جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي
المحقق: غريد الشيخ
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ٢
الصفحات: ٢٦٤
ومررت بقاع عرفج كلّه ، ومررت بصحيفة طين خاتمها ، ومررت بحيّة ذراع طولها. وليس هذا مما يشاب به المصدر ، إنّما هو ذلك الحدث الصافي ، كالضرب والقتل ، والأكل ، والشرب.
فائدة ـ إجراء سواء مجرى المصدر : قال أبو الحسين بن أبي الربيع في (شرح الإيضاح) : اعلم أنّ (سواء) أجري عندهم مجرى المصدر ، فأخبر به عن اثنين فقيل : زيد وعمرو سواء ، كما تقول : زيد وعمرو خصم ، وفي سواء أمر آخر اختص به ، أنه لا يرفع الظاهر إلا أن يكون معطوفا على المضمر ، نحو : مررت برجل سواء هو والعدم (١). إن خفضت كان نعتا وكان في سواء ضمير ، وكان العدم معطوفا على الضمير ، وهو توكيد ، وإن رفعت سواء كان خبرا مقدما ، وهو مبتدأ ، والعدم معطوف عليه ، ولم يثنّ لأنه جرى عندهم مجرى المصدر ، وهذا يحفظ ولا يقاس عليه.
ولا يجوز أن تقول : زيد سواء وعمرو ، على أن يكون سواء خبرا عنهما ، كما لا تقول : زيد قائمان وعمرو ، لأنّ العامل في الخبر هو المبتدأ ، والمبتدأ هنا مجموع الاسمين ، فقدّم الخبر عليهما أو أخّره عنهما ، ولا تجعله بينهما ، فتكون قد جعلت المعمول بين أجزاء العامل ، وهذا لا يجوز.
قاعدة : الأصل في مفعل المصدر والظرف
الأصل في مفعل للمصدر والزمان والمكان أن يكون بالفتح ، نحو المأكل والمشرب والمذهب والمخرج والمدخل.
قال في (البسيط) : وقد خرج عن هذا الأصل إحدى عشرة لفظة ، جاءت بالكسر ، وهي : المنسك والمطلع ، في قراءة الكسائيّ ، والمجزر ، والمنبت ، والمشرق ، والمغرب ، والمسقط ، والمسكن ، والمرفق ، والمفرق ، والمسجد. قال ابن بابشاذ : فهذه كلّها تكسر إذا أردت بها المكان ، فإن أردت بها المصدر فتحت لا غير.
قال صاحب (البسيط) : ولم يأت في أسماء الزمان والمكان مفعل بالضمّ ، إلا مع تاء التأنيث ، نحو : مقبرة ، ومكرمة ، ومأدبة.
فائدة ـ ما يشتق من المصدر : في (تذكرة) ابن الصائغ : يشتقّ من المصدر تسعة : الفعل ، واسم الفاعل ، والمثال ، واسم المفعول ، وصيغة المفاضلة ، والصفة المشبّهة ، واسم المصدر ، واسم الآلة ، واسم الزمان والمكان.
__________________
(١) انظر الكتاب (٢ / ٢٨).
التاسع : اسم الشيء المعدّ للفعل ، كالمسجد اسم للبيت المعد للصلاة والسجود. فأما المسجد فاسم لمكان السجود ، وليس اسما للبيت ، بل لموضع السجود من البيت.
فائدة : قال بعضهم : [الهزج]
أرى التفعال في المصد |
|
ر بالفتح هو الباب |
وتفعال بكسر التا |
|
ء في الأسماء إيجاب |
وللتجفاف والتقصا |
|
ر والتّلفاق أرباب |
وتنبال وتلقام |
|
وتلعاب لمن عابوا |
وتمثال وتماح |
|
وتمراد وتضراب |
وتبراك وتعشار |
|
وترباع بها غابوا |
وتبيان وتهواء |
|
وتلقاء إذا آبوا |
فهذه ستة عشر اسما مكسورة الأوائل. لا يكاد يوجد في الكلام غيرها ، وما سواها تأتي مصادر وهي مفتوحات أبدا ، مثل : التّذكار والتّسباب ونحوهما (١).
باب الصفات
في (الصّحاح) (٢) : البأساء الشدّة. قال الأخفش : بني على فعلاء وليس له أفعل لأنه اسم كما قد يجيء أفعل في الأسماء ، وليس معه فعلاء نحو أحمد.
فائدة ـ القول في الصفة المشبهة : قال في (البسيط) : التركيب يقتضي أن يبلغ عدد الصفة المشبّهة مائتين وثلاثة وأربعين بناء. وذلك أن معمول الصفة إما محلّى بالألف واللام ، أو مضافا ، أو مجرّدا عن كلّ واحد منهما. وكلّ واحد من هذه الثلاثة قد يكون مرفوعا ومنصوبا ومجرورا ، فهذه تسعة أحوال باعتبار المعمول ، والصفة قد تكون متضمنة لضمير المذكّر وتثنيته وجمعه ، ولضمير المؤنث وتثنيته وجمعه ، وغير متضمنة لضمير إفراد ولا تثنية ولا جمع ، فهذه تسعة. واصفة قد تكون مع كلّ واحد منهما معرفة بالألف واللام أو مضافة ، أو نكرة ، فهذه سبعة وعشرون باعتبار حال الصفة. وإذا ضربت في أحوال المعمول ، وهي تسعة تبلغ مائتين وثلاثة وأربعين بناء.
__________________
(١) انظر شرح الشافية (١ / ١٦٧).
(٢) انظر صحاح الجوهري (بأس).
باب أسماء الأفعال
ضابط
قال في (البسيط) : هي ثلاثة أقسام :
١ ـ قسم لم يستعمل إلا معرفة ، نحو : بله وآمين ، لأنه لم يسمع فيهما تنوين.
٢ ـ وقسم لا يستعمل إلا نكرة ، وهو ما لم يفارقه التنوين ، نحو : إيها ، في الكفّ ، وويها ، في الإغراء. وواها ، في التعجب.
٣ ـ وقسم استعمل معرفة ونكرة ، فينوّن لإرادة التنكير ، ويحذف التنوين لإرادة التعريف ، وذلك نحو : صه ، ومه ، وإيه ، وأفّ.
ضابط : تقسيم آخر لأسماء الأفعال
قال ابن يعيش (١) : هي ثلاثة أقسام :
قسم لا يكون إلّا لازما كصّه ، ومه.
وقسم لا يكون إلا متعدّيا ، نحو : عليك زيدا أي : الزمه ، ودونك بكرا.
