الشيخ محمّد بن محمّد رضا القمّي المشهدي
المحقق: حسين درگاهى
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة الطبع والنشر التابعة لوزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٤٩
فارقهم (١). فكان بين ذلك الوقت وبين فرجهم بغرق فرعون ، أربعين سنة.
وبإسناده (٢) الى محمد الحلبي ، عن أبي عبد الله ـ عليه السلام ـ قال : ان يوسف بن يعقوب ـ صلوات الله عليهما ـ حين حضرته الوفاة ، جمع آل يعقوب.
وهم ثمانون رجلا. فقال : ان هؤلاء القبط ، سيظهرون عليكم. ويسومونكم سوء العذاب. وانما ينجيكم الله من أيديهم ، برجل من ولد لاوي بن يعقوب ، اسمه موسى بن عمران ـ عليه السلام ـ غلام طوال جعد آدم. فجعل الرجل من بني إسرائيل ، يسمي ابنه عمران. ويسمي عمران ، ابنه موسى.
فذكر أبان بن عثمان ، عن أبي الحصين (٣) ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر ـ عليه السلام ـ أنه قال : ما خرج موسى ، حتى خرج قبله خمسون كذابا من بني إسرائيل ، كلهم يدعي أنه موسى بن عمران. فبلغ فرعون ، أنهم يرجفون به ويطلبون هذا الغلام. وقال له كهنته وسحرته : أن هلاك دينك وقومك على يدي هذا الغلام الذي يولد العام ، من بني إسرائيل.
فوضع القوابل على النساء. وقال : لا يولد العام ولد الا ذبح. ووضع على أم موسى قابلة.
فلما رأى ذلك بنو إسرائيل ، قالوا : إذا ذبح الغلمان واستحيى النساء ، هلكنا. فلم نبق. فقالوا (٤) : لا نقرب النساء.
فقال عمران ، أبو موسى ـ عليه السلام ـ : بل ائتوهن (٥). فان أمر الله واقع ولو
__________________
(١) المصدر : فرقهم.
(٢) نفس المصدر / ١٤٧ ـ ١٤٨ ، صدر ح ١٣.
(٣) المصدر : أبى الحسين.
(٤) المصدر : فتعالوا.
(٥) المصدر : باشروهن.
كره المشركون. اللهم من حرّمه ، فاني لا أحرّمه. ومن تركه فاني لا أتركه.
ووقع على أم موسى. فحملت. فوضع على أم موسى ، قابلة ، تحرسها.
فإذا قامت ، قامت. وإذا قعدت ، قعدت. فلما حملته أمه ، وقعت عليه المحبة.
وكذلك حجج الله على خلقه.
فقالت لها القابلة : مالك يا بنية ، تصفرين وتذوبين؟
قالت : لا تلوميني. فاني إذا ولدت ، أخذ ولدي ، فذبح.
قالت : لا تحزني. فاني سوف أكتم عليك. فلم تصدقها.
فلما أن ولدت التفتت اليها وهي مقبلة. فقالت : ما شاء الله.
فقالت لها : ألم أقل اني سوف أكتم عليك؟
ثم حملته. فأدخلته المخدع. وأصلحت أمره. ثم خرجت الى الحرس.
فقالت : انصرفوا ـ وكانوا على الباب ـ فإنما خرج دم مقطع (١). فانصرفوا ـ الحديث وهو بتمامه ، مذكور في القصص ـ.
وفي كتاب الغيبة (٢) : للشيخ الطوسي ـ رحمه الله ـ بإسناده الصادق ـ عليه السلام ـ حديث طويل ، يقول فيه ـ عليه السلام ـ : أما مولد موسى ـ عليه السلام ـ فان فرعون لما وقف على أن زوال ملكه على يده ، أمر بإحضار الكهنة. فدلوا على نسبه وأنه يكون من بني إسرائيل. فلم يزل يأمر أصحابه بشق بطون الحوامل من نساء بني إسرائيل ، حتى قتل في طلبه نيف وعشرون ألف مولود. وتعذر عليه الوصول ، الى قتل موسى ـ عليه السلام ـ بحفظ الله تعالى ، إياه] (٣).
(وَفِي ذلِكُمْ بَلاءٌ) ، محنة ، ان أشير بذلك ، الى صنعهم. ونعمة ان أشير
__________________
(١) المصدر : منقطع. وهو الظاهر.
(٢) الغيبة / ١٠٦.
(٣) ما بين القوسين ليس في أ.
به الى الإنجاء.
وأصله ، الاختبار. لكن لما كان اختبار الله ، عبارة ، تارة بالنعمة وتارة بالمحنة أطلق عليهما. ويجوز أن يشار بذلك الى الجملة. ويراد به الامتحان الشائع بينهما.
(مِنْ رَبِّكُمْ) : بتسليطهم عليكم ، أو ببعث (١) موسى وتوفيقه لتخليصكم ، أو بهما.
