بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

حرف الصّاد

(باب الصاد مع الهمزة)

(صأصأ) (ه) فيه «أن عبيد الله بن جحش كان أسلم وهاجر إلى الحبشة ، ثم ارتدّ وتنصّر ، فكان يمرّ بالمسلمين فيقول : فَقَّحْنَا وصَأْصَأْتُمْ» أي أبصرنا أمرنا ولم تبصروا أمركم. يقال صَأْصَأَ الجِرْوُ إذا حرّك أجفانه لينظر قبل أن يفقّح ، وذلك أن يريد فتحها قبل أوانها.

(باب الصاد مع الباء)

(صبأ) (س) في حديث بني جذيمة «كانوا يقولون لمّا أسلموا : صَبَأْنَا صَبَأْنَا» قد تكرّرت هذه اللفظة في الحديث. يقال صَبَأَ فلانٌ إذا خرج من دين إلى دين غيره ، من قولهم صَبَأَ نابُ البعيرِ إذا طلع. وصَبَأَتِ النّجومُ إذا خرجت من مطالعها. وكانت العرب تسمّي النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم الصَّابِئ ، لأنه خرج من دين قريش إلى دين الإسلام. ويسمّون من يدخل في الإسلام مَصْبُوّاً ، لأنهم كانوا لا يهمزون ، فأبدلوا من الهمزة واوا. ويسمّون المسلمين الصُّبَاةَ بغير همز ، كأنّه جمع الصَّابِي غير مهموز ، كقاض وقضاة ، وغاز وغزاة.

(صبب) (س) في صفته صلى‌الله‌عليه‌وسلم «إذا مشى كأنّما ينحطّ في صَبَبٍ» أي في موضع منحدر. وفي رواية «كأنما يهوي من صَبُوبٍ» يروى بالفتح والضّم ، فالفتح اسم لما يُصَبُّ على الإنسان من ماء وغيره ، كالطّهور والغسول ، والضم جمع صَبَبٍ. وقيل الصَّبَب والصَّبُوب : تَصَوُّب نهرٍ أو طريقٍ.

ومنه حديث الطواف «حتى إذا انْصَبَّتْ قدماه في بطن الوادي» أي انحدرت في المسعى.

ومنه حديث الصلاة «لم يَصُبَ رأسَهُ» أي لم يمله إلى أسفل.

ومنه حديث أسامة «فجعل يرفع يده إلى السماء ثمّ يَصُبُّهَا عَلَيَّ أعرف أنه يدعو لي».

(س) وفي حديث مسيره إلى بدر «أنه صَبَ في ذَفِرَانَ» أي مضى فيه منحدرا ودافعا ، وهو موضع عند بدر.

(س) ومنه حديث ابن عباس «وسئل أيُّ الطّهور أفضل؟ قال : أن تقوم وأنت صَبَبٌ» أي يَنْصَبُ منك الماء ، يعني يتحدّر.

(س) ومنه الحديث «فقام إلى شجب فاصْطَبَ منه الماء» هو افتعل ، من الصَّبِ : أي أخذه لنفسه. وتاء الافتعال مع الصّاد تقلب طاء ليسهل النّطق بهما ، لأنّهما من حروف الإطباق.

وفي حديث بريرة «قالت لها عائشة رضي‌الله‌عنهما : إن أحبّ أهلك أن أَصُبَ لهم ثمنك صَبَّةً واحدة» أي دفعة واحدة ، من صَبَ الماء يَصُبُّه صَبّاً إذا أفرغه.

ومنه صفة علي رضي‌الله‌عنه لأبي بكر حين مات «كنت على الكافرين عذابا صَبًّا!» هو مصدر بمعنى الفاعل والمفعول.

(ه) وفي حديث واثلة بن الأسقع في غزوة تبوك «فخرجت مع خير صاحب ، زادي في الصُّبَّة» الصُّبَّة : الجماعة من الناس. وقيل هي شيء يشبه السّفرة. يريد كنت آكل مع الرفقة الذين صحبتهم ، وفي السّفرة التي كانوا يأكلون منها. وقيل إنما هي الصِّنَّة بالنون ، وهي بالكسر والفتح شبه السَّلَّة يوضع فيها الطعام.

(ه) ومنه حديث شقيق «أنّه قال لإبراهيم النّخعي : ألم أُنبَّأ أنّكم صُبَّتَان صُبَّتَان» أي جماعتان جماعتان.

وفيه «ألا هل عسى أحد منكم أن يتّخذ الصُّبَّة من الغنم» أي جماعة منها ، تشبيها بجماعة النّاس ، وقد اختلف في عددها ، فقيل ما بين العشرين إلى الأربعين من الضأن والمعز. وقيل من المعز خاصّة. وقيل نحو الخمسين. وقيل ما بين السّتين إلى السبعين. والصُّبَّة من الإبل نحو خمس أو ست.

(س) ومنه حديث عمر رضي‌الله‌عنه «اشتريت صُبَّة من غنم».

(س) وفي حديث قتل أبي رافع اليهودي «فوضعت صَبِيبَ السّيفِ في بطنه» أي طرفه وآخر ما يبلغ سيلانه حين ضرب وعمل. وقيل طرفه مطلقا.

(س) وفيه «لَتَسْمَعَ آيةً خيرٌ لك من صَبِيبٍ ذهباً» قيل هو الجليد. وقيل هو ذهب مَصْبُوب كثيرا غير معدود ، وهو فعيل بمعنى مفعول. وقيل يحتمل أن يكون اسم جبل كما قال في حديث آخر : «خير من صبير ذهبا».

(ه) وفي حديث عقبة بن عامر «أنه كان يختضب بالصَّبِيب» قيل هو ماء ورق السّمسم (١) ، ولون مائه أحمر يعلوه سواد. وقيل هو عصارة العصفر أو الحنّاء.

(ه) وفي حديث عتبة بن غزوان «ولم يبق منها إلّا صُبَابة كصُبَابَةِ الإناء» الصُّبَابة : البقيّة اليسيرة من الشراب تبقى في أسفل الإناء.

وفيه «لتعودنّ فيها أساود صُبًّا» الأَسَاوِدُ : الحيات. والصُّبّ : جمع صَبُوب ، على أن أصله صُبُبٌ ، كرسول ورُسُل ، ثم خفّف كرُسْل فأدغم ، وهو غريب من حيث الإدغام. قال النّضر : إنّ الأسود إذا أراد أن ينهش ارتفع ثم انْصَبَ على الملدوغ. ويروى «صُبَّى» بوزن حبلى. وسيذكر في آخر الباب.

(صبح) (ه) في حديث المولد (٢) «أنه كان يتيما في حجر أبي طالب ، وكان يُقرَّب إلى الصّبيان تَصْبِيحُهُم فيختلسون ويَكُفُّ» أي يقرَّب إليهم غَداؤهم ، وهو اسم على تفعيل كالتّرعيب (٣) والتّنوير.

[ه] ومنه الحديث «أنه سئل متى تَحِلُّ لنا الميتة؟ فقال : ما لم تَصْطَبِحُوا ، أو تغتبقوا ،

__________________

(١) زاد الهروي : أو غيره من نبات الأرض.

(٢) في اللسان : المبعث.

(٣) فى الأصل وا : «الترغيب» ، بالغين المعجمة. وأثبتناه بالمهملة كما فى الهروى واللسان. قال فى اللسان «التّرعيب للسّنام المقطّع. والتّنوير اسم لنور الشجر».

أو تحتفّوا بها بقلا» الاصْطِبَاحُ هاهنا : أكل الصَّبُوح ، وهو الغداء. والغَبُوق : العشاء. وأصلهما في الشّرب ، ثم استعملا في الأكل : أي ليس لكم أن تجمعوهما (١) من الميتة.

قال الأزهري : قد أنكر هذا على أبي عبيد ، وفسّر أنه أراد إذا لم تجدوا لُبَيْنَة تَصْطَبِحُونَهَا ، أو شرابا تَغْتَبِقُونه ، ولم تجدوا بعد عدمكم (٢) الصَّبُوح والغَبُوق بقلة تأكلونها حلّت لكم الميتة. قال : وهذا هو الصحيح.

ومنه حديث الاستسقاء «وما لنا صبيٌ يَصْطَبِحُ» أي ليس عندنا لبن بقدر ما يشربه الصّبي بكرة ، من الجدب والقحط ، فضلا عن الكبير.

ومنه حديث الشّعبيّ «أعن صَبُوحٍ تُرَقِّقُ؟» قد تقدم معناه في حرف الراء.

(س) وفيه «من تَصَبَّحَ سبع تمرات عجوة» هو تفعّل ، من صَبَحْتُ القوم إذا سقيتهم الصَّبُوح. وصَبَّحْت بالتشديد لغة فيه.

(س) ومنه حديث جرير «ولا يحسر صَابِحُهَا» أي لا يَكِلُّ ولا يَعْيَا صَابِحُهَا ، وهو الذي يسقيها صَبَاحا ، لأنه يوردها ماء ظاهرا على وجه الأرض.

وفيه «أَصْبِحُوا بالصُّبْحِ فإنه أعظم للأجر» أي صلّوها عند طلوع الصُّبْح. يقال أَصْبَحَ الرجلُ إذا دخل في الصُّبْح.

وفيه «أنه صَبَّحَ خيبرَ» أي أتاها صَبَاحا.

(ه) ومنه حديث أبى بكر :

كلّ امرئ مُصَبَّحٌ في أهله

والموت أدنى من شراك نعله

أي مأتيٌّ بالموت صَبَاحا لكونه فيهم وقتئذ.

وفيه لمّا نزلت «وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ» صَعَّد على الصّفا وقال : «يا صَبَاحَاه» هذه كلمة يقولها المستغيث ، وأصلها إذا صاحوا للغارة ، لأنهم أكثر ما كانوا يغيرون عند الصَّبَاح ، ويسمّون يوم

__________________

(١) فى الأصل وا : «أن تجمعوا». والمثبت من اللسان والهروى والدر النثير.

(٢) فى الأصل وا : «بعد عدم الصّبوح». وأثبتنا ما فى اللسان والهروى.

الغارة يوم الصَّبَاح ، فكأنّ القائل يا صَبَاحاه يقول قد غشينا العدوّ. وقيل إن المتقاتلين كانوا إذا جاء الليل يرجعون عن القتال ، فإذا عاد النهار عاودوه ، فكأنه يريد بقوله يا صَبَاحاه : قد جاء وقت الصَّبَاح فتأهّبوا للقتال.

(س) ومنه حديث سلمة بن الأكوع «لمّا أُخِذَت لِقَاحُ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم نادى : يا صَبَاحاه» وقد تكرّر في الحديث.

(س) وفيه «فَأَصْبِحِي سراجك» أي أصلحيها وأضيئيها. والمِصْبَاح : السّراج.

(س) ومنه حديث جابر في شحوم الميتة «ويَسْتَصْبِحُ بها الناسُ» أي يشعلون بها سرجهم.

ومنه حديث يحيى بن زكريا عليهما‌السلام «كان يخدم بيت المقدس نهارا ، ويُصْبِحُ فيه ليلا» أي يسرج السّراج.

(ه) وفيه «أنه نهى عن الصُّبْحَة» وهي النوم أوّل النّهار ، لأنه وقت الذّكر ، ثم وقت طلب الكسب.

[ه] ومنه حديث أم زرع «أَرْقُدُ فأَتَصَبَّحُ» أرادت أنّها مكفيّة ، فهي تنام الصُّبْحَة.

وفي حديث الملاعنة «إن جاءت به أَصْبَحَ أصهب» الأَصْبَح : الشديد حمرة الشعر. والمصدر الصَّبَح ، بالتحريك.

(صبر) في أسماء الله تعالى «الصَّبُور» هو الذي لا يعاجل العصاة بالانتقام ، وهو من أبنية المبالغة ، ومعناه قريب من معنى الحَلِيم ، والفرق بينهما أنّ المذنب لا يأمن العقوبة في صفة الصَّبُور كما يأمنها في صفة الحليم.

ومنه الحديث «لا أحدَ أَصْبَرُ على أذى يسمعه من الله عزوجل» أي أشدّ حلما عن فاعل ذلك وترك المعاقبة عليه.

(س) وفي حديث الصوم «صم شهر الصَّبْرِ» هو شهر رمضان. وأصل الصَّبْر : الحبس ، فسمّي الصوم صَبْراً لما فيه من حبس النّفس عن الطعام والشّراب والنّكاح.

(ه) وفيه «أنه نهى عن قتل شيء من الدّواب صَبْراً» هو أن يمسك شيء من ذوات الرّوح حيّا ثم يرمى بشيء حتى يموت.

(ه) ومنه الحديث «نهى عن المَصْبُورة (١) ، ونهى عن صَبْرِ ذى الرّوح».

(ه) ومنه الحديث في الذي أمسك رجلا وقتله آخر [فقال (٢)] «اقتلوا القاتل واصْبِرُوا الصَّابِر» أي احبسوا الذي حبسه للموت حتى يموت كفعله به. وكلّ من قتل في غير معركة ولا حرب ولا خطأ فإنه مقتول صَبْراً.

ومنه حديث ابن مسعود رضي‌الله‌عنه «أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم نهى عن صَبْرِ الرّوح» وهو الخصاء. والخصاء صَبْرٌ شديد.

(س) وفيه «من حلف على يمينٍ مَصْبُورةٍ كاذباً».

(س) وفي حديث آخر «من حلف على يمين صَبْرٍ» أي ألزم بها وحبس عليها ، وكانت لازمة لصاحبها من جهة الحكم. وقيل لها مَصْبُورة وإن كان صاحبها في الحقيقة هو المَصْبُور ، لأنه إنما صُبِرَ من أجلها : أي حُبِسَ ، فوصفت بالصَّبْر ، وأضيفت إليه مجازا.

(س) وفيه «أن النّبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم طعن إنسانا بقضيب مداعبةً فقال له : أَصْبِرْنِي قال : اصْطَبِرْ» أي أَقِدني من نفسك. قال : استَقِدْ. يقال صَبَرَ فلانٌ من خصمه واصْطَبَرَ : أي اقتصّ منه. وأَصْبَرَهُ الحاكم : أي أقصّه من خصمه.

(ه) ومنه حديث عثمان حين ضرب عمّارا رضي‌الله‌عنهما ، فلمّا عوتب قال : «هذه يدي لعمّار فليَصْطَبِرْ».

(س) وفي حديث ابن عباس «في قوله تعالى (وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ) قال : كان يصعد بخار من الماء إلى السّماء ، فاسْتَصْبَرَ فعاد صَبِيراً ، فذلك قوله (ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ) الصَّبِير : سحابٌ أبيض متراكب متكاثف ، يعني تكاثف البخار وتراكم فصار سحابا.

__________________

(١) قال فى اللسان : المصبورة التي نهى عنها هي المحبوسة على الموت.

(٢) الزيادة من اللسان والهروى.

(ه) ومنه حديث طهفة «ونستحلب الصَّبِير».

وحديث ظبيان «وسقوهم بصَبِير النّيطل» أي بسحاب الموت والهلاك.

وفيه «من فعل كذا وكذا كان له خيرا من صَبِيرٍ ذهبا» هو اسم جبل باليمن. وقيل : إنما هو مثل جبل صِيرٍ ، بإسقاط الباء الموحدة ، وهو جبل لطيّئ. وهذه الكلمة جاءت في حديثين لعليّ ومعاذ : أمّا حديث عليّ فهو صِير ، وأما رواية معاذ فصَبِير ، كذا فرق بينهما بعضهم.

(ه) وفي حديث الحسن «من أسلف سلفا فلا يأخذنّ رهنا ولا صَبِيرا» الصَّبِير : الكفيل. يقال صَبَرْتُ به أَصْبُرُ بالضّم.

وفيه «أنه مرّ في السّوق على صُبْرَة طعامٍ فأدخل يده فيها» الصُّبْرة : الطعام المجتمع كالكومة ، وجمعها صُبَر. وقد تكررت فى الحديث مفردة ومجموعة.

ومنه حديث عمر «دخل على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وإنّ عند رجليه قَرَظا مَصْبُوراً» أي مجموعا قد جُعِل صُبْرَة كصُبْرَة الطعامِ.

(ه) وفي حديث ابن مسعود «سدرة المنتهى صُبْرُ الجنة» أي أعلى نواحيها. وصُبْرُ كل شيء أعلاه.

وفي حديث عليّ رضي‌الله‌عنه «قلتم هذه صَبَّارَةُ القُرِّ» هي بتشديد الراء : شدّة البرد وقوّته ، كحمارّة القيظ.

(صبع) فيه «ليس آدمي إلّا وقلبه بين أَصْبُعَين من أَصَابِعِ اللهِ تعالى».

وفي حديث آخر «قلب المؤمن بين أَصْبُعَيْنِ من أَصَابِعِ اللهِ يقلّبه كيف يشاء» الأَصَابِع : جمع أَصْبُع ، وهي الجارحة. وذلك من صفات الأجسام ، تعالى الله عزوجل عن ذلك وتقدّس. وإطلاقها عليه مجاز كإطلاق اليد ، واليمين ، والعين ، والسمع ، وهو جار مجرى التمثيل والكناية عن سرعة تقلّب القلوب ، وإن ذلك أمر معقود بمشيئة الله تعالى. وتخصيص ذكر الأصابع كناية عن أجزاء القدرة والبطش ، لأن ذلك باليد ، والأَصَابِع أجزاؤها.

(صبغ) (ه) فيه «فينبتون كما تنبت الحبّة في حميل السّيل ، هل رأيتم الصَّبْغَاءَ؟»

قال الأزهرى : الصَّبْغَاء نبتٌ معروف. وقيل هو نبت ضعيف كالثّمام. قال القتيبي : شبّه نبات لحومهم بعد احتراقها بنبات الطّاقة من النّبت حين تطلع تكون صَبْغَاءَ ، فما يلي الشمس من أعاليها أخضر ، وما يلي الظّلّ أبيض.

(س) وفي حديث قتادة «قال أبو بكر : كلّا ، لا يعطيه أُصَيْبِغ قريشٍ» يصفه بالضعف والعجز والهوان ، تشبيه بالأَصْبَغ وهو نوع من الطّيور ضعيف. وقيل شبّهه بالصَّبْغَاء وهو النبات المذكور. ويروى بالضاد المعجمة والعين المهملة ، تصغير ضبع على غير قياس ، تحقيرا له.

وفيه «فَيُصْبَغُ في النار صَبْغَة» أي يغمس كما يغمس الثوب في الصِّبْغ.

وفي حديث آخر «اصْبُغُوه في النار».

وفي حديث عليّ في الحج «فوجد فاطمة رضي‌الله‌عنهما لبست ثيابا صَبِيغاً» أي مصبوغة غير بيض ، وهو فعيل بمعنى مفعول.

وفيه «أكذب النّاس الصَّبَّاغُون والصَّوَّاغُون» هم صَبَّاغو الثيابِ وصاغة الحليّ ، لأنهم يمطلون بالمواعيد. روى عن أبي رافع الصّائغ قال : كان عمر رضى الله عنه يمازحني يقول : أكذب النّاس الصّوّاغ. يقول اليوم وغدا. وقيل أراد الذين يَصْبِغُون الكلام ويصوغونه : أي يغيّرونه ويخرصونه. وأصل الصَّبْغ التغيير.

ومنه حديث أبي هريرة رضي‌الله‌عنه «رأى قوما يتعادون ، فقال : ما لهم؟ فقالوا : خرج الدّجال ، فقال : كَذْبَة كَذَبَها الصَّبَّاغُون» وروي الصوّاغوان (١).

(صبا) (ه) فيه «أنه رأى حسينا يلعب مع صِبْوَةٍ في السِّكَّة» الصِّبْوَة والصِّبْيَة : جمع صَبِيٍ ، والواو القياس ، وإن كانت الياء أكثر استعمالا.

(ه) وفيه «أنه كان لا يُصَبِّي رأسَهُ في الركوع ولا يقنعه» أي لا يخفضه كثيرا ولا يميله إلى الأرض ، من صَبَا إلى الشيء يَصْبُو إذا مال. وصَبَّى رأسَهُ تَصْبِيَةً ، شدّد للتكثير. وقيل هو مهموز من صَبَأَ إذا خرج من دين إلى دين. قال الأزهرى : الصّواب لا يُصَوِّبُ. ويروى لا يَصُبُّ. وقد تقدم.

__________________

(١) والصّيّاغون أيضا ، كما فى الفائق ٢ / ١١.

ومنه حديث الحسن بن علي «والله ما ترك ذهبا ولا فضّة ولا شيئا يُصْبَى إليه».

(س) ومنه الحديث «وشابٌّ ليست له صَبْوَةٌ» أي ميل إلى الهوى ، وهي المرّة منه.

ومنه حديث النخعي «كان يعجبهم أن يكون للغلام إذا نشأ صَبْوَةٌ» إنما كان يعجبهم ذلك لأنه إذا تاب وارعوى كان أشدّ لاجتهاده في الطّاعة ، وأكثر لندمه على ما فرط منه ، وأبعد له من أن يعجب بعمله أو يتّكل عليه.

وفي حديث الفتن «لتَعُودُنَّ فيها أساود صُبًّى» هي جمع صَابٍ كغاز وغُزًّى ، وهم الذين يَصْبُونَ إلى الفتنة أي يميلون إليها. وقيل إنما هو صُبَّاء جمع صَابِئ بالهمز كشاهد وشهّاد ، ويروى : صُبٌّ. وقد تقدم.

(س) ومنه حديث هوازن «قال دريد بن الصّمة : ثم أَلْقِ الصُّبَّى على متون الخيل» أي الذين بشتهون الحرب ويميلون إليها ويحبّون التقدّم فيها والبرار.

وفي حديث أم سلمة رضي‌الله‌عنها «لمّا خطبها النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قالت : إني امرأة مُصْبِيَةٌ مُؤْتِمَة» أي ذات صِبْيَانٍ وأيتام.

(باب الصاد مع التاء)

(صتت) (ه) في حديث ابن عباس رضي‌الله‌عنهما «إنّ بني إسرائيل لمّا أمروا أن يقتل بعضهم بعضا قاموا صَتَّيْنِ» وأخرجه الهروى عن قتادة : إنّ بني إسرائيل قاموا صَتِيتَيْنِ : الصَّتُ والصَّتِيتُ : الفرقة من النّاس. وقيل هو الصّف منهم.

(صتم) (س) في حديث ابن صيّاد «أنه وزن تسعين فقال : صَتْماً ، فإذا هي مائة» الصَّتْمُ : التّامُ. يقال أعطيته ألفا صَتْماً : أي تامّا كاملا. والصَّتَمُ بفتح التاء وسكونها : الصّلب الشديد.

(باب الصاد مع الحاء)

(صحب) (ه) فيه «اللهم اصْحَبْنَا بِصُحْبَة واقلِبنا بذمّة» أي احفظنا بحفظك في سفرنا ، وارجعنا بأمانك وعهدك إلى بلدنا.

(ه س) وفي حديث قيلة «خرجت أبتغي الصَّحَابَةَ إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم» الصَّحَابَة بالفتح : جمع صَاحِب ، ولم يجمع فاعل على فعالة إلّا هذا.

وفيه «فأَصْحَبَتِ الناقةُ» أي انقادت واسترسلت وتبعت صَاحِبَها.

(صحح) (ه) فيه «الصّوم مَصَحَّةٌ» يروى بفتح الصاد وكسرها (١) وهي مفعلة من الصِّحَّة : العافية ، وهو كقوله في الحديث الآخر «صوموا تَصِحُّوا».

ومنه الحديث «لا يوردنّ ذو عاهة على مُصِحٍ».

وفي الحديث آخر «لا يوردنّ مُمْرِض على مُصِحٍ» المُصِحُ : الذي صَحَّتْ ماشيتُهُ من الأمراض والعاهات : أي لا يوردنّ من إبله مرضى على من إبله صِحَاحٌ ويسقيها معها ، كأنّه كره ذلك مخافة أن يظهر بمال المُصِحّ ما ظهر بمال الممرض. فيظنّ أنها أعدتها فيأثم بذلك. وقد قال عليه الصلاة والسلام «لا عدوى».

(س) وفيه «يقاسم ابن آدم أهل النّار قسمة صَحَاحاً» يعني قابيل الذي قتل أخاه هابيل : أي أنه يقاسمهم قسمة صَحِيحَة ، فله نصفها ولهم نصفها. الصَّحَاح بالفتح بمعنى الصَّحِيح. يقال درهم صَحِيح وصَحَاح. ويجوز أن يكون بالضم كطُوال في طويل. ومنهم من يرويه بالكسر ولا وجه له.

(صحر) فيه «كفّن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في ثوبين صُحَارِيَّيْنِ» صُحَار : قرية باليمن نُسِبَ الثوبُ إليها. وقيل هو من الصُّحْرَة ، وهي حمرة خفيّة كالغبرة. يقال ثوب أَصْحَرُ وصُحَارِيُ.

وفي حديث عليّ رضي‌الله‌عنه «فأَصْحِرْ لعدوّك وامض على بصيرتك» أي كن من أمره على أمر واضح منكشف ، من أَصْحَرَ الرجلُ إذا خرج إلى الصَّحْرَاءِ.

ومنه حديث الدعاء «فأَصْحِرْ بي لغضبك فريدا».

(ه) وحديث أم سلمة لعائشة رضي‌الله‌عنهما» سَكَّنَ اللهُ عُقَيراكِ فلا تُصْحِرِيهَا» أي

__________________

(١) والفتح أعلى. قاله فى اللسان.

لا تبرزيها إلى الصَّحْرَاء. هكذا جاء في هذا الحديث متعدّيا على حذف الجارّ وإيصال الفعل ، فإنه غير متعدّ.

(س) وفي حديث عثمان «أنه رأى رجلا يقطع سمرة بِصُحَيْرَاتِ اليمامِ» هو اسم موضع. واليَمَامُ : شجر أو طير. والصُّحَيْرَاتُ : جمع مصغّر ، واحده صُحْرَة ، وهي أرض ليّنة تكون في وسط الحرّة. هكذا قال أبو موسى ، وفسّر اليمام بشجر أو طير. أما الطّير فصحيح ، وأما الشجر فلا يعرف فيه يمام بالياء ، وإنما هو ثمام بالثاء المثلثة ، وكذلك ضبطه الحازمي ، وقال : هو صُحَيْرَاتُ الثُّمامةِ. ويقال فيه الثُّمام بلا هاء ، قال : وهى إحدى مراحل النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى بدر.

(صحصح) (س) في حديث جهيش «وكأيّن قطعنا إليك من كذا وكذا وتنوفةٍ صَحْصَحٍ» الصَّحْصَحُ والصَّحْصَحَةُ والصَّحْصَحَانُ : الأرضُ المستويةُ الواسعة. والتَّنُوفَةُ : البرّيّة.

ومنه حديث ابن الزبير «لمّا أتاه قتل الضّحّاك. قال : إنّ ثعلب بن ثعلب حفر بالصَّحْصَحَة فأخطأت استه الحفرة» وهذا مثل للعرب تضربه فيمن لم يصب موضع حاجته. يعنى أن الضّحّاك طلب الإمارة والتقدّم فلم ينلها.

(صحف) فيه «أنه كتب لعيينة بن حصن كتابا ، فلما أخذه قال : يا محمد أتراني حاملا إلى قومي كتابا كصَحِيفَة المتلمّس» الصَّحِيفَة : الكتاب ، والمُتَلَمِّس شاعر معروف ، واسمه عبد المسيح بن جرير ، كان قدم هو وطرفة الشاعر على الملك عمرو بن هند ، فنقم عليهما أمرا ، فكتب لهما كتابين إلى عامله بالبحرين يأمره بقتلهما ، وقال : إنّي قد كتبت لكما بجائزة. فاجتازا بالحيرة ، فأعطى المتلمسُ صَحِيفَتَهُ صبيّا فقرأها فإذا فيها يأمر عامله بقتله ، فألقاها في الماء ومضى إلى الشام ، وقال : لطَرَفَة : افعل مثل فعلي فإنّ صَحِيفَتَكَ مثل صَحِيفَتِي ، فأبى عليه ، ومضى بها إلى العامل ، فأمضى فيه حكمه وقتله ، فضُرِبَ بهما المثل.

(س) وفيه «ولا تسأل المرأة طلاق أختها لتستفرغ صَحْفَتَهَا» الصَّحْفَة : إناءٌ كالقصعة المبسوطة ونحوها ، وجمعها صِحَاف. وهذا مثل يريد به الاستئثار عليها بحظّها ، فتكون كمن استفرغ صَحْفَة غيره وقلب ما في إنائه إلى إناء نفسه. وقد تكررت في الحديث.

(صحل) [ه] في صفته صلى‌الله‌عليه‌وسلم «وفي صوته صَحَلٌ» هو بالتحريك كالبحّة ، وألّا يكون حادّ الصّوت.

ومنه حديث رقيقة «فإذا أنا بهاتف يصرخ بصوتٍ صَحِلٍ».

(س) وفي حديث ابن عمر رضي‌الله‌عنهما «أنه كان يرفع صوته بالتّلبية حتى يَصْحَلُ» أي يبحّ.

وفي حديث أبي هريرة في حديث نبذ العهد في الحج «فكنت أنادي حتى صَحِلَ صوتي».

(صحن) في حديث الحسن «سأله رجل عن الصَّحْنَاة فقال : وهل يأكل المسلمون الصَّحْنَاة؟!» هي التي يقال لها الصّير ، وكلا اللّفظين غير عربي.

(باب الصاد مع الخاء)

(صخب) في حديث كعب «قال في التوراة : محمّد عبدي ، ليس بفظّ ولا غليظ ولا صَخُوبٍ في الأسواق» وفي رواية «ولا صَخَّابٍ» الصَّخَب والسّخب : الضّجّة ، واضطراب الأصوات للخصام. وفعول وفعّال للمبالغة.

ومنه حديث خديجة «لا صَخَب فيه ولا نصب».

وحديث أم أيمن «وهي تَصْخَبُ وتذمر عليه».

وفي حديث المنافقين «صُخُبٌ بالنهار» أي صيّاخون فيه ومتجادلون.

(صخخ) في حديث ابن الزبير وبناء الكعبة «فخاف الناس أن تصيبهم صَاخَّةٌ من السماء» الصَّاخَّة : الصيحة التي تَصُخُ الأسماع : أي تقرعها وتصمّها.

(صخد) في قصيد كعب بن زهير.

يوما يظلّ به الحرباء مُصْطَخِداً

كأنّ ضاحيه بالنّار مملول

المُصْطَخِد : المنتصب. وكذلك المصطخم. يصف انتصاب الحرباء إلى الشمس في شدّة الحرّ.

وفي حديث علي رضي‌الله‌عنه «ذوات الشّناخيب الصّمّ من صَيَاخِيدِهَا» جمع صَيْخُود. وهي الصخرة الشديدة. والياء زائدة.

(صخر) (س) فيه «الصَّخْرَة من الجنّة» يريد صَخْرَةَ بيت المقدس (١).

(باب الصاد مع الدال)

(صدأ) (س) فيه «إنّ هذه القلوب تَصْدَأُ كما يَصْدَأُ الحديد» هو أن يركبها الرّين بمباشرة المعاصي والآثام ، فيذهب بجلائها ، كما يعلو الصَّدَأ وجه المرآة والسّيف ونحوهما.

(ه س) وفي حديث عمر رضي‌الله‌عنه «أنه سأل الأسقفّ عن الخلفاء ، فحدثه حتى انتهى إلى نعت الرابع منهم ، فقال صَدَأٌ من حديد» ويروى صدع. أراد دوام لبس الحديد لاتّصال الحروب في أيّام عليّ وما مُنِيَ به من مقاتلة الخوارج والبغاة ، وملابسة الأمور المشكلة والخطوب المعضلة. ولذلك قال عمر رضي‌الله‌عنه : وا دفراه ، تضجرا من ذلك واستفحاشا. ورواه أبو عبيد غير مهموز ، كأنّ الصَّدَأ لغة في الصّدع ، وهو اللطيف الجسم. أراد أنّ عليّا رضي‌الله‌عنه خفيف يخف إلى الحروب ولا يكسل لشدّة بأسه وشجاعته.

(صدد) فيه «يسقى من صَدِيد أهل النّار» الصَّدِيد : الدّم والقيح الذي يسيل من الجسد.

(ه) ومنه حديث الصدّيق رضي‌الله‌عنه في الكفن «إنّما هو للمهل والصَّدِيد»(٢).

وفيه «فلا يَصُدَّنَّكُمْ ذلك» الصَّدّ : الصّرف والمنع. يقال صَدَّهُ ، وأَصَدَّهُ ، وصَدَّ عنه. والصَّدّ : الهجران.

ومنه الحديث «فيَصُدُّ هذا ويَصُدُّ هذا» أي يعرض بوجهه عنه. والصَّدّ : الجانب.

(صدر) فيه «يهلكون مهلكا واحدا ، ويَصْدُرُون مَصَادِرَ شتّى» الصَّدَر بالتحريك : رجوع المسافر من مقصده ، والشّاربة من الورد. يقال صَدَرَ يَصْدُرُ صُدُوراً وصَدَراً ، يعنى أنهم يخسف بهم جميعهم فيهلكون بأسرهم خيارهم وشرارهم ، ثم يَصْدُرُون بعد الهلكة مَصَادِرَ متفرّقة على قدر أعمالهم ونيّاتهم ، ف (فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ).

ومنه الحديث «للمهاجر إقامة ثلاث بعد الصَّدَرِ» يعنى بمكة بعد أن يقضي نسكه.

__________________

(١) فى الدر النثير : قلت قال فى الملخص : وقيل الحجر الأسود.

(٢) رواية الهدوى : «إنما هما للمهل أو الصّديد». قال : يعنى ثوبى الكفن.

ومنه الحديث «كان له ركوة تسمى الصَّادِر» سمّيت به لأنه يُصْدَر عنها بالرِّيِّ.

ومنه الحديث «فأَصْدَرَتْنا ركابُنا» أي صرفتنا رواء ، فلم نحتج إلى المقام بها للماء.

وفي حديث ابن عبد العزيز «قال لعبيد الله بن عبد الله بن عتبة : «حتّى متى تقول هذا الشعر؟ فقال :

لا بدّ للمَصْدُور من أن يسعلا

المَصْدُور : الذي يشتكي صَدْرَهُ ، يقال صُدِرَ ، فهو مَصْدُور ، يريد أنّ من أصيب صَدْرُهُ لا بدّ له أن يسعل ، يعنى أنه يحدث للإنسان حال يتمثّل فيه بالشعر ، ويطيّب به نفسه ولا يكاد يمتنع منه.

(س) ومنه حديث الزهرى «قيل له إن عبيد الله يقول الشعر ، قال : ويستطيع المَصْدُور ألّا ينفث!» أي لا يبزق. شبّه الشّعر بالنّفث ، لأنهما يخرجان من الفم.

ومنه حديث عطاء «قيل له : رجل مَصْدُور ينهز قيحا أحدث هو؟ قال : لا» يعنى يبزق قيحا.

(س) وفي حديث الخنساء «أنها دخلت على عائشة رضي‌الله‌عنها وعليها خمار ممزّق وصِدَارٌ شعر» الصِّدَار : القميص القصير. وقيل ثوب رأسه كالمقنعة وأسفله يغشّي الصَّدْر والمنكبين.

(س) وفي حديث عبد الملك «أنه أتي بأسير مُصَدَّرٍ أزبر» المُصَدَّر : العظيم الصّدر.

(س) وفي حديث الحسن «يضرب أَصْدَرَيْهِ» أي منكبيه. ويروى بالسين والزاي. وقد تقدّما.

(صدع) (س) في حديث الاستسقاء «فَتَصَدَّعَ السحاب صِدْعاً» أي تقطّع وتفرّق. يقال صَدَعْتُ الرّداءَ صَدْعاً إذا شققته. والاسم الصِّدْع بالكسر. والصَّدْع في الزجاجة بالفتح.

(س) ومنه الحديث «فأعطاني قبطيّة وقال : اصْدَعْهَا صِدْعَيْنِ» أي شقّها بنصفين.

ومنه حديث عائشة «فصَدَعَتْ منه صِدْعَةً فاختمرت بها».

(ه) ومنه الحديث «إن المصدّق يجعل الغنم صِدْعَيْنِ ، ثم يأخذ منهما الصّدقة» أى فرقين.

(ه) ومنه الحديث «فقال بعد ما تَصَدَّعَ القومُ كذا وكذا» أي بعد ما تفرقوا.

وفي الحديث أوفى بن دلهم «النّساء أربع ، منهن صَدَعٌ تفرّق ولا تجمع».

(س) وفي حديث عمر والأسقفّ «كأنه صَدَعٌ من حديد» في إحدى الرّوايتين. الصَّدَع : الوعْل الذي ليس بالغليظ ولا الدّقيق ، وإنما يوصف بذلك لاجتماع القوّة فيه والخفّة. شبّهه في نهضته إلى صعاب الأمور وخفّته في الحروب حين يفضي الأمر إليه بالوعل لتوقّله في رؤس الجبال ، وجعله من حديد مبالغة في وصفه بالشدّة والبأس والصّبر على الشدائد.

(ه) ومنه حديث حذيفة «فإذا صَدَعٌ من الرجال» أي رجل بين الرجلين (١).

(صدغ) (ه) في حديث قتادة «قال : كان أهل الجاهليّة لا يورّثون الصّبيّ ، يقولون ما شأن هذا الصَّدِيغِ الذي لا يحترف ولا ينفع نجعل له نصيبا في الميراث» الصَّدِيغ : الضعيف. يقال ما يَصْدَغُ نملةً من ضعفه : أي ما يقتل. ويجوز أن يكون فعيل بمعنى مفعول ، من صَدَغَهُ عن الشيء إذا صرفه. وقيل هو من الصَّدِيغ ، وهو الذي أتى له من وقت الولادة سبعة أيام ، لأنه إنما يشتدّ صُدْغُهُ إلى هذه المدّة ، وهو ما بين العين إلى شحمة الأذن.

(صدف) (ه) فيه «كان إذا مرّ بِصَدَفٍ مائل أسرع المشي» الصَّدَف بفتحتين وضمّتين : كلّ بناء عظيم مرتفع ، تشبيها بِصَدَفِ الجبل ، وهو ما قابلك من جانبه.

ومنه حديث مطرّف «من نام تحت صَدَفٍ مائل ينوي التوكّل ، فليرم بنفسه من طمار وهو ينوي التوكّل» يعنى أنّ الاحتراس من المهالك واجب ، وإلقاء الرجل بيده إليها والتعرّض لها جهل وخطأ.

(س) وفي حديث ابن عباس «إذا مطرت السماء فتحت الأَصْدَاف أفواهها» الأَصْدَاف : جمع الصَّدَف ، وهو غلاف اللؤلؤ ، واحدته صَدَفَة ، وهي من حيوان البحر.

__________________

(١) فى الدر النثير : قلت : قال الفارسى : معناه جماعة فى موضع من المسجد لأن الصّديع رقعة جديدة فى الثوب الخلق ، فأولئك القوم فى المسجد بمنزلة الرقعة فى الثوب.

(صدق) (س) في حديث الزكاة «لا يؤخذ في الصَّدَقَةِ هَرِمَة ولا تيس إلّا أن يشاء المُصَدِّق» رواه أبو عبيد بفتح الدال والتّشديد ، يريد صاحب الماشية : أي الذي أُخِذت صَدَقَةُ مالِهِ ، وخالفه عامّة الرّواة فقالوا بكسر الدّال ، وهو عامل الزّكاة الذي يستو فيها من أربابها. يقال صَدَّقَهُم يُصَدِّقُهُم فهو مُصَدِّق. وقال أبو موسى : الرواية بتشديد الصاد والدال معا ، وكسر الدال ، وهو صاحب المال. وأصله المُتَصَدِّق فأدغمت التاء في الصاد. والاستثناء في التّيس خاصّة ، فإن الهرمة وذات العوار لا يجوز أخذهما في الصَّدَقَة إلّا أن يكون المال كلّه كذلك عند بعضهم. وهذا إنما يتّجه إذا كان الغرض من الحديث النّهي عن أخذ التّيس لأنه فحل المعز ، وقد نهى عن أخذ الفحل في الصَّدَقَة لأنه مضرّ برب المال ، لأنه يعزّ عليه ، إلّا أن يسمح به فيؤخذ ، والذي شرحه الخطّابي في «المعالم» أن المُصَدِّق بتخفيف الصاد العامل ، وأنه وكيل الفقراء في القبض ، فله أن يتصرّف لهم بما يراه مما يؤدّي إليه اجتهاده.

وفي حديث عمر رضى الله عنه «لا تغالوا في الصَّدَقَات» هي جمع صَدُقَة ، وهو مهر المرأة. ومنه قوله تعالى : «وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَ نِحْلَةً» وفي رواية «لا تغالوا في صُدُقِ النّساء» جمع صَدَاق.

(س) وفيه «ليس عند أبوينا ما يُصْدِقَانِ عنّا» أي يؤدّيان إلى أزواجنا عنّا الصَّدَاق. يقال أَصْدَقْتُ المرأةَ إذا سمّيت لها صَدَاقاً ، وإذا أعطيتها صَدَاقَهَا ، وهو الصَّدَاق والصِّدَاق والصَّدَقَة أيضا (١). وقد تكرر في الحديث.

وفيه ذكر «الصِّدِّيق» قد جاء في غير موضع. وهو فعّيل للمبالغة في الصِّدْق. ويكون الذي يُصَدِّقُ قولُهُ بالعمل.

(ه) وفيه أنه لمّا قرأ «وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ لِغَدٍ» قال : تَصَدَّقُ رجل من ديناره ، ومن درهمه ، ومن ثوبه» أي لِيَتَصَدَّقْ ، لفظه الخبر ومعناه الأمر ، كقولهم في المثل «أنجز حرّ ما وعد» : أي لينجز.

__________________

(١) وفيه أيضا : الصّدقة ، والصّدقة والصّدقة. (القاموس ـ صدق).

(س) وفي حديث عليّ رضي‌الله‌عنه «صَدَقَنِي سِنَّ بَكْرِهِ» هذا مثل يضرب للصَّادِق في خبره. وقد تقدّم في حرف السين.

(صدم) (ه) فيه «الصبر عند الصَّدْمَةِ الأولى» أي عند قوّة المصيبة وشدّتها ، والصَّدْم : ضرب الشيء الصّلب بمثله. والصَّدْمَة المرّة منه.

(ه) ومنه حديث مسيره إلى بدر «خرج حتى أفتق من الصَّدْمَتَيْنِ» (١). يعنى من جانبي الوادي. سمّيا بذلك كأنهما لتقابلهما يَتَصَادَمَانِ ، أو لأنّ كل واحدة منهما تَصْدِمُ من يمرّ بها ويقابلها.

(ه) ومنه حديث عبد الملك «كتب إلى الحجّاج : إني قد ولّيتك العراقين صَدْمَةً فسِرْ إليهما» أي دفعة واحدة.

(صدا) في حديث أنس في غزوة حنين «فجعل الرجل يَتَصَدَّى لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ليأمر بقتله» التَّصَدِّي : التّعرّض للشيء. وقيل هو الذي يستشرف الشيء ناظرا إليه.

(ه) وفي حديث ابن عباس رضي‌الله‌عنهما ، وذكر أبا بكر «كان والله برّا تقيّا لا يُصَادَى غَرْبُه» أي لا تدارى حدّته ويسكن غضبه. والمُصَادَاة ، والمداراة ، والمداجاة سواء. والغَرْبُ : الحدّة. هكذا رواه الزمخشرى. وفي كتاب الهروى «كان يُصَادَى منه غرب» (٢) بحذف حرف النّفي ، وهو الأشبه ، لأن أبا بكر كانت فيه حدّة يسيرة.

وفيه «لتردنّ يوم القيامة صَوَادِيَ» أي عطاشا. والصَّدَى : العطش.

وفي حديث الحجاج «قال لأنس رضي‌الله‌عنه : أصمّ الله صَدَاك» أي أهلكك. الصَّدَى : الصّوت الذي يسمعه المصوّت عقيب صياحه راجعا إليه من الجبل والبناء المرتفع ، ثم استعير للهلاك ، لأنه إنما يجيب الحىّ ، فإذا هلك الرجل صمّ صَدَاه كأنه لا يسمع شيئا فيجيب عنه. وقيل الصَّدَى الدماغ. وقيل موضع السّمع منه. وقد تكرر ذكره في الحديث.

__________________

(١) بسكون الدال ، وقد تكسر (القاموس ـ صدم)

(٢) وهى رواية الزمخشرى أيضا ، لا كما ذكر ابن الأثير. انظر الفائق ٢ / ١٥.

(باب الصاد مع الراء)

(صرب) (ه) في حديث الجشمىّ «قال له : هل تنتج إبلك وافية أعينها وآذانها ، فتجدع (١) هذه فتقول صَرْبَى» هو بوزن سكرى ، من صَرَبْتُ اللّبنَ في الضّرع إذا جمعته ، ولم تحلبه. وكانوا إذا جدعوها أعفوها من الحلب إلا للضّيف. وقيل هي المشقوقة الأذن مثل البحيرة ، أو المقطوعة. والباء بدل من الميم (٢).

(س) ومنه حديث ابن الزبير «فيأتي بالصَّرْبَة من اللّبن» هي اللّبن الحامض. يقال جاء بصَرْبَة تزوِي الوجه من حموضتها.

(صرح) (س) في حديث الوسوسة «ذاك صَرِيح الإيمان» أي كراهتكم له وتفاديكم منه صَرِيح الإيمان. والصَّرِيح : الخالص من كل شيء ، وهو ضد الكناية ، يعنى أن صَرِيح الإيمان هو الذي يمنعكم من قبول ما يلقيه الشيطان في أنفسكم حتى يصير ذلك وسوسة لا تتمكّن في قلوبكم ، ولا تطمئن إليه نفوسكم ، وليس معناه أن الوسوسة نفسها صَرِيح الإيمان ، لأنّها إنّما تتولّد من فعل الشيطان وتسويله ، فكيف يكون إيمانا صَرِيحا.

(ه) وفي حديث أم معبد :

دعاها بشاة حائل فتحلّبت

له بصَرِيح ضرّة الشّاة مزبد (٣)

أى لبن خالص لم يمذق. والضَّرَّة : أصل الضرع.

وفي حديث ابن عباس «سئل متى يحل شراء النّخل؟ قال : حين يُصَرِّحُ ، قيل وما التَّصْرِيح؟ قال : حتى يستبين الحلو من المرّ» قال الخطابي : هكذا يروى ويفسّر. وقال : الصواب يصوّح بالواو. وسيذكر في موضعه.

__________________

(١) رواية الهروى واللسان «فتجدعها وتقول ..» وهى رواية المصنف فى «صرم».

(٢) كما يقال : ضربة لازم ولازب.

(٣) رواية الهروى :

عليه صريحاً ضرّة الشاة مزبد

(صرخ) (ه) فيه «كان يقوم من اللّيل إذا سمع صوت الصَّارِخ» يعنى الدّيك ، لأنه كثير الصّياح في الليل.

(ه) ومنه حديث ابن عمر رضي‌الله‌عنهما «أنه اسْتَصْرَخَ على امرأته صفيّة» اسْتَصْرَخَ الإنسان وبه إذا أتاه الصَّارِخ ، وهو المصوّت يعلمه بأمر حادث يستعين به عليه ، أو ينعى له ميّتا. والاسْتِصْرَاخ : الاستغاثة. واسْتَصْرَخْتُهُ إذا حملته على الصُّرَاخ.

(صرد) (س) فيه «ذاكر الله تعالى في الغافلين مثل الشّجرة الخضراء وسط الشّجر الذي تحاتّ ورقه من الصَّرِيد» الصَّرِيد : البرد ، ويروى من الجليد (١).

ومنه الحديث «سئل ابن عمر عمّا يموت في البحر صَرْداً ، فقال : لا بأس به» يعنى السّمك الذي يموت فيه من البرد.

(س) ومنه حديث أبي هريرة رضي‌الله‌عنه «سأله رجل فقال : إني رجلٌ مِصْرَادٌ» هو الذي يشتدّ عليه البرد ولا يطيقه ويقلّ له احتماله. والمِصْرَاد أيضا القوىّ على البرد ، فهو من الأضداد.

(س) وفيه «لن يدخل الجنة إلّا تَصْرِيداً» أي قليلا. وأصل التَّصْرِيد : السّقي دون الرّىّ. وصَرَّدَ له العطاء قلله.

ومنه شعر عمر رضي‌الله‌عنه ، يرثي عروة بن مسعود :

يسقون فيها شرابا غير تَصْرِيد

(س) وفيه «أنه نهى المُحْرِم عن قتل الصُّرَدِ» هو طائر ضخم الرأس والمنقار ، له ريش عظيم نصفه أبيض ونصفه أسود.

(س) ومنه حديث ابن عباس رضي‌الله‌عنهما «أنه نهى عن قتل أربع من الدّواب : النّملة ، والنّحلة ، والهدهد ، والصُّرَد» قال الخطابي : إنّما جاء في قتل النّمل عن نوع منه خاصّ ، وهو الكبار ذوات الأرجل الطّوال ، لأنها قليلة الأذى والضّرر. وأما النحلة فلما فيها من المنفعة وهو العسل والشّمع. وأما الهدهد والصُّرَد فلتحريم لحمهما ، لأنّ الحيوان إذا نُهِيَ عن قتله ولم يكن

__________________

(١) ورواية الزمخشرى «من الضّريب» وهو الصقيع. (الفائق ١ / ٢٣٦). وهي رواية المصنف في «حت» وسبقت.

ذلك لاحترامه أو لضرر فيه كان لتحريم لحمه. ألا ترى أنه نهى عن قتل الحيوان لغير مأكلة. ويقال إنّ الهدهد منتن الريح فصار في معنى الجلّالة ، والصُّرَد تتشاءم به العرب وتتطيّر بصوته وشخصه. وقيل إنما كرهوه من اسمه ، من التَّصْرِيد وهو التّقليل.

(صردح) (ه) في حديث أنس رضي‌الله‌عنه «رأيت الناس في إمارة أبي بكر جُمِعُوا في صَرْدَحٍ ينفذهم البصر ، ويسمعهم الصّوت» الصَّرْدَح : الأرض الملساء ، وجمعها صَرَادِح.

(صرر) فيه «ما أَصَرَّ من استغفر» أَصَرَّ على الشيء يُصِرُّ إِصْرَاراً إذا لزمه وداومه وثبت عليه. وأكثر ما يستعمل في الشرّ والذّنوب ، يعنى من أتبع الذنب بالاستغفار فليس بِمُصِرٍّ عليه وإن تكرر منه.

ومنه الحديث «ويل للمُصِرِّينَ الذين يُصِرُّون على ما فعلوه (وَهُمْ يَعْلَمُونَ)» وقد تكرر في الحديث.

(ه) وفيه «لا صَرُورَةَ في الإسلام» قال أبو عبيد : هو في الحديث التّبتّل وترك النكاح : أي ليس ينبغي لأحد أن يقول لا أتزوّج ، لأنه ليس من أخلاق المؤمنين. وهو فعل الرّهبان. والصَّرُورَة أيضا الذي لم يحجّ قط. وأصله من الصَّرِّ : الحبس والمنع. وقيل أراد من قتل في الحرم قتل ، ولا يقبل منه أن يقول إني صَرُورَة ، ما حججت ولا عرفت حرمة الحرم. كان الرجل في الجاهلية إذا أحدث حدثا فلجأ إلى الكعبة لم يُهَجْ ، فكان إذا لقيه وليُّ الدّم في الحرم قيل له هو صَرُورَةٌ فلا تَهِجْه.

(س) وفيه «أنه قال لجبريل عليه‌السلام : تأتيني وأنت صَارّ بين عينيك» أي مقبّض جامع بينهما كما يفعل الحزين. وأصل الصَّرِّ : الجمع والشدّ.

(س) ومنه الحديث «لا يحلّ لرجل يؤمن بالله واليوم الآخر أن يَحُلّ صِرَارَ ناقة بغير إذن صاحبها ، فإنه خاتم أهلها» من عادة العرب أن تَصُرَّ ضروع الحلوبات إذا أرسلوها إلى المرعى سارحة. ويسّمون ذلك الرّباط صِرَاراً ، فإذا راحت عشيّا حلّت تلك الأَصِرَّة وحلبت ، فهي مَصْرُورَة ومُصَرَّرَة.

(س) ومنه حديث مالك بن نويرة حين جمع بنو يربوع صدقاتهم ليوجّهوا بها إلى أبي بكر ، فمنعهم من ذلك وقال :

وقلت خذوها هذه صدقاتكم

مُصَرَّرَة أخلافها لم تجرّد

سأجعل نفسي دون ما تحذرونه

وأرهنكم يوما بما قلته يدي

وعلى هذا المعنى تأوّلوا قول الشافعىّ رضي‌الله‌عنه فيما ذهب إليه من أمر المُصَرَّاة ، وسيجيء مبيّنا في موضعه.

(س) وفي حديث عمران بن حصين «تكاد تَنْصَرُّ من الملء» كأنّه من صَرَرْتُهُ إذا شددته. هكذا جاء في بعض الطّرق. والمعروف تتضرّج : أي تنشقّ.

(ه) ومنه حديث عليّ : «أخرجا ما تُصَرِّرَانِهِ» أي ما تجمعانه في صدوركما.

(ه) ومنه «لمّا بعث عبد الله بن عامر إلى ابن عمر بأسير قد جمعت يداه إلى عنقه ليقتله ، قال : أمّا وهو مَصْرُور فلا».

(س) وفيه «حتى أتينا صِرَاراً» هي بئر قديمة على ثلاثة أميال من المدينة من طريق العراق. وقيل موضع.

(س) وفيه «أنه نهى عمّا قتله الصِّرُّ من الجراد» أي البرد.

وفي حديث جعفر بن محمد «اطّلع علىّ ابن الحسين وأنا أنتف صِرّاً» هو عصفور أو طائر في قدّه أصفر الّلون ، سمّي بصوته. يقال : صَرَّ العصفورُ يَصِرُّ صُرُوراً إذا صاح.

(س) ومنه الحديث «أنه كان يخطب إلى جذع ، ثم اتّخذ المنبر فاصْطَرَّتِ السّاريةُ» أي صوّتت وحنّت. وهو افتعلت من الصَّرِير ، فقلبت التاء طاء لأجل الصّاد.

وفي حديث سطيح :

أزرقُ مُهْمَى النّابِ صَرَّارُ الأذن

صَرَّ أذنَهُ وصَرَّرَهَا : أي نصبها وسوّاها.

(صرع) (ه) فيه «ما تعدّون الصُّرَعَةَ فيكم؟ قالوا : الذي لا يَصْرَعُهُ الرجال. قال : هو الّذي يملك نفسه عند الغضب» الصُّرَعَة بضم الصاد وفتح الرّاء : المبالغ في الصِّرَاع الذي

لا يغلب ، فنقله إلى الذي يغلب نفسه عند الغضب ويقهرها ، فإنّه إذا ملكها كان قد قهر أقوى أعدائه وشرّ خصومه ، ولذلك قال : «أعدى عدوّ لك نفسك التي بين جنبيك».

وهذا من الألفاظ التي نقلها (١) عن وضعها اللّغوىّ لضرب من التّوسّع والمجاز ، وهو من فصيح الكلام ، لأنه لما كان الغضبان بحالة شديدة من الغيظ ، وقد ثارت عليه شهوة الغضب ، فقهرها بحلمه ، وصَرَعَهَا بثباته ، كان كالصُّرَعَة الذي يَصْرَعُ الرجال ولا يَصْرَعُونَهُ.

وفيه «مثل المؤمن كالخامة من الزّرع تَصْرَعُهَا الريحُ مرة وتعدلها أخرى» أي تميلها وترميها من جانب إلى جانب.

ومنه الحديث «أنه صُرِعَ عن دابّة فجحش شقّه» أي سقط عن ظهرها.

والحديث الآخر «أنه أردف صفية فعثرت ناقته فصُرِعَا جميعا».

(صرف) (ه) فيه «لا يقبل الله منه صَرْفاً ولا عدلا» قد تكررت هاتان اللفظتان في الحديث ، فالصَّرْف : التوبة. وقيل النافلة. والعَدْلُ : الفدية. وقيل الفريضة.

(س) وفي حديث الشّفعة «إذا صُرِّفَتِ الطّرق فلا شفعة» أي بُيِّنَت مَصَارِفُها وشوارعها. كأنه من التَّصَرُّف والتَّصْرِيف.

(ه) وفي حديث أبي إدريس الخولانىّ «من طلب صَرْفَ الحديث يبتغي به إقبال وجوه الناس إليه» أراد بِصَرْفِ الحديث ما يتكلّفه الإنسان من الزيادة فيه على قدر الحاجة. وإنما كره ذلك لما يدخله من الرّياء والتصنّع ، ولما يخالطه من الكذب والتّزيّد. يقال : فلان لا يحسن صَرْفَ الكلامِ : أي فضل بعضه على بعض. وهو من صَرْفِ الدّراهمِ وتفاضلها. هكذا جاء في كتاب «الغريب» عن أبي إدريس. والحديث مرفوع من رواية أبي هريرة رضي‌الله‌عنه عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم في سنن أبي داود.

وفي حديث ابن مسعود رضي‌الله‌عنه «أتيت النبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهو نائم في ظلّ الكعبة ، فاستيقظ محمارّا وجهه كأنه الصِّرْف» هو بالكسر شجر أحمر يدبغ به الأديم. ويسمّى الدم والشراب إذا لم يمزجا صِرْفاً. والصِّرْف : الخالص من كل شيء.

__________________

(١) أي النبى عليه‌السلام. والذى فى اللسان : ... التى نقلها اللغويون عن وضعها ... الخ.

(س) ومنه حديث جابر رضي‌الله‌عنه «تغيّر وجهه حتى صار كالصِّرْف».

(س) ومنه حديث علي رضي‌الله‌عنه «لتعركنّكم عَرْك الأديمِ الصِّرْف». أي الأحمر.

(ه) وفيه «أنه دخل حائطا من حوائط المدينة ، فإذا فيه جملان يَصْرِفَانِ ويُوعدان ، فدنا منهما فوضعا جُرُنَهُما» الصَّرِيف : صوت ناب البعير. قال الأصمعي : إذا كان الصَّرِيف من الفحولة فهو من النشاط ، وإذا كان من الإناث فهو من الإعياء.

(س) ومنه حديث عليّ رضي‌الله‌عنه : «لا يروعه منها إلّا صَرِيف أنياب الحدثان».

(س) ومنه الحديث «أسمع صَرِيف الأقلام» أي صوت جريانها بما تكتبه من أقضية الله تعالى ووحيه ، وما ينتسخونه من اللّوح المحفوظ.

(س) ومنه حديث موسى عليه‌السلام «أنه كان يسمع صَرِيف القلم حين كتب الله تعالى له التوراة».

(ه) وفي حديث الغار «ويبيتان في رِسْلِها وصَرِيفِها» الصَّرِيف : اللبن ساعة يَصْرِفُ عن الضّرع.

ومنه حديث ابن الأكوع.

لكن غذاها اللبن الخريف

المخض والقارص والصَّرِيفُ

وحديث عمرو بن معديكرب «أشرب التّبن من اللبن رثيئة أو صَرِيفا».

(س ه) وفي حديث وفد عبد القيس «أتسمّون هذا الصَّرَفَانِ» هو ضرب من أجود التمر وأوزنه.

(صرق) (ه) في حديث ابن عباس رضي‌الله‌عنهما «أنه كان يأكل يوم الفطر قبل أن يخرج إلى المصلّى من طَرَفِ الصَّرِيقَةِ ، ويقول إنه سنّة» الصَّرِيقَة : الرّقاقة ، وجمعها صُرُق وصَرَائِق. وروى الخطابي في غريبه عن عطاء أنه كان يقول : «لا أغدو حتى آكل من طرف الصَّرِيفَة» وقال : هكذا روي بالفاء ، وإنما هو بالقاف.

(صرم) (ه) في حديث الجشمىّ «فتجدعها وتقول : هذه صُرُمٌ» هي جمع صَرِيم ، وهو الذي صُرِمَتْ أذنه : أي قطعت. والصَّرْمُ : القطع.

(س) ومنه الحديث «لا يحلّ لمسلم أن يُصَارِمَ مسلما فوق ثلاث» أي يهجره ويقطع مكالمته.

ومنه حديث عتبة بن غزوان «إنّ الدنيا قد آذنت بِصَرْمٍ» أي بانقطاع وانقضاء.

(ه) ومنه حديث ابن عباس «لا تجوز المُصَرَّمَة الأَطْباء» يعني المقطوعة الضّروع. وقد يكون من انقطاع اللّبن ، وهو أن يصيب الضّرع داء فيُكْوَى بالنار فلا يخرج منه لبن أبدا.

(س) وحديثه الآخر «لمّا كان حين يُصْرَمُ النخل بعث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عبد الله بن رواحة إلى خيبر» المشهور في الرواية فتح الراء : أي حين يقطع ثمر النّخل ويجدّ والصِّرَام : قطع الثّمرة واجتناؤها من النّخلة. يقال هذا وقت الصِّرَام والجداد. ويروى : حين يُصْرِمُ النخلُ. بكسر الراء ، وهو من قولك أَصْرَمَ النخلُ إذا جاء وقت صِرَامِهِ. وقد يطلق الصِّرَام على النخل نفسه لأنه يُصْرَمُ.

(س) ومنه الحديث «لنا من دفئهم وصِرَامِهِمْ» أي من نخلهم. وقد تكرّرت هذه اللفظة في الحديث.

ومنه «أنه غيّر اسم أَصْرَمَ فجعله زرعة» كرهه لما فيه من معنى القطع. وسمّاه زرعة لأنه من الزّرع : النّبات.

(ه) وفي حديث عمر «كان في وصيّته : إن تُوُفِّيتُ وفي يدي صِرْمَةُ ابنِ الأكوع فسُنَّتُها سُنَّةُ ثمغٍ». الصِّرْمَة هاهنا القطعة الخفيفة من النخل. وقيل من الإبل. وثَمْغٌ : مالٌ كان لعمر رضي‌الله‌عنه وقفه : أي سبيلها سبيل هذا المال.

(س) وفي حديث أبي ذرّ «وكان يغير على الصِّرْمِ في عماية الصُّبح» الصِّرْم : الجماعة ينزلون بإبلهم ناحية على ماء.

(س) ومنه حديث المرأة صاحبة الماء «أنهم كانو يغيرون على من حولهم ولا يغيرون على الصِّرْمِ الذي هي فيه».

وفي كتابه لعمرو بن مرّة «في التَّيْعَة والصُّرَيْمَة شاتان إن اجتمعتا ، وإن تفرّقتا فشاة شاة» الصُّرَيْمَة : تصغير الصِّرْمَة ، وهي القطيع من الإبل والغنم. قيل هي من العشرين إلى الثلاثين والأربعين ، كأنها إذا بلغت هذا القدر تستقلّ بنفسها فيقطعها صاحبها عن معظم إبله وغنمه. والمراد بها في الحديث من مائة وإحدى وعشرين شاة إلى المائتين ، إذا اجتمعت ففيها شاتان ، وإن كانت لرجلين وفرّق بينهما فعلى كلّ واحد منهما شاة.

(س) ومنه حديث عمر «قال لمولاه : أَدْخِل ربّ الصُّرَيْمَةِ والغُنَيْمَة» يعني في الحِمى والمرعى. يريد صاحب الإبل القليلة والغنم القليلة.

(ه) وفيه «في هذه الأمّة خمس فتن ، قد مضت أربع وبقيت واحدة ، وهي الصَّيْرَمُ» يعنى الداهية المستأصلة ، كالصّيلم ، وهي من الصَّرْم : القطع. والياء زائدة.

(صرا) (ه) في حديث يوم القيامة «ما يَصْرِينِي منك أي عبدي» وفي رواية : «ما يَصْرِيك منّي» أي ما يقطع مسألتك ويمنعك من سؤالى : يقال صَرَيْتُ الشيءَ إذا قطعته وصَرَيْتُ الماءَ وصَرَّيْتُهُ إذا جمعته وحبسته.

(ه) ومنه الحديث «من اشترى مُصَرَّاةً فهو بخير النّظرين» المُصَرَّاة : الناقة أو البقرة أو الشّاة يُصَرَّى اللّبنُ في ضرعها : أي يجمع ويحبس. قال الأزهرى : ذكر الشافعي رضي‌الله‌عنه المُصَرَّاة وفّسرها أنّها التي تُصَرُّ أخلافُها ولا تحلب أياما حتى يجتمع اللبن في ضرعها ، فإذا حلبها المشتري استغزرها. وقال الأزهرى : جائز أن تكون سمّيت مُصَرَّاة من صَرِّ أخلافِها ، كما ذكر ، إلّا أنّهم لمّا اجتمع لهم في الكلمة ثلاث راآت قلبت إحداها ياء ، كما قالوا تظنّيت في تظنّنت. ومثله تَقَضى البازي في تقضّض ، والتّصدِّي في تصدّد. وكثير من أمثال ذلك أبدلوا من أحد الأحرف المكررة ياء كراهية لاجتماع الأمثال. قال : وجائز أن تكون سمّيت مُصَرَّاةً من الصَّرْيِ ، وهو الجمع كما سبق. وإليه ذهب الأكثرون.

وقد تكررت هذه اللفظة في الأحاديث ، منها ، قوله عليه‌السلام «لا تُصَرُّوا الإبل والغنم» فإن كان من الصّرّ فهو بفتح التاء وضمّ الصّاد ، وإن كان من الصَّرْي فيكون بضم التاء وفتح الصاد. وإنما نهى عنه لأنه خداع وغشّ.

وفي حديث أبي موسى «أنّ رجلا استفتاه فقال : امرأتي صَرِيَ لبنُهَا في ثديها ، فدعت جاريةً لها فمصَّته ، فقال : حرمت عليك» أي اجتمع في ثديها حتى فسد طعمه. وتحريمها على مذهب من يرى أن رضاع الكبير يحرّم.

(ه) وفيه «أنه مسح بيده النّصل الذي بقي في لبّة رافع بن خديج وتفل عليه فلم يَصِرْ» أي لم يجمع المِدَّة.

(س) وفي حديث الإسراء في فرض الصّلاة «علمتُ أنها أمر الله صِرَّى» أي حتم واجب وعزيمة وجدّ. وقيل هي مشتقّة من صَرَى إذا قطع. وقيل هي مشتقّة من أَصْرَرْت على الشيء إذا لزمته ، فإن كان من هذا فهو من الصاد والراء المشدّدة. وقال أبو موسى : إنه صِرِّيٌّ بوزن جنّى. وصِرِّيُّ العزم : أي ثابته ومستقرّة.

ومن الأوّل حديث أبي سمّال الأسدي ، وقد ضلّت ناقته فقال «أَيْمُنُكَ لئن لم تردَّها علَيَّ لا عَبَدْتُك ، فأصابها وقد تعلّق زمامها بعوسجة فأخذها وقال : عَلِمَ ربّي أنها منّي صِرَّى» أي عزيمة قاطعة ، ويمين لازمة.

(ه) وفي حديث عرض نفسه صلى‌الله‌عليه‌وسلم على القبائل «وإنما نزلنا الصَّرَيَيْنِ ، اليمامة والسّمامة» هما تثنية صَرَّى وهو الماء المجتمع. ويروى الصِّيرَيْن. وسيجيء في موضعه.

(ه) وفي حديث ابن الزّبير وبناء البيت «فأمر بصَوَارٍ فنُصِبَت حولَ الكعبة» الصَّوَارِي جمع الصَّارِي ، وهو دقل السّفينة الذي ينصب في وسطها قائما ويكون عليه الشِّراع.

(باب الصاد مع الطاء)

(صطب) (ه) في حديث ابن سيرين «حتى أخذ بلحيتي فأقمت في مِصْطَبَّة البصرة» المِصْطَبَّة بالتشديد : مجتمع النّاس ، وهي أيضا شبه الدّكان ، يُجلس عليها ويُتَّقى بها الهوامّ من الليل.

(صطفل) في حديث معاوية كتب إلى ملك الرّوم : «ولأنزِعنّك من الملك نزعَ الإِصْطَفْلِينَة» أي الجزرة. ذكرها الزمخشري في حرف الهمزة ، وغيره في حرف الصاد ، على أصلية الهمزة وزيادتها.

(ه) ومنه حديث القاسم بن مُخَيْمِرَة «إن الوالي لتنحت أقاربه أمانته كما تنحت القدوم الإِصْطَفْلِينَة ، حتى تخلص إلى قلبها» وليست اللفظة بعربية محضة ، لأنّ الصّاد والطاء لا يكادان يجتمعان إلّا قليلا.

(باب الصاد مع العين)

(صعب) (ه) في حديث خيبر (١) «من كان مُصْعِباً فليرجع» أي من كان بعيره صَعْباً غير منقاد ولا ذلول. يقال أَصْعَبَ الرجلُ فهو مُصْعِب.

ومنه حديث ابن عباس رضي‌الله‌عنهما «فلما ركب الناس الصَّعْبَةَ والذّلول لم نأخذ من النّاس إلا ما نعرف» أي شدائد الأمور وسهولها. والمراد ترك المبالاة بالأشياء والاحتراز في القول والعمل.

(س) وفي حديث خَيْفان «صَعَابِيبُ ، وهم أهل الأنابيب» الصَّعَابِيب : جمع صُعْبُوب ، وهم الصِّعَاب : أي الشّداد.

(صعد) (ه) فيه «إيّاكم والقعود بالصُّعُدَاتِ» هي الطّرق ، وهي جمع صُعُدٍ ، وصُعُدٌ جمع صَعِيدٍ ، كطريق وطرق وطرقات. وقيل هي جمع صُعْدَة ، كظلمة ، وهي فناء باب الدّار وممرّ الناس بين يديه.

ومنه الحديث «ولخرجتم إلى الصُّعُدَات تجأرون إلى الله».

(ه) وفيه «أنه خرج على صَعْدَة ، يتبعها حُذاقِيٌّ ، عليها قَوْصف (٢) ، لم يبق منها

__________________

(١) أخرجه الهروى من حديث حنين.

(٢) رواية الهروى «قرطف» وهو القوصف والقرصف : القطيفة.

إلا قَرْقَرُها» الصَّعْدَة : الأتان الطّويلة الظّهر. والحُذاقِيُ : الجحش. والقَوْصَفُ : القطيفة. وقَرْقَرُها : ظهرها.

وفي شعر حسان رضي‌الله‌عنه :

يُبَارِين الأَعِنَّة مُصْعِدَاتٍ

أي مقبلات متوجّهات نحوكم. يقال صَعِدَ إلى فوق صُعُوداً إذا طلع. وأَصْعَدَ في الأرض إذا مضى وسار.

وفيه «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب فَصَاعِداً» أي فما زاد عليها ، كقولهم : اشتريته بدرهم فصَاعِداً ، وهو منصوب على الحال ، تقديره : فزاد الثمن صَاعِداً.

ومنه الحديث في رجز :

فهو ينمّى صُعُدَا

أي يزيد صُعُوداً وارتفاعا. يقال صَعِدَ إليه وفيه وعليه.

ومنه الحديث «فَصَعَّدَ في النظر وصوّبه» أي نظر إلى أعلاي وأسفلي يتأمّلني.

وفي صفته صلى‌الله‌عليه‌وسلم «كأنّما ينحطّ في صُعُدٍ» هكذا جاء فى رواية. يعنى موضعا عاليا يَصْعَدُ فيه وينحطّ. والمشهور «كأنما ينحطّ في صبب» والصُّعُد ـ بضمّتين ـ : جمع صُعُود ، وهو خلاف الهبوط ، وهو بفتحتين خلاف الصّبب.

(ه س) وفي حديث عمر رضي‌الله‌عنه «ما تَصَعَّدَنِي شيء ما تَصَعَّدَتْنِي خِطبةُ النكاح» يقال تَصَعَّدَهُ الأمرُ إذا شقّ عليه وصعب ، وهو من الصُّعُود : العقبة. قيل (١) إنما تصعب عليه لقرب الوجوه من الوجوه ونظر بعضهم إلى بعض ، ولأنهم إذا كان جالسا معهم كانوا نظراء وأكفاء. وإذا كان على المنبر كانوا سوقة ورعيّة.

وفي حديث الأحنف :

إنّ على كلّ رئيس حقّا

أن يَخْضِبَ الصَّعْدَة أو تَنْدَقَّا

الصَّعْدَة : القناة التي تنبت مستقيمة.

__________________

(١) القائل ابن المقفع. انظر الفائق ٢ / ٢٤.

(صعر) (ه) فيه «يأتي على النّاس زمان ليس فيهم إلّا أَصْعَرُ أو أبتر» الأَصْعَرُ : المعرض بوجهه كبرا (١).

ومنه حديث عمّار «لا يلي الأمر بعد فلان إلّا كلّ أَصْعَرَ أبتر» أي كلّ معرض عن الحقّ ناقص.

(س) ومنه الحديث «كلّ صَعَّار ملعون» الصَّعَّار : المتكبّر لأنه يميل بخدّه ويعرض عن النّاس بوجهه (٢). ويروى بالقاف بدل العين ، وبالضاد المعجمة والفاء والزّاي.

وفي حديث توبة كعب «فأنا إليه أَصْعَرُ» أي أميل.

وحديث الحجاج «أنه كان أَصْعَرَ كُهَاكِهاً».

(صعصع) (س) في حديث أبي بكر رضي‌الله‌عنه «تَصَعْصَعَ بهم الدّهرُ فأصبحوا كلا شيء» أي بدّدهم وفرقهم. ويروى بالضاد المعجمة : أي أذلّهم وأخضعهم.

(ه) ومنه الحديث «فَتَصَعْصَعَتِ الراياتُ» (٣) أي تفرّقت. وقيل تحركت واضطربت.

(صعفق) (ه) في حديث الشّعبي «ما جاءك عن أصحاب محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم فخذه ودع ما يقول هؤلاء الصَّعَافِقَة» هم الّذين يدخلون السوق بلا رأس مال ، فإذا اشترى التّاجر شيئا دخل معه فيه ، واحدهم صَعْفَق. وقيل صَعْفُوق ، وصَعْفَقِيّ. أراد أنّ هؤلاء لا علم عندهم ، فهم بمنزلة التّجار الذين ليس لهم رأس مال.

وفي حديثه الآخر «أنه سئل عن رجل أفطر يوما من رمضان ، فقال : ما يقول فيه الصَّعَافِقَة».

(صعق) فيه «فإذا موسى بَاطِشٌ بالعرش ، فلا أدري أجُوزيَ بالصَّعْقَة أم لا» الصَّعْق :

__________________

(١) قال الهروى : وأراد رذالة النّاس الذين لا دين لهم.

(٢) فى الدر النثير : قلت قال الفارسى : فسر مالك الصعّار بالنّمام ا ه. وانظر «صقر» فيما يأتى.

(٣) فى الهروى : «فتصعصعت الذئاب».

أن يُغشى على الإنسان من صوت شديد يسمعه ، وربّما مات منه ، ثم استعمل في الموت كثيرا. والصَّعْقَة : المرّة الواحدة منه. ويريد بها في الحديث قوله تعالى «وَخَرَّ مُوسى صَعِقاً».

ومنه حديث خزيمة وذكر السّحاب «فإذا زجر رعدت ، وإذا رعد صَعِقَتْ» أي أصابت بِصَاعِقَة. والصَّاعِقَة : النار التي يرسلها الله تعالى مع الرّعد الشديد. يقال صَعِقَ الرجل ، وصُعِقَ ، وقد صَعَقَتْهُ الصَّاعِقَة. وقد تكرر ذكر هذه الفظة في الحديث ، وكلّها راجع إلى الغشي والموت والعذاب.

(ه) ومنه حديث الحسن «ينتظر بالمَصْعُوق ثلاثا مالم يخافوا عليه نتنا» هو المغشيّ عليه ، أو الّذي يموت فجأة لا يعجّل دفنه.

(صعل) (ه) في حديث أم معبد «لم تُزْرِ به صَعْلَة» هي صغر الرأس. وهي أيضا الدِّقَّة والنّحول في البدن.

ومنه حديث هدم الكعبة «كأنّي به صَعْلٌ يهدم الكعبة» وأصحاب الحديث يروونه : أَصْعَلُ.

ومنه حديث عليّ رضي‌الله‌عنه «كأني برجل من الحبشة أَصْعَلَ أصمعَ قاعدٍ عليها وهي تُهْدم».

وفي صفة الأحنف «أنه كان صَعْلَ الرّأس».

(صعنب) (ه) فيه «أنه سوّى ثريدةً فلَبَّقَها ثم صَعْنَبَها» أي رفع رأسها وجعل لها ذروة وضمّ جوانبها.

(صعا) (س) في حديث أم سليم» قال لها : ما لي أرى ابنكِ خاثِرَ النّفسِ؟ قالت : ماتت صَعْوَتُهُ» هي طائر أصغر من العصفور.

(باب الصاد مع الغين)

(صغر) فيه «إذا قلت ذلك تَصَاغَرَ حتى يكون مثل الذّباب» يعنى الشّيطان : أي ذلّ وامّحق. ويجوز أن يكون من الصُّغْر والصَّغَار ، وهو الذّل والهوان.

ومنه حديث علي يصف أبا بكر رضى الله عنهما «برغم المنافقين وصَغَر الحاسدين» أي ذلّهم وهوانهم.

ومنه الحديث «المُحرِمُ يقتل الحيّة بِصَغَرٍ لها».

وفيه «أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أقام بمكة بضع عشرة سنة ، قال عروة : فَصَغَّرَهُ» أي اسْتَصْغَرَ سنَّهُ عن ضبط ذلك ، وفي رواية «فغَفَّرَه» أي قال غفر الله له. وقد تكرر في الحديث.

(صغصغ) فى حديث ابن عباس «وسئل عن الطّيب للمحرم فقال : أمّا أنا فأُصَغْصِغُهُ في رأسي» هكذا روي. قال الحربي : إنما هو «أسغسغه» بالسين : أي أروّيه به. والسين والصاد يتعاقبان مع الغين والخاء والقاف والطاء. وقيل صَغْصَغَ شعره إذا رجّله.

(صغي) (ه) في حديث الهرّة «أنه كان يُصْغِي لها الإناء» أي يميله ليسهل عليها الشّرب منه.

ومنه الحديث «يُنْفَخ في الصّور فلا يسمعه أحد إلّا أَصْغَى لِيتاً» أي أمال صفحة عنقه إليه.

وفي حديث ابن عوف «كاتبت أميّة بن خلف أن يحفظني في صَاغِيَتِي بمكة ، وأحفظه في صَاغِيَتِهِ بالمدينة» هم خاصّة الإنسان والمائلون إليه.

ومنه حديث علي رضي‌الله‌عنه «كان إذا خلا مع صَاغِيَتِهِ وزافِرَتِهِ انبسط» وقد تكرر ذكر الإِصْغَاء والصَّاغِيَة في الحديث.

(باب الصاد مع الفاء)

(صفت) (ه) في حديث الحسن «قال المفضّل بن رالان : سألته عن الّذي يستيقظ فيجد بلّة ، فقال : أمّا أنت فاغتسِلْ ، ورآني صِفْتَاتاً» الصِّفْتَات : الكثير اللحم المكتنزه.

(صفح) (ه) في حديث الصلاة «التسبيح للرجال ، والتَّصْفِيح للنساء». التَّصْفِيح

والتّصفيق واحد. وهو من ضرب صَفْحَة الكفّ على صفحة الكفّ الآخر ، يعنى إذا سها الإمام نبّهه المأموم ، إن كان رجلا قال سبحان الله ، وإن كان امرأة ضربت كفّها على كفّها عوض الكلام.

(س) ومنه حديث «المُصَافَحَة عند اللّقاء» وهي مفاعلة من إلصاق صَفْح الكفّ بالكفّ ، وإقبال الوجه على الوجه.

ومنه الحديث «قلب المؤمن مُصْفَحٌ على الحقّ» أي ممال عليه ، كأنّه قد جعل صَفْحَهُ : أي جانبه عليه.

ومنه حديث حذيفة والخدرىّ «القلوب أربعة : منها قلب مُصْفَح اجتمع فيه النّفاق والإيمان» المُصْفَح : الذي له وجهان يَلقَى أهل الكفر بوجه وأهل الإيمان بوجه. وصَفْحُ كلِّ شيء : وجهه وناحيته.

(س) ومنه الحديث «غير مقنع رأسه ولا صَافِحٍ بخدّه» أي غير مبرز صفحة خدّه ، ولا مائل في أحد الشّقّين.

(ه) ومنه حديث عاصم بن ثابت في شعره :

تزلّ عن صَفْحَتِي المعابل

أي أحد جانبي وجهه.

ومنه حديث الاستنجاء «حجرين للصَّفْحَتَيْن وحجرا للمَسرُبة» أي جانبي المخرج.

(ه) وفي حديث سعد بن عبادة «لو وجدت معها رجلا لضربته بالسيف غير مُصْفَح» يقال أَصْفَحَهُ بالسيف إذا ضربه بعرضه دون حدّه ، فهو مُصْفِح. والسيف مُصْفَح. ويرويان معا.

(ه) ومنه الحديث «قال رجل من الخوارج : لنضربنّكم بالسّيوف غير مُصْفَحَات».

(س) وفي حديث ابن الحنفية «أنه ذكر رجلا مُصْفَحَ الرأسِ» أي عريضه.

(س) وفي حديث عائشة رضي‌الله‌عنها ، تصف أباها «صَفُوح عن الجاهلين» أي كثير الصَّفْح والعفو والتّجاوز عنهم. وأصله من الإعراض بِصَفْحَةِ الوجه ، كأنه أعرض بوجهه عن ذنبه. والصَّفُوح من أبنية المبالغة.

(ه) ومنه «الصَّفُوح في صفة الله تعالى» وهو العفوّ عن ذنوب العباد ، المعرض عن عقوبتهم تكرّما.

(ه) وفيه «ملائكة الصَّفِيح الأعلى» الصَّفِيح من أسماء السّماء.

ومنه حديث عليّ وعمارة «الصَّفِيح الأعلى من ملكوته».

(ه) وفي حديث أم سلمة رضي‌الله‌عنها «أُهدِيت لي فِدْرَةٌ من لحم ، فقلت للخادم ارفعيها لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فإذا هي قد صارت فِدرة حجر ، فقصّت القصّة على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقال : لعلّه قام على بابكم سائل فأَصْفَحْتُمُوه» أي خيّبتموه. يقال صَفَحْتُهُ إذا أعطيته ، وأَصْفَحْتُهُ إذا حرمته.

وفيه ذكر «الصِّفَاح» هو بكسر الصاد وتخفيف الفاء : موضع بين حنين وأنصاب الحرم يسرة الدّاخل إلى مكة.

(صفد) (ه) فيه «إذا دخل شهر رمضان صُفِّدَتِ الشياطين» أي شدّت وأوثقت بالأغلال. يقال : صَفَدْتُهُ وصَفَّدْتُهُ (١) ، والصَّفْد والصِّفَاد : القيد.

ومنه حديث عمر رضى الله عنه «قال له عبد الله بن أبي عمّار : لقد أردت أن آتي به مَصْفُوداً» أي مقيّدا.

ومنه الحديث «نهى عن صلاة الصَّافِد» هو أن يقرن بين قدميه معا كأنّهما في قيد.

(صفر) (ه) فيه «لا عدوى ولا هامة ولا صَفَر» كانت العرب تزعم أن في البطن حيّة يقال لها الصَّفَر ، تصيب الإنسان إذا جاع وتؤذيه ، وأنّها تعدى ، فأبطل الإسلام ذلك. وقيل أراد به النّسيء الذي كانوا يفعلونه في الجاهليّة ، وهو تأخير المحرّم إلى صَفَر ، ويجعلون صَفَر هو الشهر الحرام ، فأبطله.

__________________

(١) قال الهروى : وأما أصفدته بالألف فمعناه : أعطيته. قال الأعشى :

[تضيفته يوماً فقرّب مقعدى]

وصفدنى على الزمانة قائدا

وانظر اللسان (صفد)

(ه) ومن الأول الحديث «صَفْرَةٌ في سبيل الله خير من حُمْر النَّعَم» أي جوعة. يقال : صَفِرَ الوطب إذا خلا من اللّبن.

(ه) وحديث أبي وائل «أنّ رجلا أصابه الصَّفَر فَنُعِتَ له السَّكَر» الصَّفَر : اجتماع الماء في البطن ، كما يعرض للمستسقى. يقال : صُفِرَ فهو مَصْفُور ، وصَفِرَ صَفَراً فهو صَفِرٌ. والصَّفَر أيضا : دود يقع في الكبد وشراسيف الأضلاع ، فيَصْفَرُّ عنه الإنسان جدّا ، وربّما قتله.

(ه) وفي حديث أم زرع «صِفْرُ ردائِها وملء كسائها» أي أنها ضامرة البطن ، فكأنّ رداءها صِفْر : أي خال. والرّداء ينتهي إلى البطن فيقع عليه.

ومنه الحديث «أَصْفَرُ البيوت من الخير البيت الصِّفْر من كتاب الله».

(ه) ومنه الحديث «نهى في الأضاحي عن المُصْفَرَة» وفي رواية «المَصْفُورَة» قيل : هي المستأصلة الأذن ، سمّيت بذلك لأن صماخيها صَفِرَا من الأذن : أي خَلَوَا. يقال صَفِرَ الإناءُ إذا خلا ، وأَصْفَرْتُهُ إذا أخليته. وإن رويت «المُصَفَّرَة» بالتشديد فللتكثير. وقيل هي المهزولة لخلوّها من السّمن. قال الأزهري : رواه شمر بالغين ، وفسّره على ما في الحديث ، ولا أعرفه. قال الزمخشري. هو من الصّغار ، ألا ترى إلى قولهم للذليل : مجدّع ومصلّم.

وفي حديث عائشة رضى الله عنها «كانت إذا سئلت عن أكل كلّ ذي ناب من السّباع قرأت «قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ» الآية. وتقول : إن البرمة ليرى في مائها صُفْرَة» تعنى أن الله حرّم الدم في كتابه. وقد ترخّص الناس في ماء اللحم في القدر ، وهو دم ، فكيف يقضى على ما لم يحرّمه الله بالتحريم. كأنّها أرادت أن لا تجعل لحوم السّباع حراما كالدم ، وتكون عندها مكروهة ، فإنها لا تخلو أن تكون قد سمعت نهى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم عنها.

(ه) وفي حديث بدر «قال عتبة بن ربيعة لأبي جهل : يا مُصَفِّرَ اسْتِهِ» رماه بالأُبْنَة ، وأنّه كان يُزَعْفِر استَهُ. وقيل هي كلمة تقال للمتنعّم المترف الذي لم تحنّكه التّجارب والشّدائد. وقيل

أراد يا مضرّط نفسه ، من الصَّفِير ، وهو الصّوت بالفم والشّفتين ، كأنّه قال : يا ضرّاط. نسبه إلى الجبن والخور (١).

(س) ومنه الحديث «أنه سمع صَفِيره».

(ه) وفيه «أنه صالح أهل خيبر على الصَّفْرَاء والبيضاء والحلقة» أي على الذّهب والفضة والدّروع.

ومنه حديث عليّ رضي‌الله‌عنه «يا صَفْرَاء اصْفَرِّي ويا بيضاء ابيضّي» يريد الذهب والفضة.

(ه) وفي حديث ابن عباس رضي‌الله‌عنهما «اغزوا تغنموا بنات الأَصْفَر» يعنى الروم ، لأن أباهم الأوّل كان أَصْفَر اللّون. وهو روم بن عيصو بن إسحاق بن إبراهيم.

وفيه ذكر «مَرْج الصُّفَّر» هو بضم الصاد وتشديد الفاء : موضع بغوطة دمشق ، كان به وقعة للمسلمين مع الرّوم.

(س) وفي حديث مسيره إلى بدر «ثمّ جزع الصُّفَيْرَاء» هي تصغير الصَّفْرَاء ، وهي موضع مجاور بدر.

(صفف) (س) فيه «نهى عن صُفَفِ النُّمُور» هي جمع صُفَّة ، وهي للسّرج بمنزلة الميثرة من الرّحل. وهذا كحديثه الآخر «نهى عن ركوب جلود النّمور».

(س) وفي حديث أبي الدرداء رضي‌الله‌عنه «أصبحت لا أملك صُفَّةً ولا لُفَّة» الصُّفَّة : ما يجعل على الرّاحة من الحبوب. واللُّفَّة : اللّقمة.

(ه) وفي حديث الزبير «كان يتزوّد صَفِيف الوحش وهو محرم» أي قديدها. يقال : صَفَفْتُ اللحمَ أَصِفُّهُ صَفّاً ، إذا تركته في الشمس حتى يجفّ.

(ه) وفيه ذكر «أهل الصُّفَّة» هم فقراء المهاجرين ، ومن لم يكن له منهم منزل يسكنه فكانوا يأوون إلى موضع مظلّل في مسجد المدينة يسكنونه.

وفي حديث صلاة الخوف «أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم كان مُصَافَ العدوِّ بعسفان» أي

__________________

(١) قال فى الدر النثير : زاد ابن الجوزى : وقيل كان به برص فكان يردعه بالزعفران.

مقابلهم. يقال : صَفَ الجيش يَصُفُّهُ صَفّاً ، وصَافَّهُ فهو مُصَافّ ، إذا رتّب صُفُوفَه في مقابل صُفُوفِ العدوّ. والمَصَافّ ـ بالفتح وتشديد الفاء ـ جمع مَصَفّ ، وهو موضع الحرب الذي يكون فيه الصُّفُوف. وقد تكرر في الحديث.

وفي حديث البقرة وآل عمران «كأنهما حِزْقان من طير صَوَافَ» أي باسطات أجنحتها في الطّيران. والصَّوَافُ : جمع صَافَّة.

(صفق) (ه) فيه «إن أكبر (١) الكبائر أن تقاتل أهل صَفْقَتِكَ» هو أن يعطي الرجل الرجل عهده وميثاقه ، ثم يقاتله ، لأن المتعاهدين يضع أحدهما يده في يد الآخر ، كما يفعل المتبايعان ، وهي المرّة من التَّصْفِيق باليدين.

ومنه حديث ابن عمر رضي‌الله‌عنهما «أعطاه صَفْقَةَ يده وثمرة قلبه».

وفي حديث أبي هريرة «ألهاهم الصَّفْقُ بالأسواق» أي التّبايع.

(ه) وحديث ابن مسعود رضي‌الله‌عنهما «صَفْقَتَانِ في صَفْقَة ربا» هو كحديث «بيعتين في بيعة». وقد تقدّم في حرف الباء.

(س) وفيه «أنه نهى عن الصَّفْق والصّفير» كأنه أراد معنى قوله تعالى (وَما كانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكاءً وَتَصْدِيَةً) كانوا يُصَفِّقُون ويصفّرون ليشغلوا النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم والمسلمين في القراءة والصلاة. ويجوز أن يكون أراد الصَّفْق على وجه اللهو واللّعب.

(ه) وفي حديث لقمان «صَفَّاق أَفَّاق» هو الرجل الكثير الأسفار والتصرّف (٢) على التّجارات. والصَّفْق والأفق قريب (٣) من السّواء. وقيل الأفّاق من أفق الأرض : أي ناحيتها.

(س) وفي حديث أبي هريرة رضي‌الله‌عنه «إذا اصْطَفَقَ الآفاقُ بالبياض» أي اضطرب وانتشر الضّوء ، وهو افتعل ، من الصَّفْق ، كما تقول اضطرب المجلس بالقوم.

__________________

(١) هكذا فى كل المراجع ـ وفى الدر النثير فقط «إنّ من أكبر الكبائر ..».

(٢) فى اللسان والهروى : .. فى التّجارات.

(٣) فى اللسان والهروى : قريبان.

[ه] وفي حديث عائشة «فَأَصْفَقَتْ له نسوان مكة» أي اجتمعت إليه. وروي : فانْصَفَقَتْ له.

ومنه حديث جابر رضي‌الله‌عنه «فنزعنا في الحوض حتى أَصْفَقْنَاه» أي جمعنا فيه الماء. هكذا جاء في رواية ، والمحفوظ «أفهقناه» : أي ملأناه.

(س) وفي حديث عمر رضي‌الله‌عنه «أنه سئل عن امرأة أخذت بأنثيي زوجها فحرقت الجلد ولم تخرق الصِّفَاق ، فقضى بنصف ثلث الدية» الصِّفَاق : جلدةٌ رقيقةٌ تحت الجلد الأعلى وفوق اللحم.

(س) وفي كتاب معاوية إلى ملك الروم «لأنزعنّك من الملك نزع الأَصْفَقَانِيَّة» هم الخَوَل بلغة اليمن. يقال : صَفَقَهُم من بلد إلى بلد : أخرجهم منه قهرا وذلّا ، وصَفَقَهُم عن كذا : أي صرفهم.

(صفن) (ه) فيه «إذا رفع رأسه من الركوع قمنا خلفه صُفُوناً». كلُّ صافٍّ قدميه قائما فهو صَافِن. والجمع صُفُون ، كقاعد وقعود.

(ه) ومنه الحديث «من سرّه أن يقوم له الناس صُفُوناً» أي واقفين. والصُّفُون : المصدر أيضا.

(ه) ومنه الحديث «فلمّا دنا القوم صَافَنَّاهُم» أي واقفناهم وقمنا حذاءهم.

والحديث الآخر «نهى عن صلاة الصَّافِن» أي الذي يجمع بين قدميه. وقيل هو الذي يَثني قدمه إلى ورائه كما يفعل الفَرَس إذا ثنى حافِرَه.

ومنه حديث مالك بن دينار «رأيت عكرمة يصلي وقد صَفَنَ بين قدميه».

(ه) وفيه «أنه عوّذ عليّا حين ركب وصفن ثيابه في سرجه» أى جمعها فيه.

(ه) ومنه حديث عمر رضي‌الله‌عنه «لئن بقيت لأسوّينّ بين الناس حتى يأتي الرّاعي حقّه في صُفْنِهِ» الصُّفْن : خريطة تكون للرّاعي ، فيها طعامه وزناده وما يحتاج إليه. وقيل هي السّفرة التي تجمع بالخيط ، وتضم صادها وتفتح.

(ه) وفي حديث عليّ رضي‌الله‌عنه «الحقني بالصُّفْن» أي بالرَّكوة.

(س) وفي حديث أبي وائل «شهدت صِفِّين ، وبئست الصِّفُّون» فيها وفي أمثالها لغتان : إحداهما إجراء الإعراب على ما قبل النون وتركها مفتوحة كجمع السّلامة ، كما قال أبو وائل. والثانية أن تجعل النون حرف الإعراب وتقرّ الياء بحالها ، فتقول : هذه صِفِّينُ ورأيت صِفِّينَ ومررت بصِفِّينَ وكذلك تقول في قنّسرين ، وفلسطين ، ويبرين.

(صفا) (ه) فيه «إن أعطيتم الخمس وسهم النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم والصَّفِيَ فأنتم آمنون» الصَّفِيّ : ما كان يأخذه رئيس الجيش ويختاره لنفسه من الغنيمة قبل القسمة. ويقال له الصَّفِيَّة. والجمع الصَّفَايَا.

ومنه حديث عائشة «كانت صَفِيَّة رضي‌الله‌عنها من الصَّفِيّ» تعنى صَفِيَّة بنت حييّ ، كانت ممّن اصْطَفَاه النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم من غنيمة خيبر. وقد تكرر ذكره في الحديث.

(ه) وفي حديث عوف بن مالك «تسبيحةٌ في طلب حاجة خيرٌ من لَقُوحٍ صَفِيٍ في عامِ لَزْبَة» الصَّفِيّ : الناقة الغزيرة اللّبن ، وكذلك الشّاة. وقد تكررت في الحديث.

وفيه «إنّ الله لا يرضى لعبده المؤمن إذا ذهب بِصَفِّيِّهِ من أهل الأرض فصبر واحتسب بثواب دون الجنّة» صَفِيُ الرجلِ : الذي يُصَافِيهِ الوّدّ ويخلصه له ، فعيل بمعنى فاعل أو مفعول.

(س) ومنه الحديث «كسانيه صَفِيِّي عُمَرُ» أي صديقي.

(س) وفي حديث عوف بن مالك «لهم صِفْوَةُ أمرهم» الصِّفْوَة بالكسر : خيار الشيء وخلاصته وما صَفَا منه. وإذا حذفت الهاء فتحت الصاد.

وفي حديث عليّ والعباس «أنّهما دخلا على عمر رضي‌الله‌عنه وهما يختصمان في الصَّوَافِي التي أفاء الله على رسوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم من أموال بني النّضير» الصَّوَافِي : الأملاك والأراضي التي جلا عنها أهلها أو ماتوا ولا وارث لها ، واحدها صَافِيَة. قال الأزهرى : يقال للضّياع التي يستخلصها السلطان لخاصّته : الصَّوَافي. وبه أَخَذَ مَن قرأ «فاذكروا اسم الله عليها صَوَافِي» أي خالصة لله تعالى.

وفيه ذكر «الصَّفَا والمروة» في غير موضع. هو اسم أحد جبلي المسعى. والصَّفَا في الأصل جمع صَفَاة ، وهي الصّخرة والحجر الأملس.

(س) ومنه حديث معاوية «يضرب صَفَاتَهَا بِمِعْوَلِهِ» هو تمثيل : أي اجتهد عليه وبالغ في امتحانه واختباره.

ومنه الحديث «لا تقرع لهم صفاة» أي لا ينالهم أحد بسوء.

وفي حديث الوحي «كأنها سلسلة على صَفْوَان» الصَّفْوَان : الحجر الأملس. وجمعه صُفِيّ صِفِيّ. وقيل هو جمعٌ ، واحدُهُ صَفْوَانَة.

(باب الصاد مع القاف)

(صقب) (ه) فيه «الجار أحقّ بِصَقَبِهِ» الصَّقَب : القرب والملاصقة. ويروى بالسين. وقد تقدّم. والمراد به الشّفعة.

(ه) ومنه حديث عليّ رضي‌الله‌عنه «كان إذا أُتِيَ بالقتيل قد وُجِدَ بين القريتين حمله على أَصْقَبِ القريتين إليه» أي أقربهما.

(صقر) (ه) فيه «كلُ صَقَّار ملعونٌ ، قيل يا رسول الله : وما الصَّقَّار؟ قال : نَشْءٌ يكونون في آخر الزمان ، تكون تحيّتهم بينهم إذا تلاقوا التّلاعن ، ويروى بالسين. وقد تقدّم. ورواه مالك بالصّاد ، وفسّره بالنّمّام. ويجوز أن يكون أراد به ذا الكبر والأبّهة (١) ، لأنه يميل بخدّه.

ومنه الحديث «لا يقبل الله من الصَّقُور يوم القيامة صَرفا ولا عدلا» هو بمعنى الصَّقَّار. وقيل هو الدَّيُّوث القوّاد على حرمه.

(ه) وفي حديث أبي خيثمة «ليس الصَّقْر في رءوس النخل» الصَّقْر : عسل الرّطب هاهنا ، وهو الدّبس ، وهو في غير هذا اللّبن الحامض. وقد تكرر ذكر الصَّقْر في الحديث ، وهو هذا الجارح المعروف من الجوارح الصّائدة.

__________________

(١) قال الهروى : ورواه بعض أهل العلم بالعين ، وقال : هو ذو الكبر. وأنكره الأزهرى.

(صقع) (س) فيه «ومن زنى مِمْ بِكر فاصْقَعُوهُ مائة» أي اضربوه. وأصل الصَّقْع : الضّرب على الرأس. وقيل : الضرب ببطن الكفّ. وقوله «مِمْ بِكْر» لغة أهل اليمن ، يبدلون لام التعريف ميماً.

ومنه الحديث «ليس من امبّر امصيام في امسفر» فعلى هذا تكون راء بكر مكسورة من غير تنوين ، لأن أصله من البكر ، فلمّا أبدل اللّام ميما بقيت الحركة بحالها ، كقولهم بلحارث ، في بني الحارث ، ويكون قد استعمل البكر موضع الأبكار. والأشبه أن يكون بكر نكرة منوّنة ، وقد أبدلت نون من ميما ، لأن النون الساكنة إذا كان بعدها باء قلبت في اللّفظ ميما ، نحو منبر ، وعنبر ، فيكون التّقدير : من زنى من بكر فاصْقَعُوهُ.

ومنه الحديث «أنّ منقذا صُقِعَ آمَّةً في الجاهلية» أي شجّ شجّة بلغت أُمّ رأسه.

(ه) وفي حديث حذيفة بن أسيد «شرّ الناس في الفتنة الخطيب المِصْقَع» أي البليغ الماهر في خطبته الدّاعى إلى الفتن الذى يحرّض الناس عليها ، وهو مفعل ، من الصّقع : رفع الصّوت ومتابعته. ومفعل من أبنية المبالغة.

(صقل) (ه) في حديث أم معبد «ولم تزر به صُقْلَةٌ» أي دقّة ونحول. يقال صَقَلْتُ الناقةَ إذا أضمرتها. وقيل : أرادت أنه لم يكن منتفخ الخاصرة جدّا ، ولا ناحلا جدّا. ويروى بالسين على الإبدال من الصّاد. ويروى صعلة بالعين. وقد تقدم.

(باب الصاد مع الكاف)

(صكك) فيه «أنه مرّ بجَدْيٍ أَصَكَ ميِّتٍ» الصَّكَكُ : أن تضرب إحدى الركبتين الأخرى عند العدو فتؤثر فيهما أثرا ، كأنّه لما رآه ميّتا قد تقلّصت ركبتاه وصفه بذلك ، أو كان شعر ركبتيه قد ذهب من الاصْطِكَاكِ وانجرد فعرفه به. ويروى بالسين وقد تقدّم.

(س) ومنه كتاب عبد الملك إلى الحجاج «قاتلك الله أُخَيْفِشَ العينين أَصَكَ الرِّجلَين».

وفيه «حمل على جمل مِصَكٍ» هو بكسر الميم وتشديد الكاف ، وهو القوىّ الجسم الشديد الخلق. وقيل هو من الصَّكَكِ : احتكاك العرقوبين.

وفي حديث ابن الأكوع «فأَصُكُ سهما في رجله» أي أضربه بسهم.

(س) ومنه الحديث «فاصْطَكُّوا بالسّيوف». أي تضاربوا بها ، وهو افتعلوا من الصَّكِ ، قلبت التاء طاء لأجل الصّاد.

(ه) وفيه ذِكر «الصَّكِيكِ» وهو الضعيف ، فعيل بمعنى مفعول ، من الصَّكِ : الضّرب. أي يضرب كثيرا لاستضعافه.

وفي حديث أبي هريرة «قال لمروان : أحللت بيعَ الصِّكَاكِ» هي جمع صَكّ وهو الكتاب. وذلك أن الأمراء كانوا يكتبون للناس بأرزاقهم وأعطياتهم كتبا فيبيعون ما فيها قبل أن يقبضوها تعجّلا ، ويعطون المشتري الصَّكَّ ليمضي ويقبضه ، فنُهُوا عن ذلك لأنه بيع ما لم يقبض.

(ه) وفيه «أنه كان يستظل بظلّ جفنة عبد الله بن جدعان صَكَّةَ (١) عُمَيّ» يريد في الهاجرة. والأصل فيها أن عميّا مصغّر مرخّم ، كأنه تصغير أعمى. وقيل إنّ عميّا اسم رجل من عدوان كان يفيض (٢) بالحاجّ عند الهاجرة وشدة الحرّ. وقيل إنّه أغار على قومه في حرّ الظّهيرة فضرب به المثل فيمن يخرج في شدّة الحرّ ، يقال لقيته صَكَّةَ عُمَيّ. وكانت هذه الجفنة لابن جدعان في الجاهلية يطعم فيها الناس ، وكان يأكل منها القائم والرّاكب لعظمها. وكان له مناد ينادي : هلمّ إلى الفالوذ ، وربّما حضر طعامه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

__________________

(١) فى الأصل «... في صكّة عمى» وأسقطنا «فى» حيث لم ترد فى كل مراجعنا.

(٢) قال مصحح الأصل : فى بعض النسخ «يقيظ» ا ه وفى المصباح : قاظ الرجل بالمكان قيظا ، من باب باع : أقام به أيام الحر.

(باب الصاد مع اللام)

(صلب) (ه) فيه «نَهَى عن الصلاة في الثّوب المُصَلَّب» هو الذي فيه نقش أمثال الصُّلْبَان.

ومنه الحديث «كان إذا رأى التَّصْلِيب في موضع قَضَبَه».

وحديث عائشة رضي‌الله‌عنها «فناولتها عطافا فرأت فيه تَصْلِيباً فقالت : نحّيه عنّي».

وحديث أم سلمة رضي‌الله‌عنها «أنها كانت تكره الثّياب المُصَلَّبَة».

(س ه) وحديث جرير رضي‌الله‌عنه «رأيت على الحسن ثوبا مُصَلَّباً» وقال القتيبي : يقال خمار مُصَلَّب. وقد صَلَّبَتِ المرأةُ خمارها ، وهي لبسة معروفة عند النّساء. والأول الوجه.

(س) ومنه حديث مقتل عمر رضي‌الله‌عنه «خرج ابنه عبيد الله فضرب جُفَيْنة الأعجميّ فَصَلَّبَ بين عينيه» أي ضربه على عُرْضِه حتى صارت الضّربة كالصَّلِيب.

(ه) وفيه «قال : صلّيت إلى جنب عمر فوضعت يدي على خاصرتي ، فلمّا صلّى قال : هذا الصَّلْبُ في الصلاة ، كان النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ينهى عنه» أي شِبْهُ الصَّلْبِ ، لأن المَصْلُوب يُمَدّ باعُه على الجذع. وهيئة الصَّلْب في الصلاة أن يضع يديه على خاصرتيه ويجافي بين عضديه في القيام.

وفيه «إنّ الله خلق للجّنة أهلا ، خلقها لهم وهم في أَصْلَاب آبائهم» الأَصْلَاب : جمع صُلْب ، وهو الظّهر.

[ه] ومنه حديث سعيد بن جبير «في الصُّلْب الدّية» أي إن كُسِرَ الظّهر فَحُدِبَ الرجل ففيه الدّية. وقيل أراد إن أصيب صُلْبُهُ بشيء حتى أُذْهِبَ منه الجماع ، فسمّي الجماع صُلْباً ، لأنّ المنيّ يخرج منه.

[ه] وفي شعر العباس رضي‌الله‌عنه ، يمدح النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم :

تُنقَل من صَالِبٍ (١) إلى رحمٍ

إذا مَضَى عالَمٌ بَدَا طَبَقُ

__________________

(١) ضبطه في الأصل واللسان بفتح اللام. والضبط المثبت من ا والهروى والقاموس.

الصَّالِب : الصُّلْب ، وهو قليل الاستعمال.

(ه) وفيه «أنه لمّا قدم مكة أتاه أصحاب الصُّلُب» قيل هم الذين يجمعون العظام إذا أخذت عنها لحومها ، فيطبخونها بالماء ، فإذا خرج الدّسم منها جمعوه وائتدموا به (١). والصُّلُب جمع الصَّلِيب. والصَّلِيبُ : الودك.

(ه) ومنه حديث علي «أنه استفتى في استعمال صَلِيب الموتى في الدّلاء والسّفن فأبى عليهم». وبه سمّي المَصْلُوب ، لما يسيل من ودكه.

(س) وفي حديث أبي عبيدة «تمر ذخيرة مُصَلَّبَة» أي صُلْبَة. وتمر المدينة صُلْب. وقد يقال رطبٌ مُصَلِّب ، بكسر اللام : أي يابس شديد.

(س) ومنه الحديث «أطيب مضغة صيحانيّة مُصَلَّبَة» أي بلغت الصَّلَابَة في اليبس. ويروى بالياء. وسيذكر.

(س) وفي حديث العباس :

إنّ المُغَالِبَ صُلْبَ اللهِ مغلوب

أي قوّة الله.

(صلت) (ه) في صفته صلى‌الله‌عليه‌وسلم «كان صَلْتَ الجبين» أي واسعه. وقيل الصَّلْت : الأملس. وقيل البارز.

وفي حديث آخر «كان سهل الخدّين صَلْتَهما».

(س) وفي حديث غورث «فاخترط السيفَ وهو في يده صَلْتاً» أي مجرّدا. يقال : أَصْلَتَ السّيفَ إذا جرّده من غمده. وضربه بالسيف صَلْتا وصُلْتا.

وفيه «مرّت سحابة فقال : تَنْصَلِتُ» أي تقصد للمطر. يقال انْصَلَتَ يَنْصَلِتُ إذا تجرّد. وإذا أسرع في السّير. ويروى «تَنَصَّلَتْ» بمعنى أقبلت.

(صلح) [ه] في أخبار مكة :

__________________

(١) فى الأصل وا : «وتأدّموا» وأثبتنا ما فى الهروى واللسان.

أبا مطرٍ هلمّ إلى صَلَاحٍ

فتكفيك النّدامَى من قريش (١)

صَلَاح : اسم عَلَم لمكّة (٢).

(صلخم) (ه) فيه «عرضت الأمانة على الجبال الصّمّ الصَّلَاخِم» أي الصّلاب المانعة ، الواحد صَلْخَم.

(صلد) [ه] في حديث عمر «لمّا طعن سقاه الطّبيب لبنا فخرج من الطّعنة أبيض يَصْلِدُ» أي يبرق ويبِصّ.

ومنه حديث عطاء بن يسار «قال له بعض القوم : أقسمت عليك لما تقيّأت ، فقاء لبنا يَصْلِدُ».

ومنه حديث ابن مسعود يرفعه «ثم لحا قضيبه فإذا هو أبيض يَصْلِدُ».

(صلصل) (س) في صفة الوحي «كأنه صَلْصَلَةٌ على صفوان» الصَّلْصَلَة : صوت الحديد إذا حرّك. يقال صلّ الحديد ، وصَلْصَلَ. والصَّلْصَلَة أشدّ من الصّليل.

ومنه حديث حنين «أنهم سمعوا صَلْصَلَة بين السماء والأرض».

(صلع) (ه) في حديث لقمان «وإن لا أرى مطمعا فوقّاع بِصُلَّعٍ» (٣) هي الأرض التي لا نبات فيها. وأصله من صَلَعِ الرأس ، وهو انحسار الشّعر عنه.

__________________

(١) هو فى اللسان لحرب بن أمية ، يخاطب أبا مطر الحضرمى ، وقيل هو للحارث بن أمية.

وبعده :

وتأمن وسطهم وتعيش فيهم

أبا مطر هديت بخير عيش

وتكن بلدةً عزّت لقاحا

وتأمن أن يزورك ربّ جيش

قال ابن برى : الشاهد فى هذا الشعر صرف «صلاح» والأصل فيها أن تكون مبنية كقطام.

(٢) قال فى اللسان : يجوز أن يكون من الصلح لقوله تعالى (حَرَماً آمِناً) ويجوز أن يكون من الصلاح.

(٣) الذى فى اللسان (صلع) والفائق ١ / ٥٩ ، والهروى : إن أر مطمعى فحدأ وقّع ، وإلّا أر مطمعى فوقّاع بصلّع.

(ه) ومنه الحديث «ما جرى اليعفور بِصُلَّع» ويقال لها الصَّلْعَاء أيضا.

ومنه حديث أبي حثمة «وتحترش بها الضّباب من الأرض الصَّلْعَاء».

(ه) ومنه الحديث «تكون جبروّة صَلْعَاء» أي ظاهرة بارزة.

ومنه الحديث «أنّ أعرابيّا سأل النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن الصُّلَيْعَاء والقريعاء» هي تصغير الصَّلْعَاء ، للأرض التي لا تنبت.

(ه) وفي حديث عائشة «أنها قالت لمعاوية رضي‌الله‌عنهما حين ادّعى زيادا : ركبت الصُّلَيْعَاء» أي الدّاهية والأمر الشديد ، أو السّوأة الشّنيعة البارزة المكشوفة.

وفي حديث الذي يهدم الكعبة «كأنّي به أفيدع أُصَيْلِعَ» هو تصغير الأَصْلَع الذي انحسر الشّعر عن رأسه.

(ه) ومنه حديث بدر «ما قتلنا إلّا عجائز صُلْعا» أي مشايخ عجزة عن الحرب ، ويجمع الأَصْلَع على صُلْعَان أيضا.

ومنه حديث عمر رضي‌الله‌عنه «أيّما أشرف : الصُّلْعَان أو الفُرعان؟».

(صلغ) فيه «عليهم الصَّالِغُ والقارح» هو من البقر والغنم الذي كمل وانتهى سنّه. وذلك في السّنة السّادسة. ويقال بالسين.

(صلف) (س) فيه «آفة الظّرف الصَّلَف» هو الغلوّ في الظّرف ، والزيادة على المقدار مع تكبّر.

ومنه الحديث «من يبغ في الدّين يَصْلَفْ» أي من يطلب في الدّين أكثر ممّا وقف عليه يقلّ حظّه.

(س) ومنه الحديث «كم من صَلَفٍ تحت الرّاعدة» هو مثل لمن يكثر قول ما لا يفعل : أي تحت سحاب ترعد ولا تمطر.

(س) ومنه الحديث «لو أنّ امرأة لا تتصنّع لزوجها صَلِفَتْ عنده» أي ثقلت عليه ولم تحظ عنده ، وولّاها صَلِيفَ عنقِهِ : أي جانبه.

(س) ومنه حديث عائشة رضي‌الله‌عنها «تنطلق إحداكنّ فتصانع بمالها عن ابنتها الحظيّة ، ولو صانعت عن الصَّلِفَة كانت أحقّ».

(س) وفي حديث ضميرة «قال يا رسول الله : إني أحالف ما دام الصَّالِفَانِ مكانه. قال : بل ما دام أحد مكانه» قيل : الصَّالِفَان جبل كان يتحالف أهل الجاهلية عنده ، وإنّما كره ذلك لئلا يساوي فعلهم في الجاهلية فعلهم في الإسلام.

(صلق) (ه) فيه «ليس منّا من صَلَقَ أو حَلَقَ» الصَّلْقُ : الصوت الشديد ، يريد رفعه في المصائب (١) وعند الفجيعة بالموت ، ويدخل فيه النّوح. ويقال بالسين.

ومنه الحديث «أنا بريء من الصَّالِقَة والحالقة».

(ه) وفي حديث عمر رضي‌الله‌عنه «أما والله ما أجهل عن كراكر وأسنمة ، ولو شئت لدعوت بصلاء وصناب وصَلَائِقَ» الصَّلَائِقُ : الرّقاق ، واحدتها صَلِيقَة. وقيل هي الحملان المشويّة ، من صَلَقْتُ الشّاةَ إذا شويتها. ويروى بالسين ، وهو كلّ ما سُلِقَ من البقول وغيرها.

(ه) وفي حديث ابن عمر رضى الله عنهما «أنه تَصَلَّقَ ذات ليلة على فراشه» أي تلوّى وتقلّب ، من تَصَلَّقَ الحوتُ في الماء إذا ذهب وجاء.

ومنه حديث أبي مسلم الخولانىّ «ثم صبّ فيه من الماء وهو يَتَصَلَّقُ فيها (٢)».

(صلل) (ه) فيه «كُلْ ما رَدَّ عليك قوسُك ما لم يَصِلَ» أي ما لم يُنْتِنْ. يقال صَلَ اللّحمُ وأَصَلَ. هذا على الاستحباب ، فإنه يجوز أكل اللّحم المتغيّر الرّيح إذا كان ذكيّا.

(س) وفيه «أتحبون أن تكونوا كالحمير الصَّالَّة» قال أبو أحمد العسكري : هو بالصاد

__________________

(١) أنشد الهروى للبيد :

فصلقنا في مراد صلقة

وصداء ألحقتهم بالثلل

أى بالهلاك.

(٢) فى ا : «فيهما» ، وسقطت «فيها» من اللسان.

غير المعجمة ، فرووه بالضّاد المعجمة ، وهو خطأ. يقال للحمار الوحشي الحادّ الصّوت : صَالٌ وصَلْصَال ، كأنه يريد الصّحيحة الأجساد الشّديدة الأصوات لقوّتها ونشاطها.

وفي حديث ابن عباس رضي‌الله‌عنهما في تفسير الصَّلْصَال «هو الصَّالُ ، الماء يقع على الأرض فتنشق فيجفّ ويصير له صوت».

(صلم) (ه) في حديث ابن مسعود رضي‌الله‌عنه «يكون الناس صُلَامَاتٍ يضرب بعضهم رقاب بعض» الصِّلَامَات : الفِرَق والطّوائف ، واحدتها صِلَامَة (١).

وفي حديث ابن الزبير لما قتل أخوه مصعب «أسلمه النعام المُصَلَّمُ الآذان أهل العراق» يقال للنّعام مُصَلَّم ، لأنّها لا آذان لها ظاهرة. والصَّلْمُ : القطع المستأصل ، فإذا أطلق على الناس فإنما يراد به الذليل المهان.

ومنه قوله :

فإن أنتم لم تَثأَرُوا واتَّدَيتم

فمَشُّوا بآذان النّعام المُصَلَّمِ

(س) ومنه حديث الفتن «وتُصْطَلَمُون في الثالثة» الاصْطِلَام : افتعال ، من الصَّلْم : القطع.

ومنه حديث الهدي والضحايا «ولا المُصْطَلَمَةُ أَطباؤُها».

وحديث عاتكة «لئن عدتم لَيَصْطَلِمَنَّكُم».

(ه) وفي حديث ابن عمر «فتكون الصَّيْلَم بيني وبينه» أي القطيعة المنكرة. والصَّيْلَم : الدّاهية. والياء زائدة.

ومنه حديث ابن عمر «اخرجوا يا أهل مكة قبل الصَّيْلَم ، كأنّي به أفيحج أفيدع يهدم الكعبة».

(صلور) (ه) في حديث عمار «لا تأكلوا الصِّلَّوْرَ والأَنْقَلَيس (٢)» الصِّلَّوْر : الجرِّيّ ، والإِنْقَلِيس : المارْمَاهِي ، وهما نوعان من السّمك كالحيّات.

__________________

(١) بتثليث الصاد ، كما فى القاموس.

(٢) بفتح الهمزة واللام وبكسرهما ، كما فى القاموس.

(صلا) قد تكرر فيه ذكر «الصَّلَاة والصَّلَوَات» وهي العبادة المخصوصة ، وأصلها في اللّغة الدعاء فسميّت ببعض أجزائها. وقيل إنّ أصلها في اللغة التعظيم. وسمّيت العبادة المخصوصة صَلَاة لما فيها من تعظيم الربّ تعالى. وقوله في التشهد الصَّلَوَات لله : أي الأدعية التي يراد بها تعظيم الله تعالى ، هو مستحقّها لا تليق بأحد سواه. فأمّا قولنا : اللهمّ صَلِ على محمّد فمعناه : عظّمه في الدنيا بإعلاء ذكره ، وإظهار دعوته ، وإبقاء شريعته ، وفي الآخرة بتشفيعه في أمّته ، وتضعيف أجره ومثوبته. وقيل : المعنى لمّا أمر الله سبحانه بالصَّلَاة عليه ولم نبلغ قدر الواجب من ذلك أحلناه على الله ، وقلنا : اللهم صَلِ أنت على محمد ، لأنك أعلم بما يليق به.

وهذا الدعاء قد اختلف فيه : هل يجوز إطلاقه على غير النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، أم لا؟ والصحيح أنه خاصّ له فلا يقال لغيره. وقال الخطّابي : الصَّلَاة التي بمعنى التعظيم والتكريم لا تقال لغيره ، والتي بمعنى الدّعاء والتبريك تقال لغيره.

[ه] ومنه الحديث «اللهم صَلِ على آل أبي أوفى» أي ترحّم وبرّك. وقيل فيه إنّ هذا خاصّ له ، ولكنه هو آثر به غيره. وأما سواه فلا يجوز له أن يخصّ به أحدا.

(ه) وفيه «من صَلَّى علَيَ صَلَاةً صَلَّتْ عليه الملائكةُ عشرا» أي دعت له وبرّكت.

(ه) والحديث الآخر «الصائم إذا أُكِلَ عنده الطعامُ صَلَّتْ عليه الملائكةُ».

(ه) والحديث الآخر «إذا دُعِيَ أحدكم إلى طعام فليجب ، وإن كان صائما فليُصَلِ» أي فليدع لأهل الطّعام بالمغفرة والبركة.

(ه) وحديث سودة «يا رسول الله إذا متنا صَلَّى لنا عثمانُ بن مظعون» أي يستغفر لنا.

(ه) وفي حديث عليّ رضي‌الله‌عنه «سبق رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وصَلَّى أبو بكر وثَلَّثَ عمرُ» المُصَلِّى في خيل الحلبة : هو الثاني ، سُمِّيَ به لأنّ رأسه يكون عند صَلَا الأوّلِ ، وهو ما عن يمين الذَّنَب وشماله.

(ه) وفيه «أنه أُتِيَ بشاة مَصْلِيَّة» أي مشويّة. يقال صَلَيْتُ اللحمَ ـ بالتخفيف ـ : أي شويته ، فهو مَصْلِيٌ. فأما إذا أحرقته وألقيته في النّار قلت صَلَّيْتُهُ بالتشديد ، وأَصْلَيْتُهُ. وصَلَّيْتُ العصا بالنّار أيضا إذا ليّنتها وقوّمتها.

(س) ومنه الحديث «أطيب مضغة صيحانيّة مَصْلِيَّة» أي مشمّسة قد صُلِيَتْ في الشمس ، ويروى بالباء وقد تقدّمت.

(س) ومنه حديث عمر «لو شئت لدعوت بِصِلَاءٍ وصِنَاب» الصِّلَاء بالمدّ والكسر : الشّواء.

وفي حديث حذيفة «فرأيت أبا سفيان يَصْلِي ظهرَهُ بالنّار» أي يُدْفِئه.

(س) وفي حديث السّقيفة «أنا الذي لا يُصْطَلَى بناره» الاصْطِلَاء : افتعال ، من صَلَا النّارِ والتّسخّن بها : أي أنا الذي لا يُتَعَرّض لحربي. يقال فلان لا يُصْطَلَى بناره إذا كان شجاعا لا يطاق.

(ه) وفيه «إنّ للشّيطان مَصَالِيَ وفُخُوخا» المَصَالِي : شبيهة بالشَّرَك ، واحدتها مِصْلَاة ، أراد ما يستفزّ به الناس من زينة الدّنيا وشهواتها. يقال صَلَيْتُ لفلان إذا عملت له في أمر تريد أن تمحل به.

(س) وفي حديث كعب «إنّ الله بارك لدوابّ المجاهدين في صِلِّيَانِ أرضِ الرّوم ، كما بارك لها في شعير سورية» الصِّلِّيَان : نبت معروف له سَنَمَةٌ عظيمة كأنه رأس القَصَب : أي يقوم لخيلهم مقام الشّعير. وسورية هي الشأم.

(باب الصاد مع الميم)

(صمت) (ه) في حديث أسامة رضي‌الله‌عنه «لما ثقل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم دخلت عليه يوم أَصْمَتَ فلم يتكلم» يقال : صَمَتَ العليلُ وأَصْمَتَ فهو صَامِتٌ ومُصْمِت ، إذا اعتقل لسانه.

ومنه الحديث «أنّ امرأة من أحمس حجّت مُصْمِتَةً» أي ساكتة لا تتكلم.

(ه) ومنه الحديث «أَصْمَتَتْ أمامةُ بنتُ أبي العاص» أي اعتقل لسانها.

وفي حديث صفة التّمرة «أنها صُمْتَةٌ للصّغير» أي أنه إذا بكى أسكت بها.

وفي حديث العباس «إنما نهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن الثّوب المُصْمَت من خزّ» هو الذي جميعه إبريسم لا يخالطه فيه قطن ولا غيره.

وفيه «على رقبته صَامِت» يعنى الذهب والفضة ، خلاف الناطق ، وهو الحيوان ، وقد تكرّر ذكر الصَّمْت في الحديث.

(صمخ) في حديث الوضوء «فأخذ ماء فأدخل أصابعه في صِمَاخ أذنيه» الصِّمَاخ : ثقب الأذن : ويقال بالسين.

[ه] ومنه حديث أبي ذرّ «فضرب الله على أَصْمِخَتِهِم» هي جمع قلّة للصِّمَاخ : أي أن الله أنامهم.

وفي حديث علي رضي‌الله‌عنه «أصغت لاستراقه صَمَائِخ الأسماع» هي جمع صِمَاخ ، كشمال وشمائل.

(صمد) في أسماء الله تعالى «الصَّمَدُ» هو السيّد الذي انتهى إليه السّودد. وقيل هو الدائم الباقي. وقيل هو الذي لا جوف له. وقيل الذي يُصْمَدُ في الحوائج إليه : أي يقصد.

(ه) ومنه حديث عمر رضي‌الله‌عنه «إياكم وتعلّم الأنساب والطّعن فيها ، فو الذي نفس عمر بيده لو قلت لا يخرج من هذا الباب إلا صَمَدٌ ما خرج إلّا أقلّكم» هو الذي انتهى في سودده ، أو الذي يقصد في الحوائج.

وفي حديث معاذ بن الجموح في قتل أبي جهل «فَصَمَدْتُ له حتى أمكنتني منه غرّة» أي ثبتّ له وقصدته وانتظرت غفلته.

ومنه حديث عليّ «فصَمْداً صَمْداً حتى ينجلي لكم عمود الحق».

(صمر) (ه) في حديث عليّ «أنه أعطى أبا رافع عكّة سمن وقال : ادفع هذا إلى أسماء (١) لتدهن به بني أخيه من صَمَرِ البحرِ» يعنى من نتن ريحه.

(صمصم) (س) في حديث أبي ذر «لو وضعتم الصَّمْصَامَة على رقبتي» الصَّمْصَامَة : السّيف القاطع ، والجمع صَمَاصِم.

__________________

(١) هي أسماء بنت عميس. وكانت زوجة جعفر بن أبى طالب أخى على. اللسان (صمر)

ومنه حديث قسّ «تردّوا بالصَّمَاصِم» أي جعلوها لهم بمنزلة الأردية ، لحملهم لها ووضع حمائلها على عواتقهم.

(صمع) (ه) في حديث علي رضي‌الله‌عنه «كأني برجل أصعل أَصْمَعَ يهدم الكعبة» الأَصْمَع : الصّغير الأذن من الناس وغيرهم.

(ه) ومنه حديث ابن عباس رضي‌الله‌عنهما «كان لا يرى بأسا أن يضحِّي بالصَّمْعَاء» أي الصّغيرة الأذنين.

(س) وفيه «كإبل أكلت صَمْعَاء» قيل هي البُهْمَى إذا ارتفعت قبل أن تتفقأ. وقيل : الصَّمْعَاء : البقلة التي ارتوت واكتنزت.

(صمعد) (س) فيه «أصبح وقد اصْمَعَدَّتْ قدماه» أي انتفخت وورمت.

(صمغ) (ه) في حديث علي «نظّفوا الصِّمَاغَيْنِ فإنهما مقعدا الملكين» الصِّمَاغَان : مجتمع الرّيق في جانبي الشّفة. وقيل هما ملتقى الشّدقين. ويقال لهما الصَّامِغَان ، والصَّاغمان ، والصّواران.

ومنه حديث بعض القرشيّين «حتى عرقت وزبّب صِمَاغَاك» أي طلع زبدهما.

(س) وفي حديث ابن عباس رضي‌الله‌عنهما ، في اليتيم إذا كان مجدورا «كأنه صَمْغَة» يريد حين يبيضّ الجدرىّ على بدنه فيصير كالصَّمْغ.

(س) ومنه حديث الحجاج «لأقلعنّك قلع الصَّمْغَة» أي لأستأصلنّك. والصَّمْغ إذا قُلِعَ انقلع كله من الشّجرة ولم يبق له أثر ، وربّما أخذ معه بعض لحائها.

(صمل) (س) فيه «أنت رجل صُمُلٌ» الصُّمُلّ ـ بالضّمّ والتشديد ـ : الشديد الخلق. وصَمَلَ الشيءُ يَصْمُلُ صُمُولاً : صَلُبَ واشتدّ. وصَمَلَ الشّجرُ إذا عطش فخشن ويبس.

(س) ومنه حديث معاوية «إنها صَمِيلَة» أي في ساقها يبس وخشونة.

(صمم) في حديث الإيمان «وأن ترى الحفاة العراة الصُّمَ البُكْمَ رؤوسَ الناس» الصُّمّ : جمع الأَصَمِ ، وهو الذي لا يسمع ، وأراد به الذي لا يهتدي ولا يقبل الحقّ ، من صَمَمِ العقلِ ، لا صَمَمِ الأذن.

وفي حديث جابر بن سمرة رضي‌الله‌عنه «ثم تكلّم النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم بكلمة أَصَمَّنِيهَا الناسُ» أي شغلوني عن سماعها ، فكأنّهم جعلوني أَصَمَّ.

(س) وفيه «شهر الله الأَصَمّ رجب» سمّي أَصَمّ لأنّه كان لا يسمع فيه صوت السّلاح ، لكونه شهرا حراما ، ووصف بالأَصَمّ مجازا ، والمراد به الإنسان الذي يدخل فيه ، كما قيل ليل نائم ، وإنما النّائم من في اللّيل ، فكأنّ الإنسان في شهر رجب أَصَمّ عن سمع صوت السّلاح.

(س) ومنه الحديث «الفتنة الصَّمَّاء العمياء» هي التي لا سبيل إلى تسكينها لتناهيها في دهائها ، لأن الأصمّ لا يسمع الاستغاثة ، فلا يقلع عما يفعله. وقيل هي كالحيّة الصَّمَّاء التي لا تقبل الرُّقَى.

(ه) وفيه «أنه نهى عن اشتمال الصَّمَّاء» هو أن يتجلّل الرجل بثوبه ولا يرفع منه جانبا. وإنما قيل لها صَمَّاء ، لأنه يسدّ على يديه ورجليه المنافذ كلّها ، كالصّخرة الصَّمَّاء التي ليس فيها خرق ولا صدع. والفقهاء يقولون : هو أن يتغطّى بثوب واحد ليس عليه غيره ، ثم يرفعه من أحد جانبيه فيضعه على منكبه ، فتنكشف عورته.

ومنه الحديث «والفاجر كالأرزة صَمَّاء» أي مكتنزة لا تخلخل فيها.

(س) وفي حديث الوطء «في صِمَامٍ واحد» أي مسلك واحد. الصِّمَام : ما تسدّ به الفرجة ، فسمّي الفرج به. ويجوز أن يكون في موضع صِمَام ، على حذف المضاف. ويروى بالسّين. وقد تقدّم.

(صما) (ه) فيه «كلّ ما أَصْمَيْت ودع ما أنميت» الإِصْمَاء : أن يقتل الصيد مكانه. ومعناه سرعة إزهاق الرّوح ، من قولهم للمسرع : صَمَيَان. والإِنْمَاءُ : أن تصيب إصابة غير قاتلة في الحال. يقال أنميت الرّميّة ، ونمت بنفسها. ومعناه : إذا صدت بكلب أو سهم أو غيرهما فمات وأنت تراه غير غائب عنك فكل منه ، وما أصبته ثم غاب عنك فمات بعد ذلك فدعه ، لأنك لا تدري أمات بصيدك أم بعارض آخر.

(باب الصاد مع النون)

(صنب) (ه) فيه «أتاه أعرابي بأرنب قد شواها ، وجاء معها بصِنَابِها» الصِّنَاب : الخردل المعمول بالزّيت ، وهو صباغ يؤتدم به.

(ه) ومنه حديث عمر رضي‌الله‌عنه : «لو شئت لدعوت بصلاء (١) وصِنَاب».

(صنبر) (ه) فيه «أن قريشا كانوا يقولون : إنّ محمّدا صُنْبُور» أي أبتر ، لا عقب له (٢). وأصل الصُّنْبُور : سعفة تنبت في جذع النّخلة لا في الأرض. وقيل هي النّخلة المنفردة التي يدقّ أسفلها. وأرادوا أنه إذا قلع انقطع ذكره ، كما يذهب أثر الصُّنْبُور ، لأنه لا عقب له.

(س) وفيه «أنّ رجلا وقف على ابن الزّبير حين صلب فقال : قد كنت تجمع بين قطرى الليلة الصِّنَّبْرَة قائما» أي الليلة الشّديدة البرد.

(صنخ) (ه) في حديث أبي الدّرداء «نعم البيت الحمّام! يذهب بالصَّنَخَة (٣) ويُذكِّر النّارَ» يعنى الدّرن والوسخ. يقال صَنَخَ بدنه وسنخ ، والسين أشهر.

(صند) (س) فيه ذكر «صَنَادِيد قريش» في غير موضع ، وهم أشرافهم ، وعظماؤهم ورؤساؤهم ، الواحد صِنْدِيد ، وكلّ عظيم غالب صِنْدِيد.

(س) ومنه حديث الحسن «كان يتعوّذ من صَنَادِيد القَدَر» أي نوائبه العظام الغوالب.

(صنع) (ه) فيه «إذا لم تستحي فاصْنَعْ ما شئت» هذا أمر يراد به الخبر. وقيل هو على الوعيد والتّهديد ، كقوله تعالى (اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ) وقد تقدّم مشروحا في الحاء.

__________________

(١) فى الهروى : «بصرائق». والصرائق : جمع صريقة ، وهى الرقاقة من الخبز. القاموس (صرق).

(٢) فى الدر النثير : «وقيل الناشىء الحدث. حكاه ابن الجوزى».

(٣) فى الهروى : «يذهب الصّنخة» وهى رواية المصنف فى «صنن».

وفي حديث عمر «حين جرح قال لابن عبّاس : انظر من قتلني ، فقال : غلام المغيرة بن شعبة ، فقال : الصَّنَع؟ قال : نعم» يقال رجل صَنَعٌ وامرأة صَنَاعٌ ، إذا كان لهما صَنْعَة يعملانها بأيديهما ويكسبان بها.

ومنه حديثه الآخر «الأمة غير الصَّنَاع».

(ه) وفيه «اصْطَنَعَ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم خاتما من ذهب» أي أمر أن يُصْنَعَ له. كما تقول اكتتب : أي أمر أن يكتب له. والطاء بدل من تاء الافتعال لأجل الصاد.

(ه) ومنه حديث الخدري «قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : لا توقدوا بليل نارا» ثم قال : «أوقدوا واصْطَنِعُوا» أي اتّخذوا صَنِيعاً ، يعنى طعاما تُنْفِقونه في سبيل الله.

ومنه حديث آدم «قال لموسى عليهما‌السلام : أنت كليم الله الذي اصْطَنَعَكَ لنفسه» هذا تمثيل لما أعطاه الله من منزلة التّقريب والتّكريم. والاصْطِنَاع : افتعال من الصَّنِيعَة ، وهي العطيّة والكرامة والإحسان.

(س) وفي حديث جابر «كان يُصَانِع قائدَه» أى يداريه. والمُصَانَعَة : أن تَصْنَعَ له شيئا لِيَصْنَعَ لك شيئا آخر ، وهي مفاعلة من الصُّنْع.

(س) وفيه «من بلغ الصِّنْعَ بسهم» الصِّنْع بالكسر : الموضع الذي يتّخذ للماء ، وجمعه أَصْنَاع. ويقال لها مَصْنَعٌ ومَصَانِعُ. وقيل أراد بالصِّنْع هاهنا الحصن. والمَصَانِع : المباني من القصور وغيرها.

(س) وفي حديث سعد «لو أنّ لأحدكم واديَ مالٍ ، ثمّ مرّ على سبعة أسهم صُنُعٍ لكلّفته نفسُهُ أن ينزل فيأخذها» كذا قال «صُنُع» قال الحربي : وأظنّه «صيغة» : أي مستوية من عمل رجل واحد.

(صنف) (ه) فيه «فلينفضه بِصَنِفَةِ إزارِهِ ، فإنه لا يدري ما خلفه عليه» صَنِفَةُ الإزارِ ـ بكسر النون ـ : طرفه ممّا يلي طرّته.

(صنم) قد تكرر فيه ذكر «الصَّنَم والأَصْنَام» وهو ما اتّخذ إلها من دون الله تعالى. وقيل هو ما كان له جسم أو صورة ، فإن لم يكن له جسم أو صورة فهو وثن.

(صنن) (ه) في حديث أبي الدّرداء «نعم البيت الحمّام يذهب الصِّنَّة ويذكِّر النار» الصِّنَّة : الصُّنَان ورائحة معاطف الجسم إذا تغيّرت ، وهو من أَصَنَ اللحمُ إذا أنتن.

(س) وفيه «فأُتِيَ بعرق يعنى الصَّنَ» هو بالفتح : زبّيل كبير. وقيل هو شبه السّلّة المطبقة.

(صنو) (ه) في حديث العباس «فإنّ عمّ الرجل صنو أبيه» وفي رواية : «العباس صِنْوِي» الصِّنْو : المثل. وأصله أن تطلع نخلتان من عرق واحد. يريد أن أصل العباس وأصل أبي واحد ، وهو مثل أبي أو مثلي ، وجمعه صِنْوَان. وقد تكرر في الحديث.

(ه) وفي حديث أبي قلابة «إذا طال صِنَاء الميّت نُقِّيَ بالأشنان» أي درنه ووسخه. قال الأزهرى : وروى بالضاد ، وهو وسخ النار والرّماد.

(باب الصاد مع الواو)

(صوب) فيه «من قطع سدرة صَوَّبَ اللهُ رأسه في النار» سئل أبو داود السّجستاني عن هذا الحديث فقال : هو حديث مختصر ، ومعناه : من قطع سدرة في فلاة يستظلّ بها ابن السبيل عبثا وظلما بغير حق يكون له فيها صَوَّبَ الله رأسه في النار : أي نكّسه.

(س) ومنه الحديث «وصَوَّبَ يده» أي خفضها.

(ه) وفيه «من يرد الله به خيرا يُصِبْ منه» أي ابتلاه بالمَصَايِب ليثيبه عليها. يقال مُصِيبَة ، ومَصُوبَة ، ومُصَابَة ، والجمع مَصَايِب ، ومَصَاوِب. وهو الأمر المكروه ينزل بالإنسان. ويقال : أَصَابَ الإنسان من المال وغيره : أي أخذ وتناول.

ومنه الحديث «يُصِيبُون ما أَصَابَ الناس» أي ينالون ما نالوا.

(ه) ومنه الحديث «أنه كان يُصِيبُ من رأس بعض نسائه وهو صائم» أراد التّقبيل.

(ه) وفي حديث أبي وائل «كان يسأل عن التفسير فيقول : أَصَابَ الله الذي أراد» يعنى

أراد الله الذي أراد. وأصله من الصَّوَاب ، وهو ضدّ الخطأ. يقال : أَصَابَ فلان في قوله وفعله ، وأَصَابَ السهم القرطاس ، إذا لم يخطئ. وقد تكرر في الحديث.

(صوت) (س) فيه «فصل ما بين الحلال والحرام الصَّوْت والدُّفّ» يريد إعلان النكاح ، وذهاب الصَّوْت ، والذكر به في الناس. يقال : له صَوْتٌ وصِيتٌ : أي ذكر. والدّفّ الذي يطبّل به ، ويفتح ويضم.

وفيه «أنهم كانوا يكرهون الصَّوْت عند القتال» هو مثل أن ينادي بعضهم بعضا ، أو يفعل بعضهم فعلا له أثر فيصيح ويعرّف نفسه على طريق الفخر والعجب.

(صوح) (ه) فيه «نهى عن بيع النّخل قبل أن يُصَوِّحَ» أي قبل أن يستبين صلاحه وجيّده من رديئه.

ومنه حديث ابن عباس رضي‌الله‌عنهما «أنه سئل : متى يحلّ شراء النّخل؟ فقال : حين يُصَوِّحُ» ويروى بالراء. وقد تقدّم.

وفي حديث الاستسقاء «اللهم انْصَاحَتْ جبالنا» أي تشقّقت وجفّت لعدم المطر. يقال صَاحَهُ يَصُوحُهُ فهو مُنْصَاحٌ ، إذا شقّه. وصَوَّحَ النّبات إذا يبس وتشقّق.

ومنه حديث علي رضي‌الله‌عنه «فبادروا العلم من قبل تَصْوِيح نبته».

(س) وحديث ابن الزّبير «فهو يَنْصَاحُ عليكم بوابل البلايا» أي ينشقّ عليكم.

قال الزّمخشري : ذكره الهروى بالضاد والخاء ، وهو تصحيف (١).

وفيه ذكر «الصَّاحَة» هي بتخفيف الحاء : هضاب حمر بقرب عقيق المدينة.

(ه) وفي حديث محلّم اللّيثي «فلما دفنوه لفظته الأرض ، فألقوه بين صَوْحَيْنِ» الصَّوْح : جانب الوادي وما يقبل من وجهه القائم.

(صور) في أسماء الله تعالى «الْمُصَوِّرُ» وهو الذي صَوَّرَ جميع الموجودات ورتّبها ، فأعطى كلّ شيء منها صُورَة خاصّة ، وهيئة منفردة يتميّز بها على اختلافها وكثرتها.

وفيه «أتاني الليلة ربّي في أحسن صُورَة» الصُّورَة ترد في كلام العرب على ظاهرها ،

__________________

(١) لم يتعرض الزمخشرى لرواية الهروى. انظر الفائق ١ / ٤٥٣.

وعلى معنى حقيقة الشيء وهيئته ، وعلى معنى صفته. يقال صُورَة الفعل كذا وكذا : أي هيئته. وصُورَة الأمر كذا وكذا : أي صفته. فيكون المراد بما جاء في الحديث أنه أتاه في أحسن صفة. ويجوز أن يعود المعنى إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : أي أتاني ربّي وأنا في أحسن صُورَة. وتجري معاني الصُّورَة كلّها عليه ، إن شئت ظاهرها أو هيئتها ، أو صفتها. فأما إطلاق ظاهر الصُّورَة على الله تعالى فلا ، تعالى الله عن ذلك علوّا كبيرا.

وفيه «أنه قال : يَطْلُعُ من تحت هذا الصَّوْر رجلٌ من أهل الجنة ، فطلع أبو بكر!» الصَّوْر : الجماعة من النّخل ، ولا واحد له من لفظه ، ويجمع على صِيرَان.

(ه) ومنه الحديث «أنه خرج إلى صَوْر بالمدينة».

والحديث الآخر «أنه أتى امرأة من الأنصار ففرشت له صَوْراً ، وذبحت له شاة».

وحديث بدر «إنّ أبا سفيان بعث رجلين من أصحابه ، فأحرقا صَوْراً من صِيرَان العُرَيْض» وقد تكرر في الحديث.

(س) وفي صفة الجنة «وترابها الصُّوَار» يعنى المسك. وصُوَارُ المسكِ : نَيْفَجَتُه. والجمع أَصْوِرَة.

(س) وفيه «تعهّدوا الصِّوَارَيْن فإنّهما مقعد الملك» هما ملتقى الشّدقين : أي تعهّدوهما بالنظافة.

(س) وفي صفة مشيه صلى‌الله‌عليه‌وسلم «كان فيه شيء من صَوَرٍ» أي ميل. قال الخطّابي : يشبه أن يكون هذا الحال إذا جدّ في السّير لا خِلْفةً.

(ه) ومنه حديث عمر رضي‌الله‌عنه «وذكر العلماء فقال : تنعطف (١) عليهم بالعلم قلوب لا تَصُورُهَا الأرحامُ» أي لا تميلها. هكذا أخرجه الهروي عن عمر ، وجعله الزّمخشري من كلام الحسن.

(س) وحديث ابن عمر رضي‌الله‌عنهما «إني لأُدْنِي الحائضَ منّى وما بي إليها صَوَرَةٌ» أي ميل وشهوة تَصُورُنِي إليها.

__________________

(١) فى الهروى والفائق ٢ / ٤٤ : «تتعطّف».

ومنه حديث مجاهد «كره أن يَصُورَ شجرةً مثمرةً» أي يميلها ، فإنّ إمالتها ربّما أدّتها إلى الجفوف. ويجوز أن يكون أراد به قطعها.

(ه) ومنه حديث عكرمة «حملة العرش كلّهم صُورٌ» جمع أَصْوَر ، وهو المائل العنق لثقل حمله.

وفيه ذكر «النّفخ في الصُّور» هو القرن الذي ينفخ فيه إسرافيل عليه‌السلام عند بعث الموتى ، إلى المحشر. وقال بعضهم : إنّ الصُّور جمع صُورَة ، يريد صُوَرَ الموتى ينفخ فيها الأرواح. والصحيح الأوّل ، لأن الأحاديث تعاضدت عليه ، تارة بالصُّور ، وتارة بالقَرن.

(س) وفيه «يَتَصَوَّرُ المَلَك على الرّحم» أي يسقط. من قولهم ضربته ضربة تَصَوَّرَ منها : أي سقط.

وفي حديث ابن مقرن «أما علمت أنّ الصُّورَة محرّمة» أراد بالصُّورَة الوجه. وتحريمها المنع من الضّرب واللّطم على الوجه.

ومنه الحديث «كره أن تُعْلَمَ الصُّورَة» أي يجعل في الوجه كَيّ أو سِمَة.

(صوع) فيه «أنه كان يغتسل بالصَّاع ويتوضّأ بالمُدّ» قد تكرر ذكر الصَّاع في الحديث ، وهو مكيال يسع أربعة أمداد. والمدّ مختلف فيه ، فقيل هو رطل وثلث بالعراقىّ ، وبه يقول الشافعىّ وفقهاء الحجاز. وقيل هو رطلان ، وبه أخذ أبو حنيفة وفقهاء العراق ، فيكون الصَّاع خمسة أرطال وثلثا ، أو ثمانية أرطال.

(ه) ومنه الحديث «أنه أعطى عطيّة بن مالك صَاعاً من حرّة الوادي» أي موضعا يُبْذَر فيه صَاعٌ ، كما يقال أعطاه جريبا من الأرض : أي مَبْذَرَ جريبٍ. وقيل الصَّاع : المطمئن من الأرض.

[ه] وفي حديث سلمان رضي‌الله‌عنه «كان إذا أصاب الشاة من المغنم في دار الحرب عمد إلى جلدها فجعل منه جرابا ، وإلى شعرها فجعل منه حبلا ، فينظر رجلا صَوَّعَ به فرسَه فيعطيه» أي جمح برأسه وامتنع على صاحبه.

(س) وفي حديث الأعرابي «فانْصَاعَ مدبرا» أي ذهب مسرعا.

(صوغ) في حديث علي رضي‌الله‌عنه «واعدت صَوَّاغاً من بني قينقاع» الصَّوَّاغ : صَائِغ الحَلْي. يقال صَاغَ يَصُوغُ ، فهو صَائِغ وصَوَّاغ.

(س) ومنه الحديث «أكذب الناس الصَّوَّاغُون» قيل لمطالهم ومواعيدهم الكاذبة. وقيل أراد الذين يزيّنون الحديث ويَصُوغُون الكَذِبَ. يقال صَاغَ شعرا ، وصَاغَ كلاما : أي وضعه ورتّبه. ويروى «الصَّيَّاغُون» بالياء ، وهى لغة أهل الحجاز ، كالدّيّار والقيّام. وإن كانا من الواو.

(ه) ومنه حديث أبي هريرة رضي‌الله‌عنه وقيل له خرج الدجّال فقال : «كذبة كذبها الصَّوَّاغُون».

(س) ومنه حديث بكر المزني «في الطعام يدخل صَوْغاً ويخرج سُرُحا» أي الأطعمة المصنوعة ألوانا ، المهيّأة بعضها إلى بعض.

(صول) (س) في حديث الدعاء «اللهمّ بك أحول وبك أصول» وفي رواية «أُصَاوِلُ» أي أسطو وأقهر. والصَّوْلَة : الحملة والوثبة.

