مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : مجلّة تراثنا
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: الوفاء
الطبعة: ٠
ISBN: 1016-4030
الصفحات: ٣٠٢
تراثنا |
صاحب الامتیاز مؤسّسة آل البيت عليهمالسلام لإحياء التراث المدير المسؤول : السيّد جواد الشهرستاني |
العدد الرابع [١٤٤] |
السنـة السادسة والثلاثون |
محتـويات العـدد
* النظرية الحديثية في المدرسة الإمامية (٢).
.................................................... السـيّد زهير طالب الأعرجي ٧
* وقفة عجلى على موسوعة (ذخائر الحرمين الشريفين).
...................................................... محمّد حسين الأنصاري ٦٠
* دلالة التراكيب في كلام الإمام علي بن الحسين عليهماالسلام (دعاء أهل الثغور أنموذجاً).
........................................................... أحمد راضي جبر ١١٦
* إجازة الإمام السيّد حسن الصدر للعلاّمة السيّد صدر الدين العاملي الإصفهاني.
............................................... الشيخ ناصر الدين الأنصاري ١٥١
شوّال ـ ذو الحجّة |
١٤٤١ هـ |
* جذور نشأة نظرية إعجاز القرآن وبيان وجوهها في القرون الأولى.
....................................................... د. مرتضى كريمي نيا ١٨٣
* من ذخائر التراث :
* سيرة السيّد محمّد العصّار (المتوفّى سنة ١٣٥٦ هجرية) بقلمه الشريف.
....................................... تحقيق : الشيخ عبد الحليم عوض الحلّي ٢٣٧
* من أنباء التراث.
.............................................................. هيـئة التحرير ٢٨٥
* صورة الغلاف : نموذج من مخطوطة (سيرة السيّد محمّد العصّار (المتوفّى سنة ١٣٥٦ هجرية) بقلمه الشريف) والمنشورة في هذا العدد.
النظرية الحديثية في المدرسة الإمامية (٢) |
|
السـيّد زهير طالب الأعرجي
تناولنا في العدد (١١٥ ـ ١١٦) القسم الأوّل من النظرية الحديثية حيث تناولنا في الفصل الأوّل منه الحديث الشريف بين المشافهة والكتابة ، وفي الفصل الثاني المصطلح الحديثي وإشكالاته ، وفي الفصل الثالث المدارس الحديثية في التاريخ الإمامي ، ونستأنف البحث هنا :
الفصل الرابع
الكتب الرئيسية (في الدراية)
نتناول في هذا الفصل الكتب الرئيسية في دراية الحديث عند علماء أهل البيت عليهمالسلام ، وهي : ١ ـ شرح البداية في علم الدراية للشهيد الثاني (ت ٩٦٦هـ). ٢ ـ الوجيزة في الدراية للشيخ البهائي (ت ١٠٣٠هـ). ٣ ـ نهاية الدراية للسيّد حسن الصدر العاملي (ت ١٣٥٤هـ). ٤ ـ مقباس الهداية في علم الدراية للشيخ عبد الله المامقاني (ت ١٣٥١هـ).
١ ـ كتاب (شرح البداية في علم الدراية) للشهيد الثاني ، الشيخ زين الدين علي العاملي (ت ٩٦٦هـ) :
وهو مع صغر حجمه حوى مسائل العلم الأساسية مع ذوق في النقد والتحليل من الدرجة الأولى.
قال في المقدّمة : «نحمدك اللهمّ على حُسن توفيق البداية في علم الدراية والرواية ونسألك حُسن الرعاية في جميع الأحوال إلى النهاية ... وبعد الحمد لله بما هو أهله ، والصلاة على مستحقّها ، فهذا كتاب مختصر ، وضعناه في علم دراية الحديث. وهو علمٌ يُبحَثُ فيه : عن متن الحديث ، وطرقه من صحيحها وسقيمها وعليلها ، وما يحتاج إليه ، ليُعَرف المقبولُ منه والمردود. وموضوعه : الراوي والمروي ...»(١).
ثمّ رتّبه على شكل : مقدّمة وأربعةِ أبواب.
وفي المقدّمة بحقولها العشرة عرَضَ : موضوع الخبر والحديث ، ومتن الحديث ، والسند والإسناد ، وفي صدق الخبر وكذبه ، والقطع وإخفائه ، والمتواتر وشروط تحقّقه ، وفي الآحاد ودرجاته ، وفي حصرِ الأخبار ، وفي تحديد البحث ، وخطّة البحث.
