بسم الله الرحمن
الرحيم
الحمد
الله الملك المنان الذي جعل زيارة الحسين وسيلة إلي المغفرة والرضوان ، والصلوة
علي محمد وآله امناء الرحمن واركان الإيمان ، ولعنة الله علي أعدائهم ما اخضرت
الجنان وسعرت النيران.
أما بعد فيقول العبد الضعيف ابن علي مدد
حبيب الله الشريف : إن هذه العجالة شرح في غاية الأختصار والوجازة ، علّقته علي
الزيارة المعروفة بزيارة العاشوراء المروية في جملة من الكتب المعتبرة عند أصحانا
الإمامية عن مولانا الباهر محمد بن علي الباقر (ع).
فقد روي الشيخ الجليل جعفر بن محمد بن
جعفر بن موسي بن قولويه في كتابه المسمي «بكامل الزيارة» عن حكيم بن داود بن حكيم
وغيره ، عن محمد بن موسي الهمداني ، عن محمد بن خالد الطيالسي عن سيف بن عميرة
وصالح بن عقبة جمعياً ، عن علقمة بن محمد الحضرمي ومحمد بن اسمعيل ، عن صالح بن
عقبة عن مالك الجهني ، عن أبي جعفر الباقر (ع) قال : من زار الحسين بن علي (ع) يوم
عاشوراء يوم العاشز من الشهر حتي يظل عنده باكياً لقي الله يوم القيمة مع ثواب ألف
_________________________________
ألف حجة وألف ألف
عمرة وألف ألف غزوة وثواب كل عمرة وغزوة كثواب من حج واعتمر مع رسول الله (ص) ومع
الأئمة الراشدين. قال : قلت : جعلت فداك فما لمن كان في بعد البلاد وأقاصيها ولم
يمكنه المسير في ذلك اليوم؟ قال : إذا كان ذلك اليوم برز إلي الصحراء أو صعد سطحاً
في داره وأومي إليه بالسلام ، اجتهد علي قاتله بالدعاء ، وصلي بعده ركعتين ، يفعل
ذلك في داره بالبكاء عليه ، ويقيم في داره مصيبته بإظهار الجزع عليه ويتلاقون
بالبكاء بعضهم عضاً في البيوت ، وليعزّ بعضهم بعضاً بمصاب الحسين (ع) فانا ضامن
لهم إذا فعلوا ذلك علي الله جميع هذا الثواب. فقلت : جعلت فداك أنت الضامن لهم
والزعيم؟ قال : أنا الضامن لهم ذلك والزعيم لمن فعل ذلك. قال : قلت : كيف يعزي
بعضهم بعضاً؟ قال يقولون : عظم الله اجورنا بمصابنا بالحسين (ع) وجعلنا وإياكم من
الطالبين بثاره مع ولي الإمام المهدي (ع) من آل محمد فأن استطعت أن لا تنشر يومك
في حاجة فافعل ، فأنّه يوم نحس لا يقضي فيه حاجة مؤمنف وإن قضيت لم يبارك له فيها
ولم ير رشداً ، ولا تدّخرن لمنزلك شيئاً فأنّه من ادّخر لمنزله شيئاً في ذلك اليوم
لم يبارك له فيما يدّخره ولا يبارك له في أهله ، فمن فعل ذلك كتب له ثواب ألف ألف
حجة وألف عمرة وألف غزوة مع رسول الله ، وكان له ثواب مصيبة كل نبي ورسول وصدّيق
وشهيد مات أو قتل منذ خلق الله الدنيا ذلي أن تقوم الساعة.
_________________________________
قال صالح بن عقبة الجهني وسيف بن عميرة
قال علقمة بن محمد الحضرمي فقلت لأبي جعفر (ع) : علمني دعاء أدعو به في ذلك اليم
إذا زرته من ثريب ، ودعاء أدعو به إذا لم أزره من قرب وأوأته إليه من بعد البلاد
ومن داري بالسلام.
قال : فقال : يا علقمة إذا دنت صليت
الركعتين بعد أن تؤمي إليه بالسلام وقلت عند الإيماء إليه بعد الركعتين هذا القول
فأنّك إذا قلت ذلك فقد دعوت بما يدعو به من زاره من الملائكة ، وكتب الله لك بها
دلف ألف حسنة ومحي عنك ألف ألف سيئة ، ورفع لك مأة ألف درجة وكنت ممن اسستشهد مع
الحسين بن علي (ع) حتي تشاركهم في درجاتهم لا تعرف إلّا في الشهداء الذين استشهدوا
معه وكتب لك ثواب كل نبي ورسول وزيارة من زار الحسين (ع) منذ قتل (ع).
السلام
عليك يا إبا عبد الله السلام عليك يابن رسول الله (ص) إلي آخره.
وابن قولويه مؤلف الكتاب المذكور كان
شيخاً جليلا وثقة نبيلا تلمّذ عنده شيخنا المفيد ، وقد قيل في حقّه : إن كلمّا
يوصف الناس به من جميل وفقه الا وهوفوقه ، ولكن حكيم بن داود مجهول لم أقف علي
حاله في الرجال الا ان في رواية مثل هذا الشيخ عنه نوع دلالة علي حسن حاله ، ومحمد
بن موسي الهمداني ضعفّه القميون بالغلو وربما يقال أنه كان يضع الحديث ، ومحمد بن
خالد لم أقف علي من
السلام
عليك يا إبا عبد الله ، السلام عليك يابن رسول الله
_____________________________________
وثقه ولكن قد يقال :
أن رواية الاجلّة عنه دليل الاعتماد ، وسيف بن عميرة ثقة ولكن ربما يقال : إنّه
كان واقفياً ، وصالح بن عقبة قيل : كتابه معتمد الأصحاب وقيل : أنّه غال كذاب ،
وعلقمة بن محمد لم أر من صرح بتوثيقه. وبالجملة سند هذه الرواية ضعيف ، ولكن ضعفه
بالشهرة منجبر مع ان شيخنا الطوسي رواه أيضاً في مصباحه علي أن قاعدة التسامح في
أدلة السنن كفتنا مؤنة الاهتمام بتحقيق السند ، وكيف كان فالمرادبهذا القول في
قوله وقلت عند الإيماء إليه بعد الركعتين هذا القول : هذا القول.
السلام
عليك يا أبا عبد الله
هذه الجملة تحية بأشهر أفرادها وأكملها
يقصدبها الدعاء ولحقيقته القدسية المتحدة مع الجوهر الاكمل والعقل الاول المعبّر
عنه بلسان الشرع بالحقيقة المحمدية (ص) بالحفظ والسلامة والعصمة من كل مايوجب ابعد
عن ساحة القربة ، وهذا في الحقيقة تعليم للامة ليتوسلوا به إلي الوصول إلي هذه
الدرجة علي حسب! اختلاف مراتب استعدادهم للكمالات الإمكانية والا فدرّة حقيقته (ع)
مكنونة ، وجوهرة لطيفته مصونة عن كل آفة ، وكذا جسمه اللطيف وجسده الشريف علي ما
يرشد إليه قوله : «وعلي أجسامكم وعلي أجسادكم» لأنهما ليسا كسائر الأجسام والأجساد
التي تفني وتبلّي كما ورد به روايات كثيرة ، وعليه فالخطاب لا يختص بالحقيقة ،
وأبو عبد الله من كناه المعروفة والغرض من التكنية أظهار العظمة
____________________________________
فلا يلزم في ولده من
يتصف بهذه التسمية ، ولكنه (ع) كان أبا عبد الله ظاهراً لأنّه كان في ولدد من يسمي
بهذا الإسم ، وباطناً لمّا ظهر منه من شقثته علي عباد الله بشهادته المستتبعة
للشفاعة.
السلام
عليك يابن رسول الله
كونه ابناً للرسول مماتلقته الطائفة
المحقة بالقبول للآيات الكثيرة المستدل با في دخبار كثيرة والأخبار الكثيرة. ففي
رواية جابر عن النبي (ص) قال : ان كل بني ام ينتمون إلي أبيهم الا أولاد فاطمة
فاني أنا أبوهم اه. واحتجاج يحييي بن يعمر العامري علي الحجاج بن يوسف القفي لعنه
الله معروف كاحتجاج سعيد بن جبير عليه.
ولاينافي ذلك قوله تعالي : ماكان محمد أبا أحد
من رجالكم الخ لأنّه (ع) كان من رجاله (ص)
كإبراهيم ولده مع أنّه (ع) حين نزول هذه الآية ما كان بالغاً حد الرجال والنفي
مخصوص بالماضي فلايندرج فيه الإستقبال هذا مع اختصاصص المور بزيد بن حارثة الذي
تبنّاه النبي (ص) (١) وحكايته معروفة فالحسين (ع) ابن رسول الله ظاهراً لما مضي
وباطناً لوجوه لا تخفي علي اولي النهي. ويمكن حمل مثل قوله (ص) : «هذان أي الحسن
والحسين (ع) ابناي إمامان» علي مايشملهما فأنّه معني واحد كلي يندرج تحته المعنيان
فيجوز استعمال اللفظ فيه ولو مجازاً في باب الحقيقة والمجاز والمشترك ، وكذا في
المجازين
________________
(السلام
عليك ياخيرة الله وابن خيرته ـ خ) السلام عليك يابن
_________________________________
كما في المقام لوقلنا
بأن استعمال الابن في ابن البنت بل مطلق غير الوالد للصلب تجوز ، فهذا من باب سبك
المجاز من المجاز ولكن العارف الواقف علي صراط المعارف يري هذا الاستعمال من قبيل
الحقيقة كما ذهب إليه السيد المرتضي من أصحابنا المحقة. وفي الكامل بعد هذه الفقزة
السلام
عليك يا خيرة الله وابن خيرته
أي من اختاره الله من خلقه.
السلام
عليك يا بن أمير المؤمنين وابن سيد الوصيين
كونه ابناً له (ع) حقيقة علي الوجهين
مما لا شك فيه ، وقد افتخر به في رجزه المعروف عند قوله خيرة الله من الخلق أبي ثم
أمّي فأنا ابن الخيرتين ، وأمير المؤمنين من ألقاب أبيه علي (ع) ، سماه الله به
حين أخذ الميثاق له علي عباده ، كما نطقت به رواياتا كثيرة : منها ما رواه الكليني
بسنده عن جابر عن الباقر (ع) قال : قلت له : لم سمي أمير المؤمنين أمير المؤمنين؟
قال : الله سمّاه ، وهكذا انزل الله في كتابه واذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم
ذريتهم وأشهدهم علي أنفسهم ألست بربكم» وان محمداً رسولي وان علياً أمير المؤمنين.
وروي الصدوق في العلل عن الثمالي عنه
(ع) إنّه بعد أن سئل عن علة التسمية واختصصاصها به قال : لأنّه ميرة العلم يمتارمنه ولايمتار منه اه وفي كثير من
الأخبار إنّه لا يسمي به غيره بعده ولم يسم به أحد قبله وفي
_______________
_________________________________
بعضها لا يتسمي به
أحد غيره الا مفتر كذاب ، وفي بعضها الا كان منكوحاً وان لم يكن به ابتلي به وهو
قول الله في كتابه «ان يدعون من دونه الا اناثاً وان يدعون الا شيطاناً مريدا»
الخ.