ومنه الحديث «إن هذين الحيّين من الأوس والخزرج كانا يَتَصَاوَلَانِ مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم تَصَاوُلَ الفحلين» أي لا يفعل أحدهما معه شيئا إلّا فعل الآخر معه شيئا مثله.

ومنه حديث عثمان «فصَامِتٌ صَمْتُهُ أَنْفذُ من صَوْلِ غيرِهِ» أي إمساكه أشدّ علَيَّ من تطاول غيره.

(صوم) فيه «صَوْمُكُم يوم تَصُومُون» أي أنّ الخطأ موضوع عن النّاس فيما كان سبيله الاجتهاد ، فلو أنّ قوما اجتهدوا فلم يروا الهلال إلّا بعد الثّلاثين ولم يفطروا حتى استوفوا العدد ، ثم ثبت أن الشّهر كان تسعا وعشرين فإنّ صَوْمَهُم وفطرهم ماض ، ولا شيء عليهم من إثم أو قضاء ، وكذلك في الحج إذا أخطأوا يوم عرفة والعيد فلا شيء عليهم.

وفيه «أنه سئل عمّن يَصُومُ الدهر ، فقال : لا صَامَ ولا أفطر» أي لم يَصُمْ ولم يُفْطِرْ. كقوله تعالى (فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى) وهو إحباط لأجره على صَوْمِهِ حيث خالف السّنّة. وقيل هو دعاء عليه كراهية لصنيعه.

وفيه «فإن امرؤ قاتله أو شاتمه فليقل إنّي صَائِمٌ» معناه أن يردّه بذلك عن نفسه لينكفّ. وقيل هو أن يقول ذلك في نفسه ويذكّرها به فلا يخوض معه ويكافئه على شتمه فيفسد صَوْمُه ويحبط أجره.

وفيه «إذا دعي أحدكم إلى طعام وهو صَائِم فليقل إني صَائِم» يعرّفهم ذلك لئلا يكرهوه على الأكل ، أو لئلّا تضيق صدورهم بامتناعه من الأكل.

وفيه «من مات وهو صَائِمٌ صَامَ عنه وليُّهُ» قال بظاهره قوم من أصحاب الحديث ، وبه قال الشافعىّ في القديم ، وحمله أكثر الفقهاء على الكفّارة ، وعبّر عنها بالصَّوْمِ إذ كانت تلازمه.

(صوي) (ه) في حديث أبي هريرة «إنّ للإسلام صُوًى ومناراً كمنار الطريق» الصُّوَى : الأعلام المنصوبة من الحجارة في المفازة المجهولة (١) ، يستدلّ بها على الطّريق ، واحدتها صُوَّةٌ كقوّة : أراد أنّ للإسلام طرائق وأعلاما يُهتَدَى بها.

(ه) وفي حديث لقيط «فيخرجون من الأَصْوَاء فينظرون إليه» الأَصْوَاء : القبور. وأصلها من الصُّوَى : الأعلام ، فشبّه القبور بها.

[ه] وفيه «التَّصْوِيَة خِلَابَة» التَّصْوِيَة مثل التّصرية : وهو أن تترك الشّاة أيّاما لا تحلب. والخِلَابَة : الخداع. وقيل التَّصْوِيَة أن ييبّس أصحاب الشاة لبنها عمدا ليكون أسمن لها.

(باب الصاد مع الهاء)

(صهب) (س) في حديث اللّعان «إن جاءت به أَصْهَبَ ـ وفي رواية أُصَيْهِبَ ـ فهو لفلان» الأَصْهَب : الذي يعلو لونه صُهْبَة ، وهي كالشُّقرة. والأُصَيْهِب تصغيره ، قاله الخطّابي. والمعروف أن الصُّهْبَة مختصّة بالشَّعَر ، وهي مرة يعلوها سواد.

__________________

(١) فى الدر النثير : زاد الفارسى : وقال الأصمعى : هو ما غلظ وارتفع عن الأرض. ولم يبلغ أن يكون جبلا». اه ، وانظر الصحاح (صوى).

ومنه الحديث «كان يَرمي الجمار على ناقة له صَهْبَاءَ» وقد تكرر ذكرها.

«وفيه ذكر «الصَّهْبَاء» وهي موضع على روحة من خيبر.

(صهر) (ه) فيه «أنه كان يؤسّس مسجد قباء فَيُصْهِرُ الحجر العظيم إلى بطنه» أي يُدْنِيه إليه. يقال صَهَرَهُ وأَصْهَرَهُ إذا قرّبه وأدناه.

ومنه حديث عليّ «قال له ربيعة بن الحرث : نلت صِهْرَ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فلم نحسدك عليه» الصِّهْر : حرمة التّزويج. والفرق بينه وبين النّسب أن النّسب ما رجع إلى ولادة قريبة من جهة الآباء ، والصِّهْر ما كان من خِلْطة تُشبه القرابة يحدثها التّزويج.

وفي حديث أهل النار «فيسلت ما في جوفه حتى يمرق من قدميه ، وهو الصَّهْر» أي الإذابة. يقال صَهَرْتُ الشحمَ إذا أذبته.

(ه) ومنه الحديث «إنّ الأسود كان يَصْهَرُ رجليه بالشحم وهو محرم» أي يذيبه [عليهما](١) ويدهنهما به. يقال صَهَرَ بَدَنَه إذا دهنه بالصَّهِيرِ.

(صهل) (ه) في حديث أم معبد «في صوته صَهَلٌ» أي حدّة وصلابة ، من صَهِيلِ الخيلِ وهو صوتها ، ويروى بالحاء. وقد تقدّم.

(ه) ومنه حديث أم زرع «فجعلني في أهل صَهِيلٍ وأَطِيط» تريد أنها كانت في أهل قلّة فنقلها إلى أهل كثرة وثروة ، لأنّ أهل الخيل والإبل أكثر [مالا](٢) من أهل الغنم.

(صه) (س) قد تكرر في الحديث ذكر «صَهْ» وهي كلمة زجر تقال عند الإسكات ، وتكون للواحد والاثنين والجمع ، والمذكّر والمؤنث ، بمعنى اسكت. وهي من أسماء الأفعال ، وتنوّن ولا تنوّن ، فإذا نوّنت فهي للتّنكير ، كأنك قلت اسكت سكوتا ، وإذا لم تنوّن فلتّعريف : أي اسكت السّكوت المعروف منك.

__________________

(١) زيادة من الهروى.

(٢) سقطت من ا واللسان.

(باب الصاد مع الياء)

(صيأ) (ه) في حديث عليّ رضي‌الله‌عنه «قال لأمرأة : أنت مثل العقرب تلدغ وتَصِيءُ» صَاءَتِ العقرب تَصِيءُ إذا صاحت. قال الجوهرى : «هو مقلوب من صَأَى (١)» يَصْئِي ، مثل رمى يرمي ، والواو في قوله وتَصِيءُ للحال : أي تلدغ وهي صَائِحَة.

(صيب) (ه) في حديث الاستسقاء «اللهم اسقنا غيثا صَيِّباً» أي منهمرا متدفّقا. وأصله الواو ، لأنه من صَابَ يَصُوبُ إذا نزل ، وبناؤه صَيْوِب ، فأبدلت الواو ياء وأدغمت (٢). وإنّما ذكرناه هاهنا لأجل لفظه.

(س) وفيه «يولد في صُيَّابَةِ قومِهِ» يريد النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : أي صميمهم وخالصهم وخيارهم. يقال صُيَّابَة القومِ وصُوَّابَتُهُم ، بالضم والتشديد فيهما.

(صيت) فيه «ما من عبد إلّا وله صِيتٌ في السماء» أى ذكر وشهرة وعرفان. ويكون في الخير والشّر.

(س) وفيه «كان العبّاس رجلا صَيِّتاً» أي شديد الصوت عاليه. يقال هو صَيِّتٌ وصَائِتٌ كميّت ومائت. وأصله الواو ، وبناؤه فيعِل ، فقلب وأدغم.

(صيخ) (س) في حديث ساعة الجمعة «ما من دابّة إلّا وهي مُصِيخَة» أي مستمعة منصتة. ويروى بالسين وقد تقدم.

(س) وفي حديث الغار «فانْصَاخَت الصّخرة» هكذا روي بالخاء المعجمة ، وإنما هو بالمهملة بمعنى انشقّت. يقال انْصَاخَ الثوب إذا انشقّ من قبل نفسه. وألفها منقلبة عن الواو ، وإنما ذكرناها هنا لأجل روايتها بالخاء المعجمة. ويروى بالسين. وقد تقدمت. ولو قيل

__________________

(١) انظر الصحاح (صأى).

(٢) زاد الهروى : «وقال الفراء : هو صويب ، مثل فعيل. وقال شمر : قال بعضهم : الصّيّب : الغيم ذو المطر. وقال الأخفش : هو المطر».

إن الصاد فيها مبدلة من السين لم تكن الخاء غلطا. يقال ساخ في الأرض يسوخ ويسيخ إذا دخل فيها.

(صيد) قد تكرر ذكر «الصَّيْد» في الحديث اسما وفعلا ومصدرا. يقال صَادَ يَصِيدُ صَيْداً ، فهو صَائِد ، ومَصِيد. وقد يقع الصَّيْد على المَصِيد نفسه ، تسمية بالمصدر. كقوله تعالى (لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ) قيل : لا يقال للشّيء صَيْدٌ حتى يكون ممتنعا حلالا لا مالك له.

وفي حديث أبي قتادة «قال له : أشرتم أو أَصَدْتُمْ» يقال : أَصَدْتُ غيري إذا حملته على الصَّيْد وأغريته به.

وفيه «إنّا اصَّدْنَا حمار وحش» هكذا روي بصاد مشدّدة. وأصله اصْطَدْنَا ، فقلبت الطاء صادا وأدغمت ، مثل اصّبر ، في اصطبر. وأصل الطّاء مبدلة من تاء افتعل.

وفي حديث الحجّاج «قال لامرأة : إنك كتون لفوت لقوف صَيُودٌ» (١) أراد أنها تَصِيدُ شيئا من زوجها. وفعول من أبنية المبالغة.

(ه) وفيه «أنه قال لعليّ رضي‌الله‌عنه «أنت الذّائد عن حوضي يوم القيامة ، تذود عنه الرّجال كما يذاد البعير الصَّاد» يعنى الّذي به الصَّيْد ، وهو داء يصيب الإبل في رؤسها فتسيل أنوفها وترفع رؤسها ، ولا تقدر أن تلوى معه أعناقها. يقال بعير صَادٌ. أي ذو صَادٍ ، كما يقال رجل مال ، ويوم راح : أي ذو مال وريح. وقيل أصل صَاد : صَيِدٌ بالكسر ، ويجوز أن يروى : صادٍ بالكسر ، على أنه اسم فاعل من الصَّدَى : العطش.

ومنه حديث ابن الأكوع «قلت لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : إنّي رجل أَصِيدُ أفأصلّي في القميص الواحد؟ قال : نعم ، وازرره عليك ولو بشوكة» هكذا جاء في رواية ، وهو الذي في رقبته علّة لا يمكنه الالتفات معها. والمشهور «إنّي رجلٌ أَصِيدُ» ، من الاصْطِيَاد.

__________________

(١) فى ا : «إنك كتون لفوت صيود» وفى اللسان : «كنون كفوت صيود» والمثبت من الأصل ، وهو موافق لرواية المصنف فى (كتن ، لفت ، لقف).

وفي حديث جابر رضي‌الله‌عنه «كان يحلف أنّ ابن صَيَّاد الدّجّال» قد اختلف الناس فيه كثيرا ، وهو رجل من اليهود أو دخيل فيهم ، واسمه صافُ ، فيما قيل ، وكان عنده شيء من الكهانة والسّحر. وجملة أمره أنه كان فتنة امتحن الله به عباده المؤمنين ، (لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ) ، ثم إنه مات بالمدينة في الأكثر. وقيل إنه فقد يوم الحرّة فلم يجدوه. والله أعلم.

(صير) (ه) فيه «من اطّلع مِن صِيرِ بابٍ فقد دَمَرَ» الصِّيرُ : شقّ الباب. ودمر : دخل

(ه) وفي حديث عرضه على القبائل «قال له المثنّى بن حارثة : إنا نزلنا بين صِيرَيْنِ ، اليمامة والسّمامة ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : وما هذان الصِّيرَانِ؟ فقال : مياه العرب وأنهار كسرى» الصِّيرُ : الماء الذي يحضره الناس ، وقد صَارَ القوم يَصِيرُونَ إذا حضروا الماء. ويروى : «بين صِيرَتَيْنِ» ، وهي فِعْلة منه. ويروى «بين صَرَيَيْنِ» ، تثنية صرًى. وقد تقدم.

(ه) وفيه «ما من أمّتي أحد إلّا وأنا أعرفه يوم القيامة ، قالوا : وكيف تعرفهم مع كثرة الخلائق؟ قال : أرأيت لو دخلت صِيرَةً فيها خيل دهم وفيها فرس أغرّ محجّل أما كنت تعرفه منها؟» الصِّيرَة : حظيرة تتّخذ للدوابّ من الحجارة وأغصان الشّجر. وجمعها صِيَر. قال الخطّابي : قال أبو عبيد : صَيْرَة بالفتح ، وهو غلط.

(س) وفيه «أنه قال لعلىّ : ألا أعلّمك كلمات لو قلتهن وعليك مثل صِيرٍ غُفِرَ لك» هو اسم جبل. ويروى «صُور» ، بالواو.

(س) وفي رواية أبي وائل «إنّ عليا رضي‌الله‌عنه قال : لو كان عليك مثل صِيرٍ دينا لأدّاه الله عنك» ويروى «صَبِير». وقد تقدم.

(ه) وفي حديث ابن عمر رضي‌الله‌عنهما «أنه مرّ به رجل معه صِيرٌ فذاق منه» جاء تفسيره في الحديث أنه الصّحناء ، وهي الصّحناة (١) قال ابن دريد : أحسبه سريانيّا.

__________________

(١) فى ا والهروى بكسر الصاد المشددة. قال فى القاموس (صحن) : والصّحنا والصّحناة ، ويمدان ويكسران.

ومنه حديث المعافرىّ «لعلّ الصِّيرَ أحبُّ إليك من هذا».

وفي حديث الدعاء «(عَلَيْكَ تَوَكَّلْنا) ... (وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ)» أي المرجع. يقال صِرْتُ إلى فلان أَصِيرُ مَصِيراً ، وهو شاذّ. والقياس مَصَاراً مثل ، معاش.

(صيص) (ه) فيه «أنه ذكر فتنة تكون في أقطار الأرض كأنها صَيَاصِي بقر» أي قرونها ، واحدتها صِيصِيَة ، بالتخفيف. شبّه الفتنة بها لشدّتها وصعوبة الأمر فيها. وكلّ شيء امتنع به وتحصّن به فهو صِيصِيَةٌ.

ومنه قيل للحصون «الصَّيَاصِي» وقيل : شبّه الرّماح التي تشرع في الفتنة وما يشبهها من سائر السلاح بقرون بقر مجتمعة.

(س ه) ومنه حديث أبي هريرة رضي‌الله‌عنه «أصحاب الدّجال شواربهم كالصَّيَاصِي» يعنى أنهم أطالوها وفتلوها حتى صارت كأنها قرون بقر. والصِّيصِيَّة أيضا : الوتد (١) الذي يقلع به التّمر ، والصّنّارة التي يغزل بها وينسج.

ومنه حديث حميد بن هلال «أنّ امرأة خرجت : في سريّة وتركت ثنتى عشرة عنزا لها وصِيصِيَتَهَا التي كانت تنسج بها».

(صيغ) (س) في حديث الحجّاج «رميت بكذا وكذا صِيغَةً من كثب في عدوّك» يريد سهاما رمى بها فيه. يقال هذه سهام صِيغَةٌ ، أي مستوية من عمل رجل واحد. وأصلها الواو فانقلبت ياء لكسرة ما قبلها. يقال هذا صَوْغُ هذا ، إذا كان على قدره ، وهما صَوْغَانِ : أي سيّان. ويقال صِيغَةُ الأمرِ كذا وكذا : أي هيأته التي بني عليها وصَاغَهَا قائله أو فاعله.

(صيف) (س ه) في حديث أنس رضي‌الله‌عنه «أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم شاور أبا بكر يوم بدر في الأسرى ، فتكلّم أبو بكر فصَافَ عنه» أي عدل بوجهه عنه ليشاور غيره. يقال صَافَ السّهم يَصِيفُ ، إذا عدل عن الهدف.

(ه) ومنه الحديث الآخر «صَافَ أبو بكر عن أبي بردة».

(س) وفي حديث عبادة «أنه صلّى في جبّة صَيِّفَة» أي كثيرة الصُّوف. يقال صَافَ الكبشُ

__________________

(١) فى الهروى : «الودّ» وهو والوتد بمعنى.

يَصُوفُ صَوْفاً فهو صَائِف وصَيِّف ، إذا كثر صُوفُهُ. وبناء اللفظة : صَيْوِفَة ، فقلبت ياء وأدغمت. وذكرناها هاهنا لظاهر لفظها.

(س) وفي حديث الكلالة «حين سئل عنها عمر فقال له : تكفيك آية الصَّيْف» أي التي نزلت في الصَّيْف. وهي الآية التي في آخر سورة النّساء. والّتي في أولها نزلت في الشّتاء.

(س) وفي حديث سليمان بن عبد الملك لما حضرته الوفاة قال :

إنّ بَنِيَّ صِبْيَةٌ صَيْفِيُّون

أفلح من كان له رِبْعِيُّون

أي ولدوا على الكبر : يقال أَصَافَ الرجلُ يُصِيفُ إِصَافَةً إذا لم يولد له حتى يسنّ ويكبر. وأولاده صَيْفِيُّون. والرّبيعيّون الذين ولدوا في حداثته وأوّل شبابه. وإنّما قال ذلك ، لأنه لم يكن له في أبنائه من يقلّده العهد بعده.

حرف الضاد

(باب الضاد مع الهمزة)

(ضأضأ) (ه) في حديث الخوارج «يخرج من ضِئْضِئِ هذا قومٌ يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم ، يمرقون من الدّين كما يمرق السهم من الرّميّة» الضِّئْضِئُ : الأصل. يقال ضِئْضِئُ صدقٍ ، وضُوضُؤُ صدق. وحكى بعضهم ضِئْضِيءٌ ، بوزن قنديل ، يريد أنه يخرج من نسله وعقبه. ورواه بعضهم بالصّاد المهملة. وهو بمعناه.

ومنه حديث عمر «أعطيت ناقة في سبيل الله فأردت أن أشتري من نسلها ، أو قال من ضِئْضِئِهَا ، فسألت النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : دعها حتى تجيء يوم القيامة هي وأولادها في ميزانك».

(ضأل) (ه) في حديث إسرافيل عليه‌السلام «وإنه لَيَتَضَاءَلُ من خشية الله» وفي رواية «لعظمة الله» أي يتصاغر تواضعا له. وتَضَاءَلَ الشّيءُ إذا انقبض وانضمّ بعضه إلى بعض ، فهو ضَئِيلٌ. والضَّئِيلُ : النّحيف الدّقيق.

(س) ومنه حديث عمر «أنه قال للجنّي : إنى أراك ضَئِيلاً شخيتا».

(س) وحديث الأحنف «إنك لَضَئِيلٌ» أي نحيف ضعيف. وقد تكرر في الحديث.

(ضأن) في حديث شقيق «مثل قرّاء هذا الزّمان كمثل غنمٍ ضَوَائِنَ ذات صوف عجاف» الضَّوَائِن : جمع ضَائِنَة ، وهي الشاة من الغنم ، خلاف المعز.

(باب الضاد مع الباء)

(ضبأ) (ه) فيه «فضَبَأَ إلى ناقته» أي لزق بالأرض يستتر بها. يقال أَضْبَأْتُ إليه أَضْبَأ إذا لجأت إليه. ويقال فيه أَضْبَأ يُضْبِئُ فهو مُضْبِئٌ.

ومنه حديث علي رضي‌الله‌عنه «فإذا هو مُضْبِئٌ».

(ضبب) (ه) فيه «أن أعرابيا أتى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بِضَبٍ ، فقال : إنّي في غائط مُضِبَّة» هكذا جاء في الرّواية بضم الميم وكسر الضاد ، والمعروف بفتحهما. يقال أَضَبَّتْ أرضُ فلان إذا كثر ضِبَابُهَا. وهي أرض مَضَبَّة : أي ذات ضِبَابٍ ، مثل مأسدة ، ومذأبة ، ومربعة : أي ذات أسود وذئاب ويرابيع. وجمع المَضَبَّةِ : مَضَابّ ، فأمّا مُضِبَّة فهي اسم فاعل من أَضَبَّتْ كأغدّت ، فهي مغدّة ، فإن صحّت الرواية فهي بمعناها. ونحو من هذا البناء :

(س) الحديث الآخر : «لم أزل مُضِبّاً بعدُ» هو من الضَّبِ : الغضب والحقد : أي لم أزل ذا ضَبٍّ.

وحديث عليّ «كلّ منهما حامل ضَبٍ لصاحبه».

وحديث عائشة «فغضب القاسم وأَضَبَ عليها».

(س) والحديث الآخر «فلما أَضَبُّوا عليه» أي أكثروا. يقال : أَضَبُّوا ، إذا تكلّموا متتابعا ، وإذا نهضوا في الأمر جميعا.

(ه) وفي حديث ابن عمر «أنه كان يفضي بيديه إلى الأرض إذا سجد وهما تَضِبَّانِ دما» الضَّبُ : دون السّيلان ، يعنى أنه لم ير الدم القاطر ناقضا للوضوء. يقال ضَبَّتْ لثاتُهُ دما : أي قطرت.

ومنه الحديث «ما زال مُضِبّاً مذ اليوم» أي إذا تكلم ضَبَّتْ لثاتُهُ دما.

(س) وفي حديث أنس «إن الضَّبَ ليموت هزالا في جحره بذنب ابن آدم» أي يحبس المطر عنه بشؤم ذنوبهم. وإنما خصّ الضَّبّ لأنه أطول الحيوان نفسا ، وأصبرها على الجوع. وروى «الحُبَارَى» بدل الضَّبّ ، لأنها أبعد الطّير نجعة.

[ه] وفي حديث موسى وشعيب عليهما‌السلام «ليس فيها ضَبُوبٌ ولا ثَعُول» الضَّبُوب : الضَّيِّقَة ثقبُ الإحليل.

وفيه «كنت مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم في طريق مكة ، فأصابتنا ضَبَابَةٌ فرّقت بين الناس» هي البخار المتصاعد من الأرض في يوم الدّجن ، يصير كالظّلة تحجب الأبصار لظلمتها.

(ضبث) (ه) في حديث سميط (١) «أوحى الله تعالى إلى داود عليه‌السلام : قل للملأ من بني إسرائيل : لا يدعوني والخطايا بين أَضْبَاثِهِمْ» أي في قبضاتهم. والضَّبْثَة : القبضة : يقال ضَبَثْتُ على الشيء إذا قبضت عليه : أي هم محتقبون للأوزار ، محتملوها غير مقلعين عنها. ويروى بالنّون. وسيذكر.

ومنه حديث المغيرة «فُضُلٌ ضَبَاثٌ» أي مختالة (٢) معتلقة بكلّ شيء ممسكة له. هكذا جاء في رواية. والمشهور «مئناث» : أي تلد الإناث.

(ضبح) (ه) في حديث ابن مسعود «لا يخرجنّ أحدكم إلى ضَبْحَة بليل ـ أي صيحة يسمعها ـ فلعلّه يصيبه مكروه» وهو من الضَّبَاحِ : صوت الثعلب ، والصّوت الذي يسمع من جوف الفرس. ويروى «صيحة» بالصّاد والياء (٣).

ومنه حديث ابن الزّبير «قاتل الله فلانا. ضَبَحَ ضَبْحَةَ الثعلب وقبع قبعة القنفذ».

(س) وحديث أبي هريرة «إن أُعْطِيَ مدح وضَبَحَ» أي صاح وخاصم عن معطيه. وفي شعر أبي طالب :

فإنّي والضَّوَابِحِ (٤) كلّ يوم

هي جمع ضَابِح ، يريد القسم بمن يرفع صوته بالقراءة ، وهو جمع شاذّ في صفة الآدمي كفوارس.

(ضبر) (ه) في حديث أهل النار «يخرجون من النّار ضَبَائِرَ ضَبَائِر» هم الجماعات في تفرقة ، واحدتها ضِبَارَة ، مثل عمارة وعمائر. وكل مجتمع : ضِبَارَة.

__________________

(١) فى الأصل وا : «شميط» بالشين المعجمة ، وأثبتناه بالسين المهملة من الهروى واللسان. وانظر أسد الغابة ٢ / ٣٥٧ ، الإصابة ١٣٣٣.

(٢) فى الأصل : «محتالة» بالحاء المهملة. وكتبناه بالمعجمة من ا واللسان.

(٣) الذى فى الهروى : «ضيحة ، بالضاد والياء» ضبط قلم.

(٤) سبقت بفتح الحاء فى ص ٣٧٣ ، ٥١٦ من الجزء الثانى. وكذلك ضبطت فى اللسان.

وفي رواية أخرى «فيخرجون ضِبَارَاتٍ ضِبَارَات» هو جمع صحّة للضِّبَارَة ، والأوّل جمع تكسير.

ومنه الحديث «أتته الملائكة بحريرة فيها مسك ومن ضَبَائِر الرّيحان».

وفي حديث سعد بن أبي وقّاص رضي‌الله‌عنه «الضَّبْرُ ضَبْرُ البلقاء ، والطعن طعن أبي محجن» الضَّبْر : أن يجمع الفرس قوائمه ويثب. والبلقاء : فرس سعد.

وكان سعد حبس أبا محجن الثّقفي في شرب الخمر وهم في قتال الفرس ، فلمّا كان يوم القادسيّة رأى أبو محجن من الفرس قوّة ، فقال لامرأة سعد : أطلقيني ولك الله عليَّ إن سلّمني الله أن أرجع حتى أضع رجلي في القيد ، فحلّته فركب فرسا لسعد يقال لها البلقاء ، فجعل لا يحمل على ناحية من العدوّ إلّا هزمهم ، ثم رجع حتى وضع رجليه في القيد ، ووفى لها بذمّته. فلمّا رجع سعد أخبرته بما كان من أمره ، فخلّى سبيله.

(ه) وفي حديث الزّهري ، وذكر بني إسرائيل فقال : «جعل الله جوزهم الضَّبْر» هو جوز البرّ.

وفيه «إنّا لا نأمن أن يأتوا بِضَبُورٍ» هي الدّبّابات التي تقرّب إلى الحصون لينقب من تحتها ، الواحدة ضَبْرَة (١).

(ضبس) (ه) في حديث طهفة «والفلوّ الضَّبِيس» الفلوّ : المهر ، والضَّبِيس : الصّعب العسر. يقال رجلٌ ضَبِسٌ وضَبِيسٌ.

ومنه حديث عمر وذكر الزبير فقال : «ضَبِسٌ ضَرِسٌ».

(ضبط) (ه) فيه «أنه سئل عن الأَضْبَط» هو الذي يعمل بيديه جميعا ، يعمل بيساره كما يعمل بيمينه.

وفي الحديث «يأتي على النّاس زمان وإنّ البعير الضَّابِط والمزادتين أحبّ إلى الرجل ممّا يملك» الضَّابِط : القوىّ على عمله.

__________________

(١) فى الهروى : «الواحد ضبر» وكذا فى الفائق ٢ / ٢٧٨. وانظر القاموس (ضبر).

[ه] وفي حديث أنس «سافر ناس من الأنصار فأرملوا ، فمرّوا بحيٍّ من العرب فسألوهم القرى فلم يقروهم ، وسألوهم الشّراء فلم يبيعوهم ، فَتَضَبَّطُوهُم وأصابوا منهم (١)» يقال تَضَبَّطْتُ فلانا إذا أخذته على حبس منك له وقهر.

(ضبع) [ه] فيه «أنّ رجلا أتاه فقال : قد أكلتنا الضَّبُع يا رسول الله» يعنى السّنة المجدبة ، وهي في الأصل الحيوان المعروف. والعرب تكنى به عن سنة الجدب.

ومنه حديث عمر «خشيت أن تأكلهم الضَّبُع».

(س) وفيه «أنه مرّ في حجّه على امرأة معها ابن لها صغير ، فأخذت بِضَبْعَيْهِ وقالت : ألهذا حجّ؟ فقال : نعم ، ولك أجر» الضَّبْع بسكون الباء : وسط العضد. وقيل هو ما تحت الإبط.

(س) ومنه الحديث «أنه طاف مُضْطَبِعاً وعليه برد أخضر» هو أن يأخذ الإزار أو البرد فيجعل وسطه تحت إبطه الأيمن ، ويلقى طرفيه على كتفه الأيسر من جهتي صدره وظهره. وسمّي بذلك لإبداء الضَّبْعَيْن. ويقال للإبط الضَّبْع ، للمجاورة.

(س) وفي قصة إبراهيم عليه‌السلام وشفاعته في أبيه «فيمسخه الله ضِبْعَاناً أَمْدَرَ» الضِّبْعَانُ : ذَكَرُ الضِّبَاعِ.

(ضبن) (ه) فيه «اللهمّ إني أعوذ بك من الضُّبْنَة في السّفر» الضُّبْنَة والضِّبْنَة (٢) : ما تحت يدك من مال وعيال ومن تلزمك نفقته. سُمُّوا ضُبْنَةً ضِبْنَةً ، لأنّهم في ضِبْنِ مَن يعولهم. والضِّبْن : ما بين الكشح والإبط (٣). تعوّذ بالله من كثرة العيال في مظنّة الحاجة وهو السّفر. وقيل تعوّذ من صحبة من لا غناء فيه ولا كفاية من الرّفاق ، إنما هو كلّ وعيال على من يرافقه.

(ه) ومنه الحديث «فدعا بميضأة فجعلها في ضِبْنِهِ» أي حضنه. واضْطَبَنْتُ الشّيءَ إذا جعلته في ضِبْنِكَ.

__________________

(١) فى الهروى : «فضبطوهم وأصابوا فيهم».

(٢) الضبنة ، مثلثة الضاد ، وضبنة ، كفرحة. القاموس (ضبن).

(٣) عبارة الهروى : «الضبن : فوق الكشح ودون الإبط ، والحضر ما بينهما».

(ه) ومنه حديث عمر «إنّ الكعبة تَفِيءُ على دار فلان بالغداة ، وتفيء [هي](١) على الكعبة بالعشيّ. وكان يقال لها رضيعة الكعبة ، فقال : إنّ داركم قد ضَبَنَتِ الكعبةَ ، ولا بدّ لي من هدمها» أي أنها لمّا صارت الكعبة في فيئها بالعشيّ كانت كأنها قد ضَبَنَتْهَا ، كما يحمل الإنسان الشيء في ضِبْنِهِ.

(س) ومنه حديث ابن عمر «يقول القبر : يا ابن آدم قد حُذِّرْت ضيقي ونتني وضِبْنِي» أي جنبي وناحيتي. وجمع الضِّبْن أَضْبَان.

ومنه حديث سميط (٢) «لا يدعوني والخطايا بين أَضْبَانِهِم» أي يحملون الأوزار على جنوبهم. ويروى بالثاء المثلّثة. وقد تقدّم.

(باب الضاد مع الجيم)

(ضجج) (س) في حديث حذيفة «لا يأتي على الناس زمان يَضِجُّونَ منه إلّا أردفهم الله أمرا يشغلهم عنه» الضَّجِيج : الصّياح عند المكروه والمشقّة والجزع.

(ضجع) فيه «كانت ضِجْعَةُ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أَدَما حشوها ليف» الضِّجْعَة بالكسر : من الاضْطِجَاعِ ، وهو النّوم ، كالجِلسة من الجلوس ، وبفتحها المرّة الواحدة. والمراد ما كان يَضْطَجِعُ عليه ، فيكون في الكلام مضاف محذوف ، والتقدير : كانت ذات ضِجْعَتِهِ ، أو ذات اضْطِجَاعِهِ فراش أدم حشوها ليف.

(س) وفي حديث عمر رضي‌الله‌عنه «جمع كومة من رمل وانْضَجَعَ عليها» هو مطاوع أَضْجَعَهُ ، نحو أزعجته فانزعج ، وأطلقته فانطلق. وانفعل بابه الثلاثي ، وإنما جاء في الرّباعي قليلا على إنابة أَفْعَلَ مناب فَعَلَ.

(ضجن) (س) فيه «أنه أقبل حتى إذا كان بِضَجْنَان» هو موضع أو جبل بين مكة والمدينة. وقد تكرر في الحديث.

__________________

(١) سقطت من ا واللسان ، وهى فى الأصل والهروى.

(٢) انظر تعليقنا ص ٧١.

(باب الضاد مع الحاء)

(ضحح) (ه) في حديث أبي خيثمة «يكون رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في الضِّحِ والرّيح ، وأنا في الظّل!» أي يكون بارزا لحرّ الشمس وهبوب الرّياح. والضِّحّ بالكسر : ضوء الشمس إذا استمكن من الأرض ، وهو كالقمراء للقمر. هكذا هو أصل الحديث. ومعناه.

وذكره الهروي فقال : أراد كثرة الخيل والجيش. يقال جاء فلان بالضِّحِ والرّيح : أي بما طلعت عليه الشمس وهبّت عليه (١) الريح ، يعنون المال الكثير. هكذا فسره الهروي. والأوّل أشبه بهذا الحديث.

ومن الأوّل الحديث «لا يقعدنّ أحدكم بين الضِّحِ والظّل فإنه مقعد الشيطان» أي يكون نصفه في الشمس ونصفه في الظّل.

وحديث عيّاش بن أبي ربيعة «لمّا هاجر أقسمت أمّه بالله لا يظلّها ظلّ ولا تزال في الضِّحِ والرّيح حتى يرجع إليها».

(س) ومن الثاني الحديث الآخر «لو مات كعب عن الضِّحِ والريح لورثه الزّبير» أراد أنه لو مات عمّا طلعت عليه الشمس وجرت عليه الرّيح ، كني بهما عن كثرة المال. وكان النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قد آخى بين الزّبير وبين كعب بن مالك. ويروى «عن الضّيح والرّيح». وسيجيء.

(ضحضح) (ه) في حديث أبي طالب «وجدته في غمرات من النّار فأخرجته إلى ضَحْضَاحٍ» وفي رواية «أنه في ضَحْضَاحٍ من نار يغلي منه دماغه!» الضَّحْضَاح في الأصل : ما رقّ من الماء على وجه الأرض ما يبلغ الكعبين ، فاستعاره للنار.

ومنه حديث عمرو بن العاص يصف عمر ، قال : «جانب غمرتها ، ومشى ضَحْضَاحها وما ابتلّت قدماه» أي لم يتعلّق من الدنيا بشيء. وقد تكرر في الحديث.

(ضحك) (ه) فيه «يبعث الله تعالى السّحاب فَيَضْحَكُ أحسن الضَّحِك» جعل انجلاءه

__________________

(١) فى الهروى : «به».

عن البرق ضَحِكاً ، استعارة ومجازا ، كما يفترّ الضَّاحِك عن الثّغر. وكقولهم ضَحِكَتِ الأرضُ ، إذا أخرجت نباتها وزهرتها.

(ه) وفيه «ما أوضحوا بضَاحِكَة» أي ما تبسّموا. والضَّوَاحِك : الأسنان التي تظهر عند التّبسّم.

(ضحل) (س) في كتابه لأكيدر «ولنا الضّاحية من الضَّحْل» الضَّحْل بالسكون : القليل من الماء. وقيل هو الماء القريب المكان ، وبالتحريك مكان الضَّحْل. ويروى «الضّاحية من البعل». وقد تقدّم في الباء.

(ضحا) (س) فيه «إنّ على كلّ أهل بيت أَضْحَاةً كلّ عام» أي أُضْحِيَّة. وفيها أربع لغات : أُضْحِيَّة ، وإِضْحِيَّة ، والجمع أَضَاحِيّ. وضَحِيَّة ، والجمع ضَحَايَا. وأَضْحَاة ، والجمع أَضْحًى. وقد تكرر في الحديث.

(س) وفي حديث سلمة بن الأكوع «بينا نحن نَتَضَحَّى مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم» أي نتغدّى. والأصل فيه أن العرب كانوا يسيرون في ظعنهم ، فإذا مرّوا ببقعة من الأرض فيها كلأ وعشب قال قائلهم : ألا ضَحُّوا رُوَيدا ، أي ارفقوا بالإبل ، حتى تَتَضَحَّى ، أي تنال من هذا المرعى ، ثم وضعت التَّضْحِيَة مكان الرّفق لتصل الإبل إلى المنزل وقد شبعت ، ثم اتّسع فيه حتى قيل لكلّ من أكل في وقت الضُّحَى : هو يَتَضَحَّى ، أي يأكل في هذا الوقت. كما يقال يتغدّى ويتعشّى في الغداء والعشاء. والضَّحَاء بالمدّ والفتح : هو إذا علت الشمس إلى ربع السماء فما بعده.

(س) ومنه حديث بلال «فلقد رأيتهم يتروّحون في الضَّحَاء» : أي قريبا من نصف النهار ، فأما الضَّحْوَة فهو ارتفاع أوّل النهار. والضُّحَى بالضم والقصر فوقه ، وبه سمّيت صلاة الضُّحَى. وقد تكرر ذكرها في الحديث.

(س) ومنه حديث عمر «اضْحُوا بصلاة الضُّحَى» أي صلّوها لوقتها ولا تؤخّروها إلى ارتفاع الضُّحَى.

(ه) ومن الأول كتاب عليّ إلى ابن عباس «ألا ضَحِ رويداً (١) قد بلغت المدى» أي اصبر قليلا.

(ه) ومنه حديث أبي بكر «فإذا نضب عمره وضَحَا ظلُّه» أي مات. يقال ضَحَا الظِّلُّ إذا صار شمسا ، فإذا صار ظلّ الإنسان شمسا فقد بطل صاحبه.

(ه) ومنه حديث الاستسقاء «اللهمّ ضَاحَتْ بلادُنا واغبرّت أرضنا» أي برزت للشمس وظهرت لعدم النّبات فيها. وهي فاعَلَت ، من ضَحَى ، مثل رامت من رمى ، وأصلها : ضَاحَيَتْ.

(ه) ومنه حديث ابن عمر «رأى محرما قد استظلّ ، فقال : أَضْحِ لمن أحرمت له» أي اظهر واعتزل الكنّ والظّلّ ، يقال ضَحَيْتُ للشمس ، وضَحِيتُ أَضْحَى فيهما إذا برزت لها وظهرت.

قال الجوهرى : يرويه المحدّثون «أَضْحِ» بفتح الألف وكسر الحاء (٢). وإنما هو بالعكس.

(س) ومنه حديث عائشة «فلم يرعني إلا ورسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قد ضَحَا» أي ظهر.

(ه) ومنه الحديث «ولنا الضَّاحِيَة من البعل» أي الظاهرة البارزة التي لا حائل دونها.

(س) ومنه الحديث «أنه قال لأبي ذرّ : إني أخاف عليك من هذه الضَّاحِيَة» أي الناحية البارزة.

(س) وحديث عمر «أنه رأى عمرو بن حريث ، فقال : إلى أين؟ قال : إلى الشام ، قال : أما إنها ضَاحِيَة قومك» أي ناحيتهم.

__________________

(١) رواية الهروى : «ألا ضحّ رويدا فكأن قد بلغت المدى». وهى رواية الزمخشرى أيضا فى الفائق ٢ / ٤٢٨.

(٢) بعد هذا فى الصحاح (ضحا) : من أضحيت. وقال الأصمعي : إنما هو «اضح لمن أحرمت له» ، بكسر الألف وفتح الحاء ، من ضحيت أضحى ، لإنه إنما أمره بالبروز للشمس ، ومنه قوله تعالى : (وَأَنَّكَ لا تَظْمَؤُا فِيها وَلا تَضْحى). ا ه واللفظة فى الهروى : «إضح» ، ضبط قلم.

ومنه حديث أبي هريرة «وضَاحِيَة مُضَرَ مخالفون لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم» أي أهل البادية منهم. وجمع الضَّاحِيَة : ضَوَاحٍ.

ومنه حديث أنس «قال له : البصرة إحدى المؤتفكات فانزل في ضَوَاحِيها».

ومنه قيل «قريش الضَّوَاحِي» أي النازلون بظواهر مكة.

(ه) وفي حديث إسلام أبي ذرّ «في ليلة إِضْحِيَانٍ» [أي مضيئة (١)] مقمرة. يقال ليلة إِضْحِيَانٌ وإِضْحِيَانَةٌ (٢) والألف والنون زائدتان.

(باب الضاد مع الراء)

(ضرأ) (س) في حديث معديكرب «مشوا في الضَّرَاءِ» هو بالفتح والمد : الشّجر الملتفّ في الوادي. وفلان يمشي الضَّرَاء ، إذا مشى مستخفيا فيما يواري من الشّجر. ويقال للرّجل إذا ختل صاحبه ومكر به : هو يدبّ له الضَّرَاء ويمشي له الخمر (٣).

وهذه اللفظة ذكرها الجوهرى في المعتل ، وهو بابها ، لأن همزتها منقلبة عن ألف وليست أصلية ، وأبو موسى ذكرها في الهمزة حملا على ظاهر لفظها فاتّبعناه.

(ضرب) قد تكرر في الحديث «ضَرْبُ الأمثالِ» وهو اعتبار الشيء بغيره وتمثيله به. والضَّرْب : المثال.

وفي صفة موسى عليه‌السلام «أنه ضَرْبٌ من الرّجال» هو الخفيف اللحم الممشوق المستدقّ.

وفي رواية «فإذا رجل مُضْطَرِبٌ ، رَجْلُ الرأسِ» هو مفتعل من الضَّرْب ، والطاء بدل من تاء الافتعال.

__________________

(١) سقطت من ا واللسان.

(٢) زاد الهروى : «وضحيانة وضحياء ، ويوم ضحيان. قال : وهكذا جاء فى الحديث».

(٣) عبارة الجوهرى. «هو يمشى له الضّراء ويدبّ له الخمر». الصحاح (ضرا).

(س) ومنه في صفة الدجال «طُوَال ضَرْبٌ من الرجال».

(س) وفيه «لا تُضْرَبُ أكباد الإبل إلّا إلى ثلاثة مساجد» أي لا تركب ولا يسار عليها. يقال ضَرَبْتُ في الأرض ، إذا سافرت.

(ه) ومنه حديث علي «إذا كان كذا ضَرَبَ يعسوب الدّين بذنبه» أي أسرع الذهاب في الأرض فرارا من الفتن.

(س) ومنه حديث الزّهري «لا تصلح مُضَارَبَةُ من طعمته حرام» المُضَارَبَة : أن تعطي مالا لغيرك يتّجر فيه فيكون له سهم معلوم من الرّبح ، وهي مفاعلة من الضَّرْب في الأرض والسّير فيها للتّجارة.

وفي حديث المغيرة «أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم انطلق حتى تَوَارى عنّي فضَرَبَ الخلاءَ ثم جاء» يقال ذهب يَضْرِبُ الغائطَ. والخلاء ، والأرض ، إذا ذهب لقضاء الحاجة.

(س) ومنه الحديث «لا يذهب الرّجلان يَضْرِبَان الغائط يتحدثان».

وفيه «أنه نهى عن ضِرَاب الجمل» هو نزوه على الأنثى. والمراد بالنهي ما يؤخذ عليه من الأجرة ، لا عن نفس الضِّرَاب. وتقديره : نهى عن ثمن ضِرَاب الجمل ، كنهيه عن عسب الفحل : أي عن ثمنه. يقال : ضَرَبَ الجملُ الناقة يَضْرِبُها إذا نزا عليها. وأَضْرَبَ فلانٌ ناقته : أي أنزى الفحل عليها.

(س) ومنه الحديث الآخر «ضِرَاب الفحل من السّحت» أي أنه حرام. وهذا عامّ في كلّ فحل.

(س) وفي حديث الحجّام «كم ضَرِيبَتُكَ؟» الضَّرِيبَة : ما يؤدّي العبد إلى سيّده من الخراج المقرّر عليه ، وهي فعيلة بمعنى مفعولة ، وتجمع على ضَرَائِب.

ومنه حديث الإماء «اللّاتي كان عليهن لمواليهنّ ضَرَائِب».

وقد تكرّر ذكرها في الحديث مفردا ومجموعا.

(ه) وفيه «أنه نهى عن ضَرْبَة الغائص» هو أن يقول الغائص في البحر للتّاجر : أغوص غوصة ، فما أخرجته فهو لك بكذا ، نهى عنه لأنه غرر.

(ه) وفيه «ذاكر الله في الغافلين كالشجرة الخضراء وسط الشجر الذي تحاتّ من الضَّرِيب» هو الجليد.

(ه) وفيه «إنّ المسلم المسدّد ليدرك درجة الصّوّام بحسن ضَرِيبَتِهِ» أي طبيعته وسجيّته.

(ه) وفيه «أنه اضْطَرَبَ خاتما من ذهب» أي أمر أن يُضْرَبَ له ويصاغ ، وهو افتعل من الضَّرْب : الصياغة ، والطاء بدل من التاء.

ومنه الحديث «يَضْطَرِبُ بناءً في المسجد» أي ينصبه ويقيمه على أوتاد مَضْرُوبَة في الأرض.

وفيه «حتى ضَرَبَ الناس بعطن» أي رويت إبلهم حتى بركت وأقامت مكانها.

وفيه «فضُرِبَ على آذانهم» هو كناية عن النوم ، ومعناه حجب الصوت والحسّ أن يلجا آذانهم فينتبهوا ، فكأنها قد ضُرِبَ عليها حجاب.

ومنه حديث أبي ذرّ «ضُرِبَ على أصمختهم فما يطوف بالبيت أحد».

وفي حديث ابن عمر «فأردت أن أَضْرِبَ على يده» أي أعقد معه البيع ، لأنّ من عادة المتبايعين أن يضع أحدهما يده في يد الآخر عند عقد التّبايع.

(س) وفيه «الصُّداع ضَرَبَانٌ في الصُّدغين» ضَرَبَ العرقُ ضَرَبَاناً وضَرْباً إذا تحرّك بقوّة.

(س) وفيه «فضَرَبَ الدّهرُ من ضَرَبَانِهِ» ويروى «من ضَرْبِهِ» أي مرّ من مروره وذهب بعضه.

وفي حديث عائشة «عتبوا على عثمان ضَرْبَةَ السّوطِ والعصا» أي كان من قبله يَضْرِب في العقوبات بالدّرّة والنّعل ، فخالفهم.

(س) وفي حديث ابن عبد العزيز «إذا ذهب هذا وضُرَبَاؤُهُ» هم الأمثال والنُّظَرَاء ، واحدهم : ضَرِيب.

(س) وفي حديث الحجّاج «لأجزُرَنّك جَزْرَ الضَّرَب» هو بفتح الراء : «العسل الأبيض الغليظ. ويروى بالصّاد ، وهو العسل الأحمر.

(ضرج) (س) فيه «قال : مرّ بي جعفر في نفر من الملائكة مُضَرَّج الجناحين بالدّم» أي ملطّخا به.

(س) ومنه الحديث «وعليّ ريطة مُضَرَّجَة» أي ليس صبغها بالمشبع.

(س) وفي كتابه لوائل «وضَرَّجُوهُ بالأضاميم» أي دمّوه بالضَّرْب. والضَّرْج : الشَّقّ أيضا.

ومنه حديث المرأة صاحبة المزادتين «تكاد تَتَضَرَّجُ من الملء» أي تنشقّ.

(ضرح) (ه) فيه «الضُّرَاح بيتٌ في السّماء حيال الكعبة» ويروى : «الضَّرِيح» ، وهو البيت المعمور ، من المُضَارَحَة ، وهي المقابلة والمضارعة. وقد جاء ذكره في حديث عليّ ومجاهد ، ومن رواه بالصّاد فقد صحّف.

وفي حديث دفن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم «نرسل إلى اللّاحد والضَّارِح فأيّهما سبق تركناه» الضَّارِح : هو الذي يعمل الضَّرِيح ، وهو القبر ، فعيل بمعنى مفعول ، من الضَّرْح : الشّقّ في الأرض.

ومنه حديث سطيح «أوفى على الضَّرِيح» وقد تكرر في الحديث.

(ضرر) في أسماء الله تعالى «الضَّارّ» هو الذي يَضُرُّ من يشاء من خلقه ، حيث هو خالق الأشياء كلّها خيرها وشرّها ونفعها وضَرِّها.

(ه) وفيه «لا ضَرَرَ ولا ضِرَارَ في الإسلام» الضَّرُّ : ضدّ النفع ، ضَرَّهُ يَضُرُّه ضَرّاً وضِرَاراً وأَضَرَّ به يُضِرُّ إِضْرَاراً. فمعنى قوله لا ضَرَر : أي لا يَضُرُّ الرجلُ أخاه فينقصه شيئا من حقّه. والضِّرَار : فِعال ، من الضَّرّ : أي لا يجازيه على إِضْرَاره بإدخال الضَّرَر عليه. والضَّرَر : فعل الواحد والضِّرَار : فعل الاثنين ، والضَّرَر : ابتداء الفعل ، والضِّرَار : الجزاء عليه. وقيل الضَّرَر : ما تَضُرُّ به

صاحبك وتنتفع به أنت ، والضِّرَار : أن تَضُرَّه من غير أن تنتفع به. وقيل هما بمعنى ، وتكرارهما للتأكيد.

ومنه الحديث «إنّ الرجل ليعمل والمرأة بطاعة الله ستّين سنة ، ثم يحضرهما الموت فيُضَارِرَانِ في الوصيّة ، فتجب لها النّار» المُضَارَرَة في الوصيّة : أن لا تمضى ، أو ينقص (١) بعضها ، أو يوصى لغير أهلها ، ونحو ذلك مما يخالف السّنّة.

(ه) ومنه حديث الرّؤية «لا تُضَارُّون في رؤيته» يروى بالتشديد والتخفيف ، فالتشديد بمعنى لا تتخالفون ولا تتجادلون في صحّة النّظر إليه ، لوضوحه وظهوره. يقال ضَارَّه يُضَارُّه ، مثل ضَرَّه يَضُرُّه.

قال الجوهرى : «يقال أَضَرَّنِي (٢) فلانٌ ، إذا دنا منّي دنوّا شديدا».

فأراد بالمُضَارَّة الاجتماع والازدحام عند النّظر إليه. وأما التّخفيف فهو من الضّير ، لغة في الضُّرّ ، والمعنى فيه كالأوّل.

ومنه الحديث «لا يَضُرُّه أن يمسّ من طيب إن كان له» هذه كلمة تستعملها العرب ، ظاهرها الإباحة ، ومعناها الحضّ والتّرغيب.

(ه) ومنه حديث معاذ «أنه كان يصلّي فأَضَرَّ به غصن [فمدّه](٣) فكسره» أي دنا منه دنوّا شديدا فآذاه.

وفي حديث البراء «فجاء ابن أم مكتوم يشكو ضَرَارَتَهُ» الضَّرَارَة هاهنا : العَمَى. والرجل ضَرِيرٌ ، وهو من الضَّرّ : سوء الحال.

وفيه «ابْتُلِينا بالضَّرَّاء فصبرنا ، وابتلينا بالسَّرَّاء فلم نصبر» الضَّرَّاء : الحالة التي تَضُرُّ ، وهي نقيض السّرّاء ، وهما بناآن للمؤنث ، ولا مذكّر لهما ، يريد إنا اختبرنا بالفقر والشّدة والعذاب فصبرنا عليه ، فلما جاءتنا السّرّاء ، وهي الدّنيا والسّعة والرّاحة بطرنا ولم نصبر.

وفي حديث علي ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم «أنه نهى عن بيع المُضْطَرِّ» هذا يكون من

__________________

(١) فى ا «ينقض» بالضاد المعجمة.

(٢) الذى فى الصحاح (ضرر): «أضرّ بي».

(٣) من الهروى.

وجهين : أحدهما أن يُضْطَرَّ إلى العقد من طريق الإكراه عليه ، وهذا بيع فاسد لا ينعقد ، والثاني أن يُضْطَرَّ إلى البيع لدين ركبه أو مؤونة ترهقه فيبيع ما في يده بالوكس للضَّرُورة ، وهذا سبيله في حقّ الدّين والمروءة أن لا يبايع على هذا الوجه ، ولكن يعان ويقرض إلى الميسرة ، أو تشترى سلعته بقيمتها ، فإن عقد البيع مع الضّرورة على هذا الوجه صحّ ولم يفسخ ، مع كراهة أهل العلم له. ومعنى البيع هاهنا الشّراء أو المبايعة ، أو قبول البيع. والمُضْطَرّ : مفتعل من الضّر ، وأصله مضترر ، فأدغمت الراء وقلبت التّاء طاء لأجل الضّاد.

ومنه حديث ابن عمر «لا تبتع من مُضْطَرّ شيئا» حمله أبو عبيد على المكره على البيع ، وأنكر حمله على المحتاج.

وفي حديث سمرة «يجزي من الضَّارُورة صبوح أو غبوق» الضَّارُورة : لغة في الضَّرُورة. أي إنما يحل للمُضْطَرّ من الميتة أن يأكل منها ما يسدّ الرّمق غداء أو عشاء ، وليس له أن يجمع بينهما.

وفي حديث عمرو بن مرّة «عند اعتكار الضَّرَائِر» الضَّرَائِر : الأمور المختلفة ، كضَرَائر النّساء لا يتّفقن ، واحدتها ضَرَّة.

[ه] وفي حديث أمّ معبد.

له بصريح ضَرَّة الشّاة مُزْبِد

الضَّرَّة : أصل الضّرع.

(ضرس) فيه «أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم اشترى من رجل فرسا كان اسمه الضَّرِس ، فسماه السَّكْبَ ، وأوّل ما غزا عليه أُحُدا» الضَّرِس : الصّعب السيئ الخلق.

(ه) ومنه حديث عمر رضي‌الله‌عنه قال في الزّبير : «هو ضَبِسٌ ضَرِسٌ» يقال رجلٌ ضَرِسٌ وضَرِيسٌ.

(ه) ومنه الحديث في صفة عليّ «فإذا فُزِعَ فُزِعَ إلى ضَرِسٍ حديد» أي صعب العريكة قوىّ. ومن رواه بكسر الضّاد وسكون الراء فهو أحد الضُّرُوس ، وهي الآكام الخشنة : أي إلى جبل من حديد. ومعنى قوله : «إذا فزع» : أي فزع إليه والتجئ ، فحذف الجارّ واستتر الضّمير.

(س) ومنه حديثه الآخر «كان ما نشاء من ضِرْسٍ قاطع» أي ماض في الأمور نافذ العزيمة. يقال فلان ضِرْسٌ من الأَضْرَاس : أي داهية ، وهو في الأصل أحد الأسنان ، فاستعاره لذلك.

ومنه حديثه الآخر «لا يعضّ في العلم بِضِرْسٍ قاطع» أي لم يتقنه ولم يحكم الأمور.

(ه) وفي حديث ابن عباس «أنه كره الضَّرْس» هو صمت يوم إلى اللّيل. وأصله العضّ [الشديد](١) بالأَضْرَاس. أخرجه الهروي عن ابن عباس ، والزمخشرى عن أبي هريرة.

(س) وفي حديث وهب «أن ولد زنا في بني إسرائيل قرّب قربانا فلم يقبل ، فقال : يا ربّ يأكل أبواي الحَمْضَ وأَضْرَسُ أنا! أنت أكرم من ذلك. فقبل قربانه» الحَمْضُ : من مراعي الإبل إذا رعته ضَرِسَتْ أسنانُها. والضَّرَس ـ بالتحريك ـ : ما يعرض للأسنان من أكل الشّيء الحامض. المعنى : يذنب أبواي وأؤاخذ أنا بذنبهما.

(ضرط) (س) فيه «إذا نادى المنادي بالصّلاة أدبر الشيطان وله ضُرَاطٌ».

وفي رواية «وله ضَرِيطٌ» يقال ضُرَاط وضَرِيط ، كنهاق ونهيق.

(ه) ومنه حديث عليّ «أنه دخل بيت المال فأَضْرَطَ به» أي استخفّ به.

(س) ومنه حديثه الآخر «أنه سئل عن شيء فأَضْرَطَ بالسّائل» أي استخفّ به وأنكر قوله. وهو من قولهم : تكلّم فلان فأَضْرَطَ به فلانٌ ، وهو أن يجمع شفتيه ويخرج من بينهما صوتا يشبه الضَّرْطَة ، على سبيل الاستخفاف والاستهزاء.

(ضرع) (ه) فيه «أنه قال لولدَيْ جعفر رضي‌الله‌عنه : ما لي أراهما ضَارِعَيْنِ؟ فقالوا : إنّ العين تسرع إليهما» الضَّارِع : النّحيف الضّاوي الجسم. يقال ضَرِعَ يَضْرَعُ فهو ضَارِع وضَرَعٌ ، بالتّحريك.

(ه) ومنه حديث قيس بن عاصم «إني لأُفْقِرُ البَكْرَ الضَّرَع والنّاب المدبر» أي أُعِيرُهُما للركوب ، يعنى الجمل الضعيف والناقة الهرمة.

__________________

(١) من الهروى ، والقاموس (ضرس).

ومنه حديث المقداد «وإذا فيهما فَرَس آدمُ (١) ومُهْرٌ ضَرَعٌ».

وحديث عمرو بن العاص «لستُ بالضَّرَع».

(ه) ومنه قول الحجّاج لمسلم بن قتيبة «ما لي أراك ضَارع الجسم».

(س) وفي حديث عدىّ «قال له : لا يختلجنّ في صدرك شيء ضَارَعْتَ فيه النّصرانيّة» المُضَارَعَة : المشابهة والمقاربة ، وذلك أنه سأله عن طعام النّصارى ، فكأنه أراد : لا يتحرّكنّ في قلبك شكّ أنّ ما شابهت فيه النّصارى حرام أو خبيث أو مكروه.

وذكره الهروى في باب الحاء المهملة مع اللام (٢) ، ثم قال : يعنى أنه نظيف. وسياق الحديث لا ينساب هذا التّفسير.

ومنه حديث معمر بن عبد الله «إني أخاف أن تُضَارِعَ» أي أخاف أن يشبه فعلك الرّياء (٣).

ومنه حديث معاوية «لست بنُكَحَة طُلَقَة ، ولا بسُبَبَة ضُرَعَة» أي لست بشتّام للرّجال المشابه لهم والمساوي.

وفي حديث الاستسقاء «خرج متبذّلا مُتَضَرِّعاً» التَّضَرُّع : التذلّل والمبالغة في السّؤال والرّغبة. يقال ضَرِعَ يَضْرَعُ بالكسر والفتح ، وتَضَرَّعَ إذا خضع وذلّ.

ومنه حديث عمر رضي‌الله‌عنه «فقد ضَرَعَ الكبير ورقّ الصّغير».

ومنه حديث علي رضي‌الله‌عنه «أَضْرَعَ اللهُ خدودَكُم» أي أذلّها. وقد تكرر في الحديث.

(ه) وفي حديث سلمان رضي‌الله‌عنه «قد ضَرِعَ به» أي غلبه ، كذا فسّره الهروى ، وقال (٤) يقال : لفلان فرس قد ضَرَعَ به : أي غلبه.

وفي حديث أهل النار «فيغاثون بطعام من ضَرِيع» هو نبت بالحجاز له شوك كبار. ويقال له الشّبرق. وقد تكرر في الحديث.

__________________

(١) فى ا : «أذمّ» والمثبت في الأصل واللسان.

(٢) وأخرجه من حديث علىّ.

(٣) فى ا : «الرّبا» والمثبت من الأصل واللسان.

(٤) حكاية عن ابن شميل.

(ضرغم) (س) في حديث قسّ «والأسد الضَّرْغَام» : هو الضّاري الشديد المقدام من الأسود.

(ضرك) (س) في قصة ذي الرّمّة ورؤبة «عالة ضَرَائِك» الضَّرَائِك : جمع ضَرِيك ، وهو الفقير السّيّئ الحال. وقيل الهزيل.

(ضرم) (ه) في حديث أبي بكر رضي‌الله‌عنه «قال قيس بن أبي حازم : كان يخرج إلينا وكأنّ لحيته ضِرَامُ عرفج» الضِّرَام : لهب النّار ، شبّهت به لأنه كان يخضبها بالحنّاء.

ومنه حديث عليّ «والله لودّ معاوية أنه ما بقي من بني هاشم نافخُ ضَرَمَةٍ» الضَّرَمَة بالتّحريك : النار. وهذا يقال عند المبالغة في الهلاك ، لأن الكبير والصغير ينفخان النار. وأَضْرَمَ النار إذا أوقدها.

ومنه حديث الأخدود «فأمر بالأخاديد وأَضْرَمَ فيها النّيرانَ».

(ضرو) (ه) فيه «أنّ قيسا ضِرَاءُ الله» هو بالكسر جمع ضِرْو ، وهو من السّباع ما ضَرِيَ بالصّيد ولهج به : أي أنّهم شجعان ، تشبيها بالسّباع الضَّارِيَة في شجاعتها. يقال ضَرِيَ بالشيء يَضْرَى ضَرًى وضَرَاوَة (١) فهو ضَارٍ ، إذا اعتاده.

ومنه الحديث «إن للإسلام ضَرَاوَة» أي عادة ولهجا به لا يصبر عنه.

(ه) ومنه حديث عمر «إنّ للّحم ضَرَاوَة كضَرَاوَة الخمر» أي أنّ له عادة ينزع إليها كعادة الخمر. وقال الأزهري : أراد أنّ له عادة طلّابة لأكله ، كعادة الخمر مع شاربها ، ومن اعتاد الخمر وشربها أسرف في النّفقة ولم يتركها ، وكذلك من اعتاد اللّحم لم يكد يصبر عنه ، فدخل في دأب المسرف في نفقته.

ومنه الحديث «من اقتنى كلبا إلّا كلب ماشية أو ضَارٍ» أي كلبا معوّدا بالصّيد. يقال ضَرِيَ الكلب وأَضْرَاه صاحبه : أي عوّده وأغراه به ، ويجمع على ضَوَارٍ. والمواشي الضَّارِيَة : المعادة لرعى زروع الناس.

__________________

(١) زاد الهروى : «وضراء».

(ه) ومنه حديث عليّ «أنه نهى عن الشّرب في الإناء الضَّارِي ، هو الذي ضُرِّيَ بالخمر وعوّد بها (١) ، فإذا جعل فيه العصير صار مسكرا. وقال ثعلب : الإناء الضَّارِي هاهنا هو السّائل : أي أنه ينغّص الشّرب على شاربه.

(ه) وفي حديث أبي بكر رضي‌الله‌عنه «أنه أكل مع رجل به ضِرْو من جذام» يروى بالكسر والفتح ، فالكسر يريد أنه داء قد ضَرِيَ به لا يفارقه ، والفتح من ضَرَا الجرحُ يَضْرُو ضَرْواً إذا لم ينقطع سيلانه : أي به قرحة ذات ضَرْوٍ.

وفي حديث عليّ «يمشون الخفاء ويدبّون الضَّرَاء» هو بالفتح وتخفيف الرّاء والمدّ : الشجر الملتفّ ، يريد به المكر والخديعة. وقد تقدّم مثله في أوّل الباب ، وإن كان هذا موضعه.

وفي حديث عثمان رضي‌الله‌عنه «كان الحِمَى ـ حِمَى ضَرِيَّةَ ـ على عهده ستّةَ أميال» ضَرِيَّةُ : امرأةٌ سمّي بها الموضعُ ، وهو بأرض نجد.

(باب الضاد مع الزاى)

(ضزن) (ه) في حديث عمر رضي‌الله‌عنه «بعث بعامل ثم عزله فانصرف إلى منزله بلا شيء ، فقالت له امرأته : أين مرافق العمل؟ فقال لها : كان معي ضَيْزَنَانِ يحفظان ويعلمان» يعنى الملكين الكاتبين. الضَّيْزَنُ : الحافظ الثّقة ، أرضى أهله بهذا القول ، وعرّض بالملكين ، وهو من معاريض الكلام ومحاسنه ، والياء في الضَّيْزَن زائدة (٢).

(باب الضاد مع الطاء)

(ضطر) (ه) في حديث عليّ رضي‌الله‌عنه «من يَعْذِرُنِي من هؤلاء الضَّيَاطِرَة» هم الضّخام الّذين لا غناء عندهم ، الواحد ضَيْطَار. والياء زائدة.

(ضطرد) في حديث مجاهد «إذا كان عند اضْطِرَاد الخيل وعند سلّ السّيوف أجزأ

__________________

(١) فى ا : «وعوّدها». وأثبتنا ما فى الأصل واللسان.

(٢) قال الهروى : والضيزن فى غيره : الذى يتزوج امرأة أبيه بعد موته.

الرجل أن تكون صلاته تكبيرا» الاضْطِرَاد هو الأطّراد : وهو افتعال من طراد الخيل ، وهو عدوها وتتابعها ، فقلبت تاء الافتعال طاء ، ثم قلبت الطاء الأصلية ضادا. وموضعه حرف الطّاء ، وإنما ذكرناه هاهنا لأجل لفظه.

(ضطم) فيه «كان نبىّ الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إذا اضْطَمَ عليه الناس أعنق» أي إذا ازدحموا. وهو افتعل من الضّمّ ، فقلبت التاء طاء لأجل الضاد. وموضعه في الضاد والميم. وإنما ذكرناه هاهنا لأجل لفظه.

ومنه حديث أبي هريرة «فدنا الناس واضْطَمَ بعضهم إلى بعض».

(باب الضاد مع العين)

(ضعضع) فيه «ما تضعضع امرؤ لآخر يريد به عرض الدنيا إلا ذهب ثلثا دينه» أي خضع وذلّ.

(ه) ومنه حديث أبي بكر في إحدى الرّوايتين «قد تضعضع بهم الدّهر فأصبحوا في ظلمات القبور» أي أذلّهم.

(ضعف) (ه) في حديث خيبر (١) «من كان مُضْعِفاً فليرجع» أي من كانت دابّته ضَعِيفَة. يقال : أَضْعَفَ الرجل فهو مُضْعِف ، إذا ضَعُفَتْ دابّته.

(ه) ومنه حديث عمر «المُضْعِف أميرٌ على أصحابه» يعني في السفر : أي أنّهم يسيرون بسيره.

وفي حديث آخر «الضَّعِيفُ أمير الرّكب».

(س) وفي حديث أهل الجنة «كلّ ضَعِيف مُتَضَعَّف» يقال تَضَعَّفْتُهُ واسْتَضْعَفْتُهُ بمعنى ، كما يقال تيقّن واستيقن. يريد الذي يَتَضَعَّفُهُ النّاس ويتجبّرون عليه في الدّنيا للفقر ورثاثة الحال.

__________________

(١) جعله الهروى من حديث حنين.

ومنه حديث الجنة «ما لي لا يدخلني إلا الضُّعَفَاء» قيل هم الّذين يبرّئون أنفسهم من الحول والقوّة.

(س) ومنه الحديث «اتّقوا الله في الضَّعِيفَيْن» يعنى المرأة والمملوك.

(ه) وفي حديث أبي ذر قال : «فتَضَعَّفْتُ رجلا» أي اسْتَضْعَفْتُهُ.

ومنه حديث عمر رضي‌الله‌عنه «غلبني أهل الكوفة ، أستعمل عليهم المؤمن فَيُضَعَفَ ، وأستعمل عليهم القوىّ فيفجّر».

[ه] وفي حديث أبي الدّحداح :

إلّا رجاء الضِّعْف في المعاد

أي مثلي الأجر ، يقال : إن أعطيتني درهما فلك ضِعْفُهُ : أي درهمان ، وربما قالوا فلك ضِعْفَاه.

وقيل ضِعْفُ الشيء مثله ، وضِعْفَاه مثلاه. قال الأزهرى : الضِّعْف في كلام العرب : المثل فما زاد. وليس بمقصور على مثلين ، فأقلّ الضِّعْف محصور في الواحد ، وأكثره غير محصور.

(س) ومنه الحديث «تَضْعُفُ صلاةُ الجماعة على صلاة الفذّ خمسا وعشرين درجة» أي تزيد عليها. يقال ضَعُفَ الشيءُ يَضْعُفُ إذا زاد ، وضَعَّفْتُهُ وأَضْعَفْتُهُ وضَاعَفْتُهُ بمعنى.

(ضعة) فيه ذكر «الضَّعَة» وهي الذّل والهوان والدّناءة ، وقد وَضُعَ ضَعَةً فهو وَضِيع ، والهاء فيه عوض من الواو المحذوفة. وقد تكسر الضّاد.

(باب الضاد مع الغين)

(ضغبس) (ه) فيه «أنّ صفوان بن أميّة أهدى لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ضَغَابِيس وجداية» هي صغار القثّاء (١) ، واحدها ضُغْبُوس. وقيل هي نبت ينبت في أصول الثّمام يشبه الهليون يسلق بالخلّ والزيت ويؤكل.

__________________

(١) عبارة الهروى : «هي شبه صغار القثّاء».

(ه) وفي حديث آخر «لا بأس باجتناء الضَّغَابِيس في الحرم» وقد تكرر في الحديث.

(ضغث) (ه) في حديث ابن زمل «فمنهم الآخذ الضِّغْث» الضِّغْث : ملء اليد من الحشيش المختاط. وقيل الحزمة منه ومما أشبهه من البقول ، أراد : ومنهم من نال من الدّنيا شيئا.

ومنه حديث ابن الأكوع «فأخذت سلاحهم فجعلته ضِغْثاً» أي حزمة.

ومنه حديث عليّ في مسجد الكوفة «فيه ثلاث أعين أنبتت بالضِّغْث» يريد به الضِّغْثَ الذي ضرب به أيوب عليه‌السلام زوجته ، وهو قوله تعالى (وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ).

(ه) ومنه حديث أبي هريرة «لأَنْ يمشي معي ضِغْثَانِ من نار أحبّ إلىّ من أن يسعى غلامي خلفي» أي حزمتان من حطب ، فاستعارهما للنّار ، يعنى أنّهما قد اشتعلتا وصارتا نارا.

(ه) ومنه حديث عمر رضي‌الله‌عنه «اللهمّ إن كتبت علىّ إثما أو ضِغْثاً فامحه عني» أراد عملا مختلطا غير خالص. من ضَغَثَ الحديثَ إذا خلطه ، فهو فعل بمعنى مفعول. ومنه قيل للأحلام الملتبسة أَضْغَاث.

(س) وفي حديث عائشة «كانت تَضْغَثُ رأسَها» الضِّغْث : معالجة شعر الرس باليد عند الغسل ، كأنها تخلط بعضه ببعض ، ليدخل فيه الغسول والماء.

(ضغط) (س) فيه «لتُضْغَطُنَ على باب الجنة» أي تزحمون. يقال ضَغَطَهُ يَضْغَطُهُ ضَغْطاً : إذا عصره وضيّق عليه وقهره.

ومنه حديث الحديبية «لا تتحدّث العرب أنّا أخذنا ضُغْطَةً» أي عصرا وقهرا. يقال أخذت فلانا ضُغْطَة بالضّم ، إذا ضيّقت عليه لتكرهه على الشّيء.

(س) ومنه الحديث «لا يشترينّ أحدكم مال امرئ في ضُغْطَة من سلطان» أي قهر.

(س) ومنه الحديث «لا تجوز الضُّغْطَة» قيل هي أن تصالح من لك عليه مال على بعضه ثم تجد البيّنة فتأخذه بجميع المال.

(ه) ومنه حديث شريح «كان لا يجيز الاضطهاد والضُّغْطَة» وقيل هو أن يمطل الغريم بما عليه من الدّين حتى يضجر [به](١) صاحب الحقّ ، ثم يقول له : أتدع منه كذا وتأخذ الباقي معجّلا؟ فيرضى بذلك.

ومنه الحديث «يعتق الرجل من عبده ما شاء ، إن شاء ثلثا ، وإن شاء ربعا ، وإن شاء خمسا ليس بينه وبين الله ضُغْطَة».

(ه) ومنه حديث معاذ «لمّا رجع عن العمل قالت له امرأته : أين ما جئت به؟ فقال : كان معي ضَاغِط» أي أمين حافظ ، يعنى الله تعالى المطّلع على سرائر العباد ، فأوهم امرأته أنه كان معه من يحفظه ويضيّق عليه ويمنعه عن الأخذ ، ليُرْضِيَها بذلك.

(ضغم) [ه] في حديث عتبة بن عبد العزّى «فعدا عليه الأسد فأخذ برأسه فضَغَمَهُ ضَغْمَة» الضَّغْم : العضّ الشديد ، وبه سمّي الأسد ضَيْغَماً ، بزيادة الياء.

ومنه حديث عمر والعجوز «أعاذكم الله من جرح الدّهر وضَغْمِ الفقر» أي عضّه.

(ضغن) فيه «فتكون دماء (٢) في عمياء في غير ضَغِينَة وحمل سلاح» الضِّغْن : الحقد والعداوة والبغضاء ، وكذلك الضَّغِينَة ، وجمعها الضَّغَائِن.

ومنه حديث العبّاس «إنّا لنعرف الضَّغَائِن في وجوه أقوام».

ومنه حديث عمر «أيّما قوم شهدوا على رجل بحدّ ولم يكن بحضرة صاحب

__________________

(١) زيادة من ا.

(٢) فى الأصل : «فيكون دماء ...» وفى ا : «فيكون دما ...» وفى اللسان : «فتكون دماء ...» والحديث أخرجه ابن حنبل فى مسنده ، ٢ / ٢١٧ من حديث عبد الله ابن عمرو بن العاص بلفظ : «فتكون دماء فى غير ضغينة ولا حمل سلاح». وأبو داود في سننه ... (باب ديات الأعضاء ، من كتاب الديات) ٢ / ١٦٥. ولفظه «فيكون دما فى عميا فى غير ضغينة ولا حمل سلاح».

الحدّ فإنّما شهدوا عن ضِغْنٍ» أي حقد وعداوة ، يريد فيما كان بين الله تعالى وبين العباد كالزّنا والشّرب ونحوهما.

(ه) وفي حديث عمرو «الرجل يكون في دابّته الضِّغْن فيقوّمها جهده ، ويكون في نفسه الضِّغْن فلا يقوّمها» الضِّغْن في الدّابة : هو أن تكون عسرة الانقياد.

(ضغا) فيه «أنّه قال لعائشة عن أولاد المشركين : إن شئت دعوت الله تعالى أن يسمعك تَضَاغِيَهُم في النّار» أي صياحهم وبكاءهم. يقال ضَغَا يَضْغُو ضَغْواً وضُغَاءً إذا صاح وضجّ.

ومنه الحديث «ولكنّي أكرمك أن تَضْغُوَ هؤلاء الصّبية عند رأسك بكرة وعشيّا».

(ه) والحديث الآخر «وصبيتي يَتَضَاغَوْنَ حولي».

ومنه حديث حذيفة في قصّة قوم لوط «فألوى بها حتى سمع أهل السّماء ضُغَاءَ كلابهم».

وفي حديث آخر «حتى سمعت الملائكة ضَوَاغِيَ كلابها» جمع ضَاغِيَة وهي الصّائحة.

(باب الضاد مع الفاء)

(ضفر) (ه) في حديث عليّ «إنّ طلحة نازعه في ضَفِيرَة كان عليٌ ضَفَرَهَا في واد» الضَّفِيرَة : مثل المسنّاة المستطيلة المعمولة بالخشب والحجارة ، وضَفْرُهَا عملها ، من الضَّفْر وهو النّسج.

ومنه ضَفْرُ الشَّعَر وإدخال بعضه في بعض.

(ه) ومنه الحديث الآخر «فقام على ضَفِيرَة السُّدَّة»

والحديث الآخر «وأشار بيده وراء الضَّفِيرَة».

(ه) ومنه حديث أم سلمة «إنّي امرأة أَشُدُّ ضَفْر رأسي» أي تعمل شعرها ضَفَائِر ، وهي الذوائب المَضْفُورَة.

ومنه حديث عمر «من عقص أو ضَفَرَ فعليه الحلق» يعنى في الحجّ.

(س) ومنه حديث النّخعىّ «الضَّافِر والملبّد والمجمّر عليهم الحلق».

(س) وحديث الحسن بن علىّ رضي‌الله‌عنهما «أنّه غرز ضَفْرَهُ في قفاه» أي غرز طرف ضَفِيرَتِهِ في أصلها.

(ه) ومنه الحديث «إذا زنت الأمة فبعها ولو بِضَفِيرٍ» أي حبل مفتول من شعر ، فعيل بمعنى مفعول.

(ه) وفي حديث جابر «ما جزر عنه الماء في ضَفِير (١) البحر فكله» أي شطّه وجانبه. وهو الضَّفِيرَة أيضا.

(ه) وفيه «ما على الأرض من نفس تموت لها عند الله خير تحبّ أن ترجع إليكم ولا تُضَافِرَ الدّنيا ، إلّا القتيل في سبيل الله ، فإنه يحب أن يرجع فيقتل مرّة أخرى» المُضَافَرَة : المعاودة والملابسة : أي لا يحب معاودة الدّنيا وملابستها إلّا الشّهيد.

قال الزّمخشرىّ : «هو عندي مفاعلة ، من الضّفز (٢) ، وهو الطّفر (٣) والوثوب في العدو. أي لا يطمح إلى الدنيا ولا ينزو إلى العود إليها إلا هو».

ذكره الهروى بالراء ، وقال : المُضَافَرَة بالضاد والراء : التّألّب. وقد تَضَافَرَ القومُ وتظافروا ، إذا تألّبوا.

وذكره الزمخشرى ولم يقيّده ، لكنه جعل اشتقاقه من الضّفز (٤) ، وهو الطّفر والقفز ، وذلك بالزاي ، ولعله يقال بالراء والزاي ، فإنّ الجوهري قال في حرف الراء : «والضَّفْر : السّعي. وقد ضَفَرَ يَضْفِرُ ضَفْراً» والأشبه بما ذهب إليه الزمخشري أنه بالزاي.

__________________

(١) فى ا : «وضفير البحر» وفى الهروى : «من ضفير البحر» وما أثبتناه من الأصل واللسان ، والفائق ٢ / ٦٧.

(٢) هكذا ينقل المصنف عن الزمخشرى أنه بالزّاى ، ولم نجده فى الفائق ٢ / ٦٦ إلا بالراء. ولم يضبطه الزمخشرى بالعبارة.

(٣) عبارة الزمخشرى : «وهو الأفر». والافر : العدو.

(٤) هكذا ينقل المصنف عن الزمخشرى أنه بالزّاى ، ولم نجده فى الفائق ٢ / ٦٦ إلا بالراء. ولم يضبطه الزمخشرى بالعبارة.

(س) وفي حديث عليّ رضي‌الله‌عنه «مُضَافَرَة القوم» أي معاونتهم. وهذا بالراء لا شكّ فيه.

(ضفز) [ه] فيه «ملعون كلّ ضَفَّاز» هكذا جاء في رواية ، وهو النّمّام.

(ه) وفي حديث الرؤيا «فيضفزونه في في أحدهم» أي يدفعونه فيه ويلقمونه إيّاه. يقال ضَفَزْتُ البعيرَ إذا علفته الضَّفَائِزَ ، وهي اللّقم الكبار ، الواحدة ضَفِيزَة. والضَّفِيز : شعير يجرش وتعلفه الإبل.

(ه) ومنه الحديث «أنه مرّ بوادي ثمود ، فقال : من اعتجن بمائه فليَضْفِزْهُ بعيرَه» أي يلقمه إيّاه.

(ه) ومنه الحديث «قال لعليّ : ألا إنّ قوما يزعمون أنهم يحبونك ، يُضْفَزُون الإسلامَ ثم يلفظونه ، قالها ثلاثا» : أي يلقّنونه ثم يتركونه ولا يقبلونه.

(ه) وفيه «أنه عليه‌السلام ضَفَزَ بين الصّفا والمروة» أي هرول ، من الضَّفْز : القفز والوثوب.

(ه) ومنه حديث الخوارج «لمّا قتل ذو الثّديّة ضَفَزَ أصحابُ عليٍ ضَفْزاً» أي قفزوا فرحا بقتله.

[ه] وفيه «أنه أوتر بسبع أو تسع ثم نام حتى سمع ضغيزه أو ضَفِيزَه» قال الخطّابىّ : الضّغيز ليس بشيء ، وأمّا الضَّفِيز فهو كالغطيط ، وهو الصّوت الذي يسمع من النائم عند ترديد نفسه.

قال الهروي : إن كان محفوظا فهو شبه الغطيط. وروي بالصاد المهملة والراء والصّفير (١). يكون بالشّفتين.

(ضفط) في حديث قتادة بن النّعمان «فقدم ضَافِطَة من الدّرمك» الضَّافِط والضَّفَّاط :

__________________

(١) عبارة الهروى : «غير أن الصّفير يكون بالشّفتين».

الذي يجلب الميرة والمتاع إلى المدن ، والمكاري الذي يكري الأحمال (١) ، وكانوا يومئذ قوما من الأنباط يحملون إلى المدينة الدّقيق والزيت وغيرهما.

[ه] ومنه الحديث «أنّ ضَفَّاطِين قدموا المدينة».

(ه) وفي حديث عمر «اللهم إني أعوذ بك من الضَّفَاطَة» هي ضعف الرّأي والجهل. وقد ضَفُطَ يَضْفُطُ ضَفَاطَةً فهو ضَفِيط.

[ه] ومنه حديثه الآخر «أنه سئل عن الوتر فقال : أنا أوتر حين ينام الضَّفْطَى» أي ضعفاء الآراء والعقول.

ومنه الحديث «إذا سرّكم أن تنظروا إلى الرجل الضَّفِيط المطاع في قومه فانظروا إلى هذا» يعنى عيينة بن حصن.

(ه) ومنه حديث ابن عباس «وعوتب في شيء فقال : إنّ فيّ ضَفَطَاتٌ ، وهذه إحدى ضَفَطَاتِي» أي غفلاتي.

ومنه حديث ابن سيرين «بلغه عن رجل شيء فقال : إنى لأراه ضَفِيطاً».

(س) وفي حديثه الآخر «أنه شهد نكاحا فقال : أين ضَفَاطَتُكُم؟» أراد الدُّفّ ، فسمّاه ضَفَاطَة ، لأنه لهو ولعب ، وهو راجع إلى ضعف الرّأي. وقيل الضَّفَاطَة لُعبة.

(ضفف) (ه) فيه «أنه لم يشبع من خبز ولحم إلّا على ضَفَفٍ» الضَّفَف : الضّيق والشّدّة : أي لم يشبع منهما إلّا عن ضيق وقلّة (٢) وقيل إن الضَّفَف اجتماع النّاس. يقال ضَفَ القومُ على الماء يَضُفُّون ضَفّاً وضَفَفاً : أي لم يأكل خبزا ولحما وحده ، ولكن يأكل مع النّاس.

وقيل الضَّفَف : أن تكون الأَكَلَة أكثر من مقدار الطّعام ، والحَفَف أن تكون بمقداره.

__________________

(١) فى ا : «الأجمال» بالجيم. والمثبت فى الأصل واللسان.

(٢) قال الهروى : «وبعضهم يرويه «على شظف» وهما جميعا : الضيق والشدة».

وفي حديث عليّ «فيقف ضِفَّتَيْ جفونِهِ» أي جانبيها. الضِّفَّة بالكسر والفتح : جانب النّهر ، فاستعاره للجفن.

ومنه حديث عبد الله بن خبّاب مع الخوارج «فقدّموه على ضَفَّة النّهر فضربوا عنقه».

(ضفن) في حديث عائشة بنت طلحة رضي‌الله‌عنها «أنها ضَفَنَتْ جاريةً لها» الضَّفْن : ضربُك اسْتَ الإنسان بظهر قدمك.

(باب الضاد مع اللام)

(ضلع) [ه] فيه «أعوذ بك من الكسل وضَلَعِ الدّين» أي ثقله. والضَّلَع : الاعوجاج : أي يثقله حتى يميل صاحبه عن الاستواء والاعتدال. يقال ضَلِعَ بالكسر يَضْلَعُ ضَلَعاً بالتحريك. وضَلَعَ بالفتح يَضْلَعُ ضَلْعاً بالتسكين : أي مال.

ومن الأوّل حديث عليّ : «واردد إلى الله ورسوله ما يُضْلِعُكَ من الخطوب» أي يثقلك.

(س) ومن الثاني حديث ابن الزّبير «فرأى ضَلْعَ معاوية مع مروان» أي ميله.

(س) ومنه الحديث «لا تنقش الشّوكة بالشّوكة فإن ضَلْعَهَا معها» أي ميلها. وقيل هو مثل.

[ه] وفي حديث غسل دم الحيض «حُتِّيه بِضِلَعٍ» أي بعود ، والأصل فيه ضِلَعُ الحيوان ، فسمّي به العود الذي يشبهه. وقد تسكّن اللام تخفيفا.

[ه] وفي حديث بدر «كأني أراهم (١) مقتّلين بهذه الضِّلَعِ الحمراء» الضِّلَع : جبيل منفرد صغير ليس بمنقاد ، يُشَبَّه بالضِّلَع.

وفي رواية «إنّ ضَلْعَ قريش عند هذه الضِّلْع الحمراء» أي ميلهم.

[ه] وفي صفته صلى‌الله‌عليه‌وسلم «ضَلِيع الفم» أي عظيمه. وقيل واسعه. والعرب

__________________

(١) فى الهروى : «كأنى أرادكم». وفى اللسان : «كأنى بكم».

تمدح عظم الفم وتذمّ صغره (١). والضَّلِيع : العظيم الخلق الشديد.

(ه) ومنه حديث عمر رضي‌الله‌عنه «أنه قال له الجنّي : إنّي منهم لضَلِيع» أي عظيم الخلق وقيل هو العظيم الصّدر الواسع الجنبين.

(س) ومنه حديث مقتل أبي جهل «فتمنّيت أن أكون بين أَضْلَعَ منهما» أي بين رجلين أقوى من الرّجلين اللذين كنت بينهما وأشد.

(ه) ومنه حديث علي في صفة النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم «كما (٢) حمّل فاضْطَلَعَ بأمرك لطاعتك» اضْطَلَعَ : افتعل ، من الضَّلَاعَة ، وهي القوّة. يقال اضْطَلَعَ بحِمله : أي قوي عليه ونهض به.

(س) وفي حديث زمزم «فأخذ بعراقيها فشرب حتى تَضَلَّعَ» أي أكثر من الشرب حتى تمدّد جنبه وأَضْلَاعُهُ.

(س) ومنه حديث ابن عباس رضي‌الله‌عنهما «أنه كان يَتَضَلَّعُ من زمزم».

(س) وفيه «أنه أهدي إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ثوب سيراء مُضَلَّع بقزّ» المُضَلَّع : الذي فيه سيور وخطوط من الإبريسم أو غيره ، شبه الأَضْلَاع.

(س) ومنه حديث عليّ رضي‌الله‌عنه «وقيل له : ما القسّيّة؟ قال : ثياب مُضَلَّعَة فيها حرير» أي فيها خطوط عريضة كالأَضْلَاع.

(س) وفيه «الحمل المُضْلِع والشّرّ الذي لا ينقطع إظهار البدع» المُضْلِع : المثقل ، كأنه يتّكي على الأَضْلَاع ، ولو روي بالظاء ، من الظَّلَع : الغمز والعرج لكان وجها.

(ضلل) (س) فيه «لولا أنّ الله لا يحب ضَلَالَة العمل ما رزأناكم عقالا» أي بطلان العمل وضياعه ، مأخوذ من الضَّلَال : الضّياع.

ومنه قوله تعالى (ضَلَ سَعْيُهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا).

__________________

(١) في الأصل : «تمدح عظيم الفم وتذم صغيره» والمثبت من ا واللسان والهروي.

(٢) فى الهروى : «لما» واللام مضبوطة بالكسر ، ضبط قلم.

(ه) ومنه الحديث «ضَالَّة المؤمن حرق النّار» قد تكرر ذكر «الضَّالَّة» في الحديث. وهي الضّائعة من كلّ ما يقتنى من الحيوان وغيره. يقال : ضَلَ الشيء إذا ضاع ، وضَلَ عن الطّريق إذا حار ، وهي في الأصل فاعلة ، ثم اتّسع فيها فصارت من الصّفات الغالبة ، وتقع على الذّكر والأنثى ، والاثنين والجمع ، وتجمع على ضَوَالّ. والمراد بها في هذا الحديث الضَّالَّة من الإبل والبقر مما يحمى نفسه ويقدر على الإبعاد في طلب المرعى والماء ، بخلاف الغنم.

وقد تطلق الضَّالَّة على المعاني.

ومنه الحديث «الكلمة الحكيمة ضَالَّة المؤمن» وفي رواية «ضَالَّة كلّ حكيم» أي لا يزال يتطلّبها كما يتطلّب الرجل ضَالَّته.

(ه) ومنه الحديث «ذَرُّوني في الرّيح لعلّي أَضِلُ الله» أي أفوته ويخفى عليه مكاني. وقيل : لعلّي أغيب عن عذاب الله تعالى. يقال : ضَلَلْتُ الشيءَ وضَلِلْتُهُ إذا جعلته في مكان ولم تدر أين هو ، وأَضْلَلْتُهُ إذا ضيّعته. وضَلَ الناسي إذا غاب عنه حفظ الشيء. ويقال أَضْلَلْتُ الشيءَ إذا وجدته ضَالّا ، كما تقول : أحمدته وأبخلته إذا وجدته محمودا وبخيلا.

(ه) ومنه الحديث «أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أتى قومه فأَضَلَّهُم» أي وجدهم ضُلَّالا غير مهتدين إلى الحقّ.

وفيه «سيكون عليكم أئمة إن عصيتموهم ضَلَلْتُم» يريد بمعصيتهم الخروج عليهم وشقّ عصا المسلمين. وقد يقع أَضَلَّهُم في غير هذا على الحمل على الضَّلَال والدّخول فيه.

وفي حديث عليّ ، وقد سئل عن أشعر الشّعراء فقال : «إن كان ولا بدّ فالمَلِك الضِّلِّيل» يعنى امرأ القيس ، كان يلقّب به. والضِّلِّيل بوزن القنديل : المبالغ في الضَّلَال جدّا ، والكثير التّتبّع للضَّلَال.

(باب الضاد مع الميم)

(ضمخ) (س) فيه «أنه كان يُضَمِّخُ رأسه بالطّيب» التَّضَمُّخ : التّلطّخ بالطّيب وغيره ، والإكثار منه.

(س) ومنه الحديث «أنه كان مُتَضَمِّخاً بالخلوق» وقد تكرر ذكره كثيرا.

(ضمد) (ه) في حديث عليّ «وقيل له : أنت أمرت بقتل عثمان ، فضَمِدَ» أي اغتاظ. يقال ضَمِدَ يَضْمَدُ ضَمَداً ـ بالتحريك ـ إذا اشتدّ غيظه وغضبه.

(ه) وفي حديث طلحة «أنه ضَمَدَ عينيه بالصّبر وهو مُحْرِم» أي جعله عليهما وداواهما به. وأصل الضَّمْد : الشّدّ. يقال ضَمَدَ رأسَه وجرحه إذا شدّه بالضِّمَاد ، وهي خرقة يشدّ بها العضو المؤوف. ثم قيل لوضع الدّواء على الجرح وغيره وإن لم يشدّ.

(س) وفي صفة مكة «من خُوص وضَمْدٍ» الضَّمْد بالسكون : رطب الشّجر ويابسه.

وفيه «أنّ رجلا سأل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن البداوة فقال : اتّق الله ولا يضرّك أن تكون بجانب ضَمَدٍ» هو بفتح الضّاد والميم : موضع باليمن.

(ضمر) فيه «من صام يوما في سبيل الله باعده الله من النار سبعين خريفا للمُضَمِّرِ المُجِيد» المُضَمِّر : الذي يُضَمِّرُ خيله لغزو أو سباق. وتَضْمِير الخيل : هو أن يظاهر عليها بالعلف حتى تسمن ، ثم لا تعلف إلّا قوتا لتخفّ. وقيل تشدّ عليها سروجها وتجلّل بالأجلّة حتى تعرق تحتها فيذهب رهلها ويشتدّ لحمها. والمُجِيد : صاحب الجياد. والمعنى أن الله يباعده من النار مسافة سبعين سنة تقطعها الخيل المُضَمَّرَة الجياد ركضا.

وقد تكرر ذكر التَّضْمِير» في الحديث.

(ه) وفي حديث حذيفة «اليوم المِضْمَار وغدا السّباق» أي اليوم العمل في الدّنيا للاستباق في الجنة. والمِضْمَار : الموضع الذي تُضَمَّرُ فيه الخيل ، ويكون وقتا للأيام التي تُضَمَّرُ فيها. ويروى هذا الكلام أيضا لعليّ رضي‌الله‌عنه.

وفيه «إذا أبصر أحدكم امرأة فليأت أهله ، فإنّ ذلك يُضْمِرُ ما في نفسه» أي يضعفه ويقلّله ، من الضُّمُور ، وهو الهُزَال والضّعف.

(ه) وفي حديث ابن عبد العزيز «كتب إلى ميمون بن مهران في مظالم كانت في بيت المال أن يردّها على أربابها ويأخذ منها زكاة عامها ، فإنها كانت مالا ضِمَاراً» المال الضِّمَار : الغائب الذي لا يرجى ، وإذا رُجِيَ فليس بِضِمَارٍ ، من أَضْمَرْتُ الشيءَ إذا غيّبته ، فعال بمعنى فاعل ، أو مفعل ، ومثله من الصّفات : ناقة كناز. وإنما أخذ منه زكاة عام واحد ، لأنّ أربابه ما كانوا يرجون ردّه عليهم ، فلم يوجب عليهم زكاة السّنين الماضية وهو في بيت المال.

(ضمز) في حديث عليّ «أفواههم ضَامِزَة ، وقلوبهم قرحة» الضَّامِز : الممسك ، وقد ضَمَزَ يَضْمِزُ.

ومنه قصيد كعب :

منه تظلّ سباع الجوّ ضَامِزَة (١)

ولا تمشّي بواديه الأراجيل

أي ممسكة من خوفه.

(س) ومنه حديث الحجاج «إن الإبل ضُمُزٌ خُنُسٌ» أي ممسكة عن الجرّة. ويروى بالتشديد ، وهما جمع ضَامِزٍ.

وفي حديث سبيعة «فضَمَزَ لي بعض أصحابه» قد اختلف في ضبط هذه اللفظة : فقيل هي بالضّاد والزّاي ، من ضَمَزَ إذا سكت ، وضَمَزَ غيرَه إذا أسكته ، وروي بدل اللام نونا : أي سكّتني ، وهو أشبه. ورويت بالراء والنّون. والأول أشبههما.

(ضمس) في حديث عمر «قال عن الزّبير : ضَرِسٌ ضَمِسٌ» والرواية : ضَبِسٌ. والميم قد تبدل من الباء ، وهما بمعنى الصّعب العسر.

(ضمعج) (س) في حديث الأشتر يصف امرأة أرادها «ضَمْعَجاً طُرْطُبّاً» الضَّمْعَج : الغليظة. وقيل القصيرة. وقيل التّامّة الخلق.

__________________

(١) الرواية فى شرح ديوانه ص ١٢ : «منه تظل حمير الوحش ...».

(ضمل) (ه) في حديث معاوية «أنّه خطب إليه رجل بنتا له عرجاء ، فقال : إنّها ضَمِيلَة ، فقال : إنّي أريد أن أتشرّف بمصاهرتك ، ولا أريدها للسّباق في الحلبة» الضَّمِيلَة : الزّمنة.

قال الزمخشري : «إن صحّت الرواية [بالضاد](١) فاللام بدل من النون ، من الضَّمَانَة ، وإلّا فهي بالصاد المهملة. قيل لها ذلك ليُبْسٍ وجُسُوٍّ في ساقها. وكلّ يابس فهو صامل وصميل» (٢).

(ضمم) [ه] في حديث الرؤية «لا تَضَامُّونَ في رؤيته» يروى بالتّشديد والتخفيف ، فالتشديد معناه : لا يَنْضَمّ بعضكم إلى بعض وتزدحمون وقت النّظر إليه ، ويجوز ضمّ التاء وفتحها على تفاعلون ، وتتفاعلون. ومعنى التخفيف : لا ينالكم ضيم في رؤيته ، فيراه بعضكم دون بعض. والضَّيْم : الظّلم.

(ه) وفي كتابه لوائل بن حجر «ومن زنى من ثيّب فضرّجوه بالأَضَامِيم» يريد الرّجم. والأَضَامِيم : الحجارة ، واحدتها : إِضْمَامَة. وقد يشبّه بها الجماعات المختلفة من الناس.

(س) ومنه حديث يحيى بن خالد «لنا أَضَامِيم من هاهنا وهاهنا» أي جماعات ليس أصلهم واحدا ، كأنّ بعضهم ضُمَ إلى بعض.

(س) وفي حديث أبي اليسر «ضِمَامَة من صحف» أي حزمة. وهي لغة في الإِضْمَامَة.

وفي حديث عمر «يا هُنَيُ ضُمَ جناحك عن النّاس» أي ألن جانبك لهم وارفق بهم.

وفي حديث زبيب العنبرىّ «أَعْدِنِي على رجل من جندك ضَمَ منّي ما حرّم الله ورسوله» أي أخذ من مالي وضَمَّهُ إلى ماله.

(ضمن) (ه) في كتابه لأكيدر «ولكم الضَّامِنَة من النّخل» هو ما كان داخلا

__________________

(١) من الفائق ٢ / ٧١.

(٢) فى الأصل وا واللسان : «ضامل وضميل» بالضاد المعجمة ، وكتبناه بالصاد المهملة من الفائق. وهو الصواب.

في العمارة وتَضَمَّنَتْهُ أمصارُهُم وقراهم. وقيل سمّيت ضَامِنَة ، لأن أربابها ضَمِنُوا عمارتها وحفظها ، فهي ذات ضَمَانٍ ، كعيشة راضية ، أي ذات رضا ، أو مرضيّة.

(ه) ومنه الحديث «من مات في سبيل الله فهو ضَامِن على الله أن يدخله الجنة» أي ذو ضَمَان ، لقوله تعالى : (وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللهِ) هكذا أخرجه الهروي والزّمخشري من كلام علىّ. والحديث مرفوع في الصّحاح عن أبي هريرة بمعناه.

فمن طرقه «تَضَمَّنَ اللهُ لمن خرج في سبيله لا يخرجه إلّا جهادا في سبيلي وإيمانا بي وتصديقا (١) برسلي فهو عَلَيَ ضَامِن أن أدخله الجنّة ، أو أرجعه إلى مسكنه الذي خرج منه نائلا ما نال من أجر أو غنيمة».

[ه] وفيه «أنه نهى عن بيع المَضَامِين والملاقيح» المَضَامِين : ما في أصلاب الفحول ، وهي جمع مَضْمُون. يقال ضَمِنَ الشيءَ ، بمعنى تَضَمَّنَهُ.

ومنه قولهم «مَضْمُون الكتاب كذا وكذا» والمَلَاقِيحُ : جمع ملقوح ، وهو ما في بطن الناقة. وفسّرهما مالك في الموطّأ بالعكس ، وحكاه الأزهرى عن مالك عن ابن شهاب عن ابن المسيّب. وحكاه أيضا عن ثعلب عن ابن الأعرابي. قال : إذا كان في بطن النّاقة حمل فهو ضَامِن ومِضْمَان ، وهنّ ضَوَامِنُ ومَضَامِينُ. والّذي في بطنها ملقوح وملقوحة.

(ه) وفيه «الإمام ضَامِن والمؤذّن مؤتمن» أراد بالضَّمَان هاهنا الحفظ والرّعاية ، لا ضَمَان الغرامة ، لأنه يحفظ على القوم صلاتهم. وقيل : إنّ صلاة المتقدين به في عهدته ، وصحّتها مقرونة بصحّة صلاته ، فهو كالمتكفّل لهم صحّة صلاتهم.

(ه) وفي حديث عكرمة «لا تشتر لبن البقر والغنم مُضَمَّناً ، ولكن اشتره كيلا مسمّى» أي لا تشتره وهو في الضرع ، لأنه في ضِمْنِهِ.

__________________

(١) قال النووى فى شرحه لمسلم (باب فضل الجهاد والخروج فى سبيل الله): «هكذا هو في جميع النسخ «جهاد» بالنصب. وكذا قال بعده «وإيمانا بى وتصديقا» وهو منصوب على أنه مفعول له. وتقديره : لا يخرجه المخرج ويحركه المحرك إلا للجهاد والإيمان والتصديق».

(ه) وفي حديث ابن عمر «من اكتتب ضَمِناً بعثه الله ضَمِناً يوم القيامة» الضَّمِن : الذي به ضَمَانَة في جسده ، من زمانة ، أو كسر ، أو بلاء. والاسم الضَّمَن ، بفتح الميم. والضَّمَان والضَّمَانَة : الزّمانة. المعنى : من كتب نفسه في ديوان الزّمنى ليعذر عن الجهاد ولا زمانة به ، بعثه الله يوم القيامة زمنا. ومعنى اكتتب : أي سأل أن يكتب في جملة المعذورين. وبعضهم أخرجه عن عبد الله ابن عمرو بن العاص.

ومنه حديث ابن عمير «معبوطة غير ضَمِنَة» أي أنها ذبحت لغير علّة.

(س) ومنه الحديث «أنه كان لعامر بن ربيعة ابن أصابته رمية يوم الطّائف فضَمِنَ منها» أي زمن.

ومنه الحديث «أنهم كانوا يدفعون المفاتيح إلى ضَمْنَاهم ، ويقولون إن احتجتم فكلوا» الضَّمْنَى : الزّمنى ، جمع ضَمِنٍ.

(باب الضاد مع النون)

(ضنأ) في حديث قتيلة بنت النضر بن الحارث ، أو أخته :

أمحمّد ولأنت ضِنْءُ نجيبة

من قومها والفحل فحل معرق

الضِّنْء بالكسر : الأصل. يقال فلان في ضِنْءِ صدقٍ ، وضِنْءِ سوءٍ. وقيل الضِّنْء بالكسر والفتح : الولد.

(ضنك) (ه) في كتابه لوائل بن حجر «في التّيعة شاة لا مقورّة الألياط ، ولا ضِنَاكٌ» الضِّنَاك بالكسر : المكتنز اللحم. ويقال للذّكر والأنثى بغير هاء.

وفيه «أنه عطس عنده رجل فشمّته رجل ، ثم عطس فشمّته ، ثم عطس فأراد أنه يشمّته فقال : دعه فإنه مَضْنُوك» أي مزكوم. والضُّنَاك بالضم : الزّكام. يقال أَضْنَكَهُ اللهُ وأزكمه. والقياس أن يقال : فهو مُضْنَك ومُزْكَم ، ولكنه جاء على أُضْنِكَ وأُزْكِمَ.

(س) ومنه الحديث «امتخط فإنّك مَضْنُوك» وقد تكرر في الحديث.

(ضنن) (ه) فيه «إن لله ضَنَائِنَ من خلقه ، يحييهم في عافية ويميتهم في عافية» الضَّنَائِن : الخصائص ، واحدهم : ضَنِينَة ، فعيلة بمعنى مفعولة ، من الضِّنِ ، وهو ما تختصّه وتَضِنُ به : أي تبخل لمكانه منك وموقعه عندك. يقال فلانٌ ضِنِّي من بين إخواني ، وضِنَّتِي : أي أختصّ به وأَضِنُ بمودّته. ورواه الجوهري «إن لله ضِنّاً من خلقه».

ومنه حديث الأنصار «لم نقل إلّا ضِنّاً برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم» أي بخلا به وشحّا أن يشاركنا فيه غيرنا.

ومنه حديث ساعة الجمعة «فقلت : أخبرني بها ولا تَضْنَنْ بها عَلَيَّ» أي لا تبخل. يقال ضَنَنْتُ أَضِنُ ، وضَنِنْتُ أَضَنُ. وقد تكرر في الحديث.

ومنه حديث زمزم «قيل له : احفر المَضْنُونَة» أي التي يُضَنُّ بها لنفاستها وعزّتها. وقيل للخلوق والطّيب المَضْنُونَة ، لأنه يُضَنُّ بهما.

(ضنا) (س) في حديث الحدود «انّ مريضا اشتكى حتى أَضْنَى» أي أصابه الضَّنَى وهو شدة المرض حتى نحل جسمه.

(س) وفيه «لا تَضْطَنِي عنّي» أي لا تبخلى بانبساطك إليّ ، وهو افتعال من الضَّنَى : المرض ، والطاء بدل من التاء.

(ه) وفي حديث ابن عمر «قال له أعرابي : إني أعطيت بعض بنيّ ناقة حياته ، وإنّها أَضْنَتْ واضطربت ، فقال : هي له حياته وموته».

قال الهروي والخطّابي : هكذا روي. والصّواب : ضَنَتْ ، أي كثر أولادها. يقال امرأة ماشية وضَانِيَة ، وقد مشت وضَنَتْ : أي كثر أولادها.

وقال غيرهما : يقال ضَنَتِ المرأةُ تَضْنِي ضَنًى ، وأَضْنَتْ ، وضَنَأَتْ ، وأَضْنَأَتْ ، إذا كثر أولادها.

(باب الضاد مع الواو)

(ضوأ) [ه] فيه «لا تَسْتَضِيئُوا بنار المشركين» أي لا تستشيروهم ولا تأخذوا آراءهم. جعل الضَّوْء مثلا للرأي عند الحيرة.

وفي حديث بدء الوحي «يسمع الصّوت ويرى الضَّوْء» أي ما كان يسمع من صوت الملك ويراه من نوره وأنوار آيات ربّه.

وفي شعر العباس :

وأنت لمّا ولدت أشرقت ال

أرض وضَاءَتْ بنورك الأفق

يقال ضَاءَتْ وأَضَاءَتْ بمعنى : أي استنارت وصارت مُضِيئَة.

(ضوج) فيه ذكر «أَضْوَاج الوادي» أي معاطفه ، الواحد ضَوْج. وقيل هو إذا كنت بين جبلين متضايقين ثم اتّسع فقد انْضَاجَ لك.

(ضور) (ه) فيه «أنه دخل على امرأة وهي تَتَضَوَّرُ من شدّة الحمى» أي تتلوّى وتضجّ وتتقلّب ظهرا لبطن. وقيل تَتَضَوَّرُ : تُظهِر الضَّوْرَ بمعنى الضُّرّ (١). يقال ضَارَهُ يَضُورُهُ ويَضِيرُهُ.

(ضوع) فيه «جاء العباس فجلس على الباب وهو يَتَضَوَّعُ من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم رائحة لم يجد مثلها» تَضَوُّعُ الرّيحِ : تفرقّها وانتشارها وسطوعها ، وقد تكرر في الحديث.

(ضوضو) (ه) في حديث الرؤيا «فإذا أتاهم ذلك اللهب ضَوْضَوْا» أي ضجّوا واستغاثوا. والضَّوْضَاة : أصوات الناس وغلبتهم (٢) ، وهي مصدر.

(ضوا) (ه) فيه «فلما هبط من ثنيّة الأراك يوم حنين ضَوَى إليه المسلمون» أي مالوا يقال : ضَوَى إليه ضَيّاً وضُوِيّاً ، وانْضَوَى إليه. ويقال : ضَوَاه إليه وأَضْوَاه.

__________________

(١) وعليه اقتصر الهروى.

(٢) فى اللسان والصحاح (ضوى): «وجلبتهم».

(ه) وفيه «اغتربوا لا تَضْوُوا (١)» أي تزوّجوا الغرائب دون القرائب ، فإن ولد الغريبة أنجب وأقوى من ولد القريبة. وقد أَضْوَت المرأة إذا ولدت ولدا ضعيفا. فمعنى لا تَضْوُوا : لا تأتوا بأولاد ضَاوِين : أي ضعفاء نحفاء ، الواحد : ضَاوٍ.

ومنه الحديث «لا تنكحوا القرابة القريبة ، فإن الولد يخلق ضَاوِيّاً».

(باب الضاد مع الهاء)

(ضهد) (س) في حديث شريح «كان لا يجيز الاضْطِهَاد ولا الضّغطة» هو الظلم والقهر. يقال ضَهَدَه ، وأَضْهَدَه ، واضْطَهَدَه. والطاء بدل من تاء الافتعال. المعنى أنه كان لا يجيز البيع واليمين وغيرهما في الإكراه والقهر.

(ضهل) (ه) في حديث يحيى بن يعمر «أنشأت تطلّها وتَضْهَلُهَا» أي تعطيها شيئا قليلا ، من الماء الضَّهْل ، وهو القليل. يقال ضَهَلْتُه أَضْهَلُه. وقيل تَضْهَلُها : أي تردّها إلى أهلها. من ضَهَلْتُ إلى فلان إذا رجعت إليه.

(ضها) (ه) فيه «أشدّ الناس عذابا يوم القيامة الذين يُضَاهُون خلق الله» أراد المصوّرين. والمُضَاهَاة : المشابهة. وقد تهمز وقرئ بهما.

(ه) وفي حديث عمر «قال لكعب : ضَاهَيْتُ اليهوديّة (٢)» أي شابهتها وعارضتها.

(باب الضاد مع الياء)

(ضيح) (س) في حديث كعب بن مالك «لو مات يومئذ عن الضِّيح والرِّيح لَوَرِثَه الزّبير» هكذا جاء في رواية. والمشهور : الضّحّ ، وهو ضوء الشّمس ، فإن صحّت الرواية فهو مقلوب من ضحى الشمس ، وهو إشراقها. وقيل الضِّيح : قريب من الرّيح.

__________________

(١) فى الأصل : «اغتربوا ولا تضووا» وقد أسقطنا الواو حيث سقطت من ا واللسان والهروى.

(٢) كذا فى الأصل واللسان. والذى فى ا والهروى : «اليهود».

(ه) وفي حديث عمّار «إن آخر شربة تشربها ضَيَاحٌ» الضَّيَاح والضَّيْح بالفتح : اللبن الخاثر يصب فيه الماء ثم يخلط. رواه يوم قتل بصفّين وقد جيء بلبن ليشربه.

(س) ومنه حديث أبي بكر رضي‌الله‌عنه «فسقته ضَيْحَةً حامضة» أي شربة من الضَّيْح.

(ه) ومنه الحديث «من لم يقبل العذر ممّن تنصّل إليه ، صادقا كان أو كاذبا ، لم يرد عَلَيَّ الحوض إلّا مُتَضَيِّحاً» أي متأخّرا عن الواردين ، يجيء بعد ما شربوا ماء الحوض إلّا أقلّه فيبقى كدرا مختلطا بغيره ، كاللّبن المخلوط بالماء.

(ضيخ) (ه) في حديث ابن الزبير «إن الموت قد تغشّاكم سحابه وهو مُنْضَاخ عليكم بوابل البلايا» يقال انْضَاخَ الماءُ ، وانْضَخَّ إذا انصبّ. ومثله في التّقدير انقاض الحائط وانقضّ إذا سقط ، شبّه المنيّة بالمطر وانسيابه.

هكذا ذكره الهروي وشرحه.

وذكره الزّمخشرى في الصّاد والحاء المهملتين ، وأنكر ما ذكره الهروى (١).

(ضير) في حديث الرؤيا «لا تُضَارُون في رؤيته» من ضَارَه يَضِيرُه ضَيْراً : أي ضرّه ، لغة فيه ، ويروى بالتشديد وقد تقدم.

ومنه حديث عائشة «وقد حاضت في الحجّ فقال : لا يَضِيرُكَ» أي لا يضرّك. وقد تكرر في الحديث.

(ضيع) (ه) فيه «من ترك ضَيَاعاً فإليَّ» الضَّيَاع : العيال. وأصله مصدر ضَاعَ يَضِيعُ ضَيَاعاً ، فسمّى العيال بالمصدر ، كما تقول : من مات وترك فقرا : أي فقراء. وإن كسرت الضّاد كان جمع ضَائِع ، كجائع وجياع.

ومنه الحديث «تعين ضَائِعاً» أي ذا ضَيَاعٍ من فقر أو عيال أو حال قصّر عن القيام بها.

__________________

(١) انظر تعليقنا ص ٥٨ من هذا الجزء.

ورواه بعضهم بالصاد المهملة والنون. وقيل إنه هو الصّواب وقيل هو في حديث بالمهملة. وفي آخر بالمعجمة ، وكلاهما صواب في المعنى.

وفي حديث سعد «إني أخاف على الأعناب الضَّيْعَة» أي أنها تَضِيعُ وتتلف. والضَّيْعَة في الأصل : المرّة من الضَّيَاع. وضَيْعَة الرجل في غير هذا ما يكون منه معاشه ، كالصّنعة والتّجارة والزّراعة وغير ذلك.

(ه) ومنه الحديث «أفشى (١) الله عليه ضَيْعَتَه» أي أكثر عليه معاشه.

ومنه حديث ابن مسعود «لا تتّخذوا الضَّيْعَة فترغبوا في الدّنيا».

وحديث حنظلة «عافسنا الأزواج والضَّيْعَات» أي المعايش.

(س) وفيه «أنه نهى عن إِضَاعَة المال» يعنى إنفاقه في غير طاعة الله تعالى والإسراف والتّبذير.

وفي حديث كعب بن مالك «ولم يجعلك الله بدار هوان ولا مَضِيعَة» المَضِيعَة بكسر الضاد مفعلة من الضَّيَاع : الاطّراح والهوان ، كأنّه فيه ضَائِع ، فلما كانت عين الكلمة ياء وهي مكسورة نقلت حركتها إلى العين فسكنت الياء فصارت بوزن معيشة. والتقدير فيهما سواء.

ومنه حديث عمر «ولا تدع الكثير بدار مَضِيعَة».

(ضيف) (ه) فيه «نهى عن الصلاة إذا تَضَيَّفَتِ الشمس للغروب» أي مالت. يقال ضَافَ عنه يَضِيفُ.

ومنه الحديث «ثلاث ساعات كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ينهانا أن نصلّي فيها : إذا طلعت الشمس حتى ترتفع ، وإذا تَضَيَّفَتْ للغروب ، ونصف النهار».

ومنه حديث أبي بكر «أنه قال له ابنه عبد الله : ضِفْتُ عنك يوم بدر» أي ملت عنك وعدلت.

وفيه «مُضِيفٌ ظهرَه إلى القبّة» أي مسنده. يقال أَضَفْتُه إليه أُضِيفُه.

__________________

(١) فى الهروى : «أفسد».

(س) وفيه «أن العدوّ يوم حنين كمنوا في أحناء الوادي ومَضَايِفِه» والضَّيْف : جانب الوادي.

(ه) وفي حديث عليٍ «أنّ ابن الكوّاء وقيس بن عباد جاآه فقالا : أتيناك مُضَافَيْنِ مثقلين (١) ـ أي ملجأين ـ من أَضَافَه إلى الشّيء إذ ضمّه إليه.

وقيل معناه : أتيناك خائفين. يقال أَضَافَ من الأمر وضَافَ إذا حاذره وأشفق منه. والمَضُوفَة : الأمر الذي يحذر منه ويخاف. ووجهه أن يجعل المُضَاف مصدرا بمعنى الإِضَافَة ، كالمُكرَم بمعنى الإكرام ، ثم يصف بالمصدر ، وإلّا فالخائف مُضِيفٌ لا مُضَافٌ.

وفي حديث عائشة «ضَافَهَا ضَيْفٌ فأمرَتْ له بملحفة صفراء» ضِفْتُ الرجلَ إذا نزلت به في ضِيَافَة ، وأَضَفْتُه إذا أنزلته ، وتَضَيَّفْتُه إذا نزلت به ، وتَضَيَّفَنِي إذا أنزلني.

ومنه حديث النّهدى «تَضَيَّفْتُ أبا هريرة سبعا».

(ضيل) (س) فيه «قال لجرير : أين منزلك؟ قال : بأكناف بيشة (٢) بين نخلة وضَالَة» الضَّالَة بتخفيف اللام : واحدة الضَّال ، وهو شجر السّدر من شجر الشّوك ، فإذا نبت على شطّ الأنهار قيل له العبرىّ ، وألفه منقلبة عن الياء. يقال أَضَالَتِ الأرض وأَضْيَلَتْ.

وفي حديث أبى هريرة «قال له أبان بن سعيد : وبر تدلّى من رأس ضَالٍ» ضَالٌ بالتخفيف : مكان أو جبل بعينه ، يريد به توهين أمره وتحقير قدره. ويروى بالنّون ، وهو أيضا جبل في أرض دوس. وقيل أراد به الضأن من الغنم فتكون ألفه همزة.

__________________

(١) فى الهروى : «مضافين مثقلين» ضبط قلم.

(٢) بيشة : اسم لموضعين ، أولهما : قرية غنّاء فى واد كثير الأهل من بلاد اليمن. وثانيهما : من عمل مكة مما يلى اليمن ، من مكة على خمس مراحل ، وبها من النخل والفسيل شىء كثير. معجم البلدان ١ / ٧٩١.

حرف الطاء

(باب الطاء مع الهمزة)

(طأطأ) (ه) في حديث عثمان «تَطَأْطَأْتُ لكم (١) تَطَأْطُؤَ الدُّلاة» أي خفضت لكم (١) نفسي كما يخفضها المستَقُون بالدّلاء ، وتواضعت لكم وانحنيت. والدُّلَاةُ : جمع دال ، وهو الذي يستقي الدلو ، كقاض وقضاة.

(باب الطاء مع الباء)

(طبب) (ه) فيه «أنه احتجم حين طُبَ» أي لمّا سحر. ورجل مَطْبُوب : أي مسحور ، كَنَوْا بالطِّبّ عن السِّحر ، تفاؤلا بالبرء ، كما كنوا بالسّليم عن اللّديغ (٢).

(ه) ومنه الحديث «فلعلّ طِبّاً أصابه» أي سحرا.

والحديث الآخر «إنه مَطْبُوب».

وفي حديث سلمان وأبي الدّرداء «بلغني أنك جعلت طَبِيباً» الطَّبِيب في الأصل : الحاذق بالأمور العارف بها ، وبه سمّي الطَّبِيب الذي يعالج المرضى. وكني به هاهنا عن القضاء والحكم بين الخصوم ، لأن منزلة القاضي من الخصوم بمنزلة الطَّبِيب من إصلاح البدن. والمُتَطَبِّب الذي يعاني الطِّبَّ ولا يعرفه معرفة جيّدة.

[ه] وفي حديث الشّعبي «ووصف معاوية فقال : «كان كالجمل الطَّبِ» يعنى الحاذق بالضِّراب. وقيل الطَّبُ من الإبل : الّذي لا يضع خَفَّه إلّا حيث يُبصر ، فاستعار أحد هذين المعنيين لأفعاله وخلاله.

__________________

(١) فى الهروى «لهم».

(٢) فى الهروى : «وقال أبو بكر : الطبّ : حرف من الأضداد ، يقال طبّ لعلاج الداء ، وطبّ للسحر ، وهو من أعظم الأدواء». ا ه وانظر الأضداد لابن الأنبارى ص ٢٣١.

(طبج) (ه) فيه «أنه كان في الحىّ رجل له زوجة وأمٌّ ضعيفة ، فشكت زوجته إليه أمّه ، فقام الأَطْبَج إلى أمّه فألقاها في الوادي» الطَّبَج : استحكام الحماقة. وقد طَبِجَ يَطْبَجُ [طَبَجاً] (١) فهو أَطْبَج.

هكذا ذكره الهروي بالجيم. ورواه غيره بالخاء. وهو الأحمق الذي لا عقل له وكأنّه الأشبه.

(طبخ) (ه) في الحديث «إذا أراد الله بعبد سوءا جعل ماله في الطَّبِيخَيْنِ» قيل هما الجصّ والآجرّ ، فعيل بمعنى مفعول.

(س) وفي حديث جابر «فاطَّبَخْنَا» هو افتعلنا من الطَّبْخ ، فقلبت التاء طاء لأجل الطاء قبلها. والاطِّبَاخ مخصوص بمن يَطْبَخُ لنفسه ، والطَّبْخ عامّ لنفسه ولغيره.

(ه) وفي حديث ابن المسيّب «ووقعت الثالثة فلم ترتفع وفي الناس طَبَاخٌ» أصل الطَّبَاخ : القوّة والسّمن ، ثم استعمل في غيره ، فقيل فلان لا طَبَاخَ له : أي لا عقل له ولا خير عنده.

أراد أنها لم تُبْقِ في الناس من الصّحابة أحدا. وعليه يبنى حديث الأَطْبَخ الذي ضرب أمّه ، عند من رواه بالخاء.

(طبس) (س) في حديث عمر «كيف لي بالزّبير وهو رجل طِبْسٌ» الطِّبْس : الذّئب ، أراد أنه رجل يشبه الذئب في حرصه وشرهه. قال الحربي. أظنّه أراد لَقِسٌ : أي شره حريص.

(طبطب) (ه) في حديث ميمونة بنت كردم «ومعه درّة كدرّة الكتّاب ، فسمعت الأعراب يقولون : الطَّبْطَبِيَّة الطَّبْطَبِيَّة» قال الأزهري : هي حكاية وقع السّياط. وقيل : حكاية وقع الأقدام عند السّعي. يريد أقبل الناس إليه يسعون ولأقدامهم طَبْطَبَة : أي صوت. ويحتمل

__________________

(١) زيادة من الهروى ، وقال : وقال ابن حمّويه : سئل شمر عن الطّبج ، بالجيم وسكون الباء فقال : هو الضرب على الشىء الأجوف كالرأس وغيره.

أن يكون أراد بها الدّرّة نفسها ، فسماها طَبْطَبِيَّة ، لأنها إذا ضرب بها حكت صوت طَبْ طَبْ ، وهي منصوبة على التّحذير ، كقولك : الأسد الأسد ، أي احذروا الطَّبْطَبِيَّة.

(طبع) (ه) فيه «من ترك ثلاث جمع من غير عذر طَبَعَ اللهُ على قلبه» أي ختم عليه وغشّاه ومنعه ألطافه. والطَّبْع بالسكون : الختم ، وبالتّحريك : الدّنس. وأصله من الوسخ والدنس يغشيان السّيف. يقال طَبِعَ السيفُ يَطْبَعُ طَبَعاً. ثم استعمل فيما يشبه ذلك من الأوزار والآثام وغيرهما من المقابح.

(ه) ومنه الحديث «أعوذ بالله من طَمَع يَهْدي إلى طَبَعٍ» أي يؤدّي إلى شين وعيب. وكانوا يرون أن الطَّبَع هو الرّين.

قال مجاهد : الرّين أيسرُ من الطَّبَع ، والطَّبَع أيسرُ من الإقفال ، والإقفال أشدّ ذلك كلّه. وهو إشارة إلى قوله تعالى : (كَلَّا بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ) وقوله : (طَبَعَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ) وقوله : «أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها».

ومنه حديث ابن عبد العزيز «لا يتزوّج من العرب في الموالي إلا الطّمع الطَّبِع».

وفي حديث الدعاء «اختمه بآمين ، فإنّ آمين مثل الطَّابَع على الصّحيفة» الطَّابَع بالفتح : الخاتم. يريد أنه يختم عليها وترفع كما يفعل الإنسان بما يعزّ عليه.

(ه) وفيه «كلّ الخلال يُطْبَعُ عليها المؤمن إلّا الخيانة والكذب» أي يخلق عليها. والطِّبَاع : ما ركّب في الإنسان من جميع الأخلاق التي لا يكاد بزوالها (١) من الخير والشّرّ. وهو اسم مؤنث على فعال ، نحو مهاد ومثال ، والطَّبَع : المصدر.

(ه) وفي حديث الحسن «وسئل عن قوله تعالى : (لَها طَلْعٌ نَضِيدٌ) فقال : هو الطِّبِّيع في كُفُرَّاه» الطِّبِّيع بوزن القنديل : لبّ الطّلع. وكُفُرَّاه وكافُورُه : وعاؤه.

(س) وفي حديث آخر «ألقى الشّبكة فطَبَّعَها سمكا» أي ملأها. يقال تَطَبَّعَ النهر : أي امتلأ. وطَبَّعْتُ الإناء : إذا ملأته.

__________________

(١) الذى فى الهروى : التى لا يزايلها».

(طبق) (ه) في حديث الاستسقاء «اللهم اسقنا غيثا طَبَقاً» أي مالئا للأرض مغطّيا لها. يقال غيث طَبَقٌ : أي عامّ واسع.

(ه) ومنه الحديث «لله مائة رحمة ، كلّ رحمة منها كطِبَاق الأرض» أي كغشائها.

(ه) ومنه حديث عمر «لو أنّ لي طِبَاقَ (١) الأرض ذهبا» أي ذهبا يعم الأرض فيكون طَبَقاً لها.

(ه) وفي شعر العباس :

إذا مضى عالَم بدا طَبَقٌ

يقول : إذا مضى قرن بدا قرن. وقيل للقرن طَبَق ، لأنهم طَبَقٌ للأرض ثم ينقرضون ويأتي طَبَقٌ آخر.

(ه) ومنه الحديث «قريش الكتبة الحسبة ملح هذه الأمّة ، علم عالمهم طِبَاقُ الأرض».

[ه] وفي رواية «علم عالم قريش طَبَقُ الأرض»

(س) وفيه «حجابه النّور لو كُشِفَ طَبَقُه لأحرق سبحات وجهه كلّ شيء أدركه بصره» الطَّبَق : كلّ غطاء لازم على الشيء.

وفي حديث ابن مسعود في أشراط السّاعة «توصل الأَطْبَاق وتقطع الأرحام» يعنى بالأَطْبَاق البعداء والأجانب ، لأن طَبَقَات الناس أصناف مختلفة.

(س) وفي حديث أبي عمرو النّخعي «يشتجرون اشتجار أَطْبَاق الرّأس» أي عظامه فإنها مُتَطَابِقَة مشتبكة كما تشتبك (٢) الأصابع. أراد التحام الحرب والاختلاط في الفتنة.

[ه] وفي حديث الحسن «أنه أُخْبِرَ بأمر فقال : إحدى المُطْبِقَات» يريد إحدى الدّواهي والشّدائد التي تُطْبِقُ عليهم. ويقال للدّواهي بنات طَبَقٍ.

__________________

(١) فى الهروى : «أطباق الأرض».

(٢) فى ا : «مشبّكة كما تشبّك». والمثبت من الأصل واللسان.

[ه] وفي حديث عمران بن حصين رضي‌الله‌عنه «أن غلاما أبق له فقال : لأقطعنّ منه طَابِقاً إن قدرت عليه» أي عضوا ، وجمعه طَوَابِق. قال ثعلب : الطَّابِق والطَّابَق : العضو من أعضاء الإنسان كاليد والرّجل ونحوهما.

ومنه حديث عليّ رضي‌الله‌عنه «إنما أمرنا في السّارق بقطع طَابَقِهِ» أي يده.

وحديثه الآخر «فخبزت خبزا وشويت طَابَقاً من شاة» أي مقدار ما يأكل منه اثنان أو ثلاثة.

[ه] وفي حديث ابن مسعود «أنه كان يُطَبِّقُ في صلاته» هو أن يجمع بين أصابع يديه ويجعلهما بين ركبتيه في الركوع والتشهّد.

(ه) وفي حديثه أيضا «وتبقى أصلاب المنافقين طَبَقاً واحدا» الطَّبَق : فقار الظّهر ، واحدتها طَبَقَة ، يريد أنه صار فقارهم كلّه كالفقارة الواحدة ، فلا يقدرون على السّجود.

(ه س) ومنه حديث ابن الزبير «قال لمعاوية : وايم الله لئن ملك مروان عنان خيل تنقاد له [في عثمان (١)] ليركبنّ منك طَبَقاً تخافه» يريد فقار الظهر : أي ليركبن منك مركبا صعبا وحالا لا يمكنك تلافيها. وقيل أراد بالطَّبَق المنازل والمراتب : أي ليركبنّ منك منزلة فوق منزلة في العداوة.

[ه] وفي حديث ابن عباس «سأل أبا هريرة مسألة فأفتاه ، فقال : طَبَّقْتَ» أي أصبت وجه الفُنْيَا. وأصل التَّطْبِيق إصابة المفصل ، وهو طَبَق العظمين : أي ملتقاهما فيفصل بينهما.

(ه) وفي حديث أم زرع «زوجي عياياء طَبَاقَاء» هو المُطْبَق عليه حُمقا. وقيل هو الذي أموره مُطْبَقَة عليه : أي مغشّاة. وقيل هو الّذي يعجز عن الكلام فتَنْطَبِقُ شفتاه.

(ه) وفيه «إنّ مريم عليها‌السلام جاعت فجاء طَبَقٌ من جراد فصادت منه» أي قطيع من الجراد.

وفي حديث عمرو بن العاص «إني كنت على أَطْبَاق ثلاث» أي أحوال ، واحدها طَبَق.

__________________

(١) سقط من الهروى.

(س) وفي كتاب علي رضي‌الله‌عنه إلى عمرو بن العاص «كما وافق شنٌ طَبَقَهْ» هذا مثل للعرب يضرب لكلّ اثنين أو أمرين جمعتهما حالة واحدة اتّصف بها كلّ منهما. وأصله فيما قيل : إن شنّا قبيلة من عبد القيس ، وطَبَقاً حىّ من إياد ، اتفقوا على أمر فقيل لهما ذلك ، لأن كلّ واحد منهما وافق شكله ونظيره.

وقيل شنّ : رجل من دهاة العرب ، وطَبَقَة : امرأة من جنسه زوّجت منه ، ولهما قصّة.

وقيل الشّنّ : وعاء من أدم تشنّن : أي أخلق فجعلوا له طَبَقاً من فوقه فوافقه ، فتكون الهاء في الأوّل للتأنيث ، وفي الثاني ضمير الشّنّ.

[ه] وفي حديث ابن الحنفية رضي‌الله‌عنه «أنه وصف من يلي الأمر بعد السّفياني فقال : يكون بين شثٍّ وطُبَّاق» هما شجرتان تكونان بالحجاز. وقد تقدم في حرف الشين.

وفي حديث الحجّاج «فقال الرجل : قم فاضرب عنق هذا الأسير ، فقال : إن يَدِي طَبِقَة»

هي التي لصق عضدها بجنب صاحبه فلا يستطيع أن يحرّكها.

(طبن) (ه) فيه «فطَبِنَ لها غلام رومىّ» أصل الطَّبَن والطَّبَانَة : الفطنة. يقال : طَبِنَ لكذا طَبَانَة فهو طَبِنٌ : أي هجم على باطنها وخبر أمرها وأنها ممن تواتيه على المراودة. هذا إذا روي بكسر الباء ، وإن روي بالفتح كان معناه خيّبها وأفسدها.

(طبا) في حديث الضحايا «ولا المُصْطَلَمَة أَطْبَاؤُها» أي المقطوعة الضّروع. والأَطْبَاء : الأخلاف ، واحدها : طُبْي بالضم والكسر. وقيل (١) يقال لموضع الأخلاف من الخيل والسّباع : أَطْبَاء. كما يقال في ذوات الخفّ والظّلف : خلف وضرع.

(ه) ومنه حديث عثمان «قد بلغ السّيل الزُّبَى وجاوز الحزام الطُّبْيَيْنِ» هذا كناية عن المبالغة في تجاوز حدّ الشرّ والأذى ، لأن الحزام إذا انتهى إلى الطُّبْيَيْنِ فقد انتهى إلى أبعد غاياته ، فكيف إذا جاوزه!

__________________

(١) فى الأصل : «وقد يقال» والمثبت من او اللسان. وتقوّيه عبارة الهروى فى حديث عثمان : «ويقال».

ومنه حديث ذي الثُّدَيَّة «كأنّ إحدى يديه طُبْيُ شاةٍ».

(س) وفي حديث ابن الزبير «إن مصعبا اطَّبَى القلوبَ حتى ما تعدل به» أي تحبّب إلى قلوب الناس وقرّبها منه. يقال طَبَاه يَطْبُوه ويَطْبِيه إذا دعاه وصرفه إليه واختاره لنفسه. واطَّبَاه يَطَّبِيه ، افتعل منه ، فقلبت التاء طاء وأدغمت.

(باب الطاء مع الحاء)

(طحر) (س) في حديث الناقة القصواء «فسمعنا لها طَحِيراً» الطَّحِير : النَّفَس العالي.

وفى حديث يحيى بن يعمر «فإنك تَطْحَرُها» أي تبعدها وتقصيها. وقيل أراد تدحرها ، فقلب الدال طاء ، وهو بمعناه. والدَّحْرُ : الإبعاد. والطَّحْر أيضا : الجماع والتمدّد.

(طحرب) (ه) وفي حديث سلمان وذكر يوم القيامة فقال : «تدنو الشمس من رؤوس الناس وليس على أحد منهم طُحْرُبَة» الطُّحْرُبَة بضم الطاء والراء ، وبكسرهما (١) وبالحاء والخاء : اللباس. وقيل الخرقة. وأكثر ما يستعمل في النّفي.

(طحن) في إسلام عمر رضي‌الله‌عنه «فأخرجنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في صفّين ، له كديد ككديد الطَّحِين». الكَدِيدُ : التراب الناعم. والطَّحِين : المَطْحُون ، فعيل بمعنى مفعول.

(باب الطاء مع الخاء)

(طخرب) في حديث سلمان «وليس على أحد منهم طُخْرُبَة» وقد تقدّم في الطاء مع الحاء.

(طخا) [ه] فيه «إذا وجد أحدكم طَخَاءً على قلبه فليأكل السّفرجل» الطَّخَاء : ثقل وغشي ، وأصل الطَّخَاء والطَّخْيَة (٢) : الظلمة والغيم.

__________________

(١) فى الدر النثير : «زاد الفارسى : وبالفتح». اه ويوافقه ما فى القاموس (طحرب).

(٢) الطخية ، مثلثة الطاء. القاموس (طخا).

(ه) ومنه الحديث «إن للقلب طَخَاء كطَخَاء القمر» أي ما يغشّيه من غيم يغطّي نوره.

(باب الطاء مع الراء)

(طرأ) (س) فيه «طَرَأَ علىّ حزبي من القرآن» أي ورد وأقبل. يقال طَرَأَ يَطْرَأُ مهموزا إذا جاء مفاجأة ، كأنه فجئه الوقت الّذي كان يؤدّي فيه ورده من القراءة ، أو جعل ابتداءه فيه طُرُوءاً منه عليه. وقد يترك الهمز فيه فيقال طَرَا يَطْرُو طُرُوّاً. وقد تكرر في الحديث.

(طرب) (س) فيه «لعن الله من غيّر المَطْرَبَة والمقربة» المَطْرَبَة : واحدة المَطَارِب ، وهي طرق صغار تنفذ إلى الطرق الكبار. وقيل هي الطّرق الضّيّقة المتفرّقة. يقال طرّبت عن الطريق : أى عدلت عنه.

(طربل) (ه) فيه «إذا مرّ أحدكم بطِرْبَال مائل فليسرع المشي» هو البناء المرتفع كالصّومعة والمنظرة من مناظر العجم. وقيل : هو علم يبنى فوق الجبل ، أو قطعة من جبل.

(طرث) في حديث حذيفة رضي‌الله‌عنه «حتى ينبت اللّحم على أجسادهم كما تنبت الطَّرَاثِيث على وجه الأرض» هي جمع طُرْثُوث ، وهو نبت ينبسط على وجه الأرض كالفطر.

(طرد) (ه) فيه «لا بأس بالسّباق ما لم تُطْرِدْهُ ويُطْرِدْك» الإِطْرَاد : هو أن تقول : إن سبقتني فلك علىّ كذا ، وإن سبقك فلي عليك كذا.

وفي حديث قيام الليل «هو قربة إلى الله تعالى ومَطْرَدَة الدّاء عن الجسد» أي أنّها حالة من شأنها إبعاد الدّاء ، أو مكان يختصّ به ويعرف ، وهي مفعلة من الطَّرْد.

وفي حديث الإسراء «فإذا نهران يَطَّرِدَان». أي يجريان ، وهما يفتعلان ، من الطَّرْد.

ومنه الحديث «كنت أُطَارِد حيّة» أي أخادعها لأصيدها. ومنه طِرَاد الصّيد.

ومنه حديث عمر رضي‌الله‌عنه «أَطْرَدْنَا المعترفين» يقال أَطْرَده السلطان وطَرَّدَه إذا أخرجه عن بلده. وحقيقته أنه صيّره طَرِيدا. وطَرَدْتُ الرجلَ طَرْداً إذا أبعدته ، فهو مَطْرُود وطَرِيد.

(ه) وفي حديث قتادة «في الرجل يتوضّأ بالماء الرّمد وبالماء الطَّرِد» هو الذي تخوضه الدّواب ، سمّي بذلك لأنها تَطَّرِدُ فيه بخوضه ، وتَطْرُدُه أي تدفعه.

(ه) وفي حديث معاوية «أنه صعد المنبر وفي يده طَرِيدَة». أي شقّة طويلة من حرير.

(طرر) (ه) في حديث الاستسقاء «فنشأت طُرَيْرةٌ من السّحاب» الطُّرَيْرَة : تصغير الطُّرَّة ، وهي قطعة من السّحاب تبدو (١) من الأفق مستطيلة. ومنه طُرَّة الشّعر والثّوب : أي طرفه.

(ه) ومنه الحديث «أنه أعطى عمر حلّة وقال : لتعطينّها بعض نسائك يتّخذنها طُرَّات بينهنّ» أي يقطّعنها ويتّخذنها مقانع (٢). وطُرَّات : جمع طُرَّة.

وقال الزمخشري : يتّخذنها طُرَّات أي قطعا ، من الطَّرِّ : وهو القطع.

(س) ومنه الحديث «إنه كان يَطُرُّ شاربه» أي يقصّه.

(س) وحديث الشّعبي «يقطع الطَّرَّار» هو الذي يشقّ كُمَّ الرّجل ويسلّ ما فيه ، ومن الطَّرِّ : القطع والشّق.

(ه) وفي حديث عليّ «أنه قام من جوز اللّيل وقد طُرَّت النجوم» أي أضاءت.

ومنه «سيف مَطْرُور» أي صقيل.

ومن رواه بفتح الطّاء أراد : طلعت. يقال طَرَّ النبات يَطُرُّ إذا نبت ، وكذلك الشّارب.

(ه) وفي حديث عطاء «إذا طَرَرْتَ مسجدك بمدر فيه روث فلا تصلّ فيه حتى

__________________

(١) فى الهروى : «تبدأ».

(٢) فى الهروى : «ستورا». قال فى القاموس (قنع) : والمقنع والمقنعة ـ بكسر ميمهما ـ ما تقنّع به المرأة رأسها.

تغسله السماء» أي إذا طيّنته وزيّنته. من قولهم رجل طَرِير : أي جميل الوجه.

وفي حديث قسّ.

ومرادا لمحشر الخلق طُرّاً

أي جميعا ، وهو منصوب على المصدر أو الحال.

(طرز) فيه «قالت صفيّة لزوجات النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : من فيكنّ مثلي؟ أبي نبيّ ، وعمّي نبيّ ، وزوجي نبيّ ، وكان النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم علّمها لتقول ذلك لهنّ ، فقالت لها عائشة : ليس هذا من طِرَازِك» أي ليس هذا من نفسك وقريحتك. والطِّرَاز في الأصل : الموضع الذي تنسج فيه الثّياب الجياد. ويقال للإنسان إذا تكلّم بشيء جيّد استنباطا وقريحة : هذا من طِرَازِه.

(طرس) (س) فيه «كان النّخعي يأتي عبيدة في المسائل ، فيقول عبيدة : طَرِّسْها يا أبا إبراهيم» طَرِّسْها : أي امحها. يعنى الصّحيفة. يقال طَرَّسْتُ الصّحيفة إذا أنعمت محوها.

(طرطب) (س [ه]) في حديث الحسن وقد خرج من عند الحجّاج فقال : «دخلت على أحيول يُطَرْطِبُ شُعَيرات له» يريد ينفخ بشفتيه في شاربه غيظا أو كبرا (١) والطَّرْطَبَة : الصّفير بالشّفتين للضّأن.

أخرجه الهروي عن الحسن ، والزمخشري عن النّخعي (٢).

(س) وفي حديث الأشتر «في صفة امرأة أرادها ضمعجا طُرْطُبّاً» الطُّرْطُبّ : العظيمة الثّديين.

(طرف) (ه) فيه «فمال طَرَفٌ من المشركين على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم» أي قطعة مكنهم وجانب. ومنه قوله تعالى (لِيَقْطَعَ طَرَفاً مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَوْ يَكْبِتَهُمْ).

(ه) وفيه «كان إذا اشتكى أحدهم لم تنزل البرمة حتى يأتي على أحد طَرَفَيْهِ» أي حتى

__________________

(١) فى الأصل : «أى كبرا». وفى اللسان : «وكبرا». واعتمدنا ما فى ا والفائق ٢ / ٨٢.

(٢) إنما أخرجه الزمخشرىّ عن الحسن. انظر الفائق ٢ / ٨٢.

يفيق من علّته أو يموت ، لأنهما منتهى أمر العليل. فهما طَرَفَاه : أي جانباه.

ومنه حديث أسماء بنت أبي بكر «قالت لابنها عبد الله : ما بي عجلة إلى الموت حتّى آخذ على أحد طَرَفَيْك : إمّا أن تستخلف فتقرّ عيني ، وإمّا أن تقتل فأحتسبك».

وفيه «إن إبراهيم الخليل عليه‌السلام جعل في سرب وهو طفل ، وجعل رزقه في أَطْرَافه» أي كان يمصّ أصابعه فيجد فيها ما يغذّيه.

(ه) وفي حديث قبيصة بن جابر «ما رأيت أقطع طَرَفاً من عمرو بن العاص» يريد أمضى لسانا منه. وطَرَفَا الإنسان لسانه وذكره.

ومنه قولهم : «لا يدرى أيّ طَرَفَيْه أطول».

(س) ومنه حديث طاوس «إنّ رجلا واقع الشّراب الشّديد فسقي فضري ، فلقد رأيته في النّطع وما أدرى أىّ طَرَفَيْه أسرع» أراد حلقه ودبره : أي أصابه القيء والإسهال فلم أدر أيّهما أسرع خروجا من كثرته.

وفي حديث أمّ سلمة «قالت لعائشة : حماديات النّساء غضّ الأَطْرَاف» أرادت قبض اليد والرّجل عن الحركة والسّير. يعنى تسكين الأَطْرَاف وهي الأعضاء.

وقال القتيبى : هي جمع طَرْف العين ، أرادت غضّ البصر.

قال الزّمخشري : «الطَّرْف لا يُثَنّي ولا يُجمَع لأنه مصدر ، ولو جُمِعَ فلم يسمع في جمعه أَطْرَاف ، ولا أكاد أشكّ أنه تصحيف ، والصواب «غضّ الإطراق» : أي يغضضن من أبصارهنّ مطرقات راميات بأبصارهنّ إلى الأرض» (١).

(س) ومنه حديث نظر الفجأة قال : «أَطْرِفْ بصرك» أي اصرفه عمّا وقع عليه وامتدّ إليه. ويروى بالقاف وسيذكر.

(ه) وفي حديث زياد «إنّ الدنيا قد طَرَفَتْ أعينكم» أي طمحت بأبصاركم إليها ، من قولهم امرأة مَطْرُوفَة بالرّجال ، إذا كانت طمّاحة إليهم. وقيل طَرَفَتْ أعينكم : أي صرفتها إليها.

__________________

(١) انظر الفائق ١ / ٥٨٦.

ومنه حديث عذاب القبر «كان لا يَتَطَرَّفُ من البول» : أي لا يتباعد ، من الطَّرَف : الناحية.

(س) وفيه «رأيت على أبي هريرة مِطْرَفَ خزّ» المِطْرَف بكسر الميم وفتحها وضمها : الثوب الذي في طَرَفَيْه عَلَمان. والميم زائدة. وقد تكرر في الحديث.

(س) وفيه «كان عمرو لمعاوية كالطِّرَاف الممدود» (١) الطِّرَاف : بيت من أَدَم معروف من بيوت الأعراب.

(س) وفي حديث فضيل «كان محمد بن عبد الرحمن أصلع ، فطُرِفَ له طَرْفَة» أصل الطَّرْف : الضّرب على طَرَفِ العين ، ثم نقل إلى الضرب على الرّأس.

(طرق) (ه س) فيه «نهى المسافر أن يأتي (٢) أهله طُرُوقاً» أي ليلا. وكل آت باللّيل طَارِق. وقيل أصل الطُّرُوق : من الطَّرْق وهو الدّق. وسمّي الآتي بالليل طَارِقاً لحاجته إلى دقّ الباب.

(س) ومنه حديث علي رضي‌الله‌عنه «إنها خارقة طَارِقَة» أي طَرَقَتْ بخير. وجمع الطَّارِقَة : طَوَارِق.

ومنه الحديث «أعوذ بك من طَوَارِق اللّيل إلّا طَارِقاً يَطْرُقُ بخير».

وقد تكرر ذكر الطُّرُوق في الحديث.

(ه) وفيه «الطّيرة والعيافة والطَّرق من الجبت» الطَّرق : الضّرب بالحصا الذي يفعله النساء. وقيل هو الخطّ في الرّمل. وقد مرّ تفسيره في حرف الخاء.

(ه) وفيه «فرأى عجوزا تَطْرُقُ شعرا» هو ضرب الصّوف والشّعر بالقضيب لينتفش.

__________________

(١) فى ا «الممدّد» والمثبت من الأصل واللسان.

(٢) فى الأصل : «عن أن يأتى» وأسقطنا «عن» حيث لم ترد فى ا واللسان والهروى.

(ه) وفي حديث الزكاة «فيها حقّة طَرُوقَة الفحل» أي يعلو الفحل مثلها في سنّها. وهي فعولة بمعنى مفعولة. أي مركوبة للفحل. وقد تكرر في الحديث.

(ه) ومنه الحديث «كان يصبح جنبا من غير طَرُوقَة» أي زوجة. وكلّ امرأة طَرُوقَة زوجها. وكلّ ناقة طَرُوقَة فحلِها.

(ه) ومنه الحديث «ومن حقّها إِطْرَاق فحلها» أي إعارته للضّراب. واسْتِطْرَاق الفحل : استعارته لذلك.

ومنه الحديث «من أَطْرَقَ مسلما فعقّت له الفرس».

ومنه حديث ابن عمر «ما أعطى رجل قطّ أفضل من الطَّرْق ، يُطْرِقُ الرجلُ الفحل فيلقح مائة ، فيذهب حيرىّ دهر» : أي يحوى أجره أبد الآبدين. والطَّرْق في الأصل : ماء الفحل. وقيل هو الضّراب ثم سمّى به الماء.

(ه) ومنه حديث عمر (١) «والبيضة منسوبة إلى طَرْقِها» أي إلى فحلها.

(ه) وفيه «كأنّ وجوههم المجانّ المُطْرَقَة» أي التّراس الّتي ألبست العقب شيئا فوق شيء. ومنه طَارَقَ النّعل ، إذا صيّرها طاقا فوق طاق ، وركّب بعضها فوق بعض. ورواه بعضهم بتشديد الراء للتّكثير. والأول أشهر.

(س) ومنه حديث عمر رضي‌الله‌عنه «فلبست خفّين مُطَارَقَيْن» أي مطبقين واحدا فوق الآخر. يقال أَطْرَقَ النّعل وطَارَقَها. وقد تكرر في الحديث.

وفي حديث نظر الفجأة «أَطْرِقْ بصرك» الإِطْرَاق : أن يقبل ببصره إلى صدره ويسكت ساكتا.

[ه] وفيه «فأَطْرَقَ ساعة» أي سكت.

وفي حديث آخر «فأَطْرَقَ رأسه» أي أماله وأسكنه.

__________________

(١) أخرجه الهروى من حديث عمرو. وضبط عمرو ـ بالقلم ـ بفتح العين وتسكين الميم. ولفظ الحديث فيه «البيضة منسوبة إلى طرقها».

