بسم الله
الرحمن الرحيم
(باب ٥)
*(تزوجه صلىاللهعليهوآله بخديجة رضى الله عنها)*
*(وفضائلها وبعض أحوالها)*
أقول
: سيأتي بعض فضائلها في باب أحوال أبي طالب.
١ ـ ما
: المفيد ، عن ابن قولويه ، عن أبيه ، عن
سعد ، عن ابن عيسى ، عن العباس بن
عامر ، عن أبان ، عن بريد ، عن الصادق عليهالسلام قال : لما توفيت خديجة رضي الله عنها
جعلت فاطمة عليهاالسلام
تلوذ برسول الله صلىاللهعليهوآله
وتدور حوله ، وتقول : أبه
أين أمي؟ قال
فنزل جبرئيل عليهالسلام
فقال له : ربك يأمرك أن تقرء فاطمة السلام وتقول لها : إن أمك
في بيت من قصب كعابه من ذهب ، وعمده ياقوت أحمر ، بين
آسية ومريم بنت عمران ، فقالت فاطمة عليهاالسلام
: إن الله هو السلام ، ومنه السلام ، وإليه السلام.
٢ ـ ما
: أبوعمرو ، عن ابن عقدة ، عن أحمد بن محمد بن
يحيى الجعفي ، عن جابر
ابن الحر النخعي ، عن عبدالرحمن بن ميمون ، عن
أبيه قال : سمعت ابن عباس يقول : أول
____________________
من آمن برسول الله صلىاللهعليهوآله من الرجال علي عليهالسلام ، ومن النسآء خديجة
عليهاالسلام.
٣ ـ ل
: محمد بن علي بن إسماعيل ، عن أبي القاسم بن منيع ، عن شيبان بن فروخ ، عن
داود بن أبي الفرات ، عن علباء بن أحمر ، عن
عكرمة عن ابن عباس قال : خط رسول الله (ص) أربع
خطط في الارض ، وقال : أتدرون ما هذا؟
قلنا : الله ورسوله أعلم ، فقال رسول الله (ص) : أفضل نسآء الجنة أربع : خديجة بنت خويلد ،
وفاطمة بنت محمد ، ومريم بنت عمران ، وآسية
بنت مزاحم امرأة فرعون.
٤ ـ ل
: سليمان بن أحمد اللخمي
، عن علي بن عبدالعزيز ، عن حجاج بن
المنهال ، عن داود بن أبي الفرات عن علباء ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : خط
رسول
الله صلىاللهعليهوآله
أربع خطوط ، ثم قال : خير نسآء الجنة مريم بنت عمران ، وخديجة بنت خويلد
وفاطمة بنت محمد ، وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون.
٥ ـ ل
: ابن إدريس ، عن أبيه ، عن الاشعري ، عن أبي عبدالله الرازي ، عن ابن
أبي عثمان ، عن موسى بن بكر ، عن أبي الحسن
الاول عليهالسلام
قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله
: إن الله اختار من النسآء أربعا : مريم ، وآسية ، وخديجة ، وفاطمة.
أقول
: سيأتي فيما أجاب أمير المؤمنين عليهالسلام
اليهودي الذي سأل عن خصال الاوصياء ، فقال عليهالسلام
فيما قال : كنت أول من أسلم ، فمكثنا بذلك ثلاث حجج ، وما على وجه
الارض خلق يصلي ويشهد لرسول الله صلىاللهعليهوآله بما أتاه غيري ، وغير
ابنة خويلد رحمها الله
وقد فعل.
____________________
٦ ـ ل
: ابن الوليد ، عن الصفار ، عن البرقي ، عن أبي علي الواسطي ، عن عبدالله
ابن عصمة ، عن يحيى بن عبدالله ، عن عمرو بن
أبي المقدام ، عن أبيه ، عن أبي عبدالله عليهالسلام
قال : دخل رسول الله صلىاللهعليهوآله منزله ، فاذا عائشة
مقبلة على فاطمة تصايحها وهي تقول : والله يا بنت خديجة ما ترين إلا أن لامك علينا فضلا ، وأى فضل كان لها علينا؟! ما هي إلا
كبعضنا ، فسمع مقالتها لفاطمة فلما رأت فاطمة
رسول الله صلىاللهعليهوآله
بكت ، فقال : ما يبكيك يا بنت محمد؟! قالت : ذكرت امي فتنقصتها فبكيت ، فغضب رسول الله (ص) ثم قال : مه
يا حميراء ، فإن الله تبارك وتعالى بارك في الودود الولود ، وإن خديجة رحمها الله
ولدت مني
طاهرا وهو عبدالله وهو المطهر ، وولدت مني
القاسم وفاطمة ورقية وام كلثوم وزينب ، وأنت ممن أعقم الله رحمه فلم تلدي شيئا.
٧ ـ ص
: تزوج النبي صلىاللهعليهوآله
بخديجة وهو ابن خمس وعشرين سنة ، وتوفيت
خديجة بعد أبي طالب بثلاثة أيام.
٨ ـ يج
: روي عن جابر قال : كان سبب تزويج خديجة محمدا أن أبا طالب قال
يا محمد إني اريد أن ازوجك ولا مال لي اساعدك به ، وإن خديجة قرابتنا ، وتخرج كل
سنة قريشا في مالها مع غلمانها يتجر لها ويأخذ
وقر بعير
مما أتى به ، فهل لك أن
تخرج؟ قال : نعم ، فخرج أبوطالب إليها وقال لها
: ذلك ، ففرحت وقالت لغلامها ميسرة
أنت وهذا المال كله بحكم محمد صلىاللهعليهوآله
، فلما رجع ميسرة حدث أنه ما مر بشجرة ولا
مدرة إلا قالت : السلام عليك يا رسول الله ، وقال
: جاء بحيرا الراهب ، وخدمنا لما رأى
الغمامة على رأسه تسير حيثما سار تظله بالنهار
، وربحا في ذلك السفر
ربحا كثيرا ، فلما انصرفا قال ميسرة : لو تقدمت يا محمد إلى مكة وبشرت خديجة بما قد ربحنا لكان
أنفع لك ، فتقدم محمد على راحلته ، فكانت خديجة
في ذلك اليوم جالسة على غرفة مع نسوة
فظهر لها محمد راكبا ، فنظرت خديجة إلى غمامة عالية على
رأسه تسير بسيره ، ورأت ملكين
____________________
عن يمينه وعن شماله ، في يد كل واحد سيف مسلول ، يجيئان في الهواء
معه ، فقالت : إن لهذا الراكب لشأنا عظيما ليته
جاء إلى داري ، فإذا هو محمد صلىاللهعليهوآله
قاصد لدارها
، فنزلت حافية إلى باب الدار ، وكانت إذا أرادت التحول من مكان إلى
مكان حولت الجواري السرير الذي كانت عليه ، فلما
دنت منه قالت : يا محمد اخرج و
واحضرني
عمك أبا طالب الساعة ، وقد بعثت إلى عمها
أن زوجني من محمد إذا
دخل عليك ، فلما حضر أبوطالب قالت : اخرجا إلى
عمي ليزوجني من محمد فقد قلت له
في ذلك ، فدخلا على عمها ، وخطب أبوطالب الخطبة
المعروفة ، وعقد النكاح ، فلما قام
محمد صلىاللهعليهوآله
ليذهب مع أبي طالب قالت
خديجة : إلى بيتك ، فبيتي بيتك ، وأنا
جاريتك.
٩ ـ د
، قب : زوج أبوطالب خديجة من النبي ، وذلك
أن نسآء قريش اجتمعن
في المسجد في عيد ، فإذا هن بيهودي يقول : ليوشك
أن يبعث فيكن نبي ، فأيكن
استطاعت أن تكون له أرضا يطأها فلتفعل ، فحصبنه
، وقر ذلك القول في قلب خديجة ، وكان النبي صلىاللهعليهوآله
قد استأجرته خديجة على أن تعطيه بكرين ، ويسير مع غلامها ميسرة
إلى الشام ، فلما أقبلا في سفرهما نزل النبي صلىاللهعليهوآله تحت شجرة فرآه راهب
يقال له : نسطور ، فاستقبله وقبل يديه ورجليه وقال : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد
أن محمدا
رسول الله ، لما رأى منه علامات ، وإنه نزل تحت
الشجرة ، ثم قال لميسرة : طاوعه في
أوامره ونواهيه فإنه نبي ، والله ما جلس هذا
المجلس بعد عيسى عليهالسلام
أحد غيره ، ولقد
____________________
بشر به عيسى عليهالسلام ، ومبشرا برسول
يأتي من بعدي اسمه أحمد ، وهو يملك الارض
بأسرها ، وقال ميسرة : يا محمد لقد جزنا عقبات
بليلة كنا نجوزها بأيام كثيرة ، وربحنا في
هذه السفرة ما لم نربح من أربعين سنة ببركتك يا محمد ، فاستقبل خديجة ، وأبشرها
بربحنا ، وكانت وقتئذ جالسة على منظرة لها ، فرأت
راكبا على يمينه ملك مصلت سيفه ، وفوقه سحابة معلق عليها قنديل من زبرجدة ، وحوله قبة من ياقوتة حمرآء فظنت ملكا
يأتي بخطبتها وقالت : اللهم إلي وإلى داري ، فلما
أتى كان محمدا وبشرها بالارباح ، فقالت : وأين ميسرة؟ قال : يقفو أثري ، قالت : فارجع إليه وكن معه ، ومقصودها
لتستيقن حال السحابة ، فكانت السحابة تمر معه ،
فأقبل ميسرة إلى خديجة وأخبرها
بحاله ، وقال لها : إني كنت آكل معه حتى يشبع ويبقي الطعام كما هو ، وكنت
أرى وقت الهاجرة ملكين يظللانه ، فدعت خديجة
بطبق عليه رطب ، ودعت رجالا ورسول
الله صلىاللهعليهوآله
فأكلوا حتى شبعوا ، ولم ينقص شيئا ، فأعتقت ميسرة وأولاده وأعطته عشرة
آلاف درهم لتلك البشارة ، ورتبت الخطبة من عمرو
بن أسد عمها.
قال النسوي في تاريخه : أنكحه إياها
أبوها خويلد بن أسد ، فخطب أبوطالب
بما رواه الخركوشي في شرف المصطفى ، والزمخشري
في ربيع الابرار ، وفي تفسيره الكشاف ، وابن بطة في الابانة ، والجويني في السير عن الحسن ، والواقدي وأبي صالح والعتبي
فقال
« الحمد لله الذي جعلنا من زرع إبراهيم
الخليل ، ومن ذرية الصفي إسماعيل ، وصئصئ
معد ، وعنصر مضر ، وجعلنا حضنة بيته ، وسواس حرمه ، وجعل مسكننا بيتا محجوجا ، وحرما أمنا ، وجعلنا الحكام على الناس ، ثم إن ابن أخي هذا محمد بن عبدالله لا
يوازن
برجل من قريش إلا رجح به ، ولا يقاس بأحد منهم
إلا عظم عنه ، وإن كان في المال مقلا ،
____________________
فإن المال ورق حائل ، وظل زائل ، وله والله خطب عظيم ، ونبأ
شائع ، وله رغبة
في خديجة ، ولها فيه رغبة ، فزوجوه والصداق ما
سألتموه من مالي عاجلة وآجلة » فقال
خويلد : زوجناه ورضينا به.
وروي أنه قال بعض قريش : يا عجبا أيمهر
النسآء الرجال ، فغضب أبوطالب وقال : إذا كانوا مثل ابن أخي هذا طلبت الرجال بأغلى
الاثمان ، وإذا كانوا أمثالكم لم تزوجواإلا بالمهر الغالي ، فقال رجل من قريش يقال له
: عبدالله بن غنم :
هنيئا مريئا يا خديجة قد جرت
|
|
لك الطير فيما كان منك بأسعد
|
تزوجته خير البرية كلها
|
|
ومن ذا الذي في الناس مثل محمد؟
|
وبشر به المرءآن عيسى بن مريم
|
|
وموسى بن عمران فيا قرب موعد
|
أقرت به الكتاب قدما بأنه
|
|
رسول من البطحاء هاد ومهتد
|
بيان
: قوله : فحصبنه أي رمينه بالحصباء ، وصئصئ بالمهملتين والمعجمتين : الاصل ، قال في النهاية : في حديث الخوارج يخرج
من ضئضئ هذا قوم يمرقون من
الدين ، الضئضئ : الاصل ، يقال : ضئصئ صدق ، وضؤضؤ
صدق ، وحكى بعضهم
ضئضيئ بوزن قنديل ، يريد أنه يخرج من نسله ومن
عقبه ، ورواه بعضهم بالصاد المهملة
وهو بمعنا انتهى.
وفي القاموس : الورق مثلثة ، وككتف وجبل
: الدارهم المضروبة ، ومحركة الحي
من كل حيوان ، والمال من إبل ودراهم وغيرها
انتهى. وفي الفقية : رزق كما سيأتي ، و
الحائل : المتغير.
١٠ ـ قب
: خرج النبي صلىاللهعليهوآله
إلى الشام في تجارة لخديجة وله خمس وعشرون
____________________
سنة ، وتزوج بها بعد
أشهر ، قال الكليني : تزوج خديجة وهو ابن بضع وعشرين سنة
ولبث بها أربعا وعشرين سنة وأشهرا ، وبنيت
الكعبة ورضيت قريش بحكمه فيها وهو ابن
خمس وثلاثين سنة.
أقول
: أوردنا تاريخ وفاتها في باب المبعث.
١١ ـ شى
: عن زرارة وحمران ومحمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليهالسلام
قال : حدث
أبوسعيد الخدري أن رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : إن جبرئيل عليهالسلام قال لي ليلة اسري
بي حين
رجعت وقلت : يا جبرئيل هل لك من حاجة؟ قال : حاجتى
أن تقرأ على خديجة من الله ومني
السلام ، وحدثنا عند ذلك أنها قالت حين لقاها
نبي الله صلىاللهعليهوآله
فقال لها
الذي قال جبرئيل ، فقالت : إن الله هو السلام ، ومنه السلام ، وإليه السلام ، وعلى
جبرئيل السلام.
١٢ ـ كشف
: من مسند أحمد بن حنبل ، عن عبدالله ابن جعفر ، عن علي بن أبي طالب
قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : خير نسائها خديجة
، وخير نسائها مريم.
ومنه ، عن عبدالله بن جعفر قال : قال
رسول الله صلىاللهعليهوآله
امرت أن ابشر خديجة
ببيت من قصب لا صخب فيه ولا نصب.
ومنه ، عن ابن عباس : إن أول من صلى مع
رسول الله (ص) بعد خديجة علي عليهالسلام
، وقال مرة : أسلم.
وقد تقدم ذكر إسلامها رضي الله عنها ، وأنها
سبقت الناس كافة ، فلا حاجة
إلى إعادة ذلك ، وهو مشهور.
ومن المسند عن أنس بن مالك ، عن النبي صلىاللهعليهوآله قال : حسبك من نسآء
العالمين
مريم بنت عمران ، وخديجة بنت خويلد ، وفاطمة
بنت محمد ، وآسية بنت مزاحم امرأة
فرعون.
ومنه ، عن عبدالله بن أبي أوفى قال : بشر
رسول الله صلىاللهعليهوآله
خديجة ببيت في الجنة
____________________
لا صخب فيه ولا نصب.
وروي أن جبرئيل أتى النبي صلىاللهعليهوآله فسأل عن خديجة فلم
يجدها ، فقال : إذا
جاءت فأخبرها أن ربها يقرؤها السلام.
وروى أبوهريرة قال : أتى جبرئيل النبي صلىاللهعليهوآله فقال : هذه خديجة
قد أتتك معها
إنآء مغطى فيه إدام أو طعام أو شراب ، فإذا هي
أتتك فاقرأ عليهاالسلام
من ربها ، ومني
السلام ، وبشرها ببيت في الجنة من قصب لا صخب
فيه ولا نصب.
وقال شريك : وقد سئل عن القصب قصب الذهب.
وقال الجوهري : القصب : أنابيب من جوهر
وذكر الحديث.
وقال غيره : اللؤلؤ ، وقال صاحب النهاية
في غريب الحديث : القصب : لؤلؤ مجوف
واسع كالقصر المنيف في هذا الحديث. والقصب من
الجوهر : ما استطال منه في تجويف.
وروي أن عجوزا دخلت على النبي صلىاللهعليهوآله فألطفها ، فلما
خرجت سألته عائشة فقال
إنها كانت تأتينا في زمن خديجة ، وإن حسن العهد من الايمان.
وعن علي عليهالسلام
قال : ذكر النبي صلىاللهعليهوآله
خديجة يوما وهو عند نسائه فبكى ، فقالت عائشة : ما يبكيك على عجوز حمراء من عجائز بني أسد؟ فقال : صدقتني إذ كذبتم
، وآمنت بي إذ كفرتم ، وولدت لي إذ عقمتم ، قالت عائشة : فما زلت أتقرب إلى رسول
الله
صلىاللهعليهوآله
بذكرها.
ونقلت من كتاب معالم العترة النبوية
لابي محمد بن عبدالعزيز بن الاخضر الجنابذي
الحنبلي ذكر خديجة بنت خويلد ام المؤمنين ، وتقدم
إسلامها ، وحسن موازرتها ، وخطر
فضلها ، وشرف منزلتها ، ذكر مرفوعا عن محمد بن
إسحاق قال. كانت
خديجة بنت خويلد
____________________
امرأة تاجرة ذات شرف
ومال ، تستأجر الرجال في مالها ، وتضاربهم إياه بشئ تجعله
لهم منه ، وكانت قريش قوما تجارا ، فلما بلغها
عن رسول الله صلىاللهعليهوآله
من صدق حديثه و
عظيم أمانته وكرم أخلاقه بعثت إليه وعرضت عليه
أن يخرج في مالها تاجرا إلى الشام ، وتعطيه أفضل ما كانت تعطي غيره من التجار ، مع غلام لها يقال له : ميسرة ، فقبله
منها
رسول الله صلىاللهعليهوآله
، وخرج في مالها ذلك ، ومعه غلامها ميسرة حتى قدم الشام ، فنزل
رسول الله صلىاللهعليهوآله
في ظل شجرة قريبا من صومعة راهب ، فاطلع الراهب إلى ميسرة فقال :
من هذا الرجل الذي نزل تحت هذه الشجرة؟
فقال ميسرة : هذا رجل من قريش من أهل
الحرم ، فقال له الراهب : ما نزل تحت هذه
الشجرة إلا نبي ، ثم باع رسول الله صلىاللهعليهوآله
سلعته التي خرج فيها ، واشترى ما أراد أن يشتري ، ثم أقبل
قافلا إلى مكة ومعه
ميسرة ، وكان ميسرة فيما يزعمون قال : إذا كانت
الهاجرة
واشتد الحر نزل ملكان
يظلانه من الشمس ، وهو يسير على بعيره ، فلما
قدم مكة على خديجة بمالها باعت ما جاء
به فأضعف أو قريبا ، وحدثها ميسرة عن قول
الراهب وعما كان يرى من إظلال الملكين ، فبعثت إلى رسول الله فقالت له فيما يزعمون : يا ابن عم قد رغبت فيك لقرابتك مني ، و
شرفك في قومك ، وسطتك فيهم ، وأمانتك عندهم ، وحسن خلقك وصدق
حديثك ، ثم
عرضت عليه نفسها ، وكانت خديجة امرأة حازمة
لبيبة ، وهي يومئذ أوسط قريش نسبا
وأعظمهم شرفا ، وأكثرهم مالا ، وكل قومها قد
كان حريصا على ذلك لو يقدر عليه ، فلما قالت لرسول الله صلىاللهعليهوآله
ما قالت ذكر ذلك لاعمامه ، فخرج معه منهم حمزة بن عبدالمطل
حتى دخل على خويلد بن أسد فخطبها إليه فتزوجها رسول الله صلىاللهعليهوآله.
وروى بإسناده عن ابن شهاب الزهري قال : لما
استوى رسول الله صلىاللهعليهوآله
وبلغ أشده
وليس له كثير مال استأجرته خديجة بنت خويلد إلى
سوق حباشة ، وهو سوق بتهامة ، و
استأجرت معه رجلا آخر من قريش ، فقال رسول الله
صلىاللهعليهوآله
: ما رأيت من صاحبة لاجير
____________________
خيرا من خديجة ، ما
كنا نرجع أنا وصاحبي إلا وجدنا عندها تحفة من طعام تخبأه لنا.
ومنه ، قال الدولابي يرفعه عن رجاله : إنه كان
من بدء أمر رسول الله صلىاللهعليهوآله
أنه
رأى في المنام رؤيا فشق عليه ، فذكر ذلك
لصاحبته خديجة ، فقالت له : أبشر ، فإن الله
تعالى لا يصنع بك إلا خيرا ، فذكر لها أنه رأى
أن بطنه اخرج فطهر وغسل ثم اعيد
كما كان ، قالت : هذا خير فأبشر ، ثم استعلن له
جبرئيل فأجلسه على ما شاء الله أن يجلسه
عليه ، وبشره برسالة الله حتى اطمأن ، ثم قال :
اقرأ ، قال كيف أقرء؟ قال : « اقرأ باسم ربك
الذي خلق * خلق الانسان من علق * اقرأ وربك الاكرم
» فقبل رسول الله
صلىاللهعليهوآله
رسالة ربه واتبع الذي جاء به جبرئيل من عند الله ، وانصرف إلى أهله ، فلما دخل على خديجة قال : أرأيتك الذي كنت احدثك ورأيته في المنام فإنه
جبرئيل استعلن ، وأخبرها بالذي جاءه من عند
الله وسمع ، فقالت : أبشر يا رسول الله ، فو الله لا يفعل الله بك إلا خيرا ، فاقبل الذي أتاك الله ، وأبشر فإنك رسول الله
حق
وروي مرفوعا إلى الزهري قال : كانت خديجة أول من آمن برسول الله صلىاللهعليهوآله.
وعن ابن شهاب : أنزل الله على رسوله القرآن
والهدى وعنده خديجة بنت خويل
وقال ابن حماد : بلغني أن رسول الله صلىاللهعليهوآله
تزوج خديجة على اثنتى عشرة أوقية
ذهبا وهي يومئذ ابنة ثماني وعشرين سنة.
وحدثني ابن البرقي أبوبكر ، عن ابن هشام
، عن غير واحد ، عن أبي عمرو بن
العلاء قال : تزوج رسول الله صلىاللهعليهوآله خديجة وهو ابن خمس
وعشرين سنة
وعن قتادة بن دعامة قال : كانت خديجة قبل أن يتزوج بها رسول الله صلىاللهعليهوآله عند عتيق
ابن عائذ بن عبدالله بن عمرو بن مخزوم ، يقال :
ولدت له جارية وهي ام محمد بن صيفي
المخزومي ، ثم خلف عليها بعد عتيق أبوهالة هند
بن زرارة التيمي ، فولدت له هند بن
هند ، ثم تزوجها رسول الله صلىاللهعليهوآله.
وبإسناده يرفعه إلى محمد بن إسحاق قال :
كانت خديجة أول من آمن بالله ورسوله
وصدقت بما جاء من الله ، ووازرته على أمره ، فخفف
الله بذلك عن رسول الله صلىاللهعليهوآله
، وكان
لا يسمع شيئا يكرهه من رد عليه وتكذيب له
فيحزنه ذلك إلا فرج الله ذلك عن رسول الله
صلىاللهعليهوآله
بها ، إذا رجع إليها تثبته ، وتخفف عنه ، وتهون عليه أمر الناس حتى
ماتت رحمها الله.
وعن إسماعيل بن أبي حكيم مولى آل الزبير
أنه حدث عن حديجة أنها قالت
لرسول الله صلىاللهعليهوآله
: أي ابن عم أتستطيع أن تخبرني بصاحبك هذا الذي يأتيك إذا جاءك؟
قال : نعم ، قالت : فإذا جاءك فأخبرني ، فجاء
جبرئيل عليهالسلام
فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله
لخديجة
يا خديجة هذا جبرئيل قد جاءني ، قالت : قم يا بن عم فاجلس على فخذي اليسرى ، فقام
رسول الله صلىاللهعليهوآله
فجلس عليها ، قالت : هل تراه؟ قال : نعم ، قالت : فتحول فاقعد على فخذ
اليمنى ، فتحول ، فقالت : هل تراه؟ قال : نعم ، قالت : فاجلس في حجري ، ففعل ، قالت
: هل تراه؟ قال : لا ، قالت : يا بن عم اثبت وأبشر ، فو الله إنه لملك وما هو بشيطان.
قال ابن إسحاق : قد حدثت بهذا الحديث عبدالله بن حسن قال : سمعت امي فاطمة
بنت حسين تحدث بهذا الحديث عن خديجة إلا أني
سمعتها تقول : أدخلت رسول الله صلىاللهعليهوآله
بينها وبين درعها ، فذهب عند ذلك جبرئيل ، فقالت
خديجة لرسول الله صلىاللهعليهوآله
: إن هذا
لملك وما هو بشيطان.
وعن ابن إسحاق أن خديجة بنت خويلد وأبا
طالب ماتا في عام واحد ، فتتابع
على رسول الله صلىاللهعليهوآله
هلاك خديجة وأبي طالب ، وكانت خديجة وزيرة صدق على الاسلام ، وكان رسول الله صلىاللهعليهوآله
يسكن إليها.
وعن عروة بن الزبير قال : توفيت خديجة
قبل أن تفرض الصلاة ، وقال رسول الله
صلىاللهعليهوآله
: اريت بخديجة بيتا من قصب لا صخب فيه ولا نصب.
وقال ابن هشام : حدثني من أثق به أن
جبرئيل أتى النبي صلىاللهعليهوآله
فقال : أقرء
خديجة من ربها السلام فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : يا خديجة هذا
جبرئيل يقرئك من ربك السلام ، فقالت خديجة : الله السلام ، ومنه
السلام. وعلى جبرئيل السلام.
وروي أن آدم عليهالسلام قال : إني لسيد
البشر يوم القيامة إلا رجل من ذريتي
____________________
نبي من الانبياء
يقال له : محمد صلىاللهعليهوآله ، فضل علي باثنتين : زوجته عاونته
وكانت له
عونا ، وكانت زوجتي على عونا ، وإن الله أعانه على شيطانه فأسلم ، وكفر شيطاني.
وعن عائشة قالت : كان رسول الله إذا ذكر خديجة
لم يسأم من ثناء عليها واستغفار
لها : فذكرها ذات يوم فحملتني الغيرة فقلت : لقد
عوضك الله من كبيرة السن ، قالت : فرأيت رسول الله صلىاللهعليهوآله
غضب غضبا شديدا ، فسقطت في يدي
، فقلت : اللهم إنك
إن أذهبت بغضب رسولك صلىاللهعليهوآله لم اعد بذكرها بسوء ما بقيت ، قالت : فلما رأى
رسول الله صلىاللهعليهوآله
ما لقيت قال : كيف قلت؟ والله لقد آمنت بي إذ كفر الناس ، وآوتني
إذ رفضني الناس ، وصدقتني إذ كذبني الناس ، ورزقت
مني حيث حرمتموه
، قالت : فغدا وراح علي بها شهرا.
وروي أن خديجة رضوان الله عليها كانت
تكنى ام هند.
وعن ابن عباس أن عم خديجة عمرو بن أسد
زوجها رسول الله صلىاللهعليهوآله
، وأن أباها
مات قبل الفجار.
وعن ابن عباس أنه تزوجها صلىاللهعليهوآله وهي ابنة ثماني
وعشرين سنة ، ومهرها
اثنتي
عشرة أوقية ، وكذلك كانت مهور نساؤه ، وقيل : إنها
ولدت قبل الفيل بخمسة عشر سنة ، وتزوجها صلىاللهعليهوآله
وهي بنت أربعين سنة ، ورسول الله صلىاللهعليهوآله
ابن خمس وعشرين سنة.
وحديث عفيف ورؤيته النبي صلىاللهعليهوآله وخديجة وعليا يصلون
حين قدم تاجرا إلى
____________________
العباس ، وقوله : لا
والله ما علمت على ظهر الارض كلها على هذا الدين غير هؤلاء الثلاثة
قد تقدم ذكره بطريقه فلا حاجة لنا إلى ذكره ، لانه
لم يختلف في أنها رضي الله عنها
أول الناس إسلاما.
وقال ابن سعد يرفعه إلى حكم بن حزام : قال : توفيت خديجة في شهر رمضان
سنة عشرة من النبوة ، وهي ابنة خمس وستين سنة ،
فخرجنا بها من منزلها حتى دفناها
بالحجون ، فنزل رسول الله صلىاللهعليهوآله في حفرتها ، ولم
يكن يومئذ صلاة على الجنازة ، قيل : ومتى ذلك يا أبا خالد؟ قال : قبل الهجرة بسنوات ثلاث أو نحوها ، وبعد خروج بني
هاشم
من الشعب بيسير ، قال : فكانت أول امرأة تزوجها
رسول الله صلىاللهعليهوآله
، وأولاده كلهم منها إلا إبراهيم ، فأنه من مارية القبطية.
هذا آخر ما نقلته من كتاب الجنابذي.
بيان
: قوله : وسطتك بكسر السين ، أي كونك
وسطهم ومتوسطا بينهم ، أي
أشرفهم ، قال الجوهري : وسطت القوم أسطهم وسطا
ووسطة ، أي توسطتهم ، وفلان
وسيط في قومه : إذا كان أوسطهم نسبا وأرفعهم
محلا انتهى.
قوله صلىاللهعليهوآله
: ورزقت مني ، أي الولد ، أو الاسلام.
قولها : فغدا وراح علي بها
شهرا ، لعل المعنى أنه صلىاللهعليهوآله كان إلى شهر يذكر
خديجة وفضلها في الغدو والرواح ، أو لما علم ندامتي في أمرها كان يغدو ويروح إلي لطفا بي.
١٣ ـ كا
: بعض أصحابنا ، عن علي بن الحسين ، عن علي بن حسان ، عن
عبدالرحمن بن كثير ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : لما أراد
رسول الله صلىاللهعليهوآله
أن يتزوج خديج
____________________
بنت خويلد أقبل
أبوطالب في أهل بيته ومعه نفر من قريش حتى دخل على ورقة بن نوفل
عم خديجة ، فابتدأ أبوطالب بالكلام فقال : « الحمد
لرب هذا البيت
الذي جعلنا
من زرع إبراهيم ، وذرية إسماعيل وأنزلنا حرما
آمنا ، وجعلنا الحكام على الناس ، وبارك لنا في بلدنا الذي نحن فيه ، ثم إن ابن أخي هذا يعني رسول الله صلىاللهعليهوآله ممن لا يوزن
برجل من قريش إلا رجح به ، ولا يقاس به رجل إلا
عظم عنه ، ولا عدل له في الخلق ، وإن كان مقلا في المال ، فإن المال رفد جار ، وظل زائل ، وله في خديجة رغبة ، ولها
فيه
رغبة ، وقد جئناك لنخطبها إليك برضاها وأمرها ، والمهر
علي في مالي الذي سألتموه
عاجله وآجله ، وله ورب هذا البيت حظ عظيم ، ودين
شائع ، ورأي كامل » ثم سكت
أبوطالب فتكلم عمها وتلجلج ، وقصر عن جواب أبي
طالب وأدركه القطع والبهر ، وكان
رجلا من القسيسين ، فقالت خديجة مبتدئة : يا
عماه إنك وإن كنت أولى
بنفسي
مني في الشهود فلست أولى بى من نفسي ، قد زوجتك
يا محمد نفسي ، والمهر علي في مالي ، فأمر عمك فلينحر ناقة فليولم بها ، وأدخل على أهلك ، قال أبوطالب : اشهدوا عليها
بقبولها محمدا وضمانها المهر في مالها ، فقال
بعض قريش : يا عجباه
المهر على النسآء
للرجال؟ فغضب أبوطالب غضبا شديدا وقام على
قدميه ، وكان ممن يهابه الرجال ويكره
غضبه
، فقال : إذا كانوا مثل ابن أخي هذا طلبت الرجال بأغلى الاثمان ، وأعظم المهر ، وإذا كانوا أمثالكم لم يزوجوا إلا بالمهر الغالي ، ونحر أبوطالب ناقة ودخل رسول
الله
صلىاللهعليهوآله
بأهله ، فقال رجل من قريش يقال له : عبدالله
بن غنم
هنيئا مرئيا يا خديجة قد جرت * لك الطير فيما كان منك بأسعد
____________________
تزوجت خير البرية كلها
|
|
ومن ذا الذي في الناس مثل محمد؟
|
وبشر به البر ان عيسى بن مريم
|
|
وموسى بن عمران فياقرب موعد
|
أقرت به الكتاب قدما بأنه
|
|
رسول من البطحاء هاد ومهتد
|
بيان
: الزرع : الولد. قوله : فإن المال رفد جار أي عطاء مستمر ، يجريه الله على
عباده بقدر حاجتهم ، وقد مر مكانه : ورق حائل ،
وسيأتي من الفقيه : رزق حائل.
والبهر بالضم : انقطاع النفس من الاعياء
، قولها : وإن كنت أولى بنفسي مني ، لعل المعنى إنك وإن كنت أولى بأمري في محضر الناس عرفا ، فلست أولى بأمري واقعا ، أو
إن كنت أولى في الحضور والتكلم بمحضر الناس ، فلست
أولى مني في أصل الرضا والقبول ، أو إن كنت قادرا على إهلاكي وامكنك فيه ، لكني لا امكنك في ترك هذا الامر ، ولعل الاوسط أظهر ، قوله : قد جرت لك الطير ، يقال للحظ من الخير والشر : طائر ، لقول العرب : جرى لفلان الطائر بكذا من الخير والشر ، على طريقة التفأل والطيرة ، وأصله أنهم كانوا يتفألون ويتطيرون بالسوانح والبوارح من الطير عند توجههم إلى
مقاصدهم ويحتمل أن يكون المعنى انتشر أسعد
الاخبار منك في الآفاق سريعا بسبب ما كان
منك من حسن الاختيار ، فإن الطير أسرع في إيصال
الاخبار من غيرها ، والاول أظهر.
والبر بالفتح : الصادق ، والكثير البر. والقدم
بالكسر : خلاف الحدوث ، يقال : قد ما كان كذا.
١٤ ـ كا
: أبوعلي الاشعري ، عن محمد بن سالم ، عن أحمد بن النضر ، عن عمرو بن
شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال : دخل رسول
الله صلىاللهعليهوآله
على خديجة حيث مات
القاسم ابنها وهي تبكي ، فقال لها : ما
يبكيك ، فقالت : درت دريرة فبكيت ، فقال : يا خديجة أما ترضين إذا كان يوم القيامة أن تجئ
إلى باب الجنة وهو قائم فيأخذ بيدك
____________________
فيدخلك الجنة ، وينزلك
أفضلها؟ وذلك لكل مؤمن ، إن الله عزوجل أحكم وأكرم
أن يسلب المؤمن ثمرة فؤاده ثم يعذبه بعدها أبدا.
١٥ ـ كا
: العدة ، عن البرقي ، عن إسماعيل بن مهران ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليهالسلام
قال : توفي طاهر ابن رسول الله صلىاللهعليهوآله
فنهى رسول الله صلىاللهعليهوآله
خديجة عن البكاء ، فقالت : بلى يا رسول الله ، ولكن
درت عليه الدريرة فبكيت ، فقال لها : أما ترضين أن تجديه قائما على باب الجنة ، فإذا
رآك أخذ بيدك فأدخلك
أطهرها
مكانا ، وأطيبها؟ قالت : وإن ذلك كذلك؟ قال : فإن
الله أعز وأكرم من أن يسلب عبدا
ثمرة فؤاده فيصبر ويحتسب ويحمد الله عزوجل ثم
يعذبه.
١٦ ـ نهج
: ولم يجمع بيت واحد يومئذ في الاسلام غير رسول الله صلىاللهعليهوآله
وخديجة وأنا ثالثها.
١٧ ـ يه
: خطب أبوطالب رحمهالله
لما تزوج النبي صلىاللهعليهوآله
خديجة بنت خويلد
رحمها الله بعد أن خطبها إلى أبيها ، ومن الناس
من يقول : إلى عمها ، فأخذ بعضادتي
الباب ومن شاهده من قريش حضور ، فقال : « الحمد
لله الذي جعلنا من زرع إبراهيم و
ذرية إسماعيل ، وجعل لنا بيتا محجوجا ، وحرما
آمنا ، يجبى
إليه ثمرات كل
شئ وجعلنا الحكام على الناس في بلدنا الذي نحن
فيه ثم إن ابن
أخي محمد بن عبدالله بن
عبدالمطلب لا يوزن برجل من قريش إلا رجح ، ولا
يقاس بأحد منهم إلا عظم عنه ، وإن
كان في المال قل فإن المال رزق حائل ، وظل زائل
، وله في خديجة رغبة ، ولها فيه
____________________
رغبة ، والصداق ما
سألتم عاجله وآجله
من مالي ، وله خطر
عظيم ، وشأن رفيع ، ولسان شافع جسيم ، فزوجه ودخل بها من الغد ، فأول ما حملت ولدت عبدالله بن
محمد صلىاللهعليهوآله.
١٨ ـ اقول
: قال الكازروني في المنتقى : روي أن خزيمة بن حكيم السلمي كانت
بينه وبين خديجة بنت خويلد رضي الله عنها قرابة
، وإنه قدم عليها ، وكان إذا قدم عليها أصابته
بخير ، فوجهته مع رسول الله صلىاللهعليهوآله وغلام لها يقال له
: ميسرة في تجارة إلى بصرى من
أرض الشام ، فأحب خزيمة رسول الله صلىاللهعليهوآله حبا شديدا ، فكان
لا يفارقه في نومه ولا في
يقظته ، فساروا حتى إذا كانوا بين الشام
والحجاز قام على ميسرة بعيران لخديجة ، وكان
رسول الله صلىاللهعليهوآله
في أول الركب فخاف ميسرة على نفسه وعلى البعرين ، فانطلق يسعى إل
رسول الله صلىاللهعليهوآله
فأخبره بذلك فأقبل النبي صلىاللهعليهوآله
إلى البعيرين فوضع يديه على أخفافهما
وعوذهما ، فانطلق البعيران يسعيان في أول الركب
لهما رغاء
، فلما رأى خزيمة
ذلك علم أن له شأنا عظيما ، فحرص على لزومه
ومحافظته ، وساروا حتى إذا دخلوا الشام
نزلوا براهب من رهبان الشام ، فنزل رسول الله صلىاللهعليهوآله تحت شجرة ، ونزل
الناس متفرقين ، وكانت الشجرة التي نزل تحتها شجرة يابسة قحلة
، قد تساقط ورقها ، ونخر عودها ، فلما نزل رسول الله صلىاللهعليهوآله
واطمأن تحتها أنورت وأشرقت واعشوشب ماحولها ، وأينع ثمرها ، وتدلت أغصانها ، فرفرفت على رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وكان ذلك بعين
الراهب فلم
يتمالك أن انحدر من صومعته ، فقال له : سألتك
باللات والعزى
، فقال : إليك عني
____________________
ثكلتك امك ، فما
تكلمت العرب بكلمة أثقل علي من هذه الكلمة ، وكان ذلك مكرا من
الراهب ، وكان معه حين نزل من صومعته رق أبيض ، فجعل ينظر فيه مرة وإلى النبي
صلىاللهعليهوآله
اخرى ، ثم أكب ينظر فيه مليا ، فقال : هو هو ومنزل الانجيل ، فلما
سمع بذلك خزيمة ظن أن الراهب يريد بالنبي صلىاللهعليهوآله مكرا ، فضرب بيده
إلى قائمة
سيفه فانتزعه وجعل يصيح بأعلى صوته : يا آل
غالب ، فأقبل الناس يهرعون إليه من كل
ناحية يقولون : ما الذي راعك؟ فلما نظر الراهب
إلى ذلك أقبل يسعى إلى صومعته فدخلها
وأغلق عليه بابها ، ثم أشرف عليهم فقال : يا
قوم ما الذي راعكم مني؟ فوالذي رفع السماوات
بغير عمد ما نزل بي ركب هو أحب إلي منكم ، وإني
لاجد في هذه الصحيفة أن النازل تحت
هذه الشجرة ـ وأومأ بيده إلى الشجرة التي تحتها
رسول الله صلىاللهعليهوآله
ـ هو رسول رب العالمين ، يبعث بالسيف المسلول ، وبالذبح الاكبر ، وهو خاتم النبيين ، فمن أطاعه نجا ، ومن
عصاه
غوى ، ثم أقبل على خزيمة فقال : ما تكون من هذا
الرجل؟ أرجلا من قومه؟ قال : لا ، ولكن خادم له ، وحدثه بحديث البعيرين ، فقال له الراهب : أيها الرجل إنه النبي
الذي
يبعث في آخر الزمان ، وإني مفوض إليك أمرا ، ومستكتمك
خبرا ، وعاهد إليك عهدا ، فقال : ما هو؟ فإني سامع لقولك ، وكاتم لسرك ، ومطيع لامرك ، فقال : إني أجد في
هذه الصحيفة أنه يظهر على البلاد ، وينصر على
العباد ، ولا ترد له راية ، ولا تدرك له
غاية ، وإن له أعداء أكثرهم اليهود أعداء الله
، فأحذرهم عليه ، فأسر خزيمة ذلك في
نفسه ، ثم أقبل على رسول الله صلىاللهعليهوآله فقال : يا محمد إني
لارى فيك شيئا ما رأيته في أحد
من الناس ، إني لاحسبك النبي الذي يذكر أنه
يخرج من تهامة ، وإنك لصريح
في ميلادك ، والامين في أنفس قومك ، وإني لارى
عليك من الناس محبة ، وإني مصدقك
في قولك ، وناصرك على عدوك ، فانطلقوا يؤمون
الشام ، فقضوا بها حوائجهم ، ثم رجعوا ،
____________________
ثم قال : فأرسلت
خديجة إلى عمها عمرو بن أسد ليزوجها ، فحضر ، ودخل رسول الله
صلىاللهعليهوآله
في عمومته فتزوجها وهو ابن خمس وعشرين سنة ، وخديجة يومئذ
بنت أربعين سنة.
وقد روى قوم أنه زوجها أبوها في حال
سكره.
قال الواقدي : هذا غلط ، والصحيح أن
عمها زوجها ، وأن أباها مات
قبل الفجار.
وذكر أن أبا طالب خطب يومئذ ، وذكر ما
مر ، فلما أتم أبوطالب خطبته تكلم
ورقة بن نوفل ، فقال » : الحمد لله الذي جعلنا
كما ذكرت ، وفضلنا على ما عددت ، فنحن سادة العرب وقادتها ، وأنتم أهل ذلك كله ، لا تنكر العشيرة فضلكم ، ولا يرد
أحد من الناس فخركم وشرفكم ، وقد رغبنا
بالاتصال بحبلكم وشرفكم ، فاشهدوا علي
معاشر قريش بأني قد زوجت خديجة بنت خويلد من
محمد بن عبدالله على أربعمأة دينار ، ثم سكت ورقة ، وتكلم أبوطالب وقال : قد أحببت أن يشركك عمها ، فقال عمها ، اشهدوا
علي يا معشر قريش إني قد أنكحت محمد بن عبدالله
خديجة بنت خويلد ، وشهد علي بذلك
صناديد قريش ، فأمرت خديجة جواريها أن يرقصن
ويضربن بالدفوف ، وقالت : يا محمد مر
عمك أبا طالب ينحر بكرة من بكراتك ، وأطعم
الناس على الباب ، وهلم فقل
مع
____________________
أهلك فأطعم الناس ، ودخل
رسول الله صلىاللهعليهوآله
، فقال مع أهله خديجة
١٩ ـ اقول
: قال أبوالحسن البكري في كتاب الانوار : مر النبي صلىاللهعليهوآله
يوما
بمنزل خديجة بنت خويلد ، وهي جالسة في ملا من
نسائها وجواريها وخدمها ، وكان
عندها حبر من أحبار اليهود ، فلما مر النبي صلىاللهعليهوآله نظر إليه ذلك الحبر
وقال : يا خديجة
اعلمي أنه قد مر الآن ببابك شاب حدث السن ، فأمري
من يأتي به ، فأرسلت إليه جارية
من جواريها ، وقالت : يا سيدي مولاتي تطلبك ، فأقبل
ودخل منزل خديجة ، فقالت
أيها الحبر هذا الذي أشرت إليه ، قال : نعم هذا محمد بن عبدالله ، قال له الحبر : اكشف
لي عن بطنك ، فكشف له ، فلما رآه قال : هذا
والله خاتم النبوة ، فقالت
له خديج
لو رآك عمه وأنت تفتشه لحلت عليك منه نازلة البلاء ، وإن أعمامه ليحذرون عليه من
أحبار اليهود ، فقال الحبر : ومن يقدر على محمد
هذا بسوء ، هذا وحق الكليم رسول الملك
العظيم في آخر الزمان ، فطوبى لمن يكون له بعلا ، وتكون له زوجة
وأهلا ، فقد حازت
شرف الدنيا والآخرة ، فتعجبت خديجة ، وانصرف
محمد وقد اشتغل قلب خديجة بنت خويلد
بحبه ، وكانت خديجة ملكة عظيمة ، وكان لها من
الاموال والمواشي شئ لا يحصى ، فقالت : أيها الحبر بم عرفت محمدا أنه نبي؟ قال : وجدت صفاته في التوارة ، إنه
المبعوث آخر الزمان ، يموت أبوه وامه ، ويكفله جده وعمه ، وسوف
يتزوج
بامرأة من قريش سيدة قومها ، وأميرة عشيرتها ، وأشار
بيده إلى خديجة ، ثم بعد ذلك
قال لها : احفظي ما أقول لك يا خديجة وأنشأ
يقول :
____________________
يا خديجة لا تنسي الآن قولي
|
|
وخذي منه غاية المحصول
|
يا خديجة هذا النبي بلا شك
|
|
هكذا قد قرأت في الانجيل
|
سوف يأتي من الاله بوحي
|
|
ثم يجبى من الاله
بالتنزيل
|
ويزوجه بالفخار ويحظى
|
|
في الورى شامخا على كل جيل
|
فلما سمعت خديجة ما نطق به الحبر تعلق
قلبها بالنبي صلىاللهعليهوآله
، وكتمت أمرها ، فلما خرج من عندها قال : اجتهدي أن لا يفوتك محمد ، فهو الشرف في الدنيا والآخرة ، وكان لخديجة عم يقال له : ورقة ، وكان قد قرأ الكتب كلها ، وكان عالما حبرا ، وكان
يعرف صفات النبي الخارج في آخر الزمان ، وكان
عند ورقة أنه يتزوج بامرأة
سيدة
من قريش ، تسود قومها ، وتنفق عليه مالها ، وتمكنه
من نفسها ، وتساعده على كل الامور ، فعلم ورقة أنه ليس بمكة أكثر مالا من خديجة ، فرجا ورقة أن تكون ابنة أخيه خديجة ،
وكان يقول لها : يا خديجة سوف
تتصلين برجل يكون أشرف أهل الارض والسماء ،
____________________
وكان لخديجة في كل
ناحية عبيد ومواشي حتى قيل : إن لها أزيد من ثمانين ألف جمل
متفرقة في كل مكان ، وكان لها في كل ناحية
تجارة ، وفي كل بلد مال ، مثل مصر
والحبشة وغيرها ، وكان أبوطالب رضياللهعنه قد كبر وضعف عن
كثرة السفر ، وترك ذلك
من حيث كفل النبي صلىاللهعليهوآله
، فدخل عليه النبي صلىاللهعليهوآله
ذات يوم فوجده مهموما ، فقال : ما لي أراك
يا عم مهموما؟ فقال : يا ابن أخي اعلم أنه لا مال لنا ، وقد اشتد الزمان علينا ، وليس لنا مادة ، وأنا قد كبرت ، وضعف جسمي ، وقل ما بيدي ، واريد أن أنزل إلى
ضريحي
، واريد أن أرى لك زوجة تسر قلبي يا ولدي لتسكن إليها ، ومعيشة يرجع
نفعها إليك ، فقال له النبي صلىاللهعليهوآله : ما عندك يا عم من
الرأي؟ قال : اعلم يابن أخي أن
هذه خديجة بنت خويلد قد انتفع بمالها أكثر
الناس ، وهي تعطي مالها سائر من يسألها
التجارة
، ويسافرون به ، فهل لك يا ابن أخي أن تمضي معي إليها ونسألها أن تعطيك
مالا تتجر فيه ، فقال : نعم ، قم إليها وافعل
ما بدا ل
قال أبوالحسن البكري : لما اجتمع بنو عبدالمطلب قال أبوطالب لاخوته : امضوا
بنا إلى دار خديجة بنت خويلد حتى نسألها أن
تعطي محمدا مالا يتجر به ، فقاموا من
وقتهم وساعتهم وساروا إلى دار خديجة ، وكان
لخديجة دار واسعة تسع أهل مكة جميعا ، وقد جعلت أعلاها قبة من الحرير الازرق ، وقد رقمت في جوانبها صفة الشمس والقمر
والنجوم ، وقد ربطته من حبال الابريسم وأوتاد من الفولاذ ، وكانت قد تزوجت
برجلين
أحدهما اسمه أبوشهاب وهو عمرو الكندي ، والثاني اسمه عتيق بن عائذ ، فلما
ماتا خطبها عقبة بن أبي معيط ، والصلت بن أبي
يهاب ، وكان لكل واحد منهما أربعمأة عبد
وأمة ، وخطبها أبوجهل بن هشام وأبوسفيان ، وخديجة
لا ترغب في واحد منهم ، وكان
____________________
قد تولع قلبها
بالنبي صلىاللهعليهوآله
لما سمعت
من الاحبار والرهبان والكهان ، وما يذكرونه
من الدلالات ، وما رأت قريش من الآيات ، فكانت
تقول : سعدت من تكون لمحمد قرينة ، فإنه يزين صاحبه
، وازداد بها الوجد ، ولج بها الشوق
، فبعثت إلى عمها ورقة
ابن نوفل فقالت له : يا عم اريد أن أتزوج وما
أدري بمن يكون ، وقد أكثر علي الناس
وقلبي لا يقبل منهم أحدا ، فقال لها ورقة : يا
خديجة ألا اعلمك بحديث غريب وأمر
عجيب؟ قالت : وما هو يا عم؟ قال : عندي كتاب من
عهد عيسى عليهالسلام
فيه طلاسم وعزائم ، أعزم بها على ماء وتأخذينه وتغسلين به ، ثم أكتب كتابا فيه كلمات من الزبور ، وكلمات
من الانجيل ، فتضعيه تحت رأسك عند النوم وأنت
على فراشك ملتفة بثيابك ، فإن الذي
يكون زوجك يأتيك في منامك حتى تعرفيه باسمه
وكنيته ، فقالت : افعل يا عم ، قال
حبا وكرامة ، وكتب الكتاب ، وأعطاها إياه ، وفعلت ما أمرها به ونامت فرأت كأن
قد جاء إليها رجل لا بالطويل الشاهق ، ولا
بالقصير اللاذق ، أدعج العينين ، أزج الحاجبين ، أحور المقلتين
، عقيقي الشفتين ، مورد الخدين ، أزهر اللون ، مليح الكون ، معتدل
القامة ، تظله الغمامة ، بين كتفيه علامة ، راكب
على فرس من نور ، مزمم
بسلسلة
من ذهب ، على ظهره سرج من العقيان ، مرصع بالدر
والجوهر ، له وجه كوجه الآدميين
منشق الذنب ، له أرجل كالبقر ، خطوته مد البصر ،
وهو يرقل بالراكب ، وكان خروجه
من دار أبي طالب ، فلما رأته خديجة ضمته إلى
صدرها ، وأجلسته في حجرها ، ولم تنم
باقي ليلتها إلى أن أقبلت إلى عمها ورقة ، وقالت
: أنعمت صباحا يا عم ، قال : وأنت لقيت
____________________
نجاحا ، فلعلك رأيت
شيئا في منامك ، قالت : رأيت رجلا صفته كذا وكذا ، فعندها قال
ورقة : يا خديجة إن صدقت رؤياك تسعدين وترشدين
، فإن الذي رأيته متوج بتاج
الكرامة ، الشفيع في العصاة يوم القيامة ، سيد
العرب والعجم ، محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب
ابن هاشم ، قالت : وكيف لي بما تقول يا عم وأنا
كما يقول الشاعر :
أسير إليكم قاصدا لازوركم
|
|
وقد قصرت بي عند ذاك رواحلي
|
وملك الاماني خدعة غير أنني
|
|
اعلل حد الحادثات بباطل
|
احمل برق الشرق شوقا إليكم
|
|
وأسأل ريح الغرب رد رسائلي
|
قال : فزاد بها الوجد ، وكانت إذا خلت
بنفسها فاضت عبرتها أسفا ، وجرت دمعتها
لهفا ، وهي تقول :
كم أستر الوجد والاجفان تهتكه
|
|
واطلق الشوق والاغضاء تمسكه
|
جفاني القلب لما أن تملكه
|
|
غيري فوا أسفا لو كنت أملكه
|
ما ضر من لم يدع مني سوى رمقي
|
|
لو كان يمسح بالباقي فيتركه
|
قال الراوي : وأعجب ما رأيت في هذا
الامر العجيب والحديث الغريب أن خديجة
لم تفرغ من شعرها إلا وقد طرق الباب ، فقالت
لجاريتها : انزلي وانظري من بالباب ، لعل هذا خبر من الاحباب ، ثم أنشأ يقول :
أيا ريح الجنوب لعل علم
|
|
من الاحباب يطفى بعض حري
|
ولم لا حملوك إلي منهم
|
|
سلاما أشتريه ولو بعمري
|
وحق ودادهم إني كتوم
|
|
وإني لا أبوح لهم بسري
|
أراني الله وصلهم قريبا
|
|
وكم يسر أتى من بعد عسر
|
فيوم من فراقكم كشهر
|
|
وشهر من وصالكم كدهر.
|
قال : ثم نزلت الجارية وإذا أولاد
عبدالمطلب بالباب ، فرجعت إلى خديجة و
قالت : يا سيدتي إن بالباب سادات العرب ، ذوي المعالي والرتب ، أولاد عبدالمطلب ،
____________________
فرمقت خديجة رمق الهوى ، ونزل بها دهش الجوى ، وقالت : افتحي لهم الباب ، وأخبري ميسرة يعتد لهم المساند والوسائد ، فإني أرجو أن يكونوا قد أتوني بحبيبي
محمد ، ثم قالت شعرا :
ألذ حياتي وصلكم ولقاكم
|
|
ولست ألذ العيش حتى أراكم
|
وما استحسنت عيني من الناس غيركم
|
|
ولا لذ في قلبي حبيب سواكم
|
على الرأس والعينين جملة سعيكم
|
|
ومن ذا الذي في فعلكم قد عصاكم
|
فها أنا محسوب عليكم بأجمعي
|
|
وروحي ومالي يا حبيبي فداكم
|
وما غيركم في الحب يسكن مهجتي
|
|
وإن شئتم تفتيش قلبي فهاكم
|
قال صاحب الحديث : وبسط لهم ميسرة
المجلس بأنواع الفرش فما استقر بالقوم
الجلوس إلا وقد قدم لهم أصناف الطعام والفواكه
من الطائف والشام ، فأكلوا وأخذوا
في الحديث ، فقالت لهم خديجة من وراء الحجاب
بصوت عذب ، وكلام رطب : يا سادات
مكة أضاءت بكم الديار ، وأشرقت بكم الانوار ، فلعل
لكم حاجة فتقضى ، أو ملمةفتمضى ، فإن حوائجكم مقضية ، وقناديلكم مضيئة ،
فقال أبوطالب رضياللهعنه
: جئناك
في حاجة يعود نفعها إليك ، وبركتها عليك ، قالت
: يا سيدي وما ذلك؟ قال : جئناك في
أمر ابن أخي محمد ، فلما سمعت ذلك غاب رشدها عن الوجود ، وأيقنت بحصول
المقصود ، وقالت شعرا :
بذكر كم يطفئ الفؤاد من الوقد
|
|
ورؤيتكم فيها شفا أعين الرمد
|
ومن قال : إني أشتفي من هواكم
|
|
فقد كذبوا لو مت فيه من الوجد
|
وما لي لا أملا سرورا بقربكم
|
|
وقد كنت مشتاقا إليكم على البعد
|
____________________
تشابه سري في هواكم وخاطري
|
|
فابدي الذي أخفى وأخفى الذي ابدي
|
ثم قالت بعد ذلك : يا سيدي أين محمد حتى
نسمع ما يقول؟
قال العباس
رضياللهعنه
: أنا آتيكم به ، فنهض وسار يطلبه من الابطح
فلم يجده ، فالتفت يمينا
وشمالا فقالوا : ما تريد؟ فقال : اريد محمدا ، فقالوا له : في
جبل حرى
، فسار إليه
فإذا هو فيه نائما في مرقد إبراهيم الخليل عليهالسلام ملتفا ببرده وعند
رأسه ثعبان عظيم في
فمه طاقة ريحان يروحه بها ، فلما نظر إليه
العباس قال : خفت عليه من الثعبان ، فجذبت
سيفي وهممت بالثعبان ، فحمل الثعبان على العباس ، فلما رأى
العباس ذلك صاح
من وقته ادركني يا ابن أخي ، ففتح النبي صلىاللهعليهوآله عينيه فذهب الثعبان
كأنه لم يكن ، فقال النبي صلىاللهعليهوآله
: ما لي أرى سيفك مسلولا؟ قال : رأيت هذا الثعبان عندك ، فسللت سيفي
وقصدته خوفا عليك منه ، فعرفت في نفسي الغلبة
فصحت بك
، فلما فتحت عينك ذهب
كأنه لم يكن ، فتبسم النبي صلىاللهعليهوآله ، وقال : يا عم ليس
هذا بثعبان ، ولكنه ملك من
الملائكة ، ولقد رأيته مرارا ، وخاطبته جهارا ، وقال لي : يا محمد إني ملك من
عند ربي
موكل بحراستك في الليل والنهار من كيد الاعداء
والاشرار ، قال : ما ينكر فضلك يا
محمد
، فقال له : سر معي إلى دار خديجة بنت خويلد تكون أمينا على أموالها ، تسير
____________________
بها حيث شئت ، قال :
اريد الشام ، قال : ذلك إليك ، فسار النبي صلىاللهعليهوآله
والعباس
إلى بيت خديجة ، وكان من عادته صلىاللهعليهوآله إذا أراد زيارة قوم
سبقه النور إلى بيتهم ، فسبقه
النور إلى بيت خديجة ، فقالت لعبدها ميسرة : كيف
غفلت عن الخيمة حتى عبرت الشمس
إلى المجلس؟ قال : لست بغافل عنها ، وخرج فلم
يجد تغير وتد ولا طنب ، ونظر إلى
العباس فوجده قد أقبل هو والنبي صلىاللهعليهوآله معه ، فرجع وقال
لها : يا مولاتي هذا الذي
رأيته من أنوار محمد صلىاللهعليهوآله ، فجاءت خديجة
لتنظر إلى محمد ، فلما دخل المجلس نهض أعمام
إجلالا له ، وأجلسوه في أوساطهم ، فلما استقر بهم الجلوس قدمت لهم خديجة الطعام
فأكلوا ، ثم قالت خديجة : يا سيدي أنست بك
الديار ، وأضاءت بك الاقدار
، وأشرقت
من طلعتك الانوار ، أترضى أن تكون أمينا على
أموالي تسير بها حيث شئت؟ قال : نعم
رضيت ، ثم قال : اريد الشام ، قالت : ذلك إليك
، وإني قد جعلت لمن يسير على أموالي
مائة وقية من الذهب الاحمر ، ومائة وقية من
الفضة البيضاء ، وجملين وراحلتين
، فهل
أنت راض؟ فقال أبوطالب رضياللهعنه ، رضي ورضينا ، وأنت
يا خديجة محتاجة إليه ، لانه
من حين خلق ما وقف له العرب على صبوة ، وأنه
مكين أمين ، قالت خديجة : تحسن يا
سيدي تشد على الجمل وترفع عليه الاحمال؟ قال : نعم
، قالت : يا ميسرة : ايتني ببعير حتى
أنظر كيف يشد عليه محمد ، فخرج ميسرة وأتى
ببعير شديد المراس ، قوى الباس ، لم يجسر أحد
من الرعاة أن يخرجه من بين الابل لشدة بأسه ، فأدناه
ليركبه فهدر وشقشق
واحمرت
عيناه ، فقال له العباس : ما كان عندك أهون من
هذا البعير؟ تريد أن تمتحن به ابن أخينا؟
فعند ذلك قال النبي صلىاللهعليهوآله : دعه يا عم ، فلما
سمع البعير كلام البشير النذير برك على
قدمي النبي صلىاللهعليهوآله
، وجعل يمرغ وجهه علي قدمي النبي صلىاللهعليهوآله
ون
بكلام فصيح وقال :
____________________
من مثلى وقد لمس
ظهري سيد المرسلين؟ فقلن النسوة اللاتى كن عند خديجة : ماهذا إلا
سحر عظيم قد أحكمه هذا اليتيم ، قالت لهم خديجة
: ليس هذا سحرا ، وإنما هو آيات
بينات ، وكرامات ظاهرات ، ثم قالت :
نطق البعير بفضل أحمد مخبرا
|
|
هذا الذي شرفت به ام القرى
|
هذا محمد خير مبعوث أتى
|
|
فهو الشفيع وخير من وطأ الثرى
|
يا حاسديه تمزقوا من غيظكم
|
|
فهو الحبيب ولا سواه في الورى
|
قال : وخرج أولاد عبدالمطلب وأخذوا في
اهبة السفر
، فالتفتت خديجة إلى النبي
صلىاللهعليهوآله
وقالت : يا سيدي ما معك غير هذه الثياب ، فليست هذه تصلح للسفر ، فقال : لست أملك غيرها ، فبكت خديجة وقالت : عندي يا سيدي ما يصلح للسفر ، غير
أنهن
طوال فامهل
حتى اقصرها لك ، فقال : هلمي بها ، وكان صلىاللهعليهوآله
إذا لبس القصير يطول
وإذا لبس الطويل يقصر ، كأنه مفصل عليه ، فأخرجت له ثوبين من قباطي مصر ، وجبة عدنية ، وبردة يمنية ، وعمامة عراقية ، وخفين من الاديم ، وقضيب خيزران ، فلبس النبي صلىاللهعليهوآله
الثياب وخرج كأنه البدر في تمامه
، فلما نظرت إليه جعلت تقول :
اوتيت من شرف الجمال فنونا
|
|
ولقد فتنت بها القلوب فتونا
|
قد كونت للحسن فيك جواهر
|
|
فيها دعيت الجوهر المكنونا
|
يا من أعار الظبي في لفتاته
|
|
للحسن جيدا ساميا وجفونا
|
انظر إلى جسمي النحيل وكيف قد
|
|
أجريت من دمع العيون عيونا
|
____________________
أسهرت عيني في هواك صبابة
|
|
وملئت قلبي لوعة وجنونا
|
ثم قالت : يا سيدي عندك ما تركب عليه؟
قال : إذا تعبت ركبت أي بعير أردت ، قالت : وما يحملني على ذلك؟
لا كانت الاموال دونك يا محمد
، ثم قالت لعبدها
ميسرة : ايتني بناقتي الصهباء حتى يركبها سيدي
محمد ، فأتى بها ميسرة وهي تزيد على
الاوصاف ، لا يلحقها في سيرها تعب ، ولا يصيبها
نصب ، كأنها خمية مضروبة ، أو قبة
منصوبة ، ثم التفتت إلى ميسرة وناصح وقالت لهما
: اعلما أنني قد أرسلت إليكما أمينا
على أموالي ، وأنه أمير قريش وسيدها ، فلا يد على يده ، فإن باع لا يمنع ، و
ترك لا يؤمر ، وليكن كلامكما له بلطف وأدب ، ولا
يعلو كلامكما على كلامه ، قال عبدها
ميسرة : والله يا سيدتي إن لمحمد عندي محبة
عظيمة قديمة ، والآن قد تضاعفت لمحبتك
له ، ثم إن النبي صلىاللهعليهوآله
ودع خديجة وركب راحلته وخرج وميسرة وناصح بين يديه ، وعين الله ناظرة إليه ، فعندها قالت خديجة شعرا :
قلب المحب إلى الاحباب مجذوب
|
|
وجسمه بيد الاسقام منهوب
|
وقائل كيف طعم الحب قلت له :
|
|
الحب عذب ولكن فيه تعذيب
|
أقذى الذين علي خدي
لبعدهم
|
|
دمي ودمعي مسفوح ومسكوب
|
ما في الخيام وقد سارت ركابهم
|
|
إلا محب له في القلب محبوب
|
كأنما يوسف في كل ناحية
|
|
والحز في كل بيت فيه
يعقوب
|
____________________
ثم إن النبي صلىاللهعليهوآله سار مجدا للسير إلى
الابطح ، فوجد القوم مجتمعين ، وهم
لقدومه منتظرون ، فلما نظروا إلى جمال سيد المرسلين
وقد فاق الخلق أجمعين فرح المحب
، واغتم الحاسد
، وظهر الحسد والكمد فيمن
سبقت له الشقاوة من المكذبين
، وزادت عقيدة من سبقت له السعادة من المؤمنين ، فلما نظر العباس إليهم أنشأ يقول :
يا مخجل الشمس والبدر المنير إذا
|
|
تبسم الثغر لمع البرق منه أضا
|
كم معجزات رأينا منك قد ظهرت
|
|
يا سيدا ذكره يشفي به المرضى
|
فلما نظر النبي صلىاللهعليهوآله إلى أموال خديجة
على الارض ولم يحمل منها شئ زعق
على العبيد ، وقال : ما الذي منعكم عن شد
رحالكم؟ قالوا يا سيدنا لقلة عددنا ، وكثرة
أموالنا ، فأبرك راحلته ، ونزل ولوى ذيله في
دور منطقته وصار يزعق بالبعير فيقو
بإذن الله تعالى ، فتعجب الناس من فعله ، فنظر العباس إلى النبي صلىاللهعليهوآله وقد احمرت
وجناته من العرق ، فقال : كيف اخلي الشمس تقرح
هذا الوجه الكريم؟ فعمد إلى
خشبة وقال : لاتخذن منها حجفة تظل
محمدا من حر الشمس ، فارتجت الاقطار
وتجلى الملك الجبار ، وأمر الامين جبرئيل عليهالسلام أن يهبط إلى رضوان خازن الجنان
وقل له : يخرج لك الغمامة التي خلقتها لحبيبي
محمد صلىاللهعليهوآله
قبل أن أخلق آدم بألفي عام ، وانشرها على رأس حبيبي محمد ، فلما رأوها شخصت نحوها الابصار ، وقال العباس : إن
محمدا لكريم على ربه ، ولقد استغنى عن حجفتي ، ثم أنشأ يقول :
____________________
وقف الهوى بي حيث كنت فليس لي
|
|
متقدم عنكم ولا متأخر
|
ثم سار القوم حتى نزلوا بجحفة الوداع
وحطوا رحالهم حتى يلحق بهم المتأخرون
فقال مطعم بن عدي : يا قوم إنكم سائرون إلى أرض
كثيرة المهامه والاوعار
، وليس
لكم مقدم تستشيرون به وترجعون إلى أمره ، والرأي
عندي أنكم تقدمون عليكم رجلا
لتستندوا إلى رأيه ، وترجعوا إلى أمره عن
المنازع والمخالف ، قالوا : نعم ما أشرت به ، فقال بنو مخزوم : نحن نقدم علينا أخانا عمرو بن هشام المخزومي ، وقال بنو عدي : نحن
نقدم علينا أميرنا مطعم بن عدي ، وقال بنو
النضر : نحن نقدم علينا أميرنا النضر بن الحارث ، وقال بنو زهرة : نحن نقدم علينا أميرنا احيحة بن الجلاح ، وقال بنو لوي : نحن نقدم
علينا أبا سفيان صخر بن حرب ، وقال ميسرة : والله
ما نقدم علينا إلا سيدنا محمد بن عبدالله ، و
قال بنو هاشم : ونحن أيضا نقدم علينا محمدا ، فقال
أبوجهل : لان
قدمتم علينا محمدا
لاضعن هذا السيف في بطني ، واخرجه من ظهري ، فقبض
حمزة على سيفه وقال : يا وغدالرجال ، ويا نذل الافعال ، والله ما اريد إلا أن يقطع الله يديك
ورجليك ويعمى
عينيك ، فقال له النبي صلىاللهعليهوآله : اغمد سيفك يا
عماه ، ولا تستفتحوا سفركم بالشر ، دعوهم
يسيرون أول النهار ، ونحن نسير آخره ، فإن
التقدم لقريش ، وكان صلىاللهعليهوآله
أول من تكلم
بهذه الكلمة ، وسار أبوجهل ومن يلوذ به ، وقد
استغنم من بني هاشم
الفرصة ، وهو
ينشد ويقول :
لقد ضلت حلوم بني قصي
|
|
وقد زعموا بتسييد اليتيم
|
____________________
وراموا للخلافة غير كفو
|
|
فكيف يكون ذا الامر العظيم؟
|
وإني فيهم ليث حمي
|
|
بمصقول ولي جد كريم
|
فلو قصدوا عبيدة أو ظليما
|
|
وصخر الحرب ذا الشرف القديم
|
لكنا راضيين لهم وكنا
|
|
لهم تبعا على خلف ذميم
|
فأجابه العباس يقول :
ألا أيها الوغد الذي رام ثلبنا
|
|
أتثلب قرنا في الرجال كريم
|
أتثلب ياويك الكريم أخا التقى
|
|
حبيب لرب العالمين عظيم
|
ولو لا رجال قد عرفنا محلهم
|
|
وهم عندنا في مجدب ومقيم
|
لدارت سيوف يفلق الهام حدها
|
|
بأيدي رجال كالليوث تقيم
|
حماة كماة كالاسود ضراغم
|
|
إذا برزوا ردوا لكل زعيم
|
ثم إن القوم ساروا إلى أن بعدوا عن مكة
، فنزلوا بواد يقال له : واد الامواه ، لانه مجتمع السيول
وأنهار الشام ، ومنه تنبع عيون الحجاز ، فنزل به القوم وحطوا
رحالهم ، وإذا بالسحاب قد اجتمع ، فقال النبي صلىاللهعليهوآله : ما أخوفني على
أهل هذا
الوادي أن يدهمهم السيل فيذهب بجميع أموالهم ، والرأي عندي أن نستند
إلى هذا الجبل ، قال له العباس : نعم ما رأيت
يا ابن أخي ، فأمر النبي صلىاللهعليهوآله
أن ينادي
____________________
في القافلة أن
ينقلوا رحالهم إلى نحو الجبل
مخافة السيل ، ففعلوا إلا رجلا من بني
جمح
يقال له : مصعب ، وكان له مال كثير : فأبى أن يتغير من مكانه ، وقال
يا قوم ما أضعف قلوبكم؟ تنهزمون عن شئ لم تروه ولم تعاينوه؟ فما استتم كلامه إلا
وقد ترادفت السحاب والبرق ونزل السيل وامتلا
الوادي من الحافة إلى الحافة
، و
أصبح الجمحي وأمواله كأنه لم يكن ، وأقام القوم
في ذلك المكان أربعة أيام والسيل
يزداد ، فقال ميسرة : يا سيدي هذه السيول لا
تنقطع إلى شهر ، ولا تقطعه السفار
، و
إن أقمنا هاهنا أضر بنا المقام ، ويفرغ الزاد ،
والرأي عندي أن
نرجع إلى مكة ، فلم
يجبه النبي صلىاللهعليهوآله
إلى ذلك ، ثم نام فرأى في منامه ملكا يقول له : يا محمد لا تحزن ، إذا
كان غداة غد مر قومك بالرحيل ، وقف على شفير
الوادي ، فإذا رأيت الطير الابيض قد خط
بجناحه فاتبع الخط ، وأنت تقول : بسم الله
وبالله ، وأمر قومك أن يقولوا : هذه الكلمة ، فمن قالها سلم ، ومن حاد عنها غرق ، فاستيقظ النبي صلىاللهعليهوآله
وهو فرح مسرور ، ثم أمر
ميسرة أن ينادي في الناس بالرحيل ، فرحلوا وشد
ميسرة رحاله ، فقال الناس : يا ميسرة
وكيف نسير وهذا المآء لا تقطعه إلا السفن؟ فقال
: أما أنا فإن محمدا أمرني ، وأنا لا اخالفه
فقال القوم : ونحن أيضا لا نخالفه ، فبادر
القوم ، وتقدم النبي صلىاللهعليهوآله
ووقف على شفير
الوادي ، وإذا بالطير الابيض قد أقبل من ذروة
الجبل. وخط بجناحه خطا أبيض يلمع ، فشمر النبي صلىاللهعليهوآله
أذياله واقتحم المآء وهو يقول : بسم الله وبالله ، فلم يصل المآء إلى نصف
ساقه ، ونادى أيها الناس لا يدخل أحد منكم
المآء حتى يقول هذه الكلمة ، فمن قالها سلم ،
____________________
ومن حاد عنها هلك ، فاقتحم
القوم المآء وهم يقولون : الكلمة
، ولم يتأخر من القوم
سوى رجلين : أحدهما من بني جمح ، والآخر من بني
عدي ، فقال العدوي : بسم الله و
بالله ، وقال الجمحي : بسم اللات والعزى ، فغرق
الجمحي وأمواله ، وسلم العدوي و
أمواله ، فقال القوم للعدوي : ما بال صاحبك
غرق؟ قال : إنه قد عوج لسانه وخالف قول
النبي صلىاللهعليهوآله فغرق ، فاغتم أبوجهل لعنه الله وقومه ،
وقالوا : ما هذا إلا سحر عظيم ، فقال له بعض أصحابه : يا ابن هشام ما هذا بسحر ، ولكن والله ما أظلت الخضرآء ولا
أقلت
الغبرآء أفضل من محمد ، فلم يرد جوابا ، وساروا
حتى نزلوا على بئر وكان تنزل عليه العرب
في طريق الشام ، فقال أبوجهل : والله لاجد في نفسي
غبنة عظيمة إن رد
محمد من
سفره هذا سالما ، ولقد عزمت على قتله ، وكيف لي
بالحيلة في قتله وهو ينظر من ورائه
كما ينظر من أمامه ، ولكن أفعل فسوف تنظرون ، ثم
عمد إلى الرمل والحصى وملا
حجره وكبس
به البئر ، فقال أصحابه : ولم تفعل ذلك؟ فقال : اريد دفن البئر حتى
إذا جاء ركب بني هاشم وقد أجهدهم العطش فيموتوا
عن آخرهم ، فتبادر القوم بالرمل و
الحصى ولم يتركوا للبئر أثرا ، فقال أبوجهل
لعنه الله : الآن قد بلغت مرادي ، ثم التفت
إلى عبد له اسمه فلاح وقال له : خذ هذه الراحلة
، وهذه القربة والزاد واختف تحت الجبل
، فإذا جاء ركب بني هاشم يقدمهم محمد ، وقد أجهدهم العطش والتعب ولم يجدوا للبئر
أثرا فيموتو
فأتني بخبرهم ، فإذا أتيتني وبشرتني بموتهم أعتقتك وزوجتك بمن تريد من أهل مكة ، فقال : حبا وكرامة ، ثم سار أبوجهل وتأخر العبد كما أمره مولاه ، وإذا بركب
بني هاشم قد أقبل يتقدمهم محمد ، فتبادر القوم
إلى البئر فلم يجدوا له أثرا ، فضاقت صدورهم
____________________
وأيقنوا بالهلاك ، فلاذوا
بمحمد صلىاللهعليهوآله ، فقال لهم : هل هنا موضع يعرف بالماء؟
قالوا
نعم بئر قد ردمت بالرمل والحجارة ، فمشى النبي صلىاللهعليهوآله حتى وقف على شفير
البئر
فرفع طرفه إلى السماء ونادى : يا عظيم الاسمآء
، يا باسط الارض ، ويا رافع السمآء ، قد
أضر بنا الظمآء ، فاسقنا المآء ، فإذا بالحجارة
والرمل قد تصلصلت
، وعين المآء قد نبعت
وتفجرت ، وجرى المآء من تحت أقدامه ، فسقى
القوم دوابهم ، وملؤوا قربهم ، وساروا و
سار العبد إلى مولاه ، وقال : ما وراءك يا
فلاح؟ وقال : والله ما أفلح من عادى محمدا ، وحدثهم
بما عاين منه ، فامتلى أبوجهل غيظا ، وقال
للعبد : غيب وجهك عني ، فلا أفلحت أبدا ، ثم
سار حتى وصل واديا من أودية الشام يقال له : ذبيان
، وكان كثير الاشجار ، إذ خرج من ذلك
الوادي ثعبان عظيم كأنه النخلة السحوق ، ففتح
فاه وزفر ، وخرج من عينيه الشرار ، فجفلت منه ناقة أبي جهل لعنه الله ، ولعبت بيديها ورجليها ورمته فكسرت أضلاعه ، فغشي
عليه ، فلما أفاق قال لعبيده : تأخروا إلى جانب الطريق ، فإذا جاء ركب بني
هاشم
يتقدمهم محمد قدموه علينا حتى إذا رأت ناقته
الثعبان فعسى أن ترميه إلى الارض فيموت ، ففعل العبيد ما أمرهم به ، وإذا بركب بني هاشم قد أقبل يتقدمهم محمد ، فقال النبي صلىاللهعليهوآله
يا ابن هشام أراكم قد نزلتم وليس هو وقت نزولكم؟ فقال له : يا محمد ، والله قد
استحييت أن
أتقدم عليك ، وأنت سيد أهل الصفا ، وأعلا حسبا
ونسبا ، فتقدم ، فلعن الله من يبغضك ، ففرح العباس بذلك ، وأراد العباس أن يتقدم فنهاه النبي صلىاللهعليهوآله وقال : ارفق يا عم
، فما
تقديمهم لنا إلا لمكيدة لنا ، ثم إنه صلىاللهعليهوآله
تقدم أمامهم ودخل إلى ذلك الشعب ، و
إذا بالثعبان قد ظهر فجفلت منه ناقة النبي صلىاللهعليهوآله ، فزعق بها النبي صلىاللهعليهوآله وقال : ويحك
____________________
كيف تخافين وعليك
خاتم الرسل وإمام البشر؟
ثم التفت إلى الثعبان وقال له : ارجع من
حيث أتيت ، وإياك أن تتعرض لاحد
من الركب
، فنطق الثعبان بقدرة الله تعالى ، وقال : السلام عليك يا محمد ، السلام عليك
يا أحمد ، فقال النبي صلىاللهعليهوآله : السلام على من
اتبع الهدى ، وخشي عواقب الردى ، وأطاع
الملك الاعلى ، فعندها قال : يا محمد ما أنا من
هوام الارض ، وإنما أنا ملك من ملوك الجن
واسمي الهام بن الهيم ، وقد آمنت على يد أبيك
إبراهيم الخليل ، وسألته الشفاعة ، فقال
هي لولد يظهر من نسلي يقال له : محمد ، ووعدني
أن أجتمع بك في هذا المكان ، وقد
طال بي الانتظار ، وقد شاهدت المسيح عيسى بن
مريم عليهالسلام
ليلة عرج به إلى السمآء وهو
يوصي الحواريين باتباعك ، والدخول في ملتك ، والآن
قد جمع الله شملي بك ، فلا تنسني
من الشفاعة يا سيد المرسلين ، فقال له النبي صلىاللهعليهوآله : لك ذلك علي ، فعد
من حيث جئت ، ولا تتعرض لاحد من الركب ، فغاب الثعبان ، فلما نظر القوم إلى كلامه عجبوا من ذلك
وازداد أعمام النبي صلىاللهعليهوآله يقينا وفرحا.
وازداد الجنود
غيظا وحسدا ، فأنشأ العباس
يقول :
يا قاصدا نحو الحطيم وزمزم
|
|
بلغ فضائل أحمد المتكرم
|
واشرح لهم ما عاينت عيناك من
|
|
فضل لاحمد والسحاب الاركم
|
قل وأت بالآيات في السيل الذي
|
|
ملاء الفجاج بسيله المتراكم
|
ونجى الذي لم يخط قول محمد
|
|
وهو الذي أخطا بوسط جهنم
|
والبئر لما أن أضربنا الظمآء
|
|
فدعا الحبيب إلى الاله المنعم
|
فاضت عيونا ثم سالت أنهرا
|
|
وغدا السحود بحسرة وتغمغم
|
____________________
والهام بن الهيم لما أن رأى
|
|
خير البرية جاء كالمستسلم
|
ناداه أحمد فاستجاب ملبيا
|
|
وشكى المحبة كالحبيب المغرم
|
من عهد إبراهيم ظل مكانه
|
|
يرجو الشفاعة خوف جسر جهنم
|
من ذا يقاس أحمد في الفضل من
|
|
كل البرية من فصيح وأعجم
|
وبه توسل في الخطيئة آدم
|
|
فليعلم الاخبار من لم يعلم
|
ولما فرغ العباس من شعره أجابه الزبير
وأنشأ يقول شعرا :
يا للرجال ذوي البصائر والنظر
|
|
قوموا انظروا أمرا مهولا قد خطر
|
هذا بيان صادق في عصرنا
|
|
من ذا يقائس عدها أو يختصر
|
آياته قد أعزجت كل الورى
|
|
أنى يسير تظله وإذا خطر
|
منها الغمام تظله مهما مشى
|
|
بالسيل يسحب للحجارة والشجر
|
ونجى الذي قد طاع قول محمد
|
|
وهوى المخالف مستقرا في سقر
|
وأزال عنا الضيم من حر الظماء
|
|
من بعد ما بان التقلقل والضجر
|
والبئر فاضت بالمياء وأقبلت
|
|
تجري على الارض أشباه النهر
|
والهام فيه عبارة ودلالة
|
|
لذوي العقول ذوي البصائر والفكر
|
كاد الحسود يذوب مما عاينت
|
|
عيناه من فضل لاحمد قد ظهر
|
____________________
يا للرجال ألا انظروا أنواره
|
|
تعلوا على نور الغزالة والقمر
|
الله فضل أحمدا واختاره
|
|
ولقد أذل عدوه ثم احتقر
|
فأجابه حمزة رضياللهعنه يقول :
ما نالت الحساد فيك مرادهم
|
|
طلبوا نقوص الحال منك فزادا
|
كادوا وما خافوا عواقب كيدهم
|
|
والكيد مرجعه على من كادا
|
ما كل من طلب السعادة نالها
|
|
بميكدة أو أن يروم عنادا
|
يا حاسدين محمدا يا ويلكم
|
|
حسدا تمزق منكم الاكبادا
|
الله فضل أحمدا واختاره
|
|
ولسوف يملكه الورى وبلادا
|
وليملان الارض من إيمانه
|
|
وليهدين عن الغوى من حادا
|
قال : فشكرهم النبي صلىاللهعليهوآله على ذلك وساروا
جميعا ونزلوا واديا كانوا يتعاهدون
فيه الماء قديما فلم يجدوا فيه شيئا من الماء ،
فشمر النبي صلىاللهعليهوآله
عن ذراعيه ، وغمس كفيه
في الرمل ، ورمق السمآء ، وهو يحرك شفتيه فنبع الماء من بين
أصابعه تيارا
، وجرى على وجه الارض أنهارا ، فقال العباس : امسك يا ابن أخي حذرا من الماء أن يغرق
أموالنا ثم شربوا ، وملؤا قربهم ، وسقوا دوابهم ، فقال
النبي صلىاللهعليهوآله
لميسرة : لعل
عندك شيئا من التمر فأحضره ، وكان يأكل التمر ،
ويغرس النوى في الارض
، فقال له
العباس : لم تفعل ذلك يابن أخي؟ قال : يا عم
اريد أن أغرسها نخلا ، قال : ومتى تطعم؟
____________________
قال : الساعة نأكل
منها ونتزود إن شاء الله تعالى ، فقال له العباس : يابن أخي النخلة
إذا غرست تثمر في خمس سنين ، قال : يا عم سوف ترى من آيات ربي
الكبرى ، ثم ساروا حتى تواروا عن الوادي ، فقال : يا عم
ارجع إلى الموضع الذي فيه النخلات
واجمع لنا ما نأكله ، فمضى العباس فرأى النخلات
قد كبرت ، وتمايلت
أثمارها ، وأزهرت فأوقر منها
راحلته ، والتحق بالنبي صلىاللهعليهوآله
، فكان يأكل من التمر ويطعم
القوم فصاروا متعجبين من ذلك ، فقال أبوجهل
لعنه الله : لا تأكلوا يا قوم مما يصنعه محمد
الساحر ، فأجابه قومه وقالوا : يابن هشام اقصر
عن الكلام ، فما هذا بسحر ، ثم سار القوم
حتى وصلوا عقبة أيله ، وكان بها دير ، وكان
مملوا رهبانا ، وكان فيهم راهب يرجعون إلى
رأيه وعقله يقال له : الفيلق بن اليونان بن عبدالصليب ،
وكان يكنى أبا خبير ، وقد
قرء الكتب ، وعنده سفر فيه صفة النبي صلىاللهعليهوآله من عهد عيسى بن
مريم عليهالسلام
، وكان إذا
قرأ الانجيل على الرهبان ووصل إلى صفات النبي صلىاللهعليهوآله بكى ، وقال : يا
أولادي متى
تبشروني بقدوم البشير النذير ، الذي يبعثه الله
من تهامة ، متوجا بتاج الكرامة ، تظله
الغمامة ، يشفع في العصاة يوم القيامة ، فقال له الرهبان : لقد قتلت نفسك
بالبكاء والاسف
على هذا الذي تذكره ، وعسى أن يكون قد قرب
أوانه ، فقال : إي والله إنه قد ظهر بالبيت
الحرام ، ودينه عنه الله الاسلام ، فمتى
تبشروني بقدومه من أرض الحجاز ، وهو تظله
الغمامة ، وأنشأ يقول شعرا :
لان نظرت عيني جمال أحبتى
|
|
وهبت لبشرى الوصل ما ملكت يدي
|
وملكته روحي ومالي غيرها
|
|
وهذا قليل في محبة أحمد
|
____________________
سألت إلهي أن يمن بقربه
|
|
ويجمع شملي بالنبي محمد
|
قال : وما زال الراهب كلما ذكر الحبيب
أكثر النحيب إلى أن حال
منه
النظر وزاد به الفكر ، فعند ذلك أشرف بعض
الرهبان ، وقد أشرقت الانوار من جبين
النبي المختار ، فنظر الرهبان إلى الانوار وقد
تلالات من الركب ، وقد أقبل من الفلا
وأشرق
وعلا ، تقدمهم سيد الامم ، وقد نشرت على رأسه الغمامة ، فقالوا : يا أبا
الرهبان
هذا ركب قد أقبل من الحجاز ، فقال : يا أولادي وكم ركب قد أقبل وأتى
وأنا اعلل نفسي بلعل وعسى؟ قالوا : يا أبانا قد
رأينا نورا قد علا ، فقال
: الآن قد
زال الشقآء ، وذهب العنآء ، ثم رفع طرفه نحو
السمآء وقال : إلهي وسيدي ومولاي بجاه
هذا المحبوب الذي زاد فيه تفكري إلا ما رددت
علي بصري ، فما استتم كلامه حتى
رد الله عليه بصره ، فقال الراهب للرهبان : كيف
رأيتم جاه هذا المحبوب عند علام
الغيوب ، ثم أنشأ يقول :
بدا النور من وجه النبي فأشرقا
|
|
وأحيا محبا بالصبابة محرقا
|
وأبرأ عيونا قد عمين من البكاء
|
|
وأصبح من سوء المكاره مطلقا
|
ترى هل ترى عيناي طلعة وجهه
|
|
وأصبح من رق الضلالة معتقا
|
ثم قال : يا أولادي إن كان هذا النبي
المبعوث في هذا الركب ينزل
تحت
هذه الشجرة فإنها تخضر وتثمر ، فقد جلس تحتها عدة من
الانبياء ، وهي من عهد عيسى
ابن مريم عليهالسلام
يابسة ، وهذه البئر لم نر فيها
ماء فإنه يأتي إليها ويشرب منها ، فما كان
____________________
إلا قليلا وإذا
الركب قد أقبل وحول البئر قد نزلوا ، وحطوا الاحمال عن الجمال ، وكان
النبي صلىاللهعليهوآله
يحب الخلوة بنفسه ، فأقبل تحت الشجرة فاخضرت وأثمرت من وقتها وساعتها ، فما استقر بهم الجلوس حتى قام النبي صلىاللهعليهوآله
فمشى إلى البئر فنظر إليها واستحسن
عمارتها ، وتفل فيها فتفجرت منها عيون كثيرة ، ونبع
منها ماء معين ، فلما رأى الراهب
ذلك قال : يا أولادي هذا هو المطلوب فبادروا
بصنع الولائم من أحسن الطعام لنتشرف
بسيد بني هاشم ، فإنه سيد الانام ، لنأخذ منه
الذمة لسائر
الرهبان ، فبادر القوم
لامره طائعين ، وصنعوا الولائم ، وقال لهم : انزلوا
إلى أمير هذا القوم
وقولوا له
إن أبانا يسلم عليك ، ويقول لك : إنه قد عمل
وليمة وهو يسألك أن تجيبه وتأكل
من زاده ، فنزل بعض الرهبان فما رأى أحسن من
أبي جهل لعنه الله ، ولم ير رسول الله
صلىاللهعليهوآله
، فأخبر أبا جهل بمقالة الراهب ، فنادى في العرب : إن هذا الراهب
قد صنع لاجلي وليمة ، واريد أن تجيبوا لدعوته ، فقال القوم : من نترك عند أموالنا؟
فقال أبوجهل : اجعلوا محمدا عند أموالنا فهو
الصادق الامين ، وفي هذا المعنى قي
شعر :
ومناقب شهد العدو بفضلها
|
|
والفضل ما تشهد به الاعداء
|
فسار القوم إلى النبي صلىاللهعليهوآله وسألوه أن يجلس عند
متاعهم. وسار القوم إلى الراهب
يتقدمهم أبوجهل لعنه الله ، وقد أعجب بنفسه ، فلما
دخلوا الدير أحضر
لهم الطعام
وناداهم بالرحب والاكرام ، فأخذ القوم في الاكل
، وأخذ الراهب القلنسوة جعل ينظر
فيه ويدور على القوم رجلا رجلا ، وجعل ينظر فيهم رجلا رجلا ، فلم ير
صفة النبي
____________________
صلىاللهعليهوآله
، فرمى
القلنسوة عن رأسه ونادى : واخيبتاه ، واطول شقوتاه ، ثم جعل يقول : شعرا :
يا أهل نجد تقضى العمر في أسف
|
|
منكم وقلبي لم يبلغ أمانيه
|
يا ضيعة العمر لا وصل ألوذ به
|
|
من قربكم لا ولا وعد ارجيه
|
قال : ثم بعد ذلك قال : يا سادات قريش
هل بقي منكم أحمد؟
فقال أبو جه
نعم بقي منا صبي صغير أجير على أموال بعض نسائنا ، فما استتم كلامه حتى قام له
حمزة وضربه ضربا وجيعا ، وألقاه على قفاه ، وقال
: يا وغد الانام لم لا قلت : تأخر منا
البشير النذير ، السراج المنير ، وما تركناه
عند بضائعنا وأموالنا إلا لامانته وما فينا أصلح
منه ، ثم التفت حمزة إلى الراهب وقال : أرني
السفر ، وأخبرني بما فيه ، فقال : سيدي هذا
سفر فيه صفة النبي صلىاللهعليهوآله ، لا بالطويل
الشاهق ، ولا بالقصير اللاصق ، معتدل القامة ، بين
كتفيه علامة ، تظله الغمامة ، يبعث من تهامة ، شفيع
العصاة يوم القيامة ، قال العباس : يا راهب إذا رأيته تعرفه؟ قال : نعم ، قال : سر
معي إلى الشجرة ، فإن صاحب هذه الصفة
تحتها ، فخرج الراهب من الدير يهرول في خطواته
حتى لحق بالنبي صلىاللهعليهوآله
، فلما رآه
نهض قائما لا متكبرا ولا متجبرا ، فقال : مرحبا
بالفيلق ، بعد ما قال له الراه
السلام عليك يا أبا الفتيان ، فقال له النبي صلىاللهعليهوآله
وعليك السلام يا عالم الرهبان ، ويا
ابن اليونان يا ابن عبد الصليب ، فقال الراهب : وما أدراك أني الفيلق
بن اليونان بن
عبدالصليب؟ قال : الذي أخبرك أني ابعث في آخر
الزمان بالامر العجيب ، فانكب
الراهب على قدميه يقبلهما وهو يقول : يا سيد
البشر ، لعلك أن تجيب لوليمتنا لتحصل
لنا بها
الكرامة. ونفوز بمحبتك يوم القيامة ، فقال له النبي صلىاللهعليهوآله
: اعلم أن القوم
____________________
أودعوني في أموالهم
، فقال : يا مولاي تصدق علينا بالمسير ، إن عدم لهم عقال علي ببعير ، فقال له النبي صلىاللهعليهوآله
: سر ، وسار معهم إلى ديرهم ، وكان له بابان : واحد كبير ، والآخر
صغير ، وقد وضعوا بحيال الباب الصغير كنيسة
فيها تصاوير وتماثيل ، فاذا دخل الرجل
من الباب الصغير ينحني برأسه ، وذلك برسم السجود
للتصاوير في الكنيسة ، فخطر في
نفسه أنه يدخل النبي صلىاللهعليهوآله من الباب الصغير
ليتلذذ بمعاجزه
وغرائب كراماته ، فلما دخل الراهب أمامه داخله الفزع من النبي صلىاللهعليهوآله
فلما دخل النبي صلىاللهعليهوآله
من الباب
القصير أمر الله تعالى عضادتي الباب أن ترتفع ،
فارتفع الباب حتى دخل النبي صلىاللهعليهوآله
منتصب القامة ، فلما أشرف على القوم قاموا له
إجلالا ، وأجلسوه في أوساطهم على أعلى
مكان ، ووقف الراهب بين يديه ، والرهبان حوله ،
فقدموا بين يديه طرائف الشام
، ثم
رمق الراهب بطرفه إلى السمآء فقال : إلهي وسيدي
ومولاي أرني خاتم النبوة ، فأرسل
الله عزوجل جبرئيل ورفع ثيابه عن ظهره ، فبان
خاتم النبوة بين كتفيه ، فسطع منه نور
ساطع ، فلما رآه الراهب خر ساجدا هيبة من ذلك
النور ، ثم رفع رأسه وقال : هو أنت
حقا ، ثم إن حمزة أنشأ يقول :
أنت المظلل بالغمام وقد رأى
|
|
الرهبان أنك ذاك وانكشف الخبر
|
ربيت في بحبوح مكة بعد ما
|
|
وضع الخليل وفاق فخرك من فخر
|
ورضعت في سعد لثدي حليمة
|
|
كرما ففاض الثدي نحوك وانحدر
|
قال : فشكره النبي صلىاللهعليهوآله وتفرق القوم إلى
رحالهم ، وقد كمد أبوجهل غيظا ، وبقي
ميسرة والراهب مع النبي صلىاللهعليهوآله فقال الراهب : يا
سيدي أبشر ، فإن الله يوطئ لك رقاب
____________________
العرب ، وتملك سائر
البلاد ، وينزل عليك القرآن ، وتدين لك الانام ، ودينك عند الله هو
الاسلام
، وتنكس الاصنام ، وتمحق الاديان ، وتخمد النيران ، وتكسر الصلبان ، ويبقى ذكرك إلى آخر الزمان ، فأسألك يا سيدي أن تتصدق علينا بالذمام لسائر الرهبان
لتأخذ منهم امتك الجزية في ذلك الزمان ، فياليتني
كنت معك حتى تبعث يا سيدي
، فأعطاهم النبي صلىاللهعليهوآله
الذمام ، وأكرمهم
غاية الاكرام
وقال الراهب لميسرة : يا ميسرة اقرأ مولاتك مني السلام ، واعلم أنها قد ظفرت
بسيد الانام ، وأنه سيكون لك شأن من الشأن ، وتفضل على سائر الخاص
والعام ، واحذرها أن تفوتها القرب من هذا السيد ، فإن الله تعالى سيجعل نسلها من نسله ، وتبقى
ذكرها إلى آخر الزمان ، ويحسدها عليه كل أحد ، وأعلمها
أنه لا يدخل الجنة إلا
من يؤمن به ، ويصدق برسالته ، وأنه أشرف
الانبياء وأفضلهم ، وأصفاهم سريرة ، واحذر
عليه من أعدائه اليهود في الشام حتى يعود إلى
بيت الحرام ، ثم ودع الراهب وخرج
النبي صلىاللهعليهوآله
ولحق بالقوم ، وساروا من وقتهم وساعتهم إلى أن نزلوا بأرض الشام ، وحطوا رحالهم ، فبادر أهل المدينة ، واشتروا بضاعتهم ، وباعت قريش بضائعها بأغلى
أثمان ، في أحسن بيع ، وأما ما كان من النبي صلىاللهعليهوآله
فإنه لم يبع شيئا من بضاعته ، فقال أبوجهل
لعنه الله : والله ما رأت خديجة سفرة أشأم من
هذه ، لم يبع من بضاعتها شيئا
، فلما
أصبح الصباح نادى العرب ، فلما أقبلت من كل جانب ومكان يريدون
البضائع ، فلم
____________________
يجدوا إلا بضائع
خديجة ، فباعها النبي صلىاللهعليهوآله
بأضعاف ما باعت قريش
، فاغتم أبوجهل
لذلك غما شديدا ، ولم يبق من بضائع خديجة إلا
حمل أديم ، فجاء رجل من اليهود يقال له
سعيد بن قطمور ، وكان من أحبار اليهود وكهانهم
، وكان قد اطلع على صفة النبي صلىاللهعليهوآله
فلما نظر إليه عرفه بالنور ، وقال : هذا الذي
يسفه أحلامنا
، ويعطل أدياننا ، ويرمل
نسواننا ، وأنا أحتال على قتله ، ثم دنا من
النبي صلىاللهعليهوآله
وقال : يا سيدي بكم هذا الحمل
فقال : بخمس مأة درهم ، لا ينقص منها شئ ، قال : اشتريت بشرط أن تسير معي إلى
منزلي ، وتأكل من طعامي حتى تحصل لنا البركة ، فقال النبي صلىاللهعليهوآله : نعم ، فأخذ
اليهودي حمل الاديم وسار إلى منزله ، وسار
النبي صلىاللهعليهوآله
، فلما قرب اليهودي من
منزله سبق إلى زوجته ، وقال لها : اريد منك أن
تساعديني على قتل هذا الذي يعطل
أدياننا ، قالت : وكيف أصنع به؟ قال : خذي فردة الرحى واقعدي على باب الدار ، فإذا رأيتيه قبض منا ثمن حمل الاديم وخرج امي عليه فردة الرحى حتى تقتليه ، ونستريح منه ، قال : فأخذت زوجة اليهودي الرحى ، وطلعت على سطح الدار ، فلما خرج
النبي صلىاللهعليهوآله
همت أن تلقى عليه الرحى فأمسك الله يديها
، ورجف قلبها ، وقد غشيعليها من نور وجه رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وكان لها ولدان
قائمان بفناء الدار
فسقطت الرح
عليهما فماتا ، فلما نظر اليهودي إلى ما جرى على أولاده نادى بأعلى صوته : يا بني
قريظة
فأجابوه من كل جانب ومكان ، وقالوا له : ما
ورائك؟ قال
: اعلموا أنه قد حل
____________________
ببلدكم هذا الرجل
الذي يعطل أديانكم ، ويسفه أحلاكم
، وقد دخل منزلي ، و
أكل من طعامي ، وقتل أولادي ، فلما سمعت اليهود
ذلك منه ركبوا خيولهم ، وجردوا
سيوفهم ، وحملوا على قريش بأجمعهم ، فلما نظر
أعمام النبي صلىاللهعليهوآله
إلى اليهود لبسوا
دروعهم وبضهم وركبوا خيولهم العربية ، وارتفع الصياح
، وشهروا الصفاح
، وقالوا : ما أبركه من صائح صاح
، وركب حمزة على جواده وهو أشقر مضمر ، حسن
المنظر ، مليح المخبر ، صافي الجوهر ، من خيل
قيصر ، وتقلد سيفه ، واعتقل رمحه ، ولبس
درعه ، وحملى على اليهود فهناك جاشت عليهم
الخيل من كل مكان ، وحل بهم الوبال ، فأجمع رأيهم على
أن ينفذوا منهم
سبعة رجال من رؤسائهم بلا سلاح ، فلما رأتهم
قريش من غير سلاح قالوا : ما شأنكم! قالوا : يا
معشر العرب إن هذا الرجل الذي معكم
ـ يعنون بذلك النبي صلىاللهعليهوآله ـ أول من يبدئ
بخراب دياركم ، وقتل رجالكم ، وتكسير
أصنامكم ، والرأي عندنا أن تسلموه لنا حتى
نقتله ونستريح منه نحن وأنتم ، فلما سمع
حمزة الكلام قال : يا ويلكم هيهات هيهات أن
نسلمه إليكم ، فهو نورنا وسراجنا ، ولو تلفت
فيه ارواحنا فهي فداه دون اموالنا ، فلما سمع
اليهود ذلك آيسوا
من بلوغ مرادهم ، ورجعوا على أعقابهم
، فلما عاين قريش اليهود وقد إنقلب بعضهم على بعض رأوها فرصة
____________________
فرحل القوم يجدون
السير إلى ديارهم ، وقد غنموا أسلابا من اليهود ، وخيلهم وسلاحهم ، وقد فرحوا بالنصر والظفر ، فلما استقاموا على الطريق قال لهم ميسرة : ما منكم أحد
يا قوم إلا وقد سافر مرة أو مرتين أو أكثر ، فهل
رأيتم أبرك من هذه السفرة ، وأكثر من
ربحها؟ وما ذلك إلا ببركة محمد صلىاللهعليهوآله ، وهو قد نشأ فيكم
وهو قليل المال ، فهل لكم أن تجمعو
له شيئا من بينكم على جهة الهدية حتى يستعين به على حاله ، فقالوا له : والله لقد
أصبت
الرأي يا ميسرة ، ثم إن القوم نزلوا منزلا كثير
الماء والاشجار والانهار ، فاستخرج
كل واحد منهم شيئا لطيفا ، وجاؤا به على سبيل
الهدية ، وكان يحب الهدية ، ويكره
الصدقة ، فلما جمعوه بين يديه قالوا له : خذها مباركة عليك
، فدفعها إلى ميسرة ولم
يرد جوابا ، ثم إن القوم رحلوا يجدون السير ، ويقطعون
الفيافي والاودية إلى أن نزلوا
دير الراهب ، وهو الوادي الذي تزودوا منه التمر
، ثم إنهم رحلوا حتي قربوا من مكة
ونزلوا بحجفة الوداع ، فأخذ الناس ينفذون إلى
أهاليهم يبشرونهم بقدومهم وغنمهم ، قال أبوجهل لعنه الله : يا قوم ما رأيت ربحا أكثر من سفرتنا هذه ، فقالو : نعم ، قال
وأكثرنا أرباحا محمد صلىاللهعليهوآله
، قال : ما كنت أحسب أنه يجلبهم من أماكنهم ، ويبيع عليهم
بأغلى الثمن ، ثم أخذ القوم في إنفاذ رسلهم ، ونفذ
أبوجهل وغيره
رسلا ، فأقبل ميسرة
إلى النبي صلىاللهعليهوآله
وقال : يا قرة العين هل ارشدك إلى خير يصل إليك؟ قال : ما هو؟
قال : تسير من وقتك وساعتك إلى مولاتي خديجة ، وتبشرها
بسلامة أموالنا ، فإنها
تعطي من يبشرها خيرا كثيرا ، وأنا احب أن يكون
ذلك لك ، فقم الآن وسر إلى مكة ، وادخل على مولاتي خديجة وبشرها بسلامة أموالها ، فقام النبي صلىاللهعليهوآله وقال : يا ميسرة
اوصيك بمالك ونفسك خيرا ، وركب مستقبل الطريق
وحده يريد مكة ، وغاب عن الابصار ، فبعث الله ملكا يطوي له البعيد ، ويهون عليه الصعب الشديد ، فلما أشرف على الجبال
____________________
أرسل الله عليه
النوم ، فنام ، فأوحى الله تعالى إلى جبرئيل : أن اهبط إلى جنات عدن ، واخرج منه القبة التي خلقتها لصفوتي محمد صلىاللهعليهوآله
قبل أن أخلق آدم عليهالسلام
بألفي عام ، وانشرها على رأسه
، وكانت من الياقوت الاحمر ، معلقة بعلائق من اللؤلؤ الابيض يرى
باطنها من ظاهرها ، وظاهرها من باطنها ، لها
أربعة أركان ، وأربعة أبواب ، ركن من
الربدجد ، وركن من الياقوت ، وركن من العقيان وركن من اللؤلؤ ، وكذا الابواب ، فنزل جبرئيل واستخرجها فتباشرت الحور العين ، وأشرفت من قصورها ، وقلن : لك الحمد
يا رحمان ، هذا الآن يبعث صاحب القبة وهبت ريح
الرحمة ، وصفقت الاشجار ، ونشر
جبرئيل عليهالسلام
القبة على رأس النبي صلىاللهعليهوآله
، وأحدقت الملائكة بأركانها ، ثم أعلنوا
بالتقديس والتسبيح ، ونشر جبرئيل بين يديه
ثلاثة أحلام ، وتطاولت الجبال ، ونادت
الاشجار والاطيار والاملاك ، يقولون : لا إله
إلا الله ، محمد رسول الله صلىاللهعليهوآله
، هنيئا لك من
عبد ، ما أكرمك على الله تعالى؟ قال : وكانت
خديجة متكئة على موضع عال وجواريها
حولها ، وعندها جماعة من نساء قريش ، وهي تطيل
النظر إلى شعاب مكة ، إذ كشف الله
تعالى عن بصرها دون غيرها ، وقد نظرت نورا ساطعا وضياء لامعا من جهة باب
المعلى ، ثم إنها حققت النظر فرأت القبة والمحدقين بها ، ناشرين أعلامها ، والنبي صلىاللهعليهوآله نائم
بها ، فحارت في أمرها ، فجعلت تنظر إليه ، فقلن
لها النسوة : ما لنا نراك باهتة يا بنت
العم؟ فقالت : يا بنات العرب أنا نائمة أم
يقظانة؟ فقلن : نعيذك بالله ، بل أنت يقظانة ، قالت
لهن : انظروا إلى باب المعلى وانظروا إلى القبة ، قلن : نعم رأينا ، قالت
لهن : وما
____________________
الذي ترون غير ذلك؟ قلن : نرى نورا ساطعا ، وضيآء
لامعا ، قد بلغ عنان السمآء ، قالت : وما الذي ترون
غير ذلك؟ قلن : لم نر شيئا ، قالت : أما ترون
القبة و
والراكب والاطيار الخضر المحدقين بالقبة ، فقلن
لها : لم نر شيئا ، قالت : أرى راكبا
أبهى من نور الشمس في قبة خضرآء لم أر أحسن منها على ناقة واسعة الخطا
، ولا شك
أن الناقة هي ناقتي الصهبآء ، والراكب محمد صلىاللهعليهوآله ، فقلن : يا سيدتنا
ومن أين لمحمد صلى الله عليه وال
ما تقولين ، وليس يقدر على هذا كسرى ولا قيصر؟ فقالت لهن : فضل محمد أعظم من ذلك ،
ثم إن الناقة دخلت بين الشعاب ، ثم قصدت باب المعلى ، ثم إن الملائكة عرجت إلى
السمآء ، وعرج جبرئيل عليهالسلام بالقبة والاعلام ، وانتبه
النبي صلىاللهعليهوآله
من نومه ، ودخل
مكة ، وقصد منزل خديجة فوجدها وهي تقول : متى
يصل محمد حتى امتع بالنظر إليه؟
وهي تقوم وتقعد ، وإذا بالنبي صلىاللهعليهوآله قد قرع الباب ، قالت
الجارية : من بالباب؟ قال : أنا محمد ، قد جئت ابشر خديجة بقدوم أموالها
وسلامتها ، فلما سمعت خديجة كلام
رسول الله صلىاللهعليهوآله
انحدرت إلى وسط الدار ، ووقفت بالحجاب ، وفتحت الجارية الباب ، فقال : السلام عليكم يا أهل البيت ، فقالت خديجة : هنيئا لك السلامة يا قرة عيني ،
قال : وأنت
يهنئك سلامة أموالك ، قالت خديجة : تهنئني سلامتك أنت يا قرة العين ، فوالله
أنت عندي خير من جميع الاموال والاهل ، ثم قالت
: شعرا :
جآء الحبيب الذي أهواه من سفر
|
|
والشمس قد أثرت في وجهه أثرا
|
عجبت للشمس من تقبيل وجنته
|
|
والشمس لا ينبغي أن تدرك القمرا
|
ثم قالت : يا حبيبي أين خلفت الركب؟ قال
: بالجحفة ، قالت : ومتى عهدك بهم؟
قال : ساعتي هذه ، فلما سمعت خديجة كلامه اقشعر
جلدها ، وقالت : سألتك بالله إنك
فارقتهم بالجحفة؟ قال : نعم ، ولكن طوى الله لي
البعيد ، قالت : والله ما كنت احب أن
تجئ هكذا وحيدا ، إنما كنت احب أن تكون أول
القوم ، وأنظر إليك ، وأنت مقدم
____________________
الرجال ، وارسل إليك
جواري على رؤوس الجبال
بأيديهم المباخر والمعازف ، وآمر
عبيدي بالذبايح والعقائر ، ويكون لك يوم مشهور
، قال : يا خديجة إني أتيت ولم يعلم
بي أحد من أهل مكة ، فإن أمرتيني بالرجوع رجعت
من هذه الساعة وتفعلين مرادك؟
فقالت له : يا سيدي امهل قليلا ، ثم عملت له
زادا ساخنا فوضعته في مزادة
، و
كانت العرب تعرفه بنقائه وطيب ريحه ، وملات له
قربة من ماء زمزم ، وقالت له : ارجع
أودعتك من طوى لك البعيد من الارض ، فرجع النبي
صلىاللهعليهوآله
، ثم إن خديجة رجعت إلى
موضعها لتنظر هل تعود القبة أم لا ، وإذا
بالقبة قد عادت وجبرئيل قد نزل ، والملائكة
قد أحدقوا بها كالاول ، ففرحت خديجة بذلك ، وأنشأت
تقول :
نعم لي منكم ملزم أي ملزم
|
|
ووصل مدى الايام لم يتصرم
|
ولو لم يكن قلب المتيم فيكم
|
|
جريحا لما سالت دموعي بالدم
|
ولم يخل طرفي ساعة من خيالكم
|
|
ومن حبكم قلبي ومن ذكركم فمي
|
ولو جبلا حملتموه بعادكم
|
|
لمال وما زال جسمي وأعظمي
|
أشد على كبدي يدي فيردها
|
|
بما فيه من وجد من الشوق مضرم
|
طويت الهوى والشوق ينشر طيه
|
|
وكتمت أشجاني فلم تتكتم
|
وكتمت أشجاني فلم تتكتم
|
|
وأنت قدير تنظم الشمل فانظم
|
قال : ثم إن النبي صلىاللهعليهوآله سار قليلا والتحق
بالقوم ، وبعضهم يقظان
، و
بعضهم رقود ، فلما أحس به ميسرة قال : من
الطارق في هذا
الليل العاكر؟
قال :
____________________
أنا محمد بن
عبدالله. قال :
يا سيدي ما عهدتك أن تهزء وعهدي بك أنك سائر ، فما
الذي أرجعك يا سيدي؟ فقال له : يا ميسرة إني
سافرت ثم عدت ، فضحك ميسرة وقال
سافرت إلى ذيل هذا الجبل ، ثم عدت؟ قال النبي صلىاللهعليهوآله
: بل قصدت البيت الحرام ، فقال له ميسرة : ما عهدت منك يا سيدي إلا الصدق ، فقال : يا ميسرة ما قلت لك إلا
الصدق ، فإن كان عندك شك فهذا خبز مولاتك خديجة ، وهذا ماء زمزم ، فلما نظر ميسرة إلى
ذلك نهض قائما على قدميه ، ونادى : يا معاشر
قريش ، ويا بني النضر ، ويا بني زهرة ، ويا
بني هاشم هل غاب محمد عنكم غير ساعتين أو أقل
من ذلك؟ فقالوا : نعم ، قال : قد سار إلى مكة
ورجع ، وهذا خبز مولاتي خديجة ، وهذا ماء زمزم
، فتعجب القم ودهشت عقولهم ، وصاح
أبوجهل لعنه الله وقال : لا يبعد هذا على
الساحر ، فلما أصبح
الصباح بلغ العرب ، سبق الخبر بقدوم القافلة ، وخرج أهل مكة مبادرين ، وسبق عبيد خديجة وجواريها و
تفرقوا في شعاب مكة وأوديتها ، بأيديهم المعازف
والمباخر ، فكان النبي صلىاللهعليهوآله
ما يمر
على عبد من عبيد خديجة إلا يعقر ناقة فرحا
بقدومه ، ثم تفرق الناس إلى منازلهم ، و
نظرت خديجة إلى جمالها وقد أقبلت كالعرائس ، وكانت
معتادة أن يموت بعض جمالهاويجرب بعضها إلا تلك السفرة فإنها لم تنقص منها
شعرة ، فوقف قريش متعجبين من
تلك الجمال ، كلما مر بهم جمل بإزائه ناقة
هيفاء فيقولون : لمن هذا؟
فيقال هذا
ما
____________________
أفاده محمد صلىاللهعليهوآله لخديجة من الشام ، فذهلت
عقول قريش لذلك ، فلما اجتمعت أموال خديجة فكوا رحالها ، وعرضوا الجميع على خديجة
وكانت جالسة خلف الحجاب ، والنبي صلىاللهعليهوآله
جالس وسط الدار ، وميسرة يعرض عليها الامتعة
شيئا فشيئا ، فنظرت خديجة إلى شئ
قد أدهشها ، فبعثت إلى أبيها تعرفه بذلك ، وترغبه
في محمد صلىاللهعليهوآله
، فلم تك إلا ساعة واحدة
وإذا بخويلد قد أقبل ودخل منزل ابنته
خديجة ، وهو متزين بالثياب ، متقلد سيفا ، فلما
نظرت إليه قامت وأجلسته إلى جنبها ، وابتدأته
بالترحيب ، وجعلت تعرض عليه البضائع ، وهي
تقول : يا أبت هذا كله ببركة محمد صلىاللهعليهوآله ، والله يا أبتاه
إنه مبارك الطلعة ، ميمون الغرة فما ربحت ربحا أغنم من هذه السفرة ، ثم التفت إلى ميسرة
وقالت : حدثني كيف كان
سفركم؟ وما الذي عاينتم من محمد صلىاللهعليهوآله؟ قال : يا سيدتي
وهل اطيق أن أصف لك بعض
من صفاته وما عاينت منه صلىاللهعليهوآله؟
ثم أخبرها بحديث السيل ، والبئر ، والثعبان ، والنخل ، وما أخبره الراهب ، وما أوصاه إلى خديجة ، فقالت : حسبك يا ميسرة : لقد زدتني شوقا
إلى محمد صلىاللهعليهوآله
، إذهب فأنت حر لوجه الله ، وزوجتك وأولادك ، ولك عندي ما تادرهم ، وراحلتان ، وخلعت عليه خلعة سنية ، وقد امتلا سرورا وفرحا ، ثم إن خديجة التفتت
إلى النبي صلىاللهعليهوآله
وقالت : ادن مني فلا حجاب اليوم بيني وبينك ، ثم رفعت عنها
الحجاب ، وأمرت أن ينصب له كرسي من العاج
والآبنوس ، وأجلسته عليه ، وقالت : يا سيدي كيف كان سفركم؟ فأخذ يحدثها بما باعه
وما شراه ، فرأت خديجة ربحا عظيما ، وقالت : يا سيدي لقد فرحتني بطلعتك ، وأسعدتني برؤيتك ، فلا لقيت بؤسا ، ولا رأيت
نحوسا ، ثم جعلت تقول : شعرا :
فلو أنني أمسيت في كل نعمة
|
|
ودامت لي الدنيا وملك الاكاسرة
|
فما سويت عندي جناح بعوضة
|
|
إذا لم يكن عيني لعينك ناظرة
|
قال : ثم إن خديجة قالت : يا سيدي لك
عندي حق البشارة زيادة على ما كان بيننا
فهل لك الساعة من حاجة فتقضى؟ قال صلىاللهعليهوآله : حتى أستريح وأعود
إليك ، ثم خرج و
____________________
دخل منزله عمه أبي
طالب ، وكان أبوطالب فرحا بما عاين من ابن أخيه ، فقبل ما بين عينيه
وجاءت
أعمامه حوله ، وقال أبوطالب : يا ولدي ما الذي أعطتك خديجة؟ قال
وعدتني الزيادة على
ما بيننا ، قال : هذه نعمة جليلة ، وقد عزمت أن أترك لك بعيرين
تسافر عليهما ، وراحلتين تصلح بهما شأنك ، وأما
الذهب والفضة أخطب لك بهما فتاة
من نسوان قريش من قومك ثم لا ابالي بالموت حيث أتى ، وكيف نزل
، فقال : يا
عماه افعل ما بدا لك ، فلما كان وقت الغداة
اغتسل النبي صلىاللهعليهوآله
من وعك السفر
، وتطي
وسرح رأسه ، ولبس أفخر أثوابه وسار إلى منزل خديجة ، فلم يجد عندها سوى ميسرة ، فلما رأته فرحت بقدومه ، وجعلت تقول :
دنا فرمى من قوس حاجبه سهما
|
|
فصادفني حتى قتلت به ظلما
|
وأسفر عن وجه وأسبل شعره
|
|
فبات يباهي البدر في ليلة
ظلماء
|
ولم أدر حتى زار من غير موعد
|
|
على رغم واش ما أحاط به علما
|
وعلمني من طيب حسن حديثه
|
|
منادمة يستنطق الصخرة الصماء
|
قال : ثم التفت إليه وقالت : يا سيدي
نعمت الصباح ، ودامت لك الافراح ، هل
من حاجة فتقضى؟ فاستحيا وطأطأ رأسه وعرق جبينه
، فأقبلت عليه تلاطفه في الكلام ، ثم
قالت : يا سيدي إذا سألتك عن شئ تخبرني؟ قال : نعم
، قالت خديجة : إذا أخذت الجمال
والمال من عندي ما تريد أن تصنع به؟ قال لها : وما
تريدين بذلك يا خديجة؟ قالت : أزيدك وما أقدر عليه ، قال اعلمى أن عمي أبا
طالب قد أشار على أن يترك لي بعيرين
اسافر بهما ، وبعيرين أصلح بهما شأني ، والذهب
والفضة يخطب لي بهما امرأة من قومي
تقنع مني بالقليل ، ولا تكلفني ما لا اطيق ، فتبسمت
خديجة ، وقالت : يا سيدي أما
____________________
ترضى أني أخطب لك امرأة تحسن بقلبي؟ قال : نعم ، قالت : قد وجدت لك زوجة ،
وهي من أهل مكة من قومك ، وهي أكثرهن مالا واحسنهن جمالا وأعظمهن كمالا ، و
أعفهن فرجا ، وأبسطهن يدا ، طاهرة مصونة ، تساعدك
على الامور ، وتقنع منك بالميسور
ولا ترضى من غيرك بالكثير ، وهي قريبة منك في
النسب ، يحسدك
عليها جميع الملوك
والعرب ، غير أني أصف لك عيبها ، كما وصفت لك
خيرها ، قال : وما ذلك؟ قال : عرفت
قبلك رجلين ، وهي أكبر منك سنا ، قال صلىاللهعليهوآله : سميها لي ، قالت
: هي مملوكتك خديجة ، فأطرق منها خجلا حتى عرق جبينه : وأمسك عن الكلام ، فأعادت عليه القول مرة اخرى ، وقالت : يا سيدي مالك لا تجيب؟ وأنت والله لي حبيب ، وإني لا اخالف لك أمرا ، و
أنشأت
تقول :
يا سعد إن جزت بوادي الاراك
|
|
بلغ قليبا ضاع مني
هناك
|
واستفت غزلان الفلا سائلا
|
|
هل لاسير الحب منهم فكاك؟
|
وإن ترى ركبا بوادي الحمى
|
|
سائلهم عنى ومن لي بذاك؟
|
نعم سروا واستصحبوا ناظري
|
|
والآن عيني تشتهي أن تراك
|
ما في من عضو ولا مفصل
|
|
إلا وقد ركب منه هواك
|
عذبتني بالهجر بعد
الجفاء
|
|
يا سيدي ماذا جزاء بذاك؟
|
فاحكم بما شئت وما ترتضي
|
|
فالقلب ما يرضيه إلا رضاك
|
____________________
قال : ثم ألحت عليه بالكلام ، فقال لها : يا ابنة العم أنت امرأة
ذات مال ، وأنا
فقير لا أملك إلا ما تجودين به علي ، وليس مثلك
من يرغب في مثلي
، وأنا أطلب امرأة
يكون حالها كحالى ، ومالها كمالي ، وأنت ملكة لا يصلح لك إلا الملوك ، فلما
سمعت
كلامه قالت : والله يا محمد إن كان مالك قليلا
فمالي كثير ، ومن يسمح
لك بنفسه كيف
لا يسمح لك بماله؟ وأنا ومالي وجواري وجميع ما أملك بين يديك وفي حكمك ، لا
أمنعك منه شيئا ، وحق الكعبة والصفا ما كان ظني
أن تبعدني عنك ، ثم ذرفتعبرتها وقالت : شعرا :
والله ما هب نسيم الشمال
|
|
إلا تذكرت ليالي الوصال
|
ولا أضا من نحوكم بارق
|
|
إلا توهمت لطيف الخيال
|
أحبابنا! ما خطرت خطرة
|
|
منكم غداة الوصل مني ببال
|
جور الليالي خصني بالجفا
|
|
منكم ومن يأمن جور الليل؟
|
رقوا وجودوا واعطفوا وارحموا
|
|
لا بد لي منكم على كل حال
|
قال : ثم إن خديجة قالت : ورب احتجب عن
الابصار
، وعلم حقيقة
الاسرار
____________________
أني محقة لك في هذا
الامر ، قم
إلى عمومتك وقل لهم : يخطبوني لك من أبي ، ولا
تخف من كثرة المهر ، فهو عندي وأنا أقوم لك
بالهدايا والمصانعات ، فسر وأحسن الظن
فيمن أحسن بك الظن ، فخرج النبي صلىاللهعليهوآله من عندها ، ودخل
على عمه أبي طالب و
السرور في وجهه ، فوجد أعمامه مجتمعين ، فنظر إليه أبوطالب
وقال : يابن أخي
يهنئك ما أعطتك خديجة وأظنها قد غمرتك من
عطاياها ، قال محمد صلىاللهعليهوآله
: يا عم لي إلي
حاجة ، قال : وما هي؟ قال ، تنهض أنت وأعمامي هذه الساعة إلى خويلد ، وتخطبون لي
منه خديجة ، فلم يرد أحد منهم عليه جوابا غير
أبي طالب ، فقال : يا حبيبي إليك نصير ، وبأمرك نستشير في امورنا ، وأنت تعلم أن خديجة امرأة كاملة ميمونة فاضلة تخشي
العار ، وتحذر الشنار
، وقد عرفت قبلك رجلين : أحدهما عتيق بن عائذ ، والآخر عمرو الكندي ، وقد رزقت منه ولدا ، وخطبها ملوك العرب ورؤساؤهم وصناديد قريش وسادات بني هاشم
وملوك اليمن وأكابر الطائف ، وبذلوا لها
الاموال ، فلم ترغب في أحد منهم ، ورأت أنها
أكبر منهم ، وأنت يابن أخي فقير لا مال لك ولا
تجارة ، وخديجة امرأة مزاحة عليك ، فلا تعلل نفسك بمزاحها ، ولا تسمع قريشا هذا الامر ، فقال أبولهب : يا ابن أخي لا
تجعلنا في أفواه العرب ، وأنت لا تصلح لخديجة ،
فقام إليه العباس وانتهره ، وقال : والله
إنك لرذل الرجال ، ردي الافعال ، وما عسى أن
يقولوا في ابن أخي ، والله إنه أكثر
منهم جمالا ، وأزيد كمالا ، وبماذا تتكبر عليه
خديجة؟ لمالها أم لزيادة كمالها وجمالها؟
فاقسم برب الكعبة لان طلبت عليه مالا لاركبن
جوادي وأطوف في الفلوات ، ولادخلن
____________________
على الملوك حتى أجمع
له ما تطلب عليه
خديجة. قال النبي صلىاللهعليهوآله
: يا معاشر الاعمام
قد أطلتم الكلام فيما لا فائدة فيه ، قوموا
واخطبوا لي خديجة من أبيها ، فما عندكم من العلم
مثل ما عندي منها ، فنهضت صفية بنت عبدالمطلب
رضي الله عنها ، وقالت : والله أنا أعلم أن
ابن أخي صادق فيما قاله ، ويمكن أن تكون خديجة
مازحة عليه ، ولكن أنا أروح وابين
لكم الامر ، ثم لبست أفخر ثيابها وسارت نحو
منزل خديجة ، فلقيتها بعض جواريها في
الطريق فسبقتها إلى الدار ، وأعلمت خديجة بقدوم
صفية بنت عبدالمطلب ، وكانت قد عزمت
على النوم فأخلت لها المكان ، وقد عثرت خديجة بذيلها ، فقالت : لا
أفلح من عاداك يا محمد ، فسمعت صفية كلام خديجة فقالت في نفسها : أجاد الدليل ، ثم طرقت الباب ، ففتح و
جاءت إلى خديجة فلقيتها بالرحب والتحية ، وأرادت
أن تأتي لها بطعام ، فقالت : يا خديجة
ما جئت لآكل طعام ، بل يا ابنة العم جئت أسألك
عن كلام أهو صحيح أم لا؟ فقالت خديجة : بل هو صحيح إن شئت تخفيه أو شئت تبديه ، وأنا
قد خطبت محمدا لنفسي ، وتحملت عنه
مهري ، فلا تكذبوه إن كان قد ذكر لكم بشئ ، وإني قد علمت أنه مؤيد من رب
السماء ، فتبسمت صفية وقالت : والله إنك
لمعذورة فيمن أحببت ، والله ما شاهدت عيني
مثل نور جبينه ، ولا أعذب من كلام ابن أخي ، ولا
أحلى من لفظه ثم أنشأت تقول : شعرا :
الله أكبر كل الحسن في العرب
|
|
كم تحت غرة هذا البدر من عجب
|
قوامه ثم إن مالت
ذوائبه
|
|
من خلفه فهي تغنيه عن الادب
|
تبت يد اللآئمي فيه وحاسده
|
|
وليس لي في سواه قط من أرب
|
____________________
قال : ثم إن صفية
رضي الله عنها عزمت على الخروج من بيتها ، فقالت لها خديجة : امهلي قليلا ، ثم أخرجت خلعة سنية وخلعتها على
صفية ، وضمتها إلى صدرها ، وقالت
يا صفية : بالله عليك إلا ما أعنتيني على وصال
محمد صلىاللهعليهوآله ، قالت : نعم ، ثم خرجت طالبة
لاخوتها ، فقالوا لها : ما وراءك يا صفية ، يا
ابنة الطيبين؟ قالت : يا إخواتي قوموا إن كنتم
قائمين ، فوالله إن لها في ابن أخيكم محمد صلىاللهعليهوآله رغبة ليس تدرك ، ففرحوا
بذلك كلهم غير
أبي لهب ، فإن كلامها زاده غيظا وحسدا لمحمد صلىاللهعليهوآله ، وذلك بسبب
الشقاوة السابقة
فزعق بهم العباس وقال : فما قعودكم إذ كان قد حصل الامر؟ فنهضوا جميعا إلى دار
خويلد ، وقد عمد أبوطالب إلى النبي صلىاللهعليهوآله وألبسه أحسن الثياب
، وقلده سيفا ، وأركبه
على جواده ، ودار حوله عمومته وكلهم محدقون به
، فلقاهم أبوبكر بن أبي قحافة وقال : إلى أين تريدون يا أولاد عبدالمطلب؟ لقد كنت
قاصدا إليكم في حاجة خطرت ببالي ، فقال له العباس : وما هي؟ اذكرها ، قال : رأيت في منامي كأن نجما قد ظر في منزل
أبي طالب وارتفع إلى افق السماء ، وأنار
واستنار إلى أن صار كالقمر الزاهر ، ثم نزل بين
الجدران فتبعته ، فإذا هو قد دخل في بيت خديجة
بنت خويلد ، ودخل معها تحت الثياب ، فما
تأويله؟ قال له أبوطالب : ها نحن لها قاصدون ، وعلى
خطبتها معولون ، ثم ساروا حتى وصلوا
منزل خويلد فسبقتهم الجواري إليه ، وكان يشرب
الخمر ، وقد لعب الخمر في رأسه ، فلما نظر
إلى بني هاشم قام لهم وقال : مرحبا وأهلا
بأبناء آبائنا وأعز الخلق علينا ، فقال أبوطال
يا خويلد ما جئنا إلا لحاجة
، وأنت تعلم قربنا منكم ، ونحن في هذا الحرم أبناء أب
واحد ، وقد جئنا خاطبين ابنتك خديجة لسيدنا ، ونحن لها راغبون ، فقال خويلد :
____________________
ومن الخاطب منكم؟
ومن المخطوبة مني؟ فقال أبوطالب : الخاطب منا محمد ابن أخي ، و
المخطوبة خديجة ، فلما سمع ذلك خويلد تغير لونه
وكبر عليه وقال : والله إن فيكم
الكفاية ، وأنتم أعز الخلق علينا ، ولكن خديجة
قد ملكت نفسها وعقلها أوفر من عقلي.
