الشيخ عليّ بن الحسين بن عبد العالي الكركي
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٩٩
الشمس يوم التاسع الى غروبها ، أي وقت منه حضر أدرك الحج ، واضطراري إلى فجر النحر.
والمحل عرفة ، وحدّها من بطن عرنة وثوية ونمرة إلى ذي المجاز ، فلا يجوز الوقوف بغيرها كالأراك ، ولا بهذه الحدود.
ويجوز عند الضرورة الوقوف على الجبل ، والمستحب أن يقف في السفح في ميسرة الجبل ، وسد الخلل بنفسه ورحله ،
______________________________________________________
قوله : ( وحدها من بطن عرنة ).
هي بضم العين المهملة ، وفتح الراء والنون.
قوله : ( وثوية ).
هي بفتح الثاء المثلثة ، وكسر الواو ، وتشديد الياء المثناة من تحت المفتوحة.
قوله : ( ويجوز عند الضرورة الوقوف على الجبل ).
أي : يجوز بحيث لا يكون مكروها ، فمع عدم الضرورة يجوز بالكراهية.
قوله : ( والمستحب أن يقف في السفح ).
سفح الجبل : أسفله ، حيث يقف (١) الماء.
قوله : ( في ميسرة الجبل ).
المراد : ميسرته بالقياس (٢) إلى القادم من مكة.
قوله : ( وسد الخلل بنفسه ورحله ).
في المنتهى : قال الله تعالى ( كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ ) (٣) فوصفهم بالاجتماع (٤) ، وفي حديث سماعة بن مهران ، عن الصادق عليهالسلام : « وإذا
__________________
(١) في « ه » : يسفح.
(٢) في « ه » : بالإضافة.
(٣) الصف : ٤.
(٤) المنتهى : ٢ : ٧٢٢.
وأن يضرب خباءه بنمرة وهي بطن عرنة.
الثاني : الكيفية ، وتجب فيه النية ، والكون بها الى الغروب فلو وقف بالحدود أو تحت الأراك بطل حجه ، ولو أفاض قبل الغروب عامدا عالما فعليه بدنة ، فان لم يقدر صام ثمانية عشر يوما ، ولا شيء لو فقد أحد الوصفين ، أو عاد قبل الغروب.
______________________________________________________
رأيت خللا فسده بنفسك وراحلتك » (١).
والمراد : أنه لا يدع بينه وبين أصحابه فرجة يطمع في دخولها أجنبي حيث يشتغلون بالتحفظ منه عن الدعاء ، أو يؤذيهم في شيء من أمورهم. ويستحب القرب من الجبل.
قوله : ( وأن يضرب خباءه بنمرة ، وهي بطن عرنة ).
نمرة بفتح النون ، وكسر الميم ، وفتح الراء ، وقد ورد أنها بطن عرنة في حديث معاوية بن عمار (٢) ، وربما يلوح في كلامه التنافي لما سبق من أن نمرة وعرنة حدان لعرفة. ويمكن اعتبار كونهما حدين ، على أنّ أحدهما ألصق من الآخر.
قوله : ( وتجب فيها النية ).
ويجب كونها مقارنة لأول الزوال ، لوجوب الوقوف في مجموع هذا الوقت ، وإن تأخرت أثم ، وأجزأ ، ويعتبر فيها ما سبق من قصد الفعل والوجه وتعيين الحج.
قوله : ( فلو وقف بالحدود ـ إلى قوله : ـ بطل حجه ).
ينبغي تقييد هذا الإطلاق بما إذا لم يقف بغيرها أصلا عامدا ، ولو نسي ولم يقف بالمشعر فكذلك.
قوله : ( فان عجز صام ثمانية عشر يوما ).
هل يشترط التوالي في صيامها أو لا؟ الظاهر العدم.
__________________
(١) الفقيه ٢ : ٢٨١ حديث ١٣٧٧ ، التهذيب ٥ : ١٨٠ حديث ٦٠٤.
(٢) الكافي ٤ : ٤٦١ حديث ٣ ، التهذيب ٥ : ١٧٩ حديث ٦٠٠.
ويستحب الجمع بين الظهر والعصر بأذان واحد وإقامتين ، والشروع في الدعاء بالمنقول لنفسه ولوالديه وللمؤمنين ، والوقوف في السهل ، والدعاء قائما.
ويكره الوقوف في أعلى الجبل ، وراكبا ، وقاعدا.
الثالث : الأحكام ، الوقوف الاختياري بعرفة ركن ، فمن تركه عمدا بطل حجه.
والناسي يتدارك ولو قبل الفجر ، فان فاته نهارا وليلا اجتزأ بالمشعر.
والواجب ما يطلق عليه اسم الحضور وإن سارت به دابته مع النية.
وناسي الوقوف يرجع ، ولو الى طلوع الفجر ، إذا عرف أنه يدرك
______________________________________________________
قوله : ( والشروع في الدعاء بالمنقول ).
أي : ويستحب الشروع عقيب الصلاة في الدعاء ، وإن كانت العبارة غير صريحة في ذلك.
قوله : ( لنفسه ولوالديه ).
أي : يستحب كونه لنفسه ولوالديه ، ويستحب لإخوانه المؤمنين ، ويستحب إيثارهم على نفسه ، للنص الوارد في ذلك (١).
قوله : ( والواجب ما يطلق عليه اسم الحضور ).
المراد : الواجب الذي يعد ركنا ، أي : والواجب في الركن هذا فانّ المجموع واجب ، والركن هو ما صدق عليه الاسم ، وليس المراد من الوقوف إلاّ الكون.
