الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-051-X
الصفحات: ٥٠٢
تقريره علىٰ الحجّ إبطال لمنافعه عليه ، وبه قال الشافعي (١) .
وقال أبو حنيفة : له تحليله ، سواء أحرم بإذنه أو بغير إذنه (٢) .
ولو أذن له في الإحرام ، فله الرجوع قبل أن يُحْرم ، فإن رجع ولم يعلم به العبد فأحرم ، فله تحليله .
وللشافعي وجهان (٣) .
ولو أذن له في العمرة فأحرم بالحجّ ، فله تحليله ، ولو كان بالعكس ، لم يكن له تحليله ؛ لأنّ العمرة دون الحجّ ، قاله الشافعي (٤) . وفيه نظر .
ولو أذن له في التمتّع ، فله منعه من الحجّ بعد ما تحلّل عن العمرة ، قاله الشافعي (٥) . وفيه إشكال . وليس له تحليله من العمرة ولا من الحجّ بعد تلبّسه به .
ولو أذن له في الحجّ أو في التمتّع ، فقرن ، قال الشافعي : ليس له تحليله (٦) .
ولو أذن له أن يُحرم في ذي القعدة فأحرم في شوّال ، فله تحليله قبل ذي القعدة لا بعده .
البحث الثاني : في المحصور
مسألة ٧١٢ : إذا تلبّس الحاجّ بالإحرام ثم مرض بحيث لا يتمكّن معه
__________________
(١) المهذّب ـ للشيرازي ـ ١ : ٢٤٢ ، المجموع ٧ : ٤٣ ـ ٤٤ ، فتح العزيز ٨ : ٢٢ ـ ٢٣ ، حلية العلماء ٣ : ٣٥٨ ، الحاوي الكبير ٤ : ٣٦٢ .
(٢) المبسوط ـ للسرخسي ـ ٤ : ١٦٥ ، بدائع الصنائع ٢ : ١٨١ ، فتح العزيز ٨ : ٢٣ .
(٣) فتح العزيز ٨ : ٢٣ ، المجموع ٧ : ٤٤ .
(٤) فتح العزيز ٨ : ٢٣ ـ ٢٤ ، المجموع ٧ : ٤٥ .
(٥ و ٦) فتح العزيز ٨ : ٢٤ ، المجموع ٧ : ٤٦ .
من المضي إلىٰ مكّة أو إلىٰ الموقفين ، بعث بهديه مع أصحابه ليذبحوه عنه في موضع الذبح ، فإن كان قد ساق هدياً ، بعث ما ساقه ، وإن لم يكن ساق ، بعث هدياً أو ثمنه .
ولا يحلّ حتىٰ يبلغ الهدي محلّه ، وهو منىٰ إن كان حاجّاً ، ومكّة إن كان معتمراً . فإذا بلغ الهدي محلّه ، أحلّ من كلّ شيء إلّا من النساء إلىٰ أن يطوف في القابل أو يأمر مَنْ يطوف عنه ، فتحلّ له النساء حينئذٍ ـ هذا مذهب علمائنا ، وبه قال ابن مسعود وعطاء والثوري والنخعي وأصحاب الرأي وأحمد في إحدىٰ الروايتين ، إلّا أنّ أصحاب الرأي لم يعتبروا طواف النساء ، بل قالوا : يحلّ بالبلوغ إلىٰ المحلّ (١) ـ لقوله تعالىٰ : ( فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ) (٢) .
وما رواه العامّة عن النبي صلىاللهعليهوآله ، قال : ( مَنْ كُسِر أو عرج فقد حلّ وعليه حجّة اُخرىٰ ) (٣) .
وفي رواية ( وعليه الحجّ من قابل ) (٤) .
ومن طريق الخاصّة : قول الصادق عليهالسلام في رجل اُحصر [ فبعث بالهدي ] (٥) قال : « يواعد أصحابه ميعاداً ، فإن كان في حجّ فمحلّ الهدي [ يوم ] (٦)
__________________
(١) المغني ٣ : ٣٨٢ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٣٨ ، المبسوط ـ للسرخسي ـ ٤ : ١٠٧ ، فتح العزيز ٨ : ٨ ـ ٩ ، المجموع ٨ : ٣٥٥ ، تفسير القرطبي ٢ : ٣٧٥ ، وانظر أيضاً : الخلاف ـ للطوسي ـ ٢ : ٤٢٨ ، المسألة ٣٢٢ .
(٢) البقرة : ١٩٦ .
(٣) سنن النسائي ٥ : ١٩٩ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١٠٢٨ / ٣٠٧٧ ، سنن الترمذي ٣ : ٢٧٧ / ٩٤٠ .
(٤) سنن ابن ماجة ٢ : ١٠٢٨ / ٣٠٧٨ ، سنن النسائي ٥ : ١٩٩ ، سنن أبي داود ٢ : ١٧٣ / ١٨٦٢ ، سنن البيهقي ٥ : ٢٢٠ .
(٥ و ٦) أضفناها من المصدر .
النحر » (١) الحديث .
وقال الشافعي : لا يجوز له التحلّل أبداً إلىٰ أن يأتي به ، فإن فاته الحجّ ، تحلّل بعمرة ـ وبه قال ابن عمر وابن عباس ومالك وأحمد في الرواية الاُخرىٰ ـ لأنّه لا يستفيد بالإحلال الانتقال من حاله ولا التخلّص من الأذىٰ الذي به ، بخلاف حصر العدوّ (٢) .
ونمنع عدم الانتقال ، وعدم المخلص من الأذىٰ لا يمنع من التحلّل .