وأنا لم تطب قلبي إن خطبها الملوك ، فكيف وهذا
محمد فقير صعلوك؟
فقام إليه حمزة
رضياللهعنه
فقال له : لا يقدر
اليوم بأمس ، ولا تشاكل القمر بالشمس يا بادي الجهل ، ويا خسيف
العقل ، أما علمت أنك قد ضل رشدك. وغاب عقلك ، أتثلب ابن أخينا؟
أما علمت أنه إذا أراد أموالنا وأرواحنا قدمنا
الكل بين يديه ، ولكن سوف يبين لك
غب
فعلك ، ثم نفض أثوابه ونهض ، ونهض إخواته وساروا إلى منازلهم ، وبلغ الخبر خديجة
من جارية لها ، فقالت : ما وراءك؟ قالت : أمر
يغم القلوب
، فقالت لها : ماذا يا ويحك؟
قالت : إن أباك قد رد أولاد عبدالمطلب خائبين ،
فلما سمعت خديجة كلامها قال
اطلبي لي عمي ورقة ، فخرجت الجارية وعادت ومعها ورقة ، فلما جاءها استقبلته بأحسن
قبول ، وقالت : مرحبا بك يا عم ، فلا غابت
طلعتك عني ، ثم طرقت إلى الارض وقد قطب
حاجباها
، فقال ورقة : حاشاك يا خديجة من السوء ، ما الذي حل بك؟ قالت : يا عم ما
حال السائل؟ وما نال المسؤل؟ قال : في أنحس حال ، قال : ولكن أراك يا
____________________
خديجة تخاطبيني بهذا
الكلام ، كأنك تريدين الزواج؟ قالت : أجل ، قال : يا خديجة
لقد خطبك الملوك والصناديد ، ولم ترضى بأحد
منهم ، قالت : ما اريد من يخرجني من
مكة ، فقال : والله ما منها أحد إلا وقد خطبك ، مثل شيبة بن ربيعة
، وعقبة بن أبي
معيط ، وأبي جهل بن هشام ، والصلت بن أبي يهاب
فأبيتي عنهم جميعا
، قالت : ما اريد من
فيه عيب ، ثم قالت : يا عم صف لي عيبهم ، قال :
يا خديجة أما شيبة ففيه سوء الظن ، و
أما عقبة فهو كثير السن ، وأما أبوجهل فهو بخيل
متكبر ، كريه النفس ، وأما الصلت
فهو رجل مطلاق ، فقالت : لعن الله من ذكرت ، وهل
تعلم أنه خطبني
غير هؤلاء؟
قال : سمعت أنه قد خطبك محمد بن عبدالله بن
عبدالمطلب بن هاشم ، قالت يا عم صف لي
عيبه ، وكان ورقة عنده علم من الكتب السالفة
بما يكون من أمر محمد صلىاللهعليهوآله
، فلما سمع
كلامها طأطأ رأسه وقال : أصف لك عيبه؟ قالت : نعم
، قال : أصله أصيل ، وفرعه طويل
وطرفه كحيل ، وخلقه جميل ، وفضله عميم ، وجوده
عظيم ، والله يا خديجة ما كذبت فيما قلت ، قالت : يا عم صف لي عيبه كما وصفت لي خيره ، قال : يا خديجة : وجهه أقمر ، وجبينه
أزهر ، وطرفه أحور ، ولفظه أعذب
من المسك الاذفر ، وأحلى من السكر ، وإذا مشى كأنه
البدر إذا بدر ، والوبل إذا أمطر ، قالت : يا عم صف لي عيبه ، قال : يا خديجة
مخلوق من
الحسن
الشامخ ، والنسب الباذخ ، وهو أحسن العالم سيرة ، وأصفاهم سريرة ، إذا
مشى تخاله ينحدر من صبب ، شعره كالغيهب ، وخده
أزهر من الورد الاحمر ، وريحه
____________________
أزكى من المسك
الاذفر ، ولفظه أعذب من الشهد وأخير ، اشهدك يا خديجة أني احبه
قالت : يا عم أراك كلما قلت لك : صف لي عيبه وصفت لي حسنه؟ قال : يا ابنتي وهل أنا
أقدر على وصف خيره ، ثم أنشأ يقول :
لقد علمت كل القبائل والملا
|
|
بأن حبيب الله أظهرهم قلبا
|
وأصدق من في الارض قولا وموعدا
|
|
وأفضل خلق الله كلهم قربا
|
فقالت : يا ورقة إن أكثر الناس يثلبونه
، قال : ثلبهم له إنه فقير ، قالت : يا عم أما
سمعت قول الشاعر :
إذا سلمت رؤوس الرجال من الاذى
|
|
فما المال إلا مثل قلم الاظافر
|
ولكن يا عم إذا كان ماله قليلا فما لي
كثير ، وإني يا عم محبة له على كل حال ، فقال لها : إذن والله تسعدين وترشدين وتحضين
بنبي كريم ، فقالت : يا عم أنا الذي
خطبته لنفسي ، فقال لها ورقة : وما الذي تعطيني
وأنا ازوجك في هذه الليلة بمحمد؟
فقالت : يا عم وهل لي شئ دونك ، أم يخفى عليك؟
وهذه ذخائري بين يديك ، ومنزلي
لك ، وأنا كما قال القائل شعرا :
إذا تحققتم ما عند صاحبكم
|
|
من الغرام فذاك العذر يكفيه
|
أنتم سكنتم بقلبي فهو منزلكم
|
|
وصاحب البيت أدرى بالذي فيه
|
ثم قال ورقة : يا خديجة لست اريد شيئا
من حطام الدنيا ، وإنما اريد أن
تشفعي لي عند محمد صلىاللهعليهوآله يوم القيامة واعلمي
يا خديجة أن بين أيدينا حساب وكتاب وعقاب
وعذاب ، ولا ينجو
إلا من تبع محمدا ، وصدق برسالته ، فياويل من زحزح عن الجنة
وادخل النار ، فلما سمعت خديجة كلامه قالت : يا
عم لك عندي ما طلبت ، فخرج ورقة و
____________________
دخل على أخيه خويلد
وقد غلب عليه السكر ، فجلس ورقة وقد ظهر الغيظ في وجهه ، و
قال : يا أخي ما أغفلك عن نفسك؟ تريد أن تقتلها
أنت بنفسك؟ فقال : ومن أين علمت يا
أخي؟ فقال : لقد خلفت بني عبدالمطلب وقلوبهم
تغلي عليك كغلي القدر ، وقد أراد حمزة
أن يهجم عليك في دارك ، فقال خويلد : يا أخي
وأي ذنب أذنبته عليهم حتى يفعلوا بي
ذلك؟ قال : سمعتهم يقولون إنك تثلب ابن أخيهم
وهو عليك قبيح ، إن كان قد وقع منك
ذلك والله ما وطئ الحصى مثل محمد ، أنسيت ما جرى له في صغره ، وما بان له في
كبره؟
والله ما يثلبه إلا لئيم ، قال خويلد : والله
يا أخي ما ثلبت الرجل ، وإنه خير مني وإنما
أراد أن يتزوج بخديجة ، فقال له أخوه : ماذا
تنكر منه؟ قال خويلد : والله يا أخي ما
أقول فيه : شيئا ، ولكن خشيت من وجهين : الاول
تسبني العرب حيث أنى رددت أكابرهم
وساداتهم ، وازوجها الآن بفقير لا مال له ، والثاني
أنها لا ترضاه فقال ورقة : إن العرب
ما منهم إحد إلا ويحب أن يزوجه بابنته ، ويشتهي
أن يكون محمد نسيبه وقريبه ، وأما
خديجة فمذ عاينت فضله رضيت به ، وأما أنت فقد
جلبت لنفسك عداوة بني هاشم على
غير شئ ، وإنهم ما يتركونك غير ساعة لا سيما الاسد الهجوم ، حمزة القضاء المحتوم ، لا يصده عنك صاد ، ولا يرده عنك راد ، والله إن قبلت نصحي ، وسرت معي إلي بني هاشم
سألتهم أن يرفعوا عنك يد العداوة ، وتزوج محمدا
صلىاللهعليهوآله
بخديجة ، والله ما
تصلح إلا له ، ولا يصلح إلا لها ، فقال : يا أخي أخاف أن يهجموا بي ويقتلوني ، فقال ورقة : ضمان
هذا
الامر علي ، فلا تخف ، فنهضا جميعا وسارا حتى
دخلا على أولاد عبدالمطلب ، فوقفا
على الباب وكان من الامر المقدر أن في ذلك
الوقت كان أولاد عبدالمطلب جالسين ، و
__________________
بينهم النبي صلىاللهعليهوآله ، فنظر إليه حمزة
وقال : يا قرة العين ما تقول؟
والله لئن أمرتني
لآتينك في هذه الساعة برأس خويلد ، فقال خويلد
لورقة : اسمع يا أخي ، فقال ورقة اسمع
أنت ، فقال ، خويلد : دعني أرجع ، قال ورقة : لا
، وانظر الآن ما أصنع ، دعنا نأتي إليهم
فإنهم لا يبعدون ، من يأتي إليهم ، ثم إن ورقة
قرع الباب فقال النبي صلىاللهعليهوآله
: لقد
جاءكم خويلد وأخوه ورقة ، فقام حمزة فأدخلهم ، ويد
خويلد في يد ورقة ، ونادى : نعمتم
صباحا ومساء وكفيتم شر الاعداء ، يا أولاد زمزم
والصفا ، فناداه أبوطالب : وأنت يا
خويلد كفيت ما تحذر وتخشى ، فانتهره حمزة وقال
: لا أهلا ولا سهلا لمن طلب منا بعدا ، وأرانا هجرا وصدا ، قال خويلد : ما كان ذلك مني يا سيدي ، وأنتم تعلمون أن خديجة
وافرة العقل ، مالكة نفسها ، وإنما تكلمت بهذا
الكلام حتى أسمع ما تقول ، والآن عرفت
أن المرأة فيكم راغبة ، فلا تؤاخذوني بما جرى ، ونحن كما قال
الشاعر :
ومن عجب الايام إنك هاجري
|
|
وما زالت الايام تبدئ العجائبا
|
وما لي ذنب أستحق به الجفا
|
|
وإن كان لي ذنب أتيتك تائبا
|
والآن قد رضيت لرضاها ، ولاجل القرابة
والنسب ، وقال : شعرا :
عودوني الوصال فالوصل عذب
|
|
وارحموا فالفراق والهجر صعب
|
زعموا حين عاينوا أن جرمى
|
|
فرط حبي لهم وما ذاك ذنب
|
لا وحق الخضوع عند التلاقي
|
|
ما جزى من يحب أن لا يحب
|
فقال عند ذلك حمزة : يا خويلد أنت عندنا
عزيز كريم ، ولكن ما كان يجوز منك
إذا جئناك أن تبعدنا ، فقال ورقة : إنا لنحب
محمدا أشد محبة ، ونحن على ما تقولون ، ولكن اريد يا بني هاشم أن تكون هذه الخطبة في غداة غد على رؤوس الانام ، حتى
__________________
يسمع الغائب والحاضر
، فقال حمزة : لا نخالفكم فيما تقولون ، فقال ورقة : اعلمكم أن
أخي له لسان
لا يخلص به عند العرب ، واريد أن يوكلني في أمر ابنته خديجة ، حتى
أصير أنا المجاوب ، وأنتم تعلمون أنى قد قرأت
سائر الكتب وعرفت
سائر الاديان ، فقال حمزة : وكله يا خويلد على ذلك ، فقال خويلد : اشهدكم يا أولاد هاشم أني قد
وكلت
أخي ورقة في أمر ابنتي خديجة ، فقال ورقة : اريد
أن يكون هذا الامر عند الكعبة ، فساروا جميعا إلى الكعبة ، فوجدوا العرب مجتمعين بين زمزم والمقام ، وهم جماعات
كثيرة ، منهم الصلت بن
أبي يهاب ، ولئيمة بن الحجاج ، وهاشم بن المغيرة ، وأبوجهل بن
هشام ، وعثمان بن مبارك العميري ، وأسد بن غويلب الدارمي ، وعقبة
بن أبي معيط ، وامية بن خلف ، وأبوسفيان بن حرب
، فناداهم ورقة : نعمتم صباحا يا سكان حرم
الله ، فقالوا كلهم : أهلا وسهلا يا أبا البيان
، فقال ورقة : يا معشر قريش ، يا جميع من
حضر أني أسألكم ، ما تقولون في خديجة بنت
خويلد؟ فنطق العرب بأجمعهم فقالوا : بخ
بخ ، لقد ذكرت والله الشرف الاوفى ، والنسب
الاعلى ، والرأي الازكى ، ومن لا يوجد
لها نظير في نساء العرب والعجم ، فقال : أتحمدون
أن تكون بلا بعل؟ فقالوا : ليس
بواجب ، وقد وجدنا الخطاب لها كثيرا ، وهي تأبى
، قال ورقة : يا سادات العرب ألا وإن
هذا أخي قد وكلني في أمرها ، وهي قد أمرتي ن أن
ازوجها ، وأعلمتني أن لها رغبة في
سيد من سادات قريش ، وسألتها أن تسميه لي ، فأبت
، واحب أن تسمعوا الوكالة منه ، وأن تحضروا كلكم جميعا غداة غد في منزلها ، فما تسعكم غير دارها ، وكان لها دار
واسعة
تسع أهل مكة ، فلما سمعوا كلامه لم يبق أحد
منهم إلا يقول : أنا هو المطلوب ، فقالوا :
____________________
نعم الوكيل والكفيل
أنت ، فقال ورقة لاخيه خويلد : تكلم ما دامت السادات حاضرين ، قال خويلد : اشهدكم يا سادات العرب على أني قد نزعت نفسي من أمر ابنتي خديجة ، وجعلت وكيلي وكفيلي في هذا الامر أخي ، فلا رأي فوق رأيه ، ولا أمر فوق أمره ، فقال
ورقة : اسمعوا أيها السادات ، وإنه غير مجنون
ولا مجبور ولا مخمور ، وإني ازوجها
بمن شئت ، فقال العرب : سمعنا وأطعنا وشهدنا ، وخرج
خويلد وقد ذهب حكمها من
يده ، وسار ورقة إلى منزل خديجة وهو فرح مسرور
، فلما نظرت إليه قالت : مرحبا و
أهلا بك يا عم ، لعلك قضيت الحاجة ، قال : نعم
يا خديجة يهنئك ، وقد رجعت أحكامكإلي ، فأنا وكيلك ، وفي غداة غد ازوجك إن شاء
الله تعالى بمحمد صلىاللهعليهوآله
، فلما سمعت
خديجة كلامه فرحت وخلعت عليه خلعة قد اشتراها
عبدها ميسرة من الشام بخمس مأة
دينار ، فقال ورقة : لا ترغبيني في مثل هذا ، فلست
براغب فيه ، وإنما الرغبة في شفاعة
محمد صلىاللهعليهوآله
، فقالت : لك ذلك ، ثم قال لها : يا خديجة قومي هذه الساعة ، وجهزى أمرك ، وجملي منزلك ، واخرجي ذخائرك ، وعلقي ستورك ، وانشري حللك ، واكمدي عدوك ، فما يدخر المال إلا لمثل هذا اليوم ، واصنعي وليمة لا يعوزك فيها شئ ، فإن العرب
في غداة غد يأتون كلهم إلى دارك ، فلما سمعت
منه ذلك نادت في عبيدها وجواريها ، و
أخرجوا الستور والمساند والوسائد والبسط
المختلفة الالوان والحلل ذات الاثمان و
العقود والقلائد ونشرت الرايات.
وقد روت الرواة الذين شاهدوا تلك الليلة
أن تلك العبيد والاماء الذين كانوا برسم
الخدمة لحمل الآنية ثمانون عبدا ، وذبحت الذبائح ، وعقرت العقائر ، وعقدت الحلاوات
من كل لون ، وجمعت الفواكه من كل فاكهة ، وقصد
ورقة منزل أبي طالب فوجده وإخوته
____________________
مجتمعين ، فقال لهم
: نعمتم صباحا ومساء ، ما يحبسكم عن إصلاح أمركم ، انهضوا في
أمر خديجة ، فقد صار أمرها بيدي ، فجذا كان
غداة غد إن شاء الله تعالى ازوجها بمحمد
صلىاللهعليهوآله ، فعندها قال محمد صلىاللهعليهوآله : لا أنسى الله لك
ذلك يا ورقة ، وجزاك فوق
صنيعك معنا
، ثم قال أبوطالب : الآن والله طاب قلبي ، وعلمت أن أخي قد بلغ المنى ، وقام لعمل الوليمة وإخوته عنده ، فعند ذلك اهتز العرش والكرسي ، وسجد الملائكة
وأوحى الله تعالى إلى رضوان خازن الجنان أن
يزينها ، ويصف الحور والولدان ، ويهيأ
أقداح الشراب ، ويزين الكواعب والاتراب ، وأوحى إلى الامين جبرئيل عليهالسلام ، أن ينشر لواء الحمد على الكعبة ، وتطاولت الجبال ، وسبحت بحمد الملك المتعال ، على
ما خص به محمدا صلىاللهعليهوآله
، وفرحت الارض ، وباتت مكة تغلي بأهلها كما يغلي المرجل على
النار ، فلما أصبحوا أقبلت الطوائف والاكابر
والقبائل والعشائر ، فلما دخلوا منزل خديجة
وجدوها وقد أعدت لهم المساند والوسائد والكراسي
والمراتب ، وجعلت مجلس كل واحد
منهم في مرتبته ومحله ، فدخل أبوجهل لعنه الله
وهو يختال
في مشيته وزينته ، وقد أرخى
ذوائبه من ورائه ، وحمائل سيفه على منكبه ، وقد
أحدقت به بنو مخزوم ، فنظر إلى صدر
المجلس وقد نصب فيه كرسي عظيم ، وتحته أحد عشر
كرسيا ، في أعلى مكان مصفوفا لم ير
أحسن منها ، فتقدم وأراد الجلوس على ذلك السرير
العالي ، فصاح به ميسرة وقال له : يا سيدي تمهل قليلا ولا تعجل ، فقد وضعت منزلك
عند بني مخزوم ، فرجع هو خجلان ، وجلس فما كان إلا قليلا وإذا بأصوات قد علت ، والعرب قد تواثبت ، وقد أقبل العباس
____________________
وحمزة إلى جانبه ، وسيفه
مجرد من غمده ، وأبوطالب يقدمهم ، وحمزة يقول : يا أهل مكة
الزموا الادب ، وقللوا الكلام ، وانهضوا على
الاقدام ، ودعوا الكبر ، فإنه قد جاءكم
صاحب الزمان
محمد المختار ، من الملك الجبار ، المتوج بالانوار ، صاحب الهيبة والوقار ، قد ورد عليكم ،
فنظرت العرب وإذا بالنبي صلىاللهعليهوآله
قد جاء ، وهو معتم بعمامة سودآء ، تلوح ضيآء جبينه من تحتها ، وعليه قميص عبدالمطلب ، وبردة الياس ، وفي رجليه نعلان
لجده عبدالمطلب ، وفي يده قضيب إبراهيم الخليل
، متختم بخاتم من العقيق الاحمر ، والناس محدقون به ، ينظرون إليه ، وقد أحاطت به عشيرته ، وحمزة يحجبه عن أعين
الناظرين ، وقد شخصت إليه جميع المخلوقات
والموجودات بالاشارة يسلمون عليه ، وقد
ذهلت العرب مما رأوا منه ، وقام كل قاعد منهم على قدميه ، وجلس
النبي صلىاللهعليهوآله
وأعمامه
في أعلى موضع ومكان ، وهو المكان الذي نحي عنه
أبوجهل وأصحابه ، ولم يبق منهم جالس
غير أبوجهل لعنه الله وأخزاه ، وقال : إن كان
الامر لخديجة لتأخذن محمدا
، فتقدم
إليه حمزة كالاسد ، وقبض على أطرافه ، وقال له : قم لاسلمت من النوائب ، ولا
نجوت من
المصائب ، فأخذ أبوجهل يده وضربها في قائم سيفه ، فسبقه حمزة ، وقبض على يده حتى
نبع الدم من تحت أطفاره ، ووكزه الحارث وقال له
: ويلك يا ابن هاشم ما أنت عديل من
نهض إليك من جملة الناس ، ورأيت أنك أشرف منهم
، لئن لم تقعد لآخذ رأسك ، فخاف
الفتنة وسكت وظن أنه زوج خديجة ، فلما استقر بالناس الجلوس إذا ، بخويلد
____________________
قد أقبل ، ودخل على
خديجة وهي تحت
حجابها ، وقال : يا خديجة أين عقلك؟ وأين
سوددك؟ أنا لم أرض لك بالملوك ، ورددتهم كبرا
عليهم ، وترضين الآن لنفسك بصبي صغير
فقير يتيم ليس له مال أبدا ، قد كان لك أجيرا ،
وهذا اليوم يكون لك بعلا؟ لا كان ذلك
أبدا ، والآن إن قبلتيه لاعلينك بهذا السيف ، واليوم
لا شك فيه تسفك الدماء ، ونهض على
قدميه وخرج كأنه مجنون حتى وقف على صدر المجلس
وقال : يا معاشر العرب ، ويا
ذوي المعالي والرتب ، اشهدكم على أني لم أرض
محمدا لابنتي بعلا ، ولو دفع لي وزن
جبل أبي قبيس ذهبا ، فما بيني وبينه إلا السيوف
، فما مثلي من يخدع بشرب المدام ، ثم قال :
ولو أنها قالت : نعم لعلوتها
|
|
بشفرة حد للجماجم فاصل
|
فمن رام تزويج ابنتي بمحمد
|
|
وإن رضيت يا قوم لست بقابل
|
قال : فلما سمع أعمام النبي صلىاللهعليهوآله كلامه والحاضرون
قال حمزة لاخيه أبي طالب
مع إخوته : ما بقي للجلوس موضع ، قوموا بنا ، فبينا هم في ذلك إذ أقبلت جارية
لخديجة ، وأشارت إلى أبي طالب فقام معها ، ووقف أبو طالب خلف الحجاب ، فسلمت عليه خديجة ، وقالت : نعمت صباحا ومساء ، يا سيد الحرم ، لا تغتر بشقشقة أبي ، فإنه ينصلح بشئ
قليل ، ثم أعطته كيسا فيه ألفا دينار ، وقالت :
يا سيدي خذ هذا وسر به إليه ، كأنك
تعاتبه وصبه في حجره ، فإنه يرضى ، فسار
أبوطالب والناس حاضرون ، وقال له : يا خويلد
ادن مني ، قال : لا أدنو منك أبدا ، قال : يا
خويلد إنه كلام تسمعه ، فإن لم يرضك
فما أحد يقهرك ، وفتح أبوطالب الكيس وصبه في حجر خويلد ، وقال
له : هذه عطية
من ابن أخي لك ، غير مهر ابنتك ، فلما رأى
خويلد المال انطفت ناره ، وأقبل ووقف في
__________________
الموقف الاول على
رؤوس الجمع ونادى بأعلى صوته : يا معاشر العرب ، وذوي المعالي
والرتب ، فوالله ما أظلت الخضرآء ولا أقلت
الغبراء بأفضل من محمد ، ولقد رضيته لابنتي بعلا
وكفوا ، فكونوا على ذلك من الشاهدين ، ثم قال
العباس وقال : يا معاشر العرب لم تنكرون
الفضل لاهله ، هل سقيتم الغيث إلا بابن أخي؟
وهل اخضر زرعكم إلا به؟ وكم له عليكم
من أياد كتمتموها ، ولزمتم له الحسد والعناد؟
وبالله اقسم ما فيكم من يعادل صيانته ولا
أمانته ، واعلموا أن محمدا صلىاللهعليهوآله لم يخطب خديجة
لمالها ولا جمالها ، إن المال زائل وإلى نفاد ، ثم إن خويلدا
أقبل وجلس إلى جانب رسول الله صلىاللهعليهوآله
، وأمسك الناس عن الكلام حتى
يسمعوا ما يقول خويلد ، فقال خويلد : يا أبا
طالب ما الانتظار عما طلبتم؟ اقضوا الامر ، فإن الحكم لكم ، وأنتم الرؤسآء
والخطبآء ، والبلغآء والفصحآء ، فليخطب خطيبكم ، ويكون العقد لنا ولكم ، فنهض أبوطالب وأشار إلى الناس أن انصتوا ، فأنصتوا فقال : « الحمد لله الذي جعلنا من نسل إبراهيم الخليل ،
وأخرجنا من سلالة إسماعيل ، وفضلنا
وشرفنا على جميع العرب ، وجعلنا في حرمه ، وأسبغ
علينا من نعمه ، وصرف عنا شر
نقمه
، وساق إلينا الرزق من كل فج عميق ، ومكان سحيق ، والحمد لله على ما أولانا ، وله الشكر على ما أعطانا ، وما به حبانا وفضلنا على الانام ، وعصمنا عن الحرام ، وأمرنا
بالمقاربة والوصل ، وذلك ليكثر منا النسل ، وبعد فاعلموا يا معاشر من
حضر ، أن
ابن أخينا محمد بن عبدالله خاطب كريمتكم
الموصوفة بالسخآء والعفة ، وهي فتاتكم المعروفة ، المذكور فضلها ، الشامخ
خطبها ، وهو قد خطبها من أبيها خويلد على ما يحب
من المال ».
____________________
ثم نهض ورقة وكان إلى جانب أخيه خويلد
وقال : نريد مهرها المعجل دون المؤجل
أربعمائة ألف دينار ذهبا ، ومأة ناقة سود الحدق ، حمر الوبر ، وعشر حلل
، وثمانية
وعشرين عبدا وأمة ، وليس ذلك بكثير علينا ، قال له أبوطالب : رضينا بذلك ، فقال
خويلد : قد رضيت وزوجت خديجة بمحمد على ذلك ، فقبل
النبي صلىاللهعليهوآله
عقد النكاح ، فنهض عند ذلك حمزة وكان معه دراهم فنثرها على الحاضرين ، وكذلك أصحابه ، فقام
أبوجهل
لعنه الله وقال : يا قوم رأينا الرجال يمهورن
النسآء أم النسآء
يمهرون الرجال؟ فنهض أبوطالب
رضياللهعنه
، وقال : ما لك يا لكع
الرجال ، ويا رئيس الارذال؟ مثل محمد صلىاللهعليهوآله
يحم
إليه ويعطى ، ومثلك من يهدي ولا يقبل منه ، ثم سمع الناس مناديا ينادي من السمآء :
إن
الله تعالى قد زوج بالطاهر الطاهرة ، وبالصادق
الصادقة ، ثم رفع الحجاب ، وخرجت منه جوار
بأيديهن نثار ينثرن على الناس ، وأمر الله
عزوجل جبرئيل أن يرسل على الناس الطيب
على البر والفاجر ، فكان الرجل يقول لصاحبه : من
أين لك هذا الطيب؟ فيقول : هذا
من طيب محمد ، ثم نهض الناس إلى منازلهم ، ومضى
رسول الله صلىاللهعليهوآله
إلى منزل عمه أبي طالب
رضياللهعنه
، وأعمامه حوله ، وهو كالقمر ، فاجتمعت نسوان قريش ونسوان بني عبدالمطلب
وبني هاشم في دار خديجة ، والفتيان يضربن الدفوف ، وبعثت خديجة من يومها
أربعة
آلاف دينار إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وقالت : يا سيدي
انفذها إلى عمك العباس ينفذها
إلى أبي ، وأرسلت مع المال خلعة سنية ، فسار
بها العباس وأبوطالب إلى منزل خويلد
وألبساه الخلعة ، فقام خويلد من وقته وساعته
إلى دار خديجة ، وقال : يا بنتي ما الانتظار
بالدخول؟ جهزي نفسك ، فهذا مهرك قد أتوا به إلي
، وأعطوني هذه الخلعة ، والله
__________________
ما تزوج أحد بزوج
مثلك ، لا في الحسن ولا في الجمال ، فسمع أبوجهل ذلك فقام في
الناس يقول : هذا المال من عند خديجة ، فبلغ
الخبر أبا طالب فخرج من وقته وساعته
متقلدا سيفه ، ووقف في الابطح والعرب مجتمعون ،
وقال : يا معاشر العرب سمعنا قول
قائل وعيب عائب ، فإن كانت النسآء قد أقمن
بواجب حقنا فليس ذلك بعيب ، وحق لمحمد
أن يعطى ويهدى إليه ، فهذا جرى منها على رغم
أنف من تكلم ، وتكلم
بعض قريش
من المبغضين بالازرآء على خديجة حيث تزوجها
محمد صلىاللهعليهوآله
، وبلغ الخبر إلى خديجة
فصنعت طعاما ودعت نسآء المبغضين ، فلما اجتمعن
وأكلن قالت لهن : معاشر النسآء بلغني
أن بعولتكن عابوا علي فيما فعلته من أني تزوجت
محمدا ، وأنا أسألكم هل فيكم مثله ، أو في بطن مكة شكله من جماله
وكماله وفضله وأخلاقه الرضية؟ وأنا قد أخذته لاجل
ما قد رأيت منه ، وسمعت منه أشيآء ما أحد رآها
، فلا يتكلم أحد فيما لا يعنيه
، فكف
كل منهن
عن الكلام.
ثم إن خديجة قالت لعمها ورقة : خذ هذه
الاموال وسر بها إلى محمد صلىاللهعليهوآله
وقل له : إن هذه جميعها هدية له ، وهي ملكه يتصرف فيها
كيف شاء ، وقل له : إن مالي وعبيدي
وجميع ما أملك وما هو تحت يدي فقد وهبته لمحمد صلىاللهعليهوآله إجلالا وإعظاما له
، فوقف ورقة
بين زمزم والمقام ونادى بأعلى صوته : يا معاشر
العرب إن خديجة تشهدكم على أنها قد
وهبت نفسها ومالها وعبيدها وخدمها وجميع ما
ملكت يمينها والمواشي والصداق والهدايا
لمحمد صلىاللهعليهوآله
، وجميع ما بذل لها مقبول منه ، وهو هدية منها إليه إجلالا له وإعظاما
ورغبة فيه ، فكونوا عليها من الشاهدين ، ثم سار
ورقة إلى منزل أبي طالب رضياللهعنه
، وكانت خديجة قد بعثت جارية ومعها خلعة سنية ، وقالت : ادخليها إلى محمد صلىاللهعليهوآله ، فإذا
دخل عليه عمي ورقة يخلعها عليه ليزداد فيه حبا
، فلما دخل ورقة عليهم قدم المال إليهم ،
____________________
وقال : الذي قالته
خديجة ، فقام النبي صلىاللهعليهوآله
وأفرغ عليه الخلعة ، وزاده خلعة اخرى ، فلما خرج ورقة تعجب الناس من حسنه وجماله ، ثم أخذت خديجة في جهازها ، واعتدت
صوافي
الذهب والفضة ، وفيها الطيب والمسك والعنبر ، فلما كانت الليلة الثالثة دخل
عليها عمات النبي صلىاللهعليهوآله
واجتمع السادات والاكابر في اليوم الثالث كعادتهم ، ونهض
العباس وهو يقول :
أبشروا بالمواهب آلفهر وغالب!
|
|
افخروا يا آل قومنا بالثنآء والرغائب
|
شاع في الناس فضلكم وعلى في المراتب
|
|
قد فخرتم بأحمد زين كل الاطايب
|
فهو كالبدر نوره مشرق غير غائب
|
|
قد ظفرتي خديجة بجليل المواهب
|
بفتى هاشم الذي ماله من مناسب
|
|
جمع الله شملكم فهو رب المطالب
|
أحمد سيد الورى خير ماش وراكب
|
|
فعليه الصلاة ما سار عيس براكب
|
ثم إن خديجة قالت : اعلموا أن شأن محمد صلىاللهعليهوآله عظيم ، وفضله عميم
، وجوده
جسيم ، ثم نثرت عليهن من المال والطيب ما دهش الحاضرين ، وشجر
طوبى تنثر في
الجنة على الحور العين ، فجعلن يلتقطن النثار ،
ثم يتهادينه ، ثم إن خديجة أنفذت إلى
أبي طالب غنما كثيرا ودنانير ودراهم وثيابا
وطيبا ، وعمل أبوطالب وليمة عظيمة ، ووقف
النبي صلىاللهعليهوآله
وشد وسطه ، وألزم نفسه خدمة جميع الناس ، وأقام لاهل مكة الوليمة ثلاثة
أيام ، وأعمام النبي صلىاللهعليهوآله تحته في الخدمة ، وأنفذت
خديجة إلى الطائف وغيره ، ودعت
أهل الصنايع إلى منزلها ، وصاغت المصاغ والحلي
، وفصلت الثياب ، وعملت الشمع بالعنبر
____________________
على هيئة الاشجار ، وأجرت عليه الذهب ، وعملت فيه
التماثيل من المسك والعنبر ، ولم تزل تعمل في شغل العرس ستة أشهر حتى فرغت من جميع ما تحتاج إليه ، وعلقت
ستور الديباج المطرز ، ونقشت فيها صورة الشمس والقمر ، وفرشت
المجالس ، ووضعت
المساند والوسائد من الديباج والخز ، وفرشت
لرسول الله صلىاللهعليهوآله
مجلسا على سرير تحت
الابريسم والوشي ، والسرير من العاج والآبنوس ، مصفح
بصفائح الذهب الوهاج
، وألبست جواريها وخدمها ثياب الحرير والديباج المختلفات الالوان ، ونظمت شعورهن
باللؤلؤ والمرجان ، وسورتهن ، ووضعت في أعناقهن قلائد الذهب ، وأوقفت
الخدم
بأيديهن المجامر من الذهب ، وفيها الطيب
والعنبر والبخور من العود والند
، و
جعلت في يد كل واحدة من الخدم مراوح منقوشة
بالذهب ، مقصبة
بالفضة ، وأوقفتهن
عند مجلس رسول الله صلىاللهعليهوآله ، ودفعت إلى بعضهن
الدفوف والشموع ، ونصبت في وسط الدار
شمعا كثيرا على أمثال النخيل ، فلما فرغت من ذلك دعت نسوان أهل مكة جميعهن فأقبلن
إليها ، ورفعت مجلس عمات النبي صلىاللهعليهوآله ، ثم أرسلت إلى أبي
طالب ليحضر وقت الزفاف ، فلما كان تلك الليلة أقبل النبي صلىاللهعليهوآله
بين أعمامه ، وعليه ثياب من قباطي
مصر ، و
عمامة حمرآء ، وعبيد بني هاشم بأيديهم الشموع
والمصابيح ، وقد كثر الناس في شعاب مكة
ينظرون إلى محمد صلىاللهعليهوآله
، ومنهم من وقف على السرادقات والنور يخرج من بين ثناياه
____________________
ومن جبينه ومن تحت
ثيابه ، فلما وصلوا إلى دار خديجة دخل هو صلوات الله عليه وآله
وهو كأنه القمر في تمامه ، قد خرج من الافق ، وأعمامه
محدقون به كأنهم اسود الشرى
، في أحسن زينة وفرحة ، يكبرون الله ويحمدونه على ما وصلوا إليه من الكرامة ، فدخلوا
جميعا إلى دارها ، وجلس النبي صلىاللهعليهوآله في المجلس الذي هيئ
له في دار خديجة رضي الله
عنها ، ونوره قد علا نور المصابيح ، فذهلت
النساء مما رأين من حسنه وجماله ، ثم هيئوا
خديجة للجلاء ، فخرجت أول مرة وعليها ثياب معمدة ، وعلى رأسها تاج
من الذهب الاحمر ، مرصع بالدر والجوهر ، وفي
رجليها خلخالان من الذهب ، منقوش
بالفيروزج ، لم تر الاعين له نظيرا ، وعليه
قلائد لا تحصى من الزمرد والياقوت ، فلما برزت
ضربن النساء الدفوف. وجعلت بعض النساء تقول : شعرا
:
أضحى الفخار لنا وعز الشأن
|
|
ولقد فخرنا يا بني العدنان
|
أخديجة نلت العلا بين الورى
|
|
وفخرت فيه جملة الثقلان
|
أعني محمدا الذي لا مثله
|
|
ولد النساء في سائر الازمان
|
فيه المكارم والمعالي
والحيا
|
|
ما ناحت الاطيار في الاغصان
|
صلوا عليه وسلموا وترحموا
|
|
فهو المفضل من بني عدنان
|
فتطاولي فيه خديجة! واعلمي
|
|
أن قد خصصت بصفوة الرحمان
|
ثم أقبلن بها نساء بني هاشم للجلوة
الثانية على رسول الله صلىاللهعليهوآله
، وقد أشرق من نور
وجهها نور علا على جميع المصابيح والشموع ، فتعجبت
منها بنات عبدالمطلب حتى زاد
فيها نور لم يرى الراؤون مثله ، وذلك فضل لرسول
الله صلىاللهعليهوآله
وعطية من الله تعالى لها ،
____________________
وأقبلوا بها ، وقد
فاقت على جميع من حضر ، وعليها سقلاط أبيض
مذهب ، مرصع بالجوهر
الاحمر والاخضر والاصفر ، ومن كل الالوان ، وكانت خديجة امرأة طويلة
شامخة عريضة من النساء بيضاء لم ير في عصرها
ألطف منها ، ولا أحسن ، وخرجت بين يديها
صفية بنت عبدالمطلب رضي الله عنها ، وقالت شعرا
:
جاء السرور مع الفرح
|
|
ومضى النحوس مع الترح
|
أنوارنا قد أقبلت
|
|
والحال فيها قد نجح
|
بمحمد المذكور في
|
|
كل المفاوز والبطح
|
لو أن يوازن أحمد
|
|
بالخلق كلهم رجح
|
ولقد بدا من فضله
|
|
لقريش أمر قد وضح
|
ثم السعود لاحمد
|
|
والسعد عنه ما برح
|
بخديجة نبت الكمال
|
|
وبحر نايلها طفح
|
يا حسنها في حليها
|
|
والحلم منها ما برح
|
هذ النبي محمد
|
|
ما في مدائحه كلح
|
صلوا عليه تسعدوا
|
|
صلوا عليه تسعدوا
|
ثم أقبلن بها رضي الله عنها حتى أوقفوها
بين يدي النبي صلىاللهعليهوآله
، ثم بعد ذلك
أخذوا التاج ورفعوه من رأسها ، ووضعوه على رأس
النبي صلىاللهعليهوآله
، ثم أتوا بالدفوف وهن
يضربن لها ، وقلن لها : يا خديجة لقد خصصت هذه
الليلة بشئ ما خص به غيرك ، ولا ناله
سواك من قبائل العرب والعجم ، فهنيئا لك بما
اوتيته ، ووصل إليك من العز والشرف ، وخرجت في الجلوة الثالثة ، وعليها ثوب
أصفر ، وعليها حلي وجوهر ، وقد أضاء الموضع
____________________
من لمعان ذلك الجوهر
الذي في وسط الاكليل ، وفي آخر الاكليل ياقوتة حمرآء تضئ ، وقد أشرقت الدار من ذلك الجوهر
ومن نورها وحسنها ، وأقبلت بين يديها صفية بنت
عبدالمطلب رضي الله عنها ، وهي تقول : شعرا :
أخذ الشوق موثقات الفؤاد
|
|
وألقت السهاد بعد الرقاد
|
فليالي اللقا بنور التداني
|
|
مشرقات خلاف طول البعاد
|
فزت بالفخر يا خديجة إذ نلت
|
|
من المصطفى عظيم الوداد
|
فغدا شكره على الناس
فرضا
|
|
شاملا كل حاضر ثم بادي
|
كبر الناس والملائك جمعا
|
|
جبرئيل لدى السمآء ينادي
|
فزت يا أحمد بكل الاماني
|
|
فنحى الله عنك أهل العناد
|
فعليك الصلاة ما سرت العيس
|
|
وحطت لثقلها في البلاد
|
قال : ثم بعد ذلك أجلسوها مع النبي صلىاللهعليهوآله وخرج جميع الناس
عنها ، وبقي عندها
في أحسن حال ، وأرخى بال ، ولم يأخذ عليها أحدا
من النسآء حتى ماتت بعد ما بعث
صلوات الله عليه وآله ، وآمنت به ، وصدقته
وانتقلت إلى جنات عدن في أعلى عليين من
قصور الجنة.
أقول
: وفي بعض النسخ بعد الابيات : وخلا رسول الله صلىاللهعليهوآله
مع عروسه ، وأوحى
الله إلى جبرئيل : أن اهبط إلى الجنة ، وخذ
قبضة من مسكها ، وقبضة من عنبرها ، وقبضة من
كافورها ، وانثرها على جبال مكة ، ففعل فامتلات
شعاب مكة وأوديتها ومنازلها وطرقها
____________________
من ذلك الطيب ، حتى
أن الرجل يقول إذا خلا مع زوجته : ما هذا الطيب؟ فتقول : هذا
من طيب خديجة ومحمد صلىاللهعليهوآله.
توضيح : المزمم : هو الذي شد عليه
الزمام ، وهو الذي يقاد به البعير. والعقيان
من الذهب : الخالص. والارقال : ضرب من العدو ، وفي
بعض النسخ بالفاء من قولهم : فلان
يرفل في مشيته ، أي يتبختر. والاغضاء : إدناء
الجفون. وباح بسره : أظهره. والجوى
الحرقة ، وشدة الوجد من عشق أو حزن. والصبوة : الميل إلى الجهل. والمراس بالكس
الشدة والقوة. ويقال : لفت وجهه أي صرفه. والصبابة : رقة الشوق وحرارته. ولوعة
الحب : حرقته. والكمد بالتحريك : الحزن
المكتوم. والحجفة : الترس. والوغد : الرجل
الذي يخدم بطعام بطنه. والنذل : الخسيس والثلب
: التصريح بالعيب والتنقص. والتغمغ
الكلام لا يبين. وأغرم بالشئ : أولع به. وخطر الرجل في مشيته : رفع يديه ووضعهما
وجفل : أسرع. والجافل : المنزعج. والغزالة : الشمس. والتيار : الموج ، ويقال : قطع
عرقا تيارا ، أي سريعة الجري ، واعتكر الليل ، وأعكر
: اشتد سواده. والهيف بالتحريك
ضمر البطن والخاصرة. وفرس هيفاء : ضامرة. والسحيق : البعيد. والسقلاط : شئ
من صوف تلقيه المرأة على هودجها ، أو ثياب
ككتان موشية ، وكان وشيه خاتم. والعيس
بالكسر : الابل البيض يخالط بياضها شئ من
الشقرة.
أقول
: إنما أوردت تلك الحكاية لاشتمالها على بعض المعجزات والغرائب ، وإن
لم نثق بجميع ما اشتملت عليه ، لعدم الاعتماد
على سندها
، كما أومأنا إليه ، وإن
كان مؤلفه من الافاضل والاماثل.
٢٠ ـ د
: في الدر : إن فاطمة عليهاالسلام
ولدت بعد ما أظهر الله نبوة أبيها صلىاللهعليهوآله
____________________
بخمس سنين ، وقريش
تبني البيت
، وروي أنها ولدت عليهاالسلام
في جميدى الآخرة يوم
العشرين منه ، سنة خمس وأربعين من مولد النبي صلىاللهعليهوآله.
في المناقب روي أن فاطمة عليهاالسلام ولدت بمكة بعد
المبعث بخمس سنين ، وبعد الاسرى
بثلاث سنين في العشرين من جميدى الآخرة ، وولدت
الحسن عليهالسلام
ولها اثنتا عشرة سنة ، وقيل : إحدى عشرة سنة بعد الهجرة
، وكان بين ولادتها الحسن وبين حملها بالحسين
عليهالسلام
خمسون يوما.
وروي أنها ولدت خمس سنين قبل ظهور
الرسالة
، ونزول الوحي ، وقيل : بينا النبي صلىاللهعليهوآله
جالس بالابطح ومعه عمار بن ياسر ، والمنذر بن الضحضاح ، وأبوبكر ، وعمر ، وعلي بن أبي طالب ، والعباس بن عبدالمطلب ، وحمزة بن عبدالمطلب ، إذ هبط
عليه
جبرئيل عليهالسلام
في صورته العظمى ، قد نشر أجنحته حتى أخذت من المشرق إلى المغرب ، فناداه : يا محمد العلي الاعلى يقرء عليك السلام ، وهو يأمرك أن تعتزل عن خديجة
أربعين
صباحا ، فشق ذلك على النبي صلىاللهعليهوآله ، وكان لها محبا
وبها وامقا
، قال : فأقام النبي
صلىاللهعليهوآله
أربعين يوما ، يصوم النهار ، ويقوم الليل ، حتى إذا كان في آخر أيامه تلك
بعث إلى خديجة بعمار بن ياسر وقال قل لها : يا
خديجة لا تظني أن انقطاعي عنك ولا قلي
، ولكن ربي عزوجل أمرني بذلك لتنفذ أمره ، فلا تظني يا خديجة إلا خيرا ، فإن الله
عزوجل ليباهي بك كرام ملائكته كل يوم مرارا ، فإذا
جنك الليل فأجيفي
الباب ، وخذي مضجعك من فراشك ، فإني في منزل فاطمة بنت أسد ، فجعلت خديجة تحزن في
____________________
كل يوم مرارا لفقد
رسول الله صلىاللهعليهوآله
، فلما كان في كمال الاربعين هبط جبرئيل عليهالسلام
فقال : يا محمد العلي الاعلى يقرئك السلام ، وهو
يأمرك أن تتأهب لتحيته وتحفته ، قال
النبي صلىاللهعليهوآله
: يا جبرئيل وما تحفة رب العالمين؟ وما تحيته؟ قال : لا علم لي ، قال : فبينا
النبي صلىاللهعليهوآله
كذلك إذ هبط ميكائيل ومعه طبق مغطى بمنديل سندس ، أو قال : إستبرق ، فوضعه بين يدي النبي صلىاللهعليهوآله
، وأقبل جبرئيل عليهالسلام
وقال : يا محمد يأمرك ربك أن تجعل
الليلة إفطارك على هذا الطعام ، فقال علي بن
أبي طالب عليهالسلام
: كان النبي صلىاللهعليهوآله
إذ أراد
أن يفطر أمرني أن افتح الباب لمن يرد إلى
الافطار ، فلما كان في تلك الليلة أقعدني
النبي صلىاللهعليهوآله
على باب المنزل ، وقال : يا بن أبي طالب إنه طعام محرم إلا علي ، قال علي عليهالسلام
فجلست على الباب وخلا النبي صلىاللهعليهوآله
بالطعام ، وكشف الطبق ، فإذا عذق
من رطب ، وعنقود من عنب ، فأكل النبي صلىاللهعليهوآله
منه شبعا ، وشرب من الماء ريا ، ومد يده للغسل
فأفاض المآء عليه جبرئيل ، وغسل يده ميكائيل ، وتمند
له إسرافيل ، وارتفع فاضل الطعام
مع الاناء إلى السماء ، ثم قام النبي صلىاللهعليهوآله ليصلي فأقبل عليه
جبرئيل ، وقال : الصلاة محرمة
عليك في وقتك حتى تأتي إلى منزل خديجة فتواقعها
، فإن الله عزوجل آلى
على
نفسه أن يخلق من صلبك في هذه الليلة ذرية طيبة
، فوثب رسول الله صلىاللهعليهوآله
إلى منزل
خديجة ، قالت خديجة رضوان الله عليها : وكنت قد
ألفت الوحدة ، فكان إذا جنتني الليل
غطيت رأسي ، وأسجفت ستري ، وغلقت بأبي ، وصليت وردي ، واطفأت مصباحي ، وآويت إلى فراشي ، فلما كان في تلك الليلة لم أكن بالنائمة ولا بالمنتبهة إذ جاء
النبي
صلىاللهعليهوآله
فقرع الباب ، فناديت : من هذا الذي يقرع حلقة لا يقرعها إلا محمد صلىاللهعليهوآله؟
قالت خديجة : فنادى النبي صلىاللهعليهوآله بعذوبة كلامه
وحلاوة منطقه : افتحي يا خديجة
فإني محمد ، قالت خديجة : فقمت فرحة مستبشرة
بالنبي صلىاللهعليهوآله
، وفتحت الباب ، ودخل
____________________
النبي المنزل ، وكان
صلىاللهعليهوآله
إذا دخل المنزل دعا بالاناء فتطهر للصلاة ، ثم يقوم فيصلي
ركعتين يوجز فيهما ، ثم يأوي إلى فراشه ، فلما كان
في تلك الليلة لم يدع بالاناء ، ولم
يتأهب بالصلاة غير أنه أخذ بعضدي ، وأقعدني على فراشه
، وداعبني ومازحني ، و
كان بيني وبينه ما يكون بين المرأة وبعلها ، فلا
والذي سمك السمآء وأنبع الماء ما تباعد
عني النبي صلىاللهعليهوآله
حتى حسست بثقل فاطمة في بطني.
وفيه عن المفضل بن عمر قال : قلت لابي
عبدالله بن جعفر بن محمد عليهماالسلام
: كيف كانت
ولادة فاطمة عليهاالسلام؟
قال : نعم ، إن خديجة عليها رضوان الله لما تزوج بها رسول الله صلىاللهعليهوآله
هجرتها نسوة مكة ، فكن لا يدخلن عليها ولا يسلمن عليها ولا يتركن امرأة تدخل عليها
، فاستوحشت خديجة من ذلك ، فلما حملت بفاطمة عليهاالسلام
صارت تحدثها في بطنها وتصبرها ، وكانت
خديجة تكتم ذلك عن رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فدخل يوما وسمع
خديجة تحدث فاطمة ، فقال
لها : يا خديجة من يحدثك؟ قالت : الجنين الذي
في بطني يحدثني ويؤنسني ، فقال لها
هذا جبرئيل يبشرني أنها انثى ، وأنها النسمة الطاهرة الميمونة ، وأن الله تبارك
وتعالى
سيجعل نسلي منها ، وسيجعل من نسلها أئمة في
الامة ، يجعلهم خلفاءه في أرضه بعد
انقضاء وحيه ، فلم تزل خديجة رضي الله عنها على
ذلك إلى أن حضرت ولادتها ، فوجهت إلى نسآء
قريش ونساء بني هاشم يجئن ويلين منها ما تلي
النسآء من النسآء ، فأرسلن إليها عصيتينا ولم تقبل
قولنا ، وتزوجت محمدا يتيم أبي طالب فقيرا لا مال له ، فلسنا نجئ ولا نلي من أمرك
شيئا ، فاغتمت خديجة لذلك ، فبينا هي كذلك إذ دخل عليها أربع نسوة طوال كأنهن من
نساء بني هاشم ، ففزعت منهن ، فقالت لها إحداهن
: لا تحزني يا خديجة ، فإنا رسل
ربك إليك ، ونحن أخواتك : أنا سارة ، وهذه آسية
بنت مزاحم ، وهي رفيقتك في الجنة ، وهذه مريم بنت عمران ، وهذه صفراء
بنت شعيب ، بعثنا الله تعالى إليك لنلي من أمرك
ما تلي النسآء من النسآء ، فجلست واحدة عن
يمينها ، والاخرى عن يسارها ، والثالثة من
بين يديها ، والرابعة من خلفها ، فوضعت خديجة
فاطمة عليهاالسلام
طاهرة مطهرة ، فلما سقطت إلى
____________________
الارض أشرق منها
النور حتى دخل بيوتات مكة ، ولم يبق في شرق الارض ولا غربها
موضع إلا أشرق فيه ذلك النور ، فتناولتها
المرأة التي كانت بين يديها فغسلتها بماء الكوثر ، وأخرجت خرقتين بيضاوين أشد بياضا من اللبن ، وأطيب رائحة من المسلك والعنبر ، فلفتها بواحدة ، وقنعتها بالاخرى ، ثم استنطقتها فنطقت فاطمة عليهاالسلام بشهادة أن لا إله
إلا الله ، وأن أبي رسول الله صلىاللهعليهوآله سيد الانبياء ، وأن
بعلي سيد الاوصياء ، وأن ولدي
سيد الاسباط ، ثم سلمت عليهن ، وسمت كل واحدة
منهن باسمها ، وضحكن إليها
وتباشرت
الحور العين ، وبشر أهل الجنة بعضهم بعضا بولادة فاطمة عليهاالسلام ، وحدث
في السماء نور زاهر لم تره الملائكة قبل ذلك
اليوم ، فلذلك سميت الزهراء عليهاالسلام
، و
قالت : خذيها يا خديجة طاهرة مطهرة زكية ميمونة
، بورك فيها وفي نسلها ، فتناولتها
خديجة عليهاالسلام
فرحة مستبشرة ، فألقمتها ثديها ، فشربت فدر عليها ، وكانت عليهاالسلام تنمي في كل يوم
كما ينمي الصبي في شهر ، وفي شهر كما ينمي الصبي في سنة ، صلى الله عليها وعلى
أبيها وبعلها وبنيها.
كتاب الدر النظيم مثل ما مر من الروايات
كلها.
أقول
: سيأتي أحوال فاطمة صلوات الله عليها وولادتها في المجلد العاشر ، وأحوال
سائر أولاد خديجة رضي الله عنها في باب أحوال
أولاد النبي صلىاللهعليهوآله.
____________________
(باب ٦)
*(أسمائه صلىاللهعليهوآله وعللها ، ومعنى كونه صلى
الله عليه و
*(آله اميا وانه كان عالما بكل لسان ، وذكر خواتيمه ونقوشها)*
*(وأثوابه وسلاحه ، ودوابه وغيرها مما يتعلق)*
*(به صلىاللهعليهوآله)*
الايات
: الاعراف « ٧ » : الذين يتبعون الرسول النبي الامي
١٥٧
وقال : فآمنوا
بالله ورسوله النبي الامي ١٥٨.
التوبة
« ٩ » : لقد جاءكم
رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين
رؤف رحيم ١٢٨.
هود
« ١١ » : إنني لكم
منه نذير وبشير ٢.
العنكبوت
« ٢٩ » : وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك
إذا لارتاب المبطلون
٤٨.
الاحزاب
« ٣٣ » : يا أيها
النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه
وسراجا منيرا ٤٥ و ٤٦.
الفتح
« ٤٨ » : محمد رسول
الله ٢٩.
المزمل
« ٧٣ » : يا أيها
المزمل * قم الليل إلا قليلا ١ و ٢.
المدثر
« ٧٤ » : يا أيها المدثر * قم فأنذر
١ و ٢.
* تفسير
: قال الطبرسي رحمهالله
الامي ذكر في معناه أقوال :
____________________
أحدها الذي لا يكتب
ولا يقرء.
وثانيها : أنه منسوب إلى الامة ، والمعنى
أنه على جبلة الامة قبل استفادة الكتابة ، وقيل : إن المر
بالامة العرب لانها لم تكن تحسن الكتابة.
وثالثها : أنه منسوب إلى الام ، والمعنى
أنه على ما ولدته امه قبل تعلم
الكتابة.
ورابعها : أنه منسوب إلى ام القرى وهو
مكة ، وهو المروي عن أبي جعفر
عليهالسلام.
وفي قوله : « ما عنتم » : شديد عليه
عنتكم ، أي ما يلحقكم من الضرر بترك
الايمان.
وفي قوله تعالى : « إذا لارتاب المبطلون
» : أي ولو كنت تقرء كتابا أو تكتبه
لوجد المبطلون طريقا إلى الشك في أمرك ، ولقالوا : إنما يقرء علينا ما جمعه
من كتب
الاولين ، قال السيد المرتضى قدس الله روحه : هذه
الآية تدل على أن النبي صلىاللهعليهوآله
ما
كان يحسن الكتابة قبل النبوة ، فأما بعدها
فالذي نعتقده في ذلك التجويز لكونه عالما
بالقرائة والكتابة ، والتجويز لكونه غير عالم
بهما من غير قطع على أحد الامرين ، وظاهر
الآية يقتضي أن النفي قد تعلق بما قبل النبوة
دون ما بعدها ، ولان التعليل في الآية
يقتضي اختصاص النفي بما قبل النبوة ، لان
المبطلين إنما يرتابون في نبوته صلىاللهعليهوآله
لو
كان يحسن الكتابة قبل النبوة ، فأما بعد النبوة
فلا تعلق له بالريبة والتهمة ، فيجوز أن
____________________
يكون قد تعلمها من
جبرئيل عليهالسلام
بعد النبوة.
وقال البيضاوي : « المزمل » أصله
المتزمل ، من تزمل بثيابه : إذا تلفف بها ، سمي به النبي صلىاللهعليهوآله
تهجينا لما كان عليه ، لانه كان نائما أو مرتعدا مما دهشه بدء الوحي ، متزملا في قطيفة ، أو تحسينا له ، إذ روي أنه صلىاللهعليهوآله
كان يصلي متلففا ببقية مرط
مفروش على عائشة ، فنزل أو تشبيها له في تثاقله
بالمتزمل ، لانه لم يتمرن بعد في قيام
الليل ، أو من تزمل الزمل : إذا تحمل الحمل ، أي
الذي تحمل أعباء
النبوة.
وقال : « المدثر » المتدثر ، وهو لابس الدثار ، وسيأتي بيانه في باب المبعث.
١ ـ في
: بإسناده
عن سليم بن قيس الهلالي قال : لما أقبلنا من صفين مع
أمير المؤمنين عليهالسلام
نزل قريبا من دبر نصراني ، إذ خرج علينا شيخ من الدير جميل الوجه ، حسن الهيئة والسمت
، معه كتاب أتى أمير المؤمنين عليهالسلام
فسلم عليه ، ثم قال : إني من نسل حواري عيسى بن مريم ، وكان أفضل
حواري عيسى بن مريم الاثنى عشر
وأحبهم إليه وآثرهم عنده ، وإن عيسى أوصى إليه
ودفع إليه كتبه وعلمه وحكمته ،
____________________
فلم تزل أهل هذا البيت على دينه متمسكين عليه لم يكفروا ولم يرتدوا ولم
يغيروا ، وتلك الكتب عندي إملاء عيسى بن مريم عليهالسلام ، وخط أبينا بيده ،
فيها كل
شئ يفعل الناس من بعده ، واسم ملك ملك ، وإن الله يبعث رجلا من العرب من ولد
إبراهيم خليل الله عليهالسلام من أرض يقال لها : تهامة
، من قرية يقال لها مكة ـ وساق الحديث
إلى أن قال ـ : اسمه محمد ، وعبدالله ، ويس ، والفتاح
، والخاتم ، والحاشر ، والعاقب ، و
الماحي ، والقائد ، ونبي الله ، وصفي الله ، وجنب
الله ، وإنه يذكر
إذا ذكر ، أكرم
خلق الله على الله : وأحبهم إلى الله ، لم يخلق
الله ملكا مقربا
ولا نبيا مرسلا من آدم عليهالسلام
فمن سواه خيرا عند الله ، ولا أحب إلى الله منه
، يقعده يوم القيامة على عرشه ، ويشفعه
في كل من يشفع فيه باسمه جرى القلم في اللوح
المحفوظ ، محمد رسول الله الخبر.
٢ ـ فس
: أبي ، عن القاسم بن محمد ، عن علي
، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله
وأبي جعفر عليهماالسلام
قالا : كان رسول الله صلىاللهعليهوآله
إذا صلى قام على أصابع رجليه حتي تورمت ،
فأنزل الله تعالى : « طه » وهى بلغة طي
يا محمد « ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى » .
٣ ـ كا
: حميد بن زياد ، عن الحسن بن محمد بن سماعة ، عن وهيب بن حفص ، عن
أبي بصير عن أبي جعفر عليهالسلام ـ وساق الحديث إلى
أن قال : ـ وكان رسول الله صلىاللهعليهوآله
يقوم
____________________
على أطراف أصابع
رجليه ، فأنزل الله سبحانه : « طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى » .
٤ ـ مع : محمد بن هارون الزنجاني ، عن المعاذ بن المثنى ، عن عبدالله بن
أسماء ، عن جويرية : عن سفيان بن سعيد
، عن الصادق عليهالسلام
في خبر طويل سيأتي في كتاب
القرآن قال : وأما « فاسم من أسمآء النبي صلىاللهعليهوآله ، ومعناه يا طالب
الحق الهادي إليه ، وأما « يس » فاسم من أسمآء النبي صلىاللهعليهوآله
، معناه يا أيها السامع لوحيي « والقرآن الحكيم
إنك لمن المرسلين على صراط المستقيم » .
٥ ـ م
: وبجاه ذريته الطيبة الطاهرة من آل طه ويس.
٦ ـ فس
: قال الصادق عليهالسلام
: « يس
» اسم رسول الله صلىاللهعليهوآله
، والدليل عليه قوله : « إنك لمن المرسلين * على صراط مستقيم
» قال : على الطريق الواضح « تنزيل العزيز
الرحيم » قال : القرآن « لتنذر قوما ما انذر
آباؤهم » إلى قوله : « على أكثرهم » يعني
نزل
به العذاب « فهم لا يؤمنون » .
٧ ـ فر
: بإسناده عن سليمان بن قيس العامري
قال : سمعت عليا عليهالسلام
يقول : رسول الله صلىاللهعليهوآله
يس ونحن آله.
٨ ـ كا
: العدة ، عن البرقي ، عن محمد بن عيسى ، عن صفوان رفعه إلى أبي جعفر
وأبي عبدالله عليهماالسلام
قال : هذا محمد أذن لهم في التسمية به ، فمن أذن لهم في يس يعني
____________________
التسمية وهو اسم
النبي صلىاللهعليهوآله.
٩ ـ ن
: عن الريان بن الصلت
، عن الرضا عليهالسلام
في حديث طويل في الفرق
بين العترة والامة ، وساق الحديث إلى أن قال عليهالسلام : أخبروني عن قول
الله عزوجل
« فمن عنى بقوله : « يس »؟ قالت العلماء :
« يس » محمد صلىاللهعليهوآله
لم يشك في
أحد ، قال أبوالحسن عليهالسلام
: فإن الله عزوجل أعطى محمدا وآل محمد من ذلك فضلا لا يبلغ
أحد كنه وصفه إلا من عقله ، وذلك أن الله عزوجل
لم يسلم على أحد إلا على الانبيآء عليهمالسلام
فقال تعالى : « سلام على نوح في العالمين
» وقال : « سلام على إبراهيم » وقال : « سلام على موسى
وهارون » ولم يقل : سلام على آل نوح ، ولم يقل
: سلام على آل إبراهيم ، ولا قال
: سلام على
آل موسى وهارون ، وقال : « سلام على آل يس » : يعني
آل محمد ، وساق الحديث إلى أن قال : في قوله تعالى : « قد أنزل الله إليكم ذكرا رسولا
» فالذكر رسول الله ونحن أهله.
أقول
: سيأتي بتمامه في كتاب الامامة.
١٠ ـ فس
: « سلام علي آل يس » قال : يس محمد ، وآل
محمد الائمة.
١١ ـ مع
: الطالقاني ، عن الجلودي ، عن محمد بن سهل ، عن الخضر بن أبي فاطمة ، عن وهب بن نافع ، عن كادح ، عن الصادق عليهالسلام
، عن آبائه ، عن علي عليهمالسلام
في قوله
عزوجل : « سلام على آل يس
» قال : « يس
» محمد ، ونحن آل يس.
١٢ ـ كا
: أحمد بن مهران ، وعلي بن إبراهيم جميعا عن محمد بن علي ، عن الحسن
ابن راشد ، عن يعقوب بن جعفر بن إبراهيم ، عن
أبي الحسن موسى عليهالسلام
في حديث طويل
____________________
سأله نصراني عن قوله
تعالى : « حم والكتاب
المبين » إلى قوله : « منذرين » ما تفسيرها
في الباطن؟ فقال : أما « حم » فهو محمد ، وهو
في كتاب هود الذي انزل عليه ، وهو منقوص
الحروف ، وأما « الكتاب المبين » فهو أمير
المؤمنين علي عليهالسلام
الخبر.
١٣ ـ فس
: « والنجم إذا هوى » قال : النجم رسول الله صلىاللهعليهوآله
، « إذا هوى » لما
اسري به إلى السمآء ، وهو في الهواء ، هذا رد
على من أنكر المعراج ، وهو قسم برسول
الله صلىاللهعليهوآله
، وهو فضل له على الانبيآء.
بيان
: هوى جآء بمعنى هبط ، وبمعنى سعد ، والمراد في الخبر الثاني.
١٤ ـ فس
: « والنجم والشجر يسجدان » قال : النجم رسول الله صلىاللهعليهوآله
، وقد سماه
الله في غير موضع ، فقال : « والنجم إذا هوى » وقال
: « وعلامات وبالنجم هم يهتدون » فالعلامات الاوصياء ، والنجم رسول الله صلىاللهعليهوآله ، قلت : « يسجدان «
قال : يعبدان ، قوله
« والسمآء رفعها ووضع الميزان » قال : « السمآء
» رسول الله صلىاللهعليهوآله
رفعه الله إليه و « الميزان » أمير المؤمنين عليهالسلام
نصبه لخلقه ، قلت : « ألا تطغوا في الميزان » قال : لا تعصوا الامام ، قلت : « وأقيموا الوزن بالقسط » قال : أقيموا الامام العدل ، قلت : « ولا تخسروا الميزان » قال : لا تبخسوا الامام حقه ولا تظلموه.
١٥ ـ كا
: علي بن محمد ، عن علي بن العباس ، عن علي بن حمران ، عن عمرو بن
شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليهالسلام في قول الله عزوجل
: « والنجم إذا
هوى » قا
اقسم بقبض محمد إذا قبض الخبر.
١٦ ـ فس
: أبي ، عن سليمان الديلمي ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : سألته عن قول الله : « والشمس وضحيها « قال : «
الشمس » رسول الله صلىاللهعليهوآله
، أوضح الله به
____________________
للناس دينهم ، قلت :
« والقمر إذا تليها » قال : ذاك أمير المؤمنين عليهالسلام.
١٧ ـ فر
: بإسناده
عن عكرمة وسئل عن قول الله : « والشمس وضحيها * والمقر إذا
تليها » قال : « الشمس وضحيها » هو محمد (ص) « والقمر إذا تليها » أمير
المؤمنين (ع)
« والنهار إذا جليها » آل محمد ، وهما الحسن والحسين « والليل إذا يغشيها » بنو امية ، وقال
ابن
عباس هكذا ، وقال أبوجعفر عليهالسلام هكذا ، وقال الحارث
الاعور للحسين بن علي عليهالسلام
: يا ابن رسول الله أخبرني عن قول الله في كتابه
المبين : « والشمس وضحيها » قال : ويحك يا حارث
ذلك محمد رسول الله صلىاللهعليهوآله ، قلت : قوله : « والقمر
إذا تليها » قال : ذلك أمير المؤمنين علي
ابن أبي طالب عليهالسلام
يتلو محمدا صلىاللهعليهوآله
الخبر.
١٨ ـ كا
: العدة ، عن سهل ، عن محمد بن سليمان ، عن أبيه ، عن أبي عبدالله عليهالسلام ، قال : سألته عن قول الله عزوجل : « والشمس وضحيها
» قال : « الشمس » رسول الله صلىاللهعليهوآله
أوضح
الله عزوجل به للناس دينهم ، قال : قلت : « والقمر
إذا تليها » قال : ذاك أمير المؤمنين عليهالسلام
____________________
تلا رسول الله صلىاللهعليهوآله ونفثه بالعلم نفثا
الخبر.
١٩ ـ فس
: « والتين والزيتون وطور سينين وهذا البلد الامين » قال : « التين « رسول الله صلىاللهعليهوآله
» والزيتون « أمير المؤمنين عليهالسلام
» وطور سينين « الحسن والحسين « وهذا
البلد الامين » الائمة عليهمالسلام الخبر.
٢٠ ـ فس
: « قد أنزل الله إليكم ذكرا رسولا » قال : « الذكر » اسم رسول الله
صلىاللهعليهوآله
، ونحن أهل الذكر.
٢١ ـ ن
: في حديث طويل عن الرضا عليهالسلام
في مناظرته عليهالسلام
مع أصحاب المقالات
قال عليهالسلام
لرأس الجالوت : في الانجيل مكتوب : ابن
البرة ذاهب ، والبار قليطا جآء
من بعده ، وهو يخفف الآصار ، ويفسر لكم كل شئ ، ويشهد لي كما شهدت
له ، أنا جئتكم بالامثال وهو يأتيكم بالتأويل ، أتؤمن بهذا في الانجيل؟ قال : نعم لا
انكره
الخبر.
٢٢ ـ ن
: في أسئلة الشامي سأل أمير المؤمنين عليهالسلام
عن ستة من الانبياء لهم
اسمان ، فقال : يوشع بن نون ، وهو ذو الكفل ، ويعقوب
بن إسحاق عليهالسلام
، وهو إسرائيل ، والخضر عليهالسلام
، وهو حلقيا
، ويونس عليهالسلام
، وهو ذو النون ، وعيسى عليهالسلام
، وهو المسيح ،
ومحمد صلىاللهعليهوآله
، وهو أحمد صلوات الله عليهم.
____________________
٢٣ ـ مع
: محمد بن عمرو البصري ، عن عبدالله بن علي الكرخي ، عن محمد بن عبدالله
عن أبيه ، عن عبدالرزاق ، عن معمر ، عن الزهري
، عن أنس قال : صلى رسول الله صلىاللهعليهوآله
صلاة الفجر ، فلما انفتل من صلاته أقبل علينا بوجهه الكريم على
الله عزوجل ، ثم قال معاشر الناس! من افتقد الشمس فليتمسك بالقمر ، ومن افتقد القمر فليتمسك
بالزهرة ، ومن افتقد الزهرة فليتمسك بالفرقدين ، ثم قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : أنا الشمس ، وعلي
عليهالسلام
القمر ، وفاطمة الزهرة ، والحسن والحسين الفرقدان.
٢٤ ـ شى
: محمد بن الفضيل ، عن أبي الحسن عليهالسلام
في قول الله : « وعلامات وبالنجم
هم يهتدون » قال : نحن العلامات ، والنجم رسول
الله صلىاللهعليهوآله.
٢٥ ـ ما
: المفيد ، عن ابن قولويه ، عن أبيه ، عن سعد ، عن ابن عيسى ، عن ابن
محبوب ، عن منصور بزرج ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليهالسلام في قول الله عزوجل
« وعلامات وبالنجم هم يهتدون » قال : النجم
رسول الله صلىاللهعليهوآله
، والعلامات الائمة من بعده
عليه وعليهمالسلام.
٢٦ ـ ما
: أحمد بن محمد بن الصلت ، عن أحمد بن محمد بن سعيد ، عن محمد بن عيسى بن
هارون الضرير ، عن محمد بن زكريا المكي ، عن
كثير بن طارق ، من ولد قنبر ، عن زيد بن
علي ، عن آبائه عليهمالسلام
قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله لعلي عليهالسلام
: يا علي خذ هذا الخاتم
____________________
وانقش عليه محمد بن
عبدالله ، فأخذه أمير المؤمنين عليهالسلام
فأعطاه النقاش ، وقال له : انقش عليه
محمد بن عبدالله ، فنقش النقاش ، فأخطأت يده فنقش عليه محمد رسول الله ، فجاء
أمير المؤمنين
عليهالسلام
فقال : ما فعل الخاتم؟ فقال : هوذا ، فأخذه ونظر إلى نقشه فقال : ما أمرتك
بهذا ، قال : صدقت ولكن يدي أخطات ، فجاء به
إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله
، فقال : يا رسول الل
ما نقش النقاش ما أمرت به ، ذكر أن يده أخطأت ، فأخذ النبي صلىاللهعليهوآله
ونظر إليه
فقال : يا علي أنا محمد بن عبدالله ، وأنا محمد
رسول الله ، وتختم به ، فلما أصبح النبي صلى الله عليه وال
نظر إلى خاتمه ، فإذا تحته منقوش « علي ولي الله » فتعجب من ذلك النبي صلىاللهعليهوآله ، فجاء
جبرئيل فقال : يا جبرئيل كان كذا وكذا ، فقال :
يا محمد كتبت ما أردت ، وكتبنا ما
أردنا.
٢٧ ـ ع
، ل ، مع : محمد بن علي بن الشاه ، عن محمد بن
جعفر بن أحمد البغدادي ، عن أبيه ، عن أحمد بن السخت ، عن محمد بن الاسود الوراق ، عن أيوب بن سليمان ، عن
أبي البختري ، عن محمد بن حميد ، عن محمد بن
المنكدر ، عن جابر بن عبدالله قال : قال رسول الله
صلىاللهعليهوآله
: أنا أشبه الناس بآدم عليهالسلام
، وإبراهيم عليهالسلام
أشبه الناس بي خلفه و
خلقه ، وسماني الله من فوق عرشه عشرة أسماء ، وبين
الله وصفي ، وبشرني على لسان
كل رسول بعثه إلى قومه ، وسماني ونشر في
التوراة اسمي ، وبث ذكري في أهل التوارة
والانجيل ، وعلمني كلامه ، ورفعني في سمائه ، وشق لي اسمي من أسمائه ، فسماني محمدا وهو محمود ، وأخرجني في خير قرن من امتي ، وجعل اسمي في التوراة أحيد
، فبالتوحيد حرم أجساد امتي على النار ، وسماني في الانجيل أحمد ، فأنا محمود في أهل
السماء ، وجعل امتي الحامدين ، وجعل اسمي في
الزبور ماح
، محا الله عزوجل بي
____________________
من الارض عبادة
الاوثان ، وجعل اسمي في القرآن محمدا ، فأنا محمود في جميع القيامة
في فصل القضاء ، لا يشفع أحد غيري ، وسماني في
القيامة حاشرا ، يحشر الناس على قدمي
وسماني الموقف ، اوقف الناس بين يدي الله جل
جلاله ، وسماني العاقب ، أنا عقب النبيين ، ليس بعدي رسول ، وجعلني رسول الرحمة ، ورسول التوبة ، ورسول الملاحم والمقفي ، قفيت النبيين جماعة ، وأنا القيم الكامل الجامع ، ومن علي ربي وقال لي : يا محمد
صلى الله
عليك فقد أرسلت كل رسول إلى امته بلسانها ، وأرسلتك
إلى كل أحمر وأسود من خلقي ، و
نصرتك بالرعب الذي لم أنصر به أحدا ، وأحللت لك
الغنيمة ولم تحل لاحد قبلك ، و
أعطيتك ولامتك كنزا من كنوز عرشي : فاتحة
الكتاب ، وخاتمة سورة البقرة ، و
جعلت لك ولامتك الارض كلها مسجدا ، وترابها
طهورا ، وأعطيت لك ولامتك التكبير ، وقرنت ذكرك بذكي حتى لا يذكرني أحد من امتك إلا ذكرك مع ذكري ، فطوبى لك
يا محمد ولامتك.
توضيح : قال شارح الشفاء للقاضي عياض : احيد
بضم الهمزة ، وفتح المهملة ، وسكون التحتية ، فدال مهملة ، وقيل : بفتح الهمزة ، وسكون المهملة ، وفتح التحتية
، قال : سميت أحيد لاني احيد بامتي عن نار جهنم ، أي أعدل بهم انتهى.
وأما أحمد في اللغة فأفعل مبالغة من صفة الحمد
، ومحمد مفعل مبالغة من كثرة الحمد ، فهو صلىاللهعليهوآله
أجل من حمد ، وأفضل من حمد ، وأكثر الناس حمدا ، فهو أحمد المحمودين
الحامدين ، فأحمد إما مبالغة من الفاعل ، أو من
مفعول.
قوله صلىاللهعليهوآله
: يحشر الناس على قدمي ، كنايه عن أنه أول من يحشر من الخلق ، ثم يحشر الناس بعده ، وقيل : أي في زمانه وعهده ، ولا نبي بعده : وقيل : أي يقدم
الخلق
في المحشر وهم خلفه. والملاحم جمع الملحمة وهو
القتال.
____________________
وقال الجزري : في أسمائه صلىاللهعليهوآله المقفي وهو المولي
الذاهب ، وقد قفى يقفي فهو
مقف ، يعني أنه آخر الانبياء ، المتبع لهم ، فإذا
قفى فلا نبي بعده.
قوله : القيم ، أي الكثير القيام بامور
الخلق ، والمتولي لارشادهم ومصالحهم ، و
يظهر من سائر الكتب أنه بالثاء المثلثة ، وإن
الكامل الجامع تفسيره ، وهو بضم القاف
وفتح الثاء ، قال الجزري : فيه أتاني ملك فقال
: أنت قثم ، وخلقك قثم ، القثم : المجتمع
الخلق ، وقيل : الجامع الكامل وقيل : الجموع للخير ، وبه سمي الرجل قثم ، معدول
عن قاثم ، وهو الكثير العطآء انتهى.
وقال القاضي في الشفاء : روي أنه صلىاللهعليهوآله قال : أنا رسول
الرحمة ، ورسول الراحة ، ورسول الملاحم ، وأنا
المقفي ، قفيت
النبيين ، وأنا قيم ، والقيم : الجامع الكامل كذا وجدته
ولم أروه ، وأرى أن صوابه قثم بالثاء وهو أشبه
بالتفسير انتهى.
٢٨ ـ لى
، ع ، مع : ما جيلويه ، عن عمه ، عن البرقي ، عن
علي بن الحسين الرقي ، عن عبدالله بن جبلة ، عن معاوية بن عمار ، عن الحسن بن عبدالله ، عن آبائه ، عن
جده
الحسن بن علي بن أبي طالب عليهالسلام قال : جاء نفر من
اليهود إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله
، فسأله
أعلمهم فيما سأله ، فقال له : لاي شئ سميت
محمدا وأحمد وأبا القاسم وبشيرا ونذيرا و
داعيا؟ فقال النبي صلىاللهعليهوآله : أما محمد فإني
محمود في الارض ، وأما أحمد فإني محمود في
السمآء ، وأما أبوالقاسم فإن الله عزوجل يقسم
يوم القيامة قسمة النار ، فمن كفر بي
من الاولين والآخرين ففي النار ، ويقسم قسمة
الجنة ، فمن آمن بي وأقر بنبوتي ففي
الجنة ، وأما الداعي فإني أدعو الناس إلى دين
بي عزوجل ، وأما النذير فإني
انذر بالنار من عصاني ، وأما البشير فإني ابشر
بالجنة من أطاعني.
____________________
أقول
: قد مر في باب نقوش الخواتيم في خبر الحسين بن خالد أنه كان نقش
خاتم النبي صلىاللهعليهوآله
: « لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ».
٢٩ ـ ع
، مع ، ن : الطالقاني ، عن أحمد الهمداني ، عن
علي بن الحسين بن فضال ، عن أبيه قال : سألت الرضا عليهالسلام
فقلت له : لم كني النبي صلىاللهعليهوآله
بأبي القاسم؟ فقال : لانه كان له ابن يقال له : قاسم فكنى به ، قال
: فقلت : يا ابن رسول الله فهل تراني أهلا
للزيادة؟ فقال : نعم ، أما علمت أن رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : « أنا وعلي
أبوا هذه الامة »؟
قلت : بلى ، قال : أما علمت أن رسول الله صلىاللهعليهوآله أب لجميع امته ، وعلي
بمنزلته
فيهم؟ قلت : بلى ، قال : أما علمت أن عليا قاسم
الجنة والنار؟ قلت : بلى ، قال : فقيل له : أبوالقاسم لانه أبوقاسم الجنة والنار ، فقلت له
: وما معنى ذلك؟ فقال : إن شفقة الرسول
على امته شفقة الآباء على الاولاد ، وأفضل امته
علي عليهالسلام
، ومن بعده شفقة علي عليهالسلام
عليهم كشفقته ، لانه وصيه وخليفته والامام بعده
، فلذلك قال صلىاللهعليهوآله
: « أنا وعلي أبوا
هذه الامة « وصعد النبي صلىاللهعليهوآله المنبر فقال : « من
ترك دينا أو ضياعا فعلي وإلي ، ومن
ترك مالا فلورثته » فصار بذلك أولى بهم من
آبائهم وامهاتهم ، وصار أولى بهم منهم
بأنفسهم ، وكذلك أمير المؤمنين عليهالسلام بعده جرى له مثل ما
جرى لرسول الله صلىاللهعليهوآله.
بيان
: قال الجزري : فيه من ترك ضياعا فإلي ، الضياع : العيال ، وأصله مصدر
ضاع يضيع ، فسمي العيال بالمصدر ، كما تقول : من
مات وترك فقرا ، أي فقرآء ، وإن
كسرت الضاد كان جمع ضائع كجائع وجياع.
٣٠ ـ ب
: هارون ، عن ابن صدقة ، عن جعفر ، عن أبيه عليهماالسلام
إن خاتم رسول الله
صلىاللهعليهوآله
كان من فضة ، ونقشه « محمد رسول الله » قال : وكان نقش خاتم علي عليهالسلام
____________________
« الله الملك » وكان نقش خاتم والدي رضياللهعنه « العزة لله » .
٣١ ـ ل
: أبي ، عن سعد : عن ابن عيسى ، عن ابن فضال ، عن ابن بكير ، عن محمد بن
مسلم ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال : إن لرسول
الله صلىاللهعليهوآله
عشرة أسمآء : خمسة منها في القرآن ، وخمسة ليست في القرآن ، فأما التي في القرآن : فمحمد ، وأحمد ، وعبدالله ، ويس ، ون
، وأما التي ليست في القرآن : فالفاتح ، والخاتم ، والكاف ، والمقفي ، والحاشر
بيان : إنما سمي الفاتح لانه أول النبيين ، أو جميع المخلوقات خلقا ، أو به فتح
الله أبواب الوجود والجود على العباد ، والكاف لانه يكف ويدفع عن الناس
البلايا
والشرور في الدنيا ، والعذاب في الآخرة وفي بعض
النسخ : الكافي.
٣٢ ـ ل
: ابن الوليد ، عن محمد العطار ، عن الاشعري ، عن أبي عبدالله الرازي ، عن علي بن سليمان ، عن عبدالله بن عبيد الله الهاشمي ، عن إبراهيم بن أبي البلاد ،
عن أبيه ، عن أبي عبدالله عليهالسلام
قال : كان لرسول الله صلىاللهعليهوآله
خاتمان : أحدهما مكتوب عليه : « لا إله
إلا الله ، محمد رسول الله « والآخر : « صدق
الله » .
٣٣ ـ فس
: قال : وسأل بعض اليهود رسول الله صلىاللهعليهوآله
لم سميت محمدا وأحمدا
وبشيرا ونذيرا؟ فقال : أما محمد فإني في الارض
محمود ، وأما أحمد فإني في السمآء
أحمد منه في الارض ، وأما البشير فابشر من أطاع
الله بالجنة ، وأما النذير فانذر من
عصى الله بالنار.
٣٤ ـ فس
: « يا أيها المزمل » قال : هو النبي صلىاللهعليهوآله
كان يتزمل بثوبه
وينام.
____________________
« يا أيها المدثر » قال : تدثر الرسول ، فالمدثر
يعني المتدثر بثوبه « قم فأنذر » هو قيامه في الرجعة ينذر فيها.
أقول
: سيجئ في الاخبار أنه قال النبي صلىاللهعليهوآله : إن الله خلقني
وعليا من نور
واحد ، وشق لنا اسمين من أسمائه ، فذو العرش
محمود وأنا محمد ، والله الاعلى
وهذا علي.
٣٥ ـ ع
: عبدالله بن محمد القرشي ، عن محمد بن
إبراهيم ، عن أبي قريش ، عن عبدالجبار
ومحمد بن منصور الخزاز معا عن عبدالله بن ميمون
القداح ، عن جعفر بن محمد ، عن
أبيه عليهماالسلام
عن جابر بن عبدالله أن النبي صلىاللهعليهوآله
كان يتختم بيمينه.
٣٦ ـ ل
: ابن موسى ، عن ابن زكريا القطان ، عن ابن حبيب ، عن عبدالرحيم
ابن علي الجبلي ، وعبدالله بن الصلت ، عن الحسن
بن نصر الخزاز ، عن عمرو بن طلحة ، عن أسباط بن نصر ، عن سماك بن حرب ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : قدم يهوديان
فسألا أمير المؤمنين عليهالسلام عن أشياء وسألا عن
وصف النبي صلىاللهعليهوآله
فقال فيما قال : كان عمامته السحاب ، وسيفه ذو الفقار ، وبغلته دلدل
، وحماره يعفور ، وناقته العضباء
، وفرسه لزاز ، وقضيبه الممشوق. الخبر.
بيان
: قال في النهاية : فيه أنه كان اسم
عمامة النبي صلىاللهعليهوآله
السحاب ، سميت به
تشبيها بسحاب المطر ، لانسحابه في الهواء ، وقال
: دلدل في الارض : ذهب ومر ، يدلدل
ويتدلدل في مشيه : إذا اضطرب ، ومنه الحديث كان
اسم بغلته دلدل. وقال : فيه إن اسم
حمار النبي صلىاللهعليهوآله
عفير هو تصغير تحقير لاعفر ، من العفرة وهي الغبرة ، ولون التراب ، وفي حديث سعد بن عبادة أنه خرج على حماره يعفور ليعوده. قيل : سمي يعفورا للونه
من العفرة ، كما قيل في أخضر : يخضور ، وقيل : سمي
به تشبيها في عدوه باليعفور وهو
الظبي ، وقيل : الخشف.
____________________
وقال : فيه كان اسم ناقته العضباء ، هو
علم لها ، منقول من قولهم : ناقة عضباء ، أي
مشقوقة الاذن ، ولم تكن مشقوقة الاذن ، وقال
بعضهم : إنها كانت مشقوقة الاذن ، والاول أكثر.
وقال الزمخشري : هو منقول من قولهم : ناقة
عضباء ، وهي القصيرة اليد
وقال : فيه كان لرسول الله صلىاللهعليهوآله
فرس يقال له : اللزاز ، سمي به لشدة تلززه
واجتماع خلقه ، ولز به الشئ ، أي لزق به ، كأنه
يلزق بالمطلوب لسرعته.
وقال الفيروزآبادي : جارية ممشوقة : حسنة
القوام ، وقضيب ممشوق : طويل
دقيق.
٣٧ ـ لى
: ابن الوليد ، عن الصفار ، عن عبدالله بن الصلت ، عن يونس ، عن ابن حميد ، عن
ابن قيس ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال : إن اسم رسول
الله صلىاللهعليهوآله
في صحف إبراهيم عليهالسلام
الماحي ، وفي توراة موسى عليهالسلام
الحاد ، وفي إنجيل عيسى عليهالسلام
أحمد ، وفي القرآن محمد ، قيل : فما تأويل الماحي؟ فقال : الماحي صورة الاصنام ، وماحي الاوثان والازلام وكل معبود
دون الرحمان ، قيل : فما تأويل الحاد؟ قال : يحاد
من حاد الله ودينه ، قريبا كان أو بعيدا ، قيل : فما تأويل أحمد؟ قال : حسن ثناء الله عزوجل عليه في الكتب بما حمد من أفعاله
، قيل : فما تأويل محمد؟ قال : إن الله وملائكته وجميع أنبيائه ورسله وجميع اممهم
يحمدونه
ويصلون عليه ، وإن اسمه لمكتوب على العرش : محمد
رسول الله صلىاللهعليهوآله
وكان صلىاللهعليهوآله
يلب
من القلانس اليمنية
والبيضآء والمضربة ذات الاذنين في الحرب ، وكانت له عنزة يتكئ
عليها ، ويخرجها في العيدين فيخطب بها ، وكان
له قضيب يقال له : الممشوق ، وكان له فسطاط
يسمى الكن ، وكانت له قصعة تسمى المنبعة ، وكان
له قعب يسمى الري ، وكان له فرسان يقال
لاحدهما : المرتجز ، وللآخر السكب ، وكان له
بغلتان يقال لاحدهما
: دلدل ، وللاخرى
الشهبآء ، وكانت له ناقتان يقال لاحدهما : العضباء
، وللاخرى الجدعآء ، وكان له سيفان يقال
لاحدهما : ذو الفقار ، وللآخر العون ، وكان له
سيفان آخران يقال لاحدهما : المخذم ، وللآخر
____________________
الرسوم ، وكان له
حمار يسمى يعفور ، وكانت له عمامة تسمى السحاب ، وكان له درع تسمى ذات الفضول لها ثلاث حلقات فضة : حلقة بين
يديها ، وحلقتان خلفها ، وكانت له راية تسمى العقاب ، وكان له بعير يحمل عليه يقال
له : الديباج ، وكان له لوآء يسمى المعلوم ، وكان
له مغفر يقال له : الاسعد ، فسلم ذلك كله إلى
علي عليهالسلام
عند موته ، وأخرج خاتمه
وجعله في إصبعه ، فذكر علي عليهالسلام أنه وجد في قائمة
سيف من سيوفه صحيفة فيها ثلاثة
أحرف : صل من قطعك ، وقل الحق ولو على نفسك : وأحسن
إلى من أساء إليك ، قال : وقال رسول الله صلىاللهعليهوآله
: خمس لا أدعهن حتى الممات : الاكل على الحضيض مع العبيد ، وركوبي الحمار مؤكفا
، وحلبي العنز بيدي ، ولبس الصوف
، والتسليم على الصبيان
لتكون سنة من بعدي.
يه
: عن يونس مثله إلى قوله : من أسآء إليك.
بيان
: ضرب النجاد المضربة
: خاطها ، ذكره الجوهري. وقال : العنزة
بالتحريك : أطول من العصا ، وأقصر من الرمح ، وفيه
زج كزج الرمح ،
والكن
____________________
بالكسر : وقآء كل شئ
وستره. والقعب : قدح من خشب مقعر.
وقال الجزري : فيه كان لرسول الله صلىاللهعليهوآله فرس يقال له : المرتجز
، سمي به لحسن
صهيله.
وقال : فيه كان له فرس يسمى السكب ، يقال
له فرس سكب ، أي كثير الجري ، كأنما يصب جريه صبا ، وأصله من سكب الماء يسكبه.
وقال الجوهري : الشهبة في الالوان : البياض
الذي غلب على السواد.
وقال الجزري : فيه إنه خطب على ناقته
الجدعآء ، هي المقطوعة الاذن ، وقيل
لم تكن ناقته مقطوعة الاذن ، وإنما كان هذا اسما ، وقال : إنما سمي سيفه صلىاللهعليهوآله ذا الفقار لانه
كان فيه حفر صغار حسان. وقال : الخذم : القطع ، وبه سمي السيف مخذما.
وقال الفيروزآبادي : الرسوم : الذي يبقى
على السير يوما وليلة ، والاصوب أنه
بالبآء كما سيأتي.
قال في النهاية فيه كان لرسول الله صلىاللهعليهوآله سيف يقال له : الرسوب
، أي يمضي في
الضريبة ، ويغيب فيها ، وهي فعول من رسب : إذا
ذهب إلى أسفل ، وإذا ثب
وفيه : إنه كان اسم درعه ذات الفضول ، وقيل : ذو الفضول لفضلة كان فيها وسعة.
وقال : فيه إنه كان اسم رآيته العقاب ، وهي
العلم الضخم.
أقول
: سيأتي في باب وصية النبي صلىاللهعليهوآله
ذكر دوابه وسلاحه وأثوابه.
٣٨ ـ ص
: الصدوق ، عن عبدالله بن حامد ، عن أحمد بن حمدان ، عن عمرو بن محمد ، عن محمد بن مؤيد ، عن عبدالله بن محمد بن عقبة ، عن أبي حذيفة ، عن عبدالله بن
حبيب الهذلي ، عن أبي عبدالرحمن السلمي ، عن أبي منصور قال : لما فتح الله على نبيه خيبر أصابه
حمار
أسود ، فكلم النبي صلىاللهعليهوآله الحمار فكلمه ، وقال
: أخرج الله من نسل جدي ستين حمارا
لم يركبها إلا نبي ، ولم يبق من نسل جدي غيري ،
ولا من الانبياء غيرك ، وقد كنت
أتوقعك ، كنت قبلك ليهودي أعثر به عمدا ، فكان
يضرب بطني ، ويضرب ظهري ، فقال
النبي صلىاللهعليهوآله
: سميتك يعفور ، ثم قال : تشتهي الاناث يا يعفور؟ قال : لا ، وكلما قيل :
أجب رسول الله صلىاللهعليهوآله خرج إليه ، فلما
قبض رسول الله صلىاللهعليهوآله
جآء إلى بئر فتردى
فيها فصار
قبره جزعا.
٣٩ ـ ير
: إبراهيم بن هاشم ، عن أعمش بن عيسى ، عن حماد الطيافي ، عن الكلبي ، عن أبي عبدالله عليهالسلام
قال : قال لي : كم لمحمد
اسم في القرآن؟ قال : قلت : اسمان
أو ثلاث ، فقال : يا كلبي له عشرة أسمآء « وما محمد إلا رسول قد
خلت من قبله الرسل*
ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد * ولما قام عبدالله كادوا يكونون عليه لبدا* وطه ما
أنزلنا عليك القرآن لتشقى * ويس والقرآن الحكيم * إنك لمن المرسلين* على صراط
مستقيم * ون والقلم وما يسطرون * ما أنت بنعمة ربك بمجنون*
ويا أيها المزمل * ويا أيها المدثر * وإنا أنزلنا إليكم ذكرا رسولا
» فالذكر
اسم من أسماء محمد صلىاللهعليهوآله ونحن أهل الذكر ، فسل
يا كلبي عما بدا لك ، قال : فأنسيت والله
القرآن كله فما حفظت منه حرفا أسأله عنه.
٤٠ ـ قب
: في أسمائه وألقابه صلىاللهعليهوآله
: سماه في القرآن بأربعمأة اسم : العالم « وعلمك
ما لم تكن تعلم « الحاكم » فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك « الخاتم » وخاتم
النبيين « العابد » واعبد ربك « الساجد » وكن من الساجدين
« الشاهد » إنا أرسلناك شاهدا
المجاهد « يا أيها النبي جاهد الكفار » الطاهر
« طه ما أنزلنا » الشاكر « شاكرا لانعمه » الصابر « واصبر وما صبرك « الذاكر » واذكر اسم
ربك « القاضي » إذا قضى الله ورسوله « الراضي » لعلك ترضى « الداعي » وداعيا إلى الله
« الهادي » وإنك لتهدي « القارئ » اقرأ
____________________
باسم ربك » التالي «
يتلو عليهم » الناهي « وما نهاكم عنه » الآمر « وأمر أهلك » الصادع
« فاصدع بما تؤمر » الصادق « ص والقرآن » القانت
« أمسن هو قانت » الحافظ « يحفظونه
من أمر الله » الغالب « وإن جندنا » العائل « ووجدك
عائلا » الضال أي يهدي به الضال
« ووجدك ضالا » الكريم « إنه لقول رسول كريم » الرحيم
« رؤف رحيم » العظيم « وإنك
لعلى خلق » اليتيم « ألم يجدك » المستقيم « فاستقم
كما امرت » المعصوم « والله يعصمك » البشير « إنا أرسلناك بالحق » النذير « بشيرا
ونذيرا » العزيز « لقد جاءكم رسول » الشهيد « وجئنا بك شهيدا » الحريص « حريص عليكم
» القريب « ق والقرآن » الحبيب ، والمحب ، والمحبوب ، في سبع مواضع « حم » النبي « يا أيها النبي » القوي « ذوي قوة
» الوحي « وكذلك أوحينا إليك » الامي « النبي
الامي » الامين « مطاع ثم أمين » المكين « عند ذي العرش » المبين « وقل إني أنا
النذير » المذكر « فذكر إنما أنت » المبشر « ومبشرا برسول » المنذر « إنما أنت
منذر » المستغفر « واستغفر لذنبك » المسبح
فسبح بحمد ربك « المصلي » فصل لربك « المصدق « مصدقا
لما معكم » المبلغ « يا أيها
الرسول بلغ » المحدث « وأما بنعمة ربك » المؤمن
« آمن الرسول » المتوكل « وتوكل
على الحي » المزمل « يا أيها المزمل » المدثر «
يا أيها المدثر » المتهجد « ومن الليل
فتهجد » المنادي « سمعنا مناديا » المهتدي « وهداه
إلى صراط » الحق « قد جاءكم الحق » الصدق « والذي جآء بالصدق » الذكر « إنا
أرسلناك إليكم ذكرا « البرهان « قد جاءكم
برهان » الفضل « قل بفضل الله » المرسل « إنك
لمن المرسلين » المبعوث » هو الذي بعث » المختار « وربك يخلق » المعفو « عفى الله عنك »
المغفور « ليغفر لك الله » المكفي « إنا
كفيناك » المرفوع والرفيغ « ورفعنا لك » المؤيد
« هو الذي أيدك » المنصور « وينصرك الله » المطاع « مكين مطاع » الحسنى « وصدق بالحسنى » الهدى
« وما منع الناس
» الرسول
« يا أيها الرسول » الرؤف » بالمؤمنين رؤف « النعمة
« يعرفون نعمة الله » الرحمة « وما
أرسلناك إلا رحمة » النور « قد جاءكم من الله
نور » الفجر « والفجر وليال » المصباح « المصباح
____________________
في زجاجة » السراج «
وسراجا منيرا » الضحى « والضحى والليل » النجم « والنجم إذا هوى » الشمس « ثم جعلنا الشمس » البدر « طه » الظل « ألم تر إلى ربك » البشر « بشر
مثلكم » الناس « أم يحسدون الناس » الانسان « خلق
الانسان » الرجل « على رجل منكم » الصاحب
« ما ضل صاحبكم » العبد « أسرى بعبده » المجتبى
« ولكن الله يجتبي » المقتدي « فبهديهم
اقتده » المرتضى « إلا من ارتضى » المصطفى « الله
يصطفي » أحمد « من بعدي اسمه « محمد » محمد
رسول الله « كهيعص ، يس ، طه ، حم ، عسق ، كل
حرف تدل على اسم له ، مثل الكافي
والهادي ، والعارف ، والسخي ، والطاهر ، وغير
ذلك.
وأسماؤه في الاخبار : العاقب ، وهو الذي
يعقب الانبيآء ، الماحي : الذي يمحى به
الكفر ، ويقال : يمحى به سيئات من اتبعه ، ويقال
: الذي لا يكون بعده أحد. الحاشر
الذي يحشر الناس على قدميه. المقفي الذي قفى النبيين جماعة. الموقف : يوقف الناس
بين يدي الله. القثم وهو الكامل الجامع. ومنه
الناشر ، والناصح ، والوفي والمطاع ، و
النجي ، والمأمون ، والحنيف ، والحبيب ، والطيب
، والسيد ، والمقترب ، والدافع ، و
الشافع ، والمشفع ، والحامد ، والمحمود ، والموجه
، والمتوكل ، والغيث.