ومنه حديث زياد «حتى انتهكوا الحريم ، ثم أَطْرَقُوا وراءكم» : أي استتروا بكم.

(ه) وفي حديث النّخعي «الوضوء بالطَّرْق أحبّ إلىّ من التيمّم» الطَّرْق : الماء الذي خاضته الإبل وبالت فيه وبعرت.

ومنه حديث ابن الزّبير «وليس للشّارب إلا الرّنق والطَّرْق».

وفيه «لا أرى أحدا به طِرْق يتخلّف» الطِّرْق بالكسر : القوّة. وقيل الشّحم. وأكثر ما يستعمل في النّفي.

وفي حديث سبرة «إن الشيطان قعد لابن آدم بأَطْرُقِهِ» هي جمع طَرِيق على التّأنيث ، لأن الطَّرِيق تذكر وتؤنث ، فجمعه على التّذكير : أَطْرِقَة ، كرغيف وأرغفة ، وعلى التأنيث : أَطْرُق ، كيمين وأيمن.

[ه] وفي حديث هند :

نحن بنات طَارِق

نمشي على النّمارق.

الطَّارِق : النّجم ، أي آباؤنا في الشّرف والعلو كالنّجم.

(طرا) (ه) فيه «لا تُطْرُونِي كما أَطْرَتِ النّصارى عيسى بن مريم» الإِطْرَاء : مجاوزة الحدّ في المدح ، والكذب فيه.

(س) وفي حديث ابن عمر «أنه كان يستجمر بالألوّة غير المُطَرَّاة» الألوّة : العود. والمُطَرَّاة : التي يعمل عليها ألوان الطّيب غيرها كالعنبر والمسك والكافور.

ومنه قولهم «عسل مُطَرَّى» أي مربّى بالأفاويه.

(ه) وفيه «أنه أكل قديدا على طِرِّيَانٍ» قال الفراء : هو الذي تسميه العامّة الطِّرْيَان. وقال ابن السّكّيت : هو الذي يؤكل عليه.

(باب الطاء مع الزاى)

(طزج) في حديث الشّعبي «قال لأبي الزّناد : تأتينا بهذه الأحاديث قسيّة ، وتأخذها منّا طَازِجَة» القسيّة : الرّديئة. والطَّازِجَة : الخالصة المنقّاة ، وكأنّه تعريب تازه ، بالفارسيّة.

(باب الطاء مع السين)

(طسأ) فيه «إن الشّيطان قال : ما حسدت ابن آدم إلّا على الطُّسْأَة (١) والحقوة» الطُّسْأَة : التّخمة والهيضة. يقال طَسِئَ إذا غلب الدّسم على قلبه. وطَسِئَتْ نفسه فهي طَاسِئَة منه.

(طسس) في حديث الإسراء «واختلف إليه ميكائيل بثلاث طِسَاس من زمزم» الطِّسَاس : جمع طَسّ طِسّ ، وهو الطَّسْت الطِّسْت ، والتاء فيه بدل من السين ، فجمع على أصله ، ويجمع على طُسُوس أيضا.

(طسق) في حديث عمر «أنه كتب إلى عثمان بن حنيف في رجلين من أهل الذّمة أسلما : ارفع الجزية عن رؤسهما ، وخذ الطَّسْق من أرضيهما» الطَّسْق : الوظيفة من خراج الأرض المقرّر عليها ، وهو فارسي معرّب.

(طسم) (س) في حديث مكة «وسكّانها طَسْم وجديس» هما قوم من أهل الزّمان الأوّل. وقيل طَسْم : حيٌّ من عاد.

(باب الطاء مع الشين)

(طشش) (ه) فيه «الحزاءة يشربها أكايس النّساء للطَّشَّة» هي داء يصيب النّاس كالزّكام ، سمّيت طَشَّة لأنّه إذا استنثر صاحبها طَشَ كما يَطِشُ المطر ، وهو الضعيف القليل منه.

ومنه حديث الشّعبىّ وسعيد في قوله تعالى (وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ ماءً)(٢) قال : طَشٌ يوم بدر.

(س) ومنه حديث الحسن «أنه كان يمشي في طَشٍ ومطر».

__________________

(١) ضبطت فى الأصل بفتح الطاء. هنا وفى صفحة ٤١٧ من الجزء الأول. والصواب الضم.

(٢) الآية ٢٤ من سورة الروم. وانظر آية الأنفال ١١.

(باب الطاء مع العين)

(طعم) (س) فيه «أنه نهى عن بيع الثمرة حتى تُطْعِمَ» يقال أَطْعَمَتِ الشّجرة إذا أثمرت ، وأَطْعَمَتِ الثمرة إذا أدركت. أي صارت ذات طَعْم وشيئا يؤكل منها. وروي «حتى تُطْعَمَ» أي تؤكل ، ولا تؤكل إلا إذا أدركت.

(ه) ومنه حديث الدّجّال «أخبروني عن نخل بيسان هل أَطْعَمَ؟» أي هل أثمر.

(س) ومنه حديث ابن مسعود «كرجرجة الماء لا تُطْعِمُ» أي لا طَعْمَ لها. يقال أَطْعَمَتِ الثمرة إذا صار لها طعم. والطَّعْم بالفتح : ما يؤدّيه ذوق الشيء من حلاوة ومرارة وغيرهما ، وله حاصل ومنفعة. والطُّعْم بالضم : الأكل. ويروى «لا تَطَّعِم» بالتشديد. وهو تفتعل من الطَّعْم ، كتطّرد من الطرد.

(ه) ومنه الحديث (١) في زمزم «أنّها طَعَامُ طُعْمٍ وشفاء سُقم» أي يشبع الإنسان إذا شرب ماءها كما يشبع من الطَّعَام.

ومنه حديث أبي هريرة في الكلاب «إذا وردن الحكر الصّغير فلا تَطْعَمْهُ» أي لا تشربه.

(س) ومنه حديث بدر «ما قتلنا أحدا به طَعْمٌ ، ما قتلنا إلا عجائز صلعا» هذه استعارة : أي قتلنا من لا اعتداد به ولا معرفة له ولا قدر. ويجوز فيه فتح الطاء وضمها ، لأن الشيء إذا لم يكن فيه طُعْمٌ ولا له طَعْمٌ فلا جدوى فيه للآكل ولا منفعة.

(ه) وفيه «طَعَام الواحد يكفي الاثنين ، وطَعَام الاثنين يكفي الأربعة» يعنى شبع الواحد قوت الاثنين ، وشبع الاثنين قوت الأربعة. ومثله قول عمر عام الرّمادة : لقد هممت أن أنزل على أهل كلّ بيت مثل عددهم ، فإنّ الرجل لا يهلك على نصف بطنه.

__________________

(١) أخرجه الهروى من قول ابن عباس.

(ه) وفي حديث أبي بكر «إن الله إذا أَطْعَمَ نبيّا طُعْمَة ثم قبضه جعلها للّذي يقوم بعده» الطُّعْمَة بالضم : شبه الرّزق ، يريد به ما كان له من الفيء وغيره. وجمعها طُعَم.

ومنه حديث ميراث الجدّ «إن السّدس الآخر طُعْمَة» أي أنه زيادة على حقّه.

(ه) ومنه حديث الحسن «وقتال على كسب هذه الطُّعْمَة» يعنى الفيء والخراج. والطِّعْمَة بالكسر والضم : وجه المكسب. يقال هو طيّب الطُّعْمَة وخبيث الطُّعْمَة ، وهي بالكسر خاصّة حالة الأكل.

ومنه حديث عمر بن أبي سلمة «فما زالت تلك طِعْمَتِي بعد» أي حالتي في الأكل.

(ه س) وفي حديث المصرّاة «من ابتاع مصرّاة فهو بخير النّظرين ، إن شاء أمسكها وإن شاء ردّها وردّ معها صاعا من طَعَام لا سمراء» الطَّعَام : عامّ في كل ما يقتات من الحنطة والشّعير والتمر وغير ذلك. وحيث استثني منه السّمراء وهي الحنطة فقد أطلق الصّاع فيما عداها من الأَطْعِمَة ، إلا أنّ العلماء خصّوه بالتمر لأمرين : أحدهما أنه كان الغالب على أَطْعِمَتِهِم ، والثاني أنّ معظم روايات هذا الحديث إنما جاءت صاعا من تمر ، وفي بعضها قال «من طَعَام» ثم أعقبه بالاستثناء فقال «لا سمراء» ، حتى إن الفقهاء قد ترددوا فيما لو أخرج بدل التمر زبيبا أو قوتا آخر ، فمنهم من تبع التّوقيف ، ومنهم من رآه في معناه إجراء له مجرى صدقة الفطر. وهذا الصاع الذي أمر بردّه مع المصرّاة هو بدل عن اللّبن الذي كان في الضّرع عند العقد. وإنما لم يجب ردّ عين اللّبن أو مثله أو قيمته لأنّ عين اللّبن لا تبقى غالبا ، وإن بقيت فتمتزج بآخر اجتمع في الضّرع بعد العقد إلى تمام الحلب. وأما المثليّة فلأنّ القدر إذا لم يكن معلوما بمعيار الشّرع كانت المقابلة من باب الرّبا ، وإنما قدّر من التّمر دون النّقد لفقده عندهم غالبا ، ولأن التمر يشارك اللّبن في الماليّة والقوتيّة. ولهذا المعنى نصّ الشافعي رحمه‌الله أنه لو ردّ المصرّاة بعيب آخر سوى التّصرية رد معها صاعا من تمر لأجل اللّبن.

(س) وفي حديث أبي سعيد «كنا نخرج زكاة الفطر (١) صاعا من طَعَام ، أو صاعا

__________________

(١) فى ا واللسان «صدقة الفطر». والمثبت من الأصل. وهو موافق لاصطلاح الشافعيين.

من شعير» قيل أراد به البرّ. وقيل التّمر ، وهو أشبه ، لأن البرّ كان عندهم قليلا لا يتّسع لإخراج زكاة الفطر. وقال الخليل : إنّ العالي في كلام العرب أن الطَّعَام هو البرّ خاصّة.

(س) وفيه «إذا اسْتَطْعَمَكُم الإمام فأَطْعِمُوه» أي إذا أرتج عليه في قراءة الصّلاة واستفتحكم فافتحوا عليه ولقّنوه ، وهو من باب التّمثيل تشبيها بالطَّعَام ، كأنّهم يدخلون القراءة في فيه كما يدخل الطَّعَام.

ومنه الحديث الآخر «فاسْتَطْعَمْتُه الحديثَ» أي طلبتُ منه أن يحدّثني وأن يذيقني طَعْمَ حديثه.

(طعن) (ه) فيه «فناء أمّتي بالطَّعْنِ والطَّاعُون» الطَّعْن : القتل بالرّماح. والطَّاعُون : المرض العامّ والوباء الذي يفسد له الهواء فتفسد به الأمزجة والأبدان. أراد أنّ الغالب على فناء الأمّة بالفتن التي تسفك فيها الدّماء ، وبالوباء (١).

وقد تكرر ذكر الطَّاعُون في الحديث. يقال طُعِنَ الرجل فهو مَطْعُون ، وطَعِين ، إذا أصابه الطَّاعُون.

ومنه الحديث «نزلت على أبي هاشم بن عتبة وهو طَعِين».

وفيه «لا يكون المؤمن طَعَّاناً» أي وقّاعا في أعراض الناس بالذّم والغيبة ونحوهما. وهو فعّال ، من طَعَنَ فيه وعليه بالقول يَطْعَنُ ـ بالفتح والضم ـ إذا عابه. ومنه الطَّعْن في النّسب.

ومنه حديث رجاء بن حيوة «لا تحدّثنا عن متهارت ولا طَعَّان».

(س) وفيه «كان إذا خطب إليه بعض بناته أتى الخِدْر فقال : إنّ فلانا يذكر فلانة ، فإن طَعَنَتْ في الخِدْر لم يزوّجها» أي طَعَنَتْ بأصبعها ويدها على السّتر المرخى على الخدر. وقيل طَعَنَتْ فيه : أي دَخَلَته. وقد تقدم في الخاء.

__________________

(١) الذى فى الهروى فى شرح هذا الحديث : «أراد ـ والله أعلم ـ بالطعن أن تصيب الإنسان نظرة من الجن فربما مات منه. وقيل الطعن أن يقتل بالحديد ، كأنه قال : فناء أمّتى بالفتن التى تسفك فيها الدماء ، وبالطاعون الذريع».

(س) ومنه الحديث «أنه طَعَنَ بأَصْبُعِه في بطنه» أي ضربه برأسها.

(س) وفي حديث عليّ «والله لودّ معاوية أنه ما بقي من بني هاشم نافخ ضَرَمَة إلّا طَعَنَ في نيطه» يقال طَعَنَ في نَيْطِه : أي في جنازته. ومن ابتدأ بشيء أو دخله فقد طَعَنَ فيه. ويروى «طُعِنَ» على ما لم يسمّ فاعله. والنَّيْط : نياط القلب وهو علاقته.

(باب الطاء مع الغين)

(طغم) (س) في حديث عليّ «يا طَغَام الأحلام» أي يا من لا عقل له ولا معرفة. وقيل هم أوغاد الناس وأراذلهم.

(طغا) (س) فيه «لا تحلفوا بآبائكم ولا بالطَّوَاغِي».

وفي حديث آخر «ولا بالطَّوَاغِيت» فالطَّوَاغِي جمع طَاغِيَة ، وهي ما كانوا يعبدونه من الأصنام وغيرها.

ومنه الحديث «هذه طَاغِيَة دوس وخثعم» أي صنمهم ومعبودهم ، ويجوز أن يكون أراد بالطَّوَاغِي من طَغَى في الكفر وجاوز القدر في الشّرّ ، وهم عظماؤهم ورؤساؤهم. وأما الطَّوَاغِيت فجمع طَاغُوت وهو الشيطان أو ما يزيّن لهم أن يعبدوه من الأصنام. ويقال للصّنم طَاغُوت. والطَّاغُوت يكون واحدا وجمعا.

(س) وفي حديث وهب «إنّ للعلم طُغْيَاناً كطُغْيَان المال» أي يحمل صاحبه على التّرخّص بما اشتبه منه إلى ما لا يحلّ له ، ويترفّع به على من دونه ، ولا يعطى حقّه بالعمل به كما يفعل ربّ المال. يقال : طَغَوْتُ وطَغَيْتُ أَطْغَى طُغْيَاناً وقد تكرر في الحديث.

(باب الطاء مع الفاء)

(طفح) (ه) فيه «من قال كذا وكذا غفر له وإن كان عليه طِفَاحُ الأرض ذنوبا» أي مِلْؤُها حتى تَطْفَحُ : أي تفيض.

(طفر) (س) فيه «فطَفَرَ عن راحلته» الطَّفْر : الوثوب ، وقيل : هو وثب في ارتفاع. والطَّفْرَة : الوثبة.

(ه) فيه «كلّكم بنو آدم طَفُ الصّاعِ ، ليس لأحد على أحد فضل إلّا بالتّقوى» أي قريب بعضكم من بعض. يقال : هذا طَفُ المكيال وطِفَافُهُ وطَفَافُهُ : أي ما قرب من ملئه. وقيل : هو ماعلا فوق رأسه. ويقال له أيضا : طُفَاف بالضم. والمعنى كلّكم في الانتساب إلى أب واحد بمنزلة واحدة في النقص والتّقاصر عن غاية التّمام. وشبّههم في نقصانهم بالمكيل الذي لم يبلغ أن يملأ المكيال ، ثم أعلمهم أن التّفاضل ليس بالنّسب ولكن بالتّقوى.

(س) ومنه الحديث في صفة إسرافيل «حتى كأنّه طِفَافُ الأرض» أي قربها.

وفي حديث عمر «قال لرجل : ما حبسك عن صلاة العصر؟ فذكر له عذرا ، فقال عمر : طَفَّفْتُ» أي نقصت. والتَّطْفِيف يكون بمعنى الوفاء والنّقص.

(س) ومنه حديث ابن عمر «سبقت الناس ، وطَفَّفَ بي الفرس مسجد بني زريق» أي وثب بي حتّى كاد يساوي المسجد. يقال : طَفَّفْتُ بفلان موضع كذا : أي رفعته إليه وحاذيته به.

(س) وفي حديث حذيفة «أنه استسقى دهقانا فأتاه بقدح فضّة فحذفه به ، فنكّس الدّهقان وطَفَّفَه القدح» أي علا رأسه وتعدّاه.

وفي حديث عرض نفسه على القبائل «أما أحدهما فطُفُوفُ البرّ وأرض العرب» الطُّفُوف : جمع طَفّ ، وهو ساحل البحر وجانب البرّ.

(س) ومنه حديث مقتل الحسين رضي‌الله‌عنه : «أنه يقتل بالطَّفِ» سمّي به لأنه طرف البرّ ممّا يلي الفرات ، وكانت تجري يومئذ قريبا منه.

(طفق) (ه) فيه «فطَفِقَ يلقي إليهم الجبوب» طَفِقَ : بمعنى أخذ في الفعل وجعل يفعل ، وهي من أفعال المقاربة. وقد تكرر في الحديث ، والجبوب : المدر.

(طفل) (ه) في حديث الاستسقاء «وقد شغلت أمّ الصّبيّ عن الطِّفْل» أي شغلت بنفسها عن ولدها بما هى فيه من الجدب.

ومنه قوله تعالى (تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ). وقولهم : وقع فلان في أمر لا ينادى وليده ، والطِّفْل : الصّبيّ ويقع على الذّكر والأنثى والجماعة. ويقال طِفْلَة وأَطْفَال.

(س) وفي حديث الحديبية «جاءوا بالعوذ المَطَافِيل» أي الإبل مع أولادها. والمُطْفِل : النّاقة القريبة العهد بالنّتاج معها طِفْلُهَا. يقال : أَطْفَلَتْ فهي مُطْفِل. ومُطْفِلَة. والجمع مَطَافِل ومَطَافِيل بالإشباع. يريد أنّهم جاءوا بأجمعهم كبارهم وصغارهم.

ومنه حديث عليّ رضي‌الله‌عنه «فأقبلتم إلىّ إقبال العوذ المَطَافِل» فجمع بغير إشباع.

(س) وفي حديث ابن عمر «أنه كره الصلاة على الجنازة إذا طَفَلَتِ الشمس للغروب» أي دنت منه. واسم تلك السّاعة : الطَّفَل. وقد تكرر في الحديث.

(س) وفي شعر بلال رضي‌الله‌عنه.

وهل يبدون لي شامة وطَفِيل

قيل : هما جبلان بنواحي مكة. وقيل : عينان.

(طفا) (ه) فيه «اقتلوا ذا الطُّفْيَتَيْنِ والأبتر» الطُّفْيَة : خوصة المقل في الأصل ، وجمعها طُفًى. شبّه الخطّين اللّذين على ظهر الحيّة بخوصتين من خوص المقل.

ومنه حديث عليّ «اقتلوا الجانّ ذا الطُّفْيَتَيْنِ».

(ه) وفي صفة الدجّال «كأن عينه عنبة طَافِيَة» هي الحبّة التي قد خرجت عن حدّ نبتة أخواتها ، فظهرت من بينها وارتفعت. وقيل : أراد به الحبّة الطَّافِيَة على وجه الماء ، شبّه عينه بها. والله أعلم.

(باب الطاء مع اللام)

(طلب) في حديث الهجرة «قال سراقة : فالله لكما أن أردّ عنكما الطَّلَبَ» هو جمع طَالِب ، أو مصدر أقيم مقامه ، أو على حذف المضاف : أي أهل الطَّلَب.

(س) ومنه حديث أبي بكر في الهجرة «قال له : أمشي خلفك أخشى الطَّلَب».

(س) ومنه حديث نقادة الأسدي «قلت : يا رسول الله اطْلُبْ إلىّ طَلِبَةً فإني أحب أن أُطْلِبَكَها» الطَّلِبَة : الحاجة. والإِطْلَاب : إنجازها وقضاؤها. يقال : طَلَبَ إلىّ فأَطْلَبْتُه : أي أسعفته بما طَلَبَ.

ومنه حديث الدعاء «ليس لي مُطْلِبٌ سِواك».

(طلح) (ه) في حديث إسلام عمر رضي‌الله‌عنه «فما برح يقاتلهم حتى طَلَحَ» أي أعيا ، يقال : طَلَحَ يَطْلَحُ طُلُوحاً فهو طَلِيح ، ويقال : ناقة طَلِيح ، بغير هاء.

ومنه حديث سطيح «على جمل طَلِيح» أي معي.

وفي قصيد كعب :

وجلدها من أطوم لا يؤيّسه

طِلْحٌ بضاحية المتنين مهزول

الطِّلْح بالكسر : القراد ، أي لا يؤثّر القراد في جلدها لملاسته.

(س) وفي بعض الحديث ذكر «طَلْحَة الطَّلَحَات» هو رجل من خزاعة اسمه طَلْحَة بن عبيد الله بن خلف ، وهو الذي قيل فيه :

رحم الله أعظما دفنوها

بسجستان طَلْحَة الطَّلَحَات (١)

وهو غير طَلْحَة بن عبيد الله التّيمىّ الصّحابي. قيل إنّه جمع بين مائة عربىّ وعربيّة بالمهر والعطاء الواسعين ، فولد لكلّ واحد منهم ولد سمّي طَلْحَة فأضيف إليهم. والطَّلْحَة في الأصل : واحدة الطَّلْح ، وهي شجر عظام من شجر العضاه.

__________________

(١) البيت لعبيد الله بن قيس الرقيّات. ديوانه ص ٢٠ ط بيروت ١٩٥٨ م والرواية فيه «نضّر الله».

(طلخ) (ه) فيه «أنه كان في جنازة فقال : أيّكم يأتي المدينة فلا يدع فيها وثنا إلّا كسره ولا صورة إلّا طَلَخَها» أي لطخها بالطّين حتى يطمسها ، من الطَّلْخ ، وهو الذي يبقى في أسفل الحوض والغدير.

وقيل : معناه سوّدها ، من الليلة المُطْلَخِمَّة ، على أن الميم زائدة.

(طلس) (ه) فيه «أنه أمر بِطَلْسِ الصّور التي في الكعبة» أي بطمسها ومحوها.

(ه) ومنه الحديث «أن قول لا إله إلا الله يَطْلِسُ ما قبله من الذنوب».

ومنه حديث عليّ رضي‌الله‌عنه «أنه قال له : لا تدع تمثالا إلّا طَلَسْتَه» أي محوته. وقيل : الأصل فيه الطُّلْسَة ، وهي الغبرة إلى السّواد. والأَطْلَس : الأسود والوسخ.

ومنه الحديث «تأتي رجالا طُلْساً» أي مغبرّة (١) الألوان ، جمع أَطْلَس.

(ه) ومنه حديث أبي بكر رضي‌الله‌عنه «أنّه قطع يد مُوَلَّد أَطْلَسَ سرق» أراد أسود وسخا. وقيل الأَطْلَس : اللّص ، شبّه بالذّئب الذي تساقط شعره.

(ه) ومنه حديث عمر رضي‌الله‌عنه «أن عاملا وفد عليه أشعث مغبرّا عليه أَطْلَاس» يعنى ثيابا وسخة. يقال : رجل أَطْلَس الثّوب : بيّن الطُّلْسَة.

(طلع) (ه س) فيه في ذكر القرآن «لكل حرف حدّ ، ولكلّ حدّ مُطَّلَعٌ» أي لكلّ حدّ مصعد يصعد إليه من معرفة علمه. والمُطَّلَع : مكان الاطِّلَاع من موضع عال. يقال : مُطَّلَع هذا الجبل من مكان كذا : أي مأتاه ومصعده.

وقيل معناه : إنّ لكلّ حدّ منتهكا ينتهكه مرتكبه : أي أن الله عزوجل لم يحرّم حرمة إلّا علم أن سَيَطَّلِعُهَا مُسْتَطْلِعٌ.

ويجوز أن يكون «لكل حدّ مَطْلَع» بوزن مصعد ومعناه.

(ه) ومنه حديث عمر «لو أن لي ما في الأرض جميعا لافتديت به من هول المُطَّلَع»

__________________

(١) فى ا : «مغبّروا».

يريد به الموقف يوم القيامة ، أو ما يشرف عليه من أمر الآخرة عقيب الموت ، فشبّهه بالمُطَّلَع الذي يشرف عليه من موضع عال.

(ه) وفيه «أنه كان إذا غزا بعث بين يديه طَلَائِع» هم القوم الذين يبعثون لِيطلِعُوا طِلْعَ العدوّ ، كالجواسيس ، واحدهم طَلِيعَة ، وقد تطلق على الجماعة. والطَّلَائِع : الجماعات.

(س) وفي حديث ابن ذي يزن «قال لعبد المطلب : أَطْلَعْتُك طِلْعَهُ» أي أعلمتكه. الطِّلْع بالكسر : اسم ، من اطَّلَعَ على الشيء إذا علمه.

(س) وفي حديث الحسن رضي‌الله‌عنه «إنّ هذه الأنفس طُلَعَة» الطُّلَعَة بضم الطاء وفتح اللام : الكثيرة التَّطَلُّع إلى الشيء : أي أنها كثيرةالميل إلى هواها وما تشتهيه حتى تهلك صاحبها. وبعضهم يرويه بفتح الطاء وكسر اللام ، وهو بمعناه. والمعروف الأول.

ومنه حديث الزّبرقان «أبغض كنائني إلىّ الطُّلَعَة الخبأة» أي التي تَطْلُعُ كثيرا ثم تختبئ.

وفيه «أنه جاءه رجل به بذاذة تعلو عنه العين ، فقال : هذا خير من طِلَاعِ الأرض ذهبا» أي ما يملؤها حتى يَطْلُعَ عنها ويسيل.

(ه) ومنه حديث عمر «لو أنّ لي طِلَاع الأرض ذهبا»

(ه) وحديث الحسن «لأنّ أعلم أنّي بريء من النّفاق أحبّ إلىّ من طِلَاع الأرض ذهبا».

وفي حديث السّحور «لا يهيدنّكم الطَّالِع» يعنى الفجر الكاذب.

(س) وفي حديث كسرى «أنه كان يسجد للطَّالِع» هو من السهام الذي (١) يجاوز الهدف ويعلوه. وقد تقدّم بيانه في حرف السين.

(طلفح) (ه) في حديث عبد الله «إذا ضنّوا عليك بالمُطَلْفَحَة فكل رغيفك» أي إذا

__________________

(١) فى الأصل : «التى» والمثبت من ا واللسان ، ومما سبق فى مادة (سجد) :

بخل الأمراء عليك بالرّقاقة التي هي من طعام المترفين والأغنياء فاقنع برغيفك. يقال : طَلْفَحَ الخبزَ وفَلْطَحَهُ إذا رقّقه وبسطه.

وقال بعض المتأخّرين : أراد بالمُطَلْفَحَة الدّراهم ، والأوّل أشبه ، لأنه قابله بالرغيف.

(طلق) (ه) في حديث حنين «ثم انتزع طَلَقاً من حقبه فقيّد به الجمل» الطَّلَق بالتحريك : قيد من جلود.

(س) وفي حديث ابن عباس «الحياء والإيمان مقرونان في طَلَقٍ» الطَّلَق هاهنا : حبل مفتول شديد الفتل : أي هما مجتمعان لا يفترقان ، كأنهما قد شدّا في حبل أو قيد.

وفيه «فرفعت فرسي طَلَقاً أو طَلَقَيْنِ» هو بالتحريك : الشّوط والغاية التي تجرى إليها الفرس.

(س) وفيه «أفضل الإيمان أن تكلّم أخاك وأنت طَلِيق» أي مستبشر منبسط الوجه.

ومنه الحديث «أن تلقاه بوجه طَلِق» يقال : طَلُقَ الرجل بالضم يَطْلُقُ طَلَاقَة ، فهو طَلِق ، وطَلِيق (١) : منبسط الوجه متهلّله.

(س) وفي حديث الرّحم «تتكلّم بلسان طَلْق» يقال رجل طَلْقُ اللّسان وطِلْقُهُ وطُلُقُهُ وطَلِيقُه (٢) : أي ماضي القول سريع النّطق.

(س) وفي صفة ليلة القدر «ليلة سمحة طَلْقَة» أي سهلة طيّبة. يقال يوم طَلْقٌ ، وليلة طَلْقٌ وطَلْقَة ، إذا لم يكن فيها حرّ ولا برد يؤذيان.

(ه) وفيه «الخيل طِلْقٌ» الطِّلْق بالكسر : الحلال. يقال أعطيته من طِلْق مالي : أي من صفوه وطيّبه ، يعنى أن الرّهان على الخيل حلال.

(ه) وفيه «خير الخيل الأقرح ، طَلْقُ اليد اليمنى» أي مُطْلَقُها ليس فيها تحجيل.

__________________

(١) قال فى القاموس : طلق ككرم ، وهو طلق الوجه ، مثلّثة ، وككتف وأمير.

(٢) قال فى القاموس : طلق اللسان ، بالفتح والكسر ، وكأمير ، وبضمتين ، وكصرد ، وكتف.

وفي حديث عثمان وزيد رضي‌الله‌عنهما «الطَّلَاق بالرّجال والعدّة بالنّساء» أي هذا متعلّق بهؤلاء ، وهذه متعلقة بهؤلاء. فالرجل يُطَلِّقُ والمرأة تعتدّ. وقيل : أراد أنّ الطَّلَاق يتعلّق بالزّوج في حرّيّته ورقّه. وكذلك العدّة بالمرأة في الحالتين.

وفيه الفقهاء خلاف ، فمنهم من يقول : إن الحرّة إذا كانت تحت العبد لا تبين إلّا بثلاث ، وتبين الأمة تحت الحرّ باثنتين.

ومنهم من يقول : إن الحرّة تبين تحت العبد باثنتين ، ولا تبين الأمة تحت الحرّ بأقلّ من ثلاث.

ومنهم من يقول : إذا كان الزوج عبدا والمرأة حرّة ، أو بالعكس ، أو كانا عبدين فإنّها تبين باثنتين.

وأما العدّة فإن المرأة إن كانت حرّة اعتدّت بالوفاء أربعة أشهر وعشرا ، وبالطَّلَاق ثلاثة أطهار أو ثلاث حيض ، تحت حرّ كانت أو عبد. وإن كانت أمة اعتدّت شهرين وخمسا ، أو طهرين أو حيضتين ، تحت عبد كانت أو حرّ.

(ه) وفي حديث عمر والرجل الذي قال لزوجته : «أنت خليّة طَالِق» الطَّالِق من الإبل : التي طُلِقَتْ في المرعى. وقيل : هي التي لا قيد عليها. وكذلك الخليّة. وقد تقدّمت في حرف الخاء.

وطَلَاق النساء لمعنيين : أحدهما حلّ عقد النكاج ، والآخر بمعنى التّخلية والإرسال.

(س) وفي حديث الحسن «إنك رجل طِلِّيق» (١) أي كثير طَلَاق النّساء. والأجود أن يقال : مِطْلَاق ومِطْلِيق وطُلَقَة.

ومنه حديث عليّ رضي‌الله‌عنه «إن الحسن مِطْلَاق فلا تزوّجوه».

(س) وفي حديث ابن عمر رضي‌الله‌عنهما «أن رجلا حجّ بأمّه فحملها على عاتقه ،

__________________

(١) فى ا : «طلق».

فسأله ، هل قضى حقّها؟ قال : لا ، ولا طَلْقَةً واحدةً» الطَّلْق : وجع الولادة. والطَّلْقَة : المرّة الواحدة.

(س) وفيه «أن رجلا اسْتَطْلَقَ بطنُهُ» أي كثر خروج ما فيه ، يريد الإسهال.

(س) وفي حديث حنين «خرج إليها ومعه الطُّلَقَاء» هم الّذين خَلَّى عنهم يوم فتح مكة وأَطْلَقَهُم فلم يسترقّهم ، واحدهم : طَلِيق ، فعيل بمعنى مفعول. وهو الأسير إذا أُطْلِقَ سبيله.

(س) ومنه الحديث «الطُّلَقَاء من قريش والعنقاء من ثقيف» كأنه ميّز قريشا بهذا الاسم ، حيث هو أحسن من العنقاء. وقد تكرر في الحديث.

(طلل) (ه) فيه «أن رجلا عضّ يد رجل فانتزعها من فيه فسقطت ثنايا العاضّ ، فَطَلَّهَا رسولُ الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم» أي أهدرها. هكذا يروى «طَلَّهَا» بالفتح ، وإنما يقال : طُلَ دمُهُ ، وأُطِلَ ، وأَطَلَّهُ الله. وأجاز الأوّل الكسائىّ (١).

ومنه الحديث «من لا أكل ولا شرب ولا استهلّ ، ومثل ذلك يُطَلُ».

(ه) وفي حديث صفية بنت عبد المطّلب «فَأَطَلَ علينا يهودىّ» أي أشرف. وحقيقته : أوفى علينا بطَلَلِهِ ، وهو شخصه.

(س) ومنه حديث أبي بكر «أنه كان يصلّي على أَطْلَال السّفينة» هي جمع طَلَل ، ويريد به شراعها.

وفي حديث أشراط الساعة «ثم يرسل الله مطرا كأنّه الطَّلّ» الطَّلّ : الذي ينزل من السّماء في الصّحو. والطَّلّ أيضا : أضعف المطر. (٢)

__________________

(١) عبارة الهروى : وقال الكسائى : يجوز طلّ الدم نفسه.

(٢) القائل هو المبرّد ، كما ذكر الهروى.

(طلم) (ه) فيه «أنه مرّ برجل يعالج طُلْمَة لأصحابه في سفر» الطُّلْمَة : خبزة تجعل في المَلَّة ، وهي الرّماد الحارّ. وأصل الطَّلْم : الضّرب ببسط الكفّ.

وقيل الطُّلْمَة : صفيحة من حجارة كالطّابق يخبز عليها.

وفي شعر حسّان في رواية :

تُطَلِّمُهُنَ بالخمر النّساء

والمشهور في الرواية «تُلَطِّمُهُنّ ...» (١) وهو بمعناه.

(طلا) (ه) فيه «ما أَطْلَى نبيٌّ قطّ» أي ما مال إلى هواه. وأصله من ميل الطُّلَى ، وهي الأعناق ، واحدتها : طُلَاة. يقال : أَطْلَى الرجل إِطْلَاءً إذا مالت عنقه إلى أحد الشّقّين.

(س) وفي حديث عليّ رضي‌الله‌عنه «أنه كان يرزقهم الطِّلَاء» الطِّلَاء بالكسر والمدّ : الشّراب المطبوخ من عصير العنب ، وهو الرّبّ. وأصله القطران الخاثر الذي تُطْلَي به الإبل.

(س) ومنه الحديث «إن أوّل ما يكفأ الإسلام كما يكفأ الإناء في شراب يقال له الطِّلَاء» هذا نحو الحديث الآخر «سيشرب ناس من أمّتي الخمر يسمّونها بغير اسمها» يريد أنهم يشربون النّبيذ المسكر المطبوخ ويسمّونه طِلَاءً ، تحرّجا من أن يسمّوه خمرا.

فأما الّذي في حديث علىّ فليس من الخمر في شيء ، وإنما هو الرّبّ الحلال. وقد تكرر ذكر الطِّلَاء في الحديث.

(س) وفي قصّة الوليد بن المغيرة «إنّ له لحلاوة وإنّ عليه لَطُلَاوَة» أي رونقا وحسنا. وقد تفتح الطاء.

__________________

(١) وهى رواية الديوان ص ا ، ط ليدن. وصدر البيت :

* تظلّ جيادنا متمطرات *

(باب الطاء مع الميم)

(طمث) في حديث عائشة «حتى جئنا سَرِفَ فَطَمِثْتُ» يقال طَمِثَتِ المرأة تَطْمَثُ طَمْثاً إذا حاضت ، فهي طَامِث ، وطَمَثَتْ إذا دَمِيَتْ بالافتضاض والطَّمْث (١) : الدّم والنّكاح. وقد تكرر ذكره في الحديث.

(طمح) (س) في حديث قيلة «كنت إذا رأيت رجلا ذا قشر طَمَحَ بصري إليه» أي امتدّ وعلا.

ومنه الحديث «فخرّ إلى الأرض فطَمَحَتْ عيناه إلى السّماء».

(طمر) (ه) فيه «ربّ أشعث أغبر ذي طِمْرَيْنِ لا يؤبه له» الطِّمْر : الثوب الخلق.

(ه) وفي حديث الحساب يوم القيامة «فيقول العبد : عندي العظائم المُطَمَّرَات» أي المخبّآت من الذّنوب. والأمور المُطَمِّرَات بالكسر : المهلكات ، وهو من طَمَرْتُ الشيءَ إذا أخفيته. ومنه المَطْمُورَة : الحبس.

وفي حديث مطرّف «من نام تحت صدف مائل وهو ينوي التّوكّل فليرم نفسه من طَمَارِ وهو ينوي التوكل» طَمَار : بوزن قطام : الموضع المرتفع العالي. وقيل هو اسم جبل : أي لا ينبغي أن يعرّض نفسه للمهالك ويقول قد توكّلت.

(ه) وفي حديث نافع «كنت أقول لابن دأب إذا حدّث : أقم المِطْمَر» هو بكسر الميم الأولى وفتح الثانية : الخيط الذي يقوّم عليه البناء ، ويسمّى التُّرَّ (٢) أي أقول : قوّم الحديث واصدق فيه.

__________________

(١) قال فى المصباح : «طمث الرجل امرأته طمثا ، من بابى ضرب وقتل : افتضّها وافترعها. وطمثت المرأة طمثا ، من باب ضرب : إذا حاضت. وطمثت تطمث ، من باب تعب ، لغة».

وقال صاحب القاموس : «طمثت ، كنصر وسمع : حاضت».

(٢) بالفارسية. كما ذكر الهروى.

(طمس) (س) في صفة الدّجال «أنه مَطْمُوس العين» أي ممسوحها من غير بخص. والطَّمْس : استئصال أثر الشيء.

وفي حديث وفد مذحج «ويمسى سرابها طَامِساً» أي أنّه يذهب مرّة ويعود أخرى.

قال الخطّابي : كان الأشبه أن يكون «سرابها طاميا» ولكن كذا يروى.

وقد تكرر ذكر الطَّمْس في الحديث.

(طمطم) (ه) في حديث أبي طالب «إنه لفي ضحضاح من النّار ، ولولاي لكان في الطَّمْطَام!» الطَّمْطَام في الأصل : معظم ماء البحر ، فاستعاره هاهنا لمعظم النّار ، حيث استعار ليسيرها الضّحضاح ، وهو الماء القليل الذي يبلغ الكعبين.

[ه] وفي صفة قريش «ليس فيهم طُمْطُمَانِيَّة حمير» شبّه كلام حمير لما فيه من الألفاظ المنكرة بكلام العجم. يقال : رجل أعجم طِمْطِمِيٌ. وقد طَمْطَمَ في كلامه.

(طمم) في حديث حذيفة «خرج وقد طَمَ شعره» أي جزّه واستأصله.

ومنه حديث سلمان «أنه ربي مَطْمُوم الرأس».

(س) والحديث الآخر «وعنده رجل مَطْمُوم الشّعر».

(س) وفي حديث عمر رضي‌الله‌عنه «لا تُطَمّ امرأة أو صبىّ تسمع كلامكم» أي لا تزاع (١) ولا تغلب بكلمة تسمعها من الرّفث. وأصله من طَمَ الشيء إذا عظم. وطَمَ الماء إذا كثر ، وهو طَامّ.

[ه] ومنه حديث أبي بكر رضي‌الله‌عنه والنّسّابة «ما من طَاَّمّة إلّا وفوقها طَامَّة» أي ما من أمر عظيم إلا وفوقه ما هو أعظم منه. وما من داهية إلّا وفوقها داهية.

(طما) (ه) في حديث طهفة «ما طَمَا البحر (٢) وقام تِعَارُ» أي ارتفع بأمواجه. وتعار : اسم جبل.

__________________

(١) فى ا : «تراع» بالراء.

(٢) فى الهروى : «بحر».

(باب الطاء مع النون)

(طنب) (ه) فيه «ما بين طُنُبَيِ المدينة أحوج منّي إليها» أي ما بين طرفيها. والطُّنُب : أحد أَطْنَاب الخيمة ، فاستعاره للطّرف والنّاحية.

(ه) وفي حديث عمر رضي‌الله‌عنه «أنّ الأشعث بن قيس تزوّج امرأة على حكمها فردّها عمر إلى أَطْنَاب بيتها» أي إلى مهر مثلها. يريد إلى ما بُنِيَ عليه أمر أهلها وامتدّت عليه أَطْنَاب بيوتهم.

(ه) ومنه الحديث «ما أحبّ أن بيتي مُطَنَّب ببيت محمّد ، إني أحتسب خطاي» مُطَنَّب : أي مشدود بالأَطْنَاب ، يعنى ما أحبّ أن يكون بيتي إلى جانب بيته ، لأني أحتسب عند الله كثرة خطاي من بيتي إلى المسجد.

(طنف) في حديث جريج «كان سنّتهم إذا ترهّب الرجل منهم ثم طُنِّفَ بالفجور لم يقبلوا منه إلا القتل» أي اتّهم. يقال : طَنَّفْتُهُ فهو مُطَنَّف : أي اتّهمته فهو متّهم.

(طنفس) قد تكرر فيه ذكر «الطُّنْفُسَة» وهي بكسر الطاء والفاء وبضمهما ، وبكسر الطاء وفتح الفاء : البساط الذي له خمل رقيق ، وجمعه طَنَافِس.

(طنن) (س) في حديث عليّ رضي‌الله‌عنه «ضربه فأَطَنَ قِحفه» أي جعله يَطِنُّ من صوت القطع. وأصله من الطَّنِين وهو صوت الشيء الصّلب.

ومنه حديث معاذ بن الجموح «قال : صمدت يوم بدر نحو أبي جهل ، فلمّا أمكنني حملت عليه وضربته ضربة أَطْنَنْتُ قدمَه بنصف ساقه ، فو الله ما أشبّهها حين طاحت إلا النّواة تطيح من مرضخة النّوى» أَطْنَنْتُها : أي قطعتها. استعاره من الطَّنِين : صوت القطع والمرضخة : الآلة التي يرضخ بها النّوى : أي يكسر.

(س) وفي الحديث «فمن تَطَّنُ؟» أي من تتهم ، وأصله تظتنّ ، من الظّنّة : التّهمة ، فأدغم الظّاء في التّاء ، ثم أبدل منهما طاء مشدّدة ، كما يقال مطّلم في مظتلم.

أورده أبو موسى في هذا الباب ، وذكر أنّ صاحب «التّتمّة» أورده فيه الظاهر لفظه. قال :

ولو روى بالظاء المعجمة لجاز. يقال : مطّلم ومظّلم ، ومضطلم ، كما يقال : مدّكر ومذّكر ومذدكر.

ومنه حديث ابن سيرين «لم يكن عليّ يُطَّنُ في قتل عثمان» أي يتّهم. ويروى بالظاء المعجمة. وسيجيء في بابه.

(طنا) في حديث اليهودية التي سمّت النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم «عمدت إلى سمّ لا يُطْنِي» أي لا يسلم عليه أحد. يقال : رماه الله بأفعى لا تُطْنِي ، أي لا يفلت لديغها.

(باب الطاء مع الواو)

(طوب) (ه) فيه «إن الإسلام بدأ غريبا وسيعود [غريبا](١) كما بدأ ، فطُوبَى للغرباء» طُوبَى : اسم الجنّة. وقيل هي شجرة فيها ، وأصلها : فعلى ، من الطّيب ، فلمّا ضمّت الطاء انقلبت الياء واوا. وقد تكررت في الحديث.

وفيه «طُوبَى للشّام لأنّ الملائكة باسطة أجنحتها عليها» المراد بها هاهنا فُعْلَى من الطِّيب ، لا الجنة ولا الشّجرة.

(طوح) (س [ه]) في حديث أبي هريرة رضي‌الله‌عنه في يوم اليرموك «فما رئي موطن أكثر قحفا ساقطا ، وكفّا طَائِحَة» أي طائرة من معصمها ساقطة. يقال طَاحَ الشيء يَطُوحُ ويَطِيحُ إذا سقط وهلك ، فهو على يَطِيح من باب فعل يفعل ، مثل حسب يحسب. وقيل هو من باب باع يبيع.

(طود) في حديث عائشة تصف أباها «ذاك طَوْدٌ منيف» أي جبل عال. وقد تكرر في الحديث.

(طور) في حديث سطيح

* فإنّ ذا الدّهر أَطْوَار دهارير *

__________________

(١) زيادة من ا واللسان.

الأَطْوَار : الحالات المختلفة والتّارات ، والحدود ، واحدها طَوْر : أي مرّة ملك ومرّة هلك ومرّة بؤس ومرة نعم.

(س) ومنه حديث النّبيذ «تعدّى طَوْرَه» أي جاوز حدّه وحاله الذى يخصّه ويحلّ فيه شربه.

وفي حديث عليّ رضي‌الله‌عنه «والله لا أَطُور به ما سمر سمير» أي لا أقربه أبدا.

(طوع) (ه) فيه «هوى متّبع وشحّ مُطَاعٌ» هو أن يطيعه صاحبه في منع الحقوق التي أوجبها الله عليه في ماله. يقال : أَطَاعَه يُطِيعُه فهو مُطِيع. وطَاعَ له يَطُوع ويَطِيع فهو طَائِع ، إذا أذعن وانقاد ، والاسم الطَّاعَة.

ومنه الحديث «فإن هم طَاعُوا لك بذلك» وقيل : طَاعَ : إذا انقاد ، وأَطَاعَ : اتّبع الأمر ولم يخالفه. والاسْتِطَاعَة : القدرة على الشّيء. وقيل : هي استفعال من الطَّاعَة.

(س) وفيه «لا طَاعَةَ في معصية الله» يريد طَاعَة ولاة الأمر إذا أمروا بما فيه معصية كالقتل والقطع ونحوه. وقيل : معناه أن الطَّاعَة لا تسلم لصاحبها ولا تخلص إذا كانت مشوبة بالمعصية ، وإنّما تصحّ الطَّاعَة وتخلص مع اجتناب المعاصي ، والأوّل أشبه بمعنى الحديث ، لأنه قد جاء مقيّدا في غيره ، كقوله «لا طَاعَةَ لمخلوق في معصية الله» وفي رواية «معصية الخالق».

وفي حديث أبي مسعود البدرىّ رضي‌الله‌عنه «في ذكر (الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ)» أصل المُطَّوِّع : المتطوّع ، فأدغمت التاء في الطاء ، وهو الذي يفعل الشيء تبرّعا من نفسه. وهو تفعّل من الطّاعة.

(طوف) (ه) في حديث الهرّة «إنّما هي من الطَّوَّافين عليكم والطَّوَّافات» الطَّائِف : الخادم الذي يخدمك برفق وعناية ، والطَّوَّاف : فعّال منه ، شبّهها بالخادم الذى يطوف على مولاه ويدور حوله ، أخذا من قوله تعالى : (لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلا عَلَيْهِمْ جُناحٌ بَعْدَهُنَ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ). ولمّا كان فيهنّ ذكور وإناث قال : الطَّوَّافُون والطَّوَّافَات.

(س) ومنه الحديث «لقد طَوَّفْتُمَا بي اللّيلة» يقال : طَوَّفَ تَطْوِيفا وتَطْوَافا.

ومنه الحديث «كانت المرأة تَطُوفُ بالبيت وهي عريانة فتقول : من يعيرني تَطْوافاً؟» تجعله على فرجها. هذا على حذف المضاف : أي ذا تَطْوَاف. ورواه بعضهم بكسر التّاء. وقال : هو الثّوب الذي يُطَاف به ، ويجوز أن يكون مصدرا أيضا.

وفيه ذكر «الطَّوَاف بالبيت» وهو الدّوران حوله. تقول : طُفْتُ أَطُوفُ طَوْفا وطَوَافا ، والجمع الأَطْوَاف.

(ه) وفي حديث لقيط «ما يبسط أحدكم يده إلّا وقع عليها قدح مطهّرة من الطَّوَاف والأذى» الطَّوْف : الحدث من الطّعام. المعنى أنّ من شرب تلك الشّربة طهر من الحدث والأذى (١). وأنّث القدح لأنه ذهب بها إلى الشّربة.

ومنه الحديث «نهى عن متحدّثين على طَوْفِهما» أي عند الغائط.

[ه] وحديث أبي هريرة رضي‌الله‌عنه «لا يصلّ (٢) أحدكم وهو يدافع الطَّوْف» ورواه أبو عبيد عن ابن عبّاس.

وفي حديث عمرو بن العاص ، وذكر الطاعون فقال «لا أراه إلّا رجزا أو طُوفَانا» أراد بالطُّوفَان البلاء ، وقيل الموت.

(طوق) (ه) فيه من ظلم شبرا من أرض طَوَّقَه الله من سبع أرضين» أي يخسف الله به الأرض فتصير البقعة المغصوبة منها في عنقه كالطَّوْق.

وقيل : هو أن يُطَوَّقَ حملها يوم القيامة أي يكلّف ، فيكون من طَوْقِ التّكليف لا من طَوْقِ التّقليد.

(ه) ومن الأوّل حديث الزكاة «يُطَوَّقُ ماله شجاعا أقرع» أي يجعل له كالطَّوْق في عنقه.

__________________

(١) بعده فى الهروى : «وهو الحيض».

(٢) فى الأصل وا : «لا يصلّى» وفى اللسان : «لا يصلّينّ» والمثبت من الهروى.

ومنه الحديث «والنخل مُطَوَّقَة بثمرها» أي صارت أعذاقها لها كالأَطْوَاق في الأعناق.

ومن الثاني حديث أبي قتادة ومراجعة النبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم في الصّوم «فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : وددت أني طُوِّقْتُ ذلك» أي ليته جعل ذلك داخلا في طَاقَتِي وقدرتي ، ولم يكن عاجزا عن ذلك غير قادر عليه لضعف فيه ، ولكن يحتمل أنه خاف العجز عنه للحقوق التي تلزمه لنسائه ، فإن إدامة الصّوم تخلّ بحظوظهنّ منه.

(س) ومنه حديث عامر بن فهيرة.

كلّ امرئ مجاهد بطَوْقِه

أي أقصى غايته ، وهو اسم لمقدار ما يمكن أن يفعله (١) بمشقّة منه. وقد تكرر في الحديث.

(طول) (س) فيه «أوتيت السّبع الطُّوَلَ» الطُّوَل ، بالضم : جمع الطُّولَى ، مثل الكبر في الكبرى. وهذا البناء يلزمه الألف واللام والإضافة. والسّبع الطُّوَل هي البقرة ، وآل عمران ، والنّساء ، والمائدة ، والأنعام ، والأعراف ، والتّوبة.

ومنه حديث أم سلمة «أنه كان يقرأ في المغرب بِطُولَى الطُّولَيَيْن» الطُّولَيَيْن : تثنية الطُّولَى ، ومذكّرها الأَطْوَل : أي أنه كان يقرأ فيها بأَطْوَل السّورتين الطَّوِيلَتَيْن. تعنى الأنعام والأعراف.

(س) وفي حديث استسقاء عمر «فطَالَ العبّاس عمر» أي غلبه في طول القامة ، وكان عمر طَوِيلا من الرّجال ، وكان العبّاس أشدّ طُولاً منه.

وروي أنّ امرأة قالت : رأيت عبّاسا يَطُوف بالبيت كأنّه فسطاط أبيض ، وكانت رأت علىّ ابن عبد الله بن عباس ، وقد فرع الناس طُولا ، كأنه راكب مع مشاة ، فقالت : من هذا فأعلمت ، فقالت : إنّ الناس ليرذلون. وكان رأس علىّ بن عبد الله إلى منكب أبيه عبد الله ، ورأس عبد الله إلى منكب العبّاس ، ورأس العبّاس إلى منكب عبد المطلب.

__________________

(١) فى ا «يفعل».

(س) وفيه «اللهم بك أحاول وبك أُطَاوِل» أُطَاوِلُ : مفاعلة من الطَّوْل بالفتح ، وهو الفضل والعلوّ على الأعداء.

(ه) ومنه الحديث «تَطَاوَلَ عليهم الرّبّ بفضله» أي تَطَوَّلَ (١) ، وهو من باب : طارقت النّعل ، في إطلاقها على الواحد.

ومنه الحديث «أنه قال لأزواجه : أوّلكنّ لحوقا بي أَطْوَلُكُنَ يداً ، فاجتمعن يَتَطَاوَلْنَ ، فَطَالَتْهُنَ سودةُ ، فماتت زينب أوّلهنّ» أراد أمدّكنّ يدا بالعطاء ، من الطَّوْل ، فظننّه من الطُّول. وكانت زينب تعمل بيدها وتتصدّق به.

(ه) ومنه الحديث «إنّ هذين الحيّين من الأوس والخزرج كانا يَتَطَاوَلَانِ على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم تَطَاوُلَ الفحلين» أي يَسْتَطِيلَان على عدوّه ويتباريان في ذلك ليكون كلّ واحد منهما أبلغ في نصرته من صاحبه ، فشبّه ذلك التّبارى والتّغالب بتَطَاوُلِ الفحلين على الإبل ، يذبّ كلّ واحد منهما الفحول عن إبله ليظهر أيّهما أكثر ذبّا.

(ه) ومنه حديث عثمان «فتفرّق الناس فرقا ثلاثا : فصامِتٌ صَمْتُهُ أنفذُ من طَوْلِ غيره» ويروى «من صول غيره» أي إمساكه أشدّ من تَطَاوُلِ غيره. يقال : طَالَ عليه ، واسْتَطَالَ ، وتَطَاوَلَ ، إذا علاوه وترفّع عليه.

(س) ومنه الحديث «أربى الرّبا الاسْتِطَالَة في عرض النّاس» أي استحقارهم ، والتّرفّع عليهم ، والوقيعة فيهم.

(س) وفي حديث الخيل «ورجل طَوَّلَ لها في مرج فقطعت طِوَلَها».

(ه) وفي حديث آخر «فأَطَالَ لها فقطعت طِيَلَها» الطِّوَل والطِّيَل بالكسر : الحبل الطَّوِيل يشدّ أحد طرفيه في وتد أو غيره والطّرف الآخر في يد الفرس ليدور فيه ويرعى ولا يذهب لوجهه. وطَوَّلَ وأَطَالَ بمعنى : أي شدّها في الحبل.

__________________

(١) فى الهروى : «أى أشرف».

ومنه الحديث «لِطِوَلِ الفرس حمى» أي لصاحب الفرس أن يحمى الموضع الذي يدور فيه فرسه المشدود في الطِّوَل إذا كان مباحا لا مالك له.

وفيه «أنه ذكر رجلا من أصحابه قبض فكفّن في كفن غير طَائِل» أي غير رفيع ولا نفيس. وأصل الطَّائِل : النّفع والفائدة.

(س) ومنه حديث ابن مسعود رضي‌الله‌عنه في قتل أبي جهل «ضربته بسيف غير طَائِل» أي غير ماض ولا قاطع ، كأنّه كان سيفا دونا بين السّيوف.

(طوا) (س) في حديث بدر «فقذفوا في طَوِيٍ من أَطْوَاء بدر» أي بئر مَطْوِيَّة من آبارها. والطَّوِيّ في الأصل صفة ، فعيل بمعنى مفعول ، فلذلك جمعوه على الأَطْوَاء ، كشريف وأشراف ، ويتيم وأيتام ، وإن كان قد انتقل إلى باب الاسميّة.

وفي حديث فاطمة رضي‌الله‌عنها «قال لها : لا أُخْدِمُكِ وأَتْرُكُ أهل الصُّفَّة تَطْوَى بطونهم» يقال : طَوِيَ من الجوع يَطْوَى طَوًى فهو طَاوٍ : أي خالي البطن جائع لم يأكل. وطَوَى يَطْوِي إذا تعمّد ذلك.

(س) ومنه الحديث «يبيت شبعان وجاره طَاوٍ».

والحديث الآخر «يَطْوِى بطنه عن جاره» أي يجيع نفسه ويؤثر جاره بطعامه.

(س) والحديث الآخر «أنه كان يَطْوِي يومين» أي لا يأكل فيهما ولا يشرب. وقد تكرر في الحديث.

(س) وفي حديث عليّ وبناء الكعبة «فتَطَوَّتْ موضع البيت كالحجفة» أي استدارت كالتّرس. وهو تفعّلت ، من الطَّيّ.

وفي حديث السّفر «اطْوِ لنا الأرض» أي قرّبها لنا وسهّل السّير فيها حتى لا تطول علينا ، فكأنّها قد طُوِيَتْ.

ومنه الحديث «إن الأرض تُطْوَى باللّيل ما لا تُطْوَى بالنّهار» أي تقطع مسافتها ، لأنّ الإنسان فيه أنشط منه في النّهار ، وأقدر على المشي والسّير لعدم الحرّ وغيره.

وقد تكرر في الحديث ذكر «طُوًى» وهو بضم الطاء وفتح الواو المخفّفة : موضع عند باب مكة يستحبّ لمن دخل مكة أن يغتسل به.

(باب الطاء مع الهاء)

(طهر) (ه) فيه «لا يقبل الله صلاة بغير طُهُور» الطُّهُور بالضّم : التَّطَهُّر ، وبالفتح الماء الذي يُتَطَهَّرُ به ، كالوَضُوء والوُضُوء ، والسَّحُور والسُّحُور. وقال سيبويه : الطَّهُور بالفتح يقع على الماء والمصدر معا ، فعلى هذا يجوز أن يكون الحديث بفتح الطاء وضمها ، والمراد بهما التَّطَهُّر.

وقد تكرر لفظ الطَّهَارَة في الحديث على اختلاف تصرّفه. يقال : طَهَرَ يَطْهُرُ طُهْراً فهو طَاهِر. وطَهُرَ يَطْهُرُ ، وتَطَهَّرَ يَتَطَهَّرُ تَطَهُّراً فهو مُتَطَهِّر. والماء الطَّهُور في الفقه : هو الذي يرفع الحدث ويزيل النّجس ، لأن فعولا من أبنية المبالغة ، فكأنّه تناهى في الطَّهَارَة. والماء الطَّاهِرُ غير الطَّهُور : هو الذي لا يرفع الحدث ولا يزيل النّجس ، كالمستعمل في الوضوء والغسل.

ومنه حديث ماء البحر «هو الطَّهُور ماؤه الحلّ ميتته» أي المُطَهِّر.

وفي حديث أم سلمة «إنّي أطيل ذيلي وأمشي في المكان القذر ، فقال لها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : يُطَهِّرُه ما بعده» هو خاصّ فيما كان يابسا لا يعلق بالثّوب منه شيء ، فأمّا إذا كان رطبا فلا يَطْهُرُ إلّا بالغسل. وقال مالك : هو أن يطأ الأرض القذرة ، ثمّ يطأ الأرض اليابسة النّظيفة ، فإنّ بعضها يُطَهِّر بعضا. فأما النّجاسة مثل البول ونحوه تصيب الثّوب أو بعض الجسد فإنّ ذلك لا يُطَهِّرُه إلّا الماء إجماعا. وفي إسناد هذا الحديث مقال.

(طهم) (ه) في صفته عليه‌السلام «لم يكن بالمُطَهَّم» المُطَهَّم : المنتفخ الوجه. وقيل : الفاحش السّمن. وقيل : النحيف الجسم ، وهو من الأضداد (١).

__________________

(١) فى الهروى : «قال أحمد بن يحيى : اختلف الناس في تفسير هذا الحرف ، فقالت طائفة : هو الذي كلّ عضو منه حسن على حدته. وقالت طائفة : المطهّم : الفاحش السّمن. وقيل : هو المنتفخ الوجه ، ومنه قول الشاعر :

* ووجه فيه تطهيم *

أى انتفاخ وجهامة. وقالت طائفة : هو النحيف الجسم. قال أبو سعيد : الطّهمة والطّخمة فى اللون : تجاوز السّمرة إلى السواد ، ووجه مطهّم ، إذا كان كذلك».

(طهمل) (س) فيه «وقفت امرأة على عمر فقالت : إني امرأة طَهْمَلَة» هي الجسيمة القبيحة. وقيل الدّقيقة. والطَّهْمَل : الذي لا يوجد له حجم إذا مُسّ.

(طها) [ه] في حديث أمّ زرع «وما طُهَاةُ أبي زرع» تعنى الطّباخين ، واحدهم : طَاهٍ. وأصل الطَّهْو : الطّبخ الجيّد المنضج. يقال : طَهَوْتُ الطّعام إذا أنضجته وأتقنت طبخه.

(ه) ومنه حديث أبي هريرة «وقيل له : أسمعت هذا من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم؟ فقال : إلّا (١) ما طَهْوِي؟» أي ما عملي إن لم أسمعه؟ يعنى أنه لم يكن لي عمل غير السّماع ، أو أنه إنكار لأن يكون الأمر على خلاف ما قال. وقيل هو بمعنى التّعجّب ، كأنه قال : وإلّا فأيّ شيء حفظي وإحكامي ما سمعت (٢)!

(باب الطاء مع الياء)

(طيب) قد تكرر في الحديث ذكر «الطَّيِّب والطَّيِّبَات» وأكثر ما ترد بمعنى الحلال ، كما أنّ الخبيث كناية عن الحرام. وقد يرد الطَّيِّب بمعنى الطاهر.

(ه) ومنه الحديث «أنه قال لعمّار (٣) : مرحبا بالطَّيِّب المُطَيَّب» أي الطاهر المطهّر.

(ه) ومنه حديث عليّ «لمّا مات رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : بأبي أنت وأمّي طِبْتَ حيّا وميّتا» أى طهرت.

(ه) «والطَّيِّبَات في التّحيّات» أي الطَّيِّبات من الصلاة والدعاء والكلام مصروفات إلى الله تعالى.

__________________

(١) فى الهروى : «إذا».

(٢) زاد الهروى على هذه التوجيهات ، قال : «وقال أبو العباس عن ابن الأعرابى : الطّهى : الذّنب فى قول أبى هريرة. وطهى طهيا إذا أذنب. يقول : فما ذنبى؟ إنما هو شىء قاله رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم».

وقد حكى السيوطى فى الدر النثير هذا التوجيه عن الفارسى ، عن ابن الأعرابى أيضا.

(٣) أخرجه الهروى من قول عمار نفسه.

(ه) وفيه «أنه أمر أن تسمّى المدينة طَيْبَة وطَابَة» هما من الطِّيب ، لأنّ المدينة كان اسمها يثرب ، والثَّرب (١) الفساد ، فنهى أنّ تسمّى به وسمّاها طَيْبَة وطَابَة ، وهما تأنيث طَيْب وطَاب ، بمعنى الطِّيب. وقيل : هو من الطَّيِّب بمعنى الطاهر ، لخلوصها من الشّرك وتطهيرها منه.

ومنه الحديث «جعلت لي الأرض طَيِّبَة طهورا» أي نظيفة غير خبيثة.

وفي حديث هوازن «من أحبّ أن يُطَيِّبَ ذلك منكم» أي يحلّله ويبيحه. وطَابَت نفسه بالشيء إذا سمحت به من غير كراهة ولا غضب (٢).

(ه) وفيه «شهدت غلاما مع عمومتي حِلْفَ المُطَيَّبِين» اجتمع بنو هاشم وبنو زهرة وتيم في دار ابن جدعان في الجاهليّة ، وجعلوا طِيباً في جفنة وغمسوا أيديهم فيه ، وتحالفوا على التّناصر والأخذ للمظلوم من الظّالم ، فسُمُّوا المُطَيَّبِين. وقد تقدم في حرف الحاء.

(ه) وفيه «نهى أن يَسْتَطِيبَ الرجل بيمينه» الاسْتِطَابَة والإِطَابَة : كناية عن الاستنجاء. سمّي بها من الطِّيب ، لأنه يُطَيِّب جسده بإزالة ما عليه من الخبث بالاستنجاء : أي يطهّره. يقال منه : أَطَابَ واسْتَطَابَ. وقد تكرر في الحديث.

(ه) وفيه «ابغني حديدة أَسْتَطِيبُ (٣) بها» يريد حلق العانة ، لأنه تنظيف وإزالة أذى.

(ه) وفيه «وهم سبي طِيَبَة» الطِّيَبَة ـ بكسر الطاء وفتح الياء ـ فعلة ، من الطِّيب ، ومعناه أنه سبي صحيح السّباء لم يكن عن غدر ولا نقض عهد.

وفي حديث الرؤيا «رأيت كأننا في دار ابن زيد وأتينا برطب ابن طَابٍ» هو نوع من أنواع تمر المدينة منسوب إلى ابن طَابٍ : رجل من أهلها. يقال : عذق ابن طَابٍ ، ورطب ابن طَابٍ ، وتمر ابن طَابٍ.

__________________

(١) فى الهروى : «التثرّب».

(٢) فى بعض النسخ بالصاد المهملة. قاله مصحح الأصل.

(٣) فى الهروى : «أستطب».

(س) ومنه حديث جابر «وفي يده عرجون ابن طَابٍ».

(ه) وفي حديث أبي هريرة «أنه دخل على عثمان وهو محصور ، فقال : الآن طَابَ امْضَرْبُ» أي حلّ القتال. أراد : طَابَ الضّرب ، فأبدل لام التّعريف ميما ، وهي لغة معروفة.

وفي حديث طاوس «أنه سئل عن الطَّابَة تطبخ على النّصف» الطَّابَة : العصير ، سُمّي به لطِيبِهِ وإصلاحه ، على النصف : هو أن يغلى حتى يذهب نصفه.

(طير) (ه س) فيه «الرؤيا لأوّل عابر ، وهي على رِجْل طَائِرٍ» كلّ حركة من كلمة أو جار يجرى فهو طَائِر مجازا ، أراد : على رِجل قَدَر جارٍ ، وقضاء ماض ، من خير أو شرّ ، وهي لأوّل عابر يعبرها : أي أنها إذا احتملت تأويلين أو أكثر فعبرها من يعرف عبارتها وقعت على ما أوّلها ، وانتفى عنها غيره من التأويل.

وفي حديث آخر «الرّؤيا على رِجل طَائِرٍ ما لم تُعبر» أي لا يستقرّ تأويلها حتّى تعبر. يريد أنها سريعة السّقوط إذا عبرت. كما أنّ الطَّيْر لا يستقرّ في أكثر أحواله ، فكيف يكون ما على رِجله؟

وفي حديث أبي ذرّ «تركنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وما طَائِر يَطِير بجناحيه إلّا عندنا منه علم» يعنى أنه استوفى بيان الشّريعة وما يحتاج إليه في الدّين ، حتى لم يبق مشكل. فضرب ذلك مثلا. وقيل : أراد أنه لم يترك شيئا إلّا بيّنه حتى بيّن لهم أحكام الطَّيْر وما يحلّ منه وما يحرم ، وكيف يذبح ، وما الّذي يفدى منه المحرم إذا أصابه ، وأشباه ذلك ، ولم يرد أنّ في الطَّيْر علما سوى ذلك علّمهم إيّاه ، أو رخّص لهم أن يتعاطوا زجر الطَّيْر كما كان يفعله أهل الجاهلية.

وفي حديث أبي بكر والنّسّابة «فمنكم شيبة الحمد مُطْعِمُ طَيْرِ السماء؟ قال : لا» شيبة الحمد : هو عبد المطّلب بن هاشم ، سمّي مُطْعِمُ طَيْرِ السماء ، لأنه لما نحر فداء ابنه عبد الله أبي النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم مائة بعير ، فرّقها على رؤوس الجبال فأكلتها الطَّيْر.

(ه) وفي صفة الصحابة «كأنّما على رؤوسهم الطَّيْرُ» وصفهم بالسّكون والوقار ، وأنهم لم يكن فيهم طيش ولا خفّة ، لأن الطَّيْر لا تكاد تقع إلا على شيء ساكن.

وفيه «رجل ممسك بعنان فرسه في سبيل الله يَطِيرُ على متنه» أي يجريه في الجهاد. فاستعار له الطَّيَرَان.

ومنه حديث وابصة «فلما قتل عثمان طَارَ قلبي مَطَارَه» أي مال إلى جهة يهواها وتعلّق بها. والمَطَار : موضع الطَّيَرَان.

(س) ومنه حديث عائشة «أنها سمعت من يقول : إنّ الشّؤم في الدّار والمرأة ، فطَارَت شقّة منها في السّماء وشقّة في الأرض» أي كأنها تفرّقت وتقطّعت قطعا ، من شدّة الغضب.

(س) ومنه حديث عروة «حتى تَطَايَرَت شؤون رأسه» أي تفرّقت فصارت قطعا.

(س) ومنه الحديث «خذ ما تَطَايَرَ من شعر رأسك» أي طال وتفرّق.

وفي حديث أمّ العلاء الأنصارية «اقتسمنا المهاجرين فطَارَ لنا عثمان بن مظعون» أي حصل نصيبنا منهم عثمان.

(س) ومنه حديث رويفع «إن كان أحدنا في زمان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لَيَطِيرُ له النّصل وللآخر القدح» معناه أنّ الرجلين كانا يقتسمان السّهم فيقع لأحدهما نصله وللآخر قدحه. وطَائِر الإنسان : ما حصل له في علم الله مما قدّر له.

(ه) ومنه الحديث «بالميمون طَائِرُه» أي بالمبارك حظّه. ويجوز أن يكون أصله من الطَّيْر السّانح والبارح.

وفي حديث السّحور والصّلاة ذكر «الفجر المُسْتَطِير» هو الذي انتشر ضوءه واعترض في الأفق ، بخلاف المستطيل.

ومنه حديث بني قريظة :

وهان على سراة بني لؤىّ

حريق بالبويرة مُسْتَطِير

أي منتشر متفرّق ، كأنه طَارَ في نواحيها.

(س) ومنه حديث ابن مسعود «فقدنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ليلة ، فقلنا : اغتيل

أو اسْتُطِيرَ» أي ذُهِبَ به بسرعة كأن الطَّيْر حملته ، أو اغتاله أحد. والاسْتِطَارَة والتَّطَايُر : التفرّق والذّهاب.

(ه) وفي حديث عليّ «فأَطَرْتُ الحلّة بين نسائي» أي فرّقتها بينهنّ وقسّمتها فيهنّ. وقيل الهمزة أصليّة. وقد تقدّم.

(س) وفيه «لا عدوى ولا طِيَرَةَ» الطِّيَرَة بكسر الطاء وفتح الياء ، وقد تسكّن : هي التّشاؤم بالشّيء. وهو مصدر تَطَيَّرَ. يقال : تَطَيَّرَ طِيَرَةً ، وتخير خيرة ، ولم يجيء من المصادر هكذا غيرهما. وأصله فيما يقال : التَّطَيُّر بالسّوانح والبوارح من الطَّيْر والظباء وغيرهما. وكان ذلك يصدّهم عن مقاصدهم ، فنفاه الشّرع ، وأبطله ونهى عنه ، وأخبره أنّه ليس له تأثير في جلب نفع أو دفع ضرّ. وقد تكرر ذكرها في الحديث اسما وفعلا.

ومنه الحديث «ثلاث لا يسلم أحد منهنّ : الطِّيَرَة والحسد والظّنّ. قيل : فما نصنع؟ قال : إذا تَطَيَّرْتَ فامض ، وإذا حسدت فلا تبغ ، وإذا ظننت فلا تحقّق».

ومنه الحديث الآخر «الطِّيَرَة شرك ، وما منّا إلّا ، ولكنّ الله يذهبه بالتّوكّل» هكذا جاء في الحديث مقطوعا. ولم يذكر المستثنى : أي إلّا وقد يعتريه التَّطَيُّر وتسبق إلى قلبه الكراهة. فحذف اختصارا واعتمادا على فهم السّامع.

وهذا كحديثه الآخر «ما فينا إلّا من همّ أو لمّ ، إلّا يحيى بن زكريّا» فأظهر المستثنى.

وقيل إنّ قوله : «وما منّا إلّا» من قول ابن مسعود أدرجه في الحديث ، وإنما جعل الطِّيَرَة من الشّرك ، لأنّهم كانوا يعتقدون أن التَّطَيُّر يجلب لهم نفعا أو يدفع عنهم ضرّا إذا عملوا بموجبه ، فكأنّهم أشركوه مع الله في ذلك.

وقوله : «ولكنّ الله يذهبه بالتّوكّل» معناه أنه إذا خطر له عارض التَّطَيُّر فتوكّل على الله وسلّم إليه ولم يعمل بذلك الخاطر غفره الله له ولم يؤاخذه به.

(ه) وفيه «إيّاك وطِيَرَاتِ الشّباب» أي زلّاتهم وغرّاتهم (١) ، جمع طِيَرَة.

__________________

(١) فى الأصل واللسان : «وعثراتهم» وأثبتنا ما فى الهروى وا.

(طيش) في حديث الحساب «فطَاشَتِ السّجلّات وثقلت البطاقة» الطَّيْش : الخفّة. وقد طَاشَ يَطِيشُ طَيْشاً ، فهو طَائِش.

(س) ومنه حديث عمر بن أبي سلمة «كانت يدي تَطِيشُ في الصّحفة» أي تخفّ وتتناول من كلّ جانب.

ومنه حديث جرير «ومنها العصل الطَّائِش» أي الزالّ عن الهدف كذا وكذا.

(س) ومنه حديث ابن شبرمة «وسئل عن السّكر فقال : إذا طَاشَت رجلاه واختلط كلامه».

(طيف) في حديث المبعث «فقال بعض القوم : قد أصاب هذا الغلام لمم أو طَيْف من الجنّ» أي عرض له عارض منهم. وأصل الطَّيْف : الجنون. ثم استعمل في الغضب ، ومسّ الشيطان ووسوسته. ويقال له طَائِف ، وقد قُرِئَ بهما قوله تعالى إن الذين اتقوا إذا مسهم طَيْفٌ من الشيطان يقال طَافَ يَطِيفُ ويَطُوفُ طَيْفاً وطَوْفاً ، فهو طَائِف ، ثم سمّى بالمصدر. ومنه طَيْف الخيال الذي يراه النائم.

(س) ومنه الحديث «فطَافَ بي رجل وأنا نائم».

(س) وفيه «لا تزال طَائِفَة من أمّتي على الحقّ» الطَّائِفَة : الجماعة من النّاس. وتقع على الواحد ، كأنه أراد نفسا طَائِفَة. وسئل إسحاق بن راهوية عنه فقال : الطَّائِفَة دون الألف ، وسيبلغ هذا الأمر إلى أن يكون عدد المتمسّكين بما كان عليه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأصحابه ألفا ، يسلّى بذلك أن لا يعجبهم كثرة أهل الباطل.

وفي حديث عمران بن حصين وغلامه الآبق «لأقطعنّ منه طَائِفاً» هكذا جاء في رواية : أي بعض أطرافه. والطَّائِفَة : القطعة من الشيء. ويروى بالباء والقاف. وقد تقدّم.

(طين) (ه) فيه «ما من نفس منفوسة تموت فيها مثقال نملة من خير إلّا طِينَ عليه يوم القيامة طَيْناً» أي جبل عليه. يقال طَانَه الله على طِينَتِهِ : أي خلقه على جبلّته. وطِينَةُ الرجل : خلقه وأصله. وطَيْناً مصدر من طَانَ. ويروى «طِيمَ عليه» بالميم. وهو بمعناه.

(طيا) (ه) فيه «لمّا عرض نفسه على قبائل العرب قالوا له : يا محمد اعمد لِطِيَّتِك» (١) أي امض لوجهك وقصدك. والطِّيَّة : فعلة ، من طَوَى. وإنّما ذكرناها هاهنا لأجل لفظها.

__________________

(١) الطّية ، بالتشديد والتخفيف. كما ذكر الهروى والسيوطى فى الدر.

حرف الظاء

(باب الظاء مع الهمزة)

(ظأر) فيه «ذكر ابنه إبراهيم عليه‌السلام ، فقال : إنّ له ظِئْراً في الجنّة» الظِّئْر : المرضعة غير ولدها. ويقع على الذّكر والأنثى.

ومنه حديث سيف القين «ظِئْرُ إبراهيم ابن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم» هو زوج مرضعته.

(س) ومنه الحديث «الشهيد تبتدره زوجتاه كظِئْرَيْن أضلّتا فصيليهما».

(س) ومنه حديث عمر «أعطى ربعة يتبعها ظِئْرَاها» أي أمّها وأبوها.

(ه) وفي حديث عمر «أنه كتب إلى هُنَيٍّ وهو في نعم الصّدقة : أن ظَاوِرْ. قال : «فكنّا نجمع النّاقتين والثلاث على الرُّبَع». هكذا روي بالواو. والمعروف في اللّغة : ظَائِرْ ، بالهمز.

والظِّئَار : أن تعطف الناقة على غير ولدها. يقال : ظَأَرَها يَظْأَرُها ظَأْراً ، وأَظْأَرَها وظَاءَرَها. والاسم الظِّئَار ، وكانوا إذا أرادوا ذلك شدّوا أنف النّاقة وعينيها ، وحشوا في حيائها خرقة ثم خلوّه بخلالين وتركوها كذلك يومين فتظنّ أنّها قد مُخِضَت للولادة ، فإذا غمّها ذلك وأكربها نفّسوا عنها واستخرجوا الخرقة من حيائها ، ويكونون قد أعدّوا لها حوارا من غيرها فيلطخونه بتلك الخرقة ويقدّمونه إليها ، ثم يفتحون أنفها وعينيها فإذا رأت الحوار وشمّته ظنّت أنها ولدته فترأمه وتعطف عليه.

ومنه حديث قطن «ومَن ظَأَرَهُ الإسلام» أي عطفه عليه.

وحديث عليّ «أَظْأَرُكُم على الحقّ وأنتم تفرّون منه».

(ه) وحديث ابن عمر «أنه اشترى ناقة فرأى بها تشريم الظِّئَار فردّها».

وحديث صعصعة بن ناجية جدّ الفرزدق «قد أصبنا ناقتيك ، ونتجناهما ، وظَأَرْنَاهُما على أولادهما».

(باب الظاء مع الباء)

(ظبب) (س) في حديث البراء «فوضعت ظَبِيبَ السّيف في بطنه» قال الحربي : هكذا روي. وإنما هو «ظُبَة السّيف» وهو طرفه ، ويجمع على الظّباة والظّبين. وأما الضَّبِيب بالضّاد فسيلان الدّم من الفم وغيره. وقال أبو موسى : إنما هو بالصاد المهملة ، وقد تقدّم في موضعه.

(ظبي) (ه) فيه أنه بعث الضّحاك بن سفيان إلى قومه وقال : إذا أتيتهم فاربض في دارهم ظَبْياً» كان بعثه إليهم يتجسّس أخبارهم ، فأمره أن يكون منهم بحيث يراهم ، فإن أرادوه بسوء تهيأ له الهرب ، فيكون كالظَّبْي الذي لا يربض إلا وهو متباعد ، فإذا ارتاب نفر. وظَبْياً منصوب على التّفسير (١).

(ه) وفيه «أنه أهدى إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ظَبْيَةٌ فيها خَرَز فأعطى الآهل منها والعزب» الظَّبْيَة : جراب صغير عليه شعر. وقيل : هي شبه الخريطة والكيس.

وفي حديث أبي سعيد مولى أبي أسيد «قال : التقطت ظَبْيَةً فيها ألف ومائتا درهم وقُلْبَان من ذهب» أي وجدت.

ومنه حديث زمزم «قيل له : احفر ظَبْيَةَ ، قال : وما ظَبْيَةُ؟ قال : زمزم» سمّيت به تشبيها بالظَّبْيَة : الخريطة ، لجمعها ما فيها.

وفي حديث عمرو بن حزم «من ذي المروة إلى الظَّبْيَة» وهو موضع في ديار جهينة

__________________

(١) زاد الهروى : «وقال القتيبى : قال ابن الأعرابى : أراد أقم فى دارهم آمنا لا تبرح ، كأنك ظبى فى كناسه قد أمن حيث لا يرى أنيسا».

أقطعه النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم عوسجة الجهنىّ. فأمّا عرق الظُّبْيَة بضم الظاء : فموضع على ثلاثة أميال من الرّوحاء ، به مسجد للنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

(س) وفي حديث علي رضي‌الله‌عنه «نافحوا بالظُّبَا» هي جمع ظُبَة السيف ، وهو طرفه وحدّه. وأصل الظُّبَة : ظُبَوٌ ، بوزن صرد ، فحذفت الواو وعوّض منها الهاء.

(س) ومنه حديث قيلة «فأصابت ظُبَتُهُ طَائفةً من قرون رأسه» وقد تكرّرت في الحديث مفردة ومجموعة.

(باب الظاء مع الراء)

(ظرب) (ه) في حديث الاستسقاء «اللهم على الآكام والظِّرَاب وبطون الأودية» الظِّرَاب : الجبال الصّغار ، واحدها : ظَرِب بوزن كتف. وقد يجمع في القلّة على أَظْرُب (١).

(ه) ومنه حديث أبي بكر رضي‌الله‌عنه «أين أهلك يا مسعود؟ فقال : بهذه الأَظْرُب السّواقط» السّواقط : الخاشعة المنخفضة.

ومنه حديث عائشة «رأيت كأنّي على ظَرِب» ويصغّر على ظُرَيْب.

ومنه حديث أبي أمامة في ذكر الدجّال «حتى ينزل على (٢) الظَّرِيب الأحمر».

(ه) ومنه حديث عمر رضي‌الله‌عنه «إذا غسق الليل على الظِّرَاب» إنّما خصّ الظِّرَاب لقصرها. أراد أن ظلمة اللّيل تقرب من الأرض. وقد تكرر في الحديث.

(س) وفيه «كان له عليه‌السلام فرس يقال له الظَّرِب» تشبيها بالجبيل لقوته. ويقال ظُرِّبَتْ حوافر الدّابة : أي اشتدّت وصلبت.

(ظرر) (ه) في حديث عدىّ «إنّا نصيد الصّيد فلا نجد ما نذكّي به إلّا الظِّرَار وشقّة العصا» الظِّرَار : جمع ظُرَر ، وهو حجر صلب محدّد ، ويجمع أيضا على أَظِرَّة.

__________________

(١) قال الهروى : «ويجمع أيضا على ظرب ، مثل : كتاب ، وكتب».

(٢) فى ا : «عند».

ومنه حديثه الآخر «فأخذت ظِرَاراً من الأَظِرَّة فذبحتها به» ويجمع أيضا على ظِرَّان ، كصرد وصردان.

ومنه حديث عدىّ أيضا «لا سكّين إلّا الظِّرَّان».

(ظرف) (ه) في حديث عمر رضي‌الله‌عنه «إذا كان اللّصّ ظَرِيفاً لم يقطع» أي إذا كان بليغا جيّد الكلام احتجّ عن نفسه بما يسقط عنه الحدّ. والظَّرْف في اللسان : البلاغة ، وفي الوجه : الحسن ، وفي القلب : الذّكاء.

ومنه حديث معاوية «قال : كيف ابن زياد؟ قالوا : ظَرِيف ، على أنه يلحن ، قال : أوليس ذلك أَظْرَفَ له؟».

ومنه حديث ابن سيرين «الكلام أكثر من أن يكذب ظَرِيف» أي أن الظَّرِيف لا تضيق عليه معاني الكلام ، فهو يكنى ويعرّض ولا يكذب.

(باب الظاء مع العين)

(ظعن) (س) في حديث حنين «فإذا بهوازن على بكرة آبائهم بظُعُنِهِم وشائهم ونعمهم» الظُّعُن : النّساء ، واحدتها : ظَعِينَة. وأصل الظَّعِينَة : الرّاحلة التي يُرحَل ويُظْعَنُ عليها : أي يسار. وقيل للمرأة ظَعِينَة ، لأنها تَظْعَنُ مع الزّوج حيثما ظَعَنَ ، أو لأنّها تُحْمَل على الرّاحلة إذا ظَعَنَتْ. وقيل الظَّعِينَة : المرأة في الهودج ، ثم قيل للهودج بلا امرأة ، وللمرأة بلا هودج : ظَعِينَة. وجمع الظَّعِينَة : ظُعْن وظُعُن وظَعَائِن وأَظْعَان. وظَعَنَ يَظْعَنُ ظَعْناً وظَعَناً بالتحريك إذا سار.

(ه) ومنه الحديث «أنه أعطى حليمة السّعديّة بعيرا موقّعا للظَّعِينَة» أي للهودج.

(س) ومنه حديث سعيد بن جبير «ليس في جمل ظَعِينَة صدقة» إن روي بالإضافة فالظَّعِينَة المرأة ، وإن روي بالتّنوين ، فهو الجمل الذي يُظْعَنُ عليه ، والتاء فيه للمبالغة. وقد تكرر ذكرها في الحديث.

(باب الظاء مع الفاء)

(ظفر) (ه) في صفة الدجّال «وعلى عينه ظَفَرة غليظة» هي بفتح الظاء والفاء : لحمة تنبت عند المآقي ، وقد تمتدّ إلى السّواد فتغشّيه.

(س) وفي حديث أم عطيّة «لا تمسّ المحدّ إلّا نبذة من قسط أَظْفَار» وفي رواية «من قسط وأَظْفَار» الأَظْفَار : جنس من الطّيب لا واحد له من لفظه. وقيل واحده : ظُفْر. وقيل : هو شيء من العطر أسود. والقطعة منه شبيهة بالظُّفْر.

(س) وفي حديث الإفك «عِقْد من جَزْع أَظْفَار» وهكذا روي ، وأريد به العِطر المذكور أولا ، كأنّه يؤخذ ويثقب ويجعل في العقد والقلادة. والصّحيح في الرّوايات أنه «من جزع ظَفَارِ» بوزن قطام ، وهي اسم مدينة لحمير باليمن. وفي المثل : من دخل ظَفَارِ حَمَّر. وقيل : كلّ أرض ذات مغرة (١) ظَفَارِ.

(س) وفيه «كان لباس آدم عليه‌السلام الظُّفُرَ» أي شيء يشبه الظُّفُرَ في بياضه وصفائه وكثافته.

(باب الظاء مع اللام)

(ظلع) (ه) فيه «فإنه لا يربع على ظَلْعِكَ من ليس يحزنه أمرك» الظَّلْع بالسّكون : العرج. وقد ظَلَعَ يَظْلَعُ ظَلْعاً فهو ظَالِع. المعنى لا يقيم عليك في حال ضعفك وعرجك إلّا من يهتمّ لأمرك وشأنك ، ويحزنه أمرك وشأنك. وربع في المكان : إذا أقام به.

ومنه حديث الأضاحي «ولا العرجاء البيّن ظَلْعُها».

(س) وفي حديث عليّ يصف أبا بكر رضي‌الله‌عنهما «علوت إذا ظَلَعُوا» أي انقطعوا وتأخّروا لتقصيرهم ، وحديثه الآخر «وليستأن بذات النّقب والظَّالِع» أي بذات الجرب والعرجاء.

__________________

(١) المغرة ، ويحرّك : طين أحمر. (القاموس ، مغر).

وفيه «أُعطِي قوما أخاف ظَلَعَهُم» هو بفتح اللام : أي ميلهم عن الحقّ وضعف إيمانهم. وقيل ذنبهم. وأصله داء في قوائم الدّابة تغمز منه. ورجل ظَالِع : أي مائل مذنب. وقيل : إنّ المائل بالضّاد.

(ظلف) في حديث الزكاة «فتطؤه بأَظْلَافِها» الظِّلْف للبقر والغنم كالحافر للفرس والبغل ، والخفّ للبعير. وقد تكرر في الحديث. وقد يطلق الظِّلْف على ذات الظِّلْف أنفسها مجازا.

ومنه حديث رقيقة «تتابعت على قريش سنو جدب أقحلت الظِّلْف». أي ذات الظِّلْف.

(ه) وفي حديث عمر رضي‌الله‌عنه «مرّ على راع فقال له : عليك الظَّلَف من الأرض لا ترمّضها» الظَّلَف بفتح الظاء واللام : الغليظ الصّلب من الأرض ممّا لا يبين فيه أثر. وقيل الّليّن منها ممّا لا رمل فيه ولا حجارة. أمره أن يرعاها في الأرض التي هذه صفتها لئلا ترمض بحرّ الرّمل وخشونة الحجارة فتتلف أَظْلَافها.

(ه) وفي حديث سعد «كان يصيبنا ظَلَفُ العيش بمكة» أى بؤسه وشدّته وخشونته ، من ظَلَف الأرض.

ومنه حديث مصعب بن عمير رضي‌الله‌عنه «لمّا هاجر أصابه ظَلَفٌ شديد».

وفي حديث عليّ رضي‌الله‌عنه «ظَلَفَ الزّهد شهواته» أي كفّها ومنعها.

(ه) وفي حديث بلال رضي‌الله‌عنه «كان يؤذّن على ظَلِفَات أقتاب مغرّزة في الجدار» هي الخشبات الأربع التي تكون على جنبي البعير ، الواحدة : ظَلِفَة ، بكسر اللام.

(ظلل) (س) فيه «الجنّة تحت ظِلَال السّيوف» هو كناية عن الدّنوّ من الضّراب في الجهاد حتى يعلوه السّيف ويصير ظِلُّه عليه. والظِّلّ : الفيء الحاصل من الحاجز بينك وبين الشمس أىّ شيء كان. وقيل : هو مخصوص بما كان منه إلى زوال الشمس ، وما كان بعده فهو الفيء.

ومنه الحديث «سبعة يُظِلُّهُم الله في ظِلِّه».

(س) وفي حديث آخر «سبعة في ظِلِ العرش» أي في ظِلِّ رحمته.

(ه س) والحديث الآخر «السّلطان ظِلُ الله في الأرض» لأنه يدفع الأذى عن النّاس كما يدفع الظِّلُ أذى حرّ الشمس (١). وقد يكنّى بالظِّلِ عن الكنف والناحية.

[ه] ومنه الحديث «إنّ في الجنّة شجرة يسير الراكب في ظِلِّها مائة عام» أي في ذراها وناحيتها.

وقد تكرر ذكر الظِّلّ في الحديث. ولا يخرج عن أحد هذه المعاني.

[ه] ومنه شعر العباس ، يمدح النّبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم :

من قبلها طبت في الظِّلَال وفي

مستودع حيث يخصف الورق

أراد ظِلَال الجنّة : أي كنت طيّبا في صلب آدم ، حيث كان في الجنّة. وقوله «من قبلها ...». أي من قبل نزولك إلى الأرض ، فكني عنها ولم يتقدّم لها ذكر ، لبيان المعنى.

وفيه «أنه خطب آخر يوم من شعبان فقال : أيّها النّاس قد أَظَلَّكُم شهر عظيم» يعنى رمضان : أي أقبل عليكم ودنا منكم ، كأنّه ألقى عليكم ظِلَّه.

ومنه حديث كعب بن مالك «فلمّا أَظَلَ قادما حضرني بثّي».

(ه) وفيه «أنه ذكر فتنا كأنّها الظُّلَل» هي كلّ ما أَظَلَّك ، واحدتها : ظُّلَّة. أراد كأنّها الجبال أو السّحب.

[ه] ومنه «عَذابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ» وهي سحابة أَظَلَّتْهُم ، فلجأوا إلى ظِلِّها من شدّة الحرّ

__________________

(١) قال الهروى فى تفسير هذا الحديث : «قيل : ستر الله ، وقيل : خاصّة الله ، يقال : أظلّ الشهر ، أى قرب ، وقيل : معناه العزّ والمنعة».

وقد حكى السيوطى فى الدر هذا التفسير عن الفارسى.

فأطبقت عليهم وأهلكتهم.

وفيه «رأيت كأن ظُلَّة تنطف السّمن والعسل» أي شبه السّحابة يقطر منها السّمن والعسل.

ومنه الحديث «البقرة وآل عمران كأنّهما ظُلَّتَان أو غمامتان».

وفي حديث ابن عباس «الكافر يسجد لغير الله ، وظِلُّه يسجد لله» قالوا : معناه : يسجد له جسمه الذي عنه الظِّلُّ.

(ظلم) (ه) في حديث ابن زمل «لزموا الطّريق فلم يَظْلِمُوه» أي لم يعدلوا عنه. يقال : أخذ في طريق فما ظَلَمَ يمينا ولا شمالا.

(ه) ومنه حديث أمّ سلمة «إنّ أبا بكر وعمر ثكما الأمر فما ظَلَمَاه» أي لم يعدلا عنه. وأصل الظُّلْم : الجور ومجاوزة الحدّ.

ومنه حديث الوضوء «فمن زاد أو نقص فقد أساء وظَلَمَ» أي أساء الأدب بتركه السّنّة والتّأدّب بأدب الشّرع ، وظَلَمَ نفسه بما نقصها من الثّواب بترداد المرّات في الوضوء.

(ه) وفيه «أنه دعي إلى طعام وإذا البيت مُظَلَّم فانصرف ولم يدخل» المُظَلَّم : المزوّق. وقيل : هو المموّه بالذهب والفضّة.

قال الهروي : أنكره الأزهرى بهذا المعنى.

وقال الزمخشري : «هو من الظَّلْم ، وهو موهة الذّهب [والفضّة](١) ومنه قيل للماء الجارى على الثّغر : «ظَلْم».

ومنه قصيد كعب بن زهير :

تجلو غوارب (٢) ذى ظَلْم إذا ابتسمت

كأنّه منهل بالرّاح معلول

وقيل الظَّلْم : رقّة الأسنان وشدّة بياضها.

__________________

(١) من الفائق ٢ / ١٠١.

(٢) الرواية فى شرح ديوانه ص ٧ «عوارض». وهى رواية المصنف فى «عرض» وستجىء.

(ه) وفيه «إذا سافرتم فأتيتم على مَظْلُوم فأغذّوا السّير» المَظْلُوم : البلد الذي لم يصبه الغيث ولا رِعْيَ فيه للدّوابّ. والإِغْذَاذُ : الإسراع.

(س) وفي حديث قسّ «ومهمه فيه ظُلْمَان ظِلْمَان» هي جمع ظَلِيم ، وهو ذكر النّعام.

(باب الظاء مع الميم)

(ظمأ) قد تكرر في الحديث ذكر «الظَّمَأ» وهو شدّة العطش. يقال : ظَمِئْتُ أَظْمَأ فأنا ظَامِئ ، وقوم ظِمَاء ، والاسم : الظِّمْء بالكسر. والظَّمْآن : العطشان ، والأنثى ظَمْأَى. والظِّمْء بالكسر : ما بين الوردين ، وهو حبس الإبل عن الماء إلى غاية الورد. والجمع : الأَظْمَاء.

(س) وفي حديث بعضهم «حين لم يبق من عمري إلّا ظِمْء حمار» أي شيء يسير ، وإنما خصّ الحمار لأنه أقلّ الدّواب صبرا عن الماء. وظِمْء الحياة : من وقت الولادة إلى وقت الموت.

وفي حديث معاذ «وإن كان نشر أرض يسلم عليها صاحبها فإنه يخرج منها ما أعطى نشرها : ربع المسقوىّ وعشر المَظْمَئِيِ» المَظْمَئِيّ : الذي تسقيه السماء ، والمَسْقَوِيّ : الذي يسقى بالسّيح ، وهما منسوبان إلى المَظْمَأ والمسقى ، مصدري أسقى وأَظْمَأ. وقال أبو موسى : المَظْمِيّ ، أصله : المَظْمَئِيّ ، فترك همزه ، يعنى في الرّواية. وأورده الجوهري في المعتل ، ولم يذكره في الهمزة ، ولا تعرّض إلى ذكر تخفيفه.

(باب الظاء مع النون)

(ظنب) (س) في حديث المغيرة «عارية الظُّنْبُوب» هو حرف العظم اليابس من السّاق : أي عرى عظم ساقها من اللحم لهزالها.

(ظنن) (ه) فيه «إيّاكم والظَّنّ ، فإنّ الظَّنّ أكذب الحديث» أراد الشكّ يعرض

لك في الشّيء فتحقّقه وتحكم به ، وقيل أراد إيّاكم وسوء الظَّنّ وتحقيقه ، دون مبادي الظُّنُون التي لا تملك وخواطر القلوب التي لا تدفع.

(ه) ومنه الحديث «وإذا ظَنَنْتَ فلا تُحَقّق».

(ه) ومنه حديث عمر رضي‌الله‌عنه «احتجزوا من النّاس بسوء الظَّنِ» أي لا تثقوا بكلّ أحد فإنه أسلم لكم.

ومنه المثل : الحزم سوء الظَّنّ.

(ه) وفيه «لا تجوز شهادة ظَنِين» أي متّهم في دينه ، فعيل بمعنى مفعول ، من الظِّنَّة : التّهمة.

(س [ه]) ومنه الحديث الآخر «ولا ظَنِين في ولاء» هو الذّي ينتمى إلى غير مواليه ، لا تقبل شهادته للتّهمة.

(ه) ومنه حديث ابن سيرين «لم يكن عليّ يُظَّنُ في قتل عثمان» أي يتّهم. وأصله يُظْتَنُّ ، ثم قلبت التاء طاء مهملة ، ثم قلبت ظاء معجمة ، ثم أدغمت. ويروى بالطاء المهملة المدغمة. وقد تقدم في حرف الطاء.

وقد تكرر ذكر الظَّنّ والظِّنَّة ، بمعنى الشّك والتهمة. وقد يجيء الظَّنّ بمعنى العلم.

ومنه حديث أسيد بن حضير «فَظَنَنَّا أن لم يجد عليهما» أي علمنا.

ومنه حديث عبيدة «قال أنس بن سيرين : سألته عن قوله تعالى : «أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ» فأشار بيده ، فظَنَنْت ما قال» أي علمت.

(ه) وفيه «فنزل على ثمد بوادي الحديبية ظَنُونِ الماء يتبرّضه تبرّضا» الماء الظَّنُون : الذي تتوهمه ولست منه على ثقة ، فعول بمعنى مفعول. وقيل : هي البئر التي يُظَنُّ أن فيها ماء وليس فيها ماء. وقيل : البئر القليلة الماء.

ومنه حديث شهر «حجّ رجل فمرّ بماء ظَنُون» وهو راجع إلى الظَّنِ : الشّكّ والتّهمة.

ومنه حديث عليّ «إنّ المؤمن لا يمسى ولا يصبح إلّا ونفسه ظَنُون عنده» أي متّهمة لديه.

ومنه حديث عبد الملك بن عمير «السّوآء بنت السّيد أحبّ إلىّ من الحسناء بنت الظَّنُون» أي المتّهمة.

(ه) وفي حديث عمر رضي‌الله‌عنه «لا زكاة في الدَّيْن الظَّنُون» هو الذي لا يدري صاحبه أيصل إليه أم لا.

ومنه حديث عليّ ، وقيل عثمان رضي‌الله‌عنهما «في الدَّيْن الظَّنُون يزكّيه إذا قبضه لما مضى».

(س) وفي حديث صلة بن أشيم «طلبت الدّنيا من مَظَانّ حلالها» المَظَانّ : جمع مَظِنَّة بكسر الظاء ، وهي موضع الشيء ومعدنه ، مفعلة ، من الظَّنِ بمعنى العلم. وكان القياس فتح الظاء ، وإنّما كسرت لأجل الهاء. المعنى : طلبتها في المواضع التي يعلم فيها الحلال.

(باب الظاء مع الهاء)

(ظهر) في أسماء الله تعالى «الظَّاهِرُ» هو الذي ظَهَرَ فوق كلّ شيء وعلا عليه. وقيل : هو الذي عرف بطرق الاستدلال العقلي بما ظَهَرَ لهم من آثار أفعاله وأوصافه.

(س) وفيه ذكر «صلاة الظُّهْر» وهو اسم لنصف النهار ، سمّي به من ظَهِيرَة الشمس ، وهو شدّة حرّها. وقيل : أضيفت إليه لأنّه أَظْهَرُ أوقات الصلاة للأبصار. وقيل : أَظْهَرُها حرّا. وقيل : لأنّها أوّل صلاة أُظْهِرَتْ وصُلِّيَت.

وقد تكرر ذكر «الظَّهِيرَة» في الحديث ، وهو شدّة الحرّ نصف النّهار. ولا يقال في الشّتاء ظَهِيرَة. وأَظْهَرْنا إذا دخلنا في وقت الظُّهْر ، كأصبحنا وأمسينا في الصّباح والمساء. وتجمع الظَّهِيرَة على الظَّهَائِر.

ومنه حديث ابن عمر «أتاه رجل يشكو النّقرس فقال : كَذَبَتْك الظَّهَائِرُ» أي عليك بالمشى في حرّ الهواجر.

وفيه ذكر «الظِّهَار» في غير موضع. يقال : ظَاهَرَ الرجل من امرأته ظِهَاراً. وتَظَهَّرَ ، وتَظَاهَرَ إذا قال لها : أنت عَلَيَّ كظَهْرِ أمي. وكان في الجاهلية طلاقا. وقيل : إنّهم أرادوا : أنت عليَّ كبطن أمي : أي كجماعها ، فكنوا بالظَّهْر عن البطن للمجاورة. وقيل : إنّ إتيان المرأة وظَهْرُها إلى السماء كان حراما عندهم. وكان أهل المدينة يقولون : إذا أتيت المرأة ووجهها إلى الأرض جاء الولد أحول ، فلقصد الرّجل المطلّق منهم إلى التّغليظ في تحريم امرأته عليه شبّهها بالظَّهْر ، ثم لم يقنع بذلك حتى جعلها كظَهْرِ أمّه. وإنما عدّي الظِّهَار بمن ، لأنهم كانوا إذا ظَاهَرُوا المرأة تجنّبوها كما يتجنبون المطلّقة ويحترزون منها ، فكأنّ قوله : ظَاهَرَ من امرأته : أي بعد واحترز منها ، كما قيل : آلَى من امرأته ، لمّا ضمّن معنى التباعد عدّي بمن.

(ه) وفيه ذكر «قريش الظَّوَاهِر» وهم الذين نزلوا بظُهُور جبال مكة. والظَّوَاهِر : أشراف الأرض. وقريش البطاح ، وهم الذين نزلوا بطاح مكة.

(ه) ومنه كتاب عمر إلى أبي عبيدة رضي‌الله‌عنهما «فَاظْهَرْ بمن معك من المسلمين إليها» يعنى إلى أرض ذكرها : أي اخرج بهم إلى ظَاهِرِها.

(ه) وفي حديث عائشة رضي‌الله‌عنها «كان صلى‌الله‌عليه‌وسلم يصلّي العصر ولم تَظْهَرِ الشمس بعد من حجرتها» أي لم ترتفع ولم تخرج إلى ظَهْرِها.

(ه) ومنه حديث ابن الزبير «لما قيل : يا ابن ذات النّطاقين تمثّل بقول أبي ذؤيب.

وتلك شكاة ظَاهِرٌ عنك عارها (١)

يقال : ظَهَرَ عنّي هذا العيب ، إذا ارتفع عنك ، ولم ينلك منه شيء. أراد أنّ نطاقها لا يغضّ منه فيعيّر به ، ولكنّه يرفع منه ويزيده نبلا.

(ه) وفيه «خير الصّدقة ما كان عن ظَهْرِ غنى» أي ما كان عفوا قد فضل عن غنى. وقيل : أراد ما فضل عن العيال. والظَّهْر قد يزاد فى مثل هذا إشباعا للكلام وتمكينا ، كأنّ صدقته مستندة إلى ظَهْرٍ قوىّ من المال.

__________________

(١) انظر تعليقنا ص ٤٩٧ من الجزء الثانى.

وفيه «من قرأ القرآن فاسْتَظْهَرَه» أي حفظه. تقول : قرأت القرآن عن ظَهْرِ قلبي : أي قرأته من حفظي.

(س) وفيه «ما نزل من القرآن آية إلّا لها ظَهْر وبطن» قيل ظَهْرُها : لفظها ، وبطنها : معناها. وقيل : أراد بالظَّهْر ما ظَهَرَ تأويله وعرف معناه ، وبالبطن ما بطن تفسيره. وقيل قصصه في الظَّاهِر أخبار ، وفي الباطن عبر وتنبيه وتحذير ، وغير ذلك. وقيل : أراد بالظَّهْر التّلاوة ، وبالبطن التّفهّم والتّعظيم.

وفي حديث الخيل «ولم ينس حقّ الله في رقابها ولا ظُهُورِها» حقُ الظُهُور : أن يحمل عليها منقطعا به أو يجاهد عليها.

ومنه الحديث الآخر «ومن حقّها إفقار ظَهْرِها»

(س) وفي حديث عرفجة «فتناول السيف من الظَّهْر فحذفه به» الظَّهْر : الإبل التي يحمل عليها وتركب. يقال : عند فلان ظَهْرٌ : أي إبل.

(س) ومنه الحديث «أتأذن لنا في نحر ظَهْرِنا؟» أي إبلنا التي نركبها ، وتجمع على ظُهْرَان ، بالضم.

ومنه الحديث «فجعل رجال يستأذنونه في ظُهْرَانهم في علو المدينة» وقد تكرر في الحديث.

(س) وفيه «فأقاموا بين ظَهْرَانَيْهم وبين أَظْهُرِهِم» قد تكررت هذه اللفظة في الحديث ، والمراد بها أنّهم أقاموا بينهم على سبيل الاسْتِظْهَار والاستناد إليهم ، وزيدت فيه ألف ونون مفتوحة تأكيدا ، ومعناه أنّ ظَهْراً منهم قدّامه وظَهْرا منهم وراءه ، فهو مكنوف من جانبيه ، ومن جوانبه إذا قيل بين أَظْهُرِهم ، ثم كثر حتى استعمل في الإقامة بين القوم مطلقا.

وفي حديث عليّ «(اتَّخَذْتُمُوهُ وَراءَكُمْ ظِهْرِيًّا) حتى شنّت عليكم الغارات» أي جعلتموه وراء ظُهُورِكم ، فهو منسوب إلى الظَّهْر ، وكسر الظاء من تغييرات النّسب.

(ه) وفيه «فعمد إلى بعير ظَهِير فأمر به فرُحِل» يعنى شديد الظَّهر قويّا على الرّحلة.

(س) وفيه «أنه ظَاهَرَ بين درعين يوم أحد» أي جمع ولبس إحداهما فوق الأخرى. وكأنّه من التَّظَاهُر : التّعاون والتّساعد.

ومنه حديث عليّ «أنه بارز يوم بدر وظَاهَرَ» أي نصر وأعان.

ومنه الحديث «فظَهَرَ الّذين كان بينهم وبين رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عهد ، فقنت شهرا بعد الرّكوع يدعو عليهم» أي غلبوهم. هكذا جاء في رواية. قالوا : والأشبه أن يكون مغيّر ، كما جاء في الرّواية الأخرى «فغدروا بهم».

(س) وفيه «أنه أمر خرّاص النّخّل أن يَسْتَظْهِرُوا» أي يحتاطوا لأربابها ويدعوا لهم قدر ما ينوبهم وينزل بهم من الأضياف وأبناء السّبيل.

(ه) وفي حديث أبي موسى «أنه كسا في كفّارة اليمين ثوبين ، ظَهْرَانِيّاً ومعقّدا» الظَّهْرَانيّ : ثوب يجاء به من مرّ الظَّهْرَان. وقيل : هو منسوب إلى ظَهْرَان : قرية من قرى البحرين. والمعقّد : برد من برود هجر.

وقد تكرر ذكر «مرّ الظَّهْرَان» في الحديث. وهو واد بين مكة وعسفان. واسم القرية المضافة إليه : مرّ ، بفتح الميم وتشديد الراء.

ومنه حديث النابغة الجعدى «أنشده صلى‌الله‌عليه‌وسلم :

بلغنا السّماء مجدنا وسناؤنا

وإنّا لنرجو فوق ذلك مَظْهَرا

فغضب وقال لي : أين المَظْهَر يا أبا ليلى؟ قال : إلى الجنّة يا رسول الله. قال : أجل إن شاء الله» المَظْهَر : المصعد.

(ظهم) (ه) في حديث عبد الله بن عمرو (١) «فدعا بصندوق ظَهْم» الظَّهْم : الخلق. كذا فسّر في الحديث. قال الأزهري : لم أسمعه إلّا فيه.

__________________

(١) فى الهروى : «عبد الله بن عمر».

حرف العين

(باب العين مع الباء)

(عبأ) (س) في حديث عبد الرحمن بن عوف «قال : عَبَأْنَا النبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ببدر ليلا» يقال : عَبَأْتُ الجيش عَبْأً ، وعَبَّأْتُهُم تَعْبِئَة وتَعْبِيئاً ، وقد يترك الهمز فيقال : عَبَّيْتُهُم تَعْبِيَة : أي رتّبتهم في مواضعهم وهيّأتهم للحرب.

(عبب) (س) فيه «إنّا حىّ من مذحج ، عُبَاب سلفها ولباب شرفها» عُبَاب الماء : أوّله ، وحبابه : معظمه. ويقال جاءوا بعُبَابِهم : أي جاءوا بأجمعهم. وأراد بسلفهم من سلف من آبائهم ، أو ما سلف من عزّهم ومجدهم.

[ه] ومنه حديث عليّ يصف أبا بكر رضي‌الله‌عنهما «طِرْت بِعُبَابِها وفزت بحبابها!» أي سبقت إلى جمّة الإسلام ، وأدركت أوائله ، وشربت صفوه ، وحويت فضائله.

هكذا أخرج الحديث الهروىّ والخطّابىّ ، وغيرهما من أصحاب الغريب.

وقال بعض فضلاء المتأخّرين : هذا تفسير الكلمة على الصواب لو ساعد النقل. وهذا هو حديث أسيد بن صفوان قال : لمّا مات أبو بكر جاء علىّ فمدحه فقال في كلامه : طرت بغنائها ، بالغين المعجمة والنون ـ وفزت بحيائها ، بالحاء المكسورة والياء المعجمة باثنتين من تحتها. هكذا ذكره الدّارقطني من طرق في كتاب «ما قالت القرابة في الصحابة» وفي كتاب «المؤتلف والمختلف» وكذلك ذكره ابن بطّة في «الإبانة» والله أعلم.

(ه) وفيه «مصّوا الماء مصّا ولا تَعُبُّوه عَبّاً» العَبّ : الشّرب بلا تنفّس.

ومنه الحديث «الكُبَاد من العَبّ» الكباد : داء يعرض للكبد.

وفي حديث الحوض «يَعُبُ فيه ميزابان» أي يصبّان فيه ولا ينقطع انصبابهما. هكذا جاء في رواية. والمعروف بالغين المعجمة والتاء فوقها نقطتان.

[ه] وفيه «إنّ الله وضع عنكم عُبِّيَّة الجاهلية» يعنى الكبر ، وتضمّ عينها وتكسر. وهي فعّولة أو فعّيلة ، فإن كانت فعّولة فهي من التَّعْبِيَة ، لأن المتكبّر ذو تكلّف وتَعْبية ، خلاف من يسترسل على سجيّته. وإن كانت فعّيلة فهي من عُبَاب الماء ، وهو أوله وارتفاعه. وقيل : إنّ اللام قلبت ياء ، كما فعلوا في : تقضّى البازى (١).

(عبث) فيه «من قتل عصفورا عَبَثاً» العَبَث : اللّعب. والمراد أن يقتل الحيوان لعبا لغير قصد الأكل ، ولا على جهة التّصّيد للانتفاع. وقد تكرر في الحديث.

وفيه «أنه عبث في منامه» أي حرّك يديه كالدّافع أو الآخذ.

(عبثر) (س) في حديث قس «ذات حوذان وعَبَيْثَرَان» هو نبت طيّب الرّائحة من نبت البادية. ويقال : عَبَوْثَرَان بالواو ، وتفتح العين وتضمّ.

(عبد) (ه) في حديث الاستسقاء «هؤلاء عِبِدَّاكَ بفناء حرمك» العِبِدَّا ، بالقصر والمدّ : جمع العَبْد ، كالعِبَاد والعَبِيد.

(ه) ومنه حديث عامر بن الطّفيل «أنه قال للنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : ما هذه العِبِدَّا حولك يا محمد» أراد فقراء أهل الصّفّة. وكانوا يقولون : اتّبعه الأرذلون.

وفي حديث عليّ «هؤلاء قد ثارت معهم عِبْدَانُكُم» هو جمع عَبْد أيضا.

(س) ومنه الحديث «ثلاثة أنا خصمهم : رجل اعْتَبَدَ محرّرا» وفي رواية «أَعْبَدَ محرّرا» أي اتخذه عَبْداً. وهو أن يعتقه ثم يكتمه إياه أو يعتقله بعد العتق فيستخدمه كرها ، أو يأخذ حرّا فيدّعيه عَبْدا ويتملّكه. يقال : أَعْبَدْتُهُ واعْتَبَدْتُه : أي اتّخذته عَبْدا. والقياس أن يكون أَعْبَدْتُه جعلته عبداً. ويقال : تَعَبَّدَه واسْتَعْبَدَه : أي صيّره كالعبد.

وفي حديث عمر في الفداء «مكان عَبْد عبد» كان من مذهب عمر فيمن سبي من العرب

__________________

(١) قال الهروى : «قال بعض أصحابنا : هو من العبّ. وقال الأزهرى : بل هو مأخوذ من العب ، وهو النور والضياء. ويقال : هذا عب الشمس ، وأصله : عبو الشمس».

في الجاهلية وأدركه الإسلام وهو عند من سباه أن يرد حرّا إلى نسبه ، وتكون قيمته عليه يؤدّيها إلى من سباه ، فجعل مكان كلّ رأس منهم رأسا من الرّقيق.

وأما قوله «وفي ابن الأمة عَبْدَان» فإنّه يريد الرجل العربي يتزوّج أمة لقوم فتلد منه ولدا ، فلا يجعله رقيقا ، ولكنّه يفدى بعَبْدَيْن. وإلى هذا ذهب الثّورىّ وابن راهويه ، وسائر الفقهاء على خلافه.

وفي حديث أبي هريرة «لا يقل أحدكم لمملوكه : عَبْدِي وأمتي ، وليقل : فتاي وفتاتي» هذا على نفي الاستكبار عليهم وأن ينسب عُبُودِيَّتَهُم إليه ، فإنّ المستحقّ لذلك الله تعالى هو ربّ العِبَاد كلهم والعَبِيد.

(ه) وفي حديث عليّ «وقيل له : أنت أمرت بقتل عثمان أو أعنت على قتله فَعَبِدَ وضَمِدَ». أي غضب غضب أنفة. يقال : عَبِدَ بالكسر يَعْبَدُ بالفتح عَبَداً بالتحريك ، فهو عَابِدٌ وعَبِدٌ.

(س) ومنه حديثه الآخر «عَبِدْتُ فصَمتُّ» أي أنفت فسكتّ.

(س) وفي قصّة العباس بن مرداس وشعره :

أتجعل نهبي ونهب العَبِي

د بين عيينة والأقرع

العَبِيد مصغرّا : اسم فرسه.

(عبر) فيه «الرّؤيا لأوّل عَابِر» يقال : عَبَرْتُ الرّؤيا أَعْبُرُها عَبْراً ، وعَبَّرْتُها تَعْبِيراً إذا أوّلتها وفسّرتها ، وخبّرت بآخر ما يؤول إليه أمرها ، يقال : هو عَابِر الرّؤيا ، وعَابِر للرّؤيا ، وهذه اللام تسمى لام التّعقيب ، لأنّها عقّبت الإضافة ، والعَابِر : الناظر في الشّيء. والمُعْتَبِر : المستدلّ بالّشيء على الشّيء.

ومنه الحديث «للرّؤيا كُنًى وأسماء فكنّوها بكناها واعْتَبِرُوها بأسمائها».

(ه) ومنه حديث ابن سيرين «كان يقول : إني أَعْتَبِرُ الحديث» المعنى فيه أنّه يُعَبِّرُ الرّؤيا على الحديث ، ويَعْتَبِرُ به كما يَعْتَبِرُها بالقرآن في تأويلها ، مثل أن يُعَبِّر الغراب بالرجل الفاسق ،

والضّلع بالمرأة ، لأنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم سمّى الغراب فاسقا ، وجعل المرأة كالضِّلْع ، ونحو ذلك من الكنى والأسماء.

وفي حديث أبي ذرّ «فما كانت صحف موسى؟ قال : كانت عِبَراً كلّها» العِبَر : جمع عِبْرَة ، وهي كالموعظة ممّا يتّعظ به الإنسان ويعمل به ويَعْتَبِرُ ، ليستدلّ به على غيره.

(ه) وفي حديث أم زرع «وعُبْرُ جارتها» أي أنّ ضرّتها ترى من عفّتها ما تَعْتَبِرُ به. وقيل : إنها ترى من جمالها ما يُعَبّر عينها : أي يبكيها. ومنه العين العَبْرى : أي الباكية. يقال عَبِرَ بالكسر واسْتَعْبَرَ.

ومنه حديث أبي بكر رضي‌الله‌عنه «أنه ذكر النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ثم اسْتَعْبَرَ فبكى» هو استفعل ، من العِبْرَة ، وهي تحلّب الدمع.

(ه) وفيه «أتعجز إحداكنّ أن تتّخذ تُوَمَتَيْن تلطخهما بِعَبِيرٍ أو زعفران» العَبِير : نوع من الطّيب ذو لون يجمع من أخلاط. وقد تكرر في الحديث.

(عبرب) (س) في حديث الحجّاج «قال لطبّاخه : اتّخذ لنا عَبْرَبِيَّة وأَكثِرْ فَيْجَنَها» العَبْرَب : السّمّاق. والفَيْجَن : السّذاب.

(عبس) في صفته صلى‌الله‌عليه‌وسلم «لا عَابِسٌ ولا مُفَنَّد» العَابِس : الكريه الملقى ، الجهم المحيّا. عَبَسَ يَعْبِسُ فهو عَابِس ، وعَبَّسَ فهو مُعَبِّس وعَبَّاس.

ومنه حديث قسّ.

يبتغي دفع بأس يوم عَبُوس

هو صفة لأصحاب اليوم : أي يوم يُعَبَّسُ فيه ، فأجراه صفة على اليوم ، كقولهم : ليل نائم : أي ينام فيه.

[ه] وفيه «أنه نظر إلى نعم بني فلان وقد عَبِسَتْ في أبوالها وأبعارها من السّمن» هو أن تجفّ على أفخاذها ، وذلك إنما يكون من كثرة الشّحم والسّمن. وإنما عدّاه بفي ، لأنه أعطاه معنى انغمست.

(ه س) ومنه حديث شريح «أنه كان يردّ (١) من العَبَس» يعنى العبد البوّال في فراشه إذا تعوّده وبان أثره على بدنه.

(عبط) [ه] فيه من اعْتَبَطَ مؤمنا قتلا فإنه قود» أي قتله بلا جناية كانت منه ولا جريرة توجب قتله ، فإنّ القاتل يقاد به ويقتل. وكلّ من مات بغير علّة فقد اعْتُبِطَ. ومات فلان عَبْطَةً : أي شابّا صحيحا. وعَبَطْتُ النّاقةَ واعْتَبَطْتُها إذا ذبحتها من غير مرض.

(س) ومنه الحديث «من قتل مؤمنا فاعْتَبَطَ بقتله لم يقبل الله منه صرفا ولا عدلا» هكذا جاء الحديث في سنن أبي داود. ثم قال في آخر الحديث : «قال خالد بن دهقان ـ وهو راوي الحديث ـ سألت يحيى بن يحيى الغسّاني عن قوله : «اعْتَبَطَ بقتله» قال : الّذين يقاتلون في الفتنة [فيقتل أحدهم](٢) فيرى أنه على هُدًى لا يستغفر الله منه» وهذا التفسير يدلّ على أنه من الغبطة بالغين المعجمة ، وهي الفرح والسّرور وحسن الحال ، لأنّ القاتل يفرح بقتل خصمه ، فإذا كان المقتول مؤمنا وفرح بقتله دخل في هذا الوعيد.

وقال الخطّابي «في معالم السنن» ، وشرح هذا الحديث فقال : اعْتَبَطَ قتله : أي قتله ظلما لا عن قصاص. وذكر نحو ما تقدّم في الحديث قبله ، ولم يذكر قول خالد ولا تفسير يحيى بن يحيى.

ومنه حديث عبد الملك بن عمير «مَعْبُوطَة نفسها» أي مذبوحة ، وهي شابّة صحيحة.

ومنه شعر أميّة :

من لم يمت عَبْطَة يمت هرما

للموت كأس والمرء ذائقها

(ه) وفيه «فقاءت لحما عَبِيطاً» العَبِيطُ : الطّريّ غير النّضيج.

ومنه حديث عمر «فدعا بلحم عَبِيط» أي طريّ غير نضيج ، هكذا روي وشرح.

__________________

(١) أى فى الرقيق ، كما ذكر الهروى.

(٢) تكملة لازمة من سنن أبى داود (باب فى تعظيم قتل المؤمن ، من كتاب الفتن) ٢ / ١٣٤ ط القاهرة ، ١٢٨٠ ه‍.

والّذي جاء في غريب الخطّابي على اختلاف نسخه «فدعا بلحم غليظ» بالغين والظاء المعجمتين ، يريد لحما خشنا عاسيا لا ينقاد في المضغ ، وكأنه أشبه.

(ه) وفيه «مُرِي بنيك لا يَعْبِطُوا ضروع الغنم» أي لا يشدّدوا الحلب فيعقروها ويدموها بالعصر ، من العَبِيط ، وهو الدّم الطّريّ ، ولا يستقصون حلبها حتى يخرج الدّم بعد اللّبن. والمراد : أن لا يَعْبِطُوها ، فحذف أن وأعملها مضمرة ، وهو قليل ، ويجوز أن تكون لا ناهية بعد أمر ، فحذف النون للنّهي.

(س) وفي حديث عائشة «قالت : فقد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم رجلا كان يجالسه فقالوا : اعْتَبَطَ ، فقال : قوموا بنا نعوده» كانوا يسمّون الوعك اعْتِبَاطاً. يقال : عَبَطَتْهُ الدّواهي إذا نالته.

(عبقر) (ه) فيه «فلم أر عَبْقَرِيّاً يفرى فريّه (١)» عَبْقَرِيّ القوم : سيّدهم وكبيرهم وقويّهم. والأصل في العَبْقَرِيّ ، فيما قيل ، أن عَبْقَر قرية يسكنها الجنّ فيما يزعمون ، فكلما رأوا شيئا فائقا غريبا ممّا يصعب عمله ويدقّ ، أو شيئا عظيما في نفسه نسبوه إليها فقالوا : عَبْقَرِيّ ، ثم اتّسع فيه حتى سمّي به السّيد الكبير.

[ه] ومنه حديث عمر «أنه كان يسجد على عَبْقَرِيّ» قيل : هو الدّيباج. وقيل : البسط الموشيّة. وقيل : الطّنافس الثّخان.

(س ه) وفي حديث عصام «عين الظّبية العَبْقَرَة» يقال : جارية عَبْقَرَة : أي ناصعة اللّون. ويجوز أن تكون واحدة العَبْقَر ، وهو النّرجس تشبّه به العين ، حكاه أبو موسى.

(عبل) (ه) في حديث الخندق «فوجدوا أَعْبِلَة» قال الهروي : الأَعْبَل والعَبْلَاء : حجارة بيض. قال الشاعر :

__________________

(١) أخرجه الهروى من قول النبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم يذكر عمر رضى الله عنه.

* كأنّما لأمتها الأَعْبَل (١) *

قال : والأَعْبِلَة : جمع على غير هذا الواحد.

(س) وفي صفة سعد بن معاذ رضي‌الله‌عنه «كان عَبْلاً من الرّجال» أي ضخما.

وفي حديث ابن عمر «فإنّ هناك سرحة لم تُعْبَل» أي لم يسقط ورقها. يقال عَبَلْتُ الشجرةَ عَبْلاً إذا أخذت ورقها ، وأَعْبَلَتِ الشجرةُ إذا طلع ورقها ، وإذا رمت به أيضا. والعَبَل : الورق.

وفي حديث الحديبية «وجاء عامر برجل من العَبَلَات» العَبَلَات بالتحريك : اسم أميّة الصّغرى من قريش. والنّسب إليهم : عَبْلِيّ ، بالسّكون ردّا إلى الواحد ، لأنّ أمّهم اسمها عَبْلَة. كذا قاله الجوهري.

وفي حديث عليّ «تكنّفتكم غوائله ، وأقصدتكم مَعَابِلُه» المَعَابِل : نصال عراض طوال ، الواحدة : مَعْبَلَة.

[ه] ومنه حديث عاصم بن ثابت :

تزلّ عن صفحتى المَعَابِل

وقد تكرر في الحديث.

(عبهل) (ه) في كتابه لوائل بن حجر «إلى الأقيال العَبَاهِلَة» هم الذين أقرّوا على ملكهم لا يزالون عنه. وكلّ شيء ترك لا يمنع مما يريد ولا يضرب على يديه فقد عَبْهَلْتَهُ. وعَبْهَلْتُ الإبلَ إذا تركتها ترد متى شاءت. وواحد العَبَاهِلَة : عَبْهَل ، والتاء لتأكيد الجمع ، كقشعم وقشاعمة. ويجوز أن يكون الأصل : عَبَاهِيل جمع عُبْهُول ، أو عِبْهَال ، فحذفت الياء وعوّض منها الهاء ، كما قيل : فرازنة ، في فرازين. والأوّل أشبه.

__________________

(١) صدره كما فى اللسان :

* والضرب في أقبال ملمومة *

(عبا) (س) فيه «لباسهم العَبَاء» هو ضرب من الأكسية ، الواحدة عَبَاءَة وعَبَايَة ، وقد تقع على الواحد ، لأنه جنس. وقد تكرّر في الحديث.

(باب العين مع التاء)

(عتب) فيه «كان يقول لأحدنا عند المَعْتِبَة : ما له تربت يمينه!» يقال : عَتَبَهُ يَعْتِبُه عَتْباً ، وعَتَبَ عليه يَعْتُبُ ويَعْتِبُ عَتْباً ومَعْتَباً. والاسم المَعْتِبَة ، بالفتح والكسر ، من الموجدة والغضب. والعِتَاب : مخاطبة الإدلال ومذاكرة الموجدة. وأَعْتَبَنِي فلانٌ إذا عاد إلى مسرّتي. واسْتَعْتَبَ : طلب أن يرضى عنه ، كما تقول : استرضيته فأرضاني. والمُعْتَب : المُرضى.

ومنه الحديث «لا يتمنّينّ أحدكم الموت ، إمّا محسنا فلعلّه يزداد ، وإمّا مسيئا فلعله يَسْتَعْتِبُ» أي يرجع عن الإساءة ويطلب الرّضا.

ومنه الحديث «ولا بعد الموت من مُسْتَعْتَب» أي ليس بعد الموت من استرضاء ، لأنّ الأعمال بطلت وانقضى زمانها. وما بعد الموت دار جزاء لا دار عمل.

(ه) ومنه الحديث «لا يُعَاتَبُون في أنفسهم» يعنى لعظم ذنوبهم وإصرارهم عليها. وإنما يُعَاتَبُ من ترجى عنده العُتْبَى : أي الرّجوع عن الذّنب والإساءة.

(س) وفيه «عَاتِبُوا الخيل فإنها تُعْتِبُ» أي أدّبوها وروّضوها للحرب والرّكوب ، فإنّها تتأدّب وتقبل العِتَاب.

وفي حديث سلمان رضي‌الله‌عنه «أنه عَتَّبَ سراويله فتشمّر» التَّعْتِيب : أن تجمع الحجزة وتطوى من قدّام.

(س) وفي حديث عائشة رضي‌الله‌عنها «إنّ عَتَبَات الموت تأخذها» أي شدائده. يقال حمل فلان فلانا على عَتَبَة : أي على أمر كريه من الشّدة والبلاء.

(س) وفي حديث ابن النّحّام «قال لكعب بن مرّة ، وهو يحدّث بدرجات المجاهد : ما الدّرجة؟ فقال : أما إنها ليست بِعَتَبَةِ أمّك» العَتَبَة في الأصل : أسكفّة الباب. وكلّ مرقاة

من الدّرج : عَتَبَة : أي أنها ليست بالدّرجة التي تعرفها في بيت أمّك. فقد روي «أنّ ما بين الدّرجتين كما بين السماء والأرض».

وفي حديث الزّهرىّ : «قال في رجل أنعل دابّة رجل فعَتَبَتْ» أي غمزت. يقال منه عَتَبَتْ تَعْتِبُ وتَعْتُبُ عَتَبَاناً إذا رفعت يدا أو رجلا ومشت على ثلاث قوائم. وقالوا : هو تشبيه ، كأنها تمشي على عَتَبَاتِ الدّرج فتنزو من عَتَبَة إلى عَتَبَة. ويروى «عَنِتَتْ» بالنون وسيجيء.

وفي حديث ابن المسيّب «كلّ عظم كسر ثم جبر غير منقوص ولا مُعْتَب فليس فيه إلّا إعطاء المداوي ، فإن جبر وبه عَتَبٌ فإنه يقدّر متبه بقيمة أهل البصر» العَتَب بالتحريك : النقص وهو إذا لم يحسن جبره وبقي فيه ورم لازم ، أو عرج. يقال في العظم المجبور : أُعْتِبَ فهو مُعْتَب. وأصل العَتَب : الشّدة.

(عتت) (ه) في حديث الحسن «أنّ رجلا حلف أيمانا فجعلوا يُعَاتُّونَه ، فقال : عليه كفّارة» أي يرادّونه في القول ويلحّون عليه فيكرّر الحلف. يقال : عَتَّهُ يَعُتُّه عَتّاً ، وعَاتَّهُ عِتَاتاً إذا ردّ عليه القول مرّة بعد مرة.

(عتد) (ه) فيه «أنّ خالد بن الوليد رضي‌الله‌عنه جعل رقيقه وأَعْتُدَهُ حبسا في سبيل الله» الأَعْتُدُ : جمع قلّة للعَتَاد ، وهو ما أعدّه الرجل من السّلاح والدّواب وآلة الحرب. وتجمع على أَعْتِدَة أيضا.

وفي رواية «أنه احتبس أدراعه وأَعْتَاده».

قال الدارقطني : قال أحمد بن حنبل : قال علىّ بن حفص «وأَعْتَادَه» وأخطأ فيه وصحّف ، وإنما هو «وأَعْتُدَه» والأدراع : جمع درع ، وهى الزّرديّة.

وجاء في رواية «أعبده» بالباء الموحدة ، جمع قلّة للعبد.

وفي معنى الحديث قولان : أحدهما أنه كان قد طولب بالزّكاة عن أثمان الدّروع والأَعْتُدِ ، على معنى أنها كانت عنده للتّجارة ، فأخبرهم النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه لا زكاة عليه فيها ، وأنّه قد جعلها حبسا في سبيل الله. والثاني أن يكون اعتذر لخالد ودافع عنه. يقول : إذا كان خالد قد جعل

أدراعه وأَعْتُدَه في سبيل الله تبرّعا وتقرّبا إلى الله وهو غير واجب عليه ، فكيف يستجيز منع الصّدقة الواجبة عليه!

(ه) وفي صفته عليه‌السلام «لكلّ حال عنده عَتَاد» أي ما يصلح لكلّ ما يقع من الأمور.

وفي حديث أم سليم «ففتحت عَتِيدَتَها» هي كالصّندوق الصغير الذي تترك فيه المرأة ما يعزّ عليها من متاعها.

(س) وفي حديث الأضحية «وقد بقي عندي عَتُود» هو الصّغير من أولاد المعز إذا قوي ورعى وأتى عليه حول. والجمع : أَعْتِدَة.

ومنه حديث عمر ، وذكر سياسته فقال : «وأضمّ العَتُود» أي أردّه إذا ندّ وشرد.

(عتر) [ه] فيه «خلّفت فيكم الثّقلين ، كتاب الله وعِتْرَتِي» عِتْرَة الرجل : أخصّ أقاربه. وعِتْرَة النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : بنو عبد المطّلب. وقيل : أهل بيته الأقربون ، وهم أولاده وعلىّ وأولاده. وقيل : عِتْرَتُه الأقربون والأبعدون منهم.

[ه] ومنه حديث أبي بكر رضي‌الله‌عنه «نحن عِتْرَة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وبيضته التي تفقّأت عنهم!!» لأنهم كلّهم من قريش.

(ه) ومنه حديثه الآخر «قال للنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم حين شاور أصحابه في أسارى بدر : عِتْرَتُك وقومك» أراد بعِتْرَتِه العبّاس ومن كان فيهم من بني هاشم ، وبقومه قريشا. والمشهور المعروف أن عِتْرَتَهُ أهل بيته الذين حرّمت عليهم الزكاة.

(س) وفيه «أنه أُهْدِيَ إليه عِتْرٌ» العِتْر : نبت ينبت متفرّقا ، فإذا طال وقطع أصله خرج منه شبه اللّبن. وقيل هو المرزجوش (١).

(س) وفي حديث آخر «يفلغ رأسي كما تفلغ العِتْرَة» هي واحدة العِتْر. وقيل هي شجرة العرفج.

__________________

(١) فى الأصل واللسان : «المرزنجوش» والمثبت من ا والمعرّب للجواليقى ص ٨٠ ، ٣٠٩ ، وقال الشيخ أحمد شاكر فى تعليقه على المعرّب : ويقال : المرزنجوش ، بالنون أيضا.

ومنه حديث عطاء «لا بأس أن يتداوى المحرم بالسّنا والعِتْر».

(ه) وفيه ذكر «العِتْر» وهو جبل بالمدينة من جهة القبلة.

(ه) وفيه «على كل مسلم أضحاة وعُتَيْرَة» كان الرجل من العرب ينذر النّذر ، يقول : إذا كان كذا وكذا ، أو بلغ شاؤه كذا فعليه أن يذبح من كل عشرة منها في رجب كذا. وكانوا يسمّونها العَتَائِر. وقد عَتَرَ يَعْتِرُ عَتْراً إذا ذبح العَتِيرَة. وهكذا كان في صدر الإسلام وأوّله ، ثم نسخ. وقد تكرر ذكرها في الحديث.

قال الخطّابي : العَتِيرَة تفسيرها في الحديث أنها شاة تذبح في رجب. وهذا هو الذي يشبه معنى الحديث ويليق بحكم الدّين. وأما العَتِيرَة التي كانت تَعْتِرُهَا الجاهلية فهي الذّبيحة التي كانت تذبح للأصنام ، فيصبّ دمها على رأسها.

(عترس) (ه) في حديث ابن عمر «قال : سرقت عيبة لي ومعنا رجل يتّهم ، فاستعديت عليه عمر ، وقلت : لقد أردت أن آتي به مصفودا ، فقال : تأتيني به مصفودا تُعَتْرِسُهُ» أي تقهره من غير حكم أوجب ذلك. والعَتْرَسَة : الأخذ بالجفاء والغلظة.

ويروى «تأتيني به بغير بيّنة» وقيل : إنّه تصحيف «تُعَتْرِسُهُ» وأخرجه الزّمخشري عن عبد الله ابن أبي عمّار أنه قال لعمر (١).

(ه) ومنه حديث عبد الله «إذا كان الإمام تخاف عَتْرَسَتَهُ فقل : اللهم ربّ السّماوات السّبع وربّ العرش العظيم كن لي جارا من فلان».

(عترف) (ه) فيه «أنه ذكر الخلفاء بعده فقال : «أوّه لفراخ محمّد من خليفة يستخلف ، عِتْرِيفٍ مُتْرَفٍ ، يقتل خَلَفي وخَلَف الخَلَف» العِتْرِيف : الغاشم الظّالم. وقيل : الدّاهي الخبيث. وقيل : هو قلب العفريت ، الشّيطان الخبيث.

قال الخطّابي : قوله «خَلَفي» يتأوّل على ما كان من يزيد بن معاوية إلى الحسين بن عليّ وأولاده الذين قتلوا معه. وخَلَف الخَلَف ما كان منه يوم الحرّة على أولاد المهاجرين والأنصار.

(عتق) (ه) فيه «خرجت أمّ كلثوم بنت عقبة وهي عَاتِق فقبل هجرتها» العَاتِق :

__________________

(١) وأخرجه الهروى من حديث عمرو ، وقد جاء عمر بخصمه.

الشّابّة أوّل ما تدرك. وقيل : هي الّتي لم تبن من والديها ولم تزوّج ، وقد أدركت وشبّت ، وتجمع على العُتَّق والعَوَاتِق.

(س) ومنه حديث أمّ عطيّة «أمرنا أن نخرج في العيدين الحُيَّض والعُتَّق» وفي رواية «العَوَاتِق» يقال : عَتَقَتِ الجاريةُ فهي عَاتِق ، مثل حاضت فهي حائض. وكلّ شيء بلغ إناه فقد عَتُقَ : والعَتِيق : القديم.

(س) ومنه الحديث «عليكم بالأمر العَتِيق» أي القديم الأوّل. ويجمع على عِتَاق ، كشريف وشراف.

(س) ومنه حديث ابن مسعود «إنهنّ من العِتَاق الأُوَل ، وهنّ من تلادي» أراد بالعِتَاق الأول السّور التي أنزلت أوّلا بمكة ، وأنها من أوّل ما تعلّمه من القرآن.

وفيه «لن يجزي ولد والده إلا أن يجده مملوكا فيشتريه فيُعْتِقَه» يقال : أَعْتَقْتُ العبدَ أُعْتِقُه عِتْقاً وعَتَاقَة ، فهو مُعْتَق. وأنا مُعْتِق. وعَتَقَ هو فهو عَتِيق : أي حرّرته فصار حرّا. وقد تكرر ذكره في الحديث.

وقوله «فيُعْتِقَه» ليس معناه استئناف العِتْق فيه بعد الشّراء ، لأنّ الإجماع منعقد على أنّ الأب يَعْتِقُ على الإبن إذا ملكه في الحال ، وإنما معناه أنه إذا اشتراه فدخل في ملكه عَتَقَ عليه ، فلما كان الشّراء سببا لعِتْقِهِ أضيف العِتْق إليه. وإنما كان هذا جزاء له لأنّ العِتْق أفضل ما ينعم به أحد على أحد إذ (١) خلّصه بذلك من الرّق ، وجبر به النّقص الذي فيه ، وتكمل له أحكام الأحرار في جميع التّصرّفات.

وفي حديث أبي بكر «أنه سمّي عَتِيقاً لأنه أُعْتِقَ من النّار» سمّاه به النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم لمّا أسلم. وقيل : كان اسمه عَتِيقاً ، والعَتِيق : الكريم الرّائع من كلّ شيء.

(عتك) (ه) فيه «أنه قال : أنا ابن العَوَاتِك من سليم» العَوَاتِك : جمع عَاتِكَة. وأصل العَاتِكَة المتضمّخة بالطّيب. ونخلة عَاتِكَة : لا تَأْتَبِر.

__________________

(١) فى الأصل وا : «إذا» والمثبت من اللسان.

والعَوَاتِك : ثلاث نسوة كنّ من أمّهات النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : إحداهنّ : عَاتِكَة بنت هلال بن فالج بن ذكوان ، وهي أمّ عبد مناف بن قصىّ. والثانية : عَاتِكَة بنت مرّة بن هلال ابن فالج بن ذكوان ، وهي أمّ هاشم بن عبد مناف ، والثالثة : عَاتِكَة بنت الأوقص بن مرّة بن هلال ، وهي أمّ وهب أبي آمنة أمّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم. فالأولى من العَوَاتِك عمّة الثانية ، والثانية عمّة الثّالثة. وبنو سليم تفخر بهذه الولادة.

ولبني سليم مفاخر أخرى : منها أنّها ألّفت معه يوم فتح مكة : أي شهده منهم ألف ، وأن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قدّم لواءهم يومئذ على الالوية ، وكان أحمر. ومنها أنّ عمر رضى الله عنه كتب إلى أهل الكوفة والبصرة ومصر والشّام : أن ابعثوا إلىّ من كلّ بلد أفضله رجلا ، فبعث أهل الكوفة عتبة بن فرقد السّلمي ، وبعث أهل البصرة مجاشع بن مسعود السّلمي ، وبعث أهل مصر معن بن يزيد السّلمي ، وبعث أهل الشّام أبا الأعور السّلمي.

(عتل) (س) فيه «أنه قال لعتبة بن عبد : ما اسمك؟ قال : عَتَلَة ، قال : بل أنت عتبة» كأنه كره العَتَلَة لما فيها من الغلظة والشّدّة ، وهي عمود حديد يهدم به الحيطان. وقيل : حديدة كبيرة يقلع بها الشّجر والحجر.

(س) ومنه حديث هدم الكعبة «فأخذ ابن مطيع العَتَلَة» ومنه اشتقّ العُتُلُ ، وهو الشّديد الجافي ، والفظّ الغليظ من النّاس.

(عتم) (ه) فيه «يغلبنّكم الأعراب على اسم صلاتكم العشاء ، فإنّ اسمها في كتاب الله العشاء ، وإنما يُعْتَمُ بحلاب الإبل» قال الأزهري : أرباب النّعم في البادية يريحون الإبل ثم ينيخونها في مراحها حتى يُعْتِمُوا : أي يدخلوا في عَتَمَةِ اللّيل وهي ظلمته. وكانت الأعراب يسمّون صلاة العشاء صلاة العَتَمَة ، تسمية بالوقت ، فنهاهم عن الاقتداء بهم ، واستحبّ لهم التّمسّك بالاسم النّاطق به لسان الشّريعة.

وقيل : أراد لا يغرّنّكم فعلهم هذا فتؤخّروا صلاتكم ، ولكن صلّوها إذا حان وقتها.

ومنه حديث أبي ذرّ رضي‌الله‌عنه «واللّقاح قد روّحت وحلبت عَتَمَتُهَا» أي حلبت

ما كانت تحلب وقت العَتَمَة ، وهم يسمّون الحلاب عَتَمَة باسم الوقت. وأَعْتَمَ : إذا دخل في العَتَمَة. وقد تكرر ذكر العَتَمَة والإِعْتَام والتَّعْتِيم في الحديث.

(ه) وفيه «أنّ سلمان رضي‌الله‌عنه غرس كذا وكذا ودية والنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم يناوله وهو يغرس ، فما عَتَّمَتْ منها وديّة» أي ما أبطأت أن علقت (١) ، يقال : أَعْتَمَ الشيءَ وعَتَّمَهُ إذا أخّره. وعَتَمَتِ الحاجةُ وأَعْتَمَتْ إذا تأخّرت.

(س) وفي حديث عمر «نهى عن الحرير إلّا هكذا وهكذا ، فما عَتَّمَنَا[أنه](٢) يعنى الأعلام» أي ما أبطأنا عن معرفة ما عنى وأراد.

(س) وفي حديث أبي زيد الغافقىّ «الأسوكة ثلاثة : أراك ، فإن لم يكن ، فعَتَمٌ أو بطم (٣)» العَتَم بالتحريك : الزيتون ، وقيل : شيء يشبهه.

(عته) فيه : «رفع القلم عن ثلاثة : عن الصّبيّ والنائم والمَعْتُوه» هو المجنون المصاب بعقله. وقد عُتِهَ فهو مَعْتُوه.

(عتا) فيه : «بئس العبد عبد عَتَا وطغى» العُتُوّ : التّجبّر والتّكبرّ. وقد عَتَا يَعْتُو عُتُوّاً فهو عَاتٍ. وقد تكرر في الحديث.

وفي حديث عمر رضي‌الله‌عنه «بلغه أن ابن مسعود يقرئ الناس «عَتَّى حينٍ» يريد (حَتَّى حِينٍ) ، فقال : إنّ القرآن لم ينزل بلغة هذيل ، فأقرئ النّاس بلغة قريش» كلّ العرب يقولون : حتّى ، إلا هذيلا وثقيفا فإنهم يقولون : عَتَّى.

(باب العين مع الثاء)

(عثث) (ه) في حديث الأحنف «بلغه أن رجلا يغتابه فقال :

* عُثَيْثَة تقرض جلدا أملسا *

عُثَيْثَة : تصغير عُثَّة ، وهي دويبّة تلحس الثّياب والصّوف ، وأكثر ما تكون في الصّوف ،

__________________

(١) فى الهروى : «ما أخطأت حتى علقت».

(٢) من ا واللسان.

(٣) البطم ، بالضم وبضمتين : الحبة الخضراء ، أو شجرها.

والجمع : عُثّ ، وهو مثل يضرب للرّجل يجتهد أن يؤثّر في الشيء فلا يقدر عليه.

ويروى «تقرم» بالميم ، وهو بمعنى تقرض.

(عثر) (س) فيه «لا حليم إلّا ذو عَثْرَة» أي لا يحصل له الحلم ويوصف به حتى يركب الأمور وتنخرق عليه ويَعْثُرُ فيها ، فيعتبر بها ويستبين مواضع الخطأ فيتجنّبها. ويدل عليه قوله بعده : «ولا حكيم إلا ذو تجربة». والعَثْرَة : المرّة من العِثَار في المشي.

(س) ومنه الحديث «لا تبدأهم بالعَثْرَة» أي بالجهاد والحرب ، لأن الحرب كثيرة العِثَار فسماها بالعَثْرَة نفسها ، أو على حذف المضاف : أي بذى العَثْرَة. يعنى ادعهم إلى الإسلام أوّلا ، أو الجزية ، فإن لم يجيبوا فبالجهاد.

(ه) وفيه «أنّ قريشا أهل أمانة ، من بغاها العَوَاثِيرَ كبّه الله لمنخريه» ويروى «العَوَاثِر» العَوَاثِير : جمع عَاثُور ، وهو المكان الوعث الخشن ، لأنه يُعْثَرُ فيه. وقيل : هو حفرة تحفر ليقع فيها الأسد وغيره فيصاد. يقال : وقع فلان في عَاثُورِ شرٍّ ، إذا وقع في مهلكة ، فاستعير للورطة والخطّة المهلكة. وأما العَوَاثِر فهي جمع عَاثِر ، وهي حبالة الصائد ، أو جمع عَاثِرَة ، وهي الحادثة التي تَعْثُر بصاحبها ، من قولهم : عَثَرَ بهم الزمان ، إذا أخنى عليهم.

(س) وفي حديث الزكاة «ما كان بعلا أو عَثَرِيّاً ففيه العشر» هو من النّخيل الذي يشرب بعروقه من ماء المطر يجتمع في حفيرة ، وقيل : هو العذى. وقيل : هو ما يسقى سيحا. والأوّل أشهر.

(ه) وفيه «أبغض الناس إلى الله تعالى العَثَرِيّ» قيل : هو الذي ليس في أمر الدنيا ولا أمر الآخرة ، يقال : جاء فلان عَثَرِيّاً إذا جاء فارغا. وقيل : هو من عَثَرِيِ النخل ، سمّى به لأنه لا يحتاج في سقيه إلى تعب بدالية وغيرها ، كأنه عَثَرَ على الماء عَثْراً بلا عمل من صاحبه ، فكأنه نسب إلى العَثْر ، وحركة الثاء من تغييرات النّسب.

(س) وفيه «أنه مرّ بأرض تسمّى عَثِرَة ، فسمّاها خضرة» العَثِرَة : من العَثِير وهو الغبار والياء زائدة. والمراد بها الصّعيد الذي لا نبات فيه.

(س) ومنه الحديث «هي أرض عِثْيرَة».

وفي قصيد كعب بن زهير :

مِنْ خادِرٍ من لُيُوث الأُسْدِ مَسْكنُهُ (١) ببطن عَثَّرَ غِيلٌ دُونَه غِيلُ

عَثَّرَ ـ بوزن قَدَّم ـ : اسم موضع تنسب إليه الأسد.

(عثعث) (ه) في حديث عليّ رضي‌الله‌عنه «ذاك زمان العَثَاعِث» أي الشّدائد ، من العَثْعَثَة : الإفساد. والعَثْعَث : ظهر الكثيب لا نبات فيه. وبالمدينة جبل يقال له : عَثْعَث. ويقال له أيضا : سليع ، تصغير سلع.

