عبد الهادي محمد تقي الحكيم
الموضوع : الفقه
الناشر: مكتب آية الله العظمى السيد السيستاني
المطبعة: مهر
الطبعة: ٢
ISBN: 964-319-145-1
الصفحات: ٤٠٠
هذا ولا يجب على المسلم سؤال معدِّ الطعام عن إيمانه أو كفره ، أو عن مسِّه للطعام أو عدمه ، حتى وإن كان ذلك السؤال سهلاً يسيراً عليه ، وطبيعياً على من يسأله .
وباختصار فإنَّ المأكولات بأنواعها المختلفة عدا اللحوم والشحوم ومشتقاتها ، يحق للمسلم تناولها ، حتى إذا ظن بأنَّ في محتوياتها ما لا يجوز له أكله ، أو ظنَّ أنَّ صانعها أيَّاً كان قد مسَّها مع البلل ( انظر الإستفتاءات الملحقة بهذا الفصل ) .
م ـ ١٥٧ : كما لا يجب عليه فحص محتوياتها ليتأكد من خلوها مما لا يجوز له أكله ، ولا يجب عليه سؤال صانعها عن مسِّه لها أثناء أعداده الطعام أو بعده .
م ـ ١٥٨ : المعلبات بأنواعها المختلفة باستثناء اللحوم والشحوم ومشتقاتها يجوز للمسلم تناولها ، حتى إذا ظنَّ بأنَّ في محتوياتها ما لا يجوز له أكله ، أو ظنَّ أن صانعها أيَّاً كان قد مسَّها مع البلل ، ولا يجب عليه فحص محتوياتها ليتأكد من خلوها مما لا يجوز له أكله ( أنظر الإستفتاءات الملحقة بهذا الفصل ) .
م ـ ١٥٩ : يحق للمسلم شراء اللحوم المحلَّلة
بأنواعها المختلفة من بائع اللحوم المسلم إذا كان يبيعها على المسلمين ، فيحكم بحلية لحمه وإن كانت شرائط التذكية تختلف في مذهبه عن
مذهبنا إذا احتمل ذبح الحيوان وفق شرائطنا .
هذا في غير الاستقبال ، وأما بالنسبة للاستقبال فلا يضرُّ عدم رعايته إذا كان الذابح لا يعتقد وجوبه .
م ـ ١٦٠ : إذا علم المسلم وتأكد بأنَّ هذا اللحم مأخوذ من حيوان محلل الأكل كالبقر والغنم والدجاج ، ولكنه غير مذبوح وفق قواعد الشريعة الإسلامية ، فهو من الميتة التي لا يجوز للمسلم أكلها وإن كان بائعها مسلماً ، كما أن هذا اللحم نجس وينجس ما مسَّه مع البلل .
م ـ ١٦١ : إذا اشترى المسلم اللحم من كافر ، أو أخذه من كافر ، أو من مسلم كان أخذه من كافر ولم يفحص عن تذكيته حين أخذه ، فهو حرام أيضاً .
ولكن إذا لم يعلم المسلم بعدم تذكيته ، لا يحكم بنجاسته ، وإن حرم أكله .
م ـ ١٦٢ : لجواز أكل السمك بأنواعه المختلفة لا بدَّ من توفر شرطين :
الشرط الأول : أن يكون للسمك فلس .
الشرط
الثاني : أن يجزم المسلم أو يطمئن بأن السمك قد أخرج من الماء وهو حي ، أو أنه مات وهو في شبكة الصيد . ولا يشترط في صائد السمك الإسلام ، ولا تشترط في تذكية السمك التسمية أو ذكر اسم الله عليه ،
فلو صاد السمك كافر فأخرجه من الماء حياً ، أو مات في شبكته أو حظيرته ، وكان له فلس ، حلَّ أكله .
