الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-5503-34-5
الصفحات: ٤٠٦
ينقص عن يوم وليلة ، وأن لا ينقص الضعيف عن خمسة عشر يوماً على الاتصال ليمكن جعله استحاضة ، والقوي الذي يليه حيض آخر ، فلو رأت يوماً وليلة دماً قوياً وأربعة عشر ضعيفا ، ثم عاد القوي فقد فُقد الشرط الثالث (١).
وبم نعتبر القوة والضعف؟ وجهان : اللون ، فالأسود قوي بالنسبة إلى الأحمر ، والأحمر قوي بالنسبة إلى الاشقر ، والرائحة والثخانة ، فذو الرائحة الكريهة قوي والثخين قوي ، ولو حصل في دم خصلة وفي آخر اثنتان فهو أقوى ، ولو كان في واحد خصلة وفي آخر أخرى فالمتقدم أقوى (٢).
وشرط في قول له رابعاً ، وهو أن لا يزيد القوي والضعيف على ثلاثين يوماً ، فإن زاد سقط حكم التمييز ، لأنّ الثلاثين لا تخلو عن حيض وطهر في الغالب (٣).
يب ـ لو رأت بعد الأسود حمرة ، ثم صفرة ، فإن انقطع على العشرة فالجميع حيض ، وإن تجاوز فالصفرة استحاضة ، ثم الاولان إن زادا على العشرة فالحمرة استحاضة ، وهو أحد وجهي الشافعي ، والثاني : إلحاقها بالسواد ، فتكون فاقدة التمييز (٤) ، وإن لم يتجاوزا ففي إلحاق الحمرة بالسواد أو الصفرة احتمال ، أقربه الثاني احتياطاًً للعبادة وللقوة والاولوية ، وأقوى الوجهين للشافعي الأول (٥) لأنّهما قويان بالنسبة إلى ما بعدهما.
يج ـ قد بيّنا أن الاعتبار عندنا باللون لا بالتقدم ، فلو رأت خمسة حمرة وخمسة سواداً ثم استمرت الحمرة ، فالأسود حيض والطرفان استحاضة ، وهو
__________________
١ ـ المجموع ٢ : ٤٠٤ ، فتح العزيز ٢ : ٤٥١ ، مغني المحتاج ١ : ١١٣ ، شرح النووي لصحيح مسلم ٢ : ٣٩١.
٢ ـ المجموع ٢ : ٤٠٣ ـ ٤٠٤.
٣ ـ المجموع ٢ : ٤٠٤.
٤ ـ المجموع ٢ : ٤٠٦ ـ ٤٠٧.
٥ ـ المجموع ٢ : ٤٠٧.
أظهر وجوه الشافعي ، والثاني : الجمع بين الحمرة والسواد ، فالعشرة حيض للقوة بالأولوية ، والثالث : سقوط التمييز (١).
البحث الثاني : في المعتادة
وهي قسمان :
الأول : الذاكرة لعادتها عدداً ووقتاً. فإذا تجاوزت العادة ، فإن لم يتجاوز الأكثر فالجميع حيض ، سواء تقدمت العادة أو توسطت أو تأخرت إجماعاً ، وإن تجاوز العشرة ولاتمييز لها رجعت إلى عادتها عند علمائنا أجمع ـ وبه قال الشافعي وأبوحنيفة وأحمد (٢) ـ لقوله عليهالسلام :(دعي الصلاة قدر الايام التي كنت تحيضهن ثم اغتسلي وصلي) (٣).
وقول الصادق عليهالسلام : « المستحاضة تنظر أيامها أولا ، فلا تصلّي فيها » (٤) وقال الباقر عليهالسلام : « المستحاضة تقعد أيام قرئها ثم تحتاط بيوم أو يومين » (٥).
وقال مالك : تستظهر بعد أيامها بثلاثة إن لم يتجاوز خمسة عشر ، ثم هي بعد ذلك مستحاضة (٦) ، وهو يناسب ما ذكرناه إلّا في زيادة يوم الاستظهار وفي عدد الاكثر.
__________________
١ ـ المجموع ٢ : ٤٠٧.
٢ ـ المجموع ٢ : ٤١٥ ـ ٤١٦ ، المغني ١ : ٣٦٢ ، فتح العزيز ٢ : ٤٧١ ، المبسوط للسرخسي ٣ : ١٧٨.
٣ ـ صحيح مسلم ١ : ٢٦٤ / ٣٣٤ ، سنن ابن ماجة ١ : ٢٠٤ / ٦٢٣ ، سنن النسائي ١ : ١٨٢ ، سنن أبي داود ١ : ٧٢ / ٢٧٩ ، سنن البيهقي ١ : ٣٣٠ و ٣٣١ ، سنن الدارقطني ١ : ٢١٢ / ٣٥ و ٣٨.
٤ ـ الكافي ٣ : ٨٨ / ٢ ، التهذيب ١ : ١٠٦ / ٢٧٧.
٥ ـ التهذيب ١ : ١٧١ / ٤٨٨ ، الاستبصار ١ : ١٤٩ / ٥١٢.
٦ ـ المدونة الكبرى ١ : ٥٠ ، بداية المجتهد ١ : ٥١ ، المنتقى للباجي ١ : ١٢٤ ، بُلغة السالك ١ : ٨٠.
وإن كانت مميزة ، فإن اتفق زمانا التمييز والعادة فلا بحث ، وإن اختلف ، إمّا بالزمان ، كما لو كانت عادتها ( الخمسة الاُولى ، فرأت في شهر الاستحاضة صفة الحيض في ) (١) الخمسة الثانية ، أو بالعدد ، كما لو رأت الستة الاُولى بصفة دم الحيض أو أربعة ، فللشيخ قولان : الرجوع إلى العادة (٢) ـ وهو الاشهر ـ وبه قال أبو حنيفة ، والثوري ، وأحمد ، وبعض الشافعية (٣) ، لما تقدم في الأحاديث.
