الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-5503-34-5
الصفحات: ٤٠٦
أكله ، وليس بنجس إنّ مات فيما تولد فيه إجماعاً ، وإذا خرج فكذلك عندنا.
وللشافعي قولان ، وكذا في أكله عنده قولان : أظهرهما : التحريم مع الانفراد (١).
الخامس : لو وقع الذباب وشبهه في ماءً قليل ومات فيه ، لم ينجسه عندنا ، وللشافعي قولان (٢).
ولو تغير الماء به فكذلك عندنا ، وللشافعي ـ على تقدير عدم النجاسة بالملاقاة ـ وجهان (٣) ولو سلبه الاطلاق فمضاف طاهر.
السادس : حيوان الماء المحرم مما له نفس سائلة إذا مات في ماءً قليل نجسه عندنا ، لأنّفعال القليل بالنجاسة ، وبه قال الشافعي (٤).
وقال أبو حنيفة : لا ينجس ، لأنّه يعيش في الماء فلا ينجس بموته فيه ، كالسمك (٥). ويبطل بالفرق.
وما لا نفس له سائلة ـ كالضفدع ـ لا ينجس به الماء القليل ، وبه قال أبو حنيفة (٦) ، خلافاً للشافعي (٧).
السابع : الجنين الذي يوجد ميتاً عند ذبح الاُم ـ إذا كان تاماً ـ حلال
__________________
١ ـ الوجيز ١ : ٦ ، فتح العزيز ١ : ١٦٧ ـ ١٦٩ ، المجموع ١ : ١٣١.
٢ ـ الاُم ١ : ٥ ، المجموع ١ : ١٢٩ ، الهداية للمرغيناني ١ : ١٩ ، المبسوط للسرخسي ١ : ٥١.
٣ ـ المجموع ١ : ١٣٠.
٤ ـ الاُم ١ : ٥ ، الهداية للمرغيناني ١ : ١٩ ، المجموع ١ : ١٣١.
٥ ـ الهداية للمرغيناني ١ : ١٩.
٦ ـ الهداية للمرغيناني ١ : ١٩ ، بدائع الصنائع ١ : ٧٩.
٧ ـ الاُم ١ : ٥ ، فتح العزيز ١ : ١٦٣ ، الهداية للمرغيناني ١ : ١٩.
طاهر ، وإن لم تتم خلقته كان حراماً نجساً.
الثامن : المتكون من النجاسات ـ كدود العذرة ـ طاهر ، للعموم ، وكذا الدود المتولد من الميتة ، وفي وجه للشافعي : أنّه نجس (١).
التاسع : يكره ما مات فيه الوزغ والعقرب ، وقول ابن بابويه : إذا ماتت العضاءة في اللبن حرم (٢) ، لرواية عمار (٣) ، ضعيف ، ويحمل على الكراهة ، أو على التحريم للتضرر ، لا للنجاسة.
العاشر : لو وقع الصيد المجروح الحلال في الماء فمات ، فإن كانت حياته مستقرة فالماء نجس ، والصيد حرام ، وإن كانت حياته غير مستقرة فالضد منهما ، وإن اشتبه حكم بالأصلين فيهما على إشكال ينشأ من تضادهما ، فالاحوط التحريم فيهما.
الحادي عشر : جلد الميتة نجس بإجماع العلماء ، إلّا الزهري ، والشافعي في وجه ، فإنه طاهر عندهما (٤).
الثاني عشر : عظم الحيوان وقرنه وظفره وسنه لا تحلها الحياة فهي طاهرة ، وبه وقال أبو حنيفة (٥) ، وقال الشافعي : إنّها نجسة لنموها (٦).
الثالث عشر : الشعر والصوف والريش من الميتة طاهر ، إلّا من نجس العين على ما تقدم ، وبه قال أبو حنيفة ، والشافعي ـ في أحد القولين ـ لأنّها
__________________
١ ـ المجموع ١ : ١٣١.
٢ ـ الفقيه ١ : ١٥ ذيل الحديث ٣٢ ، والمقنع : ١١.
٣ ـ التي رواها الشيخ كاملة في التهذيب ١ : ٢٨٥ / ٨٣٢.
٤ ـ المجموع : ٢١٧.
٥ ـ المجموع ١ : ٢٣٦ ، بداية المجتهد ١ : ٧٨ ، الهداية للمرغيناني ١ : ٢١ ، شرح فتح القدير ١ : ٨٤ ، اللباب ١ : ٢٤.
٦ ـ المجموع ١ : ٢٣٦ ، بداية المجتهد ١ : ٧٨ ، شرح العناية ١ : ٨٤.
لا تحلها الحياة ، وفي الآخر : إنّها نجسة لنمائها (١).
ولو جز من حيوان ـ لا يؤكل لحمه ـ حي فطاهر عندنا ، خلافاً له (٢) ولو جز من مأكول فهو طاهر إجماعا.
ولو نتف منه حياًَ فكذلك عندنا ، وللشافعي وجهان : النجاسة لأنّه ترك طريق إباحته ، وهو الجز فصار كخنق الشاة ، والطهارة لكثرة الالم فهو كالتذكية (٣).
الرابع عشر : ما لا يؤكل لحمه إذا وقعت عليه الذكاة فذكي كان لحمه وجلده طاهرين ، عملاً بالأصل.
