جامع المقاصد في شرح القواعد - ج ٣

الشيخ عليّ بن الحسين بن عبد العالي الكركي

جامع المقاصد في شرح القواعد - ج ٣

المؤلف:

الشيخ عليّ بن الحسين بن عبد العالي الكركي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٩٩

______________________________________________________

أمكن حمله على مطلق ما يلزم فيكون معنى أعم ، وهو المناسب للمعنى اللغوي ، لأنّ فداء الشي‌ء ما يفدى به قل أو كثر ، والاستعمال الأول لا يعلم كونه حقيقة.

والمراد بالقيمة : هي القيمة السوقية يوم الإتلاف على الأصح. ويحتمل أعلى القيم ، لأنه غاصب.

والمراد بالصاحب : من يكون محترم المال ، ـ فيخرج عنه الحربي ـ ويجب في قتل صيده ما يجب في مباح الأصل ، لأنه إذا كان فيئا للمسلم والمحرم لا يملك الصيد يكون بمنزلة المباح.

إذا تقرر هذا ، فان نزّلت العبارة على المعنى الأول كان المعنى : فداء المملوك لصاحبه إن ساوى قيمته السوقية الواجبة في قيم المتلفات ، وإن زاد احتمل ثبوت الزيادة للمالك ، لأنها في مقابل ماله شرعا ، فيكون عوضا شرعيا.

ووجوب الصدقة بها لأنها زيادة عن ماله فلا يستحقها ، فعلى هذا هل يجب جزاء لله تعالى؟ يحتمله لاقتضاء الإحرام ذلك ، وبه صرح في التذكرة (١) والمنتهى (٢) والدروس (٣) وهو اللائح من عبارة ابن إدريس في السرائر حيث قال : في المملوك القيمة السوقية لمالكه ، والقيمة الشرعية يتصدق بها (٤) ، والظاهر أنه أراد بالقيمة الشرعية : ما قوبل به شرعا.

والذي يلوح من عبارة المصنف في هذا الكتاب أنه لا يجب أمر زائد على الفداء للمالك ، فعلى هذا لو كان محرما في الحرم أو محلا فيه ، فهل يجب المجموع للمالك؟ يحتمل ذلك بناء على وجوب الزيادة عن القيمة السوقية له ، ويحتمل وجوب القيمة السوقية خاصة له ، ويجب التصدق بالباقي كسائر الأموال إذا أتلفت ، فحينئذ ما الذي يتصدق به؟ يحتمل مجموع الفداء والقيمة ، أو الفداء‌

__________________

(١) التذكرة ١ : ٣٥١.

(٢) المنتهى ٢ : ٨١٩.

(٣) الدروس : ٩٩.

(٤) السرائر : ١٣١.

٣٤١

______________________________________________________

المتضاعف في الحرم. ويحتمل ما يبقى بعد القيمة ، وليس بظاهر إلا إذا أوجبنا للمالك القيمة في خارج الحرم ، وأوجبنا التصدق بما يبقى من الفداء ، وهو خلاف المختار عند المصنف ، وشيخنا في الدروس ، وعبارة الدروس هذه : ولو قلنا بالمساواة بين الحرمي هنا وغيره كان قويا (١).

وعلى القول باستحقاق المالك الفداء إشكالات :

الأول : إنّ الواجب في المتلفات من الأموال القيمة ، وهي ما كان معينا بالأثمان ، أعني : الدراهم أو الدنانير ، فإيجاب البدنة في النعامة للمالك خروج عن مقتضى المالية ، وعدم إيجابها اقتصارا على القيمة السوقية خروج عن النص القاطع.

الثاني : لو عجز عن الفداء ، فإيجاب الصوم يقتضي ضياع حق المالك ، وإيجاب القيمة معه خروج عن كون الجزاء للمالك وعدم إيجابه أصلا أبعد ، لأنّ فيه خروجا عن النص الوارد به صريح الكتاب العزيز (٢).

الثالث : إنّ الفداء لو كان أنقص من القيمة فإيجاب شي‌ء آخر معه يقتضي الخروج عن استحقاق المالك الفداء ، لأنه إنما يستحقه إذا قطع النظر عن حكم التقويم المالي ، وعدمه واضح البطلان ، لأنه إذا وجبت القيمة السوقية في حال عدم الإحرام خارج الحرم ، فالمناسب التغليظ مع أحدهما أو هما ، لا التخفيف ، وضياع المال المحترم بغير سبب ظاهر معلوم البطلان.

الرابع : لو كان المتلف بيضا ووجب الإرسال ، وقلنا : إنّ الفداء للمالك ولم ينتج شيئا ، يلزم ضياع حق المالك المعلوم بطلانه ، وإن أوجبنا القيمة السوقية معه لم يصدق أنّ الفداء للمالك ، وإن نفينا الإرسال وأوجبنا القيمة لزم الخروج عن النص.

__________________

(١) الدروس : ٩٩.

(٢) المائدة : ٩٥.

٣٤٢

وعليه النقص أو غيره يتصدق به.

وتتكرر الكفارة بتكرر القتل عمدا وسهوا على‌ الأقوى.

______________________________________________________

وعلى مختار الدروس (١) إشكال بيّن قدمناه ، وهو : أنّ وجوب الزيادة في الفداء للمالك يقتضي وجوب الزائد في الحرم على المحرم له أيضا ، وقد مال بالآخرة إلى عدم الفرق بين الحرمي وغيره.

