الشيخ عليّ بن الحسين بن عبد العالي الكركي
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٩٩
البحث الثاني : فيما يتحقق به الضمان ، وهو ثلاثة : المباشرة ، والتسبيب ، واليد.
أما المباشرة : فمن قتل صيدا ضمنه ، فان كان أكله تضاعف الفداء ، والأقرب أنه يفدي القتيل ويضمن قيمة المأكول ، وسواء في التحريم ذبح المحرم ـ وإن كان في الحل ـ وذبح المحل في الحرم ، ويكون ميتة بالنسبة الى كل أحد حتى المحل
______________________________________________________
ويضعّف بأنّ الزكاة واجبة في العين ، فإذا تلفت بغير تفريط لا يجب لها بدل بخلاف الكفارة الواجبة في الذمة ، فإنّ الذي يعينه إنما تتحقق به البراءة بشرط تحقق إخراجه ، كما سبق فيما لو عين الكفارة في هدي ثم تعيب ، فالمتجه عدم الإلحاق.
قوله : ( فإن أكله تضاعف الفداء ).
أي : تضاعف الفداء وإن أكل يسيرا ، لرواية علي بن جعفر الدالة على أنّ كل من أكل من صيد ، فعليه فداء صيد كامل (١).
قوله : ( والأقرب أنه يفدي القتيل ويضمن قيمة المأكول ).
أي : إنما يجب عليه الفداء وقيمة ما أكل ، لا فداء آخر كامل. ووجه القرب : الرواية الدالة على وجوب فداء واحد (٢).
ويشكل بأنها إن دلت على عدم وجوب شيء آخر لم تجب القيمة أيضا ، والاّ وجب الفداء الآخر بالرواية الأولى ، وهو الأصح.
قوله : ( ويكون ميتة بالنسبة إلى كل أحد حتى المحل ).
لعدم حصول أركان الذبيحة ، فانّ الذابح ليس له صلاحية الذبح ، وكذا الحيوان.
__________________
(١) قرب الاسناد : ١٠٧ ، التهذيب ٥ : ٣٥١ حديث ١٢٢١.
(٢) الفقيه ٢ : ٢٣٦ حديث ١١٢٣ ، التهذيب ٥ : ٣٥٢ ، ٣٥٣ حديث ١١٢٥ ، ١١٢٧.
وجلده ميت.
ولو صاده المحرم ، وذبحه المحل في الحل حل عليه خاصة.
ولو ذبح المحل في الحل ، وأدخله الحرم حل على المحل فيه دون المحرم.
ولو باشر القتل جماعة ضمن كل منهم فداء كاملا.
ولو ضرب بطير على الأرض فمات فعليه دم وقيمتان ، إحديهما للحرم ، والأخرى لاستصغاره.
______________________________________________________
قوله : ( وجلده ميتة ).
هذا كالمستدرك لإغناء ما قبله عنه.
قوله : ( ولو صاده المحرم ، وذبحه المحل في الحل ، حل عليه خاصة ).
أي : لا على المحرم ، فهو حصر إضافي ، فلا يلزم أن لا يحل على محل آخر غير الذابح.
وهذه العبارة بإطلاقها تتناول ما إذا صاده من الحل ومن الحرم ، ولا شبهة في أنّ ما صاده من الحرم يجب تخليته ، وإن أخرجه من الحرم وجب إعادته ، ولا يحل بعد إخراجه ، فلو ذبحه كان ميتة ، ففي صحيحة علي بن جعفر ، عن أخيه عليهالسلام ، أنه سأله عن رجل أخرج حمامة من حمام الحرم إلى الكوفة أو غيرها ، قال : « عليه أن يردها ، فان ماتت فعليه ثمنها ، يتصدق به » (١) والظاهر أنّ ما أدخله من الصيد الى الحرم ثم أخرجه كذلك ، لوجوب إرساله عنه الإدخال.
قوله : ( ولو ضرب بطير على الأرض فمات ، فعليه دم وقيمتان ).
في رواية معاوية : « ثلاث قيمات » (٢) عبّر بالقيمة الثالثة عن الفداء.
قوله : ( إحداهما للحرم والأخرى لاستصغاره ).
كذا في الرواية (٣) ، وهي كالظاهرة في أنّ المراد : استصغار الطائر مع
__________________
(١) التهذيب ٥ : ٣٤٩ حديث ١٢١١.
(٢) التهذيب ٥ : ٣٧٠ حديث ١٢٩٠.
(٣) المصدر السابق.
ولو شرب لبن ظبية في الحرم فعليه دم وقيمة اللبن ، وينسحب في غيرها.
______________________________________________________
احتمالها لإرادة استصغار الحرم.
قيل : وتظهر الفائدة فيما لو ضرب الطائر في غير الحرم ، فعلى الأول تلزم قيمة أخرى ، وعلى الثاني لا.
وعندي في هذا نظر ، لأنه على الأول ليس المراد مطلق الاستصغار للطائر قطعا ، بل الاستصغار المخصوص ، فلا يتعدى الحكم ، وهل ينسحب الحكم في غير الطائر؟ فيه تردد ، والظاهر لا.
قوله : ( ولو شرب لبن ظبية في الحرم فعليه دم وقيمة اللبن ).
للرواية عن الصادق عليهالسلام (١) ، ولو كان في غير الحرم فقيمة اللبن ليس إلاّ ، وفي الدروس قيد بالمحرم في الرواية (٢) ، فيحتمل وجوب القيمة على المحل في الحرم ، والدم على المحرم في الحل.
ويمكن أن يقال : اللبن مما لا نص فيه ، فلا يجب إلاّ قيمته على المحرم في الحل ، وعلى المحل في الحرم.