مسألة ٧١٣ : إذا بعث الهدي ، انتظر وصوله إلىٰ المحلّ ، فإذا كان يوم المواعدة ، قصّر من شعر رأسه ، وأحلّ من كلّ شيء أحرم منه إلّا النساء ، فإنّهنّ لا يحللن له حتىٰ يحجّ من قابل ، ويطوف طواف النساء إن كان الحجّ واجباً ، أو يطاف عنه في القابل إن كان تطوّعاً ، قاله علماؤنا ، ولم يعتبر الجمهور ذلك ، بل حكم بعضهم بجواز الإحلال مطلقاً ، وآخرون بالمنع مطلقاً (٣) ، وقد قال الصادق عليهالسلام ـ في الصحيح ـ : « المحصور لا تحلّ له النساء » (٤) .
ولو وجد من نفسه خفّةً بعد بعث هديه وأمكنه اللحوق بأصحابه ، لحق ؛ لأنّه مُحْرم بأحد النسكين ، فيجب عليه إتمامه ؛ للآية (٥) ، فإن أدرك أحد الموقفين ، أدرك الحجّ ، وإن فاتاه معاً ، فاته الحجّ ، وكان عليه الحجّ من قابل ؛ للرواية الصحيحة عن الباقر عليهالسلام ، قال : « إذا اُحصر الرجل بعث
__________________
(١) التهذيب ٥ : ٤٢١ ـ ٤٢٢ / ١٤٦٥ .
(٢) فتح العزيز ٨ : ٨ ، المجموع ٨ : ٣١٠ ، المنتقىٰ ـ للباجي ـ ٢ : ٢٧٦ ، المغني ٣ : ٣٨٢ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٣٨ .
(٣) اُنظر : ما تقدّم في المسألة السابقة (٧١٢) .
(٤) الكافي ٤ : ٣٦٩ / ٣ ، الفقيه ٢ : ٣٠٤ ـ ٣٠٥ / ١٥١٢ ، التهذيب ٥ : ٤٢٣ / ١٤٦٧ .
(٥) البقرة : ١٩٦ .
هديه ، فإن أفاق ووجد من نفسه خفّةً فليمض إن ظنّ أن يدرك هديه قبل أن ينحر ، فإن قدم مكّة قبل أن ينحر هديه فليقم علىٰ إحرامه حتىٰ يقضي المناسك وينحر هديه ولا شيء عليه ، وإن قدم مكّة وقد نحر هديه ، فإنّ عليه الحجّ من قابل والعمرة » قلت : فإن مات قبل أن ينتهي إلىٰ مكّة ؟ قال : « إن كانت حجّة الإسلام يحجّ عنه ويعتمر فإنّما هو شيء عليه » (١) .
مسألة ٧١٤ : لو تحلّل يوم الميعاد ثم ظهر أنّ أصحابه لم يذبحوا عنه ، لم يبطل تحلّله ، ووجب عليه أن يبعث به في القابل ليذبح عنه في موضع الذبح ؛ لأنّ تحلّله وقع مشروعاً .
وقال الصادق عليهالسلام ـ في الصحيح ـ : « فإن ردّوا عليه الدراهم ولم يجدوا هدياً ينحرونه وقد أحلّ لم يكن عليه شيء ولكن يبعث من قابل ويمسك أيضاً » (٢) .
قال الشيخ رحمهالله : إذا بعث في العام المقبل ، وجب عليه أن يمسك ممّا يمسك عنه المُحْرم إلىٰ أن يذبح عنه (٣) ؛ لهذه الرواية .
ومنعه ابن إدريس (٤) ؛ للأصل ، ولأنّه ليس بمُحْرم فكيف يحرم عليه شيء وهو غير مُحْرم ولا في الحرم ! ؟
وكذا مَنْ بعث هدياً تطوّعاً من اُفق من الآفاق ، قال الشيخ رحمهالله : يواعد أصحابه يوماً بعينه ، ثم يجتنب ما يجتنبه المُحْرم من الثياب والنساء والطيب وغير ذلك ، إلّا أنّه لا يلبّي ، فإن فَعَل ما يحرم علىٰ المُحْرم ، كان عليه
__________________
(١) التهذيب ٥ : ٤٢٢ ـ ٤٢٣ / ١٤٦٦ .
(٢) التهذيب ٥ : ٤٢١ ـ ٤٢٢ / ١٤٦٥ .
(٣) النهاية : ٢٨٢ .
(٤) السرائر : ١٥١ .
الكفّارة ، كما تجب علىٰ المُحْرم سواء ، فإذا كان اليوم الذي وأعدهم ، أحلّ ، وإن بعث بالهدي من اُفق من الآفاق يواعدهم يوماً بعينه بإشعاره وتقليده ، فإذا كان ذلك اليوم ، اجتنب ما يجتنبه المُحْرم إلىٰ أن يبلغ الهدي محلّه ، ثم إنّه أحلّ من كلّ شيء أحرم منه (١) .
لقول الصادق عليهالسلام ـ في الصحيح ـ في الرجل يرسل بالهدي تطوّعاً ، قال : « يواعد أصحابه يوماً يقلّدون فيه ، فإذا كان تلك الساعة من ذلك اليوم اجتنب ما يجتنبه المُحْرم ، فإذا كان يوم النحر أجزأ عنه ، فإنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله حيث صدّه المشركون يوم الحديبيّة نحر بدنته ورجع إلىٰ المدينة » (٢) وغيرها من الروايات .
ومنع ابن إدريس (٣) من ذلك .
مسألة ٧١٥ : الحاجّ والمعتمر في ذلك سواء ، إذا اُحصر المعتمر ، فَعَل ما ذكرناه ، وكانت عليه العمرة في الشهر الداخل واجبةً إن كانت العمرة واجبةً ، وإلّا نفلاً .
ولو احتاج المحصر إلىٰ حلق رأسه لأذىٰ ، ساغ له ذلك ويفدي ؛ لقول الباقر عليهالسلام : « إذا اُحصر الرجل فبعث بهديه وأذاه رأسه قبل أن ينحر فحلق رأسه فإنّه يذبح في المكان الذي اُحصر فيه أو يصوم أو يطعم ستّة مساكين » (٤) .