وروي في معاني الأخبار عن الحسن البصري
أنّه قال صعد أمير المؤمنين علي بن أبيطالب (ع) منبر الكوفة فقال : أيها الناس
انسبوني فمن عرفني فلينسبني والا فانسب نفسي ، أنا زيد بن عبد مناف بن عامر ابن
عمروا بن المغيرة بن زيد بن كلاب فقام إليه ابن الكواء فقال يا هذا ما نعرف لك
نسباً غير انك علي بن أبيطالب بن عبد المطلب بن هاشم ابن عبد مناف بن قصي بن كلاب
فقال له يالكع
ان أبي سمّاني زيداً باسم جده قصي وان اسم أبي عبد مناف فغلبت الكنية علي الاسم
وان اسم عبد المطلب عامر فغلب اللقب علي الاسم واسم هاشم عمرو فغلب اللقب علي
الاسم واسم عبد مناف المغيرة فغلب اللقب علي الاسم وان اسم قصي زيد فسمته العرب
مجمّعاً لجمعه اياها من البلد الاقصي إلي مكة فغلب اللقب علي الاسم اه.
وانما كان (ع) سيد الوصيين كما كان محمد
(ص) سيد النبيين (ص) لأنّ الله فضّلهما علي سائر الأنبياء والأوصياء في مقام
الرسالة والولاية المطلقتين فما من نبي ولاولي الا وهو تحت لوائهما وكل في شأن
الرسالة والولاية قطرة من بحار رسالة محمد وولاية علي (ع) ،
______________
أمير
المؤمنين وابن سيد الوصيين ، السلام عليك يا بن فاطمة
____________________________________
فمحمد (ص) سيد
المرسلين وعلي (ع) سيد الوصيين وقد افتخر بتلك السيادة كما وردت به الرواية.
والمراد بالسيد الاشرف وربما يراد به
المفترض الطاعة كما رواه الصدوق عن عايشة قالت : كنت عند النبي (ص) فأقبل علي بن
أبيطالب (ع) فقال هذا سيد العرب. فقلت يا رسول الله ألست سيد العرب قال أنا سيد
ولد آدم وعلي سيد العرب قلت : وما السيد؟ قال (ص) من افترضت طاعته كما اترضت طاعتي
اه. ولاينافي مفهوم هذا الحديث الدال علي أنّه ليس سيد غير العرب. حديث الغدير
المعروف لاختصاص افتراض الطاعةفي حال حيوة النبي (ص) به اصالة وحديث الغدير نصب
لعلي (ع) عد الوفاة وهو (ع) كان منصوباً عن النبي (ص) علي العرب خاصة في حال حيوته
فكان مفترض الطاعة لهم حينئذ بالنيابة فتدبر.
السلام عليك يابن فاطمة الزهراء سيدة
نساء العالمين
لو لوحظ في الزهراء معني الوصفية فالجر
علي الوصفية والا بأن جعل لقباً كما يظهر من جملة من الأخبار فعلي الاضافة لكونهما
مفردين ، ولعل الاول اظهر نظراً إلي النظائر كالمصطفي والمرتضي والمجتبي والسجاد
والباقر وغيرها من ألقاب الأئمة (ع).
نعم في بعض الاخبار أنّه سئل الصادق (ع)
عن فاطمة لم سميت زهراء؟ فقال لانها كانت إذا قامت في محرابها زهر نورها لاهل
السماء كما يزهر نور الكواكب لاهل الأرض اه. ولكن يحتمل ان يراد بالتسمية
_________________________________
مطلق الوصف كما في
حديث تسميتها بالمحدثة. وفاطمة من الفطم وهو القطع سميت بهذا الاسم لأنّ الله فطم
من أحبها من النار كما في جملة من الروايات ، أو لأنّه فطمها بالعلم ، وعن الطمث
كما في بعضها ، أو عن الشر كما في رواية يونس بن ظبيان. وفيها لفاطمة تسعة أسماء عند
الله : فاطمة ، والصديقة ، والمباركة ، والطاهرة ، والزاكية ، والراضية والمرضية ،
والمحدثة ، والزهراء الخ.
والمراد بكونها سيدة نساء العالمين
كونها اشرف من جميع نساء العالمين من الأولين والآخرين لانساء عالمها وأهل زمانها
كما كانت مريم. وبه وقع التصريح في رواية المفضل بن عمر ع الصادق (ع) المروية في
المعاني وفي هذه النسبة أيضاً فخر ظاهر وشرف باهر للحسين (ع). وقد افتخر بها في
مواطن عديدة ، كيف لا وفاطمة بنت رسول الله (ص) ولها من الفضل مالا ينكره المخالف
أيضاً. وقد كتب زياد بن أبيه لعنه الله إلي الحسن بن علي (ع) من زياد بن دبي سفيان
إلي الحسن بن فاطمة : أما بعد فقد أتاني كتابك تبدء فيه بنفسك قبلي إلي اخر ما
كتبه فبعث (ع) بكتاب الملعون إلي معاوية فكتب إلي زياد : أمّا بعد فان الحسن بن
علي بعث إليّ بكتابك إليه جواباً عن كتاب كتبه إليك إلي قوله : وأما كتابك إلي
الحسن بأسمه وإسم أمّه ولاتنسبه إلي أبيه فأن الحسن ويحك من لا يرمي به الرجوان
وأي أم وكلته لا ام لك أما عملت انها
__________________
سيدة
نساء العالمين ، السلام عليك يا ثار الله وابن ثاره والوتر
____________________________________
فاطمة بنت رسول الله
فذاك أفخر له لو كنت تعقله اه. وقد يقال : ان فاطمة بعد رسول الله وأمير المؤمنين
(ع) أفضل من سائر الأئمة وهو كما تري
السلام عليك يا ثار الله وابن ثاره
والوتر الموتور
الثأر مهموز العين كالرأس والكأس فقد
يخفف الهمز بقلبه الفساً مثلهما كما هو امضبوط في كثير من كتب الزيارات طلب الد
كما في نهاية ابن الأثير. قال في حديث محمد بن مسلمة يوم خبير : انا له يا رسول
الله الموتور الثائر أي قتلت قاتله ، ومنه الحديث ياثارات عثمان اي يا أهل ثاراته
ويا أيها الطالبون بدمه فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه. وقال الجوهري يقال
يا ثأرات فلان اي ياقتلة فلان فعلي الاول يكون قد نادي طالبي الثار ليعينوه علي
استيفائه وأخذه وعلي الثاني يكون قد نادي القتلة تعريفاً لهم وتقريعاً الخ اه ، او
مشترك بينه وبين الدم وقاتل الحميم كما يظهر من (ق) قال الثأر : الدم والطلب به
وقاتل حميمك اه ، أو حق القصاص واستيفاء عوض الدم كما يظهر من المطرزي قال أدرك
فلان ثأره يعني قتل قاتل حميمه ، ولعله راجع إلي ماتقدم ويحتمل أن يكون الثأر في
المقام وامثاله بالالف مخففاً من الثائر كما في هار علي أحد الوجهين او مصحفاً منه
كما في مجمع الطريحي قال والثائر الذي لايبقي علي شيء حتّي يدرك ثاره وفي مخاطبة
الامام حين الزيارة أشهد أنّك ثار الله وابن ثاره ولعله مصحف من ياثائر الله وابن
ثائره اه وكيف
_________________________________
كان فهذه الفقرة
تحتمل وجوهاً :
أحدها أن المراد أنّك طالب دم الشهداء
لله ولاجله وفي سبيله في زمان رجعتك إلي الدنيا ولاتجوز فيه لوجعلنا الثار مخففاً
من الثائر الذي هو طالب الدم ووليه ، واما علي غيره فلابد من حذف مضاف اي وليّ دم
الشهداء لله أو في الله كما قال الله ومن قتل مظلوماً فقد جعلنا لوليه سلطاناً
وقيل أي أنّك أهل طلب دم الشهداأ في الله أي في سبيله حيين الرجعة فتأمّل.
وثانيها ان المراد أنّك قتيل لاجل الله
وفي سبيله فتجوّز عنه بلفظ الثار الذي هو الدم لبعض العلائق المصححة.
وثالثها ان المراد أنّك قتيل قتله محبة
الله كما قال ومن عشقته قتلته قال الشاعر :
باح مجنون عامر بهواه
|
|
وكتمت الهوي فمت بوجدي
|
واذا كان في القيمة نودي
|
|
من قتيل الهوي تقدمت وحدي
|
ومما ينسب اليه قوله (ع) :
تركت الناس طرّاً في هواكا
|
|
وأيتمت العيال لكي أراكا
|
فلو قطّعتني ارباً فارباً
|
|
لما حنّ الفؤاد إلي سواكا
|
والجوّز علي حسب ماتقدم.
ورابعها ان المراد أنّ الله سبحانه وليّ
دمك يطلب بدمك من أعدائك ففيه أيضاً تجوّز بالثار الذي هو طلب الدم عن المطلوب بدمه.
قيل وحينئذ يقدر مضاف للثار أي أهل ثار الله ويكون اضافة الثار إلي
_________________________________
الله بمعني من ، اي
أنّك أهل طلب الدم من الله اي طلب الدم الذي يكون الطلب ناشئاً منه وأنت أهل لذلك
الطلب الناشي منه اه فتدبر.
وخامسها إنّ المراد أنّك صاحب الدم الذي
عظّمه الله وشرّفه علي سائر الدماء فالمضاف محذوف والاضافة تشريفيه كما في روح
الله وبيت الله ويحتمل أن يراد بالثار صاحبه علي التجوّز في نفس الكلمة.
وسادسها أنّ المراد يامن ثاره ثار الله
اي بمنزلته كما في يد الله وعين الله ، ونصب الوتر عطفاً علي المنادي المضاف لكون
المعطوف عليه كالمستقل وهو بالكسر علي المضبوط في الزيارات والمشهور في القرآت
الفرد فهو (ع) وتر لتفرده في الكمال في عصره او بقبوله للامانة أي الشهادة الكلية
التي عرضها الله في الذر علي عباده فأبوا من حملها وأشفقوا منها فحملها فكان ظلوما
أي مظلوماً جهولا أي مجهول القدر لعلو شأنه وارتفاع همته كما قال :
سبقت العالمين إلي المعالي
|
|
بحسن خليقة وعلو همة
|
فلاح بحكمتي نور الهدي في
|
|
ليال في الضلالة مدلهمة
|
يريد الجاحدون ليطفئوه
|
|
ويأبي الله الا أن يتمّه
|
والموتور يحتمل أن يكون تأكيداً للوتر
من قبيل قولهم برد بارد وليل اليل ، وشعر شاعر ، وفي التنزيل وحجراً محجوراً ، وأن
يكون من قبيله قوله (ع) : أنا الموتور أي الطالب بالثار من الوتر والوتيرة والترة
وهو طلب الثار ، وأن يكون من قبيل قوله من فاتته صلوة العصر فكأنما وتر أهله وماله
أي نقص يقال وترته إذا نقصته
الموتور
، السلام عليك وعلي الأرواح التي حلّت بفنائك ،
__________________________________
فكأنّك جعلته وتراً
بعد أن كان كثيراً ، ومنه قوبه تعالي : «ولن يتركم أعمالكم» أي ولن ينقصكم فهو (ع)
موتور أي منقوص مكسور صولته بقتل أعوانه وأنصاره من إخوانه وأولاده وغيرهم ممن قتل
بكربلا فصار فردا لم ينصره أحد كما قيل في فتية ساعدوا وواسوا وجاهدوا أعظم الجهاد
حتّي تفانوا وظل ونكسوه عن الجواد ، وأن يكون من قولهم : فلان موتور أي قتل له
قتيل فلم يدرك بدمه وهو (ع) وإن قتل يوم كربلاء كثيراً من أعدائه أضعاف من قتل من
أوليائه الا انه لو قتل جميعهم لم يعدل سهماً خرق حلقوم طفله الرضيع.
