دليل الكتاب

المقدمة :

١ ـ مولد علي عليه السّلام في البيت :

من حديث الصحابي بن عبد اللله الأنصاري مرفوعاً عن رسول الله صلّى الله عليه وآله.

٢ ـ مولد أمير المؤمنين عليه السّلام ومنشؤه مع النبي صلّى الله عليه وآله :

من حديث الإمام أبي جعفر الباقر ، محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السّلام.

٣ ـ خبر في مولد علي عليه السّلام :

من رواية الإمام أبي عبد الله الصادق ، جعفر بن محمد بن علي بن الحسين علي بن أبي طالب عليه السّلام من آبائه.

٤ ـ علي وليد الكعبة :

تأليف العلامة الحجة الشيخ محمد علي الأردوبادي الغروي (١٣١٢ ـ ١٣٨٠ ه).

٥ ـ الولادة في الكعبة المعظمة فضيلة لعلي عليه السّلام خصّة بها ربّ البيت :

بقلم الاُستاذ شاكر شبع النجفي.

٦ ـ ولادة أمير المؤمنين عليه السّلام خصوصية في الزمان وتفرّدٌ في المكان :

بقلم الاُستاذ علي موسى الكعبي.

٧ ـ قراءة في كتاب «علي وليد الكعبة» للأُردوبادي :

بقلم الاُستاذ محمد سليمان.

٨ ـ روايات مختصرة في مولد أمير المؤمنين عليه السّلام :

جمعها الدكتور أحمد پاكتچي.

٩ ـ مرلود جناب علي كرّم الله وجهه :

ناظمي سليمان جلال الدين ، قصيدة باللغة التركية.

١٠ ـ مسك الختام في ما قيل في مولد الإمام عليه السّلام :

مجموعة من الأقوال المنثورة والقصائدة المنظومة ، جمعها السيّد محمد رضا الحسيني الجلالي كان الله له.



بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيم

مقدّمة المؤلّف :

الحقائق الواقعة لا يمكن أن تزول عن واقعها مهما تُركت وأُهملت ، أو تغافل عنها أحد أو عُطَيت ، أو شُوّهت صورتها ، أو غُيّرت بزيادة أو نقصان ، أو أخفيت لبرهة من الزمن عن الأنظار ، أو غُمّت لفترة على الأفكار.

فإنّها لم تزل ثابتة في صقعها ، لا تزعزعها الأراجيف ، لأنّ الشيء ما لم يجب لم يوجد ، وإذا وجد فهو واجب ثابت.

وإذا كانت الحقيقة الإهيّةً ، أوجدتها الإرادة الربانية التي لا بدّ أن تكون لحكمة ، فإنّ تلك الحكمة تقتضي إثباتها وظهورها ولو بعد حين ، وانتشارها واشتهار نبئها ولو بعد سنين.

و «مولد علي عليه السّلام في الكعبة» من تلك الحقائق الراهنة ، التي حصلت بإرادة ربّانيّة.

وذلك باعتراف الكلّ ، سواء من أهل الشرك قبل الإسلام ، ومن أسلم بعد البعثة الشريفة ، ممن عاصر الواقعة العظيمة ، أو سمع وشاهد معاصريها.

وفي مقدّمة الكلّ : أهل الوليد وذووه الذين هم الأعرف بما حصل له ، وهم مسؤولون عنه ، وهم المراجع المصدّقون في معرفة شؤونه.

وفي طليعة الجميه ـ مَن قَرُبَ وَمن بَعُد ـ هو النبيّ الأكرم محمد صلّى الله عليه وآله الذي بشّر بالوليد واستبشر به وأولاه غاية الاهتمام بشأنه ، قبل ولادته ، وحينها ، وبعدها.


فالرويات المسندة المرفوعة عن الرسول صلّى الله عليه وآله في أمر ولادة علي عليه السّلام في الكعبة ، مأثورة مشهورة ، رواها من كبار الصحابة أمثال الصحابيّ الجليل جابر بن عبد الله الأنصاري رَضِيَ اللهُ عَنْه (ت ٧٤ ه).

ورواها الأئمة من أهل البيت (الذين هم أدرى بما في البيت) عن آبائهم عليهم السّلام.

وتداول نبأ هذه الحقيقة التاصعة ، الرواة ، والمحدّثون ، والنسابة ، والمؤرخون ، والأدباء ، والمؤلّفون.

ودخل في حلبة الإعلان عنه الشعراء الموالون لعليّ وآله منذ القدم وحتى عصرنا الحاضر.

ابتهاجاً بهذه المكرمة العظيمة التي خصّ الله جلّت آلاؤه بها وليد البيت مستضيفاً له في بيته الكريم.

وأمام هذه الحقيقة الواقعة الثابتة ، وقف ذوو الحقد موقفَ العداء واللؤم ، لأنّهم أعداء الحقّ والصدق ، من الفاسدين الذين لم يستضيؤوا بنور الإسلام ، واستسلموا ولمّا يدخل الإيمان في قلوبهم ، لأنّهم أشربوا حبّ الأوثان في عروقهم ، تلك التي رفضها الإسلام ، وكثرها الإمام ، ليطهّر منها مولده المقدّس المبارك.

فما كان منهم سوى المحاولات اليائسة ، للتشويه على تلك الحقيقة الراهنة الناصعة ، حيث لم يمكنهم ـ قطّ ـ إنكارها يصراحة ، خوفاً من الفضيحة ، وحذراً من أن تنكشف الأقنعة المزيفة التي تسلّلوا لها إلى المناصب والمقامات العالية بالسم الدين وخلافة الرسول وسقاية الحاج وعمارة المسجد ، وطبع المصحف وكتابته ، ودعوى اتّباع السنّة وأهليّتها!

بينما هم يقتلون أهل الإيمان والدين ، ويفتكون بعمّار المساجد ، ويحرقون المصاحف ، ويمنعون السنّة ويحرقون كتبها ويحبسون رواتها.


ومن أجل ذلك ، لجأوا إلى اُسلوب التزوير والجعل فافتعلوا ولادة اُخرى في البيت لمكرّم ، زعموا أنّها كانت قبل الإسلام ، في عصر الجاهلية ، ولشخص ومن اُمّ من غير ذوي الشأن والمقام ، في عصر ذلك الظلم والظلام.

لينتقصوا من قضية مولد الإمام ، ويجعلوه أمراً غير ذي بال حصل مثله لغيره من العوام.

غير أنّ الزيف بادٍ على تلك المزعومة ، فسريعاً ما ينكشف الغطاء ، ويذهب الزبد جفاءاً ، بعد أن حقّق العلماء بطلان تلك الدعوى ، على غرابتها وانفراد راويها ، وعدم وثاقته ، وثبوت انحرافه عن عليّ وآله ، وكون المتناقلين لها من السائرين وراء الأطماع في دوامة العبث الأموي ، والأعراض الأميريّة التي ما فتئت تحرّف وتزيف ما لعليّ عليه السّلام من الفضائل والأمجاد ، وتفتعل مثالها لذويهم من أصحاب الجلود المنفوخة من الذين لا يملكون من الصلاح والمروءة نقيراً ولا قمطيراً.

ومع أن تلك المزعومة الموضوعة لا تعادل ولا تقابل ، فضلاً أن تعارض أو تدافع حديث مولد الإمام عغلي عليه السّلام في الكعبة ، ذلك الحديث المسند المجمع على ثبوته وصحته ، والذي انبرى المسلمون عامّة ، بكلّ مذاهبهم وطوائفهم ـ ، لنقله وتثبيت ذكره وروايته ، كما تشرّف الاُدباء والشعراء بنثره في روائعهم ونظمه في قصائدهم.

فإنّ من المحجقّقين من تصدّى لتلك المزعومة المفتعلة ـ حكاية اُم حكيم وحكيم ـ بالردّ والإبطال.

ونقول : يكفي لاستبعادها والكشف عن بطلانها ما احتوت عليه من ذكر «مثبرها» وثيابها التي طرحت «لُقىً» وموضعا الذي طُهِّرَ من أدناسها!

وغير ذلك من آثار الرجس ، التي تُبَرَّؤ الكعبة الشريفة ـ حتى عند الجاهلية ـ من التقرّب إليها ، أو النسبة إليها.


بينما حقيقة «مولد علي عليه السّلام في الكعبة» منزّه عن كلّ ذلك الرجس ، وتلك النسبة ، بل ملؤه الطهر والنزاهة والطيب والحرمة والكرامة.

وأمّا ما يلوكه البعض من خبر تلك الأغلوطة فقد فنّده علماء الحديث والرجال ، والمحققون في الأسانيد ، وأثبتوا زيفها وكذبها وأنّها من الموضوعات التي بثها بنو اُميّة وأتباعهم.

* * *

ونحن في هذه المجموعة ، حاولنا أن ندرج تحت عنوان «وليد الكعبة» كلّ ماروي ، أو اُلّف ، أو قيل من نثر ونظم ، منذ صدر الإسلام وإلى عصرنا الحاضر ، حول هذه الحقيقة الثابتة الزاهية ، وهذه المكرمة الربانية التي خصّ بها ربُّ البيت وليدَ البيت.

وقد احتوى الكتاب على الأعمال والجهود السابقة :

منها :

مجموعة «مولد أمير المؤمنين عليه السّلام نصوص مستخرجة من التراث الإسلامي».

تحقيق الدكتور أحمد پاکتچي ، نشر المؤسسة العالمية لنهج البلاغة ، الطبعة الاُولى ، قم ، ١٤٢٤ ه.

أورد فيها نصوصاً لأربع كتب منسوبة إلى :

١ ـ وهب بن وهب القرشي المعروف بأبي البختري القاضي (ت ٢٠٠ ه) باسم «مولد أمير المؤمنين عليه السّلام».

٢ ـ مولد أمير المؤمنين عليه السّلام في البيت ، للشيخ الصدوق القمي ، محمد بن علي بن الحسين بن بابويه (ت ٣٨١ ه).

٣ ـ مولد أمير المؤمنين علي عليه السّلام ، لأبي العلاء العطار الهمداني ، الحسن بن أحمد بن الحسن (ت ٥٦٩ ه).


٤ ـ جزء من مولد أمير المؤمنين عليه السّلام ، لأبي الحسن القمي ، محمد بن أحمد بن علي بن شاذان (ت بعد ٤١٢ ه).

وقد اخترنا منها أفضل الروايات ونسبناها إلى أعلى رواتها كما تجد في الرسائل المرقمة (١ و ٢ و ٣).

وألحق الدكتور پاکتچي ملحقاً جميع فيه «روايات مختصرة في مولد أمير المؤمنين عليه السّلام» أوردناه برقم (٨).

ومن ذلك كتاب «عليٌّ وليد الكعبة» تأليف المحقّق الحجّة الشيخ محمّد عليّ الاُردوبادي الغروي (ت ١٣٨٠ ه) أثبتناه كلّه برقم (٤) معتمدين النسخة التي حقّقتها مؤسّسة «البعثة» في قم ، وقد أكلنا ما حذفه الطابع ، وهو مجموعة الأشعار الفارسيّة ، فأثبتناها اعتماداً على الطبعة الاُولى للكتاب ، التي قدم لها سبط المؤلّف ، وطبعت بمطبعة النجف في النجف عام ١٣٨٠ ه.

ومن ذلك ما قام به في الاستدراك والتعقيب على كتاب الاُردوبادي ، عدّة من الاساتذة في مقالات ، وهي :

١ ـ مقالة الاُستاذ شاكر شبع النجفي : المنشورة في مجلة (تراثنا)

٢ ـ مقالة الاُستاذ علي موسى الكعبي ، المنشورة في مجلة (علوم الحديث).

٣ ـ مقالة الاُستاذ محمد سليمان ، المنشورة في مجلة (ميقات الحجّ).

فأوردناها بالأرقام (٥ و ٦ و ٧).

ومن ذلك كتاب «مولد جناب علي» للشاعر التركي سليمان جلال الدين ، المطبوع في تركيا عام ١٣٠٨ ه ، أوردناه برقم (٩).

وقد جعلنا «مسك ختامه» ما جمععناه من مستدركاتٍ فاتت السابقين من نصوصٍ تاريخيّة ، وتصريحات أعلام النسب والأدب من منثور ومنظوم بالعربيّة والفارسيّة ، وكذلك ما تأخّر تأليفه ونظمه من عمل أعمال المعاصرين ، فأوردناه برقم (١٠).


وليس رائدنا في هذا العمل سوى تخليد هذه الكرامة العظمى ، لصاحب الإمامة الكبرى أمير المؤمنين عليه السّلام وتجديد ذكراها.

وإبرازاً للولاء لعليّ وآله الأئمّة الأولياء.

أملاً في الحشر مع مواليهم ومحبّيهم في الديا ، وتحت لوائهم في يوم الجزاء.

والحمد لله أوّلاً وآخراً وصلّى الله علي محمد وآله الأطهار.

حرّر في الرابع من ربيع الأوّل عام ١٤٢٥ ه في قم المقدّسة.

وكتب

السيّد محمّد رضا الحسينيّ الجلاليّ

كان الله له


(١)

مولد عليّ عليه السّلام في البيت

من حديث

الصحابي الجليل

جابر بن عبد الله الأنصاري

(ت ٧٤ ه)



بِسمِ اللهِ الّحمنِ الرّحيم

ذكر بهذا العنوان «مولد علي عليه السّلام في البيت» كتاباً للشيخ الصدوق ، كلّ من : النجاشي في رجاله ، وأسند إليه.

وابن طاووس الحلّي في كتابه «اليقين» ناقلاً عنه ، مصرّحاً بأنّه «نحو خمس قوائم».

ونقل عنه ابن شهر آشوب في «المناقب».

ونقل عنه مؤلّف كتاب «جامع الأخبار».

وهو متن حديثٍ أسنده الصدوق إلى جابر بن عبد الله الأنصاري ، مرفوعاً عن النبيّ صلّى الله عليه وآله.

ونقله كلّه الفتّال النيسابوري (الشهيد ٥٠٨ ه) في «روضة الواعظين».

كما أنّ لأبي العلاء الهمداني ، الحسن بن أحمد بن الحسن العطار (ت ٥٦٩ ه) كتاباً بعنوان «مولد علي عليه السّلام» ذكره السيّد ابن طاووس الحلّي في «اليقين» مصرّحاً بأنه «أكثر من سبع قوائم» وهو عين حديث جابر المرفوع باختلاف في بعض العبائر.

وأورده السيد حيدر بن محمد الحسيني كمال الدين في كتابه «الفضائل».

ولخّصه الحافظ الكنجي محمد بن يوسف (الشهيد ٦٥٨ ه) في «كفاية الطالب».

وكلّ هؤلاء أسندوا الحديث بطرقهم.

ونقدّم هنا أتمّ نصوصه ، كما ذكره ابن شاذان في «الفضائل» وهو الحديث (٧٣) فيه:


بِسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيم

مولد

أمير المؤمنين الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السّلام

في البيت

عن جابر بن عبد الله الأنصاري ، قال :

سألت رسول الله صلّى الله عليه وآله عن ميلاد عليّ بن أبي طالب عليه السّلام؟

فقال : آه ، آه! سألت عجباً ، يا جابر! عن خير مولود ولد (بعدي على سنّة المسيح) (١).

إنّ الله تعالى [عليّاً] نوراً من نوري ، وخلقني نوراً من نوره ، وكلانا من نور واحد ، وخلقنا من قبل أن يخلق سماء مبنيّة ، وأرضاً مدحيّة ، ولا كان طول ولا عرض ، ولا ظلمة ولا ضياء ، ولا بحر ولا هواء بخمسين ألف عام.

ثمّ إنّ الله عزّ وجل سبّح نفسه فسبّحناه ، وقدّس ذاته فقدّسناه ، ومجّد عظمته فمجّدناه ، فشكر الله تعالى ذلك لنا فخلق من تسبيحي السماءَ فسمكها ، والأرض فبطحها ، والبحار فعمّقها.

وخللق من تسبيح عليّ عليه السّلام الملائكة المقرّبين إلى أن تقوم السماء السابعة فجميع ما سبّحت الملائكة فهو لعليّ عليه السّلام وشيعته.

__________________

(١) ما بين القوسين هنا وفي ما يلي ، مما جاء في بعض نسخ المصدر.


يا جابر! إنّ الله عزّ وجل نقلنا فقذف بنا في صلب آدم عليه السّلام ، فأمّا أنا فاستقررت في جانبه الأيمن ، وأمّا عليّ فاستقرّ في جانبه الأيسر.

ثمّ إنّ الله عزّ وجل نقلنا من صلب آدم عليه السّلام في الأصلاب الطاهرة ، فما نقلني من صلب إلّا نقل علياً معي ، فلم نزل كذلك حتّى أطلعنا الله تعالى من ظهر طاهر وهو ظهر عبد المطلب.

ثمّ نقلني من ظهر طاهر وهو ظهر عبد الله ، واستودعني خير رحم ، وهي آمنة.

فلمّا ظهرتُ ارتجّت الملائكّة وضجّت ، وقالت : إلهنا وسيّدنا! ما بال وليّك علي عليه السلّام لا نراه مع النور الأزهر؟ يعنون بذلك محمّداً صلّى الله عليه وآله.

فقال الله عزّ وجل : إنّي أعلم بوليّي وأشفق عليه منكم ، فأطلع الله عزّ وجل عليّاً من ظهر طاهر من بني هاشم.

فمن قبل أن يصير في الرحم ، كان رجلٌ في ذلك الزمان ، وكان زاهداً عابداً يقال له : المبرم بن زغيب الشقبان (١) ، وكان من أحد العبّاد قد عبد الله تعالى مائتين وسبعين سنة لم يسأل حاجة (إلّا أجابه).

إنّ الله عزّ وجل أسكن في قلبه الحكمة ، وألهمه بحسن طاعته لربّه ، فسأل الله تعالى أن يريه وليّاً له.

فبعث الله تعالى أبا طالب ، فلمّا بصر به المبرم قام إليه وقبّل رأسه وأجلسه بين يديه ، ثمّ قال له : مَنْ أنت يرحمك الله تعالى؟

فقال له : رجلٌ من تهامة.

فقال : أيّ تهامة؟

فقال : من عبد مناف ، ثم قال : من هاشم.

__________________

(١) في بعض النسخ : «المثرم دعيب الشيقبان» هنا وفي ما يلي.


فوثب العابد وقبّل رأسه ثانية ، وقال : الحمد لله الذي لم يُمتني حتى أراني وليّه ، ثم قال : أبشر يا هذا! فإنّ العليّ الأعلى ألهمني إلهاماً فيه بشارتك.

فقال أبو طالب : وما هو؟

قال : ولدٌ يولد من ظهرك هو وليّ الله عزّ وجل ، إمام المتّقين ووصيّ رسول ربّ العالمين ، فإنْ أنتَ أدركت ذلك الولد ، فأقرئه منّي السلام ، وقل له : إنّ المبرم رسول الله صلّى الله عليه وآله ، به تتمّ النبوّة ، وبعليّ تتمّ الوصية.

قال : فبكى أبو طالب ، وقال : ما اسم هذا المولود؟

قال : اسمع عليّ.

قال أبو طالب : إنّي لا أعلم حقيقة ما تقول إلّا ببرهان ودلالة واضحة.

قال المبرم : ما تريد؟

قال : أُريد أن أعلم أنّ ما تقوله حقٌّ من ربّ العالمين ، ألهمك ذلك؟!

قال : فما تريد أن أسأل لك الله تعالى أن يُطعمك في مكانك هذا؟

قال أبو طالب : أُريد طعاماً من الجنّة في وقتي هذا.

قال : فدعا الراهب ربّه.

قال جابر : قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : فما استتمّ المبرم الدعاء حتّى اُوتي بطبق عليه فاكهة من الجنّة ، وعذق رطب وعنب ورمّان.

فجاء به المبرم إلى أبي طالب فتناول منه رمّانة ، فنهض من ساعته إلى فاطمة بنت أسد رضي الله عنها.

فلمّا أنّه استودعها النور ارتجّت الأرض ، وتزلزلت بهم سبعة أيّام حتّى أصاب قريشاً من ذلك شدّة ، ففزعوا فقالوا : مروا بآلهتكم إلى ذروة جبل أبي قبيس حتّى نسألهم يسكّنون لنا ما نزل بنا وحلّ بساحتنا.


قال : فلمّا اجتمعوا على جبل أبي قبيس ، وهو يرتجّ ارتجاجاً ، ويضطرب اضطراباً ، ، فتساقطت الآلهة على وجهها ، فلمّا نظروا إلى ذلك قالوا ، لا طاقة لنا.

ثمّ صعد أبو طالب الجبل ، وقال لهم : أيّها الناس! اعلموا أنّ الله تعالى عزّوجل ، قد أحدث في هذه الليلة حادثاً ، وخلق فيها خلقاً ، فإن لم تطيعوه وتقرّوا له بالطاعة وتشهدوا له بالإمامة المستحقّة ، وإلّا لم يسكن ما بكم حتّى لا يكون بتهامة سكن.

قالوا : يا أبا طالب! إنّا نقول بمقالتك.

فبكى ورفع يديه وقال : «إلهي وسيّدي! أسألك بالمحمّدية المحمودة ، والعليّة العلويّة ، والفاطميّة البيضاء إلّا تفضّلت على تهامة بالرأفة والرحمة».

قال جابر : قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : فوالله الذي خلق الحبّة ، وبرأ النسمة! قد كانت العرب تكتب هذه الكلمات ، فيدعون بها عند شدائدهم في الجاهليّة ، وهي لا تعلمها ولا تعرف حقيقتها حتّى وُلِدَ عليّ بن أبي طالب عليه السّلام.

فلمّا كان في الليلة التي ولد فيها عليه السّلام أشرقت الأرض ، وتضاعفت النجوم فأبصرت من ذلك عجباً ، فصاح بعضهم في بعض ، وقالوا : إنّه قد حدث في السماء حادثٌ ألا ترون من إشراق السماء وضياءها وتضاعف النجوم بها؟!

قال : قخرج أبو طالب ، وهو يتخلّل سكك مكّة ومواقعها وأسواقها ، وهو يقول لهم : أيّها الناس! ولد الليلة في الكعبة حجّة الله تعالى ، ووليّ الله.

فبقي الناس يسألونه عن علّة ما يرون من إشراق السماء؟

فقال لهم : أبشروا ، فقد ورد في هذه الليلة وليّ من أولياء الله عزّ وجل يختم به جميع الخير ويذهب به جميع الشرّ ، يتجنّب الشرك والشبهات.

ولم يزل يلزم هذه الألفاظ حتّى أصبح ، فدخل الكعبة ، وهو يقول هذه الأبيات شعراً :

يا ربّ هذا الغسق الدجيِّ

يا ربّ هذا الغسق الدجيِّ

بيّن لنا من حكمك المقضيِّ

ماذا ترى لي في اسم ذا الصبيِّ


قال : فسمع هاتفاً يقول :

خُصصتما بالولد الزكيِّ

والطاهر المطهّر المرضيِّ

إنّ اسمه من شامخ ٍ عليِّ

عليٌّ اشتقَ من العليّ

فلمّا سمع هذا خرج من الكعبة ، وغاب عن قومه أربعين صباحاً.

قال جابر : فقلت : يا رسول الله! عليك السلام ، أين غاب؟

قال : مضى إلى المبرم ليبشّره بمولد عليّ بن أبي طالب عليه السّلام في جبل لكام (١) فإن وجده حيّاً بشّره ، وإن وجده ميّتاً أنذره.

فقال جابر : يا رسول الله! فكيف يعرف قبره؟ وكيف ينذره؟

فقال : يا جابر! كتم ما تسمع ، فإنّه من سرائر الله تعالى المكنونة ، وعلومه المخزونة ، إنّ المبرم كان قد وصف لأبي طالب كهفاً في جبل اللكّام ، وقال له : إنّك تجدني هناك حيّاً أو ميّتاً.

فلمّا أن مضى أبو طالب إلى ذلك الكهف ودخله فإذا هو بالمبرم ميّتاً جسده ملفوف في مدرعتين مسجّى بهما ، وإذا بحيّتين إحداهما أشدّ بياضاً من القمر والاُخرى أشدّ سواداً من الليل المظلم ، وهما يدفعان عنه الأذى ، فلمّا أبصرتا أبا طالب غابتا في الكهف.

فدخل أبو طالب ، وقال : السلام عليك يا وليّ الله! ورحمة الله وبركاته.

فأحيى الله تعالى بقدرته المبرم ، فقام قائماً وهو يمسح وجهه وهو يشهد : «أن لا إله إلّا الله ، وأنّ محمداً رسول الله صلّى الله عليه وآله وأنّ علياً وليّ الله وهو الإمام من بعده».

__________________

(١) اللكّام : بالضمّ وتشديد الكاف ، ويروى بتخفيفها ، هو الجبل المشرف على أطاكيّة ، وبلاد ابن ليون والمصيّصة وطرسوس وتلك الثغور. معجم البلدان ٥ / ٢٢ ، (اللكّام).


ثمّ قال له المبرم : بشّرني يا أبا طالب! فقد كان قلبي متعلّقاً حتّى منّ الله تعالى (عليّ بك و) بقدومك.

فقال له أبو طالب : أبشر! فإنّ علياً قد طلع إلى الأرض.

قال : فما كان علامة الليلة التي ولد فيها؟ حدّثني بأتمّ ما رأيت في تلك الليلة.

قال أبو طالب : نعم ، أخبرك بما شاهدته.

لمّا مرّ من الليل الثلث أخذ فاطمة بنت أسد رضي الله عنها ما يأخذ النساء عند ولادتها ، فقرأت عليها الأسماء التي فيها النجاة ، فسكن بإذن الله تعالى ، فقلت لها : أنا آتيك بنسوة من أحبّائكِ ليعينوكِ أمركِ؟

قالت : الرأي لك.

فاجتمعت النسوة عندها ، فإذا أنا بهاتف يهتف من وراء البيت : أمسك عنهنّ يا أبا طالب! فإنّ وليّ الله لا تمسّه إلّا يد مطهّرة.

فلم يتمّ الهاتف (كلامه) فإذا قد أتى محمّد بن عبد الله ابن أخي ، فطرد تلك النسوة وأخرجهنّ من البيت.

وإذا أنا بأربع نسوة فدخلن عليها وعليهنّ ثياب حرير بيض ، وإذا روائحهنّ أطيب من المسك الأذفر ، فقلن لها : السلام عليك يا وليّة الله!

فاجابتهنّ بذلك.

فجلسنَ بين يديها ، ومعهنَّ جُونة من فضة ، فما كان إلّا قليلاً حتى ولد أمير المؤمنين عليه السّلام.

فلمّا أن ولد أتيتهنّ ، فإذا أنا به قد أطلع عليه السّلام فسجدَ على الأرض ، وهو يقول : «أشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً رسول الله ، تختم به النبوّة ، وتختم بي الوصيّة».

فأخذته إحداهنّ من الأرض ووضعته في حجرها ، فلمّا حملته نظر إلى وجهها ونادى بلسان طلق ويقول : السلام يا اُمّاه!


فقالت : وعليك السلام يا بنيّ!

فقال : كيف والدي؟

قالت : في نعم الله عزّ وجل.

فلمّا أن سمعتُ ذلك لم أتمالك أن قلت : يا بنيّ! أو لستُ أباك؟!

فقال : بلى ، ولكن أنا وأنتَ من صلب آدم ، فهذه اُمّي حواء.

فلمّا سمعتُ ذك غضضتُ وجهي ورأسي وغطّيته بردائي ، وألقيتُ نفسي حياء منها عليها السّلام.

ثمّ دنت اُخرى ومعها نجونة مملوءة من المسك ، فأخذت عليّاً عليه السّلام ، فلمّا نظر إلى وجهها قال : السلام عليك يا اُختي!

فقالت : وعليك السلام يا أخي!

فقال : ما حال عمّي؟

قالت : بخير فهو يقرأ عليك السلام.

فقلت : يا بنيّ! مَنْ هذي ، ومن عمّك؟

فقال : هذه مريم ابنة عمران ، وعمّي عيسى عليه السّلام.

فضمّخته بطيب كان معها من الجنّة.

ثم أخذته اُخرى ، فأدرجته في ثوب كان معها.

قال أبو طالب : لو طهّرناه كان أخفّ عليه.

وذلك أنّ العرب تطهّر مواليدها في يوم ولادتها.

فقلن : إنّه ولد طاهرٌ مطهّر ، لأنّه لا يذيقه الله حرّ الحديد إلّا على يدي رجل يبغضه الله تعالى وملائكته والسماوات والأرض والجبال ، وهو أشقى الأشقياء.

فقلت لهنّ : مَن هو؟

قلن : هو عبد الرحمن بن ملجم لعنه الله تعالى ، وهو قاتله بالكوفة سنة ثلاثين من وفاة محمد صلّى الله عليه وآله.


قال أبو طالب : فأنا كنت أستمع قولهنّ.

ثمّ أخذه محمّد بن عبد الله ابن أخي من يَدِهنّ ووضع يده في يده وتكلّم معه وسأله عن كلّ شيء.

فخاطب محمّد صلّى الله عليه وآله عليّاً ، وخاطب عليّ محمداً بأسرار كانت بينهما.

ثمّ غابت النسوة ، فلم أرهنّ ، فقلت في نفسي : ليتني كنت أعرف الامرأتين الأخيرتين وكان عليّ عليه السّلام أعلم بذلك ، فسألته عنهنّ؟

فقال لي : يا أبت! أمّا الأُولى ، فكانت اُمّي حوّاء.

وأمّا الثانية التي ضمّختني بالطيب ، فكانت مريم ابنة عمران.

وأمّا التي أدرجتني في الثوب ، فهي آسية.

وأمّا صاحبة الجونة ، فكانت اُمّ موسى عليه السّلام.

ثمّ قال علي عليه السّلام : الحق بالمبرم يا أبا طالب! وبشّره وأخبره بما رأيت ، فإنّك تجده في كهف كذا ، في موضع كذا كذا.

فلمّا فرع من المناظرة مع محمّداً ابن أخي ومن مناظرتي عاد إلى طفوليّته الأُولى. فأنبئتُك وأخبرتك ، ثمّ شرحتُ لك القصّة بأسرها بما عاينتُ يا مبرم!

قال أبو طالب : فلمّا سمع المبرم ذلك منّي بكى بكاءً شديداً في ذلك ، وفكّر ساعة ثمّ سكن وتمطّي ، ثمّ غطّى رأسه ، وقال : بل غطّني بفضل مدرعتي.

فغطّيته بفضل مدرعته ، فتمدّد فإذا هو ميّت كما كان. فأقمت عنده ثلاثة أيام اُكلّمه ، فلم يجبني فاستوحشتُ لذلك. فخرجت الحيّتان ، وقالتا : الْحق بوليّ الله ، فإنّك أحقّ بصيانته وكفالته من غيرك.

فقلت لعما : من أنتما؟

قالتا : نحن عمله الصالح ، خلقنا الله عزّ وجل على الصورة التي ترى ، ونذبّ عنه الأذى ليلاً ونهاراً إلى يوم القيامة ، قإذا قامت الساعة كانت إحدانا قائدته والاُخرى سائقته ، ودليله إلى الجنة.


ثمّ انصرف أبو طالب إلى مكّة.

قال جابر بن عبد الله : قال لي رسول الله صلّى الله عليه وآله : شرحتُ لك ما سألتني ، ووجب عليك له الحفظ.

فإنّ لعليّ عند الله من المنزلة الجليلة ، والعطايا الجزيلة ما لم يعط أحد من الملائكة المقرّبين والأنبياء المرسلين ، وحبّه واجب على كلّ مسلم ، فإنّه قسيم الجنّة والنار ، ولا يجوز أحدٌ على الصراط إلّا ببراءة من أعداء عليّ عليه السّلام.

تمّ الخبر ، والحمد لله رب العالمين (١).

__________________

(١) مصادر هذا الحديث :

•الفضائل (لابن الشاذان) : ١٢٩ ـ ١٣٩ ، الحديث الأول. عنه وعن الروضة ، مستدرك الوسائل ٢ / ٢٦٦ ، الحديث ١٩٢٩ وص ٣٢٢ ، الحديث ٢٠٨٩ وص ٣٤٢ ، الحديث ٢١٤١ ، قطعات منه.

•وعنه وعن كتاب غرر الدرر للسيد حيدر الحسيني ، بحار الأنوار ٣٥ / ٩٩ ، الحديث ٣٣.

•جامع الأخبار : ١٥ ، عن عليّ بن الحسين بن موسى بن بابويه الصدوق القمي.

•روضة الواعظين : ٨٨ ، بتفاوت يسير.

•عنه إثبات الهداة ٢ / ٤٨٣ ، الحديث ٢٩٥ ، باختصار.

•وعنه وعن الفضائل ، وجامع الأخبار ، بحار الأنوار ٣٥ / ١٠ ، الحديث ١٠ ، اليقين : ١٩١ ، وأيضاً ٤٨٥ ، باختصار. عنه بحار الأنوار ٣٨ / ١٢٥ ، الحديث ٧٢.

•مدينة المعاجز ٢ / ٣٦٧ ، الحديث ٦١٠ ، عن كتاب أبي مخنف.

•كفاية الطالب : ٤٠٥ ، بإسناده إلى جابر بن عبد الله باختصار عنه إحقاق الحق ٧ / ٤٨٨.

•كشف الغمة ١ / ٦٠ ، باختصار.

•المناقب لابن شهر آشوب ٢ / ١٧٢ ، و ١٧٤ ، قطعتان منه.

•ينابيع المودة ١ / ٤٧ ، الحديث ٨ و ٩ ، قطعة من صدر الحديث.


(٢)

مولد أمير المؤمنين عليه السّلام

ومنشؤه مع النبي صلّى الله عليه وآله

من حديث

الإمام أبي جعفر الباقر

محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السّلام

برواية

المسعوديّ المؤرّخ المتوفّىٰ (٣٤٦ ه)

عن أبي البختري القاضي وهب بن وهب



بِسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيم

جاء اسم هذا الكتاب عند :

النجاشي في رجاله.

والطوسي في فهرسته.

والخطيب البغدادي في تاريخه.

وأورده المسعودي في إثبات الوصيّة.

والكراچكي في كنز الفوائد.

وابن شهر آشوب في معالمه.

والكلّ ينتهون بأسانيدهم إلى أبي البختري القرشي وهب بن وهب ، عن الإمام جعفر بن محمّد الصادق ، عن أبيه أبي جعفر عليهم السّلام.

وقد اعتمدنا في ما أوردناه على رواية المسعودي في «إثبات الوصيّة» من النسخة الحجرية المطبوعة في إيران ؛ لأنّها أتمّ وأضبط :


بِسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيم

عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عن أبيه أنّه سُئلَ عن بدء إيمان أمير المؤمنين عليه السّلام برسول الله صلّى الله عليه وآله؟

فقال أبو جعفر عليه السّلام : إذا ذكرت الفضاءل والمناقب ففي شرح إيمان أمير المؤمنين عليه السّلام برسول الله صلّى الله عليه وآله ما تنفتح الأذهان ، وتكثر الرغائب ، لأن حبّ عليّ عليه السّلام فرض على المؤمنين ، وغيظ على المنافقين ، فمن أحبّ عليّاً فلرسول الله صلّى الله عليه وآله أحبّ ، ومن أمسك عنه فقد عصى الله ونكب عن سبيل النجاة.

لأنّه أوّل ذَكَرٍ آمنَ برسول الله صلّى الله عليه وآله ، وصلّى معه ، وصدّق بما جاء من الله ، وسارع إلى مرضاة الله ، ومرضاة رسول الله صلّى الله عليه وآله.

وصبر على البأساء والضرّاء في كلّ شدّة وعسر.

وكان أكثر أصحابه نصحاً له ، وأكثرهم وأشدّهم مواساة بنفسه وذات يده له.

وكان مما منّ الله به على أمير المؤمنين عليه السّلام في دلائله ، واختصّه بفضائله ، ومنحه من الكرامة والحباء ، وشرّفه بسوابق الزُلفى ، أنّه كان في حجر رسول الله صلّى الله عليه وآله قبل مبعثه ، يغذوه بما يغذو به نفسه.

وكان رسول الله صلّى الله عليه وآله في حجر أبي طالب يغذوه ويحوطه.

وذلك أن أبا الحارث عبد المطلب بن هاشم كان يكفل الأرامل والأيتام ، ويُغيث الملهوف ، ويُجير المظلوم ، وينظر المعسر ، ويحمل الكلّ ، ويُقري الضيف ، ويمنع من الضيم.


وكان برسول الله صلّى الله عليه وآله حفيّاً في السرّ والإعلان ، يتفقده في مطعمه وأغذيته ، ويعدّ له قريشاً ، يخضع له الأشراف ، ويذلّ له عظماء الملوك ، ويدين بدينه جميع أهل الملل والأديان ، وترعد لهيبته فرائص الجبّارين ، ويظهر على من خالفه وناواه ، حتّى يقرنهم في الأصفاد ، ويبيع ذراريهم في الأسواق ، ويتّخذ أبناءهم عبيداً ، وشجعانهم جنوداً ، وتُحبّه قلوبهم من خيفته ، وتُعينه الملائكة على نصرته ، فطوبى لمن آمن به من عشيرته ، وطوبى لاُمته.

فلمّا مرض مرضه الذي مات فيه وضع رسول الله صلّى الله عليه وآله في حِجر أبي طالب عليه السّلام ووصّاه به ، وقال له : يا بُنيّ ، هذا فضلٌ من الله عليك ، ومنحةٌ وهديةٌ منّي إليك ، ألهمنيه في أمرك ، وهو ابن أخيك لأبيك واُمّك دون سائر إخوانك.

ثمّ أطلعه على مكنون سرّ علمه ودلائله ، وأخبره بما بشّر به عن الأنبياء والمرسلين صلّى الله عليهم ، وما وراه فيه أقاضل الأحبار ، وعبّاد الرهبان ، وأقيال العرب ، وكهّان العجم.

ولم يكن لأبي طالب يومئذٍ ولدٌ ، وكان فرداً وحيداً ، امرأته فاطمة بنت أسد ابن هاشم بن عبد مناف ؛ بنت عمّه ، وكانت تدعى سورة الفاضلة لكلّ لبد ، والزائدة على كلّ عدد.

وكانت ممنوعةً من الولد ، تنذر لذلك النذور ، وتتقرّب إلى الأصنام ، وتستشفع بالأزلام إلى الرحمن ، وتعتر العتائر ، وتُضمّخُ وجوه الأصنام بذكيّ المسك وخالص العنبر تطلب الولد.

وكانت كلّما لقيت كاهناً أو حبراً عالماً من السدنة بشّرها أنّها تتبنّي ولداً لم تلده ، وتربّيه ، ويأمرها إذا رزقته أن تضمّه وتكنفه ، وتحفظه ولا تُبعده.

فتسألهم أن يسمّوه ويصفوه لها ، فيقولون : ذاك نورٌ منير ، بشيرٌ نذير ، مبارك في صغره ، مُنَبَّأٌ في كبره ، ويوضّح السبيل ، ويختم الرسل ، يبعث بالدين


الفاضل ، ويزهق العمل الباطل ، يُظهر من أفعاله السداد ، ويتبيّن باتّباعه الرشاد ، وينهج الله له الهدى ، ويبيّن به التُقى.

فكانتفاطمة ببت أسد ترقب ذلك تنتظره ، فلمّا طال انتظارها ، وذهل اصطبارها أنشأت تقول :

طال الترقّب للميعاد إذ عدمتْ

منّي الحوائل ولداً من عناصيري

 لمّا أتيتُ إلى الكهّان بشّرني

عند السؤال عليمُ بالمخابيرِ

 فقال يُوعدني والدمع مبتدرٌ

يا فاطم انتظري خير التباشيرِ

 نوراُ منيراً به الأنباء قد شهدتُ

والكتب تنطقُ عن شرح المزامير

أَنّي بذاك فقد طال الطلاع إلى

وجه المبارك يزهو في الدياجير

فلما مات عبد المطلب كفل أبو طالب رسول الله صلّى الله عليه وآله بأحسن كفالة ، وحنّ عليه ، ودأب في حياطته ، وتمسّك به ، والتحف عليه ، وعطف على جوانبه.

وكان أبو طالب محترماً معظّماً ، كشّافاً للكروب ، غير هذر ولا مِكثار ، ولا عاق ، بل برٌّ وصولٌ ، جوادٌ بما يملك ، سمحٌ بما يقدر ، لا يُثنيه عن مبادرة الخطاب وجل ، ولا يدركه لدى الخصام مللٌ.

فشغف برسول الله صلّى الله عليه وآله شغفاً شديداً ، وولهت بحبّة فاطمة بنت أسد ، وذهلت بمحبّته ودلالته التي وُعدت بها ، فكانت تقول : وإله السماء ، لقد قبل نذري ، وشكر سعيي ، وأُجيبت دعوتي ، لأنزلنّ محمّداً من قلبي منزلة صميم الأحشاء ، ولألهونّ برؤيته عن كلّ نظر ، أن يهش إليه قلب الأخيل المعنى ، ومن أولى بذلك ممن أُعطي مثله ، وليس هذا من أمر الخلق بل هو من عند الإله العظيم.

فكانت قد جعلته صلّى الله عليه وآله نصب عينها ، إن غاب لحظةً لم يغب عنها مثالُه ، ولم يفقد شخصه ، وتذهل حتّى تُحضره ، فتشتغل بتغذيته ، وغسله وتنظيفه ، وتلبيسه وتدهينه ، وتعطيره وإصلاح شأنه ، وتعاهد إوطانه بالنهار ، فإذا كان بالليل اشتغلت بفرشه ونومه ، وتوسيده وتمهيده ، وتعوّذه وتُتَمّمُه.


قال : وكانت في دار أبي طالب نخلةٌ منعوتةٌ بكثرة الحمل ، موصوفة بالرقّة وعذوبة الطعم ، شهيّة المضغ ، يعقب طعمها رائحةٌ طيّبة عطريّة كرائحة الزعفران المذاب بالعسل ، كثيرة اللحا ، قليلة السحا ، دقيقة النوى ، فكان رسول الله صلّى الله عليه وآله يأتي إليها كلّ غداةٍ مع أترابه ، منهم أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب ابن عمّه ، وأبو سلمة بن عبد الأسد ، ومسروح بن ثويبة ، فيلتقطون ما يتساقط تحتها من تمرها بهبوب الرياح ووقوع الطير ونقره ، وكانت فاطمة بنت أسد لا ترى رسول الله صلّى الله عليه وآله يسابق أترابه على البسر والبلح والرطب في أوانه ، وكان الغلمة يبادرون لذلك ، وهو صلّى الله عليه وآله يمشي بينهم ، وعليه السكينة والوقار بتواضع وابتسام ، ويتعجّب من حرصهم وعجلتهم ، فكان إن وجد شيئاً ساقطاً بعدهم أخذه ، وإلّا انصرف بوجهٍ منبسطٍ طلقٍ ، وبشرٍ حسن ، فكانت فاطمة تعجب من شدّة حيائه ، وطيب شأنه ، ورقّة قلبه ، وسرعة دمعته ، وكثرة رحمته ، فربما جمعت به من تمر النخلة قبل مجيئهم ، فإذا أقبل صلّى الله عليه وآله قدّمته إليه ، فيحبّ أن يأكله معهم.

قالت فاطمة : ودخل عليَّ أترابُه يوماً وأنا مضطجعة ولم أره معهم ، فقلت : أين محمدٌ؟ قالوا : مع عمّه أبي طالب وراءنا.

فسكنت نفسي قليلاً ، ولقط الغلمان ما كان تحت النخلة ، وجاء بعدهم محمّد ، فلم يره تحتها شيئاً ، فصار إليها ووقف تحتها ـ وكانت باسقة ـ فأومأ بيده إليها ، فانثنت بعراجينها حتّى كادت تلحق بثمارها الأرض ، فلقط منها ما أراد ، ثمّ رفع يده وأومأ إليها فرجعت ، وحسبني راقدةً ، قالت : وكنتُ مضطجعة ، فلمّا رأيت ذلك استطير في روعي ، ولم أملك نفسي ، فأتيتُ أبا طالب ، فخلوتُ به ، فقلتُ له : كان من أمر محمّد صلّى الله عليه وآله كيت وكيت؟

فقال : مهلاً يا فاطمة ، لا تذكري من هذا شيئاً ، فإنّه حلمٌ وأضغاث.


فقلت : كلّا والله ، بل عة حقٌ يقين ، في يقظةٍ لا في نوم ، ورأي العين لا رؤيا ، وإنّي لأرجو الله أن يحقّق ظنّي فيه ، وأن يكون الذي بُشّرتُ بتربيته ، ووُعدِتُ الفوز عند كفالته.

فكانت فاطمة لا تفارق رسول الله صلّى الله عليه وآله في ليل ولا نهار ، ولا تغفل عنه وعن خدمته ، وتفقد مطعمه ومشربه.

فكان صلّى الله عليه وآله يسمّيها «اُمّي».

وهجرت الأصنام ، وقطعت القربان إليها من الذبائح في الأعياد تسأل الولد ، وتسلّت برسول الله صلّى الله عليه وآله والتبنّي له وخدمته عن كلّ شيء ، فلمّا قطعت عادتها وجد عليها السدنةُ من ذلك ، ومنعوها من الدخول على الصنم الأعظم.

وكان رسول الله صلّى الله عليه وآله يحضر قريشاً في مشاهدهم كلّها غير السجود للأصنام ، والذبائح للأنصاب ، وفي حال شرب الخمر ووصف الشعر ، وقول الزور ، فإنّه كان يجتنبهم مذ كان طفلاً حتّى استكمل.

فدخل يوماً على سادنٍ من سدنة الأصنام ، فقال له : لِمَ تعتب على اُمّي فاطمة ، وتمنعها من زيارة هذه الأحجار المؤثّرة فينا الاعتبار؟

فقال له السادن : لأنّها أتت باُمور متشابهة ، وقطعت برّ الآلهة ، وهي لمن عبدها نافعة ، ولمن جاء إليها شافعة ، وستعلم ابنة أسد أنّها لا ترزقها ولداً.

فقال له النبيّ صلّى الله عليه وآله : آلأصنام ترزقكم الولدان؟ وتأتيكم باغيث عند المَحل في السنوات الشداد؟

قال له السادن : نعم! أو ما علمت نحن نحمد ذلك عند الأصنام عاجلاً في الفاقة ، وآجلاً مدّخراً.

والتفت إلى السدنة فقال : هذا غلام مات أبوه وجدّه واُمّه وظئره وهو طفل ، فكفله من لا يعبأ به ولا يدلّى على رشده وهو عمّه وامرأة عمّه.


فقال له النبيّ صلّى الله عليه وآله : فأخبرني عن هذه الأصنام مَن خلقها ، ومَن ابتدع الاُمم السالفة ورزقها؟

قال السادن : الله فعل ذلك ، وهو لجميع الخلق مالك.

فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله : فإنّ اُمّي تجعل قربانها الله الحيّ القائم القديم ن فهو أحقّ من الأصنام.

ثم انطلق إلى فاطمة من ساعته وحدّثها بما جرى بينه وبين السادن ، وقال لها : قرّبي لله قربانك.

فاصطفت القربان ، وقالت : هذا الله خالصاً جعلته ذخراً قبلته من محمّد حبيبي.

فما أصبحت من ليلتها حتّى اكتست حسناً إلى حسنها ، وجمالاً إلى جمالها ، فحملت ، فولدت عقيلاً ، ثمّ حملت فولدت طالباً ، ثمّ حملت ، فولدت جعفراً ، وكان وجهها في كلّ يوم يزداد نوراً وضياء لمّا وحملت بأزكاهم وأطهرهم وأبرّهم وأرضاهم عليّ ، فولدته ونالها في ولادته بعض الصعوبة ، فأخذ أبو طالب بيدها ، وأدخلها البيت ، معها القوابل فلمّا وطئت البيت ولدته.

فاحتمل وردّ إلى منزل أبيه حتّى حنّكه رسول الله صلّى الله عليه وآله ووضعه في حجره ، وقمّطه في حضنه ، قبل كلّ أحد من الناس.

ثمّ رُزِقت بعد عليّ اُم هاني ، واسمها فاختة ، وهي المباركة الطيبة اُخت الطاهرين من ولد أبيها أبي طالب.

وكانت فاطمة حملت بعليّ عليه السّلام في عشر ذي الحجة ن وولدته في النصف من شهر رمضان ، وحملت به أيّام الموسم ، وبعد حملها بخمسة أيام كانت جالسة وقد كيست نوراً وجمالاً ، ووجهها يزهر ، وجبهتها تتلألأ بين الأركام من الفواطم من قريش.


منهنّ فاطمة بنت عمرو بن عائذ جدّة رسول الله صلّى الله عليه وآله لأبيه.

وفاطمة بنت زائدة بن الأصمّ أُم خديجة بنت خويلد.

وفاطمة بنت عبد الله بن رزام.

وفاطمة بنت الحارث بن عكرمة.

وممن لم يحضرن ويلحقن من الفواطم اللواتي يقربن من رسول الله صلّى الله عليه وآله ومن عليّ عليه السّلام بالنسب واللحمة فاطمة بنت نصر اُم ولد قصيّ.

فإنهنّ لَجلوس يتفاخرن بالذراري والأولاد إذ أقبل رسول الله صلّى الله عليه وآله وكأنّ وجهه مرآة مصقولة ، والمهاة مجلوة ، ينثني كغصن ميّاد ، وقد تبعه بعض الكهّان ينظر إليه نظراً شافياً ، فجلس رسول الله صلّى الله عليه وآله إلى فاطمة اُمّ عليّ بين العجائز من الفواطم ، وجلس الكاهن بإزائه لا يمرّ به كاهن مثله ولا حبر ، ولا قائفٌ ولا عائف إلّا هَمَسَ إليه وغمزه واستوقفه ينظرون إليه ، فبعض يشير إليه بسبابته ، وبعض يعضّ على شفته.

فغاب رسول الله صلّى الله عليه وآله بقيامه ، ودخل إلى منزله عند عمّه.

فقال الكاهن للعجائز : مَن هذا الفتى الّذي قد زها بِحُسنه على كلّ الفتيان ، والرجال والنساء؟

قلن : هذا المحبّب في قومه محمّد بن عبد الله بن عبد المطلب ، ذو الفضل والعُرف والسؤدد.

فقال الكاهن : يا معشر قريش ، ائذنوا بالحرب بعد الهرب ، من سيف النبيّ المنتجب ن الويل منه للعرب ، وللأصنام والنصب ، ثمّ نادى : يا أهل الموسم الحافل ، والجمع الشامل ، قرب ظهور الدين الكامل ، ومبعث النبيّ الفاضل ، ثم أنشأ يقول :


إنّي رأيتُ نبا ما كنتُ أعرفه

حقاً تَيقّنهُ قلبي بإثباتِ

في الكتب أنزله لمّا تخيّرهُ

وكنتُ أعرفُ ما في شرح توراةِ

من فضل أحمدَ مَ ، كالبدر طلعتُهُ

يزهو جمالاً على كلّ البريّاتِ

من اُمّهُ عصمت من كلّ معضلة

وصار مجتنباً رجسَ الخساراتِ

ما زلتُ أرمقهُ من حسن بهجته

كالشمس من برجها تبدي الطليعاتِ

فإن بقيتُ إلى يوم السباق أكن

نادي قريشٍ أنادي بالرسالاتِ

كنتُ المجيب له لبيّك من كَثَبٍ

أنتَ المفضّل من خير البريّاتِ

يا خير من حملت حوّاءُ أو وضعت

من أوّل الدهر في رجع الكريراتِ

قد كنتُ أرقب هذا قبل فجوته

حتّى تلمّستهُ قبضاً براحاتِ

فاليوم أدركتُ غُنماً كنت أرقبه

من عند ربّي جبّار السماواتِ

فيالها فرحة يعتادها نجحٌ

لمّا حُبِيتُ بتحبير التحيّاتِ

فكيف ينزلُ مَن نال الرياحَ وَمَن

أهدى له موهبٌ من خير خيراتِ

ذاك النبيُّ الذي لا شكَّ منتجبٌ

جبريلُ يقصدهُ بالوحي تاراتِ

في كلّ يومٍ بوحي الله يمنحهُ

يُنبيه عن برهناتٍ أو دلالاتِ

قال : فقالت فاطمة بنت أسد : قرأيت حبراً منهم يسمع شعر الكاهن ودموعه تسحّ على خديه ، فتبعتهُ ، فقلتُ له : أقسمت عليك بدينك وسفرك وكتابك ؛ لتخبرنّي بالأمر على حقيقته ، فإنّ الحكيم لا يكتم من استنصحه نصيحة يقوي بها بصيرته.

فنظر الحبر إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله نظراً مستقصياً ، ثمّ قا ل : والله هذا غلامٌ هُمام ، آباؤه كرام ، يكفله الأعمام ، دينه الإسلام ، شريعته الصلاة والصيام ، يظلّه الغمام ، يجلى بوجهه الظلام ، من كفله رشد ، ومن أرضعه سعد ، وهو للأنام سند ، يبقى ذكره ما بقي الأبد.


ثمّ ذكر كفالة أبي طالب إيّاه ، وعدّد سيرته ، وخاتمة أمره وعقباه ، ثمّ قال : وتكفله منكم امرأة تطلب بذلك زيادة العدد ، فسيكون هذا المبارك المحمود لها في طيب الغرس أفضل ولد ، فيحبوه بسرّه ونصيحته ، ويهدى إليه أفضل النساء كريمته.

قالت : فقلتُ له : لقد أصبتَ فيما وصفتَ إلى حيث انتهيتَ ، وقلتَ الحقّ عندما شرحتَ ، أنا المرأة التي أكفله ، زوجة عمّه الّذي يرجوه ويؤمّله.

فقلا لها : إن كنتِ صادقةً فستلدين غلاماً ، رابع أربعة من أولادك ، شجاعاً قمقاماً ، عالماً إماماً ، مطواعاً ، هُماماً بدينه ، قوّاماً لربّه ، مصلّياً صوّاماً ، غير خرق ولا نزق ، ولا أحيف ولا جنف ، اسمه على ثلاثة أحرف ، يلي هذا النبيّ في جميع اُموره ، ويواسيه في قليله وكثيره ، يكون سيفه على أعدائه ، وبابه الّذي يؤتي منه إلى أوليائه ، يقصع في جهاده الكفّار قصعاً ، ويَدُعّ أهل النكث والغدر والنفاق دعّاً ، يفرّج عن وجه نبيه الُربات ، وتجلى به دياجر حندس الغمرات ، أقربهم منه رحماً ، وأمسّهم لحماً ، وأسخاهم كفاً ، وأنداهم يداً ، يُصاهره عىل أفضل كريمة ، ويقيه بنفسه في أوقات شدّته ، تعجب من صبره ملائكة الحجاب ، إذا قهر أهل الشرك بالطعن والضِراب ، يهاب صوته (١) أطفال المهاد ، وترعد من خيفته الفرائضُ يوم الجلاد ، مناقبه معروفة ، وفضائله مشهورة ، هِزبرٌ دفّاع ، شديد منّاع ، مقدام كرّار ، مصدق غير فرّار ، أحمش الصاقين ، غليظ الساعدين ، عريض المنكبين ، رحب الذارعين شرّفه الله بأمينه ، واختصه لدينه ، واستودعه سرّه ، واستحفظه علمه ، عماد دينه ، ومظهر شريعته ، يصول على الملحدين ، ويغيظ الله به المنافقين ، ينال شم الخيرات ، ويبلغ معالي الدرجات ، يجاهد بغير شك ، ويؤمن من غير شرك.

__________________

(١) ك : تهاب صولته.


له بهذا الرسول وصلة منيعة ، ومنزلة رفيعة ، يزوَجه ابنته ، وبكون من صلبه ذريّته ، يقوم بسنته ، ويتولّى دفنه في حفرته ، قائد جيشه ، والساقي من حوضه ، والمهاجر معه عن وطنه ، الباذل دونه دمه.

سيصح لكِ ما ذكرتُ من دلالته إذا رُزقتيه ، وتَرينَ ما قلتهُ فيه عياناً ، كما صحَ لي دلائل محمّد المحمود بالله.

إنّ ما وصفتُه من أمرهما موجودٌ مذكورٌ في الأسفار والزبور ، وصحف إبراهيم وموسى ، ثمّ أنشأ يقول :

لا تعجبي من مقالي سوف تختبري

عمّا قليلٍ تَرَىْ ما قلتُ قد وضحا

أمّا النبيُّ الذي قد كنتُ أذكره

فاللهُ يعلم ما قولي له مزحاً

يأوي الرشاد إليه مثل ما سكنت

أُمّ إلى ولدٍ إذْ صادفت نجحا

ثمّ المؤازر والموصَى إليه إذا

تتابع الصيد من أطرافه كلحا

فأحمدُ المصطفى يُعطيه رايتَهُ

يحبوه بابنته ما هي بها منحا

بذاك أخبرنا في الكتب أوّلُنا

والجنّ تسترق الأسماع واتّضحا

فاستبشري لا تراعى إنّ حظوته

قد خصّها مهره من فضلها ربحا

قالت فاطمة : فجعلتُ اُفكّر في قوله ، فلمّا كان بعد ليال رأيتُ في منامي كأنّ جبال الشام قد أقبلت تدبّ على عراقيبها ، وعليها جلابيب حديد ، وهي تصيح من صدورها بصوتٍ مَهول ، فأسرعت نحوها جبالُ مكّة ، وأجابتها بمثل صياحها وأهول ، وهي تنضح كالشرر المجمر ، وجبل أبي قبيس ينتفض كالفرس المسربل بالريق المُغتر ، ونصاله تسقط عن يمينه وشماله ، والناس يلتقطون تلك النصول ، فلقطت معهم أربعة أسياف ، وبيضة حديد مذهّبة ، فأوّل ما دخلت مكّة سقط منها سيف في ماء فغمر ، وطار الثاني في الجوّ واستمرّ ،


وسقط الثالث إلى الأرض فانكسر ، وبقي الرابع في يدي مسلولاً ، أنا به أصول إذ صار السيف شبلاً أتبنّيه ، ثمّ صار ليثاً مستأسداً ، فخرج عن يدي ومرّ نحو تلك الجبال يجوب بلاطحها ، ويخرق صلادمها ، والناسُ منه مشفقون ، ومن خوفه حذرون ، إذ أتاه محمّدٌ ابني فقبض على رقبته ، فانقاد له كالظبية الألوف.

فانتبهت وأنا مرتاعة ، فاستظهرت على الحبر والكاهن اللذين بشّراين ووعداني ، وعلى سائر القافة والعافة بأن قصدتُ أباكرز الكاهن ، وكان عائفاً محذقاً ، فوجدته قد نهض في حاجة له ، فجلست أرقبه وكان عنده جميل كاهن بني تميم ، فكرهتُ حضوره ، وعملت على انتظار قيامه وانصرافه ، فنظر جميلٌ إليّ وضحك ، ثم قال لي : اُقسم بالأنواء ، ومظهر النعماء ، وخالق الأرض والسماء ، إنّك لتكرهين مثواي ، وتحبين مسراي وقفاي ، لتسألي أباكرز عن الرؤيا ، فينبؤك بالأنباء.

فقلتُ له : إن كنت صادقاً فيما قلت من لالهتف حين زجرت ، فنبئني بما استظهرت.

فأنشأ يقول :

رأيت أجبالاً تؤمُّ أجبالاً

وكلّها لابسة سربالا

مسرعة قد تبتغي القتالا

حتّى رأيتِ بعضها تعالىٰ

ينثر من جلبابه نِصالا

أخذت منها أربعاً طوالا

وبيضة تشتعل اشتعالا

فواحد في ثجّ ماء غالا

وثانٍ في جوّها قد صالا

بذي طواف طار حينَ زالا

وثالث قد صادف اختلالا

من كسره فنصره مختالا

ورابع قد خلتِهِ هلالا

مقتدح الزندين لا مفتالا

ولّت به صائلة إيغالا

حتى استحال بعدها انتقالا


أدرك في خلقته الأشبالا

ثم استوى مستأسداً صوّالا

يخطف من سرعته الرجالا

فانسل في قيعانها انسلالا

يخرق منها الصلد والإيغالا

والناس يرهبون منه الحالا

حتى أتى ابن عمّه إرسالا

فتلّه يعنفه إتلالا

كظبية ما منعت عقالا

ثم انتبهت تحسين خالا

قالت فاطمة : فقلتُ : صدقتَ والله ، يا جميل ، وبررت في قولك ، هكذا رأيتُ مما رأيتُ في الكرى ، فنبئني بتأويله.

فأنشأ يقول :

أمّا النصول فهي صِيْدٌ أربعُ

ذكورُ أولادٍ حكتها الأسبعُ

والبيضة الوقداء بنتُ تتبعُ

كريمةق غرّاء لا تروّعُ

فصاحب الماء غريبٌ مفتقدْ

في لُجّةٍ ترمي شظاياها الزَبَدْ

والطائر الأجنح ذو الغرب الزغب

تقتله في الحرب عُبّاد الصلب

والثالث المكسور ميتٌ قد دفن

ينزلُ عقباً بعده طول الزمَن

والرابع الصائل كالليث المرح

يَرْفلُ في عِراصها ويقترح

فذاك للخلق إمامٌ منتصح

إذا بغاه كافر جَهراً ذُبح

وإن لقاه بطل عنه جنح

حتّى تراهم من صياصيهم بطح

فاستشعري البُشرى فرؤياك تَصِح

قالت فاطمة : فما أن زلت مفكّرة في ذلك وتتابع حملي وولادتي لأولادي ، فلما كان في الشهر الّذي ولدت فيه عليّاً رأيتُ في منامي كأنّ عموداً حديداً انتزع من اُمّ رأسي ، ثمّ شعّ في الهواء حتّى بلغ عنان السماء ، ثمّ ردّ إليّ ، فمكث ساعة ، فانتزع من قدمي.


فقلتُ : ما هذا؟

فقيل : هذا قاتل أهل الكفر ، وصاحب ميثاق النصر ، بأسه شديد ، تجزع من خيفته الجنود ، وهو معونة الله لنبيّه ، ومؤيّده به على أعدائه ، بحبّه فاز الفائزون ، وسعد السعداء ، وهو ممثل في السماء المرفوعة ، والأرض الموضوعة ، والجبال المنصوبة ، والبحار الزاخرة ، والنجوم الزاهرة ، والشموس الضاحية ، والملائكة المسبّحة.

ثمّ هتف بي هاتفٌ يقول :

جال الصباح لدى البطحاء إذ شملت

سوداً بذي خدم فرش المراقيل

من دلج هام جرائيم جحاجحة

من كلّ مدَّرعٍ بالحلم رعبيل

من الجهاضم إذ فاقت قماقمها

دوم السحاب على جنح الأثاكيل

يا أهل مكّة لا تشقى جدودكم

وأبشروا ليس صدق القيل كالقيل

فقد أتت سودُ بالميمون فانتحجوا

واجفوا الشكوك وأضغاث الأباطيل

فقد خازن النور في أبناء مسكنه

من صلب آدم في نكب الضماحيل

إنّا لنعرفه في الكتب متّصلاً

بشرح ذي جدل بالحقّ حصيل

قال : فُولِدَ عليٌّ عليه السّلام ولرسول الله صلّى الله عليه وآله ثلاثون سنة.

فأحبّه رسول الله صلّى الله عليه وآله حبّاً شديداً ، وقال لفاطمة : يا اُمَّه! اجعلي مهد عليٍّ بجنب فراشي.

وكان صلّى الله عليه وآله يلي تربيته ، ويوجرهُ اللبن في ساعة رضاعه ، ويحرّك مهده عند نومه ، ويناغيه في يقظته ، ويحماه على صدره تارةً ، على عاتقه اُخرى ، ويتكتّفه ، ويقول : «هذا أخي ، ووليّي ، وناصري ، وسفيّي ، ووصيّي ، وذخيرتي ، وكهفي ، وصهري ، وزوج كريمتي ، وأميني على وصيّتي».


وكان يحمله ويطوف به جبال مكّة وشعابها ، وأوديتها وفجاجها ، فلما تزوّج خديجة بنت خويلد علمت بوجده بعليّ عليه السّلام ، فكانت تستزيره ، وتزيّنه بفاخر الثياب والجوهر ، وترسل معه لائدها ، فيقلن : هذا أخو محمّد ، وأحبّ الخلق إليه ، وقرّة عين خديجة ، ومن ينزل السكينة عليه.

وكانت ألطاف خديجة وهداياها إلى منزل أبي طالب متّصلة ، حتّى أصابت قريشاً أزمة شديدة ، وسنة معصوصبة.

وكان أبو طالب رجلاً جواداً معطاءاً سمحاً ، فقلّ ماله ، وكثر عياله ، وأجحفت السِنَةُ بحاله ، فدعا رسول الله صلّى الله عليه وآله عمّه العباس ـ وكان أيسر بني هاشم ف وقته وزمانه ـ فقال له : يا عمّ إنّ أخاك كثير العيال ، متضعضع الحال ، وقد أصاب الناس ما ترى من هذه الأزمة ، ذوو الأرحام أحقّ بالرِفد ، وأولى من حمل عنهم الكلّ ، فانطلق بنا إليه لنحمل من كلَّه ، ونخفّف من عيلته ، يأخذ كلّ واحدٍ منّا واحداً من بنيه يسهل عليه بذلك بعض ما هو فيه.

فقال له العبّاس : نِعم ما رأيتَ يابن أخ ، وعلى الصواب أتيتَ ، هذا والله التيقّظ على الكرم ، والعطف على الرحم.

فمضيا إلى أبي طالب ، فأجملا مخاطبته ، وقالا له : إنّ لك سوابق محمودة ، ومناقب غير مجحودة ، وأنت صنو الآباء الأنجاد ، وقد جمع لك العرف في قرن ، فهو إليك منقاد ، ولسنا نبلغ صفاتك ، وقد أضلت هذه السنة الغبراء ، وعيالك كثير ، ولابدّ أن نخفّف عنك بعضهم حتّى ينكشف ما فيه الناس من هذا القمطرير.

فقال أبو طالب : إذا تركتما لي عقيلاً وطالباً فشأنكما الأصاغر.

فأخذ رسول الله صلّى الله عليه وآله عليّاً ، وأخذ العباس جعفراً عليه السّلام.

فتولّى رسول الله صلّى الله عليه وآله منذ ذلك الوقت تربية أمير المؤمنين عليه السّلام ، وتغذيته وتعليمه بنفسه ، وكان يصلّي معه قبل أن تظهر نبوّتُه بسنتين.


[زاد الكراجكي في الخبر قوله :]

فانتخبه لنفسه : واصطفاه لمهمّ أمره ، وعوّل عليه في سِرّه وجهره ، وهو مطاوع لمرضاته ، موفّق للسداد في جميع حالاته.

وكان رسول الله صلّى الله عليه وآله في ابتداء طروق الوحي إليه كلّما هتف به هاتف ، أو سمع من حولهِ رجفة راجف ، أو رأى رؤيا ، أو سمع كلاماً ؛ يُخبر بذلك خديجة وعلياً عليهما السّلام يستسرّهما هذه الحال ، فكانت خديجة تثبّته وتصبّره ، وكان عليّ عليه السّلام يهنّيه ويبشّره ، ويقول له : والله يابن عمّ ، ما كذب عبد المطلب فيك ، ولقد صدقت الكهّان في ما نسبته إليك.

ولم يزل كذلك إلى أن اُمر صلّى الله عليه وآله بالتبليغ ، فكان أوّل مَن آمَن به من النساء خديجة ، ومن الذكور أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب ، وعمره يومئذٍ عشر سنين.


(٣)

مولد عليّ عليه السّلام

من حديث

الإمام أبي عبد الله الصادق

جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن عليه بن أبي طالب عليهم السّلام

والعباس بن عبد المطلب ، ويزيد بن قعنب ، وعائشة

برواية

الفقيه المحدّث الإمام

محمد بن أحمد بن علي بن شاذان أبي الحسن القمي

(من أعلام القرن الخامس)



بِسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيم

روى الشيخ الطوسي في «أماليه» هذا الجزء كلّه ، بسنده إلى ابن شاذان مسنداً عن الصادق عليه السّلام وعن الصحابة.

وهي أحاديث موزّعة في مصادر عديدة :

كمناقب ابن شهر آشوب.

وكتب «معاني الأخبار» و «علل الشرائع» و «الأمالي» للصدوق.

و «روضة الواعظين» للفتّال النيسابوري.

و «بشارة المصطفى» لشيعة المرتضى ، للطبري.

والنصّ المعتمد هنا بكامله ، هو ما أورده الشيخ الطوسي في أماليه ، في المجلس (٤٢) :


بِسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيم

ابن شاذان بالأسانيد :

عن الزهري ، عن عائشة.

وعن أنس بن مالك ، عن العباس بن عبد المطلّب.

وعن أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهما السّلام ، عن آبائه عليهم السّلام.

كان العبّاس بن عبد المطلب ، ويزيد بن قعنب جالسين ما بين فريق بني هاشم إلى فريق عبد العزّي ، بإزاء بين الله الحرام ، إذ أتتْ فاطمة بنت أسد بن هاشم اُمّ أمير المؤمنين عليه السّلام ، وكانت حاملاً بأمير المؤمنين عليه السّلام لتسعة أشهر ، وكان يوم التمام.

قال : فوقفت بإزاء البيت الحرام ، وقد أخذها الطلق ، فرمت بطرفها نحو السماء وقالت :

أي ربّ إنّي مؤمنةٌ بك ، وبما جاء به من عندك الرسل ، وبكلّ نبيّ من أنبيائم ، وبكلّ كتاب أنزلت ، وإنّي مصدّقة بكلام جدّي إبراهيم الخليل ، وأنّه بنى بيتك العتيق ، فأسألك بحقّ هذا البيت ومَن بناه ، وبهذا المولود الذي في أحشائي الّذس يكلّمني ويؤنسني بحديثه ، وأنا موقنة أنّه إحدى آياتك ودلائلك ؛ لمّا يسّرت عليَّ ولادتي.

قال العبّاس بن عبد المطلب ويزيد بن قعنب : لمّا تكلّمت فاطمة بنت أسد ، ودعت بهذا الدعاء ، رأينا البيت قد انفتح من ظهره ، ودخلت فاطمة فيه ، وغابت من أبصارنا ، ثمّ عادت الفتحة ، والتزقت بإذن الله تعالى.


فرمنا أن نفتح الباب ليصل إليها بعض نسائنا ، فلم ينفتح الباب ، فعلمنا أنّ ذلك من أمر الله تعالى.

وبقيت فاطمةٌ في البيت ثلاثة أيّام به.

قال : وأهل مكّة يتحدّثون بذلك في أفواه السكك ، وتتحدّث المخدّرات في خدورهنّ.

قال : فلمّا كان بعد ثلاثة أيّام ، انفتح البيت من الموضع الذي كانت دخلت فيه ، فخرجت فاطمةٌ وعليٌ على يديها ، ثمّ قالت :

معاشر الناس إنّ الله عزّ وجل اختارني من خلقه ، وفضّلني على المختارات ممّن مضى قبلي.

وقد اختار الله آسية بنت مزاحم ، فإنّها عبدت الله سرّاً في موضعٍ لا يحبّ أن يعبد الله فيه إلّا اضطراراً.

ومريم بنت عمران حيث اختارها الله ، ويسّرت عليها ولادة عيسى ، فهزّت الجذع اليابس من النخلة في فلاةٍ من الأرض حتّى تساقط عليها رطبّاً جنيّاً.

وإنّ الله تعالى اختارني وفضّلني عليهما ، وعلى كلّ مَن مضى قبلي من نساء العالمين ، لأنّي ولدتُ في بيته العتيق ، وبقيتُ فيه ثلاثة أيّام ، آكل من ثمار الجنّة وأرزاقها.

فلما أردتُ أن أخرجَ وولدي على يدي هتف بي هاتفٌ وقال :

«يا فاطمة ، سميّةِ عليّاً ، فأنا العليُّ الأعلى ، وإنّي خلقته من قدرتي ، وعزّ جلالي ، وقسط عدلي ، واشتققتُ اسمه من اسمي ، وأدّبته بأدبي ، وفوّضت إليه أمري ، ووقّفته على غامض علمي ، ووُلِدَ في بيتي ، وهو أوّل مَن يؤذّن فوق بيتي ، ويكسر الاصنام ، ويرميها على وجهها ، ويعظّمني ، ويمجّدني ، ويهلّلني ، وهو الإمام بعد حبيبي ونبيّي ، وخيرتي من خَلقي محمّد رسولي ، ووصيّه ، فطوبى لمن أحبّه ونصره ، والويل لمن عصاه وخذله ، وجحد حقّه».


قال فلمّا رآه أبو طالب سرّه ، وقال علي : السلام عليك يا أبه ، ورحمة الله وبركاته.

قال : ثم دخل رسول الله صلّى الله عليه وآله ، فلمّا دخل اهتزّ له أمير المؤمنين ، وضحك في وجهه ، وقال : السلام عليك يا رسول الله ، ورحمة الله وبركاته.

قال : ثمّ تنحنحَ بإذن الله تعالى وقال : (بسم الله الرحمن الرحيم * قَد أَفلَحَ الْمؤمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ) (١) ـ إلا آخر الآيات ـ.

فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله : قد أفلحوا بك ، وقرأ تمام الآيات إلى قوله : (أُوْلَئِكَ هُمْ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ).

فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله : «أنت والله أميرهم ، تميرهم من علومك فيمتارون ، وأنت والله دليلهم وبك يهتدون».

ثم قال رسول الله صلّى الله عليه وآله لفاطمة : «اذهبي إلى عمّه حمزة ، فبشّريه به».

فقالت : فإذا خرجتُ أنا فمن يروّيه؟

قال : «أنا اُروّيه».

فقالت فاطمة : أنتَ تروّيه؟

قال : نعم.

فوضع رسول الله صلّى الله عليه وآله لسانه في فيه ، فانفجرتْ منه اثنتا عشرة عيناً.

قال : فسمّي ذلك اليوم «يوم التروية».

فلمّا أن رجعتْ فاطمة بنت أسد رأتْ نوراً قد ارتفع من عليٍّ إلى عنان السماء.

قال : ثمّ شدّتْه وقمّطتْه بقماطٍ ، فبتر القماط.

__________________

(١) سورة المؤمنون : ١ ـ ٢.


قال : فأخذت فاطمة قماطاً جيّداً ، فشدّته به ، فبتر القماط ، ثمّ جعلته قماطين ، فبترهما ، فجعلته ثلاثة فبترها ، فجعلت أربعة أقمطة من رِقّ مصر لصلابته ، فبترها ، فجعلته خمسة أقمطة ديابج لصلابته ، فبترها كلّها ، فجعلته ستّةً من ديابج وواحداً من الأدم ، فتمطّى فيها ، فقطعها كلّها بإذن الله.

ثمّ قال بعد ذلك : يا اُمّه ، لا تشدّي يدي ، فإنّي أحتاج إلى أن اُبصبص لربّي بإصبعي.

قال : فقال أبو طالب عند ذلك : إنه سيكون له شأن ونبأ.

فلمّا كان من غدٍ دخل رسول الله صلّى الله عليه وآله على فاطمة ، فلما بصر عليّ عليه السّلام برسول الله صلّى الله عليه وآله ضحك في وجهه ، وأشار إليه أن خُذني إليك ، واسقني ممّا سيقتني بالأمس.

قال : فأخذه رسول الله صلّى الله عليه ، فقالت فاطمة : عرفه وربّ الكعبة.

قال : فلكلام فاطمة سمّي ذلك اليوم يوم عرفة.

فلمّا كان اليوم الثالث ، وكان العاشر من ذي الحجة ، أذّن أبو طالب في الناس أذاناً جامعاً ، وقال : هَلمّوا إلى وليمة ابني عليٍّ.

قال : ونحر ثلاثمائة من الإبل ، وألف رأس من البقر والغنم ، واتخذ وليمةً عظيمةً.

وقال : معاشر الناس ألا مَن أراد من طعام عليًّ ولدي فهلُمّوا ، وطوفوا بالبيت سبعاً ، وادخلوا وسلّموا على ولدي عليًّ ، فإنّ الله شرّفه.

ولفعل أبي طالب شرّف يوم النحر.



(٤)

علي عليه السّلام وليد الكعبة

تأليف

العلّامة الحجّة المحقّق

الشيخ محمد علي الأُوردبادي الغروي

(١٣١٢ ـ ١٣٨٠ ه)



بِسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيم

هذا الكتاب معروف.

وقد طبع عام (١٣٨٠ ه) في النجف ، وصوّر من تلك الطبعة أكثر من مرّة.

وطبع عام (١٤١٢ ه) بتحقيق قسم الدراسات في مؤسسة البعثة ـ قم.

ومؤلّف الكتاب كذلك معروف بعلمه وفضله ، وبأدبه وعبقريته في نظم الشعر.

كما هو معروف بالأخلاق الكريمة ، والزهد والعفّة والتواضع ، والسخاء العلميّ ، حيث كان يقدّم مجهوداته القيّمة للآخرين ليتمتّعوا بطباعتها بأسمائهم.

كما أنّه كان يقدّم خدماته للكتّاب والمؤلّفين بمراجعة أعمالهم وتنقيحها وتهذيبها ، وبالأخصّ من الناحية الأدبية الإنشائية.

ونقدّم هنا نصّ الكتاب معتمدين الطبعة المحقّقة ، مع إكمالها بما حذف منها من النصوص الفارسية شعراً ونثراً.

وقد أكملنا ذلك بالاعتماد على الطبعة الاُولى المطبوعة في النجف عام (١٣٨٠ ه) بتقديم سبط المولّف السيّد مهدي الشيرازي.


بِسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيم

حديث المولد الشريف وتواتره

إنّ المنقّب في التأريخ والحديث جِدَّ عليم بأنّ هذه الفضيلة من الحقائق التي تطابق على إثباتها الرواة ، وتطامنت (١) النفوسُ على اختلاف نزعاتها على الإخبات (٢) بها ،؟ حيث لا يجد قَطُّ غَميزةً (٣) في إسنادها ، ولا طعناً في أصلها ، ولا منتدحاً (٤) للكلام على اعتبارها ، وتضافر النقل لها ، وتواتر الأسانيد إليها ، وإن وَجَدَ حولها صَخباً من شذّاذ الناس وطأه بأخمص حجاه (٥) ، وأهواه إلى هُوّة البطلان السحيفة.

قال الحافظ أَبو عبد الله ، محمّد بن عبد الله ، الحاكم النّيسابوري ، المتوفى سنة (٤٠٥ ه) في (المستدرك) في باب مناقب حكيم بن حزام (٦) ، عن مصعب بن

__________________

(١) تطامنت : من أطمان ، أي سكنت. القاموس المحيط ـ طمن ـ ٤ : ٢٤٧.

(٢) الإخبات : الخضوع والتسليم. مجمع البحرين ـ خبت ـ ٢ : ١٩٩.

(٣) الغميزة : العيب ، المعجم الوسيط ـ غمز ـ ٢ : ٦٦٢.

(٤) المنتدح : المتسع. الصحاح ـ ندح ـ ٢ : ٩١٠.

(٥) الحجا : العقل. الصحاح ـ حجا ـ ٦ : ٢٣٠٩.

(٦) حكيم بن حزام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى القرشي الأسدي ، أبو خالد المكي ، وعمّته خديجة زوج النبيّ صلّى الله عليه وآله ، قيل ولد قبل عام الفيل بثلاث عشرة سنة. ومات سنة خمسين ، وقيل غير ذلك. جمهرة أنساب العرب : ١٢١ ، وتهذيب الكمال ٧ : ١٧٠ / ١٤٥٤.

ولو راجعنا المصادر التي روت ولادة حكيم في الكعبة للفت انتباهنا فيها اُمور ، منها الإرسال وانقطاع السند الذي لم يخلُ من ضعيف أو منكر الحديث ، كمصعب بن عبد الله ، ولمتابعة هذه الاُمور راجع الكتاب التالي في هذه المجموعة ، بقلم الاُستاذ شاكر شبع النجفي.


عبد الله : أنّ اُمّ حيكيم بن حزام (١) ولدته في الكعبة ، ضربها المخاض وهي في جوفها : ولم يُولَد قبلَه ولا بعدَه في الكعبة أحدٌ (٢).

قال الحاكم : وَهَمَ مصعب في الحرف الأخير ، وقد تواترت الأخبار أنّ فاطمة بنت أسد ولدت أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب ـ كرّم الله وجهه ـ في جوف الكعبة.

والحاكم مَن أذعن الكلّ بثقته وحفظه وضبطه ، وتقدّمه في العلم والحديث والرجال ، والمعاجمُ طافحةٌ بإطرائه والثناء عليه ، والكتبُ مفعمةٌ بالاحتجاج به ، والركون إليه ، وتأليفه شاهدةٌ بنبوغه وتضلّعه ، فناهيك به حاكماً بتواتر الحديث.

وقد وافقه على ذلك النصّ من أفذاذ علماء أهل السنة : شاه ولي الله أحمد بن عبد الرحيم المحدّث الدهلوي (٣) والد عبد العزيز الدهلوي : مصنّف (التحفة الاثنا عشريّة) في الردّ على الشيعة ، قال في كتابه (إزالة الخفاء) :

«قد تواتر الأخبار أنّ فاطمة بنت أسد ولدت أمير المؤمنين علياً في جوف الكعبة ، فإنّه وُلِدَ يوم الجمعة ، الثالث عشر من شهر رجب ، بعد عام الفيل بثلاثين سنة ، في الكعبة ، ولم يُولد فيها أحدٌ سواه قبلَه ولا بعدَه» (٤).

__________________

(١) هي بنت زهير ، واختلف في اسمها ، وقد تصحّفت لفظة (بنت) في بعض المصادر من (ابن) فقالوا : اُم حكيم بنت حزام ، والصواب أنّها اُم حكيم بن حزام ، وذكر أنّها اُسرت يوم بدر ، ثم أسلمت وبايعنت. الإصابة ٤ : ٤٤٤ / ١٢٢٩ ، واُسد الغابة ٤ : ٥٧٧.

(٢) المستدرك ٣ : ٤٨٣.

(٣) أبو عبد العزيز ، ولي الله بن مولوي عبد الرحيم ، الدهلوي الهندي الحنفي ، المتوفى سنة (١١٧٩ ه) ، له تصانيف عديدة ، هدية العارفين ٦ : ٥٠٠ ، ومعجم المؤلفين ٤ : ٢٩٢.

(٤) إزالة الخفاء ٢ : ٢٥١٢ ، ط. الهند.


والحاكم في انقل السابق عنه ، وإن لم يذكر وقت الولادة ، ولا شهرها ولا سنتها ، لكن حمل إلينا ذلك عنه الحافظ أبو عبد الله محمد بن يوسف بن محمد القرشي الكنجيّ الشافعيّ ، المتوفى سنة (٦٥٨ ه) في كتابه (كفاية الطالب) الذي ذكره الچلبيّ في (كشف الظنون) ونقل عن ابن الصبّاغ المالكيّ في (فصوله المهمّة) واحتجّ بن ابن حَجَر.