ولو كان المحصر قد أحرم بالحجّ قارناً ، قال الشيخ : لم يجز له أن
__________________
(١) النهاية : ٢٨٣ .
(٢) التهذيب ٥ : ٤٢٤ / ١٤٧٣ .
(٣) السرائر : ١٥٢ .
(٤) التهذيب ٥ : ٤٢٣ / ١٤٦٩ .
يحجّ في القابل إلّا قارناً ، وليس له التمتّع بل يدخل في مثل ما خرج منه (١) ؛ لقول الباقر والصادق عليهماالسلام : « القارن يحصر وقد قال واشترط فحلّني حيث حبستني يبعث بهديه » قلنا : هل يستمتع (٢) من قابل ؟ قال : « لا ، ولكن يدخل بمثل ما خرج منه » (٣) .
والوجه : أنّه إن كان القران واجباً ، وجب عليه القران ، وإلّا فلا .
مسألة ٧١٦ : قال ابن بابويه وأبوه : إذا قرن الرجل الحجَّ والعمرةَ واُحصر ، بعث هدياً مع هديه ، ولا يحلّ حتىٰ يبلغ الهدي محلّه (٤) . فأوجبا هدياً مع هدي السياق . وقوّاه ابن إدريس (٥) ؛ لقوله تعالىٰ : ( فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ) (٦) فأوجب هدياً للإحصار .
وأصحابنا قالوا : يبعث بهديه الذي ساقه (٧) ، ولم يوجبوا بعث هدي آخر .
وقال ابن إدريس : معنىٰ قولهما : إذا قرن الحجّ والعمرة أن يقرن مع كلّ واحد منهما علىٰ الانفراد هدياً يشعره أو يقلّده ، فيخرج من ملكه بذلك وإن لم يكن ذلك واجباً عليه بنذر ، ولم يقصد أن يحرم بهما جميعاً ويقرن بينهما في الإحرام ؛ لأنّ ذلك مذهب مَنْ خالفنا في حدّ القران (٨) .
مسألة ٧١٧ : إذا اشترط في إحرامه ، فله التحلّل من دون إنفاذ هدي إلّا
__________________
(١) المبسوط ـ للطوسي ـ ١ : ٢٣٥ .
(٢) كذا ، وفي المصدر : يتمتّع .
(٣) التهذيب ٥ : ٤٢٣ / ١٤٦٨ .
(٤) الفقيه ٢ : ٣٠٥ ذيل الحديث ١٥١٢ ، وحكاه عن علي بن بابويه ابنُ إدريس في السرائر : ١٥١ .
(٥) السرائر : ١٥١ .
(٦) البقرة : ١٩٦ .
(٧) كما في السرائر : ١٥١ .
(٨) السرائر : ١٥١ .
أن يكون ساقه وأشعره أو قلّده ، فإن كان فلينفذه ، وإن لم يكن ساق بل اشترط ، فله التحلّل إذا بلغ الهدي محلّه ، وهو يوم النحر ، فإذا كان يوم النحر فليتحلّل من جميع ما أحرم منه إلّا النساء .
وروىٰ المفيد عن الصادق عليهالسلام : « المحصور بالمرض إن كان ساق هدياً أقام علىٰ إحرامه حتىٰ يبلغ الهدي محلّه ثم يحلّ ، ولا يقرب النساء حتىٰ يقضي المناسك من قابل ، هذا إذا كان في حجّة السلام ، فأمّا حجّة التطوّع فإنّه ينحر هديه وقد حلّ ممّا كان أحرم منه ، فإن شاء حجَّ من قابل ، وإن لم يشأ لم يجب عليه الحجّ » (١) .
قال ابن إدريس : المحصور يفتقر إلىٰ نيّة التحلّل كما دخل في الإحرام بنيّة (٢) . وهو حسن .
البحث الثالث : في حكم الفوات .
مسألة ٧١٨ : مَنْ لم يقف بالموقفين في وقتهما فاته الحجّ إجماعاً ، فيتحلّل بطواف وسعي وحلاق ، ويسقط عنه بقية أفعال الحجّ من الرمي والمبيت ، عند علمائنا ـ وبه قال عمر وابنه وزيد بن ثابت وابن عباس وابن الزبير ومالك والثوري والشافعي وأحمد في إحدىٰ الروايتين وأصحاب الرأي (٣) ـ لأنّ باقي أفعال الحجّ تترتّب علىٰ الوقوف وقد فاته (٤) ، فتفوت
__________________
(١) المقنعة : ٧٠ .
(٢) السرائر : ١٥٢ .
(٣) المغني ٣ : ٥٦٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٢٣ ، فتح العزيز ٨ : ٤٨ ـ ٤٩ ، المهذّب ـ للشيرازي ـ ١ : ٢٤٠ ، المجموع ٨ : ٢٨٦ و ٢٩٠ ، روضة الطالبين ٢ : ٤٥٢ ، الحاوي الكبير ٤ : ٢٣٦ .
(٤) في « ق ، ك » : فات .
هي بفواته .
وما رواه العامّة عن عمر ، أنّه قال لأبي أيّوب حين فاته الحجّ : اصنع ما يصنع المعتمر ثم قد حللت ، فإن أدركت الحجّ قابلاً فحجّ وأهد ما استيسر من الهدي (١) .
ومن طريق الخاصّة : قول الصادق عليهالسلام في رجل جاء حاجّاً ففاته الحجّ ولم يكن طاف ، قال : « يقيم مع الناس حراماً أيّام التشريق ولا عمرة فيها ، فإذا انقضت طاف بالبيت وسعىٰ بين الصفا والمروة وأحلّ ، وعليه الحجّ من قابل يُحْرم من حيث أحرم » (٢) .