والذي يقتضيه النظر أنّ الصيد المملوك تجب قيمته السوقية للمالك على الجاني ، وكذا على الغاصب والقابض بالسوم ، بل المستودع والمستأجر ونحوهما مع الإحرام إذا تلف لتحريم اليد حينئذ ، ولو كان في الحرم فإنما يتصور الحكم في القماري والدباسي.

وإنما يتعلق بها الحكم بالكفارة مع الجناية لا مطلقا ، إلا في المحرم على وجه قد سبق رده. وحينئذ (٢) فما أوجبه النص من الفداء أو القيمة الشرعية باعتبار الإحرام أو الحرم أو هما معا لاجتماع الإحرام والحرم ، حيث تكون القيمة منصوصة وفيما لا نص فيه الجزاء مضاعفا كله يكون على الحكم المقرر من وجوب الصدقة ، ومع العجز الصيام. يدل على ذلك ـ مع ما سبق ـ أن الأسباب إذا اجتمعت وجب تعدد مسبباتها ، وجميع أنواع الصيد ومنافعها وأجزائها في هذا الحكم سواء.

قوله : ( وعليه النقص ).

الظاهر أنه على الجاني وإن كان لا مرجع له ، لبطلان ضياع حق المالك لو نقص الفداء عن القيمة السوقية. ويحتمل أن يكون على المالك بمعنى : سقوطه اقتصارا على الفداء ، ولأنه كما يستحق الزيادة تذهب عليه النقيصة.

قوله : ( وتتكرر الكفارة بتكرر القتل سهوا وعمدا على الأقوى ).

__________________

(١) الدروس : ٩٩.

(٢) في « ن » : وحينئذ ينبغي في المستأجر والمستودع والمستعير أن لا يجب للمالك شي‌ء مع التلف بدون التعدي ، فما أوجبه النص.

٣٤٣

ويضمن الصيد بقتله عمدا وسهوا وخطأ ، فلو رمى غرضا فأصاب صيدا ضمنه. ولو رمى صيدا فمرق السهم فقتل آخر ضمنهما.

ولو اشترى محلّ بيض نعام لمحرم فأكله ، فعلى المحرم عن كل بيضة شاة ، وعلى المحل عن كل بيضة درهم ،

______________________________________________________

الخلاف في التكرر عمدا ، والنص الصحيح الصريح يدل على العدم (١) ، وكذا ظاهر القرآن (٢) ، وهو الأقوى.

قوله : ( ولو اشترى محلّ بيض نعام لمحرم فأكله ، فعلى المحرم عن كل بيضة شاة ، وعلى المحلّ عن كل بيضة درهم ).

الظاهر : أنه لا فرق بين كون المشتري في الحل أو الحرم ، لإطلاق النص (٣) ، ولا استبعاد في ترتب الحكم بذلك على المحل في الحل ، لأنّ المساعدة على المعصية لما كانت معصية لم يمتنع أن تترتب عليه الكفارة ، كما سيأتي في المحلّ إذا عقد لمحرم.

ولا يشكل بأنه لو اشترك المحلّ والمحرم في قتل الصيد لم يضمن لوجهين :

الأول : أنه لا معونة هناك.

الثاني : أنه لا يلزم من انتفاء الحكم في موضع ـ لانتفاء النص ـ انتفاؤه في موضع وجود النص ، لأنّ القول بالقياس والتصرف في الشرعيات بالرأي عندنا باطل.

ولا بد (٤) من تقييد المسألة بأن لا يكسره المحرم ، بأن يشتريه المحلّ مطبوخا أو مكسورا أو يطبخه أو يكسره هو ، فلو تولى كسره المحرم فعليه الإرسال. وليس ببعيد إلحاق الطبخ بالكسر ، لمشاركته إياه في منع الاستعداد للفرخ.

ولو اشتراه المحرم لنفسه مطبوخا مثلا فأكله ففي وجوب الدرهم عليه مع‌

__________________

(١) الكافي ٤ : ٣٩٤ حديث ٢ ، ٣ ، التهذيب ٥ : ٣٧٢ حديث ١٢٩٧ ، ١٢٩٨.

(٢) المائدة : ٩٥.

(٣) الكافي ٤ : ٣٨٨ حديث ١٢ ، التهذيب ٥ : ٣٥٥ ، ٤٦٦ حديث ١١٣٥ ، ١٦٢٨.

(٤) في « س » : ولا بد له من.

٣٤٤

وروي أن كل من وجب عليه شاة في كفارة الصيد ، وعجز فعليه إطعام عشرة مساكين ، فان عجز صام ثلاثة أيام في الحج.

وتضاعف ما لا دم فيه كالعصفور بتضعيف القيمة ، وما يلزم المعتمر في غير كفارة الصيد يجوز نحره بمنى ، والطعام المخرج عوضا من المذبوح تابع له في محل الإخراج ، ولا يتعين الصوم بمكان.

ولو كسر المحرم بيضا جاز أكله للمحلّ ، ولو أمر المحرم مملوكه بقتل الصيد فقتله ضمن المولى وإن كان المملوك محلا ، إلاّ أن يكون محلا في الحل على اشكال.

______________________________________________________

الشاة نظر. ولو اشتراه لمحرم آخر فعلى كل منهما شاة.

قوله : ( وروي : أنّ كل من وجب عليه شاة في كفارة الصيد وعجز فعليه إطعام عشرة مساكين ، فان عجز صام ثلاثة أيام في الحج ).

هي رواية معاوية بن عمار (١) ، والعمل عليها ، قيل : إنه لا تقييد فيها بكون الحكم بذلك في الصيد (٢). وجوابه : إنها سيقت لأحكام الصيد.

قوله : ( ويضاعف ما لا دم فيه كالعصفور بتضعيف القيمة ).

