( إهداء )

الى حامل لواء الامامة الكبرى والخلافة العظمى

ولى العصر المهدى المنتظر الحجّة ابن الحسن العسكري أرواحنا فداه

( يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ

وَجِئْنا بِبِضاعَةٍ مُزْجاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ

وَتَصَدَّقْ عَلَيْنا إِنَّ اللهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ )



حديث الطّير

قال رسول الله 6 :

اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك وإليّ يأكل معي فجاء عليّ ـ بعد أن ردّه أنس مرّات ـ فأكل معه.



كلمة المؤلّف

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربّ العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمّد وآله الطاهرين ، ولعنة الله على أعدائهم أجمعين ، من الأوّلين والآخرين.

وبعد ، فهذا هو البحث عن ( حديث الطّير ) سندا ودلالة.

هذا الحديث الذي أخرجه المئات من أعلام أهل السنّة في القرون المختلفة عن عشرات من التابعين ، عن اثني عشر شخصا من صحابة رسول ربّ العالمين عليه وآله الصلاة والسّلام ، وهم :

١ ـ أمير المؤمنين 7 ، أخرجه ابن عساكر وأشار إليه الحاكم (١).

٢ ـ سعد بن أبي وقاص ، أخرجه أبو نعيم في الحلية.

٣ ـ أبو سعيد الخدري ، أخرجه ابن كثير في تاريخه ، وأشار إليه الحاكم.

٤ ـ أبو رافع ، أخرجه ابن كثير.

٥ ـ أبو الطفيل ، أخرجه ابن عقدة ، والحاكم ، وغيرهما.

__________________

(١) نكتفي هنا بذكر واحد أو اثنين للاختصار.


٦ ـ جابر بن عبد الله الأنصاري ، أخرجه ابن عساكر وابن كثير.

٧ ـ حبشي بن جنادة ، أخرجه ابن كثير.

٨ ـ يعلى بن مرة ، أخرجه الخطيب ، وابن كثير.

٩ ـ ابن عباس ، أخرجه الطّبراني.

١٠ ـ سفينة مولى رسول الله ، أخرجه أحمد وأبو يعلى ، وأشار إليه الحاكم.

١١ ـ أنس بن مالك ، وهو المشهور بروايته.

١٢ ـ عمرو بن العاص ، في كتاب له إلى معاوية ، رواه الخوارزمي.

ورواه الإمامان الباقر والصّادق 8 ، في رواية أبي الشيخ الأصفهاني الحافظ.

ولكثرة طرقه ألّف جماعة من الأعلام كتبا مفردة فيه ، ستعرفهم.

وجاء في غير واحد من الكتب الصحاح أو الملتزم فيها بالصحّة ، كصحيح الترمذي ، وسنن النسائي ، وصحيح ابن حبّان ، وصحيح الحاكم ، والمختارة ...

وفي عدّة من المسانيد ، كمسند أبي يعلى ، ومسند البزّار ...

ورواه من أئمّة المذاهب الأربعة وغيرهم : أبو حنيفة ، وأحمد بن حنبل ، ومالك بن أنس ، والأوزاعي ...

ورواه جماعة كبيرة من مشايخ البخاري ومسلم ...

وآخرون من رجال الصّحاح الستّة ...

والبخاري في ( تاريخه الكبير ).

والأئمّة الأعلام ... في كلّ قرن ...

وقد نصّ غير واحد منهم على صحّة بعض طرقه ...

كما صحّحنا عدّة من أسانيده في بعض الكتب ، على ضوء كلمات الأئمة ...


* ولعظمة هذا الحديث وما تنطوي عليه قصّة الطّير من فضيلة لأمير المؤمنين 7 ـ لا يشاركه فيها أحد ، فتدلّ على إمامته بعد رسول الله 6 ـ ومن مداليل أخرى في مجال معرفة الصّحابة ...

فقد بذل المتعصّبون قصارى جهودهم في المنع من نقله وانتشاره ، ثمّ في إبطاله من الناحية السنديّة أوّلا ، ثمّ من الناحية الدلاليّة ، بالتلاعب بمتنه فيسقط عن الدّلالة ، أو بحمله وتأويله ... حتّى إذا أعيتهم السّبل عارضوه بما يروونه في حقّ غير الإمام 7 من الفضائل.

ونحن نشير إلى بعض الوقائع والقضايا ... والأساليب والتمحّلات ...

في كلّ مرحلة باختصار ، ليتجلّى سمّو هذا الحديث ورفعته ، وأنّه لو لا ثبوته وقوّة دلالته لما بذلت تلك الجهود ، وما كان ذاك الإنكار والجحود ...

قصّة الحاكم النيسابوري

فإن الحاكم أخرج هذا الحديث في ( المستدرك على الصحيحين ) وأصرّ على صحّته على شرط الشيخين ، وأنّه كان عليهما إخراجه ولم يخرجاه! فقامت القيامة عليه وعلى كتابه ، فرمي الحاكم بالرّفض ممّن رمى حديث الطير بالوضع! وهو : محمّد بن طاهر المقدسي ، فردّ عليه : « إنّ الله يحبّ الإنصاف ، ما الرجل برافضي ... » (١). ورمي كتابه بأن ليس فيه حديث واحد على شرط البخاري ومسلم! فأجيب : « هذه مكابرة وغلوّ » (٢) ، وحكى ابن طاهر : إنّ المستدرك ذكر بين يدي الدار قطني فقال : نعم ، يستدرك عليهما حديث الطّير! فأجيب : « هذه حكاية منقطعة ، بل لم تقع » (٣).

__________________

(١) سير أعلام النبلاء ١٧ / ١٧٤ ، لسان الميزان ٥ / ٢٣٣.

(٢) سير أعلام النبلاء ١٧ / ١٧٥.

(٣) سير أعلام النبلاء ١٧ / ١٧٦.


وكأنّ رمي الكتاب ومؤلّفه لم يشف غليل ابن طاهر ومن لّف لفّه ، فزعم :

« انّ الحاكم أخرج حديث الطير من المستدرك » لمّا بلغه اعتراض الدار قطني ، فأجيب « إن حديث الطير موجود في المستدرك » (١) وقد ألّفه بعد موت الدار قطني بمدّة (٢).

وقال السبكي : « حكى شيخنا أنّ الحاكم سئل عن حديث الطير فقال :

لا يصحّ ، ولو صحّ لما كان أحد أفضل من علي بعد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.

ثمّ قال شيخنا : وهذه الحكاية سندها صحيح ، فما باله أخرج حديث الطير في المستدرك؟! ».

قال السبكي : « وقد جوّزت أن يكون زيد في كتابه ، وألاّ يكون هو أخرجه! وبحثت عن نسخ قديمة من المستدرك ، فلم أجد ما ينشرح الصدر لعدمه ، وتذكّرت قول الدارقطني : إنّه يستدرك حديث الطير ، فغلب على ظنّي أنّه لم يوضع عليه ، ثمّ تأمّلت قول من قال : إنّه أخرجه من الكتاب ، فجوّزت أن يكون خرّجه ، ثمّ أخرجه من الكتاب ، وبقي في بعض النسخ ، فإن ثبت هذا صحّت الحكايات ويكون خرّجه في الكتاب قبل أن يظهر له بطلانه ، ثم أخرجه منه لاعتقاده عدم صحته ، كما في هذه الحكاية التي صحّح الذهبي سندها ، ولكنّه بقي في بعض النسخ ، إمّا لانتشار النسخ بالكتاب ، أو لإدخال بعض الطاعنين إيّاه فيه ، فكلّ هذا جائز ، والعلم عند الله تعالى » (٣).

فلما ذا كلّ هذه الاحتمالات والتمحّلات يا ترى؟!

ولهذا الحديث وأمثاله ممّا أخرجه الحاكم وصحّحه ، فقد كسر

__________________

(١) طبقات السبكي ٤ / ١٦٤.

(٢) سير أعلام النبلاء ١٧ / ١٧٦.

(٣) طبقات السبكي ٤ / ١٦٨ ـ ١٦٩.


المتعصّبون منبر الحاكم ومنعوه من الخروج من داره!! (١).

قصّة ابن السقّاء

وهكذا فعل بالحافظ ابن السقّاء لمّا حدّث بحديث الطير : « قال السلفي :

سألت خميسا الحوزي عن ابن السقّاء فقال : هو من مزينة مضر ... واتّفق أنّه أملى حديث الطائر ، فلم تحتمله أنفسهم ، فوثبوا به ، وأقاموه ، وغسلوا موضعه ، فمضى ولزم بيته ، لا يحدّث أحدا من الواسطيّين ، ولهذا قلّ حديثه عندهم » (٢).

فهكذا كانوا يقابلون أخبار فضائل علي وأهل البيت ـ : ـ ورواتها على جلالة شأنهم وعلوّ مقامهم!! ألم يدوسوا خصيتي النّسائي في دمشق ، حتى أخرج ومات على أثر ذلك؟ (٣).

ألم يبقروا بطن الحافظ الكنجي في وسط جامع دمشق ، لأنّه أملى فضائل علي وألّف فيها؟ (٤).

اضطراب المتعصبين تجاه الحديث

لكنّ هذه الأساليب لم تجد نفعا ، فالحديث كثرت طرقه ورواته ، حتى أنّ جماعة من الأعلام عمدوا إلى جمعها في كتب خاصّة ... ولذا كان قول بعضهم تبعا لمحمّد بن طاهر المقدسي : « هو حديث موضوع » (٥) مردودا عندهم ، حتى أن السبكي ردّه تبعا للصلاح العلائي (٦).

__________________

(١) سير أعلام النبلاء ١٧ / ١٧٥.

(٢) سير أعلام النبلاء ١٦ / ٣٥٢.

(٣) راجع ترجمته في مختلف الكتب.

(٤) أنظر ترجمته في الكتاب.

(٥) التحفة الإثنا عشرية : ٢١٢.

(٦) طبقات الشافعية ٤ / ١٦٩.


وحتى ابن الجوزي لم يدرجه في ( الموضوعات ) ـ وإن قيل ذلك كذبا وزورا (١) وإنّما ذكره في كتابه الآخر ( العلل المتناهية في الأحاديث الواهية ) (٢) لكنّك إذا راجعته رأيته يتكلّم على بعض أسانيده على مبانيه ويسكت عن بعض ، وكذلك ابن كثير يقول : « له طرق متعددة وفي كلّ منها نظر ، ونحن نشير إلى شيء من ذلك » لكنّه لا يشير ـ لا من قريب ولا بعيد ـ إلى شيء من ذلك بالنسبة إلى بعض الطّرق (٣).

وزاد بعضهم أنّ كثرة طرقه يزيده وهنا!! قال الزيلعي : « وكم من حديث كثرت رواته وتعدّدت طرقه وهو حديث ضعيف ، كحديث الطير ، وحديث الحاجم والمحجوم ، وحديث من كنت مولاه فعليّ مولاه ، قد لا يزيد الحديث كثرة الطرق إلاّ ضعفا » (٤).

مع أن القاعدة المقرّرة عندهم أنّ الحديث إذا تعدّدت طرقه يتقوّى ويبلغ إلى درجة الحسن ، قال المنّاوي بشرح بعض الأحاديث ـ وهو يرد على ابن تيميّة : « وهذه الأخبار وإن فرض ضعفها جميعا ، لكن لا ينكر تقوّي الحديث الضعيف بكثرة طرقه وتعدّد مخرّجيه إلاّ جاهل بالصناعة الحديثية أو معاند متعصّب ، والظنّ به ـ يعني ابن تيميّة ـ أنّه من القبيل الثاني » (٥).

وعلى هذا الأساس قال غير واحد من علمائهم الكبار بحسن حديث الطّير.

__________________

(١) كالقاري في ( المرقاة ) والشوكاني في ( الفوائد المجموعة ) والصبّان في ( إسعاف الراغبين ).

(٢) العلل المتناهية ١ / ٢٢٨.

(٣) تاريخ ابن كثير ٧ / ٣٥٠.

(٤) تخريج الهداية ١ / ١٨٩ عنه تحفة الأحوذي ١٠ / ١٥٤.

(٥) فيض القدير ـ شرح الجامع الصغير ٣ / ١٧٠.


اضطراب كلمات الذهبي

واضطربت كلمات الذّهبي في كتبه تجاه حديث الطير :

ففي ( تلخيص المستدرك ) : « قلت : ابن عياض لا أعرفه. ولقد كنت زمانا طويلا أظن أن حديث الطير لم يجسر الحاكم أن يودعه في مستدركه ، فلمّا علّقت هذا الكتاب رأيت الهول من الموضوعات التي فيه ، فإذا حديث الطير بالنسبة إليها سماء. قال : وقد رواه عن أنس جماعة أكثر من ثلاثين نفسا ، ثمّ صحّت الرواية عن علي وأبي سعيد وسفينة » (١).

وفي هذه العبارة مطالب :

الأول : أن سند الحديث فيه « ابن عياض » والذهبي لا يعرفه.

والثاني : إن حديث الطير بالنسبة إلى الموضوعات التي هي في ( المستدرك ) سماء.

والثالث : إنّ الحاكم قال : « ثمّ صحّت الرواية عن علي وأبي سعيد وسفينة » فوافقه الذهبي على هذا القول.

إذن ، الذهبي هنا يقر بصحّة الحديث عن : علي وأبي سعيد وسفينة.

وأمّا « ابن عياض » وهو : « محمّد بن أحمد بن عياض » الذي قال هنا « لا أعرفه » فقد عرفه في كتابه الآخر ( ميزان الاعتدال ) فقال هناك ما هذا نصّه :

« محمّد بن أحمد بن عياض. روى عن أبيه أبي غسّان أحمد بن عياض ، عن (٢) أبي طيبة المصري ، عن يحيى بن حسّان ، فذكر حديث الطير.

وقال الحاكم : هذا على شرط البخاري ومسلم.

قلت : الكلّ ثقات إلاّ هذا ، فأنا اتّهمته به ، ثم ظهر لي أنه صدوق ...

__________________

(١) تلخيص المستدرك. ط معه ٣ / ١٣١.

(٢) كذا ، والصحيح : بن.


فأمّا أبوه فلا أعرفه » (١).

فالذي كان يتّهمه به صدوق ، وبقي الإشكال في « أبيه » وقد رفعه ابن حجر العسقلاني ، كما ستعلم ، في أول ملحق السند.

إذن ، فالحديث في ( المستدرك ) صحيح وفاقا للحاكم عن : علي وأبي سعيد وسفينة.

وعلى هذا ، فاقتصاره في ( تذكرة الحفاظ ) على القول : « بأنّ للحديث أصلا » عجيب ، وهذه عبارته :

« وأمّا حديث الطير فله طرق كثيرة جدّا ، قد أفردتها بمصنف ، ومجموعها يوجب أن يكون الحديث له أصل » (٢).

وكذا اقتصاره على عبارة أخرى له في ( تاريخ الإسلام ) بترجمة أمير المؤمنين في سياق مناقبه ، فلم ينص على الصحّة!! قال :

« وله طرق كثيرة عن أنس ، متكلّم فيها ، وبعضها على شرط السنن ، من أجودها : قطن بن نسير ـ شيخ مسلم ـ ثنا جعفر بن سليمان ، ثنا عبد الله بن المثنى ، عن عبد الله بن أنس بن مالك ، عن أنس ... » (٣).

خلاصة مدلول الحديث

ثمّ إنّ العمدة في مدلول الحديث الشريف أمران :

أحدهما : دلالته على أنّ أحبّ الخلق إلى الله والرسول هو « علي » ، و« الأحب » هو « الأحق » لأن يكون خليفة للنبي.

والثاني : كذب أنس بن مالك مرات ، ومنعه عليّا من الدخول على

__________________

(١) ميزان الاعتدال ٣ / ٤٦٥.

(٢) تذكرة الحفّاظ ٢ / ١٠٣٩.

(٣) تاريخ الإسلام ٣ / ٦٣٣.


الرسول عليه وآله السلام والصلاة.

وقد كان هذان الأمران هما الباعث لهم على إنكار الحديث أو إبطاله ، وكما جاء التصريح بذلك على لسان بعضهم :

« أبو نعيم الحداد : سمعت الحسن بن أحمد السمرقندي الحافظ ، سمعت أبا عبد الرحمن الشاذياخي الحاكم يقول : كنا في مجلس السيد أبي الحسن ، فسئل أبو عبد الله الحاكم عن حديث الطير. فقال : لا يصح ، ولو صحّ لما كان أحد أفضل من علي بعد النبي صلّى الله عليه وسلّم ».

قال الذهبي بعد أن حكاه : « فهذه حكاية قويّة ، فما باله أخرج حديث الطير في المستدرك؟! فكأنّه اختلف اجتهاده. وقد جمعت طرق حديث الطير في جزء ، وطرق حديث : من كنت مولاه ، وهو أصحّ ، وأصحّ منهما ما أخرجه مسلم عن علي قال : إنّه لعهد النبي الامي إليّ : إنّه لا يحبّك إلاّ مؤمن ولا يبغضك إلاّ منافق. وهذا أشكل الثلاثة ، فقد أحبّه قوم لا خلاق لهم ، وأبغضه بجهل قوم من النواصب ، فالله أعلم » (١).

وقال السبكي : « غاية جمع هذا الحديث أن يدلّ على أنّ الحاكم يحكم بصحته ، ولو لا ذلك لما أودعه المستدرك ، ولا يدل ذلك منه على تقديم علي 2 على شيخ المهاجرين والأنصار ، أبي بكر الصديق 2 ، إذ له معارض أقوى لا يقدر على دفعه ، وكيف يظن بالحاكم ـ مع سعة حفظه ـ تقديم علي ، ومن قدّمه على أبي بكر فقد طعن على المهاجرين والأنصار ، فمعاذ الله أن يظنّ ذلك بالحاكم » (٢).

هذا بالنسبة إلى الأمر الأوّل.

وبالنسبة إلى الأمر الثاني قال الذهبي : « قال أبو أحمد ابن عدي :

__________________

(١) سير أعلام النبلاء ١٧ / ١٦٨ ـ ١٦٩.

(٢) طبقات الشافعية ٤ / ١٦٥ ـ ١٦٦.


سمعت علي بن عبد الله الداهري يقول : سألت ابن أبي داود عن حديث الطير فقال : إن صحّ حديث الطير فنبوة النبي ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ باطلة ، لأنّه حكى عن حاجب النبيّ صلّى الله عليه وسلّم خيانة ـ يعني أنسا ـ وحاجب النبيّ لا يكون خائنا ».

قال الذهبي : « قلت : هذه عبارة رديئة وكلام نحس ، بل نبوة محمّد صلّى الله عليه وسلّم حق قطعي ، إن صحّ حديث الطير وإن لم يصح ، وما وجه الارتباط؟! هذا أنس قد خدم النبي صلّى الله عليه وسلّم قبل أن يحتلم وقبل جريان القلم ، فيجوز أن تكون قصّة الطائر في تلك المدة ، فرضنا أنّه كان محتلما ما هو بمعصوم من الخيانة ، بل فعل هذه الجناية الخفيفة متأوّلا. ثم إنّه حبس عليّا عن الدخول كما قيل فكان ما ذا؟ والدعوة النبوية قد نفذت واستجيبت ، فلو حبسه أو ردّه مرات ما بقي يتصور أن يدخل ويأكل مع المصطفى سواه إلاّ ... » (١).

قلت : لكنّ الباعث لابن أبي داود أن يقول هذا بالنسبة إلى حديث الطير إنّما هو لكونه من أصح وأشهر مناقب علي الدالة على إمامته بعد رسول الله عليه وآله الصلاة والسلام ، وبغض هذا الرجل ونصبه لأمير المؤمنين معروف مذكور بتراجمه ، فلاحظ (٢).

التحريف في لفظ الحديث

ولهذه الأمور وغيرها عمد بعض القوم إلى اختصار لفظ الحديث لدى روايته وبعض آخر إلى تحريفه ...

فالبخاري أخرجه باللفظ التالي : « عن أنس : اهدي للنبي صلّى الله

__________________

(١) سير أعلام النبلاء ١٣ / ٢٣٢.

(٢) سير أعلام النبلاء ١٣ / ٢٢٩ ـ ٢٣٠.


عليه وسلّم طائر فقال : اللهم ائتني بأحبّ خلقك. فجاء علي » (١).

وبلفظ :

« عن أنس بن مالك قال : اهدي للنبيّ صلّى الله عليه وسلّم طائر كان يعجبه فقال : اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل هذا الطير ، فاستأذن علي ، فسمع كلامه فقال : أدخل » (٢).

أمّا أحمد فأسقط ما دلّ على الفضيلة لعلي 7 وما دلّ على الخيانة والكذب من أنس ...

فقال : « قال : سمعت أنس بن مالك وهو يقول : أهديت لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم ثلاث طوائر فأطعم خادمه طائرا ، فلما كان من الغد أتت به فقال لها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : ألم أنهك أن ترفعي شيئا ، فإن الله عزّ وجلّ يأتي برزق كلّ غد » (٣).

وقد روى جماعة غيره هذه الواقعة وفيها الفقرتان الدالّتان على الأمرين المذكورين.

أمّا في رواية أبي الشيخ ـ مثلا ـ فجاء فيه ما يدل على الأمر الأول وأسقط الثاني :

« عن أنس بن مالك قال : اهدي لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم طير فقال : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي هذا الطير ، فجاء علي فأكل معه.

فذكر الحديث » (٤).

وأمّا بعضهم فحذف الفقرتين وأبقى اعتذار النبيّ 6 لأنس فيما يروون فقال :

« ... عن أنس عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال : لا يلام الرجل

__________________

(١) التاريخ الكبير ١ / ٣٥٧.

(٢) التاريخ الكبير ٢ / ٢.

(٣) مسند أحمد ٣ / ١٩٨.

(٤) طبقات المحدّثين بأصبهان ٣ / ٤٥٤.


على قومه ».

قال ابن حجر : « هذا طرف من حديث الطير » (١).

تأويل الحديث والتشكيك في دلالته

لكنّ الإنكار ... والتكذيب ... والتحريف ... لا تحلّ المشكلة ...

فلجأوا إلى التأويل ، وباب التأويل واسع لمن يتكلّم بجهل أو هوى ، لأنّهم قد ألزموا أنفسهم (٢) دفع كل ما يدلّ على أفضليّة أمير المؤمنين 7 ... فذكروا وجوها ما أنزل الله بها من سلطان ، مصرّحين قبل ذلك بأنّ الحديث يدل على أفضلية علي من أبي بكر ، وقد اتّخذه الشيعة ذريعة للطعن في خلافة المتقدّمين عليه ، فلا بدّ من تأويله ... فلاحظ شروح ( المصابيح ) و ( مشكاة المصابيح ) وغيرها ...

وقد كان عمدة تأويلاتهم حمل لفظة « أحبّ خلقك إليك وإليّ » على « من أحبّ خلقك إليك وإليّ ».

وكانت عمدة التشكيكات في دلالته على الأفضليّة احتمال عدم وجود الشيخين في المدينة المنوّرة يوم قصّة الطّير ... لكنّه غفلة أو تغافل عمّا جاء في الحديث في رواية بعضهم من أنّه لمّا قال النبيّ ـ 6 ـ ذلك قالت عائشة : « اللهم اجعله أبي » وقالت حفصة : « اللهم اجعله

__________________

(١) لسان الميزان ٥ / ٥٨.

(٢) جاء في تفسير النيسابوري تعقيبا على ما ذكره الرازي جوابا عن الاستدلال بآية النجوى : « قلت :

هذا الكلام لا يخلو عن تعصّب مّا! ومن أين يلزمنا أن نثبت مفضولية علي 2 في كلّ خصلة؟ ولم لا يجوز أن يحصل له فضيلة لم توجد لغيره من أكابر الصحابة؟ فقد روي عن ابن عمر. كان لعلي 2 ثلاث لو كانت لي واحدة منهنّ كانت أحب إليّ من حمر النعم :

تزويجه فاطمة رضي الله عنها ، وإعطاؤه الراية يوم خيبر ، وآية النجوى ». هامش الطبري ٢٨ / ٢٤.


أبي » وقال أنس : « اللهمّ اجعله سعد بن عبادة ». أخرجه أبو يعلى. وجاء في رواية البعض الآخر : « فجاء أبو بكر فردّه ، فجاء عمر فردّه ». أخرجه النسائي.

وهذه من موارد تحريفاتهم.

دعوى المعارضة

وأخيرا ... المعارضة ... ذكرت في كثير من الكتب ، وأشار إليها السبكي ، لكنّهم اخفقوا في إثباتها ، إذ لم يأتوا بمعارض قويّ ـ حتّى من طرقهم وعلى ضوء كلمات علمائهم ـ يقابل حديث الطّير المقطوع بصدوره ، المتفق عليه بين الفريقين.

وقد كان عمدة ما عارضوا به حديث : « اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر » وسنقف على حقيقة الحال فيه.

وتلخّص :

إنّ حديث الطير مقطوع بصدوره عن رسول الله 6.

وإنّ دلالته على الأفضليّة تامة ، ولا يعتريها أي شك ، ولا يسمع فيها أي تأويل أو تشكيك.

وإنّ ما ذكر في مقابله لا يصلح للمعارضة.

فهو حديث صادر عن رسول الله ، ودال على إمامة أمير المؤمنين بعده مباشرة ، على ضوء كتب أهل السنّة ...

والتّفصيل ... في الكتاب ...

علي الحسيني الميلاني

محرم الحرام / ١٤١٦



كلمة السيّد صاحب العبقات

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي أبان أحبّية الوصيّ إليه وإلى النّبي في قصّة الطائر المشويّ ، وأظهر بالحجج الدامغة والبراهين السابغة عيث كلّ قاصر دني وعجز كلّ خاسر وني ، وطيّب لنا ببركة موالاة أهل البيت ـ : ـ العيش الرّافع الهنيّ ، وصلّى الله على نبيّه المعتام لإنقاذ الخلق من إشراك الضّلال الردي ، والدالّ لهم على اقتفاء الحق والصواب المنجي من إضلال كلّ غوي ، وآله الكرام السّادة القادة الأقيال الذين لا يزورّ ولا يحيد عن التمسّك بحبلهم إلاّ كلّ شقي ، ولا سيّما ابن عمّه ووزيره الذي لا يبلغ إليه الطّير وإن طار كلّ مطير وسعى في مجاراته بالإبكار والعشي.

وبعد فيقول القاصر العاثر حامد حسين ابن العلاّمة السيد محمد قلي الموسوي النيسابوري ـ عفا الله عن جرائمه ، وتجاوز برحمته عن عظائمه -:

هذا هو المجلّد الرابع من المنهج الثاني من كتاب : عبقات الأنوار في إمامة الأئمّة الأطهار ، وهو مؤسس لحصد نواجم شبهات صاحب ( التحفة ) على حديث ( الطير ) الشائع بين العام والخاص ، وقد جعله هذا المتحذلق القمقام


الحديث الرابع من الأحاديث الدّالة على إمامة علي بن أبي طالب 7 ، وذكر في الفصية عنه ما يحيّر الأذهان والأفهام ، ويدهش أفكار أولي الأحلام ، ويقضي على صاحبه بالانحياز التام ، عن التدبر والإمعان والإنعام ، وهذا أوان الأخذ والشروع في المرام ، ومن الله الاستعانة في المبدأ والختام.


كلام الشيخ عبد العزيز الدهلوي

« الحديث الرابع : عن أنس بن مالك : إنّه كان عند النبي صلّى الله عليه وسلّم طائر قد طبخ له أو اهدي إليه ، فقال : اللهم ائتني بأحبّ الناس يأكل معي هذا الطير ، فجاء علي.

واختلفت الروايات في الطير المشوي ، ففي رواية : إنّه النحام ، وفي رواية : إنّه حبارى ، وفي رواية : إنّه حجل.

وهذا الحديث قال أكثر المحدثين : إنّه موضوع ، وممّن صرّح بوضعه : الحافظ شمس الدين الجزري ، وقال إمام أهل الحديث شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد الدمشقي الذهبي في تلخيصه : لقد كنت زمنا طويلا أظنّ أن حديث الطير لم يحسن الحاكم أن يودعه في مستدركه ، فلمّا علّقت هذا الكتاب رأيت الهول من الموضوعات التي فيه.

ومع هذا ، فإنّه لا يفيد المدّعى ، إذ القرينة تدل على أنّ المراد هو أحبّ الناس إلى الله في الأكل مع النبي ، ولا ريب في كون الأمير أحبّ الناس إلى الله في هذه الصفة ، إذ مشاركة الابن أو من كان بمنزلة الابن في الأكل يوجب تضاعف لذّة الطعام. ولو كان المراد هو الأحب مطلقا لم يفد المدعى كذلك ، إذ لا ملزم لأن يكون أحب الخلق إلى الله صاحب الرئاسة العامّة ، فما أكثر الأولياء الكبار والأنبياء العظام الذين كانوا أحبّ الخلق إلى الله ولم تكن لهم الرئاسة العامّة ، مثل : زكريا ويحيى ، بل شموئيل الذي كانت الرئاسة العامة


في عصره ـ بنص الكتاب ـ لطالوت.

وأيضا : يحتمل أن لا يكون أبو بكر حاضرا في ذلك الوقت في المدينة المنورة ، وقد كان الدعاء خاصّا بالحاضرين دون الغائبين ، لقوله : اللهم ائتني ، لأن الإتيان بالغائب من المسافة البعيدة في لمحة واحدة ليحضر مجلس الأكل والشرب إنّما يتصوّر حصوله عن طريق الإعجاز ، والأنبياء لا يطلبون من الله تعالى خرق العادة إلاّ عند التحدّي مع الكفّار ، وإلاّ لم يلجئوا إلى الحرب والقتال وتهيئة الأسباب الظاهريّة ، وتوصّلوا إلى مقاصدهم بالمعجزات.

ويحتمل أن يكون المراد بمن هو من أحبّ الناس إليك ، وهذا استعمال رائج ومعروف كما في قولهم : فلان أعقل الناس وأفضلهم.

وعلى تقدير الدلالة على المدّعى ، فإنّه لا يقاوم الأخبار الصحاح الدالّة بصراحة على خلافة أبي بكر وعمر ، مثل : اقتدوا بالّلذين من بعدي أبي بكر وعمر ، وغير ذلك » (١).

__________________

(١) التحفة الإثنا عشرية : ٢١١ ـ ٢١٢.


أقول :

إنّ حديث ( الطير ) من الأحاديث الصادرة عن رسول الله 6 بالقطع واليقين ، وإنّ استدلال أهل الحق به لإثبات إمامة أمير المؤمنين 7 من بعده بلا فصل في أعلى مراتب الصحّة والرّزانة ، وسيتجلّى ذلك بالتّفصيل لكلّ منصف ، والله هو الموفّق.

ولا بدّ قبل الورود في البحث سندا ودلالة ، من ذكر فوائد :



فوائد حول حديث الطّير

* ذكر أسامي رواته في القرون المختلفة

* ثلّة من الرواة مشايخ إجازة والد الدهلوي

* ذكر من أفرد طرقه بالتأليف

* ذكر من أورده بصيغة الجزم

* ذكر الكتب المشهورة التي اخرج فيها

* ذكر رواته من التابعين

* ذكر رواته من الصحابة

* ذكر وجوه صحّته

* ذكر وجوه شهرته

* ذكر وجوه القطع بصدوره



الفائدة الأولى

في ذكر أسامي رواته في القرون المختلفة

لقد روى هذا الحديث كبار الأئمّة الأعلام من أهل السنّة في مختلف القرون ، ومنهم :

١ ـ أبو حنيفة النعمان بن ثابت الكوفي ( سنة ١٥٠ ). ذكر روايته : ابن الأثير في اسد الغابة.

٢ ـ أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل ( سنة ٢٤١ ). رواه في : كتاب مناقب علي 7.

٣ ـ عبّاد بن يعقوب الرواجني ( سنة ٢٥٠ ). رواه في : كتاب المعرفة.

٤ ـ أبو حاتم محمّد بن إدريس الرازي ( سنة ٢٧٧ ). ذكر روايته : الخوارزمي المكي في كتاب : المناقب.

٥ ـ أبو عيسى محمد بن عيسى الترمذي ( سنة ٢٨٩ ). رواه في : الجامع


الصحيح.

٦ ـ أحمد بن يحيى بن جابر البلاذري. رواه في : تاريخه.

٧ ـ أبو عبد الرحمن عبد الله بن أحمد بن حنبل ( سنة ٢٩٠ ). رواه في زوائد المناقب.

٨ ـ أبو بكر أحمد بن عمر بن عبد الخالق البزار ( سنة ٢٩٢ ). رواه في مسنده.

٩ ـ أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي ( سنة ٣٠٣ ). رواه في كتاب : خصائص علي.

١٠ ـ أبو يعلى أحمد بن علي الموصلي ( سنة ٣٠٦ ). رواه في مسنده.

١١ ـ أبو جعفر محمد بن جرير الطبري ( سنة ٣١٠ ). رواه في مجلّد جمع فيه طرقه وألفاظه.

١٢ ـ أبو القاسم عبد الله بن محمد البغوي ( سنة ٣١٧ ). رواه في : معجم الصّحابة.

١٣ ـ أبو محمّد يحيى بن صاعد ( سنة ٣١٨ ). ذكر روايته : الخوارزمي المكّي ، في كتاب : المناقب.

١٤ ـ أبو محمّد عبد الرحمن بن أبي حاتم ( سنة ٣٢٧ ). ذكر روايته : ابن كثير في : تاريخه.

١٥ ـ أبو عمر أحمد بن محمّد بن عبد ربّه القرطبي ( سنة ٣٢٨ ). ذكره في كتابه : العقد.

١٦ ـ أبو عبد الله الحسين بن إسماعيل المحاملي ( سنة ٣٣٠ ). رواه في كتابه : الأمالي.

١٧ ـ أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد ابن عقدة ( سنة ٣٣٣ ). رواه في : كتاب الطير.

١٨ ـ أبو الحسين علي بن الحسين المسعودي ( سنة ٣٤٥ ). أثبته في


تاريخه : مروج الذهب.

١٩ ـ أحمد بن سعيد بن فرقد الجدّي. ذكر روايته الذهبي في : الميزان ، وابن حجر في : لسان الميزان.

٢٠ ـ أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني ( سنة ٣٦٠ ). رواه في : المعجم الكبير ، والمعجم الأوسط.

٢١ ـ أبو محمّد عبد الله بن محمّد الواسطي المعروف بابن السّقاء ( سنة ٣٧٣ ). ذكر روايته : ابن المغازلي ، والذّهبي.

٢٢ ـ أبو اللّيث نصر بن محمّد السّمرقندي ( سنة ٣٧٦ ). رواه في : المجالس.

٢٣ ـ أبو القاسم اسماعيل بن عبّاد الملقّب بالصاحب ( سنة ٣٨٥ ). ذكر شعره فيه : الخوارزمي المكّي.

٢٤ ـ أبو حفص عمر بن أحمد الواعظ ابن شاهين ( سنة ٣٨٥ ). رواه في جزء من حديثه ، وذكر روايته : ابن المغازلي.

٢٥ ـ أبو الحسن علي بن عمر الدار قطني ( سنة ٣٨٥ ) ، أثبته في كتابه : العلل.

٢٦ ـ أبو الحسن علي بن عمر ابن شاذان السكّري الحربي ( سنة ٣٨٦ ). ذكر روايته : المحب الطبري في : الرياض النضرة.

٢٧ ـ أبو عبد الله عبيد الله بن محمّد ابن بطّة العكبري ( سنة ٣٨٧ ). رواه في : كتاب الإبانة.

٢٨ ـ أبو بكر محمّد بن عمير بن بكير النّجار. رواه في جزء له ، وذكر روايته : المحب الطبري وغيره.

٢٩ ـ أبو عبد الله محمد بن عبد الله النيسابوري الحاكم ( سنة ٤٠٥ ). رواه في كتاب : المستدرك على الصحيحين ، وفي كتاب في طرقه.

٣٠ ـ أبو سعد عبد الملك بن محمّد النيسابوري الخركوشي ( سنة


٤٠٧ ). رواه في : شرف المصطفى.

٣١ ـ أبو بكر أحمد بن موسى بن مردويه الأصبهاني ( سنة ٤١٠ ). رواه في كتاب في طرقه.

٣٢ ـ أبو نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني ( سنة ٤٣٠ ). رواه في : حلية الأولياء ، وفي : كتاب الطير.

٣٣ ـ أبو طاهر محمّد بن أحمد بن حمدان الخراساني ( سنة ٤٤١ ). رواه في كتاب طرق حديث الطير.

٣٤ ـ أحمد بن مظفّر العطّار الفقيه الشافعي ( سنة ٤٤١ ). ذكر روايته : ابن المغازلي في : كتاب المناقب.

٣٥ ـ أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي ( سنة ٤٥٨ ). ذكر روايته : الخوارزمي المكّي في كتاب المناقب.

٣٦ ـ محمّد بن أحمد بن سهل المعروف بابن بشران ( سنة ٤٦٢ ). ذكر روايته : ابن المغازلي.

٣٧ ـ أبو عمر يوسف بن عبد الله المعروف بابن عبد البرّ القرطبي ( سنة ٤٦٣ ). رواه في كتاب : بهجة المجالس.

٣٨ ـ أبو بكر أحمد بن علي الخطيب البغدادي ( سنة ٤٦٣ ). رواه في : تاريخ بغداد.

٣٩ ـ أبو الحسن علي بن محمّد الجلاّبي المعروف بابن المغازلي ( سنة ٣٨٣ ). رواه في كتاب المناقب.

٤٠ ـ أبو المظفّر منصور بن محمّد السّمعاني ( سنة ٤٨٩ ). رواه في : فضائل الصحابة.

٤١ ـ محيي السنّة أبو محمّد الحسين بن مسعود الفرّاء البغوي ( سنة ٥١٦ ). رواه في : مصابيح السنّة.

٤٢ ـ أبو الحسن رزين بن معاوية العبدري ( سنة ٥٣٥ ). رواه في كتاب :


الجمع بين الصحاح الستّة.

٤٣ ـ محمّد بن علي بن إبراهيم النطنزي. رواه في كتاب : الخصائص العلويّة.

٤٤ ـ أبو المؤيد الموفق بن أحمد الخوارزمي المكّي ( سنة ٥٦٨ ). رواه في : مناقب علي بن أبي طالب.

٤٥ ـ عمر بن محمّد بن خضر الأردبيلي المعروف بالملاّ. رواه في : وسيلة المتعبّدين.

٤٦ ـ أبو القاسم علي بن الحسن المعروف بابن عساكر ( سنة ٥٧١ ). رواه في : تاريخه.

٤٧ ـ أبو السعادات المبارك بن محمّد المعروف بابن الأثير الجزري ( سنة ٦٠٦ ). رواه في : جامع الأصول.

٤٨ ـ أبو الحسن علي بن محمّد المعروف بابن الأثير الجزري ( سنة ٦٣٠ ). رواه في : اسد الغابة.

٤٩ ـ أبو عبد الله محمّد بن محمود المعروف بابن النّجار ( سنة ٦٤٣ ). رواه في : تاريخه.

٥٠ ـ أبو سالم محمّد بن طلحة القرشي ( سنة ٦٥٢ ). أورده في : مطالب السؤول في مناقب آل الرسول.

٥١ ـ شمس الدين أبو المظفر يوسف سبط ابن الجوزي ( سنة ٦٥٤ ). أورده في : تذكرة خواص الامة.

٥٢ ـ أبو عبد الله محمّد بن يوسف الكنجي الشافعي ( سنة ٦٥٨ ). رواه في : كفاية الطالب في مناقب علي بن أبي طالب.

٥٣ ـ محبّ الدين أحمد بن عبد الله الطبري ( سنة ٦٩٤ ). أثبته في كتابيه : الرياض النضرة ، وذخائر العقبى.

٥٤ ـ إبراهيم بن محمّد الحموينى ( سنة ٧٢٢ ). رواه في : فرائد


السمطين في فضائل المرتضى والبتول والسبطين.

٥٥ ـ فخر الدين الهانسوي. أثبته في : دستور الحقائق.

٥٦ ـ وليّ الدّين أبو عبد الله محمّد بن عبد الله الخطيب التبريزي. رواه في : مشكاة المصابيح.

٥٧ ـ أبو الحجّاج يوسف بن عبد الرحمن المزّي ( سنة ٧٤٢ ). رواه في : تحفة الأشراف بمعرفة الأطراف.

٥٨ ـ شمس الدين أبو عبد الله محمّد بن أحمد الذهبي ( سنة ٧٤٨ ). رواه في كتاب جمع فيه طرقه ، وذكره في بعض تآليفه.

٥٩ ـ محمّد بن يوسف الزرندي ( بضع وخمسين وسبعمائة ). رواه في : نظم درر السمطين ، وفي : معارج الوصول.

٦٠ ـ شهاب الدين أحمد. رواه في : توضيح الدلائل على ترجيح الفضائل.

٦١ ـ شهاب الدين بن شمس الدين الزاولي الدولت آبادي الهندي ملك العلماء ( سنة ٨٤٩ ). ذكره في : هداية السعداء.

٦٢ ـ شهاب الدين أحمد بن علي المعروف بابن حجر العسقلاني ( سنة ٨٥٢ ). رواه في : المطالب العالية. وغيره.

٦٣ ـ علي بن محمّد المعروف بابن الصبّاغ المالكي ( سنة ٨٥٥ ). رواه في : الفصول المهمّة في معرفة الأئمة.

٦٤ ـ حسين بن معين الدين اليزدي الميبدي ( سنة ٨٧٠ ). ذكره في : الفواتح في شرح ديوان علي.

٦٥ ـ عبد الله بن محمّد المطيري. رواه في : الرياض الزاهرة في فضل آل بيت النبي وعترته الطاهرة.

٦٦ ـ أحمد بن محمّد الحافي الحسيني. ذكره في : التبر المذاب في بيان ترتيب الأصحاب.


٦٧ ـ عبد الرحمن بن عبد السلام الصفوري. أثبته في : نزهة المجالس ومنتخب النفائس.

٦٨ ـ فضل الله بن روزبهان الخنجي الشيرازي. أثبته في : كتابه الباطل.

٦٩ ـ جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي ( سنة ٩١١ ). رواه في : جمع الجوامع.

٧٠ ـ أحمد بن محمّد المعروف بابن حجر المكي ( سنة ٩٧٣ ). ذكره في : المنح المكية بشرح الهمزية.

٧١ ـ علي بن حسام الدين المتقي الهندي ( سنة ٩٧٥ ). رواه في : كنز العمال.

٧٢ ـ عباس الشهير بميرزا مخدوم الجرجاني ( سنة ٩٩٥ ). أورده في : نواقض الروافض.

٧٣ ـ إبراهيم بن عبد الله الوصّابي اليمني الشافعي. رواه في : الاكتفاء في فضل الأربعة الخلفاء.

٧٤ ـ عطاء الله بن فضل الله الشيرازي ( سنة ١٠٠٠ ). رواه في : الأربعين.

٧٥ ـ شيخ بن علي بن محمّد الجفري ( سنة ١٠٦٣ ). أثبته في : كنز البراهين الكسبيّة.

٧٦ ـ أبو مهدي عيسى بن محمّد الثعالبي ( سنة ١٠٨٠ ). ذكره في : مقاليد الأسانيد ، نقلا عن الذهبي.

٧٧ ـ حسام الدين بن محمّد بايزيد السهارنفوري. أثبته في : مرافض الروافض.

٧٨ ـ الميرزا محمّد بن معتمد خان البدخشاني. نقله في : مفتاح النجا ، عن الترمذي.


٧٩ ـ محمّد صدر عالم. نقله في : معارج العلى ، عن الترمذي.

٨٠ ـ وليّ الله أحمد بن عبد الرحيم العمري ( سنة ١١٧٦ ) والد ( الدهلوي ). أثبته في : قرّة العينين ، وذكره في : إزالة الخفا.

٨١ ـ محمّد بن إسماعيل الأمير الصنعاني ( سنة ١١٨٢ ). أثبته في : الروضة الندية.

٨٢ ـ المولوي مبين بن محبّ الله السهالي اللكهنوي ( سنة ١٢٢٥ ). رواه في : وسيلة النجاة.

٨٣ ـ عبد العزيز بن ولي الله ( الدّهلوي ) المتوفى سنة (١٢٣٩) وهو المخاطب. ذكره في الرسالة التي موضوعها بيان عقيدة والده ، وأثبته في : بستان المحدثين ، وفي فتاواه بجواب بعض السائلين.

٨٤ ـ محمّد بن إسماعيل العمري ( سنة ١٢٤٧ ) وهو ابن أخ ( الدهلوي ). أورده في : منصب الإمامة.

٨٥ ـ المولوي حسن علي المحدّث ، وهو تلميذ ( الدهلوي ). نقله في : تفريح الأحباب ، عن الترمذي.

٨٦ ـ نور الدين السليماني ، نزيل رامفور ، رواه في : الدر اليتيم.

٨٧ ـ المولوي وليّ الله بن حبيب الله السهالي اللكهنوي ( سنة ١٢٧٠ ). رواه في : مرآة المؤمنين.

٨٨ ـ سليمان بن إبراهيم البلخي القندوزي ( سنة ١٢٧٠ ). رواه في : ينابيع المودة.


الفائدة الثّانية

في أنّ ثلّة من الأعلام الرواة للحديث هم من مشايخ

إجازات والد ( الدهلوي )

ثمّ إنّ ثلّة من الأئمّة الأعلام المذكورين ـ في الفائدة الأولى ـ هم من مشايخ إجازات والد ( الدهلوي ) ... فإنّه يروي عنهم بواسطة المشايخ السّبعة المشهورين بالحرمين ، المجمع على فضلهم من بين الخافقين ... كما قال ... في عبارته الآتية.

وهؤلاء هم :

١ ـ أبو حنيفة النعمان بن ثابت.

٢ ـ أحمد بن محمّد بن حنبل.

٣ ـ أبو عيسى محمّد بن عيسى الترمذي.

٤ ـ عبد الله بن أحمد بن حنبل.

٥ ـ أبو بكر أحمد بن عمرو البزّار.

٦ ـ أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي.

٧ ـ أبو يعلى أحمد بن علي الموصلي.

٨ ـ أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري.

٩ ـ أبو عبد الله الحسين بن إسماعيل المحاملي.

١٠ ـ أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني.

١١ ـ أبو الحسن علي بن عمر الدار قطني.

١٢ ـ أبو عبد الله عبيد الله بن محمّد ابن بطة العكبري.

١٣ ـ أبو عبد الله محمّد بن عبد الله الحاكم النيسابوري.


١٤ ـ أبو نعيم أحمد بن عبد الله الاصفهاني.

١٥ ـ أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي.

١٦ ـ أبو عمر يوسف بن عبد الله المعروف بابن عبد البر القرطبي.

١٧ ـ أبو بكر أحمد بن علي الخطيب البغدادي.

١٨ ـ محيي السنة حسين بن مسعود البغوي.

١٩ ـ علي بن الحسن ابن عساكر الدمشقي.

٢٠ ـ مجد الدين المبارك بن الأثير الجزري.

٢١ ـ عز الدين علي بن الأثير الجزري.

٢٢ ـ محمّد بن محمود المعروف بابن النجار البغدادي.

٢٣ ـ يوسف بن قزغلي المعروف بسبط ابن الجوزي.

٢٤ ـ محبّ الدين أحمد بن عبد الله الطبري.

٢٥ ـ أبو المجامع إبراهيم بن محمّد الحمويني.

٢٦ ـ ولي الدين محمّد بن عبد الله الخطيب التبريزي.

٢٧ ـ أبو الحجاج يوسف بن عبد الرحمن المزّي.

٢٨ ـ شمس الدين محمد بن أحمد الذهبي.

٢٩ ـ شهاب الدين أحمد بن علي المعروف بابن حجر العسقلاني.

٣٠ ـ جلال الدين عبد الرحمن السيوطي.

٣١ ـ أحمد بن محمّد المعروف بابن حجر المكي.

٣٢ ـ علي بن حسام الدين المتّقي الهندي.

٣٣ ـ عطاء الله بن فضل الله الشيرازي.

فهؤلاء من رواة حديث الطير ـ أو المعترفين به ـ عن رسول الله 6 ، والشيخ ولي الله والد ( الدهلوي ) يروي عنهم بواسطة مشايخه الذين يصفهم في أوّل كتابه ( الإرشاد إلى مهمّات الاسناد ) بقوله :

« فصل ـ قد اتّصل سندي ـ والحمد لله ـ بسبعة من المشايخ الجلّة


الكرام ، الأئمّة القادة الأعلام ، من المشهورين بالحرمين المحترمين ، المجمع على فضلهم من بين الخافقين : الشيخ محمّد بن العلاء البابلي ، والشيخ عيسى المغربي الجعفري ، والشيخ محمّد بن محمّد بن سليمان الرداني المغربي ، والشيخ إبراهيم بن الحسن الكردي المدني ، والشيخ حسن بن علي العجيمي المكي ، والشيخ أحمد بن محمّد النخلي المكي ، والشيخ عبد الله بن سالم البصري ثمّ المكي.

ولكلّ واحد منهم رسالة جمع هو فيها ـ أو جمع له فيها ـ أسانيده المتنوّعة في علوم شتّى :

أمّا البابلي ، فأجازني بجميع ما في ( منتخب الأسانيد ) الذي جمعه الشيخ عيسى له ، شيخنا الثقة الأمين أبو طاهر محمّد بن إبراهيم الكردي عن أبيه ، وعن مشايخه الثلاثة الذين سردنا أسمائهم بعد أبيه ، كلّهم عن البابلي.

وأمّا الشيخ عيسى ، فناولني ( مقاليد الأسانيد ) تأليفه شيخنا أبو طاهر ، وأجازني بجميع ما فيه أبو طاهر عن الأربعة المذكورين عنه.

أمّا ابن سليمان ، فأجازني بجميع ما في ( صلة الخلف ) تأليفه ، شيخنا أبو طاهر مشافهة عن المصنف مكاتبة. ح وأجازني بجميع ما فيه ولده محمّد ، وفد الله عنه. ح وأجازني بجميعه السيّد عمر ابن بنت الشيخ عبد الله بن سالم ، عن جدّه ، عنه.

وأمّا الكردي ، فأخبرني بجميع ( الأمم ) تأليفه ـ سماعا عليه ـ : أبو طاهر ، بقراءته على أبيه المذكور.

وأمّا العجيمي فألّف الشيخ تاج الدين الدهّان ( رسالة ) ببسط فيها أسانيده ، أجازني بجميع ما رواه العجيمي : أبو طاهر ، عنه ، وكان أبو طاهر قاري دروسه وأخص تلامذته ، وقرأ عليه الستة بكمالها. ح سمعت من الشيخ تاج الدين القلعي الحنفي مفتي مكّة أوائل الستّة ، وشيئا من مسند الدارمي ، وموطّأ محمّد وآثاره ، وأجازني بسائرها وبجميع ما تصح له روايته عن العجيمي


أمّا النخلي فله ( رسالة ) فيها أسانيده ، أجازني بها أبو طاهر عنه. ح ناولنيها الشيخ عبد الرحمن النخلي ابن الشيخ أحمد المذكور ، وأجازني بها عن أبيه.

وأمّا البصري فألّف ولده الشيخ سالم ( رسالة ) أجازني بها وبجميع ما تصحّ له روايته : السيد عمر عن جدّه الشيخ عبد الله المذكور. وسمعت عنه أوائل الكتب. ح أجازني أبو طاهر عنه ، وقد سمع منه أبو طاهر مسند الإمام أحمد بكماله عند قبر النبي صلّى الله عليه وسلّم ، وقرأ عليه شمائل الترمذي بكماله ، إلاّ حديث سمر النساء ، فإنّه سمعه منه ».

أقول :

فإذا راجعنا هذه الكتب التي جمع فيها أسانيد هؤلاء المشايخ السّبعة وجدنا :

* أن ( أبا حنيفة ) من مشايخ الإجازة للشيخ إبراهيم الكردي ـ الذي هو أحد السّبعة ـ فإنّه يقول في ( الأمم لإيقاظ الهمم ) : « مسند الإمام أبي حنيفة ـ 2 ـ للحسين بن محمّد بن خسرو البلخي ، بالسند إلى الفخر ابن البخاري ، عن أبي طاهر بركات بن إبراهيم الخشوعي الدمشقي عن مؤلّفه ».

* وأن ( أحمد بن حنبل ) من مشايخ إجازة الشيخ عيسى المغربي ـ الذي هو أحد السّبعة ـ كما لا يخفى على من راجع ( مقاليد الأسانيد ) حيث يذكر مسند أحمد بن حنبل ، وطرقه في روايته.

وأيضا : هو من مشايخ إبراهيم الكردي ، فإنّه يقول في ( الأمم ) : « مسند الإمام أحمد بن محمّد بن حنبل الشيباني ـ 2 وشكر سعيه ـ : سمعت طرفا منه على شيخنا الإمام صفي الدين أحمد ـ روّح الله روحه ـ بسنده السابق إلى الفخر ابن البخاري : أنا أبو علي حنبل بن عبد الله بن الفرج المكبّر ، أنا أبو القاسم هبة الله بن محمّد بن عبد الواحد بن الحصين ، أنا أبو علي الحسن ابن علي التميمي المذهب الواعظ ، أنا أبو بكر أحمد بن جعفر القطيعي ، ثنا


عبد الله ابن الإمام أحمد ، ثني أبي ».

وأيضا : هو من مشايخ الشيخ حسن العجيمي ... كما جاء في ( رسالة الدهّان ) التي أسماها بـ ( كفاية المتطّلع لما ظهر وخفي من غالب مرويّات شيخنا العلاّمة الحسن بن علي العجيمي الحنفي ).

وأيضا : هو من مشايخ الشيخ عبد الله بن سالم البصري ـ وهو أحد المشايخ السبعة ـ كما لا يخفى على من راجع ( رسالة ) أسانيده المسمّاة بـ ( الإمداد بمعرفة علوّ الأسناد ).

* وأنّ ( الترمذي ) من مشايخ الشيخ عيسى المغربي ، كما لا يخفى على من راجع ( مقاليد الأسانيد ) فإنّه يقول : « كتاب الجامع الكبير لأبي عيسى الترمذي ، أخبرنا به إجازة مع ما بآخره من العلل ، عن شيوخه الثلاثة بسندهم ، إلى ابن غازي ، عن أبي عبد الله محمّد بن محمّد بن يحيى السرّاج عن أبيه ، عن جدّه ، عن أبي العبّاس أحمد بن قاسم بن عبد الرحمن القبّا ـ بفتح القاف وتشديد الموحّدة ـ عن يحيى بن محمّد بن عمر بن رشيد ، عن أبيه ، عن شرف الدين محمّد بن عبد الخالق بن طرخان القرشي الاموي ، عن أبي الحسن علي ابن نصر بن المبارك الأنصاري المكي المشهور بابن البنّا ـ لأنّ أباه كان بنّاء بالحرم الشريف.

ح وبسند الشهاب المرزوق إلى ابن مرزوق الحفيد ، عن أبي طيّب محمّد بن علوان التونسي عن أبي العبّاس أحمد العبريني ، عن أبي عبد الله محمّد بن صالح ، عن القاضي أبي قطران ، عن أبي الحسن بن كوثر ، قال هو ـ وابن البنا ـ : أخبرنا أبو الفتح عبد الملك بن أبي سهل الكروخي ، سماعا ـ بسماعه ـ من القاضي عامر بن محمود بن القاسم الأزدي قال : أخبرنا به أبو محمّد عبد الجبار بن محمّد الجراحي المروزي قال : حدّثنا أبو العباس محمّد ابن أحمد بن محبوب المحبوبي المروزي قال : أخبرنا به الحافظ أبو عيسى محمّد بن عيسى بن سورة الترمذي ، فذكره ».


وأيضا : هو من مشايخ الكردي في ( الأمم ).

وأيضا : هو من مشايخ العجيمي في ( كفاية المتطلّع ).

وأيضا : هو من مشايخ البصري في ( الامداد ).

وأيضا : هو من مشايخ النخلي ـ وهو أحد السبعة ـ في ( الرسالة ).

* وأنّ ( عبد الله بن أحمد ) من مشايخ : عيسى المغربي ، والبصري ، والعجيمي ، وذلك ظاهر لمن راجع أسانيدهم في روايتهم لمسند أحمد بن حنبل.

* وأن ( البزّار ) من مشايخ الشيخ عيسى المغربي في ( مقاليد الأسانيد ) والعجيمي كما في ( كفاية المتطلّع ) حيث تذكر الأسانيد إلى ( مسند البزّار ).

* وأن ( النّسائي ) من مشايخ الشيخ المغربي في ( مقاليد الأسانيد ) والكردي في ( الأمم ) ، والعجيمي كما في ( كفاية المتطلّع ) ، والبصري في ( الامداد ) ؛ والنخلي كما في ( الرسالة ) ... وهذه عبارة ( الأمم ) :

« سنن الحافظ أبي عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي ـ ; تعالى ـ سمعت طرفا منه على شيخنا الإمام صفي الدين أحمد ـ 1 ـ بسنده السابق إلى التنوخي ، بسماعه على أيّوب بن نعمة الله النابلسي ، أنبأنا إسماعيل بن أحمد العراقي ، عن عبد الرزاق بن إسماعيل القويني أنا أبو محمّد عبد الرحمن بن حمد الدوني ، أنا أبو النصر أحمد بن الحسين القاضي الدينوري المعروف بالكسّار ، أنا الحافظ أبو بكر أحمد بن محمّد بن إسحاق القاضي الدينوري المعروف بابن السني ، أنا النسائي ».

* وأن ( أبا يعلى ) من مشايخ المغربي ، والعجيمي.

* وأن ( الطبري ) من مشايخ العجيمي ، ففي ( كفاية المتطلّع ) : « كتاب التاريخ الكبير للإمام أبي جعفر محمد بن جرير الطبري ، أخبر به عن العلاّمة علي الأجهوري ، عن السرّاج عمر بن الجائي عن قاضي القضاة زكريا الأنصاري ، عن الشرف أبي الفتح محمّد ابن القاضي أبي بكر المراغي ، عن


أبي الحسن علي بن محمّد بن أبي المجد الدمشقي ، عن أبي محمّد القاسم ابن عساكر ، عن أبي الحسن بن المقري ، عن أبي الفتح ابن البطّي ، عن أبي عبد الله محمّد بن فتوح الحميدي ، عن الإمام أبي عمر يوسف بن عبد البرّ والحافظ أبي محمّد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم قالا : أخبرنا به أبو عمر أحمد بن محمّد بن الجوربي ، عن أبي بكر أحمد بن الفضل بن العباس الدينوري قال : أخبرنا به مؤلّف الإمام أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري ، فذكره ».

* وأن ( المحاملي ) من مشايخ المغربي حيث يذكر في ( مقاليد الأسانيد ) إسناده إلى ( أمالي المحاملي ).

* وأن ( الطبراني ) من مشايخ المغربي ، حيث يذكر في ( مقاليد الأسانيد ) إسناده إلى ( المعاجم الثلاثة ) للطبراني.

وأيضا : هو من مشايخ العجيمي ، كما في ( كفاية المتطلّع ).

وأيضا : هو من مشايخ البصري ، كما في ( الامداد ).

وأيضا : هو من مشايخ الكردي كما في ( الأمم ).

* وأن ( الدار قطني ) من مشايخ الشيخ عيسى المغربي ، كما في ( مقاليد الأسانيد ) في رواية ( سنن الدار قطني ).

وأيضا : هو من مشايخ العجيمي ، كما في ( كفاية المتطلّع ) في سند رواية الكتاب المذكور.

وأيضا : هو من مشايخ البصري كما في ( الإمداد ) والكردي كما في ( الأمم ).

* وأن ( ابن بطة ) من مشايخ الشيخ المغربي ، لأنّ ابن بطة من مشايخ الجلال السيوطي كما في ( زاد المسير ) له ، والمغربي يروي بالاسناد ( زاد المسير ) بكماله ، فكلّ من كان شيخا للسيوطي فيه فهو شيخ للمغربي ، وعليه يكون ( ابن بطة ) من مشايخ ( المغربي ) الذي هو أحد المشايخ السبعة.


* وأن ( الحاكم ) من مشايخ المغربي في ( مقاليد الأسانيد ) حيث يذكر طريقه إلى ( صحيح الحاكم ، وهو المستدرك ).

وأيضا : هو من مشايخ الكردي في ( الأمم ) حيث يقول : « المستدرك للحاكم ، هو الحافظ أبو عبد الله محمّد بن عبد الله النيسابوري ، بالسند إلى ابن المقيّر ، عن أبي الفضل أحمد بن طاهر الميهني ، عن أبي بكر أحمد بن علي ابن خلف الشيرازي ، عن الحاكم ، به وسائر كتبه ».

وأيضا : هو من مشايخ العجيمي كما في ( كفاية المتطلّع ).

وأيضا : هو من مشايخ البصري في ( الامداد ) يرويه بالسند المتقدّم عن ( الأمم ).

* وأن ( أبا نعيم ) شيخ الشيخ المغربي ، كما في ( مقاليد الأسانيد ) والكردي كما في ( الأمم ) والعجيمي كما في ( كفاية المتطلّع ) والبصري كما في ( الامداد ). قال الأخير :

« وأما الحلية لأبي نعيم ، فبالسند إلى الفخر ابن البخاري ، عن ابن اللبّان ، عن الحدّاد ، عنه ».

* وأن ( البيهقي ) من مشايخ الشيخ المغربي ، والكردي ، والعجيمي ، والبصري ، والنخلي.

* وأن ( ابن عبد البرّ ) من مشايخ المغربي ، والعجيمي ، حيث يذكر الإسناد إلى كتاب ( الاستيعاب ) له.

* وأن ( الخطيب البغدادي ) من مشايخ المغربي ، والعجيمي.

* وأن ( البغوي ) من مشايخ المغربي ، لكونه من مشايخ أبي زيد عبد الرحمن بن محمّد بن مخلوف الثعالبي كما في كتاب ( غنيمة الوافد وبغية الطالب الماجد ) لأبي زيد المذكور ، وهذا الكتاب يرويه الشيخ المغربي بالإجازة في ( مقاليد الأسانيد ) ، فكلّ من ذكر في كتاب ( غنيمة الوافد ) شيخا لأبي زيد فهو من مشايخ الشيخ المغربي ، ومنهم البغوي.


وأيضا : هو من مشايخ الكردي ، فقد جاء في ( الأمم ) : « معالم التنزيل للحافظ أبي محمد الحسين بن مسعود البغوي ، الملّقب بمحيي الدين والسنّة ، وسائر تصانيفه كشرح السنّة والمصابيح ، بالإسناد إلى الفخر ابن البخاري ، عن فضل الله بن أبي سعد النوقاني ، عن البغوي ».

وأيضا : هو من مشايخ العجيمي ، كما في ( كفاية المتطلّع ).

وأيضا : هو من مشايخ البصري ، كما في ( الإمداد ).

* وأن ( ابن عساكر ) من مشايخ العجيمي. قال في ( كفاية المتطلّع ) : « تاريخ دمشق للإمام الحافظ أبي القاسم علي بن الحسن بن هبة الله بن عساكر الدمشقي ـ ; تعالى ـ أخبر به عن العلاّمة الشهاب أحمد الخفاجي ، عن الشيخ حسن الكرخي ، عن شيخ الإسلام زكريا بن محمّد الأنصاري ، عن الحافظ تقي الدين محمّد بن فهد المكّي ، عن ام عبد الله عائشة بنت محمّد بن عبد الهادي المقدسية ، عن محمّد بن محمّد بن الشيرازي ، عن جدّه محمّد الشيرازي ، عن مؤلّفه ».

* وأن ( مجد الدين ابن الأثير ) من مشايخ العجيمي ، فقد ذكر في ( كفاية المتطلّع ) إسناده إلى كتاب ( جامع الأصول ) له.

* وأن ( عز الدين ابن الأثير ) من مشايخ العجيمي كذلك ، فقد ذكر في ( كفاية المتطلّع ) إسناده إلى كتاب ( اسد الغابة ) له.

* وأن ( ابن النجّار ) من مشايخ العجيمي كذلك ، فقد ذكر في ( كفاية المتطلّع ) إسناده إلى ( تاريخ المدينة ) له.

* وأن ( سبط ابن الجوزي ) من مشايخ العجيمي كذلك ، فقد ذكر في ( كفاية المتطلّع ) إسناده إلى كتاب ( مرآة الزمان ) له.

* وأن ( المحبّ الطبري ) من مشايخ العجيمي كذلك ، فقد ذكر في ( كفاية المتطلّع ) إسناده إلى ( الرياض النضرة ) له.

* وأن ( الحمويني ) من مشايخ العجيمي كذلك ، لكون الحمويني في


طريق إسناد العجيمي إلى كتاب ( الحاوي ) وكتاب ( اللباب ) وكلاهما لعبد الغفار بن عبد الكريم القزويني ، فقد جاء في ( كفاية المتطلّع ) ما نصه :

« كتاب الحاوي ، واللباب وشرحه العجاب ، وغير ذلك ، للعلاّمة نجم الدين عبد الغفار بن عبد الكريم القزويني ، أخبر بها عن الشيخ أحمد العجل ، عن الإمام يحيى الطبري ، عن الحافظ عبد العزيز ابن فهد ، والحفاظ عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي ، عن المشايخ الثلاثة خاتمة الحفاظ شهاب الدين أحمد بن علي بن حجر العسقلاني ، والقاضي كمال الدين أبي الفضل محمّد ، وأخته أم الكمال كمالية ، ابني العلاّمة نجم الدين محمّد بن أبي بكر المرجاني : زاد العز ابن فهد فقال : والمسندة الأصلية أم الفضل هاجر ابنة المحدّث شرف الدين محمّد بن محمّد بن أبي بكر المقدسي ، زاد الحافظ السيوطي فقال : وخليل بن عبد القادر بن جلال الدين النابلسي ، وفاطمة بنت أبي القاسم ابن علي البسري ، قالوا جميعا : أخبرنا مسند الشام زين الدين أبو هريرة عبد الرحمن ، عن الحافظ شمس الدين محمّد بن أحمد بن عثمان الذهبي ، عن أبي المجامع إبراهيم بن محمّد بن حمويه الجويني ، عن مؤلّفه العلاّمة ».

وقد ظهر من هذا الإسناد أن الحمويني من مشايخ ابن حجر العسقلاني والسيوطي بل والذهبي.

* وأن ( الخطيب التبريزي ) من مشايخ العجيمي ، حيث يذكر في ( كفاية المتطلّع ) إسناده إلى ( مشكاة المصابيح ).

* وأن ( المزّي ) من مشايخ العجيمي ، حيث يذكر في ( كفاية المتطلّع ) إسناده إلى ( تهذيب الكمال ).

وأيضا : هو من مشايخ المغربي في ( مقاليد الأسانيد ).

* وأن ( الذهبي ) من مشايخ العجيمي ، فقد جاء في ( كفاية المتطلّع ) :

« تواريخ الحافظ الكبير شمس الدين محمّد بن أحمد بن عثمان الذهبي


الدمشقي ، أخبر بها عن الشيخ محمّد بن علاء الدين البابلي ، عن المعمر محمّد حجازي الشعراني ، عن المعمر محمّد بن أركماس ، عن الحافظ أحمد ابن حجر العسقلاني قال : أخبرنا به جماعة منهم ابن مؤلّفها المسند أبو هريرة عبد الرحمن ، عن والده الحافظ ... ».

* وأن ( ابن حجر العسقلاني ) من مشايخ الشيخ عيسى المغربي ، فقد جاء في ( مقاليد الأسانيد ) : « وأمّا فتح الباري ومقدّمته للحافظ أبي الفضل ابن حجر ، فأخبرنا بهما سماعا وقراءة لكثير منهما وإجازة لسائرهما ، عن أعلامه الثلاثة ، بسندهم إلى ابن غازي ، عن الحافظ شمس الدين محمّد بن عبد الرحمن السخاوي ، والحافظ أبي عمرو عثمان الديمي. ح وبسندهم إلى شيخ الإسلام زكريا الأنصاري قالوا ثلاثتهم : أخبرنا الحافظ أبو الفضل شهاب الدين أحمد بن علي بن حجر العسقلاني ـ ; ـ بهما وبجميع تصانيفه ، فذكرهما ».

وأيضا : هو من مشايخ الكردي كما في ( الأمم ) في طريق رواية صحيح البخاري.

وأيضا : هو من مشايخ العجيمي ، حيث يذكر في ( كفاية المتطلّع ) إسناده إلى ( فتح الباري ).

وأيضا : هو من مشايخ البصري كما في ( الإمداد ).

وأيضا : هو من مشايخ النخلي ، كما في ( رسالته ).

* ثمّ إنّ ( السيوطي ) من مشايخ المشايخ السبعة كلّهم ، فقد جاء في ( الإرشاد إلى مهمّات الإسناد ) : « فصل ـ سند هؤلاء المشايخ السبعة ينتهي إلى الإمامين الحافظين القدوتين الشهيرين بشيخ الإسلام : زين الدين زكريا ، والشيخ جلال الدين السيوطي ... ».

* وأمّا ( ابن حجر المكّي ) فمن مشايخ الكردي ، كما في ( الأمم ) في ذكر طريق رواية صحيح البخاري.


وأيضا : هو من مشايخ العجيمي ، فقد ذكر طريق روايته ( شرح الهمزية ) و ( شرح الشمائل ) لابن حجر المكّي.

وأيضا : هو من مشايخ البصري كما في ( الإمداد ) والنخلي كما في ( رسالته ).

* وأمّا ( علي المتقي الهندي ) فمن مشايخ العجيمي ، ففي ( كفاية المتطلّع ) : « كتابا التبويبين للجامع الكبير والصغير المذكورين مع زيادة في الكبير ، للإمام العلاّمة قبلة أهل السلوك نور الدين علي بن حسام الدين المتّقي ـ ; تعالى ـ أخبر بهما وسائر مؤلفاته عن العلاّمة علي ابن الامام عبد القادر الطبري المكّي ، عن صهره الشيخ محمّد عارف عن والده شيخ أهل العرفان عبد الوهاب بن ولي الله الهندي ، عن مؤلّفها أستاذه العارف بالله تعالى الشيخ علي بن حسام الدين المتقي ، فذكرها ».

* وأمّا ( جمال الدين المحدّث الشيرازي ) فهو من مشايخ الشيخ عبد الله البصري في ( الإمداد ) فقد وقع في طريق روايته ( مشكاة المصابيح ) الخطيب التبريزي ، كما لا يخفى على من راجعه.

أقول :

فالعجب كلّ العجب من ( الدهلوي ) ، حيث أنه كذّب هذا الحديث الشريف ، ولم يدر أنّه رواه طائفة من كبار شيوخ مشايخ والده ، وحدّث به جماعة من أساتذة أساتذته! فليت شعري كيف أعرض عن هذا الحديث وحاد ، فأبطل فخار والده النقّاد ، باتّصال سنده إلى شيوخه السبعة الأمجاد ، وأظهر أنّ شيوخهم رواة لموضوعات الروايات والأخبار ، ومفتراة الأحاديث والآثار؟!


الفائدة الثالثة

في ذكر من جمع طرقه وأفراده بالتأليف

لقد أفرد جماعة من أعلام المحدّثين الكبار حديث الطير بالتأليف ، وجمعوا طرقه وأسانيده في كتب مفردة ومؤلّفات خاصّة ، ومنهم :

١ ـ أبو جعفر محمد بن جرير الطبري ، ذكره ابن كثير الشامي في تاريخه (١).

٢ ـ أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد المعروف بابن عقدة ، ذكره ابن شهرآشوب (٢).

٣ ـ أبو عبد الله الحاكم ، ذكره الكنجي (٣) ، وابن تيميّة (٤) ، والعسقلاني (٥).

٤ ـ أبو بكر أحمد بن موسى بن مردويه الأصبهاني ، ذكره ابن تيميّة (٦) ، والعسقلاني (٧) وابن حجر المكي (٨).

٥ ـ أبو نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني ، ذكره ابن تيميّة (٩) نقلا عن أبي موسى المديني.

__________________

(١) البداية والنهاية ٧ / ٣٥٤.

(٢) مناقب آل أبي طالب ٢ / ٢٨٢.

(٣) كفاية الطالب في مناقب علي بن أبي طالب : ١٥٢.

(٤) منهاج السنة ٤ / ٩٩.

(٥) لسان الميزان ١ / ٤٢.

(٦) منهاج السنة ٤ / ٩٩.

(٧) لسان الميزان ١ / ٤٢.

(٨) المنح المكية في شرح الهمزية.

(٩) منهاج السنة ٤ / ٩٩.


٦ ـ أبو طاهر محمّد بن أحمد المعروف بابن حمدان ، ذكره الذهبي (١) وابن كثير في تاريخه (٢) والسيوطي (٣).

٧ ـ شمس الدين محمد بن أحمد الذهبي ، نصّ على ذلك هو بنفسه (٤).

وجوه دلالة ذلك على اعتبار الحديث

وإفراد هؤلاء الأئمة هذا الحديث بالتأليف وجمعهم أسانيده في كتاب مفرد يدل على اعتباره وبطلان تقوّلات ( الدّهلوي ) ونظرائه من وجوه :

١ ـ الظنّ القوي بصدوره

إنّ كثرة طرقه ورواته ـ بحيث أفرد بالتأليف ـ يوجب الظنّ المتاخم لليقين بصدقه وصدوره عن رسول الله 6 ، إذ يستحيل ـ عادة ـ اجتماع هذه الكثرة من الرواة في الطبقات المختلفة وتواطؤهم على الكذب.

ولقد كان من الجدير بـ ( الدهلوي ) الوقوف على هذه التآليف القيّمة قبل التفوّه بالقدح في هذا الحديث الشريف ، إلاّ أنّ تصديه لشؤون الزعامة والرئاسة!! حال دون إتعاب نفسه في البحث عنها والتحقيق في هذا المضمار ...

٢ ـ صحّته

قال السّبكي بترجمة الحاكم النيسابوري صاحب المستدرك في مقام

__________________

(١) تذكرة الحفّاظ ٣ / ١١١٢.

(٢) البداية والنهاية ٧ / ٣٥٤.

(٣) طبقات الحفّاظ : ٤٢٦.

(٤) تذكرة الحفّاظ ٣ / ١٠٤٣.


الدفاع عنه :

« ثم ذكر ابن طاهر أنه رأى بخط الحاكم حديث الطير في جزء ضخم جمعه ، قال : وقد كتبته للتعجب. قلت : وغاية جمع هذا الحديث أن يدل على أنّ الحاكم يحكم بصحته ، ولولا ذلك لما استودعه المستدرك ، ولا يدل ذلك منه على تقديم علي 2 على شيخ المهاجرين والأنصار أبي بكر الصديق 2 ، إذ له معارض أقوى لا يقدر على دفعه ، وكيف يظن بالحاكم ـ مع سعة حفظه ـ تقديم علي؟ ومن قدّمه على أبي بكر فقد طعن على المهاجرين والأنصار ، فمعاذ الله أن يظنّ ذلك بالحاكم » (١).

فظهر ـ إذن ـ أنّ جمع هذا الحديث يدلّ على الحكم بصحته ، فالجامعون طرقه يحكمون بصحته ، ولو لا ذلك لما استودعه الحاكم كتابه المستدرك على الصحيحين ...

٣ ـ حسنه

ولو سلّمنا ـ على سبيل التنزّل ـ عدم دلالة جمع الطّرق على الحكم بالصحّة ، لكنّه يدلّ على كثرة طرقه وأسانيده على كلّ حال ، ومن المعلوم أنّ تعدّد طرق الحديث يبلغ به درجة الحسن ، وإن لم يكن كلّ واحد واحد منها حسنا ، فلا أقل من أن يكون حديث الطير حسنا.

أمّا حسن الحديث باعتبار كثرة طرقه فذلك أمر مسلّم به لدى المحققين ، والشواهد عليه في كلماتهم كثيرة جدا :

قال المنّاوي بشرح ( أحبّ الأديان إلى الله الحنيفيّة السمحة ) : « قال الهيثمي : فيه عبد الله بن إبراهيم الغفاري ، منكر الحديث ، قال قيل يا رسول الله : أيّ الأديان أحب إلى الله؟ فذكره. وقال شيخنا العراقي : فيه محمد بن

__________________

(١) طبقات الشافعية الكبرى ٤ / ١٦٥.


إسحاق ، رواه بالعنعنة ، أي وهو يدلّس عن الضعفاء ، فلا يحتج إلاّ بما صرّح فيه بالتحديث. انتهى ، قال العلائي : لكن له طرق لا ينزل عن درجة الحسن بانضمامها » (١).

وقال المناوي بشرح ( أحب الطّعام إلى الله ) : « قال البيهقي ـ بعد ما عزاه للطبراني وأبي يعلى ـ : فيه عبد المجيد بن أبي رواد ، وفيه ضعف. وقال الزين العراقي : إسناده حسن. انتهى ، ولعلّه باعتبار طرقه ، وإلاّ فقد قال البيهقي عقب تخريجه ما نصّه : تفرّد به عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي روّاد عن ابن جريج. انتهى ، وعبد المجيد أورده الذهبي في الضعفاء والمتروكين ، وقال المنذري : رواه أبو يعلى ، والطبراني ، وأبو الشيخ في الثواب ، كلّهم من رواية عبد المجيد بن أبي روّاد وقد وثّق ، قال : لكن في الحديث نكارة. انتهى » (٢).

وقال بشرح ( اطلبوا العلم ولو بالصين ... ) : « وحكم ابن الجوزي بوضعه ، ونوزع بقول المزي : له طرق ربما يصل بمجموعها إلى الحسن » (٣).

٤ ـ قوّته

ولو سلّمنا عدم وصول حديث الطّير بتعدّد طرقه إلى درجة الحسن ، وأنّه لا يحتج بشيء من طرقه بمفرده ، لكن المقرر لدى أهل السنة أنّ الطرق يقوّي بعضها بعضا ، فيتقوّى المتن بذلك ويصلح للاحتجاج والاستدلال ، والشواهد على هذه القاعدة المقررة كثيرة :

قال ابن حجر العسقلاني بشرح حديث الولاية من حديث بريدة : « وأخرج أحمد أيضا هذا الحديث من طريق أجلح الكندي عن عبد الله بن بريدة بطوله ، وزاد في آخره : لا تقع في علي فإنه منّي وأنا منه وهو وليّكم بعدي. وأخرجه

__________________

(١) فيض القدير ـ شرح الجامع الصغير ١ / ١٦٩

(٢) فيض القدير ـ شرح الجامع الصغير ١ / ١٧٢

(٣) فيض القدير ـ شرح الجامع الصغير ١ / ٥٤٢


أحمد أيضا والنسائي ، من طريق سعد بن عبيدة ، عن عبد الله بن بريدة مختصرا ، وفي آخره : فإذا النبي صلّى الله عليه وسلم قد احمرّ وجهه يقول : من كنت وليّه فعلي وليه. أخرجه الحاكم من هذا الوجه مطولا ، وفيه قصة الجارية نحو رواية عبد الجليل. وهذه طرق يقوى بعضها ببعض » (١).

وقال ابن الوزير في كلامه حول حديث ( يحمل هذا العلم من كلّ خلف عدوله ) قال : « وقد يكثر الطرق الضعيفة فيقوى المتن على حسب ذلك الضعف في القلة والكثرة ، كما يعرف ذلك من عرف كلام أهل هذا العلم في مراتب التجريح والتعديل » (٢).

وقال المناوي بشرح ( آفة العلم النسيان ... ) : « وظاهر اقتصار المصنف على عزوه لابن أبي شيبة من طريقيه : أنه لا يعرف لغيره والاّ لذكره تقوية لهما ، لكونه معلولا ، والأمر بخلافه ، فقد رواه بتمامه من هذا الوجه : الدارمي في مسنده ، والعسكري في الأمثال ، عن الأعمش. ورواه عنه ابن عدي من عدة طرق بلفظ : آفة العلم النسيان وإضاعته أن تحدّث به من ليس له بأهل ، ورواه من طريق عن قيس بن الربيع بلفظ : وإضاعته أن تضعه عند غير أهله. وروى صدره عن ابن مسعود أيضا البيهقي في المدخل ، قال الحافظ العراقي : ورواه مطين في مسنده من حديث علي بلفظ : آفة الحديث الكذب وآفة العلم النسيان.

فكان ينبغي للمصنف الإكثار من مخرجيه إشارة إلى تقويته » (٣).

٥ ـ صيانته عن الطعن

إن تعدّد طرق الحديث وكثرة مخرجيه يصونه عن ورود الطعن فيه ، فقد

__________________

(١) فتح الباري ـ شرح صحيح البخاري ٨ / ٥٤ كتاب المغازي.

(٢) الروض الباسم في الذب عن سنة أبي القاسم : ٣٢.

(٣) فيض القدير ـ شرح الجامع الصغير ١ / ٥٢.


قال المناوي بشرح ( اتق الله حيثما كنت ... ) : « أكثر المصنف ـ ; ـ من مخرجيه إشارة إلى ردّ الطعن فيه » (١).

وعلى هذا الأساس نقول : إن كثرة طرق حديث الطير ورواته ومخرجيه ـ حتى أفرد جماعة لجمعها مصنفات خاصّة ـ كافية لردّ طعن ( الدهلوي ) فيه. ولله الحمد على ذلك.

٦ ـ لو كان فيه شيء لبيّنوا

قال الذهبي بترجمة أبي زرعة ما نصّه : « قلت : له التصانيف الكثيرة ، يروي فيها المناكير كغيره من الحفاظ ولا يبيّن حالها ، وذلك مما يزري بالحافظ » (٢).

وعلى ضوء هذا الكلام نقول : إذا كان رواية المناكير مع عدم تبيين حالها يزري بالحافظ ، فإن تصنيف الكتاب حول حديث موضوع مع عدم تبيين حاله يزري به بالأولوية ، بل يؤدّي به إلى السقوط الفظيع والوهن الشنيع ، وكيف يظن بمثل ابن جرير الطبري ، وابن عقدة ، والحاكم أن يصنّفوا في هذا الحديث ويجمعوا طرقه ولا يبيّنوا حاله إن كان فيه شيء؟! فمعاذ الله أن يظنّ ذلك بهم ...

٧ ـ لو كان باطلا لما كتبوه

قال السبكي بترجمة الحاكم بعد عبارته التي تقدّم نقلها :

« ثمّ ينبغي أن يتعجب من ابن طاهر في كتابته هذا الجزء ، مع اعتقاده بطلان الحديث ، مع أن كتابته سبب شياع هذا الخبر الباطل واغترار الجهّال به ،

__________________

(١) فيض القدير ـ شرح الجامع الصغير ١ / ١٢٠.

(٢) تذكرة الحفّاظ ٣ / ١٠٠٠.


أكثر مما يتعجّب من الحاكم ممن يخرجه وهو يعتقد صحته » (١).

وعلى ضوء هذا الكلام نقول : إن جلالة هؤلاء ـ المصنّفين في حديث الطير ـ وسعة حفظهم وعظمة شأنهم ... كلّ ذلك يمنع من أن يكتبوا هذا الحديث ويجمعوا طرقه مع اعتقادهم بطلانه ، فهم ـ إذن ـ يعتقدون بصحّته ويعترفون بمفاده ، وهذا كاف لإثبات هذا الحديث ، وبطلان شبهة ( الدهلوي ) ، والله الموفّق.

__________________

(١) طبقات الشافعية الكبرى ٤ / ١٦٦.


الفائدة الرّابعة

في ذكر من أورده بصيغة الجزم وأرسله إرسال المسلّم

لقد أورد جماعة من الأعلام حديث الطير ونسبوه إلى سيدنا رسول الله 6 بصيغة الجزم ، وسيأتي أن ذلك يدلّ على صحّته أو حسنه ... ومن هؤلاء.

١ ـ أبو الحسن المسعودي ، حيث قال في عداد فضائل أمير المؤمنين 7 : « ثمّ دعاؤه ـ يعني النبي 7 ـ وقد قدّم إليه أنس الطائر : اللهم أدخل إليّ أحبّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطائر ، فدخل علي ، إلى آخر الحديث. فهذا وغيره من فضائله وما اجتمع فيه من الخصال مما تفرّق في غيره » (١).

٢ ـ ابن عبد البرّ ، حيث قال : « اهدي للنبي صلّى الله عليه وسلم طوائر ... إلخ » (٢).

٣ ـ محمد بن طلحة ، حيث قال : « قال صلّى الله عليه وسلّم يوما ـ وقد احضر اليه الطير ليأكله ـ ... » (٣).

٤ ـ الصفوري ، حيث قال : « قال أنس 2 : قدّمت للنبي صلّى الله عليه وسلّم طعاما ، فسمّى وأكل لقمة وقال : اللهم ائتني بأحبّ الخلق إليك وإليّ ... » (٤).

__________________

(١) مروج الذهب ١ / ٧١١.

(٢) بهجة المجالس.

(٣) مطالب السؤول : ٤٢.

(٤) نزهة المجالس.


٥ ـ ابن روزبهان ، حيث قال : « حديث الطير مشهور ، وهو فضيلة عظيمة ومنقبة جسيمة ، ولكن لا تدل على النص » (١).

٦ ـ الخفري ، حيث قال : « اهدي إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم طير ... إلخ » (٢).

٧ ـ شاه ولي الله ، حيث قال : « قدّم لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم فرخ مشوي ... إلخ » (٣).

ذكر الحديث بصيغة الجزم حكم بالصحّة أو الحسن

: هذا ، وقد تقرر لدى المحدّثين ورواة الأخبار : أن ذكر الحديث بصيغة الجزم حكم بصحّته أو حسنه ، وإذا لم يكن حسنا أو صحيحا لا يذكر كذلك ، وقد نصّ على ذلك جماعة :

قال النووي : « قال العلماء : ينبغي لمن أراد رواية الحديث أو ذكره أن ينظر ، فإن كان صحيحا أو حسنا قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم كذا أو فعله ، أو نحو ذلك من صيغ الجزم ، وإن كان ضعيفا فلا يقل : قال ، أو فعل ، أو أمر ، أو نهى أو شبه ذلك من صيغ الجزم ، بل يقول : روي عنه كذا ، وجاء عنه كذا ، أو يروى ، أو يذكر ، أو يحكى ، أو يقال ، أو بلغنا ، أو ما أشبهه ، والله أعلم » (٤).

وقال السيوطي في الكلام على تعليقات الصحيحين ما نصّه : « فما كان منه بصيغة الجزم كقال ، أو فعل ، أو أمر ، وروى وذكر فلان ، فهو حكم بصحته عن المضاف إليه ، لأنّه لا يستجيز أن يجزم بذلك عنه إلاّ وقد صحّ عنده

__________________

(١) إبطال الباطل مخطوط.

(٢) كنز البراهين الكسبيّة.

(٣) قرة العينين في تفضيل الشيخين.

(٤) المنهاج ـ شرح صحيح مسلم ١ / ٧١.


عنه » (١).

وقال ـ بعد أن ذكر وضع ما يروى عن أبي بن كعب في فضل القرآن سورة سورة ـ : « وقد أخطأ من ذكره من المفسّرين في تفسيره : كالثعلبي ، والواحدي ، والزمخشري ، والبيضاوي. قال العراقي : لكن من أبرز إسناده منهم ـ كالأوّلين ـ فهو أبسط لعذره ، إذ أحال ناظره على الكشف عن سنده ، وإن كان لا يجوز له السكوت عليه. وأمّا من لم يبرز سنده وأورده بصيغة الجزم فخطؤه أفحش » (٢).

وكيف يظنّ بهؤلاء الأعلام أن يذكروا حديث الطير بصيغة الجزم مع اعتقادهم عدم صحّته أو حسنه ، فيكونوا قد ارتكبوا هذا الخطأ الفاحش الذي لا يغتفر؟

__________________

(١) تدريب الراوي ـ شرح تقريب النواوي ١ / ٩٠.

(٢) تدريب الراوي ـ شرح تقريب النواوي ١ / ٢٤٤.


الفائدة الخامسة

في ذكر الكتب التي أخرج فيها

وهي من مرويّات علمائهم

لقد أخرج حديث الطير في جملة من الكتب المشهورة والأسفار المعتبرة ، التي يرويها كبار العلماء الأعلام ، ويذكرونها في سلاسل إجازاتهم ... ومنها :

١ ـ مناقب أمير المؤمنين ، لأحمد بن حنبل.

٢ ـ الجامع الصحيح ، لمحمد بن عيسى الترمذي.

٣ ـ زوائد المناقب ، لأحمد بن حنبل ، رواية ابنه عبد الله.

٤ ـ المسند ، لأبي يعلى الموصلي.

٥ ـ العلل ، لأبي الحسن الدار قطني.

٦ ـ الإبانة ، لأبن بطّة.

٧ ـ المستدرك ، لأبي عبد الله الحاكم.

٨ ـ حلية الأولياء ، لأبي نعيم الأصبهاني.

٩ ـ بهجة المجالس ، لأبن عبد البرّ القرطبي.

١٠ ـ تاريخ بغداد ، لأبي بكر الخطيب.

١١ ـ مصابيح السنّة ، لمحيي السنة البغوي.

١٢ ـ الجمع بين الصحاح الستة ، لرزين العبدري.

١٣ ـ تاريخ دمشق ، لابن عساكر الدمشقي.

١٤ ـ جامع الأصول ، لابن الأثير الجزري.

١٥ ـ اسد الغابة ، لابن الأثير الجزري.


١٦ ـ الرياض النضرة ، لمحبّ الدين الطبري.

١٧ ـ ذخائر العقبى ، لمحب الدين الطبري.

١٨ ـ مشكاة المصابيح ، للخطيب التبريزي.

١٩ ـ تحفة الأشراف ، لأبي الحجّاج المزي.

٢٠ ـ تذكرة الحفّاظ ، لشمس الدين الذهبي.

٢١ ـ لسان الميزان ، لابن حجر العسقلاني.

٢٢ ـ جمع الجوامع ، لجلال الدين السيوطي.

٢٣ ـ المنح المكيّة ، لابن حجر المكي.

٢٤ ـ كنز العمال ، لعلي المتقي الهندي.

أما المناقب لأحمد :

فهو من مرويّات السيوطي مع غيره من مصنفات أحمد ، قال السيوطي في ( زاد المسير ) :

« مسند الإمام احمد بن حنبل :

أخبرني شيخنا الإمام تقي الدين الشمني ـ بقراءتي عليه لنحو الثلث الأول منه وإجازة لباقيه ـ ، وشيخنا قاضي القضاة عز الدين أبو البركات أحمد ابن قاضي القضاة برهان الدين إبراهيم ابن قاضي القضاة ناصر الدين نصر الله الكناني الحنبلي ، وأولاد خاله الشهاب أحمد وإلف ونشوان أولاد الجمال عبد الله بن قاضي القضاة علاء الدين علي الكناني الحنبلي ، ـ سماعا على الأربعة لثلاثياته وإجازة منه لسائره ـ قالوا : نا الجمال عبد الله المذكور ـ قال الثلاثة : سماعا لجميعه ، وقالت إلف ونشوان : سماعا للثلاثيات وإجازة لسائره ـ قال : أنا علاء الدين ابو الحسن علي بن أحمد العرضي ، قال أخبرتنا به زينب بنت مكي بن علي الدين الحرّانية ـ سماعا ـ والفخر بن البخاري إجازة.

ح وأنبأني عاليا محمد بن مقبل عن الصلاح بن أبي عمر قال : أنا الفخر


ابن البخاري سماعا.

قالا : أبو علي حنبل ابن عبد الله ابن الفرج المكبر ، أنا أبو القاسم هبة الله بن محمد بن عبد الواحد بن الحصين ، أنا أبو علي الحسن التميمي المذهب الواعظ ، أنا أبو بكر أحمد بن جعفر القطيعي ، قال : ثنا عبد الله بن الإمام أحمد قال : حدثني به أبي.

ح وبه إلى الفخر بن البخاري ، عن أبي اليمن الكندي ، عن أبي بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري ، عن الحسن بن علي الجوهري ، عن أبي بكر القطيعي.

قال السرّاج القزويني : نروي بهذا الإسناد جميع مصنفات الإمام أحمد ومصنفات ولده عبد الله ـ سماعا لبعضها وإجازة لسائرها ـ من كلّ شيخ لمن روى عنه من المذكورين ».

هذا ، ولا يخفى أن ( زاد المسير ) من مرويّات أبي مهدي الثعالبي ، فالمناقب من مرويات الثعالبي أيضا.

وأمّا جامع الترمذي :

فهو من مرويّات : السيوطي ، والثعالبي ، والكردي ، والعجيمي ، والبصري ، والنخلي ، والأمير ، والشوكاني ، وشاه ولي الله ، وقد سمعت آنفا عبارات الثعالبي والكردي والعجيمي والبصري والنخلي ، وإليك عبارات سائرهم : قال السيوطي في ( زاد المسير ) :

« الجامع للتّرمذي : أخبرني به السيّدان أبو العباس أحمد بن عبد القادر ابن محمد بن طريق الساوي ـ بقراءتي عليه لبعضه وإجازة لباقيه ـ وأبو الفضل محمد بن عمر بن حصين الأزهري ـ إجازة ـ قالا : أنا به أبو إسحاق التنوخي ـ قال الأول إجازة ، والثاني سماعا لبعضه وإجازة لباقيه ـ قال : أنا به أبو الحسن علي بن محمد بن محمود بن جامع البندنيجي ، أنا أبو منصور محمد بن علي ابن عبد الصمد البغدادي المعروف بابن الهني ، أنا الحافظ أبو محمد عبد


العزيز بن محمود بن الأخضر ، أنا أبو الفتح عبد الملك بن أبي سهل بن أبي القاسم الكروخي.

قال البندنيجي : وأنا به عاليا أبو محمد عبد الخالق بن الأنجب البشتبري ـ إجازة ـ عن الكروخي ، قال : أنا أبو عامر محمود بن القاسم الأزدي ، وأبو بكر أحمد بن عبد الصمد الفورجي ، قالا : أنا أبو محمد عبد الجبار بن محمد بن عبد الله بن الجراح المروزي ، أنا أبو العباس محمد بن أحمد بن محبوب ، أنا الترمذي ».

وقال محمد الأمير في ( رسالة الأسانيد ) : « وأمّا الجامع للحافظ أبي عيسى الترمذي ، فأرويه مسلسلا بالصّوفيّة عن شيخنا الشيخ عن الصميدي الصوفي ، عن شيخه الشيخ عقيلة المكي الصوفي ، عن الشيخ حسن العجيمي الصوفي ، عن الشيخ أحمد بن محمد القشاشي الصوفي ، عن شيخه الشيخ أحمد بن علي الشناوي الصوفي ، عن والده الشيخ علي بن عبد القدوس الشناوي الصوفي ، عن الشيخ عبد الوهاب الشعراني الصوفي ، عن الشيخ زكريا بن محمد الفقيه الصوفي ، عن العارف بالله تعالى زين الدين المراغي العثماني الصوفي ، عن أستاذ الصّوفية شرف الدين إسماعيل بن إبراهيم الجبرتي العقيلي الصوفي ، عن المسند أبي الحسن علي بن عمر الدابي الصوفي ، عن أستاذ أهل التحقيق الشيخ محبّ الدين محمد بن علي ابن عربي الطائي الحاتمي الصوفي ، عن شيخ الشيوخ عبد الوهاب بن علي بن سكينة البغدادي الصوفي ، عن أبي الفتح عبد الملك بن عبد الله الكروخي الصوفي ، عن شيخه المحقق الحافظ أبي إسماعيل عبد الله بن محمد الأنصاري الهروي شيخ الإسلام الصوفي ، عن عبد الجبار الجراحي ، عن أبي العباس محمد بن أحمد بن محبوب المحبوبي ، عن مؤلّفه الترمذي أبي عيسى محمد بن سورة بن موسى الضحّاك السّلمي الضرير البوغي ».