وبعد المقدّمة يتناول في الباب الأوّل : أقسام الحديث : الصحيح والحسن والموثّق والضعيف.
ففي موضوع الحديث الصحيح وبعد أن يذكر تعريفه يعرّج على
__________________
(١) شرح البداية : ٤٥.
تعريف العامّة ، فيقول : «... حيث اعتبروا سلامته من الشذوذ ، وقالوا في تعريفه إنّه : ما اتّصل سنده بنقل العدل الضابط عن مثله وسَلِمَ عن شذوذ وعلّة. وشمل تعريفهم بإطلاق العدل جميع فرق المسلمين ، فقبلوا رواية المخالِف العدل ما لم يبلغ خلافه حدَّ الكفر ، أو يكن ذا بدعة ويروي ما يقوّي بدعته ، على أصحِّ أقوالهم.
وبهذا الاعتبار : كثُرتْ أحاديثهم الصحيحة ، وقلّت أحاديثنا [الصحيحة] ، مضافاً إلى ما اكتفوا به من العدالة من الاكتفاء بعدم ظهور الفسق ، والبناء على ظاهرِ حال المسلم. فالأخبار الحسنةُ والموثّقةُ عندنا صحيحةٌ عندهم ، مع سلامتها من المانعَين المذكورين [أي : الشذوذ والعلّة]» (١).
وفي موضوع الحديث الموثّق يذكر تعريفه فيقول : «هو ما دخل في طريقه : (من نص الأصحابُ على توثيقه مع فساد عقيدته) ، بأن كان من أحدى الفرق المخالِفة للإمامية ، وإن كان من الشيعة. واحترز بقوله : (نصَّ الأصحاب على توثيقه) عمّا لو رواه المخالفون في صحاحهم التي وثّقوا رواتها ، فإنّها لا تدخلُ في الموثَّق عندنا ، لأنّ العبرة بتوثيق أصحابنا للمخالف ، لا بتوثيق غيرنا ، لأنّا لم نقبل إخبارَهم بذلك ، وبهذا يندفع ما يُتوهَّم من عدم الفرق بين رواية مَن خالفنا ممن ذُكِرَ في كُتب حديثنا وما رووه في كتبهم. وحينئذ فذلك كلّه يلحق بالضعيف عندنا ...»(٢).
__________________
(١) شرح البداية : ٨٠.
(٢) شرح البداية : ٨٦.
ثمّ يتناول في النظر الثاني : حجّية العمل بالأخبار ، ومنها العمل بخبر الواحد ، صحيحاً كان أو حَسَناً أو موثّقاً. قال : «ويمكن اشتراك الثلاثة [أي : الصحيح ، أو الحسَن ، أو الموثّق] في دليل واحد يدلُّ على جواز العمل بها مطلقاً ، وهو : أنّ المانعَ من قبول خبر الفاسق هو فسقُه ، لقوله تعالى : (إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأ فَتَبَيَّنُوا ...) (١). فمتى لم يُعلمْ الفسق لا يجبُ التثبت عند خبر المخبِر مع جهلِ حالهِ ، فكيف مع توثيقه ومدحه ، وإن لم يبلغ حدَّ التعديل ، وبهذا احتجَّ من قَبل المراسيل.
وقد أجابوا عنه : بأنّ الفسقَ لمّا كان علّة التثبُّت ، وجبَ العلمُ بنفيه ، حتّى يُعلمَ وجودُ انتفاءِ التثبّت ، فيجبُ التفحّص عن الفسق ليُعلم أو عدمه ، حتّى يُعلمَ التثبّت أو عدمه.
وفيه نظرٌ ، لأنّ الأصل عدمُ وجودِ المانعِ في المسلم ، ولأنّ مجهولَ الحال لا يمكن الحكمُ عليه بالفسق ، والمراد في الآية : المحكوم عليه بالفسق»(٢).
ثمّ يناقش في القسم الثاني : في الأنواع والفروع ويوصلها إلى ستّة وعشرين فرعاً ، ومع الأصول : ثلاثين نوعاً ، فيشرح تلك الأنواع كالمسند والمتّصل والمرفوع والمعنعن والمعلّق والمفرد والمدرج والمشهور ، ونحوها.
ثمّ يتناول قضية الوضع في الحديث ، وفرق الوضّاعين ، وضررهم على الحديث.
