

اهداء :
الى حامل
لواء الامامة الكبرى والخلافة العظمى
ولي العصر
المهدي المنتظر الحجّى ابن الحسن العسكري أرواحنا فداه
يا أيّها
العزيز مسّنا وأهلنا الضّرّ
وجئنا
ببضاعة مزجاة فأوف لنا الكيل
وتصدّق
علينا إن الله يجزي المتصدّقين
علي
حديث
الولاية
وأحَدُ ألفاظه :
قال رسول
الله 6 :
عليٌّ
منّي وأنا من علي وهو وليّكم من بعدي
كلمة
المؤلّف
بسم الله
الرحمن الرحيم
الحمد لله ربّ
العالمين ، والصّلاة والسّلام على سيّدنا محمّد وآله الطاهرين ، ولعنة الله على
أعدائهم أجمعين من الأوّلين والآخرين.
وبعد ، فهذا قسم (
حديث الولاية ) والبحث عن سنده ومدلوله.
فأمّا من النّاحية
السّنديّة ، فقد أخرجه غير واحد من أرباب الصّحاح والمسانيد والمعاجم والكتب
المعتبرة المشهورة ، بأسانيد صحيحة ، عن اثني عشر نفسا من أصحاب رسول الله 6 ، وهم :
١ ـ أمير المؤمنين
علي 7.
٢ ـ الإمام الحسن السبط
7.
٣ ـ أبو ذر
الغفاري.
٤ ـ عبد الله بن
العبّاس.
٥ ـ أبو سعيد
الخدري.
٦ ـ البراء بن
عازب.
٧ ـ عمران بن
الحصين.
٨ ـ أبو ليلى
الأنصاري.
٩ ـ بريدة بن
الحصيب.
١٠ ـ عبد الله بن
عمرو.
١١ ـ عمرو بن
العاص.
١٢ ـ وهب بن حمزة.
كما ستعلم
بالتّفصيل في أواخر قسم السند.
وله أسانيد في بعض
المسانيد قد نصّ غير واحد من أعلام الحديث على صحّتها.
كما أنّا سنذكر في
أول الملحق بعض الأسانيد الصحيحة الأخرى له بعون الله.
إذن ، لا جدوى
للنقاش في صحّة الحديث وثبوت صدوره عن الرسول الأعظم 6 ... كما التجأ إليه ابن تيمية على عادته ... ولا مناص من
الاعتراف بذلك ، كما فعل جماعة من الأعلام.
وأمّا من الناحية
الدلاليّة ، فقد ذكر لها في هذا الكتاب أربعون وجها ، ممّا يتعلّق بفقه الحديث ،
أو متنه ، أو القرائن الخارجيّة ، أو الأحاديث الأخرى ... كلّ ذلك على ضوء الكتب
المعتبرة ، وبالاستناد إلى كلمات أشهر علماء القوم في العلوم المختلفة ... بحيث لا
يبقى مجال للتشكيك في دلالة هذا الحديث الشريف على أفضليّة أمير المؤمنين وولايته
بعد رسول الله 6 مباشرة.
التحريف في لفظ الحديث
وهذا ما دعا جماعة
من كبار علماء القوم إلى تحريف الحديث ، فالقدر المهم المستدل به في البحث هو قوله
6 ـ مخاطبا
لعلي
7
ـ : « أنت وليّ كلّ مؤمن من بعدي ». وقوله
6 ـ مخاطبا
بريدة لمّا شكى عليّا إليه ـ : « يا بريدة ، لا تبغضه ، إنّ عليّا منّي وأنا من
علي وهو وليّكم من بعدي ».
فمنهم ـ كالبخاري
ـ أخرج القصّة ورواها حتى النهي عن البغض ، وأمّا الفقرة : « إنّ عليّا ... »
فأسقطها.
ومنهم : من رواها
، وأسقط كلمة « من بعدي » كالبغوي صاحب ( مصابيح السنّة ) ، وذلك لكي يكون الحديث
دالا على الولاية ، لكن لا مباشرة!! ولذا قال بعضهم بصحّة الحديث ، وبدلالتها على
الإمامة ، لكن في « حينها » أي بعد الخلفاء الثّلاثة!!
تأويلات وتمحّلات
وهذا الذي فعله
البغوي ـ وتبعه عليه بعض من تأخّر ـ هو في الحقيقة اعتراف بصحّة الاستدلال بالحديث
على الإمامة المباشرة ، لثبوت وجود لفظة « بعدي » فيه ، في الأسانيد الصّحيحة
الموجودة في بعض الصحاح والمسانيد والكتب المعتبرة الأخرى.
فتأويل الحديث
وحمله ـ بعد التلاعب في لفظه ـ على الإمامة والخلافة في « وقتها » ـ كما في تعبير
بعضهم ـ ساقط ، بل إنّه شاهد بتمامية دلالته على ما تذهب إليه الإماميّة.
فاضطرّ بعضهم ـ كصاحب
الصواعق ـ إلى أن يقول :
« وعلى تقدير
الصحّة ، فيحتمل أنّه رواه بالمعنى بحسب عقيدته. وعلى فرض أنّه رواه بلفظه ،
فيتعيّن تأويله على ولاية خاصّة ، نظير قوله ـ صلّى
الله عليه وسلّم ـ : أقضاكم علي ».
إذن ، الحديث يدل
على الإمامة والولاية بعد النبيّ 6
وسلّم ، فتبطل
خلافة غيره بكلّ وضوح ، وهذا ما يقتضي القول بأنّ الرّاوي كان شيعيّا فروى الحديث
بالمعنى بحسب عقيدته!!
أوّلا : إذا فتحنا
هذا الباب في الأحاديث المروية عن الرسول وغيره ، بطلت الشّريعة ، وتبدّل الدين
الإسلامي بأصوله وفروعه ، وهذا ما لا يلتزم به مسلم!! وثانيا : من أين يثبت ابن
حجر أنّ رواة هذا الحديث كلّهم شيعة ، وقد رووه بحسب العقيدة؟
وثالثا : ما ذا
يقول ابن حجر في : أبي داود الطّيالسي ، وأحمد بن حنبل ، والترمذي ، والنسائي ،
وأبي يعلى ، والطبري ، والطبراني ، والخطيب ، وابن عبد البرّ ، وابن حجر العسقلاني
، وجلال الدين السّيوطي ...؟ لم ينتبهوا إلى رواية الشيعي هذا الحديث « بحسب
عقيدته »؟ أو كانوا شيعة مثله؟
هذا بالنسبة إلى
تأويله الأول.
قال : « وعلى فرض
أنّه رواه بلفظه فيتعيّن تأويله على ولاية خاصّة ».
إذن ، يدل على «
الولاية » لكن « يتعيّن تأويله على ولاية خاصّة ».
فما هي « الولاية
الخاصة »؟ وما هو « المخصّص »؟
لم يذكر لنا ابن
حجر شيئا!! والكلام إذا كان ظاهرا في العموم والإطلاق لا يجوز رفع اليد عمّا هو
ظاهر فيه إلاّ بدليل قوي ...
إذن ، التأويل غير
جائز ، لأنّه بلا دليل ، وهذا ما اضطر إلى الاعتراف به فقال :
« على أنّه وإن لم
يحتمل التأويل ... ».
فلما ذا « يتعيّن
تأويله »؟
قال :
« فالإجماع على
حقيّة ولاية أبي بكر وفرعيها ... ».
إذن ... كلّ هذه
المحاولات ، كإنكار ابن تيمية أصل الحديث.
والتحريفات ، كما
في رواية البخاري ، والبغوي ، ومن تبعهما ... والتمحّلات ، كما في كلمات ابن حجر
المكي ... كلّ ذلك للإجماع على ولاية أبي بكر وفرعيها ، يعني : ولاية عمر وعثمان؟
فانتهى الكلام إلى
هذا « الإجماع » وهو أوّل الكلام!!
نكات في الحديث
وثمّة أشياء
يستخرجها الناظر في ألفاظ « حديث الولاية » الصادر عن رسول الله 6 في مناسبات
مختلفة ، عمدتها قضيّة بعثه عليا وخالد بن الوليد على جيشين إلى اليمن ، وأنّه إذا
التقيا كان علي 7 على الجيش كلّه ، ففي ألفاظ هذا الخبر وملابساته أمور تجلب
النظر وينبغي الالتفات إليها ، وتتلّخص في النقاط التالية :
١ ـ وجود أشخاص
كانوا يبغضون عليا على حياة النبيّ 6 ، يقول بريدة : « أبغضت عليّا لم أبغضه أحدا قط ، وأجبت
رجلا من قريش لم أحبّه إلاّ على بغض علي ، فبعث الرجل على خيل ، فصحبته وما صحبته
إلاّ على بغضه عليّا » وهذا الرجل هو « خالد بن الوليد » فهو الذي بعث ، وصحبه
بريدة ، كما في الأحاديث الأخرى ، لكنّه هنا حيث يصرّح بالبغض لا يصرّح بالاسم!!
٢ ـ ثمّ إنّ هؤلاء
كانوا ينتهزون الفرص للنيل من علي عند رسول الله ، ولذا لمّا أخذ علي الجارية من
الخمس ، قال خالد لبريدة : « اغتنمها » وكتب بذلك إلى النبيّ ، وجعل بريدة يشيع
الخبر في المدينة المنوّرة فقيل له ـ ولم ترد في الخبر أسماء القائلين ـ : « أخبره
حتى يسقط من عينه »!!
٣ ـ فلمّا
أخبر بريدة ـ هو وجماعة سيّرهم خالد معه ـ النبيّ بما صنع علي ، وجعل ينال منه ،
وقرأ عليه كتاب خالد وجعل يصدّقه ، غضب رسول الله
6
غضبا شديدا ، وقال « دعوا عليا ، دعوا عليا ، دعوا عليا » وخاطب بريدة بقوله : «
أتبغض عليا؟ قال : نعم. قال : فلا تبغضه » قال بريدة : « فما كان من الناس أحد بعد
قول رسول الله أحبّ إليّ من علي » فتاب بريدة ، أمّا عن خالد والجماعة الآخرين فلا نعرف عن رجوعهم عن البغض شيئا
، بل إنّ الحوادث التي تلت وفاة النبيّ 6 أكّدت استمراره على البغض والعداء!!
٤ ـ وجاء
في الخبر أنّ النبي 6
قال لبريدة : « أنا فقت يا بريدة »؟ أي : إنّ بغض علي 7 علامة النفاق ، وهذا ما جاءت به
الأحاديث الصحيحة الكثيرة ، فاستغفر بريدة وأخذ يد النبيّ وقال : « أبايعك على
الإسلام » ممّا يدل على أنّ بغض علي
خروج عن الإسلام ... وبهذا تعرف حال خالد والجماعة الذين حرّضوا بريدة على الشكاية
من علي عند النبيّ حتى « يسقط من عينه »!
٥ ـ وقد ذكر رسول
الله 6 في هذه الأخبار أنّ عليّا إنّما « يفعل ما يؤمر به ».
ودلالة هذه
العبارة على علوّ مقامه غير خافية.
علي الحسيني
الميلاني
٢٥ / ١ / ١٤١٦
كلمة السيّد صاحب العبقات
بسم الله
الرحمن الرحيم
الحمد لله الحميد
الحكيم العلي ، الذي جعل الوصي وليّ المؤمنين بعد النبيّ ، وأنالهما وآلهما كلّ
مقام سنيّ ، فحبّهم عنوان طيب الزكيّ وبغضهم علامة خبث الدّعي ، وصلّى الله على
النبيّ الصفيّ وآله الكرام المخصوصين بالفضل الوضيّ.
وبعد ، فيقول
العبد الضعيف الدني : حامد حسين ابن العلاّمة السيّد محمّد قلي الموسوي ـ بعثه
الله يوم الرّوع بالوجه المشرق البهيّ ـ :
إنّ هذا هو
المجلّد الثالث من المنهج الثاني من كتاب عبقات الأنوار في إمامة الأئمة الأطهار.
وهذا المجلّد
موضوع لذكر الحديث الثالث من الأحاديث التي ذكرها صاحب ( التحفة ) في باب الإمامة
، وحصر فيها استدلال أهل الحق والكرامة ، جسارة وقلّة اكتراث بالسّلامة ، والله
وليّ التوفيق والصّيانة ، وبه الاستعانة وإليه الضّراعة والاستكانة.
كلام الدّهلوي
قال المحدّث الشيخ عبد
العزيز الدهلوي :
« الحديث الثالث : ما رواه بريدة مرفوعا
أنّه ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ قال :
إنّ عليا مني وأنا من علي وهو ولي كلّ
مؤمن من بعدي.
وهو حديث باطل.
لأنّ في إسناده « الأجلح ». وهو شيعي متّهم في روايته ، وقد ضعّفه الجمهور ، فلا
يجوز الاحتجاج بروايته.
وأيضا « الولي »
من الألفاظ المشتركة ، فما الموجب لأن يكون المراد منه هو « الأولى بالتصرّف »؟
وأيضا : فإنّه غير
مقيّد بوقت ، وهذا مذهب أهل السنة ، فإنّ حضرة الأمير كان الإمام المفترض الطّاعة
في وقت من الأوقات بعد النبيّ صلّى الله عليه وسلّم » .
__________________
مقدّمة
في بيان شناعة إنكار
فضائل أمير المؤمنين 7
أقول
: لقد سوّلت لهذا
الرّجل نفسه لأن يسعى وراء إنكار فضائل مولانا أمير المؤمنين 7 بكلّ جهده ، فما
من فضيلة من تلك الفضائل التي أوردها في كتابه إلاّ وطعن فيها أو ناقش في دلالتها
... ففي ( حديث الغدير ) و ( حديث المنزلة ) ضعّف دلالتهما على مقصود الإماميّة ،
وهو ـ وإن لم يبطلهما كما فعل بعض أسلافه المتعصّبين ـ قد سكت عن ذكر تعدّد طرق
حديث الغدير وصحته فضلا عن تواتره ، وعن ذكر تواتر حديث المنزلة كذلك ... وحاول
تأويل هذين الحديثين وتوجيههما ، تأويلا وتوجيها ( كَسَرابٍ بِقِيعَةٍ
يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ ماءً حَتَّى إِذا جاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً ).
لكنّه وجد هذا
الحديث ـ بسبب لفظ « بعدي » ـ أقوى دلالة ، فلم يتمالك نفسه ، فاتّبع أسلافه
المعاندين وقال ببطلانه!
وكذا فعل في (
حديث الطير ) وحديث ( أنا مدينة العلم وعليّ بابها ) لمّا وجدهما قويّين في الدلالة على مذهب الإمامية ، فلم
يستح من ردّهما وتكذيبهما ، مع أن والده من القائلين بثبوتهما!
وهكذا كان موقفه
من ( حديث التشبيه ) و ( حديث النور ) اللذين يرويهما أكابر قومه بل والده أيضا من
القائلين بثبوت أوّلهما ...
وهذا هو السبيل
الذي سلكه في ( المنهج الأول ) بالنسبة إلى الآيات القرآنية ، فكان أول ما بدأ به
القدح في رواية نزول قوله تعالى : ( إِنَّما وَلِيُّكُمُ
اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا ... ) بشأن سيدنا أمير
المؤمنين 7 ، هذه الرواية التي
أخرجها كبار علماء
الحديث والتفسير في كتبهم المعتمدة وأسفارهم المعتبرة ... فادّعى تفرّد الثعلبي
بها ... ثم قدح في رواياته ونسب ذلك إلى المحدّثين من أهل السنة قاطبة! ووصف
الثعلبي نفسه بأنّه حاطب ليل لا يفرّق بين الرّطب واليابس ...! مع أنّ الثعلبي
يعدّ من أجلّة علمائهم ، كما لا يخفى على من يراجع كتبهم ، ومنها ( إزالة الخفا في
سيرة الخلفا ) لوالد ( الدهلوي ) ... كما أنّ دعوى تفرده بهذه الرّواية من
الأكاذيب الواضحة الفاضحة ...
وعلى الجملة ،
فهذا أسلوب هذا الرّجل في كتابه ، إنّه لم يترك دليلا من الأدلة الدالّة على مذهب
الإمامية ، الواردة في كتب أهل السنة المعتبرة على لسان كبار علمائهم الاعلام ،
إلاّ وقابله بالتكذيب والردّ والتعصّب والعناد ... ومن ذلك هذا الحديث الشّريف ...
الذي سيرى المنصف طرفا من أسانيده ، وسيجده من جلائل فضائل أمير المؤمنين الثابتة
بالأخبار الصحيحة ، وسيظهر له مدى تمادي ( الدهلوي ) في البغضاء والشحناء ...
كلام لأبي جعفر الإسكافي
ولأجل أن يتبيّن
فظاعة إنكار مناقب أمير المؤمنين وشناعة إبطال فضائله ننقل في هذا المقام كلاما
لأبي جعفر الإسكافي قاله في جواب قول الجاحظ :
« قالت العثمانية
: أفضل الامة وأولاها بالإمامة أبو بكر بن أبي قحافة ، لإسلامه على الوجه الذي لم
يسلم عليه أحد في عصره ، وذلك أن الناس اختلفوا في أوّل الناس إسلاما فقال قوم :
أبو بكر. وقال قوم : زيد بن حارثة. وقال قوم : خبّاب بن الأرت.
وإذا تفقدنا
أخبارهم وعدّدنا رجالهم ونظرنا في صحة أسانيدهم كان الخبر في تقدم إسلام أبي بكر أعم
ورجاله أكثر وأسانيده أصح ، وهو بذاك أشهر
واللفظ فيه أظهر ،
مع الأشعار الصحيحة والأخبار المستفيضة في حياة رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم
ـ وبعد وفاته ، وليس بين الأشعار والأخبار فرق إذا امتنع في مجيئها وأصل مخرجها
التساعد والاتّفاق والتواطؤ.
ولكن ندع هذا
المذهب جانبا ونضرب عنه صفحا اقتدارا على الحجة ، ووثوقا بالفلج والقوة ، وتقتصر
على أدنى منازل أبي بكر وننزل على حكم الخصم فنقول :
إنّا وجدنا من
يزعم أنّه أسلم قبل زيد وخباب ، ووجدنا من يزعم أنّهما أسلما قبله ، وأوسط الأمور
أعدلها وأقربها من محبّة الجميع ورضا المخالف أن نجعل إسلامهم كان معا ، إذ
الأخبار متكافئة والآثار متساوية على ما يزعمون ، وليست إحدى القضيتين أولى في صحة
النقل من الأخرى.
ويستدل على إمامة
أبي بكر بما ورد من الحديث ، وبما أبانه به الرّسول ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ من
غيره ...
قالت العثمانية :
فإن قال قائل : فما بالكم لم تذكروا علي بن أبي طالب في هذه الطبقة؟ وقد تعلمون
كثرة مقدّميه والرّواية فيه؟
قلنا : قد علمنا
بالرّواية الصحيحة والشهادة القائمة أنّه أسلم وهو حدث غرير وطفل صغير ، فلم نكذّب
النّاقلين ولم نستطع أن نلحق إسلامه بإسلام البالغين ، لأنّ المقلّل زعم أنه أسلم
وهو ابن خمس سنين ، والمكثر زعم أنّه أسلم وهو ابن تسع سنين ، فالقياس أن يؤخذ
بالأوسط بين الروايتين وبالأمر بين الأمرين ، وإنّما يعرف حق ذلك من باطله بأن
يحصى سنّيه التي ولي فيه الخلافة ، وسنيّ عمره ، وسنّي عثمان ، وسني أبي بكر ،
ومقام النبيّ بالمدينة ومقامه بمكّة عند إظهار الدعوة ، فإذا فعلنا ذلك صحّ أنّه
أسلم وهو ابن سبع سنين. فالتاريخ المجمع عليه أنّه قتل في شهر رمضان سنة أربعين » .
__________________
فقال أبو جعفر
الإسكافي في جوابه :
« لو لا ما غلب
على الناس من الجهل وحبّ التقليد لم نحتج إلى نقض ما احتجّت به العثمانيّة ، فقد
علم الناس كافّة : أنّ الدولة والسلطان لأرباب مقالتهم ، وعرف كلّ أحد أقدار
شيوخهم وعلمائهم وامرائهم وظهور كلمتهم وقهر سلطانهم وارتفاع التقيّة عنهم ،
والكرامة والجائزة لمن روى الأخبار والأحاديث في فضل أبي بكر ، وما كان من تأكيد
بني أمية لذلك ، وما ولّده المحدّثون من الأحاديث ، طلبا لما في أيديهم.
فكانوا لا يألون
جهدا ـ في طول ما ملكوا ـ أن يخملوا ذكر علي وولده ، ويطفئوا نورهم ويكتموا
فضائلهم ومناقبهم وسوابقهم ، ويحملوا الناس على شتمهم وسبّهم ولعنهم على المنابر ،
فلم يزل السيف يقطر من دمائهم مع قلّة عددهم وكثرة عدوّهم ، فكانوا بين قتيل وأسير
وشريد وهارب ومستخف ذليل وخائف مترقب.
حتى أنّ الفقيه
والمحدّث والقاصّ والمتكلّم ليتقدّم إليه ويتوعّد بغاية الإيعاد وأشدّ العقوبة أن
لا يذكروا شيئا من فضائلهم ، ولا يرخّصوا لأحد أن يطيف بهم ، حتى بلغ من تقيّة
المحدّث أنّه إذا ذكر حديثا عن علي كنّى عن ذكره فقال : قال رجل من قريش ، وفعل
رجل من قريش. ولا يذكر عليا ولا يتفوّه باسمه.
ثمّ رأينا جميع
المختلفين قد حاولوا نقض فضائله ، ووجّهوا الحيل والتأويلات نحوها ، من خارجي مارق
، وناصب حنق ، ونابت مستبهم ، وناشئ معاند ، ومنافق مكذب ، وعثماني حسود يعترض
فيها ويطعن ، ومعتزلي قد نفذ في الكلام وأبصر علم الاختلاف وعرف الشبه ومواضع
الطعن وضروب التأويل ، قد التمس الحيل في إبطال مناقبه ، وتأوّل مشهور فضائله ،
فمرة يتأوّلها بما لا يحتمل ، ومرة يقصد أن يضع من قدرها بقياس منتقض ، ولا تزداد
مع ذلك إلاّ قوة ورفعة ووضوحا واستنارة.
وقد علمت أنّ
معاوية ويزيد ومن كان بعدهما من بني مروان أيام ملكهم ـ وذلك نحو ثمانين سنة ـ لم
يدعوا جهدا في حمل الناس على شتمه ولعنه وإخفاء فضائله وستر مناقبه وسوابقه ...
وقد تعلمون أنّ
بعض الملوك ربّما أحدثوا قولا أو دينا لهوى ، فيحملون الناس على ذلك ، حتى لا
يعرفون غيره ، كنحو ما أخذ الناس الحجاج بن يوسف بقراءة عثمان وترك قراءة ابن
مسعود وأبيّ بن كعب ، وتوعّد على ذلك ، بدون ما صنع هو وجبابرة بني أميّة وطغاة
بني مروان بولد علي وشيعته ، وإنّما كان سلطانه نحو عشرين سنة ، فما مات الحجاج
حتى اجتمع أهل العراق على قراءة عثمان ، ونشأ أبناؤهم ولا يعرفون غيرها ، لإمساك
الآباء عنها وكفّ المعلّمين عن تعليمها ، حتى لو قرئت عليهم قراءة عبد الله وأبيّ
ما عرفوها ولظنّوا بتأليفها الاستكراه والاستهجان ، لألف العادة وطول الجهالة ،
لأنّه إذا استولت على الرعية الغلبة وطالت عليهم أيام التسلّط ، وشاعت فيهم
المخافة ، وشملتهم التقية ، اتفقوا على التخاذل والتناكب ، فلا تزال الأيام تأخذ
من بصائرهم وتنقص من ضمائرهم ، وتنقض من مرائرهم ، حتى تصير البدعة التي أحدثوها
غامرة للسنّة التي كانوا يعرفونها.
ولقد كان الحجاج ـ
ومن ولاّه كعبد الملك والوليد ومن كان قبلهما وبعدهما من فراعنة بني أميّة ـ على
إخفاء محاسن علي وفضائله وفضائل ولده وشيعته وإسقاط أقدارهم ، أحرص منهم على إسقاط
قراءة عبد الله وأبيّ ، لأنّ تلك القراءات لا تكون سببا لزوال ملكهم وفساد أمرهم
وانكشاف حالهم ، وفي اشتهار فضل علي ـ 7 ـ وولده وإظهار محاسنهم بوارهم وتسليط حكم الكتاب المنبوذ
عليهم ، فحرصوا واجتهدوا في إخفاء فضائله ، وحملوا الناس على كتمانها وسترها.
وأبى الله أن يزيد
أمره وأمر ولده إلاّ استنارة وإشراقا ، وحبّهم إلاّ شغفا وشدّة ، وذكرهم إلاّ
انتشارا وكثرة ، وحجّتهم إلاّ وضوحا وقوة ، وفضلهم إلاّ
ظهورا ، وشأنهم
إلاّ علوا ، وأقدارهم إلاّ إعظاما ، حتّى أصبحوا بإهانتهم إيّاهم أعزّاء ،
وبإماتتهم ذكرهم أحياء ، وما أرادوا به وبهم من الشرّ تحوّل خيرا.
فانتهى إلينا من
ذكر فضائله وخصائصه ومزاياه وسوابقه ما لم يتقدّمه السابقون ، ولا ساواه فيه
القاصدون ، ولا يلحقه الطالبون ، ولو لا أنها كانت كالقبلة المنصوبة في الشهرة ،
وكالسّنن المحفوظة في الكثرة ، لم يصل إلينا منها في دهرنا حرف واحد ، وكان الأمر
كما وصفناه » .
ترجمة أبي جعفر الإسكافي
وأبو جعفر
الإسكافي من مشاهير أئمّة المتكلّمين ونحارير أكابر المعتزلة المعروفين :
قال أبو سعد السمعاني : « أبو جعفر محمّد بن عبد الله الإسكافي ، أحد المتكلّمين
من معتزلة البغداديين ، له تصانيف معروفة ، وكان الحسين بن علي الكرابيسي يتكلّم
معه ويناظره. وبلغني أنّه مات في سنة ٢٤٠ » .
وقال ياقوت : « محمّد بن عبد الله أبو جعفر الإسكافي ، عداده في أهل
بغداد ، أحد المتكلّمين من المعتزلة ، له تصانيف ، وكان يناظر الحسين بن علي
الكرابيسي ويتكلم معه. مات في سنة ٢٤٠ » .
وقال قاضي القضاة عبد الجبار ـ بعد أن عدّه في الطبقة السابعة من طبقات المعتزلة ـ : «
كان أبو جعفر فاضلا عالما وصنّف سبعين كتابا في علم الكلام ، وهو الذي نقض كتاب
العثمانية على أبي عثمان الجاحظ في حياته ،
__________________
ودخل الجاحظ
الورّاقين ببغداد فقال : من هذا الغلام السوادي الذي بلغني أنّه تعرّض لنقض كتابي؟
وأبو جعفر جالس ، فاختفى منه حتى لم يره. وكان أبو جعفر يقول بالتفصيل على قاعدة
معتزلة بغداد ويبالغ في ذلك ، وكان علوي الرأي ، محقّقا منصفا ، قليل العصبيّة » .
كلام للسيّد حيدر الآملي
وللسيد حيدر
الآملي كلام جميل ، فيه بعض التفصيل لما أجمله. الإسكافي ، يناسب
إيراده في هذا المقام ، وهذا نصّه :
« ثمّ لا يغيب عن
نظرك : أن الحاكم إذا لم يقتد بالنبيّ في حركاته وسكناته التزم أضدادها ، فيحتاج
السلطان إلى المعاون والمعاضد والمشير والمساعد له على مقاصده وأغراضه ومطالبه
وشهواته ، في ارتكاب المحرمات وشرب المسكرات ، وسماع الغنا والولوع بالمردان
والتهتّك مع النسوان ، واجتذاب الأموال من غير حلّها وعسف الرعيّة وذلّها ، فيضطرّ
الملك والسلطان إلى شيطان يستره وفقيه ينصره وقاض يدلّس له ، ومتشدّق يكذب لدولته
، ورئيس يسكّن الأمور ، وطامع يشهد بالزور ، ومشايخ تتباكى وشبّان تتذاكى ، ووجيه
يهوّن الأحوال ويثيره على حبّ المال ، وزاهد يليّن الصعاب ، وفاسق ينادم على
الشّراب ، وعيون تنظر وألسنة تفجر ، حتى ينام الخليفة أمير المؤمنين سكرانا ، ويجد
على فسوقه أعوانا.
ولا تقوم هذه
المملكة إلاّ بدحض أضدادها ، ولا تتم دعوة قوم إلاّ بهلاك
__________________
أعدائها وعنّادها.
نظر واعتبار :
هل يجب إذا كان
هذه الدعوة لعلي بن أبي طالب وملكها معاوية بن أبي سفيان ، ووزيراه عليها عمرو بن
العاص والمغيرة بن شعبة ، وقد خصمه علي ابن أبي طالب ـ 7 ـ عليها مدة إلى
أن قتله معاوية ، أن يرفع قدر الحسن والحسين ـ 8 ـ وقدر محمّد بن الحنفيّة ، وقدر بني هاشم وآل أبي طالب ،
وأن يكرم عبد الله بن العباس ، ويراعى حال أصحاب علي أحيائهم والأموات منهم؟
هذا بعيد من
القياس والسياسة الدنياوية.
بل يجب على معاوية
أن يفعل ما فعل من التدبير في قتل علي 7 وأولاده ، وتشتيت شملهم ، وسبّ علي على المنابر ، وتهوين
أمره ، ونسخ شرفه من صدور العوام ، وبثّ ذلك في العباد والبلاد ، وتهديد من صبا
إليهم ، والتنكيل بمن أثنى عليهم ، هكذا مدة دولته. ثمّ أودع في قلوب بني أميّة
بغض علي 7 وبغض رجاله وآله ، حتّى أدى الحال إلى قتل الحسن بالسم ، والحسين بالسيف الذي
نهب فيه حرمه ، وطيف برأسه في العباد والبلاد.
وهل تمّ ذلك إلاّ
برجال ألبّاء ، عقلاء ، علماء ، فقهاء ، ومشايخ فقراء ، وأعيان أغنياء ، فيستعان
بهم على تدبير العوام ، وإلقاء الهوام ، وتخويف النفوس ، وزجر المتكلمين عن الخوض
في الناموس؟
فلم يزل السب
واللّعن والطرد والعزل في علي وأولاده ورجاله ألف شهر ، نشأ فيها رجال ومات فيها
رجال ، وابيضّت لهم واسودّت لحى ، وولدت صبيان وأولاد ، واستوسقت بلاد وعباد ،
وساد بمراضي بني أميّة من ساد ، وانخذل أولاد علي 7 ورجاله وأتباعه ومن يقتفي أثرهم في المدن والأقاليم ، لا
ناصر لهم ولا معوان ولا مساعد ولا إخوان ، وبذلت على ذلك أموال ، ونشأ
عليه رجال ، وقيلت
فيه أقوال ، وركبت فيه أهوال ، وآل الأمر في الآل إلى ما آل.
وجملة الباعة
والفلاحون غافلون عن مقاصد الملوك والسلاطين وكبار الشياطين ، وانستر من ذلك خفايا
واشتهرت قضايا ، وجرى من طباع أهل المدن وعوامهم ما اراده الملك وتربّى الناس على
أغراضه ، وأثمرت المحبّة لما عند الملك وبغض آل محمّد ورجالهم ، وتحدّثت السوقة
بذلك في الأسواق ، وجال بين الناس الشقاق ، وصار أتباع الملك مستظهرين بالكلام
والجدال والخصام ، ومن يكره الملك تحت السبّ والقتل والطرد والجلد ، وانساقت
المنافع إلى معاضد الملك بيده ولسانه ، واحتكمت دولة بني أميّة ومعاضدها ، وذلّل
بالقهر والجور معاندها ، وستر المتقي عقيدته ، وكتم العاقل عبادته ، واستمرت
الأمور بين الجمهور ، واشتدت الأيّام والعصور ، وسارت الكتب المصنّفة بذلك في
البلاد ، والتبس ما فيها من المقاصد على أكثر العباد ، والناس عبيد الدنيا وفي
طباعهم حبّ العاجلة ، وعند الملك السيف والقلم والدينار والدرهم ، وآل محمّد
وأتباعهم تحت الخوف وبعضهم تحت السيف ، ولا يكاد يخفى عن معرفتك سرعة إجابة العوام
إلى أغراض الحكّام خوفا وطمعا ، يتقلبون تحت إرادته كيف شاء ، وأنى شاء ، ومتى شاء!
ومع ذلك ، الصلوات
قائمة ، والأذان مرتفع ، والصوم معتبر ، والمواقيت والحج مستطاع ، والزكاة مأتيّة
، والجهاد قائم ، والناس على مراتبهم ، والأسواق منعقدة ، والسبل مطرقة ، والملاهي
بين العوام مبسوطة ، وليس في البلاد والشقاء والخوف والخفاء غير أولاد أمير
المؤمنين علي بن أبي طالب ـ 7 ـ وأشياعه وأتباعه.
ولمّا استوسق
الأمر لبني مروان بسبب قتل عثمان ، ومقت علي بن أبي طالب 7 ورجاله في قلوب
الناس ، وثبت بينهم هذا الالتباس ، ونفخ الشيطان وقال باللسان هلك الملك وهان ،
ونشأ في الشريعة اصول ، ونما لها فروع ، وبسقت لها أفنان ، فأثمرت بها ، ثمّ لم
يغرسها الحقّ ، ولا سقاها
الرسول ، ولا
جناها العقل ، ولا أكل ثمرها الأولياء ، ولا طعمها الفقراء ، فظهر بذلك مذاهب ،
واختلفت فيه مسائل ، ونسخت أخبار وطويت آثار ، واستقر العالم على الخلاف والاختلاف
وعدم الايتلاف ، والجبلّة الحيوانيّة بحسب مرباها ومنشأها كما أخبر الصادق الأمين
: يولد المولود على الفطرة وإنّما أبواه يهوّدانه وينصّرانه ويمجّسانه فينجّسانه.
ثمّ تلاشت دولة
بني أميّة ونشأت دولة بني العباس ، فوجدوا بني أميّة قد وطّأوا لهم المملكة
بالأصالة لهم ، فأقرّوا الوظائف التي قرّرها بنو أميّة في إخماد نار الطالبيّين
على حالها ، وساسوا الناس بها ، وتناولوها هنيّة مريّة ، وأمدّوا العالم المعاون
على أغراضهم بالأموال ، واستخدموا على ذلك الرجال ، ووهبوا على ذلك مقامات ومراتب
وولايات وهبات وصدقات ، فلمّا أحسّ الطالبيّون بولاية بني عباس وأخذت حقوقهم بغير
حق ، هاجروا إلى الأطراف والأوساط ، خوفا من القتل والسيّاط ، وخاطبوهم في القيام
عن هذا البساط ، فندب لهم العباسيّون الرجال وأعدّوا لهم القتال ، وتولاّهم
المنصور حتى قتل منهم الألوف وشرّد منهم الألوف ، ومن وقف على ( مقاتل الطالبيّين
) عرف ما جرى من بني العباس على آل علي 7. حتى حطّموا شجرتهم وفرّقوا كلمتهم وأفنوا أموالهم ،
وأبادوا رجالهم ، واضطرّ بنو العباس إلى إقامة دعوتهم ونشر كلمتهم ومراعاة مملكتهم
وحراستها من آل علي 7 نسفا على عناد بني أميّة ، فما استقرّت دولتهم ولا هيبت
صولتهم حتى فهموا أن شجرة الطالبيّين متفرقة والأغصان ذابلة ، والأفنان ناقصة
الريّ مخضودة الشوك يابسة الشرب ، فعندها استقرّوا وسكنوا ، ولم يأمنوا حتّى علموا
أن جميع الرعايا في البلاد والآفاق المشرقية والمغربية أعداء لآل محمّد ـ 6 ـ يفضّلون أصحابه
عليهم ، ولا يأنسون بذكرهم ...
ثمّ انهمكت
الخلفاء والملوك من العرب والعجم في استعمالهم الكذب وارتكاب المنكرات التي لا تجب
لمثلهم على سبيل النبوة المحمّدية والخلافة العلوية التي فرضها الله تعالى وسنّها
محمّد ـ 6 ـ وأمر بها ونصّ عليها.
فاضطرّوا إلى وضع
المدارس مشغلة للعوام التي ألفت بالقلوب والأوهام السماطات الدسمة والملابس
الفاخرة والأنعام ، وسموا كلّ رئيس من الرعاة إماما ، ليصحّ لهم الخلافة المملوكة
بينهم ، ويصير الخليفة الغاصب لكل إمام منهم إماما ، وهم يعلمون أنّهم يرتكبون
الآثام ويأكلون الحرام ، وأصلح الساكنين بالمدرسة داعي الخليفة الغاصب ، قائما
بعرضه ، مناوئا لمعاديه ، مرتقبا على من يطعن فيه ، مكفّرا لمن لا يواليه ، يأخذ
على ذلك الجوائز السنيّة والمساكن العلّية والمراكب البهيّة والمطاعم الشهيّة ،
والملابس الفاخرة والمقامات الباهرة ، والتنعّم والتلذّذ في المنام ، والتقلّب في
مستراح الحمام ، وأعلا مكانه في المدرسة أن يناقض ويعارض ويدّعي قيام الحجة على
الروافض.
وتتابع الناس على
ذلك طبقا بعد طبق ، وجيلا بعد جيل ، واندرجوا عليه خلفا أثر سلف ، ونشأ مذهب
الجبريين بين العوام واندرج فيه الخاص والعام ، واستتر عمال الشياطين ومكراء
الفراعنة من السلاطين ، والعامي بعقده على هذه المذاهب أسرع من انعقاده على معرفة
الله ، وهو مذهب يغوث ويعوق ونسر ، واشتغل علماء الجمهور بالخلاف والشقاق ، وألقوا
من تابعهم من الباعة والفلاحين في يمين الطلاق ، وغشيت المدارس وأحدث التفاضل
والتنافس ، وانتظم العالم على صورة من قال غيرها ـ وإن كان صادقا ـ كفّر ، ومن
التبس بسواها احتقر » .
__________________
من رسائل أبي بكر الخوارزمي
وجاء في ( رسائل
أبي بكر الخوارزمي ) :
« وكتب إلى جماعة
الشيعة بنيسابور لمّا قصدهم محمّد بن إبراهيم وإليها :
سمعت ـ أرشدكم
الله سعيكم وجمع على التقوى أمركم ـ ما تكلّم به السلطان الذي لا يتحمّل إلاّ على
العدل ، ولا يميل إلاّ على جانب الفضل ، ولا يبالي بأن يمزّق دينه إذا رفا دنياه ،
ولا يفكّر في أن لا يقدّم رضا الله إذا وجد رضاه ، وأنتم ونحن ـ أصلحنا الله
وإيّاكم ـ عصابة لم يرض الله لنا الدنيا ، فذخرنا للدار الأخرى ، ورغب بنا عن ثواب
العاجل فأعدّ لنا ثواب الآجل ، وقسّمنا قسمين : قسما مات شهيدا وقسما عاش شريدا ،
فالحي يحسد الميت على ما صار إليه ، ولا يرغب بنفسه عمّا جرى عليه.
قال أمير المؤمنين ويعسوب الدين ـ 7 ـ : المحن إلى شيعتنا أسرع إلى الحدور. وهذه مقالة أسست على المحن ، وولد أهلها في طالع الهزاهز
والفتن ، فحياة أهلها نغص وقلوبهم حشوها غصص ، والأيام عليهم متحاملة والدنيا عنهم
مائلة ، فإذا كنا شيعة أئمّتنا في الفرائض والسنن ومتبعي آثارهم في ترك كل قبيح
وفعل حسن ، فينبغي أن نتّبع آثارهم في المحن.
غصبت سيّدتنا
فاطمة صلوات الله عليها وعلى آلها ميراث أبيها ـ صلوات الله عليه وعلى آله ـ يوم
السقيفة ، وأخّر أمير المؤمنين عن الخلافة ، وسمّ الحسن 7 سرّا ، وقتل أخوه
ـ 7 ـ جهرا ، وصلب زيد بن علي بالكناسة ، وقطع رأس زيد بن علي في المعركة ، وقتل
ابناه محمّد وإبراهيم على يد عيسى بن موسى العباسي ، ومات موسى بن جعفر في حبس
هارون ، وسمّ علي بن موسى بيد المأمون ، وهزم إدريس بفخ حتى وقع إلى الأندلس فريدا
،
ومات عيسى بن زيد
طريدا شريدا ، وقتل يحيى بن عبد الله بعد الأمان والأيمان وبعد توكيد العهود
والضمان.
هذا غير ما فعل
يعقوب بن اللّيث بعلويّة طبرستان ، وغير قتل محمّد بن زيد والحسن بن القاسم الداعي
على أيدي آل ساسان ، وغير ما صنعه أبو السيّاح في علوية المدينة ، حملهم بلا غطاء
ولا وطاء من الحجاز إلى سامراء ، وهذا بعد قتل قتيبة بن مسلم الباهلي لابن عمر بن
علي حين أخذه بابويه ، وقد ستر نفسه ووارى شخصه ، يصانع حياته ويدافع وفاته ، ولا
كما فعله الحسين ابن إسماعيل المصعبي بيحيى بن عمر الزيدي خاصة ، وما فعله مزاحم
بن خاقان بعلويّة الكوفة كافة.
وبحسبكم أنّه ليست
في بيضة الإسلام بلدة إلاّ وفيها لقتيل طالبيّ تربة تشارك في قتله الاموي والعباسي
، وأطبق عليهم العدناني والقحطاني.
فليس حي من
الأحياء نعرفه
|
|
من ذي يمان ولا
بكر ولا مضر
|
إلاّ وهم شركاء
في دمائهم
|
|
كما تشارك أيسار
على جزر
|
قادتهم الحميّة
إلى المنيّة ، وكرهوا عيش الذلّة ، فماتوا موت العزّة ، ووثقوا بما لهم في الدار
الباقية ، فسخت نفوسهم عن هذه الفانية.
ثمّ لم يشربوا
كأسا من الموت إلاّ شربها شيعتهم وأولياؤهم ، ولا قاسوا لونا من الشدائد إلاّ
قاساه أنصارهم وأتباعهم.
داس عثمان بن عفان
بطن عمار بن ياسر بالمدينة ، ونفى أبا ذرّ الغفاري إلى الربذة ، وأشخص عامر بن عبد
قيس التميمي ، وغرّب الأشتر النخعي وعديّ بن حاتم الطّائي ، وسيّر عمر بن زرارة
إلى الشام ، ونفى كميل بن زياد إلى العراق ، وجفا أبيّ بن كعب وأقصاه ، وعادى
محمّد بن حذيفة وناواه ، وعمل في دم محمّد بن سالم ما عمل ، وفعل مع كعب ذي الحطبة
ما فعل.
واتّبعه في سيرته
بنو أميّة ، يقتلون من حاربهم ويغدرون بمن سالمهم ،
لا يحفلون
المهاجري ولا يصونون الأنصاري ، ولا يخافون الله ولا يحتشمون الناس ، قد اتخذوا
عباد الله خولا ومال الله دولا ، يهدمون الكعبة ويستعبدون الصحابة ، ويعطّلون
الصّلاة الموقوتة ، ويحطّمون أعناق الأحرار ، ويسيرون في حرم الرسول سيرتهم في حرم
الكفار ، وإذا فسق الاموي فلم يأت بالضلالة عن كلالة.
قتل معاوية حجر بن
عدي الكندي وعمرو بن الحمق الخزاعي بعد الأيمان المؤكدة والمواثيق المغلظة ، وقتل
زياد بن سميّة الألوف من شيعة الكوفة وشيعة البصرة صبرا ، وأوسعهم حبسا وأسرا ،
حتى قبض الله معاوية على أسوء أعماله وختم عمره بشرّ أحواله ، فاتّبعه ابنه ، يجهز
على جرحاه ويقتل أبناء قتلاه ، إلى أن قتل هاني بن عروة المرادي ومسلم بن عقيل
الهاشمي أوّلا ، وعقّب بالحرّ بن زياد الرياحي ، وبأبي موسى عمرو بن قرطة الأنصاري
، وحبيب ابن مظاهر الأسدي ، وسعيد بن عبد الله الحنفي ، ونافع بن هلال البجلي ،
وحنظلة بن سعد الشامي ، وعابس بن أبي شبيب الشاكري ، في نيف وسبعين من جماعة شيعة
الحسين 7 يوم كربلاء ثانيا.
ثمّ سلّط الله
عليهم الدّعي ابن الدّعي عبيد الله بن زياد ، يصلبهم على جذوع النخل ويقتلهم ألوان
القتل ، حتى اجتثّ الله دابره ثقيل الظهر بدمائهم التي سفك ، عظيم التبعة بحريمهم
الذي انتهك.
فانتبهت لنصرة أهل
البيت طائفة أراد الله أن يخرجهم من عهدة ما صنعوا ، ويغسل عنهم وضر ما اجترحوا ،
فصمدوا صمود الفئة الباغية ، وطلبوا دم الشهيد من ابن الزانية ، لا يزيدهم قلّة
عددهم وانقطاع مددهم وكثرة سواد أهل الكوفة بإزائهم إلاّ إقداما على القتل والقتال
، وسخاء بالنفوس والأموال ، حتى قتل سليمان بن صرد الخزاعي ، والمسيّب بن نجبة
الفزاري ، وعبد الله بن واصل التميمي ، في رجال من خيار المؤمنين وعليّة التابعين
، ومصابيح الأنام
وفرسان الإسلام.
ثمّ تسلّط ابن
الزبير على الحجاز والعراق ، فقتل المختار بعد أن شفى الأوتار وأدرك الثار وأفنى
الأشرار وطلب بدم المظلوم الغريب ، فقتل قاتله ونفى خاذله ، وأتبعوه أبا عمر بن
كيسان ، وأحمر بن شميط ، ورفاعة بن يزيد ، والسائب بن مالك ، وعبد الله بن كامل ،
وتلقطّوا بقايا الشيعة ، يمثّلون بهم كلّ مثلة ، ويقتلونهم شرّ قتلة ، حتى طهّر
الله من عبد الله بن الزبير البلاد وأراح من أخيه مصعب العباد ، فقتلهما عبد الملك
بن مروان ( كَذلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ
بَعْضاً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ ) بعد ما حبس ابن الزبير محمّد بن الحنفيّة وأراد إحراقه ،
ونفى عبد الله بن العباس وأكثر إرهاقه.
فلمّا خلت البلاد
لآل مروان سلّطوا الحجاج على الحجازيين ثمّ على العراقيين ، فتلعّب بالهاشميين
وأخاف الفاطميين ، وقتل شيعة علي ، ومحا آثار بيت النبيّ ، وجرى منه ما جرى على
كميل بن زياد النخعي.
واتّصل البلاء مدة
ملك المروانيّة إلى الأيام العباسية ، حتى إذا أراد الله أن يختم مدّتهم بأكثر
آثامهم ، ويجعل أعظم ذنوبهم في آخر أيّامهم ، بعث على بقية الحق المهمل والدين
المعطّل زيد بن علي ، فخذله منافقوا أهل العراق ، وقتله أحزاب أهل الشام ، وقتل
معه من شيعته : نصر بن خزيمة الأسدي ، ومعاوية بن إسحاق الأنصاري ، وجماعة من
شايعه وتابعه ، وحتى من زوّجه وأدناه ، وحتى من كلّمه وأثناه.
فلمّا انتهكوا ذلك
الحريم واقترفوا ذلك الإثم العظيم عضب الله عليهم وانتزع الملك منهم ، فبعث عليهم
أبا مجرم لا أبا مسلم ، فنظر ـ لا نظر الله إليه ـ إلى صلابة العلوية وإلى لين
العباسيّة ، فترك تقاه واتّبع هواه ، وباع آخرته بدنياه ، وافتتح عمله بقتل عبد
الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب ، وسلّط طواغيت خراسان وخوارج
سجستان وأكراد أصفهان على آل أبي طالب ،
يقتلهم تحت كل حجر
ومدر ، ويطلبهم في كل سهل وجبل ، حتى سلّط عليه أحبّ الناس إليه ، فقتله كما قتل
الناس في طاعته ، وأخذه بما أخذ الناس في بيعته ، ولم ينفعه أن أسخط الله برضاه
وأن ركب ما يهواه.
وحلت من الدوانيقي
الدنيا ، فخبط فيها عسفا ، وتقصّى فيها جورا وحيفا ، إلى أن مات وقد امتلأت سجونه
بأهل بيت الرسالة ومعدن الطيب والطهارة ، قد تتبّع غائبهم وتلقّط حاضرهم ، حتى قتل
عبد الله بن محمّد بن عبد الله الحسني بالسند ، على يد عمر بن هشام بن عمر التغلبي
، فما ظنّك بمن قرب تناوله عليه ولان مسّه على يديه.
وهذا قليل في جنب
ما قتله هارون منهم ، وفعله موسى قبله بهم ، فقد عرفتم ما توجّه على الحسين بن علي
بفخ من موسى ، وما اتّفق على علي بن الأفطس الحسيني من هارون ، وما جرى على أحمد
بن علي الزيدي ، وعلى القاسم بن علي الحسني من حبسه ، وعلى علي بن غسّان الخزاعي
حين أخذ من قبله. والجملة : إن هارون مات وقد قصّر شجرة النبوّة واقتلع غرس
الإمامة.
وأنتم ـ أصلحكم
الله ـ لستم أعظم نصيبا في الدين من الأعمش فقد أخافوه ، ومن علي بن يقطين فقد
اتّهموه.
فأمّا في الصدر
الأول فقد قتل زيد بن صوحان العبدي ، وعوقب عثمان ابن حنيف الأنصاري ، واقصي حارثة
بن قدامة السّعدي ، وجندب بن زهير الأزدي ، وشريح بن هاني المرادي ، ومالك بن كعب
الأرحبي ، ومعقل بن قيس الرياحي ، والحارث بن الأعور الهمداني ، وأبو الطفيل
الكناني ، وما فيهم إلاّ من خرّ على وجهه قتيلا أو عاش في بيته ذليلا ، يسمع شتمة
الوصي فلا ينكر ، ويرى قتلة الأوصياء وأولادهم فلا يغير ، ولا يخفى عليكم حرج
عامّتهم وحيرتهم ، كجابر الجعفي ، وكرشيد الهجري ، وكزرارة بن أعين ليس إلاّ أنهم
ـ 4 ـ يتولّون أولياء الله ويتبرءون من أعداء الله ، وكفى به جرما عظيما عندهم
وعيبا كبيرا بينهم.
وقل في بني
العبّاس ، فإنّك ستجد ـ بحمد الله تعالى ـ مقالا ، وجل في عجائبهم فإنّك ترى ما
شئت مجالا ، يجبى فيئهم فيفرّق على الديلمي والتركي ويحمل إلى المغربي والفرغاني ،
ويموت إمام من أئمة الهدى وسيد من سادات المصطفى ، فلا تتّبع جنازته ولا تجصّص
مقبرته ، ويموت ضرّاط لهم أو لاعب أو مسخرة أو ضارب ، فتحضر جنازته العدول والقضاة
، ويعمر مسجد التعزية عند القواد والولاة ، ويسلم فيهم من يعرفونه دهريا أو
سوفسطائيا ، ولا يتعرّضون لمن يدرس كتابا فلسفيا ومانويا ، ويقتلون من عرفوه شيعيا
، ويسفكون دم من سمّى ابنه عليا.
ولم لم يقتل من
شيعة أهل البيت غير المعلّى بن خنيس قتيل داود بن علي ، ولو لم يحبس فيهم غير أبي
تراب المروزي ، لكان ذلك جرحا لا يبرأ ، ونائرة لا تطفأ ، وصدعا لا يلتئم ، وجرحا
لا يلتحم.
وكفاهم أن شعراء
قريش قالوا في الجاهلية أشعارا يهجون بها أمير المؤمنين 7 ، ويعارضون فيها
أشعار المسلمين ، فحملت أشعارهم ودوّنت أخبارهم ، ورواها الرواة مثل الواقدي ووهب
بن منبّه التميمي ، ومثل الكلبي والشرقي بن قطامي ، والهيثم بن عدي ، ودأب بن
الكناني. وإنّ بعض شعراء الشيعة يتكلّم في ذكر مناقب الوصي ، بل في ذكر معجزات
النبيّ ـ 6 ـ فيقطع لسانه ، ويمزّق ديوانه ، كما فعل بعبد الله ابن عمار البرقي ، وكما
أريد بالكميت بن زيد الأسدي ، وكما نبش قبر منصور ابن الزبرقان النمري ، وكما دمّر
على دعبل بن علي الخزاعي ، مع رفقتهم من مروان بن أبي حفصة اليمامي ، ومن علي بن
الجهم الشامي ، ليس إلاّ لغلوّهما في النصب واستيجابهما مقت الربّ.
حتى أن هارون بن
الخيزران وجعفر المتوكل على الشيطان لا على الرحمن ، كانا لا يعطيان مالا ولا
يبذلان نوالا إلاّ لمن شتم آل أبي طالب ونصر مذهب النواصب ، مثل عبد الله بن مصعب
الزبيري ، ووهب بن وهب
البختري ، ومن
الشعراء مثل مروان بن أبي حفصة الاموي ، ومن الأدباء مثل عبد الملك بن قريب
الأصمعي. فأمّا في أيام جعفر فمثل بكّار بن عبد الله الزبيري ، وأبي السمط بن أبي
الجون الاموي ، وابن أبي الشوارب العبشمي.
ونحن ـ أرشدكم
الله ـ قد تمسّكنا بالعروة الوثقى ، وآثرنا الدين على الدنيا ، وليس يزيدنا بصيرة
زيادة من زاد فينا ، ولن يحلّ لنا عقيدة نقصان من نقص منّا ، فإنّ الإسلام بدء
غريبا وسيعود كما بدء. كلمة من الله ووصيه من رسول الله ، يورثها من يشاء من عباده
والعاقبة للمتقين. ومع اليوم غد وبعد السبت أحد ، قال عمّار بن ياسر 2 يوم صفين : لو
ضربونا حتى نبلغ سعفات هجر لعلمنا أنّا على الحق وأنّهم على الباطل.
ولقد هزم جيش رسول
الله ـ صلوات الله عليه ـ ثم هزم ، ولقد تأخّر أمر الإسلام ثم تقدّم ( أَحَسِبَ
النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ ). ولو لا محنة
المؤمنين وقلّتهم ، ودولة الكافرين وكثرتهم ، لما امتلأت جهنم حتى تقول هل من مزيد
، ولما قال الله تعالى : ( وَلكِنَّ
أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ ) ولما تبيّن الجزوع من الصبور ولا عرف الشكور من الكفور ،
ولما استحق المطيع الأجر ، ولا احتقب العاصي الوزر.
فإن أصابتنا نكبة
فذلك ما تعوّدناه ، وإن رجعت لنا دولة فذلك ما قد انتظرناه ، وعندنا ـ بحمد الله
تعالى ـ لكل حالة آلة ، ولكل مقامة مقالة ، فعند المحن الصبر وعند النعم الشكر.
ولقد شتم أمير
المؤمنين ـ 7 ـ على المنابر ألف شهر ، فما شككنا في وصيته ، وكذّب محمّد ـ 6 ـ بضع عشرة سنة
فما اتّهمناه في نبوته ، وعاش إبليس مدة تزيد على المدد فلم نرتب في لعنته ،
وابتلينا بفترة الحق ونحن مستيقضون بدولته ، ودفعنا إلى قتل الإمام بعد الإمام
والرضا بعد الرضا ولا مرية عندنا في صحة إمامته ، وكان وعد الله مفعولا ، وكان أمر
الله قدرا مقدورا ( كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ ثُمَّ كَلاَّ
سَوْفَ تَعْلَمُونَ ) و ( سَيَعْلَمُ
الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ
يَنْقَلِبُونَ وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ ).
اعلموا ـ رحمكم
الله ـ أن بني أميّة الشجرة الملعونة في القرآن وأتباع الطاغوت والشيطان ، جهدوا
في دفن محاسن الوصي ، واستأجروا من كذب في الأحاديث على النبيّ ـ 6 ـ وحوّلوا الجوار
إلى بيت المقدس عن المدينة ، والخلافة زعموا إلى دمشق عن الكوفة ، وبذلوا في طمس
هذا الأمر الأموال وقلّدوا عليه الأعمال ، واصطنعوا فيه الرجال ، فما قدروا على
دفن حديث من أحاديث رسول الله ـ 6 ـ ولا على تحريف آية من كتاب الله تعالى ، ولا على دسّ أحد
من أعداء الله في أولياء الله.
ولقد كان ينادى
على رءوسهم بفضائل العترة ، ويبكّت بعضهم بعضا بالدليل والحجة ، لا تنفع في ذلك
عيبة ولا يمنع منه رغبة ولا رهبة ، والحق عزيز وإن استذلّ أهله ، وكثير وإن قلّ
حزبه ، والباطل وإن رصّع بالشبه قبيح ، وذليل وإن غطّي وجهه بكل مليح :
قال عبد الرحمن بن
الحكم ـ وهو من أنفس بني أميّة ـ :
سميّة أمسى
نسلها عدد الحصا
|
|
وبنت رسول الله
ليس لها نسل
|
غيره :
لعن الله من
يسبّ عليّا
|
|
وحسينا من سوقة
وإمام
|
وقال أبو دهبل
الجمحي ، في حميّة سلطان بني أميّة وولاية آل بني سفيان :
تبيت السّكارى
من أميّة نوّما
|
|
وبالطف قتلى ما
ينام حميمها
|
وقال الكميت بن
زيد ـ وهو جار خالد بن عبد الله القسري ـ :
فقل لبني أميّة
حيث حلّوا
|
|
وإن خفت المهنّد
والقطيعا
|
أجاع الله من
أشبعتموه
|
|
وأشبع من بجوركم
أجيعا
|
وما هذا بأعجب من
صياح شعراء بني العباس على رءوسهم بالحق وإن
كرهوه ، وبتفضيل
من نقصوه وقتلوه. قال المنصور بن الزبرقان على بساط هارون :
آل النبيّ ومن
يحبّهم
|
|
يتطامنون مخافة
القتل
|
أمن النصارى
واليهود وهم
|
|
من امّة التوحيد
في الأزل
|
وقال دعبل بن علي
ـ وهو صنيعة بني العباس وشاعرهم ـ :
ألم تر أني مذ
ثمانين حجة
|
|
أروح وأغدو دائم
الحسرات
|
أرى فيئهم في
غيرهم متقسّما
|
|
وأيديهم من
فيئهم صفرات
|
وقال علي بن
العباس الرومي ـ وهو مولى المعتصم ـ :
تألّيت أن لا
يبرح المرء منكم
|
|
يتل على خرّ
الجبين فيعفج
|
كذاك بنو العباس
تصبر منكم
|
|
ويصير للسيف
الكمي المدجج
|
بكلّ أوان
للنبيّ محمّد
|
|
قتيل زكي
بالدماء مضرّج
|
وقال إبراهيم بن
العباس الصولي ـ وهو كاتب القوم وعاملهم في الرضا لمّا قرّبه المأمون ـ :
يمنّ عليكم
بأموالكم
|
|
وتعطون من مائة
واحدا؟!
|
وكيف لا ينتقصون
قوما يقتلون بني عمّهم جوعا وسغبا ، ويملئون ديار الترك والديلم فضة وذهبا؟!
يستنصرون المغربي والفرغاني ويجفون المهاجري والأنصاري ، ويولّون أنباط السواد
وزارتهم وقلف العجم والطماطم قيادتهم ، ويمنعون آل أبي طالب ميراث امّهم وفيء
جدّهم؟ يشتهي العلوي الأكلة فيحرمها ويقترح على الأيام الشهوة فلا يطعمها ، وخراج
مصر والأهواز وصدقات الحرمين والحجاز تصرف إلى ابن أبي مريم المديني ، وإلى
إبراهيم الموصلي ، وابن جامع السهمي ، وإلى زلزل الضارب ، وبرصوما الزامر ، واقطاع
بختيشوع النصراني قوت أهل بلد ، وجارى بغا التركي والأفشين الأشروسي كفاية أمة ذات
عدد.
والمتوكّل ـ زعموا
ـ يتسرّى باثني عشر ألف سرية ، والسيّد من سادات
أهل البيت يتعفّف
بزنجية وسندية ، وصفوة مال الخراج مقصورة على أرزاق الصفاعنة وعلى موائد المخانثة
، وعلى طعمة الكلاّبين ورسوم القرّادين ، وعلى مخارق ، وعلوبة المغنّي ، وعلى زدزد
وعمر بن بانة الملهّي ، ويبخلون على الفاطمي بأكلة أو شربة ، ويصارفونه على دانق
وحبّة ، ويشترون العوّادة بالبدر ويجرون لها ما يفي برزق عسكر ، والقوم الذين أحلّ
لهم الخمس وحرّمت عليهم الصدقة ، وفرضت لهم الكرامة والمحبّة ، يتكفّفون ضرّا
ويهلكون فقرا ، وليرهن أحدهم سيفه ويبيع ثوبه وينظر إلى فيئه بعين مريضة ، ويتشدّد
على دهره بنفس ضعيفة ، ليس له ذنب إلاّ أنّ جده النبي ، وأبوه الوصي ، وامّه فاطمة
، وجدّته خديجة ، ومذهبه الإيمان ، وإمامه القرآن ... » إلى آخر ما أفاد وأجاد .
صورة ما جاء في آخر الطبعة
المصريّة
ولا يخفى أن هذه
الرّسالة نقلناها من الطّبعة المصريّة لرسائل أبي بكر الخوارزمي ، وقد جاء في آخر
النسخة :
« وقد تناهى طبع
هذه الرسائل التي لم يبلغ شأوها في الفصاحة سحبان وائل ، هو عندها أدنى من باقل ،
ولو ظهرت في أيّامه لمدّ إليها كف مستمد سائل ، ولو كانت في عصر قس بن ساعدة
الأيادي ، لكان لها عليه جميل الأيادي ، فلعمري إنّها نسخت ما تركت الأوائل كلمة
لقائل ، وأحكمت كم ترك الأوّل للآخر والماضي للغابر ، فليكن الأديب لها نعم الآخذ
، وليعضّ عليها بالنواجذ ، فإنّه يبلغ بها في صناعته أشدّه ، وتكون له في الإنشاء
أوفر عدّة.
وكان طبعها على
هذا الوجه الحسن ، وتمثيلها في هذا القالب المستحسن ، بدار الطباعة المصرية
الكائنة ببولاق مصر المغربة ، تعلق المستعين بمولاه فيما يعيد ويبدي : عبد الرحمن
بيك رشدي ، على ذمّة حضرة
__________________
محمّد علي بيك
جرّاح باشي بالديار المصريّة ، وحضرة حسن أفندي مترجم الكتب العسكرية. لا زالوا
ملحوظين بعين العناية الربانية.
وكان تصحيحها حسب
الإمكان بمعرفة الفقير إلى رحمة الرحيم الرحمن ، المتوسّل إلى ربّه بالجاه النبوي
: محمّد قطة العدوي باشي ، مصحّح المطبعة المذكورة ، يسرّ الله في الدارين أموره.
وقد وافق انتهاء
طبعها وتمام تمثيلها ووضعها أوائل ذي الحجة ، الذي هو في هذا العام لشهور ١٢٧٩ تسع
وسبعين ومائتين وألف من الهجرة ختام. فالحمد لله الذي بنعمته تتم الصّالحات ،
والشكر له على مدى الأوقات ، وصلّى الله وسلّم على سيد الكائنات وعلى آله وأصحابه
ذوي الكرامات ، ما لاح بدر تمام وفاح مسك ختام ».
ترجمة أبي بكر الخوارزمي
وهذا موجز ترجمته
عن المصادر المعتبرة :
١
ـ ابن خلّكان : « أبو بكر محمّد بن العبّاس أحد الشعراء المجيدين الكبار المشاهير ، كان
إماما في اللّغة والأنساب ، أقام بالشام مدة وسكن بنواحي حلب وكان يشار إليه في
عصره ، له ديوان رسائل وديوان شعر ، ولمّا رجع من الشام سكن نيسابور ومات بها في
منتصف شهر رمضان سنة ٣٨٣. وذكر شيخنا ابن الأثير في تاريخه أنّه توفي سنة ٣٩٣ » .
٢
ـ الصّفدي : « كان ابن اخت
محمّد بن جرير الطبري ، قال الحاكم في تاريخه : كان أوحد عصره في حفظ اللغة والشعر
، وكان يذاكرني بالأسماء والكنى حتّى يحيّرني من حفظه ... » .
__________________
٣
ـ السمعاني : « أبو بكر محمّد بن العباس الخوارزمي الشاعر المعروف ، وكان حافظا للّغة ،
عارفا بأصولها ، شاعرا مغلقا ، سمع الحديث ببغداد من أبي علي إسماعيل بن محمّد بن
إسماعيل الصفار ، وأبي بكر أحمد ابن كامل بن خلف ابن شجرة القاضي وغيرهما ... » .
وراجع :
١ ـ سير أعلام
النبلاء ١٦ / ٥٢٦.
٢ ـ يتيمة الدهر ٤
/ ١٩٤.
٣ ـ بغية الوعاة ١
/ ١٢٥.
٤ ـ مرآة الجنان ٢
/ ٤١٦.
٥ ـ شذرات الذهب ٣
/ ١٠٦.
كلام للسيد علي بن معصوم المدني
وقال السيد علي بن
معصوم المدني : « اعلم رحمك الله تعالى : أن شيعة أمير المؤمنين والأئمة
من ولده ـ : ـ لم يزالوا في كلّ عصر وزمان ووقت وأوان مختفين في زوايا الاستتار ، محتجبين
احتجاب الأسرار في صدور الأحرار ، وذلك لما منوا به من معاداة أهل الإلحاد ومناواة
أولي النصب والعناد ، الذين أزالوا أهل البيت عن مقاماتهم ومراتبهم ، وسعوا في
إخفاء
__________________
مكارمهم الشريفة
ومناقبهم ، فلم يزل كل متغلّب منهم يبذل في متابعة الهوى مقدوره ، ويلتهب حسدا
ليطفئ نور الله إلاّ أن يتم نوره.
كما روي عن أبي جعفر محمّد بن علي
الباقر 8 أنّه قال
لبعض أصحابه : يا فلان ، ما لقينا من ظلم قريش إيّانا وتظاهرهم علينا ، وما لقي
شيعتنا ومحبّونا من الناس! إن رسول الله ـ 6
ـ قبض وقد أخبر أنا أولى الناس بالناس ، فتمالأت علينا قريش حتى أخرجت الأمر عن
معدنه ، واحتجت على الأنصار بحقّنا وحجّتنا ، ثم تداولتها قريش واحد بعد واحد حتى
رجعت إلينا ، فنكثت بيعتنا ونصبت الحرب لنا ، ولم يزل صاحب الأمر في صعود كئود حتى
قتل ، فبويع الحسن ابنه وعوهد ثم غدر به وأسلم ، ووثبت عليه أهل العراق حتى طعن
بخنجر في جنبه ، وانتهب عسكره وخولجت خلاخل امّهات أولاده. فوادع معاوية وحقن دمه
ودماء أهل بيته وهم قليل حق قليل. ثم بايع الحسين من أهل العراق عشرون ألفا ثم
غدروا به ، وخرجوا عليه وبيعته في أعناقهم فقتلوه.
ثم لم نزل أهل البيت نستذل ونستضام ،
ونقضي ونمتهن ونحرم ، ونقتل ونخاف ، ولا نأمن على دمائنا ودماء أوليائنا ، ووجد
الكاذبون الجاحدون لكذبهم وجحودهم موضعا يتقرّبون به إلى أوليائهم ، وقضاة السوء
وأعمال السوء في كل بلدة تحدّثوهم بالأحاديث الموضوعة المكذوبة ، ورووا عنا ما لم
نقله وما لم نفعله ، ليبغّضونا إلى الناس ، وكان عظم ذلك وكبره زمن معاوية بعد موت
الحسن ـ 7 ـ فقتلت
شيعتنا في كل بلدة وقطعت الأيدي والأرجل على الظنّة ، من ذكر بحبّنا والانقطاع
إلينا سجن ونهب ماله وهدم داره. ثم لم يزل البلاء يشتد ويزداد إلى زمان عبيد الله
بن زياد ـ لعنه الله ـ قاتل الحسين 7.
ثم جاء الحجاج فقتلهم كلّ قتلة وأخذهم بكل ظنّة وتهمة ، حتى أنّ الرجل ليقال له
زنديق أو كافر أحب إليه من أن يقال له شيعة علي 7.
وروى أبو الحسن
علي بن محمّد بن أبي سيف المدائني في كتاب ( الأحداث ) قال : كتب معاوية نسخة واحدة إلى
عمّاله بعد عام الجماعة : أن برئت الذمة ممّن روى شيئا من فضل أبي تراب وأهل بيته.
فقامت الخطباء في
كلّ كورة وعلى كل منبر يلعنون عليا ويبرءون منه ، ويقعون فيه وفي أهل بيته ، وكان
أشدّ الناس بلاء حينئذ أهل الكوفة لكثرة من بها من شيعة علي ، فاستعمل عليها زياد
بن سمية وضمّ إليه البصرة ، وكان يتّبع الشيعة ـ وهو بهم عارف لأنّه كان منهم
أيّام علي ـ فقتلهم تحت كلّ حجر ومدر ، وأخافهم وقطع الأيدي والأرجل ، وسمل العيون
وصلبهم على جذوع النخل ، وطردهم وشرّدهم عن العراق ، فلم يبق بها معروف منهم.
وكتب معاوية إلى
عمّاله في جميع الآفاق أن لا يجيزوا لأحد من شيعة علي وأهل بيته شهادة.
وكتب إليهم أن
انظروا من قبلكم من شيعة عثمان ومحبّيه وأهل بيته ، والذي يروون فضائله ومناقبه ،
فادنوا مجالسهم وقرّبوهم وأكرموهم ، واكتبوا إليّ بكلّ ما يروي كلّ رجل منهم واسمه
واسم أبيه وعشيرته.
ففعلوا ذلك حتى
أكثروا في فضائل عثمان ومناقبه ، لما كان يبعثه إليه معاوية من الصّلات والكساء
والجبّات والقطائع ، ويفيضه في العرب منهم والموالي ، فكثر ذلك في كلّ مصر ،
وتنافسوا في المنازل والدنيا ، فليس يجيء
__________________
أحد بخبر مزوّر من
الناس إلاّ صار عاملا من عمّال معاوية ، ولا يروي في عثمان فضيلة أو منقبة إلاّ
كتب اسمه ، وقرّبه ، وشفّعه ، فلبثوا بذلك حينا.
ثم كتب إلى عمّاله
: إن الحديث في عثمان قد كثر وفشا في كل مصر وفي كل وجه وناحية ، فإذا جاءكم كتابي
هذا فادعوا النّاس إلى الرواية في فضائل الصحابة والخلفاء الأوّلين ، ولا يتركوا
خبرا يرويه أحد من المسلمين في أبي تراب إلاّ وأتوني بمناقض له في الصحابة ، فإنّ
هذا أحبّ إليّ وأقرّ لعيني ، وأدحض لحجة أبي تراب ولشيعته ، وأشد عليهم من مناقب
عثمان وفضله.
فقرئت كتبه على
الناس ، فرويت أخبار كثيرة في مناقب الصحابة مفتعلة لا حقيقة لها ، وجدّ الناس في
رواية ما يجري هذا المجرى ، حتى أشاروا بذكر ذلك على المنابر ، والقي إلى معلّمي
الكتاتيب ، فعلّموا صبيانهم وغلمانهم من ذلك الكثير الواسع ، حتى رووه وتعلّموه
كما يتعلّمون القرآن ، وحتى علّموه بناتهم ونسائهم وخدمهم وحشمهم ، فلبثوا بذلك ما
شاء الله.