وقال مالك : الاعتبار وبالتمييز (٤) ، وهو القول الثاني للشيخ (٥) ، وظاهر مذهب الشافعي (٦) ، لقوله عليهالسلام لفاطمة بنت أبي حبيش : ( ان دم الحيض أسود يعرف ، فإذا أقبلت فاتركي الصلاة ) (٧) وهو محمول على المبتدأة ، ولأن العادة أقوى فإنها لا تبطل دلالتها ، والتمييز لو زاد على أكثر الحيض بطلت دلالته.
__________________
١ ـ بين القوسين ساقط من نسخة ( م ).
٢ ـ المبسوط للطوسي ١ : ٤٨.
٣ ـ المبسوط للسرخسي ١ : ١٧٨ ، المجموع ٢ : ٤٣١ ، فتح العزيز ٢ : ٤٧٦ ، المغني ١ : ٣٦٦ ، الشرح الكبير ١ : ٣٦٧ ، بداية المجتهد ١ : ٥٥ ، مغني المحتاج ١ : ١١٥ ، السراج الوهاج : ٣٢.
٤ ـ بداية المجتهد ١ : ٥٤ ، فتح العزيز ٢ : ٤٧٨.
٥ ـ المبسوط للطوسي ١ : ٤٩.
٦ ـ المجموع ٢ : ٤٣١ ، فتح العزيز ٢ : ٤٧٦ ، مغني المحتاج ١ : ١١٥ ، المغني ١ : ٣٦٦ ، الشرح الكبير ١ : ٣٦٧ ، بداية المجتهد ١ : ٥٥.
٧ ـ سنن النسائي ١ : ١٢٣ و ١٨٥ ، سنن أبي داود ١ : ٨٢ / ٣٠٤ ، سنن البيهقي ١ : ٣٢٥ ، سنن الدارقطني ١ : ٢٠٧ / ٣ ـ ٦ ، المستدرك للحاكم ١ : ١٧٤.
فروع :
أ ـ لو رأت العادة وقبلها وبعدها أو أحدهما ، فإن لم يتجاوز فالجميع حيض ، وإلّا العادة.
ب ـ العادة قد تتقدم وقد تتأخر ، فالضابط العدد مع النقاء.
ج ـ العادة قد تتفق بأن يتساوى عددها في كلّ شهر ، وقد تختلف إمّا على نهج واحد كثلاثة في الأول ، وأربعة في الثاني ، وخمسة في الثالث ، وثلاثة في الرابع ، وأربعة في الخامس ، وخمسة في السادس ، وهكذا.
فاذا استحيضت في شهر ، فإن عرفت نوبته عملت عليه ، ثم على الذي بعده على العادة ، وان نسيت نوبته ، فإن جهلت بالكلية تحيضت بالاقل ، ثم تعمل إلى الاقصى ما تعمله المستحاضة وتغتسل في كلّ وقت يحتمل انقطاع دم الحيض فيه ، ثم تعمل باقي الشهر ما تعمله المستحاضة ، وإن عرفت أنّه أكثر حيضناها بأقل المحتمل كالاربعة ، ثم تعمل ما تقدم أولا على نهج واحد ، كأن تحيض من شهر ثلاثة ، ومن الثاني خمسة ، ومن الثالث أربعة ، وأشباه ذلك ، فإن أمكن ضبطه ويعتاد على وجه لا يختلف فكالأول ، وإن كان غير مضبوط جلست الأقل من كلّ شهر.
د ـ قد بيّنا أن العادة قد تحصل بالتمييز ، فلو رأت المبتدأة خمسة أسود في أول الشهر والباقي أحمر أو أصفر ، ثم في أول الثاني كذلك ، ثم استحيضت في الثالث ردت إلى الخمسة ، سواء رأت الخمسة بصفة دم الحيض أو لا ، وللشافعي وجه آخر : عدم النظر إلى التمييز السابق بعد بطلانه (١).
__________________
١ ـ اُنظر المجموع ٢ : ٤٣١.
هـ ـ لو قصرت العادة عن العشرة فرأت العشرة صفرة أو كدرة ثم انقطع فالجميع حيض عندنا ـ وهو أظهر وجوه الشافعية ، وبه قال مالك ، وربيعة ، وسفيان ، والأوزاعي ، وأبو حنيفة ، ومحمد ، وأحمد ، وإسحاق (١) ـ لقوله تعالى : ( ويسئلونك عن المحيض قل هو أذى ) (٢) والصفرة والكدرة أذى ، ولقول الصادق عليهالسلام : « الصفرة والكدرة في أيام الحيض حيض وفي أيام الطُهر طهر » (٣).
وله آخر ـ وبه قال أحمد في رواية ـ أنّه ليس لهما حكم الحيض لأنّهما ليسا على لون الدماء ، وإنّما الصفرة شيء كالصديد يعلوه صفرة ، والكدرة شيء كدر (٤) ، ولمّا روي عن اُم عطية ـ وكانت قد بايعت النبيّ صلىاللهعليهوآله ـ قالت : كنا لا نعد الصفرة والكدرة حيضاً (٥) والأول أصح نقلاً.
وله ثالث : إنّ سبق دم قوي من سواد أو حمرة فهما بعده حيض ، وإلّا فلا ، لأنّ الدم يظهر قويا ثم يرق ويضعف (٦).
وله رابع : إنّ تقدمه وتأخره دم قوي فالوسط حيض وإلّا فلا (٧).
وله قولان في المتقدم والمتأخر ، أحدهما : قدر يوم وليلة ، والثاني :
__________________
١ ـ المجموع ٢ : ٣٩٢ و ٣٩٥ ، فتح العزيز ٢ : ٤٨٦ ، الوجيز ١ : ٢٧ ، بُلغة السالك ١ : ٧٨ ، بداية المجتهد ١ : ٥٣ ، المغني ١ : ٣٨٣ ، الشرح الكبير ١ : ٣٨٣ ، المبسوط للسرخسي ٣ : ١٥٠ ، شرح العناية ١ : ١٤٤ ، الهداية للمرغيناني ١ : ٣٠ ، المحلى ٢ : ١٦٨ ـ ١٦٩.
٢ ـ البقرة : ٢٢٢.