(عثكل) (ه) فيه «خذوا عِثْكَالاً فيه مائة شمراخ فاضربوه به ضربة» العِثْكَال : العذق من أعذاق النّخل الذي يكون فيه الرّطب. يقال : عِثْكَال وعُثْكُول. وإثكال وأثكول.

(عثم) (ه) في حديث النّخعىّ «في الأعضاء إذا انجبرت على غير عَثْم صلح ، وإذا انجبرت على عَثْم الدية» يقال : عَثَمْتُ يدَه فَعَثَمَتْ إذا جبرتها على غير استواء ، وبقي فيها شيء لم ينحكم. ومثله من البناء : رجعته فرجع ، ووقفته فوقف. ورواه بعضهم : «عثل» باللام ، وهو بمعناه.

[ه] وفي شعر النابغة الجعدى يمدح ابن الزبير :

أتاك أبو ليلى يجوب به الدّجى

دجى الليل جوّاب الفلاة عَثَمْثَم

هو الجمل القوي الشّديد.

(عثن) (ه) في حديث الهجرة وسراقة «وخرجت قوائم دابّته ولها عُثَانٌ» أي دخان ، وجمعه : عَوَاثِن ، على غير قياس.

(ه) وفيه «أنّ مسيلمة لمّا أراد الإعراس بسجاح قال : عَثِّنُوا لها» أي بخّروا لها البخور.

(س) وفيه «وفّروا العَثَانِين» هي جمع عُثْنُون ، وهي اللّحية.

__________________

(١) الرواية فى شرح ديوانه ص ٢١ :

من ضيغم من ضراء الاُسد مخدره

(باب العين مع الجيم)

(عجب) (ه) فيه «عَجِبَ ربُّك من قوم يساقون إلى الجنة في السّلاسل» أي عظم ذلك عنده وكبر لديه. أعلم الله تعالى أنه إنما يَتَعَجَّبُ الآدمىّ من الشّيء إذا عظم موقعه عنده وخفي عليه سببه ، فأخبرهم بما يعرفون ليعلموا موقع هذه الأشياء عنده.

وقيل : معنى عَجِبَ ربُّك : أي رضي وأثاب ، فسمّاه عجبا مجازا ، وليس بِعَجَبٍ في الحقيقة. والأوّل الوجه.

ومنه الحديث «عَجِبَ ربُّك من شابّ ليست له صبوة».

[ه] والحديث الآخر «عَجِبَ ربُّكم من إلّكم وقنوطكم» وإطلاق التَّعَجُّب على الله مجاز ، لأنه لا تخفى عليه أسباب الأشياء. والتَّعَجُّب ممّا خفي سببه ولم يعلم.

(ه) وفيه «كلّ ابن آدم يبلى إلّا العَجْب» وفي رواية «إلّا عَجْبَ الذّنبِ» العَجْب بالسكون : العظم الذي في أسفل الصّلب عند العجز ، وهو العسيب من الدّواب.

(عجج) (ه) فيه «أفضل الحجّ العَجِ والثّجّ» العَجّ : رفع الصّوت بالتّلبية ، وقد عَجَ يَعِجُ عَجّاً ، فهو عَاجّ وعَجَّاج.

ومنه الحديث «إنّ جبريل أتى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : كنّ عَجَّاجا ثجّاجا».

(س) ومنه الحديث «من وحّد الله في عَجَّتِهِ وجبت له الجنة» أي من وحّده علانية برفع صوته.

ومنه الحديث «من قتل عصفورا عبثا عَجَ إلى الله يوم القيامة».

وفي حديث الخيل «إن مرّت بنهر عَجَّاج فشربت منه كتبت له حسنات» أي كثير الماء ، كأنه يَعِجُ من كثرته وصوت تدفّقه (ه) وفيه «لا تقوم الساعة حتى يأخذ الله شريطته من أهل الأرض ، فيبقى عَجَاجٌ لا يعرفون معروفا ، ولا ينكرون منكرا» العَجَاج : الغوغاء والأراذل ومن لا خير فيه. واحدهم : عَجَاجَة.

(عجر) (ه) في حديث أمّ زرع «إن أذكره أذكر عُجَرَه وبُجَرَه» العُجَر : جمع عُجْرَة ، وهي الشيء يجتمع في الجسد كالسّلعة والعقدة.

وقيل : هي خرز الظّهر أرادت ظاهر أمره وباطنه ، وما يظهره وما يخفيه ، وقيل : أرادت عيوبه.

(ه) ومنه حديث عليّ «إلى الله أشكو عُجَرَى وبُجَرَى» أي همومي وأحزاني. وقد تقدّم مبسوطا في حرف الباء.

وفي حديث عيّاش ابن أبي ربيعة لمّا بعثه إلى اليمن «وقضيب ذو عُجَر كَأنه من خيزران» أي ذو عقد.

وفي حديث عبيد الله بن عديّ بن الخيار «جاء وهو مُعْتَجِر بعمامته ما يرى وحشىّ منه إلّا عينيه ورجلية» الاعْتِجَار بالعمامة : هو أن يلفّها على رأسه ويردّ طرفها على وجهه ، ولا يعمل منها شيئا تحت ذقنه.

(ه) ومنه حديث الحجّاج «أنه دخل مكة وهو مُعْتَجِرٌ بعمامة سوداء».

(عجز) (س) فيه «لا تَدَبَّروا أَعْجَاز أمور قد ولّت صدورها» الأَعْجَاز جمع عَجُزٍ وهو مؤخّر الشّيء يريد بها أواخر الأمور ، وصدورها أوائلها ، يحرّض على تدبّر عواقب الأمور قبل الدّخول فيها ، ولا تتبع عند تولّيها وفواتها.

(ه) ومنه حديث عليّ «لنا حقّ إن نعطه نأخذه ، وإن نمنعه نركب أَعْجَاز الإبل وإن طال السّرى» الرّكوب على أَعْجَاز الإبل شاقّ : أي إن منعنا حقّنا ركبنا مركب المشقّة صابرين عليها وإن طال الأمد.

وقيل : ضرب أَعْجَاز الإبل مثلا لتأخّره عن حقّه الذي كان يراه له وتقدّم غيره عليه ، وأنه يصبر على ذلك وإن طال أمده : أي إن قدّمنا للإمامة تقدّمنا ، وإن أخّرنا صبرنا على الأثرة وإن طالت الأيام.

وقيل : يجوز أن يريد : وإن نمنعه نبذل الجهد في طلبه ، فعل من يضرب فى ابتغاء طلبته

أكباد الإبل ولا يبالي باحتمال طول السّرى. والأوّلان الوجه لأنه سلّم وصبر على التأخّر ولم يقاتل. وإنما قاتل بعد انعقاد الإمامة له.

(س) وفي حديث البراء «أنه رفع عَجِيزَتَه في السّجود» العَجِيزَة : العَجُز ، وهي للمرأة خاصّة فاستعارها للرجل.

(س) وفيه «إيّاكم والعُجُزَ العقر» العُجُز : جمع عَجُوز وعَجُوزَة (١) وهي المرأة المسنّة ، وتجمع على عَجَائِز. والعُقُرُ : جمع عاقر ، وهي التي لا تلد.

(س) وفي حديث عمر «ولا تُلِثّوا بدار مَعْجِزَة» أي لا تقيموا في موضع تَعْجِزُون فيه عن الكسب. وقيل بالثّغر مع العيال. والمَعْجَزَة ـ بفتح الجيم وكسرها ـ مفعلة ، من العَجْز : عدم القدرة.

ومنه الحديث «كلّ شيء بقدر حتى العَجْزُ والكيس» وقيل : أراد بالعَجْز ترك ما يجب فعله بالتّسويف ، وهو عامّ في أمور الدّنيا والدّين.

وفي حديث الجنة «ما لي لا يدخلني إلّا سَقَط النّاس وعَجَزُهُم» جمع عَاجِز ، كخادم وخدم. يريد الأغبياء العَاجِزِين في أمور الدّنيا.

(س) وفيه «أنه قدم على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم صاحب كسرى فوهب له مِعْجَزَة ، فسمّي ذا المِعْجَزَة» هي بكسر الميم : المنطقة بلغة اليمن ، سمّيت بذلك لأنها تلي عَجُزَ المتنطّق.

(عجس) (س) في حديث الأحنف : «فيَتَعَجَّسُكُم في قريش» أي يتتبّعكم.

(عجف) (ه) في حديث أم معبد «تسوق أعنزا عِجَافا» جمع عَجْفَاء ، وهي المهزولة من الغنم وغيرها.

ومنه الحديث «حتى إذا أَعْجَفَها ردّها فيه» أي أهزلها.

(عجل) (ه) في حديث عبد الله بن أنيس «فأسندوا إليه في عَجَلَة من نخل» هو أن ينقر الجذع ويجعل فيه مثل الدّرج ليصعد فيه إلى الغرف وغيرها. وأصل العَجَلَة : خشبة معترضة على البئر ، والغرب معلّق بها.

__________________

(١) قال فى القاموس : «العجوز : الشيخ والشيخة. ولا تقل عجوزة ، أو هى لغيّة رديئة».

(ه) وفي حديث خزيمة «ويحمل الرّاعي العُجَالَة» هي لبن يحمله الرّاعي من المرعى إلى أصحاب الغنم قبل أن تروح عليهم.

قال الجوهرى : «هي الإِعْجَالَة (١) والعُجَالَة بالضم : ما تَعَجَّلته من شيء».

وفيه ذكر «العَجُول» هي بفتح العين وضم الجيم : ركيّة بمكّة حفرها قصىّ.

(عجم) (ه) فيه «العَجْمَاء جُرْحُها جُبَار» العَجْمَاء : البهيمة ، سمّيت به لأنّها لا تتكلم. وكلّ ما لا يقدر على الكلام فهو أَعْجَم ومُسْتَعْجم.

(س) ومنه الحديث «بعدد كلّ فصيح وأَعْجَم» قيل : أراد بعدد كلّ آدميّ وبهيمة.

ومنه الحديث «إذا قام أحدكم من اللّيل فاسْتُعْجِمَ القرآنُ على لسانه» أي أُرْتِجَ عليه فلم يقدر أن يقرأ ، كأنه صار به عُجْمَة.

(ه) ومنه حديث ابن مسعود «ما كنا نَتَعَاجَمُ أنّ مَلَكا ينطق على لسان عمر» أي ما كنا نكني ونورّي. وكل من لم يفصح بشيء فقد أَعْجَمَه.

(ه) ومنه حديث الحسن «صلاة النهار عَجْمَاء» لأنّها لا تسمع فيها قراءة.

وفي حديث عطاء «وسئل عن رجل ألهز رجلا فقطع بعض لسانه فَعَجُمَ كلامه ، فقال : يعرض كلامه على المُعْجَم ، فما نقص كلامه منها قسمت عليه الدّية» المُعْجَم : حروف ا ب ت ث ، سمّيت بذلك من التَّعْجِيم ، وهو إزالة العُجْمَة بالنّقط.

(ه) وفي حديث أم سلمة «نهانا أن نَعْجُمَ النّوى طبخا» هو أن يبالغ في نضجه حتى يتفتّت وتفسد قوّته التي يصلح معها للغنم. والعَجَم ـ بالتّحريك ـ : النّوى.

وقيل : المعنى أن التّمر إذا طبخ لتؤخذ حلاوته طبخ عفوا حتى لا يبلغ الطبخ النّوى ولا يؤثّر فيه تأثير من يَعْجُمُه : أي يلوكه ويعضّه ، لأنّ ذلك يفسد طعم الحلاوة ، أو لأنه قوت للدّواجن فلا ينضج لئلّا تذهب طعمته.

__________________

(١) وعبارته فى الصحاح : «والإعجالة : ما يعجّله الراعى من اللبن إلى أهله قبل الحلب».

(ه) وفي حديث طلحة «قال لعمر رضي‌الله‌عنهما : لقد جرّستك الدّهور وعَجَمَتْك الأمور» (١) أي خبرتك ، من العَجْم : العضّ. يقال : عَجَمْتُ العودَ إذا عضضته لتنظر أصلب هو أم رخو.

(ه) ومنه حديث الحجّاج «إنّ أمير المؤمنين نكب كنانته فعَجَمَ عيدانها عودا عودا».

[ه] وفيه «حتى صعدنا إحدى عُجْمَتَيْ بدر» العُجْمَة بالضم من الرّمل : المشرف على ما حوله.

(عجن) (س) فيه «إن الشيطان يأتي أحدكم فينقر عند عِجَانِهِ» العِجَان : الدّبر. وقيل ما بين القبل والدّبر.

ومنه حديث عليّ «أنّ أعجميّا عارضه فقال : اسكت يا ابن حمراء العِجَان» هو سبّ كان يجري على ألسنة العرب.

(س) وفي حديث ابن عمر «أنه كان يَعْجِنُ في الصّلاة ، فقيل له : ما هذا؟ فقال : رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يَعْجِنُ في الصّلاة» أي يعتمد على يديه إذا قام ، كما يفعل الذي يَعْجِنُ العَجِينَ.

(عجا) (ه) فيه أنه قال : «كنت يتيما ولم أكن عَجِيّاً» هو الذي لا لبن لأمّه ، أو ماتت أمّه فعلّل بلبن غيرها ، أو بشيء آخر فأورثه ذلك وهنا. يقال : عَجَا الصّبيَ يَعْجُوه إذا علله بشيء ، فهو عَجِيٌ وهو يَعْجَى عَجاً. ويقال للّبن الذي يُعَاجَى به الصّبيُّ : عُجَاوَة.

(ه) ومنه حديث الحجاج «أنه قال لبعض الأعراب : أراك بصيرا بالزّرع ، فقال : إني طال ما عَاجَيْتُه وعَاجَانِي» أي عانيته وعالجته.

وفيه «العَجْوَة من الجنة» وقد تكرر ذكرها في الحديث. وهو نوع من تمر المدينة أكبر من الصّيحانيّ يضرب إلى السّواد من غرس النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

__________________

(١) فى الهروى واللسان : «وعجمتك البلايا».

وفي قصيد كعب :

سمر العُجَايَات يتركن الحصى زيما

لم يقهنّ رؤس الأكم تنعيل

هي أعصاب قوائم الإبل والخيل ، واحدتها : عُجَايَة.

(باب العين مع الدال)

(عدد) (ه) فيه «إنّما أقطعته الماء العِدّ» أي الدّائم الذي لا انقطاع لمادّته ، وجمعه : أَعْدَاد.

ومنه الحديث «نزلوا أَعْدَادَ مياه الحديبية» أي ذوات المادّة ، كالعيون والآبار.

[ه] وفيه «ما زالت أكلة خيبر تُعَادُّنِي» أي تراجعني ويعاودني ألم سمّها في أوقات معلومة. ويقال : به عِدَاد من ألم يعاوده في أوقات معلومة. والعِدَاد اهتياج وجع اللّديغ ، وذلك إذا تمّت له سنة من يوم لدغ هاج به الألم.

وفيه «فيَتَعَادّ بنو الأمّ كانوا مائة ، فلا يجدون بقي منهم إلا الرجل الواحد» أي يَعُدّ بعضهم بعضا.

(س) ومنه حديث أنس رضي‌الله‌عنه «إنّ ولدي لَيَتَعَادُّون مائة أو يزيدون عليها» وكذلك يَتَعَدَّدُون.

(ه) ومنه حديث لقمان «ولا نَعُدُّ فضله علينا» أي لا نحصيه لكثرته. وقيل : لا نَعْتَدُّه علينا منّة له (١).

(ه) وفيه «أنّ رجلا سئل عن القيامة متى تكون ، فقال : إذا تكاملت العِدَّتَان» قيل هما عِدَّة أهل الجنّة وعِدَّة أهل النّار : أي إذا تكاملت عند الله برجوعهم إليه قامت القيامة (٢) يقال عَدَّ الشيءَ يَعُدُّه عَدّاً وعِدَّة.

__________________

(١) الذى فى الهروى : «ولا يعدّ فضله علينا ، أى لكثرته. ويقال : لا يعتدّ إفضاله علينا منّة له».

(٢) ذكر الهروى هذا الرأى عزوا إلى القتيبى ، وزاد عليه فقال : «وقال غيره : قال الله تعالى (إِنَّما نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا) فكأنهم إذا استوفوا المعدود لهم قامت عليهم القيامة».

ومنه الحديث «لم يكن للمطلّقة عِدَّة ، فأنزل الله عزوجل العِدَّة للطّلاق» وعِدَّة المرأة المطلّقة والمتوفّى عنها زوجها هي ما تَعُدُّه من أيّام أقرائها ، أو أيام حملها ، أو أربعة أشهر وعشر ليال ، والمرأة مُعْتَدَّة. وقد تكرر ذكرها في الحديث.

ومنه حديث النّخعىّ «إذا دخلت عِدَّة في عِدَّة أجزأت إحداهما» يريد إذا لزمت المرأة عِدَّتَان من رجل واحد في حال واحد كفت إحداهما عن الأخرى ، كمن طلّق امرأته ثلاثا ثم مات وهي في عِدَّتِها فإنها تَعْتَدُّ أقصى العِدَّتَين ، وغيره يخالفه في هذا ، أو كمن مات وزوجته حامل فوضعت قبل انقضاء عِدَّة الوفاة ، فإنّ عِدَّتَها تنقضي بالوضع عند الأكثر.

وفيه ذكر «الأيام المَعْدُودَات» هي أيام التّشريق ، ثلاثة أيام بعد يوم النّحر.

(س) وفيه «يخرج جيش من المشرق آدَى (١) شيءٍ وأَعَدَّه» أي أكثره عِدَّةً وأتمّه وأشدّه اسْتِعْدَاداً.

(عدس) في حديث أبي رافع «أنّ أبا لهب رماه الله بالعَدَسَة» هي بثرة تشبه العَدَسَة ، تخرج في مواضع من الجسد ، من جنس الطّاعون ، تقتل صاحبها غالبا.

(عدف) (س) فيه «ما ذقت عَدُوفاً» أي ذواقا. والعَدُوف : العلف في لغة مضر. والعَدْف : الأكل والمأكول. وقد يقال بالذال المعجمة.

(عدل) في أسماء الله تعالى «العَدْل» هو الّذي لا يميل به الهوى فيجور في الحكم ، وهو في الأصل مصدر سمّي به فوضع موضع العَادِل ، وهو أبلغ منه لأنه جعل المسمّى نفسه عَدْلاً.

(ه) وفيه «لم يقبل الله منه صرفا ولا عَدْلاً» قد تكرر هذا القول في الحديث. والعَدْل : الفدية وقيل : الفريضة. والصَّرْف : التّوبة. وقيل النّافلة.

[ه] وفي حديث قارئ القرآن وصاحب الصّدقة «فقال : ليست لهما بعَدْلٍ بعِدْلٍ» قد

__________________

(١) فى الأصل وا : «أذى» بالذال المعجمة. وأثبتناه بالمهملة من اللسان. وقد سبق فى مادة «أدا».

تكرر ذكر العِدْل والعَدْل بالكسر والفتح في الحديث. وهما بمعنى المثل. وقيل : هو بالفتح ما عَادَلَه من جنسه ، وبالكسر ما ليس من جنسه. وقيل بالعكس.

ومنه حديث ابن عباس «قالوا : ما يغنى عنّا الإسلام وقد عَدَلْنَا بالله» أي أشركنا به وجعلنا له مثلا.

ومنه حديث عليّ «كذب العَادِلُون بك إذ (١) شبّهوك بأصنامهم».

(س) وفيه «العلم ثلاثة منها فريضة عَادِلَة» أراد العَدْل في القسمة : أي مُعَدَّلَة على السّهام المذكورة في الكتاب والسّنة من غير جور. ويحتمل أن يريد أنها مستنبطة من الكتاب والسّنة ، فتكون هذه الفريضة تُعْدَلُ بما أخذ عنهما.

(س) وفي حديث المعراج «فأتيت بإناءين ، فعَدَّلْتُ بينهما» يقال هو يُعَدِّل أمره ويُعَادِلُه إذا توقّف بين أمرين أيهما يأتي ، يريد أنّهما كانا عنده مستويين لا يقدر على اختيار أحدهما ولا يترجّح عنده ، وهو من قولهم : عَدَلَ عنه يَعْدِلُ عُدُولاً إذا مال ، كأنه يميل من الواحد إلى الآخر.

(س) وفيه «لا تُعْدَل سارحتكم» أي لا تصرف ماشيتكم وتمال عن المرعى ولا تمنع.

ومنه حديث جابر «إذ (٢) جاءت عمّتى بأبي وخالي مقتولين عَادَلْتُهُما على ناضح» أي شددتهما على جنبي البعير كالعِدْلَيْن.

(عدم) (ه س) في حديث المبعث «قالت له خديجة : كلّا إنّك تكسب المَعْدُوم وتحمل الكلّ» يقال : فلان يكسب المَعْدُوم إذا كان مجدودا محظوظا : أي يكسب ما يحرمه غيره.

وقيل : أرادت تكسب الناس الشيء المَعْدُوم الذيث لا يجدونه مما يحتاجون إليه.

وقيل : أرادت بالمَعْدُوم الفقير الذي صار من شدّة حاجته كالمَعْدُوم نفسه.

__________________

(١) فى ا : «إذا».

(٢) فى ا ، واللسان : «إذا».

فيكون «تكسب» على التأويل الأوّل متعدّيا إلى مفعول واحد هو المَعْدُوم ، كقولك : كسبت مالا ، وعلى التأويل الثّاني والثّالث يكون متعدّيا إلى مفعولين ، تقول : كسبت زيدا مالا أي أعطيته. فمعنى الثاني : تعطى الناس الشيء المَعْدُوم عندهم ، فحذف المفعول الأوّل. ومعنى الثّالث : تعطى الفقير المال ، فيكون المحذوف المفعول الثاني. يقال : عَدِمْتُ الشيءَ أَعْدَمُه عَدَماً إذا فقدته. وأَعْدَمْتُه أنا. وأَعْدَمَ الرجلُ يُعْدِمُ فهو مُعْدِمٌ وعَدِيم : إذا افتقر.

وفيه «من يقرض غير عَدِيم ولا ظلوم» العَدِيم الذي لا شيء عنده ، فعيل بمعنى فاعل.

(عدن) (س) في حديث بلال بن الحارث «أنه أقطعه مَعَادِن القبليّة» المَعَادِن : المواضع التي تستخرج منها جواهر الأرض كالذّهب والفضّة والنّحاس وغير ذلك ، واحدها مَعْدِن. والعَدْن : الإقامة. والمَعْدِن : مركز كلّ شيء.

ومنه الحديث «فعن مَعَادِن العرب تسألوني؟ قالوا. نعم» أي أصولها الّتي ينسبون إليها ويتفاخرون بها.

(س) وفيه ذكر «عَدَنِ أَبْيَن» هي مدينة معروفة باليمن ، أضيفت إلى أبين بوزن أبيض ، وهو رجل من حمير ، عَدَنَ بها : أي أقام. ومنه سمّيت جنة عَدْن : أي جنة إقامة. يقال : عَدَنَ بالمكان يَعْدِنُ عَدْناً إذا لزمه ولم يبرح منه.

(عدا) (ه) فيه «لا عَدْوَى ولا صَفَر» قد تكرر ذكر العَدْوَى في الحديث. العَدْوَى : اسم من الإِعْدَاء ، كالرّعوى والبقوى ، من الإرعاء والإبقاء. يقال : أَعْدَاه الدّاء يُعْدِيه إِعْدَاءً ، وهو أن يصيبه مثل ما بصاحب الداء. وذلك أن يكون ببعير جرب مثلا فتتّقى مخالطته بإبل أخرى حذارا أن يتعدّى ما به من الجرب إليها فيصيبها ما أصابه. وقد أبطله الإسلام ، لأنهم كانوا يظنون أن المرض بنفسه يَتَعَدَّى ، فأعلمهم النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه ليس الأمر كذلك ، وإنما الله هو الذي يمرض وينزل الدّاء. ولهذا قال في بعض الأحاديث : «فمن أَعْدَى البعير الأوّل؟» أي من أين صار فيه الجرب؟

(ه) وفيه «ما ذئبان عَادِيَان أصابا فريقة غنم» العَادِي : الظّالم. وقد عَدَا يَعْدُو عليه عُدْوَاناً. وأصله من تجاوز الحدّ في الشيء.

ومنه الحديث «ما يقتله المحرم كذا وكذا ، والسّبع العَادِي» أي الظّالم الذي يفترس الناس.

ومنه حديث قتادة بن النّعمان «أنه عُدِيَ عليه» أي سرق ماله وظلم.

ومنه الحديث «كتب ليهود تيماء أنّ لهم الذّمّة وعليهم الجزية بلا عَدَاء» العَدَاء بالفتح والمدّ : الظلم وتجاوز الحدّ.

(س) ومنه الحديث «المُعْتَدِي في الصّدقة كمانعها» وفي رواية «في الزّكاة» هو أن يعطيها غير مستحقّها. وقيل : أراد أنّ السّاعي إذا أخذ خيار المال ربما منعه في السّنة الأخرى فيكون السّاعي سبب ذلك ، فهما في الإثم سواء.

ومنه الحديث «سيكون قوم يَعْتَدُون في الدّعاء» هو الخروج فيه عن الوضع الشّرعي والسّنّة المأثورة.

(ه) وفي حديث عمر «أنه أتى بسطيحتين فيهما نبيذ ، فشرب من إحداهما وعَدَّى عن الأخرى» أي تركها لما رابه منها. يقال : عَدِّ عن هذا الأمر : أي تجاوزه إلى غيره.

(س) ومنه حديثه الآخر «أنه أهدى له لبن بمكّة فعَدَّاه» أي صرفه عنه.

وفي حديث عليّ رضي‌الله‌عنه «لا قطع على عَادِي ظهر».

(ه) ومنه حديث ابن عبد العزيز «أنه أتى برجل قد اختلس طوقا فلم يَرَ قطعَهُ وقال : تلك عَادِيَة الظّهر» العَادِيَة : من عَدَا يَعْدُو على الشّيء إذا اختلسه. والظّهر : ما ظهر من الأشياء. لم ير في الطوق قطعا لأنه ظاهر على المرأة والصّبيّ.

(ه) وفيه «إنّ السلطان ذو عَدَوَان وذو بدوان» أي سريع الانصراف والملال ، من قولك : ما عَدَاك : أي ما صرفك؟

(ه) ومنه حديث عليّ (١) «قال لطلحة يوم الجمل : «عرفتني بالحجاز وأنكرتني بالعراق فما عَدَا ممّا بدا؟» لأنه بايعه بالمدينة وجاء يقاتله بالبصرة : أي ما الّذي صرفك ومنعك وحملك على التّخلّف بعد ما ظهر منك من الطاعة والمتابعة. وقيل : معناه ما بدا لك منّي فصرفك عنّي؟

(ه) وفي حديث لقمان «أنا لقمان بن عَادٍ لِعَادِيَةٍ لِعَادٍ» (٢). العَادِيَة : الخيل تَعْدُو. والعَادِي : الواحد ، أي أنا للجمع والواحد. وقد تكون العَادِيَة الرّجال يَعْدُون.

(س) ومنه حديث خيبر «فخرجت عَادِيَتُهُم» أي الذين يَعْدُون على أرجلهم.

[ه] وفي حديث حذيفة «أنه خرج وقد طمّ رأسه وقال : إنّ تحت كلّ شعرة [لا يصيبها الماء](٣) جنابة ، فمن ثمّ عَادَيْتُ رأسي كما ترون» طمّه : أي استأصله ليصل الماء إلى أصول شعره (٤).

(ه) ومنه حديث حبيب بن مسلمة «لمّا عزله عمر عن حمص قال : رحم الله عمر ينزع قومه ويبعث القوم العِدَى» العِدَى بالكسر : الغرباء والأجانب والأَعْدَاء. فأما بالضم فهم الأَعْدَاء خاصّة. أراد أنه يعزل قومه من الولايات ويولّى الغرباء والأجانب.

(ه) وفي حديث ابن الزّبير وبناء الكعبة «وكان في المسجد جراثيم وتَعَادٍ» أي أمكنة مختلفة غير مستوية.

وفي حديث الطاعون «لو كانت لك إبل فهبطت واديا له عُدْوَتَان» العُدْوَة بالضم والكسر : جانب الوادي.

(ه) وفي حديث أبي ذرّ «فقرّبوها إلى الغابة تصيب من أثلها وتَعْدُو في الشّجر» يعنى

__________________

(١) أخرجه الهروى من قول علي رضي‌الله‌عنه لبعض الشيعة.

(٢) فى الأصل : «لعادية وعاد» والمثبت من ا واللسان والهروى.

(٣) من الهروى واللسان.

(٤) زاد الهروى : «وحكى أبو عدنان عن أبى عبيدة : عاديت شعرى ، أى رفعته عند الغسل.

وعاديت الوسادة : ثنيتها. وعاديت الشىء باعدته.

الإبلَ : أي ترعى العُدْوَة ، وهي الخلّة ، ضرب من المرعى محبوب إلى الإبل. وإبل عَادِيَة وعَوَادٍ إذا رعته.

(س) وفي حديث قسّ «فإذا شجرة عَادِيَّة» أي قديمة كأنها نسبت إلى عَادٍ ، وهم قوم هود النبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم. وكلّ قديم ينسبونه إلى عَاد وإن لم يدركهم.

ومنه كتاب علي رضي‌الله‌عنه إلى معاوية «لم يمنعنا قديم عزّنا وعَادِيّ طَولنا على قومك أن خلطناكم بأنفسنا».

(باب العين مع الذال)

(عذب) (س) فيه «أنه كان يُسْتَعْذَبُ له الماء من بيوت السّقيا» أي يحضر له منها الماء العَذْب ، وهو الطّيّب الذي لا ملوحة فيه. يقال : أَعْذَبْنَا واسْتَعْذَبْنا : أي شربنا عَذْبا واستقينا عَذْبا.

ومنه حديث أبي التّيّهان «أنه خرج يَسْتَعْذِبُ الماء» أي يطلب الماء العَذْب.

وفي كلام عليّ يذمّ الدّنيا «اعْذَوْذَبَ جانبٌ منها واحلولى» هما افعوعل ، من العُذُوبَة والحلاوة ، وهو من أبنية المبالغة.

(س) وفي حديث الحجّاج «ماء عِذَاب» يقال : ماءة عَذْبَةٌ ، وماء عِذَاب ، على الجمع ، لأنّ الماء جنس للماءة.

(س) وفيه ذكر «العُذَيْب» وهو اسم ماء لبني تميم على مرحلة من الكوفة مسمّى بتصغير العَذْب. وقيل : سمّي به لأنّه طرف أرض العرب ، من العَذَبَة وهي طرف الشّيء.

(ه) وفي حديث عليّ «أنه شيّع سريّة فقال : «أَعْذِبُوا عن ذكر النّساء أنفسكم ، فإن ذلكم يكسركم عن الغزو» أي امنعوها. وكلّ من منعته شيئا فقد أَعْذَبْتَه. وأَعْذَبَ لازم ومتعدّ.

وفيه «الميّت يُعَذَّبُ ببكاء أهله عليه» يشبه أن يكون هذا من حيث إنّ العرب كانوا

يوصون أهلهم بالبكاء والنّوح عليهم وإشاعة النّعي في الأحياء ، وكان ذلك مشهورا من مذاهبهم. فالميّت تلزمه العقوبة في ذلك بما تقدّم من أمره به.

(عذر) (س) فيه «الوليمةُ في الإِعْذَارِ حقٌّ» الإِعْذَار : الختان. يقال : عَذَرْتُه وأَعْذَرْته فهو مَعْذُور ومُعْذَر ، ثم قيل للطّعام الذي يطعم في الختان : إِعْذَار.

(س) ومنه حديث سعد رضي‌الله‌عنه «كنّا إِعْذَارَ عامٍ واحد» أي ختنّا في عام واحد. وكانوا يختنون لسنّ معلومة فيما بين عشر سنين وخمس عشرة. والإِعْذَار بكسر الهمزة : مصدر أَعْذَرَه ، فسمّوا به.

ومنه الحديث «ولد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم مَعْذُوراً مسرورا» أي مختونا مقطوع السّرّة.

(س) ومنه حديث ابن صيّاد «أنه ولدته أمّه وهو مَعْذُور مسرور».

(س) وفي صفة الجنة «إنّ الرجل ليُفضي في الغداة الواحدة إلى مائة عَذْرَاء» العَذْرَاء : الجارية التي لم يمسّها رجل ، وهي البكر ، والذي يفتضّها أبو عُذْرِها وأبو عُذْرَتِها. والعُذْرَة : ما للبكر من الالتحام قبل الافتضاض.

[ه] ومنه حديث الاستسقاء :

أتيناك والعَذْرَاء يدمى لبانها

أي يدمى صدرها من شدّة الجدب.

ومنه حديث النّخعىّ «في الرجل يقول : إنه لم يجد امرأته عَذْرَاء ، قال : لا شيء عليه» لأنّ العَذْرَة قد تذهبها الحيضة والوثبة وطول التّعنيس. وجمع العَذْرَاء : عَذَارَى.

ومنه حديث جابر «ما لك وللعَذَارَى ولعابهنّ» أي ملاعبتهنّ ، ويجمع على عَذَارِى ، كصحارى وصحارى.

ومنه حديث عمر رضي‌الله‌عنه :

معيدا يبتغي سقط العَذَارَى

وفيه «لقد أَعْذَرَ الله من بلغ من العمر ستّين سنة» أي لم يبق فيه موضعا للاعْتِذَار

حيث أمهله طول هذه المدّة ولم يَعْتَذِر. يقال : أَعْذَرَ الرّجل إذا بلغ أقصى الغاية من العُذْر. وقد يكون أَعْذَرَ بمعنى عَذَرَ.

(س) ومنه حديث المقداد «لقد أَعْذَرَ الله إليك» أي عَذَرَك وجعلك موضع العُذْر وأسقط عنك الجهاد ورخّص لك في تركه ، لأنه كان قد تناهى في السّمن وعجز عن القتال.

[ه] ومنه الحديث «لن يهلك النّاس حتى يُعْذِوُرا من أنفسهم» يقال : أَعْذَرَ فلانٌ من نفسه إذا أمكن منها ، يعنى أنّهم لا يهلكون حتى تكثر ذنوبهم وعيوبهم فيستوجبون العقوبة ويكون لمن يعذبهم عُذْر ، كأنهم قاموا بعُذْرِه في ذلك. ويروى بفتح الياء ، من عَذَرْتُه وهو بمعناه. وحقيقة عَذَرْتُ : محوت الإساءة وطمستها.

(ه) ومنه الحديث «أنه استَعْذَرَ أبا بكر رضي‌الله‌عنه من عائشة كان عتب عليها في شيء ، فقال لأبي بكر : كن عَذِيرِي منها إن أدّبتها» أي قم بعُذْرِى في ذلك.

[ه] ومنه حديث الإفك «فاستَعْذَرَ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم من عبد الله بن أبيّ ، فقال وهو على المنبر : من يَعْذِرُني من رجل قد بلغني عنه كذا وكذا؟ فقال سعد : أنا أَعْذِرُك منه» أى من يقوم بعُذْرِي إن كافأته على سوء صنيعه فلا يلومني؟

ومنه حديث أبي الدّرداء رضي‌الله‌عنه «من يَعْذِرُني من معاوية؟ أنا أخبره عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهو يخبرني (١) عن رأيه».

ومنه حديث عليّ «من يَعْذِرُني من هؤلاء الضّياطرة».

(ه) ومنه حديثه الآخر «قال وهو ينظر إلى ابن ملجم :

عَذِيرَك من خليلك من مراد»

يقال : عَذِيرَك من فلان بالنّصب : أي هات من يَعْذِرُك فيه ، فعيل بمعنى فاعل.

(ه) وفي حديث ابن عبد العزيز «قال لمن اعْتَذَر إليه : عَذَرْتُك غير مُعْتَذِر» أي من غير أن تَعْتَذِر ، لأن المعتذر يكون محقّا وغير محقّ.

__________________

(١) فى ا : «أنا أخبر ... وهو يخبرني».

وفي حديث ابن عمر «إذا وضعت المائدة فليأكل الرجل مما عنده ، ولا يرفع يده وإن شبع ، وليُعْذِرْ ، فإنّ ذلك يخجل جليسه» الإِعْذَار : المبالغة في الأمر : أي ليبالغ في الأكل ، مثل الحديث الآخر «أنه كان إذا أكل مع قوم كان آخرهم أكلا».

وقيل : إنّما هو «وليُعَذِّرْ» من التَّعْذِير : التّقصير. أي ليقصّر في الأكل ليتوفّر على الباقين ولير أنّه يبالغ.

(ه) ومنه الحديث «جاءنا بطعام جشب فكنّا نُعَذِّر» أي نقصّر ونرى أنّنا مجتهدون.

(ه س) ومنه حديث بني إسرائيل «كانوا إذا عمل فيهم بالمعاصي نهوهم تَعْذِيرا» أي نهيا قصّروا فيه ولم يبالغوا ، وضع المصدر موضع اسم الفاعل حالا ، كقولهم : جاء مشيا.

ومنه حديث الدعاء «وتعاطى ما نهيت عنه تَعْذِيرا».

(س) وفيه «أنه كان يَتَعَذَّر في مرضه» أي يتمنّع ويتعسّر. وتَعَذَّرَ عليه الأمر إذا صعب.

(س) وفي حديث عليّ «لم يبق لهم عَاذِر» أي أثر.

وفيه «أنه رأى صبيّا أعلق عليه من العُذْرَة» العُذْرَة بالضم. وجع في الحلق يهيج من الدّم. وقيل : هي قرحة تخرج في الخرم الذي بين الأنف والحلق تعرض للصّبيان عند طلوع العُذْرَة ، فتعمد المرأة إلى خرقة فتفتلها فتلا شديدا وتدخلها في أنفه فتطعن ذلك الموضع فيتفجّر منه دم أسود ، وربمّا أقرحه ، وذلك الطّعن يسمّى الدّغر. يقال : عَذَرَت المرأة الصّبيَّ إذا غمزت حلقه من العُذْرَة ، أو فعلت به ذلك ، وكانو بعد ذلك يعلّقون عليه علاقا كالعوذة. وقوله «عند طلوع العُذْرَة» هي خمسة كواكب تحت الشّعرى العبور وتسمّى العَذَارَى ، وتطلع في وسط الحرّ. وقوله : «من العُذْرَة» : أي من أجلها.

(س) وفيه «للفقر أزين للمؤمن من عِذَار حسن على خدّ فرس» العِذَارَان من الفرس كالعارضين من وجه الإنسان ، ثم سمّي السّير الذي يكون عليه من اللّجام عِذَارا باسم موضعه.

ومنه كتاب عبد الملك إلى الحجاج «استعملتك على العراقين ، فاخرج إليهما كميش الإزار شديد العِذَار» يقال للرجل إذا عزم على الأمر : هو شديد العِذَار ، كما يقال في خلافه : فلان خليع العِذَار ، كالفرس الذي لا لجام عليه ، فهو يعير على وجهه ، لأن اللّجام يمسكه.

ومنه قولهم «خلع عِذَارَه» إذا خرج عن الطّاعة وانهمك في الغىّ.

(س) وفيه «اليهود أنتن خلق الله عَذِرَة» العَذِرَة : فناء الدّار وناحيتها.

ومنه الحديث «إن الله نظيف يحب النّظافة ، فنظّفوا عَذِرَاتِكم ولا تشبّهوا باليهود».

وحديث رقيقة «وهذه عِبِدَّاؤك بعَذِرَاتِ حرمك»

(ه) ومنه حديث عليّ «عاتب قوما فقال : ما لكم لا تنظّفون عَذِرَاتِكم» أي أفنيتكم.

(ه س) وفي حديث ابن عمر «أنه كره السّلت الذي يزرع بالعَذِرَة» يريد الغائط الذي يلقيه الإنسان. وسمّيت بالعَذِرَة ، لأنهم كانوا يلقونها في أفنية الدّور.

(عذفر) في قصيد كعب :

ولن يبلّغها إلّا عُذَافِرَةٌ

العُذَافِرَة : النّاقة الصّلبة القويّة.

(عذق) (ه) فيه «كم من عَذْق مذلّل في الجنة لأبي الدّحداح» العَذْق بالفتح : النّخلة ، وبالكسر : العرجون بما فيه من الشّماريخ ، ويجمع على عِذَاق.

ومنه حديث أنس «فرد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى أمّي عِذَاقَها» أي نخلاتها.

(ه) ومنه حديث عمر «لا قطع في عِذْقٍ معلّق» لأنه ما دام معلّقا في الشجرة فليس في حرز.

ومنه «لا والّذي أخرج العَذْق من الجريمة» أي النّخلة من النّواة.

ومنه حديث السّقيفة «أنا عُذَيْقُها المرجّب» تصغير العَذْق : النّخلة ، وهو تصغير تعظيم. وبالمدينة أطم لبني أميّة بن زيد يقال له : عَذْق.

(ه) ومنه حديث مكة «وأَعْذَق إذخرها» أي صارت له عُذُوق وشعب. وقيل : أَعْذَق بمعنى أزهر. وقد تكرر العَذْق والعِذْق في الحديث ويفرق بينهما بمفهوم الكلام الواردان فيه.

(عذل) (ه) وفي حديث ابن عباس «وسئل عن الاستحاضة فقال : ذلك العَاذِل يغذو» العَاذِل : اسم العرق الذي يسيل منه دم الاستحاضة ، ويغذو : أي يسيل.

وذكر بعضهم «العَاذِر» بالراء. وقال : العَاذِرَة : المرأة المستحاضة ، فاعلة بمعنى مفعولة ، من إقامة العذر. ولو قال : إنّ العاذر هو العرق نفسه لأنه يقوم بعذر المرأة لكان وجها. والمحفوظ «العَاذِل» باللام.

(عذم) (ه) فيه «أن رجلا كان يرائي فلا يمرّ بقوم إلّا عَذَمُوه» أي أخذوه بألسنتهم. وأصل العَذْم : العضّ.

ومنه حديث عليّ «كالنّاب الضّروس تَعْذِمُ بفيها وتخبط بيدها».

ومنه حديث عبد الله بن عمرو بن العاص «فأقبل عَلَيَّ أبي فعَذَمَنِي وعضّني بلسانه».

(عذا) (ه) في حديث حذيفة «إن كنت لا بدّ نازلا بالبصرة فانزل على عَذَوَاتِها ، ولا تنزل سُرَّتها» جمع عَذَاة. وهي الأرض الطّيّبة التّربة (١) البعيدة من المياه والسّباخ.

(باب العين مع الراء)

(عرب) (ه) فيه «الثّيب يُعْرِبُ عنها لسانُها» هكذا يروى بالتخفيف ، من أَعْرَبَ. قال أبو عبيد : الصواب «يُعَرِّبُ» يعنى بالتشديد. يقال : عَرَّبْتُ عن القوم إذا تكلّمت عنهم.

وقيل : إن أَعْرَبَ بمعنى عَرَّبَ. يقال : أَعْرَبَ عنه لسانُه وعَرَّبَ.

قال ابن قتيبة : الصواب «يُعْرِبُ عنها» بالتخفيف. وإنّما سمّي الإِعْرَاب إِعْرَابا لتبيينه وإيضاحه. وكلا القولين لغتان متساويتان ، بمعنى الإبانة والإيضاح.

__________________

(١) فى الهروى : «الثّريّة».

[ه] ومنه الحديث «فإنما كان يُعْرِبُ عمّا في قلبه لسانُه».

(ه) ومنه حديث التّيمي «كانوا يستحبّون أن يلقّنوا الصّبيّ حين يُعَرِّبُ أن يقول : لا إله إلا الله ، سبع مرّات» ، أي حين ينطق ويتكلّم.

(ه) ومنه حديث عمر «ما لكم إذا رأيتم الرجل يخرّق أعراض الناس أن لا تُعَرِّبُوا عليه» قيل : معناه التّبيين والأيضاح : أي ما يمنعكم أن تصرّحوا له بالإنكار ولا تساتروه. وقيل : التَّعْرِيب : المنع والإنكار. وقيل : الفحش والتّقبيح (١) ، من عَرِبَ الجرح إذا فسد.

(ه) ومنه الحديث «أن رجلا أتاه فقال : إنّ ابن أخي عَرِبَ بطنُه» أي فسد. فقال : اسقه عسلا».

ومن الأوّل حديث «السّقيفة أَعْرَبُهُم أحسابا» أي أبينهم وأوضحهم.

(ه) ومنه الحديث «أن رجلا من المشركين كان يسبّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقال له رجل من المسلمين : والله لتكفّن عن شتمه أو لأرحّلنّك بسيفى هذا ، فلم يزدد إلا اسْتِعْرَاباً ، فحمل عليه فضربه ، وتعاوى عليه المشركون فقتلوه» الاسْتِعْرَاب : الإفحاش في القول.

(س) ومنه حديث عطاء «أنه كره الإِعْرَاب للمحرم» هو الإفحاش في القول والرّفث ، كأنه اسم موضع من التَّعْرِيب والإِعْرَاب. يقال : عَرَّبَ وأَعْرَبَ إذا أفحش. وقيل : أراد به الإيضاح والتّصريح بالهجر من الكلام. ويقال له أيضا : العَرَابَة ، بفتح العين وكسرها.

(ه) ومنه حديث ابن عباس «في قوله تعالى (فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ) هو العِرَابَة في كلام العَرَب».

(ه) ومنه حديث ابن الزبير «لا تحلّ العِرَابَة للمحرم».

[ه] ومنه حديث بعضهم «ما أوتي أحد من مُعَارَبَة النّساء ما أوتيته أنا» كأنّه أراد أسباب الجماع ومقدّماته.

__________________

(١) بعد هذا فى الهروى : «وإنما أراد : ما يمنعكم من أن تعرّبوا ، ولا : صلة [زائدة] هاهنا».

(ه) وفيه «أنه نهى عن بيع العُرْبَان» هو أن يشتري السّلعة ويدفع إلى صاحبها شيئا على أنه إن أمضى البيع حسب من الثمن ، وإن لم يمض البيع كان لصاحب السّلعة ولم يرتجعه المشتري. يقال : أَعْرَبَ في كذا ، وعَرَّبَ ، وعرْبَنَ ، وهو عُرْبَانٌ ، وعُرْبُونٌ ، وعَرَبُون. قيل : سمّي بذلك لأنّ فيه إِعْرَاباً لعقد البيع : أي إصلاحا وإزالة فساد ، لئلا يملكه غيره باشترائه. وهو بيع باطل عند الفقهاء ، لما فيه من الشّرط والغرر. وأجازه أحمد. وروي عن ابن عمر إجازته. وحديث النّهي منقطع.

(س ه) ومنه حديث عمر «أنّ عامله بمكة اشترى دارا للسّجن بأربعة آلاف ، وأَعْرَبُوا فيها أربعمائة» أي أسلفوا ، وهو من العُرْبَان.

[ه] ومنه حديث عطاء «أنه كان ينهى عن الإِعْرَاب في البيع».

[ه] وفيه «لا تنقشوا في خواتيمكم عَرَبِيّاً» أي لا تنقشوا فيها : محمد رسول الله لأنّه كان نقش خاتم النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

(ه) ومنه حديث عمر «لا تنقشوا في خواتيمكم العَرَبِيَّة» وكان ابن عمر يكره أن ينقش في الخاتم القرآن.

وفيه «ثلاث من الكبائر ، منها التَّعَرُّب بعد الهجرة» هو أن يعود إلى البادية ويقيم مع الأَعْرَاب بعد أن كان مهاجرا. وكان من رجع بعد الهجرة إلى موضعه من غير عذر يعدّونه كالمرتدّ.

ومنه حديث ابن الأكوع «لمّا قتل عثمان خرج إلى الرّبذة وأقام بها ، ثم إنّه دخل على الحجّاج يوما فقال له : يا بن الأكوع ارتددت على عقبيك وتَعَرَّبْت» ويروى بالزّاي. وسيجيء.

ومنه حديثه الآخر : تمثّل في خطبته

مهاجر ليس بأَعْرَابيّ

جعل المهاجر ضدّ الأَعْرَابيّ. والأَعْرَاب : ساكنو البادية من العَرَب الذين لا يقيمون في الأمصار ولا يدخلونها إلّا لحاجة. والعَرَب : اسم لهذا الجيل المعروف من الناس. ولا واحد له من لفظه. وسواء أقام بالبادية أو المدن. والنّسب إليهما : أَعْرَابيّ وعَرَبِيّ.

(س) وفي حديث سطيح «يقود خيلا عِرَاباً» أي عَرَبِيَّة منسوبة إلى العَرَب ، فرّقوا بين الخيل والنّاس ، فقالوا في الناس : عَرَبٌ وأَعْرَابٌ ، وفي الخيل : عِرَاب.

(س) وفي حديث الحسن «أنه قال له البتّيّ : ما تقول في رجل رُعِفَ في الصّلاة؟ فقال الحسن : إن هذا يُعَرِّبُ الناس ، وهو يقول رُعِفَ!» أي يعلّمهم العَرَبِيَّة ويلحن.

(س) وفي حديث عائشة «فاقدروا قدر الجارية العَرِبَة» هي الحريصة على اللهو. فأما العُرُب ـ بضمتين ـ فجمعُ عَرُوبٍ ، وهي المرأة الحسناء المتحبّبة إلى زوجها.

(س) وفي حديث الجمعة «كانت تسمّى عَرُوبَة» هو اسم قديم لها ، وكأنه ليس بعَرَبِي. يقال : يوم عَرُوبَة ، ويوم العَرُوبَة. والأفصح أن لا يدخلها الألف واللام. وعَرُوباء : اسم السّماء السّابعة.

(عرج) في أسماء الله تعالى «ذو المَعَارِج» المَعَارِج : المصاعد والدّرج ، واحدها : مَعْرَج ، يريد مَعَارِج الملائكة إلى السّماء. وقيل المَعَارِج : الفواضل العالية. والعُرُوج : الصّعود ، عَرَجَ يَعْرُجُ عُرُوجاً. وقد تكرر في الحديث.

ومنه المِعْرَاج. وهو بالكسر شبه السّلم ، مفعال ، من العُرُوج : الصّعود ، كأنه آلة له.

وفيه «من عَرَج أو كسر أو حُبِس فليجز مثلها وهو حلّ» أي فليقض مثلها ، يعنى الحجّ. يقال : عَرَج يَعْرُجُ عَرَجاناً (١) إذا غمز من شيء أصابه. وعَرِجَ يَعْرَجُ عَرَجاً إذا صار أَعْرَج ، أو كان خلقة فيه. المعنى أنّ من أحصره مرض ، أو عدوّ فعليه أن يبعث بهدي ويواعد الحامل يوما بعينه يذبحها فيه. فإذا ذبحت تحلّل. والضمير في «مثلها» للنّسيكة.

(س) وفيه «فلم أُعَرِّجْ عليه» أي لم أقم ولم أحتبس.

وفيه ذكر «العُرْجُون» وهو العود الأصفر الذي فيه شماريخ العذق ، وهو فعلون ، من الانْعِرَاج : الانعطاف ، والواو والنون زائدتان ، وجمعه : عَرَاجِين.

__________________

(١) فى الأصل : «عرجا» وأثبتنا ما فى ا واللسان ، والفائق ٢ / ١٢٩.

ومنه حديث الخدرىّ «فسمعت تحريكا في عَرَاجِين البيت» أراد بها الأعواد التي في سقف البيت ، شبّهها بالعَرَاجِين.

وفيه ذكر «العَرْج» وهو بفتح العين وسكون الراء : قرية جامعة من عمل الفرع ، على أيام من المدينة.

(عرد) في قصيد كعب.

ضرب إذا عَرَّدَ السّودُ التّنابيلُ

أي فرّوا وأعرضوا. ويروى بالغين المعجمة ، من التَّغْرِيد : التّطريب.

(س) وفي خطبة الحجّاج :

والقوس فيها وتر عُرُدٌّ

العُرُدُّ بالضم والتشديد : الشّديد من كلّ شيء. يقال : وتر عُرُدٌّ وعُرُنْدٌ.

(عرر) [ه] فيه (١) «كان إذا تَعَارَّ من الليل قال كذا وكذا» أي إذا استيقظ ، ولا يكون إلّا يقظة مع كلام. وقيل : هو تمطّى وأنّ (٢) وقد تكرر في الحديث.

[ه] وفى حديث حاطب «لمّا كتب إلى أهل مكة ينذرهم مسير رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إليهم ، فلمّا عوتب فيه قال : كنت رجلا عَرِيراً في أهل مكة» أي دخيلا غريبا ولم أكن من صميمهم. وهو فعيل بمعنى فاعل ، من عَرَرْتُه إذا أتيته تطلب معروفه.

ومنه حديث عمر «من كان حليفا وعَرِيراً في قوم قد عقلوا عنه ونصروه فميراثه لهم».

(ه) وفي حديث عمر «أن أبا بكر أعطاه سيفا محلّى ، فنزع عمر الحلية وأتاه بها ، وقال : أتيتك بهذا لما يَعْرُرُك من أمور النّاس» يقال : عَرَّه واعْتَرَّه ، وعَرَاه واعْتَرَاه إذا أتاه متعرّضا لمعروفه ،

__________________

(١) أخرجه الهروى واللسان من حديث سلمان الفارسى رضى الله عنه.

(٢) زاد الهروى : «وقال قوم : علم».

والوجه فيه أنّ الأصل : يَعُرُّك ، ففكّ الإدغام ، ولا يجيء مثل هذا الاتّساع إلّا في الشّعر.

وقال أبو عبيد : لا أحسبه محفوظا ، ولكنّه عندي «لما يعروك» بالواو : أي لما ينوبك من أمر الناس ويلزمك من حوائجهم ، فيكون من غير هذا الباب.

ومنه الحديث «فأكل وأطعم (الْقانِعَ وَالْمُعْتَرَّ)».

ومنه حديث عليّ «فإنّ فيهم قانعا ومُعْتَرّاً» هو الذي يتعرّض للسّؤال من غير طلب.

(ه) ومنه حديث أبي موسى «قال له عليّ ، وقد جاء يعود ابنه الحسن : ما عَرَّنا بك أيّها الشيخ؟» أي ما جاءنا بك؟.

وفي حديث عمر «اللهم إني أبرأ إليك من مَعَرَّة الجيش» هو أن ينزلوا بقوم فيأكلوا من زروعهم بغير علم. وقيل : هو قتال الجيش دون إذن الأمير. والمَعَرَّة : الأمر القبيح المكروه والأذى ، وهي مفعلة من العَرِّ.

(ه) وفي حديث طاوس «إذا اسْتَعَرَّ عليكم شيء من النّعم» أي ندّ واستعصى ، من العَرَارَة ، وهي الشّدّة والكثرة وسوء الخلق.

(ه) وفيه «أنّ رجلا سأل آخر عن منزله ، فأخبره أنه ينزل بين حيّين من العرب ، فقال : نزلت بين المَعَرَّة والمجرّة» المجرّة التي في السّماء : البياض المعروف ، والمَعَرَّة : ما وراءها من ناحية القطب الشّمالي ، سمّيت مَعَرَّة لكثرة النّجوم فيها ، أراد بين حيّين عظيمين ككثرة النّجوم. وأصل المَعَرَّة : موضع العَرِّ ، وهو الجرب ، ولهذا سمّوا السماء الجرباء ، لكثرة النّجوم فيها ، تشبيها بالجرب في بدن الإنسان.

(س) ومنه الحديث «إن مشتري النّخل يشترط على البائع ليس له مِعْرَارٌ» هي التي يصيبها مثل العَرّ ، وهو الجرب.

(س) وفيه «إيّاكم ومشارّة الناس فإنها تظهر العُرَّة» هي القذر وعذرة الناس ، فاستعير للمساوي والمثالب.

(ه) ومنه حديث سعد «أنه كان يدمل أرضه بالعُرَّة» أي يصلحها. وفي رواية «كان يحمل مكيال عُرَّة إلى أرض له بمكة».

ومنه حديث ابن عمر «كان لا يَعُرُّ أرضه» أي لا يزبّلها بالعُرَّة.

(ه) ومنه حديث جعفر بن محمد «كل سبع تمرات من نخلة غير مَعْرُورَة» أي غير مزبّلة بالعُرَّة.

(عرزم) (س) في حديث النّخعىّ «لا تجعلوا في قبري لبنا عَرْزَمِيّاً» عَرْزَمُ : جبّانة بالكوفة نسب اللّبن إليها ، وإنما كرهه لأنّها موضع أحداث الناس ويختلط لبنه بالنّجاسات.

(عرس) (س) فيه «كان إذا عَرَّسَ بليلٍ توسّد لبنة ، وإذا عَرَّسَ عند الصّبح نصب ساعده نصبا ووضع رأسه على كفّه» التَّعْرِيس : نزول المسافر آخر الليل نزلة للنّوم والاستراحة ، يقال منه : عَرَّسَ يُعَرِّسُ تَعْرِيساً. ويقال فيه : أَعْرَسَ ، والمُعَرِّس : موضع التَّعْرِيس ، وبه سمّي مُعَرَّس ذي الحليفة ، عَرَّسَ به النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم وصلّى فيه الصّبح ثم رحل.

وقد تكرر في الحديث.

وفي حديث أبي طلحة وأم سليم «فقال له النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : أَعْرَسْتُم اللّيلة؟ قال : نعم» أَعْرَسَ الرجلُ فهو مُعْرِس إذا دخل بامرأته عند بنائها ، وأراد به هاهنا الوطء ، فسمّاه إِعْرَاساً لأنّه من توابع الإِعْرَاس ، ولا يقال فيه عَرَّسَ.

(ه) ومنه حديث عمر «نهى عن متعة الحجّ ، وقال : قد علمت أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فعله ، ولكنّي كرهت أن يظلّوا بها مُعْرِسِين» أي ملمّين بنسائهم.

(س) وفيه «فأصبح عَرُوساً» يقال للرجل عَرُوس ، كما يقال للمرأة. وهو اسم لهما عند دخول أحدهما بالآخر.

وفي حديث ابن عمر «أنّ امرأة قالت له : إنّ ابنتي عُرَيِّسٌ ، وقد تمعّط شعرها» هي تصغير العَرُوس ، ولم تلحقه تاء التأنيث وإن كان مؤنّثا ، لقيام الحرف الرّابع مقامه. وقد تكرر ذكر الإِعْرَاس والعُرْس والعَرُوس.

[ه] ومنه حديث حسّان «كان إذا دعي إلى طعام قال : أفي عُرْس أم خُرس؟» يريد به طعام الوليمة ، وهو الذي يعمل عند العُرْس ، يسمّى عُرْساً باسم سببه.

(عرش) (ه) فيه «اهتزّ العَرْش لموت سعد» العَرْش هاهنا : الجنازة ، وهو سرير الميّت ، واهتزازه فرحه لحمل سعد عليه إلى مدفنه.

وقيل : هو عَرْشُ الله تعالى ، لأنه قد جاء في رواية أخرى : «اهتزّ عَرْشُ الرّحمن لموت سعد» وهو كناية عن ارتياحه بروحه حين صعد به ، لكرامته على ربّه. وكلّ من خفّ لأمر وارتاح عنه فقد اهتزّ له.

وقيل : هو على حذف مضاف تقديره : اهتزّ أهل العَرْشِ بقدومه على الله ، لما رأوا من منزلته وكرامته عنده.

وفي حديث بدء الوحي «فرفعت رأسي فإذا هو قاعد على عَرْشٍ في الهواء» وفي رواية «بين السماء والأرض» يعنى جبريل على سرير.

(ه) ومنه الحديث «أو كالقنديل المعلّق بالعَرْش» العَرْش هاهنا : السّقف ، وهو والعَرِيش : كلّ ما يستظلّ به.

(ه) ومنه الحديث «قيل له : ألا نبني لك عَرِيشاً».

والحديث الآخر «كنت أسمع قراءة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأنا على عَرِيش لي».

ومنه حديث سهل بن أبي حثمة «إنّي وجدت ستّين عَرِيشاً فألقيت لهم من خرصها كذا وكذا» أراد بالعَرِيش أهل البيت ، لأنّهم كانوا يأتون النّخيل فيبتنون فيه من سعفه مثل الكوخ فيقيمون فيه يأكلون مدّة حمل الرّطب إلى أن يصرم.

(ه) ومنه حديث سعد «قيل له : إنّ معاوية ينهانا عن متعة الحج ، فقال : تمتّعنا مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ومعاوية كافر بالعُرُش» العُرُش : جمع عَرِيش ، أراد عُرُش مكة ، وهي بيوتها ، يعنى أنّهم تمتّعوا قبل إسلام معاوية.

وقيل : أراد بقوله «كافر» الاختفاء والتّغطّي ، يعنى أنه كان مختفيا في بيوت مكة. والأوّل أشهر.

(ه) ومنه حديث ابن عمر «أنه كان يقطع التّلبية إذا نظر إلى عُرُوش مكة» أي بيوتها. وسمّيت عُرُوشاً ، لأنها كانت عيدانا تنصب ويظلّل عليها ، واحدها : عَرْش.

(س) وفيه «فجاءت حمّرة فجعلت تُعَرِّشُ» التَّعْرِيش : أن ترتفع وتظلّل بجناحيها على من تحتها.

(ه) وفي حديث مقتل أبي جهل «قال لابن مسعود : سيفك كهام ، فخذ سيفي فاحتزّ به رأسي من عُرْشِي» العُرْش : عرق في أصل العنق.

وقال الجوهري : «العُرْش [بالضمّ (١)] أحدُ عُرْشَيِ العنق ، وهما لحمتان مستطيلتان في ناحيتي العنق».

(عرص) (ه) في حديث عائشة «نصبت على باب حجرتي عباءة مقدمه من غزاة خيبر أو تبوك ، فهتك العَرْص حتى وقع بالأرض» قال الهروي : المحدّثون يروونه بالضاد المعجمة ، وهو بالصاد والسين ، وهو خشبة توضع على البيت عرضا إذا أرادوا تسقيفه ، ثم تلقى عليه أطراف الخشب القصار. يقال : عَرَّصْتُ البيت تَعْرِيصاً.

وذكره أبو عبيد بالسين ، وقال : والبيت المُعَرَّس الذي له عرس ، وهو الحائط تجعل بين حائطي البيت لا يبلغ به أقصاه.

والحديث جاء في سنن أبي داود بالضاد المعجمة ، وشرحه الخطابي في «المعالم». وفي «غريب الحديث» بالصاد المهملة. وقال : قال الراوى : العرض ، وهو غلط.

وقال الزمخشرى : إنه العَرْص ، بالمهملة ، وشرح نحو ما تقدم. قال : وقد روي بالضاد المعجمة ، لأنه يوضع على البيت عرضا.

(س) وفى حديث قسّ «في عَرَصات جثجاث» العَرَصَات : جمع عَرْصَة ، وهي كلّ موضع واسع لا بناء فيه.

(عرض) (ه) فيه «كلّ المسلم على المسلم حرام ، دمه وماله وعِرْضُه» العِرْض.

__________________

(١) من الصحاح.

موضع المدح والذّم من الإنسان ، سواء كان في نفسه أو في سلفه ، أو من يلزمه أمره.

وقيل : هو جانبه الذي يصونه من نفسه وحسبه ، ويحامي عنه أن ينتقص ويثلب.

وقال ابن قتيبة : عِرْض الرّجل : نفسه وبدنه لا غير.

(ه) ومنه الحديث «فمن اتّقى الشّبهات استبرأ لدينه وعِرْضِه» أي احتاط لنفسه ، لا يجوز فيه معنى الآباء والأسلاف.

(س) ومنه حديث أبي ضمضم «اللهم إني تصدّقت بعِرْضِي على عبادك» أي تصدّقت بعِرْضِي على من ذكرني بما يرجع إلىّ عيبه.

ومنه شعر حسّان :

فإنّ أبي ووالده وعِرْضِي

لعِرْض محمد منكم وقاء

فهذا خاصّ للنّفس.

(ه) ومنه حديث أبي الدّرداء «أقرض من عِرْضِك ليوم فقرك» أي من عابك وذمّك فلا تجازه ، واجعله قرضا في ذمّته لتستوفيه منه يوم حاجتك في القيامة.

(ه) وفيه «ليّ الواجد يُحِلّ عقوبته وعِرْضَه» أي لصاحب الدّين أن يذمّه ويصفه بسوء القضاء.

(ه) وفيه «إن أَعْرَاضَكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا» هي جمع العِرْض المذكور أوّلا على اختلاف القول فيه.

(ه) ومنه حديث صفة أهل الجنة «إنما هو عرق يجري من أَعْرَاضِهم مثل المسك» أي من معاطف أبدانهم ، وهي المواضع التي تعرق من الجسد.

ومنه حديث أمّ سلمة لعائشة «غضّ الأطراف وخفر الأَعْرَاض» أي إنهنّ للخفر والصّون يتستّرن. ويروى بكسر الهمزة : أي يُعْرِضْنَ عما كره لهنّ أن ينظرن إليه ولا يلتفتن نحوه.

(ه) ومنه حديث عمر للحطيئة «فاندفعت تغنّى بأَعْرَاض المسلمين» أي تغنّى بذمّهم وذمّ أسلافهم في شعرك.

وفيه «عُرِضَتْ عليّ الجنّة والنّار آنفا في عُرْضِ هذا الحائط» العُرْض بالضم : الجانب والناحية من كلّ شيء.

ومنه الحديث «فإذا عُرْضُ وجهه منسح» أي جانبه.

[ه] والحديث الآخر «فقدّمت إليه الشّراب فإذا هو ينشّ فقال : اضرب به عُرْض الحائط».

(ه) ومنه حديث ابن مسعود «اذهب بها فاخلطها ثم ائتنا بها من عُرْضِها» أي من جانبها.

[ه] ومنه حديث ابن الحنفيّة «كلّ الجبن عُرْضاً» أي اشتره ممّن وجدته ولا تسأل عمّن عمله من مسلم أو غيره» مأخوذ من عُرْضِ الشيء ، وهو ناحيته.

ومنه حديث الحج «فأتي جمرة الوادي فاسْتَعْرَضَها» أي أتاها من جانبها عَرْضاً.

(ه) وفي حديث عمر «سأل عمرو بن معديكرب عن علة بن جلد فقال : أولئك فوارس أَعْرَاضِنا ، وشفاء أمراضنا»الأَعْرَاض : جمع عُرْض ، وهو النّاحية : أي يحمون نواحينا وجهاتنا عن تخطّف العدوّ ، أو جمع عَرْض ، وهو الجيش ، أو جمع عِرْض : أي يصونون ببلائهم (١) أَعْرَاضِنا أن تذمّ وتعاب.

(ه) وفيه «أنه قال لعدىّ بن حاتم. إنّ وسادك لَعَرِيضٌ» وفي رواية «إنك لعَرِيضُ القفا» كني بالوساد عن النّوم ، لأن النّائم يتوسّد : أي إنّ نومك لطويل كثير.

وقيل : كني بالوساد عن موضع الوساد من رأسه وعنقه ، ويشهد له الرواية الثّانية ، فإنّ عِرَضَ القفا كناية عن السّمن.

وقيل : أراد من أكل مع الصّبح في صومه أصبح عَرِيض القفا ، لأنّ الصّوم لا يؤثر فيه.

(ه) وفي حديث أحد «قال للمنهزمين : لقد ذهبتم فيها عَرِيضَة» أي واسعة.

__________________

(١) فى بعض النسخ «ببلادكم» أفاده مصحح الأصل.

(ه) ومنه الحديث «لئن أقصرت الخطبة لقد أَعْرَضْتَ المسألة» أي جئت بالخطبة قصيرة ، وبالمسألة واسعة كثيرة.

(ه) وفيه «لكم في الوظيفة الفريضة ، ولكم العَارِض» العَارِض : المريضة. وقيل : هي الّتي أصابها كسر ، يقال : عَرَضَتِ النّاقة إذا أصابها آفة أو كسر : أي إنا لا نأخذ ذات العيب فنصرّ بالصّدقة. يقال : بنو فلان أكّالون للعَوَارِض ، إذا لم ينحروا إلّا ما عَرَضَ له مرض أو كسر ، خوفا أن يموت فلا ينتفعون به ، والعرب تعيّر بأكله.

ومنه حديث قتادة في ماشية اليتيم «تصيب من رسلها وعَوَارِضِها».

ومنه الحديث «أنه بعث بدنة مع رجل ، فقال : إن عُرِضَ لها فانحرها» أي إن أصابها مرض أو كسر.

(س) وحديث خديجة «أخاف أن يكون عُرِضَ له» أي عَرَضَ له الجنّ ، أو أصابه منهم مسّ.

(س) وحديث عبد الرحمن بن الزّبير وزوجته «فاعْتُرِضَ عنها» أي أصابه عَارِض من مرض أو غيره منعه عن إتيانها.

(س) وفيه «لا جلب ولا جنب ولا اعْتِرَاض» هو أن يَعْتَرِضَ رجل بفرسه في السّباق فيدخل مع الخيل.

(س) ومنه حديث سراقة «أنه عَرَضَ لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأبي بكر الفرس» أي اعْتَرَضَ به الطّريق يمنعهما من المسير.

(س) ومنه حديث أبي سعيد «كنت مع خليلي صلى‌الله‌عليه‌وسلم في غزوة ، إذا رجل يقرّب فرسا في عِرَاض القوم» أي يسير حذاءهم مُعَارِضا لهم.

(س) ومنه حديث الحسن بن علي «أنه ذكر عمر فأخذ الحسين في عِرَاضِ كلامه» أي في مثل قوله ومقابله.

(س) ومنه الحديث «أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عَارَضَ جنازة أبي طالب» أي أتاها مُعْتَرِضاً من بعض الطّريق ولم يتبعه من منزله.

ومنه الحديث «إن جبريل عليه‌السلام كان يُعَارِضُه القرآن في كلّ سنة مرّة ، وأنه عَارَضَه العام مرّتين» أي كان يدارسه جميع ما نزل من القرآن ، من المُعَارَضَة : المقابلة.

ومنه «عَارَضْتُ الكتاب بالكتاب» أي قابلته به.

(ه) وفيه «إن في المَعَارِيض لمندوحة عن الكذب» المَعَارِيض : جمع مِعْرَاض ، من التَّعْرِيض ، وهو خلاف التّصريح من القول. يقال : عرفت ذلك في مِعْرَاض كلامه ومِعْرَض كلامه ، بحذف الألف ، أخرجه أبو عبيد وغيره من حديث عمران بن حصين (١) وهو حديث مرفوع.

ومنه حديث عمر «أما في المَعَارِيض ما يغني المسلم عن الكذب؟»

ومنه حديث ابن عباس «ما أحبّ بمَعَارِيض الكلام حمر النّعم».

(ه) ومنه الحديث «من عَرَّضَ عَرَّضْنَا له ـ أي من عَرَّضَ بالقذف عَرَّضْنَا له بتأديب لا يبلغ الحدّ ـ ومن صرّح بالقذف حددناه».

(س) وفيه «من سعادة المرء خفّة عَارِضَيْهِ» العَارِض من اللحية : ما ينبت على عُرْض اللّحى فوق الذّقن.

وقيل : عَارِضَا الإنسان : صفحتا خدّيه. وخفّتهما كناية عن كثرة الذكر لله تعالى وحركتهما به.

كذا قال الخطّابي. وقال [قال](٢) ابن السّكّيت : فلان خفيف الشّفة إذا كان قليل السّؤال للنّاس.

وقيل : أراد بخفّة العَارِضَيْن خفّة اللّحية ، وما أراه مناسبا.

(ه) وفيه «أنه بعث أمّ سليم لتنظر امرأة ، فقال : شَمِّي عَوَارِضَها» العَوَارِض : الأسنان التي في عُرْض الفم ، وهي ما بين الثّنايا والأضراس ، واحدها عَارِض ، أمرها بذلك لتبور به نكهتها.

وفي قصيد كعب :

__________________

(١) وكذلك فعل الهروى.

(٢) من ا واللسان.

تجلو عَوَارِض ذي ظلم إذا ابتسمت

يعنى تكشف عن أسنانها.

(ه) وفي حديث عمر وذكر سياسته فقال : «وأضرب العَرُوض» وهو بالفتح من الإبل الذي يأخذ يمينا وشمالا ولا يلزم المحجّة. يقول : أضربه حتى يعود إلى الطّريق. جعله مثلا لحسن سياسته للأمّة (١).

(ه) ومنه حديث ذي البجادين يخاطب ناقة النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم :

تَعَرَّضِي مدارجا وسومي

تَعَرُّض الجوزاء للنّجوم

أي خذي يمنة ويسرة ، وتنكّبي الثنايا الغلاظ. وشبّهها بالجوزاء لأنها تمرّ معترضة في السّماء ، لأنّها غير مستقيمة الكواكب في الصّورة.

ومنه قصيد كعب :

مَدْخُوسَةٌ قُذِفَتْ بِالنَّحْضِ عَن عُرُضٍ (٢)

أي أنها تَعْتَرِض في مرتعها.

وفي حديث قوم عاد : السّحاب الذي يَعْتَرِض في أفق السماء.

(س) وفي حديث أبي هريرة «فأخذ في عَرُوض آخر» أى فى طريق آخر من الكلام. والعَرُوض : طريق في عُرْض الجبل ، والمكان الذي يُعَارِضك إذا سرت.

__________________

(١) فى الأصل : «سياسته الأمة» وفى ا : «سياسته الأمة» والمثبت من الهروى واللسان.

(٢) الرواية فى شرح ديوانه ، ص ١٢ :

عيرانة قذفت في اللحم عن عُرُض

ويلاحظ أن ابن الأثير لم يذكره فى مادة «دخس» على عادته ، بل ذكره فى مادة «عير».

قال صاحب القاموس : الدّخيس : اللحم المكتنز الكثير. والدّخس ، بالفتح : الإنسان التارّ المكتنز.

(س) ومنه حديث عاشوراء «فأمر أن يؤذنوا أهل العَرُوض» أراد من بأكناف مكة والمدينة. يقال لمكّة والمدينة واليمن : العَرُوض ، ويقال للرّساتيق بأرض الحجاز : الأَعْرَاض ، واحدها : عِرْض ، بالكسر.

وفي حديث أبي سفيان «أنه خرج من مكة حتى بلغ العُرَيض» هو بضم العين مصغّر : واد بالمدينة به أموال لأهلها.

ومنه الحديث الآخر «ساق خليجا من العُرَيْض».

(س) وفيه «ثلاث فيهنّ البركة ، منهن البيع إلى أجل ، والمُعَارَضة» أي بيع العَرْض بالعَرْض ، وهو بالسّكون : المتاع بالمتاع لا نقد فيه. يقال : أخذت هذه السّلعة عَرْضا إذا أعطيت في مقابلتها سلعة أخرى.

(ه) وفيه «ليس الغنى عن كثرة العَرَض ، إنّما الغنى غنى النّفس» العَرَض بالتحريك : متاع الدنيا وحطامها.

(ه) ومنه الحديث «الدّنيا عَرَضٌ حاضر يأكل منه البرّ والفاجر» وقد تكرر في الحديث.

(ه) وفي كتابه لأقوال شبوة (١) «ما كان لهم من ملك وعرمان ومزاهر وعِرْضَان» العِرْضَان (٢) : جمع العَرِيض ، وهو الذي أتى عليه من المعز سنة ، وتناول الشّجر والنّبت بعُرْض شدقه ، وهو عند أهل الحجاز خاصّة الخصىّ منها ، ويجوز أن يكون جمع العِرْض ، وهو الوادي الكثير الشّجر والنخل.

ومنه حديث سليمان عليه‌السلام «أنه حكم في صاحب الغنم أنه يأكل من رسلها وعِرْضَانِها».

(س) ومنه الحديث «فتلقّته امرأة معها عَرِيضَان أهدتهما له» ويقال لواحدها : عَرُوض أيضا ، ولا يكون إلا ذكرا.

__________________

(١) فى الهروى : «شنوءة».

(٢) العرضان ، بالكسر والضم. كما فى القاموس.

(ه) وفي حديث عدىّ «إنّي أرمي بالمِعْرَاض فيخزق» المِعْرَاض بالكسر : سهم بلا ريش ولا نصل ، وإنما يصيب بعَرْضه دون حدّه.

[ه] وفيه «خمّروا آنيتكم ولو بعود تَعْرِضُونَه عليه» أي تضعونه عليه بالعَرْض.

(س) وفي حديث حذيفة «تُعْرَض الفتن على القلوب عَرْضَ الحصير» أي توضع عليها وتبسط كما يبسط الحصير. وقيل : هو من عَرْض الجند بين يدي السّلطان لإظهارهم واختبار أحوالهم.

(ه) ومنه حديث عمر عن أسيفع جهينة «فادّان مُعْرِضا» يريد بالمُعْرِض المُعْتَرِض : أي اعْتَرَضَ لكل من يقرضه. يقال : عَرَضَ لي الشيء ، وأَعْرَضَ ، وتَعَرَّضَ ، واعْتَرَضَ بمعنى.

وقيل : أراد أنّه إذا قيل له : لا تستدن ، فلا يقبل ، من أَعْرَضَ عن الشيء إذا ولّاه ظهره.

وقيل : أراد مُعْرِضا عن الأداء.

(ه) وفيه «أن ركبا من تجّار المسلمين عَرَّضُوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأبا بكر ثيابا بيضا» أي أهدوا لهما. يقال : عَرَضْتُ الرجل إذا أهديت له. ومنه العُرَاضَة ، وهي هدية القادم من سفره.

[ه] ومنه حديث معاذ «وقالت له امرأته ، وقد رجع من عمله : أين ما جئت به مما يأتي به العمّال من عُرَاضَة أهلهم؟».

وفي حديث أبي بكر وأضيافه «قد عُرِضُوا فأبوا» هو بتخفيف الرّاء على ما لم يسمّ فاعله ، ومعناه : أطعموا وقدّم لهم الطّعام.

(ه) وفيه «فاسْتَعْرضهم الخوارج» أي قتلوهم من أي وجه أمكنهم ولا يبالون من قتلوا.

(س) ومنه حديث الحسن «أنه كان لا يتأثّم من قتل الحرورىّ المُسْتَعْرِض» هو الذي يَعْتَرِض الناس يقتلهم.

(س) وفي حديث عمر «تدعون أمير المؤمنين وهو مُعْرَضٌ لكم» هكذا روي

بالفتح. قال الحربي : الصواب بالكسر. يقال : أَعْرَضَ الشيء يُعْرِضُ من بعيد إذا ظهر : أي تدعونه وهو ظاهر لكم!

(س) ومنه حديث عثمان بن أبي العاص «أنه رأى رجلا فيه اعْتِرَاض» هو الظّهور والدّخول في الباطل والامتناع من الحق. واعْتَرَضَ فلان الشيء تكلّفه.

(س) وفي حديث عمرو بن الأهتم «قال للزّبرقان إنه شديد العَارِضَة» أي شديد الناحية ذو جلد وصرامة.

(س) وفيه «أنه رفع لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عَارِضُ اليمامة» هو موضع معروف.

وفي قصيد كعب.

عُرْضَتُها طامس الأعلام مجهول

هو من قولهم : بعير عُرْضَة للسفر : أي قوىّ عليه. وجعلته عُرْضَة لكذا : أي نصبته له.

(ه) وفيه «أن الحجّاج كان على العُرْضِ وعنده ابن عمر» كذا روي بالضم. قال الحربي : أظنّه أراد العُرُوض : جمع العُرْض ، وهو الجيش.

(عرطب) (ه) فيه «إن الله يغفر لكلّ مذنب إلّا صاحب عَرْطَبَة أو كوبة» العَرْطَبَة بالفتح والضم : العود. وقيل الطُّنْبُور.

(عرعر) في حديث يحيى بن يعمر «والعدوّ بعُرْعُرَةِ الجبل» عُرْعُرَةُ كل شيء بالضم : رأسه وأعلاه.

(عرف) قد تكرر ذكر «المَعْرُوف» في الحديث ، وهو اسم جامع لكلّ ما عُرِفَ من طاعة الله والتقرّب إليه والإحسان إلى النّاس ، وكلّ ما ندب إليه الشّرع ونهى عنه من المحسّنات والمقبّحات ، وهو من الصّفات الغالبة : أي أمر مَعْرُوف بين النّاس إذا رأوه لا ينكرونه. والمَعْرُوف : النّصفة وحسن الصّحبة مع الأهل وغيرهم من الناس. والمنكر : ضدّ ذلك جميعه.

[ه] ومنه الحديث «أهل المَعْرُوف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة» أي من بذل مَعْرُوفَه للناس في الدنيا آتاه الله جزاء مَعْرُوفه في الآخرة.

وقيل : أراد من بذل جاهه لأصحاب الجرائم التي لا تبلغ الحدود فيشفع فيهم شفّعه الله في أهل التّوحيد في الآخرة.

وروى عن ابن عباس في معناه قال : يأتي أصحاب المَعْرُوف في الدنيا يوم القيامة فيغفر لهم بمَعْرُوفِهِم ، وتبقى حسناتهم جامّة فيعطونها لمن زادت سيّئاته على حسناته فيغفر له ويدخل الجنة ، فيجتمع لهم الإحسان إلى الناس في الدنيا والآخرة.

وفيه أنه قرأ في الصلاة «وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفاً» يعنى الملائكة أرسلوا للمَعْرُوف والإحسان. والعُرْف : ضدّ النُّكْر. وقيل : أراد أنّها أرسلت متتابعة كعُرْفِ الفرس.

(س) وفيه «من فعل كذا وكذا لم يجد عَرْفَ الجنة» أي ريحها الطّيّبة. والعَرْف : الرّيح.

ومنه حديث عليّ «حبّذا أرض الكوفة ، أرض سواء سهلة مَعْرُوفَة» أي طيّبة العَرْف. وقد تكرر في الحديث.

(ه) وفيه «تَعَرَّفْ إلى الله في الرّخاء يَعْرِفْك في الشّدة» أي اجعله يَعْرِفْك بطاعته والعمل فيما أولاك من نعمته ، فإنه يجازيك عند الشّدة والحاجة إليه في الدّنيا والآخرة.

(ه) ومنه حديث ابن مسعود «فيقال لهم : هل تَعْرِفُون ربّكم؟ فيقولون : إذا اعْتَرَفَ لنا عَرَفْنَاه» أي إذا وصف نفسه بصفة نحقّقه بها عَرَفْنَاه.

ومنه الحديث في تَعْرِيف الضالّة «فإن جاء من يَعْتَرِفُها» يقال : عَرَّفَ فلانٌ الضالّة : أي ذكرها وطلب من يَعْرِفُها ، فجاء رجل يَعْتَرِفُها : أي يصفها بصفة يعلم أنه صاحبها.

(ه) وفي حديث عمر : «أطردنا المُعْتَرِفِين» هم الذين يقرّون على أنفسهم بما يجب عليهم فيه الحدّ أو التّعزير. يقال : أطرده السّلطان وطرّده إذا أخرجه عن بلده ، وطرده إذا أبعده.

ويروى «اطردوا المُعْتَرِفِين» كأنه كره لهم ذلك وأحبّ أن يستروه على أنفسهم.

(س) وفي حديث عوف بن مالك «لتردّنه أو لأُعَرِّفَنَّكَها عند رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم» أي لأجازينّك بها حتى تَعْرِفَ سوء صنيعك. وهي كلمة تقال عند التّهديد والوعيد.

(س) وفيه «العِرَافَة حقّ ، والعُرَفَاء في النار» العُرَفَاء : جمع عَرِيف ، وهو القيّم بأمور القبيلة أو الجماعة من النّاس يلي أمورهم ويَتَعَرَّف الأمير منه أحوالهم ، فعيل بمعنى فاعل. والعِرَافَة : عمله.

وقوله «العِرَافَة حقّ» أي فيها مصلحة للناس ورفق في أمورهم وأحوالهم.

وقوله «العُرَفَاء في النار» تحذير من التّعرّض للرياسة لما في ذلك من الفتنة ، وأنه إذا لم يقم بحقّه أثم واستحق العقوبة.

(ه) ومنه حديث طاوس «أنه سأل ابن عبّاس : ما معنى قول الناس : أهل القرآن عُرَفَاء أهل الجنة؟ فقال : رؤساء أهل الجنة» وقد تكرر في الحديث مفردا ومجموعا ومصدرا.

وفي حديث ابن عباس «ثُمَّ مَحِلُّها إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ» وذلك بعد المُعَرَّف» يريد به بعد الوقوف بعَرَفَة ، وهو التَّعْرِيف أيضا. والمُعَرَّف في الأصل : موضع التَّعْرِيف ، ويكون بمعنى المفعول.

(ه) وفيه «من أتى عَرَّافا أو كاهنا» أراد بالعَرَّاف : المنجّم أو الحازى الذي يدّعي علم الغيب ، وقد استأثر الله تعالى به.

(س) وفي حديث ابن جبير «ما أكلت لحما أطيب من مَعْرِفَة البرذون» أي منبت عُرْفِه من رقبته.

(س) وفي حديث كعب بن عجرة «جاءوا كأنهم عُرْفٌ» أي يتبع بعضهم بعضا.

(عرفج) (س) وفي حديث أبي بكر «خرج كأنّ لحيته ضرام عَرْفَج» العَرْفَج : شجر معروف صغير سريع الاشتعال بالنار ، وهو من نبات الصّيف.

(عرفط) (ه) فيه «جرست نحله العُرْفُط» العُرْفُط بالضم : شجر الطّلح ، وله صمغ كريه الرّائحة ، فإذا أكلته النّحل حصل في عسلها من ريحه.

(عرق) (ه) في حديث المظاهر «أنه أتى بعَرَقٍ من تمر» هو زبيل منسوج من نسائج الخوص ، وكل شيء مضفور فهو عَرَقٌ وعَرَقَةٌ بفتح الراء فيهما. وقد تكرر في الحديث.

(ه) وفي حديث إحياء الموات «وليس لعِرْقِ ظالم حقّ» هو أن يجيء الرجل إلى أرض قد أحياها رجل قبله فيغرس فيها غرسا غصبا ليستوجب به الأرض.

والرواية «لعِرْقٍ» بالتنوين ، وهو على حذف المضاف : أي لذي عِرْقٍ ظالم ، فجَعَلَ العِرْقَ نفسه ظالما والحقّ لصاحبه ، أو يكون الظّالم من صفة صاحب العِرْق ، وإن روى «عِرْقِ» بالإضافة فيكون الظالم صاحب العِرْق ، والحقّ للعِرْق ، وهو أحد عُرُوق الشجرة.

(ه) ومنه حديث عكراش «أنه قدم على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم بإبل من صدقات قومه كأنّها عُرُوق الأرطى» هو شجر معروف واحدته : أرطاة ، وعُرُوقُه طوال حمر ذاهبة في ثرى الرمال الممطورة في الشّتاء ، تراها إذا أثيرت حمرا مكتنزة ترفّ يقطر منها الماء ، شبّه بها الإبل في اكتنازها وحمرة ألوانها.

(س) وفيه «إنّ ماء الرجل يجري من المرأة إذا واقعها في كلّ عِرْقٍ وعصب» العِرْق من الحيوان : الأجوف الذي يكون فيه الدّم ، والعصب : غير الأجوف.

(س) وفيه «أنه وقّت لأهل العِرَاق ذات عِرْق» هو منزل معروف من منازل الحاجّ. يحرم أهل العِرَاق بالحجّ منه ، سمّي به لأنّ فيه عِرْقا ، وهو الجبل الصغير. وقيل : العِرْق من الأرض سبخة تنبت الطّرفاء.

والعِرَاق في اللغة : شاطئ النّهر والبحر ، وبه سمي الصّقع ، لأنه على شاطئ الفرات ودجلة.

(س) ومنه حديث جابر «خرجوا يقودون به حتى لمّا كان عند العِرْق من الجبل الذي دون الخندق نكّب».

(س) ومنه حديث ابن عمر «أنه كان يصلّي إلى العِرْق الذي في طريق مكة».

(ه) وفي حديث عمر بن عبد العزيز «إنّ امرأ ليس بينه وبين آدم أب حىّ لَمُعْرَقٌ له في الموت» أي أنّ له فيه عِرْقا وأنّه أصيل في الموت.

ومنه حديث قتيلة أخت النضر بن الحارث.

والفحل فحل مُعْرِق

أي عَرِيق النّسب أصيل.

(ه) وفيه «أنه تناول عَرْقاً ثم صلّى ولم يتوضأ» العَرْق بالسكون : العظم إذا أخذ عنه معظم اللّحم ، وجمعه : عُرَاق ، وهو جمع نادر ، يقال : عَرَقْتُ العظم ، واعْتَرَقْتُه ، وتَعَرَّقْتُه إذا أخذت عنه اللحم بأسنانك.

ومنه الحديث «لو وجد أحدهم عَرْقاً سمينا أو مرماتين» وقد تكرر في الحديث.

وفي حديث الأطعمة «فصارت عَرْقَة» يعنى أنّ أضلاع السّلق قامت في الطّبخ مقام قطع اللّحم ، هكذا جاء في رواية. وفي أخرى بالغين المعجمة والفاء ، يريد المرق من الغرف.

(ه) وفيه «قال ابن الأكوع : فخرج رجل على ناقة ورقاء وأنا على رجلي (١) فأعْتَرِقُها حتى آخذ بخطامها» يقال : عَرَقَ في الأرض إذا ذهب فيها ، وجرت الخيل عَرَقاً : أي طلقا. ويروى بالغين وسيجيء.

(ه) وفي حديث عمر «جشمت (٢) إليك عَرَق القربة» أي تكلفت إليك وتعبت حتى عَرِقْتُ كعَرَقِ القربة ، وعَرَقُها : سيلان مائها.

وقيل : أراد بعَرَقِ القربة عَرَق حاملها من ثقلها.

وقيل : أراد إنّي قصدتك وسافرت إليك واحتجت إلى عَرَقِ القربة وهو ماؤها.

__________________

(١) فى الأصل واللسان : «وأنا على رحلى فاعترقها حتى أخذ بخطامها». وهو خطأ صوابه من ا والهروى ، ومما يأتى فى مادة «غرق». غير أن رواية الهروى : «وأنا على رجلىّ فاعترقتها حتى آخذ بخطامها».

(٢) فى الهروى : «تجشّمت».

وقيل : أراد تكلّفت لك ما لم يبلغه أحد وما لا يكون ، لأنّ القربة لا تَعْرَق.

وقال الأصمعي : عَرَقَ القربة معناه الشّدّة ، ولا أدري ما أصله.

(س) وفي حديث أبي الدّرداء «أنه رأى في المسجد عَرَقَةً فقال : غطّوها عنّا» قال الحربي : أظنّها خشبة فيها صورة.

وفي حديث وائل بن حجر «أنه قال لمعاوية وهو يمشي في ركابه : تَعَرَّقْ في ظلّ ناقتي» أي امش في ظلّها وانتفع به قليلا قليلا.

(س [ه]) وفي حديث عمر «قال لسلمان : أين تأخذ إذا صدرت ، أعلى المُعَرِّقَة ، أم على المدينة؟» هكذا روي مشدّدا. والصّواب التخفيف (١) ، وهي طريق كانت قريش تسلكها إذا سارت إلى الشّام تأخذ على ساحل البحر ، وفيها سلكت عير قريش حين كانت وقعة بدر.

(س) وفي حديث عطاء «أنه كره العُرُوق للمحرم» العُرُوق : نبات أصفر طيب الرّيح والطّعم يعمل في الطّعام. وقيل : هو جمع واحده عِرْق.

(س) وفيه «رأيت كأنّ دلوا دلّي من السّماء فأخذ أبو بكر بعَرَاقِيها فشرب» العَرَاقِي : جمع عَرْقُوَة الدّلو ، وهو الخشبة المعروضة على فم الدّلو ، وهما عَرْقُوَتَان كالصّليب. وقد عَرْقَيْتُ الدّلو إذا ركّبت العَرْقُوَة فيها.

(عرقب) (س) في حديث القاسم «كان يقول للجزّار : لا تُعَرْقِبْها» أي لا تقطع عُرْقُوبَها ، وهو الوتر الذي خلف الكعبين بين مفصل القدم والسّاق من ذوات الأربع ، وهو من الإنسان فويق العقب.

وفي قصيد كعب :

كانت مواعيد عُرْقُوبٍ لها مثلا

وما مواعيدها إلّا الأباطيل

عُرْقُوب : هو ابن معبد ، رجل من العمالقة كان وعد رجلا ثمر نخلة ، فجاءه حين أطلعت

__________________

(١) وهو رواية الهروى.

فقال : حتى تصير بلحا ، فلما أبلحت قال : دعها حتى تصير بسرا ، فلما أبسرت قال : دعها حتى تصير رطبا ، فلما أرطبت قال : دعها حتى تصير تمرا ، فلما أتمرت عمد إليها من الليل فجدّها ولم يعطه منها شيئا ، فصارت مثلا في إخلاف الوعد.

(عرك) في صفته صلى‌الله‌عليه‌وسلم «أصدق النّاس لهجة وألينهم عريكة» العَرِيكَة : الطّبيعة. يقال : فلان ليّن العَرِيكَة ، إذا كان سلسا مطاوعا منقادا قليل الخلاف والنّفور.

وفي حديث ذمّ السّوق «فإنها مَعْرَكَة الشيطان ، وبها ينصب رايته» المَعْرَكَة والمُعْتَرَك : موضع القتال : أي موطن الشيطان ومحلّه الذي يأوي إليه ويكثر منه ، لما يجري فيه من الحرام والكذب والرّبا والغصب ، ولذلك قال : «وبها ينصب رايته» كناية عن قوّة طمعه في إغوائهم ، لأنّ الرّايات في الحروب لا تنصب إلّا مع قوّة الطمع في الغلبة ، وإلّا فهي مع اليأس تحطّ ولا ترفع.

(ه) وفي كتابه لقوم من اليهود «إنّ عليكم ربع ما أخرجت نخلكم. وربع ما صادت عُرُوكُكُم ، وربع المغزل» العُرُوك : جمع عَرَك بالتحريك ، وهم الذين يصيدون السمك.

(ه) ومنه الحديث «إنّ العَرَكِيَ سأله عن الطّهور بماء البحر» العَرَكِيُ بالتشديد : واحد العَرَكِ ، كعربيّ وعَرَب.

وفيه «أنه عاوده كذا وكذا عَرْكَة» أي مرّة. يقال : لقيته عَرْكَة بعد عَرْكَة : أي مرّة بعد أخرى.

وفي حديث عائشة تصف أباها «عُرَكَةٌ للأذاة بجنبه» أي يحتمله. ومنه عَرَكَ البعير جنبه بمرفقه إذا دلكه فأثّر فيه.

وفي حديث عائشة «حتى إذا كنّا بسرف عَرَكْتُ» أي حضت. عَرَكَتِ المرأة تَعْرُكُ عِرَاكاً فهي عَارِك.

(ه) ومنه الحديث «إنّ بعض أزواجه كانت محرمة فذكرت العَرَاك قبل أن تفيض» وقد تكرر في الحديث.

(عرم) (س) في حديث عاقر الناقة «فانبعث لها رجل عَارِم» أي خبيث شرّير. وقد عَرُمَ بالضم والفتح والكسر. والعُرَام : الشّدة والقوّة والشّراسة.

ومنه حديث أبي بكر «إنّ رجلا قال له : عَارَمْتُ غلاما بمكة فعضّ أذني فقطع منها» أي خاصمت وفاتنت.

ومنه حديث عليّ «على حين (فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ) ، واعْتِرَام من الفتن» أي اشتداد.

وفي حديث معاذ «أنه ضحّى بكبش أَعْرَم» هو الأبيض الذي فيه نقط سود. والأنثى عَرْمَاء.

(ه) وفي كتاب أقوال شبوة «ما كان لهم من ملك وعُرْمَانٍ» العُرْمَان : المزارع ، وقيل الأكرة ، الواحد : أَعْرَم. وقيل عَرِيم.

(عرن) في صفته عليه‌السلام «أقنى العِرْنين» العِرْنين : الأنف. وقيل رأسه. وجمعه عَرَانِين.

ومنه قصيد كعب :

شُمُ العَرَانِين أبطالٌ لَبُوسهم

ومنه حديث عليّ «من عَرَانين أنوفها».

وفيه «اقتلوا من الكلاب كلّ أسود بهيم ذي عُرْنَتَين» العُرْنَتَان : النّكتتان اللّتان يكونان فوق عين الكلب.

(ه) وفيه «أن بعض الخلفاء دفن بعَرِين مكّة» أي بفنائها. وكان دفن عند بئر ميمون. والعَرِين في الأصل : مأوى الأسد ، شبّهت به لعزّها ومنعتها.

وفي حديث الحج : وارتفعوا عن بطن عُرَنَة» هو بضم العين وفتح الراء : موضع عند الموقف بعرفات.

(عرجم) في حديث عمر «أنه قضى في الظّفر إذا اعْرَنْجَمَ بقلوص» جاء تفسيره في الحديث إذا فسد.

قال الزمخشري : «ولا تعرف حقيقته ، ولم يثبت عند (١) أهل اللّغة سماعا. والذي يؤدّي إليه الاجتهاد أن يكون معناه جسأ وغلظ» وذكر له أوجها واشتقاقات بعيدة.

وقيل : إنّه احرنجم بالحاء : أي تقبّض ، فحرّفه الرّواة.

(عره) (س) في حديث عروة بن مسعود «قال : والله ما كلّمت مسعود بن عمرو منذ عشر سنين ، والليلة أكلّمه! فخرج فناداه ، فقال : من هذا؟ فقال : عروة ، فأقبل مسعود وهو يقول : أطرقت عَرَاهِيَه ، أم طرقت بِدَاهيه؟» قال الخطّابي : هذا حرف مشكل. وقد كتبت فيه إلى الأزهري ، وكان من جوابه أنه لم يجده في كلام العرب. والصواب عنده «عتاهيه» وهي الغفلة والدّهش : أي أطرقت غفلة بلا رويّة ، أو دَهَشاً؟.

قال الخطابي : وقد لاح لي في هذا شيء ، وهو أن تكون الكلمة مركّبة من اسمين : ظاهر ومكنّى وأبدل فيهما حرفا ، وأصلها إمّا من العراء وهو وجه الأرض ، وإما من العرا مقصورا ، وهو النّاحية ، كأنه قال : أطرقت عرائي : أي فنائي زائرا وضيفا ، أم أصابتك داهية فجئت مستغيثا ، فالهاء الأولى من عَرَاهِيَه مبدلة من الهمزة ، والثانية هاء السّكت زيدت لبيان الحركة.

وقال الزمخشري : «يحتمل أن تكون بالزاي ، مصدر عزه يعزه فهو عزه إذا لم يكن له أرب في الطّرق. فيكون معناه : أطرقت بلا أرب وحاجة. أم أصابتك داهية أحوجتك إلى الاستغاثة».

(عرا) (ه) فيه «أنه رخّص في العَرِيَّة والعَرَايَا» قد تكرر ذكرها في الحديث واختلف في تفسيرها ، فقيل : إنه لما نهى عن المزابنة وهو بيع الثمر في رؤوس النّخل بالتمر رخّص في جملة المزابنة في العَرَايَا ، وهو أن من لا نخل له من ذوي الحاجة يدرك الرّطب ولا نقد بيده يشتري به الرّطب لعياله ، ولا نخل له يطعمهم منه ويكون قد فضل له من قوته تمر ، فيجيء إلى صاحب النخل فيقول له : بعني ثمر نخلة أو نخلتين بخرصها من التمر ، فيعطيه ذلك الفاضل من التمر بثمر تلك النّخلات ليصيب من رطبها مع الناس ، فرخّص فيه إذا كان دون خمسة أوسق.

__________________

(١) فى الفائق ٢ / ١٣٦ : «عن».

والعَرِيَّة : فعيلة بمعنى مفعولة ، من عَرَاه يَعْرُوه إذا قصده.

ويحتمل أن تكون فعيلة بمعنى فاعلة ، من عَرِيَ يَعْرَى إذا خلع ثوبه ، كأنّها عُرِّيَتْ من جملة التّحريم فَعرِيَتْ : أي خرجت.

(ه) وفيه «إنّما مثلي ومثلكم كمثل رجل أنذر قومه جيشا فقال : أنا النّذير العُرْيَان» (١) خصّ العُرْيَان لأنه أبين للعين وأغرب وأشنع عند المبصر. وذلك أنّ ربيئة القوم وعينهم يكون على مكان عال ، فإذا رأى العدوّ قد أقبل نزع ثوبه وألاح به لينذر قومه ويبقى عُرْيَاناً.

(ه) وفي صفته صلى‌الله‌عليه‌وسلم «عَارِي الثّديين» ويروى «الثّندوتين» أراد أنه لم يكن عليهما شعر. وقيل : أراد لم يكن عليهما لحم ، فإنه قد جاء في صفته : أشعر الذّراعين والمنكبين وأعلى الصّدر.

(س) وفيه «أنه أتي بفرس مُعْرَوْرٍ» أي لا سرج عليه ولا غيره. واعْرَوْرَى فرسه إذا ركبه عُرْياً ، فهو لازم ومتعدّ ، أو يكون أتي بفرس مُعْرَوْرًى ، على المفعول. ويقال : فرس عُرْيٌ ، وخيل أَعْرَاء.

(ه) ومنه الحديث «أنه ركب فرسا عُرْياً لأبي طلحة» ولا يقال : رجل عُرْيٌ ، ولكن عُرْيَان.

(س) وفيه «لا ينظر الرجل إلى عِرْيَةِ المرأة» هكذا جاء في بعض روايات مسلم (٢) يريد ما يُعْرَى منها وينكشف. والمشهور في الرواية «لا ينظر إلى عَوْرَةِ المرأة».

__________________

(١) فى الهروى : قال ابن السّكّيت : هو رجل من خثعم حمل عليه يوم ذى الخلصة عوف بن عامر فقطع يده ويد امرأته.

(٢) صحيحه فى (باب تحريم النظر إلى العورات ، من كتاب الحيض) وقال النووى فى شرحه : «ضبطنا هذه اللفظة على ثلاثة أوجه : عرية ، بكسر العين وإسكان الراء. وعرية ، بضم العين وإسكان الراء. وعريّة ، بضم العين وفتح الراء وتشديد الياء. قال أهل اللغة : عرية الرجل ، بضم العين وكسرها هى متجرّده ، والثالثة على التصغير».

(س) وفي حديث أبي سلمة «كنت أرى الرؤيا أَعْرَى منها» أي يصيبني البرد والرّعدة من الخوف. يقال : عُرِيَ فهو مَعْرُوٌّ. والعُرَوَاء : الرّعدة.

ومنه حديث البراء بن مالك «أنه كان يصيبه العُرَوَاء» وهو في الأصل برد الحمّى.

(س) وفيه «فكره أن يُعْرُوا المدينة» وفي رواية «أن تَعْرَى» أي تخلو وتصير عَرَاء وهو الفضاء من الأرض ، وتصير دورهم في العَرَاء.

(س) وفيه «كانت فدك لحقوق رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم التي تَعْرُوه» أي تغشاه وتنتابه.

ومنه حديث أبي ذر «ما لك لا تَعْتَرِيهم وتصيب منهم» عَرَاه واعْتَرَاه إذا قصده يطلب منه رفده وصلته. وقد تكرر في الحديث.

(س) وفيه «أنّ امرأة مخزوميّة كانت تستعير المتاع وتجحده ، فأمر بها فقطعت يدها» الاسْتِعَارَة : من العَارِيَّة وهي معروفة. وذهب عامّة أهل العلم إلى أن المُسْتَعِير إذا جحد العَارِيَّة لا يقطع لأنه جاحد خائن ، وليس بسارق ، والخائن والجاحد لا قطع عليه نصّا وإجماعا.

وذهب إسحاق إلى القول بظاهر هذا الحديث.

وقال أحمد : لا أعلم شيئا يدفعه.

قال الخطّابي : وهو حديث مختصر اللّفظ والسّياق. وإنما قطعت المخزومية لأنها سرقت ، وذلك بيّن في رواية عائشة لهذا الحديث.

ورواه مسعود بن الأسود فذكر أنّها سرقت قطيفة من بيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وإنما ذكرت الاسْتِعَارَة والجحد في هذه القصّة تعريفا لها بخاصّ صفتها ، إذ كانت الاسْتِعَارَة والجحد معروفة بها ، ومن عادتها كما عرفت بأنّها مخزومية ، إلّا أنها لمّا استمرّ بها هذا الصنيع ترقّت إلى السّرقة واجترأت عليها ، فأمر بها فقطعت.

(س) وفيه «لا تشدّ العُرَى إلّا إلى ثلاثة مساجد» هي جمع عُرْوَة ، يريد عُرَى الأحمال والرّواحل.

(باب العين مع الزاى)

(عزب) [ه] فيه «من قرأ القرآن في أربعين ليلة فقد عَزَبَ» أي بعد عهده بما ابتدأ منه ، وأبطأ في تلاوته. وقد عَزَبَ يَعْزُبُ فهو عَازِب إذا أبعد.

(ه) ومنه حديث أم معبد «والشّاء عَازِب حيال» أي بعيدة المرعى لا تأوي إلى المنزل في اللّيل. والحيال : جمع حائل وهي التي لم تحمل.

(ه) ومنه الحديث «أنه بعث بعثا فأصبحوا بأرض عَزُوبَة بَجْرَاء» أي بأرض بعيدة المرعى قليلته ، والهاء فيها للمبالغة ، مثلها في فروقة وملولة.

(س) ومنه الحديث «إنهم كانوا في سفر مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فسمع مناديا فقال : انطروا تجدوه مُعْزِباً أو مكلئا» المُعْزِب : طالب الكلأ العَازِب ، وهو البعيد الذي لم يرع. وأَعْزَبَ القومُ : أصابوا عَازِباً من الكلأ.

(س) ومنه حديث أبي بكر «كان له غنم فأمر عامر بن فهيرة أن يَعْزُبَ بها» أي يبعد في المرعى. وروى «يُعَزِّبَ» بالتشديد : أي يذهب بها إلى عَازِب من الكلأ.

وفي حديث أبي ذرّ «كنت أَعْزُبُ عن الماء» أي أبعد.

ومنه حديث عاتكة :

فهنّ هواء والحلوم عَوَازِب

جمع عَازِب : أي أنّها خالية بعيدة العقول.

وفي حديث ابن الأكوع «لمّا أقام بالرّبذة قال له الحجّاج : ارتددت على عقبيك ، تَعَزَّبْتَ؟ قال : لا ، ولكن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أذن لي في البدو» أراد : بعدت عن الجماعات والجمعات بسكنى البادية. ويروى بالراء وقد تقدم.

ومنه الحديث «كما يتراءون الكوكب العَازِب في الأفق» هكذا جاء في رواية : أي البعيد. والمعروف «الغارب» بالغين المعجمة والراء ، و«الغابر» بالباء الموحدة.

وقد تكرر فيه ذكر العَزَب والعُزُوبَة ، وهو البعيد عن النكاح. ورجل عَزَبٌ وامرأة عَزْبَاء ، ولا يقال فيه أَعْزَب.

(عزر) في حديث المبعث «قال ورقة بن نوفل : إن بعث وأنا حيّ فسأُعَزِّرُه وأنصره» التَّعْزِير هاهنا : الإعانة والتّوقير والنّصر مرّة بعد مرّة. وأصل التَّعْزِير : المنع والرّدّ ، فكأنّ من نصرته قد رددت عنه أعداءه ومنعتهم من أذاه ، ولهذا قيل للتأديب الذي هو دون الحدّ تَعْزِير ، لأنه يمنع الجاني أن يعاود الذّنب. يقال : عَزَرْتُه ، وعَزَّرْتُه ، فهو من الأضداد. وقد تكرر في الحديث.

(ه) ومنه حديث سعد «أصبحت بنو أسد تُعَزِّرُنِي على الإسلام» أي توقّفني عليه. وقيل : توبّخني على التقصير فيه.

(عزز) في أسماء الله تعالى «الْعَزِيزُ» هو الغالب القوىّ الذي لا يغلب. والعِزَّة في الأصل : القوّة والشّدّة والغلبة. تقول : عَزَّ يَعِزُّ بالكسر إذا صار عَزِيزاً ، وعَزَّ يَعَزُّ بالفتح إذا اشتدّ.

ومن أسماء الله تعالى «المُعِزُّ» وهو الذي يهب العِزَّ لمن يشاء من عباده.

ومنه الحديث «قال لعائشة : هل تدرين لم كان قومك رفعوا باب الكعبة؟ قالت : لا ، قال : تَعَزُّزاً أن لا يدخلها إلّا من أرادوا» أي تكبّرا وتشدّدا على النّاس.

وقد جاء في بعض نسخ مسلم «تَعَزُّراً» براء بعد زاي ، من التّعزير : التّوقير ، فأمّا أن يريد توقير البيت وتعظيمه ، أو تعظيم أنفسهم وتكبّرهم على الناس.

(ه) وفي حديث مرض النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم «فاسْتُعِزَّ برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم» أي اشتدّ به المرض وأشرف على الموت.

يقال : عَزَّ يَعَزُّ بالفتح إذا اشتدّ ، واسْتَعَزَّ به المرض وغيره ، واسْتَعَزَّ عليه إذا اشتدّ عليه وغلبه ، ثم يبنى الفعل للمفعول به الذي هو الجارّ والمجرور.

ومنه الحديث «لمّا قدم المدينة نزل على كلثوم بن الهدم (١) وهو شاك ، ثم استُعِزَّ بكلثوم ، فانتقل إلى سعد بن خيثمة».

__________________

(١) ضبط فى الأصل واللسان بفتح الهاء ، وضبطناه بكسرها وسكون الدال من الإصابة ٥ / ٣١١.

وفي حديث عليّ «لمّا رأى طلحة قتيلا قال : أَعْزِزْ عليَّ أبا محمد أن أراك مجدّلا تحت نجوم السّماء» يقال : عَزَّ علَيَ يَعِزُّ أن أراك بحال سيئة : أي يشتدّ ويشقّ عليَّ. وأَعْزَزْتُ الرجل إذا جعلته عَزِيزاً.

(ه) وفي حديث ابن عمر «أنّ قوما محرمين اشتركوا في قتل صيد ، فقالوا : على كلّ رجل منّا جزاء ، فسألوا ابن عمر فقال لهم : إنّكم لمُعَزَّزٌ بكم» أي مشدّد بكم ومثقّل عليكم الأمر ، بل عليكم جزاء واحد.

وفي كتابه صلى‌الله‌عليه‌وسلم لوفد همدان «على أنّ لهم عَزَازَها» العَزَاز : ما صلب من الأرض واشتدّ وخشن ، وإنما يكون في أطرافها.

ومنه الحديث «أنه نهى عن البول في العَزَاز لئلا يترشّش عليه».

وحديث الحجّاج في صفة الغيث «وأسالت العَزَاز».

(ه) وحديث الزّهريّ «قال : كنت أختلف إلى عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ، فكنت أخدمه ، وذكر جهده في الخدمة ، فقدّرت أني استنظفت ما عنده واستغنيت عنه ، فخرج يوما ، فلم أقم له ولم أظهر من تكرمته ما كنت أظهره من قبل ، فنظر إليّ فقال : إنك بعد في العَزَاز فقم» أي أنت في الأطراف من العلم لم تتوسّطه بعد.

(ه) وفي حديث موسى وشعيب عليهما الصلاة والسلام «فجاءت به قالب لون ليس فيها عَزُوزٌ ولا فشوش» العَزُوز : الشّاة البكيئة القليلة اللّبن الضّيقة الإحليل.

ومنه حديث عمرو بن ميمون «لو أنّ رجلا أخذ شاة عَزُوزاً فحلبها ما فرغ من حلبها حتى أصلّي الصّلوات الخمس» يريد التّجوّز في الصّلاة وتخفيفها.

(س) ومنه حديث أبي ذرّ «هل يثبت لكم العدوّ حلب شاة؟ قال : إي والله وأربع عُزُزٍ» هو جمع عَزُوز كصبور وصبر.

(س) وفي حديث عمر «اخشوشنوا وتَمَعْزَزُوا» أي تشدّدوا في الدّين وتصلّبوا ، من العِزِّ القوّة والشّدّة ، والميم زائدة كتمسكن من السّكون. وقيل هو من المعز وهو الشدّة أيضا ، وسيجيء.

(عزف) (س) في حديث عمر «أنه مرّ بعَزْفٍ دُفٍّ فقال : ما هذا؟ فقالوا : ختان ، فسكت» العَزْف : اللّعب بالمَعَازِف ، وهي الدّفوف وغيرها مما يضرب. وقيل : إنّ كلّ لعب عَزْفٌ.

وفي حديث ابن عباس «كانت الجنّ تَعْزِفُ الليل كلّه بين الصّفا والمروة» عَزِيف الجن : جرس أصواتها. وقيل : هو صوت يسمع كالطّبل باللّيل. وقيل : إنه صوت الرّياح في الجوّ فتوهّمه أهل البادية صوت الجنّ. وعَزِيف الرّياح : ما يسمع من دويّها.

(س) ومنه الحديث «إن جاريتين كانتا تغنّيان بما تَعَازَفت الأنصار يوم بعاث» أي بما تناشدت من الأراجيز فيه ، وهو من العَزِيف : الصّوت ، وروي بالراء المهملة : أي تفاخرت. ويروى «تقاذفت وتقارفت».

وفي حديث حارثة «عَزَفَتْ نفسي عن الدّنيا» أي عافتها وكرهتها. ويروى «عَزَفْتُ نفسي عن الدّنيا» بضم التاء : أي منعتها وصرفتها.

(عزق) في حديث سعيد «وسأله رجل فقال : تكاريت من فلان أرضا فعَزَقْتُها» أي أخرجت الماء منها. يقال : عَزَقْتُ الأرضَ أَعْزِقُها عَزْقاً إذا شققتها. وتلك الأداة التي يشقّ بها مِعْزَقَة ومِعْزَق. وهي كالقدوم والفأس. قيل : ولا يقال ذلك لغير الأرض.

ومنه الحديث «لا تَعْزِقُوا» أي لا تقطعوا.

(عزل) (ه) فيه «سأله رجل من الأنصار عن العَزْل» يعنى عَزْل الماء عن النّساء حذر الحمل. يقال : عَزَلَ الشيء يَعْزِلُه عَزْلاً إذا نحّاه وصرفه. وقد تكرر في الحديث.

ومنه الحديث «أنه كان يكره عشر خلال ، منها عَزْلُ الماء لغير محلّه أو عن محلّه» أي يَعْزِله عن إقراره في فرج المرأة وهو محلّه. وفي قوله «لغير محلّه» تعريض بإتيان الدّبر.

[ه] وفي حديث سلمة «رآني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بالحديبية عُزُلاً» أي ليس معي سلاح ، والجمع أَعْزَال ، كجنب وأجناب. يقال : رجل عُزُل وأَعْزَل.

(ه) ومنه الحديث «من رأى مقتل حمزة؟ فقال رجل أَعْزَل : أنا رأيته».

ومنه حديث الحسن «إذا كان الرّجل أَعْزَل فلا بأس أن يأخذ من سلاح الغنيمة» ويجمع على عُزْل بالسكون.

ومنه حديث خيفان «مساعير غير عُزْل».

وحديث زينب «لمّا أجارت أبا العاص خرج الناس إليه عُزْلاً».

وفي قصيد كعب :

زالوا فما زال أنكاس ولا كشف

عند اللّقاء ولا ميل مَعَازِيل

أي ليس معهم سلاح ، واحدهم : مِعْزَال.

[ه] وفي حديث الاستسقاء :

دفاق العَزَائِل جمّ البعاق (١)

العَزَائِل أصله : العَزَالِي (٢) مثل : الشّائك والشّاكي. والعَزَالِي : جمع العَزْلَاء ، وهو فم المزادة الأسفل ، فشبّه اتّساع المطر واندفاقه بالذي يخرج من فم المزادة.

ومنه الحديث «فأرسلت السّماء عَزَالِيَها».

وحديث عائشة «كنّا ننبذ لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في سقاء له عَزْلَاء»

(عزم) (ه) فيه «خير الأمور عَوَازِمها» أي فرائضها التي عَزَمَ الله عليك بفعلها. والمعنى ذوات عَزْمِها التي فيها عَزْم.

وقيل : هي ما وكّدت رأيك وعَزْمَك عليه ، ووفّيت بعهد الله فيه. والعَزْم : الجدّ والصّبر.

ومنه قوله تعالى (فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ).

__________________

(١) صدر بيت ، وعجزه :

أغاث به الله عليا مضر

انظر حواشى اللسان (عزل).

(٢) فى الهروى : «العزالى والعزالى ... وقدّمت الياء من العزالى على اللام ، كما قالوا : عاقنى يعوقنى ، وعقانى يعقونى».

والحديث الآخر «ليَعْزِم المسألة» أي يجدّ فيها ويقطعها.

وحديث أم سلمة «فعَزَمَ الله لي» أي خلق لي قوّة وصبرا.

(ه) ومنه الحديث «قال لأبي بكر : متى توتر؟ فقال : أوّل الليل. وقال لعمر : متى توتر؟ فقال : من آخر الليل. فقال لأبي بكر : أخذت بالحزم. وقال لعمر : أخذت بالعَزْم» أراد أن أبا بكر حذر فوات الوتر بالنّوم فاحتاط وقدّمه ، وأن عمر وثق بالقوّة على قيام الليل فأخّره. ولا خير في عَزْمٍ بغير حزم ، فإنّ القوّة إذا لم يكن معها حذر أورطت صاحبها.

(ه) ومنه الحديث «الزكاة عَزْمَة من عَزَمَاتِ الله تعالى» أي حقّ من حقوقه وواجب من واجباته.

ومنه حديث سجود القرآن «ليست سجدة صاد من عَزَائِم السّجود».

(س [ه]) وحديث ابن مسعود «إن الله يحبّ أن تُؤْتَى رُخَصُه كما يحبّ أن تؤتى عَزَائِمُه» واحدتها : عَزِيمَة.

(س) وفي حديث عمر «اشتدّت العَزَائِم» يريد عَزَمَاتُ الأمراء على الناس في الغزو إلى الأقطار البعيدة وأخذهم بها.

[ه] وفي حديث سعد «فلما أصابنا البلاء اعْتَزَمْنَا لذلك» أي احتملناه وصبرنا عليه. وهو افتعلنا من العَزْم.

(ه) وفيه «أن الأشعث قال لعمرو بن معديكرب : أما والله لئن دنوت لأضرّطنّك ، فقال عمرو : كلّا والله إنّها لعَزُوم مفزّعة» أي صبور صحيحة العقد. والاست يقال لها أمّ عِزْم (١) ، يريد أن استه ذات عَزْمٍ وقوّة ، وليست بواهية فتضرط (٢).

__________________

(١) الذى فى الهروى «أم عزمة» وقال فى القاموس : وأمّ العزم ، وعزمة ، وأمّ عزمة ـ مكسورات : الاست.

(٢) بعده فى الهروى واللسان : وأراد نفسه.

(ه) وفي حديث أنجشة «قال له : رويدك سوقا بالعَوَازِم» العَوَازِم : جمع عَوْزَمٍ (١) ، وهي النّاقة المسنّة وفيها بقيّة ، كني بها عن النّساء ، كما كني عنهنّ بالقوارير. ويجوز أن يكون أراد النوق نفسها لضعفها.

(عزور) فيه ذكر «عَزْوَر» هي بفتح العين وسكون الزاي وفتح الواو : ثنيّة الجحفة عليها الطّريق من المدينة إلى مكة. ويقال فيها : عَزْوَرا.

(عزا) (ه) فيه «من تَعَزَّى بعَزَاء الجاهلية فأعضّوه بهن أبيه ولا تكنوا» التَّعَزِّي : الانتماء والانتساب إلى القوم. يقال : عَزَيْتُ الشيء وعَزَوْتُه أَعْزِيه وأَعْزُوه إذا أسندته إلى أحد. والعَزَاء والعِزْوَة : اسم لدعوى المستغيث ، وهو أن يقول : يا لفلان ، أو يا للأنصار ، ويا للمهاجرين.

[ه] ومنه الحديث الآخر «من لم يَتَعَزَّ بِعَزَاء الله فليس منّا» أي لم يدع بدعوى الإسلام ، فيقول : يا للإسلام ، أو يا للمسلمين ، أو يا لله.

ومنه حديث عمر «أنه قال : يا لله للمسلمين».

وحديثه الآخر «ستكون للعرب دعوى قبائل ، فإذا كان كذلك فالسّيف السيف حتى يقولوا : يا للمسلمين».

[ه] وقيل : أراد بالتَعَّزِّي في هذا الحديث التّأسّي والتصبّر عند المصيبة ، وأن يقول : (إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ) ، كما أمر الله تعالى ، ومعنى قوله «بعَزَاء الله». أي بتَعْزِيَة الله إيّاه ، فأقام الاسم مقام المصدر.

(ه) وفي حديث عطاء «قال ابن جريج : إنه حدّث بحديث فقلت له : أتَعْزِيه إلى أحد؟» وفي رواية «إلى من تَعْزِيه؟» أي تسنده.

وفيه «ما لي أراكم عِزِين» جمع عِزَة ، وهي الحلقة المجتمعة من الناس ، وأصلها عِزْوَة ، فحذفت الواو وجمعت جمع السّلامة على غير قياس ، كثُبِين وبُرِين في جمع ثُبَة وبُرَة.

__________________

(١) قال الهروى : وفيه لغة أخرى «عزوم». وفى اللسان : العزوم ، والعوزم ، والعوزمة : الناقة المسنّة.

(باب العين مع السين)

(عسب) (ه س) فيه «أنه نهى عن عَسْب الفحل» عَسْب الفحل : ماؤه فرسا كان أو بعيرا أو غيرهما. وعَسْبُه أيضا : ضرابه. يقال : عَسَبَ الفحلُ الناقةَ يَعْسِبُها عَسْباً. ولم ينه عن واحد منهما ، وإنما أراد النّهي عن الكراء الذي يؤخذ عليه ، فإن إعارة الفحل مندوب إليها. وقد جاء في الحديث : «ومن حقّها إطراق فحلها».

ووجه الحديث أنه نهى عن كراء عَسْبِ الفحل ، فحذف المضاف ، وهو كثير في الكلام.

وقيل : يقال لكراء الفحل : عَسْبٌ. وعَسَبَ فحله يَعْسِبُه : أي أكراه. وعَسَبْتُ الرجلَ : إذا أعطيته كراء ضراب فحله ، فلا يحتاج إلى حذف مضاف ، وإنما نهي عنه للجهالة التي فيه ، ولا بدّ في الإجارة من تعيين العمل ومعرفة مقداره.

وفي حديث أبي معاذ «كنت تيّاسا ، فقال لي البراء بن عازب : لا يحلّ لك عَسْبُ الفحل» وقد تكرر في الحديث.

(ه) وفيه «أنه خرج وفي يده عَسِيبٌ» أي جريدة من النّخل. وهي السّعفة ممّا لا ينبت عليه الخوص.

ومنه حديث قيلة «وبيده عُسَيِّبُ نخلةٍ مقشوٌّ» هكذا يروى مصفّرا ، وجمعه : عُسُب بضمتين.

[ه] ومنه حديث زيد بن ثابت «فجعلت أتتبّع القرآن من العُسُب واللّخاف».

ومنه حديث الزّهريّ «قبض رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم والقرآن في العُسُب والقضم».

وفي حديث عليّ يصف أبا بكر «كنت للدّين يَعْسُوباً أوّلا حين نفر الناس عنه!» اليَعْسُوب : السّيد والرّئيس والمقدّم. وأصله فحل النّحل.

[ه] ومنه حديثه الآخر «أنه ذكر فتنة فقال : إذا كان ذلك ضرب يَعْسُوبُ الدّين بذنبه»

أي فارق أهل الفتنة وضرب في الأرض ذاهبا في أهل دينه وأتباعه الذين يتبعونه على رأيه وهم الأذناب.

وقال الزمخشري : «الضّرب بالذّنب هاهنا مثل للإقامة والثبات» يعنى أنه يثبت هو ومن تبعه على الدّين.

(ه) وحديثه الآخر «أنه مرّ بعبد الرحمن بن عتّاب قتيلا يوم الجمل فقال : لهفى عليك يَعْسُوب قريش! جدعت أنفي وشفيت نفسي».

ومنه حديث الدّجال «فتتبعه كنوزها كيَعَاسِيب النّحل» جمع يَعْسُوب : أي تظهر له وتجتمع عنده كما تجتمع النحل على يَعَاسِيبِها.

(س) وفي حديث معضد «لو لا ظمأ الهواجر ما باليت أن أكون يَعْسُوباً» هو هاهنا فراشة مخضرّة تظهر في الرّبيع. وقيل : هو طائر أعظم من الجراد ، ولو قيل : إنه النحلة لجاز.

(عسر) في حديث عثمان «أنه جهّز جيش العُسْرَة» هو جيش غزوة تبوك ، سمّي بها لأنه ندب الناس إلى الغزو في شدّة القيظ ، وكان وقت إيناع الثمرة وطيب الظّلال ، فَعَسُرَ ذلك عليهم وشقّ. والعُسْر : ضدّ اليُسر ، وهو الضّيق والشّدة والصّعوبة.

ومنه حديث عمر «أنه كتب إلى أبي عبيدة وهو محصور : مهما تنزل بامرئ شديدة يجعل الله بعدها فرجا ، فإنه لن يغلب عُسْرٌ يُسْرَين».

ومنه حديث ابن مسعود «أنّه لمّا قرأ : «فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً. إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً» قال : لن يغلب عُسْرٌ يسرين» قال الخطّابي : قيل : معناه أن العُسْر بين يسيرين إما فرج عاجل في الدّنيا ، وإمّا ثواب آجل في الآخرة.

وقيل : أراد أن العُسْر الثاني هو الأوّل لأنه ذكره معرّفا باللام ، وذكر اليسرين نكرتين ، فكانا اثنين ، تقول : كسبت درهما ثم أنفقت الدّرهم ، فالثاني هو الأوّل المكتسب.

وفي حديث عمر «يعتسر الوالد من مال ولده» أي يأخذه (١) منه وهو كاره ، من الاعْتِسَار : وهو الافتراس والقهر. ويروى بالصاد.

(ه) وفي حديث رافع بن سالم «إنّا لنرتمي في الجبّانة وفينا قوم عُسْرَانٌ ينزعون نزعا شديدا» العُسْرَان : جمع الأَعْسَر ، وهو الذي يعمل بيده اليسرى ، كأسود وسودان. يقال : ليس شيء أشدّ رميا من الأَعْسَر.

(س) ومنه حديث الزّهري «أنه كان يدّعم على عَسْرَائِه» العَسْرَاء : تأنيث الأَعْسَر : أي اليد العَسْرَاء. ويحتمل أنه كان أَعْسَر.

(س) وفيه ذكر «العَسِير» وهو بفتح العين وكسر السين : بئر بالمدينة كانت لأبي أميّة المخزومي ، سمّاها النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم بيسيرة.

(عسس) (س) فيه «أنه كان يغتسل في عُسٍ حزر ثمانية أرطال أو تسعة» العُسّ : القدح الكبير ، وجمعه : عِسَاس وأَعْسَاس.

ومنه حديث المنحة «تغدو بعُسٍ وتروح بعُسٍ» وقد تكرر ذكره في الحديث.

(س) وفي حديث عمر «أنه كان يَعُسُ بالمدينة» أي يطوف بالليل يحرس الناس ويكشف أهل الرّيبة. والعَسَس : اسم منه ، كالطّلب. وقد يكون جمعا لعَاسٍ ، كحارس وحرس.

(عسعس) في حديث عليّ «أنه قام من جوز الليل ليصلّى فقال : (وَاللَّيْلِ إِذا عَسْعَسَ)» عَسْعَسَ الليل : إذا أقبل بظلامه ، وإذا أدبر فهو من الأضداد.

ومنه حديث قسّ «حتى إذا اللّيل عَسْعَسَ».

(عسف) (ه) فيه «أنه نهى عن قتل العُسَفَاء والوصفاء» العُسَفَاء : الأجراء. واحدهم : عَسِيف. ويروى «الأُسَفَاء» جمع أَسِيف بمعناه.

وقيل : هو الشّيخ الفاني. وقيل : العبد. وعَسِيف : فعيل بمعنى مفعول ، كأسير ، أو بمعنى فاعل كعليم ، من العَسْف : الجور ، أو الكفاية. يقال : هو يَعْسِفُهم : أي يكفيهم. وكم أَعْسِفُ عليك : أي كم أعمل لك.

__________________

(١) فى الأصل : «يأخذ» والمثبت من ا واللسان.

ومنه الحديث «لا تقتلوا عَسِيفا ولا أسيفا».

(ه) ومنه الحديث «إنّ ابني كان عَسِيفا على هذا» أي أجيرا.

(س) وفيه «لا تبلغ شفاعتي إماما عَسُوفا» أي جائرا ظلوما. والعَسْف في الأصل : أن يأخذا المسافر على غير طريق ولا جادّة ولا علم. وقيل : هو ركوب الأمر من غير رويّة ، فنقل إلى الظّلم والجور.

وفيه ذكر «عُسْفَان» وهي قرية جامعة بين مكة والمدينة.

(عسقل) في قصيد كعب بن زهير :

كأنّ أوب ذراعيها وقد عرقت

وقد تلفّع بالقور العَسَاقِيل

العَسَاقِيل : السّراب. والقور : الرّبى : أي تغشّاها السّراب وغطّاها.

(عسل) (ه) فيه «إذا أراد الله بعبد خيرا عَسَلَه ، قيل : يا رسول الله ، وما عَسْله؟ قال : يفتح له عملا صالحا بين يدى موته حتى يرضى عنه من حوله» العَسْل : طيب الثّناء ، مأخوذ من العَسَل. يقال : عَسَلَ الطّعام يَعْسِلُه : إذا جعل فيه العَسَل. شبّه ما رزقه الله تعالى من العمل الصالح الذي طاب به ذكره بين قومه بالعَسَل الذي يجعل في الطّعام فيحلولى (١) به ويطيب.

(ه) ومنه الحديث «إذا أراد الله بعبد خيرا عَسَّلَه في النّاس» أي طيّب ثناءه فيهم.

وفيه «أنه قال لامرأة رفاعة القرظيّ : حتى تذوقي عَسِيلَتَه ويذوق عَسِيلَتَك» شبّه لذّة الجماع بذوق العَسَل فاستعار لها ذوقا ، وإنما أنّث لأنه أراد قطعة من العَسَل. وقيل : على إعطائها معنى النّطفة. وقيل : العَسَل في الأصل يذكّر ويؤنّث ، فمن صغّره مؤنثا قال : عُسَيْلَة ، كقويسة ، وشميسة ، وإنما صغّره إشارة إلى القدر القليل الذي يحصل به الحلّ.

(ه) وفي حديث عمر «أنه قال لعمرو بن معديكرب : كذب ، عليك العَسَلُ» (٢) هو من

__________________

(١) فى الأصل : «فيحلو به» والمثبت من ا واللسان.

(٢) بنصب العسل ورفعه ، كما فى القاموس. وسيأتى وجهه فى (كذب).

العَسْلَان : مشيِ الذّئب واهتزاز الرّمح. يقال : عَسَلَ يَعْسِلُ عَسَلاً وعَسَلَاناً : أي عليك بسرعة المشي.

(عسلج) (س [ه]) في حديث طهفة «ومات العُسْلُوج» هو الغصن إذا يبس وذهبت طراوته. وقيل : هو القضيب الحديث الطّلوع. يريد أن الأغصان يبست وهلكت من الجدب ، وجمعه : عَسَالِيج.

ومنه حديث عليّ «تعليق اللّؤلؤ الرّطب في عَسَالِيجها» أي في أغصانها.

(عسم) (س) فيه «في العبد الأَعْسَم إذا أعتق» العَسَم : يبس في المرفق تعوجّ منه اليد.

(عسا) فيه «أفضل الصّدقة المنيحة تغدو بعَسَاء وتروح بعَسَاء» قال الخطابي ، قال الحميدي : العَسَاء : العسّ ، ولم أسمعه إلّا في هذا الحديث ، والحميدي من أهل اللّسان.

ورواه أبو خيثمة ، ثم قال : لو قال «بعساس» كان أجود. فعلى هذا يكون جمع العسّ ، أبدل الهمزة من السين.

وقال الزمخشري : العِسَاء والعِسَاس جمع عُسّ (١).

وفي حديث قتادة بن النّعمان «لمّا أتيت عمّى بالسّلاح وكان شيخا قد عَسَا أو عَشَا». عَسَا بالسين المهملة : أي كبر وأسنّ ، من عَسَا القضيب إذا يبس ، وبالمعجمة أي قلّ بصره وضعف.

(باب العين مع الشين)

(عشب) في حديث خزيمة «واعْشَوْشَبَ ما حولها» أي نبت فيه العُشْب الكثير. وافعوعل من أبنية المبالغة. والعُشْب : الكلأ ما دام رطبا. وقد تكرر في الحديث.

(عشر) فيه «إن لقيتم عَاشِراً فاقتلوه» أي إن وجدتم من يأخذ العُشْر على ما كان

__________________

(١) الذى فى الفائق ٣ / ٥١. العساء : العساس : جمع عسّ».

يأخذه أهل الجاهليّة مقيما على دينه فاقتلوه ، لكفره أو لاستحلاله لذلك إن كان مسلما وأخذه مستحلّا وتاركا فرض الله وهو ربع العُشْر. فأما من يَعْشُرُهم على ما فرض الله تعالى فحسن جميل ، قد عَشَرَ جماعة من الصحابة للنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وللخلفاء بعده ، فيجوز أن يسمّى آخذ ذلك عَاشِرا ، لإضافة ما يأخذه إلى العُشْر ، كربع العُشْر ، ونصف العُشْر ، كيف وهو يأخذ العُشْر جميعه ، وهو زكاة ما سقته السماء. وعُشْر أموال أهل الذمة في التّجارات. يقال : عَشَرْت ماله أَعْشُرُه عُشْراً فأنا عَاشِر ، وعَشَّرْته فأنا مُعَشِّر وعَشَّار إذا أخذت عُشْرَه. وما ورد في الحديث من عقوبة العَشَّار فمحمول على التأويل المذكور.

(س) ومنه الحديث «ليس على المسلمين عُشُورٌ ، إنما العُشُور على اليهود والنصارى» العُشُور : جمع عُشْر ، يعنى ما كان من أموالهم للتجارات دون الصدقات. والذي يلزمهم من ذلك عند الشافعي ما صولحوا عليه وقت العهد ، فإن لم يصالحوا على شيء فلا يلزمهم إلا الجزية.

وقال أبو حنيفة : إن أخذوا من المسلمين إذا دخلوا بلادهم للتّجارة أخذنا منهم إذا دخلوا بلادنا للّتجارة.

(س) ومنه الحديث «احمدوا الله إذ رفع عنكم العُشُورَ» يعنى ما كانت الملوك تأخذه منهم.

(س) وفيه «إنّ وفد ثقيف اشترطوا أن لا يحشروا ولا يُعْشَرُوا ولا يحبّوا» أي لا يؤخذ عُشْرُ أموالهم. وقيل : أرادوا به الصّدقة الواجبة ، وإنّما فسّح لهم في تركها لأنّها لم تكن واجبة يومئذ عليهم ، إنما تجب بتمام الحول.

وسئل جابر عن اشتراط ثقيف أن لا صدقة عليهم ولا جهاد ، فقال : علم أنّهم سيتصدّقون ويجاهدون إذا أسلموا.

فأما حديث بشير بن الخصاصيّة حين ذكر له شرائع الإسلام فقال : «أمّا اثنان منها فلا أطيقهما ، أمّا الصّدقة فإنّما لي ذود ، هنّ رسل أهلي وحمولتهم ، وأمّا الجهاد فأخاف إذا حضرت خشعت نفسي. فكفّ يده وقال : لا صدقة ولا جهاد فبم تدخل الجنّة؟» فلم يحتمل لبشير ما احتمل لثقيف.

ويشبه أن يكون إنّما لم يسمح له لعلمه أنه يقبل إذا قيل له ، وثقيف كانت لا تقبله في الحال ، وهو واحد وهم جماعة فأراد أن يتألّفهم ويدرّجهم عليه شيئا فشيئا.

(ه) ومنه الحديث «النساء لا يحشرن ولا يُعْشَرْن» أي لا يؤخذ عشر أموالهنّ. وقيل : لا يؤخذ العُشْر من حليهنّ ، وإلّا فلا يؤخذ عُشْر أموالهنّ ولا أموال الرّجال.

(س) وفي حديث عبد الله «لو بلغ ابن عباس أسناننا ما عَاشَرَه منّا رجل» أي لو كان في السّن مثلنا ما بلغ أحد منا عُشْرَ علمه.

وفيه «تسعة أَعْشِرَاءِ الرّزق في التّجارة» هي جمع عَشِير ، وهو العُشْر ، كنصيب وأنصباء.

(ه) وفيه «أنه قال للنّساء : تكثرن اللّعن ، وتكفرن العَشِير» يريد الزّوج. والعَشِير : المُعَاشِر ، كالمصادق في الصّديق ، لأنها تُعَاشِرُه ويُعَاشِرُها ، وهو فعيل ، من العِشْرَة : الصّحبة. وقد تكرر في الحديث.

(س) وفيه ذكر «عَاشُورَاء» هو اليوم العَاشِر من المحرّم. وهو اسم إسلامىّ ، وليس في كلامهم فاعولاء بالمدّ غيره. وقد ألحق به تاسوعاء ، وهو تاسع المحرّم. وقيل : إنّ عَاشُورَاء هو التّاسع ، مأخوذ من العِشْر في أوراد الإبل. وقد تقدّم مبسوطا في حرف التاء.

(س) وفي حديث عائشة «كانوا يقولون : إذا قدم الرجل أرضا وبيئة ووضع يده خلف أذنه ونهق مثل الحمار عَشْراً لم يصبه وباؤها» يقال للحمار الشّديد الصّوت المتتابع النّهيق : مُعَشِّر ، لأنه إذا نهق لا يكفّ حتى يبلغ عَشْراً.

(ه) وفيه «قال صعصعة بن ناجية : اشتريت موءودة بناقتين عُشَرَاوَين» العُشَرَاء ـ بالضم وفتح الشّين والمدّ : التي أتى على حملها عَشْرَة أشهر ، ثم اتّسع فيه فقيل لكلّ حامل : عُشَرَاء. وأكثر ما يطلق على الخيل والإبل. وعُشَرَاوَيْن : تثنيتها ، قلبت الهمزة واوا.

وفيه ذكر «غزوة العُشَيْرَة» ويقال : العُشَيْر ، وذات العُشَيْرَة ، والعُشَيْر ، وهو موضع من بطن ينبع.

(س) وفي حديث مرحب «أنّ محمد بن مسلمة بارزة فدخلت بينهما شجرة من شجر العُشَر» هو شجر له صمغ يقال له : سكّر العُشَر. وقيل : له ثمر.

(س) ومنه حديث ابن عمير «قرص برّيّ بلبن عُشَرِيّ» أي لبن إبل ترعى العُشَرَ ، وهو هذا الشجر.

(عشش) (ه) في حديث أم زرع «ولا تملأ بيتنا تَعْشِيشاً» أي أنها لا تخوننا في طعامنا فتخبأ منه في هذه الزّاوية وفي هذه الزاوية ، كالطّيور إذا عَشَّشَت في مواضع شتّى. وقيل : أرادت لا تملأ بيتنا بالمزابل كأنه عُشُ طائر. ويروى بالغين المعجمة.

(ه) وفي خطبة الحجّاج «ليس هذا بعُشِّك فادرجي» أراد عُشَّ الطائر. وقد تقدم في الدال.

(عشم) (ه) فيه «إنّ بلدتنا باردة عَشَمَة» أي يابسة ، وهو من عَشِم الخبز إذا يبس وتكرّج.

ومنه حديث عمر «أنه وقفت عليه المرأة عَشَمَة بأهدام لها» أي عجوز قحلة يابسة. ويقال للرجل أيضا : عَشَمة.

ومنه حديث المغيرة «أنّ امرأة شكت إليه بعلها فقالت : فرّق بيني وبينه ، فو الله ما هو إلّا عَشَمة من العَشَم».

(ه) وفيه «أنه صلّى في مسجد بمنى فيه عَيْشُومة» هي نبت دقيق طويل محدّد الأطراف كأنه الأسل ، يتّخذ منه الحصر الدّقاق. ويقال إن ذلك المسجد يقال له مسجد العَيْشُومة ، فيه عيشومة خضراء أبدا في الجدب والخصب. والياء زائدة.

[ه] ومنه الحديث «لو ضربك فلان بأمصوخة عَيْشُومة» الأمصوخة : الخوصة من خوص الثّمام وغيره.

(عشنق) (ه) في حديث أم زرع «زوجي العَشَنَّق» هو الطويل الممتدّ القامة ، أرادت أن له منظرا بلا مخبر ، لأن الطّول في الغالب دليل السّفه. وقيل : هو السَّيِّئ الخلق.

(عشا) (ه) فيه «احمدوا الله الذي رفع عنكم العَشْوَة» يريد ظلمة الكفر. والعُشْوَة بالضم والفتح والكسر : الأمر الملتبس ، وأن يركب أمرا بجهل لا يعرف وجهه ، مأخوذ من عَشْوَة الليل ، وهي ظلمته. وقيل : هي من أوّله إلى ربعه.

(س) ومنه الحديث «حتى ذهب عَشْوَةٌ من اللّيل».

(ه) ومنه حديث ابن الأكوع «فأخذ عليهم بالعَشْوَة» أي بالسّواد من الليل ، ويجمع على عَشَوَات.

ومنه حديث عليّ «خبّاط عَشَوَات» أي يخبط في الظّلام والأمر الملتبس فيتحيّر.

[ه] وفيه «أنّه عليه الصلاة والسلام كان في سفر فاعْتَشَى في أوّل الليل» أي سار وقت العِشَاء ، كما يقال : استحر وابتكر (١).

وفيه «صلى بنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إحدى صلاتي العَشِيِ فسلم من اثنتين» يريد صلاة الظّهر أو العصر ، لأن ما بعد الزّوال إلى المغرب عَشِيّ. وقيل : العَشِيّ من زوال الشمس إلى الصباح. وقد تكرر في الحديث.

وقيل لصلاة المغرب والعَشَاء : العَشَاآن ، ولما بين المغرب والعتمة : عِشَاءٌ.

(س) ومنه الحديث «إذا حضر العَشَاء والعِشَاء فابدأوا بالعَشَاء» العَشَاء بالفتح : الطّعام الذي يؤكل عند العِشَاء. وأراد بالعِشَاء صلاة المغرب. وإنما قدّم العَشَاء لئلا يشتغل به قلبه في الصلاة. وإنما قيل : إنها المغرب لأنها وقت الإفطار ، ولضيق وقتها.

وفي حديث الجمع بعرفة «صلّى الصّلاتين كلّ صلاة وحدها والعَشَاء بينهما» أي أنه تَعَشَّى بين الصّلاتين.

(ه) وفي حديث ابن عمر «أن رجلا سأله فقال : كما لا ينفع مع الشّرك عمل فهل يضرّ مع الإسلام (٢) ذنب؟ فقال ابن عمر : عَشِ ولا تغترّ ، ثم سأل ابن عباس فقال مثل ذلك» هذا

__________________

(١) بعد هذا فى الهروى : وقال الأزهرى : صوابه «فأغفى أوّل الليل».

(٢) فى الهروى واللسان «الإيمان».

مثل للعرب تضربه في التّوصية بالاحتياط والأخذ بالحزم. وأصله أن رجلا أراد أن يقطع بإبله مفازة ولم يُعَشِّها ، ثقة على ما فيها من الكلأ ، فقيل له : عَشِ إبلك قبل الدخول فيها ، فإن كان فيها كلأ لم يضرّك ، وإن لم يكن كنت قد أخذت بالحزم. أراد ابن عمر : اجتنب الذّنوب ولا تركبها ، وخذ بالحزم ولا تتّكل على إيمانك.

(س) وفي حديث ابن عمير «ما من عَاشِيَة أشدّ أنقا ولا أطول شبعا من عالم من علم» العَاشِيَة : التي ترعى بالعَشِيِّ من المواشي وغيرها. يقال : عَشِيَتِ الإبل وتَعَشَّت ، المعنى أن طالب العلم لا يكاد يشبع منه ، كالحديث الآخر «منهومان لا يشبعان : طالب علم وطالب دنيا».

وفي كتاب أبي موسى «ما من عَاشِيَة أدوم أنقا ولا أبعد ملالا من عَاشِيَة علم» وفسّره فقال : العَشْو : إتيانك نارا ترجو عندها خيرا. يقال : عَشَوْتُه أَعْشُوه فأنا عَاشٍ من قوم عَاشِيَة ، وأراد بالعَاشِيَة هاهنا : طالبي العلم الرّاجين خيره ونفعه.

(ه) وفي حديث جندب الجهنيّ «فأتينا بطن الكديد فنزلنا عُشَيْشِيَة» هي تصغير عَشِيَّة على غير قياس ، أبدل من الياء الوسطى شين كأن أصلها : عُشَيِّيَة. يقال : أتيته عُشَيْشِيَة ، وعُشَيَّانا ، وعُشَيَّانَة ، وعُشَيْشِيَانا.

وفي حديث ابن المسيّب «أنه ذهبت إحدى عينيه وهو يَعُشو بالأخرى» أي يبصر بها بصرا ضعيفا.

(باب العين مع الصاد)

(عصب) فيه «أنه ذكر الفتن وقال : فإذا رأى النّاس ذلك أتته أبدال الشّام وعَصَائِب العراق فيتبعونه» العَصَائِب : جمع عِصَابَة ، وهم الجماعة من الناس من العشرة إلى الأربعين ، ولا واحد لها من لفظها.

ومنه حديث عليّ «الأبدال بالشّام ، والنّجباء بمصر ، والعَصَائِب بالعراق» أراد أن التجمّع للحروب يكون بالعراق. وقيل : أراد جماعة من الزّهّاد سمّاهم بالعَصَائِب ، لأنه قرنهم بالأبدال والنّجباء.

(ه) وفيه «ثم يكون في آخر الزّمان أمير العُصَب» هي جمع عُصْبَة كالعِصَابَة ، ولا واحد لها من لفظها. وقد تكرر ذكرهما في الحديث.

(ه) وفيه «أنه عليه‌السلام شكى إلى سعد بن عبادة عبد الله بن أبيّ فقال : اعف عنه فقد كان اصطلح أهل هذه البحيرة على أن يُعَصِّبُوه بالعِصَابَة ، فلما جاء الله بالإسلام شَرِقَ بذلك (١)» يُعَصِّبُوه : أي يسوّدوه ويملّكوه. وكانوا يسمّون السيد المطاع : مُعَصَّباً ، لأنه يُعَصَّب بالتاج أو تُعَصَّب به أمور الناس : أي تردّ إليه وتدار به. [وكان يقال له أيضا : المعمّم (٢)] والعمائم تيجان العرب ، وتسمى العَصَائِب ، واحدتها : عِصَابَة.

(س) ومنه الحديث «أنه رخّص في المسح على العَصَائِب والتّساخين» وهي كلّ ما عَصَبْت به رأسك من عمامة أو منديل أو خرقة.

ومنه حديث المغيرة «فإذا أنا مَعْصُوب الصّدر» كان من عادتهم إذا جاع أحدهم أن يشدّ جوفه بعِصَابَة ، وربّما جعل تحتها حجرا.

ومنه حديث علي «فرّوا إلى الله وقوموا بما عَصَبَه بكم» أي بما افترضه عليكم وقرنه بكم من أوامره ونواهيه.

(س) ومنه حديث بدر «قال عتبة بن ربيعة : ارجعوا ولا تقاتلوا واعْصِبُوها برأسي» يريد السّبّة التي تلحقهم بترك الحرب والجنوح إلى السّلم ، فأضمرها اعتمادا على معرفة المخاطبين : أي اقرنوا هذه الحال بي وانسبوها إليّ وإن كانت ذميمة.