ثمّ كتب إلى
عمّاله نسخة واحدة إلى جميع البلدان : انظروا من قامت عليه البيّنة أنّه يحبّ
عليّا وأهل بيته ، فامحوه من الديوان وأسقطوا عطاءه ورزقه.
وشفّع ذلك بنسخة
أخرى : من اتّهمتموه بموالاة هؤلاء القوم فنكّلوا به واهدموا داره.
فلم يكن البلاء
أشد ولا أكثر منه بالعراق ، ولا سيّما بالكوفة ، حتى أنّ الرجل من شيعة علي ليأتيه
من يثق به فيدخل بيته فيلقي إليه سرّه ويخاف من خادمه ومملوكه ، ولا يحدّث حتى
يأخذ عليه الأيمان الغليظة ليتمكّن عليه.
فظهر حديث كثير
موضوع ، وبهتان منتشر ، ومضى على ذلك الفقهاء والقضاة والولاة. وكان أعظم الناس في
ذلك بليّة القرّاء المراءون والمستضعفون الذين يظهرون الخشوع والنسك ، فيفتعلون
الأحاديث ليحظوا بذلك عند ولاتهم ، ويتقرّبوا بمجالستهم ويصيبوا به الأموال
والضياع والمنازل ، حتى انتقلت تلك الأخبار والأحاديث إلى أيدي الدّيانين الذين لا
يستحلّون الكذب ،
فقبلوها ورووها
وهم يظنّون أنها حق ، ولو علموا أنّها باطلة لما رووها ولا تديّنوا بها.
فلم يزل الأمر
كذلك حتى مات الحسن بن علي ، فازداد البلاء والفتنة ، فلم يبق أحد من هذا القبيل
إلاّ خائف على دمه أو طريد في الأرض.
ثم تفاقم الأمر
بعد قتل الحسين ، وولي عبد الملك بن مروان ، فاشتدّ على الشيعة ، وولى عليهم
الحجاج بن يوسف ، فتقرّب إليه أهل النسك والصلاح والدين ببغض علي وموالاة أعدائه ،
وموالاة من يدعي من الناس أنّهم أيضا أعداؤه ، فأكثروا في الرّواية في فضلهم
وسوابقهم ومناقبهم ، وأكثروا من الغض من علي ومن عيبه والطعن فيه والشنآن له.
حتّى أن إنسانا
وقف للحجاج ـ ويقال إنّه جد الأصمعي عبد الملك بن قريب ـ فصاح به : أيّها الأمير :
إن أهلي عقّوني فسمّوني عليا وإنّي فقير بائس وأنا إلى صلة الأمير محتاج. فتضاحك
له الحجاج وقال : للطف ما توسّلت به قد ولّيناك موضع كذا.
وقد روى ابن عرفة
المعروف بنفطويه ـ وهو من أكابر المحدّثين وأعلامهم ـ في ( تاريخه ) ما يناسب هذا
الخبر وقال : إن أكثر الأحاديث الموضوعة في فضائل الصحابة افتعلت في أيام بني أميّة
، تقربا إليهم بما يظنّون أنهم يرغمون به أنف بني هاشم.
قال المؤلف ـ عفا
الله عنه ـ ولم يزل الأمر على ذلك سائر خلافة بني أميّة ـ لعنهم الله ـ حتى جاءت
الخلافة العباسية ، فكانت أدهى وأمرّ وأضرى وأضرّ ،
__________________
وما لقيه أهل
البيت : وشيعتهم من دولتهم أعظم ممّا مضوا به في الخلافة الاموية كما قيل :
والله ما فعلت
أميّة فيهم
|
|
معشار ما فعلت
بنو العباس
|
ثمّ شبّ الزمان
وهرم ، والشأن مضطرب والشنآن مضطرم ، والدهر لا يزداد إلاّ عبوسا ، والأيام لا
تبدي لأهل الحق إلاّ بؤسا ، ولا معقل للشيعة من هذه الخطّة الشنيعة في أكثر
الأعصار ومعظم الأمصار إلاّ الانزواء في زوايا التقيّة ، والانطواء على الصبر بهذه
البلية » .
أقول :
وإذا علمت حال
هؤلاء الأسلاف المنهمكين في الأسفاف ، فليكن غير خاف على سريرتك النقيّة عن
الاعتساف ، المتحلّية بالإنصاف أنّ ( الدهلوي ) النحرير ، الذي هو عند السنّية
صدرهم الكبير وملاذهم الشهير ، قد جنح تقليدا للكابلي بجوامع قلبه إلى هؤلاء
الجماهير الكارعين من المشارع الردغة ، والناهلين من الموارد الكدرة ، الذين زرعوا
الفجور وسقوه الغرور ، وحصدوا الثبور ورفعوا الدور ، وبنوا القصور وأحكموا الزّور
وأبرموا الختور ، ولم يرضوا في البغض والمشاحنة بالقصور ، وأتوا من غرائب الأمور
بما يبقى سوء ذكره على كرّ الدهور ومرّ العصور.
فحذا ( الدهلوي )
حذوهم وحسا حسوهم ونحا نحوهم واستحسن نحوهم ، وشرب روي شربهم وانضوى إلى سربهم
وانحاز إلى حزبهم ، وآثر ضغنهم وكبرهم واختار حقدهم ونكرهم واستطاب عجرهم وبجرهم ،
وأشاع هفواتهم ونفّق تلميعاتهم وزوّق تسويلاتهم ، وأحكم مرائرهم وسرّ سرائرهم
وأطاب ضمائرهم ، وفوّق سهامهم وبرى أقلامهم ، وشحذ حرابهم ودرس كتابهم
__________________
ونصر أحزابهم ،
وأسس بنيانهم ولاط جدرانهم ، واقتفى شنيع آثارهم وخاض هائل غمارهم وجاس خلال
ديارهم ، وسار بسيرهم وشبع من ميرهم وسكن في ديرهم وضار بضيرهم.
لم يعض على النقد
والسبر بضرس قاطع ، ولم يستضيء من الإدراك والتأمّل بمنار ساطع ، ولا استعان من
الإصابة والتدرّب بوجه شافع ، ولا استظهر من الإنصاف والتمييز بمنجد نافع ، ولا
استذرى من المواعظ والزواجر والرقائق القوارع إلى ناجه ناجع ، رقص بإنكار الواضحات
رقص الجمل ، وليس له في التحقيق والتنقيد ناقة ولا جمل.
إذا هتف به داعي
الحق جعل في اذنه وقرا ، وإذا أهاب به منادي الصّدق أبدى عجزه وغدرا ومكرا ، يسلك
في هدم قواعد الدين فنونا ، ويبالغ في طمس معاهد اليقين مجونا.
اخترع للرد
والإبطال والإخمال لفضائل الآل ـ عليهم سلام الملك المتعال ـ طرائق قددا ، وابتعد
لإطفاء نور الحق أعاليل بأضاليل بغيا وحسدا ، إذا سمع فضيلة حقّانيّة ورواية
نوارنية يدور عينه كأنه من الموت في غمرة ، ومن الذهول في سكرة ، ينفخ أوداجه
وترتعد فرائصه ويزيد غيظه ويكبر حنقه ، ويبدي فظائع شبهات وهواجس ، لا يزعه من
الاقتحام في الزلل وازع ولا يردعه عن المكابرة من الحياء رادع.
قد أقحم أتباعه في
طخية عمياء ، وركب بهم متن عشواء ، وزرع في قلوبهم صنوف الإحن والبغضاء ، وأورثهم
أقسام الترات والوغر والشحناء ، وشحن صدورهم غيظا وحنقا ، وسقى أجوافهم آجنا رنقا
، وقرّر لهم في التلميع قواعد وقوانين ، وأحدث من الخدع حيلا وأفانين.
ومن عجائب التهافت
والتنافر ، وغرائب التناقض والتناكر : أن ( الدهلوي ) الماهر ، وكذا الكابلي
الفاخر ، ومن ماثلهما من أسلافهما الأكابر ، مع هذا الجد والجهد والكدح والانهماك
، والغرام والوله والشغف والارتباك في إرادة إطفاء
أنوار الفضائل
الباهرة ، وردّ المناقب الفاخرة للعترة الطاهرة يباهون بدعوى التمسّك والولاء ،
ويبدون من غاية البهت والمراء ، أنّهم المخصوصون بنشر الفضائل وإيثار الاقتداء
واختيار الاقتفاء!
فقل لي من المحب
الموالي؟ ومن المتوغر القالي؟ ومن المقبل الواد؟ ومن المعرض الصاد؟ ومن المتّبع
الصافي؟ ومن المنحرف الجافي؟ ومن المقتفي لآثار الأطهار والمؤمن بفضائل هؤلاء
الأخيار؟ ومن الصادف على الإتّباع الوالج في زرافة الهمج الرعاع؟
وقد بلغ التعصّب (
بالدهلوي ) المرتاب إلى حدّ يتجاوز عن القياس والحساب ، حتى أنه ربما ينكر ما هو
حجة على النصّاب ، بل ينكر ما أثبته شيخه ووالده الجلي النصاب ، بل ربما أنكر ما
أثبته بنفسه بلا اختفاء واحتجاب.
ومع هذا التباين
والتخالف والتهافت والتناقض ، والتشاحن والتضاغن والتعالل والتمارض ، ومع هذا
القصور في الباع وفقد العثور والإطّلاع ، يشنّع على أسلافنا بلسانه السّليطة مكثرا
للبذاء والمصاغ ، مولعا بالهراء والقذاع ، دأبه جحد الواضحات ، وسنّته ردّ
اللائحات ، يروّح بكذبه وافتعاله أرواح مسيلمة وسجاح ، ويرفع في إبطال الحق أنكر
عقيرة وأوحش صياح.
وأعجب من ذلك أنه
مع هذا التهالك والاستهتار بالإبطال والتكذيب والإنكار ، لفضائل أهل البيت الأطهار
، صلوات وسلامه عليهم ما اختلف الليل والنهار ، ألقى شراشره على تصديق المفتعلات
والإيمان بالموضوعات المخترعات في حقّ خلفائه الكبار ، مع أنها ممّا شهد بكذبها
شيوخه وأساطينه الأحبار.
فلا أدري بأيّ وجه
يلقى هذا المدّعي للولاء يوم القيامة أهل البيت العظماء ، عليهم آلاف التحيّة
والثناء ، وما ذا يقول لهم إذا سألوه عمّا حداه على تكذيب فضائلهم الثابتة الصحيحة
التي رواها الثقات الكبراء وأثبتها حذّاق
العلماء.
وهذا أوان الشروع
في نقض ما لفقه هذا الرجل بالتفصيل ، والله الموفق وهو الهادي إلى سواء السبيل :
سند
حديث الولاية
قوله :
« وهو حديث باطل ».
أقول :
إن حكم ( الدهلوي
) ببطلان هذا الحديث من بدائع التفوّهات وفظائع التقوّلات ، فهو يكشف عن دفائن
الضغائن والأحقاد ، ويهتك الأستار عن أصناف العناد واللّداد ... لأنّ جمعا غفيرا
من كبار الأئمة البارعين والمحدّثين المنقّدين ومشاهير الأساطين تشرّفوا بروايته ،
وزيّنوا أسفارهم بتصحيحه وإثباته ، وهذه أسماء جماعة منهم :
أسماء جماعة من رواة الحديث
١ ـ سليمان بن
داود الطّيالسي (٢٠٤).
٢ ـ أبو بكر عبد
الله بن محمّد بن أبي شيبة (٢٣٩).
٣ ـ إمام الحنابلة
أحمد بن حنبل (٢٤١).
٤ ـ أبو عيسى
محمّد بن عيسى الترمذي (٢٧٩).
٥ ـ أبو عبد
الرحمن أحمد بن شعيب النسائي (٣٠٣).
٦ ـ حسن بن سفيان
النسوي (٣٠٣).
٧ ـ أبو يعلى أحمد
بن علي الموصلي (٣٠٧).
٨ ـ أبو جعفر
محمّد بن جرير الطبري (٣١٠).
٩ ـ خثيمة بن
سليمان الأطرابلسي (٣٤٤).
١٠ ـ أبو حاتم
محمّد بن حبان البستي (٣٥٤).
١١ ـ سليمان بن
أحمد الطبراني (٣٦٠).
١٢ ـ أبو عبد الله
محمّد بن عبد الله الحاكم النيسابوري (٤٠٥).
١٣ ـ أحمد بن موسى
بن مردويه الأصفهاني (٤١٠).
١٤ ـ أبو نعيم
أحمد بن عبد الله الأصفهاني (٤٣٠).
١٥ ـ أبو القاسم
حسين بن محمّد الشهير بالرّاغب الأصفهاني ( أوائل المائة الخامسة ).
١٦ ـ أبو بكر أحمد
بن علي بن ثابت الخطيب البغدادي (٤٦٣).
١٧ ـ أبو عمر يوسف
بن عبد الله ابن عبد البر القرطبي (٤٦٣).
١٨ ـ مسعود بن
ناصر السجستاني (٤٧٧).
١٩ ـ أبو الحسن
علي بن محمّد ابن المغازلي (٤٨٣).
٢٠ ـ أبو شجاع
شيرويه بن شهردار الديلمي (٥٠٩).
٢١ ـ محمّد بن علي
بن إبراهيم النطنزي.
٢٢ ـ أبو منصور
شهردار بن شيرويه الديلمي (٥٥٨).
٢٣ ـ أبو المؤيّد
الموفّق بن أحمد المكي الخوارزمي (٥٦٨).
٢٤ ـ أبو القاسم
علي بن الحسن ابن عساكر الدمشقي (٥٧١).
٢٥ ـ أبو حامد
محمود بن محمّد الصّالحاني.
٢٦ ـ أبو
السّعادات المبارك بن محمّد ابن الأثير الجزري (٦٠٦).
٢٧ ـ عبد الكريم
بن محمّد القزويني الرّافعي (٦٢٤).
٢٨ ـ عز الدين أبو
الحسن علي بن محمّد ابن الأثير الجزري (٦٣٠).
٢٩ ـ أبو الربيع
سليمان بن موسى الكلاعي المعروف بابن سبع (٦٣٤).
٣٠ ـ ضياء الدين
أبو عبد الله محمّد بن عبد الواحد المقدسي (٦٤٣).
٣١ ـ أبو سالم
محمّد بن طلحة القرشي (٦٥٢).
٣٢ ـ أبو عبد الله
محمّد بن يوسف الكنجي (٦٥٨).
٣٣ ـ محبّ الدين أحمد
بن عبد الله الطبري المكّي (٦٩٦).
٣٤ ـ إبراهيم بن
محمّد الجويني (٧٢٤).
٣٥ ـ شمس الدّين
محمّد بن أحمد الذهبي (٧٤٨).
٣٦ ـ محمّد بن
يوسف الزّرندي ( بضع وخمسين وسبعمائة ).
٣٧ ـ محمّد بن
مسعود الكازروني.
٣٨ ـ علي بن شهاب
الدّين الهمداني (٧٨٦).
٣٩ ـ السيد شهاب
الدّين أحمد.
٤٠ ـ شهاب الدين
أحمد بن علي المعروف بابن حجر العسقلاني.
٤١ ـ حسين بن معين
الدين الميبدي (٨٧٠).
٤٢ ـ جلال الدين
عبد الرحمن بن أبي بكر السّيوطي (٩١١).
٤٣ ـ شهاب الدين
أحمد بن محمّد القسطلاني (٩٢٣).
٤٤ ـ الحاج عبد
الوهاب بن محمّد البخاري (٩٣٢).
٤٥ ـ محمّد بن
يوسف الشامي.
٤٦ ـ شهاب الدين
أحمد بن محمّد ابن حجر المكّي (٩٧٣).
٤٧ ـ علي بن حسام
الدين المتّقي (٩٧٥).
٤٨ ـ ميرزا مخدوم
بن عبد الباقي (٩٩٥).
٤٩ ـ إبراهيم بن
عبد الله اليمني.
٥٠ ـ أحمد بن
محمّد بن أحمد الحافي الحسيني.
٥١ ـ جمال الدين
عطاء الله بن فضل الله الشيرازي.
٥٢ ـ علي بن سلطان
الهروي القاري (١٠١٤).
٥٣ ـ عبد الرءوف
بن تاج العارفين المنّاوي (١٠٣١).
٥٤ ـ محمود بن
محمّد الشّيخاني القادري.
٥٥ ـ أحمد بن
الفضل بن باكثير المكّي (١١٤٧).
٥٦ ـ ميرزا محمّد
بن معتمد خان البدخشاني.
٥٧ ـ محمّد صدر العالم.
٥٨ ـ ولي الله
أحمد بن عبد الرحيم والد ( الدهلوي ) (١١٧٦).
٥٩ ـ محمّد بن
إسماعيل الأمير اليماني الصنعاني (١١٨٢).
٦٠ ـ محمّد بن علي
الصبان.
٦١ ـ أحمد بن عبد
القادر العجيلي.
٦٢ ـ سناء الله
پاني پتي.
٦٣ ـ المولوي مبين
بن محبّ الله السهالي (١٢٢٥).
٦٤ ـ المولوي
محمّد سالم بن محمّد سلام الدهلوي.
٦٥ ـ المولوي وليّ
الله بن حبيب السهالي.
وسيمرّ بك ـ إن
شاء الله تعالى ـ عن كثب بلا حيلولة ترقّب وانتظار ، عبارات هؤلاء الأجلّة الكبار
:
(١)
رواية أبي داود الطيالسي
لقد أخرج أبو داود الطّيالسي هذا الحديث
الشريف عن ابن عباس بإسناد صحيح ... فقد جاء في ( مسنده ) ما هذا نصّه :
« حدّثنا أبو عوانة ، عن أبي بلج ، عن
عمرو بن ميمون ، عن ابن عباس : إن رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ قال لعلي :
أنت ولي كلّ مؤمن من بعدي » .
ولنترجم الطيالسي
وهو شيخ أحمد ومن رجال الصحّاح الستّة ، ثم نذكر صحّة هذا السند :
ترجمة أبي داود الطيالسي
١
ـ الذهبي : « الإمام أبو داود
الطيالسي ـ واسمه سليمان بن داود ـ البصري الحافظ صاحب المسند ، وكان يسرد من حفظه
ثلاثين ألف حديث. قال الفلاس : ما رأيت أحفظ منه. وقال عبد الرحمن بن مهدي : هو
أصدق الناس. قال : كتبت عن ألف شيخ منهم ابن عون » .
٢
ـ الذهبي أيضا : « الإمام
الحافظ الكبير ... عنه : أحمد ، وبندار ، والفلاّس وخلائق. قال الفلاّس : ما رأيت
أحفظ منه. وقال رفيقه ابن مهدي : هو أصدق الناس. وقال عامر بن إبراهيم : سمعت أبا
داود يقول : كتبت عن
__________________
ألف شيخ. وقال
وكيع : ما بقي أحد أحفظ لحديث طويل من أبي داود. فبلغه ذلك فقال : ولا قصير. وقال
ابن المديني : ما رأيت أحفظ منه. وقال عمر شبّة : كتبوا عن أبي داود من حفظه
أربعين ألف حديث. مات سنة ٢٠٤ وكان من أبناء الثمانين ; تعالى » .
٣
ـ اليافعي : « الإمام أبو داود
الطيالسي سليمان بن داود البصري الحافظ صاحب المسند ... » .
٤
ـ وقال ( الدهلوي ) في ( بستان المحدّثين ) بترجمته : « قال
يحيى بن معين وابن المديني والفلاّس ووكيع وغيرهم من علماء الرجال بعدالته ،
ووثّقوه التوثيق البالغ. والحق أنّه كان كذلك ».
فمن العجيب حكمه
ببطلان حديث يرويه هذا العدل الثقة المجمع عليه.
تنصيص ابن عبد البرّ على صحة
هذا السند
وأمّا صحّة سند رواية
أبي داود الطّيالسي فقد نصّ عليها الحافظ ابن عبد البرّ ، فإنّه قال :
« روى أبو داود الطيالسي : حدّثنا أبو
عوانة ، عن أبي بلج ، عن عمرو بن ميمون ، عن ابن عباس : ان رسول الله صلّى الله
عليه وسلّم قال لعلي : أنت ولي كلّ مؤمن من بعدي.
وبه عن ابن عباس
إنّه قال : أوّل من صلّى مع النبيّ ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ بعد خديجة علي بن أبي
طالب عمّنا. حدّثنا عبد الوارث بن سفيان ،
__________________
حدّثنا قاسم بن
أصبغ ، حدّثنا أحمد بن زهير بن حرب ، حدّثنا الحسن بن حماد ، حدّثنا أبو عوانة ،
حدّثنا أبو بلج ، عن عمرو بن ميمون ، عن ابن عباس قال : كان علي أوّل من آمن بالله
من الناس بعد خديجة.
قال أبو عمر : هذا
إسناد لا مطعن فيه لأحد ، لصحته وثقة نقلته » .
فثبت ـ والحمد لله
ـ أنّ سند هذا الحديث صحيح ولا مطعن فيه من جهة من جهاته لأحد. وقد أكّد ذلك بقوله
: « لصحّته » و « ثقة نقلته ».
ومن هذه العبارة
يظهر قيام الإجماع على وثاقة رجال هذا السّند ، فيكون الحديث الشريف برواية
الطيالسي مجمعا على صحّته.
فأين هذا ممّا
زعمه ( الدهلوي )؟!.
ترجمة ابن عبد البرّ
ولنذكر طرفا من
فضائل الحافظ ابن عبد البرّ لتعرف قيمة كلمته هذه :
١
ـ السمعاني : « أبو عمر يوسف بن عبد الله بن عبد البرّ النمري الأندلسي القرطبي الحافظ. كان
إماما فاضلا كبيرا جليل القدر ، صنّف التّصانيف » .
٢
ـ ابن خلكان : « أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمّد بن عبد البرّ بن عاصم النمري القرطبي.
إمام عصره في الحديث والأثر وما يتعلّق بهما ... قال القاضي أبو علي ابن سكرة :
سمعت القاضي أبا الوليد الباجي يقول : لم يكن بالأندلس مثل أبي عمر بن عبد البرّ
في الحديث. قال الباجي أيضا : أبو عمر أحفظ أهل المغرب. قال أبو محمّد ابن حزم :
لا أعلم في الكلام على فقه الحديث مثله فكيف أحسن منه! ... وكان موفّقا في التأليف
معانا عليه ونفع
__________________
الله به ... وقد
تقدم في ترجمة الخطيب أبي بكر أحمد بن علي بن ثابت البغدادي الحافظ ... أنّه كان
حافظ المشرق وابن عبد البر حافظ المغرب ، وماتا في سنة واحدة ، وهما إمامان في هذا
الفن ... » .
٣
ـ الذهبي : « ابن عبد البرّ
الإمام شيخ الإسلام حافظ المغرب ... ساد أهل الزمان في الحفظ والإتقان ... وبرع
براعة فاق بها من تقدّمه من رجال الأندلس ... وكان ديّنا صيّنا ثقة حجة صاحب سنّة
واتّباع ... قال الحميدي : أبو عمر فقيه حافظ مكثر عالم بالقراءات والخلاف ،
وبعلوم الحديث والرجال ، قديم السّماع ... » .
٤
ـ الذهبي أيضا : « ابن عبد
البرّ ، الإمام العلاّمة حافظ المغرب شيخ الإسلام ... أدرك الكبار وطال عمره ،
وعلا سنده وتكاثر عليه الطلبة ، وجمع وصنّف ووثّق وضعّف ، وسارت بتصانيفه الركبان
، وخضع لعلمه علماء الزمان ... ممّن بلغ رتبة الأئمة المجتهدين ، ومن نظر في
مصنّفاته بان له منزلته من سعة العلم وقوة الفهم وسيلان الذهن. قال أبو القاسم ابن
بشكوال : ابن عبد البرّ إمام عصره وواحد دهره ... » وذكر كلمات آخرين في حقه .
٥
ـ الذهبي أيضا : « أحد الأعلام
وصاحب التصانيف ، ليس لأهل المغرب أحفظ منه ، مع الثقة والدّين والنزاهة ،
والتّبحر في الفقه والعربية والأخبار » .
٦
ـ أبو الفداء : « كان إمام وقته في الحديث » .
٧
ـ اليافعي : « أحد الأعلام
وصاحب التصانيف ، وعمره خمس وتسعون
__________________
سنة وخمسة أيام ،
قيل : وليس لأهل المغرب أحفظ منه مع الثقة والدين والنّزاهة والتبحّر ... » .
٨
ـ ابن الشحنة : « الإمام يوسف بن عبد الله بن محمّد بن عبد البرّ ، صاحب التصانيف المشهورة
منها الإستيعاب ... » .
٩
ـ السيوطي : « ابن عبد البر
الحافظ الإمام حافظ المغرب ... ساد أهل الزمان في الحفظ والإتقان ... » ثم ذكر بعض
الكلمات في الثناء عليه .
١٠
ـ ( الدهلوي ) نفسه في ( بستان المحدّثين ) فأثنى عليه الثناء البالغ وقدّمه على الخطيب
والبيهقي وابن حزم ...
تنصيص المزي على صحة هذه السند
والحافظ أبو
الحجاج المزي ممّن رأى صحة هذه السند ، فقد ذكر بترجمة مولانا أمير المؤمنين 7 : « وروى ـ يعني
ابن عبد البر ـ بإسناده عن أبي عوانة ، عن أبي بلج ، عن عمرو بن ميمون ، عن ابن
عباس قال : كان علي أول من آمن من الناس بعد خديجة. وقال : هذا إسناد لا مطعن فيه
لأحد لصحته وثقة نقلته » .
ترجمة الحافظ المزي
والمزي أيضا من
كبار الأئمة النّقاد في الحديث والرجال كما في تراجمه :
__________________
١
ـ الذهبي : « المزّي ، شيخنا
العالم الحبر ، الحافظ الأوحد ، محدّث الشام ، جمال الدين أبو الحجاج يوسف بن الزكي
عبد الرحمن بن يوسف القضاعي الكلبي الدمشقي الشافعي ، ولد بظاهر حلب سنة ٦٥٤ ونشأ
بالمزة وحفظ القرآن ، وتفقّه قليلا ثم أقبل على هذا الشأن ... وأمّا معرفة الرجال
فهو حامل لوائها والقائم بأعبائها ، لم تر العيون مثله ، عمل كتاب تهذيب الكمال في
مائتي جزء ... وكان ثقة حجة ، كثير العلم ، حسن الأخلاق ، كثير السكوت قليل الكلام
جدّا ، صادق اللهجة ... » .
٢
ـ الذهبي أيضا : « شيخنا
الإمام العلاّمة الحافظ الناقد المحقق المفيد محدّث الشام ... كان عارفا بالنحو
والتصريف ، بصيرا باللّغة ، له مشاركة في الفقه والأصول ، ويخوض في حقائق المعقول
، ويروي الحديث كما في النفس متنا وإسنادا ، وإليه المنتهى في معرفة الرجال
وطبقاتهم ، ومن رأى تهذيب الكمال علم محلّه من الحفظ ، فما رأيت مثله ولا رأى هو
مثل نفسه أعني في معناه ، وكان ينطوي على دين وصفاء باطن وتواضع ، وفراغ عن الرياسة
، وقناعة وحسن سمت وقلّة كلام وكثرة احتمال ، وكل أحد محتاج إلى تهذيب الكمال ...
توفي ثاني عشر صفر سنة ٧٤٢ » .
٣
ـ الذهبي أيضا : « الإمام
الأوحد ، العالم الحجة المأمون ، شرف المحدّثين عمدة النقّاد ، شيخنا وكاشف
معضلاتنا ... برع في فنون الحديث ومعانيه ولغاته وفقهه وعلله وصحيحه وسقيمه ورجاله
، فلم ير مثله في معناه ولا رأى هو مثل نفسه ، مع الإتقان والحفظ وحسن الخطّ
والديانة وحسن الأخلاق والسّمت والحسن ، والهدي الصالح ، والتصوّن والخير ،
والإقتصاد في المعيشة واللباس ، والملازمة والاشتغال والسماع ، مع العقل التام
والرزانة
__________________
والفهم وصحة
الإدراك » .
٤
ـ الأسنوي : « أبو الحجّاج
جمال الدين ... أحفظ أهل زمانه لا سيّما للرجال المتقدمين ، وانتهت إليه الرحلة من
أقطار الأرض لروايته ودرايته. وكان إماما في اللغة والتصريف ، ديّنا خيّرا ،
منقبضا عن الناس ، طارحا للتكلّف » .
٥
ـ ابن الوردي : « شيخ الإسلام الحافظ جمال الدين. منقطع القرين في معرفة أسماء الرّجال مشاركا
في علوم » .
٦
ـ السبكي : « شيخنا واستأذنا
وقدوتنا : الشيخ جمال الدين أبو الحجاج المزي ، حافظ زماننا ، حامل راية السنّة
والجماعة ، والقائم بأعباء هذه الصناعة ، والمتدرّع جلباب الطاعة ، إمام الحفّاظ
كلمة لا يجحدونها وشهادة على أنفسهم يؤدّونها ورتبة لو نشر أكابر الأعداء لكانوا
يؤدونها. واحد عصره بالإجماع وشيخ زمانه الذي تصغى لما يقوله الأسماع ، والذي ما
جاء بعد ابن عساكر مثله وإن تكاثرت جيوش هذا العلم فملأت البقاع ...
أقول
: ما رأيت أحفظ من
ثلاثة : المزي والذهبي والوالد ...
وبالجملة : كان
شيخنا المزي أعجوبة زمانه ، يقرأ عليه القارئ نهارا كاملا والطرق تضطرب والأسانيد
تختلف وضبط الأسماء يشكل ، وهو لا يسهو ولا يغفل ... وكان قد انتهت إليه رياسة
المحدّثين في الدنيا .. .. » .
٧
ـ ابن حجر العسقلاني : « المزّي ، أبو الحجاج جمال الدين المزّي ... سمع : بالشام والحرمين ، ومصر ،
وحلب ، والإسكندرية ، وغيرها ، وأتقن اللّغة والتصريف ، وكان كثير الحياء
والاحتمال والقناعة والتواضع والتودّد
__________________
إلى الناس مع
الانجماع عنهم ، قليل الكلام جدّا حتى يسأل فيجيب ويجيد ... قال الذهبي : ما رأيت
أحدا في هذا الشأن أحفظ منه ... وصنف تهذيب الكمال فاشتهر في زمانه وحدّث به خمس
مرار ، وحدّث بكثير من مسموعاته الكبار والصغار عاليا ونازلا ، وغالب المحدثين من
دمشق وغيرها قد تلمّذوا واستفادوا منه ، وسألوه عن المعضلات فاعترفوا بفضيلته وعلوّ
ذكره. بالغ أبو حيان في القطر الحبي في تقريظه والثناء عليه ، وكذلك ابن سيد الناس
... وقال الذهبي : كان خاتمة الحفّاظ ... وكان لا يكاد يعرف قدره إلاّ من أكثر
مجالسته ، وكان خيّرا ذا ديانة وتصوّن من الصّغر وسلامة باطن » .
٨
ـ ابن قاضي شهبة : « الإمام العلاّمة الحافظ الكبير ، شيخ المحدثين عمدة الحفاظ ، اعجوبة الزمان
... أقرّ له الحفاظ من مشايخه وغيرهم بالتقديم ، وحدّث بالكثير نحو خمسين سنة ،
فسمع منه الكبار والحفاظ ، وولي دار الحديث الأشرفية ثلاثا وعشرين سنة. وقال
الذهبي ... وقد بالغ في الثناء عليه أبو حيان وابن سيد الناس وغيرهما من علماء
العصر ، توفي في صفر سنة ٧٤٢ » .
٩
ـ السيوطي : « المزي ، الإمام
العالم الحبر الحافظ الأوحد محدّث الشام ... » .
١٠
ـ ابن تغري بردي : « الحافظ الحجة جمال الدين ... كان إماما في عصره ، وأحد الحفاظ المشهورين ...
» .
١١
ـ الشوكاني : « الإمام الكبير الحافظ ... قال الذهبي ... وقد أخذ عنه الأكابر وترجموا له
وعظّموه جدّا. قال ابن سيد الناس في ترجمته : إنّه أحفظ
__________________
الناس للتراجم
وأعلمهم بالرواة من أعارب وأعاجم. وأطال الثناء عليه ووصفه بأوصاف ضخمة. وقال
الصفدي ... » .
الكلمات في وثاقة رجال سند
الطيالسي
وإذا عرفت صحة سند
رواية أبي داود الطيالسي بنص أكابر الحفّاظ كابن عبد البرّ والمزي ... فلا بأس بأن
نورد بعض كلمات علماء الجرح والتعديل في كلّ واحد من رجال السند المذكور :
١ ـ أبو عوانة
فأمّا أبو عوانة ـ
وهو وضّاح بن عبد الله اليشكري ـ فيكفي في وثاقته كونه من رجال الصّحاح الستّة كما
نصّ عليه الذهبي وابن حجر العسقلاني بجعلهما علامة الكتب الستة على اسمه عند
ترجمته.
قال الذهبي : « ٦
ـ وضّاح بن عبد الله ، الحافظ أبو عوانة اليشكري ، مولى يزيد بن عطا ، سمع قتادة
وابن المنكدر. وعنه : عفان وقتيبة ولوين. ثقة متقن الكتابة. توفّي ١٧٦ » .
قال الذهبي : « ٦
ـ وضاح ـ بتشديد المعجمة ثم مهملة ـ بن عبد الله اليشكري ـ بالمعجمة ـ الواسطي
البزّاز ، أبو عوانة ، مشهور بكنيته. ثقة ثبت. من السابعة. مات سنة خمس أو ست
وسبعين » .
__________________
ولا يخفى أن مراده
من الطبعة السابعة : طبقة كبار أتباع التابعين كمالك والثوري ، كما نص عليه في
مقدمة كتابه.
٢ ـ أبو بلج
وأمّا أبو بلج ـ وهو
يحيى بن سليم ـ فسليم عن المعايب وبرئ عن المثالب ، مدحه الأكابر ووثّقه الأئمة.
قال المزّي : «
أبو بلج الفزاري الواسطي ـ ويقال الكوفي ـ وهو الكبير : اسمه يحيى بن سليم بن بلج
... روى عنه : إبراهيم بن المختار ، وأبو يونس حاتم بن أبي صغيرة ، وحصين بن نمير
، وزائدة بن قدامة ، وزهير بن معاوية ، وسفيان الثوري ، وسويد بن عبد العزيز ،
وشعبة بن الحجاج ، وشعيب بن صفوان ، وهشيم بن بشير ، وأبو حمزة السكري ، وأبو
عوانة.
قال إسحاق بن
منصور عن يحيى بن معين : ثقة.
وكذلك قال محمّد
بن سعد. والنسائي. والدار قطني.
وقال البخاري :
فيه نظر.
وقال أبو حاتم :
صالح الحديث لا بأس به.
وقال محمّد بن سعد
قال يزيد بن هارون : قد رأيت أبا بلج ، وكان جارا لنا ، وكان يتّخذ الحمام يستأنس
بهنّ ، وكان يذكر الله كثيرا وقال : لو قامت القيامة لدخلت الجنة ، يقول لذكر الله
عزّ وجلّ.
روى له الأربعة » .
فالأربعة ـ وهم
أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة ـ يصحّحون حديثه ويخرّجون له في صحاحهم ...
__________________
وابن معين وابن
سعد والنسائي والدار قطني ينصّون على وثاقته.
وأبو حاتم يقول :
صالح الحديث لا بأس به.
وكبار الأئمة
أمثال شعبة وسفيان الثوري ... يروون عنه.
هذا ، وليس في
المقابل إلاّ قول البخاري : « فيه نظر » وهذا ممّا لا ينظر إليه ولا يعبأ به في
المقام وفي أشباهه ونظائره ولنذكر منها نموذجا :
قال العيني : بشرح
الحديث : « اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا » :
« فيه دلالة على
وجوب الوتر. واختلف العلماء فيه :
فقال القاضي أبو
الطيب : إن العلماء كافة قالت : إنّه سنّة حتّى أبو يوسف ومحمّد ، وقال أبو حنيفة
وحده : هو واجب وليس بفرض.
وقال أبو حامد في
تعليقه : الوتر سنّة مؤكدة وليس بفرض ولا واجب ، وبه قالت الامة كلّها إلاّ أبا
حنيفة ، وقال بعضهم. وقد استدل بهذا الحديث بعض من قال بوجوبه ، وتعقّب بأنّ صلاة
الليل ليست واجبة ، إلى آخره. وبأن الأصل عدم الوجوب حتى يقوم دليله.
وقال الكرماني
أيضا ما يشبه هذا.
قلت
: هذا كلّه من آثار
التعصّب ، فكيف يقول القاضي أبو الطّيب وأبو حامد ـ وهما إمامان مشهوران ـ بهذا
الكلام الذي ليس بصحيح ولا قريب من الصحة؟ وأبو حنيفة لم ينفرد بذلك ، هذا القاضي
أبو بكر بن العربي ذكر عن سحنون وأصبغ بن الفرج وجوبه. وحكى ابن حزم أن مالكا قال
: من تركه ادّب وكانت جرحة في شهادته ، وحكاه ابن قدامة في المغني عن أحمد ، وفي
المصنّف عن مجاهد بسند صحيح : هو واجب ولم يكتب ، وعن ابن عمر بسند صحيح : ما أحب
ـ اني تركت الوتر ـ وأنّ لي حمر النعم. وحكى ابن بطّال وجوبه عن أهل القرآن عن ابن
مسعود وحذيفة وإبراهيم النخعي ، وعن يوسف بن خالد السمتي شيخ الشافعي وجوبه ،
وحكاه ابن أبي شيبة أيضا عن سعيد بن المسيب وأبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود
والضحاك. انتهى.
فإذا كان الأمر
كذلك كيف يجوز لأبي الطيب ولأبي حامد أن يدّعيا هذه الدعوى الباطلة؟ فهذا يدل على
عدم اطّلاعهما فيما ذكرنا ، فجهل الشخص بالشيء لا ينفي علم غيره به.
وقول من ادّعى
التعقب بأنّ صلاة الليل ليست بواجبة. إلى آخره ، قول واه ، لأنّ الدلائل قامت على
وجوب الوتر ، منها :
ما رواه أبو داود : نا محمّد بن المثنى.
نا أبو إسحاق الطالقاني نا الفضل ابن موسى ، عن عبيد الله بن عبد الله العتكي ، عن
عبد الله بن بريدة ، عن أبيه قال : سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول :
الوتر حق فمن لم يوتر فليس منا ، الوتر حق فمن لم يوتر فليس منا ، الوتر حق فمن لم
يوتر فليس منا.
وهذا حديث صحيح ،
ولهذا أخرجه الحاكم في مستدركه وصحّحه.
فإن قلت : في
إسناده أبو المنيب عبيد الله بن عبد الله ، وقد تكلّم فيه البخاري وغيره.
قلت
: قال الحاكم :
وثّقه ابن معين. وقال ابن أبي حاتم : سمعت أبي يقول : هو صالح الحديث ، وأنكر على
البخاري إدخاله في الضعفاء. فهذا ابن معين إمام هذا الشأن ، وكفى حجة في توثيقه
إيّاه » .
أقول
: وكذا الأمر في
المقام ، فقد وثق ابن معين أبا بلج ، وكفى حجة .. وكذا وثّقه غيره من أئمة هذا
الشأن ...
موجز تراجم الموثّقين لأبي بلج
فقد عرفت أن يحيى
بن معين ، والنّسائي ، والدار قطني ، ومحمّد بن سعد ... يوثّقون أبا بلج ... فأما
ابن معين ، والنسائي ، والدار قطني وغيرهم
__________________
من الأئمة
الموثّقين له ، فسنذكر تراجمهم بإيجاز فيما سيأتي. وأمّا ابن سعد فهذا موجز ترجمته
:
١
ـ السمعاني : « أبو عبد الله محمّد بن سعد بن منيع الكاتب الزهري ... كان من أهل الفضل
والعلم ، وصنّف كتابا كبيرا في طبقات الصحابة والتّابعين والصالحين إلى وقته ،
فأجاد فيه وأحسن. روى عنه : الحارث بن أبي أسامة ، والحسين بن فهم ، وأبو بكر ابن
أبي الدنيا. وحكي عن يحيى بن معين أنّه رماه بالكذب. ولعلّ الناقل غلط أو وهم ،
لأنّه من أهل العدالة وحديثه يدل على صدقه ، فإنّه يتحرى في كثير من رواياته. وقال
ابن أبي حاتم الرازي : سألت أبي عن محمّد بن سعد فقال : يصدّق روايته ، جاء إلى
القواريري وسأله عن أحاديث فحدّثه. وحكى إبراهيم الحربي قال : كان أحمد ابن حنبل
يوجّه في كلّ جمعة بحنبل بن إسحاق إلى ابن سعد يأخذ منه جزءين من حديث الواقدي
ينظر فيهما إلى الجمعة الأخرى ثم يردّهما ويأخذ غيرهما. قال إبراهيم : ولو ذهب
وسمعها كان خيرا له.
ومات في جمادى
الآخرة سنة ٢٣٠ ... » .
٢
ـ ابن خلكان : « كان أحد الفضلاء الأجلاّء ، وكان صدوقا ثقة ، وكان كثير العلم ، غزير الحديث
والرواية ، كثير الكتب ، كتب الحديث والفقه وغيرهما.
وقال الحافظ أبو
بكر صاحب تاريخ بغداد في حقّه : ومحمّد بن سعد عندنا من أهل العدالة ، وحديثه يدل
على صدقه ، فإنّه يتحرّى في كثير من رواياته ... » .
٣
ـ الذهبي : « محمّد بن سعد
الحافظ العلاّمة ... قال ابن فهم : كان
__________________
كثير العلم ، كثير
الكتب ، كتب الحديث والفقه والغريب ... » .
٤
ـ الذهبي أيضا : « الإمام
الحبر أبو عبد الله محمّد بن سعد الحافظ ...
قال أبو حاتم :
صدوق » .
٥
ـ الذهبي أيضا : « محمّد بن
سعد الكاتب مولى بني هاشم. عن هشيم وابن عينة وخلق. مات سنة ٢٣٠. د حكاية » .
٦
ـ ابن حجر : « صدوق فاضل. من
العاشرة. مات سنة ٢٣٠ وهو ابن ٦٢ » .
٧
ـ السيوطي : « محمّد بن سعد بن
منيع البصري الحافظ ... » .
٣ ـ عمرو بن ميمون
وأمّا عمرو بن
ميمون فثقة مأمون ... نصّ عليه المتقدّمون والمتأخرون :
١
ـ ابن عبد البر : « عمرو بن ميمون الأودي أبو عبد الله. أدرك النبيّ ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ وصدّق
إليه ، وكان مسلما في حياته وعلى عهد رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ وهو
معدود في كبار التابعين من الكوفيين. وروي أن عمرو بن ميمون حج ستين مرة ما بين
حجة وعمرة. ومات سنة ٧٥ » .
٢
ـ ابن الأثير : « أسلم في زمان النبيّ ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ وحج مائة حجة وقيل : سبعون
حجة ، وأدّى صدقته إلى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ، وهو
__________________
معدود في كتاب
التابعين من الكوفيين. وتوفي سنة ٧٥. أخرجه الثلاثة » .
٣
ـ الذهبي : « عمرو بن ميمون الأودي
، عن عمر ومعاذ وطائفة. وعنه : زياد بن علاقة وأبو إسحاق ومحمد بن سوقة وآخرون.
كان كثير الحج والعبادة ، وهو الذي رجم القردة. مات ٧٤ » .
٤
ـ ابن حجر : « ثقة عابد ، نزل
الكوفة ، مات سنة أربع وسبعين ، وقيل بعدها » .
٥
ـ ابن حجر أيضا : « أدرك
الجاهلية ولم يلق النبيّ ... قال العجلي : كوفي تابعي ثقة ، وقال أبو بكر بن عيّاش
عن أبي إسحاق : كان أصحاب النبيّ ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ يرضون بعمرو بن ميمون
... وقال ابن معين والنسائي : ثقة ... وذكره ابن عبد البر في الاستيعاب فقال :
أدرك النبيّ وصدّق إليه وكان مسلما في حياته. وذكره ابن حبان في ثقات التابعين » .
٦
ـ ابن حجر أيضا : « أدرك
الجاهلية وأسلم في حياة النبيّ على يد معاذ وصحبه » ثم ذكر توثيقه ، وخبر رجمه
القردة الذي استنكره غير واحد مع كونه في البخاري .
إخراج أبي داود في مسنده دليل
الثبوت
ثم إنّه بالإضافة
إلى وثاقة رجال السند وصحّة الطريق كما عرفت ، فإنّ مجرد إخراج أبي داود الطيالسي
هذا الحديث في مسنده دليل على ثبوته
__________________
واعتباره ، وهو
موجود فيه كما عرفت ، وعنه نقل العلماء المتأخّرون ... قال
الوصّابي : « عن عمران بن حصين ـ 2
ـ قال : سمعت رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ يقول : إن عليا منّي وأنا منه ،
وهو وليّ كلّ مؤمن بعدي. أخرجه أبو داود الطيالسي في مسنده ، والحسن بن سفيان في
فوائده ، وأبو نعيم في فضائل الصحابة » .
تقديم ابن حزم مسند الطيالسي
على موطأ مالك
وقد بلغت جلالة
مسند أبي داود الطيالسي حدّا قدّمه ابن حزم الأندلسي على موطّأ مالك ، قال الذهبي
: « قد ذكر لابن حزم قول من يقول : أجلّ المصنفات الموطّأ. فقال : بل أولى الكتب
بالتعظيم : الصحيحان ، وصحيح سعيد بن السّكن ، والمنتقى لابن الجارود ، والمنتقى
لقاسم بن أصبغ ، ومصنّف الطّحاوي ، ومسند البزار ، ومسند ابن أبي شيبة ، ومسند
أحمد بن حنبل ، ومسند ابن راهويه ، ومسند الطيالسي ، ومسند الحسن بن سفيان ... وما
جرى مجرى هذه الكتب التي أفردت لكلام رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ صرفا.
ثم بعدها التي
فيها كلامه وكلام غيره مثل : مصنّف عبد الرزاق ... وموطأ ابن أنس ، وموطأ ابن أبي
ذئب ... » .
ترجمة ابن حزم
وابن حزم ـ الذي
قدّم سند الطّيالسي على موطأ مالك ـ ترجم له :
__________________
١
ـ الذهبي : « أبو محمد ابن
حزم العلامة علي بن أحمد ... صاحب المصنفات ، مات مشرّدا عن بلده ... وكان إليه
المنتهى في الذكاء وحدّة الذهن وسعة العلم ، بالكتاب والسنّة والمذاهب والملل
والنحل والعربية والأدب والمنطق والشعر ، مع الصّدق والأمانة والدّيانة والحشمة ...
» .
٢
ـ السيوطي : « ابن حزم الإمام
العلاّمة الحافظ الفقيه ... مات في جمادى الاولى سنة ٤٥٧ » .
والجدير بالذكر ما
ذكره ابن عربي في ( الفتوحات المكية ) من أنّه :
« رأيت النبيّ في
المنام وقد عانق أبا محمّد ابن حزم المحدّث ، فغاب الواحد في الآخر فلم ير إلاّ
واحد وهو رسول الله. فهذه غاية الوصلة ، وهو المعبّر عنه بالاتّحاد ».
مسند الطيالسي في كتب الأسانيد
ومسند أبي داود
الطيالسي من الكتب المشهورة المعتبرة ، ولذا ذكره ( الدهلوي ) في كتابه ( بستان
المحدثين ) الذي صنّفه في الكتب المعروفة المشهورة ...
وهو أيضا من الكتب
التي يذكر العلماء أسانيدهم إليها في رسائلهم المصنّفة في ذكر الأسانيد إلى الكتب
الجليلة ... وهذا سند رواية أبي مهدي عيسى بن محمّد الثعالبي كما جاء في ( مقاليد
الأسانيد ) والثعلبي ـ كما هو معروف ـ من المشايخ السبعة الذين يفتخر والد (
الدهلوي ) باتّصال أسانيده إليهم ، وهو من العلماء الأعيان في القرن الحادي عشر :
__________________
« مسند أبي داود
الطيالسي. قال الحافظ ابن حجر : هو القدر الذي جمعه بعض الأصفهانيّين من رواية
يونس بن حبيب. أخبرني ـ أي علي بن محمّد بن عبد الرحمن الأجهوري به ، قراءة منّي
عليه بجملة المسند من حديث أبي بكر الصّديق إلى حديث عمر ، وإجازة لسائره ـ عن
الشمس الرملي ، عن زكريا. ـ ح ـ وعن البرهان العلقمي ، عن عبد الحق السنباطي.
كلاهما عن الحافظ أبي الفضل ابن حجر قال : قراءة على أبي الفرج عبد الرحمن بن
المبارك الغزي ثم القاهري. ـ ح ـ وعن النور القرافي والكرخي وابن الجاتي عن الجلال
السيوطي ، سماعا لكثير منه على أبي الفضيل محمّد بن عمر بن حصن الملتوتي ، وإجازة
لسائره عن أبي الفرج الغزّي سماعا وإجازة لما فات عن أبي العباس أحمد بن منصور
الجوهري. ـ ح ـ قال الجلال السيوطي : وأخبرني به عاليا محمّد بن محمّد بن مقبل
الحلبي ، عن الصّلاح بن أبي عمر قال هو والجوهري : أخبرنا به الفخر ابن البخاري
قال الجوهري سماعا وقال الآخر إجازة قال : أخبرنا أبو المكارم أحمد بن محمّد بن
اللبّان وأبو جعفر الصّيدلاني إجازة قال : أخبرنا أبو علي الحداد ـ قال الأول :
سماعا ، وقال الثاني : حضورا ـ قال : أخبرنا أبو نعيم الحافظ. قال : حدّثنا عبد
الله بن جعفر بن أحمد بن فارس سماعا قال : حدّثنا يونس بن حبيب قال : حدّثنا أبو
داود الطيالسي فذكره ... »
عبارة ابن عبد البر كاملة
ولنذكر عبارة
الحافظ ابن عبد البر كاملة لبعض الفوائد المستفادة من سياق كلامه ، فإنه قال
بترجمة أمير المؤمنين 7 :
« روي عن : سلمان
، وأبي ذر ، والمقداد ، وحذيفة ، وخباب ، وجابر ، وأبي سعيد الخدري ، وزيد بن أرقم
: إن علي بن أبي طالب أوّل من أسلم ، وفضّله هؤلاء على غيره.
قال ابن إسحاق :
أوّل من آمن بالله ورسوله محمّد ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ خديجة ومن الرجال علي بن
أبي طالب. وهو قول ابن شهاب إلاّ أنّه قال من الرجال بعد خديجة ، وهو قول الجميع
في خديجة.
حدّثنا أحمد بن
محمّد ، حدّثنا أحمد بن الفضل ، حدّثنا محمّد بن جرير قال قال أحمد بن عبد الله
الدقاق : حدّثنا مفضل بن صالح ، عن سماك بن حرب ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال :
لعلي أربع خصال ليست لأحد غيره : هو أول عربي وعجمي صلّى مع رسول الله ـ صلّى الله
عليه وسلّم ـ ، وهو الذي كان لواؤه معه في كل زحف ، وهو الذي صبر معه يوم فرّ عنه
غيره ، وهو الذي غسّله وأدخله في قبره.
وقد مضى في باب
أبي بكر ذكر من قال إن أبا بكر أول من أسلم.
وروي عن سلمان الفارسي أنّه قال : أول
هذه الامة ورودا على نبيّها الحوض أوّلها إسلاما علي بن أبي طالب.
وروي هذا الحديث مرفوعا عن سلمان
الفارسي عن النبيّ ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ أنّه قال : أول هذه الامة ورودا على
الحوض أوّلها إسلاما علي بن أبي طالب. ورفعه أولى ، لأنّ مثله لا يدرك بالرأي.
حدّثنا أحمد بن قاسم ، حدّثنا قاسم بن
أصبغ ، حدّثنا الحارث بن أبي أسامة ، حدّثنا يحيى بن هاشم ، حدّثنا سفيان الثوري ،
عن سلمة بن كهيل ، عن أبي صادق ، عن حنش بن المعتمر ، عن عليم الكندي ، عن سلمان
الفارسي قال قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ : أوّلكم ورودا على الحوض
أوّلكم إسلاما علي بن أبي طالب.
وروى أبو داود الطيالسي : حدّثنا أبو
عوانة ، عن أبي بلج ، عن عمرو بن ميمون ، عن ابن عباس : إن رسول الله ـ صلّى الله
عليه وسلّم ـ قال لعلي : أنت ولي كل مؤمن بعدي.
وبه عن ابن عباس ـ
رضي الله عنهما ـ إنه قال : أول من صلّى مع النبي
ـ صلّى الله عليه
وسلّم ـ بعد خديجة علي بن أبي طالب.
حدّثنا عبد الوارث
بن سفيان ، حدّثنا قاسم بن أصبغ ، حدّثنا أحمد بن زهير بن حرب ، حدّثنا الحسن بن
حماد ، حدّثنا أبو عوانة ، عن أبي بلج ، عن عمرو بن ميمون ، عن ابن عباس ـ رضي
الله عنهما ـ قال : كان علي أوّل من آمن بالله من الناس بعد خديجة.
قال أبو عمر : هذا
إسناد لا مطعن فيه لأحد لصحته وثقة نقلته » .
اعتبار كتاب الإستيعاب
وقد وصف ابن عبد
البر كتابه ( الاستيعاب ) بما يدلّ على اعتباره حيث قال في مقدّمته :
« واعتمدت في هذا
الكتاب على الكتب المشهورة عند أهل العلم بالسّير والأنساب ، وعلى التواريخ
المعروفة التي عليها عوّل العلماء في معرفة أيام الإسلام وسير أهله ».
وقال ابن الأثير
في مقدمة ( أسد الغابة ) : « وقد جمع الناس في أسمائهم كتبا كثيرة ، ومنهم من ذكر
كثيرا من أسمائهم في كتب الأنساب والمغازي وغير ذلك ، واختلفت مقاصدهم فيها ، إلاّ
أن الذي انتهى إليه جمع أسمائهم الحافظان أبو عبد الله ابن مندة وأبو نعيم أحمد بن
عبد الله الأصبهانيان ، والإمام أبو عمر ابن عبد البر القرطبي ، رضي الله عنهم ،
وأجزل ثوابهم ، وحمد سعيهم ، وعظّم أجرهم ، وأكرم مآبهم ، فلقد أحسنوا فيما جمعوا
، وبذلوا جهدهم ، وأبقوا بعدهم ذكرا جميلا ، فالله تعالى يثيبهم أجرا جزيلا ،
فإنّهم جمعوا ما تفرّق منه ».
__________________
وقال ابن خلكان
بترجمة ابن عبد البر : « وجمع في أسماء الصحابة كتابا جليلا سمّاه كتاب الإستيعاب
» .
وقال الذهبي
بترجمته : « وله تواليف لا مثل لها في جميع معانيها ...
ومنها كتاب
الإستيعاب في الصحابة ليس لأحد مثله » .
وقال أيضا : «
وجمع كتابا جليلا مفيدا وهو الاستيعاب في أسماء الصحابة » .
وقال كاشف الظنون
: « الإستيعاب في معرفة الأصحاب ، مجلد ، للحافظ أبي عمر يوسف بن عبد الله المعروف
بابن عبد البر النمري القرطبي المتوفى سنة ٤٦٣. وهو كتاب جليل القدر ... » .
وقال ( الدهلوي )
في ( بستان المحدّثين ) : « الإستيعاب في معرفة الأصحاب لأبي عمر ابن عبد البر ،
كتاب مشهور ومعروف ... ».
ونصّ تلميذه
الرشيد الدهلوي في ( إيضاحه ) على أن ( الإستيعاب ) من الكتب المعتبرة.
ونص ابن الوزير
الصنعاني في مقدمة كتابه ( الروض الباسم ) في ذكر ما الّف في الصحابة على أنّ (
الاستيعاب ) من مصادر كتاب ( اسد الغابة ) لابن الأثير ثم قال : « وأنفس كتاب فيهم
كتاب عز الدين ابن الأثير ... ».
هذا ، ولقد اعتمد
علماء الكلام في غير موضع من بحوثهم على كتاب ( الإستيعاب ) واستندوا إلى رواياته
عند المناظرة مع الإماميّة ، فلاحظ كتاب ( التحفة ) لمؤلّفه ( الدهلوي ) وكتاب (
الإيضاح ) لتلميذه الرشيد ، وكتاب ( منتهى
__________________
الكلام ) لحيدر
علي الفيض آبادي ... وغيرها.
* وأخرجه
أبو داود الطّيالسي بسند صحيح كذلك عن عمران بن حصين ، وهذا نصّ روايته :
« حدّثنا جعفر بن سليمان الضبعي ،
حدّثنا يزيد الرشك ، عن مطرف بن عبد الله بن الشخير ، عن عمران بن حصين : إن رسول
الله صلّى الله عليه وسلّم بعث عليا في جيش ، فرأوا منه شيئا فأنكروه ، فاتّفق
أربعة نفر وتعاقدوا أن يخبروا النبي صلّى الله عليه وسلّم بما صنع علي. قال عمران
: وكنا إذا قدمنا من سفر لم نأت أهلنا حتى نأتي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم
وننظر إليه ، فجاء النفر الأربعة ، فقام أحدهم فقال :
يا رسول الله ، ألم تر أنّ عليا صنع كذا
وكذا؟ فأعرض عنه.
ثم قام الثاني فقال مثل ذلك. فأعرض عنه.
ثم قام الثالث فقال مثل ذلك. فأعرض عنه.
ثم قام الرابع فقال مثل ذلك. فقال رسول
الله صلّى الله عليه وسلّم :
ما لهم ولعلي! إنّ عليا منّي وأنا منه ،
وهو وليّ كلّ مؤمن بعدي » .
وأمّا صحّة هذا
الإسناد فستعلم عند ما نذكر تراجم رواته في الكلام على رواية أحمد بن حنبل.
(٢)
رواية ابن أبي شيبة
وأخرجه الحافظ أبو بكر عبد الله بن
محمّد المعروف بابن أبي شيبة في ( المصنّف ) ... وهذا نص روايته :
__________________
« ١٢١٧٠ ـ حدّثنا عفّان قال : ثنا جعفر بن
سليمان قال : حدّثني يزيد الرشك ، عن مطرف ، عن عمران بن حصين قال :
بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم
سرية ، واستعمل عليهم عليّا ، فصنع علي شيئا أنكروه ، فتعاقد أربعة من أصحاب رسول
الله صلّى الله عليه وسلّم أن يعلموه ، وكانوا إذا قدموا من سفر بدءوا برسول الله
صلّى الله عليه وسلّم ، فسلّموا عليه ونظروا إليه ثم ينصرفون إلى رحالهم. قال :
فلما قدمت السرية سلّموا على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقام أحد الأربعة
فقال :
يا رسول الله : ألم تر أنّ عليا صنع كذا
وكذا؟ فأقبل إليه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ـ يعرف الغضب في وجهه ـ فقال :
ما تريدون من علي؟ ما تريدون من علي؟
علي منّي وأنا من علي ، وعلي وليّ كلّ مؤمن بعدي » .
أمّا أنّه قد
صحّحه ، فقد نصّ على ذلك الحافظ السيوطي حيث قال
:
« الحديث الأربعون ـ عن عمران بن حصين :
إن رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ قال : علي منّي وأنا من علي وهو وليّ كلّ
مؤمن بعدي.
أخرجه ابن أبي شيبة وصحّحه » .
ترجمة أبي بكر ابن أبي شيبة
ولنذكر بعض
كلماتهم في مدح ابن أبي شيبة :
١
ـ عبد الغني المقدسي : « قال أبو زرعة الرازي : ما رأيت أحفظ من أبي بكر ابن أبي شيبة. وقال صالح بن
محمد : أعلم من أدركت بالحديث
__________________
وعلله علي بن
المديني ، وأعلمهم بتصحيف المشايخ يحيى بن معين ، وأحفظهم عند المذاكرة أبو بكر
ابن أبي شيبة ...
... سمعت أبا جعفر محمّد بن صالح بن هاني يقول :
سمعت يحيى ابن معين ـ وسألته عن سماع أبي بكر ابن أبي شيبة من شريك ـ فقال : أبو
بكر عندنا صدوق ، ولو ادّعى السماع ممّن هو أجلّ من شريك لكان مصدّقا ...
... أخبرنا أبو طاهر السّلفي ... حدّثني محمد بن
إبراهيم مربّع الحافظ قال : قدم علينا أبو بكر ابن أبي شيبة فانقلبت به بغداد ،
ونصب له منبر في جامع الرصافة ...
... سمعت عمرو بن علي يقول : ما رأيت أحفظ من
ابن أبي شيبة ، قدم علينا مع علي بن المديني ...
... حدّثني أبو زيد العلقي قلت لأحمد بن حميد :
من أحفظ أهل الكوفة؟ فقال : أبو بكر ابن أبي شيبة. فذكرت ذلك لأبي بكر فقال : ما
ظننته يقرّ لي. قال أحمد بن علي : أحمد بن حميد ، يعرف بدار ام سلمة ، وكان من
شيوخ الكوفيّين ومفتيهم وحفّاظهم.
وقال أحمد بن حنبل
: أبو بكر ابن أبي شيبة صدوق.
وقال أبو حاتم :
كوفي ثقة.
قال البخاري : مات
في المحرم سنة ٢٣٥ ... » .
٢
ـ الذهبي : « الإمام العلم
سيّد الحفّاظ وصاحب الكتب الكبار : المسند والمصنف والتفسير ... وهو من أقران :
أحمد بن حنبل ، وإسحاق بن راهويه ، وعلي بن المديني ، في السنّ والمولد والحفظ ،
ويحيى بن معين أسن منهم بسنوات ...
وكان بحرا من بحور
العلم ، وبه يضرب المثل في قوة الحفظ.
__________________
حدّث عنه :
الشيخان ، وأبو داود ، وابن ماجة ...
وقال أحمد بن حنبل
: أبو بكر صدوق ، وهو أحبّ إليّ من أخيه عثمان.
وقال أحمد بن عبد
الله العجلي : كان أبو بكر ثقة حافظا للحديث.
وقال عمرو بن علي
الفلاّس : ما رأيت أحدا أحفظ من أبي بكر بن أبي شيبة ...
قال الحافظ أبو
العباس ابن عقدة : سمعت عبد الرحمن بن خراش يقول : سمعت أبا زرعة يقول : ما رأيت
أحفظ من أبي بكر بن أبي شيبة ...
قال الخطيب : كان
أبو بكر متقنا حافظا ... » .
٣
ـ الذهبي أيضا : « أبو بكر
بن أبي شيبة ، الحافظ ، عديم النظير ، الثبت النحرير ... قال أحمد : أبو بكر صدوق
هو أحب إليّ من أخيه عثمان. وقال العجلي : ثقة حافظ وقال الفلاس : ما رأيت أحفظ من
أبي بكر بن أبي شيبة ، وكذا قال أبو زرعة الرازي.
وقال أبو عبيد :
انتهى الحديث إلى أربعة : فأبو بكر بن أبي شيبة أسردهم له ، وأحمد أفقههم فيه ،
وابن معين أجمعهم له ، وابن المديني أعلمهم به.
وقال صالح بن محمد
: أعلم من أدركت بالحديث وعلله ابن المديني ، وأحفظهم له عند المذاكرة أبو بكر بن
أبي شيبة.
وعن أبي عبيد قال
: أحسنهم وضعا للكتاب أبو بكر بن أبي شيبة. وقال الخطيب : كان أبو بكر متقنا حافظا
، صنف المسند والأحكام والتفسير.
قال البخاري : مات
في سنة ٢٣٥ » .
٤
ـ ابن حجر : « ... روى عنه :
البخاري ، ومسلم ، وأبو داود ، وابن ماجة ، وروى له النسائي بواسطة أحمد بن علي
القاضي وزكريا السّاجي ...
__________________
وأحمد بن حنبل
ومحمد بن سعد ، وأبو زرعة وأبو حاتم ... » .
نقل السيوطي تصحيحه وموافقته له
ولقد نقل السيوطي
الحافظ في رسالته ( القول الجلي ) تصحيح أبي بكر ابن أبي شيبة هذا الحديث الشريف ،
وسكت عليه ... كما عرفت ، والسكوت في هكذا موضع قبول وموافقة.
وقد ذكر الحافظ
السيوطي في خطبة رسالته المذكورة ما يدل على اعتبار أحاديثها حيث قال : « وبعد ،
فهذه نبذة من قطرة من قطرات بحار زاخرة ، أوردت فيها يسيرا من المناقب الباهرة ،
لسيدنا علي كرّم الله وجهه ، ملقبة بالقول الجلي في فضائل علي ، وضمّنتها أربعين
حديثا متبعة بالعزو لمخرجيها ، وبيان بعض عريب ألفاظها ومشكل معانيها. والله أسأل
أن يتحفني بالقبول ، وأن يرزقني ببركة الاستمساك بحبّ أهل البيت أشرف مأمول ».
حكم السيوطي بصحة الحديث
بل إنّ السيوطي نفسه يرى صحّة هذا
الحديث ، حيث ينصّ على ذلك في كتابه ( جمع الجوامع ) فيقول : « علي منّي وأنا من
علي وعلي ولي كلّ مؤمن بعدي. ش في المصنف عن عمران بن حصين. صحيح » .
__________________
حكم المتّقي بصحة الحديث
وقد وافق الشيخ علي المتّقي ابن أبي
شيبة والسّيوطي في الحكم بتصحيح الحديث فقد جاء في كتابه : « علي منّي وأنا من علي
وعلي وليّ كلّ مؤمن بعدي.
ش ، في المصنّف ، عن عمران بن حصين. صحيح » .
حكم البدخشي بصحة الحديث
وتبعهم محمّد بن معتمد خان البدخشي في
غير واحد من كتبه :
ففي ( مفتاح النجا ) : « وعند ابن أبي
شيبة بسند صحيح عنه مرفوعا : علي منّي وأنا من علي وعلي وليّ كلّ مؤمن بعدي ».
وفي ( تحفة المحبّين ) : « علي منّي
وأنا من علي وعلي ولي كلّ مؤمن بعدي. شب بسند صحيح. عم في فضائل الصّحابة ، كلاهما
عن عمران بن حصين ».
حكم القاضي ثناء الله بصحّة
الحديث
وكذا حكم القاضي سناء الله بصحّة سند
حديث ابن أبي شيبة ، وردّ بذلك بصراحة على قدح نصر الله الكابلي فيه ، وهذه ترجمة
عبارته في كتابه ( سيف مسلول ) :
__________________
« الثالث : حديث بريدة عن النبيّ ـ صلّى الله
عليه وسلّم ـ قال : علي منّي وأنا من علي وهو وليّ كلّ مؤمن بعدي. قالوا : الولي
هو الأولى بالتصرّف فهو الإمام. لكن في إسناده الأجلح الشيعي وهو متّهم ، فلا يحتج
بخبره. كذا قال الملاّ نصر الله الكابلي رحمة الله عليه.
لكنّ هذا الحديث رواه ابن أبي شيبة بسند
صحيح عن عمران بن حصين ».
الحديث في المصنّف بألفاظ عديدة
ثمّ إنّ
هذا الحديث أخرجه أبو بكر ابن أبي شيبة في كتابه ( المصنف ) بألفاظ مختلفة.
منها : اللفظ الذي تقدّم.
ومنها : « لا تقع في علي فإنّه منّي
وأنا منه وهو وليّكم بعدي. ش عن عبد الله بن بريدة عن أبيه » قاله المتقي .
ومنها : « عن عمران بن حصين : بعث رسول
الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ سرية واستعمل عليها عليا فغنموا ، فصنع عليّ شيئا
أنكروه ـ وفي لفظ : فأخذ علي من الغنيمة جارية ـ فتعاقد أربعة من الجيش إذا قدموا
على رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ أن يعلموه ، وكانوا إذا قدموا من سفر
بدءوا برسول الله فسلّموا عليه ونظروا إليه ثم ينصرفون إلى رحالهم. فلما قدمت
السرية سلّموا على رسول الله فقام أحد الأربعة فقال :
يا رسول الله ، ألم تر أن عليّا قد أخذ
من الغنيمة جارية؟ فأعرض عنه.
ثم قام الثاني فقال مثل ذلك. فأعرض عنه.
__________________
ثم قام الثالث فقال مثل ذلك. فأعرض عنه.
ثم قام الرابع ، فأقبل إليه رسول الله ـ
صلّى الله عليه وسلّم ـ ويعرف الغضب في وجهه فقال : ما تريدون من علي!! علي منّي
وأنا من علي وعلي وليّ كلّ مؤمن بعدي.
ش. وابن جرير وصحّحه » .
(٣)
رواية أحمد بن حنبل
وهذا الحديث أخرجه أحمد في ( مسنده ) عن
عمران بن حصين فقد جاء فيه :
« حدّثنا عبد الرزاق وعفان المعنى. وهذا
حديث عبد الرزاق قالا : ثنا جعفر بن سليمان قال : حدّثني يزيد الرشك ، عن مطرف بن
عبد الله ، عن عمران بن حصين قال : بعث رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ سرية
وأمّر عليهم علي بن أبي طالب ـ 2
ـ فأحدث شيئا في سفره ، فتعاهد ـ وقال عفان : فتعاقد ـ أربعة من أصحاب محمّد صلّى
الله عليه وسلّم أن يذكروا أمره لرسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ قال عمران : وكنّا
إذا قدمنا من سفر بدأنا برسول الله فسلّمنا عليه. قال : فدخلوا عليه فقام رجل منهم
فقال :
يا رسول الله ، إن عليّا فعل كذا وكذا.
فأعرض عنه.
ثم قام الثاني فقال : يا رسول الله ،
إنّ عليا فعل كذا وكذا فأعرض عنه.
ثم قام الثالث فقال : يا رسول الله ،
إنّ عليا فعل كذا وكذا فأعرض عنه.
ثم قام الرابع فقال : يا رسول الله ،
إنّ عليا فعل كذا وكذا.
__________________
قال : فأقبل رسول الله صلّى الله عليه
وسلّم على الرابع ـ وقد تغيّر وجهه ـ فقال : دعوا عليّا ، دعوا عليّا ، إنّ عليّا
منّي وأنا منه وهو وليّ كلّ مؤمن بعدي » .
الكلمات في وثاقة رجال سند أحمد
ورجال سند رواية
أحمد بن حنبل كلّهم من المشاهير الثقات المقبولين وهم :
١ ـ عبد الرزاق بن همام
فأمّا عبد الرزاق
فهذه بعض الكلمات في مدحه والثناء عليه :
١
ـ اليافعي : « الحافظ العلاّمة
المرتحل إليه من الآفاق ، الشيخ الإمام ، عبد الرزاق بن همام اليمني الصنعاني
الحميري صاحب المصنفات.
روى عن : معمر ،
وابن جريج ، والأوزاعي ، وطبقتهم ، ورحل إليه الأئمة إلى اليمن.
قيل : ما رحل
الناس إلى أحد بعد رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ مثل ما رحلوا إليه.
روى عنه خلائق عن
أئمة الإسلام ، منهم : الإمام سفيان بن عيينة ، والإمام أحمد ، ويحيى بن معين ،
وإسحاق بن راهويه ، وعلي المديني ، ومحمود بن غيلان » .
__________________
٢
ـ السمعاني : « أبو بكر عبد الرزاق بن همام الصنعاني. قيل : ما رحل إلى أحد بعد رسول الله ـ
6 ـ مثلما رحل إليه » .
٣
ـ ابن خلكان : « أبو بكر عبد الرزاق بن همام بن نافع الصنعاني : قيل : ما رحل الناس ... » .
٢ ـ عفّان بن مسلم
وهو من رجال
الصحيحين. ومن الثقات الأثبات :
١
ـ المقدسي : « عفّان بن مسلم
الصفّار الأنصاري ، مولى عزرة بن ثابت ، كنيته أبو عثمان ، سمع : وهيب بن خالد ،
وصخر بن جويرية ، وغير واحد ، عندهما ... مات ببغداد سنة ٢٢٠ وهو ابن ٨٦ سنة » .