وفي التوراة : مئيذ مئيذ ، أي غفور رحيم ، وقيل : مئيد مئيد أي محمد ، و
قيل : مود مود ، وفي حكاية إن اسمه فيها مرقوفا
، أي المحمود.
وفي الزبور : قليطا ، مثل أبي القاسم ، فقالوا
: بلقيطا ، وقالوا
: فاروق ، وقالوا : محياثا.
وفي الانجيل : طاب طاب ، أي أحمد ، ويقال
: يعني طيب طيب.
____________________
وفي كتاب شعيا : نور الامم ، ركن
المتواضعين ، رسول التوبة ، رسول البلا.
وفي الصحف : بلقيطا ، وفي صحف شيث : طاليسا ، وفي صحف إدريس : بهيائيل ، وفي صحف إبراهيم : مود مود ، وفي السمآء الدنيا المجتبى ، وفي الثانية المرتضى ، وفي
الثالثة المزكى ، وفي الرابعة المصطفى ، وفي
الخامسة المنتجب ، وفي السادسة المطهر والمجتبى ، وفي السابعة المقرب والحبيب ، ويسميه المقربون عبدالواحد ، والسفرة الاول ، والبررة
الآخر ، والكروبيون الصادق ، والروحانيون
الطاهر ، والاولياء القاسم ، والرضوان
الاكبر ، والجنة عبدالملك ، والحور عبدالعطاء ،
وأهل الجنة عبد الديان ، ومالك عبد
المختار ، وأهل الجحيم عبدالنجاة ، والزبانية
عبدالرحيم ، والجحيم عبد المنان ، وعلى ساق
العرش رسول الله ، وعلى الكرسي نبي الله ، وعلى
طوبى صفي الله ، وعلى لوآء الحمد صفوة
الله ، وعلى باب الجنة خيرة الله ، وعلى القمر
قمر الاقمار ، وعلى الشمس نور الانوار ، و
الشياطين عبدالهيبة ، والجن عبدالحميد ، والموقف
الداعي ، والميزان الصاحب ، والحساب
الداعي ، والمقام المحمود الخطيب ، والكوثر
الساقي ، والعرش المفضل ، والكرسي عبد
الكريم ، والقلم عبدالحق ، وجبرئيل عبدالجبار ،
وميكائيل عبدالوهاب ، وإسرافيل عبد
الفتاح ، وعزرائيل عبدالتواب ، والسحاب
عبدالسلام ، والريح عبدالاعلى ، والبرق عبد
المنعم ، والرعد عبدالوكيل ، والاحجار
عبدالجليل ، والتراب عبدالعزيز ، والطيور
عبدالقادر ، والسبع عبدالعطاء ، والجبل
عبدالرفيع ، والبحر عبدالمؤمن ، والحيتان
عبدالمهيمن ، وأهل الروم الحليم ، وأهل مصر
المختار ، وأهل مكة الامين ، وأهل المدينة
الميمون ، والزنج مهمت ، والترك صانجي ، والعرب
الامي ، والعجم أحمد.
ألقابه : حبيب الله ، صفي الله ، نعمة
الله ، عبدالله ، خيرة الله ، خلق الله
، سيد المرسلين ، إمام المتقين ، خاتم النبيين ، رسول الحمادين ، رحمة العالمين ، قائد
الغر المحجلين ، خير البرية ، نبي الرحمة ، صاحب الملحمة
، محلل الصيبات ، محرم الخبائث ، مفتاح الجنة ، دعوة إبراهيم ، بشرى عيسى ، خليفة الله في الارض ، زين القيامة ونورها وتاجها ، صاحب اللواء يوم
القيامة ،
____________________
واضع الاصر والاغلال
، أفصح العرب ، سيد ولد آدم ، ابن العواتك
، ابن الفواطم
، ابن الذبيحين ، ابن بطحاء مكة ، العبد المؤيد ، والرسول المسدد ، والنبي المهذب ، والصفي
____________________
المقرب ، والحبيب
المنتجب ، والامين المنتخب ، صاحب الحوض والكوثر ، والتاج والمغفر ، والخطبة والمنبر ، والركن والمشعر ، والوجه الانور ، والخد الاقمر ، والجبين
الازهر ، و
الدين الاظهر ، والحسب الاطهر ، والنسب الاشهر
، محمد خير البشر ، المختار للرسالة ، الموضح
للدلالة ، المصطفى للوحي والنبوة ، المرتضى
للعلم والفتوة والمعجزات والادلة ، نور في
الحرمين ، شمس بين القمرين ، شفيع من في
الدارين ، نوره أشهر ، وقلبه أطهر ، وشرائعه
أظهر ، وبرهانه أزهر ، وبيانه أبهر ، وامته
أكثر ، صاحب الفضل والعطآء ، والجود والسخآء ، والتذكرة والبكآء ، والخشوع والدعآء ، والانابة والصفآء ، والخوف والرجاء ، والنور
و
الضيآء ، والحوض واللوآء ، والقضيب والرداء ، والناقة
العضبآء ، والبغلة الشهبآء ، قائد الخلق
يوم الجزآء ، سراج الاصفيآء ، تاج الاوليآء ، إمام
الاتقيآء ، خاتم الانبيآء ، صاحب المنشور
والكتاب ، والفرقان والخطاب ، والحق والصواب ، والدعوة
والجواب ، وقائد الخلق يوم
الحساب ، صاحب القضيب العجيب ، والفناء الرحيب ، والرأي المصيب ، المشفق على
البعيد والقريب ، محمد الحبيب ، صاحب القبلة
اليمانية ، والملة الحنيفية ، والشريعة المرضية ، والامة المهدية ، والعترة الحسنية والحسينية ، صاحب الدين والاسلام ، والبيت
الحرام ، والركن والمقام ، والصلاة والصيام ، والشريعة والاحكام ، والحل والحرام ، صاحب
الحجة
والبرهان ، والحكمة والفرقان ، والحق والبيان ،
والفضل والاحسان ، والكرم والامتنان ، والمحبة والعرفان ، صاحب الخلق الجلي ، والنور المضيئ ، والكتاب البهي ، والدين
الرضي ، الرسول النبي الامي ، صاحب الخلق
العظيم ، والدين القويم ، والصراط المستقيم ، والذكر الحكيم ، والركن والحطيم ، صاحب الدين والطاعة ، والفصاحة والبراعة ، و
____________________
الكر ، والشجاعة ، والتوكل والقناعة ، والحوض
والشفاعة ، صاحب الدين الظاهر ، والحق الزاهر ، والزمان الباهر ، واللسان الذاكر ، والبدن الصابر ، والقلب الشاكر
، والاصل الطاهر ، والآباء الاخاير ، والامهات الطواهر ، صاحب الضيآء والنور ، والبركة
والحبور
، واليمن والسرور ، واللسان الذكور
، والبدن الصبور ، والقلب الشكور ، والبيت المعمور.
كناه : أبوالقاسم ، وأبوالطاهر ، وأبوالطيب
، وأبوالمساكين ، أبوالدرتين ، وأبو
الريحانتين ، وأبوالسبطين.
وفي التوراة أبوالارامل ، وكناه جبرئيل
بأبي إبراهيم لما ولد إبراهيم ، وإنما
يكنى بأبي القاسم بأول ولد يقال له : القاسم ، ويقال
: لانه يقسم الجنة يوم القيامة.
صفاته : راكب الجمل ، آكل الذراع ، قابل
الهدية ، محرم الميتة ، حامل
الهراوة
، خاتم النبوة.
نسبه : العربي التهامي ، الابطحي
اليثربي ، المكي المدني ، القرشي الهاشمي
المطلبي ، فهو من جهة الاب هاشمي ، ومن جهة
الام زهري ، ومن الرضاع سعدي ، و
من الميلاد مكي ، ومن الانشاء مدني.
٤١ ـ قب
: أفراسه : الورد ، أهداه التميم الداري ، والطرب سمي لحسن صهيله ، ويقال : هو الطرف
، واللزاز وقد أهداه المقوقس ، سمي بذلك لانه كان ملززا موثقا ، واللحيف أهداه ربيعة بن أبي البرا ، وسمي بذلك لانه كان كالملتحف بعرفه ، والصحيح
____________________
أنه الورد الذي
أعطاه الداري ، وسماه النبي صلىاللهعليهوآله
اللحيف ، والمرتجز
، وهو
المشترى من الاعرابي الذي شهد فيه خزيمة ، والسكب
وكان أول فرس ركبه ، وأول
ما غزا عليه في احد ، وكان ابتاعه من رجل من
فزارة ، ويقال اسمه : بريدة الملاح ، ومنها
اليعسوب ، والسبحة ، وذو العقال ، والملاوح ، وقيل
: مراوح.
بغاله
: أهدى إليه المقوقس دلدل ، وكانت شهبآء
فدفعها إلى علي عليهالسلام
، ثم كانت
للحسن عليهالسلام
ثم للحسين عليهالسلام
، ثم كبرت ، وعميت ، وهي أول بغلة ركبت في الاسلام ، وقال التاريخي : أهدى إليه فروة بن عمرو الجذامي بغلة يقال لها : فضة.
حمره
: أهدى له المقوقس يعفور مع دلدل ، وأعطاه
فروة الجذامي عفير مع
فضة.
ابله
: العضباء وكانت لا تسبق ، والجدعاء ، والقصوآء ، ويقال : القضوآء ، وهي ناقة
اشتراها النبي صلىاللهعليهوآله
من أبي بكر بأربع مأة درهم ، وهاجر عليها ، ثم نفقت عنده ، و
الصهبآء ، ومنها البغوم ، والغيم ، والنوق ، ومروة ، وكان له
عشر لقاح يحلبها يسار كل
ليلة قرينتين عظيمتين يفرقهما على نسائه ، منها : مهرة
، أرسل بها سعد بن عبادة و
الشقراء ، والريا ابتاعهما بسوق النبط ، والحباء ، والسمرا والعريس والسعدية والبغوم
واليسيرة وبردة وكانت منائح رسول الله صلىاللهعليهوآله سبع اعنز يرعاهن
ابن ام أيمن ، وهي
عجوة ، وزمزم ، وسقيا ، وبركة ، وورسة ، وأطلال
، وأطواف ، وكانت له مائة من الغنم ، وكان محزنبق
أحد بني النضير حبرا عالما أسلم ، وقاتل مع رسول الله ، وأوصى بماله
____________________
لرسول الله صلىاللهعليهوآله ، وهو سبع حوائط ، وهي
المبيت ، والصائفة ، والحسنى ، وبرقة ، والعواف ، والكلا
، ومشربة ام إبراهيم ، وكان له صفايا
ثلاثة : مال بني النضير ، وخيبر ، وفدك ، فأعطى فدك والعوالي
فاطمة عليهاالسلام
وروي أنه وقف عليها ، وكان له من
الغنيمة الخمس ، وصفي يصطفيه من المغنم ما شاء
قبل القسمة ، وسهمه مع المسلمين كرجل
منهم ، وكانت له الانفال ، وكان ورث من أبيه ام
أيمن فأعتقها ، وورث خمسة أجمال
أوارك
وقطعة غنم وسيفا.
____________________
سيوفه
: ذو الفقار ، والمخذم ، والرسوب ، ورثه من أبيه ، والعضب ، أعطاه سعد بن
عبادة ، وأصاب من بني قينقاع بتارا ، وحتفا ، وسيفا
قلعيا.
رماحه
: أصاب ثلاثا من بني قينقاع ، وكان له
رمح يقال له : المستوفي ، وكان له
عنزة يقال لها : المثنى ، أنفذها النجاشي ، ويقال
: إن النجاشي أعطى للزبير عنزة ، فلما جاء إلى النبي صلىاللهعليهوآله
أعطاه إياها ، فكان بلال يحملها بين يديه يوم العيد ، ويخرج
بها في أسفاره ، فتركز بين يديه يصلي إليها ، ويقولون
: هي التي تحمل المؤذنون بين
يدي الخلفاء.
دروعه
: ذات الفضول أعطاها سعد بن عبادة ، والفضة ، ودرعان أصابهما من بني
قينقاع ، وهما السعدية ، وذات الوشاح ، ويقال :
كانت عنده درع داود التي لبسها لما قتل
جالوت.
قسيه
: البيضآء ، وكان من شوحط ، والصفرآء من نبع ، والروحآء ، أصاب هذه الثلاثة
من بني قينقاع ، والكرع ويقال : كرار ، وكان له
ترس يقال له : الزلوق ، وترس فيه تمثال
رأس كبش أذهبه الله ، وكان له جعبة يقال لها : الكافورة
، ودخل مكة وعلى رأسه مغفر يقال
له : ذو السبوغ ، ورآيته العقاب ، ولواؤه أبيض
، وكان له قضيب يسمى الممشوق ، ومحجن
ومخصرة تسمى العرجون ، ومنطقة من أديم مبشور ، فيها
ثلاث حلق من فضة والابزيم ، والطرف من فضة ، وكان له قدح مضبب بثلاث ضبات فضة ، وتور من حجارة يقال له
المخضب ، وقدح من زجاج ، ومغتسل من صفر ، وقطيفة ، وقصعة ، وخاتم فضة نقشه
« محمد رسول الله » وأهدى له النجاشي خفين
أسودين ساذجين ، فلبسهما ، وقالت عائشة
كان فراش النبي صلىاللهعليهوآله
الذي يرقد فيه من أدم
حشوه ليف ، وكانت ملحفته مصبوغة
بورس أو زعفران ، وكان يلبس يوم الجمعة برده
الاحمر ، ويعتم بالسحاب. ودخل مكة
يوم الفتح وعليه عمامة سوداء ، وكانت له ربعة
فيها مشط عاج ومكحلة ومقراش ومسواك ، ويقال : ترك يوم مات عشرة أثواب : ثوب حبرة
، وإزارا عمانيا ، وثوبين صحاريين ، و
__________________
قميصا صحاريا ، وقميصا
سحوليا ، وجبة يمنية ، وخميصة ، وكساء أبيض ، وقلانس
صغارا لاطئة ثلاثا أو أربعا ، وإزارا طوله
ثلاثة أشبار ، وتوفي في إزار غليظ من هذه اليمانية ، وكسآء يدعى بالملتدة ، وكان له سرير أعطاه أسعد بن زرارة ، وكان منبره ثلاثة مراقي
من
الطرفآء
إستعملت امرأة لغلام لها نجار اسمه ميمون ، وكان مسجده بلا منارة ، وكان
بلال يؤذن على الارض ، وكان شعار أصحاب رسول
الله صلىاللهعليهوآله
يا منصور أمت ، وقال لمزنية
ما شعاركم؟ قالوا : حرام ، قال : شعاركم حلال ، وكان شعار المهاجرين يوم احد يا
بني
عبدالله ، والخزرج يا بني عبدالرحمن ، والاوس
يا بني عبدالله.
توضيح
: في القاموس : الورد من الخيل بين الكميت والاشقر. وفي المنتقى : إن
تميم الداري أهدى لرسول الله صلىاللهعليهوآله فرسا يقال له : الورد.
قوله : لحسن صهيله ، يظهر منه أنه صححه بالطاء
المهملة ، والمضبوط في سائر
الكتب بالمعجمة ، قال في النهاية : الظرب ككتف
: الجبل الصغير ، وفيه كان له صلىاللهعليهوآله
فر
يقال له : الظرب تشبيها بالجبل لقوته ، ويقال : ظربت حوافر الدابة ، أي اشتدت
وصلبت ، وقال : فيه إنه كان اسم فرسه صلىاللهعليهوآله اللجيف ، رواه
بعضهم بالجيم ، فإن صح
فهو من السرعة ، لان اللجيف سهم عريض النصل ، ورواه
بعضهم بالحاء المهملة لطول
ذنبه ، فعيل بمعنى فاعل ، كأنه يلحف الارض
بذنبه ، أي يغطيها به.
وقال : فيه إنه كان يوم بدر على فرس
يقال له : سبحة ، هو من قولهم : فرس سابح
إذا كان حسن مد اليدين في الجري. وفي القاموس :
السبحة بالفتح : فرس للنبي صلىاللهعليهوآله.
وفي النهاية : فيه إنه كان للنبي صلىاللهعليهوآله فرس يقال له : ذو
العقال ، العقال بالتشديد : داء
في رجلي الدواب ، وقد يخفف ، سمي به لدفع عين
السوء عنه ، وقال : في أسمآء دوابه
صلىاللهعليهوآله
إن اسم فرسه ملاوح ، وهو الضامر الذي لا يسمن ، والسريع العطش
والعظيم الالواح ، وقال في الحديث : إنه خطب على ناقته
القصواء : هو لقب ناقته ، و
____________________
القصواء. الناقة
التي قطع طرف اذنها ، وكل ما قطع من الاذن فهو جدع ، فإذا بلغ
الربع فهو قصو ، فإذا جاوز فهو عضب ، فإذا
استوصلت فهو صلم ، ولم تكن ناقته صلىاللهعليهوآله
قصواء ، وإنما كان هذا لقبا لها ، وقيل كانت
مقطوعة الاذن انتهى.
واللقاح جمع اللقوح وهي الناقة الحلوب.
والمهرة بالضم : ولد الفرس وغيره أول
ما ينتج ، والمنيحة والمنحة : الغنم فيها لبن.
أقول
: ذكر جماعة من اللغويين وأهل السير والمناقب من العامة أن العضباء و
الجدعاء والضرماء والصلماء والمخضرمة كلها
واحدة ، وعدو اللقاح حنا وسمر وعريس و
سعدية ويعوم ويسير وربى ومهرية وبردة.
والمنايح : زمزم ، وسقيا ، وبركة ، ودرسينة
وأطلال وأطراف وعجر ، قوله : أوارك
قال الكازروني : أي تأكل الاراك ، وقال
الفيروزآبادي : العضب : القطع. والسيف. و
قال : البتر : القطع ، وسيف باتر وبتار ، والحتف
: الهلاك.
أقول
: وعدوا من سيوفه القضيب ، وقالوا : إنه أول سيف حمله ، والقضيب : السيف اللطيف الدقيق ، ويقال : إنه وصف بصاحب
القضيب بهذا المعنى.
قوله : يقال له : المثنى ، قيل ، هو
المثوى ، وقيل : هما رمحان. قال الجزري : فيه إن رمح النبي صلىاللهعليهوآله
كان اسمه المثوى ، سمي به لانه يثبت المطعون به من الثوى : الاقامة. قوله : السعدية منهم من صححها بالعين
المهملة ، ومنهم بالمعجمة ، ومنهم بالصاد
والمعجمة ، وزاد بعضهم في دروعه : الخريق
والبتراء ، والكازروني صححه الخرنق بالنون
كزبرج ، وقال : لعلها سميت بذلك تشبيها بالناقة
إذا خرنقت ، وإنما يقال لها : خرنق
إذا كثر لحم جنبيها ، كالخرنق وهو ولد الارنب. وقال الجزري : فيه كان لرسول الله صلىاللهعليهوآله
درع يقال لها : البتراء ، سميت بذلك لقصرها
انتهى. والشوحط : شجر يتخذ منه القسي
كالنبع ، وعد من قسيه الكتوم ، وقال الجزري : سميت
به لانخفاض صوتها إذا رمى عنها
ومنها السداد. قال الجزري : سميت به تفألا
بإصابة ما يرمى عليها ، وقال : فيه كان اسم
ترسه صلىاللهعليهوآله
الزلوق ، أي تزلق عنه السلاح فلا يخرقه.
قوله : أذهبه الله ، روي أنه اهدي إليه صلىاللهعليهوآله ترس كان فيه تمثال
كبش أو عقاب ،
وكان صلىاللهعليهوآله يكرهه ، فوضع يده
عليه فمحاه الله ، وقيل : إنه وضعه فلما أصبح لم ير فيه
التمثال ، وعد من أتراسه صلىاللهعليهوآله الفتق والوفر ، واختلف
في أن المصور كان أحد هذه الثلاثة أو غيرها ، وقال
الجزري : فيه إنه كان اسم كنانته الكافور ، تشبيها بغلاف الطلع وأكمام
الفواكه لانها تسترها وتقيها كالسهام في
الكنانة انتهى. وقيل : كان اسم الجعبة المنصلة ، وقيل : كان تسمى الجمع ، وقال الجزري : سمي درعه صلىاللهعليهوآله
ذو السبوغ لتمامها وسعتها ، وقال بعضهم : كان ألويته صلىاللهعليهوآله
بيضآء ، وربما جعل فيها السواد ، وربما كان من خمر
نسائه ، والمحجن بالكسر : عصا معوجة الرأس
كالصولجان ، وقال الجزري : فيه أنه
خرج إلى البقيع ومعه مخصرة له ، المخصرة : ما
يختصر الانسان بيده فيمسكه من عصا أو
عكازة أو مقرعة أو قضيب ، وقد يتكئ عليه. قوله
: مبشور أي مقشور ، قال الجزري : بشرت الاديم : إذا أخذت باطنه بالشفرة. وقال
الفيروزآبادي : الابزيم بالكسر : الذي
في رأس المنطقة وما أشبهه ، وهو ذو لسان يدخل
فيه الطرف الآخر انتهى. والضب : اللصوق ، والضبة : حديدة عريضة يضبب بها الباب ، والتور : شبه الاجانة. وقال الجزري
الورس : نبت أصفر يصبغ به ، وقال الربعة : إناء مربع كالجونة ، وقال : فيه كفن
رسول
الله صلىاللهعليهوآله
في ثوبين صحاريين ، صحار : قرية باليمن نسب الثوب إليها ، وقيل : هو من
الصحرة ، وهي حمرة خفية كالغبرة ، يقال : ثوب
أصحر وصحارى ، وقال : فيه أنه كفن
في ثلاثة أثواب سحولية ، يروى بفتح السين وضمها
، فالفتح منسوب إلى السحول وهو
القصار ، أو إلى سحول وهي قرية باليمن ، وأما
بالضم فهو جمع سحل ، وهو الثوب الابيض
النقي ، ولا يكون إلا من قطن ، وقيل : اسم
القرية بالضم أيضا ، وقال : الخميصة : ثوب
خز أو صوف معلم ، وقيل : لا تسمى خميصة إلا أن تكون
سوداء معلمة. قوله ، لاطئة
أي لاصقة بالرأس ، والملبد : المرقع.
٤٢ ـ قب
: قوله : محمد رسول الله قد سماه الله بهذا الاسم في أربعة مواضع : « وما
محمد إلا رسول * ما كان محمد أبا أحد * وآمنوا
بما نزل على محمد * ومحمد رسول الله » قال
____________________
سيبويه : أحمد على
وزن أفعل يدل على فضله على سائر الانبياء لانه ألف التفضيل ، و
محمد على وزن مفعل ، فالانبياء محمودون ، وهو
أكثر حمدا من المحمود ، والتشديد للمبالغة ، يدل على أنه كان أفضلهم.
أنس قال رجل في السوق : يا أبا القاسم ،
فالتفت إليه رسول الله صلىاللهعليهوآله
فقال الرجل : إنما أدعو ذاك ، فقال صلىاللهعليهوآله : سموا باسمي ، ولا
تكتنوا بكنيتي.
أبوهريرة إنه قال : لا تجمعوا بين اسمي
وكنيتي ، أنا أبوالقاسم ، الله يعطي وأنا
اقسم.
وروي أن قريشا لما بنت البيت وأرادت وضع
الحجر تشاجروا في وضعه حتى كاد
القتال يقع ، فدخل رسول الله صلىاللهعليهوآله فقالوا : يا محمد
الامين قد رضينا بك ، فأمر بثوب فبسط
ووضع الحجر في وسطه ، ثم أمر من كل فخذمن أفخاذ قريش أن يأخذ جانب الثوب ، ثم رفعوا ، فأخذه رسول الله صلىاللهعليهوآله
بيده فوضعه.
ويروي أنه كان يسمي الامين قبل ذلك
بكثير وهو الصحيح.
٤٣ ـ عم
: البخاري في الصحيح عن جبير بن مطعم قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآله
يقول : إن لي أسمآء ، أنا محمد ، وأنا أحمد ، وأنا
الماحي يمحو الله بي الكفر ، وأنا الحاشر
يحشر الناس على قدمي ، وأنا العاقب الذي ليس
بعده أحد.
وقيل : إن الماحي الذي يمحي به سيئآت من
اتبعه.
وفي خبر آخر : المقفي ، ونبي التوبة ، ونبي
الملحمة ، والخاتم ، والغيث ، والمتوكل ، وأسماؤه في كتب الله السالفة كثيرة ، منها مؤذ مؤذ بالعبرية في التوراة ، وفارق في
الزبور.
٤٤ ـ كشف
: من أسمائه صلىاللهعليهوآله
أحمد ، وقد نطق به القرآن أيضا ، واشتقاقه من
الحمد كأحمر من الحمرة ، ويجوز أن يكون نعتا في
الحمد ، قال ابن عباس رضياللهعنه
:
____________________
اسمه في التوارة
أحمد الضحوك
القتال ، يركب البعير ، ويلبس الشملة ، ويجتزي
بالكسرة ، سيفه على عاتقه.
ومن أسمائه الماحي ، عن جبير بن مطعم ، عن
أبيه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله
: إن لي أسمآء : أنا محمد ، وأنا أحمد ، وأنا
الماحي يمحى بي الكفر ، وقيل : يمحى به سيئات
من اتبعه ، ويجوز أن يمحى به الكفر وسيئآت
تابعيه ، وأنا الحاشر يحشر الناس على
قدمي ، وأنا العاقب وهو الذي لا نبي بعده ، وكل
شئ خلف شيئا فهو عاقب ، والمقفي
وهو بمعنى العاقب لانه تبع الانبيآء يقال : فلان
يقفو أثر فلان أي يتبعه.
ومن أسمائه صلىاللهعليهوآله : الشاهد ، لانه
يشهد في القيامة للانبيآء بالتبليغ ، وعلى الامم
أنهم
بلغوا ، قال الله تعالى : « فكيف إذا جئنا من كل امة بشهيد وجئنا بك على
هؤلاء شهيدا » أي شاهدا ، وقال الله تعالى : « وكذلك
جعلناكم امة وسطا لتكونوا شهدآء
على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا » والمبشر
من البشارة ، لانه بشر
أهل الجنة
بالجنة ، والنذير لاهل النار بالخزي نعوذ بالله
العظيم ، والداعي إلى الله لدعائه إلى الله
وتوحيده وتمجيده ، والسراج المنير ، فلاضاءة
الدنيا به ، ومحو الكفر بأنوار رسالته ، كما
قال العباس عمه رضياللهعنه
، يمدحه
:
وأنت لما ولدت أشرقت
|
|
الارض وضاءت بنورك الافق
|
فنحن في ذلك الضياء وفي
|
|
النور وسبل الرشاد نخترق
|
ومن أسمائه : نبي الرحمة ، قال الله
عزوجل : « وما
أرسلناك إلا رحمة للعالمين » قال صلىاللهعليهوآله
: « إنما أنا رحمة مهداة « والرحمة في كلام العرب العطف والرأفة والاشفاق ، وكان بالمؤمنين رحيما كما وصفه الله تعالى ، وقال عمه أبوطالب رحمهالله يمدحه :
____________________
وأبيض يستسقي الغمام بوجهه
|
|
ثمال اليتامى عصمة للارامل
|
ومن أسمائه : نبي الملحمة ، ورد في
الحديث ، والملحمة : الحرب ، وسمي بذلك
لانه بعث بالذبح ، روي أنه سجد يوما فأتى بعض
الكفار بسلى
ناقة فألقاه على ظهره ، والسلى بالقصر : الجلدة الرقيقة التي يكون فيها الولد من المواشي ، فقال : يا معشر
قريش
أي جوار هذا؟ والذي نفس محمد بيده لقد جئتكم
بالذبح ، فقام إليه أبوجهل ولاذ به من بينهم ، وقال : يا محمد ما كنت جهولا ، وسمي نبى الملحمة بذلك.
ومن أسمائه صلىاللهعليهوآله : الضحوك كما تقدم
أنه ورد في التوراة ، وإنما سمي بذلك
لانه كان طيب النفس ، وقد ورد أنه كانت فيه
دعابة ، وقال : إني لامزح ولا أقول إلا
حقا ، وقال لعجوز : الجنة لا يدخلها العجز ، فبكت
فقال : إنهن يعدن أبكارا.
وروي عنه مثل هذا كثير ، وكان يضحك حتى يبدو ناجده ، وقد ذكر
الله سبحانه
لنبيه لينه ورقته ، فقال : « فبما رحمة من الله
لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا
من حولك « وكذلك كانت صفته صلىاللهعليهوآله على كثرة من ينتابه من جفات العرب ، وأجلا
البادية ، لا يراه أحد ذا ضجر ، ولا ذا جفآء ، ولكن لطيفا في المنطق ، رفيقا في
المعاملات ، لينا عند الجوار ، كان وجهه إذا عبست الوجوه دارة القمر عند امتلاء نوره ، صلى
الله عليه
وآله الطاهرين.
____________________
ومن أسمائه : القتال ، سيفه على عاتقه ،
سمي بذلك لحرصه على الجهاد ، ومسارعته
إلى القراع ، ودؤوبه في ذات الله ، وعدم إحجامه ، ولذلك قال
علي عليهالسلام
: كنا إذا احمر
البأس اتقيناه برسول الله صلىاللهعليهوآله ، لم يكن أحد أقرب إلى العدو منه ، وذلك المشهور
من فعله يوم احد ، إذ ذهب القوم في سمع الارض
وبصرها ، ويووم حنين إذ ولوا مدبرين ، وغير ذلك من أيامه صلىاللهعليهوآله
حتى أذل بإذن الله صناديدهم ، وقتل طواغيتهم ودوحهم ، واصطلم جماهيرهم ، وكلفه الله القتال بنفسه ، فقال : « لا تكلف إلا نفسك » فسمي صلىاللهعليهوآله
القتال.
ومن أسمائه : المتوكل ، وهو الذي يكل
اموره إلى الله ، فإذا أمره
بشئ نهض
غير هيوب ولا ضرع ، واشتقاقه من قولنا : رجل وكل ، أي
ضعيف ، وكان صلىاللهعليهوآله
إذا
دهمه
أمر عظيم ، أو نزلت به ملمة
راجعا إلى الله عزوجل غير متوكل على
حول نفسه وقوتها ، صابرا على الضنك والشدة ، غير مستريح إلى الدنيا
ولذاتها ، لا يسحب
إليها ذيلا ، وهو القائل : « ما لي وللدنيا
إنما مثلي والدنيا كراكب أدركه المقيل في أصل
شجرة فقال
في ظلها ساعة ومضى ».
وقال صلىاللهعليهوآله
: « إذ أصبحت آمنا في سربك
، معافى في بدنك ، عندك قوت يومك
____________________
فعلى الدنيا العفاء
» وقال لبعض نسائه : « ألم أنهك أن تحبسي شيئا لغد فإن الله يأتي برزق
كل غد ».
ومن أسمائه صلىاللهعليهوآله : القثم ، وله
معنيان : أحدهما من القثم وهو الاعطاء لانه كان
أجود بالخير من الريح الهابة ، يعطي فلا يبخل ،
ويمنح فلا يمنع ، وقال الاعرابي الذي
سأله : إن محمدا يعطي عطآء من لا يخاف الفقر.
وروي أنه أعطى يوم هوازن من العطايا ما
قوم خمسمائة ألف ألف وغير ذلك مما
لا يحصى ، والوجه الآخر أنه من القثم وهو الجمع
يقال للرجل الجموع للخير : قثوم
وقثم ، كذا حدث به الخليل ، فإن كان هذا الاسم
من هذا فلم تبق منقبة رفيعة
ولا خلة
جليلة ولا فضيلة نبيلة إلا وكان لها جامعا ، قال ابن فارس : والاول أصح
وأقرب.
ومن أسمائه : الفاتح : لفتحه أبواب
الايمان المنسدة ، وإنارته الظلم المسودة ، قال الله تعالى في قصة من قال : « ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق » أي احكم ، فسمي صلىاللهعليهوآله
فاتحا لان الله سبحانه حكمه في خلقه يحملهم على المحجة البيضآء ، ويجوز
أن يكون من فتحه ما استغلق من العلم ، وكذا روي
عن علي عليهالسلام
أنه كان يقول في
صفته : « الفاتح لما استغلق » والوجهان متقاربان.
ومن أسمائه صلىاللهعليهوآله : الامين ، وهو
مأخوذ من الامانة وأدائها ، وصدق الوعد ، وكانت
العرب تسميه بذلك قبل مبعثه ، لما شاهدوه من
أمانته ، وكل من أمنت منه الخلف
والكذب فهو أمين ، ولهذا وصف به جبرئيل عليهالسلام فقال : « مطاع ثم
أمين ».
ومن أسمائه صلىاللهعليهوآله : الخاتم ، قال
الله تعالى : « وخاتم النبيين » من قولك : ختمت
الشئ أي تممته ، وبلغت آخره ، وهي خاتمة الشئ
وختامه ، ومنه ختم القرآن « وختامه
مسك » أي آخر ما يستطعمونه عند فراغهم من شربه
ريح المسك ، فسمي به لانه آخر
النبيين بعثة وإن كان في الفضل أولا قال صلىاللهعليهوآله : « نحن الآخرون
السابقون يوم
____________________
القيامة » يريد أنهم
اتوا الكتاب من قبلنا ، واوتيناه من بعدهم ، فأما المصطفى فقد شاركه
فيه الانبيآء صلى الله عليه وعليهم أجمعين ، ومعنى
الاصطفآء الاختيار ، وكذلك الصفوة والخيرة ، إلا أن اسم المصطفى على الاطلاق ليس إلا له صلىاللهعليهوآله
، لانا نقول : آدم مصطفى ، نوح
مصطفى ، إبراهيم مصطفى ، فإذا قلنا : المصطفى
تعين صلىاللهعليهوآله
، وذلك من أرفع مناقبه
وأعلى مراتبه.
ومن أسمائه صلىاللهعليهوآله ، الرسول النبي
الامي ، والرسول والنبى ، قد شاركه فيهما
الانبيآء عليهمالسلام
والرسول من الرسالة والارسال ، والنبي يجوز أن يكون من الانبآ
الاخبار
، ويحتمل أن يكون من نبأ : إذا ارتفع ، سمي بذلك لعلو مكانه ، ولانه خيرة
الله من خلقه ، وأما الامي فقال قوم : إنه
منسوب إلى مكة ، وهي ام القرى ، كما قال
تعالى : « بعث في الاميين رسولا » وقال آخرون :
أراد الذي لا يكتب ، قال ابن فارس : وهذا هو الوجه ، لانه أدل على معجزه ، وإن الله علمه علم الاولين والآخرين ، ومن
علم الكائنات ما لا يعلمه إلا الله تعالى ، وهو
امي ، والدليل عليه قوله تعالى : « وما كنت تتلو من
قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذا لارتاب المبطلون
» وروي عنه : « نحن امة
امية لا نقرء ولا نكتب » وقد روي غير هذا.
ومن أسمائه صلىاللهعليهوآله : يا أيها المزمل ،
يا أيها المدثر ، ومعناهما واحد ، يقا
زمله في ثوبه أي لفه ، وتزمل بثيابه أي تدثر ، والكريم في قوله تعالى : « إنه لقول رسول كريم
» وسماه نورا في قوله تعالى : « ولقد
جاءكم من الله نور وكتاب مبين
». ونعمة في قوله
تعالى : « يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها » وعبدا
في قوله تعالى : « نزل
الفرقان على عبده » لا تدعني
إلا بيا عبده ، فإنه أشرف أسمائي ، ورؤوفا ورحيما في قوله تعالى : « بالمؤمنين رؤوف رحيم
» وسماه عبدالله في قوله : « وإنه لما قام عبدالله يدعوه » وسماه طه ويس
ومنذرا في قوله تعالى : « إنما أنت منذر
» ومذكرا في قوله تعالى : « إنما
أنت مذكر ».
____________________
ونبي
التوبة ، وروى البيهقي في كتاب دلائل النبوة بإسناده عن ابن عباس قال : قال
رسول الله صلىاللهعليهوآله
: « إن الله خلق الخلائق قسمين فجعلني في خيرهما قسما ، وذلك قوله
تعالى : « وأصحاب اليمين وأصحاب الشمال
» فأنا من أصحاب اليمين ، وأنا من خير أصحاب
اليمين ، ثم جعل القسمين أثلاثا فجعلني في
خيرهما ثلثا « وقد رواه ابن الاخضر الجنابذي ، وذكر في كتابه معالم العترة النبوية ، فذلك قوله : « وأصحاب الميمنة * وأصحاب المشئمة *
والسابقون السابقون » فأنا من السابقين
، وأنا خير السابقين ، ثم جعل الاثلاث
قبائل فجعلني في خيرهما قبيلة ، وذلك قوله
تعالى : « جعلناكم
شعوبا وقبائل
» فأنا أتقى
ولد آدم وأكرمهم على الله ولا فخر ، ثم جعل
القبائل بيوتا فجعلني في خيرها بيتا ، وذلك
قوله عزوجل : « إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت
ويطهركم تطهيرا » فأنا وأهل بيتي مطهرون من الذنوب.
قال عمه أبوطالب رضياللهعنه
:
وشق له من اسمه كي يجله
|
|
فذو العرش محمود وهذا محمد
|
وقيل : إنه لحسان من قصيدة أولها :
ألم تر أن الله أرسل عبده
|
|
وبرهانه والله أعلى وأمجد
|
ومن صفاته صلىاللهعليهوآله
التي وردت في الحديث : راكب الجمل ، ومحرم الميتة ، وخاتم
النبوة ، وحامل الهراوة ، وهي العصا الضخمة ، والجمع
الهراوى ، بفتح الواو مثال المطايا ، ورسول الرحمة ، وقيل : إن اسمه في التوراة مادماد ، وصاحب الملحمة ، وكنيته
أبوالارامل ، واسمه في الانجيل الفارقليط ، وقال : « أنا الاول والآخر » أول في النبوة ، وآخر
في البعثة ، وكنيته أبوالقاسم ، وروى أنس أنه
لما ولد له إبراهيم من مارية القبطية أتاه
____________________
جبريل عليهالسلام فقال : السلام عليك
أبا إبراهيم ، أو يا أبا إبراهتم صلىاللهعليهوآله.
توضيح
: قال في النهاية : الموت الاحمر : القتل ، لما فيه من حمرة الدم أو لشدته ، يقال : موت أحمر ، أي شديد ، ومنه حديث علي عليهالسلام
: « كنا إذا احمر البأس اتقينا
برسول الله صلىاللهعليهوآله
« أي إذا اشتدت الحرب استقبلنا العدو به ، وجعلناه لنا وقاية ، وقيل : أراد إذا اضطرمت نار الحرب وتسعرت ، كما يقال
في الشر بين القوم : اضطرمت نارهم ، تشبيها بحمرة النار ، وكثيرا ما يطلقون الحمرة على الشدة ، وقال : في حديث قيلة : « لا تخبر اختي فتتبع أخا بكر بن وائل سمع الارض
وبصرها » يقال : خرج فلان بين
سمع الارض وبصرها : إذا لم يدر أين يتوجه لانه
يقع على الطريق ، وقيل : أرادت
بين طول الارض وعرضها ، وقيل : أرادت بين سمع
أهل الارض وبصرها ، فحذفت المضاف ، ويقال للرجل إذا غرر بنفسه وألقاها حيث لا يدري : أين هو؟ ألقى نفسه بين سمع الارض
وبصرها ، وقال الزمخشري : هو تمثيل ، أي لا
يسمع كلامهما ولا يبصرهما إلا الارض ، يعني اختها والبكري الذي تصحبه. وقال في قوله عليهالسلام
: « فعلى الدنيا العفآء « أي الدروس ، وذهاب الاثر ، وقيل : العفاء : التراب.
٤٥ ـ كا
: علي ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : كان رسول الله صلىاللهعليهوآله
يلبس من القلانس اليمنة
والبيضاء والمضربة وذات الاذنين الحرب ، وكانت عمامته السحاب ، وكانت
له برنس يتبرنس به.
بيان
: قال الجزري : البرنس هو كل ثوب رأسه منه ملتزق به من دراعة ، أو جبة
أو ممطر أو غيره ، قال الجوهري : هو قلنسوة
طويلة كان يلبسها النساك في صدر الاسلام.
٤٦ ـ كا
: علي عن أبيه : عن ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبدالله
____________________
عليهالسلام
قال : كان رسول الله صلىاللهعليهوآله
يلبس قلنسوة بيضاء مضربة ، وكان يلبس في الحرب
قلنسوة لها اذنان .
٤٧ ـ كا
: علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبدالله
عليهالسلام
قال : كان خاتم رسول الله صلىاللهعليهوآله
من ورق.
٤٨ ـ كا
: محمد بن يحي ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن عبدالله بن سنان ، و
معاوية بن وهب ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : كان خاتم
رسول الله عليهالسلام
من ورق ، قال : قلت له : كان فيه فص؟ قال : لا.
٤٩ ـ كا
: محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن عبدالرحمن بن هاشم ، عن
أبي خديجة قال : الفص مدور ، وقال : هكذا كان
خاتم رسول الله صلىاللهعليهوآله.
٥٠ ـ كا
: العدة ، عن سهل ، عن جعفر بن محمد الاشعري ، عن ابن القداح ، عن
أبي عبدالله عليهالسلام
إن النبي صلىاللهعليهوآله
كان يتختم بيمينه.
٥١ ـ ثو
: أبي ، عن أحمد بن إدريس ، عن الاشعري ، عن يوسف بن السخت ، عن الحسن بن سهل ، عن ابن مهزيار قال : دخلت على أبي الحسن موسى عليهالسلام فرأيت
في يده خاتما فصة فيروزج نقشه « الله الملك » ، قال : فأدمت
النظر إليه فقال : ما لك تنظر فيه؟
هذا حجر أهداه جبرئيل عليهالسلام لرسول الله صلىاللهعليهوآله من الجنة ، فوهبه
رسول الله صلىاللهعليهوآله
لعلي عليهالسلام
.
٥٢ ـ كا
: العدة ، عن سهل ، عن بعض أصحابه ، عن واصل بن سليمان ، عن عبدالله
____________________
ابن سنان قال : ذكرنا
خاتم رسول الله صلىاللهعليهوآله
، فقال تحب أن اريكه؟ فقال : نعم ، فدعا
بحق مختوم ففتحه وأخرجه في قطنة ، فإذا حلقة
فضة ، وفيه فص أسود ، عليه مكتوب
سطران : محمد رسول الله ، قال : ثم قال : إن فص
النبي صلىاللهعليهوآله
أسود.
٥٣ ـ كا
: علي ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبدالله عليهالسلام
قال : كان نعل سيف رسول الله صلىاللهعليهوآله وقائمته فضة ، وبين
ذلك حلق من فضة ، ولبست درع رسول الله صلىاللهعليهوآله
فكنت أسحبها
وفيها ثلاث حلقات فضة من بين يديها وثنتان من
خلفها.
بيان
: قال الجزري : فيه كان نعل سيف رسول الله صلىاللهعليهوآله
من فضة ، نعل السيف : الحديدة التي تكون في أسفل القراب انتهى ، وقائم
السيف وقائمته : مقبضه.
٥٤ ـ كا
: الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن الوشاء ، عن مثنى ، عن حاتم
ابن إسماعيل ، عن أبي عبدالله عليهالسلام إن حلية سيف رسول
الله عليهالسلام
كان فضة كلها ، قائمه وقباعه.
بيان
: قال الجزري : فيه كانت قبيعة سيف رسول الله صلىاللهعليهوآله
من فضة ، هي التي
تكون على رأس قائم السيف ، وقيل هي ما تحت
شاربي السيف .
٥٥ ـ كا.
علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن علي بن عطية ، عن أبي عبدالله
عليهالسلام
قال : ما تختم رسول الله صلىاللهعليهوآله
إلا يسيرا حتى تركه .
٥٦ ـ كا
: العدة ، عن أحمد ، عن ابن محبوب ، عن ابن سنان ، عن أبي عبدالله عليهالسلام
____________________
قال : كان نقش خاتم
النبي صلىاللهعليهوآله
محمد رسول الله صلىاللهعليهوآله.
٥٧ ـ العدة ، عن سهل ، عن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن ، خالد ، عن
الرضا عليهالسلام
مثله.
٥٨ ـ كا
: العدة ، عن سهل ، عن ابن شمون ، عن الاصم ، عن مسمع بن عبدالملك
عن أبي عبدالله عليهالسلام
قال : كانت برة ناقة رسول الله صلىاللهعليهوآله
من فضة.
بيان
: البرة بالضم : حلقة تجعل في لحم الانف.
٥٩ ـ كا
: علي ، عن أبيه ، عن بعض أصحابه ، عن أبان عن رجل ، عن أبي عبدالله
عليهالسلام
قال : كان في منزل رسول الله صلىاللهعليهوآله
زوج حمام أحمر.
٦٠ ـ كا
: محمد بن يحيى ، عن ابن عيسى ، عن ابن أشيم ، عن صفوان قال : سألت
أبا الحسن الرضا عليهالسلام
عن ذي الفقار سيف رسول الله صلىاللهعليهوآله
، فقال : نزل به جبرئيل عليهالسلام
من السمآء ، وكانت حلقته فضة.
٦١ ـ كا
: حميد ، عن عبيدالله الدهقان ، عن الطاطري ، عن محمد بن زياد ، عن أبان
عن يحيى ، عن أبي العلا قال : سمعت أبا عبدالله عليهالسلام يقول : درع رسول
الله صلىاللهعليهوآله
: ذات الفضول لها حلقتان من ورق في مقدمها ، وحلقتان من ورق في مؤخرها ، وقال : لبسها
علي عليهالسلام
يوم الجمل.
٦٢ ـ وبهذا الاسناد ، عن أبان ، عن أبي بصير قال : كانت ناقة رسول
الله صلىاللهعليهوآله
____________________
القصواء ، إذا نزل
عنها علق عليها زمامها ، قال : فتخرج فتأتي المسلمين فيناولها الرجل
الشئ ، ويناولها هذا الشئ ، فلا تلبث أن تشبع ،
قال فأدخلت رأسها في خباء سمرة بن
جندب فتناول عنزة فضرب بها على رأسها فشجها ، فخرجت
إلى النبي صلىاللهعليهوآله
فشكته
٦٣ ـ أقول
: روى الكازروني في المنتقى بإسناده عن ابن عباس قال : كان رسول الله
صلىاللهعليهوآله
يلبس القلانس تحت العمائم وبغير العمائم ، ويلبس العمائم بغير القلانس ، وكان رسول الله صلىاللهعليهوآله
يلبس القلانس اليمانية ، ومن البيض المضربة ، ويلبس ذوات الآذان
في الحرب ، ما كان من السيجان الخضر ، وكان
ربما نزع قلنسوته فجعلها سترة بين يديه و
هو يصلي ، وكان من خلق رسول الله صلىاللهعليهوآله أن يسمي سلاحه
ومتاعه ودوابه ، وكان للنبي
صلىاللهعليهوآله
أربعة أسياف : المجذم ، والرسوب أهداهما له زيد الخير ، وكان له أيضا
القضيب وذو الفقار صار إليه يوم بدر ، وكان
للعاص بن منبه بن الحجاج ، وكان لا يفارقه
في الحرب ، وكان قباع سيفه وقائمته وحلقته
وذوابته وبكراته ونعله من فضة ، وكانت له
حلقتان في الحمائل في موضعها من الظهر ، وكانت
له أربع أدراع : ذات الوشاح : والبتراء ، وذات المواشي ، والخرنق ، وقيل : كانت عنده درع داود النبي عليهالسلام التي كان لبسها
يوم قتل جالوت ، وكانت له أربعة أفراس : المرتجز
، وذو العقال ، والسكب ، والشحاء ، ويقال البحر ، وكان يركب البحر ، وكان كميتا
، وكانت منطقته من أديم مبشور فيها
ثلاث حلق من فضة ، والابزيم ، والحلق على صنعة الفلك المضروبة من
فضة ، وكان
اسم رمحه المثوى ، وكانت له حربة يقال لها : العنزة
، وكان يمشي بها ويدعم
عليها ، وكانت تحمل بين يديه في الاعياد ، فيركزها أمامه ، ويستتر بها ويصلي ، وكان له
محجن
قدر ذراع يمشي به ، ويركب به ، ويعلقه بين يديه
على بعيره.
____________________
وفي رواية : ويأخذ الشئ ، وكانت له
مخصرة تسمى العرجون ، وكان اسم قوسه
الكتوم ، واسم كنانته الكافور ، ونبله الموتصلة
، وترسه الزلوق ، ومغفره ذو السبوغ ، واسم
عمامته السحاب ، واسم ردائه الفتح ، واسم رآيته
العقاب ، وكانت سوداء من صوف ، وكانت
ألويته بيضآء وربما جعل فيها السواد ، وربما
كان من خمر نسائه ، وكانت له بغلة شهبآء
يقال لها : الدلدل ، أهداها له المقوس ملك
الاسكندرية ، وهي التي قال لها في بعض
الاماكن : اربضي دلدل فربضت ، وكان علي عليهالسلام يركبها بعد رسول
الله صلىاللهعليهوآله
، وقال غير
ابن عباس ، وكان يركبها الحسن بعد علي ، ثم
ركبها الحسين ، ومحمد بن الحنفية حتى
كبرت وعميت ، فدخلت مطبخة لبني مذحج فرماها رجل
بسهم فقتلها ، وكانت له بغلة يقال
لها : الايلية ، وكانت محذوفة طويلة ، كأنها تقوم على رماح ، حسنة
السير ، فأعجبته ، وكان له حمار يدعى عفيرا ، قال صلىاللهعليهوآله
له : اليعفور ، وكان أخضر ، وكانت له ناقة تسمى
العضباء ، ويقال : القصواء ، وكانت صهباء ، وكانت
له شاة يشرب لبنها يقال لها : غينة ، و
يقال : غوثة ، وكان له قدحان اسم أحدهما الريان
، والآخر المضبب ، وكان يسع كل
واحد منهما قدر مد ، فيه ثلاث ضبات حديد ، وحلقة
تعلق بها ، وكان له تور من حجارة
يقال له : المخضب والمخضد يتوضأ فيه ، وكان له
مخضب من شبه
يكون فيه الحنآء و
الكتم
من حر كان يجده في رأسه صلىاللهعليهوآله
، وكانت له أربعة اسكندرانية أهداها المقوقس
ملك مصر ، وكان له نعلان من السبت ، وكان له مخصرة ذات قبالين ، وكانت
صفراء ، و
كان له خفان ساذجان أهداهما النجاشي ملك الحبشة
، وكان له سرير وقطيفة وقصعة
وجارية اسمها روضة.
____________________
وفي رواية اخرى عن ابن عباس أيضا أنه قال
: كان لرسول الله صلىاللهعليهوآله
سيف
محلى قائمه من فضة ، ونعله من فضة ، وفيه حلق
من فضة ، وكان يسمى ذا الفقار ، وكانت له قوس نبع
تسمى السداد ، وكانت له كنانة تسمى الجمع ، وكانت له درع
وشجه بالنحاس تسمى ذات الفضول ، وكانت له حربة
تسمى البيضآء ، وكان له مجن
يسمى الوفر ، وكان له فرس أدهم يسمى السكب ، وكانت
له بغلة شهبآء تسمى دلدل ، وكانت له ناقة تسمى العضباء ، وكان له حمار يسمى يعفور ، وكان له فسطاط يسمى
التركي ، وكان له عنز يسمى اليمن ، وكانت له ركوة تسمى الصادر ، وكانت له مرآة تسمى المدلة
، وكانت له مقراض تسمى الجامع ، وكانت له قضيب شوحط يسمى الممشوق.
وفي بعض الروايات أنه كان لرسول الله صلىاللهعليهوآله ناقة جدعاء ، وفي
رواية حزماء ، وفي
رواية صرماء ، وفي رواية صلماء ، وفي رواية
مخضرمة ، وهي التي قطع طرف اذنها ، والتي
هاجر عليها رسول الله صلىاللهعليهوآله كانت القصواء ، وقيل
: الجدعاء ، ابتاعها أبوبكر بأربعمائة درهم ، فهاجر (ص) عليها مع أبي بكر ، وكانت عنده حتى نفقت ، وكانت حين قدم رسول الله (ص)
رباعية ، قال بعض المحققين من علمائنا : هذه الصفات كلها كأنها لناقة واحدة كان
باذنها
ما عبر كل واحد من الرواة عنه بما يغلب على ظنه
، وبما يعرفه منها.
وروي عن موسى بن عبيد أنه سأل ابن عمريا
أبا عبدالرحمن أكنتم تراهنون على
عهد رسول الله صلىاللهعليهوآله؟
قال : نعم ، لقد راهن على فرس يقال له : سبحة ، فجاءت سابقة ، فلهش ذلك وأعجبه.
وفي رواية عن سهل بن سعد قال : كان
للنبي صلىاللهعليهوآله
عند أبي سعد ثلاثة أفراس يعلفهن ، وسمعت أبي يسميهن اللزاز ، واللحيف ، والظرب ، وقيل : اللجيف ، وقيل : إن تميم
الداري أهدى له (ص) فرسا يقال له : الورد ، فأعطاه
عمر ، وقيل : أول فرس ملكه رسول الله
صلىاللهعليهوآله
كان فرسا ابتاعه بالمدينة من رجل من بني فزارة بعشرة اواق ، وكان
____________________
اسمه الظرب فسماه
السكب ، وكان أول ما غزى عليه في احد ، ويقال : إن المرتجز
هو الذي اشتراه صلىاللهعليهوآله
من أعرابي من بني مرة فجحده فشهد له خزيمة بن ثابت ، وكان
فرسا أبيض.
ثم قال : السيجان جمع الساج وهو
الطيلسان. قوله : فجعلها سترة بين يديه يدل
على طولها ، لانه صلىاللهعليهوآله
لما سئل عن قدر ما يستر المصلي ، قال : مثل آخرة الرحل. و
القضيب : السيف اللطيف في قول الاصمعي ، تشبيها
بالقضيب من الشجر ، وقيل : بل القضيب
من القضب بمعنى المقضوب ، لا يسمى قضيبا إلا
بعد القطع. والقباع : ما يضبب طرف قائمة
السيف ، وأكثر ما يقال له : القبيعة ، والذوابة
ما يعلق به من قائمه. والبكرات : الحل
ونعلق السيف : حديدة تكون في آخر الغمد ، كانت فضة في سيف رسول الله (ص). والسكب
الواسع الجري كأنه يسكب الارض ، أي يصبها.
وقال الجزري : يقال : ناقة شحوى ، أي
واسعة الخطو ، ومنه أنه كان للنبي صلىاللهعليهوآله
فرس يقال له الشحاء ، هكذا روي بالمد وفسر بأنه
الواسع الخطو.
وقال الكازروني : وسمي بالبحر لسعة
جريه. والفلك بكسر الفاء جمع فلكة
للثدي ، أو فلكة المغزل. والعنزة : رمح صغير.
ويدعم عليها أي يتكئ. والعرجون : من عيدان العنب. والموتصله من الوصل ، كأنه سمي
بذلك تفألا بوصوله إلى العدو. و
الدلدل لعلها سميت به تشبيها بالدلدل وهو
القنفذ ، أو بشئ يشبهه ، فلعلها شبهت به
لقلة سكونها. والايلية : منسوبة إلى قرية
بالشام. والمحذوفة
: المقطوعة الذنب. و
العفير : تصغير الاعفر كسويد وأسود حذفت
همزتهما. والقياس اعيفر ، وهو لون أبيض
تعلوه حمرة ، ويعفور مثل أعفر كأخضر ويخضور.
والسبت بالكسر : جلود البقر المدبوغة
وإنما سميت الركوة بالصادر لانه يصدر عنها
بالري. والجامع في اسم المقراض لانه
يجمع ما يراد قرضه به ، وذلك من جودته. قوله : فلهش
أي فلقدهش ، يقال هش للمعروف ،
____________________
أي اشتهاه ، ورجل هش
: طلق المحيا انتهى.
٦٤ ـ وقال القاضي عياض في الشفاء : روي عن محمد بن جبير قال رسول الله صلىاللهعليهوآله
لي خمسة أسماء : أنا محمد ، وأنا أحمد ، وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر ، وأنا
الحاشر الذي
يحشر الناس على قدمي ، وأنا العاقب ، قد سماه
الله في كتابه محمدا وأحمد ، فمن خصائصه
تعالى له أن ضمن أسماءه ثناءه ، وطوى أثناء ذكر عظيم شكره ، فأما اسمه أحمد فأفعل
مبالغة من صفة الحمد ، ومحمد مفعل مبالغة من
كثرة الحمد ، فهو صلىاللهعليهوآله
أجل من حمد ، وأفض
من حمد ، وأكثر الناس حمدا ، فهو أحمد المحمودين ، وأحمد الحامدين ، ومعه لوآء
الحمد
يوم القيامة ليتم له كمال الحمد ، ويتشهر في
تلك العرصات بصفة الحمد ، ويبعثه ربه
هناك مقاما محمودا ، كما وعده ، يحمده فيه
الاولون والآخرون بشفاعته لهم ، ويفتح عليه
من المحامد كما قال صلىاللهعليهوآله ما لم يعط غيره ، وسمي
امته في كتب أنبيآئه بالحامدين ، فحقيق أن يسمي محمدا وأحمد ، ثم في هذين الاسمين من عجائب خصائصه ، وبدايع آياته
فن آخر ، وهو أن الله جل اسمه حمى أن يسمى بهما
أحد قبل زمانه ، أما أحمد الذي
أتى في الكتب وبشرت به الانبياء فمنع الله
تعالى بحكمته أن يسمى به أحد غيره ، ولا
يدعى به مدعو قبله حتى لا يدخل لبس على ضعيف القلب ، أو شك ، وكذلك
محمد
أيضا لم يسم به أحد من العرب ولا غيرهم إلى أن
شاع قبيل وجوده وميلاده أن نبيا يبعث
اسمه محمد ، فسمي قوم قليل أبنائهم لرجاء أن
يكون أحدهم هو ، والله أعلم حيث
يجعل رسالته ، وهم محمد بن احيحة بن الجلاح
الاوسي ، ومحمد بن مسلمة الانصاري ، ومحمد بن
براء
البكري ، ومحمد بن سفيان بن مجاشع ، ومحمد بن حمران الجعفي ، ومحمد بن خزاعي
____________________
السلمي لا سابع لهم ، حتى تحققت السمتان له صلىاللهعليهوآله ، ولم ينازع فيهما
، وأما قوله : « وأنا الماحي » فقد ورد في الحديث في تفسيره
أنه الذي محيت به سيئات من اتبعه ، وقيل : معنى على قدمي ، أي يحشر الناس بمشاهدتي ، كما
قال : « لتكونوا شهداء على الناس و
يكون الرسول عليكم شهيدا « وروي عنه صلىاللهعليهوآله : لي عشرة أسمآء ، وذكر
منه » طه ويس « حكاه مكي ، وقد قيل في بعض التفاسير : « طه » أنه
يا طاهر ، يا هادي ، وفي « يس » يا
سيد ، حكاه السلمي عن الواسطي ، وعن جعفر بن
محمد.
ومن أسمائه صلىاللهعليهوآله : رسول الرحمة ، ورسول
الراحة ، ورسول الملاحم.
وفي حديثه صلىاللهعليهوآله
قال : « أتاني ملك فقال لي : أنت قثم » أي مجتمع ، والقثوم : الجامع للخير ، ومن أسمائه صلىاللهعليهوآله : النور ، والسراج
المنير ، والمنذر ، والنذير ، والمبشر ، والبشير ، والشاهد ، والشهيد ، والحق المبين ، وخاتم النبيين ، والرؤوف الرحيم ، والامين
، وقدم صدق ، ورحمة للعالمين ، ونعمة الله ، والعروة الوثقى ، والصراط المستقيم ، والنجم
الثاقب ، والكريم ، والنبي الامي ، وداعي الله ، والمصطفى ، والمجتبى ، وأبوالقاسم ، والحبيب
، و
رسول رب العالمين ، والشفيع المشفع ، والمتقي ،
والمصلح ، والطاهر ، والمهيمن ، والصادق ، والمصدق ، والهادي ، وسيد ولد آدم
، وإما المتقين ، وقائد الغر المحجلين ، وحبيب الله ، وخليل الرحمن ، وصاحب الحوض المورود والشفاعة ، والمقام المحمود ، وصاحب الوسيلة ،
و
صاحب التاج والمعراج ، واللواء والقضيب ، وراكب
البراق والناقة والنجيب ، وصاحب
الحجة والسلطان ، والخاتم والعلامة والبرهان ، وصاحب
الهراوة والنعلين
ومن أسمائه صلىاللهعليهوآله
في الكتب المتوكل ، والمختار ، ومقيم السنة ، والمقدس ، وروح
القدس
، وهو معنى البار قليط في الانجيل ، وقال تغلب : البار قليط : الذي يفرق بين
الحق والباطل.
ومن أسمائه صلىاللهعليهوآله في الكتب السالفة
ماذ ماذ ، ومعناه طيب طيب ، وحمطايا ، و
____________________
الخاتم ، والخاتم
حكاه كعب الاحبار ، وقال تغلب : فالخاتم الذي ختم الانبياء ، و
الخاتم أحسن الانبياء خلقا وخلقا ، ويسمى
بالسريانية مشفح والمتخمنا
، واسمه
أيضا في التوراة أحيد ، روي ذلك عن ابن سيرين ،
ومعنى صاحب القضيب أي السيف ، وقع
ذلك مفسرا في الانجيل ، قال : معه قضيب من حديد
يقاتل به ، وامته كذلك ، وقد يحمل
على أنه القضيب الممشوق الذي كان يمسكه ، وأما
الهراوة فهي العصا ، وأراها العصا
المذكورة في حديث الحوض ، وأما التاج فالمراد
به العمامة ، ولم يكن حينئذ إلا للعرب ، والعمائم تيجان العرب ، وكانت كنيته المشهورة أبا القاسم ، وعن أنس أنه لما ولد له
إبراهيم
جاء جبرئيل عليهالسلام
فقال له : السلام عليك يا أبا إبراهيم .
٦٥ ـ ع :
العطار ، عن سعد ، عن عبدالله بن عامر ، عن ابن أبي نجران ، عن يحيى
الحلبي ، عن أبيه ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : سئل عن قول
الله عزوجل : « واوحي إلي هذا القرآن
لانذركم به ومن بلغ » قال : بكل لسان.
ير
: عبدالله بن عامر.
بيان
: اختلف في قوله تعالى : « ومن
بلغ » فقيل : المعنى ولا خوف به من بلغه
القرآن إلى يوم القيامة ، وروى الحسن في تفسيره
عن النبي صلىاللهعليهوآله
أنه قال : من بلغه أني
أدعو إلى أن لا إله إلا الله فقد بلغه ، يعني
بلغته الحجة ، وقامت عليه ، وسيأتي الاخبار
الكثيرة في أن معناه ومن بلغ أن يكون إماما من
آل محمد فهو ينذر بالقرآن كما أنذر
به رسول الله صلىاللهعليهوآله
، وأما هذا الخبر فلعله عليهالسلام
حمله على أحد المعنيين الاولين ، والتقدير
لانذر به من بلغه القرآن من أهل كل لسان ، ولا
يختص بالعرب ، أو لانذر كل من
بلغه دعوتي بلغتهم ، واكلمهم بلسانهم ، وهو
أظهر ، والله يعلم.
٦٦ ـ ع
: ابن الوليد ، عن سعد ، عن ابن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، ومحمد البرقي ،
____________________
عن ابن أبي عمير ، عن
هشام بن سالم ، عن أبي عبدالله عليهالسلام
قال : كان النبي صلىاللهعليهوآله
يقرؤ
الكتاب ولا يكتب.
٦٧ ـ ع
: أبي ، عن سعد ، عن ابن عيسى ، عن البزنطي ، عن أبان ، عن الحسن
الصيقل قال : سمعت أبا عبدالله عليهالسلام يقول : كان مما من
الله عزوجل به على نبيه صلىاللهعليهوآله
أنه كان اميا لا يكتب ويقرؤ الكتاب.
٦٨ ـ فس
: أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبدالله عليهالسلام في
قوله : « هو الذي بعث في الاميين رسولا منهم » قال
: كانوا يكتبون ، ولكن لم يكن
معهم كتاب من عند الله ، ولا بعث إليهم رسولا
فنسبهم إلى الاميين.
٦٩ ـ فس
: قال علي بن إبراهيم في قوله : « وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا
تخطه بيمينك إذا لارتاب المبطلون » : وهو معطوف
على قوله في سورة الفرقان : « اكتتبها
وهي تملى عليه بكرة وأصيلا » فرد الله عليهم
فقال : كيف يدعون أن الذي تقرءه أو
تخبر به تكتبه عن غيرك وأنت ما كنت تتلو من
قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذا
لارتاب المبطلون ، أي شكوا.
٧٠ ـ مع
، ع : أبي ، عن سعد ، عن ابن عيسى ، عن
محمد البرقي ، عن جعفر بن محمد
الصوفي قال : سألت أبا جعفر محمد بن علي الرضا عليهالسلام فقلت : يا ابن رسول
الله لم سمي
النبي صلىاللهعليهوآله
الامي؟ فقال : ما تقول الناس؟ قلت : يزعمون أنه إنما سمي الامي لانه
لم يحسن أن يكتب ، فقال عليهالسلام : كذبوا عليهم لعنة
الله ، أنى ذلك والله يقول في محكم
كتابه : « هو الذي بعث في الاميين رسولا منهم يتلو
عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم
الكتاب والحكمة « فكيف كان يعلمهم ما لا يحسن؟
والله لقد كان رسول الله صلىاللهعليهوآله
يقرأ
____________________
ويكتب باثنين وسبعين
، أو قال : بثلاثة وسبعين لسانا ، وإنما سمي الامي لانه كان من
أهل مكة ، ومكة من امهات القرى ، وذلك قول الله
عزوجل : « لتنذر ام
القرى ومن حولها
» .
ختص
، ير : ابن عيسى مثله.
٧١ ـ ع
: ابن الوليد ، عن سعد ، عن الخشاب ، عن علي بن حسان وعلي بن أسباط و
غيره رفعه عن أبي جعفر عليهالسلام قال : قلت : إن
الناس يزعمون أن رسول الله صلىاللهعليهوآله
لم يكتب
ولا يقرأ فقال : كذبوا لعنهم الله ، أنى
يكون ذلك؟ وقد قال الله عز وجل : « هو الذي
بعث في الاميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم
ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن
كانوا من قبل لفي ضلال مبين » فيكون يعلمهم
الكتاب والحكمة ، وليس يحسن أن يقرأ
أو يكتب؟ قال : قلت : فلم سمي النبي الامي؟ قال
: نسب إلى مكة وذلك قول الله عز
وجل : « لتنذر ام القرى ومن حولها
» فام القرى مكة ، فقيل : امي لذلك
ير
: عبدالله بن محمد ، عن الخشاب.
شى
: عن ابن أسباط مثله.
٧٢ ـ ع
: أبي ، عن سعد ، عن معاوية بن حكيم ، عن البزنطي ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبدالله عليهالسلام
قال : كان مما من الله عزوجل على رسول الله
صلىاللهعليهوآله
أنه كان يقرأ
ولا يكتب ، فلما توجه أبوسفيان إلى احد كتب
العباس إلى النبي صلىاللهعليهوآله
، فجاءه الكتاب
وهو في بعض حيطان المدينة ، فقرءه ولم يخبر
أصحابه وأمرهم أن يدخلوا المدينة ، فلما
____________________
دخلوا المدينة
أخبرهم.
بيان
: يمكن الجمع بين هذه الاخبار بوجهين : الاول
أنه صلىاللهعليهوآله
كان يقدر على
الكتابة ، ولكن كان لا يكتب ، لضرب من المصلحة
، الثاني أن نحمل أخبار عدم الكتابة
والقراءة على عدم تعلمها من البشر ، وسائر
الاخبار على أنه كان يقدر عليهما بالاعجاز ، وكيف لا يعلم من كان عالما بعلوم الاولين والآخرين ، إن هذه النقوش موضوعة لهذه
الحروف ، ومن كان يقدر بإقدار الله تعالى له
على شق القمر وأكبر منه كيف لا يقدر
على نقش الحروف والكلمات على الصحائف والالواح؟
والله تعالى يعلم.
٧٣ ـ ع
: الطالقاني ، عن أحمد بن إسحاق المادرائي
، عن أبي قلابة عبدالملك
ابن محمد ، عن غانم بن الحسن السعدي ، عن مسلم
بن خالد المكي ، عن جعفر بن محمد ، عن
أبيه عليهماالسلام
قال : ما أنزل الله تبارك وتعالى كتابا ولا وحيا إلا بالعربية ، فكان يقع في مسامع
الانبيآء بألسنة قومهم ، وكان يقع في مسامع
نبينا صلىاللهعليهوآله
بالعربية ، فإذا كلم به قومهم
كلمهم بالعربية ، فيقع في مسامعهم بلسانهم ، وكان
أحد لا يخاطب رسول الله صلىاللهعليهوآله
بأي
لسان خاطبه إلا وقع في مسامعه بالعربية ، كل
ذلك يترجم جبرئيل عليهالسلام
له وعنه
تشريفا من الله عزوجل له صلىاللهعليهوآله.
٧٤ ـ ير
: الحسن بن علي ، عن أحمد بن هلال ، عن خلف بن حماد ، عن عبدالرحمن
ابن الحجاج قال : قال أبوعبدالله عليهالسلام : إن النبي صلىاللهعليهوآله كان يقرأ ويكتب
ويقرأ ما لم
يكتب.
٧٥ ـ قب
: قوله : « النبي الامي الذي يجدونه » وقال عليهالسلام
: نحن امة امية
لا نكتب ولا نحسب.
____________________
وقيل : امي منسوبة إلى امة يعني جماعة
عامة ، والعامة لا تعلم الكتابة ، ويقال
سمي بذلك لانه من العرب ، وتدعى العرب الاميون.
قوله : « هو الذي بعث في الاميين » وقيل
: لانه يقول يوم القيامة : امتي امتي ، وقيل : لانه الاصل ، وهو بمنزلة الام التي يرجع الاولاد إليها ، ومنه ام القرى ، و
قيل : لانه لامته بمنزلة الوالدة الشفيقة
بولدها ، فإذا نوي في القيامة : « يوم يفر المرء
من أخيه » تمسك بامته ، وقيل : منسوبة إلى ام
وهي لا تعلم الكتابة ، لان الكتابة
من أمارات الرجال ، وقالوا : نسب إلى أمة ، يعني
الخلقة ، قال الاعشى :
وإن معاوية الاكرمين
|
|
حسان الوجوه طوال الامم
|
قال المرتضى في قوله تعالى : « وما كنت تتلو من قبله
من كتاب » الآية ، ظاهر
الآية يقتضي نفي الكتابة والقراءة بما قبل
النبوة دون ما بعدها ، ولان التعليل في الآية
يقتضي اختصاص النفي بما قبل النبوة ، لانهم
إنما يرتابون في نبوته لو كان يحسنها قبل
النبوة ، فأما بعدها فلا تعلق له بالريبة ، فيجوز
أن يكون تعلمهما من جبرئيل بعد
النبوة ، ويجوز أن لم يتعلم فلا يعلم ، قال
الشعبي وجماعة من أهل العلم : ما مات رسول
الله صلىاللهعليهوآله
حتى كتب وقرأ ، وقد شهر في الصحاح والتواريخ قوله صلىاللهعليهوآله
: ايتوني بدوات
وكتف أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا.
____________________
(باب ٧ )
*(آخر نادر في معنى كونه صلىاللهعليهوآله يتيما وضالا وعائلا ، )*
*(ومعنى انشراح صدره * وعلة يتمه ، والعلة التى من)*
*(أجلها لم يبق له صلىاللهعليهوآله ولد ذكر)*
الايات
: الضحى « ٩٣ » : والضحى * والليل إذا سجى * ما ودعك ربك وما قلى
وللآخرة خير لك من الاولى * ولسوف يعطيك ربك فترضى * ألم يجدك يتيما فآوى * ووجدك ضالا
فهدى * ووجدك عائلا فأغنى * فأما اليتيم فلا تقهر * وأما السائل فلا تنهر *
وأما بنعمة ربك فحدث ١ ـ ١١.
بسم
الله الرحمن الرحيم * ألم نشرح لك صدرك * ووضعنا عنك وزرك * الذي أنقض ظهرك
* ورفعنا لك ذكرك * فإن مع العسر يسرا * إن مع العسر يسرا * فإذا فرغت
فانصب * وإلى ربك فارغب ١ ـ ٨.
تفسير
: قال المفسرون : في سبب نزول سورة الضحى : قال ابن عباس : احتبس
الوحي عنه صلىاللهعليهوآله
خمسة عشر يوما ، فقال المشركون : إن محمدا صلىاللهعليهوآله
قد ودعه ربه و
قلاه ، ولو كان أمره من الله تعالى لتتابع عليه
، فنزلت : وقيل : إنما احتبس اثنى عشر
يوما ، وقيل أربعين يوما ، وقيل : سألت اليهود
رسول الله صلىاللهعليهوآله
عن ذي القرنين ، وأصحاب
الكهف ، وعن الروح ، فقال : ساخبركم غدا ، ولم
يقل : إن شاء الله ، فاحتبس عنه الوحي
هذه الايام ، فاغتم لشماتة الاعداء ، فنزلت
تسلية لقلبه : « والضحى » أي وقت ارتفاع
الشمس أو النهار « والليل إذا سجى » أي سكن
أهله ، أو ركد ظلامه « ما ودعك ربك » ما قطعك ربك قطع المودع ، وهو جواب القسم « وما
قلى » أي ما أبغضك « ولسوف يعطيك
ربك فترضى » أي من الحوض والشفاعة وسائر ما أعد
له من الكرامة ، أو في الدنيا أيضا
من إعلاء الدين ، وقمع الكافرين ، « ألم يجدك
يتيما فآوى » قال الطبرسي رحمهالله
: في
معناه قولان : أحدهما
أنه تقرير لنعمة الله عليه حين مات أبوه وبقي يتيما فآواه الله بأن
سخر له عبدالمطلب ثم أبا طالب ، وكان صلىاللهعليهوآله
مات أبوه وهو في بطن امه أو بعد
ولادته بمدة قليلة ، وماتت امه وهو ابن سنتين ،
ومات جده وهو ابن ثماني سنين.
وسئل الصادق عليهالسلام
لم اوتم النبي صلىاللهعليهوآله
عن أبويه؟ فقال : لئلا يكون لمخلوق
عليه حق.
والآخر أن يكون المعنى ألم يجدك واحدا
لا مثل لك في شرفك وفضلك فآواك إلى
نفسه ، واختصك برسالته ، من قولهم : درة يتيمة
: إذا لم يكن لها مثل ، وقيل : فآواك ، أي جعلك مأوى للايتام بعد أن كنت يتيما ، وكفيلا للانام بعد أن كنت مكفولا.
« ووجدك ضالا فهدى » فيه أقوال : أحدها وجدك
ضالا عما أنت عليه الآن من
النبوة والشريعة ، أي كنت غافلا عنهما فهداك
إليهما ، ونظيره « ما كنت تدري ما الكتاب
ولا الايمان » وقوله : « وإن كنت من قبله لمن
الغافلين » فمعنى الضلال على هذا هو الذهاب
عن العلم ، مثل قوله تعالى : « أن تضل إحداهما
».
وثانيها : أن المعني وجدك متحيرا لا
تعرف وجوه معاشك فهداك إليها ، فإن
الرجل إذا لم يهتد إلى طريق مكسبه يقال : إنه
ضال.
وثالثها : أن المعنى وجدك لا تعرف الحق
فهداك إليه بإتمام العقل ، ونصب
الادلة والالطاف حتى عرفت الله بصفاته بين قوم
ضلال مشركين.
ورابعها : وجدك ضالا في شعاب مكة فهداك
إلى جدك عبدالمطلب ، فروي أنه
ضل في شعاب مكة وهو صغير فرآه أبوجهل ورده إلى
جده عبدالمطلب ، فمن الله سبحانه
بذلك عليه إذ رده إلى جده على يدي عدوه عن ابن
عباس.
وخامسها : ما روي أن حليمة بنت أبي ذؤيب
لما أرضعته مدة وقضت حق الرضاع
ثم أرادت رده إلى جده جاءت به حتى قربت من مكة
فضل في الطريق ، فطلبته جزعة
____________________
وكانت تقول : لئن لم
أره لارمين نفسي عن شاهق ، وجعلت تصيح : وا محمداه ، قالت : فدخلت مكة على تلك الحال ، فرأيت شيخا متوكئا
على عصا ، فسألني عن حالي فأخبرته
فقال : لا تبكي فأنا أدلك على من يرده عليك ، فأشار
إلى هبل صنمهم الاعظم ، ودخل
البيت وطاف بهبل وقبل رأسه وقال : يا سيداه لم
تزل منتك جسيمة ، رد محمدا على هذه
السعدية ، قال : فتساقطت الاصنام لما تفوه باسم محمد صلىاللهعليهوآله ، وسمع صوت : إن
هلاكنا
على يدي محمد ، فخرج وأسنانه تصطك ، وخرجت إلى
عبدالمطلب وأخبرته بالحال ، فخرج
وطاف بالبيت ، ودعا الله سبحانه فنودي واشعر
بمكانه ، فأقبل عبدالمطلب فتلقاه ورقة بن
نوفل في الطريق ، فبيناهما يسيران إذا النبي صلىاللهعليهوآله قائم تحت شجرة يجذب
الاغصان ، ويعبث بالورق ، فقال
عبدالمطلب : فداك نفسي ، وحمله ورده إلى مكة.
وسادسها : ما روي أنه صلىاللهعليهوآله خرج مع عمه أبي
طالب في قافلة ميسرة
غلام
خديجة ، فبينا هو راكب ذات ليلة ظلمآء إذ جاء
إبليس فأخذ بزمام ناقته فعدل به عن
الطريق ، فجآء جبرئيل عليهالسلام فنفخ إبليس نفخة وقع منها إلى الحبشة ، ورده إلى
القافلة ، فمن الله عليه بذلك.
وسابعها : أن المعنى وجدك مضلولا عنك في
قوم لا يعرفون حقك فهداهم إلى معرفتك
وأرشدهم إلى فضلك ، والاعتراف بصدقك ، والمراد
أنك كنت خاملا لا تذكر ولا تعرف
فعرفك الله إلى الناس حتى عرفوك وعظموك.
« ووجدك عائلا » أي فقيرا لا مال لك « فأغنى » أي فأغناك بمال
خديجة ، ثم
بالغنائم ، وقيل : فأغناك بالقناعة ، ورضاك بما
أعطاك وروى العياشي بإسناده عن أبي
الحسن الرضا عليهالسلام
في قوله : « ألم يجدك يتيما فآوى « قال عليهالسلام
: فردا لا مثل لك في
المخلوقين فآوى الناس إليك.
____________________
« ووجدك ضالا فهدى » أي ضالة في قوم لا يعرفون
فضلك فهداهم إليك. « ووجدك
عائلا » تعول أقواما بالعلم فأغناهم بك.
« فأما اليتيم فلا تقهر » أي لا تقهره على ماله فتذهب بحقه لضعفه.
وقيل : أي لا
تحقر اليتيم فقد كنت يتيما « وأما السائل فلا
تنهر » أي لا تنهره ولا ترده إذا أتاك يسألك ، فقد كنت فقيرا ، فإما أن تطعمه ، وإما أن ترده ردا لينا « وأما بنعمة ربك فحدث » معناه اذكر نعم الله تعالى وأظهرها وحدث بها
انتهى كلامه رفع
الله مقامه.
وقال البيضاوي في قوله تعالى : « ألم نشرح لك صدرك
» : ألم نفسحه حتى
وسع مناجات الحق ودعوة الخلق ، فكان غائبا
حاضرا؟ أو ألم نفسحه بما أودعنا فيه من
الحكم ، وأزلنا عنه ضيق الجهل؟ أو بما يسرنا لك
تلقي الوحي بعد ما كان يشق عليك؟
وقيل : إنه إشارة إلى ما روي أن جبرئيل أتى
رسول الله صلىاللهعليهوآله
في صباه أو يوم الميثاق
فاستخرج قلبه وغسله ، ثم ملاه إيمانا وعلما ، ولعله
إشارة إلى نحو ما سبق ، ومعنى
الاستفهام إنكار نفي الانشراح مبالغة في إثباته
، ولذلك عطف عليه « ووضعنا عنك وزرك » عبأك الثقيل « الذي أنقض ظهرك » الذي حمله على
النقيض ، وهو صوت الرحل عند
الانتقاض من ثقل الحمل ، وهو ما ثقل عليه من
فرطاته قبل البعثة ، أو جهله بالحكم و
الاحكام ، أو حيرته ، أو تلقي الوحي ، أو ما
كان يرى من ضلال قومه مع العجز عن إرشادهم ، أو من إصرارهم وتعديهم في إيذائه حين دعاهم إلى الايمان.
« ورفعنا لك ذكرك » بالنبوة وغيرها « فإن مع العسر » كضيق الصدر
والوزر
المنقض للظهر وضلال القوم وإيذائهم « يسرا » كالشرح
والوضع والتوفيق للاهتداء والطاعة ، فلا تيأس من روح الله إذا عراك ما يغمك « إن مع العسر يسرا » تكرير للتأكيد ، أو
استيناف وعدة بأن العسر مشفوع بيسر آخر ، كثواب
الآخرة « فإذا فرغت » من التبليغ
« فانصب » فاتعب في العبادة شكرا بما عددنا عليك
من النعم السالفة ، ووعدنا بالنعم
____________________
الآتية ، وقيل : فإذا
فرغت من الغزو فانصب في العبادة ، أو فإذا فرغت من الصلاة فانصب
في الدعاء « وإلى ربك فارغب » بالسؤال ، ولا
تسأل غيره ، فإنه القادر وحده على إسعافه. أقول :
اعلم أن شق بطنه صلىاللهعليهوآله
في صغره في روايات العامة كثيرة مستفيضة كما
عرفت ، وأما رواياتنا وإن لم يرد فيها بأسانيد
معتبرة لم يرد نفيها أيضا ، ولا يأبى عنه
العقل أيضا ، فنحن في نفيه وإثباته من
المتوقفين ، كما أعرض عنه أكثر علمائنا
____________________
المتقدمين ، وإن كان يغلب على الظن وقوعه ، والله
يعلم وحججه عليهمالسلام.
١ ـ ن
: بالاسانيد الثلاثة عن الرضا ، عن آبائه عليهمالسلام
قال : سئل علي بن الحسين
عليهالسلام
لم اوتم النبي صلىاللهعليهوآله
من أبويه؟ قال : لئلا يجب عليه حق لمخلوق.
٢ ـ مع
، ع : حمزة العلوي ، عن أحمد الهمداني ، عن
علي بن الحسين بن فضال ، عن أخيه أحمد ، عن محمد بن عبدالله بن مروان ، عن ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابه ، عن
أبي عبدالله عليهالسلام
قال : إن الله عزوجل أيتم نبيه صلىاللهعليهوآله
لئلا يكون لاحد عليه
طاعة.
٣ ـ ع
: علي بن حاتم القزويني فيما كتب إلي عن القاسم بن محمد ، عن حمدان بن
الحسين بن الوليد ، عن عبدالله بن حماد ، عن
عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله عليهالسلام
قال : قلت له : لاي علة لم يبق لرسول الله صلىاللهعليهوآله
ولد؟ قال : لان الله عزوجل خلق محمدا
صلىاللهعليهوآله
نبيا وعليا عليهالسلام
وصيا ، فلو كان لرسول الله صلىاللهعليهوآله
ولد من بعده كان
أولى برسول الله صلىاللهعليهوآله
من أمير المؤمنين عليهالسلام
فكانت لا تثبت
وصية أمير المؤمنين عليهالسلام.
٤ ـ مع
، ع : القطان ، عن ابن زكريا القطان ، عن
ابن حبيب ، عن ابن بهلول ، عن أبيه ، عن أبي الحسن العبدي ، عن سليمان بن مهران ، عن عباية بن ربعي ، عن ابن
عباس قال : سئل عن قول الله : « ألم يجدك يتيما
فآوى » قال : إنما سمي يتيما لانه
لم يكن له نظير على وجه الارض من الاولين
والآخرين ، فقال عزوجل
ممتنا عليه
____________________
نعمه : « ألم يجدك
يتيما » أي وحيدا لا نظير لك؟ « فأوى » إليك الناس ، وعرفهم فضلك
حتى عرفوك « ووجدك ضالا » يقول : منسوبا عند
قومك إلى الضلالة فهداهم بمعرفتك
« ووجدك عائلا » يقول : فقيرا عند قومك يقولون :
لا مال لك ، فأغناك الله بمال خديجة ، ثم زادك من فضله ، فجعل دعاءك مستجابا حتى لو دعوت على حجر أن يجعله الله لك
ذهبا لنقل عينه إلى مرادك ، وأتاك بالطعام حيث
لا طعام ، وأتاك بالمآء حيث لا ماء ، و
أعانك
بالملائكة حيث لا مغيث فأظفرك بهم على أعدائك.
٥ ـ ن
: في خبر ابن الجهم
، عن الرضا عليهالسلام
قال الله عزوجل لنبيه محمد صلىاللهعليهوآله
:
« ألم يجدك يتيما فآوى » يقول : ألم يجدك وحيدا فآوى إليك الناس؟ «
ووجدك ضالا » يعني عند قومك « فهدى » أي هداهم إلى معرفتك « ووجدك
عائلا فأغنى » يقول : أغناك
بأن جعل دعاءك مستجابا.
٦ ـ فس
: علي بن الحسين ، عن البرقي ، عن أبيه ، عن خالد بن يزيد ، عن أبي الهيثم.
عن زرارة ، عن الامامين عليهماالسلام
في قول الله تعالى : « ألم يجدك يتيما فآوى » أي فآوى إليك
الناس « ووجدك ضالا فهدى » أي هدى إليك قوما لا
يعرفونك حتى عرفوك « ووجدك
عائلا فأغنى » أي وجدك تعول أقواما فأغناهم
بعلمك.
قال علي بن إبراهيم : ثم قال : « ألم يجدك يتيما فآوى » قال : اليتيم
الذي لا مثل
له ، ولذلك سميت الدرة : اليتيمة ، لانه لا مثل
لها « ووجدك عائلا فأغنى » بالوحي ، فلا
تسأل عن شئ أحدا « ووجدك ضالا فهدى » قال : وجدك
ضالا في قوم لا يعرفون فضل
نبوتك فهداهم الله بك.
____________________
٧ ـ صح
: عن الرضا ، عن آبائه عليهمالسلام
قال : سئل محمد بن علي بن الحسين عليهالسلام
اوتم النبي صلىاللهعليهوآله
من أبويه؟ قال : لئلا يوجد عليه حق لمخلوق.
٨ ـ كنز
: محمد بن العباس ، عن أبي داود ، عن
بكار ، عن
عبدالرحمن ، عن إسماعيل
ابن عبدالله
، عن علي بن عبيد الله
بن العباس قال : عرض على رسول الله صلىاللهعليهوآله
ما هو
مفتوح على امته من بعده كفرا كفرا ، فسر بذلك ،
فأنزل الله تعالى : « وللآخرة
خير لك من
الاولى * ولسوف يعطيك ربك فترضى
» قال : فأعطاه الله ألف قصر في الجنة ، ترابه المسك ، في كل قصر ما ينبغي له من الازواج والخدم.
بيان
: قال الجزري ، أهل الشام يسمون القرية كفرا ، ومنه الحديث عرض على
رسول الله صلىاللهعليهوآله
ما هو مفتوح على امته بعده كفرا كفرا ، فسر ذلك. أي قرية
قرية.
٩ ـ كنز
: محمد بن العباس ، عن محمد بن أحمد بن الحكم ، عن محمد بن يونس ، عن
حماد بن عيسى ، عن الصادق ، عن أبيه (ع) عن
جابر بن عبدالله قال : دخل رسول الله (ص)
على فاطمة عليهاالسلام
وهي تطحن بالرحى وعليها كسآء من أجلة الابل ، فلما نظر إليا بكى
وقال لها : يا فاطمة تعجلي مرارة الدنيا لنعيم
الآخرة غدا ، فأنزل الله عليه : وللآخرة خير
لك من الاولى * ولسوف يعطيك ربك فترضى.
١٠ ـ كنز
: محمد بن العباس ، عن أحمد بن محمد النوفلي ، عن أحمد بن محمد الكاتب ، عن
عيسى بن مهران بإسناده إلى زيد بن علي عليهالسلام في قول الله تعالى
: « ولسوف يعطيك
ربك فترضى « قال : إن رضا رسول الله صلىاللهعليهوآله إدخال الله أهل
بيته وشيعتهم الجنة.
____________________
(باب ٨)
*(أوصافه صلىاللهعليهوآله في خلقته وشمائله وخاتم
النبوة)*
١ ـ ك
، لى : الطالقاني ، عن الجلودي ، عن محمد بن
عطية ، عن عبدالله بن عمرو ، عن هشام بن جعفر ، عن حماد ، عن عبدالله بن سليمان وكان قاريا للكتب قال : قرأت في
الانجيل
يا عيسى جد في أمري ، ولا تهزل ، واسمع وأطع
يابن الطاهرة الطهر البكر البتول ، أنت من غير فحل أنا خلقتك آية للعالمين ، فإياي فاعبد ، وعلي فتوكل ، خذ الكتاب
بقوة ، فسر لاهل سوريا السريانية ، بلغ من بين يديك أني أنا الله الدائم
الذي لا
أزول ، صدقوا النبي الامي ، صاحب الجمل
والمدرعة والتاج ، وهي العمامة ، والنعلين
والهراوة وهي القضيب ، الانجل العينين ، الصلت
الجبين ، الواضح الخدين ، الاقنى
الانف ، مفلج الثنايا ، كأن عنقه إبريق فضة ، كأن
الذهب يجري في تراقيه ، له
شعرات من صدره إلى سرته ، ليس على بطنه ولا على
صدره شعر ، أسمر اللون ، دقيق
المسربة
، شثن الكف والقدم
، إذا التفت التفت جميعا ، وإذا مشى كأنما يتقلع
____________________
من الصخرة ، وينحدر من صبب ، وإذا جاء مع القوم
بذهم ، عرقه في وجهه كاللؤلؤ
، وريح المسك ينفح منه ، لم ير قبله مثله ولا بعده ، طيب الريح ، نكاح النسآء ، ذو
النسل
القليل ، إنما نسله من مباركة لها بيت في الجنة
لا صخب فيه ولا نصب
يكفلها في
آخر الزمان كما كفل زكريا امك ، لها فرخان
مستشهدان ، كلامه القرآن ودينه
الاسلام ، وأنا السلام ، طوبى لمن أدرك زمانه ،
وشهد أيامه وسمع كلامه ، قال عيسى : يا رب وما طوبى؟ قال : شجرة في الجنة أنا
غرستها ، تظل
الجنان ، أصلها من رضوان ، ماؤها من تسنيم ، برده برد الكافور ، وطعمه طعم الزنجبيل ، من يشرب من تلك العين
شربة
لا يظمأ بعدها أبدا ، فقال عيسى عليهالسلام : اللهم اسقني منها
، قال : حرام يا عيسى على البشر
أن يشربوا منها حتى يشرب ذلك النبي صلىاللهعليهوآله ، وحرام على الامم
أن يشربوا منها حتى
يشرب امة ذلك النبي صلىاللهعليهوآله ، أرفعك إلي ثم
اهبطك في آخر الزمان لترى من امة
ذلك النبي صلىاللهعليهوآله
العجائب ، ولتعينهم على اللعين الدجال ، اهبطك في وقت الصلاة
لتصلي معهم إنهم امة مرحومة.
بيان
: لا يبعد أن يكون سوريا في تلك اللغة
اسم سورى ، قال في القاموس : السورى
كطوبى موضع بالعراق ، وهو من بلد السريانيين.
وقال : المدرعة كمكنسة : ثوب
كالدراعة ، ولا تكون إلا من صوف ، وقال : النجل
بالتحريك : سعة العين فهو أنجل. قوله : صلت الجبين ، قال الجزري : أي واسعة ، وقال
الفيروزآبادي : رجل مفجل الثناي
منفرجها ، قوله : كأن الذهب يجري في تراقيه ، لعله كناية عن حمرة ترقوته صلىاللهعليهوآله ، أو سطوع النور منها. قوله : بذهم ، قال الجزري : فيه بذ العالمين ، أي سبقهم وغلبه
____________________
أقول
: فالمعنى أنه كان يغلبهم في الحسن والبهاء ، ويمتاز بينهم ، أو يسبقهم في المشي ،
و
والاول أظهر ، إذ سيأتي ما يخالف الثاني ، والصخب
بالتحريك : الصياح والجلبة.
٢ ـ فس
: الحسين بن عبدالله السكيني ، عن أبي سعيد البجلي ، عن عبدالملك
ابن هارون ، عن الصادق ، عن آبائه عليهمالسلام أن ملك الروم عرض
على الحسين بن علي عليهالسلام
صور الانبيآء فعرض عليه صنما يلوح
، فلما نظر إليه بكى بكاء شديدا ، فقال له الملك
ما يبكيك؟ فقال : هذه صفة جدي محمد صلىاللهعليهوآله
: كث اللحية ، عريض الصدر ، طويل العنق ، عريض الجبهة ، أقنى الانف ، أفلج الاسنان
، حسن الوجه ، قطط الشعر ، طيب
الريح ، حسن الكلام ، فصيح اللسان ، كان يأمر
بالمعروف ، وينهى عن المنكر ، بلغ عمره
ثلاثا وستين سنة ، ولم يخلف بعده إلا خاتم
مكتوب عليه : « لا إله إلا الله محمد رسول الله » وكان يتختم في يمينه ، وخلف سيفه ذا الفقار ، وقضيبه
وجبة صوف ، وكساء صوف كان
يتسرول به لم يقطعه ولم يخيطه حتى لحق بالله ، فقال
الملك : إنا نجد في الانجيل إنه
يكون له ما يتصدق على سبطيه ، فهل كان ذلك؟ فقال له الحسن عليهالسلام : قد كان
ذلك ، فقال الملك : فبقي لكم ذلك؟ فقال : لا ، قال
الملك : أول فتنة هذه الامة عليها ، ثم على ملك نبيكم واختيارهم على ذرية نبيهم
، منكم القائم بالحق ، الآمر
بالمعروف ، والناهي عن المنكر. الخبر.
بيان
: قوله عليهالسلام
: قطط الشعر
مناف لما سيأتي من الاخبار ، ولعل المراد
____________________
عدم الاسترسال التام
كما سيأتي ، ولا يبعد أن يكون تصحيف السبط.
٣ ـ ما
: ابن الصلت ، عن ابن عقدة ، عن أحمد بن محمد بن عبدالرحمن قراءة عن محمد بن
عيسى العبدي
قال : حدثنا مولا علي بن موسى ، عن علي بن موسى ، عن أبيه موسى
ابن جعفر ، عن أبيه ، عن جده ، عن علي عليهمالسلام أنهم قالوا : يا
علي صف لنا نبينا صلىاللهعليهوآله
كأننا نراه ، فإنا مشتاقون إليه ، فقال
: كان نبي الله صلىاللهعليهوآله
أبيض اللون ، مشربا حمرة ، أدعج العين ، سبط الشعر ، كثف
اللحية ، ذا وفرة ، دقيق المسربة ، كأنما عنقه إبريق
فضة ، يجري في تراقيه الذهب ، له شعر من لبته
إلى سرته كقضيب خيط إلى السرة ، وليس في بطنه ولا صدره شعر غيره ، شثن الكفين والقدمين ، شثن الكعبين ، إذا مشى
كأنما يتقلع من صخر ، إذا أقبل كأنما ينحدر من
صبب ، إذا التفت التفت جميعا بأجمعه
كله ، ليس بالقصير المتردد ، ولا بالطويل
المتمعط
، وكان في الوجه تدوير
، إذا
كان في الناس غمرهم ، كأنما عرقه في وجهه
اللؤلؤ ، عرفه أطيب من ريح المسك ، ليس
بالعاجز ولا باللئيم ، أكرم الناس عشرة ، وألينهم عريكة ، وأجودهم كفا ، من
خالطه بمعرفة أحبه ، ومن رآه بديهة هابه ، عزه
بين عينيه ، يقول باغته
: لم أر قبله
ولا بعده مثله ، صلىاللهعليهوآله
تسليما.
بيان
: قال الجوهري : الاشراب : خلط لون بلون ، كأن أحدهما سقى الآخر ، وإذا شدد يكون للتكثير والمبالغة ، ويقال : أشرب الابيض حمرة ، أي علاه ذلك ، وقال
:
____________________
الفيروزآبادي : الدعج
بالتحريك والدعجة : شدة سواد العين مع سعتها ، والادعج : الاسود. وقال الجزري في صفته صلىاللهعليهوآله : في عينيه دعج ، يريد
أن سواد عينيه كان شديد
السواد ، وقيل : الدعج : شدة سواد العين في شدة
بياضها ، وقال : السبط من الشعر : المنبسط المسترسل. وقال : الوفرة : شعر الرأس
إذا وصل إلى شجمة الاذن.
قوله : المتردد ، قال الجزري أي
المتناهي في القصر ، كأنه تردد بعض خلقه على
بعض وتداخلت أجزاؤه ، وقال في صفته صلىاللهعليهوآله : لم يكن بالطويل
الممغط ، وهو بتشديد
الميم الثانية : المتناهي في الطول ، وامغط
النهار : إذا امتد ، وممغطت الحبل وغيره : إذا
مددته ، وأصله منمغط ، والنون للمطاوعة فقلبت
ميما ، وادغمت في الميم ، ويقال : بالعين
المهملة بمعناه. قوله عليهالسلام : غمرهم ، قال
الجزري : أي كان فوق كل من كان معه ، و
العريكة : الطبيعة ، قوله عليهالسلام : من رآه بديهة
هابه ، قال الجزري : أي مفاجاة وبغتة ، يعني من لقيه قبل الاختلاط به هابه لوقاره وسكونه ، وإذا جالسه وخالطه بان حسن
خلقه ، قوله : عزه بين عينيه ، تأكيد للسابق ، ويفسره
اللاحق ، أي يظهر العز في وجهه
أولا قبل أن يعرف ، يقول : باغته بالباء
الموحدة والغين المعجمة أي من رآه بغتة ، وفي
بعض النسخ غرة بالغين المعجمة والراء المهملة ،
ولعله من الغر بالفتح بمعنى حد السيف ، فيرجع إلى الاول ، أو هو بالضم بمعنى الغرة وهي البياض في الجبهة ، وفي بعض النسخ
ناعته بالنون والعين المهملة ، ولا يخفى توجيهه
، وسيأتي شرح سائر الفقرات في الاخبار
الآتية.
٤ ـ ن
: الحسن بن عبدالله بن سعيد العسكري ، عن عبدالله بن محمد بن عبدالعزيز ، عن إسماعيل بن محمد بن إسحاق بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين عليهمالسلام ، بمدينة الرسول
صلىاللهعليهوآله
، قال : حدثني علي بن موسى بن جعفر بن محمد عليهمالسلام
عن موسى بن
جعفر عليهالسلام
عن جعفر بن محمد عليهالسلام
عن أبيه ، عن علي بن الحسين عليهالسلام
قال : قال الحسن بن
علي بن أبي طالب عليهالسلام
سألت خالي هند بن أبي هالة
عن حلية رسول الله صلىاللهعليهوآله
وكان ____________________
وصافا للنبي (ص) ، فقال
: كان رسول الله (ص) فخما مفخما ، يتلالؤ وجهه تلالؤ القمر
ليلة البدر ، أطول من المربوع ، وأقصر من
المشذب ، عظيم الهامة
رجل الشعر ، إن
انفرقت عقيقته فرق ، وإلا فلا يجاوز شعره شحمة اذنيه
، إذا هو وفرة ، أزهر اللون ، واسع الجبين ، أزج الحواجب
، سوابغ في غير قرن ، بينهما له
عرق يدره الغضب ، أقنى العرنين ، له نور يعلوه ، يحسبه من لم يتأمله أشم ، كث اللحية ، سهل الخدين
ضليع الفم ، أشنب مفلج الاسنان ، دقيق المسربة
، كأن عنقه جيد دمية
في صفاء
الفضة ، معتدل الخلق ، بادنا متماسكا ، سواء
البطن والصدر
، بعيد ما بين المنكبين ، ضخم الكراديس ، أنور المتجرد ، موصول ما بين اللبة والسرة بشعر يجري كالخط ، عاري
الثديين والبطن مما سوى ذلك ، أشعر الذراعين
والمنكبين ، وأعالي الصدر ، طويل الزندين ، رحب الراحة ، شثن الكفين والقدمين ، سائل الاطراف ، سبط القصب ، خمصان الاخمصين ، مسيح القدمين ، ينبو عنهما الماء ، إذا زال زال قلعا ، يخطو تكفؤا ، ويمشي هونا ، ذريع
المشية
، إذا مشى كأنما ينحط في صبب ، وإذا التفت التفت جميعا ، خافض الطرف ، نظره
إلى الارض أطول من نظره إلى السماء ، جل نظره
الملاحظة ، يبدر
من لقيه بالسلام.
قال : قلت : فصف لي منطقه ، فقال : كان صلىاللهعليهوآله مواصل الاحزان ، دائم الفكر ،
____________________
ليست له راحة ، ولا
يتكلم في غير حاجة ،
يفتتح الكلام ، ويختمه بأشداقه
، يتكلم بجوامع الكلم فصلا ، لا فضول فيه ولا تقصير ، دمثا ليس بالجافي ولا بالمهين
، تعظم عنده النعمة وإن ذقت ، لا يذم منها شيئا غير أنه كان لا يذم ذواقا ولا يمدحه
ولا تغضبه الدنيا وما كان لها ، فإذا تعوطي
الحق لم يعرفه أحد ، ولم يقم لغضبه شئ
حتى ينتصر له إذا أشار أشار بكفه كلها ، وإذا تعجب
قلبها ، وإذا تحدث اتصل
بها ، يضرب
براحته اليمنى باطن أبهامه اليسرى ، وإذا غضب أعرض وأشاح ، وإذا
فرح غض طرفه
، جل ضحكه التبسم ، يفتر عن مثل حب الغمام.
قال الحسن : فكتمتها الحسين زمانا ، ثم حدثته فوجدته قد
سبقني إليه ، وسأله عما سألته عنه ، ووجدته
قد سأل أباه عن مدخل النبي صلىاللهعليهوآله
ومخرجه ، و
مجلسه وشكله ، فلم يدع منه شيئا ، قال الحسين عليهالسلام : سألت أبي عليهالسلام عن مدخل
رسول الله صلىاللهعليهوآله
، فقال : كان دخوله لنفسه مأذونا له في ذلك ، فإذا آوى إلى منزله جزأ
دخوله ثلاثة أجزاء : جزء لله. وجزء لاهله ، وجزء
لنفسه ، ثم جزأ جزءه بينه وبين الناس
فيرد ذلك بالخاصة على العامة ، ولا يدخر عنهم منه شيئا ، وكان من سيرته في جزء
____________________
الامة إيثار أهل
الفضل بإذنه وقسمه على قدر فضلهم في الدين ، فمنهم ذو الحاجة ، ومنهم
ذو الحاجتين ، ومنهم ذو الحوائج ، فيتشاغل بهم
ويشغلهم فيما أصلحهم والامة من مسألته
عنهم
، وإخبارهم بالذي ينبغي،
ويقول : « ليبلغ الشاهد منكم الغائب ، و
أبلغوني حاجة من لا يقدر على إبلاغ حاجته ، فإنه من أبلغ سلطانا حاجة من لا يقدر
على إبلاغها
ثبت الله قدميه يوم القيامة » لا يذكر عنده إلا ذلك ، ولا يقيد
من أحد عثرة يدخلون روادا ، ولا يفترقون إلا عن
ذواق ، ويخرجون أدلة. فسألته
عن مخرج رسول الله صلىاللهعليهوآله كيف كان يصنع فيه؟
فقال : كان صلىاللهعليهوآله يخزن لسانه إلا
عما يعنيه ، ويؤلفهم ولا ينفرهم ، ويكرم كريم كل قوم ، ويوليه عليهم ، ويحذر
الناس
ويحترس منهم من غير أن يطوي عن أحد بشره ولا خلقه ، ويتفقد أصحابه ، ويسأل الناس عما في الناس
، ويحسن الحسن ويقويه ، ويقبح القبيح ويوهنه ، معتدل الامر ، غير مختلف ، لا يغفل مخافة أن يغفلوا أو يميلوا ، ولا يقصر عن الحق
ولا يجوزه ، الذين يلونه من الناس خيارهم
أفضلهم عنده أعمهم نصيحة للمسلمين ، و
____________________
أعظمهم عنده منزلة
أحسنهم مواساة وموازرة.
قال : وسألته عن مجلسه ، فقال : كان صلىاللهعليهوآله لا يجلس ولا يقوم
إلا على ذكر
، ولا يوطن الاماكن
وينهى عن إيطانها ، وإذا انتهى إلى قوم جلس حيث ينتهي به
المجلس ويأمر بذلك ، ويعطي كل جلسائه نصيبه ، ولا
يحسب أحد من جلسائه أن
أحدا
عليه منه ، من
جالسه صابره
حتى يكون هو المنصرف عنه ، من سأله
حاجة لم يرجع إلا بها أو بميسور من القول ، قد وسع الناس منه
خلقه ، وصار لهم
أبا
، وصاروا عنده في الحق سواء ، مجلسه مجلس حلم وحياء وصدق وأمانة ، لا ترفع
فيه الاصوات ، ولا تؤبن فيه الحرم ، ولا تنثى فلتاته ، متعادلين متواصلين فيه
بالتقوى ، متواضعين يوقرون الكبير ، ويرحمون
الصغير ، ويؤثرون ذا الحاجة ، ويحفظون
الغريب.
فقلت : فكيف كانت سيرته في جلسائه؟ فقال
: كان دائم البشر ، سهل الخلق ، لين
الجانب : ليس بفظ ولا صخاب ولا فحاش ولا عياب
ولا مداح ، يتغافل عما لا يشتهي ،
____________________
فلا يؤيس منه ولا
يخيب فيه مؤمليه ، قد ترك نفسه من ثلاث : المراء ، والاكثار ، وما لا
يعنيه ، وترك الناس من ثلاث : كان لا يذم أحدا
، ولا يعيره ، ولا يطلب عورته ولا عثراته
، ولا يتكلم إلا فيما رجا
ثوابه ، إذا تكلم أطرق جلساؤه كأنما على رؤوسهم الطير ، وإذا سكت تكلموا ولا يتنازعون عنده الحديث ، من تكلم انصتوا له حتى يفرغ ، حديثهم عنده حديث اوليهم
، يضحك مما يضحكون منه ، ويتعجب مما يتعجبون
منه ويصبر للغريب على الجفوة في مسألته ومنطقه
حتى أن كان أصحابه ليستجلبونهم ، ويقول : إذا رأيتم طالب الحاجة يطلبها فارفدوه
، ولا يقبل الثناء إلا من مكافئ ، ولا
يقطع على أحد كلامه حتى يجوز فيقطعه بنهي أو قيام.
قال : فسألته عن سكوت رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فقال : كان سكوته
على أربع : على
الحلم ، والحذر ، والتقدير ، والتفكير ، فأما التقدير ففي تسوية النظر
والاستماع بين
الناس ، وأما تفكره ففيما يبقى ويفنى ، وجمع له
الحلم في الصبر ، فكان لا يغضبه شئ ولا
يستفزه ، وجمع له الحذر في أربع : أخذه الحسن ليقتدى به ، وتركه القبيح
لينتهى
عنه ، واجتهاده الرأي في صلاح امته ، والقيام فيما جمع لهم خير الدنيا و
الآخرة.
____________________
مع
: الطالقاني ، عن القاسم بن بندار المعروف بأبي صالح الحذاء ، عن إبراهيم بن
نصر بن عبدالعزيز ، عن مالك بن إسماعيل النهدي
، عن جميع بن عمير ، عن عبدالرحمن
العجلي قال : حدثني رجل بمكة ، عن ابن أبي هالة
التميمي ، عن الحسن بن علي قال : سألت خالي هند بن أبي هالة ، وكان وصافا عن
حلية رسول الله صلىاللهعليهوآله.
وحدثني الحسن بن عبدالله بن سعيد
العسكري وساق الاسناد الذي مضى في
« ن »
إلى قوله : عن حلية رسول الله صلىاللهعليهوآله
، ثم قال : وحدثني الحسن بن عبدالله بن سعيد ، عن عبدالله بن أحمد بن عبدان ، وجعفر بن محمد البزاز البغدادي معا ، عن سفيان بن
وكيع ، عن
جميع ابن عمير ، عن رجل من بني تميم من ولد أبي
هالة ، عن أبيه ، عن الحسن بن علي عليهالسلام
قال : سألت خالي هند بن أبي هالة التميمي ، وكان
وصافا للنبي صلىاللهعليهوآله
وأنا أشتهي أن
يصف لي منه شيئا لعلي أتعلق به ، فقال : كان
رسول الله (ص) فخما مفخما ، وساق الحديث
إلى قوله : مثل حب الغمام ، ثم قال : إلى هاهنا
رواه أبوالقاسم بن منيع ، عن إسماعيل بن
محمد بن إسحاق بن جعفر بن محمد ، والباقي رواية
عبدالرحمن إلى آخره ، ثم قال : قال الحسن : فكتمتها الحسين ، وساق الحديث إلى آخره كما
نقلناه من « ن » ثم قال : حدثنا أبوعلي
أحمد بن يحيى المؤدب قال : حدثنا محمد بن
الهثيم ، قال : حدثنا
عبدالله بن الصقر
السكري أبوالعباس ، قال : حدثنا سفيان بن وكيع
بن الجراح ، قال : حدثني جميع بن
عمير العجلي إملاء من كتابه قال : حدثني رجل من
بني تميم من ولد أبي هالة التميمي ، عن أبيه ، عن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهالسلام
قال : سألت خالي هند بن أبي هالة
التميمي وكان وصافا للنبي صلىاللهعليهوآله وأنا أشتهي أن يصف
لي منه شيئا لعلي أتعلق
به ، فقال : كان رسول الله صلىاللهعليهوآله فخما مفخما. وذكر
الحديث بطوله.
مكا
: برواية الحسن والحسين صلوات الله
عليهما من كتاب محمد بن إبراهيم بن إسحاق
____________________
الطالقاني ، عن
ثقاته ، عن الحسن بن علي عليهالسلام
قال : سألت خالي هند بن أبي هالة
التميمي إلى آخر الخبر.
قال الصدوق رحمهالله في « مع » : سألت أبا أحمد الحسن بن عبدالله بن
سعيد
العسكري عن تفسير هذا الخبر فقال : قوله : كان
رسول الله فخما مفخما معناه كان عظيما
معظما في الصدور والعيون ، ولم تكن خلقته في جسمه الضخامة وكثرة اللحم ، وقوله
: يتلالؤ وجهه تلالا القمر ، معناه ينير ويشرق
كإشراق القمر ، وقوله : أطول من المربوع
وأقصر من المشذب. المشذب عند العرب : الطويل الذي ليس بكثير
اللحم ، يقال
جذع مشذب : إذا طرحت عنه قشوره وما يجري مجراها ، ويقال لقشور الجذع التي
تقشر عنه : الشذب ، قال الشاعر في صفة فرس :
أما إذا استقبلته فكأنه
|
|
في العين جذع من أوال مشذب
|
وقوله : رجل الشعر ، معناه في شعره تكسر
وتعقف ، ويقال : شعر رجل : إذا كان
كذلك ، فإذا كان الشعر لا تكسر فيه قيل : شعر سبط ورسل ، وقوله : إن
انفرقت
عقيقته ، العقيقة : الشعر المجتمع في الرأس ، وعقيقة
المولود : الشعر الذي يكون على رأسه
من الرحم ، ويقال لشعر المولود المتجدد بعد
الشعر الاول الذي حلق : عقيقة ، ويقال
للذبيحة التي تذبح عن المولود : عقيقة ، وفي
الحديث كل مولود مرتهن بعقيقته ، وعق
النبي صلىاللهعليهوآله
عن نفسه بعد ما جائته النبوة ، وعق عن الحسن والحسين عليهماالسلام
كبشين.
وقوله : أزهر اللون ، معناه نير اللون ،
يقال : أصفر يزهر : إذا كان نيرا ،
____________________
والسراج يزهر ، معناه
نير ، وقوله : أزج
الحواجب ، معناه طويل امتداد الحاجبين
بوفور الشعر فيهما وجبينه إلى الصدغين ، قال
الشاعر :
إن ابتساما بالنقي
الافلج
|
|
ونظرا في الحاجب المزجج
|
مئنة من الفعال الاعوج
مئنة : علامة ، وفي حديث النبي صلىاللهعليهوآله : إن في طول صلاة
الرجل وقصر خطبته
مئنة من فقهه.
وقوله : أزج الحواجب ، ولم يقل : الحاجبين : فهو على لغة من
يوقع الجمع
على التثنية ، ويحتج بقول الله جل ثناؤه : « وكنا
لحكمهم شاهدين
» يريد لحكم
داود وسليمان عليهماالسلام
، وقال النبي صلىاللهعليهوآله
: « الاثنان وما فوقهما جماعة « وقال بعض
العلماء : يجوز أن يكون جمع ، فقال أزج الحواجب على أن كل قطعة من
الحاجب
اسمها حاجب ، فأوقعت الحواجب على القواطع
المختلفة ، كما يقال للمرأة : حسنة الاجساد ، وقد قال الاعشى :
ومثلك بيضآء
ممكورة
|
|
وصاك العبير بأجسادها
|
صاك معناه لصق.
وقوله : في غير قرن ، معناه أن الحاجبين
إذا كان بينهما انكشاف وابيضاض يقال لهما : البلج والبلجة ، يقال : حاجبه أبلج : إذا كان
كذلك ، وإذا اتصل الشعر في وسط الحاجب
فهو القرن.