الظاهر أنّ المراد بالقيمة هنا في هذا الفرد الخاص الشرعية ، لأنّ في العصفور مدّا من طعام. ويبعد أن يريد تضاعف القيمة السوقية فيه مع وجود النص فيه (٣).

قوله : ( ولو أمر المحرم مملوكه بقتل الصيد ـ إلى قوله : ـ إلا أن يكون محلا في الحل على إشكال ).

الظاهر : الضمان وإن كان العبد محلا في الحل ، لأنّ الدال ضامن ، فالآمر بطريق أولى.

__________________

(١) التهذيب ٥ : ٣٤٣ حديث ١١٨٧.

(٢) قاله العلامة في تحرير الأحكام ١ : ١١٩.

(٣) الكافي ٤ : ٣٩٠ حديث ٨.

٣٤٥

المطلب الثاني : الاستمتاع بالنساء.

من جامع زوجته عامدا عالما بالتحريم قبل الوقوف بالمشعر وإن وقف بعرفة فسد حجه ، ووجب إتمامه ، والحجّ من قابل ، وبدنة ، سواء القبل والدبر ، وسواء كان الحج فرضا أو نفلا ، وسواء أنزل أو لا إذا غيّب الحشفة.

ولو استمنى بيده من غير جماع فالأقرب البدنة خاصة ، وقيل : كالجماع.

______________________________________________________

قوله : ( فسد حجه ).

لا خلاف في الإفساد إذا وقع ذلك قبل الموقفين معا ، ولو وقف بعرفة خاصة ثم جامع ففي الإفساد به قولان ، أصحهما : الإفساد.

قوله : ( وسواء كان الحج فرضا أو نفلا ).

مما يدل على أنّ الفاسدة هي حجة الإسلام ، أنه لو لا ذلك لم يجب القضاء في هذه الصورة الخاصة ، أعني : لو كان مندوبا ، لأنّ المندوب لا يقتضي ، والفاسدة هي العقوبة.

فإن قيل : قد أمر الشارع بالقضاء ، فلذلك وجب.

قلنا : لم يعين القضاء لأن يكون ندبا ، فوجب أن تكون العقوبة محافظة على قاعدة أن المندوب لا قضاء له.

قوله : ( لو استمنى بيده من غير جماع فالأقرب البدنة خاصة ).

ليس في الحديث التقييد باليد ، وإنما المسؤول عنه فيه محرم عبث بذكره ، إلا أنّ المتبادر منه العابث به بيده ، ولا يلزم من الحديث أن يكون قاصدا إلى الأمناء ، وإن كان المفهوم من الاستمناء في العبارة ذلك.

ولا ريب أنّ وجوب الكفارة والإتمام ، والحج من قابل ـ كما في الجماع‌

٣٤٦

والوجه شمول الزوجة للمستمتع بها ، وأمته كزوجته.

والأقرب شمول الحكم للأجنبية بزنا أو شبهة ، وللغلام.

ولا شي‌ء على الناسي ولا الجاهل بالتحريم ، وعليه بدنة لو جامع زوجته مع الوصفين بعد المشعر. وإن كان قبل التحلل ،

______________________________________________________

في الفرج ـ قوي ، للرواية الحسنة (١) ، وليس في مقابلها شي‌ء يقتضي منع العمل بها.

قوله : ( والوجه شمول الزوجة للمستمتع بها ).

لا يظهر للتردد في هذا الحكم وجه ، لأنّ النصوص فيها : « أتى أهله وامرأته » (٢) ، والمستمتع بها أهله وامرأته قطعا ، والشمول هو المختار.

قوله : ( وأمته كزوجته ).

لشمول إطلاقات النصوص لها (٣).

قوله : ( والأقرب شمول الحكم للأجنبية بزنى أو شبهة والغلام ).

هذا أصح ، لأنّ ذلك أفحش ، فهو أنسب بالتغليظ والعقوبة ، وأليق بطريق الاحتياط.

قوله : ( وعليه بدنة لو جامع زوجته مع الوصفين بعد المشعر ، وإن كان قبل التحلل ).

ينبغي أن يكون تقدير العبارة : ولا يفسد حجه وإن كان قبل التحلل ، لأنّ وجوب البدنة عليه فيما إذا كان الوطء قبل التحلل أقوى وأظهر مما إذا كان بعده.

وقاعدة العطف بـ ( أن ) الوصلية عطف الفرد الأخفى لدفع الوهم وتأكيد الحكم. وينبغي أن يراد بالتحلل : الأول أو الأعم منه ومن الثاني ، لأنه بعد‌

__________________

(١) الكافي ٤ : ٣٧٦ حديث ٦ ، التهذيب ٥ : ٣٢٤ حديث ١١١٣.

(٢) التهذيب ٥ : ٣١٨ ، ٣١٩ حديث ١٠٩٤ ، ١٠٩٥ ، ١٠٩٩.

(٣) التهذيب ٥ : ٣١٨ ، ٣١٩ حديث ١٠٩٤ ، ١٠٩٦ ، ١٠٩٩.

٣٤٧

أو كان قد طاف من طواف النساء ثلاثة أشواط ، أو جامع زوجته في غير الفرجين وإن كان قبل المشعر وعرفة.

ولو كانت الزوجة محرمة مطاوعة فعليها بدنة ، وإتمام حجها الفاسد ، والقضاء وعليهما أن يفترقا إذا وصلا في القضاء موضع الخطيئة الى أن يقضيا المناسك ، بمعنى عدم انفرادهما عن ثالث محترم.

______________________________________________________

الثالث لا يجب عليه شي‌ء أصلا.