وقال الشوكاني في ( إتحاف الأكابر بأسناد الدفاتر ) :


سنن الترمذي : أرويها بالسّماع لجميعها من لفظ شيخنا السيد العلامة عبد القادر بن أحمد ، بإسناده المتقدم في تفسير الثعلبي ، إلى الشماخي ، عن أحمد بن محمد السراجي اليمني ، عن زاهر بن رستم الأصفهاني ، عن القاسم ابن أبي سهيل الهروي ، عن محمود بن القاسم الأزدي ، عن عبد الجبار بن محمد المروزي ، عن محمد بن أحمد بن محبوب المروزي ، عن المؤلف.

ح وأرويها عن شيخنا المذكور بإسناده المتقدم في أول هذا المختصر إلى محمد البابلي ، عن النور علي بن يحيى الزيادي ، عن الرملي ، بإسناده المتقدم قريبا إلى ابن طبرزد ، عن عبد الملك بن أبي سهل الكروخي ، عن محمود بن القاسم الأزدي ، عن عبد الجبار بن محمد المروزي ، عن محمد بن محبوب ، عن المؤلّف.

ح وأرويها عن شيخنا المذكور عن محمد بن طيب المغربي ، عن إبراهيم بن محمد المراغي ، عن أحمد بن محمد العجل ، عن يحيى بن مكرم الطبري ، عن جدّه المحبّ الطبري ، عن الزين المراغي ، عن أبي العباس أحمد بن أبي طالب الحجّار ، عن أبي النجا اللتي ، عن أبي الوقت عن أبي عامر الأزدي ، عن أبي محمد الجراحي ، عن أبي العباس المحبوبي ، عن المؤلّف.

ح وأرويها عن شيخنا السيّد علي بن إبراهيم بن عامر بإسناده السابق في سنن أبي داود ، إلى الربيع ، عن السخاوي ، عن ابن حجر ، عن البرهان التنوخي ، عن القاسم بن عساكر ، عن عبد الرحمن بن محمد بن مسعود ، عن محمد بن علي بن صالح ، عن أبي عامر الأزدي ، عن أبي محمد الجراحي ، عن أبي العباس محمد بن أحمد المحبوبي ، عن المؤلف.

ح وأرويها عن شيخنا الحسن بن إسماعيل المغربي بالاسناد المتقدم في سنن أبي داود إلى علي بن احمد المرحومي ، عن إبراهيم الدماوي ، عن الشهاب القليوبي ، عن النور الزيادي ، عن الشمس الرملي ، عن زكريا الأنصاري عن الشمس اللقاني ، عن احمد بن أبي زرعة ، عن أبيه الزين عبد


الرحيم العراقي ، عن عمر العراقي ، عن علي بن البخاري ، عن ابن طبرزد ، بإسناده السابق إلى المؤلّف.

ح وأرويها عن شيخنا يوسف بن محمد بن علاء الدين المزجاجي ، عن أبيه ، عن جده عن إبراهيم الكردي ، بإسناده المتقدّم في سنن أبي داود ، إلى ابن طبرزد ، بإسناده المذكور هاهنا إلى المؤلّف ».

وقال شاه ولي الله في ( الإرشاد إلى مهمّات الأسناد ) ـ بعد ذكر أسناده إلى المشايخ السبعة إلى زين الدين زكريا ، وجلال الدين السيوطي إلى شهاب الدين أحمد بن أبي طالب الحجار المعروف بابن شحنه ، وفخر الدين أبو الحسن علي بن أحمد بن عبد الواحد المعروف بابن البخاري ، وشرف الدين عبد المؤمن بن خلف الدمياطي ـ قال :

« وأمّا جامع الترمذي ، فرواه ابن البخاري عن عمر بن طبرزد ، أنا أبو الفتح عبد الملك بن أبي القاسم عبد الله بن أبي سهل الكروخي ، عن أبي عامر محمود بن القاسم الأزدي ، وأبي بكر أحمد بن عبد الصمد التاجر الغورجي ، وأبي نصر عبد العزيز بن أحمد الهروي الترياقي. ـ إلاّ الجزو الأخير ، وهو من أول مناقب ابن عباس إلى آخر الكتاب ، فسمعه الكروخي من أبي المظفر عبيد الله بن علي بن ياسين الدهان الهروي ـ قالوا جميعا : أنا أبو محمد عبد الجبار ابن محمد بن عبد الله ابن أبي الجراح الجراحي المروزي ، أنا الشيخ الثقة الأمين أبو العباس محمد بن أحمد بن محبوب بن فضيل التاجر المحبوبي ، عن الترمذي ».

وأمّا زوائد كتاب المناقب

فهو من مرويّات السيوطي ، كما علم من عبارة ( زاد المسير ) المتقدمة ، وهذا الكتاب من مرويّات الثعالبي. ( فالزوائد ) من مرويات الثعالبي أيضا.


وأمّا مسند أبي يعلى :

فهو من مرويّات السيوطي ، والثعالبي ، والكردي ، والأمير ، والشوكاني ، وشاه ولي الله ، قال السيوطي في ( زاد المسير ) : « مسند أبي يعلى : أنبأني به محمد بن مقبل ، عن الصلاح بن أبي عمر ، عن أبي الحسن بن البخاري ، وأبي الفضل أحمد بن هبة الله بن عساكر ، كلاهما عن أبي روح عبد المعز بن محمد الهروي ، أنا تميم بن أبي سعيد الجرجاني ، أنا أبو سعيد محمد بن عبد الرحمن الكنجرودي ، أنا أبو عمرو حمدان ، أنا أبو يعلى به ».

وقال محمد الأمير في ( رسالة الأسانيد ) : « مسند الحافظ أبي يعلى أحمد ابن علي التميمي الموصلي ، أرويه بالسّند المتقدم إلى الفخر بن البخاري ، عن أبي روح عبد المعز بن محمد الهروي ، حدّثنا تميم بن أبي سعيد الجرجاني ، حدّثنا أبو سعيد محمد بن عبد الرحمن الكنجرودي ، حدّثنا محمد بن أحمد بن حمدان ، حدّثنا أبو يعلى ».

وقال الشوكاني في ( إتحاف الأكابر ) : « مسند أبي يعلى ، أرويه بالإسناد المتقدم إلى الفخر بن البخاري ، عن أبي روح عبد العزيز بن محمد الهروي ، عن تميم بن أبي سعيد الجرجاني ، عن أبي سعيد محمد بن عبد الرحمن الكنجرودي ، عن محمد بن أحمد بن حمدان ، عن المؤلّف.

وقال شاه ولي الله في ( الإرشاد إلى مهمات الأسناد ) : « وأما مسند أبي يعلى ، فرواه ابن البخاري ، عن أبي روح عبد المعز بن محمّد الهروي ، أنا تميم بن أبي سعيد الجرجاني ، أنا أبو سعيد محمد بن عبد الرحمن الكنجرودي ، أنا محمد بن أحمد بن حمدان ، أنا أبو يعلى ».

وأمّا العلل :

فهو من مرويات السيوطي ، كما علم من عبارة ( زاد المسير ) المتقدمة ،


وهذا الكتاب من مرويات الثعالبي ( فالزوائد ) من مرويات الثعالبي أيضا.

وأمّا الابانة :

فهو من مرويّات السيوطي ، لأنه يروي جميع تصانيف ابن بطّة ، كما علم سابقا من عبارة ( زاد المسير ) ، وهو من مرويات الثعالبي ، ( فالابانة ) من مرويات الثعالبي أيضا.

وأمّا المستدرك :

فهو من مرويّات السيوطي ، والثعالبي ، والكردي ، والعجيمي ، والبصري ، والأمير ، والشوكاني ، وشاه ولي الله. وقد تقدم عبارات الثعالبي والكردي والعجيمي والبصري ، وقال السيوطي في ( زاد المسير ) : « المستدرك للحاكم : بالإسناد السابق والمتأخر إلى ابن المقيّر ، عن أبي الفضل الميهني ، عن أبي بكر أحمد بن علي بن خلف ، عن الحاكم به وسائر كتبه ، والسند كلّه إجازات ».

وقال الأمير في ( رسالة الأسانيد ) : « المستدرك للحاكم أبي عبد الله محمد ابن عبد الله النيسابوري ـ ويقال له ابن البيّع ، بفتح الموحدة وكسر المثنّاة التحتيّة وتشديدها ، بعدها عين مهملة ـ ... أرويه بالسّند السابق إلى ابن المقير ، عن أبي الفضل أحمد بن طاهر الميهني ، عن أبي بكر أحمد بن علي ابن خلف الشيرازي ، عن الحاكم ، إجازة بسائر كتبه ».

وقال الشوكاني في ( إتحاف الأكابر ) : « مستدرك الحاكم : أرويه عن شيخنا يوسف بن محمد بن علاء الدين المزجاجي ، عن أبيه ، عن جدّه ، عن الشيخ إبراهيم الكردي. ح وأرويه عن شيخنا السيّد عبد القادر بن احمد ، عن شيخه عبد الخالق بن أبي بكر المزجاجي عن محمد ابراهيم الكردي ، عن أبيه. ح وأرويه عن شيخنا السيّد المذكور ، عن الشيخ علاء الدين بن عبد


الباقي ، عن محمد بن علاء الدين ، عن أبيه ، عن إبراهيم الكردي. ح وأرويه عن شيخنا المذكور ، عن شيخه محمد حيات السّندي ، عن سالم بن عبد الله ابن سالم البصري ، عن أبيه ، عن إبراهيم الكردي. ح وأرويه عن شيخنا السيّد العلامة علي بن إبراهيم بن عامر ، عن شيخه أبي الحسن السندي ، عن شيخه محمد حيات السندي ، عن سالم بن عبد الله البصري ، عن أبيه ، عن إبراهيم الكردي. ح وأرويه عن شيخنا صديق بن علي المزجاجي ، عن شيخه سليمان ابن يحيى الأهدل ، عن أحمد بن محمد الأهدل ، عن أحمد بن محمد النخلي ، عن إبراهيم الكردي.

وإبراهيم الكردي يرويه عن شيخه أحمد بن محمد المدني ، عن الشمس الرملي ، عن الزين زكريا ، عن عبد الرحيم بن محمد بن الفرات ، عن محمود بن خليفة المنيحي ، عن عبد المؤمن بن خلف الدمياطي ، عن علي بن الحسين بن المقير ، عن أحمد بن طاهر الميهني ، عن أحمد بن علي بن خلف الشيرازي ، عن المؤلّف ».

وقال شاه ولي الله في ( الإرشاد ) : « وأمّا المستدرك للحاكم ، فرواه الدمياطي ، عن ابن المقير ، عن أبي الفضل أحمد بن طاهر الميهني ، عن أبي بكر أحمد بن علي بن خلف الشيرازي ، عن الحاكم ».

وأمّا حلية الأولياء :

فهو من مرويّات السيوطي ، والثعالبي ، والكردي ، والعجيمي ، والبصري ، والأمير ، والشوكاني ، وشاه ولي الله الدّهلوي :

قال السيوطي في ( زاد المسير ) : « الحلية لأبي نعيم : أخبرني بها : هاجر بنت محمد القدسي ـ سماعا لبعضها وإجازة لسائرها ـ قالت : أنا إبراهيم بن داود الآمدي ـ كذلك ـ ، أنا إبراهيم بن علي بن يوسف الزرزائي ـ سماعا عليه لجميع الكتاب ـ أنا الحافظ شرف الدين الدمياطي ـ سماعا ـ أنا الحافظ أبو


الحجاج يوسف بن خليل ، أنا أبو المكارم احمد بن محمد اللّبان ، أنا أبو علي الحدّاد ، أنا أبو نعيم. ح قال الزرزائي : أخبرنا ـ عاليا ـ النجيب الحراني ـ سماعا ـ عن أبي المكارم ـ إجازة به ـ. ح وأنبأني ـ عاليا ، بدرجة أخرى ـ محمد بن مقبل ، عن الصلاح ، عن ابن عمر ، عن الفخر بن البخاري ، عن أبي المكارم به ».

وقال الأمير في ( رسالة الأسانيد ) : « الحلية والمستخرج على صحيح مسلم لأبي نعيم أحمد بن عبد الله ... أرويه بالسّند إلى الفخر بن البخاري ، عن أبي جعفر محمد بن أحمد بن نصر ، عن أبي علي حسن الحدّاد ، عن الحافظ أبي نعيم ».

وقال الشوكاني في ( إتحاف الأكابر ) : « الحلية لأبي نعيم : أرويها ـ مع سائر تصانيفه ـ بالإسناد المتقدم إلى الشماخي ، عن علي بن محمد حرّويه الموصلي ، عن مجد الدين أبي الفرج يحيى بن محمد الثقفي ، عن الحسن بن علي الحدّاد ، عن المؤلّف ».

وقال شاه ولي الله في ( الإرشاد ) : « وأما الحلية للحافظ أبي نعيم فرواه ابن البخاري ، عن ابن اللّبان ، عن الحدّاد عنه ».

وأمّا بهجة المجالس :

فهو من مرويّات السّيوطي مع سائر كتبه ، فقد قال في ( زاد المسير ) :

« التّمهيد والاستيعاب لابن عبد البر وسائر كتبه : أخبرتني آسية بنت جار الله بن صالح الطبري إجازة ، عن إبراهيم بن محمد بن صديق ، عن أبي العبّاس الحجّار ، عن جعفر بن علي الهمداني ، عن أبي القاسم بن بشكوال ، عن أبي عمران موسى بن أبي تليد ، عن أبي عمر بن عبد البر ، بجميع تصانيفه سماعا لما سمع وإجازة لسائرها ».

وهو من مرويات الثعالبي أيضا ، لما تقدم.


وأمّا تاريخ بغداد :

فهو من مرويّات السيوطي ، والثعالبي ، والعجيمي ، والأمير ، والشوكاني ، وشاه ولي الله الدّهلوي :

قال السيوطي في ( زاد المسير ) : « تاريخ بغداد للخطيب وسائر كتبه : أخبرني بها أبو الفضل المرجاني ـ إجازة ـ عن أبي الفرج الغزي ، عن يونس بن إبراهيم الدبوسي ، عن أبي الحسن ابن المقيّر ، عن الفضل بن سهل الأسفرايني ، عن الخطيب إجازة ».

وقال الأمير في ( رسالة الأسانيد ) : « أمّا تآليف الخطيب البغدادي فمن طريق الصدفي ، عن القاضي أبي القاسم علي بن محمد بن أحمد المحاملي ، عن الخطيب البغدادي ».

وقال الشوكاني في ( إتحاف الأكابر ) : « مؤلفات أبي بكر الخطيب ، أرويها بالإسناد المتقدم في تفسير الثعلبي إلى نفيس الدين العلوي ، عن أبيه ، عن محمد بن أحمد الطبري ، عن عبد الرحمن بن محمد بن علي الطبري ، عن أبي الحسن بن المقيّر ، عن الامام أبي المعالي الفضل بن سهل بن بشر الإسفرائني ، عن المؤلّف ».

وقال شاه ولي الله في ( الإرشاد ) : « وأما تصانيف الخطيب ، فرواها الدمياطي ، عن ابن المقير ، عن أبي المعالي الفضل بن سهل الإسفرائني إجازة عن مؤلّفها إجازة ».

وأمّا مصابيح السنّة :

فهو من مرويات : السيّوطي ، والثعالبي ، والكردي ، والعجيمي ، والبصري ، والأمير ، والشوكاني ، وشاه ولي الله ، وقد مضت عبارات : الثعالبي ، والكردي ، والعجيمي ، والبصري ، الدالة على ذلك. وقال السيوطي في ( زاد


المسير : )

« معالم التنزيل ، وشرح السّنة ، والمصابيح ، وسائر تصانيف البغوي : أخبرني بها محمد بن مقبل ـ إجازة ـ عن الصلاح بن أبي عمر ـ وهو آخر من روى عنه ـ عن الفخر البخاري ـ وهو آخر من روى عنه ـ عن أبي المكارم فضل ابن محمّد النوقاني ـ وهو آخر من روى عنه ـ عن البغوي ، وهو آخر من روى عنه ».

وقال محمد الأمير في ( رسالة الأسانيد ) : « وأمّا تآليف البغوي : شرح السنّة والمصابيح والسير وغير ذلك ، فمن طريق ابن البخاري ، عن محيي السنة أبي القاسم الحسين بن مسعود الفراء ».

وقال الشوكاني في ( إتحاف الأكابر ) : « المصابيح للبغوي ، أرويها بالإسناد المتقدّم في أول الكتاب إلى البابلي ، عن علي بن يحيى الزيادي ، عن أحمد بن محمد الرملي ، عن محمد بن عبد الرحمن السحاري ، عن العزّ عبد الرحيم بن الفرات ، عن الصلاح بن أبي عمر ، عن الفخر بن البخاري ، عن فضل الله بن أبي سعيد النوقاني ، عن المؤلف ».

وقال شاه ولي الله في ( الإرشاد إلى مهمّات الإسناد ) :

« وأما شرح السنّة والمصابيح ومعالم التنزيل للبغوي ، فرواها ابن البخاري ، عن فضل الله بن أبي سعد النوقاني ، عن مؤلّفها محيي السنّة الحسين بن مسعود الفراء البغوي ».

وأمّا الجمع بين الصحاح الستّة :

فهو من مرويّات محمد الأمير ، قال في ( رسالته ) : « جامع الأصول لرزين من طريق السلفي عنه ».


وأمّا تاريخ دمشق :

فهو من مرويّات حسن العجيمي كما دريته سابقا.

ومن مرويات الأمير ، ففي ( رسالته ) : « وأمّا تآليف ابن عساكر : الأربعين وغيرها ، فبسند شيخنا السقّاط المتقدم في الصحيح للبخاري ، المسلسل بالمالكية إلى أبي عبد الله الغربري ، عن المنبوذي أبي عبد الله محمد بن عبد الملك القيسي ، عن القاضي أبي بكر أحمد بن محمد بن جزء ، عن أبي محمد عبد المهيمن بن محمد الحضرمي ، عن أبي اليمن ابن عساكر ، عن نضر بن شميل ، عن الحافظ أبي القاسم علي بن الحسين بن هبة الله بن عبد الله بن الحسن بن عساكر الدمشقي ».

وأمّا جامع الأصول :

فهو من مرويّات العجيمي ، والشوكاني وشاه ولي الله الدهلوي. وقد تقدمت عبارة العجيمي ، وقال الشوكاني في ( إتحاف الأكابر ) :

« جامع الأصول لابن الأثير ، أرويه عن شيخنا السيد عبد القادر بن أحمد عن محمد حياة السندي ، عن الشيخ أبي المكارم محمد بن محمد ، عن الشيخ حسن بن علي العجيمي ، عن الشيخ أحمد بن محمد العجل ، عن الإمام يحيى بن مكرّم الطبري ، عن عز الدين بن فهد ، عن القاضي عبد الرحيم بن ناصر الدين بن الفرات ، عن محمد البياني ، عن الفخر علي بن أحمد البخاري ، عن المؤلّف ».

وقال شاه ولي الله في ( الإرشاد ) : « وأما جامع الأصول ، فرواه ابن البخاري ، عن مؤلّفه الامام مجد الدين ابن الأثير الجزري ».


وأما اسد الغابة :

فهو من مرويّات العجيمي ، وقد اطّلعت على عبارته فيما سبق.

وأمّا الرياض النضرة :

فهو من مرويّات العجيمي ، ومحمد عابد بن علي السندي. أمّا عبارة الأول فقد تقدمت سابقا ، وأما السّندي فقد قال في ( حصر الشارد ) : « وأما الرياض النضرة في مناقب العشرة للمحب الطبري ، فأرويه بالسّند المتقدم إلى أبي إسحاق التنوخي ، عن محمد بن أحمد بن خلف ، أنا المؤلّف ».

وأمّا ذخائر العقبى :

فهو من مرويّات الشوكاني ، قال في ( إتحاف الأكابر ) : « ذخائر العقبى في فضائل ذوي القربى للطبري ، أرويه بالإسناد المتقدّم في تفسير الثعلبي إلى الشماخي ، عن المؤلّف ».

وأمّا مشكاة المصابيح :

فهو من مرويّات العجيمي ، والبصري ، والشوكاني ، والسندي. وقد تقدمت عبارتا العجيمي والبصري سابقا ، وقال الشوكاني في ( إتحاف الأكابر ) : « المشكاة للتبريزي : أرويها بالإسناد المتقدم إلى إبراهيم الكردي ، عن شيخه أحمد بن محمد المدني ، عن احمد بن علي العباسي الشناوي ، عن السيّد غضنفر بن جعفر النهرواني ، عن محمد بن سعيد المشهور بميركلان ، عن نسيم الدين ميركشاه ، عن والده عطاء الله بن غياث الدين ، عن السيد عبد الله ابن عبد الرحمن بن عبد اللطيف الشيرازي ، عن عبد الرحيم بن عبد الكريم الصديقي ، عن علي بن مباركشاه الصديقي ، عن المؤلّف ».


وقال السندي في ( حصر الشارد ) :

« وأما مشكاة المصابيح للحافظ الخطيب ولي الدّين محمد بن علي التبريزي ، فأرويه بالأسانيد المتقدّمة في صحيح البخاري إلى ابن الربيع أي الزين السرجي ، أنا محمد بن محمد بن محمد الجزري ، أنا الشيخ أبو إسحاق إبراهيم بن الشيخ تقي الدين أبي الفتح محمد بن محمد بن علي بن الهمام ، عن والده عن المؤلّف.

ح وابن الربيع يرويه أيضا عن الشمس السخاوي ، أنا أبو الفتح محمد ابن أبي بكر بن الحسين العثماني المراغي ، أنا أبو محمد الحسن بن محمد الأبيوردي ، أنا ابو عبد الله أحمد بن نصر القزويني المشهور بالشيخ ، عن مؤلّفه.

ح والسخاوي يرويه أيضا عن ابن حجر ، عن مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزآبادي ، عن جمال الدين حسين الأخلاطي وشمس الدين المقدسي ، كلاهما عن مؤلّفه ، وكذلك يرويان كلاهما عن الطّيبي شرحه المشكاة أيضا.

ح وأرويه عن عمي الشيخ محمد حسين الأنصاري ، عن أبيه محمد مراد ابن يعقوب الأنصاري السندي ، عن الشيخ محمد هاشم بن عبد الغفور السندي ، عن الشيخ عبد القادر بن أبي بكر بن عبد القادر الصديقي ـ نسبا ، مفتى الإنصاف بمكة ـ عن الشيخ أحمد بن علي العبّاسي الشناوي ثم المدني ، عن السيد غضنفر بن السيد جعفر النهرواني ثم المدني ، عن شيخ الحرم المكي في القرن العاشر محمد سعيد المشهور بميركلان بن مولانا خواجه ، عن نسيم الدين ميركشاه ، عن والده عطاء الله بن غياث الدين فضل الله بن عبد الرحمن ، عن عمه أصيل الدين عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد اللطيف بن محيي الدين الشيرازي الحسيني ، عن عبد الرحيم بن عبد الكريم الجرمي الصديقي ، عن علي بن مباركشاه الصديقي ، عن مؤلّفه ».


وأمّا تحفة الأشراف :

فهو من مرويّات : الشوكاني ، والسندي ، قال الأوّل في ( إتحاف الأكابر ) : « الأطراف للمزّي ، أرويها بالإسناد المتقدم قريبا إلى السخاوي ، عن عبد الرحيم بن محمد بن الفرات ، عن ابن الحريري ، عن عائشة بنت محمد المقدسية ، عن المؤلف ».

وقال السندي في ( حصر الشارد ) : « وأما تحفة الأشراف في معرفة الأطراف للحافظ المزي ، فأرويها بالسّند المتقدم في البيّنات إلى مؤلّفها أبي الحجّاج المزي. ح وأرويها بالسّند المتقدم في البعث والنشور للبيهقي إلى الحافظ ابن حجر ، عن أحمد بن علي بن عبد الحق ، عن مؤلفها ».

وأمّا تذكرة الحفّاظ :

فهو من مرويّات محمد عابد السندي ، قال في ( حصر الشارد ) :

« وأمّا تذكرة الحفاظ للحافظ شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي ، فأرويها بالأسانيد المتقدمة في الإكليل إلى الشيخ عبد الله بن سالم البصري ، عن الشمس محمد بن علاء الدين البابلي ، عن علي بن يحيى الزيادي ، عن الشهاب أحمد بن محمد الرملي ، عن الشمس محمد بن عبد الرحمن السخاوي ، عن أبي المعالي عبد الكافي بن أحمد الذهبي ، عن أبي هريرة عبد الرحمن بن الحافظ محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي ، عن أبيه المؤلّف ».

وأمّا لسان الميزان :

فهو من مرويّات : الشوكاني ، والسندي. قال الشوكاني في ( إتحاف الأكابر ) : « لسان الميزان لابن حجر : أرويه بالإسناد المتقدم إليه في بلوغ المرام


له ».

وقال السّندي في ( حصر الشارد ) « أما لسان الميزان للحافظ ابن حجر فأرويه بالسند المتقدم إلى مؤلّفه ».

وأمّا جمع الجوامع :

فهو من مرويّات : الأمير ، والشوكاني. قال الأمير في ( رسالته ) : « الجامع الكبير والصغير للحافظ جلال الدين عبد الرحمن السيوطي ـ وبقية مؤلّفاته ـ عن شيخنا الصعيدي بالسّند السابق ، إلى السنهوري ، عن الشمس العلقمي ، عن المؤلّف ».

وقال الشوكاني ( إتحاف الأكابر ) : « الجامع الكبير والجامع الصغير للسيوطي : أرويها بالإسناد المتقدم في غير موضع إلى البابلي ، عن علي بن يحيى الزيادي ، عن يوسف بن عبد الله الأرميوني ، عن المؤلّف ».

وأمّا المنح المكية :

فهو من مرويّات العجيمي ـ كما عرفته آنفا ـ ، والأمير إذ قال في ( رسالته ) : « أمّا تآليف أحمد بن محمد بن حجر الهيتمي ـ بالمثناة الفوقية ، نسبة إلى هيتم من قرى مصر ـ فعن الجعفي ، عن البديري ، عن الشهاب أحمد بن عبد اللطيف البشيشي ، عن العلامة محمد البابلي ، عن الشيخ أحمد السنهوري ، عن مؤلّفها ».

وأمّا كنز العمال :

فهو من مرويّات العجيمي ، وقد دريته أيضا فيما مضى.

فظهر أن هذا الحديث مروي في جلائل المصنفات التي رواها العلماء الكبار ، وحدّث بها الأساطين الأحبار ، ومن الواضح أنّ الرواية لكلّ ما في


الكتاب يستلزم رواية جزئه بلا ارتياب.

فثبت أنّ كلّ شيخ وقع في سلسلة رواية هذه الكتب والأسفار راو لحديث الطير بلا احتجاب ولا استتار ، ولله الحمد أوّلا وآخرا.


الفائدة السادسة

في ذكر رواة الحديث من التابعين

لقد روى حديث الطير جماعة كبيرة من التّابعين ، فمنهم :

١ ـ أبو سعد أبان بن تغلب الكوفي.

٢ ـ أبو إسماعيل أبان بن أبي عيّاش البصري.

٣ ـ أبو إسحاق إبراهيم بن مهاجر البجلي.

٤ ـ أبو هدبة إبراهيم بن هدبة.

٥ ـ أبو يحيى إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة المدني الأنصاري.

٦ ـ إسماعيل بن سلمان بن أبي المغيرة الأزرق التميمي الكوفي.

٧ ـ إسماعيل بن سليمان التيمي.

٨ ـ إسماعيل بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب الهاشمي.

٩ ـ إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي كريمة السدّي.

١٠ ـ إسماعيل بن وردان.

١١ ـ بريدة بن سفيان الأسلمي.

١٢ ـ برذعة بن عبد الرحمن البناني.

١٣ ـ أبو الحسن بسّام بن عبد الله الصيرفي الكوفي.

١٤ ـ أبو محمد ثابت بن أسلم البناني البصري.

١٥ ـ ثابت البلخي.

١٦ ـ ثمامة بن عبد الله بن أنس بن مالك الأنصاري البصري.

١٧ ـ جعفر بن سليمان الضبعي.

١٨ ـ الحرث بن مجد.


١٩ ـ الحسن بن أبي حسن البصري.

٢٠ ـ حسن بن الحكم البجلي.

٢١ ـ أبو عبيدة حميد بن أبي حميد الطويل الخزاعي البصري.

٢٢ ـ أبو عصام خالد بن عبيد العتكي البصري.

٢٣ ـ دينار الذي روى عن أنس.

٢٤ ـ أبو عبد الله زبير بن عدي الهمداني اليامي الكوفي.

٢٥ ـ زياد بن ثروان.

٢٦ ـ زياد بن محمد الثقفي.

٢٧ ـ أبو النصر سالم بن أبي أميّة مولى عمر بن عبيد الله التيمي المدني.

٢٨ ـ سعيد بن المسيب القرشي المخزومي.

٢٩ ـ سعيد بن الميسرة البكري.

٣٠ ـ سليمان بن الحجاج الطائفي.

٣١ ـ أبو المعتمر سليمان بن طرخان التيمي البصري.

٣٢ ـ سليمان بن عامر بن عبد الله بن عباس.

٣٣ ـ أبو محمد سليمان بن مهران الأسدي الكاهلي الأعمش.

٣٤ ـ شقيق بن أبي عبد الله الكوفي.

٣٥ ـ أبو عمرو عامر بن شراحيل الشعبي.

٣٦ ـ عباد بن عبد الصمد.

٣٧ ـ عبد الأعلى بن عامر الثعلبي الكوفي.

٣٨ ـ عبد الله بن مالك الأنصاري البصري.

٣٩ ـ عبد الله بن سليمان ، الذي يروي عن أنس.

٤٠ ـ عبد الله القشيري ، الذي يروي عنه أيضا.

٤١ ـ عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري المدني ثم الكوفي.

٤٢ ـ عبد العزيز بن زياد.


٤٣ ـ عبد الملك بن أبي سليمان ميسرة العرزمي.

٤٤ ـ عبد الملك بن عمير بن سويد اللخمي الكوفي.

٤٥ ـ عثمان الطويل.

٤٦ ـ عطاء بن أبي رباح أسلم القرشي المكّي.

٤٧ ـ عطية بن سعد بن جنادة العوفي الجدلي.

٤٨ ـ علي بن أبي رافع ، الذي روى عن أنس.

٤٩ ـ علي بن عبد الله بن عباس الهاشمي.

٥٠ ـ أبو معاوية عمّار بن معاوية الدهني البجلي الكوفي.

٥١ ـ عمر بن أبي حفص الثقفي.

٥٢ ـ عمر بن يعلى بن مرّة الثقفي الكوفي.

٥٣ ـ عمر بن سليم البجلي.

٥٤ ـ أبو إسحاق عمرو بن عبد الله الهمداني السبيعي.

٥٥ ـ عمران بن مسلم الطائي.

٥٦ ـ عمران بن هيثم ، الراوي عن أنس.

٥٧ ـ أبو بكر عيسى بن طهمان الجشمي البصري.

٥٨ ـ أبو الفضل فضيل بن غزوان بن جرير الضبي.

٥٩ ـ أبو الخطّاب قتادة بن دعامة بن قتادة السدوسي البصري.

٦٠ ـ كلثوم بن جبر البصري.

٦١ ـ محمد بن جحادة الكوفي.

٦٢ ـ محمد بن خالد المنتصر الثقفي.

٦٣ ـ محمد بن سليم ، الراوي عن أنس.

٦٤ ـ أبو الرجال محمد بن عبد الرحمن بن حارثة الأنصاري المدني.

٦٥ ـ الامام الهمام أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي 7.


٦٦ ـ محمد بن عمرو بن علقمة بن وقّاص اللّيثي المدني.

٦٧ ـ محمد بن مالك الثقفي.

٦٨ ـ أبو بكر محمد بن مسلم القرشي الزهري.

٦٩ ـ أبو حسان مسلم بن عبد الله الأحرد الأعرج البصري.

٧٠ ـ أبو عبد الله مسلم بن كيسان الملاّئي البرّاد الأعور.

٧١ ـ مصعب بن سليمان الأنصاري.

٧٢ ـ أبو الرجا مطرب بن طهمان الورّاق السلمي الخراساني.

٧٣ ـ مطير بن أبي خالد ، الراوي عن أنس.

٧٤ ـ أبو موسى بن عبد الله الجهني الكوفي.

٧٥ ـ ميمون بن جابر السّلمي.

٧٦ ـ أبو أيوب ميمون بن مهران الجزري الكوفي.

٧٧ ـ أبو خلف ميمون ، الذي روى عن أنس.

٧٨ ـ أبو عبد الله نافع المدني ، مولى ابن عمر.

٧٩ ـ هلال بن سويد ، الراوي عنه.

٨٠ ـ أبو سعيد يحيى بن سعيد بن قيس الأنصاري المدني.

٨١ ـ أبو داود يحيى بن هاني بن عروة المرادي الكوفي.

٨٢ ـ أبو المهزم يزيد بن سفيان التميمي البصري.

٨٣ ـ يعلى بن مرة الكوفي.

٨٤ ـ يغنم بن سالم بن قنبر ، الراوي عن أنس.

٨٥ ـ أبو شيبة يوسف بن إبراهيم التميمي الواسطي.

٨٦ ـ أبو الجارود بن طارق.

٨٧ ـ أبو جعفر السبّاك.

٨٨ ـ أبو حذيفة العقيلي.

٨٩ ـ أبو حمزة الواسطي.


٩٠ ـ أبو داود السبيعي.

٩١ ـ أبو الهندي.

ذكر مواضع روايات هؤلاء

وفيما يلي نذكر بعض من أخرج أو اثبت رواية كلّ واحد من هؤلاء التابعين :

حديث أبان بن تغلب : الحاكم ، الكنجي.

حديث أبان بن أبي عيّاش : الحاكم ، الكنجي.

حديث إبراهيم بن مهاجر : الحاكم ، الكنجي.

حديث ابن هدبة : الحاكم ، الكنجي.

حديث إسحاق بن عبد الله : الحاكم ، أبو نعيم ، ابن المغازلي ، الكنجي.

حديث الأزرق : أبو حاتم ، البيهقي ، الحاكم ، ابن المغازلي ، العاصمي ، الخوارزمي ، الكنجي.

حديث إسماعيل التيمي : الحاكم ، الكنجي.

حديث إسماعيل بن عبد الله : الحاكم ، ابن المغازلي ، الكنجي ، محمد الأمير اليماني.

حديث السدّي : الترمذي ، النسائي ، أبو يعلى ، الحاكم ، ابن المغازلي ، أبو المظفر السّمعاني ، البغوي ، رزين ، الخوارزمي ، ابن الأثير ، سبط ابن الجوزي ، الكنجي ، الخطيب التبريزي ، المزّي ، البلخي القندوزي.

حديث ابن وردان : الحاكم ، الكنجي.

حديث بريدة بن سفيان : المحاملي ، ابن المغازلي ، الكنجي.

حديث بسّام الصيرفي : الحاكم ، الكنجي.

حديث ثابت بن أسلم : الحاكم ، الكنجي.


حديث ثابت البلخي : الحمويني.

حديث ثمامة : الحاكم ، ابن مردويه ، ابن المغازلي ، الكنجي.

حديث جعفر بن سليمان : الحاكم ، الكنجي.

حديث الحرث بن محمد : الخوارزمي أخطب خطباء خوارزم.

حديث الحسن البصري : الحاكم ، ابن الأثير ، الكنجي.

حديث الحسن بن حكم : الحاكم ، ابن مردويه ، الكنجي.

حديث حميد الطّويل : ابن السقاء ، الحاكم ، أحمد بن المظفر ، ابن المغازلي ، ابن الأثير ، الكنجي.

حديث خالد بن عبيد : الحاكم ، ابن المغازلي ، الكنجي.

حديث دينار : ابن عساكر ، ابن النجار ، السّيوطي ، المتقّي ، الوصّابي ، الأمير.

حديث الزبير بن عدي : الحاكم ، ابن المغازلي ، الكنجي ، الحمويني.

حديث زياد بن ثروان : الحاكم ، الكنجي.

حديث زياد الثقفي : الحاكم ، الكنجي.

حديث سالم بن أبي أميّة : أحمد بن سعيد الجديّ.

حديث سعيد بن المسيب : الحاكم ، ابن المغازلي ، الكنجي ، الأمير ، البلخي.

حديث سعيد بن ميسرة : الحاكم ، الكنجي.

حديث سليمان الطّائفي : الحاكم ، ابن المغازلي ، الكنجي ، الأمير.

حديث سليمان التيمي : الحاكم ، الكنجي.

حديث سليمان بن عامر : الحاكم ، الكنجي.

حديث سليمان الأعمش : الحاكم ، الكنجي.

حديث شقيق : الحاكم ، الكنجي.

حديث عامر الشعبي : الحاكم ، الكنجي.


حديث عبّاد بن عبد الصمد : الحاكم ، الكنجي.

حديث عبد الأعلى الثعلبي : الحاكم ، الكنجي.

حديث عبد الله بن أنس : أبو يعلى ، الحاكم ، ابن المغازلي ، الكنجي.

حديث عبد الله بن سليمان : ابن المغزلي.

حديث عبد الله القشيري : ابن عساكر ، السّيوطي ، المتّقي ، الوصّابي ، الأمير.

حديث عبد الرحمن بن أبي ليلى : أبو نعيم الأصبهاني.

حديث عبد العزيز بن زياد : الحاكم ، الكنجي.

حديث عبد الملك بن أبي سليمان : ابن أبي حاتم ، الدار قطني ، الحاكم ، ابن بشران النحوي ، ابن المغازلي ، الكنجي ، ابن حجر العسقلاني.

حديث عبد الملك بن عمير : الحاكم ، ابن المغازلي ، الكنجي ، الحمويني.

حديث عثمان الطويل : ابن المغازلي ، الكنجي.

حديث عطاء بن أبي رياح : الدار قطني ، الخطيب ، العقيلي ، ابن حجر العسقلاني.

حديث عطيّة العوفي : الحاكم ، الكنجي.

حديث علي بن أبي رافع : الحاكم ، الكنجي.

حديث علي بن عبد الله بن العبّاس : يحيى بن محمد بن صاعد ، الخوارزمي ، البلخي.

حديث عمار الدهني : الحاكم ، الكنجي.

حديث عمر الثقفي : الحاكم ، الكنجي.

حديث عمر بن يعلى : الحاكم ، الكنجي.

حديث عمر البجلي : الحاكم ، الكنجي.

حديث أبي إسحاق السّبيعي : ابن المغازلي.


حديث عمران الطائي : الحاكم ، أبو المظفر السمعاني ، الكنجي.

حديث عمران بن هيثم : الحاكم ، الكنجي.

حديث عيسى الجشمي : الحاكم ، الكنجي.

حديث قتادة السّدوسي : الحاكم ، ابن المغازلي ، الكنجي.

حديث كلثوم بن جبر : الحاكم الكنجي.

حديث محمد بن جحادة : الحاكم ، الكنجي.

حديث محمد بن خالد : الحاكم ، الكنجي.

حديث محمد بن سليم : الحاكم ، الكنجي.

حديث أبي الرجال الأنصاري : الحاكم ، ابن المغازلي ، الكنجي.

حديث الإمام محمد بن علي الباقر 7 : الحاكم ، ابن مردويه ، الكنجي.

حديث محمد بن عمرو : الحاكم ، الكنجي.

حديث محمد بن مالك : الحاكم ، الكنجي.

حديث محمد بن مسلم الزهري : الحاكم ، ابن المغازلي ، ابن النجار ، الكنجي ، السيوطي ، المتقي.

حديث مسلم بن عبد الله : ابن مردويه ، ابن المغازلي.

حديث مسلم بن كيسان : الحاكم ، ابن المغازلي ، الكنجي.

حديث مصعب بن سليمان : الحاكم ، الكنجي.

حديث أبي الرجا مطر بن طهمان : الحاكم ، ابن النجار ، الكنجي.

حديث مطير بن أبي خالد : الحاكم ، الكنجي.

حديث موسى بن عبد الله : الحاكم ، الكنجي.

حديث ميمون بن جابر : الحاكم ، الكنجي.

حديث ميمون بن مهران : الحاكم ، الكنجي.

حديث أبي خلف ميمون : الحاكم ، الكنجي.


حديث نافع مولى ابن عمر : الحاكم ، ابن بشران ، ابن المغازلي ، الكنجي.

حديث هلال بن سويد : الحاكم ، الكنجي.

حديث يحيى بن سعيد : الحاكم ، الكنجي.

حديث يحيى بن هاني : الحاكم ، الكنجي.

حديث يزيد بن سفيان : الحاكم ، الكنجي.

حديث يعلى بن مرّة : الحاكم ، الخطيب ، الكنجي.

حديث يغنم بن سالم : ابن شاهين ، الحاكم ، ابن المغازلي ، ابن الأثير ، الكنجي ، الأمير.

حديث يوسف بن إبراهيم : الحاكم ، ابن المغازلي ، الكنجي.

حديث أبي الجارود : ابن المغازلي.

حديث أبي جعفر السبّاك : ابن المغازلي.

حديث أبي حذيفة العقيلي : الحاكم ، الكنجي.

حديث أبي حمزة الواسطي : الحاكم ، الكنجي.

حديث أبي داود السبيعي : الحاكم ، الكنجي.

حديث أبي الهندي : الحاكم ، ابن المغازلي ، ابن الأثير ، الكنجي ، الأمير.

فضائل التّابعين

هذا ، وغير خاف على أهل العلم أن أهل السنّة يعتبرون التابعين خير الناس بعد صحابة رسول الله 6 ، وأنّ قرنهم خير القرون بعد قرنهم ، فهم موصوفون عندهم بالصّدق والورع والعدالة ، ويروون في حقهم الأحاديث عن رسول الله 6. قال أبو حاتم محمد ابن حبان البستي في أوّل كتاب التّابعين :


« أنا الحسن بن سفيان ، ثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، ثنا أبو الأحوص ، عن منصور ، عن إبراهيم ، عن عبيدة ، عن عبد الله قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : خير أمتي القرن الذي أنا فيه ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم ، ثم يجيء قوم يسبق شهادة أحدهم يمينه ويمينه شهادته.

قال : خير الناس قرنا بعد الصحابة من شافه أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، وحفظ عنهم الدين والسنن » (١).

وقال في أوّل كتاب أتباع التابعين :

« حدثنا أبو يعلى أحمد بن علي بن المثنى بالموصل ، حدثنا إبراهيم بن الحجاج الشامي ، قال سمعت أبان بن يزيد يحدّث عن أبي حمزة ، عن زهدم الجرمي ، عن عمران بن حصين عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال : خير أمّتي القرن الذي بعثت فيهم ، ثمّ الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم ، ثم يفشو قوم يشهدون ولا يستشهدون ، ويحلفون ولا يستحلفون ، ويخونون ولا يؤتمنون ، ويفشو فيهم السمن » (٢).

وقال في أوّل الثقات : « فأوّل ما أبدأ في كتابنا هذا ذكر المصطفى صلّى الله عليه وسلّم ، ومولده ومبعثه وهجرته ، إلى أن قبضه الله تعالى إلى جنّته ، ثم نذكر بعده الخلفاء الراشدين المهذّبين بأيّامهم ، إلى أن قتل علي رحمة الله عليه ، ثم نذكر صحب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم واحدا واحدا ، إذ هم خير الناس قرنا بعد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، ثم نذكر بعدهم التابعين الذين شافهوا أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في الأقاليم كلّها على المعجم ، إذ هم خير الناس قرنا بعد الصحابة ، ثم نذكر القرن الثالث الذين رأوا التابعين ، فأذكرهم على نحو ما ذكرنا الطبقتين الأوليين ثم نذكر القرن

__________________

(١) الثقات ٤ / ٢.

(٢) الثقات ٦ / ١.


الرابع الذين هم أتباع على سبيل من قبلهم ، وهذا القرن ينتهي إلى زماننا هذا » (١).

وقد صنّف الحافظ السّيوطي رسالة في فضل القرون الثلاثة ـ أعني الصحابة والتابعين وأتباع التابعين ـ وقد جاء فيها :

« قد أجمعت الامة على أن القرون الثلاثة الاول هي الفاضلة ، وجعلوا لها مزّية على ما بعدها ، وأجمعوا على أن قرن الصحابة أفضل ، ثمّ قرن التابعين ، ثم قرن أتباع التابعين ، وذكروا في مناقب الأمام أبي حنيفة هذا الحديث بيانا لفضيلته التي امتاز بها على سائر الامة ، وهي أنه رأى من رأى النبي صلّى الله عليه وسلّم ».

وقال عبد العزيز بن أحمد البخاري ـ بعد ذكر إجماع الصّحابة على قبول الخبر المرسل ـ :

« فإن قيل : نحن نسلّم ذلك في الصحابة ونقبل مراسيلهم ، لثبوت عدالتهم قطعا بالنصوص ، وإن الكلام فيمن بعدهم. قلنا : لا فرق بين صحابي يرسل وتابعي يرسل ، لأنّ عدالتهم تثبت بشهادة الرسول أيضا ، خصوصا إذا كان إرسال من وجوه التابعين مثل : عطاء بن أبي رباح من أهل مكة ، وسعيد بن المسيب من أهل المدينة ، وبعض الفقهاء السبعة ، ومثل الشعبي والنخعي من أهل الكوفة ، وأبي العالية والحسن من أهل البصرة ، ومكحول من أهل الشام. فإنهم كانوا يرسلون ولا يظن بهم إلاّ الصدق » (٢).

وقد نصّ ( الدهلوي ) على ثبوت صدق وصلاح الصحابة والتابعين حسب قوله 6 : خير القرون قرني ثمّ الذين يلونهم.

والخلاصة : إن احتمال صدور الكذب من هذه الجماعة على أصول

__________________

(١) الثقات ٨ / ١.

(٢) كشف الأسرار في شرح الأصول ٣ / ١١.


أهل السنة محض المجون وعين الخلاعة ، لأنّهم خير القرون بعد قرن الصّحابة بنص الرسول عليه وآله الصلاة والسلام ، وإجماع العلماء الأعلام ...


الفائدة السابعة

في ذكر رواة الحديث من الصّحابة

لقد روى جماعة من الأصحاب حديث الطير عن رسول الله 6 :

أوّلهم وأفضلهم : أمير المؤمنين عليه الصلاة والسّلام ويوجد الحديث عنه عند :

ابن عقدة ، والحاكم ، وابن مردويه ، وابن المغازلي ، والخوارزمي ، والكنجي الشافعي.

الثاني : عبد الله بن عباس ، وحديثه عند :

يحيى بن محمد بن صاعد ، والخوارزمي ، والكنجي ، والبلخي القندوزي.

الثالث : أبو سعيد الخدري ، وحديثه عند :

الحاكم ، والكنجي.

الرابع : سفينة ، وحديثه عند :

أحمد ، وعبد الله بن أحمد ، والبغوي ، والمحاملي ، والحاكم ، وابن المغازلي ، وسبط ابن الجوزي ، والكنجي ، والمحب الطبري ، والحمويني ، ومحمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني.

الخامس : أبو الطفيل عامر بن واثلة ، وحديثه عند :

ابن عقدة ، والحاكم ، وابن مردويه ، وابن المغازلي ، والخوارزمي ، والكنجي.

السّادس : أنس بن مالك ، وحديثه عند :


أبي حنيفة ، والترمذي ، وأبي حاتم ، والبزار ، والنسائي ، وأبي يعلى ، وابن أبي حاتم ، وأحمد بن سعيد الجدّي ، والطبري ، وأبي الليث ، وابن شاهين ، وأبي الحسن السكري الحربي ، والحاكم ، وابن مردويه ، وأبي نعيم ، وأحمد ابن المظفّر ، والبيهقي ، وابن بشران ، والخطيب ، وابن المغازلي ، وأبي المظفر السمعاني ، والبغوي ، ورزين ، والخوارزمي ، وابن عساكر ، وأبي السعادات ابن الأثير ، وأبي الحسن بن الأثير ، وابن النجّار ، وسبط ابن الجوزي ، والكنجي ، والمحب الطبري ، والحمويني ، والخطيب التبريزي ، والمزي ، والزرندي ، وشهاب الدين أحمد ، والدولت آبادي ، وابن حجر العسقلاني ، وابن الصباغ ، والميبدي ، والمطيري ، والخافي ، والصفوري ، والسيوطي ، وابن حجر المكي ، والمتقي ، والميرزا مخدوم ، والوصابي ، والجمال المحدّث ، ومحمد المصري ، والسهارنفوري ، والبدخشاني ، ومحمد صدر العالم ، وشاه ولي الله ، والأمير الصنعاني ، والمولوي مبين اللكهنوي ، والمولوي حسن علي المحدّث ، ونور الدين السليماني ، والمولوي ولي الله اللكهنوي ، والبلخي القندوزي.

السّابع : سعد بن أبي وقاص ، وحديثه عند :

أبي نعيم الأصبهاني.

الثامن : عمرو بن العاص ، ذكر حديث الطير في كتاب له إلى معاوية ، رواه الخوارزمي.

التاسع : أبو مرازم يعلى بن مرّة ، وحديثه عند :

أبي عبد الله الكنجي الشّافعي.

هذا ، ومن المعلوم أن أهل السنّة يذهبون إلى عدالة جميع الصّحابة ، ويستدلّون لذلك بآيات من الكتاب العزيز ، وبأحاديث عن سيّدنا رسول الله 6.

ومن شاء الوقوف على طرف من فضائل هؤلاء الأصحاب فليراجع كتب هذا الشأن ، مثل ( الإستيعاب ) و ( اسد الغابة ) و ( الإصابة ) وغيرها.


امّا مولانا أمير المؤمنين 7 بالخصوص فـ « لو أنّ الفياض أقلام ، والبحر مداد ، والجنّ حسّاب ، والإنس كتّاب ، لما أحصوا فضائله » كما في الحديث الشريف المتّفق عليه بين الفريقين.

تكميل وتذييل

وسيأتي في ما بعد ـ إن شاء الله تعالى ـ حديث مناشدة أمير المؤمنين 7 في الشورى ، حيث احتجّ بجملة من فضائله وذكر منها « حديث الطير » مخاطبا عثمان ، وسعد بن أبي وقاص ، وعبد الرحمن بن عوف ، وطلحة ، والزبير ، وقد سلّم جميعهم بتلك الفضائل كلّها. وتسليم هؤلاء ـ ولو لم يكونوا رواة لحديث الطير ما عدا سعد لما تقدم ـ يكفي دليلا لصحّة احتجاج الإمامية بحديث الطير ، فالحمد لله على ذلك.

تنبيه :

لم يذكر السيّد 1 من الصحابة :

١ ـ جابر بن عبد الله الأنصاري ، وحديثه عند : ابن عساكر ، ابن كثير.

٢ ـ أبو رافع ، وحديثه عنه : ابن كثير.

٣ ـ حبشي بن جنادة ، وحديثه عند : ابن كثير.

وقد أشرنا إلى روايتهم في مقدمة الكتاب ، وستعرف بالتفصيل في غضون الكتاب.


الفائدة الثامنة

في ذكر وجوه صحة هذا الحديث

إن حديث الطير صحيح ثابت لوجوه :

١ ـ عدالة رواته

إن حديث الطير صحيح باعتبار رجال جملة من طرقه ، كما سيتضحّ ذلك كلّ الوضوح لدى ترجمة رجاله وتعديلهم ، على ضوء كلمات علماء الجرح والتعديل من أهل السنّة.

٢ ـ تصحيح جماعة إيّاه

لقد نصّ جماعة من أعلام المحدثين وعلماء أهل السنّة على صحّة حديث الطير ، وهم :

١ ـ أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحاكم النيسابوري ، وهو من أشهر نقّاد الحديث المرجوع إليهم في معرفته ولذا لقّب بالحاكم.

٢ ـ قاضي القضاة عبد الجبّار بن أحمد المعتزلي.

٣ ـ أبو عبد الله محمد بن يوسف الكنجي.

٤ ـ شهاب الدين بن شمس الدين الزاولي الدولت آبادي.

٥ ـ علي بن محمد المعروف بابن الصبّاغ المالكي.

٦ ـ عبد الله بن محمد المطيري.

وممن صرّح بصحته أيضا : إسحاق بن إبراهيم بن إسماعيل بن حمّاد ابن زيد ، فإنّه قد اعترف بصحته لدى مناظرته مع المأمون العبّاسي ، كما ستسمعه إن شاء الله تعالى.


وحيث أنّ الحاضرين في مجلس المناظرة سلّموا بإقرار إسحاق بن إبراهيم بصحة الحديث ، وقد كانوا ثلاثين رجلا من كبار الفقهاء ومشاهير العلماء مع قاضي القضاة يحيى بن أكثم ... فإنّ تسليمهم بذلك يعتبر قبولا لصحة الحديث ، ودليلا على اعتقادهم بثبوته ... بناء على ما ذكره ( الدهلوي ) ـ في مواضع من كتابه ، وتبعه تلميذه ( الرشيد ) ـ من أن السّكوت دليل التسليم والقبول ...

بل قال يحيى بن أكثم في نهاية البحث مخاطبا المأمون : « يا أمير المؤمنين ، قد أوضحت الحق لمن أراد الله به الخير ، وأثبتّ ما لا يقدر أحد أن يدفعه » وهذا يقتضي اعترافه بصحّة حديث الطّير سندا ، وأنّه يدلّ على مطلوب أهل الحق ولا يقدر أحد أن يدفعه لأنّه من جملة ما أثبته المأمون في بحثه ، وأوضح به الحق لمن أراد الله به خيرا.

وكيف يظنّ بهؤلاء جميعا أنّهم صحّحوا ما ليس بصحيح ، أو صرّحوا بصحّة الباطل أكمل التصريح؟!

٣ ـ الحسن كالصّحيح بل قسم منه

إنّه وإن أبى بعض علمائهم كالعسقلاني وابن حجر المكي التنصيص على صحّة حديث الطير ، لكنّهم ذهبوا إلى حسنه وصرّحوا بذلك كما ستدري عن كثب إن شاء الله ...

ومن المعلوم أنّ الحديث الحسن يحتجّ به كالصحيح ، بل ذهب بعض العلماء إلى أنّه قسم من الصحيح ، وعليه ، فإن القول بحسن حديث الطير يؤيّد ما يذهب إليه أهل الحق من القول بصحّته ، وهو المطلوب.

٤ ـ القول بمضمون الحديث يقتضي صحّته

لقد احتجّ المأمون العبّاسي بحديث الطير كما سيأتي ، وهكذا الشيخ أبو


عبد الله ـ كما ذكر القاضي عبد الجبار ـ على أفضليّة أمير المؤمنين عليه الصّلاة والسّلام. وهذا بنفسه يقتضي اعتقادهما بصحّة هذا الحديث الشريف كما هو واضح ، ومن هنا قال السّيوطي في رسالته في فضل القرون الثلاثة الاولى ـ بعد كلام له ـ : « ويضاف إلى ذلك ما قاله جمع من العلماء أنّ مما يقتضي صحة الحديث قول أهل العلم بمقتضاه ».

فظهر أن المأمون والشيخ أبو عبد الله يعتقدان صحة حديث الطير.

٥ ـ عقد الحديث في الشعر يدل على اشتهاره وصحته

إنّ عقد حديث من الأحاديث في الشّعر يدلّ على ثبوته وشهرته في الصدر الأوّل ، لقول السيوطي في خطبة كتاب له في هذا الشأن : « هذا جزء جمعت فيه الأشعار التي عقد فيها شيء من الأحاديث والآثار ، سمّيته بالازهار ، وله فوائد :

منها : الاستدلال به على شهرة الحديث في الصدر الأول وصحته ، وقد وقع ذلك لجماعة من المحدثين ».

ولقد عقد أبو القاسم إسماعيل بن عبّاد المعروف بالصاحب ، حديث الطّير ، في أشعار عديدة له ، نقلها المحققون الكبار ، كالخطيب الخوارزمي والحافظ الكنجي الشافعي ، وهكذا عقده الخوارزمي في قصيدته البائية ، والإمام المنصور بالله ، ومحمد بن إسماعيل الأمير في ( التحفة العلوية ) (١).

وهذا أيضا من الأدلّة على شهرة حديث الطير في الصدر الأوّل وصحته ...

__________________

(١) وراجع أيضا : ترجمة أمير المؤمنين من تاريخ دمشق. ٢ / ١٥٥ ـ ١٥٨. الهامش.


الفائدة التاسعة

في ذكر وجوه اشتهار الحديث وتواتره

بل إنّ حديث الطير يعد من الأحاديث المتواترة ، حسب كلمات كبار أساطين علماء أهل السنّة ، ونحن نذكر ذلك في وجوه :

١ ـ كلام ابن حجر المكي في مسألة صلاة أبي بكر

قال ابن حجر المكي بعد الحديث الموضوع : ( مروا أبا بكر فليصلّ بالناس ) قال : « واعلم أنّ هذا الحديث متواتر ، فإنه ورد من حديث : عائشة ، وابن مسعود ، وابن عباس ، وابن عمر ، وعبد الله بن زمعة ، وأبي سعيد ، وعلي ابن أبي طالب ، وحفصة » (١).

وإذا كان ابن حجر يدّعي تواتر هذا الحديث الموضوع بزعم وروده من ثمانية من الصّحابة ، فإنّ حديث الطير الذي رواه أحد عشر منهم ـ بالإضافة إلى سيدنا أمير المؤمنين 7 ـ يكون متواترا بالأولويّة ، هذا ، بغض النظر عن تسليم عثمان وعبد الرحمن بن عوف وطلحة والزبير يوم الشّورى ، وأمّا معه فيكون تواتر اكثر وآكد.

٢ ـ كلام ابن حزم في مسألة بيع الماء

وقال ابن حزم في ( المحلّى ) في مسألة عدم جواز بيع الماء ـ بعد إيراد أحاديث المنع عن أربعة من الأصحاب ـ : « فهؤلاء أربعة من الصحابة رضي

__________________

(١) الصواعق المحرقة : ١٣.


الله عنهم ، فهو نقل تواتر لا تحلّ مخالفته ».

فابن حزم يرى بلوغ الخبر حدّ التواتر بنقل أربعة من الصحابة ، وقد علمت أنّ حديث الطير ورد عن اثني عشر من الصحابة ، فهو نقل متواتر قطعا.

توفّر شروط التواتر فيه

لقد روى الجم الغفير والجمع الكثير من أعيان أهل السنّة ومشاهير الأمّة من الصّحابة والتابعين وأتباعهم وغيرهم ، من العلماء المتقدمين والمتأخّرين من الصدر الأوّل إلى هذا الحين ، حديث الطير ، وهو نقل تواتر قطعا ، لأنّ رواته مستندون فيه إلى الحس ، وقد بلغت كثرتهم حدّا يمنع تواطئهم على الكذب ، وبلغت طبقاتهم في الأوّل والآخر والوسط عدد التواتر ، وهذه هي الشروط التي يعتبرها أرباب الأصول في التواتر ، قال عضد الدّين الإيجي :

« قد ذكر في التواتر شروط صحيحة وشروط فاسدة ، أمّا الشروط الصحيحة فثلاثة ، كلّها في المخبرين : أحدها ـ تعدّدهم تعدّدا يبلغ في الكثرة إلى أن يمنع الاتفاق بينهم والتواطؤ على الكذب عادة. ثانيها ـ كونهم مستندين لذلك الخبر إلى الحس فإنّه في مثل حدوث العالم لا يفيد قطعا. ثالثها ـ استواء الطرفين والواسطة ، أعني بلوغ جميع طبقات المخبرين في الأول والآخر والوسط ، بالغا ما بلغ عدد التواتر » (١).

ولا يخفى ، أنه لا يشترط في حصول التواتر عدالة الرّواة بل لا يشترط الإسلام ، فلو كان جميع هؤلاء الرواة غير عدول بل غير مسلمين لحصل المطلوب ، فكيف وكلّهم من عدول رجال القوم!! أمّا عدم اشتراط ذلك فقد قال الإيجي : « ما ذكرناه هي الشروط المتفق عليها في التواتر ، أما المختلف فيه فقال قوم : يشترط الإسلام والعدالة كما في

__________________

(١) شرح مختصر الأصول ٢ / ٥٣.


الشهادة ، وإلاّ أفاد إخبار النصارى بقتل المسيح العلم به وإنه باطل. والجواب : منع حصول شرائط التواتر لاختلال في الأصل والوسط ، أي قصور الناقلين عن عدد التواتر في المرتبة الاولى ، أو في شيء مما بينهم وبين الناقلين إلينا. من عدد التواتر ، ولذلك يعلم أنّ أهل قسطنطينية لو أخبروا بقتل ملكهم حصل العلم به » (١).

إشكال ورّد

ولو قال مشكّك أو متعصّب بأنّه لو كان هذا الحديث متواترا لصرّح بذلك بعض العلماء في الأقلّ ، وإذ ليس فليس.

فجوابه من وجوه :

الأوّل : إنّه شهادة على النّفي ، وهي غير مقبولة كما عليه المحقّقون.

والثاني : إنّ عدم الوجدان لا يدلّ على عدم الوجود.

والثالث : سلّمنا عدم تنصيص أحد منهم بتواتره ، لكن لا غرابة في ذلك من علماء أهل السنّة ، لأنّهم طالما حاولوا كتم فضائل أمير المؤمنين 7 وسعوا في طمس مناقبه ، فلم تسمح لهم أنفسهم بروايتها فكيف بالاعتراف بتواترها!!

والرّابع : ولو سلّمنا وجود من ينصف فيهم لكن لعلّهم لم يصرحوا بتواتره لغفلتهم عن طرقه ، إلاّ أنّ عدم علم أحد به لا يمنع من حصول العلم به لغيره. قال القاضي عياض : « ولا يبعد أن يحصل العلم بالتواتر عند واحد ولا يحصل عند آخر ، فإنّ أكثر الناس يعلمون بالخبر كون بغداد موجودة ، وأنها مدينة عظيمة ودار الإمامة والخلافة ، وآحاد من الناس لا يعلمون اسمها فضلا عن وصفها ، وهكذا يعلم الفقهاء من أصحاب مالك بالضرورة وتواتر النقل عنه أن مذهبه

__________________

(١) شرح مختصر الأصول ٢ / ٥٥.


إيجاب قراءة ام القرآن في الصلاة للمنفرد والإمام ، وإجزاء النيّة في أوّل ليلة من رمضان عن ما سواه ، وأنّ الشافعي يرى تجديد النية كلّ ليلة ، والاقتصار في المسح على بعض الرأس ، وإنّ مذهبهما القصاص في القتل بالمحدود وغيره ، وإيجاب النيّة في الوضوء ، واشتراط الولي في النكاح ، وإن أبا حنيفة ـ 2 ـ يخالفهما في هذه المسائل ، وغيرهم ممّن لا يشتغل بمذاهبهم ولا روى أقوالهم لا يعرف هذا من مذاهبهم ، فضلا عمّن سواهم » (١).

والخامس : ولو فرض أن متعصّبا أنكر تواتر حديث الطير ، فإنه لا يصغى إلى كلامه البتّة ، فكيف يوجب عدم تصريح واحد منهم بتواتره ـ مع قيام الأدلّة القاهرة والبراهين الباهرة على تواتره ـ خللا في ذلك؟!!

إلاّ أنّ الحليمي وأتباعه ـ كوالد ( الدهلوي ) ـ أنكروا خبر انشقاق القمر فضلا عن تواتره ، لكنّ المحققين لم يعبئوا بذلك ، ولم يشكوا في تواتر ذاك الحديث وثبوته ، قال القاضي عياض فيه ما نصه : « وأنا أقول صدعا بالحق : إنّ كثيرا من هذه الآيات المأثورة عنه 7 معلومة بالقطع. أما انشقاق القمر فالقرآن نصّ بوقوعه وأخبر عن وجوده ، ولا يعدل عن ظاهره إلاّ بدليل ، وجاء برفع احتماله صحيح الأخبار من طرق كثيرة ، فلا يوهن عزمنا خلاف أخرق منحلّ عرى الدين ، ولا يلتفت إلى سخافة مبتدع يلقي الشك على قلوب ضعفاء المؤمنين ، بل يرغم بهذا أنفه وينبذ بالعراء سخفه » (٢).

__________________

(١) الشفا بتعريف حقوق المصطفى ٢ / ٤٧١ بشرح الخفاجي.

(٢) الشفا بتعريف حقوق المصطفى ٢ / ٤٦٤.


الفائدة العاشرة

في ذكر الوجوه المفيدة للقطع بصدوره

بل إنّ حديث الطير حديث مقطوع بصدوره من رسول الله 6 للوجوه المتينة التالية :

١ ـ رواية الفريقين بالطرق المتضافرة

يكفي لحصول القطع بصدور هذا الحديث إثبات أركان الفريقين ـ من السابقين واللاحقين ـ إيّاه بالطّرق الكثيرة والأسانيد المتضافرة ، خلفا عن سلف ، عن الصّحابة عن رسول الله 6 ...

ولا يقدح في ذلك قدح شرذمة قليلة من أهل العناد والعصبية والهوى ... كما هو واضح.

٢ ـ وجوب الأخذ بالمتّفق عليه

إنه لو فرضنا وقوع الخلاف بين أهل السنّة في هذا الحديث ، لكنّ كونه موضع الوفاق بين أهل الحقّ يقتضي أن يكون ثبوته متفقا عليه بين المسلمين ، لما ذكره ( الدهلوي ) في الجواب عن الأدلّة العقلية التي يذكرها الإمامية لإمامة أمير المؤمنين 7 ، حيث قال : « الدليل الرابع : إن أمير المؤمنين ـ 2 ـ كان يتظلّم دائما ويشكو الخلفاء الثلاثة ، ويصرّح بأنه مظلوم ومقهور ، وما ذلك إلاّ لغصب الإمامة عنه ، فيكون الإمامة حقّه دون غيره ، لأنه صادق بالإجماع.

والجواب عنه : المنع من صحّة تلك الرّوايات ، إذ لم يرد عند أهل السنّة


شيء منها ، بل الرّوايات في الموافقة والنصح والثناء عليهم والدعاء لهم وإعانتهم متواترة لدى أهل السنة. أمّا روايات الإمامية فمختلفة ، فأكثرها موافقة لروايات أهل السنّة ، فإنها تدل على موافقته للخلفاء ونصحه لهم وإشارته عليهم ما داموا احياء ، كما في قصة عمر بن الخطاب 2 ، كما عن نهج البلاغة ، وكذا بعد موتهم فإنّه كان يثني عليهم ، ويمدح أعمالهم ، ويشهد لهم بالخير والنّجاة كما عن نهج البلاغة من قوله : لله بلاد أبي بكر ، إلى آخر الخطبة.

فأخذ أهل السنّة المتّفق عليه وطرحوا المختلف فيه الذي انفرد به الشيعة ـ وحال رواتهم معلوم ـ وكلّ عاقل يأخذ بالمتّفق عليه ويترك المختلف فيه » (١).

وعلى ضوء هذا الكلام نقول بوجوب الأخذ بحديث الطّير ، لأنّه المتّفق عليه بين الشيعة وأهل السنّة ، حتى لو كان المخالفون من أهل السنّة يعادلون الموافقين للشيعة في العدد ، كما يفهم من كلام ( الدهلوي ) المذكور.

٣ ـ رواية أمير المؤمنين 7

لقد ورد حديث الطير من حديث سيّدنا أمير المؤمنين عليه الصلاة والسّلام ـ كما ستطّلع عليه فيما بعد إن شاء الله تعالى ـ وبما أنه 7 معصوم ـ حسب كلمات العلماء المحققين الأعلام من أهل السنّة ، كما لا يخفى على من راجع ( تشييد المطاعن ) ولا سيّما شاه ولي الله في ( التفهيمات الإلهية ) ، وكذا صرّح بذلك ( الدهلوي ) نفسه في ( التحفة ) وتفسيره ( فتح العزيز ) ـ فإنّ هذا بوحده يفيد اليقين ويوجب القطع بصدور هذا الحديث من رسول الله 6.

__________________

(١) التحفة الاثنا عشرية : ٢٢٣.


٤ ـ احتجاج الأمير به

ولقد احتجّ به عليه الصلاة والسلام ـ فيما احتجّ ـ يوم الشورى كما سيأتي في ما بعد إن شاء الله ـ لأولويّته بالإمامة والخلافة وأفضليّته من سائر الصّحابة ، ولقد سلّم الحاضرون منهم بذلك واعترفوا بتلك الفضائل ، ومن المحال ـ حسب اعتقاد أهل السنة في الصحابة ـ أن يعترفوا ويسلّموا بما لم يثبت ، ولا سيّما أهل الشّورى منهم الذين فوضّ إليهم أمر الخلافة ، وزعم عمر أنّ النبي 6 مات وهو راض عنهم ...

ولنعم ما أفاد الشيخ المفيد 1 حيث قال : « إن التواتر قد ورد بأن أمير المؤمنين 7 احتج به في مناقبه يوم الدار فقال : أنشدكم الله هل فيكم أحد قال له رسول الله 6 : اللهم ايتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي هذا الطائر ، فجاء أحد غيري؟ قالوا : اللهم لا. قال : اللهم اشهد. فاعترف الجميع بصحته ، ولم يكن أمير المؤمنين 7 ليحتج بباطل ، لا سيّما وهو في مقام المنازعة والتوصل بفضائله إلى أعلى الرتب التي هي الإمامة والخلافة للرسول 6 ، وإحاطة علمه بأنّ الحاضرين معه في الشورى يريدون الأمر دونه ، مع قول النبي 6 : علي مع الحق والحق مع علي يدور معه حيثما دار » (١)

٥ ـ كلام القاضي عياض حول معاجز النبي 6

قال القاضي عياض بعد كلامه الذي أوردناه سابقا حول القطع بقصّة انشقاق القمر : « وكذلك قصة نبع الماء وتكثير الطعام ، رواها الثقات والعدد الكثير عن الجمّاء الغفير عن العدد الكثير من الصحابة ، ومنها ما رواه الكافّة

__________________

(١) الفصول المختارة من العيون والمحاسن : ٦٥.


عن الكافّة متّصلا عمّن حدّث بها من جملة الصحابة ، وإخبارهم أن ذلك كان في مواطن اجتماع الكثير منهم ، في يوم الخندق ، وفي غزوة بواط ، وعمرة الحديبيّة ، وغزوة تبوك ، وأمثالها من محافل المسلمين ومجمع العساكر ، ولم يؤثر عن أحد من الصحابة مخالفة للراوي فيما حكاه ، ولا إنكار لما ذكر عنهم أنهم رووه ، فسكوت الساكت منهم كنطق الناطق ، إذ هم المنزّهون عن السكوت على باطل والمداهنة في كذب ، وليس هناك رغبة ولا رهبة تمنعهم ، ولو كان ما سمعوه منكرا عندهم غير معروف لديهم لأنكروا كما أنكر بعضهم على بعض أشياء رووها من السنن والسير وحروف القرآن ، وخطأ بعضهم بعضا ووهّمه في ذلك ، مما هو معلوم ، فهذا النوع كلّه مما يلحق بالقطعي من معجزاته ، لما بيّناه.

وأيضا ، فإنّه أمثال الأخبار التي لا أصل لها وبنيت على باطل لا بدّ مع مرور الأزمان وتداول الناس وأهل البحث من انكشاف ضعفها وخمول ذكرها كما يشاهد في كثير من الأخبار الكاذبة والأراجيف الطارية ، وأعلام نبيّنا هذه الواردة من الطريق الآحاد لا تزداد مع مرور الزمان إلاّ ظهورا ، ومع تداول الفرق وكثرة طعن العدو وحرصه على توهينها وتضعيف أصلها واجتهاد الملحد على إطفاء نورها إلاّ قوة وقبولا ، وللطاعن عليها إلاّ حسرة وغليلا.

وكذلك إخباره عن الغيوب وإنباؤه بما يكون وكان معلوم من آياته على الجملة بالضرورة ، وهذا حق لا غطاء عليه وقد قال به من أئمتنا القاضي والأستاذ أبو بكر وغيرهما 4 ، وما عندي أوجب قول القائل أنّ هذه القصص المشهورة من باب خبر الواحد إلاّ قلّة مطالعته للأخبار وروايتها ، وشغله بغير ذلك من المعارف ، وإلاّ فمن اعتنى بطرق النقل وطالع الحديث والسير لم يرتب في صحة هذه القصص المشهورة على الوجه الذي ذكرناه » (١).

__________________

(١) الشفا بتعريف حقوق المصطفى ٢ / ٤٦٦.


قوله : « وكذلك قصة نبع الماء وتكثير الطّعام رواها الثقات والعدد الكثير عن الجمّاء الغفير عن العدد الكثير من الصحابة » أي : إنّها معلومة بالقطع لذلك.

أقول : وكذلك حديث الطّير ... فيجب أن يكون معلوما بالقطع.

٦ ـ فائدة أخرى في كلام القاضي

قوله : « ومنها ما رواه الكافة عن الكافة متّصلا عمّن حدّث بها من جملة الصحابة وإخبارهم أن ذلك كان في مواطن اجتماع الكثير منهم ... ولم يؤثر عن أحد من الصحابة مخالفة للراوي في ما حكاه ولا إنكار .. »

أقول : وكذلك حديث الطّير ، فإن أمير المؤمنين 7 رواه واحتجّ به لأحقيّته بالإمامة والخلافة في اجتماعهم يوم الدّار ، ولم يؤثر عن أحد منهم مخالفة ولا إنكار.

بل إنّه أولى بالقطع ، لأنّهم فضلا عن السكوت عن الإنكار قد نطقوا بالتسليم والاعتراف بصحّته ، كما سيأتي ذلك كلّه إن شاء الله تعالى.

ولأنّ هؤلاء الصّحابة ـ الذين فوض إليهم أمر الخلافة ـ كانوا أبعد منهم عن السّكوت على باطل والمداهنة على كذب ، وليس هناك رغبة ولا رهبة تمنعهم ، ولا سيّما أنّهم قد اجتمعوا للشورى حول الخلافة وكان المقام مقام المنازعة حولها. فلو كان ما سمعوه منكرا غير معروف لديهم لأنكروا ، لتوفّر الدواعي على ذلك ، كما لا يخفى.

٧ ـ فائدة ثالثة من كلام القاضي

قوله : « وأيضا ، فإنّ أمثال الأخبار التي لا أصل لها ... »

أقول : « وكذلك فضائل أمير المؤمنين 7 وأعلام إمامته ، فإنها لا تزداد مع مرور الزمان إلاّ ظهورا ، ومع تداول الفرق وكثرة طعن العدو وحرصه


على توهينها وتضعيف أصلها واجتهاد الفجار على إطفاء نورها إلاّ قوة وقبولا ، وللطاعن عليها إلاّ حسرة وغليلا ... فهذا دليل آخر على ثبوتها وقطعيّة صدورها.

ولا سيّما حديث الطّير ، فقد ابتلي بهذه الأمور من المتعصبين المتعنّتين ، وقد قدح فيه شرذمة من المتنطّعين ، ولكنّه مع ذلك ازداد نورا وقبولا مع مرور الأزمان ، ولنعم ما قال الصّاحب :

« عليّ له في الطير ما طار ذكره

وقامت له أعداؤه وهي تشهد »

٨ ـ كلام ( الدهلوي ) في الدفاع عن أبي بكر

ولقد قال ( الدهلوي ) في كتابه في الدفاع عن أبي بكر : « وأمّا ما قيل من عدم ردّ أحد فاطمة إلاّ هو ، فكذب محض ، فقد صحّ هذا الخبر وثبت في كتب أهل السنة من حديث : حذيفة بن اليمان ، والزبير بن العوام ، وأبي الدرداء ، وأبي هريرة ، والعباس ، وعلي ، وعثمان ، وعبد الرحمن بن عوف ، وسعد بن أبي وقاص ، وهؤلاء هم أجلّة الصحابة وفيهم من بشّر بالجنّة ، وقد روى الملا عبد الله المشهدي في إظهار الحق عن النبي في حقّ حذيفة : ما حدّثكم به حذيفة فصدّقوه ، وفيهم المرتضى علي المعصوم بإجماع الشيعة والصّادق بإجماع أهل السنة ـ ولا اعتبار في هذا المقام برواية عائشة وأبي بكر وعمر ـ :

أخرج البخاري عن مالك بن أوس بن الحدثان النصري : إنّ عمر بن الخطاب قال بمحضر من الصحابة ـ فيهم : علي والعباس وعثمان عبد الرحمن ابن عوف والزبير بن العوام وسعد بن أبي وقاص ـ : أنشدكم بالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض ، أتعلمون أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال : لا نورّث ما تركناه صدقة؟ قالوا : اللهم نعم.

ثم أقبل على علي والعباس وقال : أنشدكما بالله ، هل تعلمان أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قد قال ذلك؟ قالا : اللهم نعم.


فعلم أنّ هذا الخبر يعادل الآية من الكتاب في القطعيّة ، لأنّ هؤلاء الذين ذكرت أسماؤهم يفيد خبر الواحد منهم لليقين فكيف بهذا الجمع الكثير ، ولا سيّما وأنّ عليا المرتضى معصوم لدى الشيّعة ، ورواية المعصوم يوازي القرآن في إفادة اليقين عندهم » (١).

أقول : وعلى ضوء هذا الكلام يجب القطع بصدور حديث الطّير ، بل إنّه أولى بذلك ، لوروده من حديث سعد بن أبي وقاص ـ وهو أحد الذين ذكر أنّ رواية أحدهم بوحده تفيد اليقين ـ بالإضافة إلى اعترافه هو وعثمان وعبد الرحمن ابن عوف والزبير ـ بل وطلحة ـ بصحّة هذا الحديث الشريف.

فيجب الاعتقاد بصدور هذا الحديث وافادته القطع كالاعتقاد بالآية الشريفة من القرآن العظيم في ذلك ...

٩ ـ فائدة أخرى من كلام ( الدهلوي )

ثم إنّ كلّ ما دلّ على إفادة حديث أبي الدرداء وأبي هريرة والعباس وأمثالهم اليقين ، وكون حديثهم كالآية الشريفة من القرآن في قطعيّة الصدور ، يدلّ بنفسه أو بالاولوية إفادة رواية سائر رواة حديث الطير من الصحابة لليقين كذلك.

١٠ ـ فائدة ثالثة من كلام ( الدهلوي )

ثم إنّ من رواة حديث الطير هو مولانا أمير المؤمنين 7 ، وقد صرّح ( الدهلوي ) بكون حديثه كالقرآن في إفادة القطع واليقين.

وأما عصمته 7 فقد أثبتها ( الدهلوي ) نفسه في كتابه ( التحفة ) وتفسيره ( فتح العزيز ) وكذا والده في ( التفهيمات الالهية ) وغيرهم من علماء أهل السنة كما في ( تشييد المطاعن ) ، فلا وجه لما ذكره ( الدهلوي ) بالنسبة إليها هنا

__________________

(١) التحفة الاثنا عشرية : ٢٧٤.



سند

حديث الطّير



والآن ... فلنشرع في ذكر أسانيد حديث الطّير برواية الأئمة والأعلام وجهابذة علم الحديث من أهل السنّة ... عبر القرون المختلفة ...

(١)

رواية أبي حنيفة

لقد روى أبو حنيفة النعمان بن ثابت ـ إمام الحنفيّة ـ حديث الطّير فقد قال ابن الأثير : « أنا أبو الفرج الثقفي ، أنبأنا الحسن بن عيسى ، حدّثنا الحسن عن أحمد بن عبد الله الحافظ ، ثنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم الأهوازي ، حدّثنا الحسن بن عيسى ، ثنا الحسن بن السميدع ، ثنا موسى بن أيوب ، عن شعيب بن إسحاق ، عن أبي حنيفة ، عن مسعر ، عن حماد ، عن إبراهيم ، عن أنس قال : أهدي إلى النبي طير فقال : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك ، فجاء علي ، فأكل معه.

تفرّد به شعيب عن أبي حنيفة » (١).

__________________

(١) اسد الغابة في معرفة الصحابة ٤ / ٣٠.


ترجمة شعيب بن إسحاق :

وفضائل أبي حنيفة ـ إمامهم الأعظم ـ وجلالة شأنه ورفعة مكانه وعلوّ مقامه ... كلّ ذلك من الشيوع والشّهرة بمكان ، فلا حاجة به إلى الشرح والبيان ، لكنّا ننقل هنا طرفا من كلمات علماء أهل السنّة في الثناء على تلميذه شعيب بن إسحاق : ـ

١ ـ الذهبي : « شعيب بن إسحاق الدمشقي ، عن هشام بن عروة ، وعبيد الله بن عمر. وعنه : إسحاق ودحيم. قال أبو داود : ثقة مرجئ. توفي سنة ١٨٩ » (١).

٢ ـ ابن حجر العسقلاني : « خ م د س ق : شعيب بن إسحاق بن عبد الرحمن بن عبد الله بن راشد الدمشقي الاموي ، مولى رملة بنت عثمان ، أصله من البصرة ، روى عن أبيه وأبي حنيفة ، ـ وتمذهب له ـ وابن جريج والأوزاعي ... قال ابن طاهر : ثقة ما أصحّ حديثه وأوثقه ، وقال أبو داود : ثقة وهو مرجئ ... وقال ابن معين ودحيم والنسائي : ثقة ، وقال أبو حاتم : صدوق ، وقال الوليد بن مسلم : رأيت الأوزاعي يقرّبه ويدنيه. قال دحيم : ولد سنة ١٠٨ ومات سنة ١٨٩ ...

قلت : وفي سنة ١٨٩ أرّخه ابن حبّان في الثقات ، ونقل أبو الوليد الباجي عن أبي حاتم قال : شعيب بن إسحاق : ثقة مأمون » (٢).

__________________

(١) الكاشف ٢ / ١١.

(٢) تهذيب التهذيب ٤ / ٣٤٧.


(٢)

رواية أحمد بن حنبل

ورواه أحمد بن حنبل ـ إمام الحنابلة ـ في كتاب ( مناقب أمير المؤمنين ) ... وهذا نصّ روايته : « حدثنا عبد الله بن محمد ، نا عبد الله بن عمر ، نا يونس بن أرقم ، قال حدثنا مطير بن أبي خالد ، عن ثابت البجلي ، عن سفينة قال : أهدت امرأة من الأنصار إلى رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ طيرين بين رغيفين فقدّمت إليه الطيرين. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ـ اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك وإلى رسولك ، ورفع صوته ، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : من هذا؟ فقال : عليّ. قال : فافتح له ، ففتحت ، فأكل مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من الطيرين حتى فنيا » (١).

وقال محب الدين الطبري : « عن سفينة قال : أهدت امرأة من الأنصار إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم طيرين بين رغيفين ، فقدّمت إليه الطيرين ، فقال صلّى الله عليه وسلّم : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك وإلى رسولك ـ ثمّ ذكر معنى حديث النجار وقال في آخره ـ : فأكل مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم علي من الطيرين حتى فنيا. خرّجه أحمد في المناقب » (٢).

وقال سبط ابن الجوزي : « حديث الطائر وقد أخرجه أحمد في الفضائل ، والترمذي في السنن ، فأمّا أحمد فأسنده إلى سفينة مولى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ـ واسمه مهران ـ قال : أهدت امرأة من الأنصار إلى رسول الله

__________________

(١) فضائل علي ، الحديث رقم : ٩٤٥ ، وفي اللفظ سقط واضح.

(٢) الرياض النضرة في مناقب العشرة ٢ / ١١٤ ـ ١١٥.


صلّى الله عليه وسلّم طيرين بين رغيفين ، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك ، فإذا بالباب يفتح ، فدخل علي فأكل معه » (١).

وقال ( الدهلوي ) في جواب سؤال بعد رواية الترمذي : « وقد أخرجه الامام أحمد في المناقب من حديث سفينة » وسيأتي نص كلامه في محلّه إن شاء الله تعالى.

رواية أحمد دليل الثبوت

ولقد تقرر لدى المحققين : أنّ رواية أحمد لحديث يقتضي صحّته وثبوته : قال أخطب خوارزم ـ في بيان كثرة فضائل أمير المؤمنين 7 ـ ما نصه : « أنبأني أبو العلاء الحافظ هذا قال : أخبرنا الحسن بن أحمد المقرئ ، أخبرنا أحمد بن عبد الله الحافظ ، حدّثنا أحمد بن يعقوب بن المهرجان ، حدّثنا علي بن محمد النخعي القاضي ، حدّثنا الحسين بن الحكم ، حدّثنا الحسن ابن الحسين ، عن عيسى بن عبد الله ، عن أبيه ، عن جدّه قال قال رجل لابن عباس : سبحان الله ما أكثر مناقب علي وفضائله ، إنّي لأحسبها ثلاث آلاف. فقال ابن عباس : أو لا تقول إنها إلى الثلاثين ألفا أقرب؟

ويدلّك على ذلك أيضا : ما يروى عن الامام الحافظ أحمد بن حنبل ، وهو ـ كما عرف أصحاب الحديث في علم الحديث ـ قريع أقرانه وإمام زمانه ، والمقتدى به في هذا الفن في إبانه ، والفارس الذي يكبّ فرسان الحفاظ في ميدانه ، وروايته عنه مقبولة وعلى كاهل التصديق محمولة ، لما علم أن الامام أحمد بن حنبل ومن احتذى على أمثاله ـ وتسبح على منواله وحطب في حبله وانضوى الى حفله ، مالوا إلى تفضيل الشيخين رضوان الله عليهما ، فجاءت روايته فيه كعمود الصباح لا يمكن ستره بالراح ، وهو : ما رواه الشيخ الإمام الزّاهد

__________________

(١) تذكرة خواص الأمة : ٣٨.


فخر الأئمة أبو الفضل بن عبد الرحمن الحفربندي الخوارزمي ; تعالى ... إلخ » (١).

وقال محمد بن يوسف الحافظ الكنجي : « أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن يوسف بن بركة الكتبي بالموصل ، عن الحافظ أبي العلاء الحسن بن أحمد ، أخبرنا الحسين بن أحمد المقري ... عن عيسى بن عبد الله ، عن أبيه ، عن جدّه ، قال قال رجل لابن عباس : سبحان الله ما أكثر مناقب علي وفضائله! إنّي لأحسبها ثلاثة آلاف. فقال ابن عباس : او لا تقول إنها إلى ثلاثين ألفا أقرب. خرّج هذا الأثر عن ابن عباس الأئمة في كتبهم.

قلت : ويدلّك على ذلك ما روينا عن إمام أهل الحديث أحمد بن حنبل ، وهو أعرف أصحاب الحديث في علم الحديث ، قريع أقرانه وإمام زمانه والمقتدى به في هذا الفن في إبّانه ، والفارس الذي يكبّ فرسان الحفاظ في ميدانه ، وروايته مقبولة وعلى كاهل التصديق محمولة ، ولا يتّهم في دينه ولا يشكّ أنه يقول بتفضيل الشيخين أبي بكر وعمر ، فجاءت روايته فيه كعمود الصّباح ، لا يمكن ستره بالراح ، وهو ما أخبرنا العلاّمة مفتي الشام أبو نصر محمد بن هبة الله بن محمد بن جميل الشيرازي ...؟ » (٢).

وقال سبط ابن الجوزي بتصحيح حديث المواخاة من حديث مجدوح بن زيد الباهلي : « وأحمد مقلّد في الباب ، متى روى حديثا وجب المصير إلى روايته ، لأنه إمام زمانه ، وعالم أوانه ، والمبرّز في علم النقل على أقرانه ، والفارس الذي لا يجارى في ميدانه ، وهذا هو الجواب عن جميع ما يرد في الباب في أحاديث الكتاب » (٣).

وقال السبكي في مقام توثيق رجال حديث ( من زار قبري وجبت له

__________________

(١) مناقب علي بن أبي طالب : ٣.

(٢) كفاية الطالب في مناقب علي بن أبي طالب : ٢٥٣.

(٣) تذكرة خواص الأمة : ٢٢.


شفاعتي ) ردّا على ابن تيمية ـ بعد كلام له ـ : « وأحمد ـ ; ـ لم يكن يروي إلاّ عن ثقة ، وقد صرّح الخصم بذلك في الكتاب الذي صنّفه في الردّ على البكري بعد عشر كراريس منه ، قال : إنّ القائلين بالجرح والتعديل من علماء الحديث نوعان ، منهم من لم يرو إلاّ عن ثقة عنده ، كمالك ، وشعبة ، ويحيى بن سعيد ، وعبد الرحمن بن مهدي ، وأحمد بن حنبل ، وكذلك البخاري وأمثاله ...

وقد كفانا الخصم بهذا الكلام مؤنة تبيين أنّ أحمد لا يروي إلاّ عن ثقة وحينئذ لا يبقى له مطعن فيه » (١).

من مصادر ترجمة أحمد

وإليك بعض مصادر ترجمة أحمد بن حنبل وفضائله الجمّة :

١ ـ سير أعلام النبلاء ١١ / ١٧٧.

٢ ـ تذكرة الحفاظ ٢ / ٤٣١.

٣ ـ وفيات الأعيان ١ / ٦٣.

٤ ـ حلية الأولياء ٩ / ١٦١.

٥ ـ تهذيب الأسماء واللغات ١ / ١١٠.

٦ ـ الوافي بالوفيات ٦ / ٣٦٣.

٧ ـ مرآة الجنان ٢ / ١٣٢.

٨ ـ طبقات السبكي ٢ / ٢٧.

٩ ـ طبقات الحفاظ : ١٨٦.

١٠ ـ طبقات المفسرين ١ / ٧٠.

١١ ـ العبر ١ / ٤٣٥.

__________________

(١) شفاء الأسقام في زيارة خير الأنام : ١ / ١١.


١٢ ـ تاريخ بغداد ٤ / ٤١٢.

١٣ ـ تهذيب التهذيب ١ / ٦٢.

١٤ ـ طبقات القراء ١ / ١١٢.

١٥ ـ البداية والنهاية ١٠ / ٢٣٥.

وقد ذكرنا طرفا من فضائله في القسم الثاني من مجلّد حديث الغدير ، وفي مجلّد حديث التشبيه.

ومن جلائل مناقبه ما جاء « عن إبراهيم بن الحارث من ولد عبادة بن الصامت : قيل لبشر الحافي ـ حين ضرب أحمد بن حنبل في المحنة ـ : لو قمت وتكلّمت كما تكلّم ، فقال : لا أقوى عليه ، إن أحمد قام مقام الأنبياء » (١).

وفي ( رجال المشكاة ) بترجمته : « قال الميموني : قال لي ابن المديني بالبصرة بعد المحنة : يا ميموني ما قام أحد في الإسلام ما قام أحمد ، فعجبت من هذا وأبو بكر قد قام في الردّة ، قلت : بأيّ شيء؟ قال : إن أبا بكر وجد أنصارا ، وإن أحمد لم يجد ناصرا ».

(٣)

رواية عبّاد بن يعقوب

ورواه أبو سعيد عبّاد بن يعقوب الرّواجني الأسدي في ( كتاب المعرفة ) (٢)

__________________

(١) تهذيب الأسماء واللغات ١ / ١١٢.

(٢) نقل عنه الذهبي حديثا بترجمة فطر بن خليفة قال : « قال عبّاد بن يعقوب في كتاب المناقب له : أنبأنا أبو عبد الرحمن الأصباغي وغيره ، عن جعفر الأحمر قال : دخلنا على فطر بن خليفة ـ وهو مغمى عليه ، فأفاق فقال ـ : يا عبد الله : ما يسرّني أن مكان كلّ شعرة في جسدي لسان يسبّح الله بحبّي أهل البيت » سير أعلام النبلاء ٧ / ٣٣.


ـ الذي ألّفه في مناقب أمير المؤمنين 7 ـ حيث قال : « حدّثنا عيسى ، عن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي ، حدّثني أبي عن أبيه عن جدّه علي قال : أهدي لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم طير ـ يقال له الحبارى ـ فوضع بين يديه ، وكان انس بن مالك يحجبه ، فرفع النبي صلّى الله عليه وسلّم يده إلى الله ثمّ قال : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطير ـ قال أنس :

فجاء عليّ فأستأذن ، فقال له أنس : إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على حاجة ، فرجع ، ثمّ أعاد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الدعاء ، فجاء علي فردّه أنس ، ثمّ دعا الثالث ، فجاء فأدخله ، فلمّا رآه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال : اللهم وإليّ ، فأكل معه ، ثمّ خرج علي. قال أنس قلت : يا أبا الحسن استغفر لي ، فإنّ لي إليك ذنبا ، وإنّ عندي بشارة ، فأخبرته بما كان من دعاء النبي صلّى الله عليه وسلّم ، فحمد الله واستغفر لي ورضي عنّي ، وأذهب ذنبي عنده بشارتي إيّاه ».

وجوه وثاقة عبّاد بن يعقوب

وعباد بن يعقوب الرواجني من كبار المحدّثين الثقات ، حسب تصريحات المحقّقين ، فيجوز الاحتجاج بحديثه ، ولنوضّح ذلك في الوجوه التالية إفحاما للمكابرين :

١ ـ إنّه شيخ البخاري

إنّ عبّاد بن يعقوب من شيوخ البخاري صاحب الصّحيح ، نصّ على ذلك السمعاني حيث قال : « الرواجني بفتح الراء والواو وكسر الجيم وفي آخرها النون ، هذه بالنسبة سألت عنها استاذي أبو القاسم إسماعيل بن محمد بن الفضل الحافظ بإصبهان فقال : هذا نسبة أبي سعيد عبّاد بن يعقوب شيخ البخاري ، وأصل هذه النسبة الدواجن بالدال المهملة ، وهي جمع داجن وهو الشاة التي تسمن في الدار ، فجعلها الناس الرواجن بالراء ، ونسب عباد إلى


ذلك. هكذا قال ولم يسند الحكاية إلى أحد. وظنّ أنّ الرواجن بطن من بطون القبائل ، والله أعلم » (١).

ويدل على ذلك أيضا روايته عنه في صحيحه حيث قال في كتاب التوحيد : « باب وسمى النبي صلّى الله عليه وسلّم الصّلاة عملا وقال : لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب : حدّثني سليمان قال : حدّثنا شعبة بن الوليد. ح وحدّثني عبّاد بن يعقوب الأسدي قال قال : أخبرنا عبّاد بن العوّام ، عن الشيباني ، عن الوليد بن العيزار ، عن أبي عمرو الشيباني عن ابن مسعود : إن رجلا سأل النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أيّ الأعمال أفضل؟ قال : الصلاة لوقتها وبرّ الوالدين ثم الجهاد في سبيل الله » (٢).

فثبت كون عباد بن يعقوب شيخ البخاري ، وناهيك به دلالة على كمال الاعتماد والاعتبار والوثوق ، وزهوق شكوك أرباب الجحود والمروق.

٢ ـ إنه شيخ الترمذي

إنّ عباد بن يعقوب من مشايخ الترمذي صاحب الصحيح كما سيأتي.

٣ ـ إنه شيخ ابن ماجة

وهو من مشايخ ابن ماجة صاحب السنن ، الذي هو أحد الصّحاح الستة كما سيأتي.

٤ ـ رواية الأساطين عنه

ولقد روى عنه غير هؤلاء جماعة من كبار الأئمة الاعلام وأساطين

__________________

(١) الأنساب ـ الرواجني.

(٢) صحيح البخاري ٤ / ٨٣٣.