وقسم يستعمل تارة لازما ، وتارة متعدّيا : كرويد ، وهلمّ ، وحيهل. قال : ونظير ذلك من الأفعال باب وزنته ووزنت له ، وكلته وكلت له.
باب التأنيث
قاعدة
قال ابن يعيش (٢) : الأصل في الأسماء التذكير ، والتأنيث فرع على التذكير لوجهين :
أحدهما : أن الأسماء قبل الاطلاع على تأنيثها وتذكيرها يعبّر عنها بلفظ مذكّر ، نحو : شيء وحيوان وإنسان. فإذا علم تأنيثها ركبت عليها العلامة.
الثاني : أن المؤنث له علامة ، فكان فرعا.
وقال صاحب (البسيط) : التأنيث فرع على التذكير لوجهين :
أحدهما : أنّ لفظ شيء مذكر ، وهو يطلق على المذكر والمؤنث.
__________________
(١) انظر شرح المفصّل (٤ / ٤٦).
(٢) انظر شرح المفصّل (٥ / ٨٨).
والثاني : أن المؤنث له علامة تدلّ على فرعيّته ، إما لفظية كقائمة. وإما معنوية ، وهي أن كمال المذكر مقصود بالذات ، ونقصان المؤنث مقصود بالعرض ، ونقصان العرض فرع على كمال الذات.
ضابط : الاسم الذي لا يكون فيه علامة التأنيث
قال أبو حيّان (١) : الاسم الذي لا يكون فيه علامة التأنيث إما أن يكون حقيقيّ التذكير أو حقيقيّ التأنيث أو مجازيّهما :
إن كان مجازيّهما فالأصل فيه التذكير ، نحو : عود ، وحائط. ولا يؤنّث شيء من ذلك إلا مقصورا على السماع ، وبابه اللغة نحو : قدر وشمس. وقد صنف في ذلك الفرّاء وأبو حاتم وغيرهما.
وإن كان حقيقي التذكير والتأنيث فإما أن يمتاز فيه المذكّر من المؤنث أو لا يمتاز : إن امتاز فيؤنّث إن أردت المؤنث ، ويذكّر إن أردت المذكر ، وذلك نحو : هند وزيد. وإن لم يميز فيه المذكر من المؤنث فإن الاسم إذ ذاك مذكّر سواء أردت به المؤنّث أم المذكّر ، وذلك نحو برغوث.
قاعدة : الأصل في الأسماء المختصة بالمؤنث
قال أبو حيّان (٢) : الأصل في الأسماء المختصة بالمؤنث ألّا يدخلها الهاء ، نحو : شيخ وعجوز ، وحمار وأتان ، وبكر وقلوص ، وجدي وعناق ، وتيس وعنز ، وخزز وأرنب ، وربما أدخلوا الهاء تأكيدا للفرق كناقة ونعجة ، فإن مقابلهما جمل وكبش ، وقالوا : غلام وجارية ، وخزز وعكرشة ، وأسد ولبؤة.
ضابط : لا تأنيث بحرفين
قال أبو حيّان : لا يوجد في كلامهم ما أنّث بحرفين.
ضابط : ما تأتي فيه تاء التأنيث بكثرة وبقلة
قال ابن مالك في (شرح الكافية) : الأكثر في التاء أن يجاء بها لتمييز المؤنّث من المذكّر في الصفات ، كمسلم ومسلمة ، وضخم وضخمة ، ومجيئها في الأسماء
__________________
(١) انظر شرح التسهيل (٦ / ٣٤).
(٢) انظر شرح التسهيل (٦ / ٣٧).
غير الصفات قليل ، كامرئ وامرأة ، وإنسان وإنسانة ، ورجل ورجلة ، وغلام وغلامة ، ويكثر مجيئها لتمييز الواحد من الجنس الذي لا يصنعه مخلوق ، كتمر وتمرة ، ونخل ونخلة ، وشجر وشجرة. ويقلّ مجيئها لتمييز الجنس من الواحد ككمأة كثيرة وكمء واحد. وكذلك يقلّ مجيئها لتمييز الواحد من الجنس الذي يصنعه المخلوق نحو : جرّ وجرّة ، ولبن ولبنة ، وقلنس وقلنسوة ، وسفين وسفينة. وقد تكون التاء لازمة فيما يشترك فيه المذكر والمؤنث كربعة ، وهو المعتدل من الرجال والمعتدلة من النساء. وقد تلازم ما يخص المذكر كرجل بهمة ، وهو الشجاع ، وقد تجيء في لفظ مخصوص بالمؤنث لتأكيد تأنيثه كنعجة وناقة. وقد تجيء للمبالغة كرجل راوية ونسّابة. وقد يجاء بها معاقبة لياء مفاعيل : كزنادقة وجحاجحة. فإذا جيء بالياء لم يجأ بها بل يقال : زناديق وجحاجيح ، فالياء والهاء متعاقبان في هذا النوع. وقد يجاء بها دلالة على النسب ، كقولهم : أشعثيّ وأشاعثة ، وأزرقيّ وأزارقة ومهلبيّ ومهالبة. وقد يجاء بها دلالة على تعريب الأسماء العجمية ، نحو : كيلجة وكيالجة ، وهي مقدار من كيل معروف ، وموزج وموازجة ، هو الخفّ. وقد يجاء بها عوضا من فاء ، نحو : عدة ، أو من عين ، نحو : إقامة ، أو من لام نحو لغة ومئة أو من مدّة ، تفعيل ، نحو : تزكية.
وقال المهلبيّ : [الخفيف]
أتت الهاء في الكلام لعشر |
|
وثمان لدرة ثمّ درّ |
ولمعكوس ذا ، ككمء وفرق |
|
بين مضروبة ومضروب أمر |
ولمعكوسه كضربك عدّا |
|
ولتكثير غرفة للمقر |
ولتأكيد جمع بعل ومدح |
|
ولذمّ ونسبة للأبرّ |
ولجمع لموزج ولتعويض |
|
ك محذوف مصدر مستضر |
ولتعويض يا زناديق جاءت |
|
وليا ذي وارمة في المسر |
ولإمكان نطق (عه) لحديث |
|
ولتعديد مرّة في الممر |
وبيان للحرف ثم لتحري |
|
ك أتى فيه أو مشاكل نثر |
ثمّ في ثم للبيان وكره |
|
لالتقا الساكنين في كلّ ذكر |
فائدة ـ علامات المؤنث : قال ابن الدهان في (الغرّة) : قال الفرّاء : للمؤنّث خمس عشرة علامة ، ثمان في الأسماء ، وأربع في الأفعال ، وثلاث في الأدوات. فثمان في الأسماء : الهاء ، والألف الممدودة ، والمقصورة ، والرابعة تاء الجمع في الهندات ،
والخامسة الكسرة في أنت ، والسادسة النون في أنتنّ وهنّ ، والسابعة التاء في أخت وبنت ، والثامنة الياء في هذي. والتي في الأفعال : التاء الساكنة في قامت ، والياء في تفعلين ، والكسرة في قمت ، والنون في فعلن. والتي في الأدوات : التاء في ربّت وثمّت ولات ، والهاء في هيهات ، والهاء والألف في قولك : إنها هند قائمة. قال ابن الدهان : وهذا نحكيه وإن لم نعتقده مذهبا لأنفسنا.