٣ ـ أورده نصاً في المبسوط ١ : ٤٤ ، وفي الكافي ٣ : ٧٨ / ١ و ٣ ، والتهذيب ١ : ٣٩٦ / ١٢٣٠ بمعناه.
٤ ـ المجموع ٢ : ٣٨٩ و ٣٩٢ ، فتح العزيز ٢ : ٤٨٧ ، الوجيز ١ : ٢٧.
٥ ـ صحيح البخاري ١ : ٨٩ ، سنن أبي داود ١ : ٨٣ / ٣٠٧ ، المستدرك للحاكم ١ : ١٧٤ ، سنن الدارمي ١ : ٢١٤.
٦ ـ المجموع ٢ : ٣٩٢ ، الوجيز ١ : ٢٧ ، فتح العزيز ٢ : ٤٨٨.
٧ ـ المجموع ٢ : ٣٩٣ ، فتح العزيز ٢ : ٤٨٨.
لحظة واحدة (١).
وقال أبو يوسف : الصفرة حيض ، والكدرة ليست حيضاً إلّا أن يتقدمها دم (٢) ، وقال أبو ثور : إنّ تقدمها دم أسود فهما حيض ، واختاره ابن المنذر (٣) ، وقال داود : ذلك ليس بحيض (٤).
أما المبتدأة فلو رأت صفرة أو كدرة في أيام ردها إلى عادة أهلها فالوجه أنّه حيض ، وهو أحد قولي الشافعي ، والآخر : إنّ فيه الاقوال الاربعة (٥).
القسم الثاني : الناسية وأقسامها ثلاثة :
الأول : نسيت العدد والوقت معاً ، وتسمى المتحيرة ، فللشيخ قولان :
أحدهما : أنها تترك الصلاة والصوم في كلّ شهر سبعة أيام ، وتفعل في الباقي ما تفعله المستحاضة وتغتسل ، ولا قضاء عليها في صلاة ولا صوم ، واستدل بإجماع الفرقة (٦).
والثاني : قال في المبسوط : تفعل ما تفعله المستحاضة ثلاثة أيام من أول الشهر ، وتغتسل فيما بعد لكلّ صلاة يحتمل الانقطاع عندها إلى آخر الشهر ، وتصوم الشهر كله ، ولا تُطلَّق هذه (٧).
____________
١ ـ المجموع ٢ : ٣٩٣ ، فتح العزيز ٢ : ٤٨٩.
٢ ـ المبسوط للسرخسي ٢ : ١٨ ، الهداية للمرغيناني ١ : ٣٠ ، شرح العناية ١ : ١٤٤ ، المجموع ٢ : ٣٩٥ ـ ٣٩٦ ، عمدة القارئ ٣ : ٢٩٨ ، بداية المجتهد ١ : ٥٣ ، المحلى ٢ : ١٦٩ ، حلية العلماء ١ : ٢٢٠.
٣ ـ المجموع ٢ : ٣٩٦ ، المغني ١ : ٣٨٣ ، المحلى ٢ : ١٦٩ ، حلية العلماء ١ : ٢٢٠.
٤ ـ حلية العلماء ١ : ٢٢١.
٥ ـ المجموع ٢ : ٣٩٣ ـ ٣٩٤.
٦ ـ الخلاف ١ : ٢٤٢ مسألة ٢١١.
٧ ـ المبسوط للطوسي ١ : ٥١.
وقال بعض علمائنا : تجلس عشرة أيام ـ وهو أكثر الحيض ـ لأنّه زمان يمكن أن يكون حيضاً (١).
وللشافعي قولان ، أصحهما : أنّه لا حيض لها في زمان بعينه ، اذ جميع زمانها مشكوك فيه ، فتغتسل لكلّ صلاة وتصوم ، ولا يأتيها زوجها ما دامت مستحاضة (٢) ـ وهو القول الثاني للشيخ ـ لأنّه ما من زمان إلّا ويحتمل الحيض والطهر ، وليس هنا أصل يرد إليه ، ولا يمكن إثبات أحكام الحيض بالشك ، فأمرناها بالاحتياط.
الثاني : أنها تُردّ إلى يوم وليلة كالمبتدأة التي لا عادة لها ، وهو رواية عن أحمد (٣).
وله قول ثالث : أنها تُردّ إلى ستة أو سبعة ، وبه قال أحمد كالمبتدأة (٤) ، وهو الاشهر عندنا لقوله عليهالسلام لحمنة : ( تحيضي في علم الله ستة أو سبعة أيام ثم اغتسلي ) (٥) الحديث.
فروع :
أ ـ إذا قلنا بالقول الأول للشيخ ، فالوجه أنها تتخير في الستة أو السبعة أيهما شاءت بالاجتهاد جعلتها الحيض لعدم التنصيص ، فلولا
__________________
١ ـ حكاه المحقق في المعتبر : ٥٥.
٢ ـ المجموع ٢ : ٤٣٣ ، الوجيز ١ : ٢٨ ، فتح العزيز ٢ : ٤٩١ ـ ٤٩٢ و ٤٩٤ ـ ٤٩٥ ، مغني المحتاج ١ : ١١٦.
٣ ـ المجموع ٢ : ٤٣٤ ، الوجيز ١ : ٢٧ ، فتح العزيز ٢ : ٤٩١ ، المغني ١ : ٣٧٠ ، مغني المحتاج ١ : ١١٦.
٤ ـ المجموع ٢ : ٤٣٤ ، فتح العزيز ٢ : ٣٩٣ ، مغني المحتاج ١ : ١١٦ ، المغني ١ : ٣٧٠ ، الشرح الكبير ١ : ٣٧٥.
٥ ـ سنن ابي داود ١ : ٧٦ / ٢٨٧ ، سنن ابن ماجة ١ : ٢٠٥ / ٦٢٧ ، سنن الترمذي ١ : ٢٢٢ ـ ٢٢٣ / ١٢٨ ، مسند أحمد ٦ : ٣٨١ ـ ٣٨٢ ، المستدرك للحاكم ١ : ١٧٢ ـ ١٧٣ ، سنن الدارقطني ١ : ٢١٤ / ٤٨.
التخيير لوجب البيان.