الحديث قال عبد الغني المقدسي بترجمته : « عبّاد بن يعقوب ، أبو سعيد الرواجني الكوفي الأسدي ، روى عن : شريك ، وحاتم بن إسماعيل ، الوليد بن أبي ثور ، وعلي بن هاشم بن البريد ، ومحمد بن فضل ، وعمرو بن ثابت ، والحسين بن زيد بن علي ، وإسماعيل بن عيّاش ، وعبد الله بن عبد القدوس ، وعبد الرحمن بن محمد بن عبيد الله العزرمي.

روى عنه : البخاري ، والترمذي ، وابن ماجة ، ومحمد بن إسحاق بن خزيمة ، وأبو بكر بن أبي داود ، وأحمد بن إسحاق بن البهلول ، وأبو حاتم ـ وسئل عنه فقال : كوفي شيخ ـ والحسين بن إسحاق ، وجعفر بن محمد بن مالك الغزاري الكوفي.

مات سنة ٢٥٠ » (١).

وقال ابن حجر العسقلاني : « روى عن : شريك النخعي ، وعباد بن الكلام ، وعبد الله بن عبد القدّوس ، وإبراهيم بن محمد بن أبي يحيى ...

وعنه : البخاري حديثا واحدا مقرونا ، والترمذي ، وابن ماجة ، وأبو حاتم وأبو بكر البزار ، وعلي بن سعيد بن بشر الرازي ، ومحمد بن علي الحكيم الترمذي ، وصالح بن محمد جزرة ، وابن خزيمة ، وابن صاعد ، وابن أبي داود ، والقاسم بن زكريا المطرز ، وخلق » (٢).

ويفيد التتبّع لكلمات المحققين منهم : أنّ رواية الأكابر عن رجل تدل على جلالته بل اعتباره ووثاقته ، وقد ذكرنا في مجلّد حديث الولاية بعض الشواهد على ذلك ، كاستدلال الذهبي لجلالة أحمد بن عمر بن أنس بن دلهاث الأندلسي برواية ابن عبد البر وابن حزم عنه (٣) ، واستدلال ابن حجر

__________________

(١) الكمال في معرفة الرجال ـ مخطوط.

(٢) تهذيب التهذيب ٥ / ١٠٩.

(٣) العبر في حوادث من غبر ـ حوادث ٤٧٨ : ومن جلالته أنّ إمامي الأندلس ابن عبد البر وابن حزم رويا عنه.


المكي برواية الصّحابة والتابعين عن معاوية ، على علم معاوية وفقهه (١) ...

وقال ابن قيم الجوزيّة بأنّ مجرّد رواية العدل عن غيره تعديل له على أحد القولين ، وإن لم ينص الراوي على ثقة المروي عنه.

٥ ـ توثيق أبي حاتم

وقد وثّقه أبو حاتم محمد بن إدريس الرازي ، قال الذهبي : « عبّاد بن يعقوب الرّواجني ، أبو سعيد ، شيعي جلد ، عن الوليد بن أبي ثور وشريك وعدّة. عنه ( خ ) مقرونا و ( ت ـ ق ) وابن خزيمة وابن صاعد وخلق. وثّقه أبو حاتم. توفي سنة ٢٥٠ » (٢).

وفي ( تهذيب التهذيب ) : « قال أبو حاتم : شيخ ثقة » (٣).

وقال ابن حجر : « عبّاد بن يعقوب الرواجني الكوفي ، أبو سعيد ، رافضي مشهور إلاّ أنّه كان صدوقا ، وثّقه أبو حاتم ... » (٤).

وتوثيق أبي حاتم يكفي للاعتماد على الرجل ، فإنّ ( كلّ الصيّد في جوف الفرا ) لأن الذهبي الذي تعصّبه وتعنته ظاهر جلي قال بترجمة أبي حاتم ما لفظه : « إذا وثّق أبو حاتم رجلا فتمسّك بقوله فإنّه لا يوثّق إلاّ رجلا صحيح الحديث ، وإذا ليّن رجلا أو قال فيه : لا يحتج به فتوقّف حتى ترى ما قال غيره فيه ، فإن وثّقه أحد فلا تبن على تجريح أبي حاتم ، فإنّه متعنّت في الرجال ، قد قال في طائفة من رجال الصحاح ليس بحجة ، ليس بقوي ، أو نحو ذلك » (٥).

__________________

(١) تطهير الجنان ـ هامش الصواعق المحرقة : ٥٣.

(٢) الكاشف ٢ / ٦٣.

(٣) تهذيب التهذيب ٥ / ١٠٩.

(٤) مقدمة فتح الباري : ٤١٠.

(٥) سير أعلام النبلاء ١٣ / ٢٤٧.


٦ ـ توثيق ابن خزيمة

وكذا وثّقه ابن خزيمة بصراحة ، قال ابن حجر : « قال الحاكم : كان ابن خزيمة يقول : حدّثنا الثقة في روايته المتّهم في دينه عبّاد بن يعقوب » (١).

وقال : « قال الحاكم : كان ابن خزيمة إذا حدّث عنه يقول : حدّثنا الثقة في روايته المتّهم في دينه عباد بن يعقوب » (٢).

وأمّا جواب اتّهام ابن يعقوب في الدين فسيجيء بالبيان الظاهر المبين إن شاء الله المعين.

ترجمة ابن خزيمة

وابن خزيمة من مشاهير أئمّة أهل السنّة وأساطين محدّثيهم : قال الذهبي : « إن خزيمة الحافظ الكبير ، إمام الأئمة ، شيخ الإسلام أبو بكر محمد ابن إسحاق بن خزيمة ... جوّد وصنّف واشتهر اسمه وانتهت إليه الإمامة والحفظ في عصره بخراسان ، حدّث عنه الشيخان خارج صحيحيهما ، ومحمد ابن عبد الله بن عبد الحكم أحد شيوخه ، وأحمد بن المبارك المستملي ، وإبراهيم ابن أبي طالب ، وأبو علي النيسابوري ، وإسحاق بن سعيد النسائي ، وأبو عمرو ابن حمدان ، وأبو حامد أحمد بن محمد بن بالويه ، وأبو بكر أحمد بن مهران المقري ، ومحمد بن أحمد بن بصير ، وحفيده محمد بن الفضل بن محمد ، وخلق لا يحصون.

قال أبو عثمان الحيري : حدّثنا ابن خزيمة قال : كنت إذا أردت أن اصنّف الشيء دخلت في الصّلاة مستخيرا حتى يقع لي فيها ثم ابتدئ ، ثم قال

__________________

(١) تهذيب التهذيب ٥ / ١٠٩.

(٢) مقدمة فتح الباري : ٤١٠.


أبو عثمان الزاهد : إنّ الله ليدفع البلاء عن أهل نيسابور بابن خزيمة.

قال أبو علي النيسابوري : لم أر مثل ابن خزيمة ...

قلت : هذا الامام كان فريد عصره ، فأخبرني الحسن بن علي ... أنا أبو حاتم محمّد بن حبّان التميمي قال : ما رأيت على وجه الأرض من يحسن صناعة السنن ويحفظ ألفاظها الصحاح وزياداتها ـ حتى كأن السنن بين عينيه ـ إلاّ محمد بن إسحاق بن خزيمة فقط.

قال الدار قطني : كان ابن خزيمة إماما ثبتا معدوم النظير ، وحكى أبو بشر القطان قال : رأى جار لابن خزيمة من أهل العلم كأنّ لوحا عليه صورة نبيّنا صلّى الله عليه وسلّم وابن خزيمة يصقله ، فقال المعبّر : هذا رجل يحيي سنة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. قال أبو العباس بن شريح وذكر ابن خزيمة فقال : يستخرج النكت من حديث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بالمنقاش.

وقال الحاكم في كتاب علوم الحديث : فضائل ابن خزيمة مجموعة عندي في أوراق كثيرة ، ومصنفاته تزيد على مائة وأربعين كتابا ، سوى المسائل والمسائل المصنفة مائة جزء ، وله فقه حديث بريدة في ثلاثة أجزاء.

قال أحمد بن عبد الله المعدّل : سمعت عبد الله بن خالد الأصبهاني يقول : سئل عبد الرحمن بن أبي حاتم عن ابن خزيمة فقال : ويحكم ، هو يسأل عنّا ولا نسأل عنه ، هو إمام يقتدى به ...

وكانت وفاته في ثاني ذي القعدة سنة ٣١١ وهو في تسع وثمانين سنة » (١).

٧ ـ قال الدار قطني : صدوق

وقد نصّ الدار قطني على أنّ عبّاد بن يعقوب صدوق قال ابن حجر : « قال الدار قطني : شيعي صدوق » (٢).

__________________

(١) تذكرة الحفّاظ ٢ / ٧٢٠.

(٢) تهذيب التهذيب ٥ / ١٠٩.


وفي نصّ الدار قطني كفاء لمكتف وشفاء لمشتف ، فجاء الحق وزهق الباطل ، إنّ الباطل كان زهوقا.

٨ ـ صحّة حديثه

وجاء في ( تهذيب التهذيب ) بترجمته : « وقال ابن ابراهيم بن أبي بكر بن أبي شيبة : لو لا رجلان من الشيعة ما صحّ لهم حديث : عبّاد بن يعقوب ، وإبراهيم بن محمد بن ميمون » (١).

فثبت بهذا التصريح أن حديث عبّاد صحيح.

٩ ـ قال ابن حجر : صدوق

وقد حكم بصدقه ابن حجر العسقلاني كذلك ، حيث قال : « صدوق رافضي ؛ حديثه في البخاري مقرون ، بالغ ابن حبان فقال : يستحق الترك ، من العاشرة ، مات سنة خمسين » (٢).

وفي ( هدي الساري ) : « رافضي مشهور ، إلاّ أنّه كان صدوقا ، وثّقه أبو حاتم .. » (٣).

وفيه كفاية لأهل الرشاد والإيقان ، وقمع لأساس هواجس أصحاب الرّيب والعدوان ...

الرّفض لا يوجب التّرك

وأمّا قولهم : « رافضي » فتلك شكاة ظاهر عنك عارها ، وغير خاف على الممارس في هذا الشأن أنّ ترك حديث أحد لأجل « الرفض » و« التشيع » عين

__________________

(١) تهذيب التهذيب ٥ / ١٠٩.

(٢) تقريب التهذيب ١ / ٣٩٤.

(٣) مقدمة فتح الباري ١ / ٣٩٤.


التهوّر والتنطّع ، أما سمعت ابن قتيبة يقول : « أسماء الغالية من الرافضة : أبو الطفيل صاحب راية المختار ، وكان آخر من راى رسول الله صلّى الله عليه موتا ، والمختار ، وأبو عبد الله الجدلي ، وزرارة بن أعين ، وجابر الجعفي » (١).

فقد علم منه كون « أبو الطفيل الصحابي » من « غلاة الرّافضة » فكون « عبّاد بن يعقوب » هذا « رافضيا » فحسب لا يقتضي الطعن بالأولويّة ، ولو كان « الرفض » بل « الغلو في الرفض » موجبا للقدح والجرح للزم سقوط دعوى عدالة الصحابة أجمعين أكتعين ...

وعليه ، فلو رفع القادحون في « عبّاد بن يعقوب » اليد عن دعوى « عدالة جميع الصحابة » فإنّا نرفع اليد عن توثيق « عبّاد بن يعقوب » ولكنّا لا نظنّهم يختارون ذلك ، فإنّه قوام مذهبهم ، بل يختارون التّسليم بوثاقة « عبّاد بن يعقوب » ... ومرام أهل الحق حاصل على كلّ حال ، كما لا يخفى.

وعلى هذا الأساس نجيب عمّا قيل في حقّ عبّاد بن يعقوب في الكتب الرجالية ، فقد جاء في ( تهذيب التهذيب ) :

« قال ابن عدي : سمعت عبدان يذكر عن أبي بكر بن أبي شيبة أو هنّاد السّري أنّهما أو أحدهما فسّقه ونسبه إلى أنه يشتم السلف ، قال ابن عدي :

وعبّاد فيه غلو في التشيّع ، وروى أحاديث أنكرت عليه في الفضائل والمثالب ، وقال صالح بن محمد : كان يشتم عثمان قال : وسمعته يقول : الله أعدل من أن يدخل طلحة والزبير الجنّة ، لأنهما بايعا عليا ثم قاتلاه.

وقال القاسم بن زكريا المطرز : وردت الكوفة فكتبت من شيوخها كلّهم إلاّ عبّاد بن يعقوب ، فلمّا فرغت دخلت عليه وكان يمتحن من يسمع منه ، فقال لي : من حفر البحر؟ فقلت : الله خلق البحر ، قال : هو كذلك ولكن من حفره؟ قلت : يذكر الشيخ؟ قال : علي. ثم قال : من أجراه؟ قلت : الله أجرى الأنهار

__________________

(١) المعارف : ٦٢٤.


ووسّع العيون ، قال : هو كذلك لكن من أجراها؟ قلت : يذكر الشيخ ، قال : أجراها الحسين. قال : وكان مكفوفا ، ورأيت في بيته سيفا معلقا فقلت : لمن هذا؟ قال : أعددته لأقاتل به مع المهدي. قال : فلما فرغت من سماع ما أردت وعزمت على السفر دخلت عليه ، فسألني فقال : من حفر البحر؟ فقلت : حفره معاوية وأجراه عمرو بن العاص ، ثم وثبت ، فجعل يصيح : أدركوا الفاسق عدو الله فاقتلوه.

قال البخاري : مات في شوال ، وقال محمد بن عبد الله الحضرمي : في ذي القعدة سنة ٢٥٠ » (١).

فإنّ حاصل ذلك كلّه « رفض » عبّاد بن يعقوب ، وقد ذكرنا الجواب ، وأوضحنا أنّ ذلك لا يضرّ بعدالة الرجل بحال.

وأمّا قول ابن حجر : « ذكر الخطيب أن ابن خزيمة ترك الرواية عنه آخرا » فيجاب عنه على تقدير تسليمه : بأنّه لا يعبأ به بعد تصريحه بوثاقته ، لأنّ ذلك مؤيّد بتوثيق أبي حاتم وغيره من أعلام الجرح والتعديل ، على أنّه قد تقدم عن ابن حجر العسقلاني قوله في ( التقريب ) : « وبالغ ابن حبان فقال : يستحق الترك » فلو لم يسبق توثيقه الترك أيضا لما التفت اليه المحققون حسب تصريح ابن حجر العسقلاني.

وأمّا قول ابن حجر : « قال ابن حبان : كان رافضيا داعية ومع ذلك يروي المناكير عن المشاهير فاستحق الترك ، روى عن شريك عن عاصم عن زر عن عبد الله بن عوف : إذا رأيتم معاوية على منبري فاقتلوه » فنقول :

أمّا كونه « رافضيا » فلا يضرّ ، كما تقدّم.

وأمّا كونه « داعية » فهي دعوى أجاب عنها السمعاني بقوله : « قلت : روى عنه جماعة من مشاهير الأئمة مثل : أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري ،

__________________

(١) تهذيب التهذيب ٥ / ١١٠.


لأنه لم يكن داعية إلى هواه ». على أنّا قد ذكرنا في مجلّد حديث الولاية ـ حسب تصريحات المحققين المنصفين من أهل السنة ـ أن كون الراوي داعية لا يسبب طرح حديثه وعدم الاعتماد عليه ، فليراجع.

وأمّا كونه « يروي المناكير عن المشاهير » فدعوى بلا دليل ، فهي غير مسموعة.

وأمّا كونه مستحقّ الترك ، فقد تقدّم الجواب عنه.

وأمّا روايته عن شريك عن عاصم ... فإنّها لا توجب القدح ، لأنّ مطاعن معاوية كثيرة جدا بحيث لا يستبعد منصف ـ بعد النّظر فيها ـ صحّة هذا الحديث.

هذا ، وقد أورد السّمعاني كلام ابن حبّان هذا الذي ظهر فساده من أوّله إلى آخره ، فأجاب عنه بما تقدم نقله عنه آنفا ، فلا نعيد.

ومن لطائف المقام : قول السمعاني بعد ذلك : « وروى عنه حديث أبي بكر 2 : أنه قال : لا تفعل يا خالد ما أمرتك به. سألت الشريف عمر ابن إبراهيم الحسيني بالكوفة عن معنى هذا الأثر فقال : كان أمر خالد بن الوليد أن يقتل عليا ، ثم ندم بعد ذلك ، فنهى عن ذلك ».

وبما أنّ السمعاني قد سكت عن الكلام في هذا الحديث فإنّ سكوته يدلّ على تسليمه بصحّته ، على ما تقرّر لدى علماء أهل السنّة ، كما لا يخفى على من تتبّع كلماتهم ، وعلى هذا الأساس استدل ( الدهلوي ) في الباب الرابع من ( التحفة ) بسكوت القاضي التستري ـ ; ـ في ( مجالس المؤمنين ) أمام كلام الذهبي في ( الميزان ) في القدح في ( زرارة بن أعين ).


(٤)

رواية أبي حاتم

وممّن رواه أبو حاتم محمد بن إدريس الرازي ، قال أخطب خوارزم : « أخبرنا الشيخ الزاهد الحافظ أبو الحسن علي بن أحمد العاصمي الخوارزمي ، قال : أخبرنا القاضي الامام شيخ القضاة إسماعيل بن أحمد الواعظ قال : أخبرنا والدي أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي ، قال : أخبرنا أبو علي الحسين بن محمد بن علي الرودباري قال : أخبرنا أبو بكر محمد بن مهرويه بن عباس بن سنان الرازي قال : حدّثنا أبو حاتم الرازي قال : حدّثنا عبيد الله بن موسى قال : أخبرنا إسماعيل الأزرق ، عن أنس بن مالك قال :

اُهدي لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم طير فقال : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطير ، فقلت : اللهم اجعله رجلا من الأنصار ، فجاء علي ، فقلت : إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على حاجة ، قال : فذهب ثم جاء ، فقلت : إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على حاجة ، قال : فذهب ثم جاء ، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : افتح ، ففتحت ، ثم دخل فقال : ما حبسك يا علي؟ قال : هذه آخر ثلاث كرّات يردّني أنس ، يزعم أنك على حاجة ، قال : ما حملك على ما صنعت يا أنس؟ قال : سمعت دعائك فأحببت أن يكون في رجل من قومي ، فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم : إنّ الرجل قد يحبّ قومه » (١).

__________________

(١) مناقب علي بن أبي طالب : ٦٤.


ترجمة أبي حاتم

وأبو حاتم من مشاهير أئمة الحديث ونقدة الأخبار ونحارير الجرح والتعديل :

١ ـ السمعاني : « وأبو حاتم كان إماما حافظا فهما ، من مشاهير العلماء ، له رحلة إلى الشام ومصر والعراق ، روى عنه أبو عمرو بن حكيم ، وعالم لا يحصون كثرة ، توفي سنة ٢٧٧ » (١).

٢ ـ ابن الأثير : « هو من أقران البخاري ومسلم » (٢).

٣ ـ الذهبي : « وفي سنة سبع مات حافظ زمانه : أبو حاتم محمد بن إدريس الحنظلي الرازي ، في شعبان ، وهو في عشر التسعين ، وكان جاريا في مضمار أبي زرعة والبخاري » (٣).

٤ ـ ابن حجر : « أحد الحفاظ » (٤).

وقد جاءت ترجمته مفصّلة في مجلّد حديث التشبيه (٥).

(٥)

رواية الترمذي

ورواه أبو عيسى محمد بن عيسى الترمذي في مناقب أمير المؤمنين عليه

__________________

(١) الأنساب ـ الجزّي.

(٢) الكامل في التاريخ حوادث : ٢٧٧.

(٣) دول الإسلام حوادث : ٢٧٧.

(٤) تقريب التهذيب ٢ / ١٤٣.

(٥) ومن مصادر ترجمته أيضا : تاريخ بغداد ٢ / ٧٣ ، سير أعلام النبلاء ١٣ / ٤٢٧ ، تهذيب التهذيب ٩ / ٣١.


السلام حيث قال : « باب : حدّثنا سفيان بن وكيع ، نا عبيد الله بن موسى ، عن عيسى بن عمر ، عن السدّي ، عن أنس بن مالك قال : كان عند النبي صلّى الله عليه وسلّم طير ، فقال : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي هذا الطير ، فجاء علي فأكل معه.

هذا حديث غريب لا نعرفه من حديث السدّي إلاّ من هذا الوجه ، وقد روى هذا الحديث من غير وجه عن أنس ، والسدّي اسمه : إسماعيل بن عبد الرحمن ، وقد أدرك أنس بن مالك ، ورأى الحسين بن علي » (١).

وإذا كان الترمذي ـ وهو أحد الأركان الستّة ـ راويا لهذا الحديث الشريف ، فإنه لا يرتاب في صحته إلاّ المعاند المارق أو المتعصّب المائق ، والله ولي التوفيق.

ثم إن سبط ابن الجوزي نقل عن التّرمذي توثيق السدّي وتعديله ، وهذه عبارته ـ في ذكر حديث الطائر ـ : « وأمّا الترمذي فقال : ثنا سفيان بن وكيع ، عن عبيد الله بن موسى ، عن عيسى بن عمر ، عن السدّي ، عن أنس بن مالك قال : كان عند النبي صلّى الله عليه وسلّم طير فقال : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطائر ، فجاء علي فأكل معه. قال الترمذي : السدّي : اسمه إسماعيل بن عبد الرحمن ، سمع من أنس بن مالك ، ورأى الحسين بن علي ، ووثّقه سفيان الثوري ، وشعبة ، ويحيى بن سعيد القطّان ، وغيرهم.

قلت : امّا ذكر الترمذي هذا في تعديل السدّي لأنّ جماعة تعصّبوا عليه ليبطلوا هذا الحديث ، فعدّله الترمذي » (٢).

وثاقة السدّي

وبالرغم من كفاية توثيق الترمذي وتعديله للاعتماد على هذا

__________________

(١) صحيح الترمذي ٥ / ٥٩٥.

(٢) تذكرة الخواص من الامة : ٣٩.


الحديث ، ودفع تشكيكات أهل المراء واللجاج ، فإنّا نذكر وجوها أخرى لوثاقته :-

١ ـ توثيق أحمد

لقد وثّقه أحمد بن حنبل ، كما جاء في ( تهذيب التهذيب ) بترجمته : « قال أبو طالب عن أحمد : ثقة » (١).

وتوثيق أحمد يدل على وثاقة الرّجل ، لأن مجرّد روايته عن أحد يدل على ذلك ، فتوثيقه الصريح بالأولويّة.

٢ ـ توثيق العجلي

ووثّقه أحمد بن عبد الله (٢) على ما جاء في ( تهذيب التهذيب ) أيضا حيث قال : « قال العجلي : ثقة ، عالم بالتفسير ، رواية له » (٣).

٣ ـ قال النسائي : صالح

وقال النسائي في حقه مرة : « صالح » وقال أخرى : « ليس به بأس » ، قال ابن حجر بترجمته : « قال النسائي في الكنى : صالح ، وقال في موضع آخر : ليس به بأس » (٤).

هذا ، وقد ذكر علماء الدّراية : أنّ النّسائي أشدّ شرطا في الرجال من الشيخين ، فقوله : « صالح » و« ليس به بأس » يفيد غاية وثاقة السدّي ونهاية الاعتماد عليه ، لا سيّما وأنّه قد أخرج حديثه في صحيحه كما ستعرف إن شاء

__________________

(١) تهذيب التهذيب ١ / ٣١٣.

(٢) توجد ترجمته في : سير أعلام النبلاء ١٢ / ٥٠٥.

(٣) تهذيب التهذيب ١ / ١٣١.

(٤) تهذيب التهذيب ١ / ٣١٣.


الله تعالى.

٤ ـ قال ابن عدي : مستقيم الحديث صدوق ...

وقال ابن عدي (١) : « هو عندي مستقيم الحديث صدوق لا بأس به ». قال ابن حجر : « قال ابن عدي : له أحاديث يرويها عن عدة شيوخ ، وهو عندي مستقيم الحديث صدوق لا بأس به » (٢).

٥ ـ ذكره ابن حبان في الثقات

وقد ذكره ابن حبان في ( الثقات ) حيث قال : « إسماعيل بن عبد الرحمن ابن أبي ذويب السدّي الأعور ، مولى زينب بنت قيس بن مخرمة من بني عبد مناف ، يروي عن أنس بن مالك ، وقد رأى ابن عمر. روى عنه : الثوري ، وشعبة ، وزائدة. مات سنة سبع وعشرين ومائة ، في إمارة ابن هبيرة » (٣).

هذا ، وقد قال ابن حبّان في أوّل كتابه المذكور : « ولا أذكر في هذا الكتاب الأول إلاّ الثقات الذين يجوز الاحتجاج بخبرهم ».

وقال : فكلّ من أذكره في هذا الكتاب الأول فهو صدوق يجوز الاحتجاج بخبره إذا تعدّى خبره عن خصال خمس » ثم قال بعد أن ذكر تلك الخصال « وإنما أذكر في هذا الكتاب الشيخ بعد الشيخ ، وقد ضعّفه بعض المشايخ ووثقه بعضهم ، فمن صح عندي منهم أنه ثقة بالدلائل النّيرة التي بينّتها في كتاب الفصل بين النقلة ، أدخلته في هذا الكتاب ، لأنه يجوز الاحتجاج بخبره ، ومن صحّ عندي منهم أنه ضعيف بالبراهين الواضحة التي ذكرتها في كتاب

__________________

(١) من مصادر ترجمته : سير أعلام النبلاء ١٦ / ١٥٤.

(٢) تهذيب التهذيب ١ / ٣١٣.

(٣) الثقات ٤ / ٢٠.


الفصل بين النقلة ، لم أذكره في هذا الكتاب ، لكنّي أدخلته في كتاب الضعفاء بالعلل ، لأنه لا يجوز الاحتجاج بخبره ، فكل من ذكرته في كتابي هذا إذا تعدّى خبره عن الخصال الخمس التي ذكرتها فهو عدل يجوز الاحتجاج بخبره ».

٦ ـ توثيق السمعاني

ووثّقه السمعاني حيث قال مترجما ايّاه : « ... وهو السدّي الكبير ، ثقة مأمون ، روى عنه : الثوري ، وشعبة وزائدة ... قال يحيى بن سعيد : ما سمعت أحدا يذكر السدّي إلاّ بخير ، وما تركه أحد » (١).

٧ ـ تخريج مسلم حديثه

والسدّي من رجال صحيح مسلم ، قال المقدسي ابن القيسراني في أفراد مسلم ممّن اسمه إسماعيل : « إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي كريمة الهاشمي المعروف بالسدّي الأعور الكوفي ، أصله حجازي ، مولى زينب بنت قيس بن مخرمة من بني عبد المطلب ، يكنّى أبا محمد ، سمع أنس بن مالك ، ولقي عبد الله وسعد بن عبادة ويحيى بن عبّاد ، روى عنه : أبو عوانة ، والثوري ، والحسن بن صالح ، وزائدة ، وإسرائيل مات سنة سبع وعشرين ومائة » (٢).

هذا ، وقد ذكر ابن القيسراني في صدر كتابه المذكور : أنّه قد صحّ لدى حفّاظ الحديث كابن عدي والدار قطني وابن مندة والحاكم وغيرهم من السابقين واللاّحقين ممّن تأخر عن الشيخين : أنّ من أخرجا له صحيح الحديث ، لأنهما لم يخرجا إلاّ عن ثقة عدل حافظ ...

وقال ابن حجر : « ينبغي لكلّ منصف أن يعلم أن تخريج صاحب

__________________

(١) الأنساب ـ السدّي.

(٢) الجمع بين رجال الصحيحين ١ / ٢٨.


الصحيح لأيّ راو كان متقض لعدالته عنده وصحة ضبطه وعدم غفلته ، ولا سيّما ما انضاف ذلك من اطباق جمهور الأئمة على تسمية الكتابين بالصحيحين ، وهذا معنى لم يحصل لغير من خرّج عنه في الصحيح ، فهو بمثابة إطباق الجمهور على تعديل من ذكر فيهما ».

وقال القاري : « وقد كان أبو الحسن المقدسي يقول فيمن خرّج أحدهما في الصحيح : هذا جاز القنطرة ، يعني : لا يلتفت إلى ما قيل فيه ، لأنهما مقدّمان على أئمة عصرهما ومن بعدهما في معرفة الصحيح والعلل » (١).

٨ ـ إنه من رجال الصّحاح

هذا ، بالإضافة إلى أنّ السدّي من رجال صحيح أبي داود وصحيح الترمذي وصحيح النسائي وصحيح ابن ماجة ... كما يفهم من الرموز الموضوعة على ترجمته في ( تهذيب التهذيب ) و ( تقريب التهذيب ) وغيرهما من كتب رجال الحديث.

وقد ذكرنا في مجلّد حديث الولاية عن بعض علماء أهل السنّة : أنّ رجال الصحاح الستة كلّهم عدول ثقات ، ومعروفون بالتقى والديانة في كلّ عصر ...

وقد علمت أن « السدّي » من رجال البخاري ومسلم والأربعة.

٩ ـ كونه شيخ شعبة

وعلى فرض عدم توثيق شعبة إيّاه ، فإنّ السدي من شيوخه ، وقد علمت من كلام السبكي في ( شفاء الأسقام ) عن ابن تيميّة أنّ شعبة ممّن لا يروي إلاّ عن ثقة ، وبه قال ابن حجر في صدر كتابه ( لسان الميزان ) كما لا يخفى على من طالعه.

__________________

(١) مرقاة المفاتيح في شرح مشكاة المصابيح ١ / ١٦.


١٠ ـ رواية الأعاظم عنه

ولقد روى عنه جماعة من أعاظم العلماء ، كأبي عوانة ، والثوري ، والحسن بن صالح ، وزائدة ، وإسرائيل ، وسماك بن حرب ، وإسماعيل بن أبي خالد ، وسليمان التيمي ، وأبي بكر بن عياش ... وقد علمت آنفا أن في رواية الأكابر دلالة على وثاقة الرّجل ، بل هي تعديل له.

١١ ـ تصريح الكابلي بوثاقته

وقد صرّح نصر الله الكابلي صاحب ( الصواقع ) المعروف بتعصّبه وعناده للحق وأهله. بثقة السدّي ، حيث قال في الكتاب المذكور في المطلب السادس في بيان المكايد من المقصد الأول : « السّادسة والعشرون : نقل أخبار عن بعض كتب أهل السنة مما رواه بعض محدّثيهم عن رجل يشاركه غيره في اسمه أو لقبه أو كليهما ، أحدهما صدوق والآخر كذوب ، وترك ما يميّز به أحدهما عن الآخر ، ليعلم أنه صحيح ، كالسدّي ، فإنه مشترك بين رجلين أحدهما الكبير والآخر الصغير ، والأول منهما ثقة والآخر كذّاب وضّاع رافضي ، فينخدع من لا يعرف حقيقة الأمر وليس له دربة »

١٢ ـ تصريح ( الدهلوي ) بوثاقته

وهكذا. نصّ ( الدهلوي ) على وثاقة السدّي في كتابه ( التحفة ) ، في الباب الثاني في بيان المكيدة التاسعة عشر.

تتمّة في وصف التّرمذي الحديث بالغرابة

وأمّا بالنسبة الى وصف الترمذي حديث الطّير بالغرابة ـ كما في النسخة ـ فنقول :


أولا : لم يرد هذا في نقل سبط ابن الجوزي.

ثانيا : إنّ الغرابة لا تدل على عدم الصّحة ، لأنّ الحديث الغريب قد يكون صحيحا ، فالغريب يعم الصحيح وغير الصحيح ، ولا دلالة للعام على الخاص ، لكنّ إخراج الترمذي إيّاه في صحيحه وتوثيقه السدّي ـ ردا على جماعة تعصّبوا عليه ليبطلوا الحديث ـ يدل بصراحة على تصحيحه له وإن وصفه بالغرابة.

ويشهد بما ذكرنا من عموم « الغريب » كلمات علماء الدراية في تعريفه ، قال ابن الصّلاح بتعريفه : « ثم إنّ الغريب ينقسم إلى صحيح كالأفراد المخرّجة في الصحيح ، وإلى غير صحيح ، وذلك هو الغالب على الغرائب ، روينا عن أحمد بن حنبل 2 أنه قال غير مرة : لا تكتبوا هذه الأحاديث الغرائب فإنها مناكير وعامّتها من الضعفاء » (١). وهذا الكلام يدل على المطلوب من وجهين :

الأول : إنّ الغريب ينقسم الى صحيح والى غير صحيح ، فليس كل غريب غير صحيح.

الثاني : لو كان حديث الطير من الغريب غير الصّحيح لما أخرجه أحمد ابن حنبل وقد قال غير مرة : لا تكتبوا هذه الأحاديث الغرائب ...

فثبت أنّ حديث الطير ليس من الغرائب غير الصحيحة ، بل إنّه حديث صحيح رواه الثقات المعتمدون.

جامع التّرمذي صحيح

هذا كلّه ، بالإضافة إلى أنّهم صرّحوا بصحّة أحاديث جامع التّرمذي واعتبارها ، وعلى هذا الأساس يصحّ الاحتجاج بحديث الطير المخرّج فيه ،

__________________

(١) علوم الحديث : ٣٩٥.


وبذلك يظهر بطلان تكذيبه ... ولنذكر في هذا المقام طرفا من كلماتهم في حقّ الترمذي وجامعه :

١ ـ قال السيوطي بترجمته : « قال أبو سعيد الإدريسي : كان أحد الأئمة الذين يقتدى بهم في علم الحديث ، صنّف كتاب الجامع والعلل والتاريخ ، تصنيف رجل عالم متقن ، كان يضرب به المثل في الحفظ » (١).

٢ ـ السمعاني : « أحد الأئمة الذين يقتدى بهم في علم الحديث ، صنف كتاب الجامع والتاريخ والعلل تصنيف رجل عالم متقن ، وكان يضرب به المثل في الحفظ والضبط ... » (٢).

٣ ـ ابن خلّكان : « الحافظ ، أحد الأئمة الذين يقتدى بهم في علم الحديث ، صنّف كتاب الجامع والعلل تصنيف رجل متقن ، وبه يضرب المثل ... » (٣).

فثبت من هذه الكلمات أنّ صحيحه موصوف بالإتقان ، حريّ بالاعتماد ، محفوظ من الطعن ...

٤ ـ وقال ابن الأثير : « ... وهذا كتابه الصحيح أحسن الكتب ، وأكثرها فائدة ، وأحسنها ترتيبا ، وأقلّها تكرارا ، وفيه ما ليس في غيره من ذكر المذاهب ووجوه الاستدلال ، وتبيين أنواع الحديث من الصحيح والحسن والغريب ، وفيه جرح وتعديل ، وفي آخره كتاب العلل ، قد جمع فيه فوائد حسنة لا يخفى قدرها على من وقف عليها.

قال الترمذي ; : صنّفت هذا الكتاب فعرضته على علماء الحجاز فرضوا به ، وعرضته على علماء العراق فرضوا به ، وعرضته على علماء خراسان

__________________

(١) طبقات الحفّاظ : ٢٧٨.

(٢) الأنساب ـ الترمذي.

(٣) وفيات الأعيان ٤ / ٢٧٨.


فرضوا به ، ومن كان في بيته هذا الكتاب فكأنّما في بيته نبي يتكلّم ... » (١).

فقد وصف ابن الأثير كتاب الترمذي بالصحّة ، وذكر أنه أحسن الكتب ، ونقل عن الترمذي رضا علماء الأقطار بهذا الكتاب بعد أنّ عرضه عليهم ، وقوله : « من كان في بيته هذا الكتاب فكأنّما في بيته نبيّ يتكلّم ».

وقد جاءت هذه الكلمة وقضية العرض على علماء البلاد عن الترمذي في كثير من الكتب ك‍ ( تذكرة الحفاظ ) و ( رجال المشكاة ) و ( كشف الظنون ) و ( مقاليد الأسانيد ) ونحوها.

٥ ـ وذكر أبو الحجّاج المزيّ في ( تحفة الأشراف بمعرفة الأطراف ) : « أما بعد ، فإني قد عزمت على ان أجمع في هذا الكتاب ـ إن شاء الله تعالى ـ أطراف الكتب الستة ، التي هي عمدة كتب أهل الإسلام ، وعليها مدار عامة الأحكام ، وهي : صحيح محمد بن إسماعيل البخاري ، وصحيح مسلم بن الحجاج النيسابوري ، وسنن أبي داود السجستاني ، وجامع أبي عيسى الترمذي ، وسنن أبي عبد الرحمن النسائي ، وسنن أبي عبد الله ابن ماجة القزويني ... » (٢).

فكتاب الترمذي أحد « الكتب الستّة التي هي عمدة كتب أهل الإسلام وعليها مدار عامة الأحكام ».

٦ ـ وقال الكاتب الجلبي : « والكتب المصنّفة في علم الحديث أكثر من أن تحصى ، إلاّ أن السلف والخلف قد اطبقوا على أنّ أصح الكتب بعد كتاب الله سبحانه وتعالى : صحيح البخاري ، ثم صحيح مسلم ، ثم الموطّأ ، ثم بقيّة الكتب الستة وهي : سنن أبي داود ، والترمذي ، والنسائي ، وابن ماجة ، والدار قطني ، والمسندات المشهورة » (٣).

__________________

(١) جامع الأصول ١ / ١١٤.

(٢) تحفة الأشراف بمعرفة الأطراف ـ المقدمة.

(٣) كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون ١ / ٥٥٩.


٧ ـ وقال عبد الله بن سالم البصري في ختم جامع الترمذي ـ نسخة مكتبة الحرم المكي ـ : « قال القاضي أبو بكر ابن العربي أوّل شرح الترمذي :

اعلموا أنار الله افئدتكم : ان كتاب الجعفي أي البخاري هو الأصل الثاني في هذا الباب ، والموطّأ هو الأوّل واللّباب ، وعليهما بنى الجميع كالقشيري ، والترمذي ، فمن دونهما ، ما طفقوا يصنعونه ، وليس في قدر كتاب أبي عيسى مثله حلاوة مقطع ونفاسة منزع وعذوبة مشرع ، وفيه أربعة عشر علما : صنف ـ وذلك أقرب إلى العمل ـ وأسند وصحّح وأسقم ، وعدّد الطرق ، وجرح وعدّل ، وأسمى وأكنى ، ووصل وقطع ، وأوضح المعمول به والمتروك ، وبيّن اختلاف العلماء في الردّ والقبول لآثاره ، وذكر اختلافهم في تأويلها ، وكلّ علم من هذه العلوم أصل في بابه وفرد في نصابه ، والقارئ له لا يزال في رياض مونقة وعلوم متفتقة.

قال : ووجدت بخطّ الشيخ أبي الصّبر أيّوب بن عبد أبياتا في شرح مصنّف الترمذي غير منسوبة وهي هذه :

كتاب الترمذي رياض علم

حكت أزهاره زهر النجوم

به الآثار واضحة أبينت

بألقاب أقيمت كالرسوم

فأعلاها الصحاح وقد أنارت

نجوما للخصوص وللعموم

ومن حسن يليها أو غريب

وقد بان الصّحيح من السّقيم

فعلّله أبو عيسى مبينا

معالمه لطلاّب العلوم

وطرّزه بآثار صحاح

تخيّرها أولو النظر السّليم

من العلماء والفقهاء قدما

وأهل الفضل والنهج القويم

فجاء كتابه علقا نفيسا

ينافس فيه أرباب العلوم

ويقتبسون منه نفيس علم

يفيد نفوسهم أسنى الرسوم ».

٨ ـ وقد ذكر الثعالبي هذه القصيدة مع زيادة الأبيات التالية :


« كتبناه رويناه لنروى

من التسنيم في دار النّعيم

وغاص الفكر في بحر المعاني

فأدرك كل معنى مستقيم

جزى الرّحمن خيرا بعد خير

أبا عيسى على الفكر الكريم ».

أقول : ومن هذه الأوصاف الحسنة يعلم أنّ حديث « الطير » وحديث « الولاية » وأمثالهما ممّا أورده الترمذي في صحيحه موصوفة بتلك الصفات ومعدودة في الصّحاح ومتلقاة بالقبول ، وإنّ المكذّب لها خارج عن أرباب النظر السليم ، ومتنكّب عن طريقة أهل الفضل وأرباب النهج القويم ، منهمك في التخديع والتدسيس ، مولع بالتلميع والتلبيس ، مستحق للطّعن المليم والجرح الذّميم ...

٩ ـ وقال الكمال الأدفوي (١) في ( الأمتاع ) : « قد تلقّت الامّة الكتب الخمسة أو الستة بالقبول ، وأطلق عليها جماعة أسم الصحيح ورجّح بعضهم بعضها على كتاب مسلم وغيره ، قال أبو سليمان أحمد الخطابي : كتاب السنن لأبي داود كتاب شريف لم يصنّف في الدين كتاب مثله ، وقد رزق من الناس القبول كافة ، فصار حكما بين فرق العلماء وطبقات الفقهاء على اختلاف مذاهبهم ، وكتاب السّنن أحسن وضعا وأكثر فقها من كتاب البخاري ومسلم. وقال الحافظ أبو الفضل محمد بن طاهر المقدسي : سمعت الإمام أبا الفضل عبد الله بن محمد الأنصاري بهراة يقول ـ وقد جرى بين يديه ذكر أبي عيسى الترمذي وكتابه فقال ـ كتابه عندي أنفع من كتاب البخاري ومسلم ... ».

١٠ ـ وقد ذكر الطيّبي : « خطّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، أي خط لأجل تفهيمنا سبيل الاعتقاد الحق والعمل الصالح وذا لا يتعدد أنحاؤه ، ثم خط

__________________

(١) وهو : جعفر بن ثعلب ، المتوفى سنة ٧٤٨ أو ٧٤٩. توجد ترجمته في : طبقات السبكي ٦ / ٨٦ والأسنوي ١ / ٨٦ ابن قاضي شهبة ٢ / ١٧٢ الدرر الكامنة ٢ / ٧٢ ، حسن المحاضرة ١ / ٣٢٠ وغيرها.


خطوطا عن يمينه وشماله ، إشارة إلى أن سبيله وسط بين الإفراط والتفريط كالجبر والقدر ، وتلك الخطوط مذاهب أهل الأهواء اثنتين وسبعين فرقة.

فإن قلت : ما وثوقك أنك على الصراط المستقيم ، فإن كلّ فرقة تدّعي أنّها عليه؟

قلت : بالنقل عن الثقات المحدّثين ، الذين جمعوا صحاح الأحاديث في أموره صلّى الله عليه وسلّم وأحواله ، وفي أحوال الصحابة ، مثل الصحاح الستة التي اتّفق الشرق والغرب على صحتها ، وشرّاحها كالخطّابي ، والبغوي ، والنووي ، اتفقوا عليه ، فبعد ملاحظته ينظر من الذي تمسّك بهديهم واقتفى أثرهم » (١).

وكذا قال محمد طاهر الفتني في ( مجمع البحار ) بشرح الحديث المذكور.

وقال المنّاوي بشرح حديث افتراق الامّة : « فإن قيل : ما وثوقك بأنّ تلك الفرقة الناجية هي أهل السنة والجماعة ، مع أنّ كلّ واحد من الفرق يزعم أنه هي دون غيره؟

قلنا : ليس ذلك بالادّعاء والتشبث باستعمال الوهم القاصر والقول الزاعم ، بل بالنقل على جهابذة أهل الصنعة وأئمة الحديث ، الذين جمعوا صحاح الأحاديث في امور المصطفى صلّى الله عليه وسلّم وأحواله وأفعاله وحركاته وسكناته ، وأحوال الصحب والتابعين ، كالشيخين وغيرهما من الثقات المشاهير ، الذين اتّفق أهل المشرق والمغرب على صحة ما في كتبهم ، ومن تكلّف باستنباط معانيها وكشف مشكلاتها ، كالخطّابي ، والبغوي ، والنووي ، جزاهم الله خيرا ، ومن اقتفى أثرهم واهتدى بسيرتهم في الأصول والفروع ، فيحكم بأنهم هم » (٢).

__________________

(١) الكاشف في شرح المشكاة ـ مخطوط.

(٢) فيض القدير في شرح الجامع الصغير ٢ / ٢٠.


أقول : فثبت أنّ حديث « الطير » و« الولاية » وغيرهما ممّا أخرج في صحيح الترمذي وغيره من الكتب الستة ، مما اتّفق عليه أهل الشرق والغرب ، وحكموا بصحّته ...

١١ ـ وقال الشنواني في ( الدرر السنّية فيما علا من الأسانيد الشنوانية ) بعد أن ذكر أسانيد الصحّاح الستّة ـ ومنها صحيح الترمذي ـ : « تنبيه : هذه الكتب المذكورة ـ أعني البخاري وما ذكر بعده ـ هي الكتب الستّة المشهورة بين المحدثين بالفضل المتين ، قالوا : وينبغي لطالب الحديث أن يتلقّنها على ترتيبها المذكور : البخاري ، فمسلم ، فسنن أبي داود ، سواء كان ذلك التلقي قراءة منه على شيخه أو سماعا من شيخه أو إجازة منه ، وكذا كتب الأئمة الآتي ذكرها يتلقّى على ترتيبها الآتي ».

أقول : فظهر أن « حديث الطير » من الأحاديث المشهورة بين المحدّثين ، ومن الآثار المأثورة الشائعة بين المنقّدين ، ومتصف بالفضل المتين والشرف المبين ، وينبغي لطالب الحديث أن يتلقاه بالقبول ، ويعدّ تلقيه أسنى مقصد وأشرف مأمول.

١٢ ـ وقال محمّد بن إبراهيم الصنعاني المعروف بابن الوزير ـ بعد أن ذكر كلام ابن دحية حول استشهاد الإمام الحسين السبط 7 ـ : « وفيما ذكره ابن دحية أوضح دليل على براءة المحدّثين وأهل السنة ، فيما افتراه عليهم المعترض من نسبتهم إلى التشيّع ليزيد وتصويب قتله الحسين ، وكيف! وهذه رواياتهم مفصحة بضدّ ذلك ـ كما بيّناه ـ في مسند أحمد ، وصحيح البخاري ، وجامع الترمذي ، وأمثالها ، وهذه الكتب هي مفزعهم وإلى ما فيها مرجعهم ، وهي التي يخضعون لنصوصها ويقصرون التعظيم عليها بخصوصها » (١).

وقد ترجم الشوكاني لابن الوزير وأثنى عليه الثّناء البالغ (٢).

__________________

(١) الروض الباسم في الذبّ عن سنّة أبي القاسم : ١١٢.

(٢) البدر الطالع ٢ / ٨١. وانظر أيضا : الضوء اللامع ٦ / ٢٧٢.


١٣ ـ وقال ابن روزبهان في كتابه ( الباطل ) : « وليس أخبار الصحاح الستّة مثل أخبار الروافض ، فقد وقع إجماع الأئمة على صحتها ».

وقال أيضا : « وصحاحنا ليس ككتب الشيعة ـ التي اشتهر عند السنّة أنها من موضوعات يهودي كان يريد تخريب بناء الإسلام ، فعملها وجعلها وديعة عند الإمام جعفر الصادق ، فلمّا توفي حسب الناس أنّه من كلامه والله أعلم بحقيقة هذا الكلام ، وهذا من المشهورات ، ومع هذا لا ثقة لأهل السنّة بالمشهورات ، بل لا بدّ من الإسناد الصحيح حتى تصح الرواية وأمّا صحاحنا فقد اتفق العلماء أنّ كلّ ما عدّ من الصحاح ـ سوى التعليقات ـ في الصحاح الستة لو حلف الطلاق أنه من قول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، أو من فعله وتقريره ، لم يقع الطلاق ولم يحنث ».

١٤ ـ وقال معين الدين الشهير بميرزا مخدوم حفيد الشريف الجرجاني في ( نواقض الروافض ) : « العاشر : إنكارهم كتب الأحاديث الصحاح التي اتفقت الامة بقبولها ، منها صحيحا البخاري ومسلم ، اللذين مرّ ذكرهما رضوان الله عليهما ... وقد بلغ القدر المشترك مما ذكر في ميامنهما وبركاتهما حدّ التواتر ، وصارا في الإسلام رفيقي المصحف الكريم والقرآن العظيم ، فهؤلاء من كثرة جهلهم وقلّة حيائهم ينكرون الصحيحين المزبورين وسائر صحاحنا ».

أقول : أليست هذه التشنيعات منطبقة على ( الدهلوي ) المنكر لحديث « الطير » وحديث « الولاية » المخرّجين في صحيح الترمذي؟!

١٥ ـ وقال الشاه ولي الله والد ( الدهلوي ) : « الطبقة الثانية : كتب لم تبلغ مبلغ الموطّأ والصحيحين ولكنّها تتلوها ، كان مصنفوها معروفين بالوثوق والعدالة والحفظ والتبحّر في فنون الحديث ، ولم يرضوا في كتبهم هذه بالتساهل فيما اشترطوا على أنفسهم ، فتلقّاها من بعدهم بالقبول واعتنى بها المحدثون والفقهاء ، طبقة بعد طبقة ، واشتهرت فيما بين الناس ، وتعلّق بها القوم شرحا لغريبها وفحصا عن رجالها واستنباط لفقهها ، وعلى تلك الأحاديث بناء عامة


العلوم : كسنن أبي داود ، وجامع الترمذي ، ومجتبى النسائي ، وهذه الكتب ـ مع الطبقة الأولى ـ اعتنى بأحاديثها رزين في تجريد الصحاح ، وابن الأثير في جامع الأصول ، وكاد مسند أحمد يكون من جملة هذه الطبقة ، فإن الإمام أحمد جعله أصلا يعرف به الصحيح والسقيم ، قال : وما ليس فيه فلا تقبلوه » (١).

أقول : فالعجب من ( الدهلوي ) الفخور المختال كيف طاب نفسا لعقوق ( والده ) السابق في مضمار الكمال ، فلم يصغ إلى وعظه ، ولم يعرّج على ندائه ، ولم يحتفل بتصريحه ، ولم يكترث بتحقيقه!! ...

١٦ ـ بل لقد أورد ( الدهلوي ) كلام والده في كتابه ( اصول الحديث ) ، وأيضا : مدح الترمذي وأثنى على ( صحيحه ) ورجحه على سائر الكتب من جهات وأورد مدائح القوم له ، كقصيدة الأندلسي المتقدمة مسبقا ، في كتابه الآخر ( بستان المحدثين ).

فمن عجائب الأمور أن يثبت ( الدهلوي ) الجسور هذه المدائح الجليلة لصحيح الترمذي ، ثم ينسى ذلك أو يتناسى ، ويتساهل ويغفل أو يتغافل ، ويكذّب حديث « الطير » و« الولاية » المذكورين في هذا الصحيح ، البريء ـ حسب إفادته ـ عن الخلل ، جريا في مضمار فاحش الزلل ، والله العاصم من دحض الأقدام في القول والعمل.

(٦)

رواية البلاذري

ورواه أحمد بن يحيى البلاذري ... فقد قال ما نصّه : « المدائني ، عن

__________________

(١) حجة الله البالغة : ١٨٤.


المثنى بن أبان ، عن أنس قال : كنت مع النبي صلّى الله عليه وسلّم في حائط ، وبين يديه طائر ، فقال : يا رب ائتني بأحبّ الخلق إليّ يأكل منه فجاء علي فأكل معه » (١).

ورواه عنه الحافظ ابن شهر آشوب المازندراني في ( مناقب آل أبي طالب ) : « روى حديث الطير جماعة ، منهم الترمذي في جامعه ، وأبو نعيم في حلية الأولياء والبلاذري في تاريخه ... » (٢).

ترجمة البلاذري

والبلاذري من مشاهير حفّاظ أهل السنّة ، قال الذهبي ـ بعد أن ترجم لأحمد بن محمّد البلاذري : « قلت : هذا البلاذري الصغير ، فأمّا الكبير فإنّه أحمد بن يحيى صاحب التاريخ المشهور ، من طبقة أبي داود السجستاني ، حافظ أخباري » (٣).

وكذا قال السيوطي (٤).

ومن مصادر ترجمة البلاذري ما يلي :

١ ـ معجم الأدباء ٥ / ٨٩.

٢ ـ الوافي بالوفيات ٨ / ٢٣٩.

٣ ـ فوات الوفيات ١ / ١٥٥.

٤ ـ البداية والنهاية ١١ / ٦٥.

٥ ـ سير أعلام النبلاء ١٣ / ١٦٢.

__________________

(١) أنساب الأشراف ٢ / ١٤٢ رقم ١٤١.

(٢) مناقب آل أبي طالب ٢ / ٢٨٢.

(٣) تذكرة الحفّاظ ٣ / ٨٩٢.

(٤) طبقات الحفّاظ : ٣٦٦.


ترجمة ابن شهرآشوب

١ ـ الصّلاح الصفدي (١) بقوله : « محمّد بن علي بن شهرآشوب ـ الثانية بسين مهملة ـ أبو جعفر السروي المازندراني ، رشيد الدين ، الشيعي ، أحد شيوخ الشيعة ، حفظ أكثر القرآن وله ثمان سنين ، وبلغ النهاية في اصول الشيعة ، كان يرحل إليه من البلاد ، ثمّ تقدّم في علم القرآن والغريب والنحو ، ووعظ على المنبر أيّام المقتفي ببغداد فأعجبه وخلع عليه ، وكان بهيّ المنظر ، حسن الوجه والشيبة ، صدوق اللهجة ، مليح العبارة ، واسع العلم ، كثير الخشوع والعبادة والتهجّد ، لا يكون إلاّ على وضوء ، أثنى عليه ابن أبي طي في تاريخه ثناء كثيرا ، توفي سنة ٥٨٨ » (٢).

٢ ـ السّيوطي : « قال الصفدي : كان مقدّما في علم القرآن والغريب والنحو ، واسع العلم ، كثير العبادة والخشوع. ألّف : الفصول في النحو ، أسباب نزول القرآن ، متشابه القرآن ، مناقب آل أبي طالب ، المكنون ، المائدة والفائدة في النوادر والفوائد. مات سنة ٥٨٨ » (٣).

٣ ـ الداودي : « ... وكان إمام عصره وواحد دهره ، وكذا التأليف ، غلب عليه علم القرآن والحديث ، وهو عند الشيعة كالخطيب البغدادي لأهل السنّة في تصانيفه ، في تعليقات الحديث ورجاله ومراسيله ومتفّقه ومفترقه ، إلى غير ذلك من أنواعه ... » (٤).

__________________

(١) توجد ترجمته في : الدرر الكامنة ٢ / ٨٧ ، البدر الطالع ١ / ٢٤٣ ، شذرات الذهب ٦ / ٢٠٠ ، طبقات ابن قاضي شهبة ٢ / ٢٤١ ، طبقات السبكي ٦ / ٩٤.

(٢) الوافي بالوفيات ٤ / ١٤٦.

(٣) بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة : ٧٧.

(٤) طبقات المفسّرين ٢ / ٢٠١.


وكذا ترجم له ابن حجر (١) والفيروزآبادي.

(٧)

رواية عبد الله بن أحمد

رواه في ( زوائد المسند ) حيث قال : « حدثني أبي قال : أخبرنا ابن مالك قال : حدّثنا عبد الله بن عمر قال : حدّثنا يونس بن أرقم قال : حدّثنا مطير بن أبي خالد ، عن البجلي ، عن سفينة مولى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال : أهدت امرأة من الأنصار إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم طيرين بين رغيفين ، فقدمت إليه الطيرين ، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك وإلى رسولك ، فجاء علي فرفع صوته. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : من هذا؟ قلت : علي ، قال : فافتح له ، ففتحت له ، فأكل مع النبي صلّى الله عليه وسلّم من الطيرين حتى فنيا ».

وقال محمّد بن إسماعيل في ( الروضة الندية ) : « أخرج عبد الله بن أحمد ابن حنبل ـ من حديث سفينة مولى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ـ قال : أهدت امرأة من الأنصار طيرين بين رغيفين ، فقدمت إليه الطيرين ، فقال : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك وإلى رسولك ، فجاء علي فرفع صوته ، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : من هذا؟ قلت : علي قال : فافتح له ، ففتحت له ، فأكلا من الطيرين حتى فنيا ».

ترجمته

١ ـ عبد الغني المقدسي : « قال أبو بكر الخطيب : كان ثقة ثبتا فهما. وقال بدر بن أبي بدر البغدادي : عبد الله بن أحمد جهبذ ابن جهبذ. وقال أبو

__________________

(١) لسان الميزان ٥ / ٣١٠.


الحسين ابن المنادي : لم يكن في الدنيا أروى عن أبيه منه ... قال : وما زلنا نرى أكابر شيوخنا يشهدون له بمعرفة الرجال ، وعلل الحديث ، والأسماء والكنى ، والمواظبة على طلب الحديث ، في العراق وغيرها ، ويذكرون عن أسلافهم الإقرار له بذلك ، حتى أن بعضهم ليسرف في تقريظه إيّاه بالمعرفة وزيادة السماع للحديث على أبيه ... » (١).

٢ ـ ابن حجر : « قال عباس الدّوري : سمعت أحمد يقول : قد وعى عبد الله علما كثيرا. وقال الخطبي : بلغني عن أبي زرعة قال قال لي أحمد : ابني عبد الله محفوظ من علم الحديث لا يكاد يذاكر إلاّ بما أحفظ. وقال أبو علي الصّواف : قال عبد الله بن أحمد : كلّ شيء أقول : قال أبي ، فقد سمعته مرّتين أو ثلاثة ، وقال ابن أبي حاتم : كتب إليّ بمسائل أبيه وبعلل الحديث ... وقال ابن عدي : نبل بأبيه وله في نفسه محل في العلم ، ولم يكتب عن أحد إلاّ من أمره أبوه أن يكتب عنه ... وقال النسائي : ثقة. وقال السّلمي : سألت الدار قطني عن عبد الله بن أحمد وحنبل بن إسحاق فقال : ثقتان نبيلان. وقال أبو بكر الخلاّل : كان عبد الله رجلا صالحا صادق اللهجة كثير الحياء » (٢).

٣ ـ الذهبي : « وفيها توفي الحافظ أبو عبد الرحمن عبد الله بن أحمد بن محمّد بن حنبل الذهلي الشيباني ، ببغداد ، في جمادى الآخرة ، وله سبع وسبعون سنة كأبيه ، وكان إماما خبيرا بالحديث وعلله مقدّما فيه ، وكان من أروى الناس عن أبيه ، وقد سمع من صغار شيوخ أبيه ، وهو الذي رتّب مسند والده » (٣).

٤ ـ السيوطي : « عبد الله بن أحمد بن حنبل البغدادي الحافظ ، روى عن : أبيه ، وابن معين ، وخلق. وعنه : النسائي ، وابن صاعد ، وأبو عوانة ،

__________________

(١) الكمال في معرفة الرجال ـ مخطوط.

(٢) تهذيب التهذيب ٥ / ١٤١.

(٣) العبر في خبر من غبر ٢ / ٨٦.


والطبراني ، وأبو بكر النجار ، والقطيعي ، وأبو بكر الشافعي ، وخلق ... » (١).

(٨)

رواية أبي بكر البزّار

أخرج الحديث في ( مسنده ) بقوله :

« حدثنا عبد الأعلى بن واصل ، ثنا عون بن سلام ، ثنا سهل بن شعيب ، ثنا بريدة بن سفيان ، عن سفينة ـ وكان خادما لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم ـ قال : اهدي لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم طوائر وصنعت له بعضها ، فلمّا أصبح أتيته به فقال : من أين لك هذا؟ فقلت : من الذي أتيت به أمس ، قال : ألم أقل لك لا تدّخرنّ لغد طعاما : لكلّ يوم رزقه. ثمّ قال : اللهم أدخل عليّ أحبّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطير ، فدخل علي ـ 2 ـ فقال : اللهم ولي.

حدّثنا أحمد بن عثمان بن حكيم ، ثنا عبيد الله بن موسى ، ثنا إسماعيل ابن سلمان الأزرق ، عن أنس بن مالك قال : اهدي لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم أطيار ، فقسّمها بين نساءه ، فأصاب كلّ امرأة منها ثلاثة ، فأصبح عند بعض نساءه ـ صفية أو غيرها ـ فأتته بهنّ ، فقال : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي من هذا ، فقلت : اللهم اجعله رجلا من الأنصار ، فجاء علي ـ 2 ـ فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : يا أنس ، انظر من على الباب ، فنظرت فإذا علي ، فقلت : إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على حاجة ، ثمّ جئت فقمت بين يدي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال : انظر من على الباب ، فإذا علي ، حتى فعل ذلك ثلاثا ، فدخل يمشي وأنا خلفه ،

__________________

(١) طبقات الحفّاظ : ٢٩٢.


فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : من حبسك رحمك الله؟ فقال : هذا آخر ثلاث مرات ، يردّني أنس ، يزعم أنك على حاجة ، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : ما حملك على ما صنعت؟ قلت : يا رسول الله ، سمعت دعاءك ، فأحببت أن يكون من قومي ، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : إنّ الرجل قد يحب قومه ، إنّ الرجل قد يحبّ قومه. قالها ثلاثا.

قلت : عند الترمذي طرف منه.

قال البزار : قد روي عن أنس من وجوه ، وكلّ من رواه عن أنس فليس بالقوي ، وإسماعيل كوفي حدّث عن أنس بحديثين » (١).

* وقد أخرج الحديث عن الحافظ البزّار غير واحد من المتأخرين عنه ، منهم : الحافظ الهيثمي في ( مجمعه ) فإنّه قال :

« وعن أنس بن مالك قال : أهدي لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم أطيار ، فقسّمها بين نسائه ، فأصاب كلّ امرأة منها ثلاثة ، فأصبح عند بعض نسائه ـ صفيّة أو غيرها ـ فأتته بهنّ فقال : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي من هذا. فقلت : اللهم اجعله رجلا من الأنصار ، فجاء علي 2 ، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : يا أنس ، انظر من على الباب ، فنظرت فإذا علي ، فقلت : إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على حاجة ، ثمّ جئت فقمت بين يدي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، فقال : انظر من على الباب ، فإذا علي ، حتى فعل ذلك ثلاثا ، فدخل يمشي وأنا خلفه ، فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم : من حبسك رحمك الله؟ فقال : هذا آخر ثلاث مرّات يردّني أنس ، يزعم أنك على حاجة. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : ما حملك على ما صنعت؟ قلت : يا رسول الله ، سمعت دعاءك ، فأحببت أن يكون من قومي. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : إنّ الرجل قد يحبّ

__________________

(١) كشف الأستار عن زوائد البزّار ٣ / ١٩٣ ـ ١٩٤. رقم ٢٥٤٧ ، ٢٥٤٨.


قومه ، إنّ الرجل قد يحبّ قومه. قالها ثلاثا.

رواه البزّار. وفيه إسماعيل بن سلمان ، وهو متروك.

وعن سفينة ـ وكان خادما لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم ـ قال : أهدي لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم طوائر فصنعت لها بعضها ، فلمّا أصبح أتيته به فقال : من أين لك هذا؟ فقلت من التي أتيت به أمس. فقال : ألم أقل لك لا تدّخرنّ لغد طعاما ، لكلّ يوم رزقه ، ثم قال : اللهم أدخل عليّ أحبّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطير ، فدخل علي 2 عليه ، فقال : اللهم وإليّ.

رواه البزار والطّبراني باختصار ، ورجال الطبراني رجال الصّحيح غير فطر ابن خليفة وهو ثقة » (١).

ترجمته

وتوجد ترجمة أحمد بن عمرو بن عبد الخالق البزّار المتوفى سنة ٢٩٢ في :

١ ـ تذكرة الحفّاظ ٢ / ٦٥٣.

٢ ـ تاريخ بغداد ٤ / ٣٣٤.

٣ ـ الوافي بالوفيات ٧ / ٨.

٤ ـ سير أعلام النبلاء ١٣ / ٥٥٤.

٥ ـ العبر في خبر من غبر ٢ / ٩٢.

٦ ـ طبقات الحفّاظ : ٢٨٥.

إلى غير ذلك من المصادر.

وقد عنونه الذهبي في ( سير أعلام النبلاء ) بقوله : « البزّار : الشيخ ، الامام الحافظ الكبير ، أبو بكر ، أحمد بن عمرو بن عبد الخالق ، البصري ، البزار ،

__________________

(١) مجمع الزوائد ٩ / ١٢٦.


صاحب المسند الكبير الذي تكلّم على أسانيده ».

(٩) رواية النّسائي

رواه بسند صحيح حيث قال : « أخبرني زكريّا بن يحيى قال : أخبرنا الحسن بن حمّاد قال : ثنا مسهر بن عبد الملك ، عن عيسى بن عمر ، عن السدّي ، عن أنس بن مالك : إنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم كان عنده طائر فقال : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطائر ، فجاء أبو بكر فردّه ، ثمّ جاء عمر فردّه ، ثمّ جاء علي فأذن له » (١).

رجال السّند

وغير خاف على أهل العلم أنّ رجال هذا السند من مشاهير الثقات عند أهل السنّة ، ومع ذلك نورد تراجمهم هنا باختصار :

النسائي

امّا النسائي فمدائحه أكثر من أن تحصر ، وأشهر من أن تذكر ، وإليك بعض كلماتهم في الثناء عليه :

١ ـ ابن خلكان : « أبو عبد الرحمن أحمد بن علي بن شعيب بن علي بن سنان بن بحر النسائي ، الحافظ ، كان إمام عصره في الحديث ، وله كتاب السنن ، وسكن مصر ، وانتشرت بها تصانيفه ، وأخذ عنه الناس ، ... » (٢).

٢ ـ أبو الحجاج المزّي : « أحمد بن شعيب بن علي بن سنان بن بحر بن

__________________

(١) خصائص علي الحديث : ١٢.

(٢) وفيات الأعيان ١ / ٧٧.


دينار ، أبو عبد الرحمن النسائي ، القاضي ، الحافظ ، صاحب كتاب السنن وغيره من المصنفات المشهورة ، أحد الأئمة المبرّزين ، والحفّاظ المتقنين ، والأعلام المشهورين ، طاف البلاد ، وسمع بخراسان والعراق والحجاز ومصر والشام والجزيرة ، من جماعة يطول ذكرهم ، قد ذكرنا روايته عنهم في تراجمهم من كتابنا هذا ... » (١).

٣ ـ الخطيب التبريزي : « وهو أحد الأئمّة الحفّاظ ، والعلماء الفقهاء ، لقي المشايخ الكبار ، وأخذ الحديث عن : قتيبة بن سعيد ، وهنّاد بن السري ، ومحمّد بن بشار ، ومحمّد بن غيلان ، وأبي داود سليمان بن أشعث ، وغير هؤلاء من المشايخ الحفاظ ، وأخذ الحديث عنه خلق كثير منهم : أبو القاسم ابن الطبراني ، وأبو جعفر الطحاوي ، وأبو بكر إسحاق النسفي الحافظ ، وله كتب كثيرة في الحديث والعلل وغير ذلك.

قال مأمون المصري الحافظ : خرجنا مع أبي عبد الرحمن إلى طرسوس ، فاجتمع جماعة من مشايخ الإسلام ، واجتمع من الحفّاظ عبد الله بن أحمد بن حنبل ، ومحمّد بن إبراهيم ، وغيرهما ، فتشاوروا من ينتقي لهم على الشيوخ ، فأجمعوا على أبي عبد الرحمن النسائي ، وكتبوا كلّهم بانتخابه.

وقال الحاكم النيسابوري : أما كلام أبي عبد الرحمن على فقه الحديث فأكثر من أن يذكر ، ومن نظر في كتاب السنن له تحيّر في حسن الكلام ، وقال :

سمعت علي بن عمر الحافظ غير مرّة يقول : أبو عبد الرحمن مقدّم على كلّ من يذكر بهذا العلم في زمانه ، كان شافعي المذهب ، وكان ورعا متبّحرا ;.

النسائي ، بفتح النون وتخفيف السين. المهملة وبالمد والهمزة ، منسوب إلى مدينة نسأ من خراسان » (٢).

__________________

(١) تهذيب الكمال ١ / ٢٣.

(٢) الإكمال في أسماء الرجال المشكاة ط معه.


٤ ـ ابن الوردي : « ... إمام حافظ محدّث ... » (١).

٥ ـ الصلاح الصفدي : « ... مصنف السنن وغيرها ، بقية الأعلام ...

وقال ابن طاهر المقدسي : سألت سعد بن علي الزنجاني عن رجل فوثّقه ، فقلت : ضعّفه النسائي ، فقال : يا بني ، إن لأبي عبد الرحمن شرطا في الرجال أشدّ من شرط البخاري ومسلم. وقال الدار قطني : كان ابن حدّاد أبو بكر كثير الحديث ولم يحدّث عن غير النسائي وقال : قد رضيت به حجة بيني وبين الله ... » (٢).

٦ ـ الذهبي في حوادث ٣٠٣ : « وفيها توفي الامام أحد الأعلام صاحب التصانيف أبو عبد الرحمن ... » (٣).

٧ ـ اليافعي : « فيها توفي الحافظ ، أحد الأئمّة الأعلام ، صاحب المصنّفات ، أبو عبد الرحمن أحمد بن علي النسائي ، كان إمام عصره في الحديث ... » (٤).

٨ ـ الأسنوي : « الإمام أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن علي النسائي ، المشهور في الحديث اسمه ، وكتابه الجامع بين الحديث والفقه ، سكن مصر وأخذ عن يونس بن عبد الأعلى صاحب الشافعي ، وكان أفقه مشايخ مصر في عصره وأعلمهم بالحديث ... » (٥).

٩ ـ السبكي : « أحمد بن شعيب بن علي بن سنان بن بحر ، الإمام الجليل ، أبو عبد الرحمن النسائي ، أحد أئمة الدنيا في الحديث ، والمشهور اسمه وكتابه ... قال أبو علي النيسابوري. حافظ خراسان في زمانه : حدّثنا

__________________

(١) تتمة المختصر في أحوال البشر حوادث : ٣٠٣.

(٢) الوافي بالوفيات ٦ / ٤١٦.

(٣) العبر في خبر من غبر ٢ / ١٢٣.

(٤) مرآة الجنان ٢ / ١٢٣.

(٥) طبقات الشافعية ٢ / ٤٨٠.


الإمام في الحديث بلا مدافعة أبو عبد الرحمن النسائي. وقال المنصور الفقيه وأبو جعفر الطحاوي رحمهما الله : النسائي إمام من أئمة المسلمين ...

قلت : سمعت شيخنا أبا عبد الله الذهبي الحافظ وسألته : أيّهما أحفظ مسلم بن الحجاج صاحب الصحيح أو النسائي؟ فقال : النسائي ، ثم ذكرت ذلك للشيخ الإمام الوالد ـ تغمّده الله برحمته ـ فوافق عليه ... » (١).

ومن مصادر ترجمة النسائي أيضا :

١ ـ الأنساب ـ النسائي.

٢ ـ تذكرة الحفّاظ ٢ / ٦٩٨.

٣ ـ البداية والنهاية ١١ / ١٢٣.

٤ ـ طبقات القراء ١ / ٦١.

٥ ـ تهذيب التهذيب ١ / ٣٦.

٦ ـ حسن المحاضرة ١ / ٣٤٩.

٧ ـ العقد الثمين ٣ / ٤٥.

٨ ـ طبقات الحفاظ : ٣٠٣.

٩ ـ النجوم الزاهرة ٣ / ١٨٨.

١٠ ـ شذرات الذهب ٢ / ٢٣٩.

زكريا بن يحيى

وأما زكريا بن يحيى ، فهذه بعض كلماتهم في حقّه :

١ ـ الذهبي : « س ـ زكريا بن يحيى السجزي الحافظ ، أبو عبد الرحمن ، عن شيبان وقتيبة ، وعنه : س رفيقه ، والطبراني. ثقة ، ولد ١٩٥ ، ومات ٢٨٩ » (٢).

__________________

(١) طبقات الشافعية ٣ / ١٤.

(٢) الكاشف ١ / ٣٢٤.


٢ ـ ابن حجر : « قال النسائي : ثقة ، وقال عبد الغني بن سعيد : ثقة ، وقال ابن يونس : قدم مصر وكتب عنه وخرّج ... » (١).

٣ ـ وقال : « يعرف بخيّاط السنّة ، ثقة حافظ ، من الثانية عشرة .. » (٢).

حسن بن حماد

وأما حسن بن حماد :

١ ـ ابن حبان : « الحسن بن حماد الضبي الكوفي ، أبو علي ، الذي يقال له سجادة ، يروي عن وكيع وأهل بلده ، ثنا عنه أبو يعلى وجماعة من شيوخنا ، مات يوم السبت لثمان بقين من رجب سنة ٢٤١ » (٣).

٢ ـ الذهبي : « س ـ حسن بن حماد الضبّي الكوفي ... ثقة توفي ٢٣٨ » (٤).

٣ ـ ابن حجر : « قال ابن أبي حاتم : سألت موسى بن إسحاق عنه فقال :

ثقة مأمون ، وقال السرّاج : كوفي ثقة ، قدم بغداد سنة ٣٥ وحدّث بها ، وقال مطين : مات في رجب سنة ٢٣٨. له في السنن حديث واحد في اعتكاف عمر.

قلت : وذكره ابن حبان في الثقات » (٥).

٤ ـ وقال أيضا : « ثقة ، من العاشرة ، مات سنة ٣٨ » (٦).

مسهر بن عبد الملك

وأمّا مسهر بن عبد الملك فقد ترجم له :

* الذهبي بقوله : « مسهر بن عبد الملك بن سلع الهمداني الكوفي ، عن

__________________

(١) تهذيب التهذيب ٣ / ٣٣٤.

(٢) تقريب التهذيب ١ / ٢٦٢.

(٣) الثقات ٨ / ١٧٥.

(٤) الكاشف ١ / ٢٢٠.

(٥) تهذيب التهذيب ٢ / ٢٣٧.

(٦) تقريب التهذيب ١ / ١٦٥.


أبيه ، والأعمش ، وعيسى بن عمر القاري ، وعنه : ابن راهويه ، والحسن بن علي ، الحلواني ، وأبو سعيد الأشج ، والحسين بن عيسى البسطامي ، ومحمّد ابن عبد الله بن المبارك المخزومي ، وجماعة. وثّقه الحسن بن حمّاد الوراق ، وذكره ابن حبان في الثقات » (١).

عيسى بن عمر

وأما عيسى بن عمر :

١ ـ ابن حبان : « عيسى بن عمر القاري الهمداني ، أبو عمر الأعمى ، من أهل الكوفة ، يروي عن الشعبي والكوفيين ، روى عنه ابن المبارك وجرير ووكيع » (٢).

٢ ـ الذهبي : ت ، س ـ عيسى بن عمر الأسدي الكوفي المقري ، صاحب الحروف ، ويعرف بالهمداني ... قال أحمد : ليس به بأس. مات سنة ١٥٦ » (٣).

٣ ـ ابن حجر : « قال الميموني عن أحمد : ليس به بأس ، وقال إسحاق ابن منصور عن ابن معين : ثقة ، وقال الدوري عن ابن معين : عيسى بن عمر الكوفي صاحب الحروف هو همداني ، وعيسى بن النحوي بصري ، وقال النسائي : ثقة ، وقال أبو حاتم : ليس بحديثه بأس ، وقال أيضا : ثنا مقاتل بن محمّد ، ثنا وكيع ، عن عيسى بن عمر الهمداني وكان ثقة ، قال الخطيب : كان ثقة ، وذكره ابن حبان في الثقات ... قلت : وقال العجلي : كوفي ثقة ، رجل صالح ، كان أحد قرّاء الكوفة ، رأسا في القرآن ، وقال أبو بكر البزار : ليس به بأس ، وقال ابن خلفون : وثّقه ابن نمير ... » (٤).

__________________

(١) تهذيب التهذيب ـ مخطوط.

(٢) الثقات ٧ / ٢٣٣.

(٣) الكاشف ٢ / ٣٦٩.

(٤) تهذيب التهذيب ٨ / ١٩٩.


٤ ـ وقال : « ثقة ، من السابعة ، مات سنة ست وخمسين » (١).

السدّي

وأمّا السدّي ، فقد مرّت ترجمته وكلمات المدح والثناء فيه بالتفصيل سابقا.

أنس بن مالك

وأمّا أنس بن مالك ، فهو صحابيّ من أشهر أصحاب رسول الله 6 ، وقد تقرر عندهم عدالة جميعهم ، فلا حاجة إلى ذكر تراجمهم له.

أقول : فإذا كان النسائي عمدة أهل التحقيق ، قد روى هذا الحديث الشريف الأنيق ، بطريق صحيح وثيق ، إظهارا للحق الذي هو بالإذعان حقيق ، كيف يركن ذو خبر بصير أفيق إلى إبطاله وردّه ، فيلقي نفسه في العذاب الواصب وأليم الحريق؟!

صحّة أحاديث الخصائص وجواز الاحتجاج بها

ثمّ إنّه مع قطع النّظر عن خصوص هذه الرّواية الصحيحة السند كما عرفت ، فإنّ مجرّد إخراج النسائي إيّاه في كتاب ( الخصائص ) دليل على صحّته وجواز الاحتجاج به ، وذلك لأمرين :

أحدهما : إنّ سبب تصنيفه هذا الكتاب هو : أنّه لمّا دخل دمشق وجد المنحرف بها عن أمير المؤمنين 7 كثيرا ، فصنّف ( الخصائص ) رجاء لأن يهديهم الله تعالى به ... في قضيّة مفصّلة مذكورة بترجمته في الكتب

__________________

(١) تقريب التهذيب ٢ / ١٠٠.


المعتبرة ، راجع منها :

وفيات الأعيان ، وتذهيب التهذيب ، وتهذيب التهذيب ، وتهذيب الكمال ، وتذكرة الحفّاظ ، ومرآة الجنان ، وطبقات السّبكي ...

ومن الواضح : إن هداية المنحرفين عن سيّدنا أمير المؤمنين 7 لا تتحقّق بذكر الأحاديث غير الصحيحة ، بل إنّه يزيدهم عنادا وانحرافا ...

فظهر أنّ حديث « الطير » وكذا حديث « الولاية » وأمثالهما ممّا أخرج النسائي في ( خصائصه ) أحاديث صحيحة سندا وتامّة دلالة ، يرجى بها الهداية للمنحرفين عن أهل البيت الطّاهرين ، ورجوعهم إلى الحق وإلى الطريق المستقيم.

لكنّ هذا الكتاب ـ وإن نفع بعض النواصب ، وأنقذهم من بغض علي 7 ـ لم ينفع ( الدهلوي ) الذاهب من الجفاء والانحراف إلى أقصى المذاهب!!

والثاني : إنّ كتاب ( الخصائص ) جزء من كتاب ( السنن ) للنسائي ، الذي هو أحد الصحاح الستّة ... قال الذهبي : « وقد صنّف مسند علي ، وكتابا حافلا في الكنى. وأما كتاب خصائص علي فهو داخل في سننه الكبير » (١).

وقال ابن حجر :

« وقد ذكر المؤلّف ـ يعني المزّي ـ الرقوم : للستة ع ، وللأربعة ٤ ، وللبخاري خ ، ولمسلم م ، ولأبي داود د ، وللترمذي ت ، وللنسائي س ، ولابن ماجة ق ، وللبخاري : في التعاليق خت ، وفي الأدب المفرد بخ ، وفي جزء رفع اليدين ي ، وفي خلق أفعال العباد عخ ، وفي جزء القراءة خلف الامام ر. ولمسلم في مقدمة كتابه مق ، ولأبي داود في المراسيل مد ، وفي القدر قد ، وفي الناسخ والمنسوخ خد ، وفي كتاب التفرّد ف ، وفي فضائل الأنصار ص ، وفي

__________________

(١) سير أعلام النبلاء ١٤ / ١٣٣.


المسائل ل ، وفي مسند مالك كد ، وللترمذي في الشمائل تم ، وللنسائي في اليوم والليلة سي ، وفي مسند مالك كن ، وفي خصائص علي ص ، وفي مسند علي عس ، ولابن ماجة في التفسير ، فق.

هذا الذي ذكره المؤلّف من تواليفهم ، وذكر أنّه ترك تصانيفهم في التواريخ عمدا ، لأن الأحاديث التي تورد فيها غير مقصودة بالاحتجاج ... » (١).

فإنّ كلامه هذا يفهم أن أحاديث « الخصائص ». مثل كتب الصحاح ونحوها « مقصودة بالاحتجاج » ... ثم قال ابن حجر :

« وبقي عليه من تصانيفهم التي على الأبواب عدّة كتب ... وكذلك أفرد خصائص علي وهو من جملة المناقب في رواية ابن سيّار ... » أي : إنّ كتاب « الخصائص » من جملة ( المناقب في سنن النسائي ) في رواية ابن سيّار فما وجه إفراده بالذكر؟

وهذا يعني أن « الخصائص » من ( السنن ) الذي هو أحد الصّحاح الستة ، فهذا وجه آخر لصحّة الاحتجاج بأحاديث « الخصائص ».

وقد صرّح ابن حجر العسقلاني باعتبار أحاديث هذا الكتاب حيث قال :

« قد أخرج المصنّف من مناقب علي أشياء في غير هذا الموضع ، منها : حديث عمر : عليّ أقضانا ، وسيأتي في تفسير البقرة ، وله شاهد صحيح من حديث ابن مسعود عند الحاكم. ومنها : حديث قتاله البغاة ، وهو في حديث أبي سعيد في علامات النبوة ، وغير ذلك مما يعرف بالتتبّع ، ورغب في جمع مناقبه من الأحاديث الجياد النسائي في كتاب الخصائص ».

فظهر أن حديث ( الطير ) المذكور في ( الخصائص ) جيّد من حيث الإسناد ، قمين بالاحتجاج والاستناد ، وما صدر من ( الدهلوي ) محض الخبط والعناد ، بحت العصبيّة واللّداد ...

__________________

(١) تهذيب التهذيب ـ المقدمة.


وقد ذكر ( الدهلوي ) في ( أصول الحديث ) له ، والصدّيق حسن خان في ( الحطة في ذكر الصحاح الستة ) كتاب « الخصائص » في الكتب المصنفة في ( المناقب ) قالا : « وللنسائي رسالة طويلة الذيل في مناقبه كرّم الله وجهه ، وعليها نال الشهادة في دمشق من أيدي نواصب الشام ، لفرط تعصبهم وعداوتهم معه 2 ».

واستشهد ( الدهلوي ) في كتابه ( التحفة ) بقصّة النسائي وكتابه « الخصائص » في مقام الدفاع عن أهل السنّة ، ودفع ما قيل من أنّهم يبطنون بغض أمير المؤمنين عليه الصلاة والسّلام ، ولكن العجب منه تكذيبه حديث الطير وحديث الولاية المخرجين في هذا الكتاب ، فهو مرة يستشهد باستشهاد النسائي على أيدي النواصب وبتصنيفه كتاب الخصائص لولاء أهل نحلته لأهل البيت الأمجاد ، ومرة يشاقق النسائي بتكذيب حديث الولاية ، وأخرى بتكذيب حديث الطير ، ويسرّ قلوب أهل النصب والعناد ، وهل هذا إلاّ تدافع وتهافت وتناقض؟! ...

وهكذا ، فقد باهى تلميذه رشيد الدين خان في كتابه ( إيضاح لطافة المقال ) وافتخر بكتاب « الخصائص » ، وعدّه من مصنّفات عظماء أهل التحقيق من أهل السنّة في فضائل أهل البيت : ، ولكن شيخه ( الدهلوي ) قد أبطل هذا الافتخار بإبطال حديث الولاية وحديث الطير ، المسرودين في ( الخصائص ) وغيره من الأسفار المشهورة بالاعتبار ...

(١٠)

رواية أبي يعلى

رواه بقوله : « ثنا الحسن بن حمّاد الوراق ثنا مسهر بن عبد الملك بن سلع ـ ثقة ـ ثنا عيسى بن عمر عن إسماعيل السدّي ، عن أنس بن مالك : إن رسول


الله صلّى الله عليه وسلّم كان عنده طائر فقال : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطير ، فجاء أبو بكر فردّه ثم جاء عمر فردّه ثم جاء عثمان فردّه ثم جاء علي فأذن له » (١).

وقال أبو يعلى أيضا : « ثنا قطن بن نسير ، ثنا جعفر بن سليمان الضبعي ، ثنا عبد الله بن مثنى ، ثنا عبد الله بن أنس ، عن أنس قال : اهدي لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم حجل مشوي ، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطعام ، فقالت عائشة : اللهم اجعله أبي ، وقالت حفصة : اللهم اجعله أبي ، قال أنس فقلت أنا : اللهم اجعله سعد به عبادة. قال أنس : سمعت حركة الباب ، فإذا علي فسلّم ، فقلت : إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على حاجة ، فانصرف ، ثم سمعت حركة الباب فسلّم علي ، فسمع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم صوته فقال : انظر من هذا؟ فخرجت فإذا علي ، فجئت إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فأخبرته ، فقال : ائذن له فأذنت له فدخل ، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : اللهم وإليّ اللهم وإليّ ».

اعتبار مسند أبي يعلى

ومسند أبي يعلى من المسانيد المعتبرة المشهورة ، والأسفار المقبولة المعروفة ، ومن مرويّات مشاهير العلماء : كالسيوطي ، والثعالبي ، والكردي ، والأمير ، والشوكاني ، وشاه ولي الله ، وغيرهم.

وقال الذهبي بترجمة أبي يعلى : « أبو يعلى ، الموصلي ، الحافظ الثقة ، محدّث الجزيرة ... صاحب المسند الكبير ».

قال : « قال السمعاني : سمعت إسماعيل بن محمّد بن الفضل الحافظ يقول : قرأت المسانيد ، كمسند العدني ومسند أبي منيع ، وهي كالأنهار ، ومسند

__________________

(١) مسند أبي يعلى ٧ / ١٠٥.


أبي يعلى كالبحر يكون مجتمع الأنهار.

قلت : سمعنا مسند أبي يعلى بفوت نصف جزء بالإجازة العالية ، ويقع من حديثه بعلو لابن البخاري » (١).

وقال في ( العبر ) له : « أبو يعلى الموصلي ، أحمد بن علي بن المثنى بن يحيى ، التميمي ، الحافظ ، صاحب المسند ... » (٢).

وكذا قال : صلاح الدين الصفدي ، واليافعي بترجمته. وقد أورد السيّوطي ، والثعالبي في ( طبقات الحفاظ ) و ( مقاليد الأسانيد ) و ( الدهلوي ) في ( بستان المحدّثين ) كلمة إسماعيل بن الفضل الحافظ المتقدمة.

* وقال الحافظ الهيثمي : « عن أنس بن مالك قال : كنت أخدم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، فقدّم فرخا مشويّا ، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك وإليّ يأكل معي من هذا الفرخ ، فجاء علي ودقّ الباب ، فقال أنس : من هذا؟ قال : علي ، فقلت النبي صلّى الله عليه وسلّم على حاجة ، فانصرف ، ثمّ تنّحى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأكل ، ثمّ قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : اللهم ائتني بأحبّ الخلق إليك وإليّ يأكل معي من هذا الفرخ ، فجاء علي فدقّ الباب دقّا شديدا ، فسمع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال : يا أنس ، من هذا؟ قلت : علي. قال : أدخله ، فدخل ، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : لقد سألت الله ثلاثا أن يأتيني بأحبّ الخلق إليه وإليّ يأكل معي من هذا الفرخ ، فقال علي : وأنا ـ يا رسول الله ـ فقد جئت ثلاثا ، كلّ ذلك يردّني أنس. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : يا أنس ، ما حملك على ما صنعت؟ قال : أحببت أن تدرك الدعوة رجلا من قومي. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : لا يلام الرجل على

__________________

(١) تذكرة الحفّاظ ٢ / ٧٠٧.

(٢) العبر في خبر من غبر ٢ / ١٣٤.


حبّ قومه.

وفي رواية : كنت مع النبي صلّى الله عليه وسلّم في حائط ، وقد أتي بطائر.

وفي رواية قال : أهدت أمّ أيمن إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم طائرا بين رغيفين ، فجاء النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال : هل عندكم شيء؟ فجاءته بالطائر.

قلت : عند الترمذي طرف منه.

رواه الطبراني في الأوسط والكبير باختصار.

وأبو يعلى باختصار كثير ، إلاّ أنّه قال : فجاء أبو بكر فردّه ، ثم جاء عمر فردّه ، ثم جاء علي فأذن له.

وفي إسناد الكبير : حمّاد بن المختار ولم أعرفه ، وبقيّة رجاله رجال الصحيح.

وفي أحد أسانيد الأوسط : أحمد بن عياض بن أبي طيبة ، ولم أعرفه ، وبقية رجاله رجال الصحيح.

ورجال أبي يعلى ثقات ، وفي بعضهم ضعف » (١).

رجال الحديث

ورجال أبي يعلى ثقات. أمّا الحديث الأوّل فرجاله رجال النسائي في الخصائص ، وقد عرفتهم ، وأمّا الحديث الثاني فهم ثقات بلا كلام.

وقول الهيثمي ـ بعد توثيق رجال إسناد أبي يعلى ـ « وفي بعضهم ضعف » ما هو إلاّ إشارة إلى تكلّم بعضهم ـ عن تعصّب ـ في « السدّي » ، وقد عرفت أنّه من رجال الصّحاح.

__________________

(١) مجمع الزوائد ٩ / ١٢٥.


ترجمة أبي يعلى

وأبو يعلى ـ أحمد بن علي بن المثنى التميمي الموصلي ـ فهو من الحفاظ المشاهير الأعلام ، وهذه طائفة من مصادر ترجمته ـ وقد ترجمنا له في بعض المجلّدات بالتفصيل -:

١ ـ تذكرة الحفاظ ٢ / ٧٠٧.

٢ ـ العبر ٢ / ١٣٤.

٣ ـ الوافي بالوفيات ٧ / ٢٤١.

٤ ـ مرآة الجنان ٢ / ٢٤٩.

٥ ـ البداية والنهاية ١١ / ١٣٠.

٦ ـ النجوم الزاهرة ٣ / ١٩٧.

٧ ـ طبقات الحفاظ : ٣٠٦.

٨ ـ دول الإسلام ١ / ١٨٦.

٩ ـ سير أعلام النبلاء ١٤ / ١٧٤.

وقد وصفه الذهبي في ( سيره ) بـ « الإمام ، الحافظ ، شيخ الإسلام ... ».

(١١)

رواية ابن جرير الطّبري

وأبو جعفر محمد بن جرير الطّبري من رواة حديث الطّير ، وقد جمع طرقه في مؤلّف مفرد لكثرتها. قال الحافظ ابن كثير ـ في ذكر الحديث ـ : « وقد جمع الناس في هذا الحديث مصنّفات مفردة ، منهم : أبو بكر ابن مردويه ، والحافظ أبو طاهر محمّد بن أحمد بن حمدان ـ فيما رواه شيخنا الذهبي ـ ورأيت فيه مجلّدا في جمع طرقه وألفاظه لأبي جعفر محمّد بن جرير الطبري المفسّر


صاحب التاريخ » (١).

ترجمته

وقد ترجمنا لابن جرير الطّبري في بعض المجلّدات. ومن مصادرها :

١ ـ تاريخ بغداد ٢ / ١٦٢.

٢ ـ معجم الأدباء ١٨ / ٤٠.

٣ ـ الأنساب ـ الطبري.

٤ ـ تهذيب الأسماء واللغات ١ / ٧٨.

٥ ـ طبقات الحفّاظ : ٣٠٧.

٦ ـ تذكرة الحفاظ ٢ / ٧١٠.

٧ ـ طبقات السبكي ٣ / ١٢٠.

٨ ـ طبقات الداودي ٢ / ١٠٦.

٩ ـ الوافي بالوفيات ٢ / ٢٨٤.

١٠ ـ العبر ٢ / ١٤٦.

١١ ـ طبقات القراء ٢ / ١٠٦.

١٢ ـ مرآة الجنان ٢ / ٢٦٠.

١٣ ـ البداية والنهاية ١١ / ١٤٥.

١٤ ـ شذرات الذهب ٢ / ٢٦٠.

هفوة من ابن كثير

وأمّا قول ابن كثير بعد العبارة المذكورة : « ثمّ وقفت على مجلّد كبير في ردّه وتضعيفه سندا ومتنا ، للقاضي أبي بكر الباقلاني المتكلّم ».

__________________

(١) البداية والنهاية ٧ / ٣٥٤.


فيضعّف بأنّ الباقلاني لا يبلغ أدنى المراتب الحاصلة للطبري في معرفة الحديث والرجال ، وأين الثريّا من الثّرى؟ وأين الدرّ من الحصى؟! فلا وجه لهذه المعارضة ...

بل لا يخفى على الممارس لعلم الحديث والعارف بأحوال العلماء والرّجال : أنّ الباقلاني لا يعدّ من علماء الحديث ، ولا يلتفت إلى أقواله في هذا الفن ، وقد نصّ على ذلك شاه وليّ الله والد ( الدهلوي ) في كتاب ( قرة العينين ).

(١٢)

رواية أبي القاسم البغوي

رواه من حديث سفينة مولى ـ رسول الله 6 ـ « قال : أهدت امرأة من الأنصار طائرين في رغيفين إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم ولم يكن في البيت غيري وغير أنس ، فجاء رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فدعا بغدائه فقلت : يا رسول الله ، قد أهدت لك امرأة من الأنصار هديّة ، فقدّمت إليه الطّائرين فقال : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك وإلى رسولك ، فجاء علي بن أبي طالب ، فضرب الباب ضربا خفيفا ، فقلت : من هذا؟ فقال : أبو الحسن ، ثمّ ضرب الباب ورفع صوته فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : من هذا؟ قلت : علي بن أبي طالب ، قال : افتح له ، ففتحت له ، فأكل معه من الطيرين حتى فنيا » (١).

ترجمته

١ ـ السمعاني : « أبو القاسم عبد الله بن محمّد بن عبد العزيز بن المرزبان

__________________

(١) معجم الصحابة ـ مخطوط.


ابن سابور بن شاهنشاه البغوي ابن بنت أحمد بن منيع البغوي ... كان محدّث العراق في عصره ، عمّر العمر الطويل حتى رحل الناس إليه ، وكتب عنه الأجداد والأحفاد والآباء والأولاد ، وكان ثقة مكثرا فهما عارفا بالحديث ، وكان يورق أوّلا ثم رجع ، وصنف المعجم الكبير للصحابة ، وجمع حديث علي بن الجعد ، وغيره.

سمع : أحمد بن حنبل ، وعلي بن المديني ، وعلي بن الجعد ، وخلف ابن هشام ، ومحمّد بن عبد الوهاب الهاروني ... ، وخلقا يطول ذكرهم من شيوخ البخاري ومسلم سوى هؤلاء.

روى عنه : يحيى بن محمّد بن صاعد ، وعلي بن إسحاق بن البحتري الماوردي ، وعبد الباقي بن قانع ، وحبيب بن الحسن الفرّاء ، وأبو بكر محمّد ابن عمر بن الجعابي ، وأبو حاتم البستي ، وأبو أحمد بن عدي الحافظ ، وأبو بكر الإسماعيلي ، وأبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني ، وأبو بكر ابن المقرئ ، وأبو الحسن الدار قطني ، ومحمّد بن المظفّر ، وخلق كثير سوى هؤلاء ... » (١).

٢ ـ الذهبي : « البغوي ، الحافظ الثقة الكبير ، مسند العالم ... قال ابن أبي حاتم : أبو القاسم البغوي يدخل في الصحيح ، وقال الدار قطني : كان البغوي قلّ أن يتكلّم على الحديث ، فإذا تكلّم كان كلامه كالمسمار في السّاج. قال ابن عدي : كان البغوي صاحب حديث ...