وقال الشافعي : نجسان ، لأنّ التذكية لم تبح اللحم ، فلا تفيده الطهارة (٤).
وقال أبو حنيفة : الجلد طاهر ، وفي اللحم روايتان (٥).
الخامس عشر : البيضة في الميتة طاهرة إنّ اكتست الجلد الفوقاني ، وإلّا فلا ، وقال الشافعي : إنّها نجسة (٦) ، ورواه الجمهور عن علي عليهالسلام (٧).
__________________
١ ـ المجموع ١ : ٢٣١ ـ ٢٣٢ و ٢٣٦ ، شرح العناية ١ : ٨٤ ، بداية المجتهد ١ : ٧٨.
٢ ـ المجموع ١ : ٢٤١ ـ ٢٤٢ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٨.
٣ ـ المجموع ١ : ٢٤١ ـ ٢٤٢.
٤ ـ المجموع ١ : ٢٤٥ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٨.
٥ ـ المجموع ١ : ٢٤٥ ، اللباب ٣ : ٢٣٠ ، شرح فتح القدير ١ : ٨٤ ، الهداية للمرغيناني ١ : ٢١.
٦ ـ المجموع ١ : ٢٤٤.
٧ ـ المجموع ١ : ٢٤٥.
والمشيمة نجسة.
السادس عشر : في لبن الشاة الميتة روايتان (١) ، أقواهما : التحريم والنجاسة ، لملاقاة النجاسة ، وللشافعي وجهان (٢).
مسألة ٢٠ : الخمر نجسة ، ذهب إليه علماؤنا أجمع إلّا ابن بابويه ، وابن أبي عقيل (٣) ، وقول عامة العلماء أيضاً إلّا داود ، وربيعة ، وأحد قولي الشافعي (٤). لقوله تعالى : ( إنّما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس ) (٥) والرجس لغة : النجس ، ولأنّ ما حرم على الاطلاق كان نجساً كالدم والبول ، ولقول الصادق عليهالسلام : « لا تصلّ في ثوب أصابه خمر أو مسكر حتى تغسله » (٦).
وقولهم عليهمالسلام : « إنّ الله حرم شربها ، ولم يحرم الصلاة فيها » (٧). لا يدل على الطهارة ، واستصحاب حال كونه عصيراً ـ كما قاله داود ـ (٨) ضعيف.
__________________
١ ـ فالدالة على الحلية ما في الكافي ٦ : ٢٥٨ / ٣ ، الفقيه ٣ : ٢١٦ / ١٠٠٦ و ٢١٩ / ١٠١١ ، التهذيب ٩ : ٧٥ / ٣٢٠ و ٧٦ / ٣٢٤ ، الاستبصار ٤ : ٨٨ / ٣٢٨ و ٨٩ / ٣٣٩ ، الخصال ٢ : ٤٣٤ / ١٩ وغيرها ، ومن الدالة على التحريم ما روي في التهذيب ٩ : ٧٧ / ٣٢٥ ، الاستبصار ٤ : ٨٩ / ٣٤٠ ، قرب الاسناد : ٦٤ ، وغيرها.
٢ ـ المجموع ١ : ٢٤٤.
٣ ـ الفقيه ١ : ١٦٠ / ٧٥٢ ، علل الشرائع : ٣٥٧ باب ٧٢ ، وحكى المحقق قول ابن ابي عقيل في المعتبر : ١١٧.
٤ ـ المجموع ٢ : ٥٦٣ ، فتح العزيز ١ : ١٥٦ ، تفسير القرطبي ٦ : ٢٨٨ ، الميزان ١ : ١٠٥ ، مغني المحتاج ١ : ٧٧.
٥ ـ المائدة : ٩٠.
٦ ـ التهذيب ١ : ٢٧٨ / ٨١٧ ، الاستبصار ١ : ١٨٩ / ٦٦٠.
٧ ـ الفقيه : ١٦٠ / ٧٥٢ ، علل الشرائع : ٣٥٧ باب ٧٢ ، قرب الاسناد : ١٦.
٨ ـ المجموع ٢ : ٥٦٣ ، الميزان ١ : ١٠٥.
فروع :
الأول : كلّ المسكرات كالخمر في التحريم والنجاسة ، لقول الكاظم عليهالسلام : « وما عاقبته عاقبة الخمر فهو خمر » (١) وقول الباقر عليهالسلام : « قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : كلّ مسكر خمر » (٢).
وقال أبو حنيفة : النبيذ طاهر ، وهو أحد قولي الشافعي (٣).
الثاني : العصير إذا غلى حرم حتى يذهب ثلثاه ، وهل ينجس بالغليان أو يقف على الشدة؟ إشكال.
الثالث : الفقاع كالخمر عندنا في التحريم والنجاسة ـ خلافاً للجمهور (٤) ـ لقول الرضا عليهالسلام : « هو خمر مجهول » (٥).
الرابع : الخمر إذا انقلبت خلاً طهر إجماعاً ، ولو لاقته نجاسة ، أو عصره مشرك لم يطهر بالأنّقلاب.
الخامس : بواطن حبات العنقود إذا استحال ما فيها خمراً كان نجساً ، وهو أحد قولي الشافعي (٦).
السادس : المسكرات الجامدة ليست نجسة وإن حرمت ، ولو تجمّد الخمر ، أو ما مازجه لم يخرج عن نجاسته ، وكذا لو سال الجامد بغير
__________________
١ ـ الكافي ٦ : ٤١٢ / ٢ ، التهذيب ٩ : ١١٢ / ٤٨٦.
٢ ـ الكافي ٦ : ٤٠٨ / ٣ ، التهذيب ٩ : ١١١ / ٤٨٢.
٣ ـ المجموع ١ : ٩٣ و ٢ : ٥٦٤ ، فتح العزيز ١ : ١٥٨ ، مغني المحتاج ١ : ٧٧ ، تفسير القرطبي ١٣ : ٥١ ، بداية المجتهد ١ : ٣٣.
٤ ـ بدائع الصنائع ٥ : ١١٧ ، المبسوط للسرخسي ٢٤ : ١٧ ، المغني ١٠ : ٣٣٧ ، رحمة الامة ٢ : ١٧٠ ، المنتقى للباجي ٣ : ١٥٠.
٥ ـ الكافي ٦ : ٤٢٢ / ١ ، التهذيب ٩ : ١٢٤ / ٥٣٩ ، الاستبصار ٤ : ٩٥ / ٣٦٨.
٦ ـ المجموع ٢ : ٥٦٤ ، مغني المحتاج ١ : ٧٧.
ممازجة لم يخرج عن طهارته.
مسألة ٢١ : الكلب والخنزير نجسان عيناً ولعاباً ، ذهب إليه علماؤنا أجمع ، وبه قال علي عليهالسلام ، وابن عباس ، وأبو هريرة ، وعروة بن الزبير ، والشافعي ، وأبو ثور ، وأبو عبيد ، وأحمد (١) ، لقول النبيّ صلىاللهعليهوآله : ( طهور إناء أحدكم إذا ولغ الكلب فيه أن يغسله سبع مرات ) (٢) ، وقول الصادق عليهالسلام عن الكلب : « رجس نجس » (٣).
وقال أبو حنيفة : الكلب طاهر ، والخنزير نجس ، لعدم وجوب غسل ما عضه الكلب من الصيد (٤) ، وهو ممنوع.
وقال الزهري ، ومالك ، وداود : الكلب والخنزير طاهران (٥).
فروع :
الأول : الحيوان المتولد منهما يحتمل نجاسته مطلقاًً ، واعتبار اسم أحدهما ، والمتولد من أحدهما وما غايرهما يتبع الاسم.
الثاني : كلّ أجزاء الكلب والخنزير وان لم تحلها الحياة نجسة ، خلافاً للمرتضى (٦).
__________________
١ ـ السراج الوهاج : ٢٢ ، المجموع ٢ : ٥٦٧ ـ ٥٦٨ ، الاشباه والنظائر للسيوطي : ٤٣١ ، مغني المحتاج ١ : ٧٨ ، المحلى ١ : ١١٢ ، الاُم ١ : ٥ ، نيل الأوطار ١ : ٤٢.
٢ ـ صحيح مسلم ١ : ٢٣٤ / ٩١ و ٩٢ ، سنن أبي داود ١ : ١٩ / ٧١ ، مسند أحمد ٢ : ٤٢٧.
٣ ـ التهذيب ١ : ٢٢٥ / ٦٤٦ ، الاستبصار ١ : ١٩ / ٤٠.
٤ ـ شرح فتح القدير ١ : ٨٢ ، الهداية للمرغيناني ١ : ٢٠ ، الكفاية ١ : ٨٢ ، شرح العناية ١ : ٨٢ ، المبسوط للسرخسي ١ : ٤٨ ، بدائع الصنائع ١ : ٦٣.
٥ ـ المجموع ٢ : ٥٦٧ ـ ٥٦٨ ، مغني المحتاج ١ : ٧٨ ، نيل الأوطار ١ : ٤٣ ، الشرح الصغير ١ : ١٨ ، تفسير القرطبي ١٣ : ٤٥ ، المبسوط للسرخسي ١ : ٤٨ ، فتح العزيز ١ : ١٦١ ، بداية المجتهد ١ : ٢٩ ، المدونة الكبرى ١ : ٥.
٦ ـ الناصريات : ٢١٨ المسألة ١٩.
الثالث : كلب الماء طاهر بالأصل ، خلافاً لابن ادريس (١) ، ولا يجوز حمل اللفظ على الحقيقة والمجاز بغير قرينة.
الرابع : الأقرب طهارة الثعلب ، والأرنب ، والفأرة ، والوزغة ـ وهو قول المرتضى ، وأحد قولي الشيخ (٢) ـ عملاً بالأصل ، والنص الدال على طهارة سؤر ما عدا الكلب والخنزير (٣).
احتج الشيخ بأمر الكاظم عليهالسلام بغسل أثر ما أصابته الفأرة الرطبة (٤) ، وأمر الصادق عليهالسلام بغسل اليد من مسّ الثعلب والأرنب (٥) وهو محمول على الاستحباب.
مسألة ٢٢ : الكافر عندنا نجس لقوله تعالى : ( إنّما المشركون نجس ) (٦) والحذف على خلاف الأصل ، والوصف بالمصدر جائز لشدة المعنى ، وقوله تعالى : ( كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون ) (٧) ولقول النبيّ صلىاللهعليهوآله وقد سئل إنا بأرض قوم أهل كتاب نأكل في آنيتهم؟ : ( لا تأكلوا فيها إلّا ان لا تجدوا غيرها ، فاغسلوها ثم كلوا فيها ) (٨).
وسئل الصادق عليهالسلام عن سؤر اليهودي والنصراني.
__________________
١ ـ السرائر : ٢٠٨.
٢ ـ الناصريات : ٢١٦ المسألة ٩ ، جمل العلم والعمل : ٤٩ ، الخلاف ١ : ١٨٧ مسألة ١٤٤.
٣ ـ التهذيب ١ : ٢٢٥ / ٦٤٦ ـ ٦٤٧ و ٢٦١ / ٧٦٠ ، الاستبصار ١ : ١٩ / ٤٠ ـ ٤١.
٤ ـ التهذيب ١ : ٢٦١ / ٧٦١ ، الكافي ٣ : ٦٠ / ٣.
٥ ـ التهذيب ١ : ٢٦٢ / ٧٦٣ ، الكافي ٣ : ٦١ / ٤.
٦ ـ التوبة : ٢٨.
٧ ـ الأنعام : ١٢٥.
٨ ـ سنن البيهقي ١ : ٣٣ ، مستدرك الحاكم ١ : ١٤٣.
فقال : « لا » (١).
فروع :
الأول : لا فرق بين أن يكون الكافر أصلياً أو مرتداً ، ولا بين أن يتدين بملة أو لا ، ولا بين المسلم إذا أنكر ما يعلم ثبوته من الدين ضرورة وبينة ، وكذا لو اعتقد المسلم ما يعلم نفيه من الدين ضرورة.
الثاني : حكم الشيخ بنجاسة المجبرة والمجسمة (٢) ، وقال ابن ادريس بنجاسة كلّ من لم يعتقد الحق إلّا المستضعف (٣) ، لقوله تعالى : ( كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون ) (٤).
والأقرب طهارة غير الناصب لأنّ علياً عليهالسلام لم يجتنب سؤر من باينه من الصحابة.
الثالث : الناصب ـ وهو من يتظاهر ببغضه أحد من الائمة عليهمالسلام ـ نجس ، وقد جعله الصادق عليهالسلام شراً من اليهود والنصارى (٥) ، والسر فيه أنهما منعا لطف النبوة وهو خاص ، ومنع هو لطف الامامة وهو عام.
وكذا الخوارج لانكارهم ما علم ثبوته من الدين ضرورة ، والغلاة أيضاً أنجاس لخروجهم عن الإسلام وان انتحلوه.
الرابع : أولاد الكفار حكمهم حكم آبائهم ، وهل يتبع المسبي السابي
__________________
١ ـ الكافي ٣ : ١١ / ٥ ، التهذيب ١ : ٢٢٣ / ٦٣٨ ، الاستبصار ١ : ١٨ / ٣٦.
٢ ـ المبسوط للطوسي ١ : ١٤.
٣ ـ السرائر : ١٣.
٤ ـ الأنعام : ١٢٥.
٥ ـ الكافي ٣ : ١١ / ٦ ، التهذيب ١ : ٢٢٣ / ٦٣٩ ، الاستبصار ١ : ١٨ / ٣٧.
في الإسلام؟ اشكال.
الخامس : قال ابن بابويه : لا يجوز الوضوء بسؤر ولد الزنا (١) ، وحكم ابن ادريس بنجاسته لأنّه كافر (٢) ، وهو ممنوع ، والأقرب الطهارة.
تذنيب : ظهر مما قررناه أن النجاسات بالاصالة عشرة : البول ، والغائط ، والمني ، والدم ، والميتة ، والخمر ، والفقاع ، والكلب ، والخنزير ، والكافر ، وما عدا ذلك طاهر ، تعرض له النجاسة بملاقاة أحدها رطبا.
* * *
__________________
١ ـ الهداية : ١٤ ، الفقيه ١ : ٨.
٢ ـ السرائر : ٨١ ، ١٨٣ ، ٢٤١ ، ٢٨٧.
الفصل الثاني : في أحكام النجاسات
مسألة ٢٣ : النجاسات غير الدم يجب إزالة قليلها وكثيرها عن الثوب والبدن ، سواء قلّت أو كثرت عند علمائنا أجمع ، إلّا ابن الجنيد (١) ، وبه قال الشافعي (٢) ، لقوله تعالى : ( وثيابك فطُهر ) (٣) وقوله عليهالسلام : ( تنزهوا من البول فإن عامة عذاب القبر منه ) (٤).
وقال ابن الجنيد : إن قلّت عن الدرهم فمعفو ، كالدم (٥). وبه قال أبو حنيفة (٦) ، وهو قياس في معارضة النص ، فيرد.
__________________
١ ـ حكاه المحقق في المعتبر : ١١٨.
٢ ـ المجموع ٣ : ١٣١ ، بداية المجتهد ١ : ٨١ ، كفاية الأخيار ١ : ٥٥ ، الوجيز ١ : ٨ ، الهداية للمرغيناني ١ : ٣٥.
٣ ـ المدثر : ٤.
٤ ـ سنن الدارقطني ١ : ١٢٧ و ١٢٨ / ٢ و ٧ و ٩.
٥ ـ حكاه المحقق في المعتبر : ١١٨.
٦ ـ اللباب ١ : ٥٢ ، بداية المجتهد ١ : ٨١ ، فتح القدير ١ : ١٧٧ ، المحلى ١ : ٩٤ ، بدائع الصنائع ١ : ٨٠.
وقال مالك : لا يجب إزالة النجاسة مطلقاًً ، قلت أو كثرت (١) لقول ابن عباس : ليس على الثوب جنابة (٢) ، ولا دلالة فيه.
وقال أبو حنيفة : النجاسة المغلظة يجب إزالة ما زاد على الدرهم ، والمخففة لا يجب إلّا أن يتفاحش (٣).
واختلف أصحابه في التفاحش ، قال الطحاوي : التفاحش أن يكون ربع الثوب (٤) ، وقال بعضهم : ذراع في ذراع (٥) ، وقال أبوبكر الرازي : شبر في شبر (٦) ، وكل ذلك تخمين.
وأما الدم منها فإن كان حيضاً ، أو استحاضة ، أو نفاساً ، وجب ازالة قليله وكثيره ـ خلافاً لأحمد حيث عفى عن يسيره (٧) ـ لقول الصادق عليهالسلام عن الحائض : « تغسل ما أصاب ثيابها من الدم » (٨) ولأنّه مقتضى الدليل.
وألحق به القطب الراوندي دم الكلب والخنزير ـ (٩) ، واستبعده ابن ادريس (١٠).
ــــــــــــــــــ
١ ـ الكافي في فقه أهل المدينة : ١٧ ، بداية المجتهد ١ : ٨١ ، نيل الأوطار ٢ : ١١٩.
٢ ـ مصنف عبدالرزاق ١ : ٣٧٢ / ١٤٥٠.
٣ ـ اللباب ١ : ٥١ ـ ٥٢ ، بداية المجتهد ١ : ٨١ ، شرح فتح القدير ١ : ١٧٧ ـ ١٧٨.
٤ ـ حلية العلماء ٢ : ٤٤.
٥ ـ بدائع الصنائع ١ : ٨٠ ، شرح فتح القدير ١ : ١٧٨ ، حلية العلماء ٢ : ٤٤.
٦ ـ حلية العلماء ٢ : ٤٤.
٧ ـ المغني ١ : ٥٩ ، الشرح الكبير ١ : ٦١.
٨ ـ الكافي ٣ : ١٠٩ / ١ ، التهذيب ١ : ٢٧٠ / ٦٥٢ الاستبصار ١ : ١٨٦ / ٦٥٢.
٩ ـ حكاه ابن ادريس في السرائر : ٣٥.
١٠ ـ السرائر : ٣٥.
والحق عندي اختيار القطب ، ويلحق به أيضاً دم الكافر ، والضابط دم نجس العين ، لحصول حكم طارئ للدم ، وهو ملاقاته لنجس العين ، وكذا كلّ دم أصابه نجاسة غيره.
وإن كان دم قرح أو جرح سائلا لازما لم تجب إزالته ـ وإن كثر مع نجاسته ، سواء الثوب والبدن في ذلك ـ للمشقة ، ولقولهم عليهمالسلام عن دم القروح التي لا تزال تدمي : « يصلّي » (١).
وان كانت الدماء تسيل ، فإن انقطع السيلان اعتبر بالدرهم ، لزوال حرج إزالته.
وإن كان مغايراً لهذين القسمين من المسفوح كدم الفصاد والبثور والذبيحة كان نجساً وتجب إزالته إنّ زاد على الدرهم البغلي إجماعاً ، لقول الباقر عليهالسلام : « وان كان أكثر من قدر الدرهم ورآه ولم يغسله وصلّى فليعد صلاته » (٢).
وان نقص عنه لم تجب إزالته إجماعاً ، لقول الباقر عليهالسلام : « ما لم يكن مجتمعا قدر الدرهم » (٣) وفي الدرهم قولان لعلمائنا (٤) ، أحوطهما : الوجوب.
__________________
١ ـ التهذيب ١ : ٢٥٦ / ٧٤٤ ، الاستبصار ١ : ١٧٧ / ٦١٥.
٢ ـ التهذيب ١ : ٢٥٥ / ٧٣٩ ، الاستبصار ١ : ١٧٥ / ٦١٠.
٣ ـ التهذيب ١ : ٢٥٦ / ٧٤٢ ، الاستبصار ١ : ١٧٦ / ٦١٢.
٤ ـ ممن ذهب إلى الوجوب السيد المرتضى في الانتصار : ١٣ ، وابن أبي عقيل على ما حكاه المصنف عنه في مختلف الشيعة : ٦٠ ، وسلار في المراسم : ٥٥.
وإلى عدمه الشيخ في المبسوط ١ : ٣٥ ، والمفيد في المقنعة : ١٠ ، والصدوق في الهداية : ١٥ ، وابن البراج في المهذب ١ : ٥١.
فروع :
الأول : قسم الشافعي النجاسة إلى دم وغيره ، والأول : إن كان من ذي النفس السائلة ففي قول عنه : أنّه غير معفو عنه مطلقاً. وفي القديم : يعفى عما دون الكف ، وفي ثالث : يعفى عن قليله ، وهو ما لم يتفاحش.
وإن كان من غير ذي النفس فهو نجس يعفى عما قل ، دون المتفاحش ، وغير الدم لا يعفى عن قليله ولا كثيره (١).
الثاني : الدرهم البغلي هو المضروب من درهم وثلث ، منسوب إلى قرية بالجامعين (٢) ، وابن أبي عقيل قدّره بسعة الدينار (٣) ، وابن الجنيد بأنملة الإبهام (٤).
الثالث : هذا التقدير في المجتمع ، والأقرب في المتفرق ذلك لو جمع ، فيجب إزالته ، أو ما يحصل معه القصور ، وقال الشيخ : ما لم يتفاحش (٥).
الرابع : لو لاقت نجاسة غير الدم ما عفي عنه منه لم يبق عفو ، سواء لاقت قبل الاتصال بالمحل أو بعده.
مسألة ٢٤ : نجس العين لا يطهر بحال ، إلّا الخمر تتخلل ، والنطفة والعلقة [ والمضغة ] (٦) والدم في البيضة اذا صارت حيوانا إجماعاً ، ودخان
__________________
١ ـ المهذب للشيرازي ١ : ٦٧ ، المجموع ٣ : ١٣٣ ـ ١٣٥ ، حلية العلماء ٢ : ٤٢ ـ ٤٣.
٢ ـ الجامعين : هي حلة بني مزيد التي بأرض بابل على الفرات بين بغداد والكوفة. معجم البلدان ٢ : ٩٦. وللتوسعة في بحث الدرهم اُنظر : العقد المنير فيما يتعلق بالدراهم والدنانير.
٣ ـ حكاه المحقق في المعتبر ١١٩.
٤ ـ حكاه المحقق في المعتبر : ١١٩.
٥ ـ النهاية : ٥٢.
٦ ـ الزيادة من النسخة « م ».
الاعيان النجسة عندنا ـ وهو أحد وجهي الشافعي (١) ـ وما أحالته النار عندنا ، وبه قال أبو حنيفة (٢) ، فإن الاستحالة أبلغ في الإزالة من الغسل ، خلافاً للشافعي (٣) ، لأنّها لم تنجس بالاستحالة فلم تطهر بها ، والملازمة ممنوعة.
ولو وقع في القدر ـ وهي تغلي على النار ـ دم ، قال بعض علمائنا : تطهر بالغليان ، لأنّ النار تحيل الدم (٤) ، وفيه ضعف ، ولو كان غير الدم لم تطهر إجماعا.
ولو استحال الخنزير ـ وغيره من العينيات ـ ملحاً في المملحة ، أو الزبل الممتزج بالتراب ـ حتى طال عهده ـ ترابا ، قال أبو حنيفة : يطهر ، وللشافعي وجهان (٥) ، وعندي في ذلك تردد ، وللشيخ قولان في تراب القبر بعد صيرورة الميت رميماً (٦).
وأما النجس بالملاقاة فعلى أقسام :
الأول : الحصر ، والبواري ، والارض ، والثابت (٧) فيها ، والأبنية ، تطهر بتجفيف الشمس خاصة من البول وشبهه ، كالماء النجس ، وإن كان خمراً إذا ذهبت الآثار.
____________
١ ـ المجموع ٢ : ٥٧٩.
٢ ـ المجموع ٢ : ٥٧٩ ، بدائع الصنائع ١ : ٨٥.
٣ ـ المجموع ٢ : ٥٧٩.
٤ ـ الصدوق في المقنع : ١٢.
٥ ـ المجموع ٢ : ٥٧٩ ، السراج الوهاج : ٢٣ ، مغني المحتاج ١ : ٨١ ، بدائع الصنائع ١ : ٨٥ ، حلية العلماء ١ : ٢٤٥.
٦ ـ المبسوط للطوسي ١ : ٣٢ و ٩٣.
٧ ـ في نسخة « ش » : والنابت ، والصحيح ظاهراً ما اثبت من نسخة « م ».
وقال بعض علمائنا : لا يطهر ، وان جازت الصلاة عليها (١).
ولو جفّ بغير الشمس أو بقيت عينه لم يطهر إجماعاً ، وللشيخ منع في غير البول (٢).
وما اخترناه قول أبي حنيفة وصاحبيه ، والشافعي في القديم (٣) ، لأنّ الأرض والشمس من شأنهما الاحالة ، وهي أبلغ من تأثير الماء ، ولأنّ الشمس تفيد سخونة ، وهي تقتضي تصاعد أجزاء النجاسة ومفارقتها.
وقال مالك والشافعي ـ في الجديد ـ وأحمد وإسحاق : لا يطهر بتجفيف الشمس (٤) ، لأنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله أمر بصب الذنوب (٥) ، ولو سلم لم يمنع.
وهل تطهر الأرض من بول الرجل بإلقاء ذنوب عليها ، بحيث يغمرها ، ويستهلك فيه البول ، فتذهب رائحته ولونه؟ قال الشيخ : نعم (٦) ، وبه قال الشافعي (٧) ، لأنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله أمر بإراقة ذنوب من ماءً على بول
__________________
١ ـ ذهب إليه الشيخ في المبسوط ١ : ٩٣ ، والمحقق في المعتبر : ١٢٤ ، وابن حمزة في الوسيلة : ٧٩.
٢ ـ المبسوط للطوسي ١ : ٩٣.
٣ ـ المجموع ٢ : ٥٩٦ ، الاُم ١ : ٥٢ ـ ٥٣ ، النتف ١ : ٣٣ ، البحر الزخار ٢ : ٢٥.
٤ ـ الاُم ١ : ٥٢ و ٥٣ ، المجموع ٢ : ٥٩٦ ، القواعد في الفقه الاسلامي : ٣٤٤ ، نيل الأوطار ١ : ٥٢.
٥ ـ صحيح البخاري ١ : ٦٥ ، سنن أبي داود ١ : ١٠٣ / ٣٨٠ ، صحيح مسلم ١ : ٢٣٦ / ٢٨٤ ، الموطأ ١ : ٦٥ / ١١١.
٦ ـ المبسوط للطوسي ١ : ٩٢.
٧ ـ المجموع ٢ : ٥٩١ ، الاُم ١ : ٥٢ ، الوجيز ١ : ٩ ، مغني المحتاج ١ : ٨٥.
الأعرابي (١).
وقال أبو حنيفة : إنّ كانت رخوة ينزل فيها الماء كفاه الصب ، وإن كانت صلبة لم يجد فيها إلّا حفرها ونقل التراب ، لأنّ الماء المزال به النجاسة نجس ، فاذا لم يزل من الأرض كان على وجهها نجساً ، والأقرب أنها تطهر بتجفيف الشمس ، أو بإلقاء الكر ، أو الجاري ، أو المطر عليها (٢).
ولو سلم حديث الأعرابي حمل على الجفاف بالهواء ، فاعيدت الرطوبة لتجف بالشمس ، مع أن بعضهم روى أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله أمر بأخذ التراب الذي أصابه البول فيلقى ، ويصب على مكانه ماءاً (٣) ، ونحن نقول بذلك.
فروع :
الأول : قال الشيخ : يحكم بطهارة الأرض التي يجري عليها وإليها (٤).
الثاني : قال الشيخ : لو بال اثنان وجب أن يطرح مثل ذلك ، وعلى هذا أبداً (٥).
__________________
١ ـ صحيح البخاري ١ : ٦٥ ، سنن أبي داود ١ : ١٠٣ / ٣٨٠ ، سنن الترمذي ١ : ٢٩٦ / ١٤٧ ، سنن الدارمي ١ : ١٨٩ ، صحيح مسلم ١ : ٢٣٦ / ٩٩ ، الموطأ ١ : ٦٤ / ١١١ ، مسند أحمد ٢ : ٢٣٩ ، سنن ابن ماجة ١ : ١٧٦ / ٥٢٩ و ٥٣٠.
٢ ـ المجموع ٢ : ٥٩٢ ، نيل الأوطار ١ : ٥٢ ، فتح الباري ١ : ٢٥٩ ، بدائع الصنائع ١ : ٨٩.
٣ ـ سنن أبي داود ١ : ١٠٣ / ٣٨١ ، سنن الدارقطني ١ : ١٣٢ / ٤.
٤ ـ المبسوط للطوسي ١ : ٩٣.
٥ ـ المبسوط للطوسي ١ : ٩٢.
الثالث : ليس للذنوب تقدير ، بل ما يقهر البول ويزيل لونه وريحه.
وقال الشافعي : يطرح سبعة أضعاف البول (١).
الرابع : لو جفت هذه الاشياء بغير الشمس لم تطهر ، فإن رمي عليها ماءً طاهر ، أو نجس ، أو بول ، وجفت بالشمس طهرت باطناً وظاهراً.
وقال الشافعي في القديم : تطهر لو جفت بغير الشمس ـ كالريح ، وطول الزمان ـ ظاهرها ، وفي باطنها قولان (٢).
الخامس : ليس الثوب كالارض ، وهو أظهر وجهي الشافعي (٣) ، لأنّ في أجزاء التراب فوة محيلة إلى صفة نفسها ، بخلاف الثوب ، فلا يطهر إلّا بالغسل بالماء.
الثاني : الجسم الصقيل كالمرآة والسيف ، قال المرتضى : يطهر بالمسح إذا أزال العين ، لأنّ المقتضي للنجاسة قد زال فيزول معلوله (٤) ، وقال الشيخ : لا يطهر (٥). وهو الأقوى لأنّها حكم شرعي فيقف على مورده.
الثالث : العجين بالماء النجس لايطهر بالخبز ، لقول الصادق عليهالسلام : « يدفن ولا يباع » (٦) وللشيخ قولان (٧) : أحدهما : الطهارة ، لقول
__________________
١ ـ الاُم ١ : ٥٢ ، المجموع ٢ : ٥٩٢.
٢ ـ اُنظر الاُم ١ : ٥٢ ـ ٥٣.
٣ ـ الاُم ١ : ٥٥ ، المجموع ٢ : ٥٩٦.
٤ ـ حكاه عنه في الخلاف ١ : ٤٧٩ مسألة ٢٢٢ ، والمعتبر : ١٢٥.
٥ ـ الخلاف ١ : ٤٧٩ مسألة ٢٢٢.
٦ ـ الاستبصار ١ : ٢٩ / ٧٧ ، التهذيب ١ : ٤١٤ / ١٣٠٦.
٧ ـ قال بالطهارة في الاستبصار ١ : ٢٩ ـ ٣٠ حيث رجح في ذيل أخبار الباب القول بالطهارة ، والنهاية : ٨. وبالنجاسة في التهذيب ١ : ٤١٤ ذيل الحديث ١٣٠٦ والمبسوط ١ : ١٣.
الصادق عليهالسلام : « لا بأس أكلت النار ما فيه » (١) وهو محمول على الاحالة ، إذ بدونها لم تأكل.
واللبن المضروب بماء نجس ، أو ببول يطهر بإحراقه آجراً ، قاله الشيخ (٢) ، لأنّ النار أحالت الاجزاء الرطبة.
وقال الشافعي : لا يطهر ، إلّا أن يكاثره الماء فيطهر ظاهره ، أما باطنه فإن تفتت ترابا وكاثره الماء طهر ، ولا يطهر بالاحراق (٣).
الرابع : أسفل القدم والنعل ، وباطن الخف يطهر بالارض مع زوال النجاسة ، وبه قال أبو حنيفة (٤) ، لقول النبيّ صلىاللهعليهوآله : ( إذا جاء أحدكم إلى المسجد فإن رأى في نعله أثرا ، أو أذى فليمسحها وليصل فيها ) (٥).
وقال عليهالسلام : ( إذا وطأ أحدكم الاذى بخفيه فإن التراب له طهور ) (٦).
ولقول الصادق عليهالسلام : « لا بأس » وقد سئل عن وطئ العذرة بالخف ثم مسحت حتى لم ير شيئاً (٧).
ولا يشترط جفاف النجاسة ، ولا أن يكون لها جرم ، خلافاً لابي
__________________
١ ـ الاستبصار ١ : ٢٩ / ٧٥ ، التهذيب ١ : ٤١٤ / ١٣٠٤ ، الفقيه ١ : ١١ / ١٩.
٢ ـ الخلاف ١ : ٥٠١ مسألة ٢٤١.
٣ ـ المجموع ٢ : ٥٩٧ ، الاُم ١ : ٥٣ ، فتح العزيز ١ : ٢٥١.
٤ ـ المبسوط للسرخسي ١ : ٨٢ ، اللباب ١ : ٥٠ ، الهداية للمرغيناني ١ : ٣٤ ، نيل الأوطار ١ : ٥٤ ، المجموع ٢ : ٥٩٨ ، المحلى ١ : ٩٤.
٥ ـ سنن ابي داود ١ : ١٧٥ / ٦٥٠.
٦ ـ سنن ابي داود ١ : ١٠٥ / ٣٨٥ ، مستدرك الحاكم ١ : ١٦٦.
٧ ـ التهذيب ١ : ٢٧٤ / ٨٠٨.
حنيفة (١) ، للعموم والاولوية.
مسألة ٢٥ : ما عدا هذه الاشياء على أقسام :
الأول : الثوب يغسل من النجاسة العينية حتى يذهب العين والاثر ، وإن بقيت الرائحة واللون لعسر الإزالة ، وكذا غيره ، والمستحب صبغ أثر الحيض مع المشقة ، بالمشق وشبهه ، ويجب في الغسل أن يورد الماء على النجاسة ويغلبه عليها ، فلو أدخل الثوب أو غيره على الإناء لم يطهر ، ونجس الماء.
وللشافعي قول بعدم الطهارة مع بقاء الرائحة أو اللون وإن عسر زواله (٢) ، وهو مردود ، لقول النبيّ صلىاللهعليهوآله لخولة وقد سألته عن دم الحيض يبقى أثره : ( لا بأس به يكفيك ولا يضرك أثره ) (٣).
ولو كانت النجاسة حكمية ، وهي التي لا تدرك بالحواس ، كالبول إذا جفّ على الثوب ، ولم يوجد له أثر ، يجب غسلها أيضاً عن الثوب والبدن وغيرهما.
ولا بد في غسل الثوب من العصر ـ وهو أحد قولىّ الشافعي (٤) ـ لأنّ الغسالة نجسة ، فلا يطهر مع بقائها فيه ، ولا يكفي صب الماء ، ولا بد من الغسل مرتين.
__________________
١ ـ المبسوط للسرخسي ١ : ٨٢ ، الهداية للمرغيناني ١ : ٣٤ ، فتح القدير ١ : ١٧٢ ، اللباب ١ : ٥٠ ، المحلى ١ : ٩٤.
٢ ـ فتح العزيز ١ : ٢٤٠ ، مغني المحتاج ١ : ٨٥.
٣ ـ سنن ابي داود ١ : ١٠٠ / ٣٦٥ ، مسند أحمد ٢ : ٣٦٤ و ٣٨٠.
٤ ـ السراج الوهاج : ٢٤ ، مغني المحتاج ١ : ٨٥ ، المجموع ٢ : ٥٩٣ ، فتح العزيز ١ : ٢٤٤.