٢
ـ الذهبي : « عفان بن مسلم ،
الحافظ الثبت ، أبو عثمان الأنصاري مولاهم ، البصري ، الصفّار ، محدّث بغداد ...
قال يحيى القطّان : إذا وافقني عفّان فلا أبالي من خالفني. وقال العجلي : عفّان
ثقة ثبت صاحب سنّة ... » .
٣
ـ الذهبي أيضا : « عفان بن
مسلم الصفار ، أبو عثمان ، الحافظ. عن : هشام الدستوائي ، وهمام ، والطبقة. وعنه :
البخاري ، وإبراهيم الحربي ، وأبو زرعة ، وامم. وكان ثبتا في أحكام الجرح
والتعديل. مات سنة ٢٢٠ » .
__________________
٣ ـ جعفر بن سليمان
١
ـ ابن حبان : « جعفر بن سليمان
الضبعي الحرشي من أهل البصرة ، وكنيته أبو سليمان ، ينزل في بني ضبيعة فنسب إليها
، يروي عن : ثابت ، ومالك ابن دينار. روى عنه : ابن المبارك ، وأهل العراق. ومات
في رجب سنة ١٧٨.
وكان يبغض الشيخين
:
حدّثنا الحسن بن
سفيان ، حدّثنا إسحاق بن أبي كامل ، ثنا جرير بن يزيد ابن هارون ـ بين يدي أبيه ـ قال
: بعثني أبي إلى جعفر بن سليمان الضبعي فقلت له : بلغنا أنك تسبّ أبا بكر وعمر.
قال : أما السبّ فلا ، ولكن البغض ما شئت. قال : وإذا هو رافضي مثل الحمار.
قال أبو حاتم :
وكان جعفر بن سليمان من الثّقات المتقنين في الروايات ، غير أنه كان ينتحل الميل
إلى أهل البيت ، ولم يكن بداعية إلى مذهبه.
وليس بين أهل
الحديث من أئمتنا خلاف أن الصّدوق المتقن إذا كان فيه بدعة ولم يكن يدعو إليها أنّ
الإحتجاج بأخباره جائز فإذا دعا إلى بدعته سقط الاحتجاج بأخباره. ولهذه العلّة
تركنا حديث جماعة ممن كانوا ينتحلون البدع ويدعون إليها وإن كانوا ثقات ، واحتججنا
بأقوام ثقات ، انتحالهم سوء غير أنهم لم يكونوا يدعون إليه ، وانتحال العبد بينه
وبين ربّه ، إن شاء عذّبه عليه وإن شاء غفر له ، وعلينا قبول الروايات عنهم إذا
كانوا ثقات على حسب ما ذكرنا في غير موضع من كتبنا » .
٢
ـ المقدسي : « جعفر بن سليمان
الحرشي الضّبعي ، نزيل بني ضبيعة ، البصري ، كنيته أبو سليمان ، سمع : ثابت
البناني ، والجعد بن عثمان ، وأبا
__________________
عمران الجوني ،
ويزيد الرشك ، وسعيد الجريري. روى عنه : قطن بن نسير ، ويحيى بن يحيى ، وقتيبة ،
ومحمّد بن عبيد بن حسان » .
٣
ـ السمعاني : « روى عنه : ابن المبارك ، وإسحاق بن أبي إسرائيل ، وعبيد الله بن عمر
القواريري ، وأهل العراق. مات سنة ١٧٨. وكان يبغض الشيخين أبا بكر وعمر ... » .
٤
ـ الذهبي : « ثقة ، فقيه ،
ومع كثرة علومه قيل : كان اميّا ، وهو من زهّاد الشيعة » .
٥
ـ ابن حجر : « صدوق زاهد ،
لكنه يتشيّع » .
٤ ـ يزيد الرّشك
روى عنه أصحاب
الصحاح كلّهم :
الذهبي
: « ع ـ يزيد بن
أبي يزيد الضّبعي الرّشك. عن مطرف ومعاذ.
وعنه شعبة وابن
علية. ثقة متعبّد. مات سنة ١٣٠ » .
٥ ـ المطرف بن عبد الله
وهو أيضا من رجال
الصّحاح كلّها :
١
ـ المقدسي : « مطرف بن عبد
الله بن الشخير العامري ، أبو عبد الله
__________________
ويقال إنّه من بني
حريش. سمع عمران بن حصين عندهما ... مات سنة ٩٥ »
٢
ـ الذهبي : « ع ـ مطرف بن عبد
الله ... وكان من عبّاد أهل البصرة ... » .
٣
ـ الذهبي أيضا : « ع ـ مطرف
بن عبد الله بن الشخير الحرشي العامري ، أبو عبد الله ، أحد الأعلام ... » .
٤
ـ ابن حجر : « ثقة ، عابد ،
فاضل » .
فظهر ان رمي
الحديث بالكذب والبطلان محض الزور والبهت والخسران ...
* وأخرجه
عن بريدة بالسند الآتي :
« حدّثنا ابن نمير ، حدّثني أجلح الكندي
، عن عبد الله بن بريدة ، عن أبيه بريدة قال : بعث رسول الله ـ صلّى الله عليه
وسلّم ـ إلى اليمن بعثين ، على أحدهما علي بن أبي طالب ، وعلى الآخر خالد بن
الوليد. فقال : إذا التقيتم فعليّ على الناس وإن افترقتم فكلّ واحد منكم على جنده.
قال : فلقينا بني زيد من أهل اليمن فاقتتلنا ، فظهر المسلمون على المشركين ،
فقتلنا المقاتلة وسبينا الذريّة ، فاصطفى علي امرأة من السّبي لنفسه. قال بريدة :
فكتب معي خالد ابن الوليد إلى رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ يخبره بذلك ،
فلمّا أتيت النبيّ ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ دفعت الكتاب ، فقرئ عليه ، فرأيت
الغضب في وجه رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ فقلت : يا رسول الله هذا مكان
العائذ ، بعثتني مع رجل وأمرتني أن أطيعه ففعلت ما أرسلت به. فقال رسول الله ـ
صلّى الله عليه وسلّم ـ : لا تقع في علي فإنّه منّي وأنا منه وهو وليّكم
__________________
بعدي » .
الكلمات في وثاقة سنده الثاني
ورجال هذا السند
أيضا من كبار الثقات المعتمدين وهم :
١ ـ عبد الله بن نمير
١
ـ الذهبي : « عبد الله بن
نمير ، الحافظ الإمام ، أبو هشام الهمداني ثم الخارفي الكوفي ، والد الحافظ الكبير
محمد ، حدّث عن : هشام بن عروة ، والأعمش ، وأشعث بن سوار ، وإسماعيل بن أبي خالد
، ويزيد بن أبي زياد ، وعبيد الله بن عمر ، وعدة. وعنه : أحمد وابن معين ، وإسحاق الكوسج
، وأحمد ابن الفرات ، والحسن بن علي بن عفان ، وخلق.
وثّقه يحيى بن
معين وغيره. وكان من كبار أصحاب الحديث ، توفي في سنة ١٩٩ ... » .
٢
ـ الذهبي أيضا : « عنه :
ابنه ، وأحمد ، وابن معين. حجّة. توفي سنة ١٩٩ » .
٣
ـ ابن حجر : « ثقة صاحب حديث ،
من أهل السنة من كبار التاسعة » .
__________________
٢ ـ أجلح بن عبد الله
١
ـ الذهبي : « بخ ٤ ـ أجلح بن
عبد الله بن حجيّة الكندي ، عن الشعبي وعكرمة. وعنه : القطّان ، وابن نمير ، وخلق.
وثّقه ابن معين وغيره ، وضعّفه النسائي وهو شيعي ، مع أنه روى عنه شريك أنه قال :
سمعنا أنّه ما سبّ أبا بكر وعمر أحد إلاّ افتقر أو قتل. مات سنة ١٤٥ » .
٢
ـ ابن حجر : « بخ ٤ ... صدوق
شيعي ، من السابعة ، مات سنة ٤٥ » .
وسيأتي مزيد من
البحث حول وثاقة هذا الرجل ...
٣ ـ عبد الله بن بريدة
١
ـ الذهبي : « ع ـ عبد الله بن
بريدة قاضي مرو ، عن : أبيه ، وعمران بن حصين ، وعائشة ، وسمرة. وعنه : مالك بن
مغول ، وحسين بن واقد ، وأبو هلال. ثقة. ولد سنة ١٥ ومات سنة ١١٥ وله مائة » .
٢
ـ ابن حجر : « ثقة » .
* وأخرجه
عن ابن عباس بالسند الآتي :
« حدّثنا يحيى بن حماد ، حدّثنا أبو
عوانة ، حدّثنا أبو بلج ، حدّثنا عمرو ابن ميمون قال : إني لجالس إلى ابن عباس ،
إذ أتاه تسعة رهط فقالوا : يا ابن عباس إمّا أن تقوم معنا وإمّا أن تخلونا من
هؤلاء. قال فقال ابن عباس : بل أقوم
__________________
معكم. قال ـ وهو
يومئذ صحيح قبل أن يعمى ـ قال : فانتدوا فتحدّثوا فلا ندري ما قالوا. قال : فجاء
ينفض ثوبه ويقول : أف وتف! وقعوا في رجل له عشر :
وقعوا في رجل قال له النبيّ ـ صلّى الله
عليه وسلّم ـ : لأبعثنّ رجلا لا يخزيه الله أبدا يحبّ الله ورسوله. قال : فاستشرف
لها من استشرف. قال : أين علي؟ قالوا : هو في الرحل يطحن. قال : وما كان أحدكم
ليطحن؟ قال : فجاء وهو أرمد لا يكاد يبصر ، قال : فنفث في عينيه ، ثم هزّ الرّاية
ثلاثا فأعطاها إيّاه ، فجاء بصفيّة بنت حيي.
قال : ثمّ بعث فلانا بسورة التوبة فبعث
عليّا خلفه فأخذها منه ، قال : لا يذهب بها إلاّ رجل منّي وأنا منه.
قال : وقال لبني عمه : أيّكم يواليني في
الدنيا والآخرة؟ قال ـ وعلي معه جالس ـ فأبوا ، فقال علي : أنا أواليك في الدنيا
والآخرة. قال : أنت وليي في الدنيا والآخرة قال : فتركه. ثم أقبل على رجل رجل منهم
فقال : أيّكم يواليني في الدنيا والآخرة؟ فأبوا فقال علي : أنا أواليك في الدنيا
والآخرة. فقال : أنت وليي في الدنيا والآخرة.
قال : وكان أول من أسلم من الناس بعد
خديجة.
قال : وأخذ رسول الله ـ صلّى الله عليه
وسلّم ـ ثوبه فوضعه على علي وفاطمة وحسن وحسين ، فقال : ( إِنَّما
يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ
تَطْهِيراً ).
قال : وشرى علي نفسه ، لبس ثوب النبيّ ـ
صلّى الله عليه وسلّم ـ ثم نام مكانه قال : وكان المشركون يرمون رسول الله ـ صلّى
الله عليه وسلّم ـ فجاء أبو بكر وعلي نائم. قال : وأبو بكر يحسب أنّه نبي الله.
قال فقال : يا نبيّ الله! قال فقال له علي : إنّ نبيّ الله قد انطلق نحو بئر ميمون
فأدركه ، قال : فانطلق أبو بكر فدخل معه الغار. قال : وجعل علي يرمى بالحجارة كما
كان يرمى نبيّ الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ وهو يتضوّر ، قد لفّ رأسه في الثوب
لا يخرجه
حتى أصبح ثم كشف عن
رأسه. فقالوا : إنّك للئيم ، كان صاحبك نرميه فلا يتضوّر وأنت تتضور ، وقد
استنكرنا ذلك!
قال : وخرج بالنّاس في غزوة تبوك قال
فقال له علي : أخرج معك؟ قال فقال له نبيّ الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ لا. فبكى
علي. فقال له : أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنك لست بنبيّ!
إنّه لا ينبغي أن أذهب إلاّ وأنت خليفتي.
قال : وقال له رسول الله ـ صلّى الله
عليه وسلّم ـ : أنت وليي في كلّ مؤمن بعدي.
قال : وسدّ أبواب المسجد غير باب علي
قال : فيدخل المسجد جنبا وهو طريقه ليس له طريق غيره.
قال : وقال : من كنت مولاه فإن مولاه
علي.
قال : وأخبرنا الله عزّ وجلّ في القرآن
أنّه قد رضي عن أصحاب الشجرة فعلم ما في قلوبهم ، فهل حدّثنا أنّه سخط عليهم بعد؟
قال : وقال نبيّ الله ـ صلّى الله عليه
وسلّم ـ لعمر حيث قال : ائذن لي فلأضرب عنقه قال : وكنت فاعلا! وما يدريك؟ لعلّ
الله قد اطّلع على أهل بدر فقال : اعملوا ما شئتم.
حدّثنا عبد الله حدثني أبي حدّثنا أبو
مالك كثير بن يحيى قال : حدّثنا أبو عوانة ، عن أبي بلج ، عن عمرو بن ميمون ، عن
ابن عباس بنحوه » .
كلمات في وثاقة سنده الثالث
ورجال هذا السند
أيضا ثقات معتمدون وهم :
__________________
١ ـ يحيى بن حماد
الذهبي
: « يحيى بن أبي
زياد الشيباني مولاهم البصري ، أبو بكر ويقال أبو محمد ... عنه : خ ، وإسحاق بن
راهويه ، وبندار ، وإسحاق الكوسج ، وبكار بن قتيبة ، والدارمي ، وإسحاق بن سيار ،
والكديمي ، وخلق.
ووثّقه أبو حاتم
وغيره. قال محمّد بن النعمان بن عبد السّلام : لم أر أعبد من يحيى بن حماد ، وأظنّه
لم يضحك. قيل : توفي سنة ٢١٥ » .
الذهبي أيضا : «
ثقة متألّه » .
ابن حجر : « ثقة
عابد » .
٢ ـ أبو عوانة
٣ ـ أبو بلج
٤ ـ عمرو بن ميمون
وهؤلاء عرفت
وثاقتهم لدى توثيق سند أبي داود الطّيالسي ...
الوجوه الدالة على أنّ مجرد
إخراج أحمد دليل الاعتبار عندهم
هذا كلّه ، مضافا
إلى أن مجرّد إخراج أحمد حديثا في ( مسنده ) دليل على اعتبار الحديث والاعتماد
عليه والقول بحجّيّته ... يدل على ذلك وجوه عديدة
__________________
نذكرها باختصار :
الأول
: إن ( مسند أحمد )
« أصل من اصول الامة » ... نصّ عليه السبكي في ( طبقاته ) ... فتكذيب حديث الولاية
المذكور في هذا المسند الذي هو أصل من اصول الامة عين المجون والهزل ، ومخالفة
للإنصاف والعدل.
الثاني
: إن أحمد وصف
كتابه ( المسند ) بأنّه « أصل كبير » ... حكى ذلك السبكي عن أبي موسى المديني عنه
... وهل ترفع اليد عن حديث الولاية المخرج في هذا الأصل الكبير ، بطعن متعصّب جاحد
غرير؟
الثالث
: إنّ هذا المسند «
مرجع وثيق » كما عن أبي موسى المديني ، وما في المرجع الوثيق حريّ بالإذعان
والتصديق ، كيف وقد أخرج مرة بعد مرة ، عن ثقة بعد ثقة؟
الرابع
: إن أحاديث المسند
منتقاة من أحاديث كثيرة ومسموعات وافرة ... قاله أبو موسى ، فيما حكاه السبكي عنه
... ولا ريب في أنّ الانتقاء دليل على مزيد الاهتمام والاعتناء ...
الخامس
: إن « المسند »
مجعول « إماما » كما في كلام المديني ، والمجعول إماما يؤتمّ به ويقتدى.
السادس
: إنّ هذا المسند
جعله أحمد « معتمدا » و « ملجأ » و « مستندا » ...
هكذا ذكر أبو موسى
المديني ... فلا يكذّب حديث الولاية المذكور فيه إلاّ المنهمك في العناد ، ولا
يتحامل بردّه إلاّ المرتبك في أشراك الزيغ واللداد.
السابع
: إن أحمد قد انتقى
أحاديث المسند من أكثر من سبعمائة ألف حديث ، وقد نصّ على ذلك أحمد نفسه مخاطبا
ولديه عبد الله وصالحا وابن أخيه حنبل بن إسحاق ، بعد أن قرأ عليهم المسند ...
وذكر ذلك أبو موسى المديني فيما حكاه السبكي عنه ... فحديث الولاية المذكور فيه في
غاية الاعتماد والإعتبار ، فلا يصغى إلى تلميعات أهل التفرقة والإنكار ...
الثامن
: إن أحمد جعل
المسند مرجعا للمسلمين عند الاختلاف في حديث الرسول 6 ، وقال : « فإن كان فيه وإلاّ فليس بحجة » ... فلا يقدم
على تكذيب حديث الولاية المذكور في هذا المسند المحكوم بالرجوع فيه عند التشاجر
والاختلاف ، إلاّ أهل الزيغ والاعتساف ... بل إنّ هذا الحديث حجّة وأيّة حجة ، ولا
أثر حينئذ لأيّ عجيج وضجّة!
التاسع
: لقد شهد عبد الله
بن أحمد بانتخاب أبيه هذا المسند من سبعمائة ألف حديث ...
العاشر
: لقد شهد أبو موسى
مرة بعد أخرى بأنّ أحمد « لم يرو في المسند إلاّ عمّن ثبت عنده صدقه » ، و « ان
الحديث حين شذّ لفظه من الأحاديث المشاهير أمر بالضرب عليه مع ثقة رجال إسناده » ،
وأنه « قد احتاط في المسند إسنادا ومتنا ».
ذكر عبارة السبكي المشتملة على
الوجوه المذكورة
كانت تلك طائفة من
الأوصاف التي وصف بها المسند من السبكي وغيره ، وشهادات من أحمد حكاها أبو موسى
المديني عنه ، جاءت بترجمة أحمد من كتاب ( طبقات الشافعية الكبرى ) ... فإليك
عبارة السبكي المشتملة على ذلك كله :
« قلت : وألّف
مسنده وهو أصل من اصول هذه الامة. قال الإمام الحافظ أبو موسى محمّد بن أبي بكر
المديني 2 : هذا الكتاب ـ يعني مسند الإمام أبي عبد الله أحمد بن محمّد بن حنبل
الشيباني قدّس الله روحه ـ أصل كبير ومرجع وثيق لأصحاب الحديث ، انتقى من أحاديث
كثيرة ومسموعات وافرة ، فجعل إماما ومعتمدا وعند التنازع ملجأ ومستندا ، على ما
أخبرنا والدي وغيره : إنّ المبارك بن عبد الجبار أبا الحسين ـ كتب إليهما من بغداد
ـ قال : أنا أبو
إسحاق إبراهيم بن
عمر بن أحمد البرمكي ـ قراءة عليه ـ أنا أبو عبد الله عبيد الله ابن محمّد بن
محمّد بن حمدان بن عمر بن بطة ـ قراءة عليه ـ أنا أبو حفص عمر بن محمّد بن رجا ،
ثنا موسى بن حمدون البزار ، قال قال لنا حنبل بن إسحاق : جمعنا عمّي ـ يعني الإمام
أحمد ـ لي ولصالح ولعبد الله ، وقرأ علينا المسند ، وما سمعه منه ـ يعني تاما ـ غيرنا
وقال لنا :
إنّ هذا كتاب قد
جمعته وانتقيته من أكثر من سبعمائة وخمسين ألفا ، فما اختلف فيه المسلمون من حديث
رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ فارجعوا إليه ، فإن كان فيه وإلاّ ليس بحجة.
وقال عبد الله بن
أحمد : كتب أبي عشرة آلاف ألف حديث ، لم يكتب سوادا في بياض إلاّ حفظه. وقال عبد
الله أيضا : قلت لأبي : لم كرهت وضع الكتب وقد عملت المسند؟ فقال عملت هذا الكتاب
إماما إذا اختلف الناس في سنّة عن رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ رجع إليه.
وقال أيضا : خرّج أبي المسند من سبعمائة ألف حديث.
قال أبو موسى :
ولم يخرّج إلاّ عمّن ثبت عنده صدقه وديانته دون من طعن في أمانته. ثم ذكر بإسناده
إلى عبد الله ابن الإمام أحمد قال : سألت أبي عن عبد العزيز بن أبان ، قال : لم
أخرج عنه في المسند شيئا ، لمّا حدّث بحديث المواقيت تركته.
قال أبو موسى :
فأمّا عدد أحاديث المسند فلم أزل أسمع من أفواه الناس أنها أربعون ألفا ، إلى أن
قرأت على أبي منصور بن زريق ببغداد قال : أنا أبو بكر الخطيب قال قال ابن المنادي
: لم يكن في الدنيا أحد أروى عن أبيه منه ـ يعني عبد الله بن الإمام أحمد بن حنبل
ـ لأنّه سمع المسند وهو ثلاثون ألفا ، والتفسير وهو مائة ألف وعشرون ألفا ـ سمع
منها ثلاثين ألفا والباقي وجادة ـ فلا أدري هذا الذي ذكر ابن المنادي أراد به ما
لا مكرر فيه أو أراد غيره مع المكرر فيصحّ القولان جميعا. والاعتماد على قول ابن
المنادي دون غيره. قال : ولو
وجدنا فراغا
لعددناه إن شاء الله تعالى. فأمّا عدد الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ فنحو من سبعمائة
رجل.
قال أبو موسى : ومن الدليل على أن ما
أودعه الإمام أحمد مسنده قد احتاط فيه إسنادا ومتنا ، ولم يورد فيه إلاّ ما صحّ
سنده : ما أخبرنا أبو علي الحداد قال : أنا أبو نعيم ، أنا ابن الحصين وأنا ابن
المذهّب قالا : أنا القطيعي ، ثنا عبد الله قال : حدّثني أبي ، ثنا محمّد بن جعفر
، ثنا شعبة ، عن أبي التيّاح قال : سمعت أبا زرعة يحدّث عن أبي هريرة ، عن النبيّ
ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ أنه قال : يهلك امّتي هذا الحي من قريش. قالوا : فما
تأمرنا يا رسول الله؟ قال : لو أنّ الناس اعتزلوهم. قال عبد الله قال لي أبي في مرضه الذي مات فيه : اضرب على
هذا الحديث ، فإنّه خلاف الأحاديث عن النبيّ ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ يعني قوله
صلّى الله عليه وسلّم : اسمعوا وأطيعوا. وهذا مع ثقة رجال إسناده حين شذّ لفظه من الأحاديث المشاهير أمر بالضرب عليه.
فكان دليلا على ما قلناه » .
ترجمة السبكي
وهذه نبذة من
ترجمة السبكي صاحب الطبقات :
١
ـ ابن قاضي شهبة : « عبد الوهّاب بن علي ... العلاّمة قاضي القضاة ... حضر وسمع بمصر من جماعة ،
ثم قدم دمشق مع والده في جمادى الآخرة سنة تسع وثلاثين وسمع بها من جماعة ...
وأفتى ودرّس وحدّث وصنّف واشتغل وناب عن أبيه ... وقد ذكره الذهبي في المعجم
المختص وأثنى عليه. وقال ابن كثير : جرى عليه من المحن والشدائد ما لم يجر على قاض
قبله ،
__________________
وحصل له من
المناصب ما لم يحصل لأحد قبله. وقال الحافظ شهاب الدين ابن حجّي : خرّج له ابن سعد
مشيخة ومات قبل تكميلها ، وحصل فنونا من العلم من الفقه والأصول ، وكان ماهرا فيه
والحديث والأدب ، وبرع وشارك في العربية ...
توفي شهيدا
بالطاعون في ذي الحجة سنة ٧٧١ ... » .
٢
ـ ابن حجر : « ... انتهت إليه
رياسة القضاء والمناصب بالشام ، وحصل له بسبب القضاء محنة شديدة مرة بعد مرة ، وهو
مع ذلك في غاية الثبات ... وقد صنّف تصانيف كثيرة جدّا على صغر سنّه ، قرئت عليه
وانتشرت في حياته وبعد موته » .
ترجمة أبي موسى المديني
وأبو موسى المديني
ـ الذي نقل عنه السبكي في مدح مسند أحمد بن حنبل ـ من كبار الحفّاظ المشاهير :
١
ـ الذهبي : « أبو موسى
المديني ، محمّد بن أبي بكر عمر بن أحمد ، الحافظ ، صاحب التصانيف ... لم يخلّف
مثله بعده. مات في جمادى الاولى. وكان مع براعته في الحفظ والرجال صاحب ورع وعبادة
وجلالة وتقى » .
٢
ـ السبكي : « ... روى عنه :
الحافظ أبو بكر بن محمّد بن موسى الحازمي ، والحافظ عبد الغني ، والحافظ عبد
القادر الرهاوي ، والحافظ محمّد
__________________
ابن مكّي ، والحسن
بن أبي معشر الأصبهاني ، والناصح بن الحنبلي ، وخلق كثير ...
قال ابن الدبيثي :
عاش حتّى صار أوحد وقته وشيخ زمانه إسنادا وحفظا.
وقال ابن النّجار
: انتشر علمه في الآفاق ، وكتب عنه الحفّاظ ، واجتمع له ما لم يجتمع لغيره من
الحفظ والعلم والثّقة والإتقان والدين والصّلاح ، وسديد الطريقة ، وصحّة الضبط
والنقل ، وحسن التصانيف ...
قال أبو البركات
محمد بن محمود الرويديني : وصنّفت الأئمة في مناقبه تصانيف كثيرة ... » .
٣
ـ الأسنوي : « أبو موسى محمّد
بن عمر بن أحمد المديني الأصبهاني الامام الحافظ ... كان ورعا زاهدا متواضعا
متعفّفا عمّا في أيدي الناس ... » .
٤
ـ ابن قاضي شهبة : « محمّد بن عمر بن أحمد بن عمر بن محمّد ، الحافظ الكبير ، أبو موسى المديني
الأصبهاني ، أحد الأعلام ... كان حافظا واسع الدائرة جم العلوم. قال أبو سعد
السمعاني : كتبت عنه وسمعت منه ، وهو ثقة صدوق. وقال ابن الدبيثي ... توفي في
جمادى الآخرة سنة ٥٨١.
وقد أفردت ترجمته
بالتّصنيف » .
كلام ابن عساكر في مدح المسند
وذكر الفاضل عمر
بن محمّد عارف النهرواني المدني في ( رسالته في
__________________
مناقب أحمد بن
حنبل ) التي ألّفها بعد ختم المسند سنة ١١٦٣ ما نصّه :
« قال ابن عساكر :
أما بعد فإنّ حديث المصطفى ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ به يعرف سبل الإسلام والهدى ،
ويبنى عليه أكثر الأحكام ، ويؤخذ منه معرفة الحلال والحرام. وقد دوّن جماعة من
الأئمة ما وقع إليهم من حديثه ، فكان أكبر الكتب التي جمعت فيه هو المسند العظيم
الشأن والقدر ، مسند الإمام أحمد ، وهو كتاب نفيس ، ويرغب في سماعة وتحصيله ويرحل
إليه ، إذا كان مصنفه الإمام أحمد المقدّم في معرفة هذا الشأن ، والكتاب كبير
القدر والحجم مشهور عند أرباب العلم ، يبلغ أحاديثه ثلاثين ألفا سوى المعاد ، وسوى
ما ألحق به ابنه عبد الله من أعالي الأسناد ، وكان مقصود الإمام في جمعه أن يرجع
إليه في الإعتبار من بلغه أو رواه ».
كلام ابن الجوزي في مدح المسند
وجاء في الرسالة
المذكورة أيضا : « قال ابن الجوزي : صحّ عند الإمام أحمد من الأحاديث سبعمائة ألف
وخمسين ألفا. والمراد بهذه الأعداد الطّرق لا المتون ، أخرج منها مسنده المشهور
الذي تلّقته الامة بالقبول والتكريم ، وجعلوه حجة يرجع إليه ويعوّل عند الإختلاف
عليه. قال حنبل بن إسحاق : جمعنا عمي لي ولصالح ولعبد الله وقرأ علينا المسند ـ وما
سمعه منه تامّا غيرنا ـ ثم قال لنا : هذا الكتاب قد جمعته وانتخبته من أكثر من
سبعمائة ألف وخمسين ألفا ، فما اختلف المسلمون فيه من حديث رسول الله فارجعوا إليه
، فإن وجدتموه فيه فذاك وإلاّ فليس بحجة. وكان يكره وضع الكتب ، فقيل له في ذلك ،
فقال : قد عملت هذا المسند إماما إذا اختلف الناس في سنّة من سنن رسول الله
فارجعوا إليه ».
ولا تخفى الوجوه
التي تشتمل عليها هذه العبارة ، فإنّ كلّ واحدة منها
كافية لوجوب قبول
حديث الولاية المخرج في المسند ، ووافية بالردّ على من طعن فيه ...
وقال ابن الجوزي
في ( كتاب الموضوعات ) : « فمتى رأيت حديثا خارجا عن دواوين الإسلام : كالموطأ ،
ومسند أحمد ، والصحيحين ، وسنن أبي داود ، والترمذي ، ونحوها ، فانظر فيه ، فإن
كان له نظير في الصحاح والحسان فرتّب أمره ، وإن ارتبت به فرأيته يباين الأصول
فتأمّل رجال إسناده واعتبر أحوالهم من كتابنا المسمّى بالضعفاء والمتروكين ، فإنّك
تعرف وجه القدح فيه » .
وفي هذه العبارة
عدّ المسند من دواوين الإسلام ، وذكره في عداد الموطأ والصحيحين وغيرها من الكتب
غير المحتاج إلى نظر والتأمّل في أسانيد أخبارها ...
اعتماد أبناء روزبهان وتيمية
وحجر على ابن الجوزي
فهذا حكم ابن
الجوزي في كتابه الموضوعات ... ولكم اعتمد أمثال أبناء تيميّة وروزبهان وحجر على
أحكام ابن الجوزي في كتابه المذكور ، خاصّة في باب فضائل أمير المؤمنين 7 وأهل البيت ...
وكذلك صاحب الصواقع و ( الدهلوي ) وأتباعهما ... ولنذكر نبذة من موارد اعتماد القوم
على آراء ابن الجوزي :
قال أبو المؤيد
الخوارزمي في أوائل كتابه ( جامع مسانيد أبي حنيفة ) : « والدليل على ما ذكرنا أن
التعديل متى ترجّح على الجرح يجعل الجرح كأن لم يكن ، وقد ذكر ذلك إمام أئمة
التحقيق ابن الجوزي في كتاب التحقيق في أحاديث التعليق ... ».
__________________
وقال ابن الوزير
الصنعاني ـ في الأمور الدالة على عدم جواز تكفير أحمد بسبب الإعتقاد بالتشبيه ـ :
« ومنها ـ إنّه قد ثبت بالتواتر أنّ الحافظ ابن الجوزي من أئمّة الحنابلة وليس في
ذلك نزاع ، ولا شك أن تصانيفه في المواعظ وتواليفه في الرقائق مدرس فضلائهم وتحفة
علمائهم ، فبها يتواعظون ويخطبون ، وعليها في جميع أحوالهم يعتمدون ، وقد ذكر ابن
الجوزي في كتبه هذه ما يقتضي نزاهتهم عن هذه العقيدة ، وأنا أورد من كلامه في ذلك
... » .
وقال ابن حجر
المكي ـ بعد حديث أنا مدينة العلم ـ : « وقد اضطرب الناس في هذا الحديث ، فجماعة منهم ابن
الجوزي والنووي وناهيك بهما معرفة بالحديث وطرقه ... » .
وقال ( الدهلوي )
في جواب حديث أنا مدينة العلم : « ... وذكره ابن الجوزي في الموضوعات ».
وقال ابن روزبهان
ـ في بحث حديث النور ـ : « ذكر ابن الجوزي هذا الحديث بمعناه في كتاب الموضوعات ...
» .
وقال ابن تيمية في
حديث : « أنت أخي ووصيي ... » : « قال أبو الفرج ابن الجوزي في كتاب الموضوعات ... » .
ثناء ابن خلكان على ابن الجوزي
وأثنى ابن خلكان
على ابن الجوزي وبالغ في إطرائه حيث ترجمه ، وهذه خلاصتها :
__________________
« أبو الفرج عبد
الرحمن بن أبي الحسن علي ... الفقيه الحنبلي ، الواعظ الملقب جمال الدين ، الحافظ
، كان علاّمة عصره ، وإمام وقته في الحديث وصناعة الوعظ ، صنف في فنون عديدة منها
... فكتبه أكثر من أن تعد ، وكتب بخطّه شيئا كثيرا ... وكانت له في مجالس الوعظ
أجوبة نادرة ... وتوفي ليلة الجمعة ثاني عشر شهر رمضان سنة ٥٩٧ ببغداد ، ودفن بباب
حرب » .
ثناء الذهبي على ابن الجوزي
وكذلك الذهبي حيث
قال :
« ابن الجوزي ،
الإمام العلاّمة الحافظ ، عالم العراق وواعظ الآفاق ... المفسّر صاحب التصانيف
السائرة في فنون العلم ... حدّث عنه : ابنه الصاحب محيي الدين ، وسبطه الواعظ شمس
الدين يوسف بن قزغلي ، والحافظ عبد الغني ، وابن الدبيثي ، وابن النجار ، وابن
خليل والتقي البلداني ، وابن عبد الدائم ، والنجيب عبد اللطيف ، وخلق سواهم ...
وما علمت أحدا من العلماء صنّف ما صنف هذا الرجل ... حصل له من الحظوة في الوعظ ما
لم يحصل لأحد قط ... » .
ثناء السيوطي على ابن الجوزي
والسيوطي أيضا ...
أثنى عليه كذلك ، قال :
__________________
« ابن الجوزي ،
الإمام العلاّمة الحافظ ، عالم العراق وواعظ الآفاق ، جمال الدين أبو الفرج ...
صاحب التصانيف السائرة في فنون العلم ... وما علمت أحدا من العلماء صنّف ما صنّف ،
وحصل له من الحظوة في الوعظ ما لم يحصل لأحد قط. قيل : إنّه حضره في بعض المجالس
مائة ألف ، وحضره ملوك ووزراء وخلفاء ، وقال : كتبت بإصبعي ألف مجلّد ، وتاب على
يدي مائة ألف ، وأسلم على يدي عشرون ألفا » .
كلام ابن الوزير في مدح المسند
وقال محمّد بن
إبراهيم الصّنعاني المعروف بابن الوزير ـ بعد ذكر عبارة ابن دحية حول استشهاد
الإمام الحسين بن علي 8 ـ : « وفيما ذكره ابن دحية أوضح دليل على براءة المحدّثين
وأهل السنّة فيما افتراه عليهم المعترض من نسبتهم إلى التشيع ليزيد وتصويب قتله
الحسين. كيف؟ وهذه رواياتهم مفصحة بضد ذلك كما بيّناه ، في مسند أحمد ، وصحيح
البخاري ، وجامع الترمذي ، وأمثالها.
وهذه الكتب هي
مفزعهم وإلى ما فيها مرجعهم ، وهي التي يخضعون لنصوصها ويقصرون التعظيم عليها
بخصوصها » .
وعليه ، فمسند
أحمد مفزع المحدّثين وإليه مرجعهم وهم خاضعون لنصوصه ... والأحاديث المروية فيه ...
فويل ( للدهلوي ) المقلّد ( للكابلي ) التابع ( لابن تيمية ) ... هؤلاء الذين
أبطلوا حديث الولاية المخرّج في ( المسند ) و ( جامع الترمذي ) وأمثالهما ...
فإنّهم خرجوا عن طريقة المحدّثين ،
__________________
وشقّوا عصا
المجمعين ، وخالفوا سنّة رسول ربّ العالمين.
كلام أبي مهدي المغربي في مدح
المسند
وقال أبو مهدي
عيسى بن محمّد المغربي ـ وهو أحد المشايخ السبعة الذين يفتخر شاه ولي الله الدهلوي
باتّصال أسناده إليهم ـ في مدح كتاب ( المسند ) ما نصّه :
« وألّف مسنده ،
وهو أصل من اصول هذه الامة ، جمع فيه ما لم يتّفق لغيره ... وله التصانيف الفائقة
، فمنها المسند ، وهو ثلاثون ألفا وبزيادة ابنه عبد الله أربعون ألف حديث وقال فيه
ـ وقد جمع أولاده وقرأه عليهم ـ : هذا الكتاب قد جمعته وانتقيته من أكثر من
سبعمائة ألف وخمسين ألفا ، فما اختلف فيه المسلمون من حديث رسول الله ـ صلّى الله
عليه وسلّم ـ فارجعوا إليه ، فإن وجدتموه فيه وإلاّ ليس بحجة » .
كلام عبد الحق الدهلوي في مدح
المسند
وقال الشيخ عبد
الحقّ الدّهلوي في وصف المسند :
« ومسند الإمام
أحمد معروف بين الناس ، جمع فيه أكثر من ثلاثين ألف حديث ، وكان كتابه في زمانه
أعلى وأرفع وأجمع الكتب » .
__________________
كلام ولي الله الدهلوي في مدح
المسند
وقال عبد الرحيم
الدهلوي والد ( الدهلوي ) : « الطبقة الثانية : كتب لم تبلغ مبلغ الموطأ والصحيحين
ولكنها تتلوها ، كان مصنّفوها معروفين بالوثوق والعدالة والحفظ والتبحّر في فنون
الحديث ، لم يرضوا في كتبهم هذه بالتساهل فيما اشترطوا على أنفسهم ، فتلقاها من
بعدهم بالقبول واعتنى بها المحدّثون والفقهاء طبقة بعد طبقة ، واشتهرت فيما بين
الناس وتعلّق بها القوم شرحا لغريبها وفحصا عن رجالها واستنباطا لفقهها ، وعلى تلك
الأحاديث بناء عامّة العلوم ، كسنن أبي داود وجامع الترمذي ومجتبى النسائي. وهذه
الكتب مع الطبقة الاولى اعتنى بأحاديثها رزين في تجريد الصّحاح ، وابن الأثير في
جامع الأصول.
وكاد مسند أحمد
يكون من جملة هذه الطبقة ، فإن الإمام أحمد جعله أصلا يعرف به الصحيح والسقيم. قال
: ما ليس فيه فلا تقبلوه » .
كلام ( الدهلوي ) في مدح المسند
و ( الدهلوي )
نفسه مدح المسند كذلك ، ونقل حكاية جمع أحمد أولاده وقراءته عليهم المسند وما قال
لهم في وصفه .
__________________
(٤)
رواية الترمذي
وأخرج الترمذي حديث الولاية في صحيحه
قائلا :
« حدّثنا قتيبة بن سعيد ، نا جعفر بن
سليمان الضبعي ، عن يزيد الرشك ، عن مطرف بن عبد الله ، عن عمران بن حصين قال :
بعث رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ جيشا ، واستعمل عليهم علي بن أبي طالب ،
فمضى في السرية ، فأصاب جارية ، فأنكروا عليه ، وتعاقد أربعة من أصحاب رسول الله ـ
صلّى الله عليه وسلّم ـ فقالوا : إذا لقينا رسول الله أخبرناه بما صنع علي ، وكان
المسلمون إذا رجعوا من سفر بدءوا برسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ فسلّموا
عليه ثم انصرفوا إلى رحالهم ، فلما قدمت السرية سلّموا على النبيّ ، فقام أحد
الأربعة فقال :
يا رسول الله ، ألم تر إلى علي بن أبي
طالب صنع كذا وكذا ، فأعرض عنه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
ثم قام الثاني ، فقال مثل مقالته ، فأعرض عنه رسول الله.
ثم قام إليه الثالث فقال مثل مقالته ،
فأعرض عنه رسول الله.
ثم قام الرابع فقال مثل ما قالوا :
فأقبل إليه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ـ والغضب يعرف في وجهه ـ فقال :
ما تريدون من علي! ما تريدون من علي! ما
تريدون من علي! إن عليا منّي وأنا منه وهو ولي كلّ مؤمن من بعدي.
هذا حديث حسن غريب
لا نعرفه إلاّ من حديث جعفر بن سليمان » .
__________________
وثاقة رجال الإسناد
ورجال هذا السند
كلّهم ثقات بلا كلام :
١ ـ الترمذي
أما الترمذي نفسه
، فغني عن التعريف ، وإن شئت الوقوف على طرف من كلماتهم في مدحه والثناء عليه
وتوثيقه والاستناد إليه ، فراجع الكتب الرجاليّة وغيرها ، مثل :
١ ـ سير أعلام
النبلاء ١٣ / ٢٧٠.
٢ ـ تذكرة الحفّاظ
٢ / ٦٣٣.
٣ ـ الوافي
بالوفيات ٤ / ٢٩٤.
٤ ـ تهذيب التهذيب
٩ / ٣٨٧.
٥ ـ البداية
والنهاية ١١ / ٦٦.
٦ ـ العبر ٢ / ٦٢.
٧ ـ النجوم
الزاهرة ٣ / ٨٨.
٨ ـ طبقات الحفّاظ
: ٢٧٨.
٩ ـ وفيات الأعيان
٤ / ٢٧٨.
١٠ ـ شذرات الذهب
٢ / ١٧٤.
١١ ـ مرآة الجنان
٢ / ١٩٣.
١٢ ـ الكامل في
التاريخ ٧ / ١٥٢.
١٣ ـ المختصر في
أخبار البشر ٢ / ٥٩.
١٤ ـ اللباب في
الأنساب ١ / ١٧٤.
٢ ـ قتيبة بن سعيد
وأما قتيبة بن
سعيد بن جميل بن طريف ، فهو محدّث جليل القدر ، روى عنه الشيخان وغيرهما :
السمعاني
: « قتيبة بن سعيد
بن جميل بن طريف بن عبد الله البغلاني ، المحدّث المشهور في الشرق والغرب ، له
رحلة إلى : العراق ، والحجاز ، والشام ، وديار مصر ، وعمّر العمر الطويل حتى كتب
عنه البطون ، ورحل إليه أئمة الدنيا من الأمصار.
سمع مالك بن أنس ،
والليث ، وأقرانهما.
روى عنه الأئمّة
الخمسة : البخاري ، ومسلم ، وأبو داود ، وأبو عيسى ، وأبو عبد الرحمن ، ومن لا
يحصى كثرة » .
الذهبي
: « قال أبو بكر
الأثرم : وسمعته ـ يعني أحمد بن حنبل ـ ذكر قتيبة فأثنى عليه وقال : هو آخر من سمع
من ابن لهيعة. وقال أحمد بن أبي خيثمة عن يحيى بن معين ، وأبو حاتم ، والنسائي :
ثقة. زاد النسائي : صدوق. وقال أبو داود : قدم قتيبة بغداد سنة ١٦ فجاء ، أحمد
ويحيى ، وقال ابن خراش : صدوق ... وقال عبد الله بن محمّد بن سيّار الفرهاني :
قتيبة صدوق ليس أحد من الكبار إلاّ وقد حمل عنه بالعراق » .
٣ ـ جعفر بن سليمان
٤ ـ يزيد الرشك
__________________
٥ ـ مطرف بن عبد الله
وهؤلاء عرفتهم
سابقا فلا نكرّر ...
(٥)
رواية النسائي
ورواه أبو عبد الرحمن النسائي بإسناده
قائلا :
« ثنا قتيبة بن سعيد قال : ثنا جعفر ـ
يعني ابن سليمان ـ عن يزيد الرشك ، عن مطرف بن عبد الله ، عن عمران بن حصين قال :
بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم جيشا واستعمل عليهم علي بن أبي طالب ... ».
« ثنا واصل بن عبد الأعلى ، عن ابن فضيل
، عن الأجلح ، عن عبد الله ابن بريدة عن أبيه قال : بعثنا رسول الله ـ صلّى الله
عليه وسلّم ـ إلى اليمن مع خالد ابن الوليد وبعث عليا على آخر ، وقال : إن
التقيتما فعليّ على الناس ، وإن تفرّقتما فكل واحد منكما على جنده ، فلقينا بني
زبيد من أهل اليمن ، وظفر المسلمون على المشركين ، فقاتلنا المقاتلة وسبينا الذرية
، فاصطفى علي جارية لنفسه من السبي ، فكتب بذلك خالد بن الوليد إلى النبيّ ـ صلّى
الله عليه وسلّم ـ وأمرني أن أنال منه. قال : فدفعت الكتاب إليه ونلت من علي ،
فتغيّر وجه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. فقلت : هذا مكان العائذ ، بعثتني مع
رجل وألزمتني بطاعته فبلّغت ما أرسلت به. فقال رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ
لي :
لا تقعنّ يا بريدة في علي ، فإنّ عليّا
منّي وأنا منه وهو وليّكم بعدي » .
وثاقة رجال السند
هذا ، وقد روى
النسائي في هذا الحديث بطريقين ، أوّلهما هو عين سند
__________________
الترمذي المتقدّم
الذي عرفت وثاقة رجاله ... فلا حاجة إلى الإعادة.
ترجمة النسائي
والنسائي نفسه ،
وإن كان غنيا عن التّعريف ، لإجماع القوم على توثيقه والثناء عليه وعلى كتبه
وعلومه ... حتى أنّ الدار قطني قدّمه على جميع محدّثي زمانه كما في ( تذكرة
الحفّاظ ) ، وقال الذهبي ووالد السبكي : بأنّه أحفظ من مسلم بن الحجاج كما في (
مقاليد الأسانيد ) ... ولكن لا بأس بإيراد بعض الكلمات في حقّه عن كتاب تذكرة
الحفّاظ للذهبي باختصار :
« النسائي ،
الحافظ الإمام ، شيخ الإسلام ، أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب ... برع في هذا الشأن
وتفرّد بالمعرفة والإتقان وعلوّ الإسناد ... قال حافظ خراسان أبو علي النيسابوري :
ثنا الإمام في الحديث بلا مدافعة أبو عبد الرحمن النسائي. قال أحمد بن نصر أبو
طالب الحافظ : من يصبر على ما يصبر عليه النسائي؟ قال الدارقطني : أبو عبد الرحمن
مقدّم على كلّ من يذكر بهذا العلم من أهل عصره. وقال محمّد بن المظفر الحافظ :
سمعت مشايخنا بمصر يصفون اجتهاد النسائي في العبادة بالليل والنهار ... قال الدار
قطني : كان أبو بكر الشافعي كثير الحديث ولم يحدّث عن غير النسائي وقال : رضيت به
حجة بيني وبين الله ... وكانت وفاته في شعبان سنة ٣٠٣. وكان أفقه مشايخ مصر في عصره
وأعلمهم بالحديث والرجال. قال أبو سعيد بن يونس في تاريخه : كان النسائي إماما
حافظا ثبتا ... » .
وإن شئت المزيد
فراجع :
وفيات الأعيان ١ /
٧٧.
__________________
الوافي بالوفيات ٦
/ ٤١٦.
مرآة الجنان ٢ /
٢٤٠.
طبقات الشّافعية
للسبكي ٣ / ١٤.
طبقات الحفّاظ :
٣٠٣.
وغيرها من كتب
التاريخ والرجال ...
اعتبار كتاب الخصائص
وكتاب ( خصائص
أمير المؤمنين 7 ) للنسائي من أنفس الكتب وأجلّها وأشهرها ... ألّفه
النسائي لمّا دخل دمشق ووجد المنحرف بها عن أمير المؤمنين 7 كثيرا ...
وقد اعتمد علماء أهل
السنّة على هذا الكتاب ونقلوا عنه ، كما أنّ غير واحد منهم ذكروه في بحوثهم
مستشهدين به على ولاء أهل السنّة لأهل البيت : ...
كما أنّا قد بيّنا
في بعض المجلّدات السّابقة ـ وعلى ضوء كلمات القوم ـ أن ( خصائص أمير المؤمنين )
للحافظ النسائي إنّما هو قطعة من ( سننه ) الكبير ، فتكون الأحاديث الواردة فيه من
أحد ( الصحّاح الستّة ) عندهم.
(٦)
رواية الحسن بن سفيان النسوي
ورواه الحسن بن سفيان النسوي البالوزي ،
كما جاء في كتاب الوصابي اليمني حيث روى :
« عن عمران بن حصين ـ 2 ـ قال : سمعت رسول الله ـ صلّى الله
عليه وسلّم ـ يقول : إنّ عليا منّي وأنا منه وهو وليّ كلّ مؤمن بعدي.
أخرجه أبو داود الطيالسي في مسنده ،
والحسن بن سفيان في فوائده ، وأبو نعيم في فضائل الصحابة » .
ترجمة الحسن بن سفيان
والحسن بن سفيان
من أكابر المحدّثين الثقات كما يظهر من ترجمته :
١
ـ السمعاني : « البالوزي ـ بفتح الباء الموحّدة بعدها الألف واللاّم والواو وفي آخرها الزاء
ـ هذه النسبة إلى بالوز ، وهي قرية من قرى نسا على ثلاث أو أربع فراسخ منها.
خرجت إليها لزيارة
قبر أبي العباس الحسن بن سفيان بن عامر بن عبد العزيز بن النعمان بن عطاء الشيباني
البالوزي النسوي من قرية بالوز.
كان محدّث خراسان
في عصره ، وكان مقدّما في الفقه والعلم والأدب ، وله الرحلة إلى : العراق ، والشام
، ومصر ، والكوفة ... وصنّف : المسند
__________________
الكبير ، والجامع
، والمعجم. وهو الرّاوية بخراسان لمصنفات الأئمة ... وكانت إليه الرحلة بخراسان من
أقطار الأرض. سمع منه : أبو حاتم محمّد بن حبان البستي ، وأبو بكر أحمد بن إبراهيم
الإسماعيلي ، وأبو أحمد عبد الله بن عدي الجرجاني الحافظ ، وإمام الأئمة أبو بكر
محمّد بن إسحاق بن خزيمة ... ومات في سنة ٣٠٣ وقبره بقرية بالوز مشهور يزار ، زرته
» .
٢
ـ الذهبي : « الحسن بن سفيان
بن عامر ، الحافظ الإمام ، شيخ خراسان ... قال الحاكم : كان محدّث خراسان في عصره
، متقدّما في التثبّت والكثرة والفهم والفقه والأدب. وقال ابن حبان : كان الحسن
ممّن رحل وصنّف وحدّث على تيقّظ ، مع صحة الديانة والصلابة في السنّة. وقال أبو
بكر أحمد ابن الرازي الحافظ : ليس للحسن في الدنيا نظير ... » .
وكذلك ترجم له
السبكي وابن قاضي شهبة في ( طبقاتهما ) والسيوطي في ( طبقات الحفّاظ ) حيث ذكروا
كلمة الحاكم وغيره في مدحه ، ووصفوه بالحفظ والإمامة والتثبّت ، وكذلك تجد ترجمته
في غيرها من الكتب.
(٧)
رواية أبي يعلى الموصلي
ورواه أبو يعلى أحمد بن علي الموصلي حيث
قال :
« حدّثنا عبيد الله ، ثنا جعفر بن
سليمان ، نا يزيد الرشك ، عن مطرف بن عبد الله ، عن عمران بن حصين ، قال : بعث
رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ
__________________
سرية ، واستعمل
عليهم علي بن أبي طالب ، قال : فمضى على السرية. قال عمران : وكان المسلمون إذا
قدموا من سفر أو من غزوة أتوا رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ قبل أن يأتوا
منازلهم ، فأخبروه بمسيرهم. قال : فأصاب علي جارية ، فتعاقد أربعة من أصحاب رسول
الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ إذا قدموا على رسول الله ليخبروا به. قال : فقدمت
السرية على رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ فأخبروه بمسيرهم ، فقام أحد
الأربعة فقال :
يا رسول الله ، أصاب علي جارية. فأعرض
عنه.
ثم قام الثاني فقال : يا رسول الله صنع
علي كذا وكذا. فأعرض عنه.
قال : ثم قام الثالث فقال : يا رسول
الله ، صنع علي كذا وكذا. فأعرض عنه.
ثم قام الرابع فقال : يا رسول الله صنع
علي كذا وكذا.
قال : فأقبل رسول الله ـ صلّى الله عليه
وسلّم ـ مغضبا والغضب يعرف في وجهه فقال : ما تريدون من علي؟ علي منّي فأنا منه
وهو وليّ كلّ مؤمن بعدي » .
وثاقة رجال الإسناد
ولا يخفى وثاقة
رجال هذا السند :
١ ـ عبيد الله القواريري
أمّا عبيد الله ،
فهو عبيد الله بن عمر القواريري :
__________________
السمعاني
: « كان ثقة صدوقا
، مكثرا من الحديث ... روى عنه : أبو قدامة السرخسي ، ومحمّد بن إسحاق الصنعاني ،
وأبو داود السجستاني ، وأبو زرعة وأبو حاتم الرازيان ، وأحمد بن أبي خيثمة ، وأبو
القاسم البغوي ، وأبو يعلى الموصلي ، وغيرهم.
وكان أحمد بن
سيّار المروزي يقول : لم أر في جميع من رأيت مثل مسدّد بالبصرة ، والقواريري
ببغداد ، وصدقة بمرو. وثّقه يحيى بن معين وغيره. وقال أبو علي جزرة الحافظ :
القواريري. أثبت من الزهراني وأشهر وأعلم بحديث البصرة ، وما رأيت أحدا أعلم بحديث
البصرة منه.
وتوفي في ذي الحجة
سنة ٢٣٥ ... » .
الذهبي
: « خ م د س ـ عبيد
الله بن عمر القواريري ، أبو سعيد البصري الحافظ. حدّث بمائة ألف حديث. سمع : حماد
بن زيد ، وأبا عوانة ، وخلقا. وعنه : خ م د ، والفريابي ، والبغوي ، وخلق. وكان
يذكر مع مسدّد والزهراني. مات في ذي الحجة ٢٣٥ » .
ابن
حجر : « وعنه : البخاري
ومسلم وأبو داود ... قال ابن معين والعجلي والنسائي : ثقة. وقال صالح جزرة : ثقة
صدوق قال : وهو أثبت من الزهراني وأشهر وأعلم بحديث البصرة. قال ابن سعد : ثقة
كثير الحديث. وقال أبو حاتم : صدوق ... وذكره ابن حبان في الثقات. وقال مسلمة بن
قاسم : ثقة. وفي الزهرة : روى عنه البخاري خمسة ، ومسلم أربعين » .
٢ ـ جعفر بن سليمان
٣ ـ يزيد الرشك
__________________
٤ ـ المطرف بن عبد الله
وهؤلاء عرفت
وثاقتهم وشيئا من مناقبهم فيما سبق.
ترجمة أبي يعلى
ولنذكر طرفا من
كلماتهم في الثناء على أبي يعلى الموصلي :
١
ـ ابن حبّان : « أحمد بن علي بن المثنى بن يحيى بن عيسى بن هلال التميمي أبو يعلى ، من أهل
الموصل ، من المتقنين في الروايات والمواظبين على رعاية الدين وأسباب الطاعات. مات
سنة ٣٠٧ ... » .
٢
ـ الذهبي : « أبو يعلى
الموصلي ، الحافظ الثقة ، محدّث الجزيرة ... قال يزيد بن محمّد الأزدي : كان أبو
يعلى من أهل الصّدق والأمانة والدين والعلم ... ووثقه ابن حبان ووصفه بالإتقان
والدين ثم قال : وبينه وبين النبيّ ثلاثة أنفس. وقال الحاكم : كنت أرى أبا علي
الحافظ معجبا بأبي يعلى وإتقانه وحفظه لحديثه حتى كان لا يخفى عليه منه إلاّ
اليسير. قال الحاكم : هو ثقة مأمون ... » .
٣
ـ الذهبي أيضا : « كان ثقة
صالحا متقنا يحفظ حديثه. توفي وله ٩٧ سنة » .
٤
ـ الصفدي : « الحافظ صاحب
المسند ، سمع جماعة كبارا ، وله تصانيف في الزهد وغيره. غلّقت له الأسواق يوم
جنازته. وكانت وفاته سنة ٣٠٧ وكنيته أبو يعلى » .
__________________
وكذلك تجد ترجمته
في المصادر الأخرى ، وقد وصفوه جميعا : بالحافظ الثبت الثقة محدّث الجزيرة صاحب
المسند ...
(٨)
رواية ابن جرير الطبري وتصحيحه
رواه محمد بن جرير الطبري في ( تهذيب
الآثار ). فقد ذكر المتّقي ما نصه :
« عن عمران بن حصين : بعث رسول الله ـ
صلّى الله عليه وسلّم ـ سرية واستعمل عليها عليا ، فغنموا ، فصنع علي شيئا أنكروه.
وفي لفظ : فأخذ علي من الغنيمة جارية ، فتعاقد أربعة من الجيش إذا قدموا على رسول
الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ أن يعلموه ، وكانوا إذا قدموا من سفر بدءوا برسول
الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ فسلّموا عليه ونظروا إليه ، ثم ينصرفون إلى رحالهم.
فلمّا قدمت السرية سلّموا على رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ فقام أحد
الأربعة فقال :
يا رسول الله ، ألم تر أن عليا قد أخذ
من الغنيمة جارية؟ فأعرض عنه.
ثم قام الثاني فقال مثل ذلك. فأعرض عنه.
ثم قام الثالث فقال مثل ذلك. فأعرض عنه.
ثم قام الرابع. فأقبل إليه رسول الله
يعرف الغضب في وجهه فقال : ما تريدون من علي! علي منّي وأنا من علي وعلي وليّ كلّ
مؤمن بعدي.
ش. وابن جرير وصحّحه » .
__________________
ترجمة الطبري
ولابن جرير الطبري
في كتب القوم تراجم مفصّلة ، نلخص بعضها فيما يلي :
١
ـ ياقوت الحموي : « قال أبو محمّد عبد العزيز بن محمّد الطبري : كان أبو جعفر من الفضل والعلم
والذكاء والحفظ على ما لا يجهله أحد عرفه ، لجمعه من علوم الإسلام ما لم نعلمه
اجتمع لأحد من هذه الامة ، ولا ظهر من كتب المصنّفين وانتشر من كتب المؤلّفين ما
انتشر له.
وكان راجحا في
علوم القرآن ، والقراءات ، وعلم التاريخ من الرسل والخلفاء والملوك ، واختلاف
الفقهاء ، مع الرواية لذلك على ما في كتابه :
البسيط ، والتهذيب
، وأحكام القراءات ، من غير تعويل على المناولات والإجازات ولا على ما قيل في
الأقوال ، بل يذكر ذلك بالأسانيد المشهورة.
وقد بان فضله في
علم اللغة والنحو على ما ذكره في كتاب التفسير وكتاب التهذيب مخبرا عن حاله فيه.
وقد كان له قدم في
علم الجدل ، يدل على ذلك مناقضاته في كتبه على المعارضين لمعاني ما أتى به.
وكان فيه من الزهد
والورع والخشوع والأمانة ، وتصفية الأعمال وصدق النية وحقائق الأفعال ما دل عليه
كتابه في آداب النفوس ».
« كان أبو جعفر
يذهب في جلّ مذاهبه إلى ما عليه الجماعة من السلف وطريق أهل العلم المتمسكين
بالسّنن ، شديدا على مخالفيهم ، ماضيا على منهاجهم ، لا تأخذه في ذلك ولا في شيء
لومة لائم ».
« كان أبو جعفر
يذهب في الإمامة إلى إمامة أبي بكر وعمر وعثمان وعلي ، وما عليه أصحاب الحديث في
التفضيل ، وكان يكفّر من خالفه في كلّ مذهب
إذا كانت أدلّة
العقول تدفع كالقول في القدر ، وقول من كفّر أصحاب رسول الله من الروافض والخوارج
، ولا يقبل أخبارهم ولا شهاداتهم ، وذكر ذلك في كتابه في الشهادات ، وفي الرسالة ،
وفي أول ذيل المذيّل » .
٢
ـ السمعاني : « وكان أحد أئمة العلماء ، يحكم بقوله ويرجع إلى رأيه ، لمعرفته وفضله. وكان
قد جمع من العلوم ما لم يشاركه فيه أحد من أهل عصره ، وكان حافظا لكتاب الله ،
عارفا بالقراءات ، بصيرا بالمعاني ، فقيها في أحكام القرآن ، عالما بالسّنن وطرقها
وصحيحها وسقيمها وناسخها ومنسوخها ، عارفا بأقوال الصحابة والتابعين ومن بعدهم من
المخالفين في الأحكام ومسائل الحلال والحرام ، عارفا بأيّام الناس وأخبارهم ...
قال أبو بكر محمّد بن إسحاق بن خزيمة : ما أعلم على أديم الأرض أعلم من محمّد بن
جرير ... وتوفي سنة ٣١٠ » .
٣
ـ النووي : « هو الإمام
البارع في أنواع العلوم ، وهو في طبقة الترمذي والنسائي. قال الحافظ أبو بكر
الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد : استوطن الطبري بغداد فأقام بها حتى توفي ، وكان
أحد الأئمة والعلماء ، يحكم بقوله ويرجع إلى رأيه ... » .
٤
ـ الذهبي : « الإمام العلم
الفرد الحافظ أبو جعفر الطبري ، أحد الأعلام وصاحب التصانيف ... قال أبو بكر
الخطيب : كان ابن جرير أحد الأئمة ... وقال أبو حامد الإسفرائيني : لو سافر رجل
إلى الصّين في تحصيل تفسير ابن جرير لم يكن كثيرا ... قال الفرغاني : بثّ مذهب الشافعي
ببغداد سنتين واقتدى به ، ثمّ اتّسع علمه وأدّاه اجتهاده إلى ما اختاره في كتبه.
وقد عرض عليه القضاء فأبى. قال محمّد بن علي بن سهل الإمام : سمعت ابن جرير قال :
من
__________________
قال : إن أبا بكر
وعمر ليسا بإمامي هدى ، يقتل ... ولمّا بلغه أن ابن أبي داود تكلّم في حديث غدير
خم عمل كتاب الفضائل وتكلّم على تصحيح الحديث.
قلت
: رأيت مجلدا في
طرق الحديث لابن جرير فاندهشت له لكثرة تلك الطرق.
قال ابن كامل :
توفي ابن جرير سنة ٣١٠ » .
٥
ـ اليافعي : « الحبر البحر
الإمام ، أحد الأعلام ، صاحب التفسير الكبير والتاريخ الشهير ، والمصنفات العديدة
والأوصاف الحميدة ، أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري. كان مجتهدا لا يقلّد أحدا. قال
إمام الأئمة المعروف بابن خزيمة : ما أعلم على الأرض أعلم من محمّد بن جرير ، ولقد
ظلمته الحنابلة. وقال الفقيه الإمام مفتي الأنام أبو حامد الإسفرائيني : لو سافر
رجل إلى الصين حتى يحصّل تفسير محمّد بن جرير لم يكن كثيرا.
قلت : وناهيك بهذا
الثناء العظيم والمدح الكريم من هذين الإمامين الجليلين البارعين النبيلين ...
وكان ثقة في نقله
وتاريخه ، قيل : تاريخه أصح التواريخ وأثبتها. وذكره الشيخ أبو إسحاق في طبقات
الفقهاء في جملة المجتهدين » .
٦
ـ السبكي : « الإمام الجليل ،
المجتهد المطلق ، أبو جعفر الطبري ، من أهل طبرستان ، أحد أئمة الدنيا علما ودينا
... قال الخطيب : كان ابن جرير أحد الأئمة ، يحكم بقوله ... وذكر أن أبا العباس
ابن شريح كان يقول : محمد ابن جرير الطبري فقيه العالم ... وقال حسنك بن علي
النيسابوري : أول ما سألني ابن خزيمة قال : كتبت عن محمّد بن جرير؟ قلت : لا. قال
: ولم؟ قلت : لأنّه كان لا يظهر وكانت الحنابلة تمنع من الدخول عليه. فقال : بئسما
__________________
فعلت ، ليتك لم
تكتب عن كلّ من كتبت عنهم وسمعت منه!
قلت : لم يكن عدم
ظهوره ناشئا عن أنه منع ...
قال الفرغاني :
كان محمّد بن جرير ممن لا تأخذه في الله لومه لائم ، مع عظيم ما يلحقه من الأذى
والشناعات من جاهل وحاسد وملحد. فأمّا أهل العلم والدين فغير منكرين ، على علمه
وزهده في الدنيا ورفضه لها ، وقناعته بما كان يرد عليه من حصّة خلّفها أبوه
بطبرستان يسيرة ...
وقال ابن كامل :
توفي عشية الأحد ليومين بقيا من شوال سنة ٣١٠ ... » .
وبمثل ذلك ترجم له
غير من ذكرناه ، حيث وصفوه بتلك الأوصاف الجليلة ، ونقلوا في حقّه كلمات الأعلام
ومشاهير الأئمة ... فلاحظ حوادث سنة ٣١٠ من ( روضة المناظر ) و ( تتمة المختصر ).
وراجع ترجمته في (
طبقات الحفاظ ) و ( طبقات المفسرين ).
وانظر ما ذكره
بترجمته شرّاح الحديث ، كالمناوي والزرقاني والخفاجي في ( فيض القدير ) و ( شرح
المواهب اللدنيّة ) و ( نسيم الرياض ) ...
(٩)
رواية خيثمة بن سليمان
ورواه
الحافظ الكبير أبو الحسن خيثمة بن سليمان الأطرابلسي ، بترجمة أمير المؤمنين 7 ، من كتابه ( فضائل الصحابة ) حيث قال
:
« ثنا أحمد ، ثنا حازم ، أنبأ عبيدة بن موسى
، ثنا يوسف بن صهيب » عن دكين ، عن وهيب بن حمزة عن بريدة قال : سافرت مع علي من
المدينة إلى
__________________
مكة ، فرأيت منه
جفوة فقلت : لئن رجعت فلقيت رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ لأنالنّ منه. قال
: فرجعت فلقيت رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم فذكرت عليا فنلت منه. فقال لي
رسول الله : لا تقولنّ لعليّ فإنّ عليّا وليّكم بعدي » .
ترجمة خيثمة بن سليمان
١
ـ السمعاني : « أبو الحسن خيثمة بن سليمان بن حيدرة القرشي الأطرابلسي ، من الأئمة الثقات ،
المشهورين بالرحلة والكثرة عن أهل العراق واليمن والحجاز ، سمع محمد بن عيسى بن
حيان المدائني ، وإسحاق بن إبراهيم الدبري ، وطبقتهما. روى عنه : أبو عبد الله
محمّد بن إسحاق بن مندة الحافظ. وتوفي في حدود سنة ٣٥٠ » .
٢
ـ الذهبي : « خيثمة بن سليمان
بن حيدرة ، الإمام ، محدّث الشام ، أبو الحسن القرشي الأطرابلسي ، أحد الثقات ...
قال الخطيب : خيثمة ثقة ، قد جمع فضائل الصحابة ... » .
٣
ـ الذهبي أيضا : « خيثمة
الإمام الثقة المعمّر ، محدّث الشام ... قال أبو بكر الخطيب : خيثمة ثقة ثقة ، قد
جمع فضائل الصّحابة ... » .
٤
ـ الزّرقاني : « ... الإمام الحافظ أبو الحسن القرشي الطرابلسي ، أحد الثقات الرّحالة ، جمع
فضائل الصحابة ... » .
__________________
(١٠)
رواية أبي حاتم ابن حبّان البستي
ورواه أبو حاتم محمّد بن حبّان البستي
في ( صحيحه ) ، فقد رواه عنه الحافظ محبّ الدين الطّبري ، والعلاّمة إبراهيم بن
عبد الله اليمني الوصابي ... قال الأول :
« عن عمران بن حصين قال : بعث رسول الله
... فأقبل إليه رسول الله والغضب يعرف في وجهه فقال. ما تريدون من علي؟ ثلاثا ،
إنّ عليّا منّي وأنا منه وهو وليّ كلّ مؤمن بعدي ».
خرّجه الترمذي وقال حسن غريب. وأبو حاتم. وخرجه أحمد وقال فيه
: فأقبل رسول الله على الرابع وقد تغيّر وجهه فقال : دعوا عليّا ، دعوا عليا ، علي
منّي وأنا منه وهو وليّ كلّ مؤمن بعدي » .
وقال الثاني بعد
روايته كذلك عن عمران بن حصين :
« أخرجه الترمذي
وابن حبّان في صحيحه ، وأخرجه الإمام أحمد في مسنده وقال فيه : فأقبل ... » .
أقول
: وهذا نصّ روايته في
( صحيحه ) :
« أخبرنا أبو يعلى ، حدّثنا الحسن بن
عمر بن شقيق ، حدّثنا جعفر بن سليمان ، عن يزيد الرشك ، عن مطرف بن عبد الله بن
الشخير ، عن عمران بن حصين قال : بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم سرية واستعمل
عليهم عليّا ، قال : فمضى علي في السرية فأصاب جارية ، فأنكر ذلك عليه أصحاب رسول
__________________
الله صلّى الله عليه
وسلّم فقالوا : إذا لقينا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أخبرناه بما صنع علي.
قال عمران : وكان المسلمون إذا قدموا من سفر بدءوا برسول الله صلّى الله عليه
وسلّم فسلّموا عليه ونظروا إليه ثم ينصرفون إلى رحالهم. فلمّا قدمت السرية سلّموا
على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، فقام أحد الأربعة فقال : يا رسول الله ألم
تر أنّ عليا صنع كذا وكذا؟ فأعرض عنه ، ثم قام آخر فقال : يا رسول الله ألم تر أنّ
عليا صنع كذا وكذا؟ فأعرض عنه ، ثم قام آخر فقال : يا رسول الله ألم تر أنّ عليا
صنع كذا وكذا؟ فأقبل إليه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ـ والغضب يعرف في وجهه ـ
فقال : ما تريدون من علي ـ ثلاثا ـ؟ إنّ عليا منّي وأنا منه وهو وليّ كلّ مؤمن
بعدي » .
فابن حبّان أخرج هذا الحديث وصحّحه.
ترجمة ابن حبّان
وهذه نبذة من كلمات
القوم في الثناء عليه باختصار :
١
ـ ابن ماكولا : « حافظ جليل كثير التصانيف ... كان من الحفّاظ الأثبات ... توفي في سنة ٣٥٤ »
.
٢
ـ السمعاني : « أبو حاتم محمّد بن حبّان بن أحمد بن حبان التميمي البستي ، إمام عصره ، صنّف
تصانيف لم يسبق إلى مثلها ... سمع منه : أبو عبد الله بن مندة وأبو عبد الله بن
البيّع الحافظان ، وغيرهما. وذكره الحاكم أبو عبد الله فقال : أبو حاتم البستي
القاضي : كان من أوعية العلم في اللغة والفقه والحديث والوعظ ، وكان
__________________
من عقلاء الرجال ،
صنف فخرج له من التصنيف في الحديث ما لم يسبق إليه ... » .
« كان إماما فاضلا
مكثرا من الحديث والرحلة والشيوخ ، عالما بالمتون والأسانيد ، أخرج من معاني
الحديث ما عجز عنه غيره ، ومن تأمّل تصانيفه وطالعها علم أن الرجل كان بحرا في
العلوم ... » .
٣
ـ الذهبي : « العلاّمة أبو
حاتم محمّد بن حبان الحافظ صاحب التصانيف ... وكان من أوعية العلم في الحديث
والفقه واللغة والوعظ وغيره ذلك ، حتّى الطب والنجوم والكلام ... » .
٤
ـ اليافعي : « العلاّمة الجهبذ
الحافظ وصاحب التصانيف. وكان من أوعية العلم ... » .
٥
ـ السبكي : « الحافظ الجليل
الإمام صاحب التصانيف ... قال أبو سعيد الإدريسي : كان على قضاء سمرقند زمانا ،
وكان من فقهاء الدين وحفّاظ الآثار ... وقال الحاكم : كان من أوعية العلم في الفقه
واللّغة والحديث والوعظ ، ومن عقلاء الرجال ... وقال الخطيب : كان ثقة نبيلا فهما.