قلت : وقد احتجّ به عامّة من خرّج الصحيح ، كالإسماعيلي ، والدار قطني ، والبرقاني. وعاش مائة سنة وثلاث سنين ، قال الخطيب : أبو بكر كان ثقة ثبتا فهما عارفا. وقال السلمي : سألت الدّار قطني عن البغوي فقال : ثقة إمام جبل إمام ، أقلّ المشايخ خطأ ... » (٢).

__________________

(١) الأنساب ـ البغوي.

(٢) تذكرة الحفّاظ ٢ / ٧٣٧.


٣ ـ الذهبي أيضا : « وكان محدّثا حافظا مجوّدا مصنفا ، انتهى إليه علوّ الإسناد في الدنيا ... » (١).

٤ ـ السيوطي : « البغوي ، الحافظ الكبير الثقة مسند العالم ... » (٢).

(١٣)

رواية ابن صاعد

قال الخوارزمي : « أخبرنا صمصام الأئمة أبو عفان عثمان بن أحمد الصرام الخوارزمي قال : أخبرنا عماد الدين أبو بكر بن الحسن النسفي قال : حدّثني الشيخ الفقيه أبو القاسم ميمون بن علي الميموني قال : حدّثنا الشيخ. الزاهد أبو محمّد إسماعيل بن الحسين قال : حدّثنا أبو الحسن القاضي علي ابن الحسن بن علي بن مطرف الجراحي ببغداد قال : حدّثنا يحيى بن صاعد قال : حدّثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري قال : حدّثنا أبو أحمد الحسين بن محمّد قال : حدّثنا سليمان بن قرم ، عن محمّد بن شعيب ، عن داود بن علي ابن عبد الله بن عباس ، عن أبيه ، عن جدّه عبد الله بن عباس ـ 2 ـ قال : أتي النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بطائر ، فقال : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك ، فجائه علي بن أبي طالب » (٣).

ترجمته

١ ـ الذهبي : « يحيى بن صاعد بن كاتب ، مولى أبي جعفر المنصور ، الحافظ الإمام الثقة ... قال الدار قطني : ثقة ثبت حافظ ، وقال أحمد بن عبدان

__________________

(١) العبر ٢ / ١٧٠.

(٢) طبقات الحفاظ : ٣١٢.

(٣) مناقب علي بن أبي طالب : ٥٨.


الشيرازي : هو أكثر حديثا من محمّد بن محمّد الباغندي ، ولا يتقدّمه أحد في الدراية ، قال أبو علي النيسابوري : لم يكن بالعراق في أقران ابن صاعد أحد في فهمه ، والفهم عندنا أجلّ من الحفظ ، وهو فوق ابن أبي داود في الفهم والحفظ ، وسئل ابن الجعابي : هل كان ابن صاعد يحفظ؟ فتبسّم وقال : لا يقال لأبي محمّد يحفظ ، كان يدري ... قال الخطيب : كان ابن صاعد ذا محلّ من العلم ، وله تصانيف في السنن والأحكام ...

قلت : لابن صاعد كلام متين في الرجال والعلل ، يدل على تبحّره ، مات في ذي القعدة سنة ٣١٨ » (١).

٢ ـ اليافعي ووصفه بـ « الحافظ الحجة » (٢).

٣ ـ السيوطي : « يحيى بن محمّد بن صاعد بن كاتب ، مولى أبي جعفر المنصور ، الحافظ الإمام الثقة ... » (٣).

(١٤)

رواية ابن أبي حاتم الرازي

رواه بإسناد أجود من إسناد الحاكم ، قال ابن كثير في ذكر حديث الطّير في فضائل مولانا أمير المؤمنين 7 : « ورواه ابن أبي حاتم ، عن عمّار ابن خالد الواسطي ، عن إسحاق الأزرق ، عن عبد الملك بن أبي سليمان ، عن أنس ، فذكر الحديث. وهذا أجود من إسناد الحاكم » (٤).

__________________

(١) تذكرة الحفّاظ ٢ / ٧٧٦.

(٢) مرآة الجنان ٢ / ٢٧٧.

(٣) طبقات الحفّاظ : ٢٣٥.

(٤) البداية والنهاية ٧ / ٣٥٣.


ترجمته

١ ـ الذهبي : في حوادث ٣٢٧ « وفيها : توفي عبد الرحمن بن أبي حاتم محمّد بن إدريس بن المنذر ، الحافظ الجامع ، التميمي الرازي بالراء ، وقد قارب التسعين ، رحل به أبوه في سنة خمس وخمسين ومائتين ، فسمع أبا سعيد الأشج ، والحسن بن عرفة وطبقتهما ، قال أبو يعلى الخليلي : أخذ عن أبيه وأبي زرعة ، كان بحرا في العلوم ومعرفة الرجال ، صنّف في الفقه واختلاف الصحابة والتابعين وعلماء الأمصار ، ثمّ قال : وكان زاهدا يعدّ من الإبدال » (١).

٢ ـ اليافعي ووصفه بـ « الحافظ العالم » ثمّ نقل كلام الخليلي المتقدم (٢).

٣ ـ السبكي : « الإمام ابن الإمام ، حافظ الري وابن حافظها ، كان بحرا في العلم ، وله المصنفات المشهورة ... » (٣).

وقد ترجمنا له في مجلد حديث الغدير.

(١٥)

رواية ابن عبد ربّه

رواه في كتابه في إحتجاج للمأمون على الفقهاء ، في بحوث مفصّلة جرت ، فذكر حديث الطير ومفاده ، وهذه عبارة ابن عبد ربّه حيث قال : « إحتجاج المأمون على الفقهاء في فضل علي : إسحاق بن إبراهيم بن إسماعيل بن حماد ابن زيد قال : بعث إليّ يحيى بن أكثم وإلى عدة من أصحابي ، وهو يومئذ قاضي القضاة فقال : إن أمير المؤمنين أمرني أن أحضر معي غدا مع الفجر أربعين

__________________

(١) العبر ٢ / ٢٠٨.

(٢) مرآة الجنان حوادث : ٣٢٧.

(٣) طبقات السبكي ٣ / ٣٢٤.


رجلا ، كلّهم فقيه يفقه ما يقال له ويحسن الجواب ، فسمّوا من تظنّونه يصلح لما يطلب أمير المؤمنين ، فسمّينا له عدّة وذكر هو عدّة ، حتى تم العدد الذي أراد ، وكتب تسمية القوم وأمر بالبكور في السحر ، وبعث إلى من لم يحضر فأمره بذلك ، فغدونا عليه قبل طلوع الفجر ، فوجدناه قد لبس ثيابه وهو جالس ينتظرنا ، فركب وركبنا معه حتى صرنا إلى الباب ، فإذا بخادم واقف فلمّا نظر إلينا قال : يا أبا محمّد ، أمير المؤمنين ينتظرك. فأدخلنا ، فأمرنا بالصلاة ، فأخذنا فيها ، فلم نستتمها حتى خرج الرّسول فقال : ادخلوا ، فدخلنا فإذا أمير المؤمنين جالس على فراشه وعليه سوادة وطيلسانه والطويلة وعمامته ، فوقفنا وسلّمنا فردّ السلام ، وأمر لنا بالجلوس ، فلمّا استقرّ بنا المجلس تحدّر عن فراشه ونزع عمامته وطيلسانه ووضع قلنسوته ، ثمّ أقبل علينا فقال : إنّما فعلت ما رأيتم لتفعلوا مثل ذلك ، وأما الخف فمنع من خلفه علّة ، من قد عرفها منكم فقد عرفها ، ومن لم يعرفها فسأعرّفه ، ومدّ رجله. وقال : انزعوا قلانسكم وخفافكم وطيالستكم ، قال : فأمسكنا فقال لنا يحيى : انتهوا إلى ما أمركم به أمير المؤمنين ، فتنحّينا ، فنزعنا أخفافنا وطيالستنا وقلانسنا ورجعنا ، فلمّا استقرّ بنا المجلس قال :

إنما بعثت إليكم ـ معشر القوم ـ في المناظرة ، فمن كان به شيء من الخبثين لم ينتفع بنفسه ولم يفقه ما يقول ، فمن أراد منكم الخلاء فهناك ، وأشار بيده ، فدعونا له.

ثمّ ألقى مسألة من الفقه فقال : يا أبا محمّد قل وليقل القوم من بعدك ، فأجابه يحيى ، ثمّ الذي يلي يحيى ، ثمّ الذي يليه ، حتى أجاب آخرنا في العلّة وعلّة العلّة وهو مطرق لا يتكلّم ، حتى إذا انقطع الكلام التفت إلى يحيى فقال : يا أبا محمّد ، أصبت الجواب وتركت الصواب في العلّة ، ثمّ لم يزل يردّ على كلّ واحد منا مقالته ، ويخطّئ بعضنا ويصوّب بعضنا ، حتى أتى على آخرنا. ثمّ قال : إني لم أبعث فيكم لهذا ، ولكني أحببت أن أبسطكم ، إنّ أمير


المؤمنين أراد مناظرتكم في مذهبه الذي هو عليه والذي يدين الله به ، قلنا : فليفعل أمير المؤمنين وفّقه الله فقال :

إن أمير المؤمنين يدين الله على أنّ علي بن أبي طالب خير خلفاء الله بعد رسوله صلّى الله عليه وسلّم ، وأولى الناس بالخلافة له.

قال إسحاق : فقلت : يا أمير المؤمنين ، إنّ فينا من لا يعرف ما ذكر أمير المؤمنين في علي ، وقد دعانا أمير المؤمنين للمناظرة! فقال : يا إسحاق ، اختر ، إن شئت سألتك أسألك ، وإن شئت أن تسأل فقل. قال إسحاق : فاغتنمتها منه. فقلت : بل أسألك يا أمير المؤمنين قال : سل.

قلت : من أين قال أمير المؤمنين إن علي بن أبي طالب أفضل الناس بعد رسول الله وأحقّهم بالخلافة بعده؟

قال : يا إسحاق ، خبّرني عن الناس بما يتفاضلون حين يقال : فلان أفضل من فلان؟ قلت : بالأعمال الصالحة ، قال : صدقت. قال : فأخبرني عمّن فضل صاحبه على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، ثمّ إنّ المفضول عمل بعد وفاة رسول الله بأفضل من عمل الفاضل على عهد رسول الله يلحق به. قال : فأطرقت ، فقال لي : يا أبا إسحاق لا تقل : نعم ، فإنّك إن قلت نعم أوجدتك في دهرنا هذا من هو أكثر منه جهادا وحجا وصياما وصلاة وصدقة ، فقلت : أجل ، يا أمير المؤمنين لا يلحق المفضول على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الفاضل أبدا.

قال : يا إسحاق فانظر ما رواه لك أصحابك ـ ومن أخذت عنهم دينك وجعلتهم قدوتك ـ من فضائل علي بن أبي طالب فقس عليها ما أتوك به من فضائل أبي بكر ، فإنّي رأيت فضائل أبي بكر تشاكل فضائل علي فقل إنّه أفضل منه ، لا والله ، ولكن قس إلى فضائله ما روي لك من فضائل أبي بكر وعمر ، فإن وجدت لهما من الفضائل ما لعلي وحده فقل إنّهما أفضل منه ، لا والله ، ولكن قس إلى فضائله فضائل أبي بكر وعمر وعثمان ، فإن وجدتها مثل فضائل


علي فقل إنّهم أفضل منه ، لا والله ، ولكن قس بفضائل العشرة الذين شهد لهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بالجنّة ، فإن وجدتها تشاكل فضائله فقل إنّهم أفضل منه.

قال : يا إسحاق ، أيّ الأعمال كانت أفضل يوم بعث الله رسوله؟ قلت : الإخلاص بالشهادة ، قال : أليس السبق إلى الإسلام؟ قلت : نعم ، قال : اقرأ ذلك في كتاب الله تعالى ، يقول : ( وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ ) إنّما عنى من سبق إلى الإسلام ، فهل علمت أحدا سبق عليا إلى الإسلام؟ قلت : يا أمير المؤمنين إنّ عليا أسلم وهو حديث السن لا يجوز عليه الحكم ، وأبو بكر أسلم وهو مستكمل يجوز عليه الحكم. قال : أخبرني أيّهما أسلم قبل ثمّ أناظرك من بعده في الحداثة والكمال؟ قلت : علي أسلم قبل أبي بكر ، على هذه الشريطة ، فقال : نعم. فأخبرني عن إسلام علي حين أسلم لا يخلو من أن يكون رسول الله صلّى الله عليه وسلّم دعاه إلى الإسلام أو يكون إلهاما من الله؟ قال : فأطرقت ، فقال لي : يا إسحاق لا تقل إلهاما ، فتقدّمه على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، لأنّ رسول الله لم يعرف الإسلام حتى أتاه جبرئيل عن الله تعالى. قلت : أجل ، بل دعاه رسول الله إلى الإسلام ، قال : يا إسحاق ، فهل يخلو رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حين دعا إلى الإسلام ، من أن يكون دعاه بأمر الله أو تكلّف ذلك من نفسه؟ قال : فأطرقت ، فقال : يا إسحاق لا تنسب رسول الله إلى التكلف ، فإنّ الله يقول : ( وَما أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ ). قلت : أجل ، يا أمير المؤمنين ، بل دعاه بأمر الله ، قال : فهل من صفة الجبّار ـ جلّ ذكره ـ أن يكلّف رسله دعاء من لا يجوز عليه حكم؟ قلت : أعوذ بالله ، فقال : أفتراه في قياس قولك ـ يا إسحاق ـ : إنّ عليا أسلم صبيّا لا يجوز عليه الحكم ، قد كلّف رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من دعاء الصبيان ما لا يطيقون ، فهل يدعوهم السّاعة ويرتدّون بعد ساعة فلا يجب عليهم في ارتدادهم شيء ، ولا يجوز عليهم حكم الرسول 7 ، أترى هذا جائزا


عندك أن تنسبه إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؟ قلت : أعوذ بالله ، قال : يا إسحاق فأراك إنّما قصدت لفضيلة فضّل بها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عليّا على هذا الخلق ، إبانة بها منهم ليعرفوا فضله ، ولو كان الله أمره بدعاء الصبيان لدعاهم كما دعا عليا ، قلت : بلى ، قال : فهل بلغك أنّ الرسول صلّى الله عليه وسلّم دعا أحدا من الصبيان من أهله وقرابته لئلاّ تقول : إنّ عليا ابن عمّه؟ قلت : لا أعلم ولا أدري فعل أو لم يفعل ، قال : يا إسحاق ، أرأيت ما لم تدره ولم تعلمه هل تسئل عنه؟ قلت : لا ، قال : فدع ما قد وضعه الله عنا وعنك.

قال : ثمّ أيّ الأعمال كانت أفضل بعد السبق إلى الإسلام؟ قلت : الجهاد في سبيل الله ، قال : صدقت ، فهل تجد. لأحد من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ما تجد لعلي في الجهاد؟ قلت : في أيّ وقت؟ قال : في أيّ الأوقات شئت.

قلت : بدر. قال : لا أريد غيرها ، فهل تجد لأحد إلاّ دون ما تجد لعلي يوم بدر؟ أخبرني كم قتلى بدر؟ قلت : نيف وستّون رجلا من المشركين. قال : فكم قتل علي وحده؟. قلت : لا أدري ، قال : ثلاثة وعشرين ، أو اثنين وعشرين ، والأربعون لسائر الناس ، قلت : يا أمير المؤمنين : كان أبو بكر مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في عريشه ، قال : ما ذا يصنع؟ قلت : يدبّر ، قال : ويحك يدبّر دون رسول الله ، أو معه شريكا ، أم افتقارا مره رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى رأيه؟ أيّ الثلاث أحبّ إليك؟ قلت : أعوذ بالله أن يدبّر أبو بكر دون رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، أو يكون معه شريكا ، أو أن يكون برسول الله صلّى الله عليه وسلّم افتقار إلى رأيه ، قال : فما الفضيلة بالعريش إذا كان الأمر كذلك؟ أليس من ضرب بسيفه بين يدي رسول الله أفضل ممّن هو جالس؟ قلت : يا أمير المؤمنين كلّ الجيش كان مجاهدا ، قال : صدقت كلّ مجاهد ، ولكنّ الضارب بالسيف المحامي عن رسول الله


عليه وسلّم وعن الجالس أفضل من الجالس ، أما قرأت كتاب الله : ( لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ ، فَضَّلَ اللهُ الْمُجاهِدِينَ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللهُ الْحُسْنى ، وَفَضَّلَ اللهُ الْمُجاهِدِينَ عَلَى الْقاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً )؟ قلت : وكان أبو بكر وعمر مجاهدين ، قال : فهل كان لأبي بكر وعمر فضل على من لم يشهد ذلك المشهد؟ قلت : نعم ، قال : فكذلك سبق الباذل نفسه فضل أبي بكر وعمر ، قلت : أجل.

قال : يا إسحاق هل تقرأ القرآن؟ قلت : نعم ، قال : اقرأ عليّ ( هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً ) فقرأت منها حتى بلغت : ( يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كانَ مِزاجُها كافُوراً ) ـ إلى قوله ـ ( وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً ) قال : على رسلك ، فيمن نزلت هذه الآيات؟ قلت : في علي ، قال : فهل بلغك أنّ عليا حين أطعم المسكين واليتيم والأسير قال : ( إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ )؟ وهل سمعت الله وصف في كتابه أحدا بمثل ما وصف به عليا؟ قلت : لا ، قال : صدقت ، لأن الله ـ جلّ ثناؤه ـ عرف سيرته.

يا إسحاق ، ألست تشهد أنّ العشرة في الجنّة؟ قلت : بلى يا أمير المؤمنين ، قال : أرأيت لو انّ رجلا قال : والله ما أدري هذا الحديث صحيح أم لا ، ولا أدري أن كان رسول الله قاله أم لم يقله ، أكان عندك كافرا؟ قلت : أعوذ بالله ، قال : أرأيت لو أنّه قال : ما أدري هذه السورة من كتاب الله أم لا كان كافرا؟ قلت : نعم ، قال : يا إسحاق أرى بينهما فرقا ، يا إسحاق : أتروي الحديث؟ قلت : نعم.

قال : فهل تعرف حديث الطير؟

قلت : نعم.

قال : فحدثني به.

قال : فحدّثته الحديث. فقال :


يا إسحاق ، إني كنت أكلّمك وأنا أظنّك غير معاند للحق ، فأمّا الآن فقد بان لي عنادك ، إنّك توقن أنّ هذا الحديث صحيح؟ قلت : نعم ، رواه من لا يمكنني ردّه ، قال : أفرأيت أنّ من أيقن أنّ هذا الحديث صحيح ثمّ زعم أنّ أحدا أفضل من علي. لا يخلو من إحدى ثلاثة : من أن يكون دعوة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عنده مردودة عليه ، أو أن يقول : عرف الفاضل من خلقه وكان المفضول أحبّ إليه ، أو أن يقول : إن الله عزّ وجلّ لم يعرف الفاضل من المفضول ، فأيّ الثلاثة أحبّ إليك أن تقول؟ فأطرقت ، ثم قال : يا إسحاق لا تقل منها شيئا ، فإنّك إن قلت منها شيئا استتبتك ، وإن كان للحديث عندك تأويل غير هذه الثلاثة الأوجه فقله.

قلت : لا أعلم.

وإنّ لأبي بكر فضلا ، قال : أجل لو لا أن له فضلا لما قيل إنّ عليا أفضل منه ، فما فضله الذي قصدت له الساعة؟

قلت : قول الله عزّ وجلّ : ( ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُما فِي الْغارِ إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنا ) فنسبه إلى صحبته. قال : يا إسحاق ، أمّا إني لا أحملك على الوعر من طريقك إني وجدت الله تعالى نسب إلى صحبة من رضيه ورضى عنه كافرا وهو قوله : ( قالَ لَهُ صاحِبُهُ وَهُوَ يُحاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً لكِنَّا هُوَ اللهُ رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَداً ) قلت : إن ذلك كان صاحبا كافرا ، وأبو بكر مؤمن ، قال : فإذا جاز أن ينسب إلى صحبته من رضيه كافرا جاز أن ينسب إلى صحبة نبيّه مؤمنا ، وليس بأفضل المؤمنين ولا الثاني ولا الثالث. قلت : يا أمير المؤمنين إن قدر الآية عظيم ، إنّ الله يقول : ( ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُما فِي الْغارِ إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنا ) قال : يا إسحاق تأبى الآن إلاّ أن أخرجك إلى الاستقصاء عليك ، أخبرني عن حزن أبي بكر ، أكان رضا أم سخطا؟ قلت : إن أبا بكر إنّما حزن من أجل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم خوفا عليه وغمّا أن يصل إلى رسول الله شيء من


المكروه ، قال : ليس هذا جوابي ، إنّما كان جوابي أن تقول رضى أم سخط ، قلت : بل كان رضا لله ، قال : وكان الله جلّ ذكره بعث إلينا رسولا ينهى عن رضا الله عزّ وجلّ وعن طاعته! قلت : أعوذ بالله ، قال : أوليس قد زعمت أن حزن أبي بكر رضا لله؟ قلت : بلى قال : أولم تجد أنّ القرآن يشهد أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال : لا تحزن ، نهيا له عن الحزن؟ قلت : أعوذ بالله. قال : يا إسحاق إنّ مذهبي الرفق بك ، لعلّ الله يردّك إلى الحق ، ويعدل بك عن الباطل ، لكثرة ما تستعيذ به.

وحدثني عن قول الله : ( فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ ) من عنى بذلك ، رسول الله أم أبو بكر؟ قلت : بل رسول الله قال : صدقت.

قال : فحدّثني عن قول الله عزّ وجلّ : ( وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ ) ـ إلى قوله ـ ( ثُمَّ أَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ ) ، أتعلم من « المؤمنين » الذين أراد الله في هذا الموضع؟ قلت : لا أدري يا أمير المؤمنين ، قال : الناس جميعا انهزموا يوم حنين ، فلم يبق مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلاّ سبعة نفر من بني هاشم : علي يضرب بسيفه بين يدي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، والعباس آخذ بلجام بغلة رسول الله ، والخمسة محدقون به خوفا من أن يناله من جراح القوم شيء ، حتى أعطى الله لرسوله الظفر ، فالمؤمنون في هذا الموضع عليّ خاصة ثم من حضره من بني هاشم ، قال : فمن أفضل ، من كان مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في ذلك الوقت أم من انهزم عنه ولم يره الله موضعا لينزلها عليه؟ قلت : بل من أنزلت عليه السكينة.

قال : يا إسحاق ، من أفضل ، من كان معه في الغار أم من نام على فراشه ووقاه بنفسه حتّى تمّ لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم ما أراد من الهجرة؟ إن الله تبارك وتعالى أمر رسوله أن يأمر عليا بالنوم على فراشه ، وأن يقي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بنفسه ، فأمره رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بذلك ،


فبكى علي 2 فقال له رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : ما يبكيك يا علي أجزعا من الموت؟ قال : لا والذي بعثك بالحق يا رسول الله ، ولكن خوفا عليك ، أفتسلم يا رسول الله؟ قال : نعم ، قال : سمعا وطاعة وطيبة نفسي بالفداء لك يا رسول الله ، ثمّ أتى مضجعه واضطجع وتسجّى بثوبه ، وجاء المشركون من قريش فحفّوا به لا يشكّون أنّه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، وقد أجمعوا أن يضربه من كلّ بطن من بطون قريش رجل ضربة بالسيف ، لئلاّ يطلب الهاشميّون من البطون بطنا بدمه ، وعلي يسمع القوم فيه من تلاف نفسه ولم يدعه ذلك إلى الجزع كما جزع صاحبه في الغار ، ولم يزل علي صابرا محتسبا ، فبعث الله ملائكته فمنعته من مشركي قريش حتى أصبح ، فلمّا أصبح قام فنظر القوم إليه فقالوا : أين محمّد؟ قال : وما علمي بمحمّد أين هو؟ قال : فلا نراك إلاّ مغررا بنفسك منذ ليلتنا ، فلم يزل علي أفضل ما بدأ به يزيد ولا ينقص حتى قبضه الله إليه.

يا إسحاق ، هل تروي حديث الولاية؟ قلت : نعم يا أمير المؤمنين ، قال : اروه ، ففعلت ، قال : يا إسحاق ، أرأيت هذا الحديث هل أوجب على أبي بكر وعمر ما لم يوجب لهما عليه؟ قلت : إن النّاس ذكروا أنّ الحديث إنّما كان بسبب زبد بن حارثة ، لشيء جرى بينه وبين علي وأنكر ولاء علي ، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ، قال : في أيّ موضع قال هذا؟ أليس بعد منصرفه من حجة الوداع؟ قلت : أجل ، قال : فإن قتل زيد بن حارثة قبل الغدير ، كيف رضيت لنفسك بهذا؟ أخبرني لو رأيت ابنا لك قد أتت عليه خمسة عشر سنة يقول : مولاي مولى ابن عمي أيها الناس فاعلموا ذلك ، أكنت منكرا ذلك عليه تعريفه الناس ما لا ينكرون ولا يجهلون؟ فقلت : اللهم نعم ، قال : يا إسحاق أفتنزّه ابنك عمّا لا تنزّه عنه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؟.

ويحكم لا تجعلوا فقهائكم أربابكم ، إنّ الله جلّ ذكره قال في كتابه :


( اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ ) ولم يصلّوا لهم ولا صاموا ولا زعموا أنّهم أرباب ، ولكن أمروهم فأطاعوا أمرهم.

يا إسحاق : أتروي حديث : أنت مني بمنزلة هارون من موسى؟ قلت : نعم يا أمير المؤمنين ، قد سمعته وسمعت من صحّحه وجحده ، قال : فمن أوثق عندك ، من سمعت منه فصحّحه أو من جحده؟ قلت : من صحّحه ، قال : فهل يمكن أن يكون الرسول صلّى الله عليه وسلّم مزح بهذا القول؟ قلت : أعوذ بالله ، قال : فقال قولا لا معنى له فلا يوقف عليه؟ قلت : أعوذ بالله ، قال : أفما تعلم ان هارون كان أخا موسى لأبيه وأمّه؟ قلت : بلى ، قال : فعلي من رسول الله لأبيه وامّه؟ قلت : لا ، قال : أوليس هارون نبيا وعلي غير نبي؟ قلت : بلى ، قال : فهذان الحالان معدومان في علي وقد كانا في هارون فما معنى أنت منّي بمنزلة هارون من موسى؟ قلت له : إنّما أراد أن يطيّب بذلك نفس علي لمّا قال المنافقون إنّه خلّفه استثقالا له ، قال : فأراد أن يطيّب نفسه بقول لا معنى له؟ قال : فأطرقت ، قال : يا إسحاق له معنى في كتاب الله بيّن ، قلت : وما هو يا أمير المؤمنين؟ قال : قوله عزّ وجلّ حكاية عن موسى أنّه قال لأخيه هارون : ( اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ ) قلت : يا أمير المؤمنين : إن موسى خلّف هارون في قومه وهو حي ومضى إلى ربّه ، وإنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم خلّف عليا كذلك حين خرج إلى غزاته ، قال : كلاّ ليس كما قلت ، أخبرني عن موسى حين خلّف هارون هل كان معه حين ذهب إلى ربّه أحد من أصحابه أو أحد من بني إسرائيل؟ قلت : لا ، قال : أو ليس استخلفه على جماعتهم؟ قلت : نعم ، قال : فأخبرني عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حين خرج إلى غزاته هل خلّف إلاّ الضعفاء والنساء والصبيان؟ فأنّى يكون مثل ذلك؟!

وله عندي تأويل آخر من كتاب الله يدلّ على استخلافه إيّاه ، لا يقدر أحد أن يحتجّ فيه ، ولا أعلم أحدا احتجّ به ، وأرجو أن يكون توفيقا من الله. قلت :


وما هو يا أمير المؤمنين؟ قال : قوله عزّ وجلّ حين حكى عن موسى قوله : ( وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي هارُونَ أَخِي اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيراً وَنَذْكُرَكَ كَثِيراً إِنَّكَ كُنْتَ بِنا بَصِيراً ) فأنت منّي يا علي بمنزلة هارون من موسى وزيري من أهلي وأخي ، شدّ الله به أزري وأشركه في أمري ، كي نسبّح الله كثيرا ونذكره كثيرا ، فهل يقدر أحد أن يدخل في هذا شيئا غير هذا؟ ولم يكن ليبطل قول النبي صلّى الله عليه وسلّم ، وأن يكون لا معنى له.

قال : فطال المجلس وارتفع النهار ، فقال يحيى بن أكثم القاضي : يا أمير المؤمنين ، قد أوضحت الحق لمن أراد الله به الخير ، وأثبت ما لا يقدر أحد أن يدفعه ، قال إسحاق : فأقبل علينا وقال : ما تقولون؟ فقلنا كلّنا : نقول بقول أمير المؤمنين أعزّه الله ، فقال : والله لو لا أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال : اقبلوا القول من الناس ، ما كنت لأقبل منكم القول.

اللهم قد نصحت لهم القول ، اللهم إني قد أخرجت الأمر من عنقي ، اللهم أدينك بالتقرّب إليك بحبّ علي وولايته » (١).

ابن عبد ربّه والعقد الفريد

ثمّ إنّ « ابن عبد ربّه » القرطبي من مشاهير علماء أهل السنّة وأدبائهم ، وكتابه « العقد الفريد » من الكتب المشهورة والأسفار الممتعة :

١ ـ قال ابن ماكولا : « أحمد بن محمّد بن عبد ربّه بن حبيب بن جدير ابن سالم ، مولى هشام بن عبد الملك بن مروان ، أبو عمر ، أندلسي مشهور بالعلم والأدب والشعر ، وهو صاحب كتاب العقد في الأخبار ، وشعره كثير جدا ، وهو مجيد » (٢).

٢ ـ ابن خلكان : « كان من العلماء المكثرين من المحفوظات والاطلاع

__________________

(١) العقد الفريد ٥ / ٣٤٩.

(٢) الإكمال ٦ / ٣٦.


على أخبار الناس ، وصنف كتابه العقد ، وهو من الكتب الممتعة ، حوى من كلّ شيء ... » (١)

٣ ـ الذهبي : « وفيها أبو عمر ... العلاّمة مصنّف العقد ، وله اثنتان وثمانون سنة ، وشعره في الذروة العليا ، سمع من بقي بن مخلد ومحمّد بن وضاح » (٢).

٤ ـ أبو الفدا : « وكان من العلماء المكثرين من المحفوظات ، وصنّف كتاب العقد ، وهو من الكتب النفيسة ، ومولده في سنة ست وأربعين ومائتين » (٣).

٥ ـ المقري : « وقال ـ يعني لسان الدين ـ في ترجمة صاحب العقد » الفقيه العالم أبي عمر ابن عبد ربّه : عالم ساد بالعلم وراس ، واقتبس به من الحظوة أيّما اقتباس ، وشهر بالأندلس حتى سار إلى المشرق ذكره ، واستطار بشرر الذكاء فكره ، وكانت له عناية بالعلم وثقة ورواية له متسقة ، وأما الأدب فهو كان حجّته وبه غمرت الأفهام لجّته ، مع صيانة وورع ، ورد مائها فكرع ، وله التأليف المشهور الذي سمّاه بالعقد ، وحماه عن عثرات النقد ، لأنّه أبرزه مثقف القناة مرهف الشباة تقصر عنه ثواقب الألباب ، ويبصر السحر منه في كلّ باب ، وله شعر انتهى منتهاه ، وتجاوز سماك الإحسان وسماه ... » (٤).

ومن مصادر ترجمته أيضا :

١ ـ سير أعلام النبلاء ١٥ / ٢٨٣.

٢ ـ معجم الأدباء ٤ / ٢١١.

٣ ـ مرآة الجنان ٢ / ٢٩٥.

__________________

(١) وفيات الأعيان ١ / ١١٠.

(٢) العبر في خبر من غبر ٢ / ٢١١.

(٣) المختصر في أخبار البشر ٢ / ٩٢.

(٤) نفح الطيب عن غصن الأندلس الرطيب ٤ / ٢١٧.


٤ ـ البداية والنهاية ١١ / ١٩٣.

٥ ـ بغية الوعاة : ١٦١.

وقال الذهبي : « ابن عبد ربّه ، العلاّمة الأديب الأخباري ، صاحب كتاب العقد ... وكان موثّقا نبيلا بليغا شاعرا ، عاش ٨٢ سنة ، وتوفي سنة ٣٢٨ ».

(١٦)

رواية المحاملي

ورواه القاضي المحاملي حيث قال :

« حدّثنا الحسين ، ثنا عبد الأعلى بن واصل ، ثنا عون بن سلاّم ، ثنا سهل ابن شعيب ، عن بريدة بن سفيان عن سفينة ـ وكان خادما لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم ـ قال : اهدي لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم طوائر قال : ورفعت له ام أيمن بعضها ، فلمّا أصبح أتته بها فقال : ما هذا يا ام أيمن؟ فقالت : هذا بعض ما فاهدي لك أمس. قال : أولم أنهك أن ترفعي لأحد ـ أو لغد ـ طعاما! إنّ لكلّ غد رزقه. ثمّ قال : أللهم أدخل بأحبّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطائر ، فدخل علي 7 فقال : اللهم وإليّ » (١).

قال ابن المغازلي : « أخبرنا أبو طالب محمّد بن علي بن أحمد البيّع البغدادي ; ـ قدم علينا واسطا ـ ثنا أبو عبد الله محمّد بن أبي بكر ، أنّه قال : حدّثنا الحسين بن إسماعيل المحاملي ، نا عبد الأعلى بن واصل ، ثنا عون بن سلام ، ثنا سهل بن شعيب ، عن بريدة بن سفيان عن سفينة ـ وكان خادما لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم ـ قال : اهدي لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم طوائر ، قال : فرفعت له أم أيمن بعضها ، فلمّا أصبح أتته بها فقال :

__________________

(١) الأمالي : ٤٤٣ ـ ٤٤٤.


ماذا يا ام أيمن؟ فقالت : هذا بعض ما اهدي إليك أمس ، قال : أولم أنهك أن ترفعي لغد طعاما ، إنّ لكلّ غد رزقه؟ ثم قال : اللهم أدخل أحبّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطائر ، فدخل علي ، فقال : اللهم وإليّ.

هذا حديث غريب من هذا الطريق » (١).

وتظهر روايته للحديث من سند رواية الكنجي الشافعي الآتية في محلّها إن شاء الله.

ترجمته

١ ـ السمعاني : « أبو عبد الله الحسين بن إسماعيل المحاملي ، كان : فاضلا ، صادقا ، ثبتا ، ديّنا ، ثقة ، صدوقا ... » (٢).

٢ ـ ابن الأثير في حوادث ٣٣٠ : « وفيها توفي القاضي أبو عبد الله الحسين بن إسماعيل بن محمّد بن إسماعيل المحاملي الفقيه الشافعي : وهو من المكثرين في الحديث ، وكان مولده سنة خمس وثلاثين ومائتين ، وكان على قضاء الكوفة وفارس فاستعفى من القضاء وألحّ في ذلك ، فأجيب إليه » (٣).

٣ ـ الذهبي : « المحاملي ، القاضي الإمام العلاّمة الحافظ ، شيخ بغداد ومحدّثها ، أبو عبد الله الحسين بن إسماعيل بن محمّد الضبي البغدادي. ولد في أوّل سنة خمس وثلاثين ومائتين ، وأول سماعه في سنة أربع وأربعين ، سمع : أبا حذافة أحمد بن إسماعيل السهمي صاحب مالك ، وعمرو بن علي الفلاّس ، وزياد بن أيوب ، وأحمد بن المقدام العجلي ، ويعقوب بن إبراهيم الدورقي ، ومحمّد بن المثنى العنزي ، وأبا هشام ، وعبد الرحمن بن يونس السراج ، والزبير بن بكّار ، وطبقتهم ومن بعدهم ، فأكثر وصنّف وجميع.

__________________

(١) مناقب علي بن أبي طالب : ١٧٥.

(٢) الأنساب ٥ / ٢٠٨ ـ المحاملي.

(٣) الكامل في التاريخ ٨ / ٣٩٢.


روى عنه : دعلج ، والدار قطني ، وابن جميع ، وإبراهيم بن جرولة الباجي ، وابن الصّلت الأهوازي ، وأبو عمرو ابن مهدي ، وأبو محمّد بن البيّع ، وآخرون.

قال الخطيب : كان : فاضلا ، ديّنا ، صادقا ، شهد عند القضاة وله عشرون سنة ، ولي قضاء الكوفة ستّين سنة ... » (١).

٤ ـ اليافعي : « الإمام الكبير ، القاضي أبو عبد الله المحاملي الشهير ... قال أبو بكر الدراوردي : كان يحضر مجلس المحاملي عشرة آلاف رجل » (٢).

٥ ـ السيوطي : « المحاملي القاضي ، الإمام العلاّمة الحافظ ، شيخ بغداد ومحدّثها ... وكان : فاضلا ، ديّنا ، صدوقا ... » (٣).

ومن مصادر ترجمته أيضا :

١ ـ سير أعلام النبلاء ١٥ / ٢٥٨.

٢ ـ تاريخ بغداد ٨ / ١٩.

٣ ـ الوافي بالوفيات ١٢ / ٣٤١.

٤ ـ العبر ٢ / ٢٢٢.

٥ ـ البداية والنهاية ١١ / ٢٠٣.

(١٧)

رواية ابن عقدة

لقد رواه في « كتاب الطير » الذي جمع فيه طرقه وألفاظه كما قال ابن شهر آشوب السّروي ـ المترجم له ببالغ الثناء في معاجم التراجم كما علمت

__________________

(١) تذكرة الحفّاظ ٣ / ٨٢٤.

(٢) مرآة الجنان ٢ / ٢٩٧.

(٣) طبقات الحفّاظ : ٣٤٣.


سابقا ـ : « روى حديث الطير جماعة ... ورواه ابن بطة في الإبانة من طريقين ، والخطيب أبو بكر في تاريخ بغداد من سبعة طرق ، وقد صنّف أحمد ابن محمّد بن سعيد كتاب الطير ... » (١).

أقول : ومن ذلك قوله : « ثنا محمّد بن أحمد بن الحسن ، ثنا يوسف بن عدي ، ثنا حمّاد بن المختار الكوفي ، ثنا عبد الملك بن عمير ، عن أنس قال : اهدي لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم طائر ، فوضع بين يديه فقال : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي ، قال : فجاء علي فدقّ الباب فقال : من ذا؟ فقال : أنا علي ... ».

كما تظهر روايته من كلام ابن المغازلي ، الآتي في محلّه.

ترجمته

وابن عقدة من أعلام الحديث ومشاهير الأئمة الثقات ، وقد ترجمنا له وأثبتنا ثقته على ضوء المصادر المعتبرة في بعض مجلّدات الكتاب.

وتوجد ترجمته في الكتب الآتية :

١ ـ تاريخ بغداد ٥ / ١٤.

٢ ـ تذكرة الحفاظ ٣ / ٨٣٩.

٣ ـ مرآة الجنان ٢ / ٣١١.

٤ ـ الوافي بالوفيات ٧ / ٣٩٥.

٥ ـ النجوم الزاهرة ٣ / ٢٨١.

٦ ـ العبر ٢ / ٢٣٠.

٧ ـ طبقات الحفاظ : ٣٤٨.

٨ ـ شذرات الذهب ٢ / ٣٣٢.

__________________

(١) مناقب آل أبي طالب ٢ / ٢٨٢.


(١٨)

رواية المسعودي

لقد أثبته في تاريخه أيّما إثبات ، وذكره في فضائل أمير المؤمنين 7 الخاصّة به ، حيث قال : « والأشياء التي استحق بها أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الفضل هي : السبق إلى الإيمان ، والهجرة والنصرة لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، والقربى منه ، والقناعة ، وبذل النفس له ، والعلم بالكتاب والتنزيل ، والجهاد في سبيل الله ، والورع ، والزهد ، والقضاء والحكم ، والعفة والعلم.

وكل ذلك لعلي ـ 2 ـ منه النّصيب الأوفر والحظ الأكبر ، إلى ما ينفرد به من قول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حين آخى بين أصحابه : أنت أخي ، وهو صلّى الله عليه وسلّم لا ضدّ له ولا ند ، وقوله صلّى الله عليه وسلّم : أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبي بعدي ، وقوله 7 : من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ، ثم دعاؤه 7 ـ وقد قدم إليه أنس الطائر ـ : اللهم أدخل إليّ أحبّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطائر ، فدخل عليه علي 7 إلى آخر الحديث ، فهذا وغيره من فضائله وما اجتمع فيه من الخصال ممّا تفرّق في غيره » (١).

ترجمته

١ ـ ابن شاكر الكتبي : « علي بن الحسين بن علي ، أبو الحسين ،

__________________

(١) مروج الذهب ١ / ٧١١.


المسعودي المؤرّخ ، من ذرية عبد الله بن مسعود 2 ، قال الشيخ شمس الدين : عداده في البغداديين وأقام بمصر مدة ، وكان أخباريّا علاّمة ، صاحب غرائب وملح ونوادر ، مات سنة ٣٤٦ ، وله من التّصانيف : كتاب مروج الذهب ... » (١).

٢ ـ السبكي : « وكان أخباريا متفنّنا ، علاّمة ، صاحب ملح وغرائب ، سمع من نفطويه وابن زبر القاضي وغيرهما ، ودخل إلى البصرة ، فلقي بها أبا خليفة الجمحي ، ولم يعمّر على ما ذكر ، وقيل : إنّه كان معتزلي العقيدة ، مات سنة خمس وأربعين أو ست وأربعين وثلاثمائة ، وهو الذي علّق عن أبي العباس ابن شريح رسالة البيان عن أصول الأحكام ، وهذه الرسالة عندي نحو خمس عشرة ورقة ... » (٢).

(١٩)

رواية أحمد بن سعيد بن فرقد الجدّي

لقد روى حديث الطير بإسناد الصّحيحين ، لكنّ الذهبي ـ الشهير بتعصّبه على الحق وإنكاره لفضائل أمير المؤمنين 7 ـ اتّهمه بوضعه ، وهذا نصّ كلامه بترجمته :

« أحمد بن سعيد بن فرقد الجدّي ، روى عن أبي حمّة ، وعنه الطبراني ، فذكر حديث الطير بإسناد الصحيحين ، فهو المتّهم بوضعه » (٣).

لكن تعقّبه ابن حجر فذكر إخراج الحاكم الحديث عن طريق أحمد بن سعيد ، ثمّ أضاف بأنّ الرجل معروف ومن شيوخ الطبراني ، وهذا نصّ كلامه :

__________________

(١) فوات الوفيات ٢ / ٤٥.

(٢) طبقات الشافعية ٢ / ٣٠٧.

(٣) ميزان الاعتدال ١ / ١٠٠.


« قلت : أخرجه الحاكم عن محمّد بن صالح الأندلسي عن أحمد ـ هذا ـ عن أبي حمة محمّد بن يوسف ، عن أبي قرة موسى بن طارق ، عن موسى بن عقبة ، عن سالم أبي النضر ، عن أنس. وأحمد بن سعيد معروف من شيوخ الطبراني ، وأظنّه دخل عليه إسناد في إسناد » (١).

وأمّا ظنّ العسقلاني أنّه « دخل عليه إسناد في إسناد » فهو ظن لا يغني من الحق شيئا ، وتضليل ليس لأحد إلى قبوله من سبيل ، والله الهادي الصائن عن كيد كلّ خادع ضئيل ...

هذا ، وقد صرّح السمعاني ايضا برواية الطبراني عن أحمد بن سعيد (٢) ، وقد تقرّر في محلّه أن رواية الأكابر الأعلام دليل على كمال الشرف والجلالة ، بل هي عين التوثيق والتعديل عند بعض أئمة هذا الشأن الجليل ، والله الهادي إلى سواء السبيل ...

(٢٠)

رواية الطبراني

رواه بسند صحيح. حيث قال :

« نا أحمد بن سعيد بن فرقد الجدّي ، قال : نا أبو حمة محمّد بن يوسف اليماني قال : نا أبو قرة موسى بن طارق ، عن موسى بن عقبة ، عن أبي النضر سالم مولى عمر بن عبيد الله ، عن أنس بن مالك قال : بينا أنا واقف عند رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذ اهدي إليه طير فقال : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي ، فجاء علي بن أبي طالب فقلت : رسول الله على حاجة ، ثمّ

__________________

(١) لسان الميزان ١ / ١٧٧.

(٢) الأنساب ـ الجدّي.


جاء علي فدخل ، فقال له رسول الله : اللهم وإليّ اللهم وإليّ ، فأكل معه ».

فقد رواه الطبراني عن شيخه أحمد بن سعيد ، بإسناده عن أنس ، وهو نفس الإسناد الذي صرّح الذهبي ـ وسلّم به العسقلاني ـ بأنّه إسناد الصحيحين ... فظهر رواية الطبراني حديث الطير بسند صحيح. والحمد لله على ذلك.

وقال الطبراني :

« حدثنا عبيد العجلي ، ثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري ، ثنا حسين بن محمّد ، ثنا سليمان بن قرم ، عن فطر بن خليفة ، عن عبد الرحمن بن أبي نعيم ، عن سفينة مولى النبي صلّى الله عليه وسلّم : أنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم أتي بطير فقال : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطير ، فجاء علي 2 فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم : اللهم وإليّ » (١).

وقال الطبراني :

« حدثنا عمرو بن أبي الطاهر بن السّرح المصري ، ثنا يوسف بن عدي ، ثنا حمّاد بن المختار ، عن عبد الملك بن عمير ، عن أنس ـ 2 ـ قال : أهدي لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم طائر ، فوضع بين يديه فقال : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي ، فجاء علي بن أبي طالب ـ 2 ـ فدقّ الباب ، فقلت : ذا؟ فقال : أنا علي ، فقلت : النبي صلّى الله عليه وسلّم على حاجة ، فرجع ، ثلاث مرار ، كلّ ذي يجئ ، قال : فضرب الباب برجله فدخل فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم : ما حبسك؟ قال : قد جئت ثلاث مرات ، كلّ ذلك يقول : النبي ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ على

__________________

(١) المعجم الكبير ٧ / ٨٢.


حاجة : فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم : ما حملك على ذلك؟ قلت : كنت أردت أن يكون رجل من قومي » (١).

وقال الطبراني :

« عن أنس بن مالك قال : أهدت أم أيمن إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم طائرا بين رغيفين ، فجاء النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال : هل عندكم شيء؟ فجاءته بالطائر ، فرفع يديه فقال : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطائر ، فجاء علي ، فقلت : إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مشغول ، وإنّما دخل النبي صلّى الله عليه وسلّم آنفا (٢) ... النبي من الطائر شيئا ، ثمّ رفع يده فقال : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطائر ، فجاء علي ، فارتفع الصوت بيني وبينه ، فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم لها : خلّه من كان يدخل ، فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم : وإليّ يا رب ـ ثلاث مرات ـ فأكل مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حتى فرغا.

لم يرو هذا الحديث عن الأوزاعي إلاّ عبد الرزاق ، تفرّد به سلمة » (٣).

* وجاء التصريح في غير واحد من الكتب برواية الطبراني حديث الطّير ، وقد أورد الهيثمي الحديث عن الطّبراني بأسانيد ، فنصّ على أن رجال إسناده في ( المعجم الكبير ) رجال الصحيح ما عدا واحد فقال : « لم أعرفه وبقيّة رجاله رجال الصحيح » وأنّ له أسانيد في ( المعجم الأوسط ) فسكت إلاّ عن واحد منها فقال : « وفي أحد أسانيد الأوسط أحمد بن عياض بن أبي طيبة ولم أعرفه ، وبقيّة ورجاله رجال الصحيح » ، ثمّ أخرجه عن البزار والطبراني عن سفينة فقال : « ورجال

__________________

(١) المعجم الكبير ١ / ٢٥٣.

(٢) في النسخة : هنا كلمة لا تقرأ.

(٣) المعجم الأوسط ٢ / ٤٤٣.


الطبراني رجال الصحيح ، غير فطر بن خليفة وهو ثقة » (١) فإذن ، الطبراني يروي حديث الطير بسند آخر اعترف الهيثمي بصحّته ، فإذا ثبت ثقة من قال « لم أعرفه » كانت الأسانيد الصحيحة عند الطبراني في رواية حديث الطير كثيرة ، والله الموفق.

ترجمته

١ ـ السمعاني : « أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب بن مطير اللخمي الطبراني ، حافظ عصره ، صاحب الرّحلة ، رحل إلى ديار : مصر ، والحجاز ، واليمن ، والجزيرة ، والعراق ، وأدرك الشيوخ ، وذاكر الحفّاظ ، وسكن أصبهان إلى آخر عمره ، وصنّف التصانيف ، يروي عن : إسحاق بن إبراهيم الديري الصنعاني ، وجمع شيوخه الذين سمع منهم وكانوا ألف شيخ ، روى عنه : أبو أحمد عبد الله بن عدي الجرجاني ، وأبو نعيم الحافظ ، والعالم.

ولد سنة ستين ومائتين بطبرية ، مات لليلتين بقيتا من ذي القعدة سنة ستّين وثلاثمائة بإصبهان ، وكان يقول : أول ما قدمت أصبهان سنة تسعين ومائتين » (٢).

٢ ـ ابن خلّكان : « كان حافظ عصره ... وله المصنفات الممتعة النافعة الغريبة ، منها : المعاجم الثلاثة ... » (٣).

٣ ـ الذهبي حوادث ٣٦٠ : « وفيها : الطبراني الحافظ العلم مسند العصر ... وكان ثقة صدوقا واسع الحفظ ، بصيرا بالعلل والرجال والأبواب ، كثير التصانيف ... » (٤).

__________________

(١) مجمع الزوائد ٩ / ١٢٥ ١٢٦.

(٢) الأنساب ـ الطبراني.

(٣) وفيات الأعيان ٢ / ٤٠٧.

(٤) العبر ٢ / ٣١٥.


٤ ـ السيوطي : « الطّبراني : الإمام العلاّمة بقيّة الحفّاظ ... مسند الدنيا ، وأحد فرسان هذا الشأن ... قال ابن مندة : أحد الحفّاظ المذكورين ... قال أبو العباس الشيرازي : كتبت عن الطبراني ثلاث مائة ألف حديث ، وهو ثقة ... » (١).

هذا ، وقد اعتمد العلماء على كتبه واحتّجوا برواياته في مختلف كتبهم ... كما احتجّ برواياته ( الدهلوي ) نفسه في مواضع من ( التحفة ).

(٢١)

رواية ابن السقّاء

لقد روى ابن السقّاء حديث الطير وأملاه في واسط ، فلم تحمل نفوس المتعصّبين المنطوية على بغض أهل البيت سماع هذه الفضيلة الجليلة ، الهادمة لأساس التزوير والقالعة لبنيان التلميع ، حتى وثبوا به لنصبهم الشديد ، فأقاموه وغسلوا موضعه لاعتقادهم نجاسته بذلك! فمضى ابن السقّاء ولزم بيته ...

ولقد أورد هذه القضية الذهبي بترجمته حيث قال : « قال السلفي : سألت الحافظ خميسا الحوزي عن ابن السقاء. فقال : هو من مزينة مضر ولم يكن سقاء بل لقب له ، من وجوه الواسطيّين وذوي الثروة والحفظ ، رحل به أبوه فأسمعه من : أبي خليفة ، وأبي يعلى ، وابن زيدان البجلي ، والمفضل بن الجندي. وبارك الله في سنّه وعلمه ، واتفق أنّه أملى حديث الطير ، فلم تحمله نفوسهم فوثبوا به ، فأقاموه وغسلوا موضعه ، فمضى ولزم بيته ، ولم يحدّث أحدا من الواسطيين ، فلهذا قلّ حديثه عندهم ، وتوفّي سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة ،

__________________

(١) طبقات الحفّاظ : ٣٧٢.


حدّثني به شيخنا أبو الحسن المغازلي » (١).

كما تظهر روايته من عبارة ابن المغازلي الآتية فيما بعد.

ترجمته

١ ـ قال الذهبي : « ابن السقاء ، الحافظ الإمام محدّث واسط ، أبو محمّد عبد الله بن محمّد بن عثمان الواسطي ... روى عنه : الدار قطني ، وأبو الفتح يوسف القوّاس ، وأبو العلاء محمّد بن علي القاضي ... وآخرون.

قال أبو العلاء ابن المظفر والدار قطني : يقولون لم نر مع ابن السقاء كتابا وإنّما حدّثنا حفظا ، وقال علي بن محمّد بن الطيّب الجلابي في تاريخه : ابن السقّاء من أئمة الواسطيين والحفاظ المتقنين ، توفي في جمادى الآخرة سنة ٣٧٣ ... » (٢).

وقال : « ابن السقاء : الإمام الحافظ الثّقة الرّحال ... » (٣).

٢ ـ السمعاني : « واشتهر به أبو محمّد ... المعروف بابن السقاء ، من أهل الفهم والحفظ والمعرفة بالحديث ... » (٤).

٣ ـ السيوطي : « ابن السقّاء ـ الحافظ الإمام محدّث واسط ، أبو محمّد عبد الله بن محمّد بن عثمان ، سمع : أبا خليفة ، وأبا يعلى ، ومنه : الدار قطني وأبو نعيم ، وكان من أئمة الواسطيين ، والحفّاظ المتقنين ، وذوي المروة والوجاهة ، يحدّث حفظا ، مات في جمادى الآخرة سنة ٣٧٣ » (٥).

__________________

(١) تذكرة الحفّاظ ٣ / ٩٦٥ ، سير أعلام النبلاء ١٦ / ٣٥٢.

(٢) تذكرة الحفّاظ ٣ / ٩٦٥.

(٣) سير أعلام النبلاء ١٦ / ٣٥١.

(٤) الأنساب ٧ / ٩٠.

(٥) طبقات الحفّاظ : ٣٨٥.


(٢٢)

رواية أبي اللّيث السّمرقندي

رواه في ( المجالس ) له حيث قال : « قال النبي صلّى الله عليه وسلّم : أفضلكم علي بن أبي طالب ، وعن أنس بن مالك قال : اهدي لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم ثلاث طوائر فقال : اللهم سق إليّ أحبّ خلقك إليك يأكل معي ، قال أنس : فكنت على الباب فجاء علي فرددته رجاء أن يجئ رجل من الأنصار ، ثمّ جاء علي فأذنت له ، فقال رسول الله : كل يا علي ، فأنت أحبّ خلقك الله إليه ، وقد دعوت أن يسوق أحبّ خلقه إليه ».

ترجمته

١ ـ الذهبي : « أبو الليث : الإمام الفقيه المحدّث الزاهد ... » (١).

٢ ـ الكفوي : « الشيخ الإمام أبو اللّيث الفقيه نصر بن محمّد بن إبراهيم السمرقندي ، كان يعرف بإمام الهدى ، وكان مشهور بالكنية والفقيه ، وفي تقدمة المقدمة : قيل : سماه النبي فقيها لما روى أنّه لما صنّف كتابه المسمّى تنبيه الغافلين عرضه على روضة النبي صلّى الله عليه وسلّم وبات الليلة ، فرأى النبي صلّى الله عليه وسلّم فناوله كتابه فقال : هذا كتابك يا فقيه ، فانتبه فوجد فيه مواضع ممحوّة ، فكان يتبرّك باسم الفقيه فاشتهر به ... » (٢).

٣ ـ محي الدين القرشي : « نصر بن محمّد بن أحمد بن إبراهيم السّمرقندي الفقيه أبو الليث المعروف بإمام الهدى ، تفقّه على الفقيه أبي جعفر

__________________

(١) سير أعلام النبلاء ١٦ / ٣٢٢.

(٢) كتائب أعلام الأخيار ـ مخطوط.


الهندواني ، وهو الإمام الكبير صاحب الأقوال المفيدة والتصانيف المشهورة ، توفي ; تعالى ليلة الثلاثاء لإحدى عشرة خلت من جمادى الآخرة سنة ٣٧٣ ... » (١).

(٢٣)

إثبات الصّاحب ابن عبّاد

ولقد أثبت أبو القاسم إسماعيل بن عبّاد الملقّب بالصاحب حديث الطير ، إذ أورده في أشعار له في مدح مولانا أمير المؤمنين 7 : « فقد جاء في كتاب ( المناقب ) ما نصه : « وللصاحب كافي الكفاة :

يا أمير المؤمنين المرتضى

إن قلبي عندكم قد وقفا

كلما جدّدت مدحي فيكم

قال ذو النصب يسبّ السّلفا

من كمولاي علي زاهدا

طلّق الدنيا ثلاثا ووفى؟

من دعي للطير يأكله؟

ولنا في مثل هذا مكتفى

من وصي المصطفى عندكم

فوصيّ المصطفى يصطفى؟ » (٢).

وفيه : « وقال الصاحب كافي الكفاة في مدح علي :

هو البدر في هيجاء بدر وغيره

فرائصه من ذكره السيف ترعد

وكم خبر في خيبر قد رويتم

ولكنكم مثل النعام تشرد؟

وفي احد ولىّ رجال وسيفه

يسوّد وجه الكفر وهو مسوّد

عليّ له في الطير ما طار ذكره

وقامت به أعداؤه وهي تشهد

وما شدّ عن خير المساجد بابه

وأبوابهم إذ ذاك عنه تسدّد

__________________

(١) الجواهر المضية في طبقات الحنفيّة ٢ / ١٩٦.

(٢) مناقب علي بن أبي طالب للخوارزمي : ٦٥.


وزوجته الزهراء خير كريمة

لخير كريم فضلها ليس يجحد »

وذكر أشعارا أخرى له في الباب (١).

ترجمته

فهذا الصاحب بن عباد ، الذي فاق في الفضل وساد ، قد أبان صحة هذا الحديث لكل ذي سداد ، حيث نظمه جازما بثبوته لأبي الأئمة الأمجاد ، عليه وآله آلاف السلام من ربّ العباد ، فقلع أسّ المكابرة والعناد ، وألقم الحجر في فم كل شاحن ذي احتداد منطو على كوامن الضغائن والأحقاد ، والله المتفضل بالهداية والإرشاد ...

وقد أثنى على الصاحب ومدحه كبار علماء أهل السنّة وصفوه بالمآثر الجميلة والمكارم الجليلة ، ... راجع :

١ ـ وفيات الأعيان ١ / ٢٢٨.

٢ ـ معجم الأدباء ٦ / ١٦٨.

٣ ـ يتيمة الدهر ٣ / ١٨٨.

٤ ـ العبر في خبر من غبر ٣ / ٢٨.

٥ ـ الكامل ٨ / ٣٥٢.

٦ ـ المختصر في أخبار البشر ٢ / ١٣٠.

٧ ـ مرآة الجنان ٢ / ٤٢١.

٨ ـ تتمة المختصر ١ / ٣١٢.

٩ ـ بغية الوعاة ١ / ٤٤٩.

١٠ ـ شذرات الذهب ٣ / ١١٣.

__________________

(١) مناقب علي بن أبي طالب للخوارزمي : ٢٤٠.


(٢٤)

رواية ابن شاهين

أخرجه عن طريقه ابن عساكر بترجمة أمير المؤمنين 7 غير مرة ، فمن ذلك قوله :

« أخبرنا أبو الأعز قراتكين بن الأسعد ، أنبأنا أبو محمّد الجوهري ، أنبأنا أبو حفص عمر بن أحمد بن عثمان ، أنبأنا يحيى بن محمّد بن صاعد ، أنبأنا إبراهيم بن سعيد الجوهري ، أنبأنا حسين بن محمّد ، أنبأنا سليمان بن قرم ، عن محمّد بن شعيب ، عن داود بن علي بن عبد الله بن عباس ، عن أبيه ، عن جدّه ابن عباس قال : أتي النبي صلّى الله عليه وسلّم بطائر ، فقال : اللهم ائتني برجل يحبّه الله ورسوله. فجاء علي 7 ، فقال : اللهم وإليّ ».

وقوله : « أخبرنا أبو الأعز قراتكين بن الأسعد ، أنبأنا أبو محمّد الجوهري ، أنبأنا أبو حفص ابن شاهين ، أنبأنا يحيى بن محمّد بن صاعد ، أنبأنا عبد القدوس بن محمّد بن عبد الكبير بن الحبحاب ـ بالبصرة ـ حدثني عمي صالح ابن عبد الكبير ، أنبأنا عبد الله بن زياد أبو العلاء ، عن علي بن زيد ، عن سعيد ابن المسيب ، عن أنس بن مالك قال ...

قال ابن شاهين : تفرّد بهذا الحديث عبد القدوس بن محمّد بن عمّه ، لا أعلم حدّث به غيره ، وهو حديث حسن غريب ».

وقوله : « حدثنا أبو الأعز قراتكين بن الأسعد ، أنبأنا أبو محمّد الجوهري ، أنبأنا أبو حفص بن شاهين ، أنبأنا محمّد بن إبراهيم الأنماطي ، أنبأنا محمّد بن عمرو بن نافع ، أنبأنا علي بن الحسن ، أنبأنا خليد بن دعلج ، عن قتادة ، عن


أنس ... » (١).

وقال ابن المغازلي : « أخبرنا محمّد بن علي ـ إجازة ـ أنّ أبا حفص عمر ابن أحمد بن شاهين الواعظ حدّثهم : نا محمّد بن الحسين الجواربي ، نا إبراهيم بن صدقة ، نا يغنم بن سالم ، نا أنس قال : اهدي لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم طائر ، وذكر الحديث » (٢).

وقال : « أخبرنا أبو طالب بن محمّد بن علي بن الفتح الحربي البغدادي ـ فيما كتب به إليّ ـ أن أبا حفص عمر بن أحمد بن شاهين حدثهم قال : نا نصر ابن القاسم الفرضي ، نا عيسى بن مساور الجوهري قال : قال لي يغنم بن سالم ابن قنبر ـ ولقيته سنة تسعين ومائة وقال يغنم بن سالم : لي اثني عشرة ومائة سنة ـ قال لي أنس بن مالك : اهدي إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم طير مشوي فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك أو بمن تحبّه ـ الشك من عيسى بن مساور الجوهري ـ فجاء علي ، فرددته ، فدخل في الثالثة أو في الرابعة ، فقال له النبي صلّى الله عليه وسلّم : ما حبسك ـ أو ما أبطأك ـ عنّي يا علي؟ قال : جئت فردّني أنس ، ثمّ جئت فردّني أنس ، ثمّ جئت فردّني أنس. قال : يا أنس ، ما حملك على ما صنعت؟ أرجوت أن يكون رجلا من الأنصار؟ فقلت : نعم ، فقال : يا أنس ، أوفي الأنصار أفضل من علي؟! » (٣).

وقال المحبّ الطبري : « وخرّجه الحافظ أبو حفص عمر بن عثمان بن شاهين ، في جزء من حديثه ، ولم يذكر زيادة الحربي ، وقال بعد قوله : فجاء علي فرددته : ثمّ جاء فرددته ، فدخل في الثالثة أو في الرابعة ، فقال له النبي

__________________

(١) ترجمة أمير المؤمنين 7 من تاريخ دمشق ج ٢ الأحاديث : ٦١١ ، ٦١٨ ، ٦٢١.

(٢) مناقب علي بن أبي طالب : ١٦٤.

(٣) المصدر نفسه : ١٦٥.


صلّى الله عليه وسلّم : ما حبسك عني ـ أو ما أبطأ بك عنّي ـ يا علي؟ قال : جئت فردّني أنس ، ثم جئت فردّني أنس ، قال : يا أنس ، ما حملك على ما صنعت؟ قال : رجوت أن يكون رجلا من الأنصار ، فقال : أو في الأنصار خير من علي ـ أو أفضل من علي ـ؟! » (١).

وقال ابن شهر آشوب : « وحدّثني أبو العزيز كادش العكبري ، عن أبي طالب الحربي العشاري ، عن ابن شاهين الواعظ ـ في كتابه ما قرب سنده ـ قال : حدّثني نصر بن القاسم الفرائضي قال : أخبرنا أبو محمّد عيسى الجوهري قال قال يغنم بن سالم بن قنبر قال : قال أنس بن مالك. الخبر » (٢).

ترجمته

وابن شاهين من كبار علماء أهل السنّة ومحدّثيهم الثقات وحفاظهم الأعيان ، وسنذكر ترجمته في مجلّد حديث التشبيه ، ومن مصادر ترجمته :

١ ـ الأنساب ـ الشاهيني.

٢ ـ الكامل في التاريخ ٩ / ١١٥.

٣ ـ تذكرة الحفّاظ ٣ / ٩٨٧.

٤ ـ طبقات القرّاء ١ / ٥٨٨.

٥ ـ العبر ٣ / ٢٩.

٦ ـ مرآة الجنان ٢ / ٤٢٦.

٧ ـ طبقات الحافظ : ٣٩٢.

٨ ـ طبقات المفسرين ٢ / ٢.

٩ ـ تاريخ بغداد ١١ / ٢٦٥.

__________________

(١) الرياض النضرة ٢ / ١١٤ ـ ١١٥.

(٢) مناقب آل أبي طالب ٢ / ٢٨٢.


١٠ ـ البداية والنهاية ١١ / ٣١٦.

١١ ـ شذرات الذهب ٣ / ١١٧.

١٢ ـ شرح المواهب اللدنيّة ١ / ١٦٦.

(٢٥)

رواية الدار قطني

رواه في كتابه ( المؤتلف والمختلف ) حيث قال :

« وحدّثنا أحمد بن محمّد بن سعيد ، حدّثنا إبراهيم بن محمّد بن صدقة العامري ، حدّثنا يغنم بن سالم بن قنبر ، عن أنس بن مالك ، عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بحديث الطير في فضيلة علي : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي. الحديث » (١).

وجاء في ( العلل ) :

« سئل : عن حديث عطاء بن أبي رباح ، عن أنس : حديث الطير فقال : يرويه ابن حميد الرازي واختلف عنه ، فرواه إسماعيل بن الفضل ، عن ابن حميد ، عن إسحاق بن إسماعيل بن حبويه ، عن عبد الملك بن أبي سليمان ، عن عطا ، عن أنس. وغيره يرويه عن ابن حميد ، عن إسماعيل بن سليمان الرازي ـ أخي إسحاق ـ عن عبد الملك. وهو أشبه » (٢).

وعن طريقه أخرجه غير واحد من الأعلام :

قال الحافظ ابن عساكر : « أخبرنا أبو محمّد ابن الأكفاني ـ بقراءتي ـ أنبأنا أبو محمّد عبد العزيز بن أحمد ، أنبأنا أبو الحسن علي بن موسى بن الحسين ،

__________________

(١) المؤتلف والمختلف ٤ / ٢٢٣٤.

(٢) العلل ـ مخطوط.


أنبأنا أبو الحسن علي بن عمر الدار قطني ، أنبأنا محمّد بن مخلّد بن حفص العطّار ، أنبأنا حاتم بن اللّيث الجوهري ، أنبأنا عبد السلام بن راشد ، أنبأنا عبد الله بن المثنى ، عن ثمامة ، عن أنس ... » (١).

ترجمته

١ ـ السمعاني : « ... كان أحد الحفّاظ المتقنين المكثرين ، وكان المثل في الحفظ ... وذكره أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب في التاريخ وقال : أبو الحسن الدار قطني ، كان فريد عصره وقريع دهره ونسيج وحده وإمام وقته ، انتهى إليه علم الأثر والمعرفة بعلل الحديث وأسماء الرجال وأحوال الرواة ، مع الصدق والأمانة والثقة والعدالة وقبول الشهادة ، وصحة الإعتقاد وسلامة المذهب ، والاضطلاع بعلوم سوى علم الحديث ... وكان عبد الغني ابن سعيد يقول : أحسن الناس كلاما على حديث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ثلاثة : علي بن المديني في وقته ، وموسى بن هارون في وقته ، وعلي بن عمر الدار قطني في وقته ...

ولد الدار قطني سنة ست وثلاثمائة ، ومات في ذي القعدة سنة خمس وثمانين وثلاثمائة ، ودفن بمقبرة باب الدير ، قريبا من قبر معروف الكرخي » (٢).

٢ ـ ابن خلكان : « الحافظ المشهور ، كان عالما حافظا فقيها على مذهب الإمام الشافعي ... وسأل الدار قطني يوما أصحابه : هل رأى الشيخ مثل نفسه؟ فامتنع من جوابه وقال : قال الله تعالى : ( فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ ) فألحّ عليه فقال : إن كان في فن واحد فقد رأيت من هو أفضل مني ، وإن كان من اجتمع فيه مثل لما اجتمع فيّ فلا.

__________________

(١) ترجمة أمير المؤمنين من تاريخ دمشق ج ٢ حديث رقم : ٦١٣.

(٢) الأنساب ٥ / ٢٤٥.


وكان مفننا في علوم كثيرة ، إماما في علوم القرآن ... » (١).

٣ ـ الذهبي : « الدار قطني الإمام شيخ الإسلام حافظ الزمان ... وقال أبو ذر الحافظ : قلت للحاكم : هل رأيت مثل الدار قطني؟ فقال : هو لم ير مثل نفسه فكيف أنا ... قال القاضي أبو الطيب الطبري : الدار قطني أمير المؤمنين في الحديث ... » (٢).

٤ ـ الذهبي أيضا : « ... الحافظ المشهور ، وصاحب التصانيف ... ذكره الحاكم فقال : صار أوحد عصره في الحفظ والفهم والورع ، وإماما في القرّاء والنحاة ، صادفته فوق ما وصف لي ، وله مصنفات يطول ذكرها ... » (٣).

٥ ـ السبكي : « ... الإمام الجليل ، أبو الحسن الدارقطني البغدادي ، الحافظ المشهور صاحب المصنفات ، إمام زمانه وسيد أهل عصره ، وشيخ أهل الحديث » (٤).

وانظر أيضا :

١ ـ تاريخ بغداد ١٢ / ٣٤.

٢ ـ المنتظم ٧ / ١٨٣.

٣ ـ المختصر ٢ / ١٣٠.

٤ ـ سير أعلام النبلاء ١٦ / ٤٤٩.

٥ ـ طبقات الأسنوي ١ / ٥٠٨.

٦ ـ طبقات القراء ١ / ٥٥٨.

٧ ـ طبقات الحفّاظ : ٣٩٣.

وقال الفخر الرازي في ( مناقب الشافعي ) : « وأمّا المتأخّرون من

__________________

(١) وفيات الأعيان ٣ / ٢٩٧.

(٢) تذكرة الحفّاظ ٣ / ٩٩١.

(٣) العبر ٣ / ٢٨.

(٤) طبقات الشافعيّة ٣ / ٤٦٢.


المحدّثين ، فأكثرهم علما وأقواهم قوة وأشدّهم تحقيقا في علم الحديث هؤلاء ، وهم : أبو الحسن الدار قطني والحاكم ... فهؤلاء العلماء صدور هذا العلم بعد الشيخين ، وهم بأسرهم متفقون على تعظيم الشافعي ... ».

وقال ابن تيميّة في ( المنهاج ) : « الثعلبي وأمثاله لا يتعمّدون الكذب ، بل فيهم من الصلاح والدين ما منعهم من ذلك ، لكن ينقلون ما وجدوه في الكتب ويدونون ما سمعوه ، وليس لأحدهم من الخبرة بالأسانيد ما لأئمّة الحديث ، كشعبة ، ويحيى بن سعيد القطان ، وعبد الرحمن بن مهدي ، وأحمد بن حنبل ، وعلي بن المديني ، ويحيى بن معين ، وإسحاق بن راهويه ، ومحمّد بن يحيى الذهلي ، والبخاري ، ومسلم ، وأبي داود ، والنسائي ، وأبي حاتم وأبي زرعة الرازيان ، وأبي عبد الله بن مندة ، والدار قطني ، وعبد الغني بن سعيد ، وأمثال هؤلاء من أئمة الحديث ونقّاده وحكّامه وحفاظه ، الذين لهم خبرة ومعرفة تامة بأقوال النبي صلّى الله عليه وسلّم ، وأحوال من نقل العلم والحديث عن النبي صلّى الله عليه وسلّم ... » (١).

(٢٦)

رواية أبي الحسن الحربي

أخرج هذا الحديث في ( فوائده ) المعروفة بـ ( الحربيّات ) (٢).

وقال ابن عساكر : « أخبرنا أبو الفرج قرام بن زيد بن عيسى ، وأبو القاسم ابن السمرقندي قالا : أنبأنا أبو الحسين ابن النقور ، أنبأنا علي بن عمر بن محمد الحربي ، أنبأنا أبو الحسن علي بن سراج المصري ، أنبأنا أبو محمّد فهد بن

__________________

(١) منهاج السنّة ٤ / ٨٣.

(٢) موجودة في المجموع رقم ١٠٤ في دار الكتب الظاهرية.


سليمان بن النحاس ، أنبأنا أحمد بن يزيد الورتنيس ، أنبأنا زهير ، أنبأنا عثمان الطويل ، عن أنس بن مالك ... » (١).

وقال محبّ الدين الطبري : « عن أنس بن مالك قال : كان عند النبيّ صلّى الله عليه وسلّم طير فقال : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل هذا الطير ، فجاء علي بن أبي طالب فأكل معه. خرّجه الترمذي وقال : غريب والبغوي في المصابيح في الحسان

وخرجه الحربي وزاد بعد قوله : أهدي لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم طير وكان ممّا يعجبه أكله ، وزاد بعد قوله : فجاء علي بن أبي طالب فقال : استأذن على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقلت : ما عليه إذن وكنت أحبّ أن يكون رجلا من الأنصار » (٢).

وقال المولوي حسن زمان في ( القول المستحسن ) : « وفي الرياض النضرة بعد ذكر تخريج الترمذي له والبغوي في المصابيح في الحسان : وخرّجه الحربي ، أي : الحافظ أبو الحسن علي بن عمر بن الحسن السكري الحربي في أجزاء من حديثه ... ».

ترجمته

١ ـ السمعاني : « أبو الحسن علي بن عمر بن محمّد بن الحسن بن شاذان بن إبراهيم بن إسحاق السكّري الحميري ، ذكره أبو بكر الخطيب الحافظ في التاريخ وقال : أبو الحسن الحميري ـ أصله ناحية من حضر موت إلى جبل ـ ويعرف بالسكّري ، وبالصيرفي ، وبالكيّال ، وبالحربي ، سمع : أحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي ، وجعفر بن أحمد بن محمّد الصبّاح الجرجرائي ، والهيثم بن خلف الدوري ، ومحمّد بن محمّد بن سليمان بن

__________________

(١) ترجمة أمير المؤمنين من تاريخ دمشق ٢ / ١١٧ حديث : ٦٢٢.

(٢) الرياض النضرة ٢ / ١١٤ ـ ١١٥.


الباغندي ، وأبا القاسم البغوي ، وغيرهم. روى عنه : القاضي أبو الطيب الطبري ، وأبو القاسم الأزهري ، وأبو محمّد الخلاّل ، وأبو القاسم التنوخي ، وأبو الحسن ابن حسنون بن النرسي ـ في جماعة ـ آخرهم : أبو الحسن بن النّقور البزاز. وتكلّم فيه أبو بكر البرقاني وقال : لا يساوي فلسا ، وقال أبو القاسم الأزهري : هو صدوق ، وكان سماعه في كتب أخيه ، لكن بعض أصحاب الحديث قرأ عليه شيئا منها لم يكن فيه سماعه وألحق فيه السماع ، وجاء آخرون فحكوا الإلحاق وأنكروه ، وأما الشيخ فكان في نفسه ثقة. وقال عبد العزيز الأرجي : الحربي كان صحيح السّماع ، ولمّا أضرّ قرأ بعض الطلبة عليه شيئا لم يكن فيه سماعه ولا ذنب له في ذلك ، وكفّ بصره في آخر عمره. وقال العتيقي : كان ثقة مأمونا.

وكان ولادته مستهل المحرم من سنة ٢٩٦ ، ومات في شوال سنة ٣٨٦ ببغداد » (١).

٢ ـ الذهبي : « والحربي ، أبو الحسن علي بن عمر الحميري البغدادي ، ويعرف أيضا بالسكري ... » (٢).

٣ ـ وذكره ابن الأثير : في حوادث سنة ٣٨٦ (٣).

(٢٧)

رواية ابن بطّة

رواه في كتاب ( الإبانة ) ، فقد تقدّم عن ابن شهر آشوب قوله : « قد روى

__________________

(١) الأنساب ٧ / ٩٦.

(٢) العبر ٣ / ٣٣.

(٣) الكامل في التاريخ ٩ / ١٢٨.


حديث الطير جماعة منهم : الترمذي في جامعه ، وأبو نعيم في حلية الأولياء ... ورواه ابن بطة في الإبانة من طريقين ».

ترجمته

وابن بطّة العكبري من كبار محدّثي أهل السنّة الثقات ، وسنذكر ترجمته في مجلّد حديث التشبيه.

ومن مصادر ترجمته :

١ ـ تاريخ بغداد ١٠ / ٣٧١.

٢ ـ سير أعلام النبلاء ١٦ / ٥٢٩.

٣ ـ تاريخ ابن كثير ١١ / ٣٢١.

٤ ـ العبر ٣ / ٣٥.

٥ ـ شذرات الذهب ٣ / ١٢٢.

وقد عنونه الذهبي بقوله : « ابن بطة الإمام القدوة ، العابد الفقيه المحدث ، شيخ العراق ، أبو عبد الله ، عبيد الله بن محمّد بن محمّد بن حمدان العكبري الحنبلي ، ابن بطة ، مصنف كتاب : الإبانة الكبرى ، في ثلاث مجلدات ».

ويذكر ان ابن بطة من شيوخ المشايخ السبعة الذين يتباهى والد ( الدهلوي ) باتّصال أسانيده بهم.

ويكفي لإثبات جلالته اعتماد ابن تيميّة المتعصّب العنيد على روايته في كتابه ( المنهاج ).


(٢٨)

رواية أبي بكر النجّار

قال المحبّ الطبري : « وخرّجه النجّار عنه وقال : قدمت لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم طائر ، فسمّى فأكل لقمة وقال : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك وإليّ ، فأتى علي فضرب الباب فقلت : من أنت؟ قال : علي ، قلت : إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على حاجة ، ثم أكل لقمة وقال مثل الأول ، فضرب علي فقلت : من أنت؟ قال : علي ، قلت : إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على حاجة ، ثمّ أكل لقمة وقال مثل ذلك ، قال : فضرب علي ورفع صوته ، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : يا أنس ، افتح الباب ، قال : فدخل ، فلمّا رآه النبي صلّى الله عليه وسلّم تبسّم وقال : الحمد لله الذي جعلك ، فإنّي أدعو في كل لقمة أن يأتيني الله بأحبّ الخلق إليه وإليّ ، فكنت أنت ، قال : فو الذي بعثك بالحقّ نبيا ، إني لأضرب الباب ثلاث مرّات ويردني أنس ، قال : فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : لم رددته؟ قال : كنت أحبّ معه رجلا من الأنصار ، فتبسم النبي صلّى الله عليه وسلّم وقال : ما يلام الرجل على حبّ قومه » (١).

وستعلم ذلك من ( ذخائر العقبى ) و ( توضيح الدلائل ) و ( الروضة الندية ) أيضا.

ترجمته

الخطيب : « محمّد بن عمر بن بكر (٢) بن ود بن وداد ، أبو بكر النجّار ، جار

__________________

(١) الرياض النضرة ٢ / ١١٤ ـ ١١٥.

(٢) في العبر ٢ / ٢٦٧ : « بكير ».


أبي القاسم بن بشران ، في الجانب الشرقي ، بدرب الديوان.

سمع : أبا بكر ابن خلاد النصيبي ، وأبا بحر بن كوثر البر بهاري ، وأبا إسحاق المزكّي ، وأحمد بن جعفر بن سلم ، وأبا بكر ابن مالك القطيعي ، والحسن بن أحمد الشماخي الهروي ، ومحمّد بن يوسف بن يعقوب الصواف ، وأبا الحسن بن مقسم ، وجماعة نحوهم.

كتبت عنه ، وكان شيخا مستورا ثقة ، من أهل القرآن.

قرأ على البزوردي ـ صاحب أحمد بن فرج ـ وسمعته يقول : « ولدت لثمان خلون من شوال سنة ٣٤٦ ، ومات في يوم الخميس الثالث من شهر ربيع الأول ، سنة ٤٣٢. ودفن من الغد في مقبرة الخيزران » (١).

(٢٩)

رواية الحاكم

وتصنيفه في جمع طرقه

رواه في كتاب ( المستدرك على الصحيحين ) ، ونصّ على أنّه صحيح على شرط الشيخين ، وأضاف بأنّه « قد رواه عن أنس جماعة من أصحابه زيادة على ثلاثين نفسا » قال : « ثمّ صحّت الرواية عن علي وأبي سعيد الخدري وسفينة » ...

وقد أحرق الحاكم بذلك قلوب منكري هذا الحديث الشريف ، ولله الحمد على وضوح الحق جهرة مرة بعد أخرى ... وإليك نصّ كلامه.

« حدثني أبو علي الحافظ ، أنبأنا أبو عبد الله محمّد بن أحمد بن أيوب الصفار وحميد بن يوسف بن يعقوب الزيّات قالا : ثنا محمّد بن أحمد بن عياض

__________________

(١) تاريخ بغداد ٣ / ٣٩.


ابن أبي طيبة ، ثنا يحيى بن حسان ، عن سليمان بن بلال ، عن يحيى بن سعيد ، عن أنس بن مالك ـ 2 ـ قال : كنت أخدم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، فقدّم لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم فرخ مشوي فقال : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطائر قال فقلت : اللهم اجعله رجلا من الأنصار ، فجاء علي 2 فقلت : إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على حاجة ، ثمّ جاء فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : افتح ، فدخل فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : ما حملك على ما صنعت؟ فقلت : يا رسول الله ، سمعت دعائك فأحببت أن يكون رجلا من قومي ، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : إن الرجل قد يحبّ قومه.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ، وقد رواه عن أنس جماعة من أصحابه زيادة على ثلاثين نفسا ، ثمّ صحّت الرواية عن علي وأبي سعيد الخدري وسفينة.

وفي حديث ثابت البناني عن أنس زيادة ألفاظ ، كما حدّثنا به الثقة المأمون أبو القاسم الحسن بن محمّد بن الحسين بن إسماعيل بن محمّد بن الفضل بن علية بن خالد السكوني ـ بالكوفة من أصل كتابه ـ ثنا عبيد بن كثير العامري ، ثنا عبد الرحمن بن دبيس.

وحدّثنا أبو القاسم ، ثنا محمّد بن عبد الله بن سليمان الحضرمي ، ثنا عبد الله بن عمر بن أبان بن صالح قالا : ثنا إبراهيم بن ثابت البصري القصار ، ثنا ثابت البناني : إن أنس بن مالك ـ 2 ـ كان شاكيا فأتاه محمّد بن الحجاج يعوده في أصحاب له ، فجرى الحديث حتى ذكروا عليا ـ 2 ـ فتنقّصه محمّد بن الحجاج ، فقال أنس : من هذا؟ أقعدوني ، فأقعدوه فقال : يا ابن الحجاج أراك تنقّص علي بن أبي طالب! والذي بعث محمّدا ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ بالحق ، لقد كنت خادم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بين يديه ، وكان كلّ يوم يخدم بين يدي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم


غلام من أبناء الأنصار ، وكان ذلك اليوم يومي ، فأتت أمّ أيمن مولاة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بطير ، فوضعته بين يدي رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ ، فقال رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ : يا امّ أيمن ما هذا الطائر؟ قالت : هذا الطائر أصبته فصنعته لك.

فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : اللهم جئني بأحبّ خلقك إليك وإليّ يأكل معي من هذا الطائر ، وضرب الباب فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : يا أنس ، فانظر من على الباب ، فقلت : اللهم اجعله رجلا من الأنصار ، فذهبت فإذا علي بالباب ، قلت : إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على حاجة ، فجئت حتى قمت مقامي ، فلم ألبث أن ضرب الباب فقال : يا أنس انظر من على الباب ، فقلت : اللهم اجعله رجلا من الأنصار ، فذهبت فإذا علي بالباب ، قلت : إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على حاجة ، فجئت حتى قمت مقامي ، فلم ألبث أن ضرب الباب ، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : يا أنس ، اذهب فأدخله ، فلست بأوّل رجل أحبّ قومه ، ليس هو من الأنصار. فذهبت فأدخلته فقال : يا أنس قرّب إليه الطير ، قال : فوضعته بين يدي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، فأكلا جميعا.

قال محمّد بن الحجاج : يا أنس كان هذا بمحضر منك؟ قال : نعم ، قال : اعطي الله عهدا أن لا أنتقص عليا بعد مقامي هذا ، ولا أعلم أحدا ينتقصه إلاّ أشبت له وجهه » (١).

هذا ، وعن محمّد بن طاهر المقدسي : « قال أبو عبد الله الحاكم : حديث الطائر لم يخرّج في الصحيح ، وهو صحيح » (٢).

__________________

(١) المستدرك على الصحيحين ٣ / ١٣٠.

(٢) المنتظم ٧ / ٢٧٥ ترجمة الحاكم ـ حوادث ٤٠٥.


كلام الحاكم في كتاب الطّير

وقد نصّ على أنّ الحديث من الأحاديث الصحاح المشهورة الكثيرة الطّرق والأسانيد حيث قال : « فربّ حديث مشهور لم يخرّج في الصحيح ، من ذلك قوله 6 : طلب العلم فريضة ... الخوارج كلاب النار ... فكلّ هذه الأحاديث مشهورة بأسانيدها وطرقها ، وأبواب يجمعها أصحاب الحديث ، وكلّ حديث منها تجمع طرقه في جزء أو جزءين ... ومن الطوالات المشهورة التي لم تخرج في الصحيح : حديث الطير » (١).

وقد كان هذا ممّا دعا الحاكم إلى تأليف كتاب مفرد ، قال :

« جمع الأبواب التي يجمعها أصحاب الحديث ... وأنا أذكر ... الأبواب التي جمعتها وذاكرت جماعة من المحدثين ببعضها ، فمن هذه الأبواب : قصّة الخوارج ، لا تذهب الأيّام والليالي ، قصة الغار ، من كنت مولاه ... لأعطينّ الراية ، قصة المخدّج ، قصة الطير ... أنت مني بمنزلة هارون من موسى ... تقتل عمّارا الفئة الباغية » (٢).

وقد كان كتابه كتابا ضخما ، قال محمّد بن طاهر : « ورأيت أنا حديث الطير جمع الحاكم بخطّه في جزء ضخم ، فكتبته للتعجّب! » (٣).

وقد أخرج هذا الحديث ـ في كتابه ـ عن أنس بن مالك عن ستة وثمانين رجلا ، قال الحافظ محمّد بن يوسف الكنجي : « وحديث أنس الذي صدّرته في أول الباب خرّجه الحاكم أبو عبد الله الحافظ النيسابوري ، عن ستة وثمانين رجلا ، كلّهم رووه عن أنس ، وهذا ترتيبهم على حروف المعجم :

__________________

(١) علوم الحديث : ١١٤.

(٢) علوم الحديث : ٣١٠.

(٣) سير أعلام النبلاء ١٧ / ١٧٦.


إبراهيم بن هدبة ، أبو هدبة.

وإبراهيم بن مهاجر أبو إسحاق البجلي.

وإسماعيل بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب.

وإسماعيل بن عبد الرحمن السدّي.

وإسماعيل بن سلمان بن المغيرة الأزرق.

وإسماعيل بن وردان.

وإسماعيل بن سليمان.

وإسماعيل ـ غير منسوب ـ من أهل الكوفة.

وإسماعيل بن سليمان التيمي.

وإسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة.

وأبان بن أبي عيّاش أبو إسماعيل.

وبسّام الصيرفي الكوفي.

وبرذعة بن عبد الرحمن ، وثابت بن أسلم البنانيان.

وثمامة بن عبد الله بن أنس.

وجعفر بن سليمان الضبعي.

وحسن بن أبي حسن البصري.

وحسن بن الحكم البجلي.

وحميد بن تيرويه الطّويل.

وخالد بن عبيد أبو عصام.

والزبير بن عدي.

وزياد بن محمّد الثقفي.

وزياد بن ثروان.

وسعيد بن المسيب.

وسعيد بن ميسرة البكري.


وسليمان بن طرخان التيمي.

وسليمان بن مهران الأعمش.

وسليمان بن عامر بن عبد الله بن عبّاس.

وسليمان بن الحجاج الطائفي.

وشقيق بن أبي عبد الله.

وعبد الله بن أنس بن مالك.

وعبد الملك بن عمير.

وعبد الملك بن أبي سليمان.

وعبد العزيز بن زياد.

وعبد الأعلى بن عامر الثعلبي.

وعمر بن أبي حفص الثقفي.

وعمر بن سليم البجلي.

وعمر بن يعلى الثقفي.

وعثمان الطويل.

وعلي بن أبي رافع.

وعامر بن شراحيل الشعبي.

وعمران بن مسلم الطائي.

وعمران بن هيثم.

وعطيّة بن سعد العوفي.

وعبّاد بن عبد الصمد.

وعيسى بن طهمان.

وعمّار بن معاوية الدّهني.

وفضيل بن غزوان.

وقتادة بن دعامة.


وكلثوم بن جبر.

ومحمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الباقر.

ومحمّد بن مسلم الزهري.

ومحمّد بن عمرو بن علقمة.

ومحمّد بن عبد الرحمن أبو الرجال.

ومحمّد بن خالد بن المنتصر الثقفي.

ومحمّد بن سليم.

ومحمّد بن مالك الثقفي.

ومحمّد بن جحادة.

ومطير بن أبي خالد.

ومعلى بن هلال.

وميمون بن أبي خلف.

وميمون ـ غير منسوب ـ.

ومسلم الملاّئي.

ومطر بن طهمان الورّاق.

وميمون بن مهران.

ومسلم بن كيسان.

وميمون بن جابر السلمي.

وموسى بن عبد الله الجهني.

ومصعب بن سليمان الأنصاري.

ونافع مولى عبد الله بن عمر.

ونافع أبو هرمز.

وهلال بن سويد.

ويحيى بن سعيد الأنصاري.


ويحيى بن هاني.

ويوسف بن إبراهيم ويوسف أبو شيبة ـ وقيل : هما واحد ـ.

ويزيد بن سفيان.

ويعلى بن مرّة.

ونعيم بن سالم.

وأبو الهندي.

وأبو مليح.

وأبو داود السبيعي.

وأبو حمزة الواسطي.

وأبو حذيفة العقيلي.

ورجل من آل عقيل.

وشيخ ـ غير منسوب ـ » (١).

* وممّا رواه الحاكم في كتاب الطير حديث مناشدة أمير المؤمنين 7 أهل الشورى بعدّة من فضائله الباهرة ، ومنها حديث الطير ، قال الكنجي :

« روي عن عامر بن واثلة أبو الطفيل قال : كنت يوم الشّورى على الباب ، وعلي يناشد عثمان ، وطلحة ، والزّبير ، وسعدا ، وعبد الرحمن ـ بعدّة من فضائله ـ منها ردّ الشّمس.

كما أخبرنا أبو بكر بن الخازن ، أخبرنا أبو زرعة ، أخبرنا أبو بكر بن خلف الحاكم ، أخبرنا أبو بكر بن أبي دارم الحافظ بالكوفة ـ من أصل كتابه ـ حدّثنا منذر بن محمّد بن منذر ، حدّثنا أبي ، حدّثنا عمّي ، حدّثنا أبي ، عن أبان بن تغلب ، عن عامر بن واثلة قال : كنت على الباب يوم الشورى وعلي في البيت

__________________

(١) كفاية الطالب : ١٤٤.


يقول :

استخلف أبو بكر وأنا في نفسي أحق بها منه ، فسمعت وأطعت ، واستخلف عمر وأنا في نفسي أحق بها منه ، فسمعت وأطعت ، وأنتم تريدون أن تستخلفوا عثمان ، إذا لا أسمع ولا أطيع ، جعل عمر في خمسة أنا سادسهم لا يعرف لهم فضل ، أما ـ والله ـ لأحاجنّهم بخصال لا يستطيع عربيّهم ولا عجميّهم المعاهد منهم والمشرك أن ينكر منها خصلة :

أنشدكم بالله ـ أيها الخمسة ـ أمنكم أخو رسول الله صلّى الله عليه وسلّم غيري؟ قال : لا.

قال : أمنكم أحد له أخ مثل أخي ، المزيّن بجناحين يطير مع الملائكة في الجنّة؟ قالوا : لا.

قال : أمنكم أحد له زوجة مثل زوجتي فاطمة سيدة نساء الامة؟

قالوا : لا.

قال : أمنكم أحد له سبطان مثل الحسن والحسين سبطي هذه الامة ابني رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، غيري؟ قالوا : لا.

قال : أمنكم أحد قتل مشركي قريش ، قبلي؟ قالوا : لا.

قال : أمنكم أحد ردّت عليه الشمس بعد غروبها حتى صلّى العصر ، غيري؟ قالوا : لا.

قال : أمنكم أحد قال له رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ـ حين قرّب إليه الطير فأعجبه ـ : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطير ، فجئت وأنا أعلم ما كان من قول النبي صلّى الله عليه وسلّم فدخلت ، قال : وإليّ يا رب ، وإليّ يا رب ، غيري؟ قالوا : لا.

هكذا رواه الحاكم في كتابه بجمع طرق حديث الطير ، وناهيك به


راوياً » (١).

ترجمته

وإليك قائمة بأسماء مصادر ترجمة الحاكم الحافلة بالتعظيم والتبجيل والثناء العظيم :

١ ـ تهذيب الأسماء واللغات.

٢ ـ وفيات الأعيان ٤ / ٢٨٠.

٣ ـ تذكرة الحفاظ ٣ / ١٠٣٩.

٤ ـ تاريخ بغداد ٥ / ٤٧٣.

٥ ـ الأنساب ٢ / ٣٧٠.

٦ ـ المنتظم ٧ / ٢٧٤.

٧ ـ الوافي بالوفيات ٣ / ٣٢٠.

٨ ـ طبقات السبكي ٤ / ١٥٥.

٩ ـ طبقات القرّاء ٢ / ١٨٤.

١٠ ـ طبقات الحفّاظ : ٤٠٩.

ولا بأس بإيراد بعض الكلمات في حقه.

قال عبد الغافر ( ذيل تاريخ نيسابور ) : « أبو عبد الله الحاكم : هو إمام أهل الحديث في عصره ، العارف به حق معرفته ... ولقد سمعت مشايخنا يذكرون أيّامه ويحكون أن مقدّمي عصره ـ مثل الصعلوكي والإمام ابن فورك وسائر الأئمة ـ يقدّمونه على أنفسهم ، ويراعون حق فضيلته ، ويعرفون له الحرمة الأكيدة ».

وبعد ما أطنب في تعظيمه وتبجيله قال : « هذه جمل يسيرة ، وهو غيض

__________________

(١) كفاية الطالب في مناقب علي بن أبي طالب : ٣٦٨.


من فيض سيرته وأحواله ، ومن تأمّل كلامه في تصانيفه وتصرّفه في أماليه ونظره في طرق الحديث ، أذعن بفضله واعترف له بالمزية على من تقدّمه ، وإتعابه من بعده ، وتعجيزه اللاّحقين عن بلوغ شأنه ، عاش حميدا ولم يخلف في وقته مثله » (١).