وقال أحمد في الرواية الاُخرىٰ : يمضي في حجّ فاسد . وبه قال المزني ، قال : يلزمه جميع أفعال الحجّ إلّا الوقوف (٣) .
وقال مالك في رواية اُخرىٰ عنه : لا يحلّ ، بل يقيم علىٰ إحرامه حتىٰ إذا كان من قابل أتىٰ بالحجّ ، فوقف وأكمل الحجّ (٤) .
وفي رواية ثالثة عنه : أنّه يحلّ بعمرة مفردة ، ولا يجب عليه القضاء (٥) .
وقول المزني باطل ؛ لأنّ الإتيان بالأفعال الباقية لا يخرجه عن
__________________
(١) ترتيب مسند الشافعي ١ : ٣٨٤ / ٩٩٠ ، سنن البيهقي ٥ : ١٧٤ .
(٢) التهذيب ٥ : ٢٩٥ / ٩٩٩ .
(٣) المغني ٣ : ٥٦٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٢٥ ، مختصر المزني : ٦٩ ، الحاوي الكبير ٤ : ٢٣٦ ، الخلاف ـ للشيخ الطوسي ـ ٢ : ٣٧٥ ذيل المسألة ٢١٩ .
(٤) حلية العلماء ٣ : ٣٥٥ ، الحاوي الكبير ٤ : ٢٣٦ ، الخلاف ـ للشيخ الطوسي ـ ٢ : ٣٧٥ ، ذيل المسألة ٢١٩ .
(٥) حكاه عنه الشيخ الطوسي في الخلاف ٢ : ٣٧٥ ذيل المسألة ٢١٩ ، وانظر : المغني ٣ : ٥٦٨ ، والشرح الكبير ٣ : ٥٢٥ ، والحاوي الكبير ٤ : ٢٣٨ .
العهدة ، فلا فائدة فيها . وقياسه علىٰ المفسد باطل ؛ لأنّ الجناية وقعت هناك من المفسد ، فكان التفريط من قِبَله ، بخلاف الفوات .
وقول مالك يشتمل علىٰ ضرر عظيم ، فيكون منفيّاً .
مسألة ٧١٩ : إذا فاته الحجّ جعل حجّه عمرةً مفردة ، فيطوف ويسعىٰ ويحلق ، عند علمائنا أجمع ـ وبه قال ابن عباس وابن الزبير وعطاء وأحمد وأصحاب الرأي (١) ـ لما رواه العامّة عن النبي صلىاللهعليهوآله ، قال : ( مَنْ فاته الحجّ فعليه دم ، وليجعلها عمرة ، وليحجّ من قابل ) (٢) .
ومن طريق الخاصّة : قول الرضا عليهالسلام في الذي إذا ( أدركه الإنسان فقد أدرك الحجّ ) (٣) فقال : « إذا أتىٰ جَمْعاً والناس بالمشعر الحرام قبل طلوع الشمس فقد أدرك الحج ولا عمرة له ، وإن أدرك جَمْعاً بعد طلوع الشمس فهي عمرة مفردة ولا حجّ له ، وإن شاء أن يقيم بمكّة أقام ، وإن شاء أن يرجع إلىٰ أهله رجع ، وعليه الحجّ من قابل » (٤) .
وقال الصادق عليهالسلام ـ في الصحيح ـ : « أيّما حاجّ سائق للهدي أو مفرد للحجّ أو متمتّع بالعمرة إلىٰ الحجّ قدم وقد فاته الحجّ فليجعلها عمرة وعليه الحجّ من قابل » (٥) .
وقال مالك والشافعي : لا يصير إحرامه بعمرة ، بل يتحلّل بطواف
__________________
(١) المغني ٣ : ٥٦٦ ـ ٥٦٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٢٣ ـ ٥٢٤ ، المبسوط ـ للسرخسي ـ ٤ : ١٧٤ ، فتح العزيز ٨ : ٥٢ ، المجموع ٨ : ٢٩٠ .
(٢) أورده ابنا قدامة في المغني ٣ : ٥٦٧ ، والشرح الكبير ٣ : ٥٢٤ .
(٣) بدل ما بين القوسين في الطبعة الحجرية و « ق ، ك » : أدرك الناس ، وما أثبتناه هو الموافق للمصدر .
(٤) التهذيب ٥ : ٢٩٤ / ٩٩٧ ، الاستبصار ٢ : ٣٠٦ ـ ٣٠٧ / ١٠٩٤ .
(٥) التهذيب ٥ : ٢٩٤ / ٩٩٨ ، الاستبصار ٢ : ٣٠٧ / ١٠٩٥ .
وسعي وحلاق ؛ لأنّه أحرم بأحد النسكين لا ينقلب إلىٰ الآخر ، كما لو أحرم بالعمرة (١) .
والفرق : فوات الحجّ ، وإمكان الإتيان بالعمرة من غير فوات فيها ، فلا حاجة إلىٰ انقلاب إحرامها .
ولا بدّ من نيّة الاعتمار ، خلافاً لبعض العامّة ، وأوجبوا الإتيان بأفعالها (٢) .
مسألة ٧٢٠ : إذا فاته الحجّ ، استحبّ له المقام بمنىٰ إلىٰ انقضاء أيّام التشريق ، وليس عليه شيء من أفعال الحجّ ولا حلق ولا تقصير ، بل يقصّر إذا تحلّل بعمرة بعد طوافها وسعيها .
وهل يجب علىٰ مَنْ فاته الحجّ الهدي ؟ الأقرب : المنع ـ وهو قول أصحاب الرأي (٣) ـ لأصالة براءة الذمّة ، ولأنّه لو كان الفوات سبباً لوجوب الهدي ، لوجب علىٰ المحصر هديان : واحد للفوات ، وآخر للإحصار .
ونقل الشيخ ـ رحمهالله ـ عن بعض علمائنا وجوبَ الهدي (٤) ـ وبه قال الشافعي وأكثر الفقهاء (٥) . وعن أحمد روايتان (٦) ـ لقول الصادق عليهالسلام في
__________________
(١) المغني ٣ : ٥٦٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٢٤ ، فتح العزيز ٨ : ٥٢ ، المجموع ٨ : ٢٨٧ و ٢٩٠ ، روضة الطالبين ٢ : ٤٥٢ ، الحاوي الكبير ٤ : ٢٣٦ .
(٢) المغني ٣ : ٥٦٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٢٤ .
(٣) الكتاب بشرح اللباب ١ : ٢٢١ ، المغني ٣ : ٥٦٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٢٦ ، حلية العلماء ٣ : ٣٥٤ ، فتح العزيز ٨ : ٥٤ ، المجموع ٨ : ٢٩٠ ، الحاوي الكبير ٤ : ٢٣٩ .
(٤) الخلاف ٢ : ٣٧٤ ، المسألة ٢١٩ .
(٥) الوجيز ١ : ١٣١ ، فتح العزيز ٨ : ٥٤ ، الحاوي الكبير ٤ : ٢٣٩ ، المجموع ٨ : ٢٨٧ و ٢٩٠ ، روضة الطالبين ٢ : ٤٥٢ ، حلية العلماء ٣ : ٣٥٤ ، المغني ٣ : ٥٦٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٢٦ .
(٦) المغني ٣ : ٥٦٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٢٦ .
نفر فاتهم الحجُّ : « عليهم أن يهريق كلّ واحد (١) منهم دم شاة » (٢) .
ولأنّه حلّ من إحرامه قبل إتمامه ، فلزمه الهدي ، كالمحصر .
والخبر محمول علىٰ الاستحباب . ونمنع الحلّ قبل إتمامه ، وإنّما نقله إلىٰ العمرة ، والنقل جائز .
ولو كان قد ساق هدياً ، نحره بمكّة ؛ لأنّه تعيّن للإهداء ، فلا يسقط بالفوات ، فإن قلنا بوجوب الهدي ، ذبحه في ذلك العام ، ولا يجوز له تأخيره إلىٰ القابل ـ [ وهو أحد قولي الشافعي ] (٣) (٤) ـ كالمدرك لأفعال الحجّ ، ولأنّ الهدي واجب علىٰ الفور ؛ لأنّه جزء من الحجّ .
والثاني للشافعي : يجوز (٥) .
وعلىٰ الأوّل لو أخّره ، عصىٰ ، ووجب عليه ذبحه ، ولا يجزئه عن هدي القضاء ، لأنّ القضاء إحرام ، فيجب فيه الهدي ؛ للآية (٦) .
مسألة ٧٢١ : إذا كان الفائت واجباً ، كحجّة الإسلام والمنذورة وغيرهما ، وجب القضاء ، ولا تجزئه العمرة التي فَعَلها للتحلّل ، وإن لم يكن الحجّ واجباً ، لم يجب عليه القضاء ـ وبه قال عطاء وأحمد في
__________________
(١) في « ق ، ك » والفقيه : رجل ، بدل واحد .
(٢) الكافي ٤ : ٤٧٥ / ١ ، الفقيه ٢ : ٢٨٤ / ١٣٩٥ ، التهذيب ٥ : ٢٩٥ / ١٠٠٠ ، الاستبصار ٢ : ٣٠٧ / ١٠٩٧ .
(٣) أضفناها لأجل السياق .
(٤ و ٥) المهذّب ـ للشيرازي ـ ١ : ٢٤٠ ، المجموع ٨ : ٢٨٧ ، حلية العلماء ٣ : ٣٥٥ ، الحاوي الكبير ٤ : ٢٣٩ .
(٦) البقرة : ١٩٦ .
إحدىٰ الروايتين ، ومالك في أحد القولين (١) ـ لأنّ النبي صلىاللهعليهوآله لمّا سُئل عن الحجّ أكثر من مرّة ، قال : ( بل مرّة واحدة ) (٢) ولو أوجبنا القضاء ، كان أكثر من مرّة .
وعن الصادق عليهالسلام في القوم الذين فاتهم الحجّ قال : « ليس عليهم من قابل » (٣) ولا يمكن ذلك في الواجب فيحمل علىٰ النفل .
ولأنّه معذور في ترك إتمام حجّه ، فلا يلزمه القضاء ، كالمحصر . ولأنّها عبادة غير واجبة ، فلا يجب قضاؤها بالفوات ، كسائر العبادات .
وقال الشافعي : يجب القضاء وإن كان الحجّ تطوّعاً ـ وبه قال ابن عباس وابن الزبير وأصحاب الرأي ومالك في القول الثاني وأحمد في الرواية الثانية ـ لقول النبي صلىاللهعليهوآله : ( مَنْ فاته عرفات فقد فاته الحجّ فليتحلّل (٤) بعمرة وعليه الحجّ من قابل ) (٥) .
ولأنّه يجب بالشروع فيه (٦) .
وتُحمل الرواية علىٰ الحجّ الواجب ، وإنّما يجب بالشروع مع إمكانه .
وإن كان الفائتُ حجّة الإسلام ، وجب قضاؤها إجماعاً علىٰ الفور
__________________
(١) المغني ٣ : ٥٦٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٢٥ ، فتح العزيز ٨ : ٥٣ ، الحاوي الكبير ٤ : ٢٣٨ .
(٢) المستدرك ـ للحاكم ـ ٢ : ٢٩٣ ، سنن ابن ماجة ٢ : ٩٦٣ / ٢٨٨٦ ، مصنّف ابن أبي شيبة ٤ : ٨٥ ، المغني ٣ : ٥٦٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٢٥ .
(٣) الكافي ٤ : ٤٧٥ ـ ٤٧٦ / ١ ، الفقيه ٢ : ٢٨٤ / ١٣٩٥ ، التهذيب ٥ : ٢٩٥ / ١٠٠٠ ، الاستبصار ٢ : ٣٠٧ / ١٠٩٧ .
(٤) في المصادر : فليحلّ .
(٥) سنن الدارقطني ٢ : ٢٤١ / ٢٢ ، المغني ٣ : ٥٦٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٢٥ .
(٦) فتح العزيز ٨ : ٥٣ ، المجموع ٨ : ٢٨٧ ، روضة الطالبين ٢ : ٤٥٢ ، الحاوي الكبير ٤ : ٢٣٨ ، المغني ٣ : ٥٦٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٢٥ .
عندنا ـ وهو ظاهر مذهب الشافعي (١) ـ لأنّ القضاء كالأداء ، وقد بيّنّا وجوب الأداء علىٰ الفور وكذا قضاؤه .
ومن الشافعية مَنْ قال : إنّها علىٰ التراخي (٢) .
وإذا قضاه في العام المقبل ، أجزأه عن الحجّة الواجبة إجماعاً .
وإذا فاته الحجّ ، نقل إحرامه إلىٰ العمرة ، ولا يحتاج إلىٰ تجديد إحرام آخر للعمرة ، وهذه العمرة المأتي بها للتحلّل لا تُسقط وجوب العمرة التي للإسلام إن كانت الفائتةُ حجّةَ الإسلام ؛ لوجوب الإتيان بالحجّ والعمرة في سنة واحدة .
وهل يجب علىٰ فائت الحجّ التحلّل ؟ الأقرب ذلك ، فلو أراد البقاء علىٰ إحرامه إلىٰ القابل ليحجّ من قابل ، فالظاهر من الروايات المنع ؛ لأنّهم عليهمالسلام أوجبوا عليه الإتيان بطواف وسعي (٣) ، وحكموا بانقلاب الحجّ إلىٰ العمرة (٤) ، وبه قال الشافعي وأصحاب الرأي وابن المنذر (٥) ؛ لقوله عليهالسلام : ( مَنْ فاته الحجّ فعليه دم وليجعلها عمرة ) (٦) .
وقال مالك : يجوز ؛ لأنّ تطاول المدّة بين الإحرام وفعل النسك لا يمنع عن إتمامه ، كالعمرة (٧) .
__________________
(١ و ٢) فتح العزيز ٧ : ٤٧٣ و ٨ : ٥٣ ، المهذّب ـ للشيرازي ـ ١ : ٢٢٢ و ٢٤٠ ، المجموع ٧ : ٣٨٩ و ٨ : ٢٨٧ ، الحاوي الكبير ٤ : ٢٢١ .
(٣) التهذيب ٥ : ٢٩٥ / ٩٩٩ .
(٤) الكافي ٤ : ٤٧٦ / ٢ ، التهذيب ٥ : ٢٩٤ / ٩٩٨ ، الإستبصار ٢ : ٣٠٧ / ١٠٩٥ .
(٥) المغني ٣ : ٥٦٩ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٢٧ .
(٦) أورده ابنا قدامة في المغني ٣ : ٥٦٧ ، والشرح الكبير ٣ : ٥٢٤ .
(٧) المنتقىٰ ـ للباجي ـ ٢ : ٢٧٨ ، التفريع ١ : ٣٥١ ، حلية العلماء ٣ : ٣٥٥ ، المغني ٣ : ٥٦٩ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٢٧ .
ولا فرق بين المكّي وغيره في وجوب الهدي بالفوات .
وأمّا العمرة المفردة : فلا يفوت وقتها ؛ لأنّ وقتها جميع السنة ، أمّا المتمتّع بها فيفوت بفوات الحجّ ؛ لتعيّن وقتها .
* * *
الفصل الثاني في بقايا مسائل تتعلّق بالنساء والعبيد والصبيان والنائب في الحجّ
مسألة ٧٢٢ : قد بيّنّا وجوب الحجّ علىٰ النساء كوجوبه علىٰ الرجال ، وليس للزوج منعها عن حجّة الإسلام ولا ما وجب عليها ، فإن أحرمت في الواجب ، مضت فيه وإن كره الزوج ، وليس له منعها من إتمامه .
وله منعها عن حجّ التطوّع إجماعاً ؛ لما فيه من منع الزوج عن حقّه .
ولو أذن لها في التطوّع ، جاز له الرجوع فيه ما لم تتلبّس بالإحرام إجماعاً ، فإن أحرمت بعد رجوعه ، كان له أن يحلّلها .
والأقرب أنّه لا دم عليها ، خلافاً لبعض العامة (١) .
ولو أحرمت قبل رجوعه ، لم يكن له تحليلها ؛ لوجوب الإتمام عليها .
ولو كان إحرامها بغير إذنه في التطوّع ، كان له تحليلها ، خلافاً لبعض العامّة (٢) .
ولو خرجت لحجّة الإسلام ولم تكمل شرائطها ، كان له منعها . ولو أحرمت من غير إذنه ، كان له تحليلها .
ولو نذرت الحجّ بغير إذن زوجها ، لم ينعقد ، ولو أذن ، وجب النذر .
__________________
(١) المغني ٣ : ٥٧٣ ـ ٥٧٤ .
(٢) فتح العزيز ٨ : ٣٩ ، المجموع ٨ : ٣٣٢ ـ ٣٣٣ ، المغني ٣ : ٥٧٢ ، الشرح الكبير ٣ : ١٧٥ .
وكذا لو نذرت قبل التزويج . والمطلّقة رجعيّاً في العدّة كالزوجة .
مسألة ٧٢٣ : جميع ما يجب علىٰ الرجل من أفعال الحجّ وتروكه فهو واجب علىٰ المرأة ، إلّا تحريم لُبْس المخيط ، والحائض تُحْرم كالرجل إلّا أنّها تحتشي وتستثفر وتتوضّأ وضوء الصلاة ولا تصلّي ؛ للحيض ؛ لأنّ الإحرام عبادة لا يشترط فيها الطهارة ، فجاز وقوعه من الحائض .
قال الصادق عليهالسلام عن الحائض تريد الإحرام : « تغتسل وتستثفر وتحتشي بالكرسف وتلبس ثوباً دون ثيابها لإحرامها وتستقبل القبلة ولا تدخل المسجد ثم تهلّ بالحجّ بغير صلاة » (١) .
والمستحاضة تفعل ما يلزمها من الأغسال إن وجبت ثم تُحْرم عند الميقات ، وكذا النفساء .
ولو تركت الإحرام ظنّاً منها أنّه لا يجوز فعله للحائض أو المستحاضة أو النفساء ، أو نسياناً ، وجب عليها الرجوع إلىٰ الميقات والإحرام منه إن تمكّنت ، وان لم تتمكّن أو ضاق الوقت عليها ، خرجت إلىٰ خارج الحرم وأحرمت منه ، فإن لم تتمكّن ، أحرمت من موضعها ؛ لرواية معاوية بن عمّار ـ الصحيحة ـ عن الصادق عليهالسلام ، قال : سألته عن المرأة كانت مع قوم فطمثت فأرسلت إليهم فسألتهم ، فقالوا : ما ندري هل عليك إحرام أم لا وأنت حائض ، فتركوها حتىٰ دخلت [ الحرم ] (٢) قال : « إن كان عليها مهلة فلترجع إلىٰ الوقت فلتحرم منه ، وإن لم يكن عليها مهلة فلترجع ما قدرت عليه بعد ما تخرج من الحرم بقدر ما لا يفوتها الحجّ فتحرم » (٣) .
__________________
(١) التهذيب ٥ : ٣٨٨ / ١٣٥٥ .
(٢) ما بين المعقوفين من المصدر .
(٣) التهذيب ٥ : ٣٨٩ ـ ٣٩٠ / ١٣٦٢ .
مسألة ٧٢٤ : نفقة الحجّ الواجب إن زادت عن نفقة الحضر ، كان الزائد علىٰ المرأة لا علىٰ الزوج ؛ لأنّ أداء الحجّ واجب عليها ، وأمّا قدر نفقة الحضر فيجب علىٰ الزوج ، كالحضر ، سواء حجّت بإذن الزوج أو بغير إذنه ؛ لأنّها غير ناشز بالحجّ الواجب ، فلا تسقط نفقتها في الحضر . ولو كان الحجّ تطوّعاً بإذنه فكذلك ، أمّا لو كان بغير إذنه ، فهي ناشز ، فلا نفقة لها ؛ لنشوزها .
ولو أفسدت الحجّ الواجب بأن مكّنت زوجها من وطئها مختارةً قبل الموقفين ، لزمها القضاء ، وكانت قدر نفقتها في الحضر واجبةً علىٰ الزوج في القضاء ، والزائد عليها في مالها . وكذا ما يلزمها من الكفّارة يجب عليها في مالها خاصّة .
مسألة ٧٢٥ : إذا حاضت المرأة بعد الإحرام قبل الطواف ، لم يكن لها أن تطوف إجماعاً ؛ لأنّها ممنوعة من الدخول في المسجد ، بل تنتظر إلىٰ وقت الوقوف ، فإن طهرت وتمكّنت من الطواف والسعي والتقصير وإنشاء إحرام الحجّ وإدراك عرفة ، صحّ لها التمتّع ، وإن لم تدرك ذلك وضاق الوقت ، بطلت متعتها ، وصارت حجّتها مفردةً ، عند علمائنا ـ وبه قال أبو حنيفة (١) ـ لما رواه العامّة عن عائشة ، قالت : أهللنا بعمرة ، فقدمت مكّة وأنا حائض لم أطف بالبيت ولا بين الصفا والمروة ، فشكوت ذلك إلىٰ رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فقال : ( انقضي رأسك وامتشطي وأهلّي بالحجّ ودعي العمرة ) قالت : ففعلت ذلك ، فلمّا قضينا الحجّ أرسلني رسول الله صلىاللهعليهوآله مع عبد الرحمن ابن أبي بكر إلىٰ التنعيم ، فاعتمرت معه ، فقال : ( هذه عمرة مكان عمرتك ) (٢) .
__________________
(١) المغني ٣ : ٥١٣ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٥٨ .
(٢) صحيح مسلم ٢ : ٨٧٠ / ١١١ ، سنن النسائي ٥ : ١٦٦ ، المغني ٣ : ٥١٣ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٥٨ .
ومن طريق الخاصّة : قول الصادق عليهالسلام ـ في الصحيح ـ عن المرأة الحائض إذا قدمت مكّة يوم التروية ، قال : « تمضي كما هي إلىٰ عرفات فتجعلها حجّة ثم تقيم حتىٰ تطهر فتخرج إلىٰ التنعيم فتحرم فتجعلها عمرة » (١) .
وقال باقي العامّة : تحرم بالحجّ مع عمرتها ، وتصير قارنةً تجمع بين الحجّ والعمرة (٢) . وقد سلف بطلانه .
واعلم أنّ كلّ متمتّع خشي فوات الحجّ باشتغاله بالعمرة يرفض عمرته ويبطلها ، وتصير حجّةً مفردة .
ولا يجب عليها تجديد إحرام ، بل تخرج بإحرامها ذلك إلىٰ عرفات ، ولا يجب عليها الدم .
ولو حاضت في أثناء طواف المتعة ، فإن كان الحيض بعد طواف أربعة أشواط ، قطعَتْه ، وسعَتْ وقصَّرتْ ثم أحرمتْ بالحجّ ، وقد تمّت متعتها ، فإذا فرغت من المناسك وطهرت ، تمّمت طوافها ، وصلّت ركعتيه .
وإن كانت قد طافت أقلّ من أربعة أشواط ، كان حكمها حكم مَنْ لم يطف ؛ لأنّها مع طواف أربعة أشواط تكون قد طافت أكثر الأشواط ، وحكم معظم الشيء حكم الشيء غالباً .
ولقول الصادق عليهالسلام : « المتمتّعة إذا طافت بالبيت أربعة أشواط ثم حاضت فمتعتها تامّة ، وتقضي ما فاتها من الطواف بالبيت وبين الصفا والمروة ، وتخرج إلىٰ منىٰ قبل أن تطوف الطواف الآخر » (٣) .
__________________
(١) التهذيب ٥ : ٣٩٠ / ١٣٦٣ .
(٢) المغني ٣ : ٥١٣ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٥٧ ـ ٢٥٨ .
(٣) التهذيب ٥ : ٣٩٣ / ١٣٧٠ ، الاستبصار ٢ : ٣١٣ / ١١١١ .
وإذا طافت أقلّ من أربعة ، تركت السعي ؛ لأنّه تبع الطواف .
ولقول الصادق عليهالسلام ـ في الصحيح ـ في الطامث ، قال : « تقضي المناسك كلّها غير أنّها لا تطوف بين الصفا والمروة » (١) .
ولو حاضت بعد الطواف قبل الركعتين ، تركتهما وسعت وقضتهما بعد الطهارة .
ولو حاضت في إحرام الحجّ ، فإن كان قبل طواف الزيارة ، وجب عليها المقام حتىٰ تطهر ثم تطوف وتسعىٰ ، وإن كان بعده قبل طواف النساء ، فكذلك .
وإن كانت قد طافت من طواف النساء أربعة أشواط ، جاز لها الخروج من مكّة ، فإنّ في تخلّفها عن الحاجّ ضرراً عظيماً ، وقد طافت معظمه ، فجاز لها الخروج قبل الإكمال .
ولو فرغت المتمتّعة من عمرتها وخافت الحيض ، جاز لها تقديم طواف الحجّ ، عند علمائنا أجمع ـ وبه قال الشافعي (٢) ـ لما روىٰ العامّة عن النبي صلىاللهعليهوآله ، أنّه سأله رجل ، فقال : أفضت قبل أن أرمي ، قال : ( ارم ولا حرج ) (٣) .
ومن طريق الخاصّة : رواية يحيىٰ الأزرق (٤) عن أبي الحسن عليهالسلام ، قال : سألته عن امرأة تمتّعت بالعمرة إلىٰ الحجّ ففرغت من طواف العمرة وخافت الطمث قبل يوم النحر ، يصلح لها أن تعجّل طوافها طواف الحجّ قبل أن تأتي منىٰ ؟ قال : « إذا خافت أن تضطرّ إلىٰ ذلك
__________________
(١) التهذيب ٥ : ٣٩٣ / ١٣٧٢ ، الاستبصار ٢ : ٣١٣ / ١١١٣ .
(٢) لم نجده في مظانّه من المصادر المتوفّرة لدينا .
(٣) صحيح مسلم ٢ : ٩٤٩ ـ ٩٥٠ / ٣٣٣ ، سنن الدارقطني ٢ : ٢٥٢ / ٧٢ .
(٤) في المصدر : صفوان بن يحيىٰ الأزرق .
فعلَتْ » (١) .
مسألة ٧٢٦ : العليلة كالرجل العليل يطاف بها ، وتستلم مستحبّاً إن تمكّنت منه ، ولو تعذّر الطواف بها ، طيف عنها .
والمستحاضة تطوف بالبيت وتفعل ما تفعله الطاهر من الصلاة فيه والسعي وغيره إذا فعلَتْ ما تفعله المستحاضة . ويكره لها دخول الكعبة .
وإذا كانت عليلةً لا تعقل وقت الإحرام ، أحرم عنها وليّها ، وجنّبها ما يجتنب المُحْرم .
قال الشيخ رحمهالله : إذا أحرمت بالحجّ ثم طلّقها زوجها ووجبت عليها العدّة ، فإن ضاق الوقت وخافت فوت الحجّ إن أقامت ، خرجت وقضت حجّتها ثم تعود فتقضي باقي العدّة إن بقي عليها شيء ، وإن كان الوقت متّسعاً أو كانت مُحْرمةً بعمرة ، فإنّها تقيم وتقضي عدّتها ثم تحجّ وتعتمر (٢) .
أمّا المتوفّىٰ عنها زوجها : فإنّه يجوز لها أن تخرج في الحجّ مطلقاً ؛ لوجوب الحجّ علىٰ الفور علىٰ عامّة المكلّفين .
ولقول الصادق عليهالسلام في المتوفّىٰ عنها زوجها ، قال : « تحجّ وإن كانت في عدّتها » (٣) .
وقال أحمد : ليس لها أن تخرج في حجّة الإسلام ؛ لأنّ العدّة تفوت ، بخلاف الحجّ (٤) .
ونمنع عدم الفوات ؛ فإنّ الفورية في الحجّ واجبة ، وهي تفوت
__________________
(١) التهذيب ٥ : ٣٩٨ / ١٣٨٤ .
(٢) المبسوط ـ للطوسي ـ ٥ : ٢٥٩ .
(٣) التهذيب ٥ : ٤٠٢ / ١٤٠٠ .
(٤) المغني ٣ : ١٩٦ و ٩ : ١٨٤ و ١٨٦ ، الشرح الكبير ٣ : ١٧٧ و ٩ : ١٦٧ و ١٦٩ .