وقال ابن السمعاني : كان أبو حاتم إمام عصره ... » وكذلك تجد الكلمات
الأخرى في حقّه ، وفيما ذكرناه كفاية.
كلمة بشأن صحيح ابن حبان
وأمّا صحيح ابن
حبّان ، فقد نصّ على اعتباره غير واحد منهم ، قال النووي :
__________________
« الصحيح أقسام ،
أعلاها ما اتّفق عليه البخاري ومسلم ، ثمّ ما انفرد به البخاري ، ثمّ مسلم ، ثمّ
ما على شروطهما ، ثمّ على شرط البخاري ، ثمّ مسلم ، ثمّ صحيح غيرهما ».
قال شارحه
السّيوطي : « التنبيه الثاني : قد علم ممّا تقدّم أن أصحّ من صنّف في الصحيح ابن
خزيمة ، ثم ابن حبان ، ثم الحاكم ، فينبغي أن يقال : أصحّها بعد مسلم ما اتّفق
عليه الثلاثة ، ثم ابن خزيمة وابن حبان والحاكم ، ثمّ ابن حبان والحاكم ، ثم ابن
خزيمة فقط ، ثم ابن حبان فقط ، ثم الحاكم فقط ، إن يكن الحديث على شرط أحد
الشيخين. ولم أر من تعرّض لذلك. فليتأمّل » .
فالحمد لله على
ثبوت صحة الحديث من صنيع ابن حبّان ، مع أنه قد بلغ من التعصّب والانحراف إلى أن
أطال لسان الطعن على الإمام علي بن موسى الرضا 7 ، كما في الميزان للذهبي وغيره من مصنفات الأعيان ، ولكن
مع ذلك التعصّب لم يمكنه أن ينبس ببنت شفة في هذا الحديث الشريف بل أدخله في صحيحه
...
(١١)
رواية الطبراني
ورواه الحافظ الطبراني ... كما جاء في
رواية محمّد صدر عالم حيث قال :
« أخرج ابن أبي شيبة عن عمران بن حصين
قال قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ : علي منّي وأنا من علي وعلي وليّ كلّ
مؤمن بعدي.
وأخرج الطيالسي ، والحسن بن سفيان ،
وأبو نعيم مثله. وأخرجه الترمذي وقال : حسن غريب. والطبراني والحاكم
وصحّحه عنه ، قال قال
__________________
رسول الله ـ صلّى
الله عليه وسلّم ـ : ما تريدون من علي؟ ما تريدون من علي؟ ما تريدون من علي؟ إن
عليا منّي وأنا منه وهو ولي كلّ مؤمن بعدي » .
وهذا نص رواية الطبراني :
« حدّثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ،
ثنا العباس بن الوليد الفرضي. ح وحدّثنا معاذ بن المثنى ، ثنا مسدّد. ح وحدّثنا
بشر بن موسى ، والحسن بن المتوكّل البغدادي ، ثنا خالد بن يزيد العدني قالوا :
ثنا جعفر بن سليمان ، عن يزيد الرّشك ،
عن مطرف بن عبد الله ، عن عمران بن حصين قال :
بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم
سرية ، فاستعمل عليهم عليّا ، فمضى على السرية ، فأصاب علي جارية فأنكروا عليه ،
فتعاقد أربعة من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قالوا : إذا لقينا رسول
الله صلّى الله عليه وسلّم أخبرناه بما صنع. قال عمران : وكان المسلمون إذا قدموا
من سفر بدءوا برسول الله صلّى الله عليه وسلّم فسلّموا عليه ثم انصرفوا. فلمّا
قدمت السرية سلّموا على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، فقام أحد الأربعة فقال :
يا رسول الله ، ألم تر أنّ عليّا صنع
كذا وكذا؟ فأعرض عنه.
ثم قام آخر فقال : يا رسول الله ، ألم
تر أنّ عليّا صنع كذا وكذا؟ فأعرض عنه.
ثم قام آخر منهم فقال : يا رسول الله ،
ألم تر أنّ عليّا صنع كذا وكذا؟ فأعرض عنه.
ثم قام الرابع فقال : يا رسول الله ، ألم
تر أنّ عليّا صنع كذا وكذا؟
__________________
فأقبل عليه رسول الله صلّى الله عليه
وسلّم ـ يعرف الغضب في وجهه ـ فقال : ما ذا تريدون من علي؟ ثلاث مرّات. إنّ عليّا
منّي وأنا منه وهو وليّ كلّ مؤمن بعدي » .
وأخرجه في ( المعجم الأوسط ) بأسانيد :
« حدّثنا عبد الوهاب بن رواحة
الرامهرمزي قال : حدّثنا أبو كريب قال : حدّثنا حسن بن عطية قال : حدّثنا سعاد بن
سليمان ، عن عبد الله بن عطاء ، عن عبد الله بن بريدة عن علي قال :
بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم علي
بن أبي طالب وخالد بن الوليد ، كل واحد منهما على وحده ، وجمعهما فقال : إذا
اجتمعتما فعليكم علي. قال : فأخذا يمينا ويسارا ، فدخل علي فأبعد فأصاب سبيا فأخذ
جارية من السّبي. قال بريدة : وكنت من أشدّ الناس بغضا لعلي ، فأتى رجل خالد بن
الوليد فذكر أنّه قد أخذ جارية من الخمس فقال : ما هذا؟ ثم جاء آخر ، ثم تتابعت
الأخبار على ذلك ، فدعاني خالد فقال : يا بريدة ، قد عرفت الذي صنع ، فانطلق
بكتابي هذا إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، فكتب إليه ، فانطلقت بكتابه حتى
دخلت على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، فأخذ الكتاب بشماله ـ وكان كما قال
الله عزّ وجلّ لا يقرأ ولا يكتب ـ فقال : وكنت إذا تكلّمت طأطأت رأسي حتى أفرغ من
حاجتي ، فطأطأت رأسي ، فتكلّمت ، فوقعت في علي حتى فرغت ، ثم رفعت رأسي ، فرأيت
رسول الله صلّى الله عليه وسلّم غضب غضبا لم أره غضب مثله إلاّ يوم قريظة والنضير
، فنظر إليّ فقال :
يا بريدة ، أحبّ عليّا ، فإنّما يفعل ما
يؤمر به.
قال : فقمت وما من الناس أحد أحبّ إليّ
منه » .
__________________
« حدّثنا محمّد بن عبد الله الحضرمي قال :
حدّثنا عبد الله بن يحيى بن الربيع بن أبي راشد قال : حدّثنا عمرو بن عطية العوفي
، عن أبيه عطية قال : حدّثني عبد الله بن بريدة :
أنّ أباه حدّثه : انّ رسول الله صلّى
الله عليه وسلّم بعث علي بن أبي طالب وخالد بن الوليد ...
فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم :
مه يا بريدة.
فرفعت رأسي إلى رسول الله صلّى الله
عليه وسلّم فإذا وجهه متغيّر ...
قال بريدة : والله لا أبغضه أبدا بعد
الذي رأيت من رسول الله ... » .
« حدّثنا محمّد بن عبد الرحمن بن منصور
الحارثي قال : حدّثنا أبي قال : حدّثنا حسين الأشقر قال : حدّثنا زيد بن أبي الحسن
قال : حدّثنا أبو عامر العقدي ، عن أبي إسحاق ، عن ابن بريدة.
عن أبيه قال : بعث رسول الله صلّى الله
عليه وسلّم عليّا أميرا على اليمن ، وبعث خالد بن الوليد على الجبل ، فقال : إن
اجتمعتما فعلي على الناس ، فالتقوا وأصابوا من الغنائم ما لم يصيبوا مثله ، وأخذ
علي جارية من الخمس ، فدعا خالد بن الوليد بريدة فقال : اغتنمها فأخبر النبيّ صلّى
الله عليه وسلّم بما صنع. فقدمت المدينة ودخلت المسجد ورسول الله صلّى الله عليه
وسلّم في منزله وناس من أصحابه على بابه. فقالوا : ما الخبر يا بريدة؟ فقلت : خير
، فتح الله على المسلمين ، فقالوا : ما أقدمك؟ قال : جارية أخذها علي من الخمس ،
فجئت لأخبر النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ، قالوا : فأخبره فإنّه يسقطه من عين رسول
الله ـ ورسول الله صلّى الله عليه وسلّم يسمع الكلام ـ فخرج مغضبا وقال :
ما بال أقوام ينتقصون عليا ، من ينتقص
عليا فقد تنقّصني ، ومن فارق
__________________
عليا فقد فارقني. إن
عليا منّي وأنا منه ، خلق من طينتي ، وخلقت من طينة إبراهيم ، وأنا أفضل من
إبراهيم ، ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم.
يا بريدة : أما علمت أنّ لعلي أكثر من
الجارية التي أخذ وأنّه وليّكم من بعدي؟!
فقلت : يا رسول الله ، بالصحبة ، ألا
بسطت يدك حتى أبايعك على الإسلام جديدا؟
قال : فما فارقته حتى بايعته على
الإسلام » .
من مصادر ترجمة الطبراني
وللطّبراني تراجم
حافلة ومناقب باهرة وفضائل فاخرة ، فلاحظ :
١ ـ الأنساب ـ الطبراني.
٢ ـ وفيات الأعيان
٢ / ٤٠٧.
٣ ـ أخبار أصبهان
١ / ٣٣٥.
٤ ـ تذكرة الحفّاظ
٣ / ٩١٢.
٥ ـ مرآة الجنان ٢
/ ٣٧٢.
٦ ـ المنتظم ٧ /
٥٤.
٧ ـ البداية
والنهاية ١١ / ٢٧٠.
٨ ـ طبقات القرّاء
١ / ٣١١.
٩ ـ طبقات
المفسرين ١ / ١٩٨.
١٠ ـ طبقات
الحفّاظ : ٣٧٢.
__________________
(١٢)
رواية الحاكم
ورواه أبو عبد الله الحاكم النيسابوري
وصحّحه على شرط مسلم ، وهذه عبارته :
« حدّثنا أبو عبد الله محمّد بن يعقوب
الحافظ ، حدّثني أبي ومحمّد بن نعيم قالا : ثنا قتيبة بن سعيد ، ثنا جعفر بن
سليمان الضبعي ، عن يزيد الرشك ، عن مطرف ، عن عمران بن حصين قال : بعث رسول الله
ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ سرية واستعمل عليهم علي بن أبي طالب ، فمضى علي في
السرية فأصاب جارية ، فأنكروا ذلك عليه. فتعاقد أربعة من أصحاب رسول الله ـ صلّى
الله عليه وسلّم ـ إذا لقينا النبيّ أخبرناه بما صنع علي. قال عمران : وكان
المسلمون إذا قدموا من سفر بدءوا برسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ فنظروا إليه
وسلّموا عليه ثم يتطرّقون إلى رحالهم ، فلمّا قدمت السرية سلّموا على رسول الله ـ
صلّى الله عليه وسلّم ـ. فقام أحد الأربعة فقال :
يا رسول الله ، ألم تر أنّ عليّا صنع
كذا وكذا؟ فأعرض عنه.
ثمّ قام الثاني ، فقال مثل ذلك ، فأعرض
عنه.
ثمّ قام الثّالث فقال مثل ذلك فأعرض
عنه.
ثمّ قام الرابع ، فقال : يا رسول الله ،
ألم تر أنّ عليّا صنع كذا وكذا؟
فأقبل عليه رسول الله ـ والغضب يعرف في
وجهه ـ فقال : ما تريدون من علي؟! إن عليا منّي وأنا منه وهو وليّ كلّ مؤمن بعدي.
هذا حديث صحيح على
شرط مسلم ولم يخرجاه » .
__________________
وقال
الحاكم :
« أخبرنا أبو بكر أحمد بن جعفر بن حمدان
القطيعي ـ ببغداد ، من أصل كتابه ـ ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدّثني أبي ،
ثنا يحيى بن حماد ، ثنا أبو عوانة ، ثنا أبو بلج ، ثنا عمرو بن ميمون قال :
إني لجالس عند ابن عبّاس ، إذ أتاه تسعة
رهط فقالوا : يا ابن عباس ، إمّا أن تقوم معنا وإمّا أن تخلو بنا من بين هؤلاء.
قال فقال ابن عباس : بل أنا أقوم معكم ـ قال : وهو يومئذ صحيح قبل أن يعمى ـ قال :
فانتدوا فتحدثوا ، فلا ندري ما قالوا : قال : فجاء ينفض ثوبه ويقول : أف وتف ،
وقعوا في رجل له بضع عشر فضائل ليست لأحد غيره.
وقعوا في رجل قال له النبيّ 6 : لأبعثنّ رجلا لا يخزيه الله أبدا ،
يحبّ الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله ، فاستشرف لها مستشرف ، فقال أين علي؟ فقالوا
: إنّه في الرّحى يطحن. قال : وما كان أحدهم ليطحن ، قال : فجاء وهو أرمد لا يكاد
يبصر ، قال : فنفث في عينيه ، ثم هزّ الراية ثلاثا فأعطاها إيّاه ، فجاء علي
بصفيّة بنت حيي.
قال ابن عباس : ثم بعث رسول الله 6 فلانا بسورة التوبة ، فبعث عليّا خلفه
فأخذها منه وقال : لا يذهب بها إلاّ رجل هو منّي وأنا منه.
فقال ابن عباس : وقال النبيّ 6 لبني عمّه : أيّكم يواليني في الدنيا
والآخرة؟ قال : وعلي جالس معهم ، فقال رسول الله 6
وأقبل على رجل رجل منهم فقال : أيكم يواليني في الدنيا والآخرة ، فأبوا ، فقال
لعلي : أنت وليّي في الدنيا والآخرة.
قال ابن عباس : وكان علي أوّل من آمن من
الناس بعد خديجة رضى الله عنها.
قال : وأخذ رسول الله 6 ثوبه فوضعه على علي
وفاطمة والحسن
والحسين وقال : ( إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ
الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ).
قال ابن عباس : وشرى علي نفسه ، فلبس
ثوب النبيّ 6 ثم نام
مكانه ، قال ابن عباس : وكان المشركون يرمون رسول الله 6 ، فجاء أبو بكر ـ 2 ـ وعلي نائم قال : وأبو بكر يحسب أنّه
رسول الله 6 قال : فقال
: يا نبيّ الله ، فقال له علي : إنّ نبيّ الله قد انطلق إلى نحو بئر ميمون فأدركه.
قال : فانطلق أبو بكر فدخل معه الغار ، قال : وجعل علي 2 يرمى بالحجارة كما كان نبيّ الله وهو
يتضوّر وقد لفّ رأسه في الثوب لا يخرجه حتى أصبح ، ثم كشف عن رأسه فقالوا : إنّك
للئيم ، وكان صاحبك لا يتضوّر ونحن نرميه وأنت تتضوّر ، وقد استنكرنا ذلك.
فقال ابن عباس : فخرج رسول الله 6 في غزوة تبوك وخرج الناس معه ، فقال له
علي : أخرج معك؟ قال فقال النبيّ 6
: لا. فبكى علي ، فقال له : أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه
ليس بعدي نبيّ ، إنّه لا ينبغي أن أذهب إلاّ وأنت خليفتي.
قال ابن عباس : وقال له رسول الله صلّى
الله عليه وسلّم : أنت وليّ كلّ مؤمن بعدي ومؤمنة.
قال ابن عباس : وسدّ رسول الله 6 أبواب المسجد غير باب علي ، فكان يدخل
المسجد جنبا وهو طريقه ليس له طريق غيره.
قال ابن عباس : وقال رسول الله 6 : من كنت مولاه فإنّ مولاه علي.
قال ابن عباس : وقد أخبرنا الله عزّ
وجلّ في القرآن أنّه رضي عن أصحاب الشجرة ، فعلم ، ما في قلوبهم ، فهل أخبرنا أنّه
سخط عليهم بعد
ذلك؟
قال ابن عباس : وقال نبيّ الله 6 لعمر ـ 2
ـ حين قال : ائذن لي فأضرب عنقه قال : وكنت فاعلا؟ وما يدريك ، لعلّ الله قد اطّلع
على أهل بدر فقال : اعملوا ما شئتم.
هذا حديث صحيح
الإسناد ولم يخرجاه بهذه السّياقة.
وقد حدّثنا السيد
الأوحد أبو يعلى حمزة بن محمد الزيدي ـ 2 ـ ثنا أبو الحسن علي بن محمّد بن مهرويه القزويني القطّان
قال : سمعت أبا حاتم الرازي يقول : كان يعجبهم أن يجدوا الفضائل من رواية أحمد بن
حنبل ، 2 » .
من مصادر ترجمة الحاكم
وإليك قائمة
بمصادر ترجمة الحاكم النيسابوري صاحب المستدرك ، لتقف بمراجعتها على جلالته
ومنزلته الرفيعة عند أهل السنّة :
١ ـ الأنساب ـ البيّع.
٢ ـ وفيات الأعيان
٤ / ٢٨٠.
٣ ـ تاريخ بغداد ٥
/ ٤٧٣.
٤ ـ تذكرة الحفّاظ
٣ / ١٠٣٩.
٥ ـ الوافي
بالوفيات ٣ / ٣٢٠.
٦ ـ البداية
والنهاية ١١ / ٣٥٥.
٧ ـ النجوم
الزاهرة ٤ / ٢٣٨.
__________________
٨ ـ طبقات السبكي
٤ / ١٥٥.
٩ ـ طبقات القراء
٢ / ١٨٤.
١٠ ـ طبقات
الحفّاظ : ٤٠٩.
١١ ـ العبر ٣ /
٩١.
١٢ ـ اللباب ١ /
١٩٨.
وقد أوردنا نبذا
من ذلك في مجلّد حديث الطّير.
(١٣)
رواية ابن مردويه
ورواه أحمد بن موسى بن مردويه الأصبهاني
بتفسير قوله تعالى : ( وَأَنْذِرْ
عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ).
قال المتّقي : « عن علي قال : لمّا نزلت هذه الآية : ( وَأَنْذِرْ
عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ )
دعا ببني عبد المطلب وصنع لهم طعاما ليس بالكثير فقال : كلوا بسم الله. من جوانبها
، فإنّ البركة تنزل من ذروتها ، ووضع يده أوّلهم ، فأكلوا حتى شبعوا ، ثم دعا بقدح
فشرب أوّلهم ثم سقاهم فشربوا حتّى رووا. فقال أبو لهب : لقد سحركم. وقال : يا بني
عبد المطّلب : إنّي جئتكم بما لم يجيء به أحد قط ، أدعوكم إلى شهادة أن لا إله
إلاّ الله ، وإلى الله وإلى كتابه. فنفروا فتفرقوا. ثم دعاهم الثانية على مثلها
فقال أبو لهب كما قال المرة الاولى ، فدعاهم ففعلوا مثل ذلك ، ثم قال لهم ـ ومدّ
يده ـ من يبايعني على أن يكون أخي وصاحبي ووليّكم بعدي؟ فمددت يدي وقلت : أنا
أبايعك ـ وأنا يومئذ أصغر القوم عظيم البطن ـ فبايعني على ذلك. قال : وذلك الطعام
أنا صنعته. ابن مردويه ».
ترجمة ابن مردويه
وتجد ترجمة ابن
مردويه والثناء العظيم عليه في :
١ ـ تذكرة الحفّاظ
٣ / ١٠٥٠.
٢ ـ الوافي
بالوفيات ٨ / ٢٠١.
٣ ـ النجوم
الزاهرة ٤ / ٢٤٥.
٤ ـ تاريخ أصبهان
١ / ١٦٨.
٥ ـ طبقات
المفسّرين ١ / ٩٣.
٦ ـ طبقات الحفّاظ
: ٤١٢.
وغيرها ، وهذا
موجز ما جاء في ( سير أعلام النبلاء ١٧ / ٣٠٨ ) :
« ابن مردويه ،
الحافظ المجود العلاّمة ، محدّث أصبهان ، قال أبو بكر بن أبي علي : هو أكبر من أن
ندلّ عليه وعلى فضله ، وعلمه وسيره ، وأشهر بالكثرة والثقة من أن يوصف حديثه ،
أبقاه الله ومتّعه بمحاسنه. قال أبو موسى ... وسمعت الإمام إسماعيل يقول : لو كان
ابن مردويه خراسانيا كان صيته أكثر من صيت الحاكم.
وكان من فرسان
الحديث ، فهما يَقِظا متقنا ، كثير الحديث جدّا ، ومن نظر في تواليفه عرف محلّه من
الحفظ ».
(١٤)
رواية أبي نعيم الأصبهاني
ورواه الحافظ أبو نعيم الاصبهاني في
كتابه ( فضائل الصحابة ) على ما ذكر غير واحد. فقد روى الوصابي اليمني : « عن
عمران بن حصين ـ رضي الله
عنه ـ قال : سمعت
رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ يقول : إن عليّا منّي وأنا منه وهو وليّ كلّ
مؤمن بعدي.
أخرجه أبو داود الطيالسي في مسنده ،
والحسن بن سفيان في فوائده ، وأبو نعيم في فضائل الصحابة » .
وروى محمد صدر عالم : « عن عمران بن
حصين قال قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ علي منّي وأنا من علي وعلي وليّ
كلّ مؤمن بعدي.
وأخرج الطيالسي والحسن بن سفيان وأبو
نعيم مثله » .
أقول
: وهذا نصّ
الرواية فيه بترجمة ( بريدة بن الحصيب ) :
« حدّثنا عبد الله بن جعفر ، ثنا
إسماعيل بن عبد الله ، ثنا الفضل بن دكين ، ثنا ابن أبي غنية ، عن الحكم ، عن سعيد
بن جبير ، عن ابن عباس ، عن بريدة قال : غزوت مع علي إلى اليمن ، فرأيت منه جفوة ،
فقدمت على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، فذكرت عليا فتنقّصته ، فرأيت وجه رسول
الله صلّى الله عليه وسلّم يتغيّر وقال : يا بريدة! ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟
قلت : بلى
يا رسول الله. قال : من كنت مولاه فعلي مولاه. رواه أبو بكر ابن أبي شيبة عن الفضل
، مثله.
حدّثنا أحمد بن جعفر بن مالك ، ثنا عبد
الله بن أحمد ، حدّثني أبي ، ثنا روح ، ثنا علي بن سويد بن منجوف ، عن عبد الله بن
بريدة ، عن أبيه قال : بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى خالد بن الوليد
ليقسّم الخمس ـ وقال روح مرة : ليقبض الخمس ـ قال : فأصبح علي ورأسه يقطر. قال
فقال خالد لبريدة : ألا ترى ما يصنع هذا؟ قال : فلمّا رجعت إلى النبيّ صلّى الله
عليه وسلّم أخبرته بما صنع علي ، قال : فكنت أبغض عليّا قال فقال : يا بريدة ،
أتبغض
__________________
عليّا؟ قال قلت :
نعم. قال : فلا تبغضه. وقال روح مرة : فأحبّه فإن له في الخمس أكثر من ذلك.
حدّثناه القاضي أبو أحمد العسّال ، ثنا
القاسم بن يحيى بن نصر ، ثنا لوين ، ثنا أبو معشر البراء ، عن علي بن سويد بن
منجوف ، عن ابن بريدة عن أبيه : إنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بعث عليّا. فذكر
نحوه » .
ورواه في ( حلية الأولياء ) :
« حدّثنا سليمان بن أحمد ، ثنا معاذ بن
المثنى ، ثنا مسدّد.
ح وحدّثنا أبو عمرو ابن حمدان ، ثنا
الحسن بن سفيان ، ثنا بشر بن هلال وعبد السلام بن عمر.
قالوا : حدّثنا جعفر بن سليمان ، عن
يزيد الرشك ، عن مطرف ، عن عمران بن حصين قال :
بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم
سرية ، واستعمل عليهم عليّا ـ كرّم الله وجهه ـ فأصاب علي جارية ، فأنكروا ذلك
عليه ، فتعاقد أربعة من أصحاب رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ فقالوا : إذا
لقينا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أخبرناه بما صنع علي. قال عمران : وكان
المسلمون إذا قدموا من سفر بدءوا برسول الله صلّى الله عليه وسلّم فسلّموا عليه ثم
انصرفوا ، فلما قدمت السرية سلّموا على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقام أحد
الأربعة فقال :
يا رسول الله ، ألم تر أنّ عليا صنع كذا
وكذا؟
فأعرض عنه. ثم قام آخر منهم فقال :
يا رسول الله : ألم تر أنّ عليا صنع كذا
وكذا؟
فأعرض عنه. حتى قام الرابع فقال :
__________________
يا رسول الله ، ألم تر أنّ عليا صنع كذا
وكذا؟
فأقبل عليه رسول الله صلّى الله عليه
وسلّم ـ يعرف الغضب في وجهه ـ فقال : ما تريدون من علي؟ ـ ثلاث مرّات ـ ثم قال :
إنّ عليّا منّي وأنا منه وهو وليّ كلّ
مؤمن بعدي » .
ترجمة أبي نعيم الأصبهاني
وقد ذكرت ترجمة
الحافظ أبي نعيم في كافة كتب التراجم والسير والرجال فلاحظ :
وفيات الأعيان ١ /
٩١.
والعبر ٣ / ١٧٠.
ومرآة الجنان ٣ /
٥٢.
والوافي بالوفيات
٧ / ٨١.
وطبقات الشافعية
للسبكي ٤ / ١٨ ، الأسنوي ٢ / ٤٧٤.
وطبقات الحفّاظ :
٤٢٣.
والمنتظم ٨ / ١٠٠.
وتذكرة الحفّاظ :
٣ / ١٠٩٢.
وغيرها من الكتب
المشهورة المعتبرة.
وهذه خلاصة ما جاء
في طبقات السبكي :
« أحمد بن عبد
الله بن أحمد بن إسحاق بن موسى بن مهران. الإمام الجليل الحافظ أبو نعيم الأصبهاني
الصوفي الجامع بين الفقه والتصوف ، النهاية في الحفظ والضبط وأحد أعلام الدين ،
جمع الله له بين العلو في الرواية
__________________
والنهاية في
الدراية ، رحل إليه الحفّاظ من الأقطار.
ولد في رجب سنة
٣٣٦.
قال أبو محمّد ابن
السمرقندي : سمعت أبا بكر الخطيب يقول : لم أر أحدا أطلق عليه اسم الحفظ غير رجلين
: أبو نعيم الأصفهاني وأبو حازم العبدوي الأعرج.
وقال أحمد بن
محمّد بن مردويه : كان أبو نعيم في وقته مرحولا إليه ولم يكن في أفق من الآفاق
أسند ولا أحفظ منه ، كان حفّاظ الدنيا قد اجتمعوا عنده ...
وقال حمزة بن
العباس العلوي : كان أصحاب الحديث يقولون : بقي أبو نعيم أربع عشرة سنة بلا نظير
لا يوجد شرقا ولا غربا أعلى اسنادا منه ولا أحفظ ...
وقال ابن النّجار
: هو تاج المحدثين وأحد أعلام الدين.
قلت : ومن كراماته
المشهورة ...
توفي في العشرين
من المحرم سنة ٤٣٠ وله ٩٤ سنة » .
(١٥)
رواية البيهقي
ورواه الحافظ أبو
بكر البيهقي ... فقد روى الخطيب الخوارزمي من طريقه بإسناده عن أحمد بن حنبل : خبر ابن عباس مع النفر
الذين تحادثوا معه عن مناقب أمير المؤمنين 7 ، فحدّثهم ببعض منها ، وأحدها حديث
__________________
الولاية ... وقد
تقدم نصّ الخبر بكاملة في رواية أحمد ...
هذا ، وقد
أخرج البيهقي الحديث في ( سننه ) عن طريق الحاكم ، وهذا نصّ ما جاء فيه :
« أخبرنا محمّد بن عبد الله الحافظ ،
أنا عبد الله بن الحسين القاضي. بمرو ، ثنا الحارث بن أبي أسامة ، ثنا روح بن
عبادة ، ثنا علي بن سويد بن منجوف ، عن عبد الله بن بريدة ، عن أبيه قال : بعث
رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عليّا ـ 2
ـ إلى خالد بن الوليد ـ 2
ـ ليقبض الخمس ، فأخذ منه جارية ، فأصبح ورأسه يقطر. قال خالد لبريدة : ألا ترى ما
يصنع هذا؟ قال : وكنت أبغض عليا 2
، فذكرت ذلك لرسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ فقال : يا بريدة أتبغض عليا؟ قال
قلت : نعم. قال : فأحبّه فإنّ له في الخمس أكثر من ذلك » .
فهذا هو الحديث بعينه ، لكن أسقط منه
جملة : « إنّ عليّا منّي وأنا منه وهو وليّكم من بعدي » ولا ندري هل التحريف منه أو من النّساخ؟
من مصادر ترجمة البيهقي
والبيهقي أيضا من
كبار الأئمة الحفّاظ ، توجد ترجمته والثناء عليه في جميع المصادر ، فراجع منها :
الأنساب ٢ / ٣٨١.
وفيات الأعيان ١ /
٧٥.
معجم البلدان ١ /
٥٣٨.
الكامل لابن
الأثير ١٠ / ٥٢.
__________________
المختصر في أخبار
البشر ٢ / ١٨٥.
سير أعلام النبلاء
١٨ / ١٦٣.
تذكرة الحفّاظ ٢ /
١١٣٢.
العبر ٣ / ٢٤٢.
طبقات الشّافعيّة
٤ / ٨.
طبقات الحفّاظ :
٤٣٣.
وغيرها من كبار
الكتب المؤلّفة في التاريخ والرجال.
(١٦)
رواية الرّاغب الأصفهاني
وأورده أبو القاسم الراغب الأصفهاني في
الفصل الذي عقده لفضائل أعيان الصحابة من ( محاضراته ) في فضائل أمير المؤمنين 7 ، مرسلا إيّاه إرسال المسلّمات ، حيث
قال بعد ذكر الإمام 7
:
« من فضائله : قال له النبيّ ـ صلّى
الله عليه وسلّم ـ ألا ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى غير أنّه لا نبيّ
بعدي؟ قال : بلى. قال : فأنت كذلك.
وقال : علي منّي وأنا منه وهو وليّ كلّ
مؤمن بعدي » .
ترجمة الرّاغب الأصفهاني
وقد ترجم الحافظ
السيوطي له في ( بغية الوعاة ) وسمّاه « المفضّل بن
__________________
محمد » قال : وكان
في أوائل المائة الخامسة. قال : وقد كان في ظنّي أن الراغب معتزلي حتى رأيت بخط
الشيخ بدر الدّين الزركشي على ظهر نسخة من القواعد الصغرى لابن عبد السّلام ما
نصّه : ذكر الإمام فخر الدين الرازي في تأسيس التقديس في الأصول أن أبا القاسم
الراغب من أئمة السنّة ، وقرنه بالغزّالي ... .
ثمّ إنّ السيوطي
اعتمد على الراغب في مواضع كثيرة من كتابه ( المزهر في اللغة ) معبّرا عنه بـ «
الإمام ».
وهكذا اعتمد عليه
ونقل عنه : رشيد الدين الدهلوي ، وحيدر علي الفيض آبادي ، وغيرهما من علماء الهند
، في مؤلفاتهم المختلفة ...
وقد ذكر كاشف
الظنون مؤلّفاته ( أفانين البلاغة ) و ( التفسير ) و ( المحاضرات ) و ( تفصيل
النشأتين ) و ( الذريعة إلى مكارم الشّريعة ) و ( مفردات ألفاظ القرآن ) معبرا عنه
في بعض المواضع بـ « الإمام » مع الإطراء على مصنّفاته المذكورة.
(١٧)
رواية الخطيب البغدادي
ورواه أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت
المعروف بالخطيب البغدادي ، ففي ( كنز العمّال ) :
« سألت الله ـ يا علي ـ فيك خمسا فمنعني
واحدة وأعطاني أربعا ... سألت الله أن يجمع أمتي عليك فأبى. وأعطاني فيك
أنّ أوّل من تنشق عنه الأرض يوم القيامة أنا وأنت معي ، ومعك لواء الحمد وأنت
تحمله بين يديّ تسبق
__________________
به الأوّلين
والآخرين ، وأعطاني أنك ولي المؤمنين بعدي. الخطيب والرافعي عن علي » .
وفي ( مفتاح النجا ) : « أخرج الخطيب
والرافعي عن علي كرّم الله وجهه قال قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ سألت
الله يا علي فيك خمسا ... » .
وكذا في ( معارج العلى ) ... .
وفي ( القول المستحسن ) : « وللخطيب
والرافعي بسند صحيح عن علي رفعه : سألت الله يا علي فيك خمسا ... » .
وهذا نصّ رواية الخطيب :
« أحمد بن غالب بن الأجلح بن عبد
السّلام ، أبو العباس. حدّث عن محمّد بن يحيى بن الضريس الفيدي ، روى عنه محمّد بن
مخلّد.
أخبرنا أبو محمّد عبد الله بن علي بن
عياض بن أبي عقيل القاضي ـ بصور ـ أخبرنا محمّد بن أحمد بن جميع الغسّاني ، أخبرنا
أبو عبد الله محمد ابن مخلّد العطار ـ ببغداد ـ حدّثنا أحمد بن غالب بن الأجلح بن
عبد السّلام ـ أبو العباس ـ حدّثنا محمّد بن يحيى بن الضريس ، حدّثنا عيسى بن عبد
الله ابن عمر بن علي بن أبي طالب ، حدّثني أبي عبد الله بن عمر ، عن أبيه ، عن
جدّه علي بن أبي طالب قال :
قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم :
سألت الله فيك خمسا ، فأعطاني أربعا ومنعني واحدة ، سألته فأعطاني فيك :
أنك أوّل من تنشق الأرض عنه يوم
القيامة.
__________________
وأنت معي معك لواء الحمد.
وأنت تحمله.
وأعطاني أنك ولي المؤمنين من بعدي » .
ترجمة الخطيب البغدادي
وترجم ابن خلّكان
للخطيب البغدادي بقوله :
« الحافظ أبو بكر
أحمد بن علي بن ثابت بن أحمد بن مهدي بن ثابت البغدادي المعروف بالخطيب ، صاحب
تاريخ بغداد وغيره من المصنّفات المفيدة. كان من الحفّاظ المتقنين والعلماء
المتبحرين ، ولو لم يكن له سوى التاريخ لكفاه ، فإنّه يدلّ على اطّلاع عظيم ،
وصنّف قريبا من مائة مصنّف ، وفضله أشهر من أن يوصف ، وأخذ الفقه عن أبي الحسن
المحاملي والقاضي أبي الطيّب الطّبري وغيرهما ، وكان فقيها فغلب عليه الحديث
والتاريخ. ولد في جمادى الآخرة سنة ٣٩٢ يوم الخميس لست بقين من الشهر. وتوفي يوم
الإثنين سابع ذي الحجّة سنة ٤٦٣. وقال السمعاني : توفي في شوّال.
وسمعت أن الشّيخ
أبا إسحاق الشيرازي ـ ; ـ كان من جملة من حمل نعشه ، لأنه انتفع به كثيرا ، وكان
يراجعه في تصانيفه.
والعجب : أنّه كان
في وقته حافظ المشرق ، وأبو عمر يوسف بن عبد البر صاحب كتاب الاستيعاب حافظ المغرب
، وماتا في سنة واحدة ... » .
وإن شئت المزيد من
ترجمته ، والوقوف على بعض الكلمات في حقّه ، فراجع :
١ ـ الأنساب ٥ /
١٥١.
__________________
٢ ـ سير أعلام
النبلاء ١٨ / ٢٧٠.
٣ ـ تذكرة الحفّاظ
٣ / ١١٣٥.
٤ ـ الطّبقات
للسّبكي ٤ / ٢٩.
٥ ـ مرآة الجنان ٣
/ ٨٧.
٦ ـ معجم الأدباء
٤ / ١٣.
٧ ـ المختصر في
أخبار البشر ٢ / ١٨٧.
٨ ـ الوافي
بالوفيات ٧ / ١٩٠.
٩ ـ المنتظم ٨ /
٢٦٥.
١٠ ـ الكامل في
التاريخ ١٠ / ٦٨.
١١ ـ العبر ٣ /
٢٥٣.
١٢ ـ البداية
والنهاية ١٢ / ١٠١.
١٣ ـ طبقات الحفاظ
: ٤٣٤.
١٤ ـ تتمة المختصر
١ / ٥٦٤.
وغير هذه الكتب.
(١٨)
رواية أبي سعيد السجستاني
ورواه أبو سعيد
مسعود بن ناصر السجستاني ... ففي كتاب ( الطرائف في معرفة مذاهب الطوائف ) : « ومن
ذلك حديث الولاية رواية أبي سعيد مسعود ابن ناصر السجستاني ـ وهو من المتفق على
ثقته ـ رواية بريدة هذا الحديث من عدة طرق ، وفي بعضها زيادات مهمّات.
من ذلك : أن
بريدة قال : إنّ رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ لمّا سمع ذمّ علي غضب غضبا لم
أره غضب مثله قط ، إلاّ يوم قريظة والنضير ، فنظر
إليّ وقال : يا
بريدة ، إن عليا وليّكم بعدي فأحبّ عليا فإنّما يفعل ما يؤمر به ، فقمت وما أحد من
الناس أحب منه.
ومن ذلك زيادة أخرى : قال عبد الله بن
عطا : حدّثت بذلك ، أنا حارث ابن سويد بن غفلة فقال : كتمك عبد الله بن بريدة بعض
الحديث ، إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال : أنافقت بعدي يا بريدة؟!
ومن ذلك زيادة أيضا معناها : إن خالد بن
الوليد أمر بريدة فأخذ كتابه يقرأ على رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ ويقع في
علي. قال بريدة : فجعلت أقرأ وأذكر عليا ، فتغيّر وجه رسول الله ، ثم قال صلّى
الله عليه وسلّم : يا بريدة ويحك ، أما علمت أن عليّا وليّكم بعدي » .
ترجمة أبي سعيد السجستاني
وأبو سعيد هذا من
كبار الحفّاظ المتقنين :
١
ـ السمعاني : « أبو سعيد مسعود بن ناصر بن أبي زيد السجزي الركّاب ، كان حافظا متقنا فاضلا
، رحل إلى خراسان ، والجبال ، والعراقين ، والحجاز ، وأكثر من الحديث وجمع الجمع.
روى لنا عنه جماعة كثيرة بمرو ، ونيسابور ، وأصبهان. وتوفي سنة ٤٧٧ » .
فهو من مشايخ
السمعاني.
٢
ـ الذهبي : « الإمام المحدّث
الرحال الحافظ » وأورد كلمة الدّقاق .
٣
ـ الذهبي : « مسعود بن ناصر
السجزي أبو سعيد الركاب ، الحافظ ،
__________________
رحل وصنّف وحدّث
عن : أبي حسّان المزكّي ، وعلي بن بشرى الليثي ، وطبقتهما. ورحل إلى بغداد
وأصبهان. قال الدقّاق : لم أر أجود إتقانا ، ولا أحسن ضبطا منه. توفي بنيسابور في
جمادى الاولى » .
٤
ـ اليافعي : « الحافظ أبو سعيد
مسعود بن ناصر السجزي ، رحل وصنّف وحدّث عن جماعة. وقال الدقاق : لم أر أجود
إتقانا ولا أحسن ضبطا منه » .
ترجمة الدّقاق
ولا بأس بترجمة
الدقّاق الذي قال هذه الكلمة بحقّ السجزي عن كتاب ( طبقات الحفاظ ) وهو مختصر ما
جاء بترجمته في ( تذكرة الحفاظ ) :
« الدقاق ، الحافظ
المفيد الرحال ، أبو عبد الله محمّد بن عبد الواحد بن محمّد الأصبهاني ، ولد سنة
بضع وثلاثين وأربعمائة ، وسمع وأكثر وأملى بسرخس ، وكان صالحا ، يقرئ ، متعفّفا ،
صاحب سنّة واتّباع. قال الحافظ إسماعيل بن محمد : ما أعرف أحدا أحفظ لغرائب
الأحاديث وغرائب الأسانيد منه. مات ليلة الجمعة ٦ شوال سنة ٥١٤ » .
(١٩)
رواية ابن المغازلي
ورواه علي بن محمّد الجلاّبي الواسطي
المعروف بابن المغازلي حيث
__________________
قال :
« حدّثنا محمد بن الحسين الزعفراني ،
ثنا جعفر بن محمّد أبو يحيى ، ثنا علي بن الحسين البزار وموسى بن محمّد البجلي
قالا : ثنا جعفر بن سليمان ، عن يزيد الرشك ، عن مطرف بن عبد الله ، عن عمران بن
حصين : إن رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ قال : ما تريدون من علي؟ إن عليا
منّي وهو وليّكم بعدي » .
قال : « كتب إليّ علي بن الحسين العلوي ; يخبرني : أن أبا الحسن أحمد بن محمد بن
عمران أخبرهم : نا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز ، ثنا أبو الربيع الزهراني ،
ثنا يزيد الرشك ، عن مطرف بن عبد الله ، عن عمران بن حصين قال قال رسول الله ـ
صلّى الله عليه وسلّم ـ : علي منّي وأنا منه وهو وليّ كلّ مؤمن بعدي » .
ترجمة ابن المغازلي والاعتماد
عليه
وابن المغازلي ،
فقيه محدّث ثقة ، أثنى عليه علماء أهل السنّة في كتبهم كالسمعاني في ( الأنساب ) ،
والبدخشاني في ( تراجم الحفاظ ) ، واعتمد عليه آخرون في بحوثهم : كابن حجر في (
الصّواعق ) ، والسمهودي في ( جواهر العقدين ) ، وابن باكثير المكّي في ( وسيلة
المآل ) ، والشيخاني القادري في ( الصّراط السوي ) ، وغيرهم ، وقد ذكرنا ذلك كلّه
في حديث التشبيه.
__________________
(٢٠)
رواية شيرويه الديلمي
ورواه الديلمي صاحب ( الفردوس ) في
كتابه :
ففي حرف العين : « فصل ـ عمران بن حصين
: علي منّي وأنا منه وهو وليّ كلّ مؤمن بعدي » .
وفي حرف الياء : « يا بريدة ، إن عليا
وليكم بعدي فأحبّ عليا فإنّه يفعل ما يؤمر » .
ترجمة شيرويه الديلمي
وشيرويه الديلمي
حافظ محدّث ثقة :
١
ـ الرافعي : « شيرويه بن
شهردار بن شيرويه بن فنا خسرو الديلمي ، أبو شجاع الهمداني الحافظ ، من متأخّري
أهل الحديث المشهورين الموصوفين بالحفظ. كان قانعا بما رزقه الله تعالى من ريع
أملاكه ، سمع وجمع الكثير ورحل ، قال أبو سعد السمعاني : وتعب في الجمع ، صنف كتاب
الفردوس وكتاب طبقات الهمدانيين ... » .
٢
ـ الذهبي : « الديلمي ،
المحدّث الحافظ مفيد همدان ... » .
__________________
« ... وكان صلبا
في السنّة » .
٣
ـ الأسنوي : « ذكره ابن
الصّلاح فقال : كان محدّثا واسع الرحلة ، حسن الخلق والخلق ، ذكيّا ، صلبا في
السنّة ، قليل الكلام ، صنّف تصانيف انتشرت عنه ، منها كتاب الفردوس ، وتاريخ
همدان » .
التعريف بالفردوس
وكتاب ( فردوس
الأخبار ) من الكتب الموصوفة بالاعتبار والممدوحة عند المحدثين الكبار :
أمّا الديلمي فقد
وصف كتابه في خطبته بقوله : « أما بعد ، فإنّي رأيت أهل زماننا هذا ـ خاصة أهل
بلدنا ـ أعرضوا عن الحديث وأسانيده ، وجهلوا معرفة الصحيح والسقيم ، وتركوا الكتب
التي صنّفها الأئمّة قديما وحديثا ، في الفرائض والسنن والحلال والحرام والآداب
والوصية والأمثال والمواعظ ، واشتغلوا بالقصص والأحاديث المحذوفة عنها أسانيدها
التي لم يعرفها ناقلوا الحديث ، ولم تقرأ على أحد من أصحاب الحديث ، سيّما
الموضوعات التي وضعها القصّاص لينالوا بها القطيعات في المجالس على الطرقات. أثبتّ
في كتابي هذا اثني عشرة آلاف حديث من الأحاديث الصّغار على سبيل الاختصار ، من
الصحاح والغرائب والأفراد والصحف المروية عن النبيّ لعلي بن موسى الرضا ... ».
وقال ولده شهردار
بن شيرويه في خطبة كتابه ( مسند الفردوس ) : « فإنّ والدي الإمام السعيد أبا شجاع
شيرويه ـ قدّس الله روحه ونوّر ضريحه ـ حين
__________________
جمع الأحاديث التي
سماها كتاب الفردوس إنّما حذف منها أسانيدها تعمّدا منه وقصدا لأسباب عدّة ،
أوّلها : اقتداء واتّساء بمن تقدّمه من أهل العلم والزهد والعبادة. وثانيها :
تخفيفا على الطالبين وتسهيلا للناظرين فيه والحافظين له. وثالثها : قلّة رغبة جيل
هذا الزمن في المسندات ... والقول في فضيلة الأسناد أكثر من أن تتضمّنه أوراق وليس
هذا موضعه. ورابعها : أنه خرّجها من مسموعاته وكان ; متحقّقا متيقّنا أن أكثرها بل عامّتها مسند ، وفي مصنفات
الحفاظ الثقات ومجموعات الأئمة الأثبات.
فعراها عن الإسناد
اختصارا كما بيّن عذره في خطبة الكتاب.
وهو كتاب نفيس
عزيز الوجود ، مفتون به ، جامع للغرر والدرر النبويّة والفوائد الجمة والمحاسن
الكثيرة ، قد طنّت به الآفاق وتنافست في تحفّظه الرفاق ، لم يصنّف في الإسلام مثله
تفصيلا وتبويبا ، ولم يسبق إليه من سلافة الأيام ترصيفا وترتيبا. كأنّ كلّ فصل من
فصوله حقة لئالئ ملئت من الدرر المنظومة واللآلئ المكنونة ، أو جونة عطّار فتقت
بغارات المسك مشحونة. وكم ضمّنه ; من عجائب الأخبار وغرائب الأحاديث ممّا لا يوجد في كثير من
الكتب ، فهو في الحقيقة كالفردوس التي وصفها الله سبحانه وتعالى فقال : ( وَفِيها
ما تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ ).
فأمّا اليوم فقد كثرت
نسخه في البلاد واشتهرت فيما بين العباد ، بحيث لم يبق بلدة من بلاد العراق ولا
كورة من أقطار الآفاق إلاّ وعلماؤها مثابرون على تحصيله ، وأئمتها مكبّون على
اشترائه ونسخه ، وفضلاؤها مواظبون على قراءته وحفظه ، يرتعون في رياض محاسنه
ويجتنون من ثمار فوائده ، فسار مسير الشمس في كل بلدة ، وهبّ هبوب الريح في البر
والبحر ، يستحسنه الأئمة والحفاظ ويستفيد منه العلماء والوعّاظ ، ويستطيبه نحارير
الفضلاء ، وترتضيه أكياس البلغاء لنفاستها ، وتبذل الملوك الرغائب في استكتابه
لخزانتها ، ولم أسمع أحدا من أهل هذا الزمان عاب هذا الكتاب أو طعن فيه بسبب حذف
الأسناد ، بل
عدّوا ذلك من أحسن فوائده وأعظم منافعه ، لأن تنقية القشر من اللباب من شأن
العلماء ذوي الألباب ».
وقال السيّد علي
الهمداني في خطبة ( روضة الفردوس ) :
« لمّا طالعت كتاب
الفردوس من مصنفات الشيخ الإمام العلاّمة ، قدوة المحقّقين ، حجة المحدّثين شجاع
الملّة والدين ، ناصر السنّة ، أبو المحامد شيرويه بن شهردار الديلمي الهمداني ،
أفاض الله على روحه سجال الرحمة الرباني.
وجدت بحرا من بحور
الفوائد ، وكنزا من كنوز اللطائف ، مشحونا بحقائق الألفاظ النبوية مخزونا في حدائق
فصوله دقائق الآثار المصطفوية ، ومع كثرة فوائده وشمول موائده كاد أن تنطفي أنواره
وينطمس آثاره ، لما فيه من التطويل والزيادات وقصور الرغبات وانخفاض الطلبات ،
وإعراض أكثر أهل العصر عن معرفة الكتاب والسنة ، واشتغالهم بالعلوم المزخرفة التي
تتعلّق بالخصومات ، وشغفهم بالقصص والحكايات ، ولو لا رجلا من أهل هذا العلم في
كلّ عصر وزمان بمشيّة ربّ العزّة ، يجولون حول حمى السنّة ويذبّون عن جناب قدسه
شوائب زيغ أهل البدعة ، لقال من شاء ما شاء ، فجزى الله أئمة هذا العلم عنّا وعن
المسلمين خيرا.
دعتني بواعث خاطري
إلى استخراج لبابه واستحضار أبوابه ، تسهيلا لضبط الألفاظ وتيسيرا لدرك الحفاظ ،
فاستخرجت من قعر هذا البحر أشرف جواهرها ، وجنيت من أغصان رياضها أنفس زواهرها ،
وسميت كتابي هذا : روضة الفردوس ... ».
وذكره ( كاشف
الظنون ) بعنوان « فردوس الأخبار بمأثور الخطاب المخرّج على كتاب الشهاب في الحديث
، لأبي شجاع شيرويه بن شهردار بن شيرويه ابن فنا خسرو الهمداني الديلمي المتوفي
سنة ... واقتفى السيوطي أثره في جامعه الصغير ، ثم جمع ولده الحافظ شهردار المتوفى
سنة ٥٥٨ أسانيد كتاب
الفردوس ورتّبها
ترتيبا حسنا في أربع مجلّدات وسمّاه مسند الفردوس » .
وهو من الكتب
المرويّة بالأسانيد كما لا يخفى على من راجع كتب الأسانيد مثل ( مقاليد الأسانيد )
لأبي مهدي الثعالبي.
اعتماد ( الدهلوي ) على الديلمي
ومن العجب تكذيب (
الدهلوي ) هذا الحديث الذي رواه الديلمي ـ وشاركه في روايته كبار الأئمة ـ مع
اعتماده على بعض الخرافات والموضوعات التي انفرد الديلمي بروايتها ، مصرّحا بكونه
من مشاهير المحدثين ، مضيفا إلى ذلك كونه معتبرا ومعتمدا لدى الشيعة الإمامية كذلك!
فقد ذكر ( الدهلوي
) في باب المطاعن بعد حكاية رؤيا : « وروى أبو شجاع الديلمي ـ وهو من مشاهير
المحدثين ، والشيعة أيضا يقولون باعتباره ـ هذه الرؤيا في كتاب المنتقى عن ابن
عباس بالسياق المذكور. ورؤيا الإمام الحسن أيضا مشهورة وصحيحة السند ، روى الديلمي
في كتاب المنتقى عن حسن بن علي قال : ما كنت لأقاتل بعد رؤيا رأيتها ، رأيت رسول
الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ واضعا يده على العرش ، ورأيت أبا بكر واضعا يده على
منكب رسول الله ، ورأيت عمر واضعا يده على منكب أبي بكر ، ورأيت عثمان واضعا يده
على منكب عمر ، ورأيت دما دونه. فقلت : ما هذا؟ فقالوا : دم عثمان يطلب الله به » .
ومن الغرائب تكذيب
سيف الله الملتاني في رسالته المسمّاة بـ ( تنبيه السفيه ) شيخه ( الدهلوي ) فيما
نسبه إلى الشيعة والسنّة من الاعتماد على
__________________
الديلمي ، فنصّ
على « أنّ الديلمي غير معتبر عند السنّة فضلا عن الشيعة ».
فانظر ـ رحمك الله
ـ إلى هذا التناقض والتكاذب بين الأصل والفرع ، والتابع والمتبوع!!
(٢١)
رواية النّطنزي
ورواه أبو الفتح محمّد بن علي النطنزي
في ضمن قصة الغدير :
« عن أبي سعيد الخدري : إنّ رسول الله ـ
صلّى الله عليه وسلّم ـ دعا الناس إلى علي في غدير خم ، وأمر بما تحت الشجرة من
الشوك فقمّ وذلك يوم الخميس ، فدعا عليّا وأخذ بضبعيه فرفعهما حتى نظر إلى بياض
إبطي رسول الله ، ثم لم يتفرّقوا حتى نزلت هذه الآية : ( الْيَوْمَ
أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ
الْإِسْلامَ دِيناً )
فقال رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ : الله أكبر على إكمال الدين وإتمام
النعمة ورضا الربّ برسالتي والولاية لعلي بن أبي طالب من بعدي. ثم قال : من كنت
مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره وأخذل من خذله
» .
ترجمة النطنزي
وأبو الفتح
النطنزي من أكابر العلماء ومن مشايخ السّمعاني صاحب الأنساب :
١
ـ السمعاني : « أبو الفتح محمّد بن علي بن إبراهيم النطنزي ، أفضل
__________________
من بخراسان
والعراق في اللّغة والأدب والقيام بصنعة الشعر ، قدم علينا بمرو سنة إحدى وعشرين وقرأت
عليه طرفا صالحا من الأدب واستفدت منه واغترفت من بحره ، ثم لقيته بهمدان ، ثم قدم
علينا ببغداد غير مرة في مدة مقامي بها ، وما لقيته إلاّ وكتبت عنه واقتبست منه.
سمع بأصبهان أبا سعد المطرز ، وأبا علي الحداد ، وغانم بن أبي نصر البرجي ،
وببغداد أبا القاسم ابن بيّان الرزاز ، وأبا علي ابن نبهان الكاتب ، وطبقتهم. سمعت
منه أجزاء بمرو من الحديث. وكانت ولادته : ٤٨٨ بأصبهان » .
٢
ـ الصفدي : « كان من بلغاء
أهل النظم والنثر ، سافر البلاد ولقي الأكابر ، وكان كثير المحفوظ محب العلم
والسنّة ، ومكثر الصدقة والصيام ، ونادم الملوك والسلاطين ، وكانت له وجاهة عظيمة
عندهم ، وكان تيّاها عليهم متواضعا لأهل العلم ، سمع الحديث الكثير بأصبهان
وخراسان وبغداد ، ولم يمتّع بالرواية توفي في حدود ٥٠٠ ، أورد له ابن النّجار قوله
... » .
(٢٢)
رواية أبي منصور الديلمي
ورواه أبو منصور شهردار بن شيرويه
الديلمي في كتاب ( مسند الفردوس ) الذي مدحه الذهبي وجماعة من الأعلام ، وكذا (
الدهلوي ) وغيره ... رواه عنه الوصابي اليمني ( في أسنى المطالب ) حيث ذكر :
« عن أبي ذرّ الغفاري ـ 2 ـ قال قال رسول الله ـ صلّى الله عليه
وسلّم ـ : علي منّي وأنا من علي وعلي وليّ كلّ مؤمن بعدي ، حبّه إيمان
__________________
وبغضه نفاق والنظر
إليه رأفة. أخرجه الديلمي في مسند الفردوس ».
« عن بريدة ـ 2 ـ قال قال رسول الله ـ صلّى الله عليه
وسلّم ـ يا بريدة : إنّ عليا وليّكم بعدي فأحبّ عليا فإنّه يفعل ما يؤمر به. أخرجه
الديلمي في مسند الفردوس ».
ترجمة أبي منصور الدّيلمي
وأبو منصور حافظ
كبير ومحدّث عظيم :
١
ـ الذهبي : « شهردار بن
الحافظ شيرويه بن شهردار الديلمي ، المحدّث أبو منصور ، قال ابن السمعاني : كان
حافظا عارفا بالحديث ، فهما عارفا بالأدب ، ظريفا ، سمع أباه وعبدوس بن عبد الله
ومكّي السلاّر وطائفة. وأجاز له أبو بكر بن خلف الشيرازي ، وعاش خمسا وسبعين سنة »
.
٢
ـ السبكي : « ... قال ابن
السمعاني : كان حافظا ... روى عنه ابنه أبو مسلم ، وأبو سهل عبد السّلام السرقولي
، وطائفة. مات في رجب سنة ٥٠٨ » .
٣
ـ الإسنوي : « كان محدّثا
عارفا بالأدب ظريفا ، ملازما لمسجده ، خرّج أسانيد لكتاب والده المسمّى بالفردوس
ورتّبه ترتيبا حسنا ويسمّى الفردوس الكبير. ولد سنة ٤٨٣ قاله ابن الصلاح ولم يذكر
له وفاة » .
٤
ـ ابن قاضي شهبة كذلك وأضاف : « وتوفي في رجب سنة ٥٥٨ » .
٥
ـ الثعالبي : « قال الذهبي :
هو الإمام الحافظ أبو منصور ... كان
__________________
يجمع أسانيد كتاب
الفردوس لوالده ورتّبه ترتيبا عجيبا حسنا ، وقد فرغ منه وهذّبه ونقّحه ... » .
٦
ـ ( الدهلوي ) في ( بستان المحدّثين ) حيث ترجم والده ، وذكر عبارة الذهبي المتقدمة عن
الثعالبي في وصفه ومدح كتابه ...
الحازمي من تلامذة أبي منصور
الديلمي
ثم إنّ من تلامذة
أبي منصور الديلمي : أبو بكر الحازمي ، وهذا أيضا ممّا يدل على علوّ قدر الديلمي
وعظمة منزلته ، فإنّ الحازمي من أكابر الأئمة الحفّاظ :
قال الذهبي
بترجمته : « الحازمي ، الإمام الحافظ البارع النسّابة أبو بكر ... سمع من أبي
الوقت السجزي ومن شهردار بن شيرويه الديلمي وأبي زرعة الدمشقي ... وكتب الكثير
وصنّف وجوّد. قال الدبيثي : قدم بغداد وسكنها وتفقّه بها في مذهب الشافعي ، وجالس
العلماء وتميّز وفهم ، وصار من أحفظ الناس للحديث وأسانيده ورجاله ، مع زهد وتعبّد
ورياضة ... وذكره ابن النجار فقال : كان من أئمة الحفاظ العالمين بفقه الحديث
ومعانيه ورجاله ، وكان ثقة حجة نبيلا زاهدا عالما عابدا ورعا ... مات سنة ٥٨٤ ...
» .
الأسانيد إلى مسند الفردوس
ثم إن كتاب مسند
الفردوس من كتب الحديث التي عني بها المحدّثون
__________________
بروايتها
بالأسانيد :
فالثعالبي يذكر
طريقه بقوله : « مسند الفردوس لابن الديلمي : ـ سمعت عليه ( يعني علي الأجهوري )
بقراءتي القدر المذكور في الفردوس ، وأجاز لي سائره ، بسنده إلى الحافظ ابن أبي
بكر السيوطي ، من المسندة آسية بنت جار الله بن صالح الطبري ، عن إبراهيم بن محمد
بن صديق الدمشقي ، عن أبي العباس الحجّار ، عن الحافظ محبّ الدين محمّد بن محمود
بن النجار ، عن مؤلفه إجازة. فذكره » .
والشنواني يذكر
طريقه بقوله : « مسند الفردوس ، للحافظ أبي منصور شهردار ابن الحافظ أبي شجاع
شيرويه الديلمي الهمداني ، أرويه بالسند إلى الحافظ ابن حجر العسقلاني ، عن أبي
إسحاق التنوخي ، عن الحجار ، عن الحافظ محبّ الدين محمد بن محمود ابن النجار ، عن
الديلمي ... » .
(٢٣)
رواية الخطيب الخوارزمي
ورواه أبو المؤيد
الموفق بن أحمد المكي الخوارزمي بطرق متعدّدة ...
قال : « الفصل
الثاني عشر ـ في بيان تورّطه المهالك في الله تعالى ورسول الله ـ صلّى الله عليه
وسلّم ـ وشراء نفسه في ابتغاء مرضاة الله تعالى :
بهذا الإسناد عن
أحمد بن الحسين هذا قال : أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، قال : أخبرنا أحمد بن جعفر
القطيعي قال : حدّثنا عبد الله بن أحمد ابن حنبل قال : أخبرني أبي قال : حدّثنا
يحيى بن حمّاد قال : حدّثنا أبو عوانة
__________________
قال : حدّثنا أبو
بلج قال : حدّثنا عمرو بن ميمون قال : إني لجالس إلى ابن عباس ، إذ أتاه تسعة رهط
... » الحديث إلى آخره. وقد تقدم في رواية أحمد ، ورواية الحاكم.
وقال : « أنبأني مهذّب الأئمة أبو
المظفّر عبد الملك بن علي بن محمّد الهمداني ـ إجازة ـ قال : أخبرنا محمّد بن
الحسين بن علي البزار قال : أخبرنا أبو منصور محمد بن محمد بن عبد العزيز قال :
أخبرنا هلال بن محمد بن جعفر قال : حدّثنا أبو بكر محمد بن عمرو الحافظ قال :
حدّثني أبو الحسن علي بن موسى الجزار ـ من كتابه ـ قال : حدّثنا الحسن بن علي
الهاشمي قال : حدّثنا إسماعيل بن أبان قال : حدّثنا أبو مريم ، عن ثور بن أبي فاختة
، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال قال أبي :
دفع النبي ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ
الراية يوم خيبر إلى علي بن أبي طالب ففتح الله عليه ، وأوقفه يوم غدير خم فأعلم
الناس أنه مولى كلّ مؤمن ومؤمنة ، وقال صلّى الله عليه وسلّم : أنت منّي وأنا منك.
وقال له : تقاتل على التأويل كما قاتلت على التنزيل. وقال له : أنت مني بمنزلة
هارون من موسى ، وقال له : أنا سلم لمن سالمت وحرب لمن حاربت. وقال له : أنت
العروة الوثقى. وقال له : أنت تبيّن لهم ما اشتبه عليهم بعدي. وقال له : أنت إمام
كلّ مؤمن ومؤمنة ووليّ كلّ مؤمن ومؤمنة بعدي. وقال له : أنت الذي أنزل الله فيه : ( وَأَذانٌ
مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ ) وقال له : أنت الآخذ بسنّتي والذابّ عن
ملتي. وقال له : أنا أول من تنشق الأرض عنه وأنت معي. وقال له : أنا عند
الحوض وأنت معي. وقال له : أنا أول من يدخل الجنّة وأنت معي تدخلها والحسن والحسين
وفاطمة. وقال له : إن الله تعالى أوحى إلي بأن أقوم بفضلك ، فقمت به في الناس
وبلّغتهم ما أمرني الله بتبليغه. وقال له : اتق
__________________
الضّغائن التي لك في
صدور لا يظهرها إلاّ بعد موتي ، أولئك يعلنهم الله ويلعنهم اللاّعنون » .
وروى الخوارزمي كتاب عمرو بن العاص إلى
معاوية وقد جاء فيه : « وأمّا ما نسبت أبا الحسن أخا رسول الله ـ صلّى الله عليه
وسلّم ـ ووصيّه إلى الحسد والبغي على عثمان ، وسمّيت الصحابة فسقة ، وزعمت أنّه
أشادهم على قتله ، فهذا كذب وغواية. ويحك يا معاوية.
أما علمت أن أبا حسن بذل نفسه بين يدي
رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ وبات على فراشه.
وهو صاحب السبق إلى الإسلام والهجرة.
وقد قال فيه رسول الله ـ صلّى الله عليه
وسلّم ـ هو منّي وأنا منه.
وهو منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ
أنّه لا نبيّ بعدي.
وقد قال فيه رسول الله ـ صلّى الله عليه
وسلّم ـ يوم غدير خم : ألا من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من
عاداه وانصر من نصره وأخذل من خذله.
وهو الذي قال 7 فيه يوم خيبر : لأعطينّ الراية غدا
رجلا يحب الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله.
وهو الذي قال فيه يوم الطير : اللهم
ائتني بأحبّ خلقك إليك فلمّا دخل عليه قال : اللهم وإليّ وإليّ.
وقد قال فيه يوم النضير : علي إمام
البررة وقاتل الفجرة منصور من نصره مخذول من خذله.
وقد قال فيه : علي وليّكم من بعدي ـ
وذلك عليّ وعليك وعلى جميع المسلمين.
__________________
وقال : إنّي مخلّف فيكم الثقلين كتاب
الله وعترتي.
وقال : أنا مدينة العلم وعلي بابها » .
فيا للعجب ، يثبت
عمرو بن العاص حديث الولاية والطير ومدينة العلم حتما ، ويرغم بذلك أنف معاوية
رغما ، ومع ذلك ( الدهلوي ) الحقود يزيد في البغضاء على ابن النابغة الكنود
ومعاوية اللدود ، فيرمي هذه الأحاديث الشريفة بالكذب والبطلان؟!
من مصادر ترجمة الخوارزمي
والخطيب الخوارزمي
أثنى عليه ومدحه كلّ من ترجم له. انظر :
١ ـ فريدة القصر ـ
قسم شعراء خوارزم.
٢ ـ تاريخ ابن
النجار : ٣٦٠.
٣ ـ الفوائد
البهيّة في طبقات الحنفيّة : ٤١٠.
٤ ـ الجواهر
المضيّة في طبقات الحنفية ٢ / ١٨٨.
٥ ـ العقد الثمين
في تاريخ بلد الله الأمين ٧ / ٣١٠.
٦ ـ بغية الوعاة
في طبقات اللغويين والنحاة ٢ / ٣٠٨.
٧ ـ كتاب أعلام
الأخيار في فقهاء مذهب النعمان المختار ـ مخطوط.
وقد أوردنا ترجمته
عن هذه وغيرها من المصادر في حديث ( التشبيه ).
(٢٤)
رواية ابن عساكر
ورواه أبو القاسم
علي بن الحسين المعروف بابن عساكر في كتابيه
__________________
( الموافقات ) و (
الأربعون الطوال ) كما جاء في ( الرياض النضرة ) للمحبّ الطبري ، حيث روى حديث
الرهط مع ابن عباس ، فقال في آخره :
« أخرجه بتمامه
أحمد ، والحافظ أبو القاسم في الموافقات وفي الأربعين الطوال ، وأخرج النسائي بعضه
» .
كما روى الحديث عن
ابن عساكر جماعة آخرون كالكنجي في ( الكفاية ) ، وشهاب الدين أحمد بن ( توضيح
الدلائل ) ، وابن باكثير المكّي في ( وسيلة المآل ) ، والأمير الصنعاني في (
الرّوضة الندية ). كما ستطّلع عليه فيما بعد إن شاء الله تعالى.
وأخرجه في ( تاريخ دمشق ) بترجمة أمير
المؤمنين 7 بطرق جمّة
وألفاظ مختلفة ... وإليك نصوص رواياته :
« أخبرنا أبو بكر وجيه بن طاهر ، أنبأنا
أبو حامد الأزهري ، أنبأنا أبو محمد المخلدي ، أنبأنا المؤمل بن الحسن بن عيسى ،
أنبأنا محمد بن يحيى :
أنبأنا أبو نعيم ، أنبأنا ابن أبي غنيّة
، عن الحكم ، عن سعيد بن جبير :
عن ابن عباس عن بريدة ، قال : غزوت مع
علي إلى اليمن ، فرأيت منه جفوة فقدمت على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فذكرت
عليّا فتنقصته ، فرأيت وجه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يتغيّر ، فقال : يا
بريدة ، ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ فقلت : بلى يا رسول الله فقال : من كنت
مولاه فعليّ مولاه.
أخبرنا أبو محمد السيدي ، أنبأنا أبو
عثمان البجيري ، أنبأنا أبو عمرو بن حمدان ، أنبأنا أبو علي الحسن بن أحمد بن محمد
بن إسحاق العطاردي ببغداد ، أنبأنا محمد بن علي بن عمر المقدسي ، أنبأنا الحسين بن
الحسن الفزاري ، أنبأنا عبد الغفار بن القاسم ، حدثني عدي بن ثابت ، عن سعيد بن
__________________
جبير :
عن ابن عباس ، حدثني بريدة قال : قال
رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : علي مولى من كنت مولاه.
أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلم الفقيه
، أنبأنا عبد العزيز بن أحمد الكناني ، أنبأنا أبو عبد الله الحسين بن عبد الله بن
محمّد بن إسحاق ، أنبأنا خالي أبي خيثمة ابن سليمان ، أنبأنا أبو عمرو هلال بن
العلاء بالرّقة ، أنبأنا عبيد ابن يحيى أبو سليم ، أنبأنا أبو مريم عبد الغفار بن
القاسم الأنصاري ، عن عدي ابن ثابت ، عن سعيد بن جبير :
عن ابن عباس ، عن بريدة قال : قال رسول
الله صلّى الله عليه وسلّم : من كنت مولاه فعلي مولاه.
أخبرنا أبو سهل محمد بن إبراهيم ،
أنبأنا أبو الفضل الرازي أنبأنا أبو القاسم جعفر بن عبد الله بن يعقوب ، أنبأنا
محمد بن هارون ، أنبأنا نصر بن علي ، أنبأنا أبو أحمد ، أنبأنا ابن أبي غنية ، عن
الحكم ، عن سعيد بن جبير :
عن ابن عباس ، عن بريدة قال : قال رسول
الله صلّى الله عليه وسلّم : من كنت مولاه فعلي مولاه.
أخبرنا أبو طالب علي بن عبد الرحمن بن
أبي عقيل ، أنبأنا أبو الحسن الخلعي علي بن الحسن بن الحسين المصري الفقيه ،
أنبأنا أبو محمد بن عبد الرحمن بن عمرو بن النحاس ، أنبأنا أبو سعيد أحمد بن محمد
بن زياد بن الأعرابي ، أنبأنا عيسى بن أبي حرب الصفار ، أنبأنا يحيى بن أبي بكير ،
أنبأنا عبد الغفار ، حدّثني عدي ، حدثني سعيد بن جبير :
عن ابن عباس ، حدثني بريدة ، قال : قال
رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : علي بن أبي طالب مولى من كنت مولاه.
أخبرنا أبو القاسم ابن السمرقندي :
أنبأنا أحمد بن أبي عثمان وأبو طاهر القصاري.
حيلولة
: وأخبرنا أبو عبد الله بن القصاري ،
أنبأنا أبي ، قالا : أنبأنا إسماعيل بن الحسن بن عبد الله ، أنبأنا أحمد بن محمد
بن عقدة ، أنبأنا يعقوب ابن يوسف بن زياد الضبي ، وأحمد بن الحسين بن عبد الملك
الأودي ، قالا : أنبأنا خالد بن مخلد ، أنبأنا أبو مريم ، حدثني عدي بن ثابت ، عن
سعيد بن جبير :
عن ابن عباس ، حدثني بريدة قال : قال
رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : من كنت وليّه فعلي وليّه.
قصر به بعضهم فلم
يذكر فيه بريدة.
أخبرنا أبو الحسن ابن قبيس أنبأنا أبو
منصور ابن خيرون ، أنبأنا أبو بكر الخطيب ، أخبرني أبو بكر أحمد بن محمد بن أحمد
بن جعفر اليزدي بإصبهان ، أنبأنا الحسن بن محمد الزعفراني ، أنبأنا عبيد الله بن
جعفر بن محمد الرازي ، أنبأنا عامر بن بشير ، أنبأنا أبو حسّان الزيادي ، أنبأنا
الفضل بن الربيع ، عن أبيه :
عن المنصور ، عن أبيه ، عن جدّه عن ابن
عباس أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال : من كنت مولاه فعلي مولاه.
ورواه [ أيضا ] عبد الله بن بريدة ، عن
أبيه :
أخبرنا أبو سعد إسماعيل بن أحمد بن عبد
الملك الكرماني ، أنبأنا عبد الرحمن بن علي بن محمد الشاهد.
وأخبرنا أبو القاسم هبة الله بن عبد
الله ، أنبأنا أبو بكر الخطيب.
حيلولة
: وأخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد بن
عمر ، أنبأنا عاصم بن الحسن بن محمد ، قالوا : أنبأنا أبو عمر بن مهدي ، أنبأنا
أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة الكوفي. أنبأنا يحيى بن زكريا بن شيبان
الكندي ، أنبأنا إبراهيم بن الحكم بن ظهير ، حدّثني أبي ، عن منصور بن مسلم بن
سابور ، عن عبد الله بن عطاء :
عن عبد الله بن بريدة ، عن أبيه ، قال :
قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : عليّ بن أبي طالب مولى كلّ مؤمن ومؤمنة وهو
وليّكم بعدي.
أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن عبد
الملك ، أنبأنا أبو القاسم إبراهيم بن منصور ، أنبأنا أبو بكر ابن المقرئ ، أنبأنا
أبو يعلى ، أنبأنا خيثمة زهير بن حرب ، أنبأنا أبو الجواب ، أنبأنا عمّار بن زريق
، عن الأجلح :
عن عبد الله بن بريدة ، عن أبيه قال :
بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بعثين إلى اليمن ، على الأول علي بن أبي طالب
، وعلى الآخر خالد بن الوليد ، فقال : إذا اجتمعتما فعليّ على الناس ، وإذا
افترقتما فكلّ واحد منكما على جنده ، قال : فلقينا بني زبيد من اليمن فقاتلناهم
فظهر المسلمون على الكافرين فقتلوا المقاتل وسبوا الذرية ، واصطفى عليّ جارية من
الفيء ، فكتب معي خالد يقع في عليّ وأمرني أن أنال منه ، قال : فلما أتيت رسول
الله صلّى الله عليه وسلّم رأيت الكراهة في وجهه فقلت : هذا مكان العائذ بك ، يا
رسول الله بعثتني مع رجل وأمرتني بطاعته فبلّغت ما أرسلني [ به ]. قال : يا بريدة لا تقع في
عليّ ، عليّ منّي وأنا منه وهو وليّكم بعدي.
أخبرنا أبو القاسم ابن السمرقندي ،
أنبأنا عاصم بن الحسن ، أنبأنا عبد الواحد بن محمد ، أنبأنا أبو العباس ابن عقدة ،
أنبأنا أحمد بن يحيى ، أنبأنا عبد الرّحمن ـ هو ابن شريك ـ أنبأنا أبي ، عن الأجلح
:
عن عبد الله بن بريدة ، [ عن أبيه ] قال
: بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مع عليّ جيشا ومع خالد بن الوليد جيشا [ آخر
] إلى اليمن ، وقال : إن اجتمعتم فعليّ على النّاس ، وإن افترقتم فكلّ واحد منكما
على حده ، [ قال بريدة : ] فلقينا القوم فظهر المسلمون على المشركين ، فقتلنا
المقاتلة وسبينا الذرية ، وأخذ عليّ امرأة من ذلك السبي قال : فكتب معي خالد بن
الوليد ـ وكنت معه ـ إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ينال [ فيه ] من عليّ ،
ويخبره بذلك أن فعل [ كذا ] وأمرني أن أنال منه ، فقرأت عليه الكتاب ونلت من علي ،
فرأيت وجه نبي الله
صلّى الله عليه وسلّم متغيرا ، فقلت : هذا مقام العائذ [ بك ، يا رسول الله ]
بعثتني مع رجل وأمرتني بطاعته فبلّغت ما أرسلت به. فقال : يا بريدة لا تقع في عليّ
فإنّه منّي وأنا منه ، وهو وليّكم بعدي.
أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن محمد بن
الحصين ، أنبأنا أبو عليّ بن المذهب ، أنبأنا أحمد بن جعفر ، أنبأنا عبد الله بن
أحمد حدّثني أبي ، أنبأنا ابن نمير ، أنبأنا أجلح الكندي :
عن عبد الله بن بريدة ، عن أبيه بريدة ،
قال : بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بعثين إلى اليمن ، على أحدهما علي بن
أبي طالب ، وعلى الآخر خالد بن الوليد ، فقال : إذا التقيتم فعلي على الناس ، وإن
افترقتما فكل واحد منكما على جنده. قال [ بريدة ] : فلقينا بني زيد من أهل اليمن
فاقتتلنا فظهر المسلمون على المشركين ، فقتلنا المقاتلة ، وسبينا الذريّة فاصطفى
عليّ امرأة من السّبي لنفسه ، قال بريدة : فكتب معي خالد بن الوليد إلى رسول الله
صلّى الله عليه وسلّم يخبره بذلك ، فلما أتيت النبي صلّى الله عليه وسلّم دفعت
الكتاب [ إليه ] فقرئ عليه ، فرأيت الغضب في وجه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم!!!
فقلت : يا رسول الله هذا مكان العائذ [ بالله ، يا رسول الله ] بعثتني مع رجل
وأمرتني أن أطيعه فبلّغت ما أرسلت به. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لا تقع
في عليّ فإنّه منّي وأنا منه وهو وليّكم بعدي.
أخبرنا أبو القاسم ابن السمرقندي ،
أنبأنا عاصم بن الحسن ، أنبأنا أبو عمر بن مهدي ، أنبأنا أبو العباس بن عقدة ،
أنبأنا الحسن بن علي بن عفان أنبأنا حسن ـ يعني ابن عطية ـ أنبأنا سعاد ، عن عبد
الله بن عطا [ ء ] :
عن عبد الله بن بريدة ، عن أبيه ، قال :
بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم علي بن أبي طالب وخالد بن الوليد ، كل واحد
منهما وحده ، وجمعها فقال [ لهما ] : وإذا اجتمعتما فعليّ عليكم. قال [ بريدة ]
فأخذنا يمينا ويسارا ، قال : فأخذ عليّ [ جانبا ] فأبعد فأصاب سبيا فأخذ جارية من
الخمس ، قال
بريدة : وكنت من
أشدّ الناس بغضا لعليّ ، وقد علم ذلك خالد بن الوليد ، فأتى رجل خالدا فأخبره أنّه
أخذ جارية من الخمس فقال : ما هذا؟ ثم جاء [ رجل ] آخر ، ثم أتى آخر ، ثم تتابعت
الأخبار على ذلك فدعاني خالد فقال : يا بريدة قد عرفت الذي صنع ، فانطلق بكتابي
هذا إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأخبره فكتب إليه ، فانطلقت بكتابه حتى
دخلت على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فأخذ الكتاب فأمسكه بشماله وكان كما قال
الله عزّ وجلّ لا يكتب ولا يقرأ ، وكنت رجلا إذا تكلمت طأطأت رأسي حتى أفرغ من
حاجتي ، فتطأطأت رأسي فتكلّمت فوقعت في علي حتى فرغت ، ثم رفعت رأسي فرأيت رسول
الله صلّى الله عليه وسلّم قد غضب غضبا لم أره غضب مثله قطّ إلاّ يوم [ بني ]
قريضة والنظير ، فنظر إليّ فقال : يا بريدة إن عليا وليّكم بعدي ، فأحبّ عليا
فإنّه يفعل ما يؤمر.
قال [ بريدة ] : فقمت وما أحد من الناس
أحبّ إليّ منه.
وقال عبد الله بن عطا [ ء ] : حدثت بذلك
أبا حرب ابن سويد بن غفلة فقال : كتمك عبد الله بن بريدة بعض الحديث [ وهو ] أن
رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال له : أنافقت بعدي يا بريدة؟
أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر ،
أنبأنا أبو نصر عبد الرحمن بن علي ، أنبأنا يحيى بن إسماعيل ، أنبأنا عبد الله بن
محمد بن الحسن ، أنبأنا وكيع ، أنبأنا الأعمش ، عن سعد ، عن عبيدة :
عن عبد الله بن بريدة الأسلمي ، عن أبيه
، قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : من كنت وليه فعليّ وليه.
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي :
أنبأنا أبو الحسن بن النقور ، أنبأنا أبو بكر محمد بن علي بن محمد بن النضر
الديباجي ، أنبأنا أبو بكر يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن البهلول ، أنبأنا الحسن بن
عرفة ، أنبأنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن سعد بن عبيدة :
عن ابن بريدة ، عن أبيه ، قال : قال
رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : من كنت وليه فعلي وليّه.
أخبرنا أبو القاسم بن الحصين ، أنبأنا
أبو علي بن المذهب ، أنبأنا أبو بكر ابن مالك ، أنبأنا عبد الله بن أحمد ، حدّثني
أبي ، أنبأنا وكيع.
حيلولة
: وأخبرنا أبو سهل محمد بن إبراهيم ،
أنبأنا أبو الفضل الرازي ، أنبأنا جعفر بن عبد الله ، أنبأنا محمد بن هارون ،
أنبأنا عمرو بن علي ، أنبأنا أبو معاوية ، قالا : أنبأنا الأعمش ، عن سعد بن عبيدة
:
عن ابن بريدة ، عن أبيه ، عن النبيّ
صلّى الله عليه وسلّم. وفي حديث وكيع قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم :
من كنت وليّه فإنّ عليا وليّه.
أخبرنا أبو القاسم بن الحصين ، أنبأنا
أبو علي ، أنبأنا أبو بكر ، أنبأنا عبد الله ، حدّثني أبي ، أنبأنا أبو معاوية.
أنبأنا الأعمش ، عن سعد بن عبيدة :
عن ابن بريدة ، عن أبيه قال : بعثنا
رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في سرية ، قال : فلمّا قدمنا قال [ رسول الله صلّى
الله عليه وسلّم ] : كيف رأيتم صحابة صاحبكم؟ قال [ بريدة ] : فإما شكوته ـ أو
شكاه غيري ـ قال : فرفعت رأسي ـ وكنت رجلا مكبابا ، قال : ـ فإذا النبيّ صلّى الله
عليه وسلّم قد احمرّ وجهه ـ قال : ـ وهو يقول : من كنت وليه فعليّ وليّه.
أخبرتنا أم المجتبى العلوية ، قالت :
قرئ على إبراهيم بن منصور ، أنبأنا أبو بكر بن المقرئ ، أنبأنا أبو يعلى ، أنبأنا
أبو خيثمة ، أنبأنا محمد بن حازم ، أنبأنا الأعمش ، عن سعد بن عبيدة :
عن ابن بريدة ، عن أبيه قال : بعثنا
رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في سرية واستعمل علينا عليا ، فلما رجعنا قال لنا
رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : كيف وجدتم صحبة صاحبكم؟ قال [ بريدة ] : فإمّا
شكوته وإمّا شكاه غيري وكنت رجلا مكبابا فرفعت رأسي فإذا النبيّ صلّى الله عليه
وسلّم قد احمرّ وجهه وهو يقول : من كنت وليه فعليّ وليه.
أخبرنا أبو الوفاء عمر بن الفضل بن أحمد
بن عبد الله المسبر بإصبهان ، وأبو محمد أحمد بن محمد بن أحمد بن الحسين الرثاني
بها ، قالا : أنبأنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن إبراهيم القفال ، أنبأنا
إبراهيم بن عبد الله بن محمد ، أنبأنا أبو جعفر محمد بن عبيد الله بن العلاء
الكاتب ، أنبأنا علي بن حرب ، أنبأنا أبو معاوية الضرير ، أنبأنا الأعمش ، عن سعد
بن عبيدة :
عن ابن بريدة ، عن أبيه قال : بعثنا
النبيّ صلّى الله عليه وسلّم في سرية فاستعمل علينا عليا ، فلما جئناه سألنا كيف
رأيتم صاحبكم؟ فإمّا شكوته وإمّا شكاه غيري فرفعت رأسي ـ وكنت رجلا مكبابا ـ فإذا
وجه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قد احمرّ وهو يقول : من كنت وليّه فعلي وليّه.
كتب إليّ أبو بكر عبد الغفار بن محمد ،
وحدّثني أبو المحاسن عبد الرزاق بن محمّد عنه ، أنبأنا أبو بكر الحبري.
وأخبرنا أبو الحسن علي بن عبيد الله بن
أحمد بن علي البيهقي خطيب « خسروجرد » بها ، أنبأنا أبو عبد الرحمن طاهر بن محمد
بن محمد الشحامي إملاء بنيسابور ، أنبأنا الشيخ أبو سعيد بن أبي عمرو الصيرفي قالا
:
أنبأنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن سعد
بن عبيدة :
عن ابن بريدة ، عن أبيه ، قال : بعثنا
رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في سرية واستعمل علينا عليا ، فلما قدمنا قال :
كيف رأيتم أميركم؟ قال : فإمّا شكوته أو شكاه غيري ، قال : وكنت رجلا مكبابا ، قال
: فرفعت رأسي وإذا النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قد احمرّ وجهه ، قال : فقال : من
كنت وليّه فعليّ وليّه.
أخبرنا أبو القاسم بن الحصين ، أنبأنا
أبو علي بن المذهب ، أنبأنا أحمد ابن جعفر ، أنبأنا عبد الله بن أحمد ، حدّثني أبي
، أنبأنا وكيع ، أنبأنا الأعمش ، عن سعد بن عبيدة :
عن ابن بريدة ، عن أبيه : أنّه مر على
مجلس وهم يتناولون من عليّ ، فوقف عليهم فقال : إنّه قد كان في نفسي من علي شيء ،
وكان خالد بن الوليد
كذلك ، فبعثني رسول
الله صلّى الله عليه وسلّم في سرية عليها علي ، فأصبنا سبيا ، فأخذ علي جارية من
الخمس لنفسه ، فقال خالد بن الوليد دونك [ يا بريدة ] قال : فلمّا قدمنا على
النبيّ صلّى الله عليه وسلّم جعلت أحدّثه بما كان ، ثم قلت : إنّ عليا أخذ جارية
من الخمس قال وكنت رجلا مكبابا ، قال : فرفعت رأسي فإذا وجه رسول الله صلّى الله
عليه وسلّم قد تغيّر! فقال : من كنت وليّه فعلي وليّه.
أخبرتنا ام المجتبى العلوية ، قالت :
قرئ على إبراهيم بن منصور ، أنبأنا أبو بكر ابن المقرئ ، أنبأنا أبو يعلى ، أنبأنا
محمد بن عبد الله بن نمير ، أنبأنا وكيع ، أنبأنا الأعمش ، عن سعد بن عبيدة :
عن ابن بريدة ، عن أبيه : أنّه مرّ على
مجلس وهم ينالون من عليّ فوقف عليهم وقال : إنّه كان في نفسي على عليّ شيء ، وكان
خالد بن الوليد كذلك ، فبعث النبيّ صلّى الله عليه وسلّم سرية عليها عليّ فأصبنا
غنائم فأخذ علي جارية من الخمس لنفسه ، فقال خالد بن الوليد : دونك [ يا بريدة ].
فلمّا قدمنا على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم جعلت أحدّثه بما كان ، ثم قلت :
إنّ عليا أخذ لنفسه جارية من الخمس [ قال : ] وكنت رجلا مكبابا فرفعت رأسي فوجدت
وجه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم متغيرا! وقال : من كنت مولاه فعلي مولاه [
وليّه « خ » ].
أخبرنا أبو القاسم ابن الحصين ، أنبأنا
أبو علي ابن المذهب ، أنبأنا أحمد ابن جعفر ، أنبأنا عبد الله بن أحمد ، حدّثني
أبي ، أنبأنا روح ، أنبأنا روح ، أنبأنا علي بن سويد ابن منجوف :
عن عبد الله بن بريدة ، عن أبيه قال :
بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عليا إلى خالد بن الوليد ليقسّم الخمس ـ وقال
روح مرة : لقبض الخمس ـ قال : فأصبح عليّ ورأسه يقطر ، قال : فقال خالد لبريدة :
ألا ترى ما يصنع هذا؟ قال [ بريدة ] فلما رجعت إلى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم
أخبرته
بما صنع عليّ ، قال
: وكنت أبغض عليا ، قال : فقال يا بريدة ، أتبغض عليا؟ قال : فقلت : نعم. قال :
فلا تبغضه ـ [ و ] قال روح مرّة : فأحبّه ـ فإنّ له في الخمس أكثر من ذلك.
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن الفضل ،
وأبو المظفر ابن القشيري ، قالا : أنبأنا أبو عثمان البحيري ، أنبأنا أبو الحسن
محمد بن عمر بن محمد بن بهتة البزّاز بالرصافة ، أنبأنا الحسين بن إسماعيل ،
أنبأنا يعقوب بن إبراهيم ، أنبأنا روح ، أنبأنا عليّ بن سويد :
عن عبد الله بن بريدة ، عن أبيه قال :
بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عليا إلى خالد بن الوليد ليقبض [ منه ] الخمس
، فأخذ منه جارية فأصبح ورأسه يقطر فقال خالد لبريدة : أما ترى ما صنع هذا؟ قال [
بريدة ] : وكنت أبغض عليا ، قال : فذكرت ذلك لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال
: يا بريدة أتبغض عليا؟ قال : قلت : نعم قال : فأحبّه فإنّ له في الخمس أكثر من
ذلك.
أخبرنا أبو سعد بن البغدادي ، أنبأنا
أبو منصور ابن شكرويه ، وأبو بكر السّمسار ، قالا : أنبأنا إبراهيم بن عبد الله
أنبأنا الحسين بن إسماعيل ، أنبأنا أبو حاتم الرازي ، أنبأنا الحسن بن عبد الله بن
حرب ، أنبأنا عمرو بن عطية :
حدثني عبد الله بن بريدة ، أنّ أباه
حدثه : أنّ نبيّ الله صلّى الله عليه وسلّم بعث خالد بن الوليد ، وعلي بن أبي طالب
، فقال لهما : إن كان قتال فعليّ عليكم. وإنّه فتح عليهم وذلك قبل اليمن ، فأصابوا
سبيا فانطلق علي إلى جارية حسناء ، وأخذها ليبعث بها إلى رسول الله ، فأتى عليه
خالد بن الوليد [ كذا ] وقال : لا بل أنا أبعث بها إلى رسول الله صلّى الله عليه
وسلّم. فلمّا سمعه خالد ، انطلق فبعث بريدة إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال
بريدة : أتيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وهو يغسل رأسه ، فنلت من علي عنده [
قال : ] و [ كنّا ] إذا قعدنا عند رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لم نرفع
أبصارنا إليه ، فقال
رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : مه يا بريدة بعض قولك : قال بريدة : فرفعت بصري
إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فإذا وجهه يتغيّر! ، فلمّا رأيت ذلك قلت :
أعوذ بالله من غضب الله وغضب رسوله ، قال بريدة : والله لا أبغضه أبدا بعد الذي
رأيت من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
أخبرنا أبو القاسم ابن الحصين ، أنبأنا
أبو عليّ بن المذهب ، أنبأنا أحمد ابن جعفر ، أنبأنا عبد الله بن أحمد حدّثني أبي
، أنبأنا يحيى بن سعيد :
أنبأنا عبد الجليل ، قال : أنتهيت إلى
حلقة فيها أبو مجلز ، وابن بريدة فقال عبد الله بن بريدة : حدثني أبي بريدة قال :
أبغضت عليا بغضا لم أبغضه أحدا قطّ ، قال : وأحببت رجلا من قريش لم أحبّه إلاّ على
بغض علي ، قال : فبعث ذلك الرجل على خيل فصحبته ، ما صحبته إلاّ على بغضه عليّا ،
فأصبنا سبيا ، قال : فكتب [ ذلك الرجل ] إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم :
ابعث إلينا من يخمّسه. قال : فبعث إلينا عليّا ـ وفي الخمس وصيفة هي من أفضل السبي
ـ فخمّس وقسم فخرج ورأسه يقطر ، فقلنا : يا أبا الحسن ما هذا؟ قال : ألم تروا إلى
الوصيفة التي كانت في السبي؟ فإنّ قسمت وخمّست فصارت في الخمس ، ثم صارت في أهل
بيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ثم صارت في آل علي ، فوقعت بها. قال : فكتب
الرجل إلى نبيّ الله صلّى الله عليه وسلّم فقلت : ابعثني فبعثني مصدقا ، قال :
فجعلت أقرأ الكتاب وأقول : صدق ، قال : فأمسك [ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ]
يدي والكتاب [ و ] قال : أتبغض عليا؟ قال : قلت : نعم. قال : فلا تبغضه وإن كنت
تحبّه فازدد له حبّا ، فو الذي نفس محمّد بيده لنصيب آل عليّ في الخمس أفضل من
وصيفة. قال : فما كان من الناس أحد بعد قول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أحبّ
إليّ من عليّ.
قال عبد الله : فو
الذي لا إله غيره ما بيني وبين نبيّ الله صلّى الله عليه
وسلّم في هذا
الحديث غير أبي بريدة.
أخبرنا أبو سهل محمد بن إبراهيم ،
أنبأنا أبو الفضل الرازي ، أنبأنا جعفر ابن عبد الله ، أنبأنا محمد بن هارون ،
أنبأنا محمد بن إسحاق ، أنبأنا محمد بن عبد الله ، أنبأنا أبو الجواب أنبأنا يونس
بن أبي إسحاق ، عن أبيه :
عن البراء [ بن عازب ] قال : بعث رسول
الله صلّى الله عليه وسلّم جيشين على أحدهما عليّ بن أبي طالب ، وعلى الآخر خالد
بن الوليد ، فقال : إذا
كان قتال فعليّ على الناس. [ قال : فذهبا ] فافتتح عليّ حصنا فأخذ جارية لنفسه ،
فكتب خالد إلى [ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ] فلمّا قرأ رسول الله صلّى الله
عليه وسلّم الكتاب قال : ما تقول في رجل يحب الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله.
أخبرتنا ام البهاء فاطمة بنت محمد ،
قالت : أنبأنا سعيد بن أحمد العيار ، أنبأنا أبو الحسين الخفاف ، أنبأنا أبو حامد
بن الشرقي ، أنبأنا أبو الأزهر إملاء من أصله ، أنبأنا أبو الجواب ، أنبأنا يونس
بن أبي إسحاق :
عن البراء بن عازب قال : بعث رسول الله
صلّى الله عليه وسلّم جيشين ، وأمّر على أحدهما علي بن أبي طالب ، وعلى الآخر خالد
بن الوليد ، فقال : إذا كان قتال فعليّ على النّاس قال : ففتح عليّ قصرا ـ وقال
أبو الأزهر مرة : فافتتح عليّ حصنا ـ فأخذ لنفسه جارية ، فكتب معي خالد بن الوليد
بشيء به ، فلمّا قرأ رسول الله الكتاب قال : ما تقول في رجل يحب الله ورسوله ويحبه
الله ورسوله. قال
[ البراء ] : قلت : أعوذ بالله من غضب الله.
أخبرنا أبو القاسم ابن السمرقندي ، وأبو
البركات يحيى بن عبد الرحمن ابن حبيش ، وأبو الحسن محمد بن أحمد بن إبراهيم
الدقيقي قالوا : أنبأنا أبو الحسين بن النقور ، أنبأنا عيسى بن علي ، أنبأنا أبو
القاسم عبد الله بن محمد ابن عبد العزيز ـ إملاء ـ ، أنبأنا أبو الربيع الزهراني ،
أنبأنا جعفر بن سليمان ، عن يزيد الرشك :
عن مطرف بن عبد الله ، عن عمران بن حصين
[ قال : ] إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال : عليّ منّي وأنا منه وهو وليّ
كلّ مؤمن بعدي.
هذا مختصر من حديث
:
أخبرناه أبو القاسم ابن الحصين ، أنبأنا
أبو علي بن المذهب ، أنبأنا أحمد بن جعفر ، أنبأنا عبد الله بن أحمد ، حدّثني أبي
، أنبأنا عبد الرزاق ، وعفان المعنى. وهذا حديث عبد الرزاق قالا : أنبأنا جعفر بن
[ سليمان ] حدّثني يزيد الرشك :
عن مطرف بن عبد الله ، عن عمران بن حصين
قال : بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم سرية وأمّر عليهم علي بن أبي طالب ،
فأحدث شيئا في سفره ، فتعاهد ـ قال عفان : فتعاقد ـ أربعة من أصحاب محمد صلّى الله
عليه وسلّم أن يذكروا أمره لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، قال عمران ، وكنّا
إذا قدمنا من سفرنا بدأنا برسول الله صلّى الله عليه وسلّم فسلّمنا عليه ، قال : فدخلوا عليه فقام
رجل منهم فقال :
يا رسول الله ، إنّ عليّا فعل كذا وكذا.
فأعرض عنه.
ثم قام الثاني فقال : يا رسول الله ،
إنّ عليّا فعل كذا وكذا. فأعرض عنه.
ثم قام الثالث ، فقال : يا رسول الله ،
إنّ عليّا فعل كذا وكذا.
ثم قام الرابع فقال : يا رسول الله ،
إنّ عليّا فعل كذا وكذا. قال : فأقبل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على الرابع ـ
وقد تغيّر وجهه! فقال : دعوا عليا ، دعوا عليّا ، دعوا عليا! إن عليّا منّي وأنا
منه ، وهو وليّ كلّ مؤمن بعدي.
[ و ] أخبرنا عاليا أبو المظفر ابن
القشيري ، أنبأنا أبو سعد الجنزرودي ، أنبأنا أبو عمرو بن حداد.
حيلولة : وأخبرناه أبو سهل بن سعدويه ،
أنبأنا إبراهيم بن منصور ، أنبأنا أبو بكر بن المقرئ ، قالا : أنبأنا أبو يعلى
أنبأنا عبيد الله ـ هو ابن عمر ، أنبأنا جعفر ـ زاد ابن حمدان : ـ ابن سليمان ـ
أنبأنا يزيد الرشك :
عن مطرف بن عبد الله ، عن عمران بن حصين
قال : بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم سريّة واستعمل عليهم علي بن أبي طالب ،
قال : فمضى علي ـ قال ابن المقرئ : في السريّة ـ قال عمران : وكان المسلمون إذا
قدموا من سفر أو غزو أتوا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قبل أن يأتوا رحالهم
فأخبروه بمسيرهم قال : وأصاب عليّ جارية ، قال : فتعاقد أربعة من أصحاب رسول الله
صلّى الله عليه وسلّم إذا قدموا على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ليخبرنّه ،
قال : فقدمت السرية فأتوا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، فقام أحدهم فقال :
يا رسول الله قد أصاب عليّ جارية. فأعرض
عنه.
قال : ثم قام الثاني فقال : يا رسول
الله ، وصنع عليّ كذا وكذا. فأعرض عنه.
قال : قام الثالث فقال : يا رسول الله ،
وصنع عليّ كذا وكذا. فأعرض عنه.
ثم قام الرابع فقال : يا رسول الله ،
وصنع [ عليّ ] كذا وكذا. قال : فأقبل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مغضبا الغضب
يعرف في وجهه! فقال :
ما تريدون من عليّ ، عليّ منّي وأنا منه
، وهو وليّ كلّ مؤمن بعدي!
وأخبرتنا به ام المجتبى العلوية ، قالت
: قرئ على إبراهيم بن منصور ، أنبأنا أبو بكر ابن المقرئ ، أنبأنا أبو يعلى ،
أنبأنا الحسن بن عمر بن شقيق الجرمي ، أنبأنا جعفر بن سليمان ، عن يزيد الرشك :
عن مطرف بن عبد الله الشخير ، عن عمران
بن حصين قال : بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم سريّة واستعمل عليهم عليا ، قال
: فمضى عليّ في السّرية ، فأصاب جارية. فأنكر عليه ذلك أصحاب رسول الله صلّى الله
عليه وسلّم [ و ] قالوا : إذا لقينا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أخبرناه بما
صنع عليّ. قال عمران : وكان المسلمون إذا قدموا من سفر بدءوا برسول الله صلّى الله
عليه وسلّم فسلّموا عليه ونظروا إليه ، ثم ينصرفون إلى رحالهم ،
قال : فلمّا قدمت
السّرية سلّموا على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، قال : فقام أحد الأربعة فقال
:
يا رسول الله ، ألم تر أن عليا صنع كذا
وكذا؟. فأعرض عنه.
ثم قام آخر منهم فقال : يا رسول الله ،
ألم تر أن عليا صنع كذا وكذا؟. فأعرض عنه.
ثم قام آخر منهم فقال : يا رسول الله ،
ألم تر أن عليّا صنع كذا وكذا؟. فأعرض عنه.
ثم قام آخر منهم فقال : يا رسول الله ،
ألم تر أنّ عليّا صنع كذا وكذا؟.
فأقبل إليه رسول الله صلّى الله عليه
وسلّم ـ والغضب يعرف في وجهه فقال : ما تريدون من علي ، ما تريدون من علي؟ إنّ
عليا منّي وأنا منه ، وهو وليّ كلّ مؤمن بعدي.
قال : وأنبأنا أبو يعلى ، أنبأنا المعلى
بن مهدي ، أنبأنا جعفر بإسناده نحوه ولم أجده ، وقد حفظته عنه.
أنبأنا أبو علي الحدّاد ، ثم أخبرنا أبو
القاسم ابن السمرقندي ، أنبأنا يوسف بن الحسن ، قالا : أنبأنا أبو نعيم الحافظ ،
أنبأنا عبد الله بن جعفر ، أنبأنا يونس بن حبيب ، أنبأنا أبو داود الطيالسي ،
أنبأنا أبو عوانة ، عن أبي بلج ، عن عمرو بن ميمون ، عن ابن عباس [ قال : ].
إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال
لعليّ : أنت وليّ كلّ مؤمن بعدي.
أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد ،
أنبأنا شجاع بن عليّ ، أنبأنا أبو عبد الله بن مندة ، أنبأنا خيثمة بن سليمان ،
أنبأنا أحمد بن حازم ، أنبأنا عبيد الله ابن موسى ، أنبأنا يوسف بن صهيب ، عن ركين
، عن وهب بن حمزة قال : سافرت مع عليّ بن أبي طالب من المدينة إلى مكّة ، فرأيت
منه جفوة ، فقلت : لئن رجعت فلقيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لأنالنّ منه ،
قال :
فرجعت فلقيت رسول
الله صلّى الله عليه وسلّم فذكرت عليا فنلت منه ، فقال لي رسول الله صلّى الله
عليه وسلّم ، لا تقولنّ هذا لعليّ فإنّ عليّا وليّكم بعدي » .
ترجمة ابن عساكر
١
ـ الذهبي : « الحافظ ابن
عساكر ، صاحب التاريخ الثمانين مجلدا ، أبو القاسم علي بن الحسين بن هبة الله
الدمشقي ، محدّث الشام ثقة الدين ... ساد أهل زمانه في الحديث ورجاله ، وبلغ في
ذلك الذروة العليا ، ومن تصفّح تاريخه علم منزلة الرجل في الحفظ » .
٢
ـ اليافعي : « الفقيه الإمام
المحدّث ، البارع الحافظ ، المتقن الضابط ، ذو العلم الواسع ، شيخ الإسلام ومحدّث
الشام ، ناصر السنّة وقامع البدعة ، زين الحفّاظ وبحر العلوم الزاخر ، الرئيس
المقر له بالتقدم ، العارف الماهر ، ثقة الدين ، الذي اشتهر في زمانه بعلو شأنه ،
ولم ير مثله في أقرانه ، الجامع بين المعقول والمنقول والمميّز بين الصحيح
والمعلول.
كان محدّثا في
زمانه حافظا ديّنا ، جمع بين معرفة المتون والأسانيد ، ساد أهل زمانه في الحديث
ورجاله. قال الحافظ الرئيس أبو المواهب : لم أر مثله ولا من اجتمع فيه من لزوم
طريقة واحدة منذ أربعين سنة. ذكره الإمام الحافظ ابن النجار في تاريخه فقال :
إمام المحدّثين في
وقته ومن انتهت إليه الرياسة في الحفظ والإتقان ، والمعرفة التامّة والثقة وبه ختم
هذا الشأن. وقال الحافظ عبد القاهر
__________________
الرهاوي : رأيت
الحافظ السلفي ، والحافظ أبا العلاء الهمداني ، والحافظ أبا موسى المديني ، فما
رأيت فيهم مثل ابن عساكر » .
وإن شئت المزيد
فراجع :
معجم الأدباء ١٣ /
٧٣.
ووفيات الأعيان ٣
/ ٣٠٩.
وطبقات السبكي ٧ /
٢١٥.
وطبقات الأسنوي ٢
/ ٢١٦.
وتتمة المختصر ٢ /
١٣٢.
وطبقات الحفاظ :
٤٧٤.
وغيرها.
وقد ذكرنا ترجمته
مفصلة في ( حديث الطير ).
(٢٥)
رواية الصالحاني
وروى أبو حامد محمود
الصّالحاني خبر ابن عباس والرّهط ، المشتمل على حديث الولاية ، والمتقدم سابقا ...
رواه بإسناده إلى أبي يعلى ... كما رواه عنه السيّد شهاب الدين أحمد وقال في آخره
: « رواه الصّالحاني بإسناده إلى الحافظ الإمام أبي يعلى الموصلي بإسناده وقال :
هذا حديث حسن متين. ورواه الطبري وقال : أخرجه أحمد بتمامه ، وأبو القاسم الدمشقي
في الموافقات ، وفي الأربعين الطوال ، وأخرج النسائي بعضه » .
__________________
التّعريف بالصّالحاني
والصّالحاني كثيرا
مّا ينقل عنه الشّهاب أحمد ويصفه بالأوصاف الحميدة والألقاب الجليلة ، مثل «
الإمام العالم الأديب الأريب المحلّى بسجايا المكارم ، الملقّب بين الأجلّة الأئمة
الأعلام بمحيي السنّة وناصر الحديث ومجدّد الإسلام ، العالم الرباني والعارف
السبحاني » « الذي سافر ورحل وأدرك المشايخ ، وسمع وأسمع وصنّف في كلّ فن ، وروى
عنه خلق كثير ، وصحب بالعراق أبا موسى المديني الإمام ومن في طبقته ... ».
واعتمد على روايته
ونصّ على تسنّنه العلاّمة سلامة الله الهندي في كتابه ( معركة الآراء ).
وله ترجمة في كتاب
( شدّ الإزار ) قال : « الشيخ سعد الدين أبو حامد محمود بن محمّد الصالحاني الأديب
، سافر الحجاز وأدرك مشايخ ذاك العهد وصحب في العراق أبا موسى المديني ومن في
طبقته ، ثم سكن شيراز. وأسمع الحديث وصنّف الكتب في كلّ فن ، وروى عنه خلق كثير ،
وعاش سبعين سنة ما تأذّى أحد منه قط ، وكان صاحب فراسة. توفّي في ربيع الأوّل سنة
٦١٢ وقبره عند قبر أبي السائب ، رحمة الله عليهم » .
(٢٦)
رواية أبي السعادات ابن الأثير
ورواه أبو السعادات المبارك بن محمّد
المعروف بابن الأثير الجزري
__________________
الشافعي : عن « عمران
بن حصين. قال : بعث رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ جيشا واستعمل عليهم علي بن
أبي طالب ، فمضى في السرية فأصاب جارية ، فأنكروا عليه ، فتعاقد أربعة من أصحاب
النبي ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ فقالوا : إذا لقينا رسول الله أخبرناه بما صنع علي
، وكان المسلمون إذا رجعوا من سفر بدءوا برسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ
فسلّموا عليه ثم انصرفوا إلى رحالهم ، فلمّا قدمت السرية سلّموا على رسول الله ـ
صلّى الله عليه وسلّم ـ فقام أحد الأربعة فقال :
يا رسول الله ، ألم تر إلى علي بن أبي
طالب صنع كذا وكذا؟ فأعرض عنه رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ.
ثم قام الثاني فقال مثل مقالته ، فأعرض
عنه.
ثم قام إليه الثالث فقال مثل مقالته ،
فأعرض عنه.
ثم قام الرابع فقال مثل ما قالوا.
فأقبل إليهم رسول الله ـ صلّى الله عليه
وسلّم ، والغضب يعرف في وجهه ـ فقال : ما تريدون من علي! ما تريدون من علي! ما
تريدون من علي! إنّ عليّا منّي وأنا من علي وهو ولي كلّ مؤمن بعدي.
أخرجه الترمذي » .
من مصادر ترجمة ابن الأثير
وهذه طائفة من
مصادر ترجمة ابن الأثير صاحب جامع الأصول :
١ ـ الكامل في
التاريخ ١٢ / ١٢٠.
__________________
٢ ـ وفيات الأعيان
٤ / ١٤١.
٣ ـ المختصر في
أخبار البشر ٣ / ١١٨.
٤ ـ العبر في خبر
من غبر ٥ / ١٩.
٥ ـ معجم الأدباء
٦ / ٢٣٨.
٦ ـ طبقات السبكي
٥ / ١٥٣.
٧ ـ بغية الوعاة ٢
/ ٢٧٤.
وقد ذكرنا ترجمته
عن هذه وغيرها في ( حديث الطير ).
(٢٧)
رواية أبي القاسم الرّافعي
ورواه إمام الدين أبو القاسم عبد الكريم
بن محمّد الرافعي القزويني ، كما في ( كنز العمّال ) و ( مفتاح النجا ) و ( معارج
العلى ) و ( القول المستحسن ) ... قال المتقي الهندي :
« سألت الله ـ يا علي ـ فيك خمسا فمنعني
واحدة وأعطاني أربعا ، سألت الله أن يجمع عليك امّتي فأبى عليّ ، وأعطاني فيك أنّ
أوّل من تنشق عنه الأرض يوم القيامة أنا وأنت معي ، معك لواء الحمد ، وأنت تحمله
بين يديّ تسبق به الأوّلين والآخرين ، وأعطاني فيك أنّك وليّ المؤمنين بعدي.
الخطيب ، والرافعي ، عن علي » .
وهذا نصّ رواية الرافعي : « إبراهيم بن
محمّد بن عبيد بن جهينة أبو إسحاق الشهرزوري ... ثنا عبيد الله سعيد بن كفير بن
عفير ، ثنا إبراهيم بن
__________________
رشيد أبو إسحاق
الهاشمي الخراساني ، حدّثني يحيى بن عبد الله بن حسين ابن حسن بن علي بن أبي طالب
، حدّثني أبي ، عن أبيه ، عن جدّه ، عن علي 2
عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال :
سألت الله ـ يا علي ـ فيك خمسا ، فمنعني
واحدة وأعطاني أربعا ، سألت الله أن يجمع عليك امّتي فأبى عليّ ، وأعطاني فيك :
أنّ أوّل من تنشق عنه الأرض يوم القيامة أنا وأنت معي ، معي لواء الحمد وأنت تحمله
بين يديّ ، تسبق به الأوّلين والآخرين. وأعطاني أنّك أخي في الدنيا والآخرة. وأعطاني
أن بيتي مقابل بيتك في الجنّة. وأعطاني أنك وليّ المؤمنين بعدي » .
ترجمة الرّافعي
والرافعي إمام ،
فقيه ، محدّث ، رجالي ... توجد ترجمته في :
١ ـ تهذيب الأسماء
واللغات ٢ / ٢٦٤.
٢ ـ طبقات السّبكي
٨ / ٢٨١.
٣ ـ النجوم
الزاهرة ٦ / ٢٦٦.
٤ ـ مرآة الجنان ٤
/ ٥٦.
٥ ـ العبر ٥ / ٩٤.
٦ ـ سير أعلام
النبلاء ٢٢ / ٢٥٢ وهذه خلاصة ما قال :
« الرّافعي ، شيخ
الشّافعيّة ، عالم العجم والعرب ، إمام الدين ، كان من العلماء العاملين ، يذكر
عنه تعبد ونسك وأحوال وتواضع ، انتهت إليه معرفة المذهب.
__________________
قال ابن الصلاح :
أظن أنّي لم أر في بلاد العجم مثله ، كان ذا فنون ، حسن السيرة جميل الأمر.
وقال أبو عبد الله
محمّد بن محمّد الإسفراييني الصفار : هو شيخنا ، إمام الدين ، ناصر السنّة صدقا ،
أبو القاسم ، كان أوحد عصره في الأصول والفروع ، ومجتهد زمانه ، وفريد وقته في
تفسير القرآن والمذهب ، كان له مجلس للتفسير وتسميع الحديث بجامع قزوين ، صنّف
كثيرا ، وكان زاهدا ورعا ، سمع الكثير.
قال الإمام
النواوي : هو من الصالحين المتمكّنين ، كانت له كرامات كثيرة ظاهرة.
وقال ابن خلّكان :
توفي في ذي القعدة سنة ٦٢٣ ».
وستأتي ترجمته في
قسم الدلالة أيضا.
(٢٨)
رواية أبي الحسن ابن الأثير
ورواه عز الدين أبو الحسن ابن الأثير
صاحب اسد الغابة ، بترجمة مولانا أمير المؤمنين 7
حيث قال :
« أنبأنا إبراهيم بن محمّد وغير واحد ،
بإسنادهم إلى أبي عيسى الترمذي ، ثنا قتيبة بن سعيد ، ثنا جعفر بن سليمان الضّبعي
، عن يزيد الرشك ، عن مطرف بن عبد الله ، عن عمران بن حصين قال : بعث رسول الله ...
فأقبل إليهم رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ، والغضب يعرف في وجهه ـ فقال :
ما تريدون من علي؟ ما تريدون من علي؟ ما
تريدون من علي؟ إنّ
عليّا منّي وأنا من
علي وهو وليّ كلّ مؤمن بعدي » .
فهو يرويه في سياق
فضائل أمير المؤمنين 7 ، وعن مشايخه ، بأسانيدهم إلى الترمذي ... وتلك شواهد على
صحّة الحديث وثبوته عنده واعتنائه به ...
من مصادر ترجمة ابن الأثير
وصاحب ( اسد
الغابة ) من أكابر الحفاظ المعتمدين ... وتوجد ترجمته في كلمات كبار العلماء ، في
المصادر المعتمدة مثل :
وفيات الأعيان ٣ /
٣٤٨.
وتذكرة الحفّاظ ٤
/ ١٣٩٩.
وطبقات السبكي ٥ /
١٢٧.
والعبر ٥ / ١٢٠.
والمختصر ٣ / ١٦١.
وقد أوردنا ترجمته
بالتفصيل في حديث الطير.
كلمات في مدح اسد الغابة
وكتاب ( اسد
الغابة في معرفة الصحابة ) من الكتب المعتمدة المقبولة :
قال ابن قاضي شهبة
: « صنّف كتابا حافلا في معرفة الصحابة ، جمع فيه بين : كتاب ابن مندة ، وكتاب أبي
نعيم ، وكتاب ابن عبد البرّ ، وكتاب أبي
__________________
موسى في ذلك ،
وزاد وأفاد ، وسمّاه أسد الغابة في معرفة الصحابة » .
وقال ابن الوزير :
« وهو أجمع كتاب في هذا المعنى » .
وقال كاشف الظنون
: « واستدرك ما فات على من تقدّمه ، وبيّن أوهامهم قاله الذهبي في تجريد أسماء
الصحابة ، وهو مختصر أسد الغابة » .
(٢٩)
رواية أبي الربيع ابن سبع الكلاعي
ورواه أبو الرّبيع سليمان بن موسى
الكلاعي البلنسي المعروف بابن سبع ، في كتابه ( شفاء الصّدور ) عن بريدة بن الحصيب ، كما جاء في (
أسنى المطالب للوصّابي اليمني ) حيث قال :
« وعنه في رواية أخرى : إن خالد بن
الوليد قال : اغتنمها يا بريدة فأخبر النبي ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ ما صنع.
فقدمت ودخلت المسجد ورسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ في منزل ، وناس من أصحابه
على بابه ، فقال : ما الخبر يا بريدة؟ فقلت : خيرا ، فتح الله على المسلمين ،
فقالوا : ما أقدمك؟ فقلت : جارية أخذها علي من الخمس ، فجئت لأخبر النبي صلّى الله
عليه وسلّم. قالوا : فأخبر النبيّ فإنّه يسقط من عينه ، ورسول الله ـ صلّى الله
عليه وسلّم ـ يسمع الكلام ، فخرج مغضبا فقال :
ما بال القوم ينتقصون عليا؟! من أبغض
عليا فقد أبغضني ، ومن
__________________
فارق عليا فقد
فارقني ، إنّ عليّا منّي وأنا منه ، خلق من طينتي وخلقت من طينة إبراهيم وأنا أفضل
من إبراهيم ، ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم. يا بريدة ، أما علمت : أن لعلي
أكثر من الجارية التي أخذ ، وأنه وليّكم بعدي؟
أخرجه ابن جرير في تهذيب الآثار ، وابن
أسبوع الأندلسي في الشفا ».
ترجمة ابن سبع الكلاعي
وأبو الربيع
الكلاعي من أكابر الحفاظ الثقات :
١
ـ الذهبي : « الكلاعي ،
الإمام العالم ، الحافظ البارع ، محدّث الأندلس وبليغها أبو الربيع ... كان إماما
في صناعة الحديث ، بصيرا به ، حافظا حافلا ، عارفا بالجرح والتعديل ، ذاكرا
للمواليد والوفيات ، يتقدّم أهل زمانه في ذلك ، وفي حفظ أسماء الرجال خصوصا من
تأخّر زمانه » .
٢
ـ وقال : « أبو الربيع الكلاعي ، سليمان بن سالم البلنسي ،
الحافظ الكبير ، صاحب التصانيف وبقيّة أعلام الأثر بالأندلس ... » .
٣
ـ وقال : « الإمام العلاّمة ، الحافظ المجود ، الأديب البليغ
، شيخ الحديث والبلاغة بالأندلس ، وكان من كبار أئمة الحديث ... » .
٤
ـ اليافعي : « الحافظ ، أبو
الربيع الكلاعي ، سليمان بن موسى البلنسي ، صاحب التصانيف ، وبقيّة أعلام الأثر في
الأندلس. قال الأبّار :
__________________
وكان قد فاق
وتقدّم على أقرانه ، عارفا بالجرح والتعديل ، ذاكرا للمواليد والوفيات ، لا نظير
له في الإتقان والضّبط ... » .
٥
ـ السيوطي : « أبو الربيع ،
الإمام الحافظ البارع ، محدّث الأندلس وبليغها سليمان بن موسى ... وكان إماما في
صناعة الحديث ، بصيرا به ، حافظا عارفا ... » .
٦
ـ محمّد بن يوسف الشامي : « أو أبا الربيع ، فالثقة الثبت سليمان ابن سالم الكلاعي » .
٧
ـ المقري : « وكانت وقعة
اينجة التي قتل فيها الحافظ أبو الربيع الكلاعي ; تعالى يوم الخميس لعشر بقين من ذي الحجة سنة ٦٣٤ ، ولم يزل
; تعالى متقدّما أمام الصّفوف زحفا إلى الكفّار مقبلا على العدو ... وكان ; تعالى حافظا
للحديث ، مبرّزا في نقده ، تام المعرفة بطرقه ، ضابطا لأحكام أسانيده ، ذاكرا
لرجاله ... » .
(٣٠)
رواية الضياء المقدسي
ورواه ضياء الدين محمّد بن عبد الواحد
المقدسي الحنبلي في كتاب ( المختارة ) كما جاء في ( أسنى المطالب للوصابي ) : « عن
ابن عباس ـ 2 ـ إن رسول
الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ قال لبريدة : إن عليّا
__________________
وليّكم بعدي فأحبّ
عليّا فإنّه يفعل ما يؤمر به.
أخرجه الحاكم في المستدرك والضياء في
المختارة » .
كتاب المختارة للضياء
ورواية الضياء
المقدسي هذا الحديث الشريف في كتابه ( المختارة ) من أقوى الأدلة على صحته وثبوته
، ومن أمتن الحجج على ردّ أهل العناد والمكابرة ، وقطع ألسنتهم ودحض أباطيلهم ...
ذلك ، لأنّ الضياء قد التزم في كتابه هذا بالصحّة ، وأذعن بذلك المحقّقون ووافقوه
على صحة أخباره ، حتّى جعل بعضهم تصحيحه أعلى من تصحيح الحاكم ، ورجّح كتابه على
المستدرك.
قال كاشف الظنون :
« المختارة في الحديث ، للحافظ ضياء الدين محمّد بن عبد الواحد المقدسي الحنبلي ،
المتوفى سنة ٦٤٣. التزم فيه الصحة ، فصحّح فيه أحاديث لم يسبق إلى تصحيحها. قال
ابن كثير : وهذا الكتاب لم يتم ، وكان بعض الحفّاظ من مشايخنا يرجّحه على مستدرك
الحاكم. كذا في الشذا الفيّاح » .
وقال الشيخ حسن
زمان في القول المستحسن :
« قال الشيخ
الكردي في الأمم : هي الأحاديث التي يصلح أن يحتجّ بها ، سوى ما في الصحيحين
وقالوا : كتابه أحسن من مستدرك الحاكم.
وقال الزركشي في
تخريج أحاديث الرّافعي : إن تصحيحه أعلى من
__________________
تصحيح الحاكم ،
وإنه قريب من تصحيح الترمذي وابن حبان.
ووافقه ابن حجر
والسّخاوي.
والسيوطي أشرك
صحيحه بالصحيحين في إطلاق اسم الصحّة على جميع ما فيه.
وممّن يعتمده :
الحافظ المزّي ، والمنذري ، وعماد الدين ابن كثير ، في كثيرين ».
ترجمة الضّياء المقدسي
وقد أطنب القوم
وأطالوا في الثناء على الضياء المقدسي ومدحه وإطرائه :
١
ـ الذهبي : « الضياء ، الإمام
العالم الحافظ الحجة ، محدّث الشام شيخ السنّة. سمع ما لا يوصف كثرة ، وحصّل أصولا
كثيرة ، ونسخ وصنّف وليّن وجرح وعدّل ، وكان المرجوع إليه في هذا الشأن.
قال تلميذه عمر بن
الحاجب : شيخنا أبو عبد الله ، شيخ وقته ونسيج وحده ، علما وحفظا ، وثقة ودينا ،
من العلماء الربانيين ، وهو أكبر من أن يدل عليه مثلي ، كان شديد التحرّي في
الرّواية ، مجتهدا في العبادات ، كثير الذكر ، منقطعا متواضعا سهل العارية. رأيت
جماعة من المحدّثين ذكروه فأطنبوا في حقّه ومدحوه بالحفظ والزهد. سألت الزّكي
البرزالي عنه فقال : ثقة جليل حافظ ديّن.
قال ابن النجار :
حافظ متقن حجّة ، عالم بالرجال ، ورع تقي ، ما رأيت مثله في نزاهته وعفّته وحسن
طريقته.
وقال الشريف ابن
النابلسي : ما رأيت مثل شيخنا الضياء ... » .
٢
ـ الذهبي أيضا : « والشيخ
الضياء الحافظ أحد الأعلام ... أفنى عمره في هذا الشأن ، مع الدين والورع ،
والفضيلة التامّة ، والثقة والإتقان ، انتفع الناس بتصانيفه والمحدّثون بكتبه ،
فالله يرحمه ويرضى عنه » .
٣
ـ الذهبي أيضا : « الشيخ
الإمام الحافظ ، القدوة ، المحقّق ، المجوّد ، بقيّة السّلف ... حصّل الأصول
الكثيرة ، وجرّح وعدّل ، وصحّح وعلّل ، وقيّد وأهمل ، مع الديانة والأمانة ،
والتقوى والصيانة ، والورع والتواضع ، والصّدق والإخلاص ، وصحّة النقل ، ومن
تصانيفه المشهورة ... » .
ومن مصادر ترجمته
:
الوافي بالوفيات ٤
/ ٦٥.
والبداية والنهاية
١٣ / ١٦٩.
والنجوم الزّاهرة
٦ / ٣٥٤.
وشذرات الذهب ٥ /
٢٢٤.
(٣١)
رواية محمّد بن طلحة
ورواه أبو سالم
محمّد بن طلحة القرشي الشافعي ، مصححا إيّاه ومحتجّا به ... وهذه عبارته : « اعلم
ـ أظهرك الله بنوره على أسرار التنزيل ،
__________________
ومنحك بلطفه تبصرة
تهديك إلى سواء السبيل ـ : أنّه لمّا كان من محامل لفظة المولى الناصر ، كان معنى الحديث
: من كنت ناصره فعليّ ناصره. فيكون النبي قد وصف عليّا بكونه ناصرا لكلّ من كان النبي ناصره ، فإنّه ذكر
ذلك بصيغة العموم. وإنّما أثبت النبي ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ هذه الصفة ـ وهي
صفة الناصرية لعلي ـ لمّا أثبتها الله عزّ وجلّ لعلي ، فإنّه نقل الإمام أبو إسحاق
الثعلبي يرفعه بسنده في تفسيره إلى أسماء بنت عميس قالت :
لمّا نزل قوله
تعالى : ( وَإِنْ تَظاهَرا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللهَ هُوَ
مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ ) سمعت رسول الله
يقول : صالح المؤمنين علي بن أبي طالب. فلمّا أخبر الله فيما أنزله على رسوله أنّ
ناصره هو الله وجبرئيل وعلي ، ثبتت صفة الناصرية لعلي ، فأثبته النبي اقتداء
بالقرآن الكريم في إثبات هذه الصفة له.
ثم وصفه بما هو من
لوازم ذلك بصريح قوله ـ فيما رواه الحافظ أبو نعيم في
حليته بسنده ـ : إن عليّا دخل فقال : مرحبا بسيّد المسلمين وإمام المتّقين. فسيادة المسلمين وإمامة المتّقين لمّا كانت من صفات نفسه
وقد عبّر الله تعالى عن نفس علي بنفسه ، وصفه بما هو من صفاتها ، فافهم ذلك.
ثم لم يزل يخصّه
بعد ذلك بخصائص من صفاته ، نظرا إلى ما ذكرنا. حتى روى
الحافظ أيضا في حليته بسنده عن أنس بن مالك قال قال رسول الله ـ صلّى الله عليه
وسلّم ـ لأبي برزة ـ وأنا أسمع ـ : يا أبا برزة ، إنّ الله عهد إليّ في علي بن أبي
طالب أنّه راية الهدى ومنار الإيمان ، وإمام أوليائي ونور جميع من أطاعني. يا أبا
برزة ، علي بن أبي طالب أميني غدا في القيامة ، وصاحب رايتي في القيامة ، واميني
على مفاتيح خزائن رحمة ربّي ،
وهو الكلمة التي
ألزمتها المتّقين ، من أحبّه أحبّني ومن أبغضه أبغضني ، فبشّره بذلك.
فإذا وضح لك هذا
المستند ، ظهرت حكمة تخصيصه عليّا بكثير من الصّفات دون غيره ، وفي ذلك فليتنافس
المتنافسون.
وقد روى الأئمة
الثقات : البخاري ، ومسلم ، والترمذي ، في صحاحهم بأسانيدهم ، أحاديث اتّفقوا
عليها ، وزاد بعضهم على بعض بألفاظ أخرى ، والجميع صحيح :
فمنها : عن
سعد بن أبي وقاص قال : إنّ رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ خلّف عليّا في غزوة
تبوك على أهله ، فقال : يا رسول الله ، تخلّفني في النساء والصبيان؟ فقال : أما
ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى غير أنّه لا نبي بعدي. قال ابن المسيّب :
أخبرني بهذا عامر بن سعد ، عن أبيه. فأحببت أن أشافه سعدا ، فلقيته فقلت له : أنت
سمعته من رسول الله ، صلّى الله عليه وسلّم؟ فوضع إصبعيه على أذنيه وقال : نعم ،
وإلاّ استكّتا.
وقال جابر بن عبد الله 2 : سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم
يقول لعلي : أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبي بعدي.
وروى مسلم والترمذي بسنديهما : إن
معاوية بن أبي سفيان أمر سعد ابن أبي وقاص قال : ما منعك أن تسبّ أبا تراب؟ فقال :
أما ما ذكرت ثلاثا قالهنّ له رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فلن أسبّه ، لأن تكون
لي واحدة منهنّ أحبّ إليّ من حمر النعم :
سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم
يقول له ـ وخلّفه في بعض مغازيه فقال ـ : أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من
موسى إلاّ أنّه لا
نبي بعدي.
وسمعته يقول يوم خيبر : لأعطينّ الراية
غدا رجلا يحبّ الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله. فتطاولنا إليها فقال : ادعوا لي
عليا ، فأتي به أرمد ، فبصق في عينيه ودفع إليه الراية ، ففتح الله عليه.
ولمّا نزلت هذه الآية : ( نَدْعُ
أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ) دعا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم
عليا وفاطمة وحسنا وحسينا فقال : اللهم هؤلاء أهلي.
ونقل الترمذي بسنده عن عمران بن حصين قال
: بعث رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ جيشا ، واستعمل عليهم علي بن أبي طالب
...
فأقبل إليهم رسول الله صلّى الله عليه
وسلّم ـ والغضب يعرف في وجهه ـ فقال : ما تريدون من علي! إنّ عليّا منّي وأنا من
علي وهو وليّ كلّ مؤمن بعدي ... » .
فقد رأيت كيف يذكر
ابن طلحة هذا الحديث في معرض الاستدلال والاحتجاج إلى جنب أحاديث أخرى ويقول : «
والجميع صحيح »؟
من مصادر ترجمة ابن طلحة
وابن طلحة يعدّ من
كبار فقهاء الشافعية ومحدّثيهم ، وقد ذكروه وأثنوا عليه في غير واحد من كتبهم.
فراجع منها : مرآة الجنان.
والعبر ٥ / ٢١٣.
وطبقات السبكي ٨ /
٦٣.
__________________
وطبقات ابن قاضي
شهبة
|
|
؟؟؟؟؟.
|
والبداية والنهاية
١٣ / ١٨٦.
والنجوم الزاهرة ٧
/ ٣٣.
والوافي بالوفيات
٣ / ١٧٦.
(٣٢)
رواية الكنجي الشّافعي
ورواه أبو عبد الله محمّد بن يوسف
الكنجي الشّافعي ، بأسانيده في غير موضع من كتابه ، حيث قال :
« الباب التاسع عشر : في غضب النبي ـ
صلّى الله عليه وسلّم ـ لمخالفة حكم علي ـ 2
ـ :
أخبرنا أحمد بن شمذويه الصريفيني بها
وأحمد بن محمّد بن سيد الأواني بها ، قالا : أخبرنا عمر الدينوري ، أخبرنا الكروخي
، أخبرنا أبو عامر محمود بن القاسم الأزدي وغيره ، أخبرنا الجراحي ، أخبرنا
المحبوبي ، أخبرنا أبو عيسى الحافظ ، حدّثنا قتيبة بن سعيد ، حدّثنا جعفر بن
سليمان الضبعي ، عن يزيد الرشك ، عن مطرف بن عبد الله ، عن عمران بن حصين قال :
بعث رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ جيشا ، واستعمل عليهم عليا ... فأقبل
عليهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ـ والغضب يعرف في وجهه ـ ثم قال :
ما تريدون من علي؟ ما تريدون من علي؟ ما
تريدون من علي؟ إنّ عليا منّي وأنا منه وهو وليّ كلّ مؤمن من بعدي ، فلا تخالفوه
في حكمه.
رواه أبو عيسى الحافظ كما أخرجناه.
وأخبرتني ـ كتابة
ـ عجيبة بنت الحافظ أعلى من هذا السند ، غير أنّ أصل سماعي منها لم يحضرني وقت
الإملاء.
وأخرجه الإمام أحمد بن حنبل في مناقب
علي 7 ، عن عبد
الرزاق وعفان ، عن جعفر بن سليمان ، غير أنّ في حديث عبد الرزاق : فأقبل رسول الله
6 على الرابع
ـ وقد تغيّر وجهه ـ فقال : دعوا عليا ، دعوا عليّا ، دعوا عليا ، إن عليّا منّي
وأنا منه وهو وليّ كلّ مؤمن بعدي. الباقي سواء » .
وقال الكنجي : «
روى إمام أهل الحديث أحمد بن حنبل في مسنده قصة نوم علي على فراش رسول الله ـ صلّى
الله عليه وسلّم ـ في حديث طويل. وتابعه الحافظ محدّث الشام في كتابه المسمّى
بالأربعين الطوال.
فأمّا حديث الإمام
أحمد ، فأخبرنا : قاضي القضاة حجة الإسلام أبو الفضل يحيى ابن قاضي القضاة أبي
المعالي محمّد بن علي القرشي قال : أخبرنا حنبل بن عبد الله المكّبر ، أخبرنا أبو
القاسم هبة الله بن الحصين ، أخبرنا أبو علي الحسن بن المذهّب ، أخبرنا أبو بكر
أحمد بن جعفر القطيعي ، حدّثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدّثنا أبي.
وأمّا الحديث الذي
في الأربعين الطوال فأخبرنا به : القاضي العلاّمة مفتي الشام ، أبو نصر محمّد بن
هبة الله ابن قاضي القضاة شرقا وغربا أبي نصر محمّد بن هبة الله بن محمّد بن جميل
الشيرازي ، قال : أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن ، أخبرنا الشيخ أبو
القاسم هبة الله بن محمّد بن عبد الواحد الشيباني ، أخبرنا أبو علي الحسن بن علي
بن محمّد التميمي ، أخبرنا أبو بكر أحمد بن جعفر بن حمدان القطيعي ، حدّثنا عبد
الله بن
__________________
أحمد بن محمّد بن
حنبل ، حدّثني أبي.
حدّثنا يحيى بن
حماد ، ثنا أبو عوانة ، حدّثنا أبو بلج ، حدّثنا عمرو ابن ميمون قال : إنّي لجالس
إلى ابن عباس ، إذ أتاه تسعة رهط ...
هكذا رويته من
مسند الإمام أحمد. وهذا حديث بطوله وإن لم يخرج في الصحيحين بهذا السياق لكن أكثر
ألفاظه متّفق على صحتها.
ورواه الإمام أبو
عبد الرحمن النسائي في خصائص علي ، عن محمّد ابن المثنى ، عن يحيى بن حماد ، بطوله
كما أخرجناه سواء » .
ترجمة الكنجي
وأبو عبد الله فخر
الدين محمّد بن يوسف الكنجي ، إمام ، محدّث ، فقيه ، متكلّم ، أديب ... كما وصفه
أرباب التواريخ والتّراجم ... فلاحظ :
١ ـ تذكرة الحفّاظ
٤ / ١٤٤١.
٢ ـ الذيل على
الروضتين : ٢٠٨.
٣ ـ ذيل مرآة
الزمان ١ / ٣٦٠.
٤ ـ البداية
والنهاية ١٣ / ٢٢١.
٥ ـ النجوم
الزاهرة ٦ / ٨٠.
٦ ـ الوافي
بالوفيات ٥ / ٢٥٤.
٧ ـ كشف الظنون
٢٦٣ ، ١٤٩٧ ، ١٨٤٤.
غير أنّ القوم
نقموا عليه ميله إلى مذهب أهل البيت : ، وقد كان هذا هو السّبب المهم في استشهاده في وسط جامع
دمشق ـ حيث
__________________
كان يملي كتابه في
مناقب أمير المؤمنين 7 ـ على يد النواصب بصورة شنيعة ... وقد جاء هذا في جميع
تراجمه ، نكتفي بكلام واحد ، وهو الصفدي :
« الفخر الكنجي ـ محمّد
بن يوسف بن محمّد بن الفخر الكنجي ، نزيل دمشق ، عني بالحديث ، وسمع ورحل وحصّل.
كان إماما محدّثا ، لكنّه كان يميل إلى الرفض ، جمع كتبا في التشيّع ، وداخل
التتار ، فانتدب له من تأذّى منه ، فبقر جنبه بالجامع في سنة ٦٥٨. وله شعر يدل على
تشيّعه وهو :
وكان علي أرمد
العين يبتغي
|
|
دواء فلمّا لم
يحسّ مداويا
|
شفاه رسول الله منه
بتفلة
|
|
فبورك مرقيّا
وبورك راقيا
|
وقال سأعطي
الراية اليوم فارسا
|
|
كميّا شجاعا في
الحروب محاميا
|
يحبّ الإله
والإله يحبّه
|
|
به يفتح الله
الحصون كما هيا
|
فخصّ بها دون
البريّة كلّها
|
|
عليا وسمّاه
الوصيّ المؤاخيا ».
|
(٣٣)
رواية محبّ الدين الطبري
ورواه أبو العباس أحمد بن عبد الله
الطبري في كتابيه غير مرة :
ففي ( الرياض النضرة ) في مناقب أمير
المؤمنين :
« عن عمران بن حصين قال : بعث رسول الله
ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ سرية واستعملها عليا. قال : فمضى على السرية فأصاب جارية
فأنكروا عليه ، وتعاقد أربعة من أصحاب النبي ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ قالوا : إذا
لقينا رسول الله أخبرناه بما صنع علي. قال عمران : وكان المسلمون إذا قدموا من سفر
بدءوا برسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ وسلّموا عليه ثم انصرفوا
إلى رحالهم ، فلمّا
قدمت السرية سلّموا على رسول الله ، فقام أحد الأربعة فقال :
يا رسول الله ، ألم تر إنّ عليّا صنع
كذا وكذا ، فأعرض عنه.
ثم قام الثاني فقال مثل مقالته ، فأعرض
عنه.
ثم قام الثالث ، فقال مثل مقالته فأعرض
عنه.
ثم قام الرابع فقال مثل ما قالوا. فأقبل
إليه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ـ والغضب يعرف في وجهه ـ فقال :
ما تريدون من علي ـ ثلاثا ـ؟ إنّ عليا
منّي وأنا منه ، وإنّه وليّ كلّ مؤمن بعدي.
خرّجه الترمذي ـ وقال : حسن غريب ـ وأبو
حاتم.
وخرّجه أحمد وقال فيه : فأقبل رسول الله
صلّى الله عليه وسلّم على الرابع ـ وقد تغيّر وجهه ـ فقال : دعوا عليا ، علي منّي
وأنا منه وهو وليّ كلّ مؤمن بعدي » .
وفيه :
« عن بريدة قال : بعث رسول الله ـ صلّى
الله عليه وسلّم ـ سرية ، وأمّر عليها رجلا وأنا فيها ، فأصبنا سبيا ، فكتب الرجل
إلى رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ ابعث لنا من يخمّسه. قال : فبعث عليّا وفي
السّبي وصيفة وهي أفضل السّبي. قال : فخمّس وقسّم. قال : فخرج ورأسه يقطر. قلنا :
يا أبا الحسن ما هذا؟ قال : ألم تروا إلى الوصيفة التي كانت في السّبي ، فإنّي
قسّمت وخمّست فصارت في الخمس ، ثم صارت في أهل بيت النبي ، ثم صارت في آل علي.
فكتب الرجل إلى النبيّ صلّى الله عليه
وسلّم.
__________________
فقلت : ابعثني مصدّقا. قال : فجعلت أقرأ
الكتاب وأقول : صدق. فأمسك يدي والكتاب وقال :
تبغض عليا؟!
قلت : نعم.
قال : فلا تبغضه ، وإن كنت تحبّه فازدد
له حبّا ، فو الّذي نفسي بيده لنصيب آل علي في الخمس أفضل من وصيفة.
قال : فما كان من الناس أحد بعد رسول
الله أحبّ إليّ من علي.
وفي رواية : فلمّا أتيت النبيّ دفعت
الكتاب فقرئ عليه ، فرأيت الغضب في وجهه. فقلت : يا رسول الله ، هذا مكان العائذ ،
بعثتني مع رجل وأمرتني أن أطيعه ، ففعلت ما أمرت. فقال رسول الله ـ صلّى الله عليه
وسلّم ـ : لا تقع في علي فإنّه منّي وأنا منه وهو وليّكم بعدي.
خرّجهما أحمد » .
وفي ( ذخائر العقبى ) :
« ذكر أنّه من النبيّ صلّى الله عليه
وسلّم ، وأنّه وليّ كلّ مؤمن بعده ...
عن عمران بن حصين
... عن عمرو بن ميمون قال : إني لجالس عند ابن عباس إذ أتاه ... » إلى آخر الحديث
بطوله كما تقدّم في رواية أحمد والحاكم وغيرهما ... فلا نكرّر.
ترجمة المحبّ الطبري
والمحبّ الطبري
فقيه ، محدّث ، كبير ، كان شيخ الحرم في عصره ،
__________________
فلاحظ :
١ ـ تذكرة الحفّاظ
٤ / ٢٥٥.
٢ ـ النجوم
الزاهرة ٨ / ٧٤.
٣ ـ مرآة الجنان ٤
/ ٢٢٤.
٤ ـ طبقات السبكي
٥ / ٨.
٥ ـ شذرات الذهب ٥
/ ٤٢٥.
٦ ـ البداية
والنهاية ١٣ / ٣٤٠.
٧ ـ طبقات الحفاظ
: ٥١٤ ، قال :
« المحبّ الطبري ،
الإمام المحدّث فقيه الحرم ، أبو العبّاس أحمد بن عبد الله بن محمّد بن أبي بكر
المكي الشافعي ... وكان إماما ، زاهدا صالحا ، كبير الشأن. مات في جمادى الآخرة ،
سنة ٦٩٤ ».
(٣٤)
رواية صدر الدين الحمويني الجويني
ورواه صدر الدين أبو المجامع إبراهيم بن
محمّد الحمويني الجويني ، بسنده قائلا : « أخبرني الشيخ الإمام نجم الدين عثمان بن
الموفق الأذكاني ـ بقراءتي عليه بأسفراين في أواخر شهر جمادى الأخرى سنة ٦٧٥ ـ
بروايته عن والدي شيخ شيوخ الإسلام سلطان الأولياء سعد الحق والدين ، قدوة
الواصلين والعارفين محمّد بن أبي بكر الحموئي ـ تغمّده الله بغفرانه ، إجازة ـ
بروايته عن شيخ شيوخ الإسلام نجم الحق والدين أبي الجناب أحمد بن عمر بن محمّد بن
عبد الله الصوفي الخيوقي المعروف بكبرى ـ رضوان الله عليه ، إجازة إن لم يكن سماعا
ـ قال : أنبأنا محمّد بن عمر بن
علي الطوسي ـ بقراءتي
بنيسابور ـ قال : أنبأنا أبو العباس أحمد بن أبي الفضل السقّائي ، أنبأنا أبو سعيد
محمّد بن طلحة الجنابذي قال : حدثنا الإمام أبو بكر أحمد بن محمّد المفتي ، نبأ
ابن شاهين ، نبأ أبو القاسم البغوي ، حدثنا أبو الربيع الزهراني ، حدثنا جعفر بن
سليمان ، نبأ يزيد الرشك ، عن مطرف بن عبد الله ، عن عمران بن حصين :
إن رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ
قال : علي منّي وأنا منه وهو وليّ كلّ مؤمن بعدي » .
من مصادر ترجمة الحمويني
وهذه عدّة من
مصادر ترجمة الحمويني :
١ ـ تذكرة الحفّاظ
٤ / ١٥٠٥.
٢ ـ المعجم المختص
٣ ـ طبقات الأسنوي
١ / ٢١٧ قال :
« الصّدر الحموي ،
صدر الدين ، إبراهيم بن سعد الدين محمّد بن المؤيّد ، المعروف بالحموي ، نسبة إلى
مدينة حماة ، لأنّ جدّه كان من أبناء ملوكها.
كان المذكور إماما
في علوم الحديث والفقه ، كثير الأسفار في طلب العلم ، طويل المراجعة ، مشهورا
بالولاية هو وأبوه ، سكن بقرية من قرى نيسابور ، وتوفي بها حوالي السبعمائة ».
__________________
(٣٥)
كلام شمس الدّين الذهبي
وذكر شمس الدين محمّد بن أحمد الذهبي
رواية جعفر بن سليمان ، ثم نقل عن ابن عدي تصحيح النسائي الحديث ، ولم يتعقّبه
بشيء! وهذا نص العبارة :
« جعفر بن سليمان ، ثنا يزيد الرشك ، عن
مطرف ، عن عمران بن حصين قال :
بعث رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ
سرية استعمل عليها عليّا. الحديث. وفيه : ما تريدون من علي؟! علي منّي وأنا
منه وهو وليّ كلّ مؤمن بعدي.
قال ابن عدي :
أدخله النسائي في صحاحه » .