وقال السبكي ( الطبقات ) : « ... كان إماما جليلا وحافظا حفيلا ، اتفق على إمامته وجلالته وعظمة قدره ... قال أبو حازم عمر بن أحمد بن إبراهيم العبدوي الحافظ : إن الحافظ أبا عبد الله قلّد قضاء نسأ سنة تسع وخمسين في أيام السامانيّة ووزارة العتبي ، فدخل الخليل بن أحمد السجزي القاضي على أبي جعفر العتبي فقال : هنأ الله الشيخ فقد جهّز إلى نسأ ثلاثمائة ألف حديث لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، فتهلّل وجهه ، ( قال ) : وقلّد بعد ذلك قضاء جرجان ، فامتنع.

قال : وسمعت مشيختنا يقولون : كان الشيخ أبو بكر بن إسحاق وأبو الوليد النيسابوري يرجعان إلى أبي عبد الله الحاكم في السؤال عن الجرح والتعديل وعلل الحديث وصحيحه وسقيمه ، ( قال ) : وأقمت عند الشيخ أبي عبد الله العصمي قريبا من ثلاث سنين ـ ولم أر في جملة مشايخنا أتقى منه ولا أكثر تنقيرا ـ فكان إذا أشكل عليه شيء أمرني أن أكتب إلى الحاكم أبي عبد الله ، وإذا ورد عليه جوابه حكم به وقطع بقوله.

وحكى القاضي أبو بكر الحيري : أن شيخا من الصالحين حكى أنّه رأى النبي صلّى الله عليه وسلّم في المنام ، قال : قلت يا رسول الله بلغني أنّك قلت : ولدت في زمن الملك العادل ، وإنّي سألت الحاكم أبا عبد الله عن هذا الحديث فقال : هذا كذب ولم يقله رسول الله ، فقال : صدق أبو عبد الله. قال أبو حازم ... وتفرّد الحاكم أبو عبد الله في عصرنا من غير أن يقابله

__________________

(١) ذيل تاريخ نيسابور ـ مخطوط.


أحد : بالحجاز ، والشام ، والعراقين ، والجبال ، والري ، وطبرستان ، وقومس ، وخراسان بأسرها ، وما وراء النهر ... ».

(٣٠)

رواية الخركوشي

رواه في كتابه ( شرف المصطفى ) كما علمت سابقا من عبارة ابن شهر آشوب إذ قال : « قد روى حديث الطير جماعة ، منهم : الترمذي في جامعه ، وأبو نعيم في حلية الأولياء ، والبلاذري في تاريخه ، والخركوشي في شرف المصطفى ».

ترجمته

١ ـ السمعاني : « وأما أبو سعيد عبد الملك بن أبي عثمان محمّد بن إبراهيم الواعظ الخرجوشي من أهل نيسابور : كان إماما زاهدا فاضلا عالما ، له البر وأعمال الخير ، والقيام بمصالح الناس وإيصال النفع إليهم ، سمع ببلده : أبا عمرو بن بخيد السلمي ، وجماعة كثيرة سواهم ، ورحل إلى : العراق ، والحجاز ، وديار مصر ، وأدرك الشيوخ ، وصنّف التصانيف المفيدة ... وتوفي في جمادى الاولى سنة سبع وأربع مائة » (١).

وأضاف في ( الخركوشي ) : « تفقّه في حداثة السنّ ، وتزهّد وجالس الزهّاد والمجردين ، إلى أن جعله الله خلف الجماعة ممّن تقدّمه من العباد المجتهدين والزهاد القانعين ، وتفقّه بفقه الشافعي على أبي الحسن الماسرخسي ، وسمع بالعراق بعد السبعين والثلاثمائة ، ثمّ خرج إلى الحجاز وجاور حرم الله وأمنه

__________________

(١) الأنساب ـ الخرجوشي.


مكّة ، وصحب به العباد الصالحين ، وسمع الحديث من أهلها والواردين ، وانصرف إلى نيسابور ولزم منزله ... » (١).

٢ ـ الذّهبي في حوادث سنة ٤٠٧ : « وعبد الملك بن أبي عثمان أبي سعد النيسابوري ، الواعظ القدوة ، المعروف بالخركوشي ، صنّف : كتاب الزهد ، وكتاب دلائل النبوة ، وغير ذلك. قال الحاكم : لم أر أجمع منه علما وزهدا وتواضعا وإرشادا إلى الله ، زاده الله توفيقا وأسعدنا بأيّامه. قلت : روى عن حامد الرفاء وطبقته ، وتوفي في جمادى الاولى » (٢).

٣ ـ ابن الأثير حوادث ٤١٦ : « وفيها توفي : عبد الملك بن أبي عثمان الخركوشي الواعظ النيسابوري ، وكان صالحا خيّرا ، وكان إذا دخل على محمود ابن سبكتكين يقوم ويلتقيه ، وكان محمود قد قسط على نيسابور مالا يأخذه منهم فقال له الخركوشي : بلغني أنّك تكدّي الناس وضاق صدري ، فقال : وكيف؟ قال : بلغني أنّك تأخذ أموال الضعفاء وهذه كدية ، فترك القسط وأطلقه » (٣).

٤ ـ الأسنوي : « الأستاذ الكامل ، الزاهد ابن الزاهد ، الواعظ ، من أفراد خراسان ... » (٤).

٥ ـ السّبكي : كذلك (٥).

__________________

(١) الأنساب ـ الخركوشي.

(٢) العبر ٣ / ٩٦.

(٣) الكامل ٩ / ٣٥٠.

(٤) طبقات الشافعية ١ / ٢٢٨.

(٥) طبقات الشافعية ٥ / ٢٢٢.


(٣١)

تصنيف ابن مردويه

في جمع طرق الحديث وروايته له

لقد صنّف طراز المحدّثين أبو بكر ابن مردويه الأصبهاني كتابا جمع فيه طرق حديث الطير ، جاء ذلك في كلام جماعة :

قال ابن حجر العسقلاني بترجمة إبراهيم بن ثابت القصّار : « قد جمع طرق حديث الطير ابن مردويه والحاكم وجماعة ، وأحسن شيء منها طريق أخرجه النسائي في الخصائص » (١).

وقال ابن كثير : « وقد جمع الناس في هذا الحديث مصنفات مفردة ، منهم أبو بكر ابن مردويه » (٢).

وقال ابن تيمية : « قال الحافظ أبو موسى المديني : قد جمع غير واحد من الحفّاظ طرق حديث الطير للاعتبار والمعرفة ، كالحاكم النيسابوري ، وأبي نعيم ، وابن مردويه » (٣).

وقال ابن حجر المكي في ( المنح المكية ) بعد كلام له : « فالحق ما سبق أن كثرة طرقه ـ أي كثرة طرق حديث الطير ـ صيّرته حسنا يحتج به ، ولكثرتها جدّا أخرج الحافظ أبو بكر ابن مردويه فيها جزءا ».

وقال الموفق المكي الخوارزمي : « وأخرج الحافظ ابن مردويه هذا الحديث بمائة وعشرين اسنادا » (٤).

__________________

(١) لسان الميزان ١ / ٤٢.

(٢) تاريخ ابن كثير ٧ / ٣٥٤.

(٣) منهاج السنة ٤ / ٩٩.

(٤) مقتل الحسين ١ / ٤٦.


أقول : لقد أخرجه فيه من طرق عديدة ، هذا بعضها :

« نا علي بن إبراهيم بن حمّاد قال : نا محمد بن خليد بن الحكم قال : نا محمد بن طريف قال : نا مفضل بن صالح ، عن الحسن بن الحكم ، عن أنس ابن مالك : إن النبي صلّى الله عليه وسلّم أتي بطير فقال : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك ـ ثلاثا ـ. فدق علي ، فقال : يا أنس ، افتح له ، فدخل ».

« نا فهد بن إبراهيم البصري قال : نا محمد بن زكريا قال : نا العباس بن بكار الضبي قال : نا عبد الله بن المثنى الأنصاري ، عن عمّه ثمامة بن عبد الله ، عن أنس بن مالك : إن ام سلمة صنعت لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم طيرا ـ أو اضباعا ـ فبعثت به إليه ، فلمّا وضع بين يديه قال : اللهم جئني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطائر ، فجاء علي بن أبي طالب ، فقال له أنس : إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على حاجة ، فرجع علي ( فدعا النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال : اللهم جئني بأحبّ خلقك يأكل معي من هذا الطائر ، فجاء علي بن أبي طالب ، فقال له أنس : إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على حاجة ، فرجع علي. ظ ) واجتهد النبي في الدعاء قال : اللهم جئني بأحبّ خلقك إليك وأوجههم عندك ، فجاء علي ، فقال له أنس : إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على حاجة ، قال أنس : فرفع علي يده فوكز في صدري ثم دخل ، فلمّا نظر إليه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قام قائما فضمّه إليه قال : يا رب وإليّ يا ربّ وإليّ. ما أبطأ بك يا علي؟ قال : يا رسول الله ، قد جئت ثلاثا كلّ ذلك يردّني أنس ، قال أنس : فرأيت الغضب في وجه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وقال : يا أنس ما حملك على ردّه؟ قلت : يا رسول الله سمعتك تدعو فأحببت أن تكون الدعوة في الأنصار ، قال : لست بأوّل رجل أحبّ قومه ، أبى الله ـ يا أنس ـ إلاّ أن يكونه ابن أبي طالب ».

« نا محمد بن الحسين قال : حدّثنا أحمد بن محمد بن عبد الرحمن قال : نا علي بن الحسن السّمالي قال : حدّثني محمد بن الحسن بن الجهم ، عن


عبد الله بن ميمون ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عن أنس قال : اهدي لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم طير ، فأعجبه ، فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك وإليّ يأكل معي من هذا الطير ، قال أنس قلت : اللهم اجعله رجلا منّا حتى نشرف به ، قال : فإذا علي ، فلمّا أن رأيته حسدته فقلت : النبي صلّى الله عليه وسلّم مشغول ، فرجع ، قال : فدعا النبي صلّى الله عليه وسلّم الثانية ، فأقبل علي كأنّما يضرب بالسّياط ، فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم : افتح افتح ، فدخل فسمعته يقول : اللهم وإليّ ، حتى أكل معه من ذلك الطير » (١).

__________________

(١) قال الميلاني : وهذه الأحاديث الثلاثة أوردها ابن الجوزي عن ابن مردويه في كتابه ( العلل المتناهية في الأحاديث الواهية ١ / ٢٣٤ ) والذي نحن بصدده ـ الآن ـ ذكر رواة حديث الطّير وأسانيدهم ، ولسنا في مقام مناقشة الأقوال ، إلاّ أن تعصّب ابن الجوزي يضطّرنا إلى أن نتعقّب بعض كلامه ، لتبيّن حقيقة الحال ، وعليه فقس ما سواه.

قال ابن الجوزي ـ بعد الحديث الثاني من الأحاديث الثلاثة المذكورة ـ : « قال المصنف : في هذا الحديث ( عبد الله بن المثنى ) وكان ضعيفا. وفيه ( العباس بن بكّار ) قال الدار قطني : هو كذّاب ».

فنقول :

إن ابن الجوزي لم يطعن في هذا السّند إلاّ من جهة ( عبد الله بن المثنى ) و ( العباس بن بكّار ) لكنّ :

الأوّل : من رجال : البخاري والترمذي وابن ماجة كما بترجمته من ( تهذيب التهذيب ٥ / ٣٣٨ ) وقال : « قال ابن معين ـ في رواية إسحاق بن منصور ـ وأبو زرعة وأبو حاتم : صالح ، زاد أبو حاتم : شيخ » ثمّ نقل ثقته عن : ابن حبان والعجلي والترمذي والدّار قطني. وهذا القدر يكفي للاحتجاج به ، لا سيّما كلام أبي حاتم ، بالنظّر إلى ما سننقله عن الذّهبي.

وأمّا الثاني ، فإنّه وإن أورده الذهبي في ( الميزان ٢ / ٣٨٢ ) ونقل عن الدار قطني قوله « كذّاب » فقد أوضح العلّة في رميه بالكذب بقوله : « قلت : اتهم بحديثه عن خالد بن عبد الله ، عن بيان ، عن شعبة ، عن أبي جحيفة ، عن علي ـ مرفوعا ـ إذا كان يوم القيامة نادى مناد : يا أهل الجمع غضّوا أبصاركم عن فاطمة حتى تمرّ على الصراط إلى الجنّة.

وقال العقيلي : الغالب عن حديثه الوهم والمناكير » فذكر حديثاً.


هذا ، وسيأتي عن أخطب خوارزم رواية ابن مردويه حديث مناشدة الإمام 7 في الشورى ، المشتمل على حديث الطير ، مع جملة من فضائله عليه الصلاة والسلام.

ترجمته

وابن مردويه من أعلام الحفّاظ المشاهير ، تجد الثناء العظيم عليه في :

١ ـ تذكرة الحفّاظ ٣ / ١٠٥٠.

٢ ـ سير أعلام النبلاء ١٧ / ٣٠٨.

٣ ـ الوافي بالوفيات ٨ / ٢٠١.

٤ ـ طبقات المفسرين ١ / ٩٣.

__________________

ثمّ زعم الاتحاد بينه وبين « العباس بن الوليد بن بكار » الذي عنونه ابن حبان وجعل من أباطيله : « عن خالد بن أبي عمرو الأزدي ، عن الكلبي ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة قال : مكتوب على العرش : لا إله إلاّ الله وحدي ، محمّد عبدي ورسولي ، أيّدته بعلي » ومن مصائبه : « حدثنا عبد الله بن زياد الكلابي عن الأعمش ، عن زر ، عن حذيفة ـ مرفوعا ـ في المهدي ، فقال سلمان : يا رسول الله ، من أي ولدك؟ قال : من ولدي هذا ، وضرب بيده على الحسين ».

أقول :

كأنّ الرجل يستكثر مثل هذا النداء في حق فاطمة الزهراء بضعة النبيّ 6 ، فيرى مثل هذا الخبر كذبا فيتّهم الرّاوي له!!.

والجدير بالالتفات هنا أنّ الذهبي لا يذكر قدحا للرجل إلاّ هذا ، ولو كان هناك جرح من أحد الأئمة كيحيى بن معين وأبي حاتم وأمثالهما لأورده ، لكنّه تعنّت ولم يذكر كلمة أبي حاتم المادحة له : قال ابن أبي حاتم في ( الجرح والتعديل ٦ / ٢١٦ ) : « عباس بن بكّار الضبيّ أبو الوليد ، بصري ، روى عن أبي بكر الهذلي ، وحماد بن سلمة ، وسعيد بن زربي. سمع منه أبي بالبصرة أيّام الأنصاري. نا عبد الرحمن قال : سئل أبي عنه فقال : شيخ ».

فإذا عرفنا علّة القدح وأنّها واهية ، بقي هذا المدح بلا معارض. وعلى فرض التنزّل تقدّم كلام أبي حاتم إذ لا يعارض قول الدار قطني قوله ، وعلى فرض التكافؤ تقدّم قول : أبي حاتم لقول الذهبي نفسه : « إذا وثّق أبو حاتم رجلا فتمسّك بقوله ، فإنّه لا يوثّق إلاّ رجلا صحيح الحديث » سير أعلام النبلاء ١٣ / ٢٤٧.


٥ ـ طبقات الحفّاظ : ٤١٢.

٦ ـ العبر ٣ / ١٠٢.

٧ ـ تاريخ أصبهان ١ / ١٦٨.

٨ ـ النجوم الزاهرة ٤ / ٢٤٥.

قال الذهبي في ( السّير ) ما ملخّصه : « ابن مردويه ـ الحافظ المجود العلاّمة ، محدّث أصبهان ، قال أبو بكر بن أبي علي ـ وذكر أبا بكر ابن مردويه ـ هو أكبر من أن تدل عليه وعلى فضله وعلمه وسيره ، وأشهر بالكثرة والثقة من أن يوصف حديثه.

وكان من فرسان الحديث ، فَهِما يَقِظا متقنا ، كثير الحديث جدّا ، ومن نظر في تواليفه عرف محلّه من الحفظ ».

(٣٢)

تصحيح القاضي عبد الجبّار

لقد أثبت القاضي عبد الجبّار بن أحمد الهمداني حديث الطير وذكر رجوع الشيخ أبي عبد الله البصري إلى هذا الحديث لإثبات أفضليّة أمير المؤمنين عليه الصلاة والسّلام ، فقد قال أبو محمد الحسن بن أحمد بن متّويه في ( المجموع المحيط بالتكليف ) ـ وهو في الأصل تصنيف القاضي ـ ما نصّه :

« وقد ذكر ـ يعني قاضي القضاة ـ في الكتاب إنه قد يستعمل لفظ الفضل فيما لا يتعلق بفعل العبد واختياره ، كنحو تفضيل العاقل على غيره ، وتفضيل الشجاع على غيره ، وتفضيل من له نسب مخصوص على من ليس له ذلك النسب ، وليس هذا هو المقصود بهذه المسألة ، فإنّا نتكلم في الفضل الذي يقتضي مدحا وتعظيما في الدين ، فهذا لا بدّ من تعلّقه باختيار الفاضل ووقوفه على فعله ، وفي هذا الباب خاصّة يجوز وقوع الخلاف بين العلماء دون الأول.


وإذا كان كذلك وقف العلم بالقطع على الأفضل على سمع وارد به ، لأنّه لا مجال للعقل فيه ، وعلى هذا لا يصح الرجوع في إثبات الأفضل إلى عدّ الفضائل ، لأنّ تلك الأفعال تختلف مواقعها بحسب ما ينضاف عليها من النيّات والقصود ، وذلك مما هو عنّا مغيب ، فلا يمكن القضاء بفعل أحد والقطع على ثوابه فضلا عن تفضيله على غيره ، فيجب الاعتماد في ذلك على السمع ، فلهذا رجع الشيخ أبو عبد الله إلى خبر الطير ، لأنّه قد دلّ بظاهره على ثبوته أفضل في الحال ، وكل من أثبته في تلك الحال أفضل قضى باستمرار هذه القضية فيه ، وهكذا خبر المنزلة لأنّها إذا لم يرد بها ما يتّصل بالإمامة فيجب أن نريد به الفضل الذي يلي هارون فيه موسى 8 ، وأراد بعضهم إثباته في غالب الظنّ بالرجوع إلى أمارات مخصوصة من نحو ما انتشر عنه من الزّهد والعبادة والعناء في الحرب والسبق إلى الإسلام وغير ذلك ، فهذا غير ممنوع ، وإليه ذهب بعض الشيوخ الذين آثروا الموازنة ... ».

فظهر من هذا الكلام أنّ الشيخ أبا عبد الله البصري يرى ثبوت حديث الطير ، ويعتقد بدلالته على أفضليّة أمير المؤمنين 7.

كما أن قاضي القضاة عبد الجبار نفسه يرى صحّة حديث الطير أيضا فقد قال ابن شهر آشوب : « قال القاضي عبد الجبار : قد صح عندي حديث الطّير ، وقال أبو عبد الله البصري : إن طريقة أبي علي الجبائي في تصحيح الأخبار يقتضي القول بصحة هذا الخبر ، لا يراده يوم الشورى فلم ينكر أحد » (١).

أقول : وجاء في كتاب ( المغني ) ما نصّه : « فصل ـ فيما يدلّ قطعا على أنّ أمير المؤمنين أفضل : قد استدلّ شيخنا أبو عبد الله على ذلك بأمور ، واستدلّ بها الإسكافي ، لكنّه في نصرته بلغ ما لم يبلغه ، فمن ذلك قوله 7 ـ وقد أهدي إليه طير مشوي ـ : اللهم أدخل إليّ أحبّ أهل الأرض إليك يأكل

__________________

(١) مناقب آل أبي طالب ٢ / ٢٨٢.


معي ، فدخل علي 7. وفي خبر آخر : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك فإذا علي 7 قد جاء. وفي بعض الأخبار : اللهم إن كان أحب خلقك إليك فهو أحبّ خلقك إليّ ـ ثلاثا ـ قال : روى ذلك : أنس ، وسعد بن أبي وقاص ، وأبو رافع مولى النبي ، وصفيّه (١) ، وابن عبّاس.

فاستدلّ على صحة ذلك بطريقين :

أحدهما : إن هذه الأخبار كانت مشهورة بين الصحابة ، لم يختلفوا في قبولها ، مع وقوع الكلام بينهم في التفضيل ، ولم يقع من أحدهم الردّة والنكير ، ولم يجروه مجرى أخبار الآحاد.

والثاني : إنّ أمير المؤمنين أنشد ذلك أهل الشورى ، مع سائر الفضائل ، وقام به خطيبا عليهم ، ومعرّفا حالهم ، فأقرّوا بذلك.

فكما ظهر فيهم ظهر في غيرهم ، فلم ينكروا كلا الوجهين.

فدلّ على صحّة الخبر » (٢).

ترجمته

١ ـ الخطيب : « سمع علي بن إبراهيم بن سلمة القزويني و ... وكان ينتحل مذهب الشافعي في الفروع ومذاهب المعتزلة في الأصول ، وله في ذلك مصنفات ، وولي قضاء القضاة بالري ، وورد بغداد حاجّا وحدّث بها ، حدثنا عنه ...

مات عبد الجبار بن أحمد قبل دخولي الري في رحلتي إلى خراسان ، وذلك في سنة ٤١٥ » (٣).

__________________

(١) كذا ، ولعلّه « سفينة ».

(٢) المغني ج ٢٠ / ق ٢ ص ١٢٢.

(٣) تاريخ بغداد ١١ / ١١٣.


٢ ـ الرافعي : « الخامس : عبد الجبّار بن أحمد بن عبد الجبار بن أحمد ابن خليل بن عبد الله الأسدآبادي ، قاضي القضاة ، أبو الحسن ، تولّى القضاء : بالري ، وقزوين ، وأبهر ، وزنجان ، وسهرورد ، وقم ، ودنباوند ، وغيرها ، وهذه نسخة عهده حين استقضي في هذه البلاد ، أنشأه الصّاحب إسماعيل بن عباد ... » ثمّ أورد متن العهد ، وهو يشتمل على أوصاف جليلة له ... » (١).

٣ ـ السبكي : « ... وهو الذي تلقّبه المعتزلة قاضي القضاة ، ولا يطلقون هذا اللقب على سواه ولا يعنون به عند الإطلاق غيره ، كان إمام أهل الاعتزال في زمانه ، وكان ينتحل مذهب الشّافعي في الفروع ، وله التصانيف السائرة والذكر الشائع بين الأصوليين ، عمّر دهرا طويلا حتى ظهر له الأصحاب ، وبعد صيته ، ورحلت إليه الطّلاب ... » (٢).

وأنظر :

١ ـ الأنساب ١ / ٢٢٥.

٢ ـ المختصر في أخبار البشر ٢ / ١٦٢.

٣ ـ مرآة الجنان ٣ / ٢٩.

٤ ـ طبقات المفسرين ١ / ٢٥٦.

٥ ـ دول الإسلام ١ / ٢٤٧.

٦ ـ شذرات الذهب ٣ / ٢٠٢.

__________________

(١) التدوين بذكر أهل العلم بقزوين ٣ / ١١٩.

(٢) طبقات السبكي ٥ / ٩٧.


(٣٣)

رواية أبي نعيم الأصبهاني

وتصنيفه في هذا الحديث

لقد جمع أبو نعيم الأصبهاني طرق حديث الطّير في مصنّف منفرد ، فقد قال ابن تيميّة : « قال الحافظ أبو موسى المديني : قد جمع غير واحد من الحفاظ طرق حديث الطير للاعتبار والمعرفة : كالحاكم النيسابوري ، وأبي نعيم ، وابن مردويه » (١).

أقول : ومن روايات هذا الكتاب ما يلي : « نا علي بن حميد الواسطي ، نا أسلم بن سهل قال : نا محمد بن صالح بن مهران قال : نا عبد الله بن محمد ابن عمارة قال : سمعت من مالك بن أنس.

ح عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس : قال : بعثتني ام سليم إلى رسول الله بطير مشوي ـ ومع أرغفة من شعير ـ فأتيته به فوضعته بين يديه ، فقال : يا أنس ادع لنا من يأكل معنا هذا الطير ، اللهم ائتنا بخير خلقك ، فخرجت فلم يكن بي همة إلاّ رجل من أهلي آتيه فأدعوه ، فإذا أنا بعلي بن أبي طالب ، فدخلت فقال : أما وجدت أحدا؟ فقلت : لا ، قال : انظر ، فنظرت فلم أجد أحدا إلاّ عليا ، ففعلت ذلك ثلاث مرات ، فرجعت فقلت : هذا علي ابن أبي طالب فقال : ائذن له ، اللهم وإليّ ، اللهم وإليّ ».

وقال أبو نعيم ، بترجمة ابن أبي ليلى : « حدّثنا محمّد بن المظفر قال : ثنا زيد بن محمّد قال : ثنا أحمد بن محمّد بن الحميم قال : نا رجا بن الجارود أبو

__________________

(١) منهاج السنّة ٤ / ٩٩.


المنذر قال : ثنا سليمان بن محمّد المباركي قال : ثنا محمّد بن جرير الصنعاني ـ وأثنى عليه خيرا ـ قال : ثنا شعبة ، عن الحكم ، عن ابن أبي ليلى ، عن سعد ابن أبي وقاص قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : في علي بن أبي طالب ثلاث خصال : لأعطينّ الراية غدا رجلا يحبّ الله ورسوله ، وحديث الطير ، وحديث غدير خم.

غريب من حديث شعبة والحكم ، ما كتبناه إلاّ من هذا الوجه » (١).

وقال أبو نعيم :

« حدّثنا علي بن حميد الواسطي ، ثنا أسلم بن سهل ، ثنا محمّد بن صالح ابن مهران ، ثنا عبد الله بن محمّد بن عمارة القداحي ثمّ السعدي قال : سمعت هذا من مالك بن أنس سماعا يحدّثنا به عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ، عن أنس قال : بعثتني ام سليم إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بطير مشوي ـ ومعه أرغفة من شعير ـ ، فأتيته به ، فوضعته بين يديه ، فقال : يا أنس ، ادع لنا من يأكل معنا من هذا الطير ، اللهم آتنا بخير خلقك ، فخرجت فلم تكن لي همة إلاّ رجل من أهلي آتيه فأدعوه ، فإذا أنا بعلي بن أبي طالب ، فدخلت ، فقال : أما وجدت أحدا؟ قلت : لا ، قال : انظر ، فنظرت فلم أجد أحدا إلاّ عليا ، ففعلت ذلك ثلاث مرّات ، ثمّ خرجت فرجعت فقلت : هذا علي بن أبي طالب يا رسول الله ، فقال : ائذن له ، اللهم وال ، اللهم وال ، وجعل يقول ذلك بيده ، وأشار بيده اليمنى يحرّكها.

غريب من حديث مالك وإسحاق. رواه الجم الغفير عن أنس. وحديث مالك لم نكتبه إلاّ من حديث القداحي ، تفرّد به » (٢).

__________________

(١) حلية الأولياء ٤ / ٣٥٦.

(٢) حلية الأولياء ٦ / ٣٣٩.


وقال أبو نعيم :

حدثنا أبو بكر الطلحي ومحمّد بن عبد الله الكاتب قالا : ثنا محمّد بن عبد الله الحضرمي ، ثنا الحسن بن حماد ، ثنا مسهر بن عبد الملك بن سلع ، عن عيسى بن عمر ، عن إسماعيل السدّي ، عن أنس : إن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان عنده طائر فقال : اللهم ائتني بأحبّ خلقك يأكل معي من هذا الطير ، فجاء علي فأذن له ، فأكل معه » (١).

وقال :

« حدثنا أبو بكر ابن خلاّد ، ثنا محمّد بن هارون بن مجمّع ، ثنا الحجاج ابن يوسف بن قتيبة ، ثنا بشر بن الحسين ، عن الزبير بن عدي ، عن أنس بن مالك قال : اهدي إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم طير مشوي ، فلمّا وضع بين يديه قال : اللهم ائتني بأحبّ خلقك يأكل معي من هذا الطير ، فقرع الباب فقلت : من هذا؟ فقال : علي ، فقلت : إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على حاجة. الحديث » (٢).

كتاب « حلية الأولياء »

وكتاب ( حلية الأولياء ) من أشهر كتب أبي نعيم الأصبهاني وأحسنها ، وهو من مرويّات السيوطي والثعالبي وغيرهما ، كما علمت سابقا ، وقال ابن خلكان بترجمته :

« وكتابه الحلية من أحسن الكتب » (٣).

__________________

(١) تاريخ أصبهان ١ / ٢٠٥.

(٢) تاريخ أصبهان ١ / ٢٣٢.

(٣) وفيات الأعيان ١ / ٩١.


وقال الذهبي : « صنّف التصانيف الكبار المشهورة في الأقطار » (١).

وقال السبكي : « قال حمزة بن العباس العلوي : كان أصحاب الحديث يقولون : بقي أبو نعيم أربع عشرة سنة بلا نظير ، لا شرقا ولا غربا أعلى إسنادا منه ولا أحفظ ، وكانوا يقولون : لمّا صنّف كتاب الحلية حمل إلى نيسابور حال حياته ، واشتروه بأربع مائة دينار ، وقال ابن الفضل الحافظ : قد جمع شيخنا السلفي أخبار أبي نعيم ، وذكر من حدّث عنه ، وهم نحو ثمانين رجلا ، قال : ولم يصنّف مثل كتابه حلية الأولياء ، سمعنا على أبي المظفر القاساني عنه ، سوى فوت عنه يسير » (٢).

وقال الصفدي : « أملى في فنون الحديث كتبا سارت في البلاد وانتفع بها العباد ... وصنّف مصنّفات كثيرة منها : حلية الأولياء ، والمستخرج على الصحيحين ، ذكر فيهما أحاديث ساوى فيها البخاري ومسلم ، وأحاديث علا عليهما فيها كأنّهما سمعاها منه ، وذكر فيهما حديثا كأن البخاري ومسلم سمعاه ممّن سمعه منه ... ولمّا كتب كتاب الحلية وحمل إلى نيسابور بيع بأربعمائة دينار » (٣).

وقال ابن قاضي شهبة الأسدي : « وله التصانيف المشهورة ، منها : كتاب الحلية ، وهو كتاب جليل حفيل » (٤).

وفي ( فيض القدير ) : « قالوا : لمّا صنّف بيع في حياته بأربع مائة دينار ، واشتهرت بركته وعلت في الخافقين درجته ، وناهيك بقول الإمام أبي عثمان الصابوني ـ كما نقله عنه في الضوء وغيره ـ كل بيت فيه حلية الأولياء لأبي نعيم

__________________

(١) العبر ٣ / ١٧٠.

(٢) طبقات الشافعية ٤ / ١٨.

(٣) الوافي بالوفيات ٧ / ٨١.

(٤) طبقات الشافعية ١ / ٢٠٦.


لا يدخل [ لا يدخله ] الشيطان » (١).

وفي ( كشف الظنون ) : « ... وهو كتاب حسن معتبر ... » (٢).

هذا ، وقد ذكر ( الدهلوي ) بترجمة أبي نعيم من ( بستان المحدثين ) : « إن من نوادر كتبه كتاب حلية الأولياء الذي لم يصنّف له نظير في الإسلام ».

ترجمته

ولقد ترجم لأبي نعيم وأثنى عليه كبار أئمة علماء أهل السنّة كما لا يخفى على من راجع :

١ ـ الكامل لابن الأثير ٩ / ٤٦٦.

٢ ـ وفيات الأعيان ١ / ٩١.

٣ ـ تذكرة الحفّاظ ٣ / ١٠٩٢.

٤ ـ طبقات القرّاء ١ / ٧١.

٥ ـ العبر ٣ / ١٧٠.

٦ ـ طبقات السبكي ٤ / ١٨.

٧ ـ الوافي بالوفيات ٧ / ٨١.

٨ ـ مرآة الجنان ٣ / ٥٢.

٩ ـ طبقات الأسنوي ٢ / ٤٧٤.

١٠ ـ طبقات الحفّاظ : ٤٢٣.

وغيرها ، وقد أوردنا ترجمته بالتفصيل في مجلّد حديث التشبيه.

__________________

(١) فيض القدير ١ / ٢٨.

(٢) كشف الظنون ١ / ٦٨٩.


(٣٤)

تصنيف ابن حمدان في طرق هذا الحديث

لقد جمع أبو طاهر محمّد بن أحمد بن علي بن حمدان ـ وهو من مشاهير الحفّاظ ـ طرق حديث الطير في مجلّد ، وقد ذكر المترجمون له هذا الكتاب في مؤلفاته.

قال الذهبي :

« ابن حمدان الإمام الحافظ الثبت ، أبو طاهر ، محمّد بن أحمد بن علي ابن حمدان ، خراساني رحّال ، صحب الحاكم ابن البيّع ، وتخرّج به ، وسمع ... وله تواليف منها : طرق حديث الطير. سمع منه ... » (١).

وقال :

« ابن حمدان الحافظ ، أبو طاهر محمّد بن أحمد بن علي بن حمدان ، الخراساني ، أحد الرّحالين المصنّفين المجوّد أبو طاهر محمّد بن أحمد بن علي ابن حمدان الخراساني ، أحد الرحّالين المصنّفين. صحب أبا عبد الله الحاكم وتخرّج به ، سمع من : أبي بكر الطرازي ، والحافظ أبي بكر الجوزقي ، وأبي الحسين القنطري ، وأبي طاهر بن خزيمة ، وزاهر بن أحمد الفقيه ، وإبراهيم ابن محمّد بن موسى السرخسي ، ونحوهم بنيسابور ... وله مسند بهز بن حكيم ، وطرق حديث الطير.

سمع منه : أبو سعيد محمّد بن أحمد بن حسين النيسابوري ، توفي سنة

__________________

(١) سير أعلام النبلاء ١٧ / ٦٦٣.


٤٤١ ... » (١).

وقال السيّوطي :

« ابن حمدان الحافظ المجوّد ، أبو طاهر محمّد بن أحمد بن علي بن حمدان الخراساني ، أحد الرحّالين المصنّفين ، صحب الحاكم وتخرّج به ، وسمع الطبراني ، والجوزقي ، وله مسند بهز بن حكيم ، وطرق حديث الطير ، مات سنة ٤٤١ » (٢).

(٣٥)

رواية أبي الحسن العطّار

قال ابن المغازلي : « أخبرنا أبو الحسن أحمد بن المظفر بن أحمد العطّار الفقيه الشافعي ; ـ بقراءتي عليه فأقرّ به سنة أربع وثلاثين وأربعمائة ـ قلت : أخبركم أبو محمّد عبد الله بن محمّد بن عثمان المزني الملقب بابن السقاء الحافظ الواسطي ; ، نا أبو الحسن علي بن محمّد بن صدقة الجوهري الواسطي ; ـ سنة ثلاث وثلاثمائة ـ نا محمّد بن زكريا بن دويد العبدي ، نا حميد الطويل عن أنس بن مالك ، قال :

اهدي إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم بحمامة مشويّة فقال : اللهم ابعث إليّ أحبّ خلقك إليك وإلى نبيّك يأكل معنا من هذه المائدة ، قال : فأتى علي فقال : يا أنس استأذن لي على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، قال فقلت : النبيّ عنك مشغول ، فرجع علي ولم يلبث إلاّ قليلا أن رجع فقال : يا أنس

__________________

(١) تذكرة الحفّاظ ٣ / ١١١١.

(٢) طبقات الحفّاظ : ٤٢٦.


استأذن لي على النبي صلّى الله عليه وسلّم فقلت : النبيّ عنك مشغول ، فرجع ولم يلبث إلاّ قليلا أن رجع فقال : يا أنس استأذن لي على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، فهممت أن أقول مثل قولي الأوّل والثاني ، فسمع النبيّ صلّى الله عليه وسلّم من داخل الحجرة كلام علي فقال : ادخل يا أبا الحسن ، ما أبطأ بك عني؟ قال : جئت يا رسول الله ، هذه الثالثة ، كلّ ذلك يردّني أنس يقول : النبي عنك مشغول ، فقال : يا أنس ما حملك على هذا؟ فقال : يا رسول الله ، سمعت الدعوة فأحببت أن يكون رجلا من قومي ، فقال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم : يا أنس ، كلّ يحبّ قومه » (١).

ترجمته

قال الذهبي في حوادث ٤٤١ : « وأحمد بن المظفر بن أحمد بن يزداد الواسطي العطّار ، أبو الحسن ، راوي مسند مسدّد عن ابن السقاء ، توفي في شعبان » (٢).

(٣٦)

رواية أبي بكر البيهقي

ورواه أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي ـ الذي يرى صاحب المشكاة أنّ إسناد الحديث إليه كإسناده إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ـ فقد قال ابن الجوزي :

« أنا زاهر بن طاهر قال : أنبأنا إسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني وأبو بكر

__________________

(١) مناقب علي بن أبي طالب : ١٥٦.

(٢) العبر في خبر من غبر ٢ / ٢٧٨.


البيهقي قالا : أنا محمّد بن عبد الله الأندلسي قال : نا سليمان بن أحمد اللخمي قال : نا أحمد بن سعيد بن فرقد الجدّي قال : نا أبو حمة محمّد بن يوسف اليمامي قال : نا أبو قرة يوسف بن طارق ، عن موسى بن عقبة ، عن أبي النضر سالم مولى عمر بن عبيد الله ، عن أنس بن مالك قال : بينا أنا واقف عند رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذ اهدي إليه طير فقال : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي ، فجاء علي ، فقلت : رسول الله على حاجة ، ثمّ جاء فدخل فقال له رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : اللهم وإليّ اللهم وإليّ. فأكل معه » (١).

أقول :

لقد سكت ابن الجوزي عن الكلام على هذا الطريق ، وسكوته إقرار بصحّته ، وقد تقدّم هذا الطريق تحت عنوان « أحمد بن سعيد بن فرقد الجدّي » وعرفت صحّته.

وقال الموفق بن أحمد المكي الخوارزمي :

« أخبرنا الشّيخ الزاهد الحافظ أبو الحسن علي بن أحمد العاصمي الخوارزمي ، أخبرنا القاضي الإمام شيخ القضاة إسماعيل بن أحمد الحافظ ، أخبرنا والدي أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي ، أخبرنا أبو علي الحسين بن محمّد بن علي الروذباري ، أخبرنا أبو بكر محمّد بن مهرويه بن عباس بن سنان الرازي ، حدّثنا أبو حاتم الرازي ، حدّثنا عبيد الله بن موسى ، أخبرنا إسماعيل الأزرق ، عن أنس بن مالك قال :

اهدي لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم طير فقال : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطير ، فقلت : اللهم اجعله رجلا من الأنصار ،

__________________

(١) العلل المتناهية ١ / ٢٣٠.


فجاء علي ، فقلت : إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على حاجة ، قال : فذهب ثمّ جاء فقلت : إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على حاجة ، فذهب ثمّ جاء ، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : افتح ، ففتحت ، ثمّ دخل ، فقال : ما حديثك يا علي؟ فقال : هذه آخر ثلاث كرّات يردّني أنس ، يزعم أنك على حاجة!! قال : ما حملك على ما صنعت يا أنس؟ قال : سمعت دعاءك فأحببت أن تكون في رجل من قومي ، فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم : إنّ الرجل قد يحبّ قومه » (١).

ترجمته

والبيهقي ـ هذا ـ من أكابر أئمة أهل السنّة ومشاهير حفّاظهم ، وقد أثنى عليه علماؤهم الثناء البالغ ، كما لا يخفى على من راجع :

١ ـ معجم البلدان ١ / ٥٣٨.

٢ ـ الأنساب ٢ / ٣٨١.

٣ ـ التاريخ الكامل ١٠ / ٥٢.

٤ ـ وفيات الأعيان ١ / ٧٥.

٥ ـ تذكرة الحفاظ ٢ / ١١٣٢.

٦ ـ دول الإسلام ١ / ٢٦٩.

٧ ـ المختصر في أخبار البشر ٢ / ١٨٥.

٨ ـ طبقات السبكي ٤ / ٨.

٩ ـ الوافي بالوفيات ٦ / ٣٥٤.

١٠ ـ طبقات الحفّاظ : ٤٣٣.

وغيرها ، وهذه خلاصة ما ذكره السبكي بترجمته :

__________________

(١) مناقب أمير المؤمنين : ٦٤.


« أحمد بن الحسين بن علي بن عبد الله بن موسى الحافظ ، أبو بكر البيهقي النيسابوري الخسروجردي ، كان الإمام البيهقي أحد أئمة المسلمين وهداة المؤمنين والدعاة إلى حبل الله المتين ، فقيه جليل ، حافظ كبير ، اصولي نحرير ، زاهد ورع ، قانت لله ، قائم بنصرة المذهب ، اصولا وفروعا ، جبلا من جبال العلم. اشتغل بالتّصنيف بعد أن صار أوحد زمانه وفارس ميدانه ، وأحذق المحدّثين ذهنا وأسرعهم فهما وأجودهم قريحة ، وبلغت تصانيفه ألف جزء ، ولم يتهيّأ لأحد مثلها.

أمّا السنن الكبير فما صنّف في علم الحديث مثله تهذيبا وترتيبا وجودة ، وأما المعرفة معرفة السنن والآثار فلا يستغني عنه فقيه شافعي ، وسمعت الشيخ الإمام [ الوالد ـ ظ ] ; يقول : مراده معرفة الشافعي بالسنن والآثار ، وأمّا المبسوط في نصوص الشافعي فما صنّف في نوعه مثله ، وأمّا كتاب الأسماء والصفات فلا أعرف له نظيرا ، وأمّا كتاب الاعتقاد ، وكتاب دلائل النبوة ، وكتاب شعب الإيمان ، وكتاب مناقب الشافعي ، وكتاب الدعوات الكبير ، فأقسم ما لواحد منها نظير ، وأمّا كتاب الخلافيات فلم يسبق إلى نوعه ولم يصنف مثله ، وهو طريقة مستقلة حديثية لا يقدر عليها إلاّ مبرز في الفقه والحديث.

قال عبد الغفار : وكان على سيرة العلماء ، قانعا من الدنيا باليسير ، متجمّلا في زهده وورعه ، عاد إلى الناحية في آخر عمره ، وكانت وفاته بها.

قال شيخنا الذهبي : كان البيهقي واحد زمانه ، وفرد أقرانه ، وحافظ أوانه ...

وقال إمام الحرمين : ما من شافعي إلاّ وللشافعي عليه منّة إلاّ البيهقي ، فإنّه له على الشافعي منّة ... ».


(٣٧)

رواية أبي غالب ابن بشران النحوي

قال ابن المغازلي : « أخبرنا محمد بن أحمد بن سهل النحوي ـ ; ، إذنا ـ أنّ أبا نصر أحمد بن محمّد بن أحمد بن سهل بن مردويه البزّاز ـ حدّثهم إملاء في صفر سنة أربعمائة ـ نا أحمد بن عيسى الناقد ، نا صالح بن مسمار ، نا ابن أبي فديك ، نا الحسن بن عبد الله ، عن نافع ، عن أنس بن مالك ، إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قرّب إليه الطير فقال : اللهم ائتني بأحبّ خلقك يأكل معي من هذا الطير ، فجاء علي بن أبي طالب ، فأكل معه » (١).

ترجمته

١ ـ الذهبي حوادث سنة ٤٦٢ : « وأبو غالب بن بشران الواسطي ، صاحب اللغة ، محمّد بن أحمد بن سهل المعدل الحنفي ، ويعرف بابن الخالة ، وله اثنتان وثمانون سنة ، ولم يكن بالعراق أعلم منه باللغة ، روى عن أحمد بهرى وطبقته » (٢).

٢ ـ وقال : « العلامة ، شيخ الأدب ، أبو غالب ، محمّد بن أحمد بن سهل ابن بشران ، الواسطي ، اللغوي ، الحنفي ، المعدّل ، وكان جدّه للأمّ هو ابن عم المحدّث أبي الحسين ابن بشران. مولد أبي غالب في سنة ٣٨٠. وسمع من ... روى عنه ...

وقال أحمد بن صالح الجيلي : كان أحد شهود واسط ، وكان عالما

__________________

(١) مناقب علي بن أبي طالب : ١٦٧.

(٢) العبر ، حوادث ٤٦٢.


بالأدب ، رواية له ، ثقة ، بارعا في النحو ، صار شيخ العراق في اللغة في وقته ، وانتهت الرحلة إليه في هذا العلم ...

مات في نصف رجب سنة ٤٦٢.

قلت : شاخ وعمّر » (١)

٣ ـ عبد القادر القرشي : « ... أحد الأئمة في اللغة ، مولده سنة ٣٨٠ ، سمع وحدّث وحرّض ، روى عنه فضل الله بن محمّد العراقي ، قال السمعاني في ذيله : أحد الأئمة اللغوية [ كان ] فاضلا مكثرا بارعا شيخ العراق في وقته ، مات ; تعالى سنة ٤٦٢ » (٢).

٤ ـ اليافعي : « وفيها الإمام اللغوي أبو غالب ... » (٣).

(٣٨)

رواية ابن عبد البرّ

رواه في سياق فضائل سيّدنا أمير المؤمنين 7 حيث قال : « واهدي للنبي صلّى الله عليه وسلّم ثلاث طوائر فقال : اللهم سق أحبّ خلقك إليك يأكل معي ، فجاء علي ـ 2 ـ فقال : كل يا علي فأنت أحبّ خلق الله إليه » (٤).

ترجمته

أثنى عليه وبالغ في مدحه ، ووصفه بأجلّ الصفات جميع الأعلام

__________________

(١) سير أعلام النبلاء ١٨ / ٢٣٥.

(٢) الجواهر المضية في طبقات الحنفية ٢ / ١١.

(٣) مرآة الجنان ، حوادث ٤٦٢.

(٤) بهجة المجالس.


المترجمين له ، في الكتب والتواريخ ، راجع منها :

١ ـ الأنساب القرطبي.

٢ ـ وفيات الأعيان ٧ / ٦٦.

٣ ـ تذكرة الحفّاظ ٣ / ١١٢٨.

٤ ـ المختصر في أخبار البشر ٢ / ١٨٧.

٥ ـ تتمة المختصر ١ / ٥٦٤.

٦ ـ مرآة الجنان ٣ / ٨٩.

٧ ـ دول الإسلام ١ / ٢٧٣.

٨ ـ طبقات الحفاظ : ٤٣٢.

وقد أوردنا ترجمته عن هذه وغيرها في مجلّد حديث الولاية.

كتاب بهجة المجالس

وكتابه ( بهجة المجالس وأنس الجالس ) من الكتب المعتبرة كما نصّ عليه في ( كشف الظنون ) حيث قال : « بهجة المجالس وأنس الجالس للحافظ أبي عمر يوسف بن عبد الله بن عبد البرّ النمري القرطبي ، المتوفى سنة ٤٦٣ ، وهو في مجلّد ، من الكتب المعتبرة في المحاضرات ، مرتب على مائة وأربعة وعشرين بابا ... » (١).

(٣٩)

رواية الخطيب البغدادي

لقد روى حديث الطير في ( تاريخه ) بطرق عديدة ، قال ابن شهر آشوب :

__________________

(١) كشف الظنون ١ / ٢٥٨.


« ورواه ابن بطة في الإبانة من طريقين ، والخطيب أبو بكر في تاريخ بغداد ، من سبعة طرق » (١).

أقول : منها :

قوله : « أخبرنا التنوخي ، حدّثنا أبو الطيّب ظفران بن الحسن بن الفيرزان النخّاس المعروف بالفأفاء ـ في سنة ٣٨٤ ـ حدّثنا أبو هارون موسى بن محمّد ابن هارون الأنصاري ، حدّثنا أحمد بن محمّد بن عاصم الرازي ، حدّثنا حفص ابن عمر المهرقاني.

وأخبرنا أبو بكر عبد القاهر بن محمّد بن عترة الموصلي ، أخبرنا أبو هارون موسى بن محمّد الأنصاري الزرقي ، حدّثنا أحمد ـ يعني ابن علي الخراز ـ حدّثنا محمّد بن عاصم الرازي ، حدثنا حفص بن عمر المهرقاني :

حدّثنا النجم بن بشير ، عن إسماعيل بن سليمان ـ أخي إسحاق بن سليمان ـ الرازي ، عن عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء عن أنس بن مالك قال :

أتي النبي ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ بطائر فقال : اللهم ائتني بأحبّ خلقك يأكل معي من هذا الطائر ، فجاء علي بن أبي طالب فدقّ الباب ، وذكر الحديث » (٢).

وقوله : « أخبرنا أبو محمّد عبد الله بن علي بن عياض القاضي ـ بصور ـ أخبرنا محمّد بن أحمد بن جميع الغسّاني ، حدّثنا محمّد بن مخلد ، حدّثني أبو محمّد علي بن الحسن بن إبراهيم بن قتيبة بن جبلة القطّان ، حدّثنا سهل بن زنجلة ، حدّثنا الصباح ـ يعني ابن محارب ـ عن عمر بن عبد الله بن يعلى بن

__________________

(١) مناقب آل أبي طالب ٢ / ٢٨٢.

(٢) تاريخ بغداد ٩ / ٣٦٩.


مرّة ، عن أبيه ، عن جدّه وعن أنس بن مالك قالا :

أهدي إلى رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ طير ـ ما نراه إلاّ حبارى ـ فقال : اللهم ابعث إليّ أحبّ أصحابي إليك يؤاكلني هذا الطير. وذكر الحديث » (١).

وقوله : « أنبأنا الحسن بن أبي بكر ، حدّثنا أبو بكر محمّد بن العباس بن نجيح ، حدّثنا محمّد بن القاسم النحوي أبو عبد الله ، حدّثنا أبو عاصم ، عن أبي الهندي عن أنس قال :

أتي النبي ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ بطائر فقال : اللهم آتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي ، فجاء علي ، فحجبته مرتين ، فجاء في الثالثة فأذنت له فقال :

يا علي ما حبسك؟ قال : هذه ثلاث مرّات قد جئتها فحجبني أنس. قال : لم يا أنس؟ قال : سمعت دعوتك يا رسول الله ، فأحببت أن يكون رجلا من قومي ، فقال النبي ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ الرجل يحبّ قومه » (٢).

وقوله : « قرأت في كتاب عبيد الله بن أحمد النحوي ـ المعروف بجحجح ـ سماعه من أحمد بن كامل قال : قال لنا محمّد بن موسى البربري : رأيت شيخا في المسجد الجامع بالرصافة ـ سنة ٢٩ ـ طويلا أسود يخضّب بالحنّاء فسمعته يقول : سمعت أنس بن مالك يقول : اهدي للنبيّ ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ طير فقال : اللهم ائتني بأحبّ الخلق إليك يأكل معي من هذا الطير » وذكر الحديث.

فسألت عن الشيخ فقيل : هذا دينار خادم أنس بن مالك » (٣).

قلت : وقد سكت الحافظ الخطيب البغدادي عن التكلّم في سند

__________________

(١) تاريخ بغداد ١١ / ٣٧٦.

(٢) تاريخ بغداد ٣ / ١٧١.

(٣) تاريخ بغداد ٨ / ٣٨٢.


الحديثين الأول والثاني ، وكذلك الآخران غير أنّه ذكر أن « أبا الهندي » و« دينارا » الراويين عن « أنس » مجهولان.

* ثمّ إنّ الخطيب أخرج هذا الحديث في كتاب ( موضّح أوهام الجمع التفريق ) حيث قال :

« أخبرني أبو الحسن محمّد بن أحمد بن رزقويه قال : حدّثنا عثمان بن أحمد الدقّاق ـ إملاء ـ حدّثنا أحمد بن القاسم بن مساور الجوهري ، حدّثنا عبيد الله بن عمر بن ميسرة أبو سعيد الجشمي ، حدّثنا يونس بن أرقم ، حدّثنا مسلم بن كيسان الضّبي ، عن أنس بن مالك ـ 2 ـ قال : اهدي إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أطيار ، فقال : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك. قال أنس فقلت : اللهم إن شئت جعلته رجلا من الأنصار ، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : ما أنت بأوّل رجل أحبّ قومه ، فجاء علي ، فلمّا رآه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال : اللهم وإليّ » (١).

وقال الخطيب : « أخبرنا الحسن بن محمّد الخلاّل ، حدّثنا محمّد بن إسحاق القطيعي ، حدّثنا أحمد بن نصر بن طالب حدّثنا عبد الملك بن يحيى ابن عبد الله بن بكير ، حدّثنا أبي ، حدّثنا عبد الله بن محمّد بن المغيرة ، عن أبي الخليل قال : حدّثني أنس بن مالك ـ 2 ـ قال : أهدت أم أيمن لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم طيرا فقال : اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي من هذا الطير. فدخل علي بن أبي طالب 2 ، فقال : اللهم وإليّ.

قال أحمد بن نصر : أبو الخليل هذا اسمه : عائذ بن شريح » (٢).

* ثمّ إنّ كثيرا من الأعلام أخرجوا هذا الحديث عن الخطيب بهذه

__________________

(١) موضّح أوهام الجمع والتفريق ٢ / ٣٩٨.

(٢) موضّح أوهام الجمع والتفريق ٢ / ٣٠٤.


الأسانيد :

كالحافظ ابن عساكر في تاريخ دمشق ، بترجمة أمير المؤمنين 7 ، كالحديث رقم : ٦٢٨ ، ٦٣٨.

وكالحافظ ابن كثير في تاريخه ٧ / ٣٥١.

وكالحافظ الكنجي في كفاية الطالب : ٥٩.

كما ستعلم رواية الخطيب هذا الحديث من كلام شهاب الدين أحمد الآتي في محلّه ، إن شاء الله تعالى.

ترجمته

١ ـ السمعاني : « والإمام أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت بن أحمد بن مهدي ، الخطيب الحافظ الثابتي البغدادي ، صاحب التصانيف في الحديث ، منها كتاب تاريخ مدينة السلام بغداد ، أشهر من أن يذكر ... » (١).

وفيه أيضا : « .... كان إمام عصره بلا مدافعة ، وحافظ وقته بلا منازعة ، صنّف قريبا من مائة مصنّف صارت عمدة لأصحاب الحديث ، منها التاريخ الكبير لمدينة السلام بغداد ... » (٢).

٢ ـ السمعاني أيضا : « والخطيب في درجة القدماء من الحفّاظ والأئمة الكبار : كيحيى بن معين ، وعلي بن المديني ، وأحمد بن أبي خيثمة ، وطبقتهم ، وكان علاّمة العصر ، اكتسى به هذا الشأن غضارة وبهجة ونضارة ، وكان مهيبا وقورا نبيلا خطيرا ، ثقة صدوقا متبحرا ، حجة فيما يصنّفه ويقوله ويجمعه ، حسن النقل والخط ، كثير الشكل والضبط ، قاريا للحديث فصيحا ، وكان في درجة الكمال والرتبة العليا خلقا وخلقا وهيئة ومنظرا ، انتهى إليه علم

__________________

(١) الأنساب ـ الثابتي.

(٢) الأنساب ـ الخطيب.


الحديث وحفظه ، وختم به الحفّاظ 4 ... » (١).

٣ ـ ابن خلكان : « الحافظ أبو بكر ... صاحب تاريخ بغداد وغيره من المصنّفات المفيدة ، كان من الحفّاظ المتقنين والعلماء المتبحّرين ، ولو لم يكن له سوى التاريخ لكفاه ، فإنّه يدلّ على اطّلاع عظيم ، وصنّف قريبا من مائة مصنف ، وفضله أشهر من أن يوصف ... وكان قد انتهى إليه علم الحديث وحفظه في وقته ... » (٢).

٤ ـ الذهبي : « الخطيب الإمام الأوحد صاحب التصانيف وخاتمة الحفّاظ ، ولد سنة ٣٩٢ ... كتب الكثير وتقدم في هذا الشأن وبذّ الأقران وجمع وصنّف وصحّح وعللّ وجرح وعدّل وأوضح ، وصار أحفظ أهل عصره على الإطلاق ... وكان من كبار الشافعية ... قال ابن ماكولا : كان أبو بكر آخر الأعيان ممّن شاهدناه معرفة وحفظا وإتقانا وضبطا لحديث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، وتفنّنا في علله وأسانيد ، وعلما بصحيحه وغريبه وفرده ومنكره ومطروحة ، ولم يكن للبغداديين بعد أبي الحسن الدار قطني مثله. سألت أبا عبد الله الصوري عن الخطيب وأبي نصر السجزي أيّهما أحفظ؟ ففضّل الخطيب تفضيلا بيّنا. قال المؤتمن السّاجي : ما أخرجت بغداد بعد الدار قطني أحفظ من أبي بكر الخطيب ، وقال أبو علي البرداني : لعلّ الخطيب لم ير مثل نفسه ... وقال أبو إسحاق الشيرازي الفقيه : أبو بكر الخطيب يشبه الدار قطني ونظرائه في معرفة الحديث وحفظه ، وقال أبو الفتيان الحافظ : كان الخطيب إمام هذه الصنعة ، ما رأيت مثله ... وقال السّلفي : سألت شجاعا الذهلي عن الخطيب فقال : إمام مصنّف حافظ لم يدرك مثله ... » (٣).

__________________

(١) ذيل تاريخ بغداد ـ مخطوط.

(٢) وفيات الأعيان ١ / ٩٢.

(٣) سير أعلام النبلاء ١٨ / ٢٧٠.


٥ ـ الذهبي أيضا : « الخطيب الحافظ الكبير ، الإمام محدّث الشام والعراق ... » (١).

٦ ـ الذهبي أيضا حوادث ٤٦٣ : « وأبو بكر الخطيب ، احمد بن علي بن ثابت بن أحمد بن مهدي ، البغدادي الحافظ ، أحد الأئمة الأعلام وصاحب التواليف المنتشرة في الإسلام. قال : ولدت سنة ٣٩٢ ... وتوفي ببغداد في سابع ذي الحجة ، ; » (٢).

٧ ـ ابن الأثير : في حوادث السنة المذكورة : « وفي هذه السنة في ذي الحجة توفي الخطيب أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت البغدادي ، صاحب التاريخ ، والمصنّفات الكثيرة ببغداد ، وكان إمام الدنيا في زمانه ، وممّن حمل جنازته الشيخ أبو إسحاق الشيرازي » (٣).

٨ ـ أبو الفداء : « كان إمام الدنيا في زمانه ، وممّن حمل جنازته الشيخ أبو إسحاق الشيرازي ، وصنّف تاريخ بغداد الذي ينبئ عن اطّلاع عظيم ، وكان من الحفاظ المتبحّرين ، وكان فقيها وغلب عليه الحديث والتاريخ ، ومولده في جمادى الأخرى سنة ٣٩٢. وكان الخطيب المذكور في وقته حافظ المشرق ، وأبو عمر يوسف بن عبد البرّ صاحب الاستيعاب حافظ المغرب ، وماتا في هذه السنة ، ولم يكن للخطيب عقب ، وصنّف أكثر من ستين كتابا ، ووقف جميع كتبه ; » (٤).

وراجع أيضا إن شئت :

١ ـ معجم الأدباء ٤ / ١٣.

٢ ـ الوافي بالوفيات ٧ / ١٩٠.

__________________

(١) تذكرة الحفّاظ ٣ / ١١٣٥.

(٢) العبر ٣ / ٢٥٣.

(٣) الكامل ١٠ / ٦٨.

(٤) المختصر في أخبار البشر ٢ / ١٨٧.


٣ ـ مرآة الجنان ٣ / ٨٧.

٤ ـ طبقات السبكي ٤ / ٢٩.

٥ ـ طبقات الحفاظ : ٤٣٤.

٦ ـ تتمة المختصر ١ / ٥٦٤.

٧ ـ النجوم الزاهرة ٥ / ٨٧.

٨ ـ الخميس ٢ / ٣٥٨.

٩ ـ طبقات الاسنوي ١ / ٢٠١.

١٠ ـ البداية والنهاية ١٢ / ١٠١.

(٤٠)

رواية ابن المغازلي

رواه بطرق عديدة وألفاظ مختلفة وهذه نصوص عباراته (١).

« حدّثنا أبو يحيى زكريّا بن أحمد البلخي قال : حدّثنا محمّد بن إبراهيم الحلواني قال : حدّثنا يوسف بن عدي قال : حدّثنا حماد بن مختار ـ من أهل الكوفة ـ عن عبد الملك بن عمير ، عن أنس بن مالك قال : اهدي لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم طعام ، فوضع بين يديه فقال : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي ، قال : فجاء علي بن أبي طالب فدقّ الباب ، قلت : من ذا؟ قال : أنا علي ، قال [ قلت ـ ظ ] : النبي صلّى الله عليه وسلّم على حاجة ، فأتى ثلاث مرّات ، كلّ ذلك يجيء فأردّه ، فضرب الباب برجله فدخل ، فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم : ما حبسك؟ قال : جئت ثلاث مرّات ، كلّ ذلك يقول [ أنس ] النبي على حاجة ، فقال لي : ما حملك على ذلك؟ قال [ قلت. ظ ]

__________________

(١) مناقب علي بن أبي طالب : ١٥٦ ـ ١٧٥.


كنت أحبّ أن يكون رجل من قومي ».

« حديث الطائر وطرقه : أخبرنا أبو الحسن أحمد بن المظفّر بن أحمد العطّار الفقيه الشافعي ; ـ بقراءتي عليه ، فأقرّ به سنة أربع وثلاثين وأربعمائة ـ قلت : أخبركم أبو محمّد عبد الله بن محمّد بن عثمان المزني ، الملقّب بابن السقاء الحافظ الواسطي ـ ; تعالى ـ نا أبو الحسن علي بن محمّد بن صدقة الجوهري الواسطي ـ ; تعالى ، سنة ثلاث وثلاثمائة ـ نا محمّد بن زكريا بن دويد العبدي ، نا حميد الطويل ، عن أنس بن مالك قال : اهدي إلى النّبي صلّى الله عليه وسلّم بحمامة مشويّة ، فقال : اللهم ابعث إليّ أحبّ خلقك إليك وإلى نبيّك يأكل معنا من هذه المائدة ، قال : فأتى علي فقال : يا أنس ، استأذن لي على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، قال فقلت : النبيّ عنك مشغول ، فرجع ولم يلبث إلاّ قليلا أن رجع فقال : يا أنس ، استأذن لي على النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ، فقلت : النبيّ عنك مشغول ، فرجع ولم يلبث إلاّ قليلا أن رجع فقال : يا أنس ، استأذن لي على النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ، فهممت أن أقول مثل قولي الأول والثاني ، فسمع النبيّ صلّى الله عليه وسلّم من داخل الحجرة كلام علي فقال : ادخل أبا الحسن ، ما أبطأ بك عني؟ قال : جئت يا رسول الله [ مرتين ] هذه الثالثة ، كلّ ذلك يردّني أنس يقول : النبيّ صلّى الله عليه وسلّم عنك مشغول ، فقال : يا أنس ما حملك على هذا؟ فقال : يا رسول الله سمعت الدعوة فأحببت أن يكون رجلا من قومي ، فقال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم : يا أنس كلّ يحبّ قومه.

أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمّد بن عبد الوهاب بن طاوان السمسار ـ بقراءتي عليه ، فأقرّ به سنة تسع وأربعين وأربعمائة ـ قلت له : حدّثكم القاضي أبو الفرج أحمد بن علي بن جعفر بن محمّد بن المعلّى الحنوطي الحافظ الواسطي ، وأخبرنا القاضي أبو علي إسماعيل بن محمّد بن الطيّب الفقيه


العرّاف الواسطي ـ بقراءتي عليه فأقرّ به ـ قلت له : أخبركم أبو بكر أحمد بن عبيد بن المفضل بن سهل بن بري الواسطي ، وأخبرنا أبو غالب محمّد بن أحمد ابن سهل النحوي ـ سنة أربع وخمسين وأربعمائة ـ نا أبو الحسن علي بن الحسن الجاذري الطحّان قالوا : نا محمّد بن عثمان بن سمعان المعدّل الحافظ الواسطي ، نا أبو الحسن أسلم بن سهل الرزاز المعروف ببحشل الواسطي ، نا وهب بن بقيّة أبو محمّد الواسطي ، نا إسحاق بن يوسف الأزرق ـ وهو واسطي ـ عن عبد الملك بن أبي سليمان ، عن أنس بن مالك قال : دخلت على محمّد بن الحجاج فقال : يا أبا حمزة حدّثنا عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حديثا ، ليس بينك وبينه فيه أحد ، فقلت : تحدّثوا ، فإنّ الحديث شجون يجرّ بعضه بعضا ، فذكر إنسان حديثا عن علي بن أبي طالب ، فقال له محمّد بن الحجاج : عن أبي تراب تحدّثنا؟! دعنا من أبي تراب! فغضب أنس وقال : ألعليّ تقول هذا؟ [ أما والله إذا قلت هذا ] لأحدّثنّك حديثا فيه سمعت عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، ليس بيني وبينه أحد :

أهدي لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم يعاقيب ، فأكل منها وفضلت فضلة وشيء من خبز ، فلمّا أصبح أتيته به فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطائر ، فجاء رجل فضرب الباب ، فرجوت أن يكون رجلا من الأنصار ، فإذا بعليّ فقلت [ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على حاجة ] فرجع ، ثمّ قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطير ، فجاء رجل فضرب الباب ، وإذا به علي ، فقلت : أليس إنّما جئت الساعة ، فرجع ، ثمّ قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطير ، فجاء رجل فضرب الباب ، وإذا به علي ، فسمعه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : ائذن له ، فلمّا رآه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال : اللهم وإليّ ، اللهم وإليّ.


قال أسلم : روى هذا الحديث عن أنس بن مالك :

يوسف بن إبراهيم الواسطي.

وإسماعيل بن سليمان الأزرق.

والزهري.

وإسماعيل السدي.

وإسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة.

وثمامة بن عبد الله بن أنس.

وسعيد بن زربي.

قال ابن سمعان : سعيد بن زربي إنّما حدّث به عن أنس.

وقد روى جماعة عن أنس منهم :

سعيد بن المسيب.

وعبد الملك بن عمير.

ومسلم الملاّئي.

وسليمان بن الحجاج الطائفي.

وابن أبي الرجال المدني.

وأبو الهندي.

وإسماعيل بن عبد الله بن جعفر.

ويغنم بن سالم بن قنبر.

وغيرهم.

قال ابن سمعان : ووهم ابن أسلم في قوله : سعيد بن زربي ، لأن سعيد ابن زربي إنّما حدّث به عن ثابت البناني عن أنس.

أخبرنا أبو طالب محمّد بن أحمد بن عثمان قلت له : أخبركم أبو بكر أحمد بن إبراهيم بن الحسن بن شاذان البزّاز البغدادي ـ إذنا ـ أن محمّد بن الحسين بن حميد بن الربيع حدّثهم : ناجدي ، نا عبد الله بن موسى نا إسماعيل


ابن أبي المغيرة ، عن أنس بن مالك قال : اهدي لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم أطيار ، فقسّمها بين نسائه ، فأصاب كلّ إمرأة منهنّ ثلاثة ، فأصبح عند بعض نسائه طيران ، فبعثت بهما إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك وإلى رسولك يأكل معي من هذا الطعام ، فقلت : اللهم اجعله رجلا من الأنصار ، فجاء علي ، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : انظر من على الباب ، فنظرت فإذا علي ، فقلت له : رسول الله على حاجة ، ثمّ جئت فقمت بين يدي رسول الله ، فجاء عليّ فقال 6 : يا أنس انظر من على الباب؟ فنظرت فإذا عليّ [ حتّى فعل ذلك ثلاثا ] ففتحت له فدخل يمشي وأنا خلفه.

فقال له رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : ما حبسك؟ فقال : هذا آخر ثلاث مرّات يردّني أنس يزعم أنك على حاجة ، فقال رسول الله 6 : ما حملك على ما صنعت؟ قلت يا رسول الله سمعت دعاءك فأحببت أن يكون رجلا من قومي ، فقال رسول الله 6 : إنّ الرّجل قد يحبّ قومه ، إنّ الرّجل قد يحبّ قومه ، إنّ الرّجل قد يحبّ قومه.

أخبرنا محمّد بن أحمد بن عثمان أنّ أبا الحسين محمّد بن المظفّر بن موسى بن عيسى الحافظ البغداديّ أخبرهم ـ إذنا ـ حدّثنا محمّد بن موسى الحضرميّ بمصر ، حدّثنا محمّد بن سليمان ، حدّثنا أحمد بن يزيد ، حدّثنا زهير ، حدّثنا عثمان الطويل ، عن أنس بن مالك قال : اهدي للنبيّ 6 طير كان يعجبه أكله فقال : اللهمّ ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل من هذا الطائر معي ، فجاء عليّ فاستأذن على النبيّ 6 فقلت : ما عليه إذن ـ وكنت أحبّ أن يكون رجلا من الأنصار ـ فذهب ثمّ رجع فقال : استأذن لي عليه : فسمع النبيّ كلامه فقال : ادخل يا عليّ ، ثمّ قال : وإليّ.

أخبرنا محمّد بن أحمد بن عثمان ، أخبرنا أبو عمر محمّد بن العبّاس بن


حيّويه الخزّاز وأبو بكر أحمد بن إبراهيم بن الحسن بن شاذان البزّاز البغداديّان ـ إذنا ـ أنّ الحسين بن محمّد حدّثهم قال : حدّثنا الحجّاج بن يوسف بن قتيبة الاصفهانيّ ، حدّثنا بشر بن الحسين ، حدّثني الزبير بن عديّ ، عن أنس قال : اهدي إلى رسول الله 6 طير مشويّ ، فلمّا وضع بين يديه قال : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطائر ، قال : فقلت في نفسي : اللهم اجعله رجلا من الأنصار ، قال : فجاء عليّ فقرع الباب قرعا خفيفا فقلت : من هذا؟ فقال : عليّ. فقلت : إنّ رسول الله 6 على حاجة ، فانصرف.

قال : فرجعت إلى رسول الله 6 فسمعته يقول الثانية : اللهمّ ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطائر ، فقلت في نفسي : اللهمّ اجعله رجلا من الأنصار ، قال : فجاء عليّ فقرع الباب فقلت : ألم أخبرك أنّ رسول الله 6 على حاجة؟ فانصرف ورجعت إلى رسول الله 6 فسمعته يقول الثالثة : اللهمّ ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطير ، فجاء عليّ فضرب الباب ضربا شديدا فقال رسول الله 6 : افتح افتح افتح! قال : فلمّا نظر إليه رسول الله 6 قال : اللهمّ وإليّ ، اللهمّ وإليّ ، اللهمّ وإليّ. قال : فجلس مع رسول الله 6 فأكل معه من الطير.

أخبرنا محمّد بن عليّ إجازة أنّ أبا حفص عمر بن أحمد بن شاهين الواعظ حدّثهم قال : حدّثنا محمّد بن الحسين الجواربيّ ، حدّثنا إبراهيم بن صدقة ، حدّثنا يغنم بن سالم ، حدّثنا أنس قال : اهدي لرسول الله 6 طائر ... وذكر الحديث.

أخبرنا أبو طالب محمّد بن أحمد بن عثمان البغداديّ ـ قدم علينا واسطا ، بقراءتي عليه فأقرّ به ـ قلت له : أخبركم عمر بن أحمد بن شاهين أبو حفص


ـ إذنا ـ حدّثنا يحيى بن محمّد بن صاعد ، حدّثنا إبراهيم بن سعيد الجوهريّ ، حدّثنا حسين بن محمّد ، حدّثنا سليمان بن قرم ، عن محمّد بن شعيب ، عن داود بن عليّ بن عبد الله بن عبّاس ، عن أبيه عن جدّه : ابن عبّاس قال : أتي النبيّ 6 بطائر فقال : اللهمّ ائتني برجل يحبّه الله ورسوله ، فجاء عليّ فقال : اللهمّ وإليّ.

هذا حديث غريب تفرّد به حسين المروزيّ عن سليمان بن قرم ولم يحدّث به إلاّ إبراهيم بن سعيد.

أخبرنا أبو طالب محمّد بن عليّ بن الفتح الحربيّ البغداديّ ـ فيما كتب به إليّ ـ أنّ أبا حفص عمر بن أحمد بن شاهين حدّثهم قال : حدّثنا نصر بن القاسم الفرضي حدّثنا عيسى بن مساور الجوهريّ قال : قال لي يغنم بن سالم ابن قنبر ـ ولقيته سنة تسعين ومائة ؛ وقال يغنم بن سالم : لي اثنا عشر ومائة سنة ـ : قال لي أنس بن مالك : اهدي إلى رسول الله 6 طير مشويّ فقال رسول الله 6 : اللهمّ ائتني بأحبّ خلقك إليك ـ أو بمن تحبّه ـ الشكّ من عيسى بن مساور الجوهريّ ـ فجاء عليّ فرددته ثمّ جاء فرددته ، فدخل في الثالثة أو في الرابعة فقال له النبيّ 6 : ما حبسك عنّي ـ أو ما أبطأ بك عنّي ـ يا عليّ؟ قال : جئت فردّني أنس ، ثمّ جئت فردّني أنس ، ثمّ جئت فردّني أنس! قال لي : يا أنس ما حملك على ما صنعت؟ أرجوت أن يكون رجلا من الأنصار؟ فقلت : نعم ، فقال : يا أنس أوفي الأنصار خير من عليّ؟ أو في الأنصار أفضل من عليّ؟.

أخبرنا أبو القاسم عبد الواحد بن عليّ بن العبّاس البزاز الواسطيّ ، أخبرنا أبو القاسم عبيد الله بن محمّد بن أحمد بن أسد البزّار ، حدّثنا محمّد بن العبّاس ابن أحمد أبو مقاتل ، حدّثنا العبّاس حدّثنا أبو عاصم ، عن أبي الهنديّ عن أنس أنّ النبيّ 6 أتي بطير فقال : اللهمّ ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطير ، قال : فجاء عليّ بن أبي طالب فقال : اللهمّ


و إليّ اللهمّ وإليّ.

أخبرنا محمّد بن أحمد بن سهل النحويّ ; ـ إذنا ـ أنّ أبا نصر أحمد بن محمّد بن سهل بن مردويه البزار حدّثهم ـ إملاء في صفر من سنة أربعمائة ـ قال : حدّثنا أحمد بن عيسى الناقد ، حدّثنا صالح بن مسمار ، حدّثنا ابن أبي فديك ، حدّثنا الحسن بن عبد الله ، عن نافع ، عن أنس بن مالك أنّ رسول الله 6 قرّب إليه طير فقال : اللهمّ ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطير! قال : فجاء عليّ بن أبي طالب فأكل معه.

حدّثني أبو غالب محمّد بن الحسين بن أبي صالح المقرئ العدل ـ ; تعالى ـ حدّثنا أبو نصر أحمد بن أحمد بن سهل بن مردويه البزّار ، حدّثنا أبو بكر أحمد بن عيسى الناقد ، حدّثنا إبراهيم بن محمّد بن الهيثم ، حدّثنا عبيد الله ابن عمر القواريريّ ، حدّثنا يونس بن أرقم ، حدّثنا مسلم بن كيسان ، عن أنس بن مالك قال : أتي النبيّ 6 بأطيار فوضعهنّ بين يديه فقال : اللهمّ ائتني بأحبّ خلقك إليك ، فقلت : اللهمّ إن شئت جعلته امرأ من الأنصار ، فقال ـ يعني النبيّ 6 ـ : إنّك لست بأوّل من أحبّ قومه ، فجاء عليّ فضرب الباب فأذنت له ، فلمّا دخل قال : اللهمّ وإليّ.

أخبرنا الحسن بن موسى ، أخبرنا هلال بن محمّد بن جعفر بن سعدان أبو الفتح ، حدّثنا إسماعيل بن عليّ بن رزين بن عثمان بن عبد الرّحمن بن عبد الله بن بديل بن ورقاء الخزاعيّ البزّار ـ بحرّان ـ حدّثنا وهب بن بقيّة عن أبي جعفر السبّاك ، عن أنس بن مالك قال : اهدي لرسول الله 6 طائر مشويّ أهدته له امرأة من الأنصار ، فدخل رسول الله 6 فوضعت ذلك بين يديه فقال : اللهمّ أدخل عليّ أحبّ خلقك إليك من الأوّلين والآخرين ليأكل معي من هذا الطائر قال أنس : فقلت في


نفسي : اللهمّ اجعله رجلا من الأنصار من قومي ، فجاء عليّ فطرق الباب فرددته وقلت : رسول الله 6 متشاغل ، ولم يعلم رسول الله 6 بذلك ، فقال : اللهمّ أدخل عليّ أحبّ خلقك إليك من الأوّلين والآخرين يأكل معي من هذا الطائر قلت : اللهمّ اجعله رجلا من قومي الأنصار ، فجاء عليّ ، فرددته.

فلمّا جاء الثالثة قال لي رسول الله : قم فافتح الباب لعليّ ، فقمت ففتحت الباب فأكل معه ، فكانت الدّعوة له.

أخبرنا أبو الحسن عليّ بن الحسين بن الطيّب الصوفيّ الواسطيّ ـ بقراءتي عليه في المحرّم سنة خمس وثلاثين وأربعمائة قلت له ـ : أخبركم أبو القاسم عبيد الله بن أحمد بن جعفر بن محمّد الصفّار قال : حدّثنا قاضي القضاة أبو محمّد عبيد الله بن أحمد بن معروف قال : قرئ على أبي بكر محمّد بن إبراهيم بن نيروز الأنماطيّ ـ وأنا أسمع ـ حدّثكم محمّد بن عمر بن نافع ، حدّثنا عليّ بن الحسن ، حدّثنا خليد ـ وهو ابن دعلج ـ عن قتادة عن أنس قال : قدّمت إلى رسول الله 6 طيرا مشويّا فسمّى وأكل منه ثمّ قال : اللهمّ ائتني بأحبّ خلقك إليك وإليّ ، قال : فأتى عليّ فضرب الباب فقلت : من أنت؟ فقال : أنا عليّ قال : قلت : رسول الله 6 على حاجة ، قال : ثمّ أكل منه لقمة ثمّ قال مثل قوله الأوّل ، فضرب الباب ، فقلت : من أنت ، فقال : أنا عليّ قال : قلت : رسول الله 6 على حاجة قال : ثمّ أكل منه لقمة ثمّ قال مثل قوله الأوّل والثاني فضرب الباب فقلت : من أنت؟ فقال عليّ : أنا ، قال : قلت : إنّ رسول الله على حاجة قال : ثمّ أكل منه لقمة ثمّ قال مثل قوله الأوّل والثاني [ والثالث ] ، قال فضرب الباب ورفع صوته فقال رسول الله 6 : يا أنس افتح الباب قال : فدخل فلمّا رآنا تبسّم ثمّ قال : الحمد لله الّذي جعلك ، أدعو في كلّ لقمة أن يأتيني الله بأحبّ الخلق إليه وإليّ ، قال : فكنت أنت ، قال :


فو الّذي بعثك بالحقّ إنّي لأضرب الباب ثلاث مرّات يردّني أنس ، قال : فقال رسول الله 6 : لا يلام الرجل على حبّ قومه.

أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمّد بن عبد الوهّاب بن طاوان السّمسار ـ إجازة ـ أنّ أبا أحمد عمر بن عبد الله بن أحمد بن عمر بن شوذب المقرئ الواسطيّ أخبرهم قال : أخبرنا أبو عبد الله محمّد بن الحسين بن سعيد الزّعفرانيّ العدل الواسطيّ قال : أخبرنا أبو الأحوص محمّد بن الهيثم حدّثنا يوسف بن عديّ قال : حدّثنا حمّاد بن المختار رجل من أهل الكوفة عن عبد الملك بن عمير عن أنس ...

وأخبرنا عمر بن عبد الله بن عمر بن شوذب ، حدّثنا محمّد بن الحسن بن زياد ـ يعني النّقاش ـ أخبرنا أبو الجارود مسعود بن محمّد ـ بالرّملة ـ حدّثنا عمران بن هارون ، حدّثنا يغنم حدّثنا أنس ...

وأخبرنا عمر بن عبد الله بن عمر بن شوذب ، حدّثنا أحمد بن عيسى ، حدّثنا ابراهيم بن محمّد بن الهيثم ، حدّثنا عبيد الله بن عمر القواريريّ ، حدّثنا يونس بن أرقم ، حدّثنا مسلم بن كيسان عن أنس ...

وأخبرنا عمر بن عبد الله قال : حدّثني عيسى بن محمّد بن أحمد بن جريح ـ يعني الطوماريّ ـ حدّثنا محمّد بن عبد الله بن سليمان ، حدّثنا حسن بن حمّاد ، حدّثنا مسهر بن عبد الملك ، عن عيسى بن عمر ، عن السديّ ....

وأخبرنا عمر بن عبد الله ، حدّثنا أحمد بن محمّد بن عبد الله بن زياد ، حدّثنا أحمد بن الحسن ، حدّثنا الحسن بن حمّاد ، حدّثنا مسهر بن عبد الملك ابن سلع الهمدانيّ ، عن عيسى بن عمر ، عن إسماعيل السدّي ...

وأخبرنا عمر بن عبد الله ، أخبرنا أبي ; ، حدّثنا أحمد بن عمّار ، حدّثنا قطن بن نسير الذّراع أبو عبّاد ، حدّثنا جعفر ـ وهو ابن سليمان الضبعيّ ـ حدّثنا عبد الله بن المثنّى ، عن عبد الله بن أنس عن أنس ...

وأخبرنا [ أبي ] عبد الله بن عمر ، حدّثنا محمّد بن إسحاق السوسيّ ، حدّثنا


الحسين بن إسحاق الدّقيقي ، حدّثنا بشر بن هلال ، حدّثنا جعفر بن سليمان ، عن عبد الله بن المثنّى بن عبد الله ، عن عبد الله بن أنس قال : قال : أنس ...

وأخبرنا عمر بن عبد الله ، حدّثنا محمّد بن عثمان بن سمعان المعدل ، حدّثنا أسلم بن سهل ، حدّثنا وهب بن بقيّة ، أخبرنا إسحاق بن يوسف الأزرق ، عن عبد الملك بن أبي سليمان ، عن أنس بن مالك ...

وأخبرنا عمر بن عبد الله ، حدّثنا إبراهيم بن محمّد ، حدّثنا صالح بن مسمار ، حدّثنا ابن أبي فديك ، عن الحسن بن عبد الله ، عن نافع عن أنس بن مالك ...

وأخبرنا عمر بن عبد الله ، حدّثنا محمّد بن يونس بن الحسين ، حدّثنا أبو جعفر الحسن بن عليّ بن الوليد الفسويّ ، حدّثنا إبراهيم بن مهدي المصيّصيّ ، حدّثنا عليّ بن مسهر ، عن مسلم بن أبي عبد الله ، عن أنس بن مالك ...

وأخبرنا عمر بن عبد الله ، حدّثنا محمّد بن الحسن بن زياد ، حدّثنا أحمد ابن روح المروزيّ بمروز ، حدّثنا العلاء بن عمران ، حدّثنا خالد بن عبيد قال :

قال أنس بن مالك : بينا أنا ذات يوم بباب النبيّ 6 إذ جاءه رجل بطبق مغطّى فقال : هل من إذن؟ فقلت : نعم ، فوضع الطبق بين يدي رسول الله وعليه طائر مشويّ فقال : أحبّ أن تملأ بطنك من هذا يا رسول الله : قال : غطّ عليه ، ثمّ شال يديه فقال : اللهمّ أدخل عليّ أحبّ خلقك إليك ينازعني هذا الطعام ، قال أنس : فلمّا سمعت ذلك قلت : اللهمّ اجعل هذه الدعوة في رجل من الأنصار ، فخرجت أشوف رجلا من الأنصار.

بينا أنا كذلك إذ دخل عليّ فقال : هل من إذن؟ فقلت : لا ، ولم يحملني على ذلك إلاّ الحسد ، فانصرف فجعلت أنظر يمينا وشمالا هل من أنصاريّ فلم أجد ، ثمّ عاد عليّ فقال : هل من إذن؟ فقلت : لا ، فانصرف! فنظرت يمينا وشمالا ولا أنصاريّ إذ عاد عليّ فقال : هل من إذن؟ إذ نادى النبيّ 6 : أن ائذن له ، فدخل ، فجعل ينازع النبيّ 6 ،


فيومئذ ثبتت مودّة عليّ 7 في قلبي.

قال عمر بن عبد الله : هذا لفظ النقّاش في حديث المروزيّ ، وفي حديث محمّد بن يونس : قال أنس : اهدي لرسول الله 6 طير مشويّ فوضع بين يديه فقال : اللهمّ أدخل عليّ من تحبّه وأحبّه ، فجاء عليّ ... وذكر الحديث.

« أخبرنا أبو طالب محمّد بن عليّ بن محمّد بن البيّع البغداديّ ـ ; قدم علينا واسطا ـ أنبأنا أبو عبد الله محمّد بن بكران قال : حدّثنا الحسين بن إسماعيل المحامليّ ، حدّثنا عبد الأعلى بن واصل ، حدّثنا عون بن سلام [ حدّثنا ] سهل بن شعيب عن بريدة بن سفيان عن سفينة ـ وكان خادما لرسول الله 6 ـ قال : اهدي لرسول الله 6 طوائر ، قال : فرفعت له امّ أيمن بعضها فلمّا أصبح أتته به فقال : ما ذا يا امّ أيمن؟ فقالت : هذا بعض ما اهدي إليك أمس ، قال : أولم أنهك أن ترفعي بعد طعاما؟ إنّ لكلّ غد رزقه ، ثمّ قال : اللهمّ أدخل أحبّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطائر ، فدخل عليّ 7 فقال : اللهمّ وإليّ.

هذا حديث غريب من هذا الطريق ».

ترجمته

وابن المغازلي من أعاظم محدّثي أهل السنّة وحفّاظهم المعتمدين الثقات ، فقد أثنى عليه ومدحه السّمعاني في ( الأنساب ) ونصّ على روايته عنه بواسطة ابنه وعلي بن طراد الوزير. وأورده العلاّمة البدخشاني في ( تراجم الحفّاظ ) ناقلا ما ذكره السّمعاني بعين لفظه.

مضافا إلى اعتماد أعيان العلماء على أقواله ووثوقهم بنقوله ، فالعلاّمة الحافظ خميس المترجم له في ( تذكرة الحفّاظ ) و ( العبر ) و ( مرآة الجنان ) و ( طبقات الحفّاظ ) وغيرها ، ينقل بواسطة ابن المغازلي إملاء ابن السّقاء حديث


الطير في مدينة واسط معبرا عن ابن المغازلي بكلمة « شيخنا ».

والحافظ الذّهبي يترجم ابن السّقاء في ( تذكرته ) ويصفه بالإمامة والحفظ ... نقلا عن تاريخ ابن المغازلي.

والحفّاظ والعلماء : كالسمهودي ، وابن حجر المكّي ، والبرزنجي ، وابن باكثير ، والقندوزي ... وغيرهم ... يحتجّون بمرّوياته ... في كتبهم ...

و ( الدهلوي ) نفسه يذكر ابن المغازلي في عداد أعلام العلماء من أهل السنّة ، الذين صنّفوا في فضائل علي وأهل البيت ... وكذلك تلميذه الرشيد في ( عزة الراشدين ) ... والمولوي حيدر علي الفيض آبادي في ( إزالة الغين ) ...

(٤١)

رواية أبي المظفّر السّمعاني

روى حديث الطير بطريقين قال :

« عن عمران الطائي قال : سمعت أنسا يقول : أهدي لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم طير فقال : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي ، وجاء علي يستأذن. فقال أنس : وأحببت أن يكون من الأنصار فقلت له : إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على حاجة. ثمّ جاء الثانية ، فقلت له : إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على حاجة ، ثمّ الثالثة فقلت له : إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على حاجة ، فدفعني ودخل. فلمّا رآه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال : اللهم وإليّ » (١).

ورواه أيضا : « عن السدّي عن أنس بن مالك قال : كان عند النبي

__________________

(١) الرسالة القوامية في مناقب الصحابة ـ مخطوط.


صلّى الله عليه وسلّم طير ، فقال : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطير. فجاء علي فأكل معه » (١).

ترجمته

١ ـ عبد الكريم بن محمّد السمعاني : « وجدّنا الإمام أبو المظفر منصور ابن محمّد بن عبد الجبار السّمعاني : إمام عصره بلا مدافعة وعديم النظير في فنّه ولا أقدر على أن أصف بعض مناقبه ، ومن طالع تصانيفه وأنصف عرف محلّه من العلم ، صنّف التفسير الحسن المليح الّذي استحسنه كلّ من طالعه ، وأملى المجالس في الحديث ، وتكلّم على كل حديث بكلام مفيد ، وصنّف التصانيف في الحديث مثل : منهاج أهل السنّة ، والانتصار ، والردّ على القدريّة ، وغيرها ، وصنّف في اصول الفقه والقواطع ، وهو مغن عمّا صنّف في ذلك الفنّ ، وفي الخلاف : البرهان ، وهو مشتمل على قريب من ألف مسألة خلافيّة ، والأوسط ، والمختصر الّذي سار في الآفاق والأقطار الملّقب بالاصطلام. وردّ فيه على زيد الدّبوسي وأجاب عن الأسرار الّتي جمعها.

وكان فقيها مناظرا ، فانتقل بالحجاز في سنة اثنتين وستين وأربعمائة إلى مذهب الشافعي ; ، وأخفى ذلك وما أظهره ، إلى أن وصل إلى مرو ، وجرى له في الانتقال محن ومخاصمات وثبت على ذلك ونصر ما اختاره.

وكانت مجالس وعظه كثيرة النّكت والفوائد.

سمع الحديث الكثير في صغره وكبره ، وانتشرت عنه الرّواية وكثر أصحابه ، وتلامذته ، وشاع ذكره.

سمع بمرو أباه وأبا غانم أحمد بن الحسين الكراعي وأبا بكر محمّد بن عبد الصمد الترابي المعروف بابن أبي الهيثم وجماعة كثيرة ، بخراسان والعراق

__________________

(١) الرسالة القوامية ـ مخطوط.


وجرجان والحجاز ، وقد جمع الأحاديث الألف الحسان عن مسموعات عن مائة شيخ ، له عن كلّ شيخ عشرة أحاديث.

أدركت جماعة من أصحابه ، وتفقّهت على صاحبيه أبي حفص عمر بن محمّد بن علي السّرخسي وأبي إسحاق إبراهيم بن أحمد بن محمّد المروروذي والله يرحمهما.

وروى لي عنه الحديث أبو نصر محمّد بن محمّد بن يوسف القاشاني بمرو ، وأبو القاسم الجنيد بن محمّد بن عليّ القائني بهراة ، وأبو طاهر محمّد ابن أبي بكر السنحي ببلخ ، وأبو بكر أحمد بن محمّد بن بشار الجرجردي بنيسابور ، وأبو البدر حسان بن كامل بن صخر القاضي بطوس ، وأبو منصور محمود بن أحمد بن عبد المنعم بن ماشادة بأصبهان ، وجماعة كثيرة تزيد على خمسين نفرا.

وكانت ولادته في ذي الحجة سنة ستّ وعشرين وأربعمائة ، وتوفي يوم الجمعة الثالث والعشرين من شهر ربيع الأول سنة تسع وثمانين وأربعمائة ، ودفن بأقصى سنجدان إحدى مقابر مرو ورزق من الأولاد خمسة : أبو بكر محمّد والدي ، وأبو محمّد الحسن ، وأبو القاسم أحمد ، وابن مراهق وبنت ماتا عقيب موته بمدة يسيرة » (١).

٢ ـ الذهبي : « وأبو المظفر السمعاني ... العلاّمة الحنفي ثمّ الشافعي. برع على والده أبي منصور في المذهب ، وسمع أبا غانم الكراعي وطائفة. ثمّ تحوّل شافعيا ، وصنّف التصّانيف ، وخرّج له الأصحاب. توفي في ربيع الأول عن ثلاث وستين سنة » (٢).

٣ ـ اليافعي : « الإمام العلاّمة ... وكان إمام عصره بلا مدافعة ، أقرّ له

__________________

(١) الأنساب ـ السمعاني.

(٢) العبر ٣ / ٣٢٦.


بذلك الموافق والمخالف ... » (١).

٤ ـ السبكي : « الإمام الجليل ، العالم الزاهد الورع ، أحد أئمة الدنيا ، أبو المظفر ابن الإمام أبي منصور ابن السمعاني ، الرفيع القدر ، العظيم المحلّ ، المشهور الذكر ، أحد من طبّق الأرض ذكره ، وعبّق الكون نشره ».

ثمّ إنّ السّبكي شرح ابتداء حال أبي المظفّر وترجم له وأثنى عليه ثمّ جعل يذكر كلمات الأعلام في حقّه قائلا : « ومن ثناء الأئمة على الشيخ أبي المظفر قال إمام الحرمين : لو كان الفقه ثوبا طاويا لكان أبو المظفر طرازه.

وقال أبو القاسم ابن إمام الحرمين : أبو المظفر ابن السّمعاني شافعي وقته.

وقال أبو عليّ بن أبي القاسم الصّفار : إذا ناظرت أبا المظفر فكأني اناظر رجلا من التّابعين.

وقال عبد الغافر الفارسي : أبو المظفر وحيد عصره في وقته فضلا وطريقة وزهدا وورعا.

قال ابن ابنه الحافظ أبو سعد ابن الإمام أبي بكر بن أبي المظفر السّمعاني هو : أمام عصره بلا مدافعة وعديم النّظير في وقته ولا أقدر على أن أصف بعض مناقبه ، ومن طالع تصانيفه وأنصف عرف محلّه من العلم ، صنّف التفسير الحسن المليح الّذي استحسنه كلّ من طالعه ، وأملى المجالس في الحديث مثل منهاج السّنّة ، والانتصار ، والردّ على القدّريّة ، وغيرها ، وصنّف في اصول الفقه : القواطع ، وهو يغني عن كل ما صنّف في ذلك الفن ، وفي الخلاف : البرهان وهو يشتمل على قريب من ألف مسألة خلافيّة ، والأوسط ، والمختصر الّذي سار في الأقطار المسمّى بالاصطلام ردّ فيه على أبي زيد الدّبوسي ، وأجاب عن الأسرار التي جمعها انتهى. ذكره في الأنساب.

__________________

(١) مرآة الجنان ـ حوادث سنة ٤٨٩.


قلت : ولا أعرف فيه أجل ولا أفحل من برهان إمام الحرمين ، فبينهما في الحسن عموم وخصوص ، وكان رجوع أبي المظفّر عن مذهب أبي حنيفة في دار والي البلد ميكائيل بحضور أئمة الفريقين في شهر ربيع الأول سنة ثمان وستين وأربعمائة ، واضطرب أهل مرو ، وأدى الأمر إلى تشويش العوام والخصومة بين أهل المذهبين ، واغلق باب الجامع الأقدم ، وترك الشافعيّة الجمعة إلى أن وردت الكتب من جهة ميكائيل من بلخ في شأنه والتشديد عليه ، فخرّج من مرو ليلة الجمعة أوّل ليلة من شهر رمضان سنة ثمان وستّين وأربعمائة ، وصحبه الشيخ الأجلّ ذو المجد ابن أبي القاسم الموسوي وطائفة من الأصحاب ، وسار إلى طوس ، ثمّ قصد نيسابور ، واستقبلوه استقبالا عظيما حسنا ، وكان في نوبة نظام الملك وعميد الحضرة أبي سعد محمّد بن منصور ، فأكرم مورده وانزل في عزّ وحشمة ، وعقد له مجلس التذكير ، وكان بحذاقته حافظا لكثير من الحكايات والنكت والأشعار ، فظهر له القبول عند الخاص والعامّ ، واستحكم أمره في مذهب الشّافعي والتذكير وعلا شأنه ، وقدّمه نظام الملك على أقرانه وكان خليقا بذلك من أئمة المسلمين وأعلام الدّين ، يقول : ما حفظت شيئا نسيته ، وجميع تصانيفه على مذهب الشّافعي ( رض ) ولم يوجد له شيء على مذهب أبي حنيفة. توفي يوم الجمعة ثالث عشري ربيع الأول سنة تسع وثمانين وأربعمائة بمرو ( إلى أن قال السبكي ) قال ابن السّمعاني في الرسالة القواميّة ـ وكأنّه صنّفها لنظام الملك ـ في تقديم أدلّة الإمامة : قال أهل السنّة : أبو بكر ( رض ) أفضل الصحابة في جميع الأشياء قال : وجملة من وسم بالنفاق على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم نيف وثمانون رجلا » (١).

__________________

(١) طبقات الشافعية الكبرى ٥ / ٣٣٥.


(٤٢)

رواية البغوي

رواه في كتابه ( المصابيح ) في باب مناقب الإمام 7 حيث قال :

« ومن الحسان : عن عمران بن الحصين : إن النبيّ 7 قال : إن عليا منّي وأنا منه وهو ولي كلّ مؤمن.

عن زيد بن أرقم عن النبيّ 7 قال : من كنت مولاه فعلي مولاه.

عن حبشي بن جنادة قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : علي منّي وأنا منه ، ولا يؤدّي عني إلاّ أنا أو علي.

عن ابن عمر قال : آخى رسول الله 7 بين أصحابه ، فجاء علي تدمع عيناه فقال : آخيت بين أصحابك ولم تواخ بيني وبين أحد. فقال رسول الله 7 : أنت أخي في الدّنيا والآخرة. غريب.

عن أنس قال : كان عند النبيّ 7 طير فقال : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي هذا الطير. فجاء علي فأكل معه. غريب » (١).

وقد نصّ البغوي في صدر كتابه المذكور على اعتقاده بأنّ أكثر أخبار هذا الكتاب صحاح ، بنقل العدل عن العدل عن رسول الله. فذكره حديث الطير في الحسان لا ينافي صحته ، وهذا متن عبارته :

« أما بعد : فهذه ألفاظ صدرت عن صدر النّبوّة وسنن سارت عن معدن الرسالة ، وأحاديث جاءت عن سيّد المرسلين وخاتم النّبيّين ، عن مصابيح خرجت عن مشكاة التّقوى ، ممّا أوردها الأئمة في كتبهم ، جمعتها للمنقطعين إلى العبادة ليكون لهم بعد كتاب الله تعالى حظّا من السّنن ، وعونا على ما هم

__________________

(١) مصابيح السنّة ٤ / ١٧٣.


فيه من الطاعة ، تركت ذكر أسانيدها حذرا من الإطالة عليهم ، واعتمادا على نقل الأئمة ، وربّما سمّيت في بعضها الصحابي الّذي يرويه عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لمعنى دعا إليه.

وتجد أحاديث كلّ باب منها تنقسم إلى صحاح وحسان ، وأعني بالصّحاح ما أخرجه الشيخان : أبو عبد الله محمّد بن إسماعيل الجعفي البخاري ، وأبو الحسين مسلم بن الحجاج القشيري النّيسابوري رحمهما الله في جامعهما أو أحدهما ، وأعني بالحسان ما أورده أبو داود وسليمان بن الأشعث السجستاني ، وأبو عيسى محمّد بن عيسى الترمذي وغيرهما من الأئمة في تصانيفهم ، وأكثرها صحاح بنقل العدل عن العدل ، غير أنّها لم تبلغ غاية شرط الشيخين في علو الدّرجة من صحّة الإسناد ، إذ أكثر الأحكام ثبوتها بطريق حسن ، وما كان فيها من ضعيف أو غريب أشرت إليه ، وأعرضت عن ذكر ما كان منكرا أو موضوعا ، والله المستعان وعليه التكلان ».

ترجمته

١ ـ ابن خلكان : « أبو محمّد الحسين بن مسعود بن محمّد المعروف بالفرّاء البغوي ، الفقيه الشافعي المحدّث المفسّر ، كان بحرا في العلوم ، وأخذ الفقه عن القاضي حسين بن محمّد كما تقدّم في ترجمته. وصنّف في تفسير كلام الله تعالى ، وأوضح المشكلات من قول النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ، وروى الحديث ، ودرّس ، وكان لا يلقي الدرس إلاّ على الطهارة ، وصنّف كتبا كثيرة ... ورأيت في كتاب الفوائد السفرية التي جمعها الشيخ الحافظ زكي الدين عبد العظيم المنذري أنّه توفي في سنة ست عشرة وخمس مائة. ومن خطّه نقلت. والله أعلم ... » (١).

__________________

(١) وفيات الأعيان ٢ / ١٣٦.


٢ ـ الذهبي : « البغوي ، الإمام الحافظ المجتهد محيي السنّة ... وبورك له في تصانيفه لقصده الصالح ، فإنّه كان من العلماء الربانيين ، كان ذا تعبّد ونسك وقناعة باليسير ... توفي سنة ٥١٦ » (١).

٣ ـ الذهبي أيضا : « المحدّث المفسّر ، صاحب التّصانيف ، وعالم أهل خراسان ... وكان سيّدا زاهدا قانعا ... » (٢).

٤ ـ اليافعي : كذلك (٣).

٥ ـ علاء الدين الخازن : « الشيخ الجليل والحبر النبيل ، الإمام العالم الكامل ، محيي السنّة ، مدره الأمة وإمام الأئمّة ، مفتي الفرق ، ناصر الحديث ... » (٤).

٦ ـ السبكي : « كان إماما جليلا ، ورعا زاهدا فقيها ، محدّثا مفسرا ، جامعا بين العلم والعمل ، سالكا سبيل السلف ، له في الفقه اليد الباسطة ... وكان يلقّب بمحيي السنّة ، وبركن الدين ، ولم يدخل بغداد ، ولو دخلها لاتّسعت ترجمته ، وقدره عال في الدين وفي التفسير وفي الحديث ، وفي الفقه متّسع الدائرة نقلا وتحقيقا ، كان الشيخ الإمام يجلّ مقداره جدا ، ويصفه بالتحقيق مع كثرة النقل ... » (٥).

٧ ـ الأسنوي : « الإمام في التفسير والحديث والفقه ... وكان ديّنا ورعا قانعا باليسير ... » (٦).

٨ ـ ابن قاضي شهبة : « أحد الأئمة ... جامع لعلوم القراآت والسنّة

__________________

(١) تذكرة الحفّاظ ٤ / ١٢٥٧.

(٢) العبر ٤ / ٣٧.

(٣) مرآة الجنان ٣ / ٢١٣.

(٤) لباب التأويل تفسير الخازن. المقدمة.

(٥) طبقات الشافعية ٧ / ٧٥.

(٦) طبقات الشافعية ١ / ٢٠٥.


والفقه » (١).

٩ ـ الخطيب التبريزي : « كان إماما في الفقه والحديث ، وكان متورعا صحيح العقيدة في الدين ... » (٢).

١٠ ـ السيوطي : « الإمام الفقيه الحافظ المجتهد ... » (٣).

١١ ـ الداودي : « كان إماما في التفسير ، إماما في الحديث ، إماما في الفقه ... » (٤)

١٢ ـ القاري : « كان مفسّرا محدّثا فقيها من أصحاب الوجوه. قال بعض مشايخنا : ليس له قول ساقط ، وكان ماهرا في علم القراءة ، عابدا زاهدا ، جامعا بين العلم والعمل على طريقة السلف الصالحين ... وقد روى عنه جماعة من الأكابر ، كالحافظ أبي موسى المديني ... » (٥).

(٤٣)

رواية رزين العبدري

رواه في كتابه ( الجمع بين الصّحاح الستة ) (٦) حيث قال :

« عن أنس بن مالك قال : كان عند النبيّ صلّى الله عليه وسلّم طائر قد طبخ له ، فقال : اللهم ائتني بأحبّ خلقك يأكل معي. فجاء علي فأكل

__________________

(١) طبقات الشافعية ١ / ٢٨٨.

(٢) اسماء رجال المشكاة ٣ / ٨٠٧.

(٣) طبقات الحفّاظ : ٤٠٠.

(٤) طبقات المفسرين ١ / ١٥٧.

(٥) المرقاة في شرح المشكاة. المقدمة.

(٦) جاء في ( كشف الظنون ) في ذكر الكتب الستّة : « جمعها رزين بن معاوية العبدري المتوفي سنة ٥٣٤. ورتّبها على الأبواب أيضا. ذكر فيها فقه مالك الذي في الموطأ ، وتراجم أبواب البخاري ».


معه » (١).

وتظهر روايته من عبارة ( جامع الأصول ) لابن الأثير و ( جامع الفوائد ) للمغربي أيضا.

ترجمته

ورزين العبدري المتوفى سنة ٥٣٤ من أعاظم ثقات محدثي أهل السنّة :

١ ـ ذكره الخطيب التبريزي في أوّل كتابه ( المشكاة ) في عداد الأئمة الذين وصفهم بقوله : « إني إذا نسبت الحديث إليهم كأنّي أسندت إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم ... » ... ولا بأس بإيراد نصّ عبارته :

« أمّا بعد فإنّ التمّسّك بهديه لا يستتب إلاّ بالاقتفاء لما صدر من مشكاته ، والاعتصام بحبل الله لا يتم إلاّ ببيان كشفه ، وكان كتاب المصابيح الّذي صنّفه الإمام محيي السنّة قامع البدعة أبو محمّد الحسين بن مسعود الفرّاء البغوي رفع الله درجته أجمع كتاب صنّف في بابه وأضبط لشوارد الأحاديث وأوابدها ، ولما سلك 2 طريق الاختصار وحذف الأسانيد ، تكلّم فيه بعض النقّاد وإن كان نقله وإنّه من الثقات كالاسناد ، لكن ليس ما فيه أعلام كالاغفال ، فاستخرت الله تعالى واستوقفت فأعلمت ما أغفله وأودعت كل حديث منه في مقرّه ، كما رواه الأئمة المتقنون والثقات الرّاسخون.

مثل أبي عبد الله محمّد بن إسماعيل البخاري ، وأبي الحسين مسلم بن الحجّاج القشيري ، وأبي عبد الله مالك بن أنس الأصبحي ، وأبي عبد الله محمّد ابن إدريس الشافعي ، وأبي عبد الله أحمد بن محمّد بن حنبل الشّيباني ، وأبي عيسى محمّد بن عيسى الترمذي ، وأبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني ، وأبي عبد الرّحمن أحمد بن شعيب النّسائي ، وأبي عبد الله محمّد بن يزيد بن

__________________

(١) الجمع بين الصحاح الستة ـ مخطوط.


ماجة القزويني ، وأبي محمّد عبد الله بن عبد الرّحمن الدّارمي ، وأبي الحسن علي بن عمر الدّار قطني ، وأبي بكر أحمد بن الحسن البيهقي ، وأبي الحسن زرين بن معاوية العبدري ، وغيرهم وقليل ما هو.

وإنّي إذا نسبت الحديث إليهم كأنّي أسندت إلى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم ، لأنهم قد فرغوا منه وأغنونا عنه ، وسردت الكتب والأبواب كما سردها ، واقتفيت أثره فيها ، وقسمت كلّ باب غالبا على فصول ثلاثة ، أوّلها ما أخرجه الشيخان أو أحدهما واكتفيت بهما وإن اشترك فيه الغير لعلو درجتهما في الرّواية ، وثانيها ما أورده غيرهما من الأئمة المذكورين ، وثالثها ما اشتمل على معنى الباب من ملحقات مناسبة مع محافظة على الشريطة ، وإن كان مأثورا عن السلف والخلف ».

فيظهر من هذا الكلام أنّ العبدري من الأئمة المتقنين والثقات الراسخين ، وأنه في ذلك مثل : البخاري ، ومسلم ، ومالك ، والشافعي ، وأحمد ، وسائر أصحاب الصحاح والمسانيد المعتمدين ... وأنّه إذا نسب إليه الحديث كأنّه قد أسند إلى النبي 6 ... وناهيك بهذا المقام من فخر لا يبارى وعظمة لا تجارى ، ووثوق لا يشق غباره ، واعتماد لا تلحق آثاره ...

٢ ـ ابن الأثير : « وأمّا كتاب رزين فأخبرنا به الشيخ الإمام العالم أبو جعفر المبارك بن أحمد بن رزين الحدّاد المقري الواسطي إجازة ، في سنة ٥٨٩ قال :

أخبرنا الإمام الحافظ أبو الحسن رزين بن معاوية العبدري كتابه في سنة ٥٢٣ » (١).

٣ ـ الذهبي : « وفيها مات ... الحافظ رزين بن معاوية العبدري بمكة » (٢).

__________________

(١) جامع الأصول ١ / ١٢٣.

(٢) دول الإسلام ، حوادث ٥٣٥. وانظر العبر ومرآة الجنان أيضا.


٤ ـ الخطيب التبريزي : « رزين بن معاوية العبدري هو أبو الحسن رزين ابن معاوية العبدري الحافظ ، صاحب كتاب التجريد في الجمع بين الصحاح. مات بعد العشرين وخمسمائة. ; تعالى » (١).

٥ ـ وقال القاري في رسالته ( الحظّ الأوفر في الحج الأكبر ) : « وأمّا إطلاق الحجّ الأكبر على حجّ مخصوص بطريق العموم على يوم عرفة إذا وافق يوم الجمعة على ما اشتهر على الألسنة ، وألسنة الخلق أقلام الحق فإنّما هو أمر آخر ، وصار اصطلاحا عرفيّا في الأثر ، لكن ما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن ، ومقصودنا في هذه الرّسالة ما يدل على تلك المسألة وما يترتب عليها من الأجوبة والأسئلة فنقول ـ وبالله التّوفيق وبيده أزمّة التحقيق ـ.

إنّه ذكر الإمام الزيلعي في شرح كنز الحقائق ـ وهو من جملة الأئمة الحنفيّة ، من أجلّة المحدّثين في الملّة الحنيفية ـ عن طلحة بن عبد الله ـ وهو أحد العشرة المبشّرة تغمدهم الله بالرضوان والمغفرة ـ أنّه صلّى الله عليه وسلّم قال : أفضل الأيام يوم عرفة إذا وافق يوم الجمعة ، وهو أفضل من سبعين حجّة في غير جمعة. رواه رزين بن معاوية في تجريد الصّحاح.

وأمّا ما ذكر بعض المحدّثين في إسناد هذا الحديث بأنّه ضعيف فعلى تقدير صحّته لا يضرّ في المقصود ، فإنّ الحديث الضعيف معتبر في فضائل الأعمال عند جميع العلماء من أرباب الكمال.

وأمّا قول بعض الجهّال بأن هذا الحديث موضوع ، فهو باطل مصنوع مردود عليه ومنقلب إليه ، لأنّ الإمام رزين بن معاوية العبدري من كبراء المحدّثين ومن علماء المخرجين ونقله سند معتمد عند المحققين ، قد ذكره في تجريد صحاح السّت ، فإن لم يكن روايته صحيحة فلا أقل من أنّها ضعيفة ، كيف وقد اعتضد بما ورد من أن العبادة تضاعف في يوم الجمعة مطلقا بسبعين

__________________

(١) الإكمال في أسماء الرجال ٣ / ٨٠٨.


ضعفا بل بمائة ضعف على ما سيأتي ».

(٤٤)

رواية النطنزي

ورواه أبو الفتح محمد بن علي بن إبراهيم النطنزي في كتابه ( الخصائص العلويّة ) (١) على ما في كتاب ( المناقب ) لابن شهر آشوب حيث قال في حديث الطير :

« قد رواه ابن بطة في الإبانة بطريقين ، والخطيب في تاريخ بغداد بسبعة طرق. وقد صنّف أحمد بن محمّد بن سعيد كتاب الطير ، ورواه الترمذي في جامعه ، والبلاذري في تاريخه ، وابن البيع في صحيحه ، وأبو يعلى في مسنده ، وأحمد في فضائله ، وأبو نعيم في حليته ، والنطنزي في خصائصه ... ».

ترجمته

و« النطنزي » من أعلام الحديث واللغة والأدب ، ترجم له وأثنى عليه :

١ ـ السمعاني ، ونصّ على قراءته عليه (٢).

٢ ـ الصفدي ، وأرّخ وفاته بحدود ٥٥٠ (٣).

٣ ـ ياقوت (٤).

__________________

(١) انظر : إيضاح المكنون ١ / ٤٣٠.

(٢) الأنساب ـ النطنزي.

(٣) الوافي بالوفيات ٤ / ١٦١.

(٤) معجم البلدان ـ نطنز.


(٤٥)

رواية الخطيب الخوارزمي المكّي

رواه الموفّق بن أحمد المكّي ، أخطب خطباء خوارزم ، فقال :

« وأخبرنا صمصمام الأئمة أبو عفان عثمان بن أحمد الصرام الخوارزمي ، أخبرني عماد الدين أبو بكر محمّد بن الحسن النسفي ، حدّثني الشيخ الفقيه أبو القاسم ميمون بن علي الميمون ، حدثني الشّيخ الزاهد أبو محمّد إسماعيل ابن الحسين ، حدّثني أبو الحسن القاضي علي بن الحسن بن علي بن مطرف الخرّاجي ـ ببغداد ـ حدّثني يحيى بن صاعد ، حدّثني إبراهيم بن سعيد الجوهري ، حدّثني أبو أحمد الحسين بن محمّد بن سليمان بن حزم ، عن محمّد بن شعيب ، عن داود بن علي بن عبد الله بن عباس ، عن أبيه ، عن جدّه عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال : أتي النبيّ 6 بطائر فقال : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك وإليّ ، فجائه علي بن أبي طالب 7 فقال : اللهم ... وإليّ.

وأخبرنا الشيخ الصالح العالم الأوحد أبو الفتح عبد الملك بن أبي القاسم بن أبي سهل الكروجي الهروي ، عن مشايخه الثلاثة : القاضي أبي عمر محمود بن القاسم الأزدي وأبي نصر عبد العزيز بن محمّد الترياقي وأبي بكر أحمد بن عبد الصمد الغورجي ثلاثتهم ، عن أبي محمّد بن عبد الجبار بن محمّد الجراحي ، عن أبي العباس محمّد بن أحمد المحبوبي ، عن الإمام الحافظ أبي عيسى محمّد بن عيسى الترمذي ، حدّثني سفيان ، عن وكيع ، حدّثني عبيد الله بن موسى ، عن عيسى بن عمر ، عن السدّي ، عن أنس بن مالك قال : كان عند النبيّ 6 طير فقال : اللهم ائتني بأحبّ


خلقك إليك وإليّ ليأكل معي من هذا الطير ، فجائه علي 7 فأكل معه.

قال 2 : أخرج أبو عيسى الترمذي هذا الحديث في جامعه ».

* وروى بإسناده خبر المناشدة في الشورى ، وجاء فيه مناشدة الإمام 7 القوم بحديث الطير ، وهذا هو النص :

« وأخبرني الشيخ الإمام شهاب الدين ، أفضل الحفّاظ ، أبو النجيب سعد ابن عبد الله بن الحسن الهمداني المعروف بالمروزي ـ فيما كتب إليّ من همدان ـ أخبرني الحافظ أبو علي الحسن بن أحمد بن الحسن الحداد ـ فيما أذن لي في الرواية عنه ـ أخبرني الشيخ الأديب أبو يعلى عبد الرزاق بن عمر بن إبراهيم الطهراني ـ سنة ثلاث وسبعين وأربعمائة ـ أخبرني الإمام الحافظ طراز المحدثين أبو بكر أحمد بن موسى بن مردويه الاصبهاني. قال الشيخ الإمام شهاب الدين أبو النجيب سعد بن عبد الله الهمداني : وأخبرنا بهذا الحديث عاليا الإمام الحافظ سليمان بن إبراهيم الاصبهاني ـ في كتابه إليّ من أصبهان سنة ٤٨٨ ـ عن أبي بكر أحمد بن موسى بن مردويه ، حدّثني سليمان بن محمّد ابن أحمد ، حدّثني يعلى بن سعد الرازي ، حدّثني محمّد بن حميد ، حدّثني زاهر بن سليمان بن الحرث بن محمّد ، عن أبي الطفيل عامر بن واثلة قال :

كنت مع علي في البيت يوم الشورى وسمعته يقول لهم : لأحتجنّ عليهم بما لا يستطيع عربيّكم ولا عجميّكم تغيير ذلك ثم قال :

أنشدكم الله أيها النفر جميعا : أفيكم أحد وحّد الله ، قبلي؟ قالوا : لا. قال : فأنشدكم الله هل منكم أحد له أخ مثل جعفر الطيّار في الجنّة مع الملائكة؟ قالوا : اللهم لا. قال : أنشدكم الله هل فيكم أحد له عم كعمّي حمزة أسد الله وأسد رسوله سيد الشهداء ، غيري؟ قالوا : اللهم لا. قال : أنشدكم بالله هل فيكم أحد له زوجة مثل زوجتي فاطمة بنت محمّد سيدة نساء أهل الجنّة ، غيري؟ قالوا : اللهم لا. قال : أنشدكم بالله هل فيكم أحد له سبطان مثل سبطيّ


الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنّة ، غيري؟ قالوا : اللهم لا. قال : فأنشدكم بالله هل فيكم أحد ناجى رسول الله 6 عشر مرات ، قدّم بين يدي نجواه صدقة ، قبلي؟ قالوا : اللهم لا. قال : فأنشدكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله : من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ، وانصر من نصره ، ليبلّغ الشاهد الغائب ، غيري؟ قالوا : اللهم لا. قال : فأنشدكم الله هل فيكم أحد قال له رسول الله 6 : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك وإليّ ، وأشدهم لك حبّا ولي حبّا ، يأكل معي من هذا الطير ، فأتاه وأكل معه ، غيري؟ قالوا : اللهم لا. قال : فأنشدكم الله هل فيكم أحد قال له رسول الله 6 : لأعطينّ الراية غدا رجلا يحبّ الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله ، لا يرجع حتى يفتح الله على يده ، إذ رجع غيري منهزما ، غيري؟ قالوا : اللهم لا. قال : فأنشدكم الله هل فيكم أحد قال فيه رسول الله لوفد بني وليعة : لتنتهينّ أو لأبعثنّ إليكم رجلا نفسه كنفسي وطاعته كطاعتي ومعصيته كمعصيتي ، يقتلكم بالسيف غيري؟ قالوا : اللهم لا. قال : فأنشدكم الله هل فيكم أحد قال رسول الله : كذب من زعم أنّه يحبني ويبغض هذا ، غيري؟ قالوا : اللهم لا. قال : فأنشدكم بالله هل فيكم أحد سلّم عليه في ساعة واحدة ثلاثة آلاف ملك من الملائكة منهم جبرئيل وميكائيل وإسرافيل ، حيث جئت بالماء إلى رسول الله من القليب ، غيري؟ قالوا : اللهم لا. قال : فأنشدكم الله هل فيكم أحد قال له جبرئيل : هذه هي المواساة ، فقال له رسول الله 6 : إنّه منّي وأنا منه ، وقال جبرئيل : وأنا منكما ، غيري؟ قالوا : اللهم لا. قال : فأنشدكم الله هل فيكم أحد نودي من السّماء : لا سيف إلاّ ذو الفقار ولا فتى إلاّ علي ، غيري؟ قالوا : اللهم لا. قال : فأنشدكم بالله هل فيكم أحد يقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين على لسان النبيّ ، غيري؟ قالوا : اللهم لا. قال : فأنشدكم الله هل فيكم أحد قال له رسول الله 6 إني


قاتلت على تنزيل القرآن وتقاتل على تأويل القرآن ، غيري؟ قالوا : اللهم لا. قال : فأنشدكم الله هل فيكم أحد ردّت عليه الشمس حتى صلّى العصر في وقتها ، غيري؟ قالوا : اللهم لا. قال : فأنشدكم بالله هل فيكم أحد أمره رسول الله أن يأخذ براءة من أبي بكر ، فقال أبو بكر : يا رسول الله نزل فيّ شيء؟ فقال : إنّه لا يؤدّي عنّي إلاّ علي ، غيري؟ قالوا : اللهم لا. قال : فأنشدكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله : لا يحبك إلاّ مؤمن ولا يبغضك إلاّ كافر ، غيري؟ قالوا : اللهم لا. قال : فأنشدكم بالله أتعلمون أنّه تعالى أمر بسدّ أبوابكم وفتح بابي ، فقلتم في ذلك ، فقال رسول الله : ما سددت أبوابكم ولا فتحت بابه ، بل الله سد أبوابك وفتح بابه ، غيري؟ قالوا : اللهم نعم. قال : فأنشدكم بالله أتعلمون أنّه ناجاني يوم الطائف دون الناس ، فأطال ذلك ، فقلتم : ناجاه دوننا ، فقال : ما أنا انتجيته ، بل الله انتجاه. غيري؟ قالوا : اللهم نعم. قال : فأنشدكم الله أتعلمون أن رسول الله 6 قال : الحق مع علي وعلي مع الحق يدور الحق مع علي كيف ما دار؟ قالوا : اللهم نعم. قال : فأنشدكم بالله أتعلمون أن رسول الله قال : إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي لن تضلّوا ما إن تمسكتم بهما ولن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض؟ قالوا : اللهم نعم. قال : فأنشدكم الله هل فيكم أحد وقى رسول فأنشدكم الله هل فيكم أحد بارز عمرو بن عبد ود العامري حيث دعاكم إلى البراز ، غيري؟ قالوا : اللهم لا. قال : فأنشدكم بالله هل فيكم أحد أنزل الله فيه آية التطهير حيث قال ( إِنَّما يُرِيدُ ) إلخ غيري؟ قالوا : اللهم لا. قال : فأنشدكم الله هل فيكم أحد قال له رسول الله : أنت سيد العرب ، غيري؟ قالوا : اللهم لا. قال : فأنشدكم الله هل فيكم أحد قال له رسول الله 6 : ما سألت الله شيئا إلاّ سألت لك ، غيري؟ قالوا : اللهم لا.

قال أبو الطفيل : كنت على الباب يوم الشورى ، فارتفعت الأصوات بينهم ، فسمعت عليا 7 يقول : بايع الناس أبا بكر وأنا ـ والله ـ أولى


بالأمر وأحق به منه ، فسمعت وأطعت مخافة أن يرجع الناس كفّارا يضرب بعضهم رقاب بعض بالسيف ، ثمّ بايع أبو بكر لعمر وأنا ـ والله ـ أحق بالأمر منه ، فسمعت وأطعت مخافة أن يرجع الناس كفّارا ، ثمّ أنتم تريدون أن تبايعوا لعثمان إذا لا أسمع ولا أطيع ، إن عمر جعلني في خمس نفر أنا سادسهم ، لأيم الله لا يعرف لي فضل في الصلاح ولا يعرفونه لي كما نحن فيه شرع سواء ، وأيم الله لو أشاء أن أتكلّم ثم لا يستطيع عربهم ولا عجمهم ولا المعاهد منهم ولا المشرك أن يرد خصلة منها ثم قال :

أنشدكم الله أيها الخمسة أمنكم أخو رسول الله 6 غيري؟ قالوا : لا. قال : أمنكم أحد له عم مثل عمّي حمزة بن عبد المطلب أسد الله وأسد رسوله ، غيري؟ قالوا : لا. قال : أمنكم أحد له ابن عم مثل ابن عمّي رسول الله 6؟ قالوا : لا. قال : أمنكم أحد له أخ مثل أخي المزيّن بالجناحين يطير مع الملائكة في الجنّة؟ قالوا : لا. قال : أمنكم زوجة مثل زوجتي فاطمة بنت رسول الله 6 سيدة نساء هذه الامة؟ قالوا : لا. قال : أمنكم أحد له سبطان مثل ولديّ الحسن والحسين سبطي هذه الامة ابني رسول الله 6 غيري؟ قالوا : لا. قال : أمنك أحد قتل مشركي قريش ، غيري؟ قالوا : لا. قال : أمنكم أحد وحدّ الله قبلي؟ قالوا : لا. قال : أمنكم أحد صلّى إلى القبلتين غيري؟ قالوا : لا. قال : أمنكم أحد أمر الله بمودّته ، غيري؟ قالوا : لا. قال : أمنكم أحد غسّل رسول الله 6 ، غيري؟ قالوا : لا. قال : أمنكم أحد سكن المسجد يمر فيه جنبا ، غيري؟ قالوا : لا. قال : أمنكم أحد ردّت عليه الشمس بعد غروبها حتى صلّى العصر ، غيري؟ قالوا : لا. قال : أمنكم أحد قال له رسول الله 6 حين قرّب إليه الطير فأعجبه : أللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطير ، فجئت وأنا لا أعلم ما كان من قوله ، فدخلت فقال : وإليّ يا ربّ وإليّ يا ربّ ، غيري؟


قالوا : لا. قال : أمنكم أحد كان أعظم عناء عن رسول الله 6 مني ، حتى اضطجعت على فراشه ووقيته بنفسي وبذلت مهجتي ، غيري؟ قالوا : لا. قال : أمنكم أحد كان يأخذ الخمس غيري وغير زوجتي فاطمة؟ قالوا : لا. قال : أمنكم أحد كان له سهم في الخاص وسهم في العام ، غيري؟ قالوا : لا. قال : أمنكم أحد يطهّره كتاب الله غيري حتى سدّ النبيّ أبواب المهاجرين وفتح بابي إليه ، حتى قام إليه عمّاه حمزة والعباس فقالا : يا رسول الله 6 : سددت أبوابنا وفتحت باب علي! فقال النبيّ 6 : ما أنا فتحت بابه ولا سددت أبوابكم ، بل الله فتح بابه وسدّ أبوابكم؟ قالوا : لا. قال : أمنكم أحد تمّم الله نوره من السماء حين قال ( فَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ ) غيري؟ قالوا : اللهم لا. قال : أمنكم أحد ناجى رسول الله 6 ستة عشر مرة غيري حين قال : ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً ) أعمل بها أحد غيري؟ قالوا : اللهم لا. قال : أمنكم أحد ولي غمض رسول الله ، غيري؟ قالوا : اللهم لا. قال : أمنكم أحد آخر عهده برسوله 6 حين وضعه في حفرته ، غيري؟ قالوا : لا » (١).

* وجاء حديث الطّير فيما ذكّر به عمرو بن العاص معاوية بن أبي سفيان من فضائل أمير المؤمنين 7 ، وذلك في كتاب وجّهه إليه جوابا لكتاب منه إليه.

وهذا هو نصّ الكتابين ، في رواية الخطيب الخوارزمي :

« فكتب إليه معاوية :

من معاوية بن أبي سفيان خليفة عثمان بن عفّان ، إمام المسلمين ذو النورين ختن المصطفى على ابنته ، وصاحب جيش العسرة ، وبئر دومة ،

__________________

(١) مناقب علي بن أبي طالب : ٢٢١ ـ ٢٢٥.


المعدوم الناصر ، الكثير الخاذل ، المحصور في منزله ، المقتول عطشا وظلما في محرابه ، المعذب بأسياف الفسقة. إلى عمرو بن العاص صاحب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وثقته وأمير عسكره بذات السلاسل ، المعظم رأيه ، المفخم تدبيره : أما بعد ، فلن يخفى عليك احتراق قلوب المؤمنين ، وما أصيبوا به من الفجيعة بدم عثمان ، وما ارتكب به جاره حسدا وبغيا بامتناعه من نصرته وخذلانه إياه ، واشيا به العامة عليه ، حتى قتلوه في محرابه ، فيا لها من مصيبة عمّت جميع المسلمين وفرضت عليهم طلب دمه من قتلته ، وأنا أدعوك إلى الحظ الأجزل من الثواب والنصيب الأوفر من حسن المآب ، بقتال من آوى قتلة عثمان.

فكتب إليه عمرو : من عمرو بن العاص صاحب رسول الله ، إلى معاوية ابن أبي سفيان : أما بعد ، فقد وصل إليّ كتابك ، فقرأته وفهمته ، فأما ما دعوتني إليه من خلع ربقة الإسلام من عنقي والتهور في الضلالة معك ، وإعانتي إياك على الباطل ، واختراط السيف في وجه علي ـ وهو أخو رسول الله ، ووصيّه ، ووارثه ، وقاضي دينه ، ومنجز وعده ، وزوج ابنته سيدة نساء أهل الجنّة ، وأبو السبطين الحسن والحسين سيّدي شباب أهل الجنّة ـ فلن يكون. وأما ما قلت : إنك خليفة عثمان ، فقد صدقت ولكن تبيّن اليوم عزلك عن خلافته ، وقد بويع لغيرك ، فزالت خلافتك. وأما ما عظّمتني به ونسبتني إليه من صحبة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأنى صاحب جيشه ، فلا أغتر بالتزكية ولا أميل بها عن الملة.

وأما ما نسبت أبا الحسن أخا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ووصيّه إلى البغي والحسد على عثمان وسميت الصحابة فسقة ، وزعمت أنّه أشلاهم على قتله ، فهذا كذب وغواية ، ويحك ـ يا معاوية ـ أما علمت أن أبا الحسن بذل نفسه بين يدي رسول الله 6 وبات على فراشه وهو صاحب السبق إلى الإسلام والهجرة. وقد قال فيه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : هو


منّي وأنا منه. وهو منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنه لا نبي بعدي. وقال فيه يوم غدير خم : ألا من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ، وانصر من نصره واخذل من خذله. هو الذي قال فيه يوم خيبر : لأعطينّ الرّاية رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله. وقال فيه يوم الطير : اللهم آتني بأحبّ خلقك إليك وإليّ ، فلمّا دخل إليه قال : إليّ وإليّ وإليّ. وقد قال فيه يوم بني النضير : علي قاتل الفجرة وإمام البررة منصور من نصره مخذول من خذله. وقال فيه : علي إمامكم بعدي. وأكّد القول عليّ وعليك وعلى خاصته وقال : إني مخلّف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي. وقد قال فيه : أنا مدينة العلم وعلي بابها.

وقد علمت ـ يا معاوية ـ ما أنزل الله تعالى في كتابه من الآيات المتلوات في فضائله التي لا يشاركه فيها أحد كقوله تعالى : ( يُوفُونَ بِالنَّذْرِ ) وقوله تعالى : ( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ ) وقوله تعالى : ( أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ ) وقوله تعالى : ( رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ ) وقوله تعالى : ( قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) وقد قال له رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : أما ترضى أن يكون سلمك سلمي وحربك حربي وتكون أخي وولي في الدنيا والآخر : يا أبا الحسن من أحبك فقد أحبني ومن أبغضك فقد أبغضني ، ومن أحبك أدخله الله الجنة ومن أبغضك أدخله الله النار.

وكتابك ـ يا معاوية الذي هذا جوابه ـ ليس مما ينخدع به من له عقل أو دين. والسلام.

ثمّ كتب إليه معاوية يعرض عليه الأموال والولايات ، وكتب في آخر كتابه هذا الشعر : ... » (١).

__________________

(١) مناقب علي بن أبي طالب : ١٢٩ ـ ١٣٠.


* وروى الخوارزمي المكّي حديث الطير بسند له قال :

« وأخبرنا الشيخ الزاهد الحافظ أبو الحسن علي بن أحمد العاصمي الخوارزمي ، أخبرني القاضي الإمام شيخ القضاة إسماعيل بن أحمد الواعظ ، أخبرني والدي أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي ، أخبرني أبو علي الحسين بن محمّد بن علي الرودباري ، أخبرني أبو بكر محمّد بن مردويه بن عباس بن سنان الرازي ، حدّثني أبو حاتم الرازي ، حدّثني عبيد الله بن موسى ، أخبرني إسماعيل الأزرق ، عن أنس بن مالك قال : اهدي لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم طير فقال : اللهم آتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطير ، فقلت : اللهم اجعله رجلا من الأنصار ، فجاء علي 7 فقلت : إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على حاجة قال : فذهب ثمّ جاء ، فقلت : إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على حاجة قال : فذهب ثمّ جاء ، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : افتح الباب ، ففتحت ، ثمّ دخل فقال له : ما حديثك يا علي؟ قال : يا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم هذا آخر ثلاث كرات قد أتيت ويردني أنس ، ويزعم أنّك على حاجة قال : النبيّ صلّى الله عليه وسلّم : ما حملك على ما صنعت يا أنس؟ قال : سمعت دعاك ، فأحببت أن يكون في رجل من قومي الأنصار ، فقال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم : إن الرجل ليحب قومه.

وللصاحب كافي الكفاة يمدح الإمام علي بن أبي طالب 7 :

يا أمير المؤمنين المرتضى

إن قلبي عندكم قد وقفا

كلّما جدّدت مدحي فيكم

قال ذو النصب تسبّ السلفا

من كمولاي علي زاهدا

طلّق الدنيا ثلاثا ووفى؟

من دعي للطير أن يأكله

ولنا في بعض هذا مكتفى

من وصي المصطفى عندكم

فوصي المصطفى من يصطفى » (١)

__________________

(١) مناقب علي بن أبي طالب : ٦٤ ـ ٦٥.


وقال الخطيب الخوارزمي :

وقال الصاحب كافي الكفاة يمدح أمير المؤمنين علي بن أبي طالب 7 :

هو البدر في هيجاء بدر وغيره

فرائصه من ذكره السيف ترعد

وكم خبر في خيبر قد رويتم

ولكنكم مثل النعام تشرد

وفي احد ولّى الرجال وسيفه

يسود وجه الكفر وهو مسود

علي له في الطير ما طار ذكره

وقامت به أعداؤه وهي تشهد

وما سدّ عن خير المساجد بابه

وأبوابهم إذ ذاك عنه تسدد

وزوجته الزهراء خير كريمة

لخير كريم فضلها ليس يجحد

وقال الصاحب أيضا في مدحه 7 :

ما لعلي العلى أشباه

لا والذي لا إله إلاّ هو

مبناه مبنى النبيّ تعرفه

وابناه عند التفاخر ابناه

إن عليا علا إلى شرف

لو رامه الوهم ذلّ مرقاه

أيا غداة الكساء لا تهنى

عن شرح علياه إذ تكساه

يا صحوة الطير تنبئ شرفا

فاز به لا ينال أقصاه

براءة اعلمي بلاغك من

أقعد عنه ومن تولاّه

يا مرحب الكفر من أذاقك من

حد الضبا ما كرهت ملقاه

يا عمرو من ذا الذي أنالك من

صارمه الحتف حين تلقاه

أما رأيتم محمّدا حذرا عليه

قد حاطه وربّاه

واختصه يافعا وآثره

واعتامه مخلصا وآخاه

زوجه بضعة النبوة إذ

رآه خير امرئ وأتقاه » (١)

__________________

(١) مناقب علي بن أبي طالب : ٢٤٠.


ونظم الخوارزمي هذه المأثرة في قصيدة له. قال :

هل أبصرت عيناك في المحراب

كأبي تراب من فتى محراب

لله درّ أبي تراب إنّه

أسد الحراب وزينة المحراب

هو ضارب وسيوفه كثواقب

هو مطعم وجفانه كجواب

هو ماهد الأرض الدماء ومطلع

شهب الأسنة في سماء تراب

هو قاصم الأصلاب غير مدافع

يوم الهياج وقاسم الأسلاب

إن النبيّ مدينة لعلومه

وعلي الهادي لها كالباب

لو لا علي ما اهتدى في مشكل

عمر الإصابة والهدى لصواب

قد نازع الطير النبيّ وردّه

من ردّه فاصدق وقل بكذاب » (١)

ترجمته

وتوجد ترجمة الخطيب المكّي الخوارزمي المتوفى سنة ٥٦٨ في بعض مجلّدات كتابنا ، ومن مصادرها :

١ ـ العقد الثمين في أعلام البلد الأمين ٧ / ٣١٠.

٢ ـ الجواهر المضيّة في طبقات الحنفية ٢ / ١٨٨.

٣ ـ إنباه الرواة على أنباء النحاة ٣ / ٣٣٢.

٤ ـ إعلام الأخيار بأعلام فقهاء مذهب النعمان المختار ـ مخطوط.

٥ ـ بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة : ٤٠١.

٦ ـ المختصر المحتاج إليه ١٥ / ٣٦٠.

ثمّ إنّ الخطيب الخوارزمي من أعلام تلامذة جار الله الزمخشري ، كما إنّه قد تخرّج به جماعة من الأعلام ، منهم : ناصر بن عبد السيّد المطرزي

__________________

(١) القصيدة مطبوعة في آخر المناقب.


الخوارزمي ، كما في وفيات الأعيان ، ومعجم الأدباء ، وغيرهما من المصادر بترجمة المطرزي المذكور.

(٤٦)

رواية الملاّ الأردبيلي

رواه في كتابه ( وسيلة المتعبّدين ) (١) كما ذكر الشيخ حسن بن محمّد بن علي السهمي في ( الأنوار البدريّة ) حيث قال : « وقد أخرجه الفرّاء في مصابيحه في الغريب ـ وهو قسم من الصحيح ـ وأخرجه صاحب جامع الأصول ، وأخرجه صاحب الوسيلة فيما خصّ به علي » (٢).

قلت : وهذا نصّ عبارته :

« قوله فيما خصّ به ـ عن أنس بن مالك 2 ـ قال : اهدي لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم طير فقال : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي ، فجاء علي ـ 2 ـ يستأذن قال أنس : وأحببت أن يكون من الأنصار ، فقلت لعلي : إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على حاجة مشغول ، فانصرف علي ، ثمّ قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي ، فعاد علي في الثالثة ، فقلت : إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على الحاجة ، قال : فدفعني ودخل ، فلما رآه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال : اللهم وال ، اللهم وال. وفي أخرى : فجاء علي ـ 2 ـ وأكل معه » (٣).

__________________

(١) قال كاشف الظنون : « وسيلة المتعبدين للشيخ الصالح عمر بن محمّد بن خضر الأردبيلي المتوفى سنة وهو الذي كان يعتقده نور الدين الشهيد ».

(٢) الأنوار البدرية في الردّ على رسالة الأعور الواسطي ـ مخطوط.

(٣) وسيلة المتعبدين ج ٥ ق ٢ ص ١٦٠.


ترجمته

والملاّ من أكابر الحفاظ المشهورين المستندين ، فقد أثنى عليه علماء أهل السنّة ، ووصفوه بالصلاح والديانة ، وجعلوه أسوة وقدوة لهم في عقائدهم وأعمالهم ... قال الحافظ الدمشقي الصالحي : « قال الإمام الحافظ أبو محمّد ابن عبد الرحمن بن إسماعيل المعروف بأبي شامة في كتابه ( الباعث على إنكار البدع والحوادث ) قال الربيع قال الشافعي ; تعالى : المحدثات من الأمور ضربان أحدهما : ما أحدث مما يخالف كتابا أو سنّة أو أثرا أو إجماعا. فهذه البدعة هي الضلالة. والثاني : ما أحدث من الخير لا خلاف فيه لأحد من هذا ، فهي محدثة غير مذمومة. قال عمر 2 في قيام رمضان : نعمة البدعة هذه. يعني أنها محدثة لم تكن. وإذا كانت فليس فيها ردّ لما مضى ، فالبدع الحسنة متفق على جواز فعلها ، والاستحباب لها ، ورجاء الثواب لمن حسنت نيّته فيها ، وهي كل مبتدع موافق للقواعد الشرعية ، غير مخالف لشيء منها ، ولا يلزم من فعله محذور شرعي ، وذلك نحو بناء المنائر والربط والمدارس وخانات السبيل ، وغير ذلك من أنواع البرّ التي لم تعهد في الصدر الأول ، فإنّه موافق لما جاءت به السنّة من اصطناع المعروف ، والمعاونة على البرّ والتقوى.

ومن أحسن البدع ما ابتدع في زماننا هذا من هذا القبيل : ما كان يفعل بمدينة إربل كلّ عام في اليوم الموافق ليوم مولد النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ، من الصدقات والمعروف ، وإظهار الزينة والسرور ، فإن ذلك ـ مع ما فيه من الإحسان إلى الفقراء ـ يشعر بمحبّة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم وتعظيمه وإجلاله في قلب فاعله ، وشكر الله تعالى على ما منّ به من إيجاد رسوله الذي هو رحمة للعاملين صلّى الله عليه وسلّم.

وكان أوّل من فعل بالموصل عمر بن محمّد الملاّ أحد الصالحين


المشهورين ، وبه اقتدى في ذلك صاحب إربل وغيره ، 4 تعالى ».

قلت : ومن أكابر العلماء والرجال الذين اقتدوا به. الحافظ السخاوي ، والحافظ ابن الجزري ، والحافظ أبو شامة ، وابن طغريل صاحب ( الدر المنتظم ) ، والشيخ ابن فضل ، ويوسف الحجّار ، وابن البطّاح ، والإمام جمال الدين ، والإمام ظهير الدين ، والشيخ نصير الدين ، والإمام الحافظ أبو محمّد ، والإمام العلاّمة صدر الدين ، والحافظ السيوطي ... وغيرهم ... هؤلاء كلّهم اقتدوا بالملاّ في إقامة الشعائر المذكورة يوم ميلاد الرسول 6 ، وناهيك بذلك من فضيلة جليلة ومنقبة جميلة ...

وقد أورد المولوي سلامة الله عبارة الحافظ الصالحي بطولها في كتابه ( إشباع الكلام ).

واعتمد على روايات الملاّ وأوردها كلّ من : الحافظ المحبّ الطبري والحافظ نور الدين السمهودي. بل استند إلى أحاديثه وتمسّك بها الكابلي في ( صواقعه ) و ( الدهلوي ) في ( تحفته ).

وكتابه ( وسيلة المتعبّدين ) من مشاهير الكتب المصنّفة في السّيرة النبويّة ، وقد ذكره ( الدهلوي ) في رسالته في ( أصول الحديث ) في عداد السيرة لابن إسحاق ، والسّيرة لابن هشام ...

وأورد صديق حسن خان كلام ( الدهلوي ) في كتابه ( الحطّة ).

(٤٧)

رواية ابن عساكر

روى الحديث بطرق جمّة بترجمة أمير المؤمنين 7 من


( تاريخه ) حيث قال :

« أخبرنا أبو القاسم ابن السمرقندي ، أخبر أبو الفتح هبة الله بن علي بن محمّد بن الطيب بن الجار القرشي الكوفي ببغداد ، أنبأنا أبو الحسن محمّد بن جعفر بن محمّد التميمي النحوي ـ يعرف بابن النجار الكوفي ـ أنبأنا أبو عبد الله محمّد بن القاسم بن زكريا المحاربي ، أنبأنا عباد بن يعقوب :

أنبأنا عيسى بن عبد الله بن محمّد بن عمر بن علي ، حدثني أبي ، عن أبيه ، عن جده ، عن علي قال : اهدي لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم طير يقال له الحبارى فوضعت بين يديه ـ وكان أنس بن مالك يحجبه ـ فرفع النبي صلّى الله عليه وسلّم يده إلى الله ثمّ قال : اللهم ائتني بأحبّ خلقك يأكل معي من هذا الطير. قال : فجاء علي فاستأذن فقال له أنس : إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على حاجة! فرجع ، ثمّ دعا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم [ الثانية فجاء علي فاستأذن فقال أنس : إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على حاجة ] فرجع!! ثمّ دعا الثالثة فجاء علي فأدخله ، فلمّا رآه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال : اللهم وإليّ. فأكل معه ، فلمّا كان رسول الله [ كذا ] صلّى الله عليه وسلّم خرج علي قال أنس : اتبعت عليا فقلت : يا أبا حسن استغفر لي فإن لي إليك ذنبا ، وإن عندي [ لك ] بشارة! فأخبرته بما كان من النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ، فحمد الله ، واستغفر لي ورضي عني ، أذهب ذنبي عنده بشارتي إياه.

أخبرنا أبو الأعز قراتكين بن الأسعد ، أنبأنا أبو محمد الجوهري ، أنبأنا أبو حفص عمر بن أحمد بن عثمان ، أنبأنا يحيى بن محمد بن صاعد ، أنبأنا إبراهيم بن سعيد الجوهري ، أنبأنا حسين بن محمد ، أنبأنا سليمان بن قرم ، عن محمّد بن شعيب :

عن داود بن علي بن عبد الله بن عباس ، عن أبيه ، عن جده ابن عباس قال : أتي النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بطائر فقال : اللهم ائتني برجل يحبه الله ورسوله. فجاء علي 7 فقال : اللهم وإليّ.


وأخبرناه أبو القاسم بن السمرقندي ، وأبو غالب أحمد بن علي بن الحسين ، قالا : أنبأنا أبو الحسين بن النقور ، أنبأنا محمّد بن عبد الله بن الحسن ، أنبأنا يحيى بن محمّد ، أنبأنا إبراهيم بن سعيد الجوهري ، أنبأنا أبو أحمد حسين بن محمّد ، أنبأنا سليمان بن قرم ، عن محمّد بن شعيب :

عن داود بن علي بن عبد الله بن عباس ، عن أبيه ، عن جدّه ابن عباس ، قال : أتي النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بطائر فقال : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك. فجاءه علي فقال : اللهم وإليّ.

أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني ـ بقراءتي ـ أنبأنا أبو محمّد عبد العزيز بن أحمد ، أنبأنا أبو الحسن علي بن موسى بن الحسين ، أنبأنا أبو الحسن علي بن عمر الدار قطني ، أنبأنا محمّد بن مخلد بن حفص العطّار ، أنبأنا حاتم بن الليث الجوهري ، أنبأنا عبد السلام بن راشد.

أنبأنا عبد الله بن المثّنى ، عن ثمامة ، عن أنس ، قال : أتي النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بطير فقال : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي منه. فجاء علي 7 فأكل معه.

ورواه غيره عن [ عبد الله ] بن المثنى ، عن عبد الله بن أنس :

أخبرتنا [ به ] أم المجتبى بنت ناصر ، قالت : قرئ على إبراهيم بن منصور ، أنبأنا أبو بكر بن المقري ، أنبأنا أبو يعلى ، أنبأنا قطن بن نسير ، أنبأنا جعفر بن سليمان الضبعي ، أنبأنا عبد الله بن المثنى :

عن عبد الله بن أنس ، عن أنس بن مالك ، قال : أهدي لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم حجل مشوي بخبزة وصبابة ، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطعام. فقالت عائشة : اللهم اجعله أبي. وقالت حفصة : اللهم اجعله أبي. قال أنس : وقلت : اللهم اجعله سعد بن عبادة ، قال أنس : فسمعت حركة بالباب فخرجت فإذا علي بالباب ، فقلت : إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على حاجة ، فانصرف


ثمّ سمعت حركة بالباب ، فخرجت فإذا علي بالباب ، فقلت : إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على حاجة فانصرف ، ثمّ سمعت حركة بالباب فسلّم علي فسمع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم صوته فقال : انظر من هذا. فخرجت فإذا هو علي ، فجئت إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : فأخبرته. فقال : ائذن له ، فدخل علي فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : اللهم وإليّ اللهم وإليّ.

أنبأنا أبو محمّد الجوهري ، أنبأنا أبو الفضل عبيد الله بن محمّد بن عبد الرحمن بن محمّد الزهري ، أنبأنا عبد الله بن إسحاق المدايني ، أنبأنا عبد القدوس بن محمّد بن شعيب الحبحاب ، حدّثني عمّي صالح بن عبد الكبير ابن شعيب ، حدّثني عبد الله بن زياد أبو العلاء :

عن سعيد بن المسيب ، عن أنس ، قال : اهدي إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم طير مشوي فقال : اللهم أدخل عليّ أحبّ أهل الأرض إليك يأكل معي. قال أنس : فجاء علي فحجبته ، ثمّ جاء ثانية فحجبته ، ثمّ جاء ثالثة فحجبته رجاء أن تكون الدعوة لرجل من قومي ، ثمّ جاء الرابعة فأذنت له ، فلمّا رآه النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ، قال : اللهم وأنا أحبه. فأكل معه من الطير.

[ وبالسند المتقدم ] قال : وأنبأنا عبد الله ، أنبأنا أبو هشام محمّد بن يزيد الرفاعي ، عن ابن فضيل :

عن مسلم الملائي ، عن أنس بن مالك ، قال : أهدت أم أيمن إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم طيرا مشويا ، فقال : اللهم أدخل [ عليّ ] من تحبه يأكل معي من هذا الطير. فجاء رجل فاستأذن وأنا على الباب ، فقلت : أنّه على حاجة ، فرجع ثمّ جاء الثانية فاستأذن فقلت : إنّه على حاجة! فرجع ثمّ جاء الثالثة فاستأذن فسمع [ النبيّ ] صوته فقال : ائذن له. [ قال : فأذنت له فجاءه ] وهو موضوع بين يديه ، فأكل [ معه ].

أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر ، أنبأنا أبو عثمان بن سعيد بن محمّد بن


أحمد البجيري ، أنبأنا زاهر بن أحمد ، أنبأنا محمّد بن نوح ، قال : قرئ على عبد القدوس بن محمّد بن شعيب ، أنبأنا عمّي صالح ، أنبأنا عبيد (١) الله بن زياد أبو العلاء ، عن علي بن زيد :

عن سعيد بن المسيب ، عن أنس بن مالك ، قال : اهدي لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم طير مشوي فقال : اللهم أدخل عليّ أحبّ خلقك إليك من أهل الأرض يأكل معي منه. قال أنس : فجاء علي فحجبته ، ثمّ جاء الثانية فحجبته ، ثمّ جاء الثالثة فحجبته رجاء أن تكون الدعوة لرجل من قومي ، ثمّ جاء الرابعة فأذنت له فدخل ، فلمّا رآه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، قال : اللهم إني أحبه. فأكل معه من ذلك الطير.

أخبرنا أبو الأعز قراتكين بن الأسعد ، أنبأنا أبو محمّد الجوهري ، أنبأنا أبو حفص ابن شاهين ، أنبأنا يحيى بن محمّد بن صاعد ، أنبأنا عبد القدوس بن محمّد بن عبد الكبير بن الحبحاب بالبصرة ، حدّثني عمّي صالح بن عبد الكبير ، أنبأنا عبد الله بن زياد أبو العلاء ، عن علي بن زيد :

عن سعيد بن المسيب ، عن أنس بن مالك ، قال : اهدي إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم طير مشوي فقال : اللهم أدخل عليّ أحبّ [ أهل ] الأرض إليك يأكل معي. قال أنس : فجاء علي بن أبي طالب فحجبته ، ثمّ جاء الثانية فحجبه أنس ، ثمّ جاء الثالثة فحجبه أنس رجاء أن تكون الدعوة لرجل من قومه! قال : ثمّ جاء الرابعة فأذن له ، فلمّا رآه النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ، قال : وأنا أحبّه. فأكل معه.

قال ابن شاهين : تفرّد بهذا الحديث عبد القدوس بن محمّد عن عمّه ، لا أعلم حدّث به غيره ، وهو حديث حسن غريب.

أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي ، أنبأنا أبو القاسم بن مسعدة ، أنبأنا

__________________

(١) في الحديث السابق عليه والآتي بعده : « عبد الله ».


حمزة بن يوسف ، أنبأنا أبو أحمد بن عدي ، أنبأنا جعفر بن أحمد بن عاصم.

حيلولة : وأنبأنا أبو محمّد ابن الأكفاني ، أنبأنا أبي أبو الحسين ، أنبأنا أبو الحسن ابن السمسار ، أنبأنا أبو الحسين أحمد بن علي بن إبراهيم الأنصاري ، أنبأنا أبو محمّد جعفر بن عاصم بن الرواس ، أنبأنا محمّد بن مصفى ، أنبأنا حفص بن عمر ، عن موسى بن سعد :

عن الحسن ، عن أنس ، قال : أتي النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بطير جبلي ، فقال : اللهم ائتني برجل يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله. فإذا علي يقرع الباب ، قال أنس : إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مشغول ـ زاد الأكفاني : قال : وكنت أحبّ أن يكون رجلا من الأنصار. وقالا : ـ ثمّ أتى الثانية ، فقال أنس : إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مشغول!! ثمّ أتى الثالثة فقال : يا أنس أدخله فقد عنيته! قال : فقال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم : اللهم وإليّ اللهم وإليّ.

أخبرناه عاليا أبو القاسم الشحامي ، أنبأنا أبو سعد الجنزرودي ، أنبأنا الحاكم أبو أحمد ، أنبأنا أبو عبد الله محمّد بن عمرو بن الحسن الأشعري بحمص ، أنبأنا محمّد بن مصفى ، أنبأنا حفص بن عمر العدني ، أنبأنا موسى ابن سعد البصري ، قال :

سمعت الحسن يقول : سمعت أنس بن مالك يقول : أهدي لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، طير فقال : اللهم ائتني برجل يحبه الله ويحبه رسوله.

قال أنس : فأتى علي فقرع الباب ، فقلت : إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مشغول ـ وكنت أحبّ أن يكون رجلا من الأنصار ـ ثمّ إن عليّا فعل مثل ذلك ، ثمّ أتى الثانية فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : يا أنس أدخله فقد عنيته! فلمّا أقبل إليه قال : اللهم إليّ اللهم إليّ.

أخبرنا أبو الأعز قراتكين بن الأسعد ، أنبأنا أبو محمّد الجوهري ، أنبأنا أبو حفص بن شاهين ، أنبأنا محمّد بن إبراهيم الأنماطي ، أنبأنا محمّد بن عمرو


ابن نافع ، أنبأنا علي بن الحسن [ الشامي ] أنبأنا خليد بن دعلج :

عن قتادة ، عن أنس ، قال قدّمت إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم طيرا مشويا فسمى وأكل منه ، ثمّ قال : اللهم ائتني بأحبّ الخلق إليك وإليّ. [ قال : ] فذكر الحديث.

أخبرنا أبو الفرح قرام بن زيد بن عيسى ، وأبو القاسم بن السمرقندي قالا : أنبأنا أبو الحسين بن النقور ، أنبأنا علي بن عمر بن محمّد الحربي ، أنبأنا أبو الحسن علي بن سراج المصري ، أنبأنا أبو محمّد فهد بن سليمان بن النحاس ، أنبأنا أحمد بن يزيد الورتنيس أنبأنا زهير :

أنبأنا عثمان الطويل ، عن أنس بن مالك ، قال : أهدي إلى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم طائر كان يعجبه أكله ، فقال : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي. فجاء علي فقال : استأذن [ لي ] على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. فقلت : ما عليه إذن ـ وكنت أحب أن يكون رجل من الأنصار ـ فذهب ثمّ رجع فقال : استأذن لي عليه. فسمع النبيّ صلّى الله عليه وسلّم كلامه فقال : ادخل يا علي ، ثمّ قال : اللهم وإليّ اللهم وإليّ.

أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي ، أنبأنا أبو الحسين بن النقور ، أنبأنا أبو سعد إسماعيل بن أحمد بن إبراهيم الإسماعيلي ، أنبأنا أبو جعفر محمّد بن علي بن دحيم ، أنبأنا أحمد بن حازم ، أنبأنا عبيد الله بن موسى ، أنبأنا سكين بن عبد العزيز :

عن ميمون أبي خلف ، حدثني أنس بن مالك ، قال : أهدي إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم نحامات فقال : اللهم وفق لي أحبّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطائر. قال أنس : قلت : اللهم اجعله رجلا من الأنصار. فجاء علي فضرب الباب ، قلت : إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على حاجة. قال فدفع الباب ثمّ دخل فقال [ رسول الله لمّا رآه : ] اللهم وإليّ.

قال الدار قطني : هذا حديث غريب ، من حديث ميمون أبي خلف عن


أنس ، تفرّد به سكين بن عبد العزيز عنه.

أخبرناه عاليا أبو عبد الله الخلال وفاطمة بنت ناصر ـ واللفظ للخلال ، قالا : أنبأنا إبراهيم بن منصور ، أنبأنا أبو بكر بن المقري ، أنبأنا أبو يعلى ، أنبأنا إبراهيم الشامي ، أنبأنا سكين :

أنبأنا ميمون الرفاء أبو خلف ، عن أنس بن مالك ، قال أهدي إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم نحامات ، فقال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم : [ اللهم ] وفق لي أحبّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطير. فقال أنس فقلت : اللهم اجعله رجلا من الأنصار. قال : فبينما أنا كذلك إذ جاء علي فضرب الباب ، فقلت : إن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم على حاجة ، فرجع فلم يلبث أن رجع فضرب الباب ، فقلت : إن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم على حاجة ، فرجع فلم يلبث أن رجع فضرب الباب ، فقلت إن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم على حاجة ، فرمى الباب ودخل ، فلمّا رآه النبي صلّى الله عليه وسلّم ، قال : اللهم وإليّ اللهم وإليّ.

أخبرنا أبو بكر محمّد بن أبي نصر بن أبي بكر ، أنبأنا أبو الخير محمّد بن أحمد بن محمّد بن عبد الله الإمام ، وأبو مسعود سليمان بن إبراهيم بن سليمان ، قالا : أنبأنا أبو الفرج عثمان بن أحمد بن إسحاق البرجي أنبأنا أبو جعفر محمّد بن عمر بن حفص الجورجيري ، أنبأنا أبو يعقوب إسحاق بن الفيض ، أنبأنا العناء بن [ كذا ] الجارود :

عن عبد العزيز بن زياد ، أن الحجاج بن يوسف دعا أنس بن مالك من البصرة فسأله عن علي بن أبي طالب ، فقال : أهدي للنبيّ صلّى الله عليه وسلّم طائر فأمر به فطبخ وصنع ، فقال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم : اللهم ائتني بأحبّ الخلق إليّ يأكل معي. فجاء علي فرددته ، ثمّ جاء ثانية فرددته ، ثمّ جاء الثالثة فرددته فقال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم : يا أنس إني قد دعوت ربّي وقد استجيب لي ، فانظر من كان بالباب فأدخله ، فخرجت فإذا أنا بعلي فأدخلته


فقال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم : إني قد دعوت ربّي أن يأتيني بأحبّ خلقه إليّ وقد استجيب لي فما حبسك؟ قال : يا نبيّ الله جئت أربع مرات كل ذلك يردني أنس ، قال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم : ما حملك على ذلك يا أنس؟ قال : قلت : يا نبيّ الله بأبي أنت وأمي ، إنّه ليس أحد إلاّ وهو يحب قومه ، وإن عليا جاء فأحببت أن يصيب دعاؤك رجلا من قومي ، قال : وكان النبيّ صلّى الله عليه وسلّم نبيّ الرحمة ، فسكت ولم يقل شيئا.

كتب إليّ أبو علي الحسن بن أحمد المقري في كتابه ، وحدثني أبو مسعود المعدل عنه ، أنبأنا أبو نعيم الحافظ ، أنبأنا أبو بكر بن خلاد ، أنبأنا محمّد بن هارون بن مجمع ، أنبأنا الحجاج بن يوسف بن قتيبة ، أنبأنا بشر بن الحسين :

عن الزبير بن عدي ، عن أنس بن مالك ، قال : أهدي إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم طير مشوي ، فلمّا وضع بين يديه قال : اللهم ائتني بأحبّ خلقك يأكل معي من هذا الطير. فقرع الباب فقلت : من هذا؟ فقال : علي فقلت : إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على حاجة ، الحديث.

أخبرنا أبو بكر محمّد بن الحسين ، أنبأنا أبو الحسين بن المهتدي ، أنبأنا أبو القاسم عبيد الله بن أحمد بن علي الصيدلاني ، أنبأنا محمّد بن مخلد بن حفص العطار قال أبو العيناء [ كذا ] أنبأنا أبو عاصم :

عن أبي الهندي ، عن أنس ، قال : أتي النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بطير ، فقال : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك. فجاء علي. فقال : اللهم وإليّ.

كتب إليّ أبو بكر أحمد بن المظفر بن الحسن بن سوسن التمار ، وأخبرني أبو طاهر محمّد بن أبي بكر بن عبد الله عنه ، أنبأنا أبو علي الحسن بن أحمد بن إبراهيم بن شاذان ، أنبأنا أبو بكر محمّد بن جعفر بن محمّد الآدمي القارئ ، أنبأنا محمّد بن القاسم مولى بني هاشم.

وأخبرنا أبو طاهر أيضا وأبو محمّد بختيار بن عبد الله الهندي ، قالا : أنبأنا


أبو سعد محمّد بن عبد الملك بن عبد القاهر الأسدي ، أنبأنا أبو علي بن شاذان.

حيلولة : وأخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، وأبو الحسن علي بن أحمد ، وأبو منصور بن زريق ، أنبأنا أبو بكر الخطيب ، أنبأنا الحسن بن أبي بكر ، أنبأنا أبو بكر محمّد بن العباس بن النجيح ، أنبأنا محمّد بن القاسم النحوي أبو عبد الله ، أنبأنا أبو عاصم :

عن أبي الهندي ، عن أنس قال : أتي النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بطائر فقال : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي. ـ زاد الآدمي : جئني بأحبّ خلقك إليك يأكله معي. وقال الآدمي : وإليك وإليّ يأكل معي ـ [ قال ] فجاء علي فحجبته ـ وفي حديث الخطيب : فحجبه مرتين فجاء في الثالثة. وقال الآدمي : فحجبته ـ ثمّ جاء الثانية فحجبته ، ثمّ الثالثة ـ وقالا : ـ فأذنت له ، فقال [ النبيّ ] يا علي ما حبسك؟ قال : هذه ثلاث مرات قد جئتها ـ وقال الآدمي : قد جئت ـ فحجبني أنس. قال : لم يا أنس؟ قال : سمعت دعوتك يا رسول الله. ـ وقال الآدمي : قلت : لأني سمعت دعوتك. وقالا : ـ فأحببت أن يكون رجلا من قومي. فقال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم : الرجل يحبّ قومه.

أخبرنا أبو علي الحسن بن المظفر ، وأبو عبد الله الحسين بن محمّد بن عبد الوهاب ، وأم البهاء فاطمة بنت علي بن الحسين بن جدا ، قالوا : أنبأنا محمّد بن علي بن علي ، أنبأنا علي بن عمر بن محمّد ، أنبأنا أبو محمّد عبد الله ابن إسحاق المدائني ـ سنة عشر وثلاثمائة ـ أنبأنا عبد الله بن علي بن الحسن ، أنبأنا محمّد بن علي.

أنبأنا الحكم بن محمّد بن سليم ، عن أنس بن مالك ، قال : أهدي لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم طير مشوي ، فقال : اللهم أدخل عليّ من تحبه وأحبه يأكل معي من هذا الطير فجاء علي بن أبي طالب ، فقلت : إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على حاجة ، فرجع ثمّ قال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم :


اللهم أدخل ـ زاد ابن السبط : عليّ. وقالوا : ـ من تحبه وأحبّه يأكل معي من هذا الطير. فجاء علي بن أبي طالب ، فقلت : إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على حاجة فرجع ثمّ قال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم : اللهم أدخل ـ زاد ابن السبط : عليّ ـ من تحبه وأحبّه يأكل معي من هذا الطير. فجاء علي بن أبي طالب ، فقلت : إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : على حاجة ، فدفعني ودخل فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ما بّطأ بك يا ابن أبي طالب؟ قال : قد جئت ثلاث مرّات كل ذلك يردني أنس. قال : ما حملك على هذا يا أنس؟ قلت : يا رسول الله سمعتك تدعو فأحببت أن يكون رجلا من قومي. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : لست بأوّل رجل أحبّ قومه.

أخبرنا أبو غالب بن البناء ، أنبأنا أبو الحسين بن الآبنوسي ، أنبأنا أبو الحسن الدار قطني ، أنبأنا محمّد بن مخلد بن حفص ، أنبأنا حاتم بن الليث ، أنبأنا عبيد الله بن موسى ، عن عيسى بن عمر القاري :

عن السدي [ قال ] أنبأنا أنس بن مالك ، قال : أهدي إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أطيار ، فقسمها وترك طيرا فقال : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطير. فجاء علي بن أبي طالب ، فدخل يأكل معه من ذلك الطير.

قال الدار قطني : تفرّد به عيسى بن عمر ، عن السدي.

أخبرنا أبو المظفر ابن القشيري ، أنبأنا أبو سعد الأديب ، أنبأنا أبو عمرو الحيري.

حيلولة : وأخبرتنا أم المجتبى فاطمة بنت ناصر ، قالت : قرئ على إبراهيم بن منصور ، أنبأنا أبو بكر ابن المقرئ قالا : أنبأنا أبو يعلى ، أنبأنا الحسن بن حمّاد ـ زاد ابن المقرئ : الورّاق ـ أنبأنا مسهر بن عبد الملك بن سلع ـ وهو ثقة ـ أنبأنا ـ وقال ابن المقرئ : عن عيسى بن عمر :

عن إسماعيل السدي عن أنس ـ زاد ابن حمدان : ابن مالك ـ أنّ النبيّ


صلّى الله عليه وسلّم كان عنده طائر فقال : اللهم ائتني بأحبّ خلقك يأكل معي من هذا الطير. ـ فجاء أبو بكر فردّه ، ثمّ جاء عمر ـ وقال الحيري : عثمان ـ فردّه ، ثمّ جاء علي فأذن له.

أخبرنا أبو القاسم ابن السمرقندي ، أنبأنا أبو الحسين عاصم بن الحسن ، أنبأنا أبو العباس ابن عقدة ، أنبأنا محمّد بن أحمد بن الحسن ، أنبأنا يوسف بن عدي ، أنبأنا حمّاد بن المختار الكوفي :

أنبأنا عبد الملك بن عمير ، عن أنس بن مالك قال : أهدي لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم طائر فرفع بين يديه ، فقال : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي. قال : فجاء علي بن أبي طالب فدق الباب فقلت : من ذا؟ قال : أنا علي. فقلت : أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم على حاجة ، حتى فعل ذلك ثلاثا ، فجاء الرابعة فضرب الباب برجله ، فدخل ، فقال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم : ما حبسك؟ قال : قد جئت ثلاث مرات [ ومنعني أنس ]. فقال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم : ما حملك على ذلك [ يا أنس ]؟ قال : قلت : كنت أحبّ أن يكون رجلا من قومي.

أخبرنا أبو القاسم ابن السمرقندي ، أنبأنا أبو محمّد أحمد بن علي بن الحسن بن أبي عثمان ، وأبو طاهر أحمد بن محمّد بن إبراهيم.

حيلولة : وأخبرنا أبو عبد الله محمّد بن أحمد ، أنبأنا أبي أبو طاهر ، قالا : أنبأنا أبو طاهر قالا : أنبأنا أبو القاسم إسماعيل بن الحسن بن عبد الله ، أنبأنا حمزة بن القاسم الهاشمي ، أنبأنا محمّد بن الهيثم ، أنبأنا يوسف بن عدي ، أنبأنا حمّاد بن المختار من أهل الكوفة :

عن عبد الملك بن عمير ، عن أنس قال : أهدي لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم طائر فوضع بين يديه فقال : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك ليأكل. قال : فجاء علي فدق الباب فقلت : من ذا؟ فقال : أنا علي. فقلت : النبيّ صلّى الله عليه وسلّم على حاجة ، فرجع ثلاث مرات كل ذلك يجيء فأقول له


ذلك فيذهب ، حتى جاء في المرة الرابعة ، فقلت له مثل ما قلت في الثلاث مرات قال : فضرب الباب برجله فدخل فقال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم : ما حبسك؟ قال : قد جئت ثلاث مرّات كل ذلك يقول [ أنس ] : النبيّ صلّى الله عليه وسلّم على حاجة فقال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم [ يا أنس ] ما حملك على ذلك؟ قال : كنت أحبّ أن يكون رجلا من قومي.

أخبرنا أبو سعد بن أبي صالح ، أنبأنا أبو بكر بن خلف ، أنبأنا أبو عبد الله الحافظ ، أنبأنا عبدان بن يزيد بن يعقوب الدقاق بهمدان ، أنبأنا إبراهيم بن الحسين الكسائي ، أنبأنا أبو توبة الربيع بن نافع الحلبي ، أنبأنا حسين بن سليمان :

عن عبد الملك بن عمير ، قال : كنا عند أنس بن مالك فدخل علينا محمّد بن الحجاج يشتم علي بن أبي طالب ، قال [ أنس ] : ويحك أنت الشاتم عليا؟ كنت خادما للنبيّ صلّى الله عليه وسلّم إذ أهدي له طائر.

[ قال : ] فذكر الحديث بطوله. قال الحاكم : لم نكتبه إلاّ بهذا الإسناد.

أخبرنا أبو عبد الله الفراوي ، وأبو القاسم زاهر الشحامي ، قالا : أنبأنا أبو يعلى الصابوني ، أنبأنا أبو سعيد الرّازي ، أنبأنا محمّد بن أيوب الرازي ، أنبأنا مسلم بن إبراهيم ، أنبأنا الحرث بن نبهان :

أنبأنا إسماعيل ـ رجل من أهل الكوفة ـ عن أنس بن مالك : إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أهدي له طير ، ففرّق بعضها في نسائه ووضع بعضها بين يديه ، فقال : اللهم سق أحب خلقك إليك يأكل معي.

قال : وذكر حديث الطير.

أخبرنا أبو القاسم بن مندويه ، أنبأنا أبو الحسن علي بن محمّد ، أنبأنا أبو الحسن أحمد بن محمّد بن موسى ، أنبأنا أبو العباس ابن عقدة ، أنبأنا أحمد بن يحيى بن زكريا ، أنبأنا إسماعيل بن أبان :

أنبأنا عبد الله بن مسلم الملائي ، عن أبيه عن أنس ، قال : أهدت أم أيمن


إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم طيرا مشويا فقال : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي منه. فجاء علي فأكل معه.

أخبرتنا ـ أعلا من هذه أو أتم ـ أم المجتبى فاطمة العلوية ، قالت : قرئ على إبراهيم بن منصور ، أنبأنا أبو بكر بن المقري ، أنبأنا أبو يعلى ، أنبأنا أبو هشام ، أنبأنا ابن فضيل :

أنبأنا مسلم الملائي ، عن أنس [ بن مالك ] قال : أهدت أم أيمن إلى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم طيرا مشويا فقال : اللهم ائتني بمن تحبه يأكل معي من هذا الطير. قال أنس فجاء علي فاستأذن ، فسمع النبيّ صلّى الله عليه وسلّم صوته فقال : ائذن له. فدخل وهو موضوع بين يديه ، فأكل منه ، وحمد الله.

أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسن بن سعيد ، أنبأنا أبو النجم بدر بن عبد الله الشيحي ، [ كذا ] أنبأنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت ، أنبأنا التنوخي ، أنبأنا أبو الطيب ظفران بن الحسن بن الفيرزان النخاس المعروف بالفأفاء ـ سنة أربع وثمانين وثلاث مائة ـ أنبأنا أبو هارون موسى بن محمّد بن هارون الأنصاري ، أنبأنا أحمد بن محمّد بن عاصم الرازي ، أنبأنا حفص بن عمر المهرقاني.

حيلولة : قال : وأنبأنا أبو بكر عبد القاهر بن محمّد بن عترة الموصلي ، أنبأنا أبو هارون موسى بن محمّد الأنصاري الزرقي ، أنبأنا أحمد بن علي الخراز ، أنبأنا محمّد بن عاصم الرازي ، أنبأنا حفص بن عمر المهرقاني ، أنبأنا النجم بن بشير ، عن إسماعيل بن سليمان الرازي ـ أخي إسحاق بن سليمان ـ عن عبد الملك بن أبي سليمان :

عن عطاء ، عن أنس بن مالك ، قال : أتي النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بطائر فقال : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطائر. فجاء علي بن أبي طالب فدق الباب. وذكر الحديث.


أخبرنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمّد ، أنبأنا أبو الحسن الحسن آبادي ، أنبأنا أحمد بن محمّد ، أنبأنا أبو العباس الكوفي ، أنبأنا محمّد ابن سالم بن عبد الرحمن الطحان الأزدي ، أنبأنا أحمد بن النضر بن الربيع بن سعد مولى جعفر بن علي ، حدثني سليمان بن قرم ، عن محمّد بن علي السلمي :

عن أبي حذيفة العقيلي ، عن أنس بن مالك ، قال : كنت أنا وزيد بن أرقم نتناوب [ باب ] النبيّ صلّى الله عليه وسلّم فأتته أم أيمن بطير أهدي له من الليل ، فلمّا أصبح أتته بفضله ، فقال : ما هذا؟ قالت : فضل الطير الذي أكلت البارحة. فقال : أما علمت أن كل صباح يأتي برزقه؟ اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطير. قال : فقلت : اللهم اجعله من الأنصار. قال :

فنظرت فإذا علي قد أقبل فقلت له : إنّما دخل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الساعة فوضع ثيابه ، فسمعني أكلّمه فقال : من هذا الذي تكلّمه؟ قلت علي. فلمّا نظر إليه قال : اللهم أحب خلقك إليك وإليّ.

وروي عن سفينة عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم :

أخبرنا أبو محمّد بن طاوس ، أنبأنا أبو الغنائم بن أبي عثمان ، أنبأنا أبو محمّد عبد الله بن عبيد الله بن يحيى ، أنبأنا أبو عبد الله المحاملي ، أنبأنا عبد الأعلى بن واصل ، أنبأنا عون بن سلام ، أنبأنا سهل بن شعيب :

عن بريدة بن سفيان ، عن سفينة ـ وكان خادما لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم ـ قال : أهدي لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم طوائر قال : فرفعت أم أيمن بعضها ، فلمّا أصبحت أتته بها فقال : ما هذا يا أم أيمن؟ فقالت : هذا بعض ما أهدي لك أمس. فقال : أولم أنهاك أن ترفعي لأحد أو لغد طعاما ، إن لكل غد رزقه. ثمّ قال : اللهم وإليّ إليّ.

أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي ، وأبو عبد الله الحسين بن ظفر بن


الحسين الناطقي ، قالا : أنبأنا أبو الحسين بن النقور ، أنبأنا أبو طاهر المخلص ، أنبأنا أبو القاسم البغوي ، أنبأنا يونس بن أرقم ، أنبأنا مطير :

عن ثابت البجلي ، عن سفينة مولى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، قال : أهدت امرأة من الأنصار إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم طائرين بين رغيفين ، ولم يكن في البيت غيري وغير أنس ، فجاء رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فدعا بغدائه ، فقلت : يا رسول الله قد أهدت لك امرأة من الأنصار هدية ، فقدمت الطائرين إليه ، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك وإلى رسولك. فجاء علي بن أبي طالب فضرب الباب ضربا خفيفا فقلت من هذا؟ قال : أبو الحسن ، ثمّ ضرب الباب ورفع صوته ، فقال صلّى الله عليه وسلّم : من هذا؟ قلت : علي بن أبي طالب. قال : افتح له ، ففتحت له فأكل معه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من الطيرين حتى فنيا.

وأخبرتنا به أم المجتبى قالت : قرئ على إبراهيم ، أنبأنا ابن المقرئ أنبأنا أبو يعلى ، أنبأنا عبيد الله القواريري ، أنبأنا يونس بن أرقم ، أنبأنا مطير بن أبي خالد :

عن ثابت البجلي ، عن سفينة ـ صاحب دار النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ـ قال : أهدت امرأة من الأنصار إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم طيرين بين رغيفين ، وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في المسجد [ و ] لم يكن في البيت غيري وغير أنس بن مالك ، فجاء رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فدعا بالغذاء فقلت : يا رسول الله قد أهدت لك امرأة هدية ، فقدّمت إليه الطيرين فقال : اللهم ائتني بأحبّ خلقك ـ أحسبه قال : إليك وإلى رسولك. ـ قال فجاء علي فضرب الباب ضربا خفيفا فقلت من هذا؟ قال أبو الحسن ، ثمّ ضرب ورفع صوته فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : من هذا؟ قلت : علي. قال : افتح له. ففتحت [ له الباب ] فأكل مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من الطيرين حتى فنيا ».


ترجمته

١ ـ ياقوت : « هو أبو القاسم علي بن الحسن ... الشّافعي. الحافظ. أحد أئمة الحديث المشهورين ، والعلماء المذكورين. ولد في المحرم سنة ٤٩٩. ومات في الحادي عشر من رجب سنة ٥٧١ » (١).

٢ ـ ابن خلكان : « الحافظ أبو القاسم ... الملقب ثقة الدين. كان محدّث الشام في وقته ، ومن أعيان الفقهاء الشافعية. غلب عليه الحديث فاشتهر به ، وبالغ في طلبه إلى أن جمع منه ما لم يتّفق لغيره. ورحل وطوّف وجاب البلاد ولقي المشايخ ، وكان رفيق الحافظ أبي سعد عبد الكريم بن السمعاني في الرحلة ، وكان حافظا ديّنا ، جمع بين معرفة المتون والأسانيد ... وكان حسن الكلام على الأحاديث ، محظوظا في الجمع والتأليف ، صنّف التاريخ الكبير لدمشق في ثمانين مجلدة ، أتى فيه بالعجائب ، وهو على نسق تاريخ بغداد ... » (٢).

٣ ـ الذهبي : « ابن عساكر ـ الإمام الحافظ الكبير ، محدّث الشام ، فخر الأئمة ثقة الدين ... قال السمعاني : أبو القاسم ، حافظ ، ثقة ، متقن ، ديّن ، خيّر ، حسن السمت ، جمع بين معرفة المتن والإسناد ، كان كثير العلم غزير الفضل صحيح القراءة مثبتا ، رحل وتعب وبالغ في الطلب ، وجمع ما لم يجمعه غيره ، وأربى على الأقران ...

قال سعد الخير : ما رأيت في سنن ابن عساكر مثله.

قال القاسم ابن عساكر : سمعت التاج المسعودي يقول : سمعت أبا العلاء الهمداني يقول لرجل استأذنه في الرحلة : إن عرفت أحدا أفضل مني

__________________

(١) معجم الأدباء ١٣ / ٧٣.

(٢) وفيات الأعيان ٣ / ٣٠٩.


حينئذ آذن لك أن تسافر إليه ، إلاّ أن تسافر إلى ابن عساكر فإنه حافظ كما يجب. حدّثني أبو المواهب بن صصري قال : لمّا دخلت همدان قال لي الحافظ : أنا أعلم أنّه لا يساجل الحافظ أبا القاسم في شأنه أحد.

سمعت أبا الحسن علي بن محمّد الحافظ سمعت الحافظ أبا محمّد المنذري يقول : سألت شيخنا أبا الحسين علي بن المفضل عن أربعة تعاصروا أيّهم أحفظ؟ فقال : من؟ قلت : الحافظ ابن ناصر وابن عساكر. فقال : ابن عساكر أحفظ. قلت : الحافظ أبو العلاء وابن عساكر. قال : ابن عساكر أحفظ.

قلت : الحافظ أبو طاهر السلفي وابن عساكر. فقال : السلفي شيخنا ، السلفي شيخنا.

قلت : يعني أنّه ما أحبّ أن يصرّح بتفضيل ابن عساكر على السلفي فإنّه شيخه. ثمّ أبو موسى أحفظ من السلفي مع أن السلفي من بحور الحديث وعلمائه. وكان شيخنا أبو الحجاج يميل إلى ابن عساكر ويقول : ما رأى حافظا مثل نفسه.

قال الحافظ عبد القادر : ما رأيت أحفظ من ابن عساكر.

وقال ابن النجار : أبو القاسم إمام المحدثين في وقته ، انتهت إليه الرياسة في الحفظ والإتقان والنقل والمعرفة التامة ، وبه ختم هذا الشأن.

فقرأت بخطّ الحافظ معمر بن الفاخر في معجمه : ثنا الحافظ أبو القاسم الدمشقي بمنى ـ وكان أحفظ من رأيت من طلبة الحديث والشأن. وكان شيخنا إسماعيل بن محمّد الإمام يفضّله على جميع من لقيناهم ، قدم أصبهان ونزل في داري وما رأيت شابا أورع ولا أحفظ ولا أتقن منه ... » (١).

٤ ـ اليافعي : « الفقيه ، الإمام ، المحدّث البارع ، الحافظ المتقن ، الضابط ذو العلم الواسع ، شيخ الإسلام ومحدث الشام ، ناصر السنّة قامع

__________________

(١) تذكرة الحفّاظ ٤ / ١٣٢٨.


البدعة ، زين الحفّاظ وبحر العلوم الزاخر ، ورئيس المحدثين ، المقرّ له بالتقدم ، العارف الماهر ، ثقة الدين أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله ابن عساكر ، الذي اشتهر في زمانه بعلوّ شأنه ولم ير مثله في أقرانه ، الجامع بين المعقول والمنقول ، والمميّز بين الصحيح والمعلول ، كان محدّث زمانه ومن أعيان الفقهاء الشافعية ... » (١).

٥ ـ السبكي : « الإمام الجليل ، حافظ الامة ، أبو القاسم ابن عساكر ، هو الشيخ الإمام ناصر السنّة وخادمها ، وهازم جند الشيطان بعساكر اجتهاده وهادمها ، إمام أهل الحديث في زمانه ، وختام الجهابذة الحفّاظ ولا ينكر أحد منهم مكين مكانه ، محطّ رحال الطالبين وموئل ذوي الهمم من الراغبين ، الأوحد الذي أجمعت الامة عليه ، والواصل إلى ما لا تطمح الآمال إليه ...

ولد في مستهل رجب سنة ٤٩٩ ، وسمع خلائق ، وعدة شيوخه ألف وثلاثمائة شيخ ، ومن النساء بضع وثمانون امرأة. وارتحل إلى العراق ومكّة والمدينة ، وارتحل إلى بلاد العجم ... ولمّا دخل بغداد أعجب به العراقيون وقالوا : ما رأينا مثله ، وكذلك قال مشيخة الخراسانيين.

وقال شيخه أبو الفتح المختار بن عبد الحميد : قدم علينا أبو علي ابن الوزير فقلنا : ما رأينا مثله ، ثمّ قدم علينا أبو سعد ابن السمعاني فقلنا : ما رأينا مثله ، حتى قدم علينا هذا فلم نر مثله.

وقال فيه الشيخ محي الدين النووي ـ ومن خطه نقلت ـ هو حافظ الشام بل هو حافظ الدنيا ، الإمام مطلقا ، الثقة الثبت ... » (٢).

٦ ـ الأسنوي ... كذلك (٣).

__________________

(١) مرآة الجنان ٣ / ٣٩٣.

(٢) طبقات الشافعية ٧ / ٢١٥.

(٣) طبقات الشافعية ٢ / ٢١٦.


٧ ـ وابن قاضي شهبة ... (١).

٨ ـ السيّوطي : « ابن عساكر ، الإمام الكبير ، حافظ الشام ، بل حافظ الدنيا ، الثقة الثبت الحجة ، ثقة الدنيا ... وكان من كبار الحفّاظ المتقنين ، من أهل الدين والخير ، غزير العلم ، كثير الفضل ، جمع بين معرفة المتن والإسناد ، وأملى مجالس متينة ... » (٢).

٩ ـ أبو الفداء : « الحافظ أبو القاسم ... كان إماما في الحديث من أعيان الشافعيّة ، صنّف تاريخ دمشق في ثمانين مجلدة » (٣).

١٠ ـ ابن الوردي : « الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله بن عساكر الدمشقي نور الدين. من أعيان الشافعية والمحدّثين ... » (٤)

(٤٨)

رواية مجد الدين المبارك ابن الأثير

روى حديث الطير من فضائل الإمام 7 حيث قال :

« أنس قال : كان عند رسول الله صلّى الله عليه وسلّم طير ، فقال : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي هذا الطائر. فجاء علي فأكل معه.

أخرجه الترمذي. وقال رزين : قال أبو عيسى : في هذا الحديث قصة ، وفي آخرها : إن أنسا قال لعلي : استغفر لي ولك عني بشارة ، ففعل فأخبره بقول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. انتهى » (٥).

__________________

(١) طبقات الشافعية ١ / ٣٤٥.

(٢) طبقات الحفّاظ : ٤٧٤.

(٣) المختصر في أخبار البشر ٣ / ٥٩.

(٤) تتمة المختصر في أخبار البشر ٢ / ١٣٢.

(٥) جامع الأصول ٩ / ٤٧١.


ترجمته

١ ـ ابن الأثير : « وفيها في سلخ ذي الحجة توفي أخي مجد الدين أبو السعادات المبارك بن محمّد بن محمّد بن عبد الكريم الكاتب. مولده في أحد الربيعين سنة أربع وأربعين. وكان عالما في عدة علوم منها : الفقه والاصولان والنحو والحديث واللغة. وله تصانيف مشهورة في التفسير والحديث والنحو والحساب وغريب الحديث. وله رسائل مدوّنة. وكان كاتبا مفلقا يضرب به المثل ، ذا دين متين ، ولزوم طريق مستقيم ، ; ورضى عنه ، فلقد كان من محاسن الزمان ، ولعلّ من يقف على ما ذكرته يتّهمني في قولي ، ومن عرفه من أهل عصرنا يعلم إني مقصّر » (١).

٢ ـ ابن خلكان نقلا عن ابن المستوفي : « اشتهر العلماء ذكرا وأكبر النبلاء قدرا ، وأحد الفضلاء المشار إليهم ، وفرد الأماثل المعتمد في الأمور عليهم ... » (٢).

٣ ـ الذهبي ، ووصفه بالعلاّمة (٣).

٤ ـ أبو الفداء : « وكان عالما بالفقه والأصولين والنحو والحديث واللغة. وله تصانيف مشهورة : وكان كاتبا مفلقا » (٤).

وهكذا تجد ترجمته والثناء عليه في كتب أخرى منها :

١ ـ سير أعلام النبلاء ٢١ / ٤٨٨.

٢ ـ معجم الأدباء ٦ / ٢٣٨.

٣ ـ العبر ٥ / ١٩.

__________________

(١) الكامل ١٢ / ١٢٠.

(٢) وفيات الأعيان ٤ / ١٤١.

(٣) العبر ٥ / ١٩ دول الإسلام ٢ / ٨٤.

(٤) المختصر في أحوال البشر ٣ / ١١٨.


٤ ـ طبقات السبكي ٥ / ١٥٣.

٥ ـ بغية الوعاة ٢ / ٢٧٤.

٦ ـ شذرات الذهب ٥ / ٢٢.

(٤٩)

رواية أبي الحسن علي ابن الأثير

روى حديث الطير بترجمة أمير المؤمنين 7 بأسانيده عن أنس ابن مالك حيث قال ما نصّه :

« أنبأنا المنصور بن أبي الحسن الفقيه ، بإسناده إلى أبي يعلى قال : حدّثنا الحسن بن حمّاد ، حدّثنا مسهر بن عبد الملك ، حدّثنا عيسى بن عمر ، عن السدي ، عن أنس بن مالك : إن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان عنده طائر فقال : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطائر ، فجاء أبو بكر فردّه ، فجاء عمر فردّه ، فجاء عثمان فردّه. فجاء علي فأذن له. ذكر أبي بكر وعمر وعثمان في هذا الحديث غريب جدا.

وقد روى من غير وجه عن أنس. ورواه غير أنس من الصّحابة.

أنا أبو الفرج الثقفي ، أنبأنا الحسن بن عيسى ، حدّثنا الحسن بن أحمد ـ وأنا حاضر أسمع ـ أنبأنا أحمد بن عبد الله الحافظ ، ثنا محمّد بن إسحاق بن إبراهيم الأهوازي ، حدّثنا الحسن بن عيسى ، ثنا الحسن بن السميدع ، ثنا موسى بن أبي أيوب ، عن شعيب بن إسحاق ، عن أبي حنيفة ، عن مسعر ، عن حماد ، عن إبراهيم عن أنس قال : أهدي إلى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم طير فقال : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك. فجاء علي فأكل معه.

تفرد به شعيب عن أبي حنيفة.

أخبرنا محمّد بن أبي الفتح بن الحسن النقّاش الواسطي ، ثنا أبو روح عبد


المعز بن محمّد بن أبي الفضل البزاز ، أنبأنا زاهر بن طاهر الشحامي ، أنا أبو سعيد الكنجرودي أخبرنا الحاكم أبو أحمد ، أنا عبد الله محمّد بن عمرو بن الحسين الأشعري بحمص ، نا محمّد بن مصفى ، نا حفص بن عمر المعرّي ، نا موسى بن سعد البصري قال : سمعت الحسن يقول : سمعت أنس بن مالك يقول : أهدي لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم طير فقال : اللهم ائتني برجل يحبّه الله ويحبّه رسوله. قال أنس : فأتى علي فقرع الباب. فقلت : إن رسول الله مشغول ـ وكنت أحبّ أن يكون رجلا من الأنصار ـ ثمّ إن عليا فعل مثل ذلك ، ثمّ أتى الثالثة ، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : يا أنس ، أدخله فقد عنيته. فلمّا أقبل قال : اللهم وإليّ ، اللهم وإليّ.

وقد رواه عن أنس غير من ذكرنا : حميد الطويل ، وأبو الهندي ، ويغنم ابن سالم ـ يغنم بالياء تحتها نقطتان والغين المعجمة والنون وآخره ميم. وهو اسم مفرد. والله أعلم » (١).

ترجمته

١ ـ ابن خلكان : « أبو الحسن علي بن أبي الكرم محمّد بن محمّد بن عبد الكريم بن عبد الواحد الشيباني ، المعروف بابن الأثير الجزري ، الملقب عزّ الدين ... كان إماما في حفظ الحديث ومعرفته وما يتعلّق به ، وحافظا للتواريخ المتقدمة والمتأخرة ، وخبيرا بأنساب العرب وأخبارهم وأيامهم ووقائعهم ... ولمّا وصلت إلى حلب في أواخر سنة ٦٢٦ كان عزّ الدين المذكور مقيما بها ... فاجتمعت به فوجدته رجلا مكمّلا في الفضائل وكرم الأخلاق وكثرة التواضع ، فلازمت التردّد إليه ...

وتوفي في شعبان سنة : ٦٣٠ ... » (٢).

__________________

(١) أسد الغابة ٤ / ٣٠.

(٢) وفيات الأعيان ٣ / ٣٤٨.


٢ ـ الذهبي : « ابن الأثير ، الإمام العلاّمة الحافظ فخر العلماء عز الدين أبو الحسن ... المحدّث اللغوي ، صاحب التاريخ. ومعرفة الصحابة وغير ذلك ... وكان مكمّلا في الفضائل ، علاّمة ، نسّابة ، أخباريا ، عارفا بالرجال وأنسابهم ولا سيّما الصحابة ، مع الأمانة والتواضع والكرم ... » (١).

٣ ـ اليافعي : « الإمام الحافظ ، ابن الأثير أبو الحسن ... » (٢).

٤ ـ الأسنوي : « ... فأمّا عز الدين فكان محدّثا حافظا ، ومؤرخا ... » (٣).

٥ ـ السيوطي : « ابن الأثير ، الإمام العلاّمة الحافظ ... » (٤).

وكذا ترجم له في ( المختصر ) و ( العبر ) و ( دول الإسلام ) و ( روضة المناظر ) في حوادث سنة ٦٣٠.

(٥٠)

رواية محبّ الدّين ابن النّجار

روى حديث الطّير في ( ذيل تاريخ بغداد ) بترجمة « سهل بن عبيد بن سورة الخراساني الأصبهاني » على ما نقل عنه. حيث قال عن سهل المذكور أنّه :

« حدّث عن إسماعيل بن هارون عن الصعق بن حرب عن مطر الورّاق قال : أهدي للنبيّ صلّى الله عليه وسلّم طير يقال له النحام ، فأكله واستطابه وقال : اللهم أدخل إليّ أحبّ خلقك إليك ـ وأنس رضي الله تعالى عنه ،

__________________

(١) تذكرة الحفّاظ ٤ / ١٣٩٩.

(٢) مرآة الجنان ـ حوادث ٦٣٠.