____________________
وقوله : أقنى العرنين : القنا : أن يكون
في عظم الانف إحد يداب في وسطه ، والعرنين : الانف. وقوله : كث اللحية ، معناه أن لحيته قصيرة كثيرة الشعر فيها ، وقوله : ضليع الفم ، معناه كبير الفم ، ولم تزل العرب تمدح بكبر الفم وتهجو بصغره
، قال الشاعر يهجو رجلا :
إن كان كدي وإقدامي لفي جرذ
|
|
بين العواسج أجني حوله المصع
|
معناه إن كان كدي وإقدامي لرجل فمه مثل
فم الجرذ في الصغر ، والمصع : ثمر
العوسج ، وقال بعض الشعرآء :
لحا الله أفواه الدبا من قبيلة
فعيرهم بصغر الافواه ، كما مدحوا الخطبآء بسعة الاشداق ، وإلى هذا
المعنى
يصرف قوله أيضا : كان يفتتح الكلام ويختمه
بأشداقه ، لان الشدق جميل مستحسن عندهم ، يقال : خطيب أهرت
الشدقين ، وهريت الشدق ، وسمي عمرو بن سعيد الاشدق ، وقال
الخنسآء ترثي أخاها :
وأحيى من مخبأة حياء
|
|
وأجرى من أبي ليث هزبر
|
هريت الشدق ريقال إذا
|
|
ما عدا لم ينه عدوته بزجر
|
وقال ابن مقبل : هرت الشقاشق ظلامون
للجزر.
وقوله : الاشنب من صفة الفم ، قالوا : إنه
الذي لريقه عذوبة وبرد ، وقالوا أيضا : إن الشنب في الفم : تحدر ورقة وحدة في أطراف الاسنان ، ولا يكاد
يكون هذا إلا
مع الحداثة والشباب ، قال الشاعر :
يا بأبي أنت وفوك الاشنب
|
|
كأنما ذر عليه الزرنب
|
____________________
وقوله : دقيق المسربة ، فالمسربة : الشعر
المستدق الممتد من اللبة إلى السرة ، قال الحارث بن وعلة الجومي
:
ألآن لما ابيض
مسربتي
|
|
وعضضت من نابي على
جذم
|
وقوله : كأن عنقه جيد دمية ، فالدمية : الصورة
، وجمعها دمى.
قال الشاعر :
أو دمية صور محرابها
|
|
أو دمية صور محرابها
|
والجيد : العنق. وقوله : بادن متماسك ، معناه
تام خلق الاعضآء ليس بمسترخي
اللحم ولا بكثيره. وقوله : سواء البطن والصدر ،
معناه أن بطنه ضامر ، وصدره عريض ، فمن هذه الجهة تساوي بطنه صدره ، والكراديس : رؤوس العظام ، وقوله : أنور المتجرد
، معناه نير الجسد الذي تجرد من الثياب ، وقوله : طويل الزندين ، في كل ذراع زندان
وهما جانبا عظم الذراع ، فرأس الزند الذي يلي
الابهام يقال له : الكوع ، ورأس الزند
الذي يلي الخنصر يقال له : الكرسوع ، وقوله : رحب
الراحة ، معناه واسع الراحة كبيرها ، والعرب تمدح بكبر اليد ، وتهجو بصغرها ، قال الشاعر :
فناطوا من الكذاب كفا صغيرة
|
|
وليس عليهم قتله بكبير
|
ناطوا معناه علقوا ، وقالوا : رحب
الراحة ، أي كثير العطاء ، كما قالوا : ضيق الباع
في الذم.
وقوله : شثن الكفين ، معناه خشن الكفين
، والعرب تمدح الرجال بخشونة الكف ، والنسآء بنعمة الكف
، وقوله : سائل الاطراف ، أي تامها غير طويلة ولا قصيرة ، وقوله : سبط
القصب ، معناه ممتد القصب ، غير متعقدة ، والقصب
: العظام الجوف
التي فيها مخ ، نحو الساقين
والذراعين ، وقوله : خمصان الاخمصين ، معناه أن
أخمص رجله شديد الارتفاع من
الارض ، والاخمص : ما يرتفع عن الارض من وسط باطن الرجل وأسلفها ، وإذا
كان
____________________
أسفل الرجل مستويا
ليس فيها أخمص فصاحبه أرح ، يقال : رجل أرح : إذا لم يكن
لرجله أخمص ، وقوله : مسيح القدمين ، معناه ليس
بكثير اللحم فيهما وعلى ظاهرهما ، فلذلك
ينبو الماء عنهما. وقوله : زال قلعا ، معناه
متثبا. يخطو تكفؤا ، معناه خطاه كأنه يتكبر
فيها أو يتبختر لقلة الاستعجال معها ، ولا
تبختر فيها ولا خيلاء. وقوله : يمشي هونا ، معناه
السكينة والوقار ، وقوله : ذريع المشية ، معناه
واسع المشية من غير أن يظهر فيه استعجال
وبدار ، يقال : رجل ذريع في مشيه ، وامرأة ذراع
: إذا كانت واسعة اليدين بالغز
وقوله : كأنما ينحط في صبب ، الصبب : الانحدار ، وقوله : دمثا ، الدمث : اللين
الخلق ، فشبه بالدمث من الرمل وهو اللين ، قال
قيس بن الخطيم :
يمشي كمشي الزهراء في دمث
|
|
الرمل إلى السهل دونه الجرف
|
والمهين : الحقير ، وقد رواه بعضهم
المهين يعني لا يحتقر
أصحابه ولا يذلهم ، تعظم عنده النعمة ، معناه من حسن خطابه أو معونته بما يقل من الشأن كان عنده عظيما
، وقوله : فإذا تعوطي الحق ، معناه إذا تنوول غضب لله تبارك وتعالى ، قال الاعشى :
تعاطى الضجيع إذا سامها
|
|
بعيد الرقاد وعند الوسن
|
معناه تناوله ، وقوله : إذا غضب أعرض
وأشاح ، قالوا : في أشاح جد في الغضب
وانكمش ، وقالوا : جد وجزع ، واستعد لذلك ، قال الشاعر :
وإعطائي على العلات مالي
|
|
فضربيهامة البطل المشيح
|
وقوله : يسوق أصحابه ، معناه يقدمهم بين
يديه تواضعا وتكرمة لهم ، ومن رواه
يفوق ، أراد يفضلهم دينا وحلما وكرما. وقوله
يفتر عن مثل حب الغمام ، معناه يكشف
شفتيه عن ثغر أبيض يشبه حب الغمام ، يقال : قد
فررت الفرس : إذا كشفت عن أسنانه ، وفررت الرجل عما في قلبه : إذا كشفته عنه ، وقوله : لكل حال عنده عتاد ، والعتاد :
____________________
العدة ، يعني أنه
أعد للامور أشكالها ونظائرها ، ومن رواه ولا يقيد من أحد عثرة ، بالدال أي من جنى
عليه جناية اغتفرها وصفح عنها تصفحا وتكرما ، إذا كان تعطيلها
لا يضيع من حقوق الله شيئا ، ولا يفسد متعبدا
به ولا مفترضا ، ومن رواه يقيل باللام ذهب
إلى أنه صلىاللهعليهوآله
لا يضيع حقوق الناس التي يجب
لبعضهم على بعض.
وقوله : ثم يرد ذلك بالخاصة على العامة ، معناه أنه كان يعتمد في هذه الحال
على أن الخاصة يرفع إلى العامة علومه وآدابه
وفوائده ، وفيه قول آخر : فيرد ذلك
بالخاصة على العامة أن يجعل المجلس للعامة بعد الخاصة فتنوب البآء
عن « من » و « على » عن « إلى » لقيام بعض الصفات مقام
بعض ، وقوله : يدخلون روادا ، الرواد جمع
رائد ، وهو الذي يتقدم القوم إلى المنزل يرتاد
لهم الكلآء ، يعني أنهم ينفعون بما يسمعون
من النبي صلىاللهعليهوآله
من ورائهم كما ينفع الرائد من خلفه ، وقوله : ولا يفترقون إلا عن ذواق ، معناه عن علوم يذوقون من حلاوتها ما يذاق من الطعام المشتهى ، والادلة : التي تدل
الناس
على امور دينهم ، وقوله : ولا تؤبن فيه الحرم ،
أي لا تعاب ، أبنت الرجل فأنا آبن والمأبون : المعيب ، والابنة : العيب ، قال أبوالدرداء : إن
نؤبن بما ليس فينا فربما زكينا بما ليس
عندنا ، ولعل ذا أن يكون بذلك ، معناه إن نعيب
بما ليس فينا ، قال الاعشى :
سلاجم كالنخل ألبستها
|
|
قضيب سرآء قليل الابن
|
وقوله : ولا تنثى فلتاته ، معناه من غلط
فيه غلطة لم يشنع
ولم يتحدث بها ، يقال : نثوت الحديث أنثوه نثوا : إذا حدثت به ، وقوله : إذا تكلم أطرق جلساؤه كأن
على رؤوسهم الطير ، معناه أنهم كانوا لاجلالهم
نبيهم صلىاللهعليهوآله
لا يتحركون ، فكانت صفتهم
صفة من على رأسه طائر يريد أن يصيده ، فهو يخاف
إن تحرك طيران الطائر وذهابه ، وفيه قول آخر : إنهم كانوا يسكنون ولا يتحركون حتى يصيروا بذلك عند الطائر
____________________
كالجدران والابنية
التي لا يخاف الطير وقوعا عليها ، قال الشاعر :
إذا حلت بيوتهم عكاظا
|
|
حسبت على رؤوسهم الغرابا
|
معناه لسكونهم تسقط الغربان على رؤوسهم
، وخص بالغراب لانه من أشد الطير
حذرا ، وقوله : ولا يقبل الثنآء إلا من مكافئ ،
معناه من صح عنده إسلامه حسن موقع
ثنائه عليه عنده ، ومن استشعر منه نفاقا وضعفا
في ديانته ألقى ثنائه عليه ولم يحفل به
، وقوله : إذا جاءكم طالب الحاجة يطلبها فارفدوه ، معناه فأعينوه واسعفوه على طلبته
، يقال : رفدت الرجل رفدا بفتح الرآء في المصدر ، والرفد بكسر الرآء الاسم ، يعني به
الهبة
والعطية ، تم الخبر بتفسيره والحمد لله كثيرا.
بيان
: أقول : هذا الخبر من الاخبار المشهورة ، روته العامة في أكثر كتبهم ، قوله : فخما مفخما ، قال الجزري وغيره : أي عظيما
معظما في الصدور والعيون ، ولم تكن
خلقته في جسمه الضخامة ، وقيل : الفخامة في
وجهه نبله
، وامتلاؤه مع الجمال والمهابة ، والمربوع : الذي ليس بالطويل ولا بالقصير ، وقالوا : المشذب هو الطويل البائن
الطول مع
نقص في لحمه ، وأصله من النخلة الطويلة التى
شذب عنها جريدها ، أي قطع وفرق ، وأوال
كسحاب جزيرة بالبحرين ، قوله : رجل الشعر ، أي
لم يكن شديد الجعودة ، ولا شديد
السبوطة ، بل بينهما ، قوله : إن انفرقت عقيقته
، قال الحسين بن مسعود الفرآء في شرح
السنة : العقيقة اسم لشعر على المولود حين يولد
، سمي عقيقة لانه يحلق ، وأصل العق : الشق والقطع ، ومنه قيل للذبيحة عند الولادة : عقيقة
، لانه يشق حلقومها ، ثم قيل
للشعر الذي ينبت بعد ذلك عقيقة أيضا على
الاستعارة ، وذلك معناه هاهنا يقول : إن انفرق
شعر رأسه من ذات نفسه فرقه في مفرقه ، وإن لم
ينفرق تركه وفرة واحدة على حالها ، يقال : فرقت الشعر أفرقه فرقا ، وقيل : العقيقة : اسم الشعر قبل أن يحلق ، فإذا
حلق ثم نبت
____________________
زال عنه اسم العقيقة
، سمي شعره عقيقة إذ لم ينقل أنه حلق في صباه ، ويروى عقيصته ، وهي الشعر المعقوص ، وهو نحو من المضفور
والوفرة إلى شحمة الاذن ، والجمة إلى
المنكب ، واللمة التي المت بالمنكب.
وقال الكازروني في المنتقى : العقيصة : هي
الشعر المجموع المضفور ، كأنه يريد
إن انفرق شعره بعد ما جمعه وعقصه فرق شعره
وتركه كل شئ منه في منبته ، وإلا يبقى
معقوصا ، كان موضعه الذي يجمعه فيه حذاء اذنيه
ويرسله هناك ، وقال بعض علمائنا : هذا في
أول الاسلام يفعله كفعل أهل الكتاب ، ثم فرق
بعد ، وهذا الفرق هو الذي يعد في
الخصال العشر من الفطرة ، وروى بعضهم عقيقته
وهو تصحيف انتهى.
وقال الزمخشري : العقيقة : الشعر الذي
يولد به ، وكان تركها عندهم عيبا ولوما ، وبنو هاشم أكرم ، ومحمد بن عبدالله صلىاللهعليهوآله
أكرم عليهم من أن يتركوه غير معقوق عنه ، ولكن هندا
سمي شعره عقيقة لانه منها ، ونباته من اصولها ، كما سمت العرب
أشياء كثيرة بأسامى ما هي منه ، ومن سببه ، وانفرق
مطاوع فرق ، أي كان لا ينفرق شعره
إلا أن ينفرق هو ، وكان هذا في صدر الاسلام ، ويروى
أنه إذا كان أمر لم يؤمر فيه بشئ
يفعله المشركون وأهل الكتاب أخذ فيه بفعل أهل
الكتاب ، فسدل ناصيته ما شاء الله ، ثم
فرق بعد ذلك وفرة. قوله : وفرة ، أي أعفاه عن
الفرق ، يعني أن شعره إذا ترك فرقه لم
يجاوز شحمة اذنيه ، وإذا فرقه تجاوزها انتهى.
وقال الجزري : الازهر : الابيض المستنير
، وقال : الزجج : تقويس في الحاجب مع
طول في طرفه وامتداده ، وقال : القرن بالتحريك
: التقاء الحاجبين ، وهذا خلاف ما روت
ام معبد في صفته صلىاللهعليهوآله
: « أزج أقرن « أي مقرون الحاجبين ، والاول الصحيح في صفته ، وسوابغ ، حال من المجرر وهو الحواجب ، أي أنها رقت في حال سبوغها ، ووضع الحواجب
موضع الحاجبين ، لان التثنية جمع ، وقال في
قوله : يدره الغضب : أي يمتلي دما إذا غضب ،
____________________
كما يتملي الضرع
لبنا إذا در.
وقال الزمخشري : يدره الغضب ، أي يحركه
من أدرت المرأة المغزل : إذا فتلته
فتلا شديدا. قوله : ممكورة أي مطوية الخلق.
قوله : أقنى العرنين ، قال الجزري : العرنين
بالكسر : الانف ، وقيل : رأسه ، والقنا في الانف : طوله ودقة أرنبته مع حدب في وسطه. والشمم : ارتفاع قصبة الانف ،
واستواء أعلاها ، وإشراف الارنبة قليلا.
أقول
: أي القنا الذي كان فيه لم يكن فاحشا
مفرطا ، بل كان لا يعلم إلا بعد التأمل ، قوله : كث اللحية ، قالوا : الكثاثة في اللحية أن تكون غير رقيقة ولا طويلة وفيها
كثافة ، يقال : رجل كث اللحية بالفتح. قوله : سهل الخدين ، قال الجزري : أي سائل الخدين ، غير مرتفع الوجنتين.
وقال الكازروني : يجوز أن يريد به لبس
في خديه نتو ، لان السهل ضد الحزن ، وذكر بعضهم أنه يريد أسيل الخدين ، لم يكثر لحمه ولم تغلظ جلدته.
قوله : ضليع الفم ، قال الجزري : أي
عظيمه ، وقيل : واسعة ، والعرب تحمد عظم
الفم وتذم صغره انتهى.
وقيل : أراد بالفم الاسنان ، فقد يكنى
بالفم عنها ، أي كان تام الاسنان ، شديدها
في تراصف ، ولا يخفى بعده ، والجرذ : نوع من
الفار ، ويقال : لحاه الله ، أي قبحه ولعنه ، والدبى بتخفيف الباء : الجراد قبل أن يطير ، والشدق بالكسر : جانب الفم ، والشدق
بالتحريك : سعة الشدق. والهريت : الواسع
الشدقين. قوله : وأحيى أي أكثر حياء ، و
المخبأة : المرأة المستورة. والريقان فيعال من أرقل
: إذا أسرع ، والشقشقة بالكسر شئ
كالرية يخرجها البعير من فيه إذا هاج ، وإذا
قالوا للخطيب : ذو شقشقة فإنما يشبه بالفحل ، ذكره الجوهري ، وقال : ظلمت البعير : إذا نحرته من غير داء ، قال ابن مقبل :
حواست جمع كن
|
|
حواست جمع كن
|
____________________
وقال الزرنب : ضرب من النبات طيب
الرائحة ، ثم ذكر البيت ، وقال الجزري : الشنب : البياض ، والبريق : التحديد في الاسنان
، وقال : الفلج : فرجة ما بين الثنايا و
الرباعيات. وقال الجوهري : الجذم بالكسر : أصل
الشئ وقد يفتح ، وقال : وعضضت
من نابي على جذم. قوله : جيد دمية ، قال الجزري
: الدمية : الصورة المصورة ، وجمعها
دمى ، لانها يتنوق في صنعتها ويبالغ في تحسينها
انتهى.
قوله : معتدل الخلق ، أي كل شئ من بدنه
يليق بما لديه في الحسن والتمام.
قوله : بادنا ، قال الجزري : البادن : الضخم ، فلما قال : بادنا ، أردفه بقوله : متماسكا
، وهو الذي يمسك بعض أعضائه بعضها فهو معتدل الخلق. وقال : سواء البطن والصدر ، أي هما متساويان لا ينبو أحدهما عن الآخر.
وقال الزمخشري : يعني أن بطنه غير
مستفيض فهو مساو لصدره ، وصدره عريض
فهو مساو لبطنه. وقال الجزري : الكراديس هي
رؤوس العظام ، واحدها كردوس ، وقيل
هي ملتقى كل عظمين ضخمين كالركبتين والمرفقين
والمنكبين ، أراد أنه ضخم الاعظاء
قوله : أنور المتجرد ، قال الجزري : أي ما جرد
عنه الثياب من جسده وكشف ، يريد أنه
كان مشرق الجسد.
وقال الكازروني : المتجرد : الموضع الذي
يستتر بالثياب فيتجر دعنها في بعض الاحيان ، يصفها بشدة البياض ، وقد ورد في حديث آخر أنه كان أسمر ، وفي حديث آخر : أنه كان
أبيض مشربا ، وفي هذا الحديث أنه كان أزهر
اللون ، ووجه الجمع بينها أن السمرة كانت
فيما يبرز للشمس من بدنه ، والبياض فيما وراء
الثياب ، وقوله : أزهر يحمل على إشراق
اللون ، لا على البياض ، وقيل : إن المشرب إذا
اشبع حكى سمرا ، فإذا ليس بينهما
اختلاف ، وفي حديث آخر : لم يكن بالابيض الامهق
، وهو الذي يشبه بياض الجص ، و
الانور وضع موضع النير ، كقوله تعالى : « وهو أهون عليه » وكقولهم : الله أكبر ، وقال : اللبة بالفتح وتشديد الباء : المنحر ، وعاري الثديين ، أي لم يكن عليهما
شعر ،
____________________
وقيل : أراد لم يكن
عليهما لحم ، فإنه قد جاء في صفته أشعر الذراعين والمنكبين وأعلى
الصدر انتهى.
ولا يخفى بعد الاخير ، وعدم الحاجة إليه
لعدم التنافي.
قوله : رحب الراحة ، قال الكازروني ، يكنون
به عن السخاء والكرم ، ويستدلون
بهذه الخلقة على الكرم.
قوله : فناطوا من الكذاب ، قال الزمخشري
: قاله الاخطل في صلب المختار بن
أبي عبيد.
قوله : شثن الكفين والقدمين ، قال
الجزري : أي أنهما يميلان إلى الغلظ و
القصر ، وقيل : هو الذي في أنامله غلظ بلا قصر
، ويحمد ذلك في الرجال ، لانه أشد
لقبضهم ، ويذم في النساء.
وقال الصاحب ابن عباد في المحيط : الشتون
: اللينة من الثياب ، الواحد شتن ، وروي
في الحديث في صفة النبي صلىاللهعليهوآله أنه كان شتن الكف
بالتاء ، ومن رواه بالثاء فقد صحف
انتهى وهو غريب.
قوله : سائل الاطراف ، قال الزمخشري : أي
لم تكن متعقدة ، وقال الجزري : أي ممتدها ، ورواه بعضهم بالنون ، بمعناه
كجبريل وجبرين. قوله : سبط القصب ، قال
الجزري : السبط بسكون الباء وكسرها : الممتد
الذي ليس فيه تعقد ولا نتو ، والقصب
يريد بها ساعديه وساقيه ، وقال : الاخمص من
القدم : الموضع الذي لا يلصق بالارض منها
عند الوطي ، والخمصان : المبالغ منه ، أي أن
ذلك الموضع من أسفل قدمه شديد التجافي
عن الارض ، وسئل ابن الاعرابي عنه فقال : إذا
كان خمص الاخمص بقدر لم يرتفع جدا
ولم يستو أسفل القدم جدا فهو أحسن ما يكون ، وإذا
استوى وارتفع جدا فهو ذم ، فيكون المعنى أن أخمصه معتدل الخمص بخلاف الاول.
وقال الجوهري : رجل أرح ، أي لا أخمص
لقدميه ، كأرجل الزنج. قوله : مسيح
القدمين ، أي ملساوان لينتان ليس فيهما تكسر
ولا شقاق ، فإذا أصابهما الماء نبأ عنهما ،
____________________
أي يسيل ويمر سريعا
لملاستهما.
وقال الجزري : في صفته صلىاللهعليهوآله إذا مشى تقلع ، أراد
قوة مشيه ، كأنه يرفع رجليه
من الارض رفعا قويا ، لا كمن يمشي اختيالا
وتقارب خطاه ، فإن ذلك من مشي النسآء
ويوصفن به ، وفي حديث أبي هالة : إذا زال زال
قلعا ، يروى بالفتح والضم ، فبالفتح هو
مصدر بمعنى الفاعل ، أي يزول قالعا لرجله من
الارض ، وهو بالضم إما مصدر أو اسم و
هو بمعنى الفتح ، وقال الهروي : قرأت هذا الحرف
في كتاب غريب الحديث لابن الانباري
قلعا بفتح القاف وكسر اللام ، وكذلك قرأته بخط
الازهري ، وهو كما جاء في حديث
آخر كأنما ينحط من صبب ، والانحداد من الصبب
والتقلع من الارض قريب بعضه من
بعض ، أراد أنه يستعمل التثبت ولا يبين منه في
هذه الحال استعجال ومبادرة شديدة ، وقال في صفة مشيه صلىاللهعليهوآله
: كان إذا مشى تكفا تكفيا أي تمايل إلى قدام ، هكذا روي
غير مهموز ، والاصل الهمز ، وبعضهم يرويه
مهموزا لان مصدر تفعل من الصحيح كتقدم
تقدما ، وتكفأ تكفؤا ، والهمزة حرف صحيح ، فأما
إذا اعتل انكسرت عين المستقبل
منه ، نحو تخفى تخفيا فإذا خففت الهمزة التحقت
بالمعتل فصار تكفيا بالكسر.
وقال الكازروني أي يتثبت في مشيته حتى كأنه
يميد كما يميد الغصن إذا هبت
به الريح أو السفينة.
وقال الجزري : الهون : الرفق واللين
والتثبت ، وقال : ذريع المشي ، إي واسع
الخطو.
وقال الكازروني : الذريع : السريع ، وربما
يظن هذا اللفظ ضد الاول ولا تضاد فيه ، لان معناه أنه كان صلىاللهعليهوآله
مع تثبته في المشي يتابع بين الخطوات ويسبق غيره ، كما ورد
في حديث آخر أنه كان يمشي على هينة وأصحابه
يسرعون في المشي فلا يدر كونه ، أو
ما هذا معناه ، ويجوز أن يريد به نفي التبختر
في مشيه.
وقال القاضي في الشفاء : التقلع : رفع
الرجل بقوة ، والتكفؤ : الميل إلى سنن المشي
وقصده ، والهون : الرفق والوقار ، والذريع : الواسع
الخطو ، أي : أن مشيه كان يرفع فيه
____________________
رجليه بسرعة ويمد
خطوه خلاف مشية المختال ، ويقصد سمته
، وكل ذلك برفق وتثبت
دون عجلة ، كما قال : كأنما ينحط من صبب.
وقال الجزري : الصبب : ما انحدر من
الارض.
قوله : وإذا التفت التفت جميعا ، قال
الجزري : أراد أنه لا يسارق النظر ، وقيل أراد
لا يلوي عنقه يمنه ويسرة إذا نظر إلى الشئ ، وإنما
يفعل ذلك الطائش الخفيف ، ولكن
كان يقبل جميعا ويدبر جميعا ، قوله : جل نظره
الملاحظة ، قال الجزري : هي مفاعلة من
اللحظ ، وهو النظر بشق العين الذي يلي الصدغ ، وأما
الذي يلي الانف فالموق والماق
أقول : وفي الفائق وغيره من كتبهم بعد ذلك : « يسوق أصحابه » وقالوا في تفسير
أي يقدمهم أمامه ، ويمشي خلفهم تواضعا ، ولا يدع أحدا يمشي خلفه ، قال بعضهم : وفي
حديث آخر أنه كان يقول : « اتركوا خلف ظهري
للملائكة » قوله : ليست له راحة ، أي
فراغ من الفكر والعمل ، قوله : بأشداقه ، قال
الجزري : الاشداق : جوانب الفم ، وإنما
يكون ذلك لرحب شدقيه ، والعرب تمتدح بذلك انتهى.
وقيل : أي كان لا يتشدق في الكلام بأن
بفتح فاه كله ، قوله : بجوامع
الكلم ، قال الجزري : أي أنه كان كثير المعاني
قليل الالفاظ ، قوله : فصلا ، أي بينا
ظاهرا يفصل بين الحق والباطل ، وقيل : أي الحكم
الذي لا يعاب قائله ، قوله : دمثا ، قال الجزري : أراد أنه كان لين الخلق في سهولة ، وأصله من الدمث ، وهو الارض
السهلة
الرخوة ، والرمل الذي ليس بمتلبد ، قوله : ليس
بالجافي ، قال : أي ليس بالغليظ الخلقة
والطبع ، أو ليس بالذي يجفو أصحابه ، والمهين
يروى بضم الميم وفتحها ، فالضم على
الفاعل من أهان أي لا يهين من صحبه ، والفتح
على المفعول من المهانة : الحقارة ، وهو مهين ، أي حقير ، قوله : تعظم عنده النعمة ، في الفائق : يعظم النعمة ، وقال : أي لا
يستصغر
شيئا اوتيه ، وإن كان صغيرا ، وقال : الذواق : اسم
ما يذاق ، أي لا يصف الطعام بطيب ولا
____________________
ببشاعة ، وقال الجزري : الذواق : المأكول
والمشروب ، فعال بمعنى مفعول من الذوق ، ويقع على المصدر ، والاسم.
قوله : فإذا تعوطي الحق ، قال الجزري : أي
أنه كان من أحسن الناس خلقا مع
أصحابه ما لم ير حقا يتعرض له بإهمال أو إبطال
أو إفساد ، فاذا رأى ذلك تنمر
وتغير حتى أنكره من عرفه ، كل ذلك لنصرة الحق ،
والتعاطي : التناول والجرأة على
الشئ ، من عطا الشئ ، يعطوه : إذا أخذه وتناوله.
أقول : وفي أكثر رواياتهم بعد قوله : حتى
ينتصر له : لا يغضب لنفسه ولا
ينتصر لها.
قوله : يضرب براحته اليمنى ، في بعض
رواياتهم بباطن راحته باليمنى.
وقال الكازروي : اتصل بها تفسيره : فيضرب بباطن
راحته أي يشير بكفه إلى
حديثه.
وروى القاضي في الشفاء هكذا : وإذا تحدث
اتصل بها فضرب بأبهامه اليمنى راحة
اليسرى.
قوله : وأشاح ، قال الزمخشري : أي وجد
في الاعراض وبالغ.
وقال الجزري : فيه إنه ذكر النار ثم
أعرض وأشاح ، المشيح : الحذر ، والجاد
في الامر ، وقيل : المقبل إليك المانع لما وراء
ظهره ، فيجوز أن يكون أشاح أحد هذه المعاني ، أي حذر النار ، كأنه ينظر إليها ، أوجد على الايصآء باتقائها ، أو أقبل إليك في
خطابه ، ومنه في صفته : إذا غضب أعرض وأشاح ، قوله : غضن طرفه ، أي كسره وأطرق ولم يفتح
عينه ، وإنما كان يفعل ذلك ليكون أبعد من الاشر
والمرح.
قوله : جل ضحكه ، بالضم أي معظمه ، قوله
: ويفتر عن مثل حب الغمام ، أي
____________________
يتبسم ويكثر حتى
تبدو أسنانه من غير قهقهة ، وهو من فررت الدابة أفرها فرا : إذا
كشف شفتها لتعرف سنها ، وافتر يفتر افتعل منه ،
وأراد بحب الغمام البرد. قوله عليهالسلام
: وشكله : قال الجزري : أي عن مذهبه وقصده ، وقيل
: عما يشاكل أفعاله ، والشكل
بالكسر الدل
، وبالفتح : المثل ، والمذهب.
وقال الكازروني : الشكل بالفتح : النحو
، والسيرة.
قوله : بالخاصة ، قال الجزري وغيره : أراد
أن العامة كانت لا تصل إليه في هذا
الوقت ، فكانت الخاصة تخبر العامة بما سمعت منه
، فكأنه أوصل الفوائد إلى العامة
بالخاصة ، وقيل : إن البآء بمعنى ( من ) أي
يجعل وقت العامة بعد وقت الخاصة وبدلا
منهم ، قوله : وقسمه معطوف على الايثار ، قوله
: روادا ، قال الجزري : أي طالبين العلم ، ملتمسين الحكم من عنده ، ويخرجون أداة : هداة للناس ، والرواد جمع رائد وهو الذي
يتقدم القوم يبصر لهم الكلآء ومساقط الغيث.
أقول
: ومنهم من قرأ أذلة بالذال المعجمة ، أي يخرجون متعظين بما وعظوا ، متواضعين من قوله : « أذلة على المؤمنين
» وهو تصحيف. قوله : إلا عن ذواق ، قال
الجزري : ضرب الذواق مثلا لما ينالون عنده من
الخير ، أي لا يتفرقون إلا عن علم وأدب
يتعلمونه ، يقوم لانفسهم مقام الطعام والشراب
لاجسادهم.
وقال القاضي : ويشبه أن يكون على ظاهره أي في الغالب والاكثر ، قوله : يحذر الناس بالتخفيف : ويحترس منهم ، عطف تفسير
له ، ومنهم من قرأ على بنآء التفعيل
إيثارا للتأسيس على التأكيد ، أي كان يحذر
الناس بعضهم من بعض ، ويأمرهم بالحزم ، ويحذر
هو أيضا منهم ، والاول أظهر ، قوله : لا يوطن
الاماكن ، أي لا يتخذ لنفسه مجلسا
يعرف به فلا يجلس إلا فيه ، وقد فسره بما بعده
، قوله : من جالسه ، في بعض رواياتهم
____________________
بعد ذلك : أو قاومه
، أي قام معه ، قوله : ولا تؤبن فيه الحرم ، قال الجزري : أي لا
يذكرن بقبيح ، كان يصام مجلسه عن رفث القول ، يقال
: أبنت الرجل ابنه : إذا رميته
بخلة
سوء ، فهو مأبون ، وهو مأخوذ من الابن وهو العقد تكون في القسي يفسدها و
تعاب بها ، قوله : سلاجم جمع سلجم ، وهي الطويل
، والسرآء بالفتح ممدودا ، شجر يتخذ
منه القسي ، وقال الجوهري : الابنة بالضم : العقدة
في العود ، ومنه قول الاعشى : قضيب
سرآء كثير الابن ، قوله : لا تنثى فلتاته ، قال
الجزري : أي لا تذاع ، يقال : نثوت
الحديث أنثوه نثوا ، والنثآء في الكلام يطلق
على القبيح والحسن ، يقال : ما أقبح نثاه وما
أحسنه ، والفلتات جمع فلتة وهي الزلة ، أراد
أنه لم يكن لمجلسه فلتات فتنثى
أقول : الضمير في فلتاته راجع إلى المجلس.
قوله : متواصلين فيه بالتقوى ، في بعض
رواياتهم : يتواصون فيه بالتقوى ، وفي
بعضها : يتعاطفون بالتقوى ، والفظ : السئ الخلق
، والصخب بالصاد والسين : الضجة
واضطراب الاصوات للخصام ، قوله : كأنما على
رؤوسهم الطير ، قال الجزري : وصفهم
بالسكون الوقار ، وأنهم لم يكن فيهم طيش ولا
خفة ، لان الطير لا تكاد تقع إلا على
شئ ساكن ، وقال الفيروزآبادي : كأن على رؤوسهم
الطير ، أي ساكون هيبة ، وأصله
أن الغراب يقع على رأس البعير فيلقط منه القراد ، فلا يتحرك البعير لئلا ينفر عنه
الغراب ، قوله : لا يتنازعون عنده الحديث ، أي
إذا تكلم أحد منهم أمسكوا حتى يفرغ
ثم يتكلم الآخر ، فما بعده تفسيره ، قوله : حديثهم
عنده حديث اولاهم
، وفي بعض
النسخ : أولهم بالافراد ، ولعله تأكيد للسابق ،
أي لا يتكلم إلا من سبق بالكلام ، قوله : على الجفوة ، أي غلظته وبعده من الآداب ، قوله
: ليستجلبونهم ، أي يجيئون معهم بالغربآء
إلى مجلسه من كثرة احتماله عنهم ، وصبره على ما
يكون منهم في سؤالهم إياه وغير ذلك ،
____________________
والصحابة كانوا لا
يجترؤون على مثل ذلك ، وقال الجزري : رفدته أرفده : إذا
أعنته.
أقول
: وفي بعض رواياتهم : فأرشده ، والاظهر أنه هنا فأوفدوه بالواو ، قوله : إلا من مكافئ ، قال الجزري : قال القتيبي : معناه
إذا أنعم على رجل نعمة فكافاه بالثناء
عليه قبل ثنائه ، وإذا أثنى قبل أن ينعم عليه
لم يقبله ، وقال ابن الانباري : هذا غلط ، إذ كان أحد لا ينفك من إنعام النبي صلىاللهعليهوآله
، لان الله بعثه رحمة للناس كافة ، فلا يخرج
منها مكافئ ولا غير مكافئ ، والثنآء عليه فرض
لا يتم الاسلام إلا به ، وإنما المعنى أنه لا
يقبل الثنآء عليه إلا من رجل يعرف حقيقة إسلامه
، ولا يدخل عنده في جملة المنافقين الذين
يقولون بألسنتهم : ما ليس في قلوبهم ، وقال
الازهري : فيه قول ثالث إلا من مكافئ ، أي
مقارب غير مجاوز حد مثله ، ولا مقصر عما رفعه
الله إليه.
قوله : حتى يجوزه ، أي يتجاوز عن ذلك
الكلام ويتمه ويريد إنشآء كلام آخر
فيقطعه النبي صلىاللهعليهوآله
بنهي أو قيام ، وفي بعض النسخ ورواياتهم : بانتهآء ، فيحتمل أن يكون
المعنى فيقطع السائل بانتهآء أو قيام ، وليس في
أكثر النسخ الضمير في « يجوزه » فيحتمل
أن يكون بالرآء المهملة ، أي إلا أن يجور
ويتكلم بباطل كفحش أو غيبة فيقطعه صلىاللهعليهوآله
بنهي أو بقيام.
ثم اعلم أن الصدوق رحمهالله ذكر في الشرح
فقرتين لم يذكرهما في الرواية
، إذ الشرع شرح رواية اخرى ، فذكره ولم يبال بعدم موافقته لما ذكره من الرواية : إحداهما
: قوله : يسوق أصحابه ، وقد مرت الاشارة إليها
وإلى موضعها ، والاخرى قوله : لكل
حال عنده عتاد ، قبل قوله : لا يقصر عن الحق ، وقال
الجزري في بيانه ، أي ما يصلح
لكل ما يقع من الامور ، وإنما وصف الحسن عليهالسلام هندا بأنه خاله لان
أبا هالة كان
زوج خديجة رضي الله عنها قبل النبي صلىاللهعليهوآله ، فولدت له هندا
وهالة كما سيأتي في أحوال
خديجة رضي الله عنها.
____________________
٥ ـ ن
: بإسناد التميمي ، عن الرضا عليهالسلام
، عن آبائه ، عن علي عليهالسلام
قال : ما
رأيت أحدا أبعد ما بين المنكبين من رسول الله صلىاللهعليهوآله.
٦ ـ ص
: لم يمض النبي صلىاللهعليهوآله
في طريق فيتبعه أحد إلا عرف أنه سلكه من طيب
عرقه ، ولم يكن يمر بحجر ولا شجر إلا سجد له.
٧ ـ ير
: الحسن بن علي بن النعمان ، عن يحيى بن عمر ، عن أبان الاحمر ، عن
زرارة ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال : قال رسول
الله صلىاللهعليهوآله
: إنا معاشر الانبياء تنام عيوننا ،
ولا تنام قلوبنا ، ونرى من خلفنا كما
نرى من بين أيدينا.
٨ ـ ير
: محمد بن الحسين ، عن صفوان بن يحيى ، عن ميمون القداح ، عن أبي عبدالله
عليهالسلام
قال : طلب أبوذر رسول الله صلىاللهعليهوآله
فقيل له : إنه في حائط كذا وكذا ، فمضى
يطلبه فدخل إلى الحائط والنبي صلىاللهعليهوآله نائم ، فأخذ عسيبا
يابسا وكسره ليستبرئ به نوم
رسول الله صلىاللهعليهوآله
، قال : ففتح النبي صلىاللهعليهوآله
عينه وقال : أتخدعني عن نفسي يا أبا ذر؟
أما علمت أني أراكم في منامي كما أراكم في
يقظتي.
بيان
: قال الفيروزآبادي : العسيب : جريدة من النخل مستقيمة رقيقة يكشط
خوصها ، والذي لم ينبت عليه الخوص من السعف
انتهى والاستبرآء : كناية عن الامتحان ، أي فعل ذلك ليستعلم أنه صلىاللهعليهوآله
نائم أم لا ، أو ليعلم أنه يعلم في منامه ما يقع عنده أم لا ، قوله صلىاللهعليهوآله
أتخدعني عن نفسي ، أي أتمكر بي في أمر نفسي ، وتدعي أنك تؤمن بي ، وتفعل ما ينافي ذلك ، فإن فعلك يدل على أنك تحسب أني لا أرى في منامي ما أرى
في يقظتي ، أو المعنى أتخفيني عن نفسي ، أي
تحسبني غافلا عما يفعل بي وعندي ، وعلى
أي حال لا يخلو من تكلف ، فإن الشائع في هذا
الكلام أنه يستعمل فيمن يريد أن
يغوي أحدا ، ويضله عن الحق ، ويوقعه فيما يضر
بنفسه ، فيمكن أن يكون عبر عن
الشئ بلازمه ، أي فعلك هذا يستلزم أن يمكن لاحد
أن يخدعني ويوقعني فيما يضر
بنفسي.
____________________
٩ ـ ير
: محمد بن الحسين ، عن محمد بن سنان ، عن الحسين بن المختار ، عن زيد الشحام
قال : سمعت أبا عبدالله عليهالسلام يقول : طلب أبوذر رحمهالله رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فقيل له : إنه
صلىاللهعليهوآله
في حائط كذا وكذا ، فتوجه في طلبه ، فوجده نائما فأعظمه أن ينبهه ، فأراد أن يستبرئ نومه (ص)
، فسمعه رسول الله (ص) فرفع رأسه فقال : يا ابا ذر أتخدعني؟
أما علمت أني أرى أعمالكم في منامي كما أراكم
في يقظتي ، إن عيني تنام وقلبي لا
ينام.
يج
: مرسلا مثله.
١٠ ـ ير
: علي بن إسماعيل ، عن صفوان ، عن العلاء ، عن محمد ، عن أبي جعفر عليهالسلام
قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : أراكم من خلفي
كما أراكم بين يدي ، لتقيمن صفوفكم
أو ليخالفن الله بين قلوبكم.
ير
: أيوب بن نوح ، عن ابن المغيرة ، عن علا ، عن محمد مثله.
١١ ـ ير
: أحمد بن محمد ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبدالله
عليهالسلام
مثله.
١٢ ـ ير
: الحسن بن علي ، عن عبيس بن هشام ، عن أبي إسماعيل كاتب شريح ، عن أبي عتاب زياد مولى آل وغش ، عن أبي عبدالله عليهالسلام
مثله.
____________________
١٣ ـ سر
: محمد بن الحسين ، عن يزيد بن إسحاق ، عن هارون بن حمزة ، عن أبي
عبدالله عليهالسلام
مثله.
١٤ ـ سن
: معاوية بن الحكيم ، عن ابن المغيرة ، عن إبراهيم بن معرض ، عن أبي
جعفر عليهالسلام
قال : إن عمر دخل على حفصة فقال : كيف رسول الله صلىاللهعليهوآله
فيما فيه الرجال؟
فقالت : ما هو إلا رجل من الرجال ، فأنف
الله لنبيه صلىاللهعليهوآله
فأنزل إليه صحفة فيها هريسة
من سنبل الجنة ، فأكلها فزاد في بضعه بضع
أربعين رجلا.
بيان
: البضع بالضم : الجماع ، والثاني يحتمل الضم والكسر أيضا ، والضم
أظهر ، قال الجزري : فيه صلاة الجماعة تفضل
صلاة الواحد ببضع وعشرين درجة ، البضع في العدد بالكسر ، وقد يفتح : ما بين الثلاث إلى التسع ، وقيل : ما بين
الواحد إلى
العشرة ، وقال الجوهري : تقول بضع سنين ، وبضعة
عشر رجلا ، فإذا جاوزت لفظ العشر
لا تقول : بضع وعشرون ، وهذا يخالف ما جاء في
الحديث انتهى ، وترك العاطف هنا يضعف
أيضا الحمل على الكسر.
١٥ ـ سن
: أبي ، عن محمد بن سنان ، عن منصور الصيقل ، عن أبيه ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليهالسلام
قال : إن الله تبارك وتعالى أهدى إلى رسوله هريسة من هرائس
الجنة ، غرست في رياض الجنة ، وفركها الحور
العين فأكلها رسول الله صلىاللهعليهوآله
فزاد في
قوته بضع أربعين رجلا ، وذلك شئ أراد الله أن
يسر به نبيه صلىاللهعليهوآله.
١٦ ـ كا
: محمد بن يحيى ، عن ابن عيسى ، عن محمد بن سنان مثله ، ثم قال : وفي
حديث آخر رفعه إلى أبي عبدالله عليهالسلام قال : إن رسول الله
صلىاللهعليهوآله
شكى إلى ربه جل و
عز وجع الظهر ، فأمره بأكل الحب باللحم ، يعني
الهريسة.
بيان
: الفرك : الدلك.
١٧ ـ يج
: من معجزاته صلىاللهعليهوآله
أن الاخبار تواترت واعترف بها الكافر والمؤمن
____________________
بخاتم النبوة الذي
بين كتفيه على شعرات متراكمة ، تقدمت بها الانبيآء قبل مولده
بالزمن الطويل ، فوافق ذلك ما أخبروا به عنه في
صفته صلىاللهعليهوآله.
١٨ ـ يج
: روي أن النبي صلىاللهعليهوآله
قال : أتموا الركوع ، والسجود ، فوالله إني
لاراكم من بعد ظهري إذا ركعتم وسجدتم.
١٩ ـ قب
: كان النبي صلىاللهعليهوآله
قبل المبعث موصوفا بعشرين خصلة من خصال الانبياء
لو انفرد واحد بأحدها لدل على جلاله ، فكيف من
اجتمعت فيه ، كان نبيا أمينا ، صادقا
حاذقا ، أصيلا نبيلا ، مكينا ، فصيحا ، نصيحا ،
عاقلا فاضلا ، عابدا زاهدا ، سخيا مكيا
، قانعا متواضعا ، حليما رحيما ، غيورا صبورا ، موافقا مرافقا ، لم يخالط منجما ولا
كاهنا
ولا عيافا
، ولما قالت قريش : إنه ساحر علمنا أنه قد أراهم ما لم يقدروا على مثله ، وقالوا : هذا مجنون ، لما هجم منه على شئ لم يفكر في عاقبته منهم ، وقالوا : هو
كاهن ، لانه أنبأ بالغائبات ، وقالوا : معلم ، لانه قد أنبأهم بما يكتمونه من أسرارهم ، فثبت
صدقه من حيث قصدوا تكذيبه ، وكان فيه خصال
الضعفاء ، ومن كان فيه بعضها لا ينظم
أمره : كان يتيما فقيرا ، ضعيفا وحيدا غريبا ، بلا
حصار ولا شكوة ، كثير الاعداء ، ومع
جميع ذلك تعالى مكانه ، وارتفع شأنه ، فدل على
نبوته صلىاللهعليهوآله
، وكان الجلف
البدوي
يرى وجهه الكريم فيقول : والله ما هذا وجه كذاب
، وكان صلىاللهعليهوآله
ثابتا في الشدائد وهو
مطلوب ، وصابرا على البأسآء والضراء وهو مكروب
محروب ، وكان زهدا
في الدنيا ، راغبا في الآخرة ، فثبت له الملك ، وكان يشهد كل عضو منه على معجز
____________________
نوره : كان إذا مشى في ليلة ظلمآء بداله نور كأنه قمر ، قالت
عائشة : فقدت
إبرة ليلة فما كان في منزلي سراج ، فدخل النبي صلىاللهعليهوآله فوجدت الابرة بنور
وجهه.
حمزة بن عمر الاسلمي قال : نفرنا مع النبي صلىاللهعليهوآله في ليلة ظلمآء
فأضاءت أصابعه
عرفه.
جابر بن عبدالله : إنه كان لا يمر في
طريق فيمر فيه إنسان بعد يومين إلا عرف
أنه عبر فيه.
مسلم : كان النبي صلىاللهعليهوآله يقيل عند ام سلمة
فكانت تجمع عرقه وتجعله في
الطيب.
عبدالجبار بن وائل ، عن أبيه قال : أتى
رسول الله صلىاللهعليهوآله
بدلو من ماء فشرب ثم
توضأ فتمضمض ، ثم مج مجة في الدلو فصار مسكا أو أطيب من
المسك.
ظله : لم يقع ظله على الارض ، لان الظل
من الظلمة ، وكان إذا وقف في الشمس
والقمر والمصباح نوره يغلب أنوارها.
قامته : كلما مشى مع أحد كان أطول منه
برأس ، وإن كان طويلا.
رأسه : كان يظله سحابة من الشمس ، وتسير لمسيره
، وتركد لركوده ، ولا يطير
الطير فوقه.
عينيه : كان يبصر من ورائه كما يبصر من أمامه
، ويرى من خلفه كما يرى
من قدامه.
أنفه : لم يشم به منذ خلقه الله تعالى
رائحة كريهة.
فمه : كان يمج في الكوز والبئر فيجدون
له رائحة أطيب من المسك.
____________________
لسانه : كان ينطق بلغات كثيرة.
محاسنه : كانت فيه سبع عشرة طاقة نور
يتلالؤ في عوارضه.
اذنيه : كان يسمع في منامه كما يسمع في
انتباهه ، ويسمع كلام جبرئيل عند
الناس ولا يسمعونه.
ربيع الابرار : إنه دخل أبوسفيان على
النبي صلىاللهعليهوآله
وهو يقاد فأحس بتكاثر الناس ، فقال في نفسه : واللات والعزى يا ابن أبي كبشه لاملانها عليك خيلا ورجلا ، وإني
لارجو أن أرقى هذه الاعواد ، فقال النبي صلىاللهعليهوآله : أو يكفينا الله
شرك يا أبا سفيان.
صدره : لم يكن على وجه الارض أعلم منه.
ظهره : كان بين كتفيه خاتم النبوة ، كلما
أبداه غطى نوره نور الشمس ، مكتوب
عليه : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، توجه
حيث شئت فأنت منصور.
في حديث جابر بن سمرة : رأيت خاتمه
غضروف كتفيه مثل بيض الحمامة.
وسئل الخدري عنه فقال : بضعة ناشزة.
أبوزيد الانصاري : شعر مجتمع على كتفيه.
السائب بن يزيد : مثل زر الحجلة ، ولما
شك في موت رسول الله صلىاللهعليهوآله
وضعت
أسمآء بنت عميس يدها بين كتفيه ، فقالت : قد
توفي رسول الله صلىاللهعليهوآله
قد رفع الخاتم. بطنه : كان يشد عليه الحجر من الغرث ، فيشبع
قلبه ، كان تنام عيناه ولا
ينام قلبه.
يداه : فار المآء من بين أصابعه ، وسبح
الحصى في كفه.
ركبه : ولد مسرورا مختونا ، وما احتلم قط ، لان ذلك من
الشيطان ، وكان
له شهوة أربعين نبيا.
جلوسه : عائشة. قلت : يا رسول الله إنك
تدخل الخلاء ، فإذا خرجت دخلت على
____________________
أثرك فما أرى شيئا
إلا أني أجد رائحة المسك ، فقال : إنا معاشر الانبياء تنبت أجسادنا
على أرواح الجنة ، فما يخرج منه شئ إلا ابتلعته
الارض.
وتبعه رجل علم مراده فقال صلىاللهعليهوآله : إنا معاشر
الانبياء لا يكون منا ما يكون من البشر.
ام أيمن : أصبح رسول الله صلىاللهعليهوآله فقال : يا ام أيمن
قومي فاهرقي ما في الفخارة ، يعنى البول ، قلت : والله شربت ما فيها وكنت عطشى ، قالت : فضحك حتى بدت نواجده ، ثم قال : أما إنك لا تنجع بطنك أبدا.
ومنه حديث دم الفصد.
فخذه : كل دابة ركبها النبي صلىاللهعليهوآله بقيت على سنها لا
تهرم قط
رجليه : أرسلهما
في بئر ماؤه أجاج فعذب.
قوته : كان لا يقاومه أحد.
إسحاق بن بشار : إن ركانة بن عبد بن زيد
بن هاشم كان من أشد قريش فخلا
، فقال له النبي صلىاللهعليهوآله
في وادي أصم : يا ركانة ألا تتقي الله وتقبل ما أدعوك إليه؟ قال : إني لو أعلم أنه حق لاتبعتك ، فقال النبي صلىاللهعليهوآله : أفرأيت إن صرعتك
أتعلم أن ما
أقول : حق؟ قال : نعم ، قال : قم حتى اصارعك ، قال
: فقام إليه ركانة فصارعه ، فلما بطش
به رسول الله صلىاللهعليهوآله
أضجعه ، قال : فعد ، فعاد فصرعه ، فقال : إن ذا لعجب يا قوم ، إن
صاحبكم أشحر أهل الارض.
حرمته : كان القمر يحرك مهده في حال
صباه ، وكان لا يمر على شجرة إلا سلمت
عليه ، ولم يجلس عليه الذباب ، ولم تدن منه
هامة ولا سامة.
مشيه : كان إذا مشى على الارض السهلة لا
يبين لقدميه أثر ، وإذا مشى على
الصلبة بان أثرهما.
____________________
هيبته : كان عظيما مهيبا في النفوس حتى
ارتاعت رسل كسرى ، مع أنه كان بالتواضع
موصوفا ، وكان محبوبا في القلوب حتى لا يقليه مصاحب ، ولا يتباعد عنه مقارب ، قال
السدي في قوله : « سنلقي في قلوب الذين كفروا
الرعب » : لما
ارتحل أبوسفيان و
المشركون يوم احد متوجهين إلى مكة قالوا : ما
صنعنا قتلناهم حتى لم يبق منهم إلا
الشريد
تركناهم ، إذ هموا وقالوا : ارجعوا فاستأصلوهم ، فلما عزموا على ذلك
ألقى الله في قلوبهم الرعب حتى رجعوا عما هموا.
وروي أن الكفار دخلوا مكة كالمنهزمين
مخافة أن يكون له الكرة عليهم ، وقال
صلىاللهعليهوآله
: نصرت بالرعب مسيرة شهر.
قوله تعالى : « وكف أيدي الناس عنكم » وذلك أن النبي صلىاللهعليهوآله لما قصد
خيبر وحاصر أهلها همت قبائل من أسد وغطفان أن
يغيروا على أهل
المدينة ، فكف الله عنهم بإلقاء الرعب في قلوبهم.
قوله تعالى : « هو الذي أيدك بنصره » وقال صلىاللهعليهوآله
: لم نخل في ظفر
إما
في ابتداء الامر وإنما في انتهائه ، وكان جميل
بن معمر الفهري حفيظا لما يسمع ، ويقول : إن في جوفي لقلبين أعقل بكل واحد منهما أفضل من عقل محمد ، فكانت
قريش تسميه
ذا القلبين ، فتلقاه أبوسفيان يوم بدر وهو آخذ
بيده إحدى نعليه ، والاخرى في رجله ، فقال له : يابا معمر ما الخبر؟ قال : انهزموا ، قال : فما حال نعليك؟ قال : ما
شعرت إلا
أنها في رجلي لهيبة محمد ، فنزل : « ما جعل
الله لرجل من قلبين في جوفه
».
____________________
أمير المؤمنين عليهالسلام :
وينصر الله من لاقاه إن له
|
|
نصرا يمثل بالكفار إذ عندوا
|
بيان
: النبل : بالضم : الذكاء والنجابة ، والمكانة : المنزلة ، والعرف بالفتح : الريح
الطيبة ، وقال الجزري في صفة خاتم النبوة : إنه
مثل زر الحجلة ، الزر واحد الازرار
التي تشد بها الكلل والستور ، على ما يكون في
حجلة العروس ، وقيل : إنما هو بتقديم
الراء على الزاي ، ويريد بالحجلة القبجة ، مأخوذا من أرزت الجرادة : إذا كبست
ذنبها في الارض فباضت ، ويشهد له ما رواه
الترمذي في كتابه بإسناده عن جابر بن سمرة
قال : كان خاتم رسول الله صلىاللهعليهوآله الذي بين كتفيه غدة
حمراء مثل بيضة الحمامة انتهى. والغرث : الجوع ، قوله
: على أرواح الجنة ، في بعض النسخ بالمهملتين ، أي
الارواح التي تدخل الجنة ، أو هي جمع الريح ، أي
أجسادنا طيبة كطيب ريح أهل
الجنة ، وفي بعض النسخ بالمعجمتين أي الحور ، وقال
الفيروزآبادي : النجيع : دم
البطن.
٢٠ ـ قب
: الترمدي في الشمائل والطبري في التاريخ والزمخشري في الفائق
والفتال في الروضة : رووا صفة النبي صلىاللهعليهوآله بروايات كثيرة منها
عن أمير المؤمنين عليهالسلام
وابن
عباس وأبي هريرة وجابر بن سمرة وهند بن أبي
هالة أنه كان صلىاللهعليهوآله
فخما مفخما ، في
العيون معظما ، وفي القلوب مكرما ، يتلالؤ وجهه
تلالا القمر ليلة البدر ، أزهر منور
اللون ، مشربا بحمرة ، لم تزر به مقلة ، لم
تعبه ثجلة ، أغر أبلج أحور أدعج أكحل أزج ، عظيم الهامة ، رشيق القامة ، مقصدا واسع الجبين ، أقنى العرنين ، أشكل العينين ، مقرون
الحاجبين ، سهل الخدين صلتهما ، طويل الزندين ،
شبح الذراعين ، عظيم مشاشة المنكبين ، طويل ما بين المنكبين ، شثن الكفين ، ضخم القدمين ، عاري الثديين ، خمصان الاخمصين
، مخطوط المتيتين
، أهدب الاشفار ، كث اللحية ، ذا وفرة ، وافر السبلة ، أخضر الشمط ،
____________________
ضليع الفم أشم أشنب مفلج الاسنان ، سبط الشعر ، دقيق
المسربة ، معتدل الخلق ، مفاض البطن ، عريض الصدر ، كأن عنقه جيد دمية في صفاء الفضة ، سائل الاطراف ، منهوس العقب قصير
الحنك ، داني الجبهة ، ضرب اللحم بين الرجلين ، كان في خاصرته
انفتاق ، فعم الاوصال ، لم يكن بالطويل البائن
، ولا بالقصير الشائن ، ولا بالطويل الممغط ، ولا
بالقصير المتردد ، ولا بالجعد القطط ، ولا
بالسبط ولا بالمطهم ولا بالمكلثم ولا بالابيض الامهق ، ضخم الكراديس ، جليل المشاش
، كنوز المنخر
، لم يكن في بطنه ولا في صدره شعر
إلا موصل ما بين اللبة إلى السرة كالخط ، جليل
الكتد ، أجرد ذا مسربة ، وكان أكثر
شيبه في فودي رأسه وكأن كفه كف عطار مسها بطيب
، رحب الراحة ، سبط القصب ، وكان إذا رضي وسر فكأن وجهه المرآة ، وكان فيه شئ من صور ، يخطو تكفؤا ، ويمشي
الهوينا ، يبدؤ القوم إذا سارع إلى خير ، وإذا
مشى تقلع كأنما ينحدر في صبب ، إذا تبسم
يتبسم عن مثل المنحدر عن بطون الغمام ، وإذا
افتر افتر عن سنا البرق إذا تلالا ، لطيف
الخلق ، عظيم الخلق ، لين الجانب إذا طلع بوجهه
على الناس رأوا جبينه كأنه ضوء
السراج المتوقد. كأن عرقه في وجهه اللؤلؤ ، وريح
عرقه أطيب من ريح المسك الاذفر ، بين
كتفيه خاتم النبوة.
أبوهريرة : كان يقبل جميعا ويدبر جميعا.
جابر بن سمرة : كانت في ساقه حموشة.
أبوحجيفة : كان قد سمط عارضاه وعنفقته بيضاء.
____________________
ام هاني : رأيت رسول الله صلىاللهعليهوآله ذا ضفائر أربع ، والصحيح
أنه كان له ذؤابتين ، و
ومبدأها من هاشم.
أنس : ما عددت في رأس رسول الله صلىاللهعليهوآله ولحيته إلا أربع
عشرة شعرة بيضآء ، ويقال
سبع عشرة.
ابن عمر : إنما كان شيبه نحوا من عشرين
شعرة بيضآء.
البراء بن عازب : كان يضرب شعره كتفيه.
أنس : له لمة إلى شحمة اذنيه.
عائشة : كان شعره فوق الوفرة ودون الجمة.
بيان
: قال الجزري : في صفته صلىاللهعليهوآله
كان أزهر اللون ، الازهر : الابيض المستنير ، والزهرة والزهرة : البياض النير ، وهو أحسن الالوان انتهى. ويقال : زرى عليه ، أي
عابه ، وزرى به ، أي تهاون ، والمقلة بالضم : الحدقة ، وفي رواياتهم بالصاد المهملة
والقاف ، قال
الجزري : في حديث ام معبد ولم تزر به صقلة ، أي
دقة ونحول ، يقال : صقلت الناقة : إذا أضمرتها ، وقيل : أرادت أنه لم يكن منتفخ الخاصرة جدا ، ولا ناحلا جدا ، ويروى
بالسين على الابدال من الصاد ، ويروى صعلة ، وهي
صغر الرأس ، وهي أيضا الدقة والنحول
في البدن ، وقال في قوله : لم تعبه ثجلة. أي
ضخم بطن ، ويروى بالنون والحاء ، أي نحول
ودقة ، وقال الجوهري : الثجلة بالضم : عظم
البطن ، وسعته ، قوله : أغر ، أي أبيض صافي
اللون ، قوله : أبلج ، أي مشرق الوجه مسفرة ، ذكره
الجزري ، وقال الفيروزآبادي : الحور
بالتحرك : أن يشتد بياض بياض العين وسواد
سوادها ، وتستدير حدقتها ، وترق جفونها ، ويبيض ما حواليها ، أو شدة بياضها ، وسوادها في شدة بياض الجسد. وقال : الكحل
محركة : أن يعلوا منابت الاشفار سواد خلقة ، أو
أن يسود مواضع الكحل كحل ، كفرح ، فهو أكحل ، والكحلاء : الشديدة سواد العين ، أو التي كأنها مكحولة ، وإن لم تكحل ، وقال : رجل رشق : حسن القد لطيفه ، وقال الجزري : في صفته صلىاللهعليهوآله
____________________
كان أبيض مقصدا ، هو
الذي ليس بطويل ولا قصير ولا جسيم ، كأن خلقه نحى القصد
من الامور ، والمعتدل الذي لا يميل إلى طرفي
الافراط والتفريط ، وقال في قوله : أشكل
العينين : أي في بياضها شئ من حمرة ، وهو محمود
محبوب ، يقال : مآء أشكل : إذا خالطه
الدم ، وقال : في صفته صلىاللهعليهوآله كان صلت الجبين ، أي
واسعه ، وقيل : الصلت : الاملس ، وقيل : البارز ، وفي حديث آخر. كان سهل الخدين صلتهما ، وقال في صفته صلىاللهعليهوآله : أنه
كان مشبوح الذارعين ، أي طويلهما ، وقيل : عريضهما
، وفي رواية : كان شبح الذراعين ، والشبح : مدك الشئ بين أوتاد كالجلد والحبل ، وقال الجوهري : رجل مشبوح الذراعين
عريضهما ، وكذلك شبح الذراعين بالتسكين ، وقال الجزري : في صفته صلىاللهعليهوآله جليل
المشاش ، أي عظيم رؤوس العظام كالمرفقين
والكعبين والركبتين ، وقال الجوهري : هي
رؤوس العظام اللينة التي يمكن مضغها ، قوله : مخطوط
المتيتين ، لم أجد له معنى ، ولعله
إما تصحيف الليتين من ليت العنق : صفحته ، أو
المتنين من متني الظهر ، وقال الجزري : في صفته صلىاللهعليهوآله
كان أهدب الاشفار ، وفي رواية : هدب الاشفار ، أي طويل شعر الاجفان ، وقال : فيه إنه كان وافر السبلة ، السبلة بالتحريك : الشارب ، والجمع السبال ، قاله
الجوهري : وقال الهروي : هي الشعرات التي تحت
اللحى الاسفل ، والسبلة عند
العرب : مقدم اللحية وما أسبل منها على الصدر ،
وقال في صفته (ص) : كان أخضر الشمط ، أي كانت الشعرات التي شابت منه قد اخضرت بالطيب والدهن المروح انتهى ، أقول : الاظهر
أن الخضرة كانت للخضاب ، وإنما حمل على ذلك
لانكار أكثرهم اختضابه صلىاللهعليهوآله
، وقال في قوله : مفاض البطن : أي مستوي البطن مع الصدر ، وقيل : المفاض ما يكون فيه
امتلاء
من فيض الاناء ، ويريد به أسفل بطنه ، وقال في
صفته صلىاللهعليهوآله
: منهوس الكعبين ، أي
لحمهما قليل ، والنهس : أخذ اللحم بأطراف
الاسنان ، والنهش : الاخذ بجميعها ، و
يروى منهوس القدمين ، وبالشين أيضا ، وقال في
صفة موسى عليهالسلام
: أنه ضرب من الرجال ، هو الخفيف اللحم ، الممشوق المستدق ، وقال الجوهري : الضرب : الرجل الخفيف اللحم ،
وقال الجزري في صفته صلىاللهعليهوآله
: كان في خاصرتيه انفتاق ، أي اتساع ، وهو محمود في ____________________
الرجال ، مذموم في
النساء ، وقال : في صفته صلىاللهعليهوآله
كان فعم الاوصال ، أي ممتلئ الاعضاء ، يقال : فعمت الاناء وأفعمته : إذا بالغت في ملئه ، وقال في الباين : أي المفرط
طولا الذي
بعد عن قد الرجال الطوال ، وقال : المطهم : المنتفخ
الوجه ، وقيل : الفاحش السمن ، و
قيل : النحيف الجسم ، وهو من الاضداد ، وقال : المكلثم
من الوجوه : القصير الحنك ، الداني الجبهة ، المستدير مع خفة اللحم ، أراد أنه كان أسيل الوجه ولم يكن مستديرا
، وقال : الامهق : الكريه البياض كلون الجص : يريد أنه كان نير البياض ، وقال : الكتد بفتح التاء وكسرها : مجتمع الكتفين ، وهو
الكاهل ، وقال : الاجرد : الذي
ليس على بدنه شعر ، ولم يكن كذلك ، وإنما أراد
به أن الشعر كان في أماكن من بدنه ، كالمسربة ، والساعدين والساقين ، فإن ضد الاجرد الاشعر ، وهو الذي على جميع بدنه
شعر ، وقال في فودي رأسه : أي ناحيته ، كل واحد
منهما فود ، وقيل : الفود : معظم
شعر الرأس ، وقال : الهوينا تصغير الهونى ، تأنيث
الاهون ، والغرض اللين ، والتثبت ، قوله : كان يقبل جميعا ، قد عرفت ما قيل فيه ، وقد سمعت بعض مشائخي يقول : إنه
كناية
عن ضخامة جسمه ، ورصافة بدنه صلىاللهعليهوآله ، أي كان لا يمكنه
تحريك الرأس إلا بتحريك
البدن ، وهو من علامات الشجاعة كما هو المشاهد
في المعروفين بها ، والحموشة : الدقة ، وقال الجزري : فيه أنه كان في عنفقته شعرات بيض ، العنفقة : الشعر الذي في الشفة
السفلى ، وقيل : الشعر الذي بينها وبين الذقن
انتهى ، والضفائر : الذوائب المنسوجة ، وقال الجزري : فيه ما رأيت ذا لمة أحسن من رسول الله صلىاللهعليهوآله
، اللمة : من شعر الرأس
دون الجمة ، وسميت بذلك لانها ألمت بالمنكبين ،
فإذا زادت فهي الجمة : فقال : الجمة من شعر الرأس : ما سقط على المنكبين.
٢١ ـ شى
: في رواية صفوان الجمال ، عن أبي عبدالله عليهالسلام
وعن سعد الاسكاف
عن أبي جعفر عليهالسلام
: جاء أعرابي أحد بني عامر فسأل عن النبى صلىاللهعليهوآله
فلم يجده ، قالوا : هو يفرج
، فطلبه فلم يجده ، قالوا : هو بمنى ، قال : فطلبه فلم يجده ، فقالوا : هو
____________________
بعرفه ، فطلبه فلم
يجده ، قالوا : هو بالمشاعر ، قالوا :
فوجده في الموقف ، قال : حلوا
لي النبي صلىاللهعليهوآله
، فقال الناس : يا أعرابي ما أنكرك ، إذا وجدت النبي صلىاللهعليهوآله
وسط القوم
وجدته مفخما ، قال : بل حلوه لي حتى لا أسأل
عنه أحدا ، قالوا : فإن نبي الله أطول
من الربعة ، وأقصر من الطويل الفاحش ، كأن لونه
فضة وذهب ، أرجل الناس جمة ، وأوسع الناس جبهة ، بين عينيه غرة ، أقنى الانف ، واسع الجبين ، كث اللحية ، مفلج
الاسنان ، على شفته السفلى خال ، كأن رقبته
إبريق فضة ، بعيد ما بين مشاشة المكنبين ، كأن بطنه وصدره سبل
سبط البنان ، عظيم البراثن ، إذا مشى مشى متكفئا
وإذا التفت التفت بأجمعه ، كأن يده من لينها
متن أرنب ، إذا قام مع إنسان لم ينفتل حتى
ينفتل صاحبه ، وإذا جلس لم يحل حبوته حتى يقوم جليسه ، فجآء الاعرابي فلما
نظر إلى النبي صلىاللهعليهوآله
عرفه ، قال بمحجنه
على رأس ناقة رسول الله صلىاللهعليهوآله
عند ذنب ناقته
فأقبل الناس تقول : ما أجرأك يا أعرابي؟ قال
النبي صلىاللهعليهوآله
: دعوه فإنه أرب
، ثم قال : ما حاجتك؟ قال : جاءتنا رسلك تقيموا الصلاة ، وتؤتوا
الزكاة ، وتحجوا البيت ، وتغتسلوا
من الجنابة ، وبعثني قومي إليك رائدا ، أبغي أن أستحلفك وأخشى أن تغضب ، قال : لا أغضب ، إني أنا الذي سماني الله في التوراة
والانجيل محمد رسول الله ، المجتبى المصطفى ، ليس
____________________
بفحاش ولا سخاب في
الاسواق ، ولا يتبع السيئة السيئة ، ولكن يتبع السيئة الحسنة ، فسلني عما شئت ، وأنا الذي سماني الله في القرآن : « ولو كنت فظا غليظ القلب
لانفضوا
من حولك » فسل عما شئت ، قال : إن الله الذي
رفع السماوات بغير عمد هو أرسلك؟ قال : نعم هو أرسلني ، قال : بالله الذي قامت
السماوات بأمره هو الذي أنزل عليك الكتاب ، وأرسلك بالصلاة المفروضة ، والزكاة المعقولة؟ قال : نعم ، قال : وهو أمرك
بالاغتسال من
الجنابة وبالحدود كلها؟ قال : نعم ، قال : فإنا
آمنا بالله ورسله وكتابه واليوم الآخر
والبعث والميزان والموقف والحلال والحرام صغيره
وكبيره ، قال : فاستغفر له النبي صلىاللهعليهوآله
ودعا.
توضيح
: قال الجزري : في صفته صلىاللهعليهوآله
أطول من المربوع ، هو بين الطويل
والقصير ، يقال : رجل ربعة ومربوع ، وقال
الفيروزآبادي : البرثن كقنفذ : الكف مع
الاصابع ، ومخلب الاسد ، أو هو للسبع كالاصبع
للانسان.
وقال الكازروني : في رواية ، عن علي عليهالسلام يصفه صلىاللهعليهوآله لاعرابي : إذا نظرت
إلى
رسول الله صلىاللهعليهوآله
عرفته ليس بالطويل المتثنى ، ولا القصير الفاحش ، أبيض مشرب حمرة ، ربعة ، أحسن الناس ، شعره إلى شحمة اذنه ، عريض الجبهة ، ضخم العينين ، أقرن
الحاجبين
مفلج الثنايا ، أسيل الخد ، كث اللحية ، على
شفته السفلى خال ، كأن عنقه إبريق
فضة ، بعيد ما بين المنكبين ، صخم البراثن. كذا
جاء في الرواية ، وقال بعض علمائنا : وأظن الصواب : ضخم الكراديس ليس على ظهره ولا
بطنه إلا شعر كقضيب الفضة يجري ، شثن الكفين ، كأن كفه من لينها متن أرنب ، إذا مشى مشى متقلعا ، كأنه يهبط من صبب
، وإذا التفت التفت بأجمعه ، وإذا صوفح لم ينزع يده حتى ينزع الآخر ، وإذا احتبى
إليه
رجل لم يحل حبوته حتى يكون الرجل هو الذي يحل
حبوته ، وإذا ضحك تبسم ، يجزي
بالحسنة الحسنة ، وبالسيئة الحسنة ، ليس بسخاب
في الاسواق.
ثم قال : المتثنى : الذاهب طولا ، يستعمل
في طول لا عرض له ، لا يستمسك طوله
من غير عرض كأنه ينحني ، قوله : إذا احتبى إليه
رجل ، من عادة العرب إذا جلس
____________________
أحدهم متمكنا أن
يحتبي بثوبه ، فإذا أراد أن يقوم حل حبوته ، يعني إذا جلس إليه رجل
لم يقم من عنده حتى يكون الرجل هو الذي يبدء
بالقيام انتهى.
وقال الجزري : فيه أن رجلا اعترض النبي صلىاللهعليهوآله يسأله ، فصاح به
الناس فقال : دعوا الرجل أرب ماله ، في هذه اللفظة ثلاث روايات : أحدها أرب بوزن علم ، ومعناها
الدعآء عليه ، أي اصيبت آرابه وسقطت ، وهي كلمة لا يراد بها وقوع
الامر ، كما
يقال : تربت يداك وقاتلك الله ، وإنما ذكر في
معنى التعجب ، وفي هذا الدعآء من
رسول الله صلىاللهعليهوآله
قولان : أحدهما تعجبه من حرص المسائل ومزاحمته ، والثاني لما رآه بهذه
الحال من الحرص غلبه طبع البشرية فدعا عليه ، وقيل : معناه احتاج فسأل ، من أرب
الرجل : إذا احتاج ، ثم قال : ماله ، أي أي شئ
به وما يريد ، والرواية الثانية : أرب
ماله بوزن جمل ، أي حاجة له ، وما زائدة للتقليل ، أي
له حاجة يسيرة ، وقيل : معناه
حاجة جاءت به ، فحذف ، ثم سأل فقال : ماله ، والرواية
الثالثة : أرب بوزن كتف ، والارب : الحاذق الكامل ، أي هو أرب ، فحذف المبتدآء ، ثم سأل فقال : ماله؟ أي ما
شأنه ، ومثله الحديث الآخر : أنه جاءه رجل فقال
: دلني على عمل يدخلني الجنة ، فقال : أرب ما له؟ أي أنه ذو خبرة وعلم انتهى.
اقول
: كان في المنقول منه دعوه فإنه أديب بالدال المهملة والياء المثناة ، ثم
الموحدة ، وكان يحتمل الراء أيضا ، وقد عرفت
مما نقلنا تصحيحه وتوجيهه.
٢٢ ـ كا
: العدة ، عن سهل ، عن محمد بن حسن بن شمون ، عن علي بن محمد النوفلي ، عن أبي الحسن عليهالسلام
قال ذكرت الصوت عنده ، فقال : إن علي بن الحسين عليهالسلام
كان
يقرء
فربما يمر
به المار فصعق من حسن صوته ، وإن الامام لو أظهر من ذلك
____________________
شيئا لما احتمله
الناس من حسنه ، قلت : ولم يكن رسول الله (ص) يصلي بالناس ويرفع
صوته بالقرآن؟ فقال : إن رسول الله صلىاللهعليهوآله كان يحمل الناس من
خلفه ما
يطيقون.
٢٣ ـ كا
: عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن سيف ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر قال : قلت لابي جعفر عليهالسلام
: صف لي نبي الله صلىاللهعليهوآله
، قال : كان نبي الله أبيض
مشرب حمرة ، أدعج العينين ، مقرون الحاجبين ، شثن
الاطراف ، كأن الذهب أفرغ
على براثنه ، عظيم مشاشة المنكبين ، إذا التفت
يلتفت جميعا من شدة استرساله ، سربته
سائلة من لبته إلى سرته كأنها وسط الفضة
المصفاة ، وكأن عنقه إلى كاهله إبريق فضة ، يكاد أنفه إذا شرب أن يرد المآء ، وإذا مشى تكفأ كأنه ينزل في صبب ، لم ير مثل نبي
الله
صلىاللهعليهوآله
قبله ولا بعده صلىاللهعليهوآله.
بيان
: قوله عليهالسلام
: كأن الذهب افرغ على براثنه ، لعل المراد وصف صلابة
كفه صلىاللهعليهوآله
وشدة قبضه مع عدم يبس ينافي سهولة القبض ، فإن الذهب لها جهة صلابة
ولين ، ويحتمل أن يكون التشبيه في الحمرة أو في
النور ، وفي إعلام الورى : على تراقيه ، وقد مر مثله. قوله عليهالسلام
: من شدة استرساله ، الاسترسال. الاستيناس والطمأنينة إلى
الانسان ، والثقة به فيما يحدثه ذكره الجزرى ، وهذا
يدل على أن التفاته صلىاللهعليهوآله
جميعا
إنما كان لعدم نخوته ، وشدة لطفه ، وحسن خلقه ،
لا كما ظنه الاكثر أنه إنما كان
يفعل ذلك لمتانته ووقاره كما مر ، والسربة
بالضم : الشعر وسط الصدر إلى البطن.
وقوله عليهالسلام
: كأنها وسط الفضة ، تشبيه بليغ ، حيث شبه هذا الخيط من الشعر في وسط
البطن بما يتخيل الانسان من خط أسود في وسط
الفضة المصقولة إذا كانت فيها حدبة
فلا تغفل.
____________________
٢٤ ـ كا
: محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن حماد ، عن أيوب بن هارون ، عن
أبي عبدالله عليهالسلام
قال : قلت له : أكان رسول الله صلىاللهعليهوآله
يفرق شعره؟ قال : لا ، لان
رسول الله صلىاللهعليهوآله كان إذا طال شعره كان إلى شحمة اذنه.
٢٥ ـ كا
: العدة ، عن سهل ، عن محمد بن عيسى ، عن عمرو بن إبراهيم ، عن خلف
ابن حماد ، عن عمرو بن ثابت ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : قلت : إنهم
يروون أن الفرق
من السنة ، قال : من السنة ، قلت : يزعمون أن
النبي صلىاللهعليهوآله
فرق ، قال : ما فرق النبي صلىاللهعليهوآله
ولا كانت الانبيآء تمسك الشعر.
٢٦ ـ كا
: محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن ابن أبي نصر ، عن علي بن
أبي حمزة ، عن أبي بصير قال : قلت لابي عبدالله
عليهالسلام
: الفرق من السنة؟ قال : لا ، قلت : فهل فرق رسول الله (ص)؟ قال : نعم ، قلت : كيف
فرق رسول الله (ص) وليس من السنة؟
قال : من أصابه ما أصاب رسول الله صلىاللهعليهوآله يفرق كما فرق رسول
الله صلىاللهعليهوآله
وإلا فلا
، قلت : كيف؟ قال : إن رسول الله صلىاللهعليهوآله
لما صد عن البيت
وقد كان ساق الهدي
وأحرم
أراه الله « الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين
رؤوسكم ومقصرين لا تخافون « فعلم رسول الله صلىاللهعليهوآله أن الله سيفي له
بما أراه ، فمن ثم
وفر ذلك الشعر الذي كان على رأسه حين أحرم ، انتظارا
لحلقه في الحرم حيث وعده الله
عزوجل ، فلما حلقه لم يعد في توفير الشعر ، ولا
كان ذلك من قبله صلىاللهعليهوآله.
٢٧ ـ كا
: عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن محمد بن
____________________
سنان ، عن ابن مسكان
، عن إسماعيل بن عمار ، عن أبي عبدالله عليهالسلام
قال : كان رسول الله
صلىاللهعليهوآله
إذا روئي في الليلة الظلمآء روئي له نور كأنه شقة قمر.
اقول
: قال الكازروني في المنتقى : روي عن علي عليهالسلام
كان النبي صلىاللهعليهوآله
ضخم
الرأس ، عظيم العينين ، هدب الاشفار ، مشرب
العينين ، حمرة ، كث اللحية ، أزهر اللون ، شثن الكفين والقدمين ، إذا مشى تكفأ كأنما يمشي في صعد ، وإذا التفت إلتفت
جميعا.
وفي رواية عنه عليهالسلام أيضا قال : كان
رسول الله صلىاللهعليهوآله
أبيض مشربا بياضه حمرة ، أهدب الاشفار ، أسود الحدقة ، لا قصير ولا طويل ، وهو إلى الطول أقرب ، لا جعد ولا
سبط
عظيم المناكب ، في صدره مسربة ، شثن الكف
والقدم ، كأن عرقه اللؤلؤ ، إذا مشى
تكفأ كأنه يمشي في صعد ، لم أر قبله ولا بعده
مثله صلىاللهعليهوآله.
وعنه عليهالسلام
أيضا : قال : ليس بالذاهب طولا ، وفوق الربعة ، إذا جآء مع القوم غمرهم ، أبيض ضخم الهامة ، أغر أبلج ، أهدب الاشفار ، شثن الكفين والقدمين ، إذا مشى يتقلع
كأنما ينحدر من صبب ، كأن العرق في وجهه اللؤلؤ
، لم أر قبله ولا بعده مثله ، بأبي
هو وامي صلىاللهعليهوآله.
وفي رواية عنه عليهالسلام أيضا : لم يكن
بالطويل الممغط ، ولا القصير المتردد ، كأنه
ربعة من القوم ، ولم يكن بالجعد القطط ، ولا
بالسبط ، كان جعدا رجلا ، ولم يكن بالمطهم
ولا المكلثم ، وكان في الوجه تدوير ، أبيض مشرب ، أدعج العينين ، أهدب
الاشفار ، جليل المشاش والكتد ، أجرد ، شثن الكفين والقدمين ، إذا مشى يتقلع كأنما يمشي في
صبب ، وإذا التفت التفت جميعه ، بين كتفيه خاتم
النبوة ، وهو خاتم النبيين ، أجود الناس
كفا ، وأرحب الناس صدرا ، وأصدق الناس لهجة ، وأوفى
الناس ذمة ، وألينهم عريكة ، وأكرمهم عشرة ، من رآه بديهة هابه ، ومن خالطه معرفة أحبه ، يقول ناعته : لم أر
قبله
ولا بعده مثله.
____________________
ثم قال : وقد فسر الاصمعي هذا الحديث
فقال : الممغط : الذاهب طولا ويروى
هذا بالغين والعين ، والمتردد : الداخل بعضه في
بعض قصرا ، والمطهم : البادن الكثير اللحم ، والمكلثم : المدور الوجه كذا ذكره الاصمعي ، وقال غيره : المكلثم من الوجه : القصير
الحنك ، الداني الجبهة ، المستدير الوجه ، ولا
يكون إلا مع كثرة اللحم ، وقال أبوعبيد : كان أسيلا ولم يكن مستدير الوجه ، وهذا
الاختلاف يكون إذا لم يكن بعده قوله : وكان
في الوجه تدوير ، والاوجه أن يقال : لم يكن
بالاسيل جدا ، ولا المدور مع إفراط
التدوير ، كان بين المدور والاسيل ، كأحسن ما
يكون ، إذ كل شئ من خلقه كان معتدلا ، والافراط غير مستحب في شئ.
وعن جابر بن سمرة قال : كان رسول الله صلىاللهعليهوآله ضليع الفم ، أشكل
العينين ، منهوش العقب.
قال الراوي : قلت لسماك راويه عن جابر :
ما معنى ضليع الفم؟ قال : عظيم الفم ، قلت : ما أشكل العينين؟ قال : طويل شق العين ، قلت : ما منهوش العقب؟ قال : قليل
لحم
العقب ، والمنهوس بالسين المهملة : قليل اللحم
أيضا ، ويروى بالحرفين.
وعن ابن عباس قال : كان رسول الله صلىاللهعليهوآله أفلج الثنيتين ، إذا
تكلم رأي كالنور
يخرج من بين ثناياه.
وعن أنس قال : ما عددت في رأس رسول الله
صلىاللهعليهوآله
ولحيته إلا أربع عشرة شعرة
بيضآء.
وقيل لجابر بن سمرة : كان في رأس رسول
الله صلىاللهعليهوآله
شيب؟ قال : لم يكن في رأس
رسول الله صلىاللهعليهوآله
شيب إلا شعرات في مفرق رأسه ، إذا دهن واراهن الدهن.
وقال عبدالله بن بشر : كان في عنفقته
شعرات بيض.
وعن ابن عمر قال : كان شيب رسول الله صلىاللهعليهوآله نحوا من عشرين شعرة.
وفي الترمدي عن أبي رمثه قال : أتيت
النبي صلىاللهعليهوآله
فرأيت الشيب أحمر.
وعن أنس قال : ما شممت رائحة قط مسكة
ولا عنبرة أطيب من رائحة النبي صلىاللهعليهوآله
، ولا مسست شيئا قط خزة ولا حريرة ألين من كف رسول الله عليهالسلام ، وقال أنس : كنا
نعرف رسول الله صلىاللهعليهوآله إذا أقبل بطيب ريحه.
وعن أبي هريرة : إن رجلا أتى النبي صلىاللهعليهوآله فقال : يا رسول
الله إني زوجت
ابنتي وإني أحب أن تعينني بشئ ، فقال : ما
عندنا شئ ، ولكن إذا كان غدا فتعال
وجئني بقارورة واسعة الرأس ، وعود شجر ، وآية بيني وبينك أني اجيف الباب ، فأتاه بقارورة واسعة الرأس وعود شجر ، فجعل رسول الله صلىاللهعليهوآله يسلت العرق من
ذراعيه
حتى امتلات القارورة ، فقال : خذها وأمر ابنتك
إذا أرادت أن تطيب أن تغمس العود في
القارورة وتطيب بها ، وكانت إذا تطيبت شم أهل
المدينة ذلك الطيب ، فسموا بيت
المتطيبين.
وذكر البخاري في تاريخه الكبير عن جابر
قال : لم يكن النبي صلىاللهعليهوآله
يمر في طريق
فتبعه أحد إلا عرف أنه سلكه من طيبه.
وذكر إسحاق بن راهويه أن ذلك رائحته بلا
طيب.
وروي أنه صلىاللهعليهوآله
كان إذا أراد أن يتغوط انشقت الارض فابتلعت غائطه وبوله ، وفاحت لذلك رائحة طيبة.
٢٨ ـ ل
، لى : محمد بن أحمد الاسدي ، عن عبدالله بن
زيدان ، وعلي بن العباس
البجليين ، عن أبي كريب ، عن معاوية بن هشام ، عن
شيبان ، عن عكرمة
، عن ابن
عباس قال : قال رجل : يا رسول الله أسرع إليك
الشيب ، قال : شيبتني هود والواقعة و
المرسلات وعم يتسائلون.
٢٩ ـ ما
: ابن مخلد ، عن ابن السماك عن يحيى بن أبي طالب ، عن حماد بن سهيل ، عن أبي نعيم ، عن سفيان ، عن ربيعة قال : سمعت أنسا يقول : كان في رأس رسول الله صلىاللهعليهوآله ولحيته عشرون طاقة بيضآء.
____________________
٣٠ ـ ع
: أبي ، عن سعد ، عن ابن هاشم ، عن ابن المغيرة ، عمن ذكره ، عن أبي
عبدالله عليهالسلام
قال : استأذنت زليخا على يوسف ـ وساق الحديث إلى أن قال ـ : قال لها : يا زليخا ما الذي دعاك إلى ما كان؟ قالت : حسن وجهك يا يوسف ، فقال : كيف
لو
رأيت نبيا يقال له : محمد ، يكون في آخر الزمان
أحسن مني وجها ، وأحسن مني خلقا ، وأسمح مني كفا ، قالت : صدقت ، قال : وكيف علمت أني صدقت ، قالت : لانك حين
ذكرته وقع حبه في قلبي ، فأوحى الله عزوجل إلى
يوسف : أنها قد صدقت ، وقد
أحببتها
لحبها محمدا ، فأمره الله تبارك وتعالى أن تزوجها.
٣١ ـ ص
: بإسناده ، إلى الصدوق عن عبدالله بن حامد ، عن محمد بن حمدويه ، عن
محمد بن عبدالكريم ، عن وهب بن جرير ، عن أبيه
، عن محمد بن إسحاق ، عن عبدالله بن
عبدالرحمن بن أبي الحسين ، عن شهر بن حوشب قال
: لما قدم رسول الله صلىاللهعليهوآله
المدينة أتاه
رهط من اليهود ، فقالوا : إنا سائلوك عن أربع
خصال ـ وساق الحديث إلى أن قال ـ : قالوا : أخبرنا عن نومك كيف هو؟ قال : أنشدكم بالله هل تعلمون من صفة هذا الرجل
الذي تزعمون أني لست به تنام عينه وقلبه يقظان؟
قالوا : اللهم نعم ، قال : وكذا نومي.
الخبر
٣٢ ـ كا
: حميد بن زياد ، عن الحسن بن محمد الكندي ، عن أحمد بن الحسن الميثمي ، عن أبان بن عثمان ، عن نعمان الرازي ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : انهزم الناس
يوم احد
عن رسول الله صلىاللهعليهوآله
، فغضب غضبا شديدا ، قال : وكان إذا غضب انحدر عن جبينه مثل ____________________
اللؤلؤ من العرق.
٣٣ ـ كتاب
الغارات : لابراهيم بن محمد الثقفي بإسناده عن
إبراهيم بن محمد من
ولد علي عليهالسلام
قال : كان علي عليهالسلام
إذا نعت النبي صلىاللهعليهوآله
قال : لم يك بالطويل الممغط ، ولا القصير المتردد ، وكان ربعة من القوم ، ولم يك بالجعد القطط ولا السبط ، كان
جعدا
رجلا ، ولم يك بالمطهم ولا المكلثم ، وكان في
الوجه تدويرا ، أبيض مشرب ، أدعج العين ، أهدب الاشفار ، جليل المشاش والكتد ، أجرد ذا مسربة ، شثن الكفين والقدمين ، إذا
مشى تقلع كأنما يمشي في صبب ، وإذا التفت التفت
معا ، بين كتفيه خاتم النبوة وهو خاتم
النبيين ، أجود الناس كفا ، وأجرء الناس صدرا ،
وأصدق الناس لهجة وأوفى الناس
ذمة ، وألينهم عريكة ، وأكرمهم عشيرة ، بأبي من لم يشبع ثلاثا متوالية من
خبز بر حتى فارق الدنيا ، ولم ينخل دقيقة.
أقول : قد مضت الاخبار في وصف خاتم
النبوة في الابواب السابقة فلا نعيدها.
(باب ٩)
*(مكارم أخلاقه وسيره وسننه صلىاللهعليهوآله)*
*(وما أدبه الله تعالى به)*
الايات
: آل عمران « ٣ » : فبما رحمة من الله لنت
لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من
حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الامر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله
يحب المتوكلين. ١٥٩.
الانعام
« ٦ » : قل لا أقول
لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول لكم إني ملك إن
أتبع إلا ما يوحى إلي. ٥٠
____________________
الاعراف
« ٧ » : خذ العفو
وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين.
١٩٩
التوبة
« ٩ » : ومنهم
الذين يؤذون النبي ويقولون هو اذن قل اذن خير لكم يؤمن بالله
ويؤمن للمؤمنين ورحمة للذين آمنوا منكم.
٦١
النحل
« ١٦ » : واصبر وما
صبرك إلا بالله ولا تحزن عليهم ولا تك في ضيق مما يمركون.
١٢٧
الكهف
« ١٨ » : فلعلك باخع
نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا.
٦
وقال تعالى : فلا تمار فيهم إلا
مراء ظاهرا ولا تستفت فيهم منهم أحدا * ولا تقولن لشئ إني
فاعل ذلك غدا * إلا أن يشاء الله واذكر ربك إذا نسيت وقل عسى أن يهدين ربي لاقرب
من هذا رشدا. ٢٢ ـ ٢٤
طه
« ٢٠ » : ما أنزلنا
عليك القرآن لتشقى * إلا تذكرة لمن يخشى.
١ ـ ٣
وقال تعالى : فاصبر على ما يقولون وسبح بحمد ربك قبل طلوع
الشمس وقبل غروبها ومن
آنآء الليل فسبح وأطراف النهار لعلك ترضى * ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به
أزواجا منهم زهرة الحيوة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خير وأبقى * وأمر أهلك بالصلوة
واصطبر عليها لا نسألك رزقا نحن نرزقك والعاقبة للتقوى.
١٣٠ ـ ١٣٢
الشعراء
« ٢٦ » : وأنذر
عشريك الاقربين * واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين* فإن عصوك
فقل إني برئ مما تعملون * وتوكل على العزيز الرحيم * الذي يراك حين تقوم *
وتقلبك في الساجدين * إنه هو السميع العليم.
٢١٤ ـ ٢٢٠
النمل
« ٢٧ » : ولا تحزن
عليهم ولا تكن في ضيق مما يمكرون.
٧٠
إلى قوله تعالى : فتوكل على الله إنك على الحق المبين.
٧٩
وقال تعالى : إنما امرت أن أعبد رب
هذه البلدة الذي حرمها وله كل شئ وامرت أن
أكون من المسلمين * وأن أتلو القرآن.
٩١ و ٩٢
العنكبوت
« ٢٨ » : اتل ما
اوحي إليك من الكتاب وأقم الصلوة إن الصلوة
تنهى
عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.
٤٥
الروم
« ٣٠ » : فاصبر إن
وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون.
٦٠
الاحزاب
« ٣٣ » : وبشر
المؤمنين بأن لهم من الله فضلا كبيرا * ولا تطع الكافرين والمنافقين
ودع أذاهم وتوكل على الله وكفى بالله وكيلا.
٤٧ و ٤٨
فاطر
« ٣٥ » : فلا تذهب
نفسك عليهم حسرات إن الله عليم بما يصنعون.
٨
يس
« ٣٦ » : وما علمناه الشعر وما ينبغي له إن هو إلا ذكر وقرآن مبين. ٩٦
إلى قوله تعالى : فلا يحزنك قولهم إنا نعلم ما
يسرون وما يعلنون. ٧٦
المؤمن
« ٤٠ » : فاصبر إن
وعد الله حق واستغفر لذنبك وسبح بحمد ربك بالعشي
والابكار. ٥٥
السجدة
« ٤١ » : ولا تستوي
الحسنة ولا السيئة إدفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك
وبينه عداوة كأنه ولي حميم * وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم
* وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم.
٣٤ ـ ٣٦
الزخرف
« ٤٣ » : وقيله يا
رب إن هؤلاء قوم لا يؤمنون * فاصفح عنهم وقل سلام فسوف
يعلمون. ٨٨ و ٨٩
الاحقاف
« ٤٦ » : فاصبر
كما صبر اولو العزم من الرسل ولا تستعجل لهم كأنهم يوم يرون
ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار بلاغ فهل يهلك إلا القوم الفاسقون.
٣٥
محمد
« ٤٧ » : فاعلم أنه
لا إله إلا الله واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات والله يعلم
متقلبكم ومثواكم. ١٩
ق
« ٥٠ » : فاصبر على
ما يقولون وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب * ومن الليل
فسبحه وأدبار السجود. ٣٩ و ٤٠
إلى قوله تعالى : نحن أعلم بما يقولون
وما أنت عليهم بجبار فذكر بالقرآن من يخاف وعيد.
٤٥
الطور
« ٥٢ » : وصبر لحكم
ربك فإنك بأعيينا وسبح بحمد ربك حين تقوم
ومن
الليل فسبحه وإدبار النجوم. ٤٨ و ٤٩
القلم
« ٦٨ » : ن
والقلم وما يسطرون * ما أنت بنعمة ربك بمجنون * وإن لك لاجرا غير
ممنون * وإنك لعلى خلق عظيم * فستبصر ويبصرون * بأيكم المفتون.
١ ـ ٦ إلى قوله تعالى : فاصبر لحكم ربك ولا تكن كصاحب الحوت إذ نادى
وهو مكظوم. ٤٨
المعارج
« ٧٠ » : فاصبر صبرا
جميلا. ٥
الجن
« ٧٢ » : قل إنما
أدعو ربي ولا اشرك به أحدا * قل إني لا أمك لكم ضرا ولا
رشدا * قل إني لن يجيرني من الله أحد ولن أجد من دونه ملتحدا * إلا بلاغا من الله ورسالاته
ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم خالدين فيها أبدا * حتى إذا رأوا ما يوعدون
إما العذاب وإما الساعة
فسيعلمون
من أضعف ناصرا وأقل عددا * قل إن أدري
أقريب ما توعدون أم يجعل له ربي أمدا * عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا * إلا
من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا * ليعلم أن قد أبلغوا
رسالات ربهم وأحاط بما لديهم وأحصى كل شئ عددا.
٢١ ـ ٢٨
المزمل
: يا أيها
المزمل * قم الليل إلا قليلا * نصفه أو انقص منه قليلا * أو زد عليه
ورتل القرآن ترتيلا * إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا * إن ناشئة الليل هي أشد وطأ
وأقوم قيلا * إن لك في النهار سبحا طويلا * واذكر اسم ربك وتبتل إليه تبتيلا *
رب المشرق والمغرب لا إله إلا هو فاتخذه وكيلا * واصبر على ما يقولون و اهجرهم
هجرا جميلا * وذرني والمكذبين اولي النعمة ومهلهم قليلا.
١ ـ ١١
إلى قوله تعالى : إن ربك يعلم أنك تقوم
أدنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه و طائفة من
الذين معك والله يقدر الليل والنهار علم أن لن تحصوه فتاب عليكم فاقرأوا ما تيسر من
القرآن علم أن سيكون منكم مرضى وآخرون يضربون في الارض يبتغون من فضل الله
وآخرون يقاتلون في سبيل الله فاقرأوا ما تيسر منه.
٢٠
____________________
المدثر
« ٧٤ » : يا أيها
المدثر * قم فأنذر * وربك فكبر * وثيابك فطهر * والرجز
فاهجر * ولا تمنن تستكثر * ولربك فاصبر.
١ ـ ٧
الدهر
« ٧٦ » : إنا نحن
نزلنا عليك القرآن تنزيلا * فاصبر لحكم ربك ولا تطع منهم
آثما أو كفورا * واذكر اسم ربك بكرة وأصيلا * ومن الليل فاسجد له و سبحه ليلا
طويلا. ٢٣ ـ ٢٦
تفسير
: قال الطبرسي رحمهالله
: « فبما رحمة » ما زائدة « من الله لنت لهم » أي أن
لينك لهم مما يوجب دخولهم في الدين « ولو كنت
فظا » أي جافيا سئ الخلق « غليظ
القلب » أي قاسي الفؤاد ، غير ذي رحمة « لانفضوا
من حولك » لتفرق أصحابك عنك ، « فاعف عنهم » ما بينك وبينهم « واستغفر
لهم » ما بينهم وبيني
« وشاورهم في الامر » أي
استخراج آرائهم ، واعلم ما عندهم ، واختلف في
فائدة مشاورته إياهم مع استغنائه بالوحي
على أقوال :
أحدها : أن ذلك على وجه التطييب لنفوسهم
، والتألف لهم ، والرفع من أقدارهم.
وثانيها : أن ذلك ليقتدي به امته في المشاورة ، ولا يرونها نقيصة ، كما مدحوا
بأن أمرهم شورى بينهم.
وثالثها : أن ذلك لامرين : لاجلال
أصحابه ، وليقتدي امته به في ذلك.
ورابعها : أن ذلك ليمتحنهم بالمشاورة ، ليتميز
الناصح من الغاش.
وخامسها : أن ذلك في امور الدنيا ، ومكائد
الحرب ، ولقاء العدو ، وفي مثل ذلك
يجوز أن يستعين بآرائهم « فإذا عزمت » أي فإذا
عقدت قلبك على الفعل وإمضائه ، ورووا
عن جعفر بن محمد ، وعن جابر بن يزيد « فإذا
عزمت » بالضم ، فالمعنى إذا عزمت لك و
وفقتك وأرشدتك « فتوكل على الله » أي فاعتمد
على الله ، وثق به ، وفوض أمرك إليه ، وفي هذه الآية دلالة على تخصيص
نبينا صلىاللهعليهوآله
بمكارم الاخلاق ، ومحاسن الافعال ،
____________________
ومن عجيب أمره أنه
كان أجمع الناس لدواعي الترفع ، ثم كان أدناهم إلى التواضع ، و
ذلك أنه صلىاللهعليهوآله
كان أوسط الناس نسبا ، وأوفرهم حسبا ، وأسخاهم وأشجعهم وأزكاهم و
أفصحهم ، وهذه كلها من دواعي الترفع ، ثم كان
من تواضعه أنه كان يرقع الثوب ، ويخصف النعل ، ويركب الحمار ، ويعلف الناضح
، ويجيب دعوة المملوك ، ويجلس في
الارض ، ويأكل في الارض ، وكان يدعو إلى الله من غير زبر ولا
كهر ولا زجر ، ولقد
أحسن من مدحه في قوله.
فما حملت من ناقة فوق ظهرها * أبر وأوفى
ذمة من محمد
وفي قوله تعالى : « قل لا أقول لكم عندي
خزائن الله » أي خزائن رحمته ، أو مقدوراته ، أو أرزاق الخلائق « ولا أعلم الغيب
» الذي يختص الله تعالى بعلمه ، وإنما أعلم ما علمني
« ولا أقول لكم إني ملك » أي لا أقدر على ما
يقدر عليه الملك ، فاشاهد من أمر الله وغيبه
ما تشاهده الملائكة « إن أتبع إلا ما يوحى إلي
» يريد ما أخبركم إلا بما أنزل الله
إلي.
أقول : الحاصل أني لا أقدر أن آتيكم
بمعجزة وآية إلا بما أقدرني الله عليه ، و
أذن لي فيه ، ولا أعلم شيئا إلا بتعليمه تعالى
، ولا أعلم شيئا من قبل نفسي إلا بإلهام أو
وحي منه تعالى ، ولا أقول : إني مبرأ من الصفات
البشرية من الاكل والشرب وغير ذلك.
وقال الطبرسي رحمهالله
في قوله تعالى : « خذ
العفو » أي ما عفا من أموال الناس ، أي ما فضل من النفقة ، فكان رسول الله صلىاللهعليهوآله
يأخذ الفضل من أموالهم ليس فيها شئ
موقت ، ثم نزلت آية الزكاة فصار منسوخا بها ، وقيل
: معناه خذ العفو من أخلاق الناس ،
____________________
واقبل الميسور منها
، وقيل : هو العفو في قبول العذر من المعتذر ، وترك المؤاخذة بالاساءة
« وأمر بالعرف » يعني بالمعروف ، وهو كل ما حسن
في العقل فعله أو الشرع « وأعرض
عن الجاهلين » أي أعرض عنهم عند قيام الحجة
عليهم ، والاياس من قبولهم ، ولا تقابلهم
بالسفه صيانة لقدرك.
وفي قوله تعالى : « ومنهم الذين يؤذون
النبي ويقولون هو اذن » أي يستمع إلى
ما يقال له ويصغى إليه ويقبله « قل اذن خير لكم
» أي يستمع إلى ما هو خير لكم وهو
الوحي
، أو هو يسمع الخير ويعمل به ومنهم من قرأ : « اذن خير لكم » بالرفع والتنوين
فيهما ، فالمعنى أن كونه اذنا أصلح لكم ، لانه
يقبل عذركم ، ويستمع إليكم ، ولو لم
يقبل عذركم لكان شرا لكم ، فكيف تعيبونه بما هو
أصلح لكم؟ « يؤمن بالله ويؤمن
للمؤمنين » أي لا يضره كونه اذنا فإنه اذن خير
فلا يقبل إلا الخير الصادق من الله ، و
يصدق المؤمنين أيضا فيما يخبرونه ، ويقبل منهم
، دون المنافقين ، وقيل : « يؤمن للمؤمنين » أي يؤمنهم فيما يلقي إليهم من الامان « ورحمة
للذين آمنوا منكم » أي وهو رحمة لهم
لانهم إنما نالوا الايمان بهدايته ودعائه إياهم.
وفي قوله تعالى : « واصبر
» » : أى فيما تبلغه من الرسالة ، وفيما تلقاه من الاذى
« وما صبرك إلا بالله » أى بتوفيقه وتيسيره
وترغيبه فيه « ولا تحزن عليهم » أى على المشركين
في إعراضهم عنك ، فإنه يكون الظفر والنصرة لك
عليهم ، ولا عتب عليك في إعراضهم
« ولا تك في ضيق مما يمكرون » أى لا يكن صدرك في
ضيق من مكرهم بك وبأصحابك ، فإن الله يرد كيدهم في نحورهم.
وفي قوله : « فعلك باخع نفسك على آثارهم
» أي مهلك وقاتل نفسك على آثار
قومك الذين قالوا : لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من
الارض ينبوعا ، تمردا منهم على ربهم
____________________
« إن لم يؤمنوا بهذا الحديث » أي القرآن « أسفا
» أي حزنا وتلهفا.
وفي قوله تعالى : « فلا تمار فيهم
» أي فلا تجادل الخائضين في أمر الفتية وعددهم
« إلا مرآء ظاهرا » أي إلا بما أظهرنا لك من
أمرهم ، أي إلا بحجة ودلالة وإخبار من
الله سبحانه أو الامرآء يشهده الناس ويحضرونه ،
فلو أخبرتهم في غير مرأى من الناس لكذبوا
عليك ، ولبسوا على الضعفة ، فادعوا أنهم كانوا
يعرفونه ، لان ذلك من غوامض علومهم
« ولا تستفت فيهم منهم أحدا » أي لا تستخبر في
أهل الكهف وعددهم من أهل الكتاب أحدا
والخطاب له صلىاللهعليهوآله
والمراد غيره « ولا تقولن لشئ إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله » فيه وجهان :
أحدهما : أنه نهي من الله سبحانه لنبيه صلىاللهعليهوآله أن يقول : إني أفعل
شيئا في الغد
إلا أن يقيد ذلك بمشية الله تعالى ، فيقول : إن
شاء الله تعالى ، وفيه إضمار القول.
وثانيهما : أن قوله : « أن يشآء الله » بمعنى
المصدر ، وتقديره : ولا تقولن إني
فاعل شيئا غدا إلا بمشية الله ، والمعنى لا تقل
: إني أفعل إلا ما يشآء الله ويريده من
الطاعات
« واذكر ربك إذا نسيت » أي إذا نسيت الاستثنآء ثم تذكرت فقل : إن شآء الله ، وإن كان بعد يوم أو شهر أو سنة ، وقد روي ذلك عن أئمتنا عليهمالسلام ، ويمكن أن يكون
الوجه فيه أنه إذا استثنى بعد النسيان فإنه
يحصل له ثواب المستثني من غير أن يؤثر
الاستثنآء بعد انفصال الكلام في الكلام ، وفي
إبطال الحنث وسقوط الكفارة في اليمين ، وقيل : معناه واذكر ربك إذا غضبت بالاستغفار ليزول عنك الغضب ، وقيل : إنه أمر
بالانقطاع إلى الله تعالى ، ومعناه واذكر ربك
إذا نسيت شيئا بك إليه حاجة يذكره
لك ، وقيل : المراد به الصلاة ، والمعنى إذا
نسيت صلاة فصلها إذ ذكرتها.
____________________
اقول
: يحتمل أن يكون الخطاب متوجها إليه صلىاللهعليهوآله
والمراد به غيره ، ويمكن
أن يكون المراد بالنسيان الترك ، وسيأتي الكلام
فيه إن شاء الله تعالى.
ثم قال في قوله : « وقل عسى أن يهدين
ربي لاقرب من هذا رشدا » : أي قل : عسى أن يعطيني ربي من الآيات والدلالات على النبوة ما يكون أقرب إلى الرشد وأدل
من قصة أصحاب الكهف.
قوله تعالى : « طه
» ذهب أكثر المفسرين إلى أن معناه يا رجل بلسان الحبشية
أو النبطية
، وقيل : هو من أسماء النبي صلىاللهعليهوآله.
وقال الطبرسي : روي عن الحسن
أنه قرأ « طه » بفتح الطاء وسكون الهاء ، فإن
صح فأصله ( طأ ) فابدل من الهمزة
هآء ، ومعناه طأ الارض بقدميك جميعا ، فقد روي
أن النبي صلىاللهعليهوآله
كان يرفع إحدى رجلي
في الصلاة ليزيد تعبه ، فأنزل الله : « طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى » فوضعها ،
وروي
ذلك عن أبي عبدالله عليهالسلام ، وقال قتادة : كان
يصلي الليل كله ويعلق صدره بحبل حتى
لا يغلبه النوم ، فأمره الله سبحانه أن يخفف عن
نفسه ، وذكر أنه ما أنزل عليه الوحي
ليتعب كل هذا التعب.
قوله تعالى : « ما أنزلنا عليك القران
لتشقى » قال البيضاوي : ما أنزلناه عليك
لتتعب بفرط تأسفك على كفر قريس ، إذ ما عليك
إلا أن تبلغ ، أو بكثرة الرياضة وكثرة
التهجد والقيام على ساق ، والشقآء شائع بمعنى
التعب ، وقيل : رد وتكذيب للكفرة ، فإنهم لما رأوا كثرة عبادته قالوا : إنك لتشقى بترك ديننا ، وإن القرآن انزل عليك
لتشقى به « إلا تذكرة » لكن تذكيرا ، وانتصابه
على الاستثناء المنقطع « لمن يخشى » لمن في
قلبه خشية ورقة يتأثر بالانذار ، أو لمن علم
الله منه أنه يخشى بالتخويف منه ، فإنه
المنتفع به.
____________________
قوله تعالى : « وسبح بحمد ربك
» قيل : أي وصل وأنت حامد لربك على هدايته
وتوفيقه ، أو نزهه عن الشرك وعن سائر ما يضيفون
إليه من النقائص حامدا له على ما ميزك
بالهدى ، معترفا بأنه المولى للنعم كلها « قبل
طلوع الشمس » يعني الفجر « وقبل غروبها » يعني الظهر والعصر ، لانهما في آخر النهار ، أو العصر وحده « ومن آناء الليل » ساعاته « فسبح » يعني المغرب والعشآء ، وقيل : صلاة
الليل « وأطراف النهار » تكرير
لصلاتي الصبح والمغرب ، إرادة الاختصاص ، أو
أمر بصلاة الظهر ، فإنه نهاية النصف
الاول من النهار ، وبداية النصف الاخير « لعلك
ترضى » أي سبح في هذه الاوقات طمعا
أن تنال عند الله ما به ترضى نفسك « ولا تمدن
عينيك » أي نظر عينيك « إلى ما متعنا به » استحسانا وتمنيا أن يكون لك مثله « أزواجا منهم
» أصنافا من الكفرة « زهرة الحيوة
الدنيا » الزهرة : الزينة والبهجة ، منصوب
بمحذوف دل عليه « متعنا » أو به على تضمينه
معنى أعطينا « لنفتنهم فيه » أي لنبلوهم
ونختبرهم فيه ، أو لنعذبهم في الآخرة بسببه
« ورزق ربك » وما ادخره لك في الآخرة ، أو ما
رزقك من الهدى والنبوة « خير » مما
منحهم في الدنيا « وأبقى » فإنه لا ينقطع.
« وأمر أهلك بالصلاة » قال الطبرسي : أي أهل بيتك وأهل دينك
بالصلوة ، روى
أبوسعيد الخدري قال : لما نزلت هذه الآية كان
رسول الله صلىاللهعليهوآله
يأتي باب فاطمة وعلي
تسعة أشهر وقت كل صلاة فيقول : الصلاة يرحمكم الله ، إنما
يريد الله ليذهب عنكم
الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا. ورواه ابن
عقدة من طرق كثيرة عن أهل البيت عليهمالسلام
وعن غيرهم ، مثل أبي بردة ، وأبي رافع.
وقال أبوجعفر عليهالسلام : أمره الله تعالى
أن يخص أهله دون الناس ليعلم الناس أن
لاهله عند الله منزلة ليست للناس ، فأمرهم مع
الناس عامة ، وأمرهم خاصة.
____________________
« واصطبر عليها » أي وأصبر على فعلها وعلى أمرهم
بها « لا نسألك رزقا » لخلقنا ولا
لنفسك ، بل كلفناك للعبادة وأداء الرسالة ، وضمنا
رزق جميع العباد « نحن نرزقك » الخطاب
للنبي صلىاللهعليهوآله
، والمراد به جميع الخلق ، أى نرزق جميعهم ولا نسترزقهم « والعاقبة للتقو » أى العاقبة المحمودة لاهل التقوى.
قوله تعالى : « واخفض جناحك
» أي لين جانبك لهم ، مستعار من خفض الطائر
جناحه : إذا أراد أن ينحط « الذى يراك حين تقوم
» أي إلى التهجد ، أو للانذار
« وتقلبك في الساجدين « أى ترددك في تصفح أحوال
المتهجدين ، كما روي أنه صلىاللهعليهوآله
لما نسخ فرض قيام الليل طاف تلك الليلة ببيوت
أصحابه لينظر ما يصنعون حرصا على
كثرة طاعاتهم ، فوجدها كبيوت الزنابير لما سمع
من دندنتهم
بذكر الله والتلاوة ، أو تصرفك فيما بين المصلين بالقيام والركوع والسجود والقعود إذا أمهم.
قال الطبرسي : وقيل معناه وتقلبك في أصلاب
الموحدين من نبي إلى نبي حتى أخرجك
نبيا
، وهو المروى عن أبي جعفر وأبي عبدالله عليهماالسلام
، قالا : في أصلاب النبيين نبي
بعد نبي حتى أخرجه من صلب أبيه من نكاح غير
سفاح ، من لدن آدم.
قوله تعالى : « إن الصلوة تنهى عن الفحشاء والمنكر
» أى سبب للانتهاء عن المعاصي
حال الاشتغال بها وغيرها ، من حيث أنها تذكر
الله وتورث للنفس خشية منه ، أو الصلاة
الكاملة هي التي تكون كذلك ، فإن لم تكن كذلك
فكأنها ليست بصلاة ، كما روى
الطبرسي
مرسلا عن أبي عبدالله عليهالسلام
قال : من أحب أن يعلم أقبلت صلاته أم لم
____________________
تقبل؟ فلينظر هل
منعته صلاته عن الفحشاء والمنكر ، فبقدر ما منعته قبلت منه « ولذكر
الله أكبر » أى ذكر الله إياكم برحمته أكبر من
ذكركم إياه بطاعته ، أو ذكر العبد لله في
جميع الاحوال أكبر الطاعات ، أو أكبر في النهي
عن الفحشآء والمنكر ، وسيأتي لها في
كتاب الامامة تأويلات اخر.
قوله تعالى : « فاصبر
» أى على أذاهم « إن وعد الله » بنصرتك وإظهار دينك على
الدين كله « حق ولا يستخفنك » أى ولا يحملنك
على الخفة والقلق « الذين لا يوقنون » بتكذيبهم.
قوله تعالى : « وبشر المؤمنين بأن لهم
من الله فضلا كبيرا » على سائر الامم
« ولا تطع الكافرين والمنافقين » تهييج له على
ما هو عليه من مخالفتهم » ودع أذاهم « أى
إيذاءهم إياك ، ولا تحتفل به ، أو إيذاءك إياهم مجازاة ومؤاخذة على
كفرهم ، و
لذلك قيل : إنه منسوخ « وكفى بالله وكيلا » موكولا
إليه الامر في الاحوال كلها.