لكن يشكل هذا ، بان اجتماع الأمرين على المحرم في الحرم يقتضي وجوب الدم مع الانفراد بأحد السببين ، والقيمة معه بالسبب الآخر.
ويبعد أن يكون الدم على المحل في الحرم ، استسلافا للدرهم في الحمامة على المحل في الحرم فتعين العكس ، وفي هذا الاحتمال قوة ظاهرة ، وفي الرواية دلالة عليه.
قوله : ( وينسحب في غيرها ).
أي : ينسحب هذا الحكم بالتضاعف في غير الظبية كالبقرة الوحشية ، بأن تجب قيمة اللبن والشاة أيضا ، فيكون الانسحاب لعين الحكم.
__________________
(١) الكافي ٤ : ٣٨٨ حديث ١٣ ، التهذيب ٥ : ٣٧١ حديث ١٢٩٢.
(٢) الدروس : ١٠١.
ولو رمى محلا فقتل محرما ، أو جعل في رأسه ما يقتل القمل محلا فقتله محرما لم يضمن.
وفي كسر قرني الغزال نصف قيمته ، وفي كل واحد الربع ، وفي عينيه القيمة ، وفي كسر كل يد أو كل رجل نصف القيمة.
فروع
أ : لو صال عليه صيد فدفعه ، وأدى دفعه الى القتل أو الجرح فلا
______________________________________________________
ويحتمل وجوب البقرة الأهلية وقيمة اللبن ، فيكون الانسحاب لنظير الحكم. والظاهر عدم الانسحاب لأنّ ذلك قياس لا نقول به. نعم يتضاعف الفداء الواجب على المحرم في الحل ، وهو قيمة اللبن ، لأنه مما لا نص فيه.
قوله : ( أو جعل في رأسه ما يقتل القمل محلا فقتله محرما لم يضمن ).
هذا إذا لم يتمكن من إزالته حال الإحرام ، فإن تمكن وقصر ضمن. ومثله ما لو نصب شبكة محلا فاصطادت محرما.
ولو احتفر بئرا محلا ، ثم أحرم وهو قادر على طمها ، فان كانت معدة للماء أو نحو ذلك ، فالظاهر عدم الضمان بها ، ولو كانت معدة للاصطياد فليس ببعيد كونها كالشبكة المنصوبة فيما قلناه.
قوله : ( وفي كسر قرني الغزال ... ).
مستند ذلك كله النص (١) ، وعمل معظم الأصحاب (٢).
وقيل : يجب في الجميع الأرش ، لأنّ في بعض رجال الرواية قولا ، واختاره في المختلف (٣) والمنتهى (٤) والفتوى على المشهور.
__________________
(١) التهذيب ٥ : ٣٨٧ حديث ١٣٥٤.
(٢) منهم : المفيد في المقنعة : ٦٩ ، والشيخ في المبسوط ١ : ٣٤٢ ، وابن البراج في المهذب ١ : ٢٢٦ ، وسلار في المراسم : ١٢٢.
(٣) المختلف : ٢٨٠.
(٤) المنتهى ٢ : ٨٢٨.
ضمان ، ولو تجاوز إلى الأثقل مع الاندفاع بالأخف ضمن.
ب : لو أكله في مخمصة ضمن ، ولو كان عنده ميتة فإن تمكن من الفداء أكل الصيد وفداه ، وإلا الميتة.
______________________________________________________
قوله : ( لو أكله في مخمصة ضمن ، ولو كان عنده ميتة وصيد فان تمكن من الفداء أكل الصيد وفداه ، وإلا الميتة ).
هذا مختار ابن إدريس (١) ، والظاهر من عبارات أكثر الأصحاب (٢). وقيل : يأكل الميتة (٣) وهو ضعيف ، للنص الدال على أكل الصيد والفداء (٤). وفي بعض الأخبار : إذا لم يكن متمكنا من الفداء يأكل ، ويفدي بعد ذلك ، وهو (٥) متجه ، لكن لم أجد به تصريحا من الأصحاب ، وعباراتهم تحتمله وإن كانت ظاهرة في الأول.
وربما يقال : إنّ الكفارة واجبة على الفور ، فمع العجز عنها لا تستقر في الذمة ، بل تسقط فيكون ذلك موجبا لتحتم أكل الميتة.
وجوابه : انّ هذا شائبة العوض فليس كفارة محضة كمال الغير في المخمصة ، وفي الرواية تنبيه عليه ، حيث قال عليهالسلام : « أكلك من مالك أحب إليك ، أم من الميتة؟ » (٦). إذا ثبت هذا ، فإنما يأكل الصيد إذا كان مذبوحا ذبحه محل ، أو يتمكن من ذبح المحل له ، لأنّ ذبح المحرم له لا يوجب ذكاته.
واحتمل في الدروس استثناء ذبح المحرم في هذا الموضع (٧) ، وليس ببعيد ، لأنّ مناط عدم حصول الذكاة بذبحه النهي عنه ، فإذا انتفى انتفى ، والأول أولى.
__________________
(١) السرائر : ١٣٣.
(٢) منهم الصدوق في الفقيه ٢ : ٢٣٥ ، والشيخ في المبسوط ١ : ٣٤٩ ، وابن البراج في المهذب ١ : ٢٣٠.
(٣) نسب العلامة هذا القول الى ابن بابويه في المختلف : ٢٧٩.
(٤) الفقيه ٢ : ٢٣٥ حديث ١١٢١.
(٥) التهذيب ٥ : ٣٦٨ حديث ١٢٨٤ ، ١٢٨٦.