فائدة ـ الهاءات ثلاث : قال ابن مكتوم في تذكرته : قال أبو الخطيب الفارسي في (النوادر) : الهاءات ثلاث : هاء تكون بدلا من تاء التأنيث نحو : ثمرة وشجرة ، وهاء استراحة تثبت في الوقف دون الوصل ، نحو : كتابيه ولمه. وهاء أصلية مثل وجه وشفاه ومياه.
قاعدة : أصل الفعل التذكير
قال ابن القوّاس في (شرح الدرّة) : أصل الفعل التذكير لأمرين :
أحدهما : أن مدلوله المصدر ، وهو مذكّر لأنه جنس.
والثاني : أنه عبارة عن انتساب الحدث إلى فاعله في الزمن المعيّن ولا معنى للتأنيث فيه لكونه معنويا ، وإنما تأنيثه للفاعل.
ضابط : أقسام الأسماء بالنسبة إلى التذكير والتأنيث
في (تذكرة) ابن الصائغ : الأسماء أربعة أقسام : مذكّر لفظا ومعنى كزيد ، ومؤنث لفظا ومعنى كفاطمة ، ومختلفان كزينب وطلحة.
باب المقصور والممدود
ضابط : أقسام ما فيه وجهان القصر والمد
قال ابن مالك في (شرح الكافية الشافية) (١) : ما فيه وجهان القصر والمدّ على ثلاثة أقسام :
الأول : ما يقصر مع الكسر ، ويمدّ مع الفتح كالإيا والبلى والروى وسوى بمعنى غير وقرى الضيف والقلى.
والثاني : ما يقصر مع الفتح ، ويمدّ مع الكسر ، كالأضحى والنجا والصّلى والغرى والقذى.
__________________
(١) انظر شرح التسهيل (٦ / ٥٤).
الثالث : ما يقصر مع الضمّ ، ويمدّ مع الفتح كالبوسى والرغبى والعليا والنعما.
وهذا ما ذكره ابن السكيت. قال : وقد وقع لي ما يكسر فيقصر ، ويضمّ فيمدّ ـ عن ابن ولّاد ـ وهو القرفصى. فيكون على هذا أربعة أقسام.
قال أبو حيان (١) : وإنما ذكرت هذه الأقسام في كتب النحو ، وإن كان مدركها السماع ، لأن للنحو فيها حظّا ، وهو حصر ما جاء من ذلك. فلو ادعى مدّع شيئا خلاف هذا لم يقبل منه إلا بثبت واضح عن العرب ، فصار في حصر هذه الأقسام نوع من القياس النحوي.
قاعدة : تاء التأنيث في المثنى
كلّ مؤنث بالتاء حكمه ألا تحذف التاء منه إذا ثنّي ، كثمرتان ، وضاربتان لأنها لو حذفت التبس بتثنية المذكّر. ويستثنى من ذلك لفظان : ألية وخصية ، فإن أفصح اللغتين وأشهرهما أن تحذف منهما التاء في التثنية ، فيقال : أليان وخصيان. وعلّل ذلك بأن الموجب له أنهم لم يقولوا في المفرد ألي وخصي ، فأمن اللّبس المذكور.
باب جمع التكسير
ضابط : أنواع جمع التكسير بالنسبة إلى اللفظ
قال ابن الدهان في (الغرّة) : جمع التكسير على أربعة أضرب :
أحدها : ما لفظ واحده أكثر من لفظ جمعه : نحو : كتاب وكتب.
الثاني : ما لفظ جمعه أكثر من لفظ واحده ، كفلس وأفلس ، ومسجد ومساجد.
الثالث : ما واحده وجمعه سواء في العدّة اللفظية ، لا في الحركات ، نحو : سقف وسقف وأسد وأسد.
الرابع : ما واحده وجمعه سواء في العدّة اللفظية والحركات ، نحو : الفلك للواحد ، والفلك للجمع وناقة هجان ، ونوق هجان. ودرع دلاص ، وأدرع دلاص.
ضابط : الحروف التي تزاد في جمع التكسير
قال ابن الدهان : حروف الزيادة التي تزاد في هذا الجمع سبعة أحرف :
منها : ستة مطّردة. يجمعها (متى وأين) وغير المطردة منها الميم في ملامح جمع لمحة.
__________________
(١) انظر شرح التسهيل (٦ / ٥٤).
ومنها : ما يزاد أولا كأكلب وأجمال وملامح.
ومنها : ما يزاد حشوا كجمال ومساجد وكعوب وعبيد.
ومنها : ما يزاد آخرا كذؤبان وعمومة وعلماء.
فائدة ـ في حصر جموع التكسير وأسماء الجموع واسم الجنس.
قال أبو حيّان في حصر جموع التكسير وأسماء الجموع واسم الجنس : [الطويل]
لجمع قليل في المكسّر أفعل |
|
وأفعلة أفعال ، في كثرة فعل |
وبالتا وفعل والفعال فعولها |
|
وبالتا هما الفعّال فعّل مع فعل |
وبالتا وفعلى ثم فعلى وأفعلا |
|
ء فعلان فعلان فواعل مع فعل |
فعالي فعاليّ فعالى فعائل |
|
ومع فعلاء فعلة هكذا نقل |
فعالى وما ضاهى وزان مفاعل |
|
وتمّت ولاسم الجمع فعلة مع فعل |
فعالة فعلان وفعلة مع فعل |
|
وفعلاء مفعولاء مفعلة فعل |
وبالخلف فعل مع فعيل وفعلة |
|
وبالفتح عينا مع فعال فعل فعل |
وقاعدة اسم الجنس ما جاء فرده |
|
بيا أو بتا ، والعكس في التاء قل وقل |
فائدة ـ جموع القلة : قال بعض النحويّين في جموع القلّة : [البسيط]
بأفعل وبأفعال وأفعلة |
|
وفعلة يعرف الأدنى من العدد |
وزاد أبو الحسن عليّ بن جابر الدبّاج : [البسيط]
وسالم الجمع أيضا داخل معها |
|
في ذلك الحكم ، فاحفظها ولا تزد |
وقال التاج بن مكتوم في نظم جموع القلّة ، ومن خطّه نقلت : [البسيط]
لجمع قلة أجمال وأرغفة |
|
وأرجل غلمة وسرر برره |
وأصدقاء مع الزيدين مع نحل |
|
ومسلمات وقد تكمّلت عشرة |
هذا جماع الّذي قالوه مفترقا |
|
وقد يزيد أخا الإكثار من كثره |
قاعدة : لا يوجد في الجمع ثلاثة حروف أصول بعد ألف التكسير
قال في (البسيط) : لا يوجد في الجمع ثلاثة أحرف أصول بعد ألف التكسير ، لئلا يكون صدر الكلمة أقلّ من عجزها ، ولذلك يردّ في التكسير والتصغير الخماسيّ إلى الرباعيّ ، ليتناسب صدر الكلمة وعجزها في الحروف الأصول.