(س) وفي حديث بدر أيضا «لمّا فرغ منها أتاه جبريل وقد عَصَبَ رأسه الغبار» أي ركبه وعلق به ، من عَصَبَ الرّيق فاه إذا لصق به. ويروى «عصم» بالميم ، وسيجيء.

(ه) وفي خطبة الحجاج «لأَعْصِبَنَّكم عَصْبَ السّلمة» هي شجرة ورقها القرظ ، ويعسر خرط ورقها فتُعْصَبُ أغصانها ، بأن تجمع ويشدّ بعضها إلى بعض بحبل ، ثم تخبط بعصا فيتناثر ورقها. وقيل : إنما يفعل بها ذلك إذا أراد واقطعها حتى يمكنهم الوصول إلى أصلها.

__________________

(١) فى الأصل : «لذلك». والمثبت من ا والهروى ، واللسان (شرق).

(٢) تكملة من الهروى.

(ه) ومنه حديث عمرو (١) ومعاوية «إن العَصُوب يرفق بها حالبها فتحلب العلبة» العَصُوب من النّوق : التي لا تدرّ حتى يُعْصَب فخذاها : أي يشدّان بالعِصَابَة.

وفيه «المعتدّة لا تلبس المصبّغة إلّا ثوب عَصْب» العَصْب : برود يمنيّة يُعْصَب غزلها : أي يجمع ويشدّ ثم يصبغ وينسج فيأتي موشيّا لبقاء ما عُصِبَ منه أبيض لم يأخذه صبغ. يقال : بردُ عَصْبٍ ، وبرود عَصْبٍ بالتّنوين والإضافة. وقيل : هي برود مخطّطة. والعَصْب : الفتل ، والعَصَّاب : الغزّال ، فيكون النهي للمعتدّة عما صبغ بعد النّسج.

(س) ومنه حديث عمر «أنه أراد أن ينهى عن عَصْبِ اليمن ، وقال : نبّئت أنه يصبغ بالبول. ثم قال : نهينا عن التّعمّق».

(س) وفيه «أنه قال لثوبان : اشتر لفاطمة قلادة من عَصْب ، وسوارين من عاج» قال الخطّابىّ في «المعالم» : إن لم تكن الثياب اليمانيّة فلا أدري ما هي ، وما أرى أنّ القلادة تكون منها.

وقال أبو موسى : يحتمل عندي أن الرواية إنما هي «العَصَب» بفتح الصاد ، وهي أطناب مفاصل الحيوانات ، وهو شيء مدوّر ، فيحتمل أنهم كانوا يأخذون عَصَب بعض الحيوانات الطّاهرة فيقطعونه ويجعلونه شبه الخرز ، فإذا يبس يتّخذون منه القلائد ، وإذا جاز وأمكن أن يتّخذ من عظام السّلحفاة وغيرها الأسورة جاز ، وأمكن أن يتّخذ من عَصَب أشباهها خرز تنظم منه القلائد.

قال : ثم ذكر لى بعض أهل اليمن : أن العَصَب سنّ دابّة بحريّة تسمّى فرس فرعون ، يتّخذ منها الخرز وغير الخرز من نصاب سكّين وغيره ، ويكون أبيض.

وفيه «العَصَبِيّ من يعين قومه على الظّلم» العَصَبِيّ : هو الّذي يغضب لعَصَبَتِه ويحامي عنهم. والعَصَبَة : الأقارب من جهة الأب ، لأنّهم يُعَصِّبُونَه ويَعْتَصِبُ بهم : أي يحيطون به ويشتدّ بهم.

__________________

(١) أخرجه الهروى من حديث عمر.

ومنه الحديث «ليس منّا من دعا إلى عَصَبِيَّة ، أو قاتل عَصَبِيَّة» العَصَبِيَّة والتَّعَصُّب : المحاماة والمدافعة. وقد تكرر في الحديث ذكر العَصَبة والعَصَبِيَّة.

(ه) وفي حديث الزّبير (١) لمّا أقبل نحو البصرة وسئل عن وجهه فقال :

علقتهم إني خلقت عُصْبَة

قتادة تعلّقت بنشبه

العُصْبَة : اللّبلاب ، وهو نبات يتلوّى على الشجر. والنُّشْبَة من الرّجال : الذي إذا علق بشيء لم يكد يفارقه. ويقال للرجل الشديد المراس : قتادة لويت بعُصْبَة. والمعنى خلقت علقة لخصومي. فوضع العُصْبَة موضع العلقة ، ثم شبّه نفسه في فرط تعلّقه وتشبّثه بهم بالقتادة إذا استظهرت في تعلّقها واستمسكت بنشبة : أي بشيء شديد النّشوب. والباء التي في «بنشبة» للاستعانة ، كالتي في : كتبت بالقلم.

وفي حديث المهاجرين إلى المدينة «فنزلوا العُصْبَة» وهو موضع بالمدينة عند قباء ، وضبطه بعضهم بفتح العين والصاد.

(س) وفيه «أنه كان في مسير ، [فرفع صوته](٢) فلما سمعوا صوته اعْصَوْصَبُوا» أي اجتمعوا وصاروا عِصَابَة واحدة وجدّوا في السّير ، واعْصَوْصَبَ السّير : اشتدّ ، كأنّه من الأمر العَصِيب وهو الشديد.

(عصد) في حديث خولة «فقرّبت له عَصِيدَة» هو دقيق يلتّ بالسّمن ويطبخ ، يقال : عَصَدْت العَصِيدَة وأَعْصَدْتها : أي اتّخذتها.

(عصر) (س) فيه «حافظ على العَصْرَيْن» يريد صلاة الفجر وصلاة العَصْر ، سمّاهما العَصْرَيْن لأنهما يقعان في طرفي العَصْرَيْن ، وهما الليل والنهار. والأشبه أنه غلّب أحد الاسمين على الآخر ، كالعُمَرَيْن ، لأبي بكر وعمر ، والقمرين ، للشّمس والقمر.

وقد جاء تفسيرهما في الحديث ، «قيل : وما العَصْرَان؟ قال : صلاة قبل طلوع الشمس ، وصلاة قبل غروبها».

__________________

(١) فى الأصل «ابن الزبير» والمثبت من ا واللسان والهروى.

(٢) تكملة من ا واللسان.

(س) ومنه الحديث «من صلّى العَصْرَيْن دخل الجنة».

ومنه حديث عليّ «(ذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللهِ) واجلس لهم العَصْرَيْن» أي بكرة وعشيّا.

(ه) وفيه «أنه أمر بلالا أن يؤذّن قبل الفجر ليَعْتَصِرَ مُعْتَصِرُهُم» هو الذي يحتاج إلى الغائط ليتأهّب للصّلاة قبل دخول وقتها ، وهو من العَصْر ، أو العَصَر ، وهو الملجأ والمستخفى.

(ه) وفي حديث عمر «قضى أنّ الوالد يَعْتَصِرُ ولده فيما أعطاه ، وليس للولد أن يَعْتَصِرَ من والده» يَعْتَصِره : أي يحبسه عن الإعطاء ويمنعه منه. وكل شيء حبسته ومنعته فقد اعْتَصَرْتَه. وقيل : يَعْتَصِر : يرتجع. واعْتَصَرَ العطيّة إذا ارتجعها. والمعنى أن الوالد إذا أعطى ولده شيئا فله أن يأخذه منه.

ومنه حديث الشّعبىّ «يَعْتَصِر الوالد على ولده في ماله» وإنما عدّاه بعلى لأنه في معنى : يرجع عليه ويعود عليه.

(ه) وفي حديث القاسم بن مخيمرة «أنه سئل عن العُصْرَة للمرأة ، فقال : لا أعلم رخّص فيها إلّا للشيخ المعقوف المنحني» العُصْرَة هاهنا : منع البنت من التّزويج ، وهو من الاعْتِصَار : المنع ، أراد ليس لأحد منع امرأة من التزويج إلا شيخ كبير أعقف له بنت وهو مضطرّ إلى استخدامها.

(ه) وفي حديث ابن عبّاس «كان إذا قدم دحية الكلبيّ لم تبق مُعْصِرٌ إلّا خرجت تنظر إليه من حسنه» المُعْصِر : الجارية أوّل ما تحيض لِانْعِصَارِ رحمها ، وإنما خصّ المُعْصِر بالذّكر للمبالغة في خروج غيرها من النّساء.

(ه) وفي حديث أبي هريرة «أنّ امرأة مرّت به متطيّبة ولذيلها إِعْصَار» وفي رواية «عَصَرَة» أي غبار. والإِعْصَار والعَصَرة : الغبار الصّاعد إلى السماء مستطيلا ، وهي الزّوبعة. قيل : وتكون العَصَرة من فوح الطّيب ، فشبّهه بما تثير الريح من الأَعَاصِير.

وفي حديث خيبر «سلك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فى مسيره إليها على عَصَر» هو بفتحتين : جبل بين المدينة ووادي الفرع ، وعنده مسجد صلّى به النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

(عصعص) (س) في حديث جبلة بن سحيم «ما أكلت أطيب من قليّة العَصَاعِص» هي جمع العُصْعُص : وهو لحم في باطن ألية الشّاة. وقيل : هو عظم عجب الذّنب.

وفي حديث ابن عباس وذكر ابن الزّبير «ليس مثل الحصر العُصْعُص» هكذا جاء في رواية ، والمشهور «الحصر العقص».

يقال : فلان ضيّق العُصْعُص : أي نكد قليل الخير ، وهو من إضافة الصّفة المشبّهة إلى فاعلها.

(عصف) فيه «كان إذا عَصَفَتِ الرّيح» أي اشتدّ هبوبها. و (رِيحٌ عاصِفٌ) : شديدة الهبوب. وقد تكرر في الحديث.

(عصفر) (ه) فيه «لا يعضد شجر المدينة إلّا العُصْفُور قتب» هو أحد عيدانه وجمعه : عَصَافِير.

(عصل) في حديث عليّ «لا عوج لانتصابه ، ولا عَصَلَ في عوده» العَصَل : الاعوجاج ، وكل معوجّ فيه صلابة : أَعْصَل.

(س) ومنه حديث عمر وجرير «ومنها العَصِل الطائش» أي السّهم المعوجّ المتن. والأَعْصَل أيضا : السّهم القليل الرّيش.

ومنه حديث بدر «يَامِنوا عن هذا العَصَل» يعنى الرّمل المعوجّ الملتوي : أي خذوا عنه يمنة.

(ه) وفيه «أنه كان لرجل صنم كان يأتي بالجبن والزّبد فيضعه على رأس صنمه ويقول : أطعم ، فجاء ثعلبان فأكل الجبن والزّبد ثم عَصَلَ على رأس الصنم» أي بال. الثّعلبان : ذكر الثّعالب.

وفي كتاب الهروي : «فجاء ثعلبان فأكلا الجبن (١) والزّبد ثم عَصَّلَا» ، أراد : تثنية ثعلب.

(عصلب) [ه] في خطبة الحجّاج :

قد لفّها الليل بعَصْلَبِيّ

__________________

(١) فى الهروى : «الخبز».

هو الشديد من الرّجال ، والضمير في «لفها» للإبل : أي جمعها الليل بسائق شديد ، فضربه مثلا لنفسه ورعيّته.

(عصم) فيه «من كانت عِصْمَتُه شهادة أن لا إله إلا الله» أي ما يَعْصِمُه من المهالك يوم القيامة. العِصْمَة : المنعة ، والعَاصِم : المانع الحامي ، والاعْتِصَام : الامتساك بالشّيء ، افتعال منه.

[ه] ومنه شعر أبي طالب :

ثمال اليتامى عِصْمَةٌ للأرامل

أي يمنعهم من الضّياع والحاجة.

ومنه الحديث «فقد عَصَمُوا منّي دماءهم وأموالهم».

وحديث الإفك «فعَصَمَها الله بالورع».

[ه] وحديث الحديبية «ولا تُمَسِّكوا (١) بِعِصَمِ الكوافر» جمع عِصْمَة ، والكَوَافِر : النّساء الكفرة ، وأراد عقد نكاحهنّ.

(ه) وحديث عمر «وعِصْمَة أبنائنا إذا شتونا» أي يمتنعون به من شدّة السّنة والجدب.

[ه] وفيه «أنّ جبريل جاء يوم بدر وقد عَصَمَ ثنيّته الغبار» أي لزق به ، والميم فيه بدل من الباء. وقد تقدّم.

(ه) وفيه «لا يدخل من النساء الجنة إلّا مثل الغراب الأَعْصَم» هو الأبيض الجناحين ، وقيل الأبيض الرّجلين. أراد : قلّة من يدخل الجنة من النساء ، لأنّ هذا الوصف في الغربان عزيز قليل.

وفي حديث آخر «قال : المرأة الصّالحة مثل الغراب الأَعْصَم ، قيل : يا رسول الله ، وما الغراب الأَعْصَم؟ قال : الّذي إحدى رجليه بيضاء».

وفي حديث آخر «عائشة في النّساء كالغراب الأَعْصَم في الغربان!».

__________________

(١) الآية ١٠ من سورة الممتحنة ، «ولا تمسّكوا» هكذا بالتشديد في الأصل ، وفي جميع مراجعنا ، وهي قراءة الحسن ، وأبي العالية ، وأبي عمرو. انظر تفسير القرطبى ١٨ / ٦٥.

وفي حديث آخر «بينما نحن مع عمرو بن العاص فدخلنا شعبا فإذا نحن بغربان ، وفيها غراب أحمر المنقار والرّجلين ، فقال عمرو : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم «لا يدخل الجنة من النّساء إلّا قدر هذا الغراب في هؤلاء الغربان» وأصل العُصْمَة : البياض يكون في يدي الفرس والظّبي والوَعِل.

ومنه حديث أبي سفيان «فتناولت القوس والنّبل لأرمي ظبية عَصْمَاء نردّ بها قرمنا».

(ه) وفيه «فإذا جدّ بني عامر جمل آدم مقيّد بعُصُم» العُصُم : جمع عِصَام ، وهو رباط كلّ شيء ، أراد أن خصب بلاده قد حبسه بفنائه ، فهو لا يبعد في طلب المرعى ، فصار بمنزلة المقيّد الذي لا يبرح مكانه. ومثله قول قيلة في الدّهناء : إنها مقيّد الجمل : أي يكون فيها كالمقيّد لا ينزع إلى غيرها من البلاد.

(عصا) (ه س) فيه «لا ترفع عَصَاك عن أهلك» أي لا تدع تأديبهم وجمعهم على طاعة الله تعالى. يقال : شقّ العَصَا : أي فارق الجماعة ، ولم يرد الضّرب بالعَصَا ، ولكنّه جعله مثلا.

وقيل : أراد لا تغفل عن أدبهم ومنعهم من الفساد.

[ه] ومنه الحديث «إن الخوارج شقّوا عَصَا المسلمين وفرّقوا جماعتهم».

[ه] ومنه حديث صلة «إيّاك وقتيل العَصَا» أي إيّاك أن تكون قاتلا أو مقتولا في شقّ عَصَا المسلمين.

(س) ومنه حديث أبي جهم «فإنّه لا يضع عَصَاه عن عاتقه» أراد : أنه يؤدّب أهله بالضّرب. وقيل : أراد به كثرة الأسفار. يقال : رفع عَصَاه إذا سار ، وألقى عَصَاه إذا نزل وأقام.

وفيه «أنه حرّم شجر المدينة إلا عَصَا حديدة» أي عَصاً تصلح أن تكون نصابا لآلة من الحديد.

ومنه الحديث «ألا إنّ قتيل الخطإ قتيل السّوط والعَصَا» لأنّهما ليسا من آلات القتل ، فإذا ضرب بهما أحد فمات كان قتله خطأ.

(ه) وفيه «لولا أنّا نَعْصِي الله ما عَصَانَا» أي لم يمتنع عن إجابتنا إذا دعوناه ، فجعل الجواب بمنزلة الخطاب فسمّاه عِصْيَاناً ، كقوله تعالى : (وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللهُ).

وفيه «أنه غيّر اسم العَاصِي» إنما غيّره لأنّ شعار المؤمن الطّاعة والعِصْيَان ضدّها.

ومنه الحديث «إنّ رجلا قال : من يطع الله ورسوله فقد رشد ، ومن يَعْصِهِما فقد غوى. فقال له النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : بئس الخطيب أنت. قل : ومن يعص الله ورسوله فقد غوى» إنما ذمّه لأنه جمع في الضّمير بين الله وبين رسوله في قوله : ومن يعصهما ، فأمره أن يأتي بالمظهر ليترتّب اسم الله تعالى في الذّكر قبل اسم الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم. وفيه دليل على أنّ الواو تفيد التّرتيب.

وفيه «لم يكن أسلم من عُصَاة قريش أحد غير مطيع بن الأسود» يريد من كان اسمه العَاصِي.

(باب العين مع الضاد)

(عضب) [ه] فيه «كان اسم ناقته العَضْبَاء» هو علم لها منقول من قولهم : ناقة عَضْبَاء : أي مشقوقة الأذن ، ولم تكن مشقوقة الأذن. وقال بعضهم : إنها كانت مشقوقة الأذن ، والأوّل أكثر.

وقال الزمخشري : «هو منقول من قولهم : ناقة عَضْبَاء ، وهي القصيرة اليد».

(ه) ومنه الحديث «نهى أن يضحّى بالأَعْضَب القرن» هو المكسور القرن ، وقد يكون العَضْب في الأذن أيضا إلا أنّه في القرن أكثر. والمَعْضُوب في غير هذا : الزّمن الذي لا حراك به.

(عضد) (ه) في تحريم المدينة «نهى أن يُعْضَدَ شجرها» أي يقطع. يقال : عَضَدْتُ الشجر أَعْضِدُه عَضْداً. والعَضَد بالتحريك : المَعْضُود.

ومنه الحديث «لوددت أنّي شجرة تُعْضَد».

(ه) وحديث طهفة «ونَسْتَعْضِدُ البرير» أي نقطعه ونجنيه من شجره للأكل.

(ه) وحديث ظبيان «وكان بنو عمرو بن خالد من (١) جذيمة يخبطون عَضِيدَها ، ويأكلون حصيدها» العَضِيد والعَضَد : ما قطع من الشجر : أي يضربونه ليسقط ورقه فيتخذوه (٢) علفا لإبلهم.

(ه) وفي حديث أم زرع «وملأ من شحم عَضُدَيَ» العَضُد : ما بين الكتف والمرفق ، ولم ترده خاصّة ، ولكنها أرادت الجسد كلّه ، فإنه إذا سمن العَضُد سمن سائر الجسد.

ومنه حديث أبي قتادة والحمار الوحشي «فناولته العَضُد فأكلها» يريد كتفه.

وفي صفته صلى‌الله‌عليه‌وسلم «إنه كان أبيض مُعَضَّدا» هكذا رواه يحيى بن معين ، وهو الموثّق الخلق ، والمحفوظ في الرّواية «مقصّدا».

[ه] وفيه «أن سمرة كان له عَضُدٌ من نخل في حائط رجل من الأنصار» أراد طريقة من النّخل.

وقيل : إنما هو «عَضِيدٌ من نخل» ، وإذا صار للنّخلة جذع يتناول منه فهو عَضِيد (٣).

(عضض) في حديث العرباض «وعَضُّوا عليها بالنّواجذ» هذا مثل في شدّة الاستمساك بأمر الدّين ، لأنّ العَضَ بالنّواجذ عَضٌ بجميع الفم والأسنان ، وهي أواخر الأسنان. وقيل : التي بعد الأنياب.

(ه) وفيه «من تعزّى بعزاء الجاهلية فأَعِضُّوه بهن أبيه ولا تكنوا» أي قولوا له : اعْضَضْ بأير أبيك ، ولا تكنوا عن الأير بالهن ، تنكيلا له وتأديبا.

__________________

(١) فى الهروى «بن».

(٢) فى الأصل وا «فيتخذونه» وأثبتنا ما فى اللسان.

(٣) زاد الهروى «وجمعه : عضدان».

ومنه الحديث «من اتّصل فأَعِضُّوه» أي من انتسب نسبة الجاهلية ، وقال : يا لفلان.

وحديث أبيّ «إنه أَعَضَ إنسانا اتّصل».

وقول أبي جهل لعتبة يوم بدر «والله لو غيرك يقول هذا لأَعْضَضْتُه».

وفي حديث يعلى «ينطلق أحدكم إلى أخيه فيَعَضُّه كعَضِيض الفحل» أصل العَضِيض : اللّزوم. يقال : عَضَ عليه يَعَضُ عَضِيضاً إذا لزمه. والمراد به هاهنا العَضُ نفسه ، لأنه بِعَضِّه له يلزمه.

ومنه الحديث «ولو أن تَعَضَ بأصل شجرة».

(ه) وفيه «ثم يكون مُلْك عَضُوضٌ» أي يصيب الرّعيّة فيه عسف وظلم ، كأنّهم يُعَضُّون فيه عَضّاً. والعَضُوض : من أبنية المبالغة.

وفي رواية «ثم يكون ملوك عَضُوضٌ» ، وهو جمع : عِضٍ بالكسر ، وهو الخبيث الشّرس.

ومن الأول حديث أبي بكر «وسترون بعدي ملكا عَضُوضاً».

(ه) وفيه «أهدت لنا نوطا من التَّعْضُوض» هو ضرب من التّمر. وقد تقدّم في حرف التاء.

(عضل) (س) في صفته صلى‌الله‌عليه‌وسلم «أنه كان مُعَضَّلا» بدل «مقصّدا» أي موثّق الخلق شديده ، والمقصّد أثبت.

(س) وفي حديث ماعز «أنه أَعْضَلُ قصير» الأَعْضَل والعَضِل : المكتنز اللّحم. والعَضَلَة في البدن كل لحمة صلبة مكتنزة. ومنه عَضَلَة الساق. ويجوز أن يكون أراد أن عَضَلَة ساقيه كبيرة.

(س) ومنه حديث حذيفة «أخذ النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم بأسفل من عَضَلة ساقي ، وقال : هذا موضع الإزار» وجمع العَضَلة : عَضَلَات.

(س) وفي حديث عيسى عليه‌السلام «أنه مرّ بظبية قد عَضَّلَها ولدها» يقال : عَضَّلَت الحامل وأَعْضَلَت إذا صعب خروج ولدها. وكان الوجه أن يقول «بظبية قد عَضَّلَت» فقال : «عَضَّلَها

ولدها» ، ومعناه أن ولدها جعلها مُعَضِّلَة حيث نشب في بطنها ولم يخرج. وأصل العَضْل : المنع والشّدّة. يقال : أَعْضَلَ بي الأمر إذا ضاقت عليك فيه الحيل.

(ه) ومنه حديث عمر «قد أَعْضَلَ بي أهل الكوفة! ما يرضون بأمير ولا يرضى بهم أمير» أي ضاقت عليّ الحيل في أمرهم وصعبت عليّ مداراتهم.

ومنه حديثه الآخر «أعوذ بالله من كل مُعْضِلَة ليس لها أبو حسن» وروي : «مُعَضِّلَة» ، أراد المسألة الصّعبة ، أو الخطّة الضّيقة المخارج ، من الإِعْضَال أو التَّعْضِيل ، ويريد بأبي حسن : عليّ بن أبي طالب.

(ه) ومنه حديث معاوية ، وقد جاءته مسألة مشكلة فقال «مُعْضِلَةٌ ولا أبا حسن». أبو حسن : معرفة وضعت موضع النّكرة كأنه قال : ولا رجل لها كأبي حسن ، لأنّ لا النّافية إنما تدخل على النكرات دون المعارف.

وفي حديث الشّعبيّ «لو ألْقِيَت على أصحاب محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم لأَعْضَلَتْ بهم».

والحديث الآخر «فأَعْضَلَتْ بالملكين فقالا : يا ربّ إنّ عبدك قد قال مقالة لا ندري كيف نكتبها».

وفي حديث كعب «لمّا أراد عمر الخروج إلى العراق قال له : وبها الدّاء العُضَال» هو المرض الذي يعجز الأطباء فلا دواء له.

وفي حديث ابن عمر قال له أبوه : «زوّجتك امرأة فعَضَلْتَها» هو من العَضْل : المنع ، أراد أنك لم تعاملها معاملة الأزواج لنسائهم ، ولم تتركها تتصرّف في نفسها ، فكأنّك قد منعتها.

(عضه) في حديث البيعة «ولا يَعْضَهُ بعضنا بعضا» أي لا يرميه بالعَضِيهَة ، وهي البهتان والكذب ، وقد عَضَهَهُ يَعْضَهُه عَضْهاً.

(ه) ومنه الحديث «ألا أنبّئكم ما العَضْه؟ هي النّميمة القالة بين الناس» هكذا يروى في كتب الحديث. والذي جاء في كتب الغريب : «ألا أنبئكم ما العِضَةُ؟» بكسر العين وفتح الضاد.

وفي حديث آخر «إيّاكم والعِضَةَ» قال الخطّابي ، قال الزمخشري : «أصلها العِضْهَة ، فعلة ، من العَضْه ، وهو البهت ، فحذفت لامه كما حذفت من السّنة والشّفة ، وتجمع على عِضِينَ. يقال : بينهم عِضَةٌ قبيحة من العَضِيهَة».

(س) ومنه الحديث «من تعزّى بعزاء الجاهلية فاعْضَهُوه» هكذا جاء في رواية : أي اشتموه صريحا ، من العَضِيهَة : البهت.

(ه) ومنه الحديث «أنه لعن العَاضِهَة ، والمُسْتَعْضِهَة» قيل : هي السّاحرة والمستسحرة ، وسمّي السّحر عَضْهاً لأنه كذب وتخييل لا حقيقة له.

(س) وفيه «إذا جئتم أحدا فكلوا من شجره ، ولو من عِضَاهِه» العِضَاه : شجر أمّ غيلان. وكل شجر عظيم له شوك ، الواحدة : عِضَة بالتاء ، وأصلها عِضَهَة. وقيل واحدته : عِضَاهَة. وعَضَهْتُ العِضَاه إذا قطعتها.

(س) ومنه الحديث «ما عُضِهَتْ عِضَاه إلا بتركها التّسبيح».

(س) وفي حديث أبي عبيدة «حتى إنّ شدق أحدهم بمنزلة مشفر البعير العَضِه» هو الذي يأكل العِضَاه. وقيل : هو الذي يشتكي من أكل العِضَاه. فأمّا الذي يأكل العِضَاه فهو العَاضِه.

(عضا) [ه] في حديث ابن عباس «في تفسير قوله تعالى (الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ) أي جزّأوه أجزاء» (١) ، عِضِين : جمع عِضَة ، من عَضَّيْتُ الشيء إذا فرّقته وجعلته أَعْضَاء.

وقيل : الأصل : عضوة ، فحذفت الواو وجمعت بالنون ، كما عمل في عِزِين (٢) جمع عزوة.

وفسّرها بعضهم بالسّحر ، من العضه والعضيهة (٣).

__________________

(١) الذى فى الهروى : «قال ابن عباس : آمنوا ببعض وكفروا ببعض».

(٢) الذى فى الهروى : «... فى جمع عزة ، والأصل : عزوة».

(٣) قال الهروى : «ومن ذهب به إلى هذا التأويل جعل نقصانه الهاء الأصلية وأبقيت هاء العلامة ، وهى التأنيث ، كما قالوا : شفة ، والأصل : شفهة ، وكما قالوا : سنة ، والأصل : سنهة».

ومنه حديث جابر ، في وقت صلاة العصر «ما لو أنّ رجلا نحر جزورا وعَضَّاها قبل غروب الشمس» أي قطّعها وفصّل أَعْضَاءها.

[ه] ومنه الحديث «لا تَعْضِيَةَ في ميراث إلا فيما حمل القسم» هو أن يموت الرجل ويدع شيئا إن قسم بين ورثته استضرّوا أو بعضهم ، كالجوهرة والطّيلسان والحمّام ونحو ذلك ، من التَّعْضِيَة : التّفريق.

(باب العين مع الطاء)

(عطب) (ه) في حديث طاوس (١) «ليس في العُطْب زكاة» هو القطن.

وفيه ذكر «عَطَب الهدى» وهو هلاكه ، وقد يعبّر به عن آفة تعتريه وتمنعه عن السّير فينحر.

(عطبل) [ه] في صفته صلى‌الله‌عليه‌وسلم «لم يكن بعُطْبُول ولا بقصير» العُطْبُول : الممتدّ القامة الطويل العنق. وقيل : هو الطويل الصّلب الأملس ، ويوصف به الرجل والمرأة.

(عطر) (ه) فيه «أنه كان يكره تَعَطُّرَ النساء وتشبّههنّ بالرجال» أراد العِطْرَ الذي يظهر ريحه كما يظهر عِطْر الرّجال. وقيل : أراد تعطّل النساء ، باللام ، وهي التي لا حلي عليها ولا خضاب. واللام والراء يتعاقبان (٢).

ومنه حديث أبي موسى «المرأة إذا اسْتَعْطَرَت ومرّت على القوم ليجدوا ريحها» أي استعملت العِطْر وهو الطّيب.

ومنه حديث كعب بن الأشرف «وعندي أَعْطَرُ العرب» أي أطيبها عِطْراً.

(عطس) فيه «كان يحب العُطَاس ويكره التّثاؤب» إنما أحبّ العُطَاس لأنه إنما يكون مع خفّة البدن وانفتاح المسامّ وتيسير الحركات ، والتّثاؤب بخلافه. وسبب هذه الأوصاف تخفيف الغذاء والإقلال من الطعام والشراب.

__________________

(١) أخرجه الهروى من حديث عكرمة.

(٢) قال الهروى : «يقال : سمل عينه وسمرها».

وفي حديث عمر «لا يُرْغِم الله إلّا هذه المَعَاطِس» هي الأنوف ، واحدها : مَعْطَس ، لأن العُطَاس يخرج منها.

(عطش) (س) فيه «أنه رخّص لصاحب العُطَاش واللهث أن يفطرا ويطعما» العُطَاش بالضم : شدة العَطَش ، وقد يكون داء يشرب معه ولا يروى صاحبه.

(عطعط) في حديث ابن أنيس «إنه ليُعَطْعِط الكلام» العَطْعَطَة : حكاية صوت. يقال : عَطْعَطَ القومُ إذا صاحوا. وقيل : هو أن يقولوا : عيط عيط.

(عطف) (ه) فيه «سبحان من تَعَطَّفَ بالعزّ وقال به» أي تردّى بالعزّ. العِطَاف والمِعْطَف : الرّداء. وقد تَعَطَّفَ به واعْتَطَفَ ، وتَعَطَّفَه واعْتَطَفَه. وسمّي عِطَافاً لوقوعه على عِطْفَيِ الرجل ، وهما ناحيتا عنقه. والتَّعَطُّف في حقّ الله تعالى مجاز يراد به الاتّصاف ، كأنّ العزّ شمله شمول الرّداء.

(س) ومنه حديث الاستسقاء «حوّل رداءه وجعل عِطَافَه الأيمن على عاتقه الأيسر» إنما أضاف العِطَاف إلى الرّداء لأنه أراد أحد شقّي العِطَاف ، فالهاء ضمير الرّداء ، ويجوز أن يكون للرجل ويريد بالعِطَاف : جانب ردائه الأيمن.

(س) ومنه حديث ابن عمر «وخرج متلفّعا بعِطَاف».

وحديث عائشة «فناولتها عِطَافاً كان عليَّ فرأت فيه تصليبا».

وفي حديث الزكاة «ليس فيها عَطْفَاء» أي ملتوية القرن ، وهي نحو العقصاء.

(ه) وفي حديث أمّ معبد «وفي أشفاره عَطَفٌ» أي طول ، كأنه طال وانْعَطَفَ. ويروى بالغين وسيجيء.

(عطل) (س) فيه «يا عليُّ مر نساءك لا يصلّين عُطُلاً» العُطُل : فقدان الحلي ، وامرأة عَاطِلٌ وعُطُل ، وقد عَطِلَتْ عَطَلاً وعُطُولاً.

ومنه حديث عائشة «كرهت أن تصلّي المرأة عُطُلاً ، ولو أن تعلّق في عنقها خيطا».

(س) وحديثها الآخر «ذكر لها امرأة ماتت فقالت : عَطِّلُوها» أي انزعوا حليها واجعلوها عَاطِلاً. عَطَّلْتُ المرأة إذا نزعت حليها.

(ه) وفي حديثها الآخر ووَصَفَتْ أباها «رأب الثّأي وأوذم العَطِلَة» هي (١) الدّلو التي ترك العمل بها حينا وعُطِّلَتْ وتقطّعت أوذامها وعراها ، تريد أنه أعاد سيورها وعمل عراها وأعادها صالحة للعمل ، وهو مثل لفعله في الإسلام بعد النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

وفي قصيد كعب :

شدّ النّهار ذراعا (٢) عَيْطَلٍ نصف

العَيْطَل : النّاقة الطّويلة ، والياء زائدة.

(عطن) (ه) في حديث الرؤيا (٣) «حتى ضرب الناس بعَطَن» العَطَن : مبرك الإبل حول الماء. يقال : عَطَنَتِ الإبل فهي عَاطِنَة وعَوَاطِن إذا سقيت وبركت عند الحياض لتعاد إلى الشّرب مرّة أخرى. وأَعْطَنْتُ الإبلَ إذا فعلت بها ذلك ، ضرب ذلك مثلا لاتّساع النّاس في زمن عمر ، وما فتح الله عليهم من الأمصار.

(ه) ومنه حديث الاستسقاء «فما مضت سابعة حتى أَعْطَنَ الناس في العشب» أراد أن المطر طبّق وعمّ البطون والظّهور حتى أَعْطَنَ الناس إبلهم في المراعي.

ومنه حديث أسامة «وقد عَطَّنُوا مواشيهم» أي أراحوها ، سمّي المراح وهو مأواها عَطَنا.

ومنه الحديث «استوصوا بالمعزى خيرا وانقشوا له عَطَنه» أي مراحه.

(ه) ومنه الحديث «صلّوا في مرابض الغنم ولا تصلّوا في أَعْطَان الإبل» لم ينه عن

__________________

(١) الذى فى الهروى «يقال : العطلة : الناقة الحسنة. ويقال : هى الدّلو ...». وانظر القاموس (عطل).

(٢) ذكرت هذه اللفظة «ذراعى» بالنصب فى ثلاثة مواضع ، فى المواد (شدد ، عطل ، نصف) وأثبتناه رواية شرح الديوان ص ١٧. وهو مرفوع على أنه خبر لكأنّ فى البيت السابق :

كأن أوب ذراعيها وقد عرقت

وقد تلفع بالقور العساقيل

(٣) أخرجه الهروى من حديث الاستسقاء.

الصلاة فيها من جهة النّجاسة ، فإنّها موجودة في مرابض الغنم. وقد أمر بالصّلاة فيها ، والصلاة مع النجاسة لا تجوز ، وإنما أراد أن الإبل تزدحم في المنهل فإذا شربت رفعت رؤسها ولا يؤمن من نفارها وتفرّقها في ذلك الموضع فتؤذى المصلّي عندها ، أو تلهيه عن صلاته ، أو تنجّسه برشاش أبوالها.

وفي حديث عليّ «أخذت إهابا مَعْطُوناً فأدخلته عنقي» المَعْطُون : المنتن المنمرق الشعر. يقال عَطِنَ الجلدُ فهو عَطِن ومَعْطُون : إذا مرّق شعره وأنتن في الدّباغ.

[ه] ومنه حديث عمر «وفي البيت أهب عَطِنَة»

(عطا) (ه) في صفته صلى‌الله‌عليه‌وسلم «فإذا تُعُوطِيَ الحقّ لم يعرفه أحد» أي أنه كان من أحسن الناس خلقا مع أصحابه ، ما لم ير حقّا يتعرّض له بإهمال أو إبطال أو إفساد ، فإذا رأى ذلك تنمّر (١) وتغيّر حتى أنكره من عرفه ، كلّ ذلك لنصرة الحقّ. والتَّعَاطِي : التّناول والجراءة على الشّيء ، من عَطَا الشيء يَعْطُوه إذا أخذه وتناوله.

(س) ومنه حديث أبي هريرة «إن أربى الرّبا عَطْوُ الرجل عرض أخيه بغير حقّ» أي تناوله بالذّم ونحوه.

[ه] ومنه حديث عائشة (٢) «لا تَعْطُوه الأيدي» أي لا تبلغه فتتناوله.

(باب العين مع الظاء)

(عظل) (ه) في حديث عمر «قال لابن عباس : أنشدنا لشاعر الشّعراء ، قال : ومن هو؟ قال : الذي لا يُعَاظِل بين القول ، ولا يتتّبع حُوشيَّ الكلام. قال : ومن هو؟ قال : زهير» أي لا يعقّده ولا يوالي بعضه فوق بعض. وكلّ شيء ركب شيئا فقد عَاظَلَه.

[ه] ومنه «تَعَاظُلُ الجراد والكلاب» وهو تراكبها.

(عظم) في أسماء الله تعالى «الْعَظِيمُ» هو الذي جاوز قدره وجلّ عن حدود العقول ،

__________________

(١) فى اللسان «شمّر».

(٢) تصف أباها ، كما ذكر الهروى.

حتى لا تتصوّر الإحاطة بكنهه وحقيقته. والعِظَم في صفات الأجسام : كبر الطّول والعرض والعمق. والله تعالى جلّ قدره عن ذلك.

(س) وفيه «أنه كان يحدّث ليلة عن بني إسرائيل لا يقوم فيها إلا إلى عُظْم صلاة» عُظْمُ الشيءِ : أكبره ، كأنه أراد لا يقوم إلا إلى الفريضة.

(س) ومنه الحديث «فأسندوا عُظْم ذلك إلى ابن الدّخشم» أي مُعْظَمَه.

ومنه حديث ابن سيرين «جلست إلى مجلس فيه عُظْم من الأنصار» أي جماعة كثيرة. يقال : دخل في عُظْمِ النّاس : أي مُعْظَمهِم.

(س) وفي حديث رقيقة «انظروا رجلا طُوَالا عُظَاماً» أي عَظِيما بالغا. والفعال من أبنية المبالغة. وأبلغ منه فعّال بالتشديد.

(س) وفيه «من تَعَظَّمَ في نفسه لقي الله تبارك وتعالى غضبان» التَّعَظُّم في النّفس : هو الكبر والنّخوة أو الزّهو.

(س) وفيه «قال الله تعالى : لا يَتَعَاظَمُنِي ذنب أن أغفره» أي لا يَعْظُمُ عليّ وعندي.

(س) وفيه «بينا هو يلعب مع الصّبيان وهو صغير بعَظْمِ وضّاحٍ مرّ عليه يهوديّ فقال له : لتقتلنّ صناديد هذه القرية» هي لعبة لهم كانوا يطرحون عَظْماً بالليل يرمونه ، فمن أصابه غلب أصحابه ، وكانوا إذا غلب واحد من الفريقين ركب أصحابه الفريق الآخر من الموضع الذي يجدونه فيه إلى الموضع الذي رموا به منه.

(عظة) فيه «لأجعلنّك عِظَةً» أي مَوْعِظَة وعبرة لغيرك ، وبابه الواو ، من الوعظ ، والهاء فيه عوض من الواو المحذوفة.

(عظا) في حديث عبد الرحمن بن عوف.

كفعل الهرّ يفترس العَظَايَا

هي جمع عَظَايَة ، وهي دويبّة معروفة. وقيل : أراد بها سامّ أبرص. ويقال للواحدة أيضا : عَظَاءَة ، وجمعها عَظَاء.

(باب العين مع الفاء)

(عفث) (ه) في حديث الزّبير «أنه كان أخضع أشعر أَعْفَث» الأَعْفَث : الذي ينكشف فرجه كثيرا إذا جلس. وقيل : هو بالتّاء بنقطتين ، ورواه بعضهم في صفة عبد الله بن الزبير ، فقال : كان بخيلا أَعْفَث ، وفيه يقول أبو وجزة :

دع الأَعْفَث المهذار يهذي بشتمنا

فنحن بأنواع الشّتيمة أعلم

وروي عن ابن الزّبير أنه كان كلّما تحرّك بدت عورته ، فكان يلبس تحت إزاره التّبّان.

(عفر) (ه) فيه «إذا سجد جافى عضديه حتى يَرَى مَن خَلفَهُ عُفْرَةَ إبطيه» العُفْرَة : بياض ليس بالنّاصع ، ولكن كلون عَفَر الأرض ، وهو وجهها.

(ه) ومنه الحديث «كأني أنظر إلى عُفْرَتَيْ إبطَيْ رسولِ الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

ومنه الحديث «يحشر الناس يوم القيامة على أرض بيضاء عَفْرَاء».

(ه) والحديث الآخر «أن امرأة شكت إليه قلّة نسل غنمها ، قال : ما ألوانها؟ قالت : سود ، فقال : عَفِّرِي ، أي اخلطيها بغنم عُفْرٍ ، واحدتها : عَفْرَاء.

(ه) ومنه حديث الضحيّة «لدم عَفْرَاء أحبّ إلى الله من دم سوداوين».

[ه] ومنه الحديث «ليس عُفْرُ الليالي كالدّآدئ» أي اللّيالي المقمرة كالسّود. وقيل : هو مثل.

(س) وفيه «أنه مرّ على أرض تسمّى عَفِرَة فسمّاها خَضِرَة» كذا رواه الخطّابي في شرح «السّنن». وقال : هو من العُفْرَة : لون الأرض. ويروى بالقاف والثاء والذال.

وفي قصيد كعب :

يغدو فيلحم ضرغامين عيشهما

لحم من القوم مَعْفُورٌ خراديل

المَعْفُور : المترّب المُعَفَّرُ بالتّراب.

ومنه الحديث «العَافِر الوجه في الصلاة» أي المترّب.

ومنه حديث أبي جهل «هل يُعَفِّرُ محمّد وجهه بين أظهركم» يريد به سجوده على التّراب ، ولذلك قال في آخره : «لأطأنّ على رقبته أو لأُعَفِّرَنَ وجهه في التراب» يريد إذلاله ، لعنة الله عليه.

(ه) وفيه «أوّل دينكم نبوّة ورحمة ، ثمّ مُلْكٌ أَعْفَر» أي ملك يساس بالنّكر والدّهاء ، من قولهم للخبيث المنكر : عِفْرٌ. والعَفَارَة : الخبث والشّيطنة.

(ه) ومنه الحديث «إن الله تعالى يبغض العِفْرِيَّةَ النِّفْرِيَّة» هو الداهي الخبيث الشّرّير.

ومنه «العِفْرِيت» وقيل : هو الجَمُوع المَنُوع. وقيل : الظلوم.

وقال الجوهرى (١) في تفسير العِفْرِيَّة «المصحّح ، والنّفرية إتباع له» وكأنه أشبه ، لأنه قال في تمامه «الذي لا يرزأ في أهل ولا مال».

وقال الزمخشري : «العِفْر ، والعِفْرِيَّة ، والعِفْرِيت ، والعَفَارِيَّة : القويّ المتشيطن الذي يَعْفِرُ قِرنه. والياء في عِفْرِيَّة وعَفَارِيَّة للإلحاق بشرذمة وعذافرة ، والهاء فيهما للمبالغة. والتاء في عِفْرِيت للإلحاق بقنديل».

(س) وفي حديث عليّ «غشيهم يوم بدر ليثا عَفَرْنَى» العَفَرْنَى : الأسد الشديد ، والألف والنون للإلحاق بسفرجل.

وفي كتاب أبي موسى «غشيهم يوم بدر ليثا عِفْرِيّاً» أي قويّا داهيا. يقال أسد عِفْرٌ وعِفِرٌّ ، بوزن طِمِرّ : أي قويّ عظيم.

(ه) وفيه «أنه بعث معاذا إلى اليمن وأمره أن يأخذ من كل حالم دينارا أو عدله من المَعَافِرِيِ» هي برود باليمن منسوبة إلى مَعَافِر ، وهي قبيلة باليمن ، والميم زائدة.

(ه) ومنه حديث ابن عمر «إنه دخل المسجد وعليه بردان مَعَافِرِيَّان» وقد تكرر ذكره في الحديث.

__________________

(١) حكاية عن أبي عبيدة.

(ه) وفيه «أنّ رجلا جاءه فقال : ما لي عهد بأهلي منذ عَفَارِ النّخلِ».

(ه) وفي حديث هلال «ما قربت أهلي مذ عَفَّرْنَا النّخل» ويروى بالقاف ، وهو خطأ.

التَّعْفِير : أنهم كانوا إذا أبّروا النّخل تركوها أربعين يوما لا تسقى لئلا ينتفض حملها ثم تسقى ، ثم تترك إلى أن تعطش ثم تسقى. وقد عَفَّرَ القوم : إذا فعلوا ذلك ، وهو من تَعْفِير الوحشيّة ولدها ، وذلك أن تفطمه عند الرّضاع أيّاما ثم ترضعه ، تفعل ذلك مرارا ليعتاده.

(س) وفيه «أن اسم حمار النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم عُفَيْر» هو تصغير ترخيم لأَعْفَر ، من العُفْرَة : وهي الغبرة ولون التراب ، كما قالوا في تصغير أسود : سويد ، وتصغيره غير مرخّم : أُعَيْفِر ، كأُسَيود.

(س) وفي حديث سعد بن عبادة «أنه خرج على حماره يَعْفُور ليعوده» قيل : سمّي يَعْفُوراً للونه ، من العُفْرَة ، كما قيل في أخضر : يخضور. وقيل : سمّي به تشبيها في عدوه باليَعْفُور ، وهو الظّبي. وقيل : الخشف (١).

(عفس) (ه) في حديث حنظلة الأسدي «فإذا رجعنا عَافَسْنَا الأزواج والضّيعة» المُعَافَسَة : المعالجة والممارسة والملاعبة.

ومنه حديث عليّ «كنت أُعَافِسُ وأمارس».

[ه] وحديثه الآخر «يمنع من العِفَاس خوف الموت ، وذكر البعث والحساب».

(عفص) (ه) في حديث اللّقطة «احفظ (٢) عِفَاصَها ووكاءها» العِفَاص : الوعاء الذي تكون فيه النّفقة من جلد أو خرقة أو غير ذلك ، من العَفْص : وهو الثّني والعطف. وبه سمّي الجلد الذي يجعل على رأس القارورة : عِفَاصاً ، وكذلك غلافها. وقد تكرر في الحديث.

__________________

(١) الخشف : ولد الغزال ، يطلق على الذكر والأنثى. (المصباح المنير).

(٢) رواية الهروى : «اعرف عفاصها».

(عفط) في حديث عليّ «ولكانت دنياكم هذه أهون عليّ من عَفْطَة عنز» أي ضرطة عنز.

(عفف) فيه «من يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّه الله» الاسْتِعْفَاف : طلب العِفَاف والتَّعَفُّف ، وهو الكفّ عن الحرام والسّؤال من الناس : أي من طلب العِفَّة وتكلّفها أعطاه الله إيّاها. وقيل الاسْتِعْفَاف : الصّبر والنّزاهة عن الشيء ، يقال : عَفَ يَعِفُ عِفَّة فهو عَفِيف.

ومنه الحديث «اللهم إني أسألك العِفَّة والغنى».

والحديث الآخر «فإنّهم ـ ما علمت ـ أَعِفَّةٌ صُبُر» جمع عَفِيف. وقد تكرر في الحديث.

(س) وفي حديث المغيرة «لا تحرّم العُفَّة» هي بقيّة اللّبن في الضرع بعد أن يحلب أكثر ما فيه ، وكذلك العُفَافَة ، فاستعارها للمرأة ، وهم يقولون : العَيْفَة.

(عفق) (ه) في حديث لقمان «خذي منّي أخي ذا العِفَاق» يقال : عَفَقَ يَعْفِقُ عَفْقاً وعِفَاقاً إذا ذهب ذهابا سريعا. والعَفْق أيضا : العطف ، وكثرة الضّراب.

(عفل) في حديث ابن عباس «أربع لا يجزن في البيع ولا النّكاح : المجنونة ، والمجذومة ، والبرصاء ، والعَفْلَاء» العَفَل ـ بالتحريك ـ : هنة تخرج في فرج المرأة وحياء النّاقة شبيهة بالأدرة التي للرجال في الخصية. والمرأة عَفْلَاء. والتَّعْفِيل : إصلاح ذلك.

(س) ومنه حديث مكحول «في امرأة بها عَفَلٌ».

(س) وفي حديث عمير بن أفصى «كبش حوليٌ أَعْفَلُ» أي كثير شحم الخصية من السّمن ، وهو العَفْل بإسكان الفاء.

قال الجوهري : «العَفْل : مجسّ الشّاة بين رجليها إذا أردت أن تعرف سمنها من هزالها».

(عفن) في قصة أيوب عليه‌السلام «عَفِنَ من القيح والدّم جوفي» أي فسد من احتباسهما فيه.

(عفا) في أسماء الله تعالى «العَفُوّ» هو فعول ، من العَفْو وهو التّجاوز عن الذّنب وترك العقاب عليه ، وأصله المحو والطّمس ، وهو من أبنية المبالغة. يقال : عَفَا يَعْفُو عَفْواً ، فهو عَافٍ وعَفُوّ.

وفي حديث الزكاة «قد عَفَوْتُ عن الخيل والرّقيق فأدّوا زكاة أموالكم» أي تركت لكم أخذ زكاتها وتجاوزت عنه ، ومنه قولهم : عَفَتِ الريح الأثر ، إذا طمسته ومحته.

(س) ومنه حديث أم سلمة «قالت لعثمان : لا تُعَفِ سبيلا كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لحبها» أي لا تطمسها.

(ه) ومنه حديث أبي بكر «سلوا الله العَفْو والعَافِيَة والمُعَافَاة» فالعَفْو : محو الذّنوب ، والعَافِيَة : أن تسلم من الأسقام والبلايا ، وهي الصحة وضدّ المرض ، ونظيرها الثّاغية والرّاغية ، بمعنى الثّغاء والرّغاء. والمُعَافَاة : هي أن يُعَافِيَك الله من الناس ويُعَافِيَهُم منك : أي يغنيك عنهم ويغنيهم عنك ، ويصرف أذاهم عنك وأذاك عنهم. وقيل : هي مفاعلة من العَفْو ، وهو أن يَعْفُوَ عن الناس ويَعْفُوَ هم عنه.

ومنه الحديث «تَعَافَوُا الحدودَ فيما بينكم» أي تجاوزوا عنها ولا ترفعوها إليَّ ، فإنّي متى علمتها أقمتها.

(ه) وفي حديث ابن عباس ، وسئل عمّا في أموال أهل الذّمة فقال : «العَفْو» أي عُفِيَ لهم عمّا فيها من الصّدقة وعن العشر في غلّاتهم.

وفي حديث ابن الزّبير «أمر الله نبيّه أن يأخذ العَفْوَ من أخلاق الناس» هو السّهل المتيسّر : أي أمره أن يحتمل أخلاقهم ويقبل منها ما سهل وتيسّر ، ولا يستقصي عليهم.

ومنه حديثه الآخر «أنه قال للنّابغة : أمّا صفو أموالنا فلآل الزّبير ، وأما عَفْوُه فإنّ تيما وأسدا تشغله عنك» قال الحربي : العَفْو : أجلّ المال وأطيبه.

وقال الجوهرى : «عَفْو المال : ما يفضل عن النّفقة» وكلاهما جائز في اللّغة ، والثاني أشبه بهذا الحديث.

(ه) وفيه «أنه أمر بإِعْفَاء اللّحى» هو أن يوفّر شعرها ولا يقصّ كالشّوارب ، من عَفَا الشيء إذا كثر وزاد. يقال : أَعْفَيْتُه وعَفَّيْتُه.

ومنه حديث القصاص «لا أَعْفَى من قتل بعد أخذ الدية» هذا دعاء عليه : أي لا كثر ماله ولا استغنى.

(ه) ومنه الحديث «إذا دخل صفر وعَفَا الوبر» أي كثر وبر الإبل.

وفي رواية أخرى «وعَفَا الأثر» هو بمعنى درس وامّحى.

(ه) ومنه حديث مصعب بن عمير «إنه غلام عَافٍ» أي وافي اللّحم كثيره.

وفي حديث عمر «إن عاملنا ليس بالشعث ولا العَافِي».

وفيه «إنّ المنافق إذا مرض ثم أُعْفِيَ كان كالبعير عقله أهله ثم أرسلوه ، فلم يدر لم عقلوه ولم أرسلوه» أُعْفِيَ المريض بمعنى عُوفِيَ.

(ه) وفيه «أنه أقطع من أرض المدينة ما كان عَفَاءً (١)» أي ما ليس فيه لأحد أثر ، وهو من عَفَا الشيء إذا درس ولم يبق له أثر. يقال : عَفَتِ الدارُ عَفَاءً ، أو ما ليس لأحد فيه ملك ، من عَفَا الشيء يَعْفُو إذا صفا وخلص.

[ه] ومنه الحديث «ويرعون عَفَاءَها (٢)».

ومنه حديث صفوان بن محرز «إذا دخلت بيتي فأكلت رغيفا وشربت عليه من الماء فعلى الدنيا العَفَاء» أي الدّروس وذهاب الأثر. وقيل : العَفَاء التّراب.

(ه) وفيه «ما أكلت العَافِيَة منها فهو له صدقة» وفي رواية «العَوَافِي» العَافِيَة والعَافِي : كلّ طالب رزق من إنسان أو بهيمة أو طائر ، وجمعها : العَوَافِي ، وقد تقع العَافِيَة على الجماعة. يقال : عَفَوْتُه واعْتَفَيْتُه : أي أتيته أطلب معروفه. وقد تكرر ذكر «العَوَافِي» في الحديث بهذا المعنى.

__________________

(١) فى الأصل ، واللسان : «عفا» وأثبتنا ما فى ا ، والهروى ، والفائق ٢ / ١٦٦ ، ٣ / ٩٤.

(٢) زاد الهروى : «والعفا ، مقصور ...».

ومنها الحديث في ذكر المدينة «ويتركها أهلها على أحسن ما كانت مذلّلة للعَوَافِي».

(ه) وفي حديث أبي ذرّ «أنه ترك أتانين وعِفْواً» العِفْو بالكسر والضم والفتح : الجحش ، والأنثى عفوة.

(باب العين مع القاف)

(عقب) (ه) فيه «من عَقَّبَ في صلاة (١) فهو في صلاة» أي أقام في مصلّاه بعد ما يفرغ من الصلاة. يقال : صلّى القوم وعَقَّبَ فلان.

ومنه الحديث «والتَّعْقِيب في المساجد بانتظار الصّلاة بعد الصلاة».

ومنه الحديث «ما كانت صلاة الخوف إلّا سجدتين ، إلّا أنها كانت عُقَباً» أي تصلّى طائفة بعد طائفة ، فهم يَتَعَاقَبُونَها تَعَاقُبَ الغزاة.

(ه) ومنه الحديث «وأنّ كلّ غازية غزت يَعْقِبُ بعضها بعضا» أي يكون الغزو بينهم نوبا ، فإذا خرجت طائفة ثم عادت لم تكلّف أن تعود ثانية حتى تَعْقُبَها أخرى غيرها.

(ه س) ومنه حديث عمر «أنه كان يُعَقِّبُ الجيوش في كلّ عام».

(ه) وحديث أنس «أنه سئل عن التَّعْقِيب في رمضان فأمرهم أن يصلّوا في البيوت» التَّعْقِيب : هو أن تعمل عملا ثم تعود فيه ، وأراد به هاهنا : صلاة النّافلة بعد التّراويح ، فكره أن يصلّوا في المسجد ، وأحبّ أن يكون ذلك في البيوت.

(ه) وفي حديث الدعاء «مُعَقِّبَات لا يخيب قائلهن : ثلاث وثلاثون تسبيحة ، وثلاث وثلاثون تحميدة ، وأربع وثلاثون تكبيرة» سمّيت مُعَقِّبَات لأنّها عادت مرّة بعد مرّة ، أو لأنّها تقال عَقِيب الصّلاة (٢). والمُعَقِّب من كلّ شيء : ما جاء عَقِيب ما قبله.

__________________

(١) فى الأصل : «في الصلاة» وأثبتنا ما في ا ، واللسان ، والدر النثير ، والهروى. والرواية فى اللسان : «من عقّب فى صلاة فهو فى الصلاة».

(٢) زاد الهروى : «وقال شمر : أراد تسبيحات تخلف بأعقاب الناس».

(س) ومنه الحديث «فكان الناضح يَعْتَقِبُه منّا الخمسة» أي يَتَعَاقَبُونَه في الرّكوب واحدا بعد واحد. يقال : دارت عُقْبَة فلان : أي جاءت نوبته ووقت ركوبه.

ومنه حديث أبي هريرة «كان هو وامرأته وخادمه يَعْتَقِبُون الليل أثلاثا» أي يتناوبونه في القيام إلى الصّلاة.

(ه) ومنه حديث شريح «أنه أبطل النّفح إلّا أن تضرب فتُعَاقِبَ» أي أبطل نفح الدّابة برجلها إلا أن تتبع ذلك رمحا.

وفي أسماء النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم «العَاقِب» هو آخر الأنبياء ، والعَاقِب والعَقُوب : الذي يخلف من كان قبله في الخير.

(س) وفي حديث نصارى نجران «جاء السيّد والعَاقِب» هما من رؤسائهم وأصحاب مراتبهم. والعَاقِب يتلو السّيّد.

(ه) وفي حديث عمر «أنه سافر في عَقِب رمضان» أي في آخره وقد بقيت منه بقيّة. يقال : جاء على عَقِب الشهر وفي عَقِبِه إذا جاء وقد بقيت منه أيام إلى العشرة (١). وجاء في عُقْبِ الشّهر وعلى عُقْبِه إذا جاء بعد تمامه.

وفيه «لا تردّهم (٢) على أَعْقَابِهم» أي إلى حالتهم الأولى من ترك الهجرة.

ومنه الحديث «ما زالوا مرتدّين على أَعْقَابِهم» أي راجعين إلى الكفر ، كأنّهم رجعوا إلى ورائهم.

(ه) وفيه «أنه نهى عن عَقِب الشيطان في الصلاة» وفي رواية «عن عُقْبَةِ الشيطان» هو أن يضع أليتيه على عَقِبَيْه بين السّجدتين ، وهو الذي يجعله بعض الناس الإقعاء.

وقيل : هو أن يترك عَقِبَيْه غير مغسولين في الوضوء.

__________________

(١) عبارة الهروى : «وقد بقيت منه بقية».

(٢) فى الأصل : «لا تردّوهم» والمثبت من ا واللسان.

(ه) ومنه الحديث «ويل للعَقِب من النّار» وفي رواية «للأَعْقَاب» وخصّ العَقِب بالعذاب لأنه العضو الذي لم يغسل.

وقيل : أراد صاحب العَقِب ، فحذف المضاف. وإنما قال ذلك ، لأنهم كانوا لا يستقصون غسل أرجلهم في الوضوء. ويقال فيه : عَقِبٌ وعَقْب.

(ه) وفيه «أن نعله كانت مُعَقَّبَة مخصّرة» المُعَقَّبَة : التي لها عَقِب.

(س) وفيه «أنه بعث أمّ سليم لتنظر له امرأة فقال : انظري إلى عَقِبَيْها أو عُرْقُوبَيْها» قيل : لأنه إذا اسودّ عَقِبَاها اسودّ (١) سائر جسدها.

وفيه «أنه كان اسم رايته عليه‌السلام العُقَاب» وهي العلم الضخم.

وفي حديث الضّيافة «فإن لم يقروه فله أن يُعْقِبَهم بمثل قراه» أي يأخذ منهم عوضا عمّا حرموه من القرى. وهذا في المضطرّ الذي لا يجد طعاما ويخاف على نفسه التّلف. يقال : عَقَّبَهُم مشدّدا ومخفّفا ، وأَعْقَبَهُم إذا أخذ منهم عُقْبَى وعُقْبَةً ، وهو أن يأخذ منهم بدلا عمّا فاته.

ومنه الحديث «سأعطيك منها عُقْبَى» أي بدلا من الإبقاء والإطلاق.

(س) وفيه «من مشى عن دابّته عُقْبَةً فله كذا» أي شوطا.

[ه] وفي حديث الحارث بن بدر «كنت مرة نشبة فأنا اليوم عُقْبَةٌ» أي كنت إذا نشبت بإنسان وعلقت به لقي منّي شرّا فقد أَعْقَبْتُ اليوم منه ضعفا.

(س) وفيه «ما من جرعة أحمد عُقْبَاناً» أي عَاقِبَة.

وفيه «أنه مضغ عَقَبا وهو صائم» هو بفتح القاف : العصب.

(ه) وفي حديث النّخعيّ «المُعْتَقِب ضامن لما اعْتَقَبَ» الاعْتِقَاب : الحبس والمنع ، مثل أن يبيع شيئا ثم يمنعه من المشتري حتى يتلف عنده فإنه يضمنه.

(عقبل) في حديث عليّ «ثم قرن بسعتها عَقَابِيل فاقتها» العَقَابِيل : بقايا المرض وغيره ، واحدها عُقْبُول.

__________________

(١) فى ا «استوى».

(عقد) [ه] فيه «من عَقَدَ لحيته فإن محمّدا برىء منه» قيل : هو معالجتها حتى تَتَعَقَّد وتتجعّد.

وقيل : كانوا يَعْقِدُونها في الحروب ، فأمرهم بإرسالها ، كانوا يفعلون ذلك تكبّرا وعجبا.

وفيه «من عَقَدَ الجزية في عنقه فقد برئ مما جاء به رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم» عَقْدُ الجزية : كناية (١) عن تقريرها على نفسه ، كما تُعْقَد الذمّة للكتابىّ عليها.

وفي حديث الدعاء «لك من قلوبنا عُقْدَة النّدم» يريد عَقْدَ العزم على النّدامة ، وهو تحقيق التوبة.

ومنه الحديث «لآمرنّ براحلتي ترحل ، ثم لا أحلّ لها عُقْدَة حتى أقدم المدينة» أي لا أحلّ عزمي حتى أقدمها. وقيل : أراد لا أنزل فأعقلها حتى أحتاج إلى حلّ عقالها.

وفيه «أنّ رجلا كان يبايع وفي عُقْدَته ضعف» أي في رأيه ونظره في مصالح نفسه.

(ه) وفي حديث عمر «هلك أهل العَقْد (٢) وربّ الكعبة» يعنى أصحاب الولايات على الأمصار ، من عَقْد الألوية للأمراء.

(ه) ومنه حديث أبيّ : «هلك أهل العُقْدَة وربّ الكعبة» يريد البيعة المَعْقُودَة للولاة.

وفي حديث ابن عباس في قوله تعالى «والذين عَاقَدَتْ (٣) أيمانكم» المُعَاقَدَة : المعاهدة والميثاق. والأيمان : جمع يمين : القسم أو اليد.

وفي حديث الدعاء «أسألك بمَعَاقِد العزّ من عرشك» أي بالخصال التي استحقّ بها

__________________

(١) فى الأصل : «عبارة» وأثبتنا ما فى ا ، واللسان.

(٢) ضبطت فى الأصل واللسان «العقد» بضم العين وفتح القاف. وأثبتنا ضبط ا والهروى.

(٣) الآية ٣٣ من سورة النساء. و«عاقدت» قراءة نافع ، انظر تفسير القرطبى ٥ / ١٦٥ ، ١٦٧.

العرش العزّ ، أو بمواضع انْعِقَادِها منه. وحقيقة معناه : بعزّ عرشك. وأصحاب أبي حنيفة يكرهون هذا اللّفظ من الدّعاء (١).

وفيه «فعدلت عن الطريق فإذا بعُقْدَة من شجر» العُقْدَة من الأرض : البقعة الكثيرة الشجر.

وفيه «الخيل معقود في نواصيها الخير» أي ملازم لها كأنه مَعْقُودٌ فيها.

(س) وفي حديث ابن عمرو «ألم أكن أعلم السّباع هاهنا كثيرا؟ قيل : نعم ، ولكنّها عُقِدَتْ ، فهي تخالط البهائم ولا تهيجها» أي عولجت بالأخذ والطّلسمات كما تعالج الرّوم الهوامّ ذوات السّموم ، يعنى عُقِدَتْ ومنعت أن تضرّ البهائم.

وفي حديث أبي موسى «أنه كسا في كفّارة اليمين ثوبين ظهرانيّا ومُعَقَّدا» المُعَقَّد : ضرب من برود هجر.

(عقر) (ه) فيه «إنّي لَبِعُقْرِ حوضي أذود الناس لأهل اليمن» عُقْر الحوض بالضم : موضع الشاربة منه : أي أطردهم لأجل أن يرد أهل اليمن.

[ه] وفيه «ما غزي قوم في عُقْر دارهم إلا ذلّوا» عُقْر الدار بالضم والفتح : أصلها.

ومنه الحديث «عُقْر دار الإسلام الشّام» أي أصله وموضعه ، كأنه أشار به إلى وقت الفتن : أي يكون الشام يومئذ آمنا منها ، وأهل الإسلام به أسلم.

(ه) وفيه «لا عَقْرَ في الإسلام» كانوا يَعْقِرُون الإبلَ على قبور الموتى : أي ينحرونها ويقولون : إنّ صاحب القبر كان يَعْقِرُ للأضياف أيام حياته فتكافئه بمثل صنيعه بعد وفاته. وأصل العَقْر : ضرب قوائم البعير أو الشاة بالسيف وهو قائم.

ومنه الحديث «لا تَعْقِرَنَ شاة ولا بعيرا إلا لمأكلة» وإنما نهى عنه لأنه مثلة وتعذيب للحيوان.

ومنه حديث ابن الأكوع «فما زلت أرميهم وأَعْقِرُ بهم» أي أقتل مركوبهم. يقال : عَقَرْتُ به : إذا قتلت مركوبه وجعلته راجلا.

__________________

(١) قال السيوطى فى الدر النثير : «وحديثه موضوع».

[ه] ومنه الحديث «فعَقَرَ حنظلة الراهب بأبي سفيان بن حرب (١)» أي عَرْقَبَ دابّته ، ثم اتّسع في العَقْر حتى استعمل في القتل والهلاك.

(س) ومنه الحديث «أنه قال لمسيلمة الكذاب : ولئن أدبرت ليَعْقِرَنَّك الله» أي ليهلكنّك. وقيل : أصله من عَقْرِ النّخل ، وهو أن تقطع رؤوسها فتيبس.

ومنه حديث أم زرع «وعَقْرُ جارتها» أي هلاكها من الحسد والغيظ.

(ه) وفي حديث ابن عباس «لا تأكلوا من تَعَاقُرِ الأعراب فإني لا آمن أن يكون ممّا (أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللهِ)» هو عَقْرُهُم الإبل ، كان يتبارى الرجلان في الجود والسّخاء فيَعْقِرُ هذا إبلا ويَعْقِرُ هذا إبلا حتى يعجّز أحدهما الآخر ، وكانوا يفعلونه رياء وسمعة وتفاخرا ، ولا يقصدون به وجه الله ، فشبّهه بما ذبح لغير الله.

(س) وفيه «إنّ خديجة لمّا تزوّجت برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم كست أباها حلّة وخلّقته ، ونحرت جزورا ، فقال : ما هذا الحبير ، وهذا العبير ، وهذا العَقِير؟» أي الجزور المنحور. يقال : جمل عَقِيرٌ ، وناقة عَقِيرٌ.

قيل : كانوا إذا أرادوا نحر البعير عَقَرُوه : أي قطعوا إحدى قوائمه ثم نحروه. وقيل : يفعل ذلك به كيلا يشرد عند النحر.

وفيه «إنه مرّ بحمار عَقِير» أي أصابه عَقْر ولم يمت بعد.

(ه) ومنه حديث صفيّة «لمّا قيل له : إنّها حائض ، فقال : عَقْرَى حَلْقَى» أي عَقَرَها اللهُ وأصابها بعَقْر في جسدها. وظاهره الدّعاء عليها ، وليس بدعاء في الحقيقة ، وهو في مذهبهم معروف.

قال أبو عبيد : الصّواب «عَقْراً حَلْقاً» ، بالتنوين ، لأنهما مصدرا : عَقَرَ وحَلَقَ.

وقال سيبويه : عَقَّرْتُه إذا قلت له : عَقْراً ، وهو من باب سقيا ، ورعيا ، وجدعا.

قال الزمخشري : «هما صفتان للمرأة المشئومة : أي أنها تَعْقِرُ قومها وتحلقهم : أي تستأصلهم

__________________

(١) فى الهروى : «بأبي سفيان بن الحارث».

من شؤمها عليهم. ومحلّهما الرفع على الخبرية : أي هي عَقْرَى وحلقى. ويحتمل أن يكونا مصدرين على فعلى بمعنى العَقْر والحلق ، كالشّكوى للشكو».

وقيل : الألف للتأنيث ، مثلها في غضبى وسكرى.

(س) ومنه حديث عمر «إنّ رجلا أثنى عنده على رجل في وجهه ، فقال : عَقَرْتَ الرجل عَقَرَك الله».

(ه) وفيه «أنه أقطع حصين بن مشمّت ناحية كذا ، واشترط عليه أن لا يَعْقِرَ مرعاها» أي لا يقطع شجرها.

(س) وفي حديث عمر «فما هو إلّا أن سمعت كلام أبي بكر فعَقِرْتُ وأنا قائم حتى وقعت إلى الأرض» العَقَر بفتحتين : أن تسلم الرجل قوائمه من الخوف. وقيل : هو أن يفجأه الرّوع فيدهش ولا يستطيع أن يتقدّم أو يتأخر.

(س) ومنه حديث العباس «أنه عَقِرَ في مجلسه حين أخبر أن محمّدا قتل».

وحديث ابن عباس «فلما رأوا النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم سقطت أذقانهم على صدورهم وعَقِرُوا في مجالسهم».

وفيه «لا تزوّجنّ عَاقِراً فإني مكاثر بكم» العَاقِر : المرأة التي لا تحمل.

(س) وفيه «أنه مرّ بأرض تسمّى عَقِرَة فسّماها خَضِرَة» كأنه كره لها اسم العَقْر ، لأنّ العَاقِر المرأة التي لا تحمل. [وشجرة عَاقِرَة لا تحمل](١) فسمّاها خضرة تفاؤلا بها. ويجوز أن يكون من قولهم : نخلة عَقِرَة إذا قطع رأسها فيبست.

[ه] وفيه «فأعطاهم عُقْرَها» العُقْر ـ بالضم ـ : ما تعطاه المرأة على وطء الشّبهة. وأصله أنّ واطئ البكر يَعْقِرُها إذا افتضّها ، فسمّي ما تعطاه للعَقْر عُقْرا ، ثم صار عامّا لها وللثّيّب.

__________________

(١) ساقط من ا. وفى اللسان : «وشجرة عاقر ..».

(ه) ومنه حديث الشّعبي «ليس على زان عُقْر» أي مهر ، وهو للمغتصبة من الإماء كالمهر للحرّة.

(ه) وفيه «لا يدخل الجنة مُعَاقِر خمر» هو الذي يدمن شربها. قيل : هو مأخوذ من عُقْر الحوض ، لأن الواردة تلازمه.

(س) ومنه الحديث «لا تُعَاقِرُوا» أي لا تدمنوا شرب الخمر.

(س) وفي حديث قسّ ، ذكر «العُقَار» هو بالضم من أسماء الخمر.

[ه] وفيه «من باع دارا أو عَقَاراً» العَقَار بالفتح : الضّيعة والنّخل والأرض ونحو ذلك.

(ه) ومنه الحديث «فردّ عليهم ذراريّهم وعَقَار بيوتهم» أراد أرضهم. وقيل : متاع بيوتهم وأدواته وأوانيه. وقيل : متاعه الذي لا يبتذل إلّا في الأعياد. وعَقَار كل شيء : خياره.

(س) وفيه «خير المال العُقْر» هو بالضم : أصل كلّ شيء. وقيل : هو بالفتح. وقيل : أراد أصل مال له نماء.

[ه] وفي حديث أم سلمة «أنها قالت لعائشة رضي‌الله‌عنها : سكّن الله عُقَيْرَاكِ فلا تصحريها» أي أسكنك بيتك وسترك فيه فلا تبرزيه (١). وهو اسم مصغّر مشتقّ من عُقْرِ الدّار.

قال القتيبي : لم أسمع بعُقَيْرَى إلا في هذا الحديث.

قال الزمخشري : «كأنها تصغير العَقْرَى على فعلى ، من عَقِرَ إذا بقي مكانه لا يتقدّم ولا يتأخّر ، فزعا ، أو أسفا أو خجلا. وأصله من عَقَرْتُ به إذا أطلت حبسه ، كأنك عَقَرْتَ راحلته فبقي لا يقدر على البراح. وأرادت به نفسها : أي سكنى نفسك التي حقّها أن تلزم مكانها (٢) ولا تبرز

__________________

(١) فى الهروى : «قالت ذلك عند خروجها إلى البصرة».

(٢) مكان هذا فى الفائق ١ / ٥٨٥ : «ولا تبرح بيتها واعملى بقوله تعالى : «وَقَرْنَ ..» الآية.

إلى الصّحراء من قوله تعالى «وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ ، وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجاهِلِيَّةِ الْأُولى».

(ه) وفيه «خمس يقتلن في الحلّ والحرم ، وعدّ منها الكلب العَقُور»وهو كل سبع يَعْقِرُ : أي يجرح ويقتل ويفترس ، كالأسد ، والنّمر ، والذّئب. سمّاها كلبا لاشتراكها في السّبعيّة. والعَقُور : من أبنية المبالغة.

(س) ومنه حديث عمرو بن العاص «أنه رفع عَقِيرَتَه يتغنّى» أي صوته. قيل : أصله أنّ رجلا قطعت رجله فكان يرفع المقطوعة على الصّحيحة ويصيح من شدة وجعها بأعلى صوته ، فقيل لكلّ رافع صوته : رفع عَقِيرَتَه. والعَقِيرَة : فعيلة بمعنى مفعولة.

(س) وفي حديث كعب «إنّ الشمس والقمر نوران عَقِيرَان في النّار» قيل : لمّا وصفهما الله تعالى بالسّباحة في قوله : «كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ» ثم أخبر أنه يجعلهما في النار يعذّب بهما أهلها بحيث لا يبرحانها صارا كأنهما زمنان عَقِيرَان ، حكى ذلك أبو موسى وهو كما تراه.

(عقص) (ه) في صفته صلى‌الله‌عليه‌وسلم «إن انفرقت عَقِيصَته فرق وإلا تركها» العَقِيصَة : الشعر المَعْقُوص ، وهو نحو من المضفور. وأصل العَقْص : اللّيّ. وإدخال أطراف الشّعر في أصوله.

هكذا جاء في رواية. والمشهور «عقيقته» لأنه لم يكن يعقص شعره. والمعنى إن انفرقت من ذات نفسها وإلّا تركها على حالها ولم يفرقها.

ومنه حديث ضمام «إن صدق ذو العَقِيصَتَيْن ليدخلنّ الجنة» العَقِيصَتَين : تثنية العَقِيصَة.

(ه) ومنه حديث عمر «من لبّد أو عَقَّصَ فعليه الحلق» يعنى في الحجّ. وإنّما جعل عليه الحلق لأنّ هذه الأشياء تقي الشّعر من الشّعث ، فلمّا أراد حفظ شعره وصونه ألزمه حلقه بالكلّية ، مبالغة في عقوبته.

ومنه حديث ابن عباس «الذى يصلّى ورأسه مَعْقُوص كالذي يصلّي وهو مكتوف» أراد أنه إذا كان شعره منشورا سقط على الأرض عند السّجود فيعطى صاحبه ثواب السّجود به ،

وإذا كان مَعْقُوصاً صار في معنى ما لم يسجد ، وشبّهه بالمكتوف ، وهو المشدود اليدين ، لأنّهما لا يقعان على الأرض في السّجود.

ومنه حديث حاطب «فأخرجت الكتاب من عِقَاصِها» أي ضفائرها ، جمع عَقِيصَة أو عِقْصَة. وقيل : هو الخيط الذي تُعْقَصُ به أطراف الذّوائب ، والأوّل الوجه.

(س) ومنه حديث النّخعي «الخلع تطليقة بائنة ، وهو ما دون عِقَاص الرأس» يريد أن المختلعة إذا افتدت نفسها من زوجها بجميع ما تملك كان له أن يأخذ ما دون شعرها من جميع ملكها.

(ه) وفي حديث مانع الزكاة «فتطؤه بأظلافها ليس فيها عَقْصَاء ولا جلحاء» العَقْصَاء : الملتوية القرنين.

(ه س) وفي حديث ابن عباس «ليس [معاوية (١)] مثل الحصر العَقِص» يعنى ابن الزّبير. العَقِص : الألوى الصّعب الأخلاق ، تشبيها بالقرن الملتوى.

(عقعق) (س)في حديث النّخعيّ «يقتل المحرم القَعْقَع» هو طائر معروف ذو لونين أبيض وأسود ، طويل الذّنب. ويقال له : القَعْقَع أيضا ، وإنما أجاز قتله لأنه نوع من الغربان.

(عقف) في حديث القيامة «وعليه حسكة مفلطحة لها شوكة عَقِيفَة» أي ملويّة كالصّنّارة.

(ه) ومنه حديث القاسم بن محمد بن مخيمرة «لا أعلم رخّص فيها ـ يعنى العصرة ـ إلّا للشيخ المَعْقُوف» أي الذي قد انْعَقَفَ من شدّة الكبر فانحنى واعوجّ حتى صار كالعُقَّافَة ، وهي الصّولجان.

(عقق) [ه] فيه «أنه عَقَ عن الحسن والحسين» العَقِيقَة : الذبيحة التي تذبح عن المولود. وأصل العَقِ : الشّقّ والقطع. وقيل للذّبيحة عَقِيقَة ، لأنّها يشق حلقها.

__________________

(١) من الهروى ، وانظر ص ٣٩٦ من الجزء الأول.

ومنه الحديث «الغلام مرتهن بعَقِيقَتِه» قيل : معناه أنّ أباه يحرم شفاعة ولده إذا لم يَعُقَ عنه. وقد تقدّم في حرف الراء مبسوطا.

ومنه الحديث «أنه سئل عن العَقِيقَة فقال : لا أحب العُقُوق» ليس فيه توهين لأمر العَقِيقَة ولا إسقاط لها ، وإنما كره الاسم ، وأحبّ أن تسمّى بأحسن منه ، كالنّسيكة والذبيحة ، جريا على عادته في تغيير الاسم القبيح.

وقد تكرر ذكر «العَقِ والعَقِيقَة» في الحديث. ويقال للشّعر الذي يخرج على رأس المولود من بطن أمّه : عَقِيقَة ، لأنّها تحلق.

وجعل الزمخشريّ الشعر أصلا ، والشاة المذبوحة مشقّة منه.

(ه) ومنه الحديث في صفة شعره صلى‌الله‌عليه‌وسلم «إن انفرقت عَقِيقَتُه فرق» أي شعره ، سمي عَقِيقَة تشبيها بشعر المولود.

وفيه «أنه نهى عن عُقُوق الأمّهات» يقال : عَقَ والده يَعُقُّه عُقُوقاً فهو عَاقٌ إذا آذاه وعصاه وخرج عليه. وهو ضدّ البرّ به. وأصله من العَقِ : الشق والقطع ، وإنما خصّ الأمّهات وإن كان عُقُوق الآباء وغيرهم من ذوى الحقوق عظيما (١) ، فلعُقُوق الأمّهات مزيّة في القبح.

ومنه حديث الكبائر «وعدّ منها عُقُوق الوالدين» وقد تكرر ذكره في الحديث.

(ه) ومنه حديث أحد «إنّ أبا سفيان مرّ بحمزة قتيلا فقال له : ذق عُقَقُ» أراد ذق القتل يا عَاقَّ قومِهِ ، كما قتلت يوم بدر من قومك ، يعنى كفّار قريش.

وعُقَق : معدول عن عَاقّ ، للمبالغة ، كغدر ، من غادر ، وفسق ، من فاسق.

(س) وفي حديث أبي إدريس «مثلكم ومثل عائشة مثل العين في الرّأس تؤذي صاحبها ولا يستطيع أن يَعِقَّها إلّا بالذي هو خير لها» هو مستعار مستعار عُقُوق الوالدين.

__________________

(١) فى الأصل «سواء» وأثبتنا ما فى او اللسان. وفى اللسان : «... لأن لعقوق الأمهات مزيّة فى القبح».

(ه) وفيه «من أطرق مسلما فعَقَّتْ له فرسه كان [له (١)] كأجر كذا» عَقَّتْ أي حملت ، والأجود : أَعَقَّتْ ، بالألف فهي عُقُوقٌ ، ولا يقال : مُعِقٌ ، كذا قال الهروي عن ابن السّكّيت.

وقال الزمخشري : «يقال : عَقَّتْ تَعَقُ عَقَقاً وعَقَاقاً ، فهي عُقُوقٌ ، وأَعَقَّت فهي مُعِقٌ».

ومنه قولهم في المثل «أعزّ من الأبلق العَقُوقُ» لأنّ العَقُوق الحامل ، والأبلق من صفات الذّكر.

(س) ومنه الحديث «أنه أتاه رجل معه فرس عَقُوق» أي حامل. وقيل : حائل ، على أنه من الأضداد. وقيل : هو من التّفاؤل ، كأنهم أرادوا أنها ستحمل إن شاء الله تعالى.

(س) وفيه «أيّكم يحبّ أن يغدو إلى بطحان والعَقِيق» هو واد من أودية المدينة مسيل للماء ، وهو الذي ورد ذكره في الحديث أنه واد مبارك.

(س) وفي حديث آخر «إن العَقِيق ميقات أهل العراق» وهو موضع قريب من ذات عرق ، قبلها بمرحلة أو مرحلتين. وفي بلاد العرب مواضع كثيرة تسمّى العَقِيق. وكلّ موضع شققته من الأرض فهو عَقِيق ، والجمع : أَعِقَّة وعَقَائِق.

(عقل) قد تكرر في الحديث ذكر «العَقْل ، والعُقُول ، والعَاقِلَة» أما العَقْل : فهو الدّية ، وأصله : أنّ القاتل كان إذا قتل قتيلا جمع الدّية من الإبل فعَقَلَها بفناء أولياء المقتول : أي شدّها في عُقُلِها ليسلمها إليهم ويقبضوها منه ، فسمّيت الدّية عَقْلاً بالمصدر. يقال : عَقَلَ البعير يَعْقِلُه عَقْلاً ، وجمعها عُقُول. وكان أصل الدّية الإبل ، ثم قوّمت بعد ذلك بالذّهب والفضّة والبقر والغنم وغيرها.

والعَاقِلَة : هي العصبة والأقارب من قبل الأب الذين يعطون دية قتيل الخطأ ، وهي صفة جماعة عَاقِلَة ، وأصلها اسم ، فاعلة من العَقْل ، وهي من الصّفات الغالبة.

ومنه الحديث «الدّية على العَاقِلَة».

__________________

(١) من الهروى.

والحديث الآخر «لا تَعْقِلُ العَاقِلَةُ عمدا ، ولا عبدا ، ولا صلحا ، ولا اعترافا» أي أنّ كلّ جناية عمد فإنها من مال الجاني خاصّة ، ولا يلزم العَاقِلَة منها شيء ، وكذلك ما اصطلحوا عليه من الجنايات في الخطأ. وكذلك إذا اعترف الجاني بالجناية من غير بيّنة تقوم عليه ، وإن ادّعى أنّها خطأ لا يقبل منه ولا تلزم بها العَاقِلَة. وأما العبد فهو أن يجني على حرّ فليس على عَاقِلَة مولاه شيء من جناية عبده ، وإنّما جنايته في رقبته ، وهو مذهب أبي حنيفة.

وقيل : هو أن يجني حرّ على عبد فليس على عَاقِلَة الجاني شيء ، إنّما جنايته في ماله خاصّة ، وهو قول ابن أبي ليلى ، وهو موافق لكلام العرب ، إذ لو كان المعنى على الأوّل لكان الكلام «لا تَعْقِلُ العَاقِلَة على عبد» ولم يكن «لا تَعْقِلُ عبدا» واختاره الأصمعيّ وأبو عبيد.

(ه) ومنه الحديث «كتب بين قريش والأنصار كتابا فيه : المهاجرون من قريش على رباعتهم يَتَعَاقَلُون بينهم مَعَاقِلَهُم الأولى» أي يكونون على ما كانوا عليه من أخذ الدّيات وإعطائها. وهو تفاعل من العَقْل. والمَعَاقِل : الدّيات ، جمع مَعْقُلَة. يقال : بنو فلان على مَعَاقِلِهم التي كانوا عليها : أي مراتبهم وحالاتهم.

ومنه حديث عمر «إنّ رجلا أتاه فقال : إنّ ابن عمّي شجّ موضحة ، فقال : أمن أهل القرى أم من أهل البادية؟ قال : من أهل البادية ، فقال عمر : إنّا لا نَتَعَاقَلُ المُضَغَ بيننا» المُضَغُ : جمع مُضْغَة وهي : القطعة من اللّحم قدر ما يمضغ في الأصل ، فاستعارها للموضحة وأشباهها من الأطراف كالسّنّ والإصبع ، مما لم يبلغ ثلث الدّية ، فسماها مضغة (١) تصغيرا لها وتقليلا. ومعنى الحديث أنّ أهل القرى لا يَعْقِلُون عن أهل البادية ، ولا أهل البادية عن أهل القرى في مثل هذه الأشياء. والعَاقِلَة لا تحمل السّنّ والإصبع والموضحة وأشباه ذلك.

(ه) ومنه حديث ابن المسيّب «المرأة تُعَاقِلُ الرّجل إلى ثلث ديتها» يعنى أنّها تساويه فيما كان من أطرافها إلى ثلث الدّية ، فإذا تجاوزت الثلث ، وبلغ العَقْلُ نصف الدّية صارت دية المرأة على النّصف من دية الرجل.

ومنه حديث جرير «فاعتصم ناس منهم بالسّجود ، فأسرع فيهم القتل ، فبلغ ذلك النبيّ

__________________

(١) فى ا : «مضغا».

صلى‌الله‌عليه‌وسلم فأمر لهم بنصف العَقْل» إنما أمر لهم بالنّصف بعد علمه بإسلامهم ، لأنهم قد أعانوا على أنفسهم بمقامهم بين ظهراني الكفار ، فكانوا كمن هلك بجناية نفسه وجناية غيره ، فتسقط حصّة جنايته من الدّية.

(ه) وفي حديث أبي بكر «لو منعوني عِقَالاً ممّا كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لقاتلتهم عليه» أراد بالعِقَال : الحبل الذي يَعْقِلُ به البعير الذي كان يؤخذ في الصّدقة ، لأنّ على صاحبها التّسليم. وإنّما يقع القبض بالرّباط.

وقيل : أراد ما يساوي عِقَالاً من حقوق الصّدقة.

وقيل : إذا أخذ المصدّق أعيان الإبل قيل : أخذ عِقَالاً ، وإذا أخذ أثمانها قيل : أخذ نقدا.

وقيل : أراد بالعِقَال صدقة العام. يقال : أخذ المصدّق عِقَال هذا العام : أي أخذ منهم صدقته. وبعث فلان على عِقَال بني فلان : إذا بعث على صدقاتهم. واختاره أبو عبيد ، وقال هو أشبه عندي بالمعنى.

وقال الخطّابي : إنما يضرب المثل في مثل هذا بالأقلّ لا بالأكثر ، وليس بسائر في لسانهم أنّ العِقَال صدقة عام ، وفي أكثر الروايات «لو منعوني عناقا» وفي أخرى «جديا».

قلت : قد جاء في الحديث ما يدل على القولين.

فمن الأوّل حديث عمر «أنّه كان يأخذ مع كلّ فريضة عِقَالاً ورواء ، فإذا جاءت إلى المدينة باعها ثم تصدّق بها».

وحديث محمد بن مسلمة «أنّه كان يعمل على الصّدقة في عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فكان يأمر الرجل إذا جاء بفريضتين أن يأتي بعِقَالَيْهِما وقِرَانَيْهِما».

ومن الثاني حديث عمر «أنّه أخّر الصّدقة عام الرّمادة ، فلمّا أحيا الناس بعث عامله فقال : اعْقِلْ عنهم عِقَالَيْن فاقسم فيهم عِقَالاً وأتني بالآخر» يريد صدقة عامين.

وفي حديث معاوية «أنه استعمل ابن أخيه عمرو بن عتبة بن أبي سفيان على صدقات كلب ، فاعتدى عليهم ، فقال ابن العدّاء الكلبي :

سَعَى عِقَالاً فلم يترك لنا سبدا

فكيف لو قد سعى عمرو عِقَالَيْنِ

نصب عِقَالاً على الظّرف ، أراد مدّة عِقَال.

وفيه «كالإبل المُعَقَّلَة» أي المشدودة بالعِقَال ، والتّشديد فيه للتّكثير.

ومنه حديث عليّ وحمزة والشّرب

وهنّ مُعَقَّلَات بالفناء

ومنه حديث عمر «كتب إليه أبيات في صحيفة ، منها :

فما قلص وجدن مُعَقَّلَات

قفا سلع بمختلف التّجار (١)

يعنى نساء مُعَقَّلَات لأزواجهنّ كما تُعَقَّلُ النّوق عند الضّراب. ومن الأبيات أيضا :

يُعَقِّلُهُنَ جعدة من سليم

أراد أنّه يتعرّض لهنّ ، فكني بالعَقْل عن الجماع : أي أنّ أزواجهنّ يُعَقِّلُونَهُنَ ، وهو يُعَقِّلُهُنَ أيضا ، كأنّ البدء للأزواج والإعادة له.

وفي حديث ظبيان «إنّ ملوك حمير ملكوا مَعَاقِلَ الأرض وقرارها» المَعَاقِل : الحصون ، واحدها : مَعْقِل.

ومنه الحديث «ليَعْقِلَنَ الدّين من الحجاز مَعْقِلَ الأُرويّة من رأس الجبل» أي ليتحصّن ويعتصم ويلتجئ إليه كما يلتجئ الوعل إلى رأس الجبل.

وفي حديث أم زرع «واعتَقل خطّيّا» اعْتِقَالَ الرّمح : أن يجعله الراكب تحت فخذه ويجرّ آخره على الأرض وراءه.

ومنه حديث عمر «من اعْتَقَل الشّاة وحلبها وأكل مع أهله فقد برئ من الكبر» هو أن يضع رجلها بين ساقه وفخذه ثم يحلبها.

__________________

(١) فى الأصل ، وا ، واللسان (أزر): «النّجار» بالنون. وأثبتناه بالتاء من الفائق ٢ / ٢٦٦ ، واللسان (عقل) وتاج العروس (عقل). وقال الزمخشري : مختلف التّجار : موضع اختلافهم ، وحيث يمرون جائين وذاهبين.

وفي حديث عليّ «المختصّ بعَقَائِل كراماته» جمع عَقِيلَة ، وهي في الأصل : المرأة الكريمة النفيسة ، ثم استعمل في الكريم النّفيس من كل شيء من الذّوات والمعاني.

وفي حديث الزّبرقان «أحبّ صبياننا إلينا الأبله العَقُول» هو الذي يظنّ به الحمق ، فإذا فتّش وجد عَاقِلاً. والعَقُول : فعول منه للمبالغة.

(س) ومنه حديث عمرو بن العاص «تلك عُقُول كادها بارئها» أي أرادها بسوء.

(س) وفيه «إنه كان للنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فرس يسمّى ذا (١) العُقَّال» العُقَّال بالتّشديد : داء في رجلي الدّوابّ ، وقد يخفّف ، سمّي به لدفع عين السّوء عنه.

قال الجوهري : وذو عُقَّال اسم فرس.

(ه) وفي حديث الدّجال «ثم يأتي الخصب فيُعَقِّلُ الكرم» أي يخرج العُقَّيْلَى وهي الحصرم.

(عقم) (ه) فيه «سوداء ولود خير من حسناء عَقِيم» العَقِيم : المرأة الّتي لا تلد ، وقد عَقُمَتْ تَعْقُمُ فهي عَقِيم ، وعُقِمَتْ فهي مَعْقُومَة ، والرّجل عَقِيم ومَعْقُوم.

ومنه الحديث «اليمين الفاجرة التي يقتطع بها مال المسلم تَعْقِمُ الرّحم» يريد أنها تقطع الصّلة والمعروف بين الناس. ويجوز أن يحمل على ظاهره.

ومنه حديث ابن مسعود «إنّ الله يظهر للناس يوم القيامة فيخرّ المسلمون للسّجود وتُعْقَمُ أصلاب المنافقين فلا يسجدون» أي تيبس مفاصلهم وتصير مشدودة. والمَعَاقِم : المفاصل.

(عقنقل) (س) في قصة بدر ذكر «العَقَنْقَل» هو كثيب متداخل من الرّمل وأصله ثلاثيّ.

(عقا) (ه) في حديث ابن عباس وسئل عن امرأة أرضعت صبيّا رضعة فقال «إذا عَقَى حرمت عليه وما ولدت» العِقْيُ : ما يخرج من بطن الصّبيّ حين يولد ، أسود لزجا قبل أن يطعم.

__________________

(١) فى الأصل وا : «ذو» والتصحيح من اللسان.

وإنّما شرط العِقْي ليعلم أنّ اللّبن قد صار في جوفه ، ولأنه لا يَعْقِي من ذلك اللّبن حتى يصير في جوفه. يقال : عَقَى الصّبيّ يَعْقِي عَقْياً.

(س) وفي حديث ابن عمر «المؤمن الذي يأمن من أمسى بعَقْوَتِه» عَقْوَةُ الدّار : حولها وقريبا منها.

وفي حديث عليّ «لو أراد الله أن يفتح عليهم معادن العِقْيَان» هو الذّهب الخالص. وقيل : هو ما ينبت منه نباتا. والألف والنون زائدتان.

(باب العين مع الكاف)

(عكد) (س) فيه «إذا قطع اللّسان من عُكْدَتِه ففيه كذا» العُكْدَة : عقدة أصل اللّسان. وقيل : معظمه ، وقيل : وسطه. وعُكْدُ كل شيء : وسطه.

(عكر) (ه) فيه «أنتم العَكَّارُون ، لا الفرّارون» أي الكرّارون إلى الحرب والعطّافون نحوها ، يقال للرّجل يولّى عن الحرب ثم يكرّ راجعا إليها : عَكَرَ واعْتَكَرَ. وعَكَرْتُ عليه إذا حملت.

(ه) ومنه الحديث «أنّ رجلا فجر بامرأة عَكْوَرَةٍ» أي عَكَرَ عليها فتسنّمها وغلبها على نفسها.

(ه) وحديث أبي عبيدة يوم أحد «فعَكَرَ على إحداهما فنزعها فسقطت ثنيّته ، ثم عَكَرَ على الأخرى فنزعها فسقطت ثنيّته الأخرى» يعنى الزّردتين اللّتين نشبتا في وجه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

[ه] وفيه «أنه مرّ برجل له عَكَرَةٌ فلم يذبح له شيئا» العَكَرَة بالتحريك : من الإبل ما بين الخمسين إلى السبعين. وقيل : إلى المائة.

(س) ومنه حديث الحارث بن الصّمّة «وعليه عَكَرٌ من المشركين» أي جماعة. وأصله من الاعْتِكَار ، وهو الازدحام والكثرة.

ومنه حديث عمرو بن مرّة «عند اعْتِكَار الضّرائر» أي اختلاطها. والضَّرَائِر : الأمور المختلفة ، ويروى باللام.

(س) وفي حديث قتادة «ثم عادوا إلى عِكْرِهِم عِكْرِ السَّوء» أي إلى أصل مذهبهم الرّديء.

ومنه المثل «عادت لعِكْرِها لميس» وقيل العِكْر : العادة والدّيدن. وروي «عَكَرهم» بفتحتين ، ذهابا إلى الدّنس والدّرن ، من عَكَر الزّيت ، والأوّل الوجه.

(عكرد) في حديث العرنّين «فسمنوا وعَكْرَدُوا» أي غلظوا واشتدّوا. يقال : للغلام الغليظ المشتدّ عَكْرَدٌ وعُكْرُودٌ.

(عكرش) (س) في حديث عمر «قال له رجل : عنّت لي عِكْرِشَةٌ فشنقتها بحبوبة ، فقال : فيها جفرة» العِكْرِشَة : أنثى الأرانب ، والجفرة : العناق من المعز.

(عكس) (ه) في حديث الربيع بن خيثم «اعْكِسُوا أنفسكم عَكْسَ الخيل باللّجم» أي كفّوها وردّوها واردعوها. والعَكْس : ردّك آخر الشيء إلى أوّله. وعَكَسَ الدّابّة إذا جذب رأسها إليه لترجع إلى ورائها القهقرى.

(عكظ) فيه ذكر «عُكَاظ» وهو موضع بقرب مكة ، كانت تقام به في الجاهلية سوق يقيمون فيه أيّاما.

(عكف) قد تكرر في الحديث ذكر «الاعْتِكَاف والعُكُوف» وهو الإقامة على الشيء ، وبالمكان ولزومهما. يقال : عَكَفَ يَعْكُفُ ويَعْكِفُ عُكُوفاً فهو عَاكِف ، واعْتَكَفَ يَعْتَكِفُ اعْتِكَافاً فهو مُعْتَكِف. ومنه قيل لمن لازم المسجد وأقام على العبادة فيه : عَاكِف ومُعْتَكِف.

(عكك) (س) فيه «إنّ رجلا كان يُهدي للنبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم العُكَّة من السّمن أو العسل» هي وعاء من جلود مستدير ، يختصّ بهما ، وهو بالسّمن أخصّ. وقد تكرر في الحديث.

(ه) وفي حديث عتبة بن غزوان وبناء البصرة «ثم نزلوا وكان يوم عِكَاك» العِكَاك : جمع عُكَّة ، وهي شدة الحرّ ، ويوم عَكٌ وعَكِيك : أي شديد الحرّ.

(عكل) في حديث عمرو بن مرّة «عند اعْتِكَال الضّرائر» أي عند اختلاط الأمور. ويروى بالراء وقد تقدم.

(عكم) (ه) في حديث أم زرع «عُكُومُها رداح» العُكُوم : الأحمال والغرائر التي تكون فيها الأمتعة وغيرها ، واحدها : عِكْم ، بالكسر.

ومنه حديث عليّ «نفاضة كنفاضة العِكْم».

وحديث أبي هريرة «سيجد أحدكم امرأته قد ملأت عِكْمَها من وبر الإبل».

(س) وفيه «ما عَكَمَ عنه ـ يعنى أبا بكر ـ حين عرض عليه الإسلام» أي ما تحبّس (١) وما انتظر ولا عدل.

(س) وفي حديث أبي ريحانة «أنه نهى عن المُعَاكَمَة» كذا أورده الطّحاوي ، وفسّره بضمّ الشيء إلى الشيء. يقال : عَكَمْتُ الثّيابَ إذا شددت بعضها على بعض. يريد بها أن يجتمع الرّجلان أو المرأتان عراة لا حاجز بين بدنيهما. مثل الحديث الآخر «لا يفضي الرجل إلى الرّجل ولا المرأة إلى المرأة».

(باب العين مع اللام)

(علب) (ه) فيه «إنّما كانت حلية سيوفهم الآنك والعَلَابِيَ» هي جمع عِلْبَاء ، وهو عصب في العنق يأخذ إلى الكاهل ، وهما عِلْبَاوَانِ يمينا وشمالا ، وما بينهما منبت عرف الفرس ، والجمع ساكن الياء ومشدّدها. ويقال في تثنيتهما أيضا : عِلْبَاآنِ. وكانت العرب تشدّ على أجفان سيوفها العَلَابِيَ الرّطبة فتجفّ عليها ، وتشدّ الرّماح بها إذا تصدّعت فتيبس وتقوى.

(س) ومنه حديث عتبة «كنت أعمد إلى البضعة أحسبها سناما فإذا هي عِلْبَاء عنق».

__________________

(١) فى الأصل : «ما احتبس» والمثبت من ا ، واللسان ، والفائق ٢ / ٣٩٢.

(ه) وفي حديث ابن عمر «أنه رأى رجلا بأنفه أثر السّجود ، فقال : لا تَعْلُبْ صورتك» يقال : علبه إذا وسمه وأثّر فيه. والعَلْب والعَلَب : الأثر. المعنى : لا تؤثّر فيها بشدّة اتّكائك على أنفك في السّجود.

وفي حديث وفاة النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم «وبين يديه رَكْوَةٌ أو عُلْبَةٌ فيها ماء» العُلْبَة : قدح من خشب. وقيل من جلد وخشب يحلب فيه.

(س) ومنه حديث خالد رضي‌الله‌عنه «أعطاهم عُلْبَةَ الحالب» أي القدح الذي يحلب فيه.

(علث) (س) فيه «ما شبع أهله من الخمير العَلِيث» أي الخبز المخبوز من الشّعير والسّلت. والعَلْث والعُلَاثَة : الخلط. ويقال بالغين المعجمة أيضا.

(علج) [ه] فيه «إنّ الدّعاء ليلقى البلاء فيَعْتَلِجَان» أي يتصارعان.

(ه) ومنه حديث عليّ «أنه بعث رجلين في وجه وقال : إنّكما عِلْجَان فعَالِجَا عن دينكما» العِلْج : الرّجل القويّ الضّخم. وعَالِجَا : أي مارسا العمل الذي ندبتكما إليه واعملا به (١).

وفي حديثه الآخر «ونفى مُعْتَلَجَ الرّيب من الناس» هو من اعْتَلَجَتِ الأمواج إذا التطمت ، أو من اعْتَلَجَتِ الأرض إذا طال نباتها.

وفيه «فأتى عبد الرحمن بن خالد بن الوليد بأربعة أَعْلَاج من العدوّ» يريد بالعِلْج الرّجل من كفار العجم وغيرهم ، والأَعْلَاج : جمعه ، ويجمع على عُلُوج ، أيضا.

ومنه حديث قتل عمر «قال لابن عباس : قد كنت أنت وأبوك تحبّان أن تكثر العُلُوجُ بالمدينة».

ومنه حديث الأسلميّ «إنّي صاحب ظهر أُعَالِجُه» أي أمارسه وأكارى عليه.

ومنه الحديث «عَالَجْتُ امرأة فأصبت منها».

__________________

(١) زاد الهروي : «ويحتمل أن يكون «إنكما عُلَّجان» بضم العين وتشديد اللام. والعُلَّج ، مشدد اللام ، والعُلَج ، مخفّفه : الصّرّيع من الرجال».

والحديث الآخر «من كسبه وعِلَاجِه».

وحديث العبد «ولي حرّه وعِلَاجَه» أي عمله.

ومنه حديث سعد بن عبادة «كلّا والذي بعثك بالحقّ إن كنت لأُعَالِجُه بالسّيف قبل ذلك» أي أضربه.

(ه) وحديث عائشة «لمّا مات أخوها عبد الرحمن بطريق مكة فجأة قالت : ما آسى على شيء من أمره إلّا خصلتين : أنه لم يُعَالِجْ ، ولم يدفن حيث مات» أي لم يُعَالِجْ سكرة الموت فيكون كفّارة لذنوبه.

ويروى «لم يُعَالَجْ» بفتح اللام : أي لم يمرّض ، فيكون قد ناله من ألم المرض ما يكفّر ذنوبه.

وفي حديث الدّعاء «وما تحويه عَوَالِجُ الرّمال» هي جمع : عَالِج ، وهو ما تراكم من الرّمل ودخل بعضه في بعض.

(علز) في حديث عليّ «هل ينتظر أهل بضاضة الشّباب إلا عَلَزَ القلق» العَلَز بالتحريك : خفّة وهلع يصيب الإنسان. عَلِزَ بالكسر يَعْلِزُ عَلَزاً. ويروى بالنّون ، من الإعلان : الإظهار.

(علص) (س) فيه «من سبق العاطس إلى الحمد أمن الشَّوْص ، واللَّوْص ، والعِلَّوْصَ» هو وجع في البطن ، وقيل التّخمة.

(علف) (ه) فيه «ويأكلون (١) عِلَافَهَا» هي جمع عَلَف ، وهو ما تأكله الماشية ، مثل جمل وجمال.

(س) وفي حديث بني ناجية «أنهم أهدوا إلى ابن عوف رحالا عِلَافِيَّة» العِلَافِيَّة : أعظم الرّحال ، أوّل من عملها عِلَافٌ ، وهو زبّان (٢) أبو جرم.

__________________

(١) فى ا ، واللسان «وتأكلون» وما أثبتناه من الأصل والفائق ٣ / ٩٤.

(٢) فى الأصل : «ريّان» ، وفى ا : «ربّان» وأثبتنا ما فى اللسان ، والفائق ٢ / ٣٥٤ ، وانظر حواشى ديوان حميد بن ثور ص ٧٧.

ومنه شعر حميد بن ثور :

ترى العُلَيْفِيَ عليها مُوكَدَا

العُلَيْفِيّ تصغير ترخيم (١) للعِلَافِيِ ، وهو الرّحل المنسوب إلى عِلَاف.

(علق) (ه) فيه «جاءته امرأة بابن لها قالت : وقد أَعْلَقْتُ عنه من العذرة ، فقال : عَلَامَ تدغرن أولادكنّ بهذه العُلُق؟» وفي رواية «بهذا العِلَاق» وفي أخرى «أَعْلَقْتُ عليه».

الإِعْلَاق : معالجة عذرة الصّبيّ ، وهو وجع في حلقه وورم تدفعه أمّه بأصبعها أو غيرها. وحقيقة أَعْلَقْتُ عنه : أزلت العَلُوق عنه ، وهي الدّاهية. وقد تقدّم مبسوطا في العذرة.

قال الخطّابي : المحدّثون يقولون : «أَعْلَقْتُ عليه» وإنما هو «أَعْلَقْتُ عنه (٢)» : أي دفعت عنه. ومعنى أَعْلَقْتُ عليه : أوردت عليه العَلُوق ، أي ما عذّبته به من دغرها.

ومنه قولهم «أَعْلَقْتُ عليّ» إذا أدخلت يدي في حلقي أتقيّأ.

وجاء في بعض الرّوايات «العِلَاق» وإنما المعروف «الإِعْلَاق» وهو مصدر أَعْلَقْتُ ، فإن كان العِلَاق الاسم فيجوز ، وأمّا العُلُق فجمع عَلُوق.

(ه) وفي حديث أم زرع «إن أنطق أُطَلَّقْ ، وإن أسكت أُعَلَّقْ» أي يتركني كالمُعَلَّقَة ، لا ممسكة ولا مطلّقة.

(س) وفيه «فعَلِقَتِ الأعرابُ به» أي نشبوا وتَعَلَّقُوا. وقيل : طفقوا.

ومنه الحديث «فعَلِقُوا وجهه ضربا» أي طفقوا وجعلوا يضربونه.

(س) وفي حديث حليمة «ركبت أتانا لي فخرجت أمام الرّكب حتى ما يَعْلَقُ بها أحد منهم» أي ما يتّصل بها ويلحقها.

وفي حديث ابن مسعود «أن أميرا بمكة كان يسلّم تسليمتين ، فقال : أَنَّى عَلِقَها؟ فإن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم كان يفعلها» أي من أين تعلّمها ، وممنّ أخذها؟

__________________

(١) فى ا : «تصغير تعظيم».

(٢) قال الهروى : «وقد تجىء على بمعنى عن. قال الله عزوجل : «الَّذِينَ إِذَا اكْتالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ» أى عنهم».

(ه) وفيه «أنه قال : أدّوا العَلَائِق ، قالوا : يا رسول الله ، وما العَلَائِق؟» وفي رواية في قوله تعالى : «(وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ) ، قيل يا رسول الله : فما العَلَائِق بينهم؟ قال : ما تراضى عليه أهلوهم» العَلَائِق : المهور ، الواحدة : عَلَاقَة (١) ، وعَلَاقَة المهر : ما يَتَعَلَّقُون به على المتزوّج.

(س) وفيه «فعَلِقت منه كلّ مَعْلَق» أي أحبّها وشغف بها. يقال : عَلِقَ بقلبه عَلَاقَة ، بالفتح ، وكلّ شيء وقع موقعه فقد عَلِقَ مَعَالِقَه.

وفيه «من تَعَلَّقَ شيئا وُكِلَ إليه» أي من عَلَّقَ على نفسه شيئا من التعاويد والتّمائم وأشباهها معتقدا أنها تجلب إليه نفعا ، أو تدفع عنه ضرّا.

(س) وفي حديث سعد بن أبي وقّاص.

عين فابكى سامة بن لؤىّ

فقال رجل :

عَلِقَتْ بِسَامَةَ العَلَاقَهْ (٢)

هي بالتشديد : المنيّة ، وهي العَلُوق أيضا.

وفي حديث المقدام «أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : إنّ الرجل من أهل الكتاب يتزوّج المرأة وما يَعْلَقُ على يديها الخيط ، وما يرغب واحد عن صاحبه حتّى يموتا هرما» قال الحربىّ : يقول من صغرها وقلّة رفقها ، فيصبر عليها حتى يموتا هرما. والمراد حثّ أصحابه على الوصيّة بالنّساء والصّبر عليهنّ : أي أنّ أهل الكتاب يفعلون ذلك بنسائهم.

(ه) وفيه «إنّ أرواح الشّهداء في حواصل طير خضر تَعْلُقُ من ثمار الجنة» أي تأكل. وهو فى الأصل للإبل إذا أكلت العضاه. يقال عَلَقَتْ تَعْلُقُ عُلُوقاً ، فنقل إلى الطّير.

(ه) وفيه «ويجتزئ بالعُلْقَة» ) أي يكتفي بالبلغة من الطّعام.

__________________

(١) بفتح العين ، كما فى القاموس.

(٢) انظر اللسان (علق ـ فوق).

(٣) فى الأصل : «فتجتزئ ... أي تكتفى» وفي اللسان والهروى : «وتجتزئ» وأثبتنا ما فى ا والفائق ١ / ٦٧٥ وقد أخرجه الزمخشرى من صفة النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

ومنه حديث الإفك «وإنّما يأكلن العُلْقَة من الطّعام».

وفي حديث سريّة بني سليم «فإذا الطّير ترميهم بالعَلَق» أي بقطع الدم ، الواحدة : عَلَقَة.

ومنه حديث ابن أبي أوفى «أنه بزق عَلَقَةً ثم مضى في صلاته» أي قطعة دم منعقد.

(س) وفي حديث عامر «خير الدّواء العَلَق والحجامة» العَلَق : دويبّة حمراء تكون في الماء تَعْلَق بالبدن وتمصّ الدّم ، وهي من أدوية الحلق والأورام الدّمويّة ، لامتصاصها الدم الغالب على الإنسان.

وفي حديث حذيفة «فما بال هؤلاء الذين يسرقون أَعْلَاقَنا» أي نفائس أموالنا ، الواحد : عِلْق ، بالكسر. قيل : سمّي به لتَعَلُّقِ القلب به.

(ه) وفي حديث عمر «إنّ الرجل ليغالي بصداق امرأته حتى يكون ذلك لها في قلبه عداوة ، يقول : جشمت (١) إليك عَلَق القربة» أي تحمّلت لأجلك كلّ شيء حتى عَلَق القربة. وهو حبلها الذي تُعَلَّق به. ويروى بالراء. وقد تقدم.

(ه) وفي حديث أبي هريرة «رئي وعليه إزار فيه عَلْق ، وقد خيّطه بالأصطبّة» العَلْق : الخرق ، وهو أن يمرّ بشجرة أو شوكة فتَعْلَق بثوبه فتخرقه.

(علك) (س) فيه «أنه مرّ برجل وبرمته تفور على النّار ، فتناول منها بضعة فلم يزل يَعْلِكُها حتى أحرم في الصلاة» أي يمضغها ويلوكها.

(ه) وفيه «أنه سأل جريرا عن منزله ببيشة فقال : سهل ود كداك ، وحمض وعَلَاك» العَلَاك بالفتح : شجر ينبت بناحية الحجاز ، ويقال له : العَلَك أيضا. ويروى بالنون وسيذكر.

(علكم) في قصيد كعب :

غلباء وجناء عُلْكُوم مذكّرة

في دفّها سعة قدّامها ميل

العُلْكُوم : القويّة الصّلبة ، يصف النّاقة.

__________________

(١) رواية الهروى : «وقد كلّفت إليك ...».

(علل) (ه) فيه «أتي بعُلَالَة الشّاة فأكل منها» أي بقيّة لحمها ، يقال لبقيّة الّلبن في الضّرع ، وبقيّة قوّة الشيخ ، وبقيّة جرى الفرس : عُلَالَة ، وقيل : عُلَالَة الشّاة : ما يَتَعَلَّلُ به شيئا بعد شيء ، من العَلَل : الشّراب بعد الشّرب.

ومنه حديث عقيل بن أبي طالب «قالوا فيه بقيّة من عُلَالَة» أي بقيّة من قوّة الشيخ.

ومنه حديث أبي حثمة يصف التّمر «تَعِلَّةُ الصّبيّ وقِرَى الضّيف» أي ما يُعَلَّل به الصبي ليسكت.

(س) وفي حديث عليّ «من جزيل عطائك المَعْلُول» يريد أنّ عطاء الله مضاعف ، يَعُلُ به عباده مرّة بعد أخرى.

ومنه قصيد كعب :

كأنّه منهل بالرّاح مَعْلُول

(س) ومنه حديث عطاء أو النّخعيّ في رجل ضرب بالعصا رجلا فقتله قال : «إذا عَلَّه ضربا ففيه القود» أي إذا تابع عليه الضّرب ، من عَلَلِ الشُّرب.

(ه) وفيه «الأنبياء أولاد عَلَّاتٍ» أولاد العَلَّات : الذين أمّهاتهم مختلفة وأبوهم واحد. أراد أنّ إيمانهم واحد وشرائعهم مختلفة.

[ه] ومنه حديث عليّ «يتوارث بنو الأعيان من الإخوة دون بني العَلَّات» أي يتوارث الإخوة للأب والأم ، وهم الأعيان ، دون الإخوة للأب إذا اجتمعوا معهم. وقد تكرر في الحديث.

وفي حديث عائشة «فكان عبد الرحمن يضرب رجلي بعِلَّة الرّاحلة» أي بسبها ، يظهر أنه يضرب جنب البعير برجله ، وإنّما يضرب رجلي.

(ه) وفي حديث عاصم بن ثابت.

ما عِلَّتي وأنا جلد نابل

أي ما عذري في ترك الجهاد ومعي أهبة القتال؟ فوضع العِلَّة موضع العذر.

(علم) في أسماء الله تعالى «الْعَلِيمُ» هو العالم المحيط علمه بجميع الأشياء ظاهرها وباطنها ، دقيقها وجليلها ، على أتمّ الإمكان. وفعيل من أبنية المبالغة.

(ه) وفيه ذكر «الأيّام المَعْلُومات» هي عشر ذي الحجّة ، آخرها يوم النّحر.

(ه) وفيه «تكون الأرض يوم القيامة كقرصة النّقيّ ، ليس فيها مَعْلَمٌ لأحد» المَعْلَم : ما جعل عَلَامَة للطّرق والحدود ، مثل أَعْلَام الحرم ومَعَالِمه المضروبة عليه. وقيل : المَعْلَم : الأثر ، والعَلَم : المنار والجبل.

ومنه الحديث «لينزلنّ إلى جنب عَلَم».

(س) وفي حديث سهيل بن عمرو «أنه كان أَعْلَمَ الشّفة» الأَعْلَم : المشقوق الشّفة العليا ، والشّفة عَلْمَاء.

وفي حديث ابن مسعود «إنك غُلَيِّم مُعَلَّم» أي ملهم للصّواب والخير ، كقوله تعالى «مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ» أي له من يُعَلِّمُه.

وفي حديث الدّجّال «تَعَلَّمُوا أنّ ربّكم ليس بأعور».

والحديث الآخر «تَعَلَّمُوا أنه ليس يرى أحد منكم ربّه حتى يموت» قيل (١) هذا وأمثاله بمعنى اعْلَمُوا.

(ه) وفي حديث الخليل عليه‌السلام أنه يحمل أباه ليجوز به الصّراط ، فينظر إليه فإذا هو عَيْلَامٌ أمدرُ» العَيْلَام : ذكر الضّباع ، والياء والألف زائدتان.

(س) وفي حديث الحجّاج «قال لحافر البئر : أَخْسَفْتَ أم أَعْلَمْتَ؟» يقال : أَعْلَم الحافر إذا وجد البئر عَيْلَماً : أي كثيرة الماء ، وهو دون الخسف.

(علن) في حديث الملاعنة «تلك امرأة أَعْلَنَتْ» الإِعْلَان في الأصل : إظهار الشيء ، والمراد به أنّها كانت قد أظهرت الفاحشة. وقد تكرر ذكر الإِعْلَان والاسْتِعْلَان في الحديث.

__________________

(١) فى ا : «كلّ».

ومنه حديث الهجرة «ولا يَسْتَعْلِنُ به ولسنا بمقرّين له» الاسْتِعْلَان : أي الجهر بدينه وقراءته.

(علند) (ه) في حديث سطيح.

تجوب بي الأرض عَلَنْدَاةٌ شجن

العَلَنْدَاة : القويّة من النّوق.

(علهز) في دعائه عليه‌السلام على مضر «اللهم اجعلها عليهم سنين كسني يوسف ، فابتُلُوا بالجوع حتى أكلوا العِلْهِز» هو شيء يتّخذونه في سني (١) المجاعة ، يخلطون الدّم بأوبار الإبل ثم يشوونه بالنّار ويأكلونه. وقيل : كانوا يخلطون فيه القردان. ويقال للقراد الضّخم : عِلْهِز. وقيل : العِلْهِز شيء ينبت ببلاد بني سليم له أصل كأصل البردىّ.

(ه) ومنه حديث الاستسقاء.

ولا شيء ممّا يأكل الناس عندنا

سوى الحنظل العاميّ والعِلْهِز الفسل

وليس لنا إلّا إليك فرارنا

وأين فرار النّاس إلّا إلى الرّسل

ومنه حديث عكرمة «كان طعام أهل الجاهلية العِلْهِز».

(علا) [ه] في أسماء الله تعالى «(الْعَلِيُ) والْمُتَعالِ» فالعَلِيّ : الذي ليس فوقه شيء في المرتبة (٢) والحكم ، فعيل بمعنى فاعل ، من عَلَا يَعْلُو.

والمُتَعَالِي : الذي جلّ عن إفك المفترين وعلا شأنه. وقيل : جلّ عن كلّ وصف وثناء. وهو متفاعل من العُلُوّ ، وقد يكون بمعنى العَالِي.

(س) وفي حديث ابن عباس «فإذا هو يَتَعَلَّى (٣) عنّي» أي يترفّع عليّ.

(س) وحديث سبيعة «فلمّا تَعَلَّتْ من نفاسها» ويروى «تَعَالَت» : أي ارتفعت وطهرت. ويجوز أن يكون من قولهم : تَعَلَّى الرجل من عِلَّتِهِ إذا برأ : أي خرجت من نفاسها وسلمت.

__________________

(١) فى الأصل : «سنين» وأثبتنا ما فى ا ، واللسان والهروى.

(٢) فى ا : «الرّتبة».

(٣) فى ا : «يتعالى».

(س) وفيه «اليد العُلْيَا خير من اليد السّفلى» العُلْيَا : المتعفّفة ، والسّفلى : السّائلة ، روي ذلك عن ابن عمر ، وروي عنه أنها المنفقة. وقيل : العُلْيَا : المعطية ، والسّفلى : الآخذة. وقيل : السّفلى : المانعة.

(ه) وفيه «إنّ أهل الجنة ليتراءون أهل عِلِّيِّين كما ترون الكوكب الدّرّي في أفق السماء» عِلِّيُّون : اسم للسماء السابعة. وقيل : هو اسم لديوان الملائكة الحفظة ، ترفع إليه أعمال الصالحين من العباد.

وقيل : أراد أَعْلَى الأمكنة وأشرف المراتب وأقربها من الله في الدار الآخرة. ويعرب بالحروف والحركات كقنّسرين وأشباهها ، على أنه جمع أو واحد.

(ه) وفي حديث ابن مسعود «فلمّا وضعت رجلي على مذمّر أبي جهل قال : أَعْلِ عَنِّج» أي تنحّ عنّي. يقال : أَعْلِ عن الوسادة وعَالِ عنها : أي تنحّ ، فإذا أردت أن يَعْلُوها قلت : اعْلُ على الوسادة ، وأراد بعنّج : عنّي ، وهي لغة قوم يقلبون الياء في الوقف جيما.

(س) ومنه حديث أحد «قال أبو سفيان لمّا انهزم المسلمون وظهروا عليهم : اعْلُ هبل ، فقال عمر : الله أَعْلَى وأجلّ ، فقال لعمر : أنعمت ، فعَالِ عنها» كان الرجل من قريش إذا أراد ابتداء أمر عمد إلى سهمين فكتب على أحدهما : نعم ، وعلى الآخر : لا ، ثمّ يتقدّم إلى الصّنم ويجيل سهامه ، فإن خرج سهم نعم أقدم ، وإن خرج سهم لا امتنع. وكان أبو سفيان لمّا أراد الخروج إلى أُحُدٍ استَفْتَى هبلَ ، فخرج له سهم الإنعام ، فذلك قوله لعمر : «أنعمت ، فعَالِ عنها» : أي تجاف عنها ولا تذكرها بسوء ، يعنى آلهتهم.

(س) وفي حديث قيلة «لا يزال كعبك عَالِياً» أي لا تزالين شريفة مرتفعة على من يعاديك.

وفي حديث حمنة بنت جحش «كانت تجلس في المركن ثم تخرج وهي عَالِيَةُ الدّم» أي يَعْلُو دمها الماء.

(س) وفي حديث ابن عمر «أخذت بعَالِيَة رمح» هي ما يلي السّنان من القناة ، والجمع : العَوَالِي.

(س) وفيه ذكر «العَالِيَة والعَوَالِي» في غير موضع من الحديث. وهي أماكن بأَعْلَى أراضي المدينة ، والنّسبة إليها : عُلْوِيّ ، على غير قياس ، وأدناها من المدينة على أربعة أميال ، وأبعدها من جهة نجد ثمانية.

ومنه حديث ابن عمر «وجاء أعرابيّ عُلْوِيٌ جاف».

وفي حديث عمر «فارتقى عُلِّيَّة» هي بضم العين وكسرها : الغرفة ، والجمع : العَلَالِي.

(س) وفي حديث معاوية «قال للبيد الشاعر : كم عطاؤك؟ قال : ألفان وخمسمائة. فقال : ما بال العِلَاوَة بين الفودين!» العِلَاوَة : ما عُولِيَ فوق الحمل وزيد عليه.

ومنه «ضرب عِلَاوَته» أي رأسه. والفَوْدَان : العدلان.

(س) وفي حديث عطاء في مهبط آدم عليه‌السلام «هبط بالعَلَاة» وهي السّندان.

(س) وفي شعر العباس رضي‌الله‌عنه ، يمدح النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم :

حتّى احتوى بيتك المهيمن من

خندف عَلْيَا تحتها النّطق

عَلْيَاء : اسم للمكان المرتفع كاليفاع (١) ، وليست بتأنيث الأَعْلَى لأنّها جاءت منكّرة ، وفعلاء أفعل يلزمها التّعريف.

وفيه ذكر «العُلَى» بالضّم والقصر : موضع من ناحية وادي القرى ، نزله رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في طريقه إلى تبوك. وفيه مسجد.

(س) وفيه «تَعْلُو عنه العين» أي تنبو عنه ولا تلصق به.

ومنه حديث النجاشي «وكانوا بهم أَعْلَى عينا» أي أبصر بهم وأعلم بحالهم.

(س) وفيه «من صام الدّهر ضيّقت عَلَيْهِ جهنم» حمل بعضهم هذا الحديث على ظاهره ، وجعله عقوبة لصائم الدهر ، كأنه كره صوم الدهر ، ويشهد لذلك منعه عبد الله بن عمرو عن صوم الدهر وكراهيته له ، وفيه بعد ، لأنّ صوم الدهر بالجملة قربة ، وقد صامه جماعة من الصحابة والتابعين ، فما يستحق فاعله تضييق جهنم عليه.

__________________

(١) فى الأصل : «كالبقاع». والتصحيح من ا ، واللسان ، والفائق ١ / ١٠٣.

وذهب آخرون إلى أن «عَلَى» هاهنا بمعنى عن : أي ضيّقت عنه فلا يدخلها ، وعن وعلى يتداخلان.

(س) ومنه حديث أبي سفيان «لولا أن يأثروا عَلَيَ الكذب لكذبت» أى يرووا عني.

ومنه حديث زكاة الفطر «عَلَى كلّ حرّ وعبد صاع» وقيل : «عَلَى» بمعنى مع ، لأنّ العبد لا تجب عليه الفطرة ، وإنّما تجب على سيّده ، وهو في العربيّة كثير.

ومنه الحديث «فإذا انقطع مِن عَلَيْهَا رجع إليه الإيمان» أي من فوقها. وقيل : من عندها.

(س) وفيه «عَلَيْكُم بكذا» أي افعلوه ، وهو اسم للفعل بمعنى خذ. يقال : عَلَيْك زيدا ، وعَلَيْك بزيد : أي خذ. وقد تكرر في الحديث.

(باب العين مع الميم)

(عمد) (ه) في حديث أم زرع «زوجي رفيع العِمَاد» أرادت عِمَاد بيت شرفه ، والعرب تضع البيت موضع الشّرف في النّسب والحسب. والعِمَاد والعَمُود : الخشبة التي يقوم عليها البيت.

(ه) ومنه حديث عمر «يأتي به أحدهم على عَمُود بطنه» أراد به ظهره ، لأنه يمسك البطن ويقوّيه ، فصار كالعَمُود له. وقيل : أراد أنه يأتي به على تعب ومشقّة ، وإن لم يكن ذلك الشيء على ظهره ، وإنما هو مثل.

وقيل : عَمُود البطن : عرق يمتدّ من الرّهابة إلى دوين السّرّة ، فكأنّما حمله عليه.

(ه) وفي حديث ابن مسعود «إنّ أبا جهل قال لمّا قتله : أَعْمَدُ مِن رَجُل (١) قتله قومه» أي هل زاد على رجل (٢) قتله قومه ، وهل كان إلّا هذا؟ أي إنّه ليس بعار.

__________________

(١) فى الهروى واللسان : «سيّد».

(٢) فى الهروى واللسان : «سيّد».

وقيل : أَعْمَدُ بمعنى أعجب ، أي أعجب من رجل قتله قومه. تقول : أنا أَعْمَدُ من كذا : أي أعجب منه.

وقيل : أَعْمَدُ بمعنى أغضب ، من قولهم : عَمِدَ عليه إذا غضب.

وقيل : معناه : أتوجّع وأشتكي ، من قولهم : عَمِدَنِي الأمر فَعَمِدْتُ : أي أوجعني فوجعت. والمراد بذلك كلّه أن يهوّن على نفسه ما حلّ به من الهلاك ، وأنه ليس بعار عليه أن يقتله قومه.

(ه) وفي حديث عمر «إنّ نادبته قالت : وا عمراه.! أقام الأود وشفى العَمَد» العَمَد بالتّحريك : ورم ودبر يكون في الظّهر ، أرادت أنه أحسن السّياسة.

ومنه حديث عليّ «لله بلاء فلان فلقد قوّم الأود وداوى العَمَد».

وفي حديثه الآخر «كم أداريكم كما تُدارَى البِكَار العَمِدَة» البِكَار : جمع بكر ، وهو الفتيُّ من الإبل ، والعَمِدَة من العَمَد : الورم والدّبر. وقيل : العَمِدَة التي كسرها ثقل حملها.

وفي حديث الحسن وذكر طالب العلم «وأَعْمَدَتَاه رجلاه» أي صيّرتاه عَمِيداً ، وهو المريض الذي لا يستطيع أن يثبت على المكان حتّى يُعْمَدَ من جوانبه ، لطول اعْتِمَادِه في القيام عليهما. يقال : عَمَدْتُ الشيءَ : أقمته ، وأَعْمَدْتُه : جعلت تحته عِمَاداً. وقوله : «أَعْمَدَتَاه رجلاه» على لغة من قال : أكلوني البراغيث ، وهي لغة طيّ.

(عمر) (س) فيه ذكر «العُمْرَة والاعْتِمَار» في غير موضع. العُمْرَة : الزّيارة. يقال : اعْتَمَر فهو مُعْتَمِر : أي زار وقصد ، وهو في الشّرع : زيارة البيت الحرام بشروط مخصوصة مذكورة في الفقه.

ومنه حديث الأسود «قال : خرجنا عُمَّارا فلمّا انصرفنا مررنا بأبي ذر ، فقال : أحلقتم الشّعث وقضيتم التّفث؟» عُمَّارا : أي مُعْتَمِرِين.

قال الزمخشري : «ولم يجئ فيما أعلم عَمَرَ بمعنى اعْتَمَرَ ، ولكن عَمَرَ الله إذا عبده ، وعَمَرَ فلان ركعتين إذا صلّاهما ، وهو يَعْمُرُ ربّه : أي يصلّي ويصوم ، فيحتمل أن يكون العُمَّار جمع عَامِر

من عَمَرَ بمعنى اعْتَمَرَ وإن لم نسمعه ، ولعلّ غيرنا نسمعه ، وأن يكون ممّا استعمل منه بعض التّصاريف دون بعض ، كما قيل : يذر ويدع وينبغي ، في المستقبل دون الماضي ، واسمي الفاعل والمفعول».

(ه) وفيه «لا تُعْمِرُوا ولا ترقبوا ، فمن أُعْمِرَ شيئا أو أُرْقِبَه فهو له ولورثته من بعده» وقد تكرر ذكر العمرى والرّقبى في الحديث. يقال : أَعْمَرْتُه الدار عُمْرَى : أي جعلتها له يسكنها مدّة عُمْرِه ، فإذا مات عادت إليَّ ، وكذا كانوا يفعلون في الجاهلية ، فأبطل ذلك وأعلمهم أنّ من أُعْمِرَ شيئا أو أرقبه في حياته فهو لورثته من بعده. وقد تعاضت الروايات على ذلك. والفقهاء فيها مختلفون ، فمنهم من يعمل بظاهر الحديث ويجعلها تمليكا ، ومنهم من يجعلها كالعاريّة ويتأوّل الحديث.

(ه) وفيه «أنه اشترى من أعرابي حمل خبط ، فلمّا وجب البيع قال له : اختر ، فقال له الأعرابي : عَمْرَكَ اللهَ بَيِّعا (١) أي أسأل الله تَعْمِيرك وأن يطيل عُمْرَك. والعَمْر بالفتح. العُمْر ، ولا يقال في القسم إلّا بالفتح ، وبيّعا : منصوب على التميز : أي عَمْرَكَ اللهَ من بيّع.

ومنه حديث لقيط «لَعَمْرُ إلهك» هو قَسَم ببقاء الله ودوامه ، وهو رفع بالابتداء ، والخبر محذوف تقديره : لَعَمْرُ الله قسمي ، أو ما أقسم به ، واللّام للتّوكيد ، فإن لم تأت باللام نصبته نصب المصادر فقلت : عَمْرَ اللهَ ، وعَمْرَك اللهَ. أي بإقرارك لله وتَعْمِيرك له بالبقاء.

وفي حديث قتل الحيّات «إنّ لهذه البيوت عَوَامِرَ ، فإذا رأيتم منها شيئا فحرّجوا عليه ثلاثا» العَوَامِر : الحيّات التي تكون في البيوت ، واحدها : عَامِر وعَامِرَة. وقيل : سمّيت عَوَامِر لطول أَعْمَارها.

(ه) وفي حديث محمد بن مسلمة ومحاربته مرحبا «ما رأيت حربا بين رجلين قبلهما

__________________

(١) الذي في الهروي : «عمرك الله من أنت؟ وفي رواية أخرى «عمّرك الله بيّعا» قال الأزهرى أراد : عمّرك الله من بيّع».

مثلهما (١) قام كلّ واحد منهما إلى صاحبه عند شجرة عُمْرِيَّة يلوذ بها» هي : العظيمة القديمة التي أتى عليها عُمْر طويل. ويقال للسّدر العظيم النّابت على الأنهار : عُمْرِيٌ وعُبْرِيٌّ على التّعاقب.

(س) وفيه «أنه كتب لعَمَائِر كلب وأحلافها كتابا» العَمَائِر : جمع عَمَارَة بالفتح والكسر ، وهي فوق البطن من القبائل : أوّلها الشّعب ، ثم القبيلة ، ثم العَمَارة ، ثم البطن ، ثم الفخذ. وقيل : العَمَارَة : الحيّ العظيم يمكنه الانفراد بنفسه ، فمن فتح فلالتفاف بعضهم على بعض كالعَمَارَة : العمامة ، ومن كسر فلأنّ بهم عِمَارة الأرض.

(ه) وفيه «أوصاني جبريل بالسّواك حتى خشيت على عُمُورِي» العُمُور : منابت الأسنان واللّحم الذي بين مغارسها ، الواحد : عَمْر بالفتح ، وقد يضم.

(ه) وفيه «لا بأس أن يصلّي الرجل على عَمَرَيْه» هما طرفا الكمّين فيما فسّره الفقهاء ، وهو بفتح العين والميم ، ويقال : اعْتَمَرَ الرجل إذا اعتمّ بعمامة ، وتسمّى العمامة العَمَارَة بالفتح.

(عمرس) (س) في حديث عبد الملك بن مروان «أين أنت من عُمْرُوسٍ راضع!» العُمْرُوس بالضم : الخروف ، أو الجدي إذا بلغا العدو ، وقد يكون الضّعيف ، وهو من الإبل ما قد سمن وشبع وهو راضع بعد.

(عمس) في حديث عليّ «ألا وإنّ معاوية قاد لُمّة من الغواة وعَمَسَ عليهم الخبر» العَمْس : أن ترى أنك لا تعرف الأمر ، وأنت به عارف. ويروى بالغين المعجمة.

وفيه ذكر «عَمِيس» بفتح العين وكسر الميم ، وهو واد بين مكة والمدينة ، نزله النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم في ممرّه إلى بدر.

(عمق) فيه لو تمادى لي الشّهر لواصلت وصالا يدع المُتَعَمِّقُون تَعَمُّقَهُم» المُتَعَمِّق : المبالغ في الأمر المتشدّد فيه ، الذي يطلب أقصى غايته. وقد تكرر في الحديث.

__________________

(١) فى الأصل : «مثلها» والمثبت من ا ، واللسان ، والهروى.

وفيه ذكر «العُمَق» بضم العين وفتح الميم ، وهو منزل عند النّقرة لحاجّ العراق. فأما بفتح العين وسكون الميم فواد من أودية الطّائف ، نزله رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لمّا حاصرها.

(عمل) في حديث خيبر «دفع إليهم أرضهم على أن يَعْتَمِلُوها من أموالهم» الاعْتِمَال : افتعال ، من العَمَل : أي أنّهم يقومون بما تحتاج إليه من عمارة وزراعة وتلقيح وحراسة ، ونحو ذلك.

(س) وفيه «ما تركت بعد نفقة عيالي ومؤنة عَامِلِي صدقة» أراد بعياله زوجاته ، وبعَامِلِه الخليفة بعده. وإنما خص أزواجه لأنه لا يجوز نكاحهنّ فجرت لهنّ النّفقة ، فإنّهنّ كالمعتدّات.

والعَامِل : هو الذي يتولّى أمور الرجل في ماله وملكه وعَمَلِه ، ومنه قيل للذي يستخرج الزكاة : عَامِل. وقد تكرر في الحديث. والذي يأخذه العَامِل من الأجرة يقال له : عُمَالَة بالضم.

ومنه حديث عمر «قال لابن السّعدي : خذ ما أعطيت فإني عَمِلْتُ على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فعَمَّلَنِي» أي أعطاني عُمَالَتِي وأجرة عَمَلِي. يقال منه : أَعْمَلْتُه وعَمَّلْتُه. وقد يكون عَمَّلْتُه بمعنى ولّيته وجعلته عَامِلا.

وفيه «سئل عن أولاد المشركين فقال : الله أعلم بما كانوا عَامِلِين» قال الخطّابي : ظاهر هذا الكلام يوهم أنه لم يفت السائل عنهم ، وأنّه ردّ الأمر في ذلك إلى علم الله تعالى ، وإنما معناه أنّهم ملحقون في الكفر بآبائهم ، لأنّ الله تعالى قد علم أنّهم لو بقوا أحياء حتى يكبروا لعَمِلُوا عَمَل الكفّار. ويدلّ عليه حديث عائشة رضي‌الله‌عنها «قلت : فذراري المشركين؟ قال : هم من آبائهم ، قلت : بلا عَمَل؟ قال : الله أعلم بما كانوا عَامِلِين».

وقال ابن المبارك : فيه أنّ كل مولود إنما يولد على فطرته التي ولد عليها من السعادة والشّقاوة ،

وعلى ما قدّر له من كفر وإيمان ، فكلّ منهم عَامِل في الدّنيا بالعَمَلِ المشاكل لفطرته ، وصائر في العاقبة إلى ما فطر عليه ، فمن علامات الشّقاوة للطّفل أن يولد بين مشركين فيحملانه على اعتقاد دينهما ويعلّمانه إيّاه ، أو يموت قبل أن يعقل ويصف الدّين ، فيحكم له بحكم والديه ، إذ هو في حكم الشريعة تبع لهما.

وفي حديث الزكاة «ليس في العَوَامِل شيء» العَوَامِل من البقر : جمع عَامِلَة ، وهي التي يستقي عليها ويحرث وتستعمل في الأشغال ، وهذا الحكم مطّرد في الإبل.

[ه] وفي حديث الشّعبيّ «أنّه أتى بشراب مَعْمُول» قيل : هو الذي فيه اللّبن والعسل والثّلج.

وفيه «لا تُعْمَل المطيّ إلّا إلى ثلاثة مساجد» أي لا تحثّ وتساق. يقال : أَعْمَلْتُ. الناقة فعَمِلَت ، وناقة يَعْمَلَة ، ونوق يَعْمَلَات.

(ه) ومنه حديث الإسراء والبراق «فعَمِلَتْ بأذنيها» أي أسرعت ، لأنّها إذا أسرعت حرّكت أذنيها لشدّة السّير.

(ه) ومنه حديث لقمان «يُعْمِلُ النّاقةَ والسّاق» أخبر أنه قويّ على السّير راكبا وماشيا ، فهو يجمع بين الأمرين ، وأنه حاذق بالرّكوب والمشي.

(عملق) (س) في حديث خبّاب «أنه رأى ابنه مع قاصّ فأخذ السّوط وقال : أمع العَمَالِقَة؟ هذا قرن قد طلع» العَمَالِقَة : الجبابرة الذين كانوا بالشام من بقية قوم عاد ، الواحد : عِمْلِيق وعِمْلَاق. ويقال لمن يخدع الناس ويخلبهم : عِمْلَاق. والعَمْلَقَة : التّعمّق في الكلام ، فشبّه القصّاص بهم ، لما في بعضهم من الكبر والاستطالة على الناس ، أو بالذين يخدعونهم بكلامهم ، وهو أشبه.

(عمم) (ه) في حديث الغصب «وإنها لنخل عُمٌ» أي تامّة في طولها والتفافها ، واحدتها : عَمِيمَة ، وأصلها : عُمُمٌ ، فسكّن وأدغم.

(ه) وفي حديث أحيحة بن الجلاح «كنّا أهل ثمّه ورمّه ، حتى إذا استوى على عُمُمِّهِ.

أراد على طوله واعتدال شبابه ، يقال للنّبت إذا طال : قد اعْتَمَ. ويجوز «عُمُمِهِ» بالتخفيف ، «وعَمَمِهِ» ، بالفتح والتخفيف.

فأما بالضم والتخفيف فهو صفة بمعنى العَمِيم ، أو جمع عَمِيم ، كسرير وسرر. والمعنى : حتى إذا استوى على قدّه التّام ، أو على عظامه وأعضائه التّامّة.

وأمّا التّشديدة التي فيه عند من شدّده فإنّها التي تزاد في الوقف ، نحو قولهم : هذا عمرّ وفرجّ ، فأجرى الوصل مجرى الوقف ، وفيه نظر.

وأما من رواه بالفتح والتخفيف فهو مصدر وصف به.

ومنه قولهم «منكب عَمَمٌ».

(س) ومنه حديث لقمان «يهب البقرة العَمَمَة (١) أي التّامّة الخلق.

ومنه حديث الرؤيا «فأتينا على روضة مُعْتَمَّة» أي وافية النّبات طويلته.

(ه) ومنه حديث عطاء «إذا توضأت فلم تَعْمُمْ فتيمّم» أي إذا لم يكن في الماء وضوء تامّ فتيمّم ، وأصله من العُمُوم.

[ه] ومن أمثالهم «عَمَ ثوباء النّاعس» يضرب مثلا للحدث يحدث ببلدة ، ثم يتعدّاها إلى سائر البلدان.

(س) وفيه «سألت ربّي أن لا يهلك أمّتي بسنة بعَامَّة» أي بقحط عَامّ يَعُمُّ جميعهم. والباء في «بعَامَّة» زائدة زيادتها في قوله تعالى «وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ» ويجوز أن لا تكون زائدة ، ويكون قد أبدل عَامَّة من سنة بإعادة العامل ، تقول : مررت بأخيك بعمرو ، ومنه قوله تعالى «قال الّذين استكبروا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ».

ومنه الحديث «بادروا بالأعمال ستّا ، كذا وكذا وخويصّة أحدكم وأمر العَامَّة» أراد بالعَامَّة القيامة ، لأنّها تَعُمُّ الناس بالموت : أي بادروا بالأعمال موت أحدكم والقيامة.

__________________

(١) الذي في اللسان : «العَمِيمَة» وقال صاحب القاموس : «العَمَم ـ محرّكة ـ عظم الخلق في الناس وغيرهم».

(ه) وفيه «كان إذا أوى إلى منزله جزّأ دخوله ثلاثة أجزاء : جزء الله ، وجزءا لأهله ، وجزءا لنفسه ، ثم جزّا جزءه بينه وبين الناس ، فيردّ ذلك على العَامَّة بالخاصّة» أراد أن العَامَّة كانت لا تصل إليه في هذا الوقت ، فكانت الخاصّة تخبر العَامَّة بما سمعت منه ، فكأنه أوصل الفوائد إلى العَامَّة بالخاصة.

وقيل : إنّ الباء بمعنى من : أي يجعل وقت العَامَّة بعد وقت الخاصّة وبدلا منهم. كقول الأعشى (١) :

على أنّها إذ رأتني أقا

د قالت بما قد أراه بصيرا

أي هذا العشا مكان ذلك الإبصار ، وبدل منه (٢).

وفيه «أكرموا عَمَّتَكُم النّخلة» سمّاها عَمَّةً للمشاكلة في أنها إذا قطع رأسها يبست ، كما إذا قطع رأس الإنسان مات. وقيل : لأنّ النّخل خلق من فضلة طينة آدم عليه‌السلام.

وفي حديث عائشة «استأذنت النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم في دخول أبي القعيس عليها ، فقال : ائذني له فإنه عَمُّجِ» يريد عَمُّكِ من الرّضاعة ، فأبدل كاف الخطاب جيما ، وهي لغة قوم من اليمن.

قال الخطّابي : إنما جاء هذا من بعض النّقلة ، فإنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم كان لا يتكلّم إلا باللّغة العالية.

وليس كذلك ، فإنّه قد تكلّم بكثير من لغات العرب ، منها قوله «ليس من امبرّ امصيام في امسفر» وغير ذلك.

(س) وفي حديث جابر «فعَمَ ذلك؟» أي لم فعلته ، وعن أيِّ شيء كان؟ وأصله : عن ما ، فسقطت ألف ما وأدغمت النون في الميم ، كقوله تعالى (عَمَ يَتَساءَلُونَ) وهذا ليس بابها ، وإنما ذكرناها للفظها.

__________________

(١) هو الأعشى الكبير ، ميمون بن قيس. ديوانه ص ٩٥.

(٢) زاد الهروى وجها ثالثا ، قال : «والقول الثالث : فردّ ذلك بدلا من الخاصة على العامة ، أن يجعل العامّة مكان الخاصة».

(عمن) (ه) في حديث الحوض «عرضه من مقامي إلى عَمَّان» هي بفتح العين وتشديد الميم : مدينة قديمة بالشام من أرض البلقاء ، فأمّا بالضّمّ والتّخفيف فهو صقع عند البحرين ، وله ذكر في الحديث.

(عمه) في حديث عليّ «(فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ) ، بل كيف تَعْمَهُون؟» العَمَه في البصيرة كالعمى في البصر. وقد تكرر في الحديث.

(عما) [ه] في حديث أبي رزين «قال : يا رسول الله ، أين كان ربّنا عزوجل قبل أن يخلق خلقه؟ فقال : كان في عَمَاء ، تحته هواء وفوقه هواء» العَمَاء بالفتح والمدّ : السّحاب. قال أبو عبيد : لا يدرى كيف كان ذلك العَمَاء.

وفي رواية «كان في عَماً» بالقصر ، ومعناه ليس معه شيء.

وقيل : هو كل أمر لا تدركه عقول بني آدم ، ولا يبلغ كنهه الوصف والفطن.

ولا بدّ في قوله «أين كان ربّنا» من مضاف محذوف ، كما حذف في قوله تعالى (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللهُ) ونحوه ، فيكون التّقدير : أين كان عرش ربّنا؟ ويدلّ عليه قوله تعالى (وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ).

قال الأزهرى : نحن نؤمن به ولا نكيّفه بصفة : أي نجري اللفظ على ما جاء عليه من غير تأويل.

ومنه حديث الصّوم «فإن عُمِّيَ عليكم» هكذا جاء في رواية ، قيل : هو من العَمَاء : السّحاب الرّقيق : أي حال دونه ما أعمى الأبصار عن رؤيته.

وفى حديث الهجرة «لأُعَمِّيَنَ على من ورائي» من التَّعْمِيَة والإخفاء والتّلبيس ، حتى لا يتبعكما أحد.

(ه س) وفيه «من قتل تحت راية عِمِّيَّة فقتلته جاهليّة» قيل : هو فعّيلة ، من العَمَاء : الضّلالة ، كالقتال في العصبيّة والأهواء. وحكى بعضهم فيها ضمّ العين.

(ه) ومنه حديث الزّبير «لئلّا تموت ميتة عِمِّيَّة» أي ميتة فتنة وجهالة.

ومنه الحديث «من قتل في عِمِّيَّا في رمي يكون بينهم فهو خطأ» وفي رواية «في عِمِّيَّة في رِمِّيَّا تكون بينهم بالحجارة فهو خطأ» العِمِّيَّا بالكسر والتشديد والقصر : فعّيلى ، من العَمَى ، كالرِّمِّيَّا ، من الرّمي ، والخصّيصى ، من التّخصيص ، وهي مصادر. والمعنى أن يوجد بينهم قتيل يَعْمَى أمره ولا يتبيّن قاتله ، فحكمه حكم قتيل الخطأ تجب فيه الدّية.

ومنه الحديث الآخر «ينزو الشيطان بين الناس فيكون دما (١) في عَمْيَاء في غير ضغينة» أي في غير جهالة من غير حقد وعداوة. والعَمْيَاء : تأنيث الأَعْمَى ، يريد بها الضّلالة والجهالة.

(ه) ومنه الحديث «تعوّذوا بالله من الأَعْمَيَيْنِ» هما السّيل والحريق ، لما يصيب من يصيبانه من الحيرة في أمره ، أو لأنّهما إذا حدثا ووقعا لا يبقيان موضعا ولا يتجنّبان شيئا ، كالأَعْمَى الذي لا يدري أين يسلك ، فهو يمشي حيث أدّته رجله.

