الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]
المحقق: عبد الحسين محمد علي البقال
الموضوع : أصول الفقه
الناشر: دار الأضواء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٢٧٧
كلمة الناشر
هذا السفر الثمين الذي وضعه العلامة الحلي قدس الله روحه هو المنهل الذي يروي طلاب العلوم الدينية ، وخاصة بعدما حققه وعلَّق عليه الأستاذ الجليل الشيخ عبدالحسين محمد علي البقال ، فإن نسخه تكاد تكون نادرة. لذلك فضَّلنا إعادة طبعه لتعم فائدة.
وهذه النسخة قد صوَّرناها عن نسخة مطبوعة في مطبعة الادب في النجف الاشرف سنة ١٣٩٠ هجرية و ١٩٧٠ ميلادية ، ونحن نشير إلى كلمة الحجة الشيخ مرتضى آل يس قدس الله روحه الطاهرة بحق هذا الكتاب النفيس ، سائلين الله تعالى أن يسدَّد خطانا ويوفقنا لنشر تراثنا الإسلاميِّ المبنيِّ على تراث أهل البيت النبوَّة صلوات الله وسلامه عليه.
الناشر
١٠ جمادي الأول ١٤٠٦ هـ
٢٠ كانون الثاني ١٩٨٦ م
مبادئ الوصول
١ ـ في : أولياته
٢ ـ في : علم الأصول
٣ ـ في : فهارسه العامة اخراج
رجال على الطريق
لا يسعنى
لا يسعنى!! وانا اقدم هذا التراث إلى القراء الكرام ، الا وان انوه بمساعي السادة الافاضل التالية جهودهم :
١ ـ مولانا الحجة ، الشيخ مرتضى آل ياسين ، لملاحظته الكتاب ، وتفضله بقول كلمته فيه.
٢ ـ مولانا الفاضل الشيخ كاظم شمشاد ، استاذ اصول الفقه في كلية الفقه ، لمراجعته الكتاب.
٣ ـ الاخ الفاضل الشيخ عبد الهادي الفضلي ، استاذ اللغة العربية في كلية الفقه ، لمراجعته الكتاب ونقده.
٤ ـ الاخ الفاضل السيد احمد محمد علي الموسوي ، لمراجعته الكتاب ونقده ، في التحقيق والتعليق والاخراج.
٥ ـ أسرة : مكتبة السيد الحكيم العامة ، ومكتبة أمير المؤمنين ـ ع ـ العامة ، ومكتبة الحسينية الشوشترية ، لتيسيرهم الاستفادة من النسخ الخطية والمصورة ، الواردة في متن وهوامش الكتاب.
٦ ـ وأخيرا إلى ذلك الذي كان الكتاب كتابه ، والمجهود مجهوده ، في تبنيه ورعايته ونشره ، أخي الشيخ عباس محمد علي البقال.
فإليهم جميعا شكرى وتقديري
موجز حياته
تسميته ونسبته
هو : «جمال الدين ، أبو منصور ، الحسن بن سديد الدين يوسف ، ابن زين الدين علي ، بن المطهر الحلي ...» (١)
ولادته
قال سديد الدين : «ولد ولدي المبارك ، أبو منصور ، الحسن بن يوسف بن المطهر ، ليلة الجمعة ، في الثلث الاخير من الليل ، ٢٧ رمضان من سنة ٦٤٨ ه» (٢).
عصره
المناسب!! أن يكنى العصر الذي ولد فيه المترجم له ، بعصر ما بعد الزحف المغولي ، الذي أخذت فيه الحياة الطبيعة ، تعود إلى مجاريها من حياة الامة من جديد ، بعد الشقاء الذي عانت منه الامرين.
نعم ، عقب إنحسار المد التتري ، الذي اجتاح العالم الانساني القائم آنذاك ، والعالم الاسلامي منه على وجه الخصوص.
__________________
١ ـ مستدرك الوسائل : ٣ / ٤٥٩ ـ ٤٦٠.