(٦) الكافي ٤ : ٣٨٣ حديث ٢ ، التهذيب ٥ : ٣٦٨ حديث ١٢٨٥.
(٧) الدروس : ١٠٣.
ج : لو عم الجراد المسالك لم يلزم المحرم بقتله في التخطي شيء.
د : لو رمى صيدا فأصابه ولم يؤثر فلا ضمان ، ولو جرحه ثم رآه سويا ضمن أرشه ، وقيل ربع القيمة. ولو جهل حاله ، أو لم يعلم أثّر فيه أم لا ضمن الفداء.
وأما التسبيب : ففعل ما يحصل معه التلف ولو نادرا ، وإن قصد الحفظ ، فلو وقع الصيد في شبكة فخلصه فعاب أو تلف ، أو خلّص صيدا من فم هرة أو سبع ليداويه فمات في يده ضمن على اشكال.
______________________________________________________
وإنما يجوز له أكل ما يسد الرمق كما صرح به في الدروس (١) ، والمراد به : ما تندفع به ضرورته ، باعتبار سفره وتردده في مهماته.
قوله : ( لو عم الجراد المسالك ... ).
مستند ذلك النص (٢) ، وهل يتعدى إلى غيره من الصيد؟ يحتمله.
قوله : ( لو رمى صيدا فأصابه ولم يؤثر فلا ضمان ).
أي : إذا قطع بعدم التأثير ، وهذا إذا لم يؤثر فيه رام آخر معه ، والاّ ضمنا معا.
قوله : ( ولو جرحه ثم رآه سويا ضمن أرشه ، وقيل : ربع القيمة ) (٣).
مستند الثاني ضعيف ، فان مآله الى القياس ، والأرش هو الأصح.
قوله : ( فلو وقع الصيد في شبكة ـ إلى قوله : ـ على إشكال ).
الضمان أحوط وإن كان العدم قويا ، لعموم قوله تعالى ( ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ ) (٤). ( ولا يعارض بعموم الضمان بإثبات اليد على الصيد ، لأنّ
__________________
(١) الدروس : ٩٩.
(٢) الكافي ٤ : ٣٩٣ حديث ٧ ، التهذيب ٥ : ٣٦٤ حديث ١٢٦٨ ، ١٢٦٩ ، الاستبصار ٢ : ٢٠٨ حديث ٧٠٩ ، ٧١٠.
(٣) قاله الشيخ في المبسوط ١ : ٣٤٣ ، والنهاية : ٢٢٨.
(٤) التوبة : ٩١.
والدال ، ومغري الكلب في الحل أو الحرم ، وسائق الدابة ، والواقف بها راكبا ، والمغلق على الحمام ، وموقد النار ضمناء.
ولو نفر الحمام فعاد فدم شاة ، وإن لم يعد فعن كل حمامة شاة.
______________________________________________________
الترجيح للأول بالأصل ، وبإذن الشارع بهذا الفعل ) (١).
قوله : ( والدال ومغري الكلب ).
أي : محرما أو محلا في الحرم (٢).
قوله : ( والواقف بها راكبا ).
ينبغي الواقف بها مطلقا ، كما هو في الدروس (٣) لتمكن الواقف بها من المحافظة عن الجناية باليدين والرجلين.
قوله : ( والمغلق على الحمام ).
سيأتي ما يشترط لضمانه.
قوله : ( ولو نفّر الحمام فعاد فدم شاة ).
أي : عاد كله إلى مستقره من الحرام ، والمسألة مفروضة في المحل في الحرم ، فلو كان محرما في الحرم ، ففي وجوب الفداء والقيمة مع العود أو لا معه نظر ، ينشأ من عدم النص ، ومن مضاعفة الفداء بتعدد السبب ، أعني : الإحرام والحرم ، فعلى هذا لو نفّر الحمام ـ محرما ـ في الحل ، ما الذي يجب عليه؟ يحتمل العدم ، لعدم النص ، ويحتمل القيمة : نظرا إلى أنه نزل منزلة الإتلاف ، وعلى هذا فهل يفرق بين عوده فتجب قيمة واحدة ، وعدمه فتجب لكل واحدة قيمة ، أم لا فتجب قيمة واحدة في الحالين ، أو تتعدد في الحالين؟ فيه نظر.
وهل يتعدى الحكم في هذه المسائل كلها إلى غير الحمام؟ فيه نظر ، إذ
__________________
(١) ما بين القوسين لم يرد في « ن ».
(٢) وردت العبارة التالية في متن « س » : والدال والمدلول إما أن يكونا محلين أو محرمين أو بالتفريق ، فهذه صور أربع ، وعلى كل تقدير ، فاما أن يكونا في الحل أو في الحرم أو بالتفريق ، فهذه ست عشرة صورة ، وعلى كل تقدير فاما أن يكون الصيد في الحل أو في الحرم ، فهذه اثنتان وثلاثون صورة.
(٣) الدروس : ١٠٣.
ولو عاد البعض فعنه شاة ، وعن غيره لكل حمامة شاة. والأقرب أن لا شيء في الواحدة مع الرجوع.
ولو أصاب أحد الراميين خاصة ضمن كل منهما فداء كاملا.
______________________________________________________
لا نص هنا.
واعلم أن هذه المسألة من أصلها لا نص فيها ، وإنما ذكرها ابن بابويه في رسالته.
قوله : ( والأقرب أن لا شيء في الواحدة مع الرجوع ).
أي : فيما لو كانت واحدة ، فرجعت ، ويمكن تناول العبارة ما لو نفّر عدة فرجعت واحدة فلا شيء فيها. وعلى ما ذكره من بناء الحكم على أن الحمام جمع ، أو اسم جنس يلزم أن لا شيء في الواحدة وإن لم تعد ، إذ لا يتناولها هذا اللفظ.