قوله تعالى : « فلا تذهب نفسك عليهم حسرات
» أى فلا تهلك نفسك عليهم للحسرات
على غيهم وإصرارهم على التكذيب. « إن الله عليم
بما يصنعون » فيجازيهم علي
قوله تعالى : « وما علمناه
الشعر » قال البيضاوى : رد لقولهم : إن محمدا
شاعر ، أى ما علمناه الشعر بتعليم القرآن ، فإنه غير مقفى ولا موزون ، وليس معناه ما
يتوخاه
الشعراء من التخييلات المرغبة والمنفرة « وما
ينبغي له » وما يصح له الشعر ولا يتأتى
له إن أراد قرضه على ما اختبرتم طبعه نحوا من
أربعين سنة ، وقوله :
أنا النبي لا كذب
|
|
أنا ابن عبدالمطلب
|
وقوله :
هل أنت إلا أصبع دميت
|
|
وفي سبيل الله ما لقيت
|
اتفاقي من غير تكلف وقصد منه إلى ذلك ، وقد
يقع مثله كثيرا في تضاعيف
المنثورات ، على أن الخليل ما عد المشطور من
الرجز شعرا ، وروي أنه حرك البائين ، و
____________________
كسر التاء الاولى
بلا إشباع ، وسكن الثانية ، وقيل : الضمير للقرآن أى وما يصح
للقرآن أن يكون شعرا.
وفي قوله تعالى : « واستغفر لذنبك
» : وأقبل على أمر دينك وتدارك فرطاتك بترك
الاولى
والاهتمام بأمر العدى بالاستغفار ، فإنه تعالى كافيك في النصر وإظهار الامر
« وسبح بحمد ربك بالعشي والابكار » : ودم على
التسبيح والتحميد لربك ، وقيل : صل
لهذين الوقتين ، إذ كان الواجب بمكة ركعتان بكرة ، وركعتان عشآء.
وفي قوله تعالى : « ولا تستوي الحسنة ولا السيئة
» : أي في الجزاء وحسن العاقبة
« إدفع » أي السيئة حيث اعترضتك « بالتي هي أحسن
» منها وهي الحسنة ، أو بأحسن ما
يمكن رفعها به من الحسنات « فإذا الذي بينك
وبينه عداوة كأنه ولي حميم » أي إذا
فعلت ذلك صار عدوك المشاق مثل الولي الشفيق « وما
يلقاها » أي هذه السجية وهي
مقابلة الاساءة بالاحسان « إلا الذين صبروا » فإنها
تحبس النفس عن الانتقام « وما يلقاها
إلا ذو حظ عظيم » من الخير وكمال النفس ، وقيل
: الحظ العظيم : الجنة « وإما ينزغنك
من الشيطان نزغ » أي نخس ، شبه به وسوسته لانها بعث على ما لا
ينبغي كالدفع
بما هو أسوء « فاستعذ بالله » من شره ولا تطعه
« إنه هو السميع » لاستعاذتك « العليم » بنيتك أو بصلاحك.
وفي قوله تعالى : « وقيله
» : عطف على « الساعة »
أي وقول الرسول « فاصفح
عنهم » فأعرض عن دعوتهم آيسا عن إيمانهم « وقل
سلام » تسلم منكم ومتاركة « فسوف
____________________
يعلمون » تسلية
للرسول ، وتهديد لهم.
وفي قوله تعالى : « ولا تستعجل لهم
» » : أي لكفار قريش بالعذاب فإنه نازل بهم
في وقته لا محالة » كأنهم يوم يرون ما يوعدون
لم يلبثوا إلا ساعة من نهار » استقصروا
من هو له مدة لبثهم في الدنيا حتى يحسبونها
ساعة « بلاغ » أى هذا الذي وعظتم به ، أو هذه السورة كفاية ، أو تبليغ من الرسول صلىاللهعليهوآله.
قوله تعالى : « فاعلم أنه لا إله إلا
الله » قال الطبرسي رحمهالله : أي أقم على هذا
العلم ، واثبت عليه ، وقيل : يتعلق بما قبله ، أي
إذا جاءتهم الساعة فاعلم أنه لا إله إلا
الله ، أي يبطل الممالك عند ذلك فلا ملك ولا حكم لاحد إلا الله
، وقيل : إن هذا
إخبار بموته ، أي فاعلم أن الحي الذي لا يموت
هو الله وحده ، وقيل : إنه صلىاللهعليهوآله
كان
ضيق الصدر من أذى قومه فقيل له : فاعلم أنه لا
كاشف لذلك إلا الله « واستغفر لذنبك » الخطاب له والمراد به الامة ، ، وقيل : المراد به الانقطاع إلى الله
تعالى ، فإن
الاستغفار عبادة يستحق به الثواب. « والله يعلم
متقلبكم ومثواكم » أي متصرفكم في
أعمالكم في الدنيا ، ومصيركم في الآخرة إلى
الجنة أو إلى النار ، وقيل : متقلبكم في أصلاب
الآبآء إلى أرحام الامهات ، « ومثواكم » أي
مقامكم في الارض ، وقيل : متقلبكم من ظهر
إلى بطن ، ومثواكم في القبور ، وقيل : متصرفكم
بالنهار
، ومضجعكم بالليل.
وقال البيضاوي في قوله تعالى : « وسبح بحمد ربك
» : أي نزهه عن العجز عما
يمكن ، والوصف بما يوجب التشبيه ، حامدا له على
ما أنعم عليك من إصابة الحق وغيرها
« قبل طلوع الشمس وقبل الغروب » يعني الفجر
والعصر « ومن آناء الليل فسبحه » أي
____________________
وسبحه بعض الليل « وأدبار
السجود » وأعقاب الصلاة ، وقيل : المراد بالتسبيح الصلاة ، فالصلاة قبل الطلوع الصبح ، وقبل الغروب الظهر والعصر ، ومن الليل العشآء آن
والتهجد ، وأدبار السجود النوافل بعد المكتوبات ، وقيل : الوتر بعد العشاء.
وقال الطبرسي رحمهالله : « وأدبار السجود
» فيه أقوال :
أحدها : أن المراد به الركعتان بعد
المغرب « وإدبار النجوم » الركعتان قبل
الفجر عن علي والحسن بن علي عليهمالسلام.
وثانيها : أنه التسبيح بعد كل صلاة.
وثالثها : أنه النوافل بعد المفروضات.
ورابعها : أنه الوتر من آخر الليل ، وروي ذلك عن أبي عبدالله عليهالسلام.
قوله تعالى : « وما أنت عليهم بجبار
» قال البيضاوي : أي بمسلط
تقسرهم
على الايمان ، أو تفعل بهم ما تريد ، وإنما أنت
داع.
وفي قوله تعالى : « واصبرك لحكم ربك
» : بإمهالهم وإبقائك في عنائهم « فإنك
بأعيننا » في حفظنا بحيث نراك ونكلاك « وسبح
بحمد ربك حين تقوم » عن أي مكان
قمت ، أو من منامك ، أو إلى الصلاة « ومن الليل
فسبحه » فإن العبادة فيه أشق على
النفس وأبعد عن الرئاء « وإدبار النجوم » وإذا
أدبرت النجوم من آخر الليل.
وقال الطبرسي رحمهالله : يعني الركعتين
قبل صلاة الفجر وهو المروي عن أبي
جعفر وأبي عبدالله عليهماالسلام.
____________________
وقال البيضاوي في قوله تعالى : « ن
» : من أسمآء الحروف ، وقيل : اسم الحوت
والمراد به الجنس أو اليهموت وهو الذي عليه
الارض ، أو الدواة ، فإن بعض الحيتان
يستخرج منه شئ أسود يكتب به.
وقال الطبرسي : روي مرفوعا إلى النبي صلىاللهعليهوآله قال : هو نهر في
الجنة قال الله له : كن مدادا فجمد ، وكان أبيض من اللبن ، وأحلى من
الشهد ، ثم قال للقلم : اكتب فكتب
القلم ما كان وهو كائن إلى يوم القيامة ، عن
أبي جعفر الباقر عليهالسلام.
« والقلم » قال البيضاوي : هو الذي خط
اللوح ، أو الذي يخط به ، أقسم به لكثرة فوائده
« وما يسطرون » وما يكتبون ، والضمير للقلم
بالمعنى الاول على التعظيم ، أو بالمعنى
الثاني على إرادة الجنس ، وإسناد الفعل إلى الآلة
وإجرائه
مجرى اولي العلم
لاقامته مقامه ، أو لاصحابه ، أو للحفظة ، وما
مصدرية أو موصولة « ما أنت بنعمة ربك
بمجنون » جواب القسم ، والمعنى ما أنت بمجنون
منعما عليك بالنبوة وحصافة
الرأي
« وإن لك لاجرا » على الاحتمال أو الابلاغ « غير
ممنون » مقطوع ، أو ممنون به عليك
من الناس ، فإنه تعالى يعطيك بلا توسط « وإنك
لعلى خلق عظيم » إذ تحتمل من
قومك ما لا يحتمله أمثالك « فستبصر ويبصرون *
بأيكم المفتون » أيكم الذي فتن
بالجنون ، والباء مزيدة ، أو بأيكم الجنون ، على
أن « المفتون » مصدر ، أو بأي الفريقين
منكم الجنون؟ أبفريق المؤمنين ، أو بفريق
الكافرين؟ أي في أيهما
من يستحق هذا
الاسم « فاصبر لحكم ربك » وهو إمهالهم وتأخير
نصرتك عليهم « ولا تكن كصاحب
____________________
الحوت « يونس » إذ
نادى « في بطن الحوت » وهو مكظوم » مملو غيظا في الضجرة
فتبتلى ببلائه.
وقال الطبرسي رحمهالله : « إنك لعلى خلق
عظيم » أي على دين عظيم ، وقيل : معناه
إنك متخلق بأخلاق الاسلام ، وعلى طبع كريم ، وقيل
: سمي خلقه عظيما لاجتماع
مكارم الاخلاق فيه ، ويعضده ما روي عنه صلىاللهعليهوآله أنه قال : « إنما
بعثت لاتمم مكارم
الاخلاق ، وقال صلىاللهعليهوآله
: « أدبني ربي فأحسن تأديبي » وقال : وأخبرني السيد أبوالحمد
مهدي بن نزار الحسيني ، عن أبي القاسم الحسكاني
بإسناده
عن الضحاك بن مزاحم
قال : لما رأت قريش تقديم النبي صلىاللهعليهوآله عليا عليهالسلام وإعظامه له نالوا
من علي عليهالسلام
، وقالوا : قد افتتن به محمد صلىاللهعليهوآله
، فأنزل الله تعالى « ن والقلم وما يسطرون » قسم أقسم الله
به « ما أنت » يا محمد « بنعمة ربك بمجنون *
وإنك لعلى خلق عظيم » يعني القرآن إلى
قوله : « بمن ضل عن سبيله » وهم النفر الذين
قالوا ما قالوا « وهو أعلم بالمهتدين » علي
ابن أبي طالب عليهالسلام.
وقال البيضاوي في قوله تعالى : « ملتحدا
» أي منحرفا وملتجئا « إلا بلاغا من الله » استثناء من قوله : « لا أملك » فإن التبليغ إرشاد
وإنفاع ، أو من « ملتحدا » و « رسالاته » عطف على « بلاغا من الله ».
« ومن يعص الله ورسوله » في الامر بالتوحيد ، إذ الكلام فيه « حتى
إذا رأوا ما
يوعدون » في الدنيا كوقعة بدر أو في الآخرة « قل
إن أدري » أي ما أدري « أم يجعل له ربي
أمدا » غاية يطول مدتها ، كأنه لما سمع
المشركون « حتى إذا رأوا مايوعدون » قالوا : متى
يكون؟ إنكارا ، قيل : قل : إنه كائن لا محالة ،
ولكن لا أدري وقته « فلا يظهر » فلا يطلع
____________________
« على غيبه أحدا » أي على الغيب المخصوص به علمه
« إلا من ارتضى » يعلم بعضه حتى
يكون له معجزة « من رسول » بيان « من ».
« فإنه يسلك من بين يديه » من بين يدي المرتضى « ومن خلفه رصدا » حرسا
من
الملائكة يحرسونه من اختطاف الشياطين وتخاليطهم
« ليعلم أن قد أبلغوا » أي ليعلم
النبي الموحى إليه أن قد أبلغ جبرئيل والملائكة
النازلون بالوحي ، أو ليعلم الله أن
أبلغ
الانبياء بمعنى ليتعلق علمه به موجودا « رسالات ربهم » كما هي محروسة عن
عن التغيير « وأحاط بما لديهم » بما عند الرسل
« وأحصى كل شئ عددا » حتى القطر
والرمل.
وفي قوله تعالى : « يا أيها المزمل * قم
الليل » أي قم إلى الصلاة ، أو داوم عليها
«إلا
قليلا نصفه أو انقص منه قليلا أو زد عليه» الاستثناء من « الليل » و « نصفه » بدل
من «قليلا» وقلته بالنسبة إلى الكل ، والتخيير بين قيام
النصف والزائد عليه كالثلثين ، والناقص عنه
كالثلث ، أو « نصفه » بدل من « الليل » والاستثناء
منه ، والضمير في « منه » و « عليه » للاقل
من النصف كالثلث ، فيكون التخيير بينه وبين
الاقل منه كالربع ، والاكثر منه كالنصف ، أو للنصف ، والتخيير بين أن يقوم أقل منه على البت ، وأن يختار أحد الامرين من
الاقل والاكثر ، أو الاستثناء من أعداد الليل ،
فإنه عام ، والتخيير بين قيام النصف و
الناقص عنه والزائد عليه « ورتل القرآن ترتيلا
» اقرأه على تؤدة وتبيين حروف بحيث
يتمكن السامع من عدها « إنا سنلقي عليك قولا
ثقيلا » يعني القرآن. فإنه لما فيه من
التكاليف الشاقة ثقيل على المكلفين ، أو رصين
لرزانة لفظه ومتانة معناه ، أو ثقيل على
المتأمل فيه لافتقاره إلى مزيد تصفية للسر ، وتحديد
للنظر ، أو ثقيل
في الميزان ، أو على الكفار والفجار ، أو ثقيل تلقيه لقول عائشة : رأيته ينزل عليه الوحي في
اليوم
____________________
الشديد البرد فينفصم
عنه ، وإن جبينه
ليرفض عرقا « إن
ناشئة الليل » إن
النفس التي تنشأ من مضجعها إلى العبادة ، من
نشأ من مكانه : إذا نهض ، أو قيام الليل على
أن الناشئة له ، أو العبادة التي تنشأ بالليل ،
أي تحدث ، أو ساعات الليل ، فإنها تحدث
واحدة بعد اخرى ، أو ساعاتها الاول من نشأت : إذا
ابتدأت « هي أشد وطأ » أى كلفة ، أو ثبات قدم « وأقوم قيلا » وأسد مقالا ، أو أثبت قراءة لحضور القلب ، وهدوء الاصوات
إن لك في النهار سبحا طويلا « تقلبا في مهامك
واشتغالا بها ، فعليك بالتهجد ، فإن
مناجات الحق تستدعي فراغا » واذكر اسم ربك « ودم
على ذكره ليلا ونهارا » وتبتل
إليه تبتيلا « وانقطع إليه بالعبادة ، وجرد
نفسك عما سواه » رب المشرق والمغرب « خبر
محذوف ، أو مبتدأ خبره » لا إله إلا هو «.
« فاتخذه وكيلا » مسبب عن التهليلة ، فإن توحده بالالوهية يقتضي أن
توكل إليه الامور « واصبر على ما يقولون » من
الخرافات « واهجرهم هجرا جميلا » بأن
تجانبهم وتداريهم ولا تكافيهم ، وتكل أمرهم إلى
الله كما قال : « وذرني والمكذبين » دعني
وإياهم ، وكل إلي أمرهم « اولي النعمة » أرباب
التنعم ، يريد صناديد قريش
« ومهلهم قليلا » زمانا أو إمهالا « إن ربك يعلم
أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه
وثلثه » استعار الادنى للاقل ، لان الاقرب إلى
الشئ أقل بعدا منه ، و « نصفه » و « ثلثه » « عطف على » « أدنى ».
« وطائفة من الذين معك » ويقوم ذلك جماعة من أصحابك « والله يقدر
الليل والنهار » لا يعلم مقادير ساعاتهما كما هي إلا الله « علم
أن لن تحصوه « أي لن تحصوا تقدير الاوقات ، ولن
تستطيعوا ضبط الساعات » فتاب عليكم « بالترخيص
في ترك القيام المقدور
، ورفع التبعة
____________________
فيه » فاقرؤا ما
تيسر من القرآن « فصلوا ما تيسر عليكم من صلاة الليل ، عبر عن الصلاة
بالقراءة كما عبر عنها بسائر أركانها ، قيل : كان
التهجد واجبا على التخيير المذكور ، فعسر عليهم القيام به فسنخ به ، ثم نسخ هذا بالصلوات الخمس ، أو فاقرؤا القرآن
بعينه
كيفما تيسر عليهم » علم أن سيكون منكم مرضى « استيناف
يبين حكمة اخرى مقتضية
للترخيص والتخفيف ، ولذلك كرر الحكم مرتبا عليه
، وقال : « وآخرون يضربون في
الارض يبتغون من فضل الله » والضرب في الارض : ابتغآء
للفضل ، أو المسافرة للتجارة ، وتحصيل العلم.
« يا أيها المدثر » أي المتدثر ، وهو لابس الدثار ، وسيأتي القول
فيه « قم » من مضجعك ، أو قم قيام عزم وجد « فأنذر » مطلق للتعميم ، أو مقدر بمفعول دل عليه قوله : « وأنذر
عشيرتك الاقربين ».
« وربك فكبر » وخصص ربك بالتكبير وهو وصفه بالكبرياء عقدا وقولا « و
ثيابك فطهر » من النجاسات فإن التطهير واجب في
الصلاة ، محبوب في غيرها ، وذلك بغسلها
أو بحفظها عن النجاسة كتقصيرها مخافة جر الذيول
فيها ، وهو أول ما امر به من
رفض العادات المذمومة ، أو طهر نفسك من الاخلاق
والافعال الذميمة
أو فطهر دثار
النبوة عما يدنسه من الحقد والضجر وقلة الصبر «
والرجز فاهجر » واهجر العذاب بالثبات
على هجر ما يؤدي إليه من الشرك وغيره من
القبائح « ولا تمنن تستكثر » ولا تعط مستكثرا ، نهي عن الاستغزاز ، وهو أن يهب شيئا طامعا في عوض أكثر ، نهي تنزيه ، أو نهيا خاصا
به صلىاللهعليهوآله
، أو لا تمنن على الله بعبادتك مستكثرا إياها ، أو على الناس بالتبليغ مستكثرا
به الاجر منهم ، أو مستكثرا إياه « ولربك » ولوجهه
أو أمره « فاصبر » فاستعمل الصبر ، أو فاصبر على مشاق التكاليف وأذى المشركين.
وفي قوله تعالى : « ولا تطع منهم آثما أو
كفورا » أي كل واحد من مرتكب
____________________
الاثم ، الداعي لك
إليه ، ومن الغالي في الكفر الداعي إليه « واذكر اسم ربك بكرة
وأصيلا » أي وداوم على ذكره ، أو دم على صلاة
الفجر والظهر والعصر ، فإن الاصيل
يتناول وقتيهما « ومن الليل فاسجد له » وبعض
الليل فصل له ، ولعل المراد به صلاة
المغرب والعشآء « وسبحه ليلا طويلا » وتهجد له
طائفة طويلة من الليل.
١ ـ ل
، لى : أبي ، عن علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي
عمير ، عن أبان الاحمر ، عن
الصادق جعفر بن محمد (ع) قال : جآء رجل إلى
رسول الله (ص) وقد بلي ثوبه ، فحمل إليه
اثنى عشر درهما ، فقال : يا علي خذ هذه الدراهم
فاشتر لي ثوبا ألبسه ، قال علي عليهالسلام
: فجئت إلى السوق فاشتريت له قميصا باثنى عشر
درهما ، وجئت به إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله
، فنظر إليه فقال : يا علي غير هذا أحب إلي ، أترى صاحبه يقيلنا؟ فقلت : لا أدري ، فقال
: انظر ، فجئت إلى صاحبه فقلت : إن رسول الله صلىاللهعليهوآله قد كره هذا يريد
ثوبا دونه
فأقلنا
فيه ، فرد علي الدراهم ، وجئت به. إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله فمشى معي إلى السوق
ليبتاع
قميصا ، فنظر إلى جارية قاعدة على الطريق تبكي
، فقال لها رسول الله صلىاللهعليهوآله
: ما شأنك؟
قالت : يا رسول الله إن أهل بيتي أعطوني أربعة دراهم لاشتري لهم بها
حاجة فضاعت
فلا أجسر أن أرجع إليهم ، فأعطاها رسول الله (ص)
أربعة دراهم ، وقال : ارجعي إلى أهلك ، ومضى رسول الله (ص) إلى السوق فاشترى قميصا بأربعة دراهم ، ولبسه وحمد الله ، وخرج
فرأى رجلا عريانا يقول : من كساني كساه الله من
ثياب الجنة ، فخلع رسول الله (ص) قميصه
الذي اشتراه وكساه السائل ، ثم رجع إلى السوق
فاشترى بالاربعة التي بقيت قميصا آخر ، فلبسه وحمد الله ورجع إلى منزله ، وإذا الجارية قاعدة على الطريق ، فقال لها رسول الله
صلىاللهعليهوآله
: ما لك لا تأتين أهلك؟ قالت : يا رسول الله إني قد أبطأت عليهم
____________________
وأخاف أن يضربوني ، فقال رسول الله (ص) : مري
بين يدي ودليني على أهلك ، فجآء
رسول الله صلىاللهعليهوآله
حتى وقف على باب دارهم ، ثم قال : السلام عليكم يا أهل الدار ، فلم
يجيبوه ، فأعاد السلام فلم يجيبوه ، فأعاد
السلام فقالوا : عليك السلام يا رسول الله ورحمة الله
وبركاته ، فقال لهم : ما لكم تركتم إجابتي في
أول السلام والثاني؟ قالوا : يا رسول الله
سمعنا سلامك فأحببنا أن تستكثر منه ، فقال رسول
الله صلىاللهعليهوآله
: إن هذه الجارية أبطأت
عليكم فلا تؤاخذوها ، فقالوا : يا رسول الله هي
حرة لممشاك ، فقال رسول الله (ص) : الحمد
لله ، ما رأيت اثنى عشر درهما أعظم بركة من هذه
، كسى الله بها عريانين ، وأعتق بها
نسمة.
٢ ـ لى
: ابن الوليد ، عن الصفار ، عن عبدالله بن الصلت ، عن يونس ، عن ابن حميد ، عن محمد بن قيس ، عن أبي جعفر عليهالسلام
قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله
: خمس لا أدعهن حتى
الممات : الاكل على الحضيض مع العبيد ، وركوبي الحمار
مؤكفا ، وحلبي العنز بيدي ، ولبس الصوف ، والتسليم على الصبيان ، لتكون
سنة من بعدي.
٣ ـ ن
، ع : المظفر العلوي ، عن ابن العياشي ، عن
أبيه ، عن علي بن الحسن
ابن فضال ، عن محمد بن الوليد ، عن العباس بن
هلال ، عن الرضا ، عن آبائه ، عن علي
عليهمالسلام
مثله.
ل
: ابن المتوكل ، عن السعد آبادي ، عن البرقي ، عن أبيه ، عن ابن أبي
عمير ، وصفوان معا عن الحسين بن مصعب ، عن أبي
عبدالله ، عن آبائه عليهمالسلام
مثله.
____________________
بيان
: الاكل على الحضيض : الاكل على الارض من غير أن يكون خوان ، قال
الجوهري : والحضيض : القرار من الارض عند منقطع
الجبل ، وفي الحديث « إنه اهدي
إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله
هدية فلم يجد شيئا يضعه عليه ، فقال : ضعه بالحضيض ، فإنما أنا
عبد آكل كما يأكل العبد » يعني بالارض.
وقال الفيروزآبادي : إكاف الحمار ككتاب
وغراب ووكافه : برذعته
، والاكاف : صانعه ، وآكف الحمار إيكافا وأكفه تأكيفا : شده
عليه.
أقول
: سيأتي شرح الخبر بتمامه في كتاب الآداب والسنن إن شاء الله تعالى.
٤ ـ لى
: العطار ، عن أبيه ، عن ابن عيسى ، عن أبيه ، عن صفوان بن يحيى ، عن
العيض بن القاسم قال : قلت للصادق جعفر بن محمد
عليهالسلام
: حديث يروى عن أبيك عليهالسلام
أنه
قال : ما شبع رسول الله صلىاللهعليهوآله من خبز بر قط ، أهو
صحيح؟ فقال : لا ، ما أكل رسول الله
صلىاللهعليهوآله
خبز بر قط ، ولا شبع من خبز شعير قط.
٥ ـ لى
: ابن إدريس ، عن ابن عيسى ، عن محمد بن يحيى الخزاز ، عن
موسى بن إسماعيل ، عن أبيه ، عن موسى بن جعفر ،
عن أبيه ، عن آبائه عليهمالسلام
عن أمير المؤمنين
عليهالسلام
قال : إن يهوديا كان له على رسول الله صلىاللهعليهوآله
دنانير فتقاضاه فقال له : يا يهودي
ما عندي ما أعطيك فقال : فإني لا افارقك يا
محمد حتى تقضيني ، فقال : إذا أجلس معك ، فجلس معه حتى صلى في ذلك الموضع الظهر والعصر والمغرب والعشآء الآخرة والغداة ، وكان أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآله
يتهددونه ويتواعدونه ، فنظر رسول الله صلىاللهعليهوآله
إليهم فقال :
ما الذي تصنعون به؟ فقالوا يا رسول الله
يهودي يحبسك؟ فقال صلىاللهعليهوآله
: لم يبعثني ربي
عزوجل بأن أظلم معاهدا ولا غيره ، فلما علا
النهار قال اليهودي : أشهد أن لا إله إلا الله
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، وشطر مالي في
سبيل الله ، أما والله ما فعلت بك الذي فعلت
إلا لانظر إلى نعتك في التوراة ، فإني قرأت
نعتك في التوراة : محمد بن عبدالله مولده بمكة
____________________
ومهاجره بطيبة ، وليس
بفظ ولا غليظ ولا سخاب ، ولا متزين
بالفحش ، ولا قول
الخنآء ، وأنا أشهد أن لا إله إلا الله ، وأنك
رسول الله صلىاللهعليهوآله
، وهذا مالي ، فاحكم فيه بما
أنزل الله ، وكان اليهودي كثير المال ، ثم قال عليهالسلام : كان فراش رسول الله (ص) عباءة ، وكانت مرفقته أدم حشوها ليف ، فثنيت له ذات ليلة ، فلما أصبح قال : لقد منعني
الفراش
الليلة الصلاة ، فأمر عليهالسلام أن يجعل بطاق واحد.
بيان
: قال الجزري : فيه من قتل معاهدا لم
يقبل الله منه صرفا ولا عدلا ، يجوز
أن يكون بكسر الهآء وفتحها على الفاعل والمفعول
، وهو في الحديث بالفتح أشهر وأكثر ، والمعاهد : من كان بينك وبينه عهد ، وأكثر ما يطلق في الحديث على أهل الذمة ، وقد
يطلق على غيرهم من الكفار إذا صولحوا على ترك
الحرب مدة ما ، وقال : الشطرالنصف.
وقال الجوهري : طيبة على وزن شيبة : اسم
مدينة الرسول (ص) ، والصخب بالصاد
وبالسين : الضجة ، واضطراب الاصوات للخصام.
قوله عليهالسلام
: ولا متزين ، في بعض
النسخ بالزآء المعجمة ، أي لم يجعل الفحش زينة
كما يتخذه اللئام ، وفي بعضها بالرآء
أي لا يدنس نفسه بذلك. والخنآء أيضا الفحش في
القول ، والمرفقة بالكسر
الوسادة.
٦ ـ فس
: أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : كان رسول الله صلىاللهعليهوآله
في بيت ام سلمة في ليلتها ، ففقدته من الفراش ، فدخلها في ذلك ما
يدخل النسآء ، فقامت تطلبه في جوانب البيت حتى
انتهت إليه وهو في جانب من البيت
قائم رافع يديه يبكي وهو يقول : « اللهم لا تنزع مني صالح ما أعطيتني أبدا ،
____________________
اللهم لا تشمت بي
عدوا ولا حاسدا أبدا ، اللهم ولا تردني في سوء استنقذتني منه أبدا ، اللهم ولا تكلني إلي نفسي طرفة عين أبدا » قال : فانصرفت ام سلمة تبكي حتى انصرف
رسول الله (ص) لبكائها فقال لها : ما يبكيك يا
ام سلمة؟ فقالت : بأبي أنت وامي يا رسول الله
ولم لا أبكي وأنت بالمكان الذي أنت به من الله
، قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ، تسأله أن لا يشمت بك عدوا أبدا ، وأن لا يردك في سوء استنقذك منه أبدا ، وأن لا
ينزع
منك صالحا أعطاك أبدا ، وأن لا يكلك إلى نفسك طرفة عين
أبدا؟ فقال : يا ام سلمة
وما يؤمنني؟ وإنما وكل الله يونس بن متى إلى
نفسه طرفة عين وكان منه ما كان.
٧ ـ ب
: ابن طريف
، عن ابن علوان ، عن جعفر ، عن أبيه عليهماالسلام
قال : جاء إلى
النبي صلىاللهعليهوآله
سائل يسأله ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله
: هل من أحد عنده سلف؟ فقام رجل
من الانصار من بني الجبلى فقال : عندي يا رسول الله ، قال : فأعط
هذا السائل أربعة
أوساق تمر ، قال : فأعطاه ، قال : ثم جآء
الانصاري بعد إلى النبي صلىاللهعليهوآله
يتقاضاه فقال
له : يكون إن شآء الله ثم عاد إليه فقال : يكون إن شآء الله ، ثم عاد إليه
الثالثة فقال : يكون إنشآء الله ، فقال : قد أكثرت يا رسول
الله من قول : يكون إن شآء الله ، قا
فضحك رسول الله ، وقال : هل من رجل عنده سلف؟ قال : فقام رجل فقال له : عندي
____________________
يا رسول الله ، قال
: وكم عندك؟ قال : ما شئت ، قال : فأعط هذا ثمانية أوسق من تمر ، فقال الانصاري : إنما لي أربعة يا رسول الله ، قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : وأربعة أيضا.
٨ ـ ب
: ابن طريف
، عن ابن علوان ، عن جعفر ، عن أبيه عليهالسلام
أن رسول الله
صلىاللهعليهوآله
لم يورث دينارا ولا درهما ولا عبدا ولا وليدة ولا شاة ولا بعيرا ، ولقد
قبض صلىاللهعليهوآلهوأن درعه مرهونة عند يهودي من يهود
المدينة بعشرين صاعا من شعير
استلفها
نفقة لاهله.
٩ ـ ب
: أبوالبخترى ، عن جعفر ، عن أبيه عليهالسلام
أن المساكين كانوا يبيتون في
المسجد على عهد رسول الله (ص) ، فأفطر النبي (ص)
مع المساكين الذين في المسجد ذات
ليلة عند المنبر في برمة فأكل منها ثلاثون رجلا ، ثم ردت إلى
أزواجه شبعهن
١٠ ـ ب
: محمد بن الوليد ، عن ابن بكير قال : سألت أبا عبدالله عليهالسلام عن الصلاة قاعدا
أو يتوكأ على عصا ، أو على حائط؟ فقال : لا ، ما
شأن أبيك وشأن هذا؟ ما بلغ ابوك هذا
بعد أن رسول الله صلىاللهعليهوآله
بعد ما عظم أو بعد ما ثقل كان يصلي وهو قائم ، و
رفع إحدى رجليه حتى أنزل الله تبارك وتعالى : «
طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى » فوضعها.
بيان
: لعل تحمل هذه الاثقال في العبادة كان في الشريعة ثم نسخ.
١١ ـ ل
: محمد بن عمر الحافظ البغدادي ، عن إسحاق بن جعفر العلوي ، عن أبيه
جعفر بن محمد ، عن علي بن محمد العلوي المعروف
بالمشلل ، عن سليمان بن محمد القرشي ،
____________________
عن إسحاق بن أبي
زياد ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه محمد بن علي (ع) قال : قال رسول الله
صلىاللهعليهوآله
: خمس لست بتاركهن حتى الممات : لباسي الصوف
، وركوبي
الحمار مؤكفا ، وأكلي مع العبيد ، وخصفي النعل
بيدي ، وتسليمي على الصبيان لتكون
سنة من بعدي.
١٢ ـ ن
: بالاسانيد الثلاثة ، عن الرضا ، عن آبائه عليهمالسلام
قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله
:
أتاني ملك فقال : يا محمد إن ربك يقرئك السلام
، ويقول : إن شئت جعلت لك بطحآء مكة
ذهبا ، قال : فرفع رأسه إلى السمآء وقال : يا رب أشبع يوما فأحمدك ، وأجوع يوما
فأسألك.
صح
: عنه عليهالسلام
مثله.
جا
: عمر بن محمد ، عن ابن مهرويه ، عن داود بن سليمان ، عنه عليهالسلام مثله.
١٣ ـ ن
: بإسناد التميمي
، عن الرضا ، عن آبائه ، عن علي عليهمالسلام
قال : كان
النبي صلىاللهعليهوآله
يضحى بكبشين أملحين أقرنين.
١٤ ـ ن
: بهذا الاسناد قال : إن النبي صلىاللهعليهوآله
كان يتختم في يمينه.
١٥ ـ ن
: وبهذا الاسناد قال : ما شبع النبي صلىاللهعليهوآله
من خبز بر ثلاثة أيام حتى
مضى لسبيله.
____________________
١٦ ـ ن
: الحسين بن أحمد البيهقي ، عن محمد بن يحيى الصولي ، عن سهل بن القاسم
النوشجاني قال : قال رجل للرضا عليهالسلام : يابن رسول الله
إنه يروى عن عروة بن زبير
أنه قال : توفي النبي صلىاللهعليهوآله وهو في تقية ، فقال
: أما بعد قول الله عزوجل : « يا أيها
الرسول بلغ ما انزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس
» فإنه أزال كل تقية بضمان الله عزوجل له وبين أمر الله ، ولكن قريشا
فعلت ما اشتهت بعده ، وأما قبل نزول هذه الآية
فلعله.
١٧ ـ ما
: المفيد ، عن الحسين بن محمد التمار ، عن محمد بن إسكاب ، عن مصعب بن
المقدام بن شريح ، عن أبيه ، عن عائشة أن النبي
(ص) كان إذا رأى ناشئا ترك كل شئ ، وإن كان
في صلاة ، وقال : « اللهم إني أعوذ بك من شر ما
فيه » فإن ذهب حمد الله ، وإن أمطر
قال : « اللهم اجعله ناشئا نافعا » والناشئ : السحاب
، والمخيلة أيضا : السحابة.
بيان
: قوله : والناشئ إلى آخر الكلام إما كلام الشيخ ، أو بعض الروات و
قال الجزرى : فيه كان إذا رأى ناشئا في افق
السمآء ، أي سحابا لم يتكامل اجتماعه و
اصطحابه.
١٨ ـ ما
: ابن حشيش
، عن أحمد ، عن سليمان بن أحمد الطبراني ، عن : عمرو
ابن ثور،
عن محمد بن يوسف
، عن سفيان الثوري ، عن عبدالرحمن بن القاسم ، عن
أبيه ، عن عائشة قال : ما شبع آل محمد عليهالسلام ثلاثة أيام تباعا
حتى لحق بالله عزوجل.
____________________
١٩ ـ ما
: ابن مخلد ، عن الخالدي
، عن الحسن بن علي القطان ، عن عباد
ابن موسى
، عن إبراهيم بن سليمان
، عن عبدالله بن مسلم ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : كان رسول الله صلىاللهعليهوآله
يجلس على الارض ، ويأكل على الارض ، و
يعتقل الشاة ، ويجيب دعوة المملوك على خبز
الشعير.
٢٠ ـ ما
: حمويه بن علي ، عن محمد بن محمد بن
بكر الهزالي
، عن الفضل بن
الحباب
، عن سلم ، عن أبي هلال ، عن بكر بن عبدالله أن عمر بن الخطاب دخل على
النبي صلىاللهعليهوآله
وهو موقوذ ـ أو قال : محموم ـ فقال له عمر : يا رسول الله ما أشد وعكك أو حماك؟
فقال : ما منعني ذلك أن قرأت الليلة
ثلاثين سورة فيهن السبع الطول ، فقال عمر : يا
رسول الله غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما
تأخر وأنت تجتهد هذا الاجتهاد؟ فقال : يا عمر
أفلا أكون عبدا شكورا؟.
بيان
: قال الفيروزآبادي : الموقوذ : الشديد
المرض المشرف ، ووقذه : صرعه ، و
سكنه ، وغلبه ، وتركه عليلا كأوقذه ، وقال : الوعك
: أدنى الحمى ووجعها ومغثها
في البدن ، وألم من شدة التعب.
٢١ ـ ع :
علي بن حاتم ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن إسماعيل ، عن الحسين بن
____________________
موسى ، عن أبيه ، عن
موسى بن جعفر ، عن أبيه ، عن جده ، عن علي بن الحسين ، عن
أبيه ، عن علي بن أبي طالب عليهمالسلام قال : كان رسول
الله صلىاللهعليهوآله
مكفرا لا يشكر معروفه ، ولقد كان معروفه على القرشي والعربي والعجمي ، ومن كان أعظم معروفا من رسول الله
صلىاللهعليهوآله
على هذا الخلق؟ وكذلك نحن أهل البيت مكفرون لا يشكر معروفنا ، وخيار المؤمنين مكفرون لا يشكر معروفهم.
٢٢ ـ ع
: أبي ، عن القاسم بن محمد بن علي بن إبراهيم النهاوندي ، عن صالح بن
راهويه ، عن أبي جويد مولى الرضا عليهالسلام عن الرضا عليهالسلام قال : نزل جبرئيل
على
النبي صلىاللهعليهوآله
فقال : يا محمد إن ربك يقرئك السلام ، ويقول : إن الابكار من النسآء بمنزلة
الثمر على الشجر ، فإذا أينع الثمر فلا دواء له
إلا اجتناؤه ، وإلا أفسدته الشمس ، وغيرته
الريح ، وإن الابكار إذا أدركن ما تدرك النساء
فلا دواء لهن إلا البعول ، وإلا لم يؤمن
عليهن الفتنة ، فصعد رسول الله صلىاللهعليهوآله المنبر فجمع الناس
ثم أعلمهم ما امر الله عزوجل
به ، فقالوا : ممن يا رسول الله؟ فقال : من
الاكفاء ، فقالوا : ومن الاكفاء؟ فقال : المؤمنون
بعضهم أكفاء بعض ، ثم لم ينزل حتى زوج ضباعة من
المقداد بن الاسود ، ثم قال : أيها
الناس إني زوجت ابنة عمي المقداد ليتضع النكاح.
٢٣ ـ ير
: محمد بن الحسين ، عن جعفر بن محمد بن يونس ، عن حماد بن عثمان ، عن
أبي عبدالله عليهالسلام
قال : إن النبي صلىاللهعليهوآله
كان في مكان ومعه رجل من أصحابه وأراد قضاء
حاجة ، فقام إلى الاشائين يعني النخلتين ، فقال
لهم اجتمعا ، فاستتر بهما النبي صلىاللهعليهوآله
فقضى حاجته ، ثم قام فجاء الرجل فلم ير شيئا.
بيان
: قال الجوهري : الاشاء بالفتح والمد : صغار النخل.
٢٤ ـ ص
: الصدوق : عن عبدالله بن حامد ، عن
أحمد بن محمد بن الحسين ، عن محمد بن
يحيى أبي صالح ، عن الليث ، عن يونس ، عن ابن
شهاب ، عن أبي سلمة ، أن جابر بن عبدالله
____________________
قال : كنا مع رسول
الله (ص) بمر الظهران
يرعى الغنم
، وإن رسول الله صلىاللهعليهوآله
قال : عليكم بالاسود منه فإنه أطيبه ، قالوا : ترعى
الغنم؟ قال : نعم وهل نبي إلا
رعاها؟.
٢٥ ـ ص
: الصدوق ، عن أبيه ، عن محمد العطار ، عن الاشعري ، عن سيف بن
حاتم ، عن رجل من ولد عمار يقال له : أبولؤلؤه
سماه عن آبائه قال : قال عمار رضي الله
عنه : كنت أرعى غنيمة أهلي ، وكان محمد صلىاللهعليهوآله يرعى أيضا ، فقلت :
يا محمد هل لك في فخ
فإني تركتها روضة برق؟ قال : نعم ، فجئتها من
الغد وقد سبقني محمد صلىاللهعليهوآله
وهو قائم يذود
غنمه عن الروضة قال : إني كنت واعدتك فكرهت أن
أرعى قبلك.
بيان
: قال الفيروزآبادي : البرق محركة : الحمل معرب برة ، وقال : الابرق
غلظ فيه حجارة ورمل وطين مختلطة ، والبرقة بالضم : غلظ ، الابرق وبرق : ديار العرب
تنيف على مائة منها : برقة الاثمار ، والاوجال
، والاجداد ، وعدها إلى أن قال : والنجد ، ويثرب ، واليمامة ، هذه برق العرب.
٢٦ ـ سن
: أبي ، عن النوفلي ، عن أبيه ، عن أبي عبدالله عليهالسلام
قال : قال رسول الله
صلىاللهعليهوآله
: خلق الله العقل فقال له : أدبر فأدبر ، ثم قال له : أقبل فأقبل ، ثم
قال : ما خلقت خلقا أحب إلى منك ، فأعطى الله محمدا تسعة وتسعين جزء ، ثم قسم
بين العباد جزء واحدا.
٢٧ ـ صح
: عن الرضا ، عن آبائه عليهمالسلام
قال : قال رسول الله (ص) : ضعفت عن
____________________
الصلاة والجماع ، فنزلت علي قدر من السماء ، فأكلت
منها فزاد في قوتي قوة أربعين
رجلا في البطش والجماع.
٢٨ ـ صح
: عن الرضا ، عن آبائه عليهالسلام
قال : قال أمير المؤمنين عليهالسلام
: كنا مع
النبي صلىاللهعليهوآله
في حفر الخندق إذ جاءت فاطمة ومعها كسيرة من خبز فدفعتها إلى النبي
صلىاللهعليهوآله
، فقال النبي صلىاللهعليهوآله
: ما هذه الكسيرة؟ قالت : خبزته قرصا
للحسن
والحسين جئتك منه بهذه الكسيرة ، فقال النبي صلىاللهعليهوآله : يا فاطمة أما إنه
أول طعام دخل
جوف أبيك منذ ثلاث.
ن
: بالاسانيد الثلاثة عنه عليهالسلام
مثله.
٢٩ ـ سن
: علي بن الحكم ، عن أبي المغرا ، عن ابن خارجة ، عن أبي بصير ، عن
أبي عبدالله عليهالسلام
قال : كان رسول الله صلىاللهعليهوآله
يأكل أكل العبد ، ويجلس جلوس العبد ، و
يعلم أنه عبد.
بيان
: أكل العبد : الاكل على الارض كما مر ، وجلوس العبد : الجلوس على
الركبتين.
٣٠ ـ سن
: أبي ، عن أحمد بن النضر ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفر
عليهالسلام
قال : كان رسول الله صلىاللهعليهوآله
يأكل أكل العبد ، ويجلس جلسة العبد ، وكان يأكل
على الحضيض ، وينام على الحضيض.
٣١ ـ سن
: صفوان ، عن ابن مسكان ، عن الحسن الصيقل قال : سمعت أبا عبدالله
عليهالسلام
يقول : مرت امرأة بدوية
برسول الله صلىاللهعليهوآله
وهو يأكل وهو جالس على
____________________
الحضيض ، فقالت : يا
محمد والله إنك لتأكل أكل العبد ، وتجلس جلوسه ، فقال لها رسول
الله صلىاللهعليهوآله
: ويحك أي عبد أعبد مني؟ قالت : فناولني لقمة من طعامك ، فناولها ، فقالت : لا والله إلا التي في فمك ، فأخرج رسول الله صلىاللهعليهوآله اللقمة من فمه
فناولها ، فأكلتها ، قال أبوعبدالله عليهالسلام
: فما أصابها داء حتى فارقت الدنيا.
مكا
: من كتاب النبوة ، عن أبي عبدالله عليهالسلام
مثله.
كا
: علي ، عن أبيه ، عن صفوان مثله.
٣٢ ـ يج
: روي عن الصادق عليهالسلام
أن رسول الله (ص) أقبل إلى الجعرانة
فقسم فيها الاموال ، وجعل الناس يسألونه
فيعطيهم حتى ألجؤوه إلى الشجرة ، فأخذت
برده وخدشت ظهره حتى جلوه عنها وهم يسألونه ، فقال
: أيها الناس ردوا علي بردي ، والله لو كان عندي عدد شجر تهامة نعما لقسمته بينكم ، ثم ما ألفيتموني جبانا ولا
بخيلا ، ثم خرج من الجعرانة في ذي القعدة ، قال : فما رأيت تلك الشجرة إلا خضراء كأنما
يرش عليه الماء.
٣٣ ـ وفي رواية اخرى : حتى انتزعت الشجرة ردائه ، وخدشت الشجرة
ظهره.
بيان
: قال الجوهري : جلوا عن أوطانهم وجلوتهم أنا ، يتعدى ولا يتعدى.
٣٤ ـ قب
: أما آدابه (ص) فقد جمعها بعض العلمآء والتقطها من الاخبار : كان
النبي صلىاللهعليهوآله
أحكم الناس وأحلمهم وأشجعهم وأعدلهم وأعطفهم ، لم تمس يده يد امرأة
____________________
لا تحل ، وأسخى
الناس ، لا يثبت عنده دينار ولا درهم ، فان فضل ولم يجد من يعطيه و
يجنه الليل لم يأو إلى منزله حتى يتبرء منه إلى
من يحتاج إليه ، لا يأخذ مما آتاه الله
إلا قوت عامه فقط من يسير ما يجد من التمر
والشعير ، ويضع سائر ذلك في سبيل الله ، ولا
يسأل شيئا إلا أعطاه ، ثم يعود إلى قوت عامه
فيؤثر منه حتى ربما احتاج قبل انقضاء العام إن
لم يأته شئ ، وكان يجلس على الارض ، وينام
عليها ، ويأكل عليها ، وكان يخصف النعل ، ويرقع الثوب ، ويفتح الباب ، ويحلب الشاة ، ويعقل البعير فيحلبها ، ويطحن مع
الخادم
إذا أعيا ، ويضع طهوره بالليل بيده ، ولا
يتقدمه مطرق ، ولا يجلس مكتئا ، ويخدم في
مهنة أهله ، ويقطع اللحم ، وإذا جلس على الطعام
جلس محقرا ، وكان يلطع أصابعه ، ولم
يتجشأ قط ، ويجيب دعوة الحر والعبد ولو على
ذراع أو كراع ، ويقبل الهدية ولو أنها
جرعة لبن ويأكلها ، ولا يأكل الصدقة ، لا يثبت
بصره في وجه أحد ، يغضب لربه ولا
يغضب لنفسه ، وكان يعصب الحجر على بطنه من الجوع ، يأكل ما حضر
، ولا يرد ما وجد ، لا يلبس ثوبين ، يلبس بردا حبرة يمينة ، وشملة
جبة صوف ، والغليظ من القطن والكتان ، وأكثر ثيابه البياض ، ويلبس العمامة
، ويلبس القميص من قبل ميامنه ، وكان له ثوب
للجمعة خاصة ، وكان إذا لبس جديدا أعطى خلق
ثيابه مسكينا ، وكان له عباء يفرش له
حيث ما ينقل تثنى ثنيتين ، يلبس خاتم فضة في خنصره
الايمن ، يحب البطيخ ، ويكره
الريح الردية : ويستاك عند الوضوء ، يردف خلفه عبده أو غيره ، يركب ما أمكنه
من فرس أو بلغة أو حمار ، ويركب الحمار بلا سرج
وعليه العذار
، ويمشي راجلا و
____________________
حافيا بلا رداء ولا
عمامة ولا قلنسوة ، ويشيع الجنائز ، ويعود المرضى في أقصى المدينة ، يجالس الفقراء ، ويؤاكل المساكين ، ويناولهم بيده ، ويكرم أهل الفضل في أخلاقهم ، و
يتألف أهل الشرف بالبر لهم ، يصل ذوي رحمه من
غير أن يؤثرهم على غيرهم إلا بما أمر الله ، ولا يجفو على أحد ، يقبل معذرة المعتذر إليه ، وكان أكثر الناس تبسما ما لم ينزل
عليه قرآن
أو لم تجر عظة ، وربما ضحك من غير قهقهة ، لا
يرتفع على عبيده وإمائه في مأكل ولا
ملبس
، ما شتم أحدا بشتمة ولا لعن امرأة ولا خادما بلعنة ، ولا لاموا أحدا إلا قال : دعوه ، ولا يأتيه أحد حر أو عبد أو أمة إلا قام
معه في حاجته ، لا فظ ولا غليظ ، ولا صخاب
في الاسواق ، ولا يجزي بالسيئة السيئة ، ولكن
يغفر ويصفح ، يبدأ من لقيه بالسلام ، ومن رامه
بحاجة صابره حتى يكون هو المنصرف ، ما أخذ أحد يده فيرسل يده حتى
يرسلها ، وإذا القي مسلما بدأه بالمصافحة ، وكان
لا يقوم ولا يجلس إلا على ذكر الله ، وكان
لا يجلس إليه أحد وهو يصلي إلا خفف صلاته وأقبل
عليه ، وقال : ألك حاجة؟ وكان
أكثر جلوسه أن ينصب ساقيه جميعا ، يجلس حيث ينتهى به المجلس ، وكان أكثر ما يجلس
مستقبل القبلة ، وكان يكرم من يدخل عليه حتى
ربما بسط ثوبه ، ويؤثر الداخل بالوسادة
التي تحته ، وكان في الرضا والغضب لا يقول : إلا
حقا ، وكان يأكل القثاء بالرطب و
الملح ، وكان أحب الفواكه الرطبة إليه البطيخ
والعنب ، وأكثر طعامه الماء والتمر ، و
كان يتمجع اللبن بالتمر ويسميهما الاطيبين ، وكان
أحب الطعام إليه اللحم ، ويأكل
الثريد باللحم ، وكان يحب القرع ، وكان يأكل
لحم الصيد ولا يصيده ، وكان يأكل الخبز
والسمن ، وكان يحب من الشاة الذراع والكتف ، ومن
القدر الدبا ، ومن الصباغ الخل ، ومن التمر العجوة
، ومن البقول الهندبا والباذروج
والبقلة اللينة.
____________________
بيان
: قوله : لا يتقدمه مطرق ، أي كان أكثر
الناس إطرافا إلى الارض حياء ، يقال : أطرق ، أي سكت ولم يكلم ، وأرخى عينيه ينظر إلى الارض ، والمهنة بالفتح و
الكسر : الخدمة ، ولطع الاصابع : لحسها ومصها
بعد الطعام : والكراع كغراب من البقر
والغنم : مستدق الساق. وقال الفيروزآبادي : المجيع
: تمر يعجن بلبن ، وتمجع : أكل
التمر اليابس باللبن معا ، وأكل التمر وشرب
عليه اللبن.
٣٥ ـ مكا
: في تواضعه وحيائه : عن أنس بن مالك قال : كان رسول الله (ص) يعود
المريض ، ويتبع الجنازة ، ويجيب دعوة المملوك ،
ويركب الحمار ، وكان يوم خيبر ويوم
قريظة والنضير على حمار مخطوم بحبل من ليف تحته اكاف من ليف.
وعن أنس بن مالك قال : لم يكن شخص أحب
إليهم من رسول الله ، وكانوا إذا رأوه
لم يقوموا إليه لما يعرفون من كراهيته.
وعن ابن عباس قال : كان رسول الله (ص) يجلس
على الارض ، ويأكل على الارض
ويعتقل الشاة ، ويجيب دعوة المملوك.
وعن أنس بن مالك قال : إن رسول الله صلىاللهعليهوآله مر على صبيان فسلم
عليهم وهو مغذ.
عن أسمآء بنت يزيد أن النبي صلىاللهعليهوآله مر بنسوة فسلم
عليهن.
وعن ابن مسعود قال : أتى النبي صلىاللهعليهوآله رجل يكلمه فأرعد ، فقال
: هون عليك ، فلست بملك ، إنما أنا ابن امرأة كانت تأكل القد.
عن أبي ذر قال : كان رسول الله (ص) يجلس
بين ظهراني
أصحابه فيجئ الغريب
فلا يدري أيهم هو ، حتى يسأل ، فطلبنا إلى
النبي صلىاللهعليهوآله
أن يجعل مجلسا يعرفه الغريب
إذا أتاه ، فبنينا له دكانا من طين ، وكان يجلس عليه ، ونجلس
بجانبيه.
____________________
وسئلت عائشة ما كان النبي صلىاللهعليهوآله يصنع إذا خلا؟ قالت
: يخيط ثوبه ، ويخصف
نعله ، ويصنع ما يصنع الرجل في أهله.
وعنها : أحب العمل إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله الخياطة.
وعن أنس بن مالك قال : خدمت النبي (ص) تسع
سنين فما أعلمه قال لي قط : هلا
فعلت كذا وكذا؟ ولا عاب علي شيئا قط.
وعن أنس بن مالك قال : صحبت رسول الله (ص)
عشر سنين ، وشممت العطر كله
فلم أشم نكهة أطيب من نكهته ، وكان إذا لقيه
واحد من أصحابه
قام معه ، فلم ينصرف
حتى يكون الرجل ينصرف عنه ، وإذا لقيه أحد من أصحابه فتناول يده
ناولها إياه ، فلم ينزع عنه حتى يكون الرجل هو الذى ينزع عنه ، وما أخرج ركبتيه بين جليس
له قط ، وما قعد إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله رجل قط فقام حتى
يقوم.
وعن أنس بن مالك قال : إن النبي صلىاللهعليهوآله أدركه أعرابي فأخذ
بردائه فجبذه
جبذة شديدة حتى نظرت إلى صفحة عنق رسول الله صلىاللهعليهوآله وقد أثرت به حاشية
الردآء من
شدة جبذته ، ثم قال له : يا محمد مر لي من مال
الله الذي عندك ، فالتفت إليه رسول الله صلىاللهعليهوآله
فضحك وأمر له بعطآء.
عن أبي سعيد الخدري يقول : كان رسول
الله صلىاللهعليهوآله
حييا لا يسأل
شيئا إلا
أعطاه.
وعنه قال : كان رسول الله (ص) أشد حيآء
من العذراء في خدرها ، وكان إذا كره
شيئا عرفناه في وجهه.
وعن ابن مسعود قال : قال رسول الله (ص)
: لا يبلغني أحد منكم عن أصحابي شيئا ،
____________________
فإني احب أن أخرج
إليكم وأنا سليم الصدر.
في
جوده : عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام قال : كان رسول
الله صلىاللهعليهوآله
أجود الناس كفا ، وأكرمهم عشرة
، من خالطه فعرفه أحبه.
من كتاب النبوة عن ابن عباس ، عن النبي (ص)
قال : أنا أديب الله وعلي أديبي ، أمرني ربي بالسخآء والبر ، ونهاني عن البخل والجفاء ، وما شئ أبغض إلى الله عزوجل
من البخل وسوء الخلق ، وإنه ليفسد العمل كما
يفسد الطين
العسل.
وبرواية اخرى عن أمير المؤمنين عليهالسلام كان إذا وصف رسول
الله (ص) قال : كان
أجود الناس كفا ، وأجرء الناس صدرا ، وأصدق
الناس لهجة ، وأوفاهم ذمة ، وألينهم
عريكة : وأكرمهم عشرة ، ومن رآه بديهة هابه ، ومن
خالطه فعرفه أحبه ، لم أر مثله
قبله ولا بعده.
وعن ابن عمر قال : ما رأيت أحدا أجود
ولا أنجد ولا أشجع ولا أوضأ
من
رسول الله صلىاللهعليهوآله.
وعن جابر بن عبدالله قال : ما سئل رسول
الله صلىاللهعليهوآله
شئ قط قال : لا.
وعن ابن عباس قال : كان المسلمون لا ينظرون إلى أبي سفيان ولا يقاعدونه ، فقال : يا رسول الله ثلاث أعطنيهن ، قال : نعم ، قال :
عندى أحسن العرب وأجمله ام حبيبة
ازوجكها
، قال : نعم ، قال : ومعاوية تجعله كاتبا بين يديك ، قال : نعم ، قال مرني
____________________
حتى اقاتل الكفار
كما قاتلت المسلمين ، قال : نعم ، قال ابن زميل : ولو لا أنه طلب ذلك
من النبي صلىاللهعليهوآله
ما أعطاه ، لانه لم يكن يسأل شيئا قط إلا قال : نعم.
وعن عمر أن رجلا أتى النبي صلىاللهعليهوآله فقال : ما عندي شئ ، ولكن اتبع علي ، فإذا جاءنا شئ قضينا ، قال عمر : فقلت : يا رسول الله ما كلفك الله ما لا تقدر
عليه ، قال : فكره النبي صلىاللهعليهوآله
، فقالالرجل
: أنفق ولا تخف من ذي العرش إقلالا ، قال : فتبسم
النبي صلىاللهعليهوآله
وعرف السرور في وجهه.
في
شجاعته : عن علي عليهالسلام
قال : لقد رأيتني يوم بدر ونحن نلوذ بالنبي صلىاللهعليهوآله
وهو أقربنا إلى العدو ، وكان من أشد الناس
يومئذ بأسا.
وعنه عليهالسلام
قال : كنا إذا احمر البأس ولقي القوم القوم اتقينا برسول الله صلىاللهعليهوآله
فما يكون أحد أقرب إلى العدو منه.
وعن أنس بن مالك قال : كان بالمدينة فزغ
فركب النبي صلىاللهعليهوآله
فرسا لابي طلحة ، فقال : ما رأينا من شئ وإن وجدناه لبحرا.
وبرواية اخرى عن أنس قال : كان رسول
الله صلىاللهعليهوآله
أشجع الناس ، وأحسن الناس ، وأجود الناس ، قال : فزع أهل المدينة ليلة فانطلق الناس قبل الصوت ، قال : قتلقاهم
رسول الله صلىاللهعليهوآله
وقد سبقهم وهو يقول : لن
تراعوا ، وهو على فرس لابي طلحة وفي عنقه
السيف ، قال : فجعل يقول للناس : لم تراعوا
وجدناه بحرا ، أو أنه لبحر.
في
علامة رضاه وغضبه : عن ابن عمر قال :
كان رسول الله صلىاللهعليهوآله
يعرف رضاه
وغضبه في وجهه ، كان إذا رضي فكأنما تلاحك
الجذر وجهه ، وإذا
غضب خسف لونه
واسود.
____________________
عن كعب بن مالك قال : كان رسول الله صلىاللهعليهوآله إذا سره الامر
استنار وجهه كأنه
دارة القمر.
عن امير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام قال : كان رسول
الله (ص) إذا رأى ما يحب
قال : الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
عن عبدالله بن مسعود ، يقول : شهدت من
المقداد مشهدا لان أكون أنا صاحبه
أحب إلي مما في الارض من شئ ، قال : كان النبي صلىاللهعليهوآله إذا غضب احمر وجهه.
عن ابن عمر قال : كان النبي (ص) يعرف
رضاه وغضبه بوجهه ، كان إذا رضي فكأنما
تلاحك الجدر وجهه ، وإذا غضب خسف لونه واسود.
قال أبوالبدر : سمعت أبا الحكم الليثي
يقول : هي المرآة توضع في الشمس فيرى
ضوءها على الجدار يعني قوله : تلاحك الجدر.
في
الرفق بامته : عن أنس قال : كان
رسول الله صلىاللهعليهوآله
إذا فقد الرجل من
إخوانه ثلاثة أيام سأل عنه ، فإن كان غائبا دعا
له ، وإن كان شاهدا زاره ، وإن كان
مريضا عاده.
عن جابر بن عبدالله قال : غزا رسول الله
صلىاللهعليهوآله
إحدى وعشرين غزوة بنفسه ، شاهدت منها تسعة
عشر ، وغبت عن اثنتين ، فبينا أنا معه في بعض غزواته إذ
أعيانا ضحى
تحتي بالليل فبرك ، وكان رسول الله صلىاللهعليهوآله
في آخرنا في آخريات الناس ، فيزجي الضعيف ويردفويدعو
لهم ، فانتهى إلي وأنا أقول : يا لهف امياه
، وما زال
لنا ناضح سوء ، فقال : من هذا؟ فقلت : أنا جابر
بأبي أنت وامي يا رسول الله ، قال : ما
____________________
شأنك؟ قلت : أعيا
ناضحى ، فقال : أمعك عصا؟ فقلت : نعم ، فضربه ، ثم بعثه ، ثم أناخه
ووطئ على ذراعه ، وقال : اركب فركبت فسايرته
فجعل جملي يسبقه ، فاستغفر لي تلك
الليلة خمس وعشرين مرة ، فقال لي : ما ترك
عبدالله من الولد؟ يعني أباه ، قلت : سبع
نسوة ، قال : أبوك عليه دين؟ قلت : نعم ، قال :
فإذا قدمت المدينة فقاطعهم ، فإن أبوا فإذا
حضر جذاذ
نخلكم فأذني ، وقال : هل تزوجت؟ قلت : نعم ، قال : بمن؟ قلت : بفلانة
بنت فلان بأيم كانت بالمدينة ، قال : فهلا فتاة
تلاعبها وتلاعبك؟ قلت : يا رسول الله كن
عندي نسوة خرق ، يعني أخواته : فكرهت أن آتيهن بامرأة
خرقآء ، فقلت : هذه أجمع
لامري ، قال : أصبت ورشدت ، فقال : بكم اشتريت
جملك؟ فقلت : بخمس أواق من ذهب ،
قال : قد أخذناه ، فلما قدم المدينة أتيته بالجمل فقال
: يا بلال أعطه خمس اواق
من ذهب يستعين به في دين عبدالله ، وزده ثلاثا واردد
عليه جمله ، قال : هل قاطعت غرمآء
عبدالله؟ قلت : لا يا رسول الله ، قال : أترك
وفآء؟ قلت : لا ،
قال : لا عليك إذا حضر
جذاذ
نخلكم فأذني ، فأذنته فجآء فدعا لنا فجذذنا واستوفى كل غريم كان يطلب
تمرا وفآء ، وبقي لنا ما كنا نجذ وأكثر ، فقال
رسول الله صلىاللهعليهوآله
: ارفعوا ولا تكيلوا
فرفعناه وأكلنا منه زمانا.
وعن ابن عباس قال : كان رسول الله صلىاللهعليهوآله إذا حدث الحديث أو
سأل عن الامر
كرره ثلاثا ليفهم ويفهم عنه.
____________________
وعن ابن عمر قال : قال رجل : يا رسول
الله ، فقال : لبيك.
وروي عن زيد بن ثابت أن النبي صلىاللهعليهوآله كنا إذا جلسنا إليه
إن أخذنا بحديث
في ذكر الآخرة أخذ معنا ، وإن أخذنا في الدنيا
أخذ معنا ، وإن أخذنا في ذكر الطعام
والشراب أخذ معنا ، فكل هذا احدثكم عن رسول
الله صلىاللهعليهوآله.
عن أبي الحميسآء قال : بايعت النبي صلىاللهعليهوآله قبل أن يبعث
فواعدنيه
مكانا
فنسيته يومي والغد ، فأتيته يوم الثالث ، فقال صلىاللهعليهوآله : يا فتى لقد شققت علي ، أنا هاهنا
منذ ثلاثة أيام.
وعن جرير بن عبدالله أن النبي صلىاللهعليهوآله دخل بعض بيوته
فامتلا البيت ، ودخل
جرير فقعد خارج البيت ، فأبصره النبي صلىاللهعليهوآله فأخذ ثوبه فلفه
فرمى به إليه ، وقال : اجلس
على هذا ، فأخذ جرير فوضعه على وجهه فقبله.
عن سلمان الفارسي قال : دخلت على رسول
الله (ص) وهو متكئ على وسادة فألقاها
إلي ، ثم قال : يا سلمان ما من مسلم دخل على
أخيه المسلم فيلقى له الوسادة إكراما له إلا
غفر الله له.
في
بكائه (ص) : عن أنس بن مالك قال : رأيت
إبراهيم بن رسول الله صلىاللهعليهوآله
وهو
يجود بنفسه فدمعت عيناه ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : تدمع العين ، ويحزن
القلب ، ولا
أقول : إلا ما يرضى ربنا وإنا بك يا إبراهيم
لمحزونون.
عن خالد بن سلمة المخزومي قال : لما
اصيب زيد بن حارثة انطلق رسول الله صلىاللهعليهوآله
____________________
إلى منزله ، فلما
رأته ابنته جهشت فانتحب
رسول الله (ص) ، وقال له بعض أصحابه : ما هذا يا رسول الله؟ قال : هذا شوق الحبيب إلى الحبيب.
في
مشيه (ص) : عن علي بن أبي طالب عليهالسلام قال : كان رسول
الله صلىاللهعليهوآله
إذا مشى
تكفأ تكفؤا كأنما يتقلع من صبب ، لم أر قبله
ولا بعده مثله.
عن جابر قال : كان رسول الله صلىاللهعليهوآله إذا خرج مشى أصحابه
أمامه ، وتركوا ظهره
للملائكة.
عن ابن عباس قال : كان رسول الله صلىاللهعليهوآله إذا مشى مشى مشيا
يعرف أنه ليس بمشي
عاجز ولا بكسلان.
عن أنس بن مالك قال : كنا إذا أتينا
النبي صلىاللهعليهوآله
جلسنا حلقة.
وروي أن رسول الله لا يدع أحدا يمشي معه
إذا كان راكبا حتى يحملهم معه ، فإن
أبى قال : تقدم أمامي ، وأدركني في المكان الذي
تريد ، ودعاه صلىاللهعليهوآله
قوم من أهل المدينة
إلى طعام صنعوه له ولاصحاب له خمسة ، فأجاب
دعوتهم ، فلما كان في بعض الطريق
أدركهم سادس فماشاهم ، فلما دنوا من بيت القوم
قال للرجل السادس : إن القوم لم يدعوك ، فاجلس حتى نذكر لهم مكانك ونستأذنهم بك.
في
جمل من أحواله وأخلاقه : من كتاب النبوة
عن علي عليهالسلام
قال : ما صافح
رسول الله صلىاللهعليهوآله
أحدا قط فنزع يده من يده حتى يكون هو الذي ينزع يده ، وما فاوضه
أحد قط في حاجة أو حديث فانصرف حتى يكون الرجل
ينصرف ، وما نازعه
الحديث
حتى يكون
هو الذي يسكت ، وما رأى مقدما رجله بين يدي جليس له قط ، ولا عرض له
____________________
قط أمران إلا أخذ
بأشدهما
، وما انتصر نفسه من مظلمة حتى ينتهك محارم الله فيكون
حينئذ غضبه لله تبارك وتعالى ، وما أكل متكئا
قط حتى فارق الدنيا ، وما سئل شيئا قط
فقال : لا ، وما رد سائلا حاجة إلا بها أو بميسور من القول ، وكان أخف
الناس صلاة
في تمام ، وكان أقصر الناس خطبة وأقله هذرا ، وكان يعرف بالريح الطيب إذا أقبل ، وكان إذا أكل مع القوم كان أول من يبدأ ، وآخر من يرفع يده ، وكان إذا أكل أكل
مما يليه ، فإذا كان الرطب والتمر جالت يده ، وإذا
شرب شرب ثلاثة أنفاس ، وكان يمص
المآء مصا ، ولا يعبه عبا ، وكان يمينه لطعامه وشرابه وأخذه
وإعطائه ، كان
لا
يأخذه إلا بيمينه ، ولا يعطي إلا بيمينه ، وكان
شماله لما سوى ذلك من بدنه ، وكان يحب
التيمن في كل اموره : في لبسه وتنعله وترجله ، وكان
إذا دعا دعا ثلاثآ ، وإذا تكلم
تكلم وترا ، وإذا استأذن استأذن ثلاثا ، وكان
كلامه فصلا يتبينه كل من سمعه ، وإذا
تكلم رأى كالنور يخرج من بين ثناياه ، وإذا
رأيته قلت : أفلج الثنيتين ، وليس بأفلج ، وكان
نظره اللحظ بعينه ، وكان لا يكلم أحدا بشئ
يكرهه ، وكان إذا مشى ينحط من صبب
، وكان يقول : إن خياركم أحسنكم
أخلاقا ، وكان لا يذم ذواقا ولا يمدحه ، ولا
يتنازع أصحابه الحديث عنده ، وكان المحدث عنه
يقول : لم أر بعيني مثله قبله ولا بعده
صلىاللهعليهوآله.
عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : إن رسول الله
صلىاللهعليهوآله
إذا رئي في الليلة الظلمآء رئي له
نور كأنه شقة قمر.
____________________
عنه عليهالسلام
قال : نزل جبرئيل عليهالسلام
على رسول الله (ص) فقال : إن الله جل جلاله
يقرئك السلام ويقول لك : هذه بطحآء مكة تكون لك
رضراضه ذهبا ، قال
: فنظر
النبي صلىاللهعليهوآله
إلى السمآء ثلاثا ثم قال : لا يارب ، ولكن أشبع يوما فأحمدك ، وأجوع
يوما فأسألك.
وعنه عليهالسلام
قال : كان رسول الله صلىاللهعليهوآله
يحلب عنز أهله.
وعنه عليهالسلام
قال : كان رسول الله (ص) يحب الركوب على الحمار مؤكفا ، والاكل
على الحضيض مع العبيد ، ومناولة السائل بيديه.
وعن جابر بن عبدالله قال : في رسول الله صلىاللهعليهوآله خصال : لم يكن في
طريق فيتبعه
أحد إلا عرف أنه قد سلكه من طيب عرفه ، أو ريح
عرقه ، ولم يكن يمر بحجر ولا مدر
إلا سجد له.
وعن ثابت بن أنس بن مالك قال : إن رسول الله صلىاللهعليهوآله كان أزهر اللون ، كأن
لونه اللؤلؤ ، وإذا مشى تكفأ ، وما شممت رائحة
مسك ولا عنبر أطيب من رائحته ، ولا
مسست ديباجة ولا حريرا ألين من كف رسول الله صلىاللهعليهوآله كان أخف الناس صلاة
في
في تمام.
عن جرير بن عبدالله قال : لما بعث النبي
صلىاللهعليهوآله
أتيته لابايعه ، فقال لي : يا جرير
____________________
لاي شئ جئت؟ قال : قلت
: جئت لاسلم على يديك يا رسول الله فألقى لي كسآءه ثم أقبل
على أصحابه فقال : إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه.
وعن أبي عبدالله عليهالسلام قال : إن رسول الله
(ص) وعد رجلا إلى الصخرة ، فقال : أنا لك
هاهنا حتى تأتي ، فاشتدت الشمس عليه ، فقال له
أصحابه : يا رسول الله لو أنك تحولت
إلى الظل ، قال : وعدته إلىهاهنا ، وإن لم يجئ كان منه المحشر.
وعن عائشة قال : قلت : يا رسول الله لو أنك إذا دخلت الخلاء فخرجت دخلت
في أثرك فلم أر شيئا خرج منك ، غير أني أجد
رائحة المسك ، قال : يا عايشة إنا معشر
الانبيآء ينبت أجسادنا على أرواح أهل الجنة ، فما خرج
منا من شئ ابتلعته
الارض.
وعن ابن عباس قال : إن رسول الله (ص) دخل
عليه عمر وهو على حصير قد أثر في
جنبيه ، فقال : يا نبي الله لو اتخذت فراشا ، فقال
: ما لي وللدنيا ، ما مثلي ومثل الدنيا
إلا كراكب سار في يوم صائف فاستظل تحت شجرة ساعة من نهار ثم راح
وتركها.
وعن ابن عباس قال : إن رسول الله (ص) توفي
ودرعه مرهونة عند رجل من اليهود
على ثلاثين صاعا من شعير ، أخذها رزقا لعياله.
وعن أبي رافع قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول : إذا سميتم
محمدا فلا تقبحوه ،
____________________
ولا تجبهوه ولا تضربوه ، بورك لبيت فيه محمد ، ومجلس
فيه محمد ، ورفقة فيها
محمد.
*(في جلوسه وأمر أصحابه في آداب الجلوس)*
وكان صلىاللهعليهوآله
يؤتى بالصبي الصغير ليدعو له بالبركة أو يسميه ، فيأخذه فيضعه في
حجره تكرمة لاهله ، فربما بال الصبي عليه ، فيصيح
بعض من رآه حين بال
، فيقول
صلىاللهعليهوآله
: لا تزرموا بالصبي ، فيدعه حتى يقضي بوله ، ثم يفرغ له من دعائه
أو تسميته ويبلغ سرور أهله فيه ، ولا يرون أنه
يتأذى ببول صبيهم ، فإذا انصرفوا غسل
ثوبه بعد. ودخل رجل المسجد وهو جالس وحده
فتزحزح له
، فقال الرجل : في المكان
سعة يا رسول الله ، فقال صلىاللهعليهوآله : إن حق المسلم على
المسلم إذا رآه يريد الجلوس إليه
أن يتزحزح له.
وروي أن رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : من أحب أن
يمثل له الرجال فليتبوء مقعده في
النار.
وقال صلىاللهعليهوآله
: لا تقوموا كما تقوم الاعاجم بعضهم لبعض
وروي عن أبي عبدالله عليهالسلام من كتاب المحاسن
قال : كان رسول الله (ص) : إذا دخل
منزلا قعد في أدنى المجلس حين يدخل.
وعنه عليهالسلام
قال : كان رسول الله أكثر ما يجلس تجاه القبلة.
وروي عنه عليهالسلام
أن رسول الله صلىاللهعليهوآله
قال : إذا أتى أحدكم مجلسا فليجلس حيث
ما انتهى مجلسه.
____________________
وروي أن رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : إذا قام
أحدكم من مجلسه منصرفا فليسلم ، فليس
الاولى
بأولى من الاخرى.
وروي عنه عليهالسلام
أنه قال : إذا قام أحدكم من مجلسه ثم رجع فهو أولى بمكانه.
وروي عن النبي صلىاللهعليهوآله
أنه قال : أعطوا المجالس حقها ، قيل : وما حقها؟ قال : غضوا أبصاركم ، وردوا السلام ، وارشدوا الاعمى
، وأمروا بالمعروف ، وانهوا عن المنكر.
عن أبي أمامة قال : كان رسول الله صلىاللهعليهوآله
إذا جلس جلس القرفصآء.
من كتاب المحاسن : وكان النبي صلىاللهعليهوآله يجلس ثلاثا : يجلس
القرفصآء وهي أن يقيم
ساقيه ، ويستقبلهما بيديه فيشد يده في ذراعه ، وكان يجثو
على ركبتيه ، وكان يثني
رجلا واحدة ويبسط عليها الاخرى ، ولم ير متربعا
قط ، وكان يجثو على ركبتيه ولا
يتكئ.
*(في صفة أخلاقه في مطعمه)*
من كتاب مواليد الصادقين كان رسول الله صلىاللهعليهوآله يأكل كل الاصناف من
الطعام ، وكان يأكل ما أحل الله له ، مع أهله وخدمه إذا أكلوا ، ومع من يدعوه من المسلمين
على
الارض ، وعلى ما أكلوا عليه ، ومما أكلوا ، إلا
أن ينزل به ضيف فيأكل مع ضيفه ، وكان أحب
الطعام إليه ما كان على ضفف ، ولقد قال ذات يوم وعنده أصحابه : « اللهم
إنا نسألك من
فضلك ورحمتك اللذين لا يملكهما غيرك « فبيناهم
كذلك إذ اهدي إلى النبي صلىاللهعليهوآله
شاة
مشوية ، فقال : خذوا هذا من فضل الله ، ونحن
ننتظر رحمته ، وكان صلىاللهعليهوآله
إذا وضعت المائدة
بين يديه قال : « بسم الله اللهم اجعلها نعمة
مشكورة تصل
بها نعمة الجنة » وكان
____________________
كثيرا إذا جلس يأكل
ما بين يديه ، ويجمع ركبتيه وقدميه
، كما يجلس المصلي في
اثنتين ، إلا أن الركبة فوق الركبة ، والقدم
على القدم ، ويقول صلىاللهعليهوآله
: أنا عبد آكل
كما يأكل العبد ، وأجلس كما يجلس العبد.
عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : ما أكل رسول
الله صلىاللهعليهوآله
متكئا منذ بعثه الله عزوجل
نبيا حتى قبضه الله إليه ، متواضعا لله عزوجل ،
وكان صلىاللهعليهوآله
إذا وضع يده في الطعام
قال : بسم الله بارك لنا فيما رزقتنا وعليك خلفه.
من مجموع أبي ، عن الصادق ، عن آبائه عليهمالسلام إن رسول الله صلىاللهعليهوآله كان إذا أفطر
قال : اللهم لك صمنا ، وعلى رزقك أفطرنا ، فتقبله
منا ، ذهب الظمآء ، وابتلت العروق ، وبقي الاجر.
وقال : وكان رسول الله صلىاللهعليهوآله إذا أكل عند قوم
قال : أفطر عندكم الصائمون ، و
أكل طعامكم الابرار.
وقال : دعوة الصائم يستجاب عند إفطاره.
وقد جاءت الرواية أن النبي صلىاللهعليهوآله كان يفطر على التمر
، وكان إذا وجد السكر
أفطر عليه.
عن الصادق عليهالسلام
أن النبي (ص) كان يفطر على الحلو ، فإذا لم يجد يفطر على
الماء الفاتر ، وكان يقول : إنه ينقي الكبد
والمعدة ، ويطيب النكهة والفم ، ويقوي الاضراس
والحدق ، ويحدد الناظر ، ويغسل الذنوب غسلا ، ويسكن العروق
الهائجة والمرة
الغالبة ، ويقطع البلغم ، ويطفئ الحراة عن
المعدة ، ويذهب بالصداع.
وكان صلىاللهعليهوآله
لا يأكل الحار حتى يبرد ، ويقول : إن الله لم يطعمنا نارا ، إن الطعام
الحار غير ذي بركة فأبردوه.
____________________
وكان صلىاللهعليهوآله
إذا أكل سمى ويأكل بثلاث أصابع ومما يليه ، ولا يتناول من بين
يدي غيره ، ويؤتى بالطعام فيشرع قبل القوم ثم يشرعون
، وكان يأكل بأصابعه الثلاث : الابهام ، والتي يليها
، والوسطى ، وربما استعان بالرابعة ، وكان صلىاللهعليهوآله
يأكل بكفه
كلها ، ولم يأكل بإصبعين ، ويقول : إن الاكل
بإصبعين هو أكلة الشيطان.
ولقد جاءه بعض أصحابه يوما بفالوذج فأكل
منه ، وقال : مم هذا يا أبا عبدالله؟
فقال : بأبي أنت وامي نجعل السمن والعسل
في البرمة
ونضعها على النار ، ثم نغليه ، ثم نأخذ مخ الحنطة إذا طحنت فنلقيه على السمن والعسل ، ثم نسوطه حتى ينضج ، فيأتي كما ترى ، فقال صلىاللهعليهوآله
: إن هذا الطعام طيب.
ولقد كان يأكل الشعير إذا كان غير منخول خبزا أو عصيدة في حالة كل
ذلك كان يأكل صلىاللهعليهوآله.
ومن كتاب روضة الواعظين : قال العيص بن
القاسم : قلت للصادق عليهالسلام
: حديث
يروى عن أبيك عليهالسلام
: أنه قال : ما شبع رسول الله صلىاللهعليهوآله
من خبز بر قط أهو
صحيح؟
فقال : لا ، ما أكل رسول الله صلىاللهعليهوآله خبز بر قط ، ولا
شبع من خبز شعير قط.
وقالت عايشة : ما شبع رسول الله صلىاللهعليهوآله من خبز الشعير
يومين حتى مات.
وروي أن رسول الله صلىاللهعليهوآله لم يأكل على خوان
قط حتى مات ، ولا أكل خبزا
مرققا حتى مات.
وقالت عايشة : ما زالت الدنيا علينا
عسرة كدرة حتى قبض رسول الله (ص) ، فلما
____________________
قبض صبت الدنيا
علينا صبا.
ومن كتاب النبوة عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : ما زال طعام
رسول الله (ص) الشعير
حتى قبضه الله إليه.
عن أنس قال : كان رسول الله (ص) يجيب
دعوة المملوك ، ويردفه خلفه ، ويضع طعامه
على الارض ، وكان يأكل القثاء بالرطب ، والقثآء
بالملح ، وكان يأكل الفاكهة الرطبة ، وكان أحبها إليه البطيخ والعنب ، وكان يأكل البطيخ بالخبز ، وربما أكل بالسكر ، وكان صلىاللهعليهوآله
ربما أكل البطيخ بالرطب فيستعين باليدين جميعا.
ولقد جلس يوما يأكل رطبا فيأكل بيمينه ، وأمسك النوى بيساره ، ولم يلقه
في الارض ، فمرت به شاة قريبة منه فأشار إليها
بالنوى الذي في كفه فدنت إليه وجعلت
تأكل من كفه اليسرى ، ويأكل هو بيمينه ، ويلقي
إليها النوى حتى فرغ ، وانصرفت
الشاة حينئذ.
وكان (ص) إذا كان صائما يفطر على الرطب
في زمانه ، وكان ربما أكل العنب حبة
حبة ، وكان صلىاللهعليهوآله
ربما أكله خرطا حتى ترى روال على لحيته كتحدر اللؤلؤ.
والروال : الماء الذي يخرج من تحت القشر.
وكان صلىاللهعليهوآله
يأكل الحيس ، وكان صلىاللهعليهوآله
يأكل التمر ويشرب عليه الماء ، وكان
التمر والمآء أكثر طعامه ، وكان يتمجع اللبن
والتمر ويسميهما الاطيبين ، وكان يأكل
العصيدة من الشعير بإهالة الشحم ، وكان صلىاللهعليهوآله يأكل الهريسة أكثر
ما يأكل ، ويتسحر
بها ، وكان جبرئيل قد جاءه بها من الجنة يتسحر
بها ، وكان يأكل
في بيته مما يأكل
____________________
الناس ، وكان (ص) يأكل
اللحم طبيخا بالخبز
، ويأكله مشويا بالخبز ، وكان يأكل
القديد وحده ، وربما أكله بالخبز ، وكان أحب
الطعام إليه اللحم ، ويقول : هو يزيد في
السمع والبصر ، وكان يقول صلىاللهعليهوآله : اللحم سيد الطعام
في الدنيا والآخرة ، فلو سألت
ربي أن يطعمنيه كل يوم لفعل ، وكان يأكل
الثريد بالقرع
واللحم ، وكان يحب
القرع ويقول : إنها شجرة أخي يونس ، وكان صلىاللهعليهوآله يعجبه الدبا ويلتقطه من الصحفة ، وكان (ص) يأكل الدجاج ولحم الوحش ولحم الطير الذي يصاد ، وكان لا يبتاعه ولا يصيده
، ويحب أن يصاد له ويؤتى به مصنوعا فيأكله ، أو غير مصنوع فيصنع له فيأكله ، وكان
إذا
أكل اللحم لم يطأطئ رأسه إليه ، ويرفعه إلى فيه
، ثم ينتهسه انتهاسا
، وكان يأكل
الخبز والسمن ، وكان يحب من الشاة الذراع
والكتف ، ومن الصباغ الخل ، ومن البقول
الهندبا ، والبادروج ، وبقلة الانصار ، ويقال :
إنها الكرنب ، وكان صلىاللهعليهوآله
لا يأكل الثوم
ولا البصل ولا الكراث ولا العسل الذي فيه
المغافير ، والمغافير : ما يبقى من الشجر في
بطون النحل فيلقيه في العسل فيبقى له ريح في
الفم ، وما ذم رسول الله صلىاللهعليهوآله
طعاما قط ، كان إذا أعجبه أكله ، وإذا كرهه تركه ، وكان صلىاللهعليهوآله
ما عاف من شئ ، فإنه لا يحرمه
على غيره
، ولا يبغضه إليه ، وكان صلىاللهعليهوآله
يلحس الصحفة ويقول : آخر الصحفة أعظم
الطعام بركة ، وكان صلىاللهعليهوآله إذا فرغ من طعامه
لعق أصابعه الثلاث التي أكل بها ، فإن
بقي فيها شئ عاوده فلعقها حتى يتنظف ، ولا يمسح يده بالمنديل حتى يلعقها
واحدة
واحدة ، ويقول : لا يدري في أي الاصابع البركة
، وكان صلىاللهعليهوآله
يأكل البرد
ويتفقد
____________________
ذلك أصحابه
فيلتقطونه له فيأكله ، ويقول : إنه يذهب باكلة الاسنان ، وكان (ص)
يغسل يديه من الطعام حتى ينقيهما ، فلا يوجد
لما أكل ريح ، وكان صلىاللهعليهوآله
إذا أكل
الخبز واللحم خاصة غسل يديه غسلا جيدا ، ثم مسح
بفضل الماء الذي في يده وجهه ، و
كان صلىاللهعليهوآله
لا يأكل وحده ما يمكنه ، وقال : ألا انبئكم بشراركم؟ قالوا : بلى ، قال : من
أكل وحده ، وضرب عبده ، ومنع رفده.
*(في صفة أخلاقه في مشربه صلىاللهعليهوآله)*
وكان صلىاللهعليهوآله
إذا شرب بدأ فسمى ، وحسا
حسوة وحسوتين ، ثم يقطع فيحمد الله ، ثم يعود فيسمي ، ثم يزيد في الثالثة ، ثم
يقطع فيحمد الله ، وكان له في شربه ثلاث
تسميات ، وثلاث تحميدات ، ويمص المآء مصا ، ولا
يعبه عبا ، ويقول
: إن الكباد
من العب ، وكان صلىاللهعليهوآله
لا يتنفس في الانآء إذا شرب ، فإن أراد أن يتنفس أبعد الاناء عن
فيه حتى يتنفس ، وكان ربما شرب بنفس واحد حتى
يفرغ ، وكان صلىاللهعليهوآله
يشرب في أقداح
القوارير التي يؤتى بها من الشام ، ويشرب في
الاقداح التي يتخذ من الخشب ، وفي الجلود ، ويشرب في الخزف ، ويشرب بكفيه ، يصب الماء فيهما ويشرب ، ويقول : ليس إناء أطيب
من اليد ، ويشرب من أفواه القرب والاداوي ، ولا
يختنثها اختناثا ، ويقول : إن اختناثها
ينتنها ، وكان صلىاللهعليهوآله
يشرب قائما ، وربما شرب
راكبا ، وربما قام فشرب من القربة أو
الجرة أو الاداوة ، وفي كل إناء يجده وفي يديه
، وكان صلىاللهعليهوآله
يشرب المآء الذي حلب
عليه اللبن ، ويشرب السويق.
وكان (ص) أحب الاشربة إليه الحلو ، وفي
رواية أحب الشراب إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله
الحلود البارد ، وكان يشرب المآء على العسل ، وكان
يماث له الخبز
فيشربه أيضا ، و
____________________
كان صلىاللهعليهوآله يقول : سيد الاشربة
في الدنيا والآخر الماء.
وقال أنس بن مالك : كانت لرسول الله (ص)
شربة يفطر عليها ، وشربة للسحر ، و
ربما كانت واحدة ، وربما كانت لبنا ، وربما
كانت الشربة خبزا يماث ، فهيأتها له صلىاللهعليهوآله
ذات ليلة فاحتبس النبي (ص) فظننت أن بعض أصحابه
دعاه ، فشربتها حين احتبس ، فجاء (ص)
بعد العشاء بساعة ، فسألت بعض من كان معه هل كان النبي صلىاللهعليهوآله أفطر في مكان
أودعاه
أحد؟ فقال : لا ، فبت بليلة لا يعلمها إلا الله
من غم أن يطلبها
مني النبي صلىاللهعليهوآله
ولا
يجدها فيبيت جائعا ، فأصبح صائما وما سألني
عنها ولا ذكرها حتى الساعة ، ولقد قرب
إليه إناء فيه لبن وابن عباس عن يمينه وخالد بن
الوليد عن يساره ، فشرب ، ثم قال لعبد الله
ابن عباس : إن الشربة لك ، أفتأذن أن اعطي خالد
بن الوليد؟ يريد السن
، فقال
ابن عباس : لا والله ، لا اوثر بفضل رسول الله صلىاللهعليهوآله أحدا ، فتناول ابن
عباس القدح
فشربه.
ولقد جاءه صلىاللهعليهوآله
ابن خولى بإناء فيه عسل ولبن ، فأبى أن يشربه ، فقال شربتان
في شربة ، وإناءان في إناء واحد؟ فأبى أن يشربه
، ثم قال : ما احرمه ، ولكني أكره
الفخر والحساب بفضول الدنيا غدا ، واحب التواضع
، فإن من تواضع لله رفعه الله.
*(في صفة أخلاقه في الطيب والدهن ولبس الثياب ، )*
*(وفي غسل رأسه صلىاللهعليهوآله)*
وكان صلىاللهعليهوآله
إذا غسل رأسه ولحيته غسلهما بالسدر.
في
دهنه : وكان يحب الدهن ، ويكره الشعث ، ويقول : إن الدهن يذهب
بالبؤس ، كان يدهن بأصناف من الدهن ، وكان إذا
أدهن بدأ برأسه ولحيته ، ويقول : إن
____________________
الرأس قبل اللحية ، وكان
يدهن بالبنفسج ويقول : هو أفضل الادهان ، وكان (ص) إذا
أدهن بدأ بحاجبيه ، ثم بشاربيه ، ثم يدخل في
أنفه ويشمه ، ثم يدهن رأسه ، وكان صلىاللهعليهوآله
يدهن حاجبيه من الصداع ، ويدهن شاربيه بدهن سوى
دهن لحيته.
في
تسريحه : وكان صلىاللهعليهوآله
يمتشط ويرجل رأسه
بالمدرى وترجله نساؤه ، و
تتفقد نساؤه تسريحه إذا سرح رأسه ولحيته فيأخذن
المشاطة ، فيقال : إن الشعر الذي
في أيدي الناس من تلك المشاطات ، فأما ما حلق
في عمرته وحجته فإن جبرئيل عليهالسلام
كان ينزل فيأخذه فيعرج به إلى السماء ، ولربما
سرح لحيته في اليوم مرتين ، وكان صلىاللهعليهوآله
يضع المشط تحت وسادته إذا امتشط به ، ويقول : إن
المشط يذهب بالوباء ، وكان صلىاللهعليهوآله
يسرح تحت لحيته أربعين مرة ، ومن فوقها سبع
مرات ، ويقول : إنه يزيد في الذهن
ويقطع البلغم.
وفي رواية عن النبى صلىاللهعليهوآله أنه قال : من أمر
المشط على رأسه ولحيته وصدره
سبع مرات لم يقاربه داء أبدا.
في
طيبه : وكان (ص) يتطيب بالمسك حتى يرى وبيصه
في مفرقه ، وكان صلىاللهعليهوآله
يتطيب بذكور الطيب وهو المسك والعنبر ، وكان صلىاللهعليهوآله يتطيب بالغالية
تطيبه بها نساؤه
بأيديهن ، وكان صلىاللهعليهوآله
يستجمر بالعود القماري
، وكان يعرف في الليلة المظلمة قبل أن
يرى بالطيب ، فيقال : هذا النبي صلىاللهعليهوآله.
عن الصادق عليهالسلام
قال : كان رسول الله (ص) ينفق على الطيب أكثر مما ينفق على
الطعام.
____________________
وقال الباقر عليهالسلام : كان في رسول الله
(ص) ثلاث خصال لم يكن
في أحد غيره
لم يكن له فئ ، وكان لا يمر في طريق فيمر فيه بعد يومين أو ثلاثة إلا عرف أنه
قد مر فيه لطيب عرفه ، وكان لا يمر بحجر ولا
بشجر إلا سجد له ، وكان صلىاللهعليهوآله
لا يعرض
عليه طيب إلا تطيب به ، ويقول : هو طيب ريحه ، خفيف محمله ، وإن لم يتطيب وضع
إصبعه في ذلك الطيب ثم لعق منه ، وكان صلىاللهعليهوآله يقول : جعل لذتي في النسآء والطيب ،
وجعل قرة عيني في الصلاة والصوم.
في
تكحله : وكان صلىاللهعليهوآله
يكتحل في عينه اليمنى ثلاثا ، وفي اليسرى ثنتين ، وقال : من شآء اكتحل ثلاثا وكل حين ، ومن فعل دون ذلك أو فوقه فلا حرج ، وربما اكتحل
وهو صائم ، وكانت له مكحلة يكتحل بها بالليل ، وكان
كحله الاثمد.
في
نظره في المرآة : وكان صلىاللهعليهوآله ينظر في المرآة ، ويرجل
جمته ويمتشط ، وربما
نطر في الماء وسوى جمته فيه ، ولقد كان يتجمل
لاصحابه فضلا على تجمله لاهله
وقال ذلك لعايشة حين رأته ينظر في ركوة فيها مآء في حجرتها ويسوي فيها جمته ، و
هو يخرج إلى أصحابه ، فقالت : بأبي أنت وامي
تتمرأ في الركوة وتسوي جمتك وأنت
النبي وخير خلقه؟ فقال : إن الله تعالى يحب من
عبده إذا خرج إلى إخوانه أن يتهيأ لهم
ويتجمل.
في
اطلائه : وكان رسول الله صلىاللهعليهوآله يطلي فيطليه من
يطليه حتى إذا بلغ ما تحت
____________________
الازار تولاه بنفسه
، وكان صلىاللهعليهوآله
لا يفارقه في أسفاره قارورة الدهن والمكحلة والمقراض والمرآة
والمسواك والمشط.
وفي رواية : تكون معه الخيوط والابرة
والمخصف والسيور
، فيخيط ثيابه ، و
يخصف نعله ، وكان صلىاللهعليهوآله
إذا استاك استاك عرضا.
في
لباسه : وكان رسول الله صلىاللهعليهوآله يلبس الشملة يأتزر
بها ، ويلبس
النمرة يأتزر
بها ، فيحسن عليه النمرة لسوادها على بياض ما
يبدو من ساقيه وقدميه ، وقيل : لقد قبضه
الله عزوجل وأن له لنمرة تنسج في بني عبدالاشهل
ليلبسها صلىاللهعليهوآله
، وربما كان صلىاللهعليهوآله
يصلي بالناس وهو لابس الشملة ، وقال أنس
: ربما رأيته يصلي بنا الظهر في شملة عاقدا
طرفيها بين كتفيه.
في
عمامته وقلنسوته : وكان صلىاللهعليهوآله يلبس القلانس تحت
العمائم ، ويلبس
القلانس بغير العمائم ، والعمائم بغير القلانس
، وكان يلبس البرطلة ، وكان صلىاللهعليهوآله
يلبس من
القلانس التيهية اليمنية ، ومن البيض المصرية ، ويلبس القلانس ذوات الآذان في
الحرب ، منها ما يكون من السيجان الخضر ، وكان
ربما نزع قلنسوته فجعلها سترة بين
يديه يصلي إليها ، وكان صلىاللهعليهوآله كثيرا ما يتعمم
العمائم
الخز السود في أسفاره وغيرها ، ويعتجر اعتجارا وربما لم يكن
له العمامة فيشد العصابة على رأسه أو على جبته ، و
كان شد العصابة من فعاله كثيرا ما يرى عليه ، وكانت
له عمامة يعتم بها يقال لها : السحاب ،
____________________
فكساها عليا عليهالسلام ، وكان ربما طلع
علي فيها ، فيقول : أتاكم علي عليهالسلام
في السحاب
، يعني عمامته التي وهب له.
وقالت عايشة : ولقد لبس رسول الله (ص) جبة
صوف ، وعمامة صوف ثم خرج فخطب
الناس على المنبر ، فما رأيت شيئا مما خلق الله
تعالى أحسن منه فيها.
في
كيفية لبسه : وكان صلىاللهعليهوآله إذا لبس ثوبا جديدا
قال : « الحمد لله الذي كساني
ما يواري عورتي ، وأتجمل به في الناس » وكان
إذا نزعه نزع من مياسره أولا ، وكان من
فعله إذا لبس الثوب الجديد حمد الله ، ثم يدعو
مسكينا فيعطيه خلقانه
، ثم يقول : ما من مسلم يكسو مسلما من سمل ثيابه لا يكسوه
إلا الله عزوجل إلا كان في ضمان الله
وحرزه وحيزه ما واراه حيا وميتا ، وكان صلىاللهعليهوآله
إذا لبس ثيابه واستوى قائما قبل أن
يخرج قال : « اللهم بك استترت ، وإليك توجهت ، وبك
اعتصمت ، وعليك توكلت ، اللهم أنت ثقتي ، وأنت رجائي ، اللهم اكفني ما أهمني وما لا أهتم به وما أنت أعلم
به
مني ، عز جارك ، وجل ثناؤك ، ولا إله غيرك ، اللهم
زودني التقوى ، واغفر لي ذنبي ، ووجهني للخير حيث ما توجهت ، ثم يندفع لحاجته ، وكان له صلىاللهعليهوآله ثوبان للجمعة خاصة
سوى ثيابه في غير الجمعة ، وكانت له خرقة
ومنديل يمسح به وجهه من الوضوء ، وربما
لم يكن معه المنديل فيمسح وجهه بطرف الرداء
الذي يكون عليه.
في
خاتمه : وكان صلىاللهعليهوآله
لبس خاتما من فضة وكان فصه حبشي
، فجعل
الفص مما يلي بطن الكف ، ولبس خاتما من حديد
ملويا عليه فضة ، أهداها له معاذ بن
جبل ، فيه « محمد رسول الله » ولبس رسول الله خاتمه في يده اليمنى ، ثم نقله إلى
شماله ،
____________________
وكان خاتمه الآخر
الذي قبض وهو في يده خاتم فضة ، فصه فضة ظاهرا ، كما يلبس
الناس خواتيمهم ، وفيه « محمد رسول الله » وكان
رسول الله (ص) يستنجي بيساره وهو
فيها.
ويروى أنه لم يزل كان في يمينه إلى أن
قبض ، وكان صلىاللهعليهوآله
ربما جعل خاتمه
في إصبعه الوسطى في المفصل الثاني منها ، وربما
لبسه كذلك في الاصبع التي تلي الابهام ، وكان ربما خرج على أصحابه وفي خاتمه خيط مربوط ليستذكر به الشئ ، وكان صلىاللهعليهوآله
يختم بخواتيمه على الكتب ، ويقول : الخاتم على
الكتاب حرز من التهمة.
في
نعله : وكان صلىاللهعليهوآله
يلبس النعلين بقبالتين ، وكانت مخصرة معقبة حسنة
التخصير مما يلي مقدم العقب ، مستوية ليست
بملسنة ، وكان منها ما يكون في موضع الشئ
الخارج قليلا ، وكان كثيرا ما يلبس السبتية
التي ليس لها شعر ، وكان إذا لبس بدأ باليمنى ، وإذا خلع بدأ باليسرى ، وكان يأمر بلبس النعلين جميعا ، وتركهما جميعا ، كراهة أن
يلبس واحدة دون اخرى ، وكان يلبس من الخفاف من
كل ضرب.
في
فراشه : الذي قبض وهو عنده من أسمال وادي القرى ، محشوا وبراً ،
وقيل : كان طوله ذراعين أو نحوهما ، وعرضه ذراع وشبر.
عن علي عليهالسلام
: كان فراش رسول الله صلىاللهعليهوآله
عباءة ، وكانت مرفقته ادم حشوها
ليف ، فثنيت ذات ليلة ، فلما أصبح قال : لقد
منعني الليلة الفراش الصلاة ، فأمر عليهالسلام
أن يجعل بطاق واحد.
وكان له فراش من ادم حشوه ليف ، وكانت
له صلىاللهعليهوآله
عباءة تفرش له حيثما انتقل ،
____________________
وتثني ثنتين ، وكان صلىاللهعليهوآله كثيرا ما يتوسد
وسادة له من ادم حشوها ليف ، ويجلس عليها ، وكانت له قطيفة فدكية يلبسها يتخشع بها ، وكانت له قطيفة مصرية قصيرة الخمل ، وكان
له بساط من شعر يجلس عليه ، وربما صلى عليه.
في
نومه : وكان ينام على الحصير ليس تحته شئ
غيره ، وكان يستاك إذا أراد
أن ينام ويأخذ مضجعه ، وكان صلىاللهعليهوآله إذا آوى إلى فراشه
اضطجع على شقه الايمن ، و
وضع يده اليمنى تحت خده الايمن ثم يقول : اللهم
قني عذابك يوم تبعث عبادك.
في
دعائه عند مضجعه : وكان له أصناف من
الاقاويل يقولها إذا أخذ مضجعه : فمنها أنه كان يقول : « اللهم إني أعوذ بك
بمعافاتك من عقوبتك ، وأعوذ برضاك من
سخطك ، وأعوذ بك منك ، اللهم إني لا أستطيع أن
أبلغ في الثنآء عليك ولو حرصت ، أنت كما أثنيت على نفسك » وكان صلىاللهعليهوآله
يقول عند منامه : بسم الله اموت وأحيا ، وإلى الله
المصير ، اللهم آمن روعتي ، واستر عورتي ، وأد
عني أمانتي.
ما يقول عند نومه : كان صلىاللهعليهوآله يقرء آية الكرسي
عند منامه ، ويقو
أتاني جبرئيل فقال : يا محمد إن عفريتا من الجن يكيدك في منامك فعليك بآية
الكرسي.
عن أبي جعفر عليهالسلام
قال : ما استيقظ رسول الله صلىاللهعليهوآله
من نوم قط إلا خر لله
عزوجل ساجدا.
وروي أنه صلىاللهعليهوآله
لا ينام
إلا والسواك عند رأسه ، فإذا نهض بدأ بالسواك ، و
قال صلىاللهعليهوآله
: لقد امرت بالسواك حتى خشيت أن يكتب علي ، وكان صلىاللهعليهوآله
: مما يقول
إذا استيقظ : « الحمد لله الذي أحياني بعد موتي
، إن ربي لغفور شكور » وكان يقول صلىاللهعليهوآله
:
« اللهم إني أسألك خير هذا اليوم ونوره وهداه وبركته وطهوره
ومعافاته ، اللهم إني
____________________
أسألك خيره وخير ما
فيه ، وأعوذ بك من شره وشر ما بعده
».
في
سواكه : وكان صلىاللهعليهوآله
يستاك كل ليلة ثلاث مرات : مرة قبل نومه ، ومرة إذا قام من نومه إلى ورده ، ومرة قبل خروجه إلى صلاة الصبح ، وكان يستاك
بالاراك ، أمره بذلك جبرئيل عليهالسلام.
وعن الصادق عليهالسلام قال : إني لاكره
للرجل أن يموت وقد بقيت خلة من خلال
رسول الله صلىاللهعليهوآله
لم يأت بها.
بيان : قوله : وهو مغذ أي مسرع ، من
قولهم : أغذ إغذاذا : إذا أسرع في السير.
والقد بالفتح : جلد السخلة الماعزة ، وبالكسر :
سير يقد من جلد غير مدبوغ. والقديد : اللحم المقدد ، وفي النهاية : فيه كانوا يأكلون القد يريد جلد السخلة في الجدب
انتهى.
والجبذ : الجذب ، والنجدة : الشجاعة ، وقال
الجزري : فيه لو تعلمون ما في هذه الامة
من الموت الاحمر ، يعني القتل ، لما فيه من
حمرة الدم أو لشدته ، يقال : موت أحمر ، أي
شديد ، ومنه حديث علي عليهالسلام : كنا إذا احمر
البأس اتقينا برسول الله صلىاللهعليهوآله
أي إذا
اشتدت الحرب استقبلنا العدو به وجعلناه لنا
وقاية ، وقيل : أراد إذا اضطرمت نار الحرب
وتسعرت ، كما يقال في الشر بين القوم : اضطرمت
نارهم ، تشبيها بحمرة النار ، وكثيرا
ما يطلقون الحمرة على الشدة ، وقال : وفيه إنه
ركب فرسا لابي طلحة فقال : إن وجدناه
لبحرا ، أي واسع الجري ، وسمي البحر بحرا لسعته
انتهى.
قوله صلىاللهعليهوآله
: لن تراعوا ، هو من الروع بمعنى الفزع ، وقال الجزري : في صفته صلىاللهعليهوآله إذا
سر فكأن وجهه المرآة ، وكان الجدر تلاحك وجهه ،
الملاحكة : شدة الملائمة ، أي يرى شخص
الجدر في وجهه ، وقال الجوهري : الدارة : التي
حول القمر ، وهي الهالة قوله : فيزجي الضعيف ، أي يسوقه ليلحقه بالرفاق ، والناضح : البعير الذي يستقى عليه. قوله : جالت يده ، أي
أخذ من كل جانب. قوله : لا تزرموا بالصبي ، من
باب الافعال ، أي لا تقطعوا عليه بوله ، ومثل الرجل يمثل مثولا : إذا انتصب قائما ، وقال الجزري : فيه أنه لم يشبع من خبز
ولحم إلا على ضفف ، الضفف : الضيق والشدة ، أي
لم يشبع منها إلا عن ضيق ، وقيل :
____________________
الضفف : اجتماع
الناس ، يقال : ضف القوم على المآء يضفون ضفا وضففا ، أي لم يأكل
خبزا ولحما وحده ، ولكن يأكل مع الناس ، وقيل :
الضفف أن تكون الاكلة أكثر من
مقدار الطعام ، والخفف : أن يكونوا بمقداره ، وقال
: الحيس هو الطعام المتخذ من التمر
والاقط والسمن ، وقد يجعل عوض الاقط الدقيق ، أو
الفتيت ، وقال : كل شئ مما يؤتدم
به إهالة ، وقيل : هو ما اذيب من الالية والشحم.
وقال : النهس : أكل اللحم بأطراف
الاسنان ، والنهش : الاخذ بجميعها ، وقال
الفيروزآبادي بقلة الانصار الكرنب ، والكرنب
بالضم وكسمند : السلق ، أو نوع منه أحلى ، والكباد
بالضم : وجع الكبد ، وقال الجزري : فيه نهي عن اختناث الاسقية ، خنثت السقآء : إذا
ثنيت فمه إلى خارج وشربت منه ، وقال : المدرى : شئ يعمل من حديد ، أو خشب على شكل سن
من أسنان المشط وأطول منه
يسرح به الشعر الملبد ، ويستعمله من لا مشط له
انتهى.
والمشاطة بالضم : الشعر الذي يسقط من
الرأس واللحية عند التسريح بالمشط ، والوبآء بالقصر والمد : الطاعون والمرض العام. والوبيص بالمهملة : البريق. وقال
الجزري
في حديث عايشة إنه كان يتطيب بذكارة الطيب ، الذكارة
بالكسر : ما يصلح للرجل كالمسك
والعنبر والعود ، وهي جمع ذكر ، والذكورة مثله
، ومنه الحديث كانوا يكرهون المؤنث
من الطيب ، ولا يرون بذكورته بأسا ، هو ما لا
لون له كالعود والكافور والعنبر ، والمؤنث : طيب النسآء كالخلوق والزعفران انتهى. والاثمد بالكسر : حجر الكحل : وقال الجزري
فيه لا يتمرأ أحدكم في الدنيا ، أي لا ينظر فيها ، هو
يتفعل من الرؤية ، والميم زائدة ، وفي القاموس : الشملة بالفتح : كسآء دون القطيفة يشتمل به ، وقال : النمرة كفرحة :
شملة فيها خطوط بيض وسود ، أو بردة من صوف تلبسها الاعراب انتهى.
والبرطلة : قلنسوة طويلة ، والساج : الطيلسان
الاخضر ، والجمع سيجان ، واعتجار
العمامة : هو أن يلفها على رأسه ، ويرد طرفها
على وجهه ، ولا يعمل منها شيئا تحت ذقنه ،
____________________
والسمل بالتحريك : الخلق
من الثياب ، وقال الجزري : في حديث خاتم النبي صلىاللهعليهوآله
فيه
فص حبشي ، يحتمل أنه أراد من الجزع أو العقيق
لان معدنهما اليمن والحبشة ، أو نوعا
آخر ينسب إليهما. قوله : وهو فيها ، حمل على التقية ، أو
على أنه من موضوعات العامة ، وربما حمل على بيان الجواز ، وكذا الاستذكار إما من الموضوعات ، أو محمول على أنه صلىاللهعليهوآله
إنما فعله للتعليم ، والقبال بالكسر : زمام
النعل ، وهو السير الذي يكون بين الاصبعين ، قوله : مخصرة أي مستدقة الوسط. والمعقبة هي التي لها نتو من عقبه من جهة الفوق ، ويحتمل من جهة التحت على بعد ، والملسنة كمعظمة : ما فيها طول ولطافة كهيئة
اللسان.
قال الزمخشري في الفائق : فيه أن نعله صلىاللهعليهوآله كانت معقبة مخصرة
ملسنة ، أي
مصيرا لها عقب مستدقة الخصر ، وهو وسطها ، مخرطة
الصدر ، مرققته من أعلاه على
شكل اللسان انتهى.
قوله : وكان منها ، لعل المعنى أن بعضها
كانت ملسنة لكن قليلا ، وقال الجوهري
السبت بالكسر : جلود البقر المدبوغة بالقرظ يحذي منه النعال السبتية.
٣٦ ـ جا
: أبوغالب الزراري ، عن محمد بن سليمان ، عن ابن أبي الخطاب ، عن محمد
ابن يحيى الخزاز ، عن غياث بن إبراهيم ، عن الصادق
، عن أبيه ، عن جده عليهالسلام
قال : كان رسول الله صلىاللهعليهوآله
إذا خطب حمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : أما بعد فإن أصدق الحديث
كتاب الله ، وأفضل الهدى هدى محمد صلىاللهعليهوآله ، وشر الامور
محدثاتها ، وكل بدعة ضلالة ، ويرفع صوته ، وتحمار وجنتاه ، ويذكر الساعة وقيامها ، حتى كأنه منذر جيش يقول : صبحتكم الساعة ، مستكم الساعة ثم يقول : « بعثت أنا والساعة كهاتين ـ ويجمع بين
سبابتيه ـ من ترك مالا فلاهله ، ومن ترك دينا
فعلي وإلي.
٣٧ ـ مكا
: في كتاب مواليد الصادقين قال : محمد بن إبراهيم الطالقاني : وخبرت
____________________
أنه اعتزل صلىاللهعليهوآله نسائه في مشربة ، والمشربة ، العلية ، فدخل عليه عمرو في البيت
اهب
عطنة وقرظ ، والنبي صلىاللهعليهوآله نائم على حصير قد أثر
في جنبه ، فوجد عمر ريح الاهب ، فقال : يا رسول الله ما هذه الريح؟
قال : يا عمر هذا متاع الحي ، فلما جلس النبي
صلىاللهعليهوآله
قد أثر الحصير في
جنبه ، فقال عمر : أما أنا فأشهد أنك رسول الله ، ولانت أكرم على الله من قيصر وكسرى ، وهما فيما هما فيه من الدنيا ، وأنت على
الحصير
قد أثر في جنبك ، فقال النبي صلىاللهعليهوآله : أما ترضى أن يكون
لهم الدنيا
ولنا الآخرة.
بيان
: العلية بضم العين ، وتشديد اللام
المكسورة ، واليآء : الغرفة ، وقال
الجوهري : الاهب بضم الهمزة والهآء وبفتحهما
جمع إهاب وهو الجلد ، وقيل : إنما
يقال للجلد : إهاب قبل الدبغ ، فأما بعده فلا ،
والعطنة : المنتنة التي هي في دباغها انتهى.
والقرظ بالتحريك : ورق السلم يدبغ به.
٣٨ ـ فر
: جعفر بن أحمد معنعنا عن محمد بن كعب القرظي قال : كان رسول الله (ص) يتحارسه أصحابه ، فأنزل الله تعالى إليه : « يا
أيها الرسول بلغ ما انزل إليك من ربك » إلى آخر الآية ، قال : فترك الحرس حين أخبره
الله تعالى أنه يعصمه من الناس بقوله : « والله يعصمك من الناس ».
٣٩ ـ كا
: علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن أبي الحسن الانباري ، عن أبي عبدالله
عليهالسلام
قال : كان رسول الله صلىاللهعليهوآله
يحمد الله في كل يوم ثلاث مأة وستين مرة ، عدد عروق
الجسد ، يقول : الحمد لله رب العالمين كثيرا
على كل حال.
____________________
٤٠ ـ كا
: العدة ، عن البرقي ، عن أبيه ، عن محمد بن سنان ، عن طلحة بن زيد ، عن أبي عبدالله عليهالسلام
إن رسول الله صلىاللهعليهوآله
كان لا يقوم من مجلس وإن خف حتى يستغفر الله
عزوجل خمسا وعشرين مرة.
٤١ ـ كا
: علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمار ، عن الحارث بن
المغيرة ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : كان رسول
الله صلىاللهعليهوآله
يستغفر الله عزوجل كل يوم سبعين
مرة ، ويتوب إلى الله سبعين مرة.
٤٢ ـ كا
: الحسين بن محمد ، عن المعلى ، عن الوشاء ، عن أبان ، عن ابن ميمون
القداح ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال : قال رسول
الله صلىاللهعليهوآله
: إني لاعجب كيف لا أشيب إذا
قرأت القرآن.
٤٣ ـ كا
: علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن اذينة ، عن زرارة ، عن
أبي جعفر عليهالسلام
قال : دخل يهودي على رسول الله صلىاللهعليهوآله
وعايشة عنده ، فقال : السام
عليكم ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : عليك ، ثم دخل
آخر فقال : مثل ذلك فرد عليه
كما رد على صاحبه ، ثم دخل آخر فقال : مثل ذلك
، فرد رسول الله صلىاللهعليهوآله
كما رد على
صاحبه
، فغضبت عايشة فقالت : عليكم السام
والغضب واللعنة يا معشر اليهود ، يا
إخوة القردة والخنازير ، فقال لها رسول الله صلىاللهعليهوآله : يا عايشة إن
الفحش لو كان ممثلا
لكان مثال سوء ، إن الرفق لم يوضع على شئ قط
إلا زانه ، ولم يرفع عنه قط إلا شانه ، قال : قالت : يا رسول الله أما سمعت إلى قولهم : السام عليكم؟ فقال : بلى ، أما
سمعت
ما رددت عليهم؟ قلت : عليكم ، فإذا سلم عليكم
مسلم فقولوا : السلام عليكم ، وإذا سلم
____________________
عليكم كافر فقولوا
عليك.
٤٤ ـ كا
: العدة ، عن البرقي ، عن النوفلي ، عن عبدالعظيم بن عبدالله العلوي
رفعه قال : كان النبي صلىاللهعليهوآله يجلس ثلاثا : القرفصآء
وهو أن يقيم ساقيه : ويستقبلهما بيديه
ويشد يده في ذراعه ، وكان يجثو على ركبتيه ، وكان
يثني رجلا واحدة ، ويبسط عليها
الاخرى ، ولم ير صلىاللهعليهوآله
متربعا قط.
٤٥ ـ كا
: محمد بن يحيى ، عن ابن عيسى ، عن معمر بن خلاد قال : سألت أبا الحسن
عليهالسلام
فقلت : جعلت فداك الرجل يكون مع القوم فيجري بينهم كلام يمزحون
ويضحكون ، فقال : لا بأس ما لم يكن ، فظننت أنه
عنى الفحش ، ثم قال : إن رسول الله
صلىاللهعليهوآله
كان يأتيه الاعرابي فيهدي له الهدية ، ثم يقول مكانه : أعطنا
ثمن هديتنا ، فيضحك رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وكان إذا اغتم
يقول : ما فعل الاعرابي ليته
أتانا.
٤٦ ـ كا
: الحسن بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن الحسن بن علي ، عن حماد بن
عثمان ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : رأى رسول
الله صلىاللهعليهوآله
امرأة فأعجبته
فدخل على ام سلمة
وكان يومها فأصاب منها ، وخرج إلى الناس
ورأسه يقطر ، فقال : أيها الناس إنما النظر
من الشيطان ، فمن وجد من ذلك شيئا فليأت أهله.
بيان
: لعله صلىاللهعليهوآله
إنما فعل ذلك وأظهر لتعليم غيره.
٤٧ ـ كا
: محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الوشاء ، عن جميل بن دراج ،
____________________
أهله في هذا الحال ،
لروايات مذكورة في محله.
عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : كان رسول
الله (ص) يقسم لحظاته بين أصحابه ، فينظر إلى ذا
وينظر إلى ذا بالسوية ، قال : ولم يبسط رسول
الله صلىاللهعليهوآله
رجليه بين أصحابه قط ، وإن
كان ليصافحه الرجل فما يترك رسول الله صلىاللهعليهوآله يده من يده حتى
يكون هو التارك ، فلما
فطنوا لذلك كان الرجل إذا صافحه قال بيده فنزعها من يده.
٤٨ ـ كا
: العدة ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن العلاء ، عن محمد ، عن أبي
جعفر عليهالسلام
قال : قال النبي صلىاللهعليهوآله
: ما زال جبرئيل يوصيني بالسواك حتى خفت أن
اخفي أو ادرد.
بيان : قال الجزري : فيه لزمت السواك
حتى كدت اخفي فمي ، أي استقصي على
أسناني فأذهبها بالتسوك ، وقال : فيه لزمت
السواك حتى خشيت أن يدردني ، أى يذهب
بأسناني ، والدرد : سقوط الاسنان.
٤٩ ـ كا
: العدة ، عن البرقي ، وعلي ، عن أبيه جميعا عن الاصفهاني ، عن المنقري ، عن سفيان بن عتيبة
، عن أبي عبدالله عليهالسلام
إن النبي صلىاللهعليهوآله
قال : أنا أولى بكل
مؤمن من نفسه ، وعلي أولى به من بعدي ، فقيل له
: ما معنى ذلك؟ فقال : قول النبي صلىاللهعليهوآله
:
من ترك دينا أو ضياعا فعلي ، ومن ترك مالا فلورثته ، فالرجل ليست عليه على نفسه
ولاية
إذا لم يكن له مال ، وليس له على عياله أمر ولا
نهي إذا لم يجر عليهم النفقة ، والنبي
وأمير المؤمنين ومن بعدهما ألزمهم هذا ، فمن
هناك صاروا أولى بهم من أنفسهم ، وما كان
سبب إسلام عامة اليهود إلا من بعد هذا القول من
رسول الله صلىاللهعليهوآله
، وإنهم آمنوا على
____________________
أنفسهم وعلى
عيالاتهم.
بيان
: قال الجزري : فيه من ترك ضياعا فإلى ، الضياع : العيال ، وأصله مصدر ضاع
يضيع ضياعا ، فسمي العيال بالمصدر ، وإن كسرت
الضاد كان جمع ضايع كجايع وجياع
انتهى.
قوله عليهالسلام
: ليست له على نفسه ولاية ، لانه إما أن يصير أجيرا لغيره فيكون لغيره
عليه الولاية ، أو يشتغل بسائر المكاسب وجوبا ،
فليس له الاشتغال بفضول الطاعات والمباحات ، أو ليست له على نفسه ولاية أن يمنعها عن السؤال والطلب ، أو المعنى أن الامام لما
كان
منفقا عليه حينئذ فله الولاية عليه ، فليس له
حقيقة على نفسه ولاية ، أو أنه لما لم يكن له
مال يجعله بضاعة للكسب فلا ولاية له على نفسه
بأن يكلف نفسه الكسب ، وأما عدم
الامر والنهي له على عياله فلانه ليس له منعهم
عن الخروج من البيت ، ولا الامر
بالخدمات ، لانه يجب عليهم الخروج لتحصيل
المعاش.
٥٠ ـ كا
: علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن عمر بن اذينة ، عن زرارة ، عن أبي جعفر
(ع)
قال : كان رسول الله (ص) يصنع بمن مات من بني هاشم خاصة شيئا لا يصنعه بأحد من
المسلمين ، كان إذا صلى على الهاشمي ونضح قبره بالماء وضع رسول الله صلىاللهعليهوآله كفه على
القبر حتى ترى أصابعه في الطين ، فكان الغريب
يقدم أو المسافر من أهل المدينة فيرى القبر
الجديد عليه أثر كف رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فيقول : من مات
من آل محمد؟ صلىاللهعليهوآله.
٥١ ـ كا
: الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن الوشاء ، عن أبان بن عثمان ، عن زيد الشحام ، عن أبي عبدالله عليهالسلام
قال : ما أكل رسول الله (ص) متكئا منذ بعثه الله
عز وجل حتى قبض ، وكان يأكل أكلة العبد ، ويجلس جلسة
العبد ، قلت : ولم
ذاك؟ قال : تواضعا لله عزوجل.
____________________
٥٢ ـ كا
: محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن أبي المعزاء ، عن هارون بن خارجة ، عن أبي عبدالله عليهالسلام
قال : كان رسول الله صلىاللهعليهوآله
يأكل أكل العبد ، ويجلس جلسة العبد ، ويعلم أنه عبد.
٥٣ ـ كا
: الحسين بن محمد ، عن المعلى ، عن الوشاء ، عن أحمد بن عائذ ، عن أبي
خديجة قال : سأل بشير الدهان أبا عبدالله (ع) وأنا
حاضر ، فقال : هل كان رسول الله (ص)
يأكل متكئا على يمينه وعلى يساره؟ فقال : ما كان رسول الله يأكل متكئا على يمينه
ولا
على يساره (ص) ، ولكن يجلس جلسة العبد ، قلت : ولم ذلك؟ قال : تواضعا
لله
عزوجل.
٥٤ ـ كا
: أبوعلي الاشعري ، عن محمد بن عبدالجبار ، عن صفوان ، عن معلى أبي
عثمان
، عن المعلى بن خنيس قال : قال أبوعبدالله عليهالسلام
: ما أكل نبي الله وهو متكئ
منذ بعثه الله عزوجل ، وكان يكره أن يتشبه
بالملوك ، ونحن لا نستطيع أن نفعل.
٥٥ ـ كا
: أبوعلي الاشعري ، عن محمد بن عبدالجبار ، عن محمد بن سالم ، عن أحمد بن
النضر ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي
جعفر عليهالسلام
قال : كان رسول الله (ص) يأكل
____________________
أكل العبد ، ويجلس
جلسة العبد ، وكان يأكل على الحضيض ، وينام على الحضيض.
٥٦ ـ كا
: العدة ، عن البرقي ، عن علي بن محمد القاساني ، عن أبي أيوب سليمان
بن مقبل المديني ، عن داود بن عبدالله بن محمد الجعفري
، عن أبيه أن رسول الله صلىاللهعليهوآله
كان في بعض مغازيه فمر به ركب وهو يصلي ، فوقفوا
على أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآله
فسائلوهم
عن رسول الله (ص) ودعوا وأثنوا وقالوا : لو لا أنا عجال لانتظرنا رسول الله
صلىاللهعليهوآله
، فاقرأوه منا السلام ومضوا ، فانفتل
رسول الله صلىاللهعليهوآله
مغضبا ، ثم
قال لهم : يقف عليكم الركب ويسألونكم عني
ويبلغوني السلام ولا تعرضون عليهم الغداء ، ليعز علي قوم فيهم خليلي جعفر أن يجوزوه حتى يتغدوا عنده.
٥٧ ـ كا
: محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن محبوب ، عن معاوية بن
وهب ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : كان رسول
الله صلىاللهعليهوآله
يجعل العنزة بين يديه
إذا صلى.
بيان
: قال الجوهري : العنزة بالتحريك : أطول من العصا ، وأقصر من الرمح ، و
فيه زج كزج الرمح.
٥٨ ـ كا
: عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن ابن
سنان ، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير ، عن أبي
عبدالله عليهالسلام
قال : كان طول رحل رسول الله
صلىاللهعليهوآله
ذراعا ، وكان إذا صلى
وضعه بين يديه ليستتر به ممن يمر بين
يديه .
٥٩ ـ كا
: حميد بن زياد ، عن الحسن بن محمد بن سماعة ، عن وهيب بن حفص ، عن
____________________
أبي بصير ، عن أبي
جعفر عليهالسلام
قال : كان رسول الله (ص) عند عايشة ليلتها ، فقالت : يا
رسول الله لم تتعب نفسك وقد غفر الله لك ما
تقدم من ذنبك وما تأخر؟ فقال : يا عايشة ألا
أكون عبدا شكورا؟ قال : وكان رسول الله صلىاللهعليهوآله يقوم على أطراف
أصابع رجليه ، فأنزل
الله سبحانه : طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى.
٦٠ ـ كا
: العدة ، عن البرقي ، عن عثمان بن عيسى ، عن عبدالله بن مسكان ، عن
أبي عبدالله عليهالسلام
إن رسول الله (ص) كان في سفر يسير على ناقة له ، إذ نزل فسجد خمس
سجدات ، فلما ركب قالوا : يا رسول الله إنا
رأيناك صنعت شيئا لم تصنعه ، فقال صلىاللهعليهوآله
:
نعم استقبلني جبرئيل عليهالسلام فبشرني ببشارات من
الله عزوجل ، فسجدت لله شكرا لكل
بشرى سجدة.
٦١ ـ كا
، العدة ، عن البرقي ، عن أبيه ، عن حماد ، عن حريز ، عن بحر السقا
قال : قال لي أبوعبدالله عليهالسلام : يا بحر حسن الخلق
يسر ، ثم قال : ألا اخبرك بحديث
ما هو في يدي أحد من أهل المدينة؟ قلت : بلى ، قال
: بينما
رسول الله صلىاللهعليهوآله
ذات يوم
جالس في المسجد إذ جاءت جارية لبعض الانصار وهو قائم ، فأخذت
بطرف ثوبه ، فقام
لها النبي صلىاللهعليهوآله
فلم تقل : شيئا ، ولم يقل لها النبي صلىاللهعليهوآله
: شيئا حتى فعلت ذلك ثلاث
مرات ، فقام لها النبي صلىاللهعليهوآله في الرابعة وهي
خلفه ، فأخذت هدبة من ثوبه ثم رجعت ، فقال لها الناس : فعل الله بك وفعل حبست رسول الله ثلاث مرات لا تقولين له : شيئا
، ولا هو
يقول لك : شيئا ، ما كانت حاجتك إليه؟ قالت : إن
لنا مريضا فأرسلني أهلي لآخذ هدبة
من ثوبه ليستشفى بها ، فلما أردت أخذها رآني
فقام ، فاستحييت أن آخذها وهو يراني ، وأكره أن استأمره في أخذها فأخذتها.
____________________
بيان
: هدبة الثوب : طرفه مما يلي طرته.
٦٢ ـ كا :
محمد بن يحيى ، عن ابن عيسى ، عن ابن فضال ، عن ابن بكير ، عن زرارة
عن أبي جعفر عليهالسلام
قال : إن رسول الله صلىاللهعليهوآله
اتي باليهودية التي سمت الشاة للنبي
صلىاللهعليهوآله
، فقال لها : ما حملك على ما صنعت؟ فقالت : قلت : إن كان نبيا لم يضره ، وإن كان ملكا أرحت الناس منه ، فقال : فعفا رسول الله صلىاللهعليهوآله عنها.
٦٣ ـ كا
: حميد بن زياد ، عن الخشاب ، عن ابن بقاح ، عن عمرو بن جميع ، عن أبي
عبدالله (ع) قال : دخل رسول الله (ص) على عايشة
فرأى كسرة كاد أن يطأها فأخذها و
أكلها ، وقال : يا حميرى أكرمي جوار نعم الله
عليك ، فإنها لم تنفر من قوم فكادت تعود
إليهم.
٦٤ ـ كا
: علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن عبدالرحمن بن الحجاج ، عن
أبي عبدالله عليهالسلام
قال : أفطر رسول الله عشية خميس في مسجد قبا ، فقال : هل من شراب؟
فأتاه أوس بن خولى الانصاري بعس مخيض بعسل ، فلما وضعه على فيه نحاه ، ثم قال : شرابان يكتفى بأحدهما من صاحبه ، لا أشربه ولا احرمه : ولكن أتواضع لله ،
فإن من تواضع لله رفعه الله ، ومن تكبر خفضه الله ، ومن اقتصد في معيشته رزقه الله
، ومن بذر حرمه الله ، ومن أكثر ذكر
الموت أحبه الله.
ين
: ابن أبي عمير مثله.
٦٥ ـ كا
: العدة ، عن البرقي ، عن ابن فضال ، عن العلاء بن رزين ، عن محمد بن
____________________
مسلم قال : سمعت أبا
جعفر عليهالسلام
يذكر أنه أتي رسول الله (ص) ملك ، فقال : إن الله
تعالى يخيرك أن تكون عبدا رسولا متواضعا ، أو
ملكا رسولا ، قال : فنظر إلى جبرئيل
وأومأ بيده أن تواضع ، فقال : عبدا متواضعا
رسولا ، فقال الرسول
: مع أنه لا ينقصك
مما عند ربك شيئا ، قال : ومعه مفاتيح خزائن
الارض.
٦٦ ـ كا
: محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن
محمد بن يحيى الخثعمي ، عن طلحة
ابن زيد ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : ما أعجب رسول
الله (ص) شئ من الدنيا إلا أن يكون
فيها جائعا خائفا.
٦٧ ـ كا
: العدة ، عن البرقي ، عن القاسم بن يحيى ، عن جده الحسن بن راشد ، عن عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله عليهالسلام
قال : خرج النبي صلىاللهعليهوآله
وهو محزون ، فأتاه
ملك ومعه مفاتيح خزائن الارض فقال : يا محمد
هذه مفاتيح خزائن الدنيا ،
يقول لك ربك
افتح وخذ منها ما شئت من غير أن ينقص شيئا عندي ، فقال رسول الله (ص) : الدنيا
دار
من لا دار له ، ولها يجمع من لا عقل له ، فقال
الملك : والذى بعثك بالحق
لقد سمعت
هذا الكلام من ملك يقوله في السمآء الرابعة حين
اعطيت المفاتيح
٦٨ ـ كا
: محمد بن يحيى ، عن أحمد بن عيسى ، عن محمد بن يحيى ، عن طلحة بن زيد ، عن
أبي عبدالله ، عن أبيه عليهماالسلام أن رسول الله (ص) أجرى
الخيل التى أضمرت من الحصباء
إلى مسجد بني زريق ، وسبقها من ثلاث نخلات ، فأعطى
السابق عذقا ، وأعطى المصلي
عذقا ، وأعطى الثالث عذقا.
____________________
كا
: علي ، عن أبيه ، عن محمد بن يحيى ، عن طلحة بن زيد ، عن أبي عبدالله عليهالسلام
مثله.
٦٩ ـ كا
: علي ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : كان أحب الاصباغ إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله الخل والزيت.
٧٠ ـ كا
: الحسين بن محمد ، عن المعلى ، عن الوشاء ، عن عبدالله بن سنان ، عن
أبي عبدالله عليهالسلام
قال : دخل رسول الله صلىاللهعليهوآله
إلى ام سلمة رضي الله عنها فقربت إليه
كسرة ، فقال : هل عندك إدام؟ فقالت : لا يا رسول الله ما عندي إلا خل فقال صلىاللهعليهوآله : نعم
الادام الخل ، ما افتقر بيت فيه خل.
بيان
: قوله : ما افتقر ، في بعض النسخ بتقدم القاف على الفاء
، وفي بعضها
بالعكس ، والاول أظهر ، قال الجزري : فيه ما
أقفر بيت فيه خل ، أى ما خلا من الادام
وما عدم أهله الادام ، والقفار : الطعام بلا
ادم ، وأقفر الرجل : إذا أكل الخبز وحده من
القفر والقفار وهي الارض الخالية التي لا مآء بها.
٧١ ـ كا
: علي ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : إن النبي صلىاللهعليهوآله
اتي بطعام حار جدا ، فقال : ما كان الله ليطعمنا النار ، أقروه حتى يبرد
ويمكن ، فإنه طعام ممحوق البركة ، وللشيطان فيه نصيب.
٧٢ ـ كا
: علي ، عن أبيه ، عن القاساني ، عن أبي أيوب المديني ، عن سليمان
الجعفري ، عن الرضا عليهالسلام إن رسول الله صلىاللهعليهوآله كان يعجبه النظر
إلى الاترج الاخضر ، والتفاح الاحمر.
____________________
٧٣ ـ كا :
محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن فضال ، عن بعض أصحابه ، عن
أبي عبدالله عليهالسلام
قال : كان رسول الله يأكل الرطب بالخربز.
٧٤ ـ كا :
علي ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبدالله عليهالسلام
قال : كان رسول الله صلىاللهعليهوآله يأكل البطيخ بالتمر.
٧٥ ـ كا
: العدة ، عن سهل ، عن جعفر بن محمد الاشعري ، عن ابن القداح ، عن
أبي عبدالله عليهالسلام
قال : كان النبي صلىاللهعليهوآله
يعجبه الرطب بالخربز.
٧٦ ـ كا
: العدة ، عن البرقي ، عن محمد بن عيسى ، عن عبيد الله الدهقان ، عن درست ، عن إبراهيم بن عبدالحميد ، عن أبي الحسن الاول عليهالسلام
قال : أكل رسول الله صلىاللهعليهوآله
البطيخ بالسكر ، وأكل صلىاللهعليهوآله البطيخ بالرطب.
٧٧ ـ كا
: علي ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبدالله عليهالسلام
قال : قال أمير المؤمنين عليهالسلام : كان يعجب رسول
الله صلىاللهعليهوآله
من البقول الحوك.
بيان
: قال الفيروزآبادي : الحوك : البادروج ، والبقلة الحمقاء.
٧٨ ـ كا
: محمد بن يحيى ، عن سهل ، عن جعفر بن محمد الاشعري ، عن ابن القداح ، عن أبي عبدالله عليهالسلام
قال : كان رسول الله (ص) إذا شرب الماء قال : الحمد لله الذي سقانا
عذبا زلالا ، ولم يسقنا ملحا اجاجا ، ولم
يؤاخذنا بذنوبنا.
٧٩ ـ كا
: محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن
ابن محبوب ، عن إبراهيم الكرخي ، عن طلحة بن زيد ، عن أبي عبدالله عليهالسلام
قال : كان رسول الله (ص) يشرب في الاقداح
الشامية يجاء بها من الشام ، وتهدى له صلىاللهعليهوآله.
٨٠ ـ كا
: بهذا الاسناد عن أبي عبدالله عليهالسلام
قال : كان النبي صلىاللهعليهوآله
يعجبه أن
يشرب في القدح الشامي ، وكان يقول : هذا أنظف
آنيتكم.
____________________
٨١ ـ كا :
علي ، عن أبيه ، عن بعض أصحابه ، عن عنبسة بن مصعب ، عن أبي
عبدالله عليهالسلام
قال : سمعته يقول : أتى النبي صلىاللهعليهوآله
بشئ فقسمه فلم يسع أهل الصفة
جميعا ، فخص به اناسا منهم ، فخاف رسول الله صلىاللهعليهوآله أن يكون قد دخل
قلوب
الآخرين شئ ، فخرج إليهم فقال : معذرة إلى الله
عزوجل ، وإليكم يا أهل الصفة ، إنا اوتينا بشئ فأردنا أن نقسمه بينكم فلم يسعكم ، فخصصت به اناسا منكم ، خشينا
جزعهم وهلعهم.
٨٢ ـ كا
: العدة ، عن سهل ، عن إسماعيل بن مهران ، عن أيمن بن محرز ، عن
أبي عبدالله عليهالسلام
قال : ما صافح رسول الله (ص) رجلا قط فنزع يده حتى يكون هو الذي
ينزع
يده منه.
٨٣ ـ كا
: العدة عن سهل ، عن جعفر بن محمد الاشعري ، عن ابن القداح ، عن
أبي عبدالله عليهالسلام
قال : لقي النبي (ص) حذيفة فمد النبي (ص) يده فكف حذيفة يده ، فقال النبي (ص) : يا حذيفة بسطت يدي إليك فكففت يدك عني؟ فقال حذيفة : يا رسول
الله بيدك الرغبة ، ولكني كنت جنبا فلم احب أن
تمس يدي يدك وأنا جنب ، فقال
النبي صلىاللهعليهوآله
: أما تعلم أن المسلمين إذا التقيا فتصافحا تحاتت ذنوبهما كما يتحات
ورق الشجر.
٨٤ ـ كا
: علي بن محمد بن عبدالله ، عن البرقي ، عن أبيه ، عن إسماعيل بن مهران ، عن أيمن بن محرز ، عن زيد الشحام
، عن أبي عبدالله عليهالسلام
قال : قال : ما منع رسول الله
____________________
صلىاللهعليهوآله
سائلا قط ، إن كان عنده أعطى ، وإلا قال : يأتي الله به.
٨٥ ـ كا
: علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن أبي أيوب ، عن محمد بن مسلم ، عن
أبي عبدالله عليهالسلام
قال : كان رسول الله (ص) أول ما بعث يصوم
حتى يقال : ما يفطر ، و
يفطر حتى يقال : ما يصوم ، ثم ترك ذلك وصام
يوما وأفطر يوما وهو صوم داود عليهالسلام
، ثم ترك ذلك وصام الثلاثة الايام الغر ، ثم ترك ذلك وفرقها في كل عشرة يوما : خميسين بينهما أربعآء ، فقبض عليه وآله السلام
وهو يعمل ذلك.
بيان
: الايام الغر : الايام البيض في وسط الشهر.
٨٦ ـ كا
: العدة ، عن سهل ، عن الحسن بن محبوب ، عن جميل بن صالح ، عن محمد
ابن مروان قال : سمعت أبا عبدالله عليهالسلام يقول : كان رسول
الله (ص) يصوم حتى يقال : لا
يفطر ، ثم صام يوما وأفطر يوما ، ثم صام
الاثنين والخميس ، ثم آل
من ذلك إلى
صيام ثلاثة أيام في الشهر : الخميس في أول
الشهر ، وأربعآء في وسط الشهر ، و
خميس في آخر الشهر ، وكان يقول : ذلك صوم الدهر
، وقد كان أبي يقول : ما من أحد
أبغض إلي من رجل يقال له : كان رسول الله صلىاللهعليهوآله يفعل كذا وكذا ، فيقول
: لا يعذبني
الله على أن أجتهد في الصلاة ، كأنه يرى أن
رسول الله صلىاللهعليهوآله
ترك شيئا من الفضل عجزا
عنه.
٨٧ ـ كا
: علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حفص بن البختري ، عن أبي
عبدالله عليهالسلام
قال : كن نساء النبي (ص) إذا كان عليهن صيام أخرن ذلك إلى شعبان
كراهة أن يمنعن رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فإذا كان شعبان
صمن ، وكان رسول الله صلىاللهعليهوآله
يقول :
____________________
شعبان شهري.
٨٨ ـ كا
: أحمد بن محمد ، عن علي بن الحسن ، عن
أحمد بن صبيح ، عن عنبسة العابد
قال : قبض النبي (ص) على صوم شعبان ورمضان
وثلاثة أيام في كل شهر : أول خميس ، وأوسط أربعآء ، وآخر خميس.
٨٩ ـ كا
: محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن عبدالرحمن بن
عثمان ، عن رجل من أهل اليمامة كان مع أبي
الحسن أيام حبس ببغداد ، قال : قال
أبوالحسن عليهالسلام
: إن الله عزوجل قال لنبيه صلىاللهعليهوآله
: « وثيابك فطهر « وكانت ثيابه
طاهرة ، وإنما أمره بالتشمير.
٩٠ ـ كا
: علي بن محمد ، عن البرقي ، عن أبيه ، عن النضر ، عن موسى بن بكر ، عن عجلان ، عن أبي عبدالله عليهالسلام
قال : إن رسول الله (ص) كان لا يسأله أحد من الدنيا
شيئا إلا أعطاه ، فأرسلت إليه امرأة ابنا لها
فقالت : انطلق إليه فاسأله ، فإن قال لك
ليس عندنا شئ فقل : أعطني قميصك ، قال : فأخذ قميصه فرمى به إليه.
وفي نسخة اخرى : وأعطاه ، فأدبه الله
عزوجل تبارك
وتعالى على القصد فقال : ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل
البسط فتقعد ملوما محسورا.
٩١ ـ كا
: علي ، عن أبيه ، ومحمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن ابن أبي
عمير ، عن سليمان الفزاري ، عن رجل ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : كان رسول
الله (ص)
يكتحل بالاثمد إذا آوى إلى فراشه وترا وترا.
٩٢ ـ كا
: العدة ، عن سهل ، عن جعفر بن محمد الاشعري ، عن ابن القداح ، عن
____________________
أبي عبدالله عليهالسلام قال : قال رسول
الله (ص) : ما زال جبرئيل عليهالسلام
يوصيني بالسواك حتى
خشيت أن أدرد واحفي.
٩٣ ـ كا
: العدة ، عن البرقي ، عن موسى بن القاسم ، عن صفوان ، عن زرارة ، عن
أبي عبدالله عليهالسلام
قال : إن رسول الله (ص) كان يكتحل قبل أن ينام أربعا في اليمنى ، و
ثلاثا في اليسرى.
توضيح
: لعل المعنى أنه صلىاللهعليهوآله
قد كان يفعل كذلك لئلا ينافي الخبر السابق ، و
يحتمل أن يكون المراد بالسابق كونهما معا وترا
، فيكون التكرير للتأكيد ، أو الليالي ، لكنه بعيد ، ويمكن حمل السابق على التقية لكونه أوفق بأخبار المخالفين إذ أكثرهم
رووا
أنه صلىاللهعليهوآله
كان يكتحل في كل عين ثلاثا.
٩٤ ـ كا
: محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن الحصين بن أبي العلاء
، عن أبي عبدالله عليهالسلام
قال : إن رسول الله (ص) مر في بعض طرق المدينة وسوداء تلقط
السرقين ، فقيل لها : تنحي عن طريق رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فقالت : إن
الطريق لمعرض
، فهم بها بعض القوم أن يتناولها ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله
: دعوها فإنها جبارة.
٩٥ ـ ين
: عبدالله بن سنان ، عن علي بن شجرة ، عن عمه بشير ، عن أبي جعفر
عليهالسلام
مثله.
٩٦ ـ كا
: علي ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : كان النبي صلىاللهعليهوآله
إذا خرج في الصيف من البيت خرج يوم الخميس ، وإذا أراد أن يدخل
في الشتاء من البرد دخل يوم الجمعة ، وروي إيضا
كان دخوله وخروجه ليلة الجمعة.
____________________
٩٧ ـ كا :
أحمد بن عبدالله ، عن البرقي ، عن عبدل بن مالك
، عن هارون بن
الجهم ، عن الكاهلي ، عن معاذ بياع الاكسية قال
: قال أبوعبدالله عليهالسلام
: كان رسول الله
صلىاللهعليهوآله
يحلب عنز أهله.
٩٨ ـ كا
: محمد بن يحيى ، عن محمد بن أحمد ، عمن ذكره ، عن منصور بن العباس ، عن
صفوان بن يحيى ، عن عبدالله بن مسكان ، عن أبي
عبدالله عليهالسلام
قال : كان رسول الله (ص)
إذا أفطر بدأ بحلوآء يفطر عليها ، فإن لم يجد
فسكرة أو تمرات ، فإذا أعوز ذلك كله
فمآء فاتر.
٩٩ ـ كا
: علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن إبراهيم بن مهزم ، عن طلحة بن
زيد ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : كان رسول
الله (ص) يفطر على التمر في زمن التمر ، وعلى
الرطب في زمن الرطب.
١٠٠ ـ كا
: علي ، عن أبيه ، عن جعفر بن عبدالله
الاشعري ، عن ابن القداح ، عن أبي عبدالله عليهالسلام
قال : كان رسول الله (ص) أول ما يفطر عليه في زمن الرطب الرطب ، وفي زمن التمر التمر.
١٠١ ـ كا
: محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة ، عن أبي بصير ، قال : قال أبي عبدالله عليهالسلام
: كان رسول الله (ص) إذا دخل العشر الاواخر
شد المتزر ، واجتنب النسآء ، وأحيى الليل ، وتفرغ
للعبادة.
١٠٢ ـ كا
: علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن
حماد ، عن أبي
عبدالله عليهالسلام
قال : كان رسول الله صلىاللهعليهوآله إذا كان العشر
الاواخر اعتكف في المسجد وضربت له قبة من
____________________
شعر ، وشمر المئزر ،
وطوى فراشه ، فقال بعضهم : واعتزل النسآء ، فقال أبوعبدالله عليهالسلام : أما اعتزال النسآء فلا.
بيان
: طي الفراش كناية عن اجتناب النسآء ، أو النوم ، والاول أظهر والاعتزال
المنفي الاعتزال بالكلية.
١٠٣ ـ كا
: علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن
أبي عبدالله عليهالسلام
قال : كانت بدر في شهر رمضان فلم يعتكف رسول الله (ص) ، فلما أن كان
من قابل اعتكف عشرين : عشرا لعامه ، وعشرا قضآء
لما فاته.
١٠٤ ـ كا
: العدة ، عن سهل ، عن أحمد بن محمد ، عن داود بن الحصين ، عن أبي العباس ، عن أبي عبدالله عليهالسلام
قال : اعتكف رسول الله (ص) في شهر رمضان في العشر الاول ، ثم
اعتكف في الثانية في العشر الوسطى ، ثم اعتكف
في الثالثة في العشر الاواخر ، ثم لم يزل
يعتكف في العشر الاواخر.
١٠٥ ـ كا
: محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن أبي الفرج
قال : سأل أبان أبا عبدالله عليهالسلام أكان لرسول الله عليهالسلام طواف يعرف به؟ فقال
: كان رسول الله صلىاللهعليهوآله
يطوف بالليل والنهار عشرة أسابيع : ثلاثة أول الليل ، وثلاثة آخر
الليل ، واثنين إذا أصبح ، واثنين بعد الظهر
وكان فيما بين ذلك راحته.
١٠٦ ـ كا
: علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن عبدالله بن سنان قال : كان رسول الله (ص) يذبح يوم الاضحى كبشين : أحدهما
عن نفسه ، والآخر عمن لم يجد
من امته.
١٠٧ ـ كا
: علي ، عن أبيه ، عن ابن مرار ، عن يونس ، عن ابن سنان ، عن
أبي عبدالله عليهالسلام
قال : لا بأس بالرجل يمر على الثمرة ويأكل منها ولا يفسد ، وقد نهى
____________________
رسول الله صلىاللهعليهوآله أن تبني الحيطان
بالمدينة لمكان المارة.
١٠٨ ـ كا
: علي بن محمد بن عبدالله ، عن البرقي ، عن القاساني ، عمن حدثه ، عن عبدالله بن القاسم الجعفري ، عن أبيه قال : كان النبي (ص) إذا بلغت الثمار أمر
بالحيطان
فثلمت.
١٠٩ ـ كا
: محمد بن يحيى ، عن ابن عيسى ، عن ابن فضال ، عن ابن القداح ، عن
أبي عبدالله قال : كان النبي صلىاللهعليهوآله يعجبه الدبا
ويلتقطه من الصحفة.
١١٠ ـ محص
: عن أبي سعيد الخدري ، أنه وضع يده على رسول الله صلىاللهعليهوآله
وعليه
حمى فوجدها من فوق اللحاف ، فقال : ما أشدها
عليك يا رسول الله؟ قال : إنا كذلك
يشتد علينا البلاء ويضعف لنا الاجر.
١١١ ـ كا
: محمد بن يحيى ، عن احمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن النضر ، عن يحيى الحلبي ، عن معاوية بن وهب ، عن أبي عبدالله عليهالسلام
قال : مات رسول الله (ص)
وعليه دين.
١١٢ ـ كا
: العدة ، عن البرقي ، عن ابن مهران ، عن
ابن عميرة ، عن عمرو بن
شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال : كان رسول
الله (ص) : يأكل الهدية ، ولا
يأكل الصدقة.
١١٣ ـ كا
: علي ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبدالله عليهالسلام
قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : لو اهدي إلي كراع لقبلته .
____________________
١١٤ ـ كا
: العدة ، عن سهل ، عن النهدي ، عن موسى بن عمر بن بزيع ، عن
الرضا عليهالسلام
قال : إن رسول الله صلىاللهعليهوآله
كان إذا أخذ في طريق رجع في غيره.
١١٥ ـ يب
: محمد بن علي بن محبوب ، عن ابن معروف ، عن ابن المغيرة ، عن معاوية بن
وهب قال : سمعت أبا عبدالله عليهالسلام يقول ـ وذكر صلاة
النبي (ص) ـ قال : كان يأتي بطهور
فيتحمر
عند رأسه ، ويوضع سواكه تحت فراشه ، ثم ينام ما شآء الله ، فإذا استيقظ
جلس ، ثم قلب بصره في السمآء ، ثم تلا الآيات
من آل عمران : « إن في خلق السموات
والارض
» الآية ، ثم يستن ويتطهر ، ثم يقوم إلى المسجد فيركع أربع ركعات
على قدر قراءته ركوعه ، وسجوده على قدر ركوعه ، يركع
حتى يقال : متى يرفع
رأسه؟ ويسجد حتى يقال : متى يرفع رأسه؟ ثم يعود
إلى فراشه فينام ما شآء الله ، ثم
يستيقظ فيجلس فيتلو الآيات من آل عمران ، ويقلب
بصره في السمآء ، ثم يستن
ويتطهر ويقوم إلى المسجد فيصلي أربع ركعات كما ركع قبل ذلك ، ثم يعود
إلى فراشه فينام ما شآء الله ، ثم يستيقظ فيجلس
فيتلو الآيات من آل عمران ، ويقلب بصره ، في السمآء ، ثم يستن ويتطهر
ويقوم إلى المسجد فيوتر ويصلي الركعتين ، ثم يخرج
إلى الصلاة.
____________________
بيان
: الاستنان : استعمال السواك.
١١٦ ـ كا
: العدة ، عن سهل وأبوعلي الاشعري ، عن محمد بن عبدالجبار جميعا ، عن ابن فضال ، عن علي بن عقبة ، عن سعيد بن عمرو الجعفي ، عن محمد بن مسلم قال : دخلت على أبي جعفر عليهالسلام ذات يوم وهو يأكل
متكئا قال : وقد
كان يبلغنا أن ذلك
يكره
، فجلعت أنظر إليه ، فدعاني إلى طعامه ، فلما فرغ قال : يا محمد لعلك ترى أن
رسول الله صلىاللهعليهوآله
رأته عين يأكل وهو متك منذ أن بعثه الله
إلى أن قبضه؟ ثم رد على
نفسه فقال : لا والله ما رأته عين يأكل وهو متك
من أن بعثه الله إلى أن قبضه ، ثم قال : يا محمد لعلك ترى أنه شبع من خبز البر ثلاثة
أيام متوالية من أن بعثه الله إلى أن قبضه؟
ثم إنه رد على نفسه ثم قال : لا والله ما شبع من خبز البر ثلاثة
أيام متوالية منذ
بعثه الله
تعالى إلى أن قبضه ، أما أني لا أقول : إنه كان لا يجد ، لقد كان يجيز الرجل
الواحد بالمأة من الابل ، فلو أراد أن يأكل لاكل ولقد أتاه
جبرئيل عليهالسلام
بمفاتيح
خزائن الارض ثلاث مرات يخيره من غير أن ينقصه
الله تبارك وتعالى مما أعد الله له يوم
القيامة شيئا ، فيختار التواضع لربه عزوجل ، وما
سئل شيئا قط فيقول : لا ، إن كان
أعطى ، وإن لم يكن قال : يكون ، وما أعطى على
الله شيئا قط إلا سلم ذلك إليه ، حتى أن كان
ليعطي الرجل الجنة فيسلم الله ذلك له ، ثم
تناولني بيده
، وقال : وإن كان صاحبكم
ليجلس جلسة العبد ، ويأكل أكلة العبد ، ويطعم
الناس خبز البر واللحم ، ويرجع إلى
____________________
أهله فيأكل الخبز والزيت ، وإن كان ليشتري القميص
السنبلاني
، ثم يخير
غلامه خيرهما ، ثم يلبس الباقي ، فإذا جاز
أصابعه قطعه ، وإذا جاز كعبه حذفه ، وما ورد
عليه أمران قط كلاهما لله رضا إلا أخذ بأشدهما
على بدنه ، ولقد ولى الناس خمس سنين
فما وضع آجرة على آجرة ، ولا لبنة على لبنة ، ولا
أقطع قطيعة
، ولا أورث بيضآء ولا
حمراء إلا سبع مأة درهم فضلت من عطاياه أراد أن
يبتاع لاهله بها خادما ، وما أطاق أحد
عمله ، لقد كان علي بن الحسين عليهالسلام لينظر في الكتاب من
كتب علي عليهالسلام
فيضرب به
الارض ويقول : من يطيق هذا؟
ما
: الحسين بن إبراهيم القزويني ، عن محمد
بن وهبان ، عن محمد بن أحمد بن زكريا ، عن الحسن بن فضال ، عن علي بن عقبة مثله.
١١٧ ـ كا
: العدة ، عن سهل ، عن البزنطي ، عن حماد بن عثمان قال : حدثني
علي بن المغيرة قال : سمعت أبا عبدالله عليهالسلام يقول : إن جبرئيل عليهالسلام أتى رسول الله (ص)
فخيره ، وأشار عليه
بالتواضع ، وكان له ناصحا ، فكان رسول الله صلىاللهعليهوآله
يأكل أكلة
العبد ، ويجلس جلسة العبد تواضعا لله تبارك
وتعالى ، ثم أتاه عند الموت بمفاتيح خزائن
الدنيا فقال : هذه مفاتيح خزائن الدنيا بعث بها
إليك ربك ليكون لك ما أقلت
الارض ، من غير أن ينقصك شيئا ، فقال رسول الله
صلىاللهعليهوآله
: في الرفيق الاعلى.
بيان
: قال الجزري : في حديث الدعآء : وألحقني
بالرفيق الاعلى ، الرفيق جماعة
____________________
الانبيآء يسكنون
أعلى عليين ، وهو اسم جآء على فعيل ، وهو معناه الجماعة ، كالصديق
والخليط يقع على الواحد والجمع ، ومنه قوله
تعالى : « وحسن اولئك
رفيقا » وقيل
معنى ألحقني بالرفيق الاعلى ، أي بالله تعالى ، يقال : الله رفيق بعباده ، من
الرفق والرأفة ، ومنه حديث عايشة : سمعته يقول عند موته : بل الرفيق الاعلى ، وذلك أنه خير بين
البقاء
في الدنيا وبين ما عند الله فاختار ما عند الله.
١١٨ ـ كا
: سهل ، عن ابن
فضال ، عن علي بن عقبة ، عن عبدالمؤمن
الانصاري ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : قال رسول الله
(ص) : عرضت علي بطحآء مكة
ذهبا ، فقلت : يا رب لا ، ولكن أشبع يوما ، وأجوع
يوما ، فإذا شبعت حمدتك وشكرتك ، وإذا جعت دعوتك وذكرتك.
ما
: الحسين بن إبراهيم القزويني ، عن محمد بن وهبان ، عن محمد بن أحمد بن زكريا ، عن ابن فضال مثله.
١١٩ ـ كا
: علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام وغيره ، عن أبي عبدالله
عليهالسلام
قال : ما كان شئ أحب إلى رسول الله (ص) من أن يظل خائفا جائعا في
الله عزوجل.
١٢٠ ـ كا
: العدة ، عن ابن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن أبي المغرا ، عن
____________________
زيد الشحام ، عن
عمرو بن سعيد بن هلال ، عن أبي عبدالله قال إياك أن تطمح نفسك
إلى من فوقك وكفى بما قال الله عزوجل لرسول
الله (ص) : « فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم
»
وقال الله عزوجل لرسوله : « ولا تمدن
عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحيوة
الدنيا
» فإن خفت شيئا من ذلك فاذكر عيش رسول الله (ص) ، فإنما كان قوته الشعير
وحلواه التمر ، ووقوده السعف إذا وجده.
كا
: محمد بن يحيى ، عن ابن عيسى ، عن محمد
بن سنان ، عن عمار بن مروان ، عن
الشحام مثله.
ين
: فضالة ، عن أبي المغرا مثله.
١٢١ ـ كا
: محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن عمر بن عبدالعزيز ، عن جميل ، عن أبي عبدالله (ص) قال : كان رسول الله (ص) يقسم لحظاته بين أصحابه ، ينظر إلى ذا
وينظر إلى ذا بالسوية.
١٢٢ ـ كا
: محمد ، عن أحمد ، عن ابن فضال ، عن بعض أصحابنا. قال : قال أبوعبدالله (ع) : ما
كلم رسول الله (ص) العباد بكنه عقله قط ، قال رسول الله (ص) : إنا معشر الانبيآء
____________________
امرنا أن نكلم الناس
على قدر عقولهم.
١٢٣ ـ ين
: حماد ، عن العقرقوفي
، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليهالسلام
قال : بينا رسول الله (ص) ذات يوم عنده عايشة فاستأذن
عليه رجل ، فقال رسول الله (ص) : بئس أخو العشيرة ، وقامت عايشة فدخلت البيت ، وأذن
له رسول الله (ص) فدخل ، فأقبل
رسول الله صلىاللهعليهوآله
عليه حتى إذا فرغ من حديثه خرج ، فقالت له عايشة : يا رسول الله
بينا أنت تذكره إذ أقبلت عليه بوجهك وبشرك ، فقال لها رسول الله (ص) : إن من
أشر عباد الله من يكره مجالسته لفحشه.
١٢٤ ـ ين
: محمد بن سنان ، عن ابن مسكان ، عن الصيقل ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : مرت برسول الله صلىاللهعليهوآله
امرأة بذية وهو يأكل ، فقالت : يا محمد إنك لتأكل أكل العبد
وتجلس جلوسه ، فقال لها : ويحك وأي عبد أعبد
مني؟ قالت : اما لا فناولني لقمة من
طعامك ، فناولها رسول الله صلىاللهعليهوآله لقمة من طعامه ، فقالت
: لا والله إلا إلى في من فيك ، قال : فأخرج اللقمة من فيه فتناولها إياها فأكلتها ، قال أبوعبدالله عليهالسلام فما أصابت بدآء
حتى فارقت الدنيا.
١٢٥ ـ ين
: ابن أبي عمير ، عن ابن سنان ، عن أبي عبدالله عليهالسلام
قال : إن النبي (ص)
كان قوته الشعير من غير ادم.
١٢٦ ـ ين
: فضالة ، عن ابن عميرة ، عن ابن مسكان ، عن عمار بن حيان قال : قال أبوعبدالله عليهالسلام
: إن رسول الله (ص) أتته اخت له من الرضاعة ، فلما أن نظر إليها
سر بها وبسط ردائه لها فأجلسها عليه ، ثم أقبل
يحدثها ويضحك في وجهها ، ثم قامت
فذهبت ، ثم جآء أخوها فلم يصنع به ما صنع بها ،
فقيل : يا رسول الله صنعت باخته ما لم تصنع
____________________
به وهو رجل؟ فقال : لانها
كانت أبرا بأبيها منه.
١٢٧ ـ ين
: فضالة ، عن أبان ، عن عبدالله بن طلحة ، عن أبي عبدالله صلىاللهعليهوآله قال : استقبل
رسول الله (ص) رجل من بني فهد وهو يضرب عبدا له
، والعبد يقول : أعوذ بالله ، فلم يقلع
الرجل عنه ، فلما أبصر العبد برسول الله صلىاللهعليهوآله قال : أعوذ بمحمد
فأقلع عنه الضرب ، فقال : رسول الله (ص) : يتعوذ بالله فلا تعيذه؟ ويتعوذ بمحمد فتعيذه؟ والله أحق أن
يجار
عائذه من محمد ، فقال الرجل : هو حر لوجه الله
، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله
: والذي بعثني
بالحق نبيا لو لم تفعل لواقع وجهك حر النار.
١٢٨ ـ ين
: فضالة ، عن أبان بن عثمان ، عن سلمة بن أبي حفص ، عن أبي عبدالله ، عن أبيه عليهماالسلام
عن جابر قال : مر رسول الله صلىاللهعليهوآله
بالسوق وأقبل يريد العالية والناس
يكتنفه ، فمر بجدي أسك على مزبلة ملقى وهو ميت
، فأخذ باذنه ، فقال : أيكم
يحب أن يكون هذا له بدرهم؟ قالوا مانحب أنه لنا
بشئ ، وما نصنع به؟ قا
أفتحبون أنه لكم؟ قالوا : لا ، حتى قال ذلك ثلاث مرات ، فقالوا : والله لو كان حيا
كان
عيبا ، فكيف وهو ميت؟ فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : إن الدنيا على
الله أهون من هذا
عليكم.
بيان
: قال الجزري : فيه أنه مر بجدي أسك ، أي مصطلم الاذنين مقطوعهما ، قولهم : كان عيبا ، أي معيبا ، كذا فيما عندنا من النسخة ، وكذا وجدت في كتاب
رياض الصالحين للنووي رواه عن جابر ، ولعل فيه تصحيفا.
١٢٩ ـ ين
: النضر ، عن ابن سنان قال : سمعت أبا عبدالله عليهالسلام
يقول : دخل على
النبي صلىاللهعليهوآله
رجل وهو على حصير قد أثر في جسمه ، ووسادة ليف قد أثرت في خده ، فجعل يمسح ويقول : ما رضي بهذا كسرى ولا قيصر ، إنهم ينامون على الحرير والديباج ،
أنت على هذا الحصير؟ قال : فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله
: لانا خير منهما والله ، لانا أكرم منهما
____________________
وقال : رواه مسلم.
وقال : الاسك : صغير الاذن.
والله ، ما أنا والدنيا ، إنما مثل
الدنيا كمثل راكب مر على شجرة ولها فئ فاستظل
تحتها ، فلما أن مال الظل عنها ارتحل فذهب
وتركها.
١٣٠ ـ ين
: النضر ، عن عاصم ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر عليهالسلام
قال : قال
رسول الله صلىاللهعليهوآله
: جاءني ملك فقال : يا محمد ربك يقرئك السلام ويقول لك : إن شئت
جعلت لك بطحآء مكة رضراض ذهب ، قال : فرفع النبي صلىاللهعليهوآله رأسه إلى السمآء
فقال : يا رب أشبع يوما فأحمدك ، وأجوع يوما فأسألك.
١٣١ ـ ين
: بعض أصحابنا ، عن علي بن شجرة ، عن عمه بشير النبال ، عن أبي عبدالله
عليهالسلام
قال : قدم أعرابي النبي صلىاللهعليهوآله
فقال : يا رسول الله تسابقني بناقتك هذه ، فسابقه فسبقه الاعرابي ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله
إنكم رفعتموها فأحب الله أن يضعها
، إن الجبال تطاولت لسفينة نوح عليهالسلام
، وكان الجودي أشد تواضعا فحب الله
بها
الجودي.
١٣٢ ـ ين
: صفوان بن يحيى ، عن النضري
عن أبي عبدالله عليهالسلام
قال : كان
رسول الله صلىاللهعليهوآله
يتوب إلى الله في كل يوم سبعين مرة من غير ذنب ، كان يقول : أتوب
إلى الله.
١٣٣ ـ محص
: عن ابن أبي يعفور قال : سمعت أبا عبدالله عليهالسلام
يقول : إن رجلا من
____________________
الانصار أهدى إلى
رسول الله (ص) صاعا من رطب ، فقال رسول الله (ص) للخادم التي جاء
به : ادخلي فانظري هل تجدين في البيت قصعة أو طبقا فتأتبني به؟ فدخلت ثم خرجت إليه
فقالت : ما أصبت قصعة ولا طبقا ، فكنس رسول
الله صلىاللهعليهوآله
بثوبه مكانا من الارض ، ثم قال
لها : ضعيه هاهنا على الحضيض ، ثم قال : والذي
نفسي بيده لو كانت الدنيا تعدل عند الله
مثقال جناح بعوضة ما أعطى كافرا ولا منافقا
منها شيئا.
١٣٤ ـ نهج
: إلى أن بعث الله سبحانه محمدا صلىاللهعليهوآله لانجاز عدته ، وتمام نبوته ، مأخوذا على النبيين ميثاقه ، مشهورة سماته
، كريما ميلاده.
١٣٥ ـ نهج
: حتى بعث الله محمدا صلىاللهعليهوآله
شهيدا وبشيرا ونذيرا ، خير البرية
طفلا ، وأنجبها كهلا ، أطهر المطهرين شيمة ، وأجود
المستمطرين ديمة.
بيان
: الشيمة بالكسر : الخلق والطبيعة ، والاستمطار : طلب المطر ، وطلب العطآء
الكثير مجازا ، والديمة بالكسر : المطر الدائم
، فيمكن أن يقرء على بنآء المفعول ، أي أجود
من طلب منه العطآء الدائم الكثير ، أو على بنآء
الفاعل إشارة إلى استجابة دعائه في الاستسقآء
فيحتمل أن يكون أجود مأخوذا من الجود بمعنى
المطر الكثير والله يعلم.
١٣٦ ـ نهج
: ولقد كان في رسول الله صلىاللهعليهوآله
كاف لك في الاسوة
، ودليل لك
على ذم الدنيا وعيبها ، وكثرة مخازيها ومساويها
، إذ قبضت عنه أطرافها ، ووطئت لغيره
أكنافها ، وفطم من رضاعها ، وزوي عن زخارفها ـ وساقها
إلى قوله عليهالسلام
ـ : فتأس بنبيك
____________________
الاطهر الاطيب صلىاللهعليهوآله ، فإن فيه اسوة لمن
تأسى ، وعزآء لمن تعزى ، وأحب العباد
إلى الله تعالى المتأسي بنبيه صلىاللهعليهوآله ، والمقتص لاثره ، قضم
الدنيا قضما ، ولم يعرها طرفا ، أهضم أهل الدنيا كشحا ، وأخمصهم من الدنيا بطنا ، عرضت عليه الدنيا فأبى أن
يقبلها ، وعلم أن الله سبحانه أبغض شيئا فأبغضه
، وحقر شيئا فحقره ، وصغر شيئا فصغره ، ولو لم يكن فينا إلا حبنا ما أبغض الله
وتعظيمنا ما صغر الله لكفى به شقاقا لله ، ومحادة عن أمر الله
، ولقد كان رسول الله صلىاللهعليهوآله
يأكل على الارض ، ويجلس جلسة العبد
ويخصف بيده نعله ، ويرقع بيده ثوبه ، ويركب
الحمار العاري ، ويردف خلفه ، ويكون
الستر على باب بيته فتكون فيه التصاوير فيقول :
يا فلانة ـ لاحدى أزواجه ـ غيبيه
عني ، فإني إذا نظرت إليه ذكرت الدنيا وزخارفها
، فأعرض عن الدنيا بقلبه ، وأمات
ذكرها من نفسه ، وأحب أن تغيب زينتها عن عينه ،
لكيلا يتخذ منها رياشا ، ولا يعتقدها
قرارا ، ولا يرجوا فيها مقاما ، فأخرجها من
النفس ، وأشخصها عن القلب
، وغيبها عن
البصر ، وكذلك من أبغض شيئا أبغض أن ينظر إليه ، وأن يذكر عنده ، ولقد كان
في رسول الله صلىاللهعليهوآله
ما يدلك على مساوي الدنيا وعيوبها ، إذ جاع فيها مع خاصته ، وزويت
عنه زخارفها مع عظيم زلفته ، فلينظر ناظر بعقله
أكرم الله محمدا صلىاللهعليهوآله
بذلك أم أهانه؟ فإن
قال : أهانه فقد كذب والعظيم ، وإن قال : أكرمه فليعلم أن الله قد
أهان غيره حيث
بسط الدنيا له ، وزواها عن أقرب الناس منه ، فتأسى
متأس بنبيه ، واقتص أثره ، وولج
مولجه ، وإلا فلا يأمن الهلكة ، فإن الله جعل
محمدا (ص) علما للساعة ، ومبشرا بالجنة ومنذرا
بالعقوبة ، خرج من الدنيا خميصا ، وورد الآخرة
سليما ، لم يضع حجرا على حجر حتى
____________________
مضى لسبيله ، وأجاب
دعي ربه ، فما أعظم منة الله عندنا حين أنعم علينا به سلفا نتبعه ، وقائدا نطأ عقبه.
بيان
: المخازي : المقابح ، قوله عليهالسلام
: وطئت بالتشديد أي هيأت ، وبالتخفيف
من قولهم : وطأت لك المجلس ، أي جعلته سهلا
لينا ، قوله عليهالسلام
: زوي أي قبض ، قوله عليهالسلام
: قضم الدنيا ، في أكثر النسخ بالضاد المعجمة ، وهو أكل الشئ اليابس بأطراف
الاسنان ، أي تناول منها قدر الكفاف وما تدعو
إليه الضرورة ، والتنوين في قضما للتقليل ، وفي بعضها بالصاد المهملة بمعنى الكسر. قوله عليهالسلام
: ولم يعرها طرفا ، من الاعارة ، أي
لم يلتفت إليها نظر إعارة ، فكيف بأن يجعلها
مطمح نظره؟ ويقال : رجل أهضم : إذا كان
خميصا لقلة الاكل ، والكشح : الخاصرة ، قوله : جلسة
العبد ، قال ابن أبي الحديد : وهي
أن يضع قصبتي ساقيه على الارض ويعتمد عليها
بباطن فخذيه
، يقال لها بالفارسية : دوزانو ، والرياش إما جمع الريش ، أو مرادفه ، وهو
اللباس الفاخر ، ويطلق على المال
والخصب والمعاش. قوله عليهالسلام : خميصا ، أي جائعا.
١٣٧ ـ ع
: ابن الوليد ، عن محمد العطار ، عن الاشعري ، عن علي بن الريان ، عن عبيد الله بن عبدالله الواسطي ، عن واصل بن سليمان ، أو عن درست يرفعه إلى أبي
عبدالله
عليهالسلام
قال : قلت له : لم كان رسول الله صلىاللهعليهوآله
يحب الذراع أكثر من حبه لسائر
أعضآء الشاة؟ قال : فقال : لان آدم قرب قربانا
عن الانبيآء من ذريته فسمي لكل
نبي عضوا ، وسمي لرسول الله صلىاللهعليهوآله الذراع ، فمن ثم
كان يحب الذراع ويشتهيها ويحبها
ويفضلها.
١٣٨ ـ وفي حديث آخر : إن رسول الله صلىاللهعليهوآله
كان يحب الذراع لقربها من المرعى
وبعدها من المبال.
١٣٩ ـ ير
: إبراهيم بن هاشم ، عن جعفر بن محمد ، عن القداح ، عن أبي عبدالله
____________________
عليهالسلام
قال : كان رسول الله صلىاللهعليهوآله
يحب الذراع والكتف ، ويكره الورك لقربها من
المبال
١٤٠ ـ كا
: محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن فضال ، عن ابن بكير ، عن
زرارة ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال : كان رسول
الله صلىاللهعليهوآله
يعجبه الذراع.
١٤١ ـ ما
: جماعة ، عن أبي المفضل ، عن إبراهيم بن حفص بن عمر العسكري
بالمصيصة
من أصل كتابه ، عن عبدالله بن الهيثم الانماطي ، عن الحسين بن
علوان الكلبي ، عن عمرو بن خالد الواسطي ، عن
محمد ، وزيد ابني علي ، عن أبيهما
عليهالسلام
عن أبيه الحسين عليهالسلام
قال : كان رسول الله (ص) يرفع يديه إذا ابتهل ودعا
كما يستطعم المسكين.
١٤٢ ـ ما
: جماعة ، عن أبي المفضل ، عن أحمد بن عبدالرحيم بن سعد ، عن إسماعيل
ابن محمد العلوي ، عن أبيه ، عن جده إسحاق بن
جعفر ، عن أخيه ، عن آبائه ، عن علي عليهمالسلام
قال : سمعت النبي صلىاللهعليهوآله
يقول : بعثت بمكارم الاخل
ومحاسنها.
١٤٣ ـ ما
: جماعة ، عن أبي المفضل ، عن جعفر بن محمد بن جعفر العلوي ، عن أحمد
ابن عبدالمنعم الصيداوي ، عن حسين بن شداد الجعفي ، عن أبيه
شداد بن رشيد ، عن عمرو بن عبدالله بن هند
، عن أبي جعفر عليهالسلام
قال : قال علي بن الحسين عليهالسلام
:
____________________
إن جدي رسول الله (ص)
قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، فلم يدع الاجتهاد
له وتعبد بأبي هو وامي حتى انتفخ الساق
، وورم القدم ، وقيل له : أتفعل هذا وقد
غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال : أفلا
أكون عبدا شكورا. الخبر.
١٤٤ ـ ما
: جماعة ، عن أبي المفضل ، عن غياث بن مصعب الخجندي ، عن محمد
ابن حماد الشاشي ، عن حاتم الاصم ، عن شقيق البلخي ، عمن أخبره من أهل العلم
قال : قيل للنبي صلىاللهعليهوآله
: كيف أصبحت؟ قال : بخير من رجل لم يصبح صائما ، ولم يعد
مريضا ، ولم يشهد جنازة.
١٤٥ ـ ما
: جماعة ، عن أبي المفضل ، عن إسماعيل بن موسى البجلي. عن عبدالله
ابن عمر بن أبان ، عن معاوية بن هشام ، عن
سفيان الثوري ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن
عطا ، عن ابن عباس قال : قيل للنبي (ص) : كيف
أصبحت؟ قال : بخير من قوم لم يشهدوا
جنازة ، ولم يعودوا مريضا.
بيان
: الظاهر أن ( من ) في الخبر السابق في قوله : ( من رجل ) بيانية ، وهو
تميز عن الضمير في أصبحت كقولهم : لله درك من
فارس ، وعز من قائل ، ويالك من ليل ، وفي الثاني يحتمل ذلك بأن يكون أصبحت في قوة أصبحنا ، وأن تكون تبعيضية ، ويكون
حالا عن الضمير ، أي حالكوني من قوم هم كذلك.
١٤٦ ـ ما
: الحسين بن إبراهيم القزويني ، عن محمد بن وهبان ، عن أحمد بن إبراهيم
ابن أحمد ، عن الحسن بن علي الزعفراني ، عن
البرقي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن
هشام بن سالم ، عن أبي اسامة ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : قلت له : بلغنا
أن رسول الله
____________________
صلىاللهعليهوآله
لم يشبع من خبز بر ثلاثة أيام قط ، قال : فقال أبوعبدالله عليهالسلام : ما أكله قط ، قلت : فأي شئ كان يأكل؟ قال : كان
طعام رسول الله صلىاللهعليهوآله
الشعير إذا
وجده ، وحلواه التمر ، ووقوده السعف .
١٤٧ ـ ما
: أحمد بن عبدون ، عن علي بن محمد بن الزبير ، عن علي بن فضال ، عن العباس بن عامر ، عن أحمد بن رزق ، عن الفضيل قال : سمعت أبا جعفر عليهالسلام يقول : خرج رسول الله صلىاللهعليهوآله
يريد حاجة فإذا
بالفضل بن العباس ، قال : فقال : احملوا هذا
الغلام خلفى ، قال : فاعتنق رسول الله صلىاللهعليهوآله بيده من خلفه على
الغلام ، ثم قال : يا غلام
خف الله تجده أمامك ، يا غلام خف الله يكفك ما
سواه إلى آخر ما
سيأتي في باب
مواعطه صلىاللهعليهوآله.
١٤٨ ـ كا
: محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن أبي جميلة ، عن محمد الحلبي وزرارة ومحمد بن مسلم ، عن أبي جعفر وأبي عبدالله عليهالسلام في قول الله
عزوجل : « واذكر ربك إذا نسيت » قال : إذا حلف الرجل فنسي أن يستثني
، فليستثن إذا ذكر.
١٤٩ ـ كا
: محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد وعلي بن إبراهيم ، عن أبيه جميعا ، عن
ابن محبوب ، عن أبي جعفر الاحوال ، عن سلام بن
المستنير ، عن أبي جعفر عليهالسلام
في قول الله
عزوجل : « ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم نجد له
عزما
» قال : فقال : إن الله
عزوجل لما قال لآدم : ادخل الجنة ، قال له : يا
آدم لا تقرب هذه الشجرة ، قال : وأراه
____________________
إياها ، فقال آدم
لربه : كيف أقربها ولقد نهيتني عنها أنا وزوجتي ، قال : فقال لهم
لا تقرباها ، يعني لا تأكلا منها ، فقال آدم وزوجته : نعم يا ربنا لا نقربها ولا
نأكل منها ، ولم يستثنيا في قولهما : نعم ، فوكلهما الله في ذلك إلى أنفسهما وإلى ذكرهما ، قال
: وقد
قال الله عزوجل لنبيه صلىاللهعليهوآله في الكتاب : « ولا
تقولن لشئ إني فاعل ذلك غدا إلا أن
يشاء الله
» أن لا أفعله ، فتسبق مشية الله في أن لا أفعله ، فلا أقدر على أن أفعله ، قال : فلذلك قال الله عزوجل « واذكر ربك إذا نسيت » أي استثن مشية الله في فعلك.
١٥٠ ـ كا
: العدة ، عن البرقي ، عن أبيه ، عن أبي البختري ، عن أبي عبدالله عليهالسلام
إن رسول الله كان يتطيب بالمسك حتى يرى وبيصه
في مفارقه.
بيان : الوبيص : البريق.
١٥١ ـ كا
: محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن
ابن محبوب ، عن عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله عليهالسلام
قال : كانت لرسوله الله (ص) ممسكة إذا هو توضأ أخذها بيده وهي
رطبة ، فكان إذا خرج عرفوا أنه رسول الله صلىاللهعليهوآله برائحته.
١٥٢ ـ كا
: العدة ، عن البرقي ، عن نوح بن شعيب ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي
الحسن عليهالسلام
قال : كان يرى وبيص المسك في مفرق رسول الله صلىاللهعليهوآله.
١٥٣ ـ كا
: محمد بن يحيى ، عن غير واحد ، عن الخشاب ، عن غياث بن كلوب ، عن إسحاق بن عمار ، عن أبي عبدالله عليهالسلام
إن رسول الله (ص) كان إذا اشتكى رأسه
استعط بدهن الجلحلان وهو السمسم.
١٥٤ ـ كا
: العدة ، عن البرقي ، عن بعض أصحابه ، عن
ابن اخت الاوازعي ، عن
____________________
مسعدة بن اليسع ، عن
قيس الباهلي
إن النبي صلىاللهعليهوآله
يحب أن يستعط بدهن
السمسم.
١٥٥ ـ كا
: العدة ، عن سهل ، عن النوفلي ، عن
عيسىبن
عبدالله بن محمد بن
عمر بن علي ، عن أبيه ، عن جده قال : كانت من
أيمان رسول الله صلىاللهعليهوآله
لا واستغفر الله.
١٥٦ ـ كا
: علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن أبي أيوب الخزاز ، عن محمد بن
مسلم قال : إن العقرب لدغت رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فقال : لعنك الله
، فما تبالين مؤمنا أذيت
أم كافرا ، ثم دعا بالملح فدلكه فهدأت ، ثم قال
أبوجعفر عليهالسلام
: لو يعلم الناس ما في الملح
ما بغوا معه درياقا.
١٥٧ ـ كا
: العدة ، عن البرقي ، عن أبيه وعمرو بن إبراهيم جميعا ، عن خلف بن
حماد ، عن يعقوب بن شعيب ، عن أبي عبدالله (ع) قال
: لدغت رسول الله (ص) عقرب فنفضها
وقال : لعنك الله فما يسلم منك مؤمن ولا كافر ،
ثم دعا بملح فوضعه على موضع اللدغة
ثم عصره بإبهامه حتى ذاب : ثم قال : لو يعلم
الناس ما في الملح ما احتاجوا معه إلى
ترياق.
١٥٨ ـ كا
: علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابنا ، عن
أبي عبدالله عليهالسلام
قال : وطئ رسول الله صلىاللهعليهوآله
الرمضاء
فأحرقته ، فوطئ على الرجلة
وهي البقلة الحمقاء فسكن عنه حر الرمضآء ، فدعا لها وكان
يحبها ويقول : من بقلة
ما أبركها.
____________________
١٥٩ ـ كا
: علي ، عن أبيه ، ومحمد بن إسماعيل ، عن الفضل جميعا ، عن ابن أبي عمير ، وصفوان ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبدالله (ع) قال : إن النبي صلىاللهعليهوآله مد يده إلى
الحجر فلسعته عقرب ، فقال : لعنك الله ، لا برا
تدعين ولا فاجرا.
١٦٠ ـ فس
: أبي ، عن أحمد بن النضر ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفر
عليهالسلام
قال : كان بينا رسول الله (ص) جالسا وعنده جبرئيل إذ حانت من جبرئيل نظرة قبل
السماء فانتقع لونه حتى صار كأنه كركم ، ثم لاذ
برسول الله (ص) فنظر رسول الله (ص)
حيث نظر جبرئيل عليهالسلام
فإذا شئ قد ملا بين الخافقين مقبلا ، حتى كان كقاب الارض ،
فقال : يا محمد إني رسول الله إليك ، اخيرك
أن تكون ملكا رسولا أحب إليك ، أو تكون عبدا
رسولا؟ فالتفت رسول الله صلىاللهعليهوآله إلى جبرئيل وقد رجع
إليه لونه ، فقال جبرئيل : بل كن
عبدا رسولا ، فقال رسول الله (ص) : بل أكون
عبدا رسولا ، فرفع الملك رجله اليمنى فوضعها
في كبد السمآء الدنيا ، ثم رفع الاخرى فوضعها
في الثانية ، ثم رفع اليمنى فوضعها في
الثالثة ، ثم هكذا حتى انتهى إلى السمآء
السابعة ، كل سمآء خطوة
، وكلما ارتفع
صغر حتى صار آخر ذلك مثل الصر ، فالتفت رسول الله صلىاللهعليهوآله إلى جبرئيل فقال : لقد
رأيت منك ذعرا ، وما رأيت شيئا كان أذعر لي من تغير
لونك ، فقال : يا نبي الله لا تلمني ، أتدري من هذا؟ قال : لا ، قال : هذا إسرافيل حاجب الرب ، ولم ينزل من مكانه منذ
خلق الله السماوات والارض ، فلما رأيته منحطا
ظننت أنه جآء بقيام الساعة ، فكان الذي
رأيت من تغير لوني لذلك ، فلما رأيت ما اصطفاك
الله به رجع إلي لوني ونفسي ، أما
رأيته كلما ارتفع صغر ، إنه ليس شئ يدنو من
الرب إلا صغر لعظمته ، إن هذا حاجب
____________________
الرب وأقرب خلق الله
منه ، واللوح بين عينيه من ياقوتة حمرآء ، فإذا تكلم الرب تبارك
وتعالى بالوحي ضرب اللوح جبينه فنظر فيه ، ثم
ألقى إلينا نسعى
به في السماوات و
الارض ، إنه لادنى خلق الرحمن منه ، وبينه
وبينه تسعون
حجابا من نور يقطع دونها
الابصار ، ما يعد ولا يوصف ، وإني لاقرب الخلق
منه ، وبيني وبينه مسيرة ألف عام.
بيان
: يقال : انتقع لونه على بنآء المجهول :
إذا تغير من خوف أو ألم ، والكركم
بالضم : الزعفران. قوله : من الرب ، أي من موضع ظهور
عظمته وجلاله وصدور أمره
ونهيه ووحيه.
١٦٠ ـ نوادر
الراوندي : بإسناده عن موسى بن جعفر ، عن آبائه عليهمالسلام
قال : قال علي عليهالسلام
: بينا رسول الله (ص) يتوضأ إذ لاذ به هر البيت ، وعرف رسول الله
صلىاللهعليهوآله
أنه عطشان ، فأصغى
إليه الانآء حتى شرب منه الهر ، وتوضأ
بفضله.
١٦١ ـ وبهذا الاسناد قال : كان رسول الله صلىاللهعليهوآله إذا أكل عند القوم
قال : أفطر
عندكم الصائمون ، وأكل طعامكم الابرار ، وصلت
عليكم الملائكة الاخيار.
١٦٢ ـ أسرار
الصلاة : قال أبوذر رضياللهعنه : قام رسول الله صلىاللهعليهوآله ليلة يردد
قوله تعالى : « إن تعذبهم فإنهم عبادك ، وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز
الحكيم » .
____________________
ولما قال رسول الله (ص) لابن مسعود : اقرء
على ، قال : ففتحت سورة النساء فلما بلغت
« فكيف إذا جئنا من كل امة بشهيد وجئنا بك على
هؤلاء شهيدا
» رأيت عيناه تذرفان
من الدمع ، فقال لي : حسبك الآن.
(باب ١٠)
*(نادر فيه ذكر مزاحه وضحكه صلىاللهعليهوآله)*
*(وهو من الباب الاول)*
١ ـ قب
: كان صلىاللهعليهوآله
يمزح ولا يقول : إلا حقا ، قال أنس : مات نغير لابي عمير
وهو ابن لام سليم ، فجعل النبي صلىاللهعليهوآله يقول : يابا عمير
ما فعل النغير؟.
وكان حادي بعض نسوته خادمه أنجشة فقال
له : يا أنجشة ارفق بالقوارير. وفي
رواية : لا تكسر القوارير.
وكان له عبد أسود في سفر ، فكان كل من
أعيا ألقى عليه بعض متاعه حتى حمل
شيئا كثيرا ، فمر به النبي صلىاللهعليهوآله فقال : أنت سفينة
فأعتقه.
وقال رجل : احملني يا رسول الله ، فقال
: إنا حاملوك على ولد ناقة ، فقال : ما أصنع
بولد ناقة؟ قال صلىاللهعليهوآله
: وهل يلد الابل إلا النوق.
واستدبر رجلا من ورائه وأخذ بعضده ، وقال
: من يشتري هذا العبد؟ يعني أنه
عبدالله.
وقال صلىاللهعليهوآله
لاحد : لا تنس ياذا الاذنين.
زيد بن أسلم إنه قال لامرأة وذكرت زوجها
: أهذا الذي في عينيه بياض؟ فقالت
لا ، ما بعينيه بياض ، وحكت لزوجها فقال : أما
ترين بياض عيني أكثر من سوادها؟
ورأى صلىاللهعليهوآله
جملا عليه حنطة ، فقال : تمشي الهريسة.
____________________
ورأي بلالا وقد خرج بطنه ، فقال صلىاللهعليهوآله : ام حبين ، وام
حبين : ضرب من
الغطاية ويقال : إنها الحربآء.
وقال صلىاللهعليهوآله
للحسين : حزقة
حزقة ترق عين بقة.
ابن عباس إنه صلىاللهعليهوآله كسى بعض نسآئه ثوبا
واسعا ، فقال لها : البسيه واحمدي
الله ، وجرى منه ذيلا كذيل العروس.
وقالت عجوز من الانصار للنبي صلىاللهعليهوآله ، ادع لي بالجنة ، فقال
صلىاللهعليهوآله
: إن الجنة
لا يدخلها العجز ، فبكت المرأة فضحك النبي صلىاللهعليهوآله وقال أما سمعت قول
الله تعالى : « إنا
أنشأناهن إنشاء * فجعلناهن أبكارا ».
وقال للعجوز الاشجعية : يا أشجعية لا
تدخل العجوز الجنة ، فرآها بلال باكية ، فوصفها للنبي صلىاللهعليهوآله
فقال : والاسود كذلك ، فجلسا يبكيان ، فرآهما العباس فذكرهما
له ، فقال : والشيخ كذلك ، ثم دعاهم وطيب
قلوبهم ، وقال : ينشئهم الله كأحسن ما كانوا ، وذكر أنهم يدخلون الجنة شبانا منورين ، وقال : إن أهل الجنة جردمرد مكحلون.
وقال صلىاللهعليهوآله
لرجل : ـ حين قال : أنت نبي الله حقا نعلمه ، ودينك الاسلام دينا
نعظمه نبغي مع الاسلام شيئا نقضمه ، ونحن حول
هذا ندندن ـ يا علي اقض حاجته ، فأشبعه علي عليهالسلام
وأعطاه ناقة وجلة تمر.
وجآء أعرابي فقال : يا رسول الله بلغنا
أن المسيح يعني الدجال يأتي الناس بالثريد
وقد هلكوا جميعا جوعا ، أفترى بأبي أنت وامي أن
أكف من ثريده تعففا وتزهدا؟
فضحك رسول الله صلىاللهعليهوآله ثم قال : بل يغنيك
الله بما يغني به المؤمنين.
وقبل جد خالد القسري امرأة فشكت إلى
النبي صلىاللهعليهوآله
فأرسل إليه فاعترف ، وقال : إن شاءت أن تقتص فلتقتص ، فتبسم رسول الله صلىاللهعليهوآله
وأصحابه ، وقال : أو لا تعود؟
____________________
فقال : لا والله يا
رسول الله ، فتجاوز عنه.
ورأي صلىاللهعليهوآله
صهيبا يأكل تمرا ، فقال صلىاللهعليهوآله
: أتأكل التمر وعينك رمدة؟ فقال :
يا رسول الله إني أمضغه من هذا الجانب ،
وتشتكي عيني من هذا الجانب.
ونهى صلىاللهعليهوآله
أبا هريرة عن مزاح العرب ، فسرق نعل النبي صلىاللهعليهوآله
ورهن بالتمر و
جلس بحذائه صلىاللهعليهوآله
يأكل ، فقال صلىاللهعليهوآله
: يا أبا هريرة ما تأكل؟ فقال : نعل رسول الله
صلىاللهعليهوآله.
وقال سويبط المهاجري لنعيمان البدري : أطعمني
، وكان على الزاد في سفر ، فقال : حتى تجئ الاصحاب ، فمروا بقوم فقال لهم سويبط : تشترون مني عبدا لي؟
قالوا : نعم ، قال : إنه عبد له كلام
وهو قائل لكم : إني حر ، فإن سمعتم مقاله تفسدوا
علي عبدي ، فاشتروه بعشرة قلائص ، ثم جاؤا
فوضعوا في عنقه حبلا ، فقال نعيمان : هذا ، يستهزئ بكم وإني حر ، فقالوا : قد عرفنا خبرك ، وانطلقوا به حتى أدركهم القوم و
خلصوه ، فضحك النبي صلىاللهعليهوآله من ذلك حينا.
وكان نعيمان هذا أيضا مزاحا ، فسمع
محرمة بن نوفل وقد كف بصره يقول : ألا
رجل يقودني حتى أبول؟ فأخذ نعيمان بيده ، فلما
بلغ مؤخر المسجد قال : هاهنا فبل ، فبال فصيح به ، فقال : من قادني؟ قيل : نعيمان ، قال : الله علي أن أضربه بعصاي
هذه ، فبلغ نعيمان فقال : هل لك في نعيمان؟ قال
: نعم ، قال : قم ، فقام معه فأتى به
عثمان وهو يصلي ، فقال : دونك الرجل ، فجمع
يديه بالعصا ثم ضربه ، فقال الناس : أمير المؤمنين ، فقال : من قادني؟ قالوا : نعيمان
، قال : لا أدعود إلى نعيمان أبد
ورأى نعيمان مع أعرابي عكة عسل ، فاشتراها منه ، وجاء بها إلى بيت عايشة في
يومها ، وقال : خذوها ، فتوهم النبي صلىاللهعليهوآله أنه أهداها له ، ومر
نعيمان والاعرابي على
الباب ، فلما طال قعوده قال : يا هؤلاء ردوها
علي إن لم تحضر قيمتها ، فعلم رسول الله
صلىاللهعليهوآله
القصة فوزن له الثمن ، وقال لنعيمان : ما حملك على ما فعلت؟ فقال : رأيت رسول الله (ص) يحب العسل ، ورأيت الاعرابي
معه العكة ، فضحك رسول الله (ص)
____________________
ولم يظهر له نكرا.
بيان
: قال الجزري : فيه إنه قال لابي عمير أخي أنس : يابا عمير ما فعل النغير؟
هو تصغير النغر وهو طائر يشبه العصفور أحمر
المنقار.
وقال : في حديث أنجشه ، في رواية البراء
ابن مالك : رويدك رفقا بالقوارير ، أراد
النساء ، شبههن بالقوارير من الزجاج ، لانه
يسرع إليها الكسر ، وكان أنجشة يحدو و
ينشد القرائض والرجز فلم يأمن أن يصيبهن ، أو
يقع في قلوبهن حداؤه ، فأمره بالكف
عن ذلك. وفي المثل : الغناء رقية الزنا ، وقيل
: إن الابل إذا سمعت الحداء أسرعت في
المشي واشتدت ، فأزعجت الراكب وأتعبته ، فنهاه
عن ذلك لان النسآء يضعفن عن شدة
الحركة ، وقال : ام حبين هي دويبة كالحرباء
عظيمة البطن ، إذا مشت تطأطئ رأسها
كثيرا ، وترفعه لعظم بطنها ، فهي تقع على رأسها
وتقوم ، ومنه الحديث إنه رأى بلالا وقد
خرج بطنه ، فقال : ام حبين ، تشبيها له بها ، وهذا
من مزحه صلىاللهعليهوآله.
وقال : فيه إنه صلىاللهعليهوآله
كان يرقص الحسن والحسين عليهماالسلام
ويقول : حزقة حزقة
ترق عين بقة ، فترقى الغلام حتى وضع قديمه على
صدره ، الحزقة : الضعيف المقارب
الخطو من ضعفه ، وقيل : القصير العظيم البطن ، فذكرها
له على سبيل المداعبة والتأنيس له ، وترق بمعنى اصعد ، وعين بقة كناية عن صغر العين ، وحزقة مرفوع على خبر مبتداء
محذوف ، تقديره أنت حزقة ، وحزقة الثاني كذلك ،
أو أنه خبر مكرر ، ومن لم ينون
حزقة فحذف حرف النداء وهي في الشذوذ ، كقولهم :
أطرق كري
، لان حرف
النداء إنما يحذف من العلم المضموم والمضاف
انتهى.
والعجز بضمتين جمع العجوزة ، والجرد جمع
الاجرد وهو الذي لا شعر عليه ، والمرد
جمع الامرد ، والقضم : الاكل بأطراف الاسنان.
قال الجزري : فيه أنه سأل رجلا ما تدعو
في صلاتك؟ فقال : أدعو بكذا وكذا ، وأسأل ربي الجنة ، وأتعوذ به من النار ، وأما دندنتك ودندنة معاذ فلا نحسنها ،
____________________
فقال صلىاللهعليهوآله : حولهما ندندن ، الدندنة
: أن يتكلم الرجل بالكلام تسمع نغمته ولا يفهم ، والضمير في حولهما للجنة والنار ، أي حولهما ندندن وفي طلبهما انتهى.
والعكة بالضم : وعاء من جلود مستدير
يجعل فيه العسل والسمن.
٢ ـ مكا
: روي أن رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول : إني لامزح
ولا أقول : إلا حق
وعن ابن عباس : إن رجلا سأله أكان النبي صلىاللهعليهوآله
يمزح؟ فقال. كان النبي صلىاللهعليهوآله
يمزح.
وعن حسن بن علي عليهماالسلام
قال : سألت خالي هندا عن صفة رسول الله (ص) ، فقال : إذا كان غضب أعرض وأشاح ، وإذا فرح غض طرفه ، جل ضحكه التبسم ، يفتر
عن مثل حبة الغمام.
عن أنس بن مالك قال : رأيت رسول الله صلىاللهعليهوآله تبسم حتى بدت نواجد
عن أبي الدرداء قال : كان رسول الله صلىاللهعليهوآله
إذا حدث بحديث تبسم في حديثه.
عن يونس الشيباني قال : قال لي
أبوعبدالله عليهالسلام
: كيف مداعبة بعضكم بعضا؟
قلت : قليلا ، قال : فلا تفعلوا ، فإن المداعبة من حسن الخلق ، وإنك
لتدخل بها
السرور على أخيك ، ولقد كان النبي صلىاللهعليهوآله يداعب الرجل يريد
به أن يسره.
٣ ـ نوادر
الراوندي : بإسناده عن جعفر بن محمد ، عن آبائه عليهمالسلام قال : قال
علي عليهالسلام
: بصر رسول الله (ص) امرأة عجوا درداء
، فقال : أما إنه لا يدخل الجنة
عجوز درداء ، فبكت ، فقال (ص) لها : ما يبكيك؟
فقالت : يا رسول الله إني درداء ، فضحك
رسول الله صلىاللهعليهوآله
وقال : لا تدخلين الجنة على حالك.
____________________
٤ ـ وبهذا الاسناد قال : قال علي عليهالسلام : نظر رسول الله صلىاللهعليهوآله إلى امرأة رمصاء
العينين
، فقال أما إنه لا تدخل الجنة رمصاء العينين ، فكبت وقالت : يا رسول الله وإني
لفي النار؟ فقال : لا ، ولكن لا تدخلين الجنة
على مثل صورتك هذه ، ثم قال رسول الله
صلىاللهعليهوآله
: لا يدخل الجنة أعور ولا أعمى على هذا المعنى.
أقول : سيأتي عدد حججه وعمره صلىاللهعليهوآله في باب حجة الوداع.
(باب ١١)
*(فضائله وخصائصه صلىاللهعليهوآله
وما امتن الله به على عباده)*
الايات
: البقرة « ٢ » : إنا أرسلناك بالحق بشيرا ونذيرا ولا تسأل عن
أصحاب الجحيم
١١٩.
آل
عمران « ٣ » : إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا
النبي والذين آمنوا
والله ولي المؤمنين ٦٨.
الاعراف
« ٧ » : فآمنوا
بالله ورسوله النبي الامي الذي يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم
تهتدون ١٥٨.
وقال تعالى : قل لا أملك لنفسي نفعا
ولا ضرا إلا ما شاء الله ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت
من الخير وما مسني السوء إن أنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون
١٨٨.
الانفال
« ٨ » : واذكروا إذ أنتم قليل مستضعفون في الارض تخافون
أن يتخطفكم الناس
فآواكم وأيدكم بنصره ورزقكم من الطيبات لعلكم تشكرون
٢٦.
وقال تعالى : وما كان الله ليعذبهم
وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون ٣٣.
التوبة
« ٩ » : والذين
يؤذون رسول الله لهم عذاب أليم.
إلى قوله : والله وسوله أحق أن يرضوه إن كانوا مؤمنين *
ألم يعلموا أنه من
____________________
يحادد
الله ورسوله فإن له نار جهنم خالدا فيها ذلك الخزي العظيم
٦١ ـ ٦٣.
وقال تعالى : لقد جاءكم رسول من
أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين
رؤف رحيم * فإن تولوا فقل حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم
١٢٨ و ١٢٩.
هود
« ١١ » : أفمن كان
على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه ومن قبله كتاب موسى إماما
ورحمة اولئك يؤمنون به ومن يكفر به من الاحزاب فالنار موعده فلا تك في مرية منه إنه
الحق من ربك ولكن أكثر الناس لا يؤمنون
١٧.
الحجر
« ١٥ » : لعمرك إنهم
لفي سكرتهم يعمهون ٧٢.
الاسرى
« ١٧ » : وما منعنا
أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الاولون.
إلى قوله تعالى : وما نرسل بالآيات إلا
تخويفا ٥٩.
وقال تعالى : ومن الليل فتهجد به
نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا *
وقل
رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا *
وقل
جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا
٧٩ ـ ٨١.
وقال تعالى : وما أرسلناك إلا مبشرا
ونذيرا ١٠٥.
الانبياء
« ٢١ » : وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين
١٠٧.
الاحزاب
« ٣٣ » : النبي أولي
بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه امهاتهم واولوا الارحام
بعضهم أولى ببعض في كتاب الله
٦.
وقال تعالى : ما كان محمد أبا أحد
من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين وكان الله بكل
شئ عليما ٤٠.
وقال تعالى : يا أيها النبي إنا
أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا * وداعيا إلى الله بإذنه
وسراجا منيرا ٤٥ و ٤٦.
سبا
« ٣٤ » : وما
أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا ولكن أكثر الناس لا يعلمون
٢٨.
الفتح
« ٤٨ » : هو الذي
أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله
وكفى
بالله شهيدا * محمد رسول الله
٢٨ و ٢٩.
النجم
« ٥٣ » : والنجم إذا
هوى * ما ضل صاحبكم وما غوى * وما ينطق عن الهوى *
إن هو إلا
وحي يوحى * علمه شديد القوى * ذو مرة فاستوى
١ ـ ٦.
الحشر
« ٥٩ » : وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا
واتقوا الله إن الله شديد
العقاب ٧.
الجمعة
« ٦٢ » : هو الذي
بعث في الاميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمه
الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين * وآخرين منهم لما يلحقوا بهم وهو
العزيز الحكيم * ذلك فضل الله يؤتيه من يشآء والله ذو الفضل العظيم
٢ ـ ٤.
الطلاق
« ٦٥ » : الذين
آمنوا قد أنزل الله إليكم ذكرا * رسولا يتلو عليكم آيات الله
مبينات ليخرج الذين آمنوا وعملوا الصالحات من الظلمات إلى النور
١٠ ـ ١١.
الكوثر
« ١٠٨ » : إنا
أعطيناك الكوثر * فصل لربك وانحر * إن شانئك هو الابتر
١ ـ ٣.
تفسير
: « ولا تسأل عن أصحاب الجحيم » فيه
تسلية للرسول بأنه ليس عليه
إجبارهم على القبول ، وليس عليه إلا البلاغ ، وإنه
لا يؤاخذ بذنبهم « إن أولى الناس
بإبراهيم » أي أخصهم به ، وأقربهم منه ، أو
أحقهم بنصرته بالحجة أو بالمعونة « للذين
اتبعوه » من امته « وهذا النبي والذين آمنوا » لموافقتهم
له في أكثر ما شرع لهم على
الاصالة ، أو يتولون نصرته بالحجة لما كان عليه
من الحق « والله ولي المؤمنين » ينصرهم و
يجازيهم الحسنى لايمانهم « وكلماته » أي ما
أنزل عليه وعلى سائر الرسل من كتبه و
وحيه ، وسيأتي في الاخبار أن الائمة عليهمالسلام كلمات الله « قل لا أملك لنفسي نفعا
ولا ضرا » أي جلب نفع ولا دفع ضرر ، وهو إظهار
للعبودية ، والتبري من ادعاء العلم
____________________
بالغيوب من قبل نفسه
« إلا ما شاء الله » من ذلك فيلهمني إياه ويوفقني له « ولو كنت
أعلم الغيب » أي لو كنت أعلمه لخالفت حالي ما
هي عليه من استكثار المنافع واجتناب
المضار حتي لا يمسني سوء ، ويحتمل أن يكون
المعنى لو كنت أعلم الغيب من قبل نفسي
يغير وحي من الله لكنت أستعمله في جلب المنافع
ودفع المضار ، ولكني لماكنت أعلمه
بالوحي لا جرم أني راض بقضائه تعالى ، ولا أسعى
في دفع ما أعلم وقوعه علي من المصائب
بقضائه تعالى ، فلا ينافي ما سيأتي أنهم (ع) كانوا
يعلمون ما كان وما يكون إلى يوم القيامة ، كذا خطر بالبال والله يعلم حقيقة الحال. « واذكروا » الخطاب للمهاجرين أو للعرب
« إذا أنتم قليل مستضعفون » في أرض مكة تستضعفكم
قريش أو العرب ، كانوا أذلاء في أيدي
الروم « تخافون أن يتخطفكم الناس » التخطف : الاخذ
بسرعة ، والناس : كفار قريش
أو من عداهم ، فإنهم كانوا جميعا معادين مضادين
لهم « فآواكم إلى المدينة ، أو جعل لكم
مأوى يتحصنون به عن أعاديكم » وأيدكم بنصره « على
الكفار ، أو بمظاهرة الانصار ، أو بإمداد الملائكة يوم بدر » ورزقكم من الطيبات « يعني الغنائم أحلها لكم ، ولم
يحلها لاحد قبلكم ، أو الاعم مما أعطاهم من
الاطعمة اللذيدة » لعلكم تشكرون « هذه
النعم » وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم « أي
ما كان الله يعذب أهل مكة بعذاب الاستيصال
وأنت مقيم بين أظهرهم لفضلك ، ويحتمل الاعم ، كما
سيأتي في الاخبار أنه صلىاللهعليهوآله
و
أهل بيته عليهمالسلام
أمان لاهل الارض من عذاب الاستيصال » وما كان الله معذبهم وهم
يستغفرون « المراد باستغفارهم إما استغفار من
بقي فيهم من المؤمنين لم يهاجروا ، فلما
خرجوا أذن الله في فتح مكة ، أو الاعم بالنسبة
إلى جميع أهل البلاد والازمان « من يحادد
الله » المحادة : المشاقة والمخالفة.
« لقد جاءكم رسول من أنفسكم » قال الطبرسي رحمهالله : القراءة المشهورة
« من
أنفسكم » بضم الفاء ، وقرأ ابن عباس وابن علية
وابن محيصن والزهري « من أنفسكم
بفتح الفآء ، وقيل : إنها قراءة فاطمة عليهالسلام
، أي من أشرافكم ومن خياركم ، وعلى
____________________
المشهور أي من جنسكم
، قيل : ليس في العرب قبيلة إلا وقد ولدت النبي صلىاللهعليهوآله
وله فيهم
نسب ، وقيل : معناه أنه من نكاح لم يصبه شئ من
ولادة الجاهلية عن الصادق عليهالسلام
« عزيز
عليه ما عنتم » أي شديد عليه عنتكم وما يلحقكم
من الضرر بترك الايمان « حريص عليكم » أي على من لم يؤمن « بالمؤمنين رؤف رحيم » الرأفة
: شدة الرحمة. قال الطبرسي
رؤوف بالمطيعين ، رحيم بالمذنبين ، أو رؤوف
بأقربائه ، رحيم بأوليائه ، أو رؤوف بمن
رآه ، رحيم بمن لم يره ، وقال بعض السلف : لم
يجمع الله لاحد من الانبياء بين اسمين
من أسمائه إلا النبي صلىاللهعليهوآله ، فإنه قال : « بالمؤمنين
رؤوف رحيم » وقال : « إن الله
بالناس لرؤف رحيم ».
« فإن تولوا » عنك وأعرضوا عن قبول قولك والاقرار بنبوتك « فقل
حسبي الله » أي الله كافي.
قوله تعالى : « أفمن كان على بينة من
ربه » المراد به النبي صلىاللهعليهوآله ، والبينة
القرآن ، أو الاعم منه ومن المعجزات والبراهين
، أو المؤمنون ، والبينة : الحجة « ويتلوه
شاهد منه » أي ويتبعه من يشهد بصحته منه ، فقيل
: هو جبرئيل يتلو القرآن على
النبي صلىاللهعليهوآله
، وسيأتي الاخبار المستفيضة بأنه أمير المؤمنين عليهالسلام
، وذهب إليه كثير من
مفسري الخاصة والعامة ، وقيل : هو ملك يسدده
ويحفظه ، وقيل : هو القرآن على
الاحتمال الاخير « ومن قبله « أي قبل القرآن أو
محمد صلىاللهعليهوآله
» كتاب موسى « يشهد له
« إماما » يؤتم به في امور الدين « ورحمة » أي
نعمة من الله على عباده « اولئك يؤمنون به » أي النبي والشاهد ، أو الشاهد باعتبار الجنس ، فإنه
يشمل الائمة عليهمالسلام
، أو المؤمنون
يؤمنون بالنبي ، أو القرآن « ومن يكفر به من
الاحزاب » أي من مشركي العرب وفرق
الكفار « فالنار موعده » مصيره ومستقره « فلا
تك في مرية » أي في شك « منه » أي من
القرآن ، أو الموعد ، والخطاب للنبي صلىاللهعليهوآله ، والمراد به الامة
أو عام.
قوله تعالى : « لعمرك
» قال الطبرسي رحمهالله
: أي وحياتك يا محمد ، ومدة بقائك
،
____________________
قال ابن عباس : ما
خلق الله عزوجل ولا ذرأ ولا برأ نفسا أكرم عليه من محمد (ص) ، وما
سمعت الله أقسم بحياة أحد إلا بحياته.
قوله تعالى : « وما منعنا أن نرسل
بالآيات » أي التي اقترحتها قريش : من قلب
الصفا ذهبا ، وإحياء الموتى وغير ذلك « إلا أن
كذب بها الاولون » من الامم السابقة فعذبوا
بعذاب الاستيصال ، إذ عادة الله تعالى في الامم
أن من اقترح منهم آية فاجيب إليها ثم
لم يؤمن أن يعاجل بعذاب الاستيصال ، وقد صرفه
الله تعالى عن هذه الامة ببركة النبي
صلىاللهعليهوآله
« وما نرسل بالآيات إلا تخويفا » أي لا نرسل الآيات المقترحة إلا
تخويفا من نزول العذاب العاجل كالطليعة
والمقدمة له ، فإن لم يخافوا وقع عليهم ، و
يحتمل أن يكون المراد القرآن والمعجزات الواقعة
، فإنها تخويف ، وإنذار بعذاب
الآخرة.
« ومن الليل فتهجد به » قال الطبرسي رحمهالله
: خطاب للنبي صلىاللهعليهوآله
، أي فصل القرآن ، ولا يكون التهجد إلا بعد النوم عن مجاهد وأكثر المفسرين ، وقال
بعضهم : ما يتقلب به في كل الليل يسمى تهجدا ، والمتهجد
: الذي يلقى الهجود أي
النوم عن نفسه ، كما يقال : المتحرج والمتأثم «
نافلة لك » أي زيادة لك على الفرائض ، لان صلاة الليل كانت فريضة على النبي صلىاللهعليهوآله
وفضيلة لغيره ، وقيل : كانت واجبة عليه
فنسخ وجوبها بهذه الآية ، وقيل : إن معناه
فضيلة لك وكفارة لغيرك
، وقيل : نافلة
لك ولغيرك ، وإنما اختصه بالخطاب لما في ذلك من
دعاء الغير للاقتداء به
« عسى أن
يبعثك ربك مقاما محمودا » عسى من الله واجبة ، والمقام
بمعنى البعث ، فهو مصدر من غير
جنسه ، أي يبعثك يوم القيامة بعثا أنت محمود
فيه ، ويجوز أن يجعل البعث بمعنى الاقامة ، أي يقيمك ربك مقاما تحمدك فيه الاولون والآخرون وهو مقام الشفاعة ، يشرف فيه
__________________
على جميع الخلائق ، يسأل
فيعطى ، ويشفع فيشفع ، وقد أجمع المفسرون على أن المقام المحمود
هو مقام الشفاعة ، وهو المقام الذي يشفع فيه
للناس ، وهو المقام الذي يعطى فيه لواء الحمد ، فيوضع في كفه ، وتجتمع تحته الانبيآء والملائكة ، فيكون صلىاللهعليهوآله أول شافع وأول مشفع
« وقل » يا محمد « رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني
مخرج صدق » المدخل والمخرج مصدر
الادخال والاخراج ، فالتقدير أدخلني إدخال صدق
، وأخرجني إخراج صدق ، وفي
معناه أقول :
أحدها : أن المعنى أدخلني في جميع ما
أرسلتني به إدخال صدق ، وأخرجني منه
سالما إخراج صدق.
وثانيها : أدخلني المدينة ، وأخرجني
منها إلى مكة للفتح.
وثالثها : أنه امر بهذا الدعاء إذا دخل
في أمر ، أو خرج من أمر ، والمراد أدخلني
في كل أمر مدخل صدق.
ورابعها : أدخلني القبر مدخل صدق ، وأخرجني
منه عند البعث مخرج صدق ، و
مدخل الصدق : ما تحمد عاقبته في الدنيا والدين
« واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا » أي اجعل لي عزا أمتنع به ممن يحاول صدي عن
إقامة فرائضك ، وقوة تنصرني بها
على من عاداني فيك ، وقيل : اجعل لي ملكا عزيزا
أقهر به العصاة ، فنصر بالرعب حتى
خافه العدو على مسيرة شهر ، وقيل : حجة بينة
أتقوى بها على سائر الاديان ، وسماه
نصيرا لانه يقع به النصرة على الاعداء فهو كالمعين « وقل
جاء الحق » أي ظهر الحق
وهو الاسلام والدين « وزهق » أي بطل « الباطل »
وهو الشرك ، وروي عن عبدالله بن مسعود
أنه قال : دخل النبي صلىاللهعليهوآله مكة ، وحول البيت
ثلاثمائة وستون صنما ، فجعل يطعنها
ويقول : « جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان
زهوقا » أورده البخاري في الصحيح ، قال الكلبي : فجعل
ينكب لوجهه إذا قال ذلك ، وأهل مكة يقولون : ما رأينا رجلا
____________________
أسحر من محمد « إن
الباطل كان زهوقا » أي مضمحلا ذاهبا هالكا لا ثبات له.
وفي قوله تعالى : « وما أرسلناك إلا رحمة
للعالمين » : أي نعمة عليهم ، قال ابن عباس
رحمة للبر والفاجر والمؤمن والكافر ، فهو رحمة للمؤمن في الدنيا والآخرة ، ورحمة
للكافر
بأن عوفي مما أصاب الامم من الخسف والمسخ ، وروي
أن النبي صلىاللهعليهوآله
قال
لجبرئيل لما نزلت هذه الآية : هل أصابك من هذه
الرحمة شئ؟ قال : نعم ، إي كنت
أخشى عاقبة الامر فآمنت بك لما أثنى علي بقوله : « ذي قوة عند ذي العرش
مكين » وقد قال صلىاللهعليهوآله
: « إنما أنا رحمة مهداة » وقيل : إن الوجه في أنه نعمة على الكافر أنه
عرضه للايمان والثواب الدائم وهداه وإن لم يهتد
، كمن قدم الطعام إلى جائع فلم يأكل
فإنه منعم عليه وإن لم يقبل.
وفي قوله تعالى : « النبي صلىاللهعليهوآله
أولى بالمؤمنين من أنفسهم » : قيل : فيه
أقوال : أحدها : أنه أحق بتدبيرهم ، وحكمه عليهم أنفذ
من حكمهم على أنفسهم لوجوب
طاعته.
وثانيها : أنه أولى بهم في الدعوة ، فإذا
دعاهم النبي صلىاللهعليهوآله
إلى شئ ودعتهم
أنفسهم إلى شئ كانت طاعته أولى لهم من طاعة
أنفسهم.
وثالثها أن حكمه أنفذ عليهم من حكم
بعضهم على بعض ، وروي أن النبي صلىاللهعليهوآله
لما أراد غزوة تبوك وأمر الناس بالخروج قال قوم
: نستأذن آباءنا وامهاتنا ، فنزلت.
وروي عن ابي وابن مسعود وابن عباس أنهم كانوا
يقرؤون : « النبي أولى بالمؤمنين من
أنفسهم وأزواجه امهاتهم وهو أب لهم » وكذلك هو
في مصحف ابي ، وروي ذلك عن
____________________
أبي جعفر وأبي
عبدالله عليهماالسلام
، قال مجاهد : وكل نبي أب لامته ، ولذلك صار المؤمنين
إخوة.
وفي قوله تعالى : « ما كان محمد أبا أحد
من رجالكم » : الذين لم يلدهم ، وفي هذا بيان
أنه ليس بأب لزيد فيحرم عليه زوجته ، فلهذا أشار إليهم فقال : « من رجالكم
» وقد
ولد له صلىاللهعليهوآله
أولاد ذكور : إبراهيم ، والقاسم ، والطيب ، والمطهر ، فكان أباهم ، وقد صح
أنه قال للحسن عليهالسلام
: « إن ابني هذا سيد » وقال أيضا للحسن والحسين عليهماالسلام
: « ابناي
هذان إمامان قاما أو قعدا » وقال صلىاللهعليهوآله : « إن كل بني بنت
ينسبون إلى أبيهم إلا أولاد
فاطمة فإني أنا أبوهم » وقيل : أراد بقوله : « رجالكم
» البالغين من رجال ذلك الوقت ، ولم يكن أحد من أبنائه رجلا في ذلك الوقت « ولكن رسول الله » أي ولكن كان رسول
الله
لا يترك ما أباحه الله تعالى بقول الجهال ، وقيل
: إن الوجه في اتصاله بما قبله أنه أراد
سبحانه ليس يلزم طاعته صلىاللهعليهوآله وتعظيمه لمكان
النسب بينه وبينكم ، ولمكان الابوة ، بل
إنما يجب ذلك عليكم لمكان النبوة « وخاتم
النبيين » أي وآخر النبيين ، ختمت النبوة
به ، فشريعته باقية إلى يوم الدين.
وفي قوله تعالى : « إنا أرسلناك شاهدا
» : على امتك فيما يفعلونه من طاعة و
معصية وإيمان وكفر ، لتشهد لهم وعليهم يوم
القيامة « ومبشرا » لمن أطاعني وأطاعك بالجنة
« ونذيرا » لمن عصاني وعصاك بالنار « وداعيا إلى
الله » والاقرار بوحدانيته
، وامتثال
أوامره ونواهيه « بإذنه » أي بعلمه وأمره « وسراجا
منيرا » يهتدى بك في الدين كما يهتدى
بالسراج ، والمنير الذي يصدر النور من جهته إما
بفعله ، وإما لانه سبب له ، فالقمر
منير ، والسراج منير بهذا المعنى ، والله منير
السماوات والارض ، وقيل : عنى بالسراج
المنير القرآن ، والتقدير ذا سراج.
____________________
وفي قوله تعالى : « إلا كافة للناس
» أي عامة للناس كلهم : العرب والعجم وسائر
الامم ، ويؤيده الحديث المروي عن ابن عباس ، عن
النبي صلىاللهعليهوآله
: اعطيت خمسا ولا أقول
فخرا : بعثت إلى الاحمر والاسود ، وجعلت لي
الارض طهورا ومسجدا ، واحل لي المغنم ، ولم يحل لاحد قبلي ، ونصرت بالرعب فهو يسير أمامي مسيرة شهر ، واعطيت الشفاعة
فادخرتها لامتي يوم القيامة.
وقيل : معناه جامعا للناس بالانذار
والدعوة ، وقيل : كافا للناس ، أي مانعا لهم
عما هم عليه من الكفر والمعاصي بالوعد والوعيد
، والهاء للمبالغة.
وفي قوله تعالى : « بالهدى
» : أي بالدليل الواضح : أو بالقرآن « ودين الحق » أي
الاسلام « ليظهره على الدين كله » أي ليظهر دين
الاسلام بالحجج والبراهين على جميع
الاديان ، وقيل : بالغلبة والقهر والانتشار في
البلدان ، وقيل : إن تمام ذلك عند خروج
المهدي عليهالسلام
، فلا يبقى في الارض دين سوى دين الاسلام.
وفي قوله تعالى : « والنجم إذا هوى
» فيه أقوال :
أحدها : أن الله أقسم بالقرآن إذا انزل
نجوم متفرقة على رسول الله صلىاللهعليهوآله
في
ثلاث وعشرين سنة ، فسمي القرآن نجما لتفرقه في
النزول.
وثانيها : أنه أراد به الثريا ، أقسم
بها إذا سقطت وغابت مع الفجر ، والعرب
تطلق اسم النجم على الثريا خاصة.
وثالثها : أن المراد به جماعة النجوم
إذا هوت ، أي سقطت وغابت وخفيت عن
الحس ، وأراد به الجنس.
ورابعها : أنه يعني به الرجوم من النجوم
، وهو ما يرمى به الشياطين عند استراق
السمع ، وروت العامة عن جعفر الصادق عليهالسلام أن رسول الله (ص) نزل من السمآء
____________________
السابعة ليلة
المعراج ، ولما نزلت السورة أخبر بذلك عتبة بن أبي لهب ، فجاء إلى النبي
صلىاللهعليهوآله
وطلق ابنته وتفل في وجهه ، وقال : كفرت بالنجم وبرب النجم ، فدعا صلىاللهعليهوآله
عليه وقال : « اللهم سلط عليه كلبا من كلابك « فخرج عتبة إلى الشام فنزل
في بعض الطريق ، وألقى الله عليه الرعب ، فقال لاصحابه : أنيموني بينكم ، ففعلوا
فجاء أسد فافترسه من بين الناس.
« ما ضل صاحبكم وما غوى » يعني النبي صلىاللهعليهوآله
، أي ما عدل عن
الحق وما فارق الهدى ، وما غوى فيما يؤديه
إليكم ، ومعنى غوى ضل ، وإنما أعاده
تأكيدا ، وقيل : معناه ما خاب عن إصابة الرشد ،
وقيل : ما خاب سعيه بل ينال ثواب الله
وكرامته « وما ينطق عن الهوى » أي وليس ينطق
بالهوى وميل الطبع « إن هو إلا وحي
يوحى » أي ما القرآن وما ينطق به من الاحكام
إلا وحي من الله يوحى إليه ، أي يأتيه به
جبرئيل وهو قوله : « علمه شديد القوى » يعني
جبرئيل ، أي القوي في نفسه وخلقته
« ذو مرة » أي ذو قوة وشدة في خلقه عن الكلبي ، قال
: ومن قوته أنه اقتلع قرى قوم لوط
من الماء الاسود فرفعها إلى السمآء ، ثم قلبها
، ومن شدته صيحته لقوم ثمود حتى هلكوا ، وقيل : معناه ذو صحة وخلق حسن ، وقيل : شديد القوى في ذات الله ، ذو مرة ، أي صحة
من الجسم ، سليم من الآفات والعيوب ، وقيل : ذو
مرة ، أي ذو مرور في الهواء ، ذهابا
وجائيا ونازلا وصاعدا « فاستوى » جبرئيل عليهالسلام على صورته التي خلق
عليها بعد انحداره
إلى محمد صلىاللهعليهوآله.
وفي قوله تعالى : « وما آتاكم الرسول
فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا » أي ما
أعطاكم
الرسول من الفئ فخذوه وارضوا به ، وما أمركم به
فافعلوه ، وما نهاكم عنه فانتهوا ، فإنه لا يأمر ولا ينهى إلا عن أمر الله ، وروى زيد الشحام عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : ما
أعطى الله نبيا من الانبياء شيئا إلا وقد أعطى
محمدا (ص) ، قال لسليمآن عليهالسلام
: « فامنن
____________________
أو أمسك بغير حساب »
وقال لرسول الله (ص) : « ما آتاكم الرسول فخذوه ومانهاكم عنه
فانتهوا » .
وفي قوله تعالى : « هو الذي بعث في
الاميين » يعني العرب ، وكانت امة امية
لا تكتب ولا تقرأ ، ولم يبعث إليهم نبي ، وقيل
: يعني أهل مكة ، لان مكة تسمى ام
القرى « رسولا منهم » يعني محمدا صلىاللهعليهوآله ، نسبه نسبهم ، وهو
من جنسهم ، ووجه النعمة في
أنه جعل النبوة في امي موافقة لما تقدمت
البشارة به في كتب الانبياء السالفة ، ولانه
أبعد من توهم الاستعانة على ما أتى به من
الحكمة بالحكم التي تلاها ، والكتب التي
قرأها ، وأقرب إلى العلم بأن ما يخبرهم به من
أخبار الامم الماضية والقرون الخالية على
وفق ما في كتبهم ليس ذلك إلا بالوحي « يتلو
عليهم آياته » أي يقرأ عليهم القرآن
« ويزكيهم » أي ويطهرهم من الكفر والذنوب ، ويدعوهم
إلى ما يصيرون به أزكيآء
« ويعلمهم الكتاب والحكمة » الكتاب : القرآن ، والحكمة
: الشرايع ، وقيل : إن
الحكمة تعم الكتاب والسنة وكل ما أراده الله
تعالى ، فإن الحكمة هي العلم الذي يعمل
عليه فيما يجتبى ، أو يجتنب من امور الدين
والدنيا « وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين » معناه وما كانوا من قبل بعثه إليهم إلا في عدول
عن الحق ، وذهاب عن الدين بين ظاهر
« وآخرين منهم » أي ويعلم آخرين من المؤمنين « لما
يحلقوا بهم » وهم كل من بعد
الصحابة إلى يوم القيامة فإن الله سبحانه بعث
النبي صلىاللهعليهوآله
إليهم ، وشريعته تلزمهم ، وإن
لم يلحقوا بزمان الصحابة ، وقيل : هم الاعاجم
ومن لا يتكلم بلغة العرب ، وروي ذلك عن
أبي جعفر عليهالسلام
، وروي أن النبي صلىاللهعليهوآله
قرأ هذه الآية فقيل له : من هؤلاء؟ فوضع يده
على كتف سلمان وقال : لو كان الدين في الثريا لنالته رجال من هؤلاء.
وعلى هذا فإنما قال : « منهم » لانهم
إذا أسلموا صاروا منهم ، وقيل : إن قوله : « لما يحلقوا بهم » يعني في الفضل
والسابقة ، فإن التابعين لا يدركون شأن السابقين من
____________________
الصحابة وخيار
المؤمنين « وهو العزيز » الذي لا يغالب « الحكيم » في جميع أفعاله « ذلك
فضل الله » يعني النبوة التي خص الله بها رسوله
« يؤتيه » أي يعطيه « من يشآء » بحسب ما يعلمه
من صلاحه للبعثة وتحمل أعبآء الرسالة « والله ذو الفضل العظيم » ذو
المن العظيم على
خلقه ببعث محمد صلىاللهعليهوآله.
وفي قوله تعالى : « قد أنزل الله إليكم
ذكرا » يعني القرآن ، وقيل : يعني الرسول ، روي ذلك عن أبي عبدالله عليهالسلام
» رسولا « إما بدل من » ذكرا « فالرسول إما جبرئيل أو محمد صلىاللهعليهوآله
، أو مفعول محذوف ، أي أرسل رسولا ، فالرسول محمد صلىاللهعليهوآله
، أو مفعول قوله : « ذكرا » أي أنزل إليكم أن ذكر رسولا ، فالرسول يحتمل الوجهين ، ويجوز على
الاول أن يكون المراد بالذكر الشرف ، أي ذا ذكر
، والظلمات الكفر والجهل ، والنور
الايمان والعلم.
وفي قوله تعالى : « إنا أعطيناك الكوثر
» : اختلفوا في تفسير الكوثر ، فقيل : هو
نهر في الجنة ، وروي عن أبي عبدالله عليهالسلام أنه قال : نهر في
الجنة أعطاه الله نبيه عوضا
من ابنه.
وقيل : هو حوض النبي صلىاللهعليهوآله الذي يكثر الناس
عليه يوم القيامة وقيل : الكوثر : الخير
الكثير ، وقيل : هو النبوة والكتاب ، وقيل : هو
القرآن ، وقيل : هو كثرة الاشياع و
الاتباع
، وقيل : هو كثرة النسل والذرية ، وقيل : هو الشفاعة ، رووه عن الصادق عليهالسلام ، واللفظ محتمل للكل
، فيجب أن يحمل على جميع ما ذكر من الاقوال ، فقد أعطاه الله
سبحانه الخير الكثير في الدنيا ، ووعده الخير
الكثير في الآخرة « فصل لربك وانحر » أمره سبحانه بالشكر على هذه النعمة العظيمة بأن
قال : « فصل » صلاة العيد « وانحر »
____________________
هديك وقيل : فصل
لربك صلاة الغداة المفروضة بجمع
، وانحر البدن بمنى ، وقيل
صلى المكتوبة واستقبل القبلة بنحرك ، وتقول
العرب : منازلنا تتناحر ، أي هذا ينحر هذا ، أي يستقبله.
وعن علي عليهالسلام
معناه ارفع يديك إلى النحر في صلاتك.
وعن عمر بن يزيد قال : سمعت أبا عبدالله
عليهالسلام
يقول في قوله : « فصل لربك وانحر « هو رفع يديك حذاء وجهك.
وروى عنه عليهالسلام
عبدالله بن سنان مثله.
وعن جميل قال : قلت لابي عبدالله عليهالسلام : « فصل لربك وانحر
» فقال : بيده هكذا ، يعني استقبل بيديه حذو وجهه
القبلة في افتتاح الصلاة.
وعن حماد بن عثمان قال : سألت أبا
عبدالله عليهالسلام
عن النحر ، فرفع يده إلى صدره
فقال : هكذا ، ثم رفعها فوق ذلك ، فقال : هكذا
، يعني استقبل بيديه القبلة في استفتاح
الصلاة.
« إن شانئك هو الابتر » معناه أن مبغضك هو المنقطع عن الخير ، وهو
العاص بن
وائل ، وقيل : معناه أنه الاقل الاذل بانقطاعه
عن كل خير ، وقيل : معناه أنه لا ولد
له على الحقيقة ، وأن من ينتسب إليه ليس بولد
له ، قال مجاهد : الابتر : الذي لا عقب
له ، وهو جواب لقول قريش : إن محمدا لا عقب له
، يموت فنستريح منه ، ويدرس ذكره ، إذ لا يقوم مقامه من يدعو إليه فينقطع أمره ، وفي هذه السورة دلالات على صدق نبينا
(ص)
____________________
وصحة نبوته : أحدها
: أنه أخبر عما في نفوس أعدائه ، وما جرى على ألسنتهم ، ولم يكن
بلغه ذلك فكان كما أخبره.
وثانيها : أنه قال : « أعطيناك الكوثر »
فانظر كيف انتشر دينه ، وعلا أمره ، و
كثرت ذريته حتى صار نسبه أكثر من كل نسب ، ولم
يكن شئ من ذلك في تلك
الحال.
وثالثها : أن جميع فصحآء العرب والعجم
قد عجزوا عن الاتيان بمثل هذه السورة
على وجازة ألفاظها مع تحديه إياهم بذلك ، وحرصهم على بطلان أمره
منذ بعث
صلىاللهعليهوآله
إلى يوم الناس هذا ، وهذا غاية الاعجاز.
ورابعها : أنه سبحانه وعده بالنصر على
أعدائه ، وأخبره بسقوط أمرهم وانقطاع
دينهم ، أو عقبهم ، فكان المخبر على ما أخبر به
هذا ، وفي هذه السورة الوجيزة من تشاكل
المقاطع للفواصل ، وسهولة مخارج الحروف بحسن
التأليف والتقابل لكل من معانيها بما
هو أولى به ما لا يخفى على من عرف مجارى كلام العرب.
١ ـ لى
: ابن الوليد ، عن ابن أبان ، عن الحسين بن سعيد ، عن ابن أبي عمير ، عن
حماد بن عثمان ، عن إسماعيل الجعفي أنه سمع أبا
جعفر يقول : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله
: اعطيت خمسا لم يعطها أحد قبلي : جعلت لي الارض
مسجدا وطهورا ، واحل لي المغنم ، ونصرت بالرعب ، واعطيت جوامع الكلام ، واعطيت الشفاعة.
بيان
: قوله صلىاللهعليهوآله
: مسجدا ، أي مصلى بخلاف الامم السابقة فإنهم كانوا لا يجوز
لهم الصلاة اختيارا إلا في بيعهم وكنائسهم ، أو
ما يصح السجود عليه ، والاول أشهر
« وطهورا » أي ما يتطهر به من الاحداث بالتيمم ،
ومن الاخباث لبعض الاشيآء كباطن
القدم والخف ، ومخرج النجو في الاستنجآء
بالاحجار والمدر ، والمغنم بالفتح : ما يصاب
____________________
من أموال المشركين
في الحرب ، والمشهور أن حل المغنم من خصائصه وخصائص امته
صلىاللهعليهوآله
، وأن الامم المتقدمة منهم من لم يبح لهم جهاد الكفار ، ومنهم من ابيح
لهم لكن لم يبح لهم الغنائم ، وكانت غنائمهم
توضع فتأتي نار فتحرقها ، وأباحها الله لهذه
الامة. قوله : ونصرت بالرعب ، كان مما خصه الله
تعالى به أنه كان يخافه العدو وبينه
وبينه مسيرة شهر ، وقيل : المراد بجوامع الكلام
القرآن حيث جمع الله فيه معاني كثيرة
بألفاظ يسيرة ، وقيل : سائر كلماته الموجزة
المشتملة على حكم عظيمة ومعاني كثيرة.
٢ ـ لى
: الدقاق ، عن الاسدي ، عن النخعي ، عن النوفلي ، عن علي بن أبي حمزة ، عن يحيى بن أبي إسحاق
، عن الصادق جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جده ، عن أبيه عليهمالسلام
قال : سئل النبي صلىاللهعليهوآله
أين كنت وآدم في الجنة؟ قال : كنت في صلبه ، وهبط بي إلى
الارض في صلبه ، وركبت السفينة في صلب أبي نوح
، وقذف بي في النار في صلب أبي إبراهيم ، لم يلتق في أبوان على سفاح قط ، لم يزل
الله عزوجل ينقلني من الاصلاب الطيبة
إلى الارحام الطاهرة ، هاديا مهديا حتى أخذ
الله بالنبوة عهدي ، وبالاسلام ميثاقي ، وبين
كل شئ من صفتي ، وأثبت في التوارة والانجيل
ذكري ، ورقا
، بي إلى سمائه ، وشق
لي اسما من أسمائه ، امتي الحمادون ، فذو العرش ، محمود ، وأنا محمد.
٣ ـ مع
: القطان ، عن السكري ، عن الجوهري ، عن ابن عمارة ، عن أبيه ،
____________________
عن جابر الجعفي ، عن
جابر الانصاري قال : سئل رسول الله صلىاللهعليهوآله
وذكر مثله.
ثم قال الصدوق : وقد رويت هذا الحديث من طرق كثيرة.
٤ ـ لى
: الطالقاني ، عن الجلودي
، عن يحيى بن عبدالحميد الحماني ، عن الحسين بن الربيع ، عن الاعمش ، عن عباية بن ربعي ، عن ابن عباس قال : قال رسول
الله
صلىاللهعليهوآله
: إن الله عزوجل قسم الخلق قسمين ، فجعلني في خيرهما قسما ، وذلك قوله عزوجل في ذكر أصحاب اليمين وأصحاب الشمال ، وأنا من أصحاب اليمين ، وأنا خير أصحاب اليمين ، ثم جعل القسمين أثلاثا فجعلني في خيرهما ثلثا ، وذلك
قوله عزوجل : « فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة * وأصحاب
المشئمة ما أصحاب المشئمة *
والسابقون السابقون
» وأنا من السابقين ، وأنا خير السابقين ، ثم جعل
الاثلاث قبائل فجعلني في خيرها قبيلة ، وذلك
قوله عزوجل : « وجعلناكم
شعوبا وقبائل لتعارفوا
إن أكرمكم عند الله أتقاكم
» فأنا أتقى ولد آدم ، وأكرمهم على الله جل ثناؤه
ولا فخر ، ثم جعل القبائل بيوتا فجعلني في
خيرها بيتا ، وذلك قوله عزوجل : « إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ».
٥ ـ فس
: الحسن بن علي ، عن أبيه ، عن الحسن بن سعيد ،
عن الحسين بن
علوان ، عن علي بن الحسن البعدي ، عن أبي هارون العبدي ، عن ربيعة
السعدي ،
____________________
عن حذيفة بن اليمان
، عن النبي صلىاللهعليهوآله
مثله مع زيادات.
بيان
: قوله صلىاللهعليهوآله
: ولا فخر ، أي أقوله معتدا بالنعمة لا فخرا واستكبارا.
٦ ـ ما
: المفيد ، عن علي بن محمد بن رياح
، عن أبي علي الحسن بن محمد ، عن ابن محبوب عن
ابن رئاب ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين عليهماالسلام قال : إن أبا ذر
وسلمان خرجا في طلب رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فقيل لهما إنه
توجه إلى ناحية قبا ، فاتبعاه
فوجداه ساجدا تحت الشجرة ، فجلسا ينتظرانه حتى
ظنا أنه نائم ، فأهويا ليوقظاه فرفع
رفع رأسه إليهما ، ثم قال : قد رأيت مكانكما ، وسمعت
مقالتكما ، ولم أكن راقدا إن الله
بعث كل نبي كان قبلي إلى امته بلسان قومه ، وبعثني
إلى كل أسود وأحمر بالعربية ، وأعطاني في امتي خمس خصال لم يعطها نبيا كان قبلي : نصرني بالرعب ، تسمع بي
القوم وبيني وبينهم مسيرة شهر فيؤمنون بي ، وأحل
لي المغنم ، وجعل لي الارض مسجدا
وطهورا ، أينما كنت منها أتيمم من تربتها ، واصلي
عليها ، وجعل لكل نبي مسألة
فسألوه إياها ، فأعطاهم ذلك في الدنيا ، وأعطاني
مسألة فأخرت مسألتي لشفاعة المؤمنين
من امتي يوم القيامة ، ففعل ذلك ، وأعطاني جوامع العلم ، ومفاتيح
الكلام ، ولم يعط
____________________
ما أعطاني نبيا قبلي
، فمسألتي بالغة إلى يوم القيامة لمن لقى الله لا يشرك به شيئا ، مؤمنا
بي ، مواليا لوصيي ، محبا لاهل بيتي.
بشا
: الحسن بن الحسين بن بابويه ، عن شيخ الطائفة ، عن المفيد ، عن محمد بن علي
ابن رياح ، عن أبيه ، عن الحسن بن محمد مثله.
بيان
: قوله صلىاللهعليهوآله
: بلسان قومه ، لعل المراد أن كل نبي من اولي العزم وغيرهم
إنما كان يبعث أولا إلى قوم بلسانهم ، وإن كان
اولو العزم منهم يعم دينهم بعدهم أهل
سائر اللغات بتوسط غير اولي العزم من الانبيآء
والاوصيآء ، أو كان في زمانهم إيضا يبعث
نبي آخر إلى قوم بلسانهم ، فيبلغهم دين هذا
النبي صلىاللهعليهوآله
، وأما نبينا صلىاللهعليهوآله
فإنه قد
بعث إلى الجميع بلسانه ، وبلغهم ذلك في زمانه بنفسه ، فبعث
إلى كسرى وقيصر وسائر
الفرق ، وبلغهم رسالته.
قوله صلىاللهعليهوآله
: فمسألتي بالغة ، أي دعوتي وشفاعتي كاملة تبلغ إلى يوم القيامة لهم ، فأدعو لهم في الدنيا ، وأشفع لهم في الآخرة.
٧ ـ ما
: المفيد ، عن أحمد بن الوليد ، عن أبيه ، عن سعيد بن عبدالله بن موسى ، عن محمد بن عبدالرحمن العرزمي
، عن المعلى بن هلال ، عن الكلبي ، عن أبي صالح ، عن عبدالله بن العباس قال سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآله
يقول : أعطاني الله تعالى خمسا ، وأعطى
عليا عليهالسلام
خمسا : أعطاني جوامع الكلم ، وأعطي عليا جوامع العلم ، وجعلني نبيا ، وجعله
____________________
وصيا ، وأعطاني
الكوثر وأعطاه السلسبيل ، وأعطاني الوحي ، وأعطاه الالهام ، واسري
بي إليه ، وفتح له أبواب السمآء والحجب حتى نظر إلي ونظرت إليه ، قال :
ثم بكى
رسول الله صلىاللهعليهوآله
فقلت له : ما يبكيك فداك أبي وامي؟ فقال : يا ابن عباس إن أول ما
كلمني
به أن قال : يا محمد انظر تحتك ، فنظرت إلى الحجب قد انخرقت ، وإلي أبواب السمآء
قد فتحت
، ونظرت إلى علي وهو رافع رأسه إلي
فكلمني وكلمته وكلمني ربي
عزوجل فقلت : يا رسول الله بم كلمك ربك؟ قال : قال
لي : يا محمد إني جعلت عليا وصيك
ووزيرك وخليفتك من بعدك ، فأعلمه ، فها هو يسمع
كلامك فأعلمته ، وأنا بين يدي ربي
عزوجل ، فقال لي : قد قبلت وأطعت ، فأمر الله
الملائكة أن تسلم عليه ففعلت ، فرد عليهم
السلام ورأيت الملائكة يتباشرون به ، وما مررت
بملائكة من ملائكة السمآء ، إلا هنؤني
وقالوا لي : يا محمد والذي بعثك بالحق لقد دخل
السرور على جميع الملائكة باستخلاف الله
عزوجل لك ابن عمك ، ورأيت حملة العرش قد نكسوا
رؤوسهم إلى الارض ، فقلت : يا
جبرئيل لم نكس حملة العرش رؤوسهم؟ فقال : يا
محمد ما من ملك من الملائكة إلا وقد نظر إلى
وجه علي بن أبي طالب استبشارا به ما خلا حملة
العرش ، فإنهم استأذنوا الله عزوجل في
هذه الساعة ، فأذن لهم أن ينظروا إلى علي بن
أبي طالب فنظروا إليه ، فلما هبطت جعلت
اخبره بذلك وهو يخبرني به ، فعلمت أني لم أطأ
موطئا إلا وقد كشف
لعلي عنه
حتى نظر إليه ، قال ابن عباس : قلت : يا رسول
الله اوصني ، فقال : عليك بمودة علي بن أبي طالب ، والذي بعثني بالحق نبيا ، لا يقبل الله من عبد حسنة حتى يسأله عن حب علي بن
____________________
أبي طالب وهو تعالى
أعلم ، فإن جاءه بولايته قبل عمله على ما كان منه ، وإن لم يأت
بولايته لم يسأله عن شئ ثم أمر به إلى النار ، يا
ابن عباس والذي بعثني بالحق نبيا
إن النار لاشد غضبا على مبغض علي منها على من زعم أن الله ولدا ، يابن عباس
لو أن الملائكة المقربين والانبيآء المرسلين
اجتمعوا على بغضه
ولن يفعلوا لعذبهم الله
بالنار ، قلت : يا رسول الله وهل يبغضه أحد؟
قال : يابن عباس نعم يبغضه قوم يذكرون
أنهم من امتي لم يجعل الله لهم في الاسلام
نصيبا ، يا ابن عباس إن من علامة بغضهم له
تفضيلهم من هو دونه عليه ، والذي بعثني بالحق ما بعث الله نبيا أكرم عليه مني ، ولا وصيا أكرم عليه من وصيي علي ، قال ابن عباس : فلم أزل له كما أمرني رسول الله
صلىاللهعليهوآله
وأوصاني بمودته ، وإنه لاكبر عملي عندي ، قال ابن عباس : ثم مضى
من الزمان ما مضى ، وحضرت رسول الله صلىاللهعليهوآله الوفاة حضرته فقلت
: فداك أبي وامي يا رسول الله قد دنا أجلك فما تأمرني؟ فقال : يا ابن عباس خالف من خالف عليا ولا
____________________
تكونن له ظهيرا ولا وليا ، قلت : يا رسول الله فلم لا
تأمر الناس بترك مخالفته؟ قال : فبكى عليه وآله السلام حتى اغمي عليه ، ثم قال
: يابن عباس سبق فيهم علم ربي ، والذي
بعثني بالحق نبيا لا يخرج أحد ممن خالفه من
الدنيا وأنكر حقه حتى يغير الله تعالى
ما به من نعمة ، يابن عباس ، إذا أردت أن تلقى
الله وهو عنك راض فاسلك طريقة علي بن
أبي طالب ومل معه حيث مال ، وارض به إماما ، وعاد
من عاداه ووال من والاه ، يابن عباس
احذر
أن يدخلك شك فيه ، فإن الشك
في علي كفر بالله تعالى.
فض
، يل : بالاسناد عن ابن مسعود وابن عباس
مثله.
بيان
: قوله صلىاللهعليهوآله
: ولن يفعلوا ، أي والحال أنهم لا يفعلون ذلك أبدا ، قوله
صلىاللهعليهوآله
: وإنه لاكبر عملي أي أعد ولايته أكبر أعمالي.
٨ ـ ب
: ابن طريف
، عن ابن علوان ، عن جعفر ، عن أبيه ، قال : قال رسول الله
صلىاللهعليهوآله
: إن الله تبارك وتعالى جعل
الناس نصفين ، فكنت في النصف الخير ، ثم قسم النصف الخير ثلاثة فكتب في ثلث الخير ، وما عرق في عرق سفاح قط ، وما
عرق في إلا عرق نكاح كنكاح الاسلام حتى آدم.
توضيح
: قوله صلىاللهعليهوآله
: ثم قسم النصف الخير ثلاثة ، المراد بنصف الخير أصحاب
اليمين ، ولعل المراد أنه قسمه نصفين حتى صارا
مع أصحاب الشمال ثلاثة كما مر ، أو الثلاثة باعتبار التسمية بالسابقين والمقربين ، أو قسمة السابقين إلى الانبيآء
، وغيرهم ،
____________________
أو إلى اولي العزم
وغيرهم ، وقال الفيروزآبادي : عرق في الارض : ذهب ، وأعرق الشجر : اشتدت عروقه في الارض.
٩ ـ ل
: ابن بندار ، عن محمد بن جمهور الحمادي ، عن صالح بن محمد البغدادي ، عن
سعيد بن سليمان ، ومحمد بن بكار ، وإسماعيل بن
إبراهيم قالوا : حدثنا الفرج بن فضالة ، عن لقمان بن عامر ، عن أبي أمامة قال : قلت : يا رسول الله ما كان بدؤ أمرك؟ قال :
دعوة أبي
إبراهيم ، وبشرى عيسى بن مريم ، ورأت امي أنه
خرج منها شئ أضاءت منه قصور
الشام.
بيان
: قوله : ما كان بدؤ أمرك ، أي ابتداء ظهوره ، ودعوة إبراهيم عليهالسلام قوله : « ربنا
وابعث فيهم رسولا منهم يتلوا عليهم آياتك » وبشارة عيسى عليهالسلام قوله : « ومبشرا
برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد ».
١٠ ـ ل
: ابن الوليد ، عن الصفار ، عن محمد بن عبدالجبار ، عن الحسن بن علي
ابن فضال ، عن ظريف بن ناصح ، عن إبراهيم بن
يحيى قال : حدثني جعفر بن محمد ، عن
أبيه عليهماالسلام
قال : قال رسول الله (ص) : قسم الله تبارك وتعالى أهل الارض قسمين ، فجعلني
في خيرهما ، ثم قسم النصف الآخر على ثلاثة ، فكنت
خير الثلاثة ، ثم اختار العرب من
الناس ، ثم اختار قريشا من العرب ، ثم اختار
بني هاشم من قريش ، ثم اختار بني عبد
المطلب من بني هاشم ، ثم اختارني من بني
عبدالمطلب.
١١ ـ ل
: ابن بندار ، عن مجاهد بن أعين ، عن أبي بكر بن أبي العوام ، عن بريدة ، عن سليمان التميمي ، عن سيار ، عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : فضلت بأربع : جعلت
لامتي الارض مسجدا وطهورا ، وأيما رجل من امتي أراد الصلاة فلم يجد
____________________
ماء ووجد الارض فقد
جعلت له مسجدا وطهورا ، ونصرت بالرعب مسيرة شهر يسير بين
يدي ، واحلت لامتي الغنائم ، وارسلت إلى الناس كافة.
بيان
: ظاهره أن البعثة إلى الناس كافة من خصائصه صلىاللهعليهوآله
، وهو مخالف لما هو
المشهور من أن بعض اولي العزم أيضا كانوا كذلك
، ويمكن أن يحمل على أن المراد
إرساله إلى كل من في زمانه ومن يأتي بعده من
غير نسخ لشريعته ، على أن التفضيل بتلك
الامور لا ينافي شركة غيره معه فيها والله يعلم.
١٢ ـ ما
: المفيد ، عن أحمد بن الوليد ، عن أبيه ، عن سعد ، عن عبدالله بن هارون ، عن محمد بن عبدالرحمن العرزمي ، عن المعلى بن هلال ، عن الكلبي ، عن أبي صالح ، عن
ابن عباس
قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول : أعطاني الله
خمسا ، وأعطى عليا خمسا : أعطاني جوامع
الكلم ، وأعطى عليا جوامع العلم ، وجعلني نبيا
، وجعل عليا وصيا ، وأعطاني الكوثر ، وأعطي
عليا السلسبيل ، وأعطاني الوحي ، وأعطى عليا
الالهام ، وأسرى بي إليه ، وفتحت له أبواب
السمآء حتى رأى ما رأيت ، ونظر إلى ما نظرت
إليه ، ثم قال : يا ابن عباس خالف
من خالف عليا ولا تكونن له ظهيرا ولا وليا ، فوالذي
بعثني بالحق ما يخالفه أحد إلا
غير الله ما به من نعمة ، وشوه خلقه قبل إدخاله النار ، يا ابن عباس
لا تشك في علي
فإن الشك فيه كفر يخرج عن الايمان ، ويوجب الخلود في
النار.
ل
: أبي ، عن سعد ، عن عبدالله بن موسى بن هارون المفتي ، عن محمد بن عبدالرحمن
العرزمي إلى قوله : إلى ما نظرت إليه ، ثم قال : والحديث طويل.
____________________
١٣ ـ ل
: ابن إدريس ، عن أبيه ، عن الاشعري ، عن أبي عبدالله الرازي ، عن ابن
أبي عثمان ، عن موسى بن بكر ، عن أبي الحسن
الاول عليهالسلام
قال : قال رسول الله (ص) : إن الله تبارك وتعالى اختار من الانبياء أربعة
للسيف : إبراهيم ، وداود ، وموسى ، وأنا
الخبر.
١٤ ـ ل
: ابن الوليد ، عن الصفار وسعد معا ، عن ابن عيسى والبرقي معا ، عن
محمد البرقي ، عن محمد بن سنان ، عن أبي
الجارود. عن سعيد بن جبير : عن ابن عباس قال : قال
رسول الله (ص) : اعطيت خمسا لم يعطها أحد قبلي
: جعلت لي الارض مسجدا وطهورا ، و
نصرت بالرعب ، واحل لي المغنم ، واعطيت جوامع
الكلم ، واعطيت الشفاعة.
١٥ ـ ما
: المفيد ، عن عمر بن محمد الزيات ، عن علي بن العباس ، عن أحمد بن منصور
الرقادي
، عن محمد بن مصعب ، عن الاوزاعي ، عن شداد أبي عمار ، عن واثلة بن الاصقع
قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : إن الله اصطفى
إسماعيل من ولد إبراهيم ، واصطفى كنانة من
بني إسماعيل ، واصطفى قريشا من بني كنانة ، واصطفى
هاشما من قريش ، واصطفاني من
هاشم.
١٦ ـ ما
: جماعة ، عن أبي المفضل ، عن محمد بن محمد بن سليمان ، عن عبدالسلام بن عبد
الحميد إمام حران ، عن موسى بن أعين ، قال
أبوالمفضل : وحدثني نصر بن الجهم
، عن محمد
____________________
ابن مسلم بن وارة عن محمد بن مسلم بن أعين ، عن أبيه ، عن عطاء بن السائب ، عن
أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين ، عن أبيه ، عن
جده ، عن علي بن أبي طالب صلوات الله
عليهم أجمعين عن النبي صلىاللهعليهوآله قال : اعطيت خمسا
لم يعطهن نبي كان قبلي : ارسلت إلى
الابيض والاسود والاحمر ، وجعلت لي الارض مسجدا ، ونصرت بالرعب ، واحلت لي
الغنائم ولم تحل لاحد ـ أو قال : لنبي قبلي ، واعطيت
جوامع الكلم ، قال عطا : فسألت أبا جعفر عليهالسلام
قلت : ما جوامع الكلم؟ قال : القرآن ، قال أبوالمفضل : هذا حديث
حران ولم يحدث به في هذا الطريق إلا موسى بن
جعفر الحراني.
أقول
: الابواب مشحونة بأخبار فضائله صلىاللهعليهوآله
، وقد مر خبر جابر في باب أسمائه
صلىاللهعليهوآله
في ذلك.
١٧ ـ ما
: ابن بسران
، عن إسماعيل بن محمد الصفار ، عن الحسن بن عرفة ، عن هاشم بن القاسم ، عن سليمان بن المغيرة ، عن ثابت البناني ، عن أنس بن مالك قال
: قال رسول الله صلىاللهعليهوآله
: آتي يوم القيامة باب الجنة فأستفتح ، فيقول الخازن : من أنت؟
____________________
فأقول : أنا محمد ، فيقول
: بك امرت أن لا أفتح لاحد قبلك.
١٨ ـ شى
: عن زرارة وحمران ، عن أبي جعفر وأبي عبدالله عليهالسلام
قال : « إني أوحيت
إليك كما أوحيت إلى نوح والنبيين من بعده » فجمع
له كل وحي.
بيان
: في القرآن : « إنا أوحينا
إليك كما أوحينا
» ولعل في قرائتهم عليهمالسلام
كان هكذا ، أو نقل للآية بالمعنى ، والغرض أن المراد بالتشبيه التشبيه
الكامل ، فكل
ما اوحي إليهم أوحي إليه صلىاللهعليهوآله.
١٩ ـ جا
: المراغي ، عن عبدالكريم بن محمد ، عن
عثمان بن أبي شيبة ، عن مصعب ، عن الاوزاعي ، عن شداد أبي عمار
، عن واثلة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله
: إن الله
اصطفى من ولد إبراهيم إسماعيل ، واصطفى من
إسماعيل كنانة واصطفى من كنانة قريشا ، واصطفى من قريش بني هاشم ، واصطفاني من بني هاشم.
٢٠ ـ ن
: بالاسناد
إلى دارم ، عن الرضا ، عن آبائه ، عن النبي صلىاللهعليهوآله
قال : أنا
خاتم النبيين ، وعلي خاتم الوصيين.
٢١ ـ ن
: بالاسانيد الثلاثة
عن الرضا ، عن آبائه عليهمالسلام
قال : قال رسول الله
صلىاللهعليهوآله
: أنا سيد ولد آدم ولا فخر.
____________________
٢٢ ـ ما
: أبوعمرو عبدالواحد بن محمد بن مهدي ، عن ابن عقدة ، عن الحسن بن جعفر بن
مدرار ، عن عمه طاهر ، عن الحسن بن عمار ، عن
عمرو بن مرة ، عن عبدالله بن الحارث ، عن
علي عليهالسلام
قال : قال رسول الله (ص) : أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر ، وأنا أول
من تنشق الارض عنه ولا فخر ، وأنا أول شافع
وأول مشفع.
٢٣ ـ شى
: عن منصور بن حازم ، عن أبي عبدالله عليهالسلام
قال : لم يزل رسول الله
صلىاللهعليهوآله
يقول : « إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم
» حتى نزلت
سورة الفتح فلم يعد إلى ذلك الكلام.
بيان
: إنما لم يعد صلىاللهعليهوآله
إلى هذا القول لقوله تعالى : « ليغفر
لك الله ما تقدم من ذنبك
وما تأخر ».
٢٤ ـ ل
: إسماعيل بن منصور القصار ، عن محمد بن القاسم بن محمد بن عبدالله العلوي ، عن سليمان بن عبدالله الدمشقي ، عن أحمد بن أبان ، عن عبدالعزيز بن محمد ، عن موسى
ابن عبيدة ، عن عبدالله بن دينار ، عن ام هاني
بنت أبي طالب قالت : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله
:
أظهر الله تبارك وتعالى الاسلام على يدي ، وأنزل الفرقان علي ، وفتح الكعبة على
يدي ، وفضلني على جميع خلقه ، وجعلني في الدنيا سيد ولد آدم ، وفي الاخرة ، زين القيامة
، و
حرم دخول الجنة على الانبياء حتى أدخلها أنا ، وحرمها
على اممهم حتى تدخلها امتي ، وجعل الخلافة في أهل بيتي من بعدي إلى النفخ في الصور ، فمن كفر بما أقول فقد كفر
بالله
العظيم.
____________________
٢٥ ـ ج
: عن ابن عباس قال : خرج من المدينة أربعون رجلا من اليهود ، قالوا : انطلقوا بنا إلى هذا الكاهن الكذاب حتى نوبخه
في وجهه ونكذبه ، فإنه يقول : أنا
رسول الله رب العالمين ، فكيف يكون رسولا وآدم خير منه ، ونوح
خير منه؟ وذكروا
الانبياء عليهمالسلام
، فقال النبي (ص) لعبدالله بن سلام : التوراة بيني وبينكم ، فرضيت اليهود
بالتوراة ، فقالت اليهود : آدم خير منك لان
الله تعالى خلقه بيده ونفخ فيه من روحه ، فقال النبي صلىاللهعليهوآله
آدم النبي أبي ، وقد اعطيت أنا أفضل مما اعطي آدم ، فقالت اليهود : وما ذاك؟ قال : إن المنادي ينادي كل يوم خمس
مرات : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن
محمدا رسول الله ، ولم يقل آدم رسول الله ، ولواء الحمد
بيدي يوم القيامة ، وليس بيد
آدم ، فقالت اليهود : صدقت يا محمد وهو مكتوب
في التوراة ، قال : هذه واحدة ، قالت اليهود : موسى خير منك ، قال النبي صلىاللهعليهوآله ولم؟ قالوا : لان
الله عزوجل كلمه بأربعة آلاف
كلمة ، ولم يكمك بشئ ، فقال النبي صلىاللهعليهوآله : لقد اعطيت أنا
أفضل من ذلك ، قالو
وما ذاك؟ قال : قوله عزوجل : « سبحان
الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الاقصى
الذي باركنا حوله
» وحملت على جناح جبرئيل عليهالسلام
حتى انتهيت إلى السماء
السابعة فجاوزت سدرة المنتهى عندها جنة المأوى
، حتى تعلقت بساق العرش ، فنوديت من ساق
العرش : « إني أنا الله لا إله إلا أنا ، السلام
المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر الرؤوف الرحيم » و رأيته بقلبي ، وما رأيته بعيني ، فهذا أفضل
من ذلك ، فقالت اليهود : صدقت يا محمد وهو
مكتوب في التوراة ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : هذا إثنان ، قالوا
: نوح خير منك
، قال
النبي صلىاللهعليهوآله
: ولم ذلك؟ قالوا : لانه ركب في السفينة
فجرت على الجودي ، قال
النبي (ص) : لقد اعطيت أنا أفضل من ذلك ، قالوا
: وما ذاك؟ قال : إن الله عزوجل أعطاني
____________________
نهرا في السمآء
مجراه من تحت العرش ، وعليه ألف ألف قصر لبنة من ذهب ، ولبنة من فضة ، حشيشها الزعفران ، ورضراضها
الدر والياقوت ، وأرضها المسك الابيض ، فذاك خير لي
ولامتي ، وذلك قوله تعالى : « إنا أعطيناك الكوثر » قالوا : صدقت يا محمد ، وهو مكتوب
في التوراة ، هذا خير من ذاك ، قال النبي صلىاللهعليهوآله : هذه ثلاثة ، قالوا
: إبراهيم خير منك ، قال : ولم ذاك؟ قالوا : لان الله اتخذه خليلا ، قال النبي صلىاللهعليهوآله : إن كان إبراهيم
خليله
فأنا حبيبه محمد ، قالوا : ولم سميت محمدا؟ قال
: سماني الله محمدا ، وشق اسمي من اسمه ، هو المحمود وأنا محمد ، وامتي الحامدون
، قالت اليهود : صدقت يا محمد هذا خير من ذاك ، قال (ص) : هذه أربعة ، قالت اليهود : عيسى خير منك ، قال (ص) : ولم ذاك؟ قالوا : لان
عيسى بن مريم عليهالسلام
كان ذات يوم بعقبة بيت المقدس فجاءته الشياطين ليحملوه ، فأمر الله
عزوجل جبرئيل أن اضرب بجناحك الايمن وجوه
الشياطين ، وألقاهم في النار ، فضرب
بأجنحته وجوههم وألقاهم في النار ، قال النبي (ص)
: أنا اعطيت أفضل من ذلك ، قالوا
وما هو؟ قال : أقبلت يوم بدر من قتال المشركين وأنا جائع شديد الجوع ، فلما وردت
المدينة استقبلتني امرأة يهودية وعلى رأسها
جفنة ، وفي الجفنة جدي مشوي ، وفي كمها
شئ من سكر ، فقالت : الحمد لله الذي منحك
السلامة ، وأعطاك النصر والظفر على الاعداء ، وإني قد كنت نذرت لله نذرا إن أقبلت سالما غانما من غزاة بدر لاذبحن هذا الجدي و
لاشوينه ولاحملنه إليك لتأكله ، قال النبي صلىاللهعليهوآله : فنزلت عن بغلتي
الشهباء فضربت
بيدي إلى الجدي لآكله فاستنطق الله الجدي ، فاستوى
على أربع قوائم ، وقال : يا محمد لا
تأكلني فإني مسموم ، قالوا : صدقت يا محمد هذا
خير من ذاك ، قال النبي صلىاللهعليهوآله
: هذه
خمسة ، قالوا : بقيت واحدة ، ثم نقوم من عندك ،
قال : هاتوا ، قالوا : سليمان خير منك
قال : ولم ذاك؟ قالوا : لان الله عزوجل سخر له
الشياطين والانس والجن
والرياح
____________________
والسباع ، فقال
النبي صلىاللهعليهوآله
: فقد سخر الله لي البراق ، وهو خير من الدنيا
بحذافيرها ، وهي دابة من دواب الجنة ، وجهها
مثل وجه آدمي ، وحوافرها مثل حوافر
الخيل ، وذنبها مثل ذنب البقر ، فوق الحمار
ودون البغل ، سرجه من ياقوتة حمراء ، وركابه من
درة بيضاء ، مزمومة بسبعين ألف زمام من ذهب ، عليه جناحان مكللان بالدر
والياقوت
والزبرجد ، مكتوب بين عينيه إلا إله إلا الله
وحده لا شريك له ، محمد رسول الله ، قالت اليهود : صدقت يا محمد وهو مكتوب في التوراة ، هذا خير
من ذاك يا محمد ، نشهد أن لا إله إلا الله ، وأنك
رسول الله ، قال لهم رسول الله : لقد أقام نوح
في قومه ودعاهم ألف سنة إلا خمسين عاما ، ثم وصفهم الله فقللهم فقال : « وما آمن معه إلا قليل » ولقد تبعني في سني القليلة
ما لم يتبع نوحا في طول عمره وكبر سنه ، وإن في
الجنة عشرين ومأة ألف صف ، امتي
منها ثمانون صفا ، وإن الله عزوجل جعل كتابي المهيمن
على كتبهم ، الناسخ لهم ، ولقد جئت بتحليل ما حرموا ، وبتحريم بعض ما حللوا من ذلك ، إن موسى جاء بتحريم
صيد الحيتان يوم السبت حتى أن الله قال : لمن
اعتدى منهم
: « كونوا قردة خاسئين
» فكانوا ، ولقد جئت بتحليل صيدها حتى صار صيدها
حلالا ، قال الله عزوجل : « احل لكم صيد
البحر وطعامه متاعا لكم
» وجئت بتحليل الشحوك كلها وكنتم لا تأكلونها ، ثم إن الله عزوجل صلى على في كتابه قال الله : « إن الله وملائكته يصلون على النبي
يا أيها
الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما » ثم وصفنى الله تعالى بالرأفة والرحمة
، وذكر
____________________
في كتابه : « لقد
جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين
رؤوف رحيم
» فأنز الله
عزوجل أن لا يكلموني حتى يتصدقوا بصدقة ، وما
كان ذلك لنبي قط ، قال الله عز وجل : « يا أيها
الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا
بين يدي نجويكم صدقة » ثم وضعها عنهم بعد أن فرضها عليهم
برحمته.
٢٦ ـ سن
: أبوإسحاق الثقفي ، عن محمد بن مروان ، عن أبان بن عثمان ، عمن ذكره ، عن أبي عبدالله عليهالسلام
قال : إن الله تبارك وتعالى أعطى محمدا شرائع نوح وإبراهيم وموسى
وعيسى عليهمالسلام
: التوحيد والاخلاص وخلع الانداد والفطرة الحنيفية السمحة ، لا
رهبانية ولا سياحة ، احل فيها الطيبات ، وحرم فيها
الخبيثات ، ووضع عنهم
____________________
إصرهم والاغلال التي
كانت عليهم ، فعرف فضله بذلك ، ثم افترض عليه فيها الصلاة و
الزكاة والصيام والحج والامر بالمعروف ، والنهي
عن المنكر ، والحلال والحرام ، و
المواريث والحدود والفرائض والجهاد في سبيل
الله وزاده الوضوء ، وفضله بفاتحة الكتاب ، وبخواتيم سورة البقرة والمفصل
، وأحل له المغنم والفئ ، ونصره بالرعب ، وجعل
له الارض مسجدا وطهورا ، وأرسله كافة إلى
الابيض والاسود ، والجن والانس ، وأعطاه
الجزية ، وأسر المشركين وفداهم ، ثم كلف ما لم
يكلف أحد
من الانبياء ، أنزل
عليه سيفا من السمآء في غير غمد ، وقيل له : « قاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك ».
كا
: علي ، عن أبيه ، عن البزنطي ، والعدة عن البرقي ، عن إبراهيم بن محمد
الثقفي ، عن محمد بن مروان جميعا ، عن أبان بن
عثمان مثله .
بيان
: الظاهر أن المراد بالشرائع اصول الدين
، وقوله : التوحيد والاخلاص و
خلع الانداد بيان لها ، والفطرة الحنيفية معطوف
على الشرائع ، وإنما خص عليهالسلام
ما به
الاشتراك بهذه الثلاثة مع اشتراك كثير من
العبادات بينه صلىاللهعليهوآله
وبينهم لاختلاف
الكيفيات فيها دون هذه الثلاثة ، ويحتمل أن
يكون المراد بها الاصول واصول الفروع
المشتركة ، وإن اختلف في الخصوصيات والكيفيات ،
وحينئذ يكون جميع تلك الفقرات
إلى قوله عليهالسلام
: وزاده بيانا للشرائع ، ويشكل بالرهبانية والسياحة إذ المشهور أن
____________________
عدمهما من خصائصه صلىاللهعليهوآله ، إلا أن يقال : المراد
عدم الوجوب ، وهو مشترك ، أو يقال : إنهما لم يكونا في شريعة عيسى عليهالسلام أيضا ، بل كانتا من
مبتدعات امته ، كما يؤمي إليه
قوله تعالى : « ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم » أو يقال : ذكر هذا من خصائصه
صلىاللهعليهوآله
بين الكلام لبيان الفرق ، وأما الجهاد فيمكن أن يكون واجبا على عيسى عليهالسلام
بشرط لم يتحقق ، فلذا لم يجاهد ، والاول أظهر ،
وإن كان قوله : وزاده وفضله بالاخير
أوفق ، والاصر بالكسر : الذنب ، والثقل ، والمراد
بالاصر والاغلال التكاليف الشاقة
التي كانت على الامم السالفة ، وخواتيم سورة
البقرة من قوله تعالى : « آمن
الرسول
» إلى آخر السورة ، والمفصل من سورة محمد إلى آخر
القرآن.
٢٧ ـ قب
: فارق نبينا صلىاللهعليهوآله
جماعة النبيين بمأة وخمسين خصلة ، منها في باب
النبوة ، قوله : « وخاتم النبيين » وقوله : « اعطيت جوامع الكلم » وقوله :
« ارسلت
إلى الخلق كافة » وبقاء دولته : « ليظهره على
الدين كله
» والعجز عن الاتيان بمثل
كتابه : « قل لئن اجتمعت الانس والجن » وكان ممنوعا من الشعر وروايته : « وما
علمناه
الشعر
» وتسهيل شريعته : « ما جعل عليكم في الدين من حرج » وإضعاف ثواب
الطاعة : « من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها » ورفع العذاب : « وما كان الله ليعذبهم
وأنت فيهم » وفرض محبة أهل بيته : « قل لا أسئلكم عليه
أجرا
» وفي باب امته : « كنتم خير امة
* هو سماكم المسلمين
* إنما المؤمنون
* الذين اصطفينا من عبادنا
* هو اجتباكم الله
* ولي الذين آمنوا
* هو الذي يصلي عليكم
*
____________________
ويستغفرون
للذين آمنوا » يعني الملائكة ، وإفشاء السلام « وإذا جاءك الذين
يؤمنون بآياتنا
» وفي باب
الطهارة كمال الوضوء ، والتيمم ، والاستنجاء بالحجارة ، وإن الماء مزيل
للنجاسات ، وأن لا يؤثر النجاسة في الماء
الكثير ، وقوله : جعلت لي الارض مسجدا وترابها
طهورا ، وكان ينام ثم يصلي ويقول : « تنام عيني
ولا تنام قلبي » ويقال : فرض عليه السواك ، وهو قد سنه لنا.
وفي باب الصلاة : الاذان والاقامة ، والجمعة
، والجماعة ، والركوع ، والسجوتين ، والتشهد ، والسلام ، وصلاة الليل ، والوتر ، وصلاة الكسوفين ، والاستسقاء ، وصلوة
العشاء
الآخرة.
وفي باب الزكاة : حرم عليه الزكاة
والصدقة ، وهدية الكافر ، وأحل له الخمس
والانفال والغنيمة ، وجعل زكاة المال ربع الخمس
، لا ربع المال.
وفي باب الصيام : « شهر رمضان الذي انزل
فيه القرآن » وليلة القدر ، والعيدين ، وتحليل الطعام والشراب ، واللمس ليال الصيام إلى وقت الصبح ، وحرم صوم الوصال ، وقالوا : ابيح له الوصال في الصوم ، وكتب عليه الاضحية وسنها لنا ، وكذلك الفطرة
على وجه.
وفي باب الحج يقال : احل له دخول مكة
بغير إحرام ، وعقد النكاح وهو محرم ، وفي باب الجهاد « يمددكم
ربكم
» وقوله « نصرت بالرعب ، واحلت لي الغنائم » وكان
إذا لبس لامته لم ينزعها حتى يقاتل ، ولا يرجع إذا
خرج ، ولا ينهزم إذا لقى العدو
وإن كثروا عليه ، وإنه أفرس العالمين ، وخص
بالحمى.
وفي باب النكاح : حرم عليه نكاح الاماء
والذميات ، والامساك بمن كرهت نكاحه ، وحرم أزواجه على الخلق ، وخص بإسقاط المهر ، والعقد بلفظ الهبة ، والعدد ما شآء
بعد
____________________
التخيير ، والعزل
عمن أراد ، وكان طلاقه زائدا على طلاق امته ، والواحدة من نسائه إذا
أتت بفاحشة ضعف لها العذاب.
أبوعبدالله عليهالسلام في قوله : « لا تحل
لك النسآء من بعد
» يعني قوله : « حرمت عليكم
امهاتكم
» الآية.
وفي باب الاحكام : تخفيف الامر على امته
، والقربان بغير الفضيحة ، وتيسير
التوبة بغير القتل ، وستر المعصية على المذنب ،
ورفع الخطآء والنسيان وما استكره عليه ، والتخيير بين القصاص والدية والعفو ، والفرق بين الخطآء والعمد ، والتوبة من الذنب
دون
إبانة العضو ، وتحليل مجالسة الحائض ، والانتفاع
بما نالته ، وتحليل تزويج نسآء أهل
الكتاب لامته.
وفي باب الآداب : لم يكن له خائنة
الاعين ، يعني الغمز بالعين ، والرمز باليد ، وحرم
عليه أكل الثوم على وجهه.
وفي باب الآخرة وذلك أنه أول من تنشق
عنه الارض ، وأول من يدخل الجنة : وأنه يشهد لجميع الانبيآء بالادآء ، وله الشفاعة ، ولواء الحمد والحوض والكوثر ، ويسأل في غير يوم القيامة ، وكل الناس يسألون في أنفسهم ، وأنه أرفع النبيين درجة
، وأكثرهم امة.
٢٨ ـ قب
: كان له اثنان وعشرون خاصية : كان أحسن الخلائق : « الذي خلقك فسواك
» وأجملهم :
« لقد خلقنا
الانسان في أحسن تقويم » وأطهرهم : « طه * ما أنزلنا
» وأفضلهم :
« وكان فضل الله عليك كبيرا
» وأعزهم : « لقد جاءكم
رسول
»
____________________
وأشرفهم : « إنا
أرسلناك
» وأظهر معجزة : « قل لئن اجتمعت الانس والجن
» وأهيب الناس : « سنلقي في قلوب الذين » وأكملهم سعادة : « عسى أن يبعثك ربك » وأكرمهم كرامة : « سبحان الذي أسرى » وأقربهم منزلة : « ثم دنى فتدلى » وأقواهم
نصرة : « وينصرك الله نصرا » وأصحهم رؤيا : « لقد صدق الله رسوله
الرؤيا » وأكملهم رسالة : « الله نزل أحسن الحديث » وأحسنهم دعوة : « فبشر عبادي الذين » وأعصمهم عصمة : « والله يعصمك » وأبعدهم صيتا : « ورفعنا لك ذكرك » وأحسنهم
خلقا : « وإنك لعلى خلق » وأبقاهم ولاية : « ليظهره على الدين
كله
» وأعلاهم
خاصية
: « لعمرك
» وأجلهم خليفة : « إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا » وأطهرهم أولادا : « إنما يريد الله ليذهب عنكم
الرجس
» وإن الله تعالى وضع ثلاثة
أشيآء على هوى الرسول : الصلاة : « ومن آناء
الليل فسبح وأطراف النهار
» والشفاعة : « ولسوف يعطيك ربك » والقبلة : « فلنولينك قبلة » كقول الناس : من حب
فلان لفلان أنه إن أمره يتحويل القبلة لحولها ،
وأعطى التوراة لموسى عليهالسلام
، والانجيل
لعيسى عليهالسلام
، والزبور لداود عليهالسلام
، وقال النبي (ص) : اوتيت السبع الطوال مكان
التوراة ، والمائين مكان الانجيل ، والمثاني
مكان الزبور ، وفضلني ربي بالمفصل ، وإنه
____________________
شاركه مع نفسه في
عشرة مواضع : « ولله العزة
ولرسوله
* أطيعوا
الله وأطيعوا الرسول * ومن يعص الله ورسوله * إن الذين يؤذون الله ورسوله * استجيبوا لله
وللرسول
* وينصرون
الله ورسوله
* إذا نصحوا
لله ولرسوله
* فأذنوا بحرب من
الله ورسوله
* فآمنوا
بالله ورسوله
* ومن يتول
الله ورسوله
» ومن جلالة قدره أن الله نسخ بشريعته سائر
الشرايع ، ولم ينسخ شريعته
، ونهى الخلق
أن يدعوه باسمه : « لا تجعلوا دعآء الرسول بينكم كدعآء بعضكم بعضا » وإنما كان
ينبغي أن يدعى له : يا أيها الرسول ، يا أيها النبي ،
ولم يأذن بالجهر عليه : « يا
أيها الذين
آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي » وإن الله تعالى أرسل سائر الانبيآء
إلى طائفة دون اخرى ، قوله : « وما أرسلنا من
نبي إلا بلسان قومه
» كما قال :
____________________
« إنا أرسلنا نوحا إلى قومه * وإلى عاد أخاهم هودا * وإلى ثمود أخاهم صالحا » قرية واحدة
لم يكمل
له أربعين
بيتا « وإلى مدين أخاهم شعيبا » ولم تكمل أربعين
بيتا « ثم أرسلنا موسى وأخاه هارون » إلى مصر وحدها ، وأرسل إبراهيم عليهالسلام بكوثى
وهي قرية من السواد ، وكان بعده لاسحاق عليهالسلام
، ويعقوب عليهالسلام
في أرض كنعان ، ويوسف عليهالسلام
في أرض مصر ، ويوشع عليهالسلام
إلى بني إسرآئيل في البرية ، وإلياس عليهالسلام
في الجبال ، وأرسل نبينا صلىاللهعليهوآله إلى الناس كافة
قوله : « نذيرا
للبشر
» وإلى الجن
أيضا قوله : « وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن » وإلى الشياطين أيضا ، قال صلىاللهعليهوآله : إن
الله أعانني على شيطان حتى أسلم على يدي. قوله
: « وما أرسلناك
إلا كافة
» وقال
قوله صلىاللهعليهوآله
: « بعثت إلى الاحمر والاسود والابيض » وقال صلىاللهعليهوآله
: « بعثت إلى الثقلين
» وإنه علق خمسة أشيآء باتباعه : المحبة « فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم ».
____________________
والفلاح : « فاتبعوه لعلكم تفلحون » والهداية : « فمن تبع هداي فلا يضل
ولا يشقى
» والرحمة : « فسأكتبها للذين الآية » ، وإنه مدح كل عضو من أعضائه : نفسه
: « لا تكلف إلا نفسك » رأسه : « يا أيها المدثر » شعره : « والليل إذا سجى » عينه : « ولا تمدن عينيك » بصره : « ما زاغ البصر » اذنه : « ويقولون : هو اذن » لسانه : فإنما
يسرناه بلسانك
» كلامه : « وما ينطق
عن الهوى
» وجهه : « قد نرى تقلب وجهك » خده : « ولا تصعر خدك » فؤاده : « ما كذب الفؤاد » قلبه : « على
____________________
قلبك » صدره : « ألم نشرح لك صدرك » ظهره : « الذي أنقض ظهرك » يده : « ولا
تجعل يدك
» قيامه : « حين تقوم » صوته : « فوق صوت النبي » رجله : « طه *
ما أنزلنا
» يعني طأ الارض بقدميك ، روحه : « لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون » خلقه : « وإنك لعلى خلق عظيم » ثوبه : « وثيابك فطهر » علمه : « وعلمك ما لم تكن تعلم » صلاته : « فتهجد به نافلة لك » صومه : « إن لك في النهار » كتابه : « وإنه لكتاب عزيز » دينه : « دينهم الذي ارتضى لهم » امته : « كنت خير امة » قبلته : « فلنولينك قبلة » بلده : « لا اقسم بهذا البلد » قضاياه : « إذا قضى الله ورسوله » جنده : « والعاديات ضبحا » عزته : « ولله العزة ولرسوله » عصمته : « والله يعصمك من الناس » شفاعته : « فلعلك ترضى
» صلابته :
« برائة من
الله و رسوله
» وصيه : « إنما وليكم الله
ورسوله
» أهل بيته : « ليذهب
عنكم الرجس أهل البيت
».
____________________
٢٩ ـ شى
: عن سليمان بن خالد قال : قلت لابي عبدالله عليهالسلام
: قول الناس لعلي
عليهالسلام
: إن كان له حق فما منعه أن يقوم به؟ قال : فقال : إن الله لم يكلف هذا إلا
إنسانا واحدا : رسول الله صلىاللهعليهوآله ، قال : « فقاتل في سبيل الله لا
تكلف إلا نفسك وحرض المؤمنين » فليس هذا إلا للرسول ، وقال لغيره :
« إلا متحرفا
لقتال أو متحيزا إلى فئة » فلم يكن يومئذ فئة يعينونه على أمره.
٣٠ ـ شى
: عن زيد الشحام ، عن جعفر بن محمد قال : ما سأل رسول الله صلىاللهعليهوآله
شيئا قط فقال : لا ، إن كان عنده أعطاه ، وإن
لم يكن عنده قال : يكون إن شآء الله ، ولا
كافئ بالسيئة قط ، وما ألقىسرية مذ نزلت عليه « فقاتل في سبيل الله
لا تكلف إلا
نفسك » إلا ولى بنفسه.
٣١ ـ شى
: أبان ، عن أبي عبدالله عليهالسلام
لما نزلت على رسول الله صلىاللهعليهوآله
: « لا
تكلف إلا نفسك » قال : كان أشجع الناس من لاذ برسول الله
عليه وآله السلامبيان
: أي كان عليهالسلام
بحيث يكون أشجع الناس من لحق به ولجأ إليه ، لانه كان
أقرب الناس وأجرأهم عليهم ، كما روي عن أمير
المؤمنين أنه كان يقول : كنا إذا
احمر البأس اتقينا برسول الله صلىاللهعليهوآله ، فما يكون أحد
أقرب إلى العدو منه.
٣٢ ـ شى
: عن الثمالي ، عن عيص ، عن أبي عبدالله عليهالسلام
قال رسول الله صلىاللهعليهوآله
: كلف ما لم يكلف أحد أن يقاتل في سبيل الله وحده ، وقال : « حرض المؤمنين على
القتال » وقال : إنما كلفتم اليسير من الامر أن تذكروا
الله.
____________________
٣٣ ـ ارشاد القلوب
: بالاسناد يرفعه إلى الامام موسى بن جعفر عليهالسلام
قال : قال : حدثني أبي جعفر ، عن أبيه ، قال : حدثني أبي علي ، قال : حدثني أبي الحسين بن علي
ابن أبي طالب عليهالسلام
قال : بينما أصحاب رسول الله (ص) جلوس في مسجده بعد وفاته عليهالسلام
يتذاكرون فضل رسول الله صلىاللهعليهوآله إذ دخل علينا حبر
من أحبار يهود أهل الشام
قد قرأ
التوراة والانجيل والزبور ، وصحف إبراهيم
والانبيآء ، وعرف دلائلهم ، فسلم علينا وجلس ، ثم لبث هنيئة ، ثم قال : يا امة محمد ما تركتم لنبي درجة ولا لمرسل فضيلة إلا وقد
تحملتموها
لنبيكم ، فهل عندكم جواب إن أنا سألتكم؟ فقال له أمير المؤمنين عليهالسلام : سل يا أخا اليهود ما أحببت
فإني اجيبك عن كل ما تسأل بعون الله تعالى ومنه
، فوالله ما أعطى الله عزوجل نبيا ولا مرسلا درجة ولا فضيلة إلا وقد جمعها لمحمد صلىاللهعليهوآله ، وزاده على الانبيآء والمرسلين أضعافا مضاعفة ، ولقد كان رسول الله (ص) إذا ذكر
لنفسه
فضيلة قال : « ولا فخر » وأنا أذكر لك اليوم من
فضله من غير إزرآء
على أحد من الانبيآء
ما يقر الله به أعين المؤمنين ، شكرا لله على
ما أعطى محمدا صلىاللهعليهوآله
الآن ، فاعلم يا
أخا
اليهود إنه كان من فضله عند ربه تبارك وتعالى
وشرفه ما أوجب المغفرة والعفو لمن خفض
الصوت عنده ، فقال جل ثنآؤه في كتابه : « إن
الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله
اولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتوقى لهم
مغفرة وأجر عظيم
» ثم قرن طاعته بطاعته
فقال : « ومن يطع الرسول فقد أطاع الله » ثم قربه من قلوب المؤمنين وحببه
إليهم ،
__________________
وكان يقول صلىاللهعليهوآله : « حبي خالط دمآء امتي فهم يؤثروني على الآباء وعلى
الامهات
وعلى أنفسهم » ولقد كان أقرب الناس وأرؤفهم ، فقال تبارك وتعالى : « لقد
جاءكم
رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم
بالمؤمنين رؤف رحيم
» وقال عزوجل : « النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه
امهاتهم
« والله لقد بلغ من فضله صلىاللهعليهوآله
في
الدنيا ومن فضله (ص) في الآخرة ما تقصر عنه
الصفات ، ولكن اخبرك بما يحمله قلبك ، ولا
يدفعه عقلك ولا تنكره بعلم إن كان عندك ، لقد
بلغ من فضله (ص) أن أهل النار يهتفون ويصرخون
بأصواتهم ندما أن لا يكونوا أجابوه في الدنيا ،
فقال الله عزوجل : « يوم
تقلب وجوههم في النار
يقولون يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسولا » ولقد ذكره الله تبارك وتعالى مع
الرسل
فبدأ به وهو آخرهم لكرامته صلىاللهعليهوآله ، فقال جل ثناؤه :
« وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم
ومنك ومن نوح » وقال : « إنا أوحينا إليك كما أوحينا
إلى نوح والنبيين من بعده
» والنبيون قبله ، فبدأ به وهو آخرهم ، ولقد فضله الله
على جميع الانبياء ، وفضل
امته على جميع الامم فقال عز وجل : « كنتم خير
امة اخرجت للناس تأمرون بالمعروف
وتنهون عن المنكر » فقال اليهودي : إن آدم عليهالسلام أسجد الله عزوجل له
ملائكته ، فهل فضل لمحمد صلىاللهعليهوآله
مثل ذلك؟
فقال عليهالسلام
: قد كان ذلك ، ولئن
أسجد الله لآدم ملائكته فإن ذلك لما أودع الله
عزوجل صلبه من الانوار والشرف ، إذ
كان هو الوعاء ، ولم يكن سجودهم عبادة له ، وإنما
كان سجودهم طاعة لامر الله عزوجل
وتكرمة وتحية ، مثل السلام من الانسان على
الانسان ، واعترافا لآدم عليهالسلام
بالفضيلة ، وقد أعطى الله محمد (ص) أفضل من ذلك ، وهو أن الله صلى عليه ، وأمر ملائكته أن
يصلوا
____________________
عليه
، وتعبد جميع خلقه بالصلاة عليه إلى يوم القيامة ، فقال جل ثناؤه : « إن الله
وملائكته
يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه
وسلموا تسليما
» فلا يصلي عليه
أحد في حياته ولا بعد وفاته إلا صلى الله عليه
بذلك عشرا ، وأعطاه من الحسنات عشرا ، بكل صلاة صلى عليه ، ولا يصلي عليه أحد بعد وفاته إلا وهو يعلم بذلك ويرد على
المصلي
والمسلم مثل ذلك ، ثم إن الله عزوجل جعل دعاء
امته فيما يسألون ربهم جل ثناؤه
موقوفا عن الاجابة حتى يصلوا فيه عليه صلىاللهعليهوآله ، فهذا أكبر وأعظم
مما أعطى الله آدم
عليهالسلام
، ولقد أنطق الله عزوجل صم الصخور والشجر بالسلام والتحية له ، وكنا
نمر معه (ص) فلا يمر بشعب ولا شجر إلا قالت : السلام عليك يا رسول الله ،
تحية له ، وإقرار بنبوته صلىاللهعليهوآله
، وزاده الله عزوجل تكرمة بأخذ ميثاقه قبل النبيين ، وأخذ ميثاق
النبيين بالتسليم والرضا والتصديق له ، فقال جل
ثناؤه : « وإذ أخذنا من النبين ميثاقهم ومنك
ومن نوح وإبراهيم » وقال عزوجل : « وإذ أخذ الله ميثاق
النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة
ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال : أقررتم و أخذتم على
ذلكم إصري
قالوا
أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين » و
قال الله عزوجل : « النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم » وقال الله تعالى : « ورفعنا لك ذكرك » فلا يرفع رافع صوته بكلمة الاخلاص : بشهادة
أن لا إله إلا الله حتى يرفع
صوته معها بأن محمدا رسول الله في الاذان
والاقامة والصلاة
والاعياد والجمع ومواقيت
الحج وفي كل خطبة حتى في خطب النكاح وفي
الادعية ، ثم ذكر اليهودي مناقب
الانبيآء وأمير المؤمنين عليهالسلام يثبت للنبي (ص) ما
هو أعظم منها ، تركنا ذكرها طلبا
____________________
للاختصار حتى وصل
إلى أن قال اليهودي : فإن الله عزوجل ناجى
موسى على جبل
طور سيناء بثلاثمائة وثلاثة عشر كلمة يقول لها فيها : « يا موسى إني أنا
الله » فهل فعل
بمحمد شيئا من ذلك؟ قال علي عليهالسلام : لقد كان كذلك
ومحمد (ص)
ناجاه الله جل
ثناؤه فوق سبع سماوات رفعه عليهن ، فناجاه في
موطنين : أحدهما عند سدرة المنتهى ، وكان
له هناك مقام محمود ، ثم عرج به حتى انتهى إلى
ساق العرش
، فقال عزوجل : « ثم دنى فتدلى » ودنى له رفرفا أخضر اغشي عليه نور عظيم حتى كان في
دنوه كقاب قوسين أو أدنى ، وهو مقدار ما بين
الحاجب إلى الحاجب ، وناجاه بما ذكره الله
عزوجل في كتابه ، قال تعالى : « لله ما في السموات وما
في الارض وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه
يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشآء ويعذب من يشآء » وكانت هذه الآية
قد عرضت على سائر الامم من لدن آدم إلى أن بعث
محمد صلىاللهعليهوآله
فأبوا جميعا أن
يقبلوها
من ثقلها ، وقبلها محمد
، فلما رأى الله عزوجل منه ومن امته
القبول خفف عنه ثقلها ، فقال الله عزوجل : « آمن الرسول بما انزل
إليه من ربه
» ثم إن الله عزوجل تكرم على محمد ، وأشفق
على امته من
تشديد الآية التي قبلها هو وامته فأجاب عن نفسه
وامته فقال : « والمؤمنون كل امن
____________________
بالله وملائكته
وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله » فقال الله عزوجل : لهم المغفرة
والجنة إذا فعلوا ذلك ، فقال النبي صلىاللهعليهوآله : « سمعنا وأطعنا
غفرانك ربنا وإليك المصير » يعني المرجع في الآخرة ، فأجابه قد فعلت بتائبي
امتك قد أوجبت لهم المغفرة ، ثم قال الله
تعالى : أما إذا قبلتها أنت وامتك وقد كانت
عرضت من قبل على
الانبيآء
والامم فلم يقبلوها فحق علي أن أرفعها عن امتك
، فقال الله تعالى : « لا يكلف الله نفسا
إلا وسعها لها ما كسبت » من خير « وعليها ما
اكتسبت » من شر ، ثم ألهم الله عزوجل
نبيه أن قال : « ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو
أخطأنا » فقال الله سبحانه : أعطيتك لكرامتك
يا محمد ، إن الامم السالفة كانوا إذا نسوا ما
ذكروا فتحت عليهم
أبواب عذابي
، و
رفعت ذلك عن امتك ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : « ربنا ولا تحمل
علينا إصرا كما حملته
على الذين من قبلنا « يعني بالآصار الشدائد
التي كانت على الامم ممن كان قبل محمد ، فقال عزوجل : لقد رفعت عن امتك الآصار التي كانت على الامم السالفة ، وذلك أني
جعلت على الامم أن لا أقبل فعلا إلا في بقاع الارض التي اخترتها
لهم وإن بعدت ، وقد جعلت الارض لك ولامتك طهورا ومسجدا ، فهذه من الآصار وقد رفعتها عن امتك ، وقد كانت الامم السالفة تحمل قرابينها على أعناقها إلى بيت المقدس ، فمن قبلت ذلك
منه أرسلت على قربانه نارا تأكله ، وإن لم أقبل
ذلك منه رجع به مثبورا
، وقد جعلت
قربان امتك في بطون فقرائها ومساكينها ، فمن
قبلت ذلك منه اضاعف له الثواب أضعافا
مضاعفة ، وإن لم أقبل ذلك منه رفعت عنه به عقوبات الدنيا ، وقد
رفعت لك عن امتك
وهي من الآصار التي كانت ، وكانت الامم السالفة مفروضا عليهم
صلاتها في كبد
____________________
الليل وأنصاف النهار ، وهي من الشدائد التي
كانت ، وقد
رفعتها عن امتك ، وفرضت عليهم صلاتهم في أطراف الليل والنهار في أوقات نشاطهم ، وكانت الامم السالفة
مفروضا عليهم خمسون صلاة في خمسين وقتا ، وهي
من الآصار التي كانت عليهم ، وقد
رفعتها عن امتك ، وكانت الامم السالفة حسنتهم
بحسنة واحدة ، وسيئتهم بسيئة
واحدة ، وجعلتك لامتك الحسنة بعشر أمثالها ، والسيئة
بواحدة ، وكانت
الامم
السالفة إذا نوى أحدهم حسنة لم تكتب لهم ، وإذا هم بالسيئة كتبتها عليهم و
إن لم يفعلها ، وقد رفعت ذلك عن امتك ، فإذا هم
أحدهم بسيئة ولم يعملها لم تكتب
عليه ، وإذا هم أحدهم بحسنة ولم يعملها كتبت له
حسنة ، وكانت الامم السالفة إذا أذنبوا
كتبت ذنوبهم على أبوابهم ، وجعلت توبتهم من
الذنب أن احرم عليهم بعد التوبة
أحب الطعام إليهم ، وكانت الامم السالفة يتوب
أحدهم من الذنب الواحد المائة سنة ، و
المأتي سنة ، ثم لم أقبل توبته دون أن اعاقبه
في الدنيا بعقوبة ، وقد رفعت ذلك عن امتك ، وإن الرجل من امتك ليذنب المائة سنة ثم يتوب ويندم طرفة عين فأغفر له ذلك كله و
أقبل توبته ، وكانت الامم السالفة إذا أصابهم
إذا نجس قرضوه
من أجسادهم ، وقد جعلت
الماء طهورا لامتك من جميع الانجاس ، والصعيد
في الاوقات ، وهذه الآصار
التي
كانت عليهم رفعتها عن امتك.
قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : اللهم إذ قد فعلت
ذلك بي فزدني ، فألهمه الله سبحانه أن قال :
____________________
« ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به » قال الله
عزوجل : قد فعلت ذلك بامتك ، وقد رفعت
عنهم عظيم بلايا الامم ، وذلك حكمي في جميع
الامم أن لا اكلف نفسا فوق طاقتها
، قال : « واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا
» قال : قال الله تعالى : قد فعلت ذلك بتائبي
امتك
، ثم قال : « فانصرنا
على القوم الكافرين
» قال الله عزوجل : قد فعلت
ذلك ، وجعلت امتك يا محمد كالشامة البيضاء في
الثور الاسود ، هم القادرون ، وهم القاهرون ، يستخدمون ولا يستخدمون لكرامتك
، وحق علي أن اظهر دينك على الاديان حتى
لا يبقى في شرق الارض ولا غربها دين إلا دينك ،
ويؤدون إلى أهل دينك الجزية وهم
صاغرون ، « ولقد رآه نزلة اخرى * عند سدرة المنتهى * عندها
جنة المأوى * إذ يغشى السدرة ما
يغشى * ما زاغ البصر وما طغى * لقد رأى من آيات ربه الكبرى » فهذا
أعظم يا أخا اليهود من مناجاته لموسى عليهالسلام على طور سيناء ، ثم
زاد الله لمحمد (ص)
أن مثل النبيين فصلى بهم وهم خلفه يقتدون به ، ولقد
عاين تلك الليلة الجنة والنار ، وعرج به إلى سماء سماء ، فسلمت عليه الملائكة ، فهذا أكثر من ذلك.
قال اليهودي : فإن الله عزوجل ألقى على موسى
محبة منه ، فقال عليهالسلام
له : لقد
كان كذلك ، ومحمد صلىاللهعليهوآله
ألقى عليه محبة منه ، فسماه حبيبا ، وذلك أن الله تعالى جل
ثناؤه أرى إبراهيم صورة محمد وامته ، فقال : يا
رب ما رأيت من امم الانبياء أنور ولا أزهر
من هذه الامة ، فمن هذا؟ فنودي هذا محمد حبيبي
، لا حبيب لي من خلقي غيره ، أجريت
ذكره قبل أن أخلق سمائي وأرضي وسميته نبيا وأبوك آدم يومئذ من
الطين ، و
____________________
أجريت فيه روحه ، ( ولقد القيت أنت معه في الذروة
الاولى ) وأقسم
بحياته في
كتابه ، فقال جل ثناؤه : « لعمرك إنهم لفي سكرتهم
يعمهون
» أي وحياتك يا محمد ، وكفى بهذا رفعة وشرفا من الله عز وجل ورتبة ، قال اليهودي : فأخبرني عما فضل الله
به امته على سائر الامم ، قال عليهالسلام : لقد فضل الله
امته صلىاللهعليهوآله
على سائر الامم بأشياء
كثيرة أنا أذكر لك منها قليلا من كثير ، من ذلك
قول الله عزوجل : « كنتم
خير امة اخرجت
للناس
» ومن ذلك أنه إذا كان يوم القيامة وجمع الله الخلق في صعيد واحد
سأله الله عزوجل النبيين هل بلغتم؟ فيقولون : نعم
، فيسأل الامم فيقولون : ما جاءنا من بشير
ولا نذير ، فيقول الله جل ثناؤه وهو أعلم بذلك
للنبيين : من شهداءكم اليوم؟ فيقولون : محمد و
امته ، فتشد لهم امة محمد بالتبليغ ، وتصدق
شهادتهم ، وشهادة
محمد (ص) فيؤمنون عند ذلك ، وذلك قوله تعالى : « لتكونوا
شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا » يقول : يكون محمد عليكم شهيدا أنكم قد بلغتم الرسالة ،
ومنها أنهم أول الناس حسابا ، وأسرعهم
دخولا إلى الجنة قبل سائر الامم كلها.
ومنها أيضا أن الله عزوجل فرض عليهم في
الليل والنهار خمس صلوات في خمسة
أوقات : اثنتان بالليل ، وثلاث بالنهار ، ثم
جعل هذه الخمس صلوات تعدل خمسين صلاة ، وجعلها كفارة خطاياهم ، فقال عزوجل : « إن الحسنات يذهبن السيئات
» يقول : صلاة الخمس تكفر الذنوب ما اجتنبت الكبائر.
ومنها أيضا أن الله تعالى جعل لهم
الحسنة الواحدة التي يهم بها العبد ولا يعملها
____________________
حسنة واحدة يكتبها
له ، فإن عملها كتبت
له عشر حسنات وأمثالها إلى سبعمائة ضعف
فصاعدا.
ومنها أن الله عز وجل يدخل الجنة من أهل
هذه الامة سبعين ألفا بغير حساب ، ووجوههم
مثل القمر ليلة البدر ، والذين يلونهم على أحسن ما يكون الكوكب
الدري في افق السماء ، والذين يلونهم على أشد
كوكب في السماء إضاءة ، ولا اختلاف
بينهم ولا تباغض بينهم.
ومنها أن القاتل منهم عمدا إن شاء
أولياء المقتول
أن يعفوا عنه فعلوا ، وإن
شاؤوا قبلوا الدية ، وعلى أهل التوراة وهم أهل
دينك يقتل القاتل
ولا يعفى عنه ، ولا
تؤخذ منه دية ، قال الله عزوجل : « ذلك تخفيف من ربكم
ورحمة
».
ومنها أن الله عزوجل جعل فاتحة الكتاب
نصفها لنفسه ، ونصفها لعبده ، قال الله
تعالى : قسمت بيني وبين عبدي هذه السورة ، فإذا
قال أحدهم : « الحمد لله » فقد حمدني ، وإذا قال : « رب العالمين » فقد عرفني ، وإذا قال : « الرحمن الرحيم » فقد مدحني ،
وإذا
قال : « مالك يوم الدين » فقد أثني علي ، وإذا
قال : « إياك نعبد
وإياك نستعين
» فقد صدق عبدي في عبادتي بعد ما سألني ، وبقية
هذه السورة له.
ومنها أن الله تعالى بعث جبرائيل عليهالسلام
إلى النبي صلىاللهعليهوآله
أن بشر امتك
بالزين والسناء والرفعة والكرامة والنصر.
____________________
ومنها أن الله سبحانه أباحهم صدقاتهم
يأكلونها ، ويجعلونها في بطون فقرائهم يأكلون
منها ويطعمون ، وكانت صدقات من قبلهم من الامم
المؤمنين
يحملونها إلى مكان
قصي
فيحرقونها بالنار.
ومنها أن الله عزوجل جعل الشفاعة لهم
خاصة دون الامم ، والله تعالى يتجاوز
عن ذنوبهم العظام لشفاعة نبيهم صلىاللهعليهوآله.
ومنها أن يقال يوم القيامة : ليتقدم
الحامدون ، فتقدم امة محمد صلىاللهعليهوآله
قبل الامم ، وهو مكتوب امة محمد الحامدون
، يحمدون الله عزوجل على كل منزلة ، ويكبرونه
على كل نحد
، مناديهم في جوف السماء له
دوى كدوي النحل.
ومنها أن الله لا يهلكهم بجوع ، ولا
يجمعهم علي ضلالة
، ولا يسلط عليهم عدوا
من غيرهم ، ولا يساخ ببقيتهم ، وجعل لهم الطاعون شهادة.
ومنها أن الله جعل لمن صلى على نبيه عشر
حسنات
، ومحا عنه عشر سيئات ،
____________________
ورد الله سبحانه
عليه مثل صلاته على النبي صلىاللهعليهوآله.
ومنها أنه جعلهم أزواجا ثلاثة امما ، فمنهم
ظالم لنفسه ، ومنهم مقتصد ، ومنهم
سابق بالخيرات ، والسابق بالخيرات يدخل الجنة
بغير حساب ، والمقتصد يحاسب
حسابا يسيرا ، والظالم لنفسه مغفور له إنشاء
الله.
ومنها أن الله عزوجل جعل توبتهم الندم
والاستغفار والترك للاصرار ، وكانت
بنو إسرائيل توبتهم قتل النفس.
ومنها قول الله عزوجل لنبيه صلىاللهعليهوآله : امتك هذه مرحومة
، عذابها
في الدنيا
الزلزلة والفقر.
ومنها أن الله عزوجل يكتب للمريض الكبير من الحسنات على حسب ما كان
يعمل في شبابه وصحته من أعمال الخير ، يقول
الله سبحانه للملائكة : استكتبوا
لعبدي
مثل حسناته قبل ذلك ما دام في وثاقي.
ومنها أن الله عزوجل ألزم امة محمد صلىاللهعليهوآله كلمة التقوى ، وجعل
بدؤ الشفاعة
لهم في الآخرة.
ومنها أن النبي صلىاللهعليهوآله رأى في السماء ليلة
عرج به إليها ملائكة قياما وركوعا
منذ خلقوا ، فقال : يا جبرئيل هذه هي العبادة ،
فقال جبرئيل : صدقت يا محمد ، فاسأل ربك
أن يعطي امتك القنوت والركوع والسجود في صلاتهم
، فأعطاهم الله تعالى ذلك ، فامة محمد (ص) يقتدون بالملائكة الذين
في السمآء ، قال
النبي صلىاللهعليهوآله
: إن اليهود
____________________
يحسدونكم على صلاتكم
وركوعكم وسجودكم.
بيان
: الازراء : التحقير والتهاون والعيب. قوله عليهالسلام
: والنبيون من قبله ، أي كان
نبيون من قبل نوح فلم يذكرهم بعد نوح ، بل ذكر
بعده من جاء بعده ، وبدأ بنبينا قبل
من تقدمه ، ويحتمل إرجاع الضمير في قبله إلى
النبي صلىاللهعليهوآله
، أي النبيون الذين ذكر الله.
أنهم بعد نوح كانوا قبله صلىاللهعليهوآله ، وقد بدأ الله به
قبل نوح وقبلهم في الآية الاولى ، ولعله
أظهر
، ويؤيده أن كلمة « من » ليست في بعض النسخ. والشامة : الخال. قوله : ولقد
القيت أنت معه ، على بنآء المجهول. في الذروة
الاولى ، لعله من ذرو الريح ، وذرو الحب
أي نثره ، أي ألقيتك معه حين أخرجت ذرية آدم من
صلبه ، ونثرتهم ، وأخذت عليهم
الميثاق ، ولا يبعد أن يكون في الاصل والتقيت
معه في الذر الاولى ، أي لقيته في عالم الذر
السابق حين أخذت ميثاقه منك ومن سائر النبين.
قوله : على كل نجد ، أي مكان
مرتفع.
٣٤ ـ فر
: محمد بن أحمد معنعنا عن أبي جعفر عليهالسلام
قال : قال أمير المؤمنين علي بن
أبي طالب عليهالسلام
: إن النبي صلىاللهعليهوآله
اوتي علم النبيين ، وعلم الوصيين ، وعلم ما هو كائن
إلى أن تقوم الساعة ، ثم تلا هذه الآية يقول
الله لنبيه صلىاللهعليهوآله
: « هذا ذكر
من معي
وذكر من قبلي » .
٣٥ ـ ختص
: جماعة من أصحابنا ، عن محمد بن جعفر المؤدب ، عن عدة من أصحابنا
عن ابن أبي الخطاب ، عن ابن أسباط ، عن الحسن
بن زياد ، عن صفوان الجمال ، عن
أبي عبدالله عليهالسلام
قال : قال لي : يا صفوان هل تدري كم بعث الله من نبي؟ قال : قلت : ما أدري. قال : بعثت الله مائة ألف نبي وأربعة
وأربعين ألف نبي
، ومثلهم أوصيآء بصدق
____________________
الحديث ، وأدآء
الامانة ، والزهد في الدنيا ، وما بعث الله نبيا خيرا من محمد صلىاللهعليهوآله ، ولا
وصيا خيرا من وصيه.
٣٦ ـ كا
: محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن محبوب ، عن صالح بن
سهل ، عن أبي عبدالله عليهالسلام إن بعض قريش قال
لرسول الله صلىاللهعليهوآله
: بأي شئ سبقت
الانبيآء ، وأنت بعثت آخرهم وخاتمهم؟ قال : إني
كنت أول من آمن بربي ، وأول من
أجاب حيث أخذ الله ميثاق النبيين « وأشهدهم على
أنفسهم ألست بربكم
» فكنت أنا
أول نبي قال
: بلى ، فسبقتهم بالاقرار بالله عزوجل.
٣٧ ـ كا
: محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن علي بن إسماعيل ، عن محمد بن
إسماعيل ، عن سعدان بن مسلم ، عن صالح بن سهل ،
عن أبي عبدالله عليهالسلام
قال : سئل
رسول الله صلىاللهعليهوآله
بأي شئ سبقت ولد آدم؟ قال : إنني أول من أقر بربي ، إن الله أخذ
ميثاق النبيين « وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم
قالوا : بلى
» فكنت أول من
أجاب.
٣٨ ـ كا
: عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة قال : قلت لابي عبدالله عليهالسلام
: قول الله عزوجل : « فاصبر
كما صبر اولو العزم من الرسل » فقال : نوح وإبراهيم وموسى وعيسى عليهمالسلام ومحمد (ص) ، قلت : كيف
صاروا اولوا العزم؟ قال : لان نوحا بعث بكتاب وشريعة ، وكل
من جآء بعد نوح
أخذ بكتاب نوح وشريعته ومنهاجه حتى جآء إبراهيم
عليهالسلام
بالصحف وبعزيمة ترك كتاب
____________________
نوح عليهالسلام لاكفرا به ، فكل
نبي جآء بعد إبراهيم عليهالسلام
أخذ بشريعة إبراهيم عليهالسلام
ومنهاجه وبالصحف حتى جاء موسى عليهالسلام بالتوراة وشريعته
ومنهاجه وبعزيمة ترك
الصحف ، فكل نبي جاء بعد موسى عليهالسلام أخذ بالتوراة
وشريعته ومنهاجه ، حتى جاء
المسيح عليهالسلام
بالانجيل وبعزيمة ترك شريعة
موسى عليهالسلام
ومنهاجه ، فكل نبي جاء بعد
المسيح عليهالسلام
أخذ بشريعته ومنهاجه حتى جاء محمد (ص) فجاء بالقرآن وبشريعته ومنهاجه ، فحلاله حلال إلى يوم القيامة وحرامه حرام إلى يوم القيامة.
٣٩ ـ ن
: بالاسانيد الثلاثة
عن الرضا ، عن آبائه عليهمالسلام
قال : قال رسول الله (ص)
إن موسى عليهالسلام
سأل ربه عزوجل فقال : يا رب اجعلني من امة محمد (ص) فأوحى الله
تعالى إليه يا موسى إنك لا تصل إلى ذلك.
صح
: عنه عليهالسلام
مثله.
٤٠ ـ ل
: في وصية النبي صلىاللهعليهوآله لعلي عليهالسلام
يا علي إن الله عزوجل
أشرف على الدنيا فاختارني منها على رجال
العالمين ، ثم اطلع الثانية فاختارك على رجال
العالمين بعدي ، ثم اطلع الثالثة فاختار الائمة
من ولدك على رجال العالمين بعدك ، ثم
اطلع الرابعة فاختار فاطمة على نسآء العالمين.
٤١ ـ فر
: عن سليمان الديلمي
عن أبي عبدالله عليهالسلام
في قوله تعالى : « اولئك
____________________
مع
الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهدآء والصالحين » فرسول الله
في الآية النبيين ، ونحن في هذا الموضع الصديقين
والشهدآء ، وأنتم الصالحون.
الخبر.
٤٢ ـ يد ، مع
: إبراهيم بن هارون الهيتي
، عن محمد بن أحمد بن أبي الثلج ، عن الحسين بن أيوب ، عن محمد بن غالب ، عن علي بن الحسين ، عن الحسن بن أيوب ، عن الحسين بن سليمان ، عن محمد بن مروان الذهلي ، عن الفضيل بن يسار قال : قلت
لابي عبدالله الصادق عليهالسلام : « الله نور
السماوات والارض
» قال : كذلك الله عزوجل ، قال : قلت : « مثل نوره » قال لي : محمد (ص) ، قلت : « كمشكاة » قال : صدر محمد (ص)
، قلت : « فيها مصباح » قال : فيه نور العلم ، يعني النبوة ، قلت : « المصباح في
زجاجة » قال : علم رسول الله صلىاللهعليهوآله
صدر إلى قلب علي عليهالسلام
، قلت : « كأنها » قال : لاي شئ تقرأ
« كأنها » قلت : وكيف جعلت فداك؟ قال : « كأنه كوكب دري » قلت : « توقد
من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية « قال
: ذاك أمير المؤمنين علي بن أبي طالب
____________________
عليهالسلام
لا يهودي ولا نصراني ، قلت : « يكاد زيتها يضئ ولو لم تمسسه نار » قال : يكاد العلم يخرج من فم العالم من آل محمد من
قبل أن ينطق به ، قلت : « نور على نور » قال : الامام على أثر الامام .
٤٣ ـ فس
: أبي ، عن عبدالله بن جندب ، عن الرضا عليهالسلام
، أنه كتب إليه : مثلنا في
كتاب الله كمثل « المشكاة » والمشكاة في
القنديل ، فنحن المشكاة « فيها مصباح » المصباح
محمد رسول الله (ص) « المصباح في زجاجة « من
عنصره الطاهرة ، إلى قوله تعالى : « لا شرقية ولا غربية
» لا دعية ولا منكرة ، « يكاد زيتها يضئ ولو لم تمسه نار » القرآن « نور
على نور » إمام بعد إمام « يهدي الله لنوره من
يشآء » الآية ، فالنور علي يهدي الله لولايتنا
من أحب ، حق
على الله أن يبعث ولينا مشرقا وجهه ، نيرا برهانه ، ظاهرة عند الله
حجته. الخبر.
٤٤ ـ ختص
، ير : محمد بن الحسين ، عن ابن سنان ، عن
عمار بن مروان ، عن
المنخل ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليهالسلام قوله تبارك وتعالى
: « الله نور السماوات والارض
مثل نوره » فهو محمد صلىاللهعليهوآله « فيها مصباح » وهو
العلم « المصباح في زجاجة » فزعم أن
الزجاجة أمير المؤمنين عليهالسلام ، وعلم نبي الله
عنده.
٤٥ ـ كشف
: من دلائل الحميري عن محمد الرقاشي
قال : كتبت إلى أبي محمد
عليهالسلام
أسأله عن المشكاة ، فرجع الجواب : المشكاة قلب محمد صلىاللهعليهوآله
أقول
: سيأتي سائر الاخبار في ذلك مع شرحها في كتاب الامامة ، وقد مر بعضها
في كتاب التوحيد.
____________________
٤٦ ـ كنز
: بإسناده عن عبدالله بن سليمان قال : قلت لابي عبدالله عليهالسلام : قوله تعالى : « قد جآءكم برهان من ربكم وأنزلنا إليكم نورا
مبينا
» قال : البرهان رسول الله صلىاللهعليهوآله
والنور المبين علي بن أبي طالب عليهالسلام.
٤٧ ـ كا
: العدة ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن يحيى الخثعمي ، عن هشام ، عن
ابن أبي يعفور قال : سمعت أبا عبدالله عليهالسلام يقول : سادة
النبيين والمرسلين خمسة ، وهم
اولوا العزم من الرسل ، وعليهم دارت الرحى : نوح
، وإبراهيم ، وموسى ، وعيسى ، ومحمد
صلى الله عليهم وعلى جميع الانبيآء.
٤٨ ـ كا
: الحسين بن محمد ، عن المعلى ، عن الوشاء ، عن أحمد بن عائذ ، عن ابن
اذينة ، عن بريد قال : سألت أبا عبدالله عليهالسلام عن قول الله عزوجل
: « وكذلك
جعلناكم امة وسطا
لتكونوا شهدآء على الناس
» فقال : نحن الامة الوسطى ، ونحن شهدآء لله
على خلقه ، وحجبه في أرضه ، قلت : قول الله
عزوجل : « ملة أبيكم
إبراهيم » قال : إيانا
عنى خاصة « هو سماكم المسلمين من قبل » في
الكتب التي مضت « وفي هذا » القرآن
« ليكون الرسول عليكم شهيدا » فرسول الله صلىاللهعليهوآله الشهيد علينا بما
بلغنا عن الله
عزوجل ، ونحن الشهدآء على الناس ، فمن صدق صدقناه يوم القيامة ، ومن
كذب
كذبناه.
٤٩ ـ وبهذا الاسناد عن الوشاء ، عن أحمد بن عمر الحلال قال : سألت
أبا الحسن
____________________
عليهالسلام
عن قول الله عزوجل : « أفمن
كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه » فقال : أمير المؤمنين عليهالسلام الشاهد على رسول
الله (ص) ، ورسول الله (ص) على بينة من
ربه.
٥٠ ـ كا
: علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن اذينة ، عن بريد ، عن
أبي جعفر عليهالسلام
في قول الله عزوجل : « إنما
أنت منذر ولكل قوم هاد
» فقال : رسول الله (ص) المنذر ، ولكل زان منا هاد
يهديهم إلى ما جآء به نبي الله صلىاللهعليهوآله
، ثم
الهداة من بعده علي ، ثم الاوصياء واحد بعد
واحد.
٥١ ـ كا
: أحمد بن مهران ، عن محمد بن علي ، ومحمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد
جميعا ، عن محمد بن سنان ، عن المفضل ، عن أبي
عبدالله عليهالسلام
قال : ما جآء به علي عليهالسلام
آخذ به ، وما نهى عنه أنتهي عنه ، جرى له من
الفضل ما جرى لمحمد صلىاللهعليهوآله
، ولمحمد
صلىاللهعليهوآله
الفضل على جميع من خلق الله. الخبر.
كا
: الحسين بن محمد ، عن المعلى ، عن محمد بن جمهور ، عن ابن سنان مثله.
٥٢ ـ كا
: علي بن محمد ، ومحمد بن الحسن ، عن سهل ، عن محمد بن الوليد شباب
الصيرفي ، عن سعيد الاعرج ، عن أبي عبدالله عليهالسلام مثله.
٥٣ ـ كا
: محمد بن يحيى ، وأحمد بن محمد ، عن محمد بن الحسين ، عن علي بن حسان ، عن أبي عبدالله الرياحي ، عن أبي الصامت الحلواني ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال : فضل
أمير المؤمنين عليهالسلام
ما جآء به آخذ به ، وما نهى عنه أنتهي عنه ، جرى له من الطاعة بعد
____________________
رسول الله (ص) ما
لرسول الله (ص) والفضل لمحمد (ص) ، المتقدم بين يديه كالمتقدم بين
يدي الله ورسوله ، والمتفضل عليه كالمتفضل على
رسول الله (ص) ، والراد عليه في صغيرة
أو كبيرة على حد الشرك بالله ، فإن رسول الله صلىاللهعليهوآله باب الله الذي لا
يؤتى إلا منه ، وسبيله الذي من سلكه وصل إلى الله عزوجل ، وكذلك كان أمير المؤمنين عليهالسلام من بعده ، الخبر.
٥٤ ـ كا :
الحسين بن محمد ، عن المعلى ، عن أبي داود المسترق ، عن داود الجصاص
قال : سمعت أبا عبدالله عليهالسلام يقول : « وعلامات وبالنجم هم
يهتدون
» قال : النجم
رسول الله صلىاللهعليهوآله
، والعلامات هم الائمة.
٥٥ ـ كا
: الحسين بن محمد ، عن المعلى ، عن الوشاء ، عن عبدالله بن عجلان ، عن
أبي جعفر عليهالسلام
في قول الله عزوجل : « فاسئلوا
أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون
» قال : رسول الله صلىاللهعليهوآله
الذكر ، أنا والائمة عليهمالسلام
أهل الذكر ، وقوله عزوجل : « وإنه لذكر لك
ولقومك وسوف تسألون
» قال أبوجعفر عليهالسلام
: نحن قومه ، ونحن
المسؤلون.
٥٦ ـ كا
: الحسين بن محمد ، عن المعلى ، عن ابن اورمة ، عن علي بن حسان ، عن
عبدالرحمن بن كثير قال : سألت أبا عبدالله عليهالسلام عن قول الله عزوجل :
« ألم تر
إلي الذين بدلوا نعمة
الله كفرا
» الآية ، قال : عنى بها قريشا قاطبة : الذين عادوا رسول الله
صلىاللهعليهوآله
، ونصبوا له الحرب ، وجحدوا وصية وصيه.
____________________
٥٧ ـ كا
: العدة ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن عبدالله بن بحر ، عن ابن مسكان ، عن عبدالرحمن بن أبي عبدالله ، عن محمد بن مسلم قال : سمعت أبا
عبدالله عليهالسلام
يقول : الائمة بمنزلة رسول الله صلىاللهعليهوآله
، إلا أنهم ليسوا بأنبياء ، ولا يحل لهم من
النسآء ما يحل للنبي صلىاللهعليهوآله ، فهم بمنزلة رسول الله صلىاللهعليهوآله.
بيان
: ظاهر اشتراك سائر الخصائص بينه صلىاللهعليهوآله
وبينهم عليهمالسلام
، وهو خلاف
المشهور ، ويحتمل أن يكون ذكر النساء على سبيل
المثال ، والمراد جميع الخصائص.
٥٨ ـ كا
: محمد بن يحيى ، عن أحمد بن أبي زاهر ، عن الخشاب ، عن علي بن حسان ، عن عبدالرحمن بن كثير ، عن أبي عبدالله عليهالسلام
قال : قال
» : الذين آمنوا واتبعتهم
ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم
من عملهم من شئ
» قال : الذين
آمنوا النبي صلىاللهعليهوآله
وأمير المؤمنين عليهالسلام
، وذريته الائمة والاوصياء صلوات الله عليهم ، ألحقنا بهم ولم ننقص ذريتهم الحجة التي جآء بها محمد صلىاللهعليهوآله
في علي صلوات الله عليه ، وحجتهم واحدة ، وطاعتهم واحدة.
٥٩ ـ كا
: أحمد بن محمد ، عن محمد بن الحسن ، عن علي بن إسماعيل : عن صفوان ، عن ابن مسكان ، عن الحارث بن المغيرة ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : سمعته يقول :
قال
رسول الله صلىاللهعليهوآله
: نحن في الامر والفهم والحلال والحرام نجري مجرى واحد ، فأما
رسول الله صلىاللهعليهوآله
وعلي عليهالسلام
فلهما فضلهما.
٦٠ ـ مع
: أبي ، عن سعد ، عن الاصبهاني ، عن المنقري ، عن حفص ، عن أبي
عبدالله عليهالسلام
قال : جاء إبليس إلى موسى بن عمران عليهالسلام
وهو يناجي ربه ، فقال له :
____________________
ملك من الملائكة : ما
ترجو منه وهو على هذه الحال يناجي ربه؟ فقال : أرجو منه ما
رجوت من أبيه آدم وهو في الجنة ، وكان فيما
ناجاه أن قال له : يا موسى لا أقبل الصلاة
إلا لمن تواضع لعظمتي ، وألزم قلبه خوفي ، وقطع
نهاره بذكري ، ولم يبت مصرا على
الخطيئة ، وعرق حق أوليائي وأحبائي ، فقال : يا
رب تعني بأحبائك وأوليائك إبراهيم
وإسحاق ويعقوب؟ فقال : هم كذلك يا موسى ، إلا
أني أردت من من أجله خلقت آدم وحواء ، ومن من أجله خلقت الجنة والنار ، فقال موسى : ومن هو يا رب؟ قال : محمد ، أحمد ، شققت
اسمه من اسمي ، لاني أنا المحمود ، فقال موسى :
يا رب اجعلني من امته ، قال : أنت
يا موسى من امته إذا عرفته ، وعرفت منزلته ، ومنزلة
أهل بيته ، إن مثله ومثل أهل
بيته ومن خلقت كمثل الفردوس في الجنان ، لا
ييبس ورقها ، ولا يتغير طعمها ، فمن عرفهم
وعرف حقهم جعلت له عند الجهل حلما ، وعند
الظلمة نورا ، واجيبه قبل أن يدعو
، واعطيه قبل أن يسألني. والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
٦١ ـ فر
: عن عبيد بن كثير ، عن محمد بن الجنيد ، عن يحيى بن معلى ، عن
إسرائيل ، عن جابر الجعفي ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال : قال رسول
الله (ص) لما اسري
بي إلى السمآء قال لي العزيز الجبار : يا محمد إني اطلعت إلى الارض
اطلاعة فاخترتك
منها ، واشتققت لك اسما من أسمائي ، لا اذكر في
مكان إلا ذكرت معي ، فأنا محمود
وأنت محمد ، ثم اطلعت الثانية اطلاعة فاخترت منها
عليا ، واشتققت له اسما من أسمائي
فأنا الاعلى وهو علي ، يا محمد خلقتك وخلقت
عليا وفاطمة والحسن والحسين أشباح نور
____________________
من نوري ، وعرضت
ولايتكم على السماوات
وعلى الارضين ومن فيهن ، فمن قبل ولايتكم
كان عندي من الاظفرين ، ومن جحدها كان عندي من
الكفار ، يا محمد
لو أن عبدا
عبدني حتى ينقطع أو يصير كالشن البالي ثم أتاني جاحدا لولايتكم ما غفرت له
حتى
يقر بولايتكم. الخبر.
٦٢ ـ ن
: ابن عبدوس ، عن ابن قتيبة ، عن حمدان بن سليمان ، عن الهروي ، عن
الرضا عليهالسلام
في خبر طويل : قال : إن آدم عليهالسلام
، لما أكرمه الله تعالى بإسجاد ملائكته و
بإدخال الجنةقال في نفسه : هل خلق الله بشرا أفضل
مني؟ فعلم الله عزوجل ما
وقع في نفسه ، فناداه ارفع رأسك يا آدم فانظر
إلى ساق عرشي ، فرفع آدم عليهالسلام
رأسه
فنظر إلى ساق العرش ، فوجد عليه مكتوبا : لا
إله إلا الله ، محمد رسول الله ، علي بن أبي طالب
أمير المؤمنين ، وزوجته فاطمة سيدة نساء
العالمين ، والحسن والحسين سيد شباب أهل
الجنة ، فقال آدم عليهالسلام
: يا رب من هؤلاء؟ فقال عزوجل : هؤلاء من ذريتك ، وهم خير منك ومن جميع خلقي ، ولو لا هم ما خلقتك ولا خلقت الجنة والنار ، ولا
السماء
والارض ، فإياك أن تنظر إليهم بعين الحسد
فاخرجك عن جواري ، فنظر إليهم
بعين الحسد
وتمنى منزلتهم فتلسط عليه الشيطان حتى أكل من الشجرة التي نهى
عنها ، وتسلط على حواء لنظرها إلى فاطمة عليهاالسلام بعين الحسد حتى
أكلت من الشجرة
كما أكل آدم ، فأخرجهما الله عزوجل عن جنته ، وأهبطهما
عن جواره إلى الارض.
____________________
اقول
: سيأتي أخبار كثيرة في فضله صلىاللهعليهوآله
في كتاب الامامة ، وأبواب فضائل أصحاب
الكساء ، وفضائل أمير المؤمنين عليهالسلام.
٦٣ ـ ب
: ابن عيسى ، عن البزنطي ، عن الرضا عليهالسلام
أنه عليهالسلام
كتب إليه : قال
أبوجعفر عليهالسلام
: لا يستكمل عبد الايمان حتى يعرف أنه يجري لآخرهم ما يجري
لاولهم في الحجة والطاعة والحلال والحرام سواء ، ولمحمد صلىاللهعليهوآله
وأمير المؤمنين فصلهما.
٦٤ ـ ن
: فيما بين الرضا عليهالسلام عند المأمون من فضل العترة الطاهرة قال
: الذكر رسول الله (ص) ، ونحن أهله ، وذلك بين في
كتاب الله حيث يقول : « الذين
آمنوا قد أنزل
الله إليكم ذكرا * رسولا يتلو عليكم آيات الله مبينات » فالذكر رسول الله (ص)
ونحن أهله.
٦٥ ـ مع
: الطالقاني ، عن الجلودي ، عن عبدالله بن محمد ، عن العبسي ، عن محمد
ابن هلال ، عن نائل بن نجيح ، عن عمرو بن شمر ،
عن جابر قال : سألت أبا جعفر عليهالسلام
عن قول الله عزوجل : « كشجرة طيبة أصلها ثابت
وفرعها في السمآء * تؤتي اكلها كل حين بإذن
ربها
» قال أما الشجرة فرسول الله (ص) ، وفرعها علي عليهالسلام
، وغصن الشجرة
فاطمة بنت رسول الله (ص) ، وثمرها أولادها عليهمالسلام ، وورقها شيعتنا ، ثم
قال عليهالسلام
: إن
المؤمن من شيعتنا ليموت فيسقط من الشجرة ورقة ،
وإن المولود من شيعتنا ليولد فتورق
الشجرة ورقة.
أقول : سيأتي مثله بأسانيد في كتاب
الامامة.
____________________
٦٦ ـ ك
: الهمداني ، عن علي ، عن أبيه ، عن علي بن معبد ، عن الحسين بن خالد ، عن أبي
الحسن موسى (ع) عن
آبائه (ع) قال : قال رسول الله (ص) أنا سيد من خلق الله ، وأنا خير
من جبرئيل وإسرافيل ، وحملة العرش ، وجميع
الملائكة المقربين
، وأنبياء الله المرسلين ، وأنا
صاحب الشفاعة والحوض الشريف ، وأنا وعلي أبوا
هذه الامة ، من عرفنا فقد عرف الله ، ومن أنكرنا فقد أنكر الله عزوجل ، ومن علي سبطا امتي ، وسيدا شباب أهل الجنة
الحسن والحسين ، ومن ولد الحسين أئمة تسعة ، طاعتهم
طاعتي ، ومعصيتهم معصيتي ، تاسعهم
قائمهم ومهديهم.
٦٧ ـ شف
: من كتاب الامامة عن بيدار بن
عاصم ، عمن حدثه ، عن عبدالله
ابن سنان ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : لما خلق الله
العرش خلق ملكين فاكتنفاه فقال : اشهدا أن لا إله إلا أنا ، فشهدا ، ثم قال : اشهدا
أن محمدا رسول الله فشهدا ، ثم قال : اشهدا
أن عليا أمير المؤمنين فشهدا.
٦٨ ـ ارشاد
القلوب : عن أبي ذر الغفاري رضياللهعنه قال : سمعت رسول
الله
صلىاللهعليهوآله
يقول : افتخر إسرافيل على جبرائيل فقال : أنا خير منك ، قال : ولم
أنت خير مني؟ قال : لاني صاحب الثمانية حملة
العرش ، وأنا صاحب النفخة في الصور ، وأنا أقرب الملائكة إلى الله تعالى ، قال جبرائيل عليهالسلام
: أنا خير منك ، فقال : بما أنت خير
مني؟ قال : لاني أمين الله على وحيه ، وأنا
رسوله إلى الانبياء والمرسلين ، وأنا صاحب
الخسوف والقذوف ، وما أهلك الله امة من الامم إلا علي
يدي ، فاختصما إلى الله تعالى
فأوحى إليهما : اسكتا ، فوعزتي وجلالي لقد خلقت من هو خير
منكما ، قالا : يا رب
____________________
أو تخلق خيرا منا ونحن خلقنا من نور؟ قال الله تعالى : نعم
، وأوحى
إلى حجب
القدرة : انكشفي ، فانكشف فإذا على ساق العرش الايمن
مكتوب : « لا إله إلا الله ، محمد وعلي وفاطمة
والحسن والحسين خير خلق الله
» فقال جبرائيل : يا رب فإني
أسألك بحقهم عليك إلا جعلتني خادمهم ، قال الله
تعالى : قد جعلت ، فجبرائيل من أهل
البيت وإنه لخادمنا.
٦٩ ـ فس
: الحسين بن محمد ، عن المعلى ، عن بسطام بن مرة عن إسحاق بن حسان ، عن الهيثم بن واقد ، عن علي بن الحسين العبدي ، عن سعد الاسكاف ، عن الاصبغ أنه
سأل أمير المؤمنين عليهالسلام عن قول الله عزوجل
: « سبح اسم
ربك الاعلى » فقال : مكتوب على قائمة العرش قبل أن يخلق الله
السماوات والارضين بألفي عام
: لا إله
إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده
ورسوله ، فاشهدوا بهما ، وأن عليا عليهالسلام
وصي
محمد صلىاللهعليهوآله.
٧٠ ـ شف
: من كتاب الامامة عن هشام بن سالم ، عن الحارث بن المغيرة النضري
قال : حول العرش كتاب جليل مسطور : إني أنا
الله لا إله إلا أنا ، محمد رسول الله ، علي
أمير المؤمنين.
٧١ ـ صح
: عن الرضا ، عن آبائه عليهمالسلام
قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله
: إنا أهل بيت
____________________
لا تحل لنا الصدقة
وامرنا باسباغ الوضوء ، وأن لا تنزي حمارا على
عتيقة ، ولا نمسح
على خف.
٧٢ ـ جع
، لي : ما جيلويه ، عن عمه ، عن أحمد بن
هلال ، عن الفضل بن دكين ، عن معمر بن راشد قال : سمعت أبا عبدالله عليهالسلام
يقول : أتى يهودي النبي (ص) فقام بين
يديه يحد النظر إليه ، فقال : يا يهودي حاجتك؟ قال : أنت أفضل أم موسى بن
عمران النبي الذي كلمه الله ، وأنزل عليه
التوراة والعصا ، وفلق له البحر ، وأظله بالغمام؟
فقال له النبي صلىاللهعليهوآله
: إنه يكره للعبد أن يزكي نفسه ، ولكني أقول : إن آدم عليهالسلام
لما أصاب الخطيئة كانت توبته أن قال : « اللهم
إني أسألك بحق محمد وآل محمد لما غفرت
لي » فغفرها الله له ، وإن نوحا لما ركب في
السفينة
وخاف الغرق قال : اللهم إني
أسألك بحق محمد وآل محمد لما أنجيتني من الغرق
« فنجاه الله عنه ، وإن إبراهيم عليهالسلام
لما القي في
النار قال : اللهم إني أسألك بحق محمد وآل محمد
لما أنجيتني منها » فجعلها الله عليه بردا و
سلاما ، وإن موسى عليهالسلام
لما ألقى عصاه وأوجس في نفسه خيفة قال : « اللهم إني أسألك
بحق محمد وآل محمد لما أمنتني » فقال الله جل
جلاله : « لا تخف إنك أنت الاعلى »
يا يهودي إن موسى لو أدركني ثم لم يؤمن بي
وبنبوتي ما نفعه إيمانه شيئا ، ولا نفعته
النبوة ، يا يهودي ومن ذريتي المهدي إذا خرج
نزل عيسى بن مريم لنصرته وقدمه وصلى
خلفه.
ج
: عن معمر مثله.
____________________
٧٣ ـ ص
: بالاسناد عن الصدوق ، عن هاني بن محمد ، عن أبيه ، عن محمد بن أحمد بن
بطة عن أبيه ، عن محمد بن عبدالوهاب ، عن أبي
الحارث الفهري ، عن عبدالله بن إسماعيل ، عن عبدالرحمن بن أبي زيد بن أسلم
، عن أبيه ، عن جده ، عن عمر بن الخطاب قال : قال رسول الله (ص) : لما أكل آدم من الشجرة رفع
رأسه إلى السماء فقال : « أسألك بحق محمد
إلا رحمتني « فأوحى الله إليه : ومن محمد؟ فقال
: تبارك اسمك ، لما خلقتني رفعت رأسي إلى
عرشك فإذا فيه مكتوب : « لا إله إلا الله ، محمد
رسول الله » فعلمت أنه ليس أحد أعظم عندك
قدرا ممن جعلت اسمه مع اسمك ، فأوحى الله إليه
يا آدم إنه لآخر النبيين من ذريتك ، فلو لا محمد ما خلقتك.
٧٤ ـ شى
: عن محمد بن عيسى بن عبدالله العلوي ، عن أبيه ، عن جده ، عن علي
عليهالسلام
قال : الكلمات التي تلقاها آدم من ربه قال : يا رب أسألك بحق محمد لما
تبت علي ، قال : وما علمك بمحمد؟ قال : رأيته في
سرادقك الاعظم مكتوبا وأنا في
الجنة .
أقول
: سيأتي جل الاخبار في ذلك في كتاب الامامة.
٧٥ ـ ب
: الطيالسي ، عن فضيل بن عثمان قال : سمعت أبا عبدالله عليهالسلام يقول : اتقوا الله وعظموا الله وعظموا رسوله ، ولا تفضلوا على رسول الله صلىاللهعليهوآله أحدا ، فإن الله تبارك وتعالى قد فضله. الخبر.
____________________
٧٦ ـ كا
: محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن فضال ، عن عبدالله بن محمد بن
أخي حماد الكاتب ، عن الحسين بن عبدالله قال : قلت
لابي عبدالله عليهالسلام
: كان رسول الله
صلىاللهعليهوآله
سيد ولد آدم؟ فقال : كان والله سيد من خلق الله ، وما برأ الله برية
خيرا من محمد صلىاللهعليهوآله.
٧٧ ـ كا
: محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن
الحجال ، عن حماد ، عن أبي عبدالله
عليهالسلام
وذكر رسول الله صلىاللهعليهوآله
فقال : قال أمير المؤمنين : ما برأ الله نسمة خيرا من
محمد صلىاللهعليهوآله.
٧٨ ـ كا
: علي بن محمد ، عن سهل ، عن محمد بن الوليد ، عن يونس بن يعقوب ، عن
سنان بن طريف ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : إنا أول أهل
بيت نوه الله
بأسماءنا ، إنه
لما خلق السماوات والارض أمر مناديا فنادى : « أشهد
أن لا إله إلا الله » ثلاثا « أشهد
أن محمدا رسول الله » ثلاثلا؟ « أشهد أن عليا
أمير المؤمنين حقا » ثلاثا.
٧٩ ـ كا
: علي بن محمد وغيره ، عن سهل ، عن محمد بن الوليد شباب الصيرفي ، عن
مالك بن إسماعيل المهدي ، عن عبدالسلام بن حارث
، عن سالم بن أبي حفصة ، عن أبي جعفر
عليهالسلام
قال : كان في رسول الله صلىاللهعليهوآله
ثلاثة لم تكن في أحد غيره : لم يكن له فئ ، و
كان لا يمر في طريق فيمر فيه بعد يومين أو
ثلاثة إلا عرف أنه قد مر فيه لطيب عرفه ، وكان لا يمر بحجر ولا شجر إلا سجد له.
بيان
: العرف بالفتح : الريح الطيبة. وسيأتي في بعض الاخبار أن بعض الاصحاب
رأوا بعض الائمة عليهمالسلام
بلا فئ ، فيمكن أن يكون دوام ذلك من خواصه (ص) ، أو يكون
الحصر إضافيا بالنسبة إلى غيرهم عليهمالسلام.
____________________
٨٠ ـ كا
: محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن
إسحاق بن غالب ، عن أبي عبدالله عليهالسلام في خطبة له خاصة
يذكر فيها حال النبي (ص)
والائمة عليهمالسلام
وصفاتهم : فلم يمنع ربنا لحلمه وأناته
وعطفه ما كان من عظيم جرمهم
وقبيح أفعالهم أن انتجب لهم أحب أنبيائه إليه ،
وأكرمهم عليه ، محمد بن عبدالله صلىاللهعليهوآله
في
حومة العز مولده ، وفي دومة الكرم محتده ، غير
مشوب حسبه ، ولا ممزوج نسبه ، ولا
مجهول عند أهل العلم صفته ، بشرت به الانبياء
في كتبها ، ونطقت به العلماء بنعتها ، و
تأملته الحكمآء بوصفها ، مهذب لا يدانى ، هاشمي
لا يوازي أبطحي لا يسامي ، شيمته
الحياء ، وطبيعته السخآء ، مجبول على أوقار
النبوة وأخلاقها ، مطبوع على أوصاف الرسالة
وأحلامها ، إلى أن انتهت به أسباب مقادير الله
إلى أوقاتها ، وجرى بأمر الله القضاء فيه إلى
نهاياتها ، أداه محتوم قضاء الله إلى غاياتها ،
تبشر به كل امة من بعدها ، ويدفعه كل
أب إلى أب من ظهر إلى ظهر ، لم يخلطه في عنصره
سفاح ، ولم ينجسه في ولادته نكاح ، من
لدن آدم عليهالسلام
إلى أبيه عبدالله في خير فرقة ، وأكرم سبط ، وأمنع رهط وأكلا حمل ، وأودع حجر ، اصطفاه الله وارتضاه واجتباه ، وآتاه من العلم مفاتيحه ، ومن الكرم
ينابيعه ، ابتعثه رحمة للعباد ، وربيعا للبلاد ، وأنزل الله إليه الكتاب ، فيه البيان
والتبيان : « قرآنا
عربيا غير ذي عوج لعلهم يتقون » قد بينه للناس ونهجه بعلم قد فصله ، ودين
قد
أوضحه ، وفرائض قد أوجبها ، وحدود حدها للناس
وبينها ، وامور قد كشفها لخلقه و
أعلنها ، فيها دلالة إلى النجاة ، ومعالم تدعو
إلى هداه
، فبلغ رسول الله صلىاللهعليهوآله
ما أرسل
به ، وصدع بما أمر ، وأدى ما حمل من أثقال
النبوة ، وصبر لربه ، وجاهد في سبيله ، و
نصح لامته ، ودعاهم إلى النجاة ، وحثهم على
الذكر ، ودلهم على سبيل الهدى بمناهج و
دواع أسس للعباد أساسها ، ومنار رفع لهم
أعلامها ، كيلا يضلوا من بعده ، وكان بهم رؤفا
رحيما.
____________________
بيان
: حومة البحر والرمل والقتال وغيره : معظمه ، وأشد موضع منه ، ودومة
الشئ بالضم والفتح : أصله ، وكذا المحتد بكسر
التاء : الاصل ، وحتد بالمكان : أقام
به ، ولعل المراد بالاول نسل إبراهيم أو هاشم ،
وبالثاني مكة شرفها الله ، أو الاول
إبراهيم عليهالسلام
، والثاني هاشم ، أو هما مكة ، والاول أظهر ، والمراد بالحسب إما الاخلاق
الكريمة ، أو الاسباب الشريفة ، أو هما معا ، قوله
: بنعتها ، الضمير راجع إلى العلماء ، و
الاضافة إلى الفاعل ، وكذا الفقرة التالية لها
، قوله : لا يدانى على بناء المجهول ، أي لا
يدانيه في الكمال أحد ، وكذا لا يوازي ولا
يسامي ، والمساماة : المفاخرة ، والشيمة بالكسر : الخلق ، وأوقار النبوة : أثقالها ، كناية عن
الشرئط العظيمة التي لا تكون النبوة بدونها ، أي صارت تلك الاخلاق جبلته وطبعه وعليها خلق ، وأحلامها : عقولها ، أو جمع الحلم
في
مقابلة السفه والخرق. قوله عليهالسلام : إلى أوقاتها ، الضمير
راجع إلى المقادير ، أي أوصلته
أسباب مقادير الله إلى أوقات حصول ما قدر فيه
من وجوده ، أو وفاته وانقضاء مدته ، والاول
أظهر ، وكذا ضمير نهاياتها وغاياتها راجعان إلى
القضآء أو المقادير ، وقوله : تبشر به ، استياف أو عطف بيان للجمل السابقة. قوله : نكاح ، أي باطل من أنكحة الجاهلية ، و
السبط بالكسر : ولد الولد ، والقبيلة العظيمة ،
والكلاءة : الحفظ والحراسة ، والحجر
حجر عبدالمطلب وأبي طالب ، ونهجه بالتخفيف أي
أوضحه. وقوله : بعلم ، أما متعلق
بقوله : بينه ، أو حال عن الكتاب ، والمستتر في
قوله : وفصله وقراينه إما راجع إلى الله ، أو الرسول ، أو الكتاب. قوله : فيها ، أي في تلك الامور ، وقوله : معالم ، إما
مرفوع
معطوف على دلالة ، أو مجرور معطوف على النجاة ،
ويمكن أن يقرأ هداة بالتاء ، والضمير
أظهر. ويقال : صدع بالحجة : إذا تكلم بها جهارا
، والمراد بالذكر إما القرآن أو الاعم ، والضمير في قوله : أساسها راجع إلى المناهج والدواعي ، والمراد بالتأسيس إما الوضع
أو
الاحكام والاتقان ، وبسبيل الهدى منهج الشرع ، وبالمناهج
والدواعي أوصياؤه صلوات الله
عليهم ، والمراد بالتأسيس نصب الادلة على
خلافتهم ، ويمكن أن يراد بالمناهج الائمة ، وبالدواعي الادلة الدالة على وجوب متابعتهم ، وكذا المنار كناية عن الائمة عليهمالسلام ، و
رفع الاعلام عن نصب الادلة.
٨١ ـ كا
: ابن محبوب ، عن عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله عليهالسلام
قال : سمعته
يقول : اللهم صلى على محمد صفيك وخليلك ونجيك
المدبر لامرك.
٨٢ ـ ما
: الحسين بن إبراهيم القزويني ، عن محمد بن وهبان ، عن علي بن جيش ، عن العباس بن محمد بن الحسين ، عن أبيه ، عن صفوان بن يحيى ، عن الحسين بن أبي
غندر ، عن المفضل ، عن أبي عبدالله عليهالسلام
قال : ما بعث الله نبيا أكرم من محمد (ص) ، ولا خلق الله
قبله أحدا ، ولا أنذر الله خلقه بأحد من خلقه
قبل محمد ، فذلك
قوله تعالى : « هذا نذير من
النذر الاولى
» وقال : « إنما أنت
منذر ولكل قوم هاد
» فلم يكن قبله
مطاع في الخلق ، ولا يكون بعده إلى أن تقوم
الساعة في كل قرن إلى أن يرث الله الارض
ومن عليها.