__________________
(١) الحجرات : ٧.
(٢) شرح البداية : ٩٣.
وبكلمة ، فإنّ هذا الكتاب غنىٌّ بالعلم الروائي ، وعرض الأفكار والأقوال المتعاكسة ، ويناقشها نقاشاً علميّاً ، ثمّ يعطي موقفه والرأي الذي يتبنّاه بالدليل العلمي.
الروح النقدية للكتاب :
يتميّز كتاب شرح البداية في علم الدراية بروح نقدية عالية ، فهو يناقش الأفكار الواردة في الموضوع ويفنّدها ، ويطرح رأيه المختار في ذلك.
ونعرض هنا ثلاثة نماذج :
النموذج الأوّل : في بحث السند والإسناد ، قال : «والسندُ طريقُ المتن ، وهو جملةُ من رواه ، من قولهم : فلانٌ سندٌ أي معتمدٌ. فسُمّي الطريقُ سنداً لاعتماد العلماءِ في صحّة الحديثِ وضعفهِ عليه.
وقيل : إنّ السندَ هو الإخبارُ عن طريقه ، أي طريق المتن.
والأوّل أظهر ؛ لأنّ الصحّةَ والضعف إنّما يُنسبانِ إلى الطريق باعتبار رواته لا باعتبار الإخبار. بل قد يكونُ الإخبار بالطريق الضعيف صحيحاً ، بأنّ رواه الثقةُ الضابطُ بطريق ضعيف ؛ بمعنى صحّة الإخبار بكون تلك الرواة طريقه مع الحكم بضعفه»(١).
النموذج الثاني : في موضوع صدق الخبر وكذبه ، وبعد أن يعرض الأقوال في ذلك إلى أن يصل إلى هذا المقطع : «[ونبَّهَ] بقوله : سواءٌ وافقَ
__________________
(١) شرح البداية : ٥٣.
اعتقاد المخبر أم لا ، على خلاف النظام(١).
[تحريرُ كلامه] حيث جعل «صدق الخبر مطابقته لاعتقاد المخبر مطلقاً ، وكذبه عدم المطابقة كذلك ، فجعل قولَ القائل : السماءُ تحتنا ، معتقداً ذلك ، صدقاً. وقوله : السماءُ فوقنا ، غير معتقد ذلك ، كذباً ؛ مُحتجّاً بقوله تعالى : (إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُوْنَ) .... إلى قوله : (وَاللهُ يَشْهَدُ إِنّ الْمُنَافِقِيْنَ لَكَاذِبُوْنَ) (٢) ، حيث شهِدَ اللهُ تعالى عليهم بأنّهم كاذبون في قولهم : (إِنَّكَ لَرَسُوْلُ الله) ، مع أنّه مطابقٌ للواقع ، حيثُ لم يكن موافقاً لاعتقادهم فيه ذلك ، فلو كان الصدقُ عبارة عن مطابقةِ الواقع مطلقاً لما صحَّ ذلك.
وأجُيبَ :
١ ـ بأنّ المعنى : لكاذبون في الشهادة ، وادّعائهم فيها : مواطاة قلوبهم لألسنتهم.
فالتكذيب راجعٌ إلى قولهم : نشهدُ ، باعتبار تضمّنه خبراً كاذباً ، وهو أنّ شهادتهم صادرةٌ عن صميم القلب وخلوص الاعتقاد ، بشاهد تأكيدهم الجملة بـ : (إنّ ، واللام ، والجملة الإسمية).
٢ ـ أو أنَّ المعنى : لكاذبون في تسمية هذا الإخبار : شهادة. أو في المشهود به : أعني قولهم : إنّك لرسولُ الله ـ في زعمهم ـ لأنّهم يعتقدون أنّه غيرُ مطابق للواقع ، فيكون كذباً عندهم ، وإن كان صدقاً في نفس الأمر ، لوجود مطابقته فيه.
__________________
(١) نظام الدين الحسن بن محمّد القمي (ت ٨٥٠ هـ).
(٢) المنافقون : ١.
أو في حلفهم : أنّهم لم يقولوا : (... لاَ تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُوْل اللهِ حتّى يَنْفَضُّوا ...) (١) ، لما روي عن زيد بن أرقم : أنّه سمع عبد الله بن أبيّ يقول ذلك ، فأخبر النبيُّ (صلى الله عليه وآله) به ، فحلفَ عبد الله أنّه ما قال ، فنزلت»(٢).