قاعدة : ما يضعف تكسيره من الصفات
قال في (البسيط) : كلّ صفة كثر ذكر موصوفها معها ضعف تكسيرها لقوّة
شبهها بالفعل ، وكلّ صفة كثر استعمالها من غير موصوف قوي تكسيرها لالتحاقها بالأسماء كعبد ، وشيخ وكهل. وضعيف.
فعال لا يكاد يكسر : وفي (تذكرة التاج بن مكتوم) : فعّال لا يكاد يكسّر لئلا يذهب بناء المبالغة منه. وشذّ قول ابن مقبل : [البسيط]
٣٢١ ـ [إلّا الإفادة فاستولت ركائبنا] |
|
عند الجبابير بالبأساء والنّعم |
أنشده سيبويه.
قاعدة : تكسير الخماسي الأصول مستكره
قال في (البسيط) : تكسير الخماسيّ الأصول مستكره لأجل حذف حرف منه ، بخلاف الرباعيّ إذ لا حذف فيه.
فائدة : أقسام جمع التكسير بالنسبة للفظ والمعنى : قال ابن القواس في (شرح الدرّة) : الجمع ثلاثة أقسام :
جمع في اللفظ والمعنى : كرجال والزيدين. وفي اللفظ دون المعنى : ك (فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما) [التحريم : ٤]. وفي المعنى دون اللفظ : كرهط ، وبشر ، وكل في التوكيد ، ونحوها مما ليس له واحد من لفظه.
قال : وينقسم أيضا إلى عامّ : وهو التكسير لعمومه المذكّر والمؤنث مطلقا ، وإلى خاصّ : وهو المذكّر السالم. وإلى متوسط : وهو جمع المؤنث السالم ، لأنه إن لم يسلم فيه نظم الواحد وبناؤه فهو مكسّر ، وإن سلم فهو إما مذكّر أو مؤنث.
قاعدة : استثقال الجموع
الجموع تستثقل ، فإذا كان فيها ياء خففت : إما بالبدل كما في قدارا ومعايا ، وإما بالقلب كما في حقيّ وقسيّ ، وإما بالحذف كما في جوار وغواش وليال.
ضابط : ما يجمع من فعلاء على فعال
قال في (ديوان الأدب) : لم يجمع من (فعلاء) على (فعال) إلا نفساء ونفاس ، وعشراء وعشار.
__________________
٣٢١ ـ الشاهد لابن مقبل في ديوانه (ص ٣٩٨) ، والكتاب (٤ / ٤٧٥) ، وتذكرة النحاة (ص ٣٢٩) ، وشرح أبيات سيبويه (٢ / ٤٢١) ، ولسان العرب (وفد) ، وبلا نسبة في سرّ صناعة الإعراب (١ / ١٠٢) ، وشرح المفصّل (١٠ / ١٤) ، والمنصف (١ / ٢٢٩).
باب التصغير
قاعدة
كل اسم اجتمع فيه ثلاث ياءات أوّلهن ياء التصغير فإنك تحذف منهن واحدة ، فإن لم تكن أولاهن ياء التصغير أثبتّ الكلّ. تقول في تصغير حية حيية ، وفي تصغير أيّوب أييّيب بأربع ياءات ، ذكر هذه القاعدة الجوهريّ (١) في (صحاحه).
ضابط : الأسماء التي لا تصغّر
قال أبو حيان (٢) : لا تصغّر الأسماء المتوغلة في البناء ، كالضمائر ، وأين ، وكم ، ومتى ، وكيف ، وحيث ، وإذ ، وما ، ومن.
ولا الأسماء المصغّرة ، ولا غير وسوى ـ وسوى بمعنى غير ـ ولا البارحة ، وأمس ، وغد ، وعصر ـ بمعنى عشية ـ ولا الأسماء العاملة عمل الفعل ، وفي تصغير اسم الفاعل مع عمله خلاف ، ولا حسبك ، ولا الأسماء المختصة بالنفي ، ولا الأسماء الواقعة على معظّم شرعا ولا أسماء الشهور ، ولا أسماء الأسبوع على مذهب سيبويه (٣) ، ولا كلّ ، ولا بعض ولا أي ، ولا الظروف غير المتمكّنة نحو ذات مرة ، ولا الأسماء المحكية ، ولا جموع الكثرة على الإطلاق عند البصريين.
وزاد الزمخشريّ في (الأحاجي) : ولا الفطر ، والأضحى ، والعصر ، استغناء عنه بقولهم : مسيانا وعشيانا.
قاعدة : التكسير والتصغير يجريان من واد واحد
التكسير والتصغير يجريان من واد واحد. نصّ على هذه القاعدة سيبويه (٤) والنحاة بأسرهم. ومن ثمّ فتح ما قبل الياء في التصغير ، كما فتح ما قبل الألف في التكسير. وقيل في تصغير أسود وجدول أسيود وجديول ، بإظهار الواو جوازا ، كما قيل في التكسير أساود وجداول ، بإظهارها وكسر ما بعد ألف مفاعل ومفاعيل. كما كسر ما بعد ياء التصغير. وقالوا في تصغير عيد عييد شذوذا ، كما قالوا في جمعه :
__________________
(١) انظر صحاح الجوهري (حيي).
(٢) انظر شرح التسهيل (٦ / ١٣٣).
(٣) انظر الكتاب (٣ / ٥٣٢).
(٤) انظر الكتاب (٣ / ٤٥٩).
أعياد شذوذا ، ويتوصّل إلى مثال فعيعل وفعيعيل في التصغير بما يتوصّل به إلى مثال مفاعل ومفاعيل في التكسير. وللحاذف فيه من الترجيح والتخيير ما له في التكسير.