السلام عليك وعلي الأرواح التي حلّت
بفنائك
الحلول النزول يقال : حل المكان وبه :
نزل به ، وفناء الدار بالكسر ما اتسع من امامها والمراد بالأرواح أرواح أصحابه
وأعوانه الذين استشهدوا بين يديه ونزلوا بفناء محبته والوفاء بعهد مودته (ع)
واستقاموا علي طريق بيعته حتّي قال (ع) في حقّهم لا أعلم أصحاباً أوفي ولا خيراً
من أصحابي ولنعم ما قيل :
هم سادة قد عظمت أجورها
|
|
بدت لهم عند اللقاء حورها
|
في جنة عالية قصورها
|
|
قطوفها دانية لمن يري
|
فعاينوا الحور عليهم تشرف
|
|
وجنة الخلد لهم تزخرف
|
فعانقوا بيض الظبا وارتشفوا
|
|
من القنا كأس الفناء سكرا
|
حتّي ابيدوا كلهم علي ظما
|
|
بين طعين وجريح ظلما
|
فيالهم من ناصرين كرما
|
|
باعوا علي الله النفوس فاشتري
|
______________________________
ويمكن أن يراد بحلولها بفنائه وساحته
حشرها معه في حضرة القدس ، فأن المرء يحشر مع من أحبّه ، والأخبار متضافرة بذلك ،
وفي الحلول بالفناء إشارة إلي انحطاط درجتها عن رجته كما هو كذلك في نفس الأمر
بالضرورة فأنّها ما نالت هذا المقام الا بمحبته والفناء في عشقه ومودته ، فياليتنا
كما معهم فنفوز فوزاً عظيماً ، ولكن الصحيفة الالهية قد انطوت عليهم لم يزد علي
عدتهم أحد ولم ينقص منهم أحد.
فيا طول الاسي من بعد قوم
|
|
ادير عليهم كأس الافول
|
تعاورهم أسنة آل حرب
|
|
وأسياف قليلات القلول
|
بتربة كرلاء لهم ديار
|
|
يتارمي الاهل دارسة الطلول
|
تحيات ومغفرة وروح
|
|
علي تلك المحلة والحلول
|
ويحتمل أن يراد بالأرواح أجسادهم
الشريفة الطاهرة المدفونة معه في روضته المقدسة الطيبة لطهارتها ، ونزاهتها عن
الادناس البشرية والعلائق العنصرية فصارت منزلة الأرواح اللطيفة المجردة.
وحكي انه قد ترأس تلميذ لقلانوس الحكيم
علي النهد فرغب الناس في تلطيف الابدان وتهذيب الانفس وكان يقول أي امرء هذب نفسه
، وأسرع في الخروج عن هذا العالم الدنس ، وطهر بدنه عن أوساخ هذا العالم ظهر له
كلشيء ، وعاين كل غائب ، وقدر علي كل متعذر ، وكان مسروراً محبوراً ملتّذاً عاشقاً
، لا يمل ولا يكل ، ولا يمسه نصب ولا لغوب.
قال الشهرستاني ولما وصل الاسكندر إلي
تلك الديار وأراد
عليكم
منّي جميعاً سلام الله أبداً ما بقيت وبقي الليل والنهار
____________________________________
محاربتهم صعب عليه
افتتاح مدينة أحد الفريقين وهم الذين كانوا يرون استعمال اللذات في هذا العالم
بقدر القصد الذي لا يخرج إلي فساد البدن فجهد حتي افتتحها وقتل منهم جماعة من أهل
الحكمة فكانوا يرون جثث قتلاهم مطرحة كأنّها جثث السمك الصافية النقية التّي في
الماء الصافي فلما رأوا ذلك ندموا علي فعلهم وأمسكوا عن الباقين اه فإذا كان هؤلاء
أجسادهم بهذه المثابة من اللطافة فكيف ظنك بالفتية الذين ربّاهم الحسين بن علي (ع)
وصفتهم بالشهادة ، وبلغ بهم أعلي مراتب السعادة.
وقد تقرّرفي محله أن الجسد بالرياضة
والتصفية وتهذيب الاخلاق يتلون بلون الروح كما ان الروح بمتابعة النفس الأمّارة
بتلون بلون الجسد والله أعلم.
عليكم
منّي جميعاً سلام الله أبداً مابقيت وبقي الليل والنهار
تقديم الخبر لافدة الحصر وجميعاً حال من
ضمير الجمع ، ويحتمل بعيداً من ضمير النفس اي بلساني وجناني ، وفي أضافة السلام
إلي الله أشارة إلي أن اللائق ببهم سلامه تعالي كما قيل :
سلام من الرحمن نحو جنابكم
|
|
فإن سلامي لا يليق بباكم
|
وأبداً ظرف عامله الإستقرار المحذوف
وجوباً وهو الخبر بحسب المعني ، ويحتمل كونه السلام ، وما بقيت أيّ مدة بقائي
وبقاء الليل والنهار فهو تفسير بحسب المعني لأبداً ، وما حرفية مصدرية والظرفية
مستفادة من المضاف المحذوف ولا تنافي بين نسبة السلام إلي الله وكونه من الزائر
يا
أبا عبد الله. لقد عظمت الرزية وجلت وعظمت المصيبة بك علينا وعلي جميع أهل الإسلام
، وجلت وعظمت مصيبتك في
____________________________________
وناشئاً منه كما
يقتضيه من الابتدائية ، فإنّ المراد أنّه يطلب من الله أن يديم سلامه عليه ،
ويجعله مستمراً دائماً فيقول سلام الله ابداً عليكم أو أنّه يسلم عليكم بسلام الله
أبداً في حال حيوته وبعد وفاته فالمراد بسلام الله نحوه ونوعه كما في سبحان الله
اي سبّحت نحو تسبيحه اللائق به الذي علمناه وألهمناه فكما أن مطلق تسبيحنا لله لا
يناسب ببابه تعالي كذلك مطلق تسليمنا لا يليق بجنابه (ع).
يا
أبا عبد الله لقد عظمت الرزية وجلّت المصيبة بك علينا وعلي جميع أهل الإسلام وجلّت
وعظمت مصيبتك في السماوات علي جميع أهل السموات.
جدد ندائه لتجديد الحزن وتوفير البكاء
عليه فأنّه لا يذكر عند مؤمن الا وحزنه يتجدد وعبرته تجري ، واللام في لقد لتوطئة
القسم اي والله لقد عظمت الرزيةف وهي بفتح الراء المهملة وكسر المعجمة وتشديد
الياء وربما يبقي الهمزة علي حالها فيقال رزيئة من الرزء وهو المصيبة بفقد الاعزة
والاحباب ، والمصيبة أعم فأنها أعم فأنّها الأمر المكروه الذي يحل بالإنسان
كالمصابة والمصوبة ، وكيف لاتعظم علينا وعلي جميع أهل الإسلام رزيته ولا تجل
مصيبته ، وقد خص بالشهادة الكلية المتضمنة لجميع انواع الرزايا والمصائب ولذا كانت
مصيبته أعظم المصائب قال الصادق (ع) أن أبا عبد الله (ع) لما مضي بكت عليه السموات
السبع
____________________________________
ومافيهن والارضون
السبع وما فيهن وما بينهن وما ينقلب في الجنة والنار من خلق ربنا وما يري وما لا
يري اه.
وقال الباقر (ع) ببكت الأنس والجن
والطيرو الوحش علي الحسين ابن علي (ع) حتّي ذرفت دموعها اه.
وعن جبلة المكية قالت : سمعت ميثم
التمّار يقول : والله لتقتل هذه الأمة ابن نبيّها في المحرم لعشر يمضين منه
وليتخذن أعداء الله ذلك اليوم بركة ، وان ذلك لكائن قد سبق في علم الله. اعلم ذلك
بعهد عهده إليّ أمير المؤمنين (ع) ، فلقد أخبرني أنّه يبكي عليه كلشيء حتي الوحوش
في الفلوات ، والحيتان في البحار ، والطيرفي جو السماء وتبكي عليه الشمس والقمر
والنجوم والسماء والارض ، ومؤمنوا الانس والجن ، وجميع ملائكة السموات والأرضين
ورضوان ومالك وحملة العرش ، وتمطر السماء دماً ورماداً الخ اه.
والأخبار من هذا القبيل متواترة فالتخصيص
بالمسلمين وأهل السموات لتأثير هذه المصيبة في قلوبهم أعظم التأثير علي الوضع
المعروف ولكن تأثيرها في سائر الموجودات علي وضع آخر كما لا يخفي علي من تأمل
وتدبّر قال بعضهم :
مصائب سائت كل من كان مسلماً
|
|
ولكن عيون الفاجرين اقرّت
|
إذا ذكرت نفسي مصيبة كربلا
|
|
واشلاء سادات بها قد تقرّت
|
أضاقت فؤادي واستباحت تجاربي
|
|
وعظم كربي ثم عيشي أمرت
|
__________________
السموات
علي جميع أهل السموات ، فلعن الله أمّة أسّست أساس
____________________________________
اريقت دماء الفاطمين بالملا
|
|
فلو عقلت شمس النهار لخرّت
|
فلعن
الله أمّة أسّست أساس الظلم والجور عليكم أهل البيت
هذا تفريع علي عظيمرزئه وجليل لاستحقاق
من زرئه بهذه الرزية وأصابه بهذه المصيبة اللعن بحكم العقل والنقل كما في رواية
جبلة المشار إليها عن ميثم التمار حيث قال : وجبت لعنة الله علي قتلة الحسين ، كما
وجبت علي المشركين الذين يجعلون مع الله الهاً آخر ، وكما وجبت علي اليهود
والنصاري والمجوس الخ ، فما ذكره بعض علماء العامة
مما يستحيي القلم عن تحريره من عدم جواز اللعن علي يزيد بن معاوية لعنه الله عناد
بحت وتسويل شيطاني ، لا يصغي إليه من شم رائحة الإسلام ، فكيف بالعلماء الأعلام
وابتداء بلعن من أسّس أساس الظلم وزرع بذر الجور وهم صنما قريش وجبتاهما واتباعهم
ممن اعانوهما علي غصب الخلافة من اهلها لكونه اول ظالم ظلم حق آل محمد (ص) فهو
العلة الاولية الموجبة لوقوع هذه المصيبة العظمي ، وحدوث هذه الرزية الكبري فاستحق
اللعن او لا ، وقد ورد في بعض الأخبار أنّه ما من محجمة دم اهريقت الا وفي
اعناقهما يوم القيمة وماذا الا لما قنّنا من قوانين يترتب عليها تمام انواع الظلم
وأسسسا من قواعد من البدعة في الدين يتفرع عليها جميع أنواع المعاصي والجور.