النموذج الثالث : وفي موضوع تحديد البحث ، قال : «واعلم : أنّ متن الحديث نفسه لا يدخل في الاعتبار ، أي اعتبار أهل الفنّ ، إلاّ نادراً ، وإنّما يدخل في اعتبار الباحثِ عنه بخصوصه كالفقيه في متون الأحاديث الفقهية ، والشارح لها ، حيث يبحثُ عمّا يتعلّقُ به منها.
واُستثني النادرُ ليدخل مثل الحديث المقلوب والمصحَّف والمضطرب والمزيد ، فإنّه يبحث عنها في هذا العلم مع تعلّقها بالمتن.
بل ، يكتسبُ الحديث صفةً من القوّة والضعف ـ وغيرهما من الأوصاف ـ بحسب أوصاف الرواةِ من : العدالة والضبط والإيمان وعدمها كغير ذلك من الأوصاف.
أو بحسب الإسناد من الاتّصال ، والإنقطاع والإرسال والإضطراب وغيرها»(٣).
٢ ـ كتاب (الوجيزة في الدراية) للشيخ البهائي (ت ١٠٣٠هـ) :
وهو كتاب موجز استوعب علم الدراية بأسلوب رشيق وعبارة غير
__________________
(١) المنافقون : ٧.
(٢) شرح البداية : ٥٦ ـ ٥٨.
(٣) شرح البداية : ٧٥.
معقّدة ، خالف فيه آراء الشهيد الثاني (ت ٩٦٦هـ) ومشهور العامّة.
قال في المقدّمة : «الحمد لله على نعمائه المتواترة ، وآلائه المستفيضة المتكاثرة ، والصلاة على أشرف أهل الدنيا والآخرة ، نبيّنا محمّد وعترته الطاهرة. هذه رسالة عزيزة ، موسومة بالوجيزة ، تتضمّن خلاصة علم الدراية ، وتشتمل على زبدة ما يحتاج إليه أهل الرواية ، جعلتها كالمقدّمة لكتاب الحبل المتين ، وعلى الله أتوكّل وبه أستعين. وهي مرتّبة على مقدّمة وفصول ستّة وخاتمة»(١).
ومنهجه في الوجيزة هو الاختصار الشديد ، مع إتقان العبارة وعدم الإسراف في الكلمات أو المفاهيم ، وكأنّ المصنّف صمّم الوجيزة للشروحات التي سيقوم بها اللاحقُ من الفقهاء.
مضمون كتاب الوجيزة :
قسّم المصنِّف الخبر إلى : متواتر (وهو الذي بلغت سلاسله في كلّ طبقة حدّاً يؤمن معه تواطؤهم على الكذب) ، وآحاد (وهو الخبر الذي لا يكون متواتراً).
بعد ذلك قام بتقسيمات خمسة للخبر :
أوّلاً : خبر الآحاد : وفروعه :
__________________
(١) الوجيزة ـ الشيخ البهائي : ٢٢.
١ ـ المستفيض : إذا نقل الحديث في كلّ مرتبة أكثر من ثلاثة.
٢ ـ الغريب : إذا انفرد به واحد في أحد المراتب.
٣ ـ المسند : إذا عُلمت سلسلته بأجمعها.
٤ ـ المعلّق : سقط من أوّلها واحد فصاعداً.
٥ ـ المرسل : سقط في آخرها كذلك أو كلّها.
٦ ـ المنقطع : سقط من وسطها واحد.
٧ ـ المعضل : سقط من وسطها أكثر من واحد.
ثانياً : تقسيم الخبر باعتبار ما يعرض له ، إلى :
١ ـ المعنعن : المروي بتكرير لفظة (عن).
٢ ـ المضمر : مطوي ذكر المعصوم عليهالسلام.
٣ ـ العالي : قصير السلسلة.
٤ ـ المسلسل : ومشتركها ـ كلاًّ أو جلاًّ ـ في أمر خاص ، كالإسم ، والأوّلية ، والمصافحة ، والتقليم ونحو ذلك.
٥ ـ الشاذ : مخالف المشهور.
ثالثاً : تقسيم الخبر المسند إلى :
١ ـ الصحيح : سلسلة السند إماميّون ممدوحون بالتعديل.
٢ ـ الحسن : سلسلة السند بدون إماميّين ـ كلاًّ أو بعضاً ـ مع تعديل البقية.
٣ ـ القويّ : مسكوت عن مدحهم وذمّهم.
٤ ـ الموثّق : غير إماميّين ـ كلاًّ أو بعضاً ـ مع تعديل الكلّ.
٥ ـ الضعيف : ما عدا الأربعة السابقة.
٦ ـ المقبول : اشتهر العمل بمضمونه.
رابعاً : تقسيم الخبر بلحاظ المروي ، إلى :
١ ـ المعلّل : اشتمل على علّة خفية في متنه أو سنده.
٢ ـ المدرج : اختلط به كلام الراوي فتوهّم أنّه منه ، أو نقل مختلفي الإسناد أو المتن بواحد.
٣ ـ المدلّس : أوهم السماع ممّن لم يسمع منه.
٤ ـ المقلوب : بدّل بعض الرواة ، أو كلّ السند بغيره ، سهواً ، أو للرواج ، أو للكساد.
٥ ـ المصحّف : صحّف في السند أو المتن.
خامساً : تقسيم الخبر بلحاظ الراوي ، إلى :
١ ـ المتّفق والمفترق : إن وافق في اسم الراوي واسم أبيه آخر ، لفظاً.
٢ ـ المؤتلف والمختلف : إن وافق في اسم الراوي واسم أبيه آخر ، خطّاً فقط. أي اتّفقا خطّاً واختلفا نطقاً ، مثل : بريد ويزيد ، وجرير وحريز.
٣ ـ المتشابه : إن وافق في اسم الراوي فقط ، والأبوان مؤتلفان.
٤ ـ رواية الأقران : وافق المروي عنه في السنّ.
٥ ـ رواية الأكابر عن الأصاغر : تقدّم المروي عنه في أحدهما.
شروح الوجيزة :
وبلحاظ أهمّية هذا الكتاب الموجز وكونه لبنة أساسية في علم الدراية فقد شرحه الفقهاء ، ومن تلك الشروح :
١ ـ شرح الشيخ عبد النبي البحراني الشيرازي.
٢ ـ شرح السيّد حسن الصدر وسمّاه نهاية الدراية.
٣ ـ شرح علي محمّد النقوي النصير آبادي بثلاثة شروح : الصغير : الجوهر العزيزة ، المتوسط : شرح الوجيزة البهائية ، الكبير : سلسلة الذهب.
٤ ـ شرح الميرزا محمّد بن سليمان التنكابني.
٥ ـ شرح أمجد حسين الإله آبادي وسمّاه صفائح الإبريز في شرح الوجيزة.
٦ ـ شرح ميرزا علي بن المير محمّد الحسين الشهرستاني الحائري ، وسمّاه بـ : الدرة العزيزة.
٧ ـ شرح صاحب النزهة الاثنا عشرية وسمّاه شرح الوجيزة(١).
٣ ـ كتاب نهاية الدراية للسيّد حسن الصدر العاملي (ت ١٣٥٤هـ) :
وهو كتاب شامل في علم الدراية يشرح فيه المصنف كتاب الوجيزة في الدراية للشيخ البهائي (ت ١٠٣٠هـ).
قال المصنّف في علّة تأليف الكتاب : «وحيث كانت ـ أي : الوجيزة ـ
__________________
(١) الذريعة ٢٥ / ٥١.
تلويحات وإشارات في تلك الاصطلاحات لا تفيد المبتدي ، ولا تغني المنتهي ، أحببتُ أن أكشف حجابها ، وأرفع نقابها ، وأضيف إليها ما يتعلّق بهذا الفنّ من الفوائد والتنبيهات ، وعدّة من الاصطلاحات التي لم تكن فيها ، لتكون هذه رسالة بعد شرحها تامّة في بابها ، مغنيةٌ عمّا سواها»(١).
ومنهج المصنّف في الكتاب كان شرحاً مزجيّاً ، وإضافة موضوعات جديدة ، والتقيد بالأصل في تقسيم الفصول ، وبيان آرائه في المسائل والموضوعات.
نماذج من مضمون الكتاب :
ونعرض نماذج من الأفكار المطروحة في الكتاب :
النموذج الأوّل : عرض المصنّف أدلّة صاحب الحدائق الناضرة على بطلان تنويع الحديث ، ثمّ ردّ عليها ، فقال :
«الوجه الأوّل : ما قد عرفت في المقدّمة الأولى من أنّ منشأ الاختلاف في أخبارنا إنّما هو التقيّة من أهل الخلاف ، لا من دسّ الأخبار المكذوبة حتّى يحتاج إلى هذا الاصطلاح ...