قال : «أخبرنا الحافظ أبو عبد الله ، محمّد بن محمود النّجار ، بقراءتي عليه ببغداد ، قلت له : قرأتُ على الصفّار بنيسابور : أخبرتني عمّتي عائشة ، أخبرنا ابن الشيرازيّ ، أخبرنا الحاكم أبو عبد الله ، محمّد بن عبد الله الحافظ النّيسابوريّ ، قال :

وُلِدَ أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب بمكّة في بيت الله الحرام ، ليلة الجمعة ، لثلاث عشرة ليلة خلت من رجب ، سنة ثلاثين من عام الفيل ، وزلم يولد قبله ولا بعده مولودٌ في بيت الله الحرام سواه ، إكراماً له بذلك ، وإجلالاً لمحلّه في التعظيم» (١).

وقال شهاب الدين ، أبو الثناء ، السيّد محمود الآلوسي المفسّر في (شرح عينية عبد الباقي أفندي العمري) عند قول الناظم :

أنتَ العليُّ الذي فوقَ العُلا رُفعا

بِبَطْنِ مكّةَ عند البيت إذْ وُضِعا

«وفي كون الأمير ـ كرّم الله وجهه ـ وُلِدَ في البيت ، أمرٌ مشهورٌ في الدنيا ، وذُكِرَ في كتب الفريقين السنّة والشيعة ـ إلى قوله ـ :

__________________

(١) كفاية الطالب : ٤٠٧.

وانظر كشف الظنون ٢ : ١٤٩٧ ، والفصول المهمة : ٣٠ ، ونور الأبصار : ١٥٦ ، ومسارّ الشيعة : ٨٨.


ولم يشتهر وضعُ غيره ـ كرّم الله وجهه ـ كما اشتهر وضعه ، بل لم تتّفق الكلمة عليه.

وما أحرى بإمام الأئمّة أن يكون وضعه فيما هو قِبْلَة للمؤمنين.

وسبحان من يضع الأشياء في مواضعها وهو أحكم الحاكمين» (١).

وإنّ اشتهار الحديث في الدنيا وتداوله في كتب الفريقين لا يعدوه أن يكون متواتراً على الأقلّ ، وهو لا يريد الشهرة والتداول في جيله فحسب ، فهو لا يجديه في تبجّحه بتلك المأثرة الكريمة بقوله : وما أحرى ... وقوله : وسبحان ... ، وجزمه بذلك ، لو كانت الشهرة منقطعاً أوّلها ، فلا محالة أنّه يريد ذلك في كلّ جيل ، وهو الذي لا يبارحه التواتر على الأقلّ.

وأنت ترى أنّه في كلامه هذا لم يأبه بمولد حكيم بن حزام وأوعز إليه بالوهن بقوله : «ولم يشتهر».

كما أنّ الحاكم مع رواية ولادة حكيم في (المستدرك) نفاها في كلامه الأخير الذي أثبته عنه الحافظ الكنجيّ بقوله : ولم يولد ....

ولو كان يُقيم وزناً لتلك الرواية لما ساغ له ذلك الجزم النهائيّ.

وممّا يؤكّد ما قاله أبو الثناء كلمةٌ ثمينةٌ للعلّامة الشريف السيّد حيدر بن عليّ الحسيني العُبيدلي الآملي ، المعاصر لفخر الدين ابن آية الله العلّامة الحليّ قدس سرّه في كتابه (الكشكول فيما جرى على آل الرسول) قال :

«واحتجّ آل رسول الله صلّى الله عليه وآله وجماعةٌ من الأصحاب الذين ثبتوا على دين رسول الله صلّى الله عليه وآله وعلى عهده في ولاية عليّ عليه السّلام بعدّة من الفضائل جعلوها مسنداً لهم عند المفاضلة» (٢). وعدّ فضائل جمّة مسلّمة عند الفريقين.

__________________

(١) شرح الخريدة الغيبة في شرح القصيدة العينية : ١٥. على ما في الغدير ٦ : ٢٢.

(٢) الكشكول : ٨٦.


والرابعة عشر منها : ولادتها في الكعبة.

وقال في اُخريات الكتاب : «خاتمة أذكر فيها شيئاً من مناقب أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام وكراماته التي اختصّة الله بها على أبناء جنسه (١) لا يفتقر ناقلها إلى كتاب ، ولا يحتاج الخصم فيها إلى جواب ، وأرجو أن تكون حجّة المؤالف على المخالف وللمستقيم على المتجانف» (٢). ثم ذكر كرامات كثيرة من المتسالم عليها.

وثانيها : «أنّه وُلِدَ الكعبة ، بالحرم الشريف ، فكان شرفَ مكّة وأصلَ بكَّة (٣) ، لامتيازه بولادته في ذلك المقام المنيف ، فلم يسبقه أحدٌ ، ولا يلحقه أحدٌ بهذه الكرامة ، ولا بلغ أحدٌ ما بلغ من السيادة والنباهة عامّة ، وهو بالأصالة صاحب الإمامة الإبراهيميّة» (٤).

وأنت تعلم أنّ آل محمد صلّى الله عليه وآله وتبعهم من الصحابة والتابعين لم يحتّجوا بتلكم الفضائل ، ولا جعلوها مستنداً لهم في الحجاج على أمرٍ أصليّ في المذهب ، إلّا وعلموا أنّها جمعاء ـ ومنها حديث الولادة ـ مسلّمةٌ عند خصومهم ، كما هي ثابتة لديهم.

فبينَ من شهد الوقف من الصحابة ، ومن رواه عمّن حضره ، وكذلك التابعين.

ثمّ إنّ الكرامات المذكورة إنّما صارت بحيث لا يحتاج صاحبها إلى كتابٍ ، كما ذكره السيّد الشريف ، لتداولها في أيّ كتابٍ يحسبه الخصم حجّةً عليه ، ويراه الموالي معتمداً عنده ، ومثل هذا لا يُلجىء صاحبه إلى إسناد أو ذكر كتاب.

__________________

(١) في الأصل : على أنّ جنسها.

(٢) الكشكول : ١٨٩.

(٣) في المصدر زيادة : وبناء عكّة.

(٤) الكشكول : ١٨٩ ، الكرامة الثانية.


ولذلك السيّد يرجو أن تكون حجّةٍ على المخالف والمتجانف.

وهذا نفس ما مرّ عن أبي الثناء الآلوسيّ من إطّراد الحديث في كتب الفريقين ، واشتهاره في الدنيا.

وقد قلنا : إنّه لا ينفك عن التواتر.

ولذلك قال العلّامة السيّد هاشم التوبليّ البحرانيّ في (غاية المرام) : «إنّ رواية أمير المؤمنين عليه السّلام وُلِدَ في الكعبة بلغت حدّ التواتر ، معلومةٌ في كتب العامّة والخاصّة» (١).

وبمقربة من هذا القول ما قاله العالم البارع السيّد محمّد الهاديّ بن اللوحي الموسويّ الحسيني في كتابه (أُصول العقائد وجامع الفوائد). قال : «كان مولده عليه السّلام في جوف الكعبة على ما روته الشيعة وأهل السنّة ، ولم يشرّف المولى سبحانه أحداً من الأنبياء والأوصياء الشرف ، فهو مخصوص به سلام الله عليه» (٢). انتهى مترجماً من الفارسية وملخّصاً.

فهو يريد أنّ الحديث ممّا تصافقت الأيدي على نقله ، وتطامنت النفوس على روايته ، وأصفقت الجماهير من الفريقين على إثباته ، وذلك الذي نريد إثباته ، وبه يثبت التواتر.

ولقد قال بعض العلماء في مؤلّف له : «إنّ حديث الولادة في البيت نقله جلّ أصحاب التأريخ.

والمشهور ما بين الخاصّة والعامّة : أنّه وُلِدَ بين العمودين على البَلاطة الحمراء».

__________________

(١) غاية المرام : ١٣.

(٢) أُصول العقائد : ١٦٥.


وفي كتاب آخر لبعض الأعلام : «وخبر ولادته هناك ـ يعني في البيت ـ مشهورٌ والكتاب به مملوءةٌ ، وروايته متواترةٌ عند الفريقين».

وفي علمائنا من لا يأبه بغير المتواتر ، حيثما تعمل فيه العلماء بالآحاد ، ولذلك رفضوا أخباراً كثيرة لأنّها لم تخرج مخرج التواتر.

ومن أُولئك من أثبت حديث المولد المبارك جازماً به من غير شكٍّ فيه ، ولا إردافٍ له بنقدٍ في متنه ، أة ردّ لإسناده ، وما ذلك إلّا لأنّهم اعتقدوا فيه ما اعتقده غيرهم ممّن وقفت على كلماتهم من التواتر.

فمنهم : أمين الإسلام شيخ المفسّرين ، الفضل بن الحسن بن الفضل الطبرسي صاحب (مجمع البيان) ، المتوفّى سنة (٥٤٨ ه) في كتابه (إعلام الورى) فقد أثبتتأريخ الولادة كما عرفته من اليوم والشهر والسنة ، وأنّها بمكّة في البيت الحرام ، وقال : «ولم يُولد في بيت الله تعالى مولودٌ سواه لا قبله ولا بعده ، وهذه فضيلةٌ خصّه الله تعالى بها إجلالاً لمحلّه ومنزلته ، وإعلاءً لقدره» (١).

وأنت تعلم أنّ الإمام الطبرسيّ لم يكُ بالذي يشذُّ هاهنا عمّا أسّسه للعلم والعمل في باب أخبار الآحاد ، وجرى عليه في غير مورد من خصوص هذا الكتاب ، من ردّ أحاديث أخرجت مخرجها ، ولا كان يثبت في كتابٍ ألّفه في الإمامة وبيان الحجّة عليها ومواقف أصحابها من الفضيلة والشرف إلّا ما تعترف به الاُمّة على بكرة أبيها ، وترويها في أجيالها وأدوارها.

ومن اُولئك : علم الهدى ، ذو المجدين ، الشريف المرتضى ، المتوفى سنة (٤٣٦ ه) في شرح القصيدة المذهّبة للسيد الحميري ، قال :

__________________

(١) إعلام الورى : ١٥٣ ، وانظر تاج المواليد : ١٢.


«ورُوِيَ : أنّها ـ يعني فاطمة بنت أسد ـ ولدته في الكعبة ، ولا نظير له في هذه الفضيلة» (١).

ليس قصده من إيرادها بلفظ «رُويَ» إسنادها إلى رواية مجهولة ، وإنّما جرى فيها على دينه في هذا الكتاب من سرد الحقائق الراهنة ، مقطوعةً عن الأسانيد لشهرتها ، وتضافر النقل لها ، تداولها في الكتب لفتاً للأنظار إليها ، وإشاذة بذكرها على نحو الاختصار ، وعلى ذمّة الباحث إخراجها من مظانّها.

ولذلك تراه يقول بعد الرواية غير متكّيء ولا مُتَلعثِم : «ولا نظير له ...» كجازمٍ بحقيقتها ، مؤمنٍ بصحّتها وتواترها ، وإلّا لَلَفظها كما هودأبه في غير واحد من الأحاديث.

ولم يشذّ عنه أخوه الشريف الرضيّ ، المتوفّى سنة (٤٠٦ ه) في (خصائص الأئمّة) قال : «وُلِدَ (٢) في البيت الحرام ، لثلاث عشرة ليلة خلت من رجبٍ ، بعد عام الفيل بثلاثين سنة ، واُمّه فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف ، وهو أوّل هاشميّ في الإسلام ولد من هاشمٍ مرّتين ، ولا نعلم مولوداً في الكعبة غيره» (٣).

ومن عرف الشريف ونفسيته العالية ، وأخذه الحذر عمّا يمسّ شرفه وكرامة نفسه في القول والعمل ، يعلم أنّه لم يتلفّظ بهذه الكلمة ، إلّا بعد أن وجدها حقيقةً ناصعة ، يذعن بها نُقّاد فنّ الحديث ، وناهيك به خطراً لها واعتباراً.

ولقد حذا حذوَ الشريفين شيخُ الطائفة ، الإمامُ المقدّمُ أبو جعفر ، محمّد بن الحسن الطوسي ، المتوفّى سنة (٤٦٠ ه) في كتابه (التهذيب) الذي هو ثالث

__________________

(١) شرح القصيدة المذهّبة : ٥١.

(٢) في الخصائص : ولد عليه السّلام بمكّة.

(٣) خصائص الأئمّة : ٣٩.


الكتب الأربعة المعوّل عليها عند الشيعة جمعاء ، قا لكتاب المزار من (التهذيب) : «ولد بمكّة في البيت الحرام يوم الجمعة» (١).

وذكر التأريخ كما ذكره الشريف الرضيّ.

وروى في (مصباح المتهجّد) تأريخ شهر الولادة ومحلّها ، كذلك عن ابن عيّاش : «قيل النبوّة باثنتي عشرة سنة» (٢).

وعن عتّاب بن اُسيد : «وللنبيّ ثمانٍ وعشرون سنةً ، وقبل نبوّته باثني عشر عاماً ، يوم الجمعة» (٣).

ومن اُولئك العلماء الذين لم يُقيموا لأخبار الآحاد وزناً ، شيخٌ الشيعة واُستاذ علمائها ، رئيس الأُمّة ، الشيخ المفيد ، أبو عبد الله ، محمّد بن محمّد بن النعمان ، علمائها ، رئيس الأُمّة ، الشيخ المفيد ، أبو عبد الله ، محمّد بن محمّد بن النعمان ، المتوفى سنة (٤١٣ ه) قال في (الإرشاد) : «ولد بمكّة في البيت الحرام يوم الجمعة».

وتاريخ الشهر والسنة كما عرفت.

ثمّ قال : «ولم يولد قبلَه ولا بعدَه مولودٌ في بيت الله سواه ، إكراماً من الله جلّ اسمه له بذلك ، وإجلالاً لمحلّه في التعظيم» (٤).

وذكره في (المقنعة) أيضاً (٥).

وفي (مسارّ الشيعة) له ، أرسل ولادته عليه السّلام في البيت إرسال المسلّم ، وذكر التاريخ ، غير أنّه اختار فيه أنّها في الثالث والعشرين من رجب قال : «وهو يوم مسرّة لأهل الإيمان» (٦).

__________________

(١) التهذيب ٦ : ١٩.

(٢) مصباح المتهجّد : ٧٤١.

(٣) مصباح المتهجّد : ٧٥٤.

(٤) الإرشاد : ٩.

(٥) المقنعة : ٧٢.

(٦) مسارّ الشيعة : ٣٥.


والشيخ المفيد مَن عَرَفته الاُمّة بالنقد والتمحيص ، وأنّه كيف كان يردّ الأخبار لأدنى علّةٍ في أسانيدها أو متونها ، ويتردّد في مفادها ، يعرف ذلك كلّه مَن سَبَرَ كتبه ورسائله ومسائله.

أو هل تراه ـ مع ذلك ـ يعدل عن خطّته القويمة ، فيرمى القول على عواهنه (١) بذكر الواهيات على سبيل الجزم بها ، لا سيّما في كتاب (الإرشاد) الذي قصد فيه إعلاء ذكر آل محمد صلّى الله عليه وآله والتنويه بفضلهم وإمامتهم وتقدّمهم فيهما.

فهل يذكر فيه إلّا ما هو مسلّم بين الفريقين ، أو الملأ الشيعي على الأقلّ؟!

وتبع الشيخ الأجلّ معاصره النّسابة ، نجم الدين ، الشريف أبو الحسن ، عليّ ابن أبي الغنائم محمّد ، ويعرف بابن الصوفي ، ابن عليّ بن محمد بن محمد بن أحمد بن علي بن محمّد الصوفي بن يحيى بن عبد الله بن محمد بن عمر بن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام ، المنتقل من البصرة إلى الموصل سنة (٤٢٣ ه) والموجود بعد سنة (٤٤١ ه) ، قال في (المَجدي) : «وَوَلَدَت ـ يعني فاطمة بنت أسد ـ علياً عليه السّلام في الكعبة ، وما وُلِدَ قبلَهُ أحدٌ فيها» (٢).

والنّسابة العمري هذا ـ ذكر رضيّ الدين السيّد ابن طاووس في (الإقبال) ـ أنّه أفضل علماء الأنساب في زمانه ، وهو يروي عن الشيخ الصدوق ، ويروي عنه غير واحد.

وكتاب (المَجدي) له ، معوّلٌ عليه لدى كافّة الأصحاب ، وسكن إليه عامّة النسّابين ، فما يرويه فيه حجّة في مفاده.

روى شيخنا المفيد ، وشيخنا الشهيد في مزاريهما ، والسيد ابن طاووس في (مصباح الزائر) في لفظ الزيارة الذي علّمه الإمام الصادقُ عليه السّلام محمّد بن

__________________

(١) ألقى الكلام على عواهنه : لم يتدبره. لسان العرب ـ عهن ـ ١٣ : ٢٩٧.

(٢) المجدي : ١١.


مسلم الثقةَ الجليل لأمير المؤمنين عليه السّلام ، في يوم مولد النبيّ صلّى الله عليه وآله في السابع عشر من ربيع الأوّل ما نصّة : «السلام عليك يا مَن وُلِدَ في الكعبة ، وزوّج في السماء بسيّدة النساء ...».

ثمّ قال بعد سرد فضائل جمّة له عليه السّلام : «السلام على المخصوص بالطاهرة التقيّة ابنة المختار ، المولد في البيت ذي الأستار ...» (١).

وفي زيارة لأمير المؤمنين عليه السّلام اُخرى مطلقة ، ذكرها السيّد ابن طاوس في (مصباح الزائر) أوّلها بعد التكبيرات الأربع والثلاثين : «سلامُ الله وسلامُ ملائكته المقرّبين ، وأنبيائه المرسلين ، وعباده المخلصين» ، ما لفظه : «السلام على المولود في الكعبة ، المزوّج في السماء» (٢).

لقد علم النياقد الباحثون أنّ المغزى من إنشاء ألفاظ الزيارات المخصوصة منها والمطلقة ، وتلاوتها في المشاهد المقدّسة ، حيث المحاشد والمجتمعات العامّة ، ليس إلّا الإشادة بذكر أئمّة الدين ، والتنويه بفضائلهم ، والتذكير بمزاياهم ، وإشهار أمرهم ، وإحياء ذكرهم.

وإنّما أنهوها إلى الشيعة لتتلوها آناء الليل وأطراف النهار في المواسم ، وبين زَرافات المترادفين إلى مراقد أئمّة الدين عليهم السّلام فيقف مَن يتلوها أو يسمعها على مقامهم الرفيع ، ومحلّهم من الشرف ، ومتبوّءهم من الخطر ، فتُخبتَ قلوبهم ، وتثلج صدورهم ، ويلفت النائي عنهم إلى ما حووه من المجد المؤثّل (٣) ، والكرامة على الله ، والزّلفة منه ، فتكون فيها دعايةٌ إلى ولائهم ، واحتجاجٌ

__________________

(١) في بحار الأنوار ١٠٠ : ٣٧٤ عن المزارين ، والإقبال : ٦٠٨ ، ومصباح الزائر : ١٠٦ ، والمزار الكبير (لابن المشهدي) : ٢٦٧ و ٢٧١ (مخطوط).

(٢) مصباح الزائر : ١٠٦ ، وبحار الأنوار ١٠٠ : ٣٠١ ـ ٣٠٢ عنه.

(٣) تأثّل لشيء : تأصّل وتعظّم. القاموس المحيط ـ أثل ـ ٣ : ٣٣٧.


لإمامتهم ، وإصحار (١) بتقدّمهم للأمر ، وهداية إليهم ، وإرشاد إلى سلوك خطّتهم.

فهل يكون ذلك كلّه إلّا بسرد ما هو المشهور الدائر بين حَمَلَة الحديث المقبول لدى الأُمّة حمعاء ، المطردّ عند أهب السير والأثريين.

ولو عداه ذلك لكان غميزةً في أئمّة الهدى بالتعليم بالسّفاسف ، وفي شيعتهم بالتبجّح بالواهيات ، وفي المذهب بابتنائه على شفا جُرفٍ هارٍ.

وممّا يقرّب من هذا نظمُ السيّد الحميري ، المتوفّى سنة (١٧٩ ه) كما نصّ به القاضيّ التستريّ في (المجالس) ذلك ، على ما جاء في (المناقب) لابن شهر آشوب ، وابن الفتّال الشهيد في (روضة الواعظين) قال :

وَلَدَتهُ في حرم الإله وأمنهِ

والبيت حيثُ فناؤه والمسجدُ

بيضاءُ طاهرةُ الثياب كريمةٌ

طابَتْ وطابَ وليدُها والمولدُ

في ليلةٍ غابَـت نحوسُ نُجومها

وبَدَتْ مع القمرِ المنيرِ الأسْعُدُ

ما لُفّ في خِرَقِ القوابلِ مثلُهُ

إلّا ابنُ آمنةَ النبيِّ محمّدُ(٢)

وله :

طِبْتَ كَهْلاً وغُلاماً

ورَضيعاً وجَنينا

ولدى المِيثاقِ طِيناً

يومَ كان الخَلْقُ طِينا

وببَطْنِ البيتِ مولُو

داً وفي الرَمْلِ دَفينا

كنتَ مأمُوناً وَجيهاً

عندَ ذي العرش مَكينا

في حِجابِ النُور طُهْراً(٣)

طَيّباً للطاهِرينا

عندَ ساق العَرْش مَعْ طـٰ

ـه تؤمُّ الساجِدينا (٤)

__________________

(١) أصحر بالأمر : أظهره. أساس البلاغة ـ صحر ـ : ٢٤٩.

(٢) مناقب ابن شهر آشوب ٢ : ١٧٥ ، وروضة الواعظين : ٨١ ، وأعيان الشيعة ١ : ٣٢٤.

(٣) في المناقب : حياً.

(٤) مناقب ابن شهر آشوب ٢ : ١٧٦.


 

فلم يكن التنويهُ هذه المأثره الجليلة في القرن الثاني من مثل السيّد الحميريّ الذي كان يسيرُ بشعره الركبانُ ، إلّا بعد ما نالتْ من الشهرة والثبوت حظوةً وافيةً ، فإنّه في جهاده ونضاله مع أعداء أهل بيت الوحي بحجاجه المتواصل ، ونظمه البديع ، لم يكن بالذي يفضحُ نفسه ، ولا الذي كان يصبو إلى ولائهم بالتشبّث بالواهيات ، أو ما لا تعرفه الناس ، أو لا تعترف به.

فما كان يُصْحِرُ به يجبُ في شريعة المناظرة أن يكون حقيقةً ثابتةً لدى مناوئيه في الأنضواء إلى عترة الوحي وسُلالة النبوّة ، وهم السواد الأعظم يومذاك ، ملأوا الفضاء صخباً وطنيناً في الانحياز عن أولئك الأئمّة ، وكلانوا ينكرون ما يسعهم إنكاره من فضائلهم غير ما تضافر به النقلُ ، وتواترت الأسانيدٌ في نقله.

فلم يدع بقوّته لهم منتدَحاً لدحضه ، وما كانت الشيعة يومئذٍ تحتجّ عليهم إلّا بما هذا سبيله.

ولذلك إنّا نعدّ نظم السيّد الحميريّ هذا أثبت لمفاده من أسانيد متساندة.

وسيوافيك أنّ حديث الولادة هذا كان كما وصفناه في القرون الأُولى ، وإن لم يَعُد أن يكون كذلك فيما بعدها وإلى العصر الحاضر.

وممّن نظّم القصّة محمد بن منصور السّرخسي كما في (مناقب ابن شهر آشوب) وفي شرح نهج البلاغة الموسوم بـ (منهاج البراعة) للعلّامة الكبير الحاج ميرزا حبيب الخوئي ، قال :

ولدتْهُ منجبةٌ وكان وٍلادُها

في جوف كعبة أفضل الأكنان (١)

وسقاه ريقتَهُ النبيُّ ويالها

من شربةٍ تُغني عن الألبانِ

__________________

(١) الأكنان : جمع كِنّ وهو ما كنّ وستر من الحر والبرد. مجمع البحرين ـ كنن ـ ٦ : ٣٠٢.


حتّى ترعرعَ سَيّداً سَنَداً رِضاً

أسداً شديدَ القلب غيرَ جَبان

عَبَدَ الإلهَ مع النبيّ وإنّهُ

قد كانَ بعدُ يُعَدّ في الصبيانِ (١)

وهذا أحدُ الشعراء القدماء من مادحي أهل البيت النبويّ الطاهر قبل القرن السادس.

والقول في نظمه هذه المنقبة الجليلة يقربُ ممّا أسمعنا كه في شعر السيّد الحميري.

فإنّ صاحب الحجّة لا يستهين الغَميزة فيما يقول : مهما بلغ من الخلاعة وعدم الاكتراث ، ورمي القول على عواهنه في المعاني الشعريّة ، فإذا كان شعره قصيصياً يربو بنفسه عن القذف والرمي بالإفك ، فهو لم يَصُغ تلك المدحةَ في قالب الشعر حتّى حسبها كما هيَ كذلك ، متضافرةَ الإسناد ، موصولة الطُرُقِ ، في كلّ جيل ، عند المؤالفِ والمخالف.

ويقربُ من هذا ما جاء في داليةٍ كبرى علويةٍ ، كلّها مديحٌ واحتجاجٌ ، لشاعر أهل البيت عليهم السّلام ، الفاضل البارع علاءُ الدين ، الشيخ عليّ الشفهيني الحلّيّ ، المتوفّى في حدود السبعمائة بالحلّة ودُفن بها ، قال :

أمْ هَلْ ترىٰ في العالَمينَ بأسرهم

بَشَراً سِواه بيت مكّةَ يُولَدُ؟

في ليلةٍ جبريلُ جاءَ بها مع الـ

ـمَلَك (٢) المقدّس حولَه يتعبّدُ

فلقد علا شَرَفاً بذاك كما بِهِ

شَرَفاً علا كلَّ (٣) البقاع المسجدُ (٤)

__________________

(١) مناقب ابن شهر آشوب ٢ : ١٧٥ ، ومنهاج البراعة ١ : ٢١٨.

(٢) في الغدير : مع الملأ.

(٣) في الغدير :

فلقد سما مجداً عليُّ كما علا

شرفاً به دون البقاع المسجدُ

(٤) أخرج القصيدة كاملة في الغدير ٦ : ٣٦٠ عن عدّة نسخ خطيّة.


وإنّك تراه كيف يترسّل في سرد الفضيلة كما يترسل الإنسان في أيّ حكم ثابت ، ويجدّ في القضاء كما يفعله العالم بالقضيّة المحيط بأطرافها شؤونها ، وقد دحر عنها أيّ وصمةٍ تعتريها ، أو شائنةٍ تضرب على يده الحكم ، وتصرف قلبه عن الإخبات بها.

وهل يكون ذلك مع آحاد الأخبار التي لا يعرفها إلّا رواتها؟!

وممّا يدرأ عن الحديث إسفافه إلى صفّ الآحاد ما قاله العلّامة الأكبر ثقة الإسلام النوريّ رواية الأخبار ونيقد السِيَر وعَلَم الإحاطة في (اللؤلؤ والمرجان) : «إنّ هذه الفضيلة الباهرة جاءت في أخبار غير محصورة ، ومنصوصٌ بها في كلمات العلماء ، وفي ضمن الخطب والأشعار في جميع الأعصار ، وهي من خصائص الإمام عليه السّلام لم يشاركه فيها نبيّ أو وصيّ ، ولا يبعد كونها من ضروريات مذهب الإمامية ، ولم تزل الشيعة تفتخر بها» (١)

ومهما حملنا قوله : إنّها «جاءت في أخبار غير محصورة» على المبالغة ، فإنّ أقلّ مراتبه أن تكون متواترة.

أضف إليها نصوص العلماء والخطباء والشعراء التي أو عزوا إليها ، فإنّها لا تقلّ عن أن يكون كلّ منها رواية ، فهي معاضدة لذلك التواتر.

أو أنّ منها ينشأ تواتر آخر ، بضميمة تواصلها في كلّ العصور كما صرّح به.

وعلى العلّات فإنّ الجميع لا يعدو أن يكون متواتراً ، ولمكانها من التحقّق لم تزل الشيعة تفتخر بها ، واحتمل أن تكون من ضروريات مذهبهم.

* * *

__________________

(١) الؤلؤ والمرجان : ١٦٣. فارسي.


حديث الولادة الشريفة مشهور بين الاُمّة :

إنّ أيسر ما يسع الباحاث إثباته هو شهرةُ هذا النبأ العظيم.

بنصوص أئمّة الحديث بذلك ، من ناحية.

وبتداول ذكره في الكتب ، من ناحية اُخرى.

وبالتسالم على روايته واطّراد أسانيده ، من جهة ثالثة.

ولها شواهد أُخرى لعلّك تقف عليها في غضون هذه الرسالة إن شاء الله.

قال العلّامة المجدّد للمذهب في القرن الثاني عشر شيخنا المجلسيّ ، المتوفّى ينة (١١١٠ ه) في (جلاء العيون) : «إنّ ولادته عليه السّلا في البيت ، يوم الجمعة الثالث عشر من رجب ، سنة ثلاثين من عام الفيل ، مشهورةٌ بين المحدّثين والمؤرّخين من الخاصّة والعامّة» (١).

وفي (تحفة السلاطين) للمولى محمود بن محمّد عليّ بن محمّد باقر : «إنّ حديث ولادته عليه السّلام في البيت يوم انشقّ جداره لفاطمة بنت أسد فدخلته مشهور ، كالشمس في رائعة النهار» (٢).

ثمّ ذكر شيئاً من أحاديث الباب.

وفي (تحفة المجالس) تأليف السلطان محمد بن تاج الدين حسن : «إنّ الأقرب إلى الصواب أنّه عليه السّلام ولد في الكعبة».

وفي الباب أخبار كثيرة ذكر بعضها ، ثمّ قال : «وفي الأخبار أنّه لم يكن شرف الولادة في البيت لأيّ أحد قبلَه ولا بعدَه» (٣).

__________________

(١) جلاء العيون ١ : ٢٣٢. فارسي.

(٢) تحفة السلاطين ، الجزء الثاني. فارسي.

(٣) تحفة المجالس : ٦٤. فارسي.


وقد عرفت في إثبات تواتر الحديثعن بعض العلماء أنّه نقله جلّ أصحاب التاريخ ، والمشهور بين العامّة والخاصّة أنّه ولد بين العمودين على البلاطة الحمراء.

هذه كلمات ثمينة من مهرة الفنّ ، لا سيّما الكلمة الاُولى التي جاء بها إمام من أئمّة الفقه والحديث ، وأحد مجدّدي المذهب في القرون الإسلامية ألا وهو العلّامة الأكبر محمّد باقر المجلسيّ قدس سرّه أولّ الغائصين في بحار الأخبار ، وأولاهم وأبصر هم بالأحاديث والسير ، وهو يقول بملء فَمِهِ : «إنّ الحديث مشهورٌ بين العامّة والخاصّة من المحدّثين والمؤرّخين» (١).

أفلا تحدوك هذه الشهرة الطائلة بين الاُمّة جمعاء إلى الإخبات به ، على حين أنّ شهرةً كهذه لا يبارحها التواتر في الأسانيد

وإليك ما قاله أحد أسباط هذا الإمام النَيْقَد من أوتاد العلم وعمد المذهب ، ألا وهو : أبو الحسن بن المولى محمد الطاهر بن الشيخ عبد الحميد بن الشيخ موسى بن عليّ بن محمد بن الشيخ معتوق بن عبد الحميد العامليّ النباطيّ الأصبهانيّ ، المتوفّى في عَشْرِ الأربعين بعد سنة (١١٠٠ ه) في كتابه القيّم (ضياء العالمين) عند بحثه عن مولد الإمام عليه السلام ، قال«إنّ الولادة في البيت كانت مشهورة في الصدر الاوّل ، بحيث لم يكن إنكارها ، مع أنّهم ـ يعني أهل الخلاف ـ أنكروها أيضاً أخيراً» (٢).

و (ضياء العالمين) أثبتُ كتابٍ في الإمامة ، ومن أبسط ما أًلّف فيها ، وهو الطراز الأوّل بين لِداته (٣) ، ومن عليةِ كتب الإمامية ، لم يثبت مصنّفه فيه إلّا الحجج الدامغة لتكون مفحمةً للخصم.

__________________

(١) جلاء العيون : ٢٣٢.

(٢) ضياء العالمين ج ٢ (مخطوط).

(٣) أي مثيلاته ، اُنظر الألفاظ الكتابية : ١٥٨.


فهذه الخطّة هي بمفردها كافيةُ في أن لا يذكر فيه مؤلّفه إلّا الحقائق الناصعة. لو قطعنا النظر عن عظمة صاحبه التي دون مدها منقطع الوصف والبيان.

ولقد سلك هذا المسلك بإيراد الحديث مرسلاً له إرسال المسلّم في كتب معقودة للحجاج وإيراد المسلّمات فيها جماعة ، منهم :

جمال الملّة والدين ، آية الله في العالمين ، عَلَم الشيعة ومرجعها الفذّ ، أبو منصور ، الحسن بن يوسف بن عليّ بن المطهّر ، العلّامة الحلّي قدس سرّه المتوفّى سنة (٧٢٦ ه) في كتاب (كشف الحقّ) و (كشف اليقين).

فذكر فيهما محلّ الولادة الميمونة وهي الكعبة ، ويومها وهو الجمعة في الثالث عشر من رجب سنة ثلاثين من عام الفيل ، مع النصّ بأنّه لم يولد أحدٌ سواه فيها قبلَه ولا بعدَه.

وأردف ذلك في الأوّل بفضائل جمّة يأتي ذكرها إن شاء الله ، وذكر أنّه كان عمر النبيّ صلّى الله عليه وآله عندئذ ثلاثين سنة (١).

وكذلك الوزير الشعيد ، بهاء الدين ، أبو الحسن ، عليّ بن عيسى الأربليّ ، المتوفّى سنة (٦٩٢ ه) في (كشف الغمّة) الذي فرغ منه سنة (٦٨٧ ه) فقد وافق العلّامة في يوم المولد وشهره وسنته ، وقال : «ولم يولد في البيت أحدٌ سواه قبلَه ولا بعدَه ، وهي فضيلةٌ خصّة الله بها إجلالاً له وإعلاءً لرُتبته ، وإظهاراً لتكرُمته».

وروى في سنة الولادة أنّها سنة ثمان وعشرين من عام الفيل ، قال : «والأوّل عندنا أصحّ» (٢).

ومثله الشيخ الثقة الثبت أبو عليّ ، محمد بن الحسن بن عليّ بن أحمد ، الحافظ الواعظ الفارسيّ الشهيد النّيسابوري ، ويعرف بـ (ابن الفتّال) من علماء المائة

__________________

(١) نهج الحقّ وكشف الصدق : ٢٣٢ ، وكشف اليقين : ٥.

(٢) كشف الغمّة ١ : ٥٩.


السادسة ، ويروي عن شيخ الطائفة أبي جعفر الطوسيّ ، ف كتابه (روضة الواعظين) فذكر الولادة موافقاً للأربلي في جميع الخصوصيات (١).

ومنهم الحافظ الثقة رشيد الدين محمّد بن عليّ بن شهر آشوب السّرويّ المازندرانيّ ، المتوفّى سنة (٥٨٨ ه) فإنّه قال في (مناقبه) بعد أن روى أحاديث في مولد الإمام عليه السّلام : «فالولد الطاهر من الطاهر ولد في الموضع الطاهر ، فأين توجه هذه الكرامة لغيره؟

فأشرف البقاع الحرمُ ، وأشرف الحرم المسجدُ ، وأشرف بقاع المسجد الكعبةُ ، ولم يولد فيها مولودٌ سواه ، فالمولودُ فيها يكون في غاية الشرف.

وليس المولود في سيّد الأيام يوم الجمعة ، في الشهر الحرام ، في البيت الحرام سوى أمير المؤمنين عليه السّلام» (٢).

ومن أُولئك العلماء الأعاظم شمس الدين ، أبو الحسين ، يحيى ين الحسن بن الحسين بن عليّ بن محمّد الأسدي الحلّي الرّبعي المعروف بـ (ابن بطريق) ، المتوفّى سنة (٦٠٠ ه) في شعبان ، في كتابه (العمدة) فقد جزم فيه بولادته عليه السّلام في البيت يوم الجمعة في الثالث عشر من رجب سنة ثلاثين من عام الفيل.

قال : «ولم يولد قبلَه ولا بعدَه مولودٌ في بيت الله سواه» (٣).

ومنهم العلّامة الشيخ عليّ بن محمّد بن يونس البياضيّ العاملي ، في كتابه (الصراط المستقيم) ذلك الكتاب الضخم الفخم الحافل بالحجج النيرّة ، قال بعد تمام القول عن أمير المؤمنين عليه السّلام وإمامته ومناقبة : «تتمّة : لمّا انتهت بي الحال إلى هذا المقال ، أحببتُ أن أُنوّر كتابي بتواريخ هذه الأقيال (٤)،

__________________

(١) روضة الواعظين : ٧٦.

(٢) مناقب ابن شهر آشوب ٢ : ١٧٥.

(٣) العمدة : ٣٤.

(٤) جميع قَيل ، وهو الملك النافذ القول والأمر. لسان العرب ـ قول ـ ١١ : ٥٧٦.


ومناصع مواليدهم (١) ، ومواضع قبورهم ، فاخترت ما ارتجزه السيّد الحسيب النسيب ، ذو المجد السديد ، السيّد حسين بن شمس الحسيني» وذكر الاُرجوزة ومنها في تاريخ :

ومولدُ الوصيّ أيضاً في الحرم

بكعبة الله العليّ في الكرم

من بعد عامِ الفيلِ في الحساب

عشر وعشرين بلا ارتيابِ (٢)

والبياضيّ من علماء القرن التاسع ، وصاحب الاُرجوة من معاصريه.

ومنهم العلّامة عماد الدين ، الحسن بن عليّ بن محمّد بن الحسن ، الطبرسيّ الآمليّ صاحب (الكامل البهائي) و (أسرار الإمامة) وغيرهما ، من علماء القرن السابع في كتابه (تحفة الأبرار) فذكر ولادته عليه السّلام في جوف الكعبة ، محدّدةً بتاريخ اليوم والاُسبوع والشهر والسنة ، كما فصّله ابن البطريق.

ونفى أن يكون في البيت مولودٌ سواه من غير ترديد ، وذلك أنّ فاطمة بنت أسد قصدت الطواف بالبيت ففجأها الطَلقُ ، ولم يسعها الرجعة ، ويمَّمت الكعبة ، ففتح لها بابها بأمر من ربّ الدار ، حتّى دخلتها فارتج البابُ ، ووُلِدَ هنالك ، طاهراً مطهّراً ، فمكثت فيها ثلاثة أيام ثمّ خرجت إلى بيتها (٣).

__________________

(١) أثبتناه من المصدر ، وفي الاصل ومناصه ومواليد.

(٢) الصراط المستقيم ٢ : ٢١٥.

(٣) تحفة الأبرار : الباب الرابع الفصل الثاني.

نجد سرد هذه الحقائق مشفوعاً بالتقرير في ترجمة هذه ـ التحفة ـ إلى العربية للشيخ عليّ بن يوسف بن منصور ، النجفيّ صاحب (مختصر تأويل الآيات الباهرة في فضائل العترة الطاهرة) من علماء القرن العاشر ، ونسبة الكتاب إليه مذكورة في (الذريعة إلى مصنّفات الشيعة) ٣ : ٤٠٥ ، وفي حرف الميم منها ، وفي كتاب (إحياء الداثر في مآثر القرن العاشر). هامش المطبوع.


وقال القاضيّ السعيد الشهيد سنة (١٠١٩ ه) السيّد نور الله الحسيني المرعشيّ التّستري ، حين طفق ويُنازل ويُناضل القاضي روزبهان (١) في الحقيقة البارزة في كتابه (إحقاق الحق) : «إنّ الفضيلة والكرامة في أنّ باب الكعبة كان مقفلاً ، لمّا خارج الكعبة انفتح لها الباب بإذن الله تعالى ، وهتف بها هاتف بالدخول.

وعلى تقدير صحّة تولّد حكيم بن حزام قبل الإسلام في وسط بيت الله الحرام فإنّما كان بحسب الاتفاق كما يتّفق بسقوط الطفل من المرأة ، والعجل من البقرة في الطريق وغيره.

وعلى أنّ الكلام في تشرّف الكعبة بولادته فيها ، لا في تشرّفه بولادته في الكعبة».

ثم أنشد قول العارف لطف الله النيشابوري الفارسي :

طواف خانهء كعبه از آن شد بر همه واجب

كه آنجا در وجود آمد على بن ابي طالب

فهذه الكتب الثمينة المبنية على الحجاج والنضال ، لا سيّما كتب العلّامة والقاضي التستريّ ، وابن البطريق ، لم يتوخّ مؤلّفوها سرد الواقائع التاريخية من أينما حصلت ، وإنّما قصدوافيها إلزام الخصوم بالحجج النيّرة ، فهل يمكنهم إذن أن يستر سلوا بإيرا ما توسّع بنقله القالة من دون تثبّت؟

__________________

(١) فضل الله بن روزبهان بن فضل الله الخنجي الإصفهاني ، المعروف بباشا ، كان من أعاظم علماء المعقول والمنقول ، حنفي الفروع أشعري الاُصول ، متعصّباً لأهل مذهبه وطريقته ، متصلباً في عداوة أولياء الله وأحبّته. الضوء اللامع ٦ : ١٧١ ، وروضات الجنات ٦ : ١٧ / ٥٥٣.


لا ، ولكن شريعة الحقّ والدين تلزمهم بإثبات الشائع الذائع المتلقّى عند الفريقين بالقبول ، المشهور نقله ، الثابت إسناده ، بحيث لا يدع للمتعنّت وليجةً إلى إنكاره ، وإلّا لعاد ما يذكره ثلماً في بيانه ، وفتَاً في عضد برهانه.

فمن الواجب إذن أن يكون هذا الجواب ممّا يخضع له الخصم ، ولا يتقاعس عن الإخبات به الأولياء ، لمكان شهرة النقل له.

وما ذكره القاضيّ في ولادة حكيم بن حزام أصفق فيه معه البحّاثة عبد الرحمن الصفوري الشافعي في (نزهة المجالس) قال : «ورأيت في (الفصول المهمة في معرفة أحوال الأئمة) بمكّة شرّفها الله تعالى لأبي الحسن المالكي : نّ علياً رضي الله عنه ولدته اُمّه بجوف الكعبة شرّفها الله ، وهي فضيلةٌ خصّة الله تعالى بها ، ذلك أنّ فاطمة بنت أسد رضي الله عنها أصابها شدّة الطلق ، فأدخها أبو طالب الكعبة ، فطلقت طلقةً فولدته يوم الجمعة في رجب سنة ثلاثين من عام الفيل ، بعد تزوّج النبيّ صلّى الله عليه وآله خديجة بثلاث سنين ، وأمّا حكيم بن حزام (١) فولدته اُمّه في الكعبة ، إتفاقاً لا قصداً» (٢).

هذا على تقدير صحّة النقل بذلك ، فهو أمرٌ اتفاقيٌّ تقع أمثاله لكثير ممّن لا أهميّة له في دين أو دنياً ، ولا أثر له إلّا تلويث بمخاضٍ يجب إزالته ، إن كان من المحالّ المحترمة كالكعبة وشبهها.

وأين هو من قصّة أمير المؤمنين علي عليه السّلام التي هي من الاُمور القصدية من المهيمن الأعلى جلّت عظمته.

__________________

(١) في نزهة المجالس : عمرو بن حزم ، والصحيح ما أثبتناه. اُنظر : جمهرة أنساب العرب : ١٢١ وتهذيب الكمال ٧ : ١٧٠ / ١٤٥٤ ، والإصابة ٢ : ٣٢ / ١٦٩٥ ، وتهذيب التهذيب ٢ : ٤٤٦ / ٧٧٥ ، والمستدرك ٣ : ٤٨٣.

(٢) نزهة المجالس ٢ : ٢٠٤ ، والفصول المهمة : ٣٠.


روي الوزير السعيد الأربليّ في (كشف الغمة) عن كتاب (بشارة المصطفى) مرفوعاً إلى يزيد بن قَعنَب ، قال :

كنتُ جالساً مع العبّاس بن عبد المطلب رضي الله عنه وفريق من بني عبد العزّى ، بإزاء بيت الله الحرام ، إذ أقبلت فاطمة بنت أسد اُمّ أمير المؤمنين عليه السّلام ، وكانت حاملاً به لتسعة أشهر ، وقد أخذ ها الطلقُ فقالت :

يا ربّ ، إنّي مؤمنةٌ بك وبما جاء من عندك من رسلٍ وكتبٍ ، وإنّي مصدّقة بكلام جدّي إبراهيم الخليل ، وأنّه بني البيت العتيق ، فبحقّ الذي بني هذا البيت ، وبحقّ المولود الذي في بطني إلّا ما يسرّت عَلَيَّ ولادتي.

قال يزيد بن قَعْنَب : فرأيتُ البيت قد انشقّ عن ظهره ، ودخلت فاطمة فيه وغابت عن أبصارنا ، وعادَ إلى حاله ، والتزقَ الحائط ، فرُمْنا أن ينفتح لنا قفلُ الباب فلم ينفتح ، فعلمنا أنّ ذلك من أمر الله عزّ وجل.

ثمّ خرجت في اليوم الرابع وعلى يدها أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام.

ثمّ قالت :

إنّي فٌضّلتُ على من تقدّمني من النساء ، لأنّ آسية بنت مزاحم عبدت الله سرّاً في موضع لا يُحبُّ الله أن يعبَد فيه إلّا اضطراراً.

وأنّ مريم بنت عمران هزّت النخلة اليابسة بيدها حتّى أكلت منها رُطباً جنيّاً.

وإنّي دخلت بيت الله الحرام ، فأكلت من ثمار الجنّة وأرزقها ، فلمّا أردت أن أخرج هتف بي هاتف وقال :

«يا فاطمة سميّة عليّاً فهو عليٌّ ، والله العليّ الأعلى يقول : شققتُ اسمه من اسمي ، وأدّبته بأدبي ، وأوقفته على غامض علمي ، وهو الذي يكسّر الأصنام في بيتي ، وهو الذي يؤذّن فوق ظعهر بتي ، ويقدّسني ويمجّدني ، فطوبى لمن أحبّه وأطاعه ، وويلٌ لمن أبغضه وعصاه».


قال : فولدت علياً ولرسول الله صلّى الله عليه وآلهه ثلاثون سنة ، وأحبّه رسول الله صلّى الله عليه وآله حبّاً شديداً ، وقال لها : «اجعلي مهده بقرب فراشي».

وكان صلّى الله عليه وآله يلي أكثر تربيته ، وكان يطهّر عليّاً في وقت غسله ، ويوجره (١) اللبنَ عند شربه ، ويحرّك مهده عند نومه ، ويُناغيه في يقظته ، ويحمله على صدره ورقبته ، ويقول : «هذا أخي ، ووليّ ، وناصري ، وصفيّي ، وذخري ، وكهفي ، وصهري ، ووصيّي ، وزوج كريمتي ، وأميني على وصيّتي ، وخليفتي».

وكان رسول الله صلّى الله عليه وآله بحمله دائماً ويطوف به جبال مكّة وشعابها وأوديتها وفجاجها.

صلّى الله على الحامل والمجمول وآلهما (٢).

ورواه ابن الفتّال في (روضة الواعظين) عن يويد بن قَعنب مثله ـ إلى قوله ـ : وويلٌ لمن أبغضه وعصاه (٣).

وفي (كشف اليقين) لآية الله العلّامة الحلّي ، و (كشف الحقّ) عن (بشارة المصطفى) عن يزيد بن قَعنَب ، مثله (إلى قوله ـ : وأوديتها (٤).

وفي (الإرشاد) لأبي محمد الحسن بن أبي الحسن محمّد الديلمي عن البشارة أيضاً مثله (٥).

وروى مختصراً منه لأمير محمّد صالح بن عبد الله الحسينيّ الترمذي ، الآتي ذكره ، في (مناقبه) عن يزيد بن قَعنَب (٦).

__________________

(١) أوجره اللبن : جعله في وسط حلقه. لسان العرب ـ وجر ـ ٥ : ٢٧٩.

(٢) كشف الغمة ١ : ٦٠ ، وبشارة المصطفى : ٧.

(٣) روضة الواعظين : ٧٦.

(٤) كشف اليقين : ٥ ، ونهج الحق وكشف الصدق : ٢٣٣.

(٥) إرشاد القلوب : ٢١١.

(٦) مناقب مرتضوي : ٨٧ ، ط. بومباي ، (١٣٢١ ه).


ورواه رئيس المحدّثين الشيخ الصدوق أبو جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن موسى بن بابوية القمّي ، المتوفّى سنة (٣٨١ ه) في الأمالي) و (علل الشرائع) و (معاني الأخبار) عن عليّ بن أحمد بن موسى الدّقاق رضي الله عنه ، محمّد بن سنان ، عن المفضّل بن عمر ، عن ثابت بن دينار ، وعن سعيد بن جبير ، قال : قال يزيد بن قَعنَب ... وذكر الحديث مثله.

وفي نسخته بعض التغيير أو عزنا إلى المهمّ منه في محلّه ، وأنهاه إلى قوله : وويلٌ لمن أبغضه وعصاه ... (١).

ورواه شيخ الطائفة أبو جعفر الطوسي في (أماليه) عن أبي الحسن محمّد بن أحمد بن الحسن بن شاذان ، عن أحمد بن محمّد بن أيّوب ، عن عمر بن الحسن القاضي ، عن عبد الله بن محمد ، عن أبيه حبيبة ، عن سفيان بن عيينة ، عن الزّهري ، عن عائشة.

وعن محمّد بن أحمد بن شاذان ، عن سهل بن أحمد ، عن أحمد بن عمر الربيعي ، عن زكريا بن يحيى ، عن أبي داود ، عن شعبة ، عن قَتادة ، عن أنس بن مالك ، عن العباس بن عبد المطلب.

قال الشيخ : وحدّثني إبراهيم بن عليّ ، بإسناده عن أبي عبد الله جعفر بن محمّد عليهم السّلام ، عن آبائه عليهم السّلام قال :

كان العبّاس بن عبد المطلب ويزيد بن قَعنَب جالسين ما بين فريق بني هاشم إلى فريق عبد العزّي بإزاء بيت الله الحرام ، إذ أتت فاطمة بنت أسد بن هاشم أُمّ أمير المؤمنين عليه السّلام ، وكانت حاملاً بأمير المؤمنين عليه السّلام لتسعة أشهر ، وكان يوم التمام.

__________________

(١) الأمالي ١١٤ / ٩ ، وعلل الشرائع ١ : ١٣٥ / ٣ ، ومعاني الأخبار ٦٢ / ١٠.


قال : فوقفت بإزاء البيت الحرام ، وقد أخذها الطلق ، فرمت بطرفها نحو السماء ، وقالت :

أي ربّ ، إنّي مؤمنة بك وبما جاء به من عندك الرسول ، بكلّ نبيّ من أنبيائك ، وبكلّ كتاب أنزلت ، وإنّي مصدّقةٌ بكلام جدّي إبراهيم الخليل ، وأنّه بنى البيت العتيق ، فأسألك بحقّ هذا البيت ومّن بناه ، وبهذا المولود الذي في أحشائي ، الذي يكلّمني ويؤنسني بحديثه ، وأنا موقنةٌ أنّه إحدى آياتك ودلائلك ، لمّا يسّرت عليّ ولادتي.

قال العبّاس بن عبد المطلّب ، ويزيد بن قَعنَب : لمّا تكلّمت فاطمة بنت أسد ودعت بهذا الدعاء ، ورأينا البيت قد انفتحَ من ظهره ، ودخلت فاطمة فيه وغابت ليصل إليها بعض نسائنا فلم ينفتح الباب ، فعلمنا أنّ ذلك أمرٌ من الله تعالى ، وبقيت فاطمة في البيت ثلاثة أيام.

قال : وأهل مكّة يتحدّثون بذلك في أفواه السكك ، وتتحدّث المخدّرات في خدورهنّ.

قال : فلمّا كان بعد ثلاثة أيام انفتحَ البيتُ من الموضع الذي كانت دخلت فيه فخرجت فاطمة وعليّ على يديها ، ثمّ قالت :

معاشر الناس ، إنّ الله عزّ وجل اختارني من خلقه ، وفضّلني على المختارات ممّن مضى قبلي.

وقد اختار الله آسية بنت زاحم ، فإنّها عبدت الله سرّاً في موضع لا يحبّ أن يعبد الله فيه إلّا اضظراراً.

ومريم بنت عمران حيث هانت ويسّرت عليها ولادة عيسى ، فهزّت الجذع اليابس من النخلة في فلاة من الأرض حتّى تساقط عليها رطبّاً جنياً.


وإن الله تعالى اختارني وفضّلني عليهما ، وعلى كلّ من مضى قبلي من نساء العالمين ، لأنّي ولدتُ في بيته العتيق ، وبقيتُ فيه ثلاثة أيام ، آكلُ من ثمار الجنة وأرزاقها.

فلما أردتُ أن أخرج وولدي على يدي هَتَفَ بي هاتفٌ وقال :

يا فاطمة ، سميّه عليّاً ، فأنا العليُّ الأعلى ، وإنّي خلقتهُ من قدرتي وعزّتي وجلالي ، وقسط عدلي ، واشتققتُ اسمه من اسمي ، وأدّبته بأدبي ، وفوّضت إليه أمري ، ووقّفته على غامض علمي ، ووُلِدَ في بيتي ، وهو أوّل مَن يؤذّن فوق بيتي ، ويكسّر الأصنام ، ويرميها على وجهها ، ويعظّمني ويمجّدني ويهلّلني ، وهو الإمام بعد حبيبي ونبيّي وخيرتي من خلقتي محمّد رسولي ، ووصيّه ، فطوبى لمن أحبّه ونصره ، والويلُ لمن عصاه وخذله ، وجحد حقّه.

قال : فلمّا رآه أبو طالب سُرّ ، وقال علي عليه السّلام : «السلام عليك يا أبه ، ورحمة الله وبركاته».

قال : ثم دخل رسول الله صلّى الله عليه وآله ، فلمّا دخل اهتزّ له أمير المؤمنين عليه السّلام ، وضحك في وجهه ، وقال : «السلام عليك يا رسول الله ، ورحمة الله وبركاته».

قال : ثمّ تنحنحَ بإذن الله تعالى وقال : (بسم الله الرحمن الرحيم * قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ) (١)» ـ إلى آخر الآيات ـ.

فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله : «قد أفلحوا بك ، وقرأ تمام الآيات إلى قوله : (أُوْلَئِكَ هُمْ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِردَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) (٢)».

__________________

(١) سورة المؤمنون : ١ ـ ٢.

(٢) سورة المؤمنون : ١٠ ـ ١١.


فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله : أنت ـ والل ـ أميرهم ، تميرهم من علمك فيمتارون ، وأنت ـ والله ـ دليلُهم ، وبك يهتدون.

ثمّ قال رسول الله صلّى الله عليه وآله لفاطمة : اذهبي إلى عمّه حمزة ، فبشّريه به.

فقالت : فإذا خرجت أنا فمن يروّيه؟

قال : أنا اُروّيه.

فقالت : فاطمة : أنت تروّيه؟

قال : نعم ، فوضع رسول الله صلّى الله عليه وآله لسانه في فيه ، فانفجرت منه اثنتا عشرة عيناً.

قال : فلمّا رجعت فاطمة بنت أسد رأت نوراً قد ارتفع من عليّ إلى عنان السماء.

قال : ثمّ شدّته وقمّطته بقماط فَبَتَرَ القماط ، قال : فأخذت فاطمة قماطاً جيّداً ، فشدّته به ، فبتر القماط ، ثمّ جعلته قماطين فبترهما ، فجعلته ثلاثة فبترها ، فجعلت أربعة أقمطة من رِقّ مصر لصلابته فبترها ، فجعلته خمسة أقمط ديباج لصلابته فبترها كلّها ، فجعلته سنّةً من ديابج وواحداً من الأدم ، فتمطّى فيها فقطعها كلّها بإذن الله.

ثمّ قا ل : بعد ذلك : «يا اُمّه ، لا تشدّي يدي ، فإنّي أحتاج إلى أن اُبصبص (١) لربّي بإصبعي».

قال : فقال أبو طالب عند ذلك : إنه سيكون له شأنٌ ونبأ.

فلمّا كان من غدٍ دخل رسول الله صلّى الله عليه وآله على فاطمة فلمّا بصر عليّ عليه السّلام برسول الله صلّى الله عليه وآله سلّم عليه ، وضحك في وجهه ، وأشار إليه أن خُذني إليك واسقني ممّا سقيتني بالأمس.

__________________

(١) البصبصة : هي أن ترفع سبابتيك إلى السماء وتحركّهما وتدعو. مجمع البحرين ـ بصبص ـ ٤ : ١٦٤.


قال : فخذه رسول الله صلّى الله عليه وآله ، فقالت فاطمة : عرفه ربّ الكعبة.

إلى أن قال : فلمّا كان اليوم الثالث ـ وكان العاشر من ذي الحجة ـ أذّن أبو طالب في الناس أذاناً جامعاً ، وقال : هَلمّوا إلى وليمة ابني عليٍّ.

قال : ونحر ثلاثمائة من الإبل ، وألف رأس من البقر والغنم ، واتخذ وليمةً عظيمةً ، وقال : معاشر الناس ألا مَن أراد من طعام عليٍّ ولدي فهلُمّوا وطوفوا بالبيت سبعاً ، وادخلوا وسلّموا على ولدي عليٍّ ، فإنّ الله شرّفه.

ولفعل أبي طالب شرّف يوم النحر (١).

وفي (المناقب) لابن شهر آشوب : وفي رواية شُعبة ، عن قَتَادة ، عن أنس ، عن العباس بن عبد المطلّب.

وفي رواية الحسن بن محبوب ، عن الصادق عليه السّلام ، والحديث مختصر.

أنّه انفتح البيت من ظهره ، ودخلن فاطمة فيه ، ثمّ عادت الفتحة والتصقت ، وبقيت فيه ثلاثة أيام ، فأكلت من ثمار الجنّة ، فلمّا خرجن ، قال : عليّ عليه السّلام : «عليك السلام يا أبه ، ورحمة الله وبركاته». ثم تنحنح وقال : (بسم الله الرحمن الرحيم * قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ)» الآيات.

فقال رسول الله : قد أفلحوا بك ، أنتَ ـ والله ـ أميرهم ، تُميرهم من علمك فيمتارون ، وأنتَ ـ والله ـ دليلهم ، وبك ـ واله ـ يهتدون. ووضع رسول الله صلّى الله عليه وآله لسانه في فيه فانفجرت منه اثنتا عشرة عيناً.

قال : فسمّي ذلك اليوم : يوم التروية.

فلمّا كان من غده وبصر عليّ برسول الله سلّم عليه ، وضحك في وجهه ، وجعل يُشير إليه ، فأخذه رسول الله صلّى الله عليه وآله ، فقالت فاطمة : «عَرَفَه».

فسمّي ذلك اليوم عرفة.

__________________

(١) أمالي الطوسي ٢ : ٣١٧.


فلمّا كان اليوم الثالث ـ وكان اليوم العاشر من ذي الحجّ ـ أذّن أبو طالب في الناس أذاناً جامعاً ، وقال : هلمّوا إلى وليمة ابني عليٍّ.

ونحر ثلاثمائة منالإبل ، وألف رأس من البقر والغنم ، واتخذ وليمةً ، وقال : «هلمّوا وطوفوا بالبيت سبعاً ، وادخلوا وسلّموا على عليّ ولدي».

ففعل الناس من ذل ، وجرت به السنّة (١).

ولابن شهر آشوب في (المناقب) رواية اُخرى لهذا الحديث :

عن يزيد بن قَعنب ، وجابر الأنصاري : أنّه كان راهبٌ يقال له : المثرم بن دعيب (٢) ، قد عبد الله مائة وتسعين سنة ، ولم يسأله حاجة ، فسأل ربّه أن يريه وليّاً له ، فبعث الله تعالى بأبي طالب إليه ، فسأله عن مكانه وقبيلته ، فلمّا أجابه وثب إليه وقبّل رأسه ، وقال : الحمد لله الذي لم يُمتني حتى أراني وليّه.

ثم قال : أبشر يا هذا! إنّ الله ألهمني أنّ ولداً يخرج من صلبك هو ولي الله ، اسمه عليّ ، فإنّ أدركته فأقرأه منّي السلام.

فقال : ما برهانه؟

قال : ما تريد ظ

قال : طعام من الجنّة في وقتي هذا.

فدعا الراهب بذلك فما استتمّ دعاءه (٣) حتى اُوتي بطبق عليه من فاكهة الجنّة رطب وعنب ورمّان ، فتناول رمّانة ، فتحوّلت ماءً في صلبه ، فجامع فاطمة ، فحملت بعليّ ، وارتجّت الأرض ، وزلزلت بهم أياماً ، وعلّت قريش الأصنام

__________________

(١) مناقب ابن شهر آشوب ٢ / ١٧٤.

(٢) مضى في النص الأوّل عن حديث جابر سَميته «المبرم زغيب».

(٣) في مصدر : كلامه.


إلى ذروة أبي قبيس (١) فجعل يرتجّ ارتجاجاً ، حتّى تدكدكت بهم صمّ الصخور ، وتناثرت وتساقطت الآلهة على وجوهها.

فصعد أبو طالب الجبل وقال : أيّها الناس ، إنّ الله قد أحدثَ في هذه الليلة حادثة ، وخلق فيها خُلقاً ، إن لم تطيعوه وتقرّوا وتشهدوا بإمامته لم يسكن ما بكم. فأقرّوا به.

فرفع يده ، وقال : إلهي وسيدي أسألك بالمحمديّة المحمودة ، وبالعلويّة العالية ، وبالفاطمية البيضاء ، غلّا تفضّلت على تهامة بالرأفة والرحمة.

فكانت العرب تدعو بها في شدائد ها في الجاهلية وهلي لا تعلمها.

فلمّا قربت ولادته أتت فاطمة إلى بيت الله وقالت :

ربّ إني مؤمنة بك ، وبما جاء من عندك من رسل وكتب ، مصدّقة بكلام جدّي إبراهيم ، فبحقّ الذي بني هذا البيت ، وبحقّ المولود الذي في بطني لمّا يسَّرت عليّ ولادتي.

فانفتح البيت ، ودخلت فيه ، فإذا هي بحوّاء ، ومريم ، وآسية ، واُمّ موسى وغيرهنّ ، فصنعنَ مثل ما صنعن برسول الله صلّى الله عليهوآله وقت ولادته.

فلمّا وُلِدَ سَجَدَ على الأرض يقول : «أشهد أن لا إله إلّا الله ، وأشهد أنّ محمّداً رسول الله ، وأشهد أنّ علياً وصيّ محمد رسول الله ، بمحمّد يختم الله النبوّة ، وبي تتمّ الوصيّة وأنا أمير المؤمنين».

ثمّ سلّم على النساء ، وسأل عن أحوالهنّ ، واشرقت السماءُ بضيائها.

فخرج أبو طالب يقول : أبشروا ، فقد ظهر وليّ الله ، يختم به الوصيين ، وهو وصيّ نبيّ ربّ العالمين.

__________________

(١) أبو قبيس : هو اسم جبل مشرف على مكّة. معجم البلدان ١ : ٨٠.


ثمّ أخذ علياً فسلّم عليٌ عليه ، فسأله عن النسوة ، فذكره له.

ثم قال : «فالحق بالمثرم ، وخبّره بما رأيت ، فإنه في كهف كذا من جبل لُكام» (١).

فخرج ، حتّى أتاه فوجدهُ ميّتاً جسداً ملفوفاً بمدرعة ، مسجّى ، فإذا هناك حيّتان ، فلمّا بصرتا به غابتا (٢) في الكهف.

فدخل أبو طالب ، فقال : السلام عليك يا وليّ الله ورحمة الله وبركاته.

فأحيا الله المثرم ، فقام يمسح وجهه ، ويقول : أشهد أن لا إله إلّا الله ، وأشهد أنّ محمداً عبده وروسله ، وأنّ علياً ولي الله والإمام بعد نبيّ الله.

فقال أبو طالب : أبشر ، فإنّ علياً قد طلع إلى الأرض.

فسأل عن ولادته فقصّ عليه القصّة ، فبكى المثرم ثمّ سجد شكراً ، ثمّ تمطّى فقال : غطّني بمدرعتي.

فغطّاه ، فإذا هو ميّت كما كان ، فأقام أبو طالب ثلاثاً ، وخرجت الحيّتان ، وقالتا : السلام عليك يا أبا طالب ، الحق بولي الله ، فإنّك أحقّ بصيانته وحفظه من غيرك.

فقال : مَن أنتما؟

قالتا : نحن عمله ، نذبّ عنه الأذى إلى ان تقوم الساعة ، فحينئذٍ يكون أحدنا سائقة ، والآخر قائدة إلى الجنّة.

فانصرف أبو طالب (٣).

__________________

(١) لكام : الجبل المشرف على أنطاكية وبلاد ابن ليوم والمصّيصة وطرسوس. معجم البلدان ٥ : ٢٢ ، وفي المصدر : إكام ز

(٢) في المدر : غربتا.

(٣) مناقب ابن شهر آشوب ٢ : ١٧٢.


وحديث الراهب رواه ابن الفتّال في (روضة الوعظين) على وجهٍ هو أبسط من هذا (١).

ورواه غيره أيضاً (٢).

ولقد وجدت تفصيل هذه الجمل في بعض مؤلّفات أصحابنا رضوان الله عليهم المخصوص بذكر المولد العلويّ الشريف ، اقتطف منه ما يلي ، ففيه بعد ذكر تفاصيل من مقدّمات الولادة :

قالت فاطمة بنت أسد : لمّا تتابعت عليّ الشهور ، وقرب أوان خروج ولدي ، ما كنت أمرُّ بِحَجَرٍ ولا مَدَر ولا شَجَرٍ إلّا ويقول لي : «هنيئاً لك يا فاطمة بما خصّك الله من الفضل والكرامة بحملك بالإمام الكريم».

وكنت أسمع منه ، وهو يقول في بطني : «لا إله إلّا الله ، محمذد رسول الله ، به تختم النبوّة ، وبي تختم الولاية».

قال الرواي : فلمّا مضى منالليل ثلثه أتى فاطمة أمر الله ، وسمعت قائلاً يقول : يا فاطمة ، عليك بالبيت الحرام.

وخرجت فاطمة ، وأتت إلى البيت الحرام ، ووقفت بإزائه وقد أخذها الطلق ، فرمقت ، بطرفها إلى السماء ، وقالت :

يا ربّ ، إنّي مؤمنة بك ، وبكل كتاب أنزلته ، بكلّ رسول أرسلته ، وبكلّ ما جاء به عبدك ورسولك محمّد صلّى الله عليه وآله ، وإنّي مؤمنة بك وبجميع أنبيائك ورسلك ، ومصدّقة بكلامك وكلام جدّي إبراهيم الخليل عليه السّلام ، وقد بنى بيتك العتيق.

وأسألك بحقّ أنبيائك المرسلين وملائكتك المقرّبين ، وبحقّ هذا الجنين الذي في أحشائي ، الذي يؤنسني تسبيحه وتقديسه وتهليله وتكبيره ، وإنّي موقنة أنّه أحد أوليائك ، إلّا ما يسّرت عليّ ولادتي.

__________________

(١) روضة الواعظين : ٧٧ ـ ٨١.

(٢) الفضائل (لشاذان بن جبرئيل) : ٥٤ ، وجامع الأخبار : ١٥.


فلمّا انتهى كلامها انشقّ البيت وتساقطت الأنوار ، وزجّها جبرئيل داخل الكعبة ، وغايت عن الأبصار ، وعادت الفتحة كما كانت أوّلاً بإذن الله تعالى.

قال أبو طالب : فأشفقنا عليها من ذلك ، وأردنا أن نفتح الباب لتصل إليها بعض نسائنا ، فلم نستطع أن نفتح الباب ، فعلمنا أنّ هذا الأمر من الله سبحانه وتعالى.

قالت فاطمة : وجلستُ على الرّخامة الحمراء ساعة ، وإذا أنا قد وضعت ولدي عليّ بن أبي طالب ، ولم أجد وجعاً ، ولا ألماً.

فلمّا وضعته خرّ ساجداً لله ، ورفع يديه إلى السماء يتضرّع إلى ربّه ، فبينما أنا أنظر إليه إلى ابتهاله إلى ربّه وأنا متعجبة منه ، إذا أنا بخمس نساء كأنّهن الأقمار ، قد دخلنَ عليَّ ، وعليهنّ ثيابٌ من الحرير والإستبرق ، ويفوح طيبهنّ كالمسك الأذفر (١) ، فقلنّ لي : «السلام عليك يا بنت أسد» ثمّ جلسنَ بين يديَّ ومع إحداهنّ جُونة (٢) من فضّةٍ.

ثمّ التفت إليهنّ ولدي وسلّم عليهنّ وحيّاههنّ بأحسن التحيّات ، وقال : أشهد ألا إله إلّا الله ، وحده لا شريك له ، وأشهد أنّ محمّداً رسول الله ، به تُختم النبوّة ، وبي تختم الولاية.

فتعجّبت النسوة منه ، ثمّ أخذنه واحدةٌ واحدةٌ وقبّلنه ، ودار بينه وبينهنّ من السلام والتحيّة والكلام ما لا يعدو أن يكون كرامة أو شبه إرهاص.

وهنّ : حواء ومريم ، وهي صاحبة الجُونة ، فطيّبته بها من طيب الجنّة ، وآسية إمرأة فرعون بنت مزاحم ، وسارة زوجة إبراهيم صلّى الله عليه ، واُمّ موسى عليه السّلام.

__________________

(١) المسك الأذفر : أي طيب الريح. لسان العرب ـ ذفر ـ ٤ : ٣٠٦.

(٢) الجونة : بالضم ، ظرف للطيب. مجمع البحرين ـ جون ـ ٦ : ٢٣٠.


وكشفنَ عن سرّته فإذا هي مقطوعة.

قالت فاطمة : ثمّ خرجت النسوة عنّي ، ثمّ دخل عليّ مشايخ خمسة ، فجعل ولدي يهشّ (١) ويضحك ، كأنّه ابن سنة ، ثمّ قالوا : السلام عليك يا وليّ الله وخليفة رسول الله.

فقال : «وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته» ثمّ سلّم على واحدٍ واحدٍ منهم. وهم أنبياء الله : آدم ، ونوح ، وإبراهيم الخليل ، وموسى ، وعيسى.

فأخذوه وقبّلوه ، وأطروه واحداً ، ثمّ خرجوا ، ولم أعلم من أين خرجوا. قالت فاطمة : فبينما أنا كذلك إذ أنا بخفقان أجنحة الملائكة ، وإذا بسحابة بيضاء قد نزلت على ولدي وطارت به.

وسمعت قائلاً يقول : طُوفوا بعليّ بن أبي طالب بمشارق الأرض ومغاربها وبرّها وبحرها ، وجبالها وسمائها ، وأعطوه أحكام النبيّين ، وعلوم الوصيّين ، وجميع أخلاق النبيّين والمرسلين ، والأوصياء والصدّيقين ، وافعلوا به مثل ما فعلوا بأخيه سيّد الأوّلين والآخرين ، واعرضوه على جميع الأنبياء والمرسلين ، وعلى الملائكة المقرّبين ، وأهل السماوات والأرضين (٢) فإنّه ولي ربّ العالمين.

__________________

(١) هشَّ لهذا الأمر هشاشة : إذا فرح به واستبشر. النهاية ٥ : ٢٦٤.

(٢) إذا كانت المعلومات بأسرها حاضرة عند علّتها الفاعلية ، وإن كانت بعنوان ما به الوجود ، ولو بمرتبة هي أدنى من حضورها عندها بعنوان ما منه الوجود ، فهي كلّ حين مشاهدة لها ، ومن الأوّليات ثبوت ذلك بالمعنى الأوّل من العليّة لأمير المؤمنين عليه السّلام ، لوجوه من العقل والسمع لا يسع المقام سردها ، فالمراد عرض ولائه عليهم ، أو شخصيته البارزة بذلك الجثمان المقدس الذي عرفوه بالعلّية ووجوب الولاء منذ الأزل ، ومن الممكن أن يكون عرضه على أرواح أهل الأرضين لتقوم الفطرة الإلهية وتتميم الاستعداد التام ليحيى من حيّ عن بينّو ويهلك من هلك عن بينة.

أو على الأولياء والصديقين منهم ممّن لهم الأهميّة في تنظيم المجتمع الديني من الأبدال والأوتاد. (هامش مطبوع).


قالت فاطمة : وكان بين غيبته ورجوعه أقلّ من نصف ساعة ، فجعلت أنظر إليه ، وإذا بسحابة أُخرى قد نزلت عليه ، وطارت به كالمرّة الأُولى.

وسمعت قائلاً يقول : طوفوا بعليّ بن أبي طالب على جميع ما خلق الله وأعطوه أحكام العلم والحلم ، والورع والزهد ، والتقى والسخاه ، وإلبهاء والضياء ، والتواضع والخشوع ، والرقّة والهيبة ، والمروة والكرم ، والمودّة والشفاعة ، والشجاعة والصيانة ، والديانة والقناعة ، والفصاحة والعفاف ، والإنصاف والعرف ، وجميع أخلاق النبييّن.

قالت فاطمة : فبينما أنا حائرةٌ وإذا بولدي بين يديّ.

ثمّ أنّهم لفوّة في حريرة بيضاء من حرير الجنّة ، وقالوا : احفظيه عن أعين الناظرين ، فإنّه ولي ربّ العالمين ، واعلمي أنّه لا يدخل الجنّة إلّا من تولّاه وصدّق بإمامته وولايته ، فطوبى لمن تبعه ، وويلٌ لمن حاد عنه ، فمَثلُه كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ، ومن تخلّف عنها غرق وهوى.

ثمّ تكلموا في أُذنه بكلام لم أفهمه ، ثمّ قبّلوه وخرجوا ، ولم أعلم من أين خرجوا؟

قالت فاطمة : ثمّ بقيتُ في الكعبة ثلاثة أيام بلياليها ، آكل من ثمار الجنّة ، ثمّ إنّ الجدار انشقّ كأوّل مرّة ، وخرجتُ من البيت الحرام وولدي في حضني ، ووجهه كالقمر الزاهر ، وهو يهشّ ويضحك.

ثمّ إنّها أخبرت أبا طالب ورسول الله صلّى الله عليه وآله بما جرى عليها ، وما اختصّت به ، هي وولدها من الفضيلة الباهرة ، فتعجّب الناس.

فقالت فاطمة :

معاشِر الناس ، إنّ الله قد اختارني على المختارات ، وفضّلني على من مضى. وقد اختار آسية بنت مزاحم لأنّها عبدت الله في مكان لا يحبّ فيه العبادة إلّا اضطراراً.


واختار مريم ابنة عمران ويسّر عليها ولادتها بعيسى ، ثمّ هزّت جذع النخلة في فلاة من الأرض ، فتساقط عليها رطباً جنيّاً.

واختارني الله وفضّلني على كلّ من مضى من نساء العالمين ، لأنّي وَلَدْتُ في بيت الله الحرام ، وبقيتُ فيه ثلاثة أيام بلياليها ، آكل من ثمار الجنّة ، فلمّا أردت الخروج من الكعبة هتف بي هاتف أسمع صوته ولا أدرى شخصه :

يا فاطمة سمّي ولدك عليّاً (١) فإنّ العليّ الأعلى أمرني أن أقول لك ذلك ؛ والله يقول : أنا المحمود وحبيبي محمّد ، وأنا العلي ووليّي عليّ ، وقد شققتُ اسمهما من اسمي ، وأدّبتهما بأدبي ، ووقفتهما على علمي ، وهما الصفوة من الأخيار ، وقد خلقتُ نورهما من نوري ، وعزّتي وجلالي ، إنّي شققتُ اسم وليّي من اسمي ، وولد في بيتي ، وهو أوّل من يؤمن بي يصدّق برسولي ، ويقدّسني ويهلّلني ويكبّرني ، وهو خليفة نبيّي ووزيره ووصيّه ، والقائم بالقسط من بعده ، وزوج ابنته وأبو سبطيه ، فجنّتي لمن يحبّه ، وناري لمن يبغضه يخافه ويجحد ولايته.

قال أبو طالب : فلمّا رأيته ورآني ، قال لي : «السلام عليك يا أبه ، ورحمة الله وبركاته».

فقلت : وعليك السلام يا بنيّ ورحمة الله وبركاته.

ثمّ إنّ أبا طالب قبّل ولده وضمّه إليه وناوله أُمّه ، فدخل عليها رسول الله صلّى الله عليه وآله وفرح فرحاً شديداً بالمولود ، وفرح المولود بمقدمه وقال : «السلام عليك يا رسول الله ، ورحمة الله وبركاته».

__________________

(١) لا منافاة بين هذه الرواية والاُخرى الدالّة على أنّ أبا طالب طلب اسمه عليه السّلام من الله سبحانه بقوله : يا ربّ الغسق الدجى ... وجوابه من قبله تعالى : خصصتما بالولد الزكي.

وسيأتي تفصيلها ـ إن شاء الله ـ لجواز اجتماع الأمرين : الهتاف بفاطمة ، وتحرّي أبي طالب لحق اليقين في أمر مولوده الذي علم أنّه من آيات ربّه الكبرى (من هامش المطبوع).


وطَفِقَ يهشّ ويضحك كأنّه ابن سنة ، وقال : «خذني إليك».

فأخذه رسول الله صلّى الله عليه وآله وقبّله ، وحمد الله به ، فناوله اُمّه.

ثمّ إنّه عليه السّلام تنحنحَ وأذّن ، وقرأ صحف آدم وشيث ونوح وإبراهيم والتوراة والإنجيل ، ثمّ قال :

«أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ، (بسم الله الرحمن الرحيم * قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ * وَالَّذٍينَ هٌمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُمِينَ * فَمَنْ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْعَادُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِاَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُوْلَئِكَ هُمْ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) (١)».

فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله : «قد أفلحوا بك يا عليّ ، أنت ـ والله ـ أميرهم ، ومن علمك يمتارون ، وأنت ـ والله ـ وليّهم وبك يهتدون ، وأنت ـ والله ـ وصيّي ، ووزيري ، وصنوي (٢) ، وناصر ديني ، وقاضي دَيْني ، وزوج ابنتي ، وأبو سبطيّ ، وخليفتي على أُمّتي ، فطوبى لمن اتّبعك ووالاك ، والويل لمن عصاك وعاداك ، فو الله ما يتولّاك إلّا السعيد ، ولا يبغضك إلّا الشقي العنيد».

وقال أبو طالب : يا فاطمة ، امضي إلى أعمامه وبشّريهم به.

قالت : فَمن يروّيه من بعدي؟

فأخذه النبيّ صلّى الله عليه وآله وقال : «أنا أُروّيه».

فوضع لسانه في فيه ، ولك يزل عليٌّ يمصّه حتّى انفجرت منه اثنتا عشرة عيناً من العلم.

__________________

(١) سورة المؤمنون : ١ ـ ١١.

(٢) الصنو : المثل. مجمع البحرين ـ صنا ـ ١ : ٢٦٩.


وجاء عمّه حمزة والعباس ، فأخذاه وأثنيا عليه.

ثمّ أرادت فاطمة أن تقمّطه بقماط من صوف ، فلمّا شدّته بَتَره فقمّطته بقماطين آخرين ، فبترهما.

ثمّ أخذت قماطين من ديابج واستبرق وأديم ، فَبترهما جميعاً.

فقال : «يا اُمّ ، لا تشدّي يدي اليمنى ، فإني أحتاج إلى مصافحة الملائكة ، واستحي أن تكون يدي مشدودة في القماط ، فإذا جاء الملائكة يصافحونني أقطعه وأصافحهم».

فسرَّ أبو طالب بذلك سروراً عظيماً ، وحمد الله تعالى عليه.

ومن غدٍ أقبل رسول الله صلّى الله عليه وآله إلى بيت عمّه أبي طالب ، فلمّا رآه أمير المؤمنين عليه السّلام هَشّ إليه وضحك سروراً به ، وأشار غلبه أن : خذني إليك واسقني مثل ما سقيتني بالأمس.

فأخذه رسول الله صلّى الله عليه وآله وقبّله ، وأثنى عليه ، ثمّ وضع لسانه في فيه قمصّه حتّى اكتفى.

وعمل أبو طالب وليمةً عظيمةً نحر فيها ثلاثمائة من الإبل ، وألفاً من البقر ، وألفين من الغنم ، وأمر مناديه أن يُنادي في الناس عامة ، حتّى لم يبق منهم أحدٌ إلّا وحضرها ,

فقال أبو طالب : مَن أراد أن يأكل من وليمة ولدي فليطُف بالبيت سبعاً ، ثمّ امضوا إلى ما رزقكم الله وكلوا واشربوا حيث شئتم (١).

والحديث طويل انتخبنا منه بقدر الحاجة.

__________________

(١) علل الشرائع : ١٣٥ / ٣ ، ومعاني الأخبار : ٦٢ / ١٠ ، وأمالي الصدوق : ١١٤ / ٩ ، وأمالي الطوسي ٢ : ٣١٧. انظر مناقب ابن شهر آشوب ٢ : ١٧٢ ، وروضة الواعظين : ٧٧.


ومجمل هذا الحديث نظمه العلّامة المتبحّر الشيخ محمد بن الحسن ، الحرُّ العاملي ، صاحب (الواسائل) وغيرها ، المتوفّى سنة (١١٠٤ ه) في اُرجوزةٍ له في تواريخ المعصومين عليهم السّلام ، قال :

مولدُهُ بمكّة قد عُرفا

في داخل الكعبة زيدتْ شرفا

وذاك في ثالث عشر من رجبْ

فقدرُه علا وحقّه وَجَب

وقيل : في السابع من شعبانا

مطلعَ ذاك البدر حينَ بانا

على رُخامةٍ هناك حمرا

معروفةٍ زادت بذاك قدرا

فيا لها مزيّةٌ عليّهْ

تخفضُ كلَّ رُتبةٍ عليّهْ

ما نالها قطُّ نبيُّ مرسلُ

ولا وصيُّ آخِرٌ وأوّلُ

أما سمعتَ قصّة ابن قَعْنَبِ

ينطقُ عن مقصودنا بالعجبِ

وإنّه محقّقٌ مشهورُ

يُثبته المدقّقُ النحريرُ

قال : جلستُ مع اُناسٍ شتّى

في المسجد الحرام يوماً حتّى

مرّت بنا فاطمةٌ بنتُ أسد

حاملةً بالمرتضى ذاك الأسد

فجاءها الطلقُ فطافت سبعا

ثمّ دَ‘َت أكرم ربّ يدعى

قالت : إلهي ، إنّني آمنتُ بك

حقّاً وصدّقتُ جيمع كتبك

وا على الخليل جدّي اُنزلا

وما به كلُّ رسولٍ أُرسلا

ثمّ دَعَـت خالقَها بما سنح

فسهّلَ اللهُ العسيرَ وانفتح

بابٌ لها تجاهَ باب الكعبهْ

وذاك مستجارُ أهل الرَهبهْ

ودخلت فيه فعادَ مثل ما

كانَ وما ذاك مشيد محكما

هذا وقُفلُ الباب لم يفتح لنا

من بعد جُهدٍ وعلاجٍ وعنا

فقلتُ : إنّ ذاك أمرُ اللهِ

فلم أكن بذكرهِ باللاهي

فمكثت ثلاثةً أيّاما

وخرجت وأعلنت كلاما


إنّيَ فُضلتُ على النساء

دخلتُ بيتَ رافعِ السماءِ

ثم أكلتُ من ثمار الجنّهْ

ورزقُها فهو عليّ جنّه

وعندما وضعتُه ورُمْتُ أنّ

أخرجَ نادى هاتفٌ لي بالعن

سمّي الذي وضعته عليّا

فلن يزالَ قدرُه عليّا

لد شققتُ اسماً له من اسمي

أطلعتُه على خفيِّ علمي

أدّبْتُهُ بأدبي إكراماً

وهو الذي يكسّر الأصناماً

في بيتي الشريف إذ يؤذّنُ

من فوقه وبالأذان يُعلنُ

طوبىٰ لمن أحبّه ووالى

ومن أطاعه يجاوى فضلا

ويلٌ لنم أبغضهُ مَن عصى

وذاك بعضُ ما به قد خُصّصا (١)

وحديث البلاطة الحمراء قد سب الإيعاز إليه في مبحث تواتر الحديث.