والاساس : أصل البناء بل أصل كلشيء
كالاس مثلثه وأسّست
__________________
الظلم
والجور عليكم أهل البيت ، ولعن الله أمّة دفعتكم عن مقامكم ، وازالتكم عن مراتبكم
التي رتبكم الله فيها ، ولعن
____________________________________
أساس الظلم أي بنت
بنيانه ، وأهل البيت تصح أمّا علي النداء أو علي الإختصاص كما في قوله تعالي :
ليذهب عنكم رجس أهل البيت.
ولعن
الله أمّة دفعتكم عن مقامكم وازالتكم عن مراتبكم التي رتبكم الله فيها.
ان قيل : كيف يمكن دفعهم عن مقامهم الذي
جعله الله لهم وازالتهم عن مرتبتهم التي قررها لهم وقد بلغ الله بهم أشرف محل
المكرمين وأعلي منازل المقربين ، وأرفع درجات المرسلين حيث لا يلحقه لاحق ولا
يفوقه فائق ، ولا يسبقه سابق ، ولا يطمع في إدراكه طامع ، قيل عليه لم يعن بالمقام
والمرتبة مقام قربهم ومرتبة ولا يتهم واستحقاقهم للإمامة والخلافة ، فإن ذلك مما
يمتنع سلبه عنهم ، بل المراد ما ينبغي لهم بحسب الصورة والظاهر من الخلافة
الظاهرية والسلطنة الصورية ، ليطابق الظاهر الباطن ، ويوافق الصورة الباطن فقوله :
«رتّبكم الله فيها فيها» اي بالأمر والتكليف دون الجعل والتقدير يعني أمر الله
الناس بأن يرتبو كم في هذه المرتبة ، ويجعلونكم أئمة هداة يهتدون بكم ، ويقتدون
بآثاركم ، ويطيعون أوامركم كما قال : اطيعوا الله واطيعوا الرسول واولي الامر
منكم.
وقد وصي رسول الله امته بذلك كله
فخالفوه فبدلوا دينه وغيروا سنّته فجعلوا هذا المقام لاعداء ذريته رغبة عن مرضاة
الله ، وحرصاً علي
الله
امة قتلتكم ، ولعن الله الممهدين لهم بالتمكين من قتالكم ،
____________________________________
حطام الدنيا ،
فاستحقوا اللعن الدائم من الله ورسوله وعباده الصالحين وملائكته المقربين والفرق
بين ادفع والازالة هو الفرق بين الدفع والرفع
ولعن
اللع امة قتلتكم ولعن الله الممهدين لهمخ بالتمكين من قتالكم.
الظاهر من القاتل من باشر القتل ويمكن
أن يندرج فيه مطلق من يسعي فيه بل مطلق من يرضي به كما في بعض الأخبار والممهد علي
بناء الفاعل المهييء للأسباب ، والمسهل للأمور في كل باب وأصله من المهد وهو موضع
يهيأ للصبي ويوطأ ، والتمكين اعطاء المكنة والتمكن من الفعل وعدم المنع منه بل
المساعدة عليه والمراد بهم هنا هم رؤساء الجور الذين نصبوا العداوة لأهل البيت
وحرضوا أتباعهم علي قتالهم وهيّئوا لهم أسباب قتلهم ببذل الأموال وأعداد الرجال
والحث علي القتال ، ويحتمل أن يراد بهم الاتباع والرعية لولا اجتماعهم علي متابعة
هؤلاء الطواغيت الفجرة الكفرة وملازمتهم لانقياد أوامرهم لما حصلت لهم هذه المكنة
والسلطنة والقدرة علي مقاتلة آل الله المعصومين المخصوصين برسول الله وفي حديث
الخيط وجابر عن الباقر (ع) قال : يا جابر ما ظنك بقوم أماتوا سنّتنا وضيعوا عهدنا
ووالوا أعدائنا وانتهكوا حرمتنا وظلمونا حقنا وغصبونا ارثنا وأعانوا الظالمين
علينا وأحيوا سنّتهم وساروا سيرة الفاسقين الكافرين في فساد الدين واطفاء نور الحق
اه.
برئت
إلي الله وإلييكم منهم ومن أشياعهم واتباعهم وأوليائهم.
____________________________________
برئت
إلي الله وإليكم منهم ومن اشياعهم واتباعهم وأوليائهم
للإيمان جناحان موالاة أهل بيت النبوة
ومعاداة أعدائهم وهي المعبر عنها بالبرائة فكما لا يكون إيمان بدون الولاية كذلك
لا يكون بدون البرائة ، ويحتمل أن يراد بها مطلق الخلو عن محبة أعدائهم فأن مع
محبتهم لا يتم الولاية كما قال صديق عدوي داخل في عداوتي ، وفي التنزيل : «ومن
يتولهم لهم منكم فأنّه منهم» وفي حديث المختار والذي بعث محمداً بالحق لو أن
جبرئيل وميكائيل كان في قلبهما شيء أي من محبة الشيخين لا كبهما الله في النار علي
وجوهما اه ، ومن في منهم للمجاوزة كما في قوله : «والقاسية قلوبهم من ذكر الله» أي
ابرء من محبتهم مجاوزاً عنهم إلي محبة الله ومحبتكم فتأمل ومن في قوله تعالي :
برآئة من الله ورسوله» لابتداء الغاية أي هذه الايات برائة صدرت من الله تعالي ،
والاشياع : جمع الشيعة. قال في ق وشيعة الرجل بالكسر اتباعه وانصاره والفرقة علي
حده وتقع علي الواحد والاثنين والمجمع والمذكر والمؤنث إلي أن قال والجمع أشيا,
وشيع كعنب اه فأشياعهم واتباعهم مرادفان ، ويمكن تخصيص الاولي بالخواص والمتابعين
لهم حذوا النعل بالنعل والقذة بالقذّة ، وأوليائهم : محبوهم مطلقا ، ويجب التبري
من جميعهم لكونهم أولياء الطاغوت كما ان أشياع أهل البيت وأتباعهم وأوليائهم
أولياء الله الذين لاخوف عليهم ولا هم يحزنون وكيف كان فالمؤمن هو المؤمن بمقام آل
الرسول المحب لهم بالسر
يا
أبا عبد الله إنّي سلمٌ لمن سالمكم ، وحربٌ لمن حاربكم إلي
____________________________________
والعلانية ومن كان
كذلك فهو لا محالة محب لاوليائهم ومعاد لاعدائهم كما في الجامعة : «مستبصر بشأنكم
وبضلالة من خالفكم موال لكم ولاوليائكم مبغض لاعدائكم» الخ اه.
يا
أبا عبد الله إنّي سلمٌ لمن سالمكم ، وحربٌ لمن حاربكم إلي يوم القيمة.
خص النداء بالحسين (ع) وعمم الخطاب
لسائر أهل البيت لكوفة سيد الشهداء والمظلومين مع احتمال الاختصاص في الخطاب أيضاً
تعظيماً وتفخيماً شأنه كما في قوله تعالي : «وأنا له لحافظون» وقوله تعالي : «يا
أيّها الرسل كلوا من طيبات مارزقناكم» اه فأن من عادة العرب خطاب الواحد بالحمع
لذلك ، والسلم بالكسر المسالم المصالح الراضي بالحكم كما ان الحرب هو المحارب الذي
لايرضي بالحكم ، وإلي هذا المعني كالمحبة والولاية والانقياد.
وكيف كان فهذا أيضاً من شرائط الايمان كما
قال : «يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان أنّه
لكم عدو مبين» وروي أبو بصير عن الصادق (ع) أنّه قال له أتدري ما السلم؟ قال : قلت
: لا أعلم ، قال : ولاية علي والائمة الأوصياء من بعده قال وخطوات الشيطان واللاه
ولاية فلان وفلان اه ، وفي كثير من الأخبار ان النبي (ص) قال للحسين وأبيه وأخيه :
إنّي سلمٌ لمن سالمكم وحربٌ لمن حاربكم. قوله : إلي يوم القيمة أي أبداً دائماً
فالغاية داخلة في
يوم
القيمة ، ولعن الله آل زياد وآل مروان ، ولعن الله بني أمية قاطبة ، ولعن الله ابن
مرجانة ، ولعن الله عمر بن سعد ،
____________________________________
حكم المغيّا فالمسالمة مع المسالم
والمحاربة مع المحارب مستمرتان إلي آخر زمن مع الإمكان هذا لو فسرنا اللفظين بما
يؤل إلي المحبة والعداوة والا فلا سلم ولا حرب يوم القيمة.
ولعن
الله آل زياد وآل مروان ، ولعن الله بني أمية قاطبة ، ولعن الله ابن مرجانة ، ولعن
الله عمر بن سعد ، ولعن الله شمراً.
إنّما استحقوا اللعن فهو العبد عن رحمة
الله الواسعة والطرد عن ساحة القرب لظلمهم آل محمد الذين هم ابواب الرحمة ، وبعدهم
عن مقام محبتهم (ع) الموجبة للقرب وابتلائهم بعداوتهم الداعية إلي العبد الذي
صورته الجحيم والعذاب الدائم كما أن القرب صورته الجنة والثواب الدائم ، وبعبارة
اخري محبة آل محمد حقيقتها النور وعداوتهم الظلمة المستلزمة للعبد عن مقام حقيقتهم
التي هي صرف النور ونور النور كما ان حقيقة اعدائهم ظلمات بعضها فوق بعض لا يشوبها
نور وفي إضافظ الآل إلي زياد ومروان إشارة إلي كونهما المنشأ لطغيانهم وظلمهم
والمربين لهم في ذلك كما قيل :
إذا كان رب الدار بالدف مولعاً
|
|
فعادة أهل البيت كلهم رقص
|
فهما داخلان في حكم اللعن بهذا اللفظ
أيضاً كما ان فرعون داخل في حكم آل فرعون بلفظه ، قوله قاطبة أي جميعاً والاضافة
للعهد فلا يرد أنّ
ولعن
الله شمراً ، ولعن الله أمّة أسرجت وألجمت وتنقبت
____________________________________
منهم من كان متشبثاً
بولاية آل محمد (ص ومستحقاً للرحمة قطعاً علي أن المراد ببني أميّة يحتمل أن يكون
كل من عادي أهل البيت وان لم ينتموا إليهم بحسب النسب الظاهري ، وابن مرجانة هو
ابن زياد اللعين وتخصيصه بالذكر مع دخوله في العموم المتقدم لاكثرية ظلمه وطغيانه
كما لا يخفي علي من تتبع في وقائعة من معاداته لأهل بيت الرسول وحثّه علي قتل
الحسين وأصحابه وبعثه عمر بن سعد وشمراً وأشباههما إلي كربلاء لذلك وهتكه عترة
الرسول في مجلسه بمكالمات فضيحة ومقالات قبيحة لعنه الله لعناً وبيلا أبداً دائماً
، ويعرف بالدعي فأن أباه زياد بن سميّة كانت أمّه سميّة مشهورة بالزناء ، وولد علي
فراش أبي عبيد عبد بني علاج من ثقيف فادعي معوية ان أبا سفيان زنا بأم زياد
فأولدها زيادا وأنّه أخوه فصار اسمه الدعي وكانت عائشة تسمية زياد ابن أبيه ،
لأنّه ليس له أب معروف. قاله صاحب كتاب الزام النواصب قال وأمّا عمر بن سعد فقد
نسبوا أباه سعداً إلي غير أبيه وأنّه رجل من بني عذرة وكان خادماً لأمة ويشهد بذلك
قول معوية حين قال سعد له : أنا أحق بهذا الامر منك ، يا لي عليك بنو عذرة وضرط
له.