(٣) طبقات الشافعية ١ / ٧١.

(٤) طبقات الحفّاظ : ٤٩٥.


بالباب ـ فجاء علي رضي الله تعالى عنه ، فقال : يا أنس ، استأذن لي على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. فقال : إنّه على حاجة ، فدفع صدره ودخل ، فقال رضي الله تعالى عنه : يوشك أن يحال بيننا وبين رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، فلمّا رآه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال : اللهم وال من ولاه ».

وستعلم روايته من عدّة من الكتب أيضا.

ترجمته

١ ـ الذهبي : « ابن النجار ، الحافظ الإمام البارع مؤرّخ العصر ، مفيد العراق ، محبّ الدين أبو عبد الله محمّد بن محمود بن الحسن بن هبة الله بن محاسن بن النجار البغدادي ، صاحب التصانيف. ولد سنة ٥٧٨ ... وكان من أعيان الحفّاظ الثقات ، مع الدين والصيانة والفهم وسعة الرّواية ... واشتملت مشيخته على ثلاثة آلاف شيخ ... وكان من محاسن الدنيا. توفي في خامس شعبان سنة ٦٤٣ » (١).

٢ ـ ابن شاكر : « الحافظ الكبير محبّ الدين ابن النجار البغدادي صاحب التاريخ ـ وكان إماما ثقة حجة مقريا مجوّدا حسن المحاضرة كيّسا متواضعا ... » (٢).

٣ ـ الصفدي : « وكان إماما ثقة حجة ... » (٣).

٤ ـ اليافعي : « الحافظ الكبير ... وكان ثقة متقنا ، واسع الحفظ ، تام المعرفة » (٤).

__________________

(١) تذكرة الحفّاظ ٤ / ١٤٢٨ وأنظر العبر ، دول الإسلام ـ حوادث ٦٤٣.

(٢) فوات الوفيات ٤ / ٣٦.

(٣) الوافي بالوفيات ٥ / ٩.

(٤) مرآة الجنان. حوادث ٦٤٣.


٥ ـ الأسنوي : « كان إماما حافظا » (١).

(٥١)

رواية محمّد بن طلحة

رواه في كتابه ( مطالب السؤول ) بقوله :

« وقال صلّى الله عليه وسلّم يوما ـ وقد أحضر إليه طير ليأكله ـ اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي هذا الطير ، فجاء علي فأكل معه منه. وكان أنس حاضرا يسمع قول النبي صلّى الله عليه وسلّم قبل المجيء ، فبعد ذلك جاء أنس إلى علي فقال : استغفر لي ولك عندي بشارة. ففعل. فأخبره بقول النبي صلّى الله عليه وسلّم » (٢).

ترجمته

توجد ترجمة أبي سالم محمّد بن طلحة ومآثره الفاخرة في :

١ ـ مرآة الجنان ٢ / ١٢٨.

٢ ـ طبقات الأسنوي ٢ / ٥٠٣.

٣ ـ طبقات ابن قاضي شهبة ٢ / ٥٣.

٤ ـ سير أعلام النبلاء ٢٣ / ٢٩٣.

٦ ـ العبر ٥ / ٢١٣.

وهذه عبارة ابن قاضي شهبة : « محمّد بن طلحة بن محمّد بن الحسن ، الشيخ كمال الدين ، أبو سالم القرشي العدوي النصيبي ... مصنّف كتاب

__________________

(١) طبقات الشافعية ٢ / ٥٠٢.

(٢) مطالب السؤول : ٤٢.


العقد الفريد ، أحد الصدور والرؤساء المعظميّن ولد سنة ٥٨٢ وتفقّه وشارك في العلوم ، وكان فقيها بارعا عارفا بالمذهب والأصول والخلاف ، ترسّل عن الملوك ، وساد وتقدّم ، وسمع الحديث ، وحدّث في بلاد كثيرة ... قال السيد عز الدين : أفتى وصنّف ، وكان أحد العلماء المشهورين والرؤساء المذكورين ... توفي في حلب في رجب سنة ٦٥٢ ودفن في المقام ».

وقد اعتمد جماعة من الأعلام على رواياته وكلماته في كتابه ( مطالب السؤول ) ومنهم : الكنجي الشافعي في ( كفاية الطالب ) والبدخشاني في ( مفتاح النجا ) ... وقد مدح هو نفسه كتابه المذكور في خطبته ... فراجعه.

(٥٢)

رواية سبط ابن الجوزي

ورواه أبو المظفّر سبط ابن الجوزي حيث قال في ذكر أحاديث فضائل الإمام 7 : « وأمّا السنّة فأخبار. فنبتدئ منها بما ثبت في الصحيح والمشاهير من الآثار ...

حديث الطائر :

وقد أخرجه : أحمد في الفضائل ، والترمذي في السنن.

فأمّا أحمد فأسنده إلى سفينة مولى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ـ واسمه مهران ـ قال : أهدت امرأة من الأنصار إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم طيرا بين رغيفين ، فقدّمته إلى رسول الله ـ وفي رواية : طيرين بين رغيفين ـ فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك. فإذا بالباب يفتح ، فدخل علي فأكل معه.

وأمّا الترمذي فقال : ثنا سفيان بن وكيع ، عن عبيد الله بن موسى ، عن


عيسى بن عمر ، عن السدّي ، عن أنس بن مالك قال : كان عند النبيّ صلّى الله عليه وسلّم طير فقال : اللهم ائتني بأحبّ خلقك يأكل معي من هذا الطائر ، فجاء علي فأكل معه.

قال الترمذي : السدّي اسمه : إسماعيل بن عبد الرحمن ، سمع من أنس بن مالك ، ورأى الحسين بن علي ، ووثّقه سفيان الثوري وشعبة ويحيى بن سعيد القطان وغيرهم.

قلت : إنّما ذكر الترمذي هذا في تعديل السدّي ، لأن جماعة تعصّبوا عليه ليبطلوا هذا الحديث ، فعدّله الترمذي.

وقال الحاكم أبو عبد الله النيسابوري : حديث الطائر صحيح ، يلزم البخاري ومسلما إخراجه في صحيحيهما ، لأنّه من شرطهما » (١).

ترجمته

وسبط ابن الجوزي من كبار الحفّاظ المشهورين العلماء الاعلام المعتمدين ، فقد ترجم له ووصفه بذلك ، واعتمد على رواياته وأقواله مشاهير الأئمة في الكتب المختلفة ، وقد أوردنا طرفا من ذلك في قسم ( حديث النور ) ومن مصادر ترجمته الكتب التالية :

١ ـ وفيات الأعيان ٣ / ١٤٢.

٢ ـ فوات الوفيات ٤ / ٣٥٦.

٣ ـ ذيل مرآة الزمان ١ / ٣٩.

٤ ـ المختصر في أحوال البشر ٣ / ٢٠٦.

٥ ـ تتمة المختصر في أحوال البشر ٢ / ٢٨٦.

٦ ـ العبر ٥ / ٢٢٠.

٧ ـ طبقات المفسرين ٢ / ٢٨٣.

__________________

(١) تذكرة خواص الامة : ٣٨ ـ ٣٩.


٨ ـ مرآة الجنان ٤ / ١٣٦.

٩ ـ الجواهر المضيّة في طبقات الحنفيّة ٢ / ٢٣٠.

١٠ ـ البداية والنهاية ١٣ / ١٩٤.

١١ ـ النجوم الزاهرة ٧ / ٣٩.

١٢ ـ النجوم الزاهرة ٧ / ٣٩.

١٣ ـ سير أعلام النبلاء ٢٣ / ٢٩٦.

هذا ، ولا يخفى على أهل العلم أنّ ( الدّهلوي ) أيضا ممّن يعتمد على سبط ابن الجوزي ويستند إلى روايته ، في نفس كتابه ( التحفة ).

(٥٣)

رواية الكنجي الشّافعي

رواه في باب عقده لنقله بأسانيده قائلا :

« الباب الثالث والثلاثون ـ في حديث الطائر :

أخبرنا منصور بن محمّد أبو غالب المراتبي بها ، أخبرنا أبو الفرج بن أبي الحسين الحافظ ، أخبرنا أحمد بن محمّد السدّي ، أخبرنا علي بن عمر بن محمّد السكري ، أخبرنا أبو الحسن علي بن السراج المصري ، حدّثنا أبو محمّد فهد بن سليمان النحاس ، حدّثنا أحمد بن يزيد ، حدّثنا زهير ، حدّثنا عثمان الطويل ، عن أنس بن مالك ، أهدي إلى رسول الله 6 طائر وكان يعجبه أكله ، فقال : ائتني بأحبّ الخلق يأكل معي من هذا الطائر ، فجاء علي بن أبي طالب فقال : استأذن على رسول الله ، قال : فقلت ما عليه إذن ـ وكنت أحب أن يكون رجلا من الأنصار ـ فذهب ، ثمّ رجع فقال : استأذن لي عليه ، فسمع النبيّ 6 كلامه فقال : ادخل يا علي ،


ثمّ قال : اللهم وإليّ اللهم وإليّ.

أخبرنا الشيخ العلاّمة أبو محمّد عبد الله بن أبي الوفا محمّد بن الحسن الباذرائي الحافظ ، عن الحافظ أبي محمّد عبد العزيز بن محمود بن الأخضر قال : أخبرنا أبو الفتح عبد الملك بن أبي القاسم بن أبي سهل الهروي ، أخبرنا أحمد بن عبد الصمد بن أبي الفضل بن أبي حامد ، والقاضي أبو عامر محمود ابن القاسم الأزدي ، وأبو نصر عبد العزيز بن محمّد بن إبراهيم الترياقي ، قالوا : أخبرنا أبو محمّد عبد الجبار بن محمّد بن عبد الله بن أبي الجراح المروزي ، أخبرنا أبو العباس محمّد بن أحمد بن محبوب ، أخبرنا الحافظ أبو عيسى محمّد ابن عيسى الترمذي ، حدّثنا سفيان بن وكيع ، حدّثنا عبيد الله بن موسى عن عيسى ابن عمر ، عن السدّي ، عن أنس بن مالك ، قال : كان عند النبي 6 طير فقال : اللهم ائتني بأحبّ الخلق إليك يأكل معي هذا الطائر ، فجاء علي فأكل معه.

قلت : هكذا أخرجه الترمذي في جامعه ، وهو أحد الصحاح الستّة.

وقد صحّح الترمذي سماع السدّي من أنس ، ووثقه أحمد بن حنبل وسفيان الثوري ، وشعبة ، وعبد الرحمن بن مهدي ، ويحيى بن سعيد القطان.

وقال الحاكم النيسابوري : حديث الطائر يلزم البخاري ومسلم إخراجه في صحيحيهما لأن رجاله ثقات.

وأخبرنا إبراهيم بن بركات بن إبراهيم الخشوعي ، أخبرنا الحافظ أبو القاسم ، أخبرنا أبو القاسم السمرقندي ، أخبرنا أبو محمّد أحمد بن علي بن الحسن بن أبي عثمان ، وأبو طاهر أحمد بن محمّد بن إبراهيم ، قالا : أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن الحسن بن عبد الله ، حدّثنا حمزة بن القاسم الهاشمي ، حدّثنا محمّد بن الهيثم ، حدّثنا يوسف بن عدي ، حدّثنا حماد بن المختار عن عبد الملك بن عمير ، عن أنس قال : أهدي لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم طائر فوضع بين يديه ، فقال : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي ، فجاء


علي فدّق الباب فقلت : من ذا؟ فقال : أنا علي ، فقلت : إنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم على حاجة ، فرجع ، ثلاث مرات كل ذلك يجيء ، قال : فضرب الباب برجله فدخل ، فقال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم : ما حبسك؟ قال : جئت ثلاث مرات كل ذلك يقول النبيّ صلّى الله عليه وسلّم على حاجة.

فقال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم : ما حملك على ذلك؟ قال قلت : كنت أحب أن يكون رجلا من قومي.

قلت : هكذا رواه الحافظ في تاريخه وطرّقه عن جماعة من الصحابة والتابعين.

أخبرنا شيخ الشيوخ أبو البركات عبد الرحمن بن أبي الحسن عبد اللطيف بن إسماعيل بن أبي السعيد الصوفي ـ قراءة عليه وأنا أسمع ببغداد ـ أخبرنا أبو الفتح عبيد الله بن عبد الله بن شاتيل ، أخبرنا أحمد بن المظفر بن الحسين بن سوسن ، أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد بن شاذان ، أخبرنا محمّد ابن العباس بن نجيح ، حدّثنا محمّد بن القاسم النحوي ، حدّثنا أبو عاصم ، عن أبي الهندي ، عن أنس ، قال : أتي النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بطائر فقال : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي ، فجاء علي فحجبته مرتين ، فجاء في الثالثة فأذنت له ، فقال : يا علي ما حبسك؟ قال : هذه ثلاث مرات قد جئتها فحبسني أنس ، قال : لم يا أنس؟ قال : سمعت دعوتك يا رسول الله فأحببت أن يكون رجلا من قومي. فقال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم : الرجل يحب قومه.

قلت : رزقناه عاليا ، ذكره ابن نجيح البزاز في الأوّل من منتقى أبي حفص عمر البصري.

وقد رواه أيضا سفينة مولى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، كما أخبرتنا الشيخة الصالحة شرف النساء ، وابنة الإمام أبي الحسن أحمد بن عبد الله بن علي الأبنوسي إجازة.


وحدّثني عنها الإمام الحافظ أبو محمّد الحسين بن الحافظ عبد الله بن الحافظ عبد الغني من لفظه ، قالت : أخبرنا والدي أبو الحسن ، أخبرنا أبو الغنائم محمّد بن علي بن الحسن الدقاق ، أخبرنا أبو محمّد بن البيع ، أخبرنا أبو عبد الله المحاملي ، حدّثنا عبد الأعلى بن واصل ، حدّثنا عون بن سلام ، حدّثنا سهل بن شعيب ، عن بريدة بن سفيان ، عن سفينة ـ وكان خادما لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم ـ قال : أهدي لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم طوائر. قال : فرفعت له أم أيمن بعضها فلمّا أصبح أتته بها ، فقال : ما هذا أم أيمن؟ فقالت : هذا بعض ما أهدي لك أمس. قال : أو لم أنهك أن ترفعي لأحد أو لغد طعاما ، إن لكلّ غد رزقه ثمّ قال : اللهم أدخل لي أحبّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطائر ، فدخل علي فقال : اللهم وإليّ.

قلت : رواه المحاملي في الجزء التاسع من أماليه ، كما أخرجناه سواه ، وفيه دلالة واضحة على أن عليا 7 أحبّ الخلق إلى الله ، وأدل الدلالة على ذلك دعاء النبيّ صلّى الله عليه وسلّم فيما دعا به.

وقد وعد الله تعالى من دعاه بالاجابة ، حيث قال عزّ وجلّ ( ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ) فأمر بالدعاء ووعد بالإجابة ، وهو عزّ وجلّ لا يخلف الميعاد. وما كان الله عزّ وجلّ ليخلف وعده رسله ولا يرد دعاء رسوله لأحب الخلق إليه ، ومن أقرب الوسائل إلى الله تعالى محبته ومحبة من يحب لحبه ، كما أنشدني بعض أهل العلم في معناه :

بالخمسة الغرّ من قريش

وسادس القوم جبرئيل

بحبهم ربّ فاعف عني

بحسن ظني بك الجميل

العدد الموسوم في هذا البيت أراد بهم أهل البيت أصحاب العباء الذين قال الله تعالى في حقهم : ( لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) وهم محمّد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، وعلي ، وفاطمة ، والحسن ، والحسين صلوات الله عليهم وسادس القوم جبرئيل 7.


وحديث أنس الذي صدّرته في أوّل الباب أخرجه الحاكم أبو عبد الله الحافظ النيسابوري عن ستة وثمانين رجلا ، كلهم رووه عن أنس ، وهذا ترتيبهم على حروف المعجم.

ـ أ ـ

إبراهيم بن هدبة أبو هدبة ، وإبراهيم بن مهاجر أبو إسحاق البجلي ، وإسماعيل بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب ، وإسماعيل بن عبد الرحمن السدّي ، وإسماعيل بن سليمان بن المغيرة الأزرق ، وإسماعيل بن وردان ، وإسماعيل بن سليمان ، وإسماعيل غير منسوب من أهل الكوفة ، وإسماعيل بن سليمان التيمي ، وإسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ، وأبان بن أبي عياش أبو إسماعيل.

ـ ب ـ

بسام الصيرفي الكوفي ، وبرذعة بن عبد الرحمن.

ـ ث ـ

ثابت بن أسلم البنانيان ، وثمامة بن عبد الله بن أنس.

ـ ج ـ

جعفر بن سليمان الضبعي.

ـ ح ـ

حسن بن أبي الحسن البصري ، وحسن بن الحكم البجلي ، وحميد بن التيرويه الطويل.

ـ خ ـ

خالد بن عبيد أبو عاصم.

ـ ز ـ

الزبير بن عدي ، وزياد بن محمّد الثقفي ، وزياد بن ثروان.


ـ س ـ

سعيد بن المسيب ، وسعيد بن ميسرة البكري ، وسليمان بن طرخان التيمي ، وسليمان بن مهران الأعمش ، وسليمان بن عامر بن عبد الله بن عباس ، وسليمان بن الحجاج الطائفي.

ـ ش ـ

شقيق بن أبي عبد الله.

ـ ع ـ

عبد الله بن أنس بن مالك ، وعبد الملك بن عمير ، وعبد الملك بن أبي سليمان ، وعبد العزيز بن زياد ، وعبد الأعلى بن عامر الثعلبي ، وعمر بن أبي حفص الثقفي ، وعمر بن سليم البجلي ، وعمر بن يعلى الثقفي ، وعثمان الطويل ، وعلي بن أبي رافع ، وعامر بن شراحيل الشعبي ، وعمران بن مسلم الطائي ، وعمران بن هيثم ، وعطية بن سعد العوفي ، وعباد بن عبد الصمد ، وعيسى بن طهمان ، وعمار بن أبي معاوية الدهني.

ـ ف ـ

فضيل بن غزوان.

ـ ق ـ

قتادة بن دعامة.

ـ ك‍ ـ

كلثوم بن جبر.

ـ م ـ

محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب : ، ومحمّد بن مسلم الزهري ، ومحمّد بن عمر بن علقمة ، ومحمّد بن عبد الرحمن أبو الرجال ، ومحمّد بن خالد بن المنتصر الثقفي ، ومحمّد بن سليم ، ومحمّد ابن مالك الثقفي ، ومحمّد بن جحادة ، ومطير بن أبي خالد ، ومعلّى بن هلال ،


وميمون أبو خلف ، وميمون غير منسوب ، ومسلم الملائي ، ومطر بن طهمان الوراق ، وميمون بن مهران ، ومسلم بن كيسان ، وميمون بن جابر السلمي ، وموسى بن عبد الله الجهني ، ومصعب بن سليمان الأنصاري.

ـ ن ـ

نافع مولى عبد الله بن عمر ، ونافع أبو هرمز.

ـ ه‍ ـ

هلال بن سويد.

ـ ي ـ

يحيى بن سعيد الأنصاري ، ويحيى بن هاني ، ويوسف بن إبراهيم ، ويوسف أبو شيبة ـ وقيل هما واحد ـ ويزيد بن سفيان ، ويعلى بن مرّة ، ويغنم ابن سالم.

ـ أبو ـ

أبو الهندي ، وأبو مليح ، وأبو داود السبيعي ، وأبو حمزة الواسطي ، وأبو حذيفة العقيلي ، ورجل من آل عقيل ، وشيخ غير منسوب.

ورواه عن أنس وسفينة الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب 7 :

أخبرنا أبو بكر محمّد بن سعيد بن الموفق ، أخبرنا أبو زرعة ، أخبرنا أبو بكر بن خلف ، أخبرنا الحاكم أبو عبد الله ، أخبرني أبو القاسم الحسن بن محمّد ابن الحسن السكوني بالكوفة ، حدّثني محمّد بن إبراهيم الفزاري ، حدّثنا أحمد ابن موسى بن إسحاق ، حدّثنا عيسى بن عبد الله.

قال الحاكم : وأخبرنا علي بن عبد الرحمن بن عيسى ، حدّثنا محمّد بن إبراهيم العامري ، حدّثنا محمّد بن راشد ، حدّثنا عيسى بن عبد الله بن محمّد ابن عمر بن علي بن أبي طالب ، عن أبيه ، عن جدّه عمر بن علي بن أبي طالب 7 قال :


أهدي إلى رسول الله 6 طير ـ يقال له الحبارى ـ وكان أنس بن مالك يحجبه ، فلمّا وضع بين يديه قال : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطير ، قال أنس : أريد أن يأكله رسول الله 6 وحده ، فجاء علي فقلت : رسول الله نائم ، ثمّ قال : فرفع يده ثانية وقال : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطير ، فجاء علي فقلت : رسول الله نائم ، قال : فرفع يده الثالثة فقال : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطير. قال أنس : كم أرد على رسول الله 6!! ، أدخل ، فلمّا رآه قال : اللهم وإليّ. قال : فأكلا جميعا.

قال أنس : فخرج فتبعته فقلت : استغفر لي يا أبا الحسن ، فإنّ لي إليك ذنبا ، ولك عندي بشارة فأخبرته بما كان من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، فحمد الله وأثنى عليه وغفر لي ذنبي عنده ببشارتي إياه.

وروي من وجه آخر وفي ردّ الشمس عليه ، ذكرته في فصل ردّ الشمس.

ورواه عبد الله بن عباس ، وأبو سعيد الخدري ، ويعلى بن مرّة الثقفي ، كلهم عن النبيّ 6.

ومن الرواة عدّة كثيرة من كبار التابعين المتفق على ثقتهم وعدالتهم المخرّج حديثهم في الصحاح ممّن لا ارتياب في واحد منهم.

والحديث مشهور وبالصحّة مذكور ».

* وقال الكنجي في فصل « ردّ الشمس » ما نصّه : « روي عن عامر بن واثلة أبي الطفيل قال :

كنت يوم الشورى على الباب ، وعلي يناشد عثمان وطلحة والزبير وسعدا وعبد الرحمن بعدّة من فضائله منها : ردّ الشمس.

كما أخبرنا أبو بكر بن الخازن ، أخبرنا أبو زرعة ، أخبرنا أبو بكر بن خلف الحاكم ، أخبرنا أبو بكر بن أبي دارم الحافظ ـ بالكوفة من أصل كتابه ـ حدّثنا


منذر بن محمّد بن منذر ، حدّثنا أبي ، حدّثنا عمّي ، حدّثنا أبي ، عن أبان بن تغلب ، عن عامر بن واثلة قال : كنت على الباب يوم الشورى وعليّ في البيت فسمعته يقول :

استخلف أبو بكر وأنا في نفسي أحقّ بها منه ، فسمعت وأطعت ، واستخلف عمر وأنا في نفسي أحقّ بها منه ، فسمعت وأطعت ، وأنتم تريدون أن تستخلفوا عثمان ، إذا لا أسمع ولا أطيع ، جعل عمر في خمسه أنا سادسهم لا يعرف لهم فضل ، أما والله لأحاجنّهم بخصال لا يستطيع عربيّهم ولا عجميّهم ، المعاهد منهم والمشرك أن ينكر منها خصلة.

أنشدكم بالله أيّها الخمسة أمنكم أخو رسول الله ، غيري؟ قالوا : لا. قال : أمنكم أحد له عمّ مثل عمّي حمزة بن عبد المطّلب أسد الله وأسد رسوله ، غيري؟ قالوا : لا. قال : أمنكم أحد له أخ مثل أخي المزّين بالجناحين يطير مع الملائكة في الجنّة؟ قالوا : لا. قال : أمنكم أحد له زوجة مثل زوجتي فاطمة سيدة نساء الامّة ، غيري؟ قالوا : لا. قال : أمنكم أحد له سبطان مثل الحسن والحسين سبطي هذه الامة ابني رسول الله ، غيري؟ قالوا : لا.

قال : أمنكم أحد قتل مشركي قريش قبلي؟ قالوا : لا. قال : أمنكم أحد ردّت عليه الشمس بعد غروبها حتّى صلّى العصر ، غيري؟ قالوا : لا. قال : أمنكم أحد قال له رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حين قرّب إليه الطير فأعجبه : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطير ، فجئت وأنا أعلم ما كان من قول النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ، فدخلت قال : وإليّ يا رب وإليّ يا رب ، غيري؟ قالوا : لا.

هكذا رواه الحاكم في كتابه بجمع طرق حديث الطير وناهيك به راويا ».

ترجمته

وقد ذكرنا في بعض المجلّدات بعض ما يدلّ على جلالة شأن أبي


عبد الله الكنجي في الحديث وغيره من العلوم ، حتى أنّ المتأخّرين عنه يصفونه لدى النقل عنه بـ « الحافظ » وكذلك ( كاشف الظنون ) حيث يذكر مؤلّفاته.

وقال الصفدي : « عني بالحديث ، وسمع ، ورحل ، وحصّل ، وكان إماما محدّثا ، لكنه كان يميل إلى الرفض » (١).

غير أنّ المؤرّخين والرجاليين يحاولون إهمال الرّجل ، لتأليفه ( كفاية الطالب ) وغيره ، في أهل البيت عليهم الصلاة والسّلام ، وهو الأمر الذي كان السبب في قيام العامّة ضدّه وقتله في وسط الجامع الذي يحدّث فيه ، وفي شهر رمضان المبارك :

قال ابن شامة : « وفي ٢٩ من رمضان قتل بالجامع : الفخر محمّد بن يوسف ابن محمّد الكنجي ، وكان من أهل العلم بالفقه والحديث ، لكنّه كان فيه كثرة كلام وميل إلى مذهب الرافضة ، جمع لهم كتبا توافق أغراضهم ... » (٢).

وقال اليونيني : « ... فثار العوام بدمشق وقتلوا الفخر محمّد بن يوسف ابن محمّد الكنجي في جامع دمشق ، وكان المذكور من أهل العلم ، لكنه كان فيه شر وميل إلى مذهب الشيعة » (٣).

وقال ابن كثير : « وقتلت العامّة وسط الجامع شيخا رافضيّا ... » (٤).

وكان بسنة ٦٥٨.

__________________

(١) الوافي بالوفيات ٥ / ٢٥٤.

(٢) ذيل الروضتين : ٢٠٨.

(٣) ذيل مرآة الزمان ١ / ٣٦٠.

(٤) البداية والنهاية ١٣ / ٢٢١.


(٥٤)

رواية محبّ الدين الطبري

ورواه الحافظ محبّ الدين أحمد بن عبد الله الطبري بقوله :

« عن أنس بن مالك قال : كان عند النبيّ صلّى الله عليه وسلّم طير فقال : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطير ، فجاء علي بن أبي طالب فأكل معه.

خرّجه الترمذي وقال غريب.

والبغوي في المصابيح في الحسان.

وخرّجه الحربيّ وزاد بعد قوله أهدي لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم طير : وكان ممّا يعجبه أكله. وزاد بعد قوله : فجاء علي بن أبي طالب فقال : استأذن على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقلت : ما عليه إذن ـ وكنت أحب أن يكون رجلا من الأنصار ـ.

وخرّجه عمر بن شاهين ولم يذكر زيادة الحربي وقال بعد قوله فجاء علي فرددته : ثمّ جاء فرددته فدخل في الثالثة أو في الرابعة فقال له النبيّ صلّى الله عليه وسلّم : ما حبسك عنّي أو ما أبطأ بك عنّي يا علي؟ قال : جئت فردّني أنس قال : يا أنس ما حملك على ما صنعت؟ قال : رجوت أن يكون رجلا من الأنصار فقال : يا أنس أوفي الأنصار خير من علي أو أفضل من علي.

وخرّجه النجّار عنه قال : قدّمت لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم طيرا فسمّى فأكل لقمة وقال : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك وإليّ ، فأتى علي فضرب الباب ، فقلت : من أنت؟ قال : علي ، قلت : إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على حاجة ، ثمّ أكل لقمة وقال مثل الأوّل ، فضرب علي فقلت :


من أنت؟ قال : علي ، قلت : إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على حاجة ، ثمّ أكل لقمة وقال مثل ذلك قال : فضرب علي ورفع صوته ، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : يا أنس ، افتح الباب قال : فدخل ، فلمّا رآه النبيّ صلّى الله عليه وسلّم تبسّم وقال : الحمد لله الّذي جعلك ، فإنّي أدعو في كلّ لقمة أن يأتيني الله بأحبّ الخلق إليه وإليّ ، فكنت أنت ، قال : فو الّذي بعثك بالحقّ نبيّا إني لأضرب الباب ثلاث مرّات ويردّني أنس ، قال فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : لم رددته؟ قال : كنت أحبّ معه رجلا من الأنصار ، فتبسّم النبيّ صلّى الله عليه وسلّم وقال : ما يلام الرجل على حبّ قومه.

وعن سفينة قال : أهدت امرأة من الأنصار إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم طيرين بين رغيفين ، فقدّمت إليه الطيرين فقال صلّى الله عليه وسلّم :

اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك وإلى رسولك ، ثمّ ذكر معنى حديث النجار وقال في آخره : فأكل مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عليّ من الطيرين حتى فنيا.

خرّجه أحمد في المناقب » (١).

كتاب ( الرياض النضرة ) :

وكتاب الرياض النضرة للحافظ محبّ الدين الطبري من الكتب المعروفة ذكره الجلبي في ( كشف الظنون ) وعلماء الإجازات في الكتب التي يروونها بالأسانيد المعتبرة ويعتمدون على أخبارها ورواياتها في بحوثهم ، فقد ذكره تاج الدين الدّهان في كتابه ( كفاية المتطلّع ) الذي وضعه في مرويات شيخه العجيمي ، ومحمّد عابد السندي في كتابه في الأسانيد المسمى بـ ( حصر الشارد ).

__________________

(١) الرياض النضرة في مناقب العشرة ٢ / ١١٤ ـ ١١٥.


وذكره الحسين الديار بكري في مصادر كتابه ( الخميس ) ووصفه بالاعتبار ، وأورده ( الدهلوي ) في رسالته في ( اصول الحديث ) فيما ألّف في المناقب. بل اعتمد عليه في كتابه ( التحفة ) في الردّ على الإمامية تبعا لوالده في كتاب ( إزالة الخفا ) ، وكذا المولوي حيدر علي الفيض آبادي في كتابه ( منتهى الكلام ) حيث احتج برواياته بل جعله كصحيح البخاري شاهد عدل على مطلوبه.

فلا أدري كيف يرد ( الدهلوي ) حديث الطير المذكور في الرياض النضرة ، مع أنّه سفر عظيم من الأسفار الشهيرة المعتبرة ، لا سيّما وقد تمسّك برواياته والده بل المخاطب بنفسه جعل روايته حجة مختبرة؟

* وروى الحافظ المحبّ الطبري حديث الطّير حيث قال :

« ذكر أنّه أحبّ الخلق إلى الله تعالى بعد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن أنس بن مالك 2 قال : كان عند رسول الله صلّى الله عليه وسلّم طير فقال : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي هذا الطير. فجاء علي بن أبي طالب فأكل معه. أخرجه الترمذي والبغوي في المصابيح في الحسان.

وأخرجه الحربي وقال : أهدي لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم طير وكان ممّا يعجبه أكله ، ثمّ ذكر الحديث.

وأخرجه الإمام أبو بكر محمّد بن عمير بن بكير النجّار وقال : عن أنس ابن مالك قدمت لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم طيرا فسمّى وأكل لقمة وقال : اللهم ائتني بأحبّ الخلق إليك وإليّ ، فجاء علي 2 فضرب الباب ، فقلت : من أنت؟ فقال عليّ ، فقلت : إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على حاجة. قال ثمّ أكل لقمة وقال مثل الأولى ، فضرب علي 2 الباب فقلت : من أنت؟ قال : عليّ ، فقلت : إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على حاجة ، قال : ثمّ أكل لقمة وقال مثل ذلك قال : فضرب عليّ 2 الباب ورفع صوته فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : يا أنس افتح الباب ،


قال : فدخل ، فلمّا رآه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم تبسّم ثمّ قال : الحمد لله الذي جعلك ، فإنّي أدعو في كل لقمة أن يأتيني الله أحب الخلق إليه وإليّ ، فكنت أنت : قال عليّ : والذي بعثك بالحق نبيّا إنّي لأضرب الباب ثلاث مرات ويردني أنس قال فقال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم : لم رددته؟ قلت : كنت أحبّ معه رجلا من الأنصار ، فتبسّم النبيّ صلّى الله عليه وسلّم وقال : لا يلام الرجل على حبّ قومه » (١).

كتاب ( ذخائر العقبى ) :

وكتاب ( ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى ) للحافظ المحبّ الطبري من الكتب المعروفة المعتبرة لدى القوم ، فابن الوزير جعله في ( الروض الباسم ) من مصادر مناقب أهل البيت ، وكذا أحمد بن الفضل بن باكثير المكّي في ( وسيلة المآل ) وذكر أنّه ينبغي أن يكتب هذا الكتاب بماء الذهب ، وعدّه ( الدهلوي ) في رسالته في ( أصول الحديث ) في الكتب المصنّفة من قبل علماء أهل السنّة في مناقب أهل البيت ، ومحمّد بن إسماعيل الأمير في ( الروضة الندية ) من أجّل ما اعتمد عليه ، وقال العجيلي في ( ذخيرة المآل ) بأنّ هذا الكتاب من مصنّفات أجلّة العلماء. وذكره الحسين الديار بكري في مصادر كتابه ( الخميس ) والسندي في ( حصر الشارد ) والشّوكاني في ( إتحاف الأكابر ) في مروياتهما.

فإذا كان كتاب ( ذخائر العقبى ) من معاريف الكتب المعتبرة عند أهل السنّة ، فلا يجحد حديث الطير الوارد فيه إلاّ من لم ينه نفسه عن الهوى ، وتبع سنن البغضاء والتعصّب الأعمى ...

__________________

(١) ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى : ٦١.


ترجمته

وتوجد ترجمة المحبّ الطبري المفعمة بآيات الثناء والتكريم في :

١ ـ تذكرة الحفّاظ ٤ / ١٤٧٤.

٢ ـ الوافي بالوفيات ٧ / ١٣٥.

٣ ـ مرآة الجنان ٤ / ٢٢٤.

٤ ـ النجوم الزاهرة ٨ / ٧٤.

٥ ـ البداية والنهاية ١٣ / ٣٤٠.

٦ ـ طبقات السبكي ٥ / ٨.

٧ ـ طبقات الأسنوي ٢ / ١٧٩.

٨ ـ طبقات الحفّاظ : ٥١٠.

٩ ـ العبر ٥ / ٣٨٢.

١٠ ـ تتمة المختصر ٢ / ٣٤٣.

وهذا نصّ ما قاله الأسنوي :

« المحبّ الطبري شيخ الحرم محبّ الدين أبو العبّاس أحمد بن عبد الله ابن محمّد الطبري ثمّ المكّي شيخ الحجاز ، كان عالما عاملا ، جليل القدر ، عالما بالآثار والفقه ... ولد يوم الخميس ٢٧ جمادى الآخرة سنة ٦١٥ وتوفي سنة ٦٩٤ ... ».

(٥٥)

رواية صدر الدّين الحمويني

ورواه صدر الدين أبو المجامع إبراهيم بن محمّد الحمويني بطرق متعددة حيث قال ما نصّه في كتاب ( فرائد السمطين ) :


« الباب الثاني والأربعون :

فضيلة طار ذكرها في الآفاق ، وأمنت ملابس فخرها من الأخلاق :

« أخبرنا الشيخ الزاهد عفيف الدين أبو محمّد عبد السلام بن محمّد بن مزروع البصري ـ بقراءتي عليه بالمدينة المعظّمة ، في الحرم الشريف النبويّ بين الروضة والمنبر ، صلوات الله وسلامه على الحالّ به ، ضحوة يوم الثاني عشر من شهر الله الحرام ، محرّم ، سنة ثمانين وست مائة ـ قال : أخبرنا الشيخ موفق الدين أبو المحاسن فضل الله بن أبي بكر عبد الرزاق بن عبد القادر الحنبلي 4 ـ بقراءة محيي الدين علي بن إبراهيم بن الدردانة الحربي ، في يوم الخميس سنة خمس وخمسين وست مائة ، بباب الأزج ببغداد وأجاز لنا جميع رواياته لفظا ـ قال : أخبرنا أبو الفتح عبد الله بن عبد الله بن محمّد بن نجاء بن شاتيل الدباس ـ قراءة [ عليه ] وأنا أسمع ، في يوم الجمعة من شوال ، سنة ثمان وسبعين وخمس مائة ، بجامع القصر ببغداد قبل صلاة الجمعة ـ.

وأخبرني الشيخ الصالح أبو عبد الله محمّد بن يعقوب ابن أبي الفرج ـ إذنا ـ بروايته ، عن أبي الفتح عبد الله بن شاتيل ـ إجازة ـ قال : أخبرنا أبو غالب محمّد بن الحسن بن أحمد الباقلاني ـ قراءة عليه وأنا أسمع ، في رمضان سنة تسع وتسعين وأربع مائة ـ قال : أخبرنا أبو عبد الله أحمد بن الحسين بن إسماعيل المحاملي ـ في صفر سنة ثمان وعشرين وأربع مائة ـ قال : أخبرنا أبو بكر محمّد بن أحمد بن أحمد بن مالك الأشجعي ـ قراءة عليه في شهر ذي القعدة ، من سنة خمسين وثلاث مائة ـ قال : حدّثنا أبو الأحوص محمّد بن الهيثم بن حمّاد القاضي العكبري ـ سنة ست وسبعين ومائتين ـ قال : حدّثنا يوسف بن عدي قال : حدّثنا حمّاد بن المختار ـ من أهل الكوفة ـ عن عبد الملك بن عمير ، عن أنس قال :

أهدي إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم طير ، فوضع بين يديه فقال : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك ليأكل معي. فجاء علي فدقّ الباب ، فقلت :


من ذا؟ فقال : أنا علي. فقلت : النبيّ صلّى الله عليه وسلّم على حاجة ، فرجع ثلاث مرات كلّ ذلك يجيء ، فأقول له ذلك فيذهب ، حتّى جاء في المرة الرابعة فقلت له مثل ما قلت في الثلاث مرّات قال : فضرب الباب برجله فدخل ، فقال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم : ما حبسك؟ قال : قد جئت ثلاث مرات كلّ ذلك يقول [ لي أنس ] : النبيّ على حاجة ، فقال صلّى الله عليه وسلّم : [ يا أنس ] ما حملك على ذلك؟ قال : كنت أحبّ أن يكون رجلا من قومي!!!

منقبة فاضلة ، وفضيلة للحساد مناضلة

أخبرني الإمام العلاّمة تاج الدين أبو المفاخر محمّد بن أبي القاسم محمود السديدي ـ كتابة إليّ من كرمان في رجب سنة أربع وستّين وستّ مائة ـ قال : أخبرنا الصدر الكبير ركن الإسلام إمام الأئمة مفتي الشرق والغرب ابن ثابت عبد العزيز بن عبد الجبار بن علي الكوفي إجازة ـ في رجب سنة اثنتين وثمانين وخمس مائة ـ قال : أخبرنا قاضي القضاة عماد الدين شيخ الإسلام ذو المعالي أبو سعيد محمّد بن أحمد بن محمّد بن صاعد ـ إجازة ـ قال : حدّثنا الشيخ يعقوب بن أحمد بن محمّد ـ صاحب التخريج للأحاديث ـ قال : حدّثنا الشيخ الصالح أبو بكر محمّد بن إسماعيل بن محمّد بن إبراهيم المؤذن ; ـ في شوال سنة عشر وأربع مائة ـ قال : حدّثنا أبو العباس الفضل بن عباس الكندي الهمذاني الإمام في جامع همذان [ قال : ] حدّثني أبو يعقوب إسحاق ابن إبراهيم بن بهرام الزنجاني ـ سنة ستّ وتسعين ومائتين ـ قال : حدّثنا بشر بن الحسين ابن أبي محمّد الأصفهاني قال : حدّثنا الزبير بن عدي عن أنس بن مالك 2 قال :

أهدي إلى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم طير مشوي ، فلمّا وضع بين يديه قال : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطير. قال [ أنس ] :


فقلت في نفسي : اللهم اجعله رجلا من الأنصار قال : فجاء علي بن أبي طالب 7 فقرع الباب قرعا خفيفا ، فقلت : من هذا؟ قال : عليّ. فقلت : إنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم على حاجة ، فانصرف [ عليّ ] قال : فرجعت إلى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم وهو يقول الثانية : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي [ من ] هذا الطير. فقلت في نفسي : اللهم اجعله رجلا من الأنصار ، فجاء علي فقرع الباب ، فقلت : ألم أخبرك أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم على حاجة ، فانصرف [ عليّ ] قال : فرجعت إلى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم وهو يقول الثالثة : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي [ من ] هذا الطير. فجاء عليّ فضرب الباب ضربا شديدا فقال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم : افتح افتح [ ففتحت له الباب فدخل ] فلمّا نظر إليه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال :

اللهم وإليّ اللهم وإليّ. قال : فجلس مع النبيّ صلّى الله عليه وسلّم وأكل معه الطير.

فضيلة مثلها في الشيوع والاستفاضة

أخبرنا الشيخ الإمام نجم الدين عثمان بن الموفّق الأذكاني ، عن والدي شيخ الإسلام سعد الحق والدين محمّد بن المؤيد الحموئي قدس الله روحه ـ بقراءتي عليه بمدينة أسفرايين ، في جمادى الآخرة سنة خمس وستين وست مائة ، إجازة كتبها له في سنة أربعين وست مائة ـ بروايته عن شيخ الإسلام نجم الدين أبي الجناب أحمد بن عمر بن محمّد الخيّوقي ; ـ إجازة ـ قال : أخبرنا محمّد بن عمر بن علي الطوسي قال : أخبرنا أبو العباس أحمد ابن أبي الفضل الشقاني قال : أخبرنا أبو سعيد محمّد بن طلحة الجنابذي قال : أخبرنا والدي أبو منصور طلحة ، قال : أخبرنا محمّد بن محمّد بن عبد الرحمن الذهلي ببغداد ، حدّثنا عبد الله بن عمر بن عبد العزيز البغوي ، حدّثنا عبد الله


ابن عمر القواريري ، حدّثنا يونس بن أرقم ، حدّثنا مطير [ بن أبي خالد ] ، عن ثابت البجلي ، عن سفينة مولى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم [ قال ] :

أهدت امرأة من الأنصار إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم طائرين بين رغيفين [ و ] لم يكن في البيت غيري وغير أنس ، فجاء النبيّ صلّى الله عليه وسلّم فدعا بغدائه ، فقلت : يا رسول الله قد أهدت إلينا امرأة من الأنصار هدية ، فقدّمت الطائرين إليه فقال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك وإلى رسولك. فجاء علي بن أبي طالب فضرب الباب ضربا خفيفا ، فقلت : من هذا؟ فقال أبو الحسن. ثمّ ضرب الباب فرفع صوته فقال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم : افتح له. [ الباب ]. ففتحت له فأكل مع النبيّ صلّى الله عليه وسلّم من الطيرين حتّى فنيا ».

ترجمته

١ ـ الحمويني من مشايخ الذهبي ، فقد أورده في ( المعجم المختص ) بقوله : « إبراهيم بن محمّد بن المؤيد بن عبد الله بن علي بن محمّد بن حمويه. الإمام الكبير المحدّث ، شيخ المشايخ صدر الدين أبو المجامع الخراساني الجويني الصوفي. ولد سنة ٦٤٤ وسمع بخراسان وبغداد والشام والحجاز ، وكان ذا اعتناء بهذا الشأن ، وعلى يده أسلم الملك غازان ، توفي بخراسان في سنة ٧٢٢. قرأنا على أبي المجامع إبراهيم بن حمويه سنة ٦٩٥ ، أنا أبو عمرو عثمان بن موفق الأذكاني بقراءتي سنة ٦٤ ، أنا المؤيد بن محمّد الطوسي. ح وأنا أحمد بن هبة الله ، عن المؤيد أنا هبة الله ابن سهل ، أنا سعيد بن محمّد البحري ، أنا زاهر بن أحمد الفقيه ، أنا إبراهيم بن عبد الصمد ، نبأ أبو مصعب ، نبأ مالك عن سمّي مولى أبي بكر بن عبد الرحمن عن أبي صالح السمّان ، عن أبي هريرة : إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال : العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما ، والحج المبرور ليس له جزاء إلاّ الجنّة. متّفق عليه ، وأخرجه ابن


ماجة عن أبي مصعب الزهري ، فوافقناه بعلو » (١).

وفي ( تذكرة الحفّاظ ) في عداد شيوخه :

« وسمعت من الإمام المحدّث الأوحد الأكمل فخر الإسلام صدر الدين إبراهيم بن محمّد بن المؤيّد بن حمّويه الخراساني الجويني شيخ الصّوفية ، قدم علينا ، حدّث ، وروى لنا عن رجلين من أصحاب المؤيد الطّوسي ، وكان شديد الاعتناء بالرواية وتحصيل الأجزاء ، على يده أسلم غازان الملك. مات سنة ٧٢٢ وله ٧٨ سنة » (٢).

٢ ـ الأسنوي : « كان إماما في علوم الحديث والفقه ، كثير الأسفار في طلب العلم ، طويل المراجعة ، مشهورا بالولاية ... » (٣).

٣ ـ ابن حجر العسقلاني : « أكثر عن جماعات بالعراق والشام والحجاز ، وخرّج لنفسه تساعيّات ، وسمع بالحلّة ، وتبريز ، وبآمل طبرستان ، والشوبك ( الشريك ) والقدس ، وكربلاء ، وقزوين ، ومشهد علي ، وبغداد ، وله رحلة واسعة ، وعني بهذا الشأن ، وكتب وحصّل.

وكان ديّنا وقورا ، مليح الشكل ، جيّد القراءة ، وعلى يده أسلم غازان ، وكان قدم دمشق ، وأسمع الحديث بها في سنة ٩٥ ، ثمّ حجّ سنة ٢١ » (٤).

وتوجد ترجمته في مصادر أخرى :

كالوافي بالوفيات ٦ / ١٤١.

والمنهل الصّافي ١٠ / ١٤١.

ووصفه الحافظ الزرندي لدى النقل عنه بـ « الشيخ الإمام العالم ... » (٥).

__________________

(١) المعجم المختص : ٦٥.

(٢) تذكرة الحفّاظ ٤ / ١٥٠٥.

(٣) طبقات الشافعيّة ١ / ٤٥٤.

(٤) الدرر الكامنة ١ / ٦٩.

(٥) نظم درر السمطين : ٢١.


وكذا اعتمد على روايته الحافظ السمهودي في ( جواهر العقدين ) وشهاب الدين أحمد في ( ترجيح الدلائل ).

(٥٦)

رواية فخر الدّين الهانسوي

ورواه الشيخ فخر الدين الهانسوي في كتابه ( دستور الحقائق ) كما في كتاب ( هداية السعداء للشهاب الدولت آبادي ) حيث جاء فيه : « في دستور الحقائق : روى الجماعة من الجماعات : أهدي إليه طير مشوي فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : اللهم ائتني بأحبّ خلقك يأكل معي هذا الطير ، فجاء علي فدقّ الباب فقال أنس بن مالك : إنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم على حاجة ، فرجع ، ثمّ قال رسول الله كما قال أوّلا ، فجاء علي فدقّ الباب فقال أنس كما قال فرجع ، ثمّ قال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم كما قال في الأوليين ، فجاء علي فدقّ الباب أقوى من الأوليين ، فسمع النبيّ وقد قال له أنس : إنّه على حاجة ، فآذنه النبيّ بالدخول وقال له : ما أبطأ بك عني؟ قال : جئت فردّني أنس ، ثمّ جئت الثانية والثالثة فردّني ، فقال صلّى الله عليه وسلّم : يا أنس ما حملك على هذا؟ قال : رجوت أن يكون الدعاء لأحد من الأنصار ، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : عليّ أحبّ الخلق إلى الله. فأكل معه » (١).

ترجمته

١ ـ ترجم له الشيخ عبد الحق الدهلوي ووصفه بالأوصاف الجليلة (٢).

__________________

(١) هداية السعداء ـ مخطوط.

(٢) أخبار الأخيار : ٣٤.


٢ ـ والشيخ عبد الرحمن الجشتي وقال : كان موصوفا بجميع الفضائل الإنسانيّة ... (١).

٣ ـ ووصفه الشيخ شهاب الدين الدولت آبادي لدى النقل عنه في المواضع العديدة بـ « الإمام ».

٤ ـ المولوي حيدر علي الفيض آبادي في ( إزالة الغين ) في بحثه حول جواز لعن يزيد بن معاوية عند كبار علماء أهل السنّة ، عدّ الهانسوي من جملة المجوّزين وقال عنه أنّه : « قال الذين يعتمد عليهم : إنّه كان راضيا بحرب الحسين 2 ، وهو أمر بقتله ، وأهان رأسه وأهل بيته بأنواع الإهانة ، وهو المشهور ، بتفاصيل مختلفة ، فلا يمنع اللعن عليه ومن أعانه ، لأنّه كفر بالله حين أمر بقتل الحسين وحربه وإهانة أهل البيت ، والامة اجتمعت والأئمة اتفقت على كفره واللعن على آمره وقاتله ، لأنّ الآمر والراضي بالكفر يكفر قبل أن يفعله المأمور ».

(٥٧)

رواية الخطيب التبريزي

ورواه ولي الدين الخطيب التبريزي صاحب ( المشكاة ) :

« عن أنس قال : كان عند النبيّ صلّى الله عليه وسلّم طير فقال : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي هذا الطير ، فجاء علي فأكل معه.

رواه الترمذي وقال : هذا حديث غريب » (٢).

__________________

(١) مرآة الأسرار.

(٢) مشكاة المصابيح ٣ / ١٧٢١.


ترجمته والتعريف بكتابه :

١ ـ يظهر من كلام الطيبي في ( الكاشف ) أنّ كتاب ( المشكاة ) قد ألّف بمشورة من الطّيبي ، وقد صرّح الخطيب التبريزي نفسه في ( أسماء رجال المشكاة ) بأنّ الطّيبي استحسن كتابه واستجوده.

٢ ـ وقال القاري في مقدمة ( المرقاة ) في وصف ( المشكاة ) ومؤلفه : « لمّا كان كتاب مشكاة المصابيح الذي ألّفه مولانا الحبر العلاّمة والبحر الفهامة ، مظهر الحقائق وموضح الدقائق ، الشيخ التّقي النقي ، ولي الدين ، محمّد بن عبد الله ، الخطيب التبريزي ، أجمع كتاب في الأحاديث النبويّة ، وأنفع لباب من الأسرار المصطفويّة ، ولله درّ من قال من أرباب الحال :

لئن كان في المشكاة يوضع مصباح

فذلك مشكاة وفيها مصابيح

وفيها من الأنوار ما شاع نفعها

لهذا على كتب العلوم تراجيح

ففيه أصول الدّين والفقه والهدى

حوائج أهل الصدق منه مناجيح

تعلّق الخاطر الفاتر بقراءته ، وتصحيح لفظه وروايته ، والاهتمام ببعض معانيه ودرايته ، رجاء أن أكون عاملا بما فيه من العلوم في الدنيا ، وداخلا في زمرة العلماء العاملين في العقبى.

فقرأت هذا الكتاب المعظّم على مشايخ الحرم المحترم ، نفعنا الله بهم وببركات علومهم ، فهم ... ».

٣ ـ و ( الدهلوي ) يروي كتاب ( المشكاة ) عن والده بسنده عن مؤلفه الخطيب وعن الشّيخ أبي طاهر عن مشايخه عن المؤلف ... كما في ( أصول الحديث ).


(٥٨)

رواية أبي الحجاج المزّي

ورواه الحافظ أبو الحجاج يوسف بن عبد الرحمن المزّي في كتابه ( تحفة الأشراف بمعرفة الأطراف ) في « إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي كريمة السدّي » بقوله :

« حديث ت : كان عند النبيّ صلّى الله عليه وسلّم طير فقال : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك. الحديث ت في المناقب ، عن سفيان بن وكيع عن عبيد الله بن موسى عن عيسى بن عمر عنه به. وقال : غريب ، لا نعرفه من حديث السدّي إلاّ من هذا الوجه.

وقد روي من غير وجه عن أنس 2 » (١).

ترجمته

والحافظ المزي من أئمة حفّاظ أهل السنّة المشهورين المعتمدين ، وقد أوردنا ترجمته في مجلّد ( حديث الولاية ) عن عدّة كبيرة من معاجم التّراجم ، أمثال :

١ ـ تذهيب التهذيب ـ مخطوط.

٢ ـ تذكرة الحفّاظ ٤ / ١٤٩٨.

٣ ـ تتمة المختصر ٢ / ٣٣٢.

٤ ـ طبقات السبكي ٦ / ٢٥١.

٥ ـ طبقات الأسنوي ٢ / ٢٥٧.

__________________

(١) تحفة الأشراف ١ / ٩٤.


٦ ـ طبقات ابن قاضي شهبة ٢ / ٢٢٧.

٧ ـ الدرر الكامنة ٥ / ٢٣٣.

٨ ـ النجوم الزاهرة ١٠ / ٧٦.

٩ ـ طبقات الحفّاظ : ٥٢١.

١٠ ـ البدر الطالع ٢ / ٣٥٣.

وهذه عبارة السبكي في طبقاته ملخّصة :

« يوسف بن الزكي عبد الرحمن ، شيخنا وأستاذنا ، وقدوتنا ، الشيخ جمال الدين أبو الحجاج المزي ، حافظ زماننا ، حامل راية السنّة والجماعة ، والقائم بأعباء هذه الصناعة ، والمتدرّع جلباب الطاعة ، إمام الحفّاظ كلمة لا يجحدونها وشهادة على أنفسهم يؤدّونها ، ورتبة لو بشّر بها أكابر الأعداء لكانوا يودونها ، واحد عصره بالإجماع ، وشيخ زمانه الذي تصغي لما يقوله الأسماع ، ذكره شيخنا الذهبي في تذكرة الحفّاظ وأطنب محامده ، وقد قدّمنا في ترجمة الشيخ الإمام الوالد أنّي سمعت شيخنا الذهبي يقول : ما رأيت أحفظ منه. وبالجملة كان شيخنا المزي اعجوبة زمانه ، وكان قد انتهت إليه رياسة المحدّثين في الدّنيا » (١).

(٥٩)

رواية الحافظ الذّهبي

ورواه الحافظ شمس الدين الذهبي بطرق ذكرها في كتاب له مفرد في هذا الباب ونصّ على كثرة تلك الطرق جدا وأن مجموعها يوجب أن يكون لهذا الحديث أصل ، وهذا متن عبارته : « وأمّا حديث الطير فله طرق كثيرة جدا ، أفردتها بمصنّف ، ومجموعها يوجب أن يكون الحديث له أصل. وأمّا حديث من

__________________

(١) طبقات الشافعية للسبكي ٦ / ٢٥١.


كنت مولاه. فله طرق جيدة ، وقد أفردت ذلك أيضا » (١).

وقال الذهبي أيضا :

« وقال عبيد الله بن موسى وغيره ، عن عيسى بن عمر القاري ، عن السدّي قال : ثنا أنس بن مالك قال : أهدي إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أطيار ، فقسّمها ، وترك طيرا فقال : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي ، فجاء علي ، وذكر حديث الطير.

وله طرق كثيرة عن أنس متكلّم فيها ، وبعضها على شرط السنن. من أجودها حديث :

قطن بن نسير ـ شيخ مسلم ـ ثنا جعفر بن سليمان ، ثنا عبد الله بن المثنى ، عن عبد الله بن أنس بن مالك ، عن أنس قال : أهدي إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حجل مشوي فقال : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي ، وذكر الحديث » (٢).

« وقد جمعت طرق حديث الطير في جزء ، وطرق حديث : من كنت مولاه. وهو أصح ، وأصح منهما ما أخرجه مسلم عن علي قال : إنّه لعهد النبيّ الأميّ إليّ : إنّه لا يحبّك إلاّ مؤمن ولا يبغضك إلاّ منافق. وهذا أشكل الثلاثة ، فقد أحبّه قوم لا خلاق لهم ، وأبغضه بجهل قوم من النواصب ، فالله أعلم » (٣).

ترجمته

١ ـ السبكي : « الشيخ الإمام الحافظ ، شمس الدين ، أبو عبد الله ،

__________________

(١) تذكرة الحفّاظ ـ بترجمة الحاكم ـ ٢ / ١٠٣٩.

(٢) تاريخ الإسلام ٣ / ٦٣٣.

(٣) سير أعلام النبلاء ١٧ / ١٦٩.


الذّهبي التركماني ، محدّث العصر وخاتمة الحفّاظ ، القائم بأعباء هذه الصناعة وحاصل راية أهل السنّة والجماعة ، إمام أهل العصر حفظا واتقانا ، وفرد الدهر الذي يذعن له أهل العصر ، ويقولون لا ننكر أنّك أحفظنا وأتقانا ، شيخنا واستأذنا ومخرجنا ، وهو على الخصوص شيخي وسيدي ومعتمدي ، توفي ليلة الإثنين ثالث ذي القعدة سنة ٧٤٨ » (١).

٢ ـ ابن شاكر : « الشيخ الإمام العلاّمة الحافظ شمس الدين ، أبو عبد الله الذهبي ، حافظ لا يجارى ، ولافظ لا يبارى ، أتقن الحديث ورجاله ونظر علله وأحواله ، وعرف تراجم الناس وأزال الإبهام في تواريخهم والألباس ، جمع الكثير ونفع الجّم الغفير ، وأكثر من التصنيف » (٢).

٣ ـ الأسنوي : « حافظ زمانه ، صنّف التصانيف الكثيرة المشهورة النافعة » (٣).

٤ ـ ابن قاضي شهبة : « الإمام العلاّمة ، الحافظ ، المقري ، المؤرّخ شيخ الإسلام ، تخرّج به حفّاظ العصر ، وصنّف التصانيف الكثيرة المشهورة ، مع الدين المتين والورع والزّهد » (٤).

٥ ـ ابن حجر العسقلاني : « مهر في فن الحديث ، وجمع فيه المجاميع المفيدة الكثيرة ، حتى كان أكثر أهل عصره تصنيفا ، وجمع تاريخ الإسلام فأربى فيه على من تقدمه ، بتحرير أخبار المحدثين خصوصا ، ورغب الناس في تواليفه ورحلوا إليه بسببها ، وتداولوها قراءة ونسخا وسماعا. قرأت بخط البدر النابلسي في مشيخته : كان علاّمة زمانه في الرجال وأحوالهم ، حديد الفهم

__________________

(١) الطبقات الوسطى ـ مخطوط.

(٢) فوات الوفيات ٢ / ١٨٣.

(٣) طبقات الشافعية ١ / ٢٧٣.

(٤) طبقات الشافعية ٢ / ٢٠٨.


ثاقب الذهن ، وشهرته تغني عن الإطناب فيه » (١).

٦ ـ السيوطي : « الذهبي ، الإمام الحافظ ، محدّث العصر وخاتمة الحفّاظ ، ومؤرخ الإسلام وفرد الدهر ، والقائم بأعباء هذه الصناعة ، حكي عن شيخ الإسلام أبي الفضل ابن حجر أنّه قال : شربت ماء زمزم لأصل إلى مرتبة الذهبي في الحفظ » (٢).

٧ ـ و ( الدهلوي ) في كتابه ( بستان المحدثين ) حيث ذكر كتاب ( صلاح المؤمن ) وصف الذهبي بـ « عمدة محدثي زمانه ».

(٦٠)

رواية الزرندي المدني

ورواه الحافظ جمال الدين محمّد بن يوسف الزرندي المدني الأنصاري : « عن أنس 2 :

أهدي إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم طير يسمّى الحجل ، وفي رواية ما أراه إلاّ حبارى. فقال : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي ، فجاء علي فحجبته رجاء أن تكون الدعوة لرجل من قومي ، وفي رواية قال : قلت : إن شئت يا ربّ جعلته رجلا من الأنصار ، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : لست بأوّل من أحبّ قومه. ثمّ جاء علي الثانية ، فحجبته ، وجاء علي الثالثة فحجبته. ثمّ جاء علي الرابعة فأذنت له فدخل. فلمّا رآه النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال : اللهم إني أحبّه فأحبّه ، فأكل معه من ذلك الطير.

وفي رواية : إنّه قال : ما حبسك رحمك الله؟ قال : هذا آخر ثلاث مرّات ،

__________________

(١) الدرر الكامنة ٤ / ٢٣٦.

(٢) طبقات الحفّاظ : ٥٢١.


كل ذلك يقول أنس : إنّك مشغول على حاجة. فقال : يا أنس : ما حملك على ذلك؟ قال : سمعت دعوتك فأحببت أن تكون لرجل من قومي. فقال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم : لا يلام الرجل على حبّ قومه.

وروى أنس 2 أيضا قال : أهدي لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم طير فقال : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك ـ وفي رواية برجل ـ يحبّه الله ورسوله. قال أنس : فجاء علي فقرع الباب. فقلت : إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مشغول ـ وكنت أحبّ أن يكون رجل من الأنصار ـ ثمّ أتى علي وقرع الباب فقلت : إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مشغول. ثمّ أتى الثالثة ، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : أدخله فقد عنيته. فلمّا دخل قال : اللهم وإليّ.

وعنه أيضا قال : أهدي لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم طير نضيج فأعجبه فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم : اللهم ائتني بأحبّ الخلق إليك وإليّ يأكل معي من هذا الطير. فجاء علي فأكل معه » (١).

ورواه الزرندي في كتابه الآخر ( معارج الوصول إلى معرفة فضل آل الرسول ) بقوله : « روى أنس 2 قال : أهدي لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم طير مشوي نضيج. فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم : اللهم ائتني بأحبّ الخلق إليك وإليّ يأكل معي من هذا الطير. فجاء علي فأكل معه » (٢).

ترجمته

والحافظ الزرندي من أكابر حفّاظ أهل السنّة الثقات ، فقد ترجم له الحافظ ابن حجر في ( الدرر الكامنة ) (٣) وجاء وصفه بالحفظ ونحوه في ( جواهر

__________________

(١) نظم درر السمطين : ١٠٠.

(٢) معارج الوصول ـ مخطوط.

(٣) الدرر الكامنة ٤ / ٢٩٥.


العقدين ) و ( الفصول المهمة ) و ( سبل الهدى والرشاد ) و ( ذخيرة المآل ) وغيرها في كل موضع نقل عنه معتمدين عليه في المواضع المختلفة.

(٦١)

رواية الصّلاح العلائي

وقد سعى الحافظ صلاح الدين العلائي سعيا جميلا وبذل جهدا مشكورا في الردّ عمّا قال بعض المعاندين المفترين في هذا المقام ... قال السّيوطي بشرح الترمذي :

« حدّثنا سفيان بن وكيع ، ثنا عبيد الله بن موسى ، عن عيسى بن عمر ، عن السدّي ، عن أنس بن مالك قال : كان عند النبيّ صلّى الله عليه وسلّم طير فقال : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي هذا الطير. فجاء علي ، فأكل معه.

هذا أحد الأحاديث التي انتقدها الحافظ السراج القزويني على المصابيح وزعم أنّه موضوع.

وقال الحافظ الصلاّح العلائي : ليس بموضوع ، بل له طرق كثيرة غالبها واه ، ومنها ما فيه ضعف قريب ، وربّما يقوى منها بمثله إلى أن ينتهي إلى درجة الحسن.

والسدّي : إسماعيل ، احتج به مسلم والناس. وعيسى بن عمر هو : الأسدي الكوفي القاري ، وثّقه يحيى بن معين وغيره ولم يتكلّم فيه. وعبيد الله ابن موسى مشهور من رجال الصحيحين ، وقد تابعه على روايته عن عيسى بن عمر : مسهر بن عبد الملك : أخرجه النسائي في خصائص علي. ومسهر هذا وثقه ابن حبان.

إلى أن قال السيوطي عن العلائي ـ بعد ذكره الحسن بن حمّاد ، وطريق


الحاكم لحديث الطير ـ : فهذان الطريقان ـ أي طريق النسائي والحاكم ـ أمثل ما روي فيه.

وقد ساق ابن الجوزي في العلل المتناهية للحديث طرقا كثيرة عن أنس واهية.

وقال الحاكم في المستدرك : رواه عن أنس جماعة أكثر من ثلاثين نفسا ، ثمّ صحّت الرواية عن علي وأبي سعيد وسفينة ، ولم يذكر طرق أحاديث هؤلاء.

وخرّج أبو بكر ابن مردويه في طرق هذا الحديث جزء.

وقال ابن طاهر الحافظ : كل طرقه باطلة معلولة. وهو غلوّ منه في مقابلة تساهل الحاكم.

والحكم على الحديث بالوضع بعيدا جدّا ، ولذلك لم يذكره أبو الفرج في كتاب الموضوعات » (١).

ترجمته

١ ـ الذهبي في شيوخه : « وسمعت من الإمام المفتي المحدّث صلاح الدين أبي سعيد العلائي ... وهو عالم ثبت مقدس اليوم » (٢).

وفي ( المعجم المختص ) : « خليل بن كيكلدي. الإمام الحافظ الفقيه البارع المفتي صلاح الدين أبو سعيد العلائي الدمشقي الشّافعي ... » (٣).

٢ ـ الأسنوي : « كان حافظ زمانه ، إماما في الفقه والأصول وغيرهما. ذكيّا نظّارا فصيحا كريما ذا رياسة وحشمة. توفي سنة ٧٦٠ » (٤).

٣ ـ ابن حجر العسقلاني : « صنّف التصانيف في الفقه والأصول

__________________

(١) قوت المغتذي في شرح الترمذي.

(٢) تذكرة الحفّاظ ٢ / ١٠٥٧.

(٣) المعجم المختص : ٩٢.

(٤) طبقات الشافعية ٢ / ٢٣٩.


والحديث وكتبه كثيرة جدّا سائرة مشهورة نافعة متقنة محرّرة ، وكان ممتعا في كل باب فتح ، ويحفظ تراجم أهل العصر ومن قبلهم ، وكان له ذوق في الأدب ونظم حسن ، مع الكرم وطلاقة الوجه ، ووصفه بالحفظ شيخه الذهبي.

وقال الحسيني : كان إماما في الفقه والنحو والأصول ، مفننا في علوم الحديث وفنونه ، حتى صار بقية الحفّاظ ، عارفا بالرجال ، علامة في المتون والأسانيد ، بقيّة الحفّاظ ، ومصنّفاته تنبئ عن إمامته في كلّ فن ، ولم يخلّف بعده مثله.

وقال شيخنا في الوفيات : درس وأفتى وجمع بين العلم والدين والكرم والمروة ، ولم يخلّف بعده مثله.

وقال الأسنوي في الطبقات : كان حافظ زمانه ...

وقرأت بخط شيخنا العراقي : توفي حافظ المشرق والمغرب صلاح الدين في ثالث المحرّم » (١).

٤ ـ ابن قاضي شهبة : « الإمام البارع المحقق بقيّة الحفّاظ ، فاق أهل عصره في الحفظ والإتقان ، ذكره الذهبي في معجمه وأثنى عليه ، وقال الحسيني ... وقال الأسنوي ... وقال السبكي في الطبقات الكبرى : كان حافظا ثبتا ثقة ... » (٢).

٥ ـ السيوطي : « العلائي ، الشيخ الإمام العلاّمة الحافظ الفقيه ذو الفنون صلاح الدين أبو سعيد. وكان إماما محدثا حافظا متقنا جليلا فقيها أصوليا نحويا » (٣).

٦ ـ مجير الدين العليمي : « شيخ الإسلام ، صلاح الدين ، الإمام البارع

__________________

(١) الدرر الكامنة ٢ / ١٧٩.

(٢) طبقات الشافعية ٢ / ٢٤٢.

(٣) طبقات الحفّاظ : ٥٢٨.


المحقق ، بقية الحفّاظ » (١).

٧ ـ الشوكاني. فأورد كلمات الأعلام في الثناء عليه (٢).

(٦٢)

ردّ السبكي على الحكم بوضع الحديث

وردّ الشيخ عبد الوهّاب السبكي على الحكم على حديث الطير بالوضع بقوله :

« وأمّا الحكم على حديث الطير بالوضع فغير جيد » (٣)

وهذا يكفي لإبطال وتقبيح هذر ( الدهلوي ) ومن سبقه من الذين سوّلت لهم أنفسهم ردّ فضائل آل الرسول 6.

ترجمته

١ ـ الذهبي : « عبد الوهاب ابن شيخ الإسلام تقي الدين علي ، أجاز له الحجار وطائفة ، وأسمعه أبوه من جماعة. كتب عني أجزاء ونسخها ، وأرجو أن يتميّز في العلم. ثمّ درّس وأفتى » (٤).

٢ ـ ابن حجر : « أجاز له ابن الشحنة ويونس الدبوسي وقرأ بنفسه على المزي ولازم الذهبي وتخرج بتقي الدين ابن رافع ، وأمعن في طلب الحديث وكتب الأجزاء والطباق ، مع ملازمة الاشتغال بالفقه والأصول والعربية ، حتّى مهر وهو شاب ، وخرّج له ابن سعد مشيخة وحدّث بها ، وكان جيد البديهة طلق

__________________

(١) الأنس الجليل ٢ / ١٠٦.

(٢) البدر الطالع ١٢ / ٢٤٥.

(٣) طبقات الشافعية ـ ترجمة الحاكم ـ ٤ / ١٥٥.

(٤) المعجم المختص : ١٥٢.


اللسان ، أذن له ابن النقيب بالإفتاء والتدريس ، ودرّس في غالب مدارس دمشق ، وناب عن أبيه في الحكم ، وانتهت إليه رياسة القضاء والمناصب بالشام. مات في سنة ٧٧١ » (١).

٣ ـ ابن قاضي شهبة : « إن شمس الدين ابن النقيب أجازه بالإفتاء والتدريس ، ولمّا مات ابن النقيب كان عمر القاضي تاج الدين ثمانية عشر سنة.

وأفتى ودرّس وحدّث وصنّف واشتغل وحصّل فنونا من العلم والفقه والأصول ، وكان ماهرا فيه ، والدين والأدب ... » (٢).

(٦٣)

رواية السيّد شهاب الدين أحمد

ورواه السيّد شهاب الدين أحمد صاحب كتاب ( توضيح الدلائل على ترجيح الفضائل ) من غير طريق ، واستدلّ به على كون الأمير 7 أحبّ الناس إلى الله والنبيّ 6 ؛ وهذا نصّ كلامه :

« الباب السّابع ، في ترنّم أغاني النبوّة في مغاني الفتوّة بأحبيّته إلى الله تعالى ورسوله ، وتنسّمه شقائق أعالي الولاية ، بتسنّمه شواهق معالي العناية ، بما ظهر أنّه أشد حبّا لله ورسوله :

عن أنس بن مالك 2 قال : كان عند النبيّ 6 وبارك وسلّم طير ، فقال : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي هذا الطير ، فجاء علي بن أبي طالب فأكل معه.

رواه الطبري وقال : خرّجه الترمذي والبغوي في المصابيح في الحسان.

__________________

(١) الدرر الكامنة ٢ / ٢٤٥.

(٢) طبقات الشافعية ٢ / ٢٥٦.


وأخرجه الحربي. وقال : أهدي لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم طير وكان ممّا يعجبه أكله ثمّ ذكر الحديث.

وخرّجه الإمام أبو بكر محمّد بن عمر بن بكير النجّار وقال : عن أنس قدّمت لرسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وبارك وسلّم طيرا فسمّى وأكل لقمة وقال : اللهم ائتني بأحبّ الخلق إليك وإليّ ، فأتى علي رحمة الله تعالى عليه فضرب الباب فقلت : من أنت؟ فقال : علي ، فقلت : إنّ رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وبارك وسلّم على حاجة قال : ثمّ أكل لقمة وقال صلّى الله عليه وعلى آله وبارك وسلّم مثل الأولى ، فضرب عليّ فقلت : من أنت؟ قال : عليّ قلت : إنّ رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وبارك وسلّم على حاجة ثمّ أكل لقمة وقال صلّى الله عليه وعلى آله وبارك وسلّم مثل ذلك ، فضرب عليّ 2 ورفع صوته ، فقال رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وبارك وسلّم : يا أنس افتح الباب قال : فدخل عليّ ، فلمّا رآه النبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وبارك وسلّم تبسّم ثمّ قال الحمد [ لله ] الذي جعلك ، فإنّي أدعو في كلّ لقمة أن يأتيني الله بأحبّ الخلق إليه وإليّ فكنت أنت ، قال 2 : والّذي بعثك بالحقّ إنّي لأضرب الباب ثلاث مرّات ويردّني أنس ، قال رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وبارك وسلّم : لم رددته؟ قلت : كنت أحبّ معه رجلا من الأنصار ، فتبسّم رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وبارك وسلّم وقال : ما يلام الرّجل على حبّ قومه.

وعن أنس رضي الله تعالى عنه قال : أهدي لرسول الله صلّى الله تعالى عليه وعلى آله وبارك وسلّم طير فقال : اللهم ائتني بأحبّ الخلق إليك ، وفي رواية برجل يحبّه الله ورسوله ، قال أنس : فجاء علي فقرع الباب فقلت : إنّ رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وبارك وسلّم مشغول ـ وكنت أحبّ أن يكون لرجل من الأنصار ـ ثمّ أتى علي 2 فقرع الباب فقلت : إنّ رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وبارك وسلّم مشغول ، ثمّ أتى الثالثة


فقال رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وبارك وسلّم : أدخله فقد عنيته ، فلمّا أن أقبل قال صلّى الله تعالى عليه وعلى آله وبارك وسلّم : اللهم وإليّ.

وعنه رضي الله تعالى عنه قال : أهدي لرسول الله صلّى الله تعالى عليه وعلى آله وبارك وسلّم طير نضيج فأعجبه فقال النبيّ صلّى الله تعالى عليه وعلى آله وبارك وسلّم : اللهم ائتني بأحبّ الخلق إليك وإليّ يأكل معي من هذا الطّير ، فجاء علي رحمة الله تعالى عليه فأكل معه. رواه الزّرندي.

وعنه رضي الله تعالى عنه قال : أهدي لرسول الله صلّى الله تعالى عليه وعلى آله وبارك وسلّم طائر فوضع بين يديه فقال صلّى الله تعالى عليه وعلى آله وبارك وسلّم : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي ، قال فجاء علي ابن أبي طالب رضي الله تعالى عنه فدقّ الباب فقلت : من هذا؟ قال : أنا علي فقلت : إنّ النبيّ صلّى الله تعالى عليه وعلى آله وبارك وسلّم على حاجة ، حتى فعل ذلك ثلاثا ، فجاء الرّابعة فضرب الباب برجله فدخل فقال النبيّ صلّى الله تعالى عليه وعلى آله وبارك وسلّم : ما حبسك؟ قال : جئت ثلاث مرّات كل ذلك يمنعني أنس ، فقال النبيّ صلّى الله تعالى عليه وعلى آله وبارك وسلّم : ما حملك على ذلك؟ قلت : كنت أحبّ أن يكون رجلا من قومي. رواه الحافظ أبو بكر الخطيب البغدادي ».

ترجمته

والمؤلّف هو : شهاب الدين أحمد بن جلال الدين عبد الله بن قطب الدين محمّد بن جلال الدين عبد الله بن قطب الدين محمّد بن معين عبد الله بن هادي ابن محمّد الحسيني الإيجي الشافعي ، من أعلام القرن التاسع.

ترجم له : السّخاوي في الضّوء اللاّمع (١).

__________________

(١) الضوء اللامع لأهل القرن التاسع ١ / ٣٦٧.


وبيت المؤلف بيت فقه وحديث وتصوّف ، ينتمون إلى الحسين الأصغر ابن الإمام زين العابدين 7 ، وأصلهم من مكران ، وكانوا حكّام البلاد ، ثمّ إنّ جدّه الرابع اعتزل الحكم ، وآثر العزلة والانقطاع ، فهاجر منها إلى بلاد فارس ، وتوطّن في ( ايج شبانكاره ) ، وتوفي أبوه سنة ٨٤٠ ، وجدّه سنة ٧٨٥ ، وأبو جدّه سنة ٧٦٣ ، وجدّ جدّه سنة ٧١٤.

وكان المؤلّف قد ألّف كتابا في فضائل الخلفاء ، ثمّ لمّا رأى أنّ فضائل علي 7 كثيرة ، بدا له أن يؤلّف في فضائله كتابا مفردا ، فألّف كتاب ( توضيح الدلائل على ترجيح الفضائل ) (١).

(٦٤)

رواية ملك العلماء الهندي

ورواه ملك العلماء شهاب الدين بن شمس الدين الدولت آبادي الهندي في مواضع عديدة من كتابه ( هداية السعداء ) عن عدة من كتب أهل السنّة ، واحتج به على كون أمير المؤمنين 7 أحبّ الخلق ، كما نصّ على صحته بإسناد النسائي عن أنس بن مالك ، وإليك نصّ عبارته :

« بيان : خطاب علي كرّم الله وجهه بأحبّ الخلق ، في دستور الحقائق روى الجماعة عن الجماعات : أهدي إليه طير مشوي فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : اللهم ائتني بأحبّ خلقك يأكل معي هذا الطّير ، فجاء علي فدقّ الباب فقال أنس بن مالك : إنّ النبيّ على حاجة فرجع ، ثمّ قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كما قال أوّلا فجاء علي فدق الباب فقال أنس كما قال فرجع ، ثمّ قال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم كما قال في الأوليين ، فجاء علي

__________________

(١) أهل البيت : ـ في المكتبة العربية ، مجلة تراثنا العدد : ٣.


فدقّ الباب أقوى من الأوّليين ، فسمع النبيّ صلّى الله عليه وسلّم وقد قال له أنس إنّه على حاجة : فآذنه النبيّ بالدخول وقال له : ما أبطأ بك عنّي؟ قال جئت فردّني أنس ثمّ جئت الثّانية والثّالثة فردّني. فقال صلّى الله عليه وسلّم : يا أنس ما حملك على هذا؟ قال : رجوت أن يكون الدّعاء لأحد من الأنصار ، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : علي أحبّ الخلق إلى الله فأكل معه.

وفي النسائي بإسناد صحيح عن أنس بن مالك لمّا قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم هذا الحديث جاء أبو بكر فردّه ، فجاء عمر فردّه ، ثمّ جاء علي فأذن له وأكل معه ... » (١).

وقال أيضا : « اعلم أنّ أحاديث فضيلة علي كرّم الله وجهه من الصحاح ولكن احتجاجهم على الخطأ. احتج الشيعة بخبر الطير ، وتمام الخبر ذكرناه ... » (٢).

كتاب ( هداية السعداء )

وكتاب ( هداية السعداء ) لملك العلماء من محاسن الكتب المعتمدة لدى أهل السنّة ، احتج به محمّد محبوب العالم في ( تفسيره ) ، وقد ذكر ملك العلماء في مقدمته أنّه قد استخرج رواياته من بطون كتب تبلغ الثلاثمائة.

ملك العلماء الهندي

وأمّا مؤلفه ملك العلماء الدولت آبادي الهندي الذي ترجمنا له في مجلّد ( حديث النور ) عن عدة من مصادر التراجم لأهل السنّة ، فمن أكابر أهل السنّة ومشاهير محدثيهم في الديار الهنديّة ... قال الصديق حسن خان القنوجي

__________________

(١) هداية السعداء. الجلوة العاشرة من الهداية التاسعة.

(٢) المصدر. الجلوة السابعة من الهداية الاولى.


بترجمته في ( أبجد العلوم ) :

« القاضي شهاب الدين بن شمس الدين بن عمر الزاولي ، ولد بدولت آباد دهلي ، وتلمذ على القاضي عبد المقتدر ومولانا خواجكي الدهلوي ، وهو من تلامذة مولانا معين الدين العمراني ، وفاق أقرانه وسبق إخوانه. وكان استاذه القاضي يقول في حقه : أتاني من الطلبة من جلده علم ولحمه علم وعظمه علم. توفي سنة ٨٤٩ ».

(٦٥)

رواية ابن حجر العسقلاني

رواه في غير واحد من كتبه :

قال في ( المطالب العالية ) : « أنس ـ قال : أهدي لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم حجل مشوي بخبزة وصبابة ، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطعام ، فقالت عائشة : اللهم اجعله أبي. وقالت حفصة : اللهم اجعله أبي. قال أنس : فقلت : اللهم اجعله سعد بن عبادة. قال : فسمعت حركة بالباب ، فخرجت ، فإذا علي ، فقلت : إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على حاجة ، فانصرف ، ثمّ سمعت حركة بالباب ، فخرجت ، فإذا علي كذلك ، فسمع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم صوته فقال : انظر من هذا؟ فخرجت ، فإذا هو علي ، فجئت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فأخبرته ، فقال : اللهم وال ، اللهم وال.

أنس ـ قال : أهدي لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم أطيار ، فقسّمها بين نسائه ، فأصاب كلّ امرأة ... به. الحديث.

هذا لفظ البزار.

سفينة صاحب زاد النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ـ قال : أهدت امرأة من


الأنصار إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم طيرين بين رغيفين ، وكان في المسجد ، ولم يكن في البيت غيري وغير أنس بن مالك ، فجاء رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، فدعا بالغداء ، فقلت : يا رسول الله ، قد أهدت لك امرأة هدية ، فقدّمت إليه الطيرين فقال : اللهم ائتني بأحبّ خلقك ـ أحسبه قال : ـ إليك وإلى رسولك ، قال : فجاء علي فضرب بالباب ضربا حفيفا ، فقلت : من هذا؟ قال : أبو الحسن. ثمّ ضرب ورفع صوته ، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : من هذا؟ قلت : علي. قال : افتح له ، ففتحت ، وأكل مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من الطيرين حتى فينا » (١).

* وقال في ( الأجوبة عن أحاديث المصابيح ) ، أي : أن السراج القزويني زعم وجود أحاديث موضوعة في ( مصابيح السنّة ) فسئل عن الحافظ ابن حجر العسقلاني ، وكان منها حديث الطير ، وهذه صورة السؤال :

« الحديث السادس عشر : كان عند النبيّ صلّى الله عليه وسلّم طير فقال : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي هذا الطير ، فجاء علي فأكل معه.

غريب. قال ابن الجوزي : موضوع. وقال الحاكم : ليس بموضوع ».

فأجاب ابن حجر :

« قلت : أخرجه الترمذي من طريق عيسى بن عمر ، عن إسماعيل بن عبد الرحمن السدّي ، عن أنس وقال : غريب ، لا نعرفه من حديث السدّي إلاّ من هذا الوجه.

وقد روي من غيره عن أنس. قال : والسدّي اسمه : إسماعيل بن عبد الرحمن سمع من أنس.

قلت : أخرج له مسلم ، ووثّقه جماعة ، منهم : شعبة ، وسفيان ، ويحيى

__________________

(١) المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية ٤ / ٦١ ـ ٦٣ الأحاديث : ٣٩٦٢ ـ ٣٩٦٤.


القطّان.

وأخرجه الحاكم من طريق سليمان بن بلال ، عن يحيى بن سعيد ، عن أنس : كنت أخدم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، فقدّم له فرخ مشوي فقال : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي هذا الطير ، فقلت : اجعله رجلا من أهلي الأنصار ، فجاء علي فقلت : إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على حاجة ، ثمّ جاء فقلت ذلك ، فقال : اللهم ائتني ... كذلك. فقلت : ذلك. قال لي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : افتح ، فدخل ، فقال : ما حبسك يا علي؟ فقال : إن هذه آخر ثلاث كرّات يردّني أنس ، فقال : ما حملك على ما صنعت؟ قلت : أحببت أن يكون رجلا من قومي ، فقال : إنّ الرجل محب قومه.

وقال الحاكم : رواه عن أنس أكثر من ثلاثين نفسا ، ثمّ ذكر له شواهد عن جماعة من الصحابة.

وفي الطبراني منها عن : سفينة ، وعن ابن عباس. وسند كلّ منهما متقارب » (١).

* وقال الحافظ ابن حجر بترجمة إبراهيم بن ثابت القصّار :

« وقد جمع طرق الطير ابن مردويه والحاكم وجماعة ، وأحسن شيء فيها طريق أخرجه النسائي » (٢).

* وبترجمة إسماعيل بن سليمان :

« إسماعيل بن سليمان الرازي ، أخو إسحاق بن سليمان. قال العقيلي : الغالب على حديثه الوهم. حدّثنا جعفر بن أحمد ، حدّثنا محمّد بن حميد ، حدّثنا إسماعيل بن سليمان ، حدّثنا عبد الملك بن أبي سليمان ، عن عطا ، عن

__________________

(١) انظر آخر مشكاة المصابيح ٣ / ١٧٨٨.

(٢) لسان الميزان ١ / ٤٢.


عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنهما -: إنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم كان يطعن في البيت بمخصرته ويقول : ها إنّ هذا البيت مسئول عن أعمالكم يوم القيامة ، ما ذا يخبر عنكم :

وروى : عن عطا ، عن أنس : حديث الطير. يروى من غير وجه بأسانيد ليّنة.

وحديث عبد الله بن عمر يروى من قوله.

قلت : والحديث الأول رواه البزار في مسنده ، من طريق ليث بن أبي سليم ، عن عبد الرحمن بن سابط ، عن عبد الله بن عمر.

وحديث الطير قد توبع فيه أيضا. وتقدّم أيضا في ترجمة إبراهيم بن ثابت القصّار » (١).

ترجمته

١ ـ الشوكاني : « الحافظ الكبير الشهير ، الإمام المتفرد بمعرفة الحديث وعلله في الأزمنة المتأخرة ، ارتحل إلى : بلاد الشام ، والحجاز ، اليمن ، ومكّة ، وما بين هذه النواحي ، وأكثر جدّا من المسموع والشيوخ ، وسمع العالي والنازل ، واجتمع له من ذلك ما لم يجتمع لغيره ، وأدرك من الشّيوخ جماعة كل واحد رأس في فنه الذي اشتهر به ، ثمّ تصدّى لنشر الحديث ، وقصر نفسه عليه مطالعة وإقراء وتصنيفا وإفتاء ، وتفرّد بذلك ، وشهد له بالحفظ والإتقان القريب والبعيد والعدو والصديق ، حتى صار إطلاق لفظ « الحافظ » عليه كلمة إجماع ، ورحل إليه الطّلبة من الأقطار ، وطارت مؤلّفاته في حياته ، وانتشرت في البلاد ، وتكاتب الملوك من قطر إلى قطر في شأنها. مات في أواخر ذي الحجة سنة ٨٥٢ » (٢).

__________________

(١) لسان الميزان ١ / ٤٠٨.

(٢) البدر الطالع ١ / ٨٧.


٢ ـ السيوطي : « ابن حجر ـ شيخ الإسلام ، وإمام الحفّاظ في زمانه ، وحافظ الديار المصريّة ، بل حافظ الدنيا مطلقا قاضي القضاة ، شهاب الدين أبو الفضل أحمد بن علي ... ولد سنة ٧٧٣ ، وعانى أوّلا الأدب ، فبلغ فيه الغاية ، ثمّ طلب الحديث ... وتقدّم في جميع فنونه ... وصنّف التصانيف التي عمّ النفع بها ، كشرح البخاري ، الذي لم يصنّف أحد في الأولين ولا في الآخرين مثله ... توفي في ذي الحجة سنة ٨٥٢ ... وقد غلق بعده الباب ، وختم به هذا الشأن ... » (١).

٣ ـ الصدّيق القنوجي : « الحافظ ابن حجر العسقلاني ... ترجمه تلميذه السخاوي في كتاب سمّاه الجواهر والدرر في ترجمة شيخ الإسلام ابن حجر ، وترجمه البلقيني أيضا في كتاب وقف عليه في حياته. وقال المعلّم بطرس البستاني في دائرة المعارف : جدّ في الفنون حتى بلغ الغاية ، وعكف على الزين العراقي وانتفع به ، وأخذ عن الشيوخ ، وأذن له في الإفتاء والتدريس ، وشهد له أعيان شيوخه بالحفظ ، وزادت تصانيفه التي معظمها في فنون الحديث وفنون الأدب والفقه وغير ذلك على مائة وخمسين تصنيفا ، ورزق فيها السعد والقبول ، خصوصا فتح الباري ... » (٢).

وله ترجمة في :

١ ـ حسن المحاضرة في أخبار مصر والقاهرة ١ / ٣٦٣.

٢ ـ ذيل طبقات الحفّاظ : ٣٨٠.

٣ ـ شذرات الذهب ٧ / ٢٧٠.

٤ ـ الضوء اللامع ٢ / ٣٦.

__________________

(١) طبقات الحفّاظ : ٥٥٢.

(٢) التاج المكلّل : ٣٢.


(٦٦)

رواية ابن الصبّاغ المالكي

ورواه نور الدين ابن الصبّاغ المالكي ، مصرّحا بوروده صحيحا في كتب الحديث ، وفي الأخبار الصريحة حيث قال :

« فصل ـ في محبة الله تعالى ورسوله له. وذلك أنّه صحّ النقل في كتب الأحاديث الصحيحة والأخبار الصريحة عن أنس بن مالك ـ 2. قال :

أهدي إلى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم طير مشوي يسمّى الحجل ـ وفي رواية : ما أراه إلاّ الحبارى ـ فقال : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطير ، فجاء علي فحجبته وقلت : إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مشغول ، رجاء أن تكون الدعوة لرجل من قومي ، ثمّ جاء علي ثانية فحجبته ، ثمّ جاء الثالثة فقرع الباب فقال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم : أدخله فقد عنيته ، فلمّا دخل قال له النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ما حبسك عنا يرحمك الله؟ قال : هذه آخر ثلاث مرّات وأنس يقول : إنّك مشغول. فقال : يا أنس : ما حملك على ذلك؟ قال : سمعت دعوتك فأحببت أن تكون لرجل من قومي. فقال صلّى الله عليه وسلّم : لا يلام الرحل على حبّه لقومه. رواه الترمذي » (١).

ترجمته

ونور الدين علي بن محمّد المعروف بابن الصبّاغ المالكي ، المتوفى سنة ٨٥٥ ، من أعلام المحدثين وكبار فقهاء المالكية :

__________________

(١) الفصول المهمة : ١٩.


١ ـ ترجم له السّخاوي ، وذكر له كتاب ( الفصول المهمّة ) وأنّ له منه إجازة (١).

٢ ـ ذكره عمر بن فهد المكّي فيمن كان بمكّة من الأعلام (٢).

٣ ـ وذكر أحمد بن عبد القادر العجيلي الشافعي اختلاف الفقهاء في حكم الخنثى ثمّ قال : « وجدت حكم أمير المؤمنين في كتاب الفصول المهمّة في فضل الأئمة ، تصنيف الشيخ الإمام علي بن محمّد الشهير بابن الصبّاغ من علماء المالكية » (٣).

وفي هذه العبارة : صحّة نسبة الكتاب إليه ، ووصفه بالشيخ الإمام ، والتصريح بكونه من علماء المالكية.

٤ ـ وذكر عبد الله بن محمّد المطيري كتابه ( الفصول المهمّة ) في مصادر كتابه ( الرياض الزاهرة ).

٥ ـ ونصّ رشيد الدين الدهلوي على أنّه من كتب أهل السنّة المؤلّفة في فضائل الأئمّة.

٦ ـ واعتمد عليه ونقل عنه جمع من العلماء المشاهير في مصنفاتهم :

كالسمهودي في ( جواهر العقدين ) ، والشيخاني القادري في ( الصراط السوي ) ، ومحمّد محبوب في ( تفسير شاهي ).

(٦٧)

رواية الميبدي اليزدي

ورواه الحسين بن معين الدين الميبدي اليزدي ، حيث أورده بشرح ديوان

__________________

(١) الضوء اللاّمع ٥ / ٢٨٣.

(٢) إتحاف الورى بأخبار أم القرى. حوادث ٨٥٥.

(٣) ذخيرة المآل ـ مخطوط.


أمير المؤمنين 7 ، عن الترمذي عن أنس (١).

ترجمته

العلاّمة الميبدي من أكابر العلماء المشاهير ، وكتابه ( الفواتح ) من الكتب المعروفة والمعتمدة لدى أهل السنّة ، وصفه صاحب ( حبيب السّير ) بأنّه من أفاضل علماء العراق بل من أعظم علماء الآفاق ، وأورده الكفوي في ( كتائب أعلام الأخيار ) ، واعتمد على كتابه ولي الله الدهلوي في ( النوادر من حديث سيد الأوائل والأواخر ) ، وذكر الجلبي كتابه في ( كشف الظنون ) معبّرا عن الميبدي بـ « مولانا » وسيأتي تفصيل هذا كلّه في قسم حديث ( الأشباه ) إن شاء الله.

(٦٨)

رواية المطيري

ورواه عبد الله بن محمّد المطيري حيث قال :

« الحديث الثامن والثمانون ، في محبّة الله تعالى لعلي بن أبي طالب 2 : وذلك إنّ صحّ في كتب الحديث.

عن أنس بن مالك ـ 2 ـ قال : أهدي إلى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم طير مشوي يسمى الحجل ـ وفي رواية : ما أراه إلاّ الحبارى ـ فقال : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطير ، فجاء علي ـ 2 ـ فحجبته وقلت : إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مشغول ، رجاء أن يكون الدعوة لرجل من قومي ، ثمّ جاء علي ـ 2 ـ

__________________

(١) الفواتح ـ شرح ديوان أمير المؤمنين 7 : ٤٨.


فحجبته ، ثمّ جاء الثالثة ، فقرع الباب فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم : أدخله فقد عنيته ، فلمّا دخل قال له صلّى الله عليه وسلّم : ما حبسك عنّا يرحمك الله؟ قال : هذه آخر ثلاث مرّات وأنس يقول : إنّك مشغول ، فقال : يا أنس : ما حملك على ذلك؟ قال : سمعت دعوتك وأحببت أن يكون لرجل من قومي ، فقال صلّى الله عليه وسلّم : لا يلام الرجل على حبّه لقومه.

رواه الترمذي » (١).

(٦٩)

رواية الحافي الشّافعي

ورواه أحمد بن محمّد بن أحمد الحافي الحسيني الشافعي ، في فضائل الإمام 7 بقوله :

« في رواية : قدمت لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم طيرا فسمّى وأكل لقمة وقال : اللهم ائتني بأحبّ الخلق إليك وإليّ ، فأتى علي فضرب الباب فقلت : من أنت؟ قال : علي. قلت : إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على حاجة ، ثمّ أكل لقمة وقال مثل الاولى ، فضرب علي فقلت : من أنت؟ قال : علي. قلت : إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على حاجة ، ثمّ أكل لقمة وقال مثل مقالته ، فضرب علي ورفع صوته فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : يا أنس ، افتح الباب ، ففتحته ، فدخل علي ، فلمّا رآه النبيّ تبسّم ثمّ قال : الحمد لله الذي جعلك هو ، فإنّي أدعو في كلم لقمة أن يأتيني الله بأحبّ الخلق إلى الله وإليّ ، فكنت أنت ، فقال : والذي بعثك بالحق نبيا إنّي لأضرب

__________________

(١) الرياض الزاهرة في فضل آل بيت النبيّ وعترته الطاهرة ـ مخطوط


الباب ثلاث مرّات ، ويدرأني أنس. قال : لم رددته؟ قال : كمن أحبّ معه رجلا من الأنصار ، فتبسّم النبيّ صلّى الله عليه وسلّم وقال : ما يلام الرجل على حبّ قومه » (١).