فان قلنا : تنفيرها مع عدم العود بمنزلة الإتلاف.
قلنا : إن تم هذا فاللزوم لشيء من خارج لا بهذا المذكور ، والذي صرح به أهل اللغة أنّ الحمام اسم جنس ، يقع على الواحدة والكثير ، والجمع حمائم (١). فعلى هذا لا فرق بين الواحدة والمتعدد ، إلا أنه يشكل بلزوم مساواة حكم عود الواحدة لحكم عدم عودها ، سواء كانت واحدة في الأصل أم انفردت بالعود وهو بعيد ، فمن ثم كان الأوجه في حكمها التوقف.
قوله : ( ولو أصاب أحد الراميين ... ).
المراد : أحد الراميين المحرمين ، ومنع ابن إدريس وجوب الفداء على المخطئ (٢) ، والرواية حجة عليه (٣).
ولو تعدد الرماة ، ففي تعدي الحكم الى جميع من أخطأ إشكال. وعلى هذا ، فلو كانوا في الحرم فهل يتضاعف الفداء على المخطئ؟ الظاهر في الراميين ذلك ، لأنّ حرمة الحرم توجب التضاعف ، أما حكم من عداهما فمشكل.
__________________
(١) انظر الصحاح ( حمم ) ٥ : ١٩٠٦ ـ ١٩٠٧.
(٢) السرائر : ١٣١.
(٣) التهذيب ٥ : ٣٥١ ، ٣٥٢ حديث ١٢٢٢ ، ١٢٢٣.
ولو أوقد جماعة نارا فوقع طائر ضمنوا فداء واحدا إن لم يقصدوا الصيد ، وإلاّ فكل واحد فداء كاملا.
ولو رمى صيدا فتعثر فقتل فرخا أو آخر ضمن الجميع.
______________________________________________________
قوله : ( ولو أوقد جماعة نارا ... ).
المراد : إيقاد النار في حال الإحرام قبل دخول الحرم كما في الرواية (١) ، وفيها : إنّ الواقع حمامة أو شبهها ، وفيها : إنه لو كان ذلك تعمدا ليقع فيها الصيد لزم كل واحد دم شاة ، فمقتضاها عدم الفرق بين الحمامة وغيرها من الصيد ، لما في آخر الرواية ، وبه صرح في الدروس (٢).
ولو كان ذلك في الحرم من المحرم تضاعف الواجب ، ففي الحمامة تلزم شاة وقيمة ، ومن المحل تلزم القيمة. ولو قصد بعضهم وبعض لم يقصد فعلى كل من القاصدين فداء متحد أو متعدد لو كانوا محرمين في الحرم ، وعلى من لم يقصد فداء واحد في الحل إذا كانوا محرمين ، وفي الحرم إشكال.
ولو كان غير القاصد واحدا فإشكال ، ينشأ من مساواته القاصد ، ويحتمل أن يجب على غير القاصد ما يجب عليه لو لم يقصد الجميع ، فلو كانا اثنين وقصد أحدهما دون الآخر فعلى القاصد شاة ، وعلى الآخر نصفها لو كان الواقع نحو الحمامة.
قال في الدروس : ولا إشكال في وجوب الشاة على الموقد الواحد ، قصد أو لا (٣) ، ونفي الاشكال غير ظاهر ، فإن الرواية دلت على عدم استواء القاصد وغيره (٤) ، والوجوب أولى.
قوله : ( ولو رمى صيدا فتعثر ... ).
سواء كان الرامي محلا في الحرم أو محرما في الحل والحرم ، فيضمن في كل
__________________
(١) الكافي ٤ : ٣٩٢ حديث ٥ ، التهذيب ٥ : ٣٥٢ حديث ١٢٢٦.
(٢) الدروس : ١٠١.
(٣) الدروس : ١٠٢.
(٤) الكافي ٤ : ٣٩٢ حديث ٥ ، التهذيب ٥ : ٣٥٢ حديث ١٢٢٦.
ولو سار على الدابة أو قادها ضمن ما تجنبه بيديها.
ولو أمسك صيدا في الحرم فمات ولده فيه بإمساكه ضمنه ، وكذا المحل لو أمسك الأم في الحل فمات الطفل في الحرم ولا يضمن الام.
ولو أمسك المحل الأم في الحرم فمات الولد في الحل ففي ضمانه نظر ، ينشأ : من كون الإتلاف بسبب في الحرم فصار كما لو رمى من الحرم.
______________________________________________________
من الحالات بحسبها ، وإنما يضمن الجميع إذا حصلت الجناية على المتعثر لو جهل حاله.
قوله : ( ولو سار على الدابة ، أو قادها ضمن ما تجنبه بيديها ).
وكذا برأسها للرواية (١) ، ولو ساقها أو وقف بها ضمن مطلقا ، لأنها تحت سلطنته وجنايتها منسوبة إليه ، خرج من ذلك جنايتها برجلها حال السير إذا لم يكن سائقا لها ، لأنه لا يشاهد رجلها حينئذ ، ولا يحكم عليها ، وقد قال عليهالسلام : « الرجل جبار » (٢).
قوله : ( وكذا المحل لو أمسك الأم في الحل فمات الطفل في الحرم ).
لأنّ الجناية وقعت على الصيد في الحرم ، فأشبه ما لو رمى الصيد من الحل إلى الحرم.
قوله : ( ولو أمسك المحل الأم في الحرم فمات الولد في الحل ففي ضمانه نظر ، ينشأ من كون الإتلاف بسبب في الحرم ، فصار كما لو رمى من الحرم ).