(ه) ومنه حديث سلمان «سئل ما يحلّ لنا من ذمّتنا؟ فقال : من عَمَاك إلى هداك» أي إذا ضللت طريقا أخذت منهم رجلا حتى يقفك على الطريق. وإنما رخّص سلمان في ذلك ، لأنّ أهل الذّمة كانوا صولحوا على ذلك وشرط عليهم ، فأمّا إذا لم يشرط فلا يجوز إلّا بالأجرة.

وقوله «من ذمّتنا» : أي من أهل ذمّتنا.

(س) وفيه «إن لنا المَعَامِيَ» يريد الأرض المجهولة الأغفال التي ليس فيها أثر عمارة ، واحدها : مَعْمًى ، وهو موضع العَمَى ، كالمجهل.

وفي حديث أم معبد «تسفهوا عَمَايَتَهم» العَمَايَة : الضلالة ، وهي فعالة من العَمَى.

(ه) وفيه «أنه نهى عن الصلاة إذا قام قائم الظّهيرة صكّة عُمَيٍ» يريد أشدّ الهاجرة. يقال : لقيته صكّة عُمَيٍ : أي نصف النهار في شدّة الحرّ ، ولا يقال إلّا في القيظ ، لأنّ الإنسان إذا خرج وقتئذ لم يقدر أن يملأ عينيه من ضوء الشمس. وقد تقدّم مبسوطا في حرف الصاد.

(ه) وفي حديث أبي ذرّ «أنه كان يغير على الصِّرم في عَمَايَة الصّبح» أي في بقيّة ظلمة اللّيل.

__________________

(١) انظر الحاشية ٢ ، ص ٩١ من هذا الجزء.

(ه) وفيه «مثل المنافق مثل شاة بين ربيضين (١) ، تَعْمُو إلى هذه مرّة وإلى هذه مرّة» يقال : عَمَا يَعْمُو إذا خضع وذلّ ، مثل عنا يعنو ، يريد أنها كانت تميل إلى هذه وإلى هذه.

(باب العين مع النون)

(عنب) فيه ذكر «بئر أبي عِنَبَة» بكسر العين وفتح النون : بئر معروفة بالمدينة ، عندها عرض رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أصحابه لمّا سار إلى بدر.

وفيه ذكر «عُنَابَة» بالضم والتخفيف : قارة سوداء بين مكة والمدينة ، كان زين العابدين يسكنها.

(عنبر) (س) في حديث جابر «فألقى لهم البحر دابّة يقال لها : العَنْبَر» هي سمكة بحريّة كبيرة ، يتّخذ من جلدها التّراس. ويقال للتّرس : عَنْبَر.

وفي حديث ابن عباس «أنه سئل عن زكاة العَنْبَر فقال : إنما هو شيء دسره البحر» هو الطّيب المعروف.

[ه] (عنبل) في حديث عاصم بن ثابت.

والقوس فيها وتر عُنَابِل

العُنَابِل بالضم : الصّلب المتين ، وجمعه : عَنَابِل بالفتح ، مثل جوالق وجوالق.

(عنت) (س) فيه «الباغون البرآء العَنَتَ» العَنَتُ : المشقّة والفساد ، والهلاك ، والإثم والغلط ، والخطأ والزّنا ، كلّ ذلك قد جاء ، وأطلق العَنَت عليه. والحديث يحتمل كلّها. والبرآء : جمع برئ ، وهو والعَنَت منصوبان مفعولان للباغين. يقال : بغيت فلانا خيرا ، وبغيتك الشيء : طلبته لك ، وبغيت الشيء : طلبته.

[ه] ومنه الحديث «فيُعْنِتُوا عليكم دينَكم».

__________________

(١) فى الأصل وا : «ربيضتين» والمثبت من الهروى ، واللسان ، وممّا سبق فى مادة (ربض).

(س) والحديث الآخر «حتى تُعْنِتَه» أي تشقّ عليه.

(س) ومنه الحديث «أيّما طبيب تطبّب ولم يعرف بالطِّبِ فأَعْنَتَ فهو ضامن» أي أضرّ المريض وأفسده.

(س) وحديث عمر «أردت أن تُعَنِّتَنِي» أي تطلب عَنَتِي وتسقطني.

وحديث الزّهريّ «في رجل أنعل دابّته فعَنَتَتْ» هكذا جاء في رواية : أي عرجت ، وسمّاه عَنَتاً ، لأنه ضرر وفساد. والرواية «فعَتَبَت» بتاء فوقها نقطتان ، ثم باء تحتها نقطة واحدة. قال القتيبيّ : والأوّل أحبّ الوجهين إليّ.

(عنتر) (س) في حديث أبي بكر وأضيافه «قال لابنه عبد الرحمن : يا عَنْتَرُ» هكذا جاء في رواية ، وهو الذّباب ، شبّهه به تصغيرا له وتحقيرا. وقيل : هو الذّباب الكبير الأزرق ، شبّهه به لشدّة أذاه. ويروى بالغين المعجمة والثاء المثلثة ، وسيجيء.

(عنج) (ه) فيه «أنّ رجلا سار معه على جمل فجعل يتقدّم القوم ثم يَعْنِجُه حتى يكون في أخريات القوم» أي يجذب زمامه ليقف ، من عَنَجَه يَعْنِجُه إذا عطفه. وقيل : العَنْج : الرّياضة. وقد عَنَجْتُ البكرَ أَعْنِجُه عَنْجاً إذا ربطت خطامه في ذراعه لتروضه.

(ه) ومنه الحديث الآخر «وعثرت ناقته فعَنَجَهَا بالزّمام».

ومنه حديث عليّ «كأنه قلع داريٍ عَنَجَهُ نوتيُّه» أي عطفه ملّاحه.

(ه) ومنه الحديث «قيل : يا رسول الله فالإبل؟ قال : تلك عَنَاجِيج الشياطين» أي مطاياها ، واحدها : عُنْجُوج ، وهو النّجيب من الإبل. وقيل : هو الطّويل العنق من الإبل والخيل ، وهو من العَنْج : العطف ، وهو مثل ضربه لها ، يريد أنها يسرع إليها الذّعر والنّفار.

(ه) وفيه «إن الذين وافوا الخندق من المشركين كانوا ثلاثة عساكر ، وعِنَاجُ الأمر إلى أبي سفيان» أي أنه كان صاحبهم ، ومدبّر أمرهم ، والقائم بشئونهم ، كما يحمل ثقل الدّلو عِنَاجُها ، وهو حبل يشدّ تحتها ثم يشدّ إلى العراقي ليكون تحتها عونا لعراها فلا تنقطع.

وفي حديث أبي جهل يوم بدر «أَعْلِ عَنِّجْ» أراد عنّي ، فأبدل الياء جيما. وقد تقدّم في العين واللام.

(عند) فيه «إن الله تعالى جعلني عبدا كريما ، ولم يجعلني جبّارا عَنِيداً» العَنِيد : الجائر عن القصد ، الباغي الذي يردّ الحقّ مع العلم به.

وفي خطبة أبي بكر «وسترون بعدي ملكا عضوضا وملكا عَنُوداً» العَنُود والعَنِيد بمعنى ، وهما فعول وفعيل ، بمعنى فاعل أو مفاعل.

(ه) وفي حديث عمر يذكر سيرته «وأضمّ العَنُود» هو من الإبل : الذي لا يخالطها ولا يزال منفردا عنها ، وأراد : من خرج عن الجماعة أعدته إليها وعطفته عليها.

ومنه حديث الدعاء «وأقصى (١) الأدنين على عُنُودِهم عنك» أي ميلهم وجورهم. وقد عَنِدَ يَعْنَدُ عُنُوداً فهو عَانِد.

[ه] ومنه حديث المستحاضة (٢) «قال : إنه عرق عَانِد» شبّه به لكثرة ما يخرج منه على خلاف عادته. وقيل : العَانِد : الذي لا يرقأ.

(عنز) (ه) فيه «لمّا طعن [رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم](٣) أبيّ بن خلف بالعَنَزَة بين ثدييه قال : قتلني ابن أبي كبشة» العَنَزَة : مثل نصف الرّمح أو أكبر شيئا ، وفيها سنان مثل سنان الرّمح ، والعكّازة : قريب منها. وقد تكرر ذكرها في الحديث.

(عنس) (س [ه]) في صفته صلى‌الله‌عليه‌وسلم «لا عَانِس ولا مفنّد» العَانِس من النّساء والرجال : الذي يبقى زمانا بعد أن يدرك لا يتزوّج. وأكثر ما يستعمل في النّساء. يقال : عَنَسَتِ المرأة فهي عَانِس ، وعُنِّسَتْ فهي مُعَنَّسَة : إذا كبرت وعجزت في بيت أبويها (٤).

__________________

(١) هكذا ضبطت في الأصل. وفي ا : «أقصى» وفى اللسان : «فأقص».

(٢) أخرجه الهروى واللسان من قول ابن عباس رضى الله عنهما وقد استفتى.

(٣) من ا والهروى.

(٤) قال الهروى ، «ويروى : ولا عابس ولا معتد». وانظر ص ١٧١ من هذا الجزء.

(ه) ومنه حديث الشعبيّ «العذرة يذهبها التَّعْنِيس والحيضة» هكذا رواه الهروي عن الشعبيّ. ورواه أبو عبيد عن النّخعيّ.

(عنش) (ه) في حديث عمرو بن معديكرب «قال يوم القادسيّة : يا معشر المسلمين كونوا أُسدا عِنَاشاً» يقال : عَانَشْتُ الرجل عِنَاشاً ومُعَانَشَةً إذا عانقته ، وهو مصدر وصف به. والمعنى : كونوا أسدا ذات عِنَاش. والمصدر يوصف به الواحد والجمع. يقال : رجل كرم ، وقوم كرم ، ورجل ضيف ، وقوم ضيف.

(عنصر) في حديث الإسراء «هذا النّيل والفرات عُنْصَرُهُما» العُنْصَر بضم العين وفتح الصاد : الأصل ، وقد تضم الصاد ، والنون مع الفتح زائدة عند سيبويه ، لأنه ليس عنده فعلل بالفتح.

ومنه الحديث «يرجع كلّ ماء إلى عُنْصَرِه».

(عنط) (س) في حديث المتعة «فتاة مثل البكرة العَنَطْنَطَة» أي الطويلة العنق مع حسن قوام. والعَنَط : طول العنق.

(عنف) فيه «إن الله يعطي على الرّفق ما لا يعطي على العُنْف» هو بالضم الشّدّة والمشقة ، وكل ما في الرّفق من الخير ففي العُنْف من الشرّ مثله. وقد تكرر في الحديث.

(س) وفيه «إذا زنت أمة أحدكم فليجلدها ولا يُعَنِّفْها» التَّعْنِيف : التوبيخ والتّقريع واللّوم. يقال : أَعْنَفْتُه وعَنَّفْتُه : أي لا يجمع عليها بين الحدّ والتّوبيخ.

وقال الخطّابي : أراد لا يقنع بتَعْنِيفِها على فعلها ، بل يقيم عليها الحدّ ، لأنهم كانوا لا ينكرون زنا الإماء ولم يكن عندهم عيبا.

(عنفق) (س) فيه «أنه كان في عَنْفَقَتِه شعرات بيض» العَنْفَقَة : الشّعر الذي في الشّفة السّفلى. وقيل : الشعر الذي بينها وبين الذّقن. وأصل العَنْفَقَة : خفّة الشيء وقلّته.

(عنفوان) في حديث معاوية «عُنْفُوَان المكرع» أي أوّله. وعُنْفُوَان كلّ شيء : أوّله ، ووزنه فعلوان ، من اعْتَنَفَ الشيء إذا ائتنفه وابتدأه.

(عنق) (ه) فيه «المؤذّنون أطول النّاس أَعْنَاقاً يوم القيامة» أي أكثر أعمالا. يقال : لفلان عُنُقٌ من الخير : أي قطعة.

وقيل : أراد طول الأَعْنَاق أي الرّقاب ، لأن الناس يومئذ في الكرب ، وهم في الرّوح متطلّعون لأن يؤذن لهم في دخول الجنة.

وقيل : أراد أنهم يكونون يومئذ رؤساء سادة ، والعرب تصف السّادة بطول الأَعْنَاق.

وروي «أطول إِعْنَاقاً» بكسر الهمزة : أي أكثر إسراعا وأعجل إلى الجنة. يقال : أَعْنَقَ يُعْنِقُ إِعْنَاقاً فهو مُعْنِق ، والاسم : العَنَق بالتّحريك.

(ه) ومنه الحديث «لا يزال المؤمن مُعْنِقاً صالحا ما لم يصب دما حراما» أي مسرعا في طاعته منبسطا في عمله. وقيل : أراد يوم القيامة.

ومنه الحديث «أنه كان يسير العَنَقَ ، فإذا وجد فجوة نصّ».

(س [ه]) ومنه الحديث «أنه بعث سريّة ، فبعثوا حرام بن ملحان بكتاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى بني سليم فانتحى له عامر بن الطّفيل فقتله ، فلمّا بلغ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم قتله قال : أُعْنِقَ ليموت» أي إنّ المنية أسرعت به وساقته إلى مصرعه. واللّام لام العاقبة ، مثلها في قوله تعالى «لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَناً».

[ه] ومنه حديث أبي موسى «فانطلقنا إلى النّاس مَعَانِيق» أي مسرعين ، جمع مِعْنَاق.

ومنه حديث أصحاب الغار «فانفرجت الصّخرة فانطلقوا مُعَانِقِين» أي مسرعين ، من عَانَقَ مثل أَعْنَقَ إذا سارع وأسرع ، ويروى «فانطلقوا مَعَانِيقَ».

(ه) وفيه «يخرج عُنُقٌ من النار» أي طائفة منها.

ومنه حديث الحديبية «وإن نجوا تكن عُنُقٌ قطعها الله» أي جماعة من الناس.

ومنه حديث فزارة «فانظروا إلى عُنُقٍ من الناس».

ومنه الحديث «لا يزال الناس مختلفة أَعْنَاقُهم في طلب الدنيا» أي جماعات منهم. وقيل : أراد بالأَعْنَاق الرّؤساء والكبراء ، كما تقدّم.

(ه) وفي حديث أم سلمة «قالت : دخلت شاة فأخذت قرصا تحت دنّ لنا ، فقمت فأخذته من بين لحييها ، فقال [صلى‌الله‌عليه‌وسلم](١) : ما كان ينبغي لك أن تُعَنِّقِيها» أي تأخذي بعُنُقِها وتعصريها. وقيل : التَّعْنِيق : التّخييب ، من العَنَاق ، وهي الخيبة.

ومنه الحديث «أنه قال لنساء عثمان بن مظعون لمّا مات : ابكين ، وإيّاكنّ وتَعَنُّقَ الشيطان» هكذا جاء في مسند أحمد. وجاء في غيره «ونَعِيق الشيطان» فإن صحّت الأولى فيكون من عَنَّقَه إذا أخذ بعُنُقِه وعصر في حلقه ليصيح ، فجعل صياح النّساء عند المصيبة مسبّبا عن الشيطان ، لأنه الحامل لهنّ عليه.

(س) وفي حديث الضّحيّة «عندي عَنَاق جذعة» هي الأنثى من أولاد المعز ما لم يتمّ له سنة.

(س) وفي حديث أبي بكر «لو منعوني عَنَاقاً ممّا كانوا يؤدّونه إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لقاتلتهم عليه» فيه دليل على وجوب الصّدقة في السّخال ، وأنّ واحدة منها تجزئ عن الواجب في الأربعين منها إذا كانت كلّها سخالا ، ولا يكلّف صاحبها مسنّة ، وهو مذهب الشافعي.

وقال أبو حنيفة : لا شيء في السّخال.

وفيه دليل على أنّ حول النّتاج حول الأمّهات ، ولو كان يستأنف لها الحول لم يوجد السّبيل إلى أخذ العَنَاق.

(س) وفي حديث قتادة «عَنَاق الأرض من الجوارح» هي دابّة وحشيّة أكبر من السّنّور وأصغر من الكلب. والجمع : عُنُوق. يقال في المثل : لقي عَنَاقَ الأرض ، وأذني عَنَاق : أي داهية. يريد أنّها من الحيوان الّذي يصطاد به إذا علّم.

__________________

(١) من ا والهروى.

(س) وفي حديث الشعبيّ «نحن في العُنُوق ، ولم نبلغ النّوق». وفي المثل : العُنُوق بعد النّوق : أي القليل بعد الكثير ، والذّل بعد العزّ. والعُنُوق : جمع عَنَاق.

وفي حديث الزّبرقان «والأسود الأَعْنَق ، الذي إذا بدا يحمّق» الأَعْنَق : الطويل العُنُق ، رجل أَعْنَق وامرأة عَنْقَاء.

(س) ومنه حديث ابن تدرس «كانت أمّ جميل ـ يعنى امرأة أبي لهب ـ عوراء عَنْقَاء».

ومنه حديث عكرمة في تفسير قوله تعالى (طَيْراً أَبابِيلَ) قال : العَنْقَاء المغرب» يقال : طارت به عَنْقَاء مغرب ، والعَنْقَاء المغرب. وهو طائر عظيم معروف الاسم مجهول الجسم (١) لم يره أحد. والعَنْقَاء : الدّاهية.

(عنقز) (س) في حديث قسّ ذكر «العَنْقَزَان» العَنْقَز : أصل القصب الغضّ.

قال الجوهرى : العَنْقَز : المرزنجوش (٢). والعَنْقَزَان مثله.

(عنقفير) (ه) فيه «ولا سوداء عنقفير (٣)» العنقفير : الدّاهية.

(عنك) في حديث جرير «بين سلم وأراك ، وحموض وعَنَاك» هكذا جاء فى رواية الطّبراني ، وفسّر بالرّمل. والرّواية باللام. وقد تقدّم.

(س) وفي حديث أم سلمة «ما كان لك أن تُعَنِّكِيها» التَّعْنِيك : المشقّة والضّيق والمنع ، من اعْتَنَكَ البعير إذا ارتطم في رمل لا يقدر على الخلاص منه ، أو من عَنَكَ الباب وأَعْنَكَه إذا أغلقه. وروي بالقاف. وقد تقدّم.

(عنم) (ه) في حديث خزيمة «وأخلف الخزامي وأينعت العَنَمَة» العَنَمَة : شجرة لطيفة الأغصان يشبّه بها بنان العذارى. والجمع : عَنَمٌ.

__________________

(١) فى ا : «المكان».

(٢) انظر حواشى ص ١٧٧ من هذا الجزء.

(٣) فى الأصل وا : «العنقفيز» بالزاى. وأثبتناه بالراء من الهروى والصحاح ، والفائق ٣ / ٩٤ ، والقاموس واللسان (عنقر) على أن القاموس واللسان ذكرا فى مادة (عنقز) قالا : العنقز : الداهية.

(عنن) (ه) فيه «لو بلغت خطيئته عَنَانَ السماء» العَنَان بالفتح : السّحاب ، والواحدة عَنَانَة. وقيل : ما عَنَ لك منها ، أي اعترض وبدا لك إذا رفعت رأسك. ويروى «أَعْنَان السماء» : أي نواحيها ، واحدها : عَنَنٌ ، وعَنٌ.

ومن الأوّل الحديث «مرّت به سحابة فقال : هل تدرون ما اسم هذه؟ قالوا : هذا السّحاب ، قال : والمزن ، قالوا : والمزن ، قال : والعَنَان ، قالوا : والعَنَان».

(ه) وحديث ابن مسعود «كان رجل في أرض له إذ مرّت به عَنَانَة ترهيأ».

والحديث الآخر «فيطلّ عليه العَنَان».

(ه) ومن الثاني «أنه سئل عن الإبل ، فقال : أَعْنَان الشياطين» الأَعْنَان : النّواحي ، كأنّه قال إنّها لكثرة آفاتها كأنّها من نواحي الشياطين في أخلاقها وطبائعها.

وفي حديث آخر «لا تصلّوا في أعطان الإبل ، لأنّها خلقت من أَعْنَان الشياطين».

(ه) وفي حديث طهفة «برئنا إليك من الوثن والعَنَن» الوثن : الصّنم. والعَنَن : الاعتراض. يقال : عَنَ لي الشيء ، أي اعترض ، كأنّه قال : برئنا إليك من الشّرك والظّلم. وقيل : أراد به الخلاف والباطل.

(ه) ومنه حديث سطيح.

أم فاز (١) فازلمّ به شأو العَنَن

يريد اعتراض الموت وسبقه.

ومنه حديث عليّ «دهمته المنيّة في عَنَن جماحه» هو ما ليس بقصد.

ومنه حديثه أيضا يذمّ الدّنيا «ألا وهي المتصدّية العَنُون» أي التي تتعرّض للنّاس. وفعول للمبالغة.

وفي حديث طهفة «وذو العِنَان الرّكوب» يريد الفرس الذّلول ، نسبه إلى العِنَان والرّكوب ، لأنه يلجم ويركب. والعِنَان : سير اللّجام.

__________________

(١) انظر حواشى ص ٣١١ من الجزء الثانى.

(س) وفي حديث قيلة «تحسب عَنِّي نائمة» أي تحسب أنّي نائمة ، فأبدلت من الهمزة عينا. وبنو تميم يتكلّمون بها ، وتسمّى العَنْعَنَة.

(س) ومنه حديث حصين بن مشمّت «أخبرنا فلان عَنَ فلانا حدّثه» أي أنّ فلانا حدّثه. وكأنهم يفعلونه لبحح في أصواتهم.

(عنا) (ه) فيه «أتاه جبريل فقال : بسم الله أرقيك من كل داء يَعْنِيك» أي يقصدك يقال : عَنَيْتُ فلانا عَنْياً ، إذا قصدته. وقيل : معناه من كلّ داء يشغلك. يقال : هذا أمر لا يَعْنِينِي : أي لا يشغلني ويهمّني.

ومنه الحديث «من حسن إسلام المرء تركه ما لا يَعْنِيه» أي ما لا يهمّه. ويقال : عُنِيتُ بحاجتك أُعْنَى بها فأنا بها مَعْنِيٌ ، وعَنَيْتُ به فأنا عَانٍ ، والأوّل أكثر : أي اهتممت بها واشتغلت.

ومنه الحديث «أنه قال لرجل : لقد عَنِيَ اللهُ بك» مَعْنَى العِنَايَة هاهنا الحفظ ، فإنّ من عَنِيَ بشيء حفظه وحرسه ، يريد : لقد حفظ عليك دينك وأمرك.

وفي حديث عقبة بن عامر في الرّمي بالسّهام «لولا كلام سمعته من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لم أُعَانِهِ» مُعَانَاة الشّيء : ملابسته ومباشرته. والقوم يُعَانُون مالهم : أي يقومون عليه.

(ه) وفيه «أطعموا الجائع وفكّوا العَانِي» ، العَانِي : الأسير. وكلّ من ذلّ واستكان وخضع فقد عَنَا يَعْنُو ، وهو عَانٍ ، والمرأة عَانِيَة ، وجمعها : عَوَانٍ.

(ه) ومنه الحديث «اتّقوا الله في النّساء فإنّهنّ عَوَانٍ عندكم» أي أسراء ، أو كالأسراء.

(س) ومنه حديث المقدام «الخال وارث من لا وارث له ، يفكّ عَانَهُ» أي عَانِيَهُ ، فحذف الياء. وفي رواية «يفكّ عُنِيَّهُ» بضم العين وتشديد الياء ، يقال : عَنَا يَعْنُو عُنُوّاً وعُنِيّاً. ومعنى الأسر في هذا الحديث : ما يلزمه ويتعلّق به بسبب الجنايات التي سبيلها أن تتحمّلها العاقلة.

هذا عند من يورّث الخال ، ومن لا يورّثه يكون معناه أنّها طعمة أطعمها الخال ، لا أن يكون وارثا.

(ه) وفي حديث عليّ «أنه كان يحرّض أصحابه يوم صفّين ويقول : استشعروا الخشية وعَنُّوا بالأصوات» أي احبسوها وأخفوها ، من التَّعْنِيَة : الحبس والأسر ، كأنه نهاهم عن اللّغط ورفع الأصوات.

(ه) وفي حديث الشّعبيّ «لأن أَتَعَنَّى بِعَنِيَّةٍ أحبّ إليّ من أن أقول في مسألة برأيي» العَنِيَّة : بول فيه أخلاط تطلى به الإبل الجَرْبَى. والتَّعَنِّي : التّطلّي بها ، سمّيت عَنِيَّة لطول الحبس.

ومنه المثل «عَنِيَّة تشفي الجرب» يضرب للرجل إذا كان جيّد الرّأي.

(س) وفي حديث الفتح «أنه دخل مكّة عَنْوَةً» أي قهرا وغلبة. وقد تكرر ذكره في الحديث. وهو من عَنَا يَعْنُو إذا ذلّ وخضع. والعَنْوَة : المرّة الواحدة منه ، كأن المأخوذ بها يخضع ويذلّ.

(باب العين مع الواو)

(عوج) قد تكرر ذكر «العَوَج العِوَج» في الحديث اسما ، وفعلا ، ومصدرا ، وفاعلا ، ومفعولا ، وهو بفتح العين مختصّ بكل شيء مرئيّ كالأجسام ، وبالكسر فيما ليس بمرئيّ ، كالرأي والقول. وقيل : الكسر يقال فيهما معا ، والأوّل أكثر.

ومنه الحديث «حتى يقيم به الملّة العَوْجَاء» يعنى ملّة إبراهيم صلى‌الله‌عليه‌وسلم التي غيّرتها العرب عن استقامتها.

وفي حديث أم زرع «ركب أَعْوَجِيّاً» أي فرسا منسوبا إلى أَعْوَج ، وهو فحل كريم تنسب الخيل الكرام إليه.

(ه) وفي حديث إسماعيل عليه‌السلام «هل أنتم عَائِجُون؟» أي مقيمون. يقال : عَاجَ بالمكان وعَوَّجَ : أي أقام. وقيل : عَاجَ به : أي عطف إليه ، ومال ، وألمّ به ، ومرّ عليه. وعَاجَهُ يَعُوجُه إذا عطفه ، يتعدّى ولا يتعدّى.

(ه) ومنه حديث أبي ذرّ «ثم عَاجَ رأسه إلى المرأة فأمرها بطعام» أي أماله إليها والتفت نحوها.

(س) وفيه «أنه كان له مشط من العَاج» العَاج : الذّبل. وقيل : شيء يتّخذ من ظهر السّلحفاة البحريّة. فأما العَاج الذي هو عظم الفيل فنجس عند الشافعي ، وطاهر عند أبي حنيفة.

(ه) ومنه الحديث «أنه قال لثوبان : اشتر لفاطمة سوارين من عَاجٍ».

(عود) في أسماء الله تعالى «المُعِيد» هو الذي يُعِيد الخلق بعد الحياة إلى الممات في الدّنيا ، وبعد الممات إلى الحياة يوم القيامة.

(ه) ومنه الحديث «إن الله يحبّ الرجل القوىّ المبدئ المُعِيد على الفرس» أي الذي أبدأ في غزوة وأعاد فغزا مرّة بعد مرّة ، وجرّب (١) الأمور طورا بعد طور.

والفرس المبدئ المُعِيد : هو الّذي غزا عليه صاحبه مرّة بعد أخرى. وقيل : هو الذي قد ريض وأدّب ، فهو طوع راكبه.

ومنه الحديث «وأصلح لي آخرتي التي فيها مَعَادِي» أي ما يعود إليه يوم القيام ، وهو إمّا مصدر أو ظرف.

ومنه حديث عليّ «والحَكَم الله والمَعْوَدُ إليه يوم القيامة» أي المَعَاد. هكذا جاء المَعْوَد على الأصل ، وهو مفعل من عَادَ يَعُودُ ، ومن حقّ أمثاله أن تقلب واوه ألفا ، كالمقام والمراح ، ولكنّه استعمله على الأصل ، تقول : عَادَ الشّيء يَعُود عَوْداً ومَعَاداً : أي رجع ، وقد يرد بمعنى صار.

(ه) ومنه حديث معاذ «قال له النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : أعُدْتَ فتّانا يا معاذ؟» أي صرت.

(ه) ومنه حديث خزيمة «عَادَ لها النّقاد مجرنثما» أي صار.

__________________

(١) فى الأصل : «أو جرب» والمثبت من ا ، واللسان ، والهروى.

(ه) ومنه حديث كعب «وددت أنّ هذا اللّبن يَعُودُ قطرانا» أي يصير «فقيل له : لم ذلك؟ فقال : تتبّعت قريش أذناب الإبل وتركوا الجماعات».

[ه] وفيه «الزموا تقى الله واسْتَعِيدُوها» أي اعْتَادُوها. ويقال للشجاع : بطل مُعَاوِدٌ : أي مُعْتَاد.

(س) وفي حديث فاطمة بنت قيس «فإنها امرأة يكثر عُوَّادُها» أي زوّارها. وكلّ من أتاك مرّة بعد أخرى فهو عَائِد ، وإن اشتهر ذلك في عِيَادَة المريض حتى صار كأنّه مختصّ به. وقد تكررت الأحاديث في عيادة المريض.

(س) وفيه «عليكم بالعُود الهنديّ» قيل : هو القسط البحريّ. وقيل : هو العُود الذي يتبخّر به.

(ه) وفيه ذكر «العُودَيْن» هما منبر النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وعصاه.

(ه س) وفي حديث شريح «إنّما القضاء جمر ، فادفع الجمر عنك بعُودَيْن» أراد بالعُودَيْن : الشاهدين ، يريد اتّق النّار بهما واجعلهما جنّتك ، كما يدفع المصطلى الجمر عن مكانه بِعُودٍ أو غيره لئلّا يحترق ، فمثّل الشاهدين بهما ، لأنه يدفع بهما الإثم والوبال عنه.

وقيل : أراد تثبّت في الحكم واجتهد فيما يدفع عنك النّار ما استطعت (١).

وفي حديث حسّان «قد آن لكم أن تبعثوا إلى هذا العَوْد» هو الجمل الكبير المسنّ المدرّب ، فشبّه نفسه به.

(ه) وفي حديث جابر «فعمدت إلى عنز لأذبحها فثغت ، فقال عليه‌السلام : لا تقطع درّا ولا نسلا ، فقلت : إنّما هي عَوْدَةٌ علفناها البلح والرّطب فسمنت» عَوَّدَ البعير والشّاة إذا أسنّا. وبعير عَوْدٌ ، وشاة عَوْدَة.

وفي حديث معاوية «سأله رجل فقال له : إنك لتمتّ برحم عَوْدَةٍ ، فقال : بلّها بعطائك حتى تقرب» أي برحم قديمة بعيدة النّسب.

وفي حديث حذيفة «تعرض الفتن على القلوب عرض الحصير عَوْدا عَوْدا» هكذا

__________________

(١) زاد الهروى : «كما تقول : فلان يقاتل برمحين ، ويضارب بسهمين».

الرواية بالفتح ، أي مرّة بعد مرة. وروي بالضم ، وهو واحد العِيدَان ، يعنى ما ينسج به الحصير من طاقاته. وروي بالفتح مع ذال معجمة ، كأنّه استعاذ من الفتن (١).

(عوذ) (ه) فيه «أنه تزوّج امرأة ، فلمّا دخلت عليه قالت : أَعُوذُ بالله منك ، فقال : لقد عُذْتِ بمَعَاذ فالحقي بأهلك» يقال : عُذْتُ به أَعُوذُ عَوْذاً وعِيَاذاً ومَعَاذاً : أي لجأت إليه. والمَعَاذ المصدر ، والمكان ، والزمان : أي لقد لجأت إلى ملجأ ولذت بملاذ.

وقد تكرر ذكر «الاسْتِعَاذَة والتَّعَوُّذ» وما تصرّف منهما. والكلّ بمعنى. وبه سمّيت «قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ» و«قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ» للمعوذتين.

(س) ومنه الحديث «إنّما قالها تَعَوُّذاً» أي إنّما أقرّ بالشّهادة لاجئا إليها ومعتصما بها ليدفع عنه القتل ، وليس بمخلص في إسلامه.

(س) ومنه الحديث «عَائِذ بالله من النّار» أي أنا عَائِذ ومُتَعَوِّذ ، كما يقال مستجير بالله ، فجعل الفاعل موضع المفعول ، كقولهم : سرّ كاتم ، وماء دافق.

ومن رواه «عَائِذاً» بالنّصب جعل الفاعل موضع المصدر ، وهو العِيَاذ.

(ه) وفي حديث الحديبية «ومعهم العُوذُ المطافيل» يريد النّساء والصّبيان. والعُوذُ في الأصل : جمع عَائِذ وهي النّاقة إذا وضعت ، وبعد ما تضع أيّاما حتى يقوى ولدها.

ومنه حديث عليّ «فأقبلتم إلىّ إقبال العُوذ المطافيل».

(عور) في حديث الزكاة «لا يؤخذ في الصّدقة هرمة ولا ذات عَوَار» العَوَار بالفتح : العيب ، وقد يضمّ.

(ه) وفيه «يا رسول الله ، عَوْرَاتُنا ما نأتي منها وما نذر؟» العَوْرَاتُ : جمع عَوْرَة ، وهي

__________________

(١) زاد السيوطى فى الدر النثير ، من أحاديث المادة : «وكان له قدح من عيدان يبول فيه» بفتح العين المهملة ، وهى النخل الطّوال المنجردة ، الواحدة : عيدانة» ا ه وانظر القاموس (عود)

كلّ ما يستحيا منه إذا ظهر ، وهي من الرّجل ما بين السّرة والرّكبة ، ومن المرأة الحرّة جميع جسدها إلّا الوجه واليدين إلى الكوعين ، وفي أخمصها خلاف ، ومن الأمة مثل الرجل ، وما يبدو منها في حال الخدمة ، كالرّأس والرّقبة والسّاعد فليس بعَوْرَة. وستر العَوْرَة في الصلاة وغير الصلاة واجب ، وفيه عند الخلوة خلاف.

ومنه الحديث «المرأة عَوْرَة» جعلها نفسها عَوْرَة ، لأنها إذا ظهرت يستحيا منها كما يستحيا من العَوْرَة إذا ظهرت.

وفي حديث أبي بكر «قال مسعود بن هنيدة : رأيته وقد طلع في طريق مُعْوِرَة» أي ذات عَوْرَة يخاف فيها الضّلال والانقطاع. وكلّ عيب وخلل في شيء فهو عَوْرَة.

ومنه حديث عليّ «لا تجهزوا على جريح ولا تصيبوا مُعْوِراً» أَعْوَرَ الفارس : إذا بدا فيه موضع خلل للضّرب.

[ه] وفيه «لما اعترض أبو لهب على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم عند إظهاره الدّعوة قال له أبو طالب : يا أَعْوَر ، ما أنت وهذا» لم يكن أبو لهب أَعْوَر ، ولكنّ العرب تقول للذي ليس له أخ من أبيه وأمّه أَعْوَر. وقيل : إنهم يقولون للرّديء من كل شيء من الأمور والأخلاق : أَعْوَر. وللمؤنّث منه عَوْرَاء.

ومنه حديث عائشة «يتوضّأ أحدكم من الطعام الطّيّب ولا يتوضّأ من العَوْرَاء يقولها» أي الكلمة القبيحة الزّائغة عن الرّشد.

وفي حديث أم زرع «فاستبدلت بعده وكلّ بدل أَعْوَر» هو مثل يضرب للمذموم بعد المحمود.

(س) ومنه حديث عمر ، وذكر امرأ القيس فقال : «افتقر عن معان عُور» العُور : جمع أَعْوَر وعَوْرَاء ، وأراد به المعاني الغامضة الدّقيقة ، وهو من عَوَّرْتُ الرّكيّة وأَعَرْتُها (١) وعُرْتُها إذا طممتها وسددت أعينها الّتي ينبع منها الماء.

__________________

(١) فى الأصل : «وأعورتها» وأثبتنا ما فى ا ، واللسان.

(س) ومنه حديث عليّ «أمره أن يُعَوِّرَ آبار بدر» أي يدفنها ويطمّها ، وقد عَارَت تلك الرّكيّة تَعُور.

وفي حديث ابن عباس وقصّة العجل «من حليّ تَعَوَّرَه بنو إسرائيل» أي اسْتَعَارُوه. يقال : تَعَوَّرَ واسْتَعَارَ ، نحو تعجّب واستعجب.

(س) وفيه «يَتَعَاوَرُون على منبري» أي يختلفون ويتناوبون ، كلّما مضى واحد خلفه آخر. يقال : تَعَاوَرَ القوم فلانا إذا تعاونوا عليه بالضّرب واحدا بعد واحد.

وفي حديث صفوان بن أميّة «عَارِيَّة مضمونة مؤدّاة» العَارِيَّة يجب ردّها إجماعا مهما كانت عينها باقية ، فإن تلفت وجب ضمان قيمتها عند الشافعي ، ولا ضمان فيها عند أبي حنيفة.

والعَارِيَّة مشدّدة الياء ، كأنّها منسوبة إلى العَار ، لأن طلبها عَارٌ وعيب ، وتجمع على العَوَارِيِ مشدّدا. وأَعَارَه يُعِيرُه. واسْتَعَارَه ثوبا فأَعَارَه إيّاه. وأصلها الواو. وقد تكرر ذكرها في الحديث.

(عوز) في حديث عمر «تخرج المرأة إلى أبيها يكيد بنفسه ، فإذا خرجت فلتلبس مَعَاوِزَها» هي الخلقان من الثّياب ، واحدها مِعْوَز ، بكسر الميم. والعَوَزُ بالفتح : العُدْمُ وسوء الحال.

(س) ومنه حديثه الآخر «أما لك مِعْوَزٌ؟» أي ثوب خلق ، لأنه لباس المُعْوِزِين ، فخرّج مخرج الآلة والأداة. وقد أَعْوَزَ فهو مُعْوِز.

(عوزم) فيه «رويدك سوقا بالعَوَازِم» هي جمع عَوْزَم ، وهي الناقة التي أسنّت وفيها بقيّة ، وقيل : كني بها عن النساء.

(عوض) في حديث أبى هريرة «فلمّا أحلّ الله ذلك للمسلمين ـ يعنى الجزية ـ عرفوا أنهم قد عَاضَهُم أفضل ممّا خافوا» تقول : عضت فلانا ، وأَعَضْتُه وعَوَّضْتُه إذا أعطيته بدل ما ذهب منه. وقد تكرر في الحديث.

(عوف) (س) في حديث جنادة «كان الفتى إذا كان يوم سبوعه دخل على سنان بن سلمة ، قال : فدخلت عليه وعليَّ ثوبان مورّدان ، فقال : نَعِم عَوْفُك يا أبا سلمة ، فقلت : وعَوْفُك فَنَعِم» أي نعم بختك وجدّك. وقيل : بالك وشأنك. والعَوْف أيضا : الذّكر ، وكأنه أليق بمعنى الحديث ، لأنّه قال يوم سبوعه ، يعنى من العرس.

(عول) (ه) في حديث النّفقة «وابدأ بمن تَعُولُ» أي بمن تمون وتلزمك نفقته من عِيَالِك ، فإن فضل شيء فليكن للأجانب. يقال : عَالَ الرجل عِيَالَه يَعُولُهم إذا قام بما يحتاجون إليه من قوت وكسوة وغيرهما.

وقال الكسائي : يقال : عَالَ الرجل يَعُولُ إذا كثر عِيَالُه. واللّغة الجيّدة : أَعَالَ يُعِيلُ.

ومنه الحديث «من كانت له جارية فعَالَهَا وعلمها» أي أنفق عليها.

(ه) وفي حديث الفرائض والميراث ذكر «العَوْل» يقال : عَالَتِ الفريضة : إذا ارتفعت وزادت سهامها على أصل حسابها الموجب عن عدد وارثيها ، كمن مات وخلّف ابنتين ، وأبوين ، وزوجة ، فللابنتين الثّلثان ، وللأبوين السّدسان ، وهما الثّلث ، وللزّوجة الثّمن ، فمجموع السّهام واحد وثمن واحد ، فأصلها ثمانية ، والسّهام تسعة ، وهذه المسألة تسمّى في الفرائض : المنبريّة ، لأنّ عليّا رضي‌الله‌عنه سئل عنها وهو على المنبر فقال من غير رويّة : صار ثمنها تسعا.

ومنه حديث مريم عليها‌السلام «وعَالَ قلمُ زكريّا عليه‌السلام». أي ارتفع على الماء.

(س) وفيه «المُعْوَل عليه يعذّب» أي الذي يبكي عليه من الموتى ، يقال : أَعْوَلَ يُعْوِلُ إِعْوَالاً إذا بكى رافعا صوته.

قيل : أراد به من يوصي بذلك. وقيل : أراد الكافر. وقيل : أراد شخصا بعينه علم بالوحي حاله ، ولهذا جاء به معرّفا. ويروى بفتح العين وتشديد الواو ، من عَوَّلَ للمبالغة.

(س) ومنه رجز عامر :

وبِالصَّياح عَوَّلُوا عَلَيْنَا

أي أجلبوا واستعانوا. والعَوِيل : صوت الصّدر بالبكاء.

ومنه حديث شعبة «كان إذا سمع الحديث أخذه العَوِيل والزّويل حتى يحفظه» وقيل : كلّ ما كان من هذا الباب فهو مُعْوِلٌ ، بالتّخفيف ، فأمّا التشديد فهو من الاستعانة ، يقال : عَوَّلْتُ به وعليه : أي استعنت.

(ه) وفي حديث سطيح «فلمّا عِيلَ صبره» أي غُلِبَ. يقال : عَالَنِي يَعُولُنِي إذا غلبني.

[ه] وفي حديث عثمان «كتب إلى أهل الكوفة : إنّي لست بميزان لا أَعُول» أي لا أميل عن الاستواء والاعتدال. يقال : عَالَ الميزان إذا ارتفع أحد طرفيه عن الآخر.

[ه] وفي حديث أم سلمة «قالت لعائشة : لو أراد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أن يعهد إليك عُلْتِ» أي عدلت عن الطريق وملت.

قال القتيبي : وسمعت من يرويه «عِلْتِ» بكسر العين ، فإن كان محفوظا فهو من عَالَ في البلاد يَعِيلُ ، إذا ذهب. ويجوز أن يكون من عَالَهُ يَعُولُه إذا غلبه : أي غلبت على رأيك. ومنه قولهم : عِيلَ صبرك.

وقيل : جواب لو محذوف : أي لو أراد فعل ، فتركته لدلالة الكلام عليه. ويكون قولها «عُلْتُ» كلاما مستأنفا.

(ه س) وفي حديث القاسم بن محمد «إنّه دخل بها وأَعْوَلَتْ (١)» أي ولدت أولادا ، والأصل فيه : أَعْيَلَتْ : أي صارت ذات عِيَال. كذا قال الهروي.

__________________

(١) فى الهروى : «وقد أعولت» وانظر الفائق ٢ / ٢٠٠.

وقال الزّمخشري : «الأصل فيه الواو ، يقال : أَعَال وأَعْوَلَ إذا كثر عِيَالُه ، فأمّا أَعْيَلَتْ فإنه في بنائه منظور إلى لفظ عِيَال لا أصله ، كقولهم : أقيال وأعياد».

وفي حديث أبي هريرة «ما وعاء العشرة؟ قال : رجل يدخل على عشرة عَيِّلٍ وعاء من طعام» يريد على عشرة أنفس يَعُولُهم ، العَيِّل : واحد العِيَال ، والجمع : عَيَائِل ، كجيّد وجياد وجيائد. وأصله : عَيْوِل ، فأدغم. وقد يقع على الجماعة ، ولذلك أضاف إليه العشرة فقال : عشرة عَيِّل ، ولم يقل : عَيَائِل. والياء فيه منقلبة عن الواو. قاله الخطّابي.

(س) ومنه حديث حنظلة الكاتب «فإذا رجعت إلى أهلي دنت منّي المرأة وعَيِّلٌ أو عَيِّلَان».

(س) وحديث ذي الرّمّة ورؤبة في القدر «أترى الله قدّر على الذّئب أن يأكل حلوبة عَيَائِلَ عَالَة (١) ضرائك» والعَالَة : جمع عَائِل ، وهو الفقير.

(عوم) (ه) في حديث البيع «نهى عن المُعَاوَمَة» وهي بيع ثمر النّخل والشّجر سنتين وثلاثا فصاعدا. يقال : عَاوَمْتُ النّخلة إذا حملت سنة ولم تحمل أخرى ، وهي مفاعلة من العَامِ : السّنة.

[ه] ومنه حديث الاستسقاء

سوى الحنظل العَامِيِ والعلهز الفسل

هو منسوب إلى العَام ، لأنه يتّخذ في عَام الجدب ، كما قالوا للجدب : السّنة.

(س) وفيه «علّموا صبيانكم العَوْمَ» العَوْم : السّباحة. يقال : عَامَ يَعُومُ عَوْماً.

(عون) (س) في حديث عليّ «كانت ضرباته مبتكرات (٢) لا عُوناً» العُون : جمع العَوَان ، وهي التي وقعت مختلسة فأحوجت إلى المراجعة ، ومنه الحرب العَوَان : أي المتردّدة. والمرأة العَوَان ، وهي الثّيّب. يعنى أنّ ضرباته كانت قاطعة ماضية لا تحتاج إلى المعاودة والتّثنية.

__________________

(١) سبق فى مادة (ضرك) بالرفع ، خطأ.

(٢) انظر حواشى ص ١٤٩ من الجزء الأول.

(عوه) (ه) فيه «نهى عن بيع الثّمار حتى تذهب العَاهَة» أي الآفة التي تصيبها فتفسدها. يقال : عَاهَ القوم وأَعْوَهُوا إذا أصابت ثمارهم وماشيتهم العَاهَة.

ومنه الحديث «لا يوردنّ ذو عَاهَة على مصحّ» أي لا يورد من بإبله آفة من جرب أو غيره على من إبله صحاح لئلا ينزل بهذه ما نزل بتلك ، فيظنّ المصحّ أن تلك أعدتها فيأثم.

(عوا) (س) في حديث حارثة «كأني أسمع عُوَاء أهل النّار» أي صياحهم. والعُوَاء : صوت السّباع ، وكأنه بالذئب والكلب أخصّ. يقال : عَوَى يَعْوِى عُوَاء ، فهو عَاوٍ.

(ه) وفيه «أنّ أنيفا سأله عن نحر الإبل ، فأمره أن يَعْوِيَ رءوسها» أي يعطفها إلى أحد شقّيها لتبرز اللّبّة ، وهي المنحر. والعَوْي (١) : اللّيّ والعطف.

(ه) وفي حديث المسلم قاتل المشرك الذي سبّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم «فتَعَاوَى المشركون عليه حتى قتلوه» أي تعاونوا وتساعدوا. ويروى بالغين المعجمة وهو بمعناه.

(باب العين مع الهاء)

(عهد) في حديث الدعاء «وأنا على عَهْدِك ووعدك ما استطعت» أي أنا مقيم على ما عَاهَدْتُك عليه من الإيمان بك والإقرار بوحدانيّتك ، لا أزول عنه ، واستثنى بقوله «ما استطعت» موضع القدر السّابق في أمره : أي إن كان قد جرى القضاء أن أنقض العَهْد يوما ما ، فإنّي أخلد عند ذلك إلى التّنصّل والاعتذار لعدم الاستطاعة في دفع ما قضيته عليَّ.

وقيل معناه : إنّي متمسّك بما عَهِدْتَه إليَّ من أمرك ونهيك ، ومبلى العذر في الوفاء به قدر الوسع والطّاقة ، وإن كنت لا أقدر أن أبلغ كنه الواجب فيه.

__________________

(١) كذا ضبط فى الأصل ، وفى ا : «العوى» والذى فى الصحاح ، واللسان ، والقاموس : «العىّ» وفعله : عوى يعوى.

(ه س) وفيه «لا يقتل مؤمن بكافر ، ولا ذو عَهْد في عَهْدِهِ ـ أي (١) ولا ذو ذمّة في ذمّته ـ ولا مشرك أعطى أمانا فدخل دار الإسلام فلا يقتل حتى يعود إلى مأمنه».

ولهذا الحديث تأويلان بمقتضى مذهب الشافعي وأبي حنيفة ، أما الشافعيّ فقال : لا يقتل المسلم بالكافر مطلقا ، مُعَاهَداً كان أو غير مُعَاهَدٍ ، حربيّا كان أو ذمّيّا ، مشركا [كان (٢)] أو كتابيّا ، فأجرى اللّفظ على ظاهره ولم يضمر له شيئا ، فكأنه نهى عن قتل المسلم بالكافر ، وعن قتل المُعَاهَد ، وفائدة ذكره بعد قوله «لا يقتل مسلم بكافر» لئلّا يتوهّم متوهّم أنه قد نُفِيَ عنه القود بقتله الكافر فيظنّ أن المُعَاهَد لو قتله كان حكمه كذلك ، فقال : «ولا ذو عَهْد في عَهْدِه» ويكون الكلام معطوفا على ما قبله ، منتظما في سلكه من غير تقدير شيء محذوف.

وأما أبو حنيفة فإنّه خصّص الكافر في الحديث بالحربيّ دون الذّمّي ، وهو بخلاف الإطلاق ، لأنّ من مذهبه أنّ المسلم يقتل بالذّمّي ، فاحتاج أن يضمر في الكلام شيئا مقدّرا ، ويجعل فيه تقديما وتأخيرا ، فيكون التّقدير : لا يقتل مسلم ولا ذو عَهْد في عَهْده بكافر : أي لا يقتل مسلم ولا كافر مُعَاهَد بكافر ، فإن الكافر قد يكون مُعَاهَدا وغير مُعَاهَد.

(ه) وفيه «من قتل مُعَاهَداً لم يقبل الله منه صرفا ولا عدلا» يجوز أن يكون بكسر الهاء وفتحها على الفاعل والمفعول ، وهو في الحديث بالفتح أشهر وأكثر.

والمُعَاهَد : من كان بينك وبينه عَهْد ، وأكثر ما يطلق في الحديث على أهل الذّمة ، وقد يطلق على غيرهم من الكفّار إذا صولحوا على ترك الحرب مدّة ما.

ومنه الحديث «لا يحلّ لكم كذا وكذا ، ولا لقطةُ مُعَاهَدٍ» أي لا يجوز أن يتملّك لقطته الموجودة من ماله ، لأنه معصوم المال ، يجري حكمه مجرى حكم الذّمّي.

وقد تكرر ذكر «العَهْد» في الحديث. ويكون بمعنى اليمين ، والأمان ، والذّمة ، والحفاظ ، ورعاية الحرمة ، والوصيّة. ولا تخرج الأحاديث الواردة فيه عن أحد هذه المعاني.

(ه) ومنه الحديث «حسن العَهْد من الإيمان» يريد الحفاظ ورعاية الحرمة.

__________________

(١) سقطت من ا.

(٢) من ا.

(س) ومنه الحديث «تمسكوا بعَهْدِ ابن أمّ عبد» أي ما يوصيكم به ويأمركم ، يدلّ عليه حديثه الآخر «رضيت لأمّتي ما رضي لها ابن أمّ عبد» لمعرفته بشفقته عليهم ونصيحته لهم. وابن أمّ عبد : هو عبد الله بن مسعود.

ومنه حديث علي رضي‌الله‌عنه «عَهِدَ إلىّ النبيّ الأميّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم» أي أوصى.

وحديث عبد بن زمعة «هو ابن أخي عَهِدَ إليَّ فيه أخي».

(ه) وفي حديث أمّ زرع «ولا يسأل عمّا عَهِدَ» أي عمّا كان يعرفه في البيت من طعام وشراب ونحوهما ، لسخائه وسعة نفسه.

(س) وفي حديث أم سلمة «قالت لعائشة : وتركت عُهَّيْدَاه» العُهَّيْدَى ـ بالتشديد والقصر ـ فُعَّيْلَى ، من العَهْد ، كالجُهَّيْدَى من الجهد ، والعُجَّيْلَى من العجلة.

(س) وفي حديث عقبة بن عامر «عُهْدَة الرّقيق ثلاثة أيام» هو أن يشتري الرقيق ولا يشترط البائع البراءة من العيب ، فما أصاب المشتري من عيب في الأيام الثلاثة فهو من مال البائع ، ويردّ إن شاء بلا بيّنة ، فإن وجد به عيبا بعد الثلاثة فلا يردّ إلّا ببيّنة.

(عهر) (ه) فيه «الولد للفراش وللعَاهِر الحجر» العَاهِر : الزّاني ، وقد عَهَرَ يَعْهَرُ عَهْراً وعُهُوراً إذا أتى المرأة ليلا للفجور بها ، ثم غلب على الزّنا مطلقا. والمعنى : لا حظّ للزّاني في الولد ، وإنما هو لصاحب الفراش : أى لصاحب أمّ الولد ، وهو زوجها أو مولاها ، وهو كقوله الآخر «له التّراب» أي لا شيء له.

(ه) ومنه الحديث «اللهم بدّله بالعَهْر العفّة».

ومنه الحديث «أيّما رجل عَاهَرَ بحرّة أو أمة» أي زنى ، وهو فاعل منه ، وقد تكرر في الحديث.

(عهن) في حديث عائشة «أنا فتلت قلائد هَدْيِ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم من عِهْن» العِهْن : الصّوف الملوّن ، الواحدة : عِهْنَة. وقد تكرر في الحديث.

(ه) وفي حديث عمر «ائتني بجريدة واتّق العَوَاهِن» هي جمع عَاهِنَة ، وهي السّعفات التي تلي قلب النّخلة ، وأهل نجد يسمّونها الخوافي. وإنّما نهى عنها إشفاقا على قلب النخلة أن يضرّ به قطع ما قرب منها (١).

وفيه «إنّ السّلف كانوا يرسلون الكلمة على عَوَاهِنِها» أي لا يزمّونها ولا يخطمونها. العَوَاهِن : أن تأخذ غير الطريق في السّير أو الكلام ، جمع عَاهِنَة.

وقيل : هو من قولك : عَهِنَ له كذا : أي عجل. وعَهِنَ الشيء إذا حضر : أي أرسل الكلام على ما حضر منه وعجل من خطأ وصواب.

(باب العين مع الياء)

(عيب) (ه) فيه «الأنصار كرشى وعيبتي» أي خاصّتي وموضع سرّى. والعرب تكنى عن القلوب والصّدور بالعِيَاب ، لأنها مستودع السّرائر ، كما أن العِيَاب مستودع الثّياب. والعَيْبَة معروفة.

(ه) ومنه الحديث «وأنّ بينهم عَيْبَة مكفوفة» أي بينهم صدر نقيّ من الغلّ والخداع ، مطويّ على الوفاء بالصّلح. والمكفوفة : المشرجة المشدودة.

وقيل : أراد أنّ بينهم موادعة ومكافّة عن الحرب ، تجريان مجرى المودّة التي تكون بين المتصافين الّذين يثق بعضهم إلى بعض.

ومنه حديث عائشة «في إيلاء النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم على نسائه ، قالت لعمر لمّا لامها : ما لي ولك يا ابن الخطّاب! عليك بعَيْبَتِك» أي اشتغل بأهلك ودعني.

(عيث) (س) في حديث عمر «كسرى وقيصر يَعِيثَان فيما يَعِيثَان فيه وأنت هكذا!» عَاثَ في ماله يَعِيثُ عَيْثاً وعَيَثَاناً إذا بذّره وأفسده. وأصل العَيْث : الفساد.

ومنه حديث الدّجّال «فعَاثَ يمينا وشمالا».

__________________

(١) قال الهروى : والعواهن في غير هذا : عروق رحم الناقة.

(عير) (ه) فيه «أنه كان يمرّ بالتمرة العَائِرَة فما يمنعه من أخذها إلّا مخافة أن تكون من الصّدقة» العَائِرَة : السّاقطة لا يعرف لها مالك ، من عَارَ الفرس يَعِيرُ إذا انطلق من مربطه مارّا على وجهه.

(ه) ومنه الحديث «مثل المنافق مثل الشّاة العَائِرَة بين غنمين» أي المتردّدة بين قطيعين ، لا تدري أيّهما تتبع.

(ه) ومنه الحديث «أنّ رجلا أصابه سهم عَائِر فقتله» هو الذي لا يدري من رماه.

(ه) وحديث ابن عمر ، في الكلب الذي دخل حائطه «إنّما هو عَائِر».

(س) وحديثه الآخر «إنّ فرسا له عَارَ» أي أفلت وذهب على وجهه.

(ه) وفيه «إذا أراد الله بعبد شرّا أمسك عليه بذنوبه حتى يوافيه يوم القيامة كأنّه عَيْرٌ» العَيْر : الحمار الوحشيّ. وقيل : أراد الجبل الذي بالمدينة اسمه عَيْر ، شبّه عظم ذنوبه به.

ومن الأوّل حديث عليّ «لأن أمسح على ظهر عَيْرٍ بالفلاة» أي حمار وحشيّ.

ومنه قصيد كعب.

* عَيْرَانَة قذفت بالنّحض (١) عن عرض *

هي الناقة الصّلبة ، تشبيها بِعَيْرِ الوحش. والألف والنون زائدتان.

ومن الثاني الحديث «أنه حرّم ما بين عَيْرٍ إلى ثور» أي جبلين بالمدينة. وقيل : ثور بمكة ، ولعلّ الحديث «ما بين عَيْرٍ إلى أحد (٢)» وقيل : بمكة جبل يقال له عَيْر أيضا.

(س) ومنه حديث أبي سفيان «قال رجل : أغتال محمدا ثم آخذ في عَيْر عدوى» أي أمضي فيه وأجعله طريقي وأهرب ، كذا قال أبو موسى.

__________________

(١) الرواية فى شرح ديوانه ص ١٢ «قذفت فى اللّحم ...»

(٢) انظر حواشى ص ٢٣٠ من الجزء الأول.

(ه) وفي حديث أبي هريرة «إذا توضّأت فأمرّ على عِيَارِ الأذنين الماء» العِيَار : جمع عَيْر ، وهو النّاتئ المرتفع من الأذن. وكلّ عظم ناتئ من البدن : عَيْرٌ.

(س) وفي حديث عثمان «أنه كان يشتري العِيرَ حكرة ثم يقول : من يربحني عُقُلَها؟» العِيرُ : الإبل بأحمالها ، فعل من عَارَ يَعِيرُ إذا سار.

وقيل : هي قافلة الحمير فكثرت حتى سمّيت بها كلّ قافلة ، كأنّها جمع عَيْر. وكان قياسها أن تكون فُعلا بالضم ، كسقف في سقف ، إلّا أنه حوفظ على الياء بالكسرة ، نحو عين.

(س) ومنه الحديث «أنهم كانوا يترصّدون عِيَرَات قريش» هي جمع عِير ، يريد إبلهم ودوابّهم التي كانوا يتاجرون عليها.

(س) ومنه حديث ابن عباس «أجاز لها العِيَرَات» هي جمع عِير أيضا. قال سيبويه : اجتمعوا فيها على لغة هذيل ، يعنى تحريك الياء ، والقياس التّسكين.

(عيس) في حديث طهفة «ترتمي بنا العِيسُ» هي الإبل البيض مع شقرة يسيرة ، واحدها : أَعْيَسُ وعَيْسَاء.

ومنه حديث سواد بن قارب.

وشدّها العِيسَ بأحلاسها

(عيص) في حديث الأعشى (١) :

وقذفتني بين عِيصٍ مؤتشب

العِيص : أصول الشّجر. والعِيص أيضا : اسم موضع قرب المدينة على ساحل البحر ، له ذكر في حديث أبي بصير.

(عيط) (ه) في حديث المتعة «فانطلقت إلى امرأة كأنها بكرة عَيْطَاء» العَيْطَاء : الطّويلة العنق في اعتدال.

__________________

(١) هو الأعشى الحرمازى. انظر ص ١٤٨ من الجزء الثانى.

(عيف) فيه «العِيَافَة والطّرق من الجبت» العِيَافَة : زجر الطّير والتّفاؤل بأسمائها وأصواتها وممرّها. وهو من عادة العرب كثيرا. وهو كثير في أشعارهم. يقال : عَافَ يَعِيفُ عَيْفاً إذا زجر وحدس وظنّ.

وبنو أسد يُذكَرون بالعِيَافَة ويوصفون بها. قيل عنهم : إنّ قوما من الجنّ تذاكروا عِيَافَتَهم فأتوهم ، فقالوا : ضلّت لنا ناقة فلو أرسلتم معنا من يَعِيفُ ، فقالوا لغليّم منهم : انطلق معهم ، فاستردفه أحدهم ، ثم ساروا فلقيهم عقاب كاسرة إحدى جناحيها ، فاقشعرّ الغلام ، وبكى ، فقالوا : ما لك؟ فقال : كسرت جناحا ، ورفعت جناحا ، وحلفت بالله صراحا ، ما أنت بإنسيّ ولا تبغي لقاحا.

ومنه الحديث «أنّ عبد الله بن عبد المطّلب أبا النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم مرّ بامرأة تنظر وتَعْتَافُ ، فدعته إلى أن يستبضع منها فأبى».

(ه س) وحديث ابن سيرين «إنّ شريحا كان عَائِفاً» أراد أنه كان صادق الحدس والظّنّ ، كما يقال للذي يصيب بظنّه : ما هو إلّا كاهن ، وللبليغ في قوله : ما هو إلا ساحر ، لا أنّه كان يفعل فعل الجاهليّة في العِيَافَة.

[ه] وفيه «أنه أتي بضبّ مشويّ فعَافَه وقال : أَعَافُهُ ، لأنه ليس من طعام قومي» أي كرهه.

[ه] ومنه حديث المغيرة «لا تحرّم العَيْفَة ، قيل : وما العَيْفَة؟ قال : المرأة تلد فيحصر لبنها في ضرعها فترضعه جارتها» قال أبو عبيد : لا نعرف العَيْفَة ، ولكن نراها «العُفّة» وهي بقيّة اللّبن في الضّرع.

قال الأزهري : العَيْفَة صحيح ، وسمّيت عَيْفَة ، من عِفْتُ الشيءَ أَعَافُه إذا كرهته.

(ه) وفي حديث أمّ إسماعيل عليه‌السلام «ورأوا طيرا عَائِفاً على الماء» أي حائما عليه ليجد فرصة فيشرب ، وقد عَافَ يَعِيفُ عَيْفاً. وقد تكرر في الحديث.

(عيل) (ه) فيه «إن الله يبغض العَائِل المختال» العَائِل : الفقير. وقد عَالَ يَعِيلُ عَيْلَة ، إذا افتقر.

(س) ومنه حديث صلة «أمّا أنا فلا أَعِيلُ فيها» أي لا أفتقر.

ومنه الحديث «ما عَالَ مقتصد ولا يَعِيلُ».

ومنه حديث الإيمان «وترى العَالَةَ رءوس النّاس» العَالَة : الفقراء ، جمع عَائِل.

[ه] ومنه حديث سعد «خير من أن تتركهم عَالَةً يتكفّفون الناس».

(ه) وفيه «إنّ من القول عَيْلا» هو عرضك حديثك وكلامك على من لا يريده ، وليس من شأنه. يقال : عِلْتُ الضّالّةَ أَعِيلُ عَيْلاً ، إذا لم تدر أيّ جهة تبغيها ، كأنه لم يهتد لمن يطلب كلامه ، فعرضه على من لا يريده.

(عيم) (ه) فيه «أنه كان يتعوّذ من العَيْمَة والغيمة والأيمة» العَيْمَة : شدّة شهوة اللّبن. وقد عَامَ يَعَامُ ويَعِيمُ عَيْماً.

وفي حديث عمر «إذا وقف الرجل عليك غنمه فلا تَعْتَمْه» أي لا تختر غنمه ، ولا تأخذ منه خيارها. واعْتَام الشّيء يَعْتَامُه ، إذا اختاره. وعِيمَة الشّيء ، بالكسر : خياره.

ومنه الحديث في صدقة الغنم «يَعْتَامُها صاحبها شاة شاة» أي يختارها.

وحديث عليّ «بلغني أنك تنفق مال الله فيمن تَعْتَامُ من عشيرتك».

وحديثه الآخر «رسوله المجتبى من خلائقه ، والمُعْتَام لشرع حقائقه» والتّاء في هذه الأحاديث كلّها تاء الافتعال.

(عين) (س) فيه «أنه بعث بسبسة عَيْناً يوم بدر» أي جاسوسا. واعْتَان له : إذا أتاه بالخبر.

ومنه حديث الحديبية «كان الله قد قطع عَيْناً من المشركين» أي كفى الله منهم من كان يرصدنا ويتجسّس علينا أخبارنا.

(س) وفيه «خير المال عَيْنٌ ساهرة لِعَيْنٍ نائمة» أراد عَيْن الماء التي تجري ولا تنقطع ليلا ونهارا ، وعَيْن صاحبها نائمة ، فجعل السّهر مثلا لجريها.

(ه) وفيه «إذا نشأت بحريّة ثم تشاءمت فتلك عَيْن غُدَيْقَة» العَيْن : اسم لما عن يمين قبلة العراق ، وذلك يكون أخلق للمطر في العادة ، تقول العرب : مطرنا بالعَيْن.

وقيل : العَيْن من السّحاب : ما أقبل عن القبلة ، وذلك الصّقع يسمّى العَيْن. وقوله «تشاءمت». أي أخذت نحو الشّام. والضّمير في «نشأت» للسّحابة ، فتكون بحريّة منصوبة ، أو للبحريّة فتكون مرفوعة.

(س) وفيه «إنّ موسى عليه‌السلام فقأ عَيْن ملك الموت بصكّة صكّه» قيل : أراد أنّه أغلظ له في القول. يقال : أتيته فلطم وجهي بكلام غليظ.

والكلام الذي قاله له موسى عليه‌السلام ، قال له : «أحرّج عليك أن تدنو منّي ، فإني أحرّج داري ومنزلي». فجعل هذا تغليظا من موسى له ، تشبيها بفقء العَيْن.

وقيل : هذا الحديث ممّا يؤمن به وبأمثاله ، ولا يدخل في كيفيّته.

(ه) وفي حديث عمر «أنّ رجلا كان ينظر في الطّواف إلى حرم المسلمين ، فلطمه عليّ ، فاستعدى عليه عمر ، فقال : ضربك بحقّ أصابته (١) عَيْن من عُيُون الله» (٢) أراد خاصّة من خواصّ الله عزوجل ، ووليّا من أوليائه.

وفيه ، «العَيْن حقّ ، وإذا استغسلتم فاغسلوا» يقال : أصابت فلانا عَيْن إذا نظر إليه عدوّ أو حسود فأثّرت فيه فمرض بسببها. يقال : عَانَهُ يَعِينُه عَيْناً فهو عَائِن ، إذا أصابه بالعَيْن ، والمصاب مَعِين.

ومنه الحديث «كان يؤمر العَائِن فيتوضّأ ثم يغتسل منه المَعِين».

ومنه الحديث «لا رقية إلّا من عَيْن أو حُمَة» تخصيصه العَيْن والحمة لا يمنع جواز الرّقية في غيرهما من الأمراض ، لأنه أمر بالرّقية مطلقا. ورقى بعض أصحابه من غيرهما. وإنّما معناه : لا رقية أولى وأنفع من رقية العَيْن والحمة.

__________________

(١) فى الهروى : «أصابتك».

(٢) عزا الهروى هذا التفسير إلى ابن الأعرابى ، وذكر قبله عن ابن الأعرابى أيضا : «يقال : أصابته من الله عين : أى أخذه الله».

(ه) وفي حديث علي «أنه قاس العَيْن ببيضة جعل عليها خطوطا وأراها إيّاه» وذلك في العَيْن تضرب بشيء يضعف منه بصرها ، فيتعرّف ما نقص منها ببيضة يخطّ عليها خطوط سود أو غيرها ، وتنصب على مسافة تدركها العَيْن الصّحيحة ، ثم تنصب على مسافة تدركها العَيْن العليلة ، ويعرف ما بين المسافتين ، فيكون ما يلزم الجاني بنسبة ذلك من الدّية.

وقال ابن عباس : لا تقاس العَيْن في يوم غيم (١) لأن الضّوء يختلف يوم الغيم في الساعة الواحدة فلا يصحّ القياس.

وفيه «إنّ في الجنة لمجتمعا للحور العِين» العِين : جمع عَيْنَاء ، وهي الواسعة العَيْن. والرّجل أَعْيَن. وأصل جمعها بضم العين ، فكسرت لأجل الياء ، كأبيض وبيض.

ومنه الحديث «أمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بقتل الكلاب العِين» هى جمع أَعْيَن.

وحديث اللّعان «إن جاءت به أَعْيَنَ أدعج».

وفي حديث الحجاج «قال للحسن : والله لَعَيْنُك أكبر من أمدك» أي شاهدك ومنظرك أكبر من أمد عمرك. وعَيْن كلّ شيء : شاهده وحاضره.

[ه] وفي حديث عائشة «اللهم عَيِّنْ على سارق أبي بكر» أي أظهر عليه سرقته. يقال : عَيَّنْتُ على السّارق تَعْيِيناً إذا خصصته من بين المتهمين ، من عَيْن الشيء : نفسه وذاته.

ومنه الحديث «أَوْهِ عَيْنُ الرّبا» أي ذاته ونفسه. وقد تكرر في الحديث.

(ه) وفي حديث عليّ «إنّ أَعْيَان بني الأمّ يتوارثون دون بني العلّات» الأَعْيَان : الإخوة لأب واحد وأمّ واحدة ، مأخوذ من عَيْنِ الشيء وهو النّفيس منه. وبنو العلّات لأب واحد وأمّهات شتّى. فإذا كانوا لأمّ واحدة وآباء شتّى فهم الأخياف.

[ه] وفي حديث ابن عباس «أنه كره العِينَةَ» هو أن يبيع من رجل سلعة بثمن معلوم

__________________

(١) الذى فى الهروى : «إنما نهى عن ذلك ، لأن الضوء ... إلخ».

إلى أجل مسمّى ، ثم يشتريها منه بأقلّ من الثّمن الذي باعها به (١) فإن اشترى بحضرة طالب العِينَة سلعة من آخر بثمن معلوم وقبضها ، ثم باعها [من طالب العِينَة بثمن أكثر مما اشتراها إلى أجل مسمّى ثم باعها](٢) المشترى من البائع الأوّل بالنّقد بأقلّ من الثّمن ، فهذه أيضا عِينَة. وهي أهون من الأولى (٣) وسمّيت عِينَة لحصول النّقد لصاحب العِينَة ، لأنّ العَيْن هو المال الحاضر من النّقد ، والمشتري إنّما يشتريها ليبيعها بِعَيْن حاضرة تصل إليه معجّلة.

(س) وفي حديث عثمان «قال له عبد الرحمن بن عوف يعرّض به : إنّي لم أفرّ يوم عَيْنَيْن ، فقال له : لم تعيّرني بذنب قد عفا الله عنه؟ عَيْنَان : اسم جبل بأحد. ويقال ليوم أحد يوم عَيْنَيْن. وهو الجبل الذي أقام عليه الرّماة يومئذ.

(عيا) (ه) في حديث أم زرع «زوجي عَيَايَاء طباقاء» العَيَايَاء : العنّين الذي تُعْيِيه مباضعة النّساء ، وهو من الإبل الذي لا يضرب ولا يلقح.

(س) ومنه الحديث «شفاء العِيّ السّؤال» العِيّ : الجهل. وقد عَيِيَ به يَعْيَا عِيّاً. وعَيَ بالإدغام والتشديد : مثل عَيِيَ.

ومنه حديث الهدي «فأزحفت عليه بالطّريق فَعَيَ بشأنها» أي عجز عنها وأشكل عليه أمرها.

ومنه حديث عليّ «فعلهم الدّاء العَيَاء» هو الذي أَعْيَا الأطبّاء ولم ينجع فيه الدّواء.

__________________

(١) فى الهروى : «وهذا مكروه».

(٢) تكملة لازمة من الهروى واللسان.

(٣) بعده فى اللسان : «وأكثر الفقهاء على إجازتها ، على كراهة من بعضهم لها. وجملة القول فيها أنها إذا تعرّت من شرط يفسدها فهى جائزة. وإن اشتراها المتعيّن بشرط أن يبيعها من بائعها الأول ، فالبيع فاسد عند جميعهم».

(س) وحديث الزّهري «أنّ بريدا من بعض الملوك جاءه يسأله عن رجل معه ما مع المرأة كيف يورّث؟ قال : من حيث يخرج الماء الدّافق» فقال في ذلك قائلهم :

ومهمّة أَعْيَا القضاة عَيَاؤُهَا

تذر الفقيه يشكّ شكّ الجاهل

عجّلت قبل حنيذها بشوائها

وقطعت محردها بحكم فاصل

أراد أنّك عجّلت الفتوى فيها ولم تستأن في الجواب ، فشبّهه برجل نزل به ضيف فعجّل قراه بما قطع له من كبد الذّبيحة ولحمها ، ولم يحبسه على الحنيذ والشّواء. وتعجيل القرى عندهم محمود وصاحبه ممدوح.

حرف الغين

المعجمة

(باب الغين مع الباء)

(غبب) (ه) فيه «زر غِبّاً تزدد حبّا» الغِبّ من أوراد الإبل : أن ترد الماء يوما وتدعه يوما ثم تعود ، فنقله إلى الزّيارة وإن جاء بعد أيام. يقال : غَبَ الرجل إذا جاء زائرا بعد أيام. وقال الحسن : في كلّ أسبوع.

ومنه الحديث «أَغِبُّوا في عيادة المريض» أي لا تعودوه في كلّ يوم ، لما يجد من ثقل العوّاد.

(ه) وفي حديث هشام «كتب إليه الجنيد يُغَبِّبُ عن هلاك المسلمين» أي لم يخبره بكثرة من هلك منهم ، مأخوذ من الغِبِ : الورد ، فاستعاره لموضع التّقصير في الإعلام بكنه الأمر.

وقيل : هو من الغُبَّة ، وهي البلغة من العيش.

وسألت فلانا حاجة فغَبَّبَ فيها : أي لم يبالغ (١).

وفي حديث الغيبة «فقاءت لحما غَابّاً» يقال : غَبَ اللّحمُ وأَغَبَ فهو غَابٌ ومُغِبٌ إذا أنتن.

[ه] وفي حديث الزّهري «لا تقبل شهادة ذي تَغِبَّة» هكذا جاء في رواية ، وهي تفعلة من غَبَّبَ الذئبُ في الغنم إذا عاث فيها ، أو من غَبَّبَ ، مبالغة في غَبَ الشيء إذا فسد (٢).

__________________

(١) أنشد عليه الهروى للمسيّب بن علس :

فإنّ لنا إخوةً يحدبون

علينا وعن غيرنا غبّبوا

(٢) فى الهروى : «وهو الذى يستحل الشهادة بالزّور ، فهم أصحاب فساد. يقال للفاسد : الغابّ».

(غبر) (ه) فيه «ما أقلّت الغَبْرَاء ولا أظلّت الخضراء أصدق لهجة من أبي ذرّ» الغَبْرَاء : الأرض ، والخضراء : السماء للونهما ، أراد أنه متناه في الصّدق إلى الغاية ، فجاء به على اتّساع الكلام والمجاز (١).

ومنه حديث أبي هريرة «بينا رجل في مفازة غَبْرَاء» هي التي لا يهتدى للخروج منها.

وفيه «لو تعلمون ما يكون في هذه الأمّة من الجوع الأَغْبَر والموت الأحمر» هذا من أحسن الاستعارات ، لأنّ الجوع أبدا يكون في السّنين المجدبة ، وسنو الجدب تسمّى غُبْراً ، لاغْبِرَار آفاقها من قلّة الأمطار ، وأرضيها من عدم النّبات والاخضرار. والموت الأحمر : الشديد ، كأنه موت بالقتل وإراقة الدّماء.

(س) ومنه حديث عبد الله بن الصّامت «يخرّب البصرة الجوع الأَغْبَر والموت الأحمر».

(س) وفي حديث مجاشع «فخرجوا مُغْبِرِين ، هم ودوابّهم» المُغْبِر : الطّالب للشيء المنكمش (٢) فيه ، كأنه لحرصه وسرعته يثير الغُبَار.

ومنه حديث الحارث بن أبي مصعب «قدم رجل من أهل المدينة فرأيته مُغْبِراً في جهازه».

وفيه «إنه كان يحدر فيما غَبَرَ من السّورة» أي يسرع في قراءتها. قال الأزهري : يحتمل الغَابِر هاهنا الوجهين ، يعنى الماضي والباقي ، فإنّه من الأضداد. قال : والمعروف الكثير أنّ الغَابِر الباقي. وقال غير واحد من الأئمة إنه يكون بمعنى الماضي.

(ه) ومنه الحديث «أنه اعتكف العشر الغَوَابِر من شهر رمضان» أي البواقي ، جمع غَابِر.

__________________

(١) عبارة الهروى : «لم يرد عليه‌السلام أنه أصدق من أبى بكر وعمر رضى الله عنهما ، ولكنه على اتساع الكلام ، المعنى أنه متناه فى الصدق».

(٢) أى المسرع.

(س) وفي حديث ابن عمر «سئل عن جنب اغترف بكوز من حبّ (١) فأصابت يده الماء فقال : غَابِرُهُ نجس» أي باقيه.

ومنه الحديث «فلم يبق إلّا غُبَّرَاتٌ من أهل الكتاب» وفي رواية «غُبَّر أهل الكتاب» الغُبَّر : جمع غَابِر ، والغُبَّرَات : جمع غُبَّر.

(ه) ومنه حديث عمرو بن العاص «ولا حملتني البغايا في غُبَّرَات المآلي» أراد أنه لم تتولّ الإماء تربيته ، والمآلي : خرق الحيض : أي في بقاياها.

(ه) وفي حديث معاوية «بفنائه أَعْنُزٌ درّهنّ غُبْر» أي قليل (٢). وغُبْر اللّبن (٣) : بقيّته وما غَبَرَ منه.

(ه) وفي حديث أويس «أكون في غُبَّر الناس أحبّ إليَّ» أي أكون من المتأخّرين لا المتقدّمين المشهورين ، وهو من الغَابِر : الباقي.

وجاء في رواية «في غَبْرَاء الناس» بالمدّ : أي فقرائهم. ومنه قيل للمحاويج : بنو غَبْرَاء ، كأنهم نسبوا إلى الأرض والتّراب.

(ه) وفيه «إيّاكم والغُبَيْرَاء فإنها خمر العالم» (٤) الغُبَيْرَاء : ضرب من الشّراب يتّخذه الحبش من الذّرة [وهي تسكر](٥) وتسمّى السّكركة.

وقال ثعلب : هي خمر تعمل (٦) من الغُبَيْرَاء : هذا التّمر المعروف : أي [هي](٧) مثل

__________________

(١) الحبّ : الجرّة ، أو الضخمة منها. (القاموس)

(٢) فى الهروى «بفنائه أعنز غبر» أى قليلة.

(٣) عبارة الهروى : «وغبّر الليل : بقيّته ، وهو ما غبر منه». وقد نقل صاحب اللسان عبارة ابن الأثير ، ثم قال : «وغبر الليل : آخره. وغبر الليل : بقاياه ، واحدها : غبر».

(٤) فى الهروى : «فإنها خمر الأعاجم».

(٥) من الهروى.

(٦) فى الأصل : «هو خمر يعمل» وأثبتناه على التأنيث من ا ، واللسان ، والهروى.

(٧) من ا ، واللسان.

الخمر التي يتعارفها جميع الناس ، لا فصل (١) بينهما في التّحريم. وقد تكرر في الحديث.

(غبس) (س) في حديث أبي بكر بن عبد الله «إذا استقبلوك يوم الجمعة فاستقبلهم حتّى تَغْبِسَها حتى (٢) لا تعود أن تخلّف» يعنى إذا مضيت إلى الجمعة فلقيت الناس وقد فرغوا من الصلاة فاستقبلهم بوجهك حتى تسوّده حياء منهم كيلا تتأخّر بعد ذلك. والهاء في «تَغْبِسَها» ضمير الغرّة ، أو الطّلعة ، والغُبْسَة : لون الرّماد.

ومنه حديث الأعشى (٣).

كالذّئبة الغَبْسَاء في ظلّ السّرب

أي الغَبْرَاء.

(غبش) (ه) فيه «أنه صلّى الفجر بغَبَشٍ» يقال : غَبِشَ الليل وأَغْبَشَ إذا أظلم ظلمة يخالطها بياض.

قال الأزهري : يريد أنه قدّم صلاة الفجر عند أوّل طلوعه ، وذلك الوقت هو الغَبَش ، وبعده الغبس بالسين المهملة ، وبعده الغلس ، ويكون الغَبَش بالمعجمة في أوّل الليل أيضا.

ورواه جماعة في «الموطّأ» بالسين المهملة ، وبالمعجمة أكثر. وقد تكرر في الحديث. ويجمع على أَغْبَاش.

ومنه حديث عليّ «قمش (٤) علما غارّا بأَغْبَاش الفتنة» أي بظلمها.

(غبط) (ه) فيه «أنه سئل : هل يضرّ الغَبْط؟ قال : لا ، إلّا كما يضرّ العضاه الخبط» الغَبْط : حسد خاصّ. يقال : غَبَطْتُ الرجل أَغْبِطُه غَبْطاً ، إذا اشتهيت أن يكون لك مثل ما له ،

__________________

(١) فى الأصل ، واللسان «لا فضل» بالضاد المعجمة ، وأثبتناه بالمهملة من ا ، والفائق ٢ / ٢٠٥.

(٢) فى الأصل : «أى حتى لا تعود» وأسقطنا «أى» حيث لم ترد فى ا ، واللسان.

(٣) هو الأعشى الحرمازىّ. انظر ص ١٤٨ من الجزء الثانى.

(٤) قال الزمخشرى : «القمش : الجمع من هاهنا وهاهنا. ومنه قماش البيت ، لردىء متاعه» الفائق ١ / ٤٣٨.

وأن يدوم عليه ما هو فيه. وحسدته أحسده حسدا ، إذا اشتهيت أن يكون لك ما له ، وأن يزول عنه ما هو فيه. فأراد عليه‌السلام أنّ الغَبْطَ لا يضرّ ضرر الحسد ، وأن ما يلحق الغَابِط من الضّرر الراجع إلى نقصان الثّواب دون الإحباط بقدر ما يلحق العضاهَ من خبط ورقها الذي هو دون قطعها واستئصالها ، ولأنه يعود بعد الخبط ، وهو وإن كان فيه طرف من الحسد ، فهو دونه في الإثم.

ومنه الحديث «على منابر من نور يَغْبِطُهم أهل الجمع».

والحديث الآخر «يأتي على الناس زمان يُغْبَطُ الرّجل بالوحدة كما يُغْبَطُ اليوم أبو العشرة» يعنى أنّ الأئمة في صدر الإسلام يرزقون عيال المسلمين وذراريّهم من بيت المال ، فكان أبو العشرة مَغْبُوطاً بكثرة ما يصل إليه (١) من أرزاقهم ، ثم يجيء بعدهم أئمة يقطعون ذلك عنهم ، فيُغْبَطُ الرّجل بالوحدة ، لخفّة المؤنة ، ويرثى لصاحب العيال.

ومنه حديث الصلاة «أنه جاء وهم يصلّون في جماعة ، فجعل يُغَبِّطُهُم» هكذا روي بالتشديد : أي يحملهم على الغَبْط ، ويجعل هذا الفعل عندهم ممّا يُغْبَطُ عليه ، وإن روي بالتخفيف فيكون قد غَبَطَهُم لتقدّمهم وسبقهم إلى الصلاة.

(ه) ومنه الحديث «اللهم غَبْطاً لا هبطا» أي أولنا منزلة نُغْبَطُ عليها ، وجنّبنا منازل الهبوط والضّعة.

وقيل : معناه نسألك الغِبْطَة ، وهي النّعمة والسّرور ، ونعوذ بك من الذّل والخضوع.

وفي حديث ابن ذي يزن «كأنّها غُبُطٌ في زمخر» الغُبُط : جمع غَبِيط ، وهو الموضع الذي يوطّأ للمرأة على البعير ، كالهودج يعمل من خشب وغيره ، وأراد به هاهنا أحد أخشابه ، شبّه به القوس في انحنائها.

__________________

(١) فى ا واللسان : «إليهم» والمثبت فى الأصل ، والفائق ١ / ١٠.

[ه] وفي حديث مرضه الذي قبض فيه «أنه أَغْبَطَتْ عليه الحمّى» أي لزمته ولم تفارقه ، وهو من وضع الغَبِيط على الجمل. وقد أَغْبَطْتُه عليه إِغْبَاطاً.

(س) وفي حديث أبي وائل «فغَبَطَ منها شاة فإذا هي لا تنقي» أي جسّها بيده. يقال : غَبَطَ الشّاة إذا لمس منها الموضع الذي يعرف به سمنها من هزالها. وبعضهم يرويه بالعين المهملة ، فإن كان محفوظا فإنّه أراد به الذّبح. يقال : اعتبط الإبل والغنم إذا نحرها لغير داء.

(غبغب) فيه ذكر «غَبْغَبَ» بفتح الغينين وسكون الباء الأولى : موضع المنحر بمنى. وقيل : الموضع الذي كان فيه اللّات بالطّائف.

(غبق) في حديث أصحاب الغار «وكنت لا أَغْبِق أَغْبُق قبلهما أهلا ولا مالا» أي ما كنت أقدّم عليهما أحدا في شرب نصيبهما من اللّبن الذي يشربانه. والغَبُوق الغُبُوق : شرب آخر النهار مقابل الصّبوح.

ومنه الحديث «ما لم تصطبحوا أو تَغْتَبِقُوا» هو تفتعلوا ، من الغَبُوق.

ومنه حديث المغيرة «لا تحرّم الغَبْقَة» هكذا جاء في رواية ، وهي المرّة من الغَبُوق ، شرب العشيِّ. ويروى بالعين المهملة والياء والفاء. وقد تقدم.

(غبن) فيه «كان إذا اطّلى بدأ بمَغَابِنِه» المَغَابِن : الأرفاغ ، وهي بواطن الأفخاذ عند الحوالب ، جمع مَغْبَن ، من غَبَنَ الثّوب إذا ثناه وعطفه ، وهي معاطف الجلد أيضا.

(س) ومنه حديث عكرمة «من مسّ مَغَابِنَه فليتوضّأ» أمره بذلك استظهارا واحتياطا ، فإنّ الغالب على من يلمس ذلك الموضع أن تقع يده على ذكره.

(غبا) (س) فيه «إلّا الشّياطين وأَغْبِيَاء بني آدم» الأَغْبِيَاء : جمع غَبِيٍ ، كغنيّ وأغنياء. ويجوز أن يكون أَغْبَاء ، كأيتام ، ومثله كميّ وأكماء. والغَبِيّ : القليل الفطنة. وقد غَبِيَ يَغْبَا غَبَاوَةً.

ومنه الحديث «قليل الفقه (١) خير من كثير الغَبَاوَة».

ومنه حديث عليّ «تَغَابَ عن كل ما لا يصحّ لك» أي تغافل وتباله.

وفي حديث الصوم «فإن غَبِيَ عليكم» أي خفي. ورواه بعضهم «غُبِّيَ» بضم الغين وتشديد الباء المكسورة ، لما لم يسمّ فاعله ، من الغَبَاء : شبه الغبرة في السماء.

(باب الغين مع التاء)

(غتت) (ه) في حديث المبعث «فأخذني جبريل فغَتَّنِي حتّى بلغ منّي الجهد» الغَتّ والغطّ سواء كأنه أراد عصرني عصرا شديدا حتى وجدت منه المشقّة ، كما يجد من يغمس في الماء قهرا.

(ه) ومنه الحديث «يَغُتُّهُم الله في العذاب غَتّاً» أي يغمسهم فيه غمسا متتابعا.

ومنه حديث الدعاء «يا من لا يَغُتُّه دعاء الدّاعين» أي يغلبه ويقهره.

(ه) وفي حديث الحوض «يَغُتُ فيه ميزابان ، مدادهما من الجنة» أي يدفقان فيه الماء دفقا دائما متتابعا.

(باب الغين مع الثاء)

(غثث) (س) في حديث أم زرع «زوجي لحم جمل غَثٍ» أي مهزول. يقال : غَثَ يَغِثُ ويَغَثُ ، وأَغَثُ يُغِثُ.

(ه) ومنه حديثها أيضا ، في رواية «ولا تُغِثُ طعامنا تَغْثِيثاً» أي لا تفسده. يقال : غَثَ فلان في قوله ، وأَغَثَّه إذا أفسده.

ومنه حديث ابن عباس «قال لابنه عليٍّ : الحق بابن عمّك ـ يعنى عبد الملك ـ فغَثُّكَ خيرٌ من سمين غيرك».

(غثر) (س) في حديث القيامة «يؤتى بالموت كأنه كبش أَغْثَرُ» هو الكدر اللّون ، كالأغبر والأربد.

__________________

(١) فى ا «القليل الفقه».

وفي حديث عثمان «قال حين تنكر له الناس : إنّ هؤلاء النّفر رعاع غَثْرَة» أي جهّال ، وهو من الأَغْثَر : الأغبر. وقيل للأحمق الجاهل أَغْثَر ، استعارة وتشبيها بالضّبع الغَثْرَاء للونها ، والواحد : غَاثِر.

قال القتيبيّ : لم أسمع غَاثِراً ، وإنّما يقال : رجل أَغْثَر إذا كان جاهلا.

[ه] وفي حديث أبي ذرّ «أحبّ الإسلام وأهله وأحبّ الغَثْرَاء» أي عامّة الناس وجماعتهم. وأراد بالمحّبة المناصحة لهم والشّفقة عليهم.

وفي حديث أويس «أكون في غَثْرَاء الناس» هكذا جاء في رواية (١) : أي في العامّة المجهولين. وقيل : هم الجماعة المختطلة من قبائل شتّى.

(غثا) في حديث القيامة «كما تنبت الحبّة في غُثَاء (٢) السّيل» الغُثَاء بالضم والمدّ : ما يجيء فوق السّيل ممّا يحمله من الزّبد والوسخ وغيره. وقد تكرر في الحديث.

وجاء في كتاب مسلم «كما تنبت الغُثَاءَة» يريد ما احتمله السّيل من البزورات.

ومنه حديث الحسن «هذا الغُثَاء الذي كنّا نحدّث عنه» يريد أرذال الناس وسقطهم.

(باب الغين مع الدال)

(غدد) (س) فيه «أنّه ذكر الطّاعون فقال : غُدَّةٌ كغُدَّةِ البعير تأخذهم في مراقّهم» أي في أسفل بطونهم. الغُدَّة : طاعون الإبل ، وقلّما تسلم منه. يقال : أَغَدَّ البعير فهو مُغِدّ.

ومنه حديث عامر بن الطّفيل «غُدَّة كغُدَّة البعير ، وموت في بيت سلوليّة».

(س) ومنه حديث عمر «ما هي بمُغِدٍّ فيستحجى لحمها» يعنى النّاقة ، ولم يدخلها تاء التأنيث لأنه أراد ذات غُدَّة.

وفي حديث قضاء الصلاة «فليصلّها حين يذكرها ومن الغَدِ للوقت» قال الخطّابي : لا أعلم

__________________

(١) انظر ص ٣٣٨.

(٢) رويت : «فى حميل السيل» وسبقت فى «حمل».

أحدا من الفقهاء قال إنّ قضاء الصلاة يؤخّر إلى وقت مثلها من الصلاة وتقضى ، ويشبه أن يكون الأمر استحبابا لتحرز فضيلة الوقت فى القضاء ، ولم يرد إعادة تلك الصلاة المنسيّة حتى تصلّى مرّتين ، وإنما أراد أن هذه الصلاة وإن انتقل وقتها للنّسيان إلى وقت الذّكر ، فإنها باقية على وقتها فيما بعد ذلك مع الذكر ، لئلا يظنّ ظانّ أنها قد سقطت بانقضاء وقتها أو تغيّرت بتغيّره.

والغَد أصله : غدو ، فحذفت واوه ، وإنّما ذكرناه هاهنا على لفظه.

(غدر) (ه) فيه «من صلّى العشاء في جماعة في اللّيلة المُغْدِرَة فقد أوجب» المُغْدِرَة : الشّديد الظّلمة الّتي تُغْدِر الناس في بيوتهم : أي تتركهم. والغَدْرَاء : الظّلمة (١).

ومنه حديث كعب «لو أن امرأة من الحور العين اطّلعت إلى الأرض في ليلة ظلماء مُغْدِرَة لأضاءت ما على الأرض».

(ه) وفيه «يا ليتني غُودِرْت مع أصحاب نحص الجبل» النّحص : أصل الجبل وسفحه. وأراد بأصحاب نحص الجبل قتلى أحد أو غيرهم من الشهداء : أي يا ليتني استشهدت معهم. والمُغَادَرَة : التّرك.

ومنه حديث بدر «فخرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في أصحابه حتى بلغ قرقرة الكدر فأَغْدَرُوه» أي تركوه وخلّفوه ، وهو موضع.

(ه) وفي حديث عمر ، وذكر حسن سياسته فقال : «ولولا ذلك لأَغْدَرْتُ بعض ما أسوق» أي لخلّفت. شبّه نفسه بالرّاعي ، ورعيّته بالسّرح.

وروي «لَغَدَّرْتُ» أي لألقيت الناس في الغَدَر ، وهو مكان كثير الحجارة.

__________________

(١) زاد الهروى : «وقيل : سمّيت مغدرة ، لطرحها من يخرج فيها فى الغدر ، وهى الجرفة» ا ه وانظر القاموس (جرف).

(ه) وفي صفته صلى‌الله‌عليه‌وسلم «قدم مكّة وله أربع غَدَائِر» هي الذّوائب ، واحدتها : غَدِيرَة.

ومنه حديث ضمام «كان رجلا جلدا أشعر ذا غَدِيرَتَيْنِ».

(س) وفيه «بين يدي السّاعة سنون غَدَّارَة ، يكثر المطر ويقلّ النّبات» هي فعّالة من الغَدْر : أي تطمعهم في الخصب بالمطر ثم تخلف ، فجعل ذلك غَدْراً منها.

وفي حديث الحديبية «قال عروة بن مسعود للمغيرة : يا غُدَرُ وهل غسلت غَدْرَتَك إلّا بالأمس» غُدَر : معدول عن غَادِر للمبالغة. يقال للذّكر غُدَرُ ، وللأنثى غَدَارِ كقطام ، وهما مختصّان بالنّداء في الغالب.

ومنه حديث عائشة «قالت للقاسم : اجلس غُدَرُ» أي يا غُدَرُ ، فحذفت حرف النّداء.

ومنه حديث عاتكة «يا لَغُدَرُ ويا لَفُجَرُ».

(س) وفيه «إنّه مرّ بأرض يقال لها غَدِرَة فسمّاها خضرة» كأنها كانت لا تسمح بالنّبات ، أو تنبت ثم تسرع إليه الآفة ، فشبّهت بالغَادِر لأنه لا يفي.

وقد تكرر ذكر «الغَدْر» على اختلاف تصرّفه في الحديث.

(غدف) (ه) فيه «أنه أَغْدَفَ على عليّ وفاطمة سترا» أي أرسله وأسبله.

ومنه «أَغْدَفَ الليلُ سدوله» إذا أظلم.

[ه] ومنه حديث عمرو بن العاص «لنفس المؤمن أشدّ ارتكاضا على الخطيئة من العصفور حين يُغْدَف به» أي حين تطبق عليه الشّبكة فيضطرب ليفلت منها.

(غدق) (ه) في حديث الاستسقاء «اسقنا غيثا غَدَقاً مُغْدِقاً» الغَدَق بفتح الدال : المطر الكبار القطر ، والمُغْدِق : مفعل منه ، أكّده به. يقال : أَغْدَقَ المطر يُغْدِقُ إِغْدَاقاً فهو مُغْدِق.

(ه) وفيه «إذا نشأت السّحابة من العين فتلك عين غُدَيْقَة».

وفي رواية «إذا نشأت بحريّة فتشاءمت فتلك عين غُدَيْقَة» أي كثيرة الماء. هكذا جاءت مصغّرة ، وهو من تصغير التّعظيم. وقد تكرر ذكره في الحديث.

وفيه ذكر «بئر غَدَق» هي بفتحتين : بئر معروفة بالمدينة.

(غدا) (س) في حديث السّحور «قال : هلمّ إلى الغَدَاء المبارك» الغَدَاء : الطّعام الذي يؤكل أوّل النهار ، فسمّي السّحور غَدَاء ، لأنّه للصائم بمنزلته للمفطر.

(س) ومنه حديث ابن عباس «كنت أَتَغَدَّى عند عمر بن الخطاب في رمضان» أي أتسحّر.

وفيه «لَغَدْوَةٌ أو روحة في سبيل الله» الغَدْوَة : المرّة من الغُدُوِّ ، وهو سير أوّل النهار ، نقيض الرّواح. وقد غَدَا يَغْدُو غُدُوّاً. والغُدْوَة بالضم : ما بين صلاة الغَدَاة وطلوع الشمس. وقد تكرر في الحديث اسما ، وفعلا ، واسم فاعل ، ومصدرا.

[ه] وفيه «أنّ يزيد بن مرّة قال : نهى عن الغَدَوِيّ» هو كلّ ما في بطون الحوامل ، كانوا يتبايعونه فيما بينهم فنهوا عن ذلك ، لأنه غرر. وبعضهم يرويه بالذال المعجمة.

وفي حديث عبد المطلب والفيل :

لا يغلبنّ صليبهم

ومحالهم غَدْواً محالك

الغَدْو : أصل الغَدْ ، وهو اليوم الذي يأتي بعد يومك ، فحذفت لامه. ولم يستعمل تامّا إلّا في الشّعر. ومنه قول ذي الرّمّة (١) :

وما النّاس إلّا كالدّيار وأهلها

بها يوم حلّوها وغَدْواً بلاقع

ولم يرد عبد المطّلب الغَدَ بعينه ، وإنما أراد القريب من الزّمان.

__________________

(١) هكذا نسب فى الأصل ، والذى الرّمّة. ولم نجده فى ديوانه المطبوع بعناية كارليل هنرى هيس مكارتى. وقد نسبه فى اللسان للبيد. وهو فى شرح ديوانه ص ١٦٩ بتحقيق الدكتور إحسان عباس.

(باب الغين مع الذال)

(غذذ) (س) في حديث الزكاة «فتأتي كأَغَذِّ ما كانت» أي أسرع وأنشط. أَغَذَّ يُغِذُّ إِغْذَاذاً إذا أسرع في السّير.

(س) ومنه الحديث «إذا مررتم بأرض قوم قد عذّبوا فأَغِذُّوا السّير».

(س) وفي حديث طلحة «فجعل الدّم يوم الجمل يَغِذُّ من ركبته» أي يسيل. يقال : غَذَّ العرق يَغِذُّ غَذّاً إذا سال ما فيه من الدّم ولم ينقطع. ويجوز أن يكون من إِغْذَاذ السّير.

(غذمر) (ه) في حديث عليّ «سأله أهل الطائف أن يكتب لهم الأمان بتحليل الرّبا والخمر فامتنع ، فقاموا ولهم تَغَذْمُرٌ وبربرة» التَّغَذْمُر : الغضب وسوء اللّفظ والتّخليط في الكلام ، وكذلك البربرة.

(غذم) (ه) في حديث أبي ذرّ «عليكم معشر قريش بدنياكم فاغْذَمُوها» الغَذْم : الأكل بجفاء وشدّة نهم. وقد غَذِمَ يَغْذَمُ غَذْماً فهو غُذَم. ويقال : غَذَمَ يَغْذُمُ.

ومنه الحديث «كان رجل يرائي فلا يمرّ بقوم إلّا غَذَمُوه» أي أخذوه بألسنتهم. هكذا ذكره بعض المتأخّرين في الغين المعجمة ، والصحيح أنه بالمهملة وقد تقدّم ، واتّفق عليه أرباب اللغة والغريب. ولا شكّ أنه وهم منه. والله أعلم.

(غذر) (س) فيه «لا تلقى المنافق إلّا غَذْوَرِيّاً» قال أبو موسى : كذا ذكروه ، وهو الجافي الغليظ.

(غذا) (س) في حديث سعد بن معاذ «فإذا جرحه يَغْذُو دما» أي يسيل. يقال : غَذَا الجرح يَغْذُو إذا دام سيلانه.

ومنه الحديث «إنّ عرق المستحاضة يَغْذُو» أي يتّصل سيلانه.

(ه) وفيه «حتى يدخل الكلب فيُغَذِّيَ على سواري المسجد» أي يبول عليها لعدم سكّانه وخلوّه من الناس. يقال : غَذَّى ببوله يُغَذِّي إذا ألقاه دُفْعة دُفْعة.

وفي حديث عمر «شكا إليه أهل الماشية تصديق الغِذَاء ، فقالوا : إن كنت معتدّا علينا بالغِذَاء فخذ منه صدقته ، فقال : إنّا نعتدّ بالغِذَاء كلّه حتّى السّخلة يروح بها الرّاعي على يده ، ثم قال في آخره : وذلك عدل بين غِذَاء المال وخياره».

(ه) ومنه حديثه الآخر «أنّه قال لعامل الصّدقات : احتسب عليهم بالغِذَاء (١) ولا تأخذها منهم» الغِذَاء : السّخال الصّغار ، واحدها : غَذِيّ ، وإنّما ذكّر الضّمير في الحديث الأوّل ردّا إلى لفظ الغِذَاء ، فإنّه بوزن كساء ورداء. وقد جاء السّمام المنقع ، وإن كان جمع سمّ.

والمراد بالحديث ألا يأخذ السّاعي خيار المال ولا رديئه ، وإنّما يأخذ الوسط ، وهو بمعنى قوله «وذلك عدل بين غِذَاء المال وخياره».

وفي حديثه الآخر «لا تُغَذُّوا أولاد المشركين» أراد وطء الحبالى من السّبي ، فجعل ماء الرّجل للحمل كالغِذَاء.

(باب الغين مع الراء)

(غرب) فيه «إن الإسلام بدأ غَرِيباً وسيعود كما بدأ فطوبى للغُرَبَاء» أي أنّه كان في أوّل أمره كالغَرِيب الوحيد الذي لا أهل له عنده ، لقلّة المسلمين يومئذ ، وسيعود غَرِيباً كما كان : أي يقلّ المسلمون في آخر الزّمان فيصيرون كالغُرَبَاء. فطوبى للغُرَبَاء : أي الجنة لأولئك المسلمين الذين كانوا في أوّل الإسلام ويكونون في آخره ، وإنّما خصّهم بها لصبرهم على أذى الكفّار أوّلا وآخرا ، ولزومهم دين الإسلام.

ومنه الحديث «اغْتَرِبُوا لا تضووا (٢)» الاغْتِرَاب : افتعال من الغُرْبَة ، وأراد تزوّجوا إلى الغَرَائِب من النّساء غير الأقارب ، فإنه أنجب للأولاد.

(س) ومنه حديث المغيرة «ولا غَرِيبَة نجيبة» أي أنها مع كونها غَرِيبَة فإنّها غير نجيبة الأولاد.

__________________

(١) فى الهروى : «احتسب عليهم الغذاء».

(٢) انظر حواشى ص ١٠٦ من الجزء الثالث.

[ه] ومنه الحديث «إنّ فيكم مُغَرِّبِين ، قيل : وما المُغَرِّبُون؟ قال : الذين تشرك فيهم الجنّ» سمّوا مُغَرِّبِين لأنه دخل فيهم عِرْقٌ غَرِيب ، أو جاءوا من نسب بعيد.

وقيل : أراد بمشاركة الجنّ فيهم أمرهم إيّاهم بالزنا ، وتحسينه لهم فجاء أولادهم من غير رشدة.

ومنه قوله تعالى : «وَشارِكْهُمْ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ».

[ه] ومنه حديث الحجّاج «لأضربنّكم ضرب غَرِيبَة الإبل» هذا مثل ضربه لنفسه مع رعيّته يهدّدهم ، وذلك أنّ الإبل إذا وردت الماء فدخل فيها غَرِيبَة من غيرها ضربت وطردت حتى تخرج منها.

وفيه «أنه أمر بتَغْرِيب الزّاني سنة» التَّغْرِيب : النّفي عن البلد الذي وقعت فيه الجناية. يقال : أَغْرَبْتُه وغَرَّبْتُه إذا نحّيته وأبعدته. والغَرْب : البعد.

(س) ومنه الحديث «أنّ رجلا قال له : إنّ امرأتي لا تردّ يد لامس ، فقال : أَغْرِبْها» أي أبعدها ، يريد الطّلاق.

(ه) ومنه حديث عمر «قدم عليه رجل فقال له : هل من مُغَرِّبَة خبر؟» أي هل من خبر جديد جاء من بلد بعيد. يقال : هل من مُغَرِّبَة خبر؟ بكسر الراء وفتحها مع الإضافة فيهما ، وهو من الغَرْب : البعد : وشأو مُغَرِّب ومُغَرَّب : أي بعيد.

ومنه الحديث «طارت به عنقاء مُغْرِب» أي ذهبت به الدّاهية. والمُغْرِب : المبعد في البلاد. وقد تقدّم في العين.

[ه] وفي حديث الرؤيا «فأخذ عمر الدّلو فاستحالت في يده غَرْباً» الغَرْب بسكون الراء : الدّلو العظيمة التي تتّخذ من جلد ثور ، فإذا فتحت الراء فهو الماء السّائل بين البئر والحوض.

وهذا تمثيل ، ومعناه أنّ عمر لمّا أخذ الدّلو ليستقي عظمت في يده ، لأنّ الفتوح كانت في زمنه أكثر منها في زمن أبي بكر. ومعنى استحالت : انقلبت عن الصّغر إلى الكبر.

ومنه حديث الزكاة «وما سقي بالغَرْب ففيه نصف العشر».

وفي الحديث الآخر «لو أنّ غَرْباً من جهنّم جعل في الأرض لآذى نتن ريحه وشدة حرّه ما بين المشرق والمغرب».

(ه) وفي حديث ابن عباس «ذكر الصّدّيق فقال : كان والله برّا تقيّا يصادى (١) غَرْبُه» وفي رواية «يصادى منه غَرْب» (٢) الغَرْب : الحدّة ، ومنه غَرْب السّيف. أي كانت تدارى حدّته وتتّقى.

(ه) ومنه حديث عمر «فسكن من غَرْبِه».

(ه) ومنه حديث عائشة «قالت عن زينب : كلّ خلالها محمود ما خلا سورة من غَرْبٍ كانت فيها».

[ه] وحديث الحسن «سئل عن القبلة للصّائم فقال : إني أخاف عليك غَرْبَ الشّباب» أي حدّته.

[ه] وفي حديث الزّبير «فما زال يفتل في الذّروة والغَارِب حتى أجابته عائشة إلى الخروج» الغَارِب : مقدّم السّنام ، والذّروة : أعلاه ، أراد أنه ما زال يخادعها ويتلطّفها حتى أجابته.

والأصل فيه أنّ الرجل إذا أراد أن يؤنّس البعير الصّعب ليزمّه وينقاد له جعل يمرّ يده عليه ويمسح غَارِبَه ويفتل وبره حتى يستأنس ويضع فيه الزّمام.

ومنه حديث عائشة «قالت ليزيد بن الأصمّ : رُمِيَ برسنك على غَارِبِك» أي خُلِّيَ سبيلك فليس لك أحد يمنعك عما تريد ، تشبيها بالبعير يوضع زمامه على ظهره ويطلق يسرح أين أراد في المرعى.

ومنه الحديث في كنايات الطلاق «حبلك على غَارِبِك» أي أنت مرسلة مطلقة غير مشدودة ولا ممسكة بعقد النّكاح.

[ه] وفيه «أنّ رجلا كان واقفا معه في غزاة فأصابه سهم غَرْبٍ» أي لا يعرف راميه.

__________________

(١) انظر ص ١٩ من الجزء الثالث.

(٢) وهى رواية الهروى.

يقال : سهم غَرَب بفتح الراء وسكونها ، وبالإضافة ، وغير الإضافة.

وقيل : هو بالسكون إذا أتاه من حيث لا يدري ، وبالفتح إذا رماه فأصاب غيره.

والهروي لم يثبت عن الأزهري إلا الفتح. وقد تكرر في الحديث.

(ه) وفي حديث الحسن «ذكر ابن عبّاس فقال : كان مثجّا يسيل غَرْباً» الغَرْب : أحد الغُرُوب ، وهي الدّموع حين تجري. يقال : بعينه غَرْب إذا سال دمعها ولم ينقطع ، فشبّه به غزارة علمه وأنّه لا ينقطع مدده وجريه.

(س) وفي حديث النابغة «ترفّ غُرُوبُه» هي جمع غَرْب ، وهو ماء الفم وحِدّة الأسنان.

[ه] وفي حديث ابن عباس «حين اختصم إليه في مسيل المطر فقال : المطر غَرْبٌ ، والسّيل شرق» ، أراد أنّ أكثر السّحاب ينشأ من غَرْبِ القبلة ، والعين هناك : تقول العرب : مطرنا بالعين ، إذا كان السّحاب ناشئا من قبلة العراق.

وقوله «والسّيل شرق» يريد أنه ينحطّ من ناحية المشرق ، لأن ناحية المشرق عالية وناحية المَغْرِب منحطّة.

قال ذلك القتيبيّ. ولعلّه شيء يختصّ بتلك الأرض التي كان الخصام فيها.

وفيه «لا يزال أهل الغَرْب ظاهرين على الحقّ» قيل : أراد بهم أهل الشّام ، لأنّهم غَرْب الحجاز.

وقيل : أراد بالغَرْب الحدّة والشّوكة. يريد أهل الجهاد.

وقال ابن المديني : الغَرْب هاهنا الدّلو ، وأراد بهم العَرَب ، لأنّهم أصحابها وهم يستقون بها.

وفيه «ألا وإنّ مثل آجالكم في آجال الأمم قبلكم كما بين صلاة العصر إلى مُغَيْرِبَان الشّمس» أي إلى وقت مغيبها. يقال : غَرَبَتِ الشمس تَغْرُبُ غُرُوباً ومُغَيْرِبَاناً ، وهو مصغّر على غير مكبّره ، كأنّهم صغّروا مَغْرِبَاناً ، والمَغْرِب في الأصل : موضع الغُرُوب ، ثم استعمل في المصدر والزّمان ، وقياسه الفتح ولكن استعمل بالكسر ، كالمشرق والمسجد.

(س) ومنه حديث أبي سعيد «خطبنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى مُغَيْرِبَانِ الشمس»

(س) وفيه «أنّه ضحك حتى اسْتَغْرَبَ» أي بالغ فيه. يقال : أَغْرَبَ في ضحكه واسْتَغْرَبَ ، وكأنه من الغَرْب : البعد. وقيل : هو القهقهة.

ومنه حديث الحسن «إذا اسْتَغْرَبَ الرجل ضحكا في الصلاة أعاد الصلاة» وهو مذهب أبي حنيفة ، ويزيد عليه إعادة الوضوء.

(س) وفي دعاء ابن هبيرة «أعوذ بك من كلّ شيطان مُسْتَغْرِب ، وكلّ نَبَطيّ مستعرب» قال الحربي : أظنّه الذي جاوز القدر في الخبث ، كأنه من الاسْتِغْرَاب في الضّحك. ويجوز أن يكون بمعنى المتناهي في الحدّة ، من الغَرْب : الحدّة.

(س) وفيه «أنّه غيّر اسم غُرَاب» لما فيه من البعد ، ولأنّه من خبث الطيور.

(س) وفي حديث عائشة «لمّا نزل «وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلى جُيُوبِهِنَّ» فأصبحن على رؤسهن الغِرْبَان» شبّهت الخمر في سوادها بالغِرْبَان جمع غُرَاب ، كما قال الكميت :

كغِرْبَان الكروم الدّوالح

(غربب) (س) فيه «إن الله يبغض الشّيخ الغِرْبِيبُ» الغِرْبِيب : الشّديد السّواد ، وجمعه غَرَابِيب ، أراد الذي لا يشيب. وقيل : أراد الذي يسوّد شعره.

(غربل) (ه) فيه «أعلنوا النّكاح (١) واضربوا عليه بالغِرْبَال» أي بالدّف لأنه يشبه الغِرْبَال في استدارته.

(ه) ومنه الحديث «كيف بكم إذا كنتم في زمان يُغَرْبَلُ فيه الناس غَرْبَلَة؟» أي يذهب خيارهم ويبقى أرذالهم. والمُغَرْبَل : المنتقى ، كأنه نُقِّيَ بالغِرْبَال.

ومنه حديث مكحول «ثم أتيت الشام فغَرْبَلْتُها» أي كشفت حال من بها وخبرتهم ، كأنه جعلهم في غِرْبَال ففرق بين الجيّد والرّديء.

__________________

(١) فى الأصل وا : «بالنكاح» والمثبت من الهروى واللسان ، والدر النثير ، والفائق ٢ / ٢٢٥.

(س) وفي حديث ابن الزّبير «أتيتموني فاتحي أفواهكم كأنكم الغِرْبِيل» قيل : هو العصفور.

(غرث) فيه «كلّ عالم غَرْثَانُ إلى علم» أي جائع. يقال : غَرِثَ يَغْرَثُ غَرَثاً فهو غَرْثَان ، وامرأة غَرْثَى.

ومنه شعر حسان في عائشة :

وتصبح غَرْثَى من لحوم الغوافل

ومنه حديث عليّ «أبيت مبطانا وحولي بطون غَرْثَى».

ومنه حديث أبي حثمة (١) عند عمر يذمّ الزّبيب «إن أكلته غَرِثْتُ» وفي رواية «وإن أتركه أَغْرَث» أي أجوع ، يعنى أنه لا يعصم من الجوع عصمة التّمر.

(غرر) (ه) فيه «أنه جعل في الجنين غُرَّةً عبدا أو أمة» الغُرَّة : العبد نفسه أو الأمة ، وأصل الغُرَّة : البياض الذي يكون في وجه الفرس ، وكان أبو عمرو بن العلاء يقول : الغُرَّة عبد أبيض أو أمة بيضاء ، وسمي غُرَّة لبياضه ، فلا يقبل في الدّية عبد أسود ولا جارية سوداء. وليس ذلك شرطا عند الفقهاء ، وإنما الغُرَّة عندهم ما بلغ ثمنه نصف عشر الدّية (٢) من العبيد والإماء.

وإنما تجب الغُرَّة في الجنين إذا سقط ميّتا ، فإن سقط حيّا ثم مات ففيه الدّية كاملة.

وقد جاء في بعض روايات الحديث «بغُرَّةٍ عبد أو أمة أو فرس أو بغل».

وقيل : إنّ الفرس والبغل غلط من الراوي.

__________________

(١) فى الأصل واللسان : «خثمة» بالخاء المعجمة ، وفى ا : «خيثمة». وهو فى الفائق ١ / ٢٣١ ، أبو عمرة ، عبد الرحمن بن محصن الأنصارى. والمصنف اضطرب فى كنية هذا الرجل ، فمرة يذكرها «أبو حثمة» بالحاء المهملة ، وأخرى : «أبو عمرة» وحديث هذا الرجل مفرّق على المواد (تحف. حرش. خرس. خرف. رقل. صلع. صمت. ضرس. علل) وانظر أسد الغابة ٥ / ١٦٨ ، ٢٦٣ ، الإصابة ٧ / ٤١ ، ١٣٨.

(٢) فى الهروى ، واللسان : «الغرة من العبيد الذى يكون ثمنه عشر الدية».

وفي حديث ذي الجوشن «ما كنت لأقيضه (١) اليوم بغُرَّة» سَمَّى الفرس في هذا الحديث غُرَّة ، وأكثر ما يطلق على العبد والأمة. ويجوز أن يكون أراد بالغُرَّة النّفيس من كلّ شيء ، فيكون التقدير : ما كنت لأقيضه بالشيء النّفيس المرغوب فيه.

(س) ومنه الحديث «غُرٌّ محجّلون من آثار الوضوء» الغُرُّ : جمع الأَغَرِّ ، من الغُرَّة : بياض الوجه ، يريد بياض وجوههم بنور الوضوء يوم القيامة.

(ه) ومنه الحديث «في صوم الأيام الغُرِّ» أي البيض الليالي بالقَمَر ، وهي ثالث عشر ، ورابع عشر ، وخامس عشر.

(ه) ومنه الحديث «إياكم ومشارّة الناس ، فإنها تدفن الغُرَّة وتظهر العُرَّة» الغُرَّة هاهنا : الحسن والعمل الصالح ، شبّهه بغُرَّة الفرس ، وكل شيء ترفع قيمته فهو غُرَّة.

[ه] ومنه الحديث «عليكم بالأبكار فإنّهنّ أَغَرُّ غُرَّةً» يحتمل أن يكون من غُرَّة البياض وصفاء اللّون (٢) ، ويحتمل أن يكون من حسن الخلق والعشرة ، ويؤيّده الحديث الآخر :

[ه] «عليكم بالأبكار فإنّهنّ أَغَرُّ أخلاقا» أي أنّهنّ أبعد من فطنة الشّرّ ومعرفته ، من الغِرَّة : الغفلة.

(ه) ومنه الحديث «ما أجد لما فعل هذا في غُرَّة الإسلام مثلا إلّا غنما وردت فرُمِيَ أوّلها فنفر آخرها» غُرَّة الإسلام : أوّله ، وغُرَّة كل شيء : أوّله.

وفي حديث عليّ «اقتلوا الكلب الأسود ذا الغُرَّتَيْن» هما النّكتتان البيضاوان فوق عينيه.

(س [ه]) وفيه «المؤمن غِرٌّ كريم» أي ليس بذي نُكر ، فهو ينخدع لانقياده ولينه ، وهو ضدّ الخبّ. يقال : فتى غِرٌّ وفتاة غِرٌّ ، وقد غَرِرْتَ تَغِرُّ غَرَارَة. يريد أنّ المؤمن

__________________

(١) فى اللسان : «لأقضيه». وأقيضه : أى أبدله به وأعوضه عنه. انظر (قيض) فيما يأتي.

(٢) قال الهروى : «وذلك أن الأيمة والتعنيس يحيلان اللون».

المحمود من طبعه الغَرَارَة ، وقلة الفطنة للشّرّ ، وترك البحث عنه ، وليس ذلك منه جهلا ، ولكنه كرم وحسن خلق.

ومنه حديث الجنة «يدخلني غِرَّة الناس» أي البله الذين لم يجرّبوا الأمور ، فهم قليلو الشّرّ منقادون ، فإنّ من آثر الخمول وإصلاح نفسه والتّزوّد لمعاده ، ونبذ أمور الدنيا فليس غِرّاً فيما قصد له ، ولا مذموما بنوع من الذّم.

[ه] ومنه حديث ظبيان «إنّ ملوك حمير ملكوا معاقل الأرض وقرارها ، ورءوس الملوك وغِرَارَها» الغِرَار والأَغْرَار : جمع الغِرِّ.

(س) ومنه حديث ابن عمر «إنّك ما أخذتها بيضاء غَرِيرَة» هي الشّابّة الحديثة التي لم تجرّب الأمور.

(س) وفيه «أنه قاتل محارب خصفة ، فرأوا من المسلمين غِرَّة فصلّى صلاة الخوف» الغِرَّة : الغفلة : أي كانوا غافلين عن حفظ مقامهم ، وما هم فيه من مقابلة العدوّ.

ومنه الحديث «أنه أغار على بني المصطلق وهم غَارُّون» أي غافلون.

ومنه حديث عمر «كتب إلى أبي عبيدة أن لا يمضي أمر الله إلّا بعيد الغِرَّة حصيف العقدة» أي من بعد حفظه لغفلة المسلمين.

(ه) وفي حديث عمر «لا تطرقوا النّساء ولا تَغْتَرُّوهنَ» أي لا تدخلوا إليهنّ على غِرَّة. يقال : اغْتَرَرْتُ الرّجل إذا طلبت غِرَّتَه ، أي غفلته.

(س) ومنه حديث سارق أبي بكر «عجبت من غِرَّتِه بالله عزوجل» أي اغْتِرَارِه.

(ه س) وفيه «أنه نهى عن بيع الغَرَر» هو ما كان له ظاهر يَغُرُّ المشتري ، وباطن مجهول.

وقال الأزهري : بيع الغَرَر : ما كان على غير عهدة ولا ثقة ، وتدخل فيه البيوع التي لا يحيط بكنهها المتبايعان ، من كل مجهول. وقد تكرر في الحديث.

(ه) ومنه حديث مطرّف «إنّ لي نفسا واحدة ، وإنّي أكره أن أُغَرِّرَ بها»

أي أحملها على غير ثقة ، وبه سمّي الشيطان غَرُوراً ، لأنه يحمل الإنسان على محابّه ، ووراء ذلك ما يسوء.

ومنه حديث الدعاء «وتعاطى ما نهيت عنه تَغْرِيراً» أي مخاطرة وغفلة عن عاقبة أمره.

ومنه الحديث «لأن أَغْتَرَّ بهذه الآية ولا أقاتل ، أحبّ إليّ من أن أَغْتَرَّ بهذه الآية» يريد قوله تعالى «فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي» وقوله «وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً» المعنى أن أخاطر بتركي مقتضى الأمر بالأولى أحبّ إليّ من أن أخاطر بالدّخول تحت الآية الأخرى.

(ه) ومنه حديث عمر «أيّما رجل بايع آخر فإنّه لا يؤمّر واحد منهما تَغِرَّةَ أن يقتلا» التَّغِرَّة : مصدر غَرَّرْتُه إذا ألقيته في الغَرَر ، وهي من التَّغْرِير ، كالتّعلّة من التّعليل. وفي الكلام مضاف محذوف تقديره : خوف تَغِرَّة أن يقتلا : أي خوف وقوعهما في القتل ، فحذف المضاف الذي هو الخوف ، وأقام المضاف إليه الذي هو تَغِرَّة مقامه ، وانتصب على أنه مفعول له.

ويجوز أن يكون قوله «أن يقتلا» بدلا من «تَغِرَّة» ويكون المضاف محذوفا كالأوّل.

ومن أضاف «تَغِرَّة» إلى «أن يقتلا» فمعناه خوف تَغِرَّته قتلهما.

ومعنى الحديث : أنّ البيعة حقّها أن تقع صادرة عن المشورة والاتّفاق ، فإذا استبدّ رجلان دون الجماعة فبايع أحدهما الآخر ، فذلك تظاهر منهما بشقّ العصا واطّراح الجماعة ، فإن عقد لأحد بيعة فلا يكون المعقود له واحدا منهما ، وليكونا معزولين من الطائفة التي تتفّق على تمييز الإمام منها ، لأنه إن عقد لواحد منهما وقد ارتكبا تلك الفعلة الشّنيعة التي أحفظت الجماعة ، من التّهاون بهم والاستغناء عن رأيهم لم يؤمن أن يقتلا.

(س) ومنه حديث عمر «أنه قضى في ولد المَغْرُور بغُرَّة» هو الرجل يتزوّج امرأة على أنها حرّة فتظهر مملوكة ، فيغرم الزوج لمولى الأمة غُرَّةً عبدا أو أمة ، ويرجع بها على من غَرَّه ، ويكون ولده حرّا.

(ه) وفيه «لا غِرَارَ في صلاة ولا تسليم» الغِرَار : النّقصان. وغِرَار النّوم : قلّته.

ويريد بغِرَار الصّلاة نقصان هيآتها وأركانها. وغِرَار التّسليم : أن يقول المجيب : وعليك ، ولا يقول : السّلام.

وقيل : أراد بالغِرَار النّوم : أي ليس في الصلاة نوم.

«والتسليم» يروى بالنّصب والجرّ ، فمن جرّه كان معطوفا على الصلاة كما تقدم ، ومن نصب كان معطوفا على الغِرَار ، ويكون المعنى : لا نقص ولا تسليم في صلاة ، لأن الكلام في الصلاة بغير كلامها لا يجوز.

(ه) ومنه الحديث الآخر «لا تُغَارُّ التّحيّة» أي لا ينقص السلام.

وحديث الأوزاعيّ «كانوا يرون بغِرَار النوم بأسا» أي لا ينقض قليل النوم الوضوء.

(ه) وفي حديث عائشة تصف أباها «فقالت : ردّ نشر الإسلام على غَرِّهِ» أي على طيّه وكسره. يقال : اطو الثّوب على غَرِّهِ الأول كما كان مطويّا ، أرادت تدبيره أمر الرّدّة ومقابلة دائها بدوائها.

وفي حديث معاوية «كان النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم يَغُرُّ عليّا بالعلم» أي يلقمه إيّاه. يقال : غَرَّ الطّائر فرخه إذا زقّه.

ومنه حديث عليّ «من يطع الله يَغُرُّه كما يَغُرُّ الغراب بجّه (١) أى فرخه.

ومنه حديث ابن عمر ، وذكر الحسن والحسين رضي‌الله‌عنهم فقال : «إنّما كانا يُغَرَّان العلم غَرّاً».

وفي حديث حاطب «كنت غَرِيراً فيهم» أي ملصقا ملازما لهم.

قال بعض المتأخرين : هكذا الرواية. والصواب من جهة العربيّة «كنت غريّا» أي ملصقا. يقال : غري فلان بالشيء إذا لزمه. ومنه الغراء الذي يلصق به. قال : وذكره الهرويّ في العين المهملة ، وقال «كنت عريرا» : أي غريبا. وهذا تصحيف منه.

__________________

(١) البجّ ، بالضم : فرخ الطائر. (قاموس)

قلت : أمّا الهروي فلم يصحّف ولا شرح إلّا الصحيح ، فإنّ الأزهريّ والجوهريّ والخطابيّ والزمخشريّ ذكروا هذه اللّفظة بالعين المهملة في تصانيفهم وشرحوها بالغريب ، وكفاك بواحد منهم حجّة للهروي فيما روى وشرح.

(غرز) (ه) فيه «أنه صلى‌الله‌عليه‌وسلم حمى غَرَزَ النّقيع لخيل المسلمين» الغَرَز بالتّحريك : ضرب من الثّمام لا ورق له. وقيل : هو الأسل ، وبه سميت الرّماح على التّشبيه.

والنَّقِيع بالنون : موضع قريب من المدينة كان حمى لنعم الفيء والصّدقة.

(ه) ومنه حديث عمر «أنّه رأى في المجاعة روثا فيه شعير ، فقال : لئن عشت لأجعلنّ له من غَرَز النّقيع ما يغنيه عن قوت المسلمين» أي يكفّه عن أكل الشّعير. وكان يومئذ قوتا غالبا للناس ، يعنى الخيل والإبل.

ومنه حديثه الآخر «والذي نفسي بيده لتعالجنّ غَرَزَ النّقيع».

(ه) وفيه «قالوا : يا رسول الله إنّ غنمنا قد غَرَزَت» أي قلّ لبنها. يقال : غَرَزَت الغنم غِرَازاً ، وغَرَّزَها صاحبها إذا قطع حلبها وأراد أن تسمن.

ومنه قصيد كعب :

تمرّ مثل عسيب النّخل ذا خصل

بغَارِزٍ (١) لم تخوّنه الأحاليل

الغَارِز : الضّرع الذي قد غَرَزَ وقلّ لبنه. ويروى

«... بغارب».

(س) ومنه حديث عطاء ، وسئل عن تَغْرِيز الإبل فقال «إن كان مباهاة فلا ، وإن كان يريد أن تصلح للبيع فنعم» ويجوز أن يكون تَغْرِيزها نتاجها وتنميتها ، من غَرَز الشّجر. والوجه الأوّل.

(ه) ومنه الحديث «كما تنبت التَّغَارِيز» هي فسائل النّخل إذا حوّلت من موضع إلى موضع فغُرِزَت فيه ، الواحد : تَغْرِيز. ويقال له : تنبيت أيضا ، ومثله في التّقدير التّناوير ، لنور الشجر ، ورواه بعضهم بالثاء المثلثة والعين المهملة والرّاءين ، وقد تقدّم.

__________________

(١) رواية شرح ديوانه ص ١٣ «فى غارز».

وفي حديث أبي رافع «مرّ بالحسن بن على وقد غَرَزَ ضفر رأسه» أي لوى شعره وأدخل أطرافه في أصوله.

(س) ومنه حديث الشّعبيّ «ما طلع السّماك قطّ إلّا غَارِزاً ذنبه في برد» أراد السّماك الأعزل ، وهو الكوكب المعروف في برج الميزان ، وطلوعه يكون مع الصّبح لخمسة تخلو من تشرين الأوّل ، وحينئذ يبتدئ البرد ، وهو من غَرَز الجراد ذنبه في الأرض ، إذا أراد أن يبيض.

وفيه «كان إذا وضع رجله في الغَرْز ـ يريد السّفر ـ يقول : بسم الله» الغَرْز : ركاب كور الجمل إذا كان من جلد أو خشب. وقيل : هو الكور مطلقا ، مثل الرّكاب للسّرج. وقد تكرر في الحديث.

(س) ومنه الحديث «أنّ رجلا سأله عن أفضل الجهاد فسكت عنه حتى اغْتَرَزَ في الجمرة الثالثة» أي دخل فيها كما تدخل قدم الراكب في الغَرْز.

(س) ومنه حديث أبي بكر «أنه قال لعمر : استمسك بِغَرْزِه» أي اعتلق به وأمسكه ، واتّبع قوله وفعله ، ولا تخالفه ، فاستعار له الغَرْز ، كالذي يمسك بركاب الرّاكب ويسير بسيره.

(س) وفي حديث عمر «الجبن والجرأة غَرَائِز» أي أخلاق وطبائع صالحة أو رديئة ، واحدتها : غَرِيزَة.

(غرس) فيه ذكر «بئر غَرْس» بفتح الغين وسكون الراء والسين المهملة : بئر بالمدينة تكرر ذكرها في الحديث. قال الواقديّ : كانت منازل بني النّضير بناحية الغَرْس.

(غرض) (ه) فيه «لا تشدّ الغُرُض إلّا إلى ثلاثة مساجد» ويروى «لا يشدّ الغَرْض» (١) الغُرْضَة والغَرْض : الحزام الذي يشدّ على بطن الناقة ، وهو البطان ، وجمع الغُرْضَة : غُرُض. والمَغْرِض : الموضع الذي يشدّ عليه ، وهو مثل حديثه الآخر : «لا تشدّ الرّحال إلّا إلى ثلاثة مساجد».

__________________

(١) وهى رواية الهروى.

(ه) وفيه «كان إذا مشى عرف في مشيه أنه غير غَرِضٍ ولا وكل» الغَرِض : القلق الضّجر. وقد غَرِضْتُ بالمقام أَغْرَض غَرَضاً : أي ضجرت ومللت.

(س) ومنه حديث عدي «فسرت حتى نزلت جزيرة العرب ، فأقمت بها حتى اشتدّ غَرَضِي» أي ضجري وملالتي. والغَرَض أيضا : شدّة النّزاع نحو الشّيء والشّوق إليه.

(س) وفي حديث الدّجّال «أنه يدعو شابّا ممتلئا شبابا ، فيضر به بالسيف فيقطعه جزلتين رمية الغَرَض» الغَرَض : الهدف. أراد أنه يكون بعد ما بين القطعتين بقدر رمية السّهم إلى الهدف.

وقيل : معناه وصف الضّربة : أي تصيبه إصابة رمية الغَرَض.

ومنه حديث عقبة بن عامر «تختلف بين هذين الغَرَضَين وأنت شيخ كبير»

وفي حديث الغيبة «فقاءت لحما غَرِيضاً» أي طريّا.

ومنه حديث عمر «فيؤتى بالخبز ليّنا وباللّحم غَرِيضاً».

(غرغر) (ه س) فيه «إن الله يقبل توبة العبد ما لم يُغَرْغِرُ» أي ما لم تبلغ روحه حلقومه ، فيكون بمنزلة الشيء الذي يَتَغَرْغَرُ به المريض. والغَرْغَرَة : أن يجعل المشروب في الفم ويردّد إلى أصل الحلق ولا يبلع.

ومنه الحديث «لا تحدّثهم بما يُغَرْغِرُهُم» أي لا تحدّثهم بما لا يقدرون على فهمه ، فيبقى في أنفسهم لا يدخلها ، كما يبقى الماء في الحلق عند الغَرْغَرَة.

[ه] وفي حديث الزّهريّ ، عن بني إسرائيل «فجعل عنبهم الأراك ، ودجاجهم الغِرْغِرَ» هو دجاج الحبش. قيل : لا ينتفع بلحمه لرائحته (١).

(غرف) (ه) فيه «أنه نهى عن الغَارِفَة» الغَرْف : أن تقطع ناصية المرأة ثم تسوّى على وسط جبينها. وغَرَفَ شعره : إذا جزّه. فمعنى الغَارِفَة أنّها فاعلة بمعنى مفعولة ، ك (عِيشَةٍ راضِيَةٍ) بمعنى مرضيّة ، وهي التي تقطعها المرأة وتسوّيها.

__________________

(١) وذلك لأنه يتغذى بالعذرة. كما أفاد الهروى.

وقيل : هي مصدر بمعنى الغَرْف ، كالرّاغية والثّانية واللّاغية. ومنه قوله تعالى : «لا تَسْمَعُ فِيها لاغِيَةً» أي لغو.

وقال الخطّابي : يريد بالغَارِفَة التي تجزّ ناصيتها عند المصيبة.

(غرق) فيه «الحرق شهيد ، والغَرِق شهيد» الغَرِق بكسر الراء : الذي يموت بالغَرَق : وقيل : هو الذي غلبه الماء ولم يَغْرَقْ ، فإذا غَرِقَ فهو غَرِيق.

(ه) ومنه الحديث «يأتي على النّاس زمان لا ينجو [منه (١)] إلا من دعا دعاء الغَرِق» كأنّه أراد إلّا من أخلص الدّعاء ، لأنّ من أشفى على الهلاك أخلص في دعائه طلب النّجاة.

ومنه الحديث «اللهم إنّي أعوذ بك من الغَرَق والحرق» الغَرَق بفتح الراء : المصدر.

(س) وفيه «فلمّا رآهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم احمرّ وجهه واغْرَوْرَقَتْ عيناه» أي غَرِقَتَا بالدّموع ، وهو افعوعلت من الغَرَق.

(س) ومنه حديث وحشي «أنه مات غَرِقاً في الخمر» أي متناهيا في شربها والإكثار منه ، مستعار من الغَرِق.

ومنه حديث ابن عباس «فعمل بالمعاصي حتى أَغْرَقَ أعماله» ، أي أضاع أعماله الصّالحة بما ارتكب من المعاصي.

(س) وفي حديث عليّ «لقد أَغْرَقَ في النّزع» أي بالغ في الأمر وانتهى فيه. وأصله من نزع القوس ومدّها ، ثم استعير لمن بالع في كلّ شيء.

(س) وفي حديث ابن الأكوع «وأنا على رجلي فَأَغْتَرِقُها» يقال : اغْتَرَقَ الفرس الخيل إذا خالطها ثم سبقها. واغْتِرَاق النّفس : استيعابه في الزّفير.

ويروى بالعين المهملة ، وقد تقدّم.

__________________

(١) من الهروى. وفى اللسان : «فيه».

(س) وفي حديث عليّ وذكر مسجد الكوفة «في زاويته فارَ التَّنُّورُ ، وفيه هلك يغوث ويعوق وهو الغَارُوق» هو فاعول من الغَرَق ، لأنّ الغَرَق في زمان نوح عليه‌السلام كان منه.

وفي حديث أنس «وغُرَقاً فيه دبّاء» هكذا جاء في رواية ، والمعروف «مرقا». والغُرَق : المرق.

قال الجوهري «الغُرْقَة بالضم : مثل الشّربة من اللّبن وغيره ، والجمع غُرَق».

ومنه الحديث «فتكون أصول السّلق غُرْقَة» وفي رواية أخرى «فصارت غُرْقَة» وقد رواه بعضهم بالفاء : أي ممّا يغرف.

(غرقد) (ه) في حديث أشراط الساعة «إلّا الغَرْقَد ، فإنّه من شجر اليهود». وفي رواية «إلّا الغَرْقَدَة» (١) هو ضرب من شجر العضاه وشجر الشّوك. والغَرْقَدَة : واحدته. ومنه قيل لمقبرة أهل المدينة : «بقيع الغَرْقَد» ، لأنه كان فيه غَرْقَدٌ وقطع. وقد تكرر في الحديث.

(غرل) (ه) فيه «يحشر الناس يوم القيامة عراة حفاة غُرْلاً» الغُرْل : جمع الأَغْرَل ، وهو الأقلف. والغُرْلَة : القلفة.

(ه) ومنه حديث أبي بكر «لأن أحمل عليه غلاما ركب الخيل على غُرْلَتِه أحبّ إليّ من أن أحملك عليه» يريد ركبها في صغره واعتادها قبل أن يختن.

(س) ومنه حديث طلحة «كان يشور نفسه على غُرْلَتِه» أي يسعى ويخفّ وهو صبيّ.

وحديث الزّبرقان «أحبّ صبياننا إلينا الطّويل الغُرْلَة» إنّما أعجبه طولها لتمام خلقه. وقد تكرر في الحديث.

__________________

(١) وهى رواية الهروى. والزمخشرى فى الفائق ٢ / ٢١٩.

(غرم) (ه) فيه «الزّعيم غَارِم» الزّعيم : الكفيل ، والغَارِم : الذي يلتزم ما ضمنه وتكفّل به ويؤدّيه. والغُرْم : أداء شيء لازم. وقد غَرِمَ يَغْرَمُ غُرْماً.

(ه) ومنه الحديث «الرّهن لمن رهنه ، له غنمه وعليه غُرْمُه» أي عليه أداء ما يفكّه به.

ومنه الحديث «لا تحلّ المسئلة إلّا لذي غُرْمٍ مفظع» أي حاجة لازمة من غَرَامَة مثقلة.

(س) ومنه الحديث في الثّمر المعلّق «فمن خرج بشيء منه فعليه غَرَامَة مثليه والعقوبة» قيل : هذا كان فى صدر الإسلام ، ثم نسخ ، فإنه لا واجب على متلف الشىء أكثر من مثله.

وقيل : هو على سبيل الوعيد لينتهى عنه.

(س) ومنه الحديث الآخر «في ضالّة الإبل المكتومة غَرَامَتُها ومثلها معها».

ومنه الحديث «أعوذ بك من المأثم والمَغْرَم» هو مصدر وضع موضع الاسم ، ويريد به مَغْرَم الذّنوب والمعاصي.

وقيل : المَغْرَم كالغُرْم ، وهو الدّين ، ويريد به ما استدين فيما يكرهه الله ، أو فيما يجوز ثم عجز عن أدائه ، فأمّا دين احتاج إليه وهو قادر على أدائه فلا يستعاذ منه.

ومنه حديث أشراط الساعة «والزكاة مَغْرَماً» أي يرى ربّ المال أنّ إخراج زكاته غَرَامَة يَغْرَمُها.

(س) ومنه حديث معاذ «ضربهم الله بذلّ مُغْرَم» أي لازم دائم. يقال : فلان مُغْرَم بكذا أي لازم له ومولع به.

وفي حديث جابر «فاشتدّ عليه بعض غُرَّامِه في التّقاضي» الغُرَّام : جمع غَرِيم كالغُرَمَاء ، وهم أصحاب الدّين ، وهو جمعٌ غريبٌ. وقد تكرر ذكرها في الحديث مفردا ومجموعا وتصريفا.

(غرنق) (ه) فيه «تلك الغَرَانِيق العلى» الغَرَانِيق هاهنا : الأصنام ، وهي في الأصل الذكور من طير الماء ، واحدها : غُرْنُوق وغُرْنَيْق ، سمّي به لبياضه. وقيل : هو الكركيّ.

والغُرْنُوق أيضا : الشّاب النّاعم الأبيض. وكانوا يزعمون أن الأصنام تقرّبهم من الله وتشفع لهم ، فشبّهت بالطيور التي تعلو في السّماء وترتفع.

(ه) ومنه حديث عليّ «فكأنّي أنظر إلى غُرْنُوق من قريش يتشحّط في دمه» أي شابّ ناعم.

ومنه حديث ابن عباس «لمّا أتى بجنازته الوادي أقبل طائر غُرْنُوق أبيض كأنه قبطيّة حتى دخل في نعشه ، قال الرّاوي : فرمقته فلم أره خرج حتى دفن».

(غرن) فيه ذكر «غُرَان» هو بضم الغين وتخفيف الراء : واد قريب من من الحديبية نزل به رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في مسيره ، فأمّا «غراب» بالباء فجبل بالمدينة على طريق الشام.

(غرا) (س) في حديث الفرع «لا تذبحها وهي صغيرة لم يصلب لحمها فيلصق بعضها ببعض كالغِرَاء» الغِرَاء بالمدّ والقصر : هو الذي يلصق به الأشياء ويتّخذ من أطراف الجلود والسمك.

ومنه الحديث «فرّعوا إن شئتم ولكن لا تذبحوه غَرَاةً حتى يكبر» الغَرَاة بالفتح والقصر : القطعة من الغِرَا ، وهي لغة في الغِرَاء.

(س) ومنه الحديث «لبّدت رأسي بغسل أو بغِرَاء».

وحديث عمرو بن سلمة الجرميّ «فكأنما يَغْرَى في صدري» أي يلصق به. يقال : غَرِيَ هذا الحديث في صدري بالكسر يَغْرَى بالفتح ، كأنه ألصق بالغِرَاء.

(س) وفي حديث خالد بن عبد الله :

* لا غَرْوَ إلّا أكلة بهمطة *

الغَرْو : العجب. وغَرَوْتُ : أي عجبت ، ولا غَرْوَ : أي ليس بعجب. والهمط : الأخذ بخرق وظلم.

ومنه حديث جابر «فلمّا رأوه أُغْرُوا بي تلك الساعة» أى لّجوا في مطالبتي وألّحوا.

(باب الغين مع الزاى)

(غزر) (س) فيه «من منح منيحة لبن بكيئة كانت أو غَزِيرَة» أي كثيرة اللّبن. وأَغْزَرَ القوم : إذا كثرت ألبان مواشيهم.

ومنه حديث أبي ذرّ «هل يثبت لكم العدوّ حلب شاة؟ ، قالوا : نعم وأربع شياه غُزُرٍ» هي جمع غَزِيرَة : أي كثيرة اللّبن. هكذا جاء في رواية. والمشهور المعروف بالعين المهملة والزّايين ، جمع عزوز ، وقد تقدم.

[ه] وفيه عن بعض التابعين «الجانب المُسْتَغْزِر يثاب من هبته» المُسْتَغْزِر : الذي يطلب أكثر ممّا يعطي ، وهي المُغَازَرَة : أي إذا أهدى لك الغريب شيئا يطلب أكثر منه فأعطه في مقابلة هديّته.

(غزز) في حديث علي «إنّ الملكين يجلسان على ناجذي الرجل يكتبان خيره وشرّه ، ويستمدّان من غُزَّيْهِ» الغُزَّانِ بالضم : الشّدقان ، واحدهما : غُزٌّ.

وفي حديث الأحنف «شربة من ماء الغَزِيز» هو بضم الغين وفتح الزاي الأولى : ماء قرب اليمامة.

(غزل) (س) في كتابه لقوم من اليهود «عليكم كذا وكذا وربع المِغْزَل» أي ربع ما غَزَلَ نساؤكم ، وهو بالكسر الآلة ، وبالفتح : موضع الغَزْل ، وبالضم : ما يجعل فيه الغَزْل. وقيل : هذا حكم خصّ به هؤلاء.

(غزا) فيه «قال يوم فتح مكة : لا تُغْزَى قريش بعدها» أي لا تكفر حتى تُغْزَى على الكفر. ونظيره وقوله «ولا يقتل قرشيّ صبرا بعد اليوم» أي لا يرتدّ فيقتل صبرا على ردّته.

(س) ومنه الحديث الآخر «لا تُغْزَى هذه بعد اليوم إلى يوم القيامة» يعنى مكة : أي لا تعود دار كفر تُغْزَى عليه. ويجوز أن يراد أنّ الكفّار لا يَغْزُونَها أبدا ، فإنّ المسلمين قد غَزَوْها مرّات.

وفيه «ما من غَازِيَة تخفق وتصاب إلّا تمّ أجرهم» الغَازِيَة : تأنيث الغَازِي ، وهي هاهنا صفة لجماعة غَازِيَة. وأخفق الغَازِي : إذا لم يغنم ولم يظفر. وقد غَزَا يَغْزُو غَزْواً فهو غَازٍ. والغَزْوَة : المرّة من الغَزْو : والاسم الغَزَاة. وجمع الغَازِي : غُزَاة وغُزًّى وغَزِيٌ وغُزَّاءٌ ، كقضاة ، وسبّق ، وحجيج ، وفسّاق. وأَغْزَيْتُ فلانا : إذا جهّزته للغَزْو. والمَغْزَى والمَغْزَاة : موضع الغَزْو ، وقد يكون الغَزْو نفسه.

ومنه الحديث «كان إذا استقبل مَغْزًى».

والمُغْزِيَة : المرأة التي غَزَا زوجها وبقيت وحدها في البيت.

(ه) ومنه حديث عمر «لا يزال أحدهم كاسرا وساده عند مُغْزِيَة».

(باب الغين مع السين)

(غسق) (ه) فيه «لو أنّ دلوا من غَسَّاق يهراق في الدنيا لأنتن أهل الدّنيا» الغَسَّاق بالتخفيف والتشديد : ما يسيل من صديد أهل النار وغسالتهم. وقيل : ما يسيل من دموعهم. وقيل : هو الزّمهرير.

(ه) وفي حديث عائشة «قال لها ونظر إلى القمر : تعوّذي بالله من هذا فإنه» يقال : غَسَقَ يَغْسِقُ غُسُوقاً فهو غَاسِق إذا أظلم ، وأَغْسَقَ مثله. وإنما سمّاه غَاسِقا ، لأنه إذا خسف أو أخذ في المغيب أظلم.

ومنه الحديث «فجاء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بعد ما أَغْسَقَ» أي دخل في الغَسَق ، وهي ظلمة الليل.

ومنه حديث أبي بكر «إنّه أمر عامر بن فهيرة وهما في الغار أن يروّح عليهما غنمه مُغْسِقاً».

(ه) ومنه حديث عمر «لا تفطروا حتى يُغْسِقَ الليل على الظّراب» أي حتى يغشى الليل بظلمته الجبال الصّغار.

(ه) وحديث الرّبيع بن خثيم «كان يقول لمؤذّنه في يوم غيم : أَغْسِقْ أَغْسِقْ» أي أخّر المغرب حتى يظلم الليل.

(غسل) (س ه) في حديث الجمعة «من غَسَّلَ واغْتَسَلَ ، وبكّر وابتكر» ذهب كثير من الناس أن «غَسَّلَ» أراد به المجامعة قبل الخروج إلى الصلاة ، لأنّ ذلك يجمع غضّ الطرف في الطّريق.

يقال : غَسَّلَ الرجل امرأته ـ بالتّشديد والتّخفيف ـ (١) إذا جامعها. وقد روي مخفّفا.

وقيل : أراد غَسَّلَ غيره واغْتَسَلَ هو ، لأنّه إذا جامع زوجته أحوجها إلى الغُسْل.

وقيل : أراد بِغَسَّلَ غَسْلَ أعضائه للوضوء ، ثم يَغْتَسِلُ للجمعة.

وقيل : هما بمعنى واحد وكرّره للتأكيد.

(ه س) وفيه «أنه قال فيما حكى عن ربّه : وأنزل عليك كتابا لا يَغْسِله الماء ، تقرؤه نائما ويقظان» أراد أنه لا يمحى أبدا ، بل هو محفوظ في صدور الّذين أوتوا العلم ، (لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ). وكانت الكتب المنزّلة لا تجمع حفظا ، وإنّما يعتمد في حفظها على الصّحف ، بخلاف القرآن فإنّ حفّاظه أضعاف مضاعفة لصحفه.

وقوله «تقرؤه نائما ويقظان» أي تجمعه حفظا في حالتي النّوم واليقظة.

وقيل : أراد تقرؤه في يسر وسهولة.

[ه] وفي حديث الدعاء «واغْسِلْنِي بماء الثّلج والبرد» أي طهّرني من الذنوب. وذكر هذه الأشياء مبالغة في التّطهير.