ويمكن للمسلم أن يتأكد من الشرط الأول بملاحظة السمكة إن كانت معروضة أمامه ، أو كان اسمها مدوناً عليها مع الاطمئنان بصدق الكتابة .
وتجد في آخر الكتاب ملحقاً خاصاً بأسماء الأسماك ذوات الفلس .
والشرط الثاني متحقق في جميع البلدان تقريباً ، كما يقولون ، لأن الطرق العالمية المعتمدة في الصيد تحقق خروجه من الماء حياً ، أو موته في شبكة الصيد .
وبناءً على ذلك فإن السمك يجوز أخذه من الكافر وأكله ، مثلما يجوز أخذه من المسلم وأكله ، معلباً كان أو غير معلب ( أنظر الإستفتاءات الملحقة بهذا الفصل ) .
م ـ ١٦٣ : يحلُّ أكل الروبيان إذا أخرج من الماء حياً ، ويحرم أكل الضفادع ، والسرطان ، والسلحفاة ، وكل حيوان ( برمائي ) ، والقواقع ، وأم الروبيان ( أنظر الإستفتاءات الملحقة بهذا الفصل ) .
م ـ ١٦٤ : بيض السمك يتبع السمك ، فبيض السمك المحلَّل حلال أكله ، وبيض السمك المحرم حرام أكله .
م ـ ١٦٥ : يحرم شرب الخمر ، والفقاع ( البيرة ) ، وكل مسكر ، أو موجب للنشوة ( السكر الخفيف ) ، جامداً كان أو مائعاً . قال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ، إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ ) (٤٥) .
وقال نبينا الكريم محمد ( ص ) : « من شرب الخمر بعدما حرمها الله على لساني فليس بأهل أن يزوج إذا خطب ، ولا يشفَّع إذا شفع ، ولا يصدق إذا حدَّث ، ولا يؤتمن على أمانة » (٤٦) .
وفي رواية أخرى ، « لعن الله الخمر وغارسها وعاصرها وشاربها وساقيها وبايعها ومشتريها وآكل ثمنها وحاملها والمحمولة اليه » (٤٧) .
وهناك أحاديث أخرى كثيرة تجدها في كتب الحديث والفقه (٤٨) .
_________________________٤٥ ـ سورة المائدة : آية٩٠ ـ ٩١ .
٤٦ ـ فروع الكافي لمحمد بن يعقوب الكليني : ٦ / ٣٩٦ .
٤٧ ـ من لا يحضره الفقيه لمحمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي : ٤ / ٤ .
٤٨ ـ أنظر فروع الكافي لمحمد بن يعقوب الكليني : ٦ / ٣٩٦ .
م ـ ١٦٦ : يحرم الأكل من مائدة يشرب عليها الخمر أو المسكر ، ويحرم الجلوس عليها أيضاً على الأحوط وجوباً ( أنظر الإستفتاءات الملحقة بهذا الفصل ) .
م ـ ١٦٧ : يحقُّ للمسلم ارتياد الأماكن التي يقدم فيها الخمر مع الطعام ، شرط أن لا يؤدي ذلك الى ترويج عمل هذه المطاعم ولكن لا يأكل من مائدة يشرب عليها الخمر ، ولا يجلس عليها على الأحوط وجوباً .
ولا مانع من الجلوس على مائدة أخرى مجاورة لمائدة من يشرب الخمر .
م ـ ١٦٨ : ذكرت في الفصل الثالث الخاص بالطهارة والنجاسة أن الكحول بجميع أنواعه سواء في ذلك المتخذ من الأخشاب أم غيره طاهر ، وبالتالي فالطعام الذي دخل الكحول في تركيبه طاهر ، والسوائل التي أذيبت فيها طاهرة أيضاً ، وهكذا ( أنظر الإستفتاءات الملحقة بهذا الفصل ) .
م ـ ١٦٩ : يقول بعض المتخصصين بدراسة وتربية الأسماك : أن السمك الخالي من القشر ( الفلس ) غالباً ما يقتات على فضلات البحر ، فهو منظِّف للبحر من أدرانه وأوساخه وقاذوراته .
م ـ ١٧٠ : يقول بعض الباحثين المتخصصين : بأن
إخراج الدم من
الذبيحة بواسطة الذبح يجعل لحم الحيوان أكثر صحة لآكليه مما لو لم يذبح ، وليس غريباً بعد ذلك أن ترى بعضاً من غير المسلمين يشتري اللحوم المذبوحة وفق قواعد الذباحة في الشريعة الإسلامية من المحلات المخصصة لذلك ، ضماناً لطعام أكثر صحة .
م ـ ١٧١ : يحرم استعمال كل ما يضرُّ بالانسان ضرراً بليغاً ، كتناول السموم القاتلة ، كما يحرم أن تشرب الحامل ما يوجب سقوط الجنين ، وغير ذلك مما هو معلوم الضرر أو مظنون الضرر أو محتمل الضرر ، إذا كان ذلك الاحتمال معتدَّاً به عند العقلاء وكان الضرر بليغاً يوجب الموت أو شلل عضو من الأعضاء .
م ـ ١٧٢ : آداب المائدة كثيرة منها : التسمية عند الشروع بالأكل ، والأكل باليد اليمنى ، وتصغير اللقم ، وإطالة الجلوس على المائدة ، وتجويد المضغ ، وحمد الله بعد الطعام ، وغسل الثمار بالماء قبل أكلها ، وعدم الأكل على الشبع ، وعدم الإمتلاء من الطعام ، وعدم النظر في وجوه الناس لدى الأكل ، وعدم تناول الطعام من أمام الآخرين إذا كان على المائدة جماعة ، والإبتداء بأكل الملح ، والاختتام به (٤٩) .
_________________________٤٩ ـ للمزيد من الاطلاع أنظر الباب السابع من كتاب مكارم الأخلاق للحسن بن الفضل الطبرسي ، ص ١٣٤ وما بعدها .
وهذه بعض الاستفتاءات الخاصة بالمأكولات والمشروبات ملحوقة بالأجوبة عنها .
م ـ ١٧٣ : تكتب عبارة ( مذبوح على الطريقة الإسلامية ) على لحوم منتجة في دول إسلامية من قبل شركات غير إسلامية ، فهل يجوز لنا تناولها ؟ وهل يجوز تناولها إذا كان منشأ هذه اللحوم شركة إسلامية في دولة غير إسلامية ؟ ثم ما هو الحال لو كان المنشأ شركة أجنبية في دولة أجنبية ؟
* لا اعتبار بالكتابة ، فإن كان المنتج لها مسلماً أو أنتجت في بلد يغلب فيه المسلمون ، ولم يعلم أن المنتج لها من غير المسلمين ، جاز تناولها .
وأما إذا كان المنتج غير مسلم ، أو أنتجت في بلد ليست غالبيته من المسلمين ، ولم يعلم كون المنتج مسلماً ، فلا يجوز تناولها .
م ـ ١٧٤ : ندخل بعض الأسواق الكبيرة بأوروبا ، فنجد لحوماً معلبة منتجة من قبل شركة أوروبية مكتوب على العلبة عبارة مفادها : أنها ( حلال ) أو ( مذبوحة على الطريقة الإسلامية ) فهل يجوز شراؤها وأكلها ؟
* لا أثر للكتابة إذا لم توجب الإطمئنان .
م ـ ١٧٥ : تذبح الشركات كميات كبيرة من الدجاج
مرة واحدة ، فإذا
كان مشغِّل الجهاز مسلماً يكبِّر ويذكر اسم الله عند الذبح مرة واحدة للجميع ، فهل يحلُّ أكلها ؟ وإذا شككنا في حلية أكلها ، فهل نستطيع أكلها ونعتبرها طاهرة ؟
* إذا كان يكرر التسمية ما دام الجهاز مشتغلاً بالذبح كفى ، ومع الشك في الحلية من جهة الشك في وقوع التسمية تعتبر طاهرة ويحل أكلها .
م ـ ١٧٦ : أيجوز شراء اللحم على أنه مذكى من ( سوبر ماركت ) صاحبه مسلم يبيع الخمر ؟
* نعم يجوز ، ويحلّ أكله وإن كان مسبوقاً بيد غير المسلم إذا اُحتمل أن البائع أحرز تذكيته الشرعية دون ما إذا لم يحتمل ذلك .
م ـ ١٧٧ : بعض الأجبان المصنوعة في الدول غير الإسلامية مشتملة على أنفحة العجل ، أو أي حيوان آخر ، ولا ندري هل الأنفحة مأخوذة من حيوان مذبوح على الطريقة الإسلامية أو لا ؟ وهل هي مستحيلة الى شيء آخر أو لا فهل يجوز أكل هذه الأجبان ؟
* لا إشكال في أكل الأجبان من هذه الجهة ، والله العالم .
م ـ ١٧٨ : تصنع مادة الجلاتين وتدخل في العديد من
المشروبات والمأكولات في الغرب ، فهل يجوز لنا تناولها ونحن لا نعلم
ما إذا كانت مستخلصة من النبات أو الحيوان ، وإذا كانت من الحيوان ، فهل هي مستخلصة من عظامه أو مما يحيط بالعظام من الأنسجة ، ثم لا ندري هل أن ذلك الحيوان محلَّل الأكل أو محرمه ؟
* يجوز تناولها فيما لو شك في كونها مستخلصة من الحيوان أو من النبات .
وأما إذا علم باستخلاصها من الحيوان فلا يجوز تناولها مع عدم إحراز كون ذلك الحيوان مذكىٰ بطريقة شرعية ، حتىٰ فيما لو كانت مستخلصة من عظامه علىٰ الأحوط .
نعم مع العلم بطرو الاستحالة علىٰ موادها الأولية في عملية تصنيعها كيميائياً ، فلا بأس بتناولها مطلقاً ، كما لا بأس باضافة شيء منها إلىٰ الطعام بمقدار مستهلك فيه مع الشك في تذكية ذلك الحيوان .
م ـ ١٧٩ : ترمي سفن الصّيد الكبيرة شباكها فتخرج أطناناً من السمك وتطرح صيدها في الاسواق ، وقد بات معروفاً أن طريقة الصيد الحديثة تقوم على أساس إخراج السمك من الماء حياً ، بل ربما ترمي الشركات السمك الذي يموت في الماء خوفاً من التلوث :
فهل
يحق لنا الشراء من المحلات التي يبيع فيها غير المسلمين هذا السمك ؟ وهل يحق لنا الشراء من المحلات
التي يبيع فيها المسلمون غير الملتفتين للحكم الشرعي هذا السمك ، علماً بأن إحراز أن هذه السمكة التي أمامي قد أخرجت حية من الماء ، أو تحصيل شاهد مطَّلع ثقة يقول بذلك ، أمر صعب جداً ، بل هو غير عملي ولا واقعي .
فهل هناك من حل لمشكلة المسلمين المتثبتين الذين يعانون صعوبة في إحراز تذكية لحوم الدجاج والبقر والغنم فيهرعون الى السمك ؟
* لا بأس بشرائها من مسلم أو غير مسلم ، كما لا بأس بأكلها إذا وثق بأن صيدها يتم على النهج المذكور ، وأحرز أيضاً كونها من ذوات الفلس .
م ـ ١٨٠ : نجد أحيانا على علبة السمك اسم السمكة أو صورتها ، فنعرف من خلال العلبة أن السمكة هذه ذات فلس ، فهل يحق لنا الاعتماد على الاسم او الصورة في تحديد النوعية ، مع علمنا بأن الكذب في أمور كهذه يعرِّض الشركة لخسارة كبيرة ، وربما لما هو أشد من ذلك ؟
* إذا حصل الإطمئنان بصدقها ، جاز العمل وفقه .
م ـ ١٨١ : هل يجوز أكل ( السرطان ) بأنواعه المختلفة أسوة بالروبيان ؟
* لا يجوز أكل السرطان .
م ـ ١٨٢ : هل يحق شراء السمك من المخالف ، ونحن لا ندري أهو من ذوات الفلس أم لا ؟
* يجوز شراؤه ، ولكن لا يجوز أكله ما لم يحرز كونه من ذوات الفلس .
م ـ ١٨٣ : هل يجوز أكل طعام محلَّل ، مبخَّر ببخار لحم غير مذكى ؟
* لا يجوز ، والطعام محكوم بالنجاسة لملاقاته للأجزاء المائية المجتمعة من بخار اللحم المحكوم بالنجاسة حسب الفرض .
م ـ ١٨٤ : يحرم الجلوس على مائدة فيها خمر إذا عُدَّ المسلم من الجالسين ، فما هو المقصود بالمائدة ؟ هل هي المجلس الواحد ولو تعددت الموائد ؟ أو هي المائدة الواحدة ، بحيث لو فصل فاصل بين المائدتين جاز الجلوس ؟
* العبرة بوحدة المائدة ، علماً أن حرمة الجلوس على مائدة يشرب عليها الخمر أو المسكرات مبنيّة على الاحتياط ، نعم الأكل والشرب من تلك المائدة حرام على الأقوى .
م ـ ١٨٥ : لو دخل مسلم لمقهى ، وجلس يشرب الشاي ، وجاء غريب عنه ليشرب الخمر على نفس المائدة ، فهل يجب عليه قطع شرب الشاي والخروج ؟
* نعم يجب ـ على ما تقدم ـ الانصراف من تلك المائدة .
م ـ ١٨٦ : هل يحلُّ شرب البيرة المكتوب عليها عبارة ( خالية من الكحول ) ؟
* لا يحل إذا كان المراد بالبيرة الفقاع الموجب للنشوة وهي السكر الخفيف ، وأما إذا كان المراد بها ماء الشعير الذي لا يوجب النشوة فلا بأس به .
م ـ ١٨٧ : يدخل الكحول في تركيب كثير من العقاقير والادوية ، فهل يجوز شربها ؟ وهل هي طاهرة ؟
* هي طاهرة ، وحيث أن الكحول المستخدم فيها بمقدار مستهلك يجوز شربها أيضاً .
م ـ ١٨٨ : الخلّ المصنوع من الخمر ، بمعنى أنه كان خمراً وحوّلوه خلاً في المعمل ، ولذلك يكتبون على الزجاجة ( خلّ النبيذ ) تمييزاً له عن خلّ الشعير والأنواع الأخرى ، ومن علائم ذلك أن زجاجات هذا الخلّ موضوعة في الرفوف الخاصة للخلّ ، ولم يحدث مطلقاً أن يوضع ضمن الرفوف الخاصة بالخمر كما جُرِّب مراراً ولم يلحظ أي فرق بينه وبين الخلّ المصنوع من التمر في العراق .
فهل يُحكم على هذا الخمر المتبدّل إلى خلّ أنه خلّ ، تبعاً لقاعدة ( الإنقلاب ) ؟
* مع صدق ( الخل ) عليه عرفاً ـ كما هو مفروض السؤال ـ يجري عليه حكمه .
م ـ ١٨٩ : يُلزَم صانعوا الأغذية والمعلّبات والحلويات بذكر محتويات البضاعة التي تُباع للمستهلك ، وبما أنّ الأغذية معرّضة للفساد فأنهم يضيفون إليها ( مواد حافظة ) قد يكون أصلها حيوانياً ويرمزون لها بحرف E مقترناً بأعداد مثل E ٤٥٠ و E ٤٧٢ وهكذا .
فما هو الحكم في الحالات الآتية :
أ ـ لا يعلم المكلّف حقيقة هذه المكونات .
ب ـ شاهَد المكلّف قائمة صادرة ممن لا يعرفون شيئاً عن الاستحالة تقول بأن أرقاماً معيّنة يذكرونها محرّمة لأنها من أصل حيواني .
ج ـ التحقيق في جملة منها ، والتأكد من أنها لم تبق على حالها بل تبدّلت صورتها النوعية واستحالت الى مادة أخرى .
* أ ـ تحل له المأكولات المشتملة عليها .
ب ـ إذا لم يحرز كونها من أصل حيواني ـ وإن ادعي ـ جاز أكلها ، وكذا إذا أحرز ذلك ولكن لم يحرز كونها
من الميتة النجسة وكان ما يضاف منها الى الأطعمة بمقدارمستهلك فيها عرفاً .
ج ـ لا إشكال في الطهارة والحلّية من صدق الاستحالة بتغير الصورة النوعية وعدم بقاء شيء من مقوِّمات الحقيقة السابقة بالنظر العرفي .
م ـ ١٩٠ : يرجى تفضلكم بالإجابة عن الفرعين التاليين :
أ ـ هل الجيلاتين نفسه محكوم بالطهارة ؟
ب ـ لو شككنا في حصول الاستحالة نظراً للشك في سعة مفهومها وضيقه ( الشبهة المفهومية ) ، فهل يجري استصحاب النجاسة السابقة أو لا ؟
* أ ـ الجيلاتين الحيواني إن لم يحرز نجاسة أصله ـ كما لو احتمل كونه مأخوذاً من المذكى ـ حكم بطهارته ، ولكن لا يضاف منه الى الأطعمة الّا بمقدار مستهلك فيها عرفاً ـ ما لم يحرز كونه مأخوذاً من المذكى المحلل لحمه ، أو يُحرز استحالته ـ بلا فرق في ذلك بين كونه مأخوذاً مما تحله الحياة كالغضروف وغيره كالعظام على الأحوط في الأخير .
وأما إذا أُحرز نجاسة أصله ( كما لو علم كونه مأخوذاً من نجس العين ، أو من غضاريف غير المذكى ، أو من عظامه
قبل تطهيرها ، فانها تكون متنجسة بملاقاة الميتة بالرطوبة ) فالحكم بطهارته وجواز استعماله في الأطعمة منوط باحراز استحالته ، وهذا مما يرجع فيه الى العرف ، وقد تقدم بيان ضابطه .
ب ـ إنَّ الاستصحاب وإن كان لا يجري في موارد الشبهات المفهومية ، لا في ذات الموضوع ، ولا فيه بوصف كونه موضوعاً ولا في الحكم ـ كما حقق في محله من علم الأصول ـ ولكن حيث أنَّ الموضوع للنجاسة هو الصور النوعية العرفية ، وبقاؤها إنَّما هو ببقاء المهم من خواصها عند العقلاء ، فالشك في تحقق الاستحالة ـ من جهة الشك في سعة مفهومها وضيقه ـ مرجعه الى الشك في بقاء الصورة النوعية ببقاء الخواص المقوِّمة لها ، وهي من الأمور الخارجية ، فلا مانع من إجراء الاستصحاب في مورده والله العالم .
م ـ ١٩١ : ندخل محلات في الدول الغربية تبيع مأكولات لا ندري محتوياتها ، فربما هي خالية مما يحرم أكله أو شربه ، وربما فيها شيء يحرم أكله أو شربه ، فهل يحق لنا أكلها دون النظر لمحتوياتها أو السؤال عن محتوياتها ، أو لا يحق لنا ذلك ؟
* يجوز ما لم يعلم اشتمالها على شيء من اللحوم والشحوم ومشتقاتهما .
