

فهرس المحتويات
مقدمة المحققة......................................................... ٤٧
ـ ٧٩
مقدمة
المؤلف......................................................... ٨٠
ـ ٨٧
الباب الأول ٨٩ ـ ١٢١
في التحاميد المقتبسة من القرآن وما يتصل
بها من الثناء على الله
فصل : في نكت التحاميد ٩١
أحسن
ما قرأه المؤلف في التحاميد............................................. ٩١
قول
لبعض السلف......................................................... ٩١
ما
كتبه المعتمد إلى الموفق بعد قتل المهتدي...................................... ٩١
تحميد
لعبد العزيز بن عمر................................................... ٩٢
من فصل لابن المعتز ٩٢
قول
أعرابي وقد نظر إلى غمار الناس في الحج................................... ٩٣
قول
عمر بن عبد العزيز عند وفاة عبد الملك.................................... ٩٣
تحميد
لابن عبد كان........................................................ ٩٤
تحميد
لإبراهيم بن العباس.................................................... ٩٤
تحميد
لأحمد بن يوسف..................................................... ٩٤
تحميد
لأبي علي البصير...................................................... ٩٥
تحميد
لأبي القاسم الإسكافي................................................. ٩٦
فصل : في دلالة التحميد على ما يكتب من
أجله ٩٦
عادة
ابن عبد كان في ذلك.................................................. ٩٦
كتاب
لسعيد بن حميد في بغلة ولدت......................................... ٩٧
نص
من كتاب الأوراق للصولي في بغلة ولدت فلوة.............................. ٩٧
فصل : في عجائب الخلق ٩٨
قول
الجاحظ عن بعض المفسرين.............................................. ٩٨
نص
من كتاب الشعراء لدعبل................................................ ٩٩
قول
بشار بن برد أحسن ما في الأرض والإنسان............................... ١٠٠
تلهف
بشار لرؤية الإنسان والسماء وقوله في ذلك............................. ١٠٠
نص
من كتاب الفرج بعد الشدة............................................ ١٠٠
قول
للجاحظ............................................................. ١٠١
شعر
لأبي نواس الحمداني................................................... ١٠٢
من
كتاب أخبار أبي نواس للمرزباني.......................................... ١٠٣
تعليق
النظام على أبيات لأبي نواس.......................................... ١٠٣
فصل : في لمع من صفاته عزّ ذكره ١٠٣
قول
عامر بن عبد القيس لعثمان وقد سأله عن ربه............................ ١٠٣
قول
لبعض العلماء........................................................ ١٠٤
طلب
بعض الخوارج من الحجاج أن يؤجل ضرب عنقه.......................... ١٠٤
بين
أبي حازم الأعرج وسليمان بن عبد الملك.................................. ١٠٥
رأي
يزيد بن موسى في تسمية المؤمن......................................... ١٠٥
ما
رآه وكيع بن الجراح في منامه.............................................. ١٠٥
فصل : في سعة مغفرته ورحمته ١٠٦
قوله
أعرابي وقد سمع ابن عباس يقرأ آية....................................... ١٠٦
قول
النبي صلىاللهعليهوسلم
:
لو لم يذنب العباد.......................................... ١٠٦
قول
ابن عباس في مغفرة الله تعالى............................................ ١٠٦
قول
المطرف بن عبد الله.................................................... ١٠٦
قول
لقتادة في توبة العباد................................................... ١٠٧
قول
النبي صلىاللهعليهوسلم
:
إن الله يعطي كل مؤمن..................................... ١٠٧
يأس
الزهري لذنب اقترفه................................................... ١٠٧
رأي
ابن عباس في أرجى آية................................................ ١٠٨
رأي
غيره في أرجى آية..................................................... ١٠٨
فصل : في ذكر نعمته عزوجل ١٠٨
قول
لبعض السلف........................................................ ١٠٨
نص
من كتاب المبهج...................................................... ١٠٩
قول
نوبخت المنجم للمنصور لما عزم على بناء بغداد............................ ١٠٩
فصل : في ذكره سبحانه وتعالى ١٠٩
قول
النبي صلىاللهعليهوسلم
:
أرفع الناس درجة........................................... ١٠٩
قول
لسعيد بن جبير....................................................... ١١٠
فصل : في تقديره جلّ جلاله ١١٠
قول
عمر بن الخطاب لما طعنه أبو لؤلؤة...................................... ١١٠
قول
شبيب الخارجي عند غرقه.............................................. ١١٠
شعر
لبعضهم............................................................. ١١١
بين
ابن الجماز وقتيبة بن مسلم............................................. ١١١
فصل : في الشفاء من عند الله ١١٢
قول
سفيان بن عيينة عند مرضه............................................. ١١٢
قول
لإبراهيم بن أدهم..................................................... ١١٢
نص
من كتاب المبهج...................................................... ١١٢
فصل : في اقتران وعده بالوعيد ١١٢
قول
أبي بكر في آيات الرحمة والعذاب........................................ ١١٢
قول
بعض النساك......................................................... ١١٣
بين
الربيع بن خثيم ابنته.................................................... ١١٣
قول
لعلي بن أبي طالب عليهالسلام.............................................. ١١٣
فصل : في فقر من ذكر قدرته وجوده وغناه
وسائر صفاته ١١٣
بين
معاوية وسعيد بن العاص............................................... ١١٣
شعر
لأبي الفتح البستي.................................................... ١١٤
قول
لأبي حازم............................................................ ١١٤
قول
لبعض الحكماء....................................................... ١١٤
سجود
المهتدي لما بلغه خبر هزيمة مشاور الشاري.............................. ١١٥
فصل : في ذكر تسخيره تعالى الناس بعضهم
بعضا ١١٥
شعر
لأبي الفتح البستي.................................................... ١١٦
فصل : في طرف من حكمته ١١٦
شعر
لبعضهم............................................................. ١١٦
شعر
لأبي دلامة.......................................................... ١١٦
شعر
لابن الرومي......................................................... ١١٧
فصل : في ذكر صبغة الله ١١٧
شعر
لبعض الظرفاء........................................................ ١١٧
نص
من كتاب المبهج...................................................... ١١٧
فصل
: يليق بهذا المكان من الكتاب المبهج يشتمل على فصول مقتبسة من القرآن. ١١٧
الباب الثاني ١٢١ ـ ١٤٢
في ذكر النبي وأجزاء من بعض محاسنه
وخصائصه
فصل : في ذكر كرامته على الله عز ذكره
واختصاصه به ١٢٣
قول
لابن عباس........................................................... ١٢٣
قول
لبعض السلف........................................................ ١٢٣
قول
لعمر بن عبد العزيز................................................... ١٢٣
قول
محمد بن علي بن الحسين في أدب الرسول صلىاللهعليهوسلم........................... ١٢٤
قوله
في أرجى آية في القرآن الكريم........................................... ١٢٤
فصل : في الصلاة عليه صلىاللهعليهوسلم ١٢٥
أول
من قال إن الله تعالى أمركم بأمر بدأ فيه بنفسه هو الهادي.................. ١٢٥
شعر
لبعضهم............................................................. ١٢٥
ما
كتبه بعض البلغاء....................................................... ١٢٦
من
رسالة لابن عباد....................................................... ١٢٦
من
كتاب المبهج.......................................................... ١٢٧
فصل : في ذكر أخلاقه صلىاللهعليهوسلم ١٢٧
فصل : في نبذ من محاسنه وخصائصه عليهالسلام ١٣٠
فصل : في مثل ذلك ١٣٢
قصة
وفد بعض الأعراب ومناداتهم الرسول صلىاللهعليهوسلم من وراء الحجرات................ ١٣٢
فصل : في بعض النكت ١٣٣
رأي
أبي جعفر بن محمد الموسوي في عادة الناس في نثر النثارات أمام الملوك........ ١٣٣
فصل : في مثل ذلك ١٣٣
فصل : في اضطرار أعدائه إلى الإقرار بفضله
عليهالسلام ١٣٤
فصل : في ذكر الحكمة في كونه عليهالسلام بشرا ١٣٥
قول
الجاحظ في ذلك...................................................... ١٣٥
فصل : في ذكر الحكمة في كونه أميا لا يكتب
ولا يحتسب ولا يقول الشعر ١٣٥
رأي
لبعض المتكلمين...................................................... ١٣٦
رأي
لبعض المتكلمين في صرف الرسول صلىاللهعليهوسلم عن الخطابة والشعر................. ١٣٦
رأي
الجاحظ في ذلك...................................................... ١٣٦
فصل : في بعض ما جاء عنه صلىاللهعليهوسلم من الكلام المقتبس من القرآن ١٣٨
قول
الرسول صلىاللهعليهوسلم : علامة المنافق ثلاث...................................... ١٣٨
قوله
صلىاللهعليهوسلم : يقول الله تعالى : أعددت لعبادي
الصالحين........................ ١٣٨
قوله
صلىاللهعليهوسلم : من كثّر سواد قوم............................................... ١٣٩
فصل : في بعض ما جاء عنه من الكلام
المقتبس من القرآن الكريم ١٣٩
قوله
صلىاللهعليهوسلم : من باع دارا أو عقار........................................... ا
١٣٩
قوله
صلىاللهعليهوسلم : هل ينظرون إلا هدما........................................... ١٤٠
قوله
صلىاللهعليهوسلم : بعثني الله إلى الناس كافة......................................... ١٤٠
قوله
صلىاللهعليهوسلم : إذا أقيمت الصلاة وحضر العشاء................................. ١٤٠
قوله
صلىاللهعليهوسلم : اطلبوا الرزق من الله على أيدي الرحماء............................. ١٤٠
قوله
صلىاللهعليهوسلم : إن الدنيا حلوة خضرة........................................... ١٤٠
قوله
صلىاللهعليهوسلم : ألا إن التوبة مقبولة............................................. ١٤١
قوله
صلىاللهعليهوسلم : يتعرض الإنسان بنفسه.......................................... ١٤١
قوله
صلىاللهعليهوسلم : كل مولود يولد على الفطرة...................................... ١٤١
قوله
صلىاللهعليهوسلم : احفظ الله يحفظك.............................................. ١٤١
قوله
صلىاللهعليهوسلم : إذا رأى عليا رضي الله........................................... ١٤٢
من
دعائه صلىاللهعليهوسلم............................................................ ١٤٢
الباب الثالث
في ذكر العترة الزكية رضي الله عنهم ونبذ
من فضائلهم وقطعة من فقر أخبارهم وغرر
١٤٣ ـ ١٦٣
ألفاظهم
فصل : في ذكر طرفهم وشرفهم ومجدهم ١٤٥
قول
الرسول صلىاللهعليهوسلم : أهل بيتي كسفينة نوح.................................... ١٤٥
رأي
ابن عباس في قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ
آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ).......... ١٤٥
قوله
صلىاللهعليهوسلم وقد رأى الحسن والحسين يعثران في
أثوابهما........................... ١٤٥
قول
محمد بن الحنفية وهو واقف على قبر الحسين بن علي رضي الله عنه.......... ١٤٦
قول
الربيع بن خثيم وقد سئل عن مقتل الحسين............................... ١٤٦
قصة
عثمان بن حيان المري مع الحسن والحسين عليهماالسلام......................... ١٤٦
ما
كتبه بعض البلغاء....................................................... ١٤٧
فصل : في فقر من أخبارهم ١٤٧
خطبة
زينب بنت علي رضي الله عنهما....................................... ١٤٧
شعر
لزينب بنت عقيل.................................................... ١٤٩
قول
لأبي الأسود.......................................................... ١٥٠
قول
سكينة بنت الحسين لأهل العراق بعد مقتل زوجها مصعب بن الزبير......... ١٥٠
فصل : في بعض ما قيل من الأشعار ١٥٠
شعر
للسيد الحميري....................................................... ١٥١
شعر
لمحمد بن منذر بن جارود.............................................. ١٥١
شعر
لعلي بن محمد الحمامي................................................ ١٥١
شعر
لأبي هاشم الجعفري................................................... ١٥٢
شعر
لبعضهم............................................................. ١٥٣
فصل : في كلام لعلي والحسن وولده رضي الله
عنهم ١٥٤
قول
لعلي بن أبي طالب.................................................... ١٥٤
جواب
الحسن بن علي وقد قيل له فيك عظمة................................ ١٥٤
قوله
وقد توجه إلى دار معاوية............................................... ١٥٤
وصية
عبد الله بن الحسن لصديق له......................................... ١٥٥
قول
عبد الله بن الحسن وقد بعث إليه برأس ابنه قتيلا.......................... ١٥٥
فصل : في كلام الحسين وولده رضي الله عنهم
١٥٥
جواب
علي بن أبي طالب وقد سئل عن الناس والنسناس وأشباه الناس............ ١٥٥
بين
الحسين وابن عباس في بني أمية.......................................... ١٥٥
كتاب
الحسين إلى عمرو بن سعيد بن العاص................................. ١٥٦
قول
الحسين وقد توجه من المدينة إلى مكة.................................... ١٥٦
كتاب
يزيد إلى الحسين وجواب الأخير إليه................................... ١٥٧
قول
علي بن الحسين وقد سئل عن سبيه..................................... ١٥٨
قول
علي بن الحسين وقد أكثر من البكاء.................................... ١٥٨
قصته
مع جارية عثرت فصبت المرق على رأسه................................ ١٥٨
سؤال
المنصور جعفر بن محمد عن محمد وإبراهيم ابني الحسن.................... ١٥٩
ما
دار بين المأمون وعلي بن موسى الرضا وقد وجبت الصلاة.................... ١٥٩
فصل : في أن الله أذهب عنهم الرجس وطهّرهم
تطهيرا ١٦٠
من
خطبة للسفاح......................................................... ١٦٠
كتاب
ابن أبي البغل في تطهير أولاد المقتدر................................... ١٦٠
الباب الرابع
في ذكر الصحابة وما خصهم الله بهم من
الفضل والشرف وأقاويل بعضهم في بعض
١٦٣ ـ ٢٠٩
فصل : في ذكرهم عامة ١٦٥
في
ذكر بيعة الرضوان...................................................... ١٦٦
فصل : في ذكر أبي بكر الصديق ١٦٧
شعر
لأبي تمام............................................................ ١٦٧
استشارة
النبي صلىاللهعليهوسلم لعمر وأبي بكر في أسرى قريش............................. ١٦٧
فصل : في حسن آثاره في الإسلام ١٦٨
خطبة
أبي بكر بعد وفاة الرسول صلىاللهعليهوسلم........................................ ١٦٨
فصل : في مثل ذلك وذكر شيء من كلامه أيام
الردة ١٧٠
قول
عمر لأبي بكر لو تجافيت عن زكاة أموال العرب وجواب أبي بكر في ذلك..... ١٧٠
خطبة
أبي بكر في غزوة الروم................................................ ١٧١
وصية
أبي بكر للجيش الذي بعثه إلى الشام.................................. ١٧٢
خطبة
له أخرى........................................................... ١٧٢
فصل : في مكاتباته ١٧٣
كتابه
إلى خالد بن الوليد ومن معه من المهاجرين.............................. ١٧٣
كتابه
إلى المثنى بن حارثة................................................... ١٧٤
كتابه
إلى أهل اليمن...................................................... ١٧٥
فصل : في ذكر استخلافه عمر رضي الله عنه
١٧٥
قول
عبد الله بن مسعود في أفرس الناس...................................... ١٧٥
كتاب
أبي بكر في استخلافه عمر........................................... ١٧٥
فصل : في ذكر عمر وقطعة من مآثره ١٧٦
خطبة
عمر في الاستسقاء.................................................. ١٧٦
خطبة
له أخرى........................................................... ١٧٦
قوله
وقد قيل له أن يستعمل كاتبا نصرانيا.................................... ١٧٧
وصف
علي بن أبي طالب لعمر وقد رآه في دار الصدقة........................ ١٧٨
كتاب
أبي عبيدة إلى عمر من الشام وجواب عمر بن الخطاب................... ١٧٨
كتاب
عمار بن ياسر يذكر فيه شوكة الروم................................... ١٨٠
جواب
عمر في ذلك....................................................... ١٨٠
فصل : في قتله وثناء المسلمين عليه ١٨٠
قوله
حين طعنه أبو لؤلؤة................................................... ١٨٠
قوله
وقد رأى أصحاب الرسول صلىاللهعليهوسلم......................................... ١٨١
قول
علي بن أبي طالب بعد دفن عمر بن الخطاب............................. ١٨١
فصل : في ذكر محاسن عثمان ١٨٢
قول
لبعض السلف........................................................ ١٨٢
بين
أبي هريرة وبعضهم في شأن عثمان....................................... ١٨٢
قول
الحسن في قاتل عثمان................................................. ١٨٣
فصل : في غرر من كلامه في الخطب وغيرها
١٨٣
خطبته
يوم ارتج عليه...................................................... ١٨٣
خطبة
له أخرى........................................................... ١٨٣
ما
دار بين صعصعة بن صوحان وعثمان...................................... ١٨٤
فصل : في كلام لعلي في عثمان وكلام فيهما
١٨٤
شكوى
عثمان من أبي ذر أمام علي ابن أبي طالب ورد الأخير عليه.............. ١٨٤
قول
علي بن أبي طالب لعثمان............................................. ١٨٤
سؤال
الحجاج الحسن البصري عن عثمان..................................... ١٨٤
ما
دار بين أبي مسلم والزهري عن علي وعثمان............................... ١٨٥
فصل : في نكت من أخبار محاصرة عثمان ١٨٥
كتاب
عثمان إلى الناس لما حضر............................................ ١٨٥
ما
دار بين زيد بن ثابت والمصريين عند محاصرة عثمان.......................... ١٨٧
قول
عثمان وقد بلغه كلام عن عائشة........................................ ١٨٨
فصل : في كلام علي رضي الله عنه المقتبس
من القرآن ١٨٩
فقر
من كلماته............................................................ ١٨٩
من
خطبة له.............................................................. ١٩٠
فصل : في نكت من أخباره ١٩٠
قوله
حين أشير عليه بإبقاء معاوية على الشام................................. ١٩٠
قوله
لطلحة والزبير حين استأذناه للخروج للعمرة............................... ١٩١
كتاب
أم سلمة إلى علي................................................... ١٩١
قول
زيد بن صوحان إلى أهل الكوفة حين امتنع بعضهم عن الاستنفار لعلي....... ١٩٢
كتاب
علي إلى طلحة والزبير............................................... ١٩٢
قول
رجل لعائشة يوم الجمل................................................ ١٩٢
قول
طلحة وقد أصيب بسهم يوم الجمل..................................... ١٩٣
ما
قالته عائشة حين سقط جملها............................................ ١٩٣
خطبة
علي بعد انقضاء حرب الجمل......................................... ١٩٣
خطبته
المعروفة بالشقشقية.................................................. ١٩٣
فصل : في نكت من أخباره أيام صفين ١٩٤
قول
مسلمة بن زفر لجاسوس لمعاوية ورد الكوفة................................ ١٩٤
قول
جرير بن عبد الله لمعاوية وقد ذهب ليحمله على البيعة لعلي................ ١٩٤
دعاء
الإمام علي حين أراد التوجه إلى الشام................................... ١٩٥
كتاب
معاوية إلى علي..................................................... ١٩٥
جواب
علي في ذلك....................................................... ١٩٦
خطبة
لعلي لما عزم على الحرب.............................................. ١٩٦
خطبة
أخرى له........................................................... ١٩٧
من
دعاء ليلة الهرير........................................................ ١٩٨
قوله
وقد نظر إلى بعض أصحابه يتألمون من الجراح............................. ١٩٨
قوله
حين رفع أهل الشام المصاحف......................................... ١٩٨
قول
أبي موسى الأشعري لعمرو بن العاص.................................... ١٩٩
فصل : في نبذ من خبره مع الخوارج ٢٠٠
جواب
علي لعفيف بن قيس لما توجه نحو ضرب الخوارج........................ ٢٠٠
فصل : في ذكر مقتله ووصيته ٢٠٠
خطبته
بعد عودته من قتال الخوارج.......................................... ٢٠١
قوله
عندما طعنه ابن ملجم................................................. ٢٠١
وصيته
لولده.............................................................. ٢٠١
فصل : في بعض ما قاله الشعراء في فضله ٢٠٢
شعر
لعلي بن محمد بن نصر................................................ ٢٠٢
شعر
لبعضهم............................................................. ٢٠٢
فصل : في تسليم الحسن الأمر إلى معاوية
٢٠٣
فصل
: في لمع من أقوال الصحابة وأخبارهم................................... ٢٠٤
بين
عمر وسحبان......................................................... ٢٠٤
قول
أبي عبيدة إذا ذكر الكفرة.............................................. ٢٠٤
قول
عثمان للزبير لما حصر................................................. ٢٠٤
قول
سعد بن أبي وقاص لأبي محجن......................................... ٢٠٤
بين
ابن عمر ومصعب بن الزبير............................................. ٢٠٥
إلحاح
الوليد بن عتبة على عبد الله بن الزبير في أمر البيعة ليزيد.................. ٢٠٥
تعريض
معاوية لابن عباس بطول لحيته....................................... ٢٠٦
بين
معاوية ورجل بايعه وهو مكره............................................ ٢٠٦
قول
أبي الأسود الدؤلي في آل النبي صلىاللهعليهوسلم...................................... ٢٠٦
رأي
الحسن البصري في معاوية.............................................. ٢٠٦
أقوال
لابن عباس.......................................................... ٢٠٦
قول
عروة بن الزبير عند قدومه من الشام..................................... ٢٠٦
رؤيا
لابن عباس........................................................... ٢٠٦
الباب الخامس
في ذكر الأنبياء عليهمالسلام ، وغيرهم ممن نطق القرآن بأخبارهم ، وما اقتبس الناس من فنون
أخبارهم ٢٠٩ ـ ٢٦١
فصل
: في الاقتباس من قصة آدم........................................... ٢١١
دعاء
عبد أعتقه عمر بن عبد العزيز......................................... ٢١١
قدومه
على عمر لما ولي الخلافة............................................. ٢١١
شعر
لمحمود الوراق......................................................... ٢١٢
قول
أبي أمامة في آدم...................................................... ٢١٢
شعر
لأبي تمام............................................................ ٢١٢
شعر
لأبي الفتح البستي.................................................... ٢١٢
بين
المأمون ويحيى بن أكثم.................................................. ٢١٣
قول
لبعض السلف........................................................ ٢١٣
بين
قاض وثور بن يزيد في مسجد من مساجد مصر........................... ٢١٤
شعر
في رافع بن الليث بن نصر بن يسار..................................... ٢١٤
قول
لبعض العلماء في القياس............................................... ٢١٤
قول
مسمع بن عاصم في شعر لأبي نواس..................................... ٢١٤
بين
أبي حنيفة وشيطان الطاق.............................................. ٢١٥
شعر
لأبي الجماز وقد بلغه أن الفضل بن إسحاق نعاه.......................... ٢١٥
بين
أبي علي الحسن بن محمد البغدادي والشاعر ابن مطران الشاشي............. ٢١٧
فصل : في ذكر قصة نوح عليهالسلام ٢١٨
قول
النبي صلىاللهعليهوسلم أهل بيتي كسفينة نوح........................................ ٢١٧
دعاء
لنوح............................................................... ٢١٧
دعاء
آخر لنوح........................................................... ٢١٧
كتب
أحمد بن يوسف إلى المأمون يخبره بخلع الأمين وقتله....................... ٢١٧
نص
من كتاب التاجي للصابي.............................................. ٢١٨
شعر
لأبي الحسين المرادي في الأمير نوح الأكبر................................ ٢٢٠
شعر
لأبي بكر هبة الله بن الحسن العلاف.................................... ٢٢١
شعر
لأبي الفتح البستي.................................................... ٢٢١
فصل : في الاقتباس من قصة إبراهيم عليهالسلام ٢٢٢
دخول
أبي العيناء على صاعد بن مخلد....................................... ٢٢٢
فصل : من الاقتباس من قصة يعقوب ويوسف عليهماالسلام ٢٣٠
فصل
: من الاقتباس من موسى عليهالسلام........................................ ٢٤٠
أبدع
ما قيل في عصا موسى................................................ ٢٤٥
شعر
لابن الرومي......................................................... ٢٤٥
شعر
أبي السمط في فالج أحمد بن أبي داود................................... ٢٤٦
قول
أبي العيناء في مالك بن طوق........................................... ٢٤٧
قول
أبي العيناء في ابن المدبر................................................ ٢٤٨
قول
لبعض الظرفاء وقد سئل ما ذا يصنع؟.................................... ٢٤٨
فصل : في قصة داود عليهالسلام ٢٤٨
قول
زياد بن أبيه وقد قال له أعرابي قد أوتيت الحكمة.......................... ٢٤٨
جواب
أبي قرة الهاشمي وقد سئل عن رجلين تخاصما............................ ٢٤٨
شعر
البحتري في غلامه نسيم وقد باعه...................................... ٢٤٩
فصل : في قصة سليمان عليهالسلام ٢٥٠
قول
لبعض الظرفاء........................................................ ٢٥٠
شعر
لأبي الشيص في جارية يقال لها هدهد................................... ٢٥٠
بين
عبد الله بن طاهر وعبيد الله بن السري................................... ٢٥٠
شعر
لعبد الله بن السري................................................... ٢٥١
قول
للحسن البصري...................................................... ٢٥١
كتاب
ملك الروم إلى الوليد بن عبد الملك وقد أمر بهدم كنيسة النصارى......... ٢٥١
شعر
لجحظة البرمكي...................................................... ٢٥٢
فصل : في قصة يونس عليهالسلام ٢٥٢
تشاؤم
مزبد من يوم الأربعاء................................................. ٢٥٢
شعر
يوسف بن أبي الساج في حبس المقتدر................................... ٢٥٣
فصل : في شأن عيسى عليهالسلام ٢٥٤
من
قصيدة أبي علي البصير في المستعين...................................... ٢٥٤
كتاب
قيصر إلى عمر بن الخطاب........................................... ٢٥٥
جواب
عمر في ذلك....................................................... ٢٥٥
شعر
لابن خالويه وأبي بكر الخوارزمي........................................ ٢٥٥
شعر
لأبي أحمد الحسين بن المتكافي.......................................... ٢٥٦
فصل : في قصص لهم عليهمالسلام ٢٥٧
قول
لبعض السلف........................................................ ٢٥٧
قول
جعفر بن محمد الصادق للمنصور لما همّ بهدم المدينة....................... ٢٥٧
بين
المتوكل وأبي العيناء..................................................... ٢٥٧
شعر
لبعض العرب........................................................ ٢٥٨
فصل : في قصص القرآن ٢٥٨
قول
لابن السماك......................................................... ٢٥٨
قول
الفرزدق لما أمر عمر بن عبد العزيز بنفيه لفسقه........................... ٢٥٩
شعر
لجرير يشمت بالفرزدق................................................ ٢٥٩
قول
للربيع بن خثيم وهو في مرضه........................................... ٢٥٩
الباب السادس
في فضل العلم والعلماء ومحاسن ابتداعاتهم
ولطائف من استنباطاتهم
٢٦١ ـ ٢٨١
فصل
: في فضائل العلم والعلماء............................................ ٢٦٣
شعر
لعبد الملك بن عبد الرحيم الحارثي....................................... ٢٦٤
فصل : في نكت من ذكر العلم ٢٦٤
قول
لابن عباس في ذلك................................................... ٢٦٤
قول
للجاحظ............................................................. ٢٦٥
قول
لبعضهم............................................................. ٢٦٥
فصل : في أمثال تدخل في ذكر العلم ٢٦٥
قول
للأوائل.............................................................. ٢٦٥
شعر
لبعضهم............................................................. ٢٦٥
فصل : في فقر تناسب ذلك ٢٦٦
قول
لسفيان الثوري........................................................ ٢٦٦
حديث
المبرد عن نفسه وقد تكلم بين يدي جعفر بن القاسم الموسوي............ ٢٦٦
قول
سليمان بن الحسن الواسطي وقد استدعاه المنصور لتأديب ولده............. ٢٦٧
فصل : في التعليم ٢٦٧
رسالة
لأبي زيد البلخي..................................................... ٢٦٧
فصل : في ذم علم الأنساب ٢٦٨
قول
لبعض العلماء........................................................ ٢٦٨
قول
النبي صلىاللهعليهوسلم : كذب النسابون............................................ ٢٦٨
فصل : في النهي عن كتمان العلم ٢٦٩
فصل
: في ذكر الفقه والفقهاء.............................................. ٢٦٩
قول
أبي زيد البلخي في ذلك................................................ ٢٦٩
فصل : في ذكر الكلام والمتكلمين ٢٧٠
قول
لأبي زيد البلخي...................................................... ٢٧٠
فصل : في لمع وفقر من استنباطاتهم وفقر
ودرر من انتزاعاتهم ٢٧٢
قول
لعلي بن أبي طالب كرم الله وجهه مقتبس من القرآن....................... ٢٧٢
شعر
لمساور الوراق في العسل وماء السماء.................................... ٢٧٢
محمد
بن كعب القرظي أقدر الناس على مقابلة كلام النبي صلىاللهعليهوسلم بالقرآن الكريم..... ٢٧٢
مقابلة
سفيان بن عيينة حديثا للرسول صلىاللهعليهوسلم بآية من القرآن الكريم................ ٢٧٣
قول
سفيان بن عيينة عن طيب الأكل....................................... ٢٧٣
قول
الناس الأشراف في الأطراف............................................ ٢٧٣
قولهم
الجار ثم الدار........................................................ ٢٧٤
جواب
ابن سيرين وقد سئل عن خبث الحديد................................. ٢٧٤
قول
لابن عباس........................................................... ٢٧٤
بين
الرشيد وزبيدة......................................................... ٢٧٤
مناظرة
بعض الفقهاء ليحيى بن آدم.......................................... ٢٧٥
بين
عالم ورئيس دعاه باسمه ولم يكنّه......................................... ٢٧٦
قول
بعض المحسنين في طاعة الله............................................. ٢٧٦
نص
من كتاب الوزراء للجهشياري........................................... ٢٧٦
فصل : في فضل العقل ٢٧٨
آيات
في ذلك............................................................ ٢٧٨
قول
سعيد بن المسيب في آية من القرآن...................................... ٢٧٨
قول
مجاهد في آية من الذكر الحكيم......................................... ٢٧٨
قول
الضحاك في آية....................................................... ٢٧٨
قول
الحسن البصري في فضل العقل.......................................... ٢٧٩
الباب السابع
في ذكر الأدب والعقل والموعظة الحسنة ٢٨١
ـ ٢٩٣
فصل : في ذكر الأدب
قول
لعلي بن أبي طالب في الأدب.......................................... ٢٨٣
قول
الشعبي في الفرق بين العالم والأديب..................................... ٢٨٣
قول
ابن عباس وقد سئل عما يكتب......................................... ٢٨٣
قول
المنذر بن جارود لابنه.................................................. ٢٨٣
فصل : في الحكمة والموعظة الحسنة ٢٨٤
قول
مجاهد في قوله تعالى (وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ
اللهِ ...)............................ ٢٨٤
قول
الحسن البصري في آية (وَكُلَّ إِنسانٍ
أَلْزَمْناهُ ...)........................ ٢٨٤
قول
الحسن البصري لبعض الأمراء وقد تعدى الحدود.......................... ٢٨٥
موعظة
أبي حازم الأعرج لبعض ملوك بني مروان............................... ٢٨٥
نصيحة
الأوزاعي للمنصور وبكاء الأخير منها................................. ٢٨٥
بين
عمرو بن عبيد والمنصور حين دخل عليه بعد الخلافة....................... ٢٨٦
موعظة
يحيى بن خالد لابن السماك.......................................... ٢٨٧
موعظة
منصور بن عمار لبعض الملوك........................................ ٢٨٧
موعظة
بعض الزهاد لبعض الخلفاء........................................... ٢٨٧
أقوال
لبعضهم في الإحسان................................................. ٢٨٧
نصيحة
محمد بن علي بن الحسين........................................... ٢٨٨
ما
كتبه يحيى بن خالد إلى الرشيد وهو في الحبس............................... ٢٨٨
شعر
لسابق البربري........................................................ ٢٨٨
شعر
لصالح بن عبد القدوس................................................ ٢٨٩
قول
لحكيم............................................................... ٢٨٩
موعظة
للحسن البصري.................................................... ٢٨٩
قول
لبعض الصالحين...................................................... ٢٨٩
شعر
لبعضهم............................................................. ٢٩٠
موعظة
لابن عباس........................................................ ٢٩٠
كتاب
عمر بن عبد العزيز لبعض عماله...................................... ٢٩٠
ما
يقوله عمر بن عبد العزيز عندما يجلس للناس............................... ٢٩١
نص
من كتاب المتعلمين لأبي بكر الترمذي................................... ٢٩١
الباب الثامن
في ذكر محاسن من الخصال ٢٩٣ ـ ٣٣١
فصل : في فضائل العلم والعلماء ٢٦٣
خطبة
للرسول صلىاللهعليهوسلم وقد بلغه أن عيينة بن حصن قد نال بعض
الصحابة بالقول.... ٢٦٩
قول
للفضيل بن عياض.................................................... ٣٩٧
قول
لابن المعتز........................................................... ٣٩٧
قول
أبي سليمان الداراني إذا رأى الثلج....................................... ٢٩٧
فصل : في الصبر ٢٩٧
آيات
في ذلك............................................................ ٢٩٧
قول
الحسن البصري في آية قرآنية............................................ ٢٩٨
قول
لعمر بن عبد العزيز................................................... ٢٩٨
قول
لغيره................................................................ ٢٩٨
قول
ابن عباس وقد نعي إليه بعض أولاده.................................... ٢٩٩
قول
للضحاك............................................................ ٢٩٩
فصل : في الشكر ٢٩٩
آيات
في ذلك............................................................ ٣٠٠
قول
الرسول صلىاللهعليهوسلم وقد أطال الدعاء والوقوف.................................. ٣٠٠
شعر
لمحمود الوراق......................................................... ٣٠٠
فصل : لأبي علي البصير ٣٠١
من
كتاب ابن عباد إلى فخر الدولة.......................................... ٣٠١
كتاب
آخر له............................................................ ٣٠١
فصل : في العفو ٣٠٢
قول
الرسول صلىاللهعليهوسلم : إذا كان يوم القيامة....................................... ٣٠٣
قول
أحمد بن حنبل لأصحابه عندما امتحن................................... ٣٠٣
قول
لعلي بن أبي طالب.................................................... ٣٠٣
قول
رجل بحضرة الحسن وقد سبه رجل آخر.................................. ٣٠٤
قول
أبي أيوب المورياني للمنصور بعد نكبته.................................... ٣٠٤
اعتذار
إبراهيم بن المهدي للمأمون........................................... ٣٠٥
نص
من كتاب التاجي لأبي إسحاق الصابي.................................. ٣٠٥
شعر
لبعضهم............................................................. ٣٠٥
فصل : في صلة الرحم ٣٠٦
قول
لمجاهد............................................................... ٣٠٦
من
كتاب المنصور إلى عبد الله بن علي....................................... ٣٠٧
فصل : لأبي القاسم الإسكافي ٣٠٧
فصل : في بر الوالدين ٣٠٩
رأي
ابن عباس في تفسير آية................................................ ٣٠٩
فصل : لابن عباد ٣٠٩
فصل : في الإنفاق والجود ٣١٠
بين
المأمون ومحمد بن عباد المهلبي........................................... ٣١١
بين
الفرات بن زيد وعمر بن الخطاب في العطاء............................... ٣١١
كتابة
طلحة بن فياض آية على باب داره..................................... ٣١٢
شراء
صفوان بن محرز بدنة بعشرة دنانير وقوله في ذلك......................... ٣١٢
شعر
لكشاجم............................................................ ٣١٣
تمني
الحجاج أن يدرك ثلاثة ، ليتقرب بدمائهم إلى الله.......................... ٣١٣
فصل : في الاقتصاد ٣١٤
سؤال
عبد الملك بن مروان جلساءه عن أشعر الناس............................ ٣١٥
بين
عبد الملك بن مروان وعمر بن عبد العزيز................................. ٣١٥
فصل : في ذكر المروءة ٣١٦
جواب
محمد بن حرب الهلالي وقد سئل عن المروءة............................. ٣١٦
قول
لابن عباس........................................................... ٣١٦
قول
لبعضهم وقد سئل عن سبب حسن كسوته وظهور رياسته.................. ٣١٧
قول
أبي بكر في ارتباط الدواب.............................................. ٣١٧
قول
لابن عباس........................................................... ٣١٧
قول
جعفر بن محمد في الاستكثار من العبيد.................................. ٣١٧
فصل : في حسن القول للناس ٣١٨
فصل : في المداراة ٣١٨
قول
لبعض الحكماء....................................................... ٣١٨
أبو
سليمان الخطابي إذا أنشد بيت شعر قرأ آية............................... ٣١٩
فصل : في الصدق ٣١٩
قول
للفضيل بن عياض.................................................... ٣١٩
فصل : في الحلم ٣٢٠
قول
للحسن في أجل صفات النبي إبراهيم وهي الحلم........................... ٣٢٠
قول
لغيره................................................................ ٣٢٠
فصل : في الاعتبار ٣٢١
قول
لبعض الصالحين في رؤية نعم الله في كل شيء............................. ٣٢١
ما
يقوله الفضل بن عيسى الرقاشي في قصصه................................ ٣٢١
دخول
صالح المري على أبي أيوب المورياني بعد نكبته........................... ٣٢١
قول
أبي عبيد الله بن سليمان حين بلغه شعر أبي علي بن نصر بن بسام.......... ٣٢٢
شعر
لبعضهم............................................................. ٣٢٢
فصل : في المشورة ٣٢٣
قول
للحسن في مشورة النبي صلىاللهعليهوسلم لأصحابه................................... ٣٢٣
قول
الجاحظ في الشورى.................................................... ٣٣٤
شعر
لبشار............................................................... ٣٢٤
فصل : في أدب الحرب ٣٢٥
قول
المهلب بن أبي صفرة : محرض خير من ألف مقاتل......................... ٣٢٥
قول
لبعض أصحاب الجيوش................................................ ٣٢٦
استئذان
بعض أصحاب أبي مسلم أباه في الانصراف وهو في حرب.............. ٣٢٦
ما
جرى بين المأمون والعباس بن الحسن بن عبيد الله وقد خرجا للقبض على ابن عائشة ٣٢٧
تعظيم
سيف الدولة لملك الروم ورأيه في ذلك................................. ٣٢٧
فصل : في أنواع من المكارم والمحاسن ٣٢٨
قول
النبي صلىاللهعليهوسلم : من أغاث مكروبا.......................................... ٣٢٨
قول
بعض الولاة لرجل من رعيته............................................ ٣٢٨
قول
لقتادة............................................................... ٣٢٩
من
أقوال الأحنف بن قيس................................................. ٣٢٩
شعر
لأبي تمام............................................................ ٣٢٩
الباب التاسع
في ذكر معائب الأخلاق من الخلال ومقابح
الأعمال وذم العامة والسقّاط وعورات الرجال ٣٣١ ـ ٣٥٣
فصل : في ذم الهوى ٣٣٣
قول
ابن عباس : الهوى إله معبود............................................ ٣٣٣
شعر
لابن طباطبا......................................................... ٣٣٣
وصية
بعض الزهاد........................................................ ٣٣٤
فصل : في كفر النعمة ٣٣٤
قول
لبعض الحكماء....................................................... ٣٣٤
قول
الحسن في آية......................................................... ٣٣٤
شعر
لبعضهم............................................................. ٣٣٥
قول
سليمان بن جعفر وقد بلغه قول إبراهيم بن المهدي في عفو المأمون عنه....... ٣٣٥
شعر
لأبي تمام............................................................ ٣٣٥
شعر
للبحتري............................................................ ٣٣٥
فصل : في البخل ٣٣٦
قول
للشعبي.............................................................. ٣٣٦
قول
لابن مسعود......................................................... ٣٣٦
قول
بعض السلف........................................................ ٣٣٦
فصل : في الظلم ٣٣٧
قول
لبعض الحكماء....................................................... ٣٣٧
شعر
للمتنبي.............................................................. ٣٣٨
قول
أبي عيينة وقد سمع قائلا يقول : الظلم مرتعه وخيم......................... ٣٣٨
قول
لعبد الله بن مسعود................................................... ٣٣٨
مجلس
فيه ابن عباس وكعب الأحبار.......................................... ٣٣٨
شعر
لأبي تمام............................................................ ٣٣٩
خطبة
عبد الله بن الزبير لما بلغه أن عبد الملك بن مروان قتل الأشدق............. ٣٣٩
من
شعر القاضي أبي بكر.................................................. ٣٣٩
فصل : في الكذب ٣٤٠
قول
للحسن.............................................................. ٣٤٠
قول
لبعض الحكماء....................................................... ٣٤٠
فصل : في الحسد ٣٤٠
قول
الأصمعي إذا أنشد بيت شعر.......................................... ٣٤٠
قول
للحسن في الحسد..................................................... ٣٤١
فصل : في ذم ذي الوجهين ٣٤٢
قول
الأحنف لبعض أصحابه............................................... ٣٤٢
قول
النبي : مثل المنافق مثل الشاة........................................... ٣٤٢
دخول
أبي العيناء على عبيد الله بن سليمان وعنده نجاح بن سلمة وآخرون........ ٣٤٣
فصل : في الكبر ٣٤٤
قول
النبي صلىاللهعليهوسلم : من كان في قلبه............................................ ٣٤٤
قول
لبعض الحكماء....................................................... ٣٤٤
فصل : في ذم الغيبة ٣٤٥
قول
الحسن : الغيبة إدام الكلاب........................................... ٣٤٥
قول
إبراهيم بن آدم وقد اغتابت جماعة في داره................................ ٣٤٥
قول
بعضهم الغيبة فاكهة المرائي............................................. ٣٤٥
فصل : في الظن ٣٤٥
قول
عبد الملك بن صالح للرشيد وكان قد تغير عليه............................ ٣٤٥
فصل : في أنواع من الخلال المذمومة ٣٤٦
قول
لبعضهم............................................................. ٣٤٦
قول
بعض الحكماء........................................................ ٣٤٧
قول
الحسن : القنوط تفريط................................................ ٣٤٧
رأي
ابن عباس في آية : (هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ)...................................... ٣٤٧
قول
النبي صلىاللهعليهوسلم : عدلت شهادة الزور........................................ ٣٤٧
فصل : في ذكر العامة والجهال ٣٤٨
شعر
لمحمود الوراق......................................................... ٣٤٨
شعر
لبعضهم............................................................. ٣٤٨
شعر
لمنصور الفقيه........................................................ ٣٤٩
قول
لبعضهم وقد نظر إلى بعض العامة يتكلمون في القدر...................... ٣٥٠
فصل : في مثل ذلك من ذم الفساق ٣٥١
قول
الحسن إذا نظر إلى جماعة من أهل المدينة................................. ٣٥١
قول
عبد الملك بن صالح في الخليفة المهدي.................................... ٣٥١
ما
كتبه أبو علي البصير إلى أبي العيناء....................................... ٣٥١
الباب العاشر
في ذكر أنواع من الأضداد والأعداد ٣٥٣
فصل
: في ذكر الغنى والفقر................................................ ٣٥٥
نص
من كتاب المبهج...................................................... ٣٥٥
قول
لبعض المفسرين....................................................... ٣٥٥
شعر
لبعضهم............................................................. ٣٥٦
قول
ابن عباس في آية : (وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً)..................................... ٣٥٦
اختيار
بعض الصالحين الفقر................................................ ٣٥٦
قول
بعض المفسرين........................................................ ٣٥٦
فصل : في فضل المال والسعي في كسبه وذكر
التجارة واعتماد الصنعة ٣٥٧
شعر
لصاحب الزنج....................................................... ٣٥٧
قول
الرسول صلىاللهعليهوسلم : أطيب ما أكل الرجل من كسبه............................ ٣٥٨
قول
النبي صلىاللهعليهوسلم : التاجر الصدوق............................................ ٣٥٨
اشتغال
الرسول صلىاللهعليهوسلم في التجارة.............................................. ٣٥٨
تمني
عمر بن الخطاب الموت وهو مسافر يبتغي فضل الله........................ ٣٥٩
فصل : في ضد ذلك ٣٦٠
فصل : في التأني والعجلة ٣٦١
قول
بعض الحكماء........................................................ ٣٦١
شعر
لمروان بن أبي حفصة.................................................. ٣٦١
من
قصيدة سديف بن ميمون في السفاح..................................... ٣٦٢
شعر
لأبي تمام............................................................ ٣٦٢
شعر
للسري الموصلي...................................................... ٣٦٣
قول
أبي العيناء في العجلة.................................................. ٣٦٣
فصل : في الحب والبغض ٣٦٤
فصل : في الشباب والشيب ٣٦٤
قول
النبي صلىاللهعليهوسلم أوصيكم بالشباب خيرا....................................... ٣٦٤
شعر
لعدي بن زيد........................................................ ٣٦٦
فصل : في ذكر القلة والكثرة ٣٦٦
قول
بعض العلماء في ذلك................................................. ٣٦٦
فصل : في الأعداد ٣٦٧
قول
أبي بكر : ثلاث من كن فيه............................................ ٣٦٧
قول
لغيره................................................................ ٣٦٧
قول
جعفر بن محمد : عجبت لأربعة........................................ ٣٦٨
قول
جعفر بن محمد : أربعة لا تستجاب دعواتهم.............................. ٣٦٨
قول
سفيان : أربع لا حساب عليهن......................................... ٣٦٩
قول
بعض العلماء : الأرزاق ثلاثة........................................... ٣٦٩
الباب الحادي عشر
في ذكر النساء والأولاد والإخوان ٣٧١ ـ ٣٨٧
فصل : في النكاح وذكر النساء ٣٧٥
قول
الرسول صلىاللهعليهوسلم.......................................................... ٣٧٥
قول
بعض الحكماء........................................................ ٣٧٥
قول
الأصمعي............................................................ ٣٧٥
خطبة
محمد بن الوليد أخت عمر بن عبد العزيز............................... ٣٧٦
حضور
المأمون إملاكا وخطبته............................................... ٣٧٦
حضور
ابن عباد إملاكا وخطبته............................................. ٣٧٦
قول
بعض السلف........................................................ ٣٧٧
فصل : في كيد النساء ٣٧٧
فصل : في خبر المرأة التي لا تتكلم إلا
بألفاظ القرآن ٣٧٨
فصل : في نوادر النساء والجواري ٣٨١
قول
الجاحظ.............................................................. ٣٨١
ما
دار في مجلس نساء من الأشراف.......................................... ٣٨١
زفاف
بوران بنت الحسن بن سهل للمأمون................................... ٣٨٣
طلب
أمير من بعض جواريه الإتيان بآية من القرآن............................ ٣٨٤
شراء
رجل جاريتين لحسن جوابهما واقتباسهما من القرآن........................ ٣٨٤
فصل : في الأولاد ٣٨٥
بين
أبي العيناء وأبيه....................................................... ٣٨٥
قول
عمر بن عبد العزيز في ابنه عبد الملك.................................... ٣٨٥
قول
بعضهم في ذم الأولاد.................................................. ٣٨٥
قول
ابن عباس في نزول قوله تعالى : (يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ
إِناثاً).................. ٣٨٦
قول
علي في قوله تعالى : (فَما لَنا مِنْ
شافِعِينَ).............................. ٣٨٦
الباب الثاني عشر ٣٨٧ ـ ٣٩٥
في ذكر الطعام والشراب ٣٨٩
خبر
أبي العيناء وقد قدمت له فالوذجة....................................... ٣٨٩
شعبة
والتمر.............................................................. ٣٨٩
أبو
شراعة في التين........................................................ ٣٨٩
عائشة
رضي الله عنها تأكل حبة عنب....................................... ٣٩٠
قول
بعض الحكماء........................................................ ٣٩٠
قول
مجاهد ، وقتادة ، وأبي قلابة ، وابن أحمد النديم............................ ٣٩٠
فصل : في الماء ٣٩١
آيات.................................................................... ٣٩١
شعر
محمد بن حازم....................................................... ٣٩٢
قول
بعض المفسرين في ماء البحر............................................ ٣٩٢
بعث
ملك الروم إلى معاوية بقارورة وابن عباس يملؤها ماء........................ ٣٩٢
فصل : في العسل ٣٩٣
حديث
وآية.............................................................. ٣٩٣
الباب الثالث عشر
في ذكر البيان والخطابة وثمرات الفصاحة
٣٩٥ ـ ٤١٣
فصل : في فضل البيان واللسان ٣٩٧
آيات
في البيان............................................................ ٣٩٧
موسى