(٧٠)

رواية الصّفوري

ورواه الشيخ عبد الرحمن بن عبد السلام الصفوري الشّافعي ، في باب مناقب سيدنا أمير المؤمنين 7 حيث قال :

« قال أنس ـ 2 -: قدّمت للنبيّ صلّى الله عليه وسلّم طعاما فسمّى وأكل لقمة وقال : اللهم ائتني بأحبّ الخلق إليك وإليّ. فطرق علي الباب فقلت : من؟ قال : علي. فقلت : إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مشغول ، فأكل لقمة ثمّ قال : اللهم ائتني بأحبّ الخلق إليك وإليّ ، فطرق علي الباب ورفع صوته فقال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم : افتح الباب يا أنس ، ففتح ، فدخل علي ، فلمّا رآه النبيّ صلّى الله عليه وسلّم تبسّم وقال الحمد لله فإنّي أدعو الله في كل لقمة أن يأتيني بأحبّ الخلق إليه وإليّ. فقال : والذي بعثك بالحق إنّي لأضرب الباب ثلاث مرّات ويردّني أنس. فقال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم : ما حملك على ما صنعت يا أنس؟ قال : رجوت يا نبيّ الله أن يكون رجلا من الأنصار. فقال : أوفي الأنصار خير من علي وأفضل؟! » (٢).

__________________

(١) التبر المذاب في بيان ترتيب الأصحاب ـ مخطوط.

(٢) نزهة المجالس.


(٧١)

رواية ابن روزبهان

والفضل ابن روزبهان الخنجي الشيرازي ممّن يروي حديث الطير ، ويصفه بالشهرة ، ويعترف بكونه فضيلة عظيمة لأمير المؤمنين 7 حيث يقول : « أقول : حديث الطير مشهور. وهو فضيلة عظيمة ومنقبة جسيمة ، ولكن لا تدل على النصّ » (١).

ترجمته

١ ـ السخاوي : « فضل الله بن روزبهان بن فضل الله الأمين ، أبو الخير ، ابن القاضي أبي الخير بأصبهان أمين الدين ، الخنجي الأصل ، الشيرازي ، الشافعي ، الصوفي ، ويعرف بـ « خواجه ملاّ ». لازم جماعة كعميد الدين الشيرازي ، وتسلك بالجمال الأردستاني وتجرّد معه ، وتقدّم في فنون من عربية ومعان وأصلين وغيرها ، مع حسن سلوك وتوجّه وتقشّف ولطف عشرة وانطراح وذوق وتقنّع ، قدم القاهرة ... وزار بيت المقدس ... وسافر إلى المدينة المنوّرة ، فجاور بها أشهرا من سنة ٨٧ ولقيني ... وقرء عليّ البخاري وغيره بالروضة ... وكتبت له إجازة حافلة ... » (٢).

٢ ـ وقد أكثر الفاضل رشيد الدين خان الدهلوي من الاستدلال والاحتجاج بأقاويل ( ابن روزبهان ) في ردوده على الشيعة وبحوثه معهم ، مبجّلا له ومثنيا عليه ، ومن ذلك استشهاده بكلماته في نفي إمامة معاوية وخلافته ، في

__________________

(١) إبطال الباطل ـ مخطوط.

(٢) الضوء اللامع ٦ / ١٧١.


كتابه ( غرة الراشدين ).

٣ ـ وكذلك المولوي حيدر علي الفيض في كتابه ( منتهى الكلام ) كما لا يخفى على من راجعه.

(٧٢)

رواية جلال الدين السيّوطي

وروى جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي حديث الطير بطرق متعدّدة ، في كتابه ( جمع الجوامع ) كما لا يخفى على من راجع ترتيبه ( كنز العمال ) وسيأتي ذكرها أيضا إن شاء الله. ومن ذلك أخرجه في كتابه المذكور :

« عن الزهري ، عن أنس قال : كنت جالسا على باب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، فأتته أم أيمن بطير أهدي لها من الليل ، فأكل منه ثمّ أعطاني فضلة ، فجئت حتى انتهيت بفضل ذلك فقال : اللهم اطلع أحبّ خلقك إليك ، فوقفت على الباب وأنا أقول : اللهم أطلع رجلا من الأنصار ، فو الله إني لواقف إذ طلع علي بن أبي طالب ، فقلت : هذا علي بن أبي طالب ، قد أتى الباب ، قال : اللهم أدخله ، الحمد لله الذي أطلع أحبّ خلقه إليّ ، ادن ، فكل معي. بن النجار » (١).

كتاب ( جمع الجوامع ) :

وقد مدح السيوطي كتابه ( جمع الجوامع ) في مقدّمته ، ووصفه بأنّه « كتاب شريف حافل ، ولباب منيف رافل ، بجمع الأحاديث الشريفة النبويّة كافل ،

__________________

(١) جمع الجوامع ٢ / ٢٨٦.


قصدت فيه إلى استيعاب الأحاديث النبويّة ، وأرصدته مفتاحا لأبواب المسانيد العليّة ... » وقال كاشف الظنون :

« ثمّ إن الشيخ العلاّمة علاء الدين علي بن حسام الدين الهندي الشهير بالمتقي المتوفى سنة ٩٧٥ ، رتّب هذا الكتاب الكبير ، كما رتّب الجامع الصغير ، وسماه : كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال ، ذكر فيه أنّه وقف على كثير مما دوّنه الأئمة من كتب الحديث ، فلم ير فيها أكثر جمعا منه ، حيث جمع فيه بين الأصول الستة وأجاد ، مع كثرة الجدوى وحسن الإفادة ... » (١).

وذكر العيدروس بترجمة السيوطي أنّه : « حكي عنه أنّه قال : رأيت في المنام كأنّي بين يدي النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ، فذكرت له كتابا شرعت في تأليفه في الحديث وهو جمع الجوامع ، فقلت له : أقرأ عليكم شيئا منه؟ فقال :

هات يا شيخ الحديث. قال : هذه البشرى عندي أعظم من الدنيا بحذافيرها » (٢).

ترجمته

وجلال الدين السّيوطي يلقّب عندهم بـ « مجدّد القرن التاسع » وهو شيخ مشايخ ( الدّهلوي ) ، وتوجد مناقبه وفضائله بترجمته في :

١ ـ الضوء اللامع ٤ / ٦٥.

٢ ـ البدر الطالع ١ / ٣٢٨.

٣ ـ النور السافر : ٥٤.

٤ ـ الكواكب السائرة ١ / ٢٢٦.

وقد ترجم لنفسه ترجمة مفصّلة جدا في كتابه ( حسن المحاضرة ).

__________________

(١) كشف الظنون ١ / ٥٩٧.

(٢) النور السّافر : ٥٤.


كما ترجم له في مقدّمات مؤلّفاته ، من قبل المحققين.

وألّف بعضهم كتابا خاصّا بمؤلّفاته.

وقد ترجمنا له نحن في بعض مجلّدات الكتاب ، على ضوء المصادر المذكورة وغيرها.

(٧٣)

رواية ابن حجر المكّي

ونصّ ابن حجر الهيتمي المكّي على كثرة طرق هذا الحديث وقال بأنّ « كثرة طرقه صيّرته حسنا يحتجّ به » ... وهذه عبارته حيث قال :

« تنبيه : ورد في مناقب علي حديث كثر كلام الحفّاظ فيه ، فأردت أن الخصّ المعتمد منه ، ولفظه عن أنس :

كان عند النبيّ صلّى الله عليه وسلّم طير ، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي هذا الطير. فجاء علي فأكل مع. رواه الترمذي.

والمعتمد عند محققي الحفّاظ فيه : أنّه ليس بموضوع ، بل له طرق كثيرة. قال الحاكم في المستدرك : رواه عن أنس أكثر من ثلاثين نفسا. انتهى. وحينئذ ، فيقوى كلّ من تلك الطرق بمثله ، ويصير سنده حسنا لغيره. والمحققون أيضا على أنّ الحسن لغيره يحتجّ به كالحسن لذاته. وفي جملة طرقه طريق رواتها كلّهم ثقات إلاّ واحد قال بعض الحفّاظ : لم أر من وثّقه ولا من جرحه. وله طريق أخرى رواتها كلّهم ثقات أيضا إلاّ واحد قال النسائي فيه : ليس بالقوي ، وهو معارض بأنّ غير واحد وثّقه. وذكر الحاكم : أنّه صح عن : علي ، وأبي سعيد ، وسفينة. لكن تساهله في التصحيح معلوم.

فالحقّ ما سبق أنّ كثرة طرقه صيّرته حسنا يحتج به ، ولكثرتها جدّا أخرج


الحافظ أبو بكر ابن مردويه فيها جزء.

وأما قول بعضهم : إنّه موضوع ، وقول ابن طاهر : طرقه كلها باطلة معلولة. فهو الباطل. وابن طاهر معروف بالغلو الفاحش. وابن الجوزي مع تساهله في الحكم بالوضع ـ كما هو معلوم ـ ذكر في كتابه العلل المتناهية له طرقا كثيرة واهية ، ولذلك لم يذكره في موضوعاته.

فالحقّ ما تقرر أوّلا أنّه حسن يحتج به » (١).

ترجمته

وابن حجر المكّي صاحب ( الصواعق المحرقة ) من أشهر علماء القوم في الفقه والحديث والكلام ، يثنون عليه وينقلون عنه ويستندون إليه في مختلف بحوثهم ... فراجع :

١ ـ لواقح الأنوار في طبقات الأخيار ـ مخطوط.

٢ ـ ريحانة الألباء : ٢١١.

٣ ـ النور السافر عن أخبار القرن العاشر : ٢٨٧.

٤ ـ التحفة البهية في طبقات الشافعيّة.

٥ ـ المرقاة في شرح المشكاة.

٦ ـ شذرات الذهب ٨ / ٣٧٠.

٧ ـ البدر الطالع ١ / ١٠٩.

وغيرها من كتب التراجم والأسانيد والأخبار ...

وقد ألّف بعضهم بترجمته كتاب ( نفائس الدرر في ترجمة شيخ الإسلام ابن حجر ).

__________________

(١) المنح المكيّة في شرح الهمزية.


(٧٤)

رواية المتّقي

رواه بطرق عديدة في ( كنز العمال ) فقال :

« عن أنس ـ إنّ أم سليم أتت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بحجلات قد شوتهنّ بأضباعهنّ وخمرهنّ ، فقال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي هذا الطائر. قال أنس : فجاء علي بن أبي طالب فقال : استأذن على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. فقلت : هو على حاجة ، فأحببت أن يجئ رجل من الأنصار ، ثمّ رجع فعاد ، فسمع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم صوته فقال : ادخل عليّ. اللهم وإليّ ، اللهم وإليّ ، اللهم وإليّ. كر » أي أخرجه ابن عساكر.

« مسند أنس ـ عن دينار عن أنس قال : كنت مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في بستان ، فأهدي لنا طائر مشوي ، فقال : اللهم ائتني بأحبّ الخلق إليك ، فجاء علي بن أبي طالب ، فقلت : رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مشغول ، فرجع ، ثمّ جاء بعد ساعة ودقّ الباب ، ورددته مثل ذلك. ثمّ قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : يا أنس ، افتح له فطالما رددته ، فقلت : يا رسول الله ، كنت أطمع أن يكون رجلا من الأنصار ، فدخل علي بن أبي طالب فأكل معه من الطير ، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : المرء يحب قومه. كر وابن النجار أيضا » (١).

« عن عبد الله القشيري قال : حدّثني أنس بن مالك قال : كنت أحجب النبيّ صلّى الله عليه وسلّم وسمعته يقول : اللهم أطعمنا من طعام الجنّة ، فأتي

__________________

(١) كنز العمّال ١٣ / ١٦٦ ـ ١٦٧.


بلحم مشوي فوضع بين يديه فقال : اللهم ائتنا بمن نحبّه ويحبّك ويحبّ نبيّك ويحبّه نبيّك. قال أنس : فخرجت فإذا علي بالباب فاستأذنني فلم آذن له ، ثمّ عدت فسمعت من النبيّ صلّى الله عليه وسلّم مثل ذلك. فخرجت فإذا علي بالباب فاستأذنني فلم آذن له ـ أحسب أنّه قال ثلاثا ـ فدخل بغير إذني ، فقال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم : ما الذي أبطأ بك يا علي؟ قال : يا رسول الله جئت لأدخل فحجبني أنس. قال : يا أنس لم حجبته؟ قال : يا رسول الله ، لمّا سمعت الدعوة أحببت أن يجئ رجل من قومي فتكون له. فقال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم : لا يضرّ الرجل محبّة قومه ما لم يبغض سواهم » (١)

ترجمته

وإن شئت الوقوف على ما ذكروا للمتقي من فضائل ومناقب فراجع :

١ ـ لواقح الأنوار في طبقات الأخيار ـ مخطوط.

٢ ـ النور السّافر عن أخبار القرن العاشر : ٣١٥.

٣ ـ سبحة المرجان في آثار هندوستان : ٤٣.

٤ ـ شذرات الذهب ٨ / ٣٧٩.

٥ ـ أبجد العلوم : ٨٩٥.

٦ ـ أخبار الأخيار : ٢٤٥.

وغيرها من الكتب ... وإليك نبذة من كلماتهم في حقه :

قال الشعراني : « منهم ـ الشيخ الصالح ، الورع الزاهد ، سيدي علي الهندي 2 ، اجتمعت به في سنة سبع وأربعين ، بمكّة المشرّفة مدة إقامتي بها للحج ، وانتفعت برؤيته ولحظه ... ».

وقال العيدروس : « في ليلة الثلاثاء وقت السحر توفي العالم الصّالح ،

__________________

(١) كنز العمّال ١٣ / ١٦٧.


الولي الشهير ، العارف بالله تعالى ، علي المتقي بن حسان الدين. وكان من العلماء العاملين وعبّاد الله الصالحين ، على جانب عظيم من الورع والتقوى والاجتهاد في العبادة ورفض السوى. وله مصنفات عديدة ، وذكروا عنه أخبارا حميدة ... مؤلّفاته كثيرة نحو مائة مؤلّف ، ما بين صغير وكبير ، ومحاسنه جمّة ومناقبه ضخمة ، وقد أفردها العلاّمة عبد القادر بن أحمد الفاكهي في تأليف لطيف سمّاه : القول النقي في مناقب المتقي ... فما كان هذا الرجل إلاّ من حسنات الدهر وخاتمة أهل الورع ومفاخر الهند ، وشهرته تغني عن ترجمته ، وتعظيمه في القلوب يغني عن مدحته ».

(٧٥)

رواية الميرزا مخدوم

وروى الميرزا مخدوم الشريفي هذا الحديث في كتابه ، وجعله من فضائل أمير المؤمنين 7 حيث قال :

« في فضائل علي بن أبي طالب 2 : عن أنس بن مالك قال : بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يوم الإثنين ، وصلّى عليّ يوم الثلاثاء. أخرجه الترمذي.

وعن ابن عباس قال : أوّل من صلّى علي. أخرجه الترمذي.

وعن زيد بن أرقم 2 قال : أوّل من أسلم علي. قال عمر بن مرة : فذكرت ذلك لإبراهيم النخعي فأنكره وقال : أوّل من أسلم أبو بكر الصدّيق. أخرجه الترمذي.

وعن سعد بن أبي وقاص قال : لمّا آخى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بين أصحابه ، جاءه علي تدمع عيناه فقال : يا رسول الله ، آخيت بين أصحابك فلم تواخ بيني وبين أحد! فقال : فسمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم


يقول : أنت أخي في الدنيا والآخرة. أخرجه الترمذي.

وعن ابن عمر : إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال : من كنت مولاه فعليّ مولاه. أخرجه الترمذي.

وعن زيد بن أرقم إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم خلّف علي بن أبي طالب في غزوة تبوك فقال علي : يا رسول الله ، أتخلفني في النساء والصبيان! فقال : أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى غير أنّه لا نبيّ بعدي! أخرجه البخاري ومسلم والترمذي.

عن سعد بن أبي وقاص : إنّ معاوية بن أبي سفيان أمره فقال : ما يمنعك أن تسبّ أبا تراب؟ فقال : أمّا ما ذكرت ثلاثا قالهنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فلن أسبّه ، لئن يكون لي واحدة أحبّ من حمر النعم : سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول له ـ وخلّفه في بعض مغازيه ـ فقال له علي : يا رسول الله خلفتني مع النساء والصّبيان ، فقال له رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبوّة بعدي! وسمعته يقول يوم خيبر : لاعطينّ الراية غدا رجلا يحبّ الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله. فتطاولنا ، فقال : ادعوا لي عليا ، فأتي به أرمد ، فبصق في عينيه ، ودفع الراية إليه ، ففتح الله عليه. ولمّا نزلت هذه الآية : ( تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ) دعا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عليا وفاطمة وحسنا وحسينا فقال : اللهم هؤلاء أهلي. أخرجه مسلم والترمذي.

وعن عمران بن حصين قال : بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم جيشا واستعمل عليهم علي بن أبي طالب ، فمضى في السريّة فأصاب جارية ، فأنكروا عليه ، وتعاقد أربعة من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقالوا : إذا لقينا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أخبرناه بما صنع علي ، ـ وكان المسلمون إذا رجعوا من سفر بدءوا برسول الله صلّى الله عليه وسلّم ثمّ انصرفوا إلى رحالهم ـ فلمّا قدمت السريّة فسلّموا على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ،


فقام أحد الأربعة فقال : ألم تر إلى علي بن أبي طالب فعل كذا وكذا ، فأعرض عنه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. ثمّ قام الثاني فقال مثل ما قال ، فأعرض عنه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. ثمّ قام الثالث فقال مثل مقالتهما. ثمّ قام الرابع فقال ما قالوا. فأقبل إليهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ـ والغضب يعرف في وجهه ـ فقال : ما تريدون من عليّ ـ ثلاثا ـ إنّ عليا منّي وأنا منه وهو وليّ كلّ مؤمن بعدي. أخرجه الترمذي.

وعن حبشي بن جنادة : إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال : عليّ منّي وأنا من علي ولا يؤدّي عنّي إلاّ أنا أو علي. أخرجه الترمذي.

وعن أنس قال : كان عند رسول الله صلّى الله عليه وسلّم طير فقال : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي هذا الطير ، فجاء علي فأكل معه. أخرجه الترمذي » (١).

(٧٦)

رواية الوصّابي اليمني

رواه بطرق متعدّدة ... قال : « عن أنس 2 قال : قدّمت لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم طيرا ، فسمّى وأكل لقمة وقال : اللهم ائتني بأحبّ الخلق إليك وإليّ. فأتى علي فضرب الباب ، فقلت : من أنت؟ فقال : علي. فقلت : إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على حاجة ، ثمّ أكل لقمة فقال مثل الأول ، فضرب علي الباب ، فقلت : من أنت؟ قال : علي. فقلت : إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على حاجة ، ثمّ أكل لقمة فقال مثل ذلك. فضرب علي فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم :

__________________

(١) نواقض الروافض ـ الفصل الثاني.


يا أنس ، افتح الباب ، فدخل ، فلمّا رآه النبيّ صلّى الله عليه وسلّم تبسّم ، ثمّ قال : الحمد لله الذي جعلك ممّن يحبّه الله ورسوله ، فإني دعوت الله في كلّ لقمة أن يأتيني بأحبّ الخلق إليه وإليّ ، فكنت أنت. قال : فو الذي بعثك بالحقّ إنّي لأضرب الباب ثلاث مرّات ويردّني أنس.

فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : لم رددته؟ قال : كنت أحبّ معه رجلا من الأنصار ، فتبسّم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وقال : ما يلام الرجل على حبّ قومه.

أخرجه ابن عساكر والحافظ محبّ الدين ابن النجار في تاريخه ».

وقال الوصابي : « وعنه ـ أي أنس ـ 2 : إنّ أم سلمة أتت النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بحجلات قد شوتهنّ ، فقال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم :

اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطير. قال أنس : فجاء علي ابن أبي طالب فقال : استأذن لي على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقلت : هو على حاجة ، وأحببت أن يجئ رجل من الأنصار ، فرجع ثمّ عاد فسمع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال : أدخل يا علي ، اللهم وإليّ ، اللهم وإليّ ، اللهم وإليّ. أخرجه ابن عساكر في تاريخه ».

وقال : « عن عبد الله القشيري قال : حدّثني أنس 2 قال : كنت أحجب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فسمعته يقول : اللهم أطعمنا من طعام الجنّة ، فأتي بلحم طير مشوي فوضع بين يديه فقال : اللهم ائتنا بمن نحبّه ويحبّك ويحبّ نبيّك ويحبّه نبيّك ، فإذا علي بن أبي طالب على الباب ، فاستأذنني فلم آذن له ـ أحسب أنّه قال : ثلاث مرّات ـ فدخل بغير إذني ، فقال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم : ما أبطأ بك يا علي؟ قال : يا رسول الله جئت لأدخل فحجبني أنس. فقال : لم حجبت؟ قال : يا رسول الله لمّا سمعت الدعوة أحببت أن يجئ رجل من قومي فتكون له. فقال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم : لا يضرّ الرجل محبّة الرجل قومه ما لم يبغض سواهم.


أخرجه ابن عساكر في تاريخه » (١).

الوصّابي وكتابه :

والشيخ إبراهيم الوصّابي اليمني من أعلام محدّثي أهل السنّة ، وصفه العلاّمة العجيلي في ( ذخيرة المآل ) بأنّه من أجلاّء العلماء ، والمولوي حسن زمان التركماني صاحب ( القول المستحسن في فخر الحسن ) بالشيخ المحدّث ... وكتابه ( الاكتفاء ) من الكتب المعتمدة لدى مؤلّفيهم ، كما لا يخفى على من راجع ( ذخيرة المآل ) و ( تفسير شاهي ) و ( القول المستحسن ) وغيرها من الكتب.

(٧٧)

رواية جمال الدين الشيرازي « المحدّث »

رواه في ( الأربعين في فضائل أمير المؤمنين ) حيث قال : « الحادي والعشرون ـ عن أنس قال :

أهدي إلى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم طير يسمّى الحجل ـ وفي رواية : ما أراه إلاّ حبارى. وفي رواية : أهدي لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم طير نضيج فأعجبه ـ فقال : اللهم ائتني بأحبّ الخلق إليك وإليّ يأكل معي من هذا الطير. فجاء علي ففرع الباب. فقلت : إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مشغول ـ وكنت أحبّ أن يكون لرجل من الأنصار ـ ثمّ أتى علي فقرع الباب فقلت : إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مشغول ، ثمّ أتى الثالثة. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : أدخله فقد عنيته. فلمّا أن أقبل قال :

__________________

(١) الاكتفاء في مناقب الأربعة الخلفاء ـ مخطوط.


ما حبسك يرحمك الله؟ قال : هذه آخر ثلاث مرّات. كلّ ذلك كان أنس يقول : إنّك مشغول على حاجة ، فقال : يا أنس ما حملك على ذلك. قال : قد سمعت دعوتك فأحببت أن تكون لرجل من الأنصار ـ وفي رواية قال : من قومي ـ قال : فجلس علي فأكل معه ».

ترجمته

وجمال الدين عطاء الله الشيرازي المعروف بـ « المحدّث » من مشاهير المحدّثين الثقات والعرفاء الكبار عند أهل السنّة ، يوجد الثناء عليه والاستناد إلى رواياته وأقواله في مختلف كتب الحديث والأسانيد والتاريخ والفضائل والكلام أمثال ( حبيب السير ) و ( المرقاة في شرح المشكاة ) و ( تاريخ الخميس ) و ( منتهى الكلام ) و ( إتحاف الأكابر ) ...

(٧٨)

رواية الجفري

وروى شيخ بن علي الجفري حديث الطير حيث قال :

« وأهدي إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم طير فقال : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل من هذا الطّير ، أو أهدت امرأة من الأنصار إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم طيرين بين رغيفين ، فقال صلّى الله عليه وسلّم : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك وإلى رسولك ، فأتى علي فضرب الباب ، فقال له أنس : إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على حاجة ، ثمّ ضرب الباب فقال له مثل ذلك ، ثمّ ضرب الباب ورفع صوته فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : يا أنس ، افتح الباب. فلمّا رآه صلّى الله عليه وسلّم تبسّم ثمّ قال : الحمد لله الذي جعلك أحبّ الخلق إليه ، كنت آكل ثمّ أدعو في كلّ لقمة أن


يأتيني بأحبّ الخلق إليه وإليّ ، فكنت أنت. فقال : والذي بعثك بالحقّ إنّي لأضرب الباب ثلاث مرّات ويردّني أنس. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : لم رددته؟ قال : كنت أحب معه رجلا من الأنصار. فتبسّم صلّى الله عليه وسلّم وقال : لا يلام الرجل على حبّ قومه » (١).

ترجمته :

وترجم المحبّي للجُفْري ترجمة حسنة هذا نصّها : « شيخ بن علي ... لأستاذ الأعظم الفقيه المقدّم ، عرف كسلفه بالجفري ـ بضم الجيم وسكون الفاء ثمّ بعدها راء ـ المفضال الكامل الماجد ، القاضي الأجلّ المحترم. كان من رؤساء العلم ، جليل المقدار ، ذائع الذكر ، مقبول السمعة ، وافر الحرمة. ولد بقرية تريس ـ بالسين المهملة ـ وحفظ القرآن ، وأخذ عن جماعة من العارفين. ثمّ دخل بلاد الهند والسواحل ، وأخذ عن أجلاّء لقاهم من العلماء الأعلام ، وضبط وقيّد ، ورحل إلى الحرمين ، وفاق في العلوم النقلية والعقلية. ثمّ تديّر بندر الشحر فاشتهر بها وعلا صيته وأقبل عليها أهلها وعظّموه وأجلّوه ، وولي بها مشيخة التدريس بالمدرسة السلطانية ، فدرّس في العلوم الشرعية وأفاد ، وانتفع به خلق كثير ، وولي خطابة الجامع ، ثمّ ولّي القضاء وجمع بين أطراف الرياسة والمراتب.

وبالجملة ، فقد كان من صدور العلماء الأعلام. وكانت وفاته ببندر الشحر في صفر سنة ١٠٦٣ » (٢).

__________________

(١) كنز البراهين الكسبيّة.

(٢) خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر ٢ / ٢٣٦.


(٧٩)

رواية أبي مهدي الثّعالبي

وقال أبو مهدي عيسى بن محمّد الثعالبي في ( مقاليد الأسانيد ) بترجمة الحاكم :

« وقال الخطيب البغدادي : كان الحاكم ثقة ، وكان يميل إلى التشيّع ، وجمع أحاديث وزعم أنّها صحاح على شرط البخاري ومسلم ، منها : حديث الطير ، ومن كنت مولاه فعلي مولاه. فأنكرها عليه أصحاب الحديث ولم يلتفتوا إلى قوله. قال الحافظ الذهبي : ولا ريب أن في المستدرك أحاديث كثيرة ليست على شرط الصحّة ، بل فيه أحاديث موضوعة شان المستدرك بإخراجها فيه. وأمّا حديث الطير فله طرق كثيرة جدّا قد أفردتها بمصنف ، ومجموعها يوجب أن الحديث له أصل. وأمّا حديث من كنت مولاه فعلي مولاه فله طرق جيدة وقد أفردت ذلك أيضا ».

فقد تعقّب الثعالبي البغدادي ، واستشهد بكلام الذهبي ليثبت حديث الطّير وغيره ويدافع عن الحاكم وكتابه ... وأنّه إذا ثبت أنّ الحديث الشريف له طرق كثيرة جدّا ، وله أصل بشهادة مثل الذّهبي ، فالقول بالبطلان والوضع جزاف محض وتعصّب بحت.

ترجمته

والثعالبي من مشايخ والد ( الدهلوي ) الذين منّ الله بهم عليه حسب تعبيره ، وقد ترجم له :

١ ـ المحبي ترجمة مطوّلة في أعيان قرنه ، وإليك ملخصها بلفظه :


« عيسى بن محمّد بن محمّد بن أحمد بن عامر ، جار الله ، أبو مكتوم ، المغربي ، الجعفري ، الثعالبي ، الهاشمي ، نزيل المدينة المنوّرة ثمّ مكّة المشرّفة. إمام الحرمين وعالم المغربين والمشرقين ، الإمام العالم العامل ، الورع الزاهد ، المفنّن في كل العلوم الكثير الإحاطة والتحقيق ... وشوهدت له كرامات ، وكانت سائر أوقاته معمورة بأنواع العبادة. وانتفع به جماعة من العلماء الكبار ، منهم الأستاذ الكبير إبراهيم بن حسن الكوراني ، وشيخنا الحسن بن علي العجيمي ، وشيخنا أحمد بن محمّد النخلي ، وغيرهم ، وله مؤلفات منها ( مقاليد الأسانيد ) ذكر فيه شيوخه المالكيين ، وأسماء رواة الإمام أبي حنيفة ، وفهرست البابلي. وكانت وفاته سنة ١٠٨٠ » (١).

٢ ـ النخلي ( وهو من مشايخ والد ( الدهلوي ) أيضا ) قال بترجمة مشايخه : « ومنهم : الشيخ الإمام ، الجهبذ الهمام ، حبر لا يبارى في تحقيق العلوم ، وبحر لا يجارى في تدقيق الفهوم ، من وصف بحسن التقرير والتأليف إطباق الآفاق ، ووضعها بلطف الترصيف الحذّاق على الأحداق ، الشيخ عيسى ابن محمّد بن محمّد الثعالبي الجعفري المالكي ، ; تعالى رحمة واسعة في الدنيا والآخرة آمين.

حضرت درسه في مجاورته بمكّة المشرّفة ، وقد جاور بها سنين كثيرة ، ولازمت درسه إلى أن مات بها ، ودفن بالمعلاّة » (٢).

٣ ـ وليّ الله الدّهلوي : « فصل ـ قد اتصّل سندي ـ بحمد الله ـ بسبعة من المشايخ الجلّة الكرام ، الأئمة القادة الأعلام ، من المشهورين بالحرمين المحترمين ، المجمع على فضلهم من بين الخافقين الشيخ محمّد بن العلاء البابلي ، والشيخ عيسى المغربي الجعفري ، والشيخ محمّد بن سليمان الرداني

__________________

(١) خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر ٣ / ٢٤٠.

(٢) رسالة أسانيد النخلي : ١٤.


المغربي ، والشيخ إبراهيم بن الحسن الكردي المدني ، والشيخ حسن بن علي العجيمي المكّي ، والشيخ أحمد بن محمّد النخلي المكّي ، والشيخ عبد الله بن سالم البصري ثمّ المكّي. ولكلّ واحد منهم رسالة جمع هو فيها أو جمع له فيها أسانيده المتنوعة في علوم شتى ... » (١).

٤ ـ القنوجي : « تلمّذ عليه جمهور أهل الحرمين الشريفين ، وصار استاذا لهم ، وكان من أدعية الحديث والقراءة. قال السيد حسن باعمر : من أراد أن ينظر إلى شخص لا يشك في ولايته فلينظر إلى هذا. وكان لا يعمل إلاّ بالسنّة المطهّرة ... » (٢).

(٨٠)

رواية حسام الدين السّهارنفوري

وقال حسام الدين بن محمّد با يزيد السهارنفوري ، في الفصل الذي عقده من كتابه لبيان الآيات والأحاديث الواردة في مناقب أمير المؤمنين :

« عن أنس قال : كان عند النبيّ صلّى الله عليه وسلّم طير فقال : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي هذا الطير ، فجائه علي فأكل معه. رواه الترمذي وقال : هذا حديث غريب ».

ثمّ ترجمه إلى الفارسية وقال : « الحديث الغريب عند المحدّثين هو الحديث الذي رواه الواحد ولو في موضع واحد من إسناده » (٣).

وبالجملة : فالسّهارنفوري يروي حديث الطير ويعدّه من مناقب الأمير ،

__________________

(١) الإرشاد إلى مهمات الاسناد لولي الله الدهلوي

(٢) أبجد العلوم للقنوجي

(٣) مرافض الروافض ـ الفصل التاسع. الباب الأول.


من غير غمز في سنده ، و ( الدّهلوي ) يقتدي به وينتحل أباطيله ، لكن لا ينظر إلى موقفه من هذا الحديث بعين الإعتبار!!

(٨١)

رواية البدخشاني

ورواه محمّد بن معتمد خان البدخشاني الحارثي ـ الذي صرّح ( الدهلوي ) وتلميذه الرشيد بكونه من أعاظم أهل السنّة ـ حيث قال : « أخرج الترمذي عن أنس 2 قال : كان عند النبيّ صلّى الله عليه وسلّم طير فقال : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي هذا الطير ، فجاء علي فأكل معه » (١).

ترجمته

وترجم له الندوي اللكهنوي في مشاهير علماء الهند ووصفه بـ « الشيخ العالم المحدّث ، محمّد بن رستم بن قباد الحارثي البدخشي ، أحد الرجال المشهورين في الحديث والرجال » ثمّ ذكر كتبه : تراجم الحفّاظ ، مفتاح النجا ، نزل الأبرار ، تحفة المحبّين (٢).

(٨٢)

رواية محمّد صدر العالم

ورواه محمّد صدر العالم في كتابه ( معارج العلى ) حيث قال : « أخرج

__________________

(١) مفتاح النجا في مناقب آل العبا ـ مخطوط.

(٢) نزهة الخواطر ٦ / ٢٥٩.


الترمذي عن أنس قال : كان عند النبيّ صلّى الله عليه وسلّم طير فقال : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي هذا الطير. فجاء علي فأكل معه » (١).

وقد ذكر صدر العالم في خطبة كتابه : أنّه رأى أمير المؤمنين 7 في مبشرة فبايعه قال : « وتوجّهت إليه لأبايع معه ، فمدّ إليّ يده الكريمة فأخذتها وتمسّكت واعتصمت ، وبايعت معه كما يبايع مع الشيوخ ، فأرشدني وأخذ منّي المواثيق الجليلة : فصرت تلميذا له ومريدا.

فبعثني حبّ التلميذ لاستاذه ، والمريد لشيخه ، بل العبد لمولاه والعاشق لعشيقه : أن أمدحه وأذكر مناقبه العليا ، وأقرّ عين المحبّين ببيان فضائله الفضلى ، ومآثره السميا ، لكي أدخل في زمرة المدّاحين له والمثنين عليه ، وأحسب في شيعته والمقرّبين لديه.

ثمّ إنّي ما أردت بكلمة الشيعة الفرقة الرّافضة الشنيعة ، ولكنّي قصدت بها الأمة العارفة المحققة الصوفيّة ، التي هي الشيعة على الحقيقة ، فشرعت في تأليف مختصر مسمّى بمعارج العلى في مناقب المرتضى ... ».

ترجمته

قال الندوي اللكهنوي : « الشيخ الفاضل ، أحد العلماء العاملين ، وعباد الله الصالحين » ، ثمّ ذكر مصنّفاته ومنها ( معارج العلى ) وذكر كلمة ولي الله الدهلوي وقصيدته في تقريظ الكتاب المذكور (٢).

__________________

(١) معارج العلى في مناقب المرتضى ـ مخطوط.

(٢) نزهة الخواطر ٦ / ١١٣.


(٨٣)

رواية محمّد الأمير الصّنعاني

والشيخ محمّد بن إسماعيل الأمير اليمني الصّنعاني روى هذا الحديث وحقّقه وأثبته وشيّده ... وهذه عبارته كاملة :

« وغداة الطير من شاركه

فيه إذ جاء له الطير شوّيا

الغداة أريد اليوم نفسه ، والطير هو الحجل ـ بالحاء المهملة والجيم كما يأتي به الرواية ـ والشوي : المشوي.

والبيت : إشارة إلى حديث الطير المشهور ، وما فيه من الفضيلة القاضية له لمحبّة الله له ومحبّة الرسول صلّى الله عليه وسلّم ، بل بما أحبّه الله له وأحبّه رسوله صلّى الله عليه وسلّم له. قال المحبّ الطبري ; : ذكر أنّه 7 أحبّ الخلق إلى الله بعد رسوله صلّى الله عليه وسلّم :

عن أنس بن مالك قال : كان عند النبيّ صلّى الله عليه وسلّم طير فقال : اللهم ائتني بأحبّ خلقك يأكل معي من هذا الطير ، فجاء علي بن أبي طالب فأكل معه. خرّجه الترمذي ، والبغوي في المصابيح ـ في الحسان ـ.

أخرجه الحربي وقال : أهدي لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم طير ، وكان ممّا يعجبه أكله. مّ ذكر الحديث.

وخرّجه الإمام أبو بكر محمّد بن عمير بن بكير النجار وقال : عن أنس قال : قدمت لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم طيرا ، فسمّى وأكل لقمة ثمّ قال : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك وإليّ ، فأتى علي فضرب الباب. فقلت : من أنت؟ فقال : علي. فقلت : إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على حاجة ، ثمّ أكل لقمة فقال مثل الاولى. قال : فضرب علي فقلت : من أنت؟ فقال :


علي. فقلت : إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على حاجة. ثمّ أكل لقمة فقال مثل ذلك. قال : فضرب علي ورفع صوته. فقال رسول الله : يا أنس ، افتح الباب. قال : فدخل علي ، فلمّا رآه النبيّ صلّى الله عليه وسلّم تبسّم ثمّ قال : الحمد لله الذي جعلك. فإنّي أدعو في كل لقمة أن يأتيني بأحبّ الخلق إليه وإليّ. فكنت أنت. فقال : والذي بعثك بالحقّ إنّي لأضرب الباب ثلاث مرّات ويردّني أنس. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : لم رددته؟ قال : كنت أحبّ معه رجل من الأنصار. فتبسّم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال : لا يلام الرّجل على حبّه قومه.

قلت : وفي الجامع الكبير في مسند أنس قال : إن أم سلمة أتت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بحجلان قد شركتهنّ بأصابعهن وخمرهن ، فقال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم : اللهم ايتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطائر. قال أنس : فجاء علي بن أبي طالب فقال : استأذن لي على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. فقلت : هو على حاجة ، وأحببت أن يجئ رجل من الأنصار. فرجع ثمّ عاد ، فسمع النبيّ صلّى الله عليه وسلّم صوته فقال : ادخل يا علي ، اللهم وإليّ ، اللهم وإليّ ، اللهم وإليّ. أخرجه ابن عساكر.

وأخرج ابن عساكر أيضا عن دينار عن أنس قال : كنت مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، فأهدي له طائر مشوي فقال : اللهم ائتني بأحبّ الخلق إليك ، فجاء علي بن أبي طالب. فقلت : رسول الله مشغول ، فرجع ثمّ جاء بعد ساعة ، فدقّ الباب ورددته مثل ذلك. ثمّ قال رسول الله : يا أنس ، افتح له فطال ما رددته. قلت : يا رسول الله ، كنت أطمع أن يكون رجلا من الأنصار. فدخل علي بن أبي طالب ، فأكل معه من الطير. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : المرء يحبّ قومه.

وأخرج ابن عساكر أيضا عن عبد الله القشيري قال : حدّثني أنس بن مالك قال : كنت أحجب النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ، فسمعته يقول : اللهم أطعمنا


من طعام الجنّة ، فأتي بلحم طير مشوي فوضع بين يديه فقال : اللهم ائتنا بمن نحبه ويحبّك ويحبّ نبيّك ويحبّه نبيّك. قال أنس : فخرجت فإذا علي بالباب ، فاستأذنني فلم آذن له ، ثمّ عدت فسمعت من النبيّ صلّى الله عليه وسلّم مثل ذلك ، فخرجت فإذا علي بالباب فاستأذنني فلم آذن له ـ أحسب أنّه قال ثلاثا ـ فدخل بغير إذني. فقال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم : ما الذي أبطأ بك يا علي؟ قال : يا رسول الله جئت لأدخل فحجبني أنس. قال : يا أنس لم حجبته؟ قال : يا رسول الله لمّا سمعت الدعوة أحببت أن يجئ رجل من قومي فيكون له. فقال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم : لا يضر الرجل محبّة قومه ما لم يبغض سواهم.

وأخرج عبد الله بن أحمد بن حنبل من حديث سفينة مولى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال : أهدت امرأة من الأنصار طيرين بين رغيفين ، فقدمت إليه الطّيرين فقال : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك وإلى رسولك ، فجاء علي فرفع صوته فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : من هذا؟ قلت : علي. قال : فافتح له ، ففتحت له ، فأكلا من الطيرين حتى فنيا.

وأخرج ابن المغازلي في مناقبه بسنده إلى أنس قال : أهدي لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم طير مشوي ، فلمّا وضع بين يديه قال : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليّ يأكل معي من هذا الطائر ، قال : فقلت : في نفسي : اللهم اجعله رجلا من الأنصار ، قال : فجاء علي فقرع الباب قرعا خفيفا فقلت : من هذا؟ قال : علي. قلت : إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على حاجة. فانصرف. فرجعت إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وهو يقول الثانية : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطائر. فقلت في نفسي : اللهم اجعله رجلا من الأنصار. قال : فجاء علي فقرع الباب. فقلت : ألم أخبرك أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على حاجة! فانصرف. قال : فرجعت إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وهو يقول الثالثة : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطائر. فجاء علي فضرب الباب ضربا شديدا. فقال رسول الله


صلّى الله عليه وسلّم : افتح افتح افتح. فلمّا نظر إليه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال : اللهم وإليّ ، اللهم وإليّ ، اللهم وإليّ. قال : فجلس مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يأكل معه من الطير.

قلت : وهذا الخبر رواه جماعة عن أنس ، منهم : سعيد بن المسيب ، وعبد الملك بن عمير ، وشيبة بن الحجاج الطائفي ، وابن أبي الرجال الكوفي ، وأبو الهندي ، وإسماعيل بن عبد الله بن جعفر ، ويغنم بن سالم بن قنبر.

وغيرهم » (١).

ترجمته

١ ـ الشوكاني : « السيد محمّد بن إسماعيل بن صلاح ... الصنعاني المعروف بالأمير. الإمام الكبير ، المجتهد المطلق ، صاحب التصانيف ...

رجل إلى مكّة وقرأ الحديث على أكابر علمائها وعلماء المدينة ، وبرع في جميع العلوم ، وفاق الأقران ، وتفرّد برئاسة العلم في صنعاء ، وتظهر بالاجتهاد ، وعمل بالأدلّة ، ونفر عن التقليد ، وزيّف ما لا دليل عليه من الآراء الفقهية ، وجرت له مع أهل عصره خطوب ومحن ... وله مصنّفات جليلة حافلة ، وقد أفرد كثيرا من المسائل بالتّصنيف.

وبالجملة ، فهو من الأئمة المجددين لمعالم الدين ... وتوفي ; في يوم الثلاثاء ، ثالث شهر شعبان ، سنة ١١٨٢ ... » (٢).

٢ ـ القنوجي : « هو الإمام الكبير المحدّث الاصولي المتكلم الشهير ، قرأ كتب الحديث وبرع فيها ، وكان إماما في الزهد والورع ، يعتقده العامّة والخاصة ، ويأتونه بالنذور ...

__________________

(١) الروضة الندية ـ شرح التحفة العلوية

(٢) البدر الطالع ٢ / ١٣٣.


قال الشيخ أحمد بن عبد القادر الحفظي الشافعي في ذخيرة المآل في شرح عقد جواهر اللآل : الإمام السيد المجتهد الشهير ، المحدّث الكبير السراج المنير ، محمّد بن إسماعيل الأمير ، مسند الدّيار ومجدّد الدين في الأقطار ، صنّف أكثر من مائة مؤلّف ، وهو لا ينسب إلى مذهب بل مذهبه الحديث.

له مصنفات جليلة ممتعة ، تنبئ عن سعة علمه وغزارة اطلاعه على العلوم النقلية والعقلية ، وكان ذا علم كبير ورياسة عالية ، وله في النظم اليد الطولى ، بلغ رتبة الاجتهاد المطلق ، ولم يقلّد أحدا من أهل المذاهب ، وصار إماما كاملا مكملا بنفسه ... » (١).

(٨٤)

رواية محمّد مبين السهالي

ورواه المولوي محمّد مبين بن محبّ الله بن أحمد عبد الحقّ السهالي ، قال :

« عن أنس بن مالك ، قال : كنت أخدم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : فقدّم لرسول الله فرخ مشوي فقال : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي هذا الطير. قال فقلت : اللهم اجعله رجلا من الأنصار ، فجاء علي فقلت : إنّ رسول الله على حاجة. ثمّ جاء فقال رسول الله : افتح. فدخل ، فقال رسول الله : ما حملك على ما صنعت؟ فقلت : يا رسول الله : سمعت دعاءك فأحببت أن يكون رجلا من قومي. فقال رسول الله : إنّ الرجل قد يحبّ قومه. وفي بعض الروايات : ( ذلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ). وهذا الحديث

__________________

(١) أبجد العلوم : ٨٦٨.


في المشكاة أيضا برواية الترمذي » (١).

ترجمته وكتابه :

والمولوي محمّد مبين من أكابر محدّثي أهل السنّة وعلمائهم الأعلام في بلاد الهند ، وقد ترجمنا له في قسم ( حديث الولاية ).

وقال الندوي اللكهنوي : « الشيخ الفاضل الكبير مبين بن محبّ اللكهنوي ، أحد الفقهاء الحنفيّة ... » ثمّ ذكر كتابه ، وأرّخ وفاته بسنة ١٢٢٥ (٢).

وكتابه ( وسيلة النجاة ) من الكتب المعروفة المؤلّفة في فضل أهل البيت ، وقد ذكر مؤلّفه في خطبته قصة قال بعدها : « وبهذه القصة حداني صدق النيّة ـ وأنا أضعف الخليقة ، بل لا شيء في الحقيقة ، خادم العلماء الراسخين ، وتراب أقدام العرفاء والكاملين ، المدعو بمحمّد مبين ، نوّر الله قلبه بنور الصدق واليقين ، ورزقه شفاعة سيد المرسلين وآله الطيّبين الطاهرين عليهم الصلاة والسلام من ربّ العالمين ـ على أن أؤلّف رسالة مشتملة على الآيات النازلة والأحاديث الواردة في مودّة القربى ، متضمنة لبيان الشمائل والخصائل التي كانت لهم في الدنيا ، وما ثبت بالآيات القرآنيّة والأحاديث النبويّة من مقاماتهم ودرجاتهم الرفيعة في العقبى. وقد وشح به المحدّثون صحائفهم ، والأولياء تصانيفهم ، والعلماء كتبهم.

فاستخرجت من الصّحاح بعد كتاب الله صحيح البخاري وصحيح مسلم وصحيح الترمذي ، والكتب الموثوقة كجامع الأصول ، والصواعق المحرقة لشهاب الدين ابن حجر المكّي ، والإشاعة في أشراط الساعة للعلوي الموسوي المدني ، وفصل الخطاب لقدوة العرفاء خواجه محمّد بارسا النقشبندي وإزالة

__________________

(١) وسيلة النجاة : ٢٤٢.

(٢) نزهة الخواطر ٧ / ٤٠٣.


الخفاء لرئيس العلماء وعمدة الفضلاء شاه ولي الله المحدّث الدهلوي ، ومدارج النبوّة للشيخ الكامل عبد الحقّ المحدّث الدهلوي ، وشواهد النبوّة لعبد الرحمن الجامي. وغيرها من الكتب المعتبرة في الأحاديث الشريفة ، والقصص الصحيحة ، وجمعتها في هذه الرسالة.

وأعرضت عن الضّعاف المتروكة ، والموضوعات المطروحة ، وتمسكت بذيل العدل والإنصاف ، وتجّنبت عن مذهب البغي والاعتساف ، فيما جرى بين أصحاب النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ، وعملت بحديث : إيّاكم وما شجر بين أصحابي.

واقتصرت على ما كان ثابتا وحقّا ، وما التفتّ إلى ما كان باطلا وضعيفا. وأوردت ما كان في كتب المحدّثين من تحقيق الواجبات ، ورفضت ما كان في كتب المؤرّخين من الواهيات ، وسميتها بـ ( وسيلة النجاة في مناقب الحضرات ). من استمسك بها فقد استمسك بالعروة الوثقى ، ومن شكّ فقد ضلّ وغوى. إن هي إلاّ تذكرة لمن اتّقى ، وسيذكّر من يخشى.

وأرجو أن تكون بضاعتي للشفاعة والمغفرة في العقبى ، ووسيلتي للنجاة والفوز بالدرجات العلى ».

(٨٥)

رواية محمّد إسماعيل الدّهلوي

ابن أخ ( الدهلوي ) فهو : محمّد إسماعيل بن عبد الغني بن ولي الله ، صاحب كتاب ( منصب إمامت ) ... فلقد أثبت حديث الطّير واحتجّ به في كتابه المذكور وقال في القسم الثاني من الفصل الأول منه ما حاصله بتعريبنا :

« التنبيه الأول ، في بيان أن بعض عباد الله المقربين ـ وإن لم يكونوا أئمة ـ قد حصلت لهم بعض كمالات منصب الإمامة بحسب مراتب


استعداداتهم ... والدلائل الدالة من الكتاب والسنّة على هذا المعنى كثيرة ، ولو أردنا استقصائها لطال بنا المقام ... لكنّا نذكر هنا أهم تلك الكمالات والأدلة الدالة عليها بالإجمال فنقول :

يستفاد ثبوت الوجاهة الاجتبائية لغير الأنبياء من قوله تعالى : ( إِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ يا مَرْيَمُ إِنَّ اللهَ اصْطَفاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفاكِ عَلى نِساءِ الْعالَمِينَ ) وقوله : ( فَتَقَبَّلَها رَبُّها بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَها نَباتاً حَسَناً ) وقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لفاطمة : إن الله اطّلع على أهل الأرض فاختار أباك وبعلك.

وأمّا ذكر شعب هذه الوجاهة بالتفصيل ... فقد جاء ذكر محبوبيّة أصحاب هذه الوجاهة عند الله ربّ العالمين في الآيات والأحاديث. قال الله تعالى : ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ ) وقال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي هذا الطير ، فجاء علي فأكل معه. وقال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم : إنّ الله تبارك وتعالى أمرني بحبّ أربعة وأخبرني أنه يحبّهم. قيل : يا رسول الله سمّهم لنا. قال : علي منهم. ـ يقول ذلك ثلاثا ـ وأبو ذر ، ومقداد ، وسلمان. أمرني بحبّهم وأخبرني أنّه يحبّهم ».

فالحمد لله الملك المهيمن القادر ، حيث رمى المخاطب المكابر ، بأدهى الدواهي والقواهر ، وأخذه على يد ابن أخيه العلاّمة الكابر.

ترجمته

والشيخ محمّد إسماعيل الدّهلوي من العلماء الكبار والمحدثين الأجلّة. قال صديق حسن القنوجي في ( أبجد العلوم ) في ذكر أصحاب ( الدهلوي ) وتلامذته : « ومنهم : ابن أخيه إسماعيل بن عبد الغني. كان من أذكى الناس بأيّامه ، وكان أشدّهم في دين الله وأحفظهم للسنّة ، يغضب لها ويندب إليها ، ويشنّع على البدع وأهلها ... ومن مصنفاته ... ».


وقال بترجمته من ( إتحاف النبلاء المتّقين ) : « محمّد إسماعيل بن الشيخ عبد الغني العمري ابن مستند الوقت الشاه ولي الله المحدّث الدهلوي ـ 4 تعالى ـ أحد أئمة الدين والفقهاء المتقنين ونبلاء المحدثين ... » ثمّ ذكر مساعيه في حفظ السنّة وقمع البدعة ، وأشار إلى بعض آرائه وأفكاره التي أثارت الخصومات والفتن بينه وبين بعض علماء عصره ، وأثنى على مؤلّفاته ودافع عن مواضيعها ومطالبها ، وذكر أنّه قتل غيلة برصاص الأعداء في ولاية من ولايات أفغانستان ، سنة ١٢٤٧ تقريبا.

(٨٦)

رواية المولوي حسن علي المحدّث

تلميذ ( الدهلوي ) ... حيث

قال في ( تفريح الأحباب ) « عن أنس بن مالك ـ 2 ـ قال : كان عند النبيّ صلّى الله عليه وسلّم طير فقال :

اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي هذا الطير ، فجاءه علي فأكل. رواه الترمذي

وقال : هذا حديث غريب »

(٨٧)

رواية نور الدين السليماني

ورواه نور الدين بن إسماعيل السليماني صاحب كتاب ( الدر اليتيم ) بطرق عديدة ، قال :

« عن أنس 2 قال : قدّمت لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم طيرا ، فسمّى وأكل لقمة وقال : اللهم ايتني بأحبّ خلقك إليك وإليّ. فأتى علي ، فضرب الباب ، فقلت : من أنت؟ فقال : علي. فقلت : إنّ رسول الله


صلّى الله عليه وسلّم على حاجة. ثمّ أكل لقمة فقال مثل الأوّل. فضرب علي الباب فقلت : من أنت؟ قال : علي. قلت : إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على حاجة. ثمّ أكل لقمة فقال مثل ذلك. فضرب علي الباب ورفع صوته فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : يا أنس ، افتح الباب. فدخل ، فلمّا رآه النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال : الحمد لله الذي جعلك ، فإنّي دعوت في كلّ لقمة أن يأتيني الله بأحبّ الخلق إليه وإليّ. فكنت أنت. قال : فو الذي بعثك بالحق إنّي لأضرب الباب ثلاث مرّات ويردّني أنس. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : لم رددته؟ قال : كنت أحبّ معه رجلا من الأنصار. فتبسم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وقال : ما يلام الرجل على حبّ قومه. أخرجه ابن عساكر والحافظ محبّ الدين ابن النجار في تاريخيهما ».

ثمّ رواه عن ابن عساكر عن أنس قال : إنّ أم سلمة أتت ... ».

وعنه عن القشيري عن أنس ... ».

(٨٨)

رواية ولي الله اللكهنوي

ورواه المولوي ولي الله بن حبيب الله السهالي اللكهنوي صاحب ( مرآة المؤمنين في مناقب آل سيّد المرسلين ) بقوله : « قال صلّى الله عليه وسلّم : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطير ، فجاء علي فأكل معه.

وفي الخصائص عن أنس بن مالك : أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم كان عنده طائر فقال : اللهم ائتني بأحبّ خلقك يأكل معي هذا الطائر. فجاء أبو بكر فرده وجاء عمر فرده ، ثمّ جاء علي فأذن له ...

ووقع في رواية الطبراني وأبي يعلى والبزار بعد قوله : فجاء علي ـ 2 ـ فرددته. ثمّ جاء فرددته. فدخل في الثالثة أو في الرابعة. فقال له النبيّ


صلّى الله عليه وسلّم : ما حبسك عني ـ أو ما أبطأ بك عنّي ـ يا علي؟ قال : جئت فردّني أنس. ثمّ جئت فردّني أنس. فقال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم : يا أنس ما حملك على ما صنعت؟ قال : رجوت أن يكون رجلا من الأنصار. فقال صلّى الله عليه وسلّم : أوفي الأنصار خير من علي أو أفضل من علي؟ ».

ترجمته وكتابه :

وقال الندوي اللكهنوي بترجمته : « الشيخ الفاضل العلاّمة ... أحد الأساتذة المشهورين » ثمّ ذكر مصنفاته ومنها هذا الكتاب وأرّخ وفاته بسنة ١٢٧٠ (١).

والمولوي ولي الله ملتزم في هذا الكتاب بنقل الأحاديث المتواترة والمشتهرة عن الكتب المعتبرة ، والأعراض عن الأحاديث المتروكة عند علماء الحديث ... وهذه عبارته :

« وبعد ، فهذه أحاديث مشتملة على مناقب أهل البيت النبويّة والعترة الطاهرة المصطفوية ، من الكتب المعتبرة من الصحاح والتواريخ ، منبها على أسامي الكتب ، معرضا عن الضعاف المتروكة عند علماء الحديث ، مقتصرا على ما تواتر من الأحاديث أو اشتهر أو من الحسان. وجعلته وسيلة الوصول إلى جناب الرسول صلّى الله عليه وسلّم بوساطة أهل بيته والانسلاك في سلك محبّيهم ، المبشّرين بالدخول في الجنان منه صلّى الله عليه وسلّم. فبه وسيلة النجاة وبه مناط الشفاعة ، وسميناه بـ ( مرآة المؤمنين في مناقب آل سيد المرسلين ) ... ».

وذكر في آخره أسامي الكتب التي نقل عنها وقال : « وذكرت في مقام الاستنباط نصوص عبارات الكتب المذكورة بألفاظها من غير تغيير ، مكتفيا بترجمتها.

__________________

(١) نزهة الخواطر ٧ / ٥٢٧.


وأعرضت غالبا عن الأحاديث الموضوعة أو الضعيفة عند المحدّثين ، وعلى فرض التعرض لشيء من ذلك نبّهت على تضعيفه بصراحة لئلاّ يبقى مجال للفرية والبهتان. وبالجملة ، فإنّ هذا الكتاب منتخب الكتب الصحاح ، وليس فيه مجال للريب والاشتباه ابدا. وذلك فضل من الله وبتأييد منه ».

(٨٩)

رواية القندوزي الحنفي

ورواه الشيخ سليمان القندوزي الحنفي ، عن أحمد والترمذي ، عن أنس وعن الموفق بن أحمد المكّي ، بسنده عن داود بن علي بن عبد الله بن عباس ، عن أبيه ، عن جدّه ، قال : كان عند النبيّ ...

وعنه ، عن أنس بطريقين.

قال : « وقد روى أربعة وعشرون رجلا حديث الطير عن أنس ، منهم : سعيد بن المسيب والسدّي ، وإسماعيل. ولابن المغازلي حديث الطير من عشرين طريقا » (١).

كتاب ينابيع المودّة :

وقد ذكر القندوزي أنّ كتاب ( ينابيع المودّة ) مؤلّف من أخبار الكتب المعتبرة قال :

« ولمّا كانت مودّتهم على طريق التحقيق والبصيرة موقوفة على معرفة فضائلهم ومناقبهم ، وهي موقوفة على مطالعة كتب التفاسير والأحاديث التي هي المعتمد بين أهل السنّة والجماعة ، وهي الكتب الصحاح الستة من : البخاري ،

__________________

(١) ينابيع المودة ١ / ٦٢ ـ ٦٣.


ومسلم ، والنسائي ، والترمذي ، وأبي داود ، باتفاق المحدّثين والمتأخرين ، وأمّا السّادس فابن ماجة أو الدارمي أو الموطأ ، فبالاختلاف.

فجمع مناقب أهل البيت كثير من المحدّثين ، وألّفوها كتبا مفردة ، منهم : أحمد بن حنبل ، والنسائي ـ وسمّياه المناقب ـ ومنهم : أبو نعيم الحافظ الأصفهاني وسمّاه نزول القرآن في مناقب أهل البيت. ومنهم : الشيخ محمّد ابن إبراهيم الجويني الشافعي الخراساني وسمّاه : فرائد السمطين في فضائل المرتضى والزهراء والسبطين. ومنهم : علي بن عمر الدار قطني سمّاه مسند فاطمة ، ومنهم : أبو المؤيّد الموفق بن أحمد أخطب خطباء خوارزم الحنفي سمّاه فضائل أهل البيت. ومنهم : علي بن محمّد الخطيب الفقيه الشافعي المعروف بابن المغازلي سمّاه المناقب. 4. وهؤلاء أخذوا الأحاديث عن مشايخهم ...

ومنهم من جمع فضائل أهل البيت في كتاب مفرد وسمّاه المناقب ...

ومنهم من جمعها وكتب فيها كتابا مفردا ، آخذا عن كتب المفسرين والمحدّثين المتقدمين ، كصاحب جواهر العقدين ، وهو الشريف العلاّمة السمهودي المصري رفع الله درجاته ووهب لنا بركاته ، وصاحب ذخائر العقبى ، وصاحب مودّة القربى وهو جامع الأنساب الثلاثة مير سيد علي بن شهاب الهمداني قدّس الله سرّه ، ووهب لنا بركاته وفتوحه.

ومنهم من ذكر فضائلهم في كتبهم من غير إفراد كتاب لها ، كصاحب الصواعق المحرقة ، وهو المحدّث الفقيه المفاضل الشيخ ابن حجر الهيثمي الشافعي الثقة ، والمعتمد بين علماء الشافعية ، وصاحب كتاب الإصابة وهو الشيخ الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمهما الله ، وصاحب كتاب جمع الفوائد الذي جمع فيه من الكتابين الكبيرين ، أحدهما جامع الأصول الذي جمع فيه ما في الصحاح الستة للشيخ الحافظ مجد الدين أبي السعادات المبارك بن محمّد الأثير الجزري الموصلي. وثانيهما كتاب مجمع الزوائد للحافظ نور


الدين أبي الحسن علي بن أبي بكر بن سليمان الهيثمي ، جمع فيه ما في مسند الإمام أحمد بن حنبل ، وأبي يعلى الموصلي ، وأبي بكر البزار ، ومعاجم الطبراني الثلاثة. وصاحب كنوز الدقائق وهو الشيخ عبد الرءوف المناوي المصري. وصاحب الجامع الصغير وهو الشيخ جلال الدين السيوطي المصري.

ومنهم من جمع الأحاديث الواردة في قيام القائم المهدي عليه الصّلاة والسلام ، كعلي القاري الخراساني الهروي ، وغيره.

فالمؤلّف ـ الفقير إلى الله المنّان سليمان بن إبراهيم المعروف بخواجة كلان ابن محمّد معروف المشتهر ببابا خواجة ابن إبراهيم بن محمّد معروف ابن الشيخ السيد ترسون الباقي الحسيني البخلي القندوزي. غفر الله لي ولهم ولآبائهم وأمهاتهم ولمن ولدوا بلطفه ومنه ـ ألّف هذا الكتاب آخذا من هؤلاء الكتب المذكورين ... ».

(٩٠)

رواية شاه وليّ الله الدّهلوي

ورواه شاه ولي الله والد ( الدهلوي ) في غير كتاب من كتبه.

* في كتابه ( إزالة الخفا عن خلافة الخلفاء ) وعدّه في فضائل أمير المؤمنين 7 بقوله : « عن أنس بن مالك 2 قال : كنت أخدم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، فقدم لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم فرخ مشوي فقال : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطير ، قال فقلت : اللهم اجعله رجلا من الأنصار ، فجاء علي 2 فقلت : إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على حاجة ، ثمّ جاء فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : افتح ، فدخل ، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : ما حملك


على ما صنعت؟ فقلت : يا رسول الله سمعت دعائك فأحببت أن يكون رجلا [ رجل ] من قومي. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : إنّ الرجل قد يحبّ قومه. قال الترمذي : غريب. وجاء الحاكم بأسانيد خرج بها عن الغرابة المحضة ».

كتاب ( إزالة الخفاء ) :

وهذا الكتاب من الكتب المعتمدة والأسفار المعتبرة ، مدحه وأثنى عليه ( الدهلوي ) في بحوثه وأرجع إليه واعتمد عليه في كتبه ... كما لا يخفى على من لاحظ ( التحفة ) في موارد من الباب السابع وغيره.

* وفي كتابه ( قرّة العينين ) وعدّه كذلك في فضائل أمير المؤمنين 7 حيث قال فيه : « وقدّم لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم فرخ مشوي فقال : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطير ، فجاء علي ، فأكلا منه ».

وقال فيه أيضا ناقلا عبارة المحقّق الطوسي في التجريد « قوله : خبر الطّير عن أنس قال : كان عند النبيّ صلّى الله عليه وسلّم طير ، فقال : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي هذا الطير. فجاءه علي فأكل معه. أخرجه الترمذي » وعلّق عليه قائلا : « وليعلم أنّه قد ورد في حقّ الشيخين أيضا مثل هذه الفضائل ».

* وفي ( رسالة عقائده ) الّتي ألّفها ولده ( الدهلوي ) اعترف بروايته لحديث الطير في مؤلفاته ضمن فضائل أخرى لأمير المؤمنين 7. قال ( الدهلوي ) في الرسالة المذكورة على ما في كتاب ( ذخيرة العقبى ) : « ومناقب حضرة أمير المؤمنين خاصة « حديث غدير خم » و« أنت مني وأنا منك » و« من فارقك يا علي فقد فارقني » وحديث : « ائتني بأحبّ خلقك إليك » و« أنا مدينة العلم وعلي بابها » وحديث : « هذا أمير البررة وقاتل الفجرة » وغيرها من


الأحاديث التي لا تحصى مثبتة في تصانيفه. وحديث « ردّ الشمس لحضرة المرتضى » الذي اختلف المحدّثون منذ القديم في صحّته ، رواه بطريق عن الشيخ أبي طاهر المدني إلى أبي القاسم الطبراني ، وأورد شواهده عن الطحاوي وغيره من أجلّة المحدّثين ، وحكم بصحته ، كما روى عدّة وقائع من كرامات حضرة المرتضى بطرق صحيحة ».

فهذا ولي الله والد ( الدهلوي ) قد روى وأثبت الحديث في كتاب وفي آخر نسبه تارة بالجزم إلى سيد الثقلين ، وعدّه من فضائل وصيّه المنوّرة للقلب والعين ، وأخرى ساق لفظه نقلا عن الترمذي وسلّم بكونه من فضائل أبي الحسنين ، كما اعترف ولده في مؤلّفه في عقائد أبيه بإثباته في تصانيفه ... فكيف ساغ له أن يعاند والده ويردّه فيرتكب العقوق ، ويضيع قاطبة الذّمم والحقوق؟

(٩١)

رواية ( الدهلوي )

ولو أنّ ( الدهلوي ) استمرّ في العناد والمكابرة ، وأعرض عن إفادات هذا الجمع الكثير والجم الغفير من الأئمة النحارير والأساطين المشاهير من أبناء قومه ، لا سيّما والده الذي طالما يتباهى به وصرّح بكونه آية من الآيات الإلهيّة ومعجزة من المعاجز النبويّة ... فإنّا نبطل خرافاته ونكشف عن تعنّتاته بكلام نفسه ، وبتصريح له بكثرة طرق حديث الطير واعترافه بأنّ له أصلا ... فلقد قال ( الدهلوي ) في كتابه ( بستان المحدّثين ) بترجمة الحاكم النيسابوري :

« وقد خطّأ العلماء الأعلام الحاكم في حكمه بصحة كثير من أحاديث المستدرك وجعله إيّاها بمثابة أحاديث الصحيحين وأنكروا عليه ذلك ، ومن ذلك حديث الطير المشهور كونه من مناقب علي المرتضى ، ومن هنا قال الذهبي : لا يحلّ لأحد أن يغتّر بتصحيح الحاكم ما لم يلحظ تعقباتي له. وقال أيضا :


كثير من أحاديث المستدرك ليس على شرط الصّحة بل فيه أحاديث موضوعة عاب بها المستدرك. أمّا حديث الطير فله طرق كثيرة جمعها الذهبي في رسالة مفردة يعلم من مجموع تلك الطرق أنّ للحديث أصلا في الجملة ».

وجوه دلالة كلام ( الدهلوي ) على المطلوب :

وفي هذا الكلام دلالة على مطلوب أهل الحقّ من وجوه :

( الأوّل ) : اعترافه بكثرة طرق حديث الطير. وفي ذلك كفاية لإثبات الحديث وإحقاقه ، وإكفاء الباطل وإهراقه ، وإرغام أنف المبطل وإزهاقه.

( الثاني ) : أنّ الذهبي أفردها بالتأليف لكثرتها. وقد علمت فيما سبق أنّ جمع الأجزاء المخصوصة في الخبر يفيد كمال ثبوته عند أهل الخبرة والبصر ، ويؤذن بأقصى تحققه لمن نقد وسبر.

( الثالث ) : إنّ مجموع ذلك يفيد عند ( الدهلوي ) أنّ للحديث أصلا.

وهذا واف بالمطلوب ومنوّر للصدور والقلوب ... فالجارح لهذا الحديث مطعون مقصوب ، والقادح له مقدوح مجروح مثلوب.

فكيف جاز ( للدهلوي ) أن يدّعي ـ في قبال أهل الحقّ ـ بأنّه حديث موضوع مكذوب ، وأن أكثر المحدّثين يحكمون بكونه موضوعا؟!

ومن الطريف قول ( الدهلوي ) في باب المكايد طاعنا على الشّيعة :« وأعجب العجائب أن كبار علمائهم يروون في كتبهم روايات غسل اليدين ، ولا يأتون بجواب لهم عن تلك الروايات ، ولا يذكرون عذرا لرواتها!! إنّ خير عذر يقال من قبلهم هو أن : لا ذاكرة لكذوب ، والنسيان عذر شرعي بالإجماع!! ».

فمن أعجب العجائب وأغرب الغرائب وأفظع الشنائع وأشنع الفظائع أن يحكم بوضع حديث الطّير في ( التحفة ) وينقل قدح الذهبي له. وفي ( بستان المحدّثين ) ينصّ على كثرة طرقه وتصنيف الذهبي جزء في جمعها لكثرتها ،


ويحكم بأنّ للحديث أصلا ، وهو في غفلة عمّا لو تمسّك الإمامية بكلماته هذه لوقع في حيص بيص! لكن خير عذر وجواب أن يقال بأن لا ذاكرة لكذوب ، والنسيان عذر شرعي بالإجماع!! لكن هل يرضى أولياء ( الدّهلوي ) بهذا العذر؟

فتوى للدهلوي حول حديث الطّير :

وفي مجموعة فتاوى ( الدهلوي ) الموجودة عند المولوي عبد الحي ابن المولوي عبد الحليم السّهالي اللكهنوي أنّه سئل :

« قد أخرج النسائي حديث الطير في رسالته ، وفيه : « جاء أبو بكر فردّه.

إلى آخر ما قال. وبين الناس حول هذا اللفظ كلام ». فأجاب :

« إنّ مدار حديث الطير بجميع طرقه ووجوهه على شخص أنس بن مالك فقط ، وهو غير مخرّج في الصحاح إلاّ عند الترمذي ، ولفظه عنده مجمل ومختصر في الغاية كما هو معلوم. وأخرجه الإمام أحمد في المناقب عن سفينة أيضا ، لكن يظهر منه أنّه سمع القصة من أنس بن مالك ، وعلى كلّ حال ففي رواية النّجار عن أنس أنّه ردّ عليا مرّتين وعذره أنّ النبيّ على حاجة وليس الآن وقت الدخول عليه ، وكان أنس يقصد أن تكون هذه المزيّة لرجل من الأنصار كما قال عند ما سئل عن السبب فيما صنع ، ولمّا علا صوت علي في الثالثة ودقّ الباب سمع النبيّ صلّى الله عليه وسلّم صوته وأمر بنفسه بدخوله.

وقد روى النسائي هذه القصة في رسالته عن السدّي ، عن أنس وفيه : فجاء أبو بكر فردّه ثمّ جاء عمر فردّه ثمّ جاء علي فأذن له. والسدّي له أوهام ».

أقول : لم يجد ( الدهلوي ) بدّا من الاعتراف بوجود هذا الحديث وثبوته ، ولا سيّما باللفظ الذي أخرجه النّسائي ، وقد أخفق في الجواب ودفع الاشكال كما سترى.


اعترافات ( الدهلوي ) في فتواه :

وعلى كلّ حال ففي جوابه اعترافات نذكرها ونعلّق عليها :

( الأوّل ) و ( الثاني ) قوله : إنّ هذا الحديث بجميع طرقه ووجوهه مداره على أنس. وفي هذه العبارة اعتراف بأمرين : أحدهما أنّ للحديث طرقا ووجوها عديدة. والآخر : أنّ مدارها على أنس ... فكيف يسعى في ( التحفة ) وراء إبطال هذا الحديث وإنكاره ويحكم بوضعه؟ لكن دعوى أنّ مدار جميع الطرق والوجوه على أنس فقط كذب كما عرفت من غضون الكتاب!!

( الثالث ) قوله : إنّه غير مخرّج في الصّحاح إلاّ الترمذي. تصريح صريح وإقرار صحيح بوجود حديث الطير في صحيح الترمذي وأنّه أحد الصحاح ... فهل يجوز له تكذيب هذا الحديث المخرّج في صحيح الترمذي لا سيّما بالنظر إلى ما ذكره هو في حقّ الترمذي وصحيحه في كتاب ( بستان المحدّثين ) من المدح والثناء والإطراء؟

ثمّ إن كان مراده من « الصحاح » خصوص الستّة ، فهذا مردود بأنّ حديث الطّير موجود في الخصائص للنسائي ، وهو جزء من سننه الذي هو من الصحاح الستّة. وإن أراد الأعم منها وغيرها ، فهو باطل لإخراج الحاكم حديث الطير في صحيحه المستدرك على الصّحيحين وحكمه بصحة طرقه ووجوهه العديدة كما سبق.

( الرابع ) قوله : « وهو مجمل ومختصر » ، اعتراف بثبوت حديث الطير وإبطال لإبطاله ، لكن دعوى أنّ « لفظ الترمذي مجمل ومختصر في الغاية » باطلة في الغاية ، لأنّ مورد الاستدلال والإحتجاج قوله صلّى الله عليه وسلّم : « اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك » وانطباق ذلك على « أمير المؤمنين » 7 ، وهذا موجود في رواية الترمذي. وهذه ألفاظ الخبر المذكور فيه :

« كان عند النبيّ صلّى الله عليه وسلّم طير فقال : اللهم ائتني بأحبّ


خلقك إليك يأكل معي هذا الطير. فجاء علي. فأكل معه ».

( الخامس ) قوله : « كما هو معلوم » اعتراف باشتهار وجود هذا الحديث في صحيح الترمذي ، بحيث لا يخفى على أحد.

( السادس ) : اعترافه بإخراج أحمد حديث الطّير ، دليل آخر على بطلان إنكاره وإبطاله إيّاه.

( السابع ) : دعوى ظهور خبر أحمد في أن سفينة سمع القصّة من أنس كذب واضح. وإليك لفظ الخبر عن سبط ابن الجوزي والمحبّ الطبري. قال سبط ابن الجوزي في ( تذكرة خواص الامة ) :

« حديث الطائر. وقد أخرجه أحمد في الفضائل ، والترمذي في السنن ، فأمّا أحمد فأسنده إلى سفينة مولى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ـ واسمه مهران ـ قال : أهدت امرأة من الأنصار إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم طيرا بين رغيفين ، فقدمته إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ـ وفي رواية : طيرين بين رغيفين ـ فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك ، فإذا بالباب يفتح ، فدخل علي فأكل معه ».

وقال المحبّ الطبري في ( الرّياض النضرة ) :

« وعن سفينة : قال : أهدت امرأة من الأنصار إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم طيرين بين رغيفين ـ فقدمت إليه الطيرين فقال : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك وإلى رسولك ـ ثمّ ذكر معنى حديث النجار وقال في آخره ـ : فأكل مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم علي من الطيرين حتى فينا. خرّجه أحمد في المناقب ».

بل لفظ الخبر عن عبد الله بن أحمد في ( زوائد المسند ) ، عن سفينة يدل بوضوح على حضور سفينة بنفسه قصة الطائر عند النبيّ 6 ... كما هو ظاهر « قدمت » أو « قدّمته » في رواية أحمد في المناقب.

وأيضا ، خبر سفينة في رواية البغوي في ( المعجم ) يفيد بوضوح حضور


سفينة بنفسه القصة عند النبيّ 6 ، وكذا في رواية الحمويني في ( فرائد السمطين ) فراجع.

( الثامن ) : ذكره معنى حديث الطير برواية النّجار ، عن أنس ... اعتراف بثبوته وتحقّقه ، هو كاف في إبطال ما حاوله في ( التحفة ).

( التاسع ) : ما ذكره من العذر عن أنس ، يدلّ بوضوح على تحقّق واقعة الطير وثبوت القصة. وأنّ السبّب الأصلي لرد أنس الإمام 7 ليس إلاّ الحسد. وأمّا جملة « وليس الآن وقت الدخول عليه » فليست في رواية النّجار ولا في شيء من ألفاظ خبر القصّة ، وإنّما هي زيادة من ( الدهلوي ).

( العاشر ) : ما ذكره من أنّ أنس كان يحبّ أن تكون الدعوة والمزية لواحد من الأنصار ، شاهد آخر على ثبوت القضية وتحقّق القصّة.

( الحادي عشر ) : ما ذكره من أنّ النبيّ 6 سأل أنسا عن سبب ردّ الأمير 7 ... شاهد آخر على ثبوت القصّة ... لكنّ السّبب الأصلي هو العداء والحسد ، لا ما ذكره من حبّه قومه ...

( الثاني عشر ) : ما ذكره من رفع الإمام 7 صوته في المرة الثالثة ودقّه الباب اعتراف آخر بحقيّة القصة وتحقق الواقعة. ومن ذلك يظهر أنّ الإمام 7 بعد أن ظهرت دعوة النبيّ 6 مرتين لم يبال بأنس وممانعته في الثالثة ، واضطر إلى رفع صوته ودقّه الباب بقوة.

( الثالث عشر ) : قد اعترف ( الدهلوي ) بأنّ النبيّ سمع صوت علي وأنّه أمره بالدخول عليه.

( الرابع عشر ) : لقد اعترف ( الدهلوي ) برواية النسائي هذه القصة عن السدّي في كتاب الخصائص ... ولم ينبس ببنت شفة حول هذه القصّة وثبوتها وتحقّقها ، وأنّى له ذلك! ... ولكتاب « الخصائص » خصائص ومزايا ذكرها الأعلام والأكابر من أهل السنّة يرقى بها إلى حدّ الصّحاح. مضافا إلى تصريح بعض الحفّاظ بكونه من سننه الصحيح من الصّحاح الستة. بل إن ( الدهلوي )


نفسه يذكر هذا الكتاب في كتب أهل السنّة في مناقب أهل البيت ويعتز ويفتخر به ... كما لا يخفى على من راجع باب المكايد من ( التحفة ).

( الخامس عشر ) : لقد اعترف ( الدهلوي ) بوجود : « فجاء أبو بكر فردّه ... » في رواية النسائي عن السدّي. وأمّا دعوى أنّ للسدّي أوهاما ، فليس إلاّ تضليلا وتسويلا ... فإنّ النصوص الصّريحة والشواهد الصحيحة قائمة على عدالة الرّجل ، بل قال يحيى بن سعيد القطّان ـ على ما في الأنساب للسمعاني ـ إنّه لم يتركه أحد ، ولم يذكره أحد إلاّ بخير ، وقال ابن عدي : هو مستقيم الحديث ، بل إنّه من رجال مسلم في صحيحه ...

وبعد ، فالعجب من ( الدهلوي ) كيف يقدم على إبطال مثل هذا الحديث الذي يرويه هذا الجمّ الغفير ، والجمع الكثير من الأئمّة والحفّاظ والعلماء الأعلام ، والذي يعترف هو في حقّه هذه الاعترافات السّديدة والأقارير العديدة؟!!

نعم ، إنّ العداء لأهل البيت : يحمل صاحبه على إنكار فضائلهم ، وإن أدّى ذلك إلى تكذيب أئمته وعظماء طائفته وأعلام فرقته ، وإن أدّى ذلك إلى التهافت والتناقض في كلمات نفسه!!

لقد ثبت ـ والحمد لله ـ أنّ الجاحدين الذين ( وَلَّوْا عَلى أَدْبارِهِمْ نُفُوراً ) ، قد ( خَتَمَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ ) وجعل بينهم وبين الحقّ حجابا مستورا ، فهم يسلكون لغيّهم وجماحهم سبيلا مهجورا ، و ( يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً ) ، وسيندمون حين يرون العذاب ( إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ كانَ مَحْذُوراً ) ثمّ لا ينفعهم الندم ، فكلّهم يلقى ( فِي جَهَنَّمَ مَلُوماً مَدْحُوراً ). فليندب ( الدهلوي ) وأحزابه وليدعوا ويلا وثبورا ، وليبكوا على سوء صنيعهم وخاسر عملهم أحقابا ودهورا ، فقد افحمناهم وخصمناهم. وكان ( ذلِكَ فِي الْكِتابِ مَسْطُوراً وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ كِتاباً يَلْقاهُ مَنْشُوراً ).


فهرس الکتاب


إهداء ...................................................................... ٥

من ألفاظ حديث الطّير ....................................................... ٧

كلمة المؤلّف ................................................................ ٩

كلمة السيّد صاحب العبقات ................................................ ٢٣

كلام الشيخ عبد العزيز الدهلوي صاحب التحفة .............................. ٢٥

فوائد حول حديث الطّير

٢٩ ـ ١٠٨

الفائدة الأولى : في ذكر أسامي رواته في القرون المختلفة ....................... ٣١

الفائدة الثّانية : في أنّ ثلّة من رواته هم من مشايخ إجازة والد الدهلوي .......... ٣٩

الفائدة الثالثة : في ذكر من جمع طرقه وأفراده بالتأليف ........................ ٥١

وجوه دلالة ذلك على اعتبار الحديث ...................................... ٥٢

١ ـ الظنّ القوي بصدوره ............................................... ٥٢

٢ ـ صحّته ............................................................ ٥٢

٣ ـ حسنه ............................................................ ٥٣

٤ ـ قوّته .............................................................. ٥٤

٥ ـ صيانته عن الطعن .................................................. ٥٥

٦ ـ لو كان فيه شيء لبيّنوا ............................................. ٥٦


٧ ـ لو كان باطلا لما جمعوا طرقه وألفاظه ................................ ٥٦

الفائدة الرّابعة : في ذكر من أورده بصيغة الجزم ............................... ٥٨

ذكر الحديث كذلك حكم بالصحّة أو الحسن .............................. ٥٩

الفائدة الخامسة : في ذكر الكتب المشهورة التي أخرج فيها ..................... ٦١

الفائدة السادسة : في ذكر رواته من التابعين .................................. ٧٩

ذكر مواضع رواياتهم .................................................... ٨٣

فضل التّابعين ........................................................... ٨٧

الفائدة السابعة : في ذكر رواته من الصّحابة .................................. ٩١

الفائدة الثامنة : في ذكر وجوه الدالة على صحّته .............................. ٩٤

١ ـ عدالة رواته ....................................................... ٩٤

٢ ـ تصحيح جماعة .................................................... ٩٤

٣ ـ الحسن كالصّحيح بل هو قسم منه ................................... ٩٥

٤ ـ القول بمضمون الحديث يقتضي صحّته وثبوته ......................... ٩٥

٥ ـ عقد الحديث في الشعر يدل على صحته واشتهاره ..................... ٩٦

الفائدة التاسعة : في ذكر وجوه اشتهار وتواتره ................................ ٩٧

١ ـ كلام ابن حجر المكي في خبر صلاة أبي بكر .......................... ٩٧

٢ ـ كلام ابن حزم في مسألة بيع الماء .................................... ٩٧

توفّر شروط التواتر فيه ................................................... ٩٨

الفائدة العاشرة : في ذكر الوجوه المفيدة للقطع بصدوره ...................... ١٠١

١ ـ رواية الفريقين بالطرق الكثيرة ..................................... ١٠١

٢ ـ وجوب الأخذ بالمتّفق عليه ......................................... ١٠١

٣ ـ رواية أمير المؤمنين 7 ........................................... ١٠٢

٤ ـ احتجاج الأمير المؤمنين 7 .................................... به ١٠٣

٥ ـ كلام القاضي عياض حول معاجز النبي 6 ...................... ١٠٣

٦ ـ فائدة أخرى في كلام القاضي عياضى .............................. ١٠٥

٧ ـ فائدة ثالثة من كلام القاضي عياض ................................ ١٠٥

٨ ـ كلام الدهلوي في الدفاع عن أبي بكر .............................. ١٠٦


٩ ـ فائدة أخرى من كلام الدهلوي .................................... ١٠٧

١٠ ـ فائدة ثالثة من كلام الدهلوي .................................... ١٠٧

سند حديث الطّير

١٠٩ ـ ٤٠٣

(١) رواية أبي حنيفة ...................................................... ١١١

ترجمة شعيب بن إسحاق ............................................... ١١٢

(٢) رواية أحمد بن حنبل ................................................. ١١٣

رواية أحمد دليل الثبوت ................................................ ١١٤

من مصادر ترجمة أحمد ................................................. ١١٦

(٣) رواية عبّاد بن يعقوب ................................................ ١١٧

وجوه وثاقة عبّاد بن يعقوب الرواجني .................................... ١١٨

١ ـ إنّه شيخ البخاري ................................................ ١١٨

٢ ـ إنه شيخ الترمذي ................................................ ١١٩

٣ ـ إنه شيخ ابن ماجة ................................................ ١١٩

٤ ـ رواية الأساطين عنه .............................................. ١١٩

٥ ـ توثيق أبي حاتم الرازي ............................................ ١٢١

٦ ـ توثيق ابن خزيمة .................................................. ١٢٢

ترجمة ابن خزيمة ......................................................... ١٢٢

٧ ـ قال الدار قطني : صدوق .......................................... ١٢٣

٨ ـ صحّة حديثه ..................................................... ١٢٤

٩ ـ قال ابن حجر : صدوق ........................................... ١٢٤

الرّفض لا يوجب التّرك ................................................... ١٢٤

(٤) رواية أبي حاتم الرازي وترجمته ........................................ ١٢٨

(٥) رواية الترمذي ....................................................... ١٢٩

وثاقة السدّي .......................................................... ١٣٠


١ ـ توثيق أحمد ...................................................... ١٣١

٢ ـ توثيق العجلي .................................................... ١٣١

٣ ـ قال النسائي : صالح .............................................. ١٣١

٤ ـ قال ابن عدي : مستقيم الحديث ، صدوق........................ .. ١٣٢

٥ ـ ذكره ابن حبان في الثقات ......................................... ١٣٢

٦ ـ توثيق السمعاني .................................................. ١٣٣

٧ ـ تخريج مسلم حديثه ............................................... ١٣٣

٨ ـ إنه من رجال الصّحاح ............................................ ١٣٤

٩ ـ كونه شيخ شعبة ................................................. ١٣٤

١٠ ـ رواية الأعلام عنه .............................................. ١٣٥

١١ ـ تصريح الكابلي صاحب الصواقع بوثاقته .......................... ١٣٥

١٢ ـ تصريح الدهلوي صاحب الصوافع بوثاقته ......................... ١٣٥

تتمّة في وصف التّرمذي الحديث بالغرابة .................................... ١٣٥

جامع التّرمذي صحيح ................................................. ١٣٦

(٦) رواية البلاذري وترجمته .............................................. ١٤٤

ترجمة ابن شهرآشوب .................................................... ١٤٦

(٧) رواية عبد الله بن أحمد وترجمته ........................................ ١٤٧

(٨) رواية أبي بكر البزّار .................................................. ١٤٩

ترجمة أبي بكر البزّار ................................................... ١٥١

(٩) رواية النّسائي ....................................................... ١٥٢

رجال السّند .......................................................... ١٥٢

النسائي .............................................................. ١٥٢

زكريا بن يحيى ........................................................ ١٥٥

حسن بن حماد ........................................................ ١٥٦

مسهر بن عبد الملك .................................................... ١٥٦

عيسى بن عمر ........................................................ ١٥٧

السدّي ............................................................... ١٥٨


أنس بن مالك ......................................................... ١٥٨

صحّة أحاديث الخصائص والاحتجاج بها ................................... ١٥٨

(١٠) رواية أبي يعلى ..................................................... ١٦١

اعتبار مسند أبي يعلى .................................................. ١٦٢

ترجمة أبي يعلى ........................................................ ١٦٥

(١١) رواية ابن جرير الطّبري وترجمته ..................................... ١٦٥

هفوة من ابن كثير ..................................................... ١٦٦

(١٢) رواية أبي القاسم البغوي وترجمته ..................................... ١٦٧

(١٣) رواية ابن صاعد وترجمته ............................................ ١٦٩

(١٤) رواية ابن أبي حاتم الرازي وترجمته ................................... ١٧٠

(١٥) رواية ابن عبد ربّه .................................................. ١٧١

ابن عبد ربّه وکتاب العقد .............................................. ١٨١

(١٦) رواية المحاملي وترجمته .............................................. ١٨٣

(١٧) رواية ابن عقدة وترجمته ............................................. ١٨٥

(١٨) رواية المسعودي وترجمته ............................................ ١٨٧

(١٩) رواية الجدّي شيخ الطبراني .......................................... ١٨٨

(٢٠) رواية الطبراني ...................................................... ١٨٩

ترجمة الطبراني ......................................................... ١٩٢

(٢١) رواية ابن السقّاء الواسطي وترجمته ................................... ١٩٣

(٢٢) رواية أبي اللّيث السّمرقندي وترجمته ................................. ١٩٥

(٢٣) إثبات الصّاحب ابن عبّاد وترجمته .................................... ١٩٦

(٢٤) رواية ابن شاهين وترجمته ........................................... ١٩٨

(٢٥) رواية الدار قطني وترجمته ........................................... ٢٠١

(٢٦) رواية أبي الحسن الحربي وترجمته ..................................... ٢٠٤

(٢٧) رواية ابن بطّة وترجمته .............................................. ٢٠٦

(٢٨) رواية أبي بكر النجّار وترجمته ....................................... ٢٠٨

(٢٩) رواية الحاكم وتصنيفه في جمع طرقه .................................. ٢٠٩


ترجمة الحاکم ......................................................... ٢١٨

(٣٠) رواية الخركوشي وترجمته ........................................... ٢٢٠

(٣١) تصنيف ابن مردويه وتصنيفه في جمع طرقه ............................ ٢٢٢

ترجمئ ابن مردويه ..................................................... ٢٢٥

(٣٢) تصحيح عبد الجبّار بن أحمد ......................................... ٢٢٦

ترجمة القاضي عبد الجبّار ............................................... ٢٢٨

(٣٣) رواية أبي نعيم وتصنيفه في جمع طرقه ................................. ٢٣٠

ترجمة أبي نعيم ........................................................ ٢٣٤

(٣٤) رواية ابن حمدان وتصنيفه في جمع طرقه ............................... ٢٣٥

(٣٥) رواية أبي الحسن العطّار وترجمته ..................................... ٢٣٦

(٣٦) رواية البيهقي ...................................................... ٢٣٧

ترجمة البيهقي ......................................................... ٢٣٩

(٣٧) رواية أبي غالب ابن بشران وترجمته .................................. ٢٤١

(٣٨) رواية ابن عبد البرّ وترجمته .......................................... ٢٤٢

(٣٩) رواية الخطيب البغدادي ............................................. ٢٤٣

ترجمة الخطيب ........................................................ ٢٤٧

(٤٠) رواية ابن المغازلي ................................................... ٢٥٠

ترجمة ابن المغازلي ...................................................... ٢٦١

(٤١) رواية أبي المظفّر السّمعاني وترجمته .................................... ٢٦٢

(٤٢) رواية البغوي ...................................................... ٢٦٧

ترجمة البغوي ......................................................... ٢٦٨

(٤٣) رواية رزين العبدري وترجمته ........................................ ٢٧٠

(٤٤) رواية النطنزي وترجمته .............................................. ٢٧٤

(٤٥) رواية الخطيب الخوارزمي المكّي ...................................... ٢٧٥

ترجمة الخطيب الخوارزمي .............................................. ٢٨٥

(٤٦) رواية الملاّ الأردبيلي وترجمته ........................................ ٢٨٦

(٤٧) رواية ابن عساكر .................................................. ٢٨٨


ترجمة ابن عساكر ..................................................... ٣٠٤

(٤٨) رواية مجد الدين ابن الأثير وترجمته ................................... ٣٠٧

(٤٩) رواية أبي الحسن ابن الأثير وترجمته ................................... ٣٠٩

(٥٠) رواية محبّ الدّين ابن النّجار وترجمته ................................. ٣١١

(٥١) رواية ابن طلحة وترجمته ............................................ ٣١٣

(٥٢) رواية سبط ابن الجوزي وترجمته ..................................... ٣١٤

(٥٣) رواية الكنجي الشّافعي ............................................. ٣١٦

ترجمته الكنجي الشّافعي ................................................ ٣٢٤

(٥٤) رواية محبّ الدين الطبري ........................................... ٣٢٦

ترجمته المحبّ الطبري ................................................... ٣٣٠

(٥٥) رواية صدر الدّين الحمويني .......................................... ٣٣٠

ترجمته الحمويني ....................................................... ٣٣٤

(٥٦) رواية الهانسوي وترجمته ............................................. ٣٣٦

(٥٧) رواية الخطيب التبريزي وترجمته والتعريف بالمشكاة .................... ٣٣٧

(٥٨) رواية المزّي وترجمته ................................................ ٣٣٩

(٥٩) رواية الذّهبي وترجمته ............................................... ٣٤٠

(٦٠) رواية الزرندي المدني وترجمته ........................................ ٣٤٣

(٦١) رواية صّلاح العلائي وترجمته ........................................ ٣٤٥

(٦٢) ردّ السبكي على الحكم بوضع الحديث وترجمته ....................... ٣٤٨

(٦٣) رواية السيّد شهاب الدين أحمد وترجمته .............................. ٣٤٩

(٦٤) رواية ملك العلماء الهندي وترجمته ................................... ٣٥٢

(٦٥) رواية ابن حجر العسقلاني ........................................... ٣٥٤

ترجمة ابن حجر ....................................................... ٣٥٧

(٦٦) رواية ابن الصبّاغ المالكي وترجمته .................................... ٣٥٩

(٦٧) رواية الميبدي اليزدي وترجمته ........................................ ٣٦٠

(٦٨) رواية المطيري ...................................................... ٣٦١

(٦٩) رواية الحافي الشّافعي ............................................... ٣٦٢


(٧٠) رواية الصّفوري .................................................... ٣٦٣

(٧١) رواية ابن روزبهان وترجمته .......................................... ٣٦٤

(٧٢) رواية جلال الدين السيّوطي وترجمته ................................. ٣٦٥

(٧٣) رواية ابن حجر المكّي وترجمته ....................................... ٣٦٧

(٧٤) رواية المتّقي وترجمته ................................................ ٣٦٩

(٧٥) رواية الميرزا مخدوم .................................................. ٣٧١

(٧٦) رواية الوصّابي ..................................................... ٣٧٣

(٧٧) رواية الجمال المحدّث الشيرازي وترجمته ............................... ٣٧٥

(٧٨) رواية الجفري وترجمته .............................................. ٣٧٦

(٧٩) رواية الثّعالبي وترجمته ............................................... ٣٧٨

(٨٠) رواية السّهارنفوري ................................................ ٣٨٠

(٨١) رواية البدخشاني وترجمته ........................................... ٣٨١

(٨٢) رواية محمّد صدر العالم وترجمته ...................................... ٣٨١

(٨٣) رواية محمّد الأمير الصّنعاني وترجمته .................................. ٣٨٣

(٨٤) رواية محمّد مبين السهالي وترجمته .................................... ٣٨٧

(٨٥) رواية محمّد إسماعيل الدّهلوي وترجمته ................................ ٣٨٩

(٨٦) رواية حسن علي المحدّث ............................................ ٣٩١

(٨٧) رواية نور الدين السليماني ........................................... ٣٩١

(٨٨) رواية ولي الله اللكهنوي وترجمته ..................................... ٣٩٢

(٨٩) رواية القندوزي .................................................... ٣٩٤

(٩٠) رواية وليّ الله الدّهلوي .............................................. ٣٩٦

(٩١) رواية الدهلوي وهو المخاطب ....................................... ٣٩٨

وجوه دلالة كلام على المطلوب ......................................... ٣٩٩

فتوى للدهلوي حول الحديث واعترافاته فيها ............................. ٤٠٠

فهرس الکتاب ........................................................ ٤٠٥

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار - ١٣

المؤلف: السيّد علي الحسيني الميلاني
الصفحات: 413