ويحتمل أن يكون أول الشهر حيضاً ، لأنّ الحيض جبلة والاستحاضة عارضة.
ب ـ كما أنها تجتهد في الزمان فكذا تجتهد في العدد بين ستة وسبعة لقوله : ( ستاً أو سبعاً ) (١) ويحتمل التخيير ، وعلى قول بعض علمائنا تتعين السبعة (٢) ، ولها أن تتحيض في الشهر الأول بثلاثة ، وفي الثانية بعشرة كالمبتدأة.
ج ـ الناسية إنّ كانت جاهلة بشهرها ، رددناها إلى الشهر الهلالي ، فحيضناها في كلّ شهر حيضة ، لحديث حمنة (٣) ، ولأنّه الغالب.
وإن كانت عالمة بشهرها حيضناها في كلّ شهر من شهورها حيضة ، لأنّها عادتها فترد إليها كما ترد المعتادة إلى عادتها في عدد الايام وزمانها.
د ـ لو جلست أياماً ثم ذكرت أن عادتها غيرها رجعت إلى عادتها وقضت ما تركت أيام جلوسها ، فلو كانت عادتها ثلاثة من آخر الشهر فجلست السبعة السابقة ، ثم ذكرت قضت ما تركت من الصلاة والصيام في السبعة ، وقضت ما صامت من الفرض في الثلاثة.
هـ ـ الناسية إنّ كانت ذات تمييز عملت عليه ، لتعذر العمل بالعادة ، وهو أظهر قولي الشافعي ، وفي الآخر : لا حكم للتمييز ، لأنّ العادة مقدمة (٤).
__________________
١ ـ سنن أبي داود ١ : ٧٦ / ٢٨٧ ، سنن ابن ماجة ١ : ٢٠٥ / ٦٢٧ ، سنن الترمذي ١ : ٢٢٣ / ١٢٨ ، مسند أحمد ٦ : ٣٨٢ ، المستدرك للحاكم ١ : ١٧٣ ، سنن الدارقطني ١ : ٢١٤ / ٤٨.
٢ ـ هو المحقق في المعتبر : ٥٥.
٣ ـ سنن أبي داود ١ : ٧٦ / ٢٨٧ ، سنن ابن ماجة ١ : ٢٠٥ / ٦٢٧ ، سنن الترمذي ١ : ٢٢٢ / ١٢٨ ، مسند أحمد ٦ : ٣٨١ ، المستدرك للحاكم ١ : ١٧٢ ، سنن الدارقطني ١ : ٢١٤ / ٤٨.
٤ ـ المجموع ٢ : ٤٣٣ و ٤٣٤ ، فتح العزيز ٢ : ٤٩٠.
و ـ قال القفال : إذا كانت مجنونة فأفاقت فابتداء حيضها من وقت الافاقة لتوجه التكليف حينئذ (١).
مسألة ٩٧ : المتحيرة إن قلنا بالقول الثاني للشيخ (٢) ، فطريق معرفة حكمها أن تنظر في أوقاتها ، فإن كانت تذكر شيئاً من أمر حيضها وطُهرها فكل زمان لا يحتمل أن يكون حيضاً فهو طُهر بيقين ، وكل زمان لا يحتمل أن يكون طُهراً فهو حيض بيقين ، وكل زمان يحتملهما ولم يحتمل الانقطاع تعمل ما تعمله المستحاضة ، وكل زمان يحتملهما ويحتمل الانقطاع أضافت إلى فعل المستحاضة الغُسل عند كلّ صلاة لاحتماله.
ينبغي اعتماد الاحتياط في اُمور ثمانية :
أ ـ الاستمتاع ، فيحرم على الزوج وطؤها قُبلا طول الشهر ، وفي وجه للشافعي : جواز الوطء خوفاً من الوقوع في الفساد (٣).
ب ـ الطلاق ، قال الشيخ : لا يصح طلاق هذه (٤) ، ولو قيل : إنّ الطلاق يحصل بإيقاعه في أول يوم ، وأول الحادي عشر أمكن ، وعدتها تنقضي بثلاثة أشهر.
ج ـ تُؤدي كلّ صلاة بغسل ووضوء ، ولا تقضي الصلاة المؤداة في أوقاتها ـ وهو أحد وجهي الشافعي (٥) ـ لأنّها إنّ كانت طاهراً صحّ الاداء ، وإلّا سقط القضاء ، ولأن فيه حرجاً عظيماً. ويحتمل الوجوب لاحتمال انقطاع الحيض في خلال الصلاة ، أو في آخر الوقت ، وربما ينقطع قبل غروب
__________________
١ ـ المجموع ٢ : ٤٣٦ ، فتح العزيز ٢ : ٤٩٣.
٢ ـ المبسوط للطوسي ١ : ٥١.
٣ ـ المجموع ٢ : ٤٣٧ ، الوجيز ١ : ٢٨ ، فتح العزيز ٢ : ٤٩٤ ، مغني المحتاج ١ : ١١٦.
٤ ـ المبسوط للطوسي ١ : ٥١. المجموع ٢ : ٤٤٢ ، فتح العزيز ٢ : ٤٩٥ ، الوجيز ١ : ٢٨.
الشمس فيلزمها الظهر والعصر ، وقبل نصف الليل فيلزمها المغرب والعشاء فتغتسل في أول وقت الصبح وتصليها ، ثم تغتسل بعد طلوع الشمس وتعيدها ، لاحتمال أنّه انقطع بعدما صلّت المرة الاُولى ، ولزمها الصبح فتخرج عن العهدة بالثانية ، لأنّها إنّ كانت طاهرة في الاُولى وإلّا فإن انقطع في الوقت صحت الثانية وأجزأت ، فإن لم ينقطع فلا شيء عليها.
ولا يُشترط المبادرة إلى المرة الثانية بل متى اغتسلت وصلّت الصبح قبل انقضاء أكثر الحيض من أول وقت الصبح خرجت عن العهدة ، لأنّ الدم لو انقطع في الوقت لم يعد إلّا بعد انقضاء الأكثر ، وتُصلّي العصر والعشاء مرتين كذلك.