وفرعون............................................................ ٣٩٩
داود
وفصل الخطاب....................................................... ٤٠٠
فصل : في نخب من الخطب ٤٠١
الهيثم
بن عدي........................................................... ٤٠١
خطبة
للرسول صلىاللهعليهوسلم........................................................ ٤٠١
خطبة
لأبي بكر رضي الله عنه............................................... ٤٠١
خطبة
لعمر رضي الله عنه في الجيش الذي أنفذه لبلاد الروم..................... ٤٠٢
خطبة
لعثمان عندما نقم عليه الناس......................................... ٤٠٢
خطبة
لعلي رضي الله عنه.................................................. ٤٠٣
خطبة
لعمر بن عبد العزيز.................................................. ٤٠٣
خطبة
لعبد الملك بن مروان................................................. ٣٠٤
خطبة
لسليمان بن عبد الملك............................................... ٤٠٤
خطبة
للسفاح بالكوفة..................................................... ٤٠٤
خطبة
للمنصور وجوابه على المعترض......................................... ٤٠٥
خطبة
لعبد الله بن علي لما قتل مروان بن محمد................................ ٤٠٥
خطبة
لداود بن علي...................................................... ٤٠٦
خطبة
لصالح بن علي لما أرجف الناس....................................... ٤٠٦
خطبة
لابن المعتز بالتوبة.................................................... ٤٠٧
فصل : في المعارضات والمناقضات ٤٠٨
لما
احتضر أبو بكر رضي الله تمثلت عائشة ببيت حاتم فذكّرها بالقرآن............ ٤٠٨
لما
مر علي رضي الله عنه بإيوان كسرى تمثل رجل بقول الأسود بن يعفر فذكّره بالقرآن ٤٠٨
تمثل
متظلم حين حكم له المهتدي بالله بقول الأعشى فذكّره الخليفة بالقرآن....... ٤٠٩
فصل : في المحاضرات ٤١٠
علي
مع قوم يلعبون الشطرنج............................................... ٤١٠
فصل : في مقامات السؤال ٤١١
وقوف
أعرابي على مضرب عبد الملك بن مروان وطلبه الصدقة................... ٤١١
دخول
المنصور الفقيه على بعض الرؤساء وسؤاله............................... ٤١١
فصل : في مقامات الأسرى ٤١١
هشام
بن عبد الملك ورجل تكلم بين يديه مجادلا عن نفسه..................... ٤١١
فصل : فيمن تكلم لحاجته وهو في الصلاة ٤١٢
ارتج
على الهادي في الصلاة وهابوه ثم فتحوا عليه.............................. ٤١٢
الباب الرابع عشر
في الجوابات المسكتة ٤١٣ ـ ٤٣٣
فصل : فيما صدر منها عن الصدر الأول
والسلف الأفضل ٤١٥
بين
يهودي وعلي رضي الله عنه............................................. ٤١٥
بين
سعد بن أبي وقاص ومعاوية............................................. ٤١٥
تذكير
معاوية سعدا بقوله تعالى : (وَإِنْ طائِفَتانِ
مِنَ الْمُؤْمِنِينَ)................ ٤١٥
جواب
صعصعة عند إقباله واتجاهه من الفج العميق إلى البيت العتيق............. ٤١٦
قول
معاوية لرجل من اليمن................................................. ٤١٦
ما
قاله ابن عباس في المختار بن أبي عبيد..................................... ٤١٦
بين
وهب بن منبه وابن الزبير............................................... ٤١٧
وصية
عمر عند احتضاره................................................... ٤١٧
منع
مالك بن المنذر الحسن من الوعظ بجامع الكوفة........................... ٤١٨
الشعبي
وعدم حيائه من : لا أدري.......................................... ٤١٨
الوليد
بن عبد الملك وابن عبد العزيز في إقصاء الخلافة لرجل من أهل اليمن....... ٤١٩
حوار
بين سليمان بن عبد الملك وأبي حازم.................................... ٤١٩
نعي
رجل إلى صلة بن أشيم أخاه............................................ ٤٢٠
بين
هشام بن عبد الملك وإبراهيم بن أبي عبلة................................. ٤٢٠
قرشي
يتصدى لتغلبي وذكر البطحاوات...................................... ٤٢١
فصل : بين المنصور وأبي مسلم الخراساني
يوم قتله ٤٢٢
أمر
المنصور شبيب بن شيبة بالخروج إلى خراسان.............................. ٤٢٢
بين
ابن عون وعمرو عن قيام الساعة........................................ ٤٢٣
خالد
بن صفوان يفحمه رجل من بني عبد الدار............................... ٤٢٣
عمرو
بن سعيد بن سالم في حراسة المأمون.................................... ٤٢٤
نفقة
الحج................................................................ ٤٢٥
ثلاثة
لا يحل فيهن المسألة.................................................. ٤٢٥
تظلم
أصحاب الصدقات من أحمد بن يوسف للمأمون......................... ٤٢٥
جواب
المعتصم على كتاب ملك الروم........................................ ٤٢٦
جواب
أحمد بن أبي داود على محمد بن الزيات بعد اغتيابه...................... ٤٢٦
استعداء
أبي العيناء على خصومه عند أبي دؤاد................................ ٤٢٦
فصل : في جوابات أبي العيناء ٤٢٨
في
معنى أبي العيناء........................................................ ٤٢٨
في
ابن رستم وابن مكرم.................................................... ٤٢٨
في
إبراهيم بن ميمون...................................................... ٤٢٩
في
أحمد بن الضحاك...................................................... ٤٢٩
في
نجاح بن سلمة......................................................... ٤٢٩
مع
أبي نوح في مضاحكته نصرانيا........................................... ٤٣٠
في
جوابه العباس بن رستم.................................................. ٤٣٠
فصل : في جوابات الكتاب والأدباء والظرفاء
٤٣٠
جواب
كاتب أرادوا مصادرة أمواله........................................... ٤٣١
كتب
محبوس إلى كاتب حابسه............................................. ٤٣١
طفيلي
في صحبة قوم من الشعراء............................................ ٤٣٢
الباب الخامس عشر
في ملح النوادر ٤٣٣ ـ ٤٤١
فصل : في نوادر القراء ٤٣٥
قول
الحسن في عدم احتمال الثقلاء.......................................... ٤٣٥
قول
بعض الظرفاء في أعمى وعمياء......................................... ٤٣٥
حبس
رجل في مجلس صاحب ديوان......................................... ٤٣٥
فتى
في يمينه خاتم.......................................................... ٤٣٥
في
ديوان الاستيفاء........................................................ ٤٣٦
فصل : في نوادر الأعراب ٤٣٦
أعرابي
يعتق جارية لاقتحام العقبة............................................ ٤٣٦
أعتق
الرشيد ألف عبد لسماعه الخبر........................................ ٤٣٦
تصويب
أعرابي قراءة آية لتناقض أولها مع آخرها............................... ٤٣٧
تعليل
أعرابي أكله في شهر رمضان........................................... ٤٣٧
منزل
أعرابي............................................................... ٤٣٧
فصل : في نوادر عقلاء المجانين ٤٣٨
بهلول
ينصح مجنونا........................................................ ٤٣٨
عدم
صلاته في جماعة لعدم تمكنه في الأرض.................................. ٤٣٨
مجنون
ينجو من الصبيان................................................... ٤٣٩
حبس
مجنون ادّعى النبوة في البصرة.......................................... ٤٣٩
الباب السادس عشر
الاقتباس المكروه ٤٤١ ـ ٤٤٥
فصل : في الخروج عن حدّ الاقتباس ٤٤٣
قول
أبي تمام مستفرغا قصة يوسف.......................................... ٤٤٣
ما
قاله عضد الدولة في أخيه أخذا من سورة الانشراح.......................... ٤٤٣
فصل : في ذكر الخلق مما استأثر الله به في
الصفات ٤٤٤
الباب السابع عشر
في الرؤيا وعجائبها والتعبيرات وبدائعها
٤٤٥ ـ ٤٦٣
فصل
: في حكايات الرؤيا والتعبير........................................... ٤٤٧
قول
ابن عباس في تأويل الأحاديث.......................................... ٤٤٧
قول
ابن المسيب وابن سيرين في البشرى أنها الرؤيا............................. ٤٤٧
إجماع
المعبرين على اختلاف الرؤيا باختلاف الرائي............................. ٤٤٨
الغل
للبر ولغيره........................................................... ٤٤٨
رؤيا
سلمان لأبي بكر بعد مؤاخاتهما......................................... ٤٤٨
تفسير
ابن سيرين لأذان رجلين بمعنيين مختلفين................................ ٤٤٨
رؤيا
الحميدي لأبي حنيفة والشافعي عند النبي صلىاللهعليهوسلم............................. ٤٤٩
رؤيا
المهدي لشريك يكلمه من قفاه وعنده سعيد بن سلم....................... ٤٤٩
رؤيا
المهدي عليا بعد حبسه موسى بن جعفر.................................. ٤٥٠
رؤيا
رجل أنه يسرق بيضا يضعها تحت الخشب................................ ٤٥١
رؤيا
الرشيد ملك الموت وسؤاله عن باقي عمره وإشارته إلى الخمس............... ٤٥١
رؤيا
المتوكل عليا وسط نار موقدة وتأويلها..................................... ٤٥٢
رؤيا
المتوكل كأن دابة تكلمه وتأويلها......................................... ٤٥٢
فصل : في تعبيرات في القرآن مثبتة ٤٥٣
النخلة
، الحبوب ، الثمار ، الغلام ، الأمرد ، الريح ، إسحاق ، الغرفة ، النوم ٤٥٣ ـ ٤٦١
السفينة
، البقر الأصفر ، الماء ، اللحم ، الحجارة ، الملك ، الحبل ، اللباس ، الحطب
قطع
العصا ، ضرب إنسان ، الزنا بالمرأة ، الفطر في رمضان ، قيام الساعة ، الصلاة لغير
القبلة ، النور ، الظلمة ، بنيان الطرق ، اللسان ، المفتاح ، أبواب مفتحة السلم ،
السكر ، سقوط الأسنان ، النعجة ، الجمال ، الطيور ، الضرب على العود ، دخول مكة ،
الضحك
شرب
اللبن ، المطر ، النار ، الكبائر ، تقليب الكف ، الجنون ، الجلوس على السرير ،
التسبيح والتهليل ، النكاح
استضافة
القوم ، اللؤلؤ والياقوت ، شرب الخمر ، مناداة الإنسان ، الفرار من القوم
الباب الثامن عشر
في ذكر الخط والكتاب والحساب ... إلخ ٤٦٣
ـ ٥٦٧
فصل : في فضل الكتاب والكتّاب ٤٦٥
آيات
من القرآن.......................................................... ٤٦٦
القسم
بالقلم............................................................. ٤٦٧
أمية
الرسول صلىاللهعليهوسلم وعلتها للنبي في فضل التعليم................................ ٤٦٧
شعر
لأبي الفتح البستي.................................................... ٤٦٨
فصل : في مثل ذلك ٤٦٨
تفسير
ابن عباس (أثارة من علم)............................................ ٤٦٨
فصل : في ضد ذلك ٤٧٠
قول
لمجان الحكماء......................................................... ٤٧٠
وصف
الجاحظ لعامة الكتاب............................................... ٤٧١
فصل : في فضل الحساب ٤٧١
آيات
من القرآن في فضله.................................................. ٤٧٢
قول
الجاحظ في فضل الحساب.............................................. ٤٧٣
كتاب
لأبي إسحاق الصابي................................................ ٤٧٣
فصول
كتب العهد........................................................ ٤٧٣
فصل : فيما يقع في العهود من ذكر تقوى
الله وأدب الولاية ٤٧٦
لعبد
العزيز بن يوسف..................................................... ٤٧٦
رسائل
للصابي............................................................ ٤٧٦
للصاحب
بن عباد........................................................ ٤٨١
فصل : في اتباع سنة الرسول صلىاللهعليهوسلم ٤٨١
لعبد
العزيز بن يوسف..................................................... ٤٨١
للصاحب
بن عباد........................................................ ٤٨٢
فصل : في المحافظة على الصلاة ٤٨٢
لعبد
العزيز بن يوسف..................................................... ٤٨٣
لأبي
إسحاق الصابي....................................................... ٤٨٣
فصل : في السعي إلى صلاة الجمعة ٤٨٤
لأبي
إسحاق الصابي....................................................... ٤٨٤
فصل : في عرض أهل السجون وإقامة الحدود
٤٨٦
لأبي
إسحاق الصابي....................................................... ٤٨٧
فصل : في ضبط الأطراف وأمان السبل ٤٨٨
لأبي
إسحاق الصابي....................................................... ٤٨٨
فصل : في رد الأباق إلى أربابها ٤٩٠
لأبي
إسحاق الصابي....................................................... ٤٩٠
فصل : في تعطيل الحانات والمواخير ٤٩١
لأبي
إسحاق الصابي....................................................... ٤٩١
فصل : في تقوية أيدي الحكام والعمال ٤٩٢
لأبي
إسحاق الصابي....................................................... ٤٩٢
فصل : في اختيار العمال ٤٩٤
لأبي
إسحاق الصابي....................................................... ٤٩٤
فصل : في تعيير الموازين والمكاييل ٤٧٩
لأبي
إسحاق الصابي....................................................... ٤٩٧
فصل : في التركات ٤٩٨
لأبي
إسحاق الصابي....................................................... ٤٩٨
فصل : في إزالة الرسوم الجائرة ٤٩٨
لأبي
إسحاق الصابي....................................................... ٤٩٨
فصل : فيما يختص بالقضاء من العهود ٤٩٩
فصل : في آدابهم ٤٩٩
لأبي
إسحاق الصابي....................................................... ٤٩٩
فصل : في ذكر الشهود وإثبات أهل الديانة
٥٠٢
لأبي
إسحاق الصابي....................................................... ٥٠٣
فصل : في إقامة الحدود ٥٠٣
لعبد
العزيز بن يوسف..................................................... ٥٠٣
فصل : في الاحتياط على أموال اليتامى ٥٠٤
للصاحب
بن عباد........................................................ ٥٠٤
فصل : في ذكر الأوقاف والصدقات ٥٠٥
للصاحب
بن عباد........................................................ ٥٠٥
فصل : في استخلاف أهل العلم ٥٠٥
للصاحب
بن عباد........................................................ ٥٠٥
فصل : في تزويج الأيامى ٥٠٦
للصاحب
بن عباد........................................................ ٥٠٦
فصل : في زمر مختلفة من ألفاظ العهود ٥٠٦
لنوح
بن منصور........................................................... ٥٠٦
فصل : في افتتاحات كتب الفتوح وما يتصل
بها ٥٠٧
للإسكافي................................................................ ٥٠٧
رسائل
لأبي بكر الخوارزمي.................................................. ٥١٢
فصل : فيما يقع من الفتوح في ذكر الأعداء
.. إلخ ٥١٣
رسائل
للإسكافي.......................................................... ٥١٣
رسائل
لابن عباد.......................................................... ٥٢٠
فصل : في معان شتى ٥٢٣
للصابي.................................................................. ٥٢٣
للإسكافي
في ذكر رعية.................................................... ٥٢٣
لابن
عباد في العفو عن مستأمن............................................. ٥٢٤
لابن
عباد في ذكر الرعية................................................... ٥٢٥
لابن
عباد في شكر النعمة.................................................. ٥٢٥
فصل : في الحث على الطاعة وتآلف الخارجين
عنها ٥٢٦
رسائل
للصابي............................................................ ٥٢٦
فصل : في ذكر الصلح وما فيه من الصلاح ٥٢٩
للصاحب
بن عباد........................................................ ٥٢٩
للإسكافي
في الصلح بين الملك نوح والصغاني................................. ٥٣٠
فصل : في الأحماد والتقريظ ٥٣١
للإسكافي
عن الملك نوح................................................... ٥٣١
لابن
عباد................................................................ ٣٥٢
لعبد
العزيز بن يوسف عن الطائع إلى ركن الدولة.............................. ٣٥٢
فصل : في الشكر وإعظام قدر النعمة ٥٣٢
لابن
عباد................................................................ ٥٣٢
لعبد
العزيز بن يوسف..................................................... ٥٣٣
فصل : في التقريع والتوبيخ ٥٣٣
لعبد
الحميد الكاتب....................................................... ٥٣٣
للإسكافي................................................................ ٥٣٤
لأبي
بكر الخوارزمي........................................................ ٥٣٤
فصل : في ذكر شهر رمضان ٥٣٥
إبراهيم
بن العباس......................................................... ٥٣٥
للإسكافي................................................................ ٥٣٥
فصل : في أنواع شتى من الكتب السلطانية
٥٣٧
إبراهيم
بن العباس في الحج والحجيج.......................................... ٥٣٧
للإسكافي
في الحث على الجهاد............................................. ٥٣٧
لابن
عباد................................................................ ٥٣٨
لعبد
العزيز بن يوسف..................................................... ٥٤٠
سعيد
بن حميد في الاستسقاء............................................... ٥٣٩
لابن
ثوابة في هدم دار..................................................... ٥٤٠
لطاهر
بن الحسن.......................................................... ٥٤١
فصل : في التهاني ٥٤١
فصول : في الكتب الإخوانية ٥٤١
لأبي
العيناء............................................................... ٥٤١
كتاب
إلى ذمي أسلم...................................................... ٥٤٣
كتب
بعضهم في التهنئة بالعزل............................................. ٥٤٤
تهنئة
بمولودة.............................................................. ٥٤٥
فصل : في التعازي ٥٤٥
آيات
قرآنية.............................................................. ٥٤٦
قول
لابن مسعود......................................................... ٥٤٦
تعزية
أعرابي معاوية........................................................ ٥٤٦
تعزية
رجل الهادي في ابن له................................................. ٥٤٦
تعزية
ابن مكرم رجلا في أخيه............................................... ٥٤٧
تعزية
محمد بن عبد الملك................................................... ٥٤٧
للإسكافي................................................................ ٥٤٨
لأبي
إسحاق الصابي....................................................... ٥٤٨
للإسكافي................................................................ ٥٤٨
لابن
عباد................................................................ ٥٥٠
للخوارزمي................................................................ ٥٥١
فصل : في المدح والتقريظ ٥٥١
لابن
أبي البغل............................................................ ٥٥١
لابن
عباد................................................................ ٥٥١
للخوارزمي................................................................ ٥٥١
لأبي
فضل الهمذاني........................................................ ٥٥٣
فصل : في الملاطفات وما يجري مجراها ٥٥٤
لأحمد
بن سعيد........................................................... ٥٥٤
للخوارزمي................................................................ ٥٥٥
فصل : في العتاب ٥٥٧
لمحمد
بن يحيى............................................................. ٥٥٧
لابن
عباد................................................................ ٥٥٧
فصل : كتاب أبي الفرج الببغا إلى بعض
أضداده ٥٥٩
فصل : في فنون مختلفة من الرسائل
الإخوانية ٥٦٠
لابن
العميد.............................................................. ٥٦٠
ليحيى
بن خالد إلى الرشيد................................................. ٥٦٤
توقيع
الرشيد............................................................. ٥٦٤
ثلاث
توقيعات لجعفر بن يحيى.............................................. ٥٦٤
كتابة
جعفر بن قاسم الكرخي إلى الوزير عبد الله بن محمد وتوقيع عليها الوزير..... ٥٦٥
توقيع
المقتدر لما اضطرب العسكر............................................ ٥٦٥
الباب التاسع عشر
في الأمثال والألفاظ ٥٦٩ ـ ٥٧٥
فصل : في فضل الأمثال ٥٦٩
قول
حكيم وابن المقفع وغيره................................................ ٥٦٩
آيات من القرآن اقتبس منها أبو تمام
الطائي في سينيته ٥٧١
فصل : بعض ما يروى عن النبي صلىاللهعليهوسلم ٥٧١
سؤاله
صلىاللهعليهوسلم فارعة عن أخيها أمية بن أبي الصلت............................... ٥٧١
الغازي
في سبيل الله كأم موسى.............................................. ٥٧٢
فصل : في مثل ذلك ٥٧٢
طلب
الرشيد من ابن رباح تركيب فص في خاتم................................ ٥٧٣
وقوع
الذباب على أنف المنصور وهو يخطب.................................. ٥٧٣
سؤال
ابن عبيد عن خلقه................................................... ٥٧٣
فصل : في أن الأمر إذا دبره غير واحد فسد
٥٧٣
قول
لبعض الحكماء....................................................... ٥٧٣
قول
للعرب............................................................... ٥٧٣
ما
قيل للمنصور في أبي مسلم............................................... ٥٧٤
مثل
إذا لم يكن إبل....................................................... ٥٧٤
الباب العشرون
في ذكر الشعر والشعراء وأنواع اقتباسهم من
ألفاظ القرآن ٥٧٥ ـ ٦٢١
فصل : في ذكر الشعر ٥٧٧
لأبي
زيد البلخي.......................................................... ٥٧٧
فصل : في ذكر الشعراء ٥٧٩
فصل : في اختيار لهم يتعلق بالاقتباس ٥٨٠
بيتا
الفرزدق عند سليمان بن عبد الملك...................................... ٥٨٠
قول
بعضهم في المعنى نفسه................................................. ٥٨٠
بيتا
مروان بن أبي حفصة واستحسان الرشيد لهما.............................. ٥٨١
اقتباس
أبي نواس وهو يساير الضحاك من آية سمعها من رجل.................... ٥٨٢
أخذ
أبي نواس المعنى من شاعر آخر.......................................... ٥٨٢
فصل : في تداول الشعراء معنى أصله من
القرآن ٥٨٣
للحميري................................................................ ٥٨٣
لمنصور
النميري........................................................... ٥٨٣
للبحتري
وأبي تمام والمتنبي................................................... ٥٨٣
لكشاجم
والمتنبي.......................................................... ٥٨٤
للمتوكل
الليثي والأخطل وابن الرومي وابن أبي شراعة........................... ٥٨٥
فصل : في اقتباساتهم الخفية اللطيفة ٥٨٧
للشداخ
الكناني ومروان.................................................... ٥٧٨
لابن
الرومي والمتنبي................................................ ٥٨٨
، ٥٨٩
فصل : في الغزل والنسيب ٥٩٠
لوضّاح
اليمن............................................................. ٥٩٠
لمحمد
بن أبي زرعة الدمشقي................................................ ٥٩٠
لعلية
بنت المهدي ، ولغيرها................................................ ٥٩١
لابن
داود الأصبهاني والبستي............................................... ٥٩٢
لابن
الرومي وابن بسام..................................................... ٥٩٣
لجحظة
البرمكي........................................................... ٥٩٤
للخباز
البلدي والسري الموصلي............................................. ٥٩٤
لابن
الحجاج............................................................. ٥٩٥
لآخر.................................................................... ٥٩٥
فصل : في المدح ٥٩٦
أبيات
لداود بن علي...................................................... ٥٩٦
لأبي
العتاهية ومنصور النميري.............................................. ٥٩٦
لأبي
الشيص وأبي تمام..................................................... ٥٩٧
للبحتري
وابن الرومي...................................................... ٥٩٨
لعلي
بن هارون وابن العميد................................................ ٥٩٨
لأبي
عبد الله بن الحجاج............................................ ٥٩٩
، ٦٠٠
لبديع
الزمان الهمداني...................................................... ٦٠١
فصل : في العتاب ٦٠١
لابن
الرومي.............................................................. ٦٠١
لأبي
الشمقمق............................................................ ٦٠٢
لأبي
عبد الله الضرير....................................................... ٦٠٢
لأعرابي.................................................................. ٦٠٣
لإسماعيل
القراطيسي....................................................... ٦٠٣
لابن
الحسن الموسوي (الشريف الرضي)...................................... ٦٠٤
فصل : في التشبيهات ٦٠٤
لابن
طباطبا وابن الرومي................................................... ٦٠٤
لكشاجم
وغيره وللثعالبي........................................... ٦٠٥
، ٦٠٦
لابن
الرومي.............................................................. ٦٠٦
فصل : في التأذي بالمطر ٦٠٧
شعر
لبعض المحسنين....................................................... ٦٠٧
فصل : في ذكر قوله تعالى : (وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ) ٦٠٨
لابن
الرومي ولبعضهم..................................................... ٦٠٨
فصل : في فنون مختلفة ٦٠٩
لأبي
الخطاب............................................................. ٦٠٩
لابن
الرومي وكشاجم وآخر................................................ ٦٠٩
للسري
الموصلي والقاضي الجرجاني................................... ٦١٠
، ٦١١
للقاسم
بن بابك.......................................................... ٦١١
للبستي................................................................... ٦١٢
لبعض
أهل العصر........................................................ ٦١٣
فصل : في ذكر التجنيس ٦١٤
آيات
قرآنية.............................................................. ٦١٤
فصل : في الطباق ٦١٥
آيات
قرآنية.............................................................. ٦١٥
لابن
بسام ولجحظة........................................................ ٦١٥
لابن
الحجاج ولأبي طالب الماموني............................................ ٦١٥
لابن
بسام وابن وهيب............................................. ٦١٦
، ٦١٧
للحجاج................................................................. ٦١٨
لآخر
في وصف جبة...................................................... ٦١٩
لأبي
العباس المصيصي..................................................... ٦١٩
لأبي
العلاء الأصفهاني..................................................... ٦٢٠
الباب الحادي والعشرون
في اقتصاص بعض ما في القرآن من الإيجاز
٦٢١ ـ ٦٣٥
فصل : في ذكر الإيجاز ٦٢٣
أمثلة
من القرآن................................................... ٦٣٢
، ٦٣٣
فصل : في ذكر التشبيه ٦٣٤
أمثلة
من القرآن........................................................... ٦٣٤
فصل : في الاستعارة ٦٢٦
أمثلة
من القرآن........................................................... ٦٢٧
فصل : في المجاز ٦٢٨
كلام
الجاحظ............................................................ ٦٢٨
للعرجي.................................................................. ٦٢٨
لخالد
القسري وآخر....................................................... ٦٢٩
لليزيدي
والكسائي عند العباس بن الحسين بن الحسين.......................... ٦٣٠
للصولي.................................................................. ٦٣٠
وللسلامي
لشاعر وللراعي النميري.......................................... ٦٣١
للجاحظ
وللفراء.......................................................... ٦٣٢
فصل : فيما يجري مجرى هذا الباب ٦٣٢
الالتفات................................................................. ٦٣٢
لشاعر
ولجرير والفرزدق.................................................... ٦٣٣
الباب الثاني والعشرون
في ظرائف التلاوات ٦٣٥ ـ ٦٤٩
فصل : في نقد التفاسير ٦٣٧
الجاحظ
عن النظام........................................................ ٦٣٧
أمثلة
غريبة في التفسير..................................................... ٦٣٨
فصل : في سياقة التلاوات ٦٣٩
أقوال
للإمام علي وابن عباس ومجاهد والضحاك وابن عيينة...................... ٦٣٩
أقوال
للسدي وأبي هريرة................................................... ٦٤٠
أقوال
للشعبي ومكحول والحسن ومجاهد والضحاك............................. ٦٤٠
أقوال
لعمر والشعبي والحسن وابن عباس...................................... ٦٤١
أقوال
للحسن وابن عباس والشعبي............................ ٦٤٢
، ٦٤٣ ، ٦٤٤
الباب الثالث والعشرون
في فنون مختلفة الترتيب ٦٤٩ ـ ٦٨٧
فصل : في الفرج بعد الشدة واليسر بعد
العسر ٦٥١
أمثلة
من القرآن........................................................... ٦٥١
لزيد
بن محمد العلوي...................................................... ٦٥٢
لآخر
وللبستي............................................................ ٦٥٣
حديث.................................................................. ٦٥٣
خبر
من كتاب التنوخي (الفرج)............................................. ٦٥٣
كتاب
معاوية إلى مروان.................................................... ٦٥٤
فصل : في التفاؤل من القرآن ٦٥٤
خبر
عن المعتضد بالله...................................................... ٦٥٥
خبر
عن المأمون........................................................... ٦٥٥
خبر
عن الأمين مع إبراهيم بن المهدي........................................ ٦٥٦
خبر
عن عمرو بن الليث................................................... ٦٥٧
فصل : في ذكر القرعة ٦٥٨
آيات
من القرآن.......................................................... ٦٥٨
فصل : في حب الوطن ٦٥٩
فصل : في اليمين ٦٦٠
المفسرون................................................................. ٦٦٠
أبو
حنيفة ، وشاعر....................................................... ٦٦١
فصل : في ذكر السلطان ٦٦٢
قول
للحجاج............................................................. ٦٦٢
من
يتيمة ابن المقفع........................................................ ٦٦٢
قول
لشاعر.............................................................. ٦٦٤
فصل : في الهدية ٦٦٥
للفضل
بن سهل.......................................................... ٦٦٥
فصل : في الرياح ٦٦٥
قول
عبد الله بن عمر...................................................... ٦٦٥
فصل : في ذكر الذهب وفضله ٦٦٦
قول
أبي زيد البلخي....................................................... ٦٦٦
فصل : في ذكر النار ٦٦٨
قول
الجاحظ في عظم شأن النار وقدرها...................................... ٦٦٨
فصل : في ذكر الفيل ٦٧٤
قول
الجاحظ فيه.......................................................... ٦٧٤
فصل : في ذكر الإبل ٦٧٥
في
فضلها آيات من القرآن.......................................... ٦٧٥
، ٦٧٦
فصل : في ذكر الخيل ٦٧٧
فصل : في ذكر سور وآي القرآن ٦٧٨
الباب الرابع والعشرون
في الدعوات المستجابة ٦٨٧ ـ ٧٠٩
فصل : في فضل الدعاء وما يتصل به ٦٨٩
آيات
قرآنية.............................................................. ٦٨٩
من
كتاب الفرج بعد الشدة................................................. ٦٩١
فصل : في أدعية المكروبين ٦٩٣
دعاء
الرسول صلىاللهعليهوسلم في الحرب................................................ ٦٩٣
دعاؤه
يوم حنين........................................................... ٦٩٣
دعاؤه
عند القحط........................................................ ٦٩٣
دعاؤه
للاستسقاء......................................................... ٦٩٤
دعاء
علي يوم الجمل...................................................... ٦٩٤
شكوى
رجل من ضيق الحال................................................ ٦٩٤
دعاء
الحسن يخلصه من بطش الحجاج........................................ ٦٩٧
فصل : في سائر الدعوات ٦٩٨
دعاء
الحاجة لعلي......................................................... ٦٩٨
دعاء
الدين للنبي صلىاللهعليهوسلم..................................................... ٦٩٨
دعاء
الخوف والصدقة..................................................... ٦٩٩
الدعاء
عند مواقعة العدو................................................... ٦٩٩
الدعاء
عند أخذ المصحف................................................. ٦٧٠
الدعاء
عند النظر إلى السماء............................................... ٦٧٠
الدعاء
عند الظلم......................................................... ٧٠٠
الدعاء
عند الذنب........................................................ ٧٠٠
الدعاء
عند التهمة........................................................ ٧٠١
الدعاء
عند افتتاح الأمر.................................................... ٧٠١
الدعاء
عند الاصطلاء وعند الدخول إلى الحمام............................... ٧٠١
الدعاء
عند دخول بلدة أو منزل............................................. ٧٠١
الدعاء
عند الركوب والنزول................................................. ٧٠١
الدعاء
عند إتيان الأهل.................................................... ٧٠١
الدعاء
عند طلب ولد ذكر................................................. ٧٠١
الدعاء
عند لبس ثوب جديد............................................... ٧٠٢
الدعاء
عند السهو والنسيان................................................ ٧٠٣
الدعاء
عند الشدة......................................................... ٧٠٣
الدعاء
عند الوسوسة...................................................... ٧٠٣
الدعاء
عند ذكر الوالدين................................................... ٧٠٣
الدعاء
عند النظر إلى المرآة................................................. ٧٠٤
الدعاء
في طرفي النهار..................................................... ٧٠٤
الدعاء
عند رؤية المبتلى.................................................... ٧٠٤
الدعاء
عند انكشاف البلاء................................................ ٧٠٤
الدعاء
عند النظر إلى الولد................................................. ٧٠٥
الدعاء
لأهل البلد......................................................... ٧٠٥
الدعاء
عند رؤية الهلال.................................................... ٧٠٥
الدعاء
عند البرق والرعد................................................... ٧٠٥
الدعاء
عند خوف العين................................................... ٧٠٥
الدعاء
عند ركوب السفينة.................................................. ٧٠٦
الدعاء
عند الرغبة في العلم والأدب.......................................... ٧٠٦
فصل : في أدعية البلغاء ٧٠٦
للخوارزمي................................................................ ٧٠٧
الباب الخامس والعشرون
في الرقى والأحراز ٧٠٩
فصل : في الرقى من الأوجاع والأمراض ٧١١
رقية
الحمى............................................................... ٧١٢
رقية
لوجع البطن والإسهال................................................. ٧١٢
رقية
لعسر الولادة ولحمى الربع.............................................. ٧١٢
رقية
للصداع والشقيقة ووجع الضرس والقوباء.................................. ٧١٤
رقية
للمصروع والمجنون..................................................... ٧١٥
فصل : في سائر الرقى ٧١٦
فصل : في الأحراز ٧١٨
فهارس
الكتاب........................................................... ٧٢٥
فهرس
الأشعار............................................................ ٧٤٩
فهرس
الأعلام والقبائل..................................................... ٧٥٦
فهرس
الأماكن............................................................ ٧٦٤
المقدمة
بسم الله الرحمن
الرحيم
الثعالبي
لا نظن القارئ
بحاجة إلى تعريف بالثعالبي ؛ فهو من الشهرة بمكان يغني محقق كتبه عن كتابة تفصيل
عن حياته في مقدمة ما ينشر.
ويكفي أن نذكر فقط
أنه أبو منصور عبد الملك بن محمد بن اسماعيل ، المولود في نيسابور سنة ٣٥٠ ه ،
والمتوفى سنة ٤٢٩ ه . وأن لقبه الثعالبي إما نسبة إلى مهنة خياطة جلود الثعالب
، أو الشغل بفرائها. وهي مهنة امتهنها بعض أهله فتلقب بها ..
ولا نعني بالتعريف
به سلسلة النسب أو سيرة حياته الشخصية ، فهاتان المعرفتان مما تفتقد إليهما سيرة
الثعالبي نفسها ، إذ لا تجد في تراجم من كتب عنه توضيحا لجوانب حياته الأولى ، وكل
ما تجده إشارات عابرة لا تختلف عما يذكر عن الأدباء والشعراء عامة. وهي لا تختلف
هما يذكر عن متوسطي الثقافة والمال ؛ الانخراط مع الصبيان في الكتاب ، أو الاشتغال بمهمة تعليم الصبيان نفسها. إلا أن كتبه
أفادتنا كثيرا من خلال ملاحظاته العابرة التي أنارت بعض الجوانب المتعلقة بنضجه
الفكري والأدبي. فقد ذكر مؤدبا له علّمه الشعر واللغة ، وأشار إلى علاقاته بأصدقائه من الأدباء أو رجال الدولة
من الأمراء والوزراء.
__________________
لقد كان للشخصيات
السياسية والثقافية التي اتصل بها الثعالبي أثرها الكبير في حياته وأدبه. وهو أثر
تجاوز ما يمكن أن يشاع حول أدبائنا ومفكرينا القدماء ، من كونهم يتصلون بالملوك
والأمراء طلبا للعطاء والهدايا. تجاوز الثعالبي هذه الصلة من خلال علاقاته الوطيدة
التي ربطته بهذه الشخصيات والتي يبدو إعجابه بها من خلال ما نقله عنهم ، وأنهم
كانوا يبادلونه الحب والإعجاب ، فمعظمهم إن لم يكونوا أدباء وشعراء حقا فهم مثقفون
يتصيدون الأخبار النادرة ويتبادلون الأشعار ، ويجمعون الأدباء والشعراء ليس تحقيقا
للمنافسة السياسية فحسب ، بل لأن معظمهم من المولعين بالأدب حقا ؛ لذا نجد إطراء
الثعالبي لهم إطراء ينسجم مع ما نهل من مجالسهم من زاد المسامرات ، وحصيلة المجالس
الأدبية الشيقة التي جمعت أدباء العصر كأبي الفتح البستي ، وأبي بكر الخوارزمي ،
وبديع الزمان الهمداني ، وغيرهم كثير .
فأبو الفتح البستي
الوزير الأديب الشاعر : علي بن محمد بن الحسين المتوفى سنة ٤٠٠ ه ، ترجم له الثعالبي ترجمة طويلة ، وذكر كثيرا من أشعاره ،
وغرر أقواله ، وأهدى إليه كتابا أحسن ما سمعت . وكانا يتبادلان الأشعار كقول البستي في الثعالبي :
قلبي مقيم
بنيسابور عند أخ
|
|
ما مثله حين
تستقرى البلاد أخ
|
له صحائف أخلاق
مهذبة
|
|
منها الحجى
والعلى والظرف تنتسخ
|
ونقل الثعالبي
كثيرا من أخبار تلازمهما ومصاحبتهما إذ كانا يتبادلان الأحاديث والمسامرات ، فقد
ذكر في كتابه تحفة الوزراء خبرا ورد فيه : (وقال لي يوما أبو الفتح البستي
بنيسابور ، وقد أخذنا بأطراف الأحدايث بيننا : ما أحوج الأمير سيف الدولة يعني
السلطان يمين الدولة وأمين الملة ـ أعزّ الله تعالى أنصاره ـ أنه كان إذ ذاك صاحب
الجيش للأمير نوح
__________________
ابن منصور
الساماني رضي الله عنه ، ويلقب بسيف الدولة ، إلى وزير كما أنشدتني لنفسك) :
كتب الأمير
كتائب في المعركه
|
|
والرأي منه طبيب
رأي المملكه
|
وإذا رأى بالظن
خطبا مشكلا
|
|
أضحت ستور الغيب
عنه مهتكه
|
ومنجّم كما
أنشدتني لنفسك :
صديق لنا عالم
بالنجوم
|
|
يحدّثنا بلسان
الملك
|
ويكتم أسرار
سلطانه
|
|
ولكن ينمّ بسر
الفلك
|
وأما أبو بكر
الخوارزمي فقد ذكر بعضهم تلمذته عليه . واكتفى آخرون بالحكم على أنه درس الأدب معه ، وأنه كان
مصدرا رئيسا من مصادر معلوماته .
واتصل الثعالبي
بنيسابور بالأمير أبي نصر أحمد بن علي الميكالي وفتحت هذه الصلة له أباوب المجد
على مصاريعها ، لأنها يسرت له الاطلاع على المكتبة الضخمة للأمير أبي الفضل عبيد
الله الميكالي أحد أبناء الأمير المذكور ، ووجد فيها أجواء طيبة ورعاية عالية
استطاع أن يبدع في ظلالها ، وان يكتب للعربية كتبا خلدته وخلدت ما سطر من أخبار
وأشعار وطرائف. وكثيرا ما ذكر الثعالبي صديقه الأمير أبا الفضل الميكالي هذا بكل
ما يوحى بالحب والمودة والإعجاب بأدبه وعلمه ، وقد أكثر من الاقتباس والتمثيل
برسائله مبديا إعجابه به ، وتقديره لأدبه. وضمن كتابه اليتيمة اقتباسات من أشعاره
ونثره . وذكره أيضا في ثمار القلوب وتمثل بأشعاره . وأهدى له أكثر من خمسة من آثاره الأدبية :
__________________
ـ فضل من اسمه
الفضل .
برد الأكباد في
الأعداد كتبه لأبي الفضل بعد أن نكب هو وأخوه أبو إبراهيم ، وطردا من منصبيهما ،
ثم استردا ملكيتيهما سنة ٤٢١ ه بشفاعة أحد القضاة .
ـ فقه اللغة وسر
العربية .
ـ ثمار القلوب في
المضاف والمنسوب .
ـ خصائص البلدان .
ـ سحر البلاغة .
وقد صرح الثعالبي
بما لا يقبل الشك أنه كانت بينه وبين الميكالي صداقة وطيدة أساسها المودة والإخاء
، لا المنصب السياسي أو الجاه الاجتماعي ، لذلك اقتبس الثعالبي كثيرا من أقوال
الميكالي وتعليقاته في معظم كتبه بما في ذلك الكتب التي أهداها لغيره مثل خاص
الخاص ، والإيجاز والإعجاز.
ونجد في مراسلات
الميكالي للثعالبي من ناحية أخرى صدى لهذه الصداقة ، فالحصري ينقل في إحدى رسائل
الميكالي التي يذكر فيها تشوقه ولهفته للقائه ومحداثته :
(... كتابي وأنا
أشكو إليك شوقا لو عالجه الأعرابي لما صبا إلى رمل عالج ، أو كابده الخليّ لانثنى
على كبد ذات حرق ولواعج ، ولذم زمانا يفرق فلا يحسن جمعا ..) .
وقال الميكالي
أشعارا في الثعالبي ، وهي مما ينقلها الأخير في الترجمة التي خصّها للميكالي في
كتاب اليتيمة ، فقد أورد الثعالبي أبياتا للميكالي قال عنها بأنها مما قالها في
مؤلف
__________________
الكتاب :
أخ لي أما الودّ
منه فرائد
|
|
وألفاظه بين
الحديث فرائد
|
إذا غاب يوما لم
ينب عنه شاهد
|
|
وإن شهد ارتاحت
إليه المشاهد
|
وحين ذهب الثعالبي
إلى جرجان اتصل بالأمير شمس المعالي قابوس بن وشمكير ، وكان من جملة ما ألف وأهدى
لهذا الأمير كتابان : المبهج والتمثيل والمحاضرة .
وحين عاد إلى
نيسابور اتصل بالأمير أبي المظفر نصر بن ناصر الدين سبكتكين صاحب الجيش وأهدى إليه :
ـ الاقتباس من
القرآن الكريم.
ـ المتشابه ـ أجناس
التجنيس .
ـ غرر السير .
ومن الذين اتصل
بهم الثعالبي ، وكان له الأثر الكبير في حياته الأمير خوارزمشاه أبو العباس مأمون
بن مأمون الذي اتصل به الثعالبي وتوطدت صلته به ، وذكره في أكثر من كتاب. قال
الثعالبي في مقدمة كتابه نثر النظم ، واصفا أيامه وأفعاله وأقواله : (أيام مولانا
الملك المؤيد العالم العادل المسدد ، ولي النعم أبي العباس خوارزم شاه أدام الله
سلطانه ، وحرس عزه ومكانه مواقيت الشرف والفضل ، وأوقاته تواريخ الكرم والمجد ،
وساعاته مواسم الأدب والعلم ، وأنفاسه نعم وأقواله نغم ، وأفعاله سير ، وآثاره غرر
، وألفاظه درر ،
__________________
ومعاليه تباهي
النجوم ارتفاعا ، ومكارمه تضاهي الجو اتساعا ، ومحاسنه تباري الشمس ظهورا ،
وفضائله تجاري القطر وفورا ، فالله يديم جمال الزمان ببقائه ، وكمال العز والرفعة
ببهائه .
وذكره في مقدمة
كتاب الكناية ، والتعريض باسمه الكامل : (عونك اللهم على شكر نعمتك في ملك كملك ،
وبحر في قصر ، وبدر في دست ، وغيث يصدر عن ليث ، وعالم في ثوب عالم ، وسلطان بين
حسن وإحسان :
لو لا عجائب صنع
الله ما نبتت
|
|
تلك الفضائل في
لحم ولا عصب
|
هذه صفة تغني عن
التسمية ، ولا تحوج إلى التكنية ، إذ هي مختصة بمولانا الأمير السيد المؤيد ، ولي
النعم أبي العباس مأمون بن مأمون خوارزم شاه مولى أمير المؤمنين أدام الله سلطانه)
.
وقد ذكر البيهقي
ترجمة خوارزم شاه مأمون مع بعض أخباره مع الثعالبي فقد نقل في تاريخه عن كتاب
مسامرة خوارزم لأبي الريحان البيروني ترجمة خوارزم شاه ووصفه بأنه كان آخر أمراء
أسرته إذ انتهت بوفاته دولة المأمونيين ، وأنه كان رجلا فاضلا شهما نشيطا أديبا
يرعى الأدباء والعلماء ، ثم ينقل خبر (البيروني) عمّن حدثه عن الثعالبي يحكي فيه
حديثا جرى بينه وبين خوارزم شاه فيصف الثعالبي بقوله :
(وكان قد رحل إلى
خوارزم شاه فترة ، وألف باسمه كتبا كثيرة سمعته يقول كنا ذات يوم في مجلس الشراب
نتحدث في الأدب فجرى الحديث ...) .
وقد أورد الثعالبي
نفسه خبرا ذكر فيه أن خوارزم شاه اقترح عليه أن يقول شعرا في خوارزم فقال :
__________________
لله برد خوارزم
إذا كلبت
|
|
أنيابه وكست
أبداننا الرعد
|
وقد أهدى الثعالبي
لخوارزم شاه مأمون بن مأمون مؤلفاته التالية :
ـ النهية في الطرد
والغنية .
ـ اللطائف
والظرائف .
ـ نثر النظم وحل
العقد .
ـ الملوكي .
وهيأ له هذا
الأمير فرصة التعرف بالوزير أبي عبد الله الحمدوني وزير خوارزم شاه ، وأهدى إليه
كتاب تحفة الوزراء حين قال :
(وبعد فإني حين
خدمت مولانا ملك الزمان وفريد العصر والأوان خوارزم شاه ثبت الله ملكه ، وجعل
الدنيا كلها ملكه بالكتاب المسمى بالملوكي خطر لي أن أخدم وزيره الأعظم ومشيره
الأفخم أبا عبد الله الحمدوني بهذا الكتاب في سياسة الوزراء ، وإن كان مقامه
الشريف مستغنيا عن ذلك لسلوكه تلك المسالك ، وإنما قصدت به استجداء مواهبه الجسام
، ومكارمه العظام ووسمته بتحفة الوزراء ...) .
هؤلاء هم أشهر
الشخصيات التي أهدى إليها الثعالبي بعض مؤلفاته. وهناك شخصيات كثيرة غيرها أهدى
إليها كتبه الأخرى ، وكلها تدلنا على شخصية الثعالبي وأدبه ، وإذا كانت هذه
الشخصيات سياسية ولها أدوار إدارية في الدولة فهذا أمر لا يهمنا بقدر ما تهمنا
الصورة الطيبة التي رسمها الثعالبي لعلاقته بهم ، وهي صورة الصداقة الوطيدة
__________________
والاحترام
المتبادل التي لم يكن فيها الثعالبي أقل منزلة وكرامة من أولئك الذين خاضوا غمار
السياسة والوزارة. وإذا كانت بعض هذه الأجواء لا تميل إلى العربية لغة تأليف
وتخاطب وأدب ، فقد فرض الثعالبي شخصيته العربية حين ألّف كل ما ألّف بالعربية ،
ولم يستهوه استعمال غيرها في كل ما كتب ، فكان له دوره العظيم في خدمة العربية
وتسجيل مآثر معاصريه ممن كانت له إسهامات في الشعر والنثر .
ونستطيع أن نعد
الثعالبي محظوظا في حياته وبعد وفاته ، ولا نريد بالحظ إلّا توافر سبل الشهرة
والخير له .. فقد عرف معاصروه من الأدباء والمفكرين ورجال السياسة قدره ، وتلقوه
بالإكرام ، حتى إذا توفاه الله بقيت كتبه متداولة بين الناس .. ولم يصبها ما أصاب
كتب غيره من الأدباء والمؤلفين ممن لم يقلّوا عنه شهرة وأدبا. لقد ضاعت كثير من
مؤلفات مفكرينا القدماء ، واندثرت إلّا بقايا أسماء ذكرت في تراجمهم ؛ ونظرة سريعة
إلى فهرست ابن النديم ، ومعجم الأدباء لياقوت الحموي أو كشف الظنون أخيرا تدلنا
على ضخامة ما ضاع وتبعثر من تراثنا العربي القديم. أما الثعالبي فقد شاء الله له
أن تلقى كتبه رواجا أيام حياته ، وأن يبقى معظمها متداولا سالما من عوارض الأيام
والاندثار عبر القرون الطويلة حتى إذا ازدهرت حركة النشر والتحقيق في عصرنا هذا
كان نصيب الثعالبي وافرا من الدراسات الأكاديمية الجادة أولا ، وفي جهود المحققين
والناشرين ثانيا.
لقد كتبت عن
الثعالبي أكثر من رسالة جامعية في البلاد العربية وأبحاث جادة كثيرة كتبها عرب
ومستشرقون ، بعضها تناولت حياته بالدرس والبحث ، وأخرى تناولت كتبه ومؤلفاته دراسة
وتحقيقا. فكان منها ما كتبه بروكلمان في دائرة المعارف الإسلامية ، وما كتبه بوسورث في مقدمة
اللطائف أو في بحوثه الأخرى عن الغزنويين أو الساميين ثم دراسة
الأستاذ عبد الفتاح الحلو كما أشار إليها في مقدمة التمثيل والمحاضرة ، ودراسة الأخ
__________________
الدكتور محمود
الجادر (الثعالبي ناقدا وأديبا) . وأخيرا دراسة الأستاذ محمد اشهبار عن يتيمة الدهر في
المملكة المغربية ، وغير هذه الرسائل كتبت عنه دراسات جادة في مقدمات كتبه
المحققة مثل مقدمة إبراهيم الأبياري وحسن كامل الصيرفي في كتاب لطائف المعارف ، ٢
ـ ١٠ ـ ١ ومقدمة ثمار القلوب ، ومقدمتي كتاب الاقتباس من القرآن الكريم ، وتحفة
الوزراء ، ثم مقدمة الأستاذ هلال ناجي لكتاب الأنيس في غرر
التجنيس. وأخيرا هناك دراستان جادتان تناولتا مؤلفات الثعالبي ، الأولى دراسة د.
قاسم السامرائي التي نشرها في مجلةBibiotheca Orintali
في عددJuli سنة ١٩٧٥ وقد ترجمتها د. ابتسام
مرهون الصفار عام ١٩٨٠ ونشرت في مجلة المناهل المغربية ، العدد ١٨ ، السنة السابعة
باسم (ملاحظات عن سيرة الثعالبي) والدراسة الأخيرة هي ما كتبه د. محمود الجادر
باسم (دراسة توثيقية في مؤلفات الثعالبي) التي نشرها في مجلة معهد البحوث
والدراسات العربية العدد الثاني عشر ١٩٨٣. وقد ذكر في هذه الدراسة أعداد كتب الثعالبي التي عني محققو
كتبه بإحصائها قائلا : ٢ ـ ١٠ ـ ٢ (ويبدو أن أوسع القوائم الحديثة كانت تلك التي
عنى بها بعض محققي كتب الثعالبي بإدراجها في مقدماتهم فقد جمع الأستاذ أحمد عبيد
ستة وثلاثين كتابا في مقدمته لكتاب سحر البلاغة ، وجمع الأستاذان إبراهيم الإبياري
، وحسن كامل الصيرفي أسماء ثلاثة وتسعين كتابا في مقدمتهما لكتاب لطائف المعارف.
وقدم الدكتور عبد الفتاح محمد الحلو أسماء أربعة وثمانين كتابا في مقدمته لكتاب
التمثيل والمحاضرة وجمعت الدكتورة ابتسام مرهون الصفار أسماء خمسة وتسعين كتابا في
مقدمتها لكتاب الاقتباس من القرآن الكريم. أما في مقدماتها لكتاب تحفة الوزراء فقد
أوصلت العدد إلى واحد ومائة) . وأوصل الأستاذ هلال ناجي عدد مؤلفات الثعالبي إلى تسعة
ومائة في مقدمة (الأنيس في غرر التجنيس) ، أما الدكتور الجادر نفسه فقد ذكر في دراسته عن (الثعالبي
ناقدا وأدبيا) ستة ومائة كتاب ثبت له منها
__________________
خمسة وتسعون . أما في دراسته التوثيقية فقد أثبت في القائمة مائة وستين
كتابا ثبت له منها مائة وثمانية ، وما سواها منسوب لغيره ، أو هي من كتبه التي
سميت بأكثر من اسم واحد ؛ لذلك لا نجد هنا مسوغا لإعادة ما كتب ، اللهم إلا سرد
قائمة بأسماء مؤلفاته المطبوعة ثم المخطوطة فالمفقودة معتمدين على أحدث قوائم
المؤلفات المذكورة أعلاه .
مؤلفاته المطبوعة
:
* أجناس التجنيس ـ
المتشابه ـ التجنيس
طبع باسم المتشابه
بتحقيق إبراهيم السامرائي في مجلة كلية لآداب جامعة بغداد ، العدد العاشر ١٩٦٧.
* أحسن ما سمعت ـ أحسن
ما سمع ـ اللآلئ والدرر
طبع في مصر طبعة
محمد صادق عنبر ١٣٢٤ ه ، مطبعة الجمهور ، وطبع بترجمة ريشر في ليبزج سنة ١٩١٦.
* الإعجاز
والإيجاز ـ الإيجاز والإعجاز ـ الإعجاز في الإيجاز ـ غرر البلاغة وطرف البراعة ـ أحاسن
كلام النبي والصحابة (مختصر الإيجاز والإعجاز) وطبع باسم الإعجاز في الإيجاز ضمن
مجموعة خمس رسائل سنة ١٣٠١ ه بالقسطنطينية. وطبعه اسكندر آصاف في مصر ١٨٩٧ ه ،
وطبع بيروت في دار صعب ودار البيان بالأوفسيت.
* الاقتباس من
القرآن الكريم
القسم الأول
بتحقيق د. ابتسام مرهون الصفار. بغداد ١٩٧٢.
__________________
* الأنيس في غرر
التجنيس
تحقيق الأستاذ
هلال ناجي في مجلة المجمع العلمي العراقي. بغداد ١٩٨٢ المجلد الثالث والثلاثون.
* برد الأكباد في
الأعداد ـ الأعداد
القسطنطينية (مجموعة
رسائل) سنة ١٣٠١ ه وطبع في النجف بالأوفيست ، وبتحقيق إحسان ذنون الثامري. دار
ابن حزم ، ٢٠٠٦.
* تتمة اليتيمة
طبع بطهران مطبعة
فردين ١٣٥٣ ه بتحقيق عباس إقبال.
* تحسين القبيح
وتقبيح الحسن
تحقيق شاكر
العاشور ١٩٨١ ضمن مطبوعات وزارة الأوقاف ونشره من قبل متسلسلا في مجلة الكتاب
العراقية ١٩٧٤ ـ ١٩٧٥
* تحفة الوزراء ـ سر
الوزارة ـ السياسة
مطبوع بتحقيق
ابتسام مرهون ، وحبيب الراوي بغداد ، وزارة الأوقاف ١٩٧٧.
* ترجمة الكاتب في
آداب الصاحب ، تحقيق علي ذيب زايد ، عمان ، ٢٠٠١.
* التمثيل
والمحاضرة ـ الأمثال (نسخة مكتبة الأحمدية هي التمثيل والمحاضرة).
طبعت منتخبات منه ضمن
أربع رسائل للثعالبي في القسطنطينية سنة ١٣٣٢ ه.
وطبع سنة ١٩٦١
بتحقيق عبد الفتاح الحلو.
* التوفيق للتفليق
تحقيق الأستاذ
هلال ناجي ود. زهير زاهد مطبعة المجمع العلمي العراقي سنة ١٩٨٥ م
* ثمار القلوب في
المضاف والمنسوب ـ المضاف والمنسوب
طبع الفصل الرابع
مع مقدمة الكتاب في مجلة المشرق ببيروت العدد ١٢ سنة ١٩٠٠ (الجادر).
وطبع كاملا سنة
١٣٢٦ ه بمصر ثم طبع بتحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم في القاهرة ١٩٦٥.
* خاص الخاص
تونس سنة ١٢٩٣ ه.
وطبع بالقاهرة بنشرة الشيخ محمد السمكري سنة ١٣٢٦
وطبع ببيروت سنة
١٩٦٦ دار مكتبة الحياة.
* سحر البلاغة ـ لباب
الآداب (منتخبات منه) ـ لباب الأدب ـ ملح البراعة
طبعت منتخبات منه
في القسطنطينية (أربع رسائل). وطبع كاملا بتحقيق أحمد عبيد في دمشق (خلو من سنة
الطبع).
* الظرائف
واللطائف ـ اللطائف والظرائف ـ الطرائف واللطائف ـ يواقيت المواقيت (مع المحاسن
والظرائف في كتاب واحد).
مصر ١٢٧٥ ه وبمصر
أيضا سنة ١٣٠٠ و ١٣١٠ وباسم يواقيت المواقيت مصر ١٢٩٦ ه وطبع في القاهرة أيضا سنة
١٣٠٧ ه وطبع على الحجر ببغداد ١٢٨٢ ه باسم اللطائف والظرائف وطبع بطهران ١٢٨٦ ه.
* غرر أخبار ملوك
الفرس
باريس ١٩٠٠ بتحقيق
زوتنبرك.
طهران ١٩٦٣ وذهب
ناشره إلى انه لأبي المنصور الميرغني الثعالبي.
* فقه اللغة وسر
العربية ـ سر العربية ـ فقه اللغة ـ باريس ١٨٦١ م.
مصر طبعة حجرية
١٢٨٤ ه ، وبدون تحقيق في مصر سنة ١٣٣٨ ه.
بيروت بتحقيق لويس
شيخو اليسوعي ١٨٨٥ م. القاهرة. النعساني ١٩٠٧. وطبع باسم سر الآداب بطهران ١٨٥٨ ،
وطبع أيضا في القاهرة ١٩٣٦. وفي القاهرة أيضا بتحقيق إبراهيم الإبياري ١٩٣٨.
* الكناية
والتعريض ـ الكنى ـ الكنايات ـ الكناية ـ النهاية في الكناية
مصر ١٣٢٦ ه مطبعة
السعادة. بغداد بالأوفيست ١٩٧١. مكة المكرمة ١٣٠١.
منتخبات منه مطبوعة
في القسطنطينية (أربع رسائل) دار صعب ودار البيان ببيروت بالأوفيست ضمن كتاب (رسائل
الثعالبي).
اللطف واللطائف ـ لطائف
الظرفاء ـ لطائف الصحابة والتابعين
طبع بليدن. وطبع
بباريس بلا عنوان (عن الأستاذ هلال ناجي). وباسم اللطف واللطائف بتحقيق د. عمر
الأسعد. بيروت سنة ١٩٨٠ م. وطبعه د. قاسم السامرائي
بليدن سنة ١٩٧٨ عن
طريق تصوير المخطوط. اللطف واللطائف تحقيق د. محمود الجادر ط ١ دار العروبة للنشر
الكويت سنة ١٩٨٤.
* المبهج
منتخبات منه ضمن (أربع
رسائل) القسطنطينية. وطبع بمصر ١٩٠٤ مطبعة النجاح.
* ما جرى بين
المتنبي وسيف الدولة
لايبسك ١٨٤٧
* مرآة المروءات
وأعمال الحسنات ـ مرآة المروءة
مصر ١٨٩٨ م بدون
تحقيق. وطبع بمصر أيضا سنة ١٣١٨ ه / ١٩٠٠ م.
* المنتحل ـ المنتخل
مصر ١٣٢١ وبتصحيح
أحمد أبي علي.
* من غاب عنه
المطرب ـ من اعوزه المطرب
القسطنطينية (ضمن
مجموع التحفة البهية) مطبعة الجوائب. بيروت بتصحيح اللبابيدي ١٣٠٩. وبتحقيق د.
النبوي عبد الواحد شعلان. مكتبة الخانجي ١٩٨٤.
* نثر النظم وحل
العقد ـ النظم والنثر وحل عقد السحر ـ حل العقد
دمشق ١٣٠٠ / ١٣٠١
ه (وعلى هامشه الفرائد والقلائد) مصر ١٣١٧ ه. وطبع بالأوفيست بمطابع دار صعب ،
دار البيان ، وبهامشه الفرائد والقلائد.
* نسيم السحر
طبع في العدد
الأول في مجلة الكتاب. بتحقيق محمد حسن آل ياسين ، ونشر بتحقيق د. ابتسام مرهون.
في مجلة المورد العدد الأول ١٩٧١.
* النهية في الطرد
والغنية
مكة ١٢٠١ ه.
القاهرة ١٣٢٦.
مؤلفاته المخطوطة
والمفقودة :
* الآداب
مخطوط في المدينة
المنورة برقم ١١٧١ ه ٧ أدب ، مخطوط الفاتيكان رقم ١٦٦٢ ، مخطوط عاطف أفندي ٢٢٣١.
* الأحاسن في
بدايع البلغاء ـ الأحاسن من كلام البلغاء
مفقود.
* أحاسن المحاسن
مخطوط بباريس رقم
٣٣٠٦.
* الأدب مما للناس
فيه أرب
مفقود.
* إفراد المعاني
مفقود.
* ألف غلام ـ الغلمان
مفقود.
* أنس المسافر ـ أنس
الشعراء
مفقود.
* أنس الوحيد :
انفرد الأستاذ
هلال ناجي بذكره وأن له نسخة خطية ببرلين برقم MS.OR.QU ٢٠٨٣.
* الأنوار البهية
في تعريف مقامات سيد البرية
مفقود.
* الأنوار في آيات
النبي : (لعله الكتاب السابق نفسه)
ذكر الأستاذ هلال
ناجي أن هناك نسخة منه في : MS.OR برقم ٢٠٨٣.
* البراعة في
الكلم والصناعة ـ البراعة في التكلم بالصناعة
مفقود.
* بهجة المشتاق
مفقود.
* تحفة الأرواح
وموائد السرور والأفراح :
مفقود.
* تحفة الظرفاء
وفاكهة اللطفاء
مخطوط بالمدينة
المنورة مكتبة عارف حكمت برقم ١٥٤.
* التدلي في
التسلي
مخطوط في مكتبة
عارف حكت بالمدينة المنورة (٣١ مجاميع).
* التغزل بمائتي
غلام ـ الغلمان
ذكر الأستاذ هلال
ناجي أن هناك نسخة منه في برلين برقم ٨٣٣٤.
* التفاحة
مفقود.
* تفضيل المقتدرين
وتنصل المعتذرين
مفقود.
* تفضيل الشعر
مخطوط ضمن مجموع
رقم ٩٤٠ حكيم أوغلو. تركيا.
* الثلج والمطر
مفقود.
* جوامع الكلم
مفقود.
* حشو اللوزينج
مفقود.
* خصائص البلدان
مفقود.
* وذكر الأستاذ
هلال ناجي أن هناك قطعة منه في برلين يحققها الآن د. محمد المعيبد.
* خصائص الفضائل
مفقود.
* خصائص اللغة
انفرد بذكره د.
قاسم السامرائي وأشار إلى نسخة منه في المكتبة الظاهرية برقم ٢٠٦.
* الخوارزميات
مفقود.
* ديوان شعره
مفقود.
* زاد سفر الملوك
مخطوط في جستربتي
برقم ٥٠٦٧ (ذكر الأستاذ هلال ناجي أنه يعكف على تحقيقه).
* سجع المنثور :
مخطوط في معهد
إحياء المخطوطات بجامعة الدول العربية برقم (١٠٥٥ ق ٤٩٥) نسخة في طوب قبو سراي
بتركيا رقم ٢٣٣٧.
* سر البلاغة وملح
البراعة
مخطوط بدار الكتب
رقم (٤ ش).
* سر البيان ـ سحر
البيان.
مفقود ذكر د. محمد
جبار المعيبد أن لديه نسخة يحققها (عن هلال ناجي).
* سر الحقيقة
مخطوط في مكتبة
فيض الله رقم ٢١٣٣.
* سر الصناعة
مفقود.
* شعار الندماء
مفقود.
* الشوق ـ المشوق
ـ المشرق
مفقود.
* صنعة الشعر
والنثر
مفقود.
* طبقات الملوك
مفقود.
* الطرف من شعر
البستي
مفقود.
* العشرة المختارة
ذكر هلال ناجي أن
هناك نسخة منه في رامبور رقم ٣٧٥٨ (٣).
* عمل في الأدب
ذكره د. قاسم
السامرائي وفي بروكلمان ١ / ٥٠٢ (الملحق).
* عنوان المعارف
مفقود.
* عيون الآداب
مفقود.
* عيون المعارف ـ عنوان
المعارف
مفقود. ذكره الحلو
في مقدمة التمثيل والمحاضرة.
* عين النوادر
مفقود.
* غرر البلاغة ـ غرر
البلاغة وطرف البراعة
مخطوط في مكتبة
بشير أغا أيوب برقم ١٥٠ برلين ٨٣٤١ ، كوبرلي ١٢٩٠.
* المتحف
البريطاني ٧٧٥٨ (ثلث ٦٣) بطرسبورع ثان ٦٦٩ ، فيض الله ١٦٧٦ ، الفاتح ٣٥٤٣٢.
* الفصول الفارسية
مفقود.
* الفصول في
الفضول ـ الأصول في الفصول
مفقود.
* فضل من اسمه
الفضل
مفقود.
* الفوائد
والأمثال
مخطوط في مكتبة
عارف حكمت بالمدينة برقم (٥٢ قديم ـ ٣١ جديد).
* قراضة الذهب
انفرد بذكره
الأستاذ هلال ناجي ، وأشار إلى نسخة مخطوطة في مكتبة بايزيد برقم (٣٢٠٧). ونود أن
نذكر أن لابن رشيق كتابا مطبوعا بهذا الاسم.
* لباب الأحاسن
مفقود.
* لباب الأدب ـ لباب
الآداب. (كما ذكره بروكلمان)
مخطوط في المكتبة
السليمانية بتركيا برقم ٢٨٧٩.
* لطائف الظرائف ـ
ولعله لطائف الصحاب أو لطائف الظراف
(بروكلمان ١ / ٣٤٠).
مخطوط في معهد
شعوب آسيا بالاتحاد السوفييتي.
* اللطيف في الطب
ـ الطبيب
مفقود.
* اللمع الفضة
مفقود.
* محاسن الأدب
مخطوط لدى الأستاذ
هلال ناجي لم يذكر أصلها ولا رقمها.
* مدح الشيء وذمه
مفقود.
* المديح (ولعله
الكتاب السابق نفسه)
مفقود.
* مفتاح الفصاحة
مفقود.
* الملح والطرف
مفقود.
* ملح النوادر
مفقود.
* الملوكي ـ أدب
الملوك ـ منادمة الملوك ـ سراج الملوك
مخطوط ذكر د. قاسم
السامرائي أن له نسخة في مكتبة عزة أفندي برقم ١٨٠٨ ، المتحف البريطاني (ثالث ٦٤)
٦٣٦٨ ..OR.
* من غاب عنه
المؤنس
مفقود.
* المهذب من
اختيار ديوان أبي الطيب وأحواله وسيرته وما جرى بينه وبين الملوك والشعراء.
مخطوط في مكتبة
فيض الله ضمن مجموع برقم ٢١٣٣ / ٦ وذكره الأستاذ هلال ناجي.
* مؤنس الوحيد
مخطوط في كمبردج
رقم ١٢٨٧.
* نتائج المذاكرة
مخطوط مكتبة عارف
حكمت بالمدينة برقم (٣١ مجاميع).
* نزهة الألباب
وعمدة الكتاب
كتاب الاقتباس
ألف الثعالبي كتاب
الاقتباس من القرآن الكريم للأمير الغزنوي نصر بن ناصر الدين أخي السلطان محمود بن
سبكتكين ، وكان أميرا للجيش في خراسان حتى وفاته سنة ٤١٢ ه ، وأهدى إليه هذا
الكتاب فضلا عن كتابين آخرين هما غرر السير والمتشابه ويبدو أن علاقة صداقة وطيدة قد ربطت بينهما. وهذا شأن
الثعالبي فيمن يختارهم لإهداء كتبه ومؤلفاته ، فمعظمهم كما أسلفنا من الأدباء أو
المولعين بالأدب والشعر ، وقد اقتبس الثعالبي فعلا كثيرا من أقوال نصر بن ناصر
الدين هذا ، وتمثل بها في كثير من كتبه بما فيها كتبه التي أهداها إلى غيره مثل
ثمار القلوب ، وخاص الخاص ، والإيجاز والإعجاز .
وقد ذكر الثعالبي
كتاب الاقتباس في كتابه يتيمة الدهر في الباب الثالث في ذكر أبي إسحاق الصابي ، ووصف أدبه
ومحاسن كلامه مشيرا إلى أنه اختار كلامه المقتبس من القرآن الكريم ، وأورده في
فصول كتاب الاقتباس قائلا :
(وكان يعاشر
المسلمين أحسن عشرة ، ويخدم الأكابر أرفع خدمة ، ويساعدهم على صيام شهر رمضان ،
ويحفظ القرآن حفظا يدور على طرف لسانه ، وسن قلمه وبرهان ذلك ما أوردته في كتاب
الاقتباس من فصوله التي أحسن فيها كل الإحسان وحلاها بآي القرآن).
وذكره أيضا في
كتابه الكناية والتعريض في فصل سماه (الكناية عن الغلام) وذكر فيه ما سماه بمكروه
الاقتباس (نبهت عليه في كتاب الاقتباس من القرآن) .
وهكذا يثبت اسم
هذا الكتاب ، وإن كان قد سماه بالاقتباس فقط على سبيل الاختصار في إشارة اليتيمة ،
وباسمه الكامل (الاقتباس من القرآن) في كتاب الكناية والتعريض.
__________________
أما سنة تأليف
كتاب الاقتباس ، فيمكن تحديدها على التقريب من خلال تتبع الإشارتين السابقتين. فقد
كتب الثعالبي كتاب اليتيمة أول مرة سنة ٣٨٣ ه . وكان تولي السلطان محمود الغزنوي السلطة سنة ٣٨٩ ه وأن أخاه نصرا قد تولى إمارة الجيش في عهده فإن إشارة
الثعالبي لا بد أن تكون في النسخة الثانية التي كتب فيها كتاب اليتيمة بشكله
النهائي سنة ٤٠٣ ه . وعلى هذا تكون سنة تأليف الاقتباس بعد سنة ٣٨٩ ه ، وذكر
د. محمود الجادر أنه صحّ لديه أن سنة تأليف الثعالبي لكتاب الاقتباس هي قبل سنة
٣٩٦ ه .
منهج الكتاب :
وهب الثعالبي قدرة
على استيعاب المادة التي يكتب فيها وتبويبها وفق منهج علمي دقيق لا يحيد عنه ولا
يتناساه. ويبدو منهجه واضحا في يتيمة الدهر وثمار القلوب. أما كتاب الاقتباس هذا
فقد صرح في مقدمته بنظرته الفاحصة ورغبته في تتبع النصوص المتعلقة بالاقتباس من
القرآن الكريم ثم تبويبها وترتيبها. وهو ينبهنا على توفر الرغبة الشديدة في نفسه
قبل البدء بالكتابة ، والرغبة الأكيدة في التصنيف في هذا الموضوع واتباع منهج يبوب
فيه المادة ويصنفها. إن هذه الرغبة وعملية البحث قد أخذتا من الثعالبي وقتا طويلا
شهورا وأعواما وليس هذا من باب المبالغة والثناء ؛ لأن الثعالبي كان صادقا في وصف
حالة كثيرا ما تنتاب المؤلفين والكتاب ، وهي حصول الرغبة الأكيدة في التأليف التي
تحث صاحبها على الكتابة ، ثم يعتورها فتور يقصر أو يطول أياما وشهورا إلى أن تجتمع
إليه الهمة مرة أخرى ، فيكمل المشروع الذي بدأه من فترة طويلة ، وقد يكون الحافز
على إتمام البحث والكتابة حدثا ما أو شخصية لها مكانتها الاجتماعية والسياسية يهدى
إليها الكتاب. المهم أن فكرة التأليف لم تبدأ برغبته في الحصول على الحظوة لدى من
أهدي إليه الكتاب ، وإنما سبقتها بأعوام ، فهي
__________________
رغبة خالصة في
البحث ذاته ، لكن شخصية المهدى إليه كانت حافزا على إتمام البحث ، وإشباع الرغبة
وتحقيقها في استكمال مادة الكتاب وتبويبها. وهكذا نقل الثعالبي تجربته في تأليف
هذا الكتاب منذ أن كان مجرد رغبة ، إلى أن تحقق في فترات كتابة متفرقة حتى إتمامه
وإهدائه إلى الأمير نصر بن ناصر الدين أخي أبي القاسم محمود بن سبكتكين الغزنوي :
(هذا كتاب طالما
كانت تحضرني النية القوية في تصنيفه وترصيفه ، وتعدني الأيام معونة على تبويبه
وترتيبه ، فتخلف ، وكنت آخذ في تأليفه يوما ، وأدعه أياما ، وأقبل عليه شهرا وأعرض
عنه عاما إلى أن لاح استفتاح مدخله واستتمام عمله لأوحد الزمان ، وحسنة القرآن ،
ومن فضله الله تعالى ذكره بشرف الانتساب والاكتساب ، وجمع له محاسن ذوي الألباب
وآتاه الحكمة وفصل الخطاب ، وأحيا به جميع العلوم والآداب الأمير الأجل صاحب الجيش
أبي المظفر) .
إن دراسة كتاب
الاقتباس تدلنا على توافر ظاهرتين مهمتين فيه :
الأولى : المنهج
الذي التزم به الثعالبي في جميع أبواب الكتاب وفصوله.
الثانية : ذوقه
الرفيع في اختيار النصوص الأدبية شعرا ونثرا.
لقد كان الثعالبي
أديبا شاعرا ومؤلفا ناقدا واسع الاطلاع ذا ذوق رفيع في اختيار النصوص الشعرية ،
وآراء سديدة في نقد الأدب بصورة عامة . وقد وجد أن القرآن الكريم معجزة الرسول صلىاللهعليهوسلم العظيمة كان ـ وما يزال ـ المعين الثر الذي يقتبس منه
الشعراء والأدباء ألفاظهم وصورهم ومعانيهم متمثلين بآياته الكريمة في مخاطباتهم
وأشعارهم ، عارفين أن هذا الاقتباس يكسي كلامهم (معرضا ما لحسنه غاية ، ومأخذا ما
لرونقه نهاية ، ويكسبه حلاوة وطلاوة ما فيها إلا معسولة الجملة والتفصيل ، ويستفيد
جلالة وفخامة ليست فيهما إلا مقبولة الغرة والتحجيل) .
__________________
وقد وجد الثعالبي
أن الاقتباس من القرآن الكريم ظاهرة عامة في الأدب العربي ، والرسول صلىاللهعليهوسلم نفسه وهو أفصح العرب لهجة ، وأحسنهم فصاحة وبيانا ، قد
اقتبس من معاني القرآن وألفاظه الكثير في حديثه وخطبه ، وكذلك فعل السلف الصالح من
الصحابة والتابعين لكن الثعالبي لم يكتف بإيراد هذه الأقوال المأثورة عن الرسول صلىاللهعليهوسلم وصحابته ، بل تجاوزها إلى الشعراء والأدباء بدءا من عصر
صدر الإسلام حتى شعراء زمانه إلا أن نصوصه الشعرية والأدبية جاءت موزعة حسب
الأبواب والفصول ، وما اختار لها من موضوعات لا حسب الشخصيات والعصور. لذا تجدها
موزعة يجمعها رباط واحد هو الموضوع أو المحور الذي عنون به الباب أولا والفصول
التي اندرجت تحته ثانيا. فقد يختار من الرسالة الواحدة أكثر من فقرة ويوردها في
أكثر من فصل لأن كل فقرة تتحدث عن فكرة معينة يمكن أن تدرج ضمن عنوان خاص في فصل
يختاره لها فقد وجدناه مثلا يلجأ إلى رسالة واحدة من رسائل أبي إسحاق الصابي
فيقسمها في ذهنه إلى معان يوزعها على أكثر من فصل ففي الباب الثامن عشر الذي ذكر
فيه فضل الخط والكتاب والحساب وفصوص من فصول العهود وقسمه إلى (٤١) فصلا تمثل
بكتابات أبي إسحاق الصابي وابن العميد والإسكافي وفي فصل ما قيل في (تقوية أيدي
الحكام والعمال) اقتبس فقرة من نسخة العهد الذي كتبه أبو إسحاق الصابي عن الطائع
لله إلى أبي الحسين علي بن ركن الدولة الملقب بفخر الدولة ، وتبعه فصل في (اختيار العمال وتوصية كل منهم ما يقتضيه
عمله) اختار له أيضا من الرسالة ذاتها ، ثم تبعه فصل في (تعيير الموازين والمكاييل
والمنع من التطفيف) ونصه الوحيد الذي أورده في هذا الفصل هو من عهد أبي إسحاق
الصابي .. كل هذا بتقسيم واع لمنهجه في اختيار النصوص وفق المعاني التي تتفرع من
موضوع الباب الكبير الذي يكتب فيه.
لقد قسم الثعالبي
كتابه إلى خمسة وعشرين بابا وقسم كل باب إلى فصول تفاوتت في الطول والقصر وتفاوت
عددها في كل باب وعدد النصوص التي اندرجت تحتها.
فالباب الأول في
التحاميد المقتبسة من القرآن وما يتصل بها من الثناء على الله تعالى بما هو أهله ،
وذكر طرف من فضله ونعمته وسعة رحمته وسائر صفاته وأفعاله ـ جلّ جلاله ـ
__________________
وقد قسمه إلى ستة
عشر فصلا.
الباب الثاني في
ذكر النبي صلىاللهعليهوسلم وأجزاء من بعض محاسنه وخصائصه التي أفرده بها ، وفضله على
جميع خلقه. وقد قسمه إلى اثني عشر فصلا ذكر فيها كرامته على الله ـ عز ذكره ـ وارتفاع
مقداره عنده ، ثم فصل في الصلاة عليه ، وفصل في ذكر أخلاقه صلىاللهعليهوسلم ، وفصل في نبذ من محاسنه وخصائصه عليهالسلام ، وفصل آخر مثله وفصلين آخرين في ذكر خصائص الرسول صلىاللهعليهوسلم الأخرى. وتبعتها فصول قصار عن ذكر الحكمة في كونه عليهالسلام بشرا ، وآخر في ذكر الحكمة من كونه أميا. ثم يختتم الباب
بفصلين عن بعض ما جاء من الكلام المقتبس معناه من القرآن الكريم.
أما الباب الثالث
فقد خصه في ذكر العترة الزكية رضي الله عنهم ، ونبذ من فضائلهم. وقد قسمه إلى ستة
فصول : الأول في ذكر طرفهم وشرفهم ومجدهم ، وفصل في فقر من أخبارهم. وقد يوحي
عنوان هذا الفصل أن فيه أخبارا تاريخية لا علاقة لها بموضوع الكتاب ، ولكن تتبع
نصوصه يدلنا على ان الثعالبي ما يزال قيد منهجه الدقيق ، فهو يختار فقرا من أخبار
العترة الزكية مما يرد فيها أقوال فيها اقتباس من الذكر الحكيم. ثم يليه فصل في
بعض ما قيل فيهم من الأشعار ويورد فيه أيضا ما قيل فيهم من أشعار مقتبسة معانيها
من القرآن الكريم. ويليه فصلان من كلام لعلي والحسن وولده ، وآخر في كلام الحسين
وولده رضي الله عنهم. ويختم الباب بفصل شامل سماه (فصل في أن الله أذهب عنهم الرجس
أهل البيت وطهرهم تطهيرا) أورد فيه نصين متأخرين الأول من خطبة للسفاح ، والآخر من
كتاب لابن أبي البغل كاتب المقتدر ينضويان ، تحت معنى هذا الفصل.
أما الباب الرابع
فهو في ذكر الصحابة وما خصهم الله به من الفضل والشرف ، وأقاويل بعضهم في بعض ،
وغرر من محاسن كلامهم ونكت أخبارهم. ويقع في عشرين فصلا ، بدأه بفصل في ذكرهم عامة
، ثم بدأ بإيراد فصول عن الصحابة متبعا المنهج التاريخي في إيراد أسمائهم ففصل في
ذكر أبي بكر الصديق ، وفصل في حسن آثاره في الإسلام وفصل في ذكر شيء من كلامه أيام
الردة ، وآخر في مكاتباته. ويختم هذه الفصول المتعلقة بالخليفة أبي بكر رضي الله
عنه بفصل في ذكر استخلافه عمر رضي الله عنه. وبعدها تبدأ الفصول
التي خصها للخليفة
الثاني. ففصل في ذكره ، وقطعة من أخباره ذكر فيه فقرا من مكاتباته ورسائله وخطبه ،
ثم فصل في قتله وثناء المسلمين عليه ، ويلحقه بأربعة فصول تخص الخليفة عثمان ثم
ستة فصول أخرى تخص الإمام علي وختمه بفصل عن تسليم الحسن الأمر إلى معاوية ليختم
الباب بعده بفصل في لمع من أقوال الصحابة وأخبارهم. كل هذه الأقوال والأخبار
التاريخية اختارها الثعالبي لما تضمنته من كلام مقتبس من القرآن الكريم.
ومن الواضح أنه
تتبع في هذه الأبواب الأربعة منهجا لعلنا نستطيع وصفه بأنه منهج ديني إذ اختار
موضوعاته حسب أهميتها من الناحية الدينية فبدأه بذكر الله تعالى وصفاته ثم بذكر
النبي صلىاللهعليهوسلم ، ثم عترته الزكية ثم باب في الصحابة رتبهم كما قلنا حسب
دورهم وتسلسلهم التاريخي ،
وأما الباب الخامس
فإنه يبدأ في ذكر الأنبياء عليهمالسلام وغيرهم ممن نطق القرآن بأخبارهم ، وما اقتبس الناس من فنون
أغراضهم في قصصهم. وقد قسم هذا الباب إلى فصول تتبع فيها ذكر الأنبياء بمسار
تاريخي حيث يبتدأ بفصل في الاقتباس من قصة آدم عليهالسلام ، ثم في ذكر قصة نوح ، وفصل في الاقتباس من قصة إبراهيم عليهالسلام ، وفصل في الاقتباس من قصة يعقوب ويوسف عليهماالسلام.
وبعد موضوع
الأنبياء يختار الثعالبي الباب السادس في ذكر فضل العلم والعلماء ويقع في عشرة
فصول مترابطة مع موضوع الباب الرئيس.
أما الباب السابع
فهو في ذكر الأدب والعقل والحكمة والموعظة الحسنة. ويعطي هذا الباب مفتاحا
للثعالبي في تفرع الأبواب التي تليه حيث يعدد في الباب الثامن محاسن الأخلاق
والخصال إذ يدرجها في تسعة عشر فصلا. ويليه الباب التاسع حيث يتناول فيه عكس هذه
الخصال وهو في ذكر معائب الأخلاق وذم الغاغة والسقّاط والجهال. ويقع في ثلاثة عشر
فصلا.
أما الباب العاشر
فإنه يركّب فيه بعض الصفات الواردة في البابين السابقين. أعني أنه خصه لذكر أنواع
من الأضداد والأعداد وقسمه إلى ثمانية فصول : فصل في ذكر الغنى والفقر وآخر في فضل
المال والسعي في كسبه وذكر التجارة واعتماد الصنعة ، ثم فصل في
ضد ذلك وفصل في
التأني والعجلة وفي الحب والبغض والشباب والشيب ، وفصل في ذكر القلة والكثرة.
والفصل الأخير في الأعداد.
في كل هذه الأبواب
السابقة وجدنا العلاقة قوية بين الباب والذي يليه وهي علاقة تسلسل تاريخي أو علاقة
منطقية في تسلسل موضوعات الأبواب. أما بعد هذا فإن أبواب الكتاب تأتي موضوعاتها
منفصلة الواحدة عن التي تليها. وهذا أمر طبيعي لأن الأبواب العشرة الأولى مترابطة
من حيث موضوعاتها ومادتها كترابط ذكر الله تعالى وصفاته بذكر صفات الرسول صلىاللهعليهوسلم ومآثره ، وصلتهما بالباب الثالث الذي خصه للعترة الزكية
حيث تلاه باب في ذكر الصحابة ، إلا أن أبواب الكتاب الأخرى لا يمكن أن نجد لها هذا
الترابط لطبيعة موضوعاتها وليس بسبب منهج الثعالبي ذاته. فالباب الحادي عشر في ذكر
النساء والأولاد والإخوان ، والباب الثاني عشر في ذكر الطعام والشراب ، والباب
الثالث عشر في ذكر البيان والخطابة وثمرات الفصاحة ، والباب الرابع عشر في
الجوابات المسكتة ، والباب الخامس عشر في ملح النوادر. والباب السادس عشر في
الخروج عن حد الاقتباس. وذكر فيه فصلين الأول فيه قول أبي تمام مستفرغا قصة يوسف
والثاني في ذكر المكروه في وصف الخلق ، وكأن الثعالبي يختم بهذا الباب موضوعات
الأبواب السابقة التي يمكن وضعها في إطار خاص من المعاني.
أما الأبواب
السابع عشر إلى الخامس والعشرين فقد تناول فيها موضوعات شتى. فالباب السابع عشر في
الرؤيا وعجائبها والتعبيرات وبدائعها. والباب الثامن عشر في ذكر الخط والكتاب
والحساب. وطبيعة هذا تحدد مختارات الثعالبي الأدبية إذ نجدها لا تتجاوز النثر إلى
الشعر ـ ومعظمها من كتب ورسائل الكتاب وكتاباتهم وعهودهم. والباب التاسع عشر في
الأمثال والألفاظ وهو باب قصير لا يتجاوز الأربع صفحات. أما الباب العشرون فهو في
ذكر الشعر والشعراء وأنواع اقتباساتهم من ألفاظ القرآن الكريم تناول فيه الثعالبي
اقتباسات الشعراء لمعنى من معاني القرآن الكريم ، وتداولهم لمعنى أصله في القرآن ،
وفي اقتباساتهم الخفية اللطيفة. ثم يبدأ بعد هذا بتقسيم اقتباساتهم وفق منهج جديد
يوزع النصوص حسب المعاني الشعرية ، ففصل في الغزل والنسيب وفصل في المدح ، وآخر في
العتاب ثم في
التشبيهات ، وفي
التأذي بالمطر .. الخ. وينتقل بعد هذا إلى إيراد فصول تتعلق بالأسلوب ، ففصل في
ذكر التجنيس وفصل في الطباق ، موردا في كل هذا نصوصا شعرية اقتبس فيها الشعراء
معانيهم ، أو أساليبهم في الذكر الحكيم.
أما الباب الحادي
والعشرون فهو يكاد يكون مكملا للقسم الثاني من الباب العشرين أعني بها الفصول التي
خصها للتجنيس أو الطباق. فالباب الحادي والعشرون أورد فيه فصولا في ذكر الإيجاز
والإعجاز ، وفصل في ذكر التشبيه وآخر في الاستعارة وآخر في المجاز والالتفات وما
يجري مجراه.
أما الباب الثاني
والعشرون فقد خصّه لظرائف التلاوات وبدأه بفصل في نقد التفاسير وإيراد الغريب أو
الطريف منها. أما عنوان الباب الثالث والعشرون فهو في فنون شتى مختلفة الترتيب
أورد منها فصلا عن الفرج بعد الشدة ، وآخر في التفاؤل بالقرآن ، وآخر في ذكر
القرعة ثم فصل في حب الوطن ، وفصل في ذكر السلطان ، وفصل في الهدية ، وآخر في ذكر
النار وفي ذكر الإبل ، وفي ذكر الخيل. وحق لأبي منصور الثعالبي أن يدرج هذه الفصول
ضمن باب فنون مختلفة.
وبعدها ويأتي
الباب الرابع والعشرون في الدعوات المستجابة. وقد اتبع فيه المنهج السابق نفسه في
تقسيمه الباب إلى فصول متفرعة ، ففصل في فضل الدعاء وما يتصل به ، وفصل في أدعية
المكروبين ، ثم فصل في سائر الدعوات حيث يقسم هذه الدعوات إلى حالة الداعين ، ففصل
في الدعاء عند الحاجة ، وفصل في دعاء الدين ، ودعاء الخوف ، ودعاء الصدقة ،
والدعاء عند مواقعة العدو.
ثم يختم الكتاب
بالباب الخامس والعشرين وهو في الرقى والأحراز ، ويقسمه إلى فقرات أيضا حسب
المعاني والأغراض ، مثلما فعل في باب الأدعية ، ففصل في الرقى من الأوجاع ، أو
الأمراض ، كرقى الحمى ، ورقية وجع البطن ، وفصل في سائر الرقى للمضروب ، ثم يختمه
بفصل في الأحراز.
لقد أثار البابان
الأخيران من كتاب الاقتباس شك الدكتور محمود الجادر ، فخيل إليه أن (أصل الكتاب
ثلاثة وعشرون بابا وأن البابين الأخيرين مقحمان عليه لبعدهما التام عما
هو مألوف في كتب الثعالبي
من منهج ومادة ، فضلا عما يعزز القناعة بهذه الحقيقة من أن عنوان الباب الثالث
والعشرون هو في فنون شتى مختلفة الترتيب. وهو عنوان يستخدمه الثعالبي عادة في
الفصول الختامية من كتبه) .
إن هذا الرأي
يعتمد على فرضيتين :
الأولى : إن
البابين الأخيرين بعيدان عما هو مألوف في كتب الثعالبي منهجا ومادة ، والواقع أن
طبيعة كتاب الاقتباس ومادته تختلف بحد ذاتها عن مواد كتب الثعالبي الأخرى فهي تدور
جميعها حول القرآن الكريم وما اقتبس من آياته وألفاظه فإذا راجعت البابين الأخيرين
وجدتهما لم يخرجا عن إطار الأبواب السابقة ؛ لكونهما مستمدين من القرآن الكريم.
فجميع فصول الأدعية والأحراز إنما هي اقتباسات من آي الذكر الحكيم. وحري بالثعالبي
أن يختم كتابه بهما بعد أن تطرق إلى سائر الموضوعات والمعاني التي تدور على ألسنة
الكتاب والشعراء. وقد مرّ بنا أن الثعالبي قسم البابين الأخيرين إلى فصول متبعا
المنهج نفسه الذي سار عليه في سائر أبواب الكتاب. ويجرنا هذا القول إلى ملاحظة
أخرى لها علاقة بفكرة كون البابين الأخيرين مختلفين عما هو مألوف في كتب الثعالبي
وهي أن موضوع كتاب الاقتباس ألزمت الثعالبي ، أن تكون نصوصه في جميع أبواب الكتاب
من نمط النصوص المختارة ، وعلى مستوى رفيع من الجمال الفني ، والترفع عن الابتذال
والمجون ، وكل ما يخدش الذوق والأخلاق. فالثعالبي لم يختر إلّا الاقتباس الجيد من
القرآن الكريم ، لذا وجدنا نصوصه في هذا الكتاب رفيعة بخلاف نصوصه في كتبه الأخرى
التي تجدها متنوعة بتنوع الشعراء الذين يتمثل بهم ، أو يترجم لهم. أما موضوع كتاب
الاقتباس فقد أظهر ذوق الثعالبي الرفيع في اختيار النصوص شعرا ونثرا ؛ لأن قصده
كما أوضحه في مقدمة كتابه هو إبراز فضل القرآن الكريم في مدّ السلف الصالح من
الصحابة والأدباء والشعراء بمعين من الأفكار والصور الثرة التي استمدوها من القرآن
الكريم ، ووشحوا بها مخاطباتهم ومحاوراتهم وأشعارهم ليمنحوا كتاباتهم شيئا من جمال
الآيات القرآنية ، وروعة معانيها وإشاراتها. وقد
__________________
اشترط الثعالبي في
مقدمته إيراد الجيد الجميل مما اقتبس من القرآن الكريم وأنه يورد (في هذا الكتاب
من محاسنها كل ما تروق أصوله وفصوله ويفيد مسموعه ومحصوله).
أما الفرضية
الثانية التي اعتمد عليها الأخ الدكتور محمود الجادر في افتراض كون البابين
الأخيرين من كتاب الاقتباس مقحمين عليه ، فهي ما حمله الباب الثالث والعشرون من
عنوان هو (فنون شتى مختلفة الترتيب) وأن هذا العنوان يستخدمه الثعالبي عادة في
الفصول الختامية من كتبه. إن هذه الفرضية مردودة أيضا لأن الثعالبي نفسه قد استخدم
عنوان هذا الباب في غير الفصول الختامية من أبواب كتاب الاقتباس من القرآن الكريم
نفسه فالباب الثامن عشر الذي عنونه الثعالبي ب (ذكر الخط والكتاب والحساب) يقع في
واحد وأربعين فصلا ، كان عنوان الفصل السابع والعشرين هو (في معان شتى) ومع ذلك لم
يختم الثعالبي به الباب بل أورد بعده أربعة عشر فصلا.
يضاف إلى هذا كله
أن الثعالبي ذكر بعد المقدمة بأنه سيذكر أبواب كتابه ليسهل للقارئ معرفته. وفعلا
عرض بعد ذلك أبواب الكتاب عرضا موجزا ، ذاكرا عناوين فقراته وفصوله وعددها أحيانا
، قائلا (وإذ قد استمررت في تصديره فأنا ذاكر أبوابه ليفرد كل منهما بذاته ، وتقرب
على الناظر فيه وجوه إيراده). ثم عرض الثعالبي بعد هذا القول أبواب الكتاب بما
فيهما البابين الأخيرين ـ مما يرجح أن الكتاب الذي بين أيدينا يقع في خمسة وعشرين
بابا حسب ما قسمّه الثعالبي.
مخطوطة كتاب
الاقتباس :
لم نعثر إلّا على
نسخة واحدة من كتاب الاقتباس في القرآن الكريم ، صورناها عن نسخة مصورة في مكتبة
معهد المخطوطات العربية التابعة لجامعة الدول العربية. وأصل هذه المصورة عن مكتبة
سليم أغا برقم ٣٨. ورقم المخطوط المصور في معهد المخطوطات العربية هو ن ٨٢٦ في ٧٧٥
/ ٨٩٨. وقد وجدنا في الورقة ٥٠ والورقة ٩٠ من المخطوط ختما للسلطان سليم أغا ورد
فيه :
(قد وقف هذا
الكتاب المستطاب لوجه الله الملك الوهاب الحاج سليم أغا وشرط بأن لا يخرج ، ولا
يرهن. ومن بدّله بعد ما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه).
يقع المخطوط في
مائة وتسع عشرة ورقة قياس الواحدة منها ٢٢* ١٥ سم ومكتوب بخط يعود إلى القرن
الحادي عشر ، وخطه مقروء إلا أن فيه كثيرا من التحريف والتصحيف والأخطاء الإملائية
التي شوهت نصوصه ، ومسخت أخباره في كثير من الأحيان. وإذا كانت النسخ الكثيرة
المتعددة للمخطوط الواحد تجهد المحقق لما يقتضي ذلك منه المقارنة والمقابلة بينها
فإنّ انفراد المخطوط بنسخة واحدة من كتاب ما يعني بذل الكثير من الجهد للوصول إلى
النص الذي يقرب من النسخة الأم التي كتبها المؤلف.
إن التصحيف
والتحريف اللذين وقعا في المخطوط متنوعان يشملان أخطاء إملائية وأخرى إعرابية ،
وتصحيفا كثبرا للآيات الكريمة ، وتشويها للنصوص الشعرية فضلا عن التحريف في كتابة
كلمات المخطوط مما يخرج النص المقروء في كثير من المواضع عن مستواه الذي طلبه له
المؤلف. إلا أن الله سبحانه وتعالى فتح لنا في كثير من المواضع ما استغلق فهمه أو
قراءته ، فكان لنا الرأي الذي اعتقدناه ونرجو أن يكون صائبا في تقويم ما أخطأ
الناسخ في نسخه ، وتحقيق أسماء الأعلام والمواضع التي صحفت أو حرفت. وسنورد أمثلة
إساءات النسخ في النسخ تتعلق بالأخطاء الإملائية والإعرابية ، وأخرى في تصحيف
أسماء الأعلام والمواضع والأشعار فتجد مثلا :
فإن قضاؤه حق ـ فإن
قضاءه حق.
أقسم بحياة أحد ـ أحد.
أمر طاهر بن
الحسين الكتاب ـ الكتاب.
موسى بغا هزم
مساور الشارى ـ مساور.
كانوا هاشمين
مياسيرا ـ مياسير.
ثبوت أبواب الكتاب
ـ أبواب.
توجه يوم ـ يوما.
ونشير إلى بعض
مواضع التصحيف الواقعة في أسماء الأعلام منها :
(مزبد) وهو من
أصحاب النوادر نسخ الناسخ اسمه : ب (مزيد بد) مرة ، ونسخه بشكل (من يد) مرة أخرى.
(ابن الرومي)
الشاعر ، نسخ اسمه (الدومي).
(أبو الأسود
الدؤلي) كتب في المخطوط (أبو السود).
(أبو دلامة زند بن
الجون) كتب (زيد).
(محمد بن الحنفية)
كتب (محمد بن الحنيفية).
(عبيدة بن الحارث
بن المطلب) كتبه الناسخ محرفا اسمه واسم جده ب (يزيد بن الحارث بن عبد المطلب).
(قال أبو جنيفة
الشيطان الطلق) وأبو حنيفة هذا هو الإمام المعروف ولا يمكن أن يوصف باللفظين
الواردين في نص المخطوط ، وإنما صوابه (لشيطان الطاق) وهو محمد بن علي بن النعمان
البجلي ولاء ، نسب إلى سوق في طاق المحامل بالكوفة ، كان يجلس للصرف عليه.
(الوليد بن عتبة)
والي المدينة أيام يزيد بن معاوية كتب (الوليد بن عقبة).
(عمرو بن العاص)
كتب (الحسين بن العاص).
ومن أمثلة التصحيف
ما يأتي :
(إنهم كالأنعام
..) صوابها (إن هم إلا كالأنعام). وهي الآية ٤٤ من سورة الفرقان.
(يعتلل الله)
صوابه (تعتاله العلة) أي تصيبه العلة.
(إلى الوزارتين
العلاق) صوابها إلى (ذي) الوزارتين إلى (ذي) العلا.
يبكون من قتلت
سيوفهم
|
|
ظلما بكا منقطع
القلب
|
كتب هذا البيت في
المخطوط :
ظلما بكاء قوله ..
الكلب
ونكتفي بهذه
الأمثلة وعشرات غيرها كثيرة تحفل بها هوامش الكتاب لنقول إننا بذلنا ما استطعنا
بذله من جهد وعناية في ضبط النصوص وتحقيقها. وقد مضى على تحقيق القسم الأول ما
يزيد عن العشر سنوات ظهرت خلالها دواوين بعض الشعراء وحققت كتب تراثية كثيرة
أعانتنا على تصويب بعض النصوص. وقد عنّت لنا أيضا ملاحظات وإضافات أغنت الكتاب ،
وأوجبت إعادة تحقيقه وطبعه لاستدراك ما فات تحقيقه في الطبعة الأولى.
(لا يُكَلِّفُ اللهُ
نَفْساً إِلَّا وُسْعَها لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنا لا
تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً
كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا رَبَّنا وَلا تُحَمِّلْنا ما لا
طاقَةَ لَنا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا أَنْتَ مَوْلانا
فَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ).
صدق الله العظيم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي
علّم بالقلم ، علّم الإنسان ما لم يعلم. والحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا
لنهتدي لو لا أن هدانا الله ، والحمد لله رب العالمين ، حمد الشاكرين على نعمه
التي لا يبلغ أقاصي حمد الحامدين أوائل حدودها ، ومنحه التي لا تؤدى بها باب شكر الشاكرين أداء حقوقها. وصلواته على أشرف الخلق جرثومة ، وأزكاهم أرومة ،
وأبعد الأنبياء في الفضل غاية ، وأبهرهم معجزة وآية محمد خير مولود دعا إلى خير
معبود. وعلى آله المنتجبين.
هذا كتاب طالما
كانت تحضرني النيّة القوية في تصنيفه وترصيفه ، وتعدني الأيام معونة على تبويبه
وترتيبه فتخلف ، وكنت آخذ في تأليفه يوما ، وأدعه أياما ، وأقبل عليه شهرا ، وأعرض
عنه عاما إلى أن لاح لي استفتاح مدخله ، واستتمام علمه لأوحد الزمان ، وحسنة
القرآن ، ومن فضّل الله تعالى ذكره بشرف الانتساب والاكتساب ، وجمع له محاسن ذوي
الألباب ، وآتاه الحكمة وفصل الخطاب ، وأحيا به جميع العلوم والآداب ، وخصّه
بالمعالي المشهورة ، وأفرده بالمآثر المأثورة ، الأمير الأجل صاحب الجيش أبي
المظفر ، فسهل الطريق وساعد (على) التوفيق ، ويسّر ورد المنهل فوردته ، وأصاب الغرض فقصدته ،
واستنبت بدولته إتمام ما حاولته. واستوى النظام على ما دبّرته ، وتهيأ الفراغ من
هذا الكتاب الذي لو لا ما أتهمه من حسن رأيي فيه ، وأخافه من فتنة إعجابي به ،
لقلت : إنه كتاب بديع المصنع ، شريف المودع ، جليل الموقع ، هنيّ المرتع ، مريّ
المكرع لذيذ المترع ، أنيس المرأى والمسمع ، أنيق المبدأ والمقطع
، مفيد المغزى والمنتجع. وجعلته مجتمعا على كل ما استحسنته ،
__________________
واخترته من اللمع
والفقر ، والنكت من اقتباس الناس على اختلافهم طبقاتهم ، وتفاوت درجاتهم من
كتاب الله عز اسمه في خطبهم ومخاطباتهم وحكمهم ، وآدابهم ، وأمور معاشهم ومعادهم ،
وفي مكاتباتهم ، ومحاوراتهم ، ومواعظهم ، وأمثالهم ، ونوادرهم ، وأشعارهم ، وسائر
أغراضهم. وضمنته من محاسن انتزاعهم وبدائع اختراعاتهم ، وعجائب استنباطاتهم ،
واحتجاجاتهم منه ، ما ليس السوقة بأحوج إليه من الملوك ، ولا الكتاب ، والشعراء
بأرغب فيه من الفقهاء والعلماء ، ولا المجان والظرفاء بأحرص عليه من الزهاد
والحكماء ، إذ هو مقتبس الألفاظ ، والمعاني من أحسن الكلام ، وأقوم النظام ، وأنور
النور ، وأشفاه لما في الصدور ، ذلك كلام ربّ العزة ، وبيانه ، ووحيه وفرقانه ،
وخير كتبه أنزله على خير رسله محمد المصطفى صلىاللهعليهوسلم وآله حين جمرات الخطابة متوقدة ، وأسلحة البلاغة مسددة ،
وأسواق الفصاحة نافقة وأعلام السلاطة خافقة ، والقوم إذ يسلقون الناس
بألسنة كالسيوف ، ويرمون من أفواههم بقوارع كالحتوف ، بين شيطان مريد لسانه أمضى
من سنانه ، وجبار عنيد كلامه أنفذ من سهامه فما هؤلاء (إلا) أن صكّ أسماعهم هذا القول الفصل الجزل ، والسهل القريب ،
البعيد ، العجيب ، تلوح عليه سمات الإعجاز بين الإطالة والإيجاز ، وتتراءى فيه
أوضح المحجة ، وأبين الحجة وتكشف به الأدلة وتزاح العلة ، حتى أذعنوا صاغرين لفضله ، وأقروا
بالعجز عن الإتيان بمثله ، وأيقن ـ إلا من ضرب على أذنه ، وطبع على قلبه ـ أنه
معجزة الرسول صلىاللهعليهوسلم ، ودليله ،
وبرهانه ، كما كانت آية موسى عليهالسلام في تلقف عصاه ما يأفكون ، وبروز يده بيضاء من غير سوء معجزة له في زمان السحرة
__________________
والمهرة ، وكما (أن)
إبراء عيسى عليهالسلام الأكمه والأبرص ، وإحياء الموتى ـ بإذن الله ـ معجزة له في زمان الأطباء الألباء. ولما
اتسع نطاق الإسلام ، وامتد رواق الإيمان ، وأثبت في الآفاق شعاع الدين ، واستضاءت
القلوب بنور اليقين ، لم يتعرض لمعارضة القرآن منطيق مدره ، ولا شاعر مصقع إلّا ختم على خاطره وفنه ، وإنما قصارى المتحلين بالبلاغة
، والحاطبين في حبل البراعة أن يقتبسوا من ألفاظه ومعانيه في أنواع مقاصدهم ، أو
يستشهدوا ويتمثلوا به في فنون مواردهم ومصادرهم ، فيكتسي كلامهم بذلك الاقتباس
معرضا ما لحسنه غاية ، ومأخذا ما لرونقه نهاية ، ويكسب حلاوة وطلاوة ما فيها إلّا
معسولة الجملة والتفصيل. ويستفيد جلالة وفخامة ليست فيهما إلا مقبولة الغرة
والتحجيل . هذا النبي صلىاللهعليهوسلم هو أفصح العرب لهجة وأعذبهم عذبة وأحسنهم إفصاحا وبيانا ، وأرجحهم في الحكمة البالغة ميزانا
، قد اقتبس من معاني القرآن وألفاظه في الكثير من كلامه ، والجمّ الغفير من مقاله.
وكذلك السلف الأفضل من الصحابة والتابعين رضي الله عنهم أجمعين ، ومن بعدهم إلى
يومنا من كل طبقة. فما أكثر ما عوّلوا على الاقتباس من القرآن فرصّعوا كلامهم ترصيعا ، وتعاطوا فنونه جميعا. وسأورد في هذا الكتاب من
محاسنها كل ما تروق أصوله وفصوله ، ويفيد مسموعه ومحصوله. وإذ قد استمررت في
تصديره ، فأنا ذاكر أبوابه ؛ ليفرد كل منهما بذاته وتقرب على الناظر فيه وجوه
إيراده. وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب.
__________________
الباب الأول من كتاب
الاقتباس
في التحاميد ، وما
يتصل به من الثناء على الله تعالى بما هو أهله ، وذكر طرف من فضله ، ونعمه ، وسعة
رحمته ، وسائر صفاته وأفعاله جلّ جلاله ، وتقدست أسماؤه. وهو ستة عشر فصلا.
الباب الثاني
في ذكر النبي صلىاللهعليهوسلم ، وأجزاء من بعض محاسنه وخصائصه التي أفرده الله عزوجل بها ، وفضّله على جميع خلقه بما وهب له من الكلام المقتبس
من القرآن وهو اثنا عشر فصلا.
الباب الثالث
في ذكر العترة
الزكية ، والشجرة النبوية ، وإيراد نبذ من فضائلهم ومآثرهم ، وقطعة من فقر أخبارهم
، وغرر ألفاظهم وهو ستة فصول.
الباب الرابع
في ذكر الصحابة
وما خصهم الله تعالى من الفضل والشرف ، وأقاويل بعضهم في بعض ، وغرر من محاسن
كلامهم ونكت أخبارهم رضي الله عنهم أجمعين وهو عشرون فصلا.
الباب الخامس
في ذكر الأنبياء عليهمالسلام وغيرهم ممن نطق القرآن بأخبارهم ، وما اقتبس الناس منه في
فنون أغراضهم من قصصهم وتمثلوا به في أحوالهم ، وهو اثنا عشر فصلا.
الباب السادس
في فضل العلم والعلماء
، وفقر من محاسن انتزاعاتهم ولطائف من استنباطاتهم. وهو عشرة فصول.
الباب السابع
في ذكر الأدب
والعقل والحكمة ، والموعظة الحسنة. وهو ثلاثة فصول.
الباب الثامن
في ذكر محاسن
الخصال ، ومكارم الأفعال ، وطرائف الآداب.
الباب التاسع
في ذكر معائب
الخلال ، ومقابح الأفعال ، وذكر العامة والسقّاط والجهال ، وعورات الرجال.
الباب العاشر
في ذكر أنواع من
الأضداد ، والأعداد ، وهو ثلاثة فصول.
الباب الحادي عشر
في ذكر النساء
والأولاد ، والإخوان. وهو ستة فصول.
__________________
الباب الثاني عشر
في ذكر الطعام
والشراب وهو أربعة فصول.
الباب الثالث عشر
في ذكر البيان
والخطابة ، وثمرات الفصاحة والبلاغة.
الباب الرابع عشر
في ذكر الجوابات
المسكتة.
الباب الخامس عشر
في ملح النوادر.
الباب السادس عشر
في الاقتباس
المكروه.
الباب السابع عشر
في ذكر الرؤيا ،
وعجائبها ، والتعبيرات وبدائعها.
الباب الثامن عشر
في ذكر الخط
والكتاب والحساب ، ونصوص من فصول العهود ، وكتب الفتوح ونخب من ألفاظ الرسائل
السلطانية ، والإخوانية ، والتوقيعات ، وكتابات الجيوش في أشياء مختلفة.
__________________
الباب التاسع عشر
في الأمثال
والألفاظ التي تجري مجراها ، والتنبيه على مواضع استعمالها والتمثل بها.
الباب العشرون
في ذكر الشعر
والشعراء ، واقتباساتهم من ألفاظ القرآن ومعانيه.
الباب الحادي
والعشرون
في اقتباس بعض ما
في القرآن من الإيجاز والإعجاز ، والتشبيه والاستعارة والتجنيس ، والطباق ، وما
يجري مجراها.
الباب الثاني
والعشرون
في فنون مختلفة
الترتيب ، في طرائف التأويلات ولطائفها.
الباب الثالث
والعشرون
في فنون مختلفة
الترتيب.
الباب الرابع
والعشرون
في الدعوات
المستجابة.
الباب الخامس
والعشرون
في الرقى
والأحراز.
فهذا أطال الله
بقاء مولانا ، ثبت أبواب الكتاب ، والله تعالى يبارك له فيه ويقرّ عينه ، ويشرح
صدره ، ويسرّ قلبه به ، مع تبليغه به إياه أقصى الأوطار ، وأطول الأعمار في أكمل
المسار. وأحسن السعادات التي أهّله لها ، والنعم التي عمه وخصه بها من
فترة تشوبها أو تنقصها ، أو ردية تثلها وتنقضها. آمين اللهم آمين.
__________________
الباب الأول
في
التحاميد المقتبسة من
القرآن وما يتصل بها
من الثناء على الله
تعالى بما هو أهله ، وذكر
طرف من فضله ، ونعمه
، وسعة رحمته ، وسائر
صفاته وأفعاله جلّ
جلاله
الباب الأول
في التحاميد
المقتبسة من القرآن وما يتصل بها من الثناء على الله تعالى بما هو أهله ، وذكر طرف
من فضله ونعمته وسعة رحمته ، وسائر صفاته وأفعاله جل جلاله.
فصل
في نكت التحاميد
أحسن ما قرأته
وسمعته في فصل التحميد ، وأوجزه ، وألطفه قول أحد البلغاء :
أحقّ ما ابتدى به خطاب ، وصدّر به كتاب حمد الله الذي جعله فاتحة تنزيل
وخاتمة دعوى أهل جنته ؛ فقال تعالى : (وَآخِرُ دَعْواهُمْ
أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) .
وقال بعض السلف :
إن الله تعالى رضي من شكر المؤمنين له على إدخاله إياهم الجنة بأن قالوا (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا
وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ
فَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ) .
لما قتل المهتدي وقام المعتمد كتب إلى الموفق : (الْحَمْدُ لِلَّهِ
الَّذِي
__________________
أَذْهَبَ
عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنا لَغَفُورٌ شَكُورٌ) .
عبد العزيز بن عمر
: الحمد لله الذي جعل أهل طاعته أحياء في مماتهم ، وجعل أهل معصيته أمواتا في
حياتهم. يريد قوله تعالى : (وَلا تَحْسَبَنَّ
الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ (اللهِ) (أَمْواتاً بَلْ
أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ) . وقوله عزّ ذكره : (إِنَّكَ لا تُسْمِعُ
الْمَوْتى) . وقوله تعالى : (أَمْواتٌ غَيْرُ
أَحْياءٍ وَما يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ) .
وفي هذا المعنى
ينشد :
لقد أسمعت لو
ناديت حيّا
|
|
ولكن لا حياة
لمن تنادى
|
وقرأت في فصل لابن
المعتز أستحسنه جدا وهو :
__________________
الحمد لله الذي
لما خلق الإنسان جعل عقله دليله ، والرسل هداته والملائكة ، رقباءه والشهود عليه جوارحه ، ثم جعله حسيب نفسه ، وردّ إليه كتابه يوم نشره ، يقرأه ، فلا يفقد حسنة عملها ، ولا يجد فيه سيئة لم يقترفها . لم يلزمه الله عبادته حتى فرغ من هدايته ، وأزاح علله ،
بأن ضمن الرزق له ، ثم وعده ، وتوعده ، وأمره ، وعلمه (فَتَبارَكَ اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ) .
نظر أعرابي إلى
غمار الناس في الموسم ، فقال :
الحمد لله الذي
أحصاهم عددا ، ولم يهمل منهم أحدا .
لما توفي عبد
الملك بن عمر بن عمر بن عبد العزيز قال عمر :
الحمد لله الذي
جعل الموت واجبا على خلقه ، ثم سوّى فيه بينهم. فقال تعالى : (كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ) .
__________________
ابن عبد كان : الحمد لله ذي العز الشامخ ، والسلطان الباذخ ، والنعم
السوابغ ، والحجج البوالغ ليس له كفء مكاثر ، ولا ضدّ منافر ، إذ به لا ينقض التدبير ، ويتم التقدير. يدرك الأبصار ، ولا تدركه الأبصار وهو اللطيف
الخبير .
إبراهيم بن العباس
: الحمد لله ذي الأسماء الحسنى والمثل الأعلى لا يؤوده حفظ كبير ولا يعزب عنه علم صغير [يَعْلَمُ] (خائِنَةَ الْأَعْيُنِ
وَما تُخْفِي الصُّدُورُ) ، (وَما تَسْقُطُ مِنْ
وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُها وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُماتِ الْأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا
يابِسٍ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ) .
أحمد بن يوسف : الحمد لله خلق الأشياء كلّها على غير مثال ، وأنشأها على
غير حدود ، ودبّر الأمور بلا مشير ، وقضى في الدهور بلا ظهير. وأمسك السماء
__________________
بقدرته ، وبناها بإرادته وأسكنها ملائكته الذين اصطفاهم لمجاورته
وجبلهم على طاعته ، ونزههم عن معصيته ، وجعلهم سكان سماواته ، وحملة عرشه ،
ورسله إلى أنبيائه (يُسَبِّحُونَ
اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لا يَفْتُرُونَ) . وبسط [الأرض] لكافة خلقه ، وقسم بينهم الأرزاق ، وقدّر لهم الأقوات. فهم
في قبضته يتقلبون ، وعلى أقضيته يجرون ، حتى يرث الأرض ومن عليها (وَأَنْتَ خَيْرُ الْوارِثِينَ) .
وقال سعيد بن حميد
: الحمد لله الذي خلق السماء بأيده فرفعها ، ودحا الأرض بقدرته فبسطها ، وبث فيها من كل دابة ، وهو على جمعهم إذا يشاء
قدير .
وقال أبو علي البصير
: الحمد لله الذي قدّر فسوى ، وخلق فهدى ، ولم يترك خلقه سدى ، ولكنه امتحنهم وابتلاهم ، وأمرهم ودعاهم لما يحييهم ،
وندبهم إلى ما ينجيهم فقال : (وَأَطِيعُوا
الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) .
__________________
وقال أبو القاسم
علي بن محمد الإسكافي . الحمد لله المعزّ المذل ، المرشد المبطل الذي يزهق الباطل
بنعمائه ، (وَيُحِقُّ اللهُ
الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ) (وَلَوْ كَرِهَ
الْمُشْرِكُونَ) .
وقال : الحمد لله السابغ عطاؤه ، النافذ قضاؤه ، الذي ينتقم من
الظالمين (وَلا يُرَدُّ
بَأْسُهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ) .
فصل
في دلالة التحميد على ما يكتب من أجله
إذا كان المنشئ
مبرّزا أشار في أول كلامه إلى غرضه. وهذه عادة لابن عبد كان المصري مشهورة
مستحسنة. كتب في رسالة ذكر فيها استقامة الحال ، من والي الجيش وأمنه فقال :
الحمد لله مقلب
القلوب ، وعلام الغيوب الجاعل بعد العسر يسرا ، وبعد التفرق اجتماعا.
__________________
وحكى أحمد بن
مهران عن سعيد بن حميد قال :
ولدت بغلة في أيام
المعتمد وكنت على ديوان الرسائل إذ ذاك ، فأمرت أن أنشئ كتابا في ذلك ، فلم أدر
كيف أكتب ، وكيف أفتتح ، فغلبتني عيناي ، فأتاني آت في منامي . وقال لي : اكتب :
الحمد لله (الذي
يقر في الأرحام ما يشاء بقدرته) ، ويصور فيها ما يريد بحكمته.
قال : فابتهلت ،
وابتدأت ، وأنشأت الكتاب عليه.
وذكر الصولي في
كتاب الأوراق : أن كتاب صاحب البريد بالدينور في سنة ثلاثمائة ورد على المقتدر يذكر أن بغلة [ولدت] فلوة ، ونسخته . وقال :
الحمد لله. كبّرت لله ، الموقظ بعبره قلوب الغافلين ، والمرشد بآياته عقول العارفين ، الخالق لما يشاء كيف يشاء بلا مثال ، ذلك الله البارئ المصور له الأسماء الحسنى . وفيما قضاه المصور في الأرحام ما يشاء أن الموكل بالتطواف
بقرميسين رفع يذكر أن بغلة لرجل يعرف بأبي بردة من أصحاب أحمد بن
أبي علي المري وضعت
__________________
فلوة ، ويصف اجتماع الناس لذلك ، وتعجبهم مما عاينوا منه ، فبعثت من جاءني بالبغلة ، فوجدتها كميتا خلوقية . ورأيت الفلوة سوية الخلق ، تامة الأعضاء ، يشبه ذنبها
أذناب الدواب (فَتَبارَكَ اللهُ
أَحْسَنُ الْخالِقِينَ) .
فصل
في عجائب الخلق
قال الجاحظ :
كان بعض المفسرين
يقول : من أراد أن يعرف قوله جلّ ذكره : (وَيَخْلُقُ ما لا
تَعْلَمُونَ) فليوقد نارا عظيمة ، وسط غيضة ، أو في صحراء . ثم لينظر [إلى] ما يغشى تلك النار من أصناف الخلق والحشرات والهمج ، فإنه سيرى صورا ، ويتعرف خلقا لم يكن يظن أن الله خلق
شيئا من ذلك في هذا العالم . قال الله تعالى : (وَيَخْلُقُ ما لا
__________________
تَعْلَمُونَ) ، (فما كان سبيله أن يعلم ، فلينظر فيما ذكر الله عز اسمه) .
وذكر دعبل في كتاب الشعراء أنه عثر على قهندز في مرو فوجدوا فيه سنين كبيرين في كل واحد منهما وزن منوين ، فحملتا إلى عبد الله بن المبارك فتعجب منهما ، وقال .
أتيت بسنّين قد
رمّتا
|
|
من الطين لما أثاروا الدفينا
|
على قدر منوين
إحداهما
|
|
يقلّ بها المرء شيئا رزينا
|
ثلاثون أخرى على
قدرها
|
|
تباركت يا أحسن
الخالقينا
|
__________________
قال الأصمعي : كان
بشار بن برد يقول : ما في الأرض أحسن من الإنسان. فإذا قيل له ، فكيف؟ قال : سمعت
الله يقول : (لَقَدْ خَلَقْنَا
الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ) .
قال : فعلمت أن
القول لم يطلق هذا الإطلاق ، وهو يمر بالمتصنعين ، والعيابين والمعاندين ، فلا
يعارضه أحد بالتكذيب ، إلّا والأمر على ما وصف.
قال : وحكى غير
الأصمعي أن بشارا ـ كان أعمى أكمه ـ كذلك قال يوما بعد أن أطال السكوت ، وتنفس
الصعداء :
أما والله ، إني
لست أتلهف على ما يفوتني من رؤية هذا العالم إلا على شيئين اثنين. قيل : وما هما
يا أبا معاذ؟ قال : الإنسان والسماء. قيل ولم؟ قال : لأن الله يقول (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي
أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ) ويقول (وَلَقَدْ زَيَّنَّا
السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ) فلا شيء أحسن مما ذكره الله (بأنه) خلقه في أحسن تقويم ، ومما ذكر أنه زينه ، أفلا تشق عليّ رؤيتهما؟ وفي الله عوض من كل فائت.
وفي كتاب الفرج
بعد الشدة بإسناده لصاحبه أن عيسى بن موسى الهاشمي كانت له امرأة من بنات أعمامه لا يرى بها الدنيا. فقال لها
يوما وقد أعجبته جدا : أنت طالق إن لم تكوني أحسن من القمر. فصكّت وجهها ودقت
صدرها . ثم قامت واستترت ،
__________________
ولم تشك في أنها طلقت.
وبلغ الهم بتلك الحال من عيسى كل مبلغ ، واشتد جزعه ، واضطرابه فأمر بجميع أعيان
الفقهاء فلما حضروا استفتاهم فيها ، فما منهم إلّا من أفتى بطلاقها ، وفيهم شاب ، رث الهيئة ، لا ينطق. فقال عيسى : ما سكوتك يا فتى؟ فقام ونادى بأعلى
صوته : أمسك عليك زوجك أيها الأمير ، فإن الله تعالى يقول : (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي
أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ). فلا شيء أحسن منه. فقالوا جميعا : لقد قال قولا سديدا ،
وحكموا له بالإصابة ، واتفقوا على أنها لم تطلّق ، فسري عن عيسى ، وسرّ غاية
السرور ، وأمر للفتى بصلة وخلعة .
قال الجاحظ :
أو ما علمت أن الإنسان الذي خلق الله السموات والأرض وما بينهما لأجله
كما قال الله تعالى : (وَسَخَّرَ لَكُمْ ما
فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ) .
وقال : إنما سمّوه
العالم الصغير سليل العالم الكبير ، ووجدوا له الحواس الخمس ، ووجدوه يأكل اللحم والحب ،
ويجمع بين ما تقتاته البهيمة والسبع ، ووجدوا فيه صولة
__________________
الجمل ، ووثوب
الأسد وغدر الذئب ، وروغان الثعلب ، وحنين الصفرد ، وجمع الذرة ، وصنعة السرفة ، وجود الديك ،
وإلف الكلب ، واهتداء الحمام.
وقال : وسمّوه
العالم الصغير ، لأنه يصور كل شيء بيده ، ويحكي صوته بفمه ، ولأن أعضاءه مقسومة على البروج الإثني عشر ، والنجوم السبعة وفيه
الصفراء ؛ وهي من نتاج النار ، والسوداء ؛ وهي من نتاج الأرض ، وفيه الدم وهو من
نتاج الهواء. وفيه البلغم ؛ وهو من نتاج الماء (فَتَبارَكَ اللهُ
أَحْسَنُ الْخالِقِينَ)
في قول الله (يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ ما يَشاءُ) يعني : الوجه الحسن .
اقتبس أبو فراس
الحمداني اللفظ والمعنى فقال في الغزل .
كان قضيبا له
انثناء
|
|
وكان بدرا له
ضياء
|
فزاده ربّه
عذارا
|
|
تمّ به الحسن
والبهاء
|
لا تعجبوا ربّنا
قدير
|
|
يزيد في الخلق
ما يشاء
|
__________________
وقرأت في أخبار
أبي نواس من الكتاب المستنير تأليف أبي عبيد الله المرزباني أن أبا نواس لما انشد النظّام قوله :
سبحان من خلق
الخل
|
|
ق من ضعيف مهين
|
يسوقه من قرار
|
|
إلى قرار مكين
|
يحول شيئا فشيئا
|
|
في الحجب دون
العيون
|
حتى بدت حركات
|
|
مخلوقة من سكون
|
قال النظام :
نبهتني والله لشيء كنت عنه غافلا. ووضع كتابه في الحركة والسكون.
فصل
في لمع من صفاته عزّ ذكره
يروى أن عثمان بن
عفان رضي الله عنه خرج يوما من داره ، وقد جاء عامر بن عبد القيس فقعد في دهليزه. فلما رأى عثمان به رجلا شيخا متلفعا
بعباءة أنكره وأنكر مكانه. فقال : يا أعرابي : أين ربك؟
__________________
قال : بالمرصاد يا أمير المؤمنين.
(ويقال) إن عثمان لم يفحمه أحد غير عامر هذا.
قال بعض العلماء :
من شأن الله كل يوم أن يجيب داعيا ، ويعطي سائلا ، ويغني فقيرا ، ويشفي سقيما ،
ويهلك جبارا عنيدا ، وذلك قوله تعالى : (كُلَّ يَوْمٍ هُوَ
فِي شَأْنٍ) .
وأتي الحجاج برجل
من الخوارج ، وأمر بضرب عنقه. فقال له :
إن رأيت أن تؤخرني
إلى غد فافعل.
فقال : ولم؟
فأنشأ يقول :
عسى فرج يأتي به
الله إنه
|
|
له كل يوم في
خليقته أمر
|
فقال الحجاج :
انتزعته من قول الله تعالى : (كُلَّ يَوْمٍ هُوَ
فِي شَأْنٍ) . وأمر بتخلية سبيله.
__________________
ولما خوّف أبو حازم الأعرج سليمان بن عبد الملك بوعيد الله للمذنبين ، قال سليمان : فأين رحمة الله؟ قال قريب من
المحسنين.
سئل يزيد بن موسى
، لم سمي الله بالمؤمن؟ فقال : لأنه يؤمن من عذابه من آمن.
وكيع بن الجراح قال :
رأيت في المنام
رجلا له جناحان فقلت له : من أنت؟
فقال : ملك من
ملائكة الله تعالى.
فقلت له : أسألك؟
قال : سل.
فقلت : ما اسم
الله الأعظم؟
فقال : الله.
فقلت : وما برهان
ذلك؟
قال : إنه قال
لموسى عليهالسلام (إِنَّنِي أَنَا اللهُ) ولو كان له اسم أعظم منه لقاله تعالى ذكره.
__________________
فصل
في سعة مغفرته ورحمته
سمع أعرابي ابن
عباس يقرأ : (وَكُنْتُمْ عَلى شَفا
حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها) فقال : نجونا ورب الكعبة ، ما أنقذنا منها وهو يريد أن
يلقينا فيها. فقال ابن عباس : خذوها من غير فقيه.
قال النبي صلىاللهعليهوسلم : (لو لم يذنب العباد لخلق الله عبادا يذنبون فيغفر لهم
إنه هو الغفور الرحيم) .
وعن ابن عباس في
قوله : (غافِرِ الذَّنْبِ
وَقابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقابِ) قال : غافر الذنب لمن قال لا إله إلا الله ، وقابل التوب
ممن قالها ، شديد العقاب لمن لم يقلها .
أتى مطرف بن عبد
الله مجلس مالك (بن) دينار وقد قام فقال له أصحابه لو تكلمت؟
فقال : هذا ظاهر
حسن (إِنْ تَكُونُوا
صالِحِينَ فَإِنَّهُ كانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُوراً) .
__________________
قتادة في قوله
تعالى : (إِنَّمَا التَّوْبَةُ
عَلَى اللهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ
قَرِيبٍ) . قال ، اجتمع أصحاب محمد صلىاللهعليهوسلم على أن كل ذنب أتاه عبد عمدا فهو بجهالة .
وعن النبي صلىاللهعليهوسلم : (إن الله يعطي كل مؤمن جوازا على الصراط وفيه : بسم الله
الرحمن الرحيم. هذا كتاب من الله الغفور الرحيم لفلان بن فلان. أما بعد ، فادخلوا
جنة عالية ، قطوفها دانية) .
قال :
قارف الزهري ذنبا فاستوحش من الناس وهام على وجهه ، فقال له زيد بن علي
بن الحسين رضي الله عنهم : يا زهري ، لقنوطك من رحمة الله التي وسعت كل شيء أشد
عليك من ذنبك .
فقال الزهري :
الله يعلم حيث يجعل رسالته. ورجع إلى حاله وأهله.
قال ابن عباس :
__________________
أرجى آية في كتابه
عز ذكره (إِنَّ اللهَ لا
يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ) . قال : وأرجى منها قوله تعالى : (قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا
عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ
الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) .
وقال غيره :
أرجى آية في كتاب
الله عزوجل (تِلْكَ الدَّارُ
الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلا
فَساداً وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) . قال : يعني علوا في الأرض كعلو فرعون ، وفسادا كفساد
فرعون ، والعاقبة للمتقين الذين تبرأوا من هاتين الخصلتين ، والله أعلم.
فصل
في ذكر نعمته عزوجل
قول بعض السلف :
إذا أردت أن تعلم
نعمة الله عليك ، فغمض عينيك ، ثم افتحها ؛ ليتبين لك مصداق قوله تعالى : (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللهِ لا
تُحْصُوها) .
وقلت في كتاب
المبهج :
__________________
سبحان من لا يحصر
نعمه حاصر ، فكل حساب عنها قاصر (وَإِنْ تَعُدُّوا
نِعْمَتَ اللهِ لا تُحْصُوها) .
لما بنى المنصور
مدينة بغداد أخبره نوبخت المنجم بما تدل عليه النجوم من طول ثباتها وكثرة عمارتها
، وانصباب الدنيا عليها ،
وفقر الناس إليها. فقال المنصور : (ذلِكَ فَضْلُ اللهِ
يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) .
ويقال إن الكتّاب
أخذوا قولهم وأتم نعمته عليك وزادها أخذوه من قول عدي ابن الرقاع العاملي .
صلّى الإله على
امرئ ودعته
|
|
وأتمّ نعمته
عليك وزادها
|
فصل
في ذكره سبحانه
سئل النبي صلىاللهعليهوسلم عن أرفع عباد الله درجة يوم القيامة فقال : (الذاكرون الله
كثيرا والذاكرات) .
__________________
قيل : يا رسول
الله والمجاهد في سبيل الله؟
قال : لو ضرب
بسيفه في الكفار حتى يخضب دما وينكسر ، لكان الذاكرون الله أفضل .
وعن سعيد بن جبير
، في قوله تعالى (فَاذْكُرُونِي
أَذْكُرْكُمْ) . قال اذكروني بالظلمة أذكركم بالعصمة .
فصل
في تقديره جل جلاله
لما طعن أبو لؤلؤة
عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو في المحراب يصلي بالناس صلاة الصبح جمع ملحفته على بطنه وقال : (وَكانَ أَمْرُ اللهِ
قَدَراً مَقْدُوراً) .
ولما خرج شبيب
الخارجي من الكوفة يريد الأهواز ، وقد فعل الأفاعيل ارتطم فرسه في (نهر)
دجيل فغرق وهو يقول (ذلِكَ تَقْدِيرُ
الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) .
__________________
وقال بعض الشعراء
:
كم من لبيب راجح
علمه
|
|
مستحصف الرأي مقل عديم
|
ومن جهول وافر
ماله
|
|
(ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ)
|
قال : دخل أبو الجماز على قتيبة بن مسلم ، وبين يديه رجل يضرب بالعصا. فقال له :
أيها الأمير ، قد
جعل الله لكل شيء قدرا ، ووقّت له وقتا فالعصا للأنعام والهوام ، والبهائم العظام. والسوط للحدود
، والتعزيز . والدرة للتأديب ، والسيف لقتال العدو والقود . فقال قتيبة :
صدقت. وأمر برفع
الضرب عن المضروب ، وتخلية سبيله.
__________________
فصل
في الشفاء ، من عند
الله تعالى
قيل لسفيان بن
عيينة في مرض عرض له ، ألا ندعو لك طبيبا؟
فقال : (وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ فَلا
كاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ
قَدِيرٌ) .
وقيل في مثل ذلك
لإبراهيم بن أدهم . فقال (وَإِذا مَرِضْتُ
فَهُوَ يَشْفِينِ) .
وقلت في كتاب
المبهج : إذا مسّك الضر فالله يكفيك ، وإذا شفّك السقم فالله يشفيك.
فصل
في اقتران وعده
بوعيده عزوجل
قال أبو بكر
الصديق رضي الله عنه : إن الله عزوجل قرن آية العذاب بآية الرحمة ؛ ليكون العبد راغبا ، راهبا. قال
الله تعالى : (وَاعْلَمُوا أَنَّ
اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) ، (وَأَنَّ اللهَ
غَفُورٌ رَحِيمٌ) . وقال جل ذكره : (نَبِّئْ عِبادِي
أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (٤٩) وَأَنَّ عَذابِي هُوَ الْعَذابُ
الْأَلِيمُ) . وقال تعالى (إِنَّ رَبَّكَ لَذُو
__________________
مَغْفِرَةٍ
وَذُو عِقابٍ أَلِيمٍ) .
وكان بعض النساك
إذا أوى إلى فراشه قال : يا ليت أمي لم تلدني.
فقالت له امرأته :
إن الله قد أحسن إليك وهداك .
قال : أجل ، ولكن
بيّن لنا أنّا واردوها ، ولم يبين لنا أنا صادرون عنها يعني قوله (تعالى) (وَإِنْ مِنْكُمْ
إِلَّا وارِدُها كانَ عَلى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيًّا) .
قالت ابنة الربيع
بن خثيم له : يا أبت ما لك لا تنام ، والناس نيام؟
فقال : يا بنية ،
أخاف البيات . إن الله تعالى يقول (أَفَأَمِنَ أَهْلُ
الْقُرى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنا بَياتاً وَهُمْ نائِمُونَ) .
فصل
في فقر من ذكر قدرته
وجوده وغناه وسائر صفاته
قال معاوية لسعيد بن العاص : كم ولدك؟
قال : عشرة ،
أكثرهم الذكور.
__________________
فقال معاوية : (يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً وَيَهَبُ
لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ) .
وقال سعيد : (يؤتى
الملك من يشاء ، وينزع الملك ممن يشاء) .
وأنشدني أبو الفتح
علي بن محمد البستي الكاتب لنفسه في الاقتباس من هذه الآية :
إذا خدم السلطان
قوم ليشرفوا
|
|
به وينالوا
كلّما يتشوفوا
|
خدمت إلهي ،
واعتصمت بحبله
|
|
ليعصمني من كل
ما أتخوّف
|
وخدمة من يولى السلاطين ملكهم
|
|
وينزعه عنهم
أجلّ وأشرف
|
قيل لأبي حازم :
أنت مسكين.
فقال : كيف أكون
مسكينا ، ولمولاي السموات والأرض ، وما بينهما ، وما تحت الثرى .
قال بعض الحكماء :
لا يزال تراث
الأوائل ينتقل إلى الأواخر حتى يرث الله الأرض ومن عليها ، وهو خير الوارثين . قال الله تعالى (وَلِلَّهِ مِيراثُ
السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ
__________________
خَبِيرٌ) .
لما جاء البشير
إلى المهتدي بأن موسى بن بغا هزم مساور الشاري وأصحابه وقتل فيهم مقتلة عظيمة. نزل من سريره ، وسجد على التراب وجعل
يقول : (إِنْ يَنْصُرْكُمُ
اللهُ فَلا غالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ
مِنْ بَعْدِهِ) .
فصل
في ذكر تسخيره تعالى
الناس بعضهم بعضا
قد أخبر الله
تعالى ما دبّر عليه عباده من تصييرهم في درجات متفاضلة ، وبيّن علة ذلك بقوله : (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ
الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما
آتاكُمْ) . وقال تعالى (نَحْنُ قَسَمْنا
بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَرَفَعْنا بَعْضَهُمْ فَوْقَ
بَعْضٍ دَرَجاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيًّا) . فوصف عزّ ذكره أنهم لم يكونوا يستغنون في قوام معايشهم
على أن يكونوا
__________________
متفاضلي درجات
الرفعة ، والضعة ، والغنى والفقر والسعة ، والضيق ، ليتعايشوا بذلك ، ويتعاونوا في المعايش التي لا
بد لهم من الترافد فيها .
وأنشدني أبو الفتح
لنفسه في هذا المعنى :
سبحان من سخّر
الأقوام بعضهم
|
|
بعضا حتى استوى
التدبير واطردا
|
كلّ بما عنده
مستبشر فرح
|
|
يرى السعادة
فيما نال واعتقدا
|
فصار يخدم هذا
ذاك من جهة
|
|
وذاك من جهة هذا
وإن بعدا
|
فصل
في ذكر طرف من حكمته
قال الله تعالى : (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا
وُسْعَها) .
وقال الشاعر
مقتبسا من الآية :
ما كلّف الله
نفسا فوق طاقتها
|
|
ولا تجود يد
إلّا بما تجد
|
قال الله تعالى : (إِنَّ اللهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى
يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ) .
قال أبو دلامة زند
بن الجون مقتبسا من هذه الآية :
__________________
أبا مجرم ما غيّر الله نعمة
|
|
على عبده حتى
يغيرها العبد
|
قال الله تعالى : (الشَّيْطانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ
وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشاءِ وَاللهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلاً
وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ) .
قال ابن الرومي مقتبسا من هذه الآية :
أرى الشيطان
يوعدني شرورا
|
|
ووعد الله
بالخيرات أوفى
|
فصل
في ذكر صبغة الله
تعالى
قال بعض الظرفاء :
أربع بربع
للربيع وكن به
|
|
ضيفا يكن ندماءك
الأنوار
|
__________________
من فاقع في ناصع
في قانئ
|
|
في ناضر قد صاغها
الجبار
|
يشير إلى قوله
تعالى : (صِبْغَةَ اللهِ
وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ صِبْغَةً) .
ولى في كتاب
المبهج :
تعالى الله ، ما
ألطف صبغته ، وأبدع صيغته ، وأحسن صنعته.
فصل
يليق بهذا المكان من
الكتاب المبهج
يشتمل على فصول
مقتبسة من القرآن
سبحان من لا تحدّه الأوهام والألسنة. ولا تغيّره الشهر والسنة ، ولا يأخذه النوم ولا السنة . لا يأس مع فضل الله ، ولا يأس من روح الله ، قد ينصر الله
__________________
بالحرب الأضعف على العدد المضعف (مِنْ فِئَةٍ
قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللهِ) .
لا يقرع باب
السماء بمثل الدعاء (ما يَعْبَؤُا بِكُمْ
رَبِّي لَوْ لا دُعاؤُكُمْ) .
__________________
الباب الثاني
في
ذكر النبي صلىاللهعليهوسلم ، وأجزاء
من بعض محاسنه وخصائصه التي أفرده الله عزوجل
بها ، وفضّله على جميع خلقه بما وهب له
من الكلام المقتبس من القرآن
الباب الثاني
في ذكر النبي صلىاللهعليهوسلم ، وأجزاء (من) بعض محاسنه وخصائصه التي أرفده بها ، وفضّله على جميع خلقه
(بما وهب له منها) وشيء من كلامه المقتبس من القرآن.
فصل
في ذكر كرامته على
الله عزّ ذكره
واختصاصه به وارتفاع
مقداره عنده وعلو منزلته لديه
عن ابن عباس :
والله ثم والله ،
ما خلق الله ، ولا برأ ، ولا ذرأ نفسا أكرم عليه من محمد صلىاللهعليهوسلم ، وما سمعناه أقسم بحياة أحد غيره حيث قال : (لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي
سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ) يعني وحياتك يا محمد .
وقال بعض السلف :
إنما جعل الله
النبي عليهالسلام (أَوْلى
بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ) ؛ لأن النفس أمّارة بالسوء. والنبي صلىاللهعليهوسلم لا يأمر إلا بما فيه صلاح الدارين.
وقال عمر بن عبد
العزيز :
__________________
من كرامة النبي صلىاللهعليهوسلم على ربه أنه أخبره بالعفو قبل أن يخبره بالذنب. فقال تعالى
: (عَفَا اللهُ عَنْكَ
لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ) .
المفسرون في قوله
تعالى (وَرَفَعْنا لَكَ
ذِكْرَكَ) قالوا : ستذكر حين أذكر. وكفى به شرفا وفخرا .
محمد بن علي بن
الحسين رضي الله عنهم :
إن الله تعالى
أدّب نبيه محمدا صلىاللهعليهوسلم بأحسن الأدب فقال : (خُذِ الْعَفْوَ
وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ) . فلما علم انه قبل الأدب قال : (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، فلما استحكم له من رسول الله صلىاللهعليهوسلم ما أحبه قال لأمته : (وَما آتاكُمُ
الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) .
وقال يوما لجلسائه
: إنكم تقولون إن أرجى آية من كتاب الله عزوجل (قُلْ يا عِبادِيَ
الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ
اللهَ يَغْفِرُ
__________________
الذُّنُوبَ
جَمِيعاً) ، ونحن أهل البيت نقول أرجى آية في كتاب الله تعالى قوله :
(وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ
رَبُّكَ فَتَرْضى) ، وذلك أنه لما نزلت هذه الآية قال عليهالسلام لجبريل : يعطيني ربي حتى أرضى؟ قال : نعم. فإني أسأله أن يعطيني حتى أرضى ، وهو أن لا يعذب أمتي بالنار.
فصل
في الصلاة عليه
أول من قال إن
الله تعالى ، أمركم بأمر بدأ فيه بنفسه ، وثنى بملائكته ، فقال : (إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ
عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا
تَسْلِيماً) (الهادي) بن المهدي بن المنصور ، ثم تلفاه الخلفاء ، والخطباء بعده
إلى يومنا هذا. وقال بعض الشعراء :
صلّى الإله على
ابن آمنة التي
|
|
جاءت به سبط البنان كريما
|
قل للذين رجوا
شفاعة أحمد
|
|
صلوا عليه
وسلموا تسليما
|
__________________
وكتب بعض البلغاء
:
صلى الله على محمد
ذي المحتد الكريم ، والشرف العميم والحسب الصميم ، والخلق العظيم ، والدين القويم ، والقلب السليم
الذي دعا إلى الله بإذنه على حين فترة من الرسل ، واختلاف من الملل ، وتشعب من السبل قوما يعبدون ما
ينحتون ، والله خلقهم وما يعبدون ، فصدّع بأمر ربه ، وبلّغ ما تحمّل من رسالاته حتى أتاه اليقين ، (وَظَهَرَ أَمْرُ اللهِ وَهُمْ كارِهُونَ) .
ولابن عباد من
رسالة :
صلّى الله على المبارك مولده ، السعيد مورده ، القاطعة حجته ،
السامية درجته الذي نسخت بملته ، الملل ، وبنحلته النحل ، وصار العاقب والخاتم والقاطع ،
والجازم ، قد أفرد بالزعامة وحده ، وختم ألا نبيّ بعده. لم يكتب كاتب إلا ابتدأ مصليا عليه ، ولا يختم إلّا
بردّ السلام والتحية إليه ، ذاك البشير النذير ، السراج المنير ، محمد سيد الأولين والآخرين.
__________________
ومن كتابي المعروف
بالمبهج .
صلّى الله على
محمد الذي ما هو إلا شفاء السقيم ، والهادي إلى الصراط المستقيم ، والدليل إلى النعيم
المقيم ، والمجير من عذاب اليوم العقيم.
فصل
في ذكر أخلاقه صلىاللهعليهوسلم
ابن عباس ، وأنس
بن مالك ، وابن مسعود ، وعائشة ، وغيرهم (رضي الله عنهم) دخل حديث بعضهم في بعض
قالوا جميعا :
كان رسول الله
يعود المرضى ، ويشيع الجنائز ، ويجيب الداعي ولو إلى كف حشف . ويقول : (لو دعيت إلى ذراع لأجبت ، ولو أهدى إليّ كراع لقبلت).
وكان يصافح الغنى
، والفقير ، ويبدأ بالسلام ، ويجلس مع المساكين ، والضعفاء ، ويلبس العباء ، ويمشى
في الأسواق ويركب الحمار ، ويأكل على الأرض ، ويقول إنما أنا
__________________
عبد آكل كما يأكل
العبد . وكان يمزح ولا يقول إلا حقا. مازح عجوزا فقال : (إن الجنة لا يدخلها العجز). فبكت وجزعت ،
فقرأ عليهالسلام (إِنَّا
أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً (٣٥) فَجَعَلْناهُنَّ أَبْكاراً (٣٦) عُرُباً أَتْراباً) .
وكان يعقل البعير
، ويعلف الناضج ، ويخصف النعل ، ويرقع الثوب ، ويصلح الدلو.
وكان يقول : (لا
تفضلوني على من سبح الله في الظلمات الثلاث) يعني يونس عليهالسلام . ولا شك في أنه أفضل منه ، ومن جميع الأنبياء عليهمالسلام ، ولكنه كان يعطي التواضع حقه.
وأتى يوما برجل
فأخذته الرّعدة فقال له : (هوّن عليك فإنما أنا بشر مثلكم ، ولست بملك ، ولا جبار ، إنما أنا ابن امرأة كانت تأكل
القديد) .
وكان عليهالسلام هيّن المؤونة لين الجانب. كما قال الله تعالى (فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ
لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ) .
__________________
وكان كريم الطبيعة
، جميل العشرة ، طلق الوجه ، هشّا بشّا ، بساما في غير ضحك ، متواضعا من غير ذل ،
جوادا من غير سرف ، رقيق القلب كما قال الله تعالى (بِالْمُؤْمِنِينَ
رَؤُفٌ رَحِيمٌ) .
وكان لم يتجشأ قط
من شبع ، ولا مدّ يده إلى طمع ، وما كان أكل قط وحده ، ولا منع
رفده ، ولا ضرب عبده ، ولا ضرب أحدا إلا في سبيل ربه.
وكان يتوسد يده ويغضّ من نفسه ، فذلك قول الله تعالى فيه (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، ولا عظيم أعظم ممن عظّمه الله ، ولو لم يكن من كرم خلقه
، وشرف نفسه ، وحسن عفوه ، وسماحة طبعه ، ورجاحة علمه إلّا ما كان منه يوم فتح مكة ؛ لكان ذلك من أكمل الكمال. وقد كانوا قتلوا أعمامه وأولياءه ، وقلاه أنصاره بعد أن حصروه في الشّعاب ، وعذّبوا أصحابه بأنواع العذاب ، وجرحوه في
بدنه ، وآذوه في نفسه وسفّهوا رأيه ، وأجمعوا على كيده. فلما دخل مكة عنوة بغير جهد ، وظهر عليهم على صغر منهم . قام خطيبا فحمد الله ، وأثنى عليه. قال : ألا إني أقول
لكم ما قال أخي يوسف لأخوته (لا تَثْرِيبَ
عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) .
__________________
فصل
في نبذ من محاسنه
وخصائصه عليهالسلام
لا وصف أبلغ ، ولا
مدح أمدح مما ذكر الله تعالى به نبيه محمدا عليهالسلام في آي كثيرة من كتابه فقال : (يا أَيُّهَا
النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً (٤٥) وَداعِياً
إِلَى اللهِ بِإِذْنِهِ وَسِراجاً مُنِيراً) . وقال : (الَّذِينَ
يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً
عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ
وَيَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ وَيُحَرِّمُ
عَلَيْهِمُ) (الْخَبائِثَ وَيَضَعُ
عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ) وما من نبي إلّا قد كان مرسلا إلى قوم معلومين ، وأمة
مخصوصة سواه عليهالسلام فإنه كان مبعوثا إلى الأحمر والأسود كما قال الله تعالى : (قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي
رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً) . وقال : (نَذِيراً لِلْبَشَرِ) . وقال : (وَما أَرْسَلْناكَ
إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً) . وقال : (لِيَكُونَ
لِلْعالَمِينَ نَذِيراً) وقال : (وَأَرْسَلْناكَ
لِلنَّاسِ رَسُولاً) وقد قرن طاعته بطاعته ، وجعل العمل بقوله كالعمل بكتابه
فقال :
__________________
(يا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ) .
وذكر قضاءه ،
وناهيك به منزلة ودرجة فقال : (وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ
وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ
الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ
ضَلالاً مُبِيناً) .
ومن خصائصه عليهالسلام : أن معجزات الأنبياء قبله كانت ملحوظة تدركها الأبصار ، فهي زائلة بزوال أصحابها ، ذاهبة مع
ذهابها ، ومعجزته صلىاللهعليهوسلم معقولة تدركها البصائر أبدا ما دامت السموات والأرض ، ألا
ترى أن القوم طالبوه بمعجزة تعاينها العيون فقالوا : (لَوْ لا أُنْزِلَ
عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ) . فقال الله تعالى (قُلْ إِنَّمَا
الْآياتُ عِنْدَ اللهِ وَإِنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ) . ثم قال تعالى (أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ
أَنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ يُتْلى) (عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي
ذلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) فكم تحت قوله (وَذِكْرى لِقَوْمٍ
يُؤْمِنُونَ) من الإشارة إلى المعجزة والنص عليها ، والإذكار بها.
__________________
فصل
في مثل ذلك
لما نادى رجل من
وفد تميم النبي صلىاللهعليهوسلم باسمه من وراء الحجرات أنكر الله عليهم سوء الأدب في
مناداته ، وعدولهم عن تكنيته . إلى تسميته فقال تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ
يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ) ونبّه الناس على الأدب في إجلاله وإعظامه. قال تعالى (لا تَجْعَلُوا دُعاءَ
الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً) . وقال : (يا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا
تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ) وأثنى على من يغض صوته عنده فقال : (إِنَّ الَّذِينَ
يَغُضُّونَ أَصْواتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ [اللهِ]
أُولئِكَ
الَّذِينَ امْتَحَنَ اللهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ
عَظِيمٌ) .
__________________
فصل
في بعض النكت
سمعت أبا جعفر
محمد بن موسى الموسوي يقول : إن رسم النثارات للملوك وغيرهم من الكبراء والرؤساء مأخوذ من أدب الله تعالى في شأن رسوله عليهالسلام حيث قال (يا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ
نَجْواكُمْ صَدَقَةً) . فكأن اليوم من يبتغي إلى الملك والرئيس مسألة فيقدم عليه ، ويقدم نثارا بين يديه ، إنما يتصدق بذلك عنه ، شكرا لله على ما
يسّر من لقائه سالما في نفسه وماله ، ويسأله أن يرى فيه برأيه من التصدق به ، أو غير ذلك ،
فلو تولى إعطاءه الفقراء لكان الشك قد نفع في ذلك (الذي) يترجح بين التصديق والتكذيب.
فصل
في مثل ذلك
الحبيب أخصّ من الخليل في الشائع المستفيض من العادات. وقد اتخذ الله إبراهيم
خليلا . وقال لنبيه محمد صلىاللهعليهوسلم (ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ
وَما قَلى) . يعني أحبك.
__________________
وفي مقتضى هذه
اللفظة أنه اتخذه حبيبا كما اتخذ إبراهيم خليلا. ومما يؤيد هذا ويؤكده (أن) الله تعالى (لا) يحب أحدا ما لم يؤمن به ، ويتبعه ، فذلك قوله تعالى : (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ
فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ) .
فصل
في اضطرار أعدائه إلى
الإقرار بفضله عليهالسلام
ذكر صاحب كتاب مجد
الفرس في كتابه :
إن جماعة من
الزنادقة اجتمعوا في منزل رجل من المسلمين ، فتناول أحدهم مصحفا من مصلاه ، فجعل
ينظر فيه ، ويبكى. فقيل له في [م] ذلك. فقال : لهفى على حكيم مثله أفناه الدهر ؛ يعني النبي صلىاللهعليهوسلم ، فلما انتهى إلى هذه الآية : (وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ
مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآواكُمْ
وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) ، بكى حتى بلّ ثوبه. وقال : سبحان الله ما أقلّ شكر العرب. فعل أبو القاسم ما ينصف وكافأوه بكسر رباعيته ، وإدماء حر الوجه ، وحللوا حرامه وحرموا حلاله ، وطردوه
وهمّوا به ، وقالوا شاعر ،
__________________
وساحر ومجنون وكاهن ، يعلمه بشر . ثم قتلوا أولاده. وسبوا ذريته.
فصل
في ذكر الحكمة من
كونه عليهالسلام بشرا
قال الجاحظ :
الشكل أفهم عن
شكله ، وأسكن إليه ، وأحبّ إليه ، وذلك موجود في البهائم ، وضروب السباع ، وأنواع الطير ،
والصبيّ عن الصبيّ أفهم ، وإليه أسرع وبه آنس ، وكذلك العالم والعالم والجاهل
والجاهل. قال الله تعالى لنبيه : (وَلَوْ جَعَلْناهُ
مَلَكاً لَجَعَلْناهُ رَجُلاً) والإنسان عن الإنسان أفهم وطباعه إلى طباعه أقرب ، وعلى
قدر ذلك يكون موقع ما يسمع منه.
فصل في ذكر الحكمة من كونه أميا
لا يكتب ولا يحسب ولا يقول الشعر
قال الله تعالى
لنبيه عليهالسلام : (وَما كُنْتَ تَتْلُوا
مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لَارْتابَ
الْمُبْطِلُونَ) .
__________________
قال بعض المتكلمين
: إن الله عز ذكره جعل نبيه أميا لا يكتب ، ولا يحسب ، ولا ينسب ، ولا يقرض
الشعر ، ولا يتكلف الخطابة ، ولا يعتمد البلاغة ، لينفرد الله تعالى بتعليمه الفقه ، وأحكام
الشريعة ويقصره على [معرفة] مصالح الدين دون ما تتباهى به العرب من قيافة الأثر والبشر والعلم بالأنواء ، وبالخيل ، وبالأنساب ، وبالأخبار وتكلف قول الأشعار ؛ ليكون إذا جاء بالقرآن
العظيم ، وتكلم بالكلام العجيب ، كان ذلك أدل على أنه من الله.
وزعم أن الله لم
يمنعه معرفة آدابهم ، وأخبارهم ، وأشعارهم ليكون أنقص حظا من الكاتب الحاسب ، والخطيب الناسب ، ولكن ليجعله نبيا ،
وليتولى [من] تعليمه ما هو أزكى ، وأنمى. فإنما نقّصه ليزيده ، ومنعه
ليعطيه ، وحجبه عن القليل ليجلّي له الكثير.
قال الجاحظ : قد
أخطأ هذا الشيخ ، ولم يرد إلّا الخير . وقال بمبلغ علمه ، ومنتهى رأيه ، ولو قال : إن أداة الكتابة والحساب وقرض الشعر ، ورواية جميع النسب قد كانت
تامة ، وافرة ، مجتمعة كاملة ، ولكنه صرف تلك القوى ، وتلك الاستطاعة إلى ما هو
__________________
أزكى بالنبوة ،
وأشبه بمرتبته الرسالة ، (ولو) كان احتاج إلى الخطابة لكان أخطب الخطباء ، وأنسب من كل ناسب ،
وأقيف من كل قايف ، ولو كان في ظاهره أنه كاتب حاسب ، وشاعر ناسب ، ومقتف قائف ، ثم أعطاه برهانات الرسالة وعلامات النبوة ما كان ذلك
بمانع من إيجاب تصديقه ، وإلزام طاعته والانقياد لأمره على سخطهم ورضاهم ، ومكروههم ، ومحبوبهم ، ولكنه أراد أن لا تكون للقلوب عرجة عن معرفة ما جاء به ولا يكون للناعب متعلق عما به إليه ،
حتى لا يكون دون المعرفة بحقه حجاب وإن رق ؛ وليكون ذلك أخف في المؤونة ، وأسهل في
المحنة ، فلذلك صرف نفسه عن الأمور التي كانوا يتكلفونها ، ويتنافسون فيها. فلما
طال هجرانه لقرض الشعر ، وروايته صار لسانه لا ينطق به ، والعادة توأم الطبيعة. فأما في غير
ذلك فإنه كان أنطق من كل منطيق ، وأنسب من كل ناسب ، وأقيف من كل قايف وكانت الآلة أوفر ، والأداة أكمل ، إلا أنها كانت مصروفة إلى ما هو أردّ. وبين أن يضيف
إليه العجز ، وبين أن يضيف إليه العادة الحسنة ، وامتناع الشيء عليه من طول
الهجران له ، فرق لكان قال قولا سديدا .
__________________
فصل
(في فبض ما جاء عنه صلىاللهعليهوسلم)
من الكلام المقتبس معناه من القرآن
قال عليهالسلام : «علامة المنافق ثلاث : إذا اؤتمن خان ، وإذا وعد أخلف ،
وإذا حدث كذب».
ومعناه مقتبس من
قوله الله تعالى : (وَمِنْهُمْ مَنْ
عاهَدَ اللهَ لَئِنْ آتانا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ
الصَّالِحِينَ (٧٥) فَلَمَّا آتاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا) (بِهِ وَتَوَلَّوْا
وَهُمْ مُعْرِضُونَ (٧٦) فَأَعْقَبَهُمْ نِفاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلى يَوْمِ
يَلْقَوْنَهُ بِما) (أَخْلَفُوا اللهَ ما
وَعَدُوهُ وَبِما كانُوا يَكْذِبُونَ) .
وقال صلىاللهعليهوسلم : «من صبر على أذى جاره ، أورثه الله داره». ومعناه مقتبس
من قول الله تعالى : (وَقالَ الَّذِينَ
كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي
مِلَّتِنا فَأَوْحى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ (١٣)
وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ) .
__________________
وقال صلىاللهعليهوسلم :
يقول الله تعالى :
أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر . كأن معناه من قول الله تعالى : (فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ
لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) .
وقال صلىاللهعليهوسلم :
" من كثّر
سواد قوم ، فهو منهم" : فكأنه من قول الله تعالى ذكره : (فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ
لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) .
فصل في بعض ما جاء عنه عليهالسلام من الكلام
المقتبس من ألفاظ القرآن
وقال صلىاللهعليهوسلم :
«ومن باع دارا أو
عقارا فلم يجعل ثمنها في مثلها كان (كَرَمادٍ اشْتَدَّتْ
بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عاصِفٍ) .
__________________
وقال صلىاللهعليهوسلم :
«هل ينظرون إلا
هدما مبيدا ، أو مرضا مفسدا ، أو الدجال فشر مستطر ، والساعة أدهى
وأمر .
وقال صلىاللهعليهوسلم :
«بعثني الله إلى
الناس كافة بإقام الصلاة لوقتها ، وإيتاء الزكاة بحقها ، وصوم رمضان ، وحج البيت
من استطاع إليه سبيلا». (مَنْ عَمِلَ صالِحاً
فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَساءَ فَعَلَيْها وَما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) .
وقال صلىاللهعليهوسلم :
«إذا أقيمت الصلاة
، وحضر العشاء ، فابدأوا بسر النفس اللوامة».
وقال صلىاللهعليهوسلم :
«اطلبوا الرزق من
الله على أيدي الرحماء من أمتي ولا تطلبوه من القاسية (قلوبهم) ، فإن اللعنة تنزل بهم».
وقال صلىاللهعليهوسلم :
«إن الدنيا حلوة
خضرة نضرة ، وإن الله مستعملكم فيها ، فينظر كيف تفعلون ».
وقال صلىاللهعليهوسلم :
__________________
«ألا إن التوبة
مقبولة ، إلا أن يتعرض الإنسان بنفسه» ثم تلا (وَلَيْسَتِ
التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ حَتَّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ
الْمَوْتُ قالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ) .
وقال صلىاللهعليهوسلم :
«كل مولود يولد
على الفطرة ، فأبواه يهودانه وينصرانه حتى يعرب عنه لسانه ، فإما شاكرا ، وإما
كفورا» .
وقال صلىاللهعليهوسلم :
«احفظ الله يحفظك
، وتعرّف إليه في الرخاء يعرفك بالشدة. وإذا سألت فاسأل الله. فإن الله قريب يجيب
دعوة الداعي إذا دعاه ، وإذا استعنت فاستعن بالله. فإن اليقين مع الصبر ، وإن مع العسر يسرا ».
وقال صلىاللهعليهوسلم :
«إنما مثلي ومثل
الناس كرجل استوقد نارا فلما أضاءت ما حوله جعل الفراش يتهافت فيها ، وجعل ينتزعهن عنها ، ويحول بينها
وبينها ، فها أنا أبعدهم عن النار وهم يقتحمون فيها» .
__________________
ويروى عنه صلىاللهعليهوسلم أنه كان إذا رأى عليا رضي الله عنه بعد غزوة مؤتة يقول : «اللهم إنك
أثكلتني بعبيدة بن الحارث بن عبد المطلب يوم بدر ، وحمزة يوم أحد ، وجعفر يوم مؤتة وهذا علي ف (لا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنْتَ خَيْرُ
الْوارِثِينَ) .
ومن دعائه صلىاللهعليهوسلم :
«اللهم اجمع على
الهدى أمرنا ، وأصلح ذات بيننا ، واهدنا سواء السبيل ، وأخرجنا من الظلمات إلى النور ، واصرف عنا (الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما
بَطَنَ) ، (وَتُبْ عَلَيْنا
إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) .
__________________
الباب الثالث
في
ذكر العترة الزكية ،
والشجرة النبوية ، وإيراد نبذ
من فضائلهم وآثارهم
وقطعة من فقر أخبارهم ،
وغرر ألفاظهم
الباب الثالث
في ذكر العترة
الزكية رضي الله عنهم ونبذ من فضائلهم ، وقطعة من فقر أخبارهم وغرر ألفاظهم.
فصل
في ذكر طرفهم وشرفهم ومجدهم
قال الله تعالى : (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ) وقال تعالى : (وَأَنْذِرْ
عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) . وقال عزوجل : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ
عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) .
وقال النبي صلىاللهعليهوسلم : «أهل بيتي كسفينة نوح عليهالسلام من ركب فيها نجا ، ومن تأخر عنها هلك ».
ابن عباس في قول
الله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ
آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا) ، قال : علي وأولاده لهم مودة في قلوب المؤمنين.
يروى أن النبي صلىاللهعليهوسلم بينما هو يخطب إذ أقبل الحسن والحسين رضي الله عنهما يعثران في أثوابهما. فنزل عن المنبر ، واحتضنهما ثم قال : «صدق الله (أَنَّما أَمْوالُكُمْ
__________________
وَأَوْلادُكُمْ
فِتْنَةٌ) ، والله ما صبرت إذ رأيتهما حتى نزلت إليهما».
لما توفى الحسن رضي الله عنه قام محمد بن الحنفية على قبره وقد اغرورقت عيناه فقال : روح وريحان وجنة نعيم
لك يا (أبا) محمد. ولا غرو ، وأنت سليل النبوة ، وربيب الرسالة ، ورضيع لبان الحكمة ، وأحد سيدي
شباب أهل الجنة.
ولما قتل الحسين صلوات الله عليه أتى قوم الربيع بن خثيم فقالوا : والله لنستخرجن منه كلاما. فقالوا له : قد قتل الحسين ،
فما أجابهم إلا بدموعه وقال : (فَاللهُ يَحْكُمُ
بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ) .
وكان عثمان بن
حيان المري على المدينة من قبل الوليد بن عبد الملك فأساء بعبد الله
والحسن ابني الحسين إساءة عظيمة ، فلما عزل أتياه فقالا له : ألا تنظر ما كان
بيننا ، فإن العزل قد محاه كله ، فكلّفنا أمرك ، وابتسط إلينا في حوائجك ، فلجأ إليهما عثمان ،
فبلغا له
__________________
كل ما أراد ، فجعل
عثمان يقول : (الله يعلم حيث يجعل رسالته) .
وكتب بعض البلغاء
: ما أقول في قوم هم حجة الله على الورى ، وفيهم أنزل هل أتى و (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً
إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) .
فصل
في فقر من أخبارهم
انصرف علي بن
الحسين رضي الله عنهما تعتاله العلة إلى الكوفة بعد المقتل وإذا نساء الكوفة متهتكات ، متسلبات للمصيبة ، والناس بين
أنّة ورنّة فأومأت زينب ابنة علي رضي الله عنهما إلى الناس بالسكوت.
فسكتت الأنفاس ، وهدأت الأجراس. ثم قالت :
__________________
يا أهل الكوفة ،
يا أهل الختل والختر ، والمكر والغدر ، لا رأقت العبرة ، ولا هدأت الزفرة ، فإنما مثلكم (كَالَّتِي نَقَضَتْ
غَزْلَها مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكاثاً تَتَّخِذُونَ أَيْمانَكُمْ دَخَلاً) (بَيْنَكُمْ) هل فيكم إلا ملق الإماء ، وغمز الأعداء ، كمرعى على دمنة وفضة ملحودة ألا ساء ما قدّمت لكم أنفسكم أن سخط الله عليكم ، وفي
العذاب أنتم خالدون . فابكوا كثيرا ، واضحكوا قليلا فقد بؤتم بعارها ، وشنارها .
قتل سليل الرسالة ، وسيد شبيبة أهل الجنة بين أظهركم ، تعسا ونكسا. فقد خاب السعى وتبت الأيدي ، وبؤتم بغضب من الله ، وضربت عليكم الذلة
والمسكنة .
__________________
أتدرون ويلكم أيّ
كبد لرسول الله فريتم ، وأي دم له سكبتم ، وأي كريمة أصبتم. ولقد جئتم شيئا إدا (تَكادُ السَّماواتُ
يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ) (وَتَنْشَقُّ
الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا) .
ولما كان يوم الطف
خرجت زينب ابنة عقيل تندب قتلاها ، وتقول :
ما ذا تقولون إن
قال النبيّ لكم
|
|
ما ذا صنعتم
وأنتم آخر الأمم
|
في أهل بيتي
وأولادي وتكرمتي
|
|
منهم أسارى
ومنهم ضرّجوا بدم
|
__________________
فقال أبو الأسود
الدؤلي نقول (رَبَّنا ظَلَمْنا
أَنْفُسَنا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَتَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ
الْخاسِرِينَ) .
ولما ارتحلت سكينة
ابنة الحسين رضي الله عنهما بعد مقتل زوجها مصعب بن الزبير عن الكوفة ارتفعت أصوات أهلها بالبكاء فقالت سكينة :
لا أحسن الله
عليكم الخلافة ، من أهل بلد قتلوا جدي ، وأبي وزوجي فأيتموني صغيرة وأرملوني كبيرة ثم أنشأت تقول شعرا :
يبكون من قتلت
سيوفهم
|
|
ظلما بكا متقطع
القلب
|
كبكاء إخوة يوسف
وهم
|
|
حسدا له ألقوه
في الجبّ
|
فصل
في بعض ما قيل من
الأشعار
قال السيد الحميري
:
إن العباد
تفرّقوا من واحد
|
|
فلأحمد السبق
الذي هو أفضل
|
__________________
أم من ينادي
الناس حين يخصّه
|
|
بالوحي قم يا
أيها المزمل
|
وقال محمد بن منذر
بن جارود :
وحسبي من الدنيا
كفاف يقيمني
|
|
وأثواب كتان
أزور بها قبري
|
وحبي ذوي قربى
النبيّ محمد
|
|
فما سؤلنا إلا
المودة من أجر
|
يعني قوله تعالى :
(قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ
عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) .
وقال علي بن محمد
الحمامي :
بأمركم يا آل
أحمد أصبحت
|
|
قريش ولاة الأمر
دون ذوي الذكر
|
إذا ما أناخت في
ظلال بيوتها
|
|
أنختم ببيت
الطّهر في محكم الذكر
|
يعني قوله تعالى :
(وَيُطَهِّرَكُمْ
تَطْهِيراً) .
أناس هم عدل
القرآن ومألف
|
|
البيان وأصحاب
المفاخر في بدر
|
ومازهم الجبار
عنكم بخلة
|
|
يراها (ذوو) الأقدار يانعة القدر
|
وأعطاهم الخمس
الذي فضلوا به
|
|
بآية (ذي)
القربى على العسر واليسر
|
__________________
يعني قوله جل ذكره
: (وَاعْلَمُوا أَنَّما
غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى) . وقال (وَأَنْذِرْ
عَشِيرَتَكَ) . فخص بني هاشم قرباه دون بني فهر يعني قوله تعالى : (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) .
إذا قلتم منا
الرسول فقولنا
|
|
أتوا يا رسول
الله فخرا على فخر
|
قال أبو هاشم
الجعفري :
لي نفس أحبت
الله في الله
|
|
حسينا ولا تحب
يزيدا
|
يا ابن أكّالة
الكبود لقد
|
|
أصبحت من لابسي
الكساء كيودا
|
__________________
أي هول ركبت
عذّبك الر
|
|
حمن في ناره
عذابا شديدا
|
لهف نفسي على
يزيد وأشياع
|
|
يزيد ضلّوا
ضلالا بعيدا
|
وقال بعضهم :
أيا قتيلا عليك
|
|
كان النبي
المعزّى
|
قد أقرح الحزن
قلبي
|
|
كأن في القلب
وخزا
|
إذا ذكرت حسينا
|
|
ورأسه يوم حزّا
|
إلى اللعين يزيد
|
|
سارت به البرد
جمزا
|
فظل ينكث منه
|
|
يديه ينهز نهزا
|
فسوف يصلى سعيرا
|
|
به يدور ويخزى
|
__________________
فصل
في كلام لعلي والحسن
وولده رضي الله عنهم
قال رضي الله عنه
:
الفقيه كل الفقيه
من لا يقنط الناس من رحمة الله ، ولا يرخص لهم في معاصي الله ، ولا يؤمنهم مكر الله ، ولا ييؤسهم من روح الله .
وقيل للحسن بن علي
عليهمالسلام ، فيك عظمة.
قال : كلا ، ولكن
عزة. قال الله تعالى : (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ
وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ) .
وتوجه يوما إلى دار معاوية فسأل عنه ، وعمن عنده. فقيل : هو جالس
وعنده عمرو بن العاص ، والمغيرة ، وفلان ، وفلان. فقال : (فَخَرَّ عَلَيْهِمُ
السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَأَتاهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ) .
__________________
وقال عبد الله بن
الحسن لصديق له : أوصيك بتقوى الله ، فإنه جعل لمن اتقاه المخرج مما يكره ، والرزق
من حيث لا يحتسب يعني قوله تعالى : (وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ
يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً (٢) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ) .
لما قتل محمد بن
عبد الله بن الحسن بعث المنصور برأسه إلى أبيه ، وهو في جيشه ، فلما وضع بين
يديه قال :
مرحبا ، وأهلا يا
أبا القاسم ، أما والله ، لقد كنت من الذين قال الله تعالى (يُوفُونَ بِالنَّذْرِ) (وَيَخافُونَ يَوْماً
كانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً) . ومن الذين قال جلّ جلاله (الَّذِينَ يُوفُونَ
بِعَهْدِ اللهِ وَلا يَنْقُضُونَ الْمِيثاقَ) . فرحمة الله عليك ، وعلى من معك .
فصل
في كلام الحسين وولده رضي الله عنهم
جاء رجل إلى علي
بن أبي طالب رضي الله عنه فقال :
أخبرني عن الناس ،
وعن أشباه الناس ، وعن النسناس. فقال للحسين :
__________________
أجب عمك يا بني.
فأقبل عليه وقال :
أما الناس فنحن. قال تعالى : (أَفِيضُوا مِنْ
حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ) .
وأمّا أشباه الناس
فمن والانا وأحبنا. قال تعالى حكاية عن إبراهيم عليهالسلام : (فَمَنْ تَبِعَنِي
فَإِنَّهُ مِنِّي) . وأما النسناس فهذا السواد. قال الله تعالى : (إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعامِ بَلْ
هُمْ أَضَلُ) . فقام علي وقبّل رأسه.
جرى بين الحسين
وابن عباس كلام في ذكر يزيد وبني أمية. فقال الحسين : يا ابن عمي ، والله إنهم
ليعدّن لي كما عدت اليهود في السبت .
وكتب إليه عمرو بن سعيد بن العاص ينهاه عن الخلاف والشقاق. فكتب إليه :
(إنه لن يشاق من
دعا الله إلى الله وعمل صالحا) .
__________________
فكتب إليه : (وَإِنْ كَذَّبُوكَ
فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ
وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ) .
ورد عليه كتاب
يزيد في الموعظة والتحذير فكتب إليه :
(وَإِنْ كَذَّبُوكَ
فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ
وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ) .
ولما هرب من
المدينة ، وواليها الوليد بن عتبة يطالبه بالبيعة ليزيد ، خرج يريد مكة ، وجعل يسير ، ويقرأ هذه الآية (فَخَرَجَ مِنْها خائِفاً يَتَرَقَّبُ
قالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) ، فلما نظر إلى جبال مكة جعل يتلو : ف (وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقاءَ مَدْيَنَ
قالَ عَسى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَواءَ السَّبِيلِ) .
وقال للحر بن يزيد
وقد سار لمحاربته بأمر عبيد الله بن زياد :
__________________
بئس الإمام إمامك
، فإنه ممن ذكر الله تعالى : (وَجَعَلْناهُمْ
أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيامَةِ لا يُنْصَرُونَ) .
وقيل لعلي رضي
الله عنه بعد المقتل ، كيف انسبيت يا ابن رسول الله. فقال : كبني إسرائيل (يذبحون
أبناءهم. ويستحيون نساءهم) .
وكان يكثر البكاء
ليلا ، ونهارا ، فقيل له في [ذلك] . فقال :
لا تلومني فإنّ
يعقوب فقد ابنا من أحد عشر ابنا ، فبكى حتى ابيضّت عيناه من الحزن . وقد رأيت بضعة عشر رجلا من أهل بيتي يذبحون في غداة
واحدة. أفترون حزني عليهم يذهب من قلبي أبدا؟!
وكان مرة يأكل ،
فأتته جارية بقطعة فيها مرقة فتعثرت بطرف البساط ، وانصبت المرقة على رأسه وثيابه.
فقالت الجارية :
(وَالْكاظِمِينَ
الْغَيْظَ) قال : وقد كظمت.
قالت : (وَالْعافِينَ عَنِ النَّاسِ) .
قال : قد عفوت.
__________________
فقالت : (وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) . قال : أنت حرة لوجه الله ، ومزوّجة بمن أحببت ، ومجهّزة
بما شئت.
سأل المنصور جعفر
بن محمد عن محمد وإبراهيم ابني عبد الله بن الحسن ، فقال :
يا أمير المؤمنين
، أتلو عليك آية من كتاب الله فيها منتهى علمي بهما.
قال : هات على اسم
الله.
قال : (لَئِنْ أُخْرِجُوا لا يَخْرُجُونَ
مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لا يَنْصُرُونَهُمْ) . فقبّل المنصور ما بين عينيه وقال : حسبك.
حضر الرضا علي بن
موسى عند المأمون ، ووجبت الصلاة ، فأتى المأمون بالطست ، والإبريق. واشتغل
بتوضيته عدة من الخدم. فقال له الرضا :
يا أمير المؤمنين
لو توليت هذا بنفسك ، فإن الله تعالى يقول (فَمَنْ كانَ يَرْجُوا
لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ
أَحَداً) .
فقال المأمون :
سمعا وطاعة. وأمر الخادم بالانصراف ، وتولى الوضوء بنفسه.
__________________
فصل
في أن الله أذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيرا
يقال : إن أحسن ما
حفظ من كلام السفاح قوله من خطبة له :
الحمد لله الذي
اصطفى الإسلام دينا لنفسه ، فكرّمه ، وشرّفه ، وعظّمه ، واختاره له ، وأيّده ، وجعلنا أهله ، وكهفه ، وحصنه والقوّام به ، والذائدين عنه ،
والناصرين له.
وألزمنا كلمة
التقوى ، وجعلنا أحقّ بها وأهلها. وخصّنا برحم رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وقرابته وأنشأنا من شجرته ، واشتقّنا من نبعته ، وجعله من أنفسنا ، فوضعنا من الإسلام وأهله بالمنزل الرفيع ، وذكرنا في كتابه المنزل على نبيه المرسل فقال : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ
عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) .
ومن كتاب لابن أبي
البغل في تطهير أولاد المقتدر :
__________________
اتصل بي خبر
الأمراء بالتطهير الذي لو لا الأخذ بالسنة فيه ، والتأدب بأدب النبي صلىاللهعليهوسلم في استعماله لأغنى عنه فيهم قديم ما حكم به لهم من الطهارة في كتابه الناطق ، ووصيه الصادق. إذ
يقول عزوجل (إِنَّما يُرِيدُ
اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) . وصلّى الله على محمد وعلى آله الذين أذهب عنهم الأرجاس. وطهرهم
من الأنجاس وجعل مودتهم أجرا له على الناس.
__________________
الباب الرابع
في
ذكر الصحابة وما
خصّهم الله تعالى من الفضل
والشرف ، وأقاويل
بعضهم في بعض ، وغرر من
محاسن كلامهم ونكت
أخبارهم رضي الله عنهم
أجمعين
الباب الرابع
في ذكر الصحابة
وما خصّهم الله تعالى من الفضل والشرف ، وأقاويل بعضهم في بعض ، وغرر من محاسن
كلامهم ونكت أخبارهم.
فصل
في ذكرهم عامة
قد ذكر الله تعالى
ذكره أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم ورضي عنهم في آية من كتابه تشتمل على جميع الحروف ، ومدحهم بها ، ونبه على ارتفاع مقاديرهم
وعلو درجاتهم فيها فقال عز من قائل : (مُحَمَّدٌ رَسُولُ
اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ
تَراهُمْ) (رُكَّعاً سُجَّداً
يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللهِ وَرِضْواناً سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ
أَثَرِ السُّجُودِ ذلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ وَمَثَلُهُمْ فِي
الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوى عَلى
سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللهُ
الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً
عَظِيماً) . فكل من أساء القول فيهم ، يخلو كلامه من هذه الحروف التي
مدحهم الله بها. وأثنى عليهم وذكرهم في آية من كتابه فقال : (الَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا
وَجاهَدُوا
__________________
فِي
سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللهِ
وَأُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ (٢٠) يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ
وَرِضْوانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيها نَعِيمٌ مُقِيمٌ (٢١) خالِدِينَ فِيها أَبَداً
إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ) .
وقال فيهم : (لكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا
مَعَهُ جاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَأُولئِكَ لَهُمُ الْخَيْراتُ
وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٨٨) أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ
تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) .
وقال جل ذكره فيهم
: (وَالسَّابِقُونَ
الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ
بِإِحْسانٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ) .
وذكر بيعة الرضوان
فقال : (إِنَّ الَّذِينَ
يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللهَ يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ) .
وقال عزّ ذكره : (لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ
الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ) (تَحْتَ الشَّجَرَةِ).
__________________
فصل
في ذكر أبي بكر الصديق
قال الله تعالى في
شأن الصديق : (وَالَّذِي جاءَ
بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ) وقال في مصاحبته رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في الغار
: (ثانِيَ اثْنَيْنِ
إِذْ هُما فِي الْغارِ) حتى صارت هذه الكلمة مثلا لكل متآخين متصافيين يقتربان ، ولا يكادان يفترقان.
كما قال أبو تمام
:
ثانيه في كبد
السماء ولم يكن
|
|
لاثنين ثان إذ
هما في الغار
|
وكان النبي صلىاللهعليهوسلم استشاره وعمر رضي الله عنهما في أسرى قريش ، فأشار أبو بكر
بالمنّ عليهم ، وإطلاقهم. وأشار عمر بعرضهم على السيف ، واستقصاء أموالهم. فقال
النبي صلىاللهعليهوسلم : الحمد لله (الذي) أيدني بكما. أما أحدكما ، فسهل رحيم رفيق ، مثله كمثل
إبراهيم عليهالسلام إذ قال : (فَمَنْ تَبِعَنِي
فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) ، وكمثل عيسى عليهالسلام إذ قال : (إِنْ تُعَذِّبْهُمْ
فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ
__________________
أَنْتَ
الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) . وأما الآخر ، فصلب في دين الله ، قوي شديد مثله كمثل نوح عليهالسلام إذ قال : (رَبِّ لا تَذَرْ
عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً (٢٦) إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ
يُضِلُّوا عِبادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلَّا فاجِراً كَفَّاراً) ، وموسى عليهالسلام إذ قال : (رَبَّنَا اطْمِسْ
عَلى أَمْوالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلى قُلُوبِهِمْ فَلا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا
الْعَذابَ الْأَلِيمَ) .
فصل
في حسن آثاره في الإسلام
لما قبض الله نبيه
صلوات الله عليه لم يجسر أحد من المسلمين على نعيه ، ولم يستجر ذكر موته ، لجلالته في النفوس ، وعظم شأنه في القلوب ، حتى قام أبو
بكر رضي الله عنه خطيبا بعد أن حمد الله ، وأثنى عليه :
__________________
أيها الناس إنه من
كان يعبد محمدا ، فإن محمدا قد مات. ومن كان يعبد الله ، فإن الله حي لا يموت . والله قد نعاه الله إلى نفسه في أيام حياته فقال (إِنَّكَ مَيِّتٌ
وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ) . ثم قال : (وَما جَعَلْنا
لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ) و (كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ) ثم قال : (وَما مُحَمَّدٌ
إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ
انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ
يَضُرَّ اللهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ) ألا إن محمدا قد مضى لسبيله. ولا بد لهذا الأمر من قائم يقوم به ، فدبّروا ،
وانظروا وهاتوا آراءكم. فبكى الناس ، ونادوه من كل جانب ، نصبح ، وننظر في ذلك إن شاء الله.
ثم كان من شأن يوم
السقيفة وأمر البيعة ما قرن الله الخير والخيرة به. وكان من احتجاج أبي بكر على
الأنصار في استحقاق الإمامة دونهم أنه قال :
__________________
نحن الذين أنزل
الله فينا (لِلْفُقَراءِ
الْمُهاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوالِهِمْ يَبْتَغُونَ
فَضْلاً مِنَ اللهِ وَرِضْواناً وَيَنْصُرُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُولئِكَ هُمُ
الصَّادِقُونَ) في كتاب الله.
وقد أمركم الله أن
تكونوا معنا بقوله : (يا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) ، فاتفقت الكلمة ، ونزلت الرحمة ، وتم أمر البيعة.
فصل
في مثل ذلك وذكر شيء من كلامه أيام الردة
[حين] امتنعت العرب عن الزكاة قال عمر لأبي بكر :
لو تجافيت عن زكاة
أموال العرب في عامك ، ورفقت بهم ، ورجوت أن يرجعوا عما هم عليه. فقد علمت أن
النبي صلىاللهعليهوسلم كان يقول : «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ، محمد رسول الله.
فإذا قالوها عصموا مني أموالهم إلا بحقها ، وحسابهم على الله».
__________________
فقال أبو بكر :
والله لو منعوني عقال ناقة مما كان يأخذ منهم النبي صلوات الله عليه لقاتلتهم
عليه أبدا حتى ينجز الله وعده. فإن قضاءه حق ، ووعده صادق لا خلف فيه. وقد قال الله تعالى : (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا
مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا
اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي
ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً) .
فقال عمر : سمعا
وطاعة لأمرك يا خليفة رسول الله. ثم كان ما كان من إظهار الله إياه عليهم ،
واستقامة أمر المسلمين والإسلام بيمن خلافته ، وقوة يقينه ، وثبات عزمه رضي الله
عنه.
ولما خطب الناس
يدعوهم إلى غزو الروم سكتوا جميعا فوثب عمر ، وقال :
يا معشر المسلمين
ما لكم لا تجيبون خليفة رسول الله ، وقد دعاكم إلى الجنة التي وعد المتقون. أما
والله (لَوْ كانَ عَرَضاً
قَرِيباً وَسَفَراً قاصِداً لَاتَّبَعُوكَ وَلكِنْ) (بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ
الشُّقَّةُ) .
__________________
وقام خالد بن سعيد
بن العاص ، وأقبل على أبي
بكر فقال له : (والله) لأن يتخطفني الطير أو تهوي بي الريح في مكان سحيق أحب إلي من أن أقعد عن دعوتك أو أبطئ عن إجابتك.
وأوصى أبو بكر
الجيش الذين بعثهم إلى الشام فقال :
اذكروا الله عند
كل مصعد ومهبط ، ولا تقتلوا امرأة ، ولا صبيا صغيرا ولا شيخا كبيرا ولا تقعروا نخلا ، ولا تحرقوه ، ولا تقطعوا شجرة مثمرة ، ولا تذبحوا
شاة لا حاجة لكم في ذبحها ، ولا تخربوا عامرا (وَلَيَنْصُرَنَّ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ
إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ) . ثم رفع يده إلى السماء بعد أن استقبل القبلة فقال :
اللهم إنك خلقتنا
، ولم نك شيئا مذكورا ، ثم بعثت إلينا رسولك محمدا بشيرا ونذيرا ، فهديتنا به وكنا
ضلّالا. وحبّبت إلينا الإيمان ، وكنا كفارا ، وقويتنا به وكنا ضعافا ، وجمعتنا به
وكنا أشتاتا. فأمرتنا أن نقاتل المشركين حتى يقولوا لا إله إلا الله ، أو يعطوا الجزية عن
يد
__________________
وهم صاغرون . اللهم إنا أصبحنا نطلب رضاك ، ونجاهد من عاداك وعبد معك
إلها سواك. اللهم فانصر عبادك المؤمنين على عبادك المشركين. اللهم شجّع جبانهم ،
وثبّت أقدامهم ، وزلزل أقدام أعدائهم ، واقذف الرعب في قلوبهم ، وأيد خضراءهم ،
واستأصل شأفتهم ، واقطع دابرهم ، وأورثنا أرضهم وديارهم وأموالهم. وكن
للمسلمين وليا ، وبهم حفيا ، وثبّتهم بالقول الثابت في الحياة الدنيا ، وفي الآخرة يا
أرحم الراحمين .
وخطب يوما فقال
بعد حمد الله ، والثناء عليه :
أيها الناس إني
قائل قولا من وعاه فعلى الله جزاؤه. ألا إن الموعظة حياة ، والمؤمنون إخوة ، وعلى
الله قصد السبيل. ولو شاء لهداكم أجمعين فأتوا الهدى تهدوا ، واجتنبوا الغي ترشدوا
، (وَتُوبُوا إِلَى
اللهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) .
فصل
في مكاتباته
كتب إلى خالد بن
الوليد ومن معه من المهاجرين والأنصار :
أما بعد ، فالحمد
لله الذي أنجز وعده ، ونصر عبده ، وهزم الأحزاب وحده. وقد فرض على عباده الجهاد فقال : (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ وَهُوَ
كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسى أَنْ
__________________
تَكْرَهُوا
شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ
وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) . وأطيعوا الله فيما فرض عليكم ، وثقوا بوعوده وارغبوا في الجهاد وإن عظمت المئونة أو
بعدت الشقة. (انْفِرُوا خِفافاً
وَثِقالاً وَجاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ ذلِكُمْ
خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) . ألا وإني أمرت خالد بن الوليد بالسير إلى العراق ليلحق بالمثنى بن حارثة ، فيكون عونا له على محاربته الفرس ، فسيروا معه ، ولا
تثاقلوا عنه. كفانا الله وإياكم المهم من أمور الدارين برحمته.
وكتب إلى المثنى
بن حارثة :
أما بعد ، فإني
وجهت إليك خالد بن الوليد فاستقبله بجميع من معك وساعده وآزره ، ولا تعصين له أمرا . فإنه من الذين وصفهم الله تعالى في كتابه فقال : (أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ
بَيْنَهُمْ تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللهِ
وَرِضْواناً) .
__________________
وكتب إلى أهل
اليمن يحرضهم على الجهاد كتابا في فصل منه :
سارعوا ـ رحمكم
الله ـ إلى فريضة ربكم ، وسنة نبيكم ، فإلى إحدى الحسنيين ؛ إما الشهادة التي جعل الله فيها السعادة ، وإما الفتح والغنيمة.
فصل
في ذكر استخلافه عمر رضي الله عنه
قال عبد الله بن
مسعود :
أفرس الناس ثلاثة
: العزيز الذي تفرّس في يوسف عليهالسلام. فقال لامرأته (أَكْرِمِي مَثْواهُ
عَسى أَنْ يَنْفَعَنا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً) ، وصفورا بنت (شعيب) إذ رأت موسى عليهالسلام فقالت لأبيها (يا أَبَتِ
اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ) ، وأبو بكر حين استخلف عمر على أمر الأمة.
ولما احتضر أبو
بكر أملى في استخلاف عمر كتابا في نهاية الإيجاز والإبداع ونسخته :
__________________
بسم الله الرحمن
الرحيم. هذا ما عهد أبو بكر خليفة رسول الله صلىاللهعليهوسلم عند آخر عهده في الدنيا ، وأول عهده بالآخرة في الحال التي يؤمن فيها الكافر ويتقي فيها الفاجر.
أما بعد فإني
استخلف عليكم عمر بن الخطاب فإنه برّ وعدل ، فذلك ظني به ، ورأيي فيه. وإن جار وبدل ، فلا علم
لي بالغيب. والخير أردت. لكل امرئ ما اكتسب (وَسَيَعْلَمُ
الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ) .
فصل
في ذكر عمر وقطعة من مآثره
لما خطب عمر رضي
الله عنه خطبة الاستسقاء لم يزد بعد حمد الله والثناء عليه والصلاة على نبيه محمد
صلوات الله عليه وسلامه على الاستغفار ، حتى نزل عن المنبر. فقيل له في ذلك. فقال
: أما سمعتم الله يقول : (اسْتَغْفِرُوا
رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً (١٠) يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً) .
قال : فهطلت
السماء بمثل أفواه القرب.
وخطب يوما فقال :
__________________
لو شئت لدعوت
بصلاء ، وصياب وكراكر وأسنمة ، ولكن الله عاب قوما فقال : (أَذْهَبْتُمْ
طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا) .
فقامت عجوز في
أخريات الناس ، وقالت :
يا أمير المؤمنين
، هذه الآية إنما هي في الكفار ، (وَيَوْمَ يُعْرَضُ
الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ
الدُّنْيا) .
فقال عمر : الله
أكبر كلكم أفقه من عمر حتى العجائز!
وقيل لعمر رضي
الله عنه : هاهنا غلام نصراني كاتب من أهل الحيرة فلو اتخذته كاتبا ، فقال :
لقد اتخذت بطانة
من دون المؤمنين وتلا : (يا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ بَعْضُهُمْ
أَوْلِياءُ بَعْضٍ) .
__________________
دخل علي رضي الله
عنه يوما دار الصدقة ، فنظر إلى عمل عمر قائما في شمس يوم شديد الحر ، وهو يملي في
إبل الصدقة وألوانها وأسنانها. فقال علي لعثمان رضي الله عنهما :
أسمعت قول ابنة
شعيب في كتاب الله تعالى : (إِنَّ خَيْرَ مَنِ
اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ) فهذا والله القوي الأمين .
ولما ورد على عمر
كتاب أبي عبيدة بن الجراح من الشام يذكر له مسير الروم إليه بقضهم وقضيضهم
وأساقفهم وقسسهم ، وإنهم قد نزلوا في أربعمائة ألف من بين فارس وراجل موضعا يقال
له اليرموك ، ويستمده الجيوش ويقول له :
إنك إن قصرت في
مسيرها فاحتسب أنفس المسلمين إن أقاموا ، ودينهم إن انهزموا ، فقد جاءهم مالا قبل (لهم)
به.
لم يتمالك عمر أن
بكى وبكى المسلمون بالمدينة. وقالوا :
يا أمير المؤمنين
ابعثنا جميعا أو أسر بنا. وترجح برأيه في ذلك ، فأشار علي رضي الله عنه بلزوم المدينة ،
لتكون المفزع والملجأ للمسلمين بإمداد أبي عبيدة بالرجال والأموال وقال
له : ثق بالله يا أمير المؤمنين ، ولا تيأس من روح الله (إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللهِ
إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ) . فقبل رأيه ، وكتب إلى أبي عبيدة :
__________________
أما بعد فقد ورد
علي كتابك تذكر فيه مسير الروم بقضهم وقضيضهم فإن الله ـ تعالى ـ رأى أماكنهم ، حين بعث محمدا
صلوات الله عليه ، وأعزه بالنصر ، ونصره بالرعب ، فقال وهو لا يخلف الميعاد : (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ
بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ
الْمُشْرِكُونَ) . وقد علمت أبا عبيدة أنه لم تكن شدة قط إلّا جعل الله
بعدها فرجا فلا تهولنك كثرة من جاءك من الكفرة الفجرة ؛ فإن الله برئ منهم. ومن
يبرأ الله منه فلن ينصره. ولا توحشك قلة المسلمين وكثرة الكافرين (كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ
فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللهِ وَاللهُ مَعَ الصَّابِرِينَ) . وليس بقليل من كان الله معه ، فأقم بمكانك ، وتوكل على
الله ، واستظهر به وكفى بالله ظهيرا ، ووليا ونصيرا.
وقد كتبت في كتابك
أن أحتسب المسلمين إن هم أقاموا ، ودينهم إن هم انهزموا. وليس الأمر كما ذكرت ـ رحمك الله يا أبا عبيدة ـ ؛ لأنك قد علمت أن
المسلمين إن هم أقاموا ، وصبروا وقتلوا ، فما عند الله خير للأبرار. وقد قال الله
تعالى : (مِنَ
__________________
الْمُؤْمِنِينَ
رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ) (فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى
نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلاً) . وإنهم بحمد الله منصورون ، فأخلصوا نياتكم وارفعوا إليه رغباتكم و (اصْبِرُوا وَصابِرُوا وَرابِطُوا
وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) . وإني موجه إليكم الجيوش قبل أن تواقعوا العدو إن شاء
الله.
ثم جهّز العساكر
ووهب الله النصر والفتح.
وكتب إليه عمار بن
ياسر يذكر شدة شوكة الفرس ، وكثرة عددهم ، واستفحال أمرهم. فكتب إليه عمر :
يد الله فوق
أيديهم ، وسيمدكم الله بجند من الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم ، ويقذف الرعب في
قلوبهم ، والزلازل في أقدامهم ، حتى يهزمهم هزيمة يكون فيها
بوارهم ، ودمارهم إن شاء الله.
فصل
في قتله وثناء المسلمين عليه
لما طعن أبو لؤلؤة
عمر ـ رضي الله عنه ـ في المحراب جمع إليه ملحفته وتلا : (وَكانَ أَمْرُ اللهِ
قَدَراً مَقْدُوراً) .
__________________
ولما صار لما به ،
دخل إليه نفر من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم يعودونه فلما نظر إليهم استعبر باكيا ، وبكوا بين يديه.
فقالوا :
لا أبكى الله
عينيك يا أمير المؤمنين ، وأبشر بالخير كله فإنك من الذين أنزل الله فيهم : (لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ
الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ) وممن قال فيهم : (مُحَمَّدٌ رَسُولُ
اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ
تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللهِ وَرِضْواناً) . ولقد صحبت رسول الله حتى بشّرك بالجنة في غير موطن ،
وفارق الدنيا وهو عنك راض ، ثم خلّفت خليفة ، وأحسنت الخلافة ، ووليت أمور
المؤمنين فلم تأخذك في الله لومة لائم. وعدلت في الرعية ، وقسمت بينهم بالسوية ،
فجزاك عن نبيه وخليفته وعن الإسلام والمسلمين خير الجزاء.
ولما مضى عمر رضي
الله عنه لسبيله وجهز ، أقبل علي رضي الله عنه باكيا ثم قال للناس :
هذا الفاروق قد
مضى نحبه ، ولقي ربه. وكان لا تأخذه في الله لومة لائم ، ولا يتقدم ولا يتأخر [إلا]
وهو على بينة من ربه ، حتى كأن ملكا يسدده. وكان شفيقا على المسلمين ، رءوفا بالمؤمنين شديدا على الكافرين ،
فرحمة الله ورضوانه عليه. وو الله ما أحد من عباد الله أحب من أن ألقى الله
بصحيفته من هذا المسجّى بين أظهركم.
__________________
فصل
في ذكر محاسن عثمان رضي الله عنه
قال بعض السلف :
من أحب أبا بكر فقد أقام الدين ، ومن أحب عمر ، فقد أوضح السبيل ، ومن أحب عثمان ،
فقد استنار بنور الله ، ومن أحب عليا فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها.
المدائني عن ابن سيرين قال :
كان علي يقول في
عثمان : أشهد أنه من الذين قال الله في حقهم : (إِنَّ الَّذِينَ
سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ) .
وجاء قوم إلى أبي
هريرة يعيبون عثمان فقال لهم :
لا تذكروا ذا
النورين إلا بخير . فما انتهوا ولم يرتدعوا ، فرمى أبو هريرة بسيفه حتى غرز في الجدار وتلا : (يا قَوْمِ لَقَدْ
أَبْلَغْتُكُمْ رِسالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ) .
__________________
وعن الحسن بن علي
كرم الله وجههما :
كيف لا أسب قاتل
عثمان ، وقد سبّه الله في كتابه فقال : (وَمَنْ يَقْتُلْ
مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها وَغَضِبَ اللهُ
عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذاباً عَظِيماً) .
فصل
في غرر من كلامه في الخطب وغيرها
خطب يوما فارتج
عليه فقال :
سيجعل الله بعد
عسر يسرا ، وبعد عيّ نطقا ، وأنتم إلى إمام (فعّال) أحوج منكم إلى إمام قوّال .
وخطب يوما فساق
الكلام إلى شكاية الرعية فقال :
وأنا منهم بين
ألسنة لداد ، وسيوف حداد ، وقلوب شداد. قد برئ الله منهم ، يوم لا ينطقون. ولا
يؤذن لهم فيعتذرون.
صعصعة بن صوحان قال :
__________________
ما أعياني جواب
أحد كما أعياني جواب عثمان : دخلت إليه يوما فقلت :
أخرجنا من ديارنا
، وأموالنا أن قلنا ربنا الله ، فقال :
يا صعصعة نحن
الذين أخرجنا من ديارنا وأموالنا أن قلنا ربنا الله ، فمنا من مات بأرض الحبشة ،
ومنا من مات بالمدينة.
ومن كلام عثمان (ما
يزع) .
فصل
في كلام لعلي في عثمان وكلام فيهما
شكا عثمان إلى علي
أبا ذر الغفاري فقال له علي :
أنا أشير عليك فيه
بما قال مؤمن آل فرعون : (وَإِنْ يَكُ كاذِباً
فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ
إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ) .
وقال يوما لعثمان :
قد أبلغ الناس عنك
أمورا تركها خير لك من الإقامة (عليها) فاتق الله ، وتب إليه فإنه يقبل التوبة من عباده ويعفو عن
السيئات.
قال الحجاج للحسن
البصري : ما تقول في عثمان وعلي فقال : أقول فيهما ما قال من هو خير مني بين
يدي من هو شر منك. قال : ومن هما؟ قال : موسى وفرعون. ثم
__________________
تلا : (قالَ فَما بالُ الْقُرُونِ الْأُولى
(٥١) قالَ عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي فِي كِتابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسى) .
التقى الزهري وأبو مسلم في الطواف فقال له أبو مسلم :
ما تقول في علي
وعثمان؟ فتحيّر الزهري ولم يحر جوابا. فقال أبو مسلم :
ويحك هلّا قلت كما
قال الله تعالى : (تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ
خَلَتْ لَها ما كَسَبَتْ وَلَكُمْ ما كَسَبْتُمْ وَلا تُسْئَلُونَ عَمَّا كانُوا
يَعْمَلُونَ) .
فصل
في نكت من أخبار محاصرة عثمان رضي الله عنه
لما حوصر فاشتد
الأمر عليه كتب إلى الناس كتابا نسخته :
أما بعد ، فإني
أذكركم الله ربكم الذي انعم عليكم بالإسلام وهداكم من الضلالة وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة ، (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللهِ لا
تُحْصُوها إِنَّ الْإِنْسانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ) ف (اتَّقُوا اللهَ حَقَّ
تُقاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ
__________________
مُسْلِمُونَ) (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ
أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ
عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) . (وَلا تَكُونُوا
كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْبَيِّناتُ
وَأُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ) (إِنَّ الَّذِينَ
يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَأَيْمانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً أُولئِكَ لا خَلاقَ
لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ
الْقِيامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) ألا وقد علمتم أن الله رضي لكم السمع والطاعة ، وحذّركم المعصية والفرقة ؛ لتكون له الحجة عليكم إن عصيتموه. فاقبلوا أمره ، واحذروا عذابه ؛ فإنكم لم تجدوا أمة هلكت قبلكم إلا من بعد ما اختلفت ، ولم يكن
لها رأس يجمعها. ومتى تفعلون بي ما أزمعتم عليه ؛ لم تقيموا صلاة ولم تخرجوا زكاة ، ويسلط عليكم عدوكم ويستحل بعضكم دماء بعض . وتكونوا شيعا (لَسْتَ) (مِنْهُمْ فِي
__________________
شَيْءٍ
إِنَّما أَمْرُهُمْ إِلَى اللهِ) وقد علمتم أن شعيبا لما نسبه قومه إلى الشقاق قال : (لا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقاقِي أَنْ
يُصِيبَكُمْ مِثْلُ ما أَصابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صالِحٍ
وَما قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ) ، ألا إني قد أنصفتكم ، وأعطيت في نفسي الرضى على أن أعمل
فيكم بالكتاب والسنة ، وأسير فيكم السيرة الحسنة ، وأعزل عن أمصاركم من كرهتم ،
فأولي عليكم من أحببتم. وكتابي هذا معذرة مني إلى الله تعالى ثم إليكم وتنصل مما كرهتم (وَما أُبَرِّئُ
نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا ما رَحِمَ رَبِّي إِنَّ
رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ) . فاكتفوا مني بهذا العهد. (إِنَّ الْعَهْدَ كانَ
مَسْؤُلاً) . وإني أتوب إلى الله من كل ما كرهتموه ، وأستغفر الله في ذلك فإنه لا يغفر الذنوب إلا الله . والسلام.
وأشرف عثمان يوما
على محاصريه. ومعه زيد بن ثابت فناداه المصريون :
__________________
يا هذا إنا قد
كرهناك فاعتزلنا ، وإلا قتلناك. فتكلم زيد : (إِنَّ الَّذِينَ
فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّما
أَمْرُهُمْ إِلَى اللهِ) فصاح به الناس وسبوه.
وتكلم في بعض
الأيام عبد الله بن سلام فكان من كلامه أنه قال :
إياكم وقتل هذا
الشيخ ، فإنه خليفة ولي الله. ما قتل نبي إلا قتل به سبعون ألفا من أمته ، وما قتل
خليفة لنبي إلا قتل به خمسة وثلاثون ألفا.
فنادوه من كل جانب
أعزب يا يهودي. فقال لهم :
أتقولون هذا لمن
قال الله فيه : (قُلْ أَرَأَيْتُمْ
إِنْ كانَ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ بَنِي
إِسْرائِيلَ عَلى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ) ، وقال في آية أخرى : (قُلْ كَفى بِاللهِ
شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ) .
فلم يلتفتوا إلى
قوله حتى كان ما كان من قتل عثمان رضي الله عنه.
وروى أنه بلغ
عثمان عن عائشة رحمها الله كلام كرهه فتلا : (ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً
لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كانَتا تَحْتَ عَبْدَيْنِ
مِنْ عِبادِنا
__________________
صالِحَيْنِ
فَخانَتاهُما فَلَمْ يُغْنِيا) [عنهما] (مِنَ اللهِ شَيْئاً
وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ) .
فصل
في كلام علي رضي الله عنه المقتبس من القرآن
يقال إنه اقتبس
أحسن كلامه (منه) وأنه فرع قوله من القرآن ، مثل قوله السائر الذي هو أحكم مقال بعد
كلام الأنبياء عليهمالسلام :
قيمة كل امرئ ما
يحسنه. فإنه مقتبس مما نطق به القرآن في قصة طالوت : (قالُوا أَنَّى
يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ
يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمالِ قالَ إِنَّ اللهَ اصْطَفاهُ عَلَيْكُمْ وَزادَهُ
بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشاءُ) .
وقوله رضي الله
عنه : المرء مخبوء تحت لسانه ، مقتبس من قصة يوسف عليهالسلام ، (فَلَمَّا كَلَّمَهُ
قالَ إِنَّكَ [الْيَوْمَ]) (لَدَيْنا مَكِينٌ
أَمِينٌ).
وقوله : الناس
أعداء ما جهلوا. من قوله تعالى : (بَلْ كَذَّبُوا بِما
لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ) .
__________________
وخطب علي رضي الله
عنه فقال في خطبته :
عباد الله الموت
ليس منه فوت إن أقمتم له أخذكم. وإن هربتم منه أدرككم. ألا وإن القبر روضة من رياض
الجنة ، أو حفرة من حفر النار. ألا وإن وراءه (يَوْماً يَجْعَلُ
الْوِلْدانَ شِيباً) و (تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا
أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذاتِ حَمْلٍ حَمْلَها وَتَرَى النَّاسَ سُكارى وَما
هُمْ بِسُكارى وَلكِنَّ عَذابَ اللهِ شَدِيدٌ) .
ألا وإن وراء ذلك
اليوم نار حرها شديد ، وقعرها بعيد. ليست لله فيها رحمة.
فارتفعت أصوات من
حوله بالبكاء. فقال :
ألا وإن وراءها
جنة كعرض السموات والأرض أعدت للمتقين .
فصل
في نكت من أخباره
لما بويع رضي الله
عنه واستقام له بعض الأمر. أشير عليه بأن يقر معاوية على الشام وعبد الله بن عامر
بن كريز على البصرة ريثما تستقر الأمور في قرارها ، امتنع عن ذلك. وقال : (ما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ [عَضُداً]) .
__________________
ولما استأذنه طلحة
والزبير في العمرة قال لهما : انطلقا ، فما العمرة تريدان.
ولما خرج طلحة
والزبير وعائشة وقد خرجوا من مكة إلى البصرة كتبت أم سلمة إلى علي :
أما بعد ، فإن
طلحة والزبير وعائشة قد خرجوا من مكة يريدون البصرة واستنفروا الناس إلى حربك. ولم يخف معهم إلا من كان
في قلبه مرض. و (يَدُ اللهِ فَوْقَ
أَيْدِيهِمْ) والله كافيكهم وجاعل دائرة السوء عليهم.
فكتب إليها :
(عَمَّا قَلِيلٍ
لَيُصْبِحُنَّ نادِمِينَ) .
ولما أخبرت حفصة
أم كلثوم بنت علي باجتماع الناس إلى عائشة بالبصرة قالت لها :
إنك وعائشة إن
تظاهرتما على أبي. (فقد تظاهرتما على من كان الله مولاه ، وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك
ظهير) .
ولما توجه إلى
البصرة أنفذ الحسن وعمار بن ياسر رضي الله عنهما إلى الكوفة لاستنفارها فلما وردها أجابت طائفة ، وامتنع الآخرون. وكثر الكلام بين
الناس فوثب
__________________
زيد بن صوحان العبدي فقال :
(الم (١) أَحَسِبَ
النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ (٢)
وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ
صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَ) (الْكاذِبِينَ) . أيها الناس سيروا إلى أمير المؤمنين وانفروا إليه أجمعين
تصيبوا الحق راشدين. فاستجاب أكثرهم ونفروا مع الحسن.
ولما نزلت الفئتان بالبصرة أنفذ علي إلى طلحة والزبير ينذرهما
ويحذرهما عاقبة البغي والنكث ، ويشير عليهما بالطاعة. فأجاباه بأن قالا :
إنك لست راضيا دون أن ندخل في طاعتك ونحن لا ندخل فيها أبدا ، (فَاقْضِ ما أَنْتَ قاضٍ) .
ولما حمي الوطيس
يوم الجمل وكادت تكون الدائرة على عسكر عائشة غضبت ودعت بكف من حصى فحصبت بها عسكر علي وقالت : شاهت الوجوه. فصاح بها رجل من أصحابه
: (وَما رَمَيْتَ إِذْ
رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللهَ رَمى) .
__________________
ولما رمي طلحة
بالسهم المسموم فأصابه. سقط لما به ، وأغمي عليه. فلما أفاق نظر إلى الدم يسيل منه
، فاسترجع وقال :
إنا عنينا بهذه
الآية من كتاب الله تعالى : (وَاتَّقُوا فِتْنَةً
لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً) .
ولما سقط الجمل
قالت عائشة : (يا لَيْتَنِي مِتُّ
قَبْلَ هذا وَكُنْتُ نَسْياً مَنْسِيًّا) فقال رجل : (يَعِظُكُمُ اللهُ
أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَداً) .
وخطب علي بعد
انقضاء حرب الجمل فكان من قوله فيها :
وإن طلحة والزبير
بايعاني ثم نقضا بيعتي ، فجاهدتهما بعدما عذرت وأنذرت حتى (وَظَهَرَ أَمْرُ اللهِ وَهُمْ كارِهُونَ) .
وقال في خطبة أخرى
:
وما راعني إلا
انثيال الناس عليّ كعرف الضبع يسألونني أن أبايعهم ، حتى لقد وطئ
الحسنان ، وشق عطفاي . فلما نهضت بالأمر فسقت شرذمة ، ونكث آخرون ، كأن
__________________
لم يسمعوا قول
الله تعالى : (تِلْكَ الدَّارُ
الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلا
فَساداً وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) .
فصل
في نكت من أخباره في أيام صفين
ورد جاسوس لمعاوية
الكوفة قبل أيام صفين. فقيل له : ما وراءك؟ فقال : تركت بالشام خمسين ألفا خاضبين لحاهم من دماء أعينهم على قميص عثمان. وقد عاهدوا الله ألا
يشيموا سيوفهم حتى يقتلوا قتلة عثمان. فقال له مسلمة بن زفر
العبسي ، أتخوف المهاجرين والأنصار ببكاء أهل الشام على قميص عثمان؟ والله ما
قميصه بقميص يوسف . ولا بكاؤهم عليه ببكاء يعقوب ولئن بكوه بالشام لقد خذلوه بالحجاز.
ولما ورد جرير بن
عبد الله على معاوية لأخذ البيعة منه ، راوغه معاوية وطاوله [في] الأمر. فقال له جرير :
يا معاوية ما أظن
قلبك (إلا) مطبوعا عليه و (كَذلِكَ يَطْبَعُ
اللهُ عَلى كُلِّ قَلْبِ) (مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ) .
__________________
ولما أراد علي رضي
الله عنه المسير إلى الشام. دعا بفرسه وقال : بسم الله. فلما استوى قال : (سُبْحانَ الَّذِي
سَخَّرَ لَنا هذا وَما كُنَّا [لَهُ]) (مُقْرِنِينَ (١٣) (وَإِنَّا) (إِلى رَبِّنا
لَمُنْقَلِبُونَ) . ورأى نخلا وراء نخل فقال : (وَالنَّخْلَ باسِقاتٍ) (لَها طَلْعٌ نَضِيدٌ) ونظر في مسيره إلى إيوان كسرى فقال : (أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً
تَعْبَثُونَ (١٢٨) وَتَتَّخِذُونَ مَصانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ (١٢٩) وَإِذا
بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ) .
ولما نزل صفين
وجاءت رسل معاوية بالمحالات أجابهم بما لم يسمعوا فيه فقال : (إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى وَلا
تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ إِذا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ (٨٠) وَما أَنْتَ بِهادِي
الْعُمْيِ عَنْ ضَلالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآياتِنا فَهُمْ
مُسْلِمُونَ) .
وكتب معاوية :
__________________
ليس بيني وبين
قيس عتاب
|
|
غير طعن الكلى
وضرب الرقاب
|
فكتب إليه علي :
(إِنَّكَ لا تَهْدِي
مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ
بِالْمُهْتَدِينَ) .
ولما صح عزمه على
القراع خطب أصحابه فقال بعد أن حمد الله وأثنى عليه :
يا أيها الناس إن
الله تعالى قد دلّكم (عَلى تِجارَةٍ
تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ) . وجعل ثوابه لكم المغفرة (وَمَساكِنَ طَيِّبَةً
فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوانٌ مِنَ اللهِ أَكْبَرُ) وقد أخبركم بالذي يجب عليكم فيها فقال : (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الَّذِينَ
يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ) . ألا فرصّوا صفوفكم ، وقدموا الدارع ، وأخّروا الحاسر. وعضّوا على النواجذ ، فإنه أنبى للسيوف عن الهام . ثم قرأ : (قاتِلُوهُمْ
يُعَذِّبْهُمُ اللهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ
وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ) . ألا واحذروا الفرار في الزحف ولا
__________________
تتعرضوا لمقت
الله. فإن مردكم إليه. وهو تعالى يقول : (قُلْ لَنْ
يَنْفَعَكُمُ الْفِرارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذاً لا
تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلاً) .
وخطبهم يوما آخر ،
فقال :
إن الله بعث محمدا
بشيرا ونذيرا للعالمين . وأمينا على التنزيل ، وشهيدا على هذه الأمة . وأنتم معاشر العرب في شرّ دين وجور . بين حجارة جلس وحيات صم. تشربون الأجاج . وتأكلون الجشب . وتسفكون دماءكم بينكم ، وتقتلون أولادكم ، ولا ترجون لله وقارا. ولا يؤمن
أكثركم بالله إلّا وأنتم مشركون. فمن الله عليكم برسول من أنفسكم. (عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ
عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ) . فأمركم بأداء الأمانة ، وصلة الرحم ، وحقن الدماء ، ونهاكم عن التحاسد والتنازع .
__________________
واستمر في الخطبة
ثم ساق الكلام إلى ذكر أهل الشام فقال :
ودعوناهم فلم
يجيبوا إلى الحق والبرهان ، ولم يتناهوا عن الطغيان والعدوان وقد أنذرناهم ،
ونبذنا إليهم على سواء إن الله لا يحب الخائنين.
ومن دعائه في ليلة
الهرير :
اللهم إليك نقلت
الأقدام ، وأفضت القلوب ، ورفعت الأيدي ، ومدت الأعناق ، وطلبت الحوائج. وشخصت
الأبصار . اللهم (افْتَحْ بَيْنَنا
وَبَيْنَ قَوْمِنا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفاتِحِينَ) .
ونظر يوما إلى بعض
أصحابه يتألمون من الجراح فقرأ : (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ
حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَا
أَخْبارَكُمْ) .
ولما حمل أهل
الشام المصاحف على رؤوس الرماح ودعوا إليها. تقدم رجل منهم على فرس أبلق في يده مصحف قد فتحه. ثم وقف بين الجمعين وجعل يقرأ : (وَإِذا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ
لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ (٤٨) وَإِنْ يَكُنْ
لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ (٤٩) أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ
أَمِ ارْتابُوا أَمْ يَخافُونَ أَنْ
__________________
يَحِيفَ
اللهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (٥٠) إِنَّما كانَ
قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ
أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) .
فكأنما كانت تلك
الحرب نارا صبت عليها ماء. ثم اتفقوا على نصب الحكمين يتأولون قول الله تعالى : ف (وَإِنْ خِفْتُمْ شِقاقَ) (بَيْنِهِما
فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِها إِنْ يُرِيدا
إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهُما) . وقوله تعالى : (يَحْكُمُ بِهِ ذَوا
عَدْلٍ مِنْكُمْ) .
ولما كان من خديعة
عمرو بن العاص لأبي موسى ما كان. قال له أبو موسى :
عليك لعنة الله.
فو الله ما أنت إلا كما قال الله : (كَمَثَلِ الشَّيْطانِ
إِذْ قالَ لِلْإِنْسانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ
إِنِّي أَخافُ اللهَ رَبَّ الْعالَمِينَ) .
__________________
فصل
في نبذ من خبره مع الخوارج
لما سار علي رضي
الله عنه إلى قتال الخوارج بالنهروان . قال له عفيف بن قيس :
يا أمير المؤمنين
لا تخرج في هذه الساعة. فإنها لعدوك عليك. فقال علي :
(إِنِّي تَوَكَّلْتُ
عَلَى اللهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ ما مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِناصِيَتِها
إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) . ثم تمم المسير إليهم فطحن أكثرهم طحنا.
ولما قال ذو
الثدية حرقوص بن زهير : والله ما نريد بقتالك إلا وجه الله. قرأ : (هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ
أَعْمالاً (١٠٣) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ
يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً) . ثم قال : منهم أهل النهروان ورب الكعبة.
فصل
في ذكر مقتله ووصيته
لما قدم من حرب
الخوارج ، استقبله الناس يهنئونه بالظفر. فلما نزل دخل المسجد الأعظم ، فصلى
ركعتين. ثم صعد المنبر فخطب ، فأوجز ثم ضرب بيده على لحيته وهي
__________________
بيضاء فقال : (والله
ليخضبنها بدمها إذا انبعث أشقاها) . ثم أنشد :
أريد حياته
ويريد قتلي
|
|
عذيري من خليلي
من مراد
|
ولما ضرب الضربة
التي مات فيها رضي الله عنه قال :
إن عشت ، فأنا ولي
دمي . وإن أفن فالفناء ميعادي. والعفو قربة لي ، وحسنة لكم (أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ
لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) .
ولما اشتد به
الأمر جمع ولده. فقال :
إني أوصيكم بتقوى
الله. فاتقوا الله و (فَلا تَمُوتُنَّ
إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) . (وَاعْتَصِمُوا
بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا) . (وَقُولُوا لِلنَّاسِ
حُسْناً) كما أمركم الله (وَتَعاوَنُوا عَلَى
الْبِرِّ وَالتَّقْوى وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ
__________________
وَاتَّقُوا
اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) وعليكم يحفظ وصية جدكم في الصلاة. وما ملكت أيمانكم.
والزكاة فإنها تطفئ غضب ربكم. وصيام شهر رمضان فإنه جنّة لكم. ثم الحج ، فهو الشريعة التي بها أمرتم. وأستودعكم
الله. وأستغفر الله لي ولكم.
فصل
في بعض ما قاله
الشعراء في فضله
قال علي بن محمد
بن نصر بن بسام :
إن عليا لم يزل
محنة
|
|
لرابح منا
ومغبون
|
أحلّه من نفسه المصطفى
|
|
محلة لم تك في
الدون
|
فارجع إلى
الأعراف حتى ترى
|
|
ما فعل القوم بهارون
|
يريد قوله صلىاللهعليهوسلم : أنت مني بمنزلة هارون من موسى .
وقال بعض الشعراء :
__________________
أحلف بالله
وآياته
|
|
شهادة صادقة خالدة
|
إن علي بن أبي
طالب
|
|
إمامنا في سورة
المائدة
|
يريد قول الله
تعالى : (إِنَّما وَلِيُّكُمُ
اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ
وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ) .
يقال إنها نزلت في
علي لما سمع سائلا ، وهو في صلاته فأعطاه خاتمه .
فصل
في تسليم الحسن الأمر إلى معاوية
لما رأى رضي الله
عنه سكون الدهماء . حقن الدماء في ترك منازعة معاوية وتسليم الأمر إليه. قام
فأوجز وقال :
أما بعد ، فإن
الله هدى أولكم بأولنا ، وحقن دماءكم بآخرنا وإن هذا الأمر الذي تنازعت فيه ومعاوية إما حق رجل هو أحق
به مني فسلمته ، وأما حقي فتركته لصلاح الأمة : (وَإِنْ أَدْرِي
لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ) .
__________________
فصل
في لمع من أقوال الصحابة وأخبارهم
لما قال عمر
لسحبان وهو يدون الدواوين :
مع من تريد أن
أكتبك؟ قال :
مع الذين (لا يُرِيدُونَ
عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلا فَساداً) .
وكان أبو عبيدة بن
الجراح إذا ذكر الكفرة الذين بإزائه قال : (صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ
فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ) .
ولما حصر عثمان
ومنع الماء. قال للزبير . (وَحِيلَ بَيْنَهُمْ
وَبَيْنَ ما يَشْتَهُونَ) .
وقال سعد بن أبي
وقاص لأبي محجن الثقفي لما اتهمه بشرب الخمر بعد أن استتابه مرات : (إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ) ، وأمر بحبسه.
__________________
وكان ابن عمر إذا
لقي مصعب بن الزبير بعد قتله المختار ، ومن كان معه من أصحابه أعرض عنه ، وإذا سلم عليه مصعب لم
يجبه. فقال له يوما :
أسلم عليك فلا
تجيبني!
[قال] : لقتلك من قتلت من أهل الصلاة.
فقال : إنهم كانوا
كفرة فجرة .
فقال ابن عمر :
والله لو كانوا معزي لابنك لكنت في ذبحها من المسرفين ، (وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ) .
ولما ألح الوليد
بن عتبة على عبد الله بن الزبير في أمر البيعة ليزيد قال له :
أمهلني هذه الليلة لأبايع صبح غد . فقال الوليد : مثلي ومثلك كما قال الله تعالى : (إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ
الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ) . فلما جنّ الليل ، هرب عبد الله إلى مكة.
وكان أهل مكة قد بايعوا عليا. ثم أخذ منهم بسر بن أرطأة البيعة لمعاوية ، فأنفذ إليهم علي من الكوفة حارثة بن
قدامة فلما دخل مكة واستقبله الناس ، وبخهم
__________________
وقال لهم : أخاف
أن تكونوا من الذين (وَإِذا لَقُوا
الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا وَإِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ قالُوا
إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ) .
لما عرض معاوية
بابن عباس بطول اللحية. تلا ابن عباس : (وَالْبَلَدُ
الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَباتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لا يَخْرُجُ
إِلَّا نَكِداً) .
قال رجل لمعاوية :
قد بايعتك ، وأنا كاره.
فقال : قد جعل
الله في الكره خيرا كثيرا .
ولما بلغ معاوية
قول أبي الأسود الدؤلي :
بنو عم النبي
وأقربوه
|
|
أحبّ الناس
كلّهم إليّا
|
فإن يك حبهم
رشدا (أصبه)
|
|
وفيهم أسوة إن
كان غيا
|
ذكر الحسن البصري
معاوية فقال :
قاتله الله من شيخ
أدرد نعق بأقوام (فَأَوْرَدَهُمُ
النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ) .
__________________
وكان ابن عباس إذا
قرأ : (ما يَعْلَمُهُمْ
إِلَّا قَلِيلٌ) . قال : أنا من القليل.
٢ ـ ١٠٧ ـ ٣ وكان
يقول : لا يحل شري المغنيات ، ولا بيعهن ، ولا التجارة في أثمانهن. ثم يتلو : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ
الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَها هُزُواً
أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ) .
لما قدم عروة بن
الزبير من الشام . وقد أصيب في سفره برجله وابنه محمد ترك في محله فقال : (لَقَدْ لَقِينا مِنْ
سَفَرِنا هذا نَصَباً) .
أصبح ابن عباس ذات
يوم مهموما فسئل عن ذلك فقال : (إِنِّي أَعْلَمُ ما
لا تَعْلَمُونَ) . وقد رأيت البارحة كأن أبا قبيس صار دخانا. ثم طار قطعا وفيه الصفا وهو ركن من أركان الإسلام. فما أوّلت ذلك إلا بوفاة أمير
المؤمنين علي. فما لبث أن ورد نعيه.
__________________
الباب الخامس
في
ذكر الأنبياء عليهمالسلام
وغيرهم ممن نطق
القرآن بأخبارهم ،
وما اقتبس الناس من فنون
أغراضهم من قصصهم
وتمثلوا به من أحوالهم
الباب الخامس
ذكر الأنبياء عليهمالسلام وغيرهم ممن نطق القرآن بأخبارهم ، وما اقتبس الناس من فنون
أغراضهم من قصصهم وتمثلوا به من أحوالهم.
فصل
في الاقتباس من قصة آدم عليهالسلام
كان لآل عياش (بن)
أبي ربيعة عبد صالح يسمى زيادا . فطلبه عمر بن عبد العزيز فأعتقه . فقال : يا رب قد رزقتني العتق الأصغر في هذه الدنيا فلا
تحرمني العتق الأكبر في الدار الآخرة.
ثم قدم على عمر
لما ولي الخلافة فقال له عمر : يا زياد ، (إِنِّي أَخافُ إِنْ
عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) . فقال : يا أمير المؤمنين إني لا أخاف عليك أن تخاف ،
ولكني أخاف أن لا تخاف ، ولقد علمت أن آدم أذنب ذنبا واحدا فأخرج من الجنة وشقق
الكتب ، وصيح به في الأمم : وعصى آدم ربه فغوى . فالنجا ، النجا .
__________________
وهذا المعنى أراد
محمود بن الحسين الوراق قال :
يا ساهرا يرنو
بعيني راقد
|
|
ومشاهدا للأمر
غير مشاهد
|
تصل الذنوب إلى
الذنوب وترتجي
|
|
درك الجنان بها
وخوف العابد
|
أنسيت أن الله
أخرج آدما
|
|
منها إلى الدنيا
بذنب واحد
|
قال أبو أمامة : لا شك في أن آدم كان أعقل من جميع أولاده. والله تعالى
يقول :
(وَلَقَدْ عَهِدْنا
إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً) .
وقال أبو تمام :
لا تنسين تلك
العهود فإنما
|
|
سميت إنسانا
لأنك ناسي
|
وأنشدني أبو الفتح
علي بن محمد البستي :
__________________
يا أكثر الناس
إحسانا إلى الناس
|
|
وأعظم الناس
إغضاء عن الناس
|
نسيت وعدك
والنسيان مغتفر
|
|
فاغفر فأول ناس
أول الناس
|
قال المأمون ليلة
ليحيى بن أكثم ، وهو يريد الانصراف : بكر غدا للمساعدة على الهريسة. فقال : يا أمير المؤمنين ، أنا
والصبح كفرسي رهان. فلما أصبح ركب إلى دار المأمون مغلّسا . فحين أخذ مجلسه بحضرته جاء الطباخ ووقف. فقال المأمون :
يا يحيى أتعلم ما يعني؟ قال : لا ، يا أمير المؤمنين. قال : يعني أنه نسي من اتخاذ الهريسة بما أمرناه. فقال يحيى : لا جرم إنه
يعامل بما عومل به آدم حين أخرج من الجنة ، وعوقب.
قال بعض السلف :
الحسد أول ذنب عصى الله به في السماء والأرض ، أما في السماء فحسد إبليس لآدم حين
امتنع عن السجود له ، وأما في الأرض فحسد ابن آدم أخاه لما قبل منه القربان
حتى قتله .
__________________
جلس قاض في مسجد
من مساجد مصر فيه ثور بن يزيد . فلما أخذ القاضي في (قراءة) القرآن انتهى إلى آية سجدة ، فسجد وسجد القوم فلما رفع
رأسه إذا ثور لم يسجد ، فقرأ القاضي : (فَسَجَدَ
الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (٣٠) إِلَّا إِبْلِيسَ أَبى) (أَنْ يَكُونَ مَعَ
السَّاجِدِينَ) . فهرب ثور ولم يعد إلى ذلك المسجد.
وقيل : إن أول من
ذكر معنى قولهم : (النار ولا العار) إبليس. فقد حكى الله تعالى عنه (أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً) .
وأخذ في طريقه رافع بن الليث بن نصر بن سيار حيث قال :
النار لا العار فكن سيدا
|
|
فرّ من العار
إلى النار
|
وتلك أخلاق
كنانية
|
|
خص بها نصر بن
سيار
|
فهن في ليث وفي رافع
|
|
تراث جبار لجبار
|
__________________
وقال بعض العلماء
: إياكم والقياس فإن أول من قاس إبليس حيث قال : (قالَ أَنَا خَيْرٌ
مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ) .
وسئل بعض السلف عن
شر المكاسب قال : كسب الدلالين لأنهم أكذب الناس ، ولا تتمشى أمورهم إلّا بالكذب. فأول من دلّ إبليس حيث قال لآدم : (هَلْ أَدُلُّكَ عَلى شَجَرَةِ الْخُلْدِ
وَمُلْكٍ لا يَبْلى) .
لما أنشد مسمع بن
عاصم قول أبي نواس :
عجبت من إبليس
في كبره
|
|
وخبث ما أظهر من
نيته
|
تاه على آدم في سجدة
|
|
وصار قوادا لذريته
|
قال : وأبيك لقد
ذهب مذهبا.
__________________
لما مات جعفر بن
محمد . قال أبو حنيفة لشيطان الطاق : مات إمامك فقال : لكن إمامك من (المنظرين) إلى يوم الوقت المعلوم .
بلغ أبا عبد الله
بن الجماز (أن) الفضل بن إسحاق نعاه فقال :
زعم الفضل بأني
|
|
قد نعاني
الناعيان
|
نعياني قبل وقتي
|
|
بدهور وزمان
|
أنا والشيخ
|
|
(و) إبليس جميعا منظران
|
حكى المعروف بجراب
الدولة في كتابه المنسوب إليه قال : كان لي غلام اطلعت منه على
خيانة في سعيه خبر الوظيفة ، فقرعته ووبخته . فقال لي : ألا تستح أن تتكلم
__________________
في الخبر. فقلت :
إن الله أخرج آدم وحواء من الجنة بسبب الخبر ، أفلا أخاصمك فيه. فخرس ، وترك
عادته.
سمعت بعض المشايخ (يقول)
لما صرف أبو علي الحسن بن محمد البغدادي عن عمل البريد بإيلاق وأتى) بأبي محمد بن مطران الشاشي الشاعر التقيا في طريقهما ، وجمعتهما بعض المنازل. وهذا وارد وهذا صادر. فتحادثا ، وتذاكرا ، وتمازحا وتمالحا. فقال أبو
علي لأبي محمد : جعل الله مقامك بإيلاق مدة حمل عرش بلقيس. وقال أبو محمد : وجعل مقامك (في) الحضرة نظرة
إبليس. عنى أبو علي قول الله تعالى حكاية عن آصف (أَنَا آتِيكَ بِهِ
قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ) وعنى أبو محمد قوله تعالى إبليس : (فَإِنَّكَ مِنَ
الْمُنْظَرِينَ (٣٧) إِلى يَوْمِ) (الْوَقْتِ
الْمَعْلُومِ) .
__________________
فصل
في ذكر قصة نوح عليهالسلام
قول النبي صلىاللهعليهوسلم : «عترتي كسفينة نوح من ركب فيها نجا. ومن تأخر عنها هلك».
ويروى أن نوحا عليهالسلام كان يحمد الله إذا أكل ، وإذا شرب ، وإذا لبس ، وإذا نام.
فأثنى عليه عند ذكره فقال : (إِنَّهُ كانَ عَبْداً
شَكُوراً) .
قال الصولي في
كتاب الوزراء :
كان أول ما ارتفع
به أمر أحمد بن يوسف أن المخلوع لما قتل ، أمر طاهر بن الحسين
الكتاب أن يكتبوا بذلك إلى المأمون. فأطالوا فقال طاهر : أريد أحسن من هذا كله.
وأوجزه . فوصف له أحمد بن يوسف فأمر بإحضاره. فحضر. وكتب :
أما بعد ، فإن المخلوع
وإن كان قسيم أمير المؤمنين في النسب واللحمة . فقد فرق كتاب الله بينهما في الولاية والحرمة ، فيما اقتص علينا من نبأ نوح عليهالسلام
__________________
وابنه حيث قال : (يا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ
إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ) ولا صلة لأحد في معصية الله ، ولا قطعية ما كانت في ذات الله.
وكتب إلى أمير
المؤمنين : وقد قتل الله المخلوع وردأه ردء نكثه ووصلت لأمير المؤمنين الدنيا والآخرة ، أما الدنيا ففي رأس المخلوع. وأما الآخرة : فالبردة والقضيب والحمد لله الآخذ له ممن خان عهده ، ونكث عقده.
حتى رد لأمير المؤمنين الألفة وأقام به الشريعة.
فرضي طاهر بذلك
وأنفذه ، ووصل أحمد بن يوسف ، وعلا قدره ، حتى استوزره المأمون .
وقرأت في كتاب
التاجي لأبي إسحاق الصابي فصلا في هذا المعنى استحسنته جدا وهو (في ذكر من أفسد وجار) : قد نطق الكتاب ببراءة نوح [من] ولده ،
__________________
وإبراهيم عليهالسلام (من) والده. ورأينا صاحب الشريعة صلوات الله عليه وصل أرحام
أهله ، وقطعها بالحق. وسنّ ذلك لمن بعده من هذا الخلق. ولم يكن بجبار بقربة مولانا
الملك رحما ، ولا ألصق به نسبا ، ولا أيسر عنده ذنبا ، ولا أخف جريرة ، وجرما من
نوح إلى ابنه ، ومن إبراهيم إلى أبيه ، ومن أبي لهب وهو العم غير مرفوع
، وصنو الأب غير ممنوع. فما حميتهم عروق الوشيجة بينهم وبين الأنبياء المقربين من الأفعال الذميمة. ثم لم
يرض الله تعالى ذكره بأن يجعل هذه القطيعة واجبة مع الخلاف في الدين حتى أوجبها مع
العداوة بين الأقارب من المؤمنين فأعلمهم نصا أن من أزواجهم وأولادهم عدوا لهم فأمرهم وحذرهم من شره ، وشحنائه.
ونسب لأبي الحسين المرادي في الأمير نوح الأكبر رحمهالله لما رجع من بخارى بعد إنجازه منها إلى سمرقند :
إن كنت نوحا فقد
لاقيت كفّارا
|
|
فلا تذر منهم في
الأرض ديارا
|
فإن تذرهم يضلوا
ثم لا يلدوا
|
|
إلّا ـ بربك ـ كفارا
وفجارا
|
__________________
غرّقهم تحت طوفان السيوف ودر
|
|
من في السفينة
محمودين عمّارا
|
إن السفينة
سلطان الأمير ومن
|
|
فيها بنو الدين
أعوانا وأنصارا
|
نوح بن نصر بن
خير العالمين كما
|
|
أن المرادي خير
الناس أشعارا
|
وقال أبو بكر هبة
الله بن الحسن العلاف لفنا خسرو :
يا علم العالم
في الجود
|
|
مثلك جود غير موجود
|
بل استوى الجود
على جرمه
|
|
كما استوى الفلك
على الجود
|
وأنشدني أبو الفتح
البستي لنفسه :
لأن كدّر الدهر
الخئون مشاربي
|
|
ومات أميري ناصر الدين والملك
|
فلي من يقيني
بالإله وفضله
|
|
أمير يقيني
السوء في النفس والملك
|
فإن ماج طوفان
الخلاف فإنني
|
|
هنالك نوح
واعتزالي للفلك
|
__________________
فقولوا لإخواني اطمئنوا وأبشروا
|
|
جميعا فإني
والسلامة في السلك
|
فصل
في الاقتباس من قصة إبراهيم عليهالسلام
دخل أبو العيناء على صاعد بن مخلد بعد انقطاع كان منه. فقال له : يا أبا العيناء : ما الذي
أخرك عنا؟ فقال : أيّد الله الوزير ، ابنتي. قال : كيف؟ قال : قالت لي : قد كنت تغدو من عندنا فتأتي بالخلعة السخية ، والصلة السنية ، ثم أنت الآن تغدو مسدفا وترجع مغتما صفر اليدين ، بخفي حنين فإلى من؟ قلت : إلى (ذي الوزارتين) إلى ذي العلا . قالت : أفيشغلك ؟ فقلت : لا. قالت : أفيعطيك؟ قلت :
__________________
لا. قالت : أفيرفع
مجلسك؟ قلت : لا. قالت : يا أبتى (لِمَ تَعْبُدُ ما لا
يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئاً) . فضحك صاعد وأمر له بثلاث آلاف درهم. قال : ألفان لك. وألف لابنتك لئلا تضربنا بقوارع القرآن.
قال المبرد : سمعت ابن الأعرابي يقول : إذا سمعت الرجل يقول : رأيت فلانا فاعلم أنه قد
عابه. فقلت : أوجد من ذلك في القرآن؟ فقال : نعم . قول الله عز ذكره في قصة إبراهيم (قالُوا سَمِعْنا فَتًى يَذْكُرُهُمْ
يُقالُ لَهُ إِبْراهِيمُ) أي يعيبهم. وفي الشعر قول عنترة :
لا تذكري فرسي
وما أطعمته
|
|
فيكون جلدك مثل
جلد الأجرب
|
استقرض رجل الأصمعي قرضا. فقال : نعم وكرامة. ولكن سكّن قلبي برهان
__________________
يساوي ضعف ما
تسلمته . فقال : سبحان الله ، إبراهيم عليه (السلام) كان واثقا بربه حين قال : (رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ
تُحْيِ الْمَوْتى قالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي) .
قال زياد في خطبته
بالبصرة .
والله ، لآخذن الجار بالجار ، والمقبل بالمدبر ، والقريب
بالغريب. فقام إليه رجل فقال : أيها الأمير ، إن إبراهيم عليهالسلام أدى عن الله تعالى أحسن مما قلت. قال الله تعالى : (وَإِبْراهِيمَ الَّذِي وَفَّى (٣٧)
أَلَّا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى) ، وأنت تزعم أنك تأخذ بعضنا ببعض . وايم الله ما ذلك لك. فقال زياد : صدقت ولكني لا أصل إلى
الحق حتى أخوض الباطل خوضا .
__________________
مجاهد في قوله عز ذكره : (ضَيْفِ إِبْراهِيمَ
الْمُكْرَمِينَ) . قال : قيامه عليهم بنفسه .
دخل الحسين الجمل
المصري على قادم من مكة ، وعنده أقوام يهنئونه ، وبين أيديهم طباق
حلواء ، وليس يمد أحدهم يده إليها. فقال : يا قوم لقد أذكرتموني ضيف
إبراهيم. فقالوا : وكيف؟ فقرأ : (فَلَمَّا رَأى
أَيْدِيَهُمْ لا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً) . ثم قال : كلوا رحمكم الله ، فضحكوا من قوله ، فأكلوا ،
وأكل معهم .
دخل الشعبي على صديق له فلما أراد القيام قال له : لا تتفرق إلا عن ذواق. فقال الشعبي : فأتحفني بما
عندك ، ولا تتكلف لي بما لا يحضرك. فقال : أي التحفتين أحب (إليك) تحفة إبراهيم ، أم تحفة مريم؟ فقال الشعبي : أما تحفة (إبراهيم
فعهدي بها الساعة
__________________
وأريد تحفة مريم) . فدعا له بطبق من رطب. فإنما عنى بتحفة إبراهيم اللحم ؛ لأن في قصته (فَما لَبِثَ أَنْ
جاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ) وعنى بتحفة مريم الرطب ، لأن في قصتها : (وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ
تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا) .
كان حامد الكاف يقول : إن المرء إذا ضاف إنسانا حدّث بسخاء إبراهيم . وإذا أضافه إنسان حدث بوفد عيسى عليهماالسلام.
ولما قال المتوكل
لأبي العيناء أتشرب معنا النبيذ ؟ قال له : يا أمير المؤمنين : (وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ
إِبْراهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ) .
__________________
لما كلّف عبد الله
بن الحسن بن الحسن (إبراز) ابنيه
محمد وإبراهيم من مستترهما ، وأخذ بذلك أشد أخذ جعل يقول : والله إن بليتي لأعظم .
في سورة الصافات.
وقال : (يا بُنَيَّ إِنِّي
أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ ما ذا تَرى قالَ يا أَبَتِ
افْعَلْ ما تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ مِنَ الصَّابِرِينَ) ثم قال بعد قصة الذبح : (وَبَشَّرْناهُ
بِإِسْحاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ) فصح أن قولك إسحاق كان بعد الذبح وقد سمى الله تعالى العم
أبا إذ ذكر إسماعيل في جملة الآباء وهو عم يعقوب فقال حكاية عن أبناء يعقوب : (نَعْبُدُ إِلهَكَ وَإِلهَ آبائِكَ
إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ) . والعرب تسمي العم أبا.
ويروى عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : (ردوا علي أبي) يعني عمه العباس.
قال أبو سعيد
الرستمي في دار أبي القاسم الصاحب بن عباد :
__________________
هي الدار أبناء
الندى من حجيجها
|
|
نوازل في
ساحاتها وقوافلا
|
قواعد إسماعيل
يرفع سمكها
|
|
لنا كيف لا
نعتدّهن معاقلا
|
قرأت في أخبار
مزبد أنه كان له ديك قديم الصحبة في داره ، وعرف بجواره. فأقبل الأضحى ، ووافق
مزبد رقة الحال ، وخلو المنزل من كل خير وميرة. فلما أراد أن يغدو إلى المصلّى أوصى امرأته بذبح الديك ، واتخاذ طعام منه
للعيد ، وخرج لشأنه . فأرادت المرأة (أن) تأخذه ، وتفعل ما أمرها زوجها. فجعل الديك يصيح ويثب ، ويطير من جدار إلى جدار ، ويسقط من دار إلى دار ، حتى
أسقط على هذا من الجيران لبنة ، وكسر لذلك غضارة ، وقلب لآخر قارورة. فسألوا المرأة عن القصة في أخذها
إياه. فأخبرتهم ، فقالوا جميعا : والله لا نرضى أن تبلغ الحاجة بأبي إسحاق ما نرى وكانوا هاشميين ،
__________________
مياسير ، أجوادا فبعث أحدهم بشاة وبقرة وذبحت (امرأة) شاتين. وأنفذ بعضهم بقرة. وتباروا في الإهداء حتى غصّت دار مزبد بالشياه والبقر. وذبحت المرأة ما شاءت ، ونصبت القدور ، وشجر للشواء التنور. فلما رجع مزبد إلى منزله فشاهد ما في داره قال لامرأته : ما هذا الخصب الذي لم أعهده ، فقصت عليه قصة الديك ، وما ساق الله بسببه إليهم من
الخيرات. فامتلأ سرورا ، وقال : احتفظي بهذا الديك ، لأن الله لم يفد إسماعيل إلّا بذبح واحد فقال : (وَفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ) . وقد فدا هذا الديك الشاء والبقر.
__________________
فصل
في الاقتباس من قصة يعقوب ويوسف عليهماالسلام
قيل للحسن البصري وقد
اشتد جزعه على أخيه سعيد : أنت تنهى عن الجزع ، وقد صرت منه إلى غاية. فقال :
سبحان من لم يجعل الحزن عارا على يعقوب. فجعل جوابه احتجاجا. يريد قوله عزوجل : (وَابْيَضَّتْ
عَيْناهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ) .
وقيل له : أيكذب
المؤمن؟
فقال : أنسيتم إخوة
يوسف .
وتكلم يوما
فارتفعت أصوات من حوله بالبكاء فقال :
عجّ كعجيج النساء ، وبكاء كبكاء إخوة يوسف.
قال الشعبي : حضرت
شريحا وبين يديه امرأة تخاصم زوجها وتبكي.
فقلت لزوجها : يا
فلان ، هذه مظلومة.
فقال : يا هذا إن
إخوة يوسف (وَجاؤُ أَباهُمْ
عِشاءً يَبْكُونَ) وهم ظالمون.
حكى الجاحظ قال :
__________________
قال أبو علقمة :
إن اسم الذيب الذي أكل يوسف دمعون. فقيل له : إن يوسف لم يأكله الذئب.
فقال : فهذا اسم
الذئب الذي لم يأكله.
قيل : فينبغي أن
يكون الاسم لجميع الذئاب.
وأنشد أبو عبد
الله المرزباني في كتاب المستنير لأبي الشيص :
وقائلة ، وقد
بصرت بدمع
|
|
على الخدين
منهمل سكوب
|
أتكذب في البكاء
وأنت خلو
|
|
قديما ما جسرت
على ذنوب
|
قميصك والدموع
تجول فيه
|
|
وقلبك ليس
بالقلب الكئيب
|
نظير قميص يوسف
يوم جاءوا
|
|
على لبّاته بدم كذوب
|
فقلت لها : فداك
أبي وأمي
|
|
رجمت بسوء ظنك
بالغيوب
|
وكان يقال : لا
تلقّن صاحبك الشر ، فاخلق به ألا تلقنه ويحتج به عليك. ألا ترى أن يعقوب عليهالسلام قال لبنيه في شأن يوسف : (وَأَخافُ أَنْ
يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ) فتلقوه من فمه. وقالوا : (يا أَبانا إِنَّا
ذَهَبْنا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنا يُوسُفَ عِنْدَ مَتاعِنا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ) .
__________________
وقال الشاعر :
عليّ والله فيما
لفّقوا كذبوا
|
|
ككذب أولاد
يعقوب على الذيب
|
كتب أبو العيناء
إلى أحمد بن أبي دؤاد :
جعلني الله فداك ، مسّنا الضرّ ، وبضاعتنا المودة والشكر. فإن
تعط أكن كما قال الشاعر :
إنّ الشهاب الذي
يحمي ذماركم
|
|
لا يخمد الدهر
لكن جمرة يقد
|
فإن لم تفعل ،
فلسنا كمن يلمزك في الصدقات ، فإن يعطوا (مِنْها رَضُوا وَإِنْ
لَمْ يُعْطَوْا مِنْها إِذا هُمْ يَسْخَطُونَ) .
[يقال] : من عرف
بالكذب لم يجز صدقه.
وفي الأمثال
السائرة : لا يقبل الصدق من الكذاب ، وإن أتى بمنطق صواب.
وفي قصة يوسف : (وَما أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنا وَلَوْ
كُنَّا صادِقِينَ) .
__________________
ومن أمثال العرب
في حفظ السر : صدرك أوسع لسرك من دمك.
وفي قصة يوسف : (لا تَقْصُصْ رُؤْياكَ عَلى إِخْوَتِكَ
فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْداً إِنَّ الشَّيْطانَ لِلْإِنْسانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ) .
قال الحسن البصري
: من أحسن عبادة الله في شبيبته لقّاه الله الحكمة في اكتهاله ، كما قال الله
تعالى في شأن يوسف : (وَلَمَّا بَلَغَ
أَشُدَّهُ آتَيْناهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) .
نظر شيخ إلى
امرأتين تتلاعبان في الطريق. فقال : إنكن صويحبات يوسف.
فقالت إحداهن : يا
عم ، فمن ألقاه في غيابة الجب. نحن أم أنتم؟
قيل لأبي الحارث
جميز وهو في ثياب منخرقة : ألا يكسوك محمد بن يحيى ؟
فقال : لو كان له
بيت مملوء إبرا وجاءه يعقوب ومعه النبيون شفعاء ، والملائكة ضمناء يطلب منه إبرة ؛ ليخيط بها قميص يوسف
الذي قدّ من دبر ما أعاره إياها. فكيف يكسوني !!
__________________
وقال العباس بن
الأحنف :
وقد زعمت جمل
بأني أريدها
|
|
على نفسها تبّا
لذلك من فعل
|
سلوا عن قميصي
مثل شاهد يوسف
|
|
فإنّ قميصي لم
يكن قدّ من قبل
|
قال المتنبي :
كأن كل سؤال في
مسامعه
|
|
قميص يوسف في
أجفان يعقوب
|
وقال أبو عثمان
الخالدي للمهلبي الوزير ، وذكر معز الدولة أبا الحسن :
__________________
إن غبت أودعك
الإله حياضه
|
|
وإذا قدمت أباحك
الترحيبا
|
ويكون من مقة كتابك عنده
|
|
كقميص يوسف إذ
أتى يعقوبا
|
ولأبي العباس أحمد
بن إبراهيم الضبي من كتاب كتبه إلى أبي سعيد الشبيبي :
وصل كتاب شيخ الدولتين فكان في الحسن روضة حزن بل جنة عدن.
وفي شرح الصدور ، وأنس القلوب قميص يوسف إذ وافى يعقوب .
قال أبو طالب
المأموني لابن عباد ، وقد أحسن جدا :
وعصبة بات فيها
الغيظ متقدا
|
|
إذ شدت لي فوق
أعناق الورى رتبا
|
فكنت يوسف
والأسباط هم وأبو ال
|
|
أسباط أنت
ودعواهم دما كذبا
|
__________________
وقال ابن المعتز :
بنو هاشم عودوا
نعد لمودة
|
|
فإنا إلى الحسنى
سراج التعطف
|
وإلّا فإني لا
أزال عليكم
|
|
محالف أحزان كثير التلهف
|
لقد بلغ الشيطان
من آل هاشم
|
|
مبالغه من قبل (في) آل يوسف
|
وقال آخر :
يا شبه من كان
الذي
|
|
قطّعن أيديهنّ
فيه
|
وشبيه من بقميصه
|
|
جاء البشير إلى
أبيه
|
لم لا ترقّ
لمدنف
|
|
أسهرت ليلة
ممرضيه
|
وقال آخر :
من كفّ يقظان
الشمائل ناعس ال
|
|
ألحاظ (يفديه) الغزال الأهيف
|
ويروق لي ذقنّ
له مستودع
|
|
جبا ومن ذى الجب يطلع يوسف
|
__________________
ومن أحسن ما قيل
في سجن يوسف ، وحسن عاقبته قول البحتري لمحمد بن يوسف :
أما في رسول
الله يوسف أسوة
|
|
لمثلك محبوسا
على الضيم والإفك
|
أقام جميل الصبر
في السجن برهة
|
|
فآض به الصبر الجميل إلى الملك
|
وقال محمد بن زيد
العلوي :
وراء مضيق الخوف
متسع الأمن
|
|
وأول معروج به
آخر الحزن
|
فلا تيأسن فالله
ملّك يوسفا
|
|
خزانته بعد
الخلاص من السجن
|
__________________
()
وقال أبو عبد الله
الأسمى العلوي من قصيدة في مرثية الداعي وتعزية ابنه المحبوس :
فلا تيأس فيوسف
كان قدما
|
|
أتاه الملك في
سجن البغايا
|
وموسى بعد ما في
اليّم ألقي
|
|
حباه الله
سلطانا وآيا
|
عوتب بعض العلماء
على خطبته عمل السلطان فقال : لقد خطبه وطلبه الصديق ابن إسرائيل بن الذبيح بن
الخليل عليهمالسلام في ملك مصر. فقال : (اجْعَلْنِي عَلى خَزائِنِ
الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ) . أي كاتب حاسب.
٢ ـ ١٣٠ ـ ٢ لما
وصف عبد العزيز بن يحيى للمأمون استدعاه ، فلما رآه قال :
إلا أني اخترتك
فما أقبح وجهك؟! ..
فقال : يا أمير
المؤمنين : إن حسن الوجه ليس مما ينال منه الحظوة عند الملوك. وإني سمعت الله حكى في كتابه العزيز عن يوسف قول
الملك : (إِنِّي حَفِيظٌ
عَلِيمٌ) ، ولم يقل : إني صبيح مليح. وهل سجن إلا لحسن وجهه ، وولي
إلّا لعلمه؟.
__________________
فقال : أحسنت ،
وأمر بإكرامه.
استأذن آدم بن عبد
الله بن عمر بن عبد العزيز على يعقوب بن الربيع وهو على الشراب ، فأمر برفعه ، والإذن له. فلما دخل قال : (إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْ لا
أَنْ تُفَنِّدُونِ) . فأمر برد الشراب ، ونادمه .
لما استقبل عبد
الملك بن مروان أخاه عبد العزيز عند مشرفه من مصر ، وأثقاله على ألف حمل. سئل بعض
أصحابه :
على كم كانت
البداءة؟
فقال : على
ثلاثمائة جمل.
(قال) : ما عير
أحق أن يقال لها (أَيَّتُهَا الْعِيرُ
إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ) من هذه.
فبلغ كلامه هذا
عبد العزيز فقال : (إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ
سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ) .
عن عطاء الخراساني
: الحوائج إلى الشبان أسهل منها إلى الشيوخ ؛ ألم تر أن يوسف قال لأخوته : (لا تَثْرِيبَ
عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللهُ لَكُمْ) .
__________________
و (قال) أبوهم : (سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ
لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) . وإنه أخّر الدعاء إلى وقت السحر ، لأن وقت السحر مرجو الاستجابة.
قال بعض الشعراء :
إن أكن مذنبا
فحظي عقاب
|
|
فهب لي عقوبة
التأديب
|
قل كما قال يوسف
لبن
|
|
ي يعقوب لما
أتوه لا تثريب
|
فصل
في الاقتباس من قصة موسى عليهالسلام
قال لي : (أبو) نصر بن سهل بن المرزبان : هل تعرف بيت شعر فيه بشارة ،
وشماته ، ومجازاة ، واعتراض ، وانفصال؟.
فقلت : لا ، ولكني
أعرف آية من كتاب الله تعالى فيها خبران ، وأمران ، ونهيان ، وبشارتان.
فقال : عرّفني هذه
الآية ، لأنشدك ذلك البيت.
فقرأت عليه قوله
تعالى في قصة موسى عليهالسلام : (وَأَوْحَيْنا إِلى
أُمِّ مُوسى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ
وَلا تَخافِي وَلا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ
__________________
إِلَيْكِ
وَجاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ) ، فأنشدني من أبيات :
سوف نبرا
ويمرضون ونجفو
|
|
فإن عاتبوا أقل
ذا بذاكا
|
كان علي بن هشام ،
أهدى جاريته صرفا إلى المأمون ، وكانت بارعة الجمال ، والغناء ، وكاتبة. وأوصاها ، أن تتجسس له أخبار المأمون ليلة ، فلما انصرف سقطت منه
رقعة صغيرة وفيها : (يا مُوسى إِنَّ
الْمَلَأَ) . فقال المأمون : إن في هذه تحذيرا. ولم يقف على كاتبها.
فلما قتل علي انكشفت القصة ، وإذا هي رقعة صرف تحذّره مما يجري عليه.
كان موسى بن عبد
الملك متحاملا على نجاح بن سلمة ، سيئ الرأي به ، شديد البغض له. فلما سلّم إليه تلف على يده في المطالبة. فقال المتوكل يوما لأبي
العيناء :
ما قولك في نجاح
بن سلمة؟
فقال : أقول فيه
ما قال الله : (فَوَكَزَهُ مُوسى
فَقَضى عَلَيْهِ) .
فضحك المتوكل ،
وتغير لموسى. وعلم موسى أنه أتي من أبي العيناء فتوعده بالقتل.
__________________
فقال له أبو
العيناء : (أَتُرِيدُ أَنْ
تَقْتُلَنِي كَما قَتَلْتَ نَفْساً بِالْأَمْسِ) ، فكفّ عنه موسى ، ثم ترضّاه بمال أنفذه إليه .
قال بعض السلف :
إن الفرار مما لا يطاق من سير المرسلين. يعني ما كان من فرار موسى .
قال بعض السلف [عن]
ابن عائشة : كن لما لا ترجو أرجى منك لما ترجو ؛ فإن موسى ذهب يقتبس النار فكلّمه
الملك الجبار.
تعرض رجل للرشيد
وهو في الطواف فقال :
يا أمير المؤمنين
إني مكلمك بكلام غليظ فاحتمله. فقال :
لا ، ولا كرامة
لك. إن الله قد بعث من هو خير منك إلى من هو شر مني فقال : (فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً
لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى) .
وكان يحيى بن معاذ
إذا قرأ هذه الآية قال : هذا رفقك بمن يدعي الربوبية ، فكيف رفقك بمن يقرّ
بالعبودية.
__________________
رأى علي بن يقطين الحسين بن راشد واقفا بباب يحيى بن خالد حين مضى في حاجة
له ورجع فرآه ، فقال له :
أنت واقف بباب هذا بعد؟
فقال : نعم ، وما
وقف موسى بباب فرعون أكثر. فبلغ ما جرى بينهما يحيى بن خالد ، ودخل إليه ابن راشد
فقضى حاجته. ثم قال خالد :
الحمد لله الذي لم
يجعل معك عصا ولا جعلني أدّعي ما ادّعى فرعون ، فاستحيا ابن راشد ، ورجع.
لما حج أبو مسلم
تحفّى بالحرم ، وتحفّى الناس. فقيل له في ذلك ، فقال :
سمعت الله يقول
لموسى : (فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ
إِنَّكَ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً) ، وهذا الوادي أكرم من ذلك الوادي. قال الله تعالى لموسى :
(فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ
إِنَّكَ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً) .
قال بعض المفسرين
: كانت من جلد غير زكي .
قال الزهري : ليس
كما قال ، بل أعلمه حق المقام الشريف ، والمدخل الكريم : ألا ترى أن الناس إذا
دخلوا على الملوك كيف ينزعون نعالهم خارجا.
__________________
قرأ الرشيد يوما
حكاية الله تعالى عن فرعون : (يا قَوْمِ أَلَيْسَ
لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهذِهِ الْأَنْهارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلا تُبْصِرُونَ) ، فقال : والله لأولينّها أحدا من خدمي ، فولاها الخصيب . وفيه يقول أبو نواس :
رماكم أمير
المؤمنين بحيّة
|
|
أكول لحيات
البلاد شروب
|
فإن يك باقي إفك
فرعون فيكم
|
|
فإنّ عصى موسى
بكفّ خصيب
|
وقال أعرابي لعبد
الله بن طاهر :
دان لك الشام
بأقطارها
|
|
وأذعن المؤمن
والكافر
|
أنت عصا موسى
التي ألقيت
|
|
تلقف ما يأفكه الساحر
|
وقال البحتري
للمعتز بالله :
تعجّبت من فرعون إذ ظنّ أنه
|
|
إله لأنّ النيل
من تحته يجري
|
__________________
ولو شاهد الدنيا
وعاين ملكها
|
|
لقلّ لديه ما
يكنّز من مصر
|
ولما وقف عبد الله
بن طاهر على مصر قال :
اخزى الله فرعون ،
فما كان أخسه وأدنى همته. ملك هذه القرية فقال : (أَنَا رَبُّكُمُ
الْأَعْلى) والله لا دخلتها ترفعا عنها.
قال (أبو) الحسن
بن ناصر العلوي :
كان حالي لما
أتى
|
|
وداع الحبيب وقلبي وجب
|
يمين ابن عمران
عند العصا
|
|
وقد حوّلت حية
تضطرب
|
وقال بعض الظرفاء
:
قل لمن يحمل
العصا
|
|
حيث أمسى وأصبحا
|
ما حوتها يد
امرئ
|
|
بعد موسى فأفلحا
|
أبدع ما قال ابن
الرومي :
مديحي عصا موسى
وذلك أنني
|
|
ضربت به بحر
الندى فتضحضحا
|
__________________
فيا ليت شعري إذ
ضربت به الصّفا
|
|
أيبعث لي منه
جداول سيّحا
|
كتلك التي أبدت
ثرى الأرض يابسا
|
|
وأبدت عيونا في
الحجارة سفّحا
|
سأمدح بعض
الباخلين لعله
|
|
إن اطّرد
المقياس أن يتمسحا
|
ولو لم يفترع إلّا
هذا المعنى البكر ، لكان من أشعر الناس ، إذ شبّه مديحه بعصا موسى التي ضرب (بها)
البحر فيبس ، فضرب بها الحجر فانبجس ، وذلك أن ابن الرومي مدح جوادا فبخل ، فقال سأمدح بخيلا لعله أن يجود على هذا القياس.
لما فلج أحمد بن
أبي دؤاد وكسر لسانه ، قال فيه أبو السمط :
ما ضرّ أحمد من
كسر اللسان وقد
|
|
أضحت إليه أمور
الناس يمضيها
|
موسى بن عمران
لم ينقص نبوته
|
|
كسر اللسان
لأحكام يقضّيها
|
بل كان أدّى على
عيّ بمنطقه
|
|
رسائل الله
بالآيات يبديها
|
لسان أحمد سيف
مسّه طبع
|
|
من علّة وشفاء
الله جاليها
|
__________________
قيل لأبي العيناء
: ما تقول في مالك بن طوق ؟ قال : لو كان في زمان بني إسرائيل ، ونزلت آية البقرة ما
ذبحوا غيره .
لما شكا أبو
العيناء إلى عبيد الله بن سليمان اختلال حاله ، لتأخر أرزاقه. قال له:
ألم نكن كتبنا إلى ابن المدبر فما فعل في أمرك شيئا؟
قال : نعم ، كتبت
إلى رجل قد قصّر من همته طول الفقر ، وذلّ الأسر ومعاناة محن الدهر فأخفقت ، وما ألححت.
فقال : أنت اخترته
يا أبا العيناء.
قال : وما علي! قد (وَاخْتارَ مُوسى
قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِمِيقاتِنا) فما كان فيهم رجل رشيد فأخذتهم الرجفة. وقد اختار النبي صلىاللهعليهوسلم ابن أبي سرح كاتبا ، فلحق
__________________
بالمشركين مرتدا ،
واختار علي رضى الله عنه أبا موسى الأشعري حاكما فحكم عليه.
ورئي بعض الظرفاء ... في قرية.
فقيل له : ما تصنع؟
فقال : ما صنع
موسى والخضر ، يعني قوله تعالى : (حَتَّى إِذا أَتَيا
أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَما أَهْلَها) .
فصل
في قصة داود عليهالسلام
لما خطب زياد
خطبته البتراء فاستحسنها السامعون. قام إليه رجل وقال :
أشهد أيها الأمير
، أنك قد أوتيت الحكمة وفصل الخطاب.
فقال له : كذبت ،
ذلك داود عليهالسلام.
سئل أبو قرة
الهاشمي بين يدي المأمون عن خصمين اختلفا يجوز أن يكون كلاهما
محقين؟ فقال : لا ، قيل : فإن أحدهما مدع للباطل لا محالة. قال : بلى. قيل :
__________________
أليس قد اختصم علي
والعباس إلى أبي بكر في ميراث النبي صلىاللهعليهوسلم فمن كان المخطئ منهما ، ومن المحق . فقال أبو قرة : لا أزعم أن واحدا منهما كان مخطئا ، وأقول
إنهما في ذلك مثل جبريل وميكائيل حين دخلا على داود عليهالسلام فقالا : (خَصْمانِ بَغى) (بَعْضُنا عَلى بَعْضٍ) وما كانا مخطئين ، لأنهما يعلمان داود ظلمه ، وأنه نقل ما ليس له.
ولما باع البحتري
غلامه نسيما إبراهيم بن الحسن بن سهل ، ثم ندم على بيعه وسأله الإقالة ، فلم يفعل كتب له قصيدة منها :
أبا الفضل في
تسع وتسعين نعجة
|
|
غنى لك عن ظبي
بساحتنا فرد
|
أتأخذه مني وقد
أخذ الجوى
|
|
مآخذه مما أسرّ
وما أبدي
|
__________________
فصل
في قصة سليمان عليهالسلام
قال بعض العلماء :
العلم آلة يرتفع
بها الصغير على الكبير ، والمملوك على المالك. ألا ترى الهدهد وهو (من) محقرات الطير قال لسليمان وهو الذي أقلّ ملكا لا ينبغي لأحد من بعده :
(أَحَطْتُ بِما لَمْ
تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ) . قيل في قوله تعالى : (لَأُعَذِّبَنَّهُ
عَذاباً شَدِيداً) أي لأفرّق بينه وبين إلفه.
قال أبو الشيص في
جارية يقال لها هدهد :
لا تأمننّ على
سرّي وسرّكم
|
|
غيري وغيرك أو
طيّ القراطيس
|
أو طائرا ساجليه
وابعثيه
|
|
ما زال صاحب تدبير وتحسيس
|
__________________
سود براثنه ميل
ذوائبه
|
|
صفر حمالقه في
الحسن مغموس
|
قد قد كان همّ سليمان ليذبحه
|
|
لو لا سعايته في
ملك بلقيس
|
لما سار عبد الله
بن طاهر إلى مصر لمحاربة (عبيد الله بن السري) المتغلب عليها منعه ابن السري (من) دخولها. ثم بعث إليه ليلا بألف وصيف ووصيفة ، مع كل واحد وواحدة ألف دينار في كيس حرير فأمر
بردّها. وقال للرسول :
قل لمرسلك : (أَتُمِدُّونَنِ بِمالٍ فَما آتانِيَ
اللهُ خَيْرٌ مِمَّا آتاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ (٣٦)
ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لا قِبَلَ لَهُمْ بِها
وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْها أَذِلَّةً وَهُمْ صاغِرُونَ)
__________________
فلما أبلغه الرسول
ذلك طلب الأمان فأمنه على نفسه ، وأهله وماله ، ففعل. وكتب إليه :
أخي أنت ومولاي
|
|
ومن أشكر نعماه
|
فما أحببت من
شيء
|
|
فإني الدهر أهواه
|
وما تكره من شيء
|
|
فإني لست أرضاه
|
لك الله على ذاك
|
|
لك الله لك الله
|
قال الحسن البصري
:
ما أنعم الله على
عبد نعمة إلّا وعليه منة سليمان عليهالسلام فإن الله تعالى قال له : (هذا عَطاؤُنا
فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ) .
لما هدم الوليد بن
عبد الملك كنيسة دمشق كتب إليه ملك الروم :
إنك قد هدمت
الكنيسة التي رأى أبوك تركها. فإن كان حقا فقد أخطأ أبوك ، وإن كان باطلا ، فقد
أخطأت أنت في مخالفته .
فكتب إليه :
(وَداوُدَ
وَسُلَيْمانَ إِذْ يَحْكُمانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ
وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شاهِدِينَ (٧٨) فَفَهَّمْناها سُلَيْمانَ) .
قال جحظة البرمكي
في الغزل :
__________________
يا قريب المزار
نائي اللقاء
|
|
ومريض الجفون من
غير داء
|
هب لعيني من
الكرى قدر ما
|
|
أمهل ذو الجنّ
يوم عرض سباء
|
فصل
في قصة يونس عليهالسلام
جاء رجل إلى مزبّد فقال : أحب أن تخرج معي في حاجة لي. فقال :
هذا يوم الأربعاء ، ولست أبرح من بيتي.
فقال له الرجل :
وما تكره من يوم الأربعاء وفيه ولد يونس بن متى؟
فقال : لا جرم ،
بانت بركته في اتساع موضعه في بطن الحوت ، وحسن كسوته من ورق اليقطين .
قال : وفيه ولد
يوسف أيضا. قال :
فما أحسن ما فعل
به إخوته حتى طال حبسه وغربته.
وقال : وفيه أوحى
الله تعالى إلى إبراهيم. قال :
فكيف رأيت .
__________________
قال : وفيه نصر
رسول الله صلىاللهعليهوسلم على الأحزاب .
قال نعم ، ولكن
بعد (وَإِذْ زاغَتِ
الْأَبْصارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَا
(١٠) هُنالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزالاً شَدِيداً) .
وقال يوسف بن أبي
الساج في حبس المقتدر :
ولست بهيّاب
المنية إذ أتت
|
|
ولكنني رهن
التأسف والأسى
|
وإني لأرجو أن
أؤوب مسلما
|
|
كما سلم الرحمن
في اللّج يونسا
|
فصل
في شأن عيسى عليهالسلام
لما قام المستعين
أمر عيسى بن فرخنشاه أبا علي البصير أن يعمل قصيدة في المستعين يحرضه بها على
عقد البيعة لابنه العباس فقال قصيدة منها :
بك الله حاط الدين واحتاط أهله
|
|
من الموقف الدحض
الذي مثله يردي
|
__________________
فولّ ابنك
العباس عهدك إنه
|
|
له موضع واكتب
إلى الناس بالعهد
|
فإن خلّفته السّن فالعقل بالغ
|
|
به رتبة الشيخ
الموفق للرشد
|
فقد كان يحيى أوتي الحكم مثله
|
|
صبيا وعيسى كلّم
الناس في المهد
|
فلما عرضت على
المستعين قال : لا برّأني الله ، وأنا أجعل العهد إلى من لعل الناس يحتاجون إليه في الوقت
، فلا يطيق القيام بأمورهم ، ولكن إن عشنا وكبر قليلا فعلت ذلك إن شاء الله.
كتب قيصر إلى عمر
بن الخطاب رضي الله عنه :
أما بعد فإنّ رسلي
أخبروني أنّ عندكم شجرا تحمل مثل أذواب الخمر ، ثم ينفلق عن مثل اللؤلؤ الأبيض ، ثم يصير كالزمرد
الأخضر ثم يصير كالياقوت الأحمر ، ثم ينضج كالعسل فيكون عصمة للمقيم ، وزادا
للمسافر ، فلئن صدقوا : إن هذه من شجر الجنة.
فكتب إليه عمر :
أما بعد فإن رسلك
صدقوك. هي شجرة عندنا يقال لها النخلة ، وهي التي أنبتها الله ، ولا تتخذ عيسى
إلها من دون الله ، فإن الله مثّل عيسى كمثل آدم : خلقه من تراب ، ثم قال له : كن
فيكون.
أنشد ابن خالويه :
ألم تر أن الله
قال لمريم
|
|
وهزّي إليك
النخل يسّاقط الرّطب
|
__________________
ولو شاء أن
تجنيه من غير هزّها
|
|
جنته ، ولكن كلّ
شيء له سبب
|
وقال أبو بكر
الخوارزمي من قصيدة :
وما كنت في
تركيك إلا كتارك
|
|
طهورا وراض بعده
بالتيمم
|
وذى خلّة يأتي عليلا ليشتفي
|
|
به وهو جار
للمسيح ابن مريم
|
وقال أيضا لأبي
أحمد الحسين بن المتكافي :
يقولون سعر البر
يخشى ارتفاعه
|
|
وإن خانت الأيام
عهدا فربما
|
فقلت سواء رخصه وغلاؤه
|
|
إذا عاش لي
الشيخ الحسين مسلّما
|
وكيف أبالي بالطبيب وبالرقى
|
|
إذا كنت جارا
للمسيح ابن مريما
|
__________________
فصل
في قصص لهم عليهمالسلام
قال بعض السلف :
إن الله تعالى
يحتج بأربعة على أربع ، يحتج بسليمان على الأغنياء ، وعلى العبيد بيوسف ، وعلى
المرضى بأيوب ، وعلى الفقراء بالمسيح عليهمالسلام.
لما همّ المنصور
بهدم دور المدينة ، وإحراق نخلها عند خروج إبراهيم ومحمد ابني عبد الله بن الحسن
بن الحسن. فقال له جعفر بن محمد :
يا أمير المؤمنين
إن سليمان أعطي فشكر ، وإن أيوب ابتلي فصبر ، وإن يوسف قدر فغفر. فاقتد بمن شئت
منهم.
فقال : حسبك. ونقض
عزمه .
لما قال المتوكل
لأبي العيناء : إلى كم تمدح الناس ، وتذمهم؟
قال : يا أمير
المؤمنين ، ما أحسنوا ، وأساءوا. وهذه آيات تعلمتها من الله تعالى ، فإن رضي عن
عبد مدحه ، وأطراه ، و (إن) سخط على آخر شتمه ورماه .
__________________
قال : وكيف؟
قال : قال : في
أيوب (نِعْمَ الْعَبْدُ
إِنَّهُ أَوَّابٌ) . وفي الوليد بن المغيرة (عُتُلٍّ بَعْدَ ذلِكَ
زَنِيمٍ) والزنيم الملحق بالقوم وليس منهم.
لبعض العرب :
لها حكم لقمان
وصورة يوسف
|
|
ومنطق داود
وعفّة مريم
|
ولي سقم أيوب
وغربة يونس
|
|
وأحزان يعقوب
ووحشة آدم
|
فصل
في قصص القرآن
قال ابن السماك :
طلبت المال ففكّرت
في قارون ، ثم طلبت الرئاسة ، ففكرت في فرعون ، ثم طلبت الجلادة ، ففكرت في عاد ، ثم طلبت الزهد ، ففكرت في بلعم بن باعور ثم ما رأيت شيئا يقرّب إلى الله تعالى كقلب ورع ، ولسان
صادق ، وبدن صابر.
__________________
لما أراد عمر بن
عبد العزيز نفي الفرزدق لفسق ظهر عليه منه أجلّه ثلاثا.
فقال الفرزدق :
أتنهرني وتوعدني
ثلاثا
|
|
كما وعدت
لمهلكها ثمود
|
فبلغ ذلك الخبر
جريرا ، فشمت به وقال :
وسمّيت نفسك
أشقى ثمود
|
|
فقالوا : هلكت
ولم تبعد
|
وقد أجّلوا حين حلّ العذاب
|
|
ثلاث ليال إلى
الموعد
|
قيل للربيع بن
خثيم في مرضه : ألا ندعو لك طبيبا فقرأ : (وَعاداً وَثَمُودَ
وَأَصْحابَ الرَّسِّ وَقُرُوناً بَيْنَ ذلِكَ كَثِيراً) وقد كان فيهم أطباء ، فما المداوي بقي ولا المداوى ، هلك
الباعث والمبعوث.
__________________
الباب السادس
في
فضل العلم والعلماء ، وفقر من محاسن
انتزاعاتهم ولطائف من استنباطاتهم
الباب السادس
في فضل العلم والعلماء ومحاسن ابتداعاتهم ولطائف من استنباطاتهم
فصل
في فضائل العلم والعلماء
من فضائل العلم أن
شهادة أهله مقرونة بشهادة (الله) والملائكة في قوله تعالى : (شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ
لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ) .
وأولى الناس
بالإجلال في الإعظام العلماء ؛ لأنهم ورثة الأنبياء ، ومن رفع الله درجاتهم فقال :
(يَرْفَعِ اللهُ
الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ) .
وذكرهم تعالى في
علم التأويل مع نفسه فقال : (وَما يَعْلَمُ
تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ) .
وأخبر أن الأمثال
التي يضربها للناس لا يعقلها إلّا هم فقال : (وَتِلْكَ الْأَمْثالُ
نَضْرِبُها [لِلنَّاسِ]
وَما
يَعْقِلُها إِلَّا الْعالِمُونَ) .
اقتبس عبد الملك
بن عبد الرحيم الحارثي قوله :
__________________
سلي إن جهلت
الناس عنا وعنكم
|
|
وليس سواء عالم
وجهول
|
وقال عز ذكره : (أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّما أُنْزِلَ
إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمى) وقال تعالى : (إِنَّما يَخْشَى
اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ) .
فصل
في نكت ذكر العلم
قال ابن عباس :
العلم أكثر من أن
يحصى ، فخذوا من كل شيء أحسنه.
قتادة :
لو استغنى عالم عن
التعلم مع جلاله مقدارا ، لاستغنى عن ذلك نجيّ الله موسى.
وقد قال للخضر عليهماالسلام : (هَلْ أَتَّبِعُكَ
عَلى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً) .
__________________
قال الجاحظ :
العلم أبعد سببا ،
وأوسع بحرا من أن يبلغ غايته أحد ، ولو عمّر عمر نوح . قال الله تعالى : (وَفَوْقَ كُلِّ ذِي
عِلْمٍ عَلِيمٌ) .
وقال بعضهم :
من استكثر شيئا من علمه ، أو ظن أن العلم غاية ، فقد بخس العلم ، لأن
الله تعالى يقول (وَما أُوتِيتُمْ مِنَ
الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً) .
فصل
في أمثال تدخل في ذكر العلم
قالت الأوائل : من
جهل شيئا عاداه.
وفي القرآن : (وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ) (وَإِذْ لَمْ
يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هذا إِفْكٌ قَدِيمٌ) . وقالت العرب : لا تهرف بما لا تعرف.
وفي القرآن : (وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ) .
وقال الشاعر :
__________________
تمام العمى طول
السكوت وإنما
|
|
شفاء العمى يوما
سؤالك من يدري
|
وفي القرآن : (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ
كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) .
العامة : ما من
ظلمة إلا وفوقها طاقة .
فصل
في فقر تناسب هذا الباب
قال سفيان الثوري
:
الكاتب : العالم ،
واحتج بقوله تعالى : (أَمْ عِنْدَهُمُ
الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ) . أي يعلمون.
قال المبرد :
تكلمت يوما بين
يدي جعفر بن القاسم الهاشمي ، وأنا حدث فاستحسن ما جئت به. وقال أنت اليوم عالم ،
ولا تظن قولي لك : أنت اليوم عالم ، أعني به أنك لم تكن عندي قبل ذلك ، إن الله
تعالى يقول : (وَالْأَمْرُ
يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ) . وقد كان له الأمر قبل ذلك اليوم.
__________________
ولما أراد المنصور
أن يضم بعض العلماء إلى المهدي ، وصف له سليمان بن الحسن الواسطي فاستدعاه ،
وقرّبه. ثم قال له : أعالم أنت؟ فسكت ، ولم يجبه. فقال : ما لك لا تتكلم؟ فقال : يا
أمير المؤمنين ، إن قلت أنا عالم ، كنت قد زكّيت نفسي. وقد نهى الله عن ذلك فقال :
(فَلا تُزَكُّوا
أَنْفُسَكُمْ) . وإن قلت لست بعالم ، وقد قرآت القرآن. كنت حقرت ما عظم
الله. فأعجب به ، وضمّه إلى المهدي.
فصل
في التعليم
عير أبو زيد البلخي بأنه معلم ، فكتب رسالة حسنة في فضل التعليم يقول فيها :
وليس يستغني أحد
عن التعليم والتعلم ؛ لأن الحاجة تضطره إليها في جميع الديانات ، والصناعات ، والآداب ، والأنساب
، والمذاهب ، والمكاسب ، فما يستغني كاتب ولا حاسب ، ولا صانع ، ولا أحد من كل
مكسب ومذهب من أن يتعلم صناعته ممن هو أعلم منه ، ويعلمها لمن هو أجهل منه. وقوام الخلق بالعلم والتعليم. والمعلم أفضل من
المتعلم ، لأن صفة العلم دالة على التمام والإفادة. والمتعلم صفة دالة على النقصان
والاستفادة. وحسبك جهلا من رجل يعمد إلى فعل قد وصف به الخالق نفسه ، ثم رسوله عليهالسلام ،
__________________
فيذمه . وقد قال الله تعالى (وَعَلَّمَ آدَمَ
الْأَسْماءَ كُلَّها) . وقال تعالى : (وَعَلَّمْناهُ مِنْ
لَدُنَّا عِلْماً) . وقال في وصف نبيه عليهالسلام : (وَيُعَلِّمُكُمُ
الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ ما لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ) .
فصل
في ذم علم الأنساب
قال بعض العلماء :
كيف يدّعي مخلوق علم الأنساب كلها ، والله تعالى يقول : (وَعاداً وَثَمُودَ [وَأَصْحابَ الرَّسِ]
وَقُرُوناً
بَيْنَ ذلِكَ كَثِيراً) . ثم قال : (وَالَّذِينَ مِنْ
بَعْدِهِمْ لا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللهُ) . وقال تعالى : (وَرُسُلاً قَدْ
قَصَصْناهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلاً لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ) .
وقال النبي صلوات
الله عليه : كذب النسابون ثلاث مرات.
وكان ينسب إلى معد
بن عدنان ، وينسب أولاد قحطان. ثم يمسك ، ويقول : أضلّت مضر أنسابها ، ما خلّف معد
، ما خلّف قحطان.
__________________
فصل
في النهي عن كتمان العلم
قال الله تعالى : (فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ
مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا
رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ) .
فصل
في ذكر الفقه والفقهاء
قال أبو زيد
البلخي :
الفقه من أجلّ
صناعات الدين ، وذلك بسبب ما يلزم أهله من التفقه في فروع . الدين ، إذ كان الله قد أكمل أصوله في كتابه ، وعلى لسان
رسوله كما قال الله تعالى : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ
لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي) وقد علم أن هذا الكمال إنما اشترط للدين من جهة أصوله
لوقوعها جميعا في ضمن كتاب الله ، وسنن رسوله المشهورة. فأما إكماله من جهة فروعه
فأمر لم يكن يتصور في العقول مكانه بسبب النوازل الجارية ، والحوادث الزمانية ، إذ كانت تخرج إلى ما لا نهاية له.
فاضطر السلف الأول من أهل الدين لهذا المعنى إلى تفريع الأصول والتفقه كما قال
فيها ، ليريحوا علل العوام فيما تلزمهم الحاجة
__________________
إليه من أبواب
الفتيا كما قال الله تعالى : (وَما كانَ [الْمُؤْمِنُونَ]
لِيَنْفِرُوا
كَافَّةً فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ [مِنْهُمْ طائِفَةٌ]
لِيَتَفَقَّهُوا
فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ) (لَعَلَّهُمْ
يَحْذَرُونَ) . فكان الغرض من تفريعهم ما فرعوه عن الأصول المحددة في
كتاب الله ، والسنن المأثورة عن النبي صلىاللهعليهوسلم أن يجعلوا تلك المسائل المفرعة عدة للحوادث الواقعة. وكان
مثلهم في تقديم العناية التي قدموها بذلك من الأطباء المشفقين على أنفس الناس
وأجسادهم باستنباطهم لهم من فنون العلاجات والأدوية ؛ لتكون معدة لمقابلة العلل المخوفة إذا عرضت لها. فحدث
بعدهم من طلاب الفقه من جعل غرضه فيما يطلبه منها نيل الرياسة في العامة ، والحظوة
عند الملوك والرؤساء والتسلط على أموال اليتامى والضعفاء مع استعمال الحيل في
إبطال حقوقهم والقول بها. فانقلبت الصناعة على جلالة قدرها ، وعلو خطرها من مرتبة
الحمد إلى مرتبة الذم باختلاف الغرضين.
فصل
في ذكر الكلام والمتكلمين
قال أبو زيد :
صناعة الكلام في
غاية الجلال والشرف ، ومن الصناعات المحتاج إليها في قوام الدنيا إذ كانت صناعة
البحث والنظر ، ولا غنى بالناس عن استعمالها في تمييز الحق من الباطل ، والخطأ من
الصواب في جميع ما يعتقدونه. وهي موضوعة بإزاء أصول الدين كما أن صناعة الفقه
موضوعة بإزاء فروعه. فكما لا يستغنى عن التفقه في فروع الدين بصناعة الفقه ، كذلك
__________________
لا يستغنى في
الاستبصار في أصول الدين عن صناعة الكلام التي هي صناعة البحث والنظر. وكان السلف
الصالح من أهلها إنما شغلوا أنفسهم باستعمالها ، والإقبال عليها ؛ ليصيروا بها
متمهرين بالمشاركة بين الملل المختلفة ، والنحل المتغايرة ، ويعرفوا بذلك الفضل الذي
يحصل لدين الإسلام على ما سواه من الأديان فيكونوا على يقين من أمرهم على ما
يعتقدونه من أصول دينهم ، وليكونوا على بصيرة ، كما اشترط الله على رسوله في قوله
تعالى : (قُلْ هذِهِ سَبِيلِي
أَدْعُوا إِلَى اللهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي) ، وليقوموا بمجادلة الملحدين الخاطئين على الإسلام إذا
قصدوا الإلحاد فيه ، والغض منه ، إذ كان الجهاد مقتسما قسمين : أحدهما الذبّ عنه
باللسان ، والآخر الذب عنه باليد. والذب باللسان أبلغ في نصره وتأييده في كثير من
الأحوال (والأوقات) . وكانوا يتعاطون هذه الصناعة حسبة وابتغاء للقربة إلى الله
تعالى ، والزلفة لديه. ثم حدّت قوم من متعاطييها سلكوا فيها سبيل من تقدم ،
بالمباهاة باللدد في باب الجدال لقطع الخصوم والاستعلاء في مجالس المناظرة
لكي يذكر بالتبريز فيها ، وقلة الاحتفال عند خوف الانقطاع ، ولزوم الحجة بحمل
النفس على الدعاوى الشنيعة والاعتلالات المستكرهة ، والشذوذ على الآراء المتلقاة
من الجميع بالقبول. فصيروا هذه الصناعة ـ على (نفاسة) خطرها ، وشدة الحاجة في قوام أصول الدنيا إليها ـ واقعة في
حسن الذم ، وصيّروا الموسومين بها عرضة ألسن عائبيها ومنقصيها.
__________________
فصل
في لمع وفقر من استنباطات العلماء
وفقر ، ودرر من انتزاعاتهم
قال علي بن أبي
طالب رضي الله عنه :
من كان (ذا) داء قديم ، فليستوهب امرأته درهما من مهرها ، وليشتر به
عسلا ، وليشربه بماء السماء ، ليكون قد اجتمع له الهنيء والمريء والشفاء المبارك.
يريد قوله تعالى : (فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ
عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً) وقوله تعالى : (يَخْرُجُ مِنْ
بُطُونِها شَرابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ) وقوله عزّ ذكره : (وَنَزَّلْنا مِنَ
السَّماءِ ماءً مُبارَكاً) .
وفي العسل بماء
السماء يقول مساور الوراق :
وبدأت بالعسل
الشديد بياضه
|
|
عمدا أباكره
بماء سماء
|
إني سمعت بقول
ربك فيهما
|
|
فجمعت بين مبارك
وشفاء
|
كان محمد بن كعب
القرظي من أقدر الناس على مقابلة أخبار النبي صلىاللهعليهوسلم بآي القرآن. فلما رأى قوله عليهالسلام : من جدّد وضوءه ، جدّد الله مغفرته. قال : سوف أجد في
__________________
كتاب الله تعالى
ما يوافق معناه. ثم قال بعد أيام : قد وجدت ذلك ، وهو قوله في آية الوضوء : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا
قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ ...) إلى قوله : (ما يُرِيدُ اللهُ
لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ
نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) ألا ترى أنه بالتطهير تمام النعمة. وهو المغفرة.
وكان سفيان بن
عيينة يجري في طريق القرظي برده على الاستخراجات ، والانتزاعات. فسئل : هل يجد في
القرآن ما يصدّق الذي يروى عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : ما من مؤمن يموت إلا مات شهيدا. فقال : أمهلوني
ثلاثة أيام. فأمهل ، ثم قال : قد وجدت ظاهرا مكشوفا وهو قوله تعالى : (وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ
أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ) .
وسئل عن طيب الأكل فقال : هو بالحرام منه أشبه بالحلال ، لأن الله
تعالى يقول : (كُلُوا مِمَّا فِي
الْأَرْضِ حَلالاً) ولم يقل كلوا في الأرض.
وسئل عن قولهم :
الناس الأشراف بالأطراف ، هل تجد معناه في كتاب الله؟ قال : نعم في سورة يس : (وَجاءَ مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ
رَجُلٌ يَسْعى قالَ يا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ) . فلم يكن في المدينة خير. وكان ينزل أقصاها.
__________________
وسئل عن قولهم : (الجار
ثم الدار) هل تجد معناه في كتاب الله؟
فقال : بلى ، هذه
امرأة فرعون تقول : (رَبِّ ابْنِ لِي
عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ) أما تراها أرادت الجار ثم المنزل.
وسئل ابن سيرين عن
خبث الحديد يحل شربه للتداوي به أم لا؟
فقال : لا أرى فيه
بأسا ، وأراه من المنافع التي قال الله تعالى : (وَأَنْزَلْنَا
الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ) .
كان ابن عباس يقول
:
لا تقولوا والذي
خاتمه على فمي ، فإنما يختم الله على فم الكافرين .
وكان يقول : لا
تقولوا الناس انصرفوا من الصلاة بل قولوا : قضوا الصلاة ، وفرغوا
من الصلاة. لقوله تعالى : (ثُمَّ انْصَرَفُوا
صَرَفَ اللهُ قُلُوبَهُمْ) .
الزهريّ :
أقرب ما يكون
العبد من ربه إذا سجد ، لقوله تعالى (وَاسْجُدْ
وَاقْتَرِبْ) .
قالت زبيدة للرشيد
في كلام جرى بينهما :
__________________
أنت من أهل النار.
فقال الرشيد :
وأنت طالق إن لم أكن من أهل الجنة. فارتابت قلوبهما فبعثا إلى أبي يوسف ، واستدعياه ، فاستفتياه. فقال :
يا أمير المؤمنين
: هل تخاف مقام ربك (ولك) جنتان ، وأم جعفر حلال كما كانت؟ فسري عنهما وأمر له بصلة وخلعة.
ناظر بعض الفقهاء
يحيى بن آدم فقال :
أما تستحي! تزعم
أن شيئا قليله حلال وكثيره حرام؟ أفي كتاب الله وجدت هذا أم في سنة رسول الله صلىاللهعليهوسلم؟ فقال يحيى :
نعم وجدت هذا في
كتاب الله تعالى : إن الله أحل من نهر طالوت غرفة وحرم ما سواها ، وأحل لمن اضطر إليها بقدر ما يقيمه ، وحرّم عليه الشبع ،
وأحلّ من النساء أربعا وحرّم الخامسة. ولو لا الرابعة لحلت الخامسة. فأفحمه.
دعا بعض العلماء
رئيسا باسمه. فغضب ، وقال له :
أين التكنية لا
أبا لك؟ فقال :
__________________
إن الله تعالى قد
سمّى أحبّ خلقه إليه ، فقال : (وَما مُحَمَّدٌ
إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ) . وكنّى أبغض خلقه إليه ، فقال : (تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ) .
قال بعض المحسنين
:
إن طاعة العبد
لسيده تنقسم ثلاثة أقسام : منها عمل القلب ، وهو الإخلاص في اعتقاد العبودية. كما
قال الله تعالى : (وَما أُمِرُوا إِلَّا
لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) . ومنها عمل اللسان وهو وصفه بما يستحقه من المدح والثناء
عليه كما قال الله تعالى : (وَلِلَّهِ
الْأَسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها) ومنها عمل الجوارح وهو مباشرة ما عرف فيه رضاه من وجوه الخدمة ، كما قال الله تعالى : (ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا
رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) .
قرأت في كتاب
أخبار الوزراء والكتاب لأبي عبد الله بن عبدوس الجهشياري :
حضر المأمون جماعة من المتكلمين ، ومحمد بن عبد الملك حاضر.
فقال المأمون :
قد كنت أحفظ من كتاب الله أشياء عنى بها لا إله إلا الله ، وقد
استترت عني ، فأخبروني بها. فلم يكن عند واحد منهم علم ذلك غير محمد بن عبد الملك فقال : يا أمير
__________________
المؤمنين ، أنا
أحفظها أفأذكرها ؟ قال : نعم يا ابن عبد الملك. فقال محمد :
قال الله تعالى : (وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوى) يعني لا إله إلا الله.
وقال تعالى : (ذلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذا دُعِيَ اللهُ
وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ) يعني لا إله إلّا الله.
وقال عز ذكره : (قَدْ جاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ) يعني لا إله إلّا الله.
وقال تعالى : (لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِ) يعني لا إله إلّا الله.
وقال تعالى : (وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ فَقَدْ
حَبِطَ عَمَلُهُ) يعني لا إله إلّا الله.
وقال : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا
اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً) يعني لا إله إلّا الله.
وقال جل ذكره : (يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا
بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ) .
فاستحسن المأمون
جوابه .
قال : ما من مؤمن
يموت إلّا مات (شهيدا) ...... الباب وفي ثلاثة أيام فإنها إلي قد وجدت في الذكر
وقول السنة ، والموعظة الحسنة.
__________________
فصل
في فضل العقل
قال الله تعالى في
تعظيم شأن العقل : (إِنَّ فِي خَلْقِ
السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي
تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِما يَنْفَعُ النَّاسَ وَما أَنْزَلَ اللهُ مِنَ السَّماءِ
مِنْ ماءٍ فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَبَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ
دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّياحِ وَالسَّحابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّماءِ
وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) .
وقال عز ذكره : (لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ
أُولُوا الْأَلْبابِ) .
وقال تعالى : (وَما يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا
الْأَلْبابِ) .
قال سعيد بن
المسيب في قوله تعالى : (وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ
عَدْلٍ مِنْكُمْ) قال : ذوي عقل.
مجاهد في قوله
تعالى : (لِمَنْ كانَ لَهُ
قَلْبٌ) ، أي عقل.
__________________
قال الضحاك في
قوله تعالى : (لِيُنْذِرَ مَنْ كانَ
حَيًّا وَيَحِقَ) : أي عاقلا.
قال الحسن البصري
: العقل : الذي يهدي إلى الجنة ، ويحمي من النار ، أما سمعت قوله تعالى حكاية عن أهل النار : (وَقالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ
نَعْقِلُ ما كُنَّا فِي أَصْحابِ السَّعِيرِ) .
__________________
الباب السابع
في
ذكر الأدب والعقل والحكمة والموعظة الحسنة
الباب السابع
في ذكر الأدب والعقل والحكمة والموعظة الحسنة
فصل
في ذكر الأدب
علي بن أبي طالب
رضي الله عنه في قوله تعالى : (يا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ ناراً) . قال : أدبوهم أدبا حسنا.
سئل الشعبي عن
الفرق بين العالم والأديب. فقال :
العالم من يقصد
فنا واحدا من العلم فيتقنه ، والأديب من يأخذ من كل علم أحسنه.
وقيل لابن عباس :
ما تكتب؟ قال :
أحسن ما أسمع ، ثم
تلا : (وَاتَّبِعُوا
أَحْسَنَ ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ) .
قال المنذر بن
جارود لابنه الحكيم :
يا بني أحيي
لياليك بالنظر في الأدب ، فإن القلب بالنهار طائر ، وبالليل ساكن ، فكلما أودعته
شيئا قبله. ثم قرأ : (إِنَّ ناشِئَةَ
اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَأَقْوَمُ قِيلاً) .
__________________
فصل
في الحكمة والموعظة الحسنة
قال الله تعالى : (يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشاءُ وَمَنْ
يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً) .
قال مجاهد في قوله
: (وَلَقَدْ آتَيْنا) . وقوله تعالى : إن الله أحلّ من نهر طالوت في القول. وقال تعالى : (وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ
اللهِ عَلَيْكُمْ وَما أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتابِ وَالْحِكْمَةِ
يَعِظُكُمْ بِهِ) .
قال الحسن البصري
:
يا ابن آدم اذكر
قول ربك : (وَكُلَّ إِنسانٍ
أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ كِتاباً
يَلْقاهُ مَنْشُوراً (١٣) اقْرَأْ كِتابَكَ كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ
حَسِيباً) . وقد جعلك حسيب نفسك.
__________________
وشهد بعض الأمراء
وقد تعدّى في إقامة الحدود ، وزاد في عدد الضرب ، فكلّمه في ذلك ، فلما رآه لا
يتعظ ، قال :
أما أنك لا تضرب
إلّا نفسك ، فإن شئت فقلّل ، وإن شئت فكثّر. ثم تلا : (فَما أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ) .
دخل أبو حازم
الأعرج على بعض الملوك من بني مروان. فقال له :
يا أبا حازم ما
المخرج فيما نحن فيه؟
قال : تنظر إلى ما
عندك ، فلا تضعه إلّا في حقه ، وما ليس عندك فلا تأخذه من حقه إلّا في حقه.
فقال : ومن يطيق
ذلك يا أبا حازم؟
فقال : من أجل ذلك
ملئت جهنم من الجنّة والناس أجمعين .
وقال الأوزاعي للمنصور :
إنك ابتليت بخلة
عرضت على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها ، وأشفقن منها . وقد جاء في تفسير هذه الآية : (لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً
إِلَّا أَحْصاها) أن الصغيرة : التبسم ، والكبيرة : الضحك. فما ظنك بما
سواهما؟ فانظر
__________________
لنفسك يا أمير
المؤمنين. قال : فبكى المنصور بكاء شديدا .
قال : دخل عمرو بن
عبيد على المنصور قبل الخلافة ، وهو يأكل فقال :
يا جارية هل في
القدر بقية؟
فقالت : لا.
قال : عندك ما
يشترى به فاكهة لأبي عثمان؟
قالت : لا. فقرأ
المنصور : (عَسى رَبُّكُمْ أَنْ
يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ
تَعْمَلُونَ) .
ثم دخل إليه في
أيام خلافته فقال :
يا أمير المؤمنين
، تذكر يوم قلت للجارية ، كذا وكذا.
قال : نعم ، وتذكر
قراءتك هذه الآية؟
قال : نعم.
قال : فقد أهلك
الله عدوك ، واستخلفك ، فانظر كيف تعمل.
__________________
قال يحيى بن خالد لابن السماك :
عظني.
فقال : لقد خاب
وخسر من لم يكن له [مكان] في جنة عرضها السموات والأرض . فسكت.
وقال بعض الملوك
لمنصور بن عمار : عظني واوجز.
فقال : ما أرى
إساءة تكبر عن عفو الله ، ولا تيأس من روح الله . وربما أخذ الله على الصغيرة فلا تأمن مكر الله.
وقال بعض الخلفاء
لبعض الزهاد :
هات عظني. فقال :
لقد وعظك الله أحسن العظة ، فقال : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ
بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ
وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) .
وقال بعضهم :
لو علم الله أن
العدل يكفي عباده لما قرن به الإحسان في قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ
بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ) .
__________________
وقال آخر :
يا أيها الإنسان
عليك بالإحسان ، فإن الله أمر به ، وأحب عليه وضمن الجزاء عليه .
وقال محمد بن علي
بن الحسين لابنه جعفر رضي الله عنهما :
إذا أنعم الله
عليك نعمة ، فقل : الحمد لله ، وإذا أحزنك أمر فقل : لا حول ولا قوة إلا بالله.
وإذا أبطأ عليك الرزق فقل : أستغفر الله.
وقال بعض الحكماء
: ليس مع الله وحشة ، ولا بغيره أنس ، فلا تستوحش لقلة أهل الطريق التي تسلكها فإن
(إِبْراهِيمَ كانَ
أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً) .
كتب يحيى بن خالد
من الحبس إلى الرشيد :
يا أمير المؤمنين
إن كان الذنب خاصا ، فلا تعمم العقوبة. فإن الله تعالى يقول :
(وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ
وِزْرَ أُخْرى) .
وقال سابق البربري
:
حصادك يوما (ما)
زرعت وإنما
|
|
يدان الفتى يوما
بما هو دائن
|
فعاون على
الخيرات تظفر ولا تكن
|
|
على الإثم
والعدوان ممن يعاون
|
__________________
وقال صالح بن عبد
القدوس :
تقضى الحلم
وانكشفت ظلال
|
|
وصار الصقر رهنا
لانكفات
|
فلو أن المفرّط
كان حيا
|
|
توخى الباقيات
الصالحات
|
(قال) حكيم :
عليكم بالجادة فإنها المنهج ، وإياكم وبنيات الطرق ، فإن الله تعالى يقول : (وَأَنَّ هذا صِراطِي
مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ
سَبِيلِهِ) .
الحسن :
عظ نفسك ، فإن
رأيتها تتعظ فعظ غيرها ، وإلا فاستحيي من خالقك ، فإنه يقول :
(أَتَأْمُرُونَ
النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ) .
وقال بعض الصالحين
:
لا تسمعوا كلام
أهل البدع ، ونزّهوا أسماعكم عنه ، كي تصونوا ألسنتكم عن ذلك. وقد أدب الله تعالى
بهذا الأدب فقال : (وَقَدْ نَزَّلَ
عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ أَنْ إِذا سَمِعْتُمْ
__________________
آياتِ
اللهِ يُكْفَرُ بِها وَيُسْتَهْزَأُ بِها فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى
يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ) . وقال تعالى : (وَإِذا رَأَيْتَ
الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آياتِنا [فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ]) .
ومن هذا المعنى
اقتبس من قال :
نحّي عن الطرق
وبسّاطها
|
|
وعد عن الجانب والمشتبه
|
وسمعك صن عن
سماع القبيح
|
|
كصون اللسان عن
النطق به
|
فإنّك عند
استماع القبيح
|
|
شريك لقائله
فانتبه
|
ابن عباس :
احفظ الله يحفظك ،
وخصّه [بالذكر] تجده أمامك ، وتعرّف إليه في الرخاء يعرفك في الشدة. وإذا سألت فاسأل الله. وإن استعنت فاستعن بالله.
فإن اليقين مع الصبر. (فَإِنَّ مَعَ
الْعُسْرِ يُسْراً) و (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً) .
كتب عمر بن عبد
العزيز إلى بعض عماله :
أما بعد ، فأصلح
ما استطعت. (فَإِنَّ اللهَ لا
يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ) .
وأحسن ، فإن الله
لا يضيع أجر من أحسن عملا .
__________________
وكان إذا جلس
للناس يقرأ : (أَفَرَأَيْتَ إِنْ
مَتَّعْناهُمْ سِنِينَ (٢٠٥) ثُمَّ جاءَهُمْ ما كانُوا يُوعَدُونَ (٢٠٦) ما أَغْنى
عَنْهُمْ ما كانُوا يُمَتَّعُونَ) .
ذكر أبو بكر محمد
بن عمر الترمذي الوراق في كتاب (المتعلمين) فصلا فيمن يتهالك في موعظة من لا يتعظ. فقال : ومن ذلك
إشغال قلبه وإفراطه فيمن يريد إرشاده وعظته وسهوه في ذلك عن [ذكر] الله عز ذكره ،
وعن قضائه ، وقسمته ، وعن نفسه ، وعن قوله تعالى (إِنَّكَ لا تَهْدِي
مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ) . وقوله تعالى : (وَلَوْ شاءَ اللهُ
لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدى فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْجاهِلِينَ) .
__________________
الباب الثامن
في
ذكر محاسن الخصال ، ومكارم الأفعال وطرائف
الآداب
الباب الثامن
في ذكر محاسن من الخصال.
فصل
في التقوى
قال الله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا
اللهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ) .
وقال : (فَإِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ) .
وقال تعالى : (إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ
الْمُتَّقِينَ) .
وقال : (إِنَّ اللهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا
وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ) .
وقال : (إِنْ تَتَّقُوا اللهَ يَجْعَلْ لَكُمْ
فُرْقاناً وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ [وَيَغْفِرْ لَكُمْ]
وَاللهُ
ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) .
وقال : (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ
أَتْقاكُمْ) .
__________________
وقال : (وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ
مَخْرَجاً (٢) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ) .
وقال : (وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ
مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً) .
حدّث الهيثم بن
ميمون عن بعض أصحابه ، فيهم بلال وسلمان ، وصهيب ومعاذ كانوا جلوسا في المسجد فجاء عيينة بن حصن يجر رداءه. فقال :
من هؤلاء السّقاط؟.
فقام إليه معاذ ، فلبّبه ، وانطلق به إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فأخبره بالخبر ، فتمعر وجهه وأمر فنودي إلى الصلاة الجامعة. وقام خطيبا فحمد الله
وأثنى عليه ثم قال :
أما بعد. فلا
أعرفن أحدكم يقول ما قال هذا الغطفاني. ألا إن الله هو الرب ، والدين هو الإسلام.
والقرآن هو الإمام. وآدم هو السبب ، خلق من طين. وأنا رسول الله إلى (الناس) كافة ، و (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ
عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ) .
__________________
قال الفضيل بن
عياض :
إن الله جعل أرزاق المتقين من حيث لا يحتسبون.
وكان عبد الرحمن
بن أبي عماد الحبشي ـ من عبّاد أهل مكة ، وكان يلقب بالنفس لعبادته ـ يستمع يوما
غناء سلامة ... .
وقال ابن المعتز :
التقوى أنفع الزاد في المعاد .
وكان أبو سليمان
الداراني يقول : ما رأيت الثلج يسقط إلا ذكرت تطاير الكتب يوم
القيامة. وما سمعت الأذان إلا ذكرت منادي الحشر (وَاسْتَمِعْ يَوْمَ
يُنادِ الْمُنادِ مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ) .
فصل
في الصبر
قال الله تعالى : (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ) ، (اصْبِرُوا) ، (وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ
لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ) ، (أُوْلئِكَ يُجْزَوْنَ
الْغُرْفَةَ بِما صَبَرُوا
__________________
وَيُلَقَّوْنَ
فِيها تَحِيَّةً وَسَلاماً) .
وقال : (صَبْراً جَمِيلاً) .
وقال : (وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ) .
وقال : (وَجَزاهُمْ بِما صَبَرُوا جَنَّةً
وَحَرِيراً) .
وقال الحسن البصري
:
إني لأعجب ممن كفر
بعد (سماعه) هذه الآية : (وَتَمَّتْ كَلِمَتُ
رَبِّكَ الْحُسْنى عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ بِما صَبَرُوا وَدَمَّرْنا ما كانَ
يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَما كانُوا يَعْرِشُونَ) .
وقال عمر بن عبد
العزيز :
ما أنعم الله على
عبد نعمة وانتزعها منه ، ثم عاضه عنها الصبر إلا ما كان عاضه عنه أفضل مما انتزعه
منه. ثم قرأ : (إِنَّما يُوَفَّى
الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ) .
وقال غيره : جعل
الله لكل ضرب من الأجر والثواب حسابا معدودا ، وحدّا محدودا إلّا الصبر ، فإنه جعل أجره
بلا حساب حيث قال : (إِنَّما يُوَفَّى
الصَّابِرُونَ
__________________
أَجْرَهُمْ
بِغَيْرِ حِسابٍ) .
قيل : نعي إلى ابن
عباس بعض أولاده ، وهو في سفر ، فاسترجع وقال : صبرا لحكم الله. ثم نزل وصلّى
ركعتين ، وركب. ثم قال : قد فعلنا ما أمر الله تعالى ، يعني قوله (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ) .
وقال الضحاك في قوله تعالى : (إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ
وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ) . قال : نتقي الزنا ، ونصبر على العزوبة.
فصل
في الشكر
قال الله تعالى : (نِعْمَةً مِنْ عِنْدِنا كَذلِكَ نَجْزِي
مَنْ شَكَرَ) .
(اعْمَلُوا آلَ داوُدَ
شُكْراً وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ) .
(وَقَلِيلٌ مِنْ
عِبادِيَ الشَّكُورُ) .
__________________
(ما يَفْعَلُ اللهُ
بِعَذابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ) .
(ما يَفْعَلُ اللهُ
بِعَذابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ) .
(اشْكُرْ لِي
وَلِوالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ) .
(إِنْ تَكْفُرُوا
فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلا يَرْضى لِعِبادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا
يَرْضَهُ لَكُمْ) .
(بَلِ اللهَ فَاعْبُدْ
وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ) .
لما قام النبي صلىاللهعليهوسلم حتى تورمت قدماه. قيل :
يا رسول الله أليس
قد غفر الله ما تقدم من ذنبك ، وما تأخر؟.
فقال عليهالسلام. أفلا أكون عبدا شكورا
وقال محمود الوراق
:
فلو كان يستغنى
عن الشكر ماجد
|
|
لعزة نفس أو
علّو مكان
|
لما أمر الله
العباد بشكره
|
|
فقال : اشكروني أيها الثقلان
|
__________________
فصل
لأبي علي البصير
إن الله قال وله
المثل الأعلى ، خلق العباد وهو غني عنهم ، ليحسن إليهم ، وينعم ، ويتفضل عليهم ،
وعرّفهم مصالحهم ، وحاطهم بالمكاره التي يرونها مبثوثة جلالا لهم ، وجعل ما في الأرض مسخّرا لهم ، ثم رضي على
ثواب ذلك بأن يحمدوه عليه ، وينسبوا الإحسان منه إليه ، ولم يرض لشاكر نعمته بما
قدّم عنده منها دون أن أوجب له مزيدا. فقال : (وَإِذْ تَأَذَّنَ
رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذابِي
لَشَدِيدٌ) . فسمي التارك لشكره كافرا ، وأوعده على تركه عذابا شديدا.
وقرأت لابن عباد
فصلا من كتاب له إلى فخر الدولة استحسنه جدا ، وهو :
لعل مولانا ـ أعز
الله نصره وحفظ على الدنيا حلمه ـ تأمل في خادمه ـ وما أزال إليه ـ قول الله تعالى : (إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنا
عَلَيْهِ) . وإلّا فأين استحقاق الخدم من هذه النعم التي تغشي ناظر الفرقد ، وترد الثريا
بطرف الأرمد.
وله من كتاب :
__________________
فالملوان يتعاقبان على ما يختاره ميامن ، ومياسر. وصنع الله يضيف
إلى مآثره مآثر ، (أَلَيْسَ اللهُ
بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ) .
وله أيضا :
إن كلمة الشكر
أزكى مقال ، (ولدوام) النعم أوثق عقال. (وَمَنْ يَشْكُرْ
فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ) .
ولغيره : الشكر
قبول النعمة ، مفتاح الزيادة. والله تعالى قال : (لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ) . ويقول : (كُلُوا مِنْ رِزْقِ
رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ) .
فصل
في العفو
قال الله تعالى : (فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللهَ
يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) (وَلْيَعْفُوا
وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ
رَحِيمٌ) .
__________________
وقال : (فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلامٌ
فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) .
حذيفة بن اليمان قال :
قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : (إذا كان يوم القيامة نادى مناد : أين الذين أجرهم على
الله تعالى؟
فلا يقوم إلا
العافون عن الناس ، فيؤمر بهم إلى الجنة. ثم تلا : (فَمَنْ عَفا
وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ) .
ولما امتحن أحمد بن حنبل قال لأصحابه :
اشهدوا أني جعلت
المعتصم في حلّ ؛ لأني قرأت قوله تعالى : (فَمَنْ عَفا
وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ) .
وقال علي بن أبي
طالب ـ رضي الله عنه ـ في قوله : (فَاصْفَحِ الصَّفْحَ
الْجَمِيلَ) قال :
رضى بلا عتاب.
__________________
سبّ رجل رجلا
بحضرة (الحسن) . فلما فرغ قام المسبوب ، وهو يمسح العرق عن وجهه ، ويقرأ :
(وَلَمَنْ صَبَرَ
وَغَفَرَ إِنَّ ذلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) قال الحسن : عقلها والله ، وفهمها ، إذ ضيّعها الجاهلون.
ولما نكب المنصور
أبا أيوب المورياني استدعاه إلى حضرته وجعل يوبخه ، ويقرعه. فقال أبو أيوب :
يا أمير المؤمنين.
ما أسألك أن تعطف علي بحرمة ، ولا تقيلني لخدمة ، ولكن استعمل فيّ أدب (الله) تعالى في أنه يقول : (وَهُوَ الَّذِي
يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ) (عِبادِهِ وَيَعْفُوا
عَنِ السَّيِّئاتِ) .
وقد عفا الله عن
ذنوب علم حقائقها ، وقبل توبة عرف ما كان قبلها .
فقال المنصور : (آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ
مِنَ الْمُفْسِدِينَ) .
__________________
ومن كلام إبراهيم
بن المهدي في الاعتذار إلى المأمون ، والتماس العفو منه :
يا أمير المؤمنين
، ولي الثأر محكم في القصاص ، وأن تعفو أقرب للتقوى.
وقرأت في كتاب
التاجي لأبي إسحاق الصابي :
كان أبو الحسن بن ناصر مشتهرا بالشرب ، واتخاذ الندماء ، وسماع الغناء
فهجره أبوه من أجل فعله ، فخرج إلى أذربيجان. وبقي بها مدة . وتاب من فعله. فكاتبه أبوه في العودة إليه. فعاد إليه.
فلما رآه قال له : (إِلَّا الَّذِينَ
تابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ غَفُورٌ
رَحِيمٌ) .
قال الشاعر :
صلي مدنفا خائفا
|
|
سيرضيك عما
اقترف
|
ولا تذكري ما
مضى
|
|
عفا الله عما
سلف
|
ولبعضهم :
__________________
يستوجب العفو
الفتى إذا اعترف
|
|
بما جناه وانتهى
عما اقترف
|
[لقوله قل للذين كفروا
|
|
إن ينتهوا يغفر
لهم ما قد سلف]
|
فصل
في صلة الرحم
من فضيلة صلة
الرحم أن يقول الرجل لصاحبه عند الحاجة الشديدة : أسألك بالله ، وبالرحم إعظاما
لحقها (واتحافا) بالبرهان .
قال الله تعالى : (وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسائَلُونَ
بِهِ وَالْأَرْحامَ) .
٢ ـ ١٨٠ ـ ١ وقد
ذم قاطع الرحم فقال : (وَيَقْطَعُونَ ما
أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولئِكَ هُمُ
الْخاسِرُونَ) .
وقال في مدح واصلي
الرحم : (وَالَّذِينَ
يَصِلُونَ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخافُونَ
سُوءَ الْحِسابِ) .
وفي الخبر :
__________________
القاطع لرحمه
ملعون. برهان ذلك قوله تعالى : (فَهَلْ عَسَيْتُمْ
إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ
(٢٢) أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمى أَبْصارَهُمْ) .
قال مجاهد :
قوله تعالى : (وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ) ... .
وقرأت في كتاب
كتبه المنصور إلى عبد الله بن علي . وهذا مكان فصل منه :
أما بعد ، فإني
نظرت إلى أمرك ، وما ركبت من نصيبك ورحمك ، وخدمتك ، وخاصك ، وعامتك
، فلم أجد لذلك مثل مدافعة قطيعتك بالصلة ، ومباعدتك بالمقاربة ، وكثرة ذنوبك بقلة
التثريب .
ووجدت ذلك في أدب
الله تعالى ، وأمره. فإنه قال : عز من قائل : (ادْفَعْ بِالَّتِي
هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ
حَمِيمٌ) ولعمرك ما فرّق كلّ حميم مثل نزغة الشيطان . وإني أذكر الله الذي هو آخذ بناصيتك ، وحائل بينك وبين
__________________
قلبك ومعادك الذي
أنت صائر إليه. والرحم التي أمرت بصلتها ، والعهد الذي أنت مسئول عنه. وأدعوك إلى
ما أمر الله به من التواصل والتعاون على البر والتقوى ، وأنهيك عما نهى الله عنه من قطيعة الأرحام والفساد في
الأرض ، وأحذرك عقوبة الله ومقته على ذلك ، إنه تعالى يقول : (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ
أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ (٢٢) أُولئِكَ
الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمى أَبْصارَهُمْ (٢٣) أَفَلا
يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها) .