ولعن
الله أمة اسرجت والجمت وتنقبت وتهيأت لقتالك.
السرج واللجام معروفان واسرجت والجمت أي
جعلوا السرج واللجام علي خيولهم ومرا كبهم ، والنقاب أيضاً معروف هو الذي يبدو منه
محجر العين ، ومن عادة العرب التنقب اي أخذ النقاب عند المحاربات
لقتالك
، بأبي أنت وأمي ، ولقد عظم مصابي بك ، فأسئل الله الذي
____________________________________
وتهيأت اي استعدت باعداد أسلحة الحرب ،
والظاهر أنّ المراد بهم الاتباع من الجيوش والعسا كرفانهم مستحقون لللعن كالرؤساء
المشار إليهم ، ويحتمل التعميم للمبالغة والتوفير في اللعن.
بأبي
أنت وأمي لقد عظم مصابي بك.
هذا التركيب مشتمل علي خبر متقدم ومبتدأ
مؤخر ، والباء للتفدية والمتعلق مفدي المحذوف ، أو المستفاد من الحرف علي ماقيل ،
ولكن الظاهر ان الباء للتغذية كما يقال فديتك بنفسي حيث عدّي إلي المفعول الاخر
بالباء ، فالفعل متعد إلي أحد المفعولين بالنفس وإلي النفس بالحرف ، ومن هنا ربما
يقال ان هذا التركيب في الأصل جملة فعلية اي افديتك بأبي وأمّي يعني اجعلهما فداء
لك ووقاية لنفسك فجعلت اسمية قصداً إلي الدوام والاستمرار كما في الحمدلله ، فأنت
نائب عن الضمير المنصوب فالمراد بالمفدي المفدي له لا نفس الفداء ، ولا يلزم في
الفداء أن يكون المفدي له أفضل منه كما في قوله : «وفديناه ببذبح عظيم» حيث فسر الذبح
العظيم بالحسين (ع) اي جعلناه قتله (ع) عوضاً عن قتل اسماعيل (ع) ، فلا يرد اشكال
علي قوله (ع) في زيارة سائر الشهداء بأبي أنتم وأمّي ، علي ان هذا التركيب كثيراً
ما يستعمل في حق من يراد تعظيمه واحترامه مطلقا من باب الكناية من غير ملاحظة
معناه الوضعي كما في كثير الرماد وطويل النجاد.
وقد روي أن النبي تكلم بهذه المقالة
لبعض أصحابه في بعض
أكرم
مقامك وأكرمني بك أن يرزقني طلب ثارك مع إمام
____________________________________
غزواته ، هذا مع احتماله التعليم لشيعته
في الزيارة أو ارادة أن أولياء الحق يحتملون البلايا والرزايا لوقاية أشياعهم عن
المكاره في الدنيا والآخرة كما ورد في بعض الكلمات أنّ الحسين (ع) صار فداء للأمة
اي لتخليصهم عن النار بالشفاعة التي هي أجر الشهادة وتقديم الأب علي الأم من باب
تقديم الأعز الأشرف في مقام البذل كما في حديث علي (ع) في انفاقه الذهب قبل التبن.
وفي الفصل بين المعطوف والمعطوف عليه بالمفدي له إشارة إلي كمال الاهتمام به ،
وعدم الغفلة عنه ، هذا مع احتمال الاستيناف وحذف الخبر.
والمصاب : المصيبة وإنّما يعظم علي
المحب وان لم تعظم في نفسها فكيف إذا عظمت في نفسها مثل مصيبة الحسين (ع) التي
يصغر دونها جميع المصائب ، ولذا ورد ان مصيبة أعظم المصائب ، كيف وقد بكت فيها
السماوات السبع وعامروها والأرضون السبع وساكنوها وارتج لها العرش وضجت الحافّون
حوله.
فأسله
الله الذي أكرم مقامك وأكرمني بك أن يرزقني طلب ثارك مع إمام منصور من أهل بيت
محمد صلي الله عليه وآله
الاكرام : الاعظام والاعزاز ، أكرم
مقامك أي بالشهادة الكلية وأكرمني بك أي بمعرفتك ومحبتك وتصديقك ، ان يرزقني أي في
زمان الرجعة التي هي من ضروريات مذهب الامامية المدلول عليها بالآيات الكثيرة
والأخبار المتواترة ، ففي بعضها ان الصادق (ع) سئل عن الرجعة
منصور
من أهل بيت محمد صلي الله عليه وآله ، اللهم اجعلني
أحق هي؟ قال : نعم فقيل له من أوّل من
يخرج؟ قال : الحسين (ع) علي أثر القائم فقلت : ومعه الناس كلهم؟ قال : لا ، بل كما
ذكره الله في كتابه : «يوم ينفخ في الصور فتأتون افواجاً» اه مع إمام منصور اي
بالآيات والجنود من الملائكة والشيعة من الجن والإنس ، والمراد به القائم المنتظر
الذي سيظهر بالضرورة من مذهبنا ، وهو محمد بن الحسن العسكري (ع) كما ورد في
الأخبار المتواترة فالتنكير للتعظيم والتفخيم كما في قوله تعالي : «فقد كذّبت رسل
من قبلك» أي رسل عظام لالعدم التعيين والنكارة ، فالقائل بالمهدوية النوعية منكر
للضرورة من مذهب الأثني عشرية.
اللهم
اجعلني عندك وجيهاً بالحسين (ع) في الدنيا والآخرة
الوجبه ذوالجاه والعز ، قال في النهاية
وفي حديث عائشة كان لعلي (ع) وجه من الناس حيوة فاطمة اي جاه وعزّ فقدهما بعدها اه
وجيهاً اي مقرباً عندك بالحسين اي بمحبته ومعرفته أو بشفاعته أو برجعتي معه في
رجعته التي تبلغ مدة سلطنته فيها خمسين ألف سنة علي ماورد في بعض الروايات فالمؤمن
العارف بحقه عزيز في الدنيا (ح) لما يعطي من المرامة والدولة بسبب تقربه إلي
الحسين (ع) وفي الآخرة لما يناله من الدرجات الرفيعة في الجنة ببركته والحشر في
زمرته وقد ورد ان شيعتهم معهم ، وفي وداع الجامعة والسلام عليكم حشرني الله في
زمرتكم وأوردنة حوضكم وجعلني في حزبكم وأرضاكم عني ومكنني في
عندكوجيهاً
بالحسين عليه السلام في الدنيا والآخرة ، يا أبا عبد الله إنّي أتقرب إلي الله
وإلي رسوله وإلي أمير المؤمنين وإلي فاطمة وإلي الحسن وإليك بموالاتك وبالبرائة
ممن قاتلك ونصب لك الحرب وبالبرائة ممّن اسس أساس الظلم والجور عليكم
____________________________________
دولتكم وإحياني في رجعتكم وملكني في
أيامكم الخ ومن كلام الصادق (ع) اللهم احي شيعتنا في دولتنا وأبقهم في ملكنا
ومملكتنا اه وفي قوله عندك اشارة إلي أنّه لا اعتناء بالعزة والجاه عند الخلق بل
العز الحقيقي هو العز عند الخالق.
يا
أبا عبد الله إنّي أتقرّب إلي الله وإلي رسوله وإلي أمير المؤمنين وإلي فاطمة وإلي
الحسن وإليك بموالاتك وبالبرائة ممّن قاتلك ونصب لك وبالبرائة ممن اسس اساس الظلم
والجور عليكم.
قد أشار بالترتيب الذكري إلي الترتيب
الواقعي النفس الأمري كما هو الصحيح فيما ذكروه من ترتيب مراتب المعصومين نعم رتبة
فاطمة (ع) دون رتبة الأئمّة الإثناعشر (ع) علي الاظهر كما ان رتبة القائم (ع) بعد
رتبة الحسين (ع) علي ما يظهر من كثير من الروايات ، واختصاص الحسين (ع) بجملة من
الأمور للشهادة لاينافي افضلية الحسن (ع) في رتبة الإمامة والولاية. ويظهر من هذه
الفقرة ماقدمنا إليه الإشارة من ان الإيمان لايستكمل الا بالولاية والبرائة ، ولا
يتقرب إلي الله إلا بالإيمان الكامل علي حسب مراتب الاستعدادات في المعرفة. وفي
التكرار إشارة إلي
وأبرء
إلي الله وإلي رسوله ممن اسس اساس ذلك وبني عليه بنيانه وجري في ظلمه وجوره عليكم
وعلي أشياعكم برئت إلي الله وإليكم منهم وأتقرّب إلي الله ثم إليكم بموالاتكم
وموالاة وليكم وبالبرائة من أعدائكم والناصبين لكم الحرب وبالبرائة
____________________________________
ان تجديد ما في الجنان وإظهاره باللسان
مطلوب في مقام الإيمان ، لتكون الظاهر عنوان الباطن ، والتصدير بندائه (ع) مع
إظهار التقرب بالجميع لكون المقام زيارته (ع) خاصة. ويستفاد من هذه الفقرة أيضاً
أن التقرب إلي الله وإلي رسوله وإلي بنته وابنها لا يكون الا بموالاة الحسين (ع) ،
ومعاداة أعدائه فياعجباً من العصابة التي كانوا يتقربون إلي الله بقتله كما روي عن
الباقر (ع) ، ونصب الحرب : اقامتها وايقاد نارها والعكوف عليها
والوقوف علي لوازمها من القتل والاسرقال (ع) :
قتل القوم علياً وابنه
|
|
حسن الخير كريم الابوين
|
خنقاً منهم وقالوا أجمعوا
|
|
واحشروا الناس علي قتل الحسين
|
وابن سعد قد رماني عنوة
|
|
بجنود كو كوف الهاطلين
|
وأبرءٍ
إلي الله وإلي رسوله ممّن أسس أساس ذلك وبني عليه بنيانه وجري في ظلمه وجوره عليكم
وعلي أشياعكم برئت إلي الله وإليكم منهم وأتقرّب إلي الله ثم إليكم بموالاتكم
وموالاة وليكم وبالبرائة من أعدائكم والناصبين لكم الحرب وبالبرائة من إشياعهم
وأتباعهم إنّي سلم لمن سالمكم وحرب لمن
__________________
(١) العكوف.
من
أعدائكم والناصبين لكم الحرب بالبرائة من أشياعهم وأتباعهم ، إنّي سلم لمن سالمكم
وحرب لمن حاربكم وولي لمن
____________________________________
حاربكم
وولي لمن والاكم وعدو لمن عاداكم.
وجه التكرير والتجديد هو الوجه في تكرير
العبادة لله فكما نحن محتاجون إلي الله في كل آن نظراً إلي أنّ الممكن كما هو
مفتقر في حدوثه إلي الباري كذلك مفتقر في بقائه إليه ، لنحقق علة الافتقار وهو
الإمكان في تمام الاطوار فينبغي عدم انفكاكه عن العبادة كذلك نحن محتاجون إلي أهل
البيت (ع) كذلك نظراً إلي كونهم (ع) أبواب رحمته ووسائل نعمته ، والادلاء علي
مرضاته فلا يمكن عبادة الله علي الوجه المرضي له الا بإرشادهم ودلالتهم ولا يكون
ذلك إلّا بتصديقهم واتباعهم ولا يحصل ذلك إلّا بموالاتهم وموالاة أوليائهم ومعاداة
أعدائهم والبرائة من محاربيهم ومببغضيهم ، فيجب أن يكون ذلك مستمراً في جميع
الأحوال.
قال محمد بن مسلم فيما رواه عن أحدهما
(ع) قلت أنا نري الرجل من المخالفين عليكم له عبادةواجتهاد وخشوع فهل ينفعه ذلك
فقال يا محمد إنمّا مثلنا أهل البيت مثل أهل البيت كانوا في بني إسرائيل فكان
لايجتهد أحد منهم أربعين ليلة إلّا فأجيب وأن رجلا منهم اجتهد أربعين ليلة ثم دعا
فلم يستجب له فأتي عيسي (ع) يشكو إليه ويسئله الدعاء له فتطّهر عيسي (ع) وصلي ثم
دعا فأوحي الله إليه يا عيسي ان عبدي أتاني من غير الباب الذي أوتي منه ، دعاني
وفي قبله شك منك ، فلودعاني حتّي ينقطع عنقه وتنتشر أنا مله ما استجيب له فاللتفت
عيسي (ع) إليه
والاكم
وعدو لمن عاداكم فأسئل الله الذي أكرمني بمعرفتكم ومعرفة أوليائكم ورزقني البرائة
من أعدائكم أن يجعلني معكم
____________________________________
وقال تدعو وفي قلبك شك من نبيّه قال يا
روح الله وكلمته قد كان واله ماقلته فأسئل الله أن يذهب به عنّي فدعا له عيسي (ع)
فتفضل الله عليه وصار في أهل بيته ، كذلك نحن أهل البيت لا يقبل الله عمل عبد وهو
يشك في ولايتنا اه.
وجري في ظلمه اي استمر فيه وفي الكامل
واجري ظلمه والمراد بالمؤسس هو يزيد بن معوية خاصة أو من سبقه ممّن ابتدء بغضب
الخلافة عن أهل بيت النبوة.
فأسئل
الله الذي أكرمني بمعرفتكم ومعرفة أوليائكم ورزقني البرائة من أعدائكم أن يجعلني
معكم في الدنيا والآخرة
المراد بمعرفتهم أن يعرف بالدليل ويعتقد
بالإعتقاد الجازم الذي لا يزول بالتشكيك إنّهم أهل بيت النبوة وموضع الرسالة
ومختلف الملائكة ومهبط الوحي ومعدن الرحمة وخزّان العلم ومنتهي الحلم وأصول الكرم
وأولياء النعم وعناصر الأبرار ودعائم الأخيار إلي آخر ماذكر في الجامعة ، وحاصله
إنّهم أفضل الخلق بعد محمد (ص) الذي لاأفضل منه في عالم الإمكان ، وبمعرفة
أوليائهم أن يعرف ويعتقد كذلك إنّهم هم الفرقة الناجية ، وإنّهم خاصة أهل الجنة ،
وإنّهم هم المفلحون الفائزون يوم القيمة وإن محبتهم محبة الله وعداوتهم عداوة
الله.
وفي حديث جابر عن الباقر (ع) قال يا
جابر عليك بالبيان والمعاني
في
الدنيا والآخرة وأن يثبت لي عندكم قدم صدق في الدنيا والآخرة وأسئله أن يبلغني
المقام المحمود الذي لكم عند الله وأن يرزقني طلب ثاري مع إمام مهدي ظاهر ناطق
منكم ،
____________________________________
قال : فقلت : وما
البيان وما المعاني؟ قال : قال علي (ع) : أمّا البيان فهو أن تعرف إنّ الله ليس
كمثله شيء فتعبده ولا تشرك به شيئاً وأمّا المعاني فنحن معانيه ونحن جنبه ويده
ولسانه وأمره وحكمه وعلمه وحقه إذا شئنا شاء الله ، ويريد الله ما نريد إلي أن قال
يا جابر أو تدري ما المعرفة؟ المعرفة إثبات التوحيد أولا ثم معرفة المعاني ثانياً
ثم معرفة الأبواب ثالثاً ثم معرفة الإمام رابعاً ثم معرفة الأركان خامساً ثم معرفة
النقباء سادساً ثم معرفة النجباء سابعاً الخ.
ويجعله معهم في الدنيا توفيقه لمتابعتهم
حذو النعل بالنعل كما هومقام الشيعة الكامل ، وفي الآخرة حشره معهم في درجتهم كما
ورد في الروايات الكثيرة.
وأن
يثبت لي عندكم قدم صدقٍ في الدنيا والآخرة وأسئله أن يبلغني المقام المحمود الذي
لكم عند الله وأن يرزقني طلب ثاري مع أمامٍ مهدي ظاهر ناطق منكم.
الإيمان النافع هو مايموت عليه المرء
ولذا لاينجي المرتد ولا يفلح إلّا مع التوبة مطلقاً أو في الجملة ، فالثبات علي
الإيمان هو المطلوب لامجرده. نعم قديقال إنّ الإيمان إذا حصل ببحقيقته فلازوال له
، والارتداد كاشف عن عدم تحققه أولاً وما ظهر ليس الاصورة من الإيمان لاحقيقة
وأسئل
الله بحقكم وبالشأن الذي لكم عنده أن يعطيني بمصابي بكم أفضل ما يعطي مصاباً
بمصيبته مصيبة ما أعظمها وأعظم
___________________________________
لها ، ولكن الحق
خلافه كما قرر في محله ولبعض الأصحاب في هذه المسئلة رسالة مفردة فمن أراد التفصيل
فليراجع إليها.
والتثبيت : الادامة علي الحالة السابقة
وعدم الازاغة عنها ، وفي الدعاء اللهم ثبتنا علي دينك ودين نبيّك ولا تزغ قلوبنا
بعد إذ هديتنا الخ ، وفي الجامعة فثبتني الله أبداً ما حييت علي موالاتكم ومحبتكم
ودينكم ، ووفقني لطاعتكم ، ورزقني شفاعتكم ، وجعلني من خيار مواليكم الخ. وثدم صدق
بالإضافة كلسان صدق هو الاثرة الحسنة والقدم هو السابقة في الأمر يقال : له قدم في
الهجرة أي سابقة ، والاضافة محتملة لتقدير من وفي ، والمراد بها المحبة الخالصة
والطاعة التي لايشوبها عصيان كما أنّ المراد بلسان الصدق هو الذكر الحسن والثناء
الجميل ، وتخصيص التثبيت بالدنيا لكونها محل التغيّر والتبدل ، والمراد بالمقام
المحمود الشفاعة الخاصة بهم ، وفي إضافة الثار إلي ضمير النفس إشارة إلي أن كل
مؤمن وليّ هذا الدم فهو ثاره الذي يطلبه فلا ينافي ذلك إضافته إلي ضمير الخطاب
لاختلاف الحيثية ، والظاهر : خلاف المستور ، ويحتمل أن يكون بمعني الغالب يقال ظهر
عليه إذا غلب عليه.
وأسئل
الله بحقكم وبالشأن الذي لكم عنده أن يعطيني بمصابي بكم أفضل ما يعطي مصاباً
بمصيبة ما أعظمها وأعظم رزيتها في الإسلام وفي جميع أهل السموات والأرض.
__________________
____________________________________
حقهم أعظم الحقوق وشأنهم أعلي الشئون
فالسؤال بهما أقرن بالاجابة ، ويستفاد من حديث سلمان وغيره أنّه لا يرد دعاء إذا
سئل فيه بهم (ع) ، والمصاب الأوّل مصدر ميمي بمعني المصيبة والثاني بمعني من
اصابته المصيبة ، وقد تقرر في محله أن زنة المصدر الميمي من المزيد علي زنة اسم
المفعول منه ، ومصيبة الثثاني أمّا بدل أو عطف بيان أوتو كيد لمصابي ، فالأعراب
الكسر وكذا لو جعلناه تابعاً للأول ويحتمل النصب علي المفعولية لفعل محذوف. وفي
الكامل بعد قوله بمصيبة «أقول : إنّا لله وإنّا إليه راجعون مصيبة ما اعظمها»
والأخبار الواردة في عظم أجر المصائب أكثر من أن تحصي.
قال الباقر (ع) : إنّ الله إذا أحب
عبداً أغتّه بالبلاء غتّاً (١) وشجّه بالبلاء شجّاً فإذا دعاه قال لبيك عبدي لئن
عجلت لك ماسألت إنّي (فإنّي ـ ظ) علي ذلك لقادر ، ولئن أخّرت لك عبدي لئن عجلت لك
خيرلك اه. وقال الصادق (ع) : لو يعلم المؤمن ماله من الاجرفي المصائب لتمني إنّه
قرض بالمقاريض اه. وفي رواية النخعي عن الصادق (ع) قال : من اصيب بمصيبة فليذكر
مصابه بالنبي (ص) فأنّه من أعظم المصائب اه. وفي رواية أنّه قال لما اصيب أمير
المؤمنين (ع) نعي الحسن إلي الحسين وهو بالمدائن فلما قرء الكتاب قال يالها من
مصيبة ما أعظمها مع ان رسول الله (ص) قال من اصيب منكم بمصيبة فليذكر مصابه بي
فأنّه لن يصاب بمصيبة أعظم منها وصدق رسول الله (ص) اه فتدبر. فأن مصيبة
__________________
رزيتها
في الإسلام وفي جميع أهل السموات والأرض ، اللهم إجعلني في مقامي هذا ممّن تناله
منك صلوات ورحمة ومغفرة ، اللهم
____________________________________
الحسين (ع) من جملة
مصائب النبي (ص) ، وكذا مصائب غيرره من من الأئمّة (ع) فمصيبة النبي (ص) أعظم
المصائب ، ولا ينافيه أن مصيبة الحسين (ع) أعظمها.