ولا تكتفي بأن تُعيد الظهر المرة الثانية في أول وقت العصر ، ولا أن تُعيد المغرب في أول وقت العشاء ، بل تُعيد الظهر في الوقت الذي يجوز إعادة العصر فيه وهو ما بعد الغروب ، والمغرب في الوقت الذي يجوز إعادة العشاء فيه وهو ما بعد نصف الليل لجواز انقطاعه في آخر وقت العصر بقدر ما يلزم به الظهر ، وكذا المغرب ، ثم إنّ أعادت الظهر والعصر بعد الغروب قبل أن تُؤدي المغرب كفاها للظهر والعصر غسل واحد ، ثم تغتسل للمغرب والعشاء ، لأنّه إنّ انقطع الدم قبل الغروب فقد اغتسلت ، والانقطاع لا يتكرر ، وإن لم ينقطع قبل الغروب فليس عليها ظهر ولا عصر ، وإنّما اغتسلت للمغرب لاحتمال الانقطاع في خلال الظهر ، أو العصر ، أو عقيبهما ، وإن أخرتهما عن المغرب كفاها غسل المغرب لهما ، لعدم تكرر الانقطاع ، وتتوضأ لما لا تغتسل لها من هذه الصلوات ، كالمستحاضة ، وهو الثاني للشافعي (١).
__________________
١ ـ المجموع ٢ : ٤٤٣ ، فتح العزيز ٢ : ٤٩٦ ، مغني المحتاج ١ : ١١٧.
د ـ إذا وجب عليها قضاء فائتة قضتها ثلاث مرات ، كلّ مرّة بغسل ووضوء ، وأقل زمان يتصور فيه سقوط الفرض بيقين عشرة أيام ولحظتان ، فيقدر كأنها تغتسل وتُصلّي في زمان يبقى بينه وبين طلوع الشمس غسل وصلاة ، ثم يحتسب من وقت طلوع الشمس عشرة أيام ، فتغتسل وتقضي الصلاة في العشرة أي وقت شاءت.
ثم إذا كملت العشرة اغتسلت وقضت الثالثة ، لأنّها إنّ كانت طاهراً في جميع المدة فالأول صحيح وما بعده زيادة ، وإن قدر ابتداء حيضها كان في صلاتها الاُولى فقد تمت لها عشرة أيام قبل الفعل الأخير ، فصح غسلها وصلاتها في الانتهاء ، وإن قدر أنها كانت في ابتداء الاُولى في آخر حيض فانقطع في أثنائها وفي الثالثة عاودها الحيض صحت الثانية.
هـ ـ إذا كان عليها طواف كان طريق أدائه كطريق قضاء الفائتة ، وتُصلّي بعد كلّ طواف ركعتين ، وليس عليها لاجل الركعتين غسل ، لأنّه مع الطواف كالعصر مع الظهر ، ويجب الوضوء ـ خلافاً للشافعي (١) ـ لتعدد الوضوء بتعدد الصلاة ، وكذا عنده إلّا هنا ، لأنّ الركعتين من توابع الطواف ، فجعلهما تبعا في الطهارة.
و ـ إذا كان عليها قضاء صوم يوم صامت يوماً متى شاءت وتفطر الثاني ، ثم تصوم آخر قبل العاشر ، ثم الثاني عشر ، لأنّها إمّا طاهر في الأول فصح القضاء فيه أو غير طاهر ، فإما أن تكون فيه حائضاً في جميعه فينقطع حيضها قبل الثاني عشر ، فيُجزئها الثاني عشر ، أو ما قبل العاشر ، أو في بعضه ، فإن كان في أوّله وانقطع في أثنائه كانت طاهراً في العشرة فصح الثاني ، وإن كانت حائضاً في آخره وابتدأ به فغايته إلى الحادي عشر ، وتكون طاهراً في الثاني عشر.
__________________
١ ـ المجموع ٢ : ٤٧٦.
ولو كان عليها قضاء يومين فصاعداً ضعفت ما عليها وتزيد عليه يومين وتصوم نصف المجموع متى شاءت ، والنصف الآخر من أول الحادي عشر ، فلو كان عليها يومان تضعّف وتزيد يومين يكون المجموع ستة ، تصوم منها ثلاثة متى شاءت ، وثلاثة من الحادي عشر من صومها الاول.
فإن كانت الثلاثة الاُولى في الطُهر فذاك ، وإن كانت في الحيض فغايته الانتهاء إلى الحادي عشر بتقدير أن يكون الابتداء في اليوم الأول ، فيقع اليومان الآخران في الطُهر ، وإن كان بعضها في الحيض دون بعض فإن وقع الأول في الطُهر صحّ مع الثالث عشر ، وإن وقع اليومان الاولان في الطُهر أجزأ ، وإن وقع اليوم الأخير في الطُهر أجزأ مع الحادي عشر.
ولو صامت ما عليها ولاء بلا زيادة ، وأعادته من الثاني عشر ، وصامت بينهما يومين متواليين أو غير متواليين ، متصلين بأحد النصفين أو غير متصلين أجزأ.
ز ـ يجب عليها صوم جميع شهر رمضان لاحتمال دوام الطُهر ، ثم تقضي عشرين يوماً عندنا لاحتمال أن تكون العشرة الاُولى حيضاً ، والثانية طُهراً ، والثالثة حيضا.
ولو علمت اتحاد الحيض ، قال علماؤنا : تقضي صوم عشرة احتياطاً ، والوجه قضاء أحد عشر لاحتمال ابتداء الحيض من نصف يوم وانقطاعه في نصف الحادي عشر.
ومن جعل أكثر الحيض خمسة عشر يوماً ـ كالشافعي (١) ـ أوجب قضاء ستة عشر يوماً فتصوم شهراً آخر بالايام ، فيحصل لها أربعة عشر يوماً ويبقى
__________________
١ ـ الاُم ١ : ٦٧ ، المجموع ٢ : ٤٨١ ، فتح العزيز ٢ : ٤٩٩ ، الوجيز ١ : ٢٨ ، مغني المحتاج ١ : ١١٧.