ومن أنّ الإتلاف في الحل فلا يكون مضمونا. وليس بشيء ، لأنّ
__________________
(١) الكافي ٧ : ٣٥١ حديث ٢ ، ٣ ، ١١ ، الفقيه ٤ : ١١٥ ، ١١٦ ، حديث ٣٩٧ ، ٤٠٠ ، التهذيب ١٠ : ٢٢٥ حديث ٨٨٦ ـ ٨٩١ ، الاستبصار ٤ : ٢٨٤ ، ٢٨٥ حديث ١٠٧٤ ـ ١٠٧٦ ، ١٠٧٨.
(٢) سنن أبي داود ٤ : ١٩٦ حديث ٤٥٩٢ ، الجامع الصغير ٢ : ٢٢ حديث ٤٥٠٩.
ولو نفّر صيدا فهلك بمصادمة شيء ، أو أخذه آخر ضمن الى أن يعود الصيد الى السكون ، فان تلف بعد ذلك فلا ضمان ، ولو هلك قبل ذلك بآفة سماوية فالأقرب الضمان.
ولو أغلق بابا على حمام الحرم وفراخ وبيض ، فإن أرسلها سليمة فلا ضمان ، وإلاّ ضمن المحرم الحمامة بشاة ، والفرخ بحمل ، والبيضة بدرهم ، والمحل الحمامة بدرهم ، والفرخ بنصفه ، والبيضة بربعه.
وقيل : يضمن بنفس الإغلاق ، ويحمل على جهل الحال كالرمي.
______________________________________________________
الإتلاف وإن كان في الحل لكن بسبب صدر في الحرم ، فالأصح الضمان.
قوله : ( ضمن إلى أن يعود الصيد إلى السكون ).
أي : بحيث لا يبقى له نفار ، ولا يوحش بسببه ، فحينئذ لو هلك لا بسببه لم يضمن.
قوله : ( ولو هلك قبل ذلك بآفة سماوية فالأقرب الضمان ).
هذا هو الأصح ، لأنه مضمون ، فيكون تلفه ـ ولو بسبب آخر ـ مضمونا.
قوله : ( ولو أغلق بابا على حمام الحرم ).
إن كان في الحرم أشكل ذلك ، إذ المحرم يتضاعف عليه الفداء في الحرم ، وإن كان في غير الحرم لزم ضمان حمام الحرم في الحل لغير المحرم. والمصنف (١) والجماعة لا يقولون به (٢) ، على أنا لو قلنا بضمانها لأمكن أن يقال : يضمنها المحرم مع تضاعف الفداء تنزيلا ، لكونها من حمام الحرم منزلة كونه في الحرم ، وهذا الاشكال لازم.
قوله : ( وقيل : يضمن بنفس الأغلاق ).
القول للشيخ ، لرواية يونس بن يعقوب ، عن أبي عبد الله عليهالسلام (٣) ،
__________________
(١) المختلف : ٢٨١.
(٢) منهم : الشيخ في النهاية : ٢٢٤ ، والمحقق في الشرائع ١ : ٢٨٩.
(٣) التهذيب ٥ : ٣٥٠ حديث ١٢١٦.
ولو نصب شبكة في ملكه أو غيره وهو محرم ، أو نصبها المحل في الحرم فتعلق بها صيد فهلك ضمن.
ولو حل الكلب المربوط فقتل صيدا ضمن ، وكذا الصيد على اشكال.
ولو انحل الرباط لتقصيره في الربط فكذلك ، وإلاّ فلا.
ولو حفر بئرا في محل عدوان فتردى فيها صيد ضمن ، ولو كان في ملكه أو موات لم يضمن.
ولو حفر في ملكه في الحرم فالأقرب الضمان ، لأنّ حرمة الحرم شاملة ، فصار كما لو نصب شبكة في ملكه في الحرم.
______________________________________________________
وتنزيل المصنف لها على جهل الحال تنزيل حسن.
قوله : ( وكذا الصيد على إشكال ).
أي : لو حله فقتل صيدا آخر ، ولا ريب أنّ الضمان أحوط.
قوله : ( ولو انحل الرباط لتقصيره في الربط فكذلك ، وإلاّ فلا ).
أي : لو انحل رباط الكلب للتقصير ضمن ، وإن لم يكن كذلك كأن انقطع الحبل المتين مثلا فلا ضمان ، ولا تحتمل العبارة إرادة انحلال الصيد للتقصير في ربطه.
قوله : ( ولو كان في ملكه أو موات لم يضمن ).
ينبغي لو كانت البئر مما يعتاد قبض الصيد بها أن يضمن ، لأنها لا تقصر عن الشبكة وسائر أحابيل الصيد.
قوله : ( ولو حفر في ملكه في الحرم فالأقرب الضمان ، لأنّ حرمة الحرم شاملة ، فصار كما لو نصب شبكة في ملكه في الحرم ).
كل من تسبب الى إتلاف الصيد فعليه الضمان في الحل والحرم ، ولا أثر لكون السبب حلالا في زوال الضمان ، وسقوط الضمان في الحل للحاجة والضرر العامين اللازمين بخلاف الحرم.
ولو أرسل الكلب ، أو حل رباطه ولا صيد فعرض صيد ضمن.
وأما اليد : فإنّ إثباتها على الصيد حرام على المحرم ، وهي سبب الضمان ، ولا يستفيد به الملك ، وإذا أخذ صيدا ضمنه.
ولو كان معه قبل الإحرام زال ملكه عنه به ، ووجب إرساله ، فإن أهمل ضمن. ولو كان الصيد نائيا عنه لم يزل ملكه عنه.