وذكر العالم الضليع ميرزا جبّار ابن المولى زين العابدين الشكوئي ، المتوفّى قبل سنة (١٣٣٠ ه) في كابه (مصباح الحرمين) في الفصل الثاني والثلاثين ، في وداع الكعبة أموراً.

منها : «الصلاة بين الاسطوانتين على الرّخامة الحمراء ، وهي على رواية بعض العلماء محلّ ولادة أمير المؤمنين عليه السّلام كما مرّ في فصل المستجار ...» (٢).

والفصل المشار إليه هو الفصل الثامن عشر (٣) ، وذكر فيه حديث يزيد بن قَعنَب ، فالإحالة في أصل ولادة البيت ، لا خُصوص حديث الرّخامة الذي أسند حديثه إلى بعض العلماء.

__________________

(١) منظومة في تواريخ المعصومين عليهم السّلام ، مخطوطة.

(٢) مصباح الحرمين : ١٩٤.

(٣) مصباح الحرمين : ١١٤ ـ ١١٥.


وكان هذا الرجل من ثقات عصره المتورّعين ، والوالد (١) العلّامة قدس سرّه كان يمدحه ويثق به ، ويخبت بقوله وفعله ، ولم يزل موصوفاً بحسن السيرة وأداء حقّ وظيفته الروحية حتّى قضى نحبه سعيداً طيباً.

وقال الشيخ أحمد بن الحسن الحرّ ، نزيل مشهد الرضا عليه السّلام ، أخو صاحب الوسائل في (الدر المسلوك في أحوال الأنبياء والأوصياء والملوك) في الفصل الرابع ، في ذكر أمير المؤمنين عليّ عليه السّلام ، ما لفظه :

«أمّا اسمه فعليٌّ

كنيته : أبو الحسن.

لقبه : المرتضى.

ولادته : الكعبة في البيت ، على الحجر.

يوم ولادته : الجمعة.

شهر ولادته : ثلاث عشر برجب ، وقيل نصف شهر رمضان.

سنة ولادته : ثلاثون من عام الفيل.

ملك وقت ولادته : شهريار (٢).

اسم اُمّه : فاطمة بنت أسد» (٣).

__________________

(١) والد المؤلّف هو : الشيخ الميرزا أبو القاسم بن محمد تقي الأُردوبادي التبريزي الغرويّ (١٢٧٤ ـ ١٣٣٣ ه) هاجر إلى كربلاء ، والنجف والكاظمية ، وأخذ من أعلامها ، وأُجيز بالاجتهاد منهم ، كان عالماً فقيهاً ، تقياً ورعاً ، من مراجع التقليد ، وله مؤلّفات ، ترجمه صاحب الذريعة والأعيان. لاحظ : السبيل الجدد إلى حلقات السند لولده ، المطبوع في مجلة علوم الحديث ، العدد ٢ ، ص ١٩٤.

(٢) شهريار بن كسرى ابرويز بن هرمز ، وكان لكسرى ابرويز ثمانية عشر ولداً ، وكان أكبرهم شهريار ، وكانت شيرين قد تبنّته ، وكان هلاك ملك كسرى على يد يزدجرد ابن شهريار. الكامل في التاريخ ١ : ٤٩٣ و ٣ : ٢٨ و ١٢٣.

(٣) الدر المسلوك ، مخطوط.


نبأ الولادة والمحدّثون :

لا نريد من المحدّثين السّذّج ، الذين لم يعرفوا إلّا أساطير في خلال الكتب ، أو قول بسيط مثل (حدّثني فلان) وهو لا يرى سعة العلم إلّا بالتوسّع في النقل ، فيحشد من ذلك صفوفاً ، ويسرد من وَرَطات القالة أُلوفاً ، من غير ما تفقّه في مغزي الحديث ، ولا تبصّرٍ في مؤدّاه ، ثمّ إذا طوى الدهر أيّامه تناقلت الرجل ، ومحاباة نظرائه من أرباب المعاجم ، بأنّه (حافظ ، روى مائة ألف أو تزيد) إلى غيرها من ألفاظ الثناء الباطل.

إنّما نقصدُ هاهنا أئمّة الحديث ، ومهرة فنّه النياقد ، الذين لا يروقهم رمي القول على عواهنه ، فلا يؤمنون بالمنقول إلّا بعد التفرّغ من أمر إسناده ، والتثبيت فيه ، والتروّي في متنه ، حذار مخالفته لمعقولٍ ، أو مصادمته لشيء من الاُصول.

فنريد من المدّث ذلك الحَبر الناقد الضليع في العلم ، الذي ضرب فراغاً ن أويقاته للتبصّر في هذا الفن ، والإحاطة به من أطرافه بما هو من أشرف العلوم وأهمّ الفرائض على العلماء الباحثين.

فهو محدّثٌ حينَ يقف على هذا الثغر ، كما أنّه فقيهٌ متى طَفِقَ يردّ الفرع على الأصل ، ومفسّرٌ حين يتحرّى مغازي آي الكتاب الكريم واكتشاف مخبّآتها ، وهو فنّي إذا عطف النظر على أيّ من العلوم.

إذا عرفتَ القصد من هذا العنوان ، فإنّك جدّ عليم بدخول كثيرٍ ممن ذكرناهم من رواة الحديث أو الناصّين بمفاده ، كعلم الهدى السيّد المرتضى ، وأخيه السيّد الرضيّ ، وشيخ الطائفة الطوسيّ ، وقبلهم رئيس المحدّثين الصدوق ، وبعدهم رشيد الدين ابن شهر آشوب ، وابن الفتّال الشهيد ، وآية الله العلّامة الحلّي ،


وابن البطريق ، إلى غير هؤلاء من الكثيرين الأول ، ممن سلفت الإشارة إليهم ، وإلى اُناس آخرين من علماء أهل السنة كالحاكم وغيره ، كما سلف ذكرهم.

لكننا نذكر هنا أفذاذاً لم نذكرهم هنالك ، أو لخصوصية فيهم لم تذكر فيما مرّ ، وبهذا الفصل وغيره من فصول هذه الرسالة تعرف مقيل ما هَوِسَ به ابنُ أبي الحديد في «شرح النهج» في الحقيقة من أنّ حديث الولادة مزعمة كثيرٍ من الشيعة «والمحدّثون لا يعترفون بذلك ، ويزعمون أنّ المولود في البيت حكيم بن حزام» (١).

وقد مرّت بك كلمة الحاكم النيسابوري في الولادتين ، وهو أحد أئمّة المحدّثين ، وغيره من محدّثي أهل السنّة والشيعة ، وإلى الملتقى هاهنا.

ففي (المجموع الرائق) تأليف السيّد الأجل ، في اُخرياته ، عند ذكر (المائة منقبة) المخصوصة بأمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام ، وذلك مما رواه الشيخ السعيد أبو جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه ـ قدّس الله ارواحهم ـ ، يوم الغدير من سنة إحدى وستّين وثلاثمائة ، يرفعه إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله ، ممّا خصّ الله به أمير المؤمنين علياً عليه السّلام :

[المنقبة الاُولى] : «أنّ الله تعالى خلقه من نور عظمته». إلى قوله :

[الثامنة] : «أنّه ولد في الكعبة».

[التاسعة] : «أنّه لمّا في الكعبة ظهر نوره من عِنان السماء إلى ظهر الكعبة ، وسقطت الأصنام التي كانت على الكعبة على وجوهها ، وصاح إبليس ، وقال : ويلٌ للأصنام وعبدتها مِن هذا المولود» (٢).

__________________

(١) شرح نهج البلاغة ١ : ١٤.

(٢) المجموع الرائق : ١٥٤ ، مخطوط.


وقال العلّامة أبو الفتح محمّد بن عليّ بن عثمان الكراچكي الفقيه المحدّث المتكلّم الثقة ، المتوفّى سنة (٤٤٩ ه) من تلمذة شيخنا المفيد في (كنز الفوائد) بعد أن ذكر أحاديث في مقدّمة الولادة من خبر الكاهن ، ورؤيا فاطمة بنت أسد ، وتعبير الكاهن لها ما لفظه :

«وفي الحديث أنّها ـ يعني فاطمة بنت أسد ـ دخلت الكعبة على ما جرت به عادتها ، فصادفَ دخولها وقت ولادتها ، فولدت أمير المؤمنين عليه السّلام داخلها» (١)

والمتّبع من هذا الحديث ما هو الجامع بينه وبين أحاديث الباب وأقواله من أصل الولادة في البيت ، وأمّا كيفية الدخول فيها فالمعتمد عليه ما أسلفنا لك نبأه من أنّها كانت أمراً من أمر الله ، وعنايةً من عنده خاصّة بأمير المؤمنين عليه السّلام ، خارجةً عن مجاري الطبيعة ومقتضيات الصدف.

ولذلك انشقّ البيت لفاطمة ، ثمّ لمّا دخلته ارتابت الصدعةُ ولم ينفتح قُفل الباب بالرغم من جهدهم الأكيد في فتحه.

وأكلت هي من ثمار الجنّة في جوف البيت ، وكان أمر الولادة ما عرفت.

فخرجت من البيت متبجّحةً بما منحها الله سبحانه.

وهذا هو المناسب لما عرفته من إطباق كلمات العلماء والأئمة ، من أنّ ذلك فضيلةٌ اختصّ اللهُ بها أمير المؤمنين عليه السّلام.

وأيّ فضيلةٍ فر الوقوع صدفة ولا عن قصدٍ كما يقع كثيراً لأفراد من الناس والحيوان من الولادة في محالٍّ شريفةٍ على مجاري العادة ، ولا يعدّ شرفاً وفضيلة لهم ، كما لم تعدّ الولادة في البيت فضيلةٍ لحكيم بن حزام على تقدير صحّة الرواية.

__________________

كنز الفوائد ١ : ٢٥٥.


فإنّ مَن أخبتَ بها لم يذكر فيها ما ذكره في ولادة أمير المؤمنين عليه السّلام من أنّها فضيلةٌ اختصّه الله بها ، ولا قال كقولهم فيه من أنّه لم يسبقه إلى مثلها أحدٌ ، ولا يلحقه فيها أحدٌ ، وما هو إلّا لما ذكرناه.

وفي كتاب (الأربعين) للشيخ أبي الفوارس ، أو أبي عبد الله محمد بن مسلم بن أبي الفوارس الرازيّ ، عن السيّد الأجلّ الأوحد جمال الدين عزّ الإسلام فخر العشيرة شرف الدين أبي محمد ، إبراهيم عليّ بن محمد العلوي الحسني (١) الموسوي بكازرون في التاسع عشر من شهر رجب ، عن الشيخ العارف ، شهريار بن تاج الدين الفارسيّ ، عن القاضي أبي القاسم ، أحمد بن ظاهر النوري (٢) ، عن أبي التحف (٣) عليّ بن إبراهيم المصريّ ، عن الأشعث بن محمد بن مرّة ، عن المثنّى بن سعيد بن الأصيل البغداديّ العطّار ، عن عبد المنعم بن الطيّب القدوري ، عن العلاء بن وَهب ، عن الوزير محمّد بن ساليق ، عن أبي جرير ، عن أبي الفتح المغازليّ ، عن أبي جعفر ميثم التمّار رضيّ الله عنه (٤) ، قال :

كنت بين يدي مولاي أمير المؤمنين عليه السّلام بالكوفة وجماعة من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وآله حافّون به ، كأنّهم الكواكب اللامعة في السماء الصاحية ، إذ دخل

__________________

(١) في اليقين : الحسيني.

(٢) في اليقين : أبو القاسم أحمد بن طاهر السوري.

(٣) في اليقين : أبو النجيب ، والظاهر صحّة ما في الأصل ، كما في رياض العلماء ٢ : ١٢٣ ـ ١٢٩ ، حيث قال في ترجمة الحسن بن عبد الوهاب أنّه يروي عن أبي التحف عليّ بن محمّد بن إبراهيم بن الحسن الطيب المصري الذي هو من مشايخ المرتضى والرضي ، وهو يروي عن جماعة كالأشعث بن مرّة وغيره.

(٤) السند لا يخلو من اضطراب ولكن تركناه على علّاته مع الإشارة إليه ، لعدم تعرض الكتب الرجالية المتوفرة لدينا إليه.


علينا من الباب رجلٌ طويلٌ ، عليه قَباءُ خزّ أدكن ، معتمٌ بعمامة أنجمية صفراء ، متلقّد بسيفين ، فنزلَ من غير سلام ، ولم ينطق بكلام ، فتطاول إليه الناسُ بالأعناق ، ونظروا إليه بالآماق ، ووقف عليه الناس من جميع الآفاق ، وأمير المؤمنين عليه السّلام لا يرفعُ رأسه ، فلمّا هدأ من الناس الحواسّ ، فسح عن لسانه كأنّه حُسامٌ صقيلٌ جُذِبَ من غِمده ، وقال :

«أيّكم المجتبى في الشّجاعة ، والمعمّم بالبراعة ، والمدرّع بالقناعة؟

أيّكم المولود في الحرم ، والعالي في الشِيم ، والموصول بالكرم؟» (١).

ورواه الشيخ أسعد بن إبراهيم بن الحسن بن عليّ بن عليّ الحلّي ، أو الجبلي ، في (أربعينه) الذي يروي أحاديثه عن مشايخه من العامّة في مجلس واحد سنة (٦١٠ ه) ، وذكر شيخنا العلّامة بحّاثة العصر الحاضر في الذريعة (٢) : أنّه من علماء الحلّة من الإمامية.

فذكر فيه الحديث الأوّل بإسناده إلى أبي جعفر ميثم التمارّ مثله ، غير أنّ بينهما اختلافاً في بعض الحروف ، وفيه أنّه قال :

«أيّكم الإمام الأروع الأورع ، البطين الأنزع ، المولود في الحرم ، العالي الهمم ، الكريم الشيم؟

أيّكم حيدر أبو تراب ، قالع الباب ، وهازم الأحزاب ، الذي فتح له ـ حين سدّت الأبواب ـ باب ، والذي نصب للعبّاس الميزاب؟» (٣).

__________________

(١) الأربعون حديثاً ، مخطوط ، ورواه في نوادر المعجزات : ١٠ ، واليقين : ٧٣ ، وفضائل ابن شاذان ، الحديث الأول.

(٢) الذريعة إلى تصانيف الشيعة ١ : ٤١١.

(٣) الأربعون حديثاً : ٩ ، مخطوط.


ورواه مؤلّف كتاب (الروضة في الفضائل) المطبوع مع (علل الشرائع) و (معاني الأخبار) للشيخ الصدوق بالإسناد يرفعه إلى أبي جعفر ميثم التمّار ، لكن روايته توافق الرواية الأُولى لأبي الفوارس في حروفها.

ففيهما أنّه لمّا فرغ من وصفه الكثير ، قال أمير المؤمنين عليه السّلام :

«أنا ، يا أبا سعد بن الفضل بن الربيع بن مدركة بن نجبة بن الصلت بن الحارث بن الأشعث بن السمعمع! سل عمّا بدالك» (١).

وفي رواية أسعد : أنّه أشار بعض الحاضرين إلى أمير المؤمنين عليه السّلام ، وقال : «هذا مرادك».

وذكر الجميع القصّة التي جاء الرجل لأجلها من القتل الواقع عندهم ، وذكروا المعجزة الباهرة للإمام صلوات الله عليه بإحيائه الشابّ المقتول ، بإذن الله تعالى ، وإخباره بقاتله وغير ذلك.

وفي الأربعين لأسعد أنّ هذا حديث رواه عامّة محدّثي الكوفة (٢).

وفي كتاب (عيون المعجزات) للشيخ حسين بن عبد الوهاب المعاصر لسيّدنا المرتضى علم الهدى ، عن أبي التّحف عليّ بن محمد بن إبراهيم المصري رحمه اللهُ عن الأشعث بن مرّة ، عن المثنّى بن سعيد ، عن هلال بن كيسان الكوفي الجزار ، عن الطلب الفواجريّ ، عن عبد الله بن سلمة الصحي (٣) ، عن شقادة بن الأصيد العطّار البغدادي ، عن عبد المنعم بن الطيّب القدوري ، عن العلاء بن وهَب بن (٤) قيس ، عن الوزير أبي محمد بن سايلويه رَضِيَ اللهُ عَنْه ، فإنّه كان

__________________

(١) الرووضة : ١٤٣.

(٢) الأربعون حديثاً : ١٧ ، مخطوط.

(٣) في المصدر : القبحي ، كذا.

(٤) في المصدر : عن.


من أصحاب أمير المؤمنين العارفين ، وروى جماعتهم (١) عن أبي جرير ، عن أبي الفتح المغازلي ـ رحمهما الله ـ ، عن أبي جعفر ميثم التمّار (٢) ، آنس الله به قلوب العارفين ، قال :

«كنتُ بين يدي مولاي أمير النحل ـ جلّت معالمه ، وثبتت كلمته ـ بالكوفة ، وجماعة من وجوه العرب حافّون به كأنّهم الكواكب اللامعة في السماء الصاحية» (٣).

وأنت ترى أنّ الرجل يعدّ مناقب أمير المؤمنين عليه السّلام الخاصّة به ، الشهيرة بين القاصي والداني ، ومنها كونه مولوداً في الحرم ، المراد به البيت خصوصاً ، وإلّا لما كانت خاصّة له ، لأنّ المولودين في حدود الحرم وبين شعاب مكّة وهضابها كثيرون ولا فخر لأحد فيه ، فإنّ الولد لابدّ وأن يولد في مساكن الأبوين ، شريفاً كان المحل أو غير شريف ، نعم إذا جاوزت الولادة في المحال الشريفة حدود العادة عدّت فضيلةً ، كولادة مولانا أمير المؤمنين عليه السّلام في البيت الذي هو محلّ العبادة لا الولادة ، مع ما اكتنفته من الخوارق للعادة المشروحة في هذه الرسالة.

كانت هذه المصارحة من الرجل بمشهدٍ ممّن لاث (٤) بالإمام عليه السّلام من الصحابة وغيرهم ، وكانوا قريبي العهد من الواقعة ، ولعلّ فيهم من شهدها أو شهد من أدركها ، وكلّهم يسمعون كلامه ويعترفون به حتّى تكلم متكلّمهم ـ كما في رواية أسعد ـ مشيراً إليه عليه السّلام : أنّ من تصفه هو هذا.

__________________

(١) يعني أنّ كان شيعته صلوات الله عليه ، لا أنّه من أصحابه المعاصرين له ، من هامش المطبوع.

(٢) إنّما أعدنا الإسناد مرة ثانية للختلاف بين النسختين ، والتصحيف في إحداهما. من هامش المطبوع.

(٣) عيون المعجزات : ٢٥.

(٤) الالتياث : الاختلاط والالتفاف. الصحاح ـ لوث ـ ١ : ٢٩١.


وعلى رواية أبي الفوارس وصاحب الروضة والعيون : أنّ الامام عليه السّلام كان هو الذي أصحر بانطباق هاتيك الأوصاف الكريمة على نفسع المقدّسة ، وناهيك به شاهداً ومشهوداً له.

أو ترى أنّه عليه السّلام لو كان يعتقد خلاف ما وصفه به الرجل كان يسكت عنه ويغضّ الطرف عن إفكه؟

لا ها الله!

ومَن عرف سيرته وخشونته في ذات الله ، وتهالكه في دحر الباطل ، وإدحاض معرّة البهت والزور ، علمَ مكانة هذه الفضيلة من الثبوت بعد تصديقه لها ، فلقد كان عليه السّلام بما اكتنفته من الفضائل التي لا تحصى في غنىً عن أيّ فخفخة بائتة ومجد كاذب.

ثمّ انثيال (١) عامّة محدّثي الكوفة على نقل الحديث من غير نكيرٍ بينهم ، مع حداثة عهدهم بالقصّة ، وتمكّنهم من تمييز الصدق فيه مِن المين (٢) ، دليلٌ واضح على شهرته بينهم على عهد العلويّ وقبلَه وبعدَه ، وإصفاقهم على تصديقه والإخبات به.

وروى الوزير الأربليّ في (كشف الغمة) عن (مناقب) الفقيه ابن المغازليّ المالكي ، مرفوعاً إلى عليّ بن الحسين عليهما السّلام ، قال :

«كنّا زوّار الحسين عليه السّلام وهناك نساء كثيرة ، إذ اقبلت منهنّ امرأة ، فقلتُ لها : مَن أنتِ رحمك الله؟

قالت : أنا زيدة بنت قُريبة بن العجلان من بني ساعدة.

فقلت لها : فهل عندك من شيء تحدّثينا به؟

__________________

(١) انثال : أي تتابع واجتمع. انظر لسان العرب ـ ثول ـ ١١ : ٩٥.

(٢) المبين : الكذب. لسان العرب ـ مين ـ ١٣ : ٤٢٥.


فقالت : إي والله! حدّثتني اُمّ عمارة بنت عُبادة بن نَضْلَة بن مالك بن العَجْلان الساعدي : أنّها كانت ذات يوم في نساء من العرب ، إذ أقبل أبو طالب كثيباً حزيناً ، فقلتُ له : ما شأنك؟

فقال : إنّ فاطمة بنت أسد في شدّة من المخاض ، وأخذ بيدها وجاء بها إلى الكعبة ، وقال : اجلسي على اسم الله ، فطلقت طلقة واحدة ، فولدت غلاماً مسروراً نظيفاً منظّفاً لم أرَ كحُسن وجهه ، وسمّاه عليّاً ، وحمله النبيّ صلّى الله عليه وآله حتّى أدّاه إلى منزلها. قال علي بن الحسين عليه السلام: فو اللّه ما سمعت بشي ء قطّ، إلّا وهذا أحسن منه»

ورواه شمس الدين ، أبو الحسين ، يحيى بن الحسن بن الحسين بن عليّ بن محمّد ابن البطريق الحلّي ، من علماء القرن السادس ، بإسناده عن ابن المغازلي ، عن أبي طاهر محمّد بن محمّد البيّع (٣) ، عن أبي عبد الله بن خالد الكاتب ، عن أحمد بن جعفلا بن محمّد بن سَلم الختّلي عن عمر بن أحمد بن روح الساجي ، عن أبي طاهر يحيى بن الحسن العلوي ، عن محمّد بن سعيد الدارمي ، عن موسى بن جعفر ، عن أبيه ، عن محمّد بن عليّ ، عن أبيه علي بن الحسين عليهم السّلام ، وذكر الحديث ، وفي بعض حروفه اختلاف (٤).

__________________

(١) كشف الغمّة ١ : ٥٩ ، ومناقب ابن المغاولي : ٦ / ٣.

(٢) الفسول المهمّة : ٣٠.

(٣) هو أبو طاهر محمّد بن علي بن محمد بن عبد الله البغدادي ، البيّع : بيع السمك ، ولد سنة خمس وثمانين وثلاثمائة ، ومات سنة خمسين وأربع مائة ، ودفن في مقبرة الشونيزي. انظر تاريخ بغداد ٣ : ١٠٦.

(٤) العمدة : ٢٧ / ٨.


ولا منافاة بين ما يد يتوهّمه غير المتأمل في مغازي الكلام ، من قولها في هذا الحديث : «فجاء بها إلى الكعبة» وبين ما هو مذكور في حديث يزيد بن قَعنب : من أنّ دخول فاطمة البيت لم يكن بمجيء أبي طالب بها ، وأنّه كان من خوارق العادات ، لانشقاق الجدار من وراء الكعبة ، والتثام الفتحة بعد دخولها ، وعدم انفتاح رتاج (١) الباب بالرغم من معالجة القوم من فتحه ، وأنّها أكلت فيها من ثمار الجنّة ، وهتف بها الهاتف لمّا أرادت الخروج.

وفي روية اُخرى : أنّه نزلت نسوة من السماء لِيَلينَ من أمرها ما تلي النساء من النساء.

إنّ هذه الرواية لم تتعهد بسرد تفاصيل القصّة بحذافيرها ، وإنّما أرادت الرواية لها إشارة إجالية إلى مولد الإمام عليه السّلام ، والتذكير لفضله الباهر يوم ميلاده.

فمن المحتمل أن يكون ما شاهده فريق من بني هاشم ، وفريق من بني عبد العزّى من أمر فاطمة بنت أسد المذكور في خبر ابن قَعنب ، ودعائها ، ودخولها البيت ، كان بعد ما جاء بها أبو طالب ـ سلام الله عليه ـ أهمله ابن قَعنب كما أهملت هذه الرواية أشياء اُخرى من حديثه ، للاختصار.

وليس في حديث ابن قعنب أيّ صراحة في أنّ أبا طالب لم يأت بها إلى فِناء البت ، ولا في هذا الحديث نصّ بأنّه هو الذي باشر إدخالها البيت ، وإنّما هو ظهور متضائل.

فلا تنافي بين النقلين حتّى ينتهزه المريض قلبه فرصةً لقلب الحقائق.

وروى أبو عبد الله محمّد بن يوسف بن محمّد القرشي الشافعي الكنجيّ الحافظ ، المتوفّى سنة (٦٥٨ ه) في (كفاية الطالب) في الباب السابع من الأبواب الاثني عشر ، التي ذكرها في اُخريات الكتاب بعد تمام الأبواب المائة ، قال :

__________________

(١) الرتاج : القفل. مجمع البحرين ـ رتج ـ ٢ : ٣٠٢.


أخبرنا الشيخ المقريء أبو إسحاق إبراهيم بن يوسف بن بركة الكتبي ، في مسجده بمدينة الموصل ، ومولده في سنة (٥٥٤ ه) قال : أخبرنا أبو العلاء الحسن بن أحمد بن الحسن العطّار الهمداني إجازة عامّة ، إن لم تكن خاصّة ، أخبرنا أحمد بن محمّد بن إسماعيل الفارسي ، حدّثنا فاروق الخطابي ، حدّثنا الحجّاج بن المنهال ، عن الحسن بن مروان بن عمران الغنوي ، عن شاذان بن العلاء ، حدّثنا عبد العزيز بن عبد الصمد ، عن مسلم بن خالد المكّي المعروف بالزنجي ، عن أبي الزبير ، عن جابر بن عبد الله ، قال : سألت رسول الله صلّى الله عليه وآله عن ميلاد عليّ بن أبي طالب؟

فقال : «لقد سألتني عن خير مولود ولد في شبه المسيح عليه السّلام ، إنّ الله تبارك وتعالى خلق عليّاً من نوري ، وخلقني من نوره ، وكلانا من نور واحد ، ثمّ إنّ الله عزّ وجل نقلنا من صلب آدم إلى أصلاب طاهرة ، وإلى أرحامٍ زكيّة ، فما نقلت من صلب إلّا ونقل عليّ معي ، فلم نزل كذلك حتّى استودعني خير رحم وهي آمنة ، واستودع عليّاً خير رحم وهي فاطمة بنت أسد.

وكان في زماننا رجلٌ زاهدٌ عابد يقال له : المبرم بن دعيب بن الشقبان ، قد عبد الله مائتين وسبعين سنة ، لم يسأل الله حاجة ، فبعث الله إليه أبا طالب ، فلمّا أبصره المبرم قام إليه وقبّل رأسه وأجلسه بين يديه ، ثمّ قال له : مَن أنت؟

فقال : رجل من تهامة.

فقال : من أيّ تهامة؟

قال : من بني هاشم ز

فوثب العابد فقبّل رأسه مرّة ثانية ، ثمّ قال : يا هذا ، إنّ العلي الأعلى ألهمني إلهاماً!

قال أبو طالب : ما هو؟


قال : ولدٌ يولد من ظهرك ، وهو وليُّ الله عزّ جل.

فلمّا كانت الليلة التي وُلِدَ فيها علي عليه السّلام أشرقت الأرض ، فخرج أبو طالب وهو يقول : أيّها الناس ولد في الكعبة وليّ الله عزّ وجل.

فلمّا اصبح دخل الكعبة وهو يقول :

يا ربّ هذا الغسقِ الدجيِّ

والقمر المبلَّجِ المضيِّ

 بيّن لنا مِن أمرك الخفيِّ

ماذا ترى في اسم ذا الصبيِّ؟

قال : فسمع صوت هاتف وهو يقول :

يا أهل بيت المصطفى النبيِّ

خُصِصتمُ بالولد الزكيِّ

 إنّ اسمه من شامخ عليٍّ

عليُّ اشتقّ ن العليّ» (١)

قال الحافظ الكنجيّ : قلت : هذا حديث اختصرته ، ما كتبناه إلّا ن هذا الوجه ، تفرّد به مسلم بن خالد الزّنجي ، وهو شيخ الشافعي ، وتفرّد به عن الزّنجي عبد العزيز بن عبد الصمد ، وهو معروف عندنا ، والزّنجي لقب لمسلم ، وسمّي بذلك لحسنه وحُمرة وجهه وجماله (٢).

وقال العالم الضليع المولى ، محمّد رضا بن محمّد مؤمن ، المدرّس الإمامي ، في الجدول السابع من كتابه (جنّات الخلود) : إنّه عليه السّلام ولد في ضحى الجمعة ، اعترى اُمّه الألم ، ولم تكن تحتمل الطلق في وقتها ، فدخلت البيت للاستشفاء ، فاُوصد بابه من قبل نفسه ، وكلّما عالج أبو طالب وإخوته أن يفتحوه لم يُفتح ، وانشقّ سقف البيت ، ونزلت حواء ومريم وسارة وأسية تصحبهنّ

__________________

(١) وردت هذه الأبيات في ألقاب الرسول وعترته : ٢٢٠ ، وينابيع المودّة : ٢٥٥.

(٢) كفاية الطالب : ٤٠٥.


الملائكة والحور ، ومعهنّ الطّست والإبريق وحرير من حرير الجنّة ، فقمن يواجب الولادة ، حتّى إذا ولد الإمام عليه السّلام سجد وتلا قوله تعالى : (جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ) (١).

ولا يناقص هذا ما عرفته من انشقاق جدار البيت لدخولها ، فإنّ أقصى ما في هذا الحديث إهمال كيفية الدخول.

فمن الجائز أن تكون على الصفة التي وصفها في الأحاديث الاُخر ، ومحاولة القوم لفتح الباب ، لأنّه كان أيسر لهم من إعادة الفتحة بعد التئامها ، لا لأنّها دخلت منه.

على أنّها كانت من الاُمور الإلهية التي لا تتأتّى لغيره سبحانه ، وما كان من الهيّن الهدم العادي لإخراجها مع وجود الباب ، والقوم لمّا عمدوا إلى الباب ورأوا تعاصيه على تماديهم في فتحه ، عرفوا أنّ شِروى (٢) التئام الفتحة أمرٌ غيبيّ لا يتسنّى لهم معالجته ، فتركوه لحاله.

* * *

حديث الولادة والنسّابون :

عرف الباحثون أنّ في أمثال هذه المسألة من أظهر ما تنتهي إلى النسّابة أخباره ، وأنّها من الحقائق التي لا تعزب عنها حيطتهم ، فهم ذوو خبرة في هذا الباب ، ونصوصهم فيها إحدى الحجج القويمة على إثباتها ، ونحن إذا رفعنا إليهم الأمر وجدناهم حكماً عدلاً ، ولهم فيه قضاءٌ فصل.

__________________

(١) جنّات الخلود : ١٧ ، فارسي ، سورة الإسراء : ٨١.

(٢) الشّروى : المثل ، يقال : ما له شروى أي ما له مثل. مجمع البحرين ـ شرا ـ ١ : ٢٤٥.


لقد مرّ عليك قول النسّابة العمريّ في (المَجدي) : «وولدت ـ يعني فاطمة بنت أسد ـ علياً عليه السّلام في الكعبة ، وما وُلِدَ قبلَهُ أحدٌ فيها» (١).

وفي (عمدة الطالب) تأليف جمال الدين ، أحمد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن مهنا بن عِنَبَة الأصغر الداوديّ الحسني النسّابة ، المتوفّى سنة (٨٢٨ ه) ذكر محلّ الولادة ، وهي : الكعبة ، ويومها وهو : الجمعة ، وشهرها وهو : الثالث عشر من رجب ، وعامها وهي : سنة ثلاثين من عام الفيل.

ونفى أن يكون أحدٌ ولد في البيت سواء قبلَه وبعدَه إكراماً له من الله عزّ وجل (٢).

وقال العلّامة السيّد محمد بن أحمد بن عميد الدين عليّ الحسيني النجفي النّسابة في (المشجّر الكشّاف لاُصول السادة الأشراف) : وُلِدَ عليه السّلام بمكّة في البيت الحرام ، وذكر اليوم والشهر والعام ، مكا عرفته عن الداوديّ ، قال : «ولم يولد قبلَه ولا بعدَه مولودٌ في بيت الله الحرام سواه» (٣).

وفي (مناهل الضرب في أنساب العرب) تأليف النّسابة أبي عبد الله ، جعفر بن محمد بن جعفر بن الراضي ، أخي المحقّق الأوحد السيّد محسن بن المرتضى الحسينيّ الأعرجيّ الكاظميّ ، شِروى ما نصّ به النسّابة العميدي ، عدا اختلاف في اللفظ يسير (٤).

__________________

(١) المجدي : ١١. ونقله بنصّه في معالم الطالبيين في شرح الكتاب (سرّ الأنساب العلوية) لأبي نصر البخاري : ٦٩ ، شرح الدكتور عبد الجواد الكليدار آل طعمة (ت ١٣٧٩ ه) ، طبع المكتبة المرعشية ـ قم ، ١٤٢٢ ه.

(٢) عمدة الطالب : ٥٨.

(٣) المشجر الكشاف : ٢٣٠.

(٤) مناهل الشرب (للأعرجي) : ٨٤ ، (١٢٧٤ ـ ١٣٣٢ ه) ، طبعة مكتبة السيد المرعشي ـ قم ، ١٤١٩ ه. ولاحظ نصّ كلامه في (مسك الختام في ولادة الإمام علي عليه السّلام) في هذه المجموعة.


وفي (أرجوزة في مواليد الأئمة عليهم السّلام ووفياتهم) للعلّامة أبي صالح ، محمد المهديّ بن بهاء الدين محمّد المقّب بالصالح بن الشيخ معتوق بن عبد الحميد ، الفتونيّ العامليّ والنباطيّ النجفيّ النسّابة ، المتوفّى سنة (١١٨٣ ه) صاحب (حديقة النسب) قال :

مولدُه الجمعةُ يومَ السابعِ

في شهر شَعبان ببيت الصانعِ

 وقد خلت منه ثلاثون سنه

من مولد النبيّ فاعلم سُنَنَه

* * *

حديث الولادة والمؤرّخون :

والسابر زُبُر التاريخ يجد هذا الحديث من أثبت ما تعرّض له مولّفوها ، وقد أثبتوه مخبتين به ، مُذعنين بحقيقته ، ومنهم من نصّ بصحّته عندهم جميعاً.

ففي (روضة الصفا) للمؤرّخ الضليع الشهير ، محمّد خاوند شاه : «كانت ولادته عليه السّلام ـ في رواية ـ يوم الجمعة ، في الثالث عشر من رجب ، سنة ثلاثين من عام الفيل ، وقيل : إنّها سنة ثمان وعشرين من العام المذكور.

وكان ميلاده عليه السّلام في جوف الكعبة ، فإنّ اُمّه كانت تطوف بالبيت ، أو أنّ المشيئة الإلهية أجاءتها إلى فنائه ، وكانت في أوان الطلق ، فكانت ولادته فيها ، ولم تتح هذه السعادة لأيّ أحدٍ منذ بدء الخليقة إلى الغاية ,

وإنّ لصحّة هذا الخبر بين المؤرخين المتحفّظين على الفضائل صيتٌ لا تشوبه شبهةٌ ، وتجاوز عن أن يصحبه الشكّ والترديد» (١).

انتهى مترجماً من الفارسي ، وملخّصاً.

__________________

(١) روضة الصفا ، الجزء الثاني.


والممعن في كلمة هذا المؤرخ البارع في فنّه ، الواقف على المختلف فيه والمتّفق عليه ، يرى حقيقة ما نحن بصدده من ثبوت هذه الفضيلة عند نقلة السير ، وتلقيهم إياها بالقبول حيث يقول بملء فيمه : «إنّ صيت صحّتها قد تجاوز عن أن يشك فيه أو تحوم حولها الشبهات».

وقد عرفت في غضون هذه الرسالة كثيراً ممّا يشبهه ، أو يربو عليه ، أويقاربه.

والرجل مع ذلك يصافق من تقدّمه على أنّها ممّا اختصّ بها أمير المؤمنين عليه السّلام ولا يشاركه فيها أيّ أحدٍ.

ولا ريب في ذلك ، غير أنّ أعداء آل البيت النبويّ افتعلوا حديث حكيم بن حزام فتاً في عَضُد هذه الفضيلة.

لكن المنقّبين من الفريقين لم يأبهوا به ، وبذلك تعرف قيمة ما هملج به القاضي روزبهان (١) من أنّ ذلك مشهور بين الشيعة ولم يصحّحه علماء التاريخ ، بل عند أهل التواريخ أنّ حكيم بن حزام ولد في الكعبة ولم يولد فيه غيره ... إلى آخره.

وستجد نصوص التاريخ بذلك ، وعرفت ردّ الحاكم النّيسابوري من حصر ولادة البيت بحكيم ، وذكر تواتر النقل بولادة أمير المؤمنين عليه السّلام فيه.

ومرّ أيضاً رواية أساطين أهل السنّة ، ولذلك ما يتلوه.

وإنّك تجد شيخ المؤرّخين الثبت الحجّة عند الفريقين أبا الحسن ، عليّ بن الحسين بن عليّ ، الهُذلي المسعوديّ ، المتوفى سنة (٣٣٣ ه) أو سنة (٣٤٥ ه) في (مروج الذهب) عند ذكر خلافة أمير المؤمنين عليه السّلام ، مثبتاً هذه الحقيقة ، جازماً بها من غير ترديد ، قال : «وكان مولده في الكعبة» (٢).

__________________

(١) تقدّمت ترجمته : ٣٩.

(٢) مروج الذهب ٢ : ٣٤٩.


وهذا الكتاب من أوثق المصادر التاريخية رضاً به الموافق والمخالف ن وقد راعى فيه جانب التقيّة بما يسعه ، بتأليفه على نسق كتب أهل السنّة وما يرتضونه من رواياتهم ، حتّى حسبه بعض من لم ير من كتبه غيره ، ولم يستكنه حياته الطيّبة ، ولم يلفت نظره إلى غير يسير من الإرشادات بل النصوص في نفس هذا الكتاب : أنّه منهم.

فهل من السائغ إذن : أن يذكر في كتاب هذا شأنه غيرَ الثابت المتسالم عليه عند الاُمّة جمعاء ، لا سيّما في مثل المقام الذي يكثر فيه بطبع الحال وَرَ"ات القالة؟

وفي كتاب (إثبات الوصية) للمسعوديّ أيضاً :

«وروي أنذ فاطمة بنت أسد كانت تطوف بالبيت ، فجاءها المخاض وهي في الطواف ، فلمّا اشتدبها دخلت الكعبة ، فولدته في جوف البيت على مثال ولادة آمنة النبيّ صلّى الله عليه وآله ، وما ولد في الكعبة قبلَه ولا بعدَه غيره» (١).

و (إثبات الوصيّة) من أنفس كتب الإمامية.

وليس من الجائز أن يحتجّ ويتبجّح فيه بما لا يقرّ به الخصم ، ولا تذعن به اُمّته ، ثمّ يقول بكل صراحة : «وما ولد ...» وبمشهد منه ومسمع ما تحذلقوا (٢) به من أمر حكيم بن حزام ، غير أنّ المؤرخ لا يقيم له وزناً.

وذكر حمد الله المستوفي في (تاريخ گزيده) : «أنّ مولده عليه السّلام كان سنة ثلاثين من عام الفيل ، الموافقة لسنة إحدى عشرة بعد التسع مائة الإسكندرية ، لثمان سنين مضين من ملوكية أبرويز (٣) ، وكان في الكعبة حيث كانت اُمّه

__________________

(١) إثبات الوصية : ١١١ ، وقد مضى نصّ ما أثبته من الحديث في الرسالة الثانية من هذه المجموعة.

(٢) حذلق : ادعى أكثر ممّا عنده. تاج العروس ـ حذلق ـ ٦ : ٣١١.

(٣) كسرى أبرويز بن هرمز بن انوشروان ، بُعث رسول الله صلّى الله عليه وآله لعشرين سنة مضت من ملكه. انظر الكامل في التاريخ ١ : ٤٩١ ـ ٤٩٦ و ٢ : ٤٦.


في الطواف ، فبان عليها أثر الطلق وتعذّر خروجها من البيت فوضعته في جوفه» (١).

انتهى مترجماً من الفارسيّة وملخّصاً.

وفي التاريخ الإسكندري اختلاف بين ما يقوله هذا المؤرّخ ، وبين محمّد بن طلحة الشافعيّ في (مطالب السؤول) ، قال : «إنّه عليه السّلام ولد ليلة الاُحد الثالث والعشرين من رجب ، سنة تسعمائة وعشر من التاريخ الفارسيّ المضاف إلى إسكندر.

وكان ملك الفرس يومئذ مستمراً ، وكان ملكهم أبرويز بن هرمز.

وقيل : ولد في الكعبة ، البيت الحرام» (٢).

ومخالفات الرجل للمشهور غير محصورة بهذا كما تراه في قوله : «ليلة الأحد» وقوله : «الثالث والعشرين».

إذن فلا نأبه بخلافه هذا ، كما لم نأبه بغيره.

ولا نكترث بإسناده ولادة البيت إلى القيل ، بعد ما عرفناه عن الحاكم من تواترها ، وعن الآلوسي من اشتهارها في الدنيا والنصوص المتعاضدة بما يشبه ذلك ، وجزم من جزم به من أئمة الفن وحَمَلة الآثار.

والرجل صاحب رياضة وتصوّف ، وليس تضلعه في العلم والحديث كغيرهما ممّا نسب إليه.

وعلى أيّ ، فلا يقلّ ما ذكره عن أن يكون إحدى الروايات ومن مؤكّداته.

__________________

(١) تاريخ گزيده (فارسي) : ١٩٢.

(٢) مطالب السؤول : ١١.


وفي (مرآة الكائنات) تأليف المؤرّخ البحّاثة نشانجيّ زاده ، محمّد بن أحمد بن محمد بن رمضان : «أنّه عليه السّلام ولد ، ولرسول الله صلّى الله عليه وآله ثلاثونسنة ، كانت اُمّه فاطمة زائرة البيت ، فولدته فيه لحكمة الله سبحانه فيه ، ولم يرزق هذا غيره ، وغير حكيم بن حزام» (١).

انتهى مترجماً من التركية.

ولقد عرفت أنّ مولد حكيم فيه من الصدف الاتفاقية لا عن قصد ، فليست فيه فضيلة تعدّ ، وإنّما الفضيلة في مولد سيّدنا أمير المؤمنين عليه السّلام على التفصيل الذي أسلفناه ، وهو الذي عرفه هذا المؤرّخ نفسه حيث عدّ ذلك من حكم الله سبحانه.

وفي (سِيَر الخلفاء) للمعاصر عبد الحميد خان الدهلوي ، عن غير واحد من المؤرخين ، أنّه «ولد في مكّة المكرّمة يوم الجمعة يوم الجمعة في الثالث عشر من رجب ، سنة ثلاثين من عام الفيل ، ولم يتولّد أحدٌ قبلَه في حصار البيت».

قال : «وإنّه وإن كان رابع الخلفاء ، ولكنّه صاحب أثر واقتدار على عهد كلّ من الخلفاء ، وكان يمدّ أبا بكر بآرائه ، وكان من أكبر أنصار عمر بن الخطاب ، وكذلك بعده مع عثمان» (٢).

انتهى مترجماً من الهندية ، وملخّصاً.

وفي (تاريخ قم) تأليف العالم المؤرّخ ، الحسن بن محمّد بن الحسن القمي ، الذي ألّفه للصاحب بن عباد سنة (٣٧٨ ه) وفي ترجمته إلى الفارسية للفاضل الجليل ، الحسن بن عليّ بن الحسن بن عبد الملك القمي ، الذي ترجمه بأمر الوزير فخر الدين بن شمس الدين سنة (٨٦٥ ه) وطبع في طهران سنة (١٣١٣ الهجرية الشمسية) المطابقة لسنة (١٣٥٣ ه) القمرية.

__________________

(١) مرآة الكائنات : ١ : ٣٨٣.

(٢) سير الخلفاء ٨ : ٢.


ففي الفصل الأوّل من الباب الثالث : «إنّ ولادة أمير المؤمنين في الكعبة يوم الخميس ثامن ربيع الأول ، سنة ثلاثين من عام الفيل ، وفي رواية : سنة ثمان وعشرين منه» (١).

وما ذكره من تاريخ الأُسبوع والشهر غريب ، وإنّما قصدنا في نقله ما يوافق غيره من المؤرّخين من النصّ بولادة الكعبة.

والرجل من عظماء المؤرّخين والمحدّثين القدماء ، يحتجّ بقوله ويعوّل عليه وعلى كتابه.

ولا ينافيه ترجيحنا رواية غيره من العظماء فيما وقعت المخالفة بينهما لمرجّحات خارجية ، لكنّ موضوع رسالتنا هذه ممّا لم يختلف فيه الأوّل والآخر.

فقال البحّاثة السيّد عليّ جلال الدين الحسيني الكاتب المؤرّخ المعاصر المصريّ في كتابه (الحسين عليه السّلام) : «أنّه عليه السّلام ولد بمكّة في البيت الحرام ، يوم الجمعة الثالث عشر من رجب ، سنة ثلاثين من عام الفيل.

قال الشيخ المفيد : ولم يولد قبلَه ولا بعدَه مولودٌ في بيت الله تعالى سواه.

وقال عبد الباقي أفندي الموصليّ العمريّ :

أنتَ العليُّ الذي فوقَ العُلا رُفعا

ببطنِ مكّةَ عندَ البيتِ إذ وُضِعا» (٢)

وفي (تاريخ نگارستان) لأحمد بن محمد بن عبد الغفاريّ القزويني من مؤرّخي القرن العاشر.

__________________

(١) تاريخ قم : ١٩١.

(٢) كتاب الحسين عليه السّلام ١ : ١٦ ، وإرشاد المفيد : ٩ ، وشرح عينية عبد الباقي (للألوسي) : ١٥.


وموضوع الكتاب تأريخخ ملوك الإسلام إلى سنة (٩٤٩ ه) وهو مذكور في (كشف الظنون) للچلبي ، و (الذريعة) لشيخنا البحاثة الحجة الشيخ آقا بزرك الرازي ، وطبعع سنة (١٢٤٥ ه) ، ففيه : أنّه ولد في جوف الكعبة (١).

وذكر التاريخ موافقاً للسيّد علي جلال الدين في السنة والشهر والأُسبوع.

وفي (روضة الصفا ناصري) للبحاثة المؤرّخ الشهير رضا قلي هان هدايت «أنّ من المحقَّق : لمّا عادت فاطمة بنت أسد صدفاً لذلك الجوهر الملوكي ، ظهرت لها ن إمارات السّعود ما أخبتت بعظمة الحمل الذي كان في بطنها.

ولقد بشّر به أبا طالب مثرم بن دعيب بن سقيام ، من رُهبان المسيحيين الإلهيين ، وكان يسكن جبل لكام من جبال الشام ، الذي كان معبداً للمرتاضين ، ولقد عمّر مائة وتسعين عاماً.

ولمّا انتهت أيام حملها قصدت الكعبة يوماً ، فانشقّ لها الجدار ، ودخلته فالتأمت الفتحة.

وتعجّب العباس بن عبد المطلب ، يزيد بن قَعنب ، وبقية الحضور ، وتعذّر عليهم فتحُ الباب والدخول عليها.

حتّى خرجت هي في اليوم الرابع وابنها على يَدها ، وهب مباهيةٌ به.

فوافى أبو طالب ودخل معها البيت ، ووجدَ لوحاً فيه هذان البيتان :

خُصِصتما بالولد الزكيِّ

والطاهر المنتجبِ المرضيِّ

إنّ اسمه من شامخٍ عليِّ

عليٌّ اشتقَ من العليِّ

يقال : إنّ هذا اللوح كان معلّقاً بمكّة ، حتّى أخذه عبد الملك.

__________________

(١) تاريخ نگارستان : ١٠. وانظر بشأنه كشف الظنون ٢ : ١٩٧٦ ، والذريعة ٢٤ : ٣٠٨.


وكانت الولادة الميمونة يوم الجمعة ، لثالث عشر من رجب ، قبل البعثة بعشرة أعوام ، وقبل الهجرة بثماني وعشرين سنة (١) ، وكان عمرُ النبيّصلّى الله عليه وآله ثمانية وعشرين عاماً.

فوُلِدَ وَليُّ الله سلام الله عليه في البيت على الرّخامة الحمراء.

وذكر الفنّيون بالفلكيات والنجوم أنّ ساعة الميلاد كانت في طالع العقرب ، والزُّهرة والقمر في بيت الطالع ، وكان المرّيخ وزحل في الحوت ، وعطارد والشمس والمشتري في السُّنبلة.

وبما أنّ المرّيخ وزحل في الخامس والعشرين الذي هو منسوب للأولاد ، كان ولده سلام الله عليهم بين مقتول بالسيف الذي منسوبٌ إلى المريخ ، وآخر مستشهد بالسُّم الذي هو منسوب إلى زحل.

ويوجد نظير هذه الأحكام في كتاب (جاماسب) الحكيم الفارسيّ» (٢).

مترجماً من الفارسيّة وملخّصاً.

وفي (بستان السياحة) للمؤرّخ المنقّب الحاج ، زين العابدين بن إسكندر الشرواني ، بعد ذكر ولادته عليه السّلام من غير ترديد في العام الثلاثين من واقعة الفيل في جوف الكعبة ، وعن بعضهم أنّه في الثالث عشر من رجب :

«إنّ من المتّفق عليه : أنّ غيره ـ صلوات الله عليه ـ لم يُولد هناك» (٣).

وذكر بيتاً فارسياً ، هذا نصّه :

شد او درّ وبيت الحرامش صَدَف

كسى را ميسّر نشد اين شَرَف

__________________

(١) الظاهر بثلاث وعشرين سنة.

(٢) روضة الصفا ، الجزء العاشر ، وكتاب جاماسب : ٥١.

(٣) بستان السياحة : ٥٤٠ ، ط. ٢.


وفي (روضة الشهداء) للمولى حسين الكاشفي عن (بشارة المصطفى) وذكر حديث يزيد بن قَعنب مختصراً ، كما مرّ.

ثمّ نقل عن الإمام أبي داود البناكتي أنّه «لم يولد أحدٌ قبلَه ولا بعدَه في البيت» (١).

والعلويّة المباركة ، تلك القصيدة التاريخية المُربيَة على الخمسة آلاف بيت في حياة أمير المؤمنين عليّ عليه السّلام للصحافي الشهير عبد المسيح الأنطاكي صاحب مجلّة (العمران) المصريّة (٢).

في رَحبة الكعبة الزهرا قد انبثقت

أنوارُ طفلٍ وضاءت في مَغانيها

 واستبشرَ الناسُ في زاهي ولادته

قالوا : السُعودُ له لا بدَّ لا قيها

 قالوا ابنُ مَ ،؟ فأُجيبوا : إنّ ولدٌ

من نسل هاشمِ من أسمى ذَراريها

 هنّوا أبا طالبِ الجوّاد والدَهُ

والأُمَّ فاطمة هُبُّوا نُهنّيها

 إنّ الرضيعَ الذي شام (٣) الضياء ببيـ

ـتِ الله عزّتُهُ لا عزَّ يَحكيها

 أمّا الوليدُ فلاقى الأرض مُبتسماً

فما رغا رَهَباً ما كان خاشيها

 إلى النساءَ التي حولَيه قد نظرت

عيناهُ نظرةَ مُستجلٍ خوافيها

 وهنَّ أعجبنَ بالمولُود شِمْنَ بهِ

شِبلاً ببنيَتِهِ سُبحان بانيها

 وقلنَ فاطمُ قد جاءت بِحَيدرةٍ

يذبُّ عن قومه العُدوى ويَحميها

 فَراقَ فاطمةٌ والطفلُ بينَ يَديـ

ـها قولةٌ سمعتها من جواريها

 واستبشرت ثمّ قالت : والجي أسدٌ

فباسمه صِرتُ أُسْميهِ بخافيه

ثمّ أبو طالبٍ وافى حليلته

وطفلها وانثنى صَفواً يحاليها

__________________

(١) روضة الشهداء : ١٤٦.

(٢) مجلّة العمران : ٦١ ـ ٦٢.

(٣) شام : تطلع. انظر لسان العرب ـ شيم ـ ١٢ : ٣٢٩.


وهمَّ بالطفل يستجلي ملامحَه الز

هرا فألفى المعالي كُوّنت فيها

 وقالت الأُمُّ : يا بشرى بِحَيدرةٍ

بُشرى أبا طالبٍ وافيتُ أُسديها

أجابَها : بل عليُّ إنّني لأرا

هُ بالغاً ذِروة العَليا وراقيها

 اللهُ أكبرُ من تلك الفَراسة بالـ

ـمولود والوالد المفضالِ رائيها

 قد حقّقتها الليالي بالوليدِ فأمْـ

ـسى بينَ أهل العُلا والمجد عاليها

 وعام مولده العام الذي بدأت

بشائرُ الوحي تأتي من أعاليها

 فيه الحجارةُ والأشجار قد هتفت

للمُصطفى وهو رائيها وصاغيها

 وإذ درى المصطفى فيه ولادةَ مو

لانا العَليّ غدا بالبُشر يُطريها

 وباتَ مُستبشراً بالطفلِ قال به

لنا من النِعَمِ الزَهراء ضافيها

علّق الناظم المؤرّخ على هذا المورد من قصيدته بقوله :

«كانت ولادة سيّدنا ومولانا أمير المؤمنين في العام الثلاثين لولادة المصطفى ـ عليهما وعلى آلهما والسلام ـ على ما حقّق المحقّقون ، فتكون ولادته الشريفة حول سنة ستّ مائة وواحد مسيحيّة ، ومن بشائر سعده ـ عليه صلوات الله ـ أنّه وُلِدَ في الكعبة كرّمها الله ، ولدته اُمّه فيها ، فاستبشر بذلك أبوه وعمومته.

وعند ولادته الشريفة دعته اُمّه : «حيدرة» ومعنى هذه الكلمة : «الأسد» فكأنّها أرادت أن تسميّه باسم أبيها ، فلمّا وقعَ نظرُ أبيه أبي طالب عليه وتوسّم بملامحه العلاء ، ودعاه «عليّاً».

وقد صدّقت الأيام فراسته ، فكان عليه صلوات الله «عليّاً» في الدنيا والآخرة.

وعام ولد سيّدنا أمير المؤمنين ـ عليه صلوات الله ـ هو العام المبارك الذي بدىء فيه برسول الله صلّى الله عليه وآله فأخذ يسمعُ الهُتاف من الأحجار والأشجار ، ومن السماء ، وكشف عن بصره فشاهد أنواراً وأشخاصاً.


وفي هذا العام ابتدأ بالتبتّل والانقطاع والعزلة في جبل حِراء.

وكان رسول الله صلّى الله عليه وآله يتيمّنُ بذلك الهام ، بولادة سيّدنا عليّ ـ عليهما وعلى آلهما الصلاة والسلام ـ وكان يسميّه : «سنة الخير ، وينة البركة».

وقال المصطفى صلّى الله عليه وآله لأهله عندما بلغته بشرى ولادة المرتضى : «لقد وُلِدَ لنا الليلة مولودٌ ، يفتحُ الله علينا به أبواباً كثيرةً من النعمة والرحمة».

وكان قوله هذا أوّل نُبوّته ، فإنّ المرتضى ـ عليه صلوات الله ـ كان ناصره ، والحامي عنه ، وكاشف الغمّاء عن وجهه ، وبسيفه ثبت الإسلامُ ، ورسخت دعائمُه وتمهّدت قواعدُه» (١).

وفي الرسالة الموضوعة لتأريخ مواليد أئمّة الدين عليهم السّلام ووفياتهم ، تأليف العلّامة الأوحد السيد محمّد الطباطبائي ، جدّ آية الله بحر العلوم (٢) : أنّه عليه السّلام «وُلِدَ بمكّة في جوف الكعبة ، ولم يولد قبلَه ولا بعدَه أحدٌ فيه سواه ، إكراماً له من الله جلّ اسمه بذلك ، في يوم الجمعة الثالث عشر من شهر رجب الأصم ، على ما نقله جلّ أهل التاريخ بل كلّهم ...».

وفي الجدول الذي عمله السيّد الأجلّ أبو جعفر ، محمّد بن أمير الحاج الحسينيّ في شرح قصيدة الأمير أبي فراس الحمداني ، تعيين يوم ولادته بالجمعة ، وشهرها بالثالث عشر من رجب ، وعامها بالثلاثين من واقعة الفيل ، ومحلّها بالكعبة (٣).

__________________

(١) القصيدة العلوية : ٦١ ، وهذه القصيدة تشتمل على ٥٥٩٥ بيتاً ، انظر الذريعة ١٧ : ١٢٠ ، والأعلام (للزركلي) ٤ : ٢٩٧.

(٢) وهو جدّ سيّد الطائفة الإمام البروجردي الطباطبائي المتوفى (١٣٨٠ ه) أيضاً.

(٣) شرح الشافية : ١٥.


وقال الكفعميّ في جنّته المعروف بـ (المصباح) الذي ألّفه سنة (٨٩٥ ه) عند ذكر شهر رجب : «وفي ثالث عَشَر ، يوم الجمعة ، وُلِدَ عليّ بن أبي طالب عليه السّلام في الكعبة ، قبل النبوّةباثنتي عشرة سنة ، وللنبيّ صلّى الله عليه وآله ثمانٍ وعشرون سنة» (١).

وفي الجدول الذي عقده شيخ الإسلام ، ميرزا حسن الزنوزيّ نزيل (خُوي) على العهد الدنيلي ، لمواليد الأئمة عليهم السّلام ووفياتهم في كتابه (بحر العلوم) : «أنّ ولادته عليه السّلام الكعبة».

وعرفت في باب إثبات شهرة الحديث نقله عن كتاب (الدر المسلوك في أحوال الأنبياء والأوصياء والملوك) للشيخ أحمد بن حسن الحرّ العاملي ، فراجع (٢).

ووجدماه مرسلاً إرسال المسلّم في كتاب (حياة عليّ بن أبي طالب عليه السّلام) لبعض خريجي كلية باريس.

وفي (تجارب السلف في تواريخ الخلفاء ووزرائهم) تأليف هندو شاه بن عبد الله الصاحبيّ النخجواني ، الذي فرغ منه سنة (٧٣٤ ه) : «أنّ علياً عليه السّلام ولد في الكعبة ، وكان المصطفى صلّى الله عليه وآله ابن ثلاثين ، ولمّأ ولد عليّ عليه السّلام سمّته اُمّه (حيدرة) وحيدرة اسم الأسد ، وسمّاه النبيّ صلّى الله عليه وآله وكنّاه بأبي تراب» (٣).

مترجماً عن الفارسية.

وقال الحلبيّ في سيرته (إنسان العيون) : «إنّه عليه السّلام وُلِدَ في الكعبة ، وعمره ـ يعني عمر النبيّ صلّى الله عليه وآله ـ ثلاثون سنة».

__________________

(١) مصباح الكفعمي : ٥١٢.

(٢) تقدّم في الصفحة : ....

(٣) تجارب السلف : ٣٧ ، ط. طهران ، سنة (١٣١٣ ش).


ثمّ قال : «وقيل : الذي وُلِدَ في الكعبة حكيم بن حزام ، قال بعضهم : لا مانع من ولادة كليهما في الكعبة.

لكن في (النور) حكيم بن حزام ولد في الكعبة ، ولا يعرف ذلك لغيره ، وأمّا ما روي أنّ علياً عليه السّلام ولد فيها ، فضعيف عند العماء» (١).

وأنت تجد من سياق العبارة أنّ المعتمد عند الرجل هو ولادة الإمام عليه السّلام في الكعبة ، ولذلك ذكرها أوّلاً مرسلاً إيّاها إرسال المسلّم.

ثمّ عزا ولادة حكيم بن حزام فيها إلى القيل إيعازاً إلى وهنه ، ولذلك أردفه بجواب البعض عنه.

لكنّه وجد لصاحب (النور) كلمةً لم يرقه الإغضاء عنها بما هو مؤرّخ أخذ على عاتقه إثبات المقول في كلّ باب ، وإذ لم يجد جواباً عنها لغيره لم يشفعها به.

واكتفى هو بما ذكرناه من اعتماد على حديث الولادة عن أن يردّ كلمة الرجل ، لأنّه لا مُنقّب.

وأمّا صاحب (النور) فيكفيك في تفنيد مزعمته ما تقف عليه في هذه الرسالة من نصوص علماء أهل السنة في ذلك ، ورواياتهم.

وقد عرفت نصّ الحاكم والمحدّث الدهلويّ بتواتر حديثه ، وقول الآلوسيّ : «إنّه أمرٌ مشهورٌ في الدنيا».

وأيّ عالم يردّ المتواتر ، أو يعدوه أمرٌ مشهورٌ ثبوتهُ في الدنيا فيضعّفه حتّى يقول الرجل بملء فيه : «إنّه ضعيف عند العلماء».

وإن تعجب فعجبٌ إثباته ولادة حكيم التي لم يستقم إسنادها ، ولا اعترف بها مخالفوه وأُمم من موافقيه.

__________________

(١) إنسان العيون ١ : ١٦٥.


وعلى فرض وقوعها فقد ذكرنا في غير مورد من هذه الرسالة وذكر الصفوريّ الشافعيّ : أنّها من الصدف التي لا تثبيت فضيلةً ولا تخرق عادةً.

ثمّ تضعيفه ولادة أمير المؤمنين التي أخبت بها أئمّةُ الحديث ، وأثبتها نَقَلَةُ التاريخ ، وطفحت بها كتبُ الأنساب ـ ونظّمتها الشعراءُ ، وقال بها العلماءُ ، وفيهم مَن ينفي أن يكون لغيره ـ صلوات الله عليه ـ مولد في البيت؟

لكنّه بما هو محدّث أخذ على عاتقه إثبات المرويّات.

والإخبات بمفاده أمرٌ آخر تكشف عن عدمه كلمته هذه.

ويأتي عن البدخشيّ قوله : «ولم بولد في البيت أحدٌ سواه ، قبلَه ولا بعدَه ، وهي فضيلةٌ خصّه الله بها» ، ثمّ ذكر عن بعضهم رواية قصّة حكيم ، فقال : «والله أعلم» مُشعراً بوهنه.

وعرفت عن أبي داود البناكتي أنه : «لم يحظَ أحدٌ قبلَ الإمام عليه السّلام ولا بعده بشرف الولادة في البيت» (١).

ويشبه هذه كلّها كلمة ابن الصبّاغ المالكيّ السابقة : «ولم يولَد في البيت الحرام قبلَه أحدٌ سواه ، وهي فضيلةٌ خصّه اللهُ تعالى بها إجلالاً له ، وإعلاءً لمرتبته ، وإظهاراً لتكرمُتَه».

وبمطلع الأكمة منك قول الدهلوي في (سِيَر الخلفاء) أنّه : «لم يتولّد أحدٌ قبلَه في حصار البيت».

ولعلّ قيد ذاكرتك كلمة أبي الثناء الآلوسيّ في أوليات هذه الرسالة : «ولم يشتهر وضعُ غيره كرّم الله وجهه ، كما اشتهر وضعه».

__________________

(١) تقدم في الصفحة : ....


يو عز إلى وهن ذلك الحديث ، وانحياز الشهرة عنه ز

وقبيله قول المحدّث الدهلويّ في (إزالة الخفاء) : «ولم يولد فيها أحدٌ سواه قبلَه ولا بعدَه».

إلى غير هؤلاء من مهرة الفنّ ، وأئمّة النقل ، وأصفقَ معهم علماء الشيعة كافّة.

وقد أو قفناكَ على كلمات زُرافات منهم.

فلو كان يقام لولادة حكيم في البيت وزنٌ عندَ هؤلاء لما أطلقوا القول بملء الأفواه أنّ تلك ختصّة لأمير المؤمنين عليه السّلام لا يشاركه فيها أحٌ ، مع وقوفهم على أمر حُكيم ، وفيهم من أورده في كتابه لكنّه غيره آبِهٍ به.

ويقربُ من هذه الهملجة ما جاء به الديار بكري في (تاريخ الخميس) قال : «وُلِدَ بمكّة بعدَ عام الفيل بسبع سنين ، ويقال : كانت ولادته في داخل الكعبة ، ولم يثبت» (١).

وليت شعري ، بماذا تثبت الحقائقُ التاريخية؟ أبالوحي؟ أم بأخبار الأنبياء؟ وهتاف الكتب السماوية؟

أم أنّ المرجع فيها الرجل والرجلان من النَقَلة والرواة؟

وهل التزم الديار بكريّ في كتابه بأكثر من هذا؟

فما بال هذه الحقيقة التي هَـتَفَت بها المئاتُ والأُلوفُ ، وأثبتتها طبقاتُ الناس جيلاً بعد جيل ، لم تثبت عنده؟

وثبتت لديه هَفوات التاريخ ، التي لو أحصيتها لخرجت عن وضع الرسالة؟

ثمّ ما بال الديار بكري يعتمد على شواهد النبوّة كلّما نقل عنه ، ولا يرتضيه في خصوص المقام؟

_________________

(١) تاريخ الخميس ٢ : ٣٠٧.


ثمّ ما باله يغضّ الطرفَ عن غلطه الشائن من أنّ ولادته عليه السّلام كانت بعد عام الفيل بسبع سنين ، لكنّه يردّ حديث ولادة البيت بعدم الثبوت؟

أنا أدري : لماذا؟

وأنت تدري؟

وقبلنا الديار بكريّ يدري؟!

* * *

حديث الولادة والشعراء :

عرفت أنّ الحديث الشريف بلغَ من الشهرة والثبوت بحيثُ لا يسعُ أيَّ مُعنت إنكاره.

ولذلك احتجّ به فريقٌ كبيرٌ من المحقّقين في كتب الإمامة ن وأرسله إرسال المسلّمات جموعٌ من نياقد فنّ الحديث في باب الفضائل ، وتبجّحَ به زرافاتٌ من حَمَلةِ العلم ونقّاده في مؤلّفاتهم.

وهنالك لفيفٌ لا يستهان بعدّتهم ، ولا يغمزُ في شيءٍ من تثبّتهم وضبطهم من صيارفة القول ، وصاغة القريض ، وزُبناء الشعر ، بين عالم ضليعٍ ، وأديبٍ بارع ، وشاعرٍ مبدعٍ ، تصدّوا الإثبات هذه الفضيلة فيما أفرغوه في بوتقة النظم ، أو حاكوه على نول الحقيقة.

فسار ذكرها مع الرُّكبان ، وانتشر نشرها مع مهبّ الريح ، كما مرّ عن الحميريّ ، والسّرخسي ، والشفهينيّ ، والحرّ العاملي ، والأفتوني ، وغيرهم.

وإليك ذكر آخرين منهم ، وهم كما وصفناه لك من المكانة الراسية من العلم والأدب :

قال العلّامة الكبير الورع الشيخ ، حسين نجف المتوفّى (١٢٥٢ ه) من قصيدة عَلويّة مثبّتة في ديوانه المخطوط :


جعلَ اللهُ بيتَه لعليٍّ

مَوْلِداً يا لَه عُلاً لا يضاهى

 لم يشاركهُ في الوِلادة فيهِ

سيّدُ الرسل لا ولا أنبياها

 علمَ اللهُ شوقَها لعليٍّ

علمه بالذي بهِ مَ ، هَواها

إذ تمنّت لقاءَهُ وتمنّى

فأراها حبيبَهُ ورآها

 ما ادّعى مدّعٍ لذلكَ كلّا

مَن ترى في الورى يرومُ ادّعاها؟

 فاكتست مكّةٌ بذاك افتخاراً

وكذا المشعران بعدَ مِناها

بل بهِ الأرضُ قد علت إذ حوتْهُ

فغدت أرضُها مَطافَ سماها

 أو ما تنظرُ الكواكبُ ليلاً

ونهاراً تطوفُ حولَ حِماها؟

 وإلى الحشر في الطواف عليهِ

وبذاكَ الطواف دامَ بقاها (١)

وللمولى محمّد مسيح المعروف بـ (مسيحا) الفَسويّ الشيرازيّ ، المتوفى سنة (١١٢٧ ه) من قصيدة بمدح بها أمير الؤمنين عليه السّلام :

ما كان ربّاً ولكن ليسَ من بشرٍ

وليسَ يشغلُهُ شأنٌ عن الشانِ

 هو الذي كان بيتُ الله مَوْلِدُهُ

فطهّرَ البيتَ من أرجاس أوثانِ

 هو الذي من رسول الله كانَ لَهُ

مقامُ هارونَ من موسى بن عمرانِ

 هو الذي صار عرشُ الربّ ذا شَنَفٍ(٢)

إذ صارَ قُرطيه ابناهُ الكريمانِ (٣)

وهو من أعاظم علماء الشيعة ، جمع المعقول والمنقول ، من تلمذة المحقّق الخوانساري ، ترجمه وأثنى عليه الشيخ عليّ الحزين في (تذكرته)

__________________

(١) ديوانه المخطوط.

(٢) الشَّنف الذي يلبس في أعلى الأُذن ، والذي في أسفلها القُرط. لسان العرب ـ شنف ـ ٩ : ١٨٣.

(٣) وردت هذه الأبيات في الغدير ٦ : ٢٩ و ١١ : ٣٧٠.


والميرزا محمد عليّ الهندي في (نجوم السماء) والعلّامة الأميني المعاصر في (الغدير في الكتاب والسنّة والأدب).

وللعلّامة المدّرس السيّد نصر الله الحائري الشهيد سنة (١١٥٤ ه) من قصيدة علوية ما نصّه :

مَن شُرِّفَ البيتُ بميلادهِ

وحِجرُهُ والحَجَرُ الأنورُ

وقد صفا عيشُ الصفافيه والـ

ـمَرْوة أضحت بالهنا تخطُرُ (١)

 والرجل من أعاظم علماء الشيعة ن له في المعاجم تراجم ضافية الذيول ، وثناء بليغ ، وتجد ترجمته المبسوطة في كتابه (شهداء الفضيلة) للعلّامة المعاصر الأميني.

وقال حامل لواء الفضيلة والشرف الشريف الرضيّ ، محمد بن فلاح الكاظمي في قصيدته «الكرّاريّة» المربية على أربعمائة بيت ، المقرَّظة من ثمانية عشر رجلاً من علماء عصره وأُدبائه ، نظماً ونثراً :

ولدتهُ فاطمةٌ ببيت الله يا

طوبى لطاهرةٍ أنت بِمُطهَّرِ

 ونشا بِحِجْرِ المصطفى طفلاً فأدْ

دَبَهُ بآدابِ العليّ الأكبرِ

 لولاهُ ما طافَ الحجيجُ به وذا

له الهَدي لولا سيفُهُ لم يُنْحَرِ

قد كان أوّل طائفٍ فيهِ ومُعـ

تَكِفٍ بهِ ومحلّقٍ ومُقَصِّرَ

عقمت فلم تلد الحرائرُ مِثْلَهُ

بل قد عَقَمْنَ فلم يَلِدنَ كقَنْبَرِ

وقال الشاعر المفلق ميرزا عباس الدامغاني المتخلص (بنشاط) الهزارجريبي الدامغاني ، المتوفى سنة (١٢٦٢ ه).

__________________

(١) توجد في ديوانه المخلوط.


اى زاده تو درميان كعبه

از مادر پاک جان کعبه

اى کعبه شَرف گرفته از تو

نه تو شَرف از مىان کعبه

 اى بنده خانه زاد اىزد

وى خاجه بندگان کعبه

 اى قدوه خاندان طٰه

اى نخبه دودمان کعبه

 اى از شَرف ولادتِ تو

طوقى که بر آستان کعبه

وقال البارع المفضال الشيخ حسين بن محمد التقيّ بن بهاء الدين الفتوني الهمداني الآملي الحائري في اُرجوزته المسماة بـ (الدوحة المهديّة)

في تواريخ أئمة الهدى عليهم السّلام ، وفرغ منها سنة (١٢٧٨ ه) وعن خطّه نقلتُ :

وفي ضُحى الجمعة قد تولّدا

مُطهّراً مُكرّماً مُسدّداً

 وكان ذا في كعبة الرحمنِ

لسبعةٍ خلونَ من شعبانِ

وقد روي أنّ الإمامَ المنتَجب

مولدُه ثالث عشرٍ من رجَب

 وقيل في الثامن منه وُلِدا

وذا ضعيفٌ لم يكن معتمدا

 وقد رووا في رمضان مولدُه

في نصفه وكان يروى سندُه

 مولدُه بعد ثلاثين سنه

من مولد النبيّ يقفو سُننه

وللعلّامة السيد محمد تقي القزويني ، من علماء عصر شيخ الطائفة الإمام الأنصاري من (أرجوزة) له ، قوله :

بعدَ النبيّ سيّدِ الموالي

بنصّه هو العَليُّ العالي

هو الذي مولده البيتُ وفي

حِجر النبيّ المصطفى قد اصطُفي

ولسيّد فلاسفة الإسلام السيّد محمد باقر بن محمد الحسيني الاسترآبادي الشهير (بالداماد) المتوفّى سنة (١٠٤١ ه) أبيات فارسية ، ضمنها قصة الميلاد الشريف بكل صراحة ، منها قوله :


در مرحله علىّ نه چون است ونه چند

در خانه حقّ زاده بجانش سوگند

بى فرزندى که خانه زادى دارد

شك نيست كه باشدش بجاى فرزند

وله قدس سرّه :

در كعبه (قُل تَعالَوا) از مام كه زاد؟

از بازوى (باب حِطّه) خيبر كه گشاد

بر ناقه (لا يؤدّي عنّي) كه نشست؟

بر دوش نبى پاى گرامى که نهاد

وقال الشاعر الفارسي المفلق محمد اليزدي الملقّب في شعره (بجيحون) والمتوفى حدود سنة (١٣١٨ ه) :

از كنز نهائى است كنون كعبه مشرّف

كز اوست عيان سرّ (فأحببَتُ أن أعرف)

زين كنز خفى طنو جلى زد بفلك أرض

كش خاك بشد پاك چو افلاك مشرّف

ذرّات بكرّات چو أفواج كه از حاج

بستند وگشادند پى طوف حرم صَف

 عقل آمد و (لبىك) زنان حلقه بدر زد

تا چون بود احباب ورا باز مکلّف

شاهِ همه او بود چون او پرده بر افكند

هر ذرّه برش بنده صفت گشت موقّف

وقال الشاعر الفارسي المجيد المولى رضا ابن المولى محمد الرشتي الملقّب في شعره (بمحزون) في مثنويٍّ له :

باز خواهم درفشانى سر كنم

ياد ازشير خدا حيدر كُنم

 چون خداوند رحيمش ياد شد

كعبه يكجا مطلع الأنوار شد

از كريم لا يزالى شد كرم

مادرش آورد بيرون از حرم

 در بغل آن كعبه مقصود را

برد سوى خانه آن مولود را

وقال الحاج محمد خان الفارسي الملقّب في شعره (بدشتي) من اُمراء العهد الناصري ، المتولّد سنة (١٢٤٦ ه) في ديوانه المطبوع ، من بائية علوية سمّاها «فصل الخطاب» :


كعبه مى بايد كه مُحرِم آيد اندر اين حرم

با سر وپاى برهنه گشته عرىان از ثىاب

صاحب اىن خانه در آن خانه خود خانه خدا است

کان بنا از بهر مولودش خدا کرد انتخاب

ولعلّامة فِهر ونابغة مُضَر الحجة الظاهرة والآية الباهرة ، الحاج ميروا إسماعيل ، ابن عمّ الإمام المجدّد الشيرازي الأمير السيّد رضي قدّست أسرارهم ، المتوفّى سنة (١٣٠٥ ه) موشّحةٌ في مولد الإمام عليه السّلام ، يروقني إيرادها هاهنا ، وهي من القصائد السائرة ، قال :

رغدَ العيشُ فزدهُ رَغدا

بسلافٍ منك تَشفي سَقَمي

طربَ الصبُّ على وصل الحبيب

وهَ ، ا العيشُ على بُعد الرقيب

وفنى من أكؤس الراح النصيب

واسقنيها توأماً لا مفردا

فالهَنَا كلّ الهَنا في التوأمِ

آتني الصَهباء ناراً ذائبه

كلّلتها قَبساتٌ لاهيه

واستقنيها والندامى قاطبه

فلعمري إنّها ريّ الصدا

لفؤادٍ بالتصابي مُضرَمِ

ما اُحَيلي الراح من كفّ المِلاح

هي روحٌ هي روحٌ هي راح

فأدِرها في غُدوًّ ورواح

كذُكاه تتجلّى صَرْخَدا (١)

رصّعتها حببٌ كالأنجمِ

حبّذا آناء أُنسٍ أقبلت

أدركت نفسي بها ما أمّلت

وضعت اُمّ العُلا ما حملت

طاب أصلاً وتعالى مَحتِدا

مالكاً ثقل ولاء الاُممِ

__________________

(١) صرخد : موضع ينسب إليه الشراب. لسان العرب ـ صرد ـ ٣ : ٢٥١.


 

آنست نفسي من الكعبة نور

مثلما آنسَ موسى نارَ طور

يوم غشّى الملأ الأعلى سرور

قرعَ السمعَ نداءُ كَنِدا

شاطىء الوادي طُوى من حَرَمِ

وَلَدَت شمسُ الضحى بدرَ التمام

فانجلت عنّا دياجيرُ الظلام

نادِ يا بُشراكمُ هذا غلام

وجههُ فِلْقَهُ بدرٍ يُهتدى

بِسَنا أنواره في الظلمِ

كُشف السترُ عن الحقّ المبين

وتجلّى وجهُ ربّ العالمين

وبدا مصباحُ مشكاة اليقين

وبدت مشرقةً شمسُ الهدى

فانجلي ليلُ الظلام (١) المظلمِ

نُسخ التأبيد من نفي ترى

فأرانا وجهه ربُّ الورى

ليتَ موسى كان فينا فيرى

ما تمنّاهُ بطورٍ مُجهَدا

فانثنى عنه بِكَفّي مُعدمِ

هل درت اُمُّ العُلا ما وضعت

أم درت ثديُ الهدى ما أرضعت؟

أم درت كفُّ النُّهى ما رفعت

أم درى ربُّ الحِجَا ما ولدا؟

جلَّ معناهُ فلمّا يُعلمِ

سيّدٌ فاقَ عُلاً كلَّ الأنام

كان إذ لا كائنٌ وهوَ إمام

شرَّفَ اللهُ به البيتَ الحرام

حينَ أضحى لعُلاهُ مَولِدا

فوطا تربتَهُ بالقدمِ

إن يكن يُجعلُ للهِ البنون

وتعالى اللهُ عمّا يصفُون

فوليدُ البيت أحرى أن يكون

لوليّ البيتِ حقّاً وَلَدا

لا عُزَيرٌ لا ولا ابنُ مريم

__________________

(١) في الغدير : الضلال.


هو بعدَ المصطفى خيرُ الورى

من ذُرى العرش إلى تحت الثَّرى

 قد كنت علياؤُه اُمَّ القُرى

عزّةً تحمي حماها أبدا

حيثُ لا يدنوهُ من لم يُحرِم ِ

سبقَ الكونَ جميعاً في الوجود

وطوى عالَمَ غيبٍ وشُهود

كلّما في الكون من يُمناه جُود

إذ هُوَ الكائنُ لله يدا

ويدُ الله مدرُّ الأنعُمِ

سيّدٌ حازت به الفضلَ مُضَر

بِفخارٍ قد سما كلّ البَشَر

وجههُ في فلك العَليا قَمَر

فبه لا بالنجومِ يُهتدى

نحو مغناه لنيل المَغنَمِ

هو بَدْرٌ وذراريه بُدُور

عقمت عن مثلهم اُمُّ الدُهور

كعبةُ الوفّادِ في كلّ الشُهور

فازَ من نحوَ فَناها وَفَدا

بمطافٍ منه أم مستَلَمِ

ورثوا العَلياءَ قِدماً من قُصَي

نزارٍ ثمَّ فِهرٍ ولُؤَي

لا يباري حَيُّهم قَطُّ بِحَي

وهُمُ أزكى البرايا مَحتِدا

وإليهم كلُّ فَخرٍ ينتمي

أيّها المُرجَى لقاهُ في الممات

كلُّ مَوتٍ فيه لُقياك حَياة

ليتَما عجّل بي ما هُو آت

علّني ألقى حَياتي في الرّدى

فائزاً منه بأوفى النِعَمِ (١)

وقال العلّامة الحجة الفقيه العارف الحاج ، الميرزا حبيب ابن العلّامة الحاج الميرزا هاشم ابن الآية الباهرة السيّد الميرزا مهدي الشهيد الخراسانيّ ، أحد المهادي الأربعة ، من تلمذة الوحيد المجدّد البهبهاني ، من قصيدة ميلادية مثبتة في (ديوانه) المطبوع :

__________________

(١) وردت هذه القصيدة في الغدير ٦ : ٢٩ ـ ٣٢.


جشنِ ميلادِ شهنشاهِ زمين وزَمَن استْ

عيدِ مولودِ خداوندِ جهانِ بُوالحسن استْ

خُسروى كان شَرَفِ مولدِ اَو خانه وحقّ

قبله پىر وجوانْ سجده گهِ مرد وزن استْ

خانه بي خانه خدا منزل اَغيار بود

كعبه بي اَو عجبي نيست كه بيت الوثن استْ

صنم از طاقِ حَرَمْ ريخت چو اَو سود قدمْ

زانكه دانست كه اين دست خدا بُتْ شكن استْ

اين صنم را كه بر اين در بجبين سود زمينْ

نه عجب ديده اَرباب نظرْ كرشمن استْ

سود بر دُوش نبى دستِ خدا پاى علىّ

لبْ بِبندمْ كه نه اين مرحله جاى سخن استْ

گر خدا نيست بتحقيق ونى دوشِ نبى

برتر از عرش بص پايه بنزد فطن استْ

وله في مقطوعة اُخرى علوية :

ايكه نه گر كِلْك تُو دارى نظامْ

دفترِ ايجادْ مُنظّمْ نبودْ

 كعبه زِميلادِ تو اين رتبهْ يافت

ورنَه باين پايه معظّم نبودْ

والناظم من أعاظم علماء الدين ، وفي الطليعة من فقهاء عصره العرفاء ، من تلمذة المجدّد الشيرازي ، تجد ترجمته في (مطلع الشمس) لصنيع الدولة ، وفي (شهداء الفضيلة) و (وفيات الأعلام).