ففيه :
أنّه لا ضرورة تلجئ إلى اصطلاحهم ، لأنّهم قد أمرونا بعرض ما شُكّ
__________________
(١) نهاية الدراية ـ المقدمة : ٦٦.
فيه من الأخبار على الكتاب والسنّة ، فيؤخذ بما وافقهما ويطرح ما خالفهما ... انتهى الوجه الأوّل وفيه :
[الردّ على الوجه الأوّل] إنّ اختلاف الأخبار كما كان للتقية كذلك يكون للنقل بالمعنى ، وإغفال قرائن الأحوال ، والخطأ ، والنسيان ، والكذب ، والدسّ ، وغير ذلك من الوجوه كما لا يخفى على الخبير ، وقد نقلت بعض ذلك عند التعرّض للوضع في الحديث.
وكيف يستبطأ ذلك من المنحرفين وأعداء الدين؟
وأقصى ما في الوثاقة واشتهار الكتب بين الطائفة غلبة الظنّ بالصدور.
وقوله [أي صاحب الحدائق] رحمهالله : «لأنّهم قد أمرونا بعرض ما شكّ ... إلى آخره» غريب. وأين يقع ما في الكتاب المجيد والسنّة المعلومة من أخبار دوّن منها أربعمائة أصل ، وسوّد بها ما يزيد على أربعة آلاف كتاب.
ثمّ إنّهم عليهمالسلام كما أمرونا بالعرض على الكتاب والسنّة ، فقد أمرنا الله عزّ وجلّ ، وأمرونا بالتبيّن عند خبر الفاسق والأخذ بما يروي الصادق ، وتقديم رواية الأصدق ، والأعلم ، والأورع ، فكيف استباح الشيخ عليهم الحكم بمخالفة الأئمّة عليهمالسلام حتّى صحّ له أن يقول : إنّ اتّباع الأئمّة عليهمالسلام أولى من اتّباعهم؟ على أنّ هؤلاء الأخبارية لا يراعون في الحكم بالصحّة والقطع بالصدق عرضاً على كتاب ولا سنّة ، ولا يختلفون بهما ، ولا يراعون مكانهما ، فلم يتابعوا العلماء ولا الأئمّة ....»(١).
__________________
(١) نهاية الدراية : ١١٢.
ثمّ يذكر وجوهاً أخرى ويردُّ عليها بنفس الأسلوب.
النموذج الثاني : ويبحث في الحديث الحسن ، ويقول : «[الحسن] أو كان ما رواه الإمامي الممدوح (بدونه) ، أي بدون التعديل ، بأن كانت السلسلة (كلاًّ) كذلك ، (أو بعضاً) ولو واحداً منها ، (مع تعديل البقية ، فحسن) في الاصطلاح.
وعرّفه المحقّق الكركي في كاشفة الحال(١) : (بأنّه هو ما رواه الممدوح من الإمامية الذين لم يبلغ مدحهم له إلى التصريح بعدالته ، بأن تكون السلسلة كلّها كذلك ، ويكون في الطريق ولو واحداً).
ونقل جدّي في المنتقى عن والده تعريفه في بداية الدراية : (بما اتّصل سنده كذلك بإماميٍّ ممدوح بلا معارضة ذمٍّ مقبول ، من غير نصٍّ على عدالته في جميع مراتبه أو بعضها ، مع كون الباقي بصفة رجال الصحيح) ، واستجوده بعد نقله).
ولا يخفى عليك أنّ قيد (بلا معارضة ذم مقبول) لم يذكره جدّي في مبحث الحسن لا في البداية ولا في شرحها ، وإنّما ذكره في آخر مبحث الموثّق ، قال هناك : (ولو فرض كونه قد مدح وذمّ ، كما اتّفق لكثير ، وَرَد على تعريف الحسن أيضاً.
والأولى : أن يطلب حينئذ الترجيح ، ويعمل بمقتضاه ، فإن تحقّق التعارض لم يكن حسناً ، وعلى (هذا) فينبغي زيادة تعريف الحسن بكون
__________________
(١) ليس للمحقّق الكركي كتاب بهذا الاسم ، وربّما يقصد ابن أبي جمهور الأحسائي.