قوله : ( وناسي الوقوف يرجع ، ولو إلى طلوع الفجر ... ).
الواجب ـ في وقوف عرفة ـ الاضطراري ما صدق عليه الاسم ، وهو ركن
__________________
(١) الكافي ٤ : ٤٦٥ حديث ٧ ، ٩ ، التهذيب ٥ : ١٨٤ ، ١٨٥ حديث ٦١٥ ، ٦١٧.
المشعر قبل طلوع الشمس ، فان ظن الفوات اقتصر على المشعر قبل طلوع الشمس ويصح حجه وكذا لو لم يذكر وقوف عرفة حتى وقف بالمشعر قبل طلوع الشمس ، ولا اعتبار بوقوف المغمى عليه والنائم. أما لو تجدد الإغماء بعد الشروع فيه في وقته صح.
ويستحبّ للإمام أن يخطب في أربعة أيام : يوم السابع ، وعرفة ، والنحر بمنى ، والنفر الأول لإعلام الناس مناسكهم.
المطلب الرابع : في الوقوف بالمشعر ، ومباحثه ثلاثة :
الأول : الوقت والمحل ، ولمزدلفة وقتان :
______________________________________________________
اضطراري ، فلو أخلّ به عمدا مع وجوبه بطل الحج.
قوله : ( فان ظن الفوات اقتصر على المشعر قبل طلوع الشمس ).
مفهوم هذه : أنه لو تردد تعيّن عليه المضي إلى عرفة ، ومفهوم قوله قبل :( إذا عرف أنه يدرك المشعر ) عدمه ، فيتدافع المفهومان ، والظاهر أنه متى تردد في ذلك لا يجوز له المضي إلى عرفة ، لأنه يعرض حجه للفوات حينئذ.
قوله : ( أما لو تجدد الإغماء بعد الشروع فيه في وقته صح ).
أي : بعد الشروع في الوقوف على الوجه الشرعي ، ولا خلاف في ذلك ، وإن كان المصنف في الإرشاد قد أشار إلى خلاف الشيخ في ذلك ، وفي الحقيقة لا خلاف.
قوله : ( ويستحب للإمام أن يخطب ـ الى قوله : ـ لإعلام الناس مناسكهم ).
اقتداء بالنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال شيخنا الشهيد : يعلم منه أنه لا يشترط لصحة الحج علم الحاج بمناسكه ، بل يتعلمها شيئا فشيئا.
وقد سبق أنه يجوز ذلك حتى في الأجير ، إذا علم ما لا بد منه في صحة الإجارة.
قوله : ( ولمزدلفة وقتان ).
اختياري من طلوع الفجر الى طلوع الشمس يوم النحر ، واضطراري إلى الزوال.
والمحل المشعر ، وحده ما بين المأزمين إلى الحياض إلى وادي محسر ، فلو وقف بغير المشعر لم يجزء. ويجوز مع الزحام الارتفاع الى الجبل.
الثاني : الكيفية ، وتجب فيه النية ، والكون بالمشعر ـ ولو جن أو نام أو أغمي عليه بعد النية في الوقت صح حجه. ولو كان قبل النية لم
______________________________________________________
يقال : مزدلفة بضم الميم ، وإسكان الزاي ، وكسر اللام ، وفتح الفاء ، ويقال : جمع بفتح الجيم ، وإسكان الميم والعين المهملة ، ويقال : المشعر.
قوله : ( اختياري من طلوع الفجر الى طلوع الشمس ).
ويجب استيعاب هذا الوقت بالوقوف ، كما صرح به الشيخ (١) ، وشيخنا الشهيد رحمهالله في الدروس (٢).
وصرح المصنف (٣) وابن إدريس باستحباب الوقوف إلى طلوع الشمس (٤) ، والركن منه الأمر الكلي كما في عرفة.
قوله : ( ويجوز مع الزحام الارتفاع إلى الجبل ).
أي : بغير كراهية ، فيكره مع عدمه ، قال في الدروس : والظاهر أنّ ما أقبل من الجبال من المشعر ، دون ما أدبر (٥).
قوله : ( وتجب فيه النية ).
مقارنة لطلوع الفجر ، فإن تأخرت أثم وأجزأ.
ولو قلنا : إنّ الواجب هو مسمى الوقوف بعد الفجر لم يتجه تحتم المقارنة
__________________
(١) المبسوط ١ : ٣٦٨ ، النهاية : ٢٥٢.
(٢) الدروس : ١٢٢.
(٣) المختلف : ٣٥٠.
(٤) السرائر : ١٣٨.
(٥) الدروس : ١٢٢.
يصح ـ والوقوف بعد طلوع الفجر ، فلو أفاض قبله عامدا بعد أن وقف به ليلا ـ ولو قليلا ـ صح حجه إن كان قد وقف بعرفة وجبره بشاة.
______________________________________________________
المذكورة ، وإلى الآن لم أظفر بسند في ذلك ، سوى رواية هشام بن الحكم الآتية (١).
ويجب أيضا المبيت بالمشعر ليلا مقارنا بالنية أول وصوله إليه ، وهو ركن عند عدم الوقوف الاختياري ، ففيه شائبة الاضطراري كما ذكره شيخنا الشهيد ، وحكى في الدروس عن المصنف في التذكرة نفي وجوبه (٢) ، والذي في التذكرة نفي ركنيته ، لا نفي وجوبه كما ذكره (٣) ، لكن وجدت التصريح بالاستحباب فيها بعد هذا البحث بيسير.