وقال الذهبي بترجمة أمير المؤمنين 7 في سياق مناقبه :
« وقال جعفر بن سليمان الضبعي : ثنا
يزيد الرشك ، عن مطرف بن عبد الله ، عن عمران بن حصين قال : بعث رسول الله صلّى
الله عليه وسلّم سرية واستعمل عليهم عليّا ، وكان المسلمون إذا قدموا من سفر أو
غزوا أتوا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قبل أن يأتوا رحالهم ، فأخبروه بمسيرهم
، فأصاب علي جارية ، فتعاقد أربعة من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم
لنخبرنّه ، قال : فقدمت السرية فأتوا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فأخبروه
بمسيرهم. فقام إليه أحد الأربعة فقال : يا رسول الله ، قد أصاب
__________________
علي جارية فأعرض
عنه. ثم قام الثاني فقال : صنع كذا وكذا ، فأعرض عنه. ثم الثالث كذلك ، ثم الرابع.
فأقبل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عليهم مغضبا فقال :
ما تريدون من علي! علي منّي وأنا منه ،
وهو وليّ كلّ مؤمن بعدي.
أخرجه أحمد في المسند ، والترمذي وحسّنه
، والنسائي » .
فيا للعجب! هذا
الذهبي الموسوم بالتحامل والاعتداء على فضائل أهل بيت الاصطفاء ، يثبت حتما وجزما
رواية جعفر هذا الحديث ، وابن عدي المفرط في الجرح والإزراء يعترف بأن النّسائي
أدخله في الصّحاح بلا امتراء ، ولم يتمكّنا من التفوّه بحرف في التعقّب على
التصحيح ، فضلا عن التوهين والتضعيف غير النجيح ، ومع ذلك تعدّى المخاطب ( الدهلوي
) طور ابن عدي ، وذهب عريضا في خلاف الذهبي ، بلا اكتراث من مؤاخذة أرباب النّقد
والكمال والجهابذة الأقيال!!
ترجمة الذهبي
والذّهبي من
علمائهم المعتمدين في الحديث والتاريخ والرجال ، وعلى مصنّفاته في هذه معوّلهم ...
فلاحظ تراجمه في :
١ ـ البدر الطالع
٢ / ١١٠.
٢ ـ شذرات الذهب ٦
/ ١٥٣.
٣ ـ طبقات السبكي
٥ / ٢١٦.
٤ ـ طبقات القرّاء
٢ / ٧١.
__________________
٥ ـ الوافي
بالوفيات ٢ / ١٦٣.
٦ ـ النجوم
الزاهرة ١٠ / ١٨٢.
٧ ـ الدرر الكامنة
٤ / ٢٣٦.
٨ ـ طبقات الحفّاظ
: ٥٢١. قال ما ملخّصه :
« الذهبي ، الإمام
، الحافظ ، محدّث العصر وخاتمة الحفّاظ ، ومؤرّخ الإسلام ، وفرد الدهر ، والقائم
بأعباء هذه الصناعة ، ولد سنة ٦٧٣ وطلب الحديث وله ١٨ سنة ، فسمع الكثير ، ورحل ،
وعني بهذا الشأن وتعب فيه ، وخدمه ، إلى أن رسخت فيه قدمه ، وتلا بالسبع وأذعن له
الناس. وحكي عن شيخ الإسلام أبي الفضل ابن حجر أنّه قال : شربت ماء زمزم لأصل إلى
مراتب الذهبي في الحفظ.
والذي أقوله : إن
المحدّثين عيال الآن في الرجال وغيرها من فنون الحديث على أربعة : المزي ، والذهبي
، والعراقي ، وابن حجر.
توفي سنة ٧٤٨ ».
(٣٦)
رواية الزّرندي
ورواه محمّد بن يوسف الزرندي في مناقب
أمير المؤمنين 7
قال :
« عن عمران بن حصين ـ 2 ـ إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم
قال : علي منّي وأنا منه وهو وليّ كلّ مؤمن بعدي » .
__________________
« عن علي ـ 2
ـ قال قال لي رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ سألت الله فيك خمسا ، فمنعني
واحدة وأعطاني فيك أربعا ، سألته أن يجمع عليك امّتي فأبى عليّ. وأعطاني أني أول
من تنشقّ عنه الأرض وأنت معي ، ولواء الحمد تحمله ، تسبقه الأوّلين والآخرين.
وأعطاني أنك أخي في الدنيا والآخرة ، وأعطاني أن بيتك مقابل بيتي في الجنّة ،
وأنّك ولي المؤمنين بعدي » .
« روى ابن عباس رضي الله عنهما قال :
سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول : كنت أنا وعلي نورا بين يدي الله عزّ
وجلّ من قبل أن يخلق آدم 7
بأربعة عشر ألف عام ، فلمّا خلق الله عزّ وجلّ آدم 7
سلك ذلك النور في صلبه ، ولم يزل الله عزّ وجلّ ينقله من صلب إلى صلب ، حتى أقرّه
في صلب عبد المطلب ، ثم أخرجه من صلب عبد المطلب فقسّمه قسمين ، قسما في صلب عبد
الله وقسما في صلب أبي طالب.
فعلي منّي وأنا منه وهو وليّ كلّ مؤمن
بعدي » .
ترجمة الزّرندي
ترجم له الحافظ
ابن حجر في أعيان القرن الثامن .
والشيرازي في
تاريخ شيراز وعلمائها .
وعنهما صاحب معجم
المؤلّفين إذ قال : « محمّد بن يوسف بن
__________________
الحسن بن محمّد بن
محمود بن الحسن الزرندي ، المدني ، الأنصاري ، الحنفي ، شمس الدين ، محدّث ، مسند
، راوية ، فقيه ، ناظم ، حدّث بحرم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بالمدينة ،
وقدم شيراز فدرّس ونشر الحديث ، وولي بها القضاء ، وتوفي بها. من آثاره : بغية
المرتاح إلى طلب الأرباح ، مولد النبيّ ، نظم درر السمطين في فضائل المصطفى
والمرتضى والبتول والسبطين ، ومعارج الوصول إلى معرفة آل الرسول » وأرخ وفاته بسنة
٧٤٧ .
وكتبه المذكورة
أصبحت من مصادر الحديث المعتمدة لدى المتأخّرين عنه.
(٣٧)
رواية الكازروني
ورواه سعد الدين
محمّد بن مسعود الكازروني مرسلا إرسال المسلّم في كلام له في مدح مولانا أمير
المؤمنين 7 ، أورده السيّد شهاب الدين أحمد ، حيث قال :
« قال الشيخ
الإمام الرحلة ، الذي لم يزل في عبادة الله تعالى في السّكون والرحلة ، سعيد الحق
والدين ، محمّد بن مسعود بن محمّد الكازروني في كتابه نصاب النقاب ، أحسن الله
تعالى إليه في المآب :
النافذ في مسالك
الصواب وبيانه : أنت مع الحق والحق معك ، الآخذ بممالك الثواب وبرهانه : طوبى لمن
اتّبعك ، المريد الصّادق في طريقة
__________________
مناجاة (
فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً ) البريد السابق في
حقيقة نجاة : أنا أول من آمن به وصدّقه ، الفائز بسعادات : إنّه لأوّل من آمن من
أصحابي سلما وأكثرهم علما وأعظمهم حلما ، المتماسك في جادة وفاء : أنت
الوافي بعهدي ، المتمالك في
مادّة صفاء : إنّك تبلّغ سؤالاتي من بعدي ، الوالي بعلاية : أنت
وليّ كلّ مؤمن بعدي ، المشرف بتشريف :
من أحبّ عليا فقد أحبّني ، المحمود بلطيفة : من
سبّ عليا فقد سبّني ، أول أربعة : إنّ
الجنة تشتاق إلى أربعة طوبى لمن اتّبعه ، القويّ في المعارك حتى كان يقول أصحابه : هو يحفظنا ويقينا ، البصير في
المدارك حتى قال : لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا ، المخصوص بعناية : إنّه
حامل رايتي يوم القيامة ، المنصوص بهداية : ما بعثته في سرية إلاّ وقد رأيت ملكا أمامه ، المشغول بعارفة
: أنا قسيم الجنة والنار ، المشمول بعاطفة : اللهم
أدر الحق معه حيث دار ، المبشّر ببشارة
: لو أحبّه أهل الأرض جميعا لما خلق الله النار ، المعظّم بفضيلة : من
كنت مولاه فعلي مولاه ، المتفرّع من
دوحة ( الصَّابِرِينَ فِي الْبَأْساءِ وَالضَّرَّاءِ
وَحِينَ الْبَأْسِ ) المتفرّد بدولة : يا
فاطمة بعلك ما يقاس به أحد من الناس ، المكرم بقربه : علي منّي بمنزلة
الرأس ، الذي ارتضاه الله تعالى
وليّا وكان له لسان صدق عليّا.
فرضوان الله تعالى
عليه وعلى ذريّته الطّيبين أجمعين » .
ترجمة الكازروني
والسعيد الكازروني
ذكره العسقلاني في أعيان القرن الثامن فنقل عن
__________________
ابن الجزري قوله :
« كان سعيد الدين محدّثا فاضلا ، سمع الكثير ، وأجاز له المزي وبنت الكمال وجماعة
، وخرّج المسلسل وألّف المولد النبوي فأجاد. ومات في أواخر جمادى الآخرة سنة ٧٥٨ »
.
وتوجد ترجمته في :
كفاية المتطلّع
لتاج الدين الدهان ، حيث ذكر الطريق إلى ( شرح المشارق ) للكازروني.
وشدّ الإزار : ٦١
ـ ٦٤.
ومعجم المؤلفين ١٢
/ ٢٠.
(٣٨)
رواية السيّد علي الهمداني
ورواه السيّد علي الهمداني في كتابه (
المودّة في القربى ) :
« عن ابن عمر قال : كنّا نصلّي مع
النبيّ ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ فالتفت إلينا فقال : يا أيّها الناس ، هذا وليكم
بعدي في الدنيا والآخرة فاحفظوه. يعني عليا » .
ترجمة السيّد الهمداني
وقد ذكر السيّد
علي الهمداني بكلّ تبجيل في كتب مشايخ الصّوفية مثل : ( نفحات الانس من حضرات القدس
) لعبد الرحمن الجامي ، وفي
__________________
الكتب المؤلّفة في
فقهاء الحنفيّة مثل ( كتائب أعلام الأخيار من فقهاء مذهب النعمان المختار ) للكفوي
، وفي كتب الإجازات والأسانيد مثل ( السمط المجيد ) للقشاشي ، و ( الانتباه ) لعبد
الرحيم الدهلوي.
(٣٩)
رواية السيّد شهاب الدين أحمد
ورواه السيّد شهاب الدين أحمد عن عدد
كبير من كبار المحدّثين المخرجين لهذا الحديث الشريف فقال :
« الباب الخامس : في أنّ النبي منه وهو
من النبي ، رغما لكلّ جاحد غوي وجاهل غبي :
عن عمران بن حصين ـ رضي الله تعالى عنه
ـ : إن رسول الله ـ 6
وبارك وسلّم ـ قال : إنّ عليّا منّي وأنا منه وهو وليّ كلّ مؤمن بعدي.
رواه الطبري وقال : أخرجه أحمد والترمذي
وقال : حسن غريب ، وأبو حاتم ، ورواه الزرندي أيضا ».
« عن عمران بن حصين ـ 2 ـ قال : بعث رسول الله ـ صلّى الله
عليه وسلّم ـ جيشا واستعمل عليهم علي بن أبي طالب ـ 2
ـ ، فمضى في السرية فأصاب جارية ، فأنكروا عليه ، فتعاقد أربعة من أصحاب النبيّ ...
فأقبل إليهم رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ والغضب يعرف في وجهه فقال :
ما تريدون من علي؟ ما تريدون من علي؟ ما
تريدون من علي؟ إنّ عليّا منّي وأنا منه وهو وليّ كلّ مؤمن بعدي.
رواه في جامع الأصول وقال : أخرجه
الترمذي. ورواه الطبري من قوله : إنّ عليا منّي وقال : أخرجه أحمد والترمذي وقال :
حديث حسن وأبو حاتم ».
« عن بريدة : إنّه كان يبغض عليّا ،
فقال له النبيّ ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ تبغض عليا؟ قال : نعم! قال صلّى الله
عليه وسلّم : لا تبغضه ، وإن كنت تحبّه فازدد له حبّا. قال : فما كان أحد من الناس
بعد رسول الله أحبّ إليّ من علي. وفي رواية : إنه قال له النبي ـ صلّى الله عليه
وسلّم ـ : لا تقع في علي فإنّه منّي وأنا منه وهو وليّكم بعدي.
رواه الطبري وقال : أخرجه أحمد.
وعن عباية عن علي ـ رحمة الله ورضوانه
عليه ـ قال قال النبي ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ : علي يقضي ديني وينجز موعدي وخير
من اخلّف بعدي من أهلي.
رواه الزرندي ».
« عن عمرو بن ميمون قال : إني لجالس عند
ابن عباس ـ رضي الله تعالى عنهما ـ إذ أتاه سبعة رهط فقالوا : يا ابن عباس ، إمّا
أن تقوم معنا وإمّا أن تخلونا عن هؤلاء. فقال ابن عباس : بل أقوم معكم ، قال : وهو
يومئذ صحيح البصر قبل أن يعمى ، قال : فانتدوا فتحدّثوا فلا ندري ما قالوا ، فجاء
ينفض ثوبه ويقول : أف تف ، إنّ أولئك وقعوا في رجل تفرّد بعشر خصال ...
رواه الصالحاني بإسناده إلى الحافظ
الإمام أبي يعلى الموصلي بإسناده وقال : هذا حديث حسن متين. ورواه الطبري وقال :
أخرجه أحمد بتمامه وأبو القاسم في الموافقات ، وفي الأربعين الطوال ، وأخرج
النسائي بعضه » .
__________________
ترجمة الشّهاب أحمد
وهو : السيّد شهاب
الدين أحمد بن جلال الدين عبد الله الحسيني الإيجي الشافعي ، من أعلام القرن التّاسع
، ذكره الحافظ السخاوي في الضوء اللاّمع .
وبيت هذا السيّد
بيت فقه وحديث وتصوّف ، وأصلهم من مكران ، توفي أبوه سنة ٨٤٠.
وكتابه ( توضيح
الدلائل ) في فضائل أمير المؤمنين 7 جزء من كتابه الكبير في فضائل الخلفاء ، وهو لا يزال
مخطوطا.
(٤٠)
رواية ابن حجر العسقلاني
ورواه شهاب الدين ابن حجر العسقلاني في
أحاديث منتقاة أوردها بترجمة الإمام 7
من ( الإصابة ) حيث قال :
« أخرج الترمذي بإسناد قوي عن عمران بن
حصين في قصّة قال فيها : قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ : ما تريدون من
علي؟ إنّ عليّا منّي وأنا من علي وهو وليّ كلّ مؤمن بعدي ».
« أخرج أحمد
والنسائي من طريق عمرو بن ميمون : إني لجالس عند ابن عباس ... » .
وقال ابن حجر في ( فتح الباري ) بشرح
حديث بريدة الذي بتره البخاري :
__________________
« وأخرج أحمد أيضا هذا الحديث من طريق أجلح
الكندي ، عن عبد الله بن بريدة بطوله ، وزاد في آخره : لا تقع في علي ، فإنّه منّي
وأنا منه وهو وليّكم بعدي.
وأخرجه أحمد أيضا والنسائي من طريق سعد
بن عبيدة ، عن عبد الله ابن بريدة مختصرا ، وفي آخره : فإذا النبيّ ـ صلّى الله
عليه وسلّم ـ قد احمرّ وجهه يقول : من كنت وليّه فعليّ وليه. أخرجه الحاكم من هذا
الوجه ، وفيه قصّة الجارية نحو رواية عبد الجليل.
وهذه طرق يقوى
بعضها ببعض » .
وقال ابن حجر : « بريدة قال : بعثنا
رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في سرية واستعمل علينا عليّا ، فلمّا جئناه قال :
كيف رأيتم صاحبكم؟ قال : فإمّا شكوته وإمّا شكاه غيري ، فرفعت رأسي ـ وكنت رجلا
مكبابا ـ فإذا النبيّ قد احمرّ وجهه وهو يقول : من كنت مولاه فعلي مولاه » .
ولا يخفى أنّ حكم
شروح البخاري عند ( الدهلوي ) في كتابه ( بستان المحدثين ) حكم متنها وهو صحيح
البخاري الذي قال جمهورهم بكونه أصحّ الكتب بعد القرآن ، فيكون ما أورده ابن حجر
العسقلاني في ( فتح الباري ) الذي هو أشهر تلك الشروح حديثا مقطوع الصّدور عن رسول
الله 6 ...
ترجمة ابن حجر العسقلاني
بن حجر العسقلاني
هو « الحافظ » على الإطلاق ، و « شيخ الإسلام »
__________________
في جميع الآفاق ...
انظر :
١ ـ الضوء اللامع
٢ / ٣٦.
٢ ـ ذيل تذكرة
الحفّاظ للسيوطي : ٣٨٠.
٣ ـ حسن المحاضرة
١ / ٣٦٣.
٤ ـ شذرات الذّهب
٧ / ٢٧٠.
٥ ـ طبقات الحفّاظ
: ٥٥٢ قال ما ملخّصه :
« شيخ الإسلام
وإمام الحفّاظ في زمانه ، وحافظ الديار المصرية بل حافظ الدنيا مطلقا ، قاضي
القضاة ... ».
وقد ترجمنا له في
بعض المجلّدات بالتّفصيل.
(٤١)
رواية حسين بن المعين الميبدي
ورواه حسين بن معين الدين اليزدي
الميبدي في ( الفواتح ) عن الترمذي عن عمران بن حصين ولفظه : « ما تريدون من علي؟
ما تريدون من علي؟ ما تريدون من علي؟ إن عليّا منّي وأنا منه وهو وليّ كلّ مؤمن
ومؤمنة بعدي » .
ترجمة الميبدي
وقد أثنى صاحب (
حبيب السّير ) على القاضي الميبدي ووصفه بأنّه كان من أفاضل علماء العراق بل أعظم
علماء تلك الآفاق ، وكان قاضي ديار
__________________
يزد ، ومن
مؤلّفاته شرح ديوان أمير المؤمنين ، وفيه علم كثير ...
كما اعتمد عليه
صاحب ( كتائب أعلام الأخيار ) في بعض التراجم والفوائد.
وقد ذكر ( كاشف
الظنون ) كتاب ( الفواتح ) قائلا : « ديوان علي بن أبي طالب ـ 2 ـ وقد شرحه حسين
بن معين الدين اليزدي المتوفى سنة ٨٧٠ ».
وتوجد ترجمته أيضا
في ( معجم المؤلفين ٤ / ٦٣ ).
(٤٢)
رواية الجلال السّيوطي
ورواه جلال الدين السّيوطي بطرق متعدّدة
، منها عن الترمذي والحاكم : « ما تريدون من علي؟ ما تريدون من علي؟ ما تريدون من
علي؟ إنّ عليّا منّي وأنا منه وهو وليّ كلّ مؤمن بعدي. ت ك عن عمران بن حصين » .
ورواه عن ابن أبي شيبة وأورد تصحيحه له .
وكذا في ( جمع الجوامع ) حيث نصّ على
صحته .
ترجمة السّيوطي
وقد ترجمنا للجلال
السّيوطي في بعض المجلّدات السابقة ، وإليك
__________________
مصادر ترجمته
لتراجع :
١ ـ البدر الطالع
١ / ٣٢٨.
٢ ـ الضوء اللامع
٤ / ٦٥.
٣ ـ النور السافر
: ٥٤.
٤ ـ شذرات الذهب ٨
/ ٥١.
٥ ـ حسن المحاضرة
١ / ١٨٨ وهي ترجمة مفصّلة كتبها السيوطي نفسه.
(٤٣)
رواية القسطلاني
وأورد شهاب الدين القسطلاني حديث
الولاية بشرح ما أخرجه البخاري.
« ( قال حدّثني محمّد بن بشّار ) بندار
العبدي. ( قال حدّثنا روح بن عبادة ) ـ بضم العين وتخفيف الموحدة ـ القيسي أبو
محمّد البصري ( قال حدّثنا علي بن سويد بن منجوف ) ـ بفتح الميم وسكون النون وضم
الجيم وبعد الواو الساكنة فاء ـ السدوسي البصري ( عن عبد الله بن بريدة ، عن أبيه
بريدة ) ابن الخصيب ـ بضم الخاء وفتح الصاد المهملة آخره موحدة مصغّرا ـ الأسلمي 2 أنه ( قال : بعث النبيّ ـ صلّى الله
عليه وسلّم ـ إلى خالد ليقبض الخمس ) أي خمس الغنيمة ، قال بريدة : ( وكنت أبغض
عليّا ) 2 لأنّه رآه
أخذ من المغنم جارية ( وقد اغتسل ) فظن انه غنمها ووطئها.
وللإسماعيلي من طرق إلى روح بن عبادة :
بعث عليّا إلى خالد ليقسم
الخمس. وفي رواية له
: ليقسم الفيء ، فاصطفى علي منه لنفسه مسبيّة أي جارية ثم أصبح ورأسه يقطر.
( فقلت لخالد : ألا ترى إلى هذا؟ ) يعني
عليا!
( فلمّا قدمنا على النبيّ ـ صلّى الله
عليه وسلّم ـ ذكرت ذلك ) الذي رأيت من علي ـ 2
ـ ( له ) عليه الصلاة والسلام ( فقال : يا بريدة أتبغض عليا؟ فقلت : نعم. قال : لا
تبغضه ).
زاد أحمد من طريق عبد الجليل عن عبد
الله بن بريدة عن أبيه : فإن كنت تحبّه فازدد له حبّا.
وله أيضا من طريق أجلح الكندي عن عبد
الله بن بريدة : لا تقع في علي فإنّه منّي وأنا منه وهو وليّكم بعدي.
( فإنّ له في
الخمس أكثر من ذلك ).
قال الحافظ أبو ذر
: إنّما أبغض عليّا لأنّه رآه أخذ من المغنم جارية فظنّ أنه غنمها ، فلمّا أعلمه
رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ أنّه أخذ أقل من حقه أحبّه. انتهى. وفي طريق
عبد الجليل : قال : فما كان في الناس أحد أحبّ إليّ من علي.
ولعلّ الجارية
كانت بكرا غير بالغ ، فأدّى اجتهاده 2 إلى عدم الاستبراء.
وفيه جواز التسريّ
على بنت النبيّ ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ بخلاف التزويج عليها » .
أقول : فحديث
الولاية أورده القسطلاني في شرح البخاري ، وشروح البخاري عند ( الدّهلوي ) كما في
كتابه ( بستان المحدّثين ) على حدّ
__________________
البخاري نفسه في
الثبوت وقطعيّة الصدور.
ترجمة القسطلاني
والقسطلاني من
أكابر الأئمة الحفّاظ :
١
ـ الشعراني : « ومنهم شيخنا الإمام
المحدّث الشيخ شهاب الدين القسطلاني شارح البخاري ـ 2 ـ. كان عالما صالحا محدّثا مقربا ، وكان من أهل الإنصاف ،
كلّ من ردّ عليه سهوا أو غلطا يزيد في محبّته وتعظيمه ... وكان من أزهد الناس في
الدنيا ... مات في شهر ربيع الأوّل قريبا من العشرين وتسعمائة ، ودفن في المدرسة
العينيّة ، قريبا من جامع الأزهر » .
٢
ـ العيدروس اليمني : « العلاّمة الحافظ ... ذكره السخاوي في ضوئه ... وارتفع شأنه بعد ذلك ، فأعطي
السّعد في قلمه وكلمه ، وصنف التصانيف المقبولة التي سارت بها الركبان في حياته ،
ومن أجلّها شرحه على صحيح البخاري مزجا في عشرة أسفار كبار ، لعلّه أحسن شروحها
وأجمعها وألخصها. ومنها : المواهب اللدنية بالمنح المحمدية ، وهو كتاب جليل
المقدار عظيم الوقع كثير النفع ليس له نظير في بابه. ويحكى أن الحافظ السيوطي كان
يغض منه ، ويزعم أنه يأخذ من كتبه ويستمد منها ولا ينسب النقل إليها ... وحكى
الشيخ جار الله ابن فهد ; : أن الشيخ ; قصد إزالة ما في خاطر الشيخ الجلال السيوطي ، فمشى من
القاهرة إلى الروضة ـ وكان الجلال السيوطي معزلا عن الناس بالروضة ـ فوصل صاحب
الترجمة إلى باب السيوطي ودقّ الباب ، فقال له : من أنت؟
__________________
قال : أنا
القسطلاني ، جئت إليك حافيا كشوف الرأس ليطيب خاطرك عليّ. فقال له : قد طاب خاطري
عليك ، ولم يفتح له الباب ولم يقابله.
وبالجملة
: فإنّه كان إماما
حافظا متقنا جليل القدر حسن التقرير والتحرير ، لطيف الإشارة بليغ العبارة ، حسن
الجمع والتأليف ، لطيف الترتيب والترصيف ، كان زينة أهل عصره ونقاوة ذوي دهره ،
ولا يقدح فيه تحامل معاصريه عليه ، فلا زالت الأكابر على هذا في كلّ عصر. ; » .
٣
ـ ( الدهلوي ) في كتابه ( بستان المحدّثين ) فأورد ما ذكر بترجمته ، وذكر ما كان بين
القسطلاني والسّيوطي ، فقال : بأنّ ما كان يصنعه القسطلاني نوع خيانة وكتمان حق ...
لكنّ ( الدهلوي ) نفسه في نفس كتابه ( بستان المحدّثين ) ينقل المطالب عن الكتب
المختلفة بواسطة كتاب ( مقاليد الأسانيد ) من دون أن يذكر الواسطة ... كما لا يخفى
على المحقّق!!
وتوجد ترجمته أيضا
في :
١ ـ الضوء اللامع
٢ / ١٠٣.
٢ ـ الكواكب
السائرة ١ / ١٢٦.
٣ ـ شذرات الذهب ٨
/ ١٢١.
٤ ـ البدر الطالع
١ / ١٠٢.
(٤٤)
رواية عبد الوهاب البخاري المفسّر
ورواه الحاج عبد
الوهاب بن محمّد رفيع صاحب ( تفسير الأنوري )
__________________
المتوفى سنة ٩٣٢
بتفسير قوله تعالى : ( قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ
عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) قال :
« اعلم ـ يا هذا ـ
إن الآية لبيان فرضيّة حبّ أهل البيت على جميع المسلمين إلى يوم القيامة ، صلّى
الله على محمّد وأهل بيته ، فقد روي أنها لمّا
نزلت قيل : يا رسول الله من قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودّتهم؟ قال : علي
وفاطمة وابناهما » ثم قال بعد ذكر
نبذة من مناقب أهل البيت : :
« عن عمران بن الحصين قال قال رسول الله
ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ : علي منّي وأنا منه وهو وليّ كلّ مؤمن بعدي. رواه صاحب
الفردوس » ثم قال بعد أخبار أخرى في
فضائل الإمام 7 :
« اعلم ـ يا هذا ـ
إن هذه الأحاديث وردت عن رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ في علي 2 ، وما ازداد علي
فضلا إلاّ بتزويج فاطمة بنت سيد المرسلين ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ وما تزوّج
فاطمة إلاّ بكونه أهلا لها رضي الله عنها ».
ترجمة الحاج عبد الوهاب البخاري
وقد ترجم له الشيخ
عبد الحق الدهلوي في كتابه ( أخبار الأخيار ) فأثنى عليه الثناء البالغ ، ومدح
تفسيره المذكور ، وذكر له ولكتابه كرامات ... .
__________________
(٤٥)
رواية الشّامي صاحب السّيرة
ورواه محمّد بن يوسف الصّالحي الشامي في
( سيرته ) حيث قال :
« روى الإمام أحمد ، والبخاري ،
والإسماعيلي ، والنسائي : عن بريدة ابن الحصيب ـ 2
ـ قال : أصبنا سبيا ، فكتب خالد إلى رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ ابعث
إلينا من يخمّسه ، وفي السّبي وصيفة هي من أفضل السّبي ، فبعث رسول الله ـ صلّى
الله عليه وسلّم ـ عليّا إلى خالد يقبض منه الخمس. وفي رواية : لتقسيم الفيء.
فقبضه منه ، فخمّس وقسّم ، واصطفى علي سبيّة ، فأصبح وقد اغتسل ليلا ، وكنت أبغض
عليا لم أبغضه أحدا ، وأحببت رجلا من قريش لم أحببه إلاّ بغضه عليّا ، فقلت لخالد
: ألا ترى إلى هذا؟ وفي رواية : فقلت : يا أبا الحسن ما هذا؟ قال : ألم تر إلى
الوصيفة فإنّها صارت في الخمس ، ثم صارت في آل محمّد ، ثم في آل علي ، فواقعت بها.
فلمّا قدمنا على رسول الله ـ صلّى الله
عليه وسلّم ـ ذكرت له ذلك. وفي رواية : فكتب خالد إلى رسول الله ـ صلّى الله عليه
وسلّم ـ بذلك. فقلت : ابعثني ، فبعثني ، فجعل يقرأ الكتاب وأقول : صدق. فإذا النبي
ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ قد احمرّ وجهه ، فقال : من كنت وليّه فعليّ وليّه. ثم
قال : يا بريدة أتبغض عليا؟ فقلت : نعم. قال : لا تبغضه فإنّ له في الخمس أكثر من
ذلك.
وفي رواية : والذي نفسي بيده لنصيب آل
علي في الخمس أفضل من وصيفة ، وان كنت تحبّه فازدد له حبّا.
وفي
رواية : لا تقع في علي فإنّه منّي وأنا منه وهو وليّكم بعدي.
قال بريدة : فما كان في الناس أحد أحب
إليّ من علي » .
ترجمة الصالحي الشامي
ومحمّد بن يوسف
الصالحي الشامي من مشاهير علماء القوم المحققين المعتمدين :
١
ـ الشعراني : « ومنهم : الأخ
الصالح العالم الزاهد المتمسّك بالسنة المحمدية الشيخ محمّد الشامي ، نزيل التربة
البرقوتية ، 2. كان عالما صالحا متفنّنا في العلوم ، وألّف السّيرة المشهورة التي جمعها من
ألف كتاب ، وأقبل الناس على كتابتها ، ومشى فيها على أنموذج لم يسبق إليه ... وكان
لا يقبل من الولاة وأعوانهم شيئا ، ولا يأكل من طعامهم ... » .
٢
ـ الخفاجي : « وممّن أخذت عنه
الأدب والشعر شيخنا العلاّمة أحمد العلقمي ، والعلاّمة محمّد الصّالحي الشّامي » .
٣
ـ ابن حجر المكّي : وصفه في كلام له بـ « الإمام العلاّمة الصالح الفهامة الثقة المطّلع والحافظ
المتتبّع الشيخ محمّد الشامي الدمشقي ثم المصري » .
__________________
السيرة الشامية
وكتابه ( سبل
الهدى والرشاد ) المعروف بـ ( السيرة الشامية ) من أجلّ كتب القوم في السّيرة ،
فقد عرفت أنّه جمعه من ألف كتاب ، وقال ( كاشف الظنون ) : « هو أحسن كتب المتأخرين
وأبسطها في السيرة النبوية » و « أتى فيه من الفوائد بالعجب العجاب » . وعدّه أحمد بن
زيني دحلان في مصادر كتابه ( السيرة النبوية ) وقد قال بعد ذكرها : « وهذه الكتب
هي أصحّ الكتب المؤلّفة في هذا الشأن » ، كما اعتمد عليه كثير من العلماء من محدّثين ومتكلّمين ،
ونقلوا عنه واستندوا إليه في بحوثهم المختلفة.
(٤٦)
رواية ابن حجر المكي وتصحيحه
ورواه شهاب الدين أحمد بن حجر المكي
وحكم بصحته بكلّ صراحة في ( المنح المكيّة شرح القصيدة الهمزية ) ، بشرح قوله :
« علي صنو النبيّ ومن دين فؤادي وداده
والولاء ».
قال : « وذلك عملا بما صحّ عنه ـ صلّى
الله عليه وسلّم ـ وهو : اللهم وال من ولاه وعاد من عاداه. وإنّ عليا منّي وأنا
منه وهو وليّ كلّ مؤمن بعدي ».
__________________
ترجمة ابن حجر المكي
وابن حجر المكي من
أعاظم الأثبات المعتبرين عندهم :
١
ـ الشعراني : « ومنهم ـ الشيخ
الإمام العلاّمة المحقق الصالح الورع الزاهد الخاشع الناسك الشيخ شهاب الدين ابن
حجر نزيل الحرم المكّي ـ 2 ـ. أخذ العلم عن مشايخ الإسلام بمصر ، وأجازوه بالفتوى
والتدريس ، وأفتى بجامع الأزهر والحجاز ، وانتفع به خلائق ... وهو مفتي الحجاز
الآن ، يصدرون كلّهم إلاّ عن قوله ، وله أعمال عظيمة في الليل ، لا يكاد يطّلع
عليها إلاّ من خلى من الحسد من صغره إلى الآن ... » .
٢
ـ الخفاجي : « العلاّمة شهاب
الدين أحمد بن حجر الهيثمي ، نزيل مكة ، شرّفها الله ، علاّمة الدهر خصوصا الحجاز
، فإذا نشرت حلل الفضل فهو طراز الطراز. فكم حجّت وفود الفضلاء لكعبته ، وتوجّهت
وجوه الطلب إلى قبلته ، إن حدّث عن الفقه والحديث لم تتقرط الأذان بمثل أخباره في
القديم والحديث ... » .
٣
ـ العيدروس اليمني : « الشّيخ الإمام شيخ الإسلام خاتمة أهل الفتيا والتدريس ، ناشر علوم الإمام
محمّد بن إدريس ، الحافظ شهاب الدين ... وكان بحرا في علم الفقه وتحقيقه لا تكدّره
الدّلاء ، وإمام الحرمين كما أجمع على ذلك العارفون وانعقدت عليه خناصر الملأ ،
إمام اقتدت به الأئمّة وهمام صار في إقليم الحجاز أمة ... برع في علوم كثيرة من
التفسير
__________________
والحديث وعلم
الكلام واصول الفقه وفروعه والفرائض والحساب والنحو والصرف والمعاني والبيان
والمنطق والتصوّف ... » .
٤
ـ الشرقاوي : « العلاّمة
المحقّق الناسك الخاشع الزاهد السّمح شهاب الدين ابن حجر ، نزيل مكة المشرفة ، أخذ
2 العلم عن جماعة من مشايخ الإسلام بمصر ، وأجازوه بالإفتاء والتدريس ، فدرّس
وأفتى بالجامع الأزهر والحجاز ، وانتفع به خلائق كثيرة ، وصنف عدّة كتب نافعة
محرّرة في الفقه والأصول » .
هذا ، وقد رووا
كتب ابن حجر المكي بأسانيدهم ، واعتمدوا عليها ونقلوا عنها في مؤلّفاتهم ،
واستندوا إلى آرائه في بحوثهم ، ولا حاجة إلى إيراد شيء من ذلك بعد ثبوت الأمر
ووضوحه ...
(٤٧)
رواية علي المتقي الهندي
ورواه الشيخ علي بن حسام الدين المتقي
الهندي بطرق متعددة في كتابه ( كنز العمال ) الذي رتّب فيه كتاب ( جمع الجوامع
للسيوطي ) ففيه : « ما تريدون من علي؟ ما تريدون من علي؟ ما تريدون من علي؟ إنّ
عليا مني وأنا منه وهو ولي كل مؤمن بعدي. ت ك عن عمران بن حصين » .
« دعوا عليا ، دعوا عليا ، دعوا عليا ،
إنّ عليا منّي وأنا منه وهو وليّ كلّ
__________________
مؤمن بعدي. حم عن
عمران بن حصين » .
« يا بريدة ، إنّ عليا وليّكم بعدي ،
فأحبّ عليا فإنّه يفعل ما يؤمر.
الديلمي عن علي » .
ورواه في ( منتخب كنز العمال ) في فضائل
أمير المؤمنين 7
: « ما تريدون من علي؟ ما تريدون من علي؟ ما تريدون من علي؟ إنّ عليّا منّي وأنا
منه وهو وليّ كلّ مؤمن بعدي. ت ك عن عمران بن حصين » .
« سألت الله ـ يا علي ـ فيك خمسا ،
فمنعني واحدة وأعطاني أربعا ، سألت الله أن يجمع عليك امّتي فأبى عليّ ، وأعطاني
فيك أنّ أوّل من تنشقّ عنه الأرض يوم القيامة أنا وأنت معي معك لواء الحمد وأنت
تحمله بين يديّ ، تسبق به الأوّلين والآخرين ، وأعطاني أنك ولي المؤمنين بعدي. الخطيب والرافعي ،
عن علي » .
ترجمة المتقي الهندي
والمتّقي الهندي ،
من كبار علماء أهل السنّة في الهند ، في الفقه والحديث ، حتى لقد أفرد بعضهم
ترجمته بكتاب مفرد ، وتجد الثناء عليه في :
__________________
١ ـ النور السّافر
: ٣١٤.
٢ ـ سبحة المرجان
: ٤٣.
٣ ـ شذرات الذهب ٨
/ ٣٧٩.
٤ ـ نزهة الخواطر
٤ / ٢٣٤.
(٤٨)
رواية العيدروس اليمني
ورواه شيخ بن عبد الله بن شيخ بن عبد
الله العيدروس اليمني بقوله :
« أخرج الترمذي والحاكم عن عمران بن
حصين : أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال : ما تريدون من علي؟ ما تريدون من
علي؟ ما تريدون من علي؟ إن عليّا منّي وأنا منه ، وهو وليّ كلّ مؤمن بعدي » .
ترجمة العيدروس
وترجم له عبد
القادر بن شيخ بن عبد الله قال : « وفي ليلة السبت لخمس وعشرين خلت من رمضان سنة
تسعين ، توفي الشيخ الكبير والعلم الشهير القطب العارف بالله شيخ بن عبد الله
العيدروس بأحمدآباد ، ودفن بها في صحن داره ، وعليه قبّة عظيمة ، وكان مولده سنة
٩١٩ بتريم ، ولفضلاء الآفاق فيه جملة مستكثرة من المراثي ، حتى أني لم أر أحدا رثي
بهذا القدر ، وكان مدة إقامته بالهند ٣٢ سنة ، لأنّه دخلها سنة ٩٥٨.
__________________
وكان شيخا كاسمه
كما قال بعض الصلحاء في وصفه ، ولقد صار ـ بحمد الله ـ شيخ زمانه باتّفاق عارفي
وقته. وروي عن الشيخ الكبير والعلم الشهير أبي بكر ابن سالم باعلوي أنه كان يقول :
ما أحد من آل باعلوي أوّلهم وآخرهم أعطي مثله. وروي مثل ذلك عن الولي العلاّمة عبد
الله بن عبد الرحمن الشهير بالنحوي باعلوي وزاد : والله ما هو إلاّ آية اليوم ،
فهو عديم النظير.
ومن شيوخه : شيخ
الإسلام الحافظ شهاب الدين ابن حجر الهيثمي المصري ، والفقيه الصالح العلاّمة عبد
الله بن أحمد باقشير الحضرمي. وله من كلّ منهما إجازة ، في جماعة آخرين يكثر
عددهم. واجتمع بالعلاّمة الربيع بزبيد.
وأمّا مقروّاته
فكثيرة جدا. ومن تصانيفه : العقد النبوي والسرّ المصطفوي ، والفوز والبشرى ،
وشرحان على القصيدة المسمّاة : تحفة المريد ...
ومناقبه وكراماته
ليس هذا محلّها ، وقد أفردها غير واحد من العلماء بالتّصنيف ... » .
(٤٩)
رواية ميرزا مخدوم صاحب النواقض
ورواه عبّاس الشهير بميرزا مخدوم بن
معين الدين في كتابه ( النواقض )
__________________
عن الترمذي عن عمران
بن حصين ، قال : « بعث رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ جيشا واستعمل عليهم علي
بن أبي طالب ، فمضى في السرية فأصاب جارية ، فأنكروا عليه ، وتعاقد أربعة ... » .
كتاب النواقض
وكتاب النواقض هذا
من أشهر كتب القوم في الردّ على الإماميّة ، قد ذكره كاشف الظنون بقوله : « نواقض
على الرّوافض للشّريف ميرزا مخدوم بن مير عبد الباقي من ذريّة السيّد الشريف
الجرجاني ، المتوفى في حدود سنة ٩٥٥ بمكة المشرفة. ذكر فيه تزييف مذهب الروافض
وتقبيحه » .
وقد أخذ منه بعض
من تأخّر عنه ونسج على منواله كالبرزنجي في ( نواقض الروافض ) والسهارنفوري في (
مرافض الروافض ) بل الأوّل منهما مختصر من ( النواقض ) كما صرّح البرزنجي في
مقدمته ، وقد ترجم المرادي للبرزنجي في كتاب ( سلك الدرر ) وقال في نهايتها : «
وبالجملة فقد كان من أفراد العالم علما وعملا. وكانت وفاته في غرة محرّم سنة ١١٠٣
ودفن بالمدينة » .
(٥٠)
رواية الوصّابي اليمني
ورواه إبراهيم بن عبد الله الوصّابي
اليمني بطرق متعددة عن أساطين
__________________
المحدثين في باب
عنونه بقوله « الباب العاشر فيما جاء من الأخبار بأنّه وليّ كلّ مؤمن بعد النبيّ
صلّى الله عليه وسلّم ، وقول النبي صلّى الله عليه وسلّم : من كنت مولاه فعليّ
مولاه ، وأنّه لا يجوز الصّراط إلاّ من كان معه براءة بولاية علي ، مع فضائل
متفرقة خصّه الله تعالى بها ، رضي الله تعالى عنه » فقال :
« عن عمران بن حصين ـ 2 ـ قال : بعث رسول الله صلّى الله عليه
وسلّم سرية ، واستعمل عليها عليا ، فمضى على السرية ، فأصاب جارية من السّبي ،
فأنكروا عليه ، وتعاقد أربعة من أصحاب رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ قالوا :
إذا لقينا رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ أخبرناه بما صنع علي. قال عمران :
وكان المسلمون إذ قدموا من بدءوا برسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ وسلّموا
عليه ، ثم انصرفوا إلى رحالهم.
فلمّا قدمت السرية سلّموا على رسول الله
ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ. فقام أحد الأربعة فقال : يا رسول الله ألم تر أنّ عليا
صنع كذا وكذا؟ فأعرض عنه. ثم قام الثاني فقال مثل مقالته ، فأعرض عنه. ثم قام
الثالث فقال مثل مقالتهما ، فأعرض عنه. ثم قام الرابع فقال مثل ما قالوا.
فأقبل إليه رسول الله صلّى الله عليه
وسلّم ـ والغضب يعرف في وجهه ـ فقال : ما تريدون من علي؟ ـ ثلاثا ـ إنّ عليا منّي
وأنا منه وهو وليّ كلّ مؤمن بعدي.
أخرجه الترمذي ، وابن حبان في صحيحه ، وأخرجه الإمام أحمد
في مسنده وقال فيه : فأقبل رسول الله على الرابع ـ وقد تغيّر وجهه ـ فقال : دعوا
عليا ، علي منّي وأنا منه ، وهو وليّ كلّ مؤمن بعدي ».
ورواه عن بريدة بن الحصيب قال :
« وعنه ـ 2
ـ في رواية أخرى : إنّ خالد بن الوليد قال : اغتنمها يا بريدة فأخبر النبيّ صلّى
الله عليه وسلّم ما صنع ، فقدمت ودخلت المسجد ورسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ
في منزل وناس من أصحابه على بابه ،
فقالوا : ما الخبر
يا بريدة؟ فقلت : خيرا ، فتح الله على المسلمين ، فقالوا : ما أقدمك؟ فقلت : جارية
أخذها علي من الخمس ، فجئت لأخبر النبي صلّى الله عليه وسلّم.
قالوا : فأخبر النبي صلّى الله عليه
وسلّم ، فإنّه سيسقط من عينه ، ورسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ يسمع الكلام.
فخرج مغضبا فقال : ما بال القوم ينتقصون عليا ، من أبغض عليا فقد أبغضني ، ومن
فارق عليّا فقد فارقني ، إنّ عليا منّي وأنا منه ، خلق من طينتي ، وخلقت من طينة
إبراهيم ، وأنا أفضل من إبراهيم ، ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم.
يا بريدة ، أما علمت أنّ لعلي أكثر من
الجارية التي أخذ ، وإنّه وليّكم بعدي.
أخرجه ابن جرير في تهذيب الآثار ، وابن
أسبوع الأندلسي في الشفاء ».
قال :
« وعنه ـ 2
ـ قال قال لي رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ : يا بريدة ، إنّ عليا وليّكم
بعدي ، فأحبّ عليّا فإنّه يفعل ما يؤمر به.
أخرجه الديلمي في مسند الفردوس ».
قال :
« وعن عمران بن حصين ـ 2 ـ قال : سمعت رسول الله ـ صلّى الله
عليه وسلّم ـ يقول : إنّ عليا مني وأنا منه ، وهو وليّ كلّ مؤمن بعدي.
أخرجه أبو داود الطيالسي في مسنده ،
والحسن بن سفيان في فوائده ، وأبو نعيم في فضائل الصحابة ».
« وعنه ـ 2
ـ قال قال رسول الله : دعوا عليا ـ ثلاثا ـ إنّ عليا منّي وأنا منه ، وهو وليّ كلّ
مؤمن بعدي.
أخرجه الإمام أحمد في مسنده ».
قال :
« عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ إن
رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ قال لبريدة : إنّ عليّا وليّكم بعدي ، فأحبّ
عليّا فإنّه يفعل ما يؤمر به أخرجه الحاكم في المستدرك ، والضّياء في المختارة ».
قال :
« وعن أبي ذر الغفاري ـ 2 ـ قال قال رسول الله صلّى الله عليه
وسلّم ـ عليّ منّي وأنا من علي ، وليّ كلّ مؤمن بعدي ، وحبّه إيمان وبغضه نفاق ،
والنظر إليه رأفة.
أخرجه الديلمي في مسند الفردوس » .
الوصابي وكتابه
وإبراهيم بن عبد
الله الوصّابي من علماء أهل السنّة المتعمدين ، عدّه العجيلي في ( ذخيرة المآل )
من أجلّة العلماء ، ووصفه المولوي حسن زمان في ( القول المستحسن ) لدى النقل عن
كتابه بـ « الشّيخ المحدّث » ، كما نقل عنه العجيلي في كتابه المذكور ، والشيخ
محمد محبوب عالم في ( تفسيره ) وكذا ( الدهلوي ) وتلميذه الرشيد ... وستطّلع على
ذلك في مجلّد حديث التشبيه.
وقد ترجم له في (
معجم المؤلفين ١ / ٥٦ ) وذكر كتابه المذكور.
(٥١)
رواية الحافي الحسيني الشّافعي
ورواه أحمد بن محمد بن أحمد الحافي
الحسيني الشافعي ضمن
__________________
فضائل أمير المؤمنين
7 فقال : «
روى الإمام أحمد في المسند عن بريدة ، وفي كتاب فضائل علي ، ورواه أكثر المحدثين :
إن النبيّ ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ بعث خالد بن وليد في سرية وبعث عليّا في سرية
أخرى ، وكلاهما إلى اليمن وقال : إن اجتمعتما فعلي على الناس ، وإن افترقتما فكلّ
واحد منكما على جنده. فاجتمعا وأغارا وسبيا نساء وأخذا أموالا وقتلا ناسا ، وأخذ
علي جارية فاختصّها لنفسه. فقال خالد لأربعة من المسلمين ـ منهم بريدة الأسلمي ـ
اسبقوا إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فاذكروا له كذا ، واذكروا له كذا ـ
الأمور عدّدها على علي ـ فسبقوا إليه.
فجاء واحد من جانبه فقال : إن عليا فعل
كذا. فأعرض عنه. فجاء الآخر من الجانب الآخر فقال : إنّ عليا فعل كذا ، فأعرض عنه.
فجاء بريدة الأسلمي فقال : يا رسول الله : إنّ عليا فعل كذا ، وأخذ جارية لنفسه.
فغضب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حتى احمرّ وجهه فقال : دعوا لي عليا ـ
يكرّرها ـ إنّ عليا منّي وأما من علي ، وإنّ حظّه من الخمس أكثر ممّا أخذ ، وهو
وليّ كلّ مؤمن بعدي » .
ترجمة الحافي
وهذا الكتاب ذكره
له صاحب ( إيضاح المكنون ) ولم يؤرّخ وفاته.
ثم أنه وصفه بـ «
الشيعي » ولعلّه لما رأى في كتابه من فضائل مولانا أمير المؤمنين 7 ، وإلاّ فإنّه
ليس من الشّيعة الإماميّة الاثني عشريّة لأنّهم لا يرون فضيلة لأولئك الذين ذكرهم
الحافي في هذا الكتاب.
__________________
(٥٢)
رواية الجمال المحدّث الشّيرازي
ورواه جمال الدين عطاء الله بن فضل الله
الشيرازي ، قال :
« الحديث الثالث عن عمران بن حصين قال :
بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم سرية وأمّر عليهم عليا ، فصنع علي شيئا أنكروه
، فتعاقد أربعة من أصحاب رسول الله لنخبرنّه به ، وكانوا إذا قدموا من سفر بدءوا
برسول الله صلّى الله عليه وسلّم فسلّموا عليه ونظروا إليه ثم ينصرفون إلى رحالهم.
قال : فلمّا قدمت السرية سلّموا على رسول الله ، فقام أحد من الأربعة فقال :
يا رسول الله ألم تر أن عليّا صنع كذا
وكذا؟
فأقبل رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم
ـ يعرف الغضب من وجهه فقال : ما تريدون من علي؟! علي منّي وأنا منه وعلي وليّ كلّ
مؤمن بعدي ».
وقال بعد ذكر حديث الغدير برواية الإمام
الصادق 7 المشتملة
على شعر حسان : « ورواه أبو سعيد الخدري ، وفيه الاستشهاد بالشعر المذكور ، وفيه
من التاريخ وزيادة البيان ما لم يرو عن غيره. فقال : لمّا نزل النبي صلّى الله
عليه وسلّم بغدير خم ـ يوم الخميس الثامن عشر من ذي الحجة ـ دعا الناس إلى علي ،
فأخذ بضبعيه فرفعهما ، حتى نظر الناس إلى بياض إبط رسول الله فقال :
الله أكبر الحمد لله على إكمال الدين
وإتمام النعمة ورضي الربّ برسالتي ، والولاية لعلي من بعدي ، من كنت مولاه فعليّ
مولاه » .
__________________
ترجمة جمال الدين الشيرازي
فهذا جمال الدين
شيخ إجازة ( الدهلوي ) ، يروي هذا الحديث في كتاب ( الأربعين ) الذي نصّ في خطبته
على جمعها من الكتب المعتبرة. وقد ذكرنا مناقبه ومآثره في مجلّد ( حديث الغدير ) ،
ومجلّد ( حديث التّشبيه ).
(٥٣)
رواية علي بن سلطان القاري
ورواه علي بن سلطان محمد الهروي القاري
في فضائل الإمام من شرح المشكاة حيث قال :
« في الرياض ، عن عمران بن حصين قال :
بعث رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ سرية واستعمل عليها عليّا. قال : فمضى على
السرية فأصاب جارية ، فأنكروا عليه ، وتعاقد أربعة من أصحاب النبيّ ـ صلّى الله
عليه وسلّم ـ فقالوا : إذا لقينا رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ أخبرناه بما
صنع علي. فقال عمران : وكان المسلمون إذا قدموا من سفر بدءوا برسول الله ـ صلّى
الله عليه وسلّم ـ وسلّموا عليه ثم انصرفوا إلى رحالهم. فلمّا قدمت السرية سلّموا
على رسول الله ، فقام أحد الأربعة فقال :
يا رسول الله ، ألم تر أنّ عليّا صنع
كذا وكذا؟ فأعرض عنه.
ثم قام الثاني ، فقال مثل مقالته ،
فأعرض عنه.
ثم قام الثالث فقال مثل مقالته ، فأعرض
عنه.
ثم قام الرابع فقال مثل ما قالوا.
فأقبل إليه رسول الله صلّى الله عليه
وسلّم ـ والغضب يعرف في وجهه ـ
فقال : ما تريدون من
علي؟ ثلاثا. إنّ عليا منّي وأنا منه ، وهو وليّ كلّ مؤمن بعدي.
أخرجه الترمذي وقال : حسن غريب.
وأخرجه أحمد وقال فيه : فأقبل رسول الله
صلّى الله عليه وسلّم على الرابع ـ وقد تغيّر وجهه ـ فقال : دعوا عليا ، علي منّي
وأنا منه ، وهو وليّ كلّ مؤمن بعدي.
وله طريق آخر عن بريدة.
وأصله في صحيح البخاري » .
دفاع القاري عن عمر بن سعد
هذا ، والقاري من
المتعصّبين المتحاملين على أهل البيت الطاهرين ، حتّى جعل يدافع عن عمر بن سعد
اللعين فقال : « قال ابن معين في عمر بن سعد : كيف يكون من قتل الحسين ثقة؟ انتهى.
أقول : رحم الله من أنصف ، والعجب ممن يخرّج حديثه في كتبهم مع علمهم بحاله. تم
كلام ميرك.
وفيه : إنّه قد
يقال : إنه لم يباشر لقتله ، ولعل حضوره مع العسكر كان بالرأي والاجتهاد ، وربما
حسن حاله وطاب مآله ، ومن الذي سلم من صدور معصية عنه وظهور زلّة منه ، فلو فتح
الباب أشكل الأمر على ذوي الألباب » .
هذا ، ولا يخفى
الاضطراب في كلامه ، فهو في حين تجويزه حضوره مع العسكر بالرأي والاجتهاد يقول : «
وربما حسن حاله وطاب مآله ... ».
__________________
ترجمة القاري
ومع هذا التعصّب
القبيح الذي رأيت ، وكذا ما صدر منه في حقّ والدي النبي 6 كما سترى ، فقد
وصفه القوم في تراجمهم إيّاه بأعلى صفات المدح وأثنوا عليه غاية الثناء ، فقد قال
المحبّي بترجمته :
« علي بن محمد
سلطان الهروي المعروف بالقاري ، الحنفي ، نزيل مكة ، وأحد صدور العلم ، فرد عصره ،
الباهر السمت في التحقيق وتنقيح العبارات. وشهرته كافية عن الإطراء في وصفه.
ولد بهراة ورحل
إلى مكة وتدبّرها ، وأخذ بها عن الأستاذ أبي الحسن البكري ، والسيد زكريا الحسيني
، والشهاب أحمد بن حجر الهيتمي ، والشيخ أحمد المصري تلميذ القاضي زكريا ، والشيخ
عبد الله السّندي ، والعلاّمة قطب الدين المكي ، وغيرهم.
واشتهر ذكره وطار
صيته.
وألّف التآليف
الكبيرة اللطيفة التأدية ، المحتوية على الفوائد الجليلة ، منها شرحه على المشكاة
في مجلّدات وهو أكبرها وأجلّها ، وشرح الشفاء ، وشرح الشمائل ، وشرح النخبة ، وشرح
الشاطبية ، وشرح الجزرية ، ولخّص من القاموس مواد وسمّاه الناموس ، وله الأثمار
الجنية في أسماء الحنفية ، وشرح ثلاثيّات البخاري ، ونزهة الخاطر الفاتر في ترجمة
الشيخ عبد القادر.
لكنّه امتحن
بالاعتراض على الأئمة ، لا سيّما الشافعي وأصحابه ، واعترض على الإمام مالك في
إرسال اليد في الصلاة ، وألّف في ذلك رسالة فانتدب لجوابه الشيخ محمّد مكين وألف
رسالة جوابا له في جميع ما قاله ، وردّ عليه اعتراضاته.
وأعجب من ذلك ما
نقله عنه السيّد محمد بن عبد الرسول البرزنجي
الحسيني في كتابه
سداد الدين في إثبات النجاة في الدرجات للوالدين : أنّه شرح الفقه الأكبر المنسوب
إلى الإمام أبي حنيفة ، وتعدّى فيه طوره في الإساءة في حق الوالدين ، ثم إنّه ما
كفاه ذلك حتى ألّف فيه رسالة ، وقال في شرحه للشفاء ـ متبجّحا ومفتخرا بذلك ـ إني
ألّفت في كفرهما رسالة. فليته إذ لم يراع حقّ رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ حيث
آذاه بذلك ، كان استحيا من ذكر ذلك في شرح الشفاء الموضوع لبيان شرف المصطفى ـ صلّى
الله عليه وسلّم ـ. وقد عاب الناس على صاحب الشّفا ذكره فيه عدم مفروضيّة الصلاة
عليه ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ في الصّلاة ، وادّعاء تفرّد الشافعي بذلك ، بأنّ
هذه المسألة ليست من موضوع كتابه.
وقد قيّض الله
تعالى الإمام عبد القادر الطبري للردّ على القاري ، فألّف رسالة أغلظ فيها في
الردّ عليه.
وبالجملة ، فقد
صدر منه أمثال ذلك ، وكان غنيّا عنه أن تصدر منه ، ولولاها لاشتهرت مؤلفاته ، بحيث
ملأت الدنيا ، لكثرة فائدتها وحسن انسجامها.
وكانت وفاته بمكة
في شوال سنة ١٠١٤ ودفن بالمعلاّة. ولمّا بلغ خبر وفاته علماء مصر صلّوا عليه بجامع
الأزهر صلاة الغيبة ، في مجمع حافل يجمع أربعة آلاف نسمة فأكثر » .
(٥٤)
رواية المنّاوي
ورواه عبد الرءوف بن تاج العارفين بن
علي المنّاوي الشافعي عن الديلمي في الفردوس قائلا :
__________________
« يا بريدة ، إن عليّا وليّكم من بعدي.
فر » .
ورواه مرة أخرى عن الطّيالسي فقال :
« يا علي ، أنت وليّ كلّ مؤمن من بعدي.
طيا » .
ترجمة المناوي
وقد قال المحبّي
بترجمة المناوي ما ملخّصه :
« عبد الرءوف بن
تاج العارفين بن علي بن زيد العابدين الملقب زين الدين الحدادي ثم المناوي القاهري
الشافعي ـ وقد تقدم ذكر تتمة نسبه في ترجمة ابنه زين العابدين ـ الإمام الكبير ،
الحجة الثبت القدوة ، صاحب التصانيف السائرة ، وأجلّ أهل عصره من غير ارتياب.
وكان إماما ،
فاضلا ، زاهدا ، عابدا ، قانتا لله ، خاشعا له ، كثير النفع ، وكان متقرّبا بحسن
العمل ، مثابرا على التسبيح والأذكار ، صابرا صادقا ، وكان يقتصر يومه وليلته على
أكلة واحدة من الطعام ، قد جمع من العلوم والمعارف على اختلاف أنواعها وتباين
أقسامها ما لم يجتمع في أحد ممّن عاصره.
وانقطع عن مخالطة
الناس وانعزل في منزل ، وأقبل على التأليف ، فصنّف في غالب العلوم ، ثم وليّ تدريس
المدرسة الصّالحية ، فحسده أهل عصره ، وكانوا لا يعرفون مزيّة علمه لانزوائه عنهم
، ولمّا حضر الدرس فيها ردّ عليه من كل مذهب فضلاؤه منتقدين عليه ، وشرع في قراءة
مختصر المزني ، ونصب الجدل في المذاهب ، وأتى في تقريره بما لم يسمع من غيره ،
فأذعنوا لفضله ، وصار أجلاّء العلماء يبادرون لحضوره ، وأخذ عنه منهم خلق كثير.
__________________
وبالجملة
، فهو أعظم علماء
هذا التاريخ آثارا ، ومؤلّفاته غالبها متداولة كثير النفع ، وللناس عليها تهافت
زائد ، ويتغالون في أثمانها ، وأشهرها شرحاه على الجامع الصغير.
وتوفي صبيحة يوم
الخميس ٢٣ من صفر سنة ١٠٣١ » .
(٥٥)
رواية الشيخاني القادري
ورواه السيّد محمود بن محمّد بن علي
الشيخاني القادري بقوله :
« أخرج أحمد عن عمرو بن شاس الأسلمي 2 ـ وهو من أصحاب الحديبيّة ـ قال : خرجت
مع علي 2 إلى اليمن ،
فجفاني في سفري ، حتى وجدت في نفسي عليه ، فلمّا قدمت أظهرت شكايته في المسجد ،
حتى بلغ ذلك النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ، فدخلت المسجد ذات غداة ورسول الله ـ
صلّى الله عليه وسلّم ـ في ناس من أصحابه ، فلمّا رآني أحدّ لي عينيه ـ يقول حدّد
إليّ النظر ـ حتى إذا جلست قال : يا عمرو ، والله لقد آذيتني! قلت : أعوذ بالله أن
أوذيك يا رسول الله.
قال : بلى ، من آذى عليّا فقد آذاني.
وفي لفظ أخرجه ابن عبد البر : من أحبّ
عليا فقد أحبّني ومن أبغض عليّا فقد أبغضني ، ومن آذى عليّا فقد آذاني.
وفي رواية : إن بريدة تكلّم في علي بما
لا يحبّ رسول الله ، وذلك أنّه أخذ جارية من الخمس ، فبلغ ذلك إلى النبي ـ صلّى
الله عليه وسلّم ـ فخرج رسول الله مغضبا فقال : ما بال أقوام ينتقصون عليّا! من
بغض عليا فقد
__________________
بغضني ، ومن فارق
عليا فقد فارقني ، إنّ عليّا منّي وأنا منه خلق من طينتي وخلقت من طينة إبراهيم ،
وأنا أفضل من إبراهيم ، ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم. ثم قال : يا بريدة أما
علمت أنّ لعلي أكثر من الجارية التي أخذ ، وأنّه وليّكم بعدي » .
عبارته في صدر كتابه
هذا وتعرف شخصيّة
القادري وقيمة كتابه ( الصراط السوي ) ممّا ذكره في صدره ، وهذه عبارته :
« أما بعد فإنّ
العمل بغير العلم وبال ، والعلم بغير العمل خبال ، ولا يقبض العلم إلاّ بموت
العلماء كما في الحديث المتفق على صحته في رواية عبد الله بن عمر ...
واعلم أنّ الفحول
قد قبضت والوعول قد هلكت ، وانقرض زمان العلم وخمدت جمرته ، وهزمته كثرة الجهل
وعلت دولته ، حتى لم يبق من الكتب التي يعتمد عليها في ذكر الأنساب إلاّ بعض الكتب
التي صنّفها أصحاب البدعة ، كما ستقف على أسمائها في تضاعيف الكتاب إن شاء الله
تعالى ، ويلوح لك شرارها من بعيد كالسراب ، لكونها فارغة عن الصدق والصواب. وذلك
إمّا لاندراس محبّة آل بيت النبي من قلوب الصالحين من أهل السنة ، والعياذ بالله
من تلك الفتنة ، أن لنقص في الايمان وتردّد في اليقين ، أو لشين فاحش وكلم ظاهر في
أمر الدين.
والدليل على ذلك
أني سمعت من جماعة لا يعبأ الله بها أنهم يسبّون الأشراف القاطنين بمكة المشرفة
والمدينة المنورة ، من بني الحسن والحسين ،
__________________
فأجبتها بقول
القائل :
لو كلّ كلب عوى
ألقمته حجرا
|
|
لأصبح الصخر
مثاقلا بدينار
|
ثم نودي في سري
الروضة ، بين القبر الشريف والمنبر ، بالانتصار لأهل البيت ، فشرعت عند ذلك في
كتاب أذكر فيه مناقب أهل البيت على ما اتفق عليه أهل السنة والجماعة على وجه
الاختصار ... ».
الاعتماد على رواية القادري
ثم إنّ الرشيد
الدّهلوي يعتمد في كتابه ( غرّة الرّاشدين ) على رواية القادري في إثبات دعوى له
حول أبي حنيفة فيقول :
« وقال السيّد
محمود القادري ـ 1 ـ في كتاب حياة الذّاكرين : قيل : إنّ رجلا أتى أبا حنيفة
ـ رحمة الله عليه ـ وقال : أخي توفّي وأوصى بثلث ماله لإمام المسلمين ، إلى من
أدفع؟
فقال له أبو حنيفة
: أمرك بهذا السؤال أبو جعفر الدوانقي ، وكان يبغض أبا حنيفة ، كبغض جماعة من
أشقياء بلدنا الإمام الشافعي ;.
فحلف السائل ـ كذبا
ـ أنّه ما أمرني بهذا السؤال.
فقال أبو حنيفة ـ ; ـ : ادفع الثلث
إلى جعفر بن محمّد الصادق ، فإنّه هو الإمام الحق.
فذهب السائل وأخبر
أبا جعفر الدوانقي بذلك.
فقال أبو جعفر :
بهذا عرفت أبا حنيفة منذ قديم ، إنّه يرى الحق لغيرنا.
ثم دعا بأبي حنيفة
وسقاه السمّ في الطعام ، ففهم أبو حنيفة ذلك ، فقام ليخرج ، فقال له أبو جعفر :
إلى أين يا أبا حنيفة؟ فقال : إلى أين تأمرني؟ فأمره بالجلوس إلى أن عمل السم فيه.
فخرج ومات شهيدا في الطريق.
ولا تنافي بين هذا
الخبر وما روي من أن السبب فتواه بإعانة محمد
وإبراهيم ، فتلك
الفتوى كانت السّبب في حبسه وهذا الجواب السبب في قتله ».
(٥٦)
رواية ابن باكثير المكّي
ورواه أحمد بن الفضل بن محمّد باكثير
المكّي :
« عن عمران بن حصين ـ 2 ـ إنّ رسول الله ـ صلّى الله عليه
وسلّم ـ قال : إنّ عليّا منّي وأنا منه وهو وليّ كلّ مؤمن بعدي.
أخرجه أحمد وأبو حاتم والترمذي وقال : حسن غريب.
وعن بريدة ـ 2 ـ إنه كان يبغض عليا ، فقال النبيّ
صلّى الله عليه وسلّم : تبغض عليا؟ قال : نعم. فقال : لا تبغضه ، وإن كنت تحبّه
فازدد له حبّا. قال : فما كان أحد من الناس بعد رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم
ـ أحبّ إليّ من علي.
وفي رواية : علي منّي وأنا من علي ، وهو
وليّكم بعدي.
خرّجهما أحمد بن حنبل ».
كما روى ابن
باكثير حديث عمرو بن ميمون عن ابن عباس ، المشتمل على فضائل عشر لأمير المؤمنين 7 ، منها حديث
الولاية. وقال في آخره :
« خرّج هذا الحديث
بتمامه : أحمد بن حنبل ، وأبو القاسم الدمشقي في الموافقات ، وفي الأربعين الطوال
، وأخرج النسائي بعضه. وهذه القصة مشهورة ذكرها أبو إسحاق وغيره » .
__________________
عبارته في صدر كتابه
ولننقل عبارة ابن
باكثير في صدر كتابه المذكور ليظهر اعتبار أحاديثه ، فإنّه قال فيه :
« فرأيت أن أجمع
في تأليفي هذا من درر الفوائد الثمينة وغرر الأحاديث الصحيحة والحسنة ، ممّا هو
مختص بالعترة النبويّة والبضعة الفاطمية ، وأذكره بلفظ الإجمال. ثم ما ورد من
مناقب أهل الكساء الأربعة نخبة الآل ، واصرّح فيه بأسمائهم ، ثم ما ورد لكلّ واحد
منهم بصريح اسمه الشريف.
فجمعت في كتابي
هذا زبدة ما دوّنوه وعمدة ما صحّحوه من ذلك وأتقنوه ، وما رقموه في مؤلّفاتهم
وقنّتوه فيه ، مقتصرا على ما يؤدي المطلوب ويوصل إليه بأحسن نمط وأسلوب ، سالكا في
ذلك طريق السّداد ومقتصرا فيه على ما به يحصل المراد ، تاركا للتطويل المملّ ،
سالما من نقص الاختصار المخلّ.
فجاء ـ بحمد الله
تعالى ـ من أحسن تأليف في هذا الشأن ، وأتقن مصنّف سلك فيه طريق الإتقان ، جمع مع
سهولة تناوله البديع حسن البيان ، وحوى مع تناسب مسائله وتناسق وسائله عذوبة
الموارد للظمآن ، وتتبّعت فيه غالب ما صحّ نقله من الأحاديث ويعمل بمثله في
الفضائل ويحتجّ به في القديم والحديث ، وتركت ما اشتدّ ضعفه منها. ولم نجد له
شاهدا يقوّيه ، وجانبت عمّا تكلّم في سنده وقد عدّه الحفّاظ من الموضوع الذي يجب
أن ننقّيه.
وأتيت بالمشهور في
كتب التواريخ عند نقل القصص والأخبار ، وربّما دعت الحاجة إلى الإشارة لبعض
الوقائع روما لطريق الاختصار ، واكتفيت بالحوالة على الكتب المؤلّفة لذلك الفن ،
فإنّها تغني عن التطويل بذكره في كتابنا ، لقصد الإيجاز مهما أمكن.
فدونك مؤلّفا يجب
رقم سطوره بخالص الإبريز ، ومصنّفا يتعيّن أن يقابل بالتكريم والتعزيز ، ويحقّ له
أن يجرّ ذيل فخره على فرق كلّ مؤلّف سواه ، ويسمو على كلّ مصنّف بما جمع فيه وحواه
، إذ هو سفينة بجواهر نعوت أهل البيت قد شحنت ، وفي بحار فضائلهم الجمة قد عامت ،
وعلى جوديّ شمائلهم استوت واستوطنت ، يضوع من أرجائها نشر مناقبهم العاطر ، ويلوح
في شمائلها بدر كواكبهم الزاهر.
تتبّعت فيه من
الأحاديث ما يشرح صدور المؤمنين ، وتقرّ به عيون المتّقين ، ويضيق بسببه ذرع
المنافقين ، ممّا تفرّق في سواه من نصوص العلماء ومؤلفات الأئمة القدماء.
ثم لمّا كمل حسنه
البهيّ وتهذيبه ، وتمّ بحمد الله تعالى تفصيله وتبويبه ، سمّيته : وسيلة المآل في
عدّ مناقب الآل ، لكي يطابق اسمه مسمّاه ، ويوافق رسمه المعنى الذي نويناه ،
والمبنى الذي بنيناه ، لأنّي ألّفته راجيا به السّلامة من ورطات يوم القيامة
والخلوص من ندامة ذلك المقام ، مؤمّلا من فضل الله تعالى أن أحرز ببركته سائر
الآمال ، وأفوز بأسنى المطالب والحال والمآل ، لأنّ حبّهم هو الوسيلة العظمى ،
وتقرّبهم في كلا الدارين يوصل إلى كل مقام أسنى ».
ترجمة ابن باكثير
وترجم المحبّي لابن
باكثير بقوله :
« الشيخ أحمد بن
الفضل بن محمّد باكثير المكّي الشّافعي. من أدباء الحجاز وفضلائها المتمكّنين. كان
فاضلا أديبا ، له مقدار عليّ وفضل جليّ ، وكان له في العلوم الفلكيّة وعلم الأوفاق
والزابرجا يد عاليه ، وكان له عند أشراف مكّة منزلة وشهرة ، وكان في الموسم يجلس
في المكان الذي يقسّم فيه الصرّ
السّلطاني بالحرم
الشّريف ، بدلا عن شريف مكّة.
ومن مؤلّفاته :
حسن المآل في مناقب الآل ، جعله باسم الشريف إدريس أمير مكّة ... وكانت وفاته سنة
١٠٤٧ بمكّة. ودفن بالمعلاّة » .
وفي ( تنضيد
العقود السنّية ) لدى النقل عن ابن باكثير : « قال أحمد صاحب الوسيلة ، وهو الثقة
الأمين في كلّ فضيلة ... ».
(٥٧)
رواية البدخشي
ورواه ميرزا محمد بن معتمد خان الحارثي
البدخشي في كتبه الثلاثة.