* * *


وللشاعر الفارسي المبدع ، ميرزا نصر الله ، الملقّب في شعره (بالشهاب) من شعراء العهد القاجاري ، من مقطوعة علوية :

صفاى مروه مولود حرم آب رخ زمزم

كه اركان قبله از حرمت حجر مسجود از اكرامش

تجدد ذكر الرجل وشعره في (مجمع الفصحاء) (١) لرضا قلي خان هدايت.

وقال العلّامة المجاهدين سيّدنا الحجّة الحاج السيد المصطفى بن الحسين الكاشاني النجفي ، دفين الكاظمية ، الكتوفّى سنة (١٣٣٦ ه) المترجم في (نقباء البشر) و (العذاب النمير) وغيرهما ، من قصيدة علويّة :

أنتَ شرّفتَ زمزماً والمصلّى

بل وركنَ الحطيم والمستجارا

 حازت الكعبة التي خارها اللـ

ـهُ بِميلادك السعيدِ فَخارا

ولباقعة (٢) الفضل والأدب ، ميرزا محمد تقي التبريزي الشهير بحجّة الإسلام والملقّب في شعره (بنيّر) صاحب كتاب (صحيفة الأبرار) وغيره ، المتوفّى سنة (١٣١٢ ه) من لامية علويّة :

سر حنانيك في البلاد وباحث

عن بُطون الكرام جيلاً فجيلا

 فانظرن هل ترى لتيمِ بن مرّ

أو عديًّ يا سعدُ فيها محلّا

 لا ومَن شقّ جانبَ البيت حتّى

دخلت فيه اُمّهُ وهي حُبلى

فتخلّت عن أسجحٍ هاشميٍّ

بُوركت حامِلاً وبُورك حَملا

 وسما غارب النبيّ فنحّى

عنهُ أصنامَهم وحَسبُكَ نُبلاً (٣)

__________________

(١) مجمع الفصحاء ٢ : ٢٢١.

(٢) الباقعة : الذكي العارف الذي لا يفوته شيء. أقرب الموارد ـ بقع ـ ١ : ٥٤.

(٣) الديوان : ٢٠.


وفي الصفحة ١٩٦ من الديوان المذكور :

اى آنكه حريم كعبه كاشانه تو است

بطحا صَدَفِ گوهر يكدانه تو است

گر مولد تو بكعبه آمد چه عجب

اى نجل خليل خانه خود خانه اوست

وإلى قوله : «لا ومن شق ...» ألحمتُ بقولي رائية علويّة عند تعداد معاجزه صلوات الله عليه :

من البيت الحرام شَقَقتَ حملاً

لاُمّك يومَ مولدكَ الجدارا

فحلَّت فاطمٌ منهُ مَقاماً

لصِنوا محمّد تَخِذَتهُ دارا (١)

إلى معنى شعره الفارسي السابق اُوع بقولي من مقطوعة في أهل البيت عليهم السّلام :

وليس ولادهُ في البيت بِدعاً

فإبراهيمُ شادَ له دِعامَهُ

 وهذا البيتُ بيتُ أبيهِ قَدماً

وفاطمةٌ به وضعت غُلامَه

ولنابغة طبرستان الشيخ محمد الصالح ، المتولّد سنو (١٢٩٧ ه) صاحب المؤلفات الجمّه في المعقول والمنقول ، وديوانه العربيّ والفارسيّ ، من علويّة :

بالبيتِ قد وضعتهُ فاطمةٌ

رفعاً له قد ضُرّفت وضعا

للهِ أُمٌ أرضعت أسداً

رضعَ النبيّ علومَه رضعا

تاللهِ لو كُشِفَ الغِطاء رأت

نوراً ومُلتقماً لها ضرعا

وقال المولى اهلي الشيرازي المتوفّى سنة (٩٤٢ ه) بشيراز ، من علوية تحتوي (١٣٦) بيتاً ، منها قوله :

__________________

(١) الديوان : ١٩٦.


كاشف علم الله آن گىتى نماى (لو كُشِف)

ديده را از هر دو كون از ديده (علم اليقين)

كعبه زان شد سجده گاه انبياء واولياء

كامد آنجا در وجود آن كعبه ارباب دين

وقال المولى كاتبي المترجم في (مجالس المؤمنين) للقاضي التستري قدس سرّه ، من علوية مستهلها :

بچشمِ عقلِ اقاليمِ سبعه گنجِ زر است

ولى چه از مگرى اژدهاى هفت سر است

ومنها :

زبالِ او طيران يافت جعفر طيّار

كه همچو طايرِ قدسش هزار زير پر است

بدامن (حَجَر الأسود) است مولدِ او

چه جوهر است ندانم؟ كه مولدش حَجَر است

ولسراج الدين ، محمد بن الحسن بن عيسىٰ القرشيّ التيميّ العدويّ الأموي اليماني الدرشن خاني ، ويعرف بالشيخ (فدا حسين) الهندي ، من قصيدته العلوية البالغة (١٤١١) بيتاً ، المسماة (بالنفحة القدسية) :

ولِدت في البيتِ والأيّام مظلمةٌ

والجوُّ منكدرُ الآفاقِ من ضَلَلِ

 فكنتُ كالشمسِ في إبّان مطلعها

بقائم اليوم زادَ الشمس في ظَفَل (١)

__________________

(١) النفحة القدسية : ٦٨ وتسمّى القصيدة : «لاميّة الهند».


وفي موضع آخر منها في تقريب : أن (أندر) إله الهنود مصحَف (حيدر) ، وأنّه المذكور في (الويدات واليرانات) قال :

فكلّ ذاك صفات (الأندر) عندهم

وكلّ ذاك صفاتٌ للوصيّ عليّ

 قتلتَ من قبل ثُعباناً بمهدك إذ

وُلِدتَ في عُقر بيت الواحد الجَلَلِ (١)

وقال الفاضل الأديب الشيخ محمود عباس العامليّ ، في قصيدته العلويى الكبيرة المسماة بـ (الدرر السنيّة) المطبوعة المخمسّة :

فوحقِّ آيات الكتاب المنزَلِ

ومكوّن الأكوان ذي المجدِ العَلي

 ويحقّ هادينا النبيّ المرسَل

ما حازَ كلَّ المكرمات سوى عَليّ

وسواهُ لا عينٌ لديه ولا أثر

مَن مثلهُ في بيت بارئه وُلِد

ذو خصلةٍ قد خُصّ فيها مُذ وُجِد

أمعِن بها ـ يا صاحِ ـ فكراً واعتمد

وانظر لها النَظَرَ الصحيحَ ولا تَحِد

من واضح المنهاج وقَيت الضرر

وقال باقعة العلم والأدب العلّامة السيد رضا ابن العلّامة الحجة السيد محمد الهندي النجفي ، المتوفّى سنة (١٣٦٢ ه) :

لما دعاك الله قدماً لأن

تولَدَ في البيتِ فلبّيته

 شكرته (٢) بينَ قريشٍ بأن

طهّرت من أصنامهم بَيته (٣)

وهناك بيت فارسي قديم استشهد به كثير من العلماء والمؤرّخين ، ومن ذلك ما وجدته في مقالٍ كتبه بعض علمائنا جواباً عمّا كتبه إليه بعض أهل السنة.

__________________

(١) النفحة القدسية : ١٧٨.

(٢) في الديوان : جزيته.

(٣) ديوانه : ٢٥.


قال بعد الحمد ما لفظه : «والصلاة والسلام على أشرف الأنام الذي حمل علياً عليه السّلام لكسر الأصنام في بيت الله الحرام ، الذي شُرِّفَ لكونه مولداً له عليه السّلام :

طوافِ خانه كعبه از آن شُد بر همه واجِب

كه آنجا در وجود آمد عليُّ بن أبي طالب» (١)

وذكره المؤرّخ الحاج زين العابدين الشرواني في (بستان السياحة) والقاضي الشهيد السعيد نور الله التستري ، في (إحقاق الحق) وغيرهما إلى العارف ، لطف الله النيسابوري ، وذكره أيضاً صاحب (مناقب المعصومين).

وللمولى الورحيّ العارف الشهير صاحب (المثنويّ) المتوفّى سنة (٦٧٢ ه) من قصيدة يذكر فيها الأئمة عليهم السّلام :

اى شِحنه دشتِ نجف از تو نجف ديده شَرَف

تو درّى وكعبه صَدَف ستاه ملامت ميكشد

ويلمح إليه قول الجامي عبد الرحمان المتوفّى سنة (٨٩٨ ه) :

بسوى كعبه رود شيخ ومن بسوى نجف

بحقّ كعبه كه آ ، جا مراست حقّ بطرف

تفاوتى كه ميان من است واو اينست

كه مَن بسوى گُهر رفتم او بسوىِ صَدَف

وللعلّامة المعاصر السيد عليّ نقي النقويّ الهندي اللكهنوي ، موشحة ميلادية يهنىء بها آية الله السيد ميرزا عليّ آقا الشيرازي قد سرّه ، بعد صرح الإمام عليه السّلام ، وذكر مولده الشريف ، نزين بها صفحات هذه الرسالة :

__________________

(١) ترجمته : صار الطواف حول الكعبة واجباً على الجميع ، لأن علي بن أبي طالب وُجدَ هناك.


مَن بدا فازدهرَ البيتُ الحرام

وزَهَت منهُ ليالي رَجَبِ؟

* * *

طَرِبَ الكونُ لِبشرٍ وهَنَا

إذ بدا الفخرُ بنورٍ وَسَنا

وأتى الوحيُ يُنادي مُعلِنا

قد أتاكُم حجّةُ الله الإمام

وأبو الغُرِّ الهداةِ النُّجُبِ

خصّةُ الرحمنُ بالفضل الصراح

ومزايا أشرقَت غُرّاً وضاح

وسما منزلُهُ هامَ الضراح

فغدا مولدُهُ خيرَ مقام

طأطأت فيه رؤوسُ الشُهُبِ

إنّهُ أوّلُ بيتٍ وُضِعَا

للورى طُراً فأضحَوا خُضَّعا

وعلى الحاضِرِ والبادي معا

حَجُّهُ أصبحَ فرضاً ولزام

طاعةٌ تتبعُ أقصى القُرَبِ

وهو في القبلةِ في كلّ صلاة

وملاذ تُرتَجى فيه النجاة

وقد استخلَصَهُ اللهُ حماة

فلئن يأتِ إليه مستهام

في مُلِم داعياً يَستَجبِ

تلكمُ فاطمةٌ بنتُ أسد

أمّت البيت بكَربٍ وكَمَد

ودعت خالقَها الباري الصمد

بِحَشىً فيه من الوَجدِ الضرام

قد علتهُ قبساتُ اللّهبِ

نادت اللهمَّ ربّ العالمين

قاضيَ الحاجاتِ للمستصرخين

كاشفَ الُضّرَ مجيب السائلين

إنّني جئتُك من دون الأنام

أبتغي عندك كشف الكربِ

بينما كانت تُناجي ربّها

إلى الرحمان تشكُو كَربَها

وإذا بالبِشرِ غشّى قلبها

من جدار البيتِ إذ لاحَ ابتسام


عن سنا ثغرٍ له ذي شَنَبِ (١)

فُتِقَ الزَهرُ أم انقَّ القمر

أم عمود الصُبح بالليل انفجر!

 أم أضاءَ البرقُ فالكون ازدهر

أم بدا في الأُفق خَرقٌ والتئام

فغدا برهانُ معراجِ النبيّ

أم أشار البيتُ بالكفِّ الخُلي

واطمئنّي بالإلهِ المُفضِل

فهنا يُولَدُ ذو العَليا علي

مَن بهِ يحظى حطيمي والمقام

وينال الركنُ أعلى الرُتَبِ

دخلت فاطمُ فارتدَّ الجدار

مثلما كانَ ولم يكشف سِتار

إذ تجلّى النورُ وانجابَ الشرار

عن سَنا بدرٍ به يَجلُو الظلام

والورى تنجو بهِ من عطَبِ

وُلِدَ الطاهرُ ذاك ابنُ جَلا

مَن سما العَرشَ جلالاً وعُلا

فلهُ الأملاكُ تَعنُو ذُلَلا

وبهِ قد بَشَّرَ الرُسلُ العظام

قومهم فيما خلا من حُقُبِ

عَرِفَ الله ولا أرضٌ ولا

رُفِعَت سَبعُ طباقٍ ظُلَلا

فلذا خَرَّ سُجوداً وتَلا

كلَّ ما جاء إلى الرُسلِ الكرام

قبلَه من صُحُفٍ أو كُتُبِ

إن يكُ البيتُ مطافاً للأنام

فعليٌّ قد رَقى أعلى سنام

إذ بهِ يطَّوَفُ البيت الحرام

وسعى الركنُ إليه لاستلام

فغدا يَزهُو بهِ من طَرَبِ

لم يكن في البيتِ مَولُودٌ سِواه

إذ تَ‘الى عن مَثيلٍ في عُلاه

__________________

(١) الشنب : الرقة ولا عذوبة. الصحاح ـ شنب ـ ١ : ١٥٨.


أُوتيَ العلمَ بتَعليمِ الإله

فغذاهُ دَرُّهُ قبلَ الفِطام

يرتوي منهُ بأَهنا مَشرَبِ

صَغُرَ الكونُ على سُوْددًهِ

وانتمى الوَحيُ إلى مَحتِدِهِ

بَشِّرَ الشيعةَ في مَولِدِهِ

واقصدِ العلّامة الحَبر الهُمام (١)

منبعَ العلمِ مَناطَ الأدبِ

آيةَ اللهِ عليَّ المرتضى

لم يزل للدين سَيفاً مُنتضى

حُكمُهُ جارٍ وعدلٌ ما قضى

يُرشِدُ الناسَ إلى دارِ السلام

كلّهم من عَجَمٍ أو عَرَبٍ

سيّدَ الأُسرةِ والنَّدبَ الشريف

لَم يزل حاميةَ الدينِ الحَنيف

جاهداً في نصرةِ الدينِ المُنيف

شيَّدَ العلمَ على أقوى دِعام

وهدى الناسَ لِنَهجِ المذَهبِ

إنّ للوُفّادِ في مغنى حِماه

بيتَ قدسٍ يقصدُ النائي فَناه

ابتغاءً فيهِ مَرضاةَ الإله

طالِباً في قُربِهِ أقصى مقام

بفؤادِ المُرتَجى المرتقب

عيلمَ الأحكامِ قاموسُ الحِكَم

لم يزل غيثُ هداهُ مُنسَجِم

وبهِ شَملُ المعالي مُنتَظِم

دامَ في الكون إلى يوم القيام

بنها بِشْرٍ وعَيشٍ مُخصِبِ (٢)

__________________

(١) هو سيّدنا علّامة الهاشميين ، آية الله في العالمين ، السيد ميرزا على آقا الخلف الصالح لسيّد الطائفة الإمام المجدد الحاج السيد ميرزا محمد حسين الشيرازي نزيل سامراء ، المتوفّى سنة (١٣١٢ ه) ولد سيّدنا الممدوح سنة (١٢٨٦ ه) وتوفي سنة (١٣٥٥ ه) وكان أحد زعماء الدين ، والأوحدي من فقهاء المسلمين ، خلف أباه في علمه وخلائقه وهديه وهداه وفضائله كلّها.

(٢) أورده هذه القصيدة في الغدير ٦ : ٣٣ ـ ٣٥ ، وشعراء الغري ٦٦ : ٤٣٦ ـ ٤٣٨.


ونشفع هذه القصيدة بثانية للسيّد العلّامة المذكور ، ميلادية أيضاً ، بارى بها قصيدة (إيليا أبي ماضي) الإلحادية المقفاة بـ (لست أدري) ، قال :

طَرِب الكونُ من البشرِ وقد عمَّ السُرور

وغدا القُمريُّ يَشدُو في ابتسامٍ للزهُور

وتهانَت ساجِعاتٍ في ذُرى الأيكِ الطُيور

لِمَ ذا البِشرُ وما هذي التهاني؟

لستُ أدري

تلعبُ الريحُ وفيها الدُوح (١) قامَت راقصات

وبها الأوراقُ تَزهُو بالأكفَّ الصافِقات

ضارباً سَجعَ هَزارِ (٢) الغصن أوتارَ الحياةِ

مِمَّ هذي الدوحُ أضحَت راقصات؟

لستُ أدري

قد كَسى وَجهَ الثَّرى من سُندُسٍ وشيُ الربيع

فتهادى مائساً في حُلَلِ الخَصبِ المَربيع

وغدا يَختالُ بالأرياشِ والشأن البَديع

قالئلاً : هَل أحَدٌ يُوجدُ مثلي؟

لستُ أدري

والنسيمُ الغَضُّ قد يَهمِسُ في سَمعٍ الأُقاح

فترى باسمةَ الثغرِ نَشاطاً وارتياح

__________________

(١) الدوح جمع دوحة : وهي الشجرة العظيمة المتسعة. لسان العرب ـ دوح ـ ٢ : ٤٣٦.

(٢) الهزار : العندليب. حياة الحيوان ٢ : ٤٠٥.


وهزيزُ الغُصنِ يُبدي شأنَ زَهوٍ ومَراح

ما الذي قالَت؟ فردّت بابتسامٍ

لستُ أدري

طَبَّقَ الأرضَ لهيباً نارُ مُحمَرُّ الشَقيق

فغدا البلبلُ مُرتاعَ الحشا خَوفَ الحَريق

صارِخاً هَل لِنَجاتي عن لَظاها من طَريق؟

هذهِ النارُ أتَتني كيفَ أُطفِي؟

لستُ أدري

أرقَت طلعةُ نُورٍ عَمَّتِ الكونَ ضِياءا

لا أدرى بَدراً على الأُفقِ ولم أُبصِر ذُكاءا

وتَفَحَّصتُ فلم أُدرِك هُناك الكَهرُباءا

فَبِماذا ضاءَ هذا الكونُ نُوراً؟

لستً أدري

كانَ هذا الرَوضُ قبلَ اليوم رَهناً للذُّبول

ساحِباتٍ فوقَها الأرواحُ قِدماً للذّيُول

تَعصِفُ النَكباء فيها دونَ أنفاسِ البَليل

كيفَ عادَ اليومَ يَزهُو في شذاهُ؟

لستُ أدري

قُمتُ استَكشِفُ عنه سائلاً هذا وذاك؟

فرأيتُ الكُلَّ مثلي في اضطِرابٍ وارتباك

وإذا الآراء طُرّاً في اصطدامٍ واصطكاك

وأخيراً عمّها العَجزُ فقالت :

لستُ أدري


وإذا نبّهني عاطفةُ الحُبِّ الدَفين

وتظنَّنتُ وظَنُّ الألمعي عينُ اليقين

أنّهُ ميلادُ مولانا أمير المؤمنين

فدع الجاهلَ القَولَ بأنّي

لستُ أدري

لم يكن في كعبة الرحمنِ مولودٌ سواه

إذ تعالى في البرايا عن مَثيلٍ في عُلاه

وتولّى ذِكرَهُ في محكم الذِكْرِ الإله

أيقول الغِرُّ فيهِ بعدَ هذا :

لستُ أدري

أقبلت فاطمةٌ حاملةً خَيرَ جَنين

جاءَ مخلوقاً بِنُورِ القُدسِ لا الماءِ المَهين

وتردّى منظر اللّاهوتِ بينَ العالَمين

كيف قد اُودعَ في جَنبٍ وصَدرِ؟

لستُ أدري

أقبلت تدعُو وقد جاءَ بها داءُ المَخاض

نَحوَ جِذعِ النَخلِ من ألطاف ذي اللُّطفِ المُفاض

فدعَت خالقها الباري بأحشاءٍ مِراض

كيفَ ضجّت؟ كيفَ عجّت؟ كيفَ ناحِت؟

لستُ أدري

لستُ أدري غيرَ أنَّ البيتَ قد رَدَّ الجواب

بابتسامٍ في جدار البيت أصحى منهُ باب


دخلت فانجابَ فيه القشر عن مَحض اللُّباب

إنّما أدري بهذا ، غيرَ هذا

لستُ أدري

كيفَ أدري وهو سرُّ فيهِ قد حارَ العُقول

حادثٌ في اليوم لكن لم يزل أصلَ الاُصول

مظهرُ للهِ لكن لا اتّحادُ لا حُلُول

غايةُ الإدراكِ أن أدري بأنّي

لستُ أدري

وُلِدَ الطُّهرُ عليٌّ مَن تسامى في عُلاه

فاهتدى فيه فريقٌ وفريقٌ فيهِ تاه

ضلَّ أقوامٌ فظنّوا أ، ه حقّاً إله

أم جُنونُ العِشقِ هذا لا يُجازي؟

لستُ أدري (١)

ولشيخنا الأُستاذ علم الهداية والحجّة والآية ، الحاج الشيخ محمد الحسين ، الأصفهاني المتوفّى سنة (١٣٦١ ه) قصيدة ميلادية فارسيّة ، على طريقة الترجيع وابند المصطلح والمطرّد في الشعر الفارسي ، تكاد تكون في حدّ الإعجاز من البلاغة ، أذكرها على طولها.

گوهرى را از صَدف آورده طبعم در كنار

يا كه از خاك نجف تابنده درّى آبدار

برد از حدّ عدم تا (قاب قوسين) وجود

رَفرَفِ طبع مرا يك غمزه زاندُلدُل سوار

__________________

(١) أورد هذه القصيدة في الغدير ٦ : ٣٥ ـ ٣٧ ، وشعراء الغري ٦ : ٤٣٨ ـ ٤٤١.


شاهدِ بَزمِ ولايت شاه اقليم شُهود

شمعِ ايوان هدايت نَيِّرِ گيتى مدار

صورتِ زيباى او ياطلعتِ (اللهُ نُور)

معني والاي او يا سِرّ (لم تَمسَسهُ نار)

خَطِّ دلجويش طِرازِ مُصحفِ كَونُ ومكان

خالِ هِندُويَش مدارِ گردشِ ليلُ ونهار

پرتوى از نورِ رُويَش طُورِ سيناىِ كليم

بنده در گاهِ گوىش صَد سُلىمان اقتدار

مشرقُ صُبحِ اَزل خوشىدِ عشق (لم ىزَل)

چرخِ تا شام اَبد در زىرِ حُکمش بى قرار

دَر بَرَش پىر خِرَد چون کودکى آموز عُروج

ىکه تازِ عرصه اىجاد گاه گىرُ ودار

گوش جان بُگشا وبشنو از امىن کردگار

(لا فتى إلّا عليّ لا سيف إلّا ذو الفقار)

* * *

باز جان ميپرورد ساز پىامِ آشنا

ىا که از طورِ غَري مى آيد آواز (أنا)

ميدمد صبحِ ازل از كوى عشقِ (لَمَ يَزَل)

يا فُروزان شمعِ رُوىِ شاهدِ بَزمِ (دَنا)

جلوه شمعِ طريقت چشمها را خيره كرد

يا (سنا بَرقِ) حقيقت ميزند كُوسِ فِنا


كعبه را تاجِ شرف تا اوج او ادنى رسيد

يافت چون از مولدِ ميمون او (أقصى المنى)

قبله اهلِ يقين شد خطّه بيت الحرام

روشه خلد برين شد سحَت خِيفُ ومِ ، ى

بيتِ معمور ارشَود ويران او اين حَسَرت رواست

يا بيفتد گنبد دَوّار (مِن أعلى البنا)

از پىِ تعظيم خَم شُد گوئيا پشتِ فلك

فرش را عرشِ مُعلّى گفت تبريكُ وهنا

(يا وليدَ البيتِ) غوغاى نصارى دَر مسيح

گرچه مى زيبد ترا لكن (تعالى ربُّنا)

(مفتقر) گر ميكند با يك زبان مدحتگرى

ميكند روح الأمين با صد نوا مدحُ وثنا

گوش جان بُگشا وبشنو از اين كردگار

(لا فتى إلّا عليّ لا سيف إلّا ذو الفقار)

* * *

كعبه چون كوى سَبَق از سينه سينا گرفت

پاىه بَرتر از فرازِ گنبد مىنا گرفت

خانه بى سالارُ وصاحب بود تا مىلاد شاه

سَر بِکىوان زد چه (ربّ البيت) در وى جا گرفت

تا زِبُرجِ کعبه خُورشىدِ حقىقت جلوه کرد

چرخ چارم سوخت از حسرت دل از دُنىا گرفت

کعبه شد چون با مقام (لي مع الله) قرين

از شرافت همسرى با بزم او ادنى گرفت


خاك بَطحا زِين عنايت آنچنان شُد سربلند

رونقِ عزُّ وشرف از مسجدِ اقصى گرفت

کعبه شد تا مرکز طاوسِ کلزار ازل

تا ابد زاغ وزغن ىکسر ره صحرا گرفت

خلوتِ حقّ شد زِهًر دىوُ ودَدِ ناپاك

در پناهِ اسمِ اعظم منزلُ ومآوى گرفت

خىرَ مقدَم اى هماىون طالع برج شَرَف

مُلکِ هستى زىبُ وفرزان طلعتِ غرّا گرفت

نغمه دستان نباشد در خور اىن داستان

شور جبرىل امىن در عالم بالا گرفت

گوش جان بُگشا وبشنو از امىن کردگار

(لا فتى إلّا عليّ لا سيف إلّا ذو الفقار)

* * *

گوهرى شد در درون کعبه بىرون از صَدف

کرد (بىت الله) را با آن شَرَف (بىتَ الشَرَف)

گوهرى سنگىن بها رخشان شد از (بىت الحرام)

کز ثُرىا ثرى را کرد کمتر از خَزَف

کعبه شد از مقدمِ اوقافِ عنقاء قِدَم

شاهبازان طريقت در كنارش صَف بِصَف

سينه سينا مگر از هىبتش شد چاك چاك

يا شنيد از رأفتش موسى نداى (لا تَخَف)

زاشتياقش يوسفِ صدّيق در زندان غم

در فراقش پىر کنعان نغمه سازُ واَسف


خلعتِ خِلّت شد ارزانى بر اندام خلىل

کرد بنىاد حرم چون بهر آن (نِعمَ الخَلَف)

کعبه را شد همسرى با تُربت پاكِ غري

مبدأ اندر كعبه بود ومنتهى اندر نَجف

آسمان زد كوسِ شادي دَر محيطِ (كُن فكان)

زُهره ساز نغمه تبريك زد بي جنگ ودَف

هر در گىتى را بشادى کرد فردوس برىن

نغمه روح الأمىن با ىک جهان شوق وشَغَف

گوش جان بُگشا وبشنو از امىن کردگار

(لا فتى إلّا عليّ لا سيف إلّا ذوالفقار)

* * *

آفتاب عالمِ لا هوت از برجِ قَدَم

كرد گىتى را چه صبح روشن از سَر تا قَدَم

کعبه شد مِشکاة مصباحِ جَمالِ (لَم ىزَل)

بىت (ربّ البىت) را گردىد مَجلاي أتَم

کوکبِ درِي بگشود از فىضِ وجود

کز فروغش نىست جز نامِ دروغى از عَدَم

کِلْكِ قدرت در درونِ كعبه نقشى را نگاشت

پاىه اش را برد برتَر از سَرِ لَوحُ وقَلَم

کعبه گوئي كنز مخفى بود وگوهر زاى شد

زىن شرافت تا ابد گردىد در عالم عَلَم

مکه شد (اُمُّ القرى) از مولدِ (اُمّ الکتاب)

قبه عرش برىن زَد بوسه بر خاك عَدَم


شاه اقلىم (سَلُوني) تا قَدَم در کعبه زد

قبله حاجات گشت ومستجارُ وملتزم

از مروّت داد عنوانى صفا ومروه را

وز فتوّت آبروئى ىافت زمزم نىز هَم

منطقِ تقرىر مىگوىد (لَقَد کَلَّ اللسان)

خامه تحرىر مىنالد (لَقَد جَفَّ القلم)

گوش جان بُگشا وبشنو از امىن کردگار

(لا فتى إلّا عليّ لا سىف إلّا ذوالفقار)

* * *

گلشن خُلد برىن شد عرصه بىت الحرام

تا خرامان گشت در وى تازه سَروى خوشخرام

نو نهالى معتدل از بوستان (فاستقم)

شاخه طوبى برى از روضه (دار السلام)

قامتى در استقامت چون (صراط مستقىم)

سَرو آزادى بقامت همچو مىزانى تمام

قَدُّ وبالاى دل آرامش بغاىت دِلستان

عالَم از حسنِ نظامَش در کمالِ انتظام

شمعِ بَزمِ کبرىائى گاه قد افراختن

نخله طور تجلّاى الهى در کلام

نقطه بائىه بود در تجلّى شد ألف

مصحفِ کونىن را داد افتتاحُ واختتام

تا قىامت وصف آن قامت نگنجد در بىان

لىك ميدانم قيامت ميكند از وى قيام


زلان ميان حاشا اگر آرم حدىثى در مىان

سرّ (خاص الخاص) کى باشد روا در بزمِ عام

وصفِ آن بالا نباشد کار هر بى پا وسَر

من کجا بُگشا وبشنو از امىن کردگار

(لا فتى إلّا عليّ لا سىف إلّا ذو الفقار)

* * *

تا درَخشان شد درونِ کعبه آن وجه حَسن

(ثمّ وجهُ الله) روشن شد برون شد شكُّ وظن

چونکه بودش خلوتِ (غىب الغىوبى) جاىگاه

دىد (بىت الله) را نىکو مثالى از وَطَن

کعبه شد طورِ حقىقت سىنه سىنا شکافت

پور عمران کو که تا باز آىدش آواز (لن)

در محىط کعبه چندان موج زد درىاى عشق

کز نهىبش گشت نُه فُلكِ فَلَك لنگر فِکَن

سِرِّ وَحدَت از جبىنش آنچنان شد آشکار

کَز دَرُ ودىوارِ بىتِ الله فرارى شُد وَثَن

نقشِ باطل چىست با آن صورتِ ىزدان پَرست

با وجود اسم اعظم کى بماند اهرِمَن

تا عَلَم زد بَر فرازِ کعبه شاهِ مُلك وعشق

عالم توحىد را ىکباره روح آمد به تَن

شهرىار (لا فَتى) تا زد قَدَم در آن سَرا

حسنِ اىام جوانى ىافت اىن دهر کُهَن


تىشه بَر سَر کوفت از ناقابلى فرهادوار

مفتقر هر چند مى گوىد بشىر بى سخن

گوش جان بُگشا وبشنو از امىن کردگار

(لافتى إلّا عليّ لا سىف ذو الفقار)

* * *

کعبه تا آن نقطه بائىه را در بر گرفت

در جهان گوى سَبَق از چار دَفتر بر گرفت

در محىط کعبه شد تا نقطه وحدت مدار

عالم اىجاد را آن نقطه سر تا سر گرفت

نامه هستى شد از طغراى نامش نامور

طلعت زىبا از آن دىباچه دفتر گرفت

تا که زىر پاى او ارا دلُ وجان وسه داد

آنچه را در وَهم ناىد کعبه بالاتر گرفت

از قدوم روح قدسى از شغف پرواز کرد

شاهباز سدّ رَه را زىر بالُ وپر گرفت

شد حرم (دار الأمان) در رقص آمد آسمان

تا که (شعرى) بوسه از خاكِ رَهِ مَشعَر گرفت

چشمه خاور فروغى دىد از آن ماهِ جبىن

نار طور از شعله نور جمالش در گرفت

عقل فعّال از دبستان جمالش بهره ىافت

چون خداوند سخن جا بر سَرِ منبر گرفت


شَهسوارى آمد اندر عرصه مىدان رَزم

کز سران عالم إمکان سَر وافسر گرفت

گوش جان بُگشا وبشنو از امىن کردگار

(لا فتى إلّا عليّ لا سىف إلّا ذو الفقار

* * *

کعبه کوى حقىقت قبله اهل وصول

مستجار عُلوى وسُفلى وارواح وعقول

نسخه اسماء وسَر لَوح حُروفِ عالىات

مصدرِ افعال واول صادرِ واصلُ الاُصول

آنکه بودش (قاب قوسىن) اولىن قوس صعود

کعبه اش گاه تنزّل آخرىن قوسِ نُزول

در رواقِ عزّتش اشراقىان را راه نىست

در حرىم خلوتش عقل است ممنوع از دخول

رىزه خوارِ خوانِ او مىکال با حفظ ادب

حامل فرمان او جبرىل با شرطِ قبول

قطره از قلزم جودش محىطى بى کران

عکسى از نور جمالش آفتابى بى اُفول

حاکم ارض وسما بى شبهه اندر رتق وفَتق

واجبِ ممکن نما بى اتّحاد وبى حلول

خاتمِ درِّ ولاىت فاتح اقلىم عشق

هر که اىن معنى نمى داند ظَلوم است وجَهُول


دست (هو) ادراک کوتاه است از دامان او

پس چه گوىم من (تعالى شآنه عمّا نقول)

گوش جان بُگشا وبشنو از امىن کردگار

(لا فتى إلّا عليّ لا سىف إلّا ذو الفقار)

* * *

شد سمَند ىکّه تاز طبع را ز نُو دو تا

چون قَدَم زد دَر مدىح شَهسوار (لا فتى)

خامه مشکىنِ َن چون مى نگارد اىن رقم

خون خورَد از رَشکُ وحسرت نافه مشکِ ختا

گر بگىرم باج از تاجِ کىان نبوَد عَجَب

چون سراىم نغمه از تاجدار (هَل اتى)

اى سروش غىب پىغامى ز کوى ىار من

جان بِلَب آمد ز حسرت هستى (حتّى متى)

عمر گذشت وندىدم روى خوبى اى درىغ

زندگانى رفت بر باد فنا (وا حسرتا)

روز من از شب سىه تر کو جهان افروز من

صبحم از شام غرىبان تىره تر (وا غربتا)

در حضىض جهل افتادم زواج معرفت

وز مىان شهر دانش در کنارِ رُوستا

عشق گُفتا دَست زَن دَر دامنِ شىرِ خدا

تا رهائى از نهنگ طبع چُون پُور (متى)


آنکه در اقلىم وَحدَت فرد بى مانند بود

وآنکه اندر عرصه مىدان نبودش هىچ تا

(لا فتى إلّا عليّ لا سىف إلّا ذو الفقار)

* * *

وللسىد عباس الحسىني المقلّب (بالجوهري) وتخلّصه الشعري (ذاكر) في (ديوانه) المطبوع سنة (١٣٣٥ ه) المسمّى (خزائن الأشعار) في الخزينة الأولى المسمّاة (جواهر الأسرار) الصفحة ٦ :

ز پشت پرده تا بى پرده ىار من نماىان شد

ز سرم روى او خورشىد اندر پرده پنهان شد

ولادت ىافت اندر کعبه آن مولود مسعودى

که ذات پاكِ او مرآت ذاتِ پاكِ ىزدان شد

تجلّى کرد تا نور رُخَش اندر حرىم حَق

حَرَم حرمت گرفت وقبله گاهِ اهل اىمان شد

همان نورىکه موسى دىد اندر وادي اىمَن

مگر بار دِگر در کعبه باز آن نور تابان شود

همانا کعبه آمد در شَرَف بالاتر از وادى

که آنجا نورِ او اىنجا وجودِ او درخشان شد

وللخطيب المِصقع ، الشاعر المفلق ، الشيخ محمد عليّ بن الخطيب الأديب الشاعر الشيخ يعقوب الحلّي النجفيّ ، من مقصورته العلوية المطبوعة :

له بِبَطن البيتِ خيرُ مولدِ

نالَ بهِ البيتُ فَخاراً وعُلا

 هناك سمّتهُ (عليّاً) اُمّهُ

حيثُ مِنَ العَليّ وافاها النّدا


ثمّ تولّى أمرَهُ الهادي وكَم

أرضعهُ لسانَهُ حتّى اغتذى

 يحملُهُ طِفلاً على عاتِقِهِ

يطوفُ فيهِ بشعابِ اُمّ القُرى

كَم قامَ بالليل الطويلِ ساهراً

يهزُّ فيه مهدَهُ طولَ الدُجى

يُؤيهِ ليلاً ونهاراً عندَهُ

حتّى نشا في حِجرِ طه وارتبى

راه طفلاً واصطفاه يافعاً

لنصره إذ يستجير في حِرا

مستعدياً فيه على من ساءهُ

أيّام قد عزّ المحامي والحمى

يُبىدي إليه من خفايا سرّه

حتى حَوى من العُلومِ ما حوى

وقال الشريف الفاضل المرحوم ميرزا ابو القاسم الحسيني الشيرازي وقد أبدع في نظمه :

اي وحدت وكثرت همه از تو پىدا

از ذرّه وبىضا بر روى تو شىدا

 عشقِ رُخِ تو از سَرِ هر ذرّه هوىدا

ىك قطره علمِ تو صَد قَلزم صىدا

اى عنصر خاکى که به روح مجرّد

آن کعبه وآن کوفه که بس خلق شتابند

بر طوف حرم شان صفِ املاك بىاىند

از مولد واز مرقد تو مدح نماىند

از حلم چو تو گوهر ىکتاى نزاىند

زان است که عالم. تو گردىده مشىد

مولود تو در کعبه چو بشگفت علم زد

گوئى که خداوند در آن بقعه قدم زد

 بر نقشه اصنام جهان نقشِ عَدَم زد

بر صفحه نورانى اسلام رَقَم زد

تأىىد جهان کرد چُو خود بود مؤيّد

وللفاضل حامل لواء العلم والأدب الاُستاذ الشيخ جعفر النقدي ، المتوفّى سنة (١٣٧٢ ه) قصائد علوية ، نظم في غير واحدٍ منها هذه الفضيلة الباهرة ، فمن بائية له ، قوله :


لا تعجبوا إذ أتى في البيت مولدُهُ

فليسَ ذلكَ من عَلياهُ بالعجبِ

 لأنّ فوقَ الثَّرى من أجلِه رُفع الـ

ـبَيتُ العنيقُ وفيهِ خُصّ بالرُّتبِ

ومن رائية له ، قوله :

زهرت بهِ أكنافُ مكّةَ مُذ غدا

ميلادهُ في البَيتِ ذي الأستارِ

 ما البيتُ شرُفهُ ولكن شَرَّفَ الـ

ـبيتَ الحرامَ بساطِعِ الأنوارِ

ومن يائية له ، قوله :

مَن خصّ مولدهُ في بيتِهِ شرفاً

للبَيتِ يومَ أقامَ البيتِ بانيهِ

 لذاكَ قبلةَ مَن صلّى لخالقِهِ

غدا ومقصدِ مَن لِلحجِّ يأتيهِ

واقصصتُ أثرَ القوم بنظم هذه الأبيات ، وخمّسها النطاسيُّ المحنَّكُ ، الميرزا محمد بن الطبيب الحاذق الميرزا صادق بن شيخ الأواسيّ الميرزا باقر بن الورع التقي الصالح المتطبّب الميرزا خليل الرازيّ النجفيّ ، وإليك الأصل والتخميس :

قد كَلَّ عن فضل الوصيّ المنطقُ

مُذ ضاقَ فيه غَربُها والمشرقُ

 ولذاكَ أعجب إذ يقول محقّقُ

(سَبَقَ الكرامَ فها هم لم يَلحَقوا)

 (في حَلبَةِ العَلياء شَأوَ كُمَيتِهِ) (١)

فَمَن الكرامُ؟ بجنبِ بَحرٍ زاخر

طفحت بهِ أمواجُهُ بمفاخرِ

 ضاعَ القياسُ لناظمٍ ولناثر

(إذ خصّهُ المولى بفضلٍ باهر)

 (فيه يميزُ حيُّهُ مِن مَيتِهِ)

__________________

(١) الشأو : الأمد والغاية والهمّة. المعجم الوسيط ـ شأو ـ ١ : ٤٧٠. والكميت من الخيل ما كان لونه بين الأسود والأحمر. المعجم الوسيط ـ كميت ـ ٢ : ٧٩٧.


ولدتهُ فاطمةُ بكعبته ومُذ

ولدتهُ ظنّ به المغُالي يومَ شَلا

 جَلّ الإلهُ عن الشريك غَداة إذ

(لَم يَتّخِذ وَلَداً وما إن يتّخذ(

(إلّا وكانَ ولادُهُ في بيتهِ)

ما كانَ ابنٌ مثلَ ما قد ظنّهُ

نَفَرٌ ، بلى عبدٌ يحاول مَنّهُ

 يدعو إلى توحيدِهِ لكنّه

(في البيتِ مولدُهُ يُحقّقُ أنّهُ)

 (دونَ الأنام ذُبالةُ (١) في زَيتِهِ) (٢)

وقال العلّامة البارع السيد مير عليّ ابن السيد عباس ابن السيد راضي ابو طبيخ النجفي ، من قصيدة يخاطب بها أمير المؤمنين عليه السّلام ، ويعاتبه على المصائب الواردة :

أَلم تَكُ للهِ أمضى حُسام؟

أَلَم تَكُ فلي بيتهِ تُولَدُ

 ينوّهُ باسمكَ منهُ المقام

ويعنو لكَ الحَجَرُ الأسودُ

 ولولاكَ لم يُهدَ هذا الأنام

ولولاكَ لم يستقِم مَعبَدُ

 تدورُ بكَ الحربُ دَورَ الرَّحى

فتثبُتُ كالقُطُبِ الماثلِ

وقال العلّامة الكبير السيد محسن الأمين العاملي ، من مقصورة علوية له :

__________________

(١) الذُّبالة : الفتيلة التي تُسرج. لسان العرب ـ ذبل ـ ١١ : ٢٥٦.

(٢) علّق المؤلف وكتب الفاضل المخمّس إلينا في ذيل نظمه هذين البيتين :

خمّستُ أبياتَكَ لكنّني

معترفٌ أنّي لكم داعيه

 إنّي تطفّلتُ عليها وقد

تشفع لي أخلاقك الساميه

فكتبتُ تحتهما هذين البيتين :

كسوتَ أبياتي جَمالاً بهِ

تَرفُلُ في أبرادهِ الضافيه

 وحقّ أنّ أغدو له شاكراً

ما خلدت آثاره الباقيه


لكَ يا أمير المؤمنين مناقبٌ

ظهرت ظهور الشمس في وقتِ الضُحى

مشهورةٌ لا يُستطاع جحودها

فالناسُ مُذعنةٌ بها حتّى العدى

نَصُّ الغدير كفاكَ فضلاً إنّهُ

لكَ في الرقاب جميعها عقدُ الولا

 هيَ من فضائلك العظيم الشأن إحـ

ـداها إلى أمثالها الفضلُ انتهى

 يكفيك ما قد جاء في التطهيرِ أو

في (قُل تعالَوا) أو أتى في (هل أتى) (١)

وقال الشيخ عليّ الملقب بالشيخ الرئيس الخراساني المتوفّى في حدود سنة (١٣٢٠ ه) في منظومته الموسومة (بتنبيه الخاطر في أحوال المسافر) (٢) عند ذكر الإمام عليه السلام :

شاهى كه به خلق پىشوا بود

نَفسِ نبى ورُخِ خدا بود

 مرآتِ حقيقتِ نهان او است

سِرِّ همه مخفىُّ وعيان او است

 دَر خانه كعبه زاد است

ما نازِ طوافِ او مراد است

* * *

وقال الشاعر الطائر الصيت ، ميرزا محمد علي التبريزي ، المقلّب في شعره (بصائب) المعاصر للشاه سليمان الصفوي رحمه الله ، الذي هبط (عبّاس آباد) من أعمال (اصفهان) ، وسافر إلى الهند ، ثم عرج عليها ، من قصيدة يمدح به الكعبة ، ويذكر مزاياها ، مستهلّها :

اى سوادِ عنبرين قامت سوداى زمين

مغزِ خاك از نكهتِ مشكين لباست يافته چين

__________________

(١) ديوانه ٧١ : ١ ، والآيتان من سورة آل عمران : ٦١ ، والإنسان : ١.

(٢) ص : ٤.


إلى أن يقول في التخلّص إلى مدح الإمام عليه السلام :

هيچ تعريفى تر از اين به نميدانم كه شد

در تو پىدا گوهر پاکِ أمير المؤمنين

ذكره في (الخزانة العامرة) (١) نابغة الهند غلام علي آزاد الحسيني الواسطي البلگرامي ، المولود سنة (١١١٦ ه).

فذكر أنّه نظم أيضاً قصيدة يمدح بها البيت الحرام ، ويتخلّص إلى مدح الإمام عليه السلام مستهلّها :

مرحبا اى كعبه اشرف چه والا گوهرى

قيمتى دارى كه قربان تو گردد مشترى

إلى أن قال في التخلّص :

مطلع خورشيد خوانم مَن تو را الحق بجا است

از تو سر زد آفتاب سرورى (٢)

شاه مردان صفدر يزدان كه دست تيغ او

كرد حك از صفحة ايام نقش كافرى

نور سيماى هدى يعنى على المرتضى

افتخار دوره آدم زِروشن گوهرى

وذكر القصيدة برمّتها في الصفحة ٢٩٢ ـ ٢٩٣.

__________________

(١) ص : ٢٩١.

(٢) كذا والعجز ناقص.


لكنّه بدل هذا التخلّص بعدما وقف على تخلّص الصائب ، وما في القصيدتين من توارد الخاطرين ، حذار أن يقذف بالسرقة بقوله :

بر تو واجب شكر موالائى كه دست قدرتش

بر زمين افكند از بالا إله آذرى

وقلتُ في مولد مولانا أمير المؤمنين عليه السلام ، مادحاً ومهنّئاً بها آية الله العظمى السيّد ميرزا علي آقا الشيرازي ، نذكر منها قدر الحاجة :

لقد شُرِّف البيتُ في مولدٍ

زهت بِسَناهُ عِراضُ النجف

بنفس الرسولِ وزوجِ البتول

وأصل العُقولِ ومعنى الشَرف

 وبابِ مدينةِ علمِ النبيّ

وصارمِ دعوتهِ والخَلَف

 وجاءَ مطهّرُ بيتِ الإلهِ

فعن مجدهِ كلَّ رِجسِ قَذَف

 أزاحَ عن البيتِ أوثانَهم

وأزهقَ مَن عَن هُداهُ صَدَف

 وكانَ الخليلُ له رافعاً

قواعدَهُ فلهُ ما رَصَف

 فليسَ من البِدعِ أن أُسدلَت

على شبلهِ منهُ تلك السَّجَف (١)

وقال الشاعر المسيحيّ بولس سلامة ، في ملحمته التاريخية الكبرى المسمّاة بـ (عيد الغدير) أبياتاً ولادة الإمام عليه السلام في الكعبة :

سمعَ الليلُ في الظلام المديدِ

همسةٍ مثل أنّةٍ المفؤود (٢)

من خفيّ الآلامِ والكبتِ فيها

ومن البشر والرجاء السعيد

حُرّة لزّها المخاضُ فلاذت

بستارِ البيتِ العتيقِ الوَطيدِ

 كعبة الله في الشدائد تُرجى

فهي جسرُ العبيد للمعبودِ

__________________

(١) السَجفُ والسِجفُ : الستر. الصحاص ـ سجف ـ ١٣٧١ : ٤.

(٢) في الغدير : المفقود.


لا نساءٌ ولا قوابلُ حَفَّت

بابنة المجدِ والعُلا والجُود

 يذر الفقر أشرف الناس فرداً

وظهورٌ مخلوقةٌ للسُجودِ

 أينما سارَ واَكبَتهُ جِباهٌ

حواست جمع كن

 صبرت فاطمٌ على الضَيمِ حتّى

لهثَ الليلُ لهثةَ المكدودِ

 وإذا نجمةٌ من الاُفق خفّت

تطعنُ الليلَ بالشُعاع الحَديد

 وتدانَت من الحطيمِ وقَرَّت

وتدلّت تدلّيَ العُنقودِ

 تسكبُ الضوءَ في الأثيرِ دَفيقاً

فعلى الأرضِ وابلٌ من سُعودِ

واستفاقَ الحَمامُ يسجعُ سَجعاً

فتهشُّ الأركانُ للتَغريدِ

بَسَمَ المسجدُ الحرامُ حُبوراً

وتنادت حجارُهُ للنشيدِ

 كانَ فجرانِ ذلكَ اليومَ فَجرٌ

لنهارٍ وآخَرٌ للوَليدِ

 هالَت الاُمّ صرخةٌ جالَ فيها

بعضُ شيءٍ من هَمهَات الأُسودِ

 دَعَتِ الشبلَ حَيدراً وتمنَّت

وأكبَّت على الرَجاء المَديدِ

أسَداً سمّت ابنها كأبيها

لِبدَةُ الجَدّ أُهديت للحفيدِ

 بَل (عليّاً) ندعوُهُ قالَ أبوهُ

فاستفزَّ السَماءَ للتأكيدِ

 ذلك اسمٌ تناقلته الفيافي

ورواهُ الجُلمُودُ للجُلمودِ

 يهرمُ الدَهرُ وهو كالصُبح باقٍ

كلّ يومٍ يأتي بِفَجرٍ جَديدِ (١)

* * *

حديث الولادة مجمعٌ عليه :

لعلّ الباحث لا يعروه الشكُّ في ذلك ، بعدما وقف على عناوين هذه الرسالة في إثبات الحديث ، وما سلف النصّ به من علماء الفريقين.

__________________

(١) وردت هذه الأبيات في الغدير ٣٧ : ٦ ـ ٣٨.


كقول الآلوسيّ فيه «إنّه أمر مشهور في الدنيا وذكر في كتب الفريقين السنّة والشيعة».

وما سبق عند السيد حيدر الآملي من عدّه في المناقب المتسالم عليها ، التي لا يفتقر ناقلها إلى كتاب.

وما عرفته عن ابن اللوحيّ من إسناد روايته إلى الفريقين ، وإصفاقهم على نقله.

وما سلف عن العلّامة النوري قدس سره أنّ تلك الفضيلة لا يبعد كونها من ضروريات مذهب الإمايمة ، وأنّها جاءت في أخبار غير محصورة ، ومنصوص بها في كلمات العلماء ، وفي ضمن الخطب والأشعار في جميع الأعصار.

إلى غير هذه من كلمات كثيرة تؤدّي ذلك المؤدّى.

على أنّ البحث لا يعدمنا النصّ الصريح بذلك :

قال العلّامة السيد هاشم البحراني ، المتوفّى سنة (١١٠٧ ه) في (مدينة المعاجز) : «قال محمّد بن علي بن شهر آشوب في (مناقبة) : أجمعت الشيعة على أنّه عليه السّلام ولد في الكعبة» (١)

والظاهر أنّ النقل عن كتاب (المناقب) نفسه الذي لم تقف عليه ، لا منتخبه المعروف المطبوع المشهور بمناقب ابن شهر آشوب ، وهو لابن جبر (٢) ، فلا تذهب المذاهب بالقارىء.

__________________

(١) مدينة المعاجز : ٧.

(٢) الثابت عند المتخصّصين أنّ المطبوع هو «مناقب آل أبي طالب» لابن شهر آشوب ، وأنّ منتخبه الموسوم بـ (نخب المناقب) لأبي عبد الله الحسين بن جبر ، ما يزال مخطوطاً ، وموجوداً في بعض المكتبات. اُنظر الذريعة ٢٢ :.


وفي (مناقب المعصومين عليهم السلام) عن (المناقب) أنّه إجماع أهل البيت عليهم السلام (١).

ورأيت في موسوعة لبعض الفضلاء المتأخّرين ، أنّ ولادته فيها هو الأشهر بل عليها الإجماع ، وإلى الآن لم يولد فيها غيره.

ولنا أن نثبت إجماع الشيعة على ذلك طوراً ، واتفاقها مع أهل السنّة تارةً.

أمّا اتفاق الشيعة :

فلا يعزب الجزم به أيّ باحث منقّب ، وقف على كلماتهم ، وسبر أخبارهم ، واطّلع على تواريخهم.

وقد عرفت في تضاعيف هذه الرسالة طرفاً من أحاديث الباب وكلمات العلماء ، وقد أرسلوا فيها حديث الولادة إرسال المسلّم ، نافين عنه أيّ شبهة وارتجاف.

وهناك جموع آخرين نوقفك على بعض عبائرهم أو مضامينها :

فمنهم العلّامة الأوحد قطب الدين محمّد ابن الشيخ عليّ الشريف اللاهيجي ، تلميذ المحقّق الداماد المترجم في (أمل الآمل) (٢) في كتابه القيّم الفخم (محبوب القلوب).

فقد نصّ ـ كما عرفته من علماء اُمّته قبلَه وبعدَه ـ بولادة الإمام عليه السلام داخل الكعبة ، يوم الجمعة في الثالث عشر من رجب ، قبل الهجرة بثلاث وعشرين عاماً.

قال : «ولم يُولد في البيت الحرام قبلَه أحدٌ سواه ، وهي فضيلةٌ خصّه الله تعالى بها ، إجلالاً له وإعلاءً لمرتبته وإظهاراً لكرامته».

__________________

(١) في الذريعة ٣٣٤ : ٢٢ : مناقب المعصومين (للشيخ عبد الخالق بن عبد الرحيم اليزدي) المتوفى سنة (١٢٦٨ ه).

(٢) أمل الآمل ٢٨٥ : ٢ / ٨٤٩.


ويقربُ منه ما ذكره البارع الجليل السيد عباس بن عليّ بن نورالدين الموسوي الحسيني المكّي في رحلته المساة بـ (نزهة الجليس ومنية الأذيب الأنيس) (١).

وما قاله العالم الناقد المتبحّر السيد نعمة الله الموسوي الجزائري ، المتوفى سنة (١١١٢ ه) في (الأنوار النعمانية) وناهيك به ناقداً للأخبار ، متبصراً فيها (٢).

ومنهم نظام الدين ، محمد بن الحسين التفرشيّ الساوجي ، تلميذ الشيخ بهاء الدين العاملي ، متمّم (جامعة العبّاسي) بعده ، بأمر الملك السعيد الشاه عباس الصفوي.

قال في الباب السابع من تكملة (الجامع) المذكورة : «إنّ ولادته عليه السلام في جوف الكعبة».

وكذلك أرسله إرسال المسلّم شيخنا الفقيه الأوحد الشيخ خضر بن شلال آل خدام العفكاوي النجفي ، المتوفى سنة (١٢٥٥ ه) في مزاره المسمّى بـ (أبواب الجنان وبشائر الرضوان).

قال : «ومولده الشريف في الكعبة الحرام بعد عام الفيل بثلاثين سنة».

ومثله في الجزم بذلك العلّامة المشارك في العلوم الحاج المولى الشريف الشيرواني ، نزيل تبريز ، من تلمذة سيّد الرياض ، وهو من ثقات علمائنا ، في كتابه (الشهاب الثاقب).

فقال : «إنه ولد في مكّة ببيت الله الحرام» ، قال : «ولم يولد فيه قطّ سواه ، لا قبلَه ولا بعدَه».

وعيّن التأريخ بليلة السبت لثلاث وعشرين من رجب ، قال : «وقيل : يوم الجمعة» (٣).

__________________

(١) نزهة الجليس ١٠٣ : ١.

(٢) الأنوار النعمانية ٣٧٠ : ١.

(٣) الشهاب الثاقب : فصل ٢.


ومنهم المحقّق الحكيم العارف الأخلاقي الفقيه المحدّث الشاعر المولى محمّد ابن المرتضى المدعو بالمحسن الفيض الكاشاني ، المتوفّى سنة (١٠٩١ ه) فقد أثبت ذلك في كتابه (تقويم المحسنين) في حوادث شهر رجب : «أنّ في ثالث عشرة يوم الجمعة على الأشهر ولد عليّ بن أبي طالب عليه السلام في الكعبة ، قبل النبوّة باثنتي عشرة سنة ، وللنبيّ صلى الله عليه وآله يومئذ ثمان وعشرون سنة» (١).

وما ثله في ذكر الفضيلة بصفة الجزم بها الشيخ ابو محمّد الحسن بن أبي الحسن محمّد الديلمي في (إرشاده) وكذلك في تأريخ الاُسبوع والشهر ، وذكر أنّها كانت سنة ثلاثين من عام الفيل ، ونفى أن يكون قبلَه عليه السلام أو بعده أحدٌ قد وُلد في البيت ، وأنّها إحدى فضائله الجمّة المخصوصة به (٢).

ومثله العلّامة الأوحد ، الجامع للمعقول والمنقول ، الحاج السيد ميرزا حبيب الله ابن محمّد بن هاشم الموسوي الخوئي في شرح نهج البلاغة ، المسمّى (منهاج البراعة).

قال : «وقد خصّه الله بهذه الفضيلة على سائر الأنام ، ولم يولد في البيت أحدٌ قبلَه ولا بعدَه ، وفي ذلك يقول أبوه أبو طالب عليه السلام :

أنتَ الذي فرضَ الإله ولاءَهُ

ونطقتَ حقّاً بالجوابِ الصائبِ

 أنتَ الذي رفعَ الإله محلّهُ

وعَلا عَلاك على الشهابِ الثاقبِ

وولدتَ في البيت الحرام وخصّكَ

الباري بكلّ مكارمٍ ومواهبِ (٣)» (٤)

__________________

(١) تقويم المحسنين : ١٧.

(٢) إرشاد القلوب : ٢١١.

 (٣) علّق المولّف : أنا لا يروقني إثبات هذه الأبيات لشيخ الاُمة وأب الأئمة عليهم وعليه السلام ، فإنّ شعره أفحل من أن تعدّ هذه في عداده ، والعبرة هنا بكلام هذا السيّد الجليل لا الشعر المنقول ، ولا بأس بأن تكون لبعض الشعراء.

(٤) منهاج البراعة ٢١٦ : ١.


ومنهم العلّامة الفقيه السيّد حيدر الحسني الحسيني الكاظمي ، المتوفّى سنة (١٢٦٥ ه) قال في كتابه (عمدة الزائر) : «... وأنّه ولد بمكّة في البيت الحرام ، يوم الجمعة لثلاث عشر ليلة خلت من رجب ، بعد عام الفيل بثلاثين سنة ، وهو المشهور.

والأقوى عندي ما رواه الشيخ في الصحيح عن الصادق عليه السلام قال : كانت ولادته يوم الأحد ، لسبع خلون من شعبان ، وكان بين مولده ومولد رسول الله صلى الله عليه وآله ثلاثون سنة ، ولم يولد قبلَه ولا بعدَه في بيت الله الحرام سواهُ ، إكراماً له وتعظيماً له من الله تعالى بذلك وإجلالاً لمحلّه» (١).

وقال سيّد الفقهاء ، الآية الباهرة ، السيد مهدي القزويني قدس سره ، المتوفّى سنة (١٣٠٠ ه) في (فلك النجاة) : «ولد يوم الجمعة ، ثالث عشر رجب ، وروي سابع شعبان ، والأول أشهر ، بعد مولد رسول الله صلى الله عليه وآله بثلاثين سنة ، في الكعبة البيت الحرام ، هو أوّل من أسلم يوم مبعث النبي صلى الله عليه وآله وهو ابن عشر سنين ، وأوّل من صدّق به» (٢).

وفي (عدّة الرجال) للعلّامة المحقّق السيد محسن الأعرجي : «ولد أمير المؤمنين عليه السلام بعد عام الفيل ومولد النبي بثلاثين سنة ، في أيّام هِرَقل ، يوم الجمعة في رجب ، وقيل في شعبان في البيت الحرام ، ولم يولَد في البيت أحدٌ قبلَه ولا بعدَه» (٣).

ثمّ ذكر حديث يزيد بن قَعنب كما مرّ عن الصدوق.

__________________

(١) عمدة الزائر : ٥٤.

(٢) فلك النجاة : ٣٢٦.

(٣) عدّة الرجال ٥٤ : ٢.


وهذا العالم البّحاثة النقيد وجد خلافاً في شهر الولادة فأوعز إليه ، لكنّه لم يجد في حديث البيت أيّ ترديد ، فلم ينبس عنه ببنتِ شَفَةٍ ، ولو كان مثله يجد شيئاً لما آثر تركه ، وهو ذلك الصريح الشديد في البحث.

والشيخ عبد النبي الجزائري في (حاوي الأقوال) والشيخ أبو علي الرجالي في (منتهى المقال) وإن نقلا هذه الحقيقة الراهنة عمّن قلبهما من العلماء ، وقد أثبتنا في هذه الرسالة مقاله ، لكن العبرة في المقام بإخبات الرجلين ـ وهما من أعلام علماء الدين ـ بها ، وبخوعهما لصحّتها.

ومنهم البحر الخضمّ علّامة العصور السيّد عليّ خان المدني الشيرازي ، المتوفى سنة (١٢١٠ ه) في (الحدائق الندية في شرخ الفوائد الصمدية).

فقد نقل عن (الفصول المهمة) عبارته الآتية مكتفياً بها ، مذعناً بحقيقتها وسقّتها (١).

وهناك من مؤلّفي العصور الأخيرة العالم النقيد المولى عليّ أصغر البروجردي ، الذي أطلق القول الصراح في كتاب (عقائد الشيعة) : بأنّ «مولده عليه السلام في وسط البيت ، ضحى الجمعة ، بعد ثلاثين عاماً من ولادة النبيّ الأعظم» (٢).

ولغيره كتاب آخر في المعارف الإلهية أحسنَ فيه وفي مبحث الإمامة ، لم يشكّ بأنّ مولد الإمام عليه السلام في الكعبة ، بعد عام الفيل بثلاثين عاماً في الثالث عشر من رجب يوم الجمعة.

قال : «ولم يولد فيها أحد سواه ، لا قبلَه ولا بعدَه».

__________________

(١) الحدائق الندية : ١٠ ، والفصول المهمة : ٣٠.

(٢) عقائد الشيعة : ٣١.


إلى هنا نكتفي من نماذج هذا الفصل بما ذكرناه ، على أنّ جميع ما وقفت عليه تحت عناوين هذه الرسالة شروى هذه النقول ، فيمكننا في هذا الموقف الاحتجاج بكلّ ذلك ، ولعلّها جمعاء كقطرٍ من بحرٍ ، بالنسبة إلى ما يجده السابر لكتب علمائنا.

وأمّا إصفاق علماء أهل السنّة ومحدّثيهم وعرفائهم معنا في إثبات هذه المأثرة الفاضلة ، فمن أجلى الحقائق وأثبتها.

لقد أسمعناك كلمة الحاكم في (المستدرك) وحكمه بتواتر النقل به.

ثمّ نقل الحافظ الكنجيّ الشافعيّ عنه ذلك بصفة اُخرى.

وحكم آخر بالتواتر عن المحدّث الدهلويّ.

وكلام الآلوسي بما يوافقهم ونصّه بـ «أنّ ذلك مشهور في الدنيا».

وما عن الصفوريّ الشافعي في ذلك.

وعن (تاريخ گزيده) لحمد الله المستوفي.

وعن (مطالب السؤول) لابن طلحة الشافعي.

وعن (مرآة الكائنات) لنشاجيّ زاده.

و (سير الخلفاء) للدهلويّ المعاصر.

وكتاب (الحسين) للسيد علي جلال الدين الحسيني.

وعن عبد الباقي أفندي العمري في قصيدته.

وعن المولى الروميّ ، ومعين الدين الجشتيّ ، وعبد الرحمن الجامي في شعرهم. والأمير محمد صالح الترمذي في (مناقبه).

بل ذكر العلّامة الشيخ أبو الحسن الشريف العامليّ في الفوائد الغروية والدرر النجفية) أنّه «روى حديث الولادة [في الكعبة] أكثر العامّة ، وأنّه يوم الجمعة ، ولم يولد فيها أحد غيره».


وإليك أسماء آخرين منهم لم يمتاروا في صحّة الخبر ، فسردوه خاضعين لأمره : قال نور الدين عليّ بن محمد بن الصبّاغ المكّي المالكي ، المتوفى سنة (٨٥٥ ه) في (الفصول المهمة) : «ولد عليّ عليه السّلام بمكة المشرفّة ، بداخل البيت الحرام ، يوم الجمعة الثالث عشر من شهر الله الأصمّ رجب الفرد ، سنة ثلاثين من عام الفيل ، قبل الهجرد بثلاث وعشرين سنة ، وقيل : بخمس وعشرين سنة.

وقبل المبعث باثني عشرة سنة ، وقيل : بعشر سنين.

ولم يولد في البيت الحرام قبلَه أحدٌ سواه ، وهي فضيلة خصّهُ الله تعالى بها إجلالاً له وإعلاء لمرتبته ، وإظهاراً لتكرمته» (١).

كما عرفت نقلها كذلك عن العلامة السيد علي خان المدني في (الحدائق الندية) قبيل هذا (٢).

والسيد مؤمن بن الحسن بن مؤمن الشَّبلنجي الشافعي في (نور الأبصار) قال : «ولم يولد في البيت الحرام قبلَه أحد سواه ، قاله ابن الصباغ» (٣).

ونقل عن (الفصول) هذه مع نسبتها إلى مؤلّفها غيرُ واحد من أثبات أهل السنّة غير هؤلاء ، كالسّمهودي في (جواهر العقدين) وبرهان الدين الحلبيّ في (إنسان العيون) (٤).

وقال شمس الدين أبو المظفر يوسف بن قز أُغلي الشهير بسبط ابن الجوزي في (تذكرة خواصّ الاُمّة) : «روى أنّ فاطمة بنت أسد كانت تطوف بالبيت وهي حامل بعليّ عليه السلام فضرها الطَلقُ ، ففُتِحَ لها باب الكعبة ، فدخلت فوضعته فيها.

__________________

(١) الفصول المهمة : ٣٠.

(٢) الحدائق الندية : ١٠.

(٣) نور الأبصار : ١٥٦.

(٤) إنسان العيون : ١٦٥.


وكذا حكيم بن حزام ولدته اُمه فيها.

قلت : وقد أخرج لنا أبو نعيم الحافظ حديثاً طويلاً في فضلها.

إلّا أنّهم قالوا : في إسناده رَوح بن صلاح ، ضعّفه ابن عَديّ فلذلك لم نذكره (١)» (٢).

عرفت أنّ ولادة حكيم فيها ، على تقدير صحّتها ، من جملة الصدف والاتفاقات غير القصدية ، فليس فيها فضل ما غير تلويث البيت بالمخاض ، ويجب تطهيره.

وأين هذه من ولادة أمير المؤمنين عليه السلام الذي فُتح لاُمّه الباب ـ كما في عبارة السبط نفسه ـ ولم يُفتح لغيرها ، بالرغم من جهدهم في ذلك ، كما سبق في أحاديث كثيرة.

أو انشقّ لها جدار البيت فدخلته ـ كما في أحاديث الشيعة ـ؟

ولا يعدو ذلك أن يكون الأمر إلهيّاً قصد به التنويه بِشَرَف المولود المبارك الذي شرَّف البيت بولادته فيه.

وقوله : «فيما رواه ابو نعيم من الرواية المحكوم عليها بالضعف».

فسياق العبارة يعطي أنّها في فضل فاطمة بنت أسد فحسب ، غير متضمّنة لحديث الميلاد الشريف ، فلا يهمنا إذن ضعيفةً كانت هي أو قوية.

__________________

(١) قال العسقلاني في لسان الميزان ٤٦٥ : ٢ : رَوح بن صلاح المصري ، ضعّفه ابن عدي ، وقد ذكره ابن حبّان في الثقفات ، وقال الحاكم : ثقة مأمون. انتهى.

وقد أخرج المتقي الهندي في كنز العمال ٦٣٦ : ١٣ حديثاً في فضلها عليها السلام عن أبي نعيم الحافظ في المعرفة والديلمي ، وقال : سنده حسن.

(٢) تذكرة الخواص : ١٠.


وإن كانت تتضمن شيئاً من ذلك فهو غير ضائر لنا ، فإنّ مستند السبط في أمر الولادة غيرها ، ولو كان مأخوذاً منها لتركه كما تركها لضعفها ، فإنّ الضعف إن كان مسقطاً لجميع الرواية عن الاعتبار وموجباً للتحرّج عن إيرادها ، فليس للاستناد إلى بعضها مبررٌ يرتضيه عالمٌ يترفّع عن التعويل على الأخبار الضعيفة.

فليس في نقله الحديث «يروى» بصيغة المجهول أيّ إيعاز إلى الوهن فيه ، بعد ما عرفت حال الرجل في خصوص المقام ، وهو المعهود منه في غير مورد من هذا الكتاب من إرداف الحديث بنقده ، أو تصحيحه ، أو حذفه رأساً لضعفه.

وإنّما جاء به كذلك لتكثّر طرقه الموجب للإطناب إذا تصدّي لسردها ، ولشهرته المغني عن ذكر الأسانيد.

وإنّما الغرض الإشارة إلى إحدى المسلمات بأوجز بيان.

ومثله من علمائنا ما وقع في عبارة السيد رضي الدين ابن طاوس ، المتوفّى سنة (٦٦٤ ه) في (الإقبال).

قال : «روي أنّ يوم ثالث عشر رجب كان مولد مولانا عليّ بن أبي طالب عليه السلام في الكعبة قبل النبوة باثنتي عشر سنة» (١).

فالمسند فيه إلى تلك الرواية هو يوم الولادة ثالث عشر رجب الذي وقع الخلاف فيه ، لا محلّها المجمع عليه ، الذي تضافرت الروايات به وتواترت الأسانيد.

وما كان مثل السيّد ابن طاوس بالذي يخفى عليه جليّة الحال في المقامين ، وهو نابغة العلم وبحاثة الحديث ، وراوية السير.

وقال أحمد بن منصور الكازروني في (مفتاح الفتوح) : «ولدت فاطمة عليّاً عليه السلام في الكعبة.

__________________

(١) الإقبال : ٦٥٥.


ونقل عنها أنّها كانت إذا كانت إذا أرادت أن تسجد لصنم وعليّ في بطنها لم يمكّنها ، ولذا يقال عند ذكر اسمه : «كرّم الله وجهه» أي كرّم الله وجهه عن أن يسجد لصنم».

أنا لا أُحاول تصديق الرجل في كل ما يقول غير ما أتيت به من كلامه شاهداً لموضوع الرسالة ، فإنّي لا اُصافقه على أنّ فاطمة كانت تسجد للصنم ، وإن كان ابنها أكبر وازع عن عبادة الأوثان.

ولو كات اُجوّز لها تلكم الاُسطورة ، لما عداني اليقين بما ذكره من أمر جنينها.

لكنّي اعتقد أنّ كون الإمام سلام الله عليه في بطنها حملاً ، وتقدير كونها حاملاً له عليه السلام من الله سبحانه منذ الأزل ، كان عاصماً لها عن عبادة الأصنام كبر هان الربّ (العصمة) المانع يوسف عن الزنا.

وهذا هو الذي نعتقده في آباء النبيّ والأئمة عليهم وعليه السلام واُمهاتهم ، فهم مبرّءون عمّا يصمهم في دين أو دنيا.

ولهذا البحث مقالٌ ضافٍ لا يسعه المقام ، وإنّما المراد هنا فذلكة (١) المقام من أنّا لا نقيم لهاتيك الرواية الساقطة وزناً ، وإن وافق راويها في إخراجها ابن حجر في (الصواعق).

ولقد أُسرَّ ناقلها حَسوا في ارتغاء يزيد وقيعة في اُمّ الإمام ، كما تحامل على أبيه المقدّس ، فحكم بكفره لأمر دبَّرَ بليل ، فصبّها في قالب الفضيلة له وتلقّاها الغير في غير ما رويّة.

وأسند عبد الرحمن الجاميّ في (شواهد النبوّة) (٢) حديث ولادة الكعبة إلى بعضهم.

غير أنّه خلط الحابل بالنابل ، وجاء بعثرات لا تقال.

__________________

(١) الفذكلة : مجمل ما فُصل وخلاصته. المعجم الوسيط ـ فذلك ـ ٦٧٨ : ٢.

(٢) شواهد النبوة : ١٩٨ ، ط. المطبعة الحيدرية ـ بومباي ـ سنة (١٢٨٨ ه).


فحدّد عام المولد الشريف بالسابعة من عام الفيل ، عن الضدّ من ضرورة التاريخ والحديث ، وعلم النسب ، المثبتة أنّه في الثلاثين ، وشذّ من أرّخه بالثامن والعشرين منه.

ثمّ ذكر على ذلك : أنّه كان عند بعثة النبي صلى الله عليه وآله ابن خمسة عشر عاماً.

وعليه يجب أن تكون البعثة في الثاني عشر من عام الفيل ، أو أن يكون الإمام عندها إبن ثلاثة وثلاثين عاماً.

وكلاهما مخالف للضرورة والإجماع.

وعلى العلّات ، فالغرض من نقل ما ذكره الرجل هو ما عزاه إلى البعض من حديث الولادة نفسه ، فلا يقصر أن يكون إحدى روايات الباب.

وللجامي رباعية في حديث الولادة ، والشعراء تلمح إلى هذه الفضيلة بما يكاد أن يبلغ مبلغ الصراحة (١).

وقال الشيخ عبد الحقّ بن سيف الدين المحدّث الدهلوي في (مدارج النبوة) ما ترجمته : «قالوا : إنّه سمّته ـ يعني الإمام عليه السلام ـ اُمّهُ فاطمة بنت أسد (حيدرة) موافقة لاسم أبيها أسد ، فإنّ حيدرة اسم للأسد ، ولمّا جاء أبو طالب كره ذلك ، فسمّاه (عليّاً).

وسمّاه رسول الله صلى الله عليه وآله بالصديق كذا في (الرياض النضرة) (٢) : وكنّاه بأبي الريحانتين.

ولقّبه بـ (بيضة البلد) و (الأمين) و (الشريف) و (الهادي) و (المهتدي) و (ذي الاُذن الواعية) و (يعسوب الاُمّة).

وقالوا : إنّ ولادته كانت في جوف الكعبة» (٣).

__________________

(١) أوردنا الرباعية في حديث الشعراء.

(٢) انظر الرياض النضرة ١٠٤ : ٣ و ١٠٧.

(٣) مدارج النبوة ٥٣١ : ٢ ، ط. دلول كشور ، ١٩١٤ م.


مترجماً من الفارسية.

ولا منافاة بين ما ذكره من أنّ أبا طالب عليه السلام سمّاه عليّاً ، وبين ما مرّ من أنّ التسمية كانت من عند الله سبحانه ، وأُنهيت إلى أبي طالب بطريق غير عادي.

وقد علمت أن شيخ الأبطح لما بلغه الأمر الإلهي سمّاه (عليّاً) فهي في الظاهر منسوبة إليه.

وأمّا تسرّع فاطمة بالتسمية فلا تصحّ عندي.

والأمير محمد صالح بن عبد الله الكشفيّ التّرمذي الأكبر آبادي ، بعد أن ذكر حديث يزيد بن قَعنب السابق ذكره بأسانيد متكرّرة مرسلاً له إرسال المسلّم في كتابه (المناقب) نقل عن أبي داود البناكتي أنّه «لم يحظَ أحدٌ قبلَ الإمام عليه السلام ولا بعده بشرف الولادة في البيت» (١).

مترجماً من الفارسية.

وفي (روائح المصطفى) لصدر الدين أحمد البردوانيّ من متأخري علماء القوم : «كانت ولادته عليه السلام في جوف الكعبة بعد عام الفيل بثلاثين سنة ، يوم الجمعة في الثالث عشر من الرجب» (٢).

مترجماً من الفارسية.

وفي كتاب (آئينه تصوّف) لشاه محمد حسن الجشتيّ : «أنّه عليه السلام ولد في الكعبة في الثامن عشر من رجب ، سنة ثلاثين من عام الفيل عند الضحى قبل مبعث البنيّ صلى الله عليه وآله بستّ سنين وستّة أيام» (٣).

مترجماً من الهندية.

__________________

(١) مناقب مرتضوي : ٨٧ ، ط. بومباي ، سنة (١٣٢١ ه).

(٢) روائح المصطفى : ١٠ ، ط. كالنبور ، سنة (١٣٠٢ ه).

(٣) آئينه تصوف : ٩ ، ط. لامپور ، سنة (١٣١١ ه).


وفيه من الغرائب تعيينه يوم الولادة بالثامن عشر من رجب ، وأغرب منه تحديده الوقت بما قبل البعثة بستّ سنين وستّة أيام.

فإنّ من المتسالم عليه أنّ مولده صلّى الله عليه وآله في عام الفيل ، وأنّ بعثته على رأس الأربعين من عمره الشريف ، فيجب أن تكون ولادة الإمام عليه السّلام ، وهي بعد الثلاثين من عام الفيل قبل المبعث بعشر سنين.

وفي (مفتاح النجا في مناقب آل العبا) لميرزا محمّد بن رستم معتمد خان الحارثيّ البدخشيّ ، بعد تحديد شهر الولادة ويومها من الاسبوع وسنتها بالجمعة في الثالث عشر من رجب سنة ثلاثين من عام الفيل ، وأنّها بمكّة في البيت الحرام : «وسمّته اُمّه حيدرة ، وسمّاه النبيّ صلّى الله عليه وآله عليّاً ، فرضي أبواه بذلك ، ولم يولد في البيت الحرام أحدٌ سواه ، قبلَه ولا بعدَه ، وهي فضيلة خصّه الله بها».

وفي (كفاية الطالب لمناقب علي بن أبي طالب) للعلّامة الشيخ محمد حبيب الله الشنقيطي المدرّس بالأزهر ـ بعد التزامه فيه بشدّة التحرّز من أحاديث الروافض المكذوبة ، فيما زعمه ، لأنّ الإمام عليه السّلام في غنىً عنها لكثرة ما ثبت في السنّة من أحاديث فضائله ـ ، وأرسل إرسال المسلّم : أنّ من مناقبه ـ كرّم الله وجهه ـ ، أنّه ولد في داخل الكعبة ، ولم يعرف ذلك لأحدٍ غيره ، إلّا حكيم بن حزام رضي الله عنه.

ففي (شرح الشفا) للشيخ عليّ القاري ، بعد أن قال في حكيم بن حزام : «ولا يعرف أحدٌ ولد في الكعبة غيره على الأشهر» ما نصّه : «وفي (مستدرك الحاكم) أنّ عليّ بن أبي طالب ـ كرّم الله وجهه ـ أيضاً ولد في داخل الكعبة» (١).

__________________

(١) كفاية الطالب : ٢٥ و ٣٧ ، وشرح الشفا ١ : ١٥١ ، طبع الآستانة ، والمستدرك ٣ : ٤٨٣.


ليت القارىء لم يسحب ذيل أمانته على كلمة الحاكم الموجودة في (المستدرك) التي أسلفنا إثباتها عند إثبات تواتر هذا الحديث.

وليته ذكر قوله : «تواترت الأخبار أنّ فاطمة بنت أسد ولدت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب في جوف الكعبة».

ليت! وهل ينفع شيئاً ليتُ (١)؟ عذرته.

فهو حين رمى القول على عواهنه في ولادة حكيم بن حزام بإسناده إلى الأشهر ـ المستخرج من علبة مخيلته ـ لم يكن يسعه المصارحة بأنّ خلافه ممّا تواترت به الأخبار.

فلا أقلّ من التكافؤ بأن يكون كلّ منهما مشهوراً ، فكان الأحفظ لسمعته والأستر لَمينِه (٢) ، أن يمسخ كلمة الإمام الحاكم إلى رأيت ، وكان من المحتمل القريب أن لا يناقشه أحدٌ الحساب.

لكن الحقيقة لا بدّ وأن تبرز نفسها.

* * *

__________________

(١) مأخوذ من بيت لرؤيه من العجّاج ، عجزه : ليت شباباً بوعَ فاشتريت.

(٢) المين : الكذب. لسان العرب ـ مين ـ ١٣ : ٤٢٥.



(٥)

الولادة

في الكعبة المعظّمة

فضيلةٌ لعليٍّ عليه السّلام

خَصَّهُ بها ربُّ البيت

ومناقشة علميّة تفنّد حديث

ولادة أُم حكيم بن حزام المزعومة

بقلم

الاُستاذ شاكر شَبع النجفي

__________________

(١) مقال طبع في مجلة (تراثنا) العدد ٢٦ : ١١ ـ ٤٢.



بِسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيم

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على محمّد وآله الطيّبين الطاهرين ، وصحبه الأخيار المنتجبين.

أمّا بعد :

فقد حالفني الحظّ في مطالعة كتاب «عليٌّ وليد الكعبة» لسماحة الشيخ الحجّة الميرزا محمّد علي الغروي الاُردوبادي تغمّده الله برحمته ، وسبرت غوره بقدر ما وسعني ذلك ، فامتلأت نفسي إعجاباً وإكباراً له ، ووجدتني مندفعاً لتسجيل كلمة تُعرب عن مبلغ ارتياحي وابتهاجي بهذا الأثر القيّم ومكانته.

ولم يَعْرُني شكٌ في أنّه نفحة من نفحات أمير المؤمنين عليه السّلام منحها المؤلّف فاستأثر بها ، مطلقاً العنان لسعة باعه وقوّة بيانه المفعم بعناصر التجويد والإبداع ، موقفاً الباحث على جليّة حديث الولادة الميمونة ، مظهراً في أثناء ذلك مبلغ عنائه في جمع موادّه.

ولشدّة ما استهواني موضوع الكتاب بدأت أجمع استدراكات له ، تتميماً وتعضيداً ، والذي حداني إلى ذلك ثقتي بأنّه قدس سرّه لو أمدَّ الله في عمره لصنع مثل ما صنعت ، وبارك لي فيما كتبت ، خاصّة أنّي اقتفيت في هذا التتميم أثره ، وسلكت منهجه.

وقد تجمّعت لديّ نصوصٌ كثيرة من مخطوط الكتب بدأت أجمع استدراكات له ، تتميماً وتعضيداً ، والذي حداني إلى ذلك ثقتي بأنّه قدس سرّه لو أمدَّ الله في عمره لصنع مثل ما صنعت ، وبارك لي فيما كتبت ، خاصّة أنّي اقتفيت في هذا التتميم أثره ، وسلكت منهجه.

وقد تجمّعت لديّ نصوصٌ كثيرة من مخطوط الكتب ومطبوعها ، قديمها وحديثها ، نادرها ونفيسها ، ممّا كان الوصول إليه والحصول عليه في زمان الحجّة المؤلّف أمراً عسيراً ، ومجموع ذلك يغني لإثبات صحّة الحديث ، والكشف عن اتّفاق أهل العلم والفضل عليه.


ولكن الّذين (يَحسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمْ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ) لم تُطاوعهم نفوسهم لقبول فضائل الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام ، وهذه أوّلها بما فيها من دلالات عميقة ، فحاولوا تشويهها بشتّى الأساليب ، تمريراً لسياسة معاوية في التصدّي لفضائل الإمام عليّ عليه السلام ، تلك السياسة التي دبّرها وعمّمها في مرسوم السلطاني يقول فيه : برئت الذمّة ممّن روى شيئاً في فضل أبي تراب وأهل بيته (١).

ثمّ كتب إلى عمّاله في جميع الآفاق :

إذا جاءكم كتابي هذا فادعوا الناس إلى الرواية في فضائل الصحابة والخلفاء الأوّلين ، ولا تتركوا خبراً يرويه أحدٌ من المسلمين في أبي تراب ، إلّا وتأتوني بمناقص له في الصحابة ، فإنّ هذا أحبُّ إليّ وأقرُّ لعيني ، وأدحضُ لحجّة أبي تراب وشيعته (٢).