(س) وفيه «وضعت (٢) له غُسْلَه من الجنابة» الغُسْل بالضم : الماء الذي يُغْتَسَل به ،

__________________

(١) فى الهروي : «وقال أبو بكر : معنى «غسّل» بالتشديد : اغتسل بعد الجماع ثم اغتسل للجمعة ، فكرر بهذا المعنى».

(٢) فى ا : «وصفت».

كالأكل لما يؤكل ، وهو الاسم أيضا من غَسَلْتُه ، والغَسْل بالفتح : المصدر ، وبالكسر : ما يُغْسَل به من خطميّ وغيره.

وفيه «من غَسَّلَ الميّت فليَغْتَسِل» قال الخطّابي : لا أعلم أحدا من الفقهاء يوجب الاغْتِسَال من غُسْلِ الميّت ولا الوضوء من حمله ، ويشبه أن يكون الأمر فيه على الاستحباب.

قلت : الغُسْل من غسْل الميّت مسنون ، وبه يقول الفقهاء. قال الشافعي : وأحبّ الغُسْل من غُسْل الميّت ، ولو صحّ الحديث قلت به.

وفي حديث العين «إذا اسْتَغْسَلْتُم فاغْسِلُوا» أي إذا طلب من أصابته العين أن يَغْتَسِلَ من أصابه بعينه فليجبه.

كان من عادتهم أنّ الإنسان إذا أصابته عين من أحد جاء إلى العائن بقدح فيه ماء فيدخل كفّه فيه ، فيتمضمض ثم يمجّه في القدح ، ثم يَغْسِل وجهه فيه ، ثم يدخل يده اليسرى فيصبّ على يده اليمنى ، ثم يدخل يده اليمنى فيصبّ على يده اليسرى ، ثم يدخل يده اليسرى فيصبّ على مرفقه الأيمن ، ثم يدخل يده اليمنى فيصبّ على مرفقه الأيسر ، ثم يدخل يده اليسرى فيصبّ على قدمه اليمنى ، ثم يدخل يده اليمنى فيصبّ على قدمه اليسرى ، ثم يدخل يده اليسرى فيصبّ على ركبته اليمنى ، ثم يدخل يده اليمنى فيصب على ركبته اليسرى ، ثم يغسل داخلة إزاره ، ولا يوضع القدح بالأرض ، ثم يصبّ ذلك الماء المستعمل على رأس المصاب بالعين من خلفه صبّة واحدة فيبرأ بإذن الله تعالى.

وفي حديث علي وفاطمة «شرابه الحميم والغِسْلِين» هو ما انْغَسَلَ من لحوم أهل النار وصديدهم ، والياء والنّون زائدتان.

(باب الغين مع الشين)

(غشش) (ه) فيه «من غَشَّنَا فليس منّا» الغِشُ : ضدّ النّصح ، من الغَشَش ، وهو المشرب الكدر.

وقوله : «ليس منّا» أي ليس من أخلاقنا ولا على سنتنا. وقد تكرر في الحديث.

(ه) وفي حديث أم زرع «ولا تملأ بيتنا تَغْشِيشاً» هكذا جاء في رواية ، وهو من الغِشّ. وقيل : هو النّميمة. والرواية بالعين المهملة. وقد تقدّم.

(غشمر) (ه) في حديث جبر بن حبيب «قال : قاتله الله لقد تَغَشْمَرَها» أي أخذها بجفاء وعنف.

(غشا) في حديث المسعى «فإنّ الناس غَشُوه» أي ازدحموا عليه وكثروا. يقال : غَشِيَه يَغْشَاه غِشْيَاناً إذا جاءه ، وغَشَّاه تَغْشِيَة إذا غطّاه ، وغَشِيَ الشيء إذا لابسه. وغَشِيَ المرأة إذا جامعها. وغُشِيَ عليه فهو مَغْشِيٌ عليه إذا أغمي عليه. واسْتَغْشَى بثوبه وتَغَشَّى : أي تغطّى. والجميع قد جاء في الحديث على اختلاف ألفاظه.

فمنها قوله «وهو مُتَغَشٍ بثوبه».

وقوله «وتُغَشِّى أنامله» أي تسترها.

ومنها قوله «غَشِيَتْهُم الرّحمة ، وغَشِيَها ألوان» أي تعلوها.

ومنها قوله «فلا يَغْشَنا في مساجدنا».

وقوله «فإن غَشِيَنا من ذلك شيء» هو من القصد إلى الشيء والمباشرة.

ومنها قوله «ما لم يَغْشَ الكبائر».

(س) ومنه حديث سعد «فلما دخل عليه وجده في غَاشِيَة» الغَاشِيَة : الدّاهية من خير أو شرّ أو مكروه. ومنه قيل للقيامة «الغَاشِيَة» وأراد في غَشْيَة من غَشَيَات الموت.

ويجوز أن يريد بالغَاشِيَة القوم الحضور عنده الذين يَغْشَوْنَه للخدمة والزّيارة : أي جماعة غَاشِيَة ، أو ما يَتَغَشَّاه من كرب الوجع الذي به : أي يغطّيه فظنّ أن قد مات.

(باب الغين مع الصاد)

(غصب) قد تكرر في الحديث ذكر «الغَصْب» وهو أخذ مال الغير ظلما وعدوانا. يقال : غَصَبَه يَغْصِبُه غَصْباً ، فهو غَاصِب ومَغْصُوب.

ومنه الحديث «أنه غَصَبَها نفسها» أراد أنّه واقعها كرها ، فاستعاره للجماع.

(غصص) في قوله تعالى (لَبَناً خالِصاً سائِغاً لِلشَّارِبِينَ) قيل : إنّه من بين المشروبات لا يَغَصُ به شاربه. يقال : غَصَصْتُ بالماء أَغَصُ غَصَصاً فأنا غَاصٌ وغَصَّان إذا شرقت به ، أو وقف في حلقك فلم تكد تسيغه.

(غصن) قد تكرر في الحديث ذكر «الغُصْن والأَغْصَان» وهي أطراف الشّجر مادامت فيها ثابتة ، وتجمع على غُصُون أيضا.

(باب الغين مع الضاد)

(غضب) قد تكرر ذكر «الغَضَب» في الحديث من الله تعالى ومن الناس ، فأما غَضَب الله فهو إنكاره على من عصاه ، وسخطه عليه ، وإعراضه عنه ، ومعاقبته له. وأما من المخلوقين فمنه محمود ومذموم ، فالمحمود ما كان في جانب الدّين والحق ، والمذموم ما كان في خلافه.

(غضر) في حديث ابن زمل «الدنيا وغَضَارَة عيشها» أي طيبها ولذّتها. يقال : إنهم لفي غَضَارَة من العيش : أي في خصب وخير.

(غضرف) في صفته عليه الصلاة والسلام «أعرفه بخاتم النّبوّة أسفل من غُضْرُوف كتفه» غُضْرُوف الكتف : رأس لوحه.

(غضض) (ه) فيه «كان إذا فرح غَضَ طرفه» أي كسره وأطرق ولم يفتح عينه. وإنما كان يفعل ذلك ليكون أبعد من الأشر والمرح.

ومنه حديث أم سلمة «حماديات النّساء غَضُ الأطراف» في قول القتيبيّ (١).

ومنه قصيد كعب :

وما سعاد غداة البين إذ رحلوا

إلّا أغنّ غَضِيض الطّرف مكحول

هو فعيل بمعنى مفعول. وذلك إنما يكون من الحياء والخفر.

وحديث العطاس «كان إذا عطس غَضَ صوته» أي خفضه ولم يرفعه بصيحة.

وفي حديث ابن عباس «لو غَضَ الناس في الوصيّة من الثّلث» أي لو نقصوا وحطّوا.

(س) وفيه «من سرّه أن يقرأ القرآن غَضّاً كما أنزل فليسمعه من ابن أمّ عبد» الغَضّ : الطّريّ الذي لم يتغيّر ، أراد طريقه في القراءة وهيأته فيها.

وقيل : أراد بالآيات التي سمعها منه من أوّل سورة النّساء إلى قوله «فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً».

ومنه حديث عليّ «هل ينتظر أهل غَضَاضَة (٢) الشّباب» أي نضارته وطراوته.

(س) وفي حديث ابن عبد العزيز «أنّ رجلا قال : إن تزوّجت فلانة حتى آكل الغَضِيض فهي طالق» الغَضِيض : الطّريّ ، والمراد به الطّلع. وقيل : الثّمر أوّل ما يخرج.

(غضغض) (ه) فيه «لمّا مات عبد الرحمن بن عوف قال عمرو بن العاص : هنيئا لك خرجت من الدنيا ببطنتك لم تَتَغَضْغَضْ منها بشيء (٣)» يقال : غَضْغَضْتُه فتَغَضْغَضَ : أي نقصته فنقص ، يريد أنه لم يتلبّس بولاية وعمل ينقص أجره الذي وجب له. وقد تقدّم في الباء.

__________________

(١) انظر ص ١٢٠ من هذا الجزء.

(٢) رويت : «بضاضة» وسبقت.

(٣) كذا فى الأصل والهروى. وفى ا ، واللسان : «لم يتغضغض منها شىء» وكأنهما روايتان ، انظر ص ١٣٧ من الجزء الأول.

(غضف) في الحديث «أنه قدم خيبر بأصحابه وهم مسغبون والثمرة مُغْضِفَة».

(ه) ومنه حديث عمر «وذكر أبواب الرّبا قال : ومنها الثمرة تباع وهي مُغْضِفَة» أي قاربت الإدراك ولمّا تدرك.

وقيل : هي المتدلّية من شجرها مسترخية ، وكلّ مسترخ أَغْضَفَ. أراد أنها تباع ولم يبد صلاحها.

(غضن) في حديث سطيح :

وكاشف الكربة في الوجه الغَضِن

هو الوجه الذي فيه تكسّر وتجعّد ، من شدة الهمّ والكرب الذي نزل به.

(باب الغين مع الطاء)

(غطرس) في حديث عمر «لولا التّغطرس ما غسلت يدي» التَّغَطْرُس : الكبر.

(غطرف) (ه) في حديث سطيح :

أصمّ أم يسمع غِطْرِيف اليمن

الغِطْرِيف : السّيّد (١) ، وجمعه الغَطَارِيف. وقد تكرر في الحديث.

(غطط) (س) فيه «أنّه نام حتى سمع غَطِيطه» الغَطِيط : الصّوت الذي يخرج مع نفس النائم ، وهو ترديده حيث لا يجد مساغا. وقد غَطَّ يَغِطُّ غَطّاً وغَطِيطاً.

(س) ومنه حديث نزول الوحي «فإذا هو محمرّ الوجه يَغِطُّ».

(س) و[في (٢)] حديث جابر «وإنّ برمتنا لتَغِطُّ» أي تغلي ويسمع غَطِيطُها.

ومنه الحديث «والله ما يَغِطُّ لنا بعير» غَطَّ البعير : إذا هدر في الشّقشقة ، فإن لم يكن في الشّقشقة فهو هدير.

__________________

(١) قال الهروى : والغطريف فى غير هذا : البازى الذى أخذ من وكره صغيرا.

(٢) من ا واللسان.

(س) وفي حديث ابتداء الوحي «فأخذني جبريل فغَطَّنِي» الغَطّ : العصر الشديد والكبس ، ومنه الغَطُّ في الماء : الغوص.

قيل : إنما غَطَّه ليختبره هل يقول من تلقاء نفسه شيئا.

(س) ومنه حديث زيد بن الخطاب وعاصم بن عمر «أنهما كانا يَتَغَاطَّان في الماء وعمر ينظر» أي يتغامسان فيه ، يَغُطُّ كلّ واحد منهما صاحبه.

(غطف) (ه) في حديث أمّ معبد «وفي أشفاره غَطَفٌ» هو أن يطول شعر الأجفان ثم ينعطف ، ويروى بالعين المهملة ، وقد تقدّم (١).

(غطا) (س) فيه «أنه نهى أن يُغَطِّيَ الرجل فاه في الصلاة» من عادة العرب التّلثّم بالعمائم على الأفواه فنهوا عن ذلك في الصّلاة ، فإن عرض له التّثاؤب جاز له أن يُغَطِّيَه بثوبه أو يده ، لحديث ورد فيه.

(باب الغين مع الفاء)

(غفر) في أسماء الله تعالى «الْغَفَّار والْغَفُورُ» وهما من أبنية المبالغة ، ومعناهما السّاتر لذنوب عباده وعيوبهم ، المتجاوز عن خطاياهم وذنوبهم. وأصل الغَفْر : التّغطية. يقال : غَفَرَ الله لك غَفْراً وغُفْرَاناً ومَغْفِرَة. والمَغْفِرَة : إلباس الله تعالى العفو للمذنبين.

وفيه «كان إذا خرج من الخلاء قال : غُفْرَانَك» الغُفْرَان مصدر ، وهو منصوب بإضمار أطلب ، وفي تخصيصه بذلك قولان :

أحدهما : التّوبة من تقصيره في شكر النّعمة التي أنعم بها عليه من إطعامه وهضمه وتسهيل مخرجه فلجأ إلى الاسْتِغْفَار من التّقصير.

والثّاني : أنه اسْتَغْفَرَ من تركه ذكر الله تعالى مدّة لبثه على الخلاء ، فإنه كان لا يترك ذكر الله بلسانه أو قلبه إلّا عند قضاء الحاجة ، فكأنه رأى ذلك تقصيرا فتداركه بالاسْتِغْفَار.

__________________

(١) ويروى «وطف» وسيجىء.

وفيه «غِفَارُ غَفَرَ الله لها» يحتمل أن يكون دعاء لها بالمَغْفِرَة ، أو إخبارا أن الله قد غَفَرَ لها.

ومنه حديث عمرو بن دينار «قلت لعروة : كم لبث رسول الله بمكة؟ قال : عشرا ، قلت : فابن عباس يقول بضع عشرة ، قال فغَفَّرَه» : أي قال غَفَرَ الله له.

(ه) وفي حديث عمر ، لمّا حصّب المسجد «قال : هو أَغْفَرُ للنّخامة» أي أستر لها.

وفي حديث الحديبية «والمغيرة بن شعبة عليه المِغْفَرُ» هو ما يلبسه الدّارع على رأسه من الزّرد ونحوه. وقد تكرر في الحديث.

[ه] وفيه «أن قادما قدم عليه من مكّة فقال : كيف تركت الحزورة؟ فقال : جادها المطر فأَغْفَرَتْ بطحاؤها» أي أنّ المطر نزل عليها حتى صار (١) كالغَفَر من النّبات. والغَفَر : الزّئبر على الثّوب.

وقيل : أراد أن رمثها (٢) قد أَغْفَرَت : أي أخرجت مَغَافِيرَها. والمَغَافِير : شيء ينضحه شجر العرفط حلو كالنّاطف ، وهذا أشبه. ألا ترى أنه وصف شجرها فقال : «وأبرم سلمها ، وأعذق إذخرها».

(ه) ومنه حديث عائشة وحفصة «قالت له سودة : أكلت مَغَافِيرَ» واحدها مُغْفُور ، بالضّم ، وله ريح كريهة منكرة. ويقال أيضا «المَغَائِير» بالثّاء المثلثة ، وهذا البناء قليل في العربيّة لم يرد منه إلّا مُغْفُور ، ومُنْخُور للمُنْخُر ، ومُغْرُود لضرب من الكمأة ، ومُعْلُوق (٣) واحد المعاليق.

وفي حديث عليّ «إذا رأى أحدكم لأخيه غَفِيرَة في أهل أو مال فلا يكوننّ له فتنة» الغَفِيرَة : الكثرة والزيادة ، من قولهم للجمع الكثير : الجمّ الغَفِير.

__________________

(١) فى الأصل : «صارت» والمثبت من ا ، واللسان ، والهروى. وعبارته : «حتى صارت عليها».

(٢) الرّمث : شجر.

(٣) لم يذكر الهروى هذا البناء. والمعاليق : ضرب من النخل.

(قاموس ـ علق).

وفي حديث أبي ذرّ «قلت : يا رسول الله كم الرّسل؟ قال : ثلاثمائة وخمسة عشر جمّ الغَفِير» أي جماعة كثيرة. وقد تقدّم في حرف الجيم مبسوطا مستقصى.

(غفق) (ه) في حديث سلمة «قال : مرّ بي عمر وأنا قاعد في السّوق ، فقال : هكذا يا سلمة عن الطّريق ، وغَفَقَنِي بالدّرّة ، فلما كان في العام المقبل لقيني فأدخلني بيته فأخرج كيسا فيه ستّمائة درهم فقال : خذها واعلم أنها من الغَفْقَة التي غَفَقْتُك عاما أوّل (١)» الغَفْق : الضرب بالسّوط والدّرّة والعصا. والغَفْقَة : المرّة منه. وقد جاء «عفقة» بالعين المهملة.

(غفل) [ه] فيه «أن نقادة الأسلميّ (٢) قال : يا رسول الله ، إني رجل مُغْفِلٌ فأين أسم؟» أي صاحب إبل أَغْفَالٍ لا سمات عليها.

ومنه الحديث «وكان أوس بن عبد الله [الأسلميّ](٣) مُغْفِلاً» وهو من الغَفْلَة ، كأنها قد أهملت وأُغْفِلَت.

ومنه حديث طهفة «ولنا نعم همل أَغْفَالٌ» أي لا سمات عليها.

وقيل الأَغْفَال هاهنا : التي لا ألبان لها ، واحدها : غُفْل.

وقيل : الغُفْل «الذي لا يرجى خيره ولا شرّه.

ومنه كتابه لأكيدر «إنّ لنا الضّاحية وكذا وكذا والمَعامِيَ وأَغْفَال الأرض» أي المجهولة التي ليس فيها أثر تعرف به.

وفيه «من اتّبع الصّيد غَفَلَ» أي يشتغل به قلبه. ويستولي عليه حتى يصير فيه غَفْلَة.

وفي حديث أبي موسى «لعلّنا أَغْفَلْنا رسول الله يمينه» أي جعلناه غَافِلاً عن يمينه بسبب سؤالنا.

__________________

(١) فى اللسان : «عام أوّل».

(٢) فى الهروى : «نقادة الأسدىّ». وقال ابن حجر : «نقاده ـ بالقاف ـ الأسدى ويقال الأسلمى» الإصابة ٦ / ٢٥٣.

(٣) من ا.

وقيل : سألناه في وقت شغله ، ولم ننتظر فراغه. يقال : تَغَفَّلْتُه واسْتَغْفَلْتُه : أي تحيّنت غَفْلَته.

[ه] وفي حديث أبي بكر «رأى رجلا يتوضّأ فقال : عليك بالمَغْفَلَة والمنشلة» المَغْفَلَة : العنفقة ، يريد الاحتياط في غسلها في الوضوء ، سمّيت مَغْفَلَة لأن كثيرا من الناس يَغْفُلُ عنها.

(غفا) (ه) فيه «فغَفَوْتُ غَفْوَة» أي نمت نومة خفيفة. يقال : أَغْفَى إِغْفَاءً وإِغْفَاءَةً إذا نام ، وقلّما يقال : غَفَا.

قال الأزهري : الّلغة الجيدة : أَغْفَيْتُ.

(باب الغين مع القاف)

(غقق) (ه) في حديث سلمان «إنّ الشمس لتقرب من رؤوس الخلق يوم القيامة حتى إن بطونهم تقول : غِقْ غِقْ» وفي رواية «حتى إنّ بطونهم تَغِقُ» أي تغلي. وغِقْ غِقْ : حكاية صوت الغليان. وتقول : سمعت غَقَ الماء وغَقِيقَه إذا جرى فخرج من ضيق (١) إلى سعة ، أو من سعة إلى ضيق (٢).

(باب الغين مع اللام)

(غلب) (س) فيه «أهل الجنّة الضّعفاء المُغَلَّبُون» المُغَلَّب : الذي يُغْلَب كثيرا. وشاعر مُغَلَّب : أي كثيرا ما يُغْلَب. والمُغَلَّب أيضا : الذي يحكم له بالغَلَبَة ، والمراد الأوّل.

وفي حديث ابن مسعود «ما اجتمع حلال وحرام إلّا غَلَبَ الحرام الحلال» أي إذا امتزج الحرام بالحلال وتعذّر تمييزهما كالماء والخمر ونحو ذلك صار الجميع حراما.

__________________

(١) فى الأصل : «مضيق». والمثبت من ا ، واللسان ، والقاموس.

(٢) فى الأصل : «مضيق». والمثبت من ا ، واللسان ، والقاموس.

وفيه «إنّ رحمتي تَغْلِبُ غضبي» هو إشارة إلى سعة الرّحمة وشمولها الخلق كما يقال : غَلَبَ على فلان الكرم : أي هو أكثر خصاله ، وإلّا فرحمة الله وغضبه صفتان راجعتان إلى إرادته للثّواب والعقاب ، وصفاته لا توصف بغَلَبَة إحداهما الأخرى ، وإنّما هو على سبيل المجاز للمبالغة.

وفي حديث ابن ذي يزن :

بيض مرازبة غُلْبٌ جحاجحة

هو جمع أَغْلَب ، وهو الغليظ العنق ، وهم يصفون أبدا السّادة بغلظ الرّقبة وطولها ، والأنثى غَلْبَاء.

ومنه قصيد كعب :

غَلْبَاء وَجْنَاءُ عُلْكُومٌ مُذَكَّرَةٌ

(غلت) (ه) في حديث ابن مسعود «لا غَلَتَ في الإسلام» الغَلَت في الحساب كالغلط في الكلام. وقيل : هما لغتان.

وجعله الزمخشري عن ابن عباس (١).

ومنه حديث شريح «كان لا يجيز الغَلَت» هو أن يقول الرجل : اشتريت هذا الثّوب بمائة ، ثم يجده اشتراه بأقلّ من ذلك فيرجع إلى الحقّ ويترك الغَلَت.

(س) ومنه حديث النّخعيّ «لا يجوز التَّغَلُّت» هو تفعّل ، من الغَلَت.

(غلس) فيه «أنه كان يصلّي الصّبح بِغَلَس» الغَلَس : ظلمة آخر الليل إذا اختلطت بضوء الصّباح.

ومنه حديث الإفاضة «كنّا نُغَلِّسُ من جمع إلى منى» أي نسير إليها ذلك الوقت. وقد غَلَّسَ يُغَلِّسُ تَغْلِيساً. وقد تكرر ذكره في الحديث.

__________________

(١) إنما جعله الزمخشرى من حديث ابن مسعود. انظر الفائق ٢ / ٢٣٤.

(غلط) (ه) فيه «أنه نهى عن الغُلُوطَات في المسائل» وفي رواية «الأُغْلُوطَات» قال الهروي : الغُلُوطَات (١) تركت منها الهمزة ، كما تقول : جاء الأحمر وجاء الحمر بطرح الهمزة ، وقد غَلِطَ من قال : إنها جمع غَلُوطَة.

وقال الخطّابي : يقال : مسئلة غَلُوط : إذا كان يُغْلَطُ فيها ، كما يقال : شاة حلوب ، وفرس ركوب ، فإذا جعلتها اسما زدت فيها الهاء فقلت : غَلُوطَة ، كما يقال : حلوبة وركوبة. وأراد المسائل التي يُغَالَط بها العلماء ليزلّوا فيها فيهيج بذلك شرّ وفتنة. وإنما نهى عنها لأنها غير نافعة في الدّين ، ولا تكاد تكون إلّا فيما لا يقع.

ومثله قول ابن مسعود : «أنذرتكم صعاب المنطق» يريد المسائل الدقيقة الغامضة.

فأمّا الأُغْلُوطَات فهي جمع أُغْلُوطَة ، أفعولة ، من الغَلَط ، كالأحدوثة والأعجوبة.

(غلظ) (ه) في حديث قتل الخطأ «ففيها الدّية مُغَلَّظَة» تَغْلِيظ الدّية : أن تكون ثلاثين حقّة ، وثلاثين جذعة وأربعين ، ما بين ثنيّة إلى بازل عامها كلّها خلفة : أي حامل.

(غلغل) في حديث المخنّث هيت «قال : إذا قامت تثنّت ، وإذا تكلّمت تغنّت ، فقال له : قد تَغَلْغَلْتَ يا عدوّ الله» الغَلْغَلَة : إدخال الشيء في الشيء حتى يلتبس به ويصير من جملته : أي بلغت بنظرك من محاسن هذه المرأة حيث لا يبلغ ناظر ، ولا يصل واصل ، ولا يصف واصف.

وفي حديث ابن ذى يزن :

مُغَلْغَلَة مغالقها تغالى

إلى صنعاء من فجّ عميق

المُغَلْغَلَة بفتح الغينين : الرّسالة المحمولة من بلد إلى بلد. وبكسر الغين الثانية : المسرعة ، من الغَلْغَلَة سرعة السّير.

__________________

(١) عبارة الهروى : «الأصل فيه الأغلوطات ، ثم تركت الهمزة».

(غلف) في صفته عليه الصلاة والسلام «يفتح قلوبا غُلْفاً» أي مغشّاة مغطّاة ، واحدها : أَغْلَف. ومنه غِلَاف السّيف وغيره.

ومنه حديث حذيفة والخدريّ «القلوب أربعة : فقلب أَغْلَف» أي عليه غشاء عن سماع الحقّ وقبوله.

وفي حديث عائشة «كنت أُغَلِّفُ لحية رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بالغالية» أي ألطخها به وأكثر. يقال : غَلَفَ بها لحيته غَلْفاً ، وغَلَّفَها تَغْلِيفاً. والغالية : ضرب مركّب من الطّيب.

(غلق) (ه) فيه «لا يَغْلَقُ الرّهن بما فيه» يقال : غَلِقَ الرّهن يَغْلَقُ غُلُوقاً. إذا بقي في يد المرتهن لا يقدر راهنه على تخليصه. والمعنى أنه لا يستحقّه المرتهن إذا لم يستفكّه صاحبه. وكان هذا من فعل الجاهلية ، أنّ الرّاهن إذا لم يؤدّ ما عليه في الوقت المعيّن ملك المرتهن الرّهن ، فأبطله الإسلام.

قال الأزهري : يقال غَلِقَ الباب ، وانْغَلَقَ واسْتَغْلَقَ ، إذا عسر فتحه. والغَلَق في الرهن : ضدّ الفكّ ، فإذا فكّ الراهن الرهن فقد أطلقه من وثاقه عند مرتهنه. وقد أَغْلَقْتُ الرّهن فغَلِقَ : أي أوجبته فوجب للمرتهن.

[ه] ومنه قول حذيفة بن بدر لقيس بن زهير «حين جاءه فقال : ما غدا بك؟ قال : جئت لأواضعك الرّهان ، قال : بل غدوت لتُغْلِقَه» أي جئت لتضع الرّهن وتبطله. فقال : بل جئت لتوجبه وتؤكّده.

[ه] ومنه الحديث «ورجل ارتبط فرسا ليُغَالِقَ عليها» أي ليراهن. والمَغَالِق : سهام الميسر ، واحدها : مِغْلَق بالكسر ، كأنه كره الرّهان في الخيل إذا كان على رسم الجاهليّة.

(ه) ومنه الحديث «لا طلاق ولا عتاق في إِغْلَاق» أي في إكراه ، لأنّ المكره مُغْلَق

عليه في أمره ومضيّق عليه في تصرّفه ، كما يُغْلَقُ الباب على الإنسان (١).

وفي حديث قتل أبي رافع «ثم علّق الأَغَالِيق على ودّ (٢)» هي المفاتيح ، واحدها : إِغْلِيق.

(ه) وفي حديث جابر «شفاعة النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم لمن أوثق (٣) نفسه ، وأَغْلَقَ ظهره» غَلِقَ ظهر البعير إذا دبر ، وأَغْلَقَه صاحبه إذا أثقل حمله حتى يدبر ، شبّه الذّنوب التي أثقلت ظهر الإنسان بذلك.

[ه] وفي كتاب عمر إلى أبي موسى «إيّاك والغَلَقَ والضّجر» الغَلَق بالتّحريك : ضيق الصّدر وقلّة الصّبر. ورجل غَلِق : سيّئ الخلق.

(غلل) قد تكرر ذكر «الغُلُول» في الحديث ، وهو الخيانة في المغنم والسّرقة من الغنيمة قبل القسمة. يقال : غَلَ في المغنم يَغُلُ غُلُولاً فهو غَالٌ. وكلّ من خان في شيء خفية فقد غَلَ. وسمّيت غُلُولاً لأن الأيدي فيها مَغْلُولَة : أي ممنوعة مجعول فيها غُلٌ ، وهو الحديدة التي تجمع يد الأسير إلى عنقه. ويقال لها جامعة أيضا. وأحاديث الغُلُول في الغنيمة كثيرة.

(ه) ومنه حديث صلح الحديبية «لا إِغْلَال ولا إسلال» الإِغْلَال : الخيانة أو السّرقة الخفيّة ، والإسلام : من سلّ البعير وغيره في جوف الليل إذا انتزعه من بين الإبل ، وهي السّلّة.

وقيل : هو الغارة الظّاهرة ، يقال : غَلَ يَغُلُ وسلّ يسلّ ، فأمّا أَغَلَ وأسلّ فمعناه صار ذا غُلُول وسلّة. ويكون أيضا أن يعين غيره عليهما.

وقيل الإِغْلَال : لبس الدّروع. والإسلال : سلّ السّيوف.

__________________

(١) قال الهروي : «وقيل معناه : لا تغلق التطليقات في دفعة واحدة حتى لا يبقى منها شيء ، لكن يطلّق طلاق السنّة».

(٢) الودّ : الوتد.

(٣) فى الهروى «ويجوز : لمن أوبق نفسه : أى أهلكها».

[ه] ومنه الحديث «ثلاث لا يُغِلُ عليهنّ قلب مؤمن» هو من الإِغْلَال : الخيانة في كل شيء.

ويروى «يَغِلُ» بفتح الياء ، من الغِلِ وهو الحقد والشّحناء : أي لا يدخله حقد يزيله عن الحقّ.

وروي «يَغِلُ» بالتّخفيف ، من الوغول : الدّخول في الشّرّ.

والمعنى أن هذه الخلال الثلاث تستصلح بها القلوب ، فمن تمسّك بها طهر قلبه من الخيانة والدّغل والشّر.

و«عليهنّ» في موضع الحال ، تقديره لا يَغِلُ كائنا عليهن قلب مؤمن.

(س) وفي حديث أبي ذر «غَلَلْتُم والله» أي خنتم في القول والعمل ولم تصدقوا.

(س) وحديث شريح «ليس على المستعير غير المُغِلّ ضمان ، ولا على المستودع غير المُغِلّ ضمان» أي إذا لم يخن في العارية والوديعة فلا ضمان عليه ، من الإِغْلَال : الخيانة.

وقيل : المُغِلّ هاهنا المُسْتَغِلّ ، وأراد به القابض ، لأنه بالقبض يكون مُسْتَغِلًّا. والأوّل الوجه.

وفي حديث الإمارة «فكّه عدله أو غَلَّهُ جوره» أي جعل في يده وعنقه الغُلُ ، وهو القيد المختصّ بهما.

(ه) ومنه حديث عمر وذكر النّساء فقال «منهنّ غُلٌ قمل» كانوا يأخذون الأسير فيشدّونه بالقدّ وعليه الشّعر ، فإذا يبس قمل في عنقه ، فتجتمع عليه محنتان : الغُلُ والقمل. ضربه مثلا للمرأة السّيئة الخلق الكثيرة المهر ، لا يجد بعلها منها مخلصا.

(س) وفيه «الغَلَّة بالضمان» هو كحديثه الآخر «الخراج بالضّمان» وقد تقدّم في الخاء. والغَلَّة : الدّخل الذي يحصل من الزّرع والثّمر ، واللبن والإجارة والنّتاج ونحو ذلك.

(س) وفي حديث عائشة «كنت أُغَلِّلُ لحية رسول الله بالغَالِيَة» أي ألطخها وألبسها بها.

قال الفرّاء : يقال تَغَلَّلْتُ بالغالية ، ولا يقال تغلّيت. وأجازه الجوهريّ.

(غلم) في حديث تميم والجسّاسة «فصادفنا البحر حين اغْتَلَمَ» أي هاج واضطربت أمواجه والاغْتِلَام : مجاوزة الحدّ.

(ه) ومنه حديث عمر «إذا اغْتَلَمَتْ عليكم هذه الأشربة فاكسروها بالماء» أي إذا جاوزت حدّها الذي لا يسكر إلى حدّها الذي يسكر.

(ه) وحديث عليّ «تجهّزوا لقتال المارقين المُغْتَلِمِين» أي الذين جاوزوا حدّ ما أمروا به من الدين وطاعة الإمام ، وبغوا عليه وطغوا.

(س) ومنه الحديث «خير النّساء الغَلِمَة على زوجها العفيفة بفرجها» الغَلِمَة : هيجان شهوة النّكاح من المرأة والرجل وغيرهما. يقال : غَلِمَ غُلْمَة ، واغْتَلَمَ اغْتِلَاماً.

(س) وفي حديث ابن عباس «بعثنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أُغَيْلِمَة بني عبد المطّلب من جمع بليل» أُغَيْلِمَة : تصغير أَغْلِمَة ، جمع غُلَام في القياس ، ولم يرد في جمعه أَغْلِمَة ، وإنما قالوا : غِلْمَة ، ومثله أصيبية تصغير صبية ، ويريد بالأُغَيْلِمَة الصّبيان ، ولذلك صغّرهم.

(غلا) (س) فيه «إيّاكم والغُلُوّ في الدّين» أي التشدّد فيه ومجاوزة الحدّ ، كحديثه الآخر «إنّ هذا الدّين متين فأوغل فيه برفق».

وقيل : معناه البحث عن بواطن الأشياء والكشف عن عللها وغوامض متعبّداتها.

ومنه الحديث «وحامل القرآن غير الغَالِي فيه ولا الجافي عنه» إنما قال ذلك لأن من أخلاقه وآدابه الّتي أمر بها القصد في الأمور ، وخير الأمور أوساطها ، و:

كلا طرفي قصد الأمور ذميم

(س) ومنه حديث عمر «لا تُغَالُوا صُدُقَ النّساء» وفي رواية «لا تَغْلُوا في صدقات النّساء» أي لا تبالغوا في كثرة الصّداق. وأصل الغَلَاء : الارتفاع ومجاوزة القدر في كل شيء. يقال : غَالَيْتُ الشّيء وبالشّيء ، وغَلَوْتُ فيه أَغْلُو إذا جاوزت فيه الحدّ.

(س) وفي حديث عائشة «كنت أغلّف لحية رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بالغَالِيَة»

الغَالِيَة : نوع من الطّيب مركّب من مسك وعنبر وعود ودهن ، وهي معروفة. والتّغلّف بها : التّلطّخ.

(س) وفيه «أنه أهدى له يكسوم سلاحا وفيه سهم فسّماه قِتْر الغِلَاء» الغِلَاء بالكسر والمدّ : من غَالَيْتُه أُغَالِيه مُغَالاة وغِلَاءً. إذا راميته بالسهام. والقِتْرُ : سهم الهدف ، وهي أيضا أمد جري الفرس وشوطه. والأصل الأوّل.

ومنه حديث ابن عمر «بينه وبين الطّريق غَلْوَة» الغَلْوَة : قدر رمية بسهم.

وفي حديث عليّ «شموخ أنفه وسمّو غُلَوَائِه» غُلَوَاء الشّباب : أوّله وشرّته.

(باب الغين مع الميم)

(غمد) (ه) فيه «إلّا أن يَتَغَمَّدَنِي الله برحمته» أي يلبسنيها ويسترني بها. مأخوذ من غِمْد السّيف ، وهو غلافه. يقال : غَمَدْتُ السّيف وأَغْمَدْتُه. وقد تكرر في الحديث.

وفيه ذكر «غُمْدَان» بضم الغين وسكون الميم : البناء العظيم بناحية صنعاء اليمن. قيل : هو من بناء سليمان عليه‌السلام ، له ذكر في حديث سيف بن ذي يزن.

(غمر) (س) فيه «مثل الصلوات الخمس كمثل نهر غَمْر» الغَمْر بفتح الغين وسكون الميم : الكثير ، أي يَغْمُر من دخله ويغطّيه.

(س) ومنه الحديث «أعوذ بك من موت الغَمْر» أي الغرق.

[ه] ومنه حديث عمر «أنه جعل على كلّ جريب عامر أو غَامِر درهما وقفيزا» الغَامِر : ما لم يزرع مما يحتمل الزّراعة من الأرض ، سمّي غَامِراً ، لأنّ الماء يَغْمُرُه ، فهو والعامر فاعل بمعنى مفعول.

قال القتيبي : ما لا يبلغه الماء من موات الأرض لا يقال له غَامِر ، وإنما فعل عمر ذلك لئلا يقصّر الناس في الزّراعة.

وفي حديث القيامة «فيقذفهم في غَمَرَات جهنم» أي المواضع التي تكثر فيها النار.

ومنه حديث أبي طالب «وجدته في غَمَرَات من النار!!» واحدتها : غَمْرَة.

[ه] ومنه حديث معاوية «ولا خضت برجل غَمْرَة إلّا قطعتها عرضا» الغَمْرَة : الماء الكثير ، فضربه مثلا لقوّة رأيه عند الشّدائد ، فإنّ من خاض الماء فقطعه عرضا ليس كمن ضعف واتّبع الجرية حتى يخرج بعيدا من الموضع الذي دخل فيه.

ومنه حديث صفته عليه‌السلام «إذا جاء مع القوم غَمَرهم» أي كان فوق كلّ من معه.

(س) ومنه حديث أويس «أكون في غِمَار الناس» أي جمعهم المتكاثف.

(س) ومنه حديث حجير «إني لمَغْمُورٌ فيهم» أي لست بمشهور ، كأنهم قد غَمَرُوه.

(س) ومنه حديث الخندق «حتى أَغْمَرَ بطنه» أي وارى التّراب جلده وستره.

(ه) و[في](١) حديث مرضه «أنه اشتدّ به حتى غُمِرَ عليه» أي أغمي عليه ، كأنه غطّي على عقله وستر.

(س) وفي حديث أبي بكر «أما صاحبكم فقد غَامَرَ» أي خاصم غيره. ومعناه دخل في غَمْرَة الخصومة ، وهي معظمها. والمُغَامِر : الذي يرمي بنفسه في الأمور المهلكة.

وقيل : هو من الغِمْر ، بالكسر ، وهو الحقد : أي حاقد غيره.

ومنه حديث غزوة خيبر.

شاكي السّلاح بطل مُغَامِر

أي مخاصم أو محاقد :

[ه] ومنه حديث الشّهادة «ولا ذي غِمْر على أخيه» أي حقد وضغن.

__________________

(١) من ا ، واللسان.

(س) وفيه «من بات وفي يده غَمَرٌ» الغَمَر بالتحريك : الدّسم والزّهومة من اللحم ، كالوضر من السّمن.

وفيه «لا تجعلوني كَغُمَر الراكب ، صلّوا عليّ أوّل الدّعاء وأوسطه وآخره» الغُمَر بضم الغين وفتح الميم : القدح الصّغير ، أراد أنّ الرّاكب يحمل رحله وأزواده على راحلته ، ويترك قعبه إلى آخر ترحاله ، ثم يعلّقه على رحله كالعلاوة ، فليس عنده بمهمّ ، فنهاهم أن يجعلوا الصلاة عليه كالغُمَر الذي لا يقدم في المهامّ ويجعل تبعا.

(ه) ومنه الحديث «أنه كان في سفر فشكى إليه العطش ، فقال : أطلقوا لي غُمَرِي» أي ائتوني به.

وفي حديث ابن عباس «أنّ اليهود قالوا للنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : لا يغرّك أن قتلت نفرا من قريش أَغْماراً» الأَغْمَار : جمع غُمْر بالضم ، وهو الجاهل الغرّ الذي لم يجرّب الأمور.

(س) وفي حديث عمرو بن حريث «أصابنا مطر ظهر منه الغَمِير» الغَمِير ، بفتح الغين وكسر الميم : هو نبت البقل عن المطر بعد اليبيس.

ومنه حديث قسّ «وغَمِيرُ حوذان» وقيل : هو المستور بالحوذان لكثرة نباته.

وفيه ذكر «غَمْر» هو بفتح الغين وسكون الميم : بئر قديمة بمكة حفرها بنو سهم.

(غمز) في حديث الغسل «قال لها : اغْمِزِي قرونك» أي اكبسي ضفائر شعرك عند الغسل. والغَمْز : العصر والكبس باليد.

(س) ومنه حديث عمر «أنه دخل عليه وعنده غليّم أسود يَغْمِزُ ظهره».

(س) ومنه حديث عائشة «اللّدود مكان الغَمْز» هو أن تسقط اللهاة فتُغْمَزَ باليد. أي تكبس.

وقد تكرر ذكر «الغَمْز» في الحديث.

وبعضهم فسّر «الغَمْز» في بعض الأحاديث بالإشارة ، كالرّمز بالعين أو الحاجب أو اليد.

(غمس) (ه) فيه «اليمين الغَمُوسُ تذر الدّيار بلاقع» هي اليمين الكاذبة الفاجرة كالتي يقتطع بها الحالف مال غيره. سمّيت غَمُوساً ، لأنها تَغْمِسُ صاحبها في الإثم ، ثم في النار. وفعول للمبالغة.

ومنه حديث الهجرة «وقد غَمَسَ حلفا في آل العاص» أي أخذ بنصيب من عقدهم وحلفهم يأمن به ، كانت عادتهم أن يحضروا في جفنة طيبا أو دما أو رمادا ، فيدخلون فيه أيديهم عند التّحالف ليتمّ عقدهم عليه باشتراكهم في شيء واحد.

(ه) ومنه حديث المولود «يكون غَمِيساً أربعين ليلة» أي مَغْمُوساً في الرّحم.

(ه) ومنه الحديث «فانْغَمَسَ في العدوّ فقتلوه» أي دخل فيهم وغاص.

(غمص) (ه) فيه «إنما ذلك مَن سَفِهَ الحقّ وغَمِصَ الناس» أي احتقرهم ولم يرهم شيئا تقول منه : غَمِصَ الناس يَغْمِصُهم يَغْمَصُهم غَمْصاً.

(ه) ومنه حديث عليّ «لما قتل ابن آدم أخاه غَمِصَ الله الخلق» أراد أنه نقصهم من الطّول والعرض والقوّة والبطش ، فصغّرهم وحقّرهم.

(ه) ومنه حديث عمر «قال لقبيصة : أتقتل الصيّد وتَغْمَصُ الفتيا؟» أي تحتقرها وتستهين بها.

ومنه حديث الإفك «إن رأيت منها أمرا أَغْمِصُه عليها» أي أعيبها به وأطعن به عليها.

(س) ومنه حديث توبة كعب «إلا مَغْمُوصٌ عليه النّفاق» أي مطعون في دينه متّهم بالنّفاق.

(س) وفي حديث ابن عباس «كان الصّبيان يصبحون غُمْصاً رمصا ويصبح رسول الله

صلى‌الله‌عليه‌وسلم صقيلا دهينا» يعنى في صغره. يقال : غَمِصَتْ عينه مثل رَمِصَت وقيل : الغَمَص : اليابس منه ، والرَّمَص الجاري.

ومنه الحديث في ذكر «الغُمَيْصَاء» وهي الشّعرى الشّاميّة ، وأكبر كوكبي الذّراع المقبوضة ، تقول العرب في خرافاتها : إنّ سهيلا والشّعريين كانت مجتمعة ، فانحدر سهيل فصار يمانيّا ، وتبعته الشّعرى اليمانيّة فعبرت المجرّة فسمّيت عبورا ، وأقامت الغُمَيْصَاء مكانها فبكت لفقدهما. حتى غَمِصَت عينها ، وهي تصغير الغَمْصَاء ، وبه سمّيت أمّ سليم الغُمَيْصَاء. وقد تكرر في الحديث.

(غمض) فيه «فكان غَامِضاً في الناس» أي مَغْمُوراً غير مشهور.

(س) وفي حديث معاذ «إياكم ومُغْمِضَات الأمور» وفي رواية «المُغْمِضَات من الذنوب» هي الأمور العظيمة التي يركبها الرجل وهو يعرفها ، فكأنه يُغْمِضُ عينيه عنها تعاشيا (١) وهو يبصرها ، وربّما روي بفتح الميم ، وهي الذنوب الصّغار ، سمّيت مُغْمَضَات لأنها تدقّ وتخفى فيركبها الإنسان بضرب من الشّبهة ، ولا يعلم أنه مؤاخذ بارتكابها.

وفي حديث البراء «إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ» وفي رواية «لم يأخذه إلّا على إِغْمَاض» الإِغْمَاض : المسامحة والمساهلة. يقال : أَغْمَضَ في البيع يُغْمِضُ إذا استزاده من المبيع واستحطّه من الثمن فوافقه عليه.

(غمط) (ه) فيه «الكبر أن تسفه الحقّ وتَغْمِطَ الناس» الغَمْط : الاستهانة والاستحقار ، وهو مثل الغمص. يقال : غَمِطَ يَغْمَطُ ، وغَمَطَ يَغْمِطُ.

ومنه الحديث «إنما ذلك من سفه الحقّ وغَمِط الناس» أي إنّما البغي فعل من سفه وغَمِط.

وفيه «أصابته حمّى مُغْمِطَة» أي لازمة دائمة ، والميم فيه بدل من الباء. يقال : أغبطت عليه الحمّى إذا دامت. وقد تقدّم.

__________________

(١) فى الأصل : «تغاشيا» بالغين والشين المعجمتين. وفى اللسان وشرح القاموس : «تعاميا». وأثبتناه بالعين المهملة من ا. قال صاحب القاموس : تعاشى : تجاهل.

وقيل : هو من الغَمْط ، كفران النّعمة وسترها ، لأنّها إذا غشيته فكأنها سترت عليه.

(غمغم) (ه) في صفة قريش «ليس فيهم غَمْغَمَة قضاعة» الغَمْغَمَة والتَّغَمْغُم : كلام غير بيّن. قاله رجل من العرب لمعاوية ، قال له : من هم؟ قال : قومك قريش.

(غمق) (ه) كتب عمر إلى أبي عبيدة بالشام «إنّ الأردنّ أرض غَمِقَة» أي قريبة من المياه والنّزوز والخضر. والغَمَق : فساد الرّيح ، وخمومها (١) من كثرة الأنداء فيحصل منها الوباء.

(غمل) (ه) فيه «إنّ بني قريظة نزلوا أرضا غَمِلَة وبلة» الغَمِلَة : الكثيرة النّبات التي وارى النّبات وجهها ، وغَمَلْتُ الأمر إذا سترته وواريته.

(غمم) (ه) في حديث الصّوم «فإن غُمَ عليكم فأكملوا العدّة» يقال : غُمَ علينا الهلال إذا حال دون رؤيته غيم أو نحوه ، من غَمَمْتُ الشيء إذا غطّيته.

وفي «غُمَّ» ضمير الهلال. ويجوز أن يكون «غُمَّ» مسندا إلى الظّرف : أي فإن كنتم مَغْمُوماً عليكم فأكملوا ، وترك ذكر الهلال للاستغناء عنه. وقد تكرر في الحديث.

(ه) ومنه حديث وائل بن حجر «ولا غُمَّةَ في فرائض الله» أي لا تستر وتخفى فرائضه ، وإنما تظهر وتعلن ويجهر بها.

ومنه حديث عائشة «لمّا نُزِلَ برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم طفق يطرح خميصة على وجهه فإذا اغْتَمَ كشفها» أي إذا احتبس نفسه عن الخروج ، وهو افتعل ، من الغَمِ : التّغطية والسّتر.

(س) وفي حديث المعراج في رواية ابن مسعود «كنّا نسير في أرض غُمَّة» الغُمَّة : الضّيّقة.

__________________

(١) فى ا «وغموقها» ويقال : خمّ الشىء وأخمّ : إذا تغيرت رائحته ، انظر الجزء الثانى ص ٨١.

وفي حديث عائشة «عتبوا على عثمان موضع الغَمَامَة المحماة» الغَمَامَة : السّحابة ، وجمعها : الغَمَام ، وأرادت بها العشب والكلأ الذي حماه فسمّته بالغَمَامَة كما يسمّى بالسماء ، أرادت أنه حمى الكلأ وهو حقّ جميع الناس.

(غما) [ه] في حديث الصوم «فإن أُغْمِيَ عليكم فاقدروا له» وفي رواية «فإن غُمِّيَ عليكم» يقال : أُغْمِيَ علينا الهلال ، وغُمِّيَ فهو مُغْمًى ومُغَمًّى ، إذا حال دون رؤيته غيم أو قترة ، كما يقال : غُمَّ علينا. يقال : صمنا للغُمَّى. والغُمَّى بالضم والفتح : أي صمنا من غير رؤية. وأصل التَّغْمِيَة : السّتر والتغطية. ومنه : أُغْمِيَ على المريض إذا غشي عليه ، كأنّ المرض ستر عقله وغطّاه. وقد تكرر في الحديث.

(باب الغين مع النون)

(غنثر) (ه س) في حديث أبي بكر «قال لابنه عبد الرحمن : يا غُنْثَرُ (١)» قيل : هو الثّقيل الوخم. وقيل الجاهل ، من الغَثَارَة : الجهل. والنون زائدة. وروي بالعين المهملة والتاء بنقطتين. وقد تقدّم.

(غنج) في حديث البخاري «في تفسير العربة هي : الغَنِجَة» الغَنج في الجارية : تكسّر وتدلّل. وقد غَنِجَتْ وتَغَنَّجَتْ.

(غنظ) (ه) في حديث ابن عبد العزيز ، وذكر الموت فقال : «غَنْظٌ ليس كالغَنْظ» الغَنْظ : أشدّ الكرب والجهد. وقيل : هو أن يشرف على الموت من شدّته. وقد غَنَظَه يَغْنِظُه إذا ملأه.

(غنم) قد تكرر فيه ذكر «الغَنِيمَة ، والغُنْم ، والمَغْنَم ، والغَنَائِم» وهو ما أصيب من أموال أهل الحرب ، وأوجف عليه المسلمون بالخيل والرّكاب.

__________________

(١) بهامش ا : قال الكرماني شارح البخارى : غنثر ، بضم المعجمة ، وسكون النون ، وفتح المثلثة وضمها ، وفى شرح «جامع الأصول» بضم الغين وفتحها.

يقال : غَنِمْتُ أَغْنَمُ غَنْماً وغَنِيمَةً ، والغَنَائِم جمعها ، والمَغَانِم : جمع مَغْنَم ، والغُنْم بالضم الاسم ، وبالفتح المصدر. والغَانِم : آخذ الغَنِيمَة. والجمع : الغَانِمُون. ويقال : فلان يَتَغَنَّمُ الأمر : أي يحرص عليه كما يحرص على الغَنِيمَة.

ومنه الحديث «الصّوم في الشّتاء الغَنِيمَة الباردة» إنما سمّاه غَنِيمَة لما فيه من الأجر والثواب.

ومنه الحديث «الرّهن لمن رهنه ، له غُنْمُه وعليه غرمه» غُنْمُه : زيادته ونماؤه وفاضل قيمته.

وفيه «السّكينة في أهل الغَنَم» قيل : أراد بهم أهل اليمن ، لأن أكثرهم أهل غَنَم ، بخلاف مضر وربيعة ، لأنهم أصحاب إبل.

(ه) وفي حديث عمر «أعطوا من الصّدقة من أبقت له السّنة غَنَماً ، ولا تعطوها من أبقت له غَنَمَيْن» أي أعطوا من أبقت له قطعة واحدة لا يفرّق مثلها لقلّتها ، فتكون قطيعين ، ولا تعطوا من أبقت له غَنَماً كثيرة يجعل مثلها قطيعين. وأراد بالسّنة الجدب.

(غنن) (س) في حديث أبي هريرة «أنّ رجلا أتى على واد مُغِنّ» يقال : أَغَنَ الوادي فهو مُغِنّ : أي كثرت أصوات ذبّانه ، جعل الوصف له وهو للذّباب.

وفي قصيد كعب :

إلّا أَغَنُ غضيض الطّرف مكحول

الأَغَنّ من الغزلان وغيرها : الذي في صوته غُنَّة.

ومنه الحديث «كان في الحسين غُنَّةٌ حسنة».

(غنا) في أسماء الله تعالى «الْغَنِيُ» هو الذي لا يحتاج إلى أحد في شيء ، وكلّ أحد يحتاج إليه ، وهذا هو الغَنِيُ المطلق ، ولا يشارك الله تعالى فيه غيره.

ومن أسمائه «المُغْنِي» وهو الذي يُغْنِي من يشاء من عباده.

(ه) وفيه «خير الصّدقة ما أبقت غِنًى» وفي رواية «ما كان عن ظهر غِنًى» أي

ما فضل عن قوت العيال وكفايتهم ، فإذا أعطيتها غيرك أبقت بعدها لك ولهم غِنًى ، وكانت عن اسْتِغْنَاء منك ومنهم عنها.

وقيل : خير الصّدقة ما أَغْنَيْتَ به من أعطيته عن المسألة.

وفي حديث الخيل «رجل ربطها تَغَنِّياً وتعفّفا» أي اسْتِغْنَاء بها عن الطّلب من الناس.

(ه س) وفي حديث القرآن «من لم يَتَغَنَ بالقرآن فليس منّا» أي لم يستغن به عن غيره. يقال : تَغَنَّيْت ، وتَغَانَيْت ، واسْتَغْنَيْت.

وقيل : أراد من لم يجهر بالقراءة فليس منّا. وقد جاء مفسّرا.

(ه س) وفي حديث آخر «ما أذن الله لشيء كإذنه لنبيّ يَتَغَنَّى بالقرآن يجهر به» قيل إنّ قوله «يجهر به» تفسير لقوله «يَتَغَنَّى به».

وقال الشافعي : معناه تحسين (١) القراءة وترقيقها ، ويشهد له الحديث الآخر «زيّنوا القرآن بأصواتكم» وكل من رفع صوته ووالاه فصوته عند العرب غِنَاء.

قال ابن الأعرابي : كانت العرب تَتَغَنَّى بالرّكبانيِ (٢) إذا ركبت وإذا جلست في الأفنية. وعلى أكثر أحوالها ، فلما نزل القرآن أحبّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أن تكون هجّيراهم بالقرآن مكان التَّغَنِّي بالرّكبانيّ.

وأوّل من قرأ بالألحان عبيد الله بن أبي بكرة ، فورثه عنه عبيد الله بن عمر ، ولذلك يقال : قراءة العمريّ (٣). وأخذ ذلك عنه سعيد العلّاف بالإباضيّ.

(ه) وفي حديث الجمعة «من اسْتَغْنَى بلهو أو تجارة (اسْتَغْنَى اللهُ) عنه (وَاللهُ غَنِيٌ حَمِيدٌ)» أي اطّرحه الله ورمى به من عينه ، فعل مَنِ اسْتَغْنَى عن الشيء فلم يلتفت إليه.

وقيل : جزاه جزاء اسْتِغْنَائِه عنها ، كقوله تعالى : «نَسُوا اللهَ فَنَسِيَهُمْ».

__________________

(١) فى الهروى : «تحزين».

(٢) هو نشيد بالمدّ والتّمطيط. الفائق ١ / ٤٥٨.

(٣) كذا بالأصل ، وفى ا : «قرأ العمرىّ». وفى اللسان : «قرأت العمرىّ».

(س) وفي حديث عائشة «وعندي جاريتان تُغَنِّيَان بِغِنَاء بُعَاث» أي تنشدان الأشعار التي قيلت يوم بُعاث ، وهو حرب كانت بين الأنصار ، ولم ترد الغِنَاء المعروف بين أهل اللهو واللّعب. وقد رخّص عمر في غِنَاء الأعراب ، وهو صوت كالحداء.

وفي حديث عمر «أنّ غلاما لأناس فقراء قطع أذن غلام لأَغْنِيَاء ، فأتى أهله النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فلم يجعل عليه شيئا». قال الخطّابي : كان الغلام الجاني حرّا ، وكانت جنايته خطأ ، وكانت عاقلته فقراء فلا شيء عليهم لفقرهم.

ويشبه أن يكون الغلام المجنيّ عليه حرّا أيضا ، لأنه لو كان عبدا لم يكن لاعتذار أهل الجاني بالفقر معنى ، لأن العاقلة لا تحمل عبدا ، كما لا تحمل عمدا ولا اعترافا. فأمّا المملوك إذا جنى على عبد أو حرّ فجنايته في رقبته. وللفقهاء في استيفائها منه خلاف.

(ه) وفي حديث عثمان «أنّ عليّا بعث إليه بصحيفة فقال للرّسول : أَغْنِهَا عنّا» أي اصرفها وكفّها (١) كقوله تعالى : (لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ) أي يكفه ويكفيه. يقال : أَغْنِ عني شرك : أي اصرفه وكفّه. ومنه قوله تعالى (لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللهِ شَيْئاً).

ومنه حديث ابن مسعود «وأنا لا أُغْنِي لو كانت لي منعة» أي لو كان معي من يمنعنى لكفيت شرّهم وصرفتهم.

[ه] وفي حديث عليّ «ورجل سماه النّاس عالما ولم يَغْنَ في العلم يوما سالما» أي لم يلبث في العلم يوما تامّا ، من قولك : غَنِيتُ بالمكان أَغْنَى : إذا أقمت به.

(باب الغين مع الواو)

(غوث) في حديث هاجر أمّ إسماعيل «فهل عندك غَوَاث» الغَوَاث بالفتح كالغِيَاث بالكسر ، من الإِغَاثَة : الإعانة ، وقد أَغَاثَه يُغِيثُه. وقد روي بالضم والكسر ، وهما أكثر ما يجيء في الأصوات ، كالنّباح والنّداء ، والفتح فيها شاذّ.

__________________

(١) بهامش ا : «قال الكرمانى فى شرح البخارى : أرسل علىّ صحيفة فيها أحكام الصدقة ، فردها عثمان ، لأنه كان عنده ذلك العلم ، فلم يكن محتاجا إليها».

ومنه الحديث «اللهم أَغِثْنَا» بالهمزة من الإِغَاثَة. ويقال فيه : غَاثَه يَغِيثُه ، وهو قليل ، وإنّما هو من الغَيْث لا الإِغَاثَة.

ومنه الحديث «فادع (١) الله يَغِيثُنا» بفتح الياء ، يقال : غَاثَ الله البلاد يَغِيثُها : إذا أرسل عليها المطر ، وقد تكرر في الحديث.

وفي حديث توبة كعب «فخرجت قريش مُغْوِثِين لعيرهم» أي مُغِيثِين ، فجاء به على الأصل ولم يعلّه ، كاستحوذ واستنوق. ولو روي «مُغَوِّثِين» بالتشديد ـ من غَوَّثَ بمعنى أَغَاثَ ـ لكان وجها.

(غور) فيه «أنه أقطع بلال بن الحارث معادن القَبَلِيَّة ، جَلَسيّها وغَوْرِيَّها» الغَوْر : ما انخفض من الأرض ، والجَلَس : ما ارتفع منها. تقول : غَارَ إذا أتى الغَوْر ، وأَغَارَ أيضا ، وهي لغة قليلة.

[ه] وفيه «أنه سمع ناسا يذكرون القدر فقال : إنّكم قد أخذتم في شعبين بعيدي الغَوْر» غَوْرُ كل شيء : عمقه وبعده : أي يبعد أن تدركوا حقيقة علمه ، كالماء الغَائِر الذي لا يقدر عليه.

ومنه حديث الدعاء «ومن أبعد غَوْراً في الباطل منّي؟».

(ه) وفي حديث السائب «لمّا ورد على عمر بفتح نهاوند قال : ويحك ما وراءك؟ فو الله ما بتّ هذه الليلة إلا تَغْوِيراً» يريد بقدر النّومة القليلة التي تكون عند القائلة. يقال : غَوَّرَ القوم إذا قالوا.

ومن رواه «تَغْرِيراً» جعله من الغرار ، وهو النّوم القليل.

ومنه حديث الإفك «فأتينا الجيش مُغْوِرِين» هكذا جاء في رواية ، أي وقد نزلوا للقائلة.

(س) وفي حديث عمر «أهاهنا غُرْتَ؟» أي إلى هذا ذهبت؟

__________________

(١) فى ا : «فادعوا».

وفي حديث الحج «أشرق ثبير كيما نُغِير» أي نذهب سريعا. يقال : أَغَارَ يُغِيرُ إذا أسرع في العدو.

وقيل : أراد نُغِيرُ على لحوم الأضاحي ، من الإِغَارَة والنّهب.

وقيل : ندخل في الغَوْر ، وهو المنخفض من الأرض ، على لغة من قال : أَغَار إذا أتى الغَوْر.

وفيه «من دخل إلى طعام لم يدع إليه دخل سارقا وخرج مُغِيراً» المُغِير : اسم فاعل من أَغَار يُغِيرُ إذا نهب ، شبّه دخوله عليهم بدخول السارق ، وخروجه بمن أَغَارَ على قوم ونهبهم.

ومنه حديث قيس بن عاصم «كنت أُغَاوِرُهم في الجاهليّة» أي أُغِيرُ عليهم ويُغِيرُون عليَّ. والغَارَة : الاسم من الإِغَارَة. والمُغَاوَرَة : مفاعلة منه.

ومنه حديث عمرو بن مرّة.

وبيض تلألأ في أكفّ المَغَاوِر

المَغَاوِر بفتح الميم : جمع مُغَاوِر بالضم ، أو جمع مِغْوَار بحذف الألف ، أو حذف الياء من المَغَاوِير. والمِغْوَار : المبالغ فى الغَارَة.

ومنه حديث سهل «بعثنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في غزاة ، فلما بلغنا المُغَارَ استحثثت فرسي» المُغَار بالضم : موضع الغَارَة ، كالمقام موضع الإقامة ، وهى الإِغَارَة نفسها أيضا.

(ه س) وفي حديث عليّ «قال يوم الجمل : ما ظنّك بامرئ جمع بين هذين الغَارَيْن؟» أي الجيشين. والغَار : الجماعة ، هكذا أخرجه أبو موسى في الغين والواو. وذكره الهروي في الغين والياء. قال :

(ه) ومنه حديث الأحنف «قال في الزّبير منصرفه من الجمل : ما أصنع به أن كان جمع بين غَارَيْن ثم تركهم؟».

والجوهري ذكره في الواو ، والواو والياء متقاربان في الانقلاب.

ومنه حديث فتنة الأزد «ليجمعا بين هذين الغَارَيْن».

(ه س) وفي حديث عمر «قال لصاحب اللّقيط : عسى الغُوَيْرُ أَبْؤُساً» هذا مثل قديم يقال عند التّهمة. والغُوَيْر : تصغير غَار. وقيل : هو موضع. وقيل : ماء لكلب.

ومعنى المثل : ربّما جاء الشر من معدن الخير.

وأصل هذا المثل أنّه كان غَارٌ فيه ناس فانهار عليهم وأتاهم فيه عدوّ فقتلهم ، فصار مثلا لكلّ شيء يخاف أن يأتي منه شرّ.

وقيل : أوّل من تكلّمت به الزّبّاء لمّا عدل قصير بالأحمال عن الطّريق المألوفة وأخذ على الغُوَيْر ، فلمّا رأته وقد تنكّب الطريق قالت : عسى الغُوَيْر أَبْؤُساً (١) أي عساه أن يأتي بالبأس والشّرّ.

وأراد عمر بالمثل : لعلّك زنيت بأمّه وادّعيته لقيطا ، فشهد له جماعة بالسّتر ، فتركه.

ومنه حديث يحيى بن زكريا عليهما‌السلام «فساح ولزم أطراف الأرض وغِيرَانَ الشّعاب». الغِيرَان : جمع غَارٍ وهو الكهف ، وانقلبت الواو ياء لكسرة الغين.

(غوص) (س) فيه «أنه نهى عن ضربة الغَائِص» هو أن يقول له : أَغُوصُ في البحر غَوْصَة بكذا فما أخرجته فهو لك. وإنّما نهى عنه لأنه غرر.

وفيه «لعن الله الغَائِصَة والمُغَوِّصَة» الغَائِصَة : التي لا تعلم زوجها أنها حائض ليجتنبها ، فيجامعها وهي حائض. والمُغَوِّصَة : التي لا تكون حائضا فتكذب زوجها وتقول : إني حائض.

(غوط) [ه] في قصة نوح عليه‌السلام «وانسدّت ينابيع الغَوْط الأكبر وأبواب السّماء» الغَوْط : عمق الأرض الأبعد ، ومنه قيل للمطمئنّ من الأرض : غَائِط. ومنه قيل لموضع قضاء الحاجة : الغَائِط ، لأنّ العادة أنّ الحاجة تقضى في المنخفض من الأرض حيث هو أستر له ، ثم اتّسع فيه حتى صار يطلق على النّجو نفسه.

(س) ومنه الحديث «لا يذهب الرجلان يضربان الغَائِطَ يتحدّثان» أي يقضيان الحاجة وهما يتحدّثان.

__________________

(١) قال الهروى : «ونصب «أبؤسا» على إضمار فعل. أرادت : عسى أن يحدث الغوير أبؤسا.

أو أن يكون أبؤسا. وهو جمع بأس» ا ه وراجع ص ٩٠ من الجزء الأول.

وقد تكرر ذكر «الغَائِط» في الحديث بمعنى الحدث والمكان.

(ه) ومنه الحديث «أنّ رجلا جاء فقال : يا رسول الله قل لأهل الغَائِط يحسنوا مخالطتي» أراد أهل الوادي الذي كان ينزله.

(س) ومنه الحديث «تنزل أمّتي بغَائِطٍ يسمّونه البصرة» أي بطن مطمئنّ من الأرض.

وفيه «أن فسطاط المسلمين يوم الملحمة بالغُوطَة إلى جانب مدينة يقال لها دمشق» الغُوطَة : اسم البساتين والمياه التي حول دمشق ، وهي غُوطَتُها.

(غوغ) (س) في حديث عمر «قال له ابن عوف : يحضرك غَوْغَاء النّاس» أصل الغَوْغَاء : الجراد حين يخفّ للطّيران ، ثم استعير للّسفلة من النّاس والمتسرّعين إلى الشّرّ ، ويجوز أن يكون من الغَوْغَاء : الصّوت والجلبة ، لكثرة لغطهم وصياحهم.

(غول) (ه) فيه «لا غُولَ ولا صفر» الغُولُ : أحد الغِيلَان ، وهي جنس من الجنّ والشياطين ، كانت العرب تزعم أن الغُول في الفلاة تتراءى للناس فتَتَغَوَّلُ تَغَوُّلاً : أي تتلوّن تلوّنا في صور شتّى ، وتَغُولُهم أي تضلّهم عن الطريق وتهلكهم ، فنفاه النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأبطله.

وقيل : قوله «لا غُولَ» ليس نفيا لعين الغُول ووجوده ، وإنما فيه إبطال زعم العرب في تلوّنه بالصّور المختلفة واغْتِيَالِه ، فيكون المعنى بقوله «لا غُولَ» أنّها لا تستطيع أن تضلّ احدا ، ويشهد له :

الحديث الآخر «لا غُولَ ولكن السّعالي» السّعالي : سحرة الجنّ : أي ولكن في الجنّ سحرة ، لهم تلبيس وتخييل.

(ه) ومنه الحديث «إذا تَغَوَّلت الغِيلَان فبادروا بالأذان» أي ادفعوا شرّها بذكر الله تعالى. وهذا يدل على أنّه لم يرد بنفيها عدمها.

(س) ومنه حديث أبي أيوب «كان لي تمر في سهوة فكانت الغُول تجيء فتأخذ».

(ه) وفي حديث عمّار «أنه أوجز الصّلاة فقال : كنت أُغَاوِلُ حاجة لي» المُغَاوَلَة : المبادرة في السّير ، وأصله من الغَوْل بالفتح ، وهو البعد.

ومنه حديث الإفك «بعد ما نزلوا مُغَاوِلِين» أي مبعدين في السّير. هكذا جاء في رواية.

(س) ومنه حديث قيس بن عاصم «كنت أُغَاوِلُهم في الجاهلية» أي أبادرهم بالغارة والشّرّ ، من غَالَه إذا أهلكه. ويروى بالراء وقد تقدّم.

(س ه) وفي حديث عهدة المماليك «لا داء ولا غَائِلَة» الغَائِلَة فيه : أن يكون مسروقا ، فإذا ظهر واستحقّه مالكه غَالَ مال مشتريه الذي أدّاه في ثمنه : أي أتلفه وأهلكه. يقال : غَالَه يَغُولُه ، واغْتَالَه يَغْتَالُه : أي ذهب به وأهلكه. والغَائِلَة : صفة لخصلة مهلكة.

(ه) ومنه حديث طهفة «بأرض غَائِلَة النّطاء» أي تَغُولُ سالكيها ببعدها.

ومنه حديث ابن ذي يزن «ويبغون له الغَوَائِل» أي المهالك ، جمع غَائِلَة.

وفي حديث أم سليم «رآها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وبيدها مِغْوَلٌ ، فقال : ما هذا؟ قالت : مِغْوَلٌ أبعج به بطون الكفّار» المِغْوَل بالكسر : شبه سيف قصير ، يشتمل به الرجل تحت ثيابه فيغطّيه.

وقيل : هو حديدة دقيقة لها حدٌّ ماض وقَفاً.

وقيل : هو سوط في جوفه سيف دقيق يشده الفاتك على وسطه ليَغْتَالَ به الناس.

ومنه حديث خوّات «انتزعت مِغْوَلاً فوجأت به كبده».

وحديث الفيل «حين أتى به مكّة ضربوه بالمِغْوَل على رأسه».

(غوا) فيه «من يطع الله ورسوله فقد رشد ، ومن يعصهما فقد غَوَى» يقال : غَوَى يَغْوِي غَيّاً وغَوَايَة فهو غَاوٍ : أي ضلّ. والغَيُ : الضّلال والانهماك في الباطل.

(س) ومنه حديث الإسراء «لو أخذت الخمر غَوَتْ (١) أمّتك» أي ضلّت.

__________________

(١) فى ا : «لغوت».

ومنه الحديث «سيكون عليكم أئمة إن أطعتموهم غَوَيْتُم» أي إن أطاعوهم فيما يأمرونهم به من الظّلم والمعاصي غَوَوْا وضلّوا.

وقد كثر ذكر «الغَيُ والغَوَايَة» في الحديث.

وفي حديث موسى وآدم عليهما‌السلام «لَأَغْوَيْت الناس» أي خيبتهم. يقال : غَوَى الرجل إذا خاب ، وأَغْوَاه غيره.

(ه) وفي حديث مقتل عثمان «فتَغَاوَوْا والله عليه حتى قتلوه» أي تجمّعوا وتعاونوا. وأصله من الغَوَايَة ، والتَّغَاوِي : التّعاون في الشّرّ. ويقال بالعين المهملة.

(ه) ومنه حديث المسلم قاتل المشرك الذي كان يسبّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم «فتَغَاوَى المشركون عليه حتى قتلوه» ويروى بالعين المهملة ، وقد تقدّم ، إلّا أن الهروي ذكر مقتل عثمان في الغين المعجمة ، والآخر في العين المهملة.

(ه) وفي حديث عمر «إنّ قريشا تريد أن تكون مُغْوِيَات لمال الله» قال أبو عبيد : هكذا روي. والذي تكلمت به العرب «مُغَوَّيَات» بفتح الواو وتشديدها ، واحدتها : مُغَوَّاة ، وهي حفرة كالزّبية تحفر للذّئب ، ويجعل فيها جديٌ إذا نظر إليه سقط عليه يريده. ومنه قيل لكلّ مهلكة : مُغَوَّاة.

ومعنى الحديث أنها تريد أن تكون مصائد للمال ومهالك ، كتلك المُغَوَّيَات.

(باب الغين مع الهاء)

(غهب) (ه) في حديث عطاء «أنه سئل عن رجل أصاب صيدا غَهَباً ، فقال : عليه الجزاء» الغَهَب بالتحريك : أن يصيب الشيء غفلة من غير تعمّد. يقال : غَهِبَ عن الشّيء يَغْهَبُ غَهَباً إذا غفل عنه ونسيه. والغَيْهَب : الظلام. وليل غَيْهَب : أي مظلم.

ومنه حديث قسّ «أرقب الكوكب وأرمق الغَيْهَب».

(باب الغين مع الياء)

(غيب) (ه) قد تكرر فيه ذكر «الغِيبَة» وهو أن يذكر الإنسان في غَيْبَتِه بسوء وإن كان فيه ، فإذا ذكرته بما ليس فيه فهو البهت والبهتان.

وكذلك قد تكرر فيه ذكر «علم الغَيْب ، والإيمان بالغَيْب» وهو كل ما غَابَ عن العيون. وسواء كان محصّلا في القلوب أو غير محصّل. تقول : غَابَ عنه غَيْباً وغَيْبَة.

[ه] وفي حديث عهدة الرّقيق «لا داء ولا خبثة ولا تَغْيِيب» التَّغْيِيب : ألّا يبيعه ضالّة ولا لقطة.

[ه] وفيه «أمهلوا حتى تمتشط الشّعثة وتستحدّ المُغِيبَةُ» المُغِيبَةُ والمُغِيب : التي غَابَ عنها زوجها.

ومنه حديث ابن عباس «أن امرأة مُغِيباً أتت رجلا تشتري منه شيئا فتعرّض لها ، فقالت له : ويحك إني مُغِيب ، فتركها».

وفي حديث أبي سعيد «إنّ سيّد الحيّ سليم ، وإنّ نفرنا غَيَبٌ» أي إنّ رجالنا غَائِبُون. والغَيَب بالتحريك : جمع غَائِب ، كخادم وخدم.

(ه) ومنه الحديث «أنّ حسّان لمّا هجا قريشا قالت : إنّ هذا لشتم ما غَابَ عنه ابن أبي قحافة» أرادوا أنّ أبا بكر كان عالما بالأنساب والأخبار ، فهو الذي علّم حسّان. ويدل عليه قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم لحسّان : «سل أبا بكر عن معايب القوم» ، وكان نسّابة علّامة.

(س) وفي حديث منبر النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم «إنّه عمل من طرفاء الغَابَة» هي موضع قريب من المدينة من عواليها ، وبها أموال لأهلها ، وهو المذكور في حديث السّباق ، والمذكور في حديث تركة الزّبير وغير ذلك. والغَابَة : الأجمة ذات الشّجر المتكاثف ، لأنّها تُغَيِّبُ ما فيها ، وجمعها غَابَات.

ومنه حديث عليّ :

* كليث غَابَات شديد القسوره *

أضافه إلى الغَابَات لقوّته وشدّته ، وأنه يحمى غَابَاتٍ شتّى.

(غيث) (ه) في حديث رقيقة «ألا فغِثْتُم ما شئتم» غِثْتُم بكسر الغين : أي سقيتم الغَيْث وهو المطر. يقال : غِيثَتِ الأرض فهي مَغِيثَة ، وغَاثَ الغَيْث الأرض إذا أصابها ، وغَاثَ الله البلاد يَغِيثُها ، والسّؤال منه : غِثْنَا ، ومن الإِغَاثَة بمعنى الإعانة : أَغِثْنَا. وإذا بنيت منه فعلا ماضيا لم يسمّ فاعله قلت : غِثْنَا بالكسر ، والأصل : غُيِثْنَا ، فحذفت الياء وكسرت الغين.

وفي حديث زكاة العسل «إنّما هو ذُباب غَيْث» يعنى النّحل ، فأضافه إلى الغَيْث لأنه يطلب النّبات والأزهار ، وهما من توابع الغَيْث.

(غيذ) (ه) في حديث العباس «مرّت سحابة فنظر إليها النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : ما تسمّون هذه؟ قالوا : السّحاب ، قال : والمزن ، قالوا : والمزن ، قال : والغَيْذَى» قال الزمخشري : «كأنه فيعل ، من غذا يغذو إذا سال. ولم أسمع بفيعل في معتلّ اللام غير هذا إلّا الكيهاة (١) ، وهي النّاقة الضّخمة».

وقال الخطّابي : إن كان محفوظا فلا أراه سمّي به إلّا لسيلان الماء ، من غذا يغذو.

(غير) (ه) فيه «أنه قال لرجل طلب القود بدم قتيل له : ألا تقبل الغِيَر» وفي رواية «ألا الغِيَر تريد» الغِيَر : جمع الغِيرَة ، وهي الدّية ، وجمع الغِيَر : أَغْيَار. وقيل : الغِيَر : الدّية ، وجمعها أَغْيَار ، مثل ضلع وأضلاع. وغَيَّرَه إذا أعطاه الدّية ، وأصلها من المُغَايَرَة وهي المبادلة : لأنها بدل من القتل.

ومنه حديث محلّم بن جثّامة «إنّي لم أجد لما فعل هذا في غرّة الإسلام مثلا إلّا غنما وردت ، فرُمِيَ أوّلها فنفر آخرها ، اسنن اليوم وغَيِّرْ غدا» معناه أنّ مثل محلّم في قتله الرجل وطلبه أن لا يقتصّ منه وتؤخذ منه الدّية ، والوقت أوّل الإسلام وصدره كمثل هذه الغنم النافرة ، يعنى إن جرى الأمر مع أولياء هذا القتيل على ما يريد محلّم ثبّط الناس عن الدخول في الإسلام معرفتهم أنّ القود يُغَيَّرُ بالدّية ، والعرب خصوصا وهم الحرّاص على درك الأوتار ، وفيهم الأنفة من قبول

__________________

(١) عبارة الزمخشرى : «... إلا كلمة مؤنثة : الكيهاة ، بمعنى الكهاة ، وهى الناقة الضخمة». الفائق ٢ / ٢١٦.

الدّيات ، ثم حثّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم على الإفادة منه بقوله : «اسنن اليوم وغَيِّرْ غدا» يريد إن لم تقتصّ منه غَيَّرْتَ سنّتك ، ولكنه أخرج الكلام على الوجه الذي يهيّج المخاطب ويحثّه على الإقدام والجرأة على المطلوب منه.

ومنه حديث ابن مسعود «قال لعمر في رجل قتل امرأة ولها أولياء فعفا بعضهم ، وأراد عمر أن يقيد لمن لم يعف ، فقال له : لو غَيَّرْتَ بالدّية كان في ذلك وفاء لهذا الذي لم يعف ، وكنت قد أتممت للعافي عفوه. فقال عمر : كنيف مُلِئَ علما».

(ه) وفيه «أنه كره تَغْيِير الشّيب» يعنى نتفه ، فإن تَغْيِير لونه قد أمر به في غير حديث.

وفي حديث أمّ سلمة «إنّ لي بنتا وأنا غَيُور» هو فعول ، من الغَيْرَة وهي الحميّة والأنفة. يقال : رجل غَيُور وامرأة غَيُور بلا هاء ، لأن فعولا يشترك فيه الذّكر والأنثى.

وفي رواية «إنّي امرأة غَيْرَى» وهي فعلى من الغَيْرَة. يقال : غِرْتُ على أهلي أَغَار غَيْرَة ، فأنا غَائِر وغَيُور للمبالغة. وقد تكرر في الحديث كثيرا على اختلاف تصرّفه.

(ه) وفي حديث الاستسقاء «من يكفر الله يلق الغِيَر» أي تَغَيُّر الحال وانتقالها عن الصلاح إلى الفساد. والغِيَر : الاسم ، من قولك : غَيَّرْت الشيء فتَغَيَّرَ.

(غيض) فيه «يد الله ملأى لا يَغِيضُها شيء» أي لا ينقصها. يقال : غَاضَ الماء يَغِيضُ ، وغِضْتُه أنا وأَغَضْتُه أَغِيضُه وأُغِيضُه.

(ه) ومنه الحديث «إذا كان الشّتاء قَيْظاً وغَاضَت الكرام غَيْضاً» أي فنوا وبادوا. وغَاضَ الماء إذا غار.

(ه) ومنه حديث سطيح «وغَاضَت بحيرة ساوة» أي غار ماؤها وذهب.

[ه] وحديث خزيمة في ذكر السّنة «وغَاضَت لها الدّرّة» أي نقص اللّبن.

وحديث عائشة تصف أباها «وغَاضَ نبغ (١) الرّدّة» أي أذهب ما نبغ منها وظهر.

__________________

(١) فى الأصل واللسان : «نبع» بالعين المهملة. وكتبناه بالمعجمة من ا ، ومما يأتى فى مادة (نبغ).

ومنه حديث عثمان بن أبي العاص «لدرهم ينفقه أحدكم من جهده خير من عشرة آلاف ينفقها أحدنا غَيْضاً من فيض» أي قليل أحدكم من فقره خير من كثيرنا مع غنانا.

(س) وفي حديث عمر «لا تنزلوا المسلمين الغِيَاضَ فتضيّعوهم» الغِيَاض : جمع غَيْضَة ، وهي الشجر الملتفّ ، لأنهم إذا نزلوها تفرّقوا فيها فتمكّن منهم العدوّ.

(غيظ) فيه «أَغْيَظُ الأسماء عند الله رجل تسمّى ملك الأملاك» هذا من مجاز الكلام معدول عن ظاهره ، فإنّ الغَيْظ صفة تغيّر في المخلوق عند احتداده ، يتحرّك لها ، والله يتعالى عن ذلك الوصف ، وإنما هو كناية عن عقوبته للمتسمّى بهذا الاسم : أي أنه أشدّ أصحاب هذه الأسماء عقوبة عند الله.

وقد جاء في بعض روايات مسلم (١) «أَغْيَظُ رجل على الله يوم القيامة وأخبثه وأَغْيَظُه رجل تسمّى بملك الأملاك».

قال بعضهم : لا وجه لتكرار لفظتي «أَغْيَظ» في الحديث ، ولعلّه «أغنظ» بالنون ، من الغنظ ، وهو شدّة الكرب.

وفي حديث أمّ زرع «وغَيْظ جارتها» لأنّها ترى من حسنها ما يَغِيظُها ويهيج حسدها.

(غيق) فيه ذكر «غَيْقَة» بفتح الغين وسكون الياء ، وهو موضع بين مكة والمدينة من بلاد غفار. وقيل : هو ماء لبني ثعلبة.

(غيل) [ه] فيه «لقد هممت أن أنهى عن الغِيلَة» الغِيلَة بالكسر : الاسم من الغَيْل بالفتح ، وهو أن يجامع الرجل زوجته وهي مرضع (٢) ، وكذلك إذا حملت وهي مرضع.

وقيل : يقال فيه الغِيلَة والغَيْلَة بمعنى.

__________________

(١) أخرجه مسلم فى (باب تحريم التسمّى بملك الأملاك ، من كتاب الآداب) ولفظه : «أغيظ رجل على الله يوم القيامة وأخبثه وأغيظه عليه رجل كان يسمّى ملك الأملاك ، لا ملك إلا الله».

(٢) عبارة السيوطى فى الدر : «وهى ترضع».

وقيل : الكسر للاسم ، والفتح للمرّة.

وقيل : لا يصح الفتح إلّا مع حذف الهاء. وقد أَغَالَ الرجل وأَغْيَلَ. والولد مُغَال ومُغْيَل. واللبن الذي يشربه الولد يقال له : الغَيْل أيضا.

(ه) وفيه «ما سُقِيَ بالغَيْل ففيه العشر» الغَيْل بالفتح : ما جرى من المياه في الأنهار والسّواقي.

وفيه «إنّ مما ينبت الرّبيع ما يقتل أو يَغِيلُ» أي يهلك ، من الاغْتِيَال ، وأصله الواو. يقال : غَالَه يَغُولُه. وهكذا روي بالياء ، والياء والواو متقاربتان.

(س) ومنه حديث عمر «أنّ صبيّا قتل بصنعاء غِيلَة فقتل به عمر سبعة» أي في خفية واغْتِيَال. وهو أن يخدع ويقتل في موضع لا يراه فيه أحد. والغِيلَة : فعلة من الاغْتِيَال.

ومنه حديث الدعاء «وأعوذ بك أن أُغْتَال من تحتى» أي أدهى من حيث لا أشعر ، يريد به الخسف.

وفي حديث قس «أسد غِيلٍ» الغِيلُ بالكسر : شجر ملتفّ يستتر فيه كالأجمة.

ومنه قصيد كعب :

ببطن عثّر غيل دونه غِيل

(غيم) (ه) فيه «أنه كان يتعوّذ من الغَيْمَة والعيمة» الغَيْمَة : شدّة العطش.

(غين) (ه) فيه «إنه لَيُغَانُ على قلبي حتى أستغفر الله في اليوم سبعين مرّة» الغَيْن : الغيم. وغِينَتِ السماء تُغَانُ : إذا أطبق عليها الغيم. وقيل : الغَيْن : شجر ملتفّ.

أراد ما يغشاه من السّهو الذي لا يخلو منه البشر ، لأنّ قلبه أبدا كان مشغولا بالله تعالى ، فإن عرض له وقتا ما عارض بشريٌّ يشغله من أمور الأمّة والملّة ومصالحهما عدّ ذلك ذنبا وتقصيرا ، فيفزع إلى الاستغفار.

(غيا) (ه) فيه «تجيء البقرة وآل عمران كأنهما غمامتان أو غَيَايَتَان» الغَيَاية : كل شيء أظلّ الإنسان فوق رأسه كالسّحابة وغيرها.

ومنه حديث هلال رمضان «فإن حالت دونه غَيَايَة» أي سحابة أو قترة.

(س) ومنه حديث أم زرع «زوجي غَيَايَاءُ ، طباقاء» هكذا جاء في رواية (١) : أي كأنه في غَيَايَة أبدا ، وظلمة لا يهتدى إلى مسلك ينفذ فيه. ويجوز أن تكون قد وصفته بثقل الرّوح ، وأنه كالظّلّ المتكاثف المظلم الذي لا إشراق فيه.

(ه) وفي حديث أشراط الساعة «فيسيرون إليهم في ثمانين غَايَة» الغَايَة والرّاية سواء.

ومن رواه بالباء الموحدة أراد به الأجمة ، فشبّه كثرة رماح العسكر بها.

(س) وفيه «أنه سابق بين الخيل فجعل غَايَة المضمّرة كذا» غَايَة كلّ شيء : مداه ومنتهاه.

__________________

(١) انظر ص ٣٣٤ من هذا الجزء.

حرف الفاء

(باب الفاء مع الهمزة)

(فأد) (ه) فيه «أنه عاد سعدا وقال : إنك رجل مَفْؤُود» المَفْؤُود : الذي أصيب فُؤَادُه بوجع. يقال : فُئِدَ الرجل فهو مَفْؤُودٌ ، وفَأَدْتُه إذا أصبتَ فُؤَادَه.

ومنه حديث عطاء «قيل له : رجل مَفْؤُود ينفث دما ، أحدث هو؟ قال : لا». أي يوجعه فُؤَاده فيتقيّأ دما. والفُؤَاد : القلب. وقيل : وسطه. وقيل : الفُؤَاد : غشاء القلب ، والقلب حبّته ، وسويداؤه ، وجمعه : أَفْئِدَة.

ومنه الحديث «أتاكم أهل اليمن ، هم أرقّ أَفْئِدَةً وألين قلوبا».

(فأر) (س) فيه «خمس فواسق يقتلن في الحلّ والحرم ، منها الفَأْرَة» الفَأْرَة معروفة ، وهي مهموزة. وقد يترك همزها تخفيفا.

وفيه ذكر «جبال فَارَانَ» هو اسم عبرانيّ لجبال مكّة ، له ذكر في أعلام النّبوّة ، وألفه الأولى ليست همزة.

(فأس) (س) فيه «فجعل إحدى يديه في فَأْس رأسه» هو طرف مؤخّره المشرف على القفا ، وجمعه : أَفْؤُس ثم فُؤُوس.

ومنه الحديث «فلقد رأيت الفُؤُوس في أصولها وإنها لنخل عمّ» هي جمع الفَأْس الذي يشقّ به الحطب وغيره. وهو مهموز ، وقد يخفّف.

(فأل) (ه) فيه «أنه كان يَتَفَاءَلُ ولا يتطيّر» الفَأْل مهموز فيما يسرّ ويسوء ، والطّيرة لا تكون إلا فيما يسوء ، وربما استعملت فيما يسرّ. يقال : تَفَاءَلْتُ بكذا وتَفَأَّلْتُ على التخفيف والقلب. وقد أولع الناس بترك همزة تخفيفا.

وإنّما أحبّ الفَأْل ، لأنّ الناس إذا أمّلوا فائدة الله تعالى ، ورجوا عائدته عند كلّ سبب ضعيف

أو قويّ فهم على خير ، ولو غلطوا في جهة الرجاء فإنّ الرّجاء لهم خير. وإذا قطعوا أملهم ورجاءهم من الله كان ذلك من الشّرّ.

وأمّا الطّيرة فإنّ فيها سوء الظّنّ بالله وتوقّع البلاء.

ومعنى التَّفَاؤُل مثل أن يكون رجل مريض فيَتَفَاءَلُ بما يسمع من كلام ، فيسمع آخر يقول : يا سالم ، أو يكون طالب ضالّة فيسمع آخر يقول : يا واجد ، فيقع في ظنّه أنه يبرأ من مرضه ويجد ضالّته.

ومنه الحديث «قيل : يا رسول الله : ما الفَأْل؟ فقال : الكلمة الصّالحة».

وقد جاءت الطّيرة بمعنى الجنس ، والفَأْل بمعنى النّوع.

ومنه الحديث «أصدق الطّيرة الفَأْل» وقد تكرر ذكره في الحديث.

(فأم) (س) فيه يكون الرجل على الفِئَام من الناس» الفِئَام مهموز : الجماعة الكثيرة. وقد تكررت في الحديث.

(فأي) (ه) في حديث ابن عمر وجماعته «لّما رجعوا من سريّتهم قال لهم : أنا فِئَتُكُم (١)» الفِئَة : الفرقة والجماعة من الناس في الأصل ، والطّائفة التي تقسيم وراء الجيش ، فإن كان عليهم خوف أو هزيمة التجأوا إليهم ، وهو من فَأَيْتُ رأسه وفَأَوْتُه إذا شققته. وجمع الفِئَة : فِئَات وفِئُون. وقد تكرر في الحديث.

(باب الفاء مع التاء)

(فتت) في حديث عبد الرحمن بن أبي بكر «أمثلي يُفْتَاتُ عليه في أمر بناته؟» أي يفعل في شأنهنّ شيء بغير أمره. وليس هذا موضعه ، لأنه من الفوت ، وسنوضّحه في بابه.

(فتح) في أسماء الله تعالى «الْفَتَّاحُ» هو الذي يَفْتَحُ أبواب الرزق والرّحمة لعباده.

__________________

(١) الذى فى الهروى : «وفى الحديث فقلنا : نحن الفرّارون يا رسول الله. فقال : بل أنتم العكّارون ، وأنا فئتكم» أراد قول الله تعالى «أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلى فِئَةٍ» يمهّد بذلك عذرهم».

وقيل : معناه الحاكم بينهم. يقال : فَتَحَ الحاكم بين الخصمين إذا فصل بينهما. والفَاتِح : الحاكم. والفَتَّاح : من أبنية المبالغة.

وفيه «أوتيت مَفَاتِيح الكلم» وفي رواية «مَفَاتِح الكلم» هما جمع مِفْتَاح ومِفْتَح ، وهما في الأصل : كلّ ما يتوصّل به إلى استخراج المغلقات التي يتعذّر الوصول إليها ، فأخبر أنه أوتي مَفَاتِيح الكلم ، وهو ما يسّر الله له من البلاغة والفصاحة والوصول إلى غوامض المعاني ، وبدائع الحكم ، ومحاسن العبارات والألفاظ التي أغلقت على غيره وتعذّرت. ومن كان في يده مَفَاتِيح شيء مخزون سهل عليه الوصول إليه.

ومنه الحديث «أوتيت مَفَاتِيح خزائن الأرض» أراد ما سهّل الله له ولأمّته من افْتِتَاح البلاد المتعذّرات ، واستخراج الكنوز الممتنعات.

(ه) وفيه «أنه كان يَسْتَفْتِحُ بصعاليك المهاجرين» أي يستنصر بهم.

ومنه قوله تعالى (إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جاءَكُمُ الْفَتْحُ).

ومنه حديث الحديبية «أهو فَتْح؟» أي نصر.

(ه) وفيه «ما سقي بالفَتْح ففيه العُشْر» وفي رواية «ما سقي فَتْحاً» الفَتْح : الماء الذي يجري في الأنهار على وجه الأرض.

(س) وفي حديث الصلاة «لا يُفْتَح على الإمام» أراد به إذا أرتج عليه في القراءة وهو في الصلاة لا يَفْتَح له المأموم ما أرتج عليه : أي لا يلقّنه. ويقال : أراد بالإمام السّلطان ، وبالفَتْح الحكم : أي إذا حكم بشيء فلا يحكم بخلافه.

ومنه حديث ابن عباس «ما كنت أدري ما قوله عزوجل (رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنا وَبَيْنَ قَوْمِنا) حتى سمعت بنت ذي يزن تقول لزوجها : تعال أُفَاتِحْك» أي أحاكمك.

(س) ومنه الحديث «لا تُفَاتِحُوا أهل القدر» أي لا تحاكموهم. وقيل : لا تبدأوهم بالمجادلة والمناظرة.

(ه) وفي حديث أبي الدّرداء «ومن يأت بابا مغلقا يجد إلى جنبه بابا فُتُحاً» أي واسعا ، ولم يرد المَفْتُوح ، وأراد بالباب الفُتُح الطّلب إلى الله تعالى والمسألة.

(س) ومنه حديث أبي ذرّ «قدر حلب شاة فَتُوح» أي واسعة الإحليل.

(فتخ) (ه) وفيه «كان إذا سجد جافى عضديه عن جنبيه وفَتَخَ أصابع رجليه» أي نصبها وغمز موضع المفاصل منها ، وثناها إلى باطن الرّجل. وأصل الفَتْخ : اللّين. ومنه قيل للعقاب : فَتْخَاء ، لأنّها إذا انحطّت كسرت جناحيها.

(ه) فيه «أنّ امرأة أتته وفي يدها فُتُخٌ كثيرة» وفي رواية «فُتُوخٌ» هكذا روي ، وإنما هو «فَتَخ» (١) بفتحتين ، جمع فَتْخَة ، وهي خواتيم كبار تلبس في الأيدي ، وربما وضعت في أصابع الأرجل. وقيل : هي خواتيم لا فصوص لها ، وتجمع أيضا على : فَتَخَات وفِتَاخ.

ومنه حديث عائشة «في قوله تعالى (وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا ما ظَهَرَ مِنْها) قالت : القُلْب والفَتَخَة» وقد تكرّر ذكرها في الحديث مفردا ومجموعا.

(فتر) (ه) فيه «أنه نهى عن كلّ مسكر ومُفْتِر» المُفْتِر : الذي إذا شرب أحمى الجسد وصار فيه فُتُور ، وهو ضعف وانكسار. يقال : أَفْتَرَ الرجل فهو مُفْتِر : إذا ضعفت جفونه وانكسر طرفه. فإما أن يكون أَفْتَرَه بمعنى فَتَرَه : أي جعله فَاتِراً ، وإمّا أن يكون أَفْتَرَ الشّراب إذا فَتَرَ شاربه ، كأقطف الرجل إذا قطفت دابّته.

وفي حديث ابن مسعود «أنه مرض فبكى فقال : إنّما أبكي لأنه أصابني على حال فَتْرَة ولم يصبني في حال اجتهاد» أي في حال سكون وتقليل من العبادات والمجاهدات. والفَتْرَة في غير هذا : ما بين الرّسولين من رسل الله تعالى من الزّمان الذي انقطعت فيه الرّسالة.

ومنه «فَتْرَة ما بين عيسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام».

(فتق) (ه) فيه «يسأل الرجل في الجائحة أو الفَتْق» أي الحرب تكون بين القوم وتقع فيها الجراحات والدّماء ، وأصله الشّق والفتح ، وقد يراد بالفَتْق نقض العهد.

__________________

(١) وهى رواية الهروى.

ومنه حديث عروة بن مسعود «اذهب فقد كان فَتْقٌ نحو جرش».

(ه) ومنه حديث مسيره إلى بدر «خرج حتى أَفْتَق بين الصّدمتين» أي خرج من مضيق الوادي إلى المتّسع. يقال : أَفْتَقَ السّحاب إذا انفرج.

(ه س) وفي صفته صلى‌الله‌عليه‌وسلم «كان في خاصرتيه انْفِتَاق» أي اتّساع ، وهو محمود في الرّجال ، مذموم في النساء.

(س) وفي حديث عائشة «فمطروا حتى نبت العشب وسمنت الإبل حتى تَفَتَّقَتْ» أي انتفخت خواصرها واتّسعت من كثرة ما رعت ، فسمّي عام الفَتْق : أي عام الخصب.

(ه) وفي حديث زيد بن ثابت «قال : في الفَتَق الدّية» الفَتَق بالتحريك : انْفِتَاق المثانة.

وقيل : انْفِتَاق الصّفاق إلى داخل في مراقّ البطن.

وقيل : هو أن ينقطع اللّحم المشتمل على الأنثيين.

وقال الفرّاء : أَفْتَقَ الحيّ إذا أصاب إبلهم الفَتَق ، وذلك إذا انْفَتَقَت خواصرها سمنا فتموت لذلك ، وربّما سلمت. وقد فَتِقَتْ فَتَقاً. قال رؤبة :

لم ترج رسلا بعد أعوام الفَتَق

وفيه ذكر «فُتُق» بضمتين : موضع في طريق تبالة ، سلكه قطبة بن عامر لمّا وجّهه رسول الله ليغير على خثعم سنة تسع.

(فتك) فيه «الإيمان قَيَّدَ الفَتْك» الفَتْك : أن يأتي الرّجل صاحبه وهو غارّ غافل فيشدّ عليه فيقتله ، والغِيلَة : أن يخدعه ثمّ يقتله في موضع خفيّ. وقد تكرر ذكر «الفَتْك» في الحديث.

(فتل) فيه : ما يكون في شقّ النّواة. وقيل : ما يُفْتَل بين الأصبعين من الوسخ.

وفي حديث الزبير وعائشة «فلم يزل يَفْتِلُ في الذّروة والغارب حتى أجابته» هو مثل في المخادعة ، وقد تقدّم في الذال والغين.

ومنه حديث حييّ بن أخطب «لم يزل يَفْتِل في الذّروة والغارب».

وفي حديث عثمان «ألست ترعى مَعْوَتَها وفَتْلَتَها؟» الفَتْلَة : واحد الفَتْل ، وهو ما كان مَفْتُولا من ورق الشجر ، كورق الطّرفاء والأثل ونحوهما.

وقيل : الفَتْلَة : حمل السّمر والعرفط. وقيل (١) نور العضاه إذا انعقد. وقد أَفْتَلَتْ إِفْتَالاً : إذا أخرجت الفَتْلَة.

(فتن) (ه) في حديث قيلة «المسلم أخو المسلم يتعاونان على الفَتَّان» يروى بضم الفاء وفتحها ، فالضم جمع فَاتِن : أي يعاون أحدهما الآخر على الّذين يضلّون الناس عن الحقّ ويَفْتِنُونَهم ، وبالفتح هو الشّيطان ، لأنه يفتن الناس عن الدّين. وفَتَّان : من أبنية المبالغة في الفِتْنَة.

ومنه الحديث «أفَتَّان أنت يا معاذ!».

وفي حديث الكسوف «وإنّكم تُفْتَنُون في القبور» يريد مسألة منكر ونكير ، من الفِتْنَة : الامتحان والاختبار.

وقد كثرت استعاذته من فِتْنَة القبر ، وفِتْنَة الدّجّال ، وفِتْنَة المحيا والممات ، وغير ذلك.

ومنه الحديث «فبي تُفْتَنُون ، وعنّي تسألون» أي تمتحنون بي في قبوركم ويتعرّف إيمانكم بنبوّتي.

ومنه حديث الحسن «إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ» قال : «فَتَنُوهم بالنار» : أي امتحنوهم وعذّبوهم.

ومنه الحديث «المؤمن خلق مُفْتَناً» أي ممتحنا ، يمتحنه الله بالذّنب ثم يتوب ، ثم يعود ثم يتوب. يقال : فَتَنْتُه أَفْتِنُه فَتْناً وفُتُوناً إذا امتحنته. ويقال فيها : أَفْتَنْتُه أيضا. وهو قليل.

__________________

(١) فى الأصل : «وهو نور العضاه» وأثبتنا ما فى ا ، واللسان.

وقد كثر استعمالها فيما أخرجه الاختبار للمكروه ، ثم كثر حتى استعمل بمعنى الإثم ، والكفر ، والقتال ، والإحراق ، والإزالة ، والصّرف عن الشيء.

وفي حديث عمر «أنه سمع رجلا يتعوّذ من الفِتَن ، فقال : أتسأل ربّك أن لا يرزقك أهلا ولا مالا؟» تأوّل قول الله تعالى (أَنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ) ولم يرد فِتَنَ القتال والاختلاف.

(فتا) (ه) فيه «لا يقولنّ أحدكم عبدي وأمّتي ، ولكن فَتَاي وفَتَاتِي» أي غلامي وجاريتي ، كأنه كره ذكر العبودية لغير الله تعالى.

(س) وفي حديث عمران بن حصين «جذعة أحبّ إليّ من هرمة ، الله أحقّ بالفَتَاء والكرم» الفَتَاء بالفتح والمدّ : المصدر من الفَتِيِ السّنّ. يقال : فَتِيٌ بيّن الفَتَاء : أي طريّ السّنّ. والكرم : الحسن.

(ه) وفيه «أنّ أربعة تَفَاتَوْا إليه عليه‌السلام» : أي تحاكموا ، من الفَتْوَى. يقال : أَفْتَاه في المسئلة يُفْتِيه إذا أجابه. والاسم : الفَتْوَى.

ومنه الحديث «الإثم ما حكّ في صدرك وإن أَفْتَاك الناس عنه وأَفْتَوْك» أي وإن جعلوا لك فيه رخصة وجوازا.

(ه) وفيه «أنّ امرأة سألت أمّ سلمة أن تريها الإناء الذي كان يتوضّأ منه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فأخرجته ، فقالت المرأة : هذا مكّوك المُفْتِي» قال الأصمعيّ : المُفْتِى : مكيال هشام بن هبيرة. وأَفْتَى الرجل إذا شرب بالمُفْتِى (١) وهو قدح الشّطّار ، أرادت تشبيه الإناء بمكّوك هشام ، أو (٢) أرادت مكّوك صاحب المُفْتِى فحذفت المضاف ، أو مكّوك الشّارب ، وهو ما يكال به الخمر.

__________________

(١) الذى فى اللسان والقاموس : «والفتّى ، كسمىّ : قدح الشّطّار».

(٢) فى الأصل : «وأرادت» والمثبت من ا ، واللسان.

وفي حديث البخاري :

الحرب أوّل ما تكون فُتَيَّة

هكذا جاء على التّصغير : أي شابّة. ورواه بعضهم «فَتِيَّة» بالفتح.

(باب الفاء مع الثاء)

(فثأ) في حديث زياد «لهو أحبّ إليَّ من رثيئة فُثِئَتْ بسلالة» أي خلطت به وكسرت حدّتها. والفَثْء : الكسر. يقال : فَثَأْتُه أَفْثَؤُه فَثْأ.

(فثر) (ه) في حديث أشراط الساعة «وتكون الأرض كفَاثُور الفضّة» الفَاثُور : الخوان. وقيل : هو طست أوجام من فضّة أو ذهب.

ومنه «قيل لقرص الشمس : فَاثُورُها».

ومنه حديث عليّ «كان بين يديه يوم عيد فَاثُورٌ عليه خبز السّمراء» : أي خوان.

(باب الفاء مع الجيم)

(فجأ) فيه ذكر «موت الفَجْأَة» في غير موضع. يقال : فَجِئَه الأمر ، وفَجَأَه فُجَاءَة بالضم والمدّ ، وفَاجَأَه مُفَاجَأَة إذا جاءه بغتة من غير تقدّم سبب ، وقيّده بعضهم بفتح الفاء وسكون الجيم من غير مدّ على المرّة.

(فجج) في حديث الحج «وكلّ فِجَاج مكّة منحر» الفِجَاج : جمع فَجٍ ، وهو الطريق الواسع. وقد تكرر في الحديث واحدا ومجموعا.

ومنه الحديث «أنه قال لعمر : ما سلكت فَجّاً إلّا سلك الشيطان فَجّاً غيره!!».

وفَجُ الرّوحاء سلكه النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى بدر ، عام الفتح والحج.

(ه) وفيه «أنه كان إذا بال تَفَاجَ حتى نأوي له» التَّفَاجّ : المبالغة في تفريج ما بين الرجلين ، وهو من الفَجّ : الطريق.

[ه] ومنه حديث أمّ معبد «فتَفَاجَّتْ عليه ودرّت واجترّت».

وحديث عبادة المازني «فركبت الفحل فتَفَاجَ للبول».

[ه] ومنه الحديث «حين سئل عن بني عامر فقال : جمل أزهر مُتَفَاجّ» أراد أنه مخصب في ماء وشجر ، فهو لا يزال يبول لكثرة أكله وشربه.

(فجر) (ه) في حديث أبي بكر رضي‌الله‌عنه «لأن يقدّم أحدكم فتضرب عنقه خير له من أن يخوض غمرات (١) الدنيا ، يا هادي الطّريق جرت ، إنّما هو الفَجْر أو البحر» يقول : إن انتظرت حتّى يضيء لك الفَجْر أبصرت قصدك ، وإن خبطت الظّلماء وركبت العشواء هجما بك على المكروه ، فضرب الفَجْر والبحر مثلا لغمرات الدنيا.

وروى «البجر» بالجيم. وقد تقدّم في حرف الباء.

ومنه الحديث «أعرّس إذا أَفْجَرْتُ ، وأرتحل إذا أسفرت» أي أنزل للنّوم والتّعريس إذا قربت من الفجر ، وأرتحل إذا أضاء.

وفيه «إنّ التّجار يبعثون يوم القيامة فُجَّاراً إلّا من اتّقى الله» الفُجَّار : جمع فَاجِر ، وهو المنبعث في المعاصي والمحارم. وقد فَجَرَ يَفْجُرُ فُجُوراً. وقد تقدّم في حرف التاء معنى تسميتهم فُجَّاراً.

ومنه حديث ابن عباس «كانوا يرون العمرة في أشهر الحج من أَفْجَرِ الفُجُور» أي من أعظم الذنوب.

ومنه الحديث «أنّ أمة لآل رسول الله فَجَرَتْ» أي زنت.

ومنه حديث أبي بكر «إيّاكم والكذب فإنه مع الفُجُور ، وهما في النار» يريد الميل عن الصّدق وأعمال الخير.

وحديث عمر «استحمله أعرابيّ وقال : إن ناقتي قد نقبت ، فقال له : كذبت ولم يحمله ، فقال :

أقسم بالله أبو حفص عمر

ما مسّها من نقب ولا دبر

فاغفر له اللهمّ إن كان فَجَرَ

__________________

(١) فى الأصل : «فى غمرات» وقد أسقطنا «فى» حيث سقطت من ا ، واللسان ، والهروى.

أي كذب ومال عن الصّدق.

[ه] ومنه حديثه الآخر «أنّ رجلا استأذنه في الجهاد فمنعه لضعف بدنه ، فقال له : إنّ أطلقتني وإلّا فَجَرْتُك» أي عصيتك وخالفتك ومضيت إلى الغزو.

(ه) ومنه ما جاء في دعاء الوتر «ونخلع ونترك من يَفْجُرُك» أي يعصيك ويخالفك.

ومنه حديث عاتكة (١) «يا لَفُجَرُ» هو معدول عن فَاجِر للمبالغة ، ولا يستعمل إلّا في النّداء غالبا.

(س) وفي حديث ابن الزبير «فَجَّرْتَ بنفسك» أي نسبتها إلى الفُجُور ، كما يقال : فسّقته وكفّرته.

(ه) وفيه «كنت يوم الفِجَار أنبّل على عمومتي» هو (٢) يوم حرب كانت بين قريش ومن معها من كنانة ، وبين قيس عيلان في الجاهلية. سمّيت فِجَاراً لأنها كانت في الأشهر الحرم.

(فجفج) (ه) في حديث عثمان «إن هذا الفَجْفَاج لا يدري أين الله عزوجل» هو المهذار المكثار من القول.

ويروى «البجباج» وهو بمعناه أو قريب منه.

(فجا) [ه] في حديث الحج «كان يسير العنق ، فإذا وجد فَجْوَة نصّ» الفَجْوَة : الموضع المتّسع بين الشّيئين.

(ه) ومنه حديث ابن مسعود «لا يصلّينّ أحدكم وبينه وبين القبلة فَجْوَة» أي لا يبعد من قبلته ولا سترته ، لئلا يمرّ بين يديه أحد. وقد تكرر ذكرها في الحديث.

__________________

(١) فى اللسان : «عائشة».

(٢) فى الأصل : «هى» وأثبتنا ما فى ا. قال الهروى : «هى ثلاثة أفجرة كانت بين قريش ... الخ» وفى الصحاح : «أربعة أفجرة».

(باب الفاء مع الحاء)

(فحج) فيه «أنّه بال قائما ففَحَّجَ رجليه» أي فرّقهما وباعد ما بينهما. والفَحَج : تباعد ما بين الفخذين.

(ه) ومنه الحديث في صفة الدّجال «أنه أعور أَفْحَج».

وحديث الذي يخرّب الكعبة «كأنّي به أسود أَفْحَج ، يقلعها حجرا حجرا».

(فحش) (ه) فيه «إنّ الله يبغض الفَاحِش المُتَفَحِّش» الفَاحِش : ذو الفُحْش في كلامه وفعاله. والمُتَفَحِّش : الذي يتكلّف ذلك ويتعمّده.

وقد تكرر ذكر «الفُحْش والفَاحِشَة والفَوَاحِش» في الحديث. وهو كلّ ما يشتدّ قبحه من الذنوب والمعاصي. وكثيرا ما ترد الفَاحِشَة بمعنى الزّنا. وكلّ خصلة قبيحة فهي فَاحِشَة ، من الأقوال والأفعال.

[ه] ومنه الحديث «قال لعائشة : لا تقولي ذلك فإن الله لا يحبّ الفُحْش ولا التَّفَاحُش» أراد بالفُحْش التّعدّي في القول والجواب ، لا الفُحْشَ الذي هو من قذع الكلام ورديئه. والتَّفَاحُش : تفاعل منه ، وقد يكون الفُحْش بمعنى الزيادة والكثرة.

(ه) ومنه حديث بعضهم ، وقد سئل عن دم البراغيث فقال «إن لم يكن فَاحِشاً فلا بأس».

(فحص) (س) في حديث زواجه بزينب ووليمتها «فُحِصَت الأرض أَفَاحِيصَ» أي حفرت. والأَفَاحِيص : جمع أُفْحُوص القطاة ، وهو موضعها الذي تجثم فيه وتبيض ، كأنها تَفْحَصُ عنه التراب : أي تكشفه. والفَحْص : البحث والكشف.

(س) ومنه الحديث «من بني لله مسجدا ولو كمَفْحَص قطاة» المَفْحَص : مفعل ، من الفَحْص ، كالأُفْحُوص ، وجمعه : مَفَاحِص.

ومنه الحديث «أنه أوصى أمراء جيش مؤتة : وستجدون آخرين ، للشيطان في رؤوسهم

مَفَاحِص فافلقوها بالسّيوف» أي إنّ الشيطان قد استوطن رؤوسهم فجعلها له مَفَاحِص ، كما تستوطن القطا مَفَاحِصَها ، وهو من الاستعارات اللّطيفة ، لأنّ من كلامهم إذا وصفوا إنسانا بشدة الغيّ والانهماك في الشّر قالوا : قد فرّخ الشيطان في رأسه وعشّش في قلبه ، فذهب بهذا القول ذلك المذهب.

[ه] ومنه حديث أبي بكر «وستجد قوما فَحَصُوا عن أوساط رؤوسهم الشّعر ، فاضرب ما فَحَصُوا عنه بالسّيف».

(س) ومنه حديث عمر «إنّ الدّجاجة لتَفْحَصُ في الرّماد» أي تبحثه وتتمرّغ فيه.

وفي حديث قسّ «ولا سمعت له فَحْصاً» أي وقع قدم وصوت مشى.

(ه) وفي حديث كعب «إنّ الله بارك في الشّام ، وخصّ بالتّقديس من فَحْص الأُرْدُنّ إلى رَفَح» الأُرْدُنّ : النّهر المعروف تحت طبريّة ، وفَحْصُه : ما بسط منه وكشف من نواحيه ، ورَفَح : قرية معروفة هناك.

(س) وفي حديث الشفاعة «فأنطلق حتى آتِيَ الفَحْصَ» أي قدّام العرش ، هكذا فسّر في الحديث ، ولعلّه من الفَحْص : البسط والكشف.

(فحل) (ه) فيه «أنّه دخل على رجل من الأنصار وفي ناحية البيت فَحْلٌ من تلك الفُحُول ، فأمر به فكنس ورشّ فصلّى عليه» الفَحْل هاهنا : حصير معمول من سعف فُحَّال النّخل ، وهو فَحْلُها وذكرها الذي تلقّح منه ، فسمّي الحصير فَحْلاً مجازا.

(ه) ومنه حديث عثمان «لا شفعة في بئر ولا فَحْلَ» أراد به فَحْلَ النّخلة ، لأنه لا ينقسم.

وقيل : لا يقال له إلا فُحَّال ، ويجمع الفَحْل على فُحُول ، والفُحَّال على فَحَاحِيل.

وإنّما لم تثبت (١) فيه الشّفعة ، لأنّ القوم كانت لهم نخيل في حائط فيتوارثونها ويقتسمونها ،

__________________

(١) فى ا «لم يثبت».

ولهم فَحْل يلقحون منه نخيلهم ، فإذا باع أحدهم نصيبه المقسوم من ذلك الحائط بحقوقه من الفُحَّال وغيره ، فلا شفعة للشّركاء في الفُحَّال ، لأنه لا تمكن قسمته (١).

وفي حديث الرّضاع ذكر «لبن الفَحْل» وسيرد في حرف اللام.

(ه) وفي حديث ابن عمر «أنه بعث رجلا يشتري له أضحيّة ، فقال : اشتره كبشا فَحِيلاً» الفَحِيل : المنجب في ضرابه. واختار الفَحْل على الخصيّ والنّعجة طلب نبله وعظمه (٢).

وقيل : الفَحِيل : الذي يشبه الفُحُولَة في عظم خلقه.

وفيه «لم يضرب أحدكم امرأته ضرب الفَحْل؟». هكذا جاء في رواية ، يريد فَحْلَ الإبل إذا علا ناقة دونه أو فوقه في الكرم والنّجابة ، فإنهم يضربونه على ذلك ويمنعونه عنه.

(ه) وفي حديث عمر «لما قدم الشام تَفَحَّلَ له أمراء الشام» أي أنّهم تلقّوه متبذّلين غير متزيّنين ، متقشّفين ، مأخوذ من الفَحْل ضدّ الأنثى ، لأن التّزيّن والتّصنّع في الزّيّ من شأن الإناث.

وفيه ذكر «فِحْل» بكسر الفاء وسكون الحاء : موضع بالشّام كانت به وقعة للمسلمين مع الروم. ومنه يوم فِحْل.

وفيه ذكر «فَحْلَيْن» على التّثنية : موضع في جبل أحد.

(فحم) (ه) فيه «اكفتوا صبيانكم حتى تذهب فَحْمَة العشاء» هي إقباله وأوّل سواده. يقال للظّلمة التي بين صلاتي العشاء : الفَحْمَة ، وللظّلمة التي بين العتمة والغداة : العسعسة.

وفي حديث عائشة مع زينب بنت جحش «فلم ألبث أن أَفْحَمْتُها» أي أسكتّها.

__________________

(١) قال الهروى : «وهذا مذهب أهل المدينة رضى الله عنهم» ا ه. وانظر اللسان. ففيه بسط لما أجمل المصنف فى هذه المسألة.

(٢) فى الهروى واللسان : «وطلب نبله وعظمه».

(فحا) فيه «من أكل من فِحَا أرضنا لم يضرّه ماؤها» الفِحَا بالكسر والفتح : واحد الأَفْحَاء : توابل القدور. وقد فَحَيْتُ القدر : أي جعلت فيها التّوابل ، كالفلفل والكمّون ونحوهما ، وقيل : هو البصل.

[ه] ومنه حديث معاوية «قال لقوم قدموا عليه : كلوا من فِحَا أرضنا فقلّما أكل قوم من فِحَا أرض فضرّهم ماؤها».

(باب الفاء مع الخاء)

(فخخ) (ه) في حديث صلاة اللّيل «أنه (١) نام حتى سمع فَخِيخُه» أي غطيطه.

[ه] وفي حديث عليّ :

أفلح من كان له مزخّه

يزخّها ثم ينام الفَخَّه

أي ينام نومة يسمع فَخِيخُه فيها.

وفي حديث بلال :

ألا ليت شعري هل أبيتنّ ليلة

بفَخٍ وحولي إذخر وجليل

فَخٌ : موضع عند مكّة. وقيل : واد دفن به عبد الله بن عمر ، وهو أيضا

ماء أقطعه النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم عظيم بن الحارث المحاربيّ.

(فخذ) (ه) فيه «لمّا نزلت «وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ» بات يُفَخِّذُ عشيرته» أي يناديهم فَخِذاً فَخِذاً ، وهم أقرب العشيرة إليه. وقد تكرر ذكر «الفَخِذ» في الحديث.

وأوّل العشيرة الشّعب ، ثم القبيلة ، ثم الفصيلة ، ثم العمارة ، ثم البطن ، ثم الفَخِذ. كذا قال الجوهري.

(فخر) (س) فيه «أنا سيّد ولد آدم ولا فَخْر» الفَخْر : ادّعاء العظم والكبر والشّرف : أي لا أقوله تبجّحا ، ولكن شكرا لله وتحدّثا بنعمه.

__________________

(١) الضمير يعود على ابن عباس كما يستفاد من عبارة الهروى.

(س) وفيه «أنه خرج يتبرّز فأتبعه عمر بإداوة وفَخَّارَة» الفَخَّار : ضرب من الخزف معروف تعمل منه الجرار والكيزان وغيرهما.

(فخم) (ه) في صفته عليه الصلاة والسلام «كان فَخْماً مُفَخَّماً» أي عظيما معظّما في الصدور والعيون ، ولم تكن خلقته في جسمه الضّخامة.

وقيل : الفَخَامَة في وجهه : نبله وامتلاؤه مع الجمال والمهابة.

(باب الفاء مع الدال)

(فدح) (ه) فيه «وعلى المسلمين أن لا يتركوا في الإسلام مَفْدُوحاً في فداء أو عقل» المَفْدُوح : الذي فَدَحَه الدَّيْن : أي أثقله. وقد فَدَحَه يَفْدَحُه فَدْحاً فهو فَادِح.

ومنه حديث ابن ذي يزن «لكشفك الكرب الذي فَدَحَنا» أي أثقلنا.

(فدد) (ه) فيه «إنّ الجفاء والقسوة في الفَدَّادِين» الفَدَّادُون بالتشديد : الذين تعلو أصواتهم في حروثهم ومواشيهم ، واحدهم : فَدَّاد. يقال : فَدَّ الرجل يَفِدُّ فَدِيداً إذا اشتدّ صوته.

وقيل : هم المكثرون من الإبل.

وقيل : هم الجمّالون والبقّارون والحمّارون والرّعيان.

وقيل : إنما هو «الفَدَادِين» مخفّفا ، واحدها : فدّان ، مشدّد ، وهي البقر التي يحرث بها ، وأهلها أهل جفاء وغلظة.

ومنه الحديث «هلك الفَدَّادُون إلّا من أعطى في نجدتها ورسلها» أراد الكثيري الإبل ، كان إذا ملك أحدهم المئين من الإبل إلى الألف قيل له فَدَّاد. وهو في معنى النسب ، كسرّاج وعوّاج. وقد تكرر في الحديث.

[ه] ومن الأوّل حديث أبي هريرة «أنه رأى رجلين يسرعان إلى الصّلاة ، فقال : ما لكما تَفِدَّان فَدِيدَ الجمل!» يقال : فَدَّ الإنسان والجمل يَفِدُّ إذا علا صوته ، أراد أنهما كانا يعدوان فيسمع لعدوهما صوت.

وفيه «إنّ الأرض تقول للميت : ربما مشيت عليَ فَدَّاداً» قيل : أراد ذا أمل كثير وخيلاء وسعي دائم.

(فدر) (س) في حديث أمّ سلمة «أهديت لي فِدْرَة من لحم» أي قطعة. والفِدْرَة : القطعة من كل شيء ، وجمعها : فِدَر.

ومنه حديث جيش الخبط «فكنا نقتطع منه الفِدَر كالثّور» وقد تكرر في الحديث.

(ه) وفي حديث مجاهد «قال : في الفَادِر العظيم من الأروى بقرة» الفَادِر والفَدُور : المسنّ من الوعول ، وهو من فَدَرَ الفحل فُدُوراً إذا عجز عن الضراب ، يعنى في فديته بقرة.

(فدع) (ه) في حديث ابن عمر «أنه مضى إلى خيبر ففَدَعَه أهلها» الفَدَع بالتحريك : زيغ بين القدم وبين عظم الساق ، وكذلك في اليد ، وهو أن تزول المفاصل عن أماكنها. ورجل أَفْدَع بيّن الفَدَع.

[ه] وفي صفة ذي السّويقتين الذي يهدم الكعبة : «كأنّي به أُفَيْدِع أصيلع» أُفَيْدِع : تصغير أَفْدَع.

(فدغ) فيه «أنه دعا على عتيبة بن أبي لهب فضغمه الأسد ضغمة فَدَغَهُ» الفَدْغ : الشّدخ والشّق اليسير.

(ه) ومنه الحديث «إذا تَفْدَغُ قريش الرّأس».

(ه) ومنه الحديث في الذّبح بالحجر «إن لم يَفْدَغ الحلقوم فكل» لأنّ الذّبح بالحجر يشدخ الجلد ، وربّما لا يقطع الأوداج فيكون كالموقوذ.

ومنه حديث ابن سيرين «سئل عن الذّبيحة بالعود فقال : كلّ ما لم يَفْدَغْ» يريد ما قتل بحدّه فكله ، وما قتل بثقله فلا تأكله.

(فدفد) (ه) فيه «فلجأوا إلى فَدْفَدٍ فأحاطوا بهم» الفَدْفَد : الموضع الذي فيه غلظ وارتفاع.

ومنه الحديث «كان إذا قفل من سفر فمرّ بفَدْفَدٍ أو نشز كبّر ثلاثا».

ومنه حديث قسّ «وأرمق فَدْفَدها» وجمعه : فَدَافِد.

ومنه حديث ناجية «عدلت برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فأخذت به في طريق لها فَدَافِدُ» أي أماكن مرتفعة.

(فدم) (ه) فيه «إنّكم مدعوّون يوم القيامة مُفَدَّمَة أفواهكم بالفِدَام» الفِدَام : ما يشدّ على فم الإبريق والكوز من خرقة لتصفية الشّراب الذي فيه : أي أنهم يمنعون الكلام بأفواهم حتى تتكلّم جوارحهم ، فشبّه ذلك بالفِدَام.

وقيل : كان سقاة الأعاجم إذا سقوا فَدَّمُوا أفواههم : أي غطّوها.

ومنه الحديث «يحشر الناس يوم القيامة عليهم الفِدَام».

ومنه حديث عليّ «الحلم فِدَام السّفيه» أي الحلم عنه يغطّي فاه ويسكته عن سفهه.

وفيه «أنه نهى عن الثّوب المُفْدَم» هو الثوب المشبع حمرة كأنه الذي لا يقدر على الزيادة عليه لتناهي حمرته ، فهو كالمتنع من قبول الصّبغ.

ومنه حديث عليّ «نهاني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أن أقرأ (١) وأنا راكع ، وألبس المعصفر المُفْدَم».

(ه) وفي حديث عروة «أنه كره المُفْدَم للمحرم ولم ير بالمضرّج بأسا» المضرّج : دون المُفْدَم ، وبعده المورّد.

ومنه حديث أبي ذرّ «إنّ الله ضرب النّصارى بذلّ مُفْدَم» أي شديد مشبع ، فاستعاره من الذّوات للمعاني.

(فدا) قد تكرّر ذكر «الفِدَاء» في الحديث. الفِدَاء بالكسر والمدّ ، والفتح مع القصر : فكاك الأسير. يقال : فَدَاه يَفْدِيه فِدَاءً وفَدًى ، وفَادَاه يُفَادِيه مُفَادَاة إذا أعطى فِدَاءَه وأنقذه ، وفَدَاه بنفسه وفَدَاه إذا قال له : جعلت فِدَاك. والفِدْيَة : الفِدَاء.

وقيل : المُفَادَاة : أن تفتكّ الأسير بأسير مثله.

__________________

(١) فى ا : «أن أقرأ القرآن».

وفيه :

* فاغفر فِدَاء لك ما اقتفينا *

إطلاق هذا اللفظ مع الله تعالى محمول على المجاز والاستعارة ، لأنه إنما يُفَدَّى من المكاره من تلحقه ، فيكون المراد بالفِدَاء التعظيم والإكبار ، لأن الإنسان لا يُفَدِّي إلا من يعظمه ، فيبذل نفسه له.

ويروى «فِدَاءٌ» بالرفع على الابتداء ، والنّصب على المصدر.

(باب الفاء مع الذال)

(فذذ) (س) فيه «هذه الآية الفَاذَّة الجامعة» أي المنفردة في معناها. والفَذّ : الواحد. وقد فَذَّ الرجل عن أصحابه إذا شذّ عنهم وبقي فردا.

(باب الفاء مع الراء)

(فرأ) (ه) فيه «أنه قال لأبي سفيان (١) : كلّ الصّيد في جوف الفَرَإ» : الفَرَأ مهموز مقصور : حمار الوحش ، وجمعه : فِرَاء (٢). قال له ذلك يتألّفه على الإسلام ، يعنى أنت في الصّيد كحمار الوحش ، كلّ الصّيد دونه.

وقيل : أراد إذا حجبتك قنع كلّ محجوب ورضي ، وذلك أنّه كان حجبه وأذن لغيره قبله.

(فربر) فيه ذكر «فِرَبْر» وهي بكسر الفاء وفتحها : مدينة ببلاد التّرك معروفة ، وإليها ينسب محمد بن يوسف الفِرَبْرِيّ ، رواية كتاب البخاري عنه.

(فرث) (ه) في حديث أم كلثوم بنت علي «قالت لأهل الكوفة : أتدرون أيَّ كبد فَرَثْتُم لرسول الله؟» الفَرْث : تفتيت الكبد بالغمّ والأذى.

__________________

(١) هو أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب. انظر ص ٢٩٠ من الجزء الأول.

(٢) وأفراء ، كما فى القاموس.

(فرج) (ه) فيه «العقل على المسلمين عامّة فلا يترك في الإسلام مُفْرَج» قيل : هو القتيل يوجد بأرض فلاة ، ولا يكون قريبا من قرية ، فإنه يودى من بيت المال ولا يطلّ دمه.

وقيل : هو الرجل يكون في القوم من غيرهم فيلزمهم أن يعقلوا عنه.

وقيل : هو أن يسلم الرجل ولا يوالى أحدا حتى إذا جنى جناية كانت جنايته على بيت المال لأنه لا عاقلة له.

والمُفْرَج : الذي لا عشيرة له. وقيل : هو المثقل بحقّ دية أو فداء أو غرم. ويروى بالحاء المهملة ، وسيجيء.

(ه) وفيه «أنه صلّى وعليه فَرُّوجٌ من حرير» وهو القباء الذي فيه شقّ من خلفه.

وفي حديث صلاة الجمعة «ولا تذروا فُرُجَات الشيطان» جمع فُرْجَة ، وهي الخلل الذي يكون بين المصلّين في الصّوف ، فأضافها إلى الشّيطان تفظيعا لشأنها ، وحملا على الاحتراز منها.

وفي رواية «فُرَج الشّيطان» جمع فُرْجَة ، كظلمة وظلم.

(س) وفي حديث عمر «قدم رجل من بعض الفُرُوج» يعنى الثّغور ، واحدها : فَرْج.

(ه) وفي عهد الحجّاج «استعملتك على الفَرْجَيْن والمصرين» فالفَرْجَان : خراسان وسجستان ، والمصران : البصرة والكوفة.

(س) وفي حديث أبي جعفر الأنصاري «فملأت ما بين فُرُوجِي» جمع فَرْج ، وهو ما بين الرّجلين. يقال للفرس : ملأ فَرْجه وفُرُوجه إذا عدا وأسرع ، وبه سمّي فَرْج المرأة والرّجل لأنهما بين الرّجلين.

(س) ومنه حديث الزبير «أنه كان أجلع فَرِجاً» الفَرِج : الذي يبدو فَرْجُه إذا جلس وينكشف ، وقد فَرِجَ فَرْجاً ، فهو فَرِجٌ.

(س) وفي حديث عقيل «أدركوا القوم على فَرْجَتِهِم» أي على هزيمتهم ، ويروى بالقاف والحاء.

(فرح) (ه) فيه «ولا يترك في الإسلام مُفْرَحٌ» هو الذي أثقله الدّين والغرم. وقد أَفْرَحَهُ يُفْرِحُه إذا أثقله. وأَفْرَحَه إذا غمّه. وحقيقته : أزلت عنه الفَرَح ، كأشكيته إذا أزلت شكواه. والمثقل بالحقوق مغموم مكروب إلى أن يخرج عنها. ويروى بالجيم وقد تقدّم.

(س) وفي حديث عبد الله بن جعفر «ذكرت أمّنا يتمنا وجعلت تُفْرَحُ له» قال أبو موسى : هكذا وجدته بالحاء المهملة ، وقد أضرب الطّبرانيّ عن هذه الكلمة فتركها من الحديث ، فإن كان بالحاء فهو من أَفْرَحَه إذا غمّه وأزال عنه الفَرَح ، وأَفْرَحَه الدَّين إذا أثقله ، وإن كانت بالجيم فهو من المفرج الذي لا عشيرة له ، فكأنها أرادت أنّ أباهم توفّي ولا عشيرة لهم ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم «أتخافين العيلة وأنا وليّهم؟».

وفي حديث التّوبة «لله أشدّ فَرَحاً بتوبة عبده» الفَرَح هاهنا وفي أمثاله كناية عن الرّضى وسرعة القبول ، وحسن الجزاء ، لتعذّر إطلاق ظاهر الفَرَح على الله تعالى.

(فرخ) (س) فيه «أنه نهى عن بيع الفُرُوخ بالمكيل من الطعام» الفُرُوخ من السّنبل : ما استبان عاقبته وانعقد حبّه.

وقيل : أَفْرَخَ الزّرع إذا تهيّأ للانشقاق ، وهو مثل نهيه عن المخاضرة والمحاقلة.

(س) وفي حديث عليّ «أتاه قوم فاستأمروه في قتل عثمان فنهاهم ، وقال : إن تفعلوا فبيضا فلتُفْرِخُنَّه» أراد إن تقتلوه تهيجوا فتنة يتولّد منها شرّ كثير ، كما قال بعضهم :

أرى فتنة هاجت وباضت وفَرَّخَتْ

ولو تركت طارت إليها فرَاخُها

ونصب «بيضا» بفعل مضمر دلّ الفعل المذكور عليه ، تقديره : فلتُفْرِخُنَّ بيضا فلتُفْرِخُنَّه كما تقول : زيدا ضربت ، أي ضربت زيدا ضربت ، فحذف الأوّل ، وإلّا فلا وجه لصحّته بدون هذا التّقدير ، لأنّ الفاء الثانية لا بدّ لها من معطوف عليه ، ولا تكون لجواب الشّرط لكون الأولى لذلك.

ويقال : أَفْرَخَت البيضة إذا خلت من الفَرْخ ، وأَفْرَخَتْها أمّها.

ومنه حديث عمر «يا أهل الشام تجهّزوا لأهل العراق ، فإنّ الشّيطان قد باض فيهم وفَرَّخَ» أي اتخذهم مقرّا ومسكنا لا يفارقهم ، كما يلازم الطائر موضع بيضه وأَفْرَاخه.

(ه) وفي حديث معاوية «كتب إلى ابن زياد : أَفْرِخْ روعك (١) قد ولّيناك الكوفة» وكان يخاف أن يولّيها غيره.

وأصل الإِفْرَاخ : الانكشاف. وأَفْرَخَ فؤاد الرّجل إذا خرج روعه وانكشف عنه الفزع ، كما تُفْرِخُ البيضة إذا انفلقت عن الفَرْخ فخرج منها ، وهو مثل قديم للعرب. يقولون : أَفْرِخْ روعك ، وليُفْرِخْ روعك : أي ليذهب فزعك وخوفك ، فإنّ الأمر ليس على ما تحاذر.

وفي حديث أبي هريرة «يا بني فَرُّوخ» قال الليث : بلغنا أنّ فَرُّوخ كان من ولد إبراهيم عليه‌السلام بعد إسحاق وإسماعيل ، فكثر نسله ونما عدده فولد العجم الذين في وسط البلاد ، هكذا حكاه الأزهري عنه.

(فرد) (ه) فيه «سبق المُفَرِّدُون» وفي رواية «طوبى للمُفَرِّدِين» قيل : وما المُفَرِّدُون؟

قال : الذين أُهْتِرُوا (٢) في ذكر الله تعالى» يقال : فَرَدَ برأيه وأَفْرَدَ وفَرَّدَ واسْتَفْرَدَ بمعنى انْفَرَدَ به.

وقيل : فَرَّدَ الرجلُ إذا تفقّه واعتزل الناس ، وخلا بمراعاة الأمر والنّهي.

__________________

(١) فى الأصل وا ، واللسان «روعك» بفتح الراء. وأثبتناه بضمها من الهروى ، والقاموس (روع) غير أن رواية الهروي «أفرخ روعك» ورواية القاموس : «ليفرخ روعك».

قال الهروى : «وكان أبو الهيثم يقول : أفرخ روعه. بضم الراء. والرّوع : موضع الرّوع».

وقال صاحب القاموس : «والرّوع : الفزع ، والفزع لا يخرج من الفزع ، إنما يخرج من موضع الفزع ، وهو الرّوع ، بالضم».

(٢) فى الأصل واللسان : اهتزّوا» وهو خطأ صوابه من ا ، ومما يأتى فى مادة «هتر».

وقيل : هم الهرمى الذين هلك أقرانهم من الناس وبقوا يذكرون الله.

وفي حديث الحديبية «لأقاتلنّهم حتى تَنْفَرِدَ سَالِفَتي» أى حتى أموت. السَّالِفَة : صفحة العنق ، وكني بانْفِرَادِها عن الموت ، لأنها لا تَنْفَرِد عمّا يليها إلّا به.

[ه] وفيه «لا تعدّ (١) فَارِدَتُكم» يعنى الزّائدة على الفريضة ، أي لا تضمّ إلى غيرها فتعدّ معها وتحسب.

[ه] وفيه : جاء رجل يشكو رجلا من الأنصار شجّه فقال :

يا خير من يمشي بنعل فَرْد

أوهَبَه (٢) لنهدة ونهد

لا تسبينّ سلبي وجلدي

أراد النّعل التي هي طاق واحد ، ولم تخصف طاقا على طاق ولم تطارق ، وهم يمدحون برقّة النّعال ، وإنّما يلبسها ملوكهم وساداتهم.

أراد : يا خير الأكابر من العرب ، لأنّ لبس النّعال لهم دون العجم.

وفي حديث أبي بكر «فمنكم المزدلف صاحب العمامة الفَرْدَة» إنما قيل له ذلك ، لأنه كان إذا ركب لم يعتمّ معه غيره إجلالا له.

وفيه ذكر «فَرْدَة» بفتح الفاء وسكون الراء : جبل في ديار طيّ يقال له : فَرْدَة الشّموس ، وماء لجرم في ديار طيّ أيضا ، له ذكر في حديث زيد الخيل ، وفي سريّة زيد ابن حارثة.

وبعضهم يقول : هو «ذو القَرَدة» بالقاف. وبعضهم يكسر الراء.

__________________

(١) فى ا : «لا تعدّوا فاردتكم».

(٢) قال فى الفائق ٢ / ٢٦٤ : «أوهبه : إما أن يكون بدلا من المنادى ، أو منادى ثانيا حذف حرفه».

وستأتى للّسان فيه رواية أخرى فى مادة (نهد): «وهبه» وستأتى عندنا «وهبة» وسنحررها فى مكانها ، فى مادة (نهد).

وفي قصيد كعب :

«ترمي الغيوب بعيني مُفْرَدٍ لهق

المُفْرَد : ثور الوحش ، شبّه به النّاقة.

(فردس) (ه) قد تكرر فيه ذكر «الفِرْدَوْس» وهو البستان الذي فيه الكرم والأشجار ، والجمع : فَرَادِيس ، ومنه جنّة الفِرْدَوْس.

(فرر) (س) فيه «أنه قال لعديّ بن حاتم : ما يُفِرُّك إلّا أن يقال لا إله إلا الله» أَفْرَرْته أُفِرَّه : فعلت به ما يَفِرُّ منه ويهرب : أي ما يحملك على الفِرَار إلّا التّوحيد.

وكثير من المحدّثين يقولونه بفتح الياء وضم الفاء ، والصحيح الأوّل.

ومنه حديث عاتكة :

أَفَرَّ صياح القوم عزم قلوبهم

فهنّ هواء والحلوم عوازب

أي حملها على الفرار ، وجعلها خالية بعيدة غائبة العقول.

[ه] ومنه حديث الهجرة «قال سراقة : هذان فَرُّ قريش ، ألا أردّ على قريش فَرَّها» يقال : فَرَّ يَفِرُّ فَرّاً فهو فَارٌّ إذا هرب. والفَرّ : مصدر وضع موضع الفاعل ، ويقع على الواحد والاثنين والجميع. يقال : رجل فَرٌّ ، ورجلان فَرٌّ ، ورجال فَرٌّ. أراد به النبيَّ وأبا بكر لمّا خرجا مهاجرين. يعنى هذان الفَرَّان.

(ه) وفي صفته عليه الصلاة والسلام «ويَفْتَرُّ عن مثل حبّ الغمام» أي يتبسّم ويكشر حتى تبدو أسنانه من غير قهقهة ، وهو من فَرَرْتُ الدّابة أَفُرُّها فَرّاً إذا كشفت شفتها لتعرف سنّها. وافْتَرَّ يَفْتَرُّ : افتعل منه ، وأراد بحبّ الغمام البرد.

ومنه حديث ابن عمر «أراد أن يشتري بدنة فقال : فُرَّها».

(ه) وحديث عمر «قال لابن عباس : كان يبلغني عنك أشياء كرهت أن أَفُرَّك عنها». أي أكشفك.

(س) ومنه خطبة الحجاج «لقد فُرِرْت عن ذكاء وتجربة».

(فرز) (ه) فيه «من أخذ شفعا فهو له ، ومن أخذ فِرْزاً فهو له» الفِرْز : الفرد ، وأنكره الأزهري. والفِرْز : النّصيب المَفْرُوز. وقد فَرَزْتُ الشيء وأَفْرَزْتُه إذا قسمته.

(فرس) (س) فيه «اتّقوا فِرَاسَة المؤمن فإنه ينظر بنور الله» يقال بمعنيين ، أحدهما : ما دلّ ظاهر هذا الحديث عليه ، وهو ما يوقعه الله تعالى في قلوب أوليائه ، فيعلمون أحوال بعض الناس بنوع من الكرامات وإصابة الظّنّ والحدس ، والثاني : نوع يتعلّم بالدلائل والتجارب والخلق والأخلاق ، فتعرف به أحوال الناس ، وللنّاس فيه تصانيف قديمة وحديثة.

ومنه الحديث «أَفْرَسُ الناس ثلاثة» كذا وكذا وكذا : أي أصدقهم فِرَاسَة.

(ه) ومنه «أنه عرض يوما الخيل وعنده عيينة بن حصن فقال له : أنا أعلم بالخيل منك ، فقال : وأنا أَفْرَسُ بالرّجال منك» أي أبصر وأعرف. ورجل فَارِس بالأمر : أي عالم به بصير.

(ه) وفيه «علّموا أولادكم العوم والفَرَاسَة» الفَرَاسَة بالفتح : ركوب الخيل وركضها ، من الفُرُوسِيَّة.

(ه) وفي حديث عمر «أنه كره الفَرْسَ في الذبائح» وفي رواية «نهى عن الفَرْس في الذّبيحة» هو كسر رقبتها قبل أن تبرد.

ومنه حديثه الآخر «أمر مناديه فنادى ألّا تنخعوا ولا تَفْرِسُوا» وبه سمّيت فَرِيسَة الأسد ويروى عن عمر بن عبد العزيز مثله.

(ه) ومنه حديث يأجوج ومأجوج «يرسل الله عليهم النّغف فيصبحون فَرْسَى» أي قتلى ، الواحد : فَرِيس ، من فَرس الذّئب الشّاة وافْتَرَسَها إذا قتلها.

(س) وفي حديث قيلة «ومعها ابنة لها أخذتها (١) الفَرْسَة» أي ريح الحدب فيصير صاحبها أحدب. والفَرْسَة أيضا : قرحة تأخذ في العنق فتَفْرِسُها أي تدقّها.

(ه) وفي حديث الضّحّاك «في رجل آلى من امرأته ثم طلّقها ، فقال : هما كفَرَسَي رهان ،

__________________

(١) فى اللسان : «أحدبها».

أيّهما سبق أخذ به» أي إنّ العدّة وهي ثلاثة أطهار أو ثلاث حيض إن انقضت قبل انقضاء وقت إيلائه ، وهو أربعة أشهر فقد بانت المرأة منه بتلك التّطليقة ، ولا شيء عليه من الإيلاء ، لأن [الأربعة](١) الأشهر تنقضي وليست له بزوجة ، وإن مضت [الأربعة](٢) الأشهر وهي العدّة بانت منه بالإيلاء مع تلك التّطليقة ، فكانت اثنتين ، فجعلهما كفَرَسَي رهان يتسابقان إلى غاية.

وفيه «كنت شاكيا بفَارِس ، فكنت أصلّي قاعدا فسألت عن ذلك عائشة» يريد بلاد فَارِس.

ورواه بعضهم بالنون والقاف جمع نقرس ، وهو الألم المعروف في الأقدام. والأوّل الصحيح.

(فرسخ) (ه) في حديث حذيفة «ما بينكم وبين أن يصبّ عليكم الشّرّ فراسخ إلا موت رجل» يعني عمر بن الخطاب. كلّ شيء دائم كثير لا ينقطع : فَرْسَخ ، وفَرَاسِخ اللّيل والنّهار : ساعاتهما وأوقاتهما. والفَرْسَخ من المسافة المعلومة من الأرض مأخوذ منه.

(فرسك) (س) في حديث عمر «كتب إليه سفيان بن عبد الله الثّقفيّ ، وكان عاملا له على الطّائف : إنّ قبلنا حيطانا فيها من الفِرْسِك ما هو أكثر غلّة من الكرم» الفِرْسِك : الخوخ.

وقيل : هو مثل الخوح من العضاه ، وهو أجرد أملس ، أحمر وأصفر ، وطعمه كطعم الخوخ. ويقال له الفرسق أيضا.

(فرسن) (س) فيه «لا تحقرنّ من المعروف شيئا ولو فِرْسِن شاة» الفِرْسِن : عظم قليل اللّحم ، وهو خفّ البعير ، كالحافر للدّابة ، وقد يستعار للشاة فيقال فِرْسِن شاة ، والذي للشّاة هو الظّلف. والنون زائدة ، وقيل أصلية.

(فرش) (ه) فيه «أنه نهى عن افْتِرَاش السّبع في الصلاة» هو أن يبسط ذراعيه في

__________________

(١) من الهروى ، واللسان.

(٢) من الهروى ، واللسان.

السّجود ولا يرفعهما عن الأرض ، كما يبسط الكلب والذّئب ذراعيه. والافْتِرَاش : افتعال ، من الفَرْش والفِرَاش.

(ه) ومنه الحديث «الولد للفِرَاش وللعاهر الحجر» أي لمالك الفِرَاش ، وهو الزّوج والمولى. والمرأة تسمّى فِرَاشا لأن الرجل يَفْتَرِشُها.

(ه) ومنه حديث ابن عبد العزيز «إلا أن يكون مالا مُفْتَرَشا» أي مغصوبا قد انبسطت فيه الأيدي بغير حقّ ، من قولهم : افْتَرَش عرض فلان إذا استباحه بالوقيعة فيه. وحقيقته جعله لنفسه فِرَاشا يطؤه.

(ه) وفي حديث طهفة «لكم العارض والفَرِيش» هي النّاقة الحديثة الوضع كالنّفساء من النّساء.

وقيل : الفَرِيش من النّبات : ما انبسط على وجه الأرض ولم يقم على ساق.

ويقال : فرس فَرِيش إذا حمل عليها صاحبها بعد النّتاج بسبع (١).

(ه) ومنه حديث خزيمة «وتركت الفَرِيش مستحلكا» أي شديد السّواد من الاحتراق.

(ه) وفيه «فجاءت الحمّرة فجعلت تُفَرِّشُ» هو أن تَفْرَش جناحيها وتقرب من الأرض وترفرف.

(س) وفي حديث أذينة «في الظّفر فَرْشٌ من الإبل» الفَرْش : صغار الإبل. وقيل : هو من الإبل والبقر والغنم ما لا يصلح إلّا للذّبح.

وفيه ذكر «فَرْش» بفتح الفاء وسكون الراء : واد سلكه النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم حين سار إلى بدر.

وفيه «فتتقادع بهم جنبتا (٢) الصّراط تقادع الفَرَاش في النّار» هو بالفتح : الطّير الذي يلقي نفسه في ضوء السّراج ، واحدتها : فَرَاشَة.

__________________

(١) فى الهروى : «لتسع».

(٢) فى ا واللسان : «جنبة» والمثبت فى الأصل ، وسيأتى فى قدع.

ومنه الحديث «جعل الفَرَاش وهذه الدّواب تقع فيها» وقد تكرر في الحديث.

وفي حديث عليّ «ضرب يطير منه فَرَاشُ الهام» الفَرَاش : عظام رقاق تلي قحف الرأس. وكل عظم رقيق : فَرَاشَة. ومنه فَرَاشَة القفل.

ومنه حديث مالك «في المنقّلة التي تطير فَرَاشُها خمسة عشر» المنقّلة من الشّجاج : التي تنقّل العظام.

(فرشح) (س [ه]) في حديث ابن عمر «كان لا يُفَرْشِحُ رجليه في الصلاة» الفَرْشَحَة : أن يفرّج بين رجليه ويباعد بينهما في القيام ، وهو التّفحّج.

(فرص) (ه) في حديث الحيض «خذي فِرْصَةً مُمَسَّكة فتطهّري بها» وفي رواية «خذي فِرْصَة من مسك» الفِرْصَة بكسر الفاء : قطعة من صوف أو قطن أو خرقة. يقال : فَرَصْتُ الشيء إذا قطعته. والمُمَسَّكَة : المطيّبة بالمسك. يتتبّع بها أثر الدّم فيحصل منه الطّيب والتّنشيف.

وقوله «من مسك» ظاهره أنّ الفِرْصَة منه ، وعليه المذهب وقول الفقهاء.

وحكى أبو داود في رواية عن بعضهم «قرصة» بالقاف : أي شيئا يسيرا مثل القرصة بطرف الأصبعين.

وحكى بعضهم عن ابن قتيبة «قرضة» بالقاف والضاد المعجمة : أي قطعة ، من القرض : القطع.

(ه) وفيه «إنّي لأكره أن أرى الرجل ثائرا فَرِيصُ (١) رقبته. قائما على مريّته (٢) يضربها» الفَرِيصَة : اللّحمة التي بين جنب الدّابة وكتفها لا تزال ترعد. وأراد بها هاهنا عصب الرّقبة وعروقها ، لأنها هي التي تثور عند الغضب.