قال أبو حيّان : وجاء من التصغير ما هو على خلاف قياس المكبر ، كقولهم في مغرب : مغيربان وفي عشية : عشيشية. وفي رجل : رويجل.
قال : وهذا نظير جمع التكسير الذي جاء على خلاف قياس تكسير المفرد ، كليال ومذاكير وأعاريض جمع ليلة وذكر وعروض.
قال : وكما أن في التصغير نوعا يسمى تصغير الترخيم ، وهو التصغير بحذف الزوائد كسويد في أسود ، كذلك في جمع التكسير نوع يسمى جمع ترخيم. قالوا : ظريف وظروف وخبيث وخبوث (١).
قال الفارسيّ : كسّروه على حذف الزوائد وهو مذهب الجرميّ والمبرّد (٢) يريان هذا في كلّ ما فيه زيادة من الثلاثي الأصل. وشبّهاه بتصغير الترخيم ، فقالا في هذا النوع : هو جمع ترخيم.
وهو عند الخليل وسيبويه مما جمع على غير واحده المستعمل ، لأنه مخالف لما يجب في تكسيره. فيريانه تكسيرا لما لم ينطق به ، كما يقولان ذلك في التصغير.
قال : وقد تكون صورة المصغّر مثل صورة المكبّر ، ويكون الفرق بينهما بالتقدير كما يكون في الجمع مثل ذلك. مثاله : مبيطر ، ومسيطر ، ومهيمن ، أسماء فاعل من : بيطر وسيطر وهيمن فإذا صغّرتها حذفت الياء ، لأنها أولى بالحذف ، ثم جئت بياء التصغير مكانها. ونظير ذلك فلك فإن مفرده وجمعه لفظهما واحد ، وإنما يتميزان في التقدير. قال : وكذلك ضمّة فعيل غير ضمة فعل ، كما أن ضمة فلك الذي هو جمع غير ضمة فلك الذي هو مفرده.
وقال في (البسيط) : إنما كانا من واد واحد لحصول الشبه بينهما من خمسة أوجه :
١ ـ اشتراكهما في زيادة حرف العلّة فيهما ثالثا.
٢ ـ وفي انكسار ما بعد حرف العلة فيهما. فيما جاوز الثلاثيّ.
٣ ـ وفي لزوم كلّ واحد منهما حركة معينة.
__________________
(١) انظر همع الهوامع (٢ / ١٩١).
(٢) انظر المقتضب (٢ / ٢١٤).
٤ ـ وفي تغيير بنية الكلمة.
٥ ـ والخامس : أنّ الجمع تكثير ، والتصغير تقليل ، ومن مذهبهم حمل الشيء على نقيضه كما يحمل على نظيره.
وقال ابن القوّاس في (شرح ألفية ابن معط) : التصغير يشبه التكسير ، ولذلك قال سيبويه (١) : هما من واد واحد : من وجوه الفرعية والتغيّر ، واختراع البناء ، ووقوع العلامة ثالثة ، ورد اللام المحذوفة في الثلاثي ، وحذف الزائد الذي ليس على رابع ، وحذف الأصل ، وفتح ما قبل العلامة ، وحذف ألفات الوصل ، واعتلال اللام لحرف اللين قبلها.
قال ابن الصائغ في (تذكرته) : وبقي حادي عشر كسر ما بعد العلامة. قال : وهو عندي أولى بالعدّ.
فائدة ـ ضم أول المصغر : قال في (البسيط) : إنما ضمّ أول المصغّر لأنه لمّا كان يتضمن المكبّر. ومسبوقا به ، جرى مجرى فعل ما لم يسمّ فاعله ، في تضمن معنى الفاعل ، وكونه مسبوقا بما سمّي فاعله ، فضمّ أوّله كما ضمّ أوّله.
قاعدة : لا تجمع المصغرات جمع تكسير
قال في (البسيط) : جميع المصغّرات لا تجمع جمع تكسير بل جمع سلامة ، لأنها لو كسّرت لوقعت ألف التكسير في موضع ياء التصغير ، فيفضي إلى زوالها فيزول التصغير بزوالها ، ولأن التصغير يدلّ على التقليل ، فناسب ألا يجمع إلا ما يوافقه في التقليل وهو الصحيح.
فائدة ـ التصغير بالألف : قال في (البسيط) : صغرت العرب كلمتين بالألف قالوا في دابّة : دوابّة ، وفي هدهد : هداهد.
فائدة ـ تصغير ثمانية : ثمانية إذا صغّرت فيها وجهان :
أحدهما : أن تحذف الألف ، وتبقى الياء. فتقول ثمينية.
والثاني : أن تحذف الياء ، وتبقى الألف ، فتقول ثمينة. فتقلب الألف ياء كما انقلبت في غزال ، وتدغم ياء التصغير فيها. فترجيح الألف بالتقديم ، وترجيح الياء بالحركة وحذف الألف وإبقاء الياء أحسن لتحرّك الياء ، والألف حرف ساكن ميت لا يقبل الحركة والياء أيضا للإلحاق بعذافر ، فكانت أقوى عند سيبويه (٢).
__________________
(١) انظر الكتاب (٣ / ٤٥٩).
(٢) انظر الكتاب (٣ / ٤٨٣).
فائدة ـ تصغير أفعال التعجب : قال ابن السراج في (الأصول) : فإن قيل : ما بال أفعال التعجّب تصغّر نحو : ما أميلحه! وما أحيسنه! والفعل لا يصغّر؟ فالجواب : أن هذه الأفعال لمّا لزمت موضعا واحدا ، ولم تتصرف ، ضارعت الأسماء التي لا تزول إلى يفعل وغيره من الأمثلة.
فصغّرت كما تصغّر. قال : ونظير ذلك دخول ألفات الوصل في الأسماء نحو : ابن ، واسم ، وامرئ ، ونحوهما لمّا دخلها النقص الذي لا يوجد إلا في الأفعال ، والأفعال مخصوصة به ، دخلت عليها ألفات الوصل لهذا السبب ، فأسكنت أوائلها للنقص.
وقال الزمخشريّ في (الأحاجي) (١) : فإن قلت : كيف عاق معنى الفعل أو شبهه عن التصغير ، والفعل نفسه قد صغّر في قولك : ما أميلح زيدا؟ قلت هو شيء عجيب ، لم يأت إلا في باب التعجب وحده ، وسبيله على شذوذه سبيل المجاز. وذلك أنهم نقلوا التصغير من المتعجّب منه إلى الفعل الملابس له ، كما ينقلون إسناد الصوم من الرجل إلى النهار في نهارك صائم. فكما أن الصوم ليس للنهار كذلك التصغير ليس للفعل.