قال الراوي : فَرُويَت أخبارٌ كثيرة في مناقب الصحابة مفتعلة لا حقيقة لها! فظهر حديثٌ كثيرٌ موضوع ، وبهتان منتشر (٣)!

وبهذه الجرأة والصلافة ملأوا كتبهم بالأكاذيب الكثيرة ، والفضائل المجعولة ، والأحاديث الموضوعة.

وحيث لم يطالوا إنكار فضيلة المولد الشريف للإمام علي عليه السلام لوضوحه واشتهاره ، بل تواتره والاتّفاق عليه ، عمدوا إلى وضع أُسلوب آخر لإخفاء أثرها ، وهو ادّعاء مثل ذلك لشخص آخر تهو الصحابي حكيم بن حزام ، وروّجوا لهذه المزعومة حسب الإمكانات التي هيّأتها لهم السلطة وأعوانها.

__________________

(١) شرح نهج البلاغة (لابن أبي الحديد) ٤٤ : ١١ عن كتاب «الأحداث» لأبي الحسن علي بن محمد المدائني.

(٢) المصدر السابق ٤٦ : ١١.

(٣) المصدر السابق.


وهذه ليست أوّل خصوصية يحاولون سلبها عليّاً عليه السلام ، بل هناك غيرها كثير ، منها :

الحديث المتواتر المتّفق على صحّته : «أنا مدينة العلم وعليٌّ بابها».

وضعوا قباله حديثاً واهياً هو : «أنا مدينة العلم ، وأبوبكر أساسها ، وعمر حيطانها وعثمان سقفها ، وعليٌّ بابها» (١).

وحديثاً آخر ، أشدُّ وهناً ، وأظهر وضعاً ، هو : «أنا مدينة العلم ، وعليٌّ بابها ، ومعاوية حلقتها» (٢).

ومنها الحديث المتواتر الثابت الآخر : «عليٌّ منّي بمنزلة هارون من موسى».

وضعوا قباله حديثاً يشهد متنه وسياقه بوضعه ، فضلاً عن سنده ، هو : «أبو بكر وعمر منّي بمنزلة هارون من موسى» (٣).

ومنها الحديث المتواتر الصحيح الآخر : «لأُعطينّ الراية غداً رجلاً يحبّ الله ورسوله ، ويحبّه الله ورسوله ...».

وضعوا قباله حديثاً مثيراً للضحك والسخرية والاستغراب ، هو «لأُعطينّ هذا الكتاب رجلاً يحبّ الله رسوله ، ويحبّه الله ورسوله! قم يا عثمان بن أبي العاص. فقام عثمان بن أبي العاص ، فدفعه إليه» (٤).

ويكشف عن هذا التلاعب المكشوف ، ويبيّن أنّه كان أمراً معروفاً ومألوفاً ، قول الزهري في الحديث الصحيح الذي رواه أحمد بن حنبل في «فضائل الصحابة» قال :

__________________

(١) راجع الغدير ١٩٧ : ٧ ـ ١٩٩.

(٢) راجع الغدير ١٩٧ : ٧ ـ ١٩٩.

(٣) راجع الغدير ٩٤ : ١٠.

(٤) المعجم الأوسط (للطبراني) ٤٣٨ : ١ ، الحديث ٧٨٨ ، عنه مجمع الزوائد ٣٧١ : ٩.


حدّثنا عبد الرزاق ، قال : أنا معمّر ، قال : سألتُ الزهري : مَن كان كاتب الكتاب يوم الحديبيّة؟

فضحك وقال : هو عليٌّ ، ولو سألت هؤلاء ـ يعني بني اُمية ـ قالوا : عثمان (١).

واستعراض باقي الأمثلة يخرجنا عن موضوع البحث الرئيسي ، وإنّما أردنا التدليل على منهج أُولئك في سلب الخصوصية ، وجرأتهم على وضع الأحاديث الواهية قبال الأحاديث السليمة.

هذا رغم ميل بعض العلماء إلى أنّ ولادة حكيم بن حزام في الكعبة ليست فضيلة ولا مكرمة ، وإنّما كانت اتّفاقاً ولم تكن قصداً ، كما ارتأى ذلك الصفوري وغيره (٢).

وأغرق بعضهم نزعاً في الضلال ، ورمى القول على عواهنه ، متحدّياً ما أثبته مهرة الفنّ وأئمّة النقل ، وأخبت كبار العلماء والمؤرّخين بصحّته ، ولم يكترث بأسانيده المتضافرة ، وطرقه المتّصلة المعتمدة عند كلّ مؤالف ومخالف ، فقال : «إنّ حكيم بن حزام وُلِدَ في جوف الكعبة ، ولا يُعرَف ذلك لغيره ، وأمّا ما روي أنّ عليّاً وُلِدَ فيها فضعيفٌ عند العلماء» (٣).

وقد أجاد الحجّة الأُردوبادي في الردّ عليه ، وتفنيد مزاعمه ، فراجع أواخر باب «حديث الولادة والمؤرّخون».

ولكن نجد رغم ذلك أنّ محاولتهم فيما يخّص فضيلة المولد الشريف في الكعبة العظّمة باءت بالفشل (٤).

__________________

(١) فضائل الصحابة ٥٩١ : ٢ ، الحديث ١٠٠٢ ، طبعة مكة.

(٢) نزهة المجالس ٢٠٤ : ٢.

(٣) انظر إنسان العيون ٢٢٧ : ١.

(٤) قال الحافظ شهاب الدين ابن حجر العسقلاني في الإصابة ٢٩٦ : ٤ حول فضائل علي عليه السلام ومناقبه : «كلّما أرادوا ـ يعني بني اُمية ـ إخمادها وهدّدوا مَن حَدَّثَ بمناقبه لا تزداد إلّا انتشاراً».


فلو رجعنا إلى مصادر الحديث لوجدنا خلالها ـ مع إثبات تلك الفضيلة للإمام علي عليه السلام ـ على اليقين والجزم ـ أنّ من المؤلّفين والعلماء والرواة مَن أعلن أنّ هذه الفضيلة مختصّة بالإمام عليه السلام لم يشركه فيها أحد قبله ولا بعده ، مصرّحين بذلك بعبارات شتّى تدلّ على حصر هذه الفضيلة للإمام عليه السلام بضرس قاطع.

وإليك نصوصها :

«لم يولد قبله ولا بعده مولود في بيت الله الحرام سواه ، إكراماً له بذلك وإجلالاً لمحلّه في التعظيم».

رواها الحافظ أبو عبد الله محمد بن يوسف القرشي الكنجي الشافعي (ت ٦٥٨ ه) عن الحاكم أبي عبد الله النيسابوري (٣٢١ ـ ٤٠٥ ه) (١).

وقالها أيضاً :

ـ الشيخ أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان البغدادي ، الشيخ المفيد (ت ٤١٣ ه) (٢).

ـ الحافظ يحيى بن الحسن الأسدي الحلّي ، المعروف بابن البطريق (٥٥٣ ـ ٦٠٠ ه) (٣).

ـ الشيخ الثبت أبو علي محمّد بن الحسن الواعظ الشهيد النيسابوري ، المعروف بابن الفتّال ، من علماء القرن السادس (٤).

ـ الشيخ الوزير بهاء الدين أبو الحسن علي بن عيسى الأربلي (ت ٦٩٣ ه) (٥).

__________________

(١) كفاية الطالب : ٤٠٧.

(٢) الإرشاد : ٩.

(٣) عمدة عيون صحاح الأخبار : ٢٤.

(٤) روضة الواعظين : ٧٦.

(٥) كشف الغمّة ٥٩ : ١.


ـ الإمام جمال الدين أبو منصور الحسن بن يوسف بن المطهّر الحلّي (٦٤٨ ـ ٧٢٦ ه) (١).

ـ السيّد المحدّث جلال الدين عبد الله بن شرفشاه الحسيني ، المتوفّى نيف وثمانمائة من الهجرة (٢).

ـ الشيخ المحدّث الحسن بن أبي الحسن الديلمي ، من أعلام القرن الثامن الهجري (٣).

ـ الشيخ المؤرّخ النسّابة جمال الدين أحمد بن علي الحسني ، المعروف بابن عنبة (ت ٨٢٨ ه) (٤).

ـ العلّامة المحدّث السيّد وليّ الله بن نعمة الله الحسيني الرضوي ، من أعلام القرن التاسع الهجري (٥).

ـ العالم اللغوي الشيخ فخر الدين الطريخي (٩٧٩ ـ ١٠٨٧ ه) (٦).

ـ العلّامة محمود بن محمد بن علي الشيخاني القادري الشافعي المدني ، من أعلام القرن الحادي عشر (٧).

* * *

__________________

(١) نهج الحقّ وكشف الصدق : ٢٣٢.

(٢) منهج الشيعة في فضائل وصيّ خاتم الشريعة : ٧ ، ونسخة مكتبة آية الله الگلپاىگاني المؤرّخة (١٢٦٥ ه).

(٣) إرشاد القلوب : ٢١١.

(٤) عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب : ٥٨.

(٥) كنز المطالب وبحر المناقب : ٤١ ، ونسخة المدرسة المؤرخّة (٩٨٩ ه).

(٦) جامع المقال : ١٨٧.

(٧) الصراط السويّ : ١٥٢ ، ونسخة المكتبة الناصرية في لكهنو بالهند ، والتي يظهر أنّها بخطّ المؤلف.


«ولد بمكّة في البيت الحرام ، ولم يولد قطّ في بيت الله تعالى مولود سواه ، لا قبله ولا بعده ، وهذه فضيلة خصّه الله تعالى بها ، إجلالاً لمحلّه ومنزلته ، وإعلاءً لقدره».

قالها :

ـ أمين الإسلام الشيخ المفسّر أبو عليّ الفضل بن الحسن الطبرسي (ت ٥٤٨ ه) (١).

ـ الحافظ محمّد بن معتمد خان البدخشاني الحارثي ، من أكابر علماء العامّة في القرن الثاني عشر (٢).

* * *

«ولد بداخل البيت الحرام ، ولم يولد في البيت الحرام قبله أحدٌ سواه ، وهي فضيلة خصّه الله تعالى بها إجلالاً له ، وإعلاءً لمرتبته ، وإظهاراً لتكرمته».

قالها :

ـ الحافظ نور الدين عليّ بن محمد بن الصبّاغ المكّي المالكي (٧٨٤ ـ ٨٥٥ ه) (٣).

وحكاها عنه :

ـ الفقيه المؤرّخ نور الدين علي بن عبدالله الشافعي السمهودي (٨٤٤ ـ ٩١١ ه) في «جواهر العقدين في فضل الشرفين العلم الجليّ والنسب العليّ».

__________________

(١) إعلام الورى : ١٥٣

(٢) مفتاح النجا فى مناقب آل العبا نزل الأبرار بما صحّ من مناقب أهل البيت الأطهار : ١١٥.

(٣) الفصول المهمّة : ٣٠.


الشيخ علي بن برهان الدين الحلبي (٩٧٥ ـ ١٠٤٤ ه) في «إنسان العيون» (١).

الشيخ مؤمن بن حسن مؤمن الشبلنجي ، من علماء القرن الثالث عشر (٢).

* * *

«ولد في البيت الحرام ، ولا نعلم مرلوداً في الكعبة غيره».

قالها : نقىب الطالبين

الأديب الفقيه أبو الحسن محمّد بن الحسين الموسوي ، المعروف بالشريف الرضي (٣٥٩ ـ ٤٠٦ ه) (٣).

* * *

«ولدته ـ اُمّه ـ في الكعبة ، ولا نظير له في هذه الفضيلة».

قالها : علم الهدى ذو المجدين علي بن الحسين الموسوي ، المعروف بالشريف المرتضى (٣٥٥ ـ ٤٣٦ ه) (٤).

* * *

«لم يولد في الكعبة إلّا عليّ».

قالها :

ـ الحافظ الفقيه محمّد بن علي القفّال الشاشي الشافعي (ت ٣٦٥ ه) (٥).

ـ شىخ الاسلام الحافظ المحدّث إبراهيم بن محمّد الجويني الشافعي (٦٤٤ ـ ٧٣٠ ه) (٦).

* * *

__________________

(١) عنهما : على وليد الكعبة : ١١٩.

(٢) نور الأبصار في مناقب آل بيت النبيّ المختار : ١٥٦.

(٣) خصائص الأئمة : ٤.

(٤) شرح قصيدة السيد الحميري المذهّبة : ٥١ ، طبعة مصر ، سنة (١٣١٣ ه).

(٥) فضائل أمير المؤمنين : مخطوط ، عنه إحقاق الحقّ ٧ : ٤٨٩.

(٦) فرائد السمطين ١ : ٤٢٥.


«ولدت ـ فاطمة بنت أسد ـ علياً عليه السّلام في الكعبة ، وما ولد قبله أحدٌ فيها».

نصّ على ذلك السيّد الشريف النسّابة نجم الدين أبو الحسن علي بن محمد العلوي العمري ، من علماء القرن الخامس الهجري (١).

* * *

«لقد وُلِدَ عليه السّلام في بيت الله الحرام ، ولم يولد فيه أحدٌ غيره قط».

قالها : الشيخ الفقيه أبو الحسين سعيد بن هبة الله ، المعروف بقطب الدين الرواندي (ت ٥٧٣ ه) (٢).

* * *

«مولده عليه السّلام في الكعبة المعظّمة ، ولم يولد بها سواه».

قالها : العلّامة عمر بن محمد بن عبد الواحد (٣).

* * *

«... فالولد الطاهر ، من النسل الطاهر ، وُلِدَ في الموضع الطاهر ، فأين توجد هذه الكرامة لغيره؟!

فأشرف البقاع : الحرم ، وأشرف الحرم : المسجد ، وأشرف بقاع المسجد : الكعبة ، ولم يولد فيه مولودٌ سواه.

فالمولود فيه يكون في غاية الشرف ، فليس المولود في سيّد الأيّام (يوم الجمعة) في الشهر الحرام ، في البيت لحرام ، في البيت الحرام سوى أمير المؤمنين عليه السّلام».

__________________

(١) المجدي في أنساب الطالبيين : ١١.

(٢) الخرائج والجرائح ٢ : ٨٨٨.

(٣) النعيم المقيم لعترة النبأ العظيم : ١٦ ، ومخطوطة مكتبة آيا صوفيا ـ تركيا ، وانظر بشأنه إيضاح المكنون ٢ : ٦٦١ ، أهل البيت عليهم السّلام في المكتبة العربيّة.


قالها : الحافظ المؤرّخ أبو عبد الله محّمد بن علي بن شهر آشوب السروي المازندراني (ت ٥٨٨ ه) بعد أن ذكر عدّة أحاديث في ولادة عليّ عليه السّلام في الكعبة (١).

* * *

«وُلِدَ في الكعبة بالحرم الشريف ، فكان شرف مكّة وأصل بكّة لامتيازه بولادته في ذلك المقام المنيف ، فلم يسبقه أحد ولا يلحقه أحد بهذه الكرامة».

قالها : المحدّث الجليل السيّد حيدر بن علي الحسيني الآملي من علماء القرن الثامن الهجري (٢).

* * *

«كانت ولادته بالكعبة المشرّفة ، وهو أوّل مَن وُلِدَ بها ، بل لم يُعْلَم أنّ غيره وُلِدَ بها».

قالها : العلّامة صفي الدين أحمد بن الفضل بن محمّد باكثير الحضرمي الشافعي ، من أعلام القرن الحادي عشر (٣).

* * *

«وُلِدَ عليه السّلام بمكّة داخل الكعبة على الرخامة الحمراء ، ولم ينقل ولادة أحدٍ قبلَه ولا بعدَه في الكعبة ، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء».

__________________

(١) مناقب آل أبي طالب ٢ : ١٧٥.

(٢) الكشكول فيما جرى على آل الرسول : ١٨٩.

(٣) وسيلة المآل : ٢٨٢ ، ونسخة مكتبة آية الله المرعشي النجفي العامة ، المؤرخّة (١٢٨٠ ه).


قالها كلٌّ من :

ـ العالم المحدّث الفقيه السيّد تاج الدين بن علي بن أحمد الحسيني العاملي ، من علماء القرن الحادي عشر (١).

ـ العالم الفاضل محمّد بن رضا اللقمي ، من علماء القرن الحادي عشر (٢).

* * *

«ولادة معدن الكرامة في جوف الكعبة ، ولم يولد أحدٌ فيها غيره ، وقد خصّة الله تعالى بهذه الفضيلة ، وشرّف الكعبة بهذا الشرف».

قالها العلّامة الفاضل محمّد مبين بن محبّ بن أحمد اللكهنوي الأنصاري الحنفي (ت ١١٢٥ ه) (٣).

* * *

«ولدته في مكّة المكرّمة في جوف بيت الله الحرام ، ولم يولد أحدٌ غيره في هذا المكان المقدّس».

قالها العلّامة الشيخ محمد صديق خان الحسيني البخاري القنوجي (١٢٤٨ ـ ١٣٠٧ ه) (٤).

* * *

__________________

(١) التتمّة في تواريخ الأئمّة : ٤٧ ، الفصل الثالث.

(٢) كاشف الغمّة : ٤٢٢ ، نسخة المؤلّف المخطوطة المحفوظة في مكتبة مجلس الشورى ، برقم ٢٠٠٠ ومن المطبوعة (ص : ٤٣).

(٣) وسيلة النجاة : ٦٠ ، طبعة گلشن فيض ـ لكهنو.

(٤) تكريم المؤمنين بتقويم مناقب الخلفاء الراشدين : ٩٩ ، طبعة الهند ، سنة (١٣٠٧ ه) (٤).


«كانت ولادته عليه السّلام في جوف الكعبة ، ولم تنح هذه السعادة لأيّ أحدٍ منذ بدء الخليفة إلى الغاية ، وإنّ لصحّة هذاالخبر بين المؤرّخين المتحفّظين على الفضائل صيتٌ لا تشوبه شبهة ، وتجاوز عن أن يصحبه الشكّ والترديد».

قالها المؤرّخ الشهير محمد بن خاوند شاه بن محمود (ت ٩٠٣ ه) (١).

* * *

«من المتّفق عليه أن غيره صلوات الله عليه لم يولد هناك».

قالها المؤرّخ العالم زين العابدين الشيرواني ، من علماء القرن الثاني عشر (٢).

* * *

أمّا الشعراء ، وخاصّة العلماء منهم :

فقد زيّنوا شعرهم بقصائدهم في بيان فضائله ومناقبه عليه السّلام المرويّة بالطرق الصحيحة المصحّحة المتواترة ، تخليداً لذكره ، وأداءً لبعض حقّه ، وأثبتوا فيها خصوصية ولادته في الكعبة المعظّمة ، ومنهم :

العالم الأديب ابو الحسن علاء الدين عليّ بن الحسين الحلّي الشفهيني ، من العلماء الشعراء في القرن الثامن الهجري ، يقول في قصيدة داليّة طويلة :

أم أهل ترى في العالمي بأسرهم

بَشَراً سواه ببيتِ مكّة يولَدُ؟

 في ليلةٍ جبريل جاءَ بها مع

الملأ المقدَّسِ حَولَهُ يتَعبَّدُ

 فلقد سَما مجداً عليُّ كما عَلا

شَرَفاً به دون البقاع المسجدُ (٣)

__________________

(١) روضة الصفا في آداب زيارة المصطفى ، الجزء الثاني.

(٢) بستان السياحة : ٥٤٣ ، الطبعة الثانية.

(٣) تجد القصيدة كاملة في الغدير ٦ : ٣٥٦ ـ ٣٦٤.


ومنهم العالم المتكلّم المحدّث الفقيه المولى محمد طاهر بن محمد حسين القمي ، صاحب المؤلّفات القيّمة النافعة ، المتوفّى سنة (١٠٩٨ ه) ، في لا ميّته البديعة التي مطلعها :

سلامةُ القَلبِ نحَّتني عن الزَّلَلِ

وشُعلَةُ العِلمِ دلَّتني على العَمَلِ

إلى أن يقول :

طوبى لهُ كانَ بيتُ اللهِ مولدُهُ

كمثل مولدهِ ما كانَ للرُّسُلِ (١)

ومنهم الفقيه المحدّث الشيخ محمد بن الحسن الحرّ العاملي (١٠٣٣ ـ ١١٠٤ ه) صاحبُ «وسائل الشيعة» قال في أُرجوزة له في تواريخ المعصومين عليهم السّلام :

مولدُهُ بمكّة قد عُرفا

في داخلِ الكعبة زيدت شرفا

على رُخامةٍ هناك حمرا

معروفة زادَت بذاكِ قدرا

فيا لها مزيّة عليّة

تخفضُ كلَّ رُتبةٍ عليّة

ما نالها قط نبيٌّ مرسلُ

ولا وصيّ آخرٌ وأوّلُ

ثمّ شرع بنظم حديث يزيد بن قعنب المشهور (٢).

ومنهم الشيخ الفقيه حسين نجف التبريزي النجفي (١١٥٩ ـ ١٢٥١ ه) ، حيث يقول في قصيدته الهائية :

جَعَلَ اللهُ بيتهُ لعليّ

مولداً يا لَهُ عُلا لا يُضاهى

لم يشاركهُ في الولادةِ فيه

سيّد الرسلِ لا ولا أنبياها (٣)

__________________

(١) الغدير ١١ : ٣٢٠.

(٢) عليّ وليد الكعبة : ٣٦.

(٣) نقلها الشيخ الأُردوبادي في عليٌ وليد الكعبة : ٦٩ عن ديوان الشيخ المخطوط.


ومنهم العلّامة السيّد علي نقي النقوي الهندي اللكهنوي في موشّحة ميلادية طويلة ، منها قوله :

لم يكن في البيتِ مولودٌ سواه

إذ تعالى عن مثيلٍ في عُلاه

 أُوتي العلم بتعليم الإله

فغداه درّه قبل الفطام

يرتوي منه بأهنى مشرب (١)

ومنهم آية الله السيد محسن الأمين (١٢٤٨ ـ ١٣٧١ ه) صاحب الموسوعة القيّمة «أعيان الشيعة» ، حيث ذكر في أول باب سيرة أمير المؤمنين عليه السّلام ، فصل في مولده ، من موسوعته الآنفة الذكر :

وُلِدتَ ببيتِ اللهِ وهيَ فضيلةٌ

خُصصتَ بها فيك أمثالُها كُثرُ (٢)

وله أيضاً من مقصورة :

وولدَت في البيتِ الحرام ولم يكن

هذا لغيرك مَن يكون ومَن مضى (٣)

ومنهم السيد حسن بن محمود الأمين (١٢٩٩ ـ ١٣٦٨ ه).

في قصيدة بائية طويلة :

ولدت في البيت بيت الله فارتفعت

أركانهُ بكَ فوق السَّبعة الحُجُب

وتلك منزلةٌ لم يؤتها بشرٌ

بلى ومرتبةٌ طالت على الرُّتب (٤)

__________________

(١) تجدها كاملة في عليٌ وليد الكعبة : ٨٥ ـ ٨٨ ، والغدير ٦ : ٣٣ ـ ٣٥.

(٢) أعيان الشيعة ١ : ٣٢٣.

(٣) عليٌّ وليد الكعبة : ١٠٨.

(٤) أعيان الشيعة ٥ : ٢٨٥ ، ودائرة المعارف الشيعية ١ : ١٥٣.


ومنهم الفاضل الأديب الشيخ محمود عباس العاملي في قصيدته العلويّة المسماة بـ (الدرر السنيّة) :

من مثلهُ في بيتِ بارئه ولد

ذي خصلةٍ قد خصَّ فيها مذ وجد

أمعن بها يا صاح فكراً واعتمد

وانظر لها النظر الصحيح ولا تحد

من واضح المنهاج وقيت الضرر (١)

والشعر في خصوصية ولادة عليّ عليه السّلام في الكعبة كثير ، التقطتُ منه هنا ما هو أروع إلى السمع وأوقع في القلب.

* * *

__________________

(١) علي وليد الكعبة : ٨٣.


حديث أُم حكيم المزعوم :

بعد هذه المقدمة لا بدّ من خوض غمار حديث ولادة حكيم في الكعبة ، هذه المزعمة الزائفة ، والرواية المجعولة ، وإخضاعها لشيء من البحث والتحقيق والتمحيص لكشف زيفها وبيان وضعها ، إد فيها الكثير ممّا يوجب الشكّ والريب في سلامتها وصحّتها ، وبراءة ساحة رواتها.

وأوّل من نُسبت إليه وحكيت عنه ، وأقدمهم :

هشام بن محمد بن السائب الكلبي ، النسّابة المعروف ، صاحب التآليف التي نيّفت على مائة والخمسين ، والمتوفّى سنة أربع أو ستّ ومائتين ، وقيل : الأول أصحّ.

والكلبي ممّن تكالب بعض علماء الجرح والتعديل من العامّة على تضعيفه وترك ما رواه ، وعد الاحتجاج به.

قال الدار قطني وغيره : متروك الحديث (١).

وقال يحيى بن معين : غير ثقة (٢).

وقال السمعاني : «يروي العجائب والأخبار التي لا اُصول لها ... أخباره في الاُغلوطات أشهر من أن يحتاج إلى الإغراق في وصفها» (٣).

وهذه الاتهامات ضدّ الكلبي ليس لها وزن عندنا ، لأنّها ناشئة عن تعصّب طائفي ، ومنقوضة بما يخالفها من آراء حسنة في الرجل تدلُّ على خبرته وأمانته.

__________________

(١ و ٢) سىر أعلام النبلاء ١٠ : ١٠١ ، ولسان الميزان ٦ : ١٩٦.

(٣) الأنساب ٥ : ٨٦.


إلّا أنّا نشكّك في صحّ نسبة ذلك القول إليه ، وفي صدق الحكاية عنه.

والمتهّم في التقوّل عليه هو راويته السكّري ، فقد نسب إلى الكلبي أنّه قال في «جمهرة النسب» :

«وحكيم بن حزام بن خويلد عاش عشرين ومائة سنة ، وكانت اُمّه ولدته في الكعبة» (١).

وكتاب الجمهرة من أشهر كتبه ، عدّه كبار المؤرّخين من مصنّفاته ، وذكروا أنّ محمّد بن سعد كاتب الواقدي ومصنّف كتاب «الطبقات الكبير» رواه عنه مع سائر مصنّفاته.

ولكنّ النسخة التي بأيدينا من كتاب الجمهرة هي برواية أبي سعيد الحسن بن الحسين السكري (٢١٢ ـ ٢٧٥ ه) عن أبي جعفر محمّد بن حبيب بن اُميّة البغدادي (ت ٢٤٥ ه) عن الكلبي.

وهذا خلاف ما أثبته المؤرّخون كالنديم والحموي وغيرهما (٢).

وكان لهذا الاختلاف أثرٌ كبير ، ودور مؤثّر في متن الكتاب الأصلي.

فقد عمد السكّري إلى دسّ بعض آرائه وأقواله ومرويّاته في متن الجمهرة ، مصدرّاً بعضها بـ «قال أبو سعيد» هاملاً البعض الآخر ، كما قام بتحريف بعض الجمل والكلمات ، أو تبديلها بما يتلاءم وآراءه الفكرية والمذهبيّة.

وكان هذا ديدن السكّري في ما يرويه من مصنّفات غيره ، وهكذا صنع بكتاب «المحبّر» لاُستاذه وشيخه أبي جعفر محمّد بن حبيب.

وقد تنبّه لهذا الأمر محقّقا كتابي الجمهرة والمحبّر.

__________________

(١) جمهرة النسب ١ : ٣٥٣.

(٢) الفهرست : ١٤٣ ، ومعجم الاُدباء ١٩ : ٢٩١.


قال الدكتور ناجي حسن محقّق الجمهرة في مقدّمة التحقيق :

«لقد وصلتنا جمهرة النسب لابن الكلبي برواية أبي سعيد السكّري ، عن محمد بن حبيب ، عن ابن الكلبي ، ومع ذلك ظهرت فيها إضافات واضحة ، وزيادات ، وتعليقات بيّنة ، لم ترد في أصل الجمهرة ، بل أضافها الرواة والنسّاخ.

ولا يستبعد آن ىکون أبو سعيد السكّري هو نفسه الذي قام بهذا العمل ، حين وجد لديه فيضاً من الأخبار ذات الصلة بالأنساب» (١).

بعد هذا كلّه فليس من المستبعد ، ولا المستحيل ، أن تكون جملة «وكانت اُمّه ولدته في جوف الكعبة» في ذيل كلمة الكلبي المتقدّمة من تلك لاإضافات ، والزيادات ، والتعليقات البيّنة ، المحسوبة «فيضاً من الأخبار ذات الصلة بالأنساب».

فإن كانت هذه الزيادة مبهمة بعض الشيء أو مشكّكاً في أنّها من الجمهرة ، فهي واضحة ، مكشوفة ، جليّة في المحبّر.

ففي فصل الندماء من قريش :

«وكان الحارث بن هشام بن المغيرة نديماً لحكيم بن حزام بن خويلد بن أسد ـ وحكيم هذا ولد في الكعبة ، وذلك أنّ اُمّه دخلت الكعبة وهي حاملٌ به ، فضربها المخاض فيها ، فولدته هناك ـ أسلما جميعاً» (٢).

فالعبارة التي بين شارحتين قد أحدثت فاصلة بين صدر الكلام وذيله ، إذ المراد بقوله «أسلما جميعاً» : الحارث وحكيم ، كما يدلُّ عليه قوله المتقدّم

_______________

(١) جمهرئ النسب : ١٠.

(٢) المحبّر : ١٧٦.


في أول الفصل المذكور : «وكان حمزة بن عبد المطلب نديماً لعبد الله بن السائب المخزومي ، أسلما جميعاً» (١).

على أنّ هذا الفصل هو في الندماء من قريش ، وليس في ذكر احوالهم وأحوال اُمّهاتهم وتاريخ ولاداتهم وكيفيّتها.

أضف إلى هذا أنّ عناوين الفصول والأبواب في المحبّر انتخبت بدقّة لتتلاءم مع محتوياتها ، كما يلاحظ بشكل جليّ أنّها خالية من الحشو وذكر الاُمور الفرعية ، اللهم إلّا في بعض الموارد التي هي من إضافات السكري.

ففي فصل أسلاف رسول الله صلّى الله عليه وآله :

«وسالفه صلّى الله عليه وآله : سعيد بن الأخنس ـ قال أبو سعيد السكّري : سعيد هذا هو الذي قال النبيّ صلّى الله عليه وآله : أبعده الله ، فإنّه كان يبغض قريشاً ـ ابن شرىقبن وهب ...» (٢).

وما أشبه قوله : «سعيد هذا» بقوله : «حكيم هذا».

وما أشبه الفاصلة بين «بن الأخنس ... بن شريق» بالفاصلة الحادثة في الفقرة موضع البحث ، وكلّ ما في الأمر تصديرها بـ «قال أبو سعيد السكّري» هنا ، وتركها سائبة مهملة هناك.

لم يكتفِ السكّري بهذا ، بل أضاف في بعض الموارد جملاً وروايات تتماشى مع اعتقاداته المذهبيّة.

اذكر منها ما في أواسط فصل «ذكر سرايا رسول الله صلّى الله عليه وآله وجيوشه».

«وفيها غزوة عمرو بن العاص السهمي على ذات السلاسل ، ومعه أبو بكر وعمرو أبو عبيدة بن الجرّاح في جيشه ، وكان استمدّ ، فأمدّه النبي صلّى الله عليه وآله بجيش فيهم أبو بكر وعمر ، ورئيس الجيش أبو عبيدة بن الجراح.

__________________

(١) المصدر نفسه : ١٧٤.

(٢) المصدر نفسه : ١٠٥.


قال أبو سعيد : فشكا أبو بكر وعمر ـ رحمهما الله ـ إلى النبي صلّى الله عليه وآله عمرو بن العاص ، فقال لهما : لا يتأمّر عليكما أحدٌ بعدي. وهذا توكيد لخلافة أبي بكر وعمر ـ رحمهما الله ـ» (١).

ولست في صدد الخوض في بحوث الخلافة والإمامة ، ومن هو أحقٌ بها من غيره ، أو الو لوج في مدى صحّة حديث «لا يتأمر عليكما أحد بعدي» وعدمه ، فهذا أمر أشبعه علماؤنا بحثاً وتفصيلاً ، ولكن أوردت هذا المثال لبيان تلاعب السكّري في متون الكتب ، وهدفه من ذلك وغايته.

بقول محقّق كتاب المحبّر في كلمة الختام :

«وأظنّ أنّه ـ أي ابن حبيب ـ كان يميل إلى الشيعية ، فإنّه لا يذكر أبداً اُمّ المؤمنين عائشة ، وسيّدنا أبا بكر الصدّيق ، وسيّدنا عمر إلّا بكلمة (رحمه الله) مع أنّه دائماً يذكر أُم المؤمنين خديجة وسيّدنا عليّاً بكلمة رضي الله عنهم أجمعين.

وأيضاً قد أثبت جميع ما يعاب به الرجل في سيّدنا عمر ، مثل أنّه كان أحول (٢).

أو كان قد ضرب ـ قبل أن يسلم ـ جاريته ضرباً مبرّحاً على قبولها الإسلام ، ربّنا لا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا!

فمن أجل ّذلك ، فيما أحسب ، أنّ راويه أبا سعيد السكّري يضيف أحياناً إلى متن الكتاب ما يؤيّد رأي أهل السنة والجماعة في أمر الخلافة» (٣).

وقد تحامل كثيراً على ابن حبيب لوصفه عمر بأنّه أحول ، وهو أمرٌ خلقي وليس عيباً كما ادعى.

__________________

(١) المصدر نفسه : ١٢١ ـ ١٢٢.

(٢) اُنظر المحبّر : ٣٠٣.

(٣) المصدر نفسه : ٥٠٩.


أو إثباته لبعض الحقائق التاريخية الثابتة المرويّة في جلِّ كتب السيرة والتاريخ كضرب عمر جاريته لأنّها سلكت طريق الحقّ وأسلمت.

حتّى أنّه عدّها من الغِلّ جهلاً وتعصّباً!

ويا ليته أمعن في مسألة تلاعب السكّري المكشوف بمتن المحبّر ، إضافاته الواضحة إليه ، حتّى يراها عين اليقين ، لكنّه تساهل كثيراً وقال «فيما أحسب» فكان من الذين ارتابت قلوبهم فهم في ريبهم يتردّدون.

* * *

فإن قيل :

لا يهمّ عدم ذكر الكلبي وابن حبيب لخبر ولادة حكيم بن حزام في الكعبة ، في أصل كتابيهما ، وأنّها مما أضافه السكّري فيما بعد باعتباره الراوي الأوّل لهما ، وثبوت نسبة هذه الزيادات إليه ؛ لأنّنا نروي عن أئمة الجرح والتعديل عندنا تو ثيقه.

فقد قال فيه الخطيب البغدادي : كان ثقة ديّناً صادقاً (١).

وقال ياقوت الحموي : الرواية الثقة المكثر (٢).

فما زاده السكّري في متن الكتابين نعدّه صحيحاً مقبولاً.

قيل لهم :

إنّ ما أثبتناه من التلاعب السافر لسكّري في نصوص الكتب ومتونها ، ينافي إطلاقكم صفة «ثقة» عليه ، لأنّ الوثاقة هي الأمانة ، والثقة : الأمين ، يقال : وثقتُ بفلان أثقُ ثقةً إذا ائمنته (٣).

__________________

(١) تاريخ بغداد ٧ : ٢٩٦.

(٢) معجم الاُدباء ٨ : ٩٤.

(٣) اُنظرالصحاح ٤ : ١٥٦٢ ، ولسان العرب ١٠ : ٣٧١.


وقد بيّنا أنّه لم يكن أميناً في رواية الكتابين ، لخيانته للأمانة العمية المتّبعة في الاحتفاظ بالنصوص على ما هي عليه ونقضه قواعد الرواية ، ففتح بذلك باباً للتلاعب المع والآثار ، لم يغلق إلى عصرنا هذا.

على أنّا لو س كان ثقة كما تدّعون ، فروايته هذه مردودة لأكثر من سبب.

منها : الإرسال :

والذي عليه جلّ العلماء وأجلّتهم أنّه ضعيف مردود ، لا يحتجّ به.

قال النووي في التقريب : «ثمّ المرسل حديث ضعيف عند جماهير المحدّثين ، وكثير من الفقهاء وأصحاب الاُصول» (١).

وقال مسلم في مقدّمة صحيحه : «والمرسل من الروايات في أصل قولنا وقول أهل العلم بالأخبار ليس بحجّة» (٢).

وقال ابن الصلاح في مقدمته : «ثمّ اعلم أنّ حكم المرسل حكم الحديث الضعيف ، إلّا أن يصحّ مخرجه بمجيئة من وجه آخر» (٣).

وقال النووي : «ودليلنا في ردّ العمل به أنّه إذا كانت رواية المجهول المسمّى لا تقبل لجهالة حاله ، فرواية المرسل أولى ، لأنّ المرويّ عنه محذوف ، مجهول العين والحال».

وقال ابن ابي حاتم في كتاب المراسيل : «سمعتُ أبي وأبا زرعة يقولان : لا يُحتجَّ بالمراسيل ، ولا تقوم الحجّة إلّا بالأسانيد الصحاح المتّصلة» (٤).

__________________

(١) التقريب : ٦٦.

(٢) صحيح مسلم ١ : ٣٠.

(٣) مقدمة ابن الصلاح : ١٣٦.

(٤) المراسيل : ١٥.


أمّا معنى المرسل فهو أن يكون في طريق الخبر راوٍ ملتبس العين ، إمّا بأن لا يذكر ، أو أن يذكر على نحو الإبهام (١).

وعرّفه أبو العباس القرطبي ، من أئمة المالكية قائلاً : «المرسل عند الاُصوليين والفقهاء عبارة عن الخبر الذي يكون في سنده انقطاع ، بأن يُحدَّث واحد منهم عمّن لم يلقه ، ولا أخذ عنه» (٢).

ورواية السكّرى ، حتّى لو فرضنا أنّهاى رواية الكلبي وابن حبيب ، هي من المراسيل ، وليست من المسند الذي هو عند أهل الحديث ما اتّصل إسناده من رواية إلى منتهاه (٣).

والمعروف أنّ الكلبي وابن حبيب والسكّري وغيرهم ممّن سيأتي ذكرهم قد عاشوا او نبغوا في القرن الثالث للهجرة وما بعده ، فَمن الذي حدّثهم بولادة حكيم في الكعبة ، مع أنّها كانت قبل الإسلام بستّين سنة ، كما أرّخ ذلك بعض المؤرّخين (٤)؟

ومنها : الشذوذ ومخالفة المشهور.

والحديث الشاذّ هو الحديث الذي يتفرّد به ثقة من الثقات وليس للحديث أصلٌ متابع لذلك الثقة (٥).

ورى الحاكم أبو عبد الله النيسابوري وغيره بإسنادهم إلى يونس بن عبد الأعلى قال : قال لي الشافعي : ليس الشاذّ من الحديث أن يروي الثقة ما لا

__________________

(١) جامع التحصيل في أحكام المراسيل : ٢٦.

(٢) المصدر نفسه.

(٣) مقدمة ابن الصلاح : ١١٩.

(٤) تاريخ البخاري الكبير ٣ : ١١ ، رقم ٤٢.

(٥) معرفة علوم الحديث : ١١٩.


يرويه غيره ، هذا ليس بشاذّ إنّما الشاذّ أن يروي الثقة حديثاً يخالف فيه الناس ، هذا الشاذّ من الحديث (١). زاد ابن الصلاح في مقدّمته : «فخرج من ذلك أنّ الشاذّ الرمدود قسمان : أحدهما : الحديث المنفرد المخالف.

والثاني : الفرد الذي ليس في روايه من الثقة والضبط ما وقع جابراً لما يوجبه التفرّد والشذوذ من النكارة والضعف» (٢).

ونحو هذا التقسيم قسّم ابن الصلاح الحديث المنكر (٣).

وقد أمر أحمد بن حنبل ابنه أن يحذف حديث : «يهلك اُمّتي هذا الحيّ من قريش» لمخالفته المشهور.

قال عبد الله بن أحمد بن حنبل : «قال أبي في مرضه الذي مات فيه : اضرب على هذا الحديث ، فإنّه خلاف الأحاديث عن النبيّ صلّى الله عليه وآله».

تعقّبه الحافظ أبو موسى المديني في كتاب «خصائص المسند» قائلاً : «وهذا مع ثقة رجال إسناده ، حين شذّ لفظه عن الأحاديث المشاهير أمر بالضرب عليه» (٤).

ونقل بن الجوزي عن بعضهم أنّه قال : «إذا رأيت الحديث يباين المعقول ، أو يخالف المنقول ، أو يناقض الاُصول ، فاعلم أنّه موضوع» (٥).

ولا شبهة في أنّ ما تفرّدت به هذه الآلحاد من زعمهم أنّ ولادة حكيم كانت في الكعبة هو خبر شاذّ ، منكر ، موضوع ، خالفوا فيه المنقول ، وناقضوا الاُصول ، إذ لم يتوفّر فيهم وفي خبرهم ما يدفع شذوذه ونكارته ووضعه.

__________________

(١) المصدر السابق ، ومقدّمة ابن الصلاح : ١٧٣.

(٢) مقدّمة ابن الصلاح : ١٧٩.

(٣) مقدمة ابن الصلاح : ٨٧٤.

(٤) مسند أحمد ٢ : ٣٠١ ، وفتح الملك العليّ : ١٢٦.

(٥) فتح الملك العليّ : ١٢٢.


وقد مرّ عليك قول شهاب الدين الآلوسي وغيره من الأعلام أنّ حديث ولادة عليّ عليه السّلام في الكعبة «أمرٌ مشهور في الدنيا ، ولم يشتهر وضع غيره ـ كرّم الله وجهه ـ كما اشتهر وضعه ، بل لم تتّفق الكلمة عليه».

والتأكيد عليه في مصادر الحديث المعتبرة ، وكلمات مَهرة الفنّ ، وحملة العلم ، وأهل السير ، وأصحاب التاريخ ، وصاغة الشعر ، لايدع مجالاً لشيء إلّا الإذعان بأنّه الصحيح الشائع الذائع المستفيض ، السائر ذكره مع الركبان ، الدائر بين الناس ، المقبول عنذ الاُمّة ، المشهور بين القاصي والداني ، شهرة لازمها تواتر الأسانيد التي لم يخل سند منها من محدّث ثقة ، وناقد خبير ، وعالم باحث ، ومؤرّخ ثبت ، وإمام من أئمة الفريقين وأساطينهم ، لا يستهان بعددهم ، ولا يطعن في روايتهم ، ولايغمز في شيء من أمانتهم ، كابن إسحاق المطّلبي ، وابن زكرة الأزدي ، والقفّال الشاشي ، والشيخ ابن بابويه الصدوق ، والشيخ المفيد ، والحاكم النيسابوري ، والشريف الرضي ، والسيد المرتضى علم الهدى ، والكراجكي ، وشيخ الطائفة الطوسي ، وابن أبي الغنائم العمري النسّابة ، وابن أبي الفوارس ، وابن المغازلي ، وعماد الدين الطبري ، وسبط ابن الجوزي ، والحافظ الكنجي ، والسيد ابن طاوس ، وشيخ الإسلام الجويني ، وابن الصبّاغ المالكي ، و... و....

فلا شكّ إذن في أنّه من الأحاديث «المشهورة التي يعرفها أهل العلم ، وقلّما يخفى ذلك عليهم ، وهو المشهورة التي يعرفها أهل العلم ، وقلّما يخفى ذلك عليهم ، وهو المشهور الذي يستوي في معرفتها الخاصّ والعام» (١).

* * *

__________________

(١) معرفة علوم الحديث : ٩٣.


وروى ولادة حكيم في الكعبة :

الزبير بن بكّار (١٧٢ ـ ٢٥٦ ه) في كتابه «جمهرة نسب قريش» ، قال : «حدّثني مصعب بن عثمان ، قال : دخلت اُمّ حكيم بن حزام الكعبة مع نسوة من قريش ، وهي حامل متمٌّ بحكيم بن حزام ، فضربها المخاض في الكعبة ، فأُتيت بنطع حيث أعجلها الولاد ، فولدت حكيم بن حزام في الكعبة على النطع» (١).

وليست هذه الرواية بأحسن حالاً من سابقيتها ، ففيها :

أوّلاً : الزبير ، وهو ضعيف عند بعضهم ، قال عنه الحافظ أحمد بن علي السليماني في كتاب الضعفاء : منكر الحديث (٢).

وذكره في عِداد من يضع الحديث ، وقال مرّة : منكر الحديث (٣).

واعتذر عنه ابن حجر العسقلاني بأنّ السليماني «لعلّه استنكر إكثاره عن الضعفاء ، مثل محمّد بن الحسن بن زبالة ، وعمر بن أبي بكر المؤملي ، وعامر ابن صالح الزبيري وغيرهم ، فإنّ في كتاب النسب ـ عن هؤلاء ـ أشياء كثيرة منكرة» (٤).

وثانياً : رغم البحث الجادّ فيما وقع بيدي من معاجم رجالية لم أعثر على مدح أو توثيق لمصعب بن عثمان ، هذا الذي روى هذه الحادثة ، سوى نسبه وهو : مصعب بن عثمان بن عروة بن الزبير بن العوامّ (٥).

__________________

(١) جمهرة نسب قريش ١ : ٣٥٣.

(٢) سير أعلام النبلأ ١٢ : ٣١٤ ، وتهذيب التهذيب ٣ : ٣١٣.

(٣) ميزان الاعتدال ٢ : ٦٦.

(٤) تهذيب التهذيب ٣ : ٣١٣.

(٥) التبيين في أنساب القرشيّين : ٢٦٦.


فلا أقلّ من أنّ حاله مجهول ، إن لم يكن من اُولئك الضعفاء الّذين أكثر ابن بكّار في الرواية عنهم في الجمهرة أشياء منكرة كثيرة ، خاصّة أنّه كان الواسطة بين عامر بن صالح وبينه.

وشيخه هذا ـ عامر ـ كان كذّاباً ، ليس بثقة ، عامة حديثه مسروق ، يروي الموضوعات ، لا يحلُّ كتبُ حديثه إلّا على التعجّب ، ولعلّه ورّث تلميذه شيئاً من ذلك (١).

ثالثاً : أنّ مصعب بن عثمان هذا لم يذكر سنداً لهذه الرواية ، ولا صرّح باسم من حكاها له ، ولا أشار إلى المصدر الذي استقاها منه ، وأقلُّ ما يمكننا القول إنّها كسابقيتها مرسلة ، منكرة ، شاذّة ، ضعيفة.

ومن العجب أنّ بعض المولّفين أوردوا رواية الزبير هذه في مؤلّفاتهم يرسلونها إرسال المسلّمات ، ويوردونها مستدلّين بها محتجّين ، وكأنّها من الأحاديث المسندة الصحيحة المتواترة الثابتة التي لا تقبل الجدل ، ولا تخضع للنقاش!

فقد أخرجها عن الزبير :

جمال الدين أبو الفرج ابن الجوزي (٥١٠ ـ ٥٩٧ ه) في كتابه «صفة الصفوة» (٢).

جمال الدين أبو الحجّاج يوسف المزّي (٦٥٤ ـ ٧٤٢ ه) في كتابه «تهذيب الكمال» (٣).

شمس الدين محمّد بن أحمد الذهبي (٦٧٣ ـ ٧٤٨ ه) في كتابه «سير أعلام النبلاء» (٤).

__________________

(١) اُنظر تهذيب الكمال ١٤ : ٤٦ ، وسير أعلام النبلاء ٤ : ٤٢٩.

(٢) ج ١ : ٧٢٥.

(٣) ج ٧ : ١٧٣.

(٤) ج ٣ : ٤٦.


شهاب الدين ابن حجر العسقلاني (٧٧٣ ـ ٨٥٢ ه) في كتابه «الإصابة» (١).

وقد تعوّدنا من هؤلاء الأربعة ـ خصوصاً ـ محاولاتهم الدائبة للتستّر على فضائل عليّ وأهل بيته عليهم السّلام وكتمانها ، وتضعيفها مهما كثرت طرقها وتواتر أسانيدها ، وأفرطوا في ذلك حتّى اشتهروا به.

كما تعوّدنا منهم الإخبات بصحّة الفضائل الموضوعة ، والكرامات المختلفة ، والأحاديث الضعيفة الواهية المرويّة في من كان على رأيهم ، ويذهب مذهبهم ، ويوافق هواهم وزيغ قلوبهم (أَفَرَأَيْتَ مَنْ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ).

* * *

ورواها الحاكم أبو عبد الله النيسابوري (٣٢١ ـ ٤٠٥ ه) في «المستدرك» بطريقين :

الأوّل «سمعتُ أبا الفضل الحسن بن يعقوب ، يقول : سمعت أبا أحمد محمّد بن عبد الوهاب ، يقول : سمعت عليّ بن عثّام العامري ، يقول :

ولد حكيم بن حزام في جوف الكعبة ، دخلت اُمّه الكعبة فمخضت فيها ، فولدت في البيت» (٢).

وابن عثّام هذا هو أبو الحسن الكلابي الكوفي ، توفّي سنة (٢٢٨ ه) ، وتحرّف اسمه في مطبوعة المستدرك إلى : غنام.

قال عنه الحاكمك في تاريخة : «أديب فقيه ... أكثر ما اُخذ عنه الحكايات ، والزهديّات ، والتفسير ، والجرح والتعديل» (٣).

__________________

(١) ج ٢ : ٣٢.

(٢) ج ٣ : ٤٢٨.

(٣) انظر سير أعلام النبلاء ١٠ : ٥٧٠.


وروايته المتقدّمة التي لا تقوم بها الحجّة عند أهل العلم بالحديث ، تدخل في باب الحكايات ، وهو أنسب باب لها ولمثيلاتها من المرسلات الواهية والأحاديث المختلقة.

ولعلّ الذهبي قد تنبّه إلى ما فيها من الوهن والضعف فحذفها من مختصره ولم ينبسعنها ببنت شَفَةٍ ، ولو صحّت بوجهٍ من الوجوه لم يحذفها ، إذ استنفد ما لديه من حقد وعلم مقلوب في تجريح وتضعيف وتقبيح وسبّ لرواة مناقب عليّ وأهل بيته عليه السلام.

الثاني : «أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد بن بالويه ، ثنا إبراهيم بن إسحاق الحربي ، ثنا مصعب بن عبد الله ، فذكر نسب حكيم بن حزام وزاد فيه :

واُمّه فاختة بنت زهير بن أسد بن عبد العزّي ، وكانت وَلَدت حكيماً في الكعبة ، وهي حامل ، فضربها المخاض وهي في جوف الكعبة ، فولدت فيها ، فحملت في نطع وغسل ما كان تحتها من الثياب عند حوض زمزم ، ولم يولد قبله ولا بعده في الكعبة أحد!

قال الحاكم : وَهَمَ مصعب في الحرف الأخير ، فقذ تواتر الأخبار أنّ فاطمة بنت أسد ولدت أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب كرّم الله وجهه في جوف الكعبة» (١).

ويا ليت شعري هل أصاب في الحرف الأول ، كي ينبّه الحاكم إلى وهمه في الأخير؟!

أم حسب أنّ هذه المزعمة المرسلة والمقطوعة السند قد وصلت إليه بـ «الأسانيد المنقولة إلينا بنقل العدل عن العدل ، وهي كرامة من الله لهذه الأُمّة خصّهم بهادون سائر الاُمم» (٢)؟

__________________

(١) المستدرك ٣ : ٤٨٣.

(٢) المستدرك : ١ : ٢.


ومَن هؤلاء العدول الّذين أهمل الزبيري ذكرهم؟

ونقل الذهبي هذه السفسطة في تلخيصه ، مؤيّداً ـ على غير عادته ـ رأي الحاكم في وهم مصعب الزبيري.

وقد تكلّم الحجّة الاُردوبادي على رواية مصعب هذه في عدّة موارد ، ونبّه إلى بعض ما فيها من نقاط الضعف ، فراجع (١).

* * *

ورواها أبو الوليد محمّد بن عبد الله بن أحمد الأزرقي في «أخبار مكة وما جاء فيها من الآثار» قال :

حدّثني محمد بن يحيى ، حدّثنا عبد العزيز بن عمران ، عن عبد الله بن أبي سليمان ، عن أبيه أنّ فاختة ابنة زهير بن الحارث بن أسد بن عبد العزّي ـ وهي اُمّ حكيم بن حزام ـ دخلت الكعبة وهي حامل ، فأدركها المخاض فيها ، فولدت حكيماً في الكعبة ، فحملت في نطعٍ واُخذ ما تحت مثبرها (٢) ، فغُسل عند حوض زمزم ، واُخذت ثيابها التي ولدت فيها فجُعلت لقىً (٣) (٤).

وللباحث أن يتساءل عن الأرزقيّ هذا :

ـ مَن هو؟

ـ ما قيمة أخباره وأحاديثه عند علماء الحديث وأئمة الجرح والتعديل؟

ـ مَن هؤلاء الرجال الذين روى عنهم هذا الحديث؟

الأزرقيّ ، هو محمّد بن عبد الله بن أحمد بن محمد بن الوليد بن عقبة بن الأزرق الغسّاني المكّي ، عرّفه ابن النديم بأنّه «أحد الأخبارييّن وأصحاب

__________________

(١) عليّ وليد الكعبة : ١ ـ ٣ و ١٢٥.

(٢) المثبرُ : الموضع الذي تلد فيه المرأة من الأرض. الصحاح ٢ : ٦٠٤ (ثبر).

(٣) اللقى ، بالفتح : الشيء الملقى لهوانه. الصحاح ٦ : ٢٤٨٤ (ثبر).

(٤) أخبار مكّة ١ : ١٧٤.


السّير ، وله من الكتب كتاب مكّة وأخبارها وجبالها وأوديتها ، كتابٌ كبيرٌ» (١) هذا هو كلُّ ما ذكر عنه ، وليس فيه تصريح يستفاد منه حسن الرجل أو وثاقته ، ويبدو أنّ ابن النديم قد تفرّد بترجمته ، حيثأهملها علماء الرجال والمتخصّصون الأقدمون ، إنّما ذكروه ضمناً في ترجمة جدّه أحمد ـ المتوفى سنة (٢١٢ ه) أو (٢١٧ ه) أو (٢٢٢ ه) المعدود في مشايخ البخاري ، وأبي حاتم محمد بن إدريس الرازي ، ومحمّد بن سعد كاتب الواقدي.

فقال المزّي في تهذيب الكمال : أحمد بن محمّد ... جدُّ أبي الوليد محمّد بن عبد الله الأزرقي صاحب تاريخ مكّة (٢).

ثمّ عدّ الرواة عنه ومنهم : ابن ابنه أبو الوليد محمّد بن عبد الله الأزرقي (٣).

وذكره وكتابه هذا شمس الدين السخاوي (المتوفّى سنة ٩٠٢ ه) في «الإعلان بالتوبيخ لمن ذمّ التاريخ» وقال : كان في المائة الثالثة (٤).

ولعلّه استتج ذلك من كتاب الأزرقي نفسه ، حيث أرّخ فيه لحادثة وقعت في سنة عشرين ومائتين (٥) ، أو من معرفته بطبقة حفيده وعصره.

في النتيجة يتبيّن لنا أنّه ليس في المصادر التي ترجمت للأزرقي ، أو ذكرته ، ما يشجّع ، أو يساعد ، على قبول أخباره عموماً ، وحديثه الشاذّ هذا خصوصاً.

__________________

(١) الفهرست : ١٦٢.

(٢) تهذيب الكمال ١ : ٤٨٠.

(٣) تهذيب الكمال : ١ : ٤٨١.

(٤) الإعلان بالتوبيخ : ١٣٢.

(٥) أخبار مكّة ٢ : ١٠٣.

وانظر بشأنه كشف الظنون ١ : ٣٠٦ و ٢ : ١٦٨٤ ، وهدية العارفين ٢ : ١١ ، ومعجم المؤلفين ١٠ : ١٩٨ ، والأعلام للزركلي ٦ : ٢٢٢ ، وفيها اختلاف كثير في من تحديد عصره.


أمّا شيخه الحافظ أبو عبد الله محمّد بن يحيى بن أبي عمر العدني ، فقد ذكره عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي في كتابه «الجرح والتعديل» وقال :

سألت أبي عنه فقال : كان رجلاً صالحاً ، وكانت به غفلة ، رأيت عنده حديثاً موضوعاً (١).

وقال البخاري : مات بمكّة لإحدى عشرة بقيت من ذي الحجّة سنة ثلاث وأربعين ومائتين (٢).

والملاحظ أنّ جلّ روايته في «أخبار مكة» عن شيخيه :

محمد بن عمر الواقدي المتّفق على ضعفه وترك حديثه (٣).

وعبد العزيز بن عمران.

وهو : عبد العزيز بن عمران بن عبد العزيز بن عمر بن عبد الرحمن بن عوف الزهري المدني الأعرج ، المعروف بابن أبي ثابت.

قال عبد الله بن أحمد بن حنبل : سألت أبي عن عبد العزيز بن عمران فقال : ما كتبتُ عنه شيئاً.

وقال البخاري : لا يكتب حديثه ، منكر الحديث.

وقال النسائي : متروك الحديث.

وقال يحيى بن معين : ليس بثقة ، إنّما كان صاحب شعر.

وقال عليّ بن الحسين بن حبّان : وجدتُ في كتاب أخي بخطِّ يده : أبو زكريا ابن أبي ثابت الأعرج المديني قد رأيته هاهنا ببغداد ، طان يشتم الناس ويطعن في أحسابهم ، ليس حديثه بشيء.

__________________

(١) الجرح والتعديل ٨ : ١٢٤ ، وتذكرة الحفّاظ ٢ : ٥٠١ ، وسير أعلام النبلأ ١٢ : ٩٦.

(٢) التاريخ الكبير ١ : ٢٦٥ ، والتاريخ الصغير ٢ : ٣٤٨.

(٣) أُنظر أخبار مكّة (موارد كثيرة) ، والجرح والتعديل ٩ : ٤٥٤ ، وسير أعلام النبلاء ٨ : ٢٠.


وقال أبو حاتم الرازي : متروك الحديث ، ضعيف الحديث ، منكر الحديث جدّاً.

وقال محمّد بن يحيى الذهلي النيسابوري : عليّ بدنة إن حدّثتُ عن عبد العزيز بن عمران حديثاً.

وقال ابن حبّان : يروي المناكير عن المشاهير.

وقال الرازي : امتنع أبو زرعة من قراءة حديثه ؛ وتَرَكَ الرواية عنه (١).

إنّ اتّفاق هؤلاء الأعلام على ضعف عبد العزيز بن عمران وترك حديثه ، واشتهاره بالكذب ، ورواية المناكير ، وسوء الخلق و... ، أغناني عن اللجوء إلى التدقيق والبحث في بقيّة السند.

إنّ مصنّفاً مجهول الحال كالأزرقي ورواياً كالأعرج ، لا يصحّ الاعتماد عليهما في إثبات حادثة شاذّة كهذه.

وسندٌ هذا مبدؤه ومنتهاه محكوم عليه بالإهمال والإعراض التامّين ، ولا يصحّ للباحث الجادّ أن يستند إليه بأيّ وجه ، وفق ما قرّره علماء الدراية.

قال الحافظ يحيى بن سعيد القطّان ـ الذي وصفه الذهبي بأمير المؤمنين في الحديث (٢) ـ : «لا تنظروا إلى الحديث ، ولكن اُنظروا إلى الإسناد ، فإن صحّ الإسنادُ ، وإلّا فلا تغترّوا بالحديث إذا لم يصحّ الإسناد» (٣).

وقال الحافظ عبد الله بن المبارك : «ليس جَودَةُ الحديث قرب الإسناد ، جَودَةُ الحديث صحَّةُ الرجال» (٤).

__________________

(١) راجع التاريخ الكبير ٦ : ٢٩ ، والتاريخ الصغير ٢ : ٢٢٤ ، والجرح والتعديل ٥ : ٣٩٠ ـ ٣٩١ ، وتاريخ بغداد ١٠ : ٤٤١ ، وتهذيب التهذيب ٦ : ٣٥١ ، وميزان الاعتدال ٢ : ٦٣٢ ، وغيرها.

(٢) سير أعلام النبلاء ٩ : ١٧٥.

(٣) تهذيب الكمال ١ : ١٦٥ ، وسير أعلام النبلاء ٩ : ١٨٨.

(٤) تهذيب الكمال ١ : ١٦٦.


وقد عرفت فيما تقدّم أنّ الرواية الأزرقي هذه لم تصحّ إسناداً ولا رجالاً على أقلّ تقدير.

* * *

تشكّل الروايات والنصوص المتقدّمة المصدر الرئيسي والمرجع الأساسي المهمّ لهذه المزعمة الواهية.

والقاسم المشترك بينها جميعاً هو الإرسال ، والشذوذ ، ومخالفة ما هو مشهور ، والنكارة ، والتحرف ، والتلاعب في بعض مصادرها ، وضعف بعش رواتها.

وعلّة واحدة من هذه العلل يسقط الاعتماد عليها ، ويوجب نبذها جانباً ، فكيف بها مجتمعة؟

وتبيّن من خلال البحث في تواريخ رواتها : أنّها ظهرت في القرن الثالث الهجري ، وأنّها ممّا تعمّد وضعه وتدرّج نحته في الأزمنة المتأخّرة ، وما أكثرها. يقول يحيى بن معين مشيراً إلى كثرتها : «كتبنا عن الكذّابين ، وسجّرنا به التنور ، وأخرجنا به خبزاً نضيجاً» (١).

والعجب أنّ اكثر هذه الأحاديث وجلّها قد وضعها «أهل الخير والزهد»!

قال يحيى بن سعيد القطّان : «لمنرَ الصالحين في شيء أكذبَ منهم الحديث».(٢)

وقال : «لم نرَ أهل الخير في شيء أكذب منهم في شيء أكذب منهم في الحديث»(٣)

وقال : «ما رأيت الكذب في أحدٍ أكثر منه فيمن ينسب إلى الخير والزهد» (٤).

__________________

(١) تاريخ بغداد ١٤ : ١٨٤ ، وسير أعلام النبلأ ١١ : ٨٣ عن تاريخ الابّار.

(٢) صحيح مسلم ١ : ١٧ ، وتاريخ بغداد ٢ : ٩٨.

(٣) صحيح مسلم ١ : ١٨.

(٤) اللآلي المصنوعة ... ، وفتح الملك العلي : ٩٢ ، وللتوسع راجع الغدير : ٢٧٥ ـ ٢٩٦.


من أجل هذا ـ وغيره ـ ينبغي لنا ألّا نمنح هذا التاريخ ثقتنا واعتمادنا ، بل يجب غربلته وأزالة شوائبه بإخضاع نصوصه وأخباره لدراسة علمية ، ، حيادية ، مستوعبة وشاملة لجيمع جوانبه ، مع الاهتمام بكلّ صغيرة وكبيرة ، فلا فائدة من تصنيف الأخبار إلى تافهٍ وقيّم ، إلّا بعد البحث والدراسة.

فالتافهُ ما أثبت التحقيق تفاهته وزيفه وضعف قواعده وتضعضع دعائمه.

والقيّمُ ما أثبت المتمحيص أصالته ، وظهرت براهينه ، ولاحت دلائله ، وصمد عند النقد.

وفي الختام أحمدُ الله سبحانه لما خصّني به من لطف القيام بهذا العمل المتواضع ، آملاً أن يروق أهل الفضل والتحقيق ، متوكّلاً على الفرد الصمد ، متوسّلاً بحجزة وليد الكعبة ، مستمّداً العون من ساحة قدسه.

(اِلْحَمْدُ لِلّٰهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا بِنَهْتَدِىَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللهُ) ، (وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى) ، (أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُهْتَدُونَ).

* * *



(٦)

ولادة أمير المؤمنين عليه السّلام

خصوصية في الزمان

وتفرُّدٌ في المكان

بقلم

الاُستاذ عليّ موسى الكعبي

__________________

(١) مقال طبع في مجلة (علوم الحديث) العدد ٨ : ٢١ ـ ٦٢.



بِسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيم

بينما كان العالم يفرق في ظلام الجاهلية الجهلاء التي غطّت كلّ أفنائه بالوثنية والشرك ، بدأ الرسول الأعظم صلّى الله عليه وآله يرى آثار فضل ربّه وإكرامه ، ويسمع الهتاف من السماء قبل أن يظهر له أمين الوحي جبرئيل ، فكان لا يمرّ بحجرٍ ولا شجرٍ إلّا سلّم عليه ، وكُشف له عن بصره ، فشاهد أنواراً قدسية واشخاصاً نوارنيين ، وبانت عليه علامات وصفات ، وظهرت فيه آيات بيّنات استدلّ بها بُحيرا الراهب على نبوّته ، وهو في طريقه إلى الشام ، يصحب عمّه شيخ البطحاء أبا طالب عليه السّلام في قافلته.

وما أن رأى النبيّ الأكرم صلّى الله عليه وآله تباشير الخير والرحمة ، وانقطع إلى عبادة ربّه وهو في ربيعه الثلاثين ، شاءت الإرادة الربانيّة أن يُولد وصيّ النبيّ وصاحب سرّه وابن عمّه أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام في الكعبة المعظّمة.

وعامُ مولدهِ العامُ الذي بَدَأتْ

بشائرُ الوحي تأتي من أعاليها

فيه الحجارةُ والأشجارُ قد هتفتْ

للمصطفى وهو رائيها وصاغيها

 وإذ دَرَى المصطفىٰ فيهِ ولادة مو

لانا العليّ غدا بالبشر يُطريها

 باتَ مستبشراً بالطفل قال بهِ

لنا من النعم الزهراء ضافيها (١)

وكانت تلك الولادة المباركة من خصائص أمير المؤمنين ، التي لم يحز فضلها أحد قبلَه ولا بعدَه ، على مدى التاريخ البشري ، لأنّها نالت شرف الاصطفاء في خصوصية الزمان ، وتفرّدها في شرف المكان.

__________________

(١) الأبيات من القصيدة العلويّة للشاعر عبد المسيح لأنطاكي ، راجع عليٌّ وليد الكعبة (للأُردوباديّ) : ٨٠.


فقد شاءت إرادة الربّ سبحانه أن يطلّ أمير المؤمنين عليه السّلام على الدنيا في وقت إرهاصات النبوّة ، ليتربّي في حجر ابن عمّه النبيّ الأكرم صلّى الله عليه وآله دون أن تنجّسه الجاهلية بأنجاسها ، أو تلبسه من مدلهمّات ثيابها ، وأن يحرز قصب السبق إلى الغسلام مكرّماً وجهه عن الشرك وعبادة الأصنام.

لقد تضاعف إبتهاج النبيّ الأعظم صلّى الله عليه وآله بولادة أمير المؤمنين عليه السّلام وتمّت بالوليد مسرّته ، فكان يلي تربيته ، وبراعيه في نومه ويقظته ، ويحمله على صدره وعاتقه ، يحبوه بألطافه وتحفه ، ويقول : «هذا أخي وناصري ، وصفيّي ووصيّي ، وذخيرتي وكهفي» وكان يحمله ويطوف به جبال مكّة وشعابها ، وأوديتها وفجاجها (١).

وهكذا حصل الوصيّ على شرف التربية النبويّة منذ نعومة أظفاره بعيداً عن أباطيل الجاهليّة ، مقتدياً بمكارم أخلاق معلّمه العظيم صلّى الله عليه وآله ، ومتأثّراً بعظمة نفسه وطهره ونقاء ضميره وحسن سيرته وسلوكه ، وأشار عليه السّلام إلى آثار تلك التربية الربانيّة بقوله :

«قَدْ عَلِمْتُمْ مَوْضِعِي مِنْ رَسُولِ اللهِ صلّى الله عليه وآله بِالْقَرَابَةِ الْقَرِيبَةِ وَالْمَنْزِلَةِ الْخَصِيصَةِ ، وَضَعَنِي فِي حِجْرِهِ وَأَنَا وَلَيدٌ ، يَضُمُّنِي إِلَى صَدْرِهِ ، ويَكْنُفُنِي فِي فِرَاشِهِ ، ويَمِسُّنِي جَسَدَهُ ، وَيُشِمُّنِي عَرْفَهُ ، وَكَانَ يَمْضَعُ الشَّيْءَ ثُمَّ يُلْقِمُنِيهِ ، وَلَقَدْ قَرَنَ اللهُ بِهِ صلّى الله عليه وآله مِنْ لَدُنْ أَنْ كَانَ فَطِيماً أَعْظَمَ مَلَكٍ مِنْ مَلَائِكَتِهِ ، يَسْلُكُ بِهِ طَرِيقَ الْمَكَارِمِوَمَحَاسِنَ أَخْلَاقِ العَالَمِ لَيْلَهُ ونَهَارَهُ ، وَلَقَدْ كُنْتُ أَتَّبِعُهُ اتِّبَاعَ الفَصيلِ أَثَرَ أُمِّهِ ، يَرْفَعُ لِي فِي كُلِّ يَوْمٍ أَخْلَاقِهِ عَلَماً ، ويَأْمُرُنِي بِالِاقْتِدَاءِ بِهِ ...» (٢).

__________________

(١) إثبات الوصية (للمسعودي) ١٢١ ، وكنز الفوائد (للكراجكي) ١ : ٢٥٥.

(٢) نهج البلاغة (تحقيق صبحي الصالح) : ٣٠٠ ، خ ١٩٢.


وكان من مظاهر شرف الاصطفاء. هو انتقال وليد الكعبة منذ كان عمره ستّ سنين إلى بيت النبيّ صلّى الله عليه وآله.

ذكر أحمد البلاذري وليّ بن الحسين الأصفهانيّ : أنّ قريشاً أصابتها أزمة وقحط رسول الله صلّى الله عليه وآله لعمّيه حمزة والعباس : «ألا نحمل ثَقَل أبي طالب في هذا المَحل».

فجاءوا إليه ، وسألوه أن يدفع إليهم ولده ليكفوه أمرهم.

فقال : دعوا لي عقيلاً ، وخذوا من شئتم.

فأخذ العبّاس طالباً ، وأخذ حمزة جعفراً ، واخذ محمّد صلّى الله عليه وآله عليّاً عليه السّلام ، وقال لهم : «قد أخذت ـ من اختاره الله لي عليكم ـ عليّاً» (١).

فشاءت العناية الربانيّة أن يعيش أمير المؤمنين عليه السّلام مع محمّد الصادق الأمين صلّى الله عليه وآله يتأدّبب على يديه ، ويتعلّم خصال نفسه الزكية.

فكان من ثمار تلك العناية الإلهيّة والتربية النبويّة أن صارت شخصيّة وصيّ النبيّ المصطفى صلّى الله عليه وآله اختصاراً لشخصيّة المربّي عليه السّلام ، ونسخة ناطقة بشمائله وسيرته وعبادته وعلمه وشجاعته وكرمه وزهده وصبره ، وأن ينال الذروة العليا من مبادىء الاستقامة والشرف والعظمة والسيادة ، وأن يتحلّى بخصائص فريدة ومناقب فذّة مزايا عجيبة.

ومن بين تلك الخصائص الفريدة والمناقب الفذّة شرف السبق إلى الإسلام والتقدّم إلى الإيمان ، وهو شرف عظيم لا يضاهى ، وفضل كبير لا يدانى.

فليس في حياة عليّ عليه السّلام يومٌ للشرك أو الوثنيّة ، بل ، وُلِدَ في الإسلام دفعة واحدة وإلى الأبد ، فكان مثار دهشة أبديّة ، أن يولد عليّ عليه السّلام مسلماً في زمن الجاهليّة.

__________________

(١) شرح نهج البلاغة (لا بن أبي الحديد) ١ : ١٥١.


حينما بلغ الوليد العاشرة كان الوحي قد أمر الرسول صلى الله عليه وآله بالدعوة ، فكان عليّ عليه السلام ربيب الوحي وغرسة النبوّة ، يرى نور الوحي والرسالة ، ويشمّ ريح النبوة ، ويسبق الناس إلى الإيمان مع ابن عمّه المبعوث رحمة إلى العالمين.

قال أمير المؤمنين عليه السلام في خطبته القاصعة : «وَلَقَدْ كَانَ يُجَاوِرُ فِي كُلِّ سَنَةٍ بِحِرَاءَ ، فَأَرَاهُ وَلَا يَرَاهُ غَيْرِي ، وَلَمْ يَجْمَعْ بَيْتٌ وَاحِدٌ يَوْمَئِذٍ فِي الْإِسْلَامِ غَيْرَ رَسُولِ اللَهِ صلى الله عليه وآله وَخَدِيجَةَ ، وَأَنَا ثَالِثُهُمَا ، أَرَى نُورَ الْوَحْيِ وَالرِّسَالَةِ ، وَأَشُمُّ رِيحَ النُّبُوَّةِ ، وَلَقَدْ سَمِعْتُ رَنَّةَ الشَّيْطَانِ حِينَ نَزَلَ الْوَحْيُ عَلَيْهِ صلى الله عليه وآله فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَهِ ، مَا هَذِهِ الرَّنَّةُ؟ فَقَالَ : هَذَا الشَّيْطَانُ قَدْ أَيِسَ مِنْ عِبَادَتِهِ ، إِنَّكَ تَسْمَعُ مَا أَسْمَعُ ، وَتَرَى مّا أَرَى ، إِلَّا أَنَّكَ لَسْتَ بِنَبِيٍّ ، وَلَكِنَّكَ لَوَزِيرٌ ، وَإِنَّكَ لَعَلَى خَيْرٍ ...» (١).

وقال عليه السلام : «أنا عبد الله وأخو رسول الله ، وأنا الصدّيق الأكبر ، لا يقولها بعدي إلّا كاذب ، صلّيت قبل الناس بسبع سنين قبل أن يعبده أحدٌ من هذه الاُمّة» (٢).

هذه إذن هي خصوصية الزمان الذي وُلِدَ فيه أمير المؤمنين عليه السلام وتربّى وعاش فتوّته.

أمّا تفرّده بفضل المكان ، فقد وُلِدَ عليه السلام في الكعبة المعظّمة ـ ببيت الله الذي رفع قواعده أبوه إبراهيم عليه السلام ـ بطريقة إعجازية متلبّسة بالأسرار بما اشتملت عليه من انشقاق جدار البيت ، ودخول فاطمة بنت أسد اُمّ أمير المؤمنين عليه السلام في جوف الكعبة ، ومن ثمّ التآم موضع الشقّ ، وبقائها في البيت ثلاثة أيّام تأكل من طعام الجنّة ، وطلوع الوليد شاخصاً بوجهه إلى السماء ، مستقبلاً الأرض بكفّيه ، ناطقاً باسم الله ، مديراً ظهره للأصنام.

__________________

(١) نهج البلاغة (تحقيق صبحي الصالح) : ٣٠١ ، خ ١٩٢.

(٢) المستدرك على الصحيحين (للحاكم) ٣ : ١١١ ـ ١١٢.


ومعلوم أنّ البيت الحرام الذي جعله الله سبحانه للناس قياماً هو موضع للعبادة لا دار للولادة ، فولادة أمير المؤمنين عليه السلام فيه بما يكتنفها من ظواهر إعجازية خارجة عن المألوف وعن موارد المصادفة ، دليل على أنّ تلك الولادة كانت اصطفاءً تتجلّى فيه آثار المشيئة الربّانية وتحفّه الإرادة الإلهية ، وتلك هي خصوصيّة المكان التي تفرّد بها وليد الكعبة بمقتضى عناية الله بوليّه ، وتفضّله على وصيّ نبيّه صلى الله عليه وآله : (وَاللَّـهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّـهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) (١).

وليس عبثاً أن تتجلّى مشيئة الخالق في ولادة وصيّ النبيّ الخاتم صلى الله عليه وآله في بيته العتيق ، ما دام ثمّة تقارنٌ وتواصلٌ وتعاطٍ بين البيت والوصيّ في جهات عديدة :

منها : الاصطفاء الإلهيّ :

فقد جاء في الحديث عن الإمام الصادق عليه السلام : «أنّ الله اختار من كلّ شيء شيئاً ، واختار من الأرض موضع الكعبة» (٢).

وجاء عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنّه قال لابنته فاطمة عليها السلام : «إنّ الله اطّلع على أهل الدنيا فاختار من الخلائق أباك فبعثه نبيّاً ، ثم اطّلع ثانية فاختار من الخلائق عليّاً ، فأوحى إليّ فزوّجتكِ إياه ، واتخذته وصيّاً ووزيراً» (٣).

ومنها : الفضل والخلافة :

فالكعبة أكرم البيوت على وجه الأرض ، وأوّل بيتٍ شرّفه الله وعظّمه وجعله مثابة للعبادة في الأرض على نمط الضُّراح ـ أو البيت المعمور ـ الذي هو مثابةٌ لعبادة سكّان السماء.

وقد جعل الله سبحانه الكعبة نسخةً من البيت المعمور مضارعةً له في المكان والمنزلة.

__________________

(١) سورة البقرة : ١٠٥.

(٢) من لا يحضره الفقيه (للصدوق) : ٢ : ١٥٧ / ٦٧٩.

(٣) مناقب علي بن أبي طالب عليه السلام (لابن المغازلي) : ١٥١ ، ومناقب علي بن أبي طالب عليه السلام (للخوارزمي) : ٢٠٦ ، وكنز العمال (للمتقي الهندي) ١١ : ٦٠٤ / ٣٢٩٢٣.


وكذلك وليد الكعبة هو أوّل قدوة مُثلى للبشر بعد النبيّ صلى الله عليه وآله في مسيرهم نحو مدارج الكمال في العلم والمعرفة ومكارم الأخلاق.

وهو من النبيّ صلى الله عليه وآله بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبيّ بعده صلى الله عليه وآله.

والنبيّ صلى الله عليه وآله دار الحكمة وعليّ عليه السلام بابها.

وهو صلى الله عليه وآله مدينة العلم وعليّ عليه السلام بابها.

وعلي عليه السلام عيبة الأسرار الإلهيّة وخازن المآثر النبويّة ، وأعلم الناس بالكتاب العظيم ، وأعلمهم بسنّة النبيّ الكريم صلى الله عليه وآله.

ومنها : القصد والاختبار :

فالبيت الحرام جعله الله تعالى محلّ اختبار وامتحان للخلق ، فقد أمر الله سبحانه الخلق : «أَنْ يَثْنُوا أَعْطَافَهُمْ نَحْوَهُ ، فَصَارَ مَثَابَةً لِمُنْتَجَعِ أَسْفَارِهِمْ ، وَغَايَةً لِمُلْقَى رِحَالِهِمْ ، تَهْوِي إِلَيْهِ ثِمَارُ الْأَفْئِدَةِ مِنْ مَفَارِزِ قِفَارِ سَحِيقَةٍ ، وَمَهَاوِي فِجَاجٍ عَمِيقَةٍ ، وَجَزَائِرِ بِحَارٍ مُنْتَطِعَةٍ ، حَتَّى يَهُزُّوا مَنَاكِبَهُمْ ذُلُلاً يُهَلِّلُونَ لِلَهِ حَوْلَهُ ، وَيَرْمُلُونَ عَلَى أَقْدَامِهِمْ شُعْثاً غُبْراً لَهُ ، قَدْ نَبَذُوا السَّرَابِيلَ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ ، وَشَوَّهُوا بِإِعْفَاءِ الشُّعُورِ مَحَاسِنَ خَلْقِهِمُ ، ابْتِلاءً عَظِيماً ، وَامْتِحَاناً شَدِيداً ، وَاخْتِبَاراً مُبِيناً ، وَتَمْحِيصاً بَلِيغاً ، جَعَلَهُ اللَهُ سَبَباً لِرَحْمَتِهِ ، وَوُصْلَةً إِلَى جَنَّتِهِ» (١).

وعن الإمام الصادق عليه السلام : «هذا بيت استعبد الله به خلقه ، ليختبر طاعتهم في إتيانه ، فحثّهم على تعظيمه وزيارته ، وجعله محلَّ أنبيائه ، وقبلةً للمصلّين إليه ، فهو شعبة من رضوانه ، وطريق يؤدّي إلى غفرانه» (٢).

وأمير المؤمنين عليه السلام مَثَله مثل الكعبة ، يقصده الناس ولا يقصد أحداً ، ويسألونه ولا يسأل أحداً ، ويمتارون منه العلم ولا يمتار من أحد.

__________________

(١) نهج البلاغة (تحقيق صبحي الصالح) : ٢٩٣ / ١٩٢.

(٢) الكافي (للكليني) ٤ : ١٩٨ / ١.


قال رسول الله صلى الله عليه وآله : «يا عليّ أنتَ بمنزلة الكعبة تؤتى ولا تأتي» (١).

وهو قبلة أفئدة المؤمنين الذين أُمروا بالتوجّه إليه والتمسّك بولايته ، والاعتقاد بفرض طاعته ومودّته بعد رسول الله صلى الله عليه وآله ، باعتباره وصيّاً ووليّاً ، وقائداً رساليّاً.

وحبّ عليّ عليه السلام طريق يؤدّي إلى الغفران ، لأنّه أحبّ الخلق إلى الله تعالى وإلى رسوله صلى الله عليه وآله.

ومن هنا كان محلّ ابتلاء واختبار ، فحبّه علامة الإيمان ، وبغضه علامة الكفر والنفاق ، فلا يحبّه إلّا مؤمن ، ولا يبغضه إلّا منافق.

ومنها : مظاهر العبادة والخضوع :

ففي البيت تتجلّى مظاهر العبادة والخضوع للواحد القهّار ، وتلك المظاهر تتجلّى في وليد البيت عليه السلام ، قال رسول الله صلى الله عليه وآله : «مثل عليّ فيكم كمثل الكعبة ؛ النظر إليها عبادة ، والحجّ إليها فريضة» (٢).

وقال عليه السلام : «النظر إلى عليّ عبادة» (٣). وقال صلى الله عليه وآله : «ذِكرُ عليّ عبادة» (٤).

__________________

(١) أُسد الغابة (لابن الأثير) ٤ : ٣١.

(٢) ترجمة علي عليه السلام من تاريخ دمشق (لابن عساكر) ٢ : ٤٠٦ والمناقب (لابن المغازلي) : ١٠٦ / ١٠٧.

(٣) المستدرك (للحاكم) ٣ : ١٤٢ ، وحلية الأولياء (لأبي نعيم) ٢ : ١٨٢ ، والرياض النضرة (للمحب الطبري) ٣ : ١٩٧ ، والمناقب (لابن المغازلي) : ٢٠٦ ـ ٢١١ / ٢٤٤ وما بعده ، وكنز العمال (للمتقي الهندي) ١١ : ٦٠١ / ٣٢٨٩٥ ، وانظر كتاب «الإفادة بطرق حديث : النظر إلى عليّ عبادة» تأليف السيّد عبد العزيز بن الصدّيق الحسني الغماري المغربي (١٣٣٨ ـ ١٤١٨ هـ) المنشور في العدد الثالث من مجلة «علوم الحديث» الصادرة من كليّة علوم الحديث في طهران ، السنة الثانية ، ١٤١٩ هـ ، في الصفحات (٢٣٩ ـ ٣٠٥).