(عَظِيمٌ (٤٩)) : صفة «بلاء» وفي الاية اشعار بأنه قد يكون اصابة العبد (٢) بالخير والشر ، من اختبار الله سبحانه العبد. فيجب أن لا يغتر بما أنعم عليه ، فيطغى (٣). ولا ييأس من روح الله ، بما ضيق عليه فيعيش ضنكا. وأن يكون دائما ، راجيا خائفا مستشعرا لما أريد منه.
قال البيضاوي (٤) : وفي الاية ، تنبيه على أن ما يصيب العبد من خير أو شر ، اختبار من الله. فعليه أن يشكر على مساره ويصبر على مضاره ، ليكون من خير المختبرين.
ولا يخفى عليك ، أنه انما يصح بناء ، على قاعدة كسب الاعمال. وقد أبطلناها في مقامها ، مع أنه ينافي ما سبقها ، من اسناد الذبح والاستحياء ، الى آل فرعون.
والله أعلم بحقائق الأمور.
(وَإِذْ فَرَقْنا بِكُمُ الْبَحْرَ) : فصلنا بين بعضه وبعض (٥) ، حتى جرت (٦) فيه مسالك
__________________
(١) أ : يبعث.
(٢) أ : العهد.
(٣) أ : فيطفى.
(٤) أنوار التنزيل ١ / ٥٦.
(٥) أ. يعضه.
(٦) أ : حصلت.
بسلوككم فيه ، أو بسبب انجائكم ، أو متلبسا بكم.
و «الفرق» ، هو الفصل بين شيئين ، بالفتح ، مصدر وبالكسر ، الطائفة من كل شيء.
و «البحر» ، يسمى بحرا لاستبحاره. وهو سعته وانبساطه.
وقرأ الزهري ، في الشواذ ، على بناء التكثير. لأن المسالك كانت اثني عشر بعدد الأسباط.
(فَأَنْجَيْناكُمْ وَأَغْرَقْنا) :
«الغرق» : الرسوب في الماء.
و «النجاة» : ضد الغرق ، كما أنها ضد الهلاك.
(آلِ فِرْعَوْنَ) :
أراد به فرعون وقومه. واقتصر على ذكرهم ، للعلم. بأنه كان أولى به.
وقيل (١) : شخصه ، كما يقال : اللهم صل على آل محمد ، أي : شخصه. واستغنى بذكره ، عن اتباعه. والأحسن فيه ، أنه من باب راكب الناقة طليحان ، اعتبارا للمضاف والمضاف اليه ، أي : هو والناقة.
(وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (٥٠)) ذلك ، أو غرقهم ، أو انفلاق البحر ، عن طرق يابسة (٢) ، أو جثثهم التي قذفها البحر ، الى الساحل ، أو ينظر بعضكم بعضا.
ذكر الشيخ الطبرسي ، في تفسيره (٣) ، عن ابن عباس : ان الله تعالى أوحى الى موسى ، أن يسري ببني إسرائيل ، من مصر. فسرى موسى ـ عليه السلام ـ (٤) ،
__________________
(١) أنوارا التنزيل ١ / ٥٦.
(٢) كذا في أور. والأصل : يابته.
(٣) مجمع البيان ١ / ١٠٧.
(٤) المصدر : ببني إسرائيل.
بهم (١) ليلا. فأتبعهم فرعون ، في ألف ألف حصان ، سوى الإناث. وكان موسى في ستمائة ألف وعشرين ألفا. فلما عاينهم فرعون ، قال : ان هؤلاء لشرذمة قليلون.
[وانهم لنا لغائظون وانا لجميع حاذرون] (٢).
فسرى موسى بهم (٣) ، حتى هجموا على البحر. فالتفتوا. فإذا هم برهج دواب فرعون.
فقالوا : يا موسى! أوذينا من قبل أن تأتينا ومن بعد ما جئتنا؟ هذا البحر أمامنا.
وهذا فرعون قد رهقنا بمن معه.
فقال موسى ـ عليه السلام ـ : عسى ربكم أن يهلك عدوكم (الخ).
فقال له يوشع بن نون : بم أمرت؟
قال : أمرت أن أضرب بعصاي البحر.
قال : اضرب.
وكان الله تعالى ، أوحى الى البحر أن أطع (٤) موسى ، إذا ضربك.
[قال] (٥) فبات البحر له أفكل ، أي : رعدة. لا يدري في أي جوانبه يضربه.
فضرب بعصاه البحر. فانفلق. وظهر اثني عشر طريقا. فكان لكل سبط [منهم] (٦) طريق يأخذون فيه.
فقالوا : [انا] (٧) لا نسلك طريقا نديا.
__________________
(١) المصدر : ببني إسرائيل.
(٢) يوجد في المصدر.
(٣) المصدر : ببني إسرائيل.
(٤) أ : أطمع.
(٥ و ٦) يوجد في المصدر.
(٧) يوجد في المصدر.
فأرسل الله ريح الصبا ، حتى جففت (١) الطريق ، كما قال : فاضرب لهم طريقا في البحر يبسا. فجروا فيه ، فلما أخذوا في الطريق ، قال بعضهم لبعض : ما لنا لا نرى أصحابنا؟
فقالوا لموسى : أين أصحابنا؟
فقال : في طريق مثل طريقكم.
فقالوا : لا نرضى حتى نراهم. فقال موسى ـ عليه السلام ـ : اللهم أعنّي على أخلاقهم السيئة.
فأوحى الله اليه أن قل (٢) بعصاك هكذا وهكذا ، يمينا وشمالا.
فأشار بعصاه يمينا وشمالا. فظهر كالكواء (٣) ينظر منها بعضهم الى بعض. فلما انتهى فرعون الى ساحل البحر وكان على فرس حصان ، أدهم. فهاب دخول الماء ، تمثل (٤) له جبرئيل ، على فرس أنثى. وديق وتقحم البحر. فلما رآها الحصان ، تقحم خلفها. ثم تقحم قوم فرعون. ولما خرج آخر من كان مع موسى من البحر ودخل آخر من كان مع فرعون البحر ، أطبق الله عليهم الماء. فغرقوا جميعا.
ونجى موسى ومن معه.
واعلم أن هذه الواقعة ، من أعظم ما أنعم الله به على بني إسرائيل. ومن آياته الملجئة الى العلم بوجود الصانع الحكيم وتصديق موسى ـ عليه السلام ـ.
ثم أنهم اتخذوا العجل. وقالوا : لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة ونحو ذلك.
فهم بمعزل في الفطنة والذكاء وسلامة النفس وحسن الاتباع عن أمة محمد ـ صلى
__________________
(١) أ : خففت.
(٢) المصدر : مل. وهو الظاهر.
(٣) أ : كالكواه.
(٤) المصدر : فتمثل.
الله عليه وآله ـ فإنهم اتبعوه (١) ، مع أن ما تواتر من معجزاته ، أمور نظرية دقيقة ، يدركها الأذكياء. واخباره ـ عليه السلام ـ عنها ، من جملة معجزاته ـ صلى الله عليه وآله ـ.
[وفي شرح الآيات الباهرة (٢) : قال الامام ـ عليه السلام ـ : ان موسى لما انتهى الى البحر ، أوحى الله ـ عز وجل ـ اليه : قل لبني إسرائيل : جددوا توحيدي وأمرّوا بقلوبكم ذكر محمد سيد عبيدي وامائي وأعيدوا على أنفسكم الولاية لعلي أخ محمد ، وآله الطيبين. وقولوا : اللهم بجاههم جوّزنا على متن هذا الماء.
فان الماء يتحول لكم أرضا.
فقال لهم موسى ، ذلك. فأبوا. وقالوا : نحن لا نسير الا على الأرض.
فأوحى الله ـ عز وجل ـ الى موسى ـ عليه السلام ـ أن اضرب بعصاك البحر.
وقل : أللهم بجاه محمد وآله الطيبين لمّا فلقته لنا.
ففعل. فانفلق. وظهرت الأرض الى آخر الخليج.
فقال موسى : ادخلوها.
قالوا : الأرض وحلة. نخاف أن نرسب فيها.
فقال ـ عز وجل ـ : يا موسى! قل : اللهم بحق محمد وآله الطيبين ، جففها.
فقالها. فأرسل الله عليها ، ريح الصبا. فجففت (٣). و (٤) قال موسى : ادخلوها.
قالوا : يا نبي الله! نحن اثنتا عشرة قبيلة ، بنو اثني عشر أبا. وان دخلنا وأمّ (٥)
__________________
(١) ر : اتبعوهم.
(٢) شرح الآيات الباهرة / ١٧ ـ ١٨.
(٣) المصدر : فجفت. وهو الظاهر.
(٤) ليس في المصدر.
(٥) في الأصل ور. وفي المصدر : دام. ولعل الصواب : رام.
كل فريق منا تقديم (١) صاحبه. فلا نأمن وقوع الشر بيننا. فلو كان لكل فريق منا طريق على حدته ، لأمنا ما نخافه.
فأمر الله ـ عز وجل ـ موسى ، أن يضرب (٢) البحر ، بعددهم ، اثنتي عشرة ضربة في (٣) اثني عشر موضعا ويقول : اللهم بجاه محمد وآله الطيبين [بيّن الأرض لنا وأمط الماء عنا.
فصار فيه تمام اثنى عشر طريقا.
فقال : ادخلوها! قالوا : ان كل فريق يدخل في سكة من هذه السكك ، لا يدري ما يحدث على الآخرين.
فقال الله ـ عز وجل ـ : فاضرب كل طود من الماء بين هذه السكك وقل اللهم بجاه محمد وآله الطيبين] (٤) لمّا جعلت في هذا الماء ، طبقات واسعة ، يرى بعضهم بعضا (٥) منها.
فحدثت طبقات واسعة ، يرى بعضهم بعضا منها. ثم دخلوها. فلما بلغوا آخرها ، جاء فرعون وقومه. فلما دخل آخرهم وهمّ بالخروج أولهم ، أمر الله البحر فانطبق عليهم. فغرقوا. وأصحاب موسى ينظرون اليهم. فقال الله ـ عز وجل ـ لبني إسرائيل الذين (٦) في عهد محمد ـ صلى الله عليه وآله ـ : فإذا كان الله فعل هذا كله
__________________
(١) المصدر : يتقدم.
(٢) المصدر : ليضرب.
(٣) المصدر : بعددهم اثنى عشر موضعا.
(٤) ما بين القوسين ذا يوجد في المصدر.
(٥) لا يوجد في المصدر.
(٦) المصدر : الذي.
بأسلافكم ، لكرامة محمد وآله ـ عليهم السلام ـ ودعاء موسى بهم ، دعاء تقرّب (١) الى الله ، أفلا تعقلون أن عليكم الايمان بمحمد وآله ، إذ شاهدتموه الآن؟] (٢).
(وَإِذْ واعَدْنا مُوسى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً) :
بعد عودهم الى مصر وهلاك فرعون ، وعد الله موسى أن يعطيه التوراة. وضرب له ميقاتا ذا القعدة وعشر ذي الحجة. وعبّر عنها بالليالي. لأنها غرر الشهور ، أو لأن وعد موسى ، وعد قيام الأربعين. والقيام بالليل ، أهم. فذكر الليل ، اشعارا بوعدة قيام الليل ، أو لأن الظلمة سابقة على النور.
والقراءة المشهورة ، «واعدنا» لأنه تعالى ، وعده الوحي. ووعده موسى المجيء للميقات ، الى الطور.
[وفي تفسير علي بن ابراهيم (٣) في قصة حنين : ثم رفع رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ يده ، فقال : اللهم لك الحمد واليك المشتكى. وأنت المستغاث.
فنزل عليه جبرئيل. فقال [له] (٤) : يا رسول الله! دعوت بما دعا به موسى ، حين فلق الله له البحر ونجاه من فرعون.
وفيه (٥) حديث طويل ، مذكور في طه. وفيه قالوا : لن نبرح عليه عاكفين ، حتى يرجع إلينا موسى.
فهمّوا بهارون. فهرب منهم (٦). وبقوا في ذلك ، حتى تم ميقات ربه (٧) أربعين
__________________
(١) المصدر : يتقرب.
(٢) ما بين القوسين ليس في أ.
(٣) تفسير القمي ١ / ٢٨٧.
(٤) يوجد في المصدر.
(٥) نفس المصدر ٢ / ٦٢.
(٦) المصدر : حتى هرب من بينهم.
(٧) المصدر : موسى.
ليلة. فلما كان يوم عشرة من ذي الحجة ، أنزل الله عليه الألواح ، فيها التوراة وما يحتاجون اليه من أحكام السير والقصص.
وفي أصول الكافي (١) : الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن الحسين (٢) ابن علي الخزاز ، عن عبد الكريم بن عمرو (٣) الخثعمي عن الفضيل (٤) بن يسار ، عن أبي جعفر ـ عليه السلام ـ قال : قلت : لهذا الأمر وقت؟
فقال : كذب الوقاتون. كذب الوقّاتون. كذب الوقّاتون. ان موسى ـ عليه السلام ـ لما خرج وافدا الى ربه ، واعدهم ثلاثين يوما. فلما أن زاده الله على الثلاثين عشرا ، قال قومه : قد أخلفنا موسى ، فصنعوا ما صنعوا. فإذا حدثناكم الحديث ، فجاءكم (٥) على ما حدثناكم به (٦) ، فقولوا صدق الله. وإذا حدثناكم.
الحديث ، فجاء على خلاف ما حدثناكم به ، فقولوا صدق الله ، تؤجروا مرتين] (٧).
(ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ) معبودا (٨).
قيل (٩) : لأن بنفس فعلهم ، لصورة العجل ، لا يكونون ظالمين. لأن فعل ذلك ليس بمحظور. بل مكروه. وأما الخبر الذي روي عنه ـ عليه السلام ـ أنه لعن المصورين ، فالمراد به ، من شبّه الله تعالى ، أو اعتقد أنه صورة.
__________________
(١) الكافي ١ / ٣٦٨ ـ ٣٦٩ ، ح ٥.
(٢) المصدر : الحسن. وهو خطأ.
(٣) المصدر : عمر. وهو خطأ.
(٤) المصدر : الفضل. وهو أيضا.
(٥) المصدر : فجاء.
(٦) ليس في المصدر.
(٧) ما بين القوسين ليس في أ.
(٨) أ : مصورا لان.
(٩) مجمع البيان ١ / ١٠٩.
[وفي عيون الأخبار (١) : بإسناده الى الحسين بن خالد ، عن أبي الحسن ـ عليه السلام ـ. قال : قلت له : كم تجزي البدنة؟
قال : عن نفس واحدة.
قلت : فالبقرة؟
قال : تجزي عن خمسة ، إذا كانوا يأكلون على مائدة واحدة.
قلت : كيف صارت البدنة ، لا تجزي الا عن واحدة والبقرة تجزي عن خمسة؟
قال : لأن البدنة لم يكن فيها من العلة ما كان في البقرة. ان الذين أمروا قوم موسى بعبادة العجل ، كانوا خمسة أنفس. وكانوا أهل بيت يأكلون على خوان واحد. وهم أدينونه (٢). وأخوه ميندونه (٣). وابن أخيه وابنته وامرأته ، هم الذين أمروا بعبادة العجل. وهم الذين ذبحوا البقرة التي أمر الله ـ تبارك وتعالى ـ بذبحها.
عن الرضا ـ عليه السلام ـ (٤) عن أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ حديث طويل.
وفيه : وسأله عن الثور ، ما باله غاض طرفه لا يرفع (٥) رأسه الى السماء؟
قال : حياء من الله لما عبد قوم موسى العجل ، نكس رأسه.
وفي كتاب الخصال (٦) : عن الصادق ـ عليه السلام ـ شبهه ، بتغيير يسير] (٧).
__________________
(١) عيون الاخبار ٣ / ٨٣ ، ح ٢٢.
(٢) المصدر : أذينوية.
(٣) المصدر : مبذونه. ر : يندونه.
(٤) نفس المصدر ١ / ٢٤١ ـ ٢٤٢.
(٥) المصدر : لم يرفع.
(٦) لا يوجد في الخصال. ولكن في علل الشرائع / ٥٩٣ وفي البحار ١ / ٧٦ ، نقلا عن عيون الاخبار وعلل الشرائع. فقط.
(٧) ما بين القوسين ليس في أ.
(مِنْ بَعْدِهِ) : من بعد غيبة موسى ، أو من بعد وعد الله التوراة ، أو من بعد غرق فرعون وما رأيتم من الآيات.
(وَأَنْتُمْ ظالِمُونَ (٥١)) : مضرون بأنفسكم ، بما استحققتم من [العقاب على] (١) اتخاذكم العجل ، معبودا.
روي عن ابن عباس (٢) ، أنه قال : كان السامري ، رجلا من أهل باجرما (٣) قيل كان اسمه مسيحا (٤).
وقال ابن عباس (٥) : اسمه موسى بن ظفر ، من قوم يعبدون البقر. وكان حب عبادة البقر في نفسه. وقد كان أظهر الإسلام في بني إسرائيل. فلما قصد موسى الى ربه وخلف هارون في بني إسرائيل ، قال هارون لقومه : قد حملتم أوزارا من زينة (٦) القوم ، يعنى : آل فرعون. فتطهروا منها. فإنها نجس (٧) ، يعني : انهم استعاروا من القبط ، حليا. واستبدوا بها. فقال هارون : طهروا أنفسكم منها. فإنها نجسة (٨).
وأوقد لهم نارا ، فقال : اقذفوا ما كان معكم فيها.
فجعلوا يأتون بما كان معهم ، من تلك الامتعة والحلي. فيقذفون به فيها.
قال : وكان السامري رأى أثر فرس جبرئيل ـ عليه السلام ـ فأخذ ترابا من أثر حافره. ثم أقبل الى النار.
__________________
(١) ليس في أ.
(٢) مجمع البيان ١ / ١٠٩.
(٣ و ٤) المصدر : با جرمي... ميحا.
(٥) نفس المصدر.
(٦) أ : رتبة.
(٧) ر : منجس.
(٨) أ : نجسة.
فقال : يا هرون! يا نبي الله! ألقى ما في يدي؟
قال : نعم ، وهو لا يدري ما في يده. ويظن أنه مما يجيء به غيره ، من الحلي والأمتعة.
فقذف فيها. وقال : كن عجلا جسدا له خوار. فكان البلاء والفتنة فقال : هذا إلهكم واله موسى. فعكفوا (١) عليه. وأحبوه ، حبا لم يحبوا مثله شيئا ، قط.
وقال ابن عباس : فكان البلاء والفتنة. ولم يزد على هذا.
وقال الحسن (٢) : صار العجل ، لحما ودما.
وقال غيره (٣) : لا يجوز ذلك. لأنه من معجزات الأنبياء.
ومن وافق الحسن ، قال : ان القبضة من أثر الملك. كان الله أجرى العادة بأنها إذا طرحت على أي صورة ، كانت حييت. فليس ذلك بمعجزة. إذ سبيل السامري ، سبيل غيره فيه. ومن لم يجز انقلابه حيا يؤل (٤) الخوار على أن السامري صاغ عجلا. وجعل فيه خروقا ، يدخلها الريح ، فيخرج منها صوت كالخوار.
ودعاهم الى عبادته. فأجابوه. وعبدوه.
(ثُمَّ عَفَوْنا عَنْكُمْ) حين تبتم.
و «العفو» : محو الجريمة ، من عفا ، إذا درس.
(مِنْ بَعْدِ ذلِكَ) ، أي : بعد الاتخاذ.
(لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٥٢)) : لكي تشكروا عفوه.
وفي الاية دلالة على وجوب شكر النعمة. وعلى أن العفو عن الذنب بعد
__________________
(١) أ : فيه.
(٢) نفس المصدر.
(٣) نفس المصدر.
(٤) أ : يزل. وفي الأصل ور : يؤل. والمصدر : تأول.
التوبة ، نعمة من الله تعالى على عباده ، ليشكروه.
[وفي شرح الآيات الباهرة (١) : ان الله ـ تبارك وتعالى ـ وعد موسى ـ عليه السلام ـ لميقاته ، أربعين ليلة. فلما غاب عن قومه ، اتخذوا العجل من بعده.
وقصته مشهورة. ولكن قال الامام ، في تفسيره : ان الله ـ عز وجل ـ أوحى الى موسى : يا موسى بن عمران! «ما خذل هؤلاء بعبادتي واتخاذي إلها الا تهاونهم» (٢) بالصلاة على محمد وآله الطيبين وجحودهم لموالاتهم ونبوة النبي ووصية الوصي ، حتى أداهم ذلك الى أن اتخذوا العجل ، إلها. فإذا كان الله تعالى انما خذل عبدة العجل [الا] (٣) لتهاونهم ، بالصلاة على محمد ووصيه علي. فما تخافون أنتم من الخذلان الأكبر ، في معاندتكم لمحمد وعلي. وقد شاهدتموهما. وتبينتم آياتهما ودلائلهما.
ثم قال ـ عز وجل ـ : (ثُمَّ عَفَوْنا عَنْكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ ، لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) ، أي : عفونا عن أوائلكم وعبادتكم العجل ، لعلكم ، أيها الكائنون في عصر محمد من بني إسرائيل ، تشكرون تلك النعمة على أسلافكم. وعليكم بعدهم.
ثم قال ـ عليه السلام ـ : وانما عفا ـ عز وجل ـ عنهم ، لأنهم دعوا الله ـ عز وجل ـ بمحمد وآله الطيبين. وجددوا على أنفسهم الولاية لمحمد وعلي وآلهما الطاهرين. فعند ذلك ، رحمهم الله ، وعفا عنهم] (٤).
(وَإِذْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَالْفُرْقانَ) ، يعني : التوراة الجامع ، بين كونه كتابا وحجة ، تفرق بين الحق والباطل.
فالعطف لتغاير الوصفين ، أو الفرقان معجزاته الفارقة بين الحق والباطل ، أو
__________________
(١) شرح الآيات الباهرة / ١٨.
(٢) المصدر : ما حد هؤلاء بعبادتهم واتخاذهم إلها غيرى الا لتهاونهم.
(٣) يوجد في المصدر.
(٤) ما بين القوسين ليس في أ.
بين الكفر والايمان ، أو الشرع الفارق بين الحلال والحرام ، أو النصر الذي فرق بينه وبين عدوه ، كقوله تعالى : (يَوْمَ الْفُرْقانِ) (١) ، يريد يوم بدر.
وقيل (٢) : الفرقان ، القرآن.
والتقدير : «وآتينا موسى التوراة. آتينا محمد الفرقان». فحذف ما حذف لدلالة ما أبقاه عليه.
(لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (٥٣)) : لكي تهتدوا بما في التوراة ، من البشارة بمحمد ـ صلى الله عليه وآله ـ وبيان صفته.
[وفي شرح الآيات الباهرة (٣) : قال الامام ـ عليه السلام ـ : واذكروا إذ آتينا موسى الكتاب وهو التوراة الذي أخذ على بني إسرائيل الايمان بها والانقياد لما توجبه.
والفرقان ، آتيناه ـ أيضا ـ وهو فرق ما بين الحق والباطل وفرق ما بين المحقين والمبطلين. وذلك أنه لما أكرمهم (٤) الله بالكتاب والايمان (٥) والانقياد له ، أوحى الله بعد ذلك الى موسى : يا موسى (٦)! هذا الكتاب ، قد أقروا به. وقد بقي الفرقان فرق ما بين المؤمنين والكافرين والمحقين والمبطلين. فجدد عليهم العهد به. فاني آليت على نفسي ، قسما حقا ، لا أقبل (٧) من أحد ، ايمانا ولا عملا ، الا مع الايمان به فقال موسى ـ عليه السلام ـ : ما هو؟ يا رب! قال الله ـ عز وجل ـ : يا موسى! تأخذ على بني إسرائيل ، أن محمدا خير البشر
__________________
(١) الانفال / ٤١.
(٢) مجمع البيان ١ / ١١١.
(٣) شرح الآيات الباهرة.
(٤) المصدر : كرمهم.
(٥ و ٦) ليس في المصدر.
(٧) المصدر : أتقبل.
وسيد المرسلين وأن أخاه ووصيه خير الوصيين وأن أولياءه الذين يقيمهم سادة الخلق وأن شيعته المنقادين له المسلمين له أوامره ونواهيه ولخلفائه (١) ، نجوم الفردوس الأعلى وملوك جنات عدن.
قال : فأخذ عليهم موسى ـ عليه السلام ـ ذلك. فمنهم من اعتقده حقا. ومنهم من أعطاه بلسانه ، دون قلبه. فكان المعتقد منهم حقا ، يلوح على جبينه نور مبين.
ومن أعطاه بلسانه دون قلبه (٢) ، ليس له ذلك النور. فذلك الفرقان الذي أعطاه الله ـ عز وجل ـ موسى وهارون (٣) ، فرق ما بين المحقين والمبطلين.
ثم قال الله ـ عز وجل ـ : لعلكم تهتدون ، أي : لعلكم تعلمون أن الذي يشرف به العبد ، عند الله ـ عز وجل ـ هو اعتقاد الولاية ، كما شرف (٤) به اسلافكم] (٥).
(وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ : يا قَوْمِ! إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخاذِكُمُ الْعِجْلَ. فَتُوبُوا إِلى بارِئِكُمْ) ، أي : فاعزموا على التوبة.
(فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ) ، ان كان توبتهم هي قتل الأنفس. والا فالمراد ، إتمام التوبة بالقتل.
وانما جعل القتل ، توبتهم ، أو من تمامها اشارة ، الى أن من لم يقتل عدوه وهو النفس ، يقتله (٦) ليعتبر غيرهم ، أو اشارة الى أنهم لما صاروا من حزب العجل وتابعيه ، جعلوا في زمرته. لأن العجل خلق للذبح.
__________________
(١) المصدر : الخلفاء به.
(٢) ليس في المصدر.
(٣) المصدر : هو.
(٤) النسخ : يشرف.
(٥) ما بين القوسين ليس في أ.
(٦) أ : لقتله.
و «الباري» : الخالق. بريا من التفاوت ، مع التميز ، بصور وهيئات مختلفة.
وأصل البرء : الخلوص للشيء من غيره ، اما على سبيل التّفصّي ، كقولهم : بريء المريض من مرضه والمديون من دينه ، أو الإنشاء ، كقولهم : برأ الله آدم من الطين.
واختلف في القتل المأمور به ، على أقوال :
أحدها : أن المراد به النجع. وهو أن يقتل كل رجل نفسه. ويهلكه.
وثانيها : أن المراد به قطع الشهوات. والاستسلام للقتل ، على سبيل التوسع.
والثالث : أنهم أمروا بأن يقتل بعضهم بعضا.
والرابع : أنه أمر من لم يعبد العجل ، أن يقتل العبدة. روي أن الرجل يرى بعضه وقريبه. فلم يقدر المضي لأمر الله. فأرسل ضبابة (١) وسحابة سوداء ، لا يتباصرون تحتها. فأخذوا يقتلون من الغداة الى العشي ، حتى دعا موسى وهرون فكشف السحابة. ونزلت التوبة. وكانت القتلى سبعين ألفا.
والخامس : أن السبعين الذي كانوا مع موسى في الطور ، هم الذين قتلوا من عبدة العجل ، سبعين ألفا.
والسادس : أن موسى ـ عليه السلام ـ أمرهم أن يقوموا صفين ، فاغتسلوا ولبسوا أكفانهم. وجاء هارون باثني عشر ألفا ممن لم يعبد العجل. ومعهم الشفار المرهفة. وكانوا يقتلونهم. فلما قتلوا سبعين ألفا ، تاب الله على الباقين. وجعل قتل الماضين ، شهادة لهم.
(ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بارِئِكُمْ) من حيث أنه طهرة من الشرك ووصلة الى الحياة الأبدية.
__________________
(١) ر : حبابة ، الأصل : صبابة.
(فَتابَ عَلَيْكُمْ) ، جواب شرط محذوف ، ان جعل من كلام موسى.
والتقدير : ان فعلتم ما أمرتم به ، فتاب عليكم. ومعطوف على محذوف ان جعل ، من خطابه تعالى لهم ، على سبيل الالتفات. كأنه قال : ففعلتم ما أمرتم به ، فتاب عليكم.
(إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ) الذي يكثر توفيق التوبة ، أو قبولها.
(الرَّحِيمُ (٥٤)) : المبالغ في الانعام ، على التائبين.
[وفي شرح الآيات الباهرة (١) : قال الامام ـ عليه السلام ـ : وفق الله لهم والقتل لم يقض بعد اليهم ، إذ (٢) ، قالوا : أو ليس الله قد جعل التوسل بمحمد وآله الطيبين ، أمرا لا تخيب معه طلبة ولا ترد به مسألة؟ وهكذا توسلت الأنبياء والرسل. فما لنا لا نتوسل بهم؟
قال : فاجتمعوا. وضجوا : يا ربنا! بجاه محمد الأكرم. وبجاه علي الأفضل (٣) وبجاه فاطمة الفضلى. وبجاه الحسن والحسين ، سبطي سيد النبيين وسيدي شباب أهل الجنان أجمعين. وبجاه الذرية الطيبة الطاهرة (٤) ، من آل طه ويس ، لمّا غفرت لنا ذنوبنا وغفرت لنا هفواتنا وأزلت هذا القتل عنا.
فذلك حين نودي موسى ـ عليه السلام ـ من السماء ، أن كف القتل. فقد سألني بعضهم مسألة. وأقسم علي قسما لو أقسم به هؤلاء العابدون للعجل (٥).
وسألني بعضهم حتى لا يعبدوه ، لأجبتهم. ولو أقسم [علي بها إبليس ، لهديته.
__________________
(١) شرح الآيات الباهرة / ١٩.
(٢) كذا في المصدر. وفي الأصل ور : ان.
(٣) المصدر : الأفضل الأعظم.
(٤) المصدر : الطاهرين.
(٥) المصدر العجل.
ولو أقسم] (١) بها ثمود وفرعون ، لنجيته.
فرفع عنهم القتل. فجعلوا يقولون : يا حسرتنا! [أين] (٢) كنا عن هذا الدعاء بمحمد وآله الطيبين ، حتى كان الله يقينا شرّ الفتنة. ويعصمنا بأفضل العصمة] (٣).
(وَإِذْ قُلْتُمْ : يا مُوسى! لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ) ، أي : لأجل قولك ، او لن نقرّ لك.
(حَتَّى نَرَى اللهَ جَهْرَةً) : عيانا.
وهي في الأصل ، مصدر قولك جهرت بالقراءة ، استعير (٤) للمعاينة. والجامع بينهما ، الإدراك ، بلا ساتر.
ونصبها على المصدر. لأنه نوع من الرؤية ، أو الحال من الفاعل ، أو المفعول : أما على مذهب غير المبرد ، فمطلقا. وأما على مذهبه ، فلما مر من التعليل في المصدر. لأنه ذهب الى أن الحال ، لا يكون مصدرا ، الا إذا كان نوعا من عامله.
وقرئ جهرة ـ بالفتح ـ على أنه مصدر ، كالغلبة ، أو جمع جاهر ، كالكتبة.
فيكون حالا.
وقيل (٥) : ان قوله جهرة ، صفة لخطابهم لموسى ـ عليه السلام ـ وتقديره : وإذ قلتم جهرة ، لن نؤمن لك حتى نرى الله.
وهو ضعيف.
__________________
(١) ليس في المصدر. ولكن الكاتب أشار بعلامة الى وجود سقط ، لكنه لم يذكره.
(٢) يوجد في المصدر.
(٣) ما بين القوسين ليس في أ.
(٤) أ : أستعيره.
(٥) مجمع البيان ١ / ١١٥.
والقائلون ، هم السبعون الذين اختارهم موسى للميقات ، وقيل عشرة الالف من قومه. والمؤمن به ، جميع ما جاء به موسى. وقيل : ان الله الذي أعطاك التوراة وكلمك ، أو انك نبى (١) وطلب المستحيل. فانّهم ظنّوا أنّه تعالى يشبه الأجسام وطلبوا رؤيته. وهي محال.
روى (٢) أنّه جاءت نار من السّماء فأحرقتهم. وقيل : صيحة. وقيل : جنود ، سمعوا لحسيسها. فخروا صعقين ميّتين ، يوما وليلة.
(وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (٥٥)) الى ما أصابكم ، أو الى أثره.
واستدل أبو القاسم البلخي (٣) بهذه الاية ، على أن الرؤية ، لا يجوز على الله تعالى. قال : لانّها انكار ، تضمّن أمرين : ردهم على نبيّهم ، وتجويزهم الرؤية ، على ربّهم. ويؤيّد ذلك قوله تعالى (٤) : (فَقَدْ سَأَلُوا مُوسى أَكْبَرَ مِنْ ذلِكَ. فَقالُوا : أَرِنَا اللهَ جَهْرَةً). فدل ذلك ، على أن المراد ، انكار كلا الامرين.
أقول : وفي الاية ، مع قوله : (فَقَدْ سَأَلُوا مُوسى) (الخ) ، دلالة على أن الرد (٥) على النبي واعتقاد جواز الرؤية ، كل واحد منها ، علة لاخذ الصاعقة والعذاب.
ومن البيّن ، عدم التّفاوت ، بين عدم جواز الرؤية في الدنيا وعدم جوازها في الاخرة. والمنازع ، مكابر مع قضيّة العقل. فمعتقد جوازها في الاخرة ، مشارك (٦) معتقد جوازها في الدنيا ، في علة استحقاق العذاب ، كالراد على النبي. وبذلك يثبت (٧)
__________________
(١ و ٢) أنوار. التنزيل ١ / ٥٧.
(٣) ر. مجمع البيان ١ / ١١٥.
(٤) النساء / ١٥٣.
(٥) أ : على المرد.
(٦) أ : شارك.
(٧) ر : يظهر.