باب النسب
قاعدة : إلى ما آخره ياء مشددة
كلّ ما آخره ياء مشدّدة فإنها عند النسب لا تبقى ، بل إما أن تحذف بالكلية ، ككرسيّ ، وبختيّ ، وشافعيّ ، ومرميّ ، أو يحذف أحد حرفيها ويقلب الثاني واوا كرميّة ، وتحية ، فيقال : رمويّ ، وتحويّ ، أو يبقى أحدهما ، ويقلب الآخر كحي وحيويّ. ويستثنى من ذلك كساء إذا صغّرته ، ثم نسبت إليه ، فإن ياءه المشددة تبقى بحالها مع ياء النسب.
وذلك أن تصغيره كسيّ ، لأنّه يجتمع فيه ثلاث ياءات : ياء التصغير والياء المنقلبة عن الألف والياء المنقلبة التي هي لام الكلمة ، فتحذف الياء المنقلبة عن الألف ، وتدغم ياء التصغير في الياء الأخيرة ، فتبقى كسيّ كأخيّ ، ثم تدخل ياء النسب ، فيقال : كسي ، ولا يجوز أن تحذف إحدى الياءين الباقيتين ، لأنك إن حذفت ياء التصغير لم يجز ، لأنها لمعنى ، والمعنى باق. وإن حذفت الياء الأخيرة لم يجز ، لما فيه من توالي إعلالين من موضع واحد ، إذ قد تقدم من حذف الياء التي كانت منقلبة عن ألف كساء ، مع ما فيه من تحريك ياء التصغير ، فلهذا التزم فيه التثقيل.
__________________
(١) انظر أحاجي الزمخشري (ص ٥٧).
تقسيم : شواذ النسب
شواذّ النسب ثلاثة أقسام :
١ ـ قسم كان ينبغي أن يغيّر ، فلم يغيّر ، كقولهم في عميرة عميريّ.
٢ ـ وقسم كان ينبغي ألّا يغيّر فغيّر ، كقولهم في الشتاء شتوي.
٣ ـ وقسم كان ينبغي أن يغيّر نوعا من التغيير ، فغيّر تغييرا غيره. كقولهم (١) في دارابجر ، دار وردي. وكان القياس أن ينسب إلى صدره ، لأنه مركّب.
قاعدة : ياء النسب تجعل الجامد في حكم المشتق
ياء النسب تصيّر الجامد في حكم المشتقّ ، حتى يحمل الضمير ، ويرفع الظاهر ، ولذلك يجمع بسبب النسب ما لا يجوز جمعه بالواو والنون. نحو : البصريين والكوفيين. ذكره ابن فلاح في (المغني).
باب التقاء الساكنين
قاعدة
الأصل تحريك الساكن المتأخر ، لأن الثّقل ينتهي عنده ، كما كان في تكسير الخماسيّ وتصغيره ، فإنّ الحذف يكون في الحرف الأخير ، لأن الكلمة لا تزال سهلة حتى تنتهي إلى الآخر ، وكذلك الجمع بين الساكنين ، ولذلك لا يكون التغيير في الأول إلا لوجه يرجّحه.
وقيل : الأصل تحريك الساكن الأوّل ، لأنّ به التوصّل إلى النطق بالثاني. فهو كهمزة الوصل.
وقيل : الأصل تحريك ما هو طرف الكلمة ، سواء كان أول الساكنين أو ثانيهما ، لأن الأواخر مواضع التغيير ، ولذلك كان الإعراب في الآخر.
قاعدة : الأصل فيما حرك منهما الكسرة
الأصل فيما حرّك منهما الكسرة ، لأنها حركة لا توهم الإعراب ، إذ الكسر الذي يكون في أحد الساكنين لا يتخيّل أنّ موجبه الإعراب ، لأنه لا يكون في كلمة ، لا يكون فيها تنوين ، ولا أل ، ولا إضافة ، بخلاف الضم والفتح ، فإنهما يكونان إعرابا ، ولا تنوين معهما ، وذلك فيما لا ينصرف ، فلما كانت حركة لا تكون في معرب أشبهت الوقف الذي هو مقابل الإعراب فحرّك بها.
__________________
(١) انظر همع الهوامع (٢ / ١٩٨).
قال صاحب (البسيط) : هذا موافق قول النحويين : فإن حرّك بغير الكسر فلوجه ما.
قال ويحتمل أن يقال : الفتح أصل ، لأنه الفرار من الثقل ، والفتح أخف الحركات. أو يقال : الأصل التحريك بحركة في الجملة من غير تعيين حركة خاصة وتعيين الحركة يكون لوجه يخصّها.
وقال في (البسيط) : أصل تحريك التقاء الساكنين الكسر لخمسة أوجه :
أحدها : أن أكثر ما يكون التقاء الساكنين في الفعل ، فأعطي حركة لا تكون له إعرابا ولا بناء ، لكون ذلك كالعوض من دخولها إياه في حال إعرابه وبنائه وحمل غيره عليه.
والثاني : أن الضمّ والفتح يكونان بغير تنوين ، ولا معاقب له فيما لا ينصرف ، فالتحريك بهما يلبس بما لا ينصرف. وأما الجرّ فلا يكون إلا بتنوين أو معاقب له ، فلا يقع لبس بالتحريك به ، والتحريك بغير الملبس أولى بالأصالة من التحريك بالملبس.
الثالث : أنّ الجرّ والجزم نظيران ، لاختصاص كلّ واحد منهما بنوع. فإذا احتيج إلى تحريك سكون الفعل حرّك بحركة نظيره ، وحمل بقية السواكن عليه.
الرابع : أن الكسرة أقل من الضمة والفتحة ، لأنهما تكونان في الأسماء المنصرفة وغير المنصرفة ، وفي الأفعال ، ولا تكون الكسرة إلا في الأسماء المنصرفة ، فالحمل على الأقل أولى من الحمل على ما كثر موارده ، لقوة قليل الموارد ، وضعف كثير الموارد.
الخامس : أن الكسرة بين الضمة والفتحة في الثقل ، فالحمل على الوسط أولى.
باب الإمالة
ضابط
قال ابن السراج : أسباب الإمالة ستة : كسرة تكون قبل الألف ، أو بعدها ، وياء قبلها ، وانقلاب الألف عن الياء ، وتشبيه الألف بالألف المنقلبة عن الياء ، وكسرة تعرض في بعض الأحوال (١).
وزاد سيبويه أيضا ثلاثة أسباب شاذّة وهي : شبه الألف بالألف المنقلبة (٢) ، وفرق بين الاسم (٣) والحرف ، وكثرة الاستعمال (٤).