(٤) وسيلة المتعبّدين (للملّا) ٥ : ١٦٨ / قسم ٢ ، والمناقب (لابن المغازلي) : ٢٠٦ / ٢٤٣ ، وفردوس الأخبار (للديلمي) ٢ : ٢٤٤ / ٣١٥١ ، وكنز العمال (للمتقي الهندي) ١١ : ٦٠١ / ٣٢٨٩٤.


أمّا التواصل والتعاطي بين البيت ووليده :

فإنّ الوليد لم ينل شرف المكان وحسب ، بل إنّ المكان تشرّف به ، لأنّه وُلِدَ في بيت الله الذي دنّسه الكفار والمشركون بأوثانهم وأصنامهم.

وُلِدَ وهو مديرٌ ظهره لها ، مكرّماً وجهه عن النظر إليها.

فكانت خيبة الأصنام البلهاء بميلاد القادم الجديد.

ففي خارج البيت العتيق كانت الإرادة الإلهيّة تهيّء للناس رسولاً كريماً يتحدّى عالم الأوثان.

وفي داخل البيت كانت الإرادة الإلهيّة قد هيّأت للمصطفى خليلاً أدار ظهره للأصنام منذ اللحظة الأُولى للولادة (١).

وهكذا كانت بعثة النبيّ الكريم صلى الله عليه وآله وولادة الوصيّ عليه السلام إيذاناً بتطهير البيت العتيق من الأصنام ، ونشر مبادئ التوحيد في اُمّ القرى وما حولها.

قال السيّد شهاب الدين محمود الآلوسي (ت ١٢٧٠ هـ) في (سرح الخريدة الغيبيّة في شرح القصيدة العينية) لعبد الباقي أفندي العمري (ص : ٧٥) عند قول الناظم مخاطباً أمير المؤمنين عليه السلام :

وأنتَ أنتَ الذي حطّت له قَدَم

في موضعٍ يدَهُ الرحمنُ قَد وَضعا

قيل : أحبّ عليه الصلاة والسلام ـ يعني علياً عليه السلام ـ أن يكافئ الكعبة حيث وُلِدَ في بطنها بوضع الصنم عن ظهرها.

فإنها ـ كما ورد في بعض الآثار ـ كانت تشتكي إلى الله تعالى عبادة الأصنام حولها وتقول : «أي ربّ حتى متى تُعبَد هذه الأصنام حولي؟» والله تعالى يعِدُها بتطهيرها من ذلك (٢).

__________________

(١) علي بن أبي طالب سلطة الحق (لعزيز السيّد جاسم) : ١٥.

(٢) الغدير (للأميني) ٦ : ٢٢ ـ ٢٣.


وكان ثمّة موعد بين الكعبة ووليدها في تطهيرها من مظاهر الشرك والرجس ، فكان اللقاء بينهما في يوم الفتح المبين ، وبحضور ابن عمّه النبيّ المصطفى صلى الله عليه وآله ، قال عليه السلام : «انطلق بي رسول الله صلى الله عليه وآله حتى أتى بي الكعبة.

فقال لي : اجلس.

فجلستُ إلى جنب الكعبة ، فصعد رسول الله صلى الله عليه وآله بمنكبي ، ثمّ قال لي : انهض ، فنهضت.

فلمّا رأى ضعفي تحته قال لي : اجلس ، فنزلت وجلست.

ثمّ قال لي : يا عليّ «اصعد على منكبي» فصعدت على منكبيه ، ثمّ نهض بي رسول الله صلى الله عليه وآله فلمّا نهض بي خُيّل إليّ لو شئت نلتُ أُفُقَ السماء ، فصعدتُ فوق الكعبة ، وتنحّى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال لي : ألقِ صَنَمَهم الأكبر ، صنمَ قُريش ، وكان من نُحاس مؤتدّاً بأوتادٍ من حديد إلى الأرض.

فقال لي رسول الله صلى الله عليه وآله : عالجه.

ورسول الله صلى الله عليه وآله يقول لي : إيهٍ إيهٍ ، (جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا).

فلم أزل أُعالجه حتّى استمكنتُ منه.

فقال : اقذفه ، فقذفتُهُ فتكسّر ، وتردّيت من فوق الكعبة ...» (١).

وكان ذلك خاتمة مظاهر الشرك والرجس في البيت المقدّس ، وأوّل مظاهر التطهير في عهد الإسلام على يد الوصيّ المرتضى (صلوات الله عليه).

__________________

(١) المستدرك (للحاكم) ٢ : ٣٦٧ ، ومسند أحمد ١ : ٨٤ و ١٥١ ، وتاريخ بغداد (للخطيب البغدادي) ١٣ : ٣٠٣ ، والمناقب (لابن المغازلي) : ٢٠٢ / ٢٤٠ ، ومجمع الزوائد (للهيثمي) ٦ : ٢٣ ، وعلل الشرائع (للصدوق) ١ : ١٧٣ / ١ ، ومعاني الأخبار (للصدوق) : ٣٥٠ / ١.


وهو بمنزلة سجدة شكرٍ من أمير المؤمنين عليه السلام لربّه الكريم حيث حباهُ أن يولد في بيته المعظّم ، وقد أشار العلّامة السيّد رضا الهندي إلى هذا المعنى بقوله :

لمّا دعاك الله قدماً لأنْ

تولدَ في البيت فلبّيتهُ

شكرتَهُ بينَ قريشٍ بأنْ

طهّرتَ من أصنامهم بَيتَهُ

* * *

أوهام الشكّ وأرقام اليقين :

لا ريب أنّ ولادة أمير المؤمنين عليه السلام في الكعبة المشرّفة تعتبر منقبةً عظيمةً وفضيلةً باهرةً اختصّ بها دون سواه ، لما فيها من الدلالة على أنّه عليه السلام محلّ عناية الله سبحانه منذ يوم ولادته ، لأنّه قد طهّره الله سبحانه بأن جعل مولده في أعظم بيوت عبادته.

وذلك من تجليات الاصطفاء الذي شاءته الإرادة الإلهية.

ومن هنا فقد أبى أعداء فضله العميم وحسّاد مجده الأثيل أن يُنصتوا إلى صوت الحقّ الصادر من أعماق التاريخ على لسان المؤرّخين والمحدّثين الذين قالوا بتواتره ، وكونه محلّ اتّفاق بين المسلمين.

فحاولوا أن يُثيروا الشكوك حول هذه الفضيلة لصرت الأنظار عنها ، وذلك في اتجاهين :

الأوّل : يثبت هذه الفضيلة لأمير المؤمنين عليه السلام لكنّه ينكر تفرّده بها.

الثاني : ينكر هذه الفضيلة ولا يُثبتها لأمير المؤمنين عليه السلام.

أمّا أصحاب الاتّجاه الأوّل :

فيرون أنّ أوّل من وُلِدَ في الكعبة هو حكيم بن حزام ، ولا ينكرون ولادة أمير المؤمنين عليه السلام فيها.


قال الفاكهي في (أخبار مكة) : أوّل مَن وُلِدَ في الكعبة حكيم بن حزام (١).

وقال في موضع آخر : أوّل مَن وُلِدَ في الكعبة من بني هاشم من المهاجرين عليُّ بن أبي طالب (٢).

وغير الفاكهي آخرون أثبتوا هذه الفضيلة لأمير المؤمنين عليه السلام وأشركوا معه حكيم بن حزام بن خويلد بن أسد بن عبد العزّى القرشي الأسدي ، ابن أخي حديجة أمّ المؤمنين ـ رضي الله عنها ـ قيل : إنّه وُلِدَ في الكعبة قبل عام الفيل باثنتي عشرة سنة ، أو بثلاث عشرة سنة ، ومات سنة خمسين ، أو أربع وخمسين.

وقيل : عاش في الجاهلية ستين سنة ، وعاش في الإسلام ستّين سنة (٣).

ومستند أصحاب هذا الاتجاه ثلاثُ روايات :

الاُولى : رواها الزبير بن بكّار (ت ٢٥٦ هـ) في (جمهرة نسب قريش) (٤) ، ونقلها عنه أبو الفرج ابن الجوزي (ت ٥٩٧ هـ) في (صفة الصفوة) (٥) ، وفي (المنتظم) (٦) ، والمزّي (ت ٧٤٢ هـ) في (تهذيب الكمال) (٧) ،

__________________

(١) أخبار مكة (للفاكهي) ٣ : ٢٣٦.

(٢) أخبار مكة (للفاكهي) ٣ : ٢٢٦.

(٣) راجع ترجمته في جمهرة أنساب العرب (لابن حزم) : ١٢١ ، وتهذيب الكمال (للمزيّ) ٧ : ١٧٠ / ١٤٥٤ ، والمنتظم (لابن الجوزي) ٥ : ٢٦٨ / ٣٧٤ ، والإصابة (لابن حجر) ٢ : ٣٢ / ١٦٩٥ ، وتهذيب التهذيب (لابن حجر) ٢ : ٤٤٦ / ٧٧٥ ، والتاريخ الكبير (للبخاري) ٣ : ١١ / ٤٢.

(٤) جمهرة نسب قريش ١ : ٣٥٣.

(٥) صفة الصفوة ١ : ٧٢٥.

(٦) المنتظم ٥ : ٢٦٩ / ٣٧٤.

(٧) تهذيب الكمال ٧ : ١٧٣.


والذهبي (ت ٧٤٨ هـ) في (سير أعلام النبلاء) (١) ، وابن حجر (ت ٨٥٢ هـ) في (الإصابة) (٢) وغيرهم.

والثانية : رواها الحاكم النيسابوري (ت ٤٠٥ هـ) في (المستدرك) (٣).

والثالثة : رواها الأزرقي (ت ٢٢٣ هـ) في (أخبار مكة) (٤).

وقد استقصى زميلنا الفاضل شاكر شبع ، في مقال له بعنوان (الولادة في الكعبة المعظّمة فضيلة لعليّ عليه السلام خصّه بها ربّ البيت) (٥) المصادر الرئيسية لهذه الروايات وفق تسلسلها التاريخي ، وأخضعها للبحث والتحقيق ، وخرج بنتائج باهرة.

أهمّها : أنّ تلك الروايات جميعاً مرسلة ، ورواتها ضعفاء ، ومخالفة للمشهور ، وتعرّضت بعض مصادرها للتحريف والتلاعب ، ممّا يسقط الاعتماد عليها.

فلا نعيد الكلام حول تقييم هذه الروايات هنا.

ولكن نذكّر أنّ الإرسال في هذه الروايات ينبئ عن أنّها قد تكون وليدة الفترة الأموية التي اجتهد حكّامها ـ وعلى رأسهم معاوية ـ بكلّ حيلة في (إطفاء نور أمير المؤمنين عليه السلام ، والتحريض عليه ، ووضع المعايب والمثالب له ، ولعنوه على جميع المنابر ، وتوعّدوا مادحيه ، بل حبسوهم وقتلوهم ، ومنعوا من رواية حديث يتضمّن له فضيلة ، أو يرفع له ذكراً ، حتى حظروا أن يسمّى أحد باسمه) (٦).

__________________

(١) سير أعلام النبلاء ٣ : ٤٦.

(٢) الإصابة ٢ : ٣٢. ,

(٣) المستدرك على الصحيحين ٣ : ٤٨٢.

(٤) أخبار مكّة ١ : ١٧٤.

(٥) في مجلّة (تراثنا) العدد ٢٦ : ٧ ـ ٤٢ ، وقد طبعت في هذه المجموعة ، برقم (٥).

(٦) شرح نهج البلاغة (لابن أبي الحديد) ١ : ١٧.


والرواية تناسب الاُسلوب الذي ابتدعه معاوية في التغطية على فضائل أمير المؤمنين عليه السلام المتواترة والمتّفق عليها ، بنسبتها إلى غيره ، إنكاراً لتفرّده بها.

وقد كتب معاوية ذلك في كتابٍ عمّمه إلى جميع الآفاق ، جاء فيه : (إذا جاءكم كتابي هذا ، فادعوا الناس إلى الرواية في فضائل الصحابة والخلفاء الأولين ، ولا تتركوا خبراً يرويه أحدٌ من المسلمين في أبي تراب ؛ إلّا وتأتوني بمناقضٍ له في الصحابة ، فإنّ هذا أحبّ إليّ ، وأقرّ لعيني ، وأدحض لحجّة أبي تراب وشيعته).

قال الراوي : فرويت أخبارٌ كثيرة في مناقب الصحابة مفتَعلة ، لا حقيقةَ لها ، فظهر حديثٌ كثيرٌ موضوعٌ ، وبهتان منتشر (١).

ولكن ما زاد ذلك أمير المؤمنين عليه السلام إلّا رفعة وسموّاً (وكان كالمسك كلّما ستر انتشر عرفه ، وكلّما كتم تضوّع نشره ، وكالشمس لا تستر بالراح ، وكضوء النهار إن حُجبت عنه عينٌ واحدة أدركته عيون كثيرة) (٢).

وعلى تقدير صحّة الرواية بولادة حكيم بن حزام في الكعبة المشرّفة.

فقد يكون ذلك لمحض المصادفة والاتفاق.

وقد صرّح بذلك عبد الرحمن الصفوري الشافعي (ت ٨٩٤ هـ) في (نزهة المجالس) (٣) حيث قال : وأمّا حكيم بن حزام فولدته اُمّه في الكعبة اتّفاقاً لا قصداً (٤).

__________________

(١) سشرح نهج البلاغة (لابن أبي الحديد) ١١ : ٤٦.

س (٢) شرح نهج البلاغة (لابن أبي الحديد) ١ : ١٧.

(٣) نزهة المجالس ٢ : ٢٠٤ ، القاهرة.

(٤) عليّ وليد الكعبة (للأُردوبادي) : ٤٠.


ويدلّ على ذلك أيضاً ما جاء في رواية ولادة اُم حكيم من لفظ : (أعجلها الولاد) و (ولدت على النطع) كما جاء في رواية مصعب بن عثمان التي يقول فيها : دخلت اُمّ حكيم بن حزام الكعبة مع نسوةٍ من قريش ، وهي حامل متمّ بحكيم بن حزام ، فضربها المخاض في الكعبة ، فأُتيت بنطعٍ حيثُ أُعجلها الولاد ، فولدت حكيم بن حزام في الكعبة على النطع (١).

ولو تهيّأت أُمّ حكيم للولادة لما جعلت ثيابها لَقىً ، كما جاء في رواية عبد الله بن أبي سليمان عن أبيه ، قال : إنّ فاختة ابنة زهير بن الحارث بن أسد بن عبد العزّى ـ وهي اُمّ حكيم بن حزام ـ دخلت الكعبة وهي حامل ، فأدركها المخاض فيها ، فولدت حكيماً في الكعبة ، فحملت في نطع ، واُخذ ما تحت مَثبرها (٢) فغُسل عند حوض زمزم ، واُخذت ثيابها التي ولدت فيها ، فجُعلت لقىً (٣).

وعليه فإنّ ولادة حكيم بن حزام لا يترتّب عليها أدنى فضل أو مكرمة سوى طهارة المكان الذي وُلِدَ فيه وشرفِهِ.

بينما اكتسبت ولادة أمير المؤمنين عليه السلام أهميّتها بشرف الاصطفاء الإلهي والمشيئة الربّانية لا بخصوص فضل المكان وحسب.

فإذا كان حكيم بن حزام قد سبق بفضل المكان بمحض المصادفة والاتّفاق ، فإنّ أمير المؤمنين عليه السلام قد تفرّد بشرف المكان وبكيفية الولادة على وفق الإرادة الإلهية والعناية الربانية.

الاتّجاه الثاني :

إنّ أصحاب هذا الاتّجاه قد أمعنوا في إنكار هذه الفضيلة على الرغم من كونها من الحقائق الناصعة والمسلّمة تاريخيّاً.

__________________

(١) جمهرة نسب قريش (لابن بكار) ١ : ٣٥٣.

(٢) المثبر : الموضع الذي تلد فيه المرأة.

(٣) أخبار مكة (للأزرقي) ١ : ١٧٤.


فادّعوا أنّه لم يولد قبل حكيم بن حزام ولا بعده أحدٌ في الكعبة المعظّمة.

وأنّ القول بولادة علي بن أبي طالب عليه السلام هو مزعمة كثير من الشيعة ، وأنّه ضعيف عند العلماء ، ولا يعترف به المحدّثون ، ولم يثبت عند بعضهم ، وفي ما يلي بعض أقوالهم :

١ ـ روى الحاكم في (المستدرك) بالإسناد عن مصعب بن عبد الله في نسب حكيم بن حزام ، قال : واُمّه فاختة بنت زهير بن أسد بن عبد العزّى ، وكانت ولدت حكيماً في الكعبة ، وهي حامل ، فضربها المخاض وهي في جوف الكعبة ، فولدت فيها ، فحملت في نطع ، وغسل ما كان تحتها من الثياب عند حوض زمزم ، ولم يولد قبلَه ولا بعدَه في الكعبة أحد.

وكلام مصعب الأخير ينطوي على إنكار ولادة أمير المؤمنين عليه السلام في الكعبة.

وقد ردّه الحاكم في ذيل الرواية بقوله : وهو مصعب في الحرف الأخبر ، فقد تواترت الأخبار أنّ فاطمة بنت أسد ولدت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه في جوف الكعبة (١).

٢ ـ ذكر الشيخ علي بن برهان الدين الحلبي الشافعي (ت ١٠٤٤ هـ) في سيرته (إنسان العيون) (٢) ، أنّ أمير المؤمنين عليه السلام وُلِدَ في الكعبة ، وعمره ـ يعني عمر النبيّ صلى الله عليه وآله ـ ثلاثون سنة.

ثمّ قال : وقيل : الذي وُلِدَ في الكعبة حكيم بن حزام.

وقال بعضهم : لا مانع من ولادة كليهما في الكعبة.

لكن في (النور) : حكيم بن حزام وُلِدَ في الكعبة ، ولا يعرف ذلك لغيره ، وأمّا ما روي أنّ علياً عليه السلام وُلِدَ فيها ، فضعيف عند العلماء (٣).

__________________

(١) المستدرك (للحاكم) ٣ : ٤٨٣.

(٢) إنسان العيون ١ : ١٦٥.

(٣) عليٌّ وليد الكعبة (للاُردوبادي) : ٨٣.


٣ ـ ذكر ابن أبي الحديد في (شرح نهج البلاغة) أنّ حديث الولادة مزعمة كثير من الشيعة ، والمحدّثون لا يعترفون بذلك ، ويزعمون أنّ المولود في البيت حكيم بن حزام (١).

٤ ـ قال الديار بكري في (تاريخ الخميس) (٢) : وُلِدَ [علي عليه السلام] بمكّة بعد عام الفيل بسبع سنين.

ويقال : كانت ولادته في داخل الكعبة ، ولم يثبت (٣).

ولم يقل أحدٌ بأنّ أمير المؤمنين عليه السلام وُلِدَ بعد عام الفيل بسبع سنين ، فكيف ثبت ذلك عند الديار بكري؟ ولم يثبت ولادة أمير المؤمنين عليه السلام في الكعبة مع كثرة القائلين بذلك؟

أرقام اليقين :

إنّ ما ذكره أصحاب الاتّجاه الثاني معارض :

بإجماع أهل البيت عليهم السلام وعلماء الطائفة.

واعتراف كثير من المحدّثين والمحقّقين العامة.

وتصريح كثير من النسّابة والمؤرّخين والشعراء في إثبات هذه الفضيلة لأمير المؤمنين عليه السلام على الجزم واليقين.

وقد أجاد الشيخ الحجّة محمّد علي الاُردوبادي (ت ١٣٨٠ هـ) في كتابه (عليّ عليه السلام وليد الكعبة) في تحقيق هذه المسألة ، وكونها معتمدة عند العلماء ، وثابتة عند المؤرّخين والنسابة ، ومتواترة مشهورة بين الاُمّة.

__________________

(١) شرح نهج البلاغة (لابن أبي الحديد) ١ : ١٤.

(٢) تاريخ الخميس ٢ : ٣٠٧.

(٣) عليٌّ وليد الكعبة (للاُردوبادي) : ٨٥.


وفي ما يلي نذكر أرقام اليقين التي تدفع أوهام الشكّ وإثارات أصحاب الاتّجاه الثاني.

أوّلاً : الولادة المعظّمة في حديث أهل البيت عليهم السلام :

نقل عن أهل البيت عليهم السلام الكثير من الأخبار والروايات التي تحدّثوا فيها عن طبيعة تلك الولادة ومحلّها وملابساتها.

وقد حكى السيّد هاشم البحراني (ت ١١٠٧ هـ) تواتر حديث الولادة في الكعبة ، حيث قال : رواية أنّ أمير المؤمنين عليه السلام وُلِدَ في الكعبة ، بلغت حدّ التواتر ، وهي معلومة في كتب العامّة والخاصّة (١).

وفي ما يلي نذكر بعض رواياتهم عليهم السلام :

١ ـ روى ابن الفتّال ، عن محمّد بن الفضيل ، عن أبي حمزة الثمالي ، قال : سمعت عليّ بن الحسين عليه السلام يقول : «إنّ فاطمة بنت أسد ضربها الطلق ؛ وهي في الطواف ، فدخلت الكعبة ، فولدت أمير المؤمنين عليه السلام فيها» (٢).

٢ ـ وروى ابن المغازليّ الشافعيّ بالإسناد ، عن الإمام موسى بن جعفر عليه السلام ، عن أبيه ، عن محمّد بن عليّ ، عن أبيه عليّ بن الحسين عليهم السلام قال : «كنتُ جالساً مع أبي ؛ ونحن زائرون قبر جدّنا صلى الله عليه وآله وهناك نسوانٌ كثيرة ، إذ أقبلت امرأة منهنّ ، فقلتُ لها : مَن أنتِ يرحمك الله؟

قالت : أنا زيدة بنت قريبة بن العجلان من بني ساعدة.

فقلت لها : فهل عندك شيء تحدّثينا؟

فقالت : إي والله ، حدّثتني أُمّي اُمّ عمارة بنت عبادة بن نضلة بن مالك بن العجلان الساعدي ، أنّها كانت ذات يوم في نساء من العرب ، إذ أقبل أبو طالب كئيباً حزيناً فقلت له : ما شأنك ، يا أبا طالب؟

__________________

(١) غاية المرام (للبحراني) : ١٣.

(٢) روضة الواعظين (لابن الفتّال) : ٨١ ، وبحار الأنوار ٣٥ : ٢٣ / ١٧.


قال : إنّ فاطمة بنت أسد في شدّة المخاض ، ثمّ وضع يديه على وجهه ، فبينما هو كذلك إذ أقبل محمّد صلى الله عليه وآله ، فقال له : ما شأنك يا عمّ؟

فقال : إنّ فاطمة بنت أسد تشتكي المخاض.

فأخذ بيده وجاء وهي معه ، فجاء بها إلى الكعبة ، فأجلسها في الكعبة ، ثمّ قال : اجلسي على اسم الله.

فطلقت طلقة ، فولدت غلاماً مسروراً نظيفاً منظّفاً ، لم ارّ كحسن وجهه ، فسمّاه أبو طالب عليّاً (١) ، وحمله النبيّ صلى الله عليه وآله حتى أدّاه إلى منزلها».

قال عليّ بن الحسين عليه السلام : «فو الله ما سمعتُ بشيء قدُّ إلّا وهذا أحسن منه» (٢).

٣ ـ وروى الشيخ الطوسي في أماليه بعدّة أسانيد ، منها عن أبي عبد الله جعفر ابن محمّد عليه السلام ، عن آبائه عليهم السلام ـ في حديث طويل ـ قال : «كان العباس بن عبد المطلب ويزيد بن قعنب جالسين ما بين فريق بني هاشم إلى فريق عبد العزّى ، بإزاء بيت الله الحرام ، إذ أتت فاطمة بنت أسد بن هاشم أُم أمير المؤمنين عليه السلام وكانت حاملة بأمير المؤمنين عليه السلام لتسعة أشهر ، وكان يوم التمام.

قال : فوقفت بإزاء البيت الحرام وقد أخذها الطلق ، فرمت بطرفها نحو السماء ، وقالت : «أي ربّ ، إنّي مؤمنة بك وبما جاء به من عندك من رُسُلٍ وكُتُبٍ ، وإنّي مصدّقةٌ بكلام جدّي إبراهيم الخليل ، وأنّه بنى بيتك العتيق.

فأسألك بحقّ هذا البيت ومَن بناه ، وبهذا المولود الذي في أحشائي ، الذي يكلّمني ويؤنسني بحديثه ، وأنا موقنةٌ أنّه إحدى آياتك ودلائك ، لمّا يسّرتَ عليَّ ولادتي ...».

__________________

(١) وجاء في بعض الروايات أنّ الذي سماه هو النبيّ صلى الله عليه وآله ، وروي أيضاً أنّ أبا طالب سمع هاتفاً يقول له : سمّه علياً.

(٢) مناقب عليّ بن أبي طالب عليه السلام (لابن المغازلي) : ٦ / ٣ ، والفصول المهمّة (لابن الصباغ) : ٣٠ ، وكشف الغمّة (للأربلي) ١ : ٥٩ ، وعمدة عيون صحاح الأخبار (لابن البطريق) : ٢٧ / ٨.


قال العبّاس بن عبد المطلب ويزيد بن قَعنَب : لمّا تكلّمت فاطمة بنت أسد ودعت بهذا الدعاء ، رأينا البيت قد انفتحَ من ظهره ، ودخلت فاطمة فيه ، وغابت عن أبصارنا ، ثمّ عادت الفتحة والتزقت بإذن الله.

فرُمنا أن نفتحَ الباب لتصل إليها بعض نسائنا فلم ينفتح الباب.

فعلمنا أنّ ذلك أمرٌ من أمر الله تعالى ، وبقيت فاطمة في البيت ثلاثة أيام.

قال : وأهل مكّة يتحدّثون بذلك في أفواه السكك ، وتتحدّث المخدرات في خدورهنّ ، فلمّا كان بعد ثلاثة أيام انفتحَ البيتُ من الموضع الذي كانت دخلت فيه ، فخرجت فاطمة وعليٌّ عليه السلام على يديها ...» الحديث (١).

٤ ـ وروى ابن شهر آشوب ، عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام أنّه قال : «انفتح البيت من ظهره ، ودخلت فاطمة فيه ، ثمّ عادت الفتحة والتصقت ، وبقيت فيه ثلاثة أيّام ، فأكلتْ من ثمار الجنّة ...» الحديث (٢).

ووااضح أنّ بعض هذه الروايات قد اقتصر على الإشارة الإجمالية لمولده عليه السلام والتذكير بفضله ، بينما توسّعت بعضها بسرد التفاصيل بحذافيرها ، ومنها بيان كيفيّة دخول فاطمة بنت أسد البيت ودعائها وبقائها في البيت وأكلها من ثمار الجنة.

٥ ـ ولم يقتصر ذكر الولادة على الروايات وحسب ، بل جاء في الأدعية والزيارات المأثورة عن أهل البيت عليهم السلام التصريح بولادة أمير المؤمنين عليه السلام في الكعبة المعظّمة.

ففي زيارة أمير المؤمنين عليه السلام في يوم مولد النبيّ صلى الله عليه وآله في (١٧ ربيع الأول) التي رواها محمّد بن مسلم الثقفي ، عن جعفر بن محمّد الصادق عليه السلام :

__________________

(١) الأمالي (للشيخ الطوسي) : ٧٠٦ / ١٥١١ ، وبحار الأنوار (للمجلسي) ٣٥ : ٣٦ / ٣٧.

(٢) المناقب (لابن شهر آشوب) ٢ : ١٧٤ ، وبحار الأنوار (للمجسي) ٣٥ : ١٨.


«السلام عليك يا مَن شرّفت به مكّة ، السلام عليك يا مَن وُلِدَ في الكعبة ، وزوّج في السماء بسيّدة النساء ... السلام على الخصوص بالطاهرة التقيّة ابنة المختار ، المولود في البيت ذي الأستار» (١).

وفي زيارة اُخرى لأمير المؤمنين عليه السلام رواها ابن طاوس : «السلام على المولود في الكعبة ، المزوّج في السماء ...» (٢).

ثانياً : حديث الولادة عن الصحابة والتابعين :

وجاء حديث ولادة أمير المؤمنين عليه السلام في الكعبة المشرّفة على لسان بعض الصحابة والتابعين ، ومنهم :

١ ـ جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه ، روى حديثه الكنجي في (كفاية الطالب) (٣) وابن شهر آشوب في (مناقب آل أبي طالب) (٤) وابن شاذان في (الفضائل) (٥).

٢ ـ العبّاس بن عبد المطلب رضي الله عنه ، روى حديثه الشيخ الطوسي في (الأمالي) (٦) ورواه ابن شهر آشوب في (المناقب) (٧) عن أنس بن مالك ، عن العباس بن عبد المطلب.

٣ ـ عائشة ، روى حديثها الشيخ الطوسي في (الأمالي) (٨).

__________________

(١) إقبال الأعمال (لابن طاوس) : ٦٠٨ ـ ٦١٠ ، والمزار (للشهيد الأوّل) : ٩١ ـ ٩٥ ، وبحار الأنوار ١٠٠ : ٣٧٤ ـ ٣٧٥.

(٢) مصباح الزائر (لابن طاوس) : ١٤٦ ، وبحار الأنوار (للمجلسي) ١٠٠ : ٣٠٢ / ٢٢.

(٣) كفاية الطالب : ٤٠٥ ـ ٤٠٦.

(٤) مناقب آل أبي طالب ٢ : ١٧٢ ـ ١٧٣.

(٥) الفضائل : ٥٤ ـ ٥٦.

(٦) الأمالي : ٧٠٦ / ١٥١١.

(٧) المناقب ٢ : ٧٤.

(٨) الأمالي : ٧٠٦ / ١٥١١.


٤ ـ عتاب بن اُسيد ، روى حديث الشيخ الطوسي في (مصباح المتهجّد) (١) والعلّامة المجلسي في (البحار) (٢).

٥ ـ ميثم التمّار ، روى حديث الشيخ أبو الفوارس الرازي في (أربعينه) (٣) مسنداً (٤) ، والطبري في (نوادر المعجزات) (٥) وابن شاذان في (الفضائل) (٦) ، والشيخ حسين بن عبد الوهّاب المعاصر للسيّد الشريف المرتضى ، في (عيون المعجزات) (٧).

٦ ـ يزيد بن قعنب ، روى حديثه ابن شهر آشوب في (المناقب) (٨) ، وابن الفتّال في (روضة الواعظين) (٩).

وروى الحديث مسنداً عن سعيد بن جبير ، عن يزيد بن قعنب ، الشيخ الصدوق في (علل الشرائع) (١٠) ، و (معاني الأخبار) (١١) ، و (الأمالي) (١٢) ، وعماد الدين الطبري في (بشارة المصطفى) (١٣) ، والإربلي في (كشف الغمّة) (١٤) ،

__________________

(١) مصباح المتهجّد : ٨١٩.

(٢) بحار الأنوار ٣٥ : ٧ / ٧.

(٣) أربعينه : ٩ ، مخطوط.

(٤) راجع علي عليه السلام وليد الكعبة (للاُردوبادي) : ٦١ ـ ٦٢.

(٥) نوادر المعجزات : ٣٢ ـ ٣٣ / ١٢.

(٦) الفضائل : ٢.

(٧) عيون المعجزات : ٢٤ ـ ٢٥.

(٨) المناقب ٢ / ١٧٢ ـ ١٧٣.

(٩) روضة الواعظين : ٧٦ ـ ٨١.

(١٠) علل الشرائع ١ : ١٣٥ / ٣.

(١١) معاني الأخبار : ٦٢ / ١٠.

(١٢) الأمالي : ١٩٤ / ٢٠٦.

(١٣) بشارة المصطفى : ٧ ـ ٩.

(١٤) كشف الغمّة ١ : ٦٠.


والديلمي في (إرشاد القلوب) (١) ، والعلّامة الحلّي في (كشف اليقين) (٢) و (نهج الحقّ) (٣).

ثالثاً : إجماع أعلام الطائفة :

أجمع أعلام الإمامية ، وفيهم المحدّثون والمؤرّخون والنسّابة القدامى والمحدثون ، وبكلمات شتّى مؤدّاها أنّ أمير المؤمنين عليه السلام وُلِدَ في الكعبة يوم الجمعة الثلاثين بعد عام الفيل ، ولم يولد قبلَه ولا بعدَه مولود في بيت الله تعالى سواه ، وتلك فضيلة مختصّة به ، لم يشركه فيها أحد قبلَه ولا بعدّه ، إعلاءً لقدره وفضله ، وإجلالاً لمحلّه من التعظيم عند ربّه.

وفي ما يلي نذكر بعضهم مرتّبين حسب التسلسل التاريخي ، مع الإشارة إلى مراجع أقوالهم :

١ ـ السيّد أبو الحسن محمّد بن الحسين الموسوي المعروف بالشريف الرضيّ ، المتوفّى سنة (٤٠٦ هـ) في كتاب (خصائص الأئمّة عليهم السلام : ٣٩).

٢ ـ الشيخ أبو عبد الله محمّد بن محمّد بن النعمان البغدادي ، المعروف بالشيخ المفيد (ت ٤١٣ هـ) في (المقنعة : ٤٦١) و (الإرشاد ١ : ٥).

٣ ـ السيّد علم الهدى علي بن الحسين الموسوي المعروف بالشريف المرتضى (ت ٤٣٦ هـ) في (شرح القصيدة البائية المذهّبة للسيد الحميري : ٥١ ، طبعة مصر) في سنة (١٣١٣ هـ) (٤).

٤ ـ العلّامة المحدّث أبو الفتح محمّد بن علي الكراجكي (ت ٤٤٩ هـ) في (كنز الفوائد ١ : ٢٥٥).

__________________

(١) إرشاد القلوب : ٢١١.

(٢) كشف اليقين : ١٧.

(٣) نهج الحق : ٢٣٣.

(٤) الغدير (للأميني) ٦ : ٢٤ ، وعلي عليه السلام وليد الكعبة (للاُردوبادي) : ٢٦ ـ ٢٧.


٥ ـ شيخ الطائفة أبو جعفر محمّد بن الحسن الطوسي (ت ٤٦٠ هـ) ، في كتاب المزار من (التهذيب ١ : ١٩) و (الأمالي ٧٠٦ / ١٤١١).

٦ ـ أمين الإسلام الشيخ المفسّر أبو علي الفضل بن الحسن الطبرسي في (إعلام الورى : ١٥٣) و (تاج المواليد : ١٢).

٧ ـ الشيخ الفقيه أبو الحسين سعيد بن عبد الله بن الحسين بن هبة الله ، المعروف بالقطب الراوندي (ت ٥٧٣ هـ) في (الخرائج والجرائح ٢ : ٨٨٨).

٨ ـ الحافظ رشيد الدين أبو عبد الله محمّد بن علي بن شهر آشوب السروي المازندراني (ت ٥٨٨ هـ) في (مناقب آل أبي طالب ٢ : ١٧٥).

٩ ـ الشيخ أبو علي محمّد بن الحسن الواعظ الشهيد النيسابوري ، المعروف بابن الفتّال ، من أعلام القرن السادس في (روضة الواعظين : ٧٦).

١٠ ـ الحافظ شمس الدين أبو الحسن يحيى بن الحسن الأسدي الحلّي الربعي ، المعروف بابن البطريق (ت ٦٠٠ هـ) في (عمدة صحاح الأخبار : ٢٤) ز

١١ ـ السيّد رضيّ الدين عليّ بن موسى بن طاوس الحلّي (ت ٦٦٤ هـ) في (إقبال الأعمال : ٦٥٥).

١٢ ـ الشيخ الوزير بهاء الدين أبو الحسن عليّ بن عيسى الأربليّ (ت ٦٩٣ هـ) في (كشف الغمّة ١ : ٥٩).

١٣ ـ العلّامة جمال الدين أبو منصور الحسن بن يوسف بن المطهّر الحليّ (ت ٧٢٦ هـ) في (نهج الحقّ وكشف الصدق : ٢٣٢) و (كشف اليقين : ١٧).

١٤ ـ الشيخ المحدّث أبو محمّد الحسن بن أبي الحسن الديلميّ ، من أعلام القرن الثامن في (إرشاد القلوب : ٢١١).

١٥ ـ السيّد حيدر بن عليّ الحسيني العبيدلي الآملي ، من أعلام القرن الثامن في (الكشكول في ما جرى على آل الرسول : ٨٦ و ١٨٩).


١٦ ـ الشيخ عليّ بن محمّد بن يونس البياضيّ (ت ٨٧٧ هـ) في (الصراط المستقيم ٢ : ٢١٥).

١٧ ـ الشيخ تفي الدين إبراهيم بن عليّ العاملي الكفعمي (ت نحو ٩٠٠ هـ) في (المصباح : ٥١٢).

رابعاً : النسّابة والمؤرّخون :

ذكر كثير من النسّابة والمؤرّخين أنّ أمير المؤمنين عليه السلام وُلِدَ في الكعبة المعظّمة ، وهم أعلم الناس بمواقع الولادة والأنساب ، ومنهم :

* * *

١ ـ أبو الحسن علي بن الحسين بن علي الهذلي المسعودي (ت ٣٣٣ أو ٣٤٥ هـ) في (مروج الذهب ٢ : ٣٤٩).

وقال في (إثبات الوصية) : روي أنّ فاطمة بنت أسد كانت تطوف بالبيت ، فجاءها المخاض وهي في الطواف ، فلمّا اشتدّ بها دخلت الكعبة ، فولدته في جوف الكعبة على مثال ولادة آمنة النبيّ صلى الله عليه وآله (١) ، وما وُلِدَ في الكعبة قبلَه ولا بعدَه غيره (٢).

٢ ـ وذكر ذلك المؤرخ الحسن بن محمّد بن الحسن القمي في (تاريخ قم : ١٩١) الذي ألّفه سنة (٣٧٨ هـ) وقدّمه إلى الصاحب بن عباد ، وترجمه إلى الفارسية الشيخ الحسن بن عليّ بن الحسن القمّي سنة (٨٦٥ هـ) (٣).

__________________

(١) أي من حيث الكيفية ، فقد وُلِدَ عليه السلام مستقبلاً الأرض بكفّيه رافعاً رأسه إلى السماء ، ذاكراً اسم الله.

(٢) إثبات الوصية (للمسعودي) : ١١١.

(٣) الغدير (للأميني) ٦ : ٢٤.


٣ ـ السيّد الشريف النسّابة نجم الدين أبو الحسن علي بن محمّد العلوي العُمَري ، المعروف بابن الصوفي ، من أعلام القرن الخامس الهجري ، قال في (المجدي) : ولدت فاطمة بنت أسد عليّاً عليه السلام في الكعبة ، وما وُلِدَ قبله أحد فيها (١).

٤ ـ الشيخ المؤرّخ النسّابة جمال الدين أحمد بن علي بن الحسين الحسيني ، المعروف بابن عِنَبة (ت ٨٢٨ هـ) قال في (عمدة الطالب) في معرض حديثه عن ولادة عليّ عليه السلام : وُلِدَ بمكّة في بيت الله الحرام يوم الجمعة الثالث عشر من رجب سنة ثلاثين من عام الفيل ، ولم يولد قبلَه ولا بعدَه مولود في بيت الله الحرام سواه إكراماً له وتعظيماً من الله تعالى ، وإجلالاً لمحلّه من التعظيم (٢).

٥ ـ وذكر ذلك أيضاً السيّد محمّد بن أحمد بن عميد الدين علي الحسيني في (المشجّر الكشّاف للسادة الأشراف : ٢٣٠ ، طبعة مصر) (٣).

٦ ـ وذكره أيضاً محمّد بن عبد الغفّار الغفاري القزويني في (تاريخ نگارستان : ١٠) طبعة سنة (١٢٤٥ هـ) وتاريخ تأليف الكتاب سنة (٩٤٩ هـ) (٤).

٧ ـ وفي أُرجوزة في مواليد الأئمة عليهم السلام ووفياتهم للعلّامة أبي صالح محمّد المهدي بن بهاء الدين محمّد الملقّب بالصالح بن الشيخ معتوق بن عبد الحميد الفتوني العاملي النباطي النجفي النسابة ، المتوفّى سنة (١١٨٣ هـ) صاحب (حديقة النسب) قال :

مولدُه الجمعةُ يومَ السابعِ

في شهر شَعبان ببيت الصانعِ

وقد خلت منه ثلاثون سنه

من مولد النبيّ فاعلم سُنَنَه (٥)

__________________

(١) المجدي في أنساب الطالبيين (للعمري) : ١١.

(٢) عمدة الطالب في أنساب أل أبي طالب : ٥٨.

(٣) الغدير (للأميني) ٦ : ٢٥ / ٢٠.

(٤) الغدير (للأميني) ٦ : ٢٥ / ٢٢.

(٥) عليٌّ وليد الكعبة (للاُردوبادي) : ٧٢.


خامساً : الكتب المولّفة في المولد العظيم (١) :

ولم تقتصر جهود العلماء على تسجيل هذه الحادثة في ثنايا كتبهم ، بل أفردوها بالتأليف في كتب خاصّة بها ، منها :

١ ـ مولد أمير المؤمنين وخبره مع رسول الله صلى الله عليه وآله ، للقاضي أبي البختري وهب بن وهب بن كثير بن عبد الله بن زمعة بن الأسود بن المطلّب القرشي المدني البغدادي قاضيها ، المتوفّى سنة (٢٠٠ هـ).

٢ ـ ترجم له ابن النديم في (الفهرست : ١١٣) والخطيب في (تاريخ بغداد ١٣ : ٤٥١) ، وكتابه هذا ذكره النجاشي في فهرسته برقم ١١٥٥ ، وذكره الطوسي في فهرسته برقم ٧٧٨ بهذا الاسم ، ورواه عنه بإسناده إليه عن الصادق عليه السلام.

وذكره الخطيب في (تاريخ بغداد ٧ : ٤١٩) في ترجمة الحسن بن محمّد العلويّ ، باسم كتاب (مولد علي بن أبي طالب ومنشؤه وبدء إيمانه وتزويجه فاطمة) ، وذكره ابن شهر آشوب في (معالم العلماء برقم ٨٥٩) (٢).

٢ ـ مولد أمير المؤمنين عليه السلام ، للشيخ أبي جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي الصدوق ، المتوفّى (٣٨١ هـ) ، ينقل عنه السيّد ابن طاوس في كتاب (اليقين) في الباب ٤٣ (٣).

والذي في (اليقين) لابن طاوس ورد الكتاب بعنوان (مولد مولانا عليّ عليه السلام بالبيت) (٤).

__________________

(١) لقد أثبتنا قائمة أوسع لهذه المؤلّفات في ملاحق هذا الكتاب.

(٢) أهل البيت في المكتبة العربية (للطباطبائي) : ٦٣٧ / ٨٠٢ ، والذريعة (لآقا بزرك) ٢٣ : ٢٧٤.

(٣) الذريعة (لآقا بزرك) ٢٣ : ٢٧٤.

(٤) راجع كتابخانه ابن طاوس (لاتان كلبرك) : ٤٢٥.


٣ ـ مولد أمير المؤمنين عليه السلام ، للحافظ أبي العلاء الحسن بن أحمد بن الحسن ابن أحمد بن محمّد العطار الهمداني المقرئ ، صدر الحفاظ وشيخ همدان وإمام العراقين (ت ٥٦٩ هـ) ، نقل عنه السيّد ابن طاوس في (اليقين : ٤٨٥ ، الباب ١٩٤) (١).

٤ ـ علي عليه السلام وليد الكعبة ، للشيخ الفاضل والأديب الحجّة الميرزا محمّد علي ابن ميرزا أبي القاسم الاُردوبادي النجفي (ت ١٣٨٠ هـ).

طبع في النجف سنة وفاة المؤلّف مع مقدّمة لسبطه السيّد مهدي الشيرازي ، ثمّ أُعيد طبعه في طهران.

وطبع بتحقيق قسم الدراسات الإسلامية ـ مؤسسّة البعثة سنة (١٤١٢ هـ).

وترجم الكتاب إلى الفارسية ، وطبعت ترجمته.

وهو كتاب فريد في بابه ، عزيز في وجود نظائره ، غزير في مادّته ، ضمّنه مؤلّفه بحثاً استدلالياً لبيان حديث الولادة الميمونة.

٥ ـ مولود كعبه ، بلغة الأُردو ، للسيد علي نقي اللكهنوي ، طبع سنة (١٣٥١ هـ) (٢).

سادساً : حديث الولادة على لسان أعلام العامة :

صرّح الكثير من أعلام العامّة بولادة أمير المؤمنين عليه السلام في الكعبة المشرفة ، وقال بعضهم بتواتر ذلك وشهرته في الدنيا كالحاكم النيسابوري والدهلوي والآلوسي وغيرهم ، واعترف بعضهم بكون ذلك فضيلةً خصّه الله بها ، ولم يولد قبلَه ولا بعدَه في البيت سواه كالجويني والقفال وابن الصبّاغ وغيرهم ، وفي ما يلي نذكر أقوالهم بحسب ترتيب وفياتهم :

__________________

(١) أهل البيت في المكتبة العربية (للطباطبائي) : ٦٣٦ / ٨٠١ ، وكتابخانه ابن طاوس (لاتان كلبرك) : ٣٣٢ ، ومجلّة تراثنا العدد ٢٥ : ٨٤.

(٢) الذريعة (لآقا بزرك) ٢٣ : ٢٧٧.


١ ـ الحافظ الفقيه محمّد بن علي القفال الشاشي الشافعي (ت ٣٦٥ هـ) قال في كتابه (فضائل أمير المؤمنين عليه السلام) : لم يولد في الكعبة إلّا عليٌّ عليه السلام (١).

٢ ـ الحاكم أبو عبد الله محمّد بن عبد الله الحافظ النيسابوري (ت ٤٠٥ هـ) قال في (المستدرك) : قد تواترت الأخبار أنّ فاطمة بنت أسد ولدت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه في جوف الكعبة (٢).

وروى الحافظ أبو عبد الله محمّد بن يوسف الكنجيّ الشافعيّ (ت ٦٥٨ هـ) عن الحافظ أبي عبد الله محمّد بن محمود النجّار مسنداً عن الحاكم النيسابوري أنّه قال : وُلِدَ أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب بمكّة في بيت الله الحرام ، ليلة الجمعة لثلاث عشرة ليلة خلت من رجب سنة ثلاثين من عام القبل ، ولم يولد قبلَه ولا بعدَه مولودٌ في بيت الله الحرام سواه ، إكراماً له بذلك ، وإجلالاً لمحلّه في التعظيم (٣).

٣ ـ محمّد بن طلحة الشافعي (ت ٦٥٢ هـ) في كتابه (مطالب السؤول : ١١). قال : وُلِدَ علي عليه السلام في الكعبة ، البيت الحرام (٤).

٤ ـ شمس الدين أبو المظفّر يوسف بن قِزأوغلي علي الشهير بسبط ابن الجوزي (ت ٦٥٤ هـ) قال في (تذكرة الخواص) : روي أنّ فاطمة بنت أسد كانت تطوف بالبيت وهي حامل بعلي عليه السلام ، فضربها الطلق ، ففتح لها باب الكعبة ، فدخلت فوضعته فيها (٥).

__________________

(١) إحقاق الحق (للشهيد التستري) ٧ : ٤٨٩.

(٢) المستدرك (للحاكم) ٣ : ٤٨٣.

(٣) كفاية الطالب (للكنجي) : ٤٠٧.

(٤) عليٌّ وليد الكعبة (للاُردوبادي) : ٧٦.

(٥) تذكرة الخواص (لسبط ابن الجوزي) : ١٠.


٥ ـ الحافظ أبو عبد الله محمّد بن يوسف الكنجي الشافعي (ت ٦٥٨ هـ) نقل في كتابه (كفاية الطالب) قول الحاكم النيسابوري وقد تقدّم.

ونقل حديثاً طويلاً في ولادة أمير المؤمنين عليه السلام في الكعبة (١).

٦ ـ الحافظ المحدّث إبراهيم بن محمّد الجويني الشافعي (ت ٧٣٠ هـ) قال في (الفرائد) : لم يولد في الكعبة إلّا علي عليه السلام (٢).

٧ ـ الحافظ نور الدين علي بن محمّد بن الصباغ الملكي المالكي (ت ٨٥٥ هـ) قال في (الفصول المهمّة) : وُلِدَ عليّ عليه السلام بمكّة المشرّفة بداخل البيت الحرام في يوم الجمعة الثالث عشر من شهر الله الأصمّ رجب الفرد ، سنة ثلاثين من عام الفيل ، ولم يولد في البيت الحرام قبله أحدٌ سواه ، وهي فضيلة خصّه الله تعالى بها إجلالاً له ، وإعلاءً لمرتبته ، وإظهاراً لتكرمته (٣).

وحكى ذلك عنه الفقيه المؤرّخ نور الدين علي بن عبد الله الشافعي السمهودي (ت ٩١١ هـ) في (جواهر العقدين) ، والشيخ عليّ بن برهان الدين الحلبيّ (ت ١٠٤٤ هـ) في (إنسان العيون : ١٦٥) (٤) ، والشيخ مؤمن ابن حسن مؤمن الشبلنجيّ ، من أعلام القرن الثالث عشر في (نور الأبصار) (٥).

٨ ـ عبد الرحمن الصفوريّ الشافعيّ (ت ٨٩٤ هـ) قال في (نزهة المجالس ٢ : ٢٠٤ ، طبعة القاهرة) : رأيت في (الفصول المهمّة في معرفة أحوال الأئمة) لأبي الحسن المالكي بمكّة شرّفها الله ، أنّ علياً رضي الله عنه ولدته اُمّه بجوف الكعبة

__________________

(١) راجع كفاية الطالب (للكنجي) : ٤٠٥.

(٢) فرائد السمطين (للجوني) ١ : ٤٢٥.

(٣) الفصول المهمة (لابن الصباغ) : ٣٠.

(٤) عليٌّ وليد الكعبة (للاُردوبادي) : ١١٤.

(٥) نور الأبصار (للشبلنجي) : ٨٥.


شرّفها الله ، وهي فضيلة خصّه الله تعالى بها ، ذلك أنّ فاطمة بنت أسد رضي الله عنها أصابها شدّة الطق ، فأدخلها أبو طالب الكعبة ، فطلقت طلقة ، فولدته يوم الجمعة في رجب سنة ثلاثين من عام الفيل ، بعد تزوّج النبيّ صلى الله عليه وآله خديجة بثلاث سنين.

وأمّا حكيم بن حزام فولدته اُمّه في الكعبة اتّفاقاً لا قصداً (١).

٩ ـ الشيخ عليّ بن برهان الدين الحلبي الشافعي (ت ١٠٤٤ هـ) في سيرته (إنسان العيون : ١٦٥) قال : إنّه عليه السلام وُلِدَ في الكعبة ، وعمره ـ يعني عمر النبيّ صلى الله عليه وآله ـ ثلاثون سنة (٢).

١٠ ـ العلّامة محمود بن محمّد بن علي الشيخاني القادري الشافعي المدني ، من أعلام القرن الحادي عشر في (الصراط السوي : ١٥٢ ، مخطوطة المكتبة الناصرية في لكهنو بالهند).

قال : لم يولد قبلَه ولا بعدَه مولودٌ في بيت الله الحرام سواه إكراماً له بذلك وإجلالاً لمحلّه في التعظيم (٣).

١١ ـ العلّامة صفي الدين أحمد بن الفضل بن محمّد با كثير الحضرمي الشافعي ، من أعلام القرن الحادي عشر ، قال في (وسيلة المآل) : وكانت ولادته ـ يعني أمير المؤمنين عليه السلام ـ بالكعبة المشرّفة ، وهو أوّل من وٌلِدَ بها ، بل لم يعلم أنّ غيره وُلِدَ بها (٤).

__________________

(١) عليٌّ وليد الكعبة (للأُردوبادي) : ٤٠.

(٢) عليٌّ وليد الكعبة (للأُردوبادي) : ٨٢ ـ ٨٣.

(٣) مجلة تراثنا العدد ٢٦ : ١٦.

(٤) وسيلة المآل (لابن باكثير) : ٢٨٢ ، مخطوطة المكتبة المرعشية ، مكتوبة سنة (١٢٨٠ هـ).


١٢ ـ المحدّث وليّ الله ، أحمد بن عبد الرحيم الدهلوي ، الشهير بشاه ولي الله (ت ١١٧٩ هـ) والد عبد العزيز الدهلوي. قال في كتابه (إزالة الخفاء ٢ : ٢٥١ ، طبعة الهند) ك تواترت الأخبار أنّ فاطمة بنت أسد ولدت أمير المؤمنين علياً عليه السلام في جوف الكعبة ، وأنّه وُلِدَ في يوم الجمعة ثالث عشر من شهر رجب بعد عام الفيل بثلاثين سنة في الكعبة ، ولم يولد فيها أحد سواه قبلَه ولا بعدَه (١).

١٣ ـ العلّامة محمّد مبين بن محب الله بن أحمد اللكهنوي الأنصاري الحنفي (ت ١٢٢٥ هـ) قال في (وسيلة النجاة : ٦٠ ، طبعة كلشن فيض ، لكهنو ـ الهند) : ولادة معدن الكرامة ـ يريد أمير المؤمنين عليه السلام ـ في جوف الكعبة ، ولم يولد أحدٌ فيها غيره ، وقد خصّه الله تعالى بهذه الفضيلة ، وشرّف الكعبة بهذا الشرف (٢).

١٤ ـ شهاب الدين أبو الثناء السيّد محمود الآلوسي (ت ١٢٧٠ هـ) في (سرح الخريدة الغيبية في شرح القصيدة العينية : ١٥).

والقصيدة العينية لعبد الباقي العمري ، قال أبو الثناء عند قول الناظم :

أنتَ العليُّ الذي فوقَ العُلى رُفعا

بِبَطْنِ مكّةَ عند البيت إذْ وُضِعا

في كون الأمير كرّم الله وجهه وُلِدَ في البيت أمرٌ مشهور في الدنيا ، وذكر في كتب الفريقين السنّة والشيعة.

إلى أن قال : ولم يشتهر وضع غيره كرّم الله وجهه كما اشتهر وضعه ، بل لم تتفّق الكلمة عليه ، وما أحرى بإمام الأئمة أن يكون وضعه في ما هو قبلةٌ للمؤمنين ، وسبحان من يضع الأشياء في مواضعها وهو أحكم الحاكمين (٣).

__________________

(١) الغدير (للأميني) ٦ : ٢٢ ، وعليٌّ وليد الكعبة (للأُردوبادي) : ٢٢.

(٢) مجلّة تراثنا ، العدد ٢٦ : ٢١.

(٣) الغدير (للأميني) ٦ : ٢٢ ، وعليُّ عليه السلام وليد الكعبة (للأُردوبادي) : ٢٣.


١٥ ـ الشيخ محمّد صديق خان الحسيني البخاري القنوجي (ت ١٣٠٧ هـ) قال في (تكريم المؤمنين بتقويم مناقب الخلفاء الراشدين : ٩٩ ، طبعة الهند) سنة (١٣٠٧ هـ) عند ذكره ولادة أمير المؤمنين عليه السلام : ولادته في مكّة المكرّمة في جوف بيت الله الحرام ، ولم يولد أحدٌ غيره في هذا المكان المقدس (١).

سابعاً : من وحي الولادة في الشعر العربي :

نظم كثير من الشعراء هذه المأثرة الجليلة وصاغوها في قالب الشعر منذ القرن الثاني وإلى اليوم ، وفي ما يلي مختارات من الشعر الذي يثبت خصوصية ولادة أمير المؤمنين عليه السلام في الكعبة :

١ ـ السيّد الحميري المتوفى سنة (١٧٩ هـ) قال في ميلاد أمير المؤمنين عليه السلام :

وَلَدَتهُ في حرم الإله وأمنهِ

والبيت حيثُ فناؤه والمسجدُ

بيضاءُ طاهرةُ الثياب كريمةٌ

طابَتْ وطابَ وليدُها والمولدُ

في ليلةٍ غابَت نحوسُ نُجومها

وبَدَتْ مع القمرِ المنيرِ الأسْعُدُ

ما لُفّ في خِرَقِ القوابلِ مثلُهُ

إلّا ابنُ آمنةَ النبيّ محمّد (٢)

وله :

طِبْتَ كَهْلاً وغُلاماً

ورَضيعاً وجَنينا

 ولدى المِيثاقِ طِيناً

يومَ كانَ الخَلْقُ طِينا

 وببَطْنِ البيتِ مولُو

داً وفي الرَمْلِ دَفينا

 كنتَ مأمُوناً وَجيهاً

عندَ ذي العرش مَكينا

٢ ـ محمّد بن منصور السرخسي.

قال في ميلاده عليه السلام :

__________________

(١) مجلة تراثنا ، العدد ٢٦ : ٢١.

(٢) المناقب (لابن شهر آشوب) ٢ : ١٧٥ ، روضة الواعظين (لابن الفتّال) : ٨١.


ولدتْهُ منجبةٌ وكان وِلادُها

في جوف كعبة أفضل الأكنانِ

وسقاه ريقتَهُ النبيّ ويالها

من شربةٍ تُغني عن الألبانِ

 حتّى ترعرعَ سَيّداً سَنَداً رِضاً

أسداً شديدَ القلب غيرَ جَبان

 عَبَدَ الإلهَ مع النبيّ وإنّهُ

قد كانَ بعدُ يُعَدّ في الصبيانِ (١)

٣ ـ أبو الحسن علاء الدين الشيخ علي بن الحسين الحلّي ، المعروف بابن الشفهية ، المتوفّى نحو سنة (٧٠٠ هـ).

قال في غديريّة طويلة :

أم هل ترى في العالمين بأسرهم

بَشَراً سواه ببيتِ مكّة يولَدُ

 في ليلةٍ جبريل جاءَ بها مع الـ

ـملأ المقدَّسِ حَولَهُ يتَعبَّدُ

فلقد سَما مجداً عليٌّ كما عَلا

شَرَفاً به دون البقاع المسجدُ (٢)

٤ ـ السيّد عبد العزيز محمّد بن الحسن الحسيني السريجي الأوالي ، المتوفّى نحو سنة (٧٥٠ هـ).

قال من قصيدة في مدح أمير المؤمنين عليه السلام :

ولي بودّ أمير النحل حيدرةٍ

شغلٌ عن اللهو والإطرابِ ألهاني

 هاتِ الحديثَ سميري عن مناقبهِ

ودَع حديثَ رُبى نجدٍ ونعمانِ

 مَن غيرُه بَطَنَ العلمَ الخفيَّ ومَن

سواهُ قال اسألوني قبلَ فقداني

 مَن كان في حرم الرحمن مولدُهُ

وحاطَهُ الله من بأسٍ وعُدوانِ (٣)

__________________

(١) المناقب (لابن شهر آشوب) ٢ : ١٧٥.

(٢) الغدير (للأميني) ٦ : ٣٦٠.

(٣) الغدير (للأميني) ٦ : ٢٠ ـ ٢١.


٥ ـ السيّد حسين بن شمس الحسيني المعاصر للشيخ علي بن محمّد بن يونس البياضي ، المتوفى سنة (٨٧٧ هـ).

قال من اُرجوزة في تواريخ الأئمة المعصومين عليهم السلام :

ومولدُ الوصيّ أيضاً في الحرمْ

بكعبة الله العليّ ذي الكرمْ

 من بعد عامِ الفيلِ في الحسابِ

عشر وعشرين بلا ارتيابِ (١)

٦ ـ المولى محمّد طاهر بن محمّد حسين القمي ، المتوفى سنة (١٠٩٨ هـ) قال من قصيدة في مدح أمير المؤمنين عليه السلام :

قد ردّت الشمسُ للمولى أبي حسنٍ

روحي فدا المرتضى ذي المعجز الجَللِ

 طوبى له كان بيتُ الله مولدُهُ

كمثلِ مولدِهِ ما كان للرُسُلِ (٢)

٧ ـ المحدّث الشيخ محمّد بن الحسن الحرّ العاملي ، المتوفّى سنة (١١٠٤ هـ).

قال من اُرجوزة له في تواريخ المعصومين عليهم السلام :

مولدُهُ بمكّة قد عُرفا

في داخل الكعبة زيدتْ شرفا

وذاك في ثالث عشرٍ من رجبْ

فقدرُه علا وحقّه وَجَب

على رُخامةٍ هناك حَمرا

معروفةٍ زادت بذاك قدرا

 فيالها مزيّةٌ عليّه

تخفضُ كلَّ رُتبةٍ عليّه

 ما نالها قطُّ نبيُّ مرسلُ

ولا وصيٌّ آخِرٌ وأوّلُ

 أما سمعتَ قصّة ابن قَعْنَبِ

ينطقُ عن مقصودنا بالعجبِ

 وإنّه محقّقٌ مشهورُ

يُثبته المدقّقُ النحريرُ

__________________

(١) الصراط المستقيم (للبياضي) ٢ : ٢١٥.

(٢) الغدير (للأميني) ١١ : ٣٢٠.


طوبى لِمَن أحبّهُ ووالى

ومَن أطاعه يُجازى فضلا

 ويلٌ لمن أبضغهُ ومَن عصى

وذلك بعضُ ما به قد خُصّصا (١)

٨ ـ المولى محمّد مسيح المعروف بمسيحا الفسوي الشيرازي ، المتوفّى سنة (١١٢٧ هـ).

قال في قصيدة في مدح أمير المؤمنين عليه السلام :

هو الذي كان بيتُ الله مَوْلِدُهُ

فطهّرَ البيتَ من أرجاس أوثانِ

 هو الذي مِن رسول الله كانَ لَهُ

مقامُ هارونَ من موسى بن عمرانِ (٢)

٩ ـ السيّد نصر الله الحائري ، الشهيد سنة (١١٥٤ هـ).

 قال من قصيدة علوية :

مَن شُرِّفَ البيتُ بميلادهِ

وحِجرُهُ والحَجَرُ الأنورُ

 وقد صفا عيشُ الصفا فيه والـ

ـمَرْوَهُ أضحت بالهنا تخطُرَ (٣)

١٠ ـ الشيخ حسين نجف التبريزي النجفي ، المتوفّى سنة (١٢٥٢ هـ).

قال من قصيدته العلوية الكبيرة :

جعلَ اللهُ بيتَه لعليٍّ

مَوْلِداً يا لَه عُلاً لا يضاهى

 لم يشاركهُ في الوِلادة فيهِ

سيَدُ الرسل لا ولا أنبياها

علمَ اللهُ شوقَها لعليٍّ

علمه بالذي بهِ مَن هَواها

 ما ادّعى مدّعٍ لذلكَ كلّا

مَن ترى في الورى يرومُ ادّعاها؟

__________________

(١) علي عليه السلام وليد الكعبة (للأُردوبادي) : ٥٥ ـ ٥٦.

(٢) الغدير (للأميني) ١١ : ٣٧٠ ، وعلي عليه السلام وليد الكعبة (للأُردوبادي) : ٨٨.

(٣) علي عليه السلام وليد الكعبة (للأُردوبادي) : ٨٨.


فاكتست مكّةٌ بذاك افتخاراً

وكذا المشعران بعدَ مِناها

بل بهِ الأرضُ قد علت إذ حوتْهُ

فغدت أرضُها مَطافَ سماها (١)

١١ ـ الشيخ صالح بن درويش التميمي الكاظمي (ت ١٢٦١ هـ).

قال في هزيمته التي عارض بها همزية البوصيري :

غايةُ المدحِ في عُلاكَ ابتداءُ

ليت شعري ما تصنعُ الشُعراءُ

لم تَلِد هاشميةٌ هاشمياً

كعليٍّ وكُلّهم نُجباءُ

وضعتهُ ببطنِ أوّل بيتٍ

حواست جمع كن

١٢ ـ الشيخ حسين بن محمّد بن علي الفتوني الهمداني ، من أعلام القرن الثالث عشر.

قال في اُرجوزته المسمّاة بالدوحة المهدية ، التي فرغ منها سنة (١٢٧٨ هـ) :

وفي ضُحى الجمعة قد تولّدا

مُطهّراً مُكرّماً مُسدّداً

 وكان ذا في كعبة الرحمنِ

لسبعةٍ خلونَ من شعبانِ

 وقد رُوي أنّ الإمامَ المنتَجب

مولدُه ثالث عشرٍ من رَجَب

 مولدُهُ بعد ثلاثين سنه

من مولد النبيّ يقفو سُننه (٣)

١٣ ـ الشيخ محمّد الصالح ، المولد سنة (١٢٩٧ هـ).

قال من قصيدة علوية :

__________________

(١) الغدير (للأميني) ٦ : ٢٩.

(٢) أعيان الشيعة ٣٦ : ٦٣ ، الطبعة الثانية ، عام (١٣٨٠ هـ) ومجلة «علوم الحديث» العدد الثامن ، وسنورد القصيدة كاملة في مسك الختام.

(٣) علي عليه السلام وليد الكعبة (للأُردوبادي) : ٨٩.


بالبيتِ قد وضعتهُ فاطمةٌ

رفعاً له قد شُرِّفت وضعا

 للهِ أُمٌّ أرضعت أسداً

رضعَ النبيّ علومَه رضعا

تاللهِ لو كُشِفَ الغِطاءُ رأت

نوراً ومُلتقماً لها ضَرعا (١)

١٤ ـ الميرزا إسماعيل الشيرازي ، المتوفّى سنة (١٣٠٥ هـ).

قال في موشّحته بمناسبة المولد المقدّس :

حبّذا آناء أُنسٍ أقبلت

إدركت نفسي بها ما أمّلت

 وضعت اُمّ الُعلى ما حملت

طاب أصلاً وتعالى مَحمّدا

مالكاً ثقل ولاء الاُممِ

آنست نفسي من الكعبة نور

مثلما آنسَ موسى نارَ طور

يوم غشّى الملأ الأعلى سرور

قرعَ السمعَ نداءُ كَنِدا

شاطئ الوادي طُوى من حَرَمِ

وَلَدَت شمسُ الضحى بدرَ التمام

فانجلت عنّا دياجيرُ الظلام

نادِ يا بُشراكمُ هذا غلام

وجههُ فِلْقَةُ بدرٍ يُهتدى

بِسَنا أنواره في الظلمِ

هذهِ فاطمةٌ بنتُ اسد

أقبلت تحملُ لاهوتَ الأبد

فاسجدوا ذُلّاً له في مَن سَجَد

فلَهُ الأملاك خَرّت سُجّدا

إذ تجلّى نورُهُ في آدمِ

سيّدٌ فاقَ عُلاً كلَّ الأنام

كان إذ لا كائنٌ وهوَ إمام

شرَّفَ اللهُ به البيتَ الحرام

حينَ أضحى لعُلاهُ مَولِدا

فوطا تربتَهُ بالقدمِ (٢)

__________________

(١) الغدير (للأميني) ٦ : ٩٤.

(٢) الغدير (للأميني) ٦ : ٢٩ ـ ٣٢.


١٤ ـ السيّد مصطفى بن الحسين الكاشاني النجفي ، المتوفّى سنة (١٣٣٦ هـ).

قال من قصيدة يمدح بها أمير المؤمنين عليه السلام :

أنتَ شرّفتَ زمزماً والمصلّى

بل وركنَ الحطيم والمستجارا

 حازت الكعبةُ التي خارها اللـ

ـهُ بِميلادك السعيدِ فَخارا (١)

١٥ ـ عبد المسيح الأنطاكي ، المتوفّى سنة (١٣٤١ هـ).

قال في قصيدته العلوية التي تربو على خمسة آلاف بيت :

في رَحبة الكعبة الزهرا قد انبثقت

أنوارُ طفلٍ وضاءت في مَغانيها

واستبشرَ الناسُ في زاهي ولادته

قالوا السُّعودَ له لابدَّ لاقيها

 قالوا ابنُ مَن؟ فأجيبوا إنّه ولدٌ

من نسل هاشمَ من أسمى ذَراريها

هنّوا أبا طالبِ الجوّاد والدَهُ

والأُمَّ فاطمة هُبُّوا نُهنّيها

 إنّ الرضيعَ الذي شامَ الضياءُ بِبَيـ

ـتِ الله عِزّتُهُ لا عزَّ يَحكيها

 أمّا الوليدُ فلاقى الأرض مُبسّماً

فما رغا رَهَباً ما كان خاشيها (٢)

١٧ ـ السيّد رضا الهندي ، المتوفّى سنة (١٣٦٢ هـ).

قال في مدح أمير المؤمنين عليه السلام :

لمّا دعاك اللهُ قِدْماً لأنْ

تولَدَ في البيتِ فلبّيتَهُ

 شكرتَهُ بينَ قريشِ بِأَنْ

طهّرتَ من أصنامهم بَيتَهُ (٣)

١٨ ـ السيّد حسن بن محمود الأمن ، المتوفّى سنة (١٣٦٨ هـ).

قال من قصيدة بائية طويلة :

__________________

(١) علي عليه السلام وليد الكعبة (للأُردوبادي) : ٩٣.

(٢) علي عليه السلام وليد الكعبة (للأُردوبادي) : ٧٩ ـ ٨٠.

(٣) ديوان السيّد رضا الهندي : ٢٥.


ولدتَ في البيتِ بيتِ الله فارتفعتْ

أركانُهُ بكَ فوقَ السَّبعةِ الحُجُبِ

 وتلكَ منزلةٌ لم يؤتها بشرٌ

بلى ومرتبةُ طالتْ على الرُّتبِ (١)

١٩ ـ السيّد محسن الأمين العاملي ، المتوفّى سنة (١٣٧١ هـ).

قال في مقصورته العلوية :

لكَ يا أمير المؤمنين مناقبٌ

ظهرت طهورَ الشمس في وقتِ الضُحى

مشهورةٌ لا يُستطاع جُحودها

فالناسُ مُذعِنةٌ بها حتّى العِدى

نَصُّ الغديرِ كفاكَ فَضلاً إنّهُ

لكَ في الرقاب جميعها عُقدُ الولا

هيَ من فضائلكَ العظيمِ الشأن إحـ

ـداها إلى أمثالها الفضلُ انتهى

وولدتَ في البيتِ الحرام ولم يكن

هذا لغيركَ مَن يكونُ ومَن مضى

يكفيك ما قد جاء في التطهيرِ أو

في (قُل تعالَوا) أو أتى في (هل أتى) (٢)

وله أيضاً :

وُلِدتَ بيتِ اللهِ وهيَ فضيلةٌ

خُصصتَ بها إذ فيك أمثالُها كُثرُ (٣)

٢٠ ـ الاُستاذ جعفر النقدي ، المتوفّى سنة (١٣٧٢ هـ).

قال في قصيدةٍ يمدح بها أمير المؤمنين عليه السلام :

لا تعجبوا إذ أتى في البيت مولدُهُ

فليسَ ذلكَ من عَلياهُ بالعجبِ

لأنّ فوقَ الثَّرى من أجلهِ رُفع الـ

ـبَيتُ العتيقُ وفيهِ خُصّ بالرُّتبِ

__________________

(١) أعيان الشيعة ٥ : ٢٨٥.

(٢) علي عليه السلام وليد الكعبة (للأُردوبادي) : ١٠٤ ـ ١٠٥.

(٣) أعيان الشيعة ١ : ٣٢٣.


وله أيضاً :

زهرت بهِ أكنافُ مكّةَ مُذْ غدا

ميلادهُ في البَيتِ ذي الأستارِ

ما البيتُ شرّفهُ ولكن شُرِّفَ الـ

ـبيتُ الحرامُ بساطِعِ الأنوارِ

وله أيضاُ :

مَن خصّ مولدهُ في بيتِهِ شَرَفاً

للبَيتِ يومَ أقامَ البيتَ بانيهِ

 لذاكَ قبلةَ مَن صلّى لخالقِهِ

غدا ومقصدَ مَن لِلحجِّ يأتيهِ (١)

٢٠ ـ السيّد علي نقوي النقوي اللكهنوي الهندي ، المتوفّى سنة (١٤٠٨ هـ).

قال في موشّحة بمناسبة ميلاد أمير المؤمنين عليه السلام :

مَن بدا فازدهَرَ البيتُ الحرامْ

وزَهَت منهُ ليالي رَجَبِ

* * *

طَرِبَ الكونُ لِبشرٍ وهَنَا

إذ بدا الفخرُ بنورٍ وَسَنا

وأتى الوحيُ يُنادي مُعلِنا

قد أتاكُم حجّةُ الله الإمامْ

وأبو الغُرِّ الهداةِ النُجُبِ

خصّهُ الرحمنُ بالفضل الصراحْ

ومزايا أشرقَت غُرّاً وضاحْ

وسَما منزلُهُ هامَ الضراحْ

فغدا مولدُهُ خيرَ مقامْ

طأطأت فيه رؤوسُ الشُهُبِ

إنّهُ أوّلُ بيتٍ وُضِعَا

للورى طُراً فأضحَوا خُضَّعا

وعلى الحاضِرِ والبادي معا

حجَّةً أصبحَ فرضاً ولزامْ

طاعةٌ تتبعُ أقصى القُرَبِ

__________________

(١) علي عليه السلام وليد الكعبة : ١٠٣.


وهو في القبلةِ في كلّ صلاةْ

وملاذ تُرتَجى فيه النجاةْ

وقد استخلَصَهُ اللهُ حماةْ

فلئن يأتِ إليه مستهامْ

في مُلِمٍ داعياً يُستَجَبِ

تلكمُ فاطمةٌ بنتُ أسدْ

أمّتِ البيتَ بكَربٍ وكَمَدْ

 ودعتت خالقَها الباري الصمدْ

بحشىً فيهِ من الوَجدِ الضُرامْ

قد علّتهُ قبساتُ اللَّهبِ

نادَتِ اللهمَّ ربَّ العالمينْ

قاضيَ الحاجاتِ للمستصرخينْ

 كاشفَ الضُرِّ مجيب السائلينْ

إنّني جئتُك من دونِ الأنامْ

أبتغي عندك كشف الكُرَبِ

بينما كانت تُناجي ربَّها

وإلى الرحمن تشكُو كَربَها

 وإذا بالبِضرِ غشّى قلبها

من جدار البيتِ إذ لاحَ ابتسامْ

عن سنا ثغرٍ له ذي شَنَبِ (١)

دخلت فاطمُ فارتدَّ الجدارْ

مثلما كانَ ولم يكشف سِتارْ

 إذ تجلّى النورُ وانجابَ الشرارْ

عن سَنا بدرٍ به يَجلُو الظلامْ

والورى تنجو بهِ من عطَبِ

لم يكن في البيتِ مَولُودٌ سِواهْ

إذ تَعالى عن مَثيلٍ في عُلاهْ

 أُوتيَ العلمَ بتَعليمِ الإلهْ

فغذاهُ دَرَّهُ قبلَ الفِطامْ

يرتوي منهُ بأَهنا مَشرَبِ (٢)

وله من قصيدة اُخرى ميلادية يباري بها قصيدة إيليا أبي ماضي :

__________________

(١) الشَّنب : جمال الثغر وصفاء الأسنان.

(٢) الغدير (للأميني) ٦ : ٣٣ ـ ٣٥ ، وشعراء الغري (للخاقاني) ٦ : ٤٣٦ ـ ٤٣٨.


طَرِبَ الكونُ من البشرِ وقد عمَّ السُرور

وغدا القُمريُّ يَشدُو في ابتسامٍ للزهُور

وتهانَت ساجِعاتٍ في ذُرى الأيكِ الطُيور

لِمَ ذا البِشرُ؟ وما هذي التهاني؟

لستُ أدري

أشرقَت طلعةُ نُورٍ عَمَّتِ الكونَ ضِياءا

لا أرى بَدراً على الأُفقِ ولم أُبصِر ذُكاءا

وتَفَحَّصتُ فلم أُدرِك هُناك الكَهرُباءا

فَبِماذا ضاءَ هذا الكونُ نُوراً؟

لستُ أدري

قُمتُ استَكشِفُ عنه سائلاً هذا وذاك؟

فرأيتُ الكُلَّ مثلي في اضطِرابٍ وارتباك

وإذا الآراء طُرّاً في اصطدامٍ واصطكاك

وأخيراً عمّها العَجزُ فقالت :

لستُ أدري

وإذا نبّهني عاطفةُ الحُبِّ الدَفين

وتظنَّيتُ وظَنُّ الألمعي عينُ اليقين

أنّهُ ميلادُ مولانا أمير المؤمنين

فدع الجاهلَ والقَولَ بأنّي

لستُ أدري

لم يكن في كعبة الرحمنِ مولودٌ سواه

إذ تعالى في البرايا عن مَثيلٍ في عُلاه


وتولّى ذِكرَهُ في محكم الذِكْرِ الإله

أيقول الغِرُّ فيهِ بعدَ هذا :

لستُ أدري (١)

٢١ ـ الشيخ محمّد علي الأُردوبادي ، المتوفّى سنة (١٣٨٠ هـ).

قال من قصيدة في مدح أمير المؤمنين عليه السلام :

لقد شُرِّف البيتُ في مولدٍ

زهت بِسَناهُ عِراصُ النجفْ

 بنفس الرسولِ وزوجِ البتول

وأصلِ العُقولِ ومعنى الشَرفْ

وبابِ مدينةِ علمِ النبيّ

وصارمِ دعوتِهِ والخَلَفْ

وجاءَ مطهّرُ بيتِ الإلهِ

فعن مجدهِ كلَّ رِجسِ قَذَفْ

أزاحَ عن البيتِ أوثانَهم

وأزهقَ مَن عَن هُداهُ صَدَفْ

وكانَ الخليلُ له رافعاً

قواعدَهُ فلهُ ما رَصَفْ

فليسَ من البِدعِ أن أُسدَلَت

على شبلهِ منهُ تلك السُجُفْ (٢)

وله أيضاً :

سَبَقَ الكرامَ فهاهم لم يَلحَقوا

في حَلبَةِ العَلياء شَأوَ كُمَيتِهِ

 إذ خصّهُ المولى بفضلٍ باهر

فيه يعميزُ حيُّهُ مِن مَيتِهِ

 لَم يتّخِذ وَلَداً وما إن يتّخذ

إلّا وكانَ ولادُهُ في بيتهِ

في البيتِ مولدُهُ يُحقّقُ أنّهُ

دونَ الأنام ذُبالةٌ في زَيتِهِ (٣)

وله أيضاً :

__________________

(١) الغدير (للأميني) ٦ : ٣٥ ـ ٣٧ ، وشعراء الغري (للخاقاني) ٦ : ٤٣٨ ـ ٤٤١.

(٢) علي عليه السلام وليد الكعبة (للأُردوبادي) : ١٠٥.

(٣) الغدير (للأميني) ٦ : ٣٣.


وليس ولادهُ في البيت بِدعاً

فإبراهيمُ شادَ له دِعامَهُ

 وهذا البيتُ بيتُ أبيهِ قدماً

وفاطمةٌ به وضعت غُلامَه (١)

٢٢ ـ الشاعر المسيحي بولس سلامة.

قال في ملحمته التاريخية الكبرى المسمّاة (عيد الغدير) :

سمعَ الليلُ في الظلام المديدِ

همسةً مثل أنّةِ المفؤودِ

 من خفيّ الآلامِ والكبتِ فيها

ومن البشرِ والرجاء السعيدِ

حُرّة لزّها المخاضُ فلاذت

بستارِ البيتِ العتيقِ الوَطيدِ

 كعبة الله في الشدائد تُرجى

فهي جسرُ العبيد للعمبودِ

 صبرت فاطمٌ على الضَيمِ حتّى

لهثَ الليلُ لهثةَ المكدودِ

 وإذا نجمةٌ من الاُفق خفّت

تطعنُ الليلَ بالشُعاع الحَديدِ

 وتدانَت من الحطيمِ وقَرَّت

وتدلّت تدلّيَ العُنقودِ

 تسكبُ الضوءَ في الأثيرِ دَفيقاً

فعلى الأرضِ وابلٌ من سُعودِ

 كانَ فجرانِ ذلكَ اليومَ فَجرٌ

لنهارٍ وآخَرٌ للوَليدِ (٢)

وبعد عرض كلّ هذه الأرقام تبيّن لنا اتّفاق علماء المسلمين بمن فيهم المحدّثون والمؤرخون المتقدّمون والمتأخّرون على ولادة أمير المؤمنين عليه السلام في البيت العتيق.

وليس ذلك من مزاعم الشيعة وحدهم ، ولا هو ضعيف عند العلماء والمحدّثين ، على ما ذكره أصحاب الاتّجاه الثاني في ما قدّمناه.

وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين

__________________

(١) عليّ عليه السلام وليد الكعبة (للأُردوبادي) : ٩٤.

(٢) الغدير (للأميني) ٦ : ٣٧ ـ ٣٨ ، وعليّ عليه السلام وليد الكعبة (للأُردوبادي) : ١٠٥ ـ ١٠٦.


(٧)

قراءة في كتاب

«عليٌّ وليد الكعبة»

للاُردوبادي (١)

بقلم

الأستاذ محمّد سليمان

__________________

(١) مقال طبع في مجلة (ميقات الحج) العدد ١٤ : ١٦٨ ـ ٢٠٨.



بِسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيم

المؤلّف :

الميرزا محمّد عليّ بن الميرزا أبو القاسم بن محمّد تقي بن محمّد قاسم الأُردوبادي التبريزي النجفي.

أُردوباد المدينة التي استمدّ لقبه منها تقع على الحدود بين أذربيجان والقفقاز قرب نهر أرس.

ولادته كانت في تبريز في ٢١ رجب سنة (١٣١٢ هـ) وبعد ثلاث سنوات من ولادته ، اصطحبه والده في رحلته إلى النجف الأشرف حيث المرقد الطاهر للإمام عليّ عليه السلام وحيث الحوزة العلميّة المباركة وكان ذاك سنة (١٣١٥ هـ) فراح يعاهده تربية وتعليماً : «كان والده عالماً فقيهاً تقيّاً ورعاً ، خشناً في ذات الله ، أحد مراجع التقليد في آذربيجان وقَفقاصيا ، وتوفّي رحمه الله سنة (١٣٣٣ هـ)» (١).

درس عند جمع من العلماء الكبار فقد حضر في الفقه والاُصول على والده وشيخ الشريعة الأصفهاني وأخذ عن الأخير علمَي الحديث والرجال ، كما درس عند الميرزا عليّ ابن الحجّة الشيرازي. ودرس الفلسفة عند الشيخ محمّد حسين الأصفهاني وحظي بدراسة كلّ من علمي الكلام والتفسير على يد الشيخ محمّد جوواد البلاغي ، ودامت دروسه هذه عند الأساتذة المذكورين لأكثر من عشرين سنة ، كانت حصيلتها ـ وهو صاحب الذكاء الحادّ والاستعداد والنبوغ ـ أن شهد له

__________________

(١) اُنظر أعيان الشيعة ٢ : ٤١٠.


بالاجتهاد كلّ من اُستاذه الشيرازي والنائيني والشيخ عبد الكريم الحائري والشيخ محمّد رضا ـ أبي المجد ـ الأصفهاني والسيّد حسن الصدر والشيخ محمّد باقر البيرجندي وغيرهم. ونال بعد ذلك مكانة عظيمة في الحوزات العلمية وبين علمائها وأساتذتها ، واستجازَ في رواية الحديث أكثر من ستين عالماً من أجلّاء علماء العراق وإيران وسوريا ولبنان وغيرها. وله إجازات متعدّدة ضمّنها طرقاً للحديث وفوائد رجالية وتراجم المشايخ.