ولو أرسل الصيد غير المالك ، أو قتله فليس للمالك عليه شيء ، لزوال ملكه عنه.
ولو أخذه في الحل وقد أرسله المحرم مطلقا ، أو المحل في الحرم ملكه ، ولو لم يرسله حتى تحلل لم يجب عليه الإرسال.
ولا يدخل في الصيد ملك المحرم باصطياد ، ولا ابتياع ، ولا
______________________________________________________
قوله : ( ولو كان معه قبل الإحرام زال ملكه عنه به ، ووجب إرساله ).
هذا مذهب الأصحاب ، وقيل : بل يبقى على ملكه وإن وجب الإرسال (١). وتظهر الفائدة فيما لو أخذه أخذا وجنى عليه جان ، فإنّ له انتزاعه في الأول ، والمطالبة بالعوض في الثاني.
قوله : ( ولو كان الصيد نائيا ... ).
المراد بالنائي : ما صدق عليه ذلك عادة ، وكذا القريب.
قوله : ( ولو لم يرسله حتى تحلل لم يجب عليه الإرسال ).
لزوال المقتضي وهو الإحرام ، وهذا إذا لم يدخله إلى الحرم ، فإن أدخله الحرم ثم أخرجه منه وجب إعادته إليه للرواية (٢) ، فإن تلف فعليه ضمانه. ولا يلحق بالحرم الإحرام ، لعدم المساواة وانفراد الحرم بالنص.
__________________
(١) نسب هذا القول في الجواهر ٢ : ٢٧٥ إلى الإسكافي.
(٢) الكافي ٤ : ٢٣٤ حديث ٩ ، الفقيه ٢ : ١٧١ حديث ٧٤٩.
اتهاب ، ولا غير ذلك من ميراث وشبهه إن كان معه ، وإلاّ ملك ، وقيل : يملك وعليه إرساله وليس له القبض ، فان قبض وتلف فعليه الجزاء لله تعالى ، والقيمة للمالك.
وإذا أحل دخل الموروث في ملكه.
ولو أحرم بعد بيع الصيد ، فأفلس المشتري لم يكن له حالة الإحرام أخذ العين.
ولو استودع صيدا محلا ثم أحرم سلّمه الى الحاكم إن تعذر
______________________________________________________
قوله : ( إن كان معه ).
أي : لا يدخل في ملكه إن كان معه في حال الإحرام ، ولو لم يكن معه دخل في ملكه بهذه الأسباب جميعها.
قوله : ( وقيل : يملك وعليه إرساله ).
هو قول الشيخ (١) ، والأصح عدمه ، لقوله تعالى ( وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ ما دُمْتُمْ حُرُماً ) (٢) أي : وجوه انتفاعاته ، فيخرج عن المالية بالإضافة إلى المحرم.
قوله : ( فإن قبض وتلف فعليه الجزاء لله تعالى ، والقيمة للمالك ).
واحتمل في الدروس في الحرمي كالقماري والدباسي أن يكون الجزاء والقيمة للمالك (٣) ، فيجب جزاء لله تعالى أيضا.
قوله : ( وإذا أحل دخل الموروث في ملكه ).
سواء كان له شريك في الإرث أم لا ، لأنّ العارض سريع الزوال ، ويكون المتروك هنا على حكم مال الميت.
__________________
(١) قاله في المبسوط ١ : ٣٤٧.
(٢) المائدة : ٩٦.
(٣) الدروس : ٩٩.
المالك ، وإن تعذر فإلى ثقة محل ، فان تعذر فإشكال أقربه الإرسال والضمان.
ولو أمسك المحرم صيدا ، فذبحه محرم فعلى كل منهما فداء كامل ، ولو كانا في الحرم تضاعف الفداء ما لم يبلغ بدنة ، ولو كانا محلين في الحرم لم يتضاعف.
ولو كان أحدهما محرما في الحرم ، والآخر محلا تضاعف في حق المحرم خاصة.
ولو أمسكه المحرم في الحل فذبحه محل فلا شيء على المحل ، ويضمن المحرم الفداء.
______________________________________________________
قوله : ( فان تعذر فإشكال ، أقربه الإرسال والضمان ).
هذا هو الأصح ، جمعا بين الحقين.
قوله : ( ولو كانا في الحرم تضاعف الفداء ما لم يبلغ البدنة ).
أي : ما لم يبلغ قيمتها ، وهذا هو الأصح ، والرواية مرسلة (١) ، لكن العمل بها مشهور ، والتضاعف مطلقا أحوط.
وظاهر كلام المصنف في المنتهى (٢) والتذكرة (٣) وغيره : إنّ ما يجب فيه بدنة لا يتضاعف لو وقع الفعل في الحرم (٤).
( ويلوح من عبارتهم اعتقاد أنّ هذا الحكم داخل في الرواية التي ذكرناها (٥) ، ولعله يريد بهذه العبارة ، وفي دلالة الرواية ومثل هذه العبارة على ذلك نظر ظاهر ) (٦).
__________________
(١) الكافي ٤ : ٣٩٥ حديث ٥.
(٢) المنتهى ٢ : ٨٣٠.
(٣) التذكرة ١ : ٣٥٢.
(٤) المختلف : ٢٧٨.
(٥) الكافي ٤ : ٣٩٥ حديث ٥ ، التهذيب ٥ : ٣٧٢ حديث ١٢٩٤.
(٦) ما بين القوسين لم يرد في « ن ».
ولو نقل بيضا عن موضعه ففسد ضمن.
ولو أحضنه وخرج الفرخ سليمان فلا ضمان ، ولو كسره فخرج فاسدا فالأقرب عدم الضمان.
البحث الثالث : في اللواحق ، يحرم من الصيد على المحل في الحرم كل ما يحرم على المحرم في الحل.
ويكره له ما يؤم الحرم ،
______________________________________________________
قوله : ( ولو نقل بيضا عن موضعه ففسد ضمن ).
ظاهره أنه لا ضمان ما لم يفسد ، وظاهر عبارة الدروس الضمان ، إلاّ أن يخرج الفرخ سليما (١) ، ويتفاوت حكم العبارتين فيما لو جهل حاله ، ولو كان من شأنه أن يفسد بذلك أو تنفره الأم فلا تحضنه ظهر قوة كلام الدروس.
قوله : ( ولو كسره فخرج فاسدا فالأقرب عدم الضمان ).
هذا أصح لانتفاء المقتضي. ويحتمل الضمان لثبوت المنع ظاهرا وقد أقدم على كسره باعتقاد أنه صحيح. ولا شبهة في أنه يأثم ، لأنّ الفرض اعتقاد سلامته ، وهل يعزر؟ فيه احتمال وما تقدم من قوله : ( ولا شيء في المارق ) المراد به : ما علم كونه مارقا قبل كسره.
قوله : ( ويكره له ما يؤم الحرم ).
أي : ما هو قاصد إلى دخوله بأن يكون متوجها إليه ، وتشهد القرائن بإرادة دخوله. وقيل : يحرم (٢) وفي الرواية الصحيحة : « لا يحرم » (٣) وإن كان في بعض الأخبار ما يدل على التحريم (٤) ، فانّ طريق الجمع بالحمل على الكراهية.
__________________
(١) الدروس : ١٠٣.
(٢) قاله الشيخ في النهاية : ٢٢٨ ، والخلاف ١ : ٢٨٤ مسألة ٣٠٥ كتاب الحج.
(٣) الكافي ٤ : ٢٣٤ حديث ١٢ ، التهذيب ٥ : ٣٦٠ حديث ١٢٥٢ ، الاستبصار ٢ : ٢٠٦ حديث ٧٠٤.
(٤) الكافي ٤ : ٢٣٥ حديث ١٤ ، التهذيب ٥ : ٣٥٩ حديث ١٢٤٩ ، ١٢٥٠.
فإن أصابه فدخل الحرم ومات فيه ضمنه على اشكال.
ويكره صيد ما بين البريد والحرم.
ويستحب أن يتصدق عنه بشيء لو فقأ عينه ، أو كسر قرنه.
______________________________________________________
قوله : ( فإن أصابه ودخل الحرم ومات فيه ضمنه على إشكال ).
ينشأ من وقوع السراية في الحرم ، فكانت كالجناية الصادرة فيه ، ومن الرواية الصحيحة الصريحة الدالة على عدم الضمان (١) ، والأصح عدم الضمان وان كان أحوط.
وظاهر توجيه الإشكال يقتضي عدم قصر هذا الحكم على ما يؤم الحرم ، فلو جرح الصيد في الحل مطلقا ، فدخل إلى الحرم ومات فيه يلزم على الوجه الثاني ضمانه ، لأنّ سراية الجناية كالجناية الصادرة في الحرم على ذلك التوجيه.
قوله : ( ويكره صيد ما بين البريد والحرم ).
اعلم أنّ للحرم حرما خارجه ، وهو بريد من كل جانب وهو وراء الحرم ، فالحرم بريد في بريد في وسطه ، وحرم الحرم بريد من كان جانب حوله ، والمعنى : يكره صيد البريد الذي هو خارج الحرم من نهاية البريد إلى حد الحرم.
والمراد : أنّ صيد هذا البريد في أي جزء كان من أجزائه مكروه ، وإن كانت العبارة لا تخلو من تكلف.
قوله : ( ويستحب أن يتصدق عنه بشيء لو فقأ عينه أو كسر قرنه ).
لورود الرواية بالأمر بذلك (٢) ، وهي محمولة على الاستحباب ، وإن كان ظاهر الأمر الوجوب ، بل مقتضاها تحريم الصيد ثمة ، وبه قال الشيخ (٣).
واستحباب الصدقة وكراهة الاصطياد أظهر استبعاد التحريم ما عدا
__________________
(١) الكافي ٤ : ٢٣٤ حديث ١٢ ، التهذيب ٥ : ٣٦٠ حديث ١٢٥٢ ، الاستبصار ٢ : ٢٠٦ حديث ٧٠٤.
(٢) التهذيب ٥ : ٣٨٧ حديث ١٣٥٤.
(٣) المبسوط ١ : ٣٤٣ ، النهاية : ٢٢٧.
ولو قتل صيدا في الحرم فعليه فداؤه ، ولو قتله جماعة فعلى كل واحد فداء.
ولو رمى المحل من الحل صيدا في الحرم فقتله ، أو رمى من الحرم صيدا ، في الحل فقتله ، أو أصاب الصيد وبعضه في الحرم ، أو كان على شجرة في الحل إذا كان أصلها في الحرم ، وبالعكس فعليه الفداء.
ولو ربط صيدا في الحل فدخل الحرم لم يجز إخراجه.
ولو دخل بصيد الى الحرم وجب إرساله ، فإن أخرجه ضمنه وإن تلف بغير سببه.
ولو كان مقصوصا وجب حفظه الى أن يكمل ريشه ثم يرسله ،
______________________________________________________
الحرم ، وعلى هذا فهل تستحب كفارة لو فعل من الجنايات غير ما ذكر؟ لا أعلم فيه شيئا نفيا ولا إثباتا.