٢ ـ رياض العلماء : ق ٢ ص ٩٠ «بتصرف».
ذلك المد!! الذي كان لوالده سديد الدين ورفاقه في المسؤولية ، الدور الكبير في إيقافه عند حده ، بفضل الحنكة الرعائية والزعامة الاجتماعية والمكانة الاسرية التي كان يتمتع بها.
الامر الذي كانت نتيجة حفظ القطر العراقي عامة ، والعاصمة بغداد بصورة خاصة ، وعلى الاخص مدينته الحلة الفيحاء ، من الهتك والسلب والنهب ، والدماء والدمار (١).
من كبار مشايخه
وفق الحسن بن المطهر ، لان يحضى بشرف الدراسة ، على عهدة ثلة من الاساتذة المعروفين بتقاهم ، المبرزين في علومهم ، المرموقين بأدبهم الذين هم على سبيل المثال :
١ ـ والده الشيخ سديد الدين يوسف ، الذي كانت عليه عماد تربيته ، وأساسيات دراساته في العلوم العربية والشرعية.
٢ ـ خاله المحقق الحلي ، الذي طال اختلافه عليه في تحصيل المعارف والمعالى ، وتردده لديه في تعلم أفانين الشرع والادب. وكان تلمذه عليه في الظاهر ، اكثر منه على غيره من الاساتيد الكبراء الماجدين.
٣ ـ الشيخ نجيب الدين يحيى ، ابن عم والدته ، صاحب الجامع.
٤ ـ السيدان الجليلان ، جمال الدين احمد ورضي الدين علي ، ابنا طاووس.
__________________
١ ـ لزيادة الاطلاع : يراجع المستدرك : ٣ / ٤٣٩ ـ ٤٦١ ، وكشف اليقين : ص ١٨ ، وعمدة الطالب : ص ١٩٠ ، وغيرها من المصادر ، التي تصدت للحديث عن تلك الفترة ، ودونت مختلف أحداثها.
٥ ـ الشيخ ميثم بن علي بن ميثم البحراني.
٦ ـ الشيخ الخواجه نصير الملة والدين الطوسي.
٧ ـ الشيخ النبيل المولى نجم الدين ، علي بن عمر الكاتبي القزويني ، الشافعي.
٨ ـ الشيخ برهان الدين النسفي ، المصنف في الجدل.
٩ ـ الشيخ جمال الدين الحسين بن أبان النحوي ، المصنف في الادب.
١٠ ـ الشيخ المفسر عز الدين احمد بن عبد الله الفاروقي الواسطي.
١١ ـ الشيخ تقي الدين عبد الله بن جعفر بن علي الصباغ الحنفي.
١٢ ـ الشيخ شمس الدين محمد بن محمد بن احمد الكشي ، المتكلم الفقيه (١).
من افاضل تلامذته
فاز العلامة مما فاز به ، بنخبة من المشتغلين على يديه ، كانوا في قابل سنيهم وعلى مر الزمن ، الذخيرة الحية التي خلفها لخدمة امته وشعبه ، والذين منهم على سبيل الاختصار :
١ ـ ولده فخر المحققين ، الذي ألف لاجله الكثير من الكتب ، كما وله من والده وصية خاصة ، ختم بها كتاب قواعده ، تشتمل على محاسن الاخلاق ومعالى الامور. يروي عن أبيه ويروي عنه جمع ، أظهرهم الشيخ الشهيد الاول ، والشيخ ابن المتوج البحراني ، والشيخ ظهير الدين النيلي والشيخ نظام الدين النيلي ، والسيد بهاء الدين النيلي ، ومجد الدين الفيروز آبادي صاحب القاموس ، وغيرهم ...
__________________
١ ـ ذكرت هذه الاسماء ، كمشايخ للعلامة ، بعضا أو كلا ، في مجموعة من المصادر ، منها : أمل الآمل ٢ / ٣٥٠ ، وروضات الجنات ٢ / ١٧٥ والبحار ١ / ٢١١ و ٢٥ / ٢٢.