عليها يومان ، فتصوم ستة أيام في مدة ثمانية عشر ، فيحصل لها صوم رمضان بأن تصوم ستة وستين يوماً في مدة ثمانية وسبعين يوماً.
قالت الشافعية : لو وجب عليها صوم شهرين متتابعين صامت مائة وأربعين يوماً ، لأنّها تصوم أربعة أشهر بالايام تحصل لها من كلّ شهر أربعة عشر يوماً وتبقى عليها أربعة أيام ، فتصوم عشرين يوماً ، فيحصل لها أربعة أيام فقد خرجت عن الفرض بيقين (١).
ح ـ منعها عن المساجد وقراءة العزائم ، والغُسل عند كلّ صلاة.
القسم الثاني : ناسية الوقت دون العدد
فإن كان العدد نصف الزمان الذي وقع الشك فيه أو قصر عنه لم يكن لها حيض بيقين ، مثل أن تعلم أن حيضها خمسة أيام من كلّ شهر ولا تعرف عينها ، قال الشيخ : تعمل في جميع الوقت ما تعمله المستحاضة ، وتغتسل بعد انتهاء العدد في كلّ وقت يحتمل انقطاع دم الحيض فيه ، فتغتسل هذه آخر الخامس ، ثم عند كلّ صلاة إلى آخر الشهر ، إلّا أن تعلم أن الانقطاع في وقت بعينه فتكرر غسل الانقطاع عنده (٢) ـ وبه قال الشافعي (٣) ـ أخذاً بالاحتياط وتقضي صوم العدد ، ويحتمل أن تتخير في تخصيص الحيض ، كالمتحيرة ، فتجعله حيضاً ، والباقي طهراً.
وللحنابلة وجهان ، أحدهما : التحري بالاجتهاد ، والثاني : جعله في أول الشهر (٤).
____________
١ ـ المجموع ٢ : ٤٦٨.
٢ ـ المبسوط للطوسي ١ : ٥١.
٣ ـ المجموع ٢ : ٤٨١ و ٤٨٣.
٤ ـ المغني ١ : ٣٧٤ ، الشرح الكبير ١ : ٣٧٣.
وإن زاد العدد على نصف الزمان ، مثل أن تعلم أن حيضها ستة أيام من العشر الأول ، فالزائد وضعفه حيض بيقين ، وهو الخامس والسادس لدخولهما فيه على كلّ تقدير ، ثم إمّا أن تتخير في الاربعة الاُولى أو الثانية أو تجتهد وتجعل المتقدمة حيضاً ، أو تحتاط فتعمل ما تعمله المستحاضة فيهما.
ولو كان الحيض سبعة منها فالرابع والسابع وما بينهما حيض بيقين ، ولو كان خمسة وعلمت طهر الأول ، فالزيادة بنصف يوم ، فالسادس حيض بيقين ، ولو علمت طُهر العاشر ، فالخامس حيض بيقين.
وقد فرع الشيخ هنا فروعاً كثيرة (١) تدخل تحت هذا الضابط :
أ ـ لو قالت : كنت أحيض إحدى العشرات وجهلت التعيين ، فليس لها حيض بيقين ، لنقص العدد عن نصف الزمان ، فتعمل ما تعمله المستحاضة جميع الشهر ، وتغتسل آخر كلّ عشرة لاحتمال الانقطاع.
فإن قالت : كنت أحيض عشرة في كلّ شهر وجهلت التعيين فكالأول ، إلّا أنها بعد العشرة الاُولى تغتسل عند كلّ صلاة إلى آخر الشهر لاحتمال الانقطاع ، وفي الاُولى تغتسل في آخر كلّ عشر.
ب ـ لو قالت : حيضي عشرة ، وكنت العشر الأوسط طاهراً بيقين وقع الشك في الأول والآخر ، ولا حيض بيقين لمساواة نصف الزمان العدد ، فتعمل فيهما ما تعمله المستحاضة وتغتسل في آخر كلّ منهما لاحتمال الانقطاع. أما لو قالت : كنت العشر الأول طاهراً ، فإن الشك يقع في الأوسط والاخير ، فتعمل فيهما ما تعمله المستحاضة ، ثم تغتسل آخر العشر الأول ، وعند كلّ صلاة إلى آخر الشهر لاحتمال الانقطاع ، وكذا لو علمت الطُهر في العشر الأخير.
____________
١ ـ المبسوط للطوسي ١ : ٥١ ـ ٥٧.
ج ـ لو قالت : كان حيضي خمسة أيام وكنت يوم الثاني طاهراً فلها يومان ، الأول والثاني طُهر بيقين ، والسادس والسابع حيض بيقين.
وإن قالت : كنت في الثالث طاهراً فالثلاثة الاُولى طُهر بيقين ، والسادس والسابع والثامن حيض بيقين. ولو قالت : كنت يوم الخامس طاهراً فالحيض الخمسة الثانية.
د ـ لو قالت : كان حيضي عشرة من كلّ شهر وكنت يوم السادس طاهراً فالستة الاُولى طُهر بيقين ، ومن السابع إلى آخر السادس عشر طهرُ مشكوك فيه لا يمكن الانقطاع فيه ، تتوضأ فيه لكلّ صلاة ، وبعد السادس عشر إلى آخر الشهر طهرُ مشكوك فيه تغتسل لكلّ صلاة لاحتمال الانقطاع.
فإن قالت : كنت يوم الحادي عشر طاهراً فهو الطُهر بيقين ، والعشر الاُولى مشكوك فيها تغتسل في آخرها لاحتمال الانقطاع ، ومن الثاني عشر إلى آخر الحادي والعشرين مشكوك فيه تتوضأ لكلّ صلاة ، ثم تغتسل عند انقضائه إلى آخر الشهر لاحتمال الانقطاع.
هـ ـ لو قالت : كان لي في كلّ شهر حيضتان بينهما طهرُ صحيح ولا أعلم موضعهما ولا عددهما ، فليس لها حيض ولا طُهر بيقين عندنا.