__________________
(١) انظر شرح المفصّل (٩ / ٥٥).
(٢) انظر الكتاب (٤ / ٢٤٠).
(٣) انظر الكتاب (٤ / ٣٤٨).
(٤) انظر الكتاب (٤ / ٣٤٤).
باب التصريف
فائدة ـ أشياء اختص بها المعتل : قال (١) ابن الشجري في (أماليه) : اختصّ المعتلّ بأشياء :
أحدها : ما جاء على فيعل ، لا يكون ذلك إلا في المعتلّ العين ، نحو : سيّد ، وميت وهين ، ولين ، وبيّن.
الثاني : ما جاء من جمع فاعل على فعلة ، لم يأت إلّا في المعتلّ اللام ، كقاض وقضاة ، وغاز وغزاة ، وداع ودعاة.
الثالث : ما جاء من المصادر على فعلولة ، اختصّ بذلك المعتلّ العين ، نحو قولهم : بان بينونة ، وصار صيرورة ، وكان كينونة. والأصل عند سيبويه (٢) بيّنونة وصيّرورة ، وكيونونة ثم كيّنونة ، قلبت الواو ياء ، وأدغمت فيها الياء لاجتماع الياء والواو وسبق الأولى بالسكون.
والرابع : ما جاء من المصادر على فعل ، فهذا مما اختصّ به المعتلّ اللام. وذلك قولهم التقى والهدى والسرى.
قاعدة : الألف أصل في الحروف وما شابهها : قال ابن الدهان في (الغرّة) : الألف لا تكون أصلا في الأسماء المعربة ، ولا في الأفعال ، وإنما تكون أصلا في الحروف ، نحو : ما ولا ، وفي الأسماء المتوغّلة في شبه الحرف ، نحو : إذا وأنّى ، لأنه لا يعرف للحروف اشتقاق يعرف به زائد من أصليّ.
ضابط : أنواع الألفات في أواخر الأسماء
في (تذكرة ابن الصائغ) قال : نقلت من مجموع بخطّ ابن الرمّاح : الألفات في أواخر الأسماء أربعة : منقلبة عن أصل ، ومنقلبة عن زائد ملحق بالأصل ، ومنقلبة عن زائد للتكثير ، وغير منقلب وهي ألف التأنيث كملهى ، ومعزى وقبعثرى ، وحبلى.
فالأول : مصروف نكرة ومعرفة ، والثاني والثالث : مصروف في النكرة دون المعرفة ، والرابع : لا ينصرف فيهما.
ضابط : الزوائد في آخر الاسم
قال أبو حيّان : لا يوجد في آخر اسم أربع زوائد من جنس واحد ، ولا يوجد في آخر اسم معرب واو قبلها ضمة ، ومتى أدى الإعلال إلى شيء من ذلك وجب قلب
__________________
(١) انظر الأمالي الشجرية (٢ / ١٦٣).
(٢) انظر الكتاب (٤ / ٥٠٨).
الواو ياء ، والضمة كسرة ، فتصير من باب قاض ومشتر فتحذف الياء كما تحذف فيهما.
(فائدة) قال الشيخ جمال الدين بن هشام في (تذكرته) : وقفت على أبيات لبعض الفضلاء ، فيما يدلّ على كون اللام ياء أو واوا في المعتلّ من الأفعال والأسماء ، وهي : [الطويل]
بعشر يبين القلب في الألف التي |
|
عن الواو تبدو في الأخير أو الياء |
|
||
بمستقبل الفعل الثلاثي ، وأمره |
|
ومصدره والفعلتين أو الفاء |
وعين له إن كانت الواو فيهما |
|
وتثنية والجمع خصّا بالاسماء |
وعاشرها سير الإمالة في الذي |
|
يشذ عن الأذهان عنصره النائي |
أمثلة ذلك : يدعو ، ادع ، غزوا ، دعوة ، دعوة ، وعى ، وهى ، هوى ، غوى ، فتيان ، عصوان.
فائدة ـ الثلاثي أكثر الأبنية : قاله ابن دريد في (الجمهرة) (١) : وقال ابن جنّي في (الخصائص) (٢) : الثلاثيّ أكثرها استعمالا. وأعدلها تركيبا. وذلك لأنه حرف يبتدأ به ، وحرف يحشى به ، وحرف يوقف عليه. قال : وليس اعتدال الثلاثي لقلة حروفه حسب ، فإنه لو كان كذلك كان الثنائي أكثر منه ، وليس كذلك. بل له ولشيء آخر ، وهو حجز الحشو الذي هو عينه ، بين فائه ولامه لتباينهما ، ولتعادي حاليهما ، لأن المبتدأ به لا يكون إلا متحرّكا ، والوقوف عليه لا يكون إلا ساكنا. فلما تنافرت حالاهما ، وسّطوا العين حاجزا بينهما ، لئلا يفجئوا الحسّ بضدّ ما كان آخذا فيه ، ومنصبّا إليه.
قاعدة : كيف ينطق بالحرف
قال في (البسيط) : إذا قيل كيف تنطق بالحرف نظرت إن كان متحركا ألحقته هاء السكت فقلت في الباء من ضرب ، به. ومن يضرب ، به. ومن اضربي به. وإن كان ساكنا اجتلبت له همزة الوصل ، فقلت في الباء من اضرب ، اب.
ضابط : ما جاء على تفعال
رأيت بخطّ ابن القمّاح في مجموع له : قال : روى أبو الفضل محمد بن ناصر
__________________
(١) انظر الجمهرة (١ / ١٣).
(٢) انظر الخصائص (١ / ٥٥).
السلامي عن الخطيب أبي زكريا يحيى بن علي التبريزيّ إملاء. قال : أملى علينا أبو العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان المعرّي قال
الأشياء التي جاءت على تفعال على ضربين : مصادر وأسماء. فأما المصادر فالتلقاء والتبيان (١) ، وهما في القرآن. وقالوا : التنضال من الماضلة ، فمنهم من يجعله مصدرا. ويقال : جاء لتيفاق الهلال كما يقال لميقاته ، فمنهم من يجعله مصدرا ، ومنهم من يجعله اسما.