له مؤلّفات وآثار قاربت العشرين مؤلّفاً في تفسير القرآن والاُصول وله تقريرات معتبرة لمشايخه ، ومنها الدرة الغروية والتحفة العلوية تناول فيها طرق حديث الغدير ؛ ومنظومة في واقعة الطف.

كانت وفاته في النجف ليلة الأحد ١٠ صفر سنة (١٣٨٠ هـ) ودُفن في الصحن الشريف (١).

كتابه هذا : «فريدٌ في بابه ، عزيز في وجوه نظائره ، غزير في مادته ، ضمّنه المؤلف بحثاً استدلالياً معتمداً في ذلك على ما ساقته كتب الفريقين المعتبرة بالأسانيد الصحيحة التي تضمّ بين مبتداها إلى منتهاها شيوخ المحدّثين وثقات الرواة والنسابين الأثبات والمؤرّخين الأعلام ومهرة الفن وصاغة القريض والمحقّقين الخبراء والشعراء المبدعين ...».

كلّ هؤلاء راحوا يثبتون هذه الكرامة وهذا الشرف لتضاف بهذه الفضيلة منقبة اُخرى إلى مناقب سيدنا وإمامنا علي بن أبي طالب وهي أوّل منقبة رافقت ولادته الميمونة. فرح بها المحبّون لهذا البيت الهاشمي العريق في قيمه وشيمه

__________________

(١) لاحظ ترجمته المفصّلة وترجمة مشايخه في كتابه «السبيل الجدد إلى حلقات السند» المطبوع في مجلّة «علوم الحديث» العدد الثاني.


والتزامه والذي يعدّ أرقى البيوت القرشية والعربية وأجلّها وأسماها في وقت أثارت هذه المكرمة ضغائن الآخرين وأعداء الدين فراحوا يبذلون جهودهم لتقويض هذا الخبر وإماتة هذا الذكر بتضعيف رواته.

وقد بوّب الأُردوبادي كتابه هذا تبويباً جميلاً بعناوين هي الأُخرى دقيقة. فعدد صفحاته ١٣٧ مع كلمة الناشر وترجمة حياة المؤلف ، أما فصوله فهي :

* حديث المولد الشريف وتواتره.

* حديث الولادة الشريفة مشهور بين الاُمّة.

* نبأ الولادة والمحدّثون.

* حديث الولادة والنسابون.

* حديث الولادة والمؤرّخون.

* حديث الولادة والشعراء.

* حديث الولادة مجمع عليه.

ثمّ تأتي الفهارس العامة «الآيات القرانية ، والأعلام ، والأشعار والأرجاز ثمّ فهرس الموضوعات».

وكان جميلاً اطراءُ الشيخ العلّامة الأميني صاحب كتاب الغدير : «شيخنا الأُردوبادي ألّف في الموضوع كتاباً فخماً ، وقد أَغرق نزعاً في التحقيق ولم يبقِ في القوس منزعاً» (١).

المقدمة :

إنّ فضائل علي عليه السلام ومناقبه وصفاته التي تميّز بها ولدت معه ورافقته حتى استشهاده ، من ولادته في جوف الكعبة وهي أعظم بيت من بيوت الله سبحانه

__________________

(١) كتاب الغدير ٦ : ٣٧.


وتعالى ، وكانت هذه الولادة «إيذاناً بعهد جديد للكعبة وللعبادة فيها» كما يقول عباس محمود العقاد (١) ، حتى استشهاده في محراب صلاته في بيت آخر من بيوت الله في مسجد الكوفة ، وهي ولادة ثانية له ، ولكن هذه المرّة حيث جوار الله سبحانه وتعالى وحيث الحياة الأبدية التي فيها الخلود وحيث الأنبياء والصدّيقون.

الولادة في هذه البقعة المباركة المقدّسة تعدّ أولى مناقبه عليه السلام التي كرّمها الله فيها ، والتي لم تنجُ من كيد أعدائه وحقدهم وحسدهم ، فراحت جهودهم تتضافر وأقلامهم المأجورة تنشط لتكيد كيدها لهذه الفضيلة ، وبما أنّهم لا يستطيعون نكرانها بالمرّة لشهرتها وتواترها ، اختلقوا ولادة اُخرى ؛ ولادة حكيم بن حزام في الكعبة ، ليصلوا من خلال ذلك إلى أنّ ولادة عليّ لا تعدّ منقبةً يفتخر بها أحبّاؤه وأولياؤه ، وهي ليست كرامة له ، فقد وُلِدَ غيره داخل الكعبة ، فلماذا لا نعدّها كرامة أيضاً؟ وعلى فرض أنّها كرامة له فلم يتفرّد بها ؛ لأنّ حكيماً ولد هو الآخر في الكعبة ، وبالتالي توهين هذه المنقبة.

وحكيم هذا هو ابن حزام بن خويلد بن أسد بن عبد العزّى بن قصي بن كلاب بن مرّة (٢) ، فهو ابن أخ لخديجة بنت خويلد (أُم المؤمنين رضوان الله عليها) ويلتقي بمصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير المتوفى سنة ست وثلاثين ومائتين الذي كان من رواة ولادته في الكعبة إلّا أنّه تفرّد بإضافة منه (ولم يولد قبلَه ولا بعدَه في الكعبة أحد) لمآرب في نفسه ، يلتقي به في جدّهم خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب بن مرّة.

علماً بأنّ هذه الإضافة لم أجدها عند غيره ممّن رووا ولادة حكيم في الكعبة وكلّهم كانوا في القرن الثالث للهجرة ، فهي قصّة ولدت متأخّرة جدّاً ومقطوعة الإسناد وتعاني من ضعف رواتها وشذوذها.

__________________

(١) المجموعة الكاملة ٢ : ٣٥.

(٢) تاريخ دمشق ١٥ : ٩٣.


ولم تكن ولادة حكيم معروفة قبل هذه الرواية بل لم تذكر أبداً في المصادر التأريخية ولا الروائية ، كما أنّ حكيماً نفسه لم يذكر أنّ ولادته كانت في الكعبة ، لا في جاهليته ولا في إسلامه ، وهو شرف عظيم كانوا يفتخرون به في الجاهلية ويتمنّونه ، فكيف سكت حزام عن ذكر ذلك ولم يشر إليه ولو إشارة بسيطة؟ ولم يكن صاحب مناقب كثيرة حتّى يترك ذكرها كما لم يكن زاهداً فمنعه زهده عن ذكرها. كما لم يذكرها مَن حوله وهو من وجهاه قريش في الجاهلية والإسلام ومن علمائها بالنسب ، كما كان جواداً كريماً ، وهو بالتالي ليس نكرة حتى يُنسى خبر ولادته في بقعة مباركة ، وكان إذا سئل عن ولادته فلم يزد في إجابته عن : ولدتُ قبل قدوم أصحاب الفيل بثلاث عشرة سنة ، وذلك قبل مولد رسول الله صلى الله عليه وآله بخمس سنين (١).

وكان إسلامه يوم الفتح وقيل : يوم اُحد ، وكان من المؤلفة قلوبهم ، أعطاه النبيّ صلى الله عليه وآله من غنائم حنين مائة بعير ، عاش مائة وعشرين سنة ؛ ستّين في الجاهلية وستّين في الإسلام ، وتوفي في المدينة سنة أربع وخمسين وقيل سنة ثمان وخمسين (٢).

الروايات :

رواه مصعب بن عثمان الذي لم أجد له ترجمة تذكر في تاريخ دمشق ولا في غيره اللّهم إلّا ما ذكره صاحب التبيين في أنساب القرشيين مكتفياً باسمه : مصعب بن عثمان بن عروة بن الزبير وبأنّه كان عالماً بأخبار قريش (٣).

__________________

(١) تاريخ دمشق ١٥ : ٩٨.

(٢) تاريخ دمشق ١٥ : ٩٥.

(٣) التبيين في أنساب القرشيين : ٢٦٦.


فلا أقلّ من أن حاله مجهول ، إن لم يكن من اُولئك الضعفاء الذين أكثر ابن بكار من الرواية عنهم في الجمهرة أشياء منكرة كثيرة خاصّة أنه كان واسطةً بين ابن بكّار وبين عامر بن صالح وعامر هذا هو المعروف بالكذب وأنّه ليس ثقة كما أنّ عامّة حديثه مسروق وبالتالي فقد يكون مصعب قد تأثّر بأُستاذه عامر ، يروي الموضوعات (١).

هذا وأنّ الزبير بن بكار المتوفّى سنة (٢٥٦ هـ) صاحب جمهرة نسب قريش متّهم هو الآخر بالضعف وبأنّه منكر الحديث ويضعه وهو ما يذكره صاحب كتاب الضعفاء الحافظ أحمد بن علي السليماني (٢).

وقال في (ميزان الاعتدال ٢ : ٦٦) : لا يلتفت إلى قوله. وإن ردّه ابن حجر في التهذيب قوله : هذا جرح مردود ، فلعلّه استنكر إكثاره عن الضعفاء مثل محمّد بن الحسن بن زبالة وعمر بن أبي بكر المؤملي وعامر بن صالح الزبيري وغيرهم ، فإن في كتاب «النسب» عن هؤلاء أشياءً كثيرةً منكرةً (٣).

فسواءاً كان الزبير ضعيفاً بنفسه أو ينقل عن هؤلاء الضعفاء في كتابه. فهو بالتالي يفقد الثقة به وبكتابه ولا يعتمد على ما فيه إلّا بعد تمحيص دقيق وجهد كبير.

فإذا عرفنا حال مصعب بن عثمان وصاحب كتاب جمهرة نسب قريش فالرواية بعد ذلك لا يمكن أن تكون محلّ اعتماد.

أمّا روايته فكما نقلها أيضاً صاحب تاريخ دمشق هي : أخبرنا أبو غالب بن الحسن وأخوه أبو عبد الله يحيى ، قالا : أنبأنا أبو جعفر بن المسلمة ، أنبأنا

__________________

(١) تهذيب الكمال ١٤ : ٤٦ ، وسير أعلام النبلاء ٤ : ٤٢٩.

(٢) اُنظر سير أعلام النبلاء ١٢ : ٣١٤ ، وتهذيب التهذيب ٣ : ٣١٣ ، وميزان الاعتدال ٢ : ٦٦.

(٣) انظرها في سير أعلام النبلاء ١٢ : ٣١٤.


أبو طالب المخلّص ، أنبأنا أحمد بن سليمان الطوسي ، أنبأنا الزبير بن بكّار ، حدّثني مصعب بن عثمان ، قال : دخلت اُمّ حكيم بن حزام الكعبة مع نسوة من قريش وهي حامل متمّ بحكيم بن حزام ، فضربها المخاض في الكعبة فأُتيت بنطع حيث أعجلها الولاد ، فولدت حكيم بن حزام في الكعبة على النطع (قطعة من الجلد) وكان حكيم بن حزام من سادات قريش ووجوهها في الجاهلية (١).

روايتا المستدرك :

الرواية الاُولى : سمعت أبا الفضل الحسن بن يعقوب يقول : سمعت أبا أحمد محمّد بن عبد الوهّاب يقول : سمعت علي بن غنام العامري يقول : ولد حكيم بن حزام في جوف الكعبة ، دخلت اُمّه الكعبة فمخضت فيها فولدت في البيت (٢).

الرواية الثانية : أخبرنا أبو بكر بن أحمد بن بالعرية ، ثنا إبراهيم بن إسحاق الحربي ، ثنا مصعب بن عبد الله فذكر نسب حكيم بن حزام وزاد فيه : واُمّه فاختة بنت زهير بن أسد بن عبد العزى ، وكانت ولدت حكيماً في الكعبة وهي حامل فضربها المخاض وهي في جوف الكعبة ، فولدت فيها فحملت في نطع وغسل ما كان تحتها من الثياب عند حوض زمزم ولم يولد قبلَه ولا بعدَه في الكعبة أحد.

هذه العبارة الأخيرة لم ترد في الروايتين السابقتين فهي إضافة منه ، وليس هذا غريباً عليه ولم يكن هذا منه بلا قصد ولا هدف فهو يعرف جيّداً ماذا يقصد بهذا النفي «ولم يولد قبلَه ولا بعدَه في الكعبة أحد» ، وكيف يعذر وهو يعرف جيّداً تواتر خبر ولادة عليّ عليه السلام في الكعبة ولم يكن جاهلاً به أو غافلاً عنه. وإنّما هي «شنشنة أعرفها من أخزم» حقّاً إنّه حقد موروث وبغض مستحكم ضد عليّ عليه السلام توارثته هذه العائلة من يوم الناكثين ، يقول الإمام علي عليه السلام : «وما زال الزبير منّا حتى ولد له عبد الله ابنه».

__________________

(١) تاريخ دمشق ١٥ : ٩٨.

(٢) المستدرك ٣ : ٥٤٩ / ٦٠٤١ / ١٦٣٩.


فأراد أن ينفي هذه الكرامة لعليّ عليه السلام ولم يرض بأن تبقى الرواية «ولادة حكيم» كما رواها غيره وإن كانت أيضاً لا تخلو من الضعف والإرسال ، فأضاف عليها ما سوّلت له نفسه.

وبعد ذكر الحاكم النيسابوري لها قال : وهَمَ مصعب في الحرف الأخير.

وقد يفهم من قول الحاكم هذا : «وهم» أنّ مصعباً أصاب في كلامه الأول حول ولادة حكيم في الكعبة ، إلّا أنّ هذا نفاه الحاكم في كلام آخر له في كفاية الطالب للكنجي الشافعي.

ثمّ راح يعزّز بشكل قاطع ردّه هذا بقوله : فقد تواترت الأخبار أنّ فاطمة بنت أسد ولدت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه في جوف الكعبة (١).

علماً بأنّ حكيم بن حزام ـ وكما قلنا ـ لم يكن شخصاً مجهولاً في الجاهلية وغير معروف في الإسلام مع هذا لم يذكر هذه الفضيلة لنفسه يوماً ولم تُذكر عنه بل ولم يذكرها أحدٌ له على الإطلاق حتّى رواها كلّ من مصعب بن عثمان بن عروة بن الزبير ومصعب بن عبد الله ، بعد أكثر من ٢٠٠ سنة أي في القرن الثالث الهجري.

إنّ أوّل كتاب ذكرت فيه ولادة حكيم هو (جمهرة النسب) لابن الكلبي ، والكلبي وإن ورد فيه أنّه متروك الحديث ، وأنّه غير ثقة وأنّه يروي العجائب والأخبار التي لا اُصول لها (٢).

إلّا أنّه ورد فيه مجح كثير ، وأن مبعث ما ذكر من مطاعن واتّهامات أنّ الرجل كان شيعيّاً لا غير.

__________________

(١) المستدرك ٣ : ٥٥٠ / ٦٠٤٤ / ١٦٤٢.

(٢) اُنظر سير أعلام النبلاء والأنساب وجمهرة النسب.


وأمّا كتابه جمهرة النسب فقد تعرّض لإضافات كثيرة يعود سببها إلى أنّ أبا سعيد السكّري راوي الكتاب لم ينجُ من الاتّهام بأنّه كان وراءها. فالدكتور ناجي حسن الذي يذكر في مقدّمة تحقيقه لجمهرة النسب : «لقد وصلتنا جمهرة النسب لابن الكلبي برواية أبي سعيد السكري عن محمّد بن حبيب عن ابن الكلبي ، ومع ذلك ظهرت فيه إضافات واضحة وزيادات وتعليقات بيّنة لم ترد في أصل الجمهرة بل أضافها الرواة والنسّاخ. ولا يستبعد أن يكون أبو سعيد السكري هو نفسه الذي قام بهذا العمل حين وجد لديه فيضاً من الأخبار ذات الصلة بالأنساب» (١).

أمّا الرواية الاُخرى التي يذكرها النيسابوري فهي عن علي بن عثام العامري كما هو اسمه في سير أعلام النبلاء ويبدو أنّه حرّف من عثام إلى غنام عند النيسابوري. ولو كانت روايته هذه محل اعتماد لما تغاضى عنها الذهبي في سيره وهو المعروف بموقفه المضاد لمن يذكر مناقب لعليّ عليه السلام. وهذا يكفي في أنّها من الضعف والهزال ما جعل الذهبي يتجاهلها.

وهناك رواية شاذة ذكرها الأزرقي في أخبار مكّة : حدّثني محمّد بن يحيى ، حدّثنا عبد العزيز بن عمران ، عن عبد الله بن أبي سليمان عن أبيه أنّ فاختة بنت زهير بن الحارث بن أسد بن عبد العزى ـ وهي اُمّ حكيم بن حزام ـ دخلت الكعبة وهي حامل ، فأدركها المخاض فيها ، فولدت حكيماً في الكعبة ، فحملت في نطع وأُخذ ما تحت مثبرها (موضع الولادة) فغسل عند حوض زمزم ، وأخذت ثيابها التي ولدت فيها فجعلت لقىً (٢).

__________________

(١) مقدّمة جمهرة النسب.

(٢) أخبار مكة (للأزرقي) ١ : ١٧٤.


فأوّلاً : أنّ محمّد بن يحيى كما في كتاب الجرح والتعديل للرازي قال : سألت أبي عنه فقال : كان رجلاً صالحاً وكانت به غفلة ، رأيت عنده حديثاً موضوعاً. توفي سنة (٢٤٣ هـ) (١).

أمّا : عبد العزيز بن عمران فيقول عنه البخاري : إنّه لا يكتب حديثه ، منكر الحديث ، وقال عنه النسائي : متروك الحديث ، وقال عنه الرازي : متروك الحديث ، ضعيف الحديث ، منكر الحديث جدّاً ، وقال محمّد بن يحيى الذهلي النيسابوري : عليّ بدنة إن حدّثت عن عبد العزيز بن عمران حديثاً (٢).

هذا مضافاً إلى أن الأزرقي في نفسه محل كلام حيث لم أعثر على شيء يدلّ على توثيقه وأمامك حياته في كتابه أخبار مكّة.

والمتحصّل من هذا المختصر ومن غيره أنّ رواية ولادة حكيم إن لم نقل بسقوطها فهي غير معتبرة عند كثير من المحدّثين والمؤرّخين ، بل نفاها جمع منهم بنفيهم ولادة غير أمير المؤمنين عليه السلام كما سنرى في مضامين هذا الكتاب (٣).

__________________

(١) تذكرة الحفّاظ ٢ : ٥٠١ ، والجرح والتعديل ٨ / ١٢٤ ، وسير أعلام النبلاء ١٢ : ٩٦.

(٢) التاريخ الكبير ٦ : ٢٩ ، والتاريخ الصغير ٢ : ٢٣٤ ، والجرح والتعديل ٥ : ٣٩٠ ، وتاريخ بغداد ١٠ : ٤٤١ ، وتهذيب التهذيب ٦ : ٣٥١ ، وميزان الاعتدال ٢ : ٦٣٢.

(٣) من المصادر التي اعتمدتها في هذه المقدمة المختصرة مقالة قيّمة ونافعة للأُستاذ شاكر شبع (الولادة في الكعبة المعظّمة) نشرت في مجلة تراثنا العدد ٢٦ ، وطبعت في هذه المجموعة برقم (٥).


فصول الكتاب

حديث المولد الشريف وتواتره :

يفتتح المؤلّف حديثه في هذا الباب بمقدّمة قصيرة جميلة تنمّ على قدرة عجيبة في اختيار الألفاظ ودقّتها على المراد.

يقول فيها : «إنّ المنقب في التاريخ والحديث جدّ عليم بأنّ هذه الفضيلة من الحقائق التي تطابق على إثباتها الرواة ، وتطامنت النفوس على اختلاف نزعاتها على الإخبات بها حيث لا يجد الباحث قطّ غميزَة في إسنادها ، ولا طعناً في أصلها ، ولا مُنتدحاً للكلام على اعتبارها ، وتضافر النقل لها وتواترت الأسانيد إليها ، وإن وجدَ حولها صَخباً من شذّاذ الناس وطأه بأخمص حجاه ، وأهواه إلى هوة البطلان السحيقة».

بعد هذه المقدّمة راح ينقل الرواية التي تحكي ولادةً اُخرى غير ولادة علي عليه السلام داخل الكعبة. ولادة حكيم بن حزام ، التي يرويها مصعب بن عبد الله ، والتي ما إن يصل النيسابوري إلى الفقرة الثانية فيها «... ولم يولد قبلَه ولا بعدَه في الكعبة أحد» وهي من زيادة هذا الراوي حتّى قال : «وهَم مصعب في الحرف الأخير وقد تواترت الأخبار أنّ فاطمة بنت أسد ولدت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ـ كرّم الله وجهه ـ في جوف الكعبة» (١).

من هذا يتضح أنّ الحاكم وإن لم يناقش الفقرة الأُولى من الرواية (ولادة حكيم في الكعبة) بل سكت عنها مكتفياً بأنّه وصف مصعباً بالتوهّم إلّا أنّه نفاها في كلامٍ آتٍ أثبته الحافظ الكنجي.

__________________

(١) المستدرك ٣ : ٤٨٣.


أقول : إنّه لم يكن متوهّماً بل يقول ما يعني ويعني ما يقول ، إنّه كان قاصداً لمآرب في نفسه كما ذكرنا ذلك في المقدّمة.

ومع هذا فإنّ الشيخ الاُردوبادي راح ينقل الإطراء على الحاكم : والحاكم من أذعن الكلّ بثقته وحفظه وضبطه وتقدّمه في العلم والحديث والرجال والمعاجم طافحة بإطرائه والثناء عليه ، والكتب مفعمة بالاحتجاج به والركون إليه ، وتآليفه شاهدة بِنُبُوغه وتضلّعه ، فناهيك به حاكماً بتواتر الحديث ، أي حديث ولادة أمير المؤمنين عليه السلام في جوف الكعبة.

ثمّ نقل نصوصاً اُخرى توافق ما ذكره الحاكم في مستدركه ، ومن هذه النصوص :

* نصٌّ لشاه ولي الله أحمد بن عبد الرحيم المحدّث الدهلوي وهو والد عبد العزيز الدهلوي مصنّف (التحفة الاثنا عشرية) في الردّ على الشيعة : «قد تواترت الأخبار أنّ فاطمة بنت أسد ولدت أمير المؤمنين علياً في جوف الكعبة ، فإنّه وٌلِدَ في يوم الجمعة الثالث عشر من شهر رجب بعد عام الفيل بثلاثين سنة في الكعبة ولم يولد فيها أحد سواه قبلَه ولا بعدَه».

هذا النصّ ورد في كتاب (إزالة الخفاء ٢ : ١٥١ ، ط. الهند) ويتضمّن أمرين مهمّين :

* تواتر الأخبار بالولادة.

* نفيه لأيّة ولادة اُخرى غير ولادة أمير المؤمنين عليه السلام.

* وأمّا الحافظ الكنجي الشافعي (ت ٦٥٨ هـ) فقد حمل إلينا في كتابه (كفاية الطالب) الذي ذكره الچلبي في كشف الظنون ونقل عنه ابن الصباغ المالكي في فصوله المهمّة واحتجّ به ابن حجر قال :


«أخبرنا الحافظ أبو عبد الله محمّد بن محمود النجار بقراءتي عليه ببغداد ، قلت له : قرأت على الصفار بنيسابور : أخبرتني عمّتي عائشة ، أخبرنا ابن الشيرازي ، أخبرنا الحاكم أبو عبد الله محمّد بن عبد الل الحافظ النيسابوري قال : «ولد أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب بمكّة في بيت الله الحرام ، ليلة الجمعة ، لثلاث عشرة ليلة خلت من رجب ، سنة ثلاثين من عام الفيل ، ولم يولد قبلَه ولا بعدَه مولود في بيت الله الحرام سواه ، إكراماً له بذلك ، وإجلالاً لمحلّه في التعظيم» (١).

وهو أيضاً نصّ من الحاكم لا ريب فيه على أنّ الولادة تمّت في الكعبة وفيه نفي لأيّة ولادة اُخرى مزعومة كولادة حكيم.

* لشهاب الدين أبي الثناء السيّد محمود الآلوسي المفسّر ورد في شرحه لعينية العمري حينما قرأ :

أنتَ العليُّ الذي فوقَ العُلى رُفعا

بِبَطْنِ مكّةَ عند البيت إذْ وُضِعا

قال : «وفي كون الأمير ـ كرّم الله وجهه ـ وٌلِدَ في البيت ، أمر مشهور في الدنيا ، وذكر في كتب الفريقين السنّة والشيعة ... إلى قوله : ولم يشتهر وضع غيره ـ كرّم الله وجهه ـ كما اشتهر وضعه ، بل لم تتّفق الكلمة عليه.

وما أحرى بإمام الأئمّة أن يكونن وضعه فيما هو قبلة للمؤمنين ، وسبحان من يضع الأشياء في مواضعها وهو أحكم الحاكمين» (٢).

أقول : وحينما وصل إلى بيت آخر من قصيدة العمري نفسها :

وأنت أنت الذي حطّت له قَدَمٌ

في موضعٍ يدَهُ الرحمنُ قَد وَضعا

__________________

(١) كفاية الطالب : ٤٠٧ ، وانظر الغدير (للشيخ الأميني) ٦ : ٢٢.

(٢) الغدير (للشيخ الأميني) ٦ : ٢٢.


وقيل : أحبّ عليه الصلاة والسلام ـ يعني علياً عليه السلام ـ أن يكافئ الكعبة حيث ولد في بطنها بوضع الصنم عن ظهرها ، فإنها كما ورد في بعض الآثار كانت تشتكي إلى الله تعالى عبادة الأصنام حولها وتقول : أي ربّ حتى متى تعبد هذه الأصنام حولي؟ والله تعالى يعدها بتطهيرها من ذلك ، وإلى هذا المعنى أشار العلّامة السيّد رضا الهندي بقوله :

لما دعاك اللهُ قِدماً لأنْ

تولَدَ في البيتِ فلبّيتهُ

 شكرتَه بين قريشِ بأنْ

طهّرتَ من أصنامهم بَيتهُ (١)

وبعد ذلك راح المؤلّف ينقل أقوالاً اُخرى لعلماء من الشيعة منهم العلّامة السيّد الحسيني الآملي صاحب كتاب (الكشكول فيما جرى على آل الرسول) : «أنّه وُلِدَ في الكعبة بالحرم الشريف فلم يسبقه أحد ، ولا يلحقه أحد بهذه الكرامة ...» (٢).

ومنهم العلّامة السيّد هاشم البحراني في (غاية المرام) قال : «أنّ الروايات التي فيها أنّ أمير المؤمنين عليه السلام وُلِدَ في الكعبة بلغت حدّ التواتر ، وهي معلومة في كتب العامّة والخاصّة» (٣).

ومنهم السيّد محمّد الهادي الحسيني في كتابه (اُصول العقائد وجامع الفوائد) حيث قال : «كان مولده عليه السلام في جوف الكعبة على ما روته الشيعة وأهل السنة» (٤).

__________________

(١) انظر الغدير ٦ : ٢٢ ـ ٢٣.

(٢) الكشكول : ١٨٩.

(٣) غاية المرام : ١٣.

(٤) اُصول العقائد : ١٦٥ مترجماً من الفارسية وملخصاً.


فهو يريد ـ والكلام للمؤلّف ـ أنّ الحديث ممّا تصافقت الأدي على نقله ، وتطامنت النفوس على روايته ، وأصفقت الجماهير من الفريقين على إثباته ، وذلك الذي نريد إثباته ، وبه يثبت التواتر.

خبر الولادة عند من لا يعمل إلّا بالخبر المتواتر :

وبعد كلّ ذلك انتقل المؤلف إلى أنّ هنكا بعضاً من العلماء لا يأبه في عمله إلّا بالخبر المتواتر في وقت يعمل فيه جمعٌ منهم بالآحاد.

ومن اُولئك : الشيخ الطبرسي صاحب تفسير مجمع البيان (ت ٥٤٨ هـ) حيث قال في كتابه (إعلام الورى) :

«لم يولد قط في بيت الله تعالى مولود سواه لا قبلَه ولا بعدَه ، وهذه فضيلة خصّه الله تعالى بها إجلالاً لمحلّه ومنزلته وإعلاءً لقدرته» (١).

ومن اُولئك : الشريف المرتضى (ت ٤٣٦ هـ) وهو يشرح القصيدة المذهبة للسيّد الحميري ، قال :

«وروي أنّها ـ يعني فاطمة بنت أسد ـ ولدته في الكعبة ، ولا نظير له في هذه الفضيلة» (٢).

وهنا يقول المؤلف :

وليس قصده من إيرادها بلفظ «روي» إسنادها إلى رواية مجهولة ، وإنّما جرى فيها على ديدنه في هذا الكتاب من سرد الحقائق الراهنة مقطوعة عن الأسانيد لشهرتها وتضافر النقل لها وتداولها في الكتب لفتاً للأنظار إليها وإشادة بذكرها على نحو الاختصار ، وعلى ذمّة الباحث إخراجها من مظانّها ، ولذلك تراه يقول بعد الرواية غير متلكئ ولا متلعثم : «ولا نظير له ...» كجازمٍ بحقيقتها ، مؤمن بصحّتها وتواترها ، وإلّا لَلَفظَها كما هو دأبه في غير واحد من الأحاديث.

__________________

(١) اعلام الورى : ١٥٣.

(٢) شرح القصيدة المذهبة : ٥١.


والشريف الرضيّ ، (ت ٤٦ هـ) في كتابه (خصائص الأئمّة) حيث قال : «ولد عليه السلام بمكة في البيت الحرام لثلاث عشرة ليلة خلت من رجب بعد عام الفيل بثلاثين سن ، واُمّه فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف ، وهو أوّل هاشميّ في الإسلام وُلِدَ من هاشم مرّتين ، ولا نعلم مولوداً في الكعبة غيره» (١).

كما حذا حذوهما شيخ الطائفة الطوسي ، (ت ٤٦٠ هـ) في (التهذيب) ثالث الكتب الأربعة المعوّل عليها عند الشيعة حيث قال : «ولد بمكّة في البيت الحرام يوم الجمعة ...» (٢).

وروى في (مصباح المتهجّد) تأريخ شهر الولادة ومحلّها (٣).

ومنهم أيضاً الشيخ المفيد ، (ت ٤١٣ هـ) قال في (الإرشاد) : «ولد بمكّة في البيت لاحرام يوم الجمعة ، ولم يولد قبلَه ولا بعدَه مولود في بيت الله سواه ، إكراماً له من الله جلّ اسمه له بذلك ، وإجلالاً لمحلّه في التعظيم» (٤) كما روى في مزاره وشاركه في هذا كلّ من الشهيد في مزاره وابن طاوس في مصباح الزائر ما علّمه الإمام الصادق عليه السلام لمحمّد بن مسلم حين زيارته أمير المؤمنين عليه السلام : «السلام عليك يا من وُلِدَ في الكعبة أو السلام على المولود في الكعبة» (٥).

والشيخ المفيد ـ والقول للمؤلّف ـ من عرفته الاُمّة بالنقد والتمحيص وأنّه كيف كان يردّ الأخبار لأدنى علّة في أسانيدها أو متونها أو يتردّد في مفادها ، يعرف ذلك كلّه من سبر كتبه ورسائله ومسائله ، أو هل تراه مع ذلك يعدل عن

__________________

(١) خصائص الأئمة : ٣٩.

(٢) التهذيب ٦ : ١٩ كتاب المزار.

(٣) مصباح المتهجد : ٧٤١ و ٧٥٤.

(٤) الإرشاد : ٩٠ ، والمقنعة : ٧٢ ، ومسار الشيعة : ٣٥.

(٥) انظر الإقبال : ٦٠٨ ، ومصباح الزائر : ١٠٦ ، والمزار الكبير : ٢٦٧ ، والبحار ١٠٠ : ٣٧٤.


خطته القويمة فيرمي القول على عواهنه بذكر الواهيات على سبيل الجزم بها لا سيّما في كتاب (الإرشاد) الذي قصد فيه إعلاء ذكر آل محمّد صلى الله عليه وآله والتنويه بفضلهم وإمامتهم وتقدّمهم فيها ، فهل يذكر فيه إلّا ما هو مسلّم بين الفريقين أو الملأ الشيعي على الأقلّ؟!

وتبع الشيخ المفيد معاصره النسّابة ابن الصوفي (١).

مع السيّد الحميري :

وقد أوشك هذا الفصل على نهايته ، ارتأى الشيخ أن يقتطع شيئاً ممّا نظمه السيّد الحميري (ت ١٧٩ هـ) فيما يخصّ ولادة الإمام عليه السلام في الكعبة :

ولدته في حرم الإله وأمنهِ

والبيت حيثُ فناؤه والمسجدُ

بيضاءُ طاهرةُ الثياب كريمةٌ

طابَتْ وطابَ وليدُها والمولدُ

 وله أبيات اُخرى منها :

طِبت كَهلاً وغُلاماً

ورَضيعاً وجَنينا

 وببَطْنِ البيتِ مولُو

داً وفي الرَمْلِ دَفينا (٢)

وقد عدّ المؤلّف نظم السيّد الحميري هذا أثبت لمفاده من أسانيد متساندة. والسبب في هذا ـ كما يقول المؤلّف ـ : هو أنّ السيّد الحميري الذي كان يسير بشعره الركبان في القرن الثاني ، والذي راح ينافح الآخرين من أعداء أهل بيت الوحي عليهم السلام وحتّى تكون حجّته قويّة لابدّ له من أن يحاججهم لا بالواهيات ولا بما لا يعرفه الناس أو لا يعترفون به.

__________________

(١) انظر المجدي : ١١.

(٢) انظر المناقب (لابن شهر آشوب) ٢ : ١٧٥ ـ ١٧٦ ، وروضة الواعظين : ٩١ ، وأعيان الشيعة ١ : ٣٢٤.


وممّا نظمه كلّ من السرخسي :

ولدتْهُ منجبةٌ وكان وِلادُها

في جوف كعبة أفضل الأكنان

والشفهيني :

أم هل ترى في العالمين بأسرهم

بَشَراً سواه ببيتِ مكّة يولَدُ؟

ويختم هذا الفصل بقول ثقة الإسلام النوري : «إنّ هذه الفضيلة الباهرة جاءت في أخبار غير محصورة ، ومنصوص بها في كلمات العلماء وفي ضمن الخطب والأشعار ...».

وهنا يقول المؤلّف : ومهما حملنا قوله إنّها : «جاءت في أخبار غير محصورة» على المبالغة ، فإن أقل مراتبه أن تكون متواترة.

حديث الولادة الشريفة مشهور بين الاُمّة :

تحت هذا العنوان كتب سماحته :

إنّ أيسر ما يسع الباحث إثباته هو شهرةُ هذه النبأ العظيم بنصوص أئمّة الحديث بذلك من ناحية ، وبتداول ذكره في الكتب من ناحية اُخرى ، وبالتسالم على روايته واطراد أسانيده من جهة ثالثة. ولها شواهد أُخرى لعلّك تقف عليها في غضون هذه الرسالة إن شاء الله.

ثمّ راح يذكر أقوال كبار علماء الحديث ، نكتفي بأسمائهم وكتبهم وبعض أقوالهم ، لننتقل بعد ذلك إلى روايات الولادة المباركة للإمام علي عليه السلام.

* العلّامة المجلسي في جلاء العيون : «إنّ ولادته عليه السلام في البيت ، يوم الجمعة الثالث عشر من شهر رجب ، سنة ثلاثين من عام الفيل ، مشهورة


بين المحدّثين والمؤرّخين من الخاصة والعامة» (١).

* المولى محمود بن محمّد باقر في تحفة السلاطين : «إنّ حديث ولادته عليه السلام في البيت يوم انشقّ جداره لفاطمة بنت أسد فدخلته ، مشهور كالشمس في رائعة النهار» (٢).

* السلطان محمّد بن تاج الدين في تحفة المجالس : «إنّ القريب إلى الصواب أنّ عليه السلام وُلِدَ في الكعبة» وذكر بعض أخبارها. ثمّ قال : «وفي الأخبار أنّه لم يكن شرف الولادة في البيت لأي أحد قبلَه ولا بعدَه» (٣).

* الشيخ العالمي الأصبهاني (ت ١١٠٠ هـ) في ضياء العالمين : «إنّ الولادة في البيت كانت مشهورة في الصدر الأول ، بحيث لم يكن إنكارها مع أنّهم ـ يعني أهل الخلاف ـ أنكروها أيضاً أخيراً» (٤).

هذا ، وإنّ هذه الشهرة في الأخبار لا يبارحها التواتر في الأسانيد.

* وانظر العلّامة الحلّي (ت ٧٢٦ هـ) في كشف الحق وكشف اليقين (٥) ..

* والاربلي (ت ٦٩٢ هـ) في كشف الغمّة حيث قال : «ولم يولد في البيت أحد سواه قبلَه ولا بعدَه ، وهي فضيلة خصّه الله بها إجلالاً له وإعلاءً لرتبته وإظهاراً لتكرمته» (٦).

* ومثله الشيخ ابن الفتّال النيسابوري في روضة الواعظين.

__________________

(١) جلاء العيون ١ : ٢٣٢ ، فارسي.

(٢) تحفة السلاطين : ٢ ، فارسي.

(٣) تحفة المجالس : ٦٤ ، فارسي.

(٤) ضياء العالمين : ٢.

(٥) نهج الحق وكشف الصدق : ٢٣٢ ، وكشف اليقين : ٥.

(٦) كشف الغمّة ١ : ٥٩.


* والحافظ ابن شهر آشوب المازندراني (ت ٥٨٨ هـ) في مناقبه وبعد أن روى أحاديث الولادة (١).

* العلّامة العاملي في الصراط المستقيم ذاكراً اُرجوزة السيّد الحسيني :

ومولدُ الوصيّ أيضاً في الحرم

بكعبة الله العليّ ذي الكرم (٢)

 * العلّامة الطبرسي الآملي في تحفة الأبرار (٣).

* القاضي السعيد الشهيد سنة (١٠١٩ هـ) التستري حين طفق ينازل ويناضل القاضي روزبهان من علماء المعقول والمنقول ، حنفي الفروع أشعري الاُصول ، في إحقاق الحق حيث قال : «إنّ الفضيلة والكرامة في أنّ باب الكعبة كان مقفلاً ، ولمّا ظهر آثار وضع الحمل على فاطمة بنت أسد ـ رضي الله عنها ـ عند الطواف خارج الكعبة انفتح لها الباب بإذن الله تعالى ، وهتف بها هاتف بالدخول.

كما عقّب التستري على مسألة ولادة حكيم قائلاً : «وعلى تقدير صحّة تولّد حكيم بن حزام قبل الإسلام في وسط بيت الله الحرام فإنّما كان بحسب الاتفاق كما يتّفق بسقوط الطفل من المرأة ، والعجل من البقرة في الطريق وغيره ، على أنّ الكلام في تشرّف الكعبة بولادته فيها ، لا في تشرّفه بولادته في الكعبة» (٤).

* أبو الحسن المالكي في (الفصول المهمة في معرفة أحوال الأئمة) يذهب المذهب نفسه في ولادة حكيم : فبعد أن يذكر ولادة عليّ في جوف الكعبة قال : «وأمّا حكيم بن حزام فولدته اُمّه في الكعبة اتفاقاً لا قصداً».

__________________

(١) مناقب ابن شهر آشوب ٢ : ١٧٥.

(٢) الصراط المستقيم ٢ : ٢١٥.

(٣) تحفة الأبرار ، ب ٤ ، ف ٢.

(٤) انظر إحقاق الحقّ.


وقد أصفق في هذا الكلام معه البحّاثة عبد الرحمن الصفوري الشافعي في نزهة المجالس (١).

بعد هذا فإنّ كتباً كهذه «المتينة المبنية على الحجاج والنضال لا سيما كتب العلّامة والقاضي التستري وابن البطريق لم يتوّخ مؤرخوها ـ والكلام ما زال للشيخ المؤلف ـ سرد الوقائع التاريخية من أينما حصلت ، وإنّما قصدوا فيها إلزام الخصوم بالحجج النيّرة ، فهل يمكنهم إذن أن يسترسلوا بإيراد ما توسّع بنقله القالة من دون تثبّت؟

لا ، ولكن شريعة الحقّ والدين تلزمهم بإثبات الشائع الذائع المتلقّى عند الفريقين بالقبول المشهور نقله ، الثابت إسناده بحيث لا يدع للمتعنت وليجةً إلى إنكاره ، وإلّا لعاد ما يذكره ثلماً في بيانه ، وفتاً في عضد برهانه ، فمن الواجب إذن أن يكون هذا الجواب ممّا يخضع له الخصم ولا يتقاعس عن الإخبات به الأولياء لمكان شهرة النقل له».

روايات الولادة المباركة :

وهنا راح الشيخ المؤلّف يذكر بعض روايات الباب ، نذكر بعضها ونكتفي بمصادر الاُخرى.

* روى الوزير السعيد الإربلي في (كشف الغمّة) عن كتاب (بشارة المصطفى) مرفوعاً إلى يزيد بن قَعنب ، قال :

كنتُ جالساً مع العبّاس بن عبد المطلب رضي الله عنه وفريق من بني عبد العزى بإزاء بيت الله الحرام ، إذ أقبلت فاطمة بنت أسد اُمّ أمير المؤمنين عليه السلام ، وكانت حاملاً به

__________________

(١) الفصول المهمة : ٣٠ ، وأيضاً نزهة المجالس ٢ : ٢٠٤.


لتسعة أشهر ، وقد أخذها الطلقُ فقالت : يا ربّ ، إنّي مؤمنةٌ بك وبما جاء من عندك من رسل وكتب ، وإنّي مصدّقة بكلام جدّي إبراهيم الخليل ، وأنّه بنى البيت العتيق ، فبحقّ الذي بنى هذا البيت ، وبحقّ المولود الذي في بطني إلّا ما يسرت عليَّ ولادتي.

قال يزيد بن قَعْنَب : فرأيتُ البيت قد انشقّ عن ظهره ، ودخلت فاطمة فيه وغابت عن أبصارنا ، وعادَ إلى حاله ، والتزقَ الحائط ، فؤُمْنا أن ينفتح لنا قفلُ الباب فلم ينفتح ، فعلمنا أنّ ذلك من أمر الله عزّ وجل ، ثمّ خرجت في اليوم الرابع وعلى يدها أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام (١).

* ورواها ابن الفتّال في (روضة الواعظين) وفي (كشف اليقين) للعلّامة الحلّي ، و (كشف الحق) عن (بشارة المصطفى) وفي (الإرشاد) لأبي محمّد الحسن الديلمي عن البشارة أيضاً مثله (٢).

وروى مختصراً منه محمّد صالح الترمذي في مناقبه (٣) ، ورواه مع بعض التغيير الشيخ الصدوق (ت ٣٨١ هـ) في (الأمالي) و (علل الشرائع) و (معاني الأخبار) (٤).

* ورواه الشيخ الطوسي في (أماليه) عن أبي الحسن محمّد بن أحمد بن الحسن ابن شاذان ، عن أحمد بن محمّد بن أيّوب ، عن عمر بن الحسن القاضي ، عن عبد الله بن محمّد ، عن أبي حبيبة ، عن سفيان بن عيينة ، عن الزُهْري ، عن عائشة.

__________________

(١) كشف ا لغمّة ١ : ٦٠ ، وبشارة المصطفى : ٧.

(٢) إرشاد القلوب : ٢١١.

(٣) مناقب مرتضوي : ٨٧ ، ط. بومباي ، ١٣٢١ هـ.

(٤) الأمالي ١١٤ : ٩ ، وعلل الشرائع ١ : ٣ و ١٣٥ ، ومعاني الأخبار ٦٢ : ١٠.


* وعن محمّد بن أحمد بن شاذان ، عن سهل بن أحمد ، عن أحمد بن عمر الربيعي ، عن زكريا بن يحيى ، عن أبي داود ، عن شعبة ، عن قتادة ، عن أنس ابن مالك ، عن العباس بن عبد المطلب.

قال الشيخ : وحدّثني إبراهيم بن عليّ ، بإسناده عن أبي عبد الله جعفر بن محمّد عليهما السلام ، عن آبائه عليهم السلام قال :

كان العبّاس بن عبد المطلب ويزيد بن قَعنَب جالسين ما بين فريق بني هاشم إلى فريق عبد العزّى ، بإزاء بيت الله الحرام ، إذ أتت فاطمة بنت أسد بن هاشم اُمّ أمير المؤمنين عليه السلام ، وكانت حاملة بأمير المؤمنين عليه السلام لتسعة أشهر ، وكان يوم التمام.

قال : فوقفت بإزاء البيت الحرام وقد أخذها الطلق ، فرمت بطرفها نحو السماء.

رأينا البيت قد انفتح من ظهره ، ودخلت فاطمة فيه وغابت عن أبصارنا.

وبقيت فاطمة في البيت ثلاثة أيّام.

قال : وأهل مكّة يتحدّثون بذلك في أفواه السكك ، وتتحدّث المخدرات في خدورهنّ.

قال : فلمّا كان بعد ثلاثة أيام انفتح البيت من الموضع الذي كانت دخلت فيه ، فخرجت فاطمةٌ وعليّ على يديها.

* وفي (المناقب) لابن شهر آشوب روايتان : رواية شعبة ، عن قتادة ، عن أنس ، عن العباس بن عبد المطلب ؛ ورواية الحسن بن محبوب ، عن الصادق عليه السلام ، والحديث مختصر : أنّه انفتح البيت من ظهره ، ودخلت فاطمة فيه ، ثمّ عادت الفتحة والتصقت ، وبقيت فيه ثلاثة أيّام.

* عن يزيد بن قعنب ؛ وجابر الأنصاري : وهو المعروف بحديث الراهب المثرم بن دعيب : فلمّا قربت ولادته أتت فاطمة إلى بيت الله وقالت : ربّ إنّي مؤمنة بك ، فانفتح البيت ودخلت فيه فإذا هي بحوّاء ، ومريم ، وآسية ، واُمّ موسى ، وغيرهنّ ، فصنعن مثل ما صنعن برسول الله صلى الله عليه وآله وقت ولادته.


* وحديث الراهب رواه ابن الفتّال في (روضة الواعظين) على وجه هو أبسط من هاتين الروايتين المفصّلتين (١) كما ذكره غيره (٢).

وفي هذه المصادر وفي غيرها روايات مفصّلة أيضاً حول الولادة المباركة (٣).

وقد نظم مضامينها صاحب الوسائل الحرّ العاملي (ت ١١٠٤ هـ) اُرجوزةً نذكر بيتين منها :

مولدُهُ بمكّة قد عُرفا

في داخل الكعبة زيدتْ شرفا

 على رُخامة هناك حمرا

معروفة زادت بذاك قدرا (٤)

والمشهور بين الخاصّة والعامة أنّه وُلِدَ بين العمودين على البلاطة الحمراء.

وذكر العالم الشكوئي (ت ١٣٣٠ هـ) في كتابه (مصباح الحرمين) في وداع الكعبة اُموراً ، منها «الصلاة بين الاسطوانتين على الرّخامة الحمراء ، وهي على رواية بعض العلماء محل ولادة أمير المؤمنين عليه السلام كما مرّ في فصل المستجار ...» (٥).

* * *

وقال الشيخ أحمد بن الحسن الحرّ في (الدرّ المسلوك في أحوال الأنبياء والأوصياء والملوك) في الفصل الرابع ، في ذكر أمير المؤمنين علي عليه السلام : ولادته في الكعبة في البيت على الحجر.

إذن فحديث ولادته عليه السلام أمر مشهور وروايته متواترة عند الفريقين.

__________________

(١) روضة الواعظين : ٧٧ ـ ٨١.

(٢) الفضائل (لشاذان بن جبرئيل) : ٥٤ ، وجامع الأخبار : ١٥.

(٣) علل الشرائع ٣ : ١٣٥ ، ومعاني الأخبار ١٠ : ٦٢ ، وأمالي الصدوق ٩ : ١١٤ ، وأمالي الطوسي ٢ : ٣١٧ ، ومناقب ابن شهر آشوب ٢ : ١٧٢ ، وروضة الواعظين : ٧٧.

(٤) منظومة في تواريخ المعصومين عليهم السلام ، مخطوطة.

(٥) مصباح الحرمين : ١٩٤.


نبأ الولادة والمحدّثون :

حتّى يصل سماحة الشيخ إلى المراد من المحدّثين راح يميّز بين المحدّثين الذين يصفهم بأنّهم سذّج ، لم يجيدوا إلّا نقل الأساطير أو قول بسيط مثل : «حدّثني فلان» فيحشد أساطير وأقوالاً بعيداً عن التفقّه في مغزى الحديث والتبصّر في مؤداه ....

يميّز بين هذا النوع من الذين يطلق عليهم أنّهم المحدّثون وبين نوع آخر اُولئك هم أئمّة الحديث ومهرة فنّه النياقد ، الذين ـ كما يعتبر الشيخ عنهم ـ لا يروقهم رمي القول على عواهنه ، فلا يؤمنون بالمنقول إلّا بعد التفرّغ من أمر إسناده والتثبّت فيه والتروّي في متنه ، حذار مخالفته لمعقول أو مصادمته لشيء من الاُصول ، وبالتالي فإنّ هذا المحدّث هو الحبر الناقد الضليع في العلم الذي ضرب فراغاً في أوقاته للتبصّر في هذا الفنّ ، والإحاطة به من أطرافه. فهو محدّث وهو فقيه وهو مفسّر حين يتحرّى مغازى آي الكتاب الكريم واكتشاف مخبآتها وهو فنيّ إذا عطف النظر على أيٍّ من العلوم.

وهذا هو المحدّث الذي يقصده سماحته ويريده وذكر لهذا مصاديق كالسيّد المرتضى والسيّد الرضيّ والشيخ الطوسي ، وقبلهم الصدوق وبعدهم ابن شهر آشوب وابن الفتّال والعلّامة الحلّي وابن البطريق ، ومن أهل السنّة كالحاكم وغيره.

وقفة قصيرة مع ابن أبي الحديد :

يقول ابن أبي الحديد في شرح النهج : واختلف في مولد علي عليه السلام أين كان؟ فكثير من الشيعة يزعمون أنّه وُلِدَ في الكعبة ، والمحدّثون لا يعترفون بذلك ، ويزعمون أنّ المولود في الكعبة حكيم بن حزام (١).

__________________

(١) شرح نهج البلاغة ١ : ١٤.


* كيف يصحّ هذا والحاكم النيسابوري من أئمّة الحديث يقول : «... وقد تواترت الأخبار أنّ فاطمة بنت أسد ولدت أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب ـ كرّم الله وجهه ـ في جوف الكعبة».

وما قاله المحدّث الدهلوي بتواتره ، وقول الآلوسي : «إنّه أمرٌ مشهورٌ في الدنيا» وغيرهم من المحدّثين كما أسلفنا وكما هو آتٍ؟!

اللهمّ إلّا أن يقصد ابن أبي الحديد بالمحدّثين اُولئك الذين وصفهم الشيخ بالسذّج. لا مهرة الحديث وأئمّته.

* وهذا العلّامة المحدّث أبو الفتح الكراجكي قال في (كنز الفوائد) بعد أن ذكر أحاديث في مقدّمة الولادة من خبر الكاهن ورؤيا فاطمة بنت أسد وتعبير الكاهن لها ما لفظه : «وفي الحديث أنّها ـ يعني فاطمة بنت أسد ـ دخلت الكعبة على ما جرت به عادتها ، فصادف دخولها وقت ولادتها فولدت أمير المؤمنين عليه السلام داخلها» (١).

وممّن يذكر خبر الولادة المباركة كلّ من الشيخ أبو الفوارس في كتاب (الأربعين) والرواية التي يذكرها بسندها الطويل المضطرب إلى ميثم التمّار وفيها عدّة مناقب للإمام منها الولادة في الحرم (٢).

* والفقيه ابن المغازلي المالكي في مناقبه الذي يذكر حديث الولادة مرفوعاً إلى علي بن الحسين عليهما السلام.

* وأبو عبد الله الشافعي الكنجي الحافظ (ت ٦٥٨ هـ) في كفاية الطالب الذي ذكر رواية الولادة لعليّ عليه السلام بسندها عن جابر بن عبد الله (٣).

__________________

(١) كنز الفوائد ١ : ٢٥٥.

(٢) الأربعون حديثاً ، مخطوط ، ونوادر المعجزات : ١٠ ، واليقين : ٧٣ ، وفضائل ابن شاذان : ٢.

(٣) كفاية الطالب : ٤٠٥.


حديث الولادة والنسّابون :

نظراً للأهميّة الكبيرة اليت يمتاز بها النسّابون في معرفة فنّهم «النسب وأخباره» نرى شيخنا قد أفرد لهم باباً خاصّاً في هذه المسألة مبيّناً مدى أهمية خبرتهم ووظيفتهم في هذا الموضوع ، متعرّضاً لبعض أقوالهم في خصوص ولادة الإمام علي عليه السلام. فنصوصهم فيها من الحجج القويمة على إثباتها ، ولهم قضاء فصل فيها وحكم عدل.

ومن هؤلاء النسّابة :

* العمري في (المجدي) : وولدت ـ يعني فاطمة بنت أسد ـ عليّاً عليه السلام في الكعبة ، وما وُلِدَ قبله أحد فيها (١).

* جمال الدين الداودي الحسني (ت ٨٢٨ هـ) في (عمدة الطالب) : ذكر أنّ الولادة كانت في الكعبة ، ونفى أن يكون أحد وُلِدَ في البيت سواه قبله وبعده ، إكراماً له من الله عزّ وجل (٢).

*العلّامة السيّد محمّد الحسيني النجفي في (المشجّر الكشاف لأُصول السادة الأشراف) : وُلِدَ علي بمكّة ثمّ قال : «ولم يولد قبلَه ولا بعدَه مولود في بيت الله الحرام سواه».

ومثلهم النسّابة أبو عبد الله الراضي صاحب (مناهل الضرب في أنساب العرب).

وهناك اُرجوزة للنسّابة أبي صالح النباطيّ النجفي (ت ١١٨٣ هـ) :

مولدُه الجمعةُ يومَ السابعِ

في شهر شَعبان ببيت الصانعِ

__________________

(١) المجدي : ١١.

(٢) عمدة الطالب : ٥٨.


حديث الولادة والمؤرّخون :

إن السابر زُبر التأريخ وحوادثه يجد هذا الحديث ـ والكلام للشيخ ـ من أثبت ما تعرّض له مؤلّفوها ، وقد أثبتوه مخبتين به ، مذعنين بحقيقته ، ومنهم من نصّ بخصّته عندهم جميعاً.

وقد اختار الشيخ من هؤلاء المؤرّخين جمعاً وصفهم بالبراعة في فنّهم وقدرتهم على الوقوف على المختلف فيه والمتّفق عليه. وإن تعرّضت بحوث هذا الكتاب لمثل أوال هؤلاء المؤرّخين أو بما يربو عليها أو يقاربها ، ومع هذا نقرأ لبعضهم :

* المؤرّخ محمّد خاوند شاه في (روضة الصفا) ، قال : «كانت ولادته عليه السلام في رواية يوم الجمعة في الثالث عشر من رجب سنة ثلاثين من عام الفيل ، وكان ميلاده عليه السلام في جوف الكعبة ، فإنّ اُمّه كانت تطوف بالبيت ، أو أنّ المشيئة الإلهية أجاءتها إلى فنائه ، وكانت في أوّل الطلق ، فكانت ولادته فيها ، ولم تتح هذه السعادة لأيّ أحد منذ بدء الخليقة إلى الغاية. وإن لصحّة هذا الخبر بين المؤرّخين المتحفّظين على الفضائل صيتاً لا تشوبه شبهة ، وتجاوز عن أن يصحبه الشكّ والترديد» (١).

والرجل مع ذلك ـ كما يقول الشيخ ـ يصافق مَن تقدّمه على أنّها ممّا اختصّ بها أمير المؤمنين عليه السلام ولا يشاركه فيها أيّ أحد.

ولا ريب في ذلك غير أنّ أعداء آل البيت النبوي افتعلوا حديث حكيم بن حزام فتّاً في عضد هذه الفضيلة ، لكن المنقّبين من الفريقين لم يأبهوا به ، وبذلك تعرف قيمة ما هملج به القاضي روزبهان من أنّ ذلك مشهور بين الشيعة

__________________

(١) روضة الصفا ، مترجماً من الفارسية وملخصاً.


ولم يصحّحه علماء التاريخ ، بل عند أهل التواريخ أنّ حكيم بن حزام ولد في الكعبة ولم يولد فيه غيره ... إلى آخره.

وستجد نصوص التاريخ بذلك ، وعرفت ردّ الحاكم النيسابوري على من حصر ولادة البيت بحكيم ، وذكر تواتر النقل بولادة أمير المؤمنين عليه السلام فيه.

ومرّ أيضاً رواية أساطين أهل السنّة ، ولذلك ما يتلوه :

* المسعودي وهو الحجّة عند الفريقين يقول في (مروج الذهب) عند ذكر خلافة أمير المؤمنين عليه السلام مثبتاً هذه الحقيقة ، جازماً بها من غير ترديد ، قال : «وكان مولده في الكعبة» (١).

وقد احتجّ بكتابه هذا الموافق والمخالف وهو من المصادر الموثوقة وقد راعى فيه ـ والقول للمولف ـ جانب التقيّة بما يسعه ، بتأليفه على نسق كتب أهل السنّة وما يرتضونه من رواياتهم ، حتّى حسبه بعض من لم يرَ من كتبه غيره أنّه منهم.

فهل من السائغ إذن أن يذكر في كتاب هذا شأنه غير الثابت المتسالم عليه عند الاُمّة جمعاء ، لا سيّما في مثل المقام الذي يكثر فيه بطبع الحال ورطات القالة؟

وذكر في كتابه الآخر (إثبات الوصية) :

«وروي أنّ فاطمة بنت أسد كانت تطوف بالبيت ، فجاءها المخاض وهي في الطواف ، فلمّا اشتدّ بها دخلت الكعبة ، فولدته في جوف البيت ، وما وُلِدَ في الكعبة قبلَه ولا بعدَه غيره» (٢).

و (إثبات الوصيّة) من أنفس كتب الإمامية ، وليس من الجائز أن يحتجّ ويتبجّح فيه بما لا يقرّ به الخصم ، ولا تذعن به اُمّته ، ثمّ يقول بكلّ صراحة :

__________________

(١) مروج الذهب ٢ : ٣٤٩.

(٢) إثبات الوصية : ١١١.


«وما ولد ...» وبمشهد منه ومسمع ما تحذلقوا به من أمر حكيم بن حزام!! غير أنّ المؤرّخ لا يقيم له وزناً.

* وذكر حمد الله المستوفي (ت ٧٥٠ هـ) في (تاريخ گزيده) : «أنّ مولده عليه السلام كان سنة ثلاثين من عام الفيل ، وكان في الكعبة حيث كانت اُمّه في الطواف فبان عليها أثر الطَلق ، فأشارت إلى البيت ووضعته في جوفه» (١).

* محمّد بن طلحة الشافعي في (مطالب السؤول) وقيل : «ولد في الكعبة ، البيت الحرام» (٢).

ولا نكترث بإسناد ولادة البيت إلى القيل ، بعد قول الحاكم بتواترها ، وقول الآلوسي باشتهارها في الدنيا.

* المؤرّخ نشانجيّ في (مرآة الكائنات) : «أنّه عليه السلام وُلِدَ ولرسول الله صلى الله عليه وآله ثلاثون سنة ، كانت اُمّه فاطمة زائرة البيت فولدته فيه لحكمة لله سبحانه فيه ، ولم يرزق هذا غيره وغير حكيم بن حزام» (٣). حيث عدّ ولادته عليه السلام من حكم الله سبحانه.

* عبد الحميد خان الدهلوي في (سير الخلفاء) نقل عن غير واحد من المؤرّخين ، أنّه «ولد في مكّة المكرّمة ، ولم يتولّد أحد قبله في حصار البيت ...» (٤).

* المؤرّخ والمحدّث القمي في (تاريخ قم) سنة (٣٧٨ هـ) : «إنّ ولادة أمير المؤمنين عليه السلام في الكعبة ...» (٥).

* * *

__________________

(١) تاريخ گزيده (فارسي) : ١٩٢ مترجماً وملخصاً.

(٢) مطالب السؤول : ١١.

(٣) مرآة الكائنات ١ : ٣٨٣.

(٤) سير الخلفاء : ٢٠٨ مترجماً من الهندية وملخّصاً.

(٥) تاريخ قم : ١٩١.


* وقال السيّد علي جلال الحسيني المؤرّخ المصريّ في كتابه (الحسين عليه السلام) : «أنّه [الإمام عليّ عليه السلام] وُلِدَ بمكّة في البيت الحرام ، يوم الجمعة الثالث عشر من رجب ، سنة ثلاثين من عام الفيل ...» (١).

* أحمد الغفاري القزويني من مؤرّخي القرن العاشر ذكر في (تاريخ نگارستان) أنّه عليه السلام وُلِدَ في جوف الكعبة (٢).

* المؤرّخ الشروانيّ ذكر أنّه عليه السلام وُلِدَ في جوف الكعبة وأنّ غيره لم يولد هناك (٣).

*الكاشفي ذكر حديث ابن قعنب في (روضة الشهداء) عن (بشارة المصطفى).

* الإمام البناكتي أنّه «لم يولد قبلَه ولا بعدَه في البيت» (٤).

* عبد المسيح الأنطاكي صاحب مجلّة (العمران) المصرية ، ونحن نقتبس طاقة من خمسة آلاف بيت نظمها في حياة أمير المؤمنين عليه السلام :

في رَحبة الكعبة الزهرا قد انبثقت

أنوارُ طفل وضاءت في مَغانيها

 واستبشرَ الناسُ في زاهي ولادته

قالوا : السُّعودُ له لابدَّ لاقيها

 قالوا ابنُ مَن؟ فأجيبوا إنّه ولدٌ

من نسل هاشم من أسمى ذَراريها

 هنّوا أبا طالبِ الجوّاد والدَهُ

وتلأُمَّ فاطمةٌ هبُّوا نُهنّيها

 إنّ الرضيعَ الذي شام (٥) الضياء ببيـ

ـتِ الله عزّتُهُ لا عزَّ يَحكيها

__________________

(١) كتاب الحسين عليه السلام ١ : ١٦.

(٢) تاريخ نگارستان : ١٠ ، وانظر بشأنه كشف الظنون ٢ : ١٩٧٦ ، والذريعة ٢٤ : ٣٠٨.

(٣) روضة الصفا الجزء العاشر مترجماً من الفارسية وملخّصاً كتاب جاماسب : ٥١.

(٤) روضة الشهداء : ١٤٦.

(٥) شام : تطلع ، انظر «لسان العرب ـ شيم ـ ١٢ : ٣٢٩».


أمّا الوليدُ فلاقى الأرض مُبتسماً

فما رغا رَهَباً ما كان خاشيها

وعام مولده العام الذي بدأت

بشائرُ الوحي تأتي من أعاليها

فيه الحجارةُ والأشجار قد هتفت

للمُصطفى وهو رائيها وصاغيها

 وإذ دَرَى المصطفى فيه ولادةَ مو

لانا العَليّ غدا بالبُشر يُطريها

 وباتَ مُستبشراً بالطفلِ قال به

لنا من النِعَمِ الزَهراء ضافيها

ثمّ راح الأنطاكي يقول : «كانت ولادة سيّدنا ومولانا أمير المؤمنين في العام الثلاثين لولادة المصطفى ـ عليهما وعلى آلهما الصلاة والسلام ـ على ما حقّق المحقّقون ، فتكون ولادته الشريفة حول سنة مائة وواحد مسيحيّة ، ومن بشائر سعده ـ عليه صلوات الله ـ أنّه وُلِدَ في الكعبة كرّمها الله ، ولدته اُمّه فيها فاستبشر بذلك أبوه وعمومته.

وعند ولادته الشريفة ـ والكلام ما زال للناظم الأنطاكي ـ دعته اُمّه : حيدرة : ومعنى هذه الكلمة : الأسد ، فكأنّها أرادت أن تسمّيه باسم أبيها ، فلمّا وقع نظرُ أبيه أبي طالب عليه توسّم بملامحه العلاء ، ودعاه عليّاً. وقد صدّقت الأيّام فراسته ، فكان عليه صلوات الله عليّاً في الدنيا والآخرة.

وعام وُلِدَ سيّدنا أمير المؤمنين ـ عليه صلوات الله ـ هو العام المبارك الذي بدئ فيه برسول الله صلى الله عليه وآله فأخذ يسمعُ الهُتاف من الأحجار والأشجار ومن السماء ، وكشف عن بصره فشاهد أنواراً وأشخاصاً. وفي هذا العام ابتدأ بالتبتّل والانقطاع والعزلة في جبل حِراء ، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله يتيمّنُ بذلك العام وبولادة سيّدنا عليّ ـ عليهما وعلى آلهما الصلاة والسلام ـ وكان يسمّيه : سنة الخير ، وسنة البركة. وقال المصطفى صلى الله عليه وآله لأهله عندما بلغته بشرى ولادة المرتضى : «لقد وُلِدَ لنا الليلة مولودٌ ، يفتحُ الله علينا به أبواباً كثيراً من النعمة والرحمة». وكان قوله هذا أوّل نُبوّته ، فإنّ المرتضى ـ عليه صلوات الله ـ كان ناصره ، والحامي عنه ، وكاشف الغمّاء عن وجهه ،


وبسيفه ثبت الإسلامُ ، ورسخت دعائمُه وتمهّدت قواعدُه» (١). وقد ضمّن قصيدته كلّ ذلك وغيره من حياة الإمام عليه السلام.

* العلّامة السيّد محمّد الطباطبائي في الرسالة الموضوعة لتأريخ مواليد أئمّة الدين عليهم السلام ووفياتهم : أنّه عليه السلام : «ولد بمكّة في جوف الكعبة ، ولم يولد قبلَه ولا بعدَه أحد فيه سواه ، إكراماً له من الله جلّ اسمه بذلك ...».

* السيّد أبو جعفر الحسيني في شرح قصيدته أبي فراس الحمداني ، تعيين يوم ولادته بالجمعة ... ومحلّها بالكعبة (٢).

* قال الكفعمي في (المصباح) : «... وُلِدَ عليّ بن أبي طالب عليه السلام في الكعبة ...» (٣).

* شيخ الإسلام الزنوزيّ في (بحر العلوم) : «أنّ محلّ ولادته عليه السلام الكعبة».

* النخجوانيّ في (تجارب السلف في تواريخ الخلفاء ووزرائهم) ، فرغ منه سنة (٧٢٤ هـ) : «أنّ علياً عليه السلام وُلِدَ في الكعبة ، وسمّاه النبيّ صلى الله عليه وآله علياً ، وكنّاه بأبي تراب» (٤).

* قال الحلبيّ في سيرته (إنسان العيون) : «إنّه عليه السلام وُلِدَ في الكعبة ...».

ثمّ قال : «وقيل ، الذي وُلِدَ في الكعبة حكيم بن حزام ، قال بعضهم : لا مانع من ولادة كليهما في الكعبة ، لكن في (النور) حكيم بن حزام ولد في الكعبة ، ولا يعرف ذلك لغيره ، وأمّا ما روي أنّ عليّاً عليه السلام ولد فيها ، فضعيف عند العلماء» (٥).

__________________

(١) القصيدة العلوية : ٦١ ، وهذه القصيدة تشتمل على ٥٥٩٥ بيتاً ، وانظر الذريعة ١٧ : ١٢٠ ، والأعلام (للزركلي) ٤ : ٢٩٧.

(٢) شرح الشافية : ١٥.

(٣) مصباح الكفعمي : ٥١٢.

(٤) تجارب السلف : ٣٧ ، ط. طهران ، سنة ١٣١٣ ش ، مترجماً من الفارسية.

(٥) إنسان العيون ١ : ١٦٥.


وأنت تجد من يساق العبارة ـ وهذا القول للشيخ ـ أنّ المعتمد عند الرجل هو ولادة الإمام عليه السلام في الكعبة ، ولذلك ذكرها أوّلاً مرسلاً إيّاها إرسال المسلّم ، ثمّ عزا ولادة حكيم بن حزام فيها إلى القيل إيعازاً إلى وهنه ، ولذلك أردفه بجواب البعض عنه ، لكنّه وجد لصاحب (النور) كلمة لم يرقه الإغضاء عنها بما هو مؤرّخ ، أخذ على عاتقه إثبات المقول في كلّ باب ، وإذ لم يجد جواباً عنها لغيره لم يشفعها به ، واكتفى هو بما ذكرناه ، من اعتماده على حديث الولادة عن أن يردّ كلمة الرجل ، لأنّه مؤرّخ لا مُنقّب.

وقفة مع صاحب كتاب النور :

ويكفينا تنفيذاً لقول صاحب النور نصوص علماء أهل السنّة في ذلك ، ورواياتهم ، كنصّ الحاكم والمحدّث الدهلويّ بتواتر حديثه ، وقول الآلوسيّ : «إنّه أمر مشهور في الدنيا».

ثمّ واصل شيخنا كلامه : وأيّ عالم يردّ المتواتر ، أو يعدوه أمر مشهور ثبوته في الدنيا فيضعّفه حتّى يقول الرجل بملء فيه : «إنّه ضعيف عند العلماء»؟

وإن تعجب فعجب إثباته ولادة حكيم التي لم يستقم إسنادها ، ولا اعترف بها مخالفوه واُمم من موافقيه ، وعلى فرض وقوعها فقد ذكرنا في غير مورد من هذه الرسالة ذلك الصفوريّ الشافعيّ : «أنّها من الصدف التي لا تثبت فضيلة ولا تخرق عادة».

ثمّ تضعيفه ولادة أمير المؤمنين التي أخبت بها أئمّة الحديث ، وأثبتها نقلة التاريخ ، وطفحت بها كتب الأنساب ، ونظمتها الشعراء ، وقال بها العلماء ، وفيهم من ينفي أن يكون لغيره ـ صلوات الله عليه ـ مولد في البيت ، وهو ما ورد عن الحاكم : «ولم يولد قبلَه ولا بعدَه مولود في بيت الله الحرام سواه». وما عن البدخشيّ قوله : «ولم يولد في البيت أحد سواه ، قبلَه ولا بعدَه ، وهي فضيلة خصّه الله بها». وقد مرّ ما عن أبي داود البناكتي. وكلمة ابن الصبّاغ المالكيّ


السابقة : «ولم يولد في البيت الحرام قبلَه أحد سواه ، وهي فضيلة خصّه الله تعالى بها إجلالاً له ، وإعلاءً لمرتبته ، وإظهاراً لتكرمته». وقول الدهلوي في (سير الخلفاء) : أنّه «لم يتولّد أحد قبله في حصار البيت». والآلوسي في أوليّات هذه الرسالة : «ولم يشتهر وضعُ غيره كرّم الله وجهه ، كما اشتهر وضعه» يوعز إلى وهن حديث حكيم ، وانحياز الشهرة عنه. وقول الدهلويّ في (إزالة الخفاء) : «ولم يولد فيها أحدٌ سواه قبلَه ولا بعدَه».

هذه كل مات بعض مهرة الفنّ وأئمّة النقل ، وهنا يقول الشيخ : فلو كان يُقام لولادة حكيم في البيت وزن عند هؤلاء لما أطلقوا القول بملء الأفواه أنّ تلك خاصّة لأمير المؤمنين عليه السلام لا يشاركه فيها أحد ، مع وقوفهم على أمر حكيم ، وفيهم من أورد خبر ولادة حكيم في كتابه لكنّه غير آبهٍ به.

وقفة مع الديار بكري :

ويقرب من هذه الهملجة ما جاء به الديار بري في (تاريخ الخميس) قال : «ولد بمكّة بعد عام الفيل بسبع سنين ، ويقال : كانت ولادته في داخل الكعبة ولم يثبت» (١) ولم يترك الشيخ المؤلّف هذا العزم دون جواب فيقول :

وليت شعري بماذا تثبت الحقائق التاريخية؟ أبالوحي ، أم بأخبار الأنبياء ، وهتاف الكتب السماوية ، أم أنّ المرجع فيها الرجل والرجلان من النَقَلَة والرواة؟ وهل التزم الديار بكري في كتابه بأكثر من هذا؟ فما بال هذه الحقيقة التي هَتَف بها المئات والألوف ، وأثبتتها طبقات الناس جيلاً بعد جيل لم تثبت عنده ، وثبتت لديه هَفوات التاريخ ، التي لو أحصيتها لخرجت عن وضع الرسالة؟

__________________

(١) تاريخ الخميس ٢ : ٣٠٧.


ثمّ ما بال الديار بكري يعتمد على (شواهد النبوّة) كلّما نقل عنه ، ولا يرتضيه في خصوص المقام؟

ثمّ ما باله يغضّ الطرف عن غلطه الشائن من أنّ ولادته عليه السلام كانت بعد عام الفيل بسبع سنين ، لكنّه يردّ حديث ولادة البيت بعدم الثبوت؟

أنا أدري لماذا ، وأنت تدري ، وقبلنا الديار بكري يدري.

حديث الولادة والشعراء :

وللشعر والشعراء قصب السبق في إثبات هذه الفضيلة للإمام عليه السلام وقد بلغت من الشهرة حتى لم تدع مجالاً لإنكارها أو التشكيك فيها.

وهنا يبدأ المؤلّف هذا الفصل وقبل أن يذكر القصيدة وقائلها ، بمقدّمة جميلة جدّاً لا يسعنا تجاوزها أو اختصارها فهو يقول :

عرفت أن الحديث بلغ من الشهرة والثبوت بحيث لا يسع أيّ مُنعت إنكاره ؛ ولذلك احتجّ به فريق كبير من المحقّقين في كتب الإمامة ، وأرسله إرسال المسلّمات جموع من نياقد فنّ الحديث في باب الفضائل ، وتبجّح به زُرافات من حملة العلم ونقّاده في مؤلّفاتهم ، وهنالك لفيف لا يستهان بعدّتهم ، ولا يغمز في شيء من تثبّتهم وضبطهم من صيارفة القول ، وصاغة القريض ، وزبناء الشعر ، بين عالم ضليع ، وأديب بارع ، وشاعر مبدع ، تصدّوا لإثبات هذه الفضيلة في ما أفرغوه في بوتقة النظم ، أو حاكموه على نول الحقيقة ، فسار ذكرها مع الركبان وانتشر نشرها مع مهبّ الريح ، كما مرّ عن الحميري والسرخسي والشفهيني والحرّ العاملي والافتوني وغيرهم.

ثمّ أخذ يذكر آخرين إتماماً لما ذكره سابقاً.


حديث الولادة مجمع عليه :

بهذا العنوان صدّر الباحث الفصل الأخير من كتابه القيم هذا ، بعد أن أثبت في فصوله السابقة حديث الولادة عند الفريقين وأنه حديث مشهور عندهم حيث أعاد قول الآلوسي «إنّه أمر مشهور في الدنيا» ، وأنّه «من المناقب المتسالم عليها التي لا يفتقر ناقلها إلى كتاب» كما ذكر ذلك السيّد حيدر الآملي ، وأنّ روايته مسندة عند الفريقين مصفقين على نقله وهو ما عرفناه عن ابن اللوحيّ. وأنّ العلّامة النوري ترقّى أكثر مصرّحاً بأنّ تلك الفضيلة لا يبعد كونها من ضروريّات مذهب الإماميّة ، وأنها جاءت في أخبار غير محصورة وفي كلمات العلماء وفي الخطب والأشعار في جميع الأعصار ، وهو إجماع الشيعة عليه كما نقل ذلك صاحب «مدينة المعاجز» عمّا ذكره ابن شهر آشوب في مناقبه ، وفي مناقب المعصومين أنه إجماع أهل البيت عليهم السلام.

ثمّ ذكر أقوال بعض علماء الشيعة حيث أرسلوا ولادته عليه السلام في الكعبة إرسال المسلّمات نافين عنه أيّة شبهة وارتجاف ، ومنهم العلّامة قطب الدين اللاهجي في كتابه (محبوب القلوب) فبعد أن نصّ على أنّ ولادته عليه السلام تمّت داخل الكعبة يوم الجمعة في الثالث عشر من رجب قبل الهجرة بثلاثة وعشرين عاماً. قال : «ولم يولد في البيت الحرام قبله أحد سواه» مبيّناً أنّها «فضيلة خصّة الله تعالى بها إجلالاً له وإعلاءً لمرتبته وإظهاراً لكرامته».

ويقرب من هذا أقوال كلّ من السيّد عباس الموسوي المكّي في رحلته (نزهة الجليس ومنية الأديب الأنيس) والسيّد نعمة الله الموسوي الجزائري (ت ١١١٢ هـ) في (الأنوار النعمانيّة) ونظام الدين الساوجي في تكملة الجامع العبّاسي لبهاء الدين العاملي ناصّاً أنّ «ولادته في جوف الكعبة».


وفي مزار «أبواب الجنان وبشائر الرضوان» أرسله إرسال المسلم الشيخ خضر العفكاوي النجفي (ت ١٢٥٥ هـ).

ومن ذلك ما ذهب إليه العلّامة الشريف الشيرواني في كتابه «الشهاب الثاقب» قائلاً : «إنّه وُلِدَ في مكّة ببيت الله الحرام» معقباً ذلك بقوله : «ولم يولد فيه قطّ سواه لا قبلَه ولا بعدَه» مخالفاً بذلك غيره من أنّ ولادته يوم ١٣ رجب ناسباً ولادته يوم الجمعة إلى القيل.

وفي «تقويم المحسنين» أثبت الفيض الكاشاني (ت ١٠٩١ هـ) في حوادث رجب : وُلِدَ علي بن أبي طالب عليه السلام في الكعبة قبل النبوّة باثنتي عشرة سنة وللنبيّ صلى الله عليه وآله يومئذ ثمان وعشرون سنة. وقد مائله في ذلك الشيخ أبو محمّد الديلمي في (إرشاده) ذاكراً أنّها من فضائله عليه السلام الجمّة المخصوصة به.

وقد ماثلهم في ذلك أيضاً صاحب (منهاج البراعة) في شرح نهج البلاغة السيّد حبيب الله الموسوي الخوئي بقوله : «وقد خصّه الله بهذه الفضيلة على سائر الأنام ، ولم يولد في البيت أحد قبلَه ولا بعدَه ...».

ونهج منهجم أيضاً العلّامة السيّد حيدر الكاظمي (ت ١٢٦٥ هـ) في كتابه (عمدة الزائر) ، ناقلاً رواية ذكرها الشيخ في الصحيح عن الإمام الصادق عليه السلام : كانت ولادته يوم الأحد لسبع خلون من شعبان ، وكان بين مولده ومولد رسول الله صلى الله عليه وآله ثلاثون سنة ، ولم يولد قبلَه ولا بعدَه في بيت الله الحرام سواه إكراماً له وتعظيماً له من الله تعالى بذلك وإجلالاً لمحلّه.

ويقول السيّد مهدي القزويني (ت ١٣٠٠ هـ) في (فلك النجاة) : «ولد يوم الجمعة الثالث عشر رجب ، وروي سابع شعبان ، والأوّل أشهر بعد مولد رسول الله صلى الله عليه وآله بثلاثين سنة ، في الكعبة البيت الحرام ...».

وأمّا السيّد محسن الأعرجي فقد نسب ولادته في شعبان إلى القيل ذاكراً حديث يزيد بن قعنَب الذي ذكره الصدوق.


وهنا يقول شيخنا عن السيّد الأعرجي : «وهذا العالم البحاثة النيقد وجد خلافاً في شهر الولادة فأوعز إليه ، لكنّه لم يجد في حديث البيت أي ترديد ، فلم ينبس عنه ببنت شفّة ، ولو كان مثله يجد شيئاً لما آثر تركه ؛ وهو ذلك الصريح الشديد في البحث».

وهكذا كلّ من الشيخين عبد النبيّ الجزائري في (حاوي الأقوال) والشيخ أبو علي الرجالي في (منتهى المقال) وهما من أعلام الدين وقد أخبتا بها ولصحتها. ت

وفي الحدائق الندية في شرح الفوائد الصمدية للسيد علي خان المدني الشيرازي (ت ١٢١٠ هـ) ، قد أذعن بحقيقة وحقيّة ما نقله عن (الفصول المهمة) لنور الدين علي الصبّاغ المكّي المالكي (ت ٨٥٥ هـ) ، «ولد عليّ عليه السلام بمكة المشرّفة بداخل البيت الحرام ، ولم يولد في البيت الحرام قبله أحد سواه وهي فضيلة خصّه الله تعالى بها إجلالاً له وإعلاءً لمرتبته وإظهاراً لتكرمته».

وفي عقائد الشيعة لعلي أصغر البروجردي الذي ذكر فيه بأنّ ولده عليه السلام في وسط البيت ضحى الجمعة بعد ثلاثين عاماً من ولادة النبيّ الأعظم.

بعد هذا كلّه يعلن المؤلّف عن اكتفائه بهذه المناذج قائلاً : ولعلّها جمعاء كقطر من بحر بالنسبة إلى ما يجده السابر لكتب علمائنا.

علماء أهل السنّة :

ثمّ راح يعلن إصفاق علماء أهل السنّة ومحدّثيهم وعرفائهم معنا في إثبات هذه المأثرة الفاضلة ، وعدّ هذا من أجلى الحقائق وأثبتها.

فكلام الحاكم في مستدركه وحكمه بتواتر النقل به ، وما نقله الحافظ الكنجي الشافعي عنه ذلك وما حكم بتواتره المحدّث الدهلوي وقد وافقهم الآلوسي بما


نصّه بـ «أنّ ذلك مشهور في الدنيا» ومثله ما ورد عن الصفوري الشافعي وفي «تاريخ برگزيده» لحمد لله المستوفي ، و (مطالب السؤول) لابن طلحة الشافعي و (مرآة الكائنات) لنشانجي زاده و (سير الخلفاء) للدهلوي المعاصر وكتاب (الحسين) للسيد علي جلال الحسيني ، وعبد الباقي أفندي العمري والمولى الرومي ، ومعين الدين الجشتي وعبد الرحمن الجامي في شعرهم والأمير محمّد صالح الترمذي في مناقبه.

ثمّ بعد كلّ هذا أخذ شيخنا أيضاً ينقل بعض أسماء العامّة ممّن لم يمتاروا في صحّة خبر الولادة بل فسّروه خاضعين لأمره كما يصفهم بذلك شيخنا ، فنور الدين الصبّاغ المكي المالكي (ت ٨٥٥ هـ) في (الفصول المهمّة) قال صريحاً : «ولد علي عليه السلام بمكّة المشرّفة بداخل البيت الحرام ، يوم الجمعة الثالث عشر من شهر الله الأصمّ رجب الفرد ، سنة ثلاثين من عام الفيل قبل الهجرة بثلاث وعشرين سنة ، ولم يولد في البيت الحرام قبله أحد سواه ، وهي فضيلة خصّه الله تعالى بها إجلالاً له وإعلاءً لمرتبته وإظهاراً لتكرمته» (١).

وقد نقل هذه العبارة كلّ من الصفوري الشافعي في (نزهة المجالس) (٢) والسيّد علي خان المدني في (الحدائق الندية) (٣) والشبلنجي الشافعي في (نور الأبصار) والسمهودي في (جواهر العقدين) وبرهان الدين الحلبي في (إنسان العيون) ، وما ذكره السبط ابن الجوزي في (تذكرة خواصّ الاُمّة) هو : «روي أنّ فاطمة بنت أسد كانت تطوف بالبيت وهي حامل بعليّ عليه السلام فضربها الطلق ، ففتح لها باب الكعبة ، فدخلت فوضعته فيها ، وكذا حكيم بن حزام ولدته اُمّه فيها».