وقوله : ما أعظمها وصف لمصيبة علي تقدير
مقول في حقّها فإن فعل التعجب إنشاءف والجملة الانشائية لاتقع صفة كما لاتقع خبراً
علي المشهور بين النحاة نظراً إلي أن الخبر يجب أن يكون ثابتاً للمبتدأ والإنشاء
لا يكون ثابتاً في نفسه فلا يثبت لغيره.
وفي الوجهين نظر فإنّ الحد المذكور حد
للمقابل للإنشاء لالخبر المبتدأ واغرض من اكلام الطلبي هو الطلب وهو ثابت في نفسه
وغير الثابت هو المطلوب. نعم هذا الطلب قائم بالمتكلم وليس من أحوال المبتدأ
وإنّما المقصود من ذكر الخبر بيان حال من أحوال المبتدأ ليكون جزء متمّاً للفائدة.
قال بعض المحققين قده. فإذا قلت زيد الاباعتبار تعلقه به أو كونه مقولا في حقه أو
استحقاقه أن يقال فيه فلابد أن لا يلاحظ في وقوعه خبراً عنه هذه الحيثية فيقال
معني زيد اضربه زيد مطلوب ضربه أو تقول في حقّه ذلك اه وهو جيّد متين كما لا يخفي.
اللهم
إجعلني في مقامي هذا ممّن تناله منك صلوات ورحمة ومغفرة اللهم إجعل محياي محيي
محمّد وآل محمّد ومماتي
إجعل
محياي محيي محمّد وآل محمّد ومماتي ممات محمد وآل
____________________________________
ممات
محمّد وآل محمّد.
مقامي اي لزيارة الحسين. تناله من النيل
وهو الاصابة ، يقال نال خيراً إذا أصابه ، والامرمنه نل بفتح النون كما في المجمع
، لامن النول وهو الاجر والحظ ومنه النوال للعطاء والفعل منه نال ينول والأمر منه
نل بضم النون. ممن تناله اي من الذين يسنحقون ذلك بالمحبة والمعرفة بحقّهم فإن
زائري الحسين العارفين بحقه تنالهم من الصلوات والرحمة والمغفرة مالا يحصي ، كما
لا يخفي علي من تتبع الأخبار الواردة في باب زيارته ففي جملة منها أن من زار
الحسين (ع) كان كمن زار الله فوق عرشه ، وفي بعضها كتبه الله في عليّين ، وفي
بعضها غفر الله له جميع ذنوبه ، ولو كانت مثل زبد البحر ، فاستكثروا من زيارته
يغفر الله لكم ذنوبكم وفي بعضها اعتقه الله من النار وآمنه يوم الفزع الأكبر ولم يسأل
الله حاجة من حوائج الدنيا والآخرة الا أعطاه اه ، وفي بعضها إنّه أفضل ما يكون من
الأعمال ، وفي بعضها إنّ زوّار الحسين يدخلون الجنة قبل الناس بأربعين عاماً وسائر
الناس في الحساب ، وفي بعضها ما من أحد يوم القيمة الاوهو يتمنّي إنّه من زوّار
الحسين بن علي (ع) لمّا يري لما يصنع بزوّار الحسين (ع) من كرامتهم علي الله اه.
والتنكير في الألفاظ الثلثة للتعظيم أو
التكثير ، أو النوعية ، والفرق بينها إنّ الصلوات تختص بمن لا ذنب له والمغفرة بمن
له ذنب والرحمة يشملهما فليتأمّل. وفي بعض الأخبار من أتي قبر الحسين (ع) ماشياً
كتب الله له بكل خطوة ألف حسنة ومحا عنه ألف سيئة ورفع له ألف درجة اه.
محمد
، اللهم إنّ هذا يوم تبركت به بنو أُميّة وابن آكلة الأكبائ اللعين بن اللعين علي
لسان نبيك صلي الله عليه وآله في كل
____________________________________
قوله محياي محيي الخ اي حيوتي مثل
حيوتهم في الرغبة إلي الخيرات والأعمال الصالحة ووماتي مثل مماتهم في إستحقاق
الصلوات والرحمة والفوز بالسعادات الدائمة. قال الطريحي : قوله محياي ومماتي لله :
قد يفسران بالخيرات التي تقع في حال الحيوة منجزة والتي تصل إلي الغير بعد الموت
كالوصية للفقراء بشيء أو معناه إنّ الذي أتيته في حيوتي وأموت عليه من الإيمان
والعمل الصالح لله خالصاً اه.
وفي رواية عن النبي (ص) قال من سرّه ان
يحيي حيوتي ويموت مماتي ويدخل جنة عدن قضب غرسه ربّي بيده فليتول علياً والاوصياء
من بعده وليسلم لفضلهم فإنّهم الهداة المرضيون الخ ، فهما مصصدران ميميان ويحتمل
كونهما إسمي زمان اي إجعلتي بحيث أحيي في زمان حيوتهم وهو زمان الرجعة وأموات في
زمان مماتهم اي عند رفعهم إلي السماء بعد إنقضاء الدنيا فليتأمّل.
اللهم
إنّ هذا يوم تبركت به بنو أُميّة وابن آكلة الأكباد اللعين ابن اللعين علي لسان
نبيك صلي الله عليه وآله في كل موطن وموقف وقف فيه نبيك صلواتك عليه وآله.
إنّ هذا اي هذا اليوم المسمي بالعاشوراء
يوم تبركوا به لمكان قتل الحسين (ع) ، وفي الكامل اللهم إنّ هذا بوم تنزل فيه
اللعنة علي آل زياد وآل أُميّة وابن آكلة الأكباد الخ. فيا عجباً كيف تبركوا بهذا
اليوم وهو يوم مصيبة وحزن ، وقد قتلوا فيه سبط الرسول وسبوا نسائه
____________________________________
وانتبهو ثقله. وكانت
أهل الجاهلية فيما مضي يحرمون فيه الظلم والقتال.
قال الرضا (ع) : من ترك السعي في حوائجه
يوم عاشوراء يوم مصيبته وحزنه وبكائه جعل الله يوم القيمة يوم فرحه وسروره ، وقرت
بنا في الجنان عينه ، ومن سمّي يوم عاشوراء يوم بركة وادخر فيه لمنزله شيئاً لم
يبارك له فيما ادخر ، وحشر يوم القيامة مع يزيد وعبيد الله بن زياد وعمر بن سعد
لعنه الله إلي أسفل درك من النار اه.
وفي رواية عبد الله بن الفضل قال : قلت
لأبي عبد الله (ع) : يابن رسول الله كيف صار يوم عاشوراء يوم مصيبة وغم وجزع
وبكاء؟ دون اليوم الذي قبض فيه رسول الله (ص) ، واليوم الذي ماتت فيه فاطمة ،
واليوم الذي قتل فيه أمير المؤمنين (ع) واليوم الذي مقتل فيه الحسن بالسم ، فقال :
إنّ يوم قتل الحسين (ع) أعظم مصيبة من جميع سائر الأيّام ، وذلك إنّ أصحاب الكساء
الذين هم كانوا أكرم الخلق علي الله كانوا خمسة فلمّا مضي عنهم النبي (ص) بقي أمير
المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين للناس عزاء وسلوة فلمّا مضي الحسن كان للناس في
الحسين عزاء وسلوة ، فلمّا قتل الحسين (ع) لم يكن بقي من أصحاب الكساء أحد للناس
فيه بعده عزاء وسلوة فكان ذهابه كذهاب جميعهم كما كان بقائه كبقاء جميعهم ، فلذلك
صار يومه أعظم الأيّام مصيبة. إلي أن قال : قال عبد الله بن الفضل : فقلت
____________________________________
له : يابن رسول الله
(ص) فكيف سمت العامة يوم عاشوراء يوم بركة فبكي ثم قال لمّا قتل الحسين (ع) تقرب
الناس بالشام إلي يزيد فوضعوا له الأخبار ، وأخذوا عليها الجوائز من الأموال فكان
ممّا وضعوا له أمر هذا اليوم وأنّه يوم بركة ليعدل الناس فيه من الجزع والبكاء
والمصيبة والحزن إلي الفرح والسرور والتبرك ، حكم الله بيننا وبينهم الخ اه.
وآكلة الأكباد هي هند أم معوية أرآدت أن
تأكل كبد حمزة عم الرسول (ص) وحكايتها معروفة ، والمراد بأبنها في هذه الفقرة يزيد
ابن معوية لامعوية لأنّه لم يكن حياً في هذه الوقعة ، واللعين الأوّل وصف ليزيد ،
والثاني لأبيه معوية أو أبي سفيان وكانا ملعونين علي لسان النبي (ص) كما كان يزيد
لعيناً لأهل السموات والأرض.
ومن كلام الحسن (ع) في مجلس معوية وأنتم
في رهط قريب من عدة أولئك لعنوا علي لسان رسول الله (ص) فأشهد لكم وأشهد عليكم
أنّكم لعناء الله علي لسان نبيه (ص) كلّكم وأنشدكم بالله هل تعلمون ان ما أقول حق
، أنّك يا معوية كنت تسوق بأبيك علي جمل أحمر ويقوده أخوك هذا القاعد ، وهذا يوم
الأخراب فلعن رسول الله القائد والراكب والسائق فكان أبوك الراكب وأنت يا أزرق
السائق وأخوك هذا القاعد القائد ، ثم قال : أنشدكم بالله هل تعلمون إنّ رسول الله
لعن أبا سفيان في سبعة مواطن : أو لهن حين خرج من مكة إلي المدينة وأبو سفيان جاء
من الشام فوقع فيه أبو سفيان فسبّه وأوعده وهّم أن يبطش به ثمّ صرّفه الله عنه
والثاني يوم العير حيث طردها
موطن
وموقف وقف فيه نبيك صلوتك عليه وآله ، اللهم العن أبا سفيان ومعوية بن أبي سفيان
ويزيد بن معوية عليهم منك اللعنة أبدالآبدين ، وهذا يوم فرحت به آل زياد وآل مروان
____________________________________
أبو سفيان ليحرزها من
رسول الله. والثالث يوم أحد يوم قال رسول الله : الله مولانا ولامولي لكم ، وقال
أبو سفيان لنا العزي ولا عزي لكم فلعنه الله وملائكته ورسله والمؤمنون أجمعون.
والرابع يوم حنين يوم جاء أبو سفيان بجمع قريش وهوازن إلي آخر الحديث وهو طويل.
اللهم
العن أبا سفيان ومعوية بن أبي سفيان ويزيد بن معوية عليهم منك اللعنة أبد الآبدين.