ففي ( مفتاح النجا في مناقب آل العبا ) :
« أخرج أحمد عن بريدة ـ 2 ـ قال : بعث رسول الله ـ صلّى الله
عليه وسلّم ـ بعثين إلى اليمن ، على أحدهما : علي بن أبي طالب. وعلى الآخر : خالد
بن الوليد. فقال : إذا التقيتم فعليّ على الناس ، وإذا افترقتم فكلّ واحد منكما
على جنده. قال : فلقينا بني زبيد من أهل اليمن ، فاقتتلنا ، فظهر المسلمون على
المشركين ، فقتلنا المقاتلة وسبينا الذريّة. فاصطفى علي امرأة من
السّبي لنفسه. قال بريدة : فكتب معي خالد بن الوليد إلى رسول الله ـ صلّى الله
عليه وسلّم ـ يخبره بذلك ، فلمّا أتيت النبي ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ دفعت الكتاب
فقرئ عليه ، فرأيت الغضب في وجه رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ ، فقلت : يا
رسول الله ، هذا مكان العائذ بك ، بعثتني مع رجل فأمرتني أن أطيعه ففعلت ما أرسلت
به ، فقال رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ : لا تقع في علي ، فإنّه منّي وأنا
منه وهو وليّكم
__________________
بعدي ».
( وفيه ) : « أخرج الديلمي عن علي ـ
كرّم الله وجهه ـ أن النبي ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ قال لبريدة : يا بريدة : إن
عليّا وليّكم بعدي ، فأحبّ عليّا فإنّه يفعل ما يؤمر ».
( وفيه ) : « أخرج الترمذي ـ واللّفظ له
ـ والحاكم عن عمران بن حصين ـ 2
ـ قال : بعث رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ جيشا ، فاستعمل عليهم علي بن أبي
طالب ، فمضى في السريّة ، فأصاب جارية ، فأنكروا عليه ، وتعاقد أربعة من أصحاب
النبي ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ فقالوا : إذا لقينا رسول الله أخبرنا بما صنع علي
، وكان المسلمون إذا رجعوا من سفر بدءوا برسول الله فسلّموا عليه ثم انصرفوا إلى
رحالهم.
فلمّا قدمت السرية سلّموا على رسول الله
ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ ، فقام أحد الأربعة فقال : يا رسول الله ، ألم تر إلى
علي بن أبي طالب صنع كذا وكذا. فأعرض عنه رسول الله. ثمّ قام الثاني فقال مثل
مقالته ، فأعرض عنه. ثمّ
قام الثالث فقال مثل مقالته ، فأعرض عنه. ثم قام الرابع فقال مثل ما قالوا. فأقبل
إليهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ـ والغضب يعرف في وجهه ـ فقال : ما تريدون
من علي؟ ما تريدون من علي؟ ما تريدون من علي؟ إنّ عليا منّي وأنا منه وهو وليّ كلّ
مؤمن بعدي.
ولفظ عند أحمد مرفوعا ـ : دعوا عليّا ،
دعوا عليّا ، دعوا عليّا. إنّ عليّا منّي وأنا منه ، وهو وليّ كلّ مؤمن بعدي ».
( وفيه ) : « أخرج الخطيب والرّافعي ،
عن عليّ كرّم الله وجهه قال قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ : سألت الله
يا علي فيك خمسا ، فمنعني واحدة وأعطاني أربعة ، سألت الله أن يجمع عليك امّتي
فأبى عليّ. وأعطاني فيك : أن أول من تنشق عنه الأرض يوم القيامة أنا وأنت معي ،
معك لواء الحمد وأنت تحمله بين يديّ ، تسبق به الأوّلين والآخرين ، وأعطاني أنّك
وليّ
المؤمنين ».
( وفيه ) : « أخرج
أحمد عن عمرو بن ميمون قال : إنّي لجالس إلى ابن عباس 2 ، إذ أتاه تسعة
رهط ... ».
فرواه إلى آخره ثم
قال : « أقول : هذا حديث حسن ، بل صحّحه بعضهم. وهو شامل لمناقب جمّة ، يلزم لأهل
العلم حفظه » .
وفي ( نزل الأبرار
بما صحّ في مناقب أهل البيت الأطهار ) :
« أخرج الترمذي والحاكم عن عمران بن
حصين ـ 2 ـ قال : بعث
رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ جيشا واستعمل عليهم علي بن أبي طالب ، فمضى في
السرية ، فأصاب جارية ، فأنكروا عليه ، وتعاقد أربعة من أصحاب النبيّ ـ صلّى الله
عليه وسلّم ـ ...
فأقبل إليهم رسول الله ـ والغضب يعرف في
وجهه ـ فقال : ما تريدون من علي؟ ما تريدون من علي؟ ما تريدون من علي؟ إنّ عليّا
منّي وأنا منه وهو وليّ كلّ مؤمن بعدي » .
( وفيه ) : « أخرج
أحمد عن عمرو بن ميمون ، إني لجالس إلى ابن عباس ... ».
ولا يخفى أنّه ذكر
هذين الحديثين في القسم الأول من المقصد الأول من الكتاب ، وقد نصّ في أول هذا
القسم على أن أحاديثه « لم يختلف في صحّتها العلماء الأعلام ».
وفي ( تحفة المحبّين ) : « دعوا عليّا ،
دعوا عليّا ، دعوا عليّا ، إنّ عليا منّي وأنا منه ، وهو وليّ كلّ مؤمن بعدي. حم
عن عمران بن حصين ».
( وفيه ) : « ما تريدون من علي؟ ما
تريدون من علي؟ ما تريدون من علي؟ إنّ عليّا منّي وأنا منه ، وهو وليّ كلّ مؤمن
بعدي. ت وحسّنه. ك عن عمران بن
__________________
حصين » .
ترجمة البدخشاني
ومحمد بن معتمد
خان البدخشي من أجلّة العلماء في الهند ، ترجم له اللكهنوي ووصفه بالشيخ العالم
المحدّث أحد الرجال المشهورين في الحديث والرجال » وذكر كتبه .
ثم أنّه يعدّ من
الأعلام المحققين وأعيان المعتمدين من أهل السنّة ، فالرّشيد الدهلوي يصرّح بكونه
من عظماء أهل السنة ، ويستند إلى مؤلّفاته في مقابلة أهل الحق ، ويستشهد بها على
كون أهل السنّة موالين لأهل البيت الطّاهرين. والمولوي حيدر علي الفيض آبادي يذكره
من علماء أهل السنّة الأعلام القائلين بلعن يزيد بن معاوية ، وينص على اعتبار كتبه.
و ( الدهلوي ) نفسه يقول في جواب سؤال وجّه إليه في تلقيب أمير المؤمنين 7 بـ « المرتضى » :
« قد كنّي في
الأحاديث الصحيحة بأبي تراب ، وأبي الريحانتين ، وقد روي وثبت تلقيبه بذي القرنين
، ويعسوب الدين ، والصدّيق ، والفاروق ، والسّابق ، ويعسوب الامّة ، ويعسوب قريش ،
وبيضة البلد ، والأمين ، والشريف ، والبار ، والمهتدي ، وذي الاذن الواعية.
والميرزا محمد بن
معتمد خان الحارثي ، المؤرّخ المشهور لهذا البلد ـ يعني دهلي ـ ذكر تلقيبه
بالمرتضى في رسالتيه في فضائل الخلفاء وفضائل أهل البيت ، وهاتان الرسالتان من
عمدة تصانيفه. لكنّ الفقير لا يتذكّر الآن أنّه إلى أيّ حديث استند في ذلك.
__________________
وفي حديث أنس بن
مالك في قصة تزويج سيّدة النساء ، وخطبة أبي بكر الصدّيق وعمر الفاروق منها ، لفظ يفهم
منه كون أمير المؤمنين المرتضى والمختار ، أي في هذا الأمر ، يعني تزويج سيّدة
النساء رضي الله تعالى عنها منه. » انتهى نقلا عن مجموع فتاوى ( الدهلوي ) الموجود
عند المولوي عبد الحي ابن المولوي عبد الحليم السهالي اللكهنوي.
(٥٨)
رواية محمد صدر العالم
ورواه الشيخ محمد صدر العالم في مناقب
أمير المؤمنين 7
قال :
« أخرج أحمد : عن عبد الله بن بريدة ،
عن أبيه قال قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ : لا تقع في علي فإنّه منّي
وأنا منه وهو وليّكم بعدي ».
وقال : « أخرج الديلمي : عن بريدة قال
قال لي رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ : يا بريدة ، إنّ عليّا وليّكم بعدي ،
فأحبّ عليّا فإنّه يفعل ما يؤمر.
وأخرج ابن أبي شيبة : عن عمران بن حصين
قال قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ : علي منّي وأنا من علي ، وعلي وليّ
كلّ مؤمن بعدي.
وأخرج أحمد عنه قال قال رسول الله ـ صلّى
الله عليه وسلّم ـ : دعوا عليّا ، دعوا عليّا ، دعوا عليّا. إنّ عليّا منّي وأنا
منه ، وهو وليّ كلّ مؤمن بعدي.
وأخرج الطّيالسي والحسن بن سفيان وأبو
نعيم عنه مثله.
وأخرج الترمذي ـ وقال حسن غريب ـ
والطبراني والحاكم ـ وصححه ـ عنه قال : قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ :
ما تريدون من علي؟ ما تريدون من علي؟ ما تريدون من علي؟ إنّ عليّا منّي وانا منه
وهو وليّ كلّ مؤمن بعدي.
وأخرج
الخطيب والرّافعي عن علي ـ كرّم الله وجهه ـ قال قال رسول الله ـ صلّى الله عليه
وسلّم ـ سألت الله يا علي فيك خمسا ، فمنعني واحدة وأعطاني أربعا ، سألت الله أن
يجمع عليك أمتي فأبى عليّ ، وأعطاني فيك : أن أوّل من تنشق عنه الأرض يوم القيامة
أنا وأنت معي ومعك لواء الحمد ، وأنت تحمله من بين يديّ ، تسبق به الأوّلين
والآخرين ، وأعطاني أنّك وليّ المؤمنين بعدي » .
ترجمة محمد صدر العالم
ومحمد صدر العالم
من كبار العلماء الأجلّة من أهل السنّة ترجمه صاحب ( نزهة الخواطر ) بالشيخ الفاضل
، أحد العلماء العاملين وعباد الله الصالحين. ثم ذكر مصنّفاته ومنها معارج العلى .
وكتابه من الكتب
الممدوحة المقبولة عندهم. وقد أثنى عليه وعلى كتابه معاصره شاه ولي الله أحمد بن
عبد الرحيم الدهلوي ـ والد ( الدهلوي ) ـ في قصيدة أنشأها وأرسلها إلى صدر العالم
، بعد أن وقف على كتابه المذكور ... وهي موجودة في كتابه ( التفهيمات الإلهيّة ) ،
وبترجمته في ( نزهة الخواطر ٦ / ١١٧ ).
(٥٩)
رواية أحمد بن عبد الرّحيم الدّهلوي
ورواه شاه ولي
الله أحمد بن عبد الرّحيم الدهلوي ـ وهو والد
__________________
( الدهلوي ) ـ وأثبته
في فضائل أمير المؤمنين 7 ، في غير واحد من كتبه.
فروى في كتابه (
قرّة العينين ) حديث عمران بن حصين عن الترمذي .
وروى في كتابه (
إزالة الخفا عن سيرة الخلفاء ) حديث عمرو بن ميمون بطوله ، المشتمل على حديث
الولاية ، المذكور في الكتاب مرارا ، عن الحاكم والنسائي ...
ولم نجد منه طعنا
في سند الحديث ...
فيا للعجب كلّ
العجب من ( الدهلوي ) كيف خاض في غمار عقوق والده وشيخه المهذّب ، ورجّح على
اتّباعه تقليد الكابلي الجالب على نفسه وأتباعه أمّر العطب ، وكأنّه لم يقرع سمعه
قول علي 7 : نحن أهل بيت ما عادانا بيت إلاّ خرب ، وما نبح علينا كلب إلاّ جرب؟!
ترجمة أحمد بن عبد الرحيم
الدهلوي
وشاه وليّ الله
الدّهلوي إمام علماء الهند في عصره في العلوم المختلفة ، تجد الثناء العظيم عليه
في الكتب المؤلّفة بتراجم رجال تلك الدّيار وفي غيرها ، مثل ( اتحاف النّبلاء ) و
( أبجد العلوم ) و ( نزهة الخواطر ٦ / ٣٩٨ ـ ٤١٥ ). كما أنّه ترجم لنفسه في كتاب
أسماه ( الجزء اللطيف في ترجمة العبد الضّعيف ) ، كما أن ابنه ( الدهلوي ) وسائر
علماء الهند المتأخرين كلّهم عيال عليه في شتّى البحوث.
__________________
(٦٠)
رواية محمد بن إسماعيل الأمير
ورواه محمد بن
إسماعيل بن صلاح الأمير اليمني الصّنعاني ... في ( الروضة الندية ـ شرح التحفة
العلوية ) فقد قال بشرح :
« قل من المدح
بما شئت فلم
|
|
تأت فيما قلته
شيئا فرّيا
|
كلّ من رام
يداني شأوه
|
|
في العلى فاعدده
روما أشعبيّا »
|
قال : هذه
كالفذلكة لما تقدّم من فضائله ، كأنّه قال : إذ قد عرفت أنّه أحرز كلّ كمال ، وبذّ
في كلّ فضيلة كملة الرجال ، فقل ما شئت في مدحه ، كأن تمدحه بالعبادة ، فإنّه بلغ
رتبتها العليّة ، وبالشّجاعة فإنّه أنسى ما سبقه من أبطال البريّة ، وبالزهادة
فإنّه إمامها الذي به يقتدى ، وبالجود وأنّه الذي فيه المنتهى.
وبالجملة ، فلا
فضيلة إلاّ وهو حامل لوائها ومقدّم أمرائها ، فقل في صفاته ما انطلق به اللّسان ،
فلن يعيبك في ذلك إنسان.
وفي هذا إشارة إلى
عدم انحصار فضائله ـ كما قد أشرنا إليه سابقا ـ وكيف ينحصر لنا وقد قال إمام
المحدّثين أحمد بن حنبل : إنه ما ثبت لأحد من الفضائل الصحيحة ما ثبت للوصيّ 7. وقد علم أن كتب
السنّة قد شرّقت وغرّبت وبلغت مبلغ الرياح ، فلا يمكن حصرها. وإشارة إلى ما لم
نورده سابقا :
فمن ذلك : أنّه من
الرّسول ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ بمنزلة الرأس من البدن ، كما أخرجه
الخطيب من حديث البراء ، والديلمي في مسند الفردوس من حديث ابن عباس ـ رضي الله
عنهما ـ عنه صلّى الله عليه وسلّم : عليّ منّي
بمنزلة رأسي من
بدني.
ومن ذلك : أنّه
باب حطّة ، كما أخرجه الدار قطني في الأفراد عن ابن
عباس ـ رضي الله عنهما ـ عنه صلّى الله عليه وسلّم : علي باب حطّة من دخل منه كان
مؤمنا ومن خرج منه كان كافرا.
ومن ذلك : أنه من
النبيّ ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ والنبيّ صلّى الله عليه وسلّم منه ، كما أخرجه
أحمد والترمذي وأبو حاتم ، من حديث عمران بن حصين : إن رسول الله صلّى الله عليه
وسلّم قال : إنّ عليا منّي وأنا منه وهو وليّ كلّ مؤمن بعدي ».
وقال محمد بن
إسماعيل بشرح :
« كلّما للصحب
من مكرمة
|
|
فله السّبق تراه
الأوليّا »
|
قال : « وقد
اختصّه الله ورسوله بخصائص لا تدخل تحت ضبط الأقلام ولا تفنى بفناء اللّيالي
والأيّام. مثل اختصاصه بأربع ليست في أحد غيره ، كما أخرجه العلاّمة أبو عمر ابن
عبد البر من حديث بحر الامة ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال :
لعليّ أربع خصال
ليست لأحد غيره : هو أوّل عربي وعجمي صلّى مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. وهو
الذي كان لواه معه في كلّ زحف. وهو الذي صبر معه يوم فرّ عنه غيره. وهو الذي غسّله
وأدخله في قبره.
وكاختصاصه بخمس ،
كما أخرجه أحمد في المناقب ، وقد تقدم ذلك في بيت لواء الحمد.
وكاختصاصه بعشر ،
كما أخرجه أحمد بتمامه ، وأبو القاسم الدمشقي في الموافقات وفي الأربعين الطوال ،
وأخرج النسائي بعضه. وهو من حديث عمرو ابن ميمون قال : إني لجالس إلى ابن عباس إذا
أتاه ... ».
ترجمة محمد بن إسماعيل الأمير
ومحمد بن إسماعيل
بن صلاح الأمير الصنعاني المتوفى سنة ١١٨٢ فقيه ، محدّث ، متكلّم ، من أئمّة اليمن
، له تصانيف كثيرة في الفقه والأصول والحديث ، ترجم له وأثنى عليه :
١ ـ الشوكاني في (
البدر الطّالع ٢ / ١٣٣ ).
٢ ـ صدّيق حسن في
( التاج المكلّل : ٤١٤ ).
(٦١)
رواية الصبّان المصري
ورواه محمّد الصبّان المصري صاحب (
إسعاف الراغبين ) قال :
« أخرج الترمذي والحاكم عن عمران بن
حصين : إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال : ما تريدون من علي؟ ما تريدون من
علي؟ ما تريدون من علي؟ إنّ عليّا منّي وأنا منه وهو وليّ كلّ مؤمن بعدي » .
ترجمة الصبّان
وترجم لأبي
العرفان محمد بن علي الصبّان المصري الشّافعي المتوفى سنة ١٢٠٦ في ( معجم
المؤلّفين ) عن عدّة من المصادر ، قال : « عالم ،
__________________
أديب ، مشارك في
اللغة والنحو والبلاغة والعروض والمنطق والسيرة والحديث ومصطلحه والهيئة وغير ذلك.
ولد وتوفي بالقاهرة » ثم ذكر تصانيفه ، وعدّ منها ( إسعاف الراغبين ) و « الحاشية
على شرح الأشموني ) المتداول في الحوزات العلميّة والأدبيّة.
(٦٢)
رواية العجيلي
ورواه أحمد بن عبد
القادر بن بكري العجيلي الشافعي حيث قال بشرح :
« والله قد آتاه
خمسا تنقل
|
|
أحبّ من دنياكم
وأفضل »
|
قال : « أخرج السيطوي ـ ; ـ في الكبير عن علي ـ 2 ـ قال صلّى الله عليه وسلّم : سألت
الله ـ يا علي ـ فيك خمسا ، فمنعني واحدة وأعطاني أربعا : سألت الله أن يجمع عليك
أمّتي فأبى عليّ. وأعطاني لك : أنّ أول من تنشق عنه الأرض يوم القيامة أنا وأنت
معي ، معك لواء الحمد ، وأنت تحمله بين يديّ ، تسبق به الأوّلين والآخرين. وأعطاني
أنت وليّ المؤمنين بعدي ».
وقد أثبت الحديث
الشّريف في كلام له بشرح :
« واقرأ حديث
إنّما وليّكم
|
|
واسمع حديثا جاء
في غدير خم »
|
فقال بعد ذكر
الغدير وقصّة الحارث الفهري : « وهو من أقوى الأدلّة على أنّ عليّا ـ 2 ـ أولى بالإمامة
والخلافة والصّداقة والنصرة والاتّباع ، باعتبار الأحوال والأوقات والخصوص
والعموم. وليس في هذا مناقضة لما سبق وما سيأتي إن شاء الله تعالى.
إنّ عليّا 2
تكلّم فيه بعض من كان معه في اليمن ، فلمّا قضى حجّه خطب بهذا تنبيها على قدره ،
وردّا على من تكلّم فيه ، كبريدة ، فإنّه كان
يبغضه ، ولمّا خرج
إلى اليمن رأى جفوة ، فقصّه للنبي صلّى الله عليه وسلّم ، فجعل يتغيّر وجهه ويقول
: يا بريدة ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ من كنت مولاه فعلي مولاه. لا تقع ـ يا
بريدة ـ في علي. فإنّ عليّا منّي وأنا منه ، وهو وليّكم بعدي ».
ترجمة العجيلي
والعجيلي توجد
ترجمته في :
١ ـ نيل الأوطار ١
/ ١٢٩.
٢ ـ حلية البشر ١
/ ١٨٠ عنهما معجم المؤلفين ١ / ٢٧٩.
٣ ـ التاج المكلّل
: ٥٠٩ وقد وصفه بقوله : « الشيخ العلاّمة المشهور ، عالم الحجاز على الحقيقة لا
المجاز ، لم يزل مجتهدا في نيل المعالي ، وكم سهر في طلبها الليالي ، حتى فاز ...
».
(٦٣)
رواية محمد مبين اللكهنوي
ورواه المولوي محمد مبين بن محبّ الله
بن ملا أحمد عبد الحق بن ملا محمد سعيد بن قطب الدين السهالي ، في فضائل أمير
المؤمنين 7 حيث قال :
« ومنها : أنّه ـ صلّى الله عليه وسلّم
ـ أمّره على الجيش ، وأعلم القوم بخصوصيّته وأخبرهم بولايته : أخرج الحاكم
والترمذي نحوه عن عمران بن حصين قال : بعث رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ
سرية واستعمل عليهم علي بن أبي طالب ـ 2
ـ. فمضى في السرية فأصاب جارية فأنكروا
عليه ، فتعاقد أربعة
من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، إذا لقينا النبيّ صلّى الله عليه وسلّم
أخبرناه بما صنع علي. قال عمران : وكان المسلمون إذا قدموا ورجعوا بدءوا برسول
الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ فنظروا إليه وسلّموا عليه ، ثم يتطرقون إلى رحالهم.
فلمّا قدمت السريّة سلّموا على رسول
الله ، فقام أحد الأربعة فقال : يا رسول الله ألم تر إلى علي بن أبي طالب صنع كذا
وكذا؟ فأعرض عنه رسول الله. ثم قام الثاني فقال مثل مقالته فأعرض عنه. ثم قام إليه
الثالث فقال مثل مقالته فأعرض عنه ، ثم قام الرابع فقال مثل ما قالوا. فأقبل عليهم
رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ـ والغضب يعرف في وجهه ـ فقال :
ما تريدون من علي؟ ما تريدون من علي؟ ما
تريدون من علي؟ إنّ عليّا منّي وأنا منه وهو وليّ كلّ مؤمن بعدي.
ولفظ أحمد : دعوا عليّا ، دعوا عليّا ،
دعوا عليّا ، إنّ عليّا منّي وأنا منه وهو وليّ كلّ مؤمن بعدي » .
ترجمته وعبارته في صدر كتابه
ذكره صاحب ( نزهة
الخواطر ) وعنونه بـ « الشيخ الفاضل الكبير مبين بن محب اللكهنوي ، أحد الفقهاء
الحنفيّة ... » ثم ذكر كتابه وأرّخ وفاته بسنة ١٢٢٥ .
ومن المناسب أن
نورد نصّ كلامه في صدر كتابه ، ليظهر اعتبار الأحاديث الواردة فيه. فإنّه قال : «
أما بعد ، فلا يخفى عليك أن محبّة آل سيد الكائنات جزء الإيمان ، ولا يتمّ إلاّ
بمودّتهم بالجنان وتعظيمهم بالأركان ، ورعاية
__________________
حقوقهم بالصّدق
والإيقان ، قال الله في القرآن : ( قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ
عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) وفسّر بالنبيّ
المصطفى وعلي المرتضى والحسنين وفاطمة الزهراء ، :.
فلا بدّ لكلّ مؤمن
من مودّتهم ولا يخلو مسلم من محبّتهم. قال النبي ـ
صلّى الله عليه وسلّم ـ : ألا من مات على بغض آل محمد جاء يوم القيامة مكتوبا بين
عينيه : آيس من رحمة الله ولم يشم رائحة الجنّة. وقال في علي الوصي : لا يحبّه
إلاّ مؤمن ولا يبغضه إلاّ منافق.
وإنّني في زمان قد
كثر فيه القيل والقال ، وقلّ العلماء وكثر الجهّال ، كلّ بضاعة أهل الزمان
المخاصمة والجدال ، وقد اكتفوا بما فهموا بزعمهم من ظاهر المقال ، من غير أن يكون
لهم اطّلاع على حقيقة الحال ... فإنّ السّنّي من يكون مشغوفا بحبّ آل النبي ،
وإلاّ فهو المنافق الشقي. ومن اللطائف : أن أعداد السّنّي بحسب الحساب مساوية لحبّ
علي ، فمن لا يكون في قلبه حبّ عليّ لا يكون معدودا من السنّي ...
... حداني صدق النيّة ... على أن أؤلّف رسالة
مشتملة على الآيات النازلة والأحاديث الواردة في مودّة القربى ، متضمنّة لبيان
الشمائل والخصائل التي كانت لهم في الدنيا ، وما ثبت بالآيات القرآنيّة والأحاديث
النبويّة من مقاماتهم ودرجاتهم الرفيعة في العقبى ، وقد وشّح به المحدّثون صحائفهم
، والأولياء تصانيفهم ، والعلماء كتبهم.
وما استخرجت من
الصّحاح بعد كتاب الله صحيح البخاري وصحيح مسلم وصحيح الترمذي ، والكتب الموثوقة
كجامع الأصول لابن الأثير ... وغيرها من الكتب المعتبرة في الأحاديث الشّريفة
والقصص الصحيحة ، وجمعتها في هذه الرسالة ، وأعرضت عن الصحائف المتروكة والموضوعات
المطروحة ... وما التفتّ إلى ما كان باطلا أو ضعيفا ... ».
(٦٤)
رواية محمد سالم الدهلوي
ورواه محمّد سالم
بن محمد سلام الله الدهلوي ، في الفصل الثالث من رسالته المسمّاة بـ ( اصول
الإيمان ) عن الترمذي ... وقد نص في مقدّمة هذه الرسالة على أنّها مستمدة من الكتب
المعتبرة ، وأن الأحاديث الواردة فيها صحيحة.
ترجمة محمد سالم الدهلوي
وهذا الشيخ حفيد
المحدّث الكبير الشيخ عبد الحق الدهلوي ، قال في ( نزهة الخواطر ) : « الشّيخ
الفاضل أبو الخير محمد سالم بن سلامة ابن شيخ الإسلام الحنفي البخاري الدهلوي ،
كان من ذريّة الشيخ المحدّث عبد الحق ابن سيف الدين البخاري ... له مصنفات عديدة ،
أشهرها : اصول الإيمان في حبّ النبيّ وآله من أهل السعادة والإيقان ... » ٧ / ٤٤٠
ـ ٤٤١.
(٦٥)
رواية المولوي وليّ الله اللكهنوي
ورواه المولوي ولي
الله بن حبيب الله السّهالي اللكهنوي ، في الفصل الثاني من الباب الأول من كتابه (
مرآة المؤمنين في مناقب آل سيّد المرسلين ) ، وقد عنون الفصل بعنوان : « الفصل
الثاني في بيان مناقب سيدنا علي المرتضى
ومآثره القاطعة
التي هي نصوص على فضيلته وخلافته ».
رواه عن النّسائي
عن ابن عباس عن بريدة ، وعنه عن عمران بن حصين ، وعنه عن بريدة.
وروى أيضا حديث
عمرو بن ميمون بطوله عن الحاكم والنسائي.
هذا ، وقد ذكر في
صدر كتابه ما نصه :
« وبعد فهذه
أحاديث مشتملة على مناقب أهل البيت النبوية ، والعترة الطّاهرة المصطفويّة ، من
الكتب المعتبرة ، من الصّحاح والتواريخ ، منبّها على أسامي الكتب ، معرضا عن
الضعاف المتروكة عند علماء الحديث ، مقتصرا على ما تواتر من الأحاديث أو اشتهر ،
أو من الحسان ...
ترجمة ولي الله اللكهنوي
وترجم صاحب ( نزهة
الخواطر ) الشيخ ولي الله اللكهنوي المتوفى سنة ١٢٧٠ قال : « الشيخ الفاضل
العلاّمة ، أحد الأساتذة المشهورين » ثم ذكر مصنفاته ، وعدّ منها : ( مرآة
المؤمنين ) .
(٦٦)
رواية القندوزي البلخي
ورواه الشيخ سليمان بن إبراهيم القندوزي
البلخي بطرق متعددة.
فرواه عن الترمذي عن عمران بن حصين.
وعن ( الإصابة ) عن وهب بن حمزة قال : «
سافرت مع علي بن أبي
__________________
طالب ، فرأيت منه
بعض ما أكره ، فشكوته النبي صلّى الله عليه وسلّم. فقال : لا تقولنّ هذا لعلي ،
فإنّه وليّكم بعدي ».
وعن ( المشكاة ) عن عمران بن حصين.
وقال : « قال الحسن بن علي ـ رضي الله
عنهما ـ في خطبته قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ حين قضى بينه وبين أخيه
جعفر ومولاه زيد في ابنة عمّه حمزة : أما أنت ـ يا علي ـ فمنّي وأنا منك وأنت وليّ
كل مؤمن بعدي ».
وقال : « في كنوز الدقائق للمناوي : علي
منّي وأنا منه وهو وليّ كلّ مؤمن بعدي. لأبي داود الطّيالسي » .
ترجمة القندوزي
وهو : الشيخ
سليمان بن إبراهيم المعروف بـ ( خواجه كلان ) الحسيني القندوزي البلخي ، ولد سنة
١٢٢٠ وسافر إلى البلاد في طلب العلم ، فكان من أعلام الفقهاء الحنفية ومن رجال
الطريقة النقشبندية ، له مؤلّفات ، منها ( ينابيع المودة ) دلّ على سعة اطّلاعه
ووفور علمه. وتوفي سنة ١٢٩٤ أو ١٢٩٣ أو ١٢٧٠ على اختلاف الأقوال. وتوجد ترجمته في
( معجم المؤلّفين ) و ( الأعلام ).
(٦٧)
رواية حسن زمان الحيدرآبادي
ورواه المولوي حسن
زمان بن محمد بن قاسم التركماني الحيدرآبادي
__________________
وصحّحه ، فإنّه
قال بعد ذكر حديث الغدير :
« ثم معنى المولى
هنا : الولي والسيّد قطعا. قال العلاّمة الحرالي :
والمولى هو الولي
اللازم الولاية ، القائم بها الدائم عليها ، ذكره الفاضل المنّاوي في
شرح الجامع الصغير ، في حديث : علي بن أبي طالب مولى من كنت مولاه.
ويدل عليه ما مضى في
روايات أخرى صحيحة : من كنت وليّه فعليّ وليّه.
وفي حديث بريدة عند إمامي السنّة أحمد
والنسائي في خصائصه وغيرهما : لا تقع يا بريدة في عليّ ، فإنّه منّي وأنا منه ،
وهو وليّكم بعدي ، وإنّه منّي وأنا منه ، وهو وليّكم بعدي.
وقول ابن حجر
الهيتمي ـ : في سنده الأجلح ، وهو وإن وثّقه ابن معين لكنّ ضعّفه غيره ، على أنّه
شيعي ، وعلى تقدير الصحة فيحتمل أنّه رواه بالمعنى بحسب عقيدته ـ ليس بشيء.
فإنّه مع كون
الأجلح قد صحّ توثيق جماعة ، وضعف تضعيف فرقة له بعلّة تشيّعه ، قد ورد مثله في
روايات أخرى صحيحة أيضا :
ففي الرياض
والاكتفاء عن عمران بن حصين قال : بعث رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ سرية
واستعمل عليها عليّا ... أخرجه الترمذي في جامعه وقال : حسن غريب. وأبو حاتم ابن
حبان في صحيحه.
قلت : وقال أبو
يعلى في مسنده : نا عبيد الله ، ثنا جعفر بن سليمان ، نا يزيد الرشك ، عن مطرف بن
عبد الله ، عن عمران بن حصين. فذكره به نحوه.
وقال النّسائي في
خصائصه : أنا قتيبة بن سعيد ، ثنا جعفر. فذكره به.
وقال أحمد : ثنا
عبد الرزاق وعفان المعنى. وهذا حديث عبد الرزاق
قالا : ثنا جعفر بن سليمان. فذكره به.
وفيه : فأقبل رسول الله صلّى الله عليه
وسلّم على الرابع ـ وقد تغيّر
وجهه ـ فقال : دعوا
عليّا ، دعوا عليّا ، دعوا عليّا ، إنّ عليّا منّي وأنا منه ، وهو وليّ كلّ مؤمن
بعدي.
وقال الترمذي :
أنا قتيبة بن سعيد ، ثنا جعفر. فذكره به. قال : هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلاّ
من حديث جعفر بن سليمان.
قلت
: هو من زهّاد
الشّيعة ، ثقة ، كثير العلم ، احتج به البخاري في الأدب ، ومسلم ، والأربعة ،
وصحّح له التّرمذي ، فتحسينه له هذا غريب. وقد حدّث عنه : السفيان الثوري ـ مع
تقدّمه ـ وابن المبارك ، وسيّار بن حاتم ، وقتيبة ، ومسدّد ، ويحيى بن يحيى ، وابن
مهدي وابن المديني وهما لا يحدّثان إلاّ عن ثقة ، وعبد الرزاق وقال : رأيته فاضلا
حسن الهدي ، وأهل صنعاء ، وأهل العراق ، وخلق. وقال أحمد : لا بأس به. وقال ابن
معين : ثقة ، كان يحيى بن سعيد يستضعفه ـ أي : وهو منه غير مقبول ـ وقلّده ابن سعد
فقال : كان ثقة به ضعف. وكأن استضعاف يحيى لتشيّعه قال ابن حبان في كتاب الثقات :
كان من الثقات
المتقنين في الروايات ، غير أنّه كان ينتحل الميل إلى أهل البيت ، ولم يكن بداعية
إلى مذهبه ، وليس بين أهل الحديث من أئمتنا خلاف أنّ الصدوق المتقن إذا كان فيه
بدعة ولم يكن يدعو إليها أنّ الاحتجاج بأخباره ، ولهذه العلّة تركنا حديث جماعة
ممّن كانوا ينتحلون البدعة ويدعون إليها وإن كانوا ثقات ، فاحتججنا بأقوام ثقات
انتحالهم سوء ، غير أنهم لم يكونوا يدعون إليها ، وانتحال العبد بينه وبين ربّه ،
إن شاء عذّبه وإن شاء غفر له ، وعلينا قبول الروايات عنهم إذا كانوا ثقات على حسب
ما ذكرنا في غير موضع من كتبنا. انتهى.
وقد ذكر قوله في
ترجمة عبد الملك. وتقدّم في المقدمة في مرسل الحسن كلام الخطيب في هذا الباب.
وقال ابن عدي : هو
حسن الحديث ، معروف بالتشيّع وجمع الرقائق ، جالس زهّاد البصرة فحفظ عنهم. وقد روى
أيضا في فضل الشيخين ، وهو
عندي ممّن يجب أن
ينقل حديث. انتهى. وقال الذهبي : كان شيعيا صدوقا.
ويزيد عابد ثقة ،
وقال ابن حجر : وهم من ليّنه ، احتجّ به الأئمة الستة.
وكذا مطرف.
وقد صرّح الحافظ
ابن حجر في الإصابة بأنّ سنده قوي. وعزي إلى الطيالسي ، والنسائي في الكبرى ،
والحسن بن سفيان في فوائده ، وأبي نعيم في فضائل الصحابة ، والطبراني ، والحاكم في
مستدركه.
وفي جمع الجوامع : أخرجه ابن أبي شيبة
بسند صحيح ، وابن جرير وصحّحه ، ولفظهما : علي منّي وأنا من علي وعلي وليّ كلّ
مؤمن بعدي.
وهذه الجملة عند الديلمي في مسند الفردوس
عن أبي ذر الغفاري.
وللحاكم في مستدركه والضياء في مختارته
عن ابن عباس : إنّ رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ قال لبريدة : إنّ عليا
وليّكم بعدي فأحبّ عليّا فإنّه يفعل ما يؤمر به.
وللديلمي عن بريدة مثله.
وقال أبو داود الطيالسي : حدّثنا أبو
عوانة ، عن أبي بلج ، عن عمرو بن ميمون ، عن ابن عباس : إن رسول الله ـ صلّى الله
عليه وسلّم ـ قال لعلي : أنت وليّ كلّ مؤمن بعدي. وأخرجه أحمد والنسائي ، وعنه
الطّحاوي في حديث ابن عباس الطويل في خصائص علي بهذا السند ، مصرّحا بالتحديث في جميعه. وسكت عليه ابن حجر في الإصابة.
قال عمر في الإستيعاب : هذا إسناد لا مطعن فيه لأحد ، لصحته وثقة نقلته.
وكأنّه لم يعبأ
بتشديد البخاري في قوله وحده في أبي بلج : فيه نظر. وكذا لم يقبله منه من عاصره
ومن تأخّر عنه من النقدة المتشدّدة ، منهم أبو حاتم قال : صالح الحديث ، لا بأس
به. ووثّقه النسائي وابن سعد وابن حبان ـ كما عزي له ـ واحتجّ به في صحيحه ،
والدارقطني والحاكم. وألزما مسلما إخراج حديثه ، واحتجّ به الأربعة. وقال الحاكم :
واحتجّ به مسلم ، ولعلّه في نسخة الصحيح
من روايته ، وهو
بلديّ مسلم ، فهو أعلم بكتابه.
وسبقهم إلى توثيقه
من المتقدّمين : ابن معين ، وحدّث عنه إمام النقدة شعبة ، وإبراهيم بن المختار ،
وحاتم بن أبي صغيرة ، وحصين بن نمير ، وزائدة ابن قدامة ، وزهير بن معاوية ،
والثوري ، وسويد بن عبد العزيز ، وشعيب بن صفوان ، وأبو حمزة السكّري ، وأبو عوانة
، وهشيم ، وغيرهم.
وعن وهب بن حمزة قال : قدم بريدة من
اليمن ، وكان خرج مع علي بن أبي طالب ، فرأى منه جفوة ، فأخذ يذكر عليّا وينتقص من
حقّه ، فبلغ ذلك رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ فقال له : لا تقل هذا ، فهو
أولى الناس بكم بعدي يعني عليا.
أخرجه الطّبراني
في الكبير ، وذكره المناوي بتغيير يسير وقال : قال الهيثمي : فيه ذكرين ذكره أبو
حاتم ولم يضعّفه أحد وبقية رجاله وثّقوا.
وعن بريدة ـ في رواية أخرى ـ إن عليّا
منّي وأنا منه ، خلق من طينتي وخلقت من طينة إبراهيم ، وأنا أفضل من إبراهيم ،
ذرية بعضها من بعض ، والله سميع عليم. يا بريدة ، أما علمت أن لعلي أكثر من
الجارية التي أخذ ، وأنه وليّكم بعدي.
أخرجه ابن جرير في تهذيب الآثار ، وهو
صحيح عنده. قال الخطيب : لم أر سواه في معناه.
أورده واعتمده جماعة من الأئمة من آخرهم
: السّبكي والسيوطي ، وقد أخرجه ابن أسبوع الأندلسي في الشفاء. كذا في الاكتفاء.
وقد وردت هذه
اللّفظة في أحاديث جماعة من الصّحابة بطرق كثيرة ضعيفة ، يتقوّى مجموعها ، لكن لا
حاجة إليها بعد هذه الروايات الثابتات. وممّن جزم بورودها من جهابذة المتأخّرين :
الحافظ ابن حجر في الإصابة ، والحافظ الفاسي في العقد الثمين. في آخرين.
فقيلة صاحب القرة : ـ إنّ زيادة « وهو
وليّكم بعدي ونحوها » موضوعه ،
ومن تغييرات
الشّيعة ـ شيء عجاب عند أولي الألباب ، مع ذكره لها قبل خمسين ورقة في أجوبة
الطوسي ، من حديث الترمذي المذكور ، وقد صرّح الترمذي بحسنه وهو صحيح على شرطه.
وكتابه من كتب كان مؤلّفوها ـ كما قال صاحب القرة في الحجة ـ معروفين بالوثوق
والعدالة والحفظ والتبحّر في فنون الحديث ، ولم يرضوا في كتبهم هذه بالتساهل فيما
اشترطوا على أنفسهم ، فتلقّاها من بعدهم بالقبول. إلى آخر ما قال. نسأل الله
العافية » .
ترجمة حسن زمان
وهذا الشيخ معاصر
للسيّد صاحب العبقات ، وقد وصفه السيّد بـ « الجهبذ المبجّل في عصره وأوانه ، حسن
الزمان ، نادرة دهره وحسنة زمانه ».
__________________
وثاقة الأجلح
وردّ القدح فيه بسبب تشيّعه
قوله
لأنّ في سنده
الأجلح وهو شيعي متّهم في روايته.
أقول
هذا الكلام مخدوش
بوجوه عديدة ، ومنقوض بنقوض سديدة :
١ ـ توثيق يحيى بن معين
لقد وثّقه إمام
المنقّدين يحيى بن معين ، قال المزّي : « قال عباس الدوري عن يحيى بن معين : ثقة »
وقال ابن حجر : « قال ابن معين : صالح وقال مرة : ثقة. وقال مرة : ليس به بأس
» .
ترجمة يحيى بن معين
ولنذكر بعض
الكلمات في مناقب يحيى بن معين ومحامده ، لئلاّ يرتاب في سقوط التشكيك في وثاقة
الأجلح بعد توثيق يحيى بن معين له :
__________________
قال السمعاني : « أبو زكريا يحيى بن معين بن عون بن زياد بن بسطام المريّ
، مرّة غطفان ، من أهل بغداد. كان إماما ربّانيّا عالما حافظا ثبتا متقنا ، مرجوعا
إليه في الجرح والتعديل ...
روى عنه من رفقائه
: أحمد بن حنبل ، وأبو خيثمة ، ومحمد بن إسحاق الصنعاني ، ومحمد بن إسماعيل البخاري
، وأبو داود السجستاني ، وعبد الله بن أحمد بن حنبل ، وغيرهم.
وانتهى علم
العلماء إليه ، حتى قال أحمد بن حنبل : هاهنا رجل خلقه الله لهذا الشأن ، يظهر كذب
الكذابين. يعني : يحيى بن معين. وقال علي بن المديني : لا نعلم أحدا من لدن آدم
كتب من الحديث ما كتب يحيى بن معين. قال أبو حاتم الرّازي : إذا رأيت البغدادي
يحبّ أحمد بن حنبل فاعلم أنّه صاحب سنّة. وإذا رأيته يبغض يحيى بن معين فاعلم أنه
كذّاب.
وكانت ولادته في
خلافة أبي جعفر سنة ١٥٨ في آخرها ... ومات لسبع ليال بقين من ذي القعدة سنة ٢٣٣ » .
وقد فصّلنا الكلام
في ترجمة يحيى بن معين في مجلّد ( حديث مدينة العلم ).
٢ ـ توثيق أحمد بن حنبل
وقال أحمد بن حنبل
في توثيق الأجلح : « ما أقرب الأجلح من فطر بن الخليفة » روى ذلك : المزّي ، وابن
حجر العسقلاني. بترجمة الأجلح ، عن عبد الله بن أحمد ، عن أبيه .
ولا ريب في أنّ «
فطر بن خليفة » ثقة عند أحمد بن حنبل ... قال
__________________
الذّهبي :
« فطر بن خليفة
المخزومي ، مولاهم ، الحناط ، عن : أبي الطفيل ، وعطاء الشيبي ، ومولاه عمرو بن
حريث الصحابي ، وعن مجاهد ، والشعبي ، وخلق. وعنه : القطّان ، ويحيى بن آدم ،
وقبيصة. وخلق. له نحو ستّين حديثا ، وهو شيعي جلد صدوق ، وثّقه أحمد وابن معين.
مات سنة ١٥٣ » .
وقال ابن حجر : «
قال عبد الله بن أحمد بن حنبل عن أبيه : ثقة صالح الحديث » .
فيكون الأجلح ثقة
عند أحمد بن حنبل.
٣ ـ توثيق الفلاّس
وهو عند عمرو بن
علي الفلاس مستقيم الحديث ، صدوق ، فقد ذكر ابن حجر العسقلاني بترجمته : « وقال
عمرو بن علي : مات سنة ١٤٥ أوّل السنة ، وهو رجل من بجيلة ، مستقيم الحديث ، صدوق.
قلت : ليس هو من بجيلة » .
ترجمة الفلاس
والفلاّس من أكابر
أئمّة المسلمين الأعلام ، وهذه نبذة من كلماتهم بترجمته :
١
ـ السمعاني : « أبو حفص عمرو بن علي بن بحر بن الكنيز السقّاء الفلاّس
__________________
ـ ذكرته في الفاء
ـ كان أحد أئمّة المسلمين ، من أهل البصرة ، قدم أصبهان سنة ستّ عشرة وأربع وعشرين
، وست وثلاثين ومائتين ، وحدّث بها. روى عنه : عفان بن مسلم ، وسئل أبو زرعة
الرازي عنه فقال : ذاك من فرسان الحديث. وقال حجّاج بن الشاعر : لا يبالي أن يأخذ
من عمرو بن علي من حفظه أو من كتابه. وكان أبو مسعود الرازي يقول : لا أعلم أحدا
قدم هاهنا أتقن من أبي حفص » .
٢
ـ الذهبي : « الحافظ الإمام
الثبت ، أبو حفص ، الباهلي البصري الصيرفي ، الفلاّس ، أحد الأعلام. مولده بعد
الستين ومائة. سمع : يزيد زريع ، وعبد العزيز بن عبد الصمد العمّي ، وسفيان بن
عيينة ، ومعتمر بن سليمان ، وطبقتهم ، فأكثر وأتقن ، وجوّد وأحسن.
حدّث عنه : الستّة
، والنسائي أيضا بواسطة ، وعفّان وهو من شيوخه ، وأبو زرعة ، ومحمد بن جرير ، وابن
صاعد ، والمحاملي ، وأبو روق الهزاني ، وأمم سواهم.
قال النسائي : ثقة
حافظ صاحب حديث. وقال أبو حاتم : كان أوثق من علي بن المديني. وقال عبّاس العنبري
: ما تعلّمت الحديث إلاّ منه. وقال حجّاج بن شاعر : عمرو بن علي لا يبالي أحدّث من
حفظه أو من كتابه. وقال أبو زرعة : ذاك من فرسان الحديث ، لم نر بالبصرة أحفظ منه
ومن ابن المديني والشاذكوني.
قال الفلاّس :
حضرت مجلس حمّاد بن زيد وأنا صبيّ وضيء ، فأخذ رجل بخدّي ففررت فلم أعد.
وقال ابن إشكاب :
ما رأيت مثل الفلاس ، وكان يحسن كلّ شيء.
وعنه قال : ما كنت
فلاّسا قط » .
__________________
وترجم له في ( سير
أعلام النبلاء ) فوصفه بـ « الحافظ الإمام المجوّد الناقد » ثم أورد الكلمات في
حقّه .
وكذا في ( العبر )
بعد أن وصفه بـ « الحافظ أحد الأعلام » .
٣
ـ وكذا ترجم له كلّ من اليافعي وابن حجر والسّيوطي .
٤ ـ توثيق العجلي
ووثّقه أحمد بن
عبد الله العجلي ، فقد ذكر المزّي : « قال أحمد بن عبد الله العجلي : كوفي ثقة » . وقال ابن حجر :
« قال العجلي : كوفي ثقة » وقال السّيوطي بعد تكلّم ابن الجوزي في الأجلح : « قلت :
روى له الأربعة ، ووثّقه ابن معين والعجلي » .
ترجمة العجلي
والعجلي أيضا من
كبار الأئمّة الحفّاظ ، المرجوع إليهم في الجرح والتعديل :
١
ـ السمعاني : « أبو الحسن أحمد بن عبد الله بن صالح بن مسلم
__________________
العجلي ، كوفي
الأصل ، نشأ ببغداد ، وسمع بها وبالكوفة والبصرة ... وكان حافظا ديّنا صالحا ،
انتقل إلى بلاد المغرب فسكن أطرابلس ، وانتشر حديثه هناك. روى عنه ابنه أبو مسلم
صالح ، وذكر أنه سمع منه في سنة ٢٥٧. وكان يشبّه بأحمد بن حنبل ، وكان خروجه إلى
المغرب أيّام محنة أحمد بن حنبل. وكانت ولادته بالكوفة سنة ١٨٢. ومات في سنة ٢٦١
وقبره بأعلى الساحل باطرابلس ، وقبر ابنه صالح إلى جنبه » .
٢
ـ الذّهبي : « العجلي ،
الإمام الحافظ القدوة ... حدّث عنه ولده صالح بمصنّفه في الجرح والتعديل ، وهو
كتاب مفيد يدلّ على سعة حفظه. ذكره عباس الدوري فقال : كنا نعدّه مثل أحمد ويحيى
بن معين » .
وكذا في ( العبر )
وذكر كلمة الدوري .
وفي ( سير أعلام
النبلاء ) وصفه : « الإمام الحافظ الناقد الأوحد الزاهد » وذكر كتابه في الجرح
والتعديل ومدحه ، ثم ذكر بعض الكلمات في حق العجلي والثناء عليه من الأكابر .
٥ ـ توثيق الفسوي
ووثّقه يعقوب بن
سفيان الفسوي بصراحة وإن ناقض نفسه فليّن حديثه قال ابن حجر : « قال يعقوب بن
سفيان : ثقة حديثه ليّن » .
__________________
ترجمة الفسوي
والفسوي من أكابر
الأئمة المعتمدين لدى القوم :
١
ـ السمعاني : « الفسوي. بفتح الفاء والسين ، وهذه النّسبة إلى فسا ، وهي بلدة من بلاد فارس
، خرج منها جماعة من العلماء والرحالين ، منهم : أبو يوسف يعقوب بن سفيان بن جوان
الفسوي الفارسي. كان من الأئمة الكبار ، ممّن جمع ورحل من الشرق إلى الغرب ، وصنّف
وأكثر ، مع الورع والنسك والصّلابة في السنّة.
رحل إلى : العراق
، والحجاز ، والشام ، والجزائر ، وديار مصر. وكتب عن عبيد الله بن موسى. روى عنه :
أبو محمد ابن درستويه النحوي.
مات في رجب الثالث
والعشرون منه ، من سنة ٢٧٧ » .
٢
ـ الذهبي : « الفسوي الحافظ
الإمام الحجة ... عنه : الترمذي ، والنسائي ، وابن خزيمة ، وأبو عوانة ، وابن أبي
حاتم ، ومحمد بن حمزة بن عمار ، وعبد الله بن جعفر بن درستويه النحوي ، وآخرون.
وبقي في الرحلة ثلاثين سنة.
قال أبو زرعة
الدمشقي : قدم علينا من نبلاء الرّجال يعقوب بن سفيان ، يعجز أهل العراق أن يروا
مثله ...
وقيل : كان يتكلّم
في عثمان ـ 2 ـ ولم يصح » .
وفي ( العبر ) : «
الإمام يعقوب بن سفيان الحافظ ، أحد أركان الحديث ، وصاحب المشيخة والتاريخ » .
__________________
وفي ( سير أعلام
النبلاء ) : « الفسوي الإمام الحافظ الحجة الرحال ، محدّث إقليم فارس ... » .
٦ ـ توثيق ابن عدي
ووصفه ابن عدي
صاحب ( الكامل ) الكتاب الشهير في الجرح والتعديل ، بالصّدق ، والاستقامة في
الحديث ، وأضاف أنّه لم ير له حديثا منكرا مطلقا ... فقد قال المزي بترجمة الأجلح
:
« قال أحمد بن عدي
: له أحاديث صالحة ، يوري عنه الكوفيّون وغيرهم ، فلم أجد له حديثا منكرا متجاوزا
للحد لا إسنادا ولا متنا ، إلاّ أنّه يعدّ في شيعة الكوفة وهو عندي مستقيم الحديث
» .
وقال ابن حجر : «
قال ابن عدي : له أحاديث صالحة ، ويروي عنه الكوفيّون وغيرهم ، ولم أر له حديثا
منكرا مجاوزا للحد لا إسنادا ولا متنا ، إلاّ أنّه يعدّ في شيعة الكوفة ، وهو عندي
مستقيم الحديث صدوق. وقال شريك عن الأجلح : إنّه ما سبّ أبا بكر وعمر أحد إلاّ مات
قتلا أو فقرا » .
ترجمة ابن عدي
وابن عدي من أئمّة
أهل الجرح والتعديل المرجوع إليهم عندهم :
١
ـ الذهبي : « ابن عدي ،
الإمام الحافظ الكبير ، أبو أحمد عبد الله بن عدي بن عبد الله بن محمد بن مبارك
الجرجاني ، ويعرف أيضا بابن القطّان ، صاحب كتاب الكامل في الجرح والتعديل ، كان
أحد الأعلام ...
__________________
عنه : أبو العباس
ابن عقدة شيخه ، وأبو سعد الماليني ، والحسن بن رامين ، ومحمد بن عبد الله بن عبد
كويه ، وحمزة بن يوسف السهمي ، وأبو الحسين أحمد بن العالي ، وآخرون.
وهو المصنّف في
الكلام على الرجال ، عارف بالعلل.
قال أبو القاسم
ابن عساكر : كان ثقة على لحن فيه.
قال حمزة السهمي :
سألت الدار قطني أن يصنّف كتابا في الضعفاء.
فقال : أليس عندك
كتاب ابن عدي؟ فقلت : بلى. فقال : فيه كفاية لا يزاد عليه.
قلت : قد صنّف ابن
عدي على أبواب مختصر المزني كتابا سمّاه الإنتصار.
قال حمزة السهمي :
كان حافظا متقنا لم يكن في زمانه أحد مثله ، تفرّد برواية أحاديث ، وبه منها لا
بنيه عدي وأبي زرعة ، وتفرّدا بها عنه.
قال الخليلي : كان
عديم النظير حفظا وجلالة ، سألت عبد الله بن محمد الحافظ أيهما أحفظ؟ ابن عدي؟ ابن
عدي أو ابن قانع فقال : زر قميص ابن عدي أحفظ من عبد الباقي ابن قانع.
قال الخليلي :
وسمعت أحمد بن أبي مسلم الحافظ يقول : لم أر أحدا مثل أحمد الحاكم ، وقد قال لي
كان حفظ هؤلاء تكلّفا وحفظ ابن عدي طبعا. زاد معجمه على ألف شيخ.
قال حمزة بن يوسف
: توفي أبو أحمد في جمادى الآخرة سنة خمس وستين ، وصلّى عليه الإمام أبو بكر
الإسماعيلي » .
٢
ـ ابن الأثير : « فيها توفي أبو أحمد ابن عدي الجرجاني ، في جمادى
__________________
الآخرة ، وهو إمام
مشهور » .
٣
ـ اليافعي : « فيها الحافظ
الكبير أبو أحمد ، عبد الله بن محمد القطّان الجرجاني ، مصنف الكامل في الجرح » .
٤
ـ السيوطي : « ابن عدي ،
الإمام الحافظ الكبير ... صاحب الكامل في الجرح والتعديل ، أحد الأعلام ... » .
٥
ـ المناوي : « هو أبو أحمد
عبد الله الجرجاني ، أحد الحفّاظ الأعيان الذين طافوا البلاد وهجروا الوساد
وواصلوا السهاد وقطعوا المعتاد ، طالبين للعلم ، روى عن الجمحي وغيره. وعنه : أبو
حامد الإسفرايني ، وأبو سعيد الماليني. قال البيهقي : حافظ متقن لم يكن في زمنه
مثله. وقال ابن عساكر : ثقة على لحن فيه. مات سنة ٣٦٥ عن ثمان وثمانين.
وفي كتاب الكامل ،
الّذي ألّفه في معرفة الضعفاء ، وهو أصل من الأصول المعوّل عليها والمرجوع إليها ،
طابق اسمه معناه ، ووافق لفظه فحواه ، من عينه انتجع المنتجعون ، وبشهادته حكم
الحاكمون ، وإلى ما قاله رجع المتقدّمون والمتأخّرون » .
٧ ـ تصحيح الحاكم حديثه وتأكيده
ذلك
وقال الحاكم :
« حدّثنا أحمد بن إسحاق الفقيه ، أنبأ
أبو المثنى ، ثنا مسدّد ، ثنا يحيى القطان ، عن الأجلح ، عن الشعبي ، عن عبد الله
بن الخليل ، عن زيد بن أرقم قال : كنت
__________________
جالسا عند النبيّ ـ 6 ـ إذ جاءه رجل من أهل اليمن فقال : إنّ
ثلاثة من أهل اليمن أتوا عليّا ـ 2
ـ يختصمون إليه في ولد وقعوا على إمراة في طهر واحد ، فقال لاثنين منهما : طيبا
بالولد لهذا ، فقالا : لا ثم قال للاثنين : طيبا بالولد لهذا ، فقالا : لا. ثم قال
: أنتم متشاكسون ، إني مقرع بينكم ، فمن قرع فله الولد وعليه لصاحبيه ثلثا الدية ،
فأقرع بينهم ، فجعله لمن قرع ، فضحك رسول الله ـ 6
ـ حتّى بدت أضراسه ـ أو قال : نواجذه ـ.
قد اتّفق الشيخان
على ترك الإحتجاج بالأجلح بن عبد الله الكندي ، وإنّما نقما عليه حديثا واحدا لعبد
الله بن بريدة ، وقد تابعه على ذلك الحديث ثلاثة من الثقات ، فهذا الحديث إذا صحيح
ولم يخرجاه » .
وقال الحاكم : « أخبرني عبد الله بن
محمّد بن موسى العدل ، محمد بن أيوب أنا إبراهيم بن موسى ، ثنا عيسى بن يونس ، ثنا
الأجلح ، عن الشعبي ، عن عبد الله ابن الخليل ، عن زيد بن أرقم قال : بينا أنا عند
رسول الله ـ 6 ـ إذ جاءه
رجل من أهل اليمن ، فجعل يحدّث النبيّ ـ 6
ـ ويخبره ، فقال : يا رسول الله أتى عليا ـ 2
ـ ثلاثة نفر يختصمون في ولد وقعوا على امرأة في طهر واحد ، فقال لاثنين : طيبا
نفسا بهذا الولد. ثم قال : أنتم شركاء متشاكسون ، إني مقرع بينكم ، فمن قرع له فله
الولد وعليه ثلث الدية لصاحبيه ، فأقرع بينهم ، فقرع لأحدهم فدفع إليه الولد. فضحك
النبيّ ـ 6 ـ حتى بدت
نواجذه ـ أو قال أضراسه ـ.
حدّثنا علي بن جمشاد ، ثنا بشر بن موسى
ثنا الحميدي ، ثنا سفيان ، ثنا الأجلح بهذا. وزاد فيه : فقال النبيّ صلّى الله
عليه وسلّم : ما أعلم فيها إلاّ ما قال علي.
__________________
هذا حديث صحيح
الإسناد ولم يخرجاه. وقد زاد الحديث تأكيدا برواية ابن عيينة ، وقد تابع أبو إسحاق
السبيعي الأجلح في روايته » .
وقال الحاكم :
« أخبرني علي بن محمد بن دحيم الشيباني
، حدّثنا أحمد بن حازم الغفاري ، حدّثنا مالك بن إسماعيل النهدي ، حدّثنا الأجلح ،
عن الشعبي ، عن عبد الله ابن الخليل ، عن زيد بن أرقم : إن عليا بعثه النبيّ ـ
صلّى الله عليه وسلّم ـ إلى اليمن ، فارتفع إليه ثلاثة يتنازعون ولدا ، كلّ واحد
يزعم أنه ابنه ، قال : فخلا باثنين فقال : أتطيبان نفسا لهذا الباقي؟ قالا : لا.
وخلا باثنين فقال لهما مثل ذلك ، فقالا : لا. فقال : أراكم شركاء متشاكسين وأنا
مقرع بينكم ، فأقرع بينهم ، فجعله لأحدهم وأغرمه ثلثي الديّة للباقيين. قال : فذكر
ذلك لرسول الله فضحك حتى بدت نواجذه.
قد أعرض الشيخان
عن الأجلح بن عبد الله الكندي وليس في رواياته بالمتروك ، فإنّ الذي ينقم عليه
مذهبه مذهبه » .
٨ ـ ابن حجر : صدوق
وقال ابن حجر
العسقلاني : « أجلح بن عبد الله بن حجّية ـ بالمهملة والجيم مصغرا ـ يكنّى أبا
حجيّة الكندي ، يقال اسمه : يحيى. صدوق شيعي ، من السابعة. مات سنة ٤٥ » .
فهو عند ابن حجر «
صدوق » ومن الطبقة السّابعة ، أي في طبقة كبار أتباع التابعين كمالك والثوري ، كما
ذكر في أوّل الكتاب في بيان الطبقات.
__________________
٩ ـ إنّه من رجال الكتب الأربعة
والأجلح من رجال :
صحيح أبي داود ، وصحيح الترمذي ، وصحيح النسائي ، وصحيح ابن ماجة. كما في الرمز
الموضوع على اسمه في ( تهذيب التهذيب ) و ( تقريب التهذيب ) وغيرهما. وقال
السّيوطي : « روى له الأربعة ».
وقد صرّح أكابر
القوم بأنّ رجال الكتب الصّحاح معدّلون ومزكّون ، وكلّهم من أهل التقوى والديانة
...
١٠ ـ رواية الأئمة عنه
وقد روى عنه أيضا
كبار الأئمة الأعلام ، كشعبة ، وسفيان الثوري ، وابن المبارك ، وأضرابهم ... قال
ابن حجر :
« وعنه : شعبة ،
وسفيان الثوري ، وابن المبارك ، وأبو أسامة ، ويحيى القطّان ، وجعفر بن عون ،
وغيرهم » .
ورواية الثقة
العدل عن رجل توثيق للمروي عنه وتعديل له ... وبهذا الأسلوب أراد ابن حجر المكّي
إثبات فضيلة لمعاوية ، وهذه عبارته في ذكر فضائله المزعومة :
« منها : إنّه حاز
شرف الأخذ عن أكابر الصّحابة والتابعين له ، وشرف أخذ كثيرين من أجلاّء الصحابة
والتابعين عنه ... فتأمّل هؤلاء الأئمة أئمة الإسلام الذين رووا عنه تعلم أنّه كان
مجتهدا أيّ مجتهد ، وفقيها أيّ فقيه » .
__________________
فهكذا يكون رواية
شعبة والثوري وأمثالهما عن الأجلح دليلا على ثبوت إمامة الأجلح وجلالته.
وقال الذهبي
بترجمة أبي العبّاس العذري أحمد بن عمر الأندلسي المتوفى سنة ٤٧٨ :
« ومن جلالته :
أنّ إمامي الأندلس ـ ابن عبد البر ، وابن حزم ـ رويا عنه » .
ومثله قول المقري
المالكي بترجمة أبي الوليد الباجي حيث قال :
« وممّا يفتخر به
أنه روى عنه حافظا المغرب والمشرق : أبو عمر بن عبد البر والخطيب أبو بكر ابن ثابت
البغدادي ، وناهيك بهما ... » .
هذا ، وقد صرّح
ابن قيّم الجوزيّة : بأنّ مجرّد رواية العدل عن غيره تعديل له ، هو أحد القولين في
المسألة ، وهو أحد الرّوايتين عن أحمد بن حنبل ... فإنّه قال بعد كلام له : « هذا
، مع أنّ أحد القولين : أن مجرد رواية العدل عن غيره تعديل له وإن لم يصرّح
بالتعديل ، كما هو إحدى الروايتين عن أحمد » .
١١ ـ رواية شعبة عنه وهو لا
يروي إلاّ عن ثقة
إنّه قد عرفت من
كلام العسقلاني أن من الرّواة عن الأجلح : شبعة بن الحجاج ... وقد ذكر القوم أنّ
شعبة كان لا يروي إلاّ عن ثقة ، حتى أنّ السبكي صحّح حديث
« من زار قبري وجبت له شفاعتي » متمسّكا بقول خصمه ابن تيميّة بأنّ جماعة ذكرهم ـ وفيهم شعبة ـ لا يروون إلاّ
عن ثقة ... قال السبكي :
__________________
« وموسى بن هلال ،
قال ابن عدي : أرجو أنّه لا بأس به. وأمّا قول أبي حاتم الرازي فيه : إنّه مجهول
فلا يضرّه ، فإنّه إمّا أن يريد جهالة العين أو جهالة الوصف ، فإن أراد جهالة
العين ـ وهو غالب اصطلاح أهل هذا الشأن في هذا الإطلاق ـ فذلك مرتفع عنه ، لأنّه
قد روى عنه : أحمد بن حنبل ، ومحمد بن جابر المحاربي ، ومحمد بن إسماعيل الأحمسي ،
وأبو أميّة محمد بن إبراهيم الطرسوسي ، وعبيد بن محمّد الرزاق ، والفضل بن سهل ،
وجعفر بن محمد المروزي. وبرواية الاثنين تنتفي جهالة العين ، فكيف رواية سبعة.
وإن أراد جهالة
الوصف ، فرواية أحمد يرفع من شأنه ، لا سيّما ما قاله ابن عدي فيه ، وممّن ذكره من
مشايخ أحمد : أبو الفرج ابن الجوزي ، وأبو إسحاق الصريفيني.
وأحمد ـ ; ـ لم يكن يروي
إلاّ عن ثقة ، وقد صرّح الخصم بذلك في الكتاب الذي صنّفه في الردّ على البكري بعد
عشر كراريس منه ، قال : إنّ القائلين بالجرح والتعديل من علماء الحديث نوعان ،
منهم : من لم يرو إلاّ عن ثقة عنده ، كمالك وشبعة ، ويحيى بن سعيد ، وعبد الرحمن
بن مهدي ، وأحمد ابن حنبل ، وكذلك البخاري وأمثاله ... » .
فمن هذا الكلام
الذي احتجّ به السبكي ـ لتوثيق موسى بن هلال ـ يظهر بكلّ وضوح وثاقة الأجلح أيضا ،
لكونه من مشايخ شبعة ، وهو لا يروي إلاّ عن ثقة.
١٢ ـ رواية أحمد عنه وهو لا
يروي إلاّ عن ثقة
وأيضا ، فإنّه من
مشايخ أحمد بن حنبل في ( المسند ) ، بل لقد روى فيه
__________________
حديث الولاية عن
طريقه فقال كما سمعت سابقا :
« ثنا ابن نمير ،
حدّثني أجلح الكندي ، عن عبد الله بن بريدة ، عن أبيه بريدة قال : بعث رسول الله ـ
صلّى الله عليه وسلّم ـ بعثين إلى اليمن ... ».
وهذا ، وأحمد لم
يخرّج في المسند إلاّ عمّن ثبت عنده صدقه وديانته ، كما قال أبو موسى المديني ،
فيما نقله عنه السبكي في ( طبقاته ) كما سمعت سابقا فقال : « قال أبو موسى المديني
: ولم يخرّج في المسند إلاّ عمّن ثبت عنده صدقه وديانته دون من طعن في أمانته ...
قال أبو موسى : ومن الدليل على إنّ ما أودعه الإمام أحمد في مسنده قد احتاط فيه
إسنادا ومتنا ، ولم يورد فيه إلاّ ما صحّ سنده : ما
أخبرنا أبو علي الحدّاد قال : أنا أبو نعيم وأنا أبو الحسين وأنا ابن المذهب قالوا
: أنا القطيعي ، ثنا عبد الله قال : حدّثني أبي ، ثنا محمد بن جعفر ، ثنا شعبة ،
عن أبي التيّاح قال : سمعت أبا زرعة يحدّث عن أبي هريرة عن النبيّ أنّه قال : يهلك
امّتي هذا الحي من قريش. قالوا : فما تأمرنا يا رسول الله؟ قال : لو أنّ الناس
اعتزلوهم.
قال عبد الله قال
لي أبي في مرضه الذي مات فيه : اضرب على هذا الحديث ، فإنّه خلاف الأحاديث عن
النبيّ ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ. يعني قوله :
اسمعوا وأطيعوا. وهذا ـ مع ثقة
رجال إسناده ، حين شذّ لفظه عن الأحاديث المشاهير ـ أمر الضّرب عليه ، فكان دليلا
على ما قلناه ».
١٣ ـ روى عنه النسائي وشرطه
أشدّ من شرط الشيخين
وأيضا ، فقد أخرج
عنه النسائي في صحيحه كما في ( تهذيب التهذيب ) و ( تقريب التهذيب ) وغيرهما ،
وكما عرفت من عبارة السّيوطي في ( اللّئالي المصنوعة ). وللنسائي شرط في الرجال
أشد من شرط البخاري ومسلم :
قال الذهبي : «
قال ابن طاهر : سألت سعد بن علي الزنجاني عن رجل ،
فوثّقه ، فقلت :
قد ضعّفه النسائي! فقال : يا بنيّ ، إنّ لأبي عبد الرحمن شرطا في الرجال أشد من
شرط البخاري ومسلم » .
ونقله السّبكي في
( طبقاته ) والصفدي في ( وفياته ) بترجمة النسائي في ( فيض القدير ).
وذكر ذلك ابن حجر
العسقلاني في ( النكت على علوم ابن الصّلاح ) في بيان أن النسائي لا يخرّج عمّن
أجمعوا على تركه. قال : « فكم من رجل أخرج له أبو داود والترمذي ، وتجنّب النسائي
إخراج حديث ، بل قد تجنّب إخراج حديث جماعة من رجال الشيخين ، حتى قال بعض الحفّاظ
: إنّ شرطه في الرجال أقوى من شرطهما ».
ترجمة سعد الزّنجاني
وسعد بن علي
الزنجاني ـ الذي نقلوا عنه ذلك ـ من كبار الحفّاظ ومشاهير المنقدين :
١
ـ السمعاني : « أبو القاسم سعد بن علي بن محمد الزنجاني ، شيخ الحرم في عصره ، كان جليل
القدر ، عالما زاهدا ، كان الناس يتبرّكون به حتى قال حاسده لأمير مكة : إنّ الناس
يقبّلون يد الزنجاني أكثر ممّا يقبّلون الحجر الأسود ... توفي بمكة سنة ٤٧٠ » .
٢
ـ الذهبي : « الزنجاني ،
الإمام الثبت الحافظ القدوة ... قال أبو سعد السمعاني : سمعت بعض مشايخنا يقول :
كان جدّك أبو المظفّر عزم أن يجاور بمكة في صحبة سعد الإمام ، فرأى ليلة والدته
كأنّها كشفت رأسها تقول : يا بني بحقّي عليك إلاّ رجعت إلى مرو فإنّي لا أطيق
فراقك ، فانتبهت مغموما وقلت :
__________________
أشاور سعد بن علي
، فأتيته ولم أقدر من الزّحام أن اكلّمه ، فلمّا قام تبعته ، فالتفت إليّ وقال :
يا أبا المظفّر العجوز تنتظرك. ودخل البيت. فعرفت أنّه تكلّم على ضميري ، فرجعت
تلك السنة.
وكان حافظا متقنا
ورعا كثير العبادة ، صاحب كرامات وآيات ... وإذا خرج إلى الحرم يخلو المطاف
ويقبّلون يده أكثر ممّا يقبّلون الحجر الأسود.
ابن طاهر ـ ممّا
سمعه السلفي منه ـ : سمعت الحبّال يقول : كان عندنا سعد بن علي ولم يكن على وجه
الأرض مثله في عصره.
وسمعت أن محمد بن
الفضل الحافظ يقول ذلك.
وقال محمد بن طاهر
الحافظ : ما رأيت مثل الزنجاني ... » .
١٤ ـ من أسامي أئمة الحديث
الشّيعة
إنّ التشيّع في
كبار أئمة الحديث كثير شائع ، فلو كان التشيّع قادحا لزم طرح أخبار جميعهم ... قال
ابن قتيبة : « الشيعة : الحارث الأعور ، وصعصعة ابن صوحان ، والأصبغ بن نباتة ،
وعطيّة العوفي ، وطاوس ، والأعمش ، وأبو إسحاق السّبيعي ، وأبو صادق ، وسلمة بن
كهيل ، والحكم بن عتيبة ، وسالم بن أبي الجعد ، وإبراهيم النخعي ، وحبة بن جوين ،
وحبيب بن أبي ثابت ، ومنصور بن المعتمر ، وسفيان الثوري ، وشعبة بن الحجاج ، وفطر
بن خليفة ، والحسن بن صالح بن حيّ ، وشريك ، وأبو إسرائيل الملاّئي ، ومحمّد بن
فضيل ، ووكيع ، وحميد الرواسي ، وزيد بن الحباب ، والفضيل بن دكين ، والمسعودي
الأصغر ، وعبيد الله بن موسى ، وجرير بن عبد الحميد ، وعبد الله بن داود ، وهشيم ،
وسليمان التيمي ، وعوف الأعرابي ، وجعفر الضّبيعي ، ويحيى
__________________
ابن سعيد القطّان
، وابن لهيعة ، وهشام بن عمّار ، والمغيرة صاحب إبراهيم. ومعروف بن خرّبوذ ، وعبد
الرزاق ، ومعمر ، وعلي بن الجعد » .
فإذا كان إبراهيم
بن النخعي ، وسفيان الثوري ، وشعبة ، وشريك ، ويحيى بن سعيد القطّان ... وأمثالهم
... شيعة ... فليكن الأجلح شيعيا مثلهم ... وليس التشيع بقادح ... وإلاّ اتّسع
الفتق على الرّاقع ، وظهر فساد عظيم ليس له دافع.
١٥ ـ تصريح الذهبي بوجوب قبول
رواية الشّيعي
هذا ، وقد صرّح
الذهبي بأن التشيع في التابعين وتابعيهم كثير ، مع الدين والورع والصدق ، وأنه لو
ذهب حديث هؤلاء لذهب جملة من الآثار النبويّة ، وهذا مفسدة بيّنة ...
قال ذلك بترجمة
أبان بن تغلب الكوفي :
« أبان بن تغلب
الكوفي. شيعي جلد لكنّه صدوق ، فلنا صدقه وعليه بدعته. وقد وثّقه أحمد وابن معين
وأبو حاتم وأورده ابن عدي وقال : كان غاليا. وقال [ السعدي ] الجوزجاني : زائغ
مجاهر. فلقائل أن يقول : كيف ساغ توثيق مبتدع ، وحدّ الثقة : العدالة والإتقان ،
فكيف يكون عدلا من هو صاحب بدعة؟
وجوابه : إنّ
البدعة على ضربين ، فبدعة صغرى كغلوّ التشيع ، أو كالتشيع بلا غلو ولا تحرّف ،
فهذا كثير في التّابعين وتابعيهم ، مع الدين والورع والصّدق ، فلو رد حديث هؤلاء
لذهب جملة من الآثار النبويّة ، وهذا مفسدة بيّنة. ثم بدعة كبرى ، كالرفض الكامل
والغلوّ فيه ، والحطّ على أبي بكر وعمر ـ رضي الله عنهما ـ والدعاء إلى ذلك. فهذا
النوع لا يحتجّ به ولا كرامة
__________________
وأيضا فما استحضر
الآن رجلا صادقا ولا مأمونا ، بل الكذب شعارهم والتقيّة والنفاق دثارهم » .
وعليه ، فلو كان
في الأجلح تشيع ، فإنّه لا يوجب طرح حديثه ، وإلاّ لذهب جملة من الآثار النبويّة ،
وهذا مفسدة بيّنة ...
١٦ ـ نسبة السيوطي ما قاله
الذهبي إلى أئمة الحديث
والحافظ السّيوطي
ينصّ على أنّ هذا الذي نقلناه عن الذهبي هو قول أئمة الحديث ، وهذه عبارته في
رسالته ( إلقام الحجر فيمن زكّى ساب أبي بكر وعمر ) :
« قال أئمّة
الحديث ـ وآخرهم الذهبي في ميزانه ـ البدعة على ضربين : صغرى كالتشيع ، وهذا كثير
في التابعين وتابعيهم ، مع الدين والورع والصّدق ، ولا يردّ حديثهم ».
وقد ذكر السيوطي
هذا المطلب في ( تدريب الرّاوي ) أيضا .
فالطعن في الأجلح
بسبب التشيع ـ هذا الأمر الكثير وجوده في التابعين وتابعيهم ، مع الدين والورع
والصّدق ، وليس بقادح لدى أئمّة الحديث ـ غريب جدا!!
١٧ ـ جرح المخالف في الاعتقاد
غير مقبول
وقال الحافظ ابن
حجر : « فصل : وممّن ينبغي أن يتوقّف في قبول قوله في الجرح : من كان بينه وبين من
جرحه عداوة سببها الاختلاف في الاعتقاد ،
__________________
فإن الحاذق إذا
تأمّل ثلب أبي إسحاق الجوزجاني لأهل الكوفة رأى العجب ، وذلك لشدّة انحرافه في
النّصب ، وشهرة أهلها بالتشيّع ، فتراه لا يتوقّف في جرح من ذكره منهم بلسان ذلق
وعبارة طلق ، حتى أنّه أخذ يليّن مثل الأعمش وأبي نعيم وعبيد الله بن موسى ،
وأساطين الحديث وأركان الرواية ، فهذا إذا عارضه مثله أو أكبر منه ، فوثّق رجلا
ضعّفه ، قبل التوثيق » .
ففي هذه العبارة
تصريح بعدم قبول القدح في مثل الأعمش بسبب التّشيع ، فكذلك الأجلح ، لا يلتفت إلى
قدح من قدح فيه بسبب التشيع ...
١٨ ـ التشيع محبّة علي وتقديمه
على الصحابة
وقال ابن حجر في
معنى التشيع ما نصّه :
« التشيع محبة علي
وتقديمه على الصّحابة ، فمن قدّمه على أبي بكر وعمر فهو غال في التشيّع ، ويطلق
عليه رافضي وإلاّ فشيعي ، فإن انضاف إلى ذلك السبب أو التصريح بالبغض فغال في
الرفض ، وإن اعتقد الرجعة إلى الدنيا فأشدّ في الغلوّ » .
فعلى هذا : إذا
كان الأجلح شيعيّا فهو ليس إلاّ محبّا لأمير المؤمنين ومقدّما له على الصحابة سوى
الشيخين ، وهذا المعنى لا يوجب الجرح والقدح عند أهل السنّة أبدا ، إلاّ إذا
اختاروا مذهب النواصب والخوارج ...
١٩ ـ المقبلي : التشيّع ما يسع
منصفا الخروج عنه
وقال صالح بن مهدي
المقبلي في كتابه ( العلم الشامخ ) : « والواجب على المتدين اطراح التحرّب ،
والتكلّم بما يعلم ، نصيحة لله ورسوله
__________________
وللمسلمين ،
وتراهم سوّوا بين الثريّا والثرى ، وقرنوا الطلقاء بالسّابقين الأوّلين. والعجب من
المحدّثين تراهم يجرحون بمثل قول شريك القاضي وقد قيل عنده : معاوية حليم. فقال :
ليس بحليم من سفّه الحق وحارب عليا. وبقوله ـ وقد قيل له : ألا تزور أخاك فلانا؟
فقال : ـ ليس بأخ لي من أزرأ على علي وعمّار. فليت شعري كيف الجمع بالنقم بهذين
الأمرين.
ثم لم ترهم يبالون
بلعن علي فوق المنابر وبمعاداة من عاداهم ، وتراهم يتكلّمون في وكيع وأضرابه من
تلك الدرجة الرفيعة دينا وورعا ، يقولون يتشيّع ، وتشيّعه إنّما هو بمثل ما ذكرنا
من شريك ، فإن كان التشيّع إنّما هو ذلك القدر فلعمري ما يسع منصفا الخروج عنه.
وعلى الجملة ،
فالشيعة المفرطة غلوا قطعا ، وأراد المحدّثون ـ وسائر من سمّى نفسه بالسنيّة ـ ردّ
بدعتهم ، فابتدعوا في الجانب الآخر ، ووضعوا ما رفع الله ورفعوا ما وضع » .
وعليه ، فالأجلح
إذا كان شيعيّا كان بمثل وكيع والأعمش ، لا يقدح فيه التشيع ، بل جرحه بهذا السبب
يكون كجرح الأعمش ووكيع بدعة.
٢٠ ـ لو كان الأجلح شيعيّا
غليظا لما رووا عنه
وقال الشيخ نور الحق ابن الشيخ عبد الحق
في ( تيسير
القاري بشرح صحيح البخاري ) في شرح حديث البخاري : « حدّثنا حجاج بن المنهال ،
حدّثنا شعبة قال : حدّثني عدي بن ثابت قال : سمعت البراء قال : سمعت النبي صلّى
الله عليه وسلّم ـ أو قال : قال النبي صلّى الله عليه وسلّم ـ : الأنصار
__________________
لا يحبّهم إلاّ مؤمن
ولا يبغضهم إلاّ منافق ، فمن أحبّهم أحبّه الله ومن أبغضهم أبغضه الله » .
قال : « قال
القسطلاني : عدي بن ثابت ثقة ، كان قاضي الشيعة وإمام مسجدهم في الكوفة ، روى عنه
شعبة وهو من أكابر أهل الحديث حتى لقّبوه بـ « أمير المؤمنين في الحديث ». ومن هنا
يعلم أن مذهب الشّيعة واعتقاداتهم لم يكن في ذاك الزّمان على هذا الفساد والفضيحة
كما عند متأخريهم ، فقد قيل : أنه لم يكن عقيدتهم في ذلك الزمان بأكثر من أن
يحبّوا عليا أمير المؤمنين أكثر من حبّهم لغيره من الأئمة ، وأنّهم لم يكونوا
يقولون بالأفضلية على الترتيب الذي يقول أهل السنّة ، وإلاّ فأيّ معنى لنصبهم
السنّي الخالص قاضيا لهم وإماما في مسجدهم. ولو قيل : لعلّ عدي بن ثابت أيضا كان
يرى هذا المذهب الغليظ ، كان احتمالا باطلا وظنّا فاسدا ، فإنّ شعبة ـ الذي هو
قدوة أهل السنّة وشيخ شيوخ البخاري ، ويلقّبه المحدّثون بأمير المؤمنين ـ يروي
حديث رسول الله عن الشيعي الغليظ؟ حاشا وكلاّ! ».
ففي هذا الكلام
تصريح بأنّ الرواية عن الشيعي الغليظ لا تجوز. فالأجلح ليس بشيعي غليظ وإلاّ لما
روى عنه أئمة السنة ، غاية ما هنالك أن يكون حال الأجلح حال عدي بن ثابت بناء على
ما ذكر ، فكما أن شعبة روى عن عدي بن ثابت وأدخل البخاري حديثه في صحيحه ، كذلك
حديث الأجلح صحيح يجوز الاستدلال والاحتجاج به.
٢١ ـ كان النّسائي يتشيع
وممّا يدل على أن
التشيع ليس بقادح قولهم في ترجمة النسائي : « كان
__________________
يتشيّع » ، مع أنّ
النسائي من أكابر أئمتهم الثقات المعتمدين ، كما هو معروف ولا يحتاج إلى بيان ...
فممن قال بترجمته « كان يتشيّع » هو ابن خلّكان ، وهذه عبارته : « خرج إلى دمشق
ودخل ، فسئل عن معاوية وما روي من فضائله ، فقال : أما يرضى معاوية أن يخرج رأسا
برأس حتى يفضّل! وفي رواية أخرى : ما أعرف له فضيلة إلاّ : لا أشبع الله بطنك.
وكان يتشيّع.
فما زالوا يدفعون
في حضنه حتى أخرجوه من المسجد. وفي رواية أخرى : يدفعون في خصيتيه وداسوه ، ثم حمل
إلى الرملة ومات بها » .
وعلى الجملة ، فلو
كان التشيع قادحا لما وثّقوا النسائي ، ولا جعلوا كتابه أحد الصحاح الستّة ، ولا
وصفوه بتلك الأوصاف الجليلة ...
٢٢ ـ كان الحاكم شيعيّا
وكذلك الحاكم
النيسابوري ... قال الذّهبي بترجمته : « قال ابن طاهر : سألت أبا إسماعيل الأنصاري
عن الحاكم فقال : ثقة في الحديث ، رافضي خبيث. ثم قال ابن طاهر : كان شديد التعصّب
للشيعة في الباطن ، وكان يظهر التسنّن في التقديم والخلافة ، وكان منحرفا عن
معاوية وآله متظاهرا بذلك ولا يعتذر منه.
قلت
: أمّا انحرافه عن
خصوم علي فظاهر ، وأمّا أمر الشيخين فمعظّم لهما بكل حال ، فهو شيعي لا رافضي » .
فمن كلام الذهبي
يعلم أنّ التشيّع غير الرفض ، وأنّه ليس بقادح في الوثاقة والعدالة ، كما أن منه
يظهر إمكان الجمع بين التشيع وتعظيم الشيخين ،
__________________
فالقدح في الأجلح
بأمر يجتمع مع تعظيم الشيخين عجيب وغريب جدّا. بل يظهر من عبارة ابن طاهر إمكان
اجتماع الرفض مع الوثاقة ، فكيف يكون مجرّد التشيّع جرحا؟ وقد عرفت أن الأجلح لم
يتهم بغير التشيّع!!
٢٣ ـ التشيع لا ينافي التسنّن
وقال ( الدهلوي )
: « اعلم أنّ الشيّعة الاولى هم الفرقة السنيّة التفضيليّة ، وكانوا يلقّبون في
السّابق بالشّيعة ، فلمّا لقّب الغلاة والروافض والإسماعيلية أنفسهم بهذا اللقب ،
وكانوا مصدرا للقبائح والشرور الاعتقاديّة والعمليّة نفت الفرقة السنيّة
والتفضيلية هذا اللقب عن نفسها خوفا عن التباس الحق بالباطل ولقّبوا بأهل السنّة
والجماعة. فمن هنا يظهر أنّ ما قيل في الكتب التاريخية القديمة من : « فلان من
الشّيعة » أو « من شيعة علي » والحال أنّه من رؤساء أهل السنّة والجماعة صحيح ،
وفي تاريخ الواقدي والإستيعاب شيء كثير من هذا الجنس ، فلينتبه » .
إذن ، تشيّع
الأجلح لا ينافي تسنّنه ، ولا يكون سببا للقدح والجرح والتّضعيف.
وقد تبع (
الدهلويّ ) في هذه الدعوى تلميذه الرّشيد الدهلوي ، وكذا المولوي حيدر علي الفيض
آبادي في ( منتهى الكلام ).
٢٤ ـ استنكار الأجلح سبّ
الشيخين
وقد ذكروا بترجمة
الأجلح أنه كان يستنكر سبّ أبي بكر وعمر ... قال الذهبي :
__________________
« أجلح بن عبد
الله ، أبو حجيّة الكندي عن الشّعبي وعكرمة. وعنه :
القطّان وابن نمير
وخلق. وثّقه ابن معين وغيره. وضعّفه النسائي. وهو شيعي ، مع أنّه روى عنه شريك
أنّه قال : سمعنا أنّه ما سبّ أبا بكر وعمر أحد إلاّ افتقر أو قتل. مات سنة ١٤٥ » .
وقال ابن حجر : «
وقال ابن عدي : له أحاديث صالحة. ويروي عنه الكوفيّون وغيرهم. ولم أر له حديثا
منكرا مجاوزا للحدّ لا إسنادا ولا متنا ، إلاّ أنّه يعدّ في شيعة الكوفة ، وهو
عندي مستقيم الحديث صدوق. وقال شريك عن الأجلح : سمعنا أنّه ما يسب أبا بكر وعمر
أحد إلاّ مات قتيلا أو فقيرا » .
ومن هنا يظهر أنّ
الأجلح سنّي غال في الشيخين ، فكيف يردّ حديث هكذا شخص؟ وكيف يرمى بالتشيّع ويقدح
فيه؟
٢٥ ـ في الصحابة رافضة غلاة
كأبي الطفيل
وقال ابن قتيبة :
« أسماء الغالية من الرافضة : أبو الطّفيل صاحب راية المختار ، وكان آخر من رأى
رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ موتا ، والمختار ، وأبو عبد الله الجدلي ،
وزرارة بن أعين ، وجابر الجعفي » .
فلو فرضنا كون
الأجلح رافضيا غاليا ، فإنّ حاله يكون حال أبي الطّفيل الصّحابي . أحد مصاديق
الآيات والأحاديث الكثيرة ـ الواردة عند أهل السنّة ـ في حق الصّحابة.
__________________
٢٦ ـ قولهم بقبول رواية المبتدع
وذهب كثير علماء
أهل السنّة السّلف والخلف منهم إلى قبول رواية المبتدع كما نصّ عليه المحقّقون ...
فلو فرض كون الأجلح رافضيّا وعدّ من المبتدعة فخبره مقبول وروايته معتمدة ...
وإليك بعض النصوص الصّريحة فيما ذكرناه :
قال ابن الصّلاح :
« اختلفوا في قبول رواية المبتدع الذي لا يكفّر ببدعته :
فمنهم : من ردّ
روايتهم مطلقا ، لأنّه فاسق ببدعته ، وكما استوى في الكفر المتأوّل وغير المتأوّل
يستوي في الفسق المتأول وغير المتأول.
ومنهم : من قبل
رواية المبتدع إذا لم يكن ممّن يستحل الكذب في نصرة مذهبه ، سواء كان داعية إلى
بدعته أو لم يكن ، وعزا بعضهم هذا إلى الشافعي لقوله : أقبل شهادة أهل الأهواء
إلاّ الخطّابية من الرّافضة لأنهم يرون الشهادة بالزّور لموافقيهم.
وقال قوم : يقبل
روايته إذا لم يكن داعية ولا تقبل إذا كان داعية إلى بدعة. وهذا مذهب الكثير أو
الأكثر من العلماء. وحكى بعض أصحاب الشافعي ـ 2 ـ خلافا بين أصحابه في قبول رواية المبتدع إذا لم يدع إلى
بدعة ، وقال : أما إذا كان داعية فلا خلاف بينهم في عدم قبول روايته. وقال أبو
حاتم ابن حبان البستي أحد المصنّفين من أئمّة الحديث : الداعية إلى البدع لا يجوز
الاحتجاج به عند أئمّتنا قاطبة ، لا أعلم بينهم فيه خلافا.
وهذا المذهب
الثالث أعدلها وأولاها ، والأول بعيد مباعد للشائع من أئمة الحديث ، فإنّ كتبهم
طافحة بالرواية عن المبتدعة غير الدعاة ، وفي الصحيحين
كثير من أحاديثهم
في الشّواهد والأصول ، والله أعلم » .
وقال النووي بعد
إيراد الأقوال المذكورة : « ... في الصحيحين وغيرهما من كتب أئمة الحديث الإحتجاج
بكثير من المبتدعين غير الدّعاة ، ولم يزل السّلف والخلف على قبول الرواية منهم
والإحتجاج بها ، والسماع منهم وإسماعهم ، من غير إنكار منهم. والله أعلم » .
وقال الزين
العراقي : « والقول الثالث : أنه إن كان داعية إلى بدعته لم يقبل ، وإن لم يكن
داعية قبل ، وإليه ذهب أحمد كما قاله الخطيب. قال ابن الصلاح : وهذا مذهب الكثير
أو الأكثر وهو أعدلها وأولاها ... وفي الصحيحين كثير من أحاديث المبتدعة غير
الدّعاة احتجاجا واستشهادا ، كعمران بن حطّان وداود بن الحصين وغيرهما. وفي تاريخ
نيسابور للحاكم في ترجمة محمد بن يعقوب الأصم : إن كتاب مسلم ملآن من الشّيعة » .
ومثل هذه كلمات
غيرهم ...
٢٧ ـ من أسماء المبتدعة في
الصحيحين
وقال السّيوطي : «
فائدة ـ أردت أن أسرد أسماء من رمي ببدعة ممّن أخرج لهم البخاري ومسلم أو أحدهما
... » فذكر أسماء طائفة ممّن رمي بالإرجاء وهو تأخير القول في الحكم على مرتكب
الكبائر بالنار. وممّن رمي بالنصب وهو بغض علي وتقديم غيره عليه. وممّن رمي
بالتشيع وهو تقديم علي على الصّحابة. وممّن رمي بالقدر وهو زعم أنّ الشر من خلق
العبد. وممّن رمي برأي ابن أبي جهم وهو نفي صفات الله والقول بخلق القرآن.
والأباضية وهم
__________________
الخوارج ، وممّن
رمي بالوقف في مسألة خلق القرآن. ومن الذين يرون الخروج على الأئمّة ولا يباشرون
ذلك. قال : « فهؤلاء المبتدعة ممّن أخرج لهم الشيخان أو أحدهما » .
فإذا كان رواية
كلّ هؤلاء مقبولة فرواية الأجلح كذلك!
٢٨ ـ قبول بعضهم رواية المبتدع
الداعي
بل نصّ جماعة منهم
على قبول رواية المبتدع الداعي ، وقد دافع ابن الوزير في ( الروض الباسم ) عن هذا
القول ، وهو ظاهر كلام الشّافعي المتقدم نقله ، فإنّه لم يفرّق بين الداعية وغيره
، بل نصّوا على إخراج الشيخين عن بعض الدعاة ، فاحتجّ البخاري بعمران بن حطّان وهو
من الدّعاة ، واحتجّا بعبد الحميد بن عبد الرحمن الحماني ، وكان داعيا إلى الإرجاء!
بل عن أبي داود : ليس في أهل الأهواء أصح حديثا من الخوارج! قوله :
وقد ضعّفه الجمهور
أقول هذا كذب وزور ، فإنّه لم يضعّفه إلاّ شرذمة من المتعصّبين ، ونحن ننقل كلمة
كلّ واحد منهم عن ( تهذيب التهذيب ) وننظر فيها :
__________________
النظر في كلمات القادحين في
الأجلح
* ففيه : « قال
القطّان : في نفسي منه شيء. وقال أيضا : ما كان يفصل بين الحسين بن علي وعلي بن
الحسين. يعني : إنّه ما كان بالحافظ ».
أقول : إنّ
القطّان هو يحيى بن سعيد ، وقد نصّ ابن حجر في ( تهذيب التهذيب ) على روايته عن
الأجلح فيمن روى عنه ، وفي ( شفاء الأسقام للسّبكي ) عن ابن تيمية : إنّ القطّان
لا يروي إلاّ عن ثقة ... فيكون قوله : « في نفسي منه شيء » مردودا بروايته هو عنه!
على أنّ القطّان
قد تفوّه بكل وقاحة وصلافة بهذه الكلمة بحق الإمام أبي عبد الله الصّادق 7! فمن بلغ في سوء
الأدب وظلمة القلب هذا الحدّ كيف يعتني بتقوّله في حق الأجلح؟!
وأمّا أنّه « ما
كان يفصل ... » فهذا ـ إن كان ـ ليس بقادح ، لأنّ أهل السنّة غير قائلين بوجوب
معرفة الأئمّة : ، بل إنّ عدم فصله بين الإمام الحسين والإمام السّجاد ـ 8 ـ وجهله بهما يدل
على عدم اعتنائه بأئمّة أهل البيت ، فلا يكون متّهما في روايته منقبة من مناقب
أمير المؤمنين 7.
وأمّا دلالته على
« أنّه ما كان بالحافظ » فيردّه تصريح الأئمة بأنّ الخطأ في بعض المواضع لا يوجب
السّقوط عن الإعتبار ، ولا يدل على عدم الحفظ ، قال الذهبي : « ليس من شرط الثقة
أن لا يخطي ولا يغلط ولا يسهو » .
وقال بجواب
العقيلي :
« وأنا أشتهي أن
تعرّفني من هو الثقة الثبت الذي ما غلط ولا انفرد بما لا يتابع عليه؟ بل الثقة
الحافظ إذا انفرد بأحاديث كان أرفع له وأكمل لرتبته وأدلّ على
__________________
اعتنائه بعلم
الأثر وضبطه دون أقرانه لأشياء ما عرفوها. أللهم إلاّ أن يتبيّن غلطه ووهمه في
الشيء فيعرف ذلك ... ثمّ ما كلّ من فيه بدعة أو له هفوة ، أو ذنوب ، يقدح فيه بما
يوهن حديثه ، ولا من شرط الثقة أن يكون معصوما من الخطايا والخطأ ... » .
وقال ابن القيّم :
« إنّما يعرف تضعيف قيس عن يحيى ، وذكر سبب تضعيفه ، فقال أحمد بن سعيد بن أبي
مريم : سألت يحيى عن قيس بن الربيع فقال : ضعيف لا يكتب حديثه ، كان يحدّث بالحديث
عن عبيدة ، وهو عنده عن منصور ، ومثل هذا لا يوجب ردّ حديث الراوي ، لأنّ غاية ذلك
أن يكون غلط ووهم في ذكر عبيدة بدل منصور ، ومن الذي يسلم من هذا من المحدّثين؟ »
وقال ابن حجر : «
فصل : قال ابن المبارك : من ذا يسلم من الوهم؟ وقال ابن معين : لست أعجب ممّن
يحدّث فيخطئ ، إنّما أعجب ممّن يحدّث فيصيب. قلت : وهذا أيضا ممّا ينبغي أن يتوقّف
فيه ، فإذا جرح الرّجل بكونه أخطأ في الحديث أو وهم أو تفرّد ، لا يكون ذلك جرحا
مستقرّا ، ولا يردّ به حديثه ، ومثل هذا إذا ضعف الرّجل في سماعه في بعض شيوخه
خاصة ، فلا ينبغي أن يردّ حديثه كلّه لكونه ضعيفا في ذلك الشيخ ... » .
* وفي ( تهذيب
التهذيب ) : « قال أحمد : أجلح ومجالد متقاربان في الحديث ، وقد روى الأجلح غير
حديث منكر ».
لكنّ الأجلح من
رجال ( مسند أحمد ) وروايته فيه عن رجل دليل على وثاقته عنده ، لما ذكر ابن
المديني من أن أحمد لم يرو في المسند إلاّ عمّن ثبت عنده صدقه وديانته.
__________________
وأمّا قوله : « قد
روى الأجلح غير حديث منكر » فلا يدلّ على قدح ، لأنّ العلماء إذا قالوا : « حديث
منكر » أرادوا تفرّد راويه الثقة به ، قال النووي : « إنهم يطلقون المنكر على
انفراد الثقة بحديث ، وهذا ليس بمنكر مردود » .
* وفيه : « قال
أبو حاتم ليس بالقوي ، يكتب حديثه ، ولا يحتجّ به ».
لكن أبو حاتم لا
يعبأ بكلامه في جرح الرّجال ... قال الذهبي : « إذا وثّق أبو حاتم رجلا فتمسّك
بقوله فإنّه لا يوثّق إلاّ رجلا صحيح الحديث ، وإذا ليّن رجلا أو قال فيه : لا
يحتج به ، فتوقف ، حتى ترى ما قال غيره ، فإن وثّقه أحد فلا تبن على تجريح أبي
حاتم ، فإنّه متعنّت في الرجال ، قد قال في طائفة من رجال الصحاح : ليس بحجة ، ليس
بقوي » .
* وفيه : « قال
النسائي : ضعيف ليس بذلك ، وكان له رأي سوء ».
لكنّ النسائي أخرج
عن الأجلح في ( صحيحه ) كما عرفت سابقا ، وهذا دليل على وثاقته كما في ( المرقاة )
و ( مقدّمة فتح الباري ) وغيرهما.
على أنّ للنسائي
شرطا في الرجال أشد من شرط البخاري ومسلم ... كما قال الزنجاني ... فتضعيفه ليس
سببا للقدح والجرح ...
وأمّا « كان له
رأي سوء » فإن أراد التشيّع فقد عرفت أن لا أساس له ، وإن أراد شيئا آخر فلا بدّ
من تقريره حتى يقلع بحذافيره! * وفيه : « قال الجوزجاني : مفتر ».
ولكنّ الجوزجاني
هو المفتري كما ذكروا بترجمته ...
قال الذهبي : «
إبراهيم بن يعقوب ... وكان شديد الميل إلى مذهب أهل دمشق في التحامل على علي ـ 2 ـ ...
قد كان النصب
مذهبا لأهل دمشق في وقت ، كما كان الرفض مذهبا لهم في وقت وهو في دولة بني عبيد ،
ثم عدم ـ والحمد لله ـ النصب وبقي الرفض خفيّا
__________________
خاملا » .
وروى عن ابن عدي
قوله : « كان يتحامل على علي » وعن الدار قطني : « وفيه انحراف عن علي » .
وأورد ابن حجر ذلك
وأضاف عن الدارقطني : « اجتمع على بابه أصحاب الحديث ، فأخرجت جارية له فرّوجة
ليذبحها فلم تجد من يذبحها فقال : سبحان الله فرّوجة لا يوجد من يذبحها وعلي يذبح
في ضحوة نيفا وعشرين ألف مسلم! » ثم قال ابن حجر :
« قلت : وكتابه في
الضعفاء يوضّح مقالته. ورأيت في نسخة من كتاب ابن حبان : حريزي المذهب ـ وهو بفتح
الحاء المهملة وكسر الراء وبعد الياء زاء ـ نسبة إلى حريز بن عثمان المعروف
بالنصب. وكلام ابن عدي يؤيّد هذا. وقد صحّف ذلك أبو سعد ابن السمعاني في الأنساب
فذكر في ترجمة الجريري بفتح الجيم : أن إبراهيم بن يعقوب هذا كان على مذهب محمد بن
جرير الطبري. ثم نقل كلام ابن حبان المذكور ، وكأنه تصحّف عليه. والواقع أن ابن
جرير يصلح أن يكون من تلامذة إبراهيم بن سعد لا بالعكس. وقد وجدت رواية ابن جرير
عن الجوزجاني في عدّة مواضع من التفسير والتهذيب والتأريخ » .
وقال ابن حجر أيضا
: « فصل. وممّن ينبغي أن يتوقّف في قبول قوله في الجرح : من كان بينه وبين من جرحه
عداوة سببها الاختلاف في الإعتقاد ، فإنّ الحاذق إذا تأمّل ثلب أبي إسحاق
الجوزجاني لأهل الكوفة رأى العجب ، وذلك لشدة انحرافه في النصب وشهرة أهلها
بالتشيع ، فتراه لا يتوقف في جرح من ذكره منهم بلسان ذلق وعبارة طلق ، حتّى أنه
أخذ يليّن مثل الأعمش وأبي نعيم وعبيد الله بن موسى ، وهم أساطين الحديث وأركان
الرواية. فهذا إذا عارضه مثله
__________________
أو أكبر منه فوثّق
رجلا ضعّفه هو قبل التوثيق » .
* وفيه : « وقال
أبو داود : ضعيف. وقال مرة : زكريا أرفع منه بمائة درجة ».
لكن الأجلح من
رجال الصحيح أبي داود ، فكلامه فيه مردود بروايته عنه.
* وفيه : « وقال
ابن سعد : كان ضعيفا جدّا ».
أقول
: يا للعجب! كيف
يركن من تحلّى بالإنصاف إلى تضعيف ابن سعد ، مع أنّ تنطّعه وتعنّته قد بلغ إلى
غاية مردية يستعيذ منها كلّ من اعتزى إلى الإسلام والإيمان ، فإنه خذله الله تكلّم
في الإمام جعفر الصادق بما لا يتفوّه به إلاّ معاند مارق ، ولا ينبس به إلاّ منابذ
منافق! فبالغ في اللجاج والاعوجاج حيث أسقط عنه 7 التمسّك والإحتجاج ...
قال ابن حجر
بترجمة الصّادق 7 : « قال ابن سعد : كان كثير الحديث ولا يحتج به ويستضعف!
سئل مرة : سمعت هذه الأحاديث من أبيك؟ فقال : نعم. وسئل مرة فقال : إنّما وجدتها
في كتبه » .
* وفيه : « وقال
العقيلي : روى عن الشعبي أحاديث مضطربة لا يتابع عليها ».
لكنك عرفت من
كلماتهم أن الاضطراب في الحديث غير قادح ، ولا يسلم منه أحد من المحدثين!
على أنّ العقيلي
ممّن يتّجرأ على القدح في الأكابر ، فقد ذكر علي بن المديني في ( كتاب الضعفاء )
قال الذهبي : « فبئس ما صنع »! ثم خاطبه بقوله :
« فما لك عقل يا
عقيلي! أتدري فيمن تتكلّم؟ ... وأنا أشتهي أن تعرّفني من الثقة الثبت الذي ما غلط
... » إلى آخر ما سمعت ...
ومن طامّاته
الموبقة وجساراته الفاحشة : ذكره الإمام موسى بن جعفر
__________________
8 في كتابه المذكور ... قال الذهبي : « موسى بن جعفر بن محمد
ابن علي العلوي الملقب بالكاظم ، عن أبيه. قال ابن أبي حاتم : صدوق إمام. وقال
أبوه أبو حاتم : ثقة إمام.
قلت
: روى عنه بنوه :
علي الرضا ، وإبراهيم ، وإسماعيل ، وحسين. وأخواه : علي ومحمد.
وإنّما أوردته
لأنّ العقيلي ذكره في كتابه وقال : حديثه غير محفوظ ـ يعني في الإيمان ـ قال :
الحمل فيه على أبي الصّلت الهروي.
قلت
: فإذا كان الحمل
فيه على أبي الصّلت فما ذنب موسى حتى تذكره؟ » .
أقول :
وإذا كان الحال
كذلك ، فلما ذا ذكره الذهبي في كتابه المعدّ لذكر المجروحين ، وهو يتحاشى من ذكر
الصحابة الذي قدح فيهم البخاري وابن عدي وأمثالهما ، بل لا يوردهم ولو بمحض النقل
والحكاية ، ولو مع تعقيبه بالردّ والإنكار ، لمجرّد كونهم صحابة؟! بل لا يورد أئمة
السنيّة في الفروع ... لمجرّد جلالة شأنهم وعظمتهم في النّفوس!!
* وفيه : « وقال
ابن حبّان : كان لا يدري ما يقول ، جعل أبا سفيان أبا الزبير.
لكنّ غاية هذا هو
الخطأ والسّهو ، وقد عرفت أنّه لم يسلم منه أحد من المحدّثين ...
ثم ابن حبّان هو
الذي قال عن مولانا الإمام الرضا 7 : « يروي عن أبيه عجائب ، يهمّ ويخطئ » ! ... فإذا كان
الرّجل في هذا الحدّ من النصب والعدوان والمجازفة والخسران ، لم يكن قوله في
الأجلح : « لا يدري ... » جارحا وقادحا قطعا ...
__________________
وجوه في ردّ قدح الأجلح مستفادة
من كلمات العلماء
وإذا عرفت وثاقة
الأجلح وبطلان القدح فيه ، فإنّ هناك كلمات للعلماء في الموارد المختلفة يستفاد
منها وجوه أخرى في ردّ القدح في الأجلح :
الجرح المجمل غير مقبول مطلقا
قال أبو الخطاب
عمر بن حسن المعروف بابن دحية الأندلسي :
« والشريف عبد
الله بن محمد بن عقيل ، ترك أحاديثه بعض العلماء. قال الحافظ أبو عيسى الترمذي في
باب ما جاء أنّ مفتاح الصّلاة الطهور : وعبد الله ابن محمد بن عقيل هو صدوق ، وقد
تكلّم فيه بعض أهل العلم من قبل حفظه ، قال : وسمعت محمد بن إسماعيل يقول : كان
أحمد بن حنبل وإسحاق والحميدي يحتجّون بحديث عبد الله بن عقيل ...
وكذلك وثّقه جماعة
وقبلوا حديثه ...
ولا يقبل التجريح
من أحد مطلقا حتى يثبت ذلك عليه ويبين الكذب في الأحاديث المنسوبة إليه ... » .
وقال السّيوطي في
شرح النواوي :
« يقبل التعديل من
غير ذكر سببه ، على الصحيح المشهور ... ولا يقبل الجرح إلاّ مبيّن السّبب ... قال
ابن الصّلاح : وهذا ظاهر مقرّر في الفقه وأصوله. وذكر الخطيب : أنه مذهب الأئمّة
من حفّاظ الحديث كالشيخين وغيرهما ... ذهبوا إلى أن الجرح لا يثبت إلاّ إذا فسّر
سببه ...
ومقابل الصحيح
أقوال ...
__________________
واختار شيخ
الإسلام تفصيلا حسنا : فإن كان من جرح مجملا قد وثّقه أحد من أئمّة هذا الشأن ، لم
يقبل الجرح فيه من أحد كائنا من كان إلاّ مفسّرا ، لأنّه قد ثبت له رتبة الثقة ،
فلا يزحزح عنها إلاّ بأمر جليّ ، فإنّ أئمّة هذا الشأن لا يوثّقون إلاّ من اعتبروا
حاله في دينه ثمّ في حديثه وتفقّدوه كما ينبغي ، وهم أيقظ الناس ، لا ينقض حكم
أحدهم إلاّ بأمر صريح ... » .
أقول
: وعلى أساس تفصيل
ابن حجر العسقلاني لا يصغى إلى قدح من قدح في الأجلح بعد توثيق يحيى بن معين
والعجلي والفسوي وغيرهم ، ورواية أرباب الصحاح عنه في صحاحهم ، لأنّ القادحين منهم
من لم يذكر السبب ، ومنهم من ذكر سببا غير جارح لا يلتفت إليه ، كدعوى الخطأ
ونحوه.
التعديل مقدم على الجرح عند
جمهور العلماء
وقال الشيخ عبد
الوهّاب الشعراني ـ في كلام له في الدفاع عن مذهب أبي حنيفة ـ :
« وإنّما قدّم
جمهورهم التعديل على الجرح وقالوا : الأصل العدالة والجرح طار ، لئلاّ يذهب غالب
أحاديث الشريعة ، كما قالوا أيضا : إنّ إحسان النظر بجميع الرواة المستورين أولى ،
وكما قالوا : إنّ مجرّد الكلام في شخص لا يسقط مرتبته ، فلا بدّ من الفحص عن حاله.
وقد خرّج الشيخان
لخلق كثير عمّن تكلّم النّاس فيهم ، إيثارا لإثبات الأدلّة الشّرعية على نفيها ،
ليحوز الناس فضل العمل بها ، فكان في ذلك فضل كثير للامة أفضل من تجريحهم ...
فقد بان لك أنه
ليس لنا ترك حديث كلّ من تكلّم الناس فيه بمجرّد الكلام ، فربما يكون قد توبع عليه
وظهرت شواهده ، وكان له أصل ، وإنّما لنا
__________________
ترك ما انفرد به ،
وخالف فيه الثقات ، ولم يظهر له شواهد.
ولو أننا فتحنا
باب الترك لحديث كلّ راو تكلّم بعض الناس فيه لذهب معظم أحكام الشريعة كما مر ،
وإذا أدّى الأمر إلى مثل ذلك فالواجب على جميع أتباع المجتهدين إحسان الظن برواة
جميع أدلّة المذاهب المخالفة لمذهبهم ، فإنّ جميع ما رووه لم يخرج عن مرتبي
الشريعة اللتين هما التخفيف والتشديد » .
لفظة « كذّاب » أيضا تحتاج إلى
تفسير
ولابن الوزير
الصّنعاني كلام يشتمل على فوائد منها : إنّ الجرح الذي لم يفسّر لا
يقدّم على التعديل ، بل إنّما يوجب الرّيبة في غير المشاهير بالعدالة والثقة ...
ثم قال : « ومن لطيف علم هذا الباب أن يعلم : أنّ لفظة « كذّاب » قد يطلقها كثير
من المتعنتّين في الجرح على من يهمّ ويخطئ في حديثه ، وإن لم يتبيّن أنّه يتعمّد
ذلك ، ولا يبين أن خطأه أكثر من صوابه ولا مثله. ومن طالع كتب التجريح والتعديل
عرف ما ذكرته. وهذا يدل على أنّ هذا اللفظ من جملة الألفاظ المطلقة التي لم يفسّر
سببها ، ولهذا أطلقه كثير من الثقات على جماعة من الرفعاء من أهل الصّدق والأمانة.
فاحذر أن تغترّ بذلك في حق من قيل فيه من الثقات الرفعاء ، فالكذب في الحقيقة
اللّغوية مطلق على الوهم والعمد معا ، ويحتاج إلى التّفسير إلاّ أن يدل على
التعمّد قرينة » .
__________________
لا يقبل الجرح فيمن علم عدالته
بالتواتر أو كانت أشهر من عدالة الجارح
وله كلام آخر
اشتمل على فوائد في الباب ... كقوله :
« أن يكون عدالة
الرّاوي معلومة بالتواتر مثل : مالك ، والشافعي ، ومسلم ، والبخاري ، وسائر الأئمة
الحفّاظ ، فإنّه لا يقبل جرحهم بما يعلم نزاهتهم عنه. ولو كان ذلك مقبولا لكان
الزنادقة يجدون السبيل إلى إبطال جميع السنن المأثورة ، بأن يتعبّد بعضهم ويظهر
الصّلاح حتى يبلغ إلى حدّ يجب في ظاهر الشرع قبوله ، ثم يجرح الصّحابة ـ رضي الله
عنهم ـ فيرمي عمار بن ياسر بإدمان شرب المسكر ، وسلمان الفارسي بالسّرقة لما فوق
النصاب ، وأبا ذر بقطع الصلاة ... ».
« إن كانت عدالة
الراوي أرجح من عدالة الجارح أو أشهر من عدالة الجارح لم يقبل الجرح ، لأنّا إنما
نقبل الجرح من الثقة لرجحان صدقه على كذبه ، ولأجل حمله على السلامة ، وفي هذه
الصورة كذبه أرجح من صدقه ، وفي حمله على السلامة إساءة الظن بمن هو خير منه وأوثق
وأعدل وأصلح ... ».
فنقول : إنّ
الأجلح في طبقة مالك بن أنس كما في ( تقريب التهذيب ) ، فليس شأنه بأقلّ ممّن جرحه
، بل هو مقدّم عليهم في العدالة ، للقوادح المذكورة لهم في تراجمهم ، فهو أوثق
وأعدل منهم ، وعدالته أشهر من عدالتهم ... وعليه ، فلا يقبل تكلّمهم فيه.
قوله :
فلا يجوز الاحتجاج
بحديثه.
أقول :
قد عرفت أنّ
الأجلح من رجال ( مسند أحمد ) و ( صحيح الترمذي ) و ( صحيح النسائي ) و ( صحيح أبي
داود ) و ( صحيح ابن ماجة ) ... فهو عند هؤلاء ممّن يحتج بحديثه ...
على أنّه لو كان
ضعيفا فلا يقتضي ضعفه بطلان هذا الحديث الشريف لدى مهرة الحديث ونقدة الأخبار ...
لكن ( الدهلوي ) يجهل أو يتجاهل ... قال السبكي في ( طبقاته ) :
« وإذا ضعّف الرجل
في السّند ضعّف الحديث من أجله ولم يكن في ذلك دلالة على بطلانه ، بل قد يصح من
أخرى ، وقد يكون هذا الضعيف صادقا وأمينا في هذه الرواية ، فلا يدلّ مجرّد تضعيفه
على بطلان ما جاء به ».
وهذه قاعدة مقرّرة
عندهم يطبّقونها في كتبهم في معرفة الأحاديث :
قال المنّاوي بشرح
حديث : « آدم في السماء ... » : « إسناده ضعيف لكن المتن صحيح ، فإنّه قطعة من
حديث الإسراء الذي أخرجه الشيخان عن أنس لكن فيه خلف في الترتيب » .
فتراه يحكم على
حديث ضعيف سندا بالصحّة متنا لكونه قطعة من حديث صحيح ، مع وجود الخلف في الترتيب
... فإذا صحّح هذا الحديث فلا ريب في صحّة حديث الولاية ، وان ضعّف سنده بالأجلح ـ
لو سلّم ـ لا يضرّ بغيره المنصوص على صحّته ، ولا يوجب بطلان الحديث من أصله.
وقال المنّاوي
بشرح حديث « آكل الرّبا ... » : « وفيه الحارث الأعور ، قال الهيثمي بعد عزوه لأبي
يعلى وأحمد والطبراني : وفيه الحارث الأعور ضعيف وقد وثق. وعزاه المنذري لابن
خزيمة وابن حبان وأحمد ثم قال : رواه
__________________
كلّهم عن الحارث
الأعور عن ابن مسعود ، إلاّ ابن خزيمة فعن مسروق عن ابن مسعود ، واسناد ابن خزيمة
صحيح. انتهى. فأهمل المصنف الطريق الصحيح وذكر الضعيف ورمز لصحّته فانعكس عليه.
والحاصل أنّه روي بإسنادين أحدهما صحيح والآخر ضعيف ، فالمتن صحيح » .
وقال ابن الوزير
بعد كلام نقله عن النووي : « وفيه ما يدلّ على أنّه لا يعترض على حفّاظ الحديث إذا
رووا حديثا عن بعض الضعفاء وادّعوا صحته ، حتى يعلم أنّه لا جابر لذلك الضعف من
الشواهد والمتابعات ، ومعرفة هذا عزيزة لا يحصل إلاّ للأئمّة الحفّاظ أهل الدراية
التامّة بهذا الشأن » ثم ذكر موارد لذلك ، حيث حكم بعض العلماء على بعض الأحاديث
بالضعف ، وحكم آخرون على صحة تلك الأحاديث لكونها واردة في طرق أخرى معتبرة ،
أولها شواهد ومتابعات تدل على صحّتها.
قبول المراسيل مذهب مالك
والشافعي وغيرهما وعموم التابعين
وذكر ابن الوزير
في كلام له حول المراسيل ، فعزى قبولها إلى : « مذهب مالك والمعتزلة والزيديّة ،
ونصّ عليه منهم أبو طالب في كتاب المجرى ، والمنصور في كتاب صفوة الأخيار. وروى
أبو عمر ابن عبد البرّ في أوّل كتاب التمهيد عن العلاّمة محمد بن جرير الطبري
إجماع التّابعين على ذلك. ومذهب الشّافعية قبول المراسيل على تفصيل مذكور في كتب
علوم الحديث والأصول ، وهو المختار على تفصيل فيه ، وهو قبول ما انجبر ضعفه » ثم
استدل لذلك بوجوه ... .
فإذا كان المرسل
مقبولا فمسند الأجلح مقبول بالأولوية القطعيّة ...
__________________
كلام ( الدهلوي ) حول الأجلح
وقد سلك ( الدهلوي
) تبعا للكابلي طريقا آخر في القدح في الأجلح كي يتمكن بزعمه من ردّ حديث الولاية
، فقال في باب المكايد من كتابه :
« ملازمة بعض
الخدّاعين منهم ثقات المحدّثين ، وإظهاره البراءة من مذهبه والطعن في أسلافه ،
وذكر مفاسد ذاك المذهب ، وإظهاره التوبة والتقوى والديانة وحسن السيرة ، وشدة
الرغبة في أخذ الحديث عن الثقات ، لينخدع بذلك الطلبة وعلماء أهل السنّة فيوثّقونه
ويعدّلونه ، ويحصل لهم الاطمينان التام بصدقه وعفافه ، ثم يدسّ في مرويات الثقات
بعض الموضوعات المؤيّدة لمذهبه ، أو يحرّف بعض الكلمات لإغواء الناس.
وهذا من أعظم
كيودهم.
منهم الأجلح ،
فإنّه رجل قام بهذه المكيدة حتى وثّقه يحيى بن معين ، وهو أوثق علماء أهل السنّة
في باب الجرح والتّعديل ، فلم يقف على حقيقة أمره لفرط تقيته ، فظنّ كونه من
الصّادقين التائبين.
ولكن انكشف لغيره
من أهل السنّة كون الرجل خدّاعا واحترزوا عمّا انفرد به من الرّوايات ، ومن ذلك ما
رواه عن بريدة مرفوعا : إنّ عليّا وليّكم بعدي » .
هذا كلامه الّذي
أورده تعبيرا عمّا صنعه في عالم الخيال! فجعله من مكايد أهل الحق الشيعة الإماميّة!
لقد كان عليه ـ وهو
يريد إلزام الشيعة ـ أن يثبت من كتبهم كون الأجلح من الشّيعة الإمامية ، ثم إثبات
ملازمته محدّثي أهل السنّة وأخذه الأخبار منهم ، وطعنه في مذهب الشّيعة أمام أهل
السنّة ، ثم يثبت بعد ذلك كلّه كون الحديث
__________________
الشّريف ـ عند أهل
الحق ـ من متفرّدات الأجلح أو موضوعاته أو محرّفاته ... فما لم يثبت هذه الأمور لم
يمكنه إلزام أهل الحق الشيعة ...
وجوه الجواب عنه
وبعد ، فإنّ ما
ذكره مخدوش بوجوه :
أحدها
: إنّه إنّه ليس في
شيء من كتب الرجال أثر مما زعمه من كون الأجلح شيعيّا قد تبرأ في الظاهر من مذهبه
ولازم بعض المحدّثين الثقات ... بل قد عرفت سابقا من إفادات العلماء الأعلام أن
الأجلح كان يقول : « سمعنا أنّه ما سبّ أبا بكر وعمر أحد إلاّ مات أو افتقر » ...
غاية ما هناك نسبة التشيّع إليه ، لكنك عرفت أنّ التشيع ـ في اصطلاح الرّجاليّين ـ
لا ينافي التسنّن ، ولذا كان أكابر أهل السنّة شيعة ... سلّمنا ، لكن أين تظاهره
بالتبرّي عن التشيّع؟
والثاني
: إن انخداع يحيى
بن معين به دعوى لا دليل عليها أبدا.
والثالث
: إنّ يحيى بن معين
موصوف عندهم الصّفات الجليلة الباهرة والمدائح العظيمة الفاخرة ، وإنّ احتجاج أهل
الحق بتوثيقه الأجلح تام حسب قواعد المناظرة وآداب البحث ، فمحاولة إسقاط توثيقه
إيّاه عن الاعتبار والسّعي وراء تخطئته خروج على تلك القواعد والآداب ، ولو كان
ذلك مقبولا لكان سبيلا لأهل الكتاب بأن يخطّئوا علمائهم في كلّ مورد استدل أهل
الإسلام بأقوالهم إلزاما لهم!
والرّابع
: إنّ معارضة توثيق
يحيى بن معين ـ الذي اعترف ( الدهلوي ) بكونه أوثق علماء أهل السنّة في الجرح
والتعديل ـ بتضعيف غيره مردودة ، لأنّ الأوثق لا يعارض بغير الأوثق.
والخامس
: إنّه ليس الموثّق
للأجلح يحيى بن معين فقط ، فقد وثّقه جمع من كبار أساطين أهل السنّة غيره ، ومنهم
من اعترف ( الدهلوي ) أيضا بتوثيقه
وهو العجلي.
والسّادس
: إنّ جماعة من
كبار أئمتهم : كالثوري ، ويحيى القطّان ، وابن المبارك ، وابن نمير ، وأمثالهم ،
يروون عن الأجلح كما لا يخفى على من راجع تراجمه ... فكيف خفي على كلّ أولئك حال
الأجلح وانخدعوا واعتمدوا عليه وأخذوا منه؟ إنّ هذا شيء يدّعيه ( الدهلوي ) لغرض
إبطال حديث الولاية!!
والسابع
: لقد ذكر (
الدهلوي ) في مواضع عديدة من كتابه ( التحفة ) وخاصة في باب المكايد منه : إنّ
العالم بالسرائر ليس إلاّ الله سبحانه ، وأنّه ليس لأحد أن يدّعي العلم بما في
القلوب وما تخفي الصّدور ... فكيف بلغ المتأخّرون عن يحيى بن معين رتبة الالوهيّة
وتمكّنوا من الاطلاع على حال الأجلح؟ وما كان ذنب يحيى وأمثاله فلم يبلغوا تلك
المرتبة؟
والثامن
: دعوى تفرّد
الأجلح بحديث الولاية كاذبة ... فإنّ للحديث طرقا عديدة في كتب أهل السنة ، نصّ
كبار أئمتهم على صحتها واعتبارها ، كما رأيت ... فما أتعب ( الدهلوي ) نفسه فيه من
القدح في الأجلح وإسقاط توثيق ابن معين عن الاعتبار ـ مع كونه أوثق العلماء في
الجرح والتعديل ـ لا ينفعه.
والتاسع
: لقد روى ولي الله
الدهلوي ، والد ( الدهلوي ) حديث الولاية عن عمران بن حصين وابن عباس بطريقين لا
وجود للأجلح في شيء منهما.
وأيضا : فقد ذكر
ولي الله هذا الحديث في ضمن مآثر أمير المؤمنين 7 ومناقبه ، فهو عنده من الأخبار المعتبرة وليس من مجعولات
شيعيّ خدّاع ، وإلاّ لما أورده في تلك الأخبار.
فثبت ـ والحمد لله
ـ كذب ( الدهلوي ) من كلام والده الذي وصفه بكون آية من الآيات الإلهية ومعجزة من
المعاجز النبويّة!!
والعاشر
: أنّه لو جاز أن
يكون في الرّواة هكذا شخص ، بأن يكون من أهل مذهب آخر فيتظاهر بالتوبة منه ثم
بالتقوى والصّلاح ، ويلازم أئمة الحديث
ويصاحبهم حيث
يثقوا به ، فيتمكن من دسّ الموضوعات والأباطيل المؤيّدة لمذهبه في أحاديث الأئمة
الثقات ... إذا جاز هذا وفتح هذا الباب جاز أن يقال بأنّ جميع الرّواة الموثقين
وكبار الأئمة الأساطين من أهل السنّة ـ كأرباب الصّحاح وأئمة المذاهب الأربعة
وغيرهم ـ كانوا في الباطن يهود ونصارى وملاحدة ، فجاءوا وتظاهروا بالإسلام ودسّوا
أنفسهم في صفوف المسلمين ، وجعلوا يتبرّءون في الظاهر من أديانهم ومذاهبهم كي يثق
بهم المسلمون ، ثم دسّوا في أخبار المسلمين أساطيرهم ورواياتهم الموضوعات
والأكاذيب المؤيّدة لمذاهبهم ... فيكون ( الدهلوي ) بما ذكره حول الأجلح مصداقا
للمثل القائل : بنى قصرا وهدم مصرا!!
فهرس الكتاب
الإهداء...................................................................... ٥
من
ألفاظ الحديث............................................................ ٧
كلمة
المؤلف................................................................. ٩
كلمة
السيد صاحب عبقات الأنوار........................................... ١٥
كلام
الشيخ عبد العزيز الدهلوي صاحب التحفة الاثنا عشرية................... ١٦
مقدمة في بيان شناعة إنكار فضائل أمير
المؤمنين
١٧ ـ ٤٧
كلام
لأبي جعفر الإسكافي................................................... ١٨
ترجمة
الإسكافي............................................................ ٢٢
كلام
للسيد حيدر الآملي.................................................... ٢٣
رسالة
لأبي بكر الخوارزمي................................................... ٢٨
ترجمة
الخوارزمي........................................................... ٣٨
كلام
للسيد علي بن معصوم المدني............................................ ٣٩
ذكر
أن الدهلوي حذا حذو أسلافه في دفع مناقب أمير المؤمنين.................. ٤٤
سند حديث الولاية
٤٩ ـ ٢٦٨
أسماء
جماعة من رواته في مختلف القرون....................................... ٥١
(
١ ) ـ رواية أبي داود الطيالسي وترجمته.................................... ٥٥
تنصيص
ابن عبد البر على صحة سند رواية الطيالسي........................... ٥٦
ترجمة
ابن عبد البر.......................................................... ٥٧
تنصيص
المزي على صحة سند رواية الطيالسي................................. ٥٩
ترجمة
المزي................................................................ ٥٩
الكلمات
في وثاقة رجال سند الطيالسي....................................... ٦٣
١
ـ أبو عوانة اليشكري................................................... ٦٣
٢
ـ أبو بلج الواسطي...................................................... ٦٤
موجز
تراجم الموثقين لأبي بلج................................................ ٦٦
٣
ـ عمرو بن ميمون...................................................... ٦٨
إخراج
أبي داود الطيالسي في مسنده دليل ثبوت الحديث........................ ٦٩
تقديم
ابن حزم مسند الطيالسي على موطأ مالك ، وترجمة ابن حزم............... ٧٠
مسند
الطيالسي في كتب الأسانيد............................................ ٧١
عبارة
ابن عبد البر كاملة.................................................... ٧٢
اعتبار
كتاب الإستيعاب لابن عبد البر......................................... ٧٤
(
٢ ) ـ رواية أبي بكر ابن أبي شيبة مع تصحيحه الحديث..................... ٧٦
ترجمة
ابن أبي شيبة.......................................................... ٧٧
نقل
السيوطي تصحيحه وموافقته له........................................... ٨٠
حكم
السيوطي بصحة الحديث بسند ابن أبي شيبة.............................. ٨٠
حكم
المتقي بصحة الحديث بسند ابن أبي شيبة................................. ٨١
حكم
البدخشي بصحة الحديث بسند ابن أبي شيبة............................. ٨١
حكم
القاضي الهندي بصحة الحديث بسند ابن أبي شيبة......................... ٨١
الحديث
في مصنف ابن أبي شيبة بألفاظ متعددة................................ ٨٢
(
٣ ) ـ رواية أحمد بن حنبل بأسانيد........................................ ٨٣
الكلمات
في وثاقة رجال سند روايته عن عمران بن حصين...................... ٨٤
١
ـ عبد الرزاق بن همام................................................... ٨٤
٢
ـ عفان بن مسلم........................................................ ٨٥
٣
ـ جعفر بن سليمان...................................................... ٨٦
٤
ـ يزيد الرشك.......................................................... ٨٧
٥
ـ المطرف بن عبد الله.................................................... ٨٧
الكلمات
في وثاقة رجال سند روايته عن بريدة بن الحصيب...................... ٨٨
١
ـ عبد الله بن نمير........................................................ ٨٩
٢
ـ أجلح بن عبد الله...................................................... ٩٠
٣
ـ عبد الله بن بريدة...................................................... ٩٠
الكلمات
في وثاقة رجال سند روايته عن ابن عباس............................. ٩٠
١
ـ يحيى بن حماد......................................................... ٩٣
٢
ـ أبو عوانة............................................................. ٩٣
٣
ـ أبو بلج.............................................................. ٩٣
٤
ـ عمرو بن ميمون...................................................... ٩٣
الوجوه
الدالة على أن مجرد رواية أحمد في المسند دليل الاعتبار................... ٩٣
ترجمة
السبكي الحاكي للوجوه عن أبي موسى المديني............................ ٩٧
ترجمة
أبي موسى المديني...................................................... ٩٨
كلام
ابن عساكر في مدح المسند............................................. ٩٩
كلام
ابن الجوزي في مدح المسند........................................... ١٠٠
اعتماد
ابن تيمية ونظرائه على آراء ابن الجوزي............................... ١٠١
ثناء
جماعة على ابن الجوزي................................................ ١٠٢
كلام
جماعة آخرين في مدح المسند.......................................... ١٠٤
(
٤ ) رواية الترمذي...................................................... ١٠٧
وثاقة
رجال إسناده........................................................ ١٠٨
١
ـ الترمذي............................................................ ١٠٨
٢
ـ قتيبة بن سعيد....................................................... ١٠٨
٣
ـ جعفر بن سليمان.................................................... ١٠٨
٤
ـ يزيد الرشك........................................................ ١٠٨
٥
ـ مطرف بن عبد الله.................................................. ١٠٩
(
٥ ) ـ رواية النسائي................................................... ١١٠
وثاقة
رجال سنده......................................................... ١١٠
ترجمة
النسائي............................................................ ١١١
كتاب
الخصائص من سننه................................................. ١١٢
(
٦ ) ـ رواية النسوي................................................... ١١٣
ترجمة
الحسن بن سفيان النسوي............................................ ١١٣
(
٧ ) ـ رواية أبي يعلى الموصلي........................................... ١١٤
وثاقة
رجال سنده :....................................................... ١١٥
١
ـ عبيد الله القواريري.................................................. ١١٥
٢
ـ جعفر بن سليمان.................................................... ١١٥
٣
ـ يزيد الرشك........................................................ ١١٥
٤
ـ المطرف بن عبد الله.................................................. ١١٦
ترجمة
أبي يعلى الموصلي.................................................... ١١٧
(
٨ ) ـ رواية ابن جرير الطبري ، وتصحيحه............................... ١١٨
ترجمة
الطبري............................................................ ١١٩
(
٩ ) ـ رواية خيثمة بن سليمان وترجمته................................... ١٢٢
ترجمة
خيثمة بن سليمان................................................... ١٢٣
(
١٠ ) ـ رواية أبي حاتم ابن حبان........................................ ١٢٤
ترجمة
ابن حبان........................................................... ١٢٥
كلمة
بشأن صحيح ابن حبان.............................................. ١٢٦
(
١١ ) ـ رواية الطبراني.................................................. ١٢٧
من
مصادر ترجمة الطبراني.................................................. ١٣١
(
١٢ ) ـ رواية الحاكم النيسابوري........................................ ١٣٢
من
مصادر ترجمة الحاكم.................................................. ١٣٥
(
١٣ ) رواية ابن مردويه الأصبهاني........................................ ١٣٦
ترجمة
ابن مردويه......................................................... ١٣٧
(
١٤ ) ـ رواية أبي نعيم الأصبهاني........................................ ١٣٧
ترجمة
أبي نعيم الأصفهاني.................................................. ١٤٠
(
١٥ ) ـ رواية أبي بكر البيهقي.......................................... ١٤١
من
مصادر ترجمة البيهقي.................................................. ١٤٢
(
١٦ ) ـ رواية الراغب الأصفهاني ، وترجمته............................... ١٤٣
(
١٧ ) ـ رواية الخطيب البغدادي......................................... ١٤٤
ترجمة
الخطيب البغدادي................................................... ١٤٦
(
١٨ ) ـ رواية أبي سعيد السجستاني...................................... ١٤٧
ترجمة
أبي سعيد السجستاني................................................ ١٤٨
ترجمة
الدقاق............................................................. ١٤٩
(
١٩ ) ـ رواية ابن المغازلي............................................... ١٤٩
ترجمة
ابن المغازلي والاعتماد عليه........................................... ١٥٠
(
٢٠ ) ـ رواية شيرويه الديلمي ، وترجمته................................. ١٥١
التعريف
بفردوس الأخبار.................................................. ١٥٢
إعتماد
( الدهلوي ) على الديلمي في كتابه.................................. ١٥٥
(
٢١ ) ـ رواية أبي الفتح النطنزي وترجمته................................. ١٥٦
(
٢٢ ) ـ رواية شهردار الديلمي ، وترجمته................................ ١٥٧
الأسانيد
إلى مسند الفردوس................................................ ١٥٩
(
٢٣ ) ـ رواية الخطيب الخوارزمي........................................ ١٦٠
من
مصادر ترجمة الخوارزمي............................................... ١٦٣
(
٢٤ ) ـ رواية ابن عساكر.............................................. ١٦٣
ترجمة
ابن عساكر......................................................... ١٧٩
(
٢٥ ) ـ رواية أبي حامد الصالحاني....................................... ١٨٠
التعريف
بالصالحاني....................................................... ١٨١
(
٢٦ ) ـ رواية المبارك ابن الأثير.......................................... ١٨١
من
مصادر ترجمته......................................................... ١٨٢
(
٢٧ ) ـ رواية أبي القاسم الرافعي........................................ ١٨٣
ترجمة
الرافعي............................................................ ١٨٤
(
٢٨ ) ـ رواية عز الدين ابن الأثير........................................ ١٨٥
من
مصادر ترجمته......................................................... ١٨٦
كلمات
في مدح أسد الغابة................................................ ١٨٦
(
٢٩ ) ـ رواية أبي الربيع ابن سبع الكلاعي................................ ١٨٧
ترجمة
الكلاعي........................................................... ١٨٨
(
٣٠ ) ـ رواية الضياء المقدسي........................................... ١٨٩
كتاب
المختارة للضياء..................................................... ١٩٠
ترجمة
الضياء............................................................. ١٩٠
(
٣١ ) ـ رواية محمد بن طلحة الشافعي................................... ١٩٢
من
مصادر ترجمة ابن طلحة................................................ ١٩٥
(
٣٢ ) ـ رواية الكنجي................................................. ١٩٦
(
٣٣ ) ـ رواية محب الدين الطبري........................................ ١٩٩
ترجمة
محب الدين الطبري.................................................. ٢٠١
(
٣٤ ) ـ رواية صدر الدين الحموئي...................................... ٢٠٢
من
مصادر ترجمة الحمويني................................................. ٢٠٣
(
٣٥ ) ـ رواية الذهبي................................................... ٢٠٤
ترجمة
الذهبي............................................................. ٢٠٥
(
٣٦ ) ـ رواية الزرندي المدني............................................ ٢٠٦
ترجمة
الزرندي........................................................... ٢٠٧
(
٣٧ ) ـ رواية الكازروني................................................ ٢٠٨
ترجمة
الكازروني.......................................................... ٢٠٩
(
٣٨ ) ـ رواية السيد علي الهمداني وترجمته................................ ٢١٠
(
٣٩ ) ـ رواية السيد شهاب الدين أحمد.................................. ٢١١
ترجمة
شهاب الدين أحمد.................................................. ٢١٣
(
٤٠ ) ـ رواية ابن حجر العسقلاني....................................... ٢١٣
ترجمة
ابن حجر العسقلاني................................................. ٢١٥
(
٤١ ) ـ رواية الحسين الميبدي........................................... ٢١٥
ترجمة
الميبدي............................................................. ٢١٦
(
٤٢ ) ـ رواية جلال الدين السيوطي..................................... ٢١٦
ترجمة
السيوطي........................................................... ٢١٧
(
٤٣ ) ـ رواية القسطلاني............................................... ٢١٧
ترجمة
القسطلاني.......................................................... ٢١٩
(
٤٤ ) ـ رواية عبد الوهاب البخاري ، وترجمته............................ ٢٢١
(
٤٥ ) ـ رواية الصالحي صاحب السيرة................................... ٢٢٢
ترجمة
الصالحي الشامي.................................................... ٢٢٣
السيرة
الشامية « سبل الهدى والرشاد »..................................... ٢٢٤
(
٤٦ ) ـ رواية ابن حجر المكي وتصحيحه................................. ٢٢٤
ترجمة
ابن حجر المكي..................................................... ٢٢٥
(
٤٧ ) ـ رواية المتقي الهندي............................................. ٢٢٦
ترجمة
المتقي الهندي........................................................ ٢٢٧
(
٤٨ ) ـ رواية العيدروس وترجمته........................................ ٢٢٨
(
٤٩ ) ـ رواية ميرزا مخدوم صاحب نواقض الروافض....................... ٢٢٩
كتاب
النواقض........................................................... ٢٣٠
(
٥٠ ) ـ رواية الوصابي اليمني............................................ ٢٣٠
الوصابي
وكتابه........................................................... ٢٣٣
(
٥١ ) ـ رواية الحافي الشافعي............................................ ٢٣٣
ترجمة
الحافي.............................................................. ٢٣٤
(
٥٢ ) ـ رواية المحدث الشيرازي ، وترجمته................................ ٢٣٥
(
٥٣ ) ـ رواية القاري الهروي............................................ ٢٣٧
ترجمة
القاري............................................................. ٢٣٨
(
٥٤ ) ـ رواية المناوي................................................... ٢٣٩
ترجمة
المناوي............................................................. ٢٤٠
(
٥٥ ) ـ رواية الشيخاني القادري........................................ ٢٤١
كلامه
في صدر كتابه ، والاعتماد على روايته................................ ٢٤٢
(
٥٦ ) ـ رواية ابن باكثير المكي.......................................... ٢٤٤
كلامه
في صدر كتابه...................................................... ٢٤٥
ترجمته................................................................... ٢٤٦
(
٥٧ ) ـ رواية البدخشي................................................ ٢٤٧
ترجمة
البدخشي.......................................................... ٢٥٠
(
٥٨ ) ـ رواية محمد صدر العالم ، وترجمته................................ ٢٥١
(
٥٩ ) ـ رواية شاه ولي الله الدهلوي ، وترجمته............................ ٢٥٢
(
٦٠ ) ـ رواية محمد الأمير الصنعاني ، وترجمته............................. ٢٥٤
(
٦١ ) ـ رواية محمد الصبان المصري ، وترجمته............................ ٢٥٦
(
٦٢ ) ـ رواية العجيلي ، وترجمته........................................ ٢٥٧
(
٦٣ ) ـ رواية محمد مبين اللكهنوي ، وترجمته............................. ٢٥٨
(
٦٤ ) ـ رواية محمد سالم الدهلوي ، وترجمته............................. ٢٦١
(
٦٥ ) ـ رواية ولي الله اللكهنوي ، وترجمته............................... ٢٦١
(
٦٦ ) ـ رواية القندوزي ، وترجمته...................................... ٢٦٢
(
٦٧ ) ـ رواية حسن زمان.............................................. ٢٦٨
ترجمة
حسن زمان......................................................... ٢٦٨
وثاقة الأجلح ورد القدح فيه لتشيعه
٢٦٩ ـ ٣١٣
١
ـ توثيق يحيى بن معين ، وترجمته......................................... ٢٧١
٢
ـ توثيق أحمد بن حنبل................................................. ٢٧٢
٣
ـ توثيق الفلاس ، وترجمته.............................................. ٢٧٣
٤
ـ توثيق العجلي ، وترجمته.............................................. ٢٧٥
٥
ـ توثيق الفسوي ، وترجمته............................................. ٢٧٦
٦
ـ توثيق ابن عدي ، وترجمته............................................ ٢٧٨
٧
ـ تصحيح الحاكم حديثه وتأكيده على ذلك.............................. ٢٨٠
٨
ـ قول ابن حجر العسقلاني : صدوق.................................... ٢٨٢
٩
ـ كونه من رجال الكتب الأربعة........................................ ٢٨٣
١٠
ـ رواية الأئمة عنه................................................... ٢٨٣
١١
ـ رواية شعبة عنه وهو لا يروي إلا عن ثقة............................. ٢٨٣
١٢
ـ رواية أحمد عنه وهو لا يروي إلا عن ثقة............................. ٢٨٥
١٣
ـ رواية النسائي عنه وشرطه أشد من شرط الشيخين.................... ٢٨٦
ترجمة
سعد الزنجاني....................................................... ٢٨٧
١٤
ـ من أسامي أئمة الحديث الشيعة...................................... ٢٨٨
١٥
ـ تصريح الذهبي بوجوب قبول رواية الشيعي........................... ٢٨٩
١٦
ـ نسبة السيوطي ما قال الذهبي إلى أئمة الحديث........................ ٢٩٠
١٧
ـ جرح المخالف في الاعتقاد غير مقبول................................ ٢٩٠
١٨
ـ التشيع محبة علي وتقديمه على الصحابة............................... ٢٩١
١٩
ـ التشيع ما يسع منصفا الخروج عنه................................... ٢٩١
٢٠
ـ لو كان الأجلح شيعيا غليظا لما رووا عنه.............................. ٢٩٣
٢١
ـ كان النسائي يتشيع................................................ ٢٩٣
٢٢
ـ كان الحاكم شيعيا................................................. ٢٩٤
٢٣
ـ التشيع لا ينافي التسنن كما قال الدهلوي............................. ٢٩٥
٢٤
ـ استنكار أجلح سب أبي بكر وعمر.................................. ٢٩٥
٢٥
ـ في الصحابة روافض غلاة........................................... ٢٩٦
٢٦
ـ قولهم بقبول رواية المبتدع........................................... ٢٩٧
٢٧
ـ من أسماء المبتدعة في الصحيحين..................................... ٢٩٨
٢٨
ـ قبول بعضهم رواية المبتدع الداعية................................... ٢٩٩
النظر
في القادحين في الأجلح............................................... ٣٠٠
وجوه
في رد القدح فيه على ضوء كلمات العلماء............................. ٣٠٦
الجرح
المجمل غير مقبول مطلقا.............................................. ٣٠٦
التعديل
مقدم على الجرح عند الجمهور...................................... ٣٠٧
لفظة
« كذاب » أيضا تحتاج إلى تفسير..................................... ٣٠٨
لا
يقبل الجرح فيمن علم عدالته بالتواتر ..................................... ٣٠٩
قبول
المراسيل مذهب مالك والشافعي وعموم التابعين......................... ٣١١
كلام
الدهلوي حول الأجلح............................................... ٣١٢
وجوه
الجواب عنه......................................................... ٣١٣
فهرس
الكتاب............................................................ ٣١٧
|