أما [ عند ] (١) الشافعي (٢) ومن وافقه في أقل الحيض وأكثره وأقل الطُهر ، فإن أقل ما يحتمل أن يكون حيضها يوماً من أوّله ويوما من آخره ، وما بينهما طهر.
وأكثر ما يحتمل أن يكون حيضها يوماً من أوّله ، وأربعة عشر من آخره بينهما خمسة عشر يوماً ، أو بالعكس ، ويُحتمل ما بين ذلك ، فتتوضأ لليوم الأول لأنّه طهرُ مشكوك فيه ، وتغتسل في آخره ، وتغتسل لكلّ صلاة إلى انقضاء الرابع عشر ، وأما الخامس عشر والسادس عشر فطُهر بيقين ، ثم
__________________
١ ـ زيادة يقتضيها السياق.
٢ ـ المجموع ٢ : ٤٨٨.
تغتسل في انقضاء السابع عشر إلى آخر الشهر ، لإمكان انقطاع الدم في كلّ وقت.
و ـ لو قالت : حيضي خمسة في كلّ شهر وكنت في الخمسة الأخيرة طاهراً ولي طهرُ صحيح غيرها ، احتمل أن يكون حيضها الخمسة الاُولى ، والباقي يكون طُهراً ، وكذا الخمسة الثانية والثالثة عندنا.
وقال الشافعي : لا يحتمل الثالثة لأنّه لا يمكن قبلها طهر كامل ولا بعدها سوى الخمسة الأخيرة ، ويحتمل الرابعة أو الخامسة (١).
فالخمسة الاُولى طهرُ مشكوك فيه ، تتوضأ لكلّ صلاة ، وتغتسل عند انقضائها إلى آخر العاشر لأنّه طهرُ مشكوك فيه.
وكذا من الحادي عشر إلى الخامس عشر ـ وعنده أنّه طُهر بيقين (٢) ـ ومن السادس عشر إلى آخر العشرين طهرُ مشكوك فيه ، تتوضأ لكلّ صلاة ، وتغتسل عند انقضائه إلى آخر الخامس والعشرين.
ز ـ لو قالت : حيضي عشرة أيام وكنت اليوم العاشر حائضاً فقد تجاوز العدد نصف الزمان بنصف يوم ، لوقوع الشك في تسعة عشر ، فتعمل من أول الشهر ما تعمله المستحاضة ، ثم تغتسل آخر العاشر لاحتمال أنّه آخره وتفعل ما تفعله المستحاضة إلى آخر التاسع عشر ، وتغتسل عند كلّ صلاة لاحتمال الانقطاع عندها والباقي طهر بيقين.
فإن قالت : الحيض يوم الثاني عشر ، فالاولان طُهر بيقين ، وكذا من الثاني والعشرين إلى آخره ، والباقي مشكوك فيه ، لكن لا تغتسل للأنّقطاع إلّا في آخر الثاني عشر ، وعند كلّ صلاة منه إلى آخر الحادي والعشرين ،
__________________
١ ـ المجموع ٢ : ٤٨٦.
٢ ـ المجموع ٢ : ٤٨٦.
فلها يومان من أول الشهر طُهر بيقين ، وكذا تسعة من آخره ، والشك وقع من أول الثالث إلى آخر الحادي والعشرين ، فقد قصر نصف الزمان عن العدد بنصف يوم فالثاني عشر حيض بيقين.
وغلط قلم الشيخ هنا فجعل لها مع اليومين ثمانية أيام من آخره طُهراً (١) ، والحق أنّه تسعة.
ح ـ ولو قالت : حيضي خمسة من الشهر لا أعرفها إلّا أني إن كنتُ يوم السادس طاهراً كنت السادس والعشرين حائضاً ، وإن كنت في السادس حائضاً كنت في السادس والعشرين طاهراً.
وتحقيقه أنها تحيض أحد هذين ، فالأول طُهر بيقين ، وكذا من الحادي عشر إلى آخر الحادي والعشرين ، والباقي مشكوك فيه ، وتغتسل لاحتمال الانقطاع آخر السادس إلى آخر العاشر ، وكذا آخر السادس والعشرين إلى آخر الشهر ، وتفعل في جميع الايام ما تفعله المستحاضة.
فروع ، في الامتزاج :
أ ـ إذا قالت : حيضي عشرة في كلّ شهر ، وكنت أمزج إحدى العشرات بالاُخرى بيوم ، فالأول والثلاثون طُهر بيقين ، والشك وقع بينهما ، فلا حيض لها بيقين ، تعمل ما تعمله المستحاضة جميع الشهر ، وتغتسل آخر الحادي عشر ، وآخر التاسع عشر ، والحادي والعشرين ، والتاسع والعشرين لاحتمال الانقطاع.
قال الشيخ : ويسقط قضاء صوم الأول والثلاثين ، لأنّهما طُهر بيقين ، وتقضي ما عداهما لأنّها صامت مع الشك في الطهارة ، فوجب القضاء.
ثم قال : ولو قلنا : إنّه لا يجب إلّا قضاء عشرة أيام كان صحيحاً ، لأنّه
__________________
١ ـ المبسوط للطوسي ١ : ٥٦.
من المعلوم أن الحيض لا يزيد عليها ، وصوم المستحاضة صحيح ، ولا حاجة إلى تجديد النيّة عند كلّ ليلة ، وهذا هو المعول عليه دون الأول ، والأول مذهب الشافعي (١).
والحكم صحيح ، لكن لا مدخل للتحديد هنا ، والشافعي وافقنا على قضاء أكثر الحيض وهو خمسة عشر في أحد القولين ، وفي الآخر : ستة عشر (٢).
ب ـ لو قالت : كان حيضي عشرة وأمزج العشرة بالاُخرى بيومين ، فيومان من أول الشهر ويومان من آخره طُهر بيقين ، والشك في الباقي تعمل في الجميع ما تعمله المستحاضة ، ولا حيض بيقين لقصور العدد عن نصف الزمان ، وتغتسل آخر الثاني عشر ، والثامن عشر ، والثاني والعشرين ، والثامن والعشرين لاحتمال الانقطاع.