قوله : ( أو كان قد طاف من طواف النساء ثلاثة أشواط ).

أي : وإن كان قد طاف إلى آخره ، والمعنى : عليه بدنة لو جامع زوجته مع الوصفين بعد المشعر ، وإن كان قد طاف من طواف النساء ثلاثة أشواط.

ولا ريب أنّ هذا يغني عما قبله ، فيكون مستدركا لاندراج ما قبله فيه ، إلاّ أن يقال : أراد بقوله : ( قبل التحلل ) التنبيه على عدم فساد الحج بذلك ، وكان ينبغي أن يعتبر ما دون أربعة أشواط ، لاشتراك ذلك كله في الحكم.

قوله : ( أو جامع زوجته في غير الفرجين ، وإن كان قبل المشعر ).

إن أنزل فوجوب البدنة ظاهر ، وإن لم ينزل ففيه تردد ، وظاهر الرواية الوجوب مطلقا (١) ، وإليه ذهب في التحرير (٢).

قوله : ( وعليهما أن يفترقا إذا وصلا في القضاء موضع الخطيئة إلى أن يقضيا المناسك ).

هذا إذا حجا على تلك الطريق ، وكذا يجب عليهما الافتراق في الحج الفاسد من حين الخطيئة إلى آخر المناسك ، ومستند الجميع النصوص (٣).

قوله : ( بمعنى عدم انفرادهما عن ثالث محترم ).

للرواية الدالة على ذلك ، والمراد بالثالث المحترم : الذي يحترمانه في أن‌

__________________

(١) التهذيب ٥ : ٣١٨ حديث ١٠٩٤.

(٢) تحرير الأحكام ١ : ١١٩.

(٣) التهذيب ٥ : ٣١٨ حديث ١٠٩٥ ، ١١٠٠.

٣٤٨

ولو أكرهها لم يفسد حجها ، وعليه بدنة اخرى عنها.

ولو أفسد قضاء الفاسد في القابل لزمته ما لزم في العام الأول.

ولو جامع المحل أمته المحرمة بإذنه فعليه بدنة ، أو بقرة ، أو شاة فإن عجز فشاة أو صيام ثلاثة أيام ، وعليها مع المطاوعة الإتمام ، والحج من قابل ، والصوم عوض البدنة.

ولو جامع زوجته المحرمة تعلقت بها الأحكام مع المطاوعة ، ولا شي‌ء عليه.

ولو أكرهها فعليه بدنة على اشكال.

ولو كان الغلام محرما ، وطاوع ففي إلحاق الأحكام به اشكال.

______________________________________________________

يصدر منهما خطيئة ، لا نحو الصبي الذي لا يميز ، وحكمته اجتزاء الشيطان عليهما ، فلا يؤمن عليهما الانفراد.

قوله : ( ولو جامع المحل أمته المحرمة بإذنه ـ الى أن قال : ـ فان عجز فشاة أو صيام ).

المراد : صيام ثلاثة أيام على الظاهر ، وليس في الرواية تصريح به (١) ، لكن قد علم غير مرة أنّ بدل الشاة من الصيام ثلاثة أيام.

قوله : ( ولو جامع زوجته المحرمة ـ إلى قوله : ـ ولا شي‌ء عليه ).

أي : من كفارة وغيرها ، نعم عليه الإثم ، لمساعدته على المحرّم.

قوله : ( ولو أكرهها فعليه بدنة على إشكال ).

لا شي‌ء عليه على الأصح.

قوله : ( ولو كان الغلام محرما وطاوع ففي إلحاق الأحكام به إشكال ).

إلحاقها غير بعيد ، بناء على تعلق الكفارة بفعله موجبها ، لا بمعنى تعلق‌

__________________

(١) الكافي ٤ : ٣٧٤ حديث ٦ ، التهذيب ٥ : ٣٢٠ حديث ١١٠٢.

٣٤٩

ولو جامع المحرم قبل طواف الزيارة فبدنة ، فإن عجز فبقرة أو شاة.

ولو جامع قبل طواف النساء ، أو بعد طواف ثلاثة أشواط فبدنة.

ولو كان بعد خمسة فلا شي‌ء وأتم طوافه.

ولو جامع في إحرام العمرة المفردة ، أو المتمتع بها على اشكال قبل السعي عامدا عالما بالتحريم بطلت عمرته ، ووجب إكمالها وقضاؤها وبدنة. ويستحب أن يكون القضاء في الشهر الداخل.

______________________________________________________

الوجوب والحرمة ، وإنما يتعلقان بوليه.

قوله : ( ولو جامع المحرم قبل طواف الزيارة فبدنة ، فإن عجز فبقرة أو شاة ).

المعروف أنّ الشاة مرتبة على البقرة ، ولا يكاد يوجد لهذا الحكم في النصوص شاهد ، وإنما الذي في رواية معاوية بن عمار وجوب جزور (١).

قوله : ( ولو كان بعد خمسة فلا شي‌ء ).

والأصح أن الأربعة كالخمسة في عدم وجوب الكفارة خلافا لابن إدريس (٢).

قوله : ( ولو جامع في إحرام العمرة المفردة أو المتمتع بها على إشكال ).

لا يظهر لهذا الاشكال موضع ، لأنّ وجوب الأحكام المذكورة مشترك بين عمرة الإفراد والتمتع ، وإنما الذي هو محل النظر وجوب إتمامها ، وإتمام الحج ووجوب قضائهما ، بناء على أنّ عمرة التمتع لا تنفرد عن حجه ، والشروع فيها شروع فيه ، والأصح وجوب الأمرين معا.

__________________

(١) الكافي ٤ : ٣٧٨ حديث ٣ ، التهذيب ٥ : ٣٢١ حديث ١١٠٤.

(٢) السرائر : ١٢٩.

٣٥٠

ولو نظر الى غير أهله فأمنى فبدنة إن كان موسرا ، وبقرة إن كان متوسطا ، وشاة إن كان معسرا.

ولو كان الى أهله فلا شي‌ء وإن أمنى ، الاّ أن يكون بشهوة فيمني فبدنة.

ولو مسها بغير شهوة فلا شي‌ء وإن أمنى ، وبشهوة شاة وإن لم يمن.

ولو قبلها بغير شهوة فشاة ، وبشهوة جزور.

ولو استمع على من يجامع ، أو تسمع لكلام امرأة فأمنى من غير نظر فلا شي‌ء ، ولو امنى عن ملاعبة فجزور.

ولو عقد المحرم لمثله على امرأة ، فدخل فعلى كل منهما كفارة وكذا لو كان العاقد محلا على رأي.

______________________________________________________

قوله : ( ولو قبّلها بغير شهوة فشاة ).

سواء أمنى ، أم لا.

فرع :

لو كان من عادته الإمناء بشي‌ء من هذه الأمور أو قصد الإمناء به ، ففي تعلق أحكام الاستمناء به لو أنزل بشي‌ء من ذلك إشكال.

قوله : ( ولو عقد المحرم لمثله على امرأة فدخل فعلى كل منهما كفارة ).

هي بدنة ، ويختص الإفساد ووجوب القضاء مع الإتمام بالمجامع ، ولو لم يدخل فلا شي‌ء.

قوله : ( وكذا لو كان العاقد محلا على رأي ).

هذا هو الأصح لموثقة سماعة ، عن الصادق عليه‌السلام (١) ، ويجب على‌

__________________

(١) الكافي ٤ : ٣٧٢ حديث ٥ ، التهذيب ٥ : ٣٣٠ حديث ١١٣٨.

٣٥١

ولو أفسد التطوع ثم أحصر فيه فبدنة للإفساد ، ودم للإحصار ، ويكفيه قضاء واحد.

ولو جامع في الفاسد فبدنة أخرى خاصة ، ويتأدى بالقضاء ما يتأدى بالأداء من حجة الإسلام أو غيره ، والقضاء على الفور إن كان الفاسد كذلك.

المطلب الثالث : في باقي المظورات.

في لبس المخيط دم شاة وإن كان مضطرا ، لكن ينتفي التحريم في‌

______________________________________________________

المرأة مثل ذلك وإن كانت محلة إذا علمت إحرام الزوج للرواية المذكورة.

قوله : ( ويتأدى بالقضاء ما يتأدى بالأداء من حجة الإسلام أو غيره ).

ظاهره أنّ هذا الحكم في كل حج فاسد وان لم يتحلل منه بنحو الإحصار ، وهو يستقيم إذا قلنا بأنّ الأولى عقوبة والثانية فرضه.

أما إذا قلنا بأنّ الأولى فرضه فلا يستقيم هذا الحكم إلاّ في الإحصار ، أو الصد إذا تحلل بعد الإفساد ، والأصح الأول.

قوله : ( والقضاء على الفور إن كان الفاسد كذلك ).

أطلق في المنتهى والتذكرة أنّ القضاء على الفور مدعيا الإجماع (١) ، وهنا قيّد بما إذا كان الفاسد على الفور. وظني أنّ هذا يخرّج على القول بأنّ الثانية فرضه والأولى عقوبة. أما إذا قلنا بأنّ الأولى فرضه والثانية هي العقوبة فالمتجه حينئذ الفورية ، لظاهر الأخبار الدالة على الحج من قابل (٢) ، ولأنّ العقوبة كالكفارة ، وهي على الفور ، فيناسب العقوبة الفور.

قوله : ( في لبس المخيط دم شاة وإن كان مضطرا ).

ولو اضطر إلى لبس الطيلسان قلبه ، فان لبسه غير مقلوب وجبت الشاة‌

__________________

(١) المنتهى ٢ : ٨٤٤. التذكرة ١ : ٣٥٨.

(٢) منها : ما رواه الكليني في الكافي ٤ : ٣٧٣ حديث ٣.

٣٥٢

حقه خاصة ، وكذا لو لبس الخفين أو الشمشك مضطرا.

وفي استعمال الطيب مطلقا أكلا وصبغا ، وبخورا ، واطلاء ابتداء واستدامة شاة ، ولا بأس بخلوق الكعبة وإن كان فيه زعفران ، وبالفواكه كالأترج ، والتفاح

______________________________________________________

على الظاهر. أما لو لبس المحيط بالبدن مثل الثوب المنسوج كله ، وليس بمخيط بناء على تحريم لبسه ، أو عقد الإزار بناء على تحريم عقده ، أو زر الطيلسان بعد أن قلبه ، ففي تعلق الفدية به نظر.

قوله : ( وكذا لو لبس الخفين أو الشمشك مضطرا ).

الظاهر أنه لا فرق في لزوم الكفارة بين أن يشقهما أو لا.

قوله : ( وبخورا ).

البخور كصبور ما يتبخر به ، ولا يجي‌ء مصدره بضم الباء ، ولا معنى لاسم المصدر في هذا التركيب ، فلو قال : وتبخرا لكان أولى.

قوله : ( ابتداء واستدامة ).

إذا أمكنه إزالته في حال الإحرام ، فلو لم يتمكن وقد استعمله قبل الإحرام ، فان لم يعلم بقاءه إلى حال الإحرام فلا تحريم. وهل يجب عليه أن يقبض على شمه حينئذ؟ يحتمله ، وإن علم البقاء أمكن التحريم.

قوله : ( ولا بأس بخلوق الكعبة ).

الخلوق بفتح الخاء : شي‌ء مركب من أطياب.

قوله : ( وبالفواكه كالأترج ).

هو بضم الهمزة والراء ، وتشديد الجيم إحدى لغاته.

قوله : ( والتفاح ).

ومثله السفرجل ، فإنّ هذه لا تعد طيبا ، ولا يجب القبض على الأنف منها ، ومثلها الشيخ والقيصوم والإذخر ، والرواية بالقبض على الأنف عند أكل‌

٣٥٣

وبالرياحين كالورد.

وفي قلم كل ظفر مد من طعام ، وفي أظفار يديه ، أو رجليه ، أو هما في مجلس واحد دم.

وفي اليد الناقصة أو الزائدة إصبعا أو اليدين الزائدتين اشكال.

______________________________________________________

التفاح ، والأترج (١) محمولة على الاستحباب لدلالة غيرها على أنّ الأترج لا يعد طيبا (٢).

قوله : ( وبالرياحين كالورد ).

واختار المصنف في المختلف التحريم (٣) ، وهو الأصح للرواية الصحيحة (٤).

قوله : ( وفي قلم كل ظفر مدّ من طعام ، وفي أظفار يديه أو رجليه أو هما في مجلس واحد دم ).

ولو قلّم يديه ورجلا أو بعضها أو بعض الرجلين في مجلس واحد فدم واحد بطريق أولى ، أو في مجلسين ففي اليدين دم ، وفي الباقي فدية ، ولو قلّم يدا ورجلا فالفدية دون الدم.

قوله : ( وفي اليد الناقصة ، أو الزائدة إصبعا ، أو اليدين الزائدتين إشكال ).

هنا صور :

الاولى : أن تكون إحدى اليدين ، أو إحدى الرجلين ، أو كل واحدة من اليدين ، أو الرجلين ، أو الجميع زائدة إصبعا.

الثانية : أن تكون إحدى اليدين ، أو إحدى الرجلين ، أو كل واحدة من اليدين ، أو كل واحدة من الرجلين ، أو المجموع ناقصة إصبعا.

__________________

(١) الكافي ٤ : ٣٥٦ حديث ١٦ ، التهذيب ٥ : ٣٠٥ حديث ١٠٤٢.

(٢) الكافي ٤ : ٣٥٦ حديث ١٧ ، التهذيب ٥ : ٣٠٦ حديث ١٠٤٣.

(٣) المختلف : ٢٦٨.

(٤) الكافي ٤ : ٣٥٣ ، ٣٥٥ حديث ٢ ، ١٢ ، التهذيب ٥ : ٢٩٧ ، ٣٠٧ حديث ١٠٠٧ ، ١٠٤٨.

٣٥٤

______________________________________________________

الثالثة : أن يكون له يد زائدة ، أو يدان ، أو رجل ، أو رجلان ، أو يدان ورجلان.

الرابعة : أن لا يكون له إلاّ يد واحدة ، أو رجل واحدة ، أو يد ورجل ، الجميع خلقة بخلاف ما لو قطعت الواحدة أو شي‌ء من الأصابع ، فإن الحكم المستمر قبل القطع لا يزول.

وفي إلحاق الزائد بالأصلي ، بحيث يكون تقليمه كتقليم الأصلي في الكفارة ، وأنه ما دام لم يقلّم الإصبع الزائدة مثلا ، لا يتحقق تقليم اليد جميعها إشكال ، مرجعه إلى أنّ إطلاق اليد محمول على اليد الباطشة الأصلية المتعارفة المعهودة ، لعدم انتقال الذهن عرفا إلى غيرها ، ووجوب الحمل على الغالب الكثير ، لأنه الراجح ، ولهذا لا يجب غسل موضع الصلع ، ويجب غسل موضع الغمم في الوضوء.

ولا تتعلق أحكام العضو الأصلي بالعضو الزائد في الحدود والديات ، وأنّ اليد والإصبع والرجل يصدق على كل من الزائدة والأصلية حقيقة ، لصحة التقسيم وحسن الاستفهام.

ولا ريب أنّ الإلحاق أحوط ( وإن كان الدليل لا يكاد ينهض عليه ، والعدم معتضد بأصل البراءة ، وكذا القول في تقليم اليدين الزائدتين والرجلين.

وهل يترتب الحكم عليهما استقلالا ، أم للأصليتين حكمهما ولا شي‌ء في الزائدتين ، وفي كون الناقصة إصبعا مثلا من اليد والرجل كالتامة في أنه إذا قلّم أصابعها كان كتقليم أصابع الصحيحة؟ اشكال لمثل ما قلناه.

وكذا لو لم يكن له إلاّ رجل واحدة أو يد واحدة فهل يتعلق الحكم بها وحدها ، لأنها كاليدين بالإضافة إلى ذي اليدين وكذا الرجل؟

والأحوط في المسائل كلها إلحاق الزائد بالأصلي في أحكامه ، وعدم توقف ترتب حكم الأصلي عليه على الإتيان بالزائد ، وإقامة الواحدة من اليدين لفاقد الأخرى مقام الثنتين وكذا الرجلين ، وإن كان الدليل لا ينهض على ذلك.

٣٥٥

ولو قلّم يديه في مجلس ، ورجليه في آخر فدمان.

وعلى المفتي لو قلّم المستفتي ظفره فأدمى إصبعه : شاة ، وتتعدد لو تعدد المفتي.