وقيل : أراد شعر الفَرِيصَة ، كما يقال : ثائر الرأس ، أي ثائر شعر الرّأس.

__________________

(١) فى الأصل : «فرائص» والمثبت من ا ، واللسان ، والهروى ، والفائق ٢ / ٢٥٧.

(٢) قال الزمخشرى : «تصغير المرأة ، استضعاف لها واستصغار ، ليرى أن الباطش بمثلها فى ضعفها لئيم» الفائق ٢ / ٢٥٨.

وجمع الفَرِيصَة : فَرِيصٌ ، وفَرَائِص ، فاستعارها للرّقبة وإن لم يكن لها فَرَائِص ، لأن الغضب يثير عروقها.

ومنه الحديث «فجيء بهما ترعد فَرَائِصُهُما» أي ترجف من الخوف.

(س) وفيه «رفع الله الحرج إلّا من افْتَرَصَ مسلما ظلما» هكذا روي بالفاء والصاد المهملة ، من الفَرْص : القطع ، أو من الفُرْصَة. النّهزة. يقال افْتَرَصَها : أي انتهزها ، أراد : إلّا من تمكّن من عرض مسلم ظلما بالغيبة والوقيعة.

(ه) وفي حديث قيلة «ومعها ابنة لها أخذتها الفَرْصَة» أي ريح الحدب. ويقال بالسين وقد تقدّمت.

(فرض) في حديث الزكاة «هذه فَرِيضَة الصّدقة التي فَرَضَها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم على المسلمين» أي أوجبها عليهم بأمر الله تعالى. وأصل الفَرْض : القطع. وقد فَرَضَه يَفْرِضُه فَرْضا ، وافْتَرَضَه افْتِرَاضا. وهو والواجب سيّان عند الشافعي ، والفَرْض آكد من الواجب عند أبي حنيفة. وقيل : الفَرْض هاهنا بمعنى التّقدير : أي قدّر صدقة كلّ شيء وبيّنه عن أمر الله تعالى.

وفي حديث حنين «فإنّ له علينا ستّ فَرَائِض» الفَرَائِض : جمع فَرِيضَة ، وهو البعير المأخوذ في الزكاة ، سمّي فَرِيضَة : لأنه فَرْض واجب على ربّ المال ، ثم اتّسع فيه حتى سمّي البعير فَرِيضَة في غير الزكاة.

ومنه الحديث «من منع فَرِيضَة من فَرَائِض الله».

والحديث الآخر «في الفَرِيضَة تجب عليه ولا توجد عنده» يعنى السّنّ المعيّن للإخراج في الزكاة.

وقيل : هو عامّ في كل فَرْض مشروع من فَرَائِض الله تعالى. وقد تكرر في الحديث.

(ه) وفي حديث طهفة «لكم في الوظيفة الفَرِيضَة» أي الهرمة المسنة ، يعنى هي لكم لا تؤخذ منكم في الزكاة.

ويروى «عليكم في الوظيفة الفَرِيضَة» أي في كل نصاب ما فُرِضَ فيه.

(ه) ومنه الحديث الآخر «لكم الفَارِض والفَرِيض» الفَرِيض والفَارِض : المسنّ من الإبل.

(س) وفي حديث ابن عمر «العلم ثلاثة ، منها فَرِيضَة عادلة» يريد العدل في القسمة بحيث تكون على السّهام والأنصباء المذكورة في الكتاب والسّنّة.

وقيل : أراد أنها تكون مستنبطة من الكتاب والسّنّة ، وإن لم يرد بها نصّ فيهما ، فتكون معادلة للنّصّ.

وقيل : الفَرِيضَة العادلة : ما اتّفق عليه المسلمون.

وفي حديث عديّ «أتيت عمر بن الخطاب في أناس من قومي ، فجعل يَفْرِضُ للرجل من طيّ في ألفين ويُعرض عني» أي يقطع ويوجب لكلّ رجل منهم في العطاء ألفين من المال.

وفي حديث عمر «اتّخذ عام الجدب قِدْحا فيه فَرْض» الفَرْض : الحزّ في الشيء والقطع. والقِدْحُ : السّهم قبل أن يعمل فيه الرّيش والنّصل.

(س) وفي صفة مريم عليها‌السلام «لم يَفْتَرِضْها ولد» أي لم يؤثّر فيها ولم يحزّها ، يعنى قبل المسيح عليه‌السلام.

وفي حديث ابن عمر «أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم استقبل فُرْضَتَيِ الجبل» فُرْضَة الجبل : ما انحدر من وسطه وجانبه. وفُرْضَة النّهر : مشرعته.

ومنه حديث موسى عليه‌السلام «حتى أرفأ به عند فُرْضَة النّهر». وجمع الفُرْضَة : فُرَض.

[ه] ومنه حديث الزّبير «واجعلوا السّيوف للمنايا فُرَضاً» أي اجعلوا السّيوف مشارع للمنايا ، وتعرّضوا للشّهادة.

(فرضخ) (ه) في حديث الدّجّال «أن أمّه كانت فِرْضَاخِيَّة» أي ضخمة عظيمة الثّديين. يقال : رجل فِرْضَاخ وامرأة فِرْضَاخَة ، والياء (١) للمبالغة.

__________________

(١) فى الأصل : «والتاء» والتصحيح من ا واللسان.

(فرط) (ه) فيه «أنا فَرَطُكم على الحوض» أي متقدّمكم إليه. يقال : فَرَطَ يَفْرِطُ ، فهو فَارِطٌ وفَرَطٌ إذا تقدّم وسبق القوم ليرتاد لهم الماء ، ويهيّئ لهم الدّلاء والأرشية.

(ه) ومنه الدعاء للطّفل الميّت «اللهم اجعله لنا فَرَطاً» أي أجرا يتقدّمنا. يقال : افْتَرَطَ فلان ابنا له صغيرا إذا مات قبله.

وحديث الدعاء أيضا «على ما فَرَطَ منّي» أي سبق وتقدّم.

[ه] ومنه الحديث «أنا والنّبيّون فُرَّاط القاصفين» (١) فُرَّاط : جمع فَارِط : أي متقدّمون إلى الشّفاعة. وقيل : إلى الحوض. والقَاصِفُونَ : المزدحمون.

ومنه حديث ابن عباس «قال لعائشة : تقدمين على فَرَطِ صدقٍ» يعنى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأبا بكر ، وأضافهما إلى صدق وصفا لهما ومدحا.

[ه] وفي حديث أم سلمة «قالت لعائشة : إنّ رسول الله نهاك عن الفُرْطَة في الدّين» يعنى السّبق والتّقدّم ومجاوزة الحدّ. الفُرْطَة بالضم : اسم للخروج والتّقدّم ، وبالفتح المرّة الواحدة.

وفيه «أنه قال ـ وهو بطريق مكة ـ : من يسبقنا إلى الإثاية فيمدر حوضها ويُفْرِطُ فيه فيملؤه حتى نأتيه» أي يكثر من صبّ الماء فيه. يقال : أَفْرَطَ مزادته إذا ملأها ، من أَفْرَطَ في الأمر إذا جاوز فيه الحدّ.

(س) ومنه حديث سراقة «الذي يُفْرِطُ في حوضه» أي يملؤه.

ومنه قصيد كعب :

تنفي (٢) الرّياح القذي عنه وأَفْرَطَه

أي ملأه. وقيل : أَفْرَطَه هاهنا بمعنى تركه.

__________________

(١) فى الهروى واللسان «فرّاط لقاصفين» وقد أشار صاحب الدر النثير فى مادة (قصف) إلى الروايتين.

(٢) الرواية فى شرح ديوانة ص ٧ : «تجلو».

ومنه حديث سطيح :

إن يمس ملك بني ساسان أَفْرَطَهُم

أي تركهم وزال عنهم.

ومنه حديث عليّ «لا يرى الجاهل إلا مُفْرِطاً أو مُفَرِّطاً» هو بالتخفيف : المسرف في العمل ، وبالتشديد : المقصّر فيه.

(س) ومنه الحديث «إنه نام عن العشاء حتى تَفَرَّطَتْ» أي فات وقتها قبل أدائها.

(ه) ومنه حديث توبة كعب «حتى أسرعوا وتَفَارَطَ الغزو» وفي رواية «تَفَرَّطَ الغزو» (١) أي فات وقته وتقدّم.

(س) وفي حديث ضباعة «كان الناس إنما يذهبون فَرْطَ اليومين فيبعرون كما تبعر الإبل» أي بعد يومين. يقال : آتيك فَرْطَ يوم أو يومين : أي بعدهما ، ولقيته الفَرْطَ بعد الفَرْطِ أي الحين بعد الحين.

(فرطم) (ه) في صفة الدّجال وشيعته «خفافهم مُفَرْطَمَة» الفُرْطُومَة : منقار الخفّ إذا كان طويلا محددّ الرّأس ، وحكاه ابن الأعرابي بالقاف.

(فرع) (ه) فيه «لا فَرَعَة ولا عتيرة» الفَرَعَة بفتح الراء والفَرَع : أوّل ما تلده الناقة ، كانوا يذبحونه لآلهتهم ، فنهي المسلمون عنه.

وقيل : كان الرجل في الجاهلية ، إذا تمّت إبله مائة قدّم بكرا فنحره لصنمه ، وهو الفَرَع. وقد كان المسلمون يفعلونه في صدر الإسلام ثم نسخ.

(ه) ومنه الحديث «فَرِّعُوا إن شئتم ، ولكن لا تذبحوه غراة حتى يكبر» أي صغيرا لحمه كالغراة ، وهي القطعة من الغرا.

والحديث الآخر «أنه سئل عن الفَرَع فقال : حقّ ، وأن تتركه حتى يكون ابن مخاض

__________________

(١) وهى رواية الهروى.

أو ابن لبون خير من أن تذبحه يلصق لحمه بوبره».

(ه) وفيه «أنّ جاريتين جاءتا تشتدّان إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهو يصلّي فأخذتا بركبتيه ففَرَعَ بينهما» أي حجز وفرّق. يقال : فَرَعَ وفَرَّعَ ، يَفْرِعُ ، ويُفَرِّعُ.

(ه) ومنه حديث ابن عباس «اختصم عنده بنو أبي لهب فقام يُفَرِّعُ بينهم».

(ه) وحديث علقمة «كان يُفَرِّعُ بين الغنم» أي يفرّق ، وذكره الهروي في القاف. قال أبو موسى : وهو من هفواته.

(ه) وفي حديث ابن زمل «يكاد يَفْرَعُ الناس طولا» أي يطولهم ويعلوهم.

ومنه حديث سودة «كانت تَفْرع النّساء طولا».

وفي حديث افتتاح الصلاة «كان يرفع يديه إلى فُرُوعِ أذنيه» أي أعاليهما ، وفَرْع كل شيء : أعلاه.

ومنه حديث قيام رمضان «فما كنّا ننصرف إلا في فُرُوع الفجر».

(ه) وفي حديث عليّ «إنّ لهم فِرَاعَها» الفِرَاع : ما علا من الأرض وارتفع.

(س) وحديث عطاء «وسئل : من أين أرمي الجمرتين؟ قال : تَفْرَعُهُما» أي تقف على أعلاهما وترميهما.

(س) ومنه الحديث «أيّ الشّجر أبعد من الخارف؟ قالوا : فَرْعُها ، قال : وكذلك الصّفّ الأوّل».

(ه) وفيه «أعطى العطايا يوم حنين فَارِعَة من الغنائم» أي مرتفعة صاعدة من أصلها قبل أن تخمّس.

(ه) ومنه حديث شريح «أنه كان يجعل المدبّر من الثّلث ، وكان مسروق يجعله فَارِعاً من المال» أي من أصله. والفَارِع : المرتفع العالي (١).

(ه) وفي حديث عمر «قيل له : الفُرْعَان أفضل أم الصُّلعان؟ فقال : الفُرْعَان ، قيل : فأنت

__________________

(١) عبارة الهروى : «المرتفع العالى الهيّئ الحسن».

أصلع ، قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أَفْرَعَ» الفُرْعَان : جمع الأَفْرَع ، وهو الوافي الشعر. وقيل : الذي له جمّة. وكان النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ذا جمّة.

وفيه «لا يؤمّنّكم أنصر ولا أزنّ ولا أَفْرَعُ» الأَفْرَع هاهنا : الموسوس.

وفيه ذكر «الفُرْع» وهو بضم الفاء وسكون الراء : موضع معروف بين مكة والمدينة.

(فرعل) (س) في حديث أبي هريرة «سئل عن الضّبع فقال : الفُرْعُل تلك نعجة من الغنم» الفُرْعُل : ولد الضّبع ، فسمّاها به ، أراد أنها حلال كالشّاة.

(فرغ) في حديث الغسل «كان يُفْرِغُ على رأسه ثلاث إِفْرَاغَات» جمع إِفْرَاغَة ، وهي المرّة الواحدة من الإِفْرَاغ. يقال : أَفْرَغْتُ الإناء إِفْرَاغا ، وفَرَّغْتُه تَفْرِيغاً إذا قلبت ما فيه.

وفي حديث أبي بكر «افْرُغْ إلى أضيافك» أي اعمد واقصد ، ويجوز أن يكون بمعنى التّخلّي والفَرَاغ ، ليتوفّر على قراهم والاشتغال بأمرهم. وقد تكرر المعنيان في الحديث.

(ه) وفيه «أنّ رجلا من الأنصار قال : حملنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم على حمار لنا قطوف فنزل عنه فإذا هو فِرَاغٌ لا يُسايَرُ» أي سريع المشي واسع الخطو.

(فرفر) (ه) في حديث عون بن عبد الله «ما رأيت أحدا يُفَرْفِرُ الدنيا فَرْفَرَة هذا الأعرج» يعنى أبا حازم ، أي يذمّها ويمزّقها بالذّمّ والوقيعة فيها. يقال : الذّئب يفرفر الشّاة أي يمزّقها.

(فرق) (س ه) في حديث عائشة «أنه كان يغتسل من إناء يقال له الفَرَق» الفَرَق بالتحريك : مكيال يسع ستّة عشر رطلا ، وهي اثنا عشر مدّا ، أو ثلاثة آصع عند أهل الحجاز.

وقيل : الفَرَق خمسة أقساط ، والقِسْط : نصف صاع ، فأمّا الفَرْق بالسكون فمائة وعشرون رطلا.

(س) ومنه الحديث «ما أسكر الفَرْقُ منه فالحسوة منه حرام».

(ه) والحديث الآخر «من استطاع أن يكون كصاحب فَرْق (١) الأرزّ فليكن مثله».

__________________

(١) قال الزمخشرى : «فيه لغتان ، تحريك الراء ، وهو الفصيح ، وتسكينها» الفائق ٢ / ٢٦٤

(س) ومنه الحديث «في كل عشرة أَفْرُق عسل فَرَقٌ» الأَفْرُق : جمع قلة لفَرَق ، مثل جبل وأجبل.

(س) وفي حديث بدء الوحي «فجئثت منه فَرَقا» الفَرَق بالتحريك : الخوف والفزع. يقال : فَرِقَ يَفْرَقُ فَرَقا.

(س) ومنه حديث أبي بكر «أبالله تُفَرِّقُنِي؟» أي : تخوّفني.

(ه) وفي صفته عليه الصلاة والسلام «إن انْفَرَقَتْ عقيصته فَرَق» أي إن صار شعره فِرْقَيْن بنفسه في مَفْرَقِه تركه ، وإن لم يَنْفَرِقْ لم يَفْرِقْه.

(س) وفي حديث الزكاة «لا يُفَرَّقُ بين مجتمع ولا يجمع بين مُتَفَرِّق خشية الصدقة» قد تقدم شرح هذا في حرف الجيم والخاء مبسوطا.

وذهب أحمد إلى أن معناه : لو كان لرجل بالكوفة أربعون شاة وبالبصرة أربعون كان عليه شاتان لقوله «لا يجمع بين مُتَفَرِّق» ، ولو كان له ببغداد عشرون وبالكوفة عشرون لا شيء عليه. ولو كانت له إبل في بلد شتّى ، إن جمعت وجبت فيها الزكاة ، وإن لم تجمع لم تجب في كل بلد لا يجب عليه فيها شيء.

(س) وفيه «البيّعان بالخيار ما لم يَتَفَرَّقَا» وفي رواية «ما لم يَفْتَرِقَا» اختلف الناس في التَّفَرُّق الذي يصح ويلزم البيع بوجوبه ، فقيل : هو التَّفَرُّق بالأبدان ، وإليه ذهب معظم الأئمة والفقهاء من الصحابة والتابعين ، وبه قال الشافعي وأحمد.

وقال أبو حنيفة ومالك وغيرهما : إذا تعاقدا صحّ البيع وإن لم يَتَفَرَّقَا.

وظاهر الحديث يشهد للقول الأوّل ، فإنّ رواية ابن عمر في تمامه «أنه كان إذا بايع رجلا فأراد

__________________

وقال الهروى : «قال أحمد بن يحيى : قل فَرَق ، بفتح الراء ، ولا تقل : فَرْق. قال : والفَرَق : اثنا عشر مدّا».

وفى اللسان : «قال أبو منصور : والمحدّثون يقولون : الفرق. وكلام العرب : الفرق» ثم ذكر نحو ما فى الهروى.

أن يتمّ البيع مشى خطوات حتى يُفَارِقَه» وإذا لم يجعل التَّفَرُّق شرطا في الانعقاد لم يكن لذكره فائدة ، فإنه يعلم أن المشتري ما لم يوجد منه قبول البيع فهو بالخيار ، وكذلك البائع خياره ثابت في ملكه قبل عقد البيع.

والتَّفَرُّق والافْتِرَاق سواء ، ومنهم من يجعل التَّفَرُّق بالأبدان ، والافْتِرَاق في الكلام. يقال : فَرَقْتُ بين الكلامين فافْتَرَقَا ، وفَرَّقْتُ بين الرجلين فتَفَرَّقَا.

ومنه حديث ابن مسعود «صلّيت مع النبيِّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم بمنى ركعتين ، ومع أبي بكر وعمر ثم تَفَرَّقت بكم الطّرق» أي ذهب كلّ منكم إلى مذهب ومال إلى قول وتركتم السّنة.

(ه) ومنه حديث عمر «فَرِّقُوا عن المنيّة واجعلوا الرّأس رأسين» يقول : إذا اشتريتم الرّقيق أو غيره من الحيوان فلا تغالوا في الثمن واشتروا بثمن الرأس الواحد رأسين ، فإن مات الواحد بقي الآخر ، فكأنّكم قد فَرَّقْتم مالكم عن المنيّة.

وفي حديث ابن عمر «كان يُفَرِّقُ بالشّكّ ويجمع باليقين» يعنى في الطّلاق ، وهو أن يحلف الرجل على أمر قد اختلف الناس فيه ولا يعلم من المصيب منهم ، فكان يُفَرِّقُ بين الرجل والمرأة احتياطا فيه وفي أمثاله من صور الشّك ، فإن تبيّن له بعد الشك اليقين جمع بينهما.

وفيه «من فَارَقَ الجماعة فميتته جاهليّة» معناه كلّ جماعة عقدت عقدا يوافق الكتاب والسّنة فلا يجوز لأحد أن يُفَارِقَهم في ذلك العقد ، فإن خالفهم فيه استحقّ الوعيد. ومعنى قوله «فميتته جاهلية» : أي يموت على ما مات عليه أهل الجاهليّة من الضّلال والجهل.

وفي حديث فاتحة الكتاب «ما أنزل في التّوراة ولا الإنجيل ولا الزّبور ولا في الفُرْقَان مثلها» الفُرْقَان من أسماء القرآن : أي أنه فَارَقَ بين الحق والباطل ، والحلال والحرام. يقال : فَرَقْتُ بين الشّيئين أَفْرُق فَرْقا وفُرْقَاناً.

ومنه الحديث «محمّد فَرْقٌ بين الناس» أي يَفْرُق بين المؤمنين والكافرين بتصديقه وتكذيبه.

(س) ومنه الحديث في صفته عليه الصلاة والسلام «أنّ اسمه في الكتب السالفة فَارِق ليطا» أي يَفْرُق بين الحق والباطل.

وفي حديث ابن عباس «فَرَقَ لي رأى» أي بدا وظهر. وقال بعضهم : الرواية «فُرِقَ» على ما لم يسمّ فاعله.

وفي حديث عثمان «قال لخيفان : كيف تركت أَفَارِيق العرب؟» الأَفَارِيق : جمع أَفْرَاق ، وأَفْرَاق : جمع فِرْق ، والفِرْق والفَرِيق والفِرْقَة بمعنى.

(ه) وفيه «ما ذئبان عاديان أصابا فَرِيقَة غنم؟» الفَرِيقَة : القطعة من الغنم تشذّ عن معظمها. وقيل : هي الغنم الضالّة.

(ه) ومنه حديث أبي ذر «سئل عن ماله فقال : فِرْقٌ لنا وذود» الفِرْق : القطعة من الغنم.

ومنه حديث طهفة «بارك لهم في مذقها وفِرْقِها» وبعضهم يقوله بفتح الفاء ، وهو مكيال يكال به اللّبن.

(س) وفيه «تأتي البقرة وآل عمران كأنهما فِرْقَان من طير صوافّ» أي قطعتان.

وفيه «عُدُّوا من أَفْرَقَ من الحيّ» أي برأ من الطّاعون. يقال : أَفْرَقَ المريض من مرضه إذا أفاق. وقيل : إنّ ذلك لا يقال إلا في علّة تصيب الإنسان مرّة ، كالجدريّ والحصبة.

وفيه «أنه وصف لسعد في مرضه الفَرِيقة» هي تمر يطبخ بحلبة ، وهو طعام يعمل للنّفساء.

(فرقب) (س) في حديث إسلام عمر «فأقبل شيخ عليه حبرة وثوب فُرْقُبِيٌ» هو ثوب مصريّ أبيض من كتّان.

قال الزمخشري : «الفُرْقُبِيَّة والثُّرْقُبِيَّة : ثياب مصريّة بيض من كتّان. وروي بقافين» منسوب إلى قرقوب ، مع حذف الواو في النّسب ، كسابريّ في سابور.

(فرقع) (ه) في حديث مجاهد «كره أن يُفَرْقِعَ الرجل أصابعه في الصلاة» فَرْقَعَةُ الأصابع : غمزها حتى يسمع لمفاصلها صوت.

(س) وفيه «فافْرَنْقَعُوا عنه» أي تحوّلوا وتفرّقوا. والنون زائدة.

(فرك) (س) فيه «نهى عن بيع الحبّ حتى يُفْرِك» أي يشتدّ وينتهي. يقال : أَفْرَكَ الزرع إذا بلغ أن يُفْرَك باليد ، وفَرَكْتُه فهو مَفْرُوك وفَرِيك.

ومن رواه فتح الراء فمعناه : حتى يخرج من قشره.

وفيه «لا يَفْرَك مؤمن مؤمنة» أي لا يبغضها. يقال : فَرِكَتِ المرأة زوجها تَفْرَكُه فِرْكاً بالكسر ، وفَرْكاً وفُرُوكاً ، فهي فَرُوك ، كأنه حثّ على حسن العشرة والصّحبة.

[ه] ومنه حديث ابن مسعود «أتاه رجل فقال : إني تزوّجت امرأة شابّة وإنّي أخاف أن تَفْرَكَنِي ، فقال : إن الحبّ من الله والفَرْك من الشيطان».

(فرم) (س) في حديث أنس «أيّام التّشريق أيّام لهو وفِرَام» هو كناية عن المجامعة ، وأصله من الفَرْم ، وهو تضييق المرأة فرجها بالأشياء العفصة ، وقد اسْتَفْرَمَتْ إذا احتشت بذلك.

(ه) ومنه حديث عبد الملك «كتب إلى الحجّاج لمّا شكا منه أنس بن مالك : يا ابن المُسْتَفْرِمَة بعجم (١) الزّبيب» أي المضيّقة فرجها بحبّ الزّبيب ، وهو مما يُسْتَفْرَمُ به.

(ه) ومنه الحديث «أنّ الحسين بن علي قال لرجل : عليك بفِرَام أمّك» سئل عنه ثعلب فقال : كانت أمّه ثقفيّة ، وفي أحراح نساء ثقيف سعة ، ولذلك يعالجن بالزبيب وغيره.

(س) ومنه حديث الحسن «حتى تكونوا أذلّ من فَرَمِ الأمة» هو بالتحريك : ما تعالج به المرأة فرجها ليضيق.

وقيل : هو خرقة الحيض.

(فره) (س) في حديث جريج «دابّة فَارِهَة». أي نشيطة حادّة قويّة. وقد فَرُهَتْ فَرَاهَة وفَرَاهِيَة.

(فرا) (ه) فيه «أنّ الخضر جلس على فَرْوَة بيضاء فاهتزّت تحته خضراء» الفَرْوَة : الأرض اليابسة.

وقيل : الهشيم اليابس من النّبات.

__________________

(١) فى الهروى : «بحبّ الزبيب». وهى رواية الزمخشرى أيضا. الفائق ١ / ١٩٣.

[ه] وفي حديث عليّ «اللهم إنّي قد مللتهم وملّوني ، وسئمتهم وسئموني ، فسلّط عليهم فتى ثقيف الذّيّال المنّان ، يلبس فَرْوَتَها ، ويأكل خضرتها» أي يتمتّع بنعمتها لبسا وأكلا. يقال : فلان ذو فَرْوَة وثروة بمعنى.

وقال الزمخشري : «معناه «يلبس الدّفئ الليّن من ثيابها ، ويأكل الطّريّ الناعم من طعامها ، فضرب الفَرْوَة والخضرة لذلك مثلا ، والضّمير للدّنيا. وأراد بالفتى الثّقفيّ الحجّاج بن يوسف ، قيل : إنه ولد في السّنة التي دعا فيها عليّ بهذه الدّعوة».

(ه) وفي حديث عمر «وسئل عن حدّ الأمة فقال : إن الأمة ألقت فَرْوَة رأسها من وراء الدّار» وروي «من وراء الجدار» أراد قناعها ، وقيل : خمارها : أي ليس عليها قناع ولا حجاب ، وأنها تخرج متبذّلة إلى كل موضع ترسل إليه لا تقدر على الامتناع.

والأصل في فَرْوَة الرأس : جلدته بما عليها من الشّعر.

ومنه الحديث «إنّ الكافر إذا قرّب المهل من فيه سقطت فَرْوَة وجهه» أي جلدته ، استعارها من الرّأس للوجه.

(ه) وفي حديث الرؤيا «فلم أر عبقريّا يَفْرِي فَرِيَّه» أي يعمل عمله ويقطع قطعه.

ويروى «يَفْرِي فَرْيَه» بسكون الراء والتخفيف ، وحكي عن الخليل أنه أنكر التّثقيل وغلّط قائله.

وأصل الفَرْي : القطع. يقال : فَرَيْتُ الشيء أَفْرِيه فَرْياً إذا شققته وقطعته للإصلاح ، فهو مَفْرِيٌ وفَرِيٌ ، وأَفْرَيْتُه : إذا شققته على وجه الإفساد. تقول العرب : تركته يَفْرِي الفَرِىَ : إذا عمل العمل فأجاده.

ومنه حديث حسان «لأَفْرِيَنَّهُم فَرْيَ الأديم» أي أقطعهم بالهجاء كما يقطع الأديم. وقد يكنى به عن المبالغة في القتل.

ومنه حديث غزوة مؤتة «فجعل الرّوميّ يَفْرِي بالمسلمين» أي يبالغ في النّكاية والقتل.

وحديث وحشيّ «فرأيت حمزة يَفْرِي الناس فَرْياً» يعنى يوم أحد.

(ه) ومنه حديث ابن عباس «كل ما أَفْرَى الأوداج غير مثرّد» أي ما شقّها وقطعها حتى يخرج ما فيها من الدّم.

وفيه «من أَفْرَى الفِرَى أن يرى الرجل عينيه ما لم تريا» ، الفِرَى : جمع فِرْيَة وهي الكذبة ، وأَفْرَى : أفعل منه للتّفضيل : أي من أكذب الكذبات أن يقول : رأيت في النوم كذا وكذا ولم يكن رأى شيئا ، لأنه كذب على الله ، فإنه هو الذي يرسل ملك الرّؤيا ليريه المنام.

ومنه حديث عائشة «فقد أعظم الفِرْيَة على الله» أي الكذب.

ومنه حديث بيعة النّساء «وَلا يَأْتِينَ بِبُهْتانٍ يَفْتَرِينَهُ» يقال : فَرَى يَفْرِي فَرْياً ، وافْتَرَى يَفْتَرِي افْتِرَاء ، إذا كذب ، وهو افتعال منه. وقد تكرر في الحديث.

(فرب) فيه ذكر «فِرْيَاب» هي بكسر الفاء وسكون الراء : مدينة ببلاد التّرك. وقيل : أصلها : فيرياب ، بزيادة ياء بعد الفاء ، وينسب إليها بالحذف والأثبات.

(باب الفاء مع الزاى)

(فزر) (ه) فيه «أنّ رجلا من الأنصار أخذ لحى جزور فضرب به أنف سعد ففَزَرَه» أي شقّه.

(ه) ومنه حديث طارق بن شهاب «خرجنا حجّاجا فأوطأ رجل منّا راحلته ظبيا ففَزَرَ ظهره» أي شقّه وفسخه.

(فزز) في حديث صفيّة «لا يغضبه شيء ولا يَسْتَفِزُّه» أي لا يستخفّه. ورجل فَزٌّ : أي خفيف. وأَفْزَزْتُه إذا أزعجته وأفزعته. وقد تكرر في الحديث.

(فزع) (ه) فيه «أنه قال للأنصار : إنّكم لتكثرون عند الفزع ، وتقلّون عند الطّمع» الفَزَع : الخوف في الأصل ، فوضع موضع الإغاثة والنّصر ، لأنّ من شأنه الإغاثة والدّفع عن الحريم مراقب حذر.

(ه) ومنه الحديث «لقد فَزِعَ أهل المدينة ليلا فركب فرسا لأبي طلحة»

أي استغاثوا. يقال : فَزِعْتُ إليه فأَفْزَعَنِي. أي استغثت إليه فأغاثني ، وأَفْزَعْتُه إذا أغثته ، وإذا خوّفته.

ومنه حديث الكسوف «فافْزَعُوا إلى الصلاة» أي الجأوا إليها ، واستغيثوا بها على دفع الأمر الحادث.

ومنه صفة عليّ «فإذا فُزِعَ فُزِعَ إلى ضرس حديد» أي إذا استغيث به التجئ إلى ضرس ، والتّقدير : فإذا فُزِعَ إليه فُزِعَ إلى ضرس ، فحذف الجارّ واستتر الضمير.

ومنه حديث المخزومية «ففَزِعُوا إلى أسامة» أي استغاثوا به.

وفيه «أنه فَزِعَ من نومه محمرّا وجهه».

[ه] وفي رواية «أنه نام ففَزِعَ وهو يضحك» أي هبّ وانتبه. يقال : فَزِعَ من نومه ، وأَفْزَعْتُه أنا ، وكأنه من الفَزَع : الخوف ، لأنّ الذي ينبّه لا يخلو من فَزَعٍ مّا.

(س) ومنه الحديث «ألا أَفْزَعْتُمُونِي» أي أنبهتموني.

(س) ومنه حديث مقتل عمر «فَزِّعُوه بالصلاة» أي نبّهوه.

وفي حديث فضل عثمان «قالت عائشة للنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : ما لي لم أرك فَزِعْتَ لأبي بكر وعمر كما فَزِعْتَ لعثمان؟ فقال : إنّ عثمان رجل حييّ» يقال : فَزِعْتُ لمجيء فلان إذا تأهّبت له متحوّلا من حال إلى حال ، كما ينتقل النائم من حال النّوم إلى حال اليقظة.

ورواه بعضهم بالراء والغين المعجمة ، من الفراغ والاهتمام ، والأوّل أكثر.

(ه) وفي حديث عمرو بن معديكرب «قال له الأشعث : لأضرّطنّك ، فقال : كلّا إنّها لعزوم مُفَزَّعَة» أي صحيحة تنزل بها الأَفْزَاع. والمُفَزَّع : الذي كشف عنه الفَزَع وأزيل (١).

ومنه حديث ابن مسعود «وذكر الوحي قال : فإذا جاء فُزِّعَ عن قلوبهم» أي كشف عنها الفَزَع.

__________________

(١) قال الهروى : «ومن جعله جبانا أراد يفزع من كل شىء. قال الفراء : وهذا مثل قولهم :

رجل مغلّب ، أى غالب ، ومغلّب ، أى مغلوب».

(باب الفاء مع السين)

(فسح) (ه) في صفته عليه الصلاة والسلام «فَسِيح ما بين المنكبين» أي بعيد ما بينهما ، لسعة صدره. ومنزل فَسِيح : أي واسع.

ومنه حديث عليّ «اللهم افْسَح له مُفْتَسَحاً في (١) عدلك» أي أوسع له سعة في دار عدلك يوهم القيامة.

ويروى «في عدنك» بالنون ، يعنى جنّة عدن. (ه) ومنه حديث أمّ زرع «وبيتها فُسَاح (٢)» أي واسع. يقال : بيت فَسِيح وفُسَاح ، كطويل وطوال.

(فسخ) فيه «كان فَسْخُ الحجّ رخصة لأصحاب النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم» هو أن يكون قد نوى الحج أوّلا ثم ينقضه ويبطله ويجعله عمرة ويحلّ ، ثم يعود يحرم بحجّة ، وهو التّمتّع ، أو قريب منه.

(فسد) (س) فيه «كره عشر خلال ، منها إِفْسَاد الصّبيّ ، غير محرّمه» هو أن يطأ المرأة المرضع ، فإذا حملت فَسَدَ لبنها ، وكان من ذلك فَسَاد الصّبي ، ويسمّى الغيلة.

وقوله «غير محرّمه» : أي أنه كرهه ولم يبلغ [به](٣) حدّ التحريم.

(فسط) (ه) فيه «عليكم بالجماعة ، فإنّ يد الله على الفُسْطَاط» هو بالضم والكسر : المدينة التي فيها مجتمع الناس. وكل مدينة فُسْطَاط.

وقال الزمخشري : «هو ضرب من الأبنية في السّفر دون السّرادق» وبه سمّيت المدينة. ويقال لمصر والبصرة : الفُسْطَاط. ومعنى الحديث أنّ جماعة أهل الإسلام في كنف الله ووقايته ، فأقيموا بينهم ولا تفارقوهم (٤).

__________________

(١) فى اللسان : «منفسحا».

(٢) يروى «فياح» وسيأتى.

(٣) من ا ، واللسان.

(٤) عبارة الزمخشرى : «... فى كنف الله ، وواقيته فوقهم ، فأقيموا بين ظهرانيهم ، ولا تفارقوهم» الفائق ٢ / ٢٧٥.

ومن الثاني الحديث «أنه أتى على رجل قد قطعت يده في سرقة وهو في فُسْطَاط ، فقال : من آوى هذا المصاب؟ فقالوا : خريم بن فاتك ، فقال : اللهم بارك على آل فاتك ، كما آوى هذا المصاب».

ومن الأوّل حديث الشّعبيّ «في العبد الآبق إذا أُخِذَ في الفُسْطَاط ففيه عشرة دراهم ، وإذا أخذ خارج الفُسْطَاط ففيه أربعون».

(فسق) فيه «خمسٌ فَوَاسِقُ يقتلن في الحلّ والحرم» أصل الفُسُوق : الخروج عن الاستقامة ، والجور ، وبه سمّي العاصي فَاسِقاً ، وإنّما سمّيت هذه الحيوانات فَوَاسِق ، على الاستعارة لخبثهنّ. وقيل لخروجهنّ من الحرمة في الحلّ والحرم : أي لا حرمة لهنّ بحال.

ومنه الحديث «أنه سمّي الفأرة فُوَيْسِقَة» تصغير فَاسِقَة ، لخروجها من جحرها على الناس وإفسادها.

(س) ومنه حديث عائشة ، وسئلت عن أكل الغراب فقالت : «ومن يأكله بعد قوله : فَاسِق؟» وقال الخطّابي : أراد بتَفْسِيقِها تحريم أكلها.

(فسكل) (ه) فيه «أنّ أسماء بنت عميس قالت لعليّ : إنّ ثلاثة أنت آخرهم لأخيار ، فقال عليّ لأولادها : قد فَسْكَلَتْنِي أمّكم» أي أخّرتني وجعلتني كالفِسْكِل ، وهو الفرس الذي يجيء في آخر خيل السّباق. وكانت تزوّجت قبله بجعفر أخيه ، ثم بأبي بكر الصدّيق بعد جعفر.

(فسل) (ه) فيه «لعن الله المُفَسِّلَة والمسوّفة» المُفَسِّلَة : التي إذا طلبها زوجها للوطء قالت : إنّي حائض وليست بحائض ، فتُفَسِّلُ الرجل عنها وتفتّر نشاطه ، من الفُسُولَة : وهي الفتور في الأمر.

(ه) وفي حديث حذيفة «اشترى ناقة من رجلين وشرط لهما من النّقد رضاهما ، فأخرج لهما كيسا فأَفْسَلَا عليه ، ثم أخرج كيسا آخر فأَفْسَلَا عليه» أي أرذلا عليه وزيّفا منها. وأصله من الفَسْل : وهو الرّديء الرّذل من كل شيء. يقال : فَسَلَه وأَفْسَلَه.

ومنه حديث الاستسقاء :

* سوى الحنظل العاميّ والعلهز الفَسْل *

وروي بالشين المعجمة. وسيذكر.

(فسا) (س) في حديث شريح «سئل عن الرجل يطلّق المرأة ثم يرتجعها فيكتمها رجعتها حتى تنقضي عدّتها ، فقال : ليس له إلّا فَسْوَة الضّبع» أي لا طائل له في ادّعاء الرّجعة بعد انقضاء العدّة. وإنما خصّ الضّبع لحمقها وخبثها.

وقيل : هي شجرة تحمل الخشخاش ، ليس في ثمرها كبير طائل.

وقال صاحب «المنهاج» في الطب : هي القعبل ، وهو نبات كريه الرائحة ، له رأس يطيخ ويؤكل باللّبن ، وإذا يبس خرج منه مثل الورس.

(باب الفاء مع الشين)

(فشج) (ه) فيه «أنّ أعرابيا دخل المسجد ففَشَجَ فبال» الفَشْج : تفريج ما بين الرّجلين ، وهو دون التّفاجّ.

قال الأزهري : رواه أبو عبيد بتشديد الشين. والتَّفْشِيج : أشدّ من الفَشْج.

(ه) ومنه حديث جابر «ففَشَجَت ثم بالت» يعنى الناقة. هكذا رواه الخطّابي : ورواه الحميديّ «فشجّت وبالت» بتشديد الجيم ، والفاء زائدة للعطف. وقد تقدّم في حرف الشين.

(فشش) (ه) فيه «قال أبو هريرة : إنّ الشيطان يَفُشُ بين أليتي أحدكم حتى يخيّل إليه أنه أحدث» أي ينفخ نفخا ضعيفا. يقال : فَشَ السّقاء : إذا أخرج منه الريح.

(س) ومنه حديث ابن عباس «لا ينصرف حتى يسمع (١) فَشِيشَها» أي صوت ريحها. والفَشِيش : الصّوت.

ومنه «فَشِيش الأفعى» وهو صوت جلدها إذا مشت في اليبيس.

(ه) ومنه حديث أبي الموالي «فأتت جارية فأقبلت وأدبرت ، وإني لأسمع

__________________

(١) فى ا : «لا تنصرف حتى تسمع».

بين فخذيها من لففها مثل فَشِيش الحَرَابِش (١)» الحَرَابِش : جنس من الحيّات ، واحدها : حربش.

ومنه حديث عمر «جاءه رجل فقال : أتيتك من عند رجل يكتب المصاحف من غير مصحف ، فغضب ، حتى ذكرت الزّقّ وانتفاخه ، قال : من؟ قال : ابن أمّ عبد ، فذكرت الزّق وانْفِشَاشَه» يريد أنه غضب حتى انتفخ غيظا ، ثم لمّا زال غضبه انْفَشَ انتفاخه. والانْفِشَاش : انفعال من الفَشِ.

ومنه حديث ابن عمر مع ابن صيّاد «فقلت له : اخسأ فلن تعدو قدرك ، فكأنه كان سقاء فُشَ» السّقاء : ظرف الماء ، وفُشَ : أي فتح فانْفَشَّ ما فيه وخرج.

وفي حديث ابن عباس «أعطهم صدقتك وإن أتاك أهدل الشّفتين مُنْفَشُ المنخرين» أي منفتحهما مع قصور المارن وانبطاحه ، وهو من صفات الزّنج والحبش في أنوفهم وشفاههم ، وهو تأويل قوله عليه الصلاة والسلام : «أطيعوا ولو أمّر عليكم عبد حبشيّ مجدّع».

والضّمير في «أعطهم» لأولي الأمر.

(ه) ومنه حديث موسى وشعيب عليهما‌السلام «ليس فيها عزوز ولا فَشُوش» هي التي يَنْفَشّ لبنها من غير حلب : أي يجري ، وذلك لسعة الإحليل ، ومثله الفتوح والثّرور.

(س) وفي حديث شقيق «أنه خرج إلى المسجد وعليه فِشَاشٌ له» هو كساء غليظ.

(فشغ) (ه) في حديث النّجاشي «أنه قال لقريش : هل تَفَشَّغَ فيكم الولد؟» أي هل يكون للرجل منكم عشرة من الولد ذكور (٢)؟ قالوا : «نعم وأكثر».

وأصله من الظّهور والعلوّ والانتشار.

(ه) ومنه حديث الأشتر «أنه قال لعليّ : إن هذا الأمر قد تَفَشَّغَ» أي فشا وانتشر.

(س) وحديث ابن عباس «ما هذه الفتيا التي تَفَشَّغَتْ في الناس» ويروى «تشغّفت ، وتشعّفت ، وتشعّبت» وقد تقدّمت.

__________________

(١) سبق فى صفحة ٣٦٨ من الجزء الأول ، فى الحاشية «الحرايش» بالياء التحتية ، خطأ.

(٢) فى الأصل : «ذكورا» والمثبت من ا ، واللسان.

(ه) وفي حديث عمر «أنّ وفد البصرة أتوه وقد تَفَشَّغُوا» أي لبسوا أخشن (١) ثيابهم ولم يتهيّأوا للقائه.

قال الزمخشري : «وأنا لا آمن أن يكون مصحّفا من «تقشّفوا». والتّقشّف : أن لا يتعهّد (٢) الرجل نفسه».

(س) وفي حديث أبي هريرة «أنه كان آدم ذا ضفيرتين أَفْشَغَ الثّنيّتين» أي ناتئ الثّنيّتين خارجتين عن نضد الأسنان.

(فشفش) (س) في حديث الشّعبيّ «سمّيتك الفَشْفَاش» يعنى سيفه ، وهو الذي لم يحكم عمله. ويقال : فَشْفَشَ في القول إذا أفرط في الكذب.

(فشل) في حديث عليّ يصف أبا بكر «كنت للدّين يعسوبا ، أوّلا حين نفر الناس عنه ، وآخرا حين فَشِلُواالفَشَل : الجزع والجبن والضّعف.

ومنه حديث جابر «فينا نزلت : (إِذْ هَمَّتْ طائِفَتانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا)».

وفي حديث الاستسقاء :

سوى الحنظل العاميّ والعلهز الفَشْل

أي الضعيف ، يعنى الفَشْل مدّخره وآكله ، فصرف الوصف إلى العلهز ، وهو في الحقيقة لآكله. ويروى بالسين المهملة. وقد تكرر في الحديث.

(فشا) (ه) فيه «ضمّوا فَوَاشِيَكم» الفَوَاشِي : جمع فَاشِيَة ، وهي الماشية التي تنتشر من المال ، كالإبل. والبقر والغنم السائمة ، لأنها تَفْشُو ، أي تنتشر في الأرض. وقد أَفْشَى الرجل : إذا كثرت مواشيه.

(ه) ومنه حديث هوازن «لمّا انهزموا قالوا : الرّأي أن ندخل في الحصن ما قدرنا عليه من فَاشِيَتِنا» أي مواشينا.

ومنه حديث الخاتم «فلما رآه أصحابه قد تختّم به فَشَتْ خواتيم الذّهب» أي كثرت وانتشرت.

__________________

(١) فى الفائق ٢ / ٢٧٨ : «أخسّ لباسهم».

(٢) فى الفائق : «أن لا يتعاهد».

ومنه الحديث «أَفْشَى الله ضيعته» أي كثّر عليه معاشه ليشغله عن الآخرة.

ورواه الهروي في حرف الضاد ، «أفسد الله ضيعته» ، والمعروف المرويّ «أَفْشَى».

ومنه حديث ابن مسعود «وآية ذلك أن تَفْشُوَ الفاقة» (١).

(باب الفاء مع الصاد)

(فصح) (س) فيه «غفر له بعدد كلّ فَصِيح وأعجم» أراد بالفَصِيح بني آدم ، وبالأعجم البهائم. هكذا فسّر في الحديث. والفَصِيح في اللغة : المنطلق اللّسان في القول ، الذي يعرف جيّد الكلام من رديئه : يقال : رجل فَصِيح ، ولسان فَصِيح ، وكلام فَصِيح ، وقد فَصُحَ فَصَاحَة ، وأَفْصَحَ عن الشيء إِفْصَاحا إذا بيّنه وكشفه.

(فصد) (ه) فيه «كان إذا نزل عليه الوحي تَفَصَّدَ عرقا» أي سال عرقه ، تشبيها في كثرته بالفَصَاد ، و«عرقا» منصوب على التمييز.

(ه) وفي حديث أبي رجاء «لما بلغنا أن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم قد أخذ في القتل هربنا ، فاستثرنا شلو أرنب دفينا وفَصَدْنَا عليها ، فلا أنسى تلك الأكلة» أي فَصَدْنا على شلو الأرنب بعيرا وأسلنا عليه دمه وطبخناه وأكلناه. كانوا يفعلون ذلك ويعالجونه ويأكلونه عند الضّرورة.

[ه] ومنه المثل «لم يحرم من فُصِدَ له» (٢) أي لم يحرم من نال بعض حاجته ، وإن لم ينلها كلّها.

(فصع) (ه) فيه «نهى عن فَصْع الرّطبة» هو أن يخرجها من قشرها لتنضج عاجلا. وفَصَعْتُ الشيء من الشيء : إذا أخرجته وخلعته.

__________________

(١) ضبطت فى الأصل : «تفشو» وأثبت ضبط ا ، واللسان.

(٢) هكذا ضبطت فى الأصل : «فصد» بكسر الصاد المهملة. وضبطت فى الهروى بكسرها مع التسكين ضبط قلم وفوقها كلمة «معا». قال فى اللسان : «لم يحرم من فصد له ، بإسكان الصاد» ثم قال : «ويروى : لم يحرم من فزد له. أى فصد له البعير ، ثم سكنت الصاد تخفيفا ، كما قالوا فى ضرب : صرب ، وفى قتل : قتل».

(فصفص) (ه) في حديث الحسن «ليس في الفَصَافِص صدقة» جمع فِصْفِصَة ، وهي الرّطبة من علف الدّوابّ. وتسمّى القتّ ، فإذا جفّ فهو قضب. ويقال : فسفسة ، بالسين.

(فصل) في صفة كلامه عليه الصلاة والسلام «فَصْلٌ لا نزر ولا هذر» أي بيّن ظاهر ، يَفْصِلُ بين الحقّ والباطل.

ومنه قوله تعالى : (إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ) أي فَاصِل قاطع.

ومنه حديث وفد عبد القيس «فمرنا بأمر فَصْل» أي لا رجعة فيه ولا مردّ له.

(س) ومنه الحديث «من أنفق نفقة فَاصِلَة في سبيل الله فبسبعمائة» جاء في الحديث أنّها التي فَصَلَتْ بين إيمانه وكفره.

وقيل : يقطعها من ماله ويَفْصِل بينها وبين مال نفسه.

(س) ومنه الحديث «من فَصَلَ في سبيل الله فمات أو قتل فهو شهيد» أي خرج من منزله وبلده.

ومنه الحديث «لا رضاع بعد فِصَال» أي بعد أن يُفْصَلَ الولد عن أمّه ، وبه سمّي الفَصِيل من أولاد الإبل ، فعيل بمعنى مفعول. وأكثر ما يطلق في الإبل. وقد يقال في البقر.

ومنه الحديث أصحاب الغار «فاشتريت به فَصِيلا من البقر» وفي رواية «فَصِيلَة» وهو ما فُصِلَ عن اللّبن من أولاد البقر.

(ه) وفيه «أنّ العبّاس كان فَصِيلَة النبيّ عليه الصلاة والسلام» الفَصِيلَة : من أقرب عشيرة الإنسان. وأصل الفَصِيلَة : قطعة من لحم الفخذ. قاله الهروي.

(س) وفي حديث أنس «كان على بطنه فَصِيل من حجر» أي قطعة منه ، فعيل بمعنى مفعول.

(س) وفي حديث النّخعيّ «في كلّ مَفْصِل من الإنسان ثلث دية الأصبع» يريد مَفْصِل الأصابع ، وهو ما بين كل أنملتين.

[ه] وفي حديث ابن عمر «كانت الفَيْصَل (١) بيني وبينه» أي القطيعة التّامّة. والياء زائدة.

ومنه حديث ابن جبير «فلو علم بها لكانت الفَيْصَل بيني وبينه».

(فصم) (ه) في صفة الجنة «درّة بيضاء ليس فيها قصم (٢) ولا فَصْم» الفَصْم : أن ينصدع الشيء فلا يبين ، تقول : فَصَمْتُه فانْفَصَمَ.

ومنه حديث أبي بكر «إني وجدت في ظهري انْفِصَاما» أي انصداعا. ويروى بالقاف وهو قريب منه.

ومنه الحديث «استغنوا عن الناس ولو عن فِصْمَة السّواك» أي ما انكسر منها ويروى بالقاف.

(ه) وفي الحديث «فيُفْصِمُ عني وقد وعيت» يعنى الوحي : أي يقلع. وأَفْصَمَ المطر إذا أقلع وانكشف.

(ه) ومنه حديث عائشة «فيُفْصِم عنه الوحي وإنّ جبينه ليتفصّد عرقا».

(فصا) (ه) في صفة القرآن «لهو أشدّ تَفَصِّيا من قلوب الرجال من النّعم من عقلها» أي أشدّ خروجا. يقال : تَفَصَّيْتُ من الأمر تَفَصِّياً : إذا خرجت منه وتخلّصت.

[ه] وفي حديث قيلة «قالت الحديباء حين انتفجت الأرنب : الفَصْيَةَ ، والله لا يزال كعبك عاليا» أرادت بالفَصْيَة الخروج من الضّيق إلى السّعة. والفَصْيَة : الاسم من التَّفَصِّي : أرادت أنها كانت في مضيق وشدّة من قبل بناتها (٣) فخرجت منه إلى السّعة والرّخاء.

(باب الفاء مع الضاد)

(فضج) (ه) في حديث عمرو بن العاص «قال لمعاوية : لقد تلافيت أمرك وهو

__________________

(١) في الهروي : «كانت الفصل».

(٢) فى الأصل ، وا ، واللسان : «وصم» وأثبت ما فى الهروى ، والفائق ٢ / ٣٥١ ، وهى رواية المصنف فى «قصم». ويلاحظ أنه لم يذكره فى «وصم».

(٣) فى اللسان : «من قبل عمّ بناتها».

أشدّ انْفِضَاجاً من حقّ الكهول» أي أشدّ استرخاء وضعفا من بيت العنكبوت.

(فضح) (ه) فيه «أن بلالا أتى ليؤذنه (١) بصلاة الصّبح. فشغلت عائشة بلالا حتى فَضَحَه الصّبح» أي دهمته (٢) فُضْحَةُ الصّبح ، وهي بياضه. والأَفْضَح : الأبيض ليس بشديد البياض.

وقيل : فَضَحَه : أي كشفه وبيّنه للأعين بضوئه.

ويروى بالصاد المهملة وهو بمعناه. وقيل : معناه أنه لمّا تبيّن الصّبح جدّا ظهرت غفلته عن الوقت ، فصار كما يَفْتَضِحُ بعيب ظهر منه.

(فضخ) (ه) في حديث عليّ «قال له : إذا رأيت فَضْخَ الماء فاغتسل» أي دفقه ، يريد المنيّ.

[ه] وقد تكرر ذكر «الفَضِيخ» في الحديث ، وهو شراب يتّخذ من البسر المَفْضُوخ : أي المشدوخ.

(س) ومنه حديث أبي هريرة «نعمد إلى الحلقانة فنَفْتَضِخُه» أي نشدخه باليد.

[ه] وسئل ابن عمر عن الفَضِيخ فقال : «ليس بالفَضِيخ ، ولكن هو الفَضُوخ» الفَضُوخ : فعول ، من الفَضِيخَة ، أراد أنه يسكر شاربه فيَفْضَخه.

(س) وفي حديث عليّ «إن قربتها فَضَخت رأسك بالحجارة».

(فضض) (ه) وفي حديث العباس «أنه قال : يا رسول الله إني امتدحتك ، فقال : قل لا يَفْضُضِ الله فاك ، فأنشده الأبيات القافيّة» أي لا يسقط الله أسنانك. وتقديره : لا يكسر الله أسنان فيك ، فحذف المضاف. يقال : فَضَّه إذا كسره.

ومنه حديث النابغة الجعديّ «لمّا أنشده القصيدة الرائية قال : لا يَفْضُضِ الله فاك ، فعاش مائة وعشرين سنة لم تسقط له سنّ.

ومنه حديث الحديبية «ثم جئت بهم لبيضتك لتَفُضَّها» أي تكسرها.

__________________

(١) ضبطت في الأصل : «ليوذّنه» وفي اللسان : «ليوذّن بالصبح» أثبت ضبط ا ، والهروي.

(٢) فى الهروى : «وهّمته».

ومنه حديث معاذ في عذاب القبر «حتى يَفُضَ كل شيء منه».

وحديث ذي الكفل «لا يحلّ لك أن تَفُضَ الخاتم» هو كناية عن الوطء ، وفَضَ الخاتم والختم إذا كسره وفتحه.

(ه) وفي حديث خالد «الحمد لله الذي فَضَ خدمتكم» أي فرّق جمعكم وكسره.

(ه) ومنه حديث عمر «أنه رمى الجمرة بسبع حصيات ثم مضى ، فلما خرج من فَضَض الحصى أقبل على سلمان بن ربيعة فكلّمه» أي ما تفرّق منه ، فعل بمعنى مفعول.

(ه) ومنه حديث عائشة «قالت لمروان : إنّ النبيَّ لعن أباك ، وأنت فَضَضٌ من لعنة الله» أي قطعة وطائفة منها.

ورواه بعضهم «فظاظة من لعنة الله» بظاءين ، من الفظيظ ، وهو ماء الكرش. وأنكره الخطّابي.

وقال الزمخشري : «افْتَظَظْتُ الكرش [إذا](١) اعتصرت ماءها ، كأنه (٢) عصارة من اللّعنة ، أو فعالة من الفَظِيظ : ماء الفحل : أي نطفة من اللعنة».

(ه) وفي حديث سعيد بن زيد «لو أنّ أحدا (٣) انْفَضَ ممّا صنع بابن عفّان لحقّ له أن يَنْفَضَ» أي يتفرّق ويتقطّع. ويروى بالقاف.

(ه) وفي حديث غزوة هوازن «فجاء رجل بنطفة في إداوة فافْتَضَّها» أي صبّها ، وهو افتعال من الفَضّ ، وفَضَضُ الماء : ما انتشر منه إذا استعمل. ويروى بالقاف : أي فتح رأسها.

(ه) ومنه الحديث «كانت المرأة إذا توفّي عنها زوجها دخلت حِفشا ولبست شرّ ثيابها حتى تمرّ عليها سنة ، ثم تؤتى بدابّة ، شاة أو طير فتَفْتَضُ به ، فقلّ ما تَفْتَضُ بشيء إلّا مات» أي تكسر ما هي فيه من العدّة ، بأن تأخذ طائرا فتمسح به فرجها وتنبذه فلا يكاد يعيش.

ويروى بالقاف والباء الموحدة وسيجيء.

__________________

(١) من الفائق ٣ / ٣٠٣.

(٢) فى الأصل ، وا : «كأنها» والمثبت من الفائق واللسان.

(٣) فى الأصل «أحدا» وفى الهروى ، واللسان : «أحدكم». وفى الفائق ٢ / ٢٨٣ «رجلا» وأثبت ما فى ا.

(ه) وفي حديث ابن عبد العزيز «سئل عن رجل قال عن امرأة خطبها : هي طالق إن نكحتها حتى آكل الفَضِيض» هو الطّلع أول ما يظهر. والفَضِيض أيضا في غير هذا : الماء ساعة يخرج من العين أو ينزل من السّحاب.

وفي حديث الشّيب «فقبض ثلاثة أصابع من فِضَّة فيها من شعر».

وفي رواية «من فِضَّة أو من قصّة» والمراد بالفِضَّة شيء مصوغ منها قد ترك فيه الشعر. فأمّا بالقاف والصاد المهملة فهي الخصلة من الشعر.

(فضفض) (ه) في حديث سطيح :

* أبيض فَضْفَاض الرّداء والبدن *

الفَضْفَاض : الواسع ، وأراد واسع الصّدر والذّراع ، فكني عنه بالرّداء والبدن. وقيل : أراد به كثرة العطاء.

[ه] ومنه حديث ابن سيرين «قال : كنت مع أنس في يوم مطير والأرض فَضْفَاض» أي قد علاها الماء من كثرة المطر.

(فضل) (ه) فيه «لا يمنع فَضْل الماء» هو أن يسقى الرجل أرضه ثم تبقى من الماء بقيّة لا يحتاج إليها فلا يجوز له أن يبيعها ، ولا يمنع منها أحدا ينتفع بها ، هذا إذا لم يكن الماء ملكه ، أو على قول من يرى أن الماء لا يملك.

وفي حديث آخر «لا يمنع فَضْل الماء ليمنع به الكلأ» هو نقع البئر المباحة : أي ليس لأحد أن يغلب عليه ويمنع الناس منه حتى يحوزه في إناء ويملكه.

(ه) وفيه «فَضْل الإزار في النار» هو ما يجرّه الإنسان من إزاره على الأرض ، على معنى الخيلاء والكبر.

وفيه «إن لله ملائكة سيّارة فُضْلاً» أي زيادة عن الملائكة المرتّبين مع الخلائق.

ويروى بسكون الضاد وضمها. قال بعضهم : والسكون أكثر وأصوب ، وهما مصدر بمعنى الفَضْلَة والزّيادة.

(س) وفي حديث امرأة أبي حذيفة «قالت : يا رسول الله إنّ سالما مولى أبي حذيفة يراني

فُضُلاً» أي متبذّلة في ثياب مهنتي. يقال : تَفَضَّلَتِ المرأة إذا لبست ثياب مهنتها ، أو كانت في ثوب واحد ، فهي فُضُلٌ والرجل فُضُلٌ أيضا.

(س) وفي حديث المغيرة في صفة امرأة «فُضُلٌ ضباث (١) كأنها بُغاث» وقيل : أراد أنّها مختالة تُفْضِلُ من ذيلها.

(ه) وفيه «شهدت في دار عبد الله بن جدعان حِلْفاً لو دعيت إلى مثله في الإسلام لأجبت» يعنى حلف الفُضُول ، سمّي به تشبيها بحلف كان قديما بمكة. أيّام جرهم ، على التّناصف ، والأخذ للضعيف من القوى ، وللغريب من القاطن ، قام به رجال من جرهم كلّهم يسمّى الفَضْل ، منهم الفَضْل بن الحارث ، والفَضْل بن وداعة ، والفَضْل بن فَضَالَة.

وفيه «أنّ اسم درعه عليه الصلاة والسلام كانت ذات الفُضُول» وقيل : ذو الفُضُول ، لفَضْلَة كان فيها وسعة.

(ه) وفي حديث ابن أبي الزّناد «إذا عزب المال قلّت فَوَاضِلُه» أي إذا بعدت الضّيعة قلّ المرفق منها (٢).

(فضا) في حديث دعائه للنابغة «لا يُفْضِي الله فاك» هكذا جاء في رواية (٣) ، ومعناه ألّا يجعله فَضَاء لا سنّ فيه. والفَضَاء : الخالي الفارغ الواسع من الأرض.

وفي حديث معاذ في عذاب القبر «ضربه بمرضافة وسط رأسه حتى يُفْضِيَ منه كلّ شيء» أي يصير فَضَاء. وقد فَضَا (٤) المكان وأَفْضَى إذا اتّسع. هكذا جاء في رواية.

(باب الفاء مع الطاء)

(فطأ) (ه) في حديث عمر «أنه رأى مسيلمة أصفر الوجه ، أَفْطَأَ الأنف ، دقيق السّاقين» الفَطَأ : الفطس. ورجل أَفْطَأُ كأفطس.

__________________

(١) رواية اللسان : «صبأت» غير أنه ذكرها مصلحة فى مادة (ضبث).

(٢) الذى فى اللسان : «قلّ الرّفق منها لصاحبها ، وكذلك الإبل إذا عزبت قلّ انتفاع ربّها بدرّها».

(٣) الرواية الأخرى : «لا يفضض» وسبقت.

(٤) فى الأصل : «فضى» والمثبت من ا ، والقاموس.

(فطر) (ه) فيه «كلّ مولود يولد على الفِطْرَة» الفَطْرُ : الابتداء والاختراع. والفِطْرَة : الحالة منه ، كالجلسة والرّكبة. والمعنى أنه يولد على نوع من الجبلّة والطبع المتهيّئ لقبول الدّين ، فلو ترك عليها لاستمرّ على لزومها ولم يفارقها إلى غيرها ، وإنما يعدل عنه من يعدل لآفة من آفات البشر والتّقليد ، ثم تمثّل بأولاد اليهود والنصارى في اتّباعهم لآبائهم والميل إلى أديانهم عن مقتضى الفِطْرَة السّليمة.

وقيل : معناه كل مولود يولد على معرفة الله والإقرار به. فلا تجد أحدا إلّا وهو يقرّ بأنّ له صانعا ، وإن سمّاه بغير اسمه ، أو عبد معه غيره.

وقد تكرر ذكر الفطرة في الحديث.

ومنه حديث حذيفة «على غير فِطْرَة محمد» أراد دين الإسلام الذي هو منسوب إليه.

(س) ومنه الحديث «عشر من الفِطْرَة» أي من السّنّة ، يعنى سنن الأنبياء عليهم‌السلام التي أمرنا أن نقتدي بهم [فيها (١)].

وفي حديث عليّ «وجبّار القلوب على فِطَرَاتِها» أي على خلقها. جمع فِطَر ، وفِطَرٌ جمع فِطْرَة ، أو هي جمع فِطْرَة ككسرة وكسرات ، بفتح طاء الجمع. يقال : فِطْرَات وفِطَرَات وفِطِرَات.

[ه] ومنه حديث ابن عبّاس «قال : ما كنت أدري ما (فاطِرُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) حتى احتكم إليّ أعرابيّان في بئر ، فقال أحدهما : أنا فَطَرْتُها» أي ابتدأت حفرها.

(س) وفيه «إذا أقبل الليل وأدبر النهار فقد أَفْطَرَ الصّائم» أي دخل في وقت الفِطْر وجاز له (٢) أن يُفْطِر. وقيل : معناه أنه قد صار في حكم المُفْطِرِين وإن لم يأكل ولم يشرب.

(س) ومنه الحديث «أَفْطَرَ الحاجم والمحجوم» أي تعرّضا للإِفْطَار.

وقيل : حان (٣) لهما أن يُفْطِرَا. وقيل : هو على جهة التّغليظ لهما والدّعاء عليهما.

__________________

(١) من ا ، واللسان.

(٢) فى اللسان : «حان».

(٣) فى ا : «جاز».

وفيه «أنه قام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم حتى تَفَطَّرَتْ قدماه» أي تشقّقت. يقال : تَفَطَّرَتْ وانْفَطَرَتْ بمعنى.

(ه) وفي حديث عمر «سئل عن المذي فقال : هو الفَطْر» ويروى بالضم ، فالفتح من مصدر : فَطَرَ ناب البعير فَطْراً إذا شقّ اللّحم وطلع ، فشبّه به خروج المذي في قلّته ، أو هو مصدر : فَطَرْتُ الناقة أَفْطُرُها : إذ حلبتها بأطراف الأصابع فلا يخرج إلّا قليلا.

وأمّا بالضم فهو اسم ما يظهر من اللّبن على حلمة الضّرع.

ومنه حديث عبد الملك «كيف تحلبها ، مصرا أم فَطْراً؟» هو أن يحلبها بأصبعين وطرف الإبهام. وقيل بالسّبّابة والإبهام.

وفي حديث معاوية «ماء نمير وحيس فَطِير» أي طريّ قريب حديث العمل.

(فطس) (ه) في حديث أشراط الساعة «تقاتلون قوما فُطْسَ الأنوف» الفَطَس : انخفاض قصبة الأنف وانفراشها ، والرجل أَفْطَس.

(س) ومنه في صفة ثمرة العجوة «فُطْسٌ خُنْسٌ» أي صغار الحبّ لاطئة الأقماع. وفُطْس : جمع فَطْسَاء.

(فطم) (ه) فيه «أنه أعطى عليّا حلّة سيراء وقال : شقّقها خمرا بين الفَوَاطِم» أراد بهنّ فَاطِمَة بنت رسول الله زوجته ، وفَاطِمَة بنت أسد أمّه ، وهي أوّل هاشميّة ولدت لهاشميّ ، وفَاطِمَة بنت حمزة عمّه.

ومنه «قيل للحسن والحسين : ابنا الفَوَاطِم» أي فَاطِمَة بنت رسول الله أمّهما ، وفَاطِمَة بنت أسد جدّتهما ، وفَاطِمَة بنت عبد الله بن عمرو بن عمران بن مخزوم ، جدّة النبي لأبيه.

(س) وفي حديث ابن سيرين «بلغه أن ابن عبد العزيز أقرع بين الفُطُم فقال : ما أرى هذا إلّا من الاستقسام بالأزلام» الفُطُم : جمع فَطِيم من اللّبن : أي مَفْطُوم ، وجمع فعيل في الصفات على فعل قليل في العربيّة. وما جاء منه شبّه بالأسماء ، كنذير ونذر ، فأما فعيل بمعنى مفعول فلم يرد إلّا قليلا ، نحو عَقِيم وعُقُم ، وفَطِيم وفُطُم.

وأراد بالحديث الإقراع بين ذراريّ المسلمين في العطاء. وإنما أنكره لأنّ الإقراع لتفضيل بعضهم على بعض في الفرض.

ومنه حديث امرأة رافع ، لمّا أسلم ولم تسلم «فقال : ابنتي وهي فَطِيم» أي مَفْطُومَة. وفعيل يقع على الذكر والأنثى ، فلهذا لم تلحقه الهاء.

(باب الفاء مع الظاء)

(فظظ) في حديث عمر «أنت أَفَظُّ وأغلظ من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم» رجل فَظٌّ : سيِّئ الخلق. وفلان أَفَظُّ من فلان : أي أصعب خلقا وأشرس. والمراد هاهنا شدّة الخلق وخشونة الجانب ، ولم يرد بهما المبالغة في الفَظَاظَة والغلظة بينهما.

ويجوز أن يكونا للمفاضلة ، ولكن فيما يجب من الإنكار والغلظة على أهل الباطل ، فإن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم كان رؤوفا رحيما كما وصفه الله تعالى ، رفيقا بأمّته في التّبليغ ، غير فَظٍّ ولا غليظ.

ومنه الحديث «أنّ صفته في التّوراة ليس بِفَظٍّ ولا غليظ».

وفي حديث عائشة «قالت لمروان : أنت فُظَاظَة من لعنة الله» قد تقدم بيانه في الفاء والضاد.

(فظع) فيه «لا تحلّ المسألة إلا لذي غُرْم مُفْظِع» المُفْظِع : الشديد الشّنيع ، وقد أَفْظَعَ يُفْظِعُ فهو مُفْظِع. وفَظُعَ الأمر فهو فَظِيع.

(س) ومنه الحديث «لم أر منظرا كاليوم أَفْظَع» أي لم أر منظرا فَظِيعاً كاليوم.

وقيل : أراد لم أر منظرا أَفْظَع منه ، فحذفها ، وهو في كلام العرب كثير.

(س) ومنه الحديث «لمّا أسري بي وأصبحت بمكة فَظِعْتُ بأمري» أي اشتدّ عليّ وهبته.

ومنه الحديث «أريت أنه وضع في يديّ سواران من ذهب ففَظِعْتُهُما» هكذا روي متعدّيا حملا على المعنى ، لأنه بمعنى أكبرتهما وخفتهما. والمعروف : فَظِعْتُ به أو منه.

ومنه حديث سهل بن حنيف «ما وضعنا سيوفنا على عواتقنا إلى أمر يُفْظِعُنا إلّا أسهل بنا» أي يوقعنا في أمر فَظِيع شديد. وقد تكرر في الحديث.

(باب الفاء مع العين)

(فعم) في صفته عليه الصلاة والسلام «كان فَعْمَ الأوصال» أي ممتلئ الأعضاء. يقال : فَعَمْتُ الإناء وأَفْعَمْتُه إذا بالغت في ملئه.

(ه) ومنه الحديث «لو أنّ امرأة من الحور العين أشرفت لأَفْعَمَتْ ما بين السماء والأرض ريح المسك» أي ملأت ، ويروى بالغين.

وفي حديث أسامة «وأنهم أحاطوا ليلا بحاضر فَعْمٍ» أي ممتلئ بأهله.

ومنه قصيد كعب :

ضخم مقلّدها فَعْمٌ مقيّدها

أي ممتلئة الساق.

(فعا) (ه) في حديث ابن عباس «لا بأس للمحرم بقتل الأَفْعَوْ» يريد الأَفْعَى ، فقلب الألف في الوقف واوا ، وهي لغة مشهورة. وقد تقدمت في الهمزة.

(باب الفاء مع الغين)

(فغر) في حديث الرؤيا «فيَفْغُرُ فاه فيلقمه حجرا» أي يفتحه ، وقد فَغَرَ فاه.

ومنه حديث أنس «أخذ تمرات فلاكهنّ ثم فَغَرَ فا الصّبيِّ وتركها فيه».

ومنه حديث عصا موسى عليه‌السلام «فإذا هي حية عظيمة فَاغِرَةٌ فاها».

(ه) وفي حديث النابغة الجعدي «كلّما سقطت له سنّ فَغَرَتْ سنّ» أي طلعت ، كأنها تنفطر وتنفتح للنّبات.

قال الأزهري : صوابه «ثغرت» بالثاء ، إلا أن تكون الفاء مبدلة منها.

(فغم) (ه) فيه «لو أنّ امرأة من الحور العين أشرفت لأَفْغَمَتْ ما بين السماء والأرض

ريح المسك» يقال : فَغَمْتُ وأَفْغَمْتُ : أي ملأت. ويروى بالعين المهملة ، وقد تقدّم ، تقول : فَغَمَتْنِي ريح الطّيب : إذا سدّت خياشيمك وملأته.

وفيه «كلوا الوغم واطرحوا الفَغْم» الوغم : ما تساقط من الطّعام ، والفَغْم : ما يعلق بين الأسنان منه : أي كلوا فتات الطّعام وارموا ما يخرجه الخلال. وقيل : هو بالعكس.

(فغا) [ه] فيه «سيّد رياحين الجنّة الفَاغِيَة» هي نور الحنّاء. وقيل : نور الرّيحان. وقيل : نور كلّ نبت من أنوار الصّحراء التي لا تزرع. وقيل : فَاغِيَة كلّ نبت : نوره.

ومنه حديث أنس «كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم تعجبه الفَاغِيَة».

(ه) ومنه حديث الحسن ، وسئل عن السّلف في الزّعفران فقال : «إذا فَغَا» أي إذا نوّر. ويجوز أن يريد : إذا انتشرت رائحته ، من فَغَتِ الرّائحةُ فَغْواً. والمعروف في خروج النّور من النّبات : أَفْغَى ، لا فَغَا.

(باب الفاء مع القاف)

(فقأ) (س) فيه «لو أنّ رجلا اطّلع في بيت قوم بغير إذنهم ففَقَأُوا عينه لم يكن عليهم شيء» أي شقّوها. والفَقْء : الشّقّ والبخص.

(س) ومنه حديث موسى عليه‌السلام «أنه فَقَأَ عين ملك الموت» وقد تقدّم معناه في حرف العين.

ومنه الحديث «كأنّما فُقِئَ في وجهه حبّ الرّمّان» أي بخص.

(س) ومنه حديث أبي بكر «تَفَقَّأَتْ» أي انفلقت وانشقّت.

[ه] وفي حديث عمر «قال في حديث الناقة المنكسرة : والله ما هي بكذا وكذا ، ولا هي بِفَقِئٍ فتشرق [عروقها (١)الفَقِئ : الذي يأخذه داء في البطن يقال له الحقوة ، فلا يبول ولا يبعر ، وربّما شرقت عروقه ولحمه بالدم فينتفخ ، وربّما انْفَقَأَتْ كرشه من شدّة انتفاخه ، فهو الفَقِئ (٢) حينئذ ، فإذا ذبح وطبخ امتلأت القدر منه دما. وفعيل يقال للذّكر والأنثى.

__________________

(١) من الهروى واللسان.

(٢) فى الهروى : «فهو الفقؤ».

(فقح) (ه) في حديث عبيد الله بن جحش «أنه تنصّر بعد أن أسلم ، فقيل له في ذلك ، فقال : إنّا فَقَّحْنَا وصأصأتم» أي أبصرنا رشدنا ولم تبصروه. يقال : فَقَّحَ الجرو : إذا فتح عينيه ، وفَقَّحَ النّورُ : إذا تفتّح.

(فقد) في حديث عائشة «افْتَقَدْتُ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ليلة» أي لم أجده ، وهو افتعلت ، من فَقَدْتُ الشيء أَفْقِدُه إذا غاب عنك.

[ه] وفي حديث أبي الدّرداء «من يَتَفَقَّدْ يَفْقِدْ» أي من يَتَفَقَّد أحوال الناس ويتعرّفها فإنه لا يجد ما يرضيه ، لأنّ الخير في الناس قليل.

وفي حديث الحسن «أغيلمة حيارى تَفَاقَدُوا» يدعو عليهم بالموت ، وأن يَفْقِدَ بعضهم بعضا.

(فقر) قد تكرر ذكر «الفَقْر ، والفَقِير ، والفُقَرَاء في الحديث» وقد اختلف الناس فيه وفي المسكين ، فقيل : الفَقِير الذي لا شيء له ، والمسكين الذي له بعض ما يكفيه ، وإليه ذهب الشافعي.

وقيل فيهما بالعكس ، وإليه ذهب أبو حنيفة.

والفَقِير مبنيّ على فَقُرَ قياسا ، ولم يُقَل فيه إلا افْتَقَرَ يَفْتَقِرُ فهو فَقِير.

(س) وفيه «ما يمنع أحدكم أن يُفْقِرَ البعير من إبله» أي يعيره للرّكوب. يقال : أَفْقَرَ البعير يُفْقِرُه إِفْقَاراً إذا أعاره ، مأخوذ من ركوب فِقَار الظّهر ، وهو خرزاته ، الواحدة : فَقَارَة.

(س) ومنه حديث الزكاة «من حقّها إِفْقَار ظهرها».

وحديث جابر «أنه اشترى منه بعيرا وأَفْقَرَه ظهرَه إلى المدينة».

ومنه حديث عبد الله «سئل عن رجل استقرض من رجل دراهم ثم إنه أَفْقَرَ المقرضَ دابّته ، فقال : ما أصاب من ظهر دابّته فهو ربا».

ومنه حديث المزارعة «أَفْقِرْها أخاك» أي أعره أرضك للزراعة ، استعاره للأرض من الظهر.

(ه) وفي حديث عبد الله بن أنيس «ثم جمعنا المفاتيح وتركناها في فَقِيرٍ من فُقُرِ خيبر» أي بئر من آبارها.

(س) ومنه حديث عثمان «أنه كان يشرب وهو محصور من فَقِيرٍ في داره» أي بئر ، وقيل : هي القليلة الماء.

ومنه حديث محيّصة «أن عبد الله بن سهل قُتِلَ وطُرِحَ في عين أو فَقِير» والفَقِير أيضا : فم القناة ، وفَقِير النخلة : حفرة تحفر للفسيلة إذا حوّلت لتغرس فيها.

(س) ومنه الحديث «قال لسلمان : اذهب ففَقِّرْ للفسيل» أي احفر لها موضعا تغرس فيه ، واسم تلك الحفرة : فُقْرَة وفَقِير.

(ه) وفي حديث عائشة «قالت في عثمان : المركوب منه الفِقَرُ الأربع» قال القتيبي : الفِقَر بالكسر : جمع فِقْرَة ، وهي خرزات الظّهر ، ضربتها مثلا لما ارتكب منه ، لأنّها موضع الرّكوب ، أرادت أنهم انتهكوا فيه أربع حرم : حرمة البلد ، وحرمة الخلافة ، وحرمة الشهر ، وحرمة الصّحبة والصّهر.

وقال الأزهري : هي الفُقَر بالضم أيضا جمع فُقْرَة ، وهي الأمر العظيم الشّنيع.

(ه) ومنه الحديث الآخر «استحلّوا منه الفُقَر الثلاث» حرمة الشّهر الحرام ، وحرمة البلد الحرام ، وحرمة الخلافة.

[ه] ومنه حديث الشّعبيّ «فُقَرَاتُ ابن آدم ثلاث : يوم ولد ، ويوم يموت ، ويوم يبعث حيّا» هي الأمور العظام ، جمع فُقْرَة بالضم.

ومن المكسور الأوّل (س) حديث زيد بن ثابت «ما بين عجب الذّنب إلى فِقْرَة القفا ثنتان وثلاثون فِقْرَة ، في كل فِقْرَة أحد وثلاثون دينارا» يعنى خرز الظّهر.

(س) وفيه «عاد البراء بن مالك في فَقَارَة من أصحابه» أي فِقَر.

(س) وفي حديث عمر «ثلاث من الفَوَاقِر» أي الدّواهي ، واحدتها فَاقِرَة ، كأنها تحطم فَقَار الظّهر ، كما يقال : قاصمة الظّهر.

(س) وفي حديث معاوية ، أنه أنشد :

لمال المرء يصلحه فيغني

مَفَاقِرُه أعفّ من القنوع (١)

المَفَاقِر : جمع فَقْر على غير قياس ، كالمشابه والملامح. ويجوز أن يكون جمع مَفْقَر ، مصدر أَفْقَرَه ، أو جمع مُفْقر.

(ه) وفي حديث سعد «فأشار إلى فَقْر في أنفه» أي شقّ وحزّ كان في أنفه.

(ه) وفيه «أنه كان اسم سيف النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ذا الفَقَار» لأنه كان فيه حفر صغار حسان. والمُفَقَّر من السّيوف : الذي فيه حزوز مطمئنة.

وفي حديث الإيلاء «على فَقِير من خشب» فسّره في الحديث بأنه جذع يرقى عليه إلى غرفة : أي جعل فيه كالدّرج يصعد عليها وينزل.

والمعروف «على نقير» بالنون : أي منقور.

(ه) وفي حديث عمر ، وذكر امرأ القيس فقال «افْتَقَر عن معان عور أصحّ بصر» أي فتح عن معان غامضة.

وفي حديث القدر «قبلنا ناس يَتَفَقَّرُون العلم» هكذا جاء في رواية بتقديم الفاء على القاف ، والمشهور بالعكس.

قال بعض المتأخّرين : هي عندي أصحّ الروايات وأليقها بالمعنى. يعنى أنهم يستخرجون غامضه ويفتحون مغلقه. وأصله من فَقَرْتُ البئر إذا حفرتها لاستخراج مائها ، فلما كان القدريّة بهذه الصّفة من البحث والتّتبّع لاستخراج المعاني الغامضة بدقائق التأويلات وصفهم بذلك.

(ه) وفي حديث الوليد بن يزيد بن عبد الملك «أَفْقَرَ بعد مسلمة الصّيد لمن رمى» أي أمكن الصيد من فَقَارِه لراميه ، أراد أن عمّه مسلمة كان كثير الغزو يحمى بيضة الإسلام ، ويتولّى سداد الثّغور ، فلما مات اختلّ ذلك وأمكن الإسلام لمن يتعرّض إليه. يقال : أَفْقَرَك الصّيد فارمه : أي أمكنك من نفسه.

(فقص) (س) في حديث الحديبية «وفَقَصَ البيضة» أي كسرها ، وبالسين أيضا.

(فقع) (ه) فيه «أن ابن عباس نهى عن التَّفْقِيع في الصلاة» هي فَرْقَعَة الأصابع وغمز مفاصلها حتى تصوّت.

__________________

(١) البيت للشماخ بن ضرار. ديوانه ص ٥٦ بشرح الشنقيطى. القاهرة ١٣٢٧ ه‍.

(ه) وفي حديث أمّ سلمة «وإن تَفَاقَعَت عيناك» أي رمصتا. وقيل : ابيضّتا. وقيل : انشقّتا.

(س) وفي حديث عاتكة «قالت لابن جرموز : يا ابن فَقْعِ القَرْدَد» الفَقْع : ضرب من أردإ الكمأة ، والقَرْدَد : أرض مرتفعة إلى جنب وهدة.

(ه) وفي حديث شريح «وعليهم (١) خفاف لها فُقْعٌ» أي خراطيم. وخفّ مُفَقَّع : أي مخرطم.

(فقم) (ه) فيه «من حفظ ما بين فُقْمَيْه ورجليه دخل الجنّة» الفُقْم بالضم والفتح : اللّحى ، يريد من حفظ لسانه وفرجه.

(ه) ومنه حديث موسى عليه‌السلام «لمّا صارت عصاه حيّة وضعت فُقْماً لها أسفل وفُقْماً لها فوق». ومنه حديث الملاعنة «فأخذت بِفُقْمَيْهِ» أي بلحييه.

(س) وحديث المغيرة «يصف امرأة : فَقْمَاء سلفع» الفَقْمَاء : المائلة الحنك. وقيل : هو تقدّم الثّنايا السّفلى حتى لا تقع عليها العليا. والرجل أَفْقَم. وقد فَقِمَ يَفْقَمُ فَقْماً.

(فقه) [ه] في حديث ابن عباس «دعا له النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : اللهم فَقِّهْهُ في الدين وعلّمه التأويل» أي فهّمه. والفِقْه في الأصل : الفهم ، واشتقاقه من الشّقّ والفتح. يقال : فَقِهَ الرجلُ بالكسر ـ يَفْقَهُ فِقْهاً إذا فهم وعلم ، وفَقُهَ بالضم يَفْقُهُ : إذا صار فَقِيهاً عالما. وقد جعله العرف خاصّا بعلم الشريعة ، وتخصيصا بعلم الفروع منها.

(ه) ومنه حديث سلمان «أنه نزل على نبطيّة بالعراق ، فقال لها : هل هاهنا مكان نظيف أصلّي فيه؟ فقالت : طهّر قلبك وصلّ حيث شئت ، فقال : فَقِهْتُ» أي فهمت وفطنت للحقّ والمعنى الذي أرادت.

(ه) وفيه «لعن الله النائحة والمُسْتَفْقِهَة» هي التي تجاوبها في قولها ، لأنها تتلقّفه وتفهمه فتجيبها عنه.

(فقا) في حديث الملاعنة «فأخذت بفَقْوَيْه» كذا جاء في بعض الروايات ، والصّواب «بفقميه» أي حنكيه. وقد تقدّم.

(باب الفاء مع الكاف)

(فكك) (ه) فيه «أعتق النّسمة وفُكَ الرّقبة» تفسيره في الحديث ، أن عتق

__________________

(١) فى الهروى : «وعليه».

النّسمة أن ينفرد بعتقها ، وفَكّ الرّقبة أن يعين في عتقها. وأصل الفَكِ : الفصل بين الشّيئين وتخليص بعضهما من بعض.

ومنه الحديث «عودوا المريض وفُكُّوا العانيَ» أي أطلقوا الأسير. ويجوز أن يريد به العتق.

وفيه «أنه ركب فرسا فصرعه على جذم نخلة فانْفَكَّتْ قدمُه» الانْفِكَاك : ضرب من الوهن والخلع ، وهي أن تَنْفَكّ بعض أجزائها عن بعض.

(فكل) فيه «أوحى الله إلى البحر أنّ موسى يضربك فأطعه ، فبات وله أَفْكَل» أي رِعدة ، وهي تكون من البرد أو الخوف ، ولا يبنى منه فعل. وهمزته زائدة.

ومنه حديث عائشة «فأخذني أَفْكَل وارتعدت من شدّة الغيرة».

(فكن) (ه) فيه «حتى إذا غاض ماؤها بقي قوم يَتَفَكَّنُون» أي يتندّمون. والفُكْنَة : النّدامة على الفائت.

(فكه) في حديث أنس «كان النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم مِن أَفْكَهِ الناس مع صبيّ» الفَاكِه : المازح ، والاسم : الفُكَاهَة. وقد فَكِهَ يَفْكَهُ فهو فَكِهٌ وفَاكِهٌ.

وقيل : الفَاكِهُ ذو الفُكَاهَة ، كالتامر واللّابن.

(ه) ومنه حديث زيد بن ثابت «أنه كان من أَفْكَهِ الناس إذا خلا مع أهله».

[ه] ومنه الحديث «أربع ليس غيبتهنّ بغيبة ، منهم المُتَفَكِّهُون بالأمّهات» هم الذين يشتمونهنّ ممازحين.

(باب الفاء مع اللام)

(فلت) (ه) فيه «إن الله يملي للظالم فإذا أخذه لم يُفْلِتْهُ» أي لم يَنْفَلِتْ منه.

ويجوز أن يكون بمعنى : لم يُفْلِتْه منه أحد : أي لم يخلّصه.

ومنه الحديث «أن رجلا شرب خمرا فسكر ، فانطلق به إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فلمّا حاذى دار العباس انْفَلَتَ ، فدخل عليه ، فذكر له ذلك ، فضحك وقال : أفعلها؟ ولم يأمر فيه بشيء».

ومنه الحديث «فأنا آخذ (١) بحجزكم وأنتم تَفَلَّتُون من يدي» أي تَتَفَلَّتُون ، فحذف إحدى التاءين تخفيفا.

(ه) وفيه «أن رجلا قال له : إن أمّي افْتُلِتَتْ نفسُها» أي ماتت فجأة وأخذت نفسها فَلْتَة. يقال : افْتَلَتَهُ إذا استلبه. وافْتُلِتَ فلانٌ بكذا إذا فوجئ به قبل أن يستعدّ له.

ويروى بنصب النفس ورفعها ، فمعنى النّصب افْتَلَتَها الله نفسها. معدّى إلى مفعولين ، كما تقول : اختلسه الشيء واستلبه إيّاه ، ثم بني الفعل لما لم يسمّ فاعله ، فتحوّل المفعول الأوّل مضمرا وبقي الثاني منصوبا ، وتكون التاء الأخيرة ضمير الأم. أي افْتُلِتَتْ هي نفسها.

وأما الرّفع فيكون متعدّيا إلى مفعول واحد ، أقامه مقام الفاعل ، وتكون التاء للنفس : أي أخذت نفسها فَلْتَة.

ومنه الحديث «تدارسوا القرآن فلهو أشدّ تَفَلُّتاً من الإبل من عقلها» التَّفَلُّت والإِفْلَات والانْفِلَات : التّخلّص من الشيء فجأة من غير تمكّث.

(س) ومنه الحديث «إن عفريتا من الجن تَفَلَّتَ عليَّ البارحة» أي تعرّض لي في صلاتي فجأة.

(ه) ومنه حديث عمر «إن بيعة أبي بكر كانت فَلْتَة وقى الله شرّها» أراد بالفَلْتَة الفجأة. ومثل هذه البيعة جديرة بأن تكون مهيّجة للشّر والفتنة فعصم الله من ذلك ووقى. والفَلْتَة : كلّ شيء فعل من غير رويّة ، وإنما بودر بها خوف انتشار الأمر.

وقيل : أراد بالفَلْتَة الخلسة. أي إن الإمامة يوم السّقيفة مالت إلى تولّيها الأنفس ، ولذلك كثر فيها التّشاجر ، فما قلّدها أبو بكر إلا انتزاعا من الأيدي واختلاسا.

وقيل : الفَلْتَة آخر ليلة من الأشهر الحرم ، فيختلفون فيها أمن الحلّ هي أم من الحرم ، فيسارع الموتور إلى درك الثّأر ، فيكثر الفساد وتسفك الدّماء ، فشبّه أيّام النبي عليه الصلاة والسلام

__________________

(١) فى الأصل : «آخذ» بضم الخاء المعجمة ، وأثبتنا ضبط ا. قال الإمام النووى فى شرحه لمسلم (باب شفقته صلى‌الله‌عليه‌وسلم من كتاب الفضائل) : روى بوجهين : أحدهما اسم فاعل ، بكسر الخاء وتنوين الذال. والثانى فعل مضارع ، بضم الذال بلا تنوين ، والأول أشهر ، وهما صحيحان.

بالأشهر الحرم ، ويوم موته بالفَلْتَة من وقوع الشّر من ارتداد العرب ، وتخلّف الأنصار عن الطاعة ، ومنع من منع الزكاة ، والجري على عادة العرب في ألّا يسود القبيلة إلا رجل منها.

[ه] وفي صفة مجلس رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم «لا تُنثى فَلَتَاتُه» الفَلَتَات : الزّلّات ، جمع فَلْتَة. أي لم يكن في مجلسه زلّات فتحفظ وتحكى.

[ه] وفيه «وهو في بردة له فَلْتَة» أي ضيّقة صغيرة لا ينضمّ طرفاها ، فهي تَفَلَّتُ من يده إذا اشتمل بها ، فسمّاها بالمرّة من الانْفِلَات. يقال : بُردة فَلْتَة وفَلُوت.

(ه) ومنه حديث ابن عمر «وعليه بردة فَلُوت» وقيل : الفَلُوت التي لا تثبت على صاحبها ، لخشونتها أو لينها.

(فلج) (ه) في صفته عليه‌السلام «أنه كان مُفَلَّج الأسنان» وفي رواية «أَفْلَجَ الأسنان» الفَلَج بالتّحريك : فرجة ما بين الثّنايا والرّباعيات ، والفَرَق : فرجة بين الثّنيّتين.

ومنه الحديث «أنه لعن المُتَفَلِّجَات للحسن» أي النساء اللاتي يفعلن ذلك بأسنانهنّ رغبة في التّحسين.

[ه] وفي حديث عليّ «إن المسلم ما لم يغش دناءة يخشع لها إذا ذكرت ، وتغرى به لئام الناس كالياسر الفَالِج» الياسر : المقامر ، والفَالِج : الغالب في قماره. وقد فَلَجَ أصحابه وعلى أصحابه إذا غلبهم ، والاسم : الفُلْج بالضم.

(س) ومنه حديثه الآخر «أيّنا فَلَجَ فَلَجَ أصحابه».

ومنه حديث سعد «فأخذت سهمي الفَالِج» أي القامر الغالب. ويجوز أن يكون السهم الذي سبق به في النّضال.

ومنه حديث معن بن يزيد «بايعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وخاصمت إليه فَأَفْلَجَنِي» أي حكم لي وغلّبني على خصمي.

[ه] وفي حديث عمر «أنه بعث حذيفة وعثمان بن حنيف إلى السّواد ففَلَجَا الجزية على أهله» أي قسماها. وأصله من الفِلْج والفَالِج ، وهو مكيال معروف ، وأصله سرياني فعرّب. وإنما سمّي القسمة بالفَلْج لأنّ خراجهم كان طعاما.

وفيه «ذكر «فَلَج» هو بفتحتين : قرية عظيمة من ناحية اليمامة ، وموضع باليمن من مساكن عاد ، وهو بسكون اللام : واد بين البصرة وحمى ضريّة.

(س) وفيه «إنّ فَالِجاً تردّى في بئر» الفَالِج : البعير ذو السّنامين ، سمّي به لأنّ سناميه يختلف ميلهما.

ومنه حديث أبي هريرة «الفَالِج داء الأنبياء» هو داء معروف يرخي بعض البدن.

(فلح) (ه) في حديث الأذان «حيّ على الفَلَاح» الفَلَاح : البقاء والفوز والظّفر ، وهو من أَفْلَحَ ، كالنّجاح من أنجح : أي هلمّوا إلى سبب البقاء في الجنة والفوز بها ، وهو الصلاة في الجماعة.

(س) ومنه حديث الخيل «من ربطها عدّة في سبيل الله فإنّ شبعها وجوعها وريّها وظمأها وأرواثها وأبوالها فَلَاح في موازينه يوم القيامة» أي ظفر وفوز.

(ه) ومنه حديث السّحور «حتى خشينا أن يفوتنا الفَلَاح» سمّي بذلك لأن بقاء الصّوم به.

(ه) وفي حديث أبي الدّحداح :

بشّرك الله بخير وفَلَح

أي بقاء وفوز ، وهو مقصور من الفَلَاح.

(ه) وفي حديث ابن مسعود «إذا قال الرجل لامرأته : اسْتَفْلِحِي بأمرك فقبلته فواحدة بائنة» أي فوزي بأمرك واستبدّي به.

ومنه الحديث «كلّ قوم على مَفْلَحَة من أنفسهم» قال الخطّابي : معناه أنهم راضون بعلمهم مغتبطون به عند أنفسهم ، وهي مفعلة من الفَلَاح ، وهو مثل قوله تعالى «كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ».

[ه] وفيه «قال رجل لسهيل بن عمرو : لو لا شيء يسوء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لضربت فَلَحَتَك» أي موضع الفَلَح ، وهو الشّقّ في الشّفة السّفلى. والفَلَح : الشّقّ والقطع.

ومنه حديث عمر «اتّقوا الله في الفَلَّاحِين» يعنى الزّرّاعين الذين يَفْلَحُون الأرض : أي يشقّونها.

ومنه حديث كعب «المرأة إذا غاب عنها زوجها تَفَلَّحَت وتنكّبت الزّينة» أي تشقّقت وتقشّفت.

قال الخطّابي : «أراه تَقَلَّحَت» بالقاف ، من القَلَح وهو الصّفرة التي تعلو الأسنان.

(فلذ) [ه] في أشراط الساعة «وتقيء الأرض أَفْلَاذ كبدها» أي تخرج كنوزها المدفونة فيها ، وهو استعارة. والأَفْلَاذ : جمع فِلَذٍ ، والفِلَذ : جمع فِلْذَة ، وهي القطعة المقطوعة طولا.

ومثله قوله تعالى «وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها».

وسمّي ما في الأرض قطعا ، تشبيها وتمثيلا. وخصّ الكبد. لأنها من أطايب الجزور. واستعار القيء للإخراج.

ومنه حديث بدر «هذه مكّة قد رمتكم بأَفْلَاذ كبدها»أراد صميم قريش ولبابها وأشرافها ، كما يقال : فلان قلب عشيرته ، لأنّ الكبد من أشرف الأعضاء.

ومنه الحديث «إنّ فتى من الأنصار دخلته خشية من النار فحبسته في البيت حتى مات ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : إنّ الفرق من النار فَلَذَ كبده» أي خوف النار قطع كبده.

(فلز) (س) فيه «كلّ فِلِزٍّ أذيب» الفِلِزّ بكسر الفاء واللام وتشديد الزّاي : ما في الأرض من الجواهر المعدنية ، كالذّهب والفضّة والنّحاس والرّصاص. وقيل : هو ما ينفيه الكير منها.

ومنه حديث عليّ «من فِلِزّ اللّجين والعقيان».

(فلس) فيه «من أدرك ماله عند رجل قد أَفْلَسَ فهو أحقّ به» أَفْلَسَ الرجل : إذا لم يبق له مال. ومعناه صارت دراهمه فُلُوسا.

وقيل : صار إلى حال يقال ليس معه فَلْس. وقد أَفْلَسَ يُفْلِسُ إِفْلَاساً فهو مُفْلِس ، وفَلَّسَه الحاكم تَفْلِيساً. وقد تكرر في الحديث.

وفيه ذكر «فُلْس» بضم الفاء وسكون اللام : هو صنم طيّئ ، بعث النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم عليّا لهدمه سنة تسع.

(فلسط) فِلَسْطِين هي بكسر الفاء وفتح اللام : الكورة المعروفة فيما بين الاردنّ وديار مصر ، وأمّ بلادها بيت المقدس.

(فلط) [ه] في حديث عمر بن عبد العزيز «أمر برجل أن يحدّ ، فقال : أضرب فِلَاطاً؟» أي فجأة ، وهي بلغة هذيل.

(فلطح) في حديث القيامة «عليه حسكة مُفَلْطَحَة ، لها شوكة عقيفة» المُفَلْطَح : الذي فيه عرض واتّساع.

وفي حديث ابن مسعود «إذا ضنّوا عليه بالمُفَلْطَحَة» قال الخطّابي : هي الرّقاقة التي فُلْطِحَتْ : أي بسطت. وقال غيره : هي الدّراهم.

ويروى «المطلفحة» وقد ذكرت في الطاء.

(فلغ) [ه] فيه «إني إن آتهم يُفْلَغْ رأسي كما تُفْلَغ العترة» أي يكسر ، وأصل الفَلْغ : الشّقّ. والعِتْرَة : نبت.

[ه] ومنه حديث [ابن (١)] عمر «أنه كان يخرج يديه في السجود وهما مُتَفَلِّغَتان» أي متشقّقتان من البرد.

(فلفل) (ه) في حديث عليّ «قال عبد خير : إنه خرج وقت السّحر فأسرعت إليه لأسأله عن وقت الوتر ، فإذا هو يَتَفَلْفَلُ».

وفي رواية السّلمي «خرج علينا عليّ وهو يَتَفَلْفَلُ» قال الخطّابي : يقال : جاء فلان مُتَفَلْفِلاً : إذا جاء والسّواك في فيه يشوصه. ويقال : جاء فلان يَتَفَلْفَلُ إذا مشى مشية المتبختر. وقيل : هو مقاربة الخطا ، وكلا التّفسيرين محتمل للرّوايتين.

وقال القتيبي : لا أعرف يَتَفَلْفَلُ بمعنى يستاك ، ولعلّه «يتتفّل» لأن من استاك تفل.

(فلق) (ه) فيه «أنه كان يرى الرّؤيا فتأتي مثل فَلَق الصّبح» هو بالتحريك ضووه وإنارته. والفَلَق : الصّبح نفسه. والفَلْق بالسكون : الشّقّ.

ومنه الحديث «يا فَالِق الحبّ والنّوى» أي الذي يشق حبّة الطّعام ونوى التّمر للإنبات

__________________

(١) من ا ، والهروى ، والفائق ٢ / ٢٩٦.

ومنه حديث عليّ «والذي فَلَقَ الحبّة وبرأ النّسمة» وكثيرا ما كان يقسم بها.

ومنه حديث عائشة «إنّ البكاء فَالِق كبدي».

وفي حديث الدجّال «فأشرف على فَلَق من أَفْلَاق الحرّة» الفَلَق بالتّحريك : المطمئن من الأرض بين ربوتين ، ويجمع على فُلْقَان أيضا.

وفي حديث جابر «صنعت للنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم مرقة يسمّيها أهل المدينة الفَلِيقَة» قيل : هي قدر يطبخ ويثرد فيها فِلَق الخبز ، وهي كسره.

[ه] وفي حديث الشّعبيّ ، وسئل عن مسألة فقال : «ما يقول فيها هؤلاء المَفَالِيق؟» هم الذين لا مال لهم ، الواحد : مِفْلَاق ، كالمفاليس ، شبّه إفلاسهم من العلم وعدمه عندهم بالمفاليس من المال.

[ه] وفي صفة الدجّال : «رأيته فإذا رجل فَيْلَق أعور» الفَيْلَق : العظيم. وأصل الفَيْلَق : الكتيبة العظيمة ، والياء زائدة.

قال القتيبي : إن كان محفوظا ، وإلا فإنّما هو «الفيلم» ، وهو العظيم من الرّجال.

(فلك) [ه] في حديث ابن مسعود «تركت فرسك كأنه يدور في فَلَك» شبّهه في دورانه بدوران الفَلَك ، وهو مدار النّجوم من السماء ، وذلك أنه كان قد أصابته عين فاضطرب.

وقيل : الفَلَك : موج البحر ، شبّه به الفرس في اضطرابه.

(فلل) (ه) في حديث أمّ زرع «شجّكِ ، أو فَلَّكِ ، أو جمع كلّا لكِ» الفَلّ : الكسر والضّرب ، تقول : إنّها معه بين شجّ رأس ، أو كسر عضو ، أو جمع بينهما. وقيل : أراد بالفَلّ الخصومة.

ومنه حديث سيف الزبير «فيه فَلَّةٌ فُلَّها يوم بدر» الفَلَّة : الثّلمة في السّيف ، وجمعها : فُلُول.

ومنه قول الشاعر (١) :

بهنّ فُلُول من قراع الكتائب

ومنه حديث ابن عوف «ولا تَفُلُّوا المدى بالاختلاف بينكم» المدى : جمع مدية ، وهي السّكّين ، كَنَى بِفَلِّها عن النّزاع والشّقاق.

__________________

(١) هو النابغة الذبياني. والبيت في ديوانه ص ١٥ ، بشرح كرم البستانى. بيروت ١٩٥٣ م وصدره :

ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم

ومنه حديث عائشة تصف أباها «ولا فَلُّوا له صفاة» أي كسروا له حجرا ، كنت به عن قوّته في الدّين.

ومنه حديث عليّ «يستزلّ لبّك ويَسْتَفِلُ غربك» هو يستفعل ، من الفَلِ : الكسر. والغرب : الحدّ.

(س) وفي حديث الحجّاج بن علاط «لعليّ أصيب من فَلِ محمّد وأصحابه» الفَلُ : القوم المنهزمون ، من الفَلِ : الكسر ، وهو مصدر سمّي به ، ويقع على الواحد والاثنين والجميع ، وربّما قالوا : فُلُول وفِلَال. وفَلَ الجيش يَفُلُّه فَلًّا إذا هزمه ، فهو مَفْلُول ، أراد : لعلّي أشتري مما أصيب من غنائمهم عند الهزيمة.

ومنه حديث عاتكة «فَلٌ من القوم هارب».

ومنه قصيد كعب :

أن يترك القرن إلّا وهو مَفْلُول

أي مهزوم.

(ه) وفي حديث معاوية «أنه صعد المنبر وفي يده فَلِيلَةٌ وطريدة» الفَلِيلَة : الكبّة من الشّعر.

وفي حديث القيامة «يقول الله تعالى : أي فُلْ ، ألم أكرمك وأسوّدك» معناه يا فلان ، وليس ترخيما له ، لأنه لا يقال إلّا بسكون اللام ، ولو كان ترخيما لفتحوها أو ضمّوها.

قال سيبويه : ليست ترخيما ، وإنما هي صيغة ارتجلت في باب النّداء. وقد جاء في غير النّداء. قال (١).

في لجّة أمسك فلانا عن فُلِ

فكسر اللام للقافية.

وقال الأزهري : ليس بترخيم فلان ، ولكنّها كلمة على حِدَة ، فبنو أسد يوقعونها على الواحد والاثنين والجميع والمؤنث ، بلفظ واحد ، وغيرهم يثنّى ويجمع ويؤنث.

__________________

(١) هو أبو النجم العجلى. كما فى الصحاح (فلل).

وفلان وفلانة : كناية عن الذّكر والأنثى من الناس ، فإن كنيت بهما عن غير الناس قلت : الفلان والفلانة.

وقال قوم : إنه ترخيم فلان ، فحذفت النون للتّرخيم ، والألف لسكونها ، وتفتح اللام وتضم على مذهبي الترخيم.

(س) ومنه حديث أسامة في الوالي الجائر «يلقى في النار فتندلق أقتابه ، فيقال : أي فُلْ ، أين ما كنت تصف؟» وقد تكرر في الحديث.

(فلم) (ه) في صفة الدجّال «أقمر فَيْلَم» وفي رواية «فَيْلَمَانِيّاً» الفَيْلَم : العظيم الجثّة. والفَيْلَم : الأمر العظيم ، والياء زائدة. والفَيْلَمَانِيّ : منسوب إليه بزيادة الألف والنون للمبالغة.

(فلهم) (ه) فيه «أنّ قوما افتقدوا سِخَاب فتاتهم ، فاتّهموا امرأة ، فجاءت عجوز ففتّشت فَلْهَمَهَا» أي فرجها. وذكره بعضهم بالقاف.

(فلا) (س) في حديث الصّدقة «كما يربّي أحدكم فَلُوَّهُ» الفَلُوّ : المهر الصّغير. وقيل : هو الفطيم من أولاد ذوات الحافر.

(س) ومنه حديث طهفة «والفَلُوّ الضّبيس» أي المهر العسر الذي لم يرض.

وفي حديث ابن عباس «امر الدّم بما كان قاطعا من ليطة فَالِيَة» أي قصبة وشقّة قاطعة ، وتسمّى السّكّين الفَالِيَة.

وفي حديث معاوية «قال لسعيد بن العاص : دعه عنك ، فقد فَلَيْتُه فَلْيَ الصّلع» هو من فَلْيِ الشّعر وأخذ القمل منه ، يعنى أنّ الأصلع لا شعر له فيحتاج أن يُفْلَى.

(باب الفاء مع النون)

(فنخ) (ه) في حديث عائشة ، وذكرت عمر «ففَنَخَ الكفرة» أي أذلّها وقهرها.

ومنه حديث المتعة «برد هذا غير مَفْنُوخ» أي غير خلق ولا ضعيف. يقال : فَنَخْتُ رأسه وفَنَّخْتُه : أي شدخته وذلّلته.

(فند) (ه) فيه «ما ينتظر أحدكم إلا هرما مُفْنِداً ، أو مرضا مفسدا» الفَنَد في الأصل :

الكذب. وأَفْنَدَ : تكلم بالفَنَد. ثم قالوا للشيخ إذا هرم : قد أَفْنَدَ ، لأنه يتكلّم بالمحرّف (١) من الكلام عن سنن الصّحة. وأَفْنَدَه الكبر : إذا أوقعه في الفَنَد.

ومنه حديث التّنوخيّ رسول هرقل «وكان شيخا كبيرا قد بلغ الفَنَد أو قرب».

[ه] ومنه حديث أمّ معبد «لا عابس ولا مُفَنَّد» هو الذي لا فائدة (٢) في كلامه لكبر أصابه.

[ه] وفيه «ألا إنّي من أوّلكم وفاة تتّبعوني أَفْنَاداً أَفْنَاداً يهلك بعضكم بعضا» أي جماعات متفرّقين قوما بعد قوم ، واحدهم : فِنْد.

والفِنْد : الطّائفة من الليل. ويقال : هم فِنْدٌ على حدة : أي فئة.

[ه] ومنه الحديث «أسرع الناس بي لحوقا قومي ، ويعيش الناس بعدهم أَفْنَاداً يقتل بعضهم بعضا» أي يصيرون فرقا مختلفين.

[ه] ومنه الحديث «لما توفّي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم صلّى عليه الناس أَفْنَاداً أَفْنَاداً» أي فرقا بعد فرق ، فرادى بلا إمام.

[ه] ومنه الحديث «أن رجلا قال للنبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم : إني أريد أن أُفَنِّدَ (٣) فرسا» أي أرتبطه وأتّخذه حصنا وملاذا ، ألجأ إليه كما يلجأ إلى الفِنْد من الجبل ، وهو أنفه الخارج منه.

وقال الزمخشري : يجوز أن يكون أراد بالتَّفْنِيد التّضمير ، من الفِنْد : وهو الغصن (٤) من أغصان الشجرة : أي أضمّره حتى يصير في ضمره كالغصن (٥).

ومنه حديث عليّ «لو كان جبلا لكان فِنْداً» وقيل : هو المنفرد من الجبال.

(فنع) في حديث معاوية «أنه قال لابن أبي محجن الثّقفي : أبوك الذي يقول :

إذا متّ فادفنّي إلى جنب كرمة

تروّي عظامي في التراب عروقها

__________________

(١) فى الأصل : «بالمخرّف» بالخاء المعجمة ، وأثبتناه بالحاء المهملة من ا ، واللسان.

(٢) فى الأصل : «هو الذى لا فند فى كلامه» والتصحيح من ا ، والهروى ، واللسان.

(٣) فى الأصل : «إنى أفند» والتصحيح من ا ، واللسان ، والهروى ، والفائق ٢ / ٣٠٠.

(٤) عبارة الزمخشرى : «وهو الغصن المائل».

(٥) عبارة الزمخشرى : «كغصن الشجرة».

ولا تدفنّني في الفلاة فإنّني

أخاف إذا ما متّ أن لا أذوقها

فقال : أبي الذي يقول :

وقد أجود وما مالي بذي فَنَعٍ

وأكتم السّرّ فيه ضربة العنق

الفَنَع : المال الكثير. يقال : فَنِعَ [يَفْنَعُ]) فَنَعاً ، فهو فَنِعٌ وفَنِيعٌ إذا كثر ماله ونما.

(فنق) (س) في حديث عمير بن أفصى (٢) ذكر «الفَنِيق» هو الفحل المكرم من الإبل الذي لا يركب ولا يهان ، لكرامته عليهم.

ومنه حديث الجارود «كالفحل الفَنِيق» وجمعه : فُنُق وأَفْنَاق ومنه حديث الحجّاج «لمّا حاصر ابن الزّبير بمكة ونصب المنجنيق عليها :

* خطّارة كالجمل الفَنِيق *

(فنك) (ه) فيه «أمرني جبريل أن أتعاهد فَنِيكَيَ عند الوضوء» الفَنِيكَان : العظمان النّاشزان أسفل الأذنين بين الصّدغ والوجنة.

وقيل : هما العظمان المتحرّ كان من الماضغ دون الصّدغين (٣).

ومنه حديث عبد الرحمن بن سابط «إذا توضّأت فلا تنس الفَنِيكَيْن» وقيل : أراد به تخليل أصول شعر اللّحية.

(فنن) (ه) فيه «أهل الجنة جرد مكحّلون أولو أَفَانِين» أي ذوو شعور وجمم. والأَفَانِين : جمع أَفْنَان ، والأَفْنَان : جمع فَنَن ، وهو الخصلة من الشّعر ، تشبيها بغصن الشجرة.

ومنه حديث سدرة المنتهى «يسير الرّاكب في ظلّ الفَنَن منها مائة سنة».

(ه) وفي حديث أبان بن عثمان «مثل اللّحن في السّريّ مثل التَّفْنِين في الثّوب» التَّفْنِين : البقعة السّخيفة الرّقيقة في الثوب الصّفيق. والسّريّ : الشّريف النّفيس من الناس.

(فنا) (س) في حديث القيامة «فينبتون كما ينبت الفَنَا» الفَنَا مقصور : عنب الثعلب. وقيل : شجرته ، وهي سريعة النّبات والنّموّ.

__________________

(١) من ا ، واللسان.

(٢) فى الأصل : «أقصى» بالقاف. والتصحيح من اللسان ، وأسد الغابة ٤ / ١٣٩.

(٣) قال الهروى : ومن جعل الفنيك واحدا من الإنسان فهو مجتمع اللحيين وسط الذّقن.

(س) وفيه «رجل من أَفْنَاء الناس» أي لم يعلم ممن هو ، الواحد : فِنْوٌ. وقيل : هو من الفِنَاء ، وهو المتّسع أمام الدّار. ويجمع الفِنَاء على أَفْنِيَة. وقد تكرر في الحديث واحدا ومجموعا.

وفي حديث معاوية «لو كنت من أهل البادية بعت الفَانِيَة واشتريت النّامية» الفَانِيَة : المسنّة من الإبل وغيرها ، والنّامية : الفتيّة الشّابّة التي هي في نموّ وزيادة.

(باب الفاء مع الواو)

(فوت) (ه) فيه «مرّ بحائط مائل فأسرع ، فقيل : يا رسول الله ، أسرعت المشي ، فقال : أخاف موت الفَوَات» أي موت الفجأة ، من قولك : فَاتَنِي فلان بكذا ، أي سبقني به.

(ه) ومنه الحديث «أنّ رجلا تَفَوَّتَ على أبيه في ماله فأتى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم فأخبره ، فقال : اردد على ابنك ماله ، فإنما هو سهم من كنانتك» هو من الفَوْت : السّبق. يقال : تَفَوَّتَ فلان على فلان في كذا ، وافْتَاتَ عليه إذا انفرد برأيه دونه في التّصرف فيه ، ولمّا ضمّن معنى التّغلّب عدّي بعلى.

والمعنى أنّ الابن لم يستشر أباه ولم يستأذنه في هبة مال نفسه ، فأتى الأب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فأخبره فقال له : ارتجعه من الموهوب له واردده على ابنك ، فإنه وما في يده تحت يدك وفي ملكتك ، فليس له أن يستبدّ بأمر دونك. فضرب كونه سهما من كنانته مثلا لكونه بعض كسبه.

[ه] ومنه حديث عبد الرحمن بن أبي بكر «أمثلي يُفْتَاتُ عليه في بناته!» هو افتعل ، من الفَوَات : السبق. يقال لكل من أحدث شيئا في أمرك دونك : قد افْتَاتَ عليك فيه.

(فوج) في حديث كعب بن مالك «يتلقّاني الناس فَوْجاً فَوْجاً» الفَوْج : الجماعة من الناس ، والفَيْج مثله ، وهو مخفّف من الفَيِّج ، وأصله الواو ، يقال : فَاجَ يَفُوجُ فهو فَيِّج ، مثل هان يهون فهو هيّن. ثمّ يخفّفان فيقال : فَيْج وهَيْن.

(فوح) (س) فيه «شدّة الحرّ من فَوْحِ جهنم» أي شدّة غليانها وحرّها. ويروى بالياء. وسيجيء.

(س) وفيه «كان يأمرنا في فَوْح حيضنا أن نأتزر» أي معظمه وأوّله.

(فوخ) (ه) فيه «أنه خرج يريد حاجة ، فاتّبعه بعض أصحابه ، فقال : تنحّ عنّي فإنّ كلّ بائلة تُفِيخُ» الإِفَاخَة : الحدث بخروج الرّيح خاصّة. يقال : أَفَاخَ يُفِيخُ إذا خرج منه

ريح ، وإن جعلت الفعل للصّوت قلت : فَاخَ يَفُوخُ ، وفَاخَتِ الرّيح تَفُوخُ فَوْخاً إذا كان مع هبوبها صوت. وقوله «بائلة» : أي نفس بائلة.

(فود) (س) فيه «كان أكثر شيبه في فَوْدَى رأسه» أي ناحيتيه ، كلّ واحد منهما فَوْد. وقيل : الفَوْد معظم شعر الرأس.

[ه] وفي حديث معاوية «قال للبيد : ما بال العلاوة بين الفَوْدَيْن!» هما العدلان. كلّ واحد منهما فَوْد.

وفي حديث سطيح :

* أم فَادَ فازْلَمَّ به شأو العَنَن *

يقال : فَادَ يَفُودُ إذا مات. ويروى بالزاي بمعناه.

(فور) (س) فيه «فجعل الماء يَفُورُ من بين أصابعه» أي يغلي ويظهر متدفّقا.

ومنه الحديث «كلّا بل هي حمّى تثور أو تَفُورُ» أي يظهر حرّها.

ومنه الحديث «إن شدّة الحرّ من فَوْرِ جهنم» أي وهجها وغليانها.

(س) وفي حديث ابن عمر «ما لم يسقط فَوْر الشّفق» هو بقيّة حمرة الشمس في الأفق الغربي ، سمي فَوْراً لسطوعه وحمرته. ويروى بالثاء. وقد تقدّم.

(س) وفي حديث معضد «خرج هو وفلان فضربوا الخيام وقالوا : أخرجنا من فَوْرَة الناس» أي من مجتمعهم ، وحيث يَفُورُون في أسواقهم.

وفي حديث محلّم «نعطيكم خمسين من الإبل في فَوْرِنَا هذا» فَوْرُ كلّ شيء : أوّله.

(فوز) (ه) في حديث سطيح :

أم فَازَ فازلمّ به شأو العنن

فَازَ يَفُوزُ ، وفَوَّزَ إذا مات ، ويروى بالدال بمعناه. وقد سبق.

ومنه حديث كعب بن مالك «واستقبل سفرا بعيدا ومَفَازاً» المَفَاز والمَفَازَة : البرّيّة القفر. والجمع : المَفَاوِز ، سمّيت بذلك لأنها مهلكة ، من فَوَّزَ ، إذا مات. وقيل : سمّيت تفاؤلا من الفَوْز : النّجاة. وقد تكرر في الحديث.

(فوض) في حديث الدعاء «فَوَّضْتُ أمري إليك» أي رددته. يقال : فَوَّضَ إليه الأمر تَفْوِيضاً إذا ردّه إليه وجعله الحاكم فيه.

ومنه حديث الفاتحة «فَوَّضَ إلىّ عبدي» وقد تكرر في الحديث.

(ه) وفي حديث معاوية «قال لدغفل بن حنظلة : بم ضبطت ما أرى؟ قال : بِمُفَاوَضَة العلماء ، قال : ما مُفَاوَضَة العلماء؟ قال : كنت إذا لقيت عالما أخذت ما عنده وأعطيته ما عندي» المُفَاوَضَة : المساواة والمشاركة ، وهي مفاعلة من التَّفْوِيض ، كأنّ كلّ واحد منهما ردّ ما عنده إلى صاحبه. وتَفَاوَضَ الشّريكان في المال إذا اشتركا فيه أجمع. أراد محادثة العلماء ومذاكرتهم في العلم.

(فوع) (ه) فيه «احبسوا صبيانكم حتى تذهب فَوْعَةُ العشاء» أي أوّله ، كفورته. وفَوْعَة الطّيب : أوّل ما يفوح منه. ويروى بالغين ، لغة فيه.

(فوف) (س) في حديث عثمان «خرج وعليه حلّة أَفْوَاف» الأَفْوَاف : جمع فُوف ، وهو القطن ، وواحدة الفُوفِ : فُوفَة ، وهي في الأصل : القشرة التي على النّواة. يقال : برد أَفْوَاف ، وحلّة أَفْوَاف بالإضافة ، وهي ضرب من برود اليمن ، وبرد مُفَوَّف : فيه خطوط بياض.

(س) وفي حديث كعب «ترفع للعبد غرفة مُفَوَّفَة» وتَفْوِيفُها : لبنة من ذهب وأخرى من فضّة.

(فوق) (ه) فيه «أنه قسم الغنائم يوم بدر عن فُوَاق» أي قسمها في قدر فُوَاق ناقة ، وهو ما بين الحلبتين من الرّاحة ، وتضمّ فاؤه وتفتح.

وقيل : أراد التّفضيل في القسمة ، كأنه جعل بعضهم أَفْوَقَ من بعض ، على قدر غنائمهم (١) وبلائهم.

و«عن» هاهنا بمنزلتها في قولك : أعطيته عن رغبة وطيب نفس ، لأنّ الفاعل وقت إنشاء الفعل إذا كان متّصفا بذلك كان الفعل صادرا عنه لا محالة ، ومجاوزا له.

ومنه الحديث «عيادة المريض قدر فُوَاق الناقة».

(ه) وحديث عليّ «قال له الأشتر (٢) يوم صفّين : أنظرني فُوَاقَ ناقة» أي أخّرني قدر ما بين الحلبتين.

__________________

(١) فى اللسان : «غنائهم». وكأنه أشبه.

(٢) الذى فى اللسان : «الأسير».

(ه) وحديث أبي موسى ومعاذ «أمّا أنا فأَتَفَوَّقُه تَفَوُّقاً» يعنى قراءة القرآن : أي لا أقرأ وردي منه دفعة واحدة ، ولكن أقرؤه شيئا بعد شيء في ليلي ونهاري ، مأخوذ من فُوَاق الناقة ، لأنها تحلب ثم تراح حتى تدرّ ثم تحلب.

ومنه حديث عليّ «إنّ بني أميّة ليُفَوِّقُونَنِي تراث محمد تَفْوِيقاً» أي يعطوني من المال قليلا قليلا.

وفي حديث أبي بكر في كتاب الزكاة «من سئل فَوْقَها فلا يعطه» أي لا يعطى الزيادة المطلوبة.

وقيل : لا يعطيه شيئا من الزكاة أصلا ، لأنه إذا طلب ما فوق الواجب كان خائنا ، وإذا ظهرت خيانته سقطت طاعته.

وفيه «حبّب إليَّ الجمال حتى ما أحبّ أن يَفُوقَنِي أحد بشراك نعل» فُقْتُ فلانا أَفُوقُه : أي صرت خيرا منه وأعلى وأشرف ، كأنك صرت فَوْقَه في المرتبة.

ومنه «الشيء الفَائِق» وهو الجيّد الخالص في نوعه.

ومنه حديث حنين :

فما كان حصن ولا حابس

يَفُوقَان مرداس في مجمع

وفي حديث عليّ يصف أبا بكر «كنت أخفضهم (١) صوتا ، وأعلاهم فُوقاً» أي أكثرهم نصيبا وحظّا من الدين ، وهو مستعار من فُوقِ السّهم ، وهو موضع الوتر منه.

(ه) ومنه حديث ابن مسعود «اجتمعنا فأمّرنا عثمان ، ولم نأل عن خيرنا ذا فُوقٍ» أي ولينا أعلانا سهما ذا فُوقٍ ، أراد خيرنا وأكملنا ، تامّا في الإسلام والسابقة والفضل.

ومنه حديث عليّ «ومن رمى بكم فقد رمى بِأَفْوَقَ ناصلٍ» أي رمى بسهم منكسر الفُوق لا نصل فيه.

وقد تكرر ذكر «الفُوق» في الحديث.

وفيه «وكانوا أهل بيت فَاقَةٍ» الفَاقَة : الحاجة والفقر.

__________________

(١) فى الأصل : «أحفظهم» بالحاء المهملة والظاء المعجمة ، والمثبت من ا ، واللسان.

وفي حديث سهل بن سعد «فاسْتَفَاقَ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : أين الصّبيُّ؟» الاسْتِفَاقَة : استفعال ، من أَفَاقَ إذا رجع إلى ما كان قد شغل عنه وعاد إلى نفسه.

ومنه «إِفَاقَة المريض والمجنون والمغشي عليه والنائم».

ومنه حديث موسى عليه‌السلام «فلا أدري أَفَاقَ قبلي أم قام من غشيته؟» وقد تكررت في الحديث.

(فول) في حديث عمر «أنه سأل المفقود : ما كان طعام الجن؟ قال : الفُول» هو الباقلّاء.

(فوه) [ه] فيه «فلما تَفَوَّهَ البقيع» أي دخل في أول البقيع ، فشبّهه بالفم ، لأنه أول ما يدخل إلى الجوف منه. ويقال لأوّل الزّفاق والنّهر : فُوَّهَتُه ، بضم الفاء وتشديد الواو.

(س) وفي حديث الأحنف «خشيت أن تكون مُفَوَّهاً» أي بليغا منطيقا ، كأنه مأخوذ من الفَوَه ، وهو سعة الفم.

وفي حديث ابن مسعود «أقرأنيها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فَاهُ إلى فِيَ» أي مشافهة وتلقينا. وهو نصب على الحال بتقدير المشتقّ. ويقال فيه : كلمني فُوهُ إلى فِيَ ، بالرّفع ، والجملة في موضع الحال.

(باب الفاء مع الهاء)

(فهد) (ه) في حديث أم زرع «إن دخل فَهِدَ» أي نام وغفل عن معايب البيت التي يلزمني إصلاحها. والفَهْد يوصف بكثرة النوم ، فهي تصفه بالكرم وحسن الخلق ، فكأنه نائم عن ذلك أو ساه ، وإنما هو متناوم ومتغافل.

(فهر) (ه) فيه «أنه نهى عن الفَهْر» يقال : أَفْهَرَ الرجل : إذا جامع جاريته وفي البيت أخرى تسمع حسّه.

وقيل : هو أن يجامع الجارية ولا ينزل معها ، ثم ينتقل إلى أخرى فينزل معها. يقال : أَفْهَرَ يُفْهِرُ إِفْهَاراً ، والاسم الفَهَر ، بالتحريك والسكون.

(س) وفيه «لمّا نزلت «تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ» جاءت امرأته وفي يدها فِهْرٌ» الفِهْر : الحجر ملء الكفّ. وقيل : هو الحجر مطلقا.

(ه) وفي حديث عليّ «رأى قوما قد سدلوا ثيابهم ، فقال : كأنهم اليهود خرجوا من فِهْرِهِم (١)» أي مواضع مدارسهم ، وهي كلمة نبطيّة أو عبرانية عرّبت. وأصلها «بهرة» بالباء.

(فهق) (ه) فيه «إنّ أبغضكم إليَّ الثّرثارون المُتَفَيْهِقُون» هم الذين يتوسّعون في الكلام ويفتحون به أفواهم ، مأخوذ من الفَهْق ، وهو الامتلاء والاتّساع. يقال : أَفْهَقْتُ الإناء ففَهِقَ يَفْهَقُ فَهْقاً.

(ه) ومنه الحديث «أنّ رجلا يدني من الجنة فتَنْفَهِقُ له» أي تنفتح وتتّسع.

وحديث عليّ «في هواء منفتق وجوّ مُنْفَهِق».

وحديث جابر «فنزعنا في الحوض حتى أَفْهَقْنَاه».

(فهه) (ه) في حديث عمر «أنه قال لأبي عبيدة يوم السّقيفة : ابسط يدك لأبايعك ، فقال : ما سمعت منك أو ما رأيت منك فَهَّة في الإسلام قبلها ، أتبايعني وفيكم الصّدّيق؟» أراد بالفَهَّة السّقطة والجهلة. يقال : فَهَ الرجل يَفَهُ فَهَاهَةً وفَهَّة ، فهو فَهٌ وفَهِيهٌ : إذا جاءت منه سقطة من العيّ وغيره.

(باب الفاء مع الياء)

(فيأ) قد تكرر ذكر «الفَيْء» في الحديث على اختلاف تصرّفه ، وهو ما حصل للمسلمين من أموال الكفار من غير حرب ولا جهاد. وأصل الفَيْء : الرجوع. يقال : فَاءَ يَفِيءُ فِئَةً وفُيُوءاً ، كأنه كان في الأصل لهم فرجع (٢) إليهم. ومنه قيل للظّل الذي يكون بعد الزوال : فَيْء ، لأنه يرجع من جانب الغرب إلى جانب الشّرق.

(س) ومنه الحديث «جاءت امرأة من الأنصار بابنتين لها ، فقالت : يا رسول الله ، هاتان ابنتا فلان ، قتل معك يوم أحد ، وقد اسْتَفَاءَ عمّهما مالهما وميراثهما» أي استرجع حقّهما من الميراث وجعله فَيْئاً له. وهو استفعل ، من الفَيْء.

__________________

(١) فى الأصل : «فهورهم» والتصحيح من ا ، واللسان ، والهروى ، والفائق ١ / ٥٨٤.

(٢) فى ا : «ثم رجع».

(س) ومنه حديث عمر «فلقد رأيتنا نَسْتَفِيءُ سُهْمانهما» أي نأخذها لأنفسنا ونقتسم بها.

(س) وفيه «الفَيْء على ذي الرّحم» أي العطف عليه والرجوع إليه بالبرّ.

(ه) وفيه «لا يلينّ مُفَاءٌ على مُفِيء» المُفَاء : الذي افتتحت بلدته وكورته فصارت فَيْئاً للمسلمين. يقال : أَفَأْتُ كذا : أي صيّرته فَيْئاً ، فأنا مُفِيء ، وذلك الشيء مُفَاء ، كأنه قال : لا يلينّ أحد من أهل السّواد على الصحابة والتابعين الذين افتتحوه عنوة.

وفي حديث عائشة «قالت عن زينب رضي‌الله‌عنها : ما عدا سورة من حدّ (١) تسرع منها الفِيئَة» الفِيئَة ، بوزن الفيعة : الحالة من الرجوع عن الشيء الذي يكون قد لابسه الإنسان وباشره.

وفيه «مثل المؤمن كالخامة من الزّرع ، من حيث أتتها الريح تُفَيِّئُها» أي تحرّكها وتميلها يمينا وشمالا.

(س) وفيه «إذا رأيتم الفَيْء على رؤوسهنّ ، يعنى النساء ، مثل أسنمة البخت فأعلموهنّ أن الله لا يقبل لهن صلاة» شبّه رؤوسهن بأسنمة البخت ، لكثرة ما وصلن به شعورهنّ حتى صار عليها من ذلك ما يُفَيِّئُها : أي يحرّكها خيلاء وعجبا.

وفي حديث عمر «أنه دخل على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فكلّمه ، ثم دخل أبو بكر على تَفْيِئَة ذلك» أي على أثره. ومثله : تئيفة ذلك. وقيل : هو مقلوب منه ، وتاؤه إمّا أن تكون مزيدة أو أصلية.

قال الزمخشري : «فلا تكون مزيدة والبنية كما هي من غير قلب (٢) ، فلو كانت التَّفْيِئَة تفعلة من الفيء لخرجت على وزن تهنئة (٣) ، فهي إذا لولا القلب : فعيلة ، ولكن القلب عن التّئيفة (٤) هو القاضي بزيادة التاء» ، فتكون تفعلة. وقد تقدّم ذكرها أيضا في حرف التاء.

(فيج) فيه ذكر «الفَيْج» وهو المسرع في مشيه الذي يحمل الأخبار من بلد [إلى بلد](٥) والجمع : فُيُوج ، وهو فارسيّ معرّب.

__________________

(١) رويت : «من غرب» وسبقت فى (غرب).

(٢) انظر الفائق ٢ / ٣٠٦.

(٣) فى الفائق : «تهيئة»

(٤) فى الفائق : «... عن التّئيفة وهو القاضى».

(٥) من ا ، واللسان ، والدر النثير.

(فيح) (ه س) فيه «شدّة الحرّ من فَيْح جهنم» الفَيْح : سطوع الحرّ وفورانه. ويقال بالواو ، وقد تقدّم. وفَاحَت القدر تَفِيحُ وتَفُوحُ إذا غلت. وقد أخرجه مخرج التشبيه والتمثيل : أي كأنه نار جهنم في حرّها.

وفي حديث أمّ زرع «وبيتها فَيَّاح» أي واسع. هكذا رواه أبو عبيد مشدّدا. وقال غيره : الصواب التخفيف.

(س) ومنه الحديث «اتخذ ربّك في الجنة واديا أَفْيَحَ من مسك» كلّ موضع واسع. يقال له : أَفْيَح. وروضة فَيْحَاء.

[ه] وفي حديث أبي بكر «ملكا عضوضا ودما مُفَاحاً» يقال : فَاحَ الدّم إذا سال ، وأَفَحْتُه : أسلته.

(فيد) في حديث ابن عباس «في الرجل يَسْتَفِيدُ المال بطريق الربح أو غيره ، قال : يزكّيه يوم يَسْتَفِيدُه» أي يوم يملكه. وهذا لعلّه مذهب له ، وإلّا فلا قائل به من الفقهاء ، إلا أن يكون للرجل مال قد حال عليه الحول واسْتَفَادَ قبل وجوب الزكاة فيه مالا ، فيضيفه إليه ويجعل حولهما واحدا ويزكّي الجميع ، وهو مذهب أبي حنيفة وغيره.

(فيص) (ه) فيه «كان يقول [عليه‌السلام (١)] في مرضه : الصلاةَ وما ملكت أيمانكم ، فجعل يتكلم وما يُفِيصُ بها لسانُه» أي ما يقدر على الإِفْصَاح بها.

وفلان ذو إِفَاصَة إذا تكلم : أي ذوبيان.

(فيض) (س) فيه «ويَفِيضُ المالُ» أي يكثر ، من قولهم : فَاضَ الماء والدّمع وغيرهما يَفِيضُ فَيْضاً إذا كثر.

ومنه «أنه قال لطلحة : أنت الفَيَّاض» سمّي به لسعة عطائه وكثرته ، وكان قسم في قومه أربعمائة ألف ، وكان جوادا.

وفي حديث الحج «فأَفَاضَ من عرفة» الإِفَاضَة : الزّحف والدّفع في السّير بكثرة ، ولا يكون إلّا

__________________

(١) من ا ، واللسان.

عن تفرّق وجمع ، وأصل الإِفَاضَة : الصّبّ ، فاستعيرت للدّفع في السّير. وأصله : أَفَاضَ نفسه أو راحلته ، فرفضوا ذكر المفعول حتى أشبه غير المتعدّي.

ومنه «طواف الإِفَاضَة يوم النّحر» يُفِيضُ من منى إلى مكة فيطوف ، ثمّ يرجع. وأَفَاضَ القوم في الحديث يُفِيضُون إذا اندفعوا فيه.

وقد تكرر ذكر «الإِفَاضَة» في الحديث فعلا وقولا.

(س) وفي حديث ابن عباس «أخرج الله ذرّية آدم من ظهره فأَفَاضَهُم إِفَاضَة القدح» هي الضّرب به وإجالته عند القمار. والقدح : السّهم ، واحد القداح التي كانوا يقامرون بها.

(س) ومنه حديث اللّقطة «ثم أَفِضْها في مالك» أي ألقها فيه واخلطها به ، من قولهم : فَاضَ الأمر ، وأَفَاضَ فيه.

[ه] وفي صفته عليه الصلاة والسلام «مُفَاضُ البطن» أي مستوى البطن مع الصّدر.

وقيل : المُفَاض : أن يكون فيه امتلاء ، من فَيْض الإناء ، ويريد به أسفل بطنه.

(ه) وفي حديث الدّجال «ثم يكون على أثر ذلك الفَيْض» قيل : الفَيْض هاهنا الموت. يقال : فَاضَتْ نفسه : أي لعابه الذي يجتمع على شفتيه عند خروج روحه. ويقال : فَاضَ الميت بالضاد والظاء ، ولا يقال : فَاضَت نفسُه بالظاء. وقال الفرّاء : قيس تقول بالضاد ، وطيّئ تقول بالظاء.

(فيظ) فيه «أنه أقطع الزّبير حضر فرسه ، فأجرى الفرس حتى فَاظَ ثم رمى بسوطه ، فقال : أعطوه حيث بلغ السّوط» فَاظَ بمعنى مات.

ومنه حديث قتل ابن أبي الحقيق «فَاظَ وإليه بني إسرائيل».

ومنه حديث عطاء «أرأيت المريض إذا حان فَوْظُه» أي موته. هكذا جاء بالواو. والمعروف بالياء.

(فيف) (س) في حديث حذيفة «يصبّ عليكم الشّرّ حتى يبلغ الفَيَافِيَ» هي البراري الواسعة ، جمع فَيْفَاء.

وفيه ذكر «فَيْف الخبار» وهو موضع قريب من المدينة ، أنزله النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم نفرا من عرينة عند لقاحه. والفَيْف : المكان المستوي ، والخبار بفتح الخاء وتخفيف الباء الموحّدة : الأرض اللّيّنة ، وبعضهم يقوله بالحاء المهملة والباء المشدّدة.

وفي غزوة زيد بن حارثة ذكر «فَيْفَاء مدان».

(فيق) (ه) في حديث أم زرع «وترويه فِيقَةُ اليعرةِ (١)» الفِيقَة بالكسر : اسم اللّبن الذي يجتمع في الضّرع بين الحلبتين. وأصل الياء واو انقلبت لكسرة ما قبلها ، وتجمع على فِيقٍ ، ثم أَفْوَاق.

(فيل) (س) في حديث عليّ يصف أبا بكر «كنت للدّين يعسوبا أوّلا حين نفر الناس عنه ، وآخرا حين فَيَّلُوا»! ويروى «فشلوا» أي حين فال رأيهم فلم يستبينوا الحق. يقال : فَالَ الرجل في رأيه ، وفَيَّلَ إذا لم يصب فيه. ورجل فَائِل الرّأي وفَالُه وفَيِّلُه.

ومنه حديثه الآخر «إن تمّموا (٢) على فَيَالَة هذا الرأي انقطع نظام المسلمين».

(فين) (ه) فيه «ما من مولود (٣) إلّا وله ذنب قد اعتاده الفَيْنَةَ بعد الفَيْنَة» أي الحين بعد الحين ، والساعة بعد الساعة. يقال : لقيته فَيْنَةً والفَيْنَةَ ، وهو مما تعاقب عليه التّعريفان العَلَميُّ واللاميُّ ، كشعوب ، والشّعوب ، وسحر والسّحر.

ومنه حديث عليّ «في فَيْنَةِ الارتياد وراحة الأجساد».

(س) وفيه «جاءت امرأة تشكو زوجها ، فقال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم : تريدين أن تتزوّجي ذا جُمّة فَيْنَانَةٍ على كل خصلة منها شيطان» الشّعر الفَيْنَان : الطّويل الحسن ، والياء زائدة. وإنما أوردناه هاهنا حملا على ظاهر لفظه.

انتهى الجزء الثالث من نهاية ابن الأثير

ويليه الجزء الرابع ، وأوله

(حرف القاف)

__________________

(١) فى اللسان : «البقرة» وسيأتى فى (يعر).

(٢) فى ا : «يمّموا». وانظر حديث معاوية فى ص ١٩٧ من الجزء الأول.

(٣) فى الهروى : «مؤمن».

فهرس الجزء الثالث من النهاية

حرف الصاد

حرف الطاء

٢٣٤

باب العين مع السين

٣

باب الصاد مع الهمزة

١١٠

باب الطاء مع الهمزة

٢٣٨

باب العين مع الشين

٣

باب الصاد مع الباء

١١٠

باب الطاء مع الباء

٢٤٣

باب العين مع الصاد

١١

باب الصاد مع التاء

١١٦

باب الطاء مع الحاء

٢٥١

باب العين مع الضاد

١١

باب الصاد مع الحاء

١١٦

باب الطاء مع الخاء

٢٥٦

باب العين مع الطاء

١٤

باب الصاد مع الخاء

١١٧

باب الطاء مع الراء

٢٥٩

باب العين مع الظاء

١٥

باب الصاد مع الدال

١٢٣

باب الطاء مع الزاي

٢٦١

باب العين مع الفاء

٢٠

باب الصاد مع الراء

١٢٤

باب الطاء مع السين

٢٦٧

باب العين مع القاف

٢٨

باب الصاد مع الطاء

١٢٤

باب الطاء مع الشين

٢٨٣

باب العين مع الكاف

٢٩

باب الصاد مع العين

١٢٥

باب الطاء مع العين

٢٨٥

باب العين مع اللام

٣٢

باب الصاد مع الغين

١٢٨

باب الطاء مع الغين

٢٩٦

باب العين مع الميم

٣٣

باب الصاد مع الفاء

١٢٨

باب الطاء مع الفاء

٣٠٦

باب العين مع النون

٤١

باب الصاد مع القاف

١٣١

باب الطاء مع اللام

٣١٥

باب العين مع الواو

٤٢

باب الصاد مع الكاف

١٣٨

باب الطاء مع الميم

٣٢٤

باب العين مع الهاء

٤٤

باب الصاد مع اللام

١٤٠

باب الطاء مع النون

٣٢٧

باب العين مع الياء

٥١

باب الصاد مع الميم

١٤١

باب الطاء مع الواو

حرف الغين

٥٥

باب الصاد مع النون

١٤٧

باب الطاء مع الهاء

٣٣٦

باب الغين مع الباء

٥٧

باب الصاد مع الواو

١٤٨

باب الطاء مع الياء

٣٤٢

باب الغين مع التاء

٦٢

باب الصاد مع الهاء

حرف الظاء

٣٤٢

باب الغين مع الثاء

٦٤

باب الصاد مع الياء

١٥٤

باب الظاء مع الهمزة

٣٤٣

باب الغين مع الدال

حرف الضاد

١٥٥

باب الظاء مع الباء

٣٤٧

باب الغين مع الذال

٦٩

باب الضاد مع الهمزة

١٥٦

باب الظاء مع الراء

٣٤٨

باب الغين مع الراء

٦٩

باب الضاد مع الباء

١٥٧

باب الظاء مع العين

٣٦٥

باب الغين مع الزاي

٧٤

باب الضاد مع الجيم

١٥٨

باب الظاء مع الفاء

٣٦٦

باب الغين مع السين

٧٥

باب الضاد مع الحاء

١٥٨

باب الظاء مع اللام

٣٦٩

باب الغين مع الشين

٧٨

باب الضاد مع الراء

١٦٢

باب الظاء مع الميم

٣٧٠

باب الغين مع الصاد

٨٧

باب الضاد مع الزاي

١٦٢

باب الظاء مع النون

٣٧٠

باب الغين مع الضاد

٨٧

باب الضاد مع الطاء

١٦٤

باب الظاء مع الهاء

٣٧٢

باب الغين مع الطاء

٨٨

باب الضاد مع العين

حرف العين

٣٧٣

باب الغين مع الفاء

٨٩

باب الضاد مع الغين

١٦٨

باب العين مع الباء

٣٧٦

باب الغين مع القاف

٩٢

باب الضاد مع الفاء

١٧٥

باب العين مع التاء

٣٧٦

باب الغين مع اللام

٩٦

باب الضاد مع اللام

١٨١

باب العين مع الثاء

٣٨٣

باب الغين مع الميم

٩٩

باب الضاد مع الميم

١٨٤

باب العين مع الجيم

٣٨٩

باب الغين مع النون

١٠٣

باب الضاد مع النون

١٨٩

باب العين مع الدال

٣٩٧

باب الغين مع الواو

١٠٥

باب الضاد مع الواو

١٩٥

باب العين مع الذال

٣٩٨

باب الغين مع الهاء

 ١٠٦

باب الضاد مع الهاء

٢٠٠

باب العين مع الراء

٣٩٩

باب الغين مع الياء

١٠٦

باب الضاد مع الياء

٢٢٧

باب العين مع الزاي

حرف الفاء

٤٢٢

باب الفاء مع الذال

٤٦٠

باب الفاء مع السين

٤٠٥

باب الفاء مع الهمزة

٤٢٢

باب الفاء مع الراء

٤٦٠

باب الفاء مع الشين

٤٠٦

باب الفاء مع التاء

٤٤٣

باب الفاء مع الزاي

٤٦١

باب الفاء مع القاف

٤١٢

باب الفاء مع الثاء

٤٤٥

باب الفاء مع السين

٤٦٥

باب الفاء مع الكاف

٤١٢

باب الفاء مع الجيم

٤٤٧

باب الفاء مع الشين

٤٦٦

باب الفاء مع اللام

٤١٥

باب الفاء مع الحاء

٤٥٠

باب الفاء مع الصاد

٤٧٤

باب الفاء مع النون

٤١٨

باب الفاء مع الخاء

٤٥٢

باب الفاء مع الضاد

٤٧٧

باب الفاء مع الواو

٤١٩

باب الفاء مع الدال

٤٥٦

باب الفاء مع الطاء

٤٨١

باب الفاء مع الهاء

٤٥٩

باب الفاء مع الظاء

٤٨٢

باب الفاء مع الياء

النّهاية - ٣

المؤلف: مجد الدين أبي السعادات المبارك بن محمد الجزري [ ابن الأثير ]
الصفحات: 488
  • حرف الصاد
  • باب الغين مع الفاء
  • باب العين مع الدال
  • باب الضاد مع النون
  • باب الغين مع النون
  • باب العين مع الجيم
  • باب الضاد مع الميم
  • باب الغين مع الميم
  • باب العين مع الثاء
  • باب الضاد مع اللام
  • باب الغين مع اللام
  • باب العين مع التاء
  • باب الضاد مع الفاء
  • باب الغين مع القاف
  • باب العين مع الباء
  • باب الضاد مع الغين
  • حرف العين
  • باب الضاد مع الواو
  • باب الضاد مع العين
  • باب الغين مع الطاء
  • باب الظاء مع الهاء
  • باب الضاد مع الطاء
  • باب الغين مع الضاد
  • باب الظاء مع النون
  • باب الضاد مع الزاي
  • باب الغين مع الصاد
  • باب الظاء مع الميم
  • باب الضاد مع الراء
  • باب الغين مع الشين
  • باب الظاء مع اللام
  • باب الضاد مع الحاء
  • باب الغين مع السين
  • باب الغين مع الواو
  • باب العين مع الذال
  • باب الضاد مع الجيم
  • باب الفاء مع السين
  • باب الفاء مع الظاء
  • باب الفاء مع الهاء
  • باب الفاء مع الطاء
  • باب الفاء مع الدال
  • باب الفاء مع الواو
  • باب الفاء مع الضاد
  • باب الفاء مع الخاء
  • باب الفاء مع النون
  • باب الفاء مع الصاد
  • باب الفاء مع الحاء
  • باب الفاء مع اللام
  • باب الفاء مع الشين
  • باب الفاء مع الجيم
  • باب الفاء مع الكاف
  • باب الفاء مع الثاء
  • باب الغين مع الهاء
  • باب الفاء مع القاف
  • باب الفاء مع الزاي
  • باب الفاء مع التاء
  • باب الفاء مع الشين
  • باب الفاء مع الراء
  • باب الفاء مع الهمزة
  • باب الفاء مع السين
  • باب الفاء مع الذال
  • حرف الفاء
  • باب العين مع الزاي
  • باب الضاد مع الياء
  • باب الغين مع الياء
  • باب العين مع الراء
  • باب الضاد مع الهاء
  • باب الظاء مع الفاء
  • باب الغين مع الزاي
  • حرف الطاء
  • باب العين مع الظاء
  • باب الطاء مع الغين
  • باب الصاد مع الغين
  • باب العين مع اللام
  • باب الطاء مع العين
  • باب الصاد مع العين
  • باب العين مع الكاف
  • باب الطاء مع الشين
  • باب الصاد مع الطاء
  • باب العين مع القاف
  • باب الطاء مع السين
  • باب الصاد مع الراء
  • باب العين مع الفاء
  • باب الطاء مع الزاي
  • باب الصاد مع الدال
  • باب الطاء مع الراء
  • باب الصاد مع الفاء
  • باب الصاد مع الخاء
  • باب العين مع الطاء
  • باب الطاء مع الخاء
  • باب الصاد مع الحاء
  • باب العين مع الضاد
  • باب الطاء مع الحاء
  • باب الصاد مع التاء
  • باب العين مع الصاد
  • باب الطاء مع الباء
  • باب الصاد مع الباء
  • باب العين مع الشين
  • باب الطاء مع الهمزة
  • باب الصاد مع الهمزة
  • باب العين مع السين
  • باب العين مع الميم
  • باب الطاء مع الفاء
  • باب الظاء مع العين
  • باب الطاء مع الياء
  • باب الضاد مع الباء
  • باب الغين مع الراء
  • باب الظاء مع الراء
  • باب الضاد مع الهمزة
  • باب الغين مع الذال
  • باب الظاء مع الباء
  • حرف الضاد
  • باب الغين مع الدال
  • باب الظاء مع الهمزة
  • باب الصاد مع الياء
  • باب الغين مع الثاء
  • حرف الظاء
  • باب الصاد مع الهاء
  • باب الغين مع التاء
  • باب الصاد مع الواو
  • باب العين مع النون
  • باب الصاد مع اللام
  • باب الصاد مع القاف
  • باب الطاء مع اللام
  • باب العين مع الواو
  • باب الصاد مع الكاف
  • باب الطاء مع الميم
  • باب العين مع الهاء
  • باب الطاء مع النون
  • باب الغين مع الباء
  • باب العين مع الياء
  • باب الصاد مع الميم
  • باب الطاء مع الواو
  • حرف الغين
  • باب الصاد مع النون
  • باب الطاء مع الهاء
  • باب الفاء مع الياء