فصل
لأبي القاسم الإسكافي
عليك بتقوى الله ،
ومراقبته في هذه الخطة التي ركبتها ، والظلمة التي دخلتها. واعلم أن الله تعالى
قد وصله بقوله بالرحم فقال تعالى : (وَاتَّقُوا اللهَ) (الَّذِي تَسائَلُونَ
بِهِ وَالْأَرْحامَ) تنزيها منه تعالى لها عن دواعي الانقطاع والانفصام وتنبيها على ما
جعله الله لها من (الحرمات) العظام.
__________________
فصل
في بر الوالدين
قال الله تعالى : (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ
حُسْناً) . وقال عز ذكره : (وَوَصَّيْنَا
الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلى وَهْنٍ وَفِصالُهُ فِي
عامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ) فأمر بشكر الوالدين بعد شكره.
وقال ابن عباس في
قوله : (إِنَّ كِتابَ
الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ) قال : هم الذين بروا الآباء ، والأولاد. وكما لوالديك عليك
حقا ، فلولدك عليك حقا.
فصل
لابن عباد
أما والذي تحشمته اعتدادا به ، وإحمادا . فقد كنت أحب ـ غير رادّ لقوله ، ولا محادّ لحكمته ـ أن يراني أسر به ، وأخص ، وأجدّ في مودته وأشد من
أن يجريني بهذا القول مجرى الأباعد ، ويعلم أني أفرض في موالاته ما يفرضه الولد للوالد. وإنما ضربت الوالد مثلا لما قرن
الله الشكر بشكره ، وإلّا فهو السيد عظّم الله خطره ، وأودع صحف المجد خبره.
__________________
فصل
في الإنفاق والجود
قال الله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ
وَلا خُلَّةٌ وَلا شَفاعَةٌ) .
وقال : و (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ
بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ
رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) .
(يا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّباتِ ما كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنا
لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ) .
(وَمَنْ قُدِرَ
عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتاهُ اللهُ لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً
إِلَّا ما آتاها) (سَيَجْعَلُ اللهُ
بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً) .
(وَما تُنْفِقُوا مِنْ
خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ) .
(وَأَنْفِقُوا خَيْراً
لِأَنْفُسِكُمْ) .
__________________
(وَمَنْ يُوقَ شُحَّ
نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) .
وعاتب الله قوما
في إمساكهم عن الإنفاق فقال :
(لَوْ أَنْتُمْ
تَمْلِكُونَ خَزائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذاً لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفاقِ
وَكانَ الْإِنْسانُ قَتُوراً) .
قال المأمون لمحمد
بن عباد المهلبي :
إنك متلاف .
فقال : يا أمير
المؤمنين منع الجود سوء الظن بالمعبود. وهو تعالى يقول : (وَما أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ
يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) .
وقد قيل في تفسير
قوله : (وَهُوَ خَيْرُ
الرَّازِقِينَ) : إن المخلوق يرزق ، فإذا سخط قطع الرزق. والخالق تعالى
يسخط فلا يقطع الرزق.
دخل الفرات بن زيد
على عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو يعطي الناس ، فتمثل بقول المتلمس :
__________________
لحفظ المال أيسر
من بغاه
|
|
وسعي في البلاد
بغير زاد
|
وإصلاح القليل
يزيد فيه
|
|
ولا يبقى الكثير
مع الفساد
|
فقال عمر : قول
الله أفضل ، وأصدق : (وَمَنْ يُوقَ شُحَّ
نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) .
كتب طلحة بن الفياض على باب داره : أيها الضيف (ادْخُلُوها بِسَلامٍ آمِنِينَ) .
كان الربيع بن
خيثم لا يطعم إلّا صحيحا ، ولا يكسو إلّا جديدا ، ولا يعتق إلا سويا. يتأول قوله
تعالى : (وَلا تَيَمَّمُوا
الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا
فِيهِ) .
اشترى صفوان بن (محرز)
بدنة بعشرة دنانير. فقيل له :
أتشتري هذه بعشرة دنانير ، وليس عندك غيرها؟. فقال :
__________________
نعم ، سمعت الله
تعالى يقول : (لَكُمْ فِيها خَيْرٌ) فأحببت تفخيم الخير. فقال تعالى : (لَنْ تَنالُوا
الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ) . [وقال الشاعر] :
إن يكن عاقك عن
إنجاز ما أنفقت خطب
|
|
فتأوّل في كتاب
الله فيما يستحب
|
لن
ينال
البّر منفق مما يحب
|
وقال الله تعالى :
(وَيُؤْثِرُونَ عَلى
أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ) .
قال أبو الفتح
كشاجم مقتبسا :
والمؤثرون على
النفوس هم الأولى
|
|
فضلوا الورى
بشمائل وخلائق
|
قال الحجاج :
كنت أشتهي أن أدرك
ثلاثة ، فأتقرب إلى الله بدمائهم :
أبا سماك الأسدي ، فإنه ضلّ له بعير يعز عليه فقال : يا رب ، لئن لم ترد
علي ضالتي لا صلّيت ، ولا زكّيت فوجدها ، فقال يخاطب نفسه : عرف ربك صبري ، عرفك ،
فرد
__________________
عليك ضالتك . وعبيد الله بن زياد بن ظبيان ، فإنه خطب يوما ، فأحسن ، فقال له قومه : كثّر الله فينا
مثلك ، فقال : هيهات ، هيهات. لقد سألتم شططا ، ومقاتل بن مسمع فإنه ولي فارس (وأتاه) الناس من العراقين ، فأعطاهم الأموال الكثيرة ، فلما عزل ،
ورجع إلى البصرة ، دخل مسجدها فبسط الناس أرديتهم ليمشي عليها ، وجعلوا يدعون له ،
ويثنون عليه ، فالتفت إلى بعض أصحابه فقال : (لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ الْعامِلُونَ) .
فصل
في الاقتصاد
قال الله تعالى : (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنا) (خَزائِنُهُ وَما
نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ) .
وقال الله تعالى :
(وَلَوْ بَسَطَ اللهُ
الرِّزْقَ لِعِبادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ ما
يَشاءُ) .
__________________
قال عبد الملك بن
مروان يوما لجلسائه : من أشعر الناس؟ فقالوا الذي قال :
فأنفق وأتلف
إنما المال عارة
|
|
وكله مع الدهر
الذي هو آكله
|
فقال عبد الملك :
قول الله أصدق ، وأحسن : (وَالَّذِينَ إِذا
أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً) .
وقال يوما لعمر بن
عبد العزيز : كيف نفقتك يا أبا حفص؟ فقال : يا أمير المؤمنين الحسنة بين
المسألتين. قال : وكيف ؟ قال : يقول الله تعالى : (وَالَّذِينَ إِذا
أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً) .
وسئل بعضهم عن
الاقتصاد. فقال :
هو قوله تعالى : (وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى
عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً) .
وهذا الأدب ليس في
الإنفاق وحده بل في كل معنى من المعاني يستحب التوسط ، ويكره الإفراط ألا تسمع
العرب تقول : لا يكن حبك كلفا ، ولا بغضك تلفا.
وتقول : لا تكن
حلوا فتحتسى ، ولا مرا فتلفظ .
__________________
وفي الخبر : إن
المنبت لا أرضا قطع ، ولا ظهرا أبقى .
وفي القرآن الكريم
: (وَلا تَجْهَرْ
بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها وَابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلاً) .
فصل
في ذكر المروءة
سئل محمد بن حرب
الهلالي عن المروءة فقال :
جماعها في قول
الله تعالى : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ
بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ
وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) .
قال ابن عباس :
كل ما شئت من
الطيبات ، والبس ما أحببت من الثياب السرية. إذا أخطأتك اثنتان سرف أو مباهاة ثم قرأ : (قُلْ مَنْ حَرَّمَ
زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ
__________________
مِنَ
الرِّزْقِ) .
وكان إذا خرج (إلى)
المسجد يرتدي [أفخر ثيابه] يتناول قوله تعالى : (خُذُوا زِينَتَكُمْ
عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ) .
قيل لبعضهم في حسن
كسوة وظهور رياسة فقال :
إنما آخذ بأدب
الله تعالى في قوله : (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ
رَبِّكَ فَحَدِّثْ) . ولسان الحال أنطق من لسان المقال لا سيما والنبي صلوات
الله عليه يقول : (إن الله إذا أنعم على عبد نعمة أحب أن يرى أثرها عليه).
وكان أبو بكر رضي
الله عنه يقول :
لا يمنعكم من
ارتباط الدواب خوف قوتها ، فإن الله تعالى لم يخلق دابة إلا رزقها ، وإذا جعلها
لكم جعل أرزاقها عندكم. يريد قوله تعالى : (وَما مِنْ دَابَّةٍ
فِي الْأَرْضِ [إِلَّا]
عَلَى
اللهِ رِزْقُها) .
وكان جعفر بن محمد
رضي الله عنهما يقول :
استكثروا من
العبيد والخدم ، فإن مرافقها ، وأرزاقها على الله تعالى.
__________________
فصل
في حسن القول للناس
قال الله تعالى : (وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً) .
وقال تعالى : (وَقُلْ لِعِبادِي يَقُولُوا الَّتِي
هِيَ أَحْسَنُ) .
وأمر نبيه موسى
وأخاه هارون بتليين القول لفرعون فقال لهما : (فَقُولا لَهُ قَوْلاً
لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى) .
وقال تعالى : (قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ
مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُها أَذىً) .
فصل
في المداراة
قال بعض الحكماء :
من العقل بعد الإيمان بالله المداراة. وينبغي للعاقل أن يداري زمانه مداراة السابح
الجاري . وقد أمر الله تعالى بها في قوله : (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ
السَّيِّئَةَ) .
__________________
كان أبو سليمان الخطابي البستي إذا أنشد قوله :
ما دمت حيا فدار
الناس كلهم
|
|
فإنما أنت في
دار المداراة
|
تلا قوله تعالى : (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ
السَّيِّئَةَ) .
فصل
في الصدق
قال الله تعالى : (وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) . وقال : (لِيَجْزِيَ اللهُ
الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنافِقِينَ) .
وقال الفضيل بن
عياض :
__________________
إن الله يسأل
الصادقين عن صدقهم ، منهم عيسى. بن مريم فكيف الكاذبين المرائين الذين قيل فيهم : (رب صائم قائم ليس له من صومه إلا الجوع
ومن قيامه إلا السهر) .
فصل
في الحلم
قال الحسن :
ما نعت الله تعالى نبيا من أنبيائه أجل مما نعتهم به من الحلم ، فإنه قال : (إِنَّ إِبْراهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ) يعني أن الحلم في الناس عزيز.
وقال بعضهم : إن الحلم أجلّ من العقل لأنّ الله تعالى تسمّى به ، ولم
يتسم بالعقل.
وفي قوله تعالى : (وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا
سَلاماً) أمر منه ـ عزّ ذكره ـ بالحلم. وكذلك قوله : (وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ) .
__________________
فصل
في الاعتبار
قال الله تعالى : (فَاعْتَبِرُوا يا أُولِي الْأَبْصارِ) .
وقال : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ
يَخْشى) .
وقال بعض الصالحين
: إني لأخرج من منزلي فما تقع عيني على شيء إلا ولله عليّ فيه نعمة ، ولي في ذلك
عبرة. ثم قرأ : (إِنَّ فِي ذلِكَ
لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصارِ) .
وكان الفضل بن
عيسى الرقاشي يقول في قصصه :
اسأل الأرض فقل من شق أنهارك وحثا ترابك ، وغرس أشجارك ، وجنى ثمارك ، فإن لم
تجبك جوابا أجابتك اعتبارا. ثم يقرأ (وَكَأَيِّنْ مِنْ
آيَةٍ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْها وَهُمْ عَنْها مُعْرِضُونَ) .
قال صالح المري :
دخلت دار أبي أيوب
المورياني بعد زوال أمره فاستفتحت بثلاث آيات استخرجها من كتاب الله
تعالى في الاعتبار بخراب المساكن ، قوله تعالى : (فَتِلْكَ
مَساكِنُهُمْ لَمْ
__________________
تُسْكَنْ
مِنْ بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلاً وَكُنَّا نَحْنُ الْوارِثِينَ) . وقوله : (وَلَقَدْ تَرَكْناها
آيَةً فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) وقوله : (فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ
خاوِيَةً بِما ظَلَمُوا) . قال : فخرج إليّ أسود وقال : يا أبا بشر ، هذه سخطة
المخلوق ، كيف سخطة الخالق.
لما اتصل بعبيد
الله بن سليمان أن علي بن نصر بن بسّام قال :
بقربك داران
مهدومتان
|
|
ودارك ثالثة
تهدم
|
فليت السلامة
للمنصفين
|
|
ترجّى فكيف لمن يظلم
|
يعني دار صاعد وأبي الصقر الوزيرين كانا قبله. قال عبيد الله : وعظ نفسه بدار أبيه فقد كانت أحسن من دورنا. وقد وعظ الله تعالى في خير موضع
من كتابه فقال : (أَوَلَمْ يَسِيرُوا) (فِي الْأَرْضِ
فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) . وهذا عدي بن زيد يقول :
__________________
أين كسرى الملوك
أبو
|
|
ساسان أم قبله
سابور
|
وقال آخر :
وإنّا مورثون
كما ورثنا
|
|
عن الآباء إن
متنا وبنّا
|
وقال آخر :
كلّ إلى الغاية
محثوث
|
|
والمرء موروث
ومبعوث
|
فكن حديثا حسنا
ذكره
|
|
بعدك في الناس
أحاديث
|
فصل
في المشورة
قال الحسن :
إن الله تعالى لم
يأمر نبيه بمشاورة أصحابه لحاجة منه إلى آرائهم ، وإنما أراد أن يعلمنا ما في المشورة من الفضل حيث قال : (وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ) .
__________________
قال الأصمعي :
قلت لبشار بن برد
: ما سمعت أحسن من شعرك في المشورة :
إذا بلغ الرأي
المشورة فاستعن
|
|
بحزم نصيح أو
نصاحة حازم
|
ولا تجعل الشورى
عليك غضاضة
|
|
فإنّ الخوافي
قوة للقوادم
|
فقال : إن المشاور
بين إحدى الحسنيين ، بين صواب يفوز بثمرته ، أو خطأ يشارك في مكروهه . فقلت : أنت في هذا الكلام أشعر منك في شعرك.
قال الجاحظ :
الشورى لقاح
العقول وبريد الصواب ، والمستشير على طرف النجاح. (واستشارة المرء برأي أخيه من عزم الأمور
، وحزم التدبير) .
__________________
وقد أمر الله
تعالى بالمشورة أكمل الخلق لبابة ، وأولاهم بالإصابة ، فقال لرسوله الكريم الحكيم (وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذا
عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ) .
وقال الشاعر :
شاور صديقك في
الخفي المشكل
|
|
(واقبل)
نصيحة مشفق متفضل
|
فالله قد أوصى
النبي محمدا
|
|
في قوله :
شاورهم وتوكل
|
فصل
في أدب الحرب
قد أمر الله تعالى
في الحرب بالاجتماع ، والتعاضد فقال : (وَقاتِلُوا
الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَما يُقاتِلُونَكُمْ كَافَّةً) .
وكان المهلب بن
أبي صفرة يقول :
محرّض خير من ألف
مقاتل ، ثم يقرأ : (يا أَيُّهَا
النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتالِ) ، وقوله (فَقاتِلْ فِي سَبِيلِ
اللهِ لا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللهُ أَنْ
يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَاللهُ أَشَدُّ بَأْساً وَأَشَدُّ تَنْكِيلاً) .
__________________
وقد جمع الله آداب
الحرب بقوله : (يا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيراً
لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٤٥) وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنازَعُوا
فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) .
فأمر أولا بالثبات
عند لقاء العدو ، ثم بذكر الله الذي به يستنزل النصر ، ثم بطاعة الله التي لا بد
منها في جميع الأحوال ، ثم بطاعة الرئيس التي لك غنمها ، وعليك عدمها ، ثم نهى عن
التنازع المؤدي إلى التخالف ، وذهاب الريح ، وكلال الجدّ ثم أمر بالصبر الذي هو ملاك الأمر. ومن أخذ بهذه الآداب
الحسنة في الحرب فلا بد من إفلاحه وإنجاحه.
قال بعض أصحاب
الجيوش :
التعزير مفتاح البؤس ، وقد نهى الله عن ذلك فقال : (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى
التَّهْلُكَةِ) .
ومن وهن الأمر
إعلانه قبل إحكامه. وقد ذمّ الله الإذاعة فقال : (وَإِذا جاءَهُمْ
أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذاعُوا بِهِ) .
استأذن بعض أصحاب
أبي مسلم إياه في الانصراف ، وهو في بعض الحروب فقرأ بعض قوّاده : (إِنَّما يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لا
يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ
__________________
وَارْتابَتْ
قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ) . فغضب أبو مسلم ، وهم بقتله. فقال المستأذن أيها الأمير :
هذه منسوخة بقوله
تعالى : (فَإِذَا
اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ
وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) . فأذن له ، وقد سكن عنه الغضب.
لما ركب المأمون
للقبض على ابن عائشة الخارج كان من علية شيعته العباس بن الحسن بن عبيد الله العلوي ، فجمعوا إليه وخدمه بالأسلحة الشاكة. فقال له المأمون :
(ويحك) ما هذه الخرجة؟
فقال : اتباعا
لقول الله تعالى : (ما كانَ لِأَهْلِ
الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ
اللهِ وَلا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ) ، فاستحسن ذلك من كلامه واستصحبه.
حكى أبو عبد الله
ابن خالويه ، قال :
بلغني عن ابن نفيس
صاحب كان لسيف الدولة أنه حكى حكاية ظريفة قال :
__________________
قلت لسيف الدولة
وهو يكتب إلى ملك الروم : أيها الأمير أراك تدني ملك الروم إلى طاعتك ، فتجعله أكبر من ملك ، فضحك وقال :
و (فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ
وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمالَكُمْ) .
فصل
في أنواع من المكارم والمحاسن
قال النبي صلىاللهعليهوسلم : (من أغاث مكروبا ، أغاثه الله يوم الفزع الأكبر).
وقال يوما : (من
أعطى فشكر ، وابتلى فصبر ، وظلم فاستغفر) ثم سكت. فقالوا :
ما له يا رسول
الله؟
فقال (أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ
مُهْتَدُونَ) .
وكان يقال : قد
جمع الله محاسن الخصال ، ومكارم الأخلاق في قوله : (خُذِ الْعَفْوَ
وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ) .
وقال بعض الولاة
لرجل من رعيته :
قد أمرنا باستعمال
العدل معك في صناعتك ، ومعاشك.
قال : وما يجزيني
ذلك أيها الأمير ، مع خدمتي وحرمتي؟ .
فقال : وهل وراء
العدل شيء؟.
__________________
فقال : نعم ،
الإحسان الذي قرنه الله به في قوله : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ
بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ) .
وقال بعض الصالحين
لابنه :
يا بني عليك
بالقناعة ، فإن (من) لم تغنه قناعة لم تغنه مال.
كان قتادة يقول :
ما استقصى كريم
قط. أما سمعتم قول الله تعالى : (عَرَّفَ بَعْضَهُ
وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ) .
وكان الأحنف يقول :
التغافل من أفعال
الكرام ، ثم يقول : (وَإِذا رَأَيْتَ
الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آياتِنا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي
حَدِيثٍ غَيْرِهِ) .
وهذا المعنى أراده
أبو تمام في قوله :
ليس الغبيّ بسيد
في قومه
|
|
لكنّ سيد قومه
المتغابي
|
__________________
الباب التاسع
في
ذكر معائب الأخلاق من الخلال ، ومقابح
الأعمال ، وذم العامة والسقّاط والجهال
وعورات الرجال
الباب التاسع
في ذكر معائب
الأخلاق من الخلال ومقابح (الأعمال) وذم
الغاغة والسقّاط ، والجهال ، وعورات الرجال.
فصل
في ذم الهوى
قال ابن عباس :
الهوى إله معبود ،
ثم قرأ (أَفَرَأَيْتَ مَنِ
اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ) .
وقال ابن طباطبا
من أبيات :
سمتني ما محا
الهوى من ضميري
|
|
فالهوى اليوم
حبله منك واهي
|
بعدما كان لي
هواك إلها
|
|
طالما قد عبدته
كالإله
|
قيل لبعض الزهاد :
أوصنا.
قال : خالفوا
أهواءكم تسلموا من الضلالة فإن الله يقول : (وَمَنْ أَضَلُّ
مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ) ويقول : (وَلا تَتَّبِعِ
الْهَوى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ) ويقول :
__________________
(وَلا تَتَّبِعُوا
أَهْواءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيراً وَضَلُّوا عَنْ
سَواءِ السَّبِيلِ) ، ويقول : (قُلْ لا أَتَّبِعُ
أَهْواءَكُمْ قَدْ ضَلَلْتُ إِذاً وَما أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينَ) .
فصل
في كفر النعمة
قال بعض الحكماء :
كفر النعمة طبيعة مركبة في الإنسان. قال الله تعالى : (إِنَّ الْإِنْسانَ لَكَفُورٌ) ، (إِنَّ الْإِنْسانَ
لَظَلُومٌ كَفَّارٌ) .
قال الحسن : في
قوله : (إِنَّ الْإِنْسانَ
لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ) قال :
هو الذي ينسى
النعم ، ويذكر المصائب.
قال بعضهم :
يا أيها الظالم
في فعله
|
|
والظلم مردود
على من ظلم
|
إلى متى أنت ،
وحتى متى
|
|
تشكو المصاب
وتنسى النعم؟
|
بلغ سليمان بن
جعفر بن أبي جعفر قول إبراهيم بن المهدي :
__________________
والله ما عفا عني
المامون صلة لرحمي ، ولا تقربا إلى الله بحقن دمي ، ولكن قامت له سوق في العفو ، فكره أن
يقدح فيها فيها بقتلي.
فقال سليمان : (قُتِلَ الْإِنْسانُ ما أَكْفَرَهُ) . أما المأمون فقد فاز بذكرها ، وفضلها ، وجميل الأحدوثة
عنها (فَمَنْ شاءَ
فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ) . قال الله تعالى : (وَمَنْ شَكَرَ
فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ) .
قال أبو تمام :
أشكر نعمى منك
مكفورة
|
|
وكافر النعمة
كالكافر
|
قال البحتري :
سأجهد في شكر
لنعماك إنني
|
|
أرى الكفر
للنعماء ضربا من الكفر
|
__________________
فصل
في البخل
كان الشعبي يقول :
والله ما أفلح
بخيل قط ، ثم يقرأ (وَمَنْ يُوقَ شُحَّ
نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) .
قال ابن مسعود في
قوله تعالى :
(سَيُطَوَّقُونَ ما
بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ) قال : يطوّق بثعبان فينقر رأسه ، ثم ينظم في عنقه فيقول :
أنا مالك بخلت به.
وقال بعض السلف :
لو لم ينطق القرآن
في ذم البخيل إلا بقوله تعالى : (الَّذِينَ
يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ ما آتاهُمُ اللهُ
مِنْ فَضْلِهِ) .
وقال غيره : قد ذم
الله تعالى : من منع خيره ، وأمر بالبخل غيره ، فإياك أن تكنه.
__________________
فصل
في الظلم
قال الله تعالى : (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى
اللهِ) .
ثم قال : (وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ
الظَّالِمِينَ) .
وقال : (وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا إِلَّا
الظَّالِمُونَ) .
وقال تعالى : (وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ) .
وقال تعالى : (وَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ غافِلاً عَمَّا
يَعْمَلُ) .
وقال تعالى : (وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا
تَباراً) .
قال بعض الحكماء :
الظلم خطة في
الحيوان لا سيما في الإنسان ، كما قال الله تعالى : (إِنَّ الْإِنْسانَ
لَظَلُومٌ كَفَّارٌ) .
قال المتنبي :.
__________________
والظلم من شيم
النفوس فإن تجد
|
|
ذا عفة فلعلة لا
يظلم
|
سمع ابن عيينة
قائلا يقول : الظلم مرتعه وخيم. فقرأ : (وَقَدْ خابَ مَنْ
حَمَلَ ظُلْماً) ، (وَسَيَعْلَمُ
الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ) .
وقال عبد الله بن
مسعود :
لما نزلت هذه
الآية : (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ
يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ) شق ذلك على أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم. وقالوا : يا رسول الله أيّنا لم يظلم نفسه؟ فقال عليهالسلام : ((الظلم ها هنا الشرك ، أما سمعتم قوله تعالى حكاية عن
لقمان : (يا بُنَيَّ لا
تُشْرِكْ بِاللهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) )).
جمع ابن عباس وكعب
الأحبار مجلس جرى فيه ذكر الظلم والظلمة.
فقال كعب : إني
واجد في التوراة : أن من يظلم يخرب بيته .
فقال ابن عباس :
أنا أوجدك هذا في القرآن.
فقال : هات يا بن عم رسول الله صلىاللهعليهوسلم. فقرأ : (فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ
خاوِيَةً بِما ظَلَمُوا) .
__________________
ومن ها هنا روى
عنه عليهالسلام : (اليمين الكاذبة تدع الديار بلاقع). وقد اقتبس أبو تمام هذا المعنى فقال :
وبلاقعا حتى
كأنّ قطينها
|
|
حلفوا يمينا
خلّفتك غموسا
|
لما بلغ عبد الله
بن الزبير أن عبد الملك بن مروان قتل عمرو بن سعيد الأشدق قام خطيبا فقال في خطبته :
أما بعد ، فإن (أبا
ذبان) قتل (لطيم) الشيطان ، ثم قرأ : (وَكَذلِكَ نُوَلِّي
بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ) .
أنشد القاضي أبو
بكر لنفسه :
وظالما قلت له
واعظا
|
|
الظلم مما ينكر العالمون
|
أقصر عن الظلم
وأمسك يدا
|
|
فإنه لا يفلح
الظالمون
|
__________________
فصل
في الكذب
قال الحسن :
ينبغي للمؤمن أن
ينزه دينه عن الكذب فإن الله تعالى قد نسبه إلى من لا يؤمن به فقال : (إِنَّما يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ
لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللهِ) . وقال عز ذكره : (وَمَنْ أَظْلَمُ
مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ الْكَذِبَ) .
قال بعض الحكماء :
الكذب بين مهانة
الدنيا ، وعذاب الآخرة ، فإن الله تعالى يقول : (وَلَهُمْ عَذابٌ
أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْذِبُونَ) .
فصل
في الحسد
كان الأصمعي إذا
أنشد :
إن العرانين
تلقاها محسّدة
|
|
ولن ترى للئام
الناس حسّادا
|
__________________
تلا قوله تعالى : (جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا) .
قال الحسن :
الحسد أسرع في
الدين من النار في يبس العرفج ، وما أوتي المحسود من حاسد إلا من قبل فضل الله عنده ، ونعمته
عليه. قال الله تعالى : (أَمْ يَحْسُدُونَ
النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ (اللهُ) مِنْ فَضْلِهِ) .
والحسد عقيد الكفر
، وضد الحق. وقد ذم الله به أهل الكفر فقال : (وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ
أَهْلِ الْكِتابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً
مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ) .
وفيه تتولد
العداوة ، وهو سبب كل قطيعة ، ومنتج كل وحشة ، ومفرق كل جماعة ، وقاطع كل رحم بين
الأقرباء ، ومحدث كل فرقة بين الأصدقاء ، وملقح كل شر بين الخلطاء. ثم هو أول
خطيئة ظهرت في السماء ، وأول معصية حدثت في الأرض ، أما التي في السماء فمعصية
إبليس لما حسد آدم . وأما التي في الأرض فقتل ابن آدم حسدا له كما حكى
__________________
الله عنه ، قال
تعالى (فَقَتَلَهُ
فَأَصْبَحَ مِنَ الْخاسِرِينَ) . وقد أمر الله بالتعوذ من شر الحاسد إذا حسد .
فصل
في ذم ذي الوجهين
قال الأحنف يوما
لأصحابه :
إن ذا الوجهين
خليق ألا يكون وجيها عند الله .
فقالوا له : وكيف
ذو الوجهين يا أبا بحر؟
قال : كما قال
الله تعالى : (وَإِذا لَقُوا
الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا وَإِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ قالُوا
إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ) وكما قال عز ذكره : (وَإِذا لَقُوكُمْ
قالُوا آمَنَّا وَإِذا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنامِلَ مِنَ الْغَيْظِ
قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) .
وعن النبي صلىاللهعليهوسلم :
__________________
(مثل المنافق مثل
الشاة الغائرة بين الغنمين تهوى إلى هذه مرة ، وإلى تلك أخرى). ثم قرأ. (مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذلِكَ لا إِلى
هؤُلاءِ وَلا إِلى هؤُلاءِ) .
وقد وصفهم بأجلّ
لفظ ، وأحسن معنى : (الَّذِينَ
يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِنْ كانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللهِ قالُوا أَلَمْ نَكُنْ
مَعَكُمْ وَإِنْ كانَ لِلْكافِرِينَ نَصِيبٌ قالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ
عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) .
وقال تعالى فيهم :
(يُرْضُونَكُمْ
بِأَفْواهِهِمْ وَتَأْبى قُلُوبُهُمْ) .
دخل أبو العيناء
على عبيد الله بن يحيى بن خاقان ، وعنده نجاح بن سلمة وموسى ابن عبد الملك ، وأحمد بن
إسرائيل . فقال :
وأشار إليهم :
أيها الوزير (تَحْسَبُهُمْ
جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى) .
فقال نجاح : كذبت
يا عدو الله. فقال أبو العيناء : (لِكُلِّ نَبَإٍ
مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ) .
__________________
فصل
في الكبر
قال النبي صلىاللهعليهوسلم : (من كان في قلبه مثقال ذرة من الكبر لم يرح رائحة الجنة)
. ثم قرأ : (أَلَيْسَ فِي
جَهَنَّمَ مَثْوىً) .
وقال بعض الحكماء
:
إياكم والكبر ،
فإن إبليس لما تكبر عن امتثال أمر الله تعالى قال له : (فَما يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ
فِيها فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ) .
وقال تعالى : (سَأَصْرِفُ عَنْ آياتِيَ الَّذِينَ
يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِ) .
وقال تعالى : (إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ
فَخُورٍ) .
__________________
فصل
في ذم الغيبة
قال الحسن :
الغيبة إدام
الكلاب التي في النار. قال الله سبحانه : (وَلا يَغْتَبْ
بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً
فَكَرِهْتُمُوهُ) .
أضاف إبراهيم بن
آدم قوما فلما تمكنوا في مجلسه ، أخذوا في غيبة الناس. فقال لهم : إن الناس يأكلون
الخبز باللحم ، وأنتم تأكلون اللحم قبل الخبز ، ثم قرأ (أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ
لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً) .
وقال بعضهم :
الغيبة فاكهة
المرائي ، وبستان الملوك ، ومرتع النساء ، وإدام كلاب أهل النار.
فصل
في الظن
قال الله تعالى : (إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ
وَإِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً) .
وقال تعالى : (اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ
إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ) .
__________________
دخل عبد الملك بن
صالح على الرشيد ، وكان الرشيد واجدا عليه ، متغيرا له ، فسلّم عبد الملك ، وجلس ، وأقبل الرشيد
يعاتبه ، ويقرعه. فأقبل عليه عبد الملك كأنه صقر ، وقال :
يا أمير المؤمنين
، اتق الله فيما ولاك ، ورعيته فيما استرعاك ، ولا تضع الكفر مكان الشكر ، ولا
العقاب موضع الثواب ، فقد والله محضتك النصيحة ، وشددت أواخي ملكك بأثقل من يلملم ، فالله (الله) في ذي رحمك أن تقطعه برجم أفصح الكتاب بآية (أنه) إثم.
فرضي عنه الرشيد ،
ورجع له.
فصل
في أنواع من الخلال المذمومة
قيل لبعضهم : قال
يحيى بن خالد : الشرف في السرف ، فقال قول الله أحق أن يتبع : (وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحابُ
النَّارِ) .
__________________
وقال بعض الحكماء
:
المنّ يهدم الصنعة
، ويفسد المعروف. وقد نهى الله عنه فقال : (يا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذى) .
وقال بعضهم :
الفخر عند الرجاء
لؤم ، وعند البلاء حمق.
وقال الحسن :
القنوط تفريط ،
وهو من الضلالة. قال الله تعالى : (وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ
رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ) .
وقال ابن عباس في
قوله تعالى : (هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ) . قال :
هو المشّاء
بالنميمة ، المفرق بين الجمع ، المصدّع بين الإخوان. وقد ذمّ الله تعالى ذلك : (وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ
(١٠) هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ) .
وقال النبي صلىاللهعليهوسلم :
عدلت شهادة الزور بالإشراك بالله. قال الله تعالى : (فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ
الْأَوْثانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ) .
__________________
فصل
في ذكر العامة والجهال
قال الله تعالى : (وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدى لا
يَسْمَعُوا وَتَراهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لا يُبْصِرُونَ) .
وكان محمود
الورّاق اقتبس منه :
يا ساهرا يرنو
بعيني راقد
|
|
ومشاهدا للأمر غير مشاهد
|
٢ ـ ٢١٠ ـ ١ وكان بعضهم إذا نظر إلى
العامة قال : (وَتَحْسَبُهُمْ
أَيْقاظاً) (وَهُمْ رُقُودٌ) .
وقال الله تعالى :
(أَلا إِنَّهُمْ هُمُ
السُّفَهاءُ وَلكِنْ لا يَعْلَمُونَ) .
__________________
منه اقتبس من قال
:
جهلت ولم تعلم
بأنّك جاهل
|
|
فمن لي بأن تدري
بأنك لا تدري
|
قال الله تعالى : (فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ
وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ) .
وقال منصور الفقيه
:
يا معرضا إذ
رآني
|
|
لمّا رآني ضريرا
|
كم قد رأيت بصيرا
|
|
أعمى وأعمى
بصيرا
|
وقال تعالى : (وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قالُوا
سَمِعْنا وَهُمْ لا يَسْمَعُونَ (٢١) * إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللهِ
الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ) . فلو كانوا صما وبكما ، وكانوا لا يعقلون لما عيّرهم بذلك
، كما لم يعيّر من خلقه أعمى ، (وكما) لم يعير من خلقه معتوها لم يعقل ، وكما لم يلم الدواب ولم
يعاقب السباع ، ولكن سمّى البصير المتعامي ، والسميع المتصام أصما ، والعاقل المتجاهل جاهلا. وقد قال الله
__________________
تعالى : (أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ
فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمى أَبْصارَهُمْ) . فلو عنى أن عماهم كعمى العميان وصممهم كصمم الصمّ لما قال
: (أَفَلا
يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها) ، وإنما ذلك كقوله : (إِنَّكَ لا تُسْمِعُ
الْمَوْتى وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ إِذا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ) . وقد قال الله تعالى لناس يبصرون ويسمعون (صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا
يَرْجِعُونَ) ، فذلك على المثل.
ونظر بعضهم إلى
قوم من العامة يتكلمون في القدر ، وقد علت أصواتهم في الجدال. فقال :
(وَمِنَ النَّاسِ مَنْ
يُجادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطانٍ مَرِيدٍ (٣)
كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلى
عَذابِ السَّعِيرِ) .
وقد ذم الله قوما
يخافون الناس أشد من خوفهم الله فقال تعالى : (لَأَنْتُمْ أَشَدُّ
رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللهِ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ) .
__________________
فصل
في مثل ذلك من ذم الفساق
كان الحسن إذا نظر
إلى أصحاب الدنيا قال :
رفعوا الطين ، ووضعوا الدين ، وركبوا البراذين ، واتبعوا الشياطين ،
وأشبهوا الدهّاقين خلافا على المتقين ، وهكذا أفعال المجانين فسوف يعلمون.
وكان محمد بن عبد
الملك بن صالح يقول :
ما فسق من أهل
البيت رجل ، حتى استخلف المهدي ، فحدثت في عصره أحداث ، (و) اشتهر باللذات. ولقد أدركت من مضى من أهل بيتي يصونون عن
الدنس أعراضهم ، ويحفظون من العار أنسابهم ثم (فَخَلَفَ مِنْ
بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضاعُوا الصَّلاةَ) (وَاتَّبَعُوا
الشَّهَواتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا) .
كتب أبو علي
البصير إلى أبي العيناء :
أخبرني فلان أنك
أصبحت متخضبا بالوسمة ، فعرفت أنك التمست بذلك الزينة عند أهل الدنيا لما رأيت من
قبح وجهك عند أهل الآخرة بتركك الصلاة ، واتباعك
__________________
(الشهوات) ، ومنعك الصدقات ، واستحلالك الحرمات ، وكلما أردت ذلك كنت
عند أهل السماء من الممقوتين ، وعند الصالحين من المارقين الذين قال الله
فيهم : (وَلَوْ عَلِمَ اللهُ
فِيهِمْ خَيْراً لَأَسْمَعَهُمْ) .
__________________
الباب العاشر
في
ذكر أنواع من الأضداد ، والأعداد
الباب العاشر
في ذكر أنواع من الأضداد ، والأعداد
فصل
في ذكر الغنى والفقر
قلت في الكتاب
المبهج :
لو لم يكن في
الغنى إلا أنه من صفات الله تعالى لكفى به فضلا. وقد سمّى الله تعالى المال خيرا في قوله : (كُتِبَ عَلَيْكُمْ
إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً) .
وقال المفسرون في
قوله تعالى : (وَإِنَّهُ لِحُبِّ
الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ) ، أي لحب المال وسمّى الله جلّ اسمه الخيل خيرا في قصة
سليمان عليهالسلام. فقال حكاية عنه : (إِنِّي أَحْبَبْتُ
حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي) . وسمّى الطعام خيرا في قصة موسى عليهالسلام حيث قال : (رَبِّ إِنِّي لِما
أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ) .
عن عبد الرحمن :
يا حبّذا المال أصون به عرضي ، وأقرضه ربي ، فيضعفه.
__________________
قال شاعر :
حالان (لا) تحسن الدنيا بغيرهما
|
|
.... فيه الجود والولد
|
زين الحياة هما
لو كان غيرهما
|
|
كان الكتاب به
في ديننا يرد
|
يعني قوله تعالى :
(الْمالُ وَالْبَنُونَ
زِينَةُ الْحَياةِ الدُّنْيا) .
قال ابن عباس : في
قوله تعالى : (وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً
إِلى قُوَّتِكُمْ) أي مالا إلى مالكم.
وقد اختار قوم من
الصالحين الفقر لقوله تعالى : (إِنَّ الْإِنْسانَ
لَيَطْغى (٦) أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى) . وقوله : (وَإِذا أَنْعَمْنا
عَلَى الْإِنْسانِ أَعْرَضَ وَنَأى بِجانِبِهِ وَإِذا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو
دُعاءٍ عَرِيضٍ) وقوله : (أَنَّما أَمْوالُكُمْ
وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ) .
قال بعض المفسرين
في قوله تعالى : (سَنَسْتَدْرِجُهُمْ
مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ) (قال : ما) جددوا لله معصية إلّا جدد لهم نعمة يستدرجهم بها.
وكان يقال : شر
الفقراء الذين يسألون الناس إلحافا ، ويأكلون إسرافا .
__________________
فصل
في فضل المال والسعي في كسبه (و) ذكر التجارة
واعتماد الصنعة
مدح الله تعالى
قوما يسعون في طلب فضله فقال : (وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ
فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللهِ) .
وأمر الله تعالى
بالحركة في الطلب ، وحث عليها فقال : (فَانْتَشِرُوا فِي
الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللهِ) .
وقال تعالى : (وَمَنْ يُهاجِرْ فِي سَبِيلِ اللهِ
يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُراغَماً كَثِيراً وَسَعَةً) .
وقال صاحب البصرة :
إذا الأرض ضاق
بها زندها
|
|
ففسحتها في فراق
الزناد
|
إذا صارم قرّ في غمده
|
|
حوى غيره الفضل
يوم الجلاد
|
ولو يستوي
بالقعود النهوض
|
|
لما ذكر الله
فضل الجهاد
|
__________________
قال تعالى : (وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ
يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللهِ وَآخَرُونَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ) . فجعلهم في الرخصة مع المجاهدين الذين هم أهل الجنة.
وعنه عليهالسلام :
أطيب ما أكل الرجل
من كسبه.
والكسب في كتاب
الله تعالى التجارة .
وعنه عليهالسلام :
التاجر الصدوق مع
النبيين ، والصديقين ، والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.
وقد غبر عليهالسلام برهة من دهره تاجرا ، وشخص مسافرا واشترى حاضرا وباع ، وما
شان أمره في ذلك. قال المشركون : (ما لِهذَا الرَّسُولِ
يَأْكُلُ الطَّعامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْواقِ لَوْ لا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ
فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً (٧) أَوْ يُلْقى إِلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ
جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْها) . فيستغنى بها عن الشراء والبيع والقيام في الأسواق ، فأوحى الله إليه : (وَما أَرْسَلْنا
قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ
__________________
إِلَّا
إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْواقِ) فأخبر أن الأنبياء قبله قد كانت لهم تجارات ، وصناعات.
وكان عمر بن
الخطاب رضي الله عنه يقول :
ما من ميتة بعد
القتل في سبيل الله (أحبّ إليّ) من أن أموت بين شعبتي رحلي أضرب في الأرض ، وأبتغي
من فضل الله.
وقال بعض السلف :
الأسواق موائد
الله في أرضه فمن أتاها أصاب منها ، ثم قرأ : (يا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّباتِ ما كَسَبْتُمْ) يعني التجارة في الأسواق.
وقال رجل لمعروف :
يا أبا محفوظ :
أتحرك في طلب الرزق أم لا؟
فقال : تحرّك ،
فإن الله تعالى قال لمريم : (وَهُزِّي إِلَيْكِ
بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا) ولو شاء الله أن ينزله من غير أن تسعى في هز هذه النخلة
لفعل.
__________________
فصل
في ضد ذلك
كان الحسن رحمهالله يقول :
لعن الله أقواما
أقسم الله فلم يصدقوه. ثم يقرأ : (وَفِي السَّماءِ
رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُونَ (٢٢) فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ
لَحَقٌّ مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ) .
وقال محمود
الورّاق :
لقد خّمن الله رزق
العباد
|
|
.... وابه من رزقه
|
فلا يشعر القلب
خوف المعاش
|
|
فيتهم الله في
صدقه
|
ويقطع رزقك بعد
الضمان
|
|
والهرّ والكلب
في رزقه
|
قال النبي صلىاللهعليهوسلم :
(ما أوحي إليّ أن
أجمع المال وأكون من التاجرين ، ولكن أوحي إليّ أن : (فَسَبِّحْ بِحَمْدِ
رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ (٩٨) وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ
الْيَقِينُ) .
__________________
فصل
في التأني والعجلة
قال الله تعالى :
(يا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ) (جاءَكُمْ فاسِقٌ
بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما
فَعَلْتُمْ) .
قال بعض الحكماء :
ينبغي للوالي أن
يتثبت في كل ما انتهى إليه ، ولا يعجل حتى ينظر الحال فيه ، ويأخذ بأدب سليمان عليه (السلام) إذ قال : (سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ
أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكاذِبِينَ) .
وأنشد الأصمعي قول
مروان بن أبي حفصة :
إليك قصرنا النصف من صلواتنا
|
|
مسيرة شهر بعد
شهر نحاوله
|
__________________
ولسنا نخاف أن يخيب رجاؤنا
|
|
لديك ، ولكن
أحسن البر عاجله
|
ولما أنشد سديف بن
ميمون السفّاح قصيدته التي يحرض بها على استئصال بني أمية ، ومنها :
لا يغرنّك ما
ترى من رجال
|
|
إن تحت الضلوع
داء دويّا
|
فضع السيف ،
وارفع السوط حتى
|
|
لا ترى فوق
ظهرها أمويا
|
قال : يا سديف (خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ) ثم أمر بقتلهم.
ولأبي تمام قصيدة :
قد كان وعدك لي
بحرا فصيّرني
|
|
يوم الزماع إلى الضحضاح والوشل
|
__________________
وبيّن الله هذا
في بريته
|
|
في قوله (خُلِقَ
الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ)
|
وللسري الموصلي من قصيدة :
ما بال رسمي من
جدوى يديك عفا
|
|
فصار أوضح منه
دارس الطل
|
لقد تجاوزت بي وقتي
وأي حيا
|
|
في غير إبانه
يشفى من الغلل
|
وقد تمهلت شهرا
بعده كملا
|
|
وإنما (خُلِقَ
الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ)
|
قيل لأبي العيناء
: لا تعجل إن العجلة من الشيطان.
قال : لو كانت من الشيطان لما قال كليم الرحمن : (عَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِ) .
__________________
فصل
في الحب والبغض
قال الله تعالى في
تراجع القلوب بعد تنافرها : (عَسَى اللهُ أَنْ
يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً) .
وقال جلّ ذكره : (لَوْ أَنْفَقْتَ ما فِي الْأَرْضِ
جَمِيعاً ما أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلكِنَّ اللهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ) .
فصل
في الشباب والشيب
قال النبي صلىاللهعليهوسلم :
(أوصيكم (بالشباب)
خيرا ، فإنه أرق (قلبا) . إن الله بعثني بشيرا ونذيرا فحالفني الشباب ، وخالفني
الشيوخ) ثم قرأ (فَطالَ عَلَيْهِمُ
الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ) .
وقال الصولي في
كتاب فضل الشباب على الشيب الذي ألفه للمقتدر بالله :
__________________
إن السن لا تؤخر
مؤخرا ولا تؤخر مقدما ، بل ربما عدل بجليل الأمور ، ومهم الخطوب (الفتيان) لاستقبالهم إياها ، وسرعة حركاتهم ، وحدة أذهانهم ، وتيقّظ طباعهم ، ولأنهم على بناء المجد أحرص ، وإليه أحب وأحوج. وقد أخبر الله ـ عزوجل ـ عن يحيى بن زكريا عليهماالسلام (أنه منح) الحكمة
في سن الصبى فقال : (يا يَحْيى خُذِ
الْكِتابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا) ، فلم يمنعه صغر سنه من أن أتاه الحكمة وأهّله لحملها
والاستقلال بها بالكتاب والقوة.
قال ابن عباس في
قوله : (وَآتَيْناهُ
الْحُكْمَ صَبِيًّا) قال :
أوتي الفهم
والعبارة وهو ابن سبع سنين.
وقد ذكر الله
تعالى الفتية في غير موضع من كتابه فقال : (إِذْ أَوَى
الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ) عددا وقال : (إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ
آمَنُوا بِرَبِّهِمْ) ، وقال تعالى : (سَمِعْنا فَتًى
يَذْكُرُهُمْ يُقالُ لَهُ إِبْراهِيمُ) .
وقال المفسرون في
قوله تعالى : (وَجاءَكُمُ
النَّذِيرُ) قالوا : الشيب. ومن ذلك قال الحكماء : الشيب نذير المنية.
__________________
وقال عدي بن زيد
في الجاهلية :
وافتضاض السّواد
من نذر الشيب
|
|
وما بعده لحي
نذير
|
فصل
في ذكر القلة والكثرة
قال بعض العلماء :
الكثرة ليست مما
وجد في كتاب الله تعالى ، وإنما الممدوحون هم الأقلون ، لأنا سمعنا الله يثني على
أهل القلة ، ويمدحهم ، ويذم أهل الكثرة ، حيث يقول : (ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ
إِلَّا قَلِيلاً مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ) .
وقال : (وَلا تَزالُ تَطَّلِعُ عَلى خائِنَةٍ
مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلاً مِنْهُمْ) . (وَقَلِيلٌ مِنْ
عِبادِيَ الشَّكُورُ) .
وقال تعالى في ذم
أهل الكثرة : (وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ
أَهْلِ الْكِتابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً
مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ) .
وقال : (بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) .
__________________
وقال : (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا
يَشْكُرُونَ) .
وقال : (وَأَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ) (وَلا تَجِدُ
أَكْثَرَهُمْ شاكِرِينَ) .
وقال : (وَما وَجَدْنا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ
عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنا أَكْثَرَهُمْ لَفاسِقِينَ) .
فصل
في الأعداد
روي عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه كان يقول :
ثلاث من كن فيه كن
عليه : البغي والنكث ، والمكر ، قال الله تعالى : (إِنَّما بَغْيُكُمْ
عَلى أَنْفُسِكُمْ) وقال تعالى : (فَمَنْ نَكَثَ
فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ) وقال :
(وَلا يَحِيقُ
الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ) .
وقال غيره :
__________________
ثلاث من صانهن
الله فلا خوف عليه : (إِنَّ اللهَ لا
يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ) ، (وَأَنَّ اللهَ لا
يَهْدِي كَيْدَ الْخائِنِينَ) ، (إِنَّ اللهَ لا
يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ) .
وعن جعفر بن محمد
رضي الله عنهما :
عجبت لأربعة
يغفلون عن أربعة :
عجبت لمن يبتلى
بالغم كيف يذهب عنه أن يقول : (أَنْ لا إِلهَ إِلَّا
أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ) . والله تعالى يقول : (فَاسْتَجَبْنا لَهُ
وَنَجَّيْناهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ) .
وعجبت لمن يخاف
العدو ، وكيف لا يقول : حسبي الله ونعم الوكيل والله يقول : (فَانْقَلَبُوا
بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ) .
__________________
وعجبت لمن كابد
العدو ، وكيف لا يقول : (وَأُفَوِّضُ أَمْرِي
إِلَى اللهِ إِنَّ اللهَ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ) والله يقول : (فَوَقاهُ اللهُ
سَيِّئاتِ ما مَكَرُوا) .
وعجبت لمن يستحسن
شيئا ، ويتمناه كيف لا يقول : (ما شاءَ اللهُ لا
قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مالاً وَوَلَداً (٣٩)
فَعَسى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْراً مِنْ جَنَّتِكَ) .
وعنه رضي الله عنه
: أربعة لا تستجاب دعواهم :
رجل جالس في بيته
، فاتح فاه ، يقول : يا رب ارزقني ، فيقول الله : ألم آمرك بالطلب ، ألم تسمع قولي
: (وَابْتَغُوا مِنْ
فَضْلِ اللهِ) .
ورجل له امرأة
مؤذية يقول : يا رب خلصني منها فيقول له : ألم أجعل أمرها بيدك.
ورجل كان له مال
فأتلفه إسرافا ، ثم جعل يقول : يا رب اخلف عليّ. فيقول : ألم تسمع
قولي : (وَالَّذِينَ إِذا
أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً) .
ورجل دفع مالا إلى
رجل بغير بيّنة ، ثم طالبه ، فأنكر. فجعل يقول : يا ربّ ، أنصفني منه ،
فيقول له : ألم آمرك بالشهادة ، ألم تسمع قولي : (وَأَشْهِدُوا إِذا
تَبايَعْتُمْ) .
__________________
وكان سفيان يقول :
أربع لا حساب
عليهن فيهن : سدّ الجوع ، وردّ العطش ، وستر العورة ، والاستكنان من البرد والحر.
قال بعض العلماء :
الأرزاق ثلاثة :
رزق معلوم ، ورزق مقسوم ، ورزق مضمون.
فالمعلوم قول الله
تعالى : (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ
إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ وَما نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ) .
والمقسوم قوله
تعالى : (نَحْنُ قَسَمْنا
بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) .
والمضمون قوله
تعالى : (وَفِي السَّماءِ
رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُونَ (٢٢) فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ
لَحَقٌّ مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ) .
__________________
|