وفي حلق الشعر شاة ، أو إطعام عشرة مساكين لكل مسكين مدّ ، أو صيام ثلاثة أيام.

______________________________________________________

ثم إنه لا يخفى ما في العبارة من التكلف في أداء الأحكام ، والقصور عن هذه المسائل ، بل هي في الإجمال كاللغز ) (١).

قوله : ( وعلى المفتي لو قلّم المستفتي ظفره ، فأدمى إصبعه شاة ).

هل يشترط في المفتي الاجتهاد والعدالة؟ ظاهر اللفظ يقتضي ذلك ، وفي الدروس : لا يشترط الاجتهاد (٢) ، وكلام الأصحاب خال من التعرض الى ذلك.

ولو تعمد الإدماء فلا شي‌ء على المفتي ، كما صرح به في الدروس (٣) لأنّ ذلك جناية منه خارجة عن الفتوى.

قوله : ( ويتعدد لو تعدد المفتي ).

فرّق في الدروس بين ما إذا تعدد المفتي دفعة أو على التعاقب ، فأوجب على كل واحد كفارة في الأول دون الثاني على احتمال تعدد الكفارة عليهم أيضا (٤).

وما اختاره المصنف قوي ، لأنّ المفتي لكونه اسم جنس يقع على الواحد والكثير.

قوله : ( وفي حلق الشعر شاة ).

أي : في مسماه ، والإزالة مطلقا بنورة وغيرها كالحلق.

__________________

(١) ما بين القوسين لم يرد في « ن ».

(٢) الدروس : ١٠٩.

(٣) المصدر السابق.

(٤) المصدر السابق.

٣٥٦

ولو وقع شي‌ء من شعر رأسه أو لحيته بمسه في غير الوضوء فكف من طعام ، وفيه لا شي‌ء.

وفي نتف الا بطين شاة ، وفي أحدهما إطعام ثلاثة مساكين.

وفي تغطية الرأس بثوب ، أو طين ساتر ، أو بارتماس في ماء ، أو حمل ساتر شاة ،

______________________________________________________

قوله : ( ولو وقع شي‌ء من شعر رأسه أو لحيته بمسه في غير الوضوء فكف من طعام ، وفيه لا شي‌ء ).

ويستثني الغسل أيضا كما استثناه في الدروس (١) ، ولا أستبعد استثناء إزالة النجاسة ، للاشتراك في المعنى ، وثبوت الأمر بكل منها.

قوله : ( وفي نتف الإبطين شاة ، وفي أحدهما إطعام ثلاثة مساكين ).

الحلق كالنتف في ذلك ، ويلوح من تعليل الحكم في بعض العبارات أنّ الإزالة مطلقا كالنتف.

ولو أزال بعض شعر الإبط لم يبعد إلحاقه بالإبط ، لأنّ إزالة الشعر مطلقا محرمة ، وحقها وجوب الدم ، إلا أنّ ما يجزئ للإبط جميعه يجزئ لبعضه بطريق أولى.

قوله : ( وفي تغطية الرأس بثوب ، أو طين ساتر ، أو بارتماس في ماء ، أو حمل ساتر شاة ).

إفاضة الماء لا يعد ساترا فلا يحرم ، وكذا تلبيد الشعر بالعسل والصمغ اتفاقا. وكذا ستره باليد ، قاله في المنتهى (٢) وبه رواية بالجواز (٣) ، وأخرى بعدمه (٤) ، فيمكن حملها على الكراهية جمعا بينهما. ويؤيده أنّ وضع اليد للمسح في‌

__________________

(١) المصدر السابق.

(٢) المنتهى ٢ : ٧٩٠.

(٣) التهذيب ٥ : ٣٠٨ حديث ١٠٥٥.

(٤) الفقيه ٢ : ٢٢٧ حديث ١٠٦٩.

٣٥٧

وكذا في التظليل سائرا ، ولا شي‌ء لو غطاه بيده أو شعره.

وفي الجدال ثلاث مرات صادقا‌ شاة ، ولا شي‌ء فيما دونها.

______________________________________________________

الوضوء لا بد منه ، فلو حرم الستر بها لحرم. ولو وضع على رأسه ما يظلله مع التغطية لم يبعد وجوب كفارتين.

قوله : ( وكذا في التظليل سائرا ).

أي : فيه شاة ، وإطلاق هذا مشكل ، لأنه يقتضي وجوب الكفارة بمسمى التظليل ، ومقتضاه تعددها بتعدده ، أو أنه كستر الرأس في وجوب الكفارة بتعدده إذا تغاير الوقت ، فان الظاهر أنّ الستر لاحق باللبس.

وللأصحاب في كفارة الاستظلال أقوال : مدّ لكل يوم (١) ، وشاة لكل نسك (٢) ، إلا عمرة التمتع وحجه ، فان فيهما شاتين على قول (٣). وقيل : شاة لارتباط أحدهما بالآخر. والأول أظهر ، لتحقق الإحلال والدخول في إحرام جديد ، ولرواية علي بن راشد (٤) ، وهو مختار الشيخ (٥).

واختار المصنف في المنتهى وجوب دم واحد (٦) ، وظاهرهم أنّ الدم الواحد يجب لمطلق الاستظلال وإن قل ، ولكثيره وان كثر كما لو كثر ذلك في إحرام نسك كما قلناه ، فلا يكون تكرره على نهج غيره من المحرمات.

قوله : ( ولا شي‌ء لو غطاه بيده أو شعره ).

ظاهره عدم التحريم وانتفاء الكفارة ، وقد عرفت الحكم في اليد ، وإجراء الشعر مجراها في ذلك غير بعيد.