ولا شبهة في الوجوب عندنا ، لأنه إذا عدّ ركنا تعيّن أن يكون واجبا. وحكم جميع الأصحاب ـ إلاّ ابن إدريس (٤) ـ بإجزاء من وقف ليلا إذا أفاض قبل الفجر عامدا عالما ، وصحة حجه من غير تفصيل بنية الوجوب وعدمه يقتضي الوجوب ، لامتناع إجزاء المستحب عن الواجب.
قوله : ( فلو أفاض قبله عامدا بعد أن وقف به ليلا ولو قليلا صح حجه ).
ينبغي أن يقيد بقوله : ( عامدا ) عالما كما سبق في وقوف عرفة ، ومن الحكم باجزاء الوقوف الليلي يعلم وجوبه ، لاستحالة إجزاء غير الواجب عنه ، ومنه أيضا يعلم كونه ركنا اختيارا ، وإن كان فيه شائبة الاضطراري ، لأنّ الموصوف بالركنية حال اجتماعه مع الوقوف بعد الفجر هو الثاني دون الأول ، وإن كان واجبا معه.
قوله : ( وجبره بشاة ).
__________________
(١) الكافي ٤ : ٤٧٠ حديث ٦ ، التهذيب ٥ : ١٩٣ حديث ٦٤٠.
(٢) الدروس : ١٢٢.
(٣) التذكرة ١ : ٣٧٥.
(٤) السرائر : ١٣٨ ـ ١٣٩.
وللمرأة والخائف الإفاضة قبل الفجر من غير جبر ، وكذا الناسي.
ويستحب الوقوف بعد أن يصلي الفجر ، والدعاء ، ووطء الصرورة المشعر برجله ، والصعود على قزح ، وذكر الله تعالى عليه.
______________________________________________________
أي : وجوبا كالبدنة في عرفة ، وينبغي أن يكون هذا إذا لم يعد ، فان عاد في وقته أتى بالواجب عليه (١).
قوله : ( وللمرأة والخائف ... ).
وكذا غيرهما من ذوي الأعذار ، فلا وجه للتخصيص.
قوله : ( ويستحب الوقوف بعد أن يصلي الفجر والدعاء ).
أي : الوقوف للدعاء كذا في حواشي الشهيد ، وفي العبارة ما لا يخفى ، لأنّ هذا الوقوف إن كان هو المنوي (٢) فهو واجب وابتداؤه قبل الصلاة ، وإن كان غيره فغير ظاهر استحبابه ، إلاّ أن يقيد بما ذكره الشهيد.
قوله : ( ووطء الصرورة المشعر برجله ).
المراد بالصرورة : من لم يحج ، والمراد بوطئه برجله : أن يعلو عليه ، وإن لم يمكن فببعيره. وظاهر العبارة : أنّ المشعر الحرام مغاير لقزح بضم القاف ، وفتح الزاي والحاء المهملة. وقال الشيخ : والمشعر الحرام جبل هناك ، يسمى قزح ، ويستحب الصعود عليه ، وذكر الله عنده (٣) ، وفي حديث : إنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وقف عليه ، وقال : « هذا قزح وهو الموقف وجمع كلها موقف » (٤) وفي آخر : إنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ركب القصوى حتى أتى المشعر الحرام فرقي عليه الى أن
__________________
(١) في « ن » : ولو أفاض ناسيا ثم تذكر عاد ، فان لم يعد فالظاهر أنه عامد.
(٢) في « س » : إن كان المنوي فيتحدان.
(٣) المبسوط ١ : ٣٦٨.
(٤) سنن الترمذي ٢ : ١٨٥ حديث ٨٨٦ ، مسند أحمد ١ : ٧٥.
الثالث : في أحكامه.
يستحب للمفيض من عرفة إليه الاقتصاد في السير ، والدعاء إذا بلغ الكثيب الأحمر عن يمين الطريق ، وتأخير المغرب والعشاء إلى المزدلفة ، ويجمع بينهما بأذان واحد وإقامتين ولو تربع الليل ، فان منع صلى في الطريق ، وتأخير نوافل المغرب الى بعد العشاء.
والوقوف بالمشعر ركن ، من تركه عمدا بطل حجه ، لا نسيانا إن
______________________________________________________
قال : فلم يزل واقفا حتى أسفر جدّا (١). قال في الدروس : والظاهر أنه المسجد الموجود الآن (٢) ، وليس ما قاله ببعيد.
واعلم أنه يتبادر إلى الفهم كثيرا من وطء الصرورة المشعر برجله كونه حافيا ، لكن استحباب وطئه إياه ببعيره قد ينافيه ، مع أنّ الوطء بالرجل صادق مع الحفاة والانتعال.
فلعل المراد : ( استحباب ) (٣) الصعود على وجه لا يكون محمولا على غير البعير مثلا ، ويراد به : أنّه يستحب أن يطأه برجله ، فان لم يفعل فببعيره ، تأسيا بالنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم.
قوله : ( والدعاء إذا بلغ الكثيب الأحمر عن يمين الطريق ).
أي : عن يمينه للمفيض من عرفات.
قوله : ( ولو تربع الليل ).
بل ولو تثلث ، لرواية محمد بن مسلم (٤).
قوله : ( والوقوف بالمشعر ركن ... ).
__________________
(١) صحيح مسلم ٢ : ٨٩١ حديث ١٢١٨ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١٠٢٦ حديث ٣٠٧٤ ، سنن الدارمي ٢ : ٤٨.
(٢) الدروس : ١٢٢.
(٣) لم ترد في « ن ».
(٤) التهذيب ٥ : ١٨٨ حديث ٦٢٥ ، الاستبصار ٢ : ٢٥٤ حديث ٨٩٥.
كان قد وقف بعرفة ، ولو تركهما معا بطل حجه وإن كان ناسيا.
ولو أدرك عرفة اختيارا والمزدلفة اضطرارا ، أو بالعكس ، أو أحدهما اختيارا صح حجه ، ولو أدرك الاضطراريين فالأقرب الصحة ، ولو أدرك أحد الاضطراريين خاصة بطل حجة.
ويتحلل من فاته الحج بعمرة مفردة
______________________________________________________
المراد به : الوقوف المتناول لليل ولما بعد الفجر ، فالركن هو مسمى الكون ليلا أو نهارا ، وان كان في الليل شائبة الاضطرار كما قدمناه.
قوله : ( بطل حجه وان كان ناسيا ).
وان كان جاهلا بطريق أولى ، وبه صرح في الدروس (١).
قوله : ( ولو أدرك الاضطراريين فالأقرب الصحة ).
ما قربه هو الأصح ، لظاهر النصوص (٢).
قوله : ( ولو أدرك أحد الاضطراريين خاصة بطل ).
على الأصح في اضطراري المشعر بخلاف اضطراري عرفة فقط ، فإنه لا يكاد يتحقق فيه الخلاف.
قوله : ( ويتحلل من فاته الحج بعمرة مفردة ).
سواء كان محرما بالحج أو بعمرة التمتع ، لأنّ الشروع فيها شروع في الحج ، والمراد : أنه يأتي بباقي أفعالها مما سوى الإحرام.
وهل تشترط نية العدول بالإحرام إلى العمرة ، أم ينقلب بنفسه؟ فيه وجهان.
أصحهما : توقفه على النية ، لأنّ « الأعمال بالنيات » (٣) وفي بعض الأخبار
__________________
(١) الدروس : ١٢٣.
(٢) التهذيب ٥ : ٢٩٢ حديث ٩٩٠ ، الاستبصار ٢ : ٣٠٥ حديث ١٠٨٨.
(٣) التهذيب ١ : ٨٣ حديث ٢١٨ ، أمالي الطوسي ٢ : ٢٣١ ، صحيح البخاري ١ : ٢ ، سنن ابن ماجة ٢ : ٤١٣ حديث ٤٢٢٧ ، سنن أبي داود ٢ : ٢٦٢ حديث ٢٢٠١.
ثم يقضيه واجبا مع وجوبه كما فاته ، وإلاّ ندبا ، ويسقط باقي الأفعال عنه ، لكن يستحب له الإقامة بمنى أيام التشريق ، ثم يعتمر للتحلل.
ويستحب التقاط حصى الجمار من المشعر ، ويجوز من غيره ، لكن من الحرم عدا المساجد.
______________________________________________________
ما يشهد لهذا (١) ، ولا ينافيه ما في بعضها مما يوهم خلافه (٢) ، لعدم الصراحة فينزل على الموافقة.
قوله : ( ثم يقضيه واجبا مع وجوبه ).
هذا إذا كان وجوبه قد استقر ، لكونه قد وجب قبل عامة ، أو في عامه مع تفريطه على وجه لولاه لأدرك الحج. أما لو كان واجب عامه ولم يفرط فلا قضاء عليه ، لأنه قد تبين بذلك عدم الوجوب.
قوله : ( وتسقط باقي الأفعال عنه ).
يحتمل أن يراد بباقي الأفعال : ما لا يجب (٣) مثله في العمرة المفردة ، مثل الرمي والمبيت بمنى.
ويحتمل أن يراد : جميع ما سوى الإحرام ، لأنّ الواجب حينئذ من الطوافين والسعي والحلق أو التقصير للعمرة لا للحج.
قوله : ( ثم يعتمر للتحلل ).
يراد به : أنه حينئذ ينقل النية إلى العمرة ، ويأتي بأفعالها.
قوله : ( عدا المساجد ).
مطلقا على الأصح ، واقتصر المتقدمون في عباراتهم على المنع من المسجد الحرام ومسجد الخيف (٤).
__________________
(١) التهذيب ٥ : ٢٩٤ ، ٤٨٠ حديث ٩٩٨ ، ١٧٠٤ ، الاستبصار ٢ : ٣٠٤ ، ٣٠٧ حديث ١٠٨٤ ، ١٠٩٥.
(٢) قرب الاسناد : ١٧٤ ، التهذيب ٥ : ٢٩٠ ، ٢٩١ حديث ٩٨٤ ، ٩٨٧ ، الاستبصار ٢ : ٣٠٣ ، ٣٠٤ حديث ١٠٨٢ ، ١٠٨٥.
(٣) في « س » : ما يجب.
(٤) منهم : الشيخ في المبسوط ١ : ٣٦٩ ، وابن إدريس في السرائر : ١٣٩.
ويستحب لغير الإمام الإفاضة قبل طلوع الشمس بقليل ، لكن لا يجوز وادي محسر إلاّ بعد الطلوع ، وللإمام بعده ، والهرولة في وادي محسر
______________________________________________________
قوله : ( لكن لا يجوز وادي محسر ).
صرح به الشيخ (١) والجماعة (٢) ، فإن فعل أثم ولا كفارة ، وحكى في الدروس قولا لابن بابويه : أنه إن فعل وجب عليه شاة (٣) ، وليس بمعتمد.
ويدل على المنع ما رواه هشام بن الحكم في الصحيح ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « لا يجاوز وادي محسر حتى تطلع الشمس » (٤).
ويمكن الاستدلال بهذه على وجوب استيعاب الوقت من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس بالوقوف في المشعر ، لكن ينبغي أن يراد بقوله : « لا يجاوز وادي محسر » أنه لا يجاوز إليه ، أي : لا يدخله وإن كان خلاف الظاهر ، لأنّ وادي محسر من منى ، فالمنع من مجاوزته لا يظهر له وجه ، إلا على تقدير المنع من دخول منى قبل الطلوع ، ويلزم منه المنع من دخول الوادي أيضا.
وقد يقال : استحباب الهرولة في وادي محسر يقتضي منع دخوله قبل الطلوع ، إذ لا يجوز مجاوزته قبله ، وهو يتم إذا كانت الهرولة بحيث تستوعبه.
ولا ريب أنّ عدم دخول محسر إلى الطلوع ، واستيعاب الوقت كله بالوقوف وإن حصلت الإفاضة أولى.
قوله : ( وللإمام بعده ).
أي : استحبابا ومنه يلوح أنّ مراد المصنف من عدم تجاوز الوادي الاستحباب دون الوجوب ، والرواية (٥) حجة عليه.
قوله : ( والهرولة في وادي محسر ).
__________________
(١) المبسوط ١ : ٣٦٨.
(٢) منهم : المفيد في المقنعة : ٦٥ ، والمحقق في الشرائع ١ : ٢٥٨.
(٣) الدروس : ١٢٢ ، وفيه : وقال الصدوقان : عليه شاة.
(٤) الكافي ٤ : ٤٧٠ حديث ٦ ، التهذيب ٥ : ١٩٣ حديث ٦٤٠.
(٥) المصدر السابق.
داعيا ، ولو تركها استحب الرجوع لها.
الفصل السادس : في مناسك منى ، وفيه مطالب :
الأول : إذا أفاض من المشعر وجب عليه المضي إلى منى لقضاء المناسك بها يوم النحر ، وهي ثلاثة : رمي جمرة المعقبة ، ثم الذبح ، ثم الحلق مرتبا ، فإن أخل به أثم وأجزأ.
______________________________________________________
مائة ذراع ، أو مائة خطوة.
قوله : ( مرتبا ).
بالكسر ، أي : المفيض وجوبا على الأصح ( وقيل : مستحبا ) (١) ، لدلالة الأخبار عليه (٢).
قوله : ( فإن أخل به أثم وأجزأ ).
لأنه واجب غير شرط (٣) ، كما دلت عليه الأخبار (٤). وهنا إشكال ، وهو أنّ الترتيب كيفية للواجب ووجه يقع عليه ، فان كان واجبا لم يتحقق الاجزاء بدون حصوله ، لأنّ الإجزاء إنما يثبت حيث يأتي المكلف بالمأمور به على الوجه المأمور به ، فمتى لم يرتب لم يأت بالمأمور به على وجهه ، فلا يتحقق الاجزاء ، فيبقى في العهدة.
ويمكن تكلف الجواب ، بأنّ الترتيب ليس مطلوبا من حيث أنه وجه للمأمور به ، فالمأمور به ، وهو الأمور الثلاثة باعتبار الأمر الدال على طلبها ، على أي وجه وقعت أجزأت. وإنما الوجه المذكور مطلوب بأمر آخر كما طلبت هي ، فإذا وقع الإخلال
__________________
(١) لم ترد في « س » و « ن ».
(٢) الكافي ٤ : ٤٧٤ ، ٤٩١ حديث ٧ ، ١٤ ، التهذيب ٥ : ١٩٥ حديث ٦٤٧.
(٣) في « ه » : وقيل مستحب.
ذهب الى هذا القول الشيخ في الخلاف ١ : ٢٦٤ مسألة ١٦٩ كتاب الحج ، ودلت عليه أخبار كثيرة منها ما رواه الكليني في الكافي ٤ : ٥٠٤ حديث ٢ ، والشيخ في التهذيب ٥ : ٢٣٦ حديث ٧٩٦ ، والاستبصار ٢ : ٢٨٥ حديث ١٠٠٨.
(٤) الكافي ٤ : ٥٠٤ ، حديث ١ ، التهذيب ٥ : ٢٣٦ حديث ٧٩٧ ، الاستبصار ٢ : ٢٨٥ حديث ١٠٠٩.
وتجب في الرمي النية ، ورمي سبع حصيات بما يسمى رميا ،
______________________________________________________
به كان المكلف مأثوما باعتبار هذا الأمر الخاص بالوجه المعين. ويتحقق الإجزاء بالإضافة إلى الأمر الأول ، لأنّ المأمور به هذه الأمور بأي وجه اتفق ، ولا امتناع في كون الكيفية المخصوصة مطلوبة باعتبار أمر ، غير مطلوبة باعتبار أمر آخر (١).
وينكشف لنا كون الحال كذلك باجتزاء الشارع بها من دون الوجه المخصوص ، ولو لا تصريح الشارع بهذا الحكم ـ أعني : الصحة من دون الوجه المخصوص ـ لما تحقق الاجزاء بدونه ، فليتأمل.
فإن قلت : يمكن أن يقال : في كل وجه لا يلزم من وجوبه اشتراطه.
قلنا : بل يلزم بحسب الظاهر حتى يدل دليل على عدم الوجوب.
فان قلت : يلزم أنه إذا وجب (٢) أمران لا يجزئ أحدهما بدون الآخر.
قلنا : نمنع اللزوم ، إذ لا يعد أحدهما وجها للآخر ، ولا كيفية له ، وعروض كيفية بسببه موقوف وجوبه على الدليل.
قوله : ( وتجب في الرمي النية ).
ويجب اشتمالها على تعيين الفعل ووجهه ، وكونه في حج الإسلام أو غيره ، حج التمتع وغيره ، والمقارنة لأول الرمي والاستدامة.
قال في الدروس : والأولى التعرض للأداء (٣) ، وفي النفس منه شيء ، لأنّ تعيين هذا الزمان لهذه الأفعال على طريق التأقيت يعين الأداء في الجميع كما في مناسك يوم النحر ، وإن كان طريق بيان صلاحية الزمان لها وقبوله لفعلها لم يجب.
ويمكن أن يقال : للرمي زيادة خصوصية ، فإنه لا يكون إلاّ في هذه الأيام المخصوصة ، فإنّ غيره يقع في باقي ذي الحجة ، وإن حرم تأخير البعض.
قوله : ( ورمي سبع حصيات بما يسمى رميا ).
__________________
(١) في « ن » : غير مطلوب باعتبار آخر.
(٢) في « س » : أوجب.
(٣) الدروس : ١٢٤.
وإصابة الجمرة بها بفعله ، بما يسمى حجرا ، ومن الحرم وأبكارا.
ويستحب البرش ، الرخوة ، المنقطة ، الكحلية ، الملتقطة ، بقدر
______________________________________________________
قد ينظر في متعلق الباء ، فان ظاهر العبارة أنّ متعلقها المصدر في قوله : ( ورمي ) وحينئذ فلا حاصل له ، لأنها باء الاستعانة على حد ( كتبت بالقلم ) ، وهو ظاهر ، ولو قال : بحيث يسمى رميا لكان أنسب.
قوله : ( بما يسمى حجرا ).
لا يخفى ما فيه من التكلف وعدم الفصاحة ، لأنّ رمي سبع حصيات بما يسمى حجرا غير منتظم.
ويمكن أن يعلق بمحذوف تقديره : ويعتبر الرمي بما يسمى حجرا ، وإن كان بعيدا.
قوله : ( ومن الحرم ).
قد سبق بيان هذا الحكم ـ قبل الفصل ـ عن الشيخ : أنه لا يجوز أخذ الحصى من وادي محسر والمسجد الحرام ومسجد الخيف ، ذكره الشهيد في حواشيه.
قوله : ( وأبكارا ).
أي : لم يرم بها.
قوله : ( وتستحب البرش ).
أي : الذي خالط البياض منها السواد (١).
قوله : ( الملتقطة ).
أي : التي لا تكون مكسرة ، بل يلتقط كل حصاة بخصوصها.
قال المصنف في المنتهى : ويستحب التقاط الحصى ، ويكره تكسيرها (٢).
ظاهره أنّ ذلك تفسير له ، وعن الصادق عليهالسلام : « التقط الحصى ، ولا تكسر منها شيئا » (٣) وهو مشعر بما قلناه.
__________________
(١) انظر : مجمع البحرين : ٤ : ١٢٩ « برش ».
(٢) المنتهى ٢ : ٧٣٠.
(٣) الكافي ٤ : ٤٧٧ حديث ٤ ، وفيه : ولا تكسرن منهن شيئا.
الأنملة ، والطهارة ، والدعاء ، وتباعد عشر أذرع إلى خمسة عشر ذراعا ، والرمي خذفا ، راجلا ، والدعاء مع كل حصاة ، واستقبال الجمرة ، واستدبار القبلة ، وفي غيرها يستقبلهما.
ويكره الصلبة والمكسرة ويجوز الرمي راكبا.
فروع :
أ : لو وقعت على شيء وانحدرت على الجمرة صح ، ولو تممتها حركة غيره لم يجز.
ب : لو شك هل أصابت الجمرة أم لا لم يجزء.
ج : لو طرحها من غير رمي لم يجزئ.
______________________________________________________
قوله : ( والطهارة ).
وقيل بوجوبها (١) ، والأصح خلافه ، ولا فرق بين الحدث الأكبر والأصغر.
قوله : ( والرمي خذفا ).
وقيل : يجب (٢) وهو ضعيف ، وفسره المعظم بأن يضع الحصاة على بطن إبهام يده اليمنى ، ويدفعها بظفر السبابة (٣).
وفسره السيد : بأن يضعها على إبهام يده اليمنى ، ويدفعها بظفر الوسطى (٤) ، وفي الصحاح أنه الرمي بأطراف الأصابع (٥).
قوله : ( وتكره الصلبة والمكسرة ).
وكذا الحمر والسود والبيض ، ذكره في الدروس (٦).
__________________
(١) قاله السيد المرتضى في جمل العلم والعمل : ١١٠ ، وابن الجنيد كما في المختلف : ٣٥٢.
(٢) قاله السيد المرتضى في الانتصار : ١٠٥ ، وابن إدريس في السرائر : ١٣٩.
(٣) منهم : الشيخ في المبسوط ١ : ٣٦٩ ، وابن إدريس في السرائر : ١٣٩.
(٤) الانتصار : ١٠٥.
(٥) الصحاح ( خذف ) ٤ : ١٣٤٧.
(٦) الدروس : ١٢٣ ـ ١٢٤.
د : لو كانت الأحجار نجسة أجزأت ، والأفضل تطهيرها.
هـ : لو وقعت في غير المرمى على حصاة فارتفعت الثانية إلى المرمى لم يجزئه.
و : يجب التفريق في الرمي لا الوقوع ، فلو رمى حجرين دفعة وإن كان بيديه فرمية واحدة وإن تلاحقا في الوقوع ، ولو اتبع أحدهما الآخر فرميتان وإن اتفقا في الإصابة.
المطلب الثاني : في الذبح ومباحثه أربعة :
الأول : في أصناف الدماء ، اراقة الدم إما واجب أو ندب ، فالأول : هدي التمتع ، والكفارات ، والمنذور وشبهه ، ودم التحلل.
والثاني : هدي القران ، والأضحية ، وما يتقرب به تبرعا فهدي التمتع يجب على كل متمتع مكيا كان أو غيره ، متطوعا بالحج أو مفترضا ، ولا يجب على غيره.
______________________________________________________
قوله : ( وإن كان بيديه ).
أي : وإن كان الرمي دفعة بيديه معا ، بحيث يرمي بكل يد حصاة في زمان واحد فرمية (١) واحدة لاتحاد زمانهما.
قوله : ( وإن تلاحقا في الوقوع ).
لأنّ الرمي دائر مع الإلقاء باليد ، لا مع الإصابة.
قوله : ( فهدي التمتع يجب على كل متمتع ، مكيا كان أو غيره ).
وقيل : لا يجب على المكي إذا تمتع (٢) ، والحق الوجوب للعموم.
قوله : ( متطوعا بالحج أو مفترضا ).
لا يتصور التطوع في الحج ، إلا في ابتدائه ، لوجوب إتمامه بالشروع فيه.
__________________
(١) في « س » و « ه » : فرميته.
(٢) قاله الشيخ في المبسوط ١ : ٣٠٨.
ويتخير مولى المأذون فيه بين الإهداء وبين أمره بالصوم ، فإن أعتق قبل الصوم تعيّن عليه الهدي.
ولا يجزئ الواحد في الواجب إلاّ عن واحد ، ومع الضرورة الصوم على رأي.
وفي الندب يجزئ عن سبعة إذا كانوا أهل خوان واحد ، ولو فقد الهدي ووجد ثمنه خلّفه عند ثقة اشترى عنه.
ويذبح طول ذي الحجة ، فان لم يوجد ففي العام المقبل في ذي الحجة.
وإن عجز عن الثمن تعيّن البدل ، وهو صوم عشرة أيام ، ثلاثة في الحج متوالية آخرها عرفة ، فان صام يوم التروية وعرفة ، وصام الثالث
______________________________________________________
قوله : ( ويتخير مولى المأذون فيه بين الإهداء عنه ، وبين أمره بالصوم ).
أي : المأذون بالحج ، وإنما يتخير لأنّ الناسك غير الواجد عليه الصوم ، فإذا تبرع مولاه بالهدي جاز.
قوله : ( ومع الضرورة الصوم على رأي ).
هذا هو الأصح ، لأنّ على كل واحد هديا وله بدل.
قوله : ( وفي الندب يجزئ عن سبعة إذا كانوا أهل خوان واحد ).
لا يراد بالندب الحج ندبا ، بل الهدي المندوب وهو الأضحية ، والمبعوث من الآفاق والمتبرع به في السياق إذا لم يتعين بالإشعار أو التقليد أو القول ، والخوان بضم الخاء المعجمة وكسرها : ما يؤكل عليه.
قوله : ( ولو فقد الهدي ، ووجد ثمنه خلّفه عند ثقة ).
هذا هو الأصح ، لأنه واجد ( لأنّ الجدة هي الغنى ) (١).
قوله : ( فإن أخرها صام يوم التروية ... ).
__________________
(١) لم ترد في « ن ».
بعد النفر ، ولو فاته يوم التروية أخّر الجميع الى بعد النفر.
ويجوز تقديمها من أول ذي الحجة لا قبله ، بعد التلبس بالمتعة فإن وجد وقت الذبح فالأقرب وجوبه.
ويجوز إيقاعها في باقي ذي الحجة ، فإن خرج ولم يصمها وجب الهدي.
______________________________________________________
أي : إذا أخرّها إنما يجزئه صومها على هذا الوجه فقط ، وإلاّ صامها بعد أيام التشريق.
قوله : ( ويجوز تقديمها من أول ذي الحجة ، لا قبله بعد التلبس بالمتعة ).
تقديمها من أول ذي الحجة رخصة ورد بها رواية (١) ، لكن يشترط أن يكون قد تلبس بالمتعة ، بأن أحرم بها ولو بالعمرة ، ولا يشترط التلبس بالحج على الأصح لعدم الدليل ، ولأنّ التلبس بعمرة التمتع تلبس بالحج ولا يشرع قبله ـ أي : قبل ذي الحجة ـ قطعا.
قوله : ( فإن وجد وقت الذبح فالأقرب وجوبه ).
يحتمل عود ضمير ( وجد ) إلى من قدّم صوم الثلاثة من أول ذي الحجة ، ويحتمل عوده إلى من صامها قبل يوم النحر ، إلاّ أنه ليس في العبارة مرجع ظاهر يدل عليه الكلام ، وعوده إلى ما دل عليه قوله : ( وهو صوم عشرة أيام ، ثلاثة في الحج متوالية آخرها عرفة ) مع خفائه لا يطابق المراد ، إلا أن يقال : إذا دل على وجوب الذبح هنا ، دل في غيره بطريق أولى.
ووجه القرب أنه قدر على الذبح في محله ، وفي الكبرى منع ، والأصح عدم الوجوب ، لأنّ امتثال المأمور به يقتضي الاجزاء.
قوله : ( فان خرج ولم يصمها وجب الهدي ).
أي : متحتما في ذمته إلى حين التمكن منه.
__________________
(١) الكافي ٤ : ٥٠٧ حديث ٢.
ولو وجده بعدها قبل التلبس بالسبعة ذبحه استحبابا ، والسبعة إذا رجع الى أهله ، فإن أقام بمكة انتظر الأسبق من مضي شهر ووصول أصحابه بلده ثم صامها.
ولو مات من وجب عليه الصوم قبله صام الولي عنه وجوبا العشرة
______________________________________________________
قوله : ( ولو وجده بعدها قبل التلبس بالسبعة ذبحه استحبابا ).
أي : بعد الثلاثة قبل التلبس بالسبعة ، وذلك حين حضور وقتها ، وهو بعد أيام التشريق. فلا يرد التدافع في العبارة على تقدير الاحتمال الثاني ، من عود ضمير ( وجد ) ، فإنه لو لا ذلك لزم من العبارة الأولى وجوب الذبح ، ومن هذه العبارة استحبابه ، على تقدير أن يكون الوجدان بعد الثلاثة مطلقا وقت الذبح ، فانّ مقتضى هذه العبارة الاستحباب مطلقا ولو في يوم النحر ، لو لا القيد الذي قيدنا به.
وعلى الاحتمال ، فالفرق بين ما لو صام من أول ذي الحجة ، وما إذا صام يوم السابع وما بعده ، أنّ الأول رخصة ، فيكون إجزاؤه مشروطا بعدم الوجدان وقت الذبح بخلاف الثاني ، وكيف كان فالأصح الاستحباب مطلقا.
والمراد بقوله : ( ذبحه استحبابا ) أنه يستحب له ضم الذبح الى الصوم ، لا أنه يوقعه بنية الاستحباب ، كذا قيل. وفيه نظر ، لأنه بعد الخروج من العهدة وبراءة الذمة ، كيف يتحتم عليه الوجوب؟ نعم يمكن أن يقال : يتخير.
فان قيل : نية الوجوب لأجل سقوط السبعة التي بقيت ، فانّ الفعل الواجب لا يسقط بالمندوب.
قلنا : التخير ثابت ، فان نوى الوجوب سقطت السبعة ، وإن لم ينوه لم تسقط فيأتي بها ، ويكون قد جمع بين الفعل وبدله ، فلا يتم ما ذكره من اعتبار نية الوجوب مطلقا.
قوله : ( ولو مات من وجب عليه الصوم قبله ، صام الولي عنه وجوبا العشرة على رأي ، وإن لم يصل بلده ).
على رأي وإن لم يصل بلده ، ولو مات من وجب عليه الهدي اخرج من صلب المال.
ولا يجب بيع ثياب التجمل في الهدي ، ومن وجب عليه بدنة في نذر أو كفارة ولم يجد فعليه سبع شياه.
البحث الثاني : في صفات الهدي وكيفية الذبح.
يجب أن يكون من النعم الإبل أو البقر أو الغنم ثنيا ، فمن الإبل ما كمل خمس سنين ، ومن البقر والغنم ما دخل في الثانية.
______________________________________________________
هذا هو الأصح إذا تمكن من فعله ، ولا صراحة في الرواية الدالة على عدم الوجوب بالنسبة إلى محل النزاع (١).
فان قلت : كيف يتصور استقرارها قبل الوصول إلى بلده؟
قلنا : يتصور في مجاور مكة إذا مضت المدة المشروطة ، وفيمن تراخى في الطريق عن الوصول.
قوله : ( ولا يجب بيع ثياب التجمل في الهدي ).
ولو فعل أجزأ لأنه مخاطب بالصوم جوازا لا حتما ( للأصل ) (٢) ، ولهذا لو تبرع له متبرع أجزأه.
قوله : ( ومن وجب عليه بدنة في نذر ، أو كفارة ... ).
سيأتي في النذر : أنّ ناذر ذلك يذبح بقرة إذا عجز عن البدنة ، فإن عجز فسبع شياه. وإذا وجبت الشياه السبع للعجز عن بدنة الكفارة ، فعجز عنها صام ثمانية عشر يوما ، لرواية داود الرقي (٣) ، وينبغي أن يكون تتابعها مستحبا.
قوله : ( ومن البقر والغنم ما دخل في الثانية ).
في عبارة الشيخ في المبسوط ما دخل في الثالثة (٤). وربما قيل : أنّ الثني
__________________
(١) الكافي ٤ : ٥٠٩ حديث ١٣ ، التهذيب ٥ : ٤٠ حديث ١١٨ ، الاستبصار ٢ : ٢٦١ حديث ٩٢٢.
(٢) لم ترد في « س ».
(٣) الكافي ٤ : ٣٨٥ حديث ٢ ، الفقيه ٢ : ٢٣٢ حديث ١١١١ ، التهذيب ٥ : ٢٣٧ حديث ٨٠٠.
(٤) المبسوط ١ : ١٩٨ ـ ١٩٩.