٢ ـ الشيخ تقي الدين ، ابراهيم بن محمد بن محمد البصري ، وهو الذي التمس استاذه العلامة ، فكتب له مبادئ الوصول إلى علم الاصول.
٣ ـ الشيخ علي بن الحسن الامامي ، الذي شرح من مصنفات استاذه ، مبادئ الوصول إلى علم الاصول ، وسماه خلاصة الاصول ، وفرغ من الشرح في سنة ٧٠٦ ه ، وتوجد منه نسخة بخط الشيخ حيدر ابن ابراهيم الطبري ، تاريخ نسخها سنة ٧٣٢ ه في الخزانة الرضوية.
٤ ـ الشيخ محمد بن علي بن محمد الجرجاني الغروي ، الذي شرح من مصنفات استاذه ، مبادئ الوصول إلى علم الاصول ، وسماه غاية البادي في شرح المبادي (١).
اقوال الرعيل في حقه
قالوا : «شيخ الطائفة ، وعلامة وقته ، صاحب التحقيق والتدقيق كثير التصانيف ، إنتهت رياسة الامامية إليه في المعقول والمنقول» (٢).
«وكفاه فخرا على من سبقه ولحقه ، مقامه المحمود في اليوم المشهود الذي ناظر فيه علماء المخالفين فأفحمهم ، وصار سببا لتشيع السلطان محمد ، الملقب شاه خدابنده» (٣).
__________________
١ ـ ذكر هذه الاسماء مستفاد باختصار ، من موضوع «مدرسته العلمية وثمارها الجنية» ، الوارد في مقدمة كتاب «الالفين» ص ٢٤ ـ ٣٤ طبع ونشر المطعبة الحيدرية ، بقلم العلامة السيد محمد مهدي السيد حسن الموسوي الخرسان.
٢ ـ رجال ابن داود : عمود ١١٩ ـ ١٢٠.
٣ ـ الكنى والالقاب : ٢ / ٤٢٢ ، والمناظرة مذكورة كاملة في مستدرك الوسائل : ٣ / ٤٤٠ ـ ٤٦٢.
وقال الافندي : «له حقوق عظيمة على زمرة الامامية ، لسانا وبيانا ، وتدريسا وتأليفا ، وقد كان جامعا لانواع العلوم ، مصنفا في أقسامها ، حكيما متكلما ففقيها محدثا أصوليا ، أديبا شاعرا ماهرا ، وأفاد وأجاد ، على كثير من فضلاء دهره ، من الخاصة بل من العامة أيضا ، كما يظهر من إجازات علماء الفريقين.
كان من أزهد الناس وأتقاهم ، ومن زهده ما حكاه السيد حسين المجتهد ، في رسالة النفحات القدسية عنه ، أنه قدس سره أوصى بجميع صلاته وصيامه مدة عمره ، وبالحج عنه مع أنه كان قد حج» (١).
كما وروي : «أنه لما حج ، اجتمع بابن تيمية في المسجد الحرام فتذاكرا ، فاعجب ابن تيمية بكلامه ، فقال له : من تكون يا هذا؟ قال الذي تسميه ابن المنجس ، يريد بذلك التعريض بابن تيمية ، حيث سماه في منهاج السنة بابن المنجس ، فحصل بينهما انس ومباسطة» (٢).
وقال الصفدي : «كان ريض الاخلاق حليما ، قايما بالعلوم حكيما طار ذكره في الاقطار ، واقتحم الناس إليه المخاوف والاخطار ، وتخرج به أقوام ، وتقدم في آخر أيام خدابندا تقدما زاد حده ، وفاض على الفرات مده» (٣).
كما وقال أبو محمد الحسن الصدر : «لم يتفق في الدنيا مثله ، لافي المتقدمين ولا في المتأخرين ، وخرج من عالي مجلس تدريسه خمسماية مجتهد» (٤).
__________________
١ ـ رياض العلماء : م ٢ ص ٩٠ «باختصار».
٢ ـ الدرر الكامنة : ٢ / ٧٢ ، وورود في الهامش : هكذا وجد بخط السخاوي عن شيخه.
٣ ـ أعيان العصر : الفيلم ١٨٠٩.
٤ ـ تأسيس الشيعة : ص ٢٧٠.
نهاية المطاف
نعم ، كانت نهاية مطاف حياته رحمهالله ، أن انتقل إلى جوار ربه ليلة السبت ، حادى عشر المحرم ، سنة ست وعشرين وسبعمائة هجرية.
ودفن : بالمشهد المقدس الغروي ، على ساكنه من الصلوات أفضلها ومن التحيات أكملها» (١).
__________________
١ ـ نقد الرجال : ص ٩٩ ـ ١٠٠.
العلامة المرجع
كلام في الشخصية
الشخصية : درجة من النضوج ، تكسب صاحبها بفعل الخبرة الطويلة صلاحية النطق بإسمها أو اكثر الجهات من جوانبها ، حين تغدو خاصة لازمة له تشده إلى مقوماتها وشرائطها.
من مصاديق الشخصية
ثم هي بعد ذلك : مفهوم سلوكي له ميادينه المتشعبة الاطراف ، كما وهي تتسع لمصاديق تتكثر تكثر المذاهب والمعارف والفنون ، التي تتوزع دنيا الناس.
فمثلا : هذه شخصية سياسية ، وتلك عسكرية ، وثالثة ثقافية ، ورابعة تربوية ، وخامسة اقتصادية ، وهكذا ...
الشخصية المرجعية ومقوماتها
إلا أن من مصاديقها أيضا نوعا آخر ، قد عرفته الحياة الاسلامية تلك هي «المرجعية».
وهي فيما يبدو محصلة نشاطات ثلاثة.
الاولى : المقومات التقوية في مقامي الرعاية والسلوك.
الثانية : المقومات الاجتهادية في مقامي الاصول والفقه.
الثالثة : المقومات القيادية في مقامي الادارة والتوجية.
المرجعية حاجة مصيرية
هذا اللون من الشخصية ، هو الذي يعد بحق أهم مكسب مصيري ينشده المتدينون في حياتهم المستقبلية ، من بين جوانب شخصيتهم.
هذا!! إذا لم نقل إنها تمثل الركيزة الام ، التي تندك عندها جميع الجوانب ، وتنتظم في خدمتها مختلف الطاقات والقابليات ، وتتضاءل عند وجودها جميع المكاسب والامتيازات.
وهو الوحيد الذي يصلح لان يكون المقياس الصحيح ، الذي تقوم على أساس منه شخصية العاملين في الحقل الاسلامي ، وبالخصوص مراجعهم ومنهم العلامة ، على طول المسيرة الحياتية في ماضيها وحاضرها ومستقبلها.
وما ذاك!! إلا لان المرجعية هي البديل الافضل ، بل الوحيد لحفظ مفهوم «النيابة العامة عن الامام».
لذا!! فليس من الغريب ، إذا وجدنا فقهاءنا يؤكدون بما لديهم من أدلة ، على وجوب وجودها ، في شخصية المجتهد العادل ، سواء أكان ذلك الوجوب يتحقق كفائيا أم عينيا.
المرجعية هدف اساسي
نعم ، هي هدف أساسي.
ذلك لان!! الاماميين بواقعهم ، يعون المشكلة الاساسية التي تلازم الانسانية في مسيرتها ، منذ مولدها وحتى آخر لحظة من عمرها ، تلك المشكلة التي تتجسد في حاجة البشرية إلى النظام الاصلح ، وإلى من يصلح لقيادتها.
صحيح أن الاداب ، من قصص وخطب ومقالات وقصائد وملاحم هي أوليات لا يمكن التفريط بها.