ولو كان المزج بخمسة فلا حيض بيقين ، لمساواة العدد نصف الزمان ، فخمسة من أول الشهر وخمسة من آخره طُهر بيقين ، لكن غسل الانقطاع في آخر الخامس عشر والخامس والعشرين خاصة.
وفرع الشيخ المزج بستة إلى المزج بالتسعة عقيب تفريعه المزج بيوم إلى المزج بستة (٣) وهما واحد.
ج ـ لو قالت : حيضي عشرة وأمزج النصف بالنصف بيوم فيومان حيض بيقين واثنا عشر طُهر بيقين ، لزيادة العدد على نصف الزمان بيوم ، هما الخامس عشر والسادس عشر ، ومن السابع إلى الرابع عشر مشكوك فيه ، وكذا من السادس عشر إلى آخر الرابع والعشرين تعمل ما تعمله المستحاضة ، وتغتسل لاحتمال الانقطاع آخر السادس عشر والرابع والعشرين.
__________________
١ ـ المبسوط للطوسي ١ : ٦٠.
٢ ـ فتح العزيز ٢ : ٤٩٦.
٣ ـ المبسوط للطوسي ١ : ٥٩ ـ ٦٣.
د ـ لو قالت : حيضي تسعة ونصف ، وكنت أمزج أحد النصفين بالآخر بيوم ، والكسر من أوّله ، واليوم الكامل في النصف الثاني ، فستة ونصف من أول الشهر طُهر بيقين ، وتمام السابع إلى آخر السادس عشر حيض بيقين ، ولو كان الكسر من الثاني فبالعكس ، من أول الشهر إلى آخر الرابع عشر طُهر بيقين ، ومن الخامس عشر إلى النصف الأول من الرابع والعشرين حيض بيقين.
ولو قالت : أمزج العشر بالعشر بيوم والكسر من الأول ، فالأول ونصف الثاني طُهر بيقين ، ثم إلى آخر الحادي عشر مشكوك فيه ، فتغتسل في آخره لاحتمال الانقطاع ، ونصف الثاني عشر طُهر بيقين ، ومن النصف الثاني إلى آخر الحادي والعشرين مشكوك فيه ، تغتسل في آخره لاحتمال الانقطاع.
ولو كان الكسر في العشر الثاني فإلى آخر التاسع طُهر بيقين ، ثم يحتمل ابتداء الحيض من أول العاشر ، فآخره النصف الأول من التاسع عشر ، ومن أول التاسع عشر ، فآخره النصف الأول من التاسع والعشرين ، ولا يحتمل أن يكون المزج بين العشرين بيوم والكسر فيهما ، لأنّ العشرين لا تختلط بيوم.
القسم الثالث : ناسية العدد دون الوقت.
فإن ذكرت أول الحيض أكملته ثلاثة بيقين ثم تغتسل في آخر الثالث لاحتمال الانقطاع وتعمل إلى العاشر ما تعمله المستحاضة ، وتغتسل في كلّ وقت يحتمل الانقطاع.
وإن ذكرت آخره جعلته نهاية الثلاثة ، واغتسلت عنده لاحتمال الانقطاع ، وتعمل فيما بعده عمل المستحاضة لأنّها طاهرة فيه قطعاً وما قبله ثلاثة أيام حيض بيقين ، وما زاد إلى تمام العشرة طهرُ مشكوك فيه ، تعمل ما تعمله المستحاضة ، وتقضي صوم عشرة أيام احتياطاً.
وإن لم تذكر الأول والآخر فذلك الوقت الذي عرفت حيضها فيه إن لم يزد على أقل الحيض فحيضها معلوم ، كما لو قالت : أعلم أني كنت ثاني الشهر حائضاً ورابعه طاهراً.
وإن زاد من غير تداخل كما لو قالت : كنت حائضاً يوم الخامس وطاهرا يوم العاشر ، فالزمان مشكوك فيه تعمل ما تعمله المستحاضة.
وإن تداخل كما لو قالت : كنت حائضاً يوم الثالث وطاهراً يوم السادس فالمتداخل حيض بيقين ، وهو الثالث ، وما عداه مشكوك فيه ، فيحتمل جعل الثالث آخر الحيض تغليبا للسبق ، وأوله إنّ أدى اجتهادها إليه ، وعملنا بالاجتهاد والتخيير ، وأوسطه ، فيكون العشرة حيضاً.
ولو قالت : إنّ حيضي كان في النصف الأول من الشهر ولا أعرف قدره ولا وقته ، فالنصف الثاني طُهر بيقين ، ومن أول الشهر ثلاثة أيام يحتمل الحيض والطهر ولا يحتمل الانقطاع ، فتعمل ما تعمله المستحاضة ، وبعد ذلك إلى تمام النصف يحتمل الحيض والطهر والانقطاع ، فتعمل عمل المستحاضة ، وتغتسل لكلّ صلاة.
مسألة ٩٨ : قد بيّنا أن أقل الحيض ثلاثة أيام ، واختلف علماؤنا في اشتراط التوالي ، فالأكثر عليه (١) ، وقال آخرون : بعدمه (٢) ، فإذا رأت ثلاثة أيام متوالية فهو حيض قطعاً ، فإذا انقطع وعاد قبل العاشر وانقطع فالدمان وما بينهما حيض ، ذهب إليه علماؤنا ـ وبه قال أبو حنيفة (٣) ـ لأنّ أقل الطُهر عشرة
____________
١ ـ منهم : السيد المرتضى كما في المعتبر : ٥٣ ، وابنا بابويه في الفقيه ١ : ٥٠ ، والهداية : ٢١ ، والشيخ الطوسي في الجمل : ١٦٣ ، والمبسوط ١ : ٤٢ ، وابن حمزة في الوسيلة : ٥٦ ، وابن إدريس في السرائر : ٢٨.
٢ ـ قال به الشيخ الطوسي في النهاية : ٢٦ ، وابن البراج في المهذب ١ : ٣٤.
٣ ـ شرح فتح القدير ١ : ١٥٣ و ١٥٤ ، شرح العناية ١ : ١٥٣ ، اللباب ١ : ٤٤ ، أحكام القرآن للجصاص ١ : ٣٤٥.