م ـ ١٩٢ : هل يجوز استعمال دهن الحوت ، والأسماك غير الجائزة الأكل والقواقع في الأكل وفي الاستعمالات الأخرى ؟
* لا يجوز أكلها ، ويجوز غيره من الاستعمالات ، والله العالم .
م ـ ١٩٣ : هل يجوز للمسلم أن يحضر في المجالس التي تقدم فيها الخمور ؟
* الأكل والشرب في تلك المجالس محرّم ، وأما مجرد الحضور فحرمته تبتني على الإحتياط اللزومي .
ولا بأس به لغرض النهي عن المنكر ، إذا كان متمكناً منه .
م ـ ١٩٤ : هل يحل أكل سرطان البحر ، وأم الروبيان ، والقوافع البحرية ؟
* لا يحل من حيوان البحر إلا السمك الذي له فلس ، ومنه ما يسمى بـ ( الروبيان ) ، وأما غير السمك ـ كالسرطان ـ وكذا السمك الذي لا فلس له ، فلا يجوز أكله ، والله العالم .
* * * * *
لبس الجلود الطبيعية مشكلة حقيقية يتعرض لها المسلم في البلاد غير الإسلامية ، فقد اعتاد المسلمون أن يشتروا الحاجات الجلدية المصنوعة في بلدانهم الإسلامية براحة بال ، لعلمهم بأنها مصنوعة من جلود حيوانات مذكّاة وفق قواعد التذكية المعمول بها في الشريعة الإسلامية ، فيلبسونها ويصلُّون بها ، ويمسونها بأيديهم المبلولة دون حذر أو تردد .
أما في البلدان غير الإسلامية فالأمر مختلف تماماً .
لذا يحسن بي أن أوضح هنا الأحكام التالية :
م ـ ١٩٥ : الحاجات الجلدية نجسة ، ولا تجوز الصلاة بها ، إذا علمنا أنها مصنوعة من جلد حيوان غير مذبوح وفق قواعد الذباحة الشرعية .
وتُعدُّ طاهرة وتجوز الصلاة بها ، إذا احتملنا أنها مصنوعة من جلد حيوان محلل الأكل مذبوح وفق قواعد الذباحة المعمول بها في الشريعة الإسلامية .
م ـ ١٩٦ : لا تجوز الصلاة في الحاجات الجلدية المصنوعة من جلود الحيوانات المفترسة كالأسد والنمر والفهد والثعلب وابن آوى ، كما لا تجوز على الأحوط وجوباً في جلود الحيوانات غير المفترسة المحرمة الأكل ، كالقرد والفيل ، وإن كانت الجلود المذكورة طاهرة فيما إذا كان الحيوان مذكى ، أو احتُمل كونه مذكى .
نعم يجوز لبس الحزام منه ونحوه مما لا يمكن ستر العورة به .
أما إذا لم نحتمل ذلك ، بل تأكدنا أنها مصنوعة من جلد حيوان غير مذكى ، فهي نجسة ولا تجوز الصلاة فيها ، حتى في الحزام ونحوه مما يلبس ، ولا يمكن ستر العورة به على الأحوط ، وكذلك إذا كان احتمال كونه مذكى احتمالاً ضعيفاً لا يعتني به العقلاء كـ ٢ % .
م ـ ١٩٧ : الحاجات الجلدية المصنوعة من جلود الحيات والتماسيح في البلدان غير الإسلامية ، والمعروضة في محلات بيع غير إسلامية طاهرة ، ويجوز بيعها وشراؤها واستعمالها فيما تشترط فيه الطهارة .
م ـ ١٩٨ : الحاجات الجلدية المصنوعة في البلدان الإسلامية ، والمعروضة في البلدان غير الإسلامية ، محكومة بالطهارة وجواز الصلاة فيها .