__________________

(١) انظر الفصول المهمة : ٣٠.

(٢) نزهة المجالس ٢ : ٢٠٤.

(٣) الحدائق الندية : ١٠.


وهنا راح يفرّق بين الولادة المزعومة لحكيم بن حزام داخل الكعبة وبين ولادة عليّ عليه السلام داخل الكعبة فيقول :

إن ولادة حكيم فيها ، على تقدير صحّتها ـ والكلام للمؤلّف ـ من جملة الصدف والاتّفاقات غير القصديّة ، فليس فيها فضل ما غير تلويث البيت بالمخاض ، ويجب تطهيره. وأين هذه من ولادة أمير المؤمنين عليه السلام الذي فُتح لاُمّه الباب ، كما في عبارة السبط نفسه (ففتح لها باب الكعبة فدخلت فيها) ، ولم يُفتح لغيرها بالرغم من جهدهم في ذلك كما سبق في أحاديث كثيرة ، أو انشقّ لها جدار البيت فدخلته كما في أحاديث الشيعة ، ولا يعدو ذلك أن يكون الأمر إلهيّاً قصد به التنويه بشرف المولود المبارك الذي شرَّف البيت بولادته فيه!

وهناك حديث طويل أخرجه أبو نعيم الحافظ يبدو أنّه في فضل فاطمة بنت أسد أو في فضل ولادة علي داخل الكعبة إلّا أنّهم قالوا : «في إسناده رَوح بن صلاح ضعّفه ابن عديّ فلذلك لم نذكره».

وروح هذا في الوقت الذي ضعّفه ابن عدي فإنّ ابن حبّان ذكره في الثقات كما أنّ الحاكم قال عنه : ثقة مأمون (١).

كما أنّ نقل ابن الجوزي حديث الولادة المباركة لعليّ عليه السلام داخل الكعبة بصيغة المجهول «روي» لم يكن به ـ والكلام للشيخ ـ أيّ إيعاز إلى الوهن فيه بعدما عرفنا أنّ المعهود من ابن الجوزي في غير مورد من هذا الكتاب من إرداف الحديث بنقده أو تعميمه أو حذفه رأساً لضعفه ، وإنّما جاء به كذلك لتكثر طرقه الموجب للإطناب إذا تصدّى لسردها ، ولشهرته المغني عن ذكر الأسانيد ، وإنّما الغرض الإشارة إلى إحدى المسلّمات بأوجز بيان.

__________________

(١) انظر العسقلاني في لسان الميزان ٢ : ٤٥٦.


ومثل السبط ابن الجوزي مثل السيّد ابن طاوس (ت ٦٦٤ هـ) في كتابه «الإقبال» حيث كان يذكر رواية ولادة الإمام عليه السلام في الكعبة بصيغة المبني للمجهول فكان يقول : روي أن يوم ثالث عشر رجب كان مولد مولانا علي بن أبي طالب عليه السلام في الكعبة قبل النبوّة باثنتي عشرة سنة (١).

والمتحصل من ذلك كلّه أنّ الولادة محل إجماعهم وتأريخها محل خلافهم.

وقفة المؤلّف مع الكازروني :

قال أحمد بن منصور الكازروني في (مفتاح الفتوح) : ولدت فاطمة عليّاً عليه السلام في الكعبة ، ونقل عنها أنّها كانت إذا أرادت أن تسجد لصنم وعليّ في بطنها لم يمكّنها ؛ ولذا يقال عند ذكر اسمه : «كرّم الله وجهه ، أي كرّم الله وجهه عن أن يسجد لصنم».

وهنا يقول الشيخ : أنا لا أُحاول تصديق الرجل في كل ما يقول غير ما أتيت به من كلامه شاهداً لموضوع الرسالة ، فإنّي لا اُصافقه على أنّ فاطمة كانت تسجد للصنم ، وإن كان ابنها أكبر وازع عن عبادة الأوثان ، ولو كنت اُجوّز لها تلكم الاُسطورة ، لما عداني اليقين بما ذكره من أمر جنينها ، لكنّي اعتقد أن كون الإمام سلام الله عليه في بطنها حملاً ، وتقدير كونها حاملاً له عليه السلام من الله سبحانه منذ الأزل ، كان عاصماً لها عن عبادة الأصنام كبرهان الربّ (العصمة) المانع يوسف عن الزنا ، وهذا هو الذي نعتقده في آباء النبيّ والأئمة عليهم وعليه السلام واُمهاتهم ، فهم مبرّؤون عمّا يصمهم في دين أو دنيا.

ثمّ قال : إنّا لا نقيم لهاتيك الرواية الساقطة وزناً ، وإن وافق راويها في إخراجها ابن حجر في (الصواعق) ولقد أُسرَّ ناقلها حَسواً في ارتغاء يزيد وقيعة في

__________________

(١) الإقبال : ٦٥٥.


اُمّ الإمام كما تحامل على أبيه المقدّس فحكم بكفره لأمر دبِّر بليل ، فصبّها في قالب الفضيلة له وتلقّاها الغير في غير ما رويّة ، انتهى.

أما عبد الرحمن الجامي في (شواهد النبوّة) (١) فقد أسند حديث ولادة الإمام علي عليه السلام إلى بعضهم. وإن خلط الحابل بالنابل ـ كما يقول عنه المؤلف ـ وجاء بعثرات لا تقال حول تاريخ الولادة مخالفة للضرورة والإجماع ، إلّا أنّ المهمّ في كلامه هو إسناد حديث الولادة.

وما قاله الشيخ عبد الحق بن سيف الدين المحدّث الدهلوي في (مدارج النبوّة) ، وقالوا : «إنّ ولادته كانت في جوف الكعبة» (٢).

وأمّا حديث الولادة الذي رواه يزيد بن قعنب فقد ذكره الأمير محمّد صالح الكشفي الترمذي الأكبر آبادي في كتابه (المناقب) بأسانيد متكرّرة ، وقد أرسله إرسال المسلّم في كتابه المذكور ، ونقل أيضاً في كتابه هذا قول أبي داود البناكتي : «لم يحظ أحد قبل الإمام عليه السلام ولا بعده بشرف الولادة في البيت» (٣).

وصدر الدين أحمد البردواني وهو من متأخّري علماء السنّة في (روائح المصطفى) قال : «كانت ولادته عليه السلام في جوف الكعبة ...» (٤).

وشاه محمّد حسن الجشني في كتاب (آئينه تصوّف) قال : إنّه عليه السلام وُلِدَ في الكعبة.

وميرزا محمّد بن رستم البدخشي قال في (مفتاح النجا في مناقب آل العبا) : ... ولم يولد ف البيت الحرام أحد سواه ، قبلَه ولا بعدَه ، وهي فضيلة خصّه الله بها.

__________________

(١) شواهد النبوّة : ١٩٨.

(٢) مدارج النبوّة ٢ : ٥٣١ مترجماً من الفارسية.

(٣) مناقب مرتضوي : ٨٧ ، ط. بومباي ، سنة ١٣٢١ هـ ، مترجماً من الفارسية.

(٤) روائح المصطفى : ١٠ ، ط. كانبور ، سنة ١٣٠٢ هـ ، مترجماً من الفارسية.


وأمّا العلّامة الشيخ الشنقيطي المدرّس بالأزهر في (كفاية الطالب لمناقب عليّ بن أبي طالب) وهو شديد التحرّز من أحاديث الروافض المكذوبة كما يزعم ؛ لأن الإمام عليه السلام في غنى عنها كما يرى الشنقيطي لكثرة ما ثبت في السنة من أحاديث فضائله ، أرسله إرسال المسلّم أن من مناقبه ـ كرّم الله وجهه ـ أنّه ولد في داخل الكعبة ، ولم يعرف ذلك لأحد غيره إلّا حكيم بن حزام رضي الله عنه.

وقد أوضحنا القول في هذه الولادة الأخيرة المزعومة في المقدّمة وفي متون هذا الكتاب فلا نعيد.

وقفة أخيرة :

ويفرد المؤلّف ختام فصله الأخير من كتابه القيّم ، بمناقشة مختصرة لما قاله الشيخ علي القاري في (شرح الشفا) بعد أن قال في حكيم بن حزام : «ولا يعرف أحد وُلِدَ في الكعبة غيره على الأشهر» ما نصّه : «وفي (مستدرك الحاكم) أنّ علي بن أبي طالب ـ كرّم الله وجهه ـ أيضاً وُلِدَ في داخل الكعبة» (١).

فيقول الشيخ المؤلف بعد ذكره لما قاله القاري :

ليت القاري لم يسحب ذيل أمانته على كلمة الحاكم الموجودة في (المستدرك) وليته ذكر قوله : تواترت الأخبار أنّ فاطمة بنت أسد ولدت أمير المؤمنين في جوف الكعبة.

__________________

(١) كفاية الطالب : ٢٥ و ٣٧ ، وشرح الشفا ١ : ١٥١ ، والمستدرك ٣ : ٤٨٣.


ثمّ وواصل الشيخ ردّه بقوله : ليت! وهل ينفع شيئاً ليتُ؟ عذرته ، فهو حين رمى القول على عواهنه في ولادة حكيم بن حزام بإسناده إلى الأشهر المستخرج من علبة مخيلته لم يكن يسعه المصارحة بأنّ خلافه ممّا تواترت به الأخبار ، فلا أقلّ من التكافؤ بأن يكون كلّ منهما مشهوراً. فكان الأحفظ لسمعته والأستر لِمَيْنِهِ : أن يمسخ كلمة الإمام الحاكم إلى رأيت ، وكان من المحتمل القريب أن لا يناقشه أحد الحساب ، لكن الحقيقة لابدّ وأن تبرز نفسها.

* * *



(٨)

روايات مختصرة في

مولد أمير المؤمنين عليه السلام

في الكعبة

جمعها

الدكتور أحمد پاكتچي



بِسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيم

روايات مختصرة

في مولد أمير المؤمنين عليه السلام

في الكعبة (١)

١ ـ المتن المختصر رواية صاحب ألقاب الرسول وعترته عليهم السلام :

عن الصادق عليه السلام إنّ فاطمة ابنة أسد قالت : لمّا حملت بعليّ رآني رسول الله صلى الله عليه وآله بعد أربعة أشهر ، فقال : إنّ معكِ حملاً يا اُمّاه؟ قلت : نعم ، قال : إنْ ولدتيه ذكراً فهبيهِ لي أشدُد به أزري ، وأشركه في أمري.

فسمعت أبو طالب ، فقال : عزيزي أنا غلامك ، وفاطمة جاريتك ، إنْ ولدت ذكراً أو اُنثى فهو لك.

فلمّا تمّت شهوري طفت بالبيت ثلاثاً ، فضربني الطلق فاستقبلني محمّد وقال : مالي أرى وجهك متغيّراً؟ قلت : ضربني الطلق.

قال : فرغت من الطواف؟ قلت : لا. قال : طوفي فإن أتى عليك أمر لا تطيقينه فادخلي الكعبة ، فهي ستر الله.

فلمّا كنت في السابعة ، وعلاني ما لا اُطيقه دخلت الكعبة ، فلمّا توسّطتها بإزاء الرُخامة الحمراء ولدت عليّاً ساجداً لله ، فسمعته يقول : سبحانك سبحانك ،

__________________

(١) ألحق الجامع هذه الروايات والتي حقّقها بالمجموعة المسمّاة (مولد أمير المؤمنين عليه السلام) في الصفحات (١٣٩ ـ ١٤١).


ورأيتُ نوراً من عليّ قد ارتفع إلى السماء ، وبقيت ثلاثة أيّام في بيت الله ، آكل من ثمار الجنّة ، وسمعت هاتفاً يقول : يا فاطمة سمّيه عليّاً ، فهو عليّ وأنا العليّ الأعلى ، وهو الإمام بعد حبيبي محمّد رسول الله ، وهو وليّي اشتققت اسمه من اسمي.

قالت : فلمّا رآه النبيّ صلى الله عليه وآله قال : الحمد لله الذي أتمّ لي الوعد ، وأنجز لي الموعود ، وقال : سمّيه عليّاً ، فوضع النبيّ لسانه في فيه ، فلم يزل يمصّه ، ونادى أبو طالب :

يا ربّ يا ذا الغسق الدجيِّ

والقمرِ المنبلجِ المُضيِّ

بيّن لنا من حكمك المقضيِّ

ماذا ترى لي في اسم ذا الصبيِّ (١)

فلمّا أصبح إذا هو بلوح أخضر فيه مكتوب :

خُصصتما بالولد الزكيِّ

والطاهر المنتجَب الرَضيِّ

 فإسمُه من شامخٍ عليِّ

عليٌّ اشتقَّ من العليِّ (٢)

فعلّق أبو طالب اللوحَ على الكعبة ، فلم يزل معلّقاً عليها إلى أيّام هشام بن عبد الملك (٣).

٢ ـ المتن المختصر رواية محمّد بن همام الإسكافي مرفوعاً :

إنّه لمّا وٌلِدَ عليٌّ عليه السلام أخذ أبو طالب بيد فاطمة وعليٌّ على صدره ، وخرج إلى الأبطح ونادى :

__________________

(١) في بعض النسخ :

يا ربّ ربّ الغسق الدجيّ

والفلق المنبلج الوضيّ

 ماذا تُريني في اسم ذا الصبيّ

أبِنْ لنا عن حكمك المقضيّ

 (٢) في بعض النسخ :

عليٌّ اشتقَّ من العليِّ

ثمّ اسمه من الشامخ العلويِّ

(٣) ألقاب الرسول وعترته عليهم السلام : ١٧ ، ضمن المجموعة النفيسة ، المتن الرابع ، الطبعة الحجرية ـ قم ، ١٣٩٦ هـ.


يا ربّ يا ذا الغسق الدجيِّ

والقمرِ المنبلجِ المُضيِّ

 بيّن لنا من حكمك المقضيِّ

ماذا ترى لي في اسم ذا الصبيِّ؟

قال : فجاء شيء يدبّ على الأرض كالسحاب حتى حصل في صدر أبي طالب ، فضمّه مع عليّ إلى صدره.

فلمّا أصبح إذا هو بلوح أخضر فيه مكتوب :

خُصصتما بالولد الزكيِّ

والطاهر المنتجَب الرَضيِّ

 فإسمُه من شامخٍ عليِّ

عليٌّ اشتقَّ من العليِّ

قال : فعلّقوا اللوح في الكعبة ، وما زال هناك حتّى أخذه هشام بن عبد الملك.

فأجمع أهل البيت أنّه في الزاوية اليمنى من ناحية البيت (١).

٣ ـ مختصر متن رواية القاضي أبي عمرو ابن السمّاك :

إنّ فاطمة بنت أسد رأت النبيّ صلى الله عليه وآله يأكل تمراً له رائحة تزداد على كلّ الأطائب من المسك والعنبر ، من نخلة لا شماريخ لها ، فقالت : ناولني أنلْ منها ، قال : صلى الله عليه وآله : لا تصلح إلّا أن تشهدي معي «أن لا إله إلّا الله ، وأنّي محمّد رسول الله» فشهدت الشهادتين ، فناولها ، فأكلتْ ، فازدادتْ رغبتها ، وطلبتْ اُخرى لأبي طالب ، فعاهدها أن لا تعطيه إلّا بعد الشهادتين ، فلمّا جنّ عليها الليل اشتمّ أبو طالب نَسَماً ما اشتمّ مثله قطّ ، فأظهرتْ ما معها ، فالتمسه منها ، فأبتْ عليه إلّا أن يشهد الشهادتين ، فلم يملك نفسه أن شهد الشهادتين ، غير أنّه سألها أن تكتم عليه لئلّا تعيّره قريش ، فعاهدته على ذلك ، فأعطته ما معها وآوى إلى زوجته ، فعلقتْ بعليٍّ في تلك الليلة ، ولمّا حملت بعليٍّ ازداد حسنها ، فكان يتكلّم في

__________________

(١) المناقب (لابن شهر آشوب) ٣ : ٧١٤ ، المطبعة العلمية ـ قم ، بلا تاريخ.


بطنها ، فكانت في الكعبة ، فتكلّم عليٌّ مع جعفر ، فغضي عليه ، فأُلقيت الأصنام خرّت على وجوهها ، فمسحت على بطنها وقالت : يا قرّة العين سجدتْك الأصنامُ داخلاً فكيف شأنك خارجاً؟.

وذكرت لأبي طالب ذلك ، فقال : هو الذي قال لي أسدٌ في طريق الطائف (١).

٤ ـ الرواية عن عتّاب بن أُسيد الأمويّ من أصحاب النبيّ صلى الله عليه وآله المتوفّى سنة (٢٢ هـ) أو (٢٣ هـ) :

قال العلّامة المجسي نقلاً عن «مصباح المتهجّد» للشيخ الطوسي : أنّه روي عن عتاب بن أُسيد أنّه قال :

ولد أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب بمكّة في بيت الله الحرام ، يوم الجمعة لثلاث عشرة ليلة خلت من رجب ، وللنبيّ صلى الله عليه وآله ثمان وعشرون سنة ، قبل النبوّة باثنتي عشرة سنة (٢).

هذا الكلام نقل في النسخة المطبوعة من «مصباح المتهجّد» بلا نسبة إلى عتاب بن اُسيد أو شخص آخر (٣) ولعلّ المجلسي عثر عليه في نسخة أخرى.

٥ ـ الرواية عن الإمام زين العابدين عليّ بن الحسين عليهما السلام المتوفّى سنة (٩٥ هـ) :

قال الشيخ الفتّال النيسابوري : روى محمّد بن الفضيل الدَوْرَقي ، عن أبي حمزة الثمالي ، قال سمعتُ عليّ بن الحسين عليهما السلام يقول : إنّ فاطمة بنت أسد ضربها الطلقُ وهي في الطواف ، فدخلت الكعبة ، فولدت أمير المؤمنين عليه السلام فيها.

وظاهر عبارة الفتّال أنّ في طريق هذه الرواية «عمر بن عثمان» (٤).

__________________

(١) المناقب (لابن شهر آشوب) ٢ : ١٧٢ ، المطبعة العلمية ـ قم ، بلا تاريخ.

(٢) بحار الأنوار (للمجلسي) ٣٥ : ٧ ، الطبعة الحديثة.

(٣) مصباح المتهجد (للطوسي) : ٧٤١ ، الطبعة الحجرية ، إيران.

(٤) روضة الواعظين (للفتال) ١ : ٨١ ، النجف ، ١٣٨٦ هـ.


٦ ـ الرواية عن موسى بن يسار ، عمّ ابن إسحاق صاحب السيرة (المتوفّى تخميناً في أوائل القرن الثاني).

قال الشيخ الفتّال النيسابوري في «روضة الواعظين» قال عمر بن عثمان ، عن سلمة بن الفضل ، قال حدّثنا محمّد بن إسحاق ، عن عمّه موسى بن يسار (١) أن عليّ بن أبي طالب عليه السلام وُلِدَ في الكعبة (٢).

فقلت : إلهي وسيدي فبماذا نالوا هذه الدرجة؟

قال : بكتمانهم الإيمان ، وإظهارهم الكفر ، وصبرهم على ذلك حتّى ماتوا عليه ، سلام الله عليهم أجمعين.

وابن شهر آشوب في المناقب : إنّه رقد أبو طالب في الحِجْر ، فرأى في منامه كأنّ باباً انفتح عليه من السماء ، فنزل منه نور ، فشمله ، فانتبه لذلك ، فأتى راهب الجحفة ، فقصَّ عليه ، فأنشأ الراهب يقول :

أبشرْ أبا طالب عن قليلِ

بالولد الحلاحلِ النبيلِ

يآل قريشٍ فاسمعوا تأويلي

هذان نوران على سبيلِ

كمثل موسى وأخيه السؤل

فرجع أبو طالب إلى الكعبة ، وطاف حولها ، وأنشد :

أطوفُ للإله حول البيتِ

أدعوك بالرغبة محيى الميتِ

 بأن تريني السبط قبل الموتِ

أغرّ نوراً يا عظيم الصوتِ

 منصلتاً بقتل أهل الجبتِ

وكلّ مَن دان بيوم السبتِ

__________________

(١) في ضبط روضة الواعظين «عن عمّه موسى بن شبار» لكن الأظهر والأصح ما ضبطناه.

(٢) نفس المصدر ١ : ٨١.


ثمّ عاد إلى الحجر ، فرقد فيه ، فرأى في منامه كأنّه اُلبس إكليلاً من ياقوتٍ ، وسِربالاً من عبقر ، وكأنّ قائلاً يقول : يا أبا طالب ، قرّت عيناك ، وظفرت يداك ، وحسنت رؤياك ، فاُتي لك بالولد ، ومالك البلد ، وعظيم التلد ، على رغم الحسد.

فانتبه فرحاً ، فطاف حول الكعبة قائلاً :

أدعوك ربّ البيت والطوافِ

والولد المحبُوّ بالعفافِ

تعينني بالمنن اللطافِ

دعاء عبدٍ بالذنوب وافِ

وسيّد السادات والأشرافِ

ثمّ عاد إلى الحِجر ، فرأى في منامه عبد مناف يقول : ما يثنيك عن ابنة اسد ، في كلام له.

فلما انتبه تزوّج بها ، وطاف بالكعبة قائلاً :

قد صدقت رؤياك بالتعبيرِ

ولست بالمرتاب في الاُمورِ

أدعوك ربِّ البيت والنذورِ

دعاء عبدٍ مخلصٍ فقيرِ

فأعطني يا خالقي سروري

بالولد الحلاحل المذكورِ

 يكون للمبعوثِ كالوزيرِ

يا لهما يا لهما من نورِ

 قد طلعا من هاشم البدورِ

في فلكٍ عالٍ على البحورِ

 فيطحن الأرض على الكرورِ

طحن الرحى للحَبّ بالتدويرِ

 إنّ قريشاً بات بالتكبيرِ

منهوكة بالغيّ والثبورِ

ومالها من موئل مُجيرِ

من سيفه المنتقم المُبيرِ

وصفوة الناموس في السفيرِ

حسامه الخاطف للكَفورِ (١)

__________________

(١) المناقب (لابن شهر آشوب) ٢ : ٢٥٤ ، المطبعة العلمية ـ قم.


(٩)

مولود جناب عليّ

كرّم الله وجهه

ناظمي

سليمان جلال الدين

هر حقوق صاحب امتيازينه عائد در

معارف نظارت جليله سنك

رخصتيله طبع او لنمشدر

در سعادت

(محمود بك) مطبعه سى

باب عالى جوارنده ابو السعود

جاده سنده نمرو ٧٢

١٣٠٨ هجري



بِسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيم

توحيد باري تعالى جلّ شأنه

وجودك او لمسه يا رب موجود

وجوده كلمز ايدى بونجه مشهود

سنك وارليغنه اشيا مظاهر

بو اشيا وارليغني ايتدي ظاهر

كتوردك آدمى يوقدن وجوده

سزاوار ايلدك رسم سجوده

 بو صورتله ايدوب حقنده تكريم

قلندى درس اسما صكره تعليم

ويروب هر فردينه بر قابليت

كيمى نور مجسم كيمى ظلمت

 دوشوردك فرقه يه بونجه عبادى

ينه سن سك عمومك هپ مرادى

 تجلى صورتيدر اختلافات

كوريله كندى فعليله مجازات

 ازلدن ليلمش سك بويله فرمان

بونك غيري ظهوره وارمى امكان

 يارادان كائناتى سنسك الحق

كه ذاتكدر همان فعّال مطلق

مناجات بدرگاه قاضى الحاجات جلّ جلاله

بس شبانگاه كه ايروب لطف خداوند عليم

اولدى بيدار او دم ناطقه طبع اليم

اولدي جسم نه عجب طور تجلاى صفا

باشلدي عرض مناجاته كوكل مثل كليم

ديدى اى خالق بيچون عظيم الشانم

نه وجوه ايله ايده م شانكه لايق تعظيم


ذره در اتكه نسبتله بتون عالملر

داخلم بنده ولى ذره اولورمى تقسيم

بى وجودم اوقدر كنيمى كندم كوره مم

ويره مز ظله وجود دركي قدَر عقل سليم

وارلغم بَللو ايدن معصيتمدر انجق

كورينان جسم خجالتده همان بويله جسيم

كيمه بهتان ايده يم عالمه معصوم كلدم

همده اولمش ايدم انواع نعمله تكريم

كچدى صافيّت ايله وقت صباوت صكره

ايتدى قانون طبيعت نيجه حسلر تفهيم

عقل وفكرم او قدر كورپه ايدى كلفتسز

خير وشر صورتنه قابل نقل وترسيم

بنى برقوت محسوسه ايدردى اجبار

بيله مزدم سببك فكريده ايتسم تعميم

اختيارم قومادي در بدر اولدم شويله

كو نيگون زائل ايدى صفوت ايله حال قديم

متأذى ايدم اوّل رتبه انك مكرندن

كوره مزدم ديه جك درديمى بر يار صميم

نه بيلوردم ديمه سه با كه اكر دوست سداد

مگر اوّل ملعنتك نامى ايمش نفس لئيم

اويله اولدم كه انك تربيت مگرى ايله

بكا حال اولمشيدى منكر اولان حال ذميم


جمله افعالمى آلقشلر ايدر كن حتى

ضررمدن قجنور اولدى او شيطان رجيم

مدد اى مغفرتى قهرينه غالب الله

جرمم اقرار ايده رك لطفكه اولدم تسليم

قطع اميد ايده مم مرحمتكدن حاشا

ايلر ايمانى آيات كريمه ك تحكيم

شرمله دفتر اعمالمه ايتدم اجمال

چيقدى بر مرتبه به فذلكه شوم وخبم

چكه مز ثقلت عصيانمى ميزان حساب

ايتسه اجز اسنى بيك پارچه يه طرح وتقسيم

كچمكه يولمى ويرر بونجه ذنوبمله صراط

طوغريدر طوغرير لره بن ايسه معيوب وسقيم

سير ايدن امتعه معصيتم محشرده

حير تندن اونودر كندولرين اهل قويم

بن ته يوزله اوله يم راغب جنت زيا

اولدى ابرارى مكافاته محل دار نعيم

كورديكى انده بنى فرط غضبدن دوزخ

ارتيرر شدتنى نفرت ايدر اهل جحيم

عجزيله در كهكه وضع جيين ايتدى جلال

الأمان مرحمتي واسع اولان ربّ عليم

نورايله نار مياننده قالورسمده نه غم

سائل باب رضايم مدد اى ربّ رحيم


نعت شريف جناب نبوي صلى الله عليه وآله

مرحبا اى نور تكوين سوايه ابتدا

فيض حبك عالم امكانه ويردي انتها

مرحبا محبوب بى همتاى ذات كبريا

سيد الكونين سردار گروه انبيا

(دلده جانم دين وايمانم محمّد مصطفى)

سنسك اول نور صفا بخشاى بزم كن فكان

صورتك خير البشر دُر سيرتك سرّ نهان

اى اولان صدر برك عشق گلستان لا مكان

نشئه بويكله گلدى عالمه پيغمبران

(دلده جانم دين وايمانم محمّد مصطفى)

اعتلاى قدرينك برهانى معراج كزين

فرش راجك زلف حور وخادمك روح الأمين

با صمدى بنو سلّم منهاجه پاى مرسلين

ذاتنك مشتاقيدر هپ اوّلين وآخرين

(دلده جانم دين وايمانم محمّد مصطفى)

امتك اولمق تمناسن ايدردى اصفيا

مسجد اقصاده ارواحى ايدوب هب اقتدا

ايتدى بيعت امرينى اجرا بووجه اوزره قضا

امتكدر دير ايسم پيغمبران اولماز خطا

(دلده جانم دين وايمانم محمّد مصطفى)


حب عشكقدر شها عشاقه نعمتدن مراد

فيض قربكدر شها مشتاقه جنتدن مراد

علّت غائيّه ايجادسك خير العباد

چوقميدر نطقه حضورنده كلور ايسه جماد

(دلده جانم دين وايمانم محمّد مصطفى)

امتثالاً امره شق اولمش ايكن سطح قمر

كورديلر بوحالتى منكر قالوب اهل شرر

اشته صُمٌّ وبُكمنك احكامى كوستردى اثر

بارك الله امتك اولديغمز دولت يتر

(دلده جانم دين وايمانم محمّد مصطفى)

نور ديدارندن آلدى فيض وپرتو آفتاب

انتشارندن منوّر در نجوم نُه قباب

ويردى بو جمليلة ترتيب مواليده سحاب

گلدى زينت عالمه اشيايى قيلدى فيض باب

(دلده جانم دين وايمانم محمّد مصطفى)

چار يارك عالم دينه جهات معتبر

اول هماماندر بوهيأته بروج اثنا عشر

قبه اسلامه اصحاب هُدى نجم ظفر

جمله اكوانه ذاتك آفتاب فيض اثر

(دلده جانم دين وايمانم محمّد مصطفى)

معصيتدن يوق بنمچون ذاتنه راه وصول

واراميدم لطف واحسانك بنى ايتمز ملول


امّتمدندُر ديو ايلر ايسن عفو وقبل

ايلرم اولدمده عشّاقه سلامتله دخول

(دلده جانم دين وايمانم محمّد مصطفى)

اى نبى الرحمه رحم ايت چونكه اكرمدر گناه

ولسه ده مويم سفيد امّا كه رويم پك سياه

يا رسول الله جلاله شمدى گلدى انتباه

بارگاهك بن كبى عاصيلره اولمش پناه

(دلده جانم دين وايمانم محمّد مصطفى) (١)

در حق عالى حضرت امامين

روضه فيض حرمكاه محمّددن حصول

يعنى ايكى غنچه جانپاره ذات بتول

برى نسرين صفا نور دو چشم عاشقان

كيم حسن بن على سر لوحه عالم شمول

برى صد برك وفا محض شفاى درد دل

هم حسين بن على ديباجه صحف فحول

نيرين پر شرف طاق جهان معرفت

پرتو انداز عيون ومسلك آراى وصول

الامان سبطين احمد قرّة العين على

فخر امّت ذى كرم آرايش قلب ملول

دركه والا كزك قطميريدر كمتر جلال

اولميه رأفت نكاه فيض واحساندن ذهول

* * *

__________________

(١) أولين طبعده بر فصلى بعنوان (در اوصاف جليله چهار يار با صفا رضوان الله عليهم أجمعين) يازلمشدى كه نچه سطرى طبع اولممشدى ، بزده او فصلى طبع اينمه دوق.


ديباچه منظومه مولد جناب امام على كرّم الله وجهه

ورضى الله تعالى عنه

حمد بى پايان اوله اول خالقه

ايلدى الطافنه پر لاحقه

اولمامش بر كيمسه حالا خامه ران

مرتضى مولودينى ايتسون عيان

ايتدى بو امر مهم ياده خطور

عجزم اولدى مايع رسم سطور

ايلدم حقه بو وجهله نياز

وير بكا يا رب بو يوزدن امتياز

گلدى شوقه خامه بى اقتدار

نظم مولود على يه اجتسار

بو غنيمتدر اولورمى هيچ فدا

ايليه بو خدمتى خامه م ادا

كيتمامش بو وادى يه فكر سلف

حصه مه قالمش ازلدن بو شرف

عجزه باقمز چون عطاسنده مجيب

ايلمش بن قولنه بخش ونصيب

لطف ايدوب توفيقنى اول ذو الكرم

شرميله آلدمِ اله كاغد قلم

ايتمدم ترتيبنه صرف شعور

ضبط ايدوب فكره نه ايتديسه ظهور

 اختصارى ايلدم چون التزام

قويمدم بو مبحثه فضله كلام

 كلشن عرفانه قيلدم يادگار

طاغيدر البت جهانه روزگار

 قارئين وسامعين اولسون بكام

ايده بزم اهلى صلاته اهتمام

 ايليان بو احقرى خيريله ياد

دو جهانده اوله لر مسرور وشاد

 كيم ديلرسه اوله راضى مصطفى

ايلسون جاندن على يه التجا

 سلّموا صلّوا على خير الورى

هم باسرار علىّ المرتضى

* * *


الهي

اى ساقى كوثر امان

صف بسته عشقه امام

لطف ايله بر جام صفا

ايله نبى مست مدام

اى اهل دردك رهبرى

قيلمه ملول بو كمترى

بن امت پيغمبرى

اى حيدر عالى مقام

كوكلم خرابدر نافله

الماز بزى بر قافله

رحم ايت جلال غافله

محتاج سكا خاص وعوام

مقدمه مولد لطيف

راسم لوح حكمساز قضا

ناشر امر ونواهىّ رضا

نامنه ايتدى قسم ربّ الحرم

حق كلامنده بيوردى (والقلم)

لفظة اللهى يازوب زيب مقام

حمد ايدوب قيل عزمنه سوق كلام

(فاذكرو الله) امرينه ايت انقياد

يمن ذكر ايله اولور هريول كشاد

اول الله نامنى ياد ايده لم

سمت مقصوده او يولدن كيده لم

صدقيله الله ديسه بركز لسان

قالميه وزر ووبالندن نشان

گيرمامشكن صورته كون ومكان

وار ايدى اول خالق هفت اسمان

 ابتدا وانتها يوقدر اكا

ظاهر وباطن انكله رونما

 ذات پاككدن ديكر يوقد وجود

ذاتيدر انجق سزاوار سجود

 اولمسه توفيق رب مستعان

كيم اولردى ره رو امن وامان

 عشقكه يانسون بوتن پروانه سى

المسون دللر انك بيكانه سى

 آشنايه آشيانى قيل خراب

گلشن توحيده دل قيلسون شتاب

 استر ايسه ك نشئه يه فيض بقا

مرتضى يه ايله جاندن اقدا

 سلّموا صلّوا على بدر الهدى

هم بسرّ حضرت شير خدا


نعت شريف جناب نبوىّ صلى الله عليه وآله

اى نبىّ محترم محبوب الله احد

وى شفيع محتشم مبعوث الله الصمد

اوليا واتقيا هپ بابكك محتاجيدر

سنسك اول قدرت رس احيا واحياى جسد

بن نصل ره برده وصلت اولم وحال ايله

وار ايكن كوكلم كوزنده يا رسول الله رمد

هم غبار روضه كى كمل ايتمكه يوقدر وجود

جسم زارم قابل تعمير كلدر المدد

بر نظر قيل يا رسول الله بولم تازه حيات

دل اويانسون عشقه دوشسون اولميه يول سد وبند

امت عاصيه دن بر ابتلا كشدر جلال

رأفت ايله اولمسون دوچار خسران ابد

مبحث مولد علىّ كرم الله وجهه ورضي الله تعالى عنه

اى محب صادق آل عبا

وى اولان كوكلنده اخلاص وفا

 مرتضى مولدينى دكله عيان

خامه م ايتسون وقعه يى شرح وبيان

 هاشمى كلزارينك خوش لاله سى

هم سعادت ماهنك بر هاله سى

 يعنى ام پاك شاه اوليا

حيدر كرّار علىّ المرتضى

 فاطمه بنت الاسد اولكامله

چون ابن طالبدن اولدى حامله

 گلدى اوّل پاكيزه يه بشقه شرف

حامل دُر يتيم اولدى صدف


كچمده ايكن هفته وايام ماه

گلدى اوّل دل داره يه چون انتباه

 كوردى حملندن چوق انار عجيب

چون ظهوره گلدى احوال غريب

 سال فيل اوثوزينه يتدى همان

يگرمى اوچ ييل هجرته واردى زمان

 سوق ايدوب حق قدردن اعلان آنى

اون او چنجى رجبك جمعه كونى

 اولمشيدى مدت حملى تمام

اولدى اول كون عازم بيت الحرام

 انده ايكن حامل شير نره

اضطرابندن او توردي بر يره

 فطرت ذاتيه سى پاك وطهور

كيم تجلّىَ ازل ايتدى ظهور

 كيمسه يه واقع دكل كن بو شرف

طوغدى بيت ايچره همان خير الخلف

 بصدى بغرينه اودم نوزداينى

هم اسد تسميه قيلدى آدينى

 استر ايسن مصطفايه انتساب

قيل رضاى مرتضايى اكتساب

 سلّموا صلّوا على خير الورى

هم باسرار علىّ المرتضى

در ستايش حضرت امام علىّ رضي الله عنه

نخل والا ميوه عزّ وشرافتدر على

صلب پاك ومبدأ سرّ سيادت در على

زوج زهرا نور عين احمد اُم المؤمنين

فرق امّتده ولا يتله سعادت در على

قافله سالار معنا منهج فيض وصال

ره روان عشقه مصباح رشادت در على

ذاتنه فر توجهدن بيورمشدر رسول

ذكر نامى امته محض عبادت در على

آستان فيض احسانك كداسيدر جلال

منبع وجود وعطا لطف وسخاوت در على

در بيان وقوعات اخيره

آلدى مولودك كتوردى دارينه

حيرت ال وبردى بتون جيراننه


كيم ابو طالب كوروب اولدى بكام

كورمامش چون اوغلونه بكزر غلام

مادرى ايتدى اكا يابو الولد

والدم آدينى قويدم بن اسد

سويلدى اولدمده نوزاد ولى

بنده قويدم اوغلومك آدين على

كلديلر هپ اقربا وآشنا

قيلديلر تبريك نوزادى ادا

بيت ايچنده مقدمينى خير فال

ايتديلر بو بحثه دائر قيل وقال

قيلمدى رغبت برين ثدياننه

ره اولور دست ايله واران ياننه

ايلدى تشريف محمّد مصطفى

آلدى نوزادى قوجاغه پسر وفا

ديدى اكا مرحبا خير الولد

مرحبا بن فاطمه بنت الأسد

مرحبا اى نور پاك نو ظهور

مرحبا اى ساقى جام طهور

مرحبا اى سلسله ساز علا

مرحبا اى پايه اراى ولا

كورمدى امثالنى چشم سلف

بويله عالى منزلت خير الخلف


وضعنى ايتدى بووجه اوزره عيان

ذات پاك مصطفى معجز بيان

مادرى طفلك شكايت ايلدى

كميسه دن سود اممه ديكن سويلدى

ويردى آغزينه دوداغك مصطفى

شوقله امدى دوداغك اولا

حاضرون بوحاله حيران قالديلر

فُلك فكرى بحر بهته صالديلر

ديى پنچه زن اولور حيدر دراول

بو تجليده بولنمز بشقه قول

مصفى دن آلدى حيدر نامنى

هم دوداغك امدى بولدى كامنى

بيل كه بعثتدنده اون ييل اقدمى

واقع اولمشدى علينك مقدمى

كسب قرب استر ايسن پيغمبره

التجا ايت ازدل وجان حيدره

سلّموا صلّوا على خير البشر

هم باسرار على عالى گهر

بر عليل دردمندم يا على سندن مدد

بر ذليل مستمندم يا على سندن مدد

بر طرفدن نفس كمراه بر طرفدن درد وغم

رشته الامه بندم يا على سندن مدد


كچدى غفلتله زمانم آلمدم بر ذوق جام

ظلم ايدوب كنديه كندم يا على سندن مدد

اويله سر مست هوايم با كه يوق بندن خبر

اويله پابند كمندم يا على سندن مدد

گرچه مجر مدر جلال اما نه غمدروار ايكن

سن كبى شاهم افندم يا على سندن مدد

در بيان احوال واوصاف جليله حضرت إمام

كلبرو اى عاشق پرتاب دل

درد ايله هر دم علو خيزاب دل

 دكله بو منظومه سوزش نوا

اوله سوداى سقيمه خوش دووا

كرچه بى پاياندر وصف ولى

ميمنت افزاى اوصاف على

انتساب عزميله اولدم خامه ران

بوقسه حدممى ايدم عين بيان

آستانك بكلرم صح ومسا

بر عليل دريوزه در دست كدا

ايده لم بحثمزى بويله كشاد

لطف احمد له على يه استناد

 والدينى ايتديلر عمرى تمام

اون ياشنده قالمشيدى اول همام

 اولدى محمىّ جناب مصطفى

پرورش ياب حرمدى مرتضى

 هاشميدر ايكى باشدن اول نسيب

اندن اول يوق ايدى بويله حسيب

 ايليوب جلب توجهله رضا

اولدى داماد رسول كبريا

 محرم حجله كه ذات بتول

سر وسره بولدى بوزدن وصول

 كيم قران ايتدى قمر ايله اسد

اولدى معناده اوچيده بر جسد

 (جسمك جسمى) بيور مشدى رسول

ايله عرفان ياله بو رمزه وصول


نخل گلزار تجلّيدن ظهور

ايتدى ايكى غنجه صديرك نور

بو ايكى غنچه جهان آرا همين

اولديلر دستار زيب مؤمنين

بر حديث ترجمه سى وااضح جلى

شهر علمم قاپوسى اولدى على

كور نه ايمش پايه قدر إمام

اكلا نولدى حكمت سر كلام

 صلب پاكندن الى يوم القيام

چون سيادت ايليه جكدر دوام

 چوق احاديث شريفه سانحه

حقلرزنده هم دعا هم مادحه

وارد اولمش حيدره ايتمك نظر

كيم عبادتدر ديو اشبو اثر

 بن كيمه مولا ايسم همده على

اولدى مولاسى انك بو منجلى

 كيم على يه حب ايدر باكه ايدر

باكه محبت ايسه حقه كيدر

 بغض ايدنلره بيورمشدر رسول

لعنت ايله ياد اولنه اول فضول

وارد اولمش بر حديثنده دخى

ايكى عالمده على باكه اخى

كيم علي يى فرق ايدر بندن همان

نبى فرق ايتمش اولورلر بى گمان

ينى فرق ايدن ايدر اللّهى فرق

امّته اولدى علي هم تاج فرق

مادى بويله حبيب الله اوله

اويله ذاتك وصفنه كيم سوز بوله

 كور علي در شاه مردان خدا

كيم علي در رهبر راه هدى

 كيم علي اولدى وليلر سرورى

اتقياى امّتك هم رهبرى

مرتضى اثرينه لازم اقتدا

كعبه عرفانه اولدر رهنما

بولانق افكاره ايتمز التفات

مستقيمانه كيدن بولور نجات

كيم كتاب وسنته سالك اولور

التفات حضرته لايق اولور

 صورت معقوله ده قيل اتّباع

ايله اوهام وخيالاته وداع

جمله مزدن راضى اولسون مرتضى

او رضادن راضى احمد له خدا

سلّموا صلّوا على خير الأنام

همده روح مرتضايه بر دوام


در بيان مسلك صحيح

دكله كل اى ايليان دعواى عشق

دل اوى اولمق كرك مأواى عشق

يوقسه عشق نامن الان سرده هوا

هم مضل هم رهزن وهم بيدوا

 هيچ ايدرمى عشق تقليدى قبول

روضه عرفانه ايتديرسون دخول

اولا شرع شريفه انتساب

لابد اولمش كه اوله قرب اكتساب

 باب الابواب اولدى چون شرع منير

اولميان داخل اولورمى مستنير

 شرعله ايتمك كرك كسب صلاح

فتح اوله صكره اكا باب فلاح

رفرف عشق اوله اول جانه دليل

اچيلور منهاج پر فيض خليل

كر عقايد اولمسه وفق كتاب

سد اولور مطلق اكا راه صواب

منصفانه حصر ايدوب فكر جلى

راضيمى الله محمّد له على

كسب ايدن بو وجهله حسن خصال

اوله مظهر كيم تجلّى وصال

حفظ شرع الله ايچون اول نامدار

ايلدى بونجه غزايى اختيار

اتقاسن درك ايدوب اولمه عنيد

ايتديلر شاهى صلاة ايچره شهيد

كر محب حيدر ايسه ك بى ريا

اثرينه ايله سلوكه اعتنا

امرى طوت ايله نواهيدن حذر

چكميه سك صكره خسران وكدر

عاقله لا يقميدر فكر سقيم

مصطفى اثرى طور ركن مستقيم

جاهد دين مبين اولدى على

ماحى كفر متين اولدى على

مظهر سرّ محمّد در على

هم توجهدار احمد در على

ايله نفسكله جهاد اكبرى

بوله سن فيض رضاى حيدرى

 بو رضا عين رضاى مصطفى

هم رضاى ذات پاك كبريا

سلّموا صلّوا على فخر الأنام

هم علىّ وآل واصحابه تمام


دعا وخاتمه

ربنا بخش ايت بزى پيغمبره

آل واصحابيله ذات حيدره

او قونان قرآن مولود وصلاة

همده تهليل ايله اخلاص بينات

عاجزانه ايلرز عرض حضور

هم قبول ايله اوله عفو قصور

اجرى اولسون روضه پاك رسول

ال واولاديله اصحابه وصول

هم اوله ارواح جمله مؤمنين

فضلك ايله عفو وغفرانه قرين

 باعث مجلس اولان آباد اوله

سامعين وقارئين دلشاد اوله

 ربّنا عفوايت بزم عصيانمز

عاجزز بر چوق درر طغيانمز

 ربّنا قويمه يزى بزه همان

لطف واحسانك دريغ ايتمه امان

 شاهمز سلطان حميد بن مجيد

عمر واقبالى اوله يا رب منريد

 صحّت وتوفيق ونصرتله مدام

سلطنتله ايله يا رب مستدام

 دشمنى وارايسه اولسون ربنا

قهر ونكبت هم مذلتله فنا

 عسكر اسلام منصور اللوا

همده حجاج كرام ذو صفا

 عافيتله ايده لر حسن ادا

خدمت مفروضه يى وفق رضا

 بن سليمان جلاله قيل عطا

فيض عشقك ايله توفيق ورضا

 قيل عنايت قوللرينه يا معين

رحمة الله عليهم اجمعين

* * *

باب والاى سر عسكرى مكتوبجيسى اديب شهر وشاعر روشن ضمير عطوفتلو احمد مختار افندى حضرتلرينك تقريض كونه انشاد بيوردقلرى دل رباى ارباب عرفان اولان منظومه بليغه در.


بارك الله اى مقدس خامه مير جلال

بر اثر قيلدك كه عبرتكاه دهره يادكار

شير يزدانك تجلىّ وجود پاكنه

صانكه بر مرآت معنا در عيان وأشكار

بويله بر نظم بديعك حكمت تقديرينى

قادر اولماز وصفنه «مختار» عديم الاختيار

مكتوبئ سر عسكرى

أحمد مختار

خواجه دبستان عرفان ومرشد مشكل كشاى سالكان ، اعاظم رجال قادريه دن انزواگزين صفا ومرد ميدان صدق ووفا ، اسكدارى رشادتلو ، شيخ عثمان شمسى افندى ، حضرتلرينك ، چكيده خامه بلاغت كستريلرى اولان نشيده رعنا در.

حبّذا اهل سخن مير سليمان جلال

يازدى برنو اثر منقبه عال العال

يعنى سلطان ولايت كه على حيدر در

نظم ايدوب انك ايچون مولد سنجيده مقال

دخى حقنده شرف سانح اولان آثارى

مسلك نظمه چكوب ايلدى مانند نوال

بر سليمان يازوب مولد پاك نبوى

بر سليمان دخى مولد سر نامه آل

«شمس» تحسين ايدوب آثارينى قيلدم تقريض

ايليه سعينى مشكور خداى متعال



(١٠)

مسك الختاما

بما قيل في مولد الإمام عليه السلام

مجموعة من الأقوال المنثورة

والقصائد المنظومة

ممّا لم يرد

في النصوص والأعمال السابقة

اختارها

السيّد محمّد رضا الحسيني الجلالي

كان الله له



بِسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيم

مع النثر

قال الشيخ زين الدين ، علي بن يوسف بن جبر (ق ٧ هـ) في كتابه «نهج الإيمان» بعنوان : مساواة الإمام عليه السلام مع عيسى عليه السلام ، ما نصّه :

[حصلت] ولادة عِيْسى مكاناً قصيّاً ، وولادة عليّ في جوف الكعبة (١).

* * *

وقال السيّد تاج الدين بن علي بن أحمد الحسيني العاملي في فصل الإمام الأول عليه السلام :

مولده عليه السلام بمكة ، داخل الكعبة ، على الرّخامة الحمراء ، ولم ينقل ولادة أحد قبلَه ولا بعدَه في الكعبة ، يوم الجمعة ، ثالث عشر رجب ، بعد عام الفيل بثلاثين سنة ، في ملك شهريار.

وكان رسول الله صلى الله عليه وآله يحمله على كتفه ويدور به شعب مكة صلوات الله على الحامل والمحمول.

أمساؤه كثيرة أشهرها عليّ عليه السلام.

__________________

(١) نهج الإيمان ، تحقيق السيّد أحمد الحسيني ، نشر مجتمع امام هادي عليه السلام ـ مشهد ، الطبعة الاُولى ، ١٤١٨ هـ.


وروى أنّ اُمه وضعته في غيبة أبيه فسمّته أسداً ، على اسم أبيها ، فلمّا حضر أبو طالب سمّاه عليّاً ، ومن أسمائه : حيدر (١).

* * *

وقال الميرزا محمّد بن محمّد رضا القمي المشهدي ، في كتابه «كاشف الغمّة في تاريخ الأئمّة عليهم السلام» في المقالة الثالثة في أحوال أمير المؤمنين عليه السلام ، نحو ذلك بالضبط (٢).

* * *

وقال البُستي في «المراتب» :

وأمّا الفضل الثالث : وهو أنّ المرءَ يشرّفُ بولادته في بيت كبير :

فقد علمنا أنّه في الصحيح من الرواية عند جميع أهل البيت : أنّ فاطمة بنت أسد قالت : لمّا قرب ولادي بعليّ عليه السلام كانت العادة في نساء بني هاشم أن يدخلن البيت ويمسحن بطونهنّ بحيطانه فيخفّ عليهنّ الوضع ، فخرجتُ مع جنيني وقضيتُ حاجتي من البيت ، فلمّا أردت أن أخرج ؛ وإذا أنا بعليٍّ كأنّه عمود من حديد ، لم (٣) وولد من ساعته ، في زاوية الأيمن من ناحية البيت (٤).

* * *

__________________

(١) اليتيمة في تواريخ الأئمة ، المطبوع باسم «التتمة» غلطاً ، تحقيق مؤسسة البعثة ـ قم ، ١٤١٢ هـ.

(٢) كاشف الغمّة في تاريخ الأئمّة عليهم السلام ، تحقيق قسم الكلام والفلسفة في مجمع البحوث الإسلامية ـ مشهد ، ١٤١٩ هـ.

(٣) في المطبوع : كلمة غير مقروءة.

(٤) المراتب : ٥٩ ، تحقيق محمّد رضا الأنصاري القميّ ، انتشارات دليل ـ قم ، الطبعة الاُولى ، ١٤٢٤ هـ.


وقال الإمام الناطق بالحقّ السيّد أبو طالب ، يحيى بن الحسين بن هارون الهاروني الحسني (٣٤٠ ـ ٤٢٤ هـ) من أئمّة الزيديّة ، في «الإفادة في تاريخ الأئمة السادة» ما نصّه :

فهو يلتقي مع رسول الله صلى الله عليه وآله من قبل الأب في عبد المطلب ، ومن قبل الاُم في هاشم ، وهي أول هاشميّةٍ وَلَدَت لهاشميّ.

وولدته صلوات الله عليه في الكعبة ، لأنّها لمّا ضربها الطلق واشتدّ بها ؛ لجأت إليها ، اعتصاماً ببركتها ، فولدته عليه السلام فيها (١).

* * *

قال الشهيد حُميد بن أحمد المحلّي (ت ٦٥٢ هـ) المؤرّخ الزيديّ في «الحدائق الورديّة» (٢) في ذكر أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام :

واسمه عبد مناف بن عبد المطلب بن هاشم.

اُمّه عليها السلام فاطمة ابنة أسد بن هاشم بن عبد مناف بن قصي.

وهي أول هاشميّة ولدت لهاشميّ.

فهو شريك النبيّ صلى الله عليه وآله في نسبه الشريف وقسيمه في جوهره الغالي المنيف ، كما قال الشاعر :

إنّ عليّ بن أبي طالب

جدّا رسول الله جدّاهُ

 أبو عليٍّ وأبو المصطفى

من طينةٍ طهّرها اللهُ

__________________

(١) الإفادة في تاريخ الأئمة الزيدية [كذا المطبوع] : ٣٥ ، حقّقه وعلّق عليه محمّد يحيى سالم عزّان ، دار الحكمة اليمانية ـ اليمن ، صعدة الطبعة الاُولى ، ١٤١٧ هـ.

(٢) اعتمدنا مصوّرة مورّخة (١٠٧٤ هـ) مسموعة على سعد الدين المسوري في (١٠٧٧ هـ) وكتبها وسمعها في صنعاء كاتبها السيّد محمّد بن عبد الله بن الحسين الهدوي.


ولدته اُمّه في الكعبة. وذلك أنّها لمّا اشتكت المخاض التجأت إلى الكعبة تبرّكاً بها فطلقت طلقة فولدته عليه السلام.

فحصل له هذا الشرف العظيم بولادته في أشرف بقعة في الأرض.

ثمّ حمله رسول الله صلى الله عليه وآله إلى منزلها ، وكان قد سار مع عمّه أبي طالب حين دخل الكعبة ، وأجلس أبو طالب فاطمة ابنة أسد رحمها الله في الكعبة.

* * *

وقال محمّد بن الناصر بن محمّد بن الناصر أحمد بن المطهّر الحسنيّ الزيديّ المتوفّى (٩٠٨ هـ) في «نهاية السؤل في مناقب وصيّ الرسول» ما نصّه (١) :

ووُلِدَ عليّ بن أبي طالب كرّم الله وجهه ، في الكعبة المعظّمة (٢) هذا قول الشيعة ، والمحدّثون لا يعترفون بذلك! ويزعمون أنّ المولود في الكعبة حكيم بن حزام بن خويلد بن أسد بن عبد الغزّى!!

وقالت الشيعة : لم يُولَد قبلَه مولودٌ في الكعبة ؛ إكراماً من الله تعالى له ، وإجلالاً لمحلّه في التعظيم.

وكان ميلاده عليه السلام ليلة الجمعة لثلاث عشرة خلت من رجب سنة ثلاثين من عام الفيل ، ذكر هذا الكنجي رحمه الله تعالى في «كفاية الطالب».

وقال المفيد محمّد بن محمّد بن النُعمان في «الإرشاد» : إنّه عليه السلام وٌلِدَ يوم الجمعة ثالث وعشرين شهر رجب سنة ثلاثين من عام الفيل.

__________________

(١) ص (١٨ ـ ١٩) من النسخة المصوّرة عن نسخة الجامع الكبير بصنعاء ، لاحظ : أعلام المؤلّفين الزيديّة : ١٠٠٤ ، رقم ١٠٧٥.

(٢) علّق في هامش المصدر المخطوط ما نصّه : وذلك أنّها لمّا اشتكت المخاض التجأت إلى الكعبة تبرّكاً بها فطلفت طلقةً فولدته عليه السلام فحصل له هذا الشرف العظيم بولادته في أشرف بقعة في الأرض ثمّ حمله رسول الله صلى الله عليه وآله إلى منزلها ، وكان قد سار مع عمّه أبي طالب حين دخل الكعبة وأجلس فاطمة بنت أسد رحمها الله في الكعبة.


وذكر بعض الإماميّة في مؤلِّفٍ له : أنّه ولد يوم الأحد تاسع عشر شهر رجب سنة ثماني وتسعمائة اسكندريّة.

وكان مولده عليه السلام في سابع أيلول من شهور الروم ، قال الصاحب إسماعيل بن عبّاد نفعه الله بصالح عمله :

يا مغفل التاريخ من جهله

وليس معلومٌ كمجهولِ

 إنّ عليّ بن أبي طالبٍ

وُلِدَ في سابعِ أيلولِ

وقال الحاكم رحمه الله في «السفينة» :

قالت فاطمةُ بنتُ أسد : لمّا أخذني الطلقُ ؛ قمتُ وأتيتُ المسجد وطفتُ بالبيت ، فاستقبلني محمّدٌ رسولُ الله صلى الله عليه وآله فقال : يا أمّاه ما لي أرى وجهك متغيّراً؟ قلتُ : أخذني الطلقُ.

قال : ادخلي الكعبة ، فهي ستر الله.

فدخلتُ فولدتُ عليّاً فحملتُه إلى منزلي وجعلتُه في المهد الذي رُبِّيَ فيه رسولُ الله صلى الله عليه وآله وأتيتُه لأرضعه ؛ فخمش في وجهي فسمّيتُه «حيدرة» وأتاه أبوه فسمّاه «زيداً» ونحن كذلك إذا أتى رسول الله صلى الله عليه وآله فاستقبلته جاريتنا برّة وقالت : أقرّ الله عينك بمولودك الذي ولد.

فقال : وما هو؟ فقالت : ذَكَرٌ ، فقال صلى الله عليه وآله : «الحمد لله الذي أتمّ لي الوعد ، وجعله لي سنداً وأخاُ وعضداً» ، ما سمّيتموه؟ ن

قالت : أمّه سمّته (١) «حيدرة» وسمّاه أبوه «زيداً».

فقال صلى الله عليه وآله : لا تسمّوهُ بذلك ، وسمّوه «عليّاً».

وعن فاطمة بنت أسد قالت : بينا أنا أسوقُ هَدياً إلى هُبَل إذ استقبلني محمّد ـ وهو يومئذٍ غلام ـ فقال : ما هذا؟ يا أمّاه؟ قلت : هديٌ لهُبَل.

__________________

(١) في النسخة : «سمّيته» فلاحظ.


قال : إنّي مُعلمّك شيئاً فهل تكتمينه؟ قالت : بلى.

قال : اذهبي بهذا القربان ، وقولي : «كفرتُ بهُبل وآمنتُ بالله وحدَه لا شريك له وقرّبتُ القربان لربّ السماوات والأرض».

فقلتُ : أعملُ برأيك لما أعرف من صدقك.

ففعلتُ ، فلمّا كان بعد شهر ، نظر إليّ فقال : يا أمّاه! ما لي أراكِ حائلة اللون؟ فقلت : أما علمتَ أنّي حامل؟

فقال محمّد لأبي طالب : إنْ كانتْ أنثى فزوّجنيها.

قال أبو طالب : إنْ كان ذكراً فهو لك عبدٌ ، وإن كانت أنثى فهي لك أمة.

فلمّا وضعتُه جعلتُه في غشاوةٍ ، فقال أبو طالب : لا تفتحوه حتّى يجيء محمّد فيأخذ حقّه ، فجاء محمّد ففتح الغشاوة وأخرج منها غلاماً حسناً ، فغسله بيده وسمّاه «عليّاً» وبزق في فيه ، وأصلح أمره ، ثمّ ألقمه لسانَه فما زالَ عليٌّ يمُصه حتّى نام ، فلمّا كان من الغد طلبنا له ظئراً فأبى أن يقبل ثدياً فألقمه لسانه فنام ، وكذلك كان ما شاء الله.

وعن محمّد بن عليّ ، في الخبر الطويل : لمّا ولدت فاطمة بنت أسد عليّاً وسمّاه رسول الله صلى الله عليه وآله «عليّاً» قالت : ثمّ قصد المهد وقال : يا أمّاه! عليّ بماء وطستٍ ، فأتيتُ بالماء والطست ، فأخذ عليّاً من المهد ، ثمّ قال : اسكبي الماء على يدي ، فجعلت أسكب الماء على يديه وهو يغسل عليّاً ، وعليّ يتقلب في الطست بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله فبكى رسولُ الله ، قلت : حبيبي ممّ بكاءك؟ قال : وكيف لا أبكي!؟ وكانت نفسي إذا انقطعت مدّتي وبلغ أجلي ، وهذا الغلام يغسّلني ، يا أمّاه ويواريني في حفرتي.

وقال الحاكم رحمه الله تعالى في «السفينة» :

روي عن فاطمة بنت أسد قالت : لمّا حملتُ بعليّ هتفَ بي هاتفٌ : «يا فاطمة! إذا ولدتِ فسمّيهِ عليّاً ، فهو العليّ وأنا الأعلى ، خلقتُه بقدرتي وشققتُ اسمَه من اسمي».


وفي خبر محمّد بن عليّ ، عن فاطمة بنت أسد : لمّا دخل رسول الله صلى الله عليه وآله وقال : «لا تسمّوه بذلك وسمّوه عليّاً» قالت فاطمة : فذكرتُك الهاتفَ وقولَه : «إذا ولدتِ فسمّيهِ عليّاً».

وروي : أنّه لمّا ولد عليّ خرج به أبو طلب إلى الأبطح ، ثمّ نادى بأعلى صوته ، وأنشأ يقول :

يا ربَّ هذا الغسقِ الدجيِّ

والقمرِ المنبلجِ المُضيِّ

 ماذا ترى في إسم ذا الصبيِّ

أبِنْ لنا من حكمك المقضيِّ

فهتف هاتف :

خاطبتنا في الولد الزكيِّ

الطاهرِ المنتجب المضيِّ

عليٌّ اشتقَّ من العليِّ (١)

* * *

وفي «البروج في أسماء أمير المؤمنين عليه السلام» (٢) تأليف الهادي بن الوزير من علماء الزيديّة ، في عنوان (عليّ) في حرف العين : أورد عن كفاية الطالب للكنجي حديث أبي طالب والراهب (٣).

* * *

وقال شرف الدين أبو محمّد ، عمر بن محمّد بن عبد الواحد الموصلي في كتابه «النعيم المقيم لعترة النبأ العظيم» الذي ألّفه عام (٦٤٦ هـ) :

مولده عليه السلام في الكعبة المعظّمة ـ ولم يولد بها سواه ـ في طلقة واحدة.

__________________

(١) الى هنا انتهى ما في «نهاية السؤل» لمحمد بن الناصر الزيدي.

(٢) اعتمدنا على النسخة التي يعمل في تحقيقها الشيخ محمّد الإسلامي.

(٣) وقد مرّ مكرّراً في الكتب السابقة.


ولما نزل الأرض رؤي عليها ساجداً ، قائلاً : «لا إله إلّا الله ، محمّد رسول الله ، عليّ وليّ الله ـ أو وصيّ الله».

أشرقت لولادته الأرض وفتحت أبواب السماء ، وسمع في الهواء :

خُصصتكم بالولد الزكيِّ

والطاهر المطهّر المرضيِّ

إنّ اسمه من شامخٍ عليِّ

عليٌّ اشتقَّ من العليِّ

ولد مسروراً ، نظيفاً ، لم يُر كحسنه. فسمّاه والدهُ (عليّاً).

واسم أبي طالب : عبد مناف ، وذو الكفل.

وحمله النبيّ صلى الله عليه وآله إلى منزله (١).

* * *

وقال الزَرَنْدي الحنفي المولود في المدينة المنورة عام (٦٩٣ هـ) والمتوفّى عام (٧٥٠ هـ) في شيراز ، قال في السمط الأوّل ، القسم الثاني في مناقب أمير المؤمنين عليه السلام من كتابه «نظم درر السمطين» :

وأُمّه فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف ، وهي أوّل هاشميّة ولدت لهاشميّ.

روي أنّه لمّا ضربها المخاض ، أدخلها أبو طالب الكعبةَ ، بعدَ العشاء ، فولدتْ فيها عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه (٢).

وقد التزم في مقدّمة كتابه بقوله : وأثبتُ ما كان مشهوراً مذكوراً في الكتب المعتمدة (٣).

__________________

(١) النعيم المقيم ، تحقيق سامي الغريري ، دار الكتاب الإسلامي ـ قم ، الطبعة الاُولى ، ١٤٢٣ هـ.

(٢) نظم درر السمطين في فضائل المصطفى والمرتضى والبتول والسبطين (رض) لسيف جمال الدين ، محمّد بن يوسف بن الحسن ، الحنفي المدني الزرندي (ت ٧٥٠ هـ) حققه محمّد هادي الأميني ، طبع النجف ، أعادته مكتبة نينوى ـ طهران.

(٣) نظم درر السمطين : ١ ـ ٣٢.


وقال الزرندي ـ أيضاً ـ في كتابه «معارج الوصول» ما نصّه :

وأُمّه فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف بن قصيّ ، وهي أوّل هاشميّة ولدتْ لهاشميّ ، فهاشم ولده مرّتين.

ولد كرّم الله وجهه ، في جوف الكعبة ، يوم الجمعة الثالث عشر من رجب ، قبل الهجرة بثلاث وعشرين سنة على المشهور ، وقيل : لخمسٍ وعشرين ، وقيل : أقلّ من ذلك (١).

* * *

وفي كتاب «مناقب الثلاثة» :

وُلِدَ عليّ عليه السلام بمكّة المشرّفة داخل البيت الحرام ، في يوم الجمعة الثالث عشر من شهر الله الأصبّ ، سنة ثلاثين من عام الفيل قبل الهجرة بثلاث وعشرين سنة ، ولم يولد في البيت قبلَه أحد ، وهي فضيلة خصّه الله بها إجلالاً له وإعلاءً لمرتبته وإظهاراً لمكرمته ، وكان عليٌّ هاشمياً من هاشميّين.

ومن كتاب «المناقب» لأبي المعالي الفقيه المالكي ، روى خبراً يرفعه إلى عليّ بن الحسين أنّه قال : كنّا عند الحسين ، في بعض الأيّام ، وإذا بنسوة مجتمعات ، فاقبلت امرأة منهنّ علينا ، فقلنا : من أنتِ يرحمك الله؟

قالت : أنا زبدة ابنة العجلان من بني ساعدة.

فقلت لها : هل عندك من شيء تحدّثينا به؟

قالت : إي والله ، حدّثتنا اُم عمارة بنت عبادة بن نضلة بن مالك بن العجلان الساعدي أنّها كانت ذات يومٍ في نساء من العرب ، إذ أقبل أبو طالب طئيباً حزيناً ، فقلت له : ما شأنك؟

__________________

(١) معارج الوصول ، تحقيق : السيّد علي أشرف وعبد الرحيم المبارك ، طبع الآستانة الرضويّة ـ مشهد ، ط ١ ، ١٤٢٢ هـ.


قال : إنّ فاطمة بنت أسد في شدّة من الطلق.

ثمّ إنّه أخذ بيدها وجاء بها إلى الكعبة ، فدخل بها ، وقال : اجلسي على اسم الله ، فطلقت طلقة واحدة فولدت غلاماً نظيفاً منظفاً لم أر أحسن منه وجهاً فسمّاه أبو طالب «عليّاً» وقال :

سمّيتُه بعليٍّ كي يدون لهُ

عزّ العُلُوّ وفخرُ العِزِّ أدومُهُ

وجاء النبيّ صلى الله عليه وآله فحمله معه إلى منزل اُمّه.

قال عليّ بن الحسين : فوالله ، ما سمعتُ شيئاً حسناً قطّ إلّا وهذا من أحسنه. وكان مولد عليّ رضي الله عنه بعد أن دخل رسول الله صلى الله عليه وآله بخديجة بثلاث سنين ، وكان عمر النبيّ صلى الله عليه وآله يوم ولادة عليّ ثماني وعشرين سنة ، والله سبحانه وتعالى أعلم (١).

__________________

(١) مناقب الثلاثة : ٩ ، من طبعة المكتبة اليوسفية بشارع محمّد علي بمصر ، دون تاريخ ، وقد جاء في الصفحة الأُولى ، طبعت هذه النسخة طبق الأصل المنقول من المكتبة الغربية بمكة المكرمة. وهي طبعة حروفية في (١٦٠) يقطع الربع ، جاء في آخرها :

تمّ طبع هذه المناقب الشريفة على ذمّة ملتزمها يوسف حسين عبد الله ، كان الله له وغفر له ولوالديه ولمن دعا لهم بخير ، آمين ، وذلك سنة (١٣٥٢) من الهجرة الشريفة.

أقول : وقد اعتمد الشيخ الأميني في الغدير (١ : ٢٦) على هذا الكتاب ، فنقل عنه حديث الغدير من كتاب «الموجز في فضل الخلفاء الأربعة» لأبي الفتوح أسعد بن أبي الفضائل بن خلف.

ثمّ إنّ السيّد عبد العزيز الطباطبائيّ ذكر في كتاب (أهل البيت في المكتبة العربية) برقم ٧٢٤ : مناقب أمير المؤمنين وولديه الحسن والحسين عليهما السلام مرتّب على مقدّمة وثلاثة أبواب ، طبع بمصر طبعة حجريّة سنة (١٢٨٠ هـ) ذكر في فهرس المكتبة (الكتبخانه) الخديوية في ٥ : ١٥٩ ، وهو الفهرس القديم لدار الكتب المصريّة.

وعلّق الطباطبائي : لعلّه المذكور في : منتخب (مختصر) كفاية الطالب.

ثمّ قال برقم (٧٥٦) : منتخب (مختصر) كفاية الطالب أو مناقب الثلاثة.


وقال السيّد الميرزا صالح الحسيني الشهير بالقزويني المتوفى سنة (١٣٠٤ هـ) :

هو أمير المؤمنين ، وسيّد الوصيين ، وإمام المتقين ، عليّ بن أبي طالب ـ واسمه عبد مناف ـ بن عبد المطلب ـ واسمه شيبة الحمد ـ وبه يتّصل نسبه بنسب النبيّ صلى الله عليه وآله.

واُمّه فاطمة بنت أسد بن هاشم ، وهي أوّل هاشميّة ولدت هاشميّاً ، وعليٌّ أصغر بنيها.

ولد بمكّة ، يوم الجمعة ، لثلاث عشرة ليلة خلت من رجب ، وقيل ليلة الأحد في الثالث والعشرين منه ، سنة ثلاثين من عام الفيل ، في البيت الحرام ، ولم يولد فيه أحدٌ قبلَه ولا بعدَه.

ثمّ ذكر حديث جابر ، وحديث يزيد بن قعنب ، مفصّلاً (١).

__________________

الأصل للحافظ الكنجي ، فخر الدين محمّد بن يوسف المتوفّى سنة (٦٥٤ هـ) والمنتخب منه لبعض (العامّة) المتأخّرين.

طبع في تركيا باسم (مناقب أمير المؤمنين سيّدنا علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه ونجليه الحسن والحسين) طبعه مصطفى الزركلي الدمشقي في إسلامبول سنة (١٢٨٠ هـ).

طبع في بومباي سنة (١٢٩٠ هـ) طبعة حجرية باسم (مناقب سيدنا الإمام علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه).

وطبع أيضاً في القاهرة ، مصر ، سنة (١٣٥٢ هـ) طبعة حروفية ، باسم (المناقب [كذا] الثلاثة للفارس الكرّار سيف الله الغالب أمير المؤمنين الإمام عليّ بن أبي طالب كرّم الله وجهه ونجليه الإمامين الكريمين سيّدنا الحسن والحسين رضي الله عنهم).

وذكره الطباطبائي برقم ٦١٧ : كفاية الطالب (مختصر) لبعض العامة ، وذكر طبعته في الهند ومصر.

(١) مقتل أمير المؤمنين الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام : ٥٧ ـ ٥٨ ، حقّقه وقدّم له وعلّق عليه جودت كاظم القزويني ، لكنّ ال محقّق علّق بقوله : حذفنا!!! ثلاث صفحات من النسخة المخطوطة ، في ما يخصّ قصّة (المثرم) لعدم تناسبها مع المقام! ، وإن شئت فراجعها في كتاب (روضة الواعظين : ٧٧).


وقال السيّد جعفر الأعرجيّ في «مناهل الضَرَبِ» :

وكان مولد عليّ عليه السلام ببطن الكعبة ، في يوم الجمعة ثالث عشر شهر رجب سنة ثلاثين من عام الفيل.

ولم يولد أحدٌ قبلَه ولا بعدَه ، في الكعبة.

وعلّق في الهامش بقوله :

وحيث أنّ مولد أمير المؤمنين عليه السلام كان في الكعبة ، وكانت هذه من مناقبه التي لم يسبقه إليها من الأوّلين سابقٌ ، ولا يلحقه إليها من المتأخّرين لاحقٌ ، حسده المكابر الفاسق والفاجر المنافق ، فذكر في كتابه نفياً لهذه المنقبة أسماء بعض رجالات قريش أنّهم وُلدوا في الكعبة!.

وكلّ أحدٍ يعرف كذبه ، وقد أبدى بذلك للناس نصبه ، كما صرّحنا به في كتاب «جواهر المقال في فضائل الآل» «منه عفى عنه» (١).

* * *

وقال عبّاس محمود العقّاد :

ولد عليٌّ في داخل الكعبة ، وكرّم الله وجهه عن السجود لأصنامها ، فكأنّما كان ميلاده إيذاناً بعهد جديد للكعبة وللعبادة فيها.

وكاد عليٌّ أن يولد مسلماً ، بل لقد وُلِدَ مسلماً على التحقيق إذا نحن نظرنا إلى ميلاد العقيدة والروح ، لأنّه فتح عينيه على الإسلام ، ولم يعرف قطّ عبادة الأصنام (٢).

__________________

(١) مناهل الضرب : ٨٤ ، وقد ذكره الشيخ الاُردوبادي ، إلّا أنّه لم ينقل نصّ كلامه في المتن ، وذكرناه بطوله للوقوف على نصّه ، ولما في تعليقته من التصريح ، والإحالة إلى كتابه الآخر.

(٢) عبقرية الإمام ، المجموعة الكاملة (للعقاد) ٢ : ٣٥ ، طبع بيروت ، ١٩٧٤ م.


وقال عبد الفتّاح عبد المقصود :

أجل لقد واجه أبو طالب دُنياه فقيراً ، ومات عبد المطّلب عنه وهو بعدُ في نحو من السنّ لم يكن كدحه قد أفاء عليه من الخير ما يشتهيه ، ولم يورّثه أيضاً سيادة القوم لأنّه أوصى لآخَرَ من بنيه هو الزبير. فلئن أقبلت الدنيا على هذا الفقير فَحَبَتْهُ بمكرمة هي آية المكرمات ؛ فقد كان هذا من القدر غاية المرتجى عند ذي رجاء.

فإذا تمّ لأبي طالب الفقير المعسر بعضُ أمره في جوار كعبة الحرم ، فإنّ أمره هذا جليلٌ في عيون القوم ؛ لأنّه اكتسبَ أبلغَ شرف بأشرف جوار في أقدس دار ، فكيف لو تمّ له أمره ذاك بغير سابق ترتيب منه؟! ، بل بصدفة هي عند اُولئك الناس منّةٌ منْ الله وحظوةٌ أراد أن يشرّف بها ابن عبد المطلّب ، كما لم يشرّف بمثلها قبلَه أو بعدَه من الرجال كثير ولا قليل.

تلك ليلة فذّة في الليالي ، أضاء نجمها على الدنيا مرّةً ، ثمّ لم يقدر بعدها لضوئه أن يبزغ ثانيةً كمثل بزوغه ؛ لأنّ مثيلاتها لا تعود.

ولكن ضياءً أشدّ لمعاناً من نور النجم توهّجَ ، ثمّ سطعَ ، ثمّ فاضَ بنوره على الآفاق :

سيرة كوجه الشمس رفاقة الإشراق.

سيرة إن فاتها أن تنفرد وحدَها بالمبنى الساحر ، فقليلٌ سواها ضمّ ما كان لها من معنى قاهر ، بل أقلّ القليل ، بل الأندر منه.

ولو أنّك استطعت أن تتخلّل من شباك الزمن وتنفض خيوطها عنك ، وسبحت عائداً إلى الماضي ؛ لرأيت ابنة أسدٍ ـ فاطمة ـ تجول بالبيت الحرام تلتمس البركة ، لأنّها سيّدة تجمّعت فيها مزايا آلها الكرام ، وامتلأ ـ كمثلهم ـ قلبها طُهراً ، ثمّ لرأيتها تأتي الكعبة فتطوف بها مرّةً فمرّاتٍ متمسّحةً بأستارها


آونةً ، مقبّلتها اُخرى. ولكنّك لا تلبث حتّى تشهدها وقد أوشك أن يصيبها إعياءٌ تكاد أن تنوه به ، وتنكر هي ـ بادئ الأمر ـ ما تحسّه ، ثمّ تمضي متجلّدةً تستحثّ نفسها وتستنهضها. ولكنّها رغم هذا لا تقوى ، ولا تستطيع أن تقوّم عودها.

وإذا هي تتشبّث أصابعها بأستار الكعبة ؛ تستعين بها وقد أخذت تحسّ شيئً غاب عن ذهنها ، وتقف مجهودةً لا يستقرّ بها موطئُ القدمين ، كمن على طرف كثيبٍ رخوٍ من الرمال ، وتجيل في ما حولها عيناً حائرةً لعلّها تبصر زوجها أبا طالب يسعى هنا أو هناك ؛ فتجد لديه عوناً على ما تلقى ، ولكنّها لا تراهُ لأنّ ما حضرها في هذه اللحظة غاب عن حسابه.

ثمّ لعلّك تتبعها ؛ وقد خشيت هي أن تلقفها الأبصار المتطلّعة ممّن حضر من اُناس كان دأبهم الاجتماع في أروقة البيت وفي أفنائه ، فإذا رأيتها قد انحازت ناحيةً ، ودلفتْ إلى أستار الكعبة فتوارتْ خلفها عن عيون القوم ؛ فكفاك ما شهدتَ.

وقفْ منها على ملقط السمع دون مرمى العين ؛ لأنّها شاءت أن تتّخذ من الستر المقدّس ردءاً.

واسمع بعد هذا حسيساً خافتاً يأتيك من لدنها ، وأنيناً يحكمه الجلد واصطناع الاحتمال ، وصرخات مكتومةً تكاد أن تضلّها الأذن كأنّها تأتي من مهوىً سحيقٍ بعيد القرار.

ثمّ اسمع نبرة بكاءٍ تخالط هذه الصرخات ، لها غير جرسها وغير رنّتها ، رقيقةٌ رنّانةٌ في غير حدّة ، كأنّها شدو طائرٍ تفتّحت عيناه على شعاع فجرٍ أسفر أو أوشك على إسفار.

وقد يأخذك العجب ، وتملكك الدهشة ، ولكنّه عجبٌ قصيرٌ أجله ، ودهشةٌ لن يطول بك مداها ما دامت فاطمة قد بدت ثانيةً لناظريك ، واهنةً وأشد ضعفاً


ممّا رأيتها من قبل. كسا وجهها الشحوبُ ومشت في أوصالها رجفةُ الإعياء ، وقد احتملتْ ـ مدّثراً بستر الكعبة الشريف ـ وليدَها بين صدرها وكفّيها.

تلك ولادةٌ لم تكن قبلَ طفلها هذا الوليدٍ ، ولم يحزْ فخرها بعدَه وليدٌ ، أكرمه بها الله. وأكرم اُمّه وأباه ، فكان تكريماً لفرعي هاشم الذي انحدر منه الطفل عن فاطمة وعن أبي طالب حفيدي الأصل الثابت الكريم.

وأقبل القوم ـ حين انتبهوا ـ يستبقون إلى السيّدة ، يعاونونها ، ويأخذون بيدها ، ويملأون الأبصار بطلعة ذلك الذي كان بيتُ الله مولدَه ، وسترُ الكعبة ثوبَه ، كأنّما أوسع له في الشرف باجتماعه في كلا المولد والمَحْتِد.

وهم لو استطاعوا أن يسبقوا زمانهم ، كما تأخّرت أنتَ لرأوه أيضاً يجتمع له نفس هذا الشرف حين يقبل عليه الموت فيلقاه في بيت الله يهمّ أن يقوم بالصلاة.

أمّا فاطمة : فقد أحبّتْ أن تحييَ في وليدها اسمَ أبيها ، فدعتْهُ بمعناه ، وإن لم تدعه بلفظه ، وقالت لزوجها وهي تحاوره :

«هو حيدرةٌ».

وأمّا أبو طالب قد كان أكثر توفيقاً حين اختار ، رأى وليده قد علا شرفاً بمكان مولده كما علا من قبل بأصله الرفيع فقال :

«بل ، عليٌّ».

وبدأت عند هذا حياةُ الرجل الذي ساير أخطر الأحداث في هذه الدنيا ، وعاشر أطهر الخلق وسيّد النبيّين ، واحتمل نصيبه من عبءٍ كبيرٍ ألقاه الله على مختاره الأمين ، الذي خصّه بوحيه ورسالته الإلهيّة لهداية العالم.

وعاش عليٌّ عمره لغيره من المثل ومن الراجل ، فكان في صباه القريب المفتدي ، وفي شبابه الصديق المقتدي بالنبيّ الكريم ، وبين هذا وذاك من أطوار العمر وما جاء في أعقابها من فترات ، التزم غايات الكمال في الفعال والخلال.


فلمّا انطوى بعض أجله ، ومضى من الدنيا وعن هاديه ، كان المعقب له وقد ذهب العقب. وأجلّ من أخذ عنه فأجاد ، وركب جادته فما حاد (١).

* * *

قال الاُستاذ روكس بن زائد العزيزي :

ولادة الإمام عليّ في البيت الحرام ، بمكّة المكرمة ، يوم الجمعة ، ثالث عشر رجب الحرام ، بعد عام الفيل بثلاثين عاماً ، سمع استهلال عليّ ، فدعي «حيدرة».

لأب نبيل هو شيخ البطحاء.

ولأُم شريفة هي فاطمة بنت أسد بن هاشم.

فكان أوّل هاشميّ وُلِدَ بين هاشميّين.

فكانت اُمّ الإمام عليّ للرسول بمنزلة الاُمّ ، لأنّه ربّي في حجرها وهو ابن ثماني سنين ، وكان شاكراً لبرّها ويسمّيها «اُمّي».

كانت ولادته في البيت الحرام إيذاناً بأن الأصنام قد هزمت إلى الأبد (٢).

* * *

قال الدكتور محمّد بيومي مهران ، الاُستاذ بكلية الآداب جامعة القاهرة وكلية الشريعة جامعة اُم القرى بمكّة المكرّمة :

مولد الإمام عليّ ونشأته :

ولد الإمام عليٌّ في الكعبة الشريفة بمكّة المكرمة حوالي عام (٦٠٠ م) (٢٣ قبل الهجرة).

__________________

(١) الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام (لعبد الفتاح عبد المقصود).

(٢) الإمام عليّ أسد الإسلام وقدّيسه ، دار الكتاب العربي ـ بيروت ، الطبعة الثانية ، ١٣٩٩ هـ.


وهو عليّ بن أبي طالب بن عبد المطّلب بن هاشم ، ابن عمّ رسول الله صلى الله عليه وآله وأخوه ، وصهره ، وأبو سبطيه الحسن والحسين.

والإمام عليّ عليه السلام أوّل هاشميّ يولد من هاشميّين ، فقد كان بنو هاشم قد توّدوا أن يصهروا إلى اُسر اُخرى عن قريش قبل أن يتزوّج أبو طالب من بنت عمّه فاطمة بنت أسد ، والتي روتْ ، أنّه : «بينما محمّد يأكل معي ومع عمّه أبي طالب يوماً ، إذ نظر إليّ وقال :

«يا اُمّ ، مالي أراك حالكة اللون؟».

ثمّ قال لأبي طالب : «إن كانت حاملاً اُنثى فزوّجنيها».

قال أبو طالب : «إن كان ذكراً فهو لك عبدٌ ، وإن كانت اُنثى فهي لك جاريةٌ ، وزوجةٌ».

فلمّا وضعتْه في الكعبة ، جعلتْه في غشاوة ، فقال أبو طالب : لا تفتحوها حتى يجيء محمّدٌ ، فيأخذ حