جامع المقاصد في شرح القواعد - ج ٣

الشيخ عليّ بن الحسين بن عبد العالي الكركي

جامع المقاصد في شرح القواعد - ج ٣

المؤلف:

الشيخ عليّ بن الحسين بن عبد العالي الكركي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٩٩

ولو نذر حجة الإسلام لم يجب غيرها ، ولو نذر غيرها لم يتداخلا ، ولو أطلق فكذلك على رأي.

المطلب السادس : في شرائط النيابة وهي ثلاثة :

كمال النائب ، وإسلامه ، وإسلام المنوب عنه ، وعدم شغل ذمته بحج واجب ، فلا تصح نيابة المجنون ، ولا الصبي غير المميز ، ولا المميز على رأي ، ولا الكافر ، ولا نيابة المسلم عنه ، ولا عن المخالف إلاّ أن يكون أب النائب.

______________________________________________________

تنزيلا للرّواية بذلك (١) على الاستحباب.

قوله : ( ولو أطلق فكذلك على رأي ).

هذا هو الأصحّ ، ولو عمم كأن قال : لله عليّ أن أحج أي حجة كانت ، ففي إجزاء حجة الإسلام وجه لا يخلو من قوة.

قوله : ( وهي ثلاثة ).

سيأتي اشتراط العدالة وقدرة الأجير وعلمه بأفعال الحج إلى آخره ، ولا ينحصر فيما ذكره.

قوله : ( ولا المميّز على رأي ).

لا تصحّ نيابته مطلقا ، إذا كان الحج واجبا أو مندوبا وقلنا : إن أفعاله غير شرعية ، وهو الأصحّ.

قوله : ( ولا عن المخالف ).

المخالف منهي عن موادته فكيف يجوز الحج عنه وأفعاله لا تنفعه شيئا إذا مات على خلافه ، وما ورد من صحة عباداته مخصوص بما إذا استبصر (٢).

قوله : ( إلا أن يكون أب النائب ).

__________________

(١) التهذيب ٥ : ٤٠٣ حديث ١٤٠٣ ، الاستبصار ٢ : ١٤٩ حديث ٤٩٠.

(٢) الكافي ٣ : ٥٤٥ حديث ١ و ٤ : ٢٧٥ حديث ٤ ، التهذيب ٤ : ٥٤ حديث ١٤٣ ، و ٥ : ٩ حديث ٢٣ ، الاستبصار ٢ : ١٤٥ حديث ٤٧٢.

١٤١

والأقرب اشتراط العدالة لا بمعنى عدم الإجزاء لو حج الفاسق ، ولا نيابة من عليه حج واجب من أي أنواع الحج كان مع تمكنه ، فان حج عن غيره لم يجز عن أحدهما.

ويجوز لمن عليه حج أن يعتمر عن غيره ، ولمن عليه عمرة أن يحجّ نيابة إذا لم يجب عليه النسك الآخر ، ولو استاجره اثنان واتفق زمان الإيقاع والعقد بطلا. ولو اختلف زمان العقد خاصة بطل المتأخر ، ولو انعكس صحا.

ويشترط نية النيابة ، وتعيين الأصل قصدا ، ويستحب لفظا عند كل فعل.

ويصح نيابة فاقد شرائط حجة الإسلام ، وإن كان صرورة ، أو‌

______________________________________________________

هذا قول الشيخ (١). واختاره المصنف في المختلف (٢) وهو قوي.

قوله : ( والأقرب اشتراط العدالة ... ).

يشترط بهذا المعنى ، وكذا القول في الصّلاة والصوم ، فلا يحرم عليه أخذ الأجرة لو علم من نفسه الفسق إذا أتى بالحج.

قوله : ( ويجوز لمن عليه حج أن يعتمر عن غيره ... ).

ينبغي التقييد بما إذا لم يناف الفورية.

قوله : ( ولو انعكس صحّا ).

بشرط أن تكون الحجة المتأخرة متبرّعا بها ، أو لا يجد الوصي من يستأجره عاجلا ، وإلا لم يجز التأخير.

قوله : ( وتعيين الأصل قصدا ).

أي المنوب عنه عند كلّ فعل.

__________________

(١) المبسوط ١ : ٣٢٦.

(٢) المختلف : ٣١٢.

١٤٢

امرأة عن رجل ، وبالعكس.

ولو مات بعد الإحرام ودخول الحرم أجزأ ، وقبله يعيد مقابل الباقي والعود ، وكذا لو صدّ قبل دخول الحرم محرما.

ولا يجب اجابته لو ضمنه في المستقبل ، ولا إكمال الأجرة لو قصرت ، ولا دفع الفاضل إلى المستأجر لو فضلت عن النفقة ، وتبرع الحي يبرئ الميت ،

______________________________________________________

قوله : ( وقبله يعيد مقابل الباقي والعود ).

أي : إلى البلد ، بأن يقسّط الأجرة على الجميع ، لأنّ قطع المسافة داخل في الإجارة ، والضمير في ( قبله ) يعود إلى دخول الحرم ، لكن يشكل بمن كان ساكنا في الحرم ، إذا صار نائبا وأحرم.

قوله : ( ولا تجب إجابته لو ضمنه في المستقبل ).

خلافا للشّيخ (١) ، سواء كانت الإجارة مطلقة أو مقيدة ، لانفساخ الإجارة في المقيدة بعام الصد ، وثبوت الفسخ لكل منهما في المطلقة.

وقال الشّيخان : كان عليه مما أخذ بقدر نصيب ما بقي من الطريق التي يؤدي فيها الحج ، إلا أن يضمّن العود لأداء ما وجب (٢).

واختار المصنّف في المنتهى وجوب الإتيان بالحج مرة ثانية ، واستحقاق الأجرة بكمالها ، وأنه ليس للمستأجر الفسخ إن كانت الإجارة مطلقة ، وإن كانت معيّنة كان له الفسخ (٣) ، والتحقيق ما قدّمناه.

قوله : ( ولا إكمال الأجرة لو قصرت ... ).

لكن يستحبّ.

قوله : ( وتبرع الحي يبرئ الميت ).

بخلاف الحي ، فإنه لا بدّ من إذنه.

__________________

(١) المبسوط ١ : ٣٢٣.

(٢) المفيد في المقنعة : ٦٩ ، والطوسي في التهذيب ٥ : ٤١٧.

(٣) المنتهى ٢ : ٨٦٤.

١٤٣

ويجب امتثال الشرط وإن كان طريقا مع الغرض ، وعليه رد التفاوت لا معه.

ولو عدل الى التمتع عن قسميه ، وتعلق الغرض بالأفضل‌ أجزأ ،

______________________________________________________

قوله : ( ويجب امتثال الشرط وإن كان طريقا مع الغرض ، وعليه ردّ التفاوت لا معه ).

سواء كان الغرض دينيا كزيارة وطول طريق يحصل به الأجر ، أو دنيويا كتجارة.

ويفهم ، منه أنه لو انتفى الغرض من اشتراطه ، وعلم بالقرائن أنه هو وغيره سواء عند المستأجر لم يجب سلوكه حينئذ ، ولا ينقص من الأجرة بسببه شي‌ء ، خلافا للمصنّف في المختلف (١) وعليه تنزّل صحيحة حريز ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام (٢).

ولو أخل بالشرط حيث يجب الوفاء به كالطريق مع تعلق الغرض به ، وجب ردّ التفاوت من الأجرة ، بأن تنظر اجرة المثل للمشترط والمأتي به وقدر التفاوت ، ويؤخذ من المسمّى بنسبته إلى أجرة المشترط خلافا للشيخ ، إذ لم يوجب شيئا (٣) ، فالضمير في قول المصنّف : ( لا معه ) يعود إلى الامتثال ، أي : لا مع الامتثال.

ولا يقال : لا يستحقّ أجرة ، لأنه لم يأت بالمستأجر عليه ، لأنا نقول : استؤجر على عملين فأتى بأحدهما ، فيستحق نصيبه من المسمّى.

قوله : ( ولو عدل إلى التمتع عن قسميه ، وتعلق الغرض بالأفضل أجزأ ).

__________________

(١) المختلف ١ : ٣١٤.

(٢) الكافي ٤ : ٣٠٧ حديث ٢ ، الفقيه ٢ : ٢٦١ حديث ١٢٧١ ، التهذيب ٥ : ٤١٥ حديث ١٤٤٥.

(٣) المبسوط ١ : ٣٢٥.

١٤٤

وإلا فلا ، ولا يستحق أجرا.

ويجوز النيابة في الطواف عن الغائب والمعذور كالمغمى عليه والمبطون ، لا عمن انتفى عنه الوصفان ، والحامل والمحمول وإن تعدد يحتسبان ، وإن كان الحمل بأجرة على اشكال.

______________________________________________________

المراد بتعلق الغرض بالأفضل : أن لا يكون غير التمتع متعيّنا عليه بنذر وشبهه ، أو لكونه من حاضري مكة وقد وجب عليه أحد النوعين ، بل استأجر لحج وعلم منه أنه لا يأتي الأفضل ، لكنه سمى غير التمتع فإنه يصح ، ولا ينقص من أجرته شي‌ء ، وعليه تنزّل صحيحة أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (١)

قوله : ( وإلاّ فلا ، ولا يستحق أجرا ).

لأنه لم يأت بشي‌ء من المستأجر عليه.

قوله : ( وتجوز النيابة في الطواف عن الغائب والمعذور ... ).

تدخل في عبارته الحائض ، وإن توقف في جواز الاستنابة عنها مع حضورها ، نظرا الى عدم دلالة النصّ على ذلك في حقّها ، وإن شاركت غيرها من المعذورين الذين ورد النصّ على جواز الاستئجار عنهم (٢).

وللتوقف في ذلك مجال ، وإن كان مع الضّرورة الشديدة التي تفضي إلى انقطاعها عن أهلها في البلاد النائية لا يبعد القول بالاستئجار.

قوله : ( لا عمّن انتفى عنه الوصفان ).

أي : كل منهما ، فلا إشكال.

قوله : ( والحامل ، والمحمول وإن تعدّد ، يحتسبان ، وإن كان الحمل بأجرة على إشكال ).

إذا كان تبرعا يحتسبان ، وكذا لو كان بأجرة لكن استأجره ليحمله في‌

__________________

(١) الكافي ٤ : ٣٠٧ حديث ١ ، الفقيه ٢ : ٢٦١ حديث ١٢٧٢ ، التهذيب ٥ : ٤١٥ حديث ١٤٤٦ ، الاستبصار ٢ : ٣٢٣ حديث ١١٤٥.

(٢) الكافي ٤ : ٤٢٢ حديث ٢ ، ٤ ، الفقيه ٢ : ٢٥٢ حديث ١٢١٤ ، ١٢١٥ التهذيب ٥ : ١٢٣ حديث ٤٠٣ ، ٤٠٤ ، ٤٠٥ ، ٤٠٩ ، الاستبصار ٢ : ٢٢٦ حديث ٧٧٩ ـ ٧٨١.

١٤٥

وكفارة الجناية ، والهدي في التمتع والقران على النائب.

ولو أحصر تحلل بالهدي ولا قضاء عليه ، وإن كانت الإجارة مطلقة على اشكال. فإن كان الحجّ ندبا عن المستأجر تخيّر ، وإلاّ وجب الاستئجار ، وعلى الأجير رد الباقي من‌ الطريق.

______________________________________________________

طوافه ، وإلاّ احتسب للمحمول خاصة (١) ، لاستحقاقه قطع المسافة بالإجارة ، فلا يجزئ عن فرض الحامل ، وعليه تنزل صحيحة حفص بن البختري ، عن الصّادق عليه‌السلام (٢).

قوله : ( ولو أحصر تحلّل بالهدي ، ولا قضاء عليه وإن كانت الإجارة مطلقة على إشكال ).

الأصحّ أنّ الإجارة إن تعيّنت بعام الإحصار انفسخت ، وإن كانت مطلقة لم تنفسخ ، لعدم تشخص الزّمان خلافا للشيخ (٣) ، لكن لكل منهما الفسخ ، فيراعي الولي المصلحة.

فقول المصنّف : ( ولا قضاء عليه ) يحتمل أن يراد به الانفساخ ، فينتفي وجوب القضاء ، وأن يراد به التسلط على الفسخ في المطلقة فإنّ القضاء لا يتحتم على هذا التقدير. لكن قوله : ( وإن كان الحج ندبا ... ). يشعر بإرادة الأوّل.

قوله : ( وإن كان الحجّ ندبا عن المستأجر تخيّر ، وإلا وجب الاستئجار ).

أي : تخيّر المستأجر في الاستئجار مرة أخرى وعدمه ، وإن لم يكن ندبا تحتم الاستئجار ، ومقتضاه كون العقد الأوّل قد انفسخ.

قوله : ( وعلى الأجير ردّ الباقي من الطريق ).

__________________

(١) النص أعلاه مطابق لنسخة « ن » ولعله الصحيح ، وما في باقي النسخ من الزيادة التالية لعله لا وجه لها ، ففي نسخة « س » العبارة هكذا : (. وإلا فلا كما لو استأجر نفسه ليحمله فحمل عليه آخر احتسب للمحمول خاصة ). وفي نسخة « ه‍ » هكذا : ( والا فلا احتسب للمحمول خاصة ).

(٢) الكافي ٤ : ٤٢٩ حديث ١٣.

(٣) المبسوط ١ : ٣٢٣.

١٤٦

ولمن عليه حجة الإسلام ومنذورة أو غيرهما أن يستأجر اثنين لهما في عام واحد مع العذر.

ولو نقل النائب بعد التلبس عن المنوب النية إلى نفسه لم يجزئ عن أحدهما ولا اجرة له.

مسائل :

أ : لو أوصى بحج واجب اخرج من الأصل ، فان لم يعين القدر أخرج أقل ما يستأجر به من أقرب الأماكن.

وإن كان ندبا فكذلك من الثلث ، ولو عيّنه فان زاد أخرج الزائد من الثلث في الواجب ، والجميع منه في الندب.

______________________________________________________

أي : ردّ ما قابل الباقي من الأجرة خلافا للشيخ إذ أوجب له أجرة مثل ما فعل (١) ، وهذا كله لأنّ المانع من الإتمام ليس من قبل الأجير.

قوله : ( ولمن عليه حجة الإسلام ـ إلى قوله : ـ مع العذر ).

وجهه عدم ثبوت الترتيب بينهما ، وإن كان حج الإسلام لا يجوز تأخيره.

قوله : ( لو أوصى بحج واجب اخرج من الأصل ، فان لم يعيّن القدر أخرج أقل ما يستأجر به من أقرب الأماكن ).

إنما يجزئ من أقرب الأماكن مع ضيق التركة. وأما وجوب الاستئجار بأقل ما يمكن أن يستأجر به فلا يبعد أن يقال : الإطلاق يحمل على اجرة المثل الغالبة في العادة ، كما يقال في ثمن المثل ، أما أقل ما يستأجر به لافراد المكلفين ، فيبعد القول بتحتمه ، لأنه يقتضي عدم جواز الاستئجار بالأجرة الغالبة إذا أمكن أقل منها نادرا.

ومثل هذا قد يستفاد من عبارة المنتهى (٢) ، وعبارة المصنّف في هذا الكتاب في أوّل المسائل السابقة في مثل هذه قد تنافي ما هنا.

__________________

(١) المبسوط ١ : ٣٢٥.

(٢) المنتهى ٢ : ٨٧٣.

١٤٧

ولو اتسع المعين للحج من بلده وجب ، وإلا فمن أقرب الأماكن ، ولو قصر عن الأقل عاد ميراثا على رأي.

ب : يستحق الأجير الأجرة بالعقد ، فان خالف ما شرطه فلا اجرة.

ج : لو أوصى بحج وغيره قدم الواجب ، ولو وجب الكل قسّمت التركة بالحصص مع القصور.

د : لو لم يعيّن الموصي العدد اكتفي بالمرة ، ولو علم قصد التكرار كرر حتى يستوفي الثلث ، ولو نص على التكرار والقدر فقصر جعل ما لسنتين وأزيد لسنة.

______________________________________________________

قوله : ( ولو قصر عن الأقل عاد ميراثا على رأي ).

هذا هو الأصحّ ، لعدم صحّة وصيّته ، لكن هذا إذا لم يتمكن الوصي من إخراج الوصية (١) ، ثم طرأ القصور بعد ذلك بحدوث زيادة الأجرة ، فإنه يبعد القول بعوده ميراثا هنا.

قوله : ( فان خالف ما شرط فلا اجرة له ).

ليس على إطلاقه ، بل هو مقيّد بما إذا كان الإخلال بالشرط مقتضيا للإخلال بالمستأجر عليه ، بأن لم يأت بشي‌ء مما استؤجر عليه ، كما لو عدل من نوع إلى نوع ، أما مع عدم ذلك فإنه يستحق بالنّسبة من المسمّى.

قوله : ( ولو أوصى بحج وغيره قدم الواجب ، ولو وجب الكل قسمت التركة بالحصص مع القصور ).

هذا إذا استوت الواجبات في خروجها من الأصل أو من الثلث ، ولم يترتب في هذا القسم ، فان كان فيها ما يخرج من الأصل قدم على ما يخرج من الثلث ، ولو اشتركت كلها في الخروج من الثلث ورتب بدئ بالأولى فالأولى.

قوله : ( ولو علم قصد التكرار كرر حتى يستوفي الثلث ).

__________________

(١) في « ن » و « ه‍ » : لكن هذا إذا لم يمكن إخراج الوصية.

١٤٨

هـ : للمستودع بعد موت المودع المشغول بحجة واجبة اقتطاع الأجرة ، ويستأجر مع علمه بمنع الوارث.

و : تجوز الاستنابة في جميع أنواع الحج الواجب مع العجز بموت أو‌

______________________________________________________

حملا للروايتين‌ على ذلك (١) ، ولو كان عليه حج الإسلام وأوصى بهذه الوصية أخرج أولا ، ثم كرر الحج بقدر الثلث.

قوله : ( للمستودع بعد موت المودع المشغول بحجة واجبة اقتطاع الأجرة ، ويستأجر مع علمه بمنع الوارث ).

أصل هذا الحكم مستفاد من رواية بريد العجلي ، عن الصّادق عليه‌السلام (٢) ، وليس في الرواية منع الوارث ، لكن نزّلها الأصحاب عليه ، حذرا من التصرّف في مال الغير بغير إذنه لغير مقتض وتضمنت انه المستودع بحج ، لكن القول بجواز الاستئجار قد يقال : يثبت بطريق أولى. وخرج بعضهم وجوب استئذان الحاكم إذا أمكن ، ولا بأس به ، قال في الدّروس (٣) : وطرّدوا ـ يعني : الأصحاب ـ الحكم في غير الوديعة كالدّين والغصب والأمانة الشرعية (٤).

ولو تعدد الودعي أمكن توزيع الأجرة ، وكونها كفروض الكفايات ، وإن أخرج كلّ منهم أمكن تضمين كل منهم ما زاد على حصته ، ومع السّبق يضمن اللاحق.

وهل يعدّى الحكم الى غير حجة الإسلام كالنذر ، والعمرة ، وقضاء الدّين ، والكفارة ، والزكاة ، والخمس؟ يحتمل ذلك. وظني أنّ التوقف عن ذلك أولى ، قصرا للرّواية المخالفة للأصل على موردها (٥) ، نعم لو أمكن استئذان الحاكم فجواز الجميع ظاهر.

__________________

(١) التهذيب ٥ : ٤٠٨ حديث ١٤١٩ ، ١٤٢٠ ، الاستبصار ٢ : ٣١٩ حديث ١١٢٩ ، ١١٣٠.

(٢) الكافي ٤ : ٣٠٦ حديث ٦ ، الفقيه ٢ : ٢٧٢ حديث ١٣٢٨ ، التهذيب ٥ : ٤١٦ حديث ١٤٤٨.

(٣) الدروس : ٩٠.

(٤) منهم : المحقق في المعتبر ٢ : ٧٧٤.

(٥) الكافي ٤ : ٣٠٦ حديث ٦ ، الفقيه ٢ : ٢٧٢ حديث ١٣٢٨ ، التهذيب ٥ : ٤١٦ حديث ١٤٤٨.

١٤٩

زمن ، وفي التطوع مع القدرة. ولا يجوز الحج عن المعضوب بغير اذنه ، ويجوز عن الميت من غير وصية.

ز : يشترط قدرة الأجير ، وعلمه بأفعال الحج ، واتساع الوقت ، ولا يلزمه المبادرة وحده بل مع أول رفقة.

ح : لو عقد بصيغة الجعالة كمن حج عني فله كذا صح ، وليس للأجير زيادة. ولو قال : حج عني بما شئت فله اجرة المثل ، ولو قال : حج أو اعتمر بمائة صح جعالة.

ط : لو لم يحج في المعينة انفسخت الإجارة ، ولو كانت في الذمة لم‌ تنفسخ.

______________________________________________________

قوله : ( وعلمه بأفعال الحج ... ).

المفهوم منه اعتبار العلم بها تفصيلا ، والظاهر الاكتفاء بالإجمالي بشرط أن يتعلمها بعد ذلك ، أو يكون مع مسدّد يوقفه على كل فعل فعل. ويجب أيضا أخذها من دلائلها ، أو التقليد لمن يجوز تقليده ، وكذا يجب هذا على كلّ حاج.

قوله : ( بل مع أوّل رفقة ).

ينبغي أن يكون هذا مقيّدا بما إذا كانت الرفقة هي المعتاد خروجها دائما ، أو لم يتوقع خروج غيرهم. فلو خرجت الرفقة قبل الزّمان المعتاد ، كالمسافرين في البحر في رجب مثلا يطلبون المجاورة ، فالظاهر عدم وجوب الخروج معهم ، إذا كانت القافلة المعتاد خروجها متوقعا سفرها على العادة مع إمكان وجوب الخروج معهم (١) ، لإمكان عروض مانع. ويبعد بأنّ إطلاق الإجارة يحمل على المعتاد الغالب.

قوله : ( لو لم يحج في المعينة فسخت الإجارة ، ولو كانت في الذمة لم تنفسخ ).

__________________

(١) لم ترد في « ن » و « ه‍ ».

١٥٠

ي : لو استاجره للحج خاصة ، فأحرم من الميقات بعمرة عن نفسه وأكملها ، ثم أحرم بحج عن المستأجر من الميقات أجزأ ، ولو لم يعد الى الميقات لم يجزء مع المكنة ، ولو لم يتمكن أحرم من مكة.

______________________________________________________

لكن لكل منهما الفسخ في المطلقة إذا لم يكن التأخير من قبل الأجير ، فإن كان من قبله لم يكن له اختيار الفسخ.

قوله : ( فأحرم من الميقات بعمرة عن نفسه وأكملها ثم أحرم بحج عن المستأجر من الميقات أجزأ ).

إحرامه بالعمرة لا يخلو : إما أن يكون مع ظن إمكان العود إلى الميقات ظنا مستندا إلى العادة مع اتساع الزمان ، أو لا ، وعلى كل التقديرين : فاما أن يكون المستأجر قد شرط عليه الإحرام من الميقات ، أو لا ، فهذه صور أربع.

فإن ظن العود الى الميقات ففي جواز الاعتمار لنفسه نظر.

وقول المصنف فيما سبق : تلزمه المبادرة مع أول رفقة يقتضي العدم.

وإن لم يظن لم يجز قطعا.

فإن عاد وأحرم من الميقات فلا بحث ، وإلا ففي صحة إحرامه من مكة أو مما دون الميقات على حسب ما يمكنه نظر ، لإطلاق قول الأصحاب : انّ من تجاوز الميقات عامدا لا نسك له.

وقد نبه على ذلك في الدروس قال : إلا أن يفرّق بين المعتمر عن نفسه وغيره (١) ، والفرق غير ظاهر.

نعم يمكن أن يفرّق بين من تجاوز بغير إحرام أصلا ، وبين من أحرم بنسك آخر.

فان قلنا بعدم المنافاة من هذا الوجه ، ففي صحته عن الإجارة توقف ، لأنّ المستأجر عليه هو ما يكون إحرامه من الميقات لا سيما إذا شرط ذلك في عقد الإجارة ، إلا أن يقال : إنّ عقد الإجارة وإن اقتضى ذلك ، إلا أنه إذا أتى بالحج ،

__________________

(١) الدروس : ٨٩.

١٥١

وفي احتساب المسافة نظر ، ينشأ : من صرفه الى نفسه فيحط من أجرته قدر التفاوت بين حجة من بلده وحجة من مكة ، ومن أنه قصد بالمسافة الحج الملتزم إلا أنه أراد أن يربح في سفره عمرة ، فتوزع الأجرة على حجة من بلده إحرامها من الميقات ، وعلى حجة من بلده إحرامها من مكة ، فيسقط من المسمى بنسبة التفاوت ،

______________________________________________________

بحيث يكون صحيحا شرعا ، لا يقدح فيه الإخلال ببعض الأمور المشترطة لعذر ، إذا لم تكن قادحة في الصحة ، كما لو لم يدرك من وقوف عرفة إلا الاضطرارية مع اختياري الآخر مثلا ، فانّ ذلك لا يقدح في وقوع الحج عن المستأجر ، وإن كان عقد الإجارة محمولا على الاختياري.

وكذا القول في باقي الأفعال ، حتى لو فعل محرما كلبس مخيط ونحو ذلك لا يخل لوقوعه عن المستأجر ، فكذا هنا.

بقي شي‌ء ، وهو أنّ عمرة المستأجر لنفسه هل توصف بالصحة ، حيث يحرم عليه الإتيان بها لتحتم الإحرام بحج النيابة؟ فيه تردد ، يلتفت إلى تعلق النهي بها وعدمه ، وفي الصحة قوة.

قوله : ( وفي احتساب المسافة نظر ينشأ من صرفه إلى نفسه ... ).

أي : من صرف الإحرام من الميقات إلى نفسه ، وفيه مناقشة ، من حيث أنّ المرجع غير واضح.

وقد يناقش من جهة إطلاق الصرف على ذلك ، ولا مناقشة ، لأنّ النية تصرف الفعل بعد أن كان صالحا لوجه معين إلى وجه آخر.

ويمكن عود الضمير إلى قطع المسافة ، لأنه يصرف فائدته إليه ، وهي الإحرام من الميقات قد صرفه إلى نفسه ، وفيه ما سبق.

قوله : ( فيسقط من المسمى بنسبة التفاوت ).

أي : من المسمى في الإجارة ، والمراد : نسبة التفاوت بين أجرتي المثل للحجتين المذكورتين من أجرة المثل للحجة التي إحرامها من الميقات ، فان كان‌

١٥٢

وهو الوجه إن قصد بقطع المسافة الحج ، وإن قصد الاعتمار فالأول.

يا : لو فاته الحج بتفريط تحلل بعمرة عن نفسه لانقلابه اليه ، ولا اجرة ، ولو كان بغير تفريط فله اجرة مثله الى حين الفوت ، قاله الشيخ ، والأقرب أن له من المسمى بنسبة ما فعل.

يب : لو أفسد النائب الحج فعليه القضاء عن نفسه ، فان كانت معينة انفسخت ،

______________________________________________________

ربعها مثلا أخذ من المسمى الربع ، فلو كان المسمى مائة ، وأجرة المثل العليا مائتين ، والدنيا مائة وخمسين أخذ من المسمى خمسة وعشرين.

واعلم أن هذه المسألة قد تنافي بظاهرها ما سبق من قوله : ( فإن خالف ما شرط فلا أجرة ).

قوله : ( وهو الوجه إن قصد بقطع المسافة ... ).

لم يذكر حكم ما إذا قطعها لهما معا ، وهو مشكل ، والحق وجوب رد التفاوت في أصل المسألة خلافا للشيخ (١) ، واحتساب المسافة إن قطعها للمستأجر.

قوله : ( تحلل بعمرة عن نفسه لانقلابه إليه ).

قد يناقش في ذلك لأنّ تحلله بعمرة غير موقوف على انقلاب الإحرام إليه ، لأنّ محرمات الإحرام متعلقة به ، والمحلل غير مستأجر عليه.

قوله : ( والأقرب أنّ له من المسمى بنسبة ما فعل ).

هذا هو الأصح خلافا للشيخ ، حيث اعتبر قدره من أجرة المثل ، ويشكل بأنه ربما يساوي المسمى ، فيلزم الضرر (٢).

قوله : ( فان كانت معينة انفسخت ).

هذا مبني على أنّ الفرض في الفاسدة هو القضاء ، والفاسدة عقوبة ، ولو قلنا بالعكس ـ وهو الأصح كما سيأتي ـ فلا فسخ ، ولا انفساخ.

__________________

(١) المبسوط ١ : ٣٢٤ ـ ٣٢٥.

(٢) المبسوط ١ : ٣٢٥ ـ ٣٢٦.

١٥٣

وعلى المستأجر استئجاره أو غيره وان كانت مطلقة في الذمة لم تنفسخ وعليه بعد القضاء حجة النيابة ، وليس للمستأجر الفسخ.

يج : إن عين المستأجر الزمان في العقد تعين ، فان فات انفسخت ، ولو أطلق اقتضى التعجيل ، فإن أهمل لم تنفسخ ، ولو شرط التأجيل عامين أو أزيد جاز.

______________________________________________________

قوله : ( وعلى المستأجر استئجاره أو غيره ).

ربما نوقش في استئجاره بعد ، لاشتراط العدالة كما سبق ، ولا مناقشة ، لأنه لا يخرج من العدالة بذلك.

قوله : ( وإن كانت مطلقة في الذمة لم تنفسخ وعليه بعد القضاء حج النيابة ).

هذا أيضا مبني على أنّ الفاسدة عقوبة ، لكن لا يتجه على هذا القول وجوب حجة أخرى للنيابة بعد وجوب القضاء ، لأنّ أيتهما كانت العقوبة أجزأت الأخرى عن الفرض ، وبه صرح شيخنا الشهيد (١) ، والأصح أنّ الاولى هي الفرض ، فلا شي‌ء سوى القضاء جزما.

قوله : ( وليس للمستأجر الفسخ ).

على ما اختاره من أنّ الفاسدة لا تجزئ ، وأن من أحصر يتحلل ، وتنفسخ الإجارة بالنسبة إليه مع الإطلاق على الإشكال السابق ، كما يستفاد من ظاهر قوله : وإلا وجب الاستئجار يجب أن تنفسخ ، وعلى ما اخترناه هناك من أنّ لكل منهما الفسخ ، يجب أن يكون للمستأجر الفسخ هنا إذا قلنا بأنّ الأولى عقوبة.

قوله : ( فإن أهمل لم ينفسخ ).

هذا جيد لكن ينبغي أن يكون للمستأجر الفسخ.

قوله : ( ولو شرط التأجيل عامين أو أزيد جاز ).

__________________

(١) الدروس : ٨٩.

١٥٤

يد : لو عين الموصي النائب والقدر تعينا ، فان زاد عن المثل ، أو كان الحج ندبا ولم يخرج من الثلث اخرج ما يحتمله الثلث ، فإن رضي النائب به وإلا استؤجر به غيره ، ويحتمل بأجرة المثل.

ولو أطلق القدر استؤجر بأقل ما يوجد من يحج عنه مثله إن لم يزد على الثلث ،

______________________________________________________

بشرط أن لا يتمكن الوصي والوكيل من استئجار من يحج قبل ذلك بالشرائط المعتبرة.

قوله : ( فان زاد عن المثل ، أو كان الحج ندبا ، ولم يخرج من الثلث أخرج ما يحتمله الثلث ).

أي : فإن زاد القدر عن اجرة المثل في الواجب لأقل ما يجزئ الاستئجار به لو لم يوص ـ أو كان الحج ندبا ـ ولم يخرج ( من الثلث ) (١) الزائد الذي دل عليه « زاد » تضمنا في الواجب ، ومجموع الأجرة في المندوب ، أخرج ما يحتمله الثلث من الأمرين.

قوله : ( ويحتمل بأجرة المثل ).

التفصيل لا بأس به ، وهو إن تعلق غرض الموصي بالمعين ، فقد تعذرت الوصية ، فيستأجر غيره بأجرة المثل ، وإن لم يتعلق غرضه بخصوصه استؤجر غيره بذلك القدر ، لان تعيين الموصى له كلا تعيين ، على ما فرضنا فينفذ القدر ، لأنه الموصى به في الحقيقة. ولا يجوز الإخلال به حينئذ ، كما لا يجوز الإخلال بالوصية أصلا.

قوله : ( وإن أطلق القدر استؤجر بأقل ما يوجد من يحج عنه مثله ... ).

أي : استؤجر الشخص المعين بأقل شي‌ء يوجد من يحج به عنه مثل ذلك‌

__________________

(١) لم ترد في « ن » و « ه‍ ».

١٥٥

فان لم يرض المعين استؤجر غيره.

يه : لو نص المستأجر على المباشرة ، أو أطلق لم يجز للنائب الاستنابة ، ولو فوض اليه جازت.

المقصد الثاني : في أفعال المتمتع وفيه فصول :

مقدمة : الواجب منها ستة عشر : الإحرام ، والطواف ، وركعتاه ، والسعي ، والتقصير ، والإحرام للحج ، والوقوف بعرفات ، وبالمشعر ، ونزول منى ، والرمي ، والذبح ، والحلق بها أو التقصير ، والطواف ، وركعتاه ، والسعي ، وطواف النساء ، وركعتاه.

ثم القارن والمفرد يعتمران عمرة مفردة متأخرة ، والمتمتع يقدم عمرة التمتع.

ويستحب أمام التوجه الصدقة ،

______________________________________________________

الشخص ، إن لم يزد الفاضل عن المثل في الواجب ، ومجموع الأجرة في المندوب عن الثلث.

قوله : ( فان لم يرض المعين استؤجر غيره ).

أي : بما يليق من الأجرة ، وهي الأجرة الغالبة عادة مع رعاية حال الشخص ، وعدم التجاوز عن أقل المجزئ إلى غيره ، إلاّ مع التعذر.

قوله : ( الواجب منها ستة عشر ).

الذي عده سبعة عشر ، إلا أن يراد عد الوقوفين واحدا ، وهو بعيد.

قوله : ( ويستحب أمام التوجه الصدقة ).

في صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج ، قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : « تصدق ، واخرج أي يوم شئت » (١).

__________________

(١) المحاسن : ٣٤٨ حديث ٢٣ ، الكافي ٤ : ٢٨٣ حديث ٤ ، الفقيه ٢ : ١٧٥ حديث ٧٨١ ، التهذيب ٥ : ٤٩ حديث ١٥١.

١٥٦

وصلاة ركعتين ، والوقوف على باب داره قارئا فاتحة الكتاب أمامه وعن جانبيه ، وآية الكرسي كذلك ، وكلمات الفرج ، وغيرها من المأثور ، والبسملة عند وضع رجله في الركاب ، والدعاء بالمأثور عند الاستواء على الراحلة.

الفصل الأول : في الإحرام وفيه مطالب :

إنما يجوز الإحرام من المواقيت ، وهي ستة : لأهل العراق العقيق وأفضله المسلخ ،

______________________________________________________

وفي صحيحة حماد بن عثمان ، عنه عليه‌السلام وقد سأله ، أيكره السفر في شي‌ء من الأيام المكروهة مثل الأربعاء وغيره؟ فقال : « افتتح سفرك بالصدقة ، واخرج إذا بدا لك » (١).

قوله : ( وصلاة ركعتين ).

يقرأ فيهما ما شاء من القرآن ، ذكره في المنتهى (٢).

قوله : ( والوقوف على باب داره ).

تلقاء وجهه الذي يتوجه له.

قوله : ( لأهل العراق العقيق ).

كله ميقات من أين أحرم منه صح ، صرح به المصنف (٣) وغيره (٤).

قوله : ( وأفضله المسلخ ).

لم نقف على شي‌ء يعتمد عليه في ضبط الحاء بالمهملة أو المعجمة.

__________________

(١) المحاسن : ١٤٨ حديث ٢٢ ، الكافي ٤ : ٢٨٣ حديث ٣ ، الفقيه ٢ : ١٧٥ حديث ٧٨٢ ، التهذيب ٥ : ٤٩ حديث ١٥٠ ، وفيه عن حماد عن الحلبي.

(٢) المنتهى ٢ : ٦٤٦.

(٣) المنتهى ٢ : ٦٦٦ ، التذكرة ١ : ٣٢٠.

(٤) منهم : الشيخ في النهاية : ٢١٠ ، وأبو الصلاح في الكافي في الفقه : ٢٠٢ ، والمحقق في المعتبر ٢ : ٨٠٣.

١٥٧

ثم غمرة ، ثم ذات عرق ، فلا يجوز الخروج منها بغير إحرام.

ولأهل المدينة مسجد الشجرة اختيارا ، واضطرارا الجحفة ،

______________________________________________________

قوله : ( ثم غمرة ).

لم نجد في كون الميم ساكنا أو غيره شيئا يعول عليه.

قوله : ( ثم ذات عرق ).

يجوز الإحرام منها اختيارا ، خلافا لابن بابويه (١) ، ونقل في المنتهى عن سعيد بن جبير أنها كانت قرية ثم خربت ، وصارت القرية في موضع آخر ، والمقابر في موضع الاولى (٢).

قوله : ( ولأهل المدينة مسجد الشجرة اختيارا ).

المراد به : نفس المسجد على ما يتبادر من العبارة ، وفي الأخبار أنّ الميقات ذو الحليفة (٣) ، ـ وهي بضم الحاء وفتح اللام : موضع على ستة أميال من المدينة ، وهو ماء لبني حشم ـ ميقات للمدينة والشام ، قاله في القاموس (٤) فيكون الميقات هو هذا لا نفس المسجد.

وفي حواشي شيخنا الشهيد : إنّ المشهور في الروايات أنّ الإحرام من الوادي المسمى بذي الحليفة (٥) ، وكيف كان فالاقتصار على المسجد أحوط ، وجواز الموضع كله لا يكاد يدفع.

قوله : ( واضطرارا الجحفة ).

هذا إذا بلغ الحاج ذا الحليفة ، فإنه يمتنع العدول حينئذ إلاّ اضطرارا ، والا فلا حجر عليه لو عدل عن الطريق ، مدنيا كان أو غيره ، لعموم كون هذه المواقيت لأهلها ، ولمن مر بها.

__________________

(١) الفقيه ٢ : ١٩٩ ذيل حديث ٩٠٧.

(٢) المنتهى ٢ : ٦٧١.

(٣) الكافي ٤ : ٣١٨ ، ٣١٩ حديث ١ ـ ٣ ، الفقيه ٢ : ١٩٨ حديث ٩٠٣ ، علل الشرائع : ٤٣٤ حديث ٢ ، ٣ ، التهذيب ٥ : ٥٤ ، ٥٥ ، ٥٦ ، حديث ١٦٦ ـ ١٦٨ ، ١٧٠.

(٤) القاموس ( حلف ) ٣ : ١٢٩.

(٥) انظر الهامش (٥).

١٥٨

وهي المهيعة ، وهي ميقات أهل الشام اختيارا ولليمن جبل يقال له يلملم ، وللطائف قرن المنازل.

ومن منزله أقرب من الميقات منزله ، ولحج التمتع مكة ، وهذه المواقيت للحج والعمرة المتمتع بها والمفردة.

______________________________________________________

ولو عدل اختيارا بعد المرور على ذي الحليفة إلى الجحفة ، أو ذات عرق ، قال في الدروس : أساء وأجزأ (١) ، لإطلاق (٢) النصوص الدالة على أنّ هذه مواقيت لكل من مر بها (٣) ، ولا منافاة بين تحريم العدول وإجزاء الإحرام منها.

قوله : ( وهي المهيعة ).

هي بفتح الميم ، وإسكان الهاء ، وفتح الياء المثناة من تحت ، والعين المهملة : الموضع الواسع ، وهي في الأصل كانت قرية ثم خربت ، فالمعتبر موضعها.

قوله : ( ولليمن جبل يقال له : يلملم ).

ويقال له : الململم ، ويرمرم.

قوله : ( وللطائف قرن المنازل ).

هو بفتح القاف ، وإسكان الراء : جبل صغير ، وفي الصحاح : إنّ الراء مفتوحة ، وإنّ أويسا منسوب اليه (٤).

قوله : ( ومن منزله أقرب من الميقات منزله ).

المراد : إلى مكة ، كما هو مصرح به في الأخبار (٥).

__________________

(١) الدروس : ٩٥ ، وفيه : لم يجزئ ، ولو صار إليهما فالصحة قوية وإن أساء.

(٢) في جميع النسخ الخطية : وإطلاق.

(٣) الكافي ٤ : ٣٢٣ حديث ٢.

(٤) الصحاح ( قرن ) ٦ : ٢١٨١.

(٥) الكافي ٤ : ٣١٨ ، ٣٢٢ حديث ١ ، ٥ ، الفقيه ١ : ١٩٩ حديث ٩٠٩ ، ٩١١ ، ٩١٢ ، التهذيب ٥ : ٥٤ حديث ١٦٦.

١٥٩

ويجرد الصبيان من فخ إن حجوا على طريق المدينة ، وإلا فمن مواضع الإحرام.

والقارن والمفرد إذا اعتمرا بعد الحج وجب أن يخرجا الى خارج الحرم ويحرما منه ، ويستحب من الجعرانة ، أو الحديبية ، وهي اسم بئر خارج الحرم تخفف وتثقل ، أو التنعيم فإن أحرما من مكة لم يجزئهما.

ومن حج على ميقات وجب أن يحرم منه وإن لم يكن من أهله ، ولو لم يؤد الطريق إليه أحرم عند محاذاة أقرب المواقيت إلى مكة ، وكذا من حج في البحر ، ولو لم يؤد الى المحاذاة فالأقرب إنشاء الإحرام من أدنى الحل ، ويحتمل مساواة أقرب المواقيت.

______________________________________________________

قوله : ( ويجرد الصبيان من فخ ).

فخ : بئر على نحو فرسخ عن مكة ، وظاهر العبارة أنّ التجريد من المخيط من فخ ، فيكون الإحرام من الميقات كغيرهم. واختار في الدروس تأخير الإحرام إلى فخ (١) ، فيكون المراد من تأخير التجريد تأخير الإحرام.

والظاهر الأول ، لأنّ الميقات موضع الإحرام ، فلا يتجاوزه أحد إلاّ محرما ، والذي في الأخبار تأخير التجريد دون غيره (٢) ، وهذا رخصة من حج على طريق المدينة أما غيره فمن الميقات كسائر المحرمين كما صرح به في الكتاب.

قوله : ( ويستحب من الجعرانة ).

هي بكسر الجيم ، وإسكان العين ، وبكسرها ، مع تشديد الراء ، موضع بين مكة والطائف (٣).

قوله : ( ولو لم يؤد الى المحاذاة ، فالأقرب إنشاء الإحرام من أدنى الحل ، ويحتمل مساواة أقرب المواقيت ).

هذا ليس ببعيد ، مصيرا إلى مساواة قدر الميقات عند تعذره.

__________________

(١) الدروس : ٩٥.

(٢) الكافي ٤ : ٣٠٣ حديث ٢ ، الفقيه ١ : ٢٦٥ حديث ١٢٩٢.

(٣) في « س » : الحديبية تخفف وتثقل.

١٦٠