بيان
: قوله عليهالسلام
: ولا خلق الله قبله أحدا ، أي هو أول المخلوقات كما مرت
الاخبار الكثيرة في ذلك ، قوله عليهالسلام : ولا أنذر الله
خلقه بأحد من خلقه قبل محمد (ص) ، أي كان منذرا في عالم الذر ، فكان إنذاره قبل كل أحد ، والاستشهاد بالآية الاولى
إما
بحملها على أن المراد بها أن هذا ، أي محمدا صلىاللهعليهوآله من جملة النذر
السابقة ، وليس إنذاره
مختصا بهذا الزمان ، أو بحملها على أن المعني
بها إنما أنت منذر للنذر الاولى في عالم
الذر : بأن تكون كلمة ( من ) للتعليل كقوله
تعالى : « مما
خطيئاتهم
» أو بمعنى ( على )
كقوله تعالى : « ونصرناه من القوم » ويؤيد الوجهين ما رواه الصفار
بإسناده إلى علي
____________________
ابن معمر ، عن أبيه
قال : سألت أبا عبدالله عليهالسلام
عن قول الله تبارك وتعالى : « هذا
نذير من النذر
الاولى » قال : يعني به محمدا ، حيث دعاهم إلى
الاقرار بالله في الذر الاول ، و
بالآية الثانية لان مفادها على المشهور بين
المفسرين إنما أنت منذر وهاد لكل قوم ، فيكون هاديا للانبيآء واممهم ، ويحتمل أن يكون غرضه عليهالسلام
حصر الانذار فيه (ص) ، أي لم يكن من أنذر قبله منذرا حقيقة ، وإنما المنذر والمطاع على الاطلاق هو صلىاللهعليهوآله ، كما يدل عليه آخر الخبر ، فالاستشهاد بالآية الاولى إما بحملها على الاخير من
المعنيين ، فإنه لما كان منذرا للنذر فهو المنذر للجميع حقيقة ، وإنما كانوا نوابه في الانذار
، كما
أن من بعده من الاوصيآء كذلك ، أو بحملها على
أن المراد به الحصر ، أي هذا منذر حسب
من جملة من يسمون بالنذر من الانبياء السابقة ،
وبالثانية بحملها على أن قوله : « ولكل
قوم هاد » من قبيل عطف الجملة على الجملة ، ويكون
المراد بالجزء الاولى حصر الانذار
فيه (ص) على سبيل القلب ، أي ليس المنذر إلا
أنت ، وأما غيرك فهم هادون من قبلك ، أو
على الوجه الذي قررناه في الوجه الاول ، ولعله
أقل تكلفا ، هذا ما خطر بالبال في حل
هذا الخبر الذي حير الافهام ، والله يعلم أسرار أئمة الانام.
وقال الصدوق رحمهالله في الهداية يجب أن يعتقد أن النبوة حق ، كما
اعتقدنا
أن التوحيد حق ، وأن الانبيآء الذين بعثهم الله
مائة ألف نبي وأربعة وعشرون ألف
نبي ، جاؤا بالحق من عند الحق ، وأن قولهم قول
الله ، وأمرهم أمر الله ، وطاعتهم طاعة
الله ، ومعصيتهم معصية الله ، وأنهم لم ينطقوا إلا عن الله عزوجل وعن وحيه
، وأن
سادة الانبياء خمسة ، الذين عليهم دارت الرحى ،
وهم أصحاب الشرائع ، وهم اولو العزم : نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلوات الله
عليه وعليهم ، وأن محمدا سيدهم وأفضلهم ، وأنه جاء بالحق وصدق المرسلين
، وأن الذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور
____________________
الذي انزل معه اولئك
هم المفلحون ، ويجب أن يعتقد أن الله تبارك وتعالى لم يخلق خلقا
أفضل من محمد صلىاللهعليهوآله
، ومن بعده الائمة صلوات الله عليهم ، وأنهم أحب الخلق إلى الله
عزوجل وأكرمهم عليه ، وأولهم إقرارا به ، لما
أخذ الله ميثاق النبيين في الذر وأشهدهم
على أنفسهم ألست بربكم قالوا : بلى ، وأن الله
بعث نبيه (ص) إلى الانبياء عليهمالسلام
في
في الذر ، وأن الله أعطى ما أعطى كل نبي على
قدر معرفته نبينا (ص) ، وسبقه إلى الاقرار
به ، ونعتقد
أن الله تبارك وتعالى خلق جميع ما خلق له ولاهل بيته صلوات الله عليهم ، وأنه لولاهم ما خلق الله السمآء والارض ولا الجنة ولا النار ولا آدم ولا حواء ولا
الملائكة
ولا شيئا مما خلق صلوات الله عليهم أجمعين.
٨٣ ـ كا
: العدة ، عن سهل وأحمد بن محمد جميعا ، عن ابن محبوب ، عن إبراهيم
الكرخي ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : قال رسول
الله (ص) : لو اهدي إلي كراع لقبلت ، وكان ذلك من الدين ، ولو أن كافرا أو منافقا اهدى إلي وسقا ما قبلت ، وكان ذلك من
الدين ، أبى الله تعالى لي زبد المشركين
والمنافقين وطعامهم.
بيان
: هذا الخبر يدل على حرمة هدية المشركين عليه صلىاللهعليهوآله
، فيكون من
خصائصه كما ذكره ابن شهر آشوب ، ويدل عليه خبر
آخر سيأتي في باب قصة صديقه
قبل البعثة ، ولم يذكره الاكثر لما اشتهر من
أنه صلىاللهعليهوآله
قبل هدية النجاشي والمقوقس
واكيدر بل كسرى أيضا ، كما رواه الصدوق في
الفقيه عن ثوير بن أبي فاختة ، عن أبيه ، عن علي عليهالسلام
قال : أهدى كسرى للنبي (ص) فقبل منه ، وأهدى قيصر للنبي (ص)
فقبل منه ، وأهدت له الملوك فقبل منهم.
فقيل : إنه كان حراما فنسخ ، ويحتمل أن
يكون الحرمة مع عدم المصلحة في
قبولها ، مع أنه يحتمل أن يكون هؤلاء الذين قبل
(ص) هديتهم كانوا أسلموا ولم يظهروا
____________________
إسلامهم لقومه تقية
كما هو الظاهر من أحوال النجاشي ، لكن هذا في بعضهم ككسرى
بعيد. قال في النهاية : فيه : « إنا لا نقبل
زبد المشركين » الزبد بسكون الباء : الرفد و
العطاء ، قال الخطابي : يشبه أن يكون هذا
الحديث منسوخا لانه قد قبل هدية غير
واحد من المشركين ، أهدى له المقوقس مارية ، والبغلة
أهدى له اكيدر دومة فقبل منهما ، وقيل : إنما رد هديته ليغيظه بردها فيحمله ذلك على الاسلام ، وقيل : ردها لان
للهدية
موضعا من القلب ، ولا يجوز عليه أن يميل بقلبه
إلى مشرك فردها قطعا لسبب الميل ، و
ليس ذلك مناقضا لقبوله هدية النجاشي والمقوقس
واكيدر ، لانهم أهل الكتاب
انتهى.
٨٤ ـ فر
: الحسين بن سعيد ، وأحمد بن الحسن معنعنا ، عن أبي جعفر محمد بن علي
عليهالسلام
قوله تعالى
: « الذي يراك
حين تقوم * وتقلبك في الساجدين
» قال : يراك
حين تقوم بأمره ، وتقلبك في أصلاب الانبياء نبي
بعد نبي.
٨٥ ـ فر
: علي بن محمد بن علي بن عمر الزهري
، عن عبدالله بن عباس رضي الله
عنه قال : قام رسول الله (ص) فينا خطيبا فقال :
الحمد لله على آلائه وبلائه عندنا أهل البيت ، وأستعين الله على نكبات الدنيا وموبقات الآخرة
، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا
شريك له ، وأني محمدا عبده ورسوله ، أرسلني
برسالته إلى جميع خلقه « ليهلك
من هلك عن بينة ، ويحيى
من حي عن بينة
» واصطفاني على جميع العالمين من الاولين و
الآخرين ، أعطاني مفاتيح خزائنه كلها ، واستودعني
سره ، وأمرني بأمره ، فكان القائم ، وأنا
الخاتم ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي
العظيم ، و « اتقوا الله
حق تقاته ولا تموتن إلا
____________________
وأنتم
مسلمون
» واعلموا أن الله بكل شئ محيط وأن الله بكل شئ عليم ، أيها الناس إنه سيكون بعدي قوم يكذبون علي فلا تقبلوا منهم ذلك ، وامور يأتي.
من بعدي يزعم أهلها أنها عني ، ومعاذ الله أن أقول على الله إلا حقا ، فما أمرتكم
إلا
بما أمرني به ، ولا دعوتكم إلا إليه ، وسيعلم
الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.
قال : فقام إليه عبادة بن الصامت فقال :
متى ذلك يا رسول الله؟ ومن هؤلاء؟ عرفناهم
لنحذرهم ، فقال : أقوام قد استعدوا للخلافة من
يومهم هذا ، وسيظهرون لكم إذا بلغت
النفس معني هاهنا ، وأومأ بيده إلى حلقه ، فقال
له عبادة بن الصامت : إذا كان كذلك فإلى
من يا رسول الله؟ قال : فإذا كان ذلك فعليكم
بالسمع والطاعة للسابقين من عترتي ، فإنهم
يصدونكم عن البغي ، ويهدونكم إلى الرشد ، ويدعونكم إلى
الحق ، فيحيون كتابي
وسنتي وحديثي ، ويموتون البدع ، ويقمعون بالحق
أهلها ، ويزولون
مع الحق
حيث ما زال
، فلن يخيل إلي أنكم تعملون ، ولكني محتج عليكم ، إذا أنا أعلمتكم
ذلك فقد أعلمتكم ، أيها الناس إن الله تبارك وتعالى
خلقني وأهل بيتي من طينة لم يخلق
منها أحدا غيرنا ، فكنا أول من ابتدأ من خلقه ، فلما
خلقنا فتق بنورنا كل ظلمة ، و
أحيى بنا كل طينة طيبة ، وأمات بنا كل طينة
خبيثة ، ثم قال : هؤلاء خيار خلقي ، و
حملة عرشي ، وخزان علمي ، وسادة أهل السمآء
والارض ، هؤلاء الابرار المهتدون ، المهتدى
بهم ، من جاءني بطاعتهم وولايتهم أولجته جنتي
وكرامتي ، ومن جاءني بعداوتهم والبراءة
منهم أولجته ناري ، وضاعفت عليه عذابي ، وذلك
جزآء الضالمين ، ثم قال : نحن أهل
__________________
الايمان بالله ملاكه وتمامه حقا حقا ، وبنا سدد الاعمال
الصالحة
، ونحن وصية
الله في الاولين والآخرين ، وإن منا الرقيب على
خلق الله ، ونحن قسم الله ، أقسم بنا حيث
يقول الله تعالى : « اتقوا الله الذي
تساءلون به والارحام إن الله كان عليك رقيبا » أيها الناس إنا أهل البيت عصمنا الله من أن
نكون مفتونين أو فاتنين ، أو مفتنين
، أو
كذابين أو كاهنين ، أو ساحرين أو عائفين ، أو
خائنين أو زاجرين ، أو مبتدعين أو مرتابين ، أو صادفين
عن الحق منافقين ، فمن كان فيه شئ من هذه الخصال فليس منا ، ولا نحن
منه
، والله منه برئ ونحن منه برآء ، ومن برأ الله منه أدخله جهنم وبئس المهاد ، و
إنا أهل البيت طهرنا الله من كل نجس ، فنحن الصادقون
إذا نطقوا ، والعالمون إذا
سئلوا ، والحافظون لما استودعوا ، جمع الله لنا
عشر خصال لم يجتمعن لاحد قبلنا
، ولا
يكون لاحد غيرنا : العلم والحلم والحكم ، واللب والنبوة والشجاعة ، والصدق
والصبر والطهارة والعفاف ، فنحن كلمة التقوى ، وسبيل
الهدى ، والمثل الاعلى ، والحجة
العظمى ، والعروة الوثقى ، فماذا بعد الحق إلا
الضلال فأنى تصرفون
____________________
بيان
: العائف : المتكهن ، قاله الجوهري ، وقال : الزجر : العيافة ، وهو ضرب
من التكهن ، تقول : زجرت أنه يكون كذا وكذا ، وصدف
: أعرض ، وسيأتي تفسير سائر
الفقرات في كتاب الامامة.
٨٦ ـ يب
: محمد بن أحمد بن يحيى ، عن الحسن بن علي بن عبدالله ، عن ابن فضال ، عن مروان ، عن عمار الساباطي قال : كنا جلوسا عند أبي عبدالله عليهالسلام بمنى فقال له
رجل : ما تقول في النوافل؟ فقال : فريضة ، قال
: ففزعنا وفزع الرجل ، فقال أبوعبدالله
عليهالسلام
: إنما أعني صلاة الليل على رسول الله صلىاللهعليهوآله
، إن الله يقول : « ومن الليل
فتهجد به نافلة لك « .
٨٧ ـ كا
: أبوعلي الاشعري ، عن محمد بن عبدالجبار ، عن علي بن حديد ، عن
مرازم ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : إن الله كلف
رسول الله ما لم يكلف
أحدا من خلقه ، كلفه أن يخرج على الناس كلهم وحده بنفسه إن لم يجد فئة تقاتل معه ، ولم يكلف هذا
أحدا من خلقه قبله ولا بعده ، ثم تلا هذه الآية
« فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك
» ثم قال : وجعل الله له أن يأخذ له ما أخذ لنفسه
، فقال عزوجل : « من جاء
بالحسنة فله عشر
أمثالها
» وجعلت الصلاة على رسول الله صلىاللهعليهوآله
بعشر حسنات.
٨٨ ـ ختص
: عن علي بن سويد السائي ، عن أبي الحسن الاول عليهالسلام
قال : ما
خلق الله خلقا أفضل من محمد صلىاللهعليهوآله ، ولا خلق خلقا بعد
محمد أفضل من علي
عليهالسلام.
٨٩ ـ ختص
: عن جابر بن يزيد ، عن أبي جعفر عليهالسلام في قول الله تبارك
وتعالى :
____________________
« عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا » قال : يجلسه على العرش.
٩٠ ـ نهج
: اجعل شرائف صلواتك ونوامي بركاتك على محمد عبدك ورسولك الخاتم
لما سبق ، والفاتح لما انغلق ، والمعلن الحق
بالحق ، والدافع جيشات الاباطيل ، والدامغ
صولات الاضاليل ، كما حمل فاضطلع قائما بأمرك ،
مستوفزا في مرضاتك ، غيرنا كل عن
قدم ، ولا واه في عزم ، واعيا لوحيك ، حافظا
على عهدك ، ماضيا على نفاذ أمرك ، حتى أورى
قبس القابس ، وأضاء الطريق للخابط ، وهديت به
القلوب بعد خوضات الفتن والاثم ، و
أقام موضحات الاعلام ، ونيرات الاحكام ، فهو
أمينك المأمون ، وخازن علمك المخزون ، وشهيدك يوم الدين ، وبعيثك بالحق ورسولك إلى الخلق.
تبيين
: الخاتم لما سبق ، أي الوحي والرسالة ،
والفاتح لما انغلق ، يقال : انغلق و
استغلق : إذا عسر فتحه ، أي فتح ما انغلق وأبهم
على الناس من مسائل الدين والتوحيد
والشرائع ، والسبيل إلى الله تعالى ، والمعلن
الحق بالحق ، أي مظهر الدين بالمعجزات ، أو بالحرب والخصومة ، يقال : حاق فلانا فحقه أي خاصمه فغلبه ، أو بالبيان الواضح ،
أو
بعضه ببعض ، فإن بالاصول تظهر الفروع ، أو
بمعونة الحق تعالى ، والجيشات جمع
جيشة من جاشت القدر : إذا ارتفع غليانها ، والاباطيل
جمع باطل على غير قياس ، أي دافع
ثوران الباطل ، وفتن المشركين ، وما كانت عادة
لهم من الغارات والحروب ، والدامغ : المهلك ، من دمغه : إذا شجه حتى بلغ الدماغ ، وفيه
الهلاك ، والاضاليل أيضا جمع ضال ، على غير قياس ، والصولة : الحملة والوثبة والسطوة ، قوله عليهالسلام : كما حمل ، الكاف
للتعليل ، أي صل عليه لذلك أو للتشبيه ، أي صلاة تشبه وتناسب ما فعل ، قوله : فاضطلع ، أي
قوي
على حمله ، من الضلاعة ، وهي القوة ، قوله : مستوفزا
، أي مستعجلا ، والنكول : الرجوع ، والقدم بالضم : التقدم والاقدام ، أي لم يرجع عن التقدم في الجهاد وغيره من امور
الدين ، والوهي : الضعف ، وتقول : وعيت الحديث : إذا حفظته وفهمته ، ومضى في الامر : نفذ ،
أي كان
____________________
مصرا في إنفاذ أمرك
وإجرائه ، ويقال : روى الزند ، أي خرجت ناره ، وأوريته أنا ، والقبس : الشعلة والقابس : الذي يطلب النار ، والمراد
بالقبس هنا نور الحق ، أي أشعل أنوار الدين حتى ظهر
الحق للمقتبسين قوله : للخابط أي الذي يخبط لو
لا ضوء نوره ، قوله : بعد خوضات الفتن ، خاض الماء : دخله ، أي بعد أن خاضوا في الفتن أطوارا ، والاعلام جمع علم ، وهو ما
يستدل به عل
الطريق من منار وجبل ونحوهما ، والموضحات يحتمل الفتح والكسر كما لا يخفى ، و
نيرات الاحكام ، أي الاحكام الواضحة الحقة ، والمأمون
تأكيد ، والمراد بالعلم المخزون
الامور التي لا تتعلق بالتكاليف ، لانها لا
يخزن عن المكلفين ، قوله عليهالسلام
: وشهيدك ، أي
شاهدك على الخلق ، قوله : وبعيثك ، أي مبعوثك
بالدين الثابت.
٩١ ـ نهج
: فاستودعهم في أفضل مستودع ، وأقرهم في خير مستقر ، تناسختهم
كرائم الاصلاب إلى مطهرات الارحام ، كلما مضى
سلف قام منهم
بدين الله خلف ، حتى أفضت كرامة الله سبحانه إلى محمد (ص) ، فأخرجه من أفضل المعادن منبتا ، وأعز
الارومات مغرسا ، من الشجرة التي صدع منها
أنبياءه ، وانتجب
منها امناءه ، عترته
خير العتر ، واسرته خير الاسر ، وشجرته خير
الشجر ، نبتت في حرم ، وبسقت في كرم ، لها فروع طوال ، وثمر لا ينال
، فهو إمام من اتقى ، وبصيرة من اهتدى ، سراج لمع
ضوؤه ، وشهاب سطع نوره ، وزندبرق لمعه ، سيرته
القصد ، وسنته الرشد ، وكلامه الفصل ، وحكمه العدل ، أرسله على حين فترة من الرسل ، وهفوة عن العمل ، وغباوة من الامم.
بيان
: قوله عليهالسلام
: في أفضل مستودع ، الظاهر أن المراد بالمستودع والمستقر
الاصلاب والارحام ، فيكون ما بعده بيانا له ، ويحتمل أن يكون المراد محل أرواحهم
في
عالم الذر. قوله : تناسختهم ، أي تناقلتهم ، قوله
: حتى أفضت أي انتهت ، والارومة : الاصل ، ويحتمل أن يكون المراد بأفضل المعادن
وأعز الارومات شجرة النبوة ، وقيل :
____________________
مكة شرفها الله ، وقيل
: نسبه وعشيرته ، والصدع : الشق ، والعترة : أخص من الاسرة ، والاسرة : الرهط الادنون ، وقيل : أراد بالشجر في الموضعين إبراهيم عليهالسلام وقيل : أراد
هاشما ، بقرينة قوله : نبتت في حرم ، أي مكة ، كذا
قيل والاظهر أن تحمل الشجرة
ثانيا على نفسه وأهل بيته ، كما ورد في أخبار
كثيرة في تفسير الشجرة الطيبة ، والمراد
بالفروع الائمة ، وطولها كناية عن بلوغهم في
الشرف والفضل الغاية البعيدة ، والمراد
بالثمر علومهم ومعارفهم ، وعدم النيل لغموض
أسرارها بحيث لا تصل العقول إليها ، والزند
العود الذي يقدح به النار ، والقصد : الوسط والاعتدال في الامور من غير إفراط
وتفريط ، والفصل : الفاصل بين الحق والباطل ، والهفوة : الزلة ، والغباوة : الجهل وقلة
الفطنة.
٩٢ ـ نهج
: مستقره خير مستقر ، ومنبته أشرف منبت ، في معادن الكرامة ، ومماهد السلامة ، قد صرفت نحوه أفئدة الابرار ، وثنيت إليه أزمة الابصار ، دفن به
الضغائن ، وأطفأ به النوائر
، ألف به إخوانا ، وفرق به أقرانا
، أعز به الذلة ، وأذل به
العزة ، كلامه بيان ، وصمته لسان.
بيان
: يحتمل زائدا على ما تقدم أن يكون المراد بالمستقر المدينة ، وبالمنبت مكة
زادهما الله تعالى شرفا ، قوله عليهالسلام : ومماهد السلامة ،
قال ابن الميثم : المهاد : الفراش ، ولما قال : « في معادن » وهي جمع معدن قال : بحكم القرينة والازدواج : « ومماهد » وإن
لم يكن الواحد منها ممهدا ، كما قالوا : الغدايا
والعشايا ومأجورات ومأزورات ونحو ذلك ، ويعني السلامة هاهنا البراءة من العيوب ، أي في نسب طاهر غير مأبون ولا معيب ، ويحتمل
أن يراد بمعادن الكرامة ومماهد السلامة مكة
والمدينة ، فإنهما محل العبادة والسلامة
من عذابه ، والفوز بكرامته ، ويحتمل أن يراد
بمماهد السلامة ما نشأ عليه من مكارم
الاخلاق الممهدة للسلامة من سخط الله ، قوله : وثنيت
، أي عطفت وصرفت ، قوله : دفن به ، أي أخفى وأذهب ، والضغائن جمع ضغينة ، وهي الحقد ، والنوائر جمع نائرة ، وهي
العداوة ، __________________
والمراد بالذلة ذلة
الاسلام ، وبالعزة عزة الشرك ، قوله عليهالسلام
: وصمته لسان ، فيه
وجهان : أحدهما أنه كان يسكت عما لا ينبغي من
القول ، فيعلم الناس السكوت عما
لا يعنيهم ، وثانيهما : أن سكوته (ص) عن بعض
أفعال الصحابة وعدم النهي عنها كان تقريرا
لها ، ودليلا على الاباحة.
٩٣ ـ نهج
: حتى أورى قبسا لقابس ، وأنار علما لحابس ، فهو أمينك وشهيدك
يوم الدين ، وبعيثك نعمة ، ورسولك بالحق رحمة ،
اللهم اقسم له مقسما
من عدلك ، وأجزه مضاعفات الخير من فضلك ، اللهم أعل على بنآء البانين بناءه ، وأكرم لديك
نزله ، وشرف عندك منزله ، وآته الوسيلة ، وأعطه السناء والفضيلة ، واحشرنا في
زمرته غير خزايا ولا نادمين ، ولا ناكبين ولا ناكثين ، ولا ضالين ، ولا
مفتونين.
بيان
: الحابس : الواقف في مكانه الذي حبس ناقته ضلالا ، فهو يخبط ولا يدري
كيف يهتدي ، والمراد ببنائه قواعد دينه أو
كمالاته ، والنزل بالضم : ما يهيأ
للضيف.
٩٤ ـ نهج
: اختاره من شجرة الانبيآء. ومشكاة الضيآء ، وذؤابة العليآء ، وسرة
____________________
البطحاء ، ومصابيح الظلمة ، وينابيع الحكمة.
٩٥ ـ نهج
: وأشهد أن محمدا نجيب الله
، وسفير وحيه ، ورسول رحمته.
٩٦ ـ نهج
: وأشهد أن محمدا عبده وسيد عباده ، كلما نسخ
الله الخلق فرقتين
جعله في خيرهما ، لم يسهم فيه عاهر ، ولا ضرب
فيه فاجر.
بيان
: النسخ : الازالة والتغيير ، استعير هنا للقسمة لانها إزالة للمقسوم وتغيير
له ، والعاهر : الزاني ، ويطلق على الذكر
والاثنى ، وكذلك الفاجر.
تذنيب
: أقول : قد ذكر علمائنا رضي الله عنهم بعض خصائصه صلىاللهعليهوآله
في كتبهم ، وجمعها العلامة رحمهالله
في كتاب التذكرة ، فلنورد ملخص ما ذكروه رحمهم الله ، قال في
التذكرة : فأما الواجبات عليه دون غيره من امته
امور : الاول السواك ، الثاني الوتر ، الثالث الاضحية ، روي عنه (ص) أنه قال : ثلاث كتب علي ، ولم يكتب عليكم : السواك ،
والوتر ، والاضحية.
وفي حديث آخر : كتب علي الوتر ، ولم
يكتب عليكم ، وكتب علي السواك ، ولم يكتب عليكم ، وكتبت علي الاضحية ، ولم تكتب عليكم.
وتردد الشافعي في وجوب السواك عليه صلىاللهعليهوآله.
الرابع : قيام الليل لقوله تعالى : « ومن الليل فتهجد به
نافلة لك
» وإن أشعر
لفظ النافلة بالسنة ، ولكنها في اللغة الزيادة
، ولان السنة جبر للفريضة ، وكان صلىاللهعليهوآله
معصوما من النقصان في الفرائض ، واختلف
الشافعية فقال بعضهم : كان ذلك واجبا عليه ،
____________________
وقال بعضهم : كان
واجبا عليه وعلى امته فنسخ.
أقول
: ذكر الوتر مع قيام الليل يشتمل على تكرار ظاهرا ، والاصل فيه أن
العامة رووا حديثا عن عايشة أن النبي صلىاللهعليهوآله قال : « ثلاث علي
فريضة ولكم سنة : الوتر ، والسواك ، وقيام الليل » ولذا جمعوا
بينهما تبعا للرواية ، كما يظهر من شارح
الوجيزة ، وتبعهم أصحابنا رضوان الله عليهم.
وقال الشهيد الثاني قدسسره : اعلم أن بين قيام
الليل وبين الوتر الواجبين عليه
مغايرة العموم والخصوص المطلق ، لان قيام الليل
بالتهجد يحصل بالوتر وبغيره ، فلا يلزم من وجوبه وجوبه ، وأما الوتر فلما كان من العبادات الواقعة بالليل فهو من
جملة
التهجد بل أفضله ، فقد يقال : إن إيجابه يغني
عن إيجاب قيام الليل وجوابه أن قيام
الليل وإن تحقق بالوتر لكن مفهومه مغاير
لمفهومه ، لان الواجب من القيام لما كان
يتأدى به وبغيره ، وبالكثير منه والقليل كان كل
فرد يأتي به منه موصوفا بالوجوب ، لانه
أحد أفراد الواجب الكلي ، وهذا القدر لا يتأدى
بإيجاب الوتر خاصة ، ولا يفيد فائدته ، فلابد من الجمع بينهما.
ثم قال في التذكرة : الخامس : قضاء دين
من مات معسرا ، لقوله صلىاللهعليهوآله
: « من مات
وخلف مالا فلورثته ، ومن مات وخلف دينا أو كلا
فعلي » وإلى هذا
مذهب الجمهور ، وقال بعضهم : كان ذلك كرما منه ، وهذا اللفظ لا يمكن حمله على الضمان ، لان من صحح
ضمان المجهول لم يصحح على هذا الوجه ، وللشافعية
وجهان في أن الامام هل يجب عليه
قضآء دين المعسر إذا مات ، وكان في بيت المال
سعة تزيد على حاجة الاحياء ، لما في إيجابه
من الترغيب في اقتراض المحتاجين.
السادس : مشاورة اولي النهى لقوله تعالى
: « وشاورهم في
الامر
» وقيل : إنه
لم يكن واجبا عليه ، بل امر لاستمالة قلوبهم ، وهو
المعتمد ، فإن عقل النبي صلىاللهعليهوآله
أوفر
من عقول كل البشر.
____________________
السابع : إنكار المنكر إذا رآه وإظهاره
، لان إقراره على ذلك يوجب جوازه ، فإن
الله تعالى ضمن له النصر والاظهار.
الثامن : كان عليه تخيير نسائه بين
مفارقته ، ومصاحبته بقوله تعالى : « يا أيها النبي قل
لازواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين امتعكن واسرحكن سراحا
جميلا * وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة فإن الله أعد للمحسنات منكن أجرا عظيما » والاصل فيه أن النبي صلىاللهعليهوآله آثر لنفسه الفقر
والصبر عليه ، فامر بتخيير
نسائه
بين مفارقته واختيار زينة الدنيا ، وبين اختياره والصبر على ضر الفقر ، لئلا يكون
مكرها لهن على الضر والفقر ، هذا هو المشهور ، وللشافعية
وجه في التخيير لم يكن
واجبا عليه ، وإنما كان مندوبا ، والمشهور
الاول ، ثم إن رسول الله صلىاللهعليهوآله
لما خيرهن
اخترنه والدار الآخرة ، فحرم الله تعالى على
رسوله التزويج عليهن ، والتبدل بهن من
أزواج ، ثم نسخ ذلك ليكون المنة لرسول الله صلىاللهعليهوآله بترك التزوج عليهن
بقوله تعالى : « إنا أحللنا لك أزواجك اللاتي آتيت اجورهن » قالت عايشة : إن النبي صلىاللهعليهوآله
لم يمت حتى احل له النسآء تعني اللاتي حظرن
عليه ، وقال أبوحنيفة : إن التحريم
باق لم ينسخ ، وقد روي أن بعض نسآء النبي (ص) طلبت
منه حلقة من ذهب ، فصاغ لها
حلقة من فضة وطلاها بالزعفران ، فقالت : لا
اريد إلا من ذهب ، فاغتم النبي صلىاللهعليهوآله
لذلك ، فنزلت آية التخيير.
وقيل : إنما خيره لانه لم يمكنه التوسعة
عليهن ، فربما يكون فيهن من يكره
المقام معه فنزهه عن ذلك.
وروي أن النبي صلىاللهعليهوآله كان يطالب بامور لا
يملكها ، وكان نساؤه يكثرن مطالبته
حتى قال عمر : كنا معاشر المهاجرين متسلطين على
نسائنا بمكة ، وكانت نسآء الانصار
متسلطات على الازواج ، فاختلط نسآؤنا فيهن
فتخلقن بأخلاقهن ، وكلمت امرأتي
____________________
يوما فراجعتني ، فرفعت
يدي لاضربها وقلت : أتراجعيني يا لكعاء؟
فقالت : إن نساء رسول الله صلىاللهعليهوآله يراجعنه ، وهو خير
منك ، فقلت : خابت حفصة
وخسرت ، ثم أتيت حفصة وسألتها فقالت : إن رسول
الله صلىاللهعليهوآله
قد يظل
على بعض نسائه طول نهاره غضبانا ، فقلت : لا
تغتري بابنة أبي قحافة ، فإنها حبة
رسول الله (ص) يحمل منها ما لا يحمل منك ، وقال
عمر : كنت قد ناوبت رجلا من الانصار
حضور مجلس رسول الله (ص) ليخبر كل واحد منا
صاحبه فيما يجري ، فقرع الانصاري
باب الدار يوما ، فقلت : أجاءنا غسان؟ وكان قد
اخبرنا بأن غسان تنعل خيولها لتغزونا ، فقال : أمر أفظع من ذلك ، طلق رسول الله (ص) جميع نسائه ، فخرجت من البيت ، ورأيت
أصحاب رسول الله (ص) يبكون حوله وهو جالس ، وكان
أنس علي البيت
، فقلت : استأذن لي فلم يجب ، فانصرفت فنازعتني نفسي
وعاودت فلم يجب ، حتى فعلت ذلك ثلاثا ، فسمع رسول الله صلىاللهعليهوآله
صوتي فأذن ، فدخلت فرأيته نائما على حصير من الليف ، فاستوى
وأثر الليف في جنبيه ، فقلت : إن قيصر وكسرى
يفرشان الديباج والحرير ، فقال : أفي
شك أنت يا عمر؟ أما علمت أنها لهم في الدنيا ، ولنا
في الآخرة ، ثم قصصت عليه القصة
فابتسم لما سمع قولي لحفصة : لا تغتري بابنة
أبي قحافة ، ثم قلت : طلقت نسآءك؟
فقال : لا.
وروي أنه كان آلى من نسائه شهرا ، فمكث
في غرفة شهرا ، فنزل قوله تعالى : « يا أيها النبي قل لازواجك » الآية ، فبدأ رسول الله صلىاللهعليهوآله بعايشة وقال : إني
ملق
إليك أمرا فلا تبادريني بالجواب حتى تؤامري أبويك ، وتلا الآية ، فقالت : أفيك
اؤامر أبوي؟ اخترت الله ورسوله والدار الآخرة ،
ثم قالت : لا تخبر أزواجك بذلك ، وكانت تريد أن يخترن فيفارقهن رسول الله (ص) ، فدار (ص) على نسائه وكان يخبرهن
____________________
بما جرى لعايشة ، فاخترن
بأجمعن الله ورسوله ، وهذا التخيير عند العامة كناية في الطلاق
وعندنا أنه ليس له حكم.
وقال الشهيد الثاني والشيخ علي رحمهما
الله : هذا التخيير عند العامة القائلين بوقوع
الطلاق بالكناية كناية عن الطلاق ، وقال بعضهم
: إنه صريح فيه ، وعندنا ليس له حكم
بنفسه ، بل ظاهر الآية أن من اختارت الحياة
الدنيا وزينتها يطلقها ، لقوله تعالى : « إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين
امتعكن واسرحكن سراحا جميلا ».
أقول : سيأتي القول فيه في بابه.
ثم قال في التذكرة : وأما المحرمات
فقسمان : الاول ما حرم عليه خاصة في غير
النكاح ، وهو امور : الاول : الزكاة المفروضة ،
صيانة لمنصبه العلي عن أوساخ أموال الناس التي
تعطى على سبيل الترحم ، وتنبئ عن ذل الآخذ ، وابدل
بالفئ الذي يؤخذ على سبيل القهر
والغلبة ، المنبئ عن عز الآخذ ، وذل المأخوذ
منه ، ويشركه
في حرمتها اولوا القربى ، لكن
التحريم عليهم بسببه أيضا ، فالخاصة عائدة إليه ، قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : إنا أهل بيت
لا تحل لنا الصدقة.
اقول : قال الشهيد الثاني رحمهالله بعد ذكر هذا الوجه
: مع أنها لا تحرم عليهم
مطلقا ، بل من غير الهاشمي مع وفاء نصيبهم من
الخمس بكفايتهم ، وأما عليه صلىاللهعليهوآله
فإنها تحرم مطلقا ، ولعل هذا أولى من الجواب
السابق ، لان ذاك مبني على مساواتهم
له في ذلك كما تراه العامة ، فاشتركوا في ذلك
الجواب ، والجواب الثاني مختص
بقاعدتنا.
رجعنا إلى كلام التذكرة :
الثاني : الصدقة المندوبة ، الاقرب
تحريمها على رسول الله صلىاللهعليهوآله
لما تقدم ، وهو
____________________
أحد قولي الشافعي
تعظيما له وتكريما ، وفي الثاني يجوز ، وحكم الامام عندنا حكم
النبي صلىاللهعليهوآله.
الثالث : إنه كان صلىاللهعليهوآله لا يأكل الثوم
والبصل والكراث ، وهل كان محرما
عليه؟ الاقرب لا ، وللشافعية وجهان ، لكنه كان
يمتنع منها لئلا يتأذى بها من يناجيه
من الملائكة ، روي أنه (ص) اتي بقدر فيها بقول
فوجد لها ريحا فقربها إلى بعض أصحابه ، وقال له : كل فإني اناجي من لا تناجي.
الرابع : إنه صلىاللهعليهوآله كان لا يأكل متكئا
، روي أنه صلىاللهعليهوآله
قال : أنا آكل كما
تأكل العبيد ، وأجلس كما تجلس العبيد.
وهل كان ذلك محرما عليه أو مكروها كما
في حق الامة؟ الاقرب الثاني ، و
للشافعي وجهان.
الخامس : يحرم عليه الخط والشعر تأكيدا
لحجته ، وبيانا لمعجزته ، قال الله
تعالى : « ولا تخطه بيمينك
» وقال تعالى
: « وما علمناه
الشعر
» وقد اختلف
في أنه صلىاللهعليهوآله
كان يحسنهما أم لا ، وأصح قولي الشافعي الثاني ، وإنما يتجه التحريم
على الاول.
السادس : كان صلىاللهعليهوآله إذا لبس لامة الحرب يحرم عليه نزعها حتى يلقى العدو
ويقاتل ، قال صلىاللهعليهوآله
: « ما كان لنبي إذا لبس لامته أن ينزعها حتى يلقى العدو » وهو
المشهور عند الشافعية : ولهم وجه : إنه كان مكروها
لا محرما.
السابع : كان صلىاللهعليهوآله إذا ابتدأ بتطوع
حرم عليه تركه قبل إتمامه ، وفيه
خلاف.
الثامن : كان يحرم أن يمد عينيه إلى ما
متع الله به الناس ، قال الله تعالى : « ولا تمدن عينيك » الآية.
____________________
التاسع : كان يحرم عليه خائنة الاعين ، قال
صلىاللهعليهوآله
: « ما كان لنبي أن يكون له
خائنة الاعين » وفسروها بالايماء إلى مباح : من
ضرب ، أو قتل علي خلاف ما يظهر
ويشعر به الحال ، وإنما قيل له : خائنة الاعين
لانه سبب الخيانة
، من حيث أنه
يخفى ، ولا يحرم ذلك على غيره إلا في محظور ، وبالجملة
أن يظهر خلاف ما يضمر ، وطرد
بعض الفقهاء ذلك في مكائدة الحروب وهو ضعيف ، وقد
صح أن رسول الله (ص) كان إذا
أراد سفرا ورى بغيره.
العاشر : اختلفوا في أنه هل كان يحرم
عليه أن يصلي على من عليه دين أم لا على
قولين.
الحادي عشر : اختلفوا في أنه هل كان
يجوز أن يصلي على من عليه دين مع وجود
الضامن.
الثاني عشر : لم يكن له أن يمن ليستكثر
، قال الله تعالى : « ولا تمنن تستكثر
، أي لا تعط شيئا لتنال أكثر منه ، قال المفسرون : إنه كان من خواصه صلىاللهعليهوآله.
الثاني : ما حرم عليه خاصة في النكاح
وهو امور : الاول : إمساك من تكره
نكاحه وترغب عنه ، لانه صلىاللهعليهوآله نكح امرأة ذات جمال
، فلقنت أن تقول لرسول الله
صلىاللهعليهوآله
: أعوذ بالله منك ، وقيل لها : إن هذا الكلام يعجبه ، فلما قالت ذلك
قال صلىاللهعليهوآله
: لقد استعذت بمعاذ وطلقها.
وللشافعية وجه غريب : أن كان لا يحرم
إمساكها لكن فارقها تكرما منه ، ومات
رسول الله صلىاللهعليهوآله
عن تسع نسوة : عايشة ، وحفصة ، وام سلمة بنت ابن امية المخزومي ، وام حبيبة بنت أبي سفيان ، وميمونة بنت الحارث الهلالية ، وجويرية بنت الحارث
الخزاعية ، وسودة بنت زمعة ، وصفية بنت حي بن
أخطب الخيبرية ، وزينب بنت جحش ، وجميع من تزوج بهن خمسة عشر ، وجمع بين إحدى عشرة ، ودخل بثلاث عشرة ، و
فارق امرأتين في حياته : إحداهما الكلبية ، وهي
التي رأى بكشحها بياضا ، فقال لها :
____________________
الحقي بأهلك ، والاخرى
التي تعوذت منه ، وقال أبوعبيد : تزوج رسول الله (ص) ثمانية
عشر امرأة ، واتخذ من الاماء ثلاثا.
الثاني : نكاح الكفار ، عندنا لا يصح للمسلم على الاقوى.
لقوله تعالى : « ولا تنكحوا
المشركات حتى يؤمن
» وقال : « ولا تمسكوا بعصم الكوافر
» وقال بعض
علمائنا : إنه يصح ، وهو مذهب جماعة من العامة
، فعندنا التحريم بطريق الاولى ثابت في
حق النبي صلىاللهعليهوآله
، واختلف في مشروعيته له من جوز من العامة في حق الامة على
قولين : أحدهما المنع ، لقوله صلىاللهعليهوآله : « زوجاتي في
الدنيا زوجاتي في الآخرة » والجنة
محرمة على الكافرين ، ولانه أشرف من أن يضع
ماءه في رحم كافرة ، والله تعالى أكرم زوجاته
إذ جعلهن امهات المؤمنين ، والكافرة لا تصلح لذلك
، لان هذه اسوة
الكرامة ، و
لقوله تعالى : « إنما المشركون نجس » ولقوله : « كل سبب ونسب ينقطع يوم
القيامة
إلا سببي ونسبي » وذلك لا يصح في الكافرة.
والثاني الجواز لان ذبائحهم له حلال
فكذلك نساؤهم ، والمقدمة الاولى ممنوعة
فإن ذبائح أهل الكتاب عندنا محرمة ، وأما نكاح
الامة فلم يجز له بلا خلاف بين الاكثر ، وأما وطي الامة فكان سائغا له مسلمة كانت أو كتابية ، لقوله تعالى : « وما ملكت أيمانكم » وقوله تعالى : « وما ملكت يمينك » ولم يفصل ، وملك صلىاللهعليهوآله مارية
القبطية وكانت مسلمة ، وملك صفية وهي مشركة ، فكانت
عنده إلى أن أسلمت فأعتقها
وتزوجها ، وجوز بعضهم نكاح الامة المسلمة له صلىاللهعليهوآله بالعقد ، كما يجوز
بالملك والنكاح
أوسع منه من الامة ، ولكن الاكثر على المنع ، لان
نكاح الامة مشروط بالخوف من
____________________
العنت ، والنبي (ص) معصوم
، وبفقدان طول
الحرة ، ونكاحه صلىاللهعليهوآله
مستغني عن
المهر ابتداء وانتهاء ، وبأن من نكح أمة كان
ولده منها رقيقا عند جماعة ، ومنصب النبي
صلىاللهعليهوآله
منزه عن ذلك ، لكن من جوز له نكاح الامة قال : خوف العنت إنما
يشترط في حق الامة ، ومنع من اشتراط فقدان
الطول ، وأما رق الولد فقد التزم
بعض الشافعية وجها مستبعدا فيه بذلك ، والصحيح
خلافه لانه عندنا يتبع أشرف
الطرفين.
واما التخفيفات : فقسمان : الاول ما
يتعلق بغير النكاح وهي امور :
الاول : الوصال في الصوم ، كان مباحا
للنبي صلىاللهعليهوآله
، وحرام على امته ، ومعناه
أنه يطوي الليل بلا أكل وشرب مع صيام النهار ، لا أن يكون صائما ، لان
الصوم
في الليل لا ينعقد ، بل إذا دخل الليل صار
الصائم مفطرا إجماعا ، فلما نهى النبي صلىاللهعليهوآله
امته عن الوصال قيل له : إنك تواصل ، فقال : إني
لست كأحدكم ، إني أظل عند ربي
يطعمني ويسقيني.
وفي رواية : إني أبيت عند ربي فيطعمني
ويسقيني.
قيل : معناه يسقيني ويغذيني بوحيه.
وقال الشهيد الثاني نور الله ضريحه : الوصال
يتحقق بأمرين : أحدهما الجمع
بين الليل والنهار عن تروك الصوم بالنية ، والثاني
تأخير عشائه إلى سحوره بالنية
كذلك
، بحيث يكون صائما مجموع ذلك الوقت ، والوصال بمعنييه محرم على امته ،
____________________
ومباح له صلىاللهعليهوآله ، ثم نقل كلام
التذكرة وقال : ليس بجيد ، لان الاكل بالليل ليس
بواجب ، وقد صرح به هو في المنتهى ، فقال : لو
أمسك عن الطعام يومين لا بنية الصيام بل
بنية الافطار فيه فالاقوى عدم التحريم ، وعلى
ما ذكره هنا لا فرق بينه صلىاللهعليهوآله
وبين غيره ، بل المراد الصوم فيهما معا بالنية ، فإن هذا حكم مختص به محرم على غيره.
اقول
: ما ذكره رحمهالله
هو المطابق لكلام الاكثر ، لكن الاخبار الواردة في
تفسيره تقتضي التحريم مطلقا ، وأيضا لو كان المراد مع النية
فلا وجه للتخصيص بهذين
الفردين ، بل الظاهر أنه لو نوى دخول ساعة من
الليل مثلا في الصوم كان تشريعا محرما ، وسيأتي تمام القول في ذلك في كتاب الصوم إن شاء الله تعالى.
ثم قال في التذكرة : الثاني اصطفاء ما
يختاره من الغنيمة قبل القسمة ، كجارية
حسنة ، وثوب مترفع ، وفرس جواد ، وغير ذلك ، ويقال لذلك
الذي اختاره : الصفي
والصفية والجمع الصفايا ، ومن صفاياه صفية بنت
حيى ، اصطفاها واعتقاها وتزوجها ، و
ذو الفقار.
الثالث : خمس الفئ والغنيمة كان لرسول
الله صلىاللهعليهوآله
الاستبداد به ، وأربعة أخماس
الفئ كانت له أيضا.
الرابع : ابيح له دخول مكة بغير إحرام ،
خلافا لامته ، فإنه محرم عليهم على
خلاف.
الخامس : ابيحت له ولامته كرامة له
الغنائم ، وكانت حراما على من قبله من
الانبيآء ، بل امروا بجمعها ، فتنزل نار من
السمآء فتأكلها ، وإنه كان يقضي لنفسه ، و
في غيره خلاف ، وأن يحكم لنفسه ولولده ، وأن
يشهد لنفسه ولولده ، وأن يقبل شهادة
من شهد له.
السادس : ابيح له أن يحمي لنفسه الارض
لرعي ماشيته ، وكان حراما على من
____________________
قبله من الانبياء عليهمالسلام ، والائمة بعده ليس
لهم أن يحموا لانفسهم.
وقال المحقق الثاني رحمهالله في شرح القواعد : وهذا
عندنا مشترك بينه وبين الائمة
عليهمالسلام
، وقول المصنف رحمهالله
في التذكرة : والائمة بعده ليس لهم أن يحموا لانفسهم
ليس جاريا على مذهبنا.
ثم قال في التذكرة : ابيح له أن يأخذ
الطعام والشراب من المالك ، وإن
اضطر إليها
، لان حفظه لنفسه الشريفة أولى من حفظ نفس غيره ، وعليه البذل و
الفداء بمهجته مهجة رسول الله صلىاللهعليهوآله ، لانه صلىاللهعليهوآله أولى بالمؤمنين من
أنفسهم.
وقال المحقق في شرح القواعد : وينبغي أن يكون
الامام كذلك كما يرشد إليه
التعليل ، ولم أقف على تصريح في ذلك.
ثم قال في التذكرة : الثامن : كان لا
ينتقض وضوءه بالنوم ، وبه قال الشافعية : وحكى أبوالعباس منهم وجها آخر غريبا ، وكذلك
حكى وجهين في انتقاض وضوئه
باللمس.
التاسع : كان يجوز له أن يدخل المسجد
جنبا ، ومنعه بعض الشافعية : وقال لا
اخا له صحيحا.
العاشر : قيل : إنه كان يجوز له أن يقتل
من آمنه وهو غلط ، فإنه من يحرم
عليه خائنة الاعين كيف يجوز له قتل من آمنه؟
الحادي عشر : قيل : إنه كان يجوز له لعن
من شاء من غير سبب يقتضبه ، لان
لعنه رحمة ، واستبعده الجماعة ، وروى أبوهريرة
أن النبي صلىاللهعليهوآله
، قال : « اللهم إني
أتخذ عندك عهدا لن تخلفه ، إنما أنا بشر فأي
المؤمنين آذيته بتهمة ولعنة
فاجعلها
له صلاة وزكاة وقربة يتقرب بها إليك يوم
القيامة » وهو عندنا باطل لانه معصوم لا يجوز
منه لعن الغير وسبه بغير سبب ، والحديث لو سلم
إنما هو لسبب.
____________________
ومن التخفيفات ما يتعلق بالنكاح وهي امور :
الاول : الزيادة على أربع نسوة ، فإنه صلىاللهعليهوآله مات عن تسع ، وهل
كان له الزيادة
على تسع؟ الاولى الجواز لامتناع الجور عليه ، وللشافعية
وجهان : هذا أصحهما ، و
الثاني المنع ، وأما انحصار طلاقه في الثلاث
فالوجه في ذلك كما في حق الامة ، وهو أحد
وجهي الشافعية ، والثاني العدم كما لم ينحصر
عدد زوجاته صلىاللهعليهوآله.
الثاني : العقد بلفظ الهبة ، لقوله
تعالى : « وامرأة
مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي
» فلا يجب المهر حينئذ بالعقد ولا بالدخول ، لا
ابتداء ولا انتهاء كما هو قضية الهبة ، وهو
أظهر وجهي الشافعية ، والثاني : المنع ، كما في
حق الامة ، وعلى الاول هل يشترط
لفظ النكاح من جهة النبي صلىاللهعليهوآله؟ للشافعية وجهان : أحدهما
نعم ، لظاهر قوله تعالى : « أن يستنكحها » والثاني لا يشترط في حق الواهبة ، وهل ينعقد نكاحه بمعنى الهبة
في حق الواهبة ، وخاصية النبي صلىاللهعليهوآله ليست في إسقاط
المهر ، بل في الانعقاد بلفظ الهبة. الثالث : كان إذا رغب صلىاللهعليهوآله في نكاح امرأة فإن
كانت خلية فعليها الاجابة ، ويحرم
على غيره خطبتها ، وللشافعية وجه : إنه لا يحرم
، وإن كانت ذات زوج وجب على الزوج
طلاقها لينكحها لقضية زيد ، ولعل السر فيه من جانب الزوج امتحان
إيمانه واعتقاده
بتكليفه النزول عن أهله ، ومن جانب النبي صلىاللهعليهوآله ابتلاؤه ببلية
البشرية ، ومنعه من
خائنة الاعين ، ومن الاضمار الذي يخالف الاظهار
كما قال تعالى : « وتخفي
في نفسك ما الله
مبديه
» ولا شئ أدعى إلى غض البصر وحفظ لمجاريه الاتفاقية من هذا
____________________
التكليف ، وليس هذا
من باب التخفيفات ، كما قاله الفقهآء ، بل هو في حقه غاية التشديد
إذ لو كلف بذلك آحاد الناس لما فتحوا أعينهم في
الشوارع خوفا من ذلك ، ولهذا قالت
عايشة : لو كان صلىاللهعليهوآله
يخفى آية لاخفى هذه.
الرابع : انعقاد نكاحه بغير ولي وشهود ،
وهو عندنا ثابت في حقه صلىاللهعليهوآله
وحق
امته
إذ لا نشترط نحن ذلك ، وللشافعية وجهان.
الخامس : انعقاد نكاحه في الاحرام ، وللشافعية
فيه وجهان : أحدهما الجواز ، لما روي أنه صلىاللهعليهوآله
نكح ميمونة محرما ، والثاني المنع كما لم يحل له الوطئ في الاحرام ، والمشهور عندهم أنه نكح ميمونة حلالا.
السادس : هل كان يجب عليه القسم بين
زوجاته بحيث إذا باتت عند واحدة منهن
ليلة وجب عليه أن يبيت عند الباقيات كذلك أم لا
يجب؟ قال الشهيد الثاني رحمهالله
: اختلف
العلماء في ذلك ، فقال بعضهم : لا يجب عليه ذلك
لقوله تعالى : « ترجي من
تشاء منهن و تؤوي إليك
من تشاء ومن ابتغيت ممن عزلت فلا جناح عليك » ومعنى ترجي تؤخر
____________________
«
ومن ابتغيت ممن عزلت فلا جناح عليك » أي إن أردت أن تؤوى إليك امراة ممن عزلتهن عن ذلك وتضمها إليك فلا سبيل عليك بلوم ولا عتب ، ولا
إثم عليك في ابتغائها ، أباح الله سبحانه
له ترك القسم في النساء حتى يؤخر من يشاء عن وقت
نوبتها ، ويطأ من يشاء في غير وقت نوبتها ، وله أن يعزل من يشاء ، وله أن يرد المعزولة إن شاء ، فضله الله بذلك على جميع
الخلق.
وتترك إيوائه إليك ،
ومضاجعته بقرينة قسيمه ، وهو قوله : « وتؤوي إليك من تشاء « أي
تضمه إليك وتضاجعه ، ثم لا يتعين ذلك عليك ، بل
لك بعد الارجاء أن تبتغي ممن
عزلت ما شئت ، وتؤويه إليك ، وهذا ظاهر في عدم
وجوب القسمة عليه صلىاللهعليهوآله
، حتى روي
أن بعد نزول الآية ترك القسمة لجماعة من نسائه
، وآوى إليه جماعة منهن معينات ، وقال آخرون : بل تجب القسمة عليه كغيره لعموم الادلة الدالة عليها ، ولانه لم يزل
يقسم بين نسائه حتى كان يطاف به وهو مريض عليهن
، ويقول : هذا قسمي فيما أملك ، وأنت أعلم بما لا أملك ، يعني قلبه صلىاللهعليهوآله
، والمحقق رحمهالله
استضعف الاستدلال بالآية
على عدم وجوب القسمة ، بأنه كما يحتمل أن يكون
المشية في الارجاء والايواء لجميع
نسائه يحتمل أن يكون متعلقا بالواهبات أنفسهن
خاصة ، فلا يكون دليلا على التخيير
مطلقا ، وحينئذ فيكون اختيار قول ثالث وهو وجوب
القسمة لمن تزوجهن بالعقد ، و
عدمها لمن وهبت نفسها ، وفي هذا عندي نظر ، لان
ضمير الجمع المؤنث في قوله : ترجي
من تشاء منهن « واللفظ العام في قوله : « ومن
ابتغيت » لا يصح عوده للواهبات ، لانه لم
يتقدم ذكر الهبة إلا لامرأة واحدة ، وهي قوله :
« وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي إن
أراد النبي أن يستنكحها » فوجد ضمير الهبة في
مواضع من الآية ، ثم عقبه بقوله : « ترجي
من تشاء منهن » فلا يحسن عوده إلى الواهبات ، إذ
لم يسبق لهن ذكر على وجه الجمع ، بل إلى
جميع الازواج المذكورات في هذه الآية ، وهي
قوله تعالى : « يا أيها
النبي إنا أحللنا لك أزواجك اللاتي
آتيت اجورهن وما ملكت يمينك مما أفاء الله عليك وبنات عمك وبنات عماتك و بنات خالك
وبنات خالاتك اللاتي هاجرن معك وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي » الآية ، ثم عقبها بقوله : « ترجي من تشاء منهن
» الآية ، وهذا هو ظاهر في عود ضمير
النسوة المخير فيهن إلى من سبق من أزواجه جمع ،
وأيضا فإن النبي صلىاللهعليهوآله
لم يتزوج
بالهبة إلا امرأة واحدة على ما ذكره المحدثون
والمفسرون ، وهو المناسب لسياق الآية ، فكيف يجعل ضمير الجمع عائدا إلى الواهبات ، وليس له منهن إلا واحدة ، ثم لو تنزلنا
وسلمنا جواز عوده إلى الواهبات لما جاز حمله
عليه بمجرد الاحتمال ، مع وجود اللفظ العام
____________________
الشامل لجميعهن ، وأيضا
فإن غاية الهبة أن تزويجه صلىاللهعليهوآله
يجوز بلفظ الهبة من جانب
المرأة أو من الطرفين ، وذلك لا يخرج الواهبة
عن أن تكون زوجة فيلحقها ما يحلق غيرها
من أزواجه ، لا أنها تصير بسبب الهبة بمنزلة
الامة ، وحينئذ فتخصيص الحكم بالواهبات
لا وجه له أصلا ، وأما فعله صلىاللهعليهوآله فجاز كونه بطريق
التفضل والانصاف وجبر القلوب ، كما قال الله تعالى : « ذلك أدنى أن تقر أعينهن ولا يحزن ويرضين بما آتيتهن كلهن » انتهى كلامه رحمهالله.
ورجعنا إلى كلام التذكرة : السابع : إنه
كان يجوز للنبي صلىاللهعليهوآله
تزويج المرأة
ممن شاء بغير إذن وليها ، وتزويجها من نفسه ، وتولى
الطرفين من غير إذن وليهما ، وهل
كان يجب عليه نفقة زوجاته؟ وجهان لهم ، بناء
على الخلاف في المهر ، وكانت المرأة تحل له
بتزويج الله تعالى ، قال سبحانه في قصة زيد : «
فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها
» وقيل : إنه نكحها بمهر ، وحملوا « زوجناكها » على
إحلال الله تعالى له نكاحها ، وأعتق
صلىاللهعليهوآله
صفية رضي الله عنها وتزوجها وجعل عتقها صداقها ، وهو ثابت عندنا في
حق امته ، وجوز بعض الشافعية له الجمع بين
المرأة وعمتها أو خالتها ، وإنه كان يجوز
له الجمع بين الاختين ، وكذا في الجمع بين الام
وبنتها ، وهو عندنا بعيد ، لان خطاب
الله تعالى يدخل فيه لنبي صلىاللهعليهوآله.
وأما الفضل والكرامات فقسمان : الاول في النكاح ، وهو
امور : الاول : تحريم زوجاته على غيره ، قال الشهيد الثاني قدس الله سره : من
جملة خواصه صلىاللهعليهوآله
تحريم أزواجه من بعده على غيره ، لقوله تعالى :
« وما كان
لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنكحوا أزواجه
من بعده أبدا
» وهي متناولة بعمومها لمن مات عنها من أزواجه ، سواء
____________________
كانت مدخولا بها أم
لا ، لصدق الزوجية عليهما ولم يمت صلىاللهعليهوآله
عن زوجة في عصمته إلا
مدخولا بها ، ونقل المحقق الاجماع على تحريم
المدخول بها ، والخلاف في غيرها ليس
بجيد ، لعدم الخلاف أولا ، وعدم الفرض الثاني
ثانيا ، وإنما الخلاف فيمن فارقها في
حياته بفسخ ، أو طلاق ، كالتي وجد بكشحها بياضا
، والمستعيذة ، فإن فيه أوجها أصحها
عندنا تحريمها مطلقا ، لصدق نسبة زوجيتها إليه صلىاللهعليهوآله بعد الفراق في
الجملة ، فيدخل
في عموم الآية ، والثاني أنها لا تحرم مطلقا ، لانه
يصدق في حياته أن يقال : ليست
زوجته الآن ، ولاعراضه صلىاللهعليهوآله عنها ، وانقطاع
اعتنائه بها.
والثالث : إن كانت مدخولا بها حرمت وإلا
فلا ، لما روي أن الاشعث بن قيس نكح
المستعيذة في زمان عمر فهم برجمها فاخبر أن النبي
صلىاللهعليهوآله
فارقها قبل أن يمسها فخلاها ، ولم ينكر عليه أحد من الصحابة.
وروى الكليني في الحسن عن عمر بن اذينة
في حديث طويل أن النبي صلىاللهعليهوآله
فارق
المستعيذة ، وامرأة اخرى من كندة ، قالت لما
مات ولده إبراهيم : لو كان نبيا ما مات ابنه
فتزوجتا
بعده باذن الاولين ، وأن أبا جعفر عليهالسلام
قال ما نهى الله عزوجل عن شئ
إلا وقد عصي فيه ، لقد نكحوا أزواج رسول الله صلىاللهعليهوآله من بعده ، وذكر
هاتين العامرية
والكندية ، ثقال أبوجعفر عليهالسلام : لو سألتم عن رجل
تزوج امرأة فطلقها قبل أن يدخل
بها أتحل لابنه لقالوا : لا ، فرسول الله أعظم
حرمة من آبائهم.
وفي رواية اخرى عن زرارة عنه عليهالسلام نحوه ، وقال في
حديثه : وهم يستحلون أن
يتزوجوا
امهاتهم؟ وإن أزواج النبي صلىاللهعليهوآله
في الحرمة مثل امهاتهم إن كانوا
مؤمنين.
إذا تقرر ذلك فنقول : تحريم أزواجه صلىاللهعليهوآله لما ذكرناه من
النهي المؤكد عنه في
____________________
القرآن لا لتسميتهن
امهات المؤمنين في قوله تعالى : « وأزواجه
امهاتهم
» ولا لتسميته
صلىاللهعليهوآله
والدا ، لان ذلك وقع على وجه المجاز لا الحقيقة ، كناية عن تحريم
نكاحهن ، ووجوب احترامهن ، ومن ثم لم يجز النظر
إليهن ، ولا الخلوة بهن ، ولا يقال
لبناتهن : أخوات المؤمنين ، لانهن لا يحرمن على
المؤمنين ، فقد زوج رسول الله صلىاللهعليهوآله
فاطمة عليهاالسلام
بعلي عليهالسلام
، واختيها : رقية وام كلثوم عثمان ، وكذا لا يقال لآبائهن و
امهاتهن : أجداد المؤمنين وجداتهم ، ولا
لاخوانهن وأخواتهن أخوال المؤمنين وخالاتهم ، وللشافعية وجه ضعيف في إطلاق ذلك كله ، وهو في غاية البعد انتهى.
ثم قال رحمهالله
في التذكرة : الثاني : إن أزواجه امهات المؤمنين ، سواء فيه من
ماتت تحت النبي ، ومن مات النبي صلىاللهعليهوآله وهي تحته ، وليست
الامومة هنا حقيقة ، ثم
ذكر نحوا مما ذكره الشهيد الثاني رحمهالله في ذلك.
الثالث : تفضيل زوجاته على غيرهن بأن
جعل ثوابهن وعقابهن على الضعف.
الرابع : لا يحل لغيرهن من الرجال أن
يسألهن شيئا إلا من وراء حجاب لقوله
تعالى : « إذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء
حجاب » وأما
غيرهن فيجوز أن
يسألن مشافهة.
الثاني : في غير النكاح ، وهو امور : الاول
: أنه خاتم النبيين صلىاللهعليهوآله.
الثاني : إن له خير الامم ، لقوله تعالى : « كنتم خير امة » تكرمة له
صلىاللهعليهوآله
وتشريفا.
الثالث : نسخ جميع الشرائع بشريعته.
الرابع : جعل شريعته مؤبدة.
الخامس : جعل كتابه معجزا بخلاف كتب
سائر الانبياء عليهمالسلام.
____________________
السادس : حفظ كتابه عن التبديل والتغيير
، واقيم بعده حجة على الناس ، و
معجزات غيره من الانبياء انقرضت بانقراضهم.
السابع : نصر بالرعب على مسيرة شهر ، فكان
العدو يرهبه من مسيرة شهر.
الثامن : جعلت له الارض مسجدا ، وترابها
طهورا.
التاسع : احلت له الغنائم دون غيره من
الانبياء عليهمالسلام.
العاشر : يشفع في أهل الكبائر ، لقوله صلىاللهعليهوآله : ذخرت شفاعتي لاهل
الكبائر من
امتي.
الحادي عشر : بعث إلى الناس عامة.
الثاني عشر : سيد ولد آدم يوم القيامة.
الثالث عشر : أول من تنشق عنه الارض.
الرابع عشر : أول شافع ومشفع.
الخامس عشر : أول من يقرع باب الجنة.
السادس عشر : أكثر الانبياء تبعا.
السابع عشر : امته معصومة لا تجتمع على
الضلالة.
اقول : قال المحقق في شرح القواعد : في
عد هذا من الخصائص نظر ، لان الحديث
غير معلوم الثبوت ، وامته (ص) مع دخول المعصوم عليهالسلام فيهم لا تجتمع على ضلالة
لكن
باعتبار المعصوم فقط ، ولا دخل لغيره في ذلك ، وبدونه
هم كسائر الامم ، على أن الامم
الماضين مع أوصياء أنبيائهم كهذه الامة مع
المعصوم ، فلا اختصاص.
ثم قال في التذكرة : الثامن عشر : صفوف
امته كصفوف الملائكة.
التاسع عشر : تنام عينه ولا ينام قلبه.
العشرون : كان يرى من ورائه كما يرى من
قدامه ، بمعنى التحفظ والحس ، وكذلك قوله صلىاللهعليهوآله
: تنام عيناي ولا ينام قلبي.
____________________
الحادي والعشرون : كان تطوعه بالصلاة
قاعدا كتطوعه قائما وإن لم يكن عذر
، وفي حق غيره ذلك على النصف من هذا.
الثاني والعشرون : مخاطبة المصلي بقوله
: السلام عليك ورحمة الله وبركاته
، ولا
يخاطب سائر الناس.
الثالث والعشرون : يحرم على غيره رفع
صوته على صوت النبي.
الرابع والعشرون : يحرم على غيره نداؤه من وراء الحجرات للآية.
الخامس والعشرون : نادى الله تعالى
الانبياء ، وحكى عنهم بأسمائهم ، فقال تعالى : « يوسف أعرض عن هذا * أن يا إبراهيم * يا نوح » وميز نبينا (ص) بالنداء بألقابه
الشريفة فقال تعالى : « يا أيها النبي * يا أيها الرسول يا أيها المزمل * يا أيها المدثر » ولم يذكر اسمه في القرآن إلا في
أربعة مواضع شهد له فيها بالرسالة لافتقار الشهادة
إلى ذكر اسمه ، فقال : « محمد رسول الله
* ما كان محمدا أبا أحد
من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم
النبيين
* والذين
آمنوا وعملوا الصالحات وآمنوا بما نزل على محمد وهو الحق من ربهم
* برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد » ، وكان يحرم أن ينادى باسمه
____________________
فيقول : يا محمد ، يا
أحمد ، ولكن يقول
: يا نبي الله ، يا رسول الله ، يا خيرة الله ، إلى غير ذلك
من صفاته الجليلة.
السادس والعشرون : كان يستشفى به.
السابع والعشرون : كان يتبرك ببوله ودمه.
الثامن والعشرون : من زنى بحضرته أو
استهان به كفر.
التاسع والعشرون : يجب على المصلي إذا
دعاه يجيبه
ولا تبطل صلاته ، و
للشافعية وجه : إنه لا يجب وتبطل به الصلاة.
الثلاثون : كان أولاد بناته ينسبون إليه
، وأولاد بنات غيره لا ينسبون إليه ، لقوله صلىاللهعليهوآله
: « كل سبب ونسب ينقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي » وقيل : معناه أنه
لا ينتفع يومئذ بسائر الانساب ، وينتفع بالنسبة
إليه صلىاللهعليهوآله.
مسألة : قال صلىاللهعليهوآله : « سموا باسمي ، ولا
تكنوا بكنيتي » واختفلوا ، فقال
الشافعي : إنه ليس لاحد أن يكني بأبي القاسم
سواء كان اسمه محمدا أو لم يكن ، ومنهم من
حمله على كراهة الجمع بين الاسم والكنية ، وجوزوا
الافراد وهو الوجه ، لان الناس لم
يزالوا بكنيته صلىاللهعليهوآله
يكنون في جميع
الاعصار من غير إنكار. انتهى.
ويؤيد ما اختاره رحمهالله ما رواه الكليني
والشيخ عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبدالله عليهالسلام
أن النبي صلىاللهعليهوآله
نهى عن أربع
كنى : عن أبي عيسى ، وعن أبي الحكم ، وعن أبي
مالك ، وعن أبي القاسم إذا كان الاسم
محمدا.
أقول
: هذا جملة ما ذكره أصحابنا وأكثر مخالفينا من خصائصه صلىاللهعليهوآله ، ولم نتعرض
للكلام عليها وإن كان لبعضها مجال للقول فيه
لقلة الجدوى ، ولانا أوردنا من الاخبار
في هذا الباب وغيره ما يظهر به جلية الحال لمن
أراد الاطلاع عليه ، والله الموفق للسداد.
____________________
(باب ١٢)
*(نادر في اللطائف في فضل نبينا صلىاللهعليهوآله في الفضائل)*
*(والمعجزات على الانبياء عليهمالسلام)*
١ ـ قب
: إن كان لآدم عليهالسلام سجود الملائكة مرة
فلمحمد صلوات الله والملائكة
والناس أجمعين كل ساعة إلى يوم القيامة ، وإن
كان آدم قبلة الملائكة فجعله الله إمام الانبياء
ليلة المعراج فصار إمام آدم عليهالسلام ، وإن خلق آدم عليهالسلام من طين فإنه خلق من
النور ، قوله : « كنت نبيا وآدم بين الماء والطين » وإن كان آدم أول الخلق فقد صار محمد
قبله
قوله : « إن الله خلقني من نور وخلق ذلك النور
قبل آدم بألفي ألف سنة ».
وإن كان آدم عليهالسلام أبوالبشر فمحمد صلىاللهعليهوآله سيد النذر ، قوله صلىاللهعليهوآله : آدم و
من دونه تحت لوائي يوم القيامة «.
وإن كان آدم عليهالسلام أول الانبياء فنبوة
محمد أقدم منه ، قوله : « كنت نبيا وآدم
عليهالسلام
منخول في طينته ».
وإن عجزت الملائكة عن آدم عليهالسلام فاعطي القرآن الذي
عجز عنه الاولون و
الآخرون ، وإن قيل لآدم عليهالسلام : « فتلقى آدم من ربه
كلمات فتاب عليه
» فقال له : « ليغفر لك الله ».
وإن دخل آدم في الجنة فقد عرج به إلى
قاب قوسين أو أدنى.
إدريس : قوله : « ورفعناه مكانا عليا » أي السماء ، وللنبي : « ورفعنا لك ذكرك » وناجى إدريس عليهالسلام
ربه ، ونادى الله محمدا : « فأوحى
إلى عبده ما أوحى
» وأطعم إدريس
عليهالسلام
بعد وفاته ، وقد أطعمه الله في حال حياته ، قوله صلىاللهعليهوآله:
« إني لست كأحدكم
____________________
إني أبيت عند ربي
ويطعمني ويسقيني.
نوح عليهالسلام
: جرت له السفينة على الماء وهي تجري للكافر والمؤمن ، ولمحمد صلىاللهعليهوآله
جرى الحجر على الماء ، وذلك أنه كان على شفير
غدير ووراء الغدير تل عظيم ، فقال عكرمة
ابن أبي جهل : يا محمد إن كنت نبيا فادع من
صخور ذلك التل حتى يخوض الماء فيعبر ، فدعا بالصخرة فجعلت تأتي على وجه الماء حتى مثلت بين يديه ، فأمرها بالرجوع فرجعت
كما جاءت.
واجيبت دعوته على قومه : « لاتذر على الارض » فهطلت له السماء بالعقوبة ، واجيبت لمحمد بالرحمة حيث قال : « حوالينا ولا علينا » فنوح عليهالسلام رسول العقوبة ، و
محمد صلىاللهعليهوآله
رسول الرحمة : « وما
أرسلناك إلا رحمة
» دعا نوح لنفسه ولنفر يسير : « رب اغفر لي
ولوالدي
» ومحمد دعا لامته من ولد منهم ومن لم يولد : « واعف عنا » وقال
له : « وجعلنا ذريته هم الباقين » وقال لمحمد : « ذرية بعضها من بعض » كانت
سفينة نوح عليهالسلام
سبب النجاة في الدنيا ، وذرية محمد (ص) سبب النجاة في العقبى
قوله : « مثل أهل بيتي كسفينة نوح » الخبر.
وقال نوح عليهالسلام
: « إن ابني من
أهلي
» فقيل له : « إنه ليس من
أهلك
» ومحمد لما علنت من قومه المعاندة شهر عليهم سيف
النقمة ، ولم ينظر إليهم بعين المقة. قال
حسان :
وإن كان نوح نجى سالما
|
|
على الفلك بالقوم لما نجى
|
فإن النبي نجى سالما
|
|
إلى الغار في الليل لما دجى
|
____________________
هود عليهالسلام
انتصر من أعدائه بالريح ، قوله : « وفي عاد إذ أرسلنا عليهم » ومحمد
نصره الله يوم الاحزاب والخندق بالريح
والملائكة : قوله : « بجنود لم تروها
» فزاد الله
محمدا على هود بثلاثة آلاف ملك ، وفضله على هود
بأن ريح عاد ريح سخط ، وريح محمد (ص)
ريح رحمة قوله : « يا
أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم » الآية ، وصبر هود في ذات الله وأعذر قومه إذ كذب ، والنبي صلىاللهعليهوآله
صبر في ذات الله وأعذر قومه
إذ كذب وشرد ، وحصب بالحصى وعلاه أبوجهل بسلى شاة ، فأوحى الله إلى جاجائيل
ملك الجبال : أن شق الجبال وانته إلى أمر محمد صلىاللهعليهوآله ، فأتاه فقال له : قد
امرت لك
بالطاعة ، فإن أمرت أطبقت عليهم الجبال
فأهلكتهم بها ، قال : إنما بعثت رحمة اهد قومي
فإنهم لا يعلمون.
صالح عليهالسلام
خرجت لصالح ناقة عشراء
من بين صخرة صماء ، واخرج لنبينا صلىاللهعليهوآله
رجل من وسط الجبل يدعو له ويقول : « اللهم ارفع
له ذكرا ، اللهم أوجب له أجرا ، اللهم احطط عنه وزرا » وعقر ناقته ، وعقر أولاد محمد أبوالقاسم البارع صلىاللهعليهوآله.
لناقة صالح نادت اناس
|
|
وقد جسروا على قتل الحسين
|
وكان لصاح ينذر قومه فقيل له : يا صالح
ائتنا بعذاب الله ، ومحمد نبي الرحمة ، قوله : « وما أرسلناك إلا رحمة » والناقة لم تناطقه ولم تشهد له
بالنبوة وقد تكلم مع النبي
صلى الله عليه نوق كثيرة.
لوط ، قال حسان بن ثابت :
____________________
وإن كان لوط دعا ربه
|
|
على القوم فاستوصلوا بالبلا
|
فإن النبي ببدر دعا
|
|
على المشركين بسيف الفنا
|
فناداه جبريل من فوقه
|
|
بلبيك لبيك سل ما تشاء
|
إبراهيم عليهالسلام
نظر من الملك إلى الملك : « وكذلك
نري إبراهيم
» والحبيب
نظر من الملك إلى الملك : « ألم ترى إلى ربك كيف
مد الظل
».
الخليل عليهالسلام
طالب قال : « إني ذاهب
إلى ربي
» والحبيب مطلوب : « أسرى بعبده ليلا » قال الخليل عليهالسلام : « والذي أطمع أن يغفر لي » وقيل للحبيب : « ليغفر
لك الله
» وقال الخليل : « ولا
تخزني
» وللحبيب : « يوم لا
يخزي الله
» و
قال الخليل عليهالسلام
وسط النار : حسبى الله ، وقيل للحبيب : « يا أيها النبي حسبك الله » قال الخليل عليهالسلام
: « واجعل لى
لسان صدق
» وقيل للحبيب صلىاللهعليهوآله
: « ورفعنا لك ذكرك
» قال
الخليل عليهالسلام
: « وأرنا مناسكنا
وقيل للحبيب
صلىاللهعليهوآله
» : « لنريه
» الخليل عليهالسلام « واجعلني من ورثة جنة النعيم » وللحبيب صلىاللهعليهوآله
« وللآخرة خير لك » الخليل عليهالسلام
: « والذي هو
يطعمني
» وللحبيب صلىاللهعليهوآله
« أطعمهم من جوع » لاجلك.
الخليل عليهالسلام
بخل على أعدائه بالرزق « وارزق
أهله من الثمرات » والحبيب
صلىاللهعليهوآله
سخا بها على الاعداء حتى عوتب : « ولا
تبسطها كل البسط » الخليل عليهالسلام
أقسم بالله : « وتالله
لاكيدن أصناكم » وأقسم الله بالحبيب : « لعمرك
____________________
إنهم
» واتخذ
مقام الخليل قبلة : « واتخذوا
من مقام إبراهيم » وجعل أحوال
الحبيب وأفعاله وأقواله قبلة : « لقد كان لكم في رسول
الله اسوة
» الخليل عليهالسلام
كسر
أصنام قوم بالخفية غضبا لله ، والحبيب كسر عن
الكعبة ثلاثمائة وستين صنما ، وأذل من
عبدها بالسيف ، اصطفى الخليل عليهالسلام بعد الابتلاء : « ولقد اصطفيناه
» واصطفى
الحبيب
صلىاللهعليهوآله
قبل الابتلاء : « الله يصطفي
» الخليل عليهالسلام بذل ماله لاجل
الجليل ، وخلق الجليل العالم لاجل الحبيب صلىاللهعليهوآله
، مقام الخليل عليهالسلام
مقام الخدمة : « واتخذوا من مقام
إبراهيم
» ومقام الحبيب صلىاللهعليهوآله
مقام الشفاعة : « عسى أن
يبعثك
» والشفيع
أفضل من الخادم ، الخليل عليهالسلام طلب ابتداء الوصلة
قال : « هذا ربي
» والحبيب صلىاللهعليهوآله
طلب بقاء الوصلة : « وامرت أن أكون من
المسلمين
» وللبقاء فضل على الابتداء ، صير
الله حر النار على الخليل عليهالسلام بردا وسلاما ، وصير
السم في جوفه سلاما حين سمته
الخيبرية ، ثم سخر له نار جهنم التي كانت نار
الدنيا كلها جزء منها ، كان الخليل عليهالسلام
مناديا بالحج والقربان : « وأذن في الناس بالحج
» والحبيب
مناديا بالاسلام و
الايمان : « مناديا ينادي للايمان أن آمنوا بربكم » قال للخليل عليهالسلام : « أو لم تؤمن « وقال للحبيب صلىاللهعليهوآله : « آمن الرسول
» قال
الخليل : « فإنهم عدو لي
» وقيل
للحبيب عليهالسلام
: « لولاك لما خلقت الافلاك » وقيل
للخليل عليهالسلام.
« وفديناه بذبح
» والحبيب (ص)
فدي أبوه عبدالله بمائة ناقة ، وبارك في أولاد الخليل
عليهالسلام
حتى عفوا ، فامر داود عليهالسلام
في أيامه بإحصائهم فعجزوا عن ذلك ، فأوحى
____________________
الله تعالى إليه لما
أطاعني بذبح ولده كثرت ذريته ، والحبيب صلىاللهعليهوآله
لما ابتلي أيضا بذبح
ابنه الحسين عليهالسلام
كثرت أولاده ، وصل الخليل إلى الجليل بالواسطة : « وكذلك نري إبراهيم « ووصل الحبيب صلىاللهعليهوآله بلا واسطة : « ثم دنا فتدلى » أراد الخليل عليهالسلام
رضا الملك في رفع الكعبة : « وإذ يرفع إبراهيم
القواعد من البيت
» وأراد الله القبلة في
رضا الحبيب : « فلنولينك قبلة ترضاها » كان الابتلاء للخليل أولا ، والاجتباء
آخرا : « واذ ابتلي إبراهيم ربه بكلمات » والحبيب صلىاللهعليهوآله ابتداءه بشارة : « ليظهره على الدين » سأل الخليل : « واجنبني وبني أن نعبد
الاصنام
» وقال للحبيب
صلىاللهعليهوآله
: « إنما يريد
الله ليذهب عنكم الرجس
» الخليل من يخالك ، و
الحبيب من تخاله ، فلا جرم « ولسوف يعطيك ربك فترضى » الخليل : المريد ، والحبيب : المراد ، الخليل : عطشان ، والحبيب : ريان.
قال صاحب العين : مخرج الحاء أقصى من
مخرج الخاء بدرجة ، فإن الخاء من
الحلق ، والحاء من الفؤاد ، فإذا ذكرت الخليل
لم تملا فاك ، لانه من الحلق ، وإذا
ذكرت الحبيب ملات فاك وقلبك ، لانه من الفؤاد ،
قالوا : أظهر الله الخليل ، ولم يظهر
الحبيب ، الجواب أنه أظهر المحبة لمتبعيه ، فكيف
المتبوع : قوله : « إن
كنتم تحبون الله
فاتبعوني يحببكم الله ».
يعقوب : كان له اثنا عشر ابنا ، ومحمد
كان له اثنا عشر وصيا ، وجعل الاسباط من
سلالة صلبه. ومريم بنت عمران من بناته ، والهداة
في ذريته.
قوله : « ووهبنا له إسحق ويعقوب وجعلنا في ذريتهما
النبوة والكتاب
» و
____________________
محمد أرفع ذكرا من
ذلك ، جعلت فاطمة عليهاالسلام
سيدة نساء العالمين من بناته ، والحسن و
الحسين عليهماالسلام
من ذريته ، وآتاه الكتاب المحفوظ لا يبدل ولا يغير ، وصبر يعقوب
عليهالسلام
على فراق ولده حتى كاد يحرض ، وصبر محمد (ص) على وفاة إبراهيم وعلى
ما علم من فحوى ما يجري على ذريته.
يوسف عليهالسلام
إن كان له جمال فلمحمد صلىاللهعليهوآله
ملاحة وكمال ، قوله صلىاللهعليهوآله
: كان
يوسف عليهالسلام
أحسن ولكنني أملح.
وإن كان يوسف في الليل نورانيا فمحمد في
الدنيا والعقبى نوراني ، ففي الدنيا
يهدي الله لنوره ، وفي العقبى : « انظرونا نقتبس ».
يوسف عليهالسلام
دعا لمالك بن ذعر ليكثر ماله وولده ، قال النبي صلىاللهعليهوآله
: « ستدرك
ولدا لي يسمى الباقر ، فإذا لقيته فاقرأه مني
السلام ، وقال لانس : اللهم أطل عمره ، وأكثر ماله وولده » فبقي إلى أيام عمر بن عبدالعزيز ، وله عشرون من الذكور ، وثمانون
من الاناث ، وكانت شجراته كل حول ذوات ثمرتين.
صبر يوسف عليهالسلام
في الجب والحبس والفرقة والمعصية ، ومحمد قاسى من كثرة الغربة
والفرقة ، وحبس في الشعب ثلاث سنين ، وفي الغار
ثلاث ليال ، وكان ليوسف عليهالسلام
رؤياه ، ولمحمد : « لقد صدق
الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام ».
موسى عليهالسلام
أعطاه الله اثنتى عشرة عينا ، قوله : « فانفجرت منه اثنتا عشرة
عيناً » ومحمد أمر البراء بن عازب بغرس سهمه
يوم الميضاة
بالحديبية في قليب جافة
فتفجرت اثنتا عشرة عينا حتى كفت ثمانية آلاف
رجل ، وكان لموسى عليهالسلام
انفجار الماء
من الحجر ، ولمحمد عليهالسلام انفجار الماء من
بين أصابعه ، وهذا أعجب ، وأنزل الله لموسى
____________________
عمودا من السماء يضئ
لهم ليلتهم ، ويرتفع نهارهم ، ورسول الله أعطى بعض أصحابه عصا
تضئ أمامه وبين يديه ، وأعطى قتادة بن النعمان
عرجونا ، فكان
العرجون يضئ
أمامه عشرا.
قوله : « ولقد آتينا موسى تسع آيات بينات » قال ابن عباس والضحاك : اليد ، والعصا ، والحجر ، والبحر ، والطوفان ، والجراد
، والقمل ، والضفادع ، والدم ، يروى أن النبي (ص) استتر للوضوء في بعض أسفاره إلى الشام فأحاط به اليهود بالسيوف
، فأثار الله من تحت رجله جرادا فاحتوشتهم
، وجعلت تأكلهم حتى أتت على جملتهم ، وكانوا
مأتي نفر ، وقال عليهالسلام
: « إن بين الركن والصفا قبور سبعين نبيا ما ماتوا إلا بضر
الجوع والقمل » وتبعه قوم يوما خاليا فنظر
أحدهم إلى ثياب نفسه وفيها قمل ، ثم
جعل بدنه يحكه ، فأنف من أصحابه ، وانسل ، وأبصر آخر وآخر مثل ذلك حتى
وجد كلهم من نفسه ، ثم زاد ذلك عليهم حتى
استولى ذلك عليهم فماتوا كلهم من خمسة
أيام إلى شهرين ، وهم جماعة بقتله فخرجوا نحو
المدينة من مكة فسلط الله على مزاودهم
ورواياهم وسطائحهم الجرذان فخرقتها ونقبتها
وسال مياهها ، فلما عطشوا شعروا فرجعوا
القهقرى إلى الحياض التي كانوا تزودوا منها تلك
المياة ، وإذا الجرذان قد سبقتهم إليها
فنقبت اصولها وسال في الحرة مياهها ، فتماوتوا ، ولم ينفلت منهم
إلا واحد لا يزال
يقول : يا رب محمد وآل محمد ، قد تبت من أذاه ،
ففرج عني بجاه محمد وآل محمد ، فوردت عليه
قافلة فسقوه وحملوه وأمتعة القوم ، فآمن بالنبي (ص) ، فجعل رسول الله (ص)
له تلك
الجمال والاموال ، واحتجم النبي صلىاللهعليهوآله مرة فدفع الدم
الخارج منه إلى أبي سعيد
الخدري ، وقال : غيبه ، فذهب فشربه ، فقال : ماذا
صنعت به؟ قال : شربته ، قال : أو لم
____________________
أقل لك : غيبه؟ فقال
: قد غيبته في وعاء حريز ، فقال : إياك وأن تعود لمثل هذا ، ثم
اعلم أن الله قد حرم على النار لحمك ودمك لما
اختلط بدمي ولحمي ، واستهزأ به أربعون
نفرا من المنافقين ، فقال صلىاللهعليهوآله : أما إن الله
يعذبهم بالدم ، فلحقهم الرعاف الدائم ، و
سيلان الدماء من أضراسهم ، فكان طعامهم وشرابهم
يختلط بدمائهم ، فبقوا كذلك أربعين
صباحا ، ثم هلكوا.
قوله : « اسلك يدك في جيبك تخرج بيضاء » واعطي أفضل منه ، وهو أن نورا
كان عن يمينه حيث ما جلس ، وكان يراه الناس
كلهم ، وقد بقي ذلك النور إلى قيام الساعة ، وكان يحب أن يأتيه الحسنان ، فيناديهما : هلما إلي ، فيقبلان نحوه من البعد قد
بلغهما صوته ، فيقول بسبابته هكذا ، يخرجهما من الباب ، فتضئ لهما أحسن من ضوء القمر والشمس ، فيأتيان ، ثم تعود الاصبع كما كانت ، وتفعل في إنصرافهما مثل ذلك قوله : « وأن ألق عصاك » وله ما روي أن الزبير بن العوام انكسر سيفه في
بعض الغزوات فأخذ النبي (ص) خشبة فمسحها
من جانبيه ، فصارت سيفا أجود ما يكون وأضربها ، فكان يقاتل به ، وإن الله تعالى قلب
جذوع
سقوف يهود نازعوه أفاعي ، وهي أكثر من مائة جذع
، وقصدت نحوهم ، والتقمت متاع
بيتهم ، فمات منهم أربعة ، وخبل جماعة وأسلم آخرون ، وقالوا : اللهم بجاه
محمد الذي
اصطفيته ، وعلي الذي ارتضيته ، وأوليائهما
الذين من سلم لهم أمرهم اجتبيته ، فأنشر الله
الاربعة. قوله : « فاضرب بعصاك البحر » قال أمير المؤمنين عليهالسلام : خرجنا معه يعني
النبي صلىاللهعليهوآله
إلى خيبر ، فإذا نحن بواد يشخب فقدرناه فإذا هو أربع عشرة قامة ، فقالوا : يا رسول الله العدو من ورائنا ، والوادي أمامنا
، كما قال أصحاب موسى عليهالسلام
: « إنا لمدركون » فنزل رسول الله صلىاللهعليهوآله ثم قال : « اللهم
إنك جعلت لكل مرسل دلالة
____________________
فأرني قدرتك » وركب
فعبرت الخيل لاتندى حوافرها ، والابل لاتندى أخفافها ، فرجعنا
فكان فتحها ، وفي رواية أنس إنه مطرت السماء
ثلاثة أيام ولياليها بوادي الخزان
،
فقالوا : يا رسول الله هول عظيم ، فقال : أيها الناس اتبعوني ، وكنت آخر الناس ، ولقد
رأيت الماء ما بل أخفاف الابل.
قوله : « ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين » وروي أن النبي صلىاللهعليهوآله قال : « اللهم
العن رعلا وذكوان ، اللهم اشدد وطأتك على مضر ، اللهم
اجعل سنيهم كسني يوسف » ففي الخبر أن الرجل كان منهم يلحق صاحبه فلا
يمكنه الدنو ، فإذا دنا منه لا يبصره من
شدة دخان الجوع ، وكان يجلب إليهم من كل ناحية ، فإذا اشتروه
وقبضوه لم يصلوا
به إلى بيوتهم حتى يتسوس وينتن ، فأكلوا الكلاب الميتة والجيف
والجلود ، ونبشوا
القبور ، وأحرقوا عظام الموتى فأكلوها ، وأكلت
المرأة طفلها ، وكان الدخان متراكما بين
السماء والارض ، وذلك قوله : « فارتقب يوم تأتي
السماء بدخان مبين * يغشى الناس هذا عذاب أليم » فقال أبوسفيان ورؤساء قريش : يا محمد
أتأمرنا بصلة الرحم؟ فأدرك قومك
فقد هلكوا ، فدعا لهم ، وذلك قوله : « ربرنا
اكشف عنا العذاب إنا موقنون
» فقال الله
تعالى : « إنا كاشفوا العذاب قليلا إنكم عائدون » فعاد إليهم الخصب والدعة ، وهو
____________________
قوله : « فليعبدوا رب هذا البيت » الآية ، انتقم الله لموسى عليهالسلام من فرعون ، وانتقم
لمحمد (ص) من الفراعنة : « سيهزم الجمع ويولون
الدبر
» كان لموسى عليهالسلام
عصا ، ولمحمد (ص) ذو الفقار ، خلف موسى عليهالسلام
هارون عليهالسلام
في قومه ، وخلف محمد (ص)
عليا عليهالسلام
في قومه : « أنت مني بمنزلة هارون من موسى » وكان لموسى عليهالسلام اثنا عشر
نقيبا ، ولمحمد (ص) اثنا عشر إماما ، كان لموسى
عليهالسلام
انفلاق البحر في الارض : « فانفلق فكان كل
فرق
» ولمحمد (ص) انشقاق القمر في السمآء وذلك أعجب : « اقتربت الساعة و انشق القمر » العصا بلغت البحر فانفلق : « فاضرب بعصاك البحر » وأشار
بالاصبع إلى القمر فانشق ، وقال موسى عليهالسلام : « رب اشرح لي صدري » وقال الله
له : « ألم نشرح لك صدرك » وقال لموسى وهارون عليهماالسلام : « فقولا له قولا لينا » وقال لمحمد (ص) واغلظ عليهم * ولا تطع كل حلاف « وأعطى الله موسى عليهالسلام
المن والسلوى ، وأحل الغنائم لمحمد صلىاللهعليهوآله ولامته ، ولم يحل
لاحد قبله ، وقال في
حق موسى : « وظللنا عليهم الغمام » يعني في التيه ، والنبي صلىاللهعليهوآله كان يسير الغمام
فوقه ، وكلم الله موسى تكليما على طور سينآء ، وناجى
الله محمدا عند سدرة المنتهى ، وكان
واسطة بين الحق ، وبين موسى عليهالسلام ، ولم يكن بين محمد
(ص) وربه أحد : « فأوحى إلى عبده » وليس من مشى برجليه كمن اسري بسره ، وليس من ناداه كمن ناجاه ، ومن بعد نودي ، ومن قرب نوجي ، ولم يكلم موسى عليهالسلام
إلا بعد أربعين ليلة ، ومحمد (ص)
كان نائما في بيت ام هاني فعرج به ، ومعراج موسى عليهالسلام
بعد الموعود ، ومعراج محمد (ص)
بلا وعد ، واختار موسى قومه سبعين رجلا ، واختير محمد وهو فريد ، ولم يحتمل موسى (ع)
____________________
ما رآه : « فخر موسى صعقا » واحتمل محمد ذلك : « لقد رأى من آيات ربه » معراج موسى عليهالسلام
نهارا ، ومعراج محمد (ص) ليلا ، ومعراج موسى عليهالسلام
على الارض ، ومعراج محمد (ص) فوق السماوات السبع ، أخبر بما جرى بينه وبين موسى عليهالسلام ، وكتم
ما جرى بينه وبين محمد : « فأوحى إلى عبده ما
أوحى
» قوله : « ولما جاء
موسى لميقاتنا » كأنه جاء من عند فرعون « لقد جاءكم رسول » كأنه جآء من عند الله
وقال لموسى : « وأوحينا إلى موسى وأخيه أن تبوءا لقومكما بمصر
بيوتا
» وأخرج
النبي من مسجده ما خلا العترة ، وفي هذا تبيان
قوله : « أنت مني بمنزلة هارون من
موسى ».
حسان :
لئن كلم الله موسى على
|
|
شريف من الطور يوم الندا
|
فإن النبي أبا قاسم
|
|
حبي بالرسالة فوق السماء
|
وقد صار بالقرب من ربه
|
|
على قاب قوسين لما دنا
|
وإن فجر الماء موسى لكم
|
|
عيونا من الصخر ضرب العصا
|
فمن كف أحمد قد فجرت
|
|
عيون من المآء يوم الظما
|
وإن كان هارون من بعده
|
|
حبي بالوزارة يوم الملا
|
فإن الوزارة قد نالها
|
|
علي بلا شك يوم الندا
|
كعب بن مالك الانصاري :
فإن يك موسى كلم الله جهرة
|
|
على جبل الطور المنيف المعظم
|
فقد كلم الله النبي محمدا
|
|
على الموضع الاعلى الرفيع المسوم
|
داود عليهالسلام
كان له سلسلة الحكومة ليميز الحق من الباطل ، ولمحمد صلىاللهعليهوآله
القرآن :
____________________
« ما فرطنا في الكتاب من شئ » وليست السلسلة كالكتاب ، والسلسلة قد
فنيت والقرآن
بقي إلى آخر الدهر ، وكان له النغمة ، ولمحمد صلىاللهعليهوآله الحلاوة : « وإذا سمعوا ما انزل
إلى الرسول » وكان له ثلاثون ألف حرس ، وكان حارس
محمد هو الله تعالى : « والله
يعصمك من الناس » وسبحت له الوحوش والطيور والجبال ، فالله
تعالى وملائكته يشهدون
لمحمد : « وكفى بالله شهيدا * محمد رسول الله » وقال له : « وألنا له الحديد » وألان
قلب محمد بالرحمة والشفاعة : « فبما رحمة من الله لنت
لهم
» وألان لهم
الصم الصخور
الصلاب وجعلها غارا ، وكان يحلب الشاة المجهودة
، ويمسح عرضها فيحلب منها كيف شاء ، وسخر له الجبال وكان يسبحن ، وأخذ النبي أحجارا فأمسكها فسبحن في كفه ، وله
الطير محشورة كل له أواب ، ولمحمد البراق ، وقال
له : « وشددنا
ملكه
» وشدد
ملك محمد حتى نسخ بشريعته سائر الشرائع ، وقال
لداود : « ولا تتبع
الهوى
» وقال
لمحمد صلىاللهعليهوآله
: « ما ضل
صاحبكم
».
حسان :
وإن كان داود قد أوبت
|
|
جبال لديه وطير الهوا
|
ففي كف أحمد قد سبحت
|
|
بتقديس ربي صغار الحصى
|
سليمان سخرت له الريح : « غدوها شهر ورواحها شهر » يقال : إنه غدا
من العراق ، وقال بمرو ، وأمسى ببلخ ، وأكرم محمدا
بالبراق خطوته مد البصر ، و
قال : « علمنا منطق الطير » وروي أن الحمرة فجعت بأحد ولدها ، فجاءت
إلى
____________________
النبي صلىاللهعليهوآله وقد جعلت ترف على
رأس رسول الله (ص) ، فقال : أيكم فجع
هذه؟
فقال رجل من القوم : أنا أخذت بيضها ، فقال
النبي (ص) : ارددها ، ومنه كلام البعير و
العجل والضبي والشاة والذئب والذب ، وسخرت له » الجن والشياطين ، وقال
للنبي صلىاللهعليهوآله
: « قل اوحي
إلي أنه استمع نفر من الجن
» ، وقوله : « وإذ صرفنا إليك نفرا
من الجن
» وهو التسعة من أشراف الجن بنصيبين واليمن من بني عمرو بن
عامر ، منهم شصاه ، ومصاه ، والهملكان ، والمرزبان
، والمازمان ، ونضاه ، وهاضب ، وعمرو ، وبايعوه على العبادات ، واعتذروا بأنهم قالوا على الله : شططا ، وسليمان عليهالسلام كان يصفدهم
لعصيانهم ، ونبينا أتوه طائعين راغبين ، وسأل
سليمان ملكا دنيا : « رب
هب لي ملكا
» وعرض مفاتيح خزائن الدنيا على محمد صلىاللهعليهوآله فردها ، فشتان بين
من يسأل وبين من يعطى
فلا يقبل ، فأعطاه الله الكوثر والشفاعة
والمقام المحمود « ولسوف
يعطيك ربك فترضى
» وقال لسليمان : « امنن أو أمسك بغير حساب » وقال لنبينا : « ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم
عنه فانتهوا
».
حسان بن ثابت :
وإن كانت الجن قد ساسها
|
|
سليمان والريح تجري رخا
|
فشهر غدو به دائبا
|
|
وشهر رواح به إن يشا
|
فإن النبي سرى ليلة
|
|
من المسجدين إلى المرتقى
|
حواست جمع كن
|
|
حواست جمع كن
|
كعب بن مالك :
وإن تك نمل البر بالوهم كلمت
|
|
سليمان ذا الملك الذي ليس بالعمى
|
فهذا نبي الله أحمد سبحت
|
|
صغار الحصى في كفه بالترنم
|
يحيى عليهالسلام
قال الله تعالى له : « وآتيناه
الحكم صبيا
» وكان في عصر لا جاهلية
____________________
فيه ، ومحمد (ص) اوتي
الحكم والفهم صبيا بين عبدة الاوثان وحزب الشيطان ، وكان
يحيى عليهالسلام
أعبد أهل زمانه وأزهدهم ، ومحمد أزهد الخلائق ، وأعبدهم ، حتى قيل : « طه ما أنزلنا ».
حسان بن ثابت :
وإن كان يحيى بكت عينه
|
|
صغيرا وطهره في الصبي
|
فإن النبي بكى قائما
|
|
حزينا على الرجل خوف الرجا
|
فناداه أن طه أبا قاسم
|
|
ولا تشق بالوحي لما أتى
|
عيسى عليهالسلام
« وابرئ
الاكمه والابرص
» ونبينا (ص) أتاه معاذ بن عفرا
فقال : يا رسول الله إني قد تزوجت ، وقالوا
للزوجة : إن بجنبي بياضا ، فكرهت أن
تزف إلي ، فقال : اكشف لي عن جنبك ، فكشف له عن
جنبه ، فمسحه بعود فذهب ما به
من البرص ، ولقد أتاه من جهينة أجذم يتقطع من
الجذام ، فشكا إليه ، فأخذ قدحا من مآء
فتفل فيه ، ثم قال : امسح به جسدك ففعل فبرأ ، وأبرأ
صاحب السلعة
، وأتته امرأة
فقالت : يا رسول الله إن ابني قد أشرف على حياض
الموت ، كلما أتيته بطعام وقع عليه
التثاؤب
، فقام وقمنا معه ، فلما أتيناه قال له : جانب يا عدو الله ولي الله ، فأنا رسول
الله ، فجانبه الشيطان ، فقام صحيحا ، وأتاه
رجل وبه ادرة
عظيمة ، فقال : هذه الادرة
تمنعني من التطهير والوضوء ، فدعا بماء فبرك
فيه ودعاه وتفل فيه ، ثم أمره أن يفيض
عليه
، ففعل الرجل ، وأغفى إغفائة وانتبه فإذا هي قد تقلصت ، وجائت امرأة ومعها
____________________
عكة سمن واقط ومعها ابنة لها فقالت : يا
رسول الله ولدت هذه كمها
، فأخذ رسول
الله (ص) عودا فمسح به عينيها فأبصرتا. ومنه
حديث قتادة بن ربعي ومحمد بن مسلمة و
عبدالله بن أنيس.
قوله : « واحيي الموتى بإذن الله » قال الكلبي : كان عيسى عليهالسلام يحيي الاموات
بياحي يا قيوم ، وقيل إنه أحيى أربعة أنفس ، وهم
عاذر ، وابن العجوز ، وابنة العاشر ، وسام بن نوح ، قال الرضا عليهالسلام
: لقد اجتمعت قريش إلى رسول الله (ص) فسألوه أن يحيي
لهم موتاهم ، فوجه معهم علي بن أبي طالب عليهالسلام فقال : اذهب إلى
الجبانة
فناد باسم
هؤلاء الرهط الذين يسألون عنهم بأعلى صوتك : يا
فلان ، ويا فلان ، ويا فلان ، يقول لكم
رسول الله : قوموا بإذن الله ، فقاموا ينفضون
التراب عن رؤوسهم ، فأقبلت قريش تسألهم عن
امورهم ، ثم أخبروهم أن محمدا قد بعث نبيا ، فقالوا
: وددنا أنا أدركناه فنؤمن به ، و
أحيى صلىاللهعليهوآله
النفر الذين قتلوا يوم بدر فخاطبهم وكلمهم وعيرهم بكفرهم.
قوله : « وانبئكم بما تأكلون وما تدخرون » ومحمد صلىاللهعليهوآله
كان ينبئ بأشياء
كثيرة ، منها : قصة حاطب بن أبي بلتعة ، وإنفاذ
كتابه إلى مكة ، ومنها قصة عباس و
سبب إسلامه.
ابن جريح في قوله : « ويعلمه الكتاب والحكمة » إن الله تعالى أعطى عيسى
عليهالسلام
تسعة أشياء من الحظ ، ولسائر الناس جزءا وروي عن النبي صلىاللهعليهوآله اوتيت القرآن
ومثليه.
انشد :
وإن كان من مات يحيى لكم
|
|
يناديه عيسى برب العلى.
|
____________________
فإن الذراع لقد سمها
|
|
يهود لاحمد يوم القرى
|
فنادته أنى لمسمومة
|
|
فلا تقربني وقيت الاذي
|
بيان
: الحمرة بضم الحاء وتشديد الميم المفتوحة : ضرب من الطير كالعصفور.
٢ ـ قب
: قد مدح الله اثنى عشر من الانبياء باثنى عشر نوعا من الطاعة : مدح
إسحاق عليهالسلام
ويعقوب (ع) بالطاعة : « ووهبنا
له إسحاق ويعقوب
» ولعيسى بالزهادة ، قيل له : لو اتخذت منزلا أو اشتريت دابة ، فقال ما قال ، ولسليمان بالسخا ، وكان
يطعم
كل يوم سبعمائة جريب من الحوارى ، وهو يأكل الخشكار ، ولابراهيم عليهالسلام
بالرحمة : « إن إبراهيم لحليم أواه منيب » ، وفيه قصة المجوس الذين أسلموا من
ضيافته ، ولنوح (ع) بالصلابة : « رب لا تذر على الارض » وأيضا من موسى وهارون (ع) : « ربنا إنك آتيت فرعون » فبالغ نبينا صلىاللهعليهوآله في هذه الخصال حتى
نهاه عن ذلك : الاستغفار : « استغفر لهم أو لا تستغفر لهم » المجاهدة : « ولا تعجل بالقرآن » العبادة : « طه ما أنزلنا » الزهد : « لم تحرم ما أحل الله
لك
» وفيه حديث مارية ، وعرض عليه
مفاتيح الدنيا فأبى ، السخا : « ولا تجعل يدك مغلولة » الرحمة : « واغلظ عليهم » وقال : « فلعلك باخع نفسك » الصلابة : « لست عليهم بمصيطر * يا أيها النبي جاهد
____________________
الكفار » وفيه قصة ابن مكتوم. الانذار : « نبئ عبادي أني أنا
الغفور الرحيم
» عيب آلهتهم : « ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله ».
وإنه تعالى أقسم لاجله بخمسة عشر قسما :
بهدايته : « والنجم إذا
هوى
» برسالته : « يس والقرآن الحكيم » بولي عهده : « والعاديات ضبحا » بمعراجه : « لتركبن طبقا عن
طبق
» بشريعته : « والعصر إن
الانسان لفي خسر
» بكتابه : « ق ـ والقرآن
المجيد
» بخلقه : « لقد خلقنا
الانسان في أحسن تقويم
» بخلقه : « ن والقلم » بزيادة نوافله : « طه ما أنزلنا » بطهارته : « فلا اقسم بما تبصرون » ببلده : « لا اقسم بهذا البلد » بمحبته : « والضحى والليل » بتهديد موذيه : « كلا لئن لم ينته » بعقوبة أعدائه : « كلا إنهم عن ربهم يومئذ » بعمره : « لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون » ومن شدة فرط المحب أن يحلف بعمر حبيبه ، وكل ما سأل
الانبياء
من الله تعالى أعطاه الله بلا سؤال : آدم عليهالسلام : « وإن لم تغفر لنا » وله : « ليغفر لك الله
» نوح عليهالسلام : « لا تدر على الارض » وله : « إنا كفيناك المستهزئين
» إبراهيم عليهالسلام
: « ولا تخزني
يوم يبعثون » وله « يوم لا يخزي الله النبي
» شعيب
عليهالسلام
: « ربنا افتح
بيننا
» وله : « إنا فتحنا
لك
» لوط عليهالسلام
: « رب انصرني
على
____________________
القوم » وله : « وينصرك الله » موسى عليهالسلام
: « قال رب
اشرح لي صدري
» وله : « ألم نشرح لك » موسى عليهالسلام
: « اخلفني في
قومي
» وله : إنما وليكم
الله
».
المقام أربعة : مقام الشوق لشعيب عليهالسلام حيث بكى من خوف
الله ، ومقام السلام
لابراهيم عليهالسلام
: إذ جاء ربه
بقلب سليم
» ومقام المناجات لموسى عليهالسلام
: « وقربناه نجيا » ومقام المحبة للنبي صلىاللهعليهوآله : « فكان قاب قوسين » وسمى الله تعالى نوحا
شكورا : « إنه كان عبدا شكورا
» وإبراهيم عليهالسلام حليما : « إن إبراهيم لحليم » وموسى عليهالسلام
كليما : « وكلم الله
موسى تكليما
» وجمع له كما جمع لنفسه فقال : « إن الله بالناس لرؤوف رحيم » وله : بالمؤمنين رؤوف رحيم » قيل : هما واحد ، وقيل : الرؤوف : شدة الرحمة ، رؤوف بالمطيعين ، رحيم بالمذنبين ، رؤوف بأقربائه
رحيم
بأصحابه ، رؤوف بعترته ، رحيم بامته ، رؤوف بمن
رآه ، رحيم بمن لم يره.
____________________
بسمه تعالى وله الحمد
إلى هنا انتهى الجزء السادس عشر من كتاب
بحار الانوار للعلامة
المجلسي ( قدسسره
) بهذه الصورة النفيسة ، والتعاليق المحتاج إليها ، وهو الجزء الثاني من المجلد السادس في تاريخ نبينا صلىاللهعليهوآله
يحوى اثنين و
أربعمائة حديث في ثمانية أبواب.
وقد قوبل بالنسختين المطبوعتين إحديهما
النسخة المشهورة بطبعة
« أمين الضرب » وعدة نسخ مخطوطة جيدة في غاية
الدقة والاتقان منها :
النسخة الاصلية التي هي بخط المؤلف
رضوان الله عليه.
وسيصدر عاجلا ـ إنشاء الله تعالى ـ الجزء
السابع عشر يبتد بـ ( باب
وجوب طاعته وحبه والتفويض إليه صلىاللهعليهوآله ) والله تعالى ولي
الوفيق.
|
خادم العلم والدين
عبدالرحيم الرباني
الشيرازي
|
فهرس ما في هذا الجزء
باب ٥ تزوجه صلى الله عليه وآله بخديجة رضي الله عنها
وفضائلها وبعض أحوالها ، وفيه ٢٠ حديثا.... ١
باب ٦ أسمائه صلى الله عليه وآله وعللها ، ومعنى كونه صلى
الله عليه وآله أميا وأنه كان عالما بكل لسان ، وذكر خواتيمه ونقوشها وأثوابه
وسلاحه ، ودوابه وغيرها مما يتعلق به صلى الله عليه وآله ، وفيه ٧٥ حديثا........................ ٨٢
باب ٧ نادر في معنى كونه صلى الله عليه وآله يتيما وضالا
وعائلا ، ومعنى انشراح صدره ، وعلة يتمه ، والعلة التي من أجلها لم يبق له صلى
الله عليه وآله ولد ذكر ، وفيه ١٠ أحاديث............................................. ١٣٦
باب ٨ أوصافه صلى الله عليه وآله في خلقته وشمائله وخاتم
النبوة ، وفيه ٣٣ حديثا............... ١٤٤
باب ٩ مكارم أخلاقه وسيره وسننه صلى الله عليه وآله وما
أدبه الله تعالى به ، وفيه ١٦٢ حديثا... ١٩٤
باب ١٠ نادر فيه ذكر مزاحه وضحكه صلى الله عليه وآله وهو
من الباب الأول ، وفيه ٤ أحاديث. ٢٩٤
باب ١١ فضائله وخصائصه صلى الله عليه وآله وما امتن الله
به على عباده ، وفيه ٩٦ حديثا...... ٢٩٩
باب ١٢ نادر في اللطائف في فضل نبينا صلى الله عليه وآله
في الفضائل والمعجزات على الأنبياء عليهم السلام ، وفيه حديثان.......................................................................................... ٤٠٢
|
أقدم شكري الجزيل
إلى العالم البارع حجة الإسلام الحاج السيد مهدي الصدر العاملي الأصبهاني صاحب
صاحب الوعظ والجماعة حيث بذل نسخته الفريدة الوحيدة : النسخة الأصلية التي هي
بخط المؤلف رضوان الله عليه وهي مما ورثه من أبيه الفقيد السعيد الخطيب المشهور
الحاج السيد صدر الدين العاملي رحمه الله وها هي صحيفة من صورتها الفتوغرافية
تجاه هذه الصحيفة.
ثم أسدي ثنائي
العاطر إلى الفاضل البارع الأستاذ المعظم السيد جلال الدين الأرموي الشهير
بالمحدث لما تفضل علينا بنسخ مخطوطة من الكتاب ونسأل الله تعالى أن يوفقه وإيانا
لأنه ولي التوفيق.
الشيخ محمد الاخوندي
|
|

*(رموز الكتاب)*
ب : لقرب الاسناد.
|
ع : للعلل الشرائع.
|
لد : للبلدين الامين.
|
بشا : لبشارة المصطفى.
|
عا : لدعائم الاسلام.
|
لي : لامالى الصدوق.
|
تم : لفلاح السائل.
|
عد : للعقائد.
|
م : لتفسير الامام العسكري (ع)
|
ثو : لثواب الاعمال.
|
عدة : للعدة.
|
ما : لامالى الطوسى.
|
ج : للاحتجاج.
|
عم : لاعلام الورى
|
محص : للتمحيص.
|
جا : لمجالس المفيد.
|
عين : للعيون والمحاسن.
|
مد : للعمدة.
|
جش : لفهرست النجاشي.
|
غر : للغرر والدرر.
|
مص : لمصباح الشريعة.
|
جع : لجامع الاخبار.
|
غط : لغيبة الشيخ.
|
مصبا : للمصباحين.
|
جم : لجماع الاسبوع.
|
غو : لغوالي اللئالي.
|
مع : لمعاني الاخبار.
|
جنة : للجنة.
|
ف : لتحف العقول.
|
مكا : لمكارم الاخلاق.
|
حة : لفرحة الغرى.
|
فتح : لفتح الابواب.
|
مل : لكامل الزيارة.
|
ختص : لكتاب الاختصاص.
|
فر : لتفسير فرات بن إبراهيم.
|
منها : للمنهاج.
|
خص : لمنتخب البصائر.
|
فس : لتفسير علي بن إبراهيم.
|
مهج : لمهج الدعوات.
|
د : للعدد.
|
فض : لكتاب الروضة.
|
ن : لعيون أخبار الرضا (ع).
|
سر : للسرائر.
|
ق : للكتاب العتيق الغروى.
|
نيه : لتنبيه الخاطر.
|
سن : للمحاسن.
|
قب : لمناقب ابن شهر آشوب
|
نجم : لكتاب النجوم.
|
شا : للارشاد.
|
قبس : لقبس المصباح.
|
نص : للكافية.
|
شف : لكشف اليقين.
|
قضا : لقضاء الحقوق.
|
نهج : لنهج البلاغة.
|
شى : لتفسير العياشي.
|
قل : لاقبال الاعمال.
|
نى : لغيبة النعماني.
|
ص : لقصص الانبياء.
|
قية : للدروع.
|
هد : للهداية.
|
صا : للاستبصار.
|
ك : لاكمال الدين.
|
يب : للتهذيب.
|
صبا : لمصباح الزائر.
|
كا : للكافي.
|
يج : للخرائج.
|
صح : لصحيفة الرضا (ع).
|
كش : لرجال الكشي.
|
يد : للتوحيد.
|
ضا : لفقه الرضا (ع).
|
كشف : لكشف الغمة.
|
ير : لبصائر الدرجات.
|
ضوء : لضوء الشهاب.
|
كف : لمصباح الكفعمى.
|
يف : للطرائف.
|
ضه : لروضة الواعظين.
|
كنز : لكنز جامع الفوائد وتأويل
الايات الظاهرة معاً.
|
يل : للفضائل.
|
ط : للصراط المستقيم.
|
ل : للخصال.
|
ين : لكتابى الحسين بن سعيد او لكتابه
والنوادر.
|
طا : لامان الاخطار.
|
|
يه : لمن لايحضره الفقيه.
|
طب : لطب الائمة.
|
|
|
|