وأما الأسماء (٢) : فالتّنبال وهو القصير ، ورجل تنبال أي عذيوط ، ويقال بالضاد أيضا ، وتبوال موضع ، وتعشار موضع ، وتقصار قلادة قصيرة في العنق ، وتيغار حبّ مقطوع أي خابية ، وتمراد برج صغير للحمام ، وتمساح معروف من دوابّ الماء ، ورجل تمساح أي كذّاب ، وتمتان واحد التماتين وهي خيوط يضرب بها الفسطاط ، ورجل تكلام كثير الكلام ، وتلقام كثير اللقم ، وتلعاب كثير اللعب ، وتمثال ، واحد التماثيل وتجفاف الفرس معروف ، وترباع موضع ، وترعام اسم شاعر ، وترياق في معنى درياق وطرياق ، ذكره ابن دريد (٣) في باب تفعال.
قال أبو العلاء : وفيه نظر ، لأنه يجوز أن يكون على فعيال ، ومضى تهواء من الليل بمعنى هويّ ، وناقة تضراب ، وهي القريبة العهد بضرب الفحل ، وتلفاق ثوبان يخاط أحدهما بالآخر.
باب الزيادة
ضابط : الأشياء التي تزاد لها الحروف
قال أبو حيان : لا يزاد حرف من حروف الزيادة العشرة ـ وهي حروف سألتمونيها ـ إلا لأحد ستة أشياء :
الأول : أن تكون الزيادة لمعنى : كحروف المضارعة ، وما زيد لمعنى هو أقوى الزوائد.
الثاني : للمدّ ، نحو : كتاب ، وعجوز ، وقضيب.
الثالث : للإلحاق ، نحو : واو كوثر وياء ضيغم.
الرابع : للإمكان ، كهمزة الوصل ، وهاء السكت في الوقف ، على نحو : قه.
__________________
(١) انظر الكتاب (٤ / ١٩٨).
(٢) انظر الشافية (١ / ١٦٧).
(٣) انظر الجمهرة (٣ / ٣٨٧).
الخامس : العوض ، نحو : تاء التأنيث في زنادقة ، فإنها عوض من ياء زناديق ، ولذلك لا يجتمعان.
السادس : لتكثير الكلمة ، نحو : ألف قبعثرى ، ونون كنهبل ، ومتى كانت الزيادة لغير التكثير كانت أولى من أن تكون للتكثير. وقال بعضهم : [الخفيف]
يعرف الأصل من مزيد الحروف |
|
باشتقاق لها وبالتصريف |
ولزوم وكثرة ونظير |
|
وخروج منه ، اصغ للتعريف |
وبأن يلزم المزيد بناء |
|
أو يري الحرف حرف معنى لطيف |
ولفقد النظير أوسع باب |
|
فتفطّن مخافة التحريف |
فائدة ـ همزة الوصل التي لحقت فعل الأمر : قال أبو حيّان في (شرح التسهيل) : اختلفوا في همزة الوصل التي لحقت فعل الأمر. فقيل : زيدت أولا لأنها لائقة للتغيير بالقلب والحذف والتسهيل ، وموضع الابتداء معرّض لذلك ، فكانت هنا مبتدأة.
وقيل : أصلها الألف لأنها من حروف الزيادة. وهذا موضع زيادة ، لكن قلبت همزة لضرورة التحرك. إذ لا يبتدأ بساكن ، ويلزم التسلسل. واختلفوا في حركتها : فقيل : أصلها الكسر لأنه في مقابلة ألف القطع ، وهي مفتوحة. وقيل حركتها في الأصل الكسر على أصل التقاء الساكنين ، وهذا الأصل يستصحبها إلا إن كان الساكن بعدها ضمة لازمة.
(فائدة) قال ياقوت في (معجم الأدباء) : أنشدني علم الدين إبراهيم بن محمود بن سالم التكريتي. قال أنشدني القاضي زكريا بن يحيى بن القاسم بن المفرح التكريتي لنفسه في القطع والوصل : [الرجز]
لألف الأمر ضروب تنحصر |
|
في الفتح والضمّ وأخرى تنكسر |
فالفتح فيما كان من رباعي |
|
نحو أجب يا زيد صوت الدّاعي |
والضمّ فيما ضمّ بعد الثاني |
|
من فعله المستقبل الزّمان |
والكسر فيما منهما تخلّى |
|
إن زاد عن أربعة ، أو قلّا |
قاعدة : حق همزة الوصل
حقّ همزة الوصل الدخول على الأفعال ، وعلى الأسماء الجارية على تلك الأفعال. نحو : انطلق انطلاقا ، واقتدر اقتدارا ، فأما الأسماء التي ليست بجارية على أفعالها ، فألف الوصل غير داخلة عليها. إنما دخلت على أسماء قليلة وهي عشرة :
ابن ، وابنة ، وابنم ، واسم ، واست ، واثنان ، واثنتان ، وامرؤ ، وامرأة ، وايمن. وذكر ذلك ابن يعيش في (شرح المفصّل) (١).
باب الحذف
قاعدة : ما اجتمع فيه ثلاث ياءات من الأسماء
كل اسم اجتمع فيه ثلاث ياءات ، فإن كان غير مبنيّ على فعل حذفت منه اللام ، نحو : عطيّ في تصغير عطاء ، وأحي في تصغير أحوى. وإن كان مبنيا على فعل ثبتت ، نحو : يحيى من حيي يحيا (٢).
باب الإدغام
قاعدة
قال ابن جنّي في (الخاطريّات) : الإدغام يقوّي المعتلّ ، وهو أيضا بعينه يضعف الصحيح.
ضابط : أحسن ما يكون الإدغام من كلمتين
قال (٣) سيبويه : أحسن ما يكون الإدغام من كلمتين إذا توالى بهما خمسة أحرف متحركة ، نحو : فعل لبيد ، لأن توالي الحركات مستثقل عندهم ، بدليل أنه لا يتوالى خمسة أحرف متحركة في الشعر ، ولا أربعة في كلمة واحدة ، إلا أن يكون فيها حذف ، كعلبط ، أو واحد الأربعة تاء التأنيث. كشجرة ، لأن تاء التأنيث عندهم في الحكم ككلمة ثانية. ويحسّن الإدغام أيضا أن يكون قبل المثل الأول متحرّك ، وبعد المثل الثاني ساكن ، نحو : يد داود. قال سيبويه (٤) : قصدوا اعتدال أن يكون المتحرك بين ساكنين.
باب الخطّ
قال ابن مكتوم في (تذكرته) : اختلف النحويون في علة إلحاق الألف بعد واو الجمع من نحو : قاموا ، فذهب الخليل إلى أنها إنما ألحقت بعد هذه الواو من حيث
__________________
(١) انظر شرح المفصّل (٩ / ١٣٢).
(٢) انظر صحاح الجوهري (حيي).
(٣ ـ ٤) انظر الكتاب (٤ / ٥٧٦).
(٣ ـ ٤) انظر الكتاب (٤ / ٥٧٦).