قوله : ( وفي الجدال ثلاث مرات صادقا شاة ).

__________________

(١) ذهب اليه ابن بابويه في المقنع : ٧٤.

(٢) ذهب اليه ابن أبي عقيل كما في المختلف : ٢٧٠.

(٣) ذهب اليه الشيخ في التهذيب ٥ : ٣١١.

(٤) التهذيب ٥ : ٣١١ حديث ١٠٦٧ ، وفيه : عن أبي علي بن راشد.

(٥) التهذيب ٥ : ٣١١.

(٦) المنتهى ٢ : ٧٩٢.

٣٥٨

وفي الثلاث كاذبا بدنة ، وفي الاثنتين بقرة ، وفي الواحدة شاة.

وفي قلع الشجرة الكبيرة في الحرم بقرة وإن كان محلا ، وفي الصغيرة شاة ، وفي أبعاضها قيمة ، ويضمن قيمة الحشيش لو قلعه ويأثم.

______________________________________________________

ولو زاد على الثلاث ولم يسبق التكفير عن الثلاث ففي الجميع شاة ، لقوله عليه‌السلام : « إذا جادل فوق مرتين فعلى المصيب دم يهريقه شاة ، وعلى المخطئ بقرة » (١) وفي رواية أبي بصير : إنّ عليه جزورا بالجدال كذبا عمدا (٢). والجمع بما ذكره الأصحاب من وجوب البدنة في الثلاث كاذبا (٣).

ويفهم من الرواية الأولى وجوب البدنة في الثلاث كاذبا ، وكذا ما زاد على الثلاث ، وإطلاق الرواية الأخرى يشمله.

وهذا إذا لم يكفّر عن الثلاث ، فان كفّر ففي ما يأتي به بعد ذلك مقتضاه.

قوله : ( وفي قلع الشجرة الكبيرة في الحرم بقرة وإن كان محلا ، وفي الصغيرة شاة ).

هذا هو المشهور ، ومقتضاه عدم الفرق بين المحل والمحرم في ذلك ، وهو ظاهر ، لأنّ المقتضي حرمة الحرم.

قوله : ( وفي أبعاضها قيمة ، ويضمن قيمة الحشيش لو قلعه ).

إذ لا نص في ذلك على مقدر ، وهو حرام ، فيكون مضمونا بقيمته السوقية. والظاهر أنه لا فرق في قلع الحشيش بين أن يكون يابسا أو أخضر كما اختاره المصنف في المنتهى (٤) والتذكرة (٥).

__________________

(١) الكافي ٤ : ٣٣٧ حديث ١ ، الفقيه ٢ : ٢١٢ حديث ٩٦٨.

(٢) التهذيب ٥ : ٣٣٥ حديث ١١٥٥.

(٣) ذهب إليه أبو الصلاح في الكافي في الفقه : ٢٠٤ ، والشيخ في النهاية : ٢٣٣ ، وابن إدريس في السرائر : ١٣٠.

(٤) المنتهى ٢ : ٧٩٩.

(٥) التذكرة ١ : ٣٤٠ ، ٣٤١.

٣٥٩

ولو قلع شجرة منه وغرسها في غيره أعادها ، ولو جفت قيل ضمنها ولا كفارة ، وفي استعمال دهن الطيب شاة وإن كان مضطرا ، ظاهرا كان أو باطنا كالحقنة والسعوط به.

______________________________________________________

أما قطع اليابس فلا شي‌ء ، وكذا قطع الشجرة اليابسة ، والغصن المنكسر الذي لا يرجى عوده.

قوله : ( ولو قلع شجرة منه وغرسها في غيره أعادها ).

احترز به عما لو غرسها في الحرم فثبتت ، فلا شي‌ء أصلا.

قوله : ( ولو جفت قيل : ضمنها ولا كفارة ) (١).

لا فرق في جفافها بين أن يكون بعد إخراجها إلى خارج الحرم وغرسها ، أو بعد غرسها فيه ، وإن كان الذي في العبارة هو الأول.

( واعلم أن مقتضى قوله : « قيل » تردده في القول بالضمان ، وجزمه بعد ذلك بنفي الكفارة يقتضي الفرق بين ضمان الشجرة وكفارتها ، إذ لو كان ضمانها عبارة عن الكفارة لكان الجزم بنفيها يقتضي الجزم بنفيه ، فتتنافى العبارة ، ولا يعرف القائل بوجوب الضمان في هذه الصورة الخاصة من دون الكفارة.

والعجب أن الشارح الفاضل حكى القول بالضمان واستدل له ، ثم استدل على نفي الكفارة بعدم النص والقائل به (٢) ، وهذا عجيب ، لأنّ القلع موجب للكفارة عند أكثر الأصحاب (٣) ، وقد صرح به قبل ذلك ، والمسقط لها هو عودها بعد الغرس ، والفرض أنها لم تعد فكيف تسقط بغير مسقط؟

فان قيل : المراد : ولا كفارة للجفاف سوى كفارة القلع.

قلنا : ولا ضمان حينئذ خارجا عن كفارة القلع اتفاقا ، فكيف يحكيه قولا؟ ) (٤).

__________________

(١) قاله الشيخ في المبسوط ١ : ٣٥٤.

(٢) إيضاح الفوائد ١ : ٣٤٩.

(٤) ما بين الق(٣) منهم : أبو الصلاح في الكافي في الفقه : ٢٠٤ ، والشيخ في المبسوط ١ : ٣٥٤ ، والعلامة في المختلف : ٢٨٦.

وسين لم يرد في « ن ».

٣٦٠