قوله : ( ولو قتل صيدا في الحرم ... ).
الظاهر : أنّ ما تقدم مما يناظر هذه المسألة كان حكم الإحرام ، وهذا حكم الحرم ، فلا تكرار.
قوله : ( ولو رمى المحل من الحل صيدا في الحرم ـ إلى قوله : ـ وجب إرساله ، فإن أخرجه ضمنه ولو تلف بغير سببه ).
الظاهر أنّ هذه الأحكام كلها لا خلاف فيها ، وهي منصوصة.
قوله : ( ولو كان مقصوصا وجب حفظه الى أن يكمل ريشه ثم يرسله ).
أي : لو كان الصيد الذي أدخله الحرم مقصوصا ، لورود الأمر بذلك ، فلو أرسله قبل ذلك فالمناسب الضمان ، لأنه معرض للتلف ، فإنه لا يمتنع.
ومقتضى العبارة كون الصيد طائرا بدليل قوله : ( مقصوصا ) والرواية في
وعليه الأرش بين كونه منتوفا وصحيحا لو نتفه.
ولو أخرج صيدا من الحرم وجب إعادته ، فإن تلف قبلها ضمنه.
ولو نتف ريشة من حمام الحرم تصدق بشيء وجوبا باليد الجانية ،
______________________________________________________
الحمامة المقصوصة (١) ، والظاهر أنّ غيرها من الطيور كذلك.
ولو كان الصيد غير طائر وعرض له ما لم يبق معه ممتنعا ففي الحكم تردد ، وحفظه الى أن يصير ممتنعا قوي. وإنما يشكل لو يئس من عوده الى الامتناع. ويمكن جواز إرساله مع ضمان البدل ، لأنّ التكليف بالحفظ دائما حرج عظيم.
قوله : ( وعليه الأرش بين كونه منتوفا وصحيحا لو نتفه ).
أي : على من نتف ريش الطائر ، وهو تفاوت ما بين قيمته منتوفا وصحيحا. هذا إذا نتف أزيد من ريشة ، لأنّ حكم الريشة سيأتي. وهذا الحكم ثابت في الحرم مطلقا ، وفي الحل على المحرم.
لكن ينبغي التضاعف لو كان محرما في الحرم كما يظهر من إطلاقات الأصحاب لتعدد المقتضي ، وعبارة الكتاب يلوح منها أنّ الحكم في الحرم.
قوله : ( ولو نتف ريشة من حمام الحرم تصدّق بشيء وجوبا باليد الجانية ).
الصدقة بشيء وكونها باليد الجانية مورد الرواية معللا بالإيلام (٢). ولو تعدد الريش فان كان نتفها دفعة ، أو نتف اثنين فصاعدا دفعة ، فالظاهر الأرش كما سبق ، وإن كان نتف كل واحدة دفعة ففي كل واحدة صدقة ، لتعلق الحكم بكل واحدة برأسها ، ولو لم يكن للمنتوف أرش أصلا ـ كثلاث ريشات من البطن مثلا من مواضع متفرقة ، لا يحدث بنتفها نقصان في القيمة ـ ففي الحكم إشكال ، وعدم وجوب شيء أصلا بعيد جدا.
ولو عيب الطائر بالنتف فإشكال.
__________________
(١) الكافي ٤ : ٢٣٣ حديث ٥ ، ٦ ، الفقيه ٢ : ١٦٨ حديث ٧٣٥ ، التهذيب ٥ : ٣٤٨ حديث ١٢٠٨.
(٢) الكافي ٤ : ٢٣٥ حديث ١٧ ، التهذيب ٥ : ٣٤٨ حديث ١٢١٠.
وبغيرها اشكال.
ولو رمى بسهم في الحل فدخل الحرم ، ثم خرج فقتل في الحل فلا ضمان.
وفي تحريم صيد حمام الحرم في الحل على المحل نظر.
مسائل : يجب على المحرم في الحل الفداء ، وعلى المحل في الحرم القيمة ، ويجتمعان على المحرم في الحرم حتى يبلغ بدنة ، فلا يتضاعف حينئذ. ولو قتله اثنان في الحرم ، وأحدهما محرم فعليه الفداء والقيمة ، وعلى المحل القيمة ، وفداء المملوك لصاحبه وإن زاد على القيمة على اشكال ،
______________________________________________________
ولو كان المنتوف وبر حيوان من الصيد أو صوفه ففي التعدية إشكال. ولا شبهة في وجوب الأرش حيث يحدث نقصان في القيمة.
قوله : ( وبغيرها إشكال ).
الأصح عدم الإجزاء ، لأنه خلاف المأمور به.
قوله : ( وفي تحريم صيد حمام الحرم في الحل على المحل نظر ).
قال الشيخ : يحرم (١) ، والرواية دالة على التحريم (٢) ، فالقول به أقوى.
قوله : ( حتى يبلغ بدنة فلا تتضاعف حينئذ ).
قد تقدم تنقيحه وإعادته تكرار محض.
قوله : ( وفداء المملوك لصاحبه ، وإن زاد على القيمة على إشكال ).
مقتضى سياق العبارة أن يكون الحكم شاملا للمحرم في الحل وفي الحرم ، والمحل في الحرم ، إلاّ أنّ المتبادر من قوله : ( وفداء المملوك ) أن يكون الحكم للمحرم في الحل ، لأنّ المتبادر إلى الفهم من الفداء هو ما يلزم المحرم في الحل ، وإن
__________________
(١) قاله في المبسوط ١ : ٣٤١.
(٢) التهذيب ٥ : ٣٤٨ حديث ١٢٠٩.