الأخبار في فضل اللعن علي أعداء آل الرسئل
سيما قتلة ذريته متواترة : ففي رواية الريان بن شبيب عن الرضا (ع) يابن شبيب إنّ
سرّك أن تسكن الغرف المبنية في الجنة فالعن قتلة الحسين الخ اه وفي رواية الفضل
عنه (ع) من نظر إلي الفقاع أو إلي الشطرنج فليذكر الحسين (ع) وليلعن يزيد وآل يزيد
، يمحو الله (عج) بذلك ذنوبه ولو كانت كعدد النجوم اه وفي رواية عن النبي (ص) قال
: إلّا ولعن الله قتلة الحسين (ع) ومحبيهم وناصريهم والساكتين عن لعنهم من غير
تقية تسكتهم الخ اه.
وهذا
يوم فرحت به آل زياد وآل مروان بقتلهم الحسين صلوات الله عليه.
ونسخة الكامل خالية عن هذه الفقرة
ولكنها موجودة في أكثر الكتب ، وحكايات فرحهم بقتل الحسين (ع) سيما حين ورود أهل
بيته
بقتلهم
الحسين صلوات الله عليه ، اللهم ضاعف عليهم اللعن منك والعذاب ، اللهم إنّي أتقرّب
إليك في هذا اليوم وفي موقفي هذا وأيّام حيوتي بالبرائة منهم واللعنة عليهم
____________________________________
الكوفة مشهورة مسطورة
في كتب المقائل لعنهم الله فقد حمدوا الله وشكروه علي قتله بقولهم لأهل البيت (ع)
الحمد لله الذي قتلكم وأهلككم وأراح البلاد من رجالكم وأمكن أمير المؤمنين يزيد
منكم وقال ابن زياد لزينب (ع) : الحمد لله الذي فضحكم وأكذب أحدوثتكم وقال ما صعد
المنبر : الحمد لله الذي أظهر الحق وأهله ونصر أمير المؤمنين وأشياعه وقتل الكذاب
ابن الكذاب.
اللهم
ضاعف عليهم اللعن منك والعذاب اللهم إنّي أتقرّب إليك في هذا اليوم وفي موقفي هذا
وأيّام حيوتي بالبرائة منهم واللعنة عليهم وبالموالاة لنبيك وآل نبيك عليهم
السلام.
وفي الكامل اللهم فضاعف عليهم اللعنة
أبداً بقتلهم الحسين إنّي أقرب إليك في هذا اليوم في موقفي هذا وأيّام حيوتي
بالبرائة منهم وباللعن عليهم وبالموالاة لنبيك وأهل بيت نبيك صلي الله عليه اه دعا
عليهم بمضاعفة اللعن والعذب ليكون عذابهم مثل عذاب جميع أهل النار ، لمّا روي عن
النبي (ص) إنّه قال : إنّ قاتل الحسين بن علي (ع) في تابوت من نار منكس في النار
حتّي يقع في قعر جهنم وله ريح يتعوذ أهل النار إلي ربّهم من شدة نتنه ، وهو فيها
خالد ذائق العذاب الأليم مع جميع من شايع علي قتله ، كلّما نضجت جلودهم
وبالموالات
لنبيك وآل نبيك عليهم السلام ثم تقول مأة مرّة اللهم العن أوّل ظالم ظلم حق محمّد
وآل محمّد وآخر تابع له علي ذلك ، اللهم العن العصابة التي جاهدت الحسين وشايعت
وبايعت
____________________________________
بدل الله عليهم
الجلود حتّي يذوقوا العذاب الأليم ، لا يفتر عنهم ساعة ويسقوم من حميم جهنم فالويل
لهم من عذاب النار اه.
وفي رواية عنه (ص) قال : إنّ في النار
منزلة لم يكن يستحقها أحد من الناس إلّا بقتل الحسين بن علي ويحيي بن زكريا اه ثمّ
تقرّب إلي الله بالبرائة والولاية لمّا تقدم من ان كمال الإيمان بهما ولا يتقرب
إلي الله إلّا بالإيمان الكامل وقدم البرائة لكونها أهم كما يظهر من بعض الأخبار
ثم تقوم مأة مرّة :
اللهم العن أوّل ظالم ظلم حق محمّد وآل
محمّد ، وآخر تابع له علي ذلك ، اللهم العن العصابة التي جاهدت الحسين (ع) وشايعت
وبايعت وتابعت علي قتلة ، اللهم العنهم جميعاً.
وفي الكامل : اللهم العن أوّل ظالم حق
محمد وآخر تابع له علي ذلك ، اللهم العن العصابة التي جاهدت الحسين وتابعت أعدائه
علي قتله وقتل أنصاره الخ اه المراد بأوّل ظالم من تقدم علي وصيه وغصب حقه وتقمص
الخلافة وهو يعلم ان محله منه محل القطب من الرحي وبآخر تابع كل من لحقه من بني
أميّة وبني العباس والعصابة بكسر العين الجماعة من الناس والخيل والطير وقيل هم من
العشرة إلي الأربعين. قوله وتابعت في بعض النسخ بالتاء المثناة من فوق ثم الألف ثم
الباء الموحدة ولكن في نسخة الكامل بالياء المثناة من تحت
وتابعت
علي قتله ، اللهم العنهم جميعاً ثم قل مأة مرّة السلام عليك يا أبا عبد الله وعلي
الأرواح التي حلّت بفنائك عليك منّي سلام الله أبداً ما بقيت وبقي الليل والنهار ،
ولا جعله الله آخر العهد منّي لزيارتك ، السلام علي الحسين وعلي علي بن الحسين
وعلي
____________________________________
بدل الموحدة من
المتايعة وهي التهافت في الشر واللجاج كما في قوله (ع) : ونعوذ بك ان تتايع بنا
أهوائنا اه فلا يستعمل إلّا في الشر بخلاف المتابعة بالموحدة فإنّها أعم فالأوّل
انسب بالمقام بل جعل الثاني تصحيفاً بعض الأعلام
قال في الرواشح : وجماهير القاصرين من أصحاب العصر يصحفونها ويقولون تابعت بالتاء
المثناة فوق والباء الموحدة اه فتأمّل ثم قال مأة مرة :
السلام
عليك يا أبا عبد الله ، وعلي الأرواح التي حلّت بفنائك ، عليك منّي سلام الله
أبداً ما بقيت وبقي الليل والنهار ولا جعله الله آخر العهد منّي لزيارتك ، السلام
علي الحسين وعلي علي بن الحسين وعلي أولاد الحسين وعلي أصحاب الحسين
وفي نسخة الكامل «عليكم منّي» بدل
«عليك» و «آخر العهد لزيارتكم» بدل «آخر العهد منّي لزيارتك» وزيادة ابن علي بعد
الحسين (ع) ونقصان وعلي أولاد الحسين ، وفي بعض النسخ زيادة واناخت برحلك ببعد
بفنائك ، يقال : انخت الجمل استناخ اي ابركته فبرك ، ورحل البعير بالفتح كالسرج
للفرس اي ابركت أجمالهم لشد الرحال عليها في نصرتك والمسأرة معك في مجاهدة الاعداء
ويحتمل أن يكون كناية عن فوزهم
__________________
أولاد
الحسين وعلي أصحاب الحسين ثم قل مأة مرّة اللهم خص أنت أوّل ظالم باللعن منّي
وأبدأ به أوّلا ثمّ الثاني ثمّ الثالث ثمّ الرابع اللهم العن يزيد خامساً والعن
عبيد الله بن زياد وابن مرجانة وعمر بن سعد وشمراً وآل أبي سفيان وآل زياد وآل
____________________________________
بالشهادة معه (ع) ثم
قل مرّة واحدة :
اللهم خص أنت أوّل ظالم باللعن منّي ،
وأبدءٍ به أوّلا ثمّ الثاني ثمّ الثالث ثمّ الرابع ، اللهم العن يزيد بن معوية
خامساً والعن عبيد الله بن زياد وابن مرجانة وعمر بن سعد ، وشمراً وآل أبي سفيان
وآل زياد ، وآل مروان إلي يوم الثيمة.
وفي الكامل : اللهم خص أوّل ظالم ظلم
باللعن ثم العن أعدآء آل محمّد من الأوّلين والآخرين ، اللهم العن يزيد وأباه
والعن عبيد الله بن زياد وآل مروان وبني أمية قاطبة إلي يوم القيمة ، والمراد
بالأوّل والثاني والثالث الثلثة الذين غضبوا حق وصي الرسول (ص) وتقدموا عليه ،
وبالرابع معوية. وحكي إنّ بعض المعاندين من اللمخالفين عرضوا علي الخليفة العباسي
إنّ الشيخ الطوسي ره سب الصحابة في كتابه الموسوم بالمصباح في دعاء يوم عاشوراء
فأمر الخليفة بإحضاره مع الكتاب المذكور فلمّا حضرا استفسر منه الأمر فانكر الشيخ
ففتح بعض كتّاب الخليفة الكتاب وأراه العبارة : اللهم خص أنت أوّل ظالم الخ فقال
الشيخ بديهة يا أمير المؤمنين ليس المراد ما عرض به المعاندون بل المراد بأوّل
ظالم قابيل قاتل هابيل ، وهو الذي بدء بالقتل في بني آدم ، والمراد بالثاني
مروان
إلي يوم القيمة ثم تسجد سجدة وتقول فيها : اللهم لك الحمد حمد الشاكرين لك علي
مصابهم ، الحمد لله علي عظيم رزيتي اللهم أرزقني شفاعة الحسين يوم الورود وثبّت لي
قدم صدقٍ عندك مع الحسين وأصحاب الحسين الذين بذلو مهجهم دون الحسين عليه السلام.
____________________________________
عاقر ناقة صالح النبي
(ص) ، واسمه قيدار بن سالف ، وبالثالث قاتل يحيي بن زكريا ، وبالرابع عبد الرحمن
بن ملجم قاتل علي بن أبيطالب (ع) فلمّا سمع الخليفة بيانه رفع شأنه واكرمه وزاد في
أعظامه وانتقم ممّن سعي فيه ، ثم تسجد سجدة وتقول فيها :
اللهم
لك الحمد حمد الشاكرين لك علي مصابهم ، الحمد لله علي عظيم رزيتي ، اللهم أرزقني
شفاعة الحسين (ع) يوم الورود وثبّت لي قدم صدقٍ عندك مع الحسين وأصحاب الحسين
الذين بذلو مهجهم دون الحسين (ع).
وفي الكامل رزيتي فيهم. يوم الورود :
يوم القيمة لورود الخلق علي حساب الله أو لورود المؤمنين علي الحوض والكافرين علي
الجحيم والمهج : جمع المهجة وهي دم القلب خاصة ، دون الحسين أي بحضرته قال علقمة :
قال (ع) : إذا استطعت أن تزور في كل يوم بهذه الزيارة من دهرك فافعل فلك ثواب ذلك
إنشاء الله اه ، ولا يجب تبديل إنّ هذا يوم بأنّ يوم قتل الحسين في غير العاشوراء
لجواز الاشارة به إلي يوم قتله والاحتياط بالجمع لا ينبغي تركه والحمد لله أوّلاً
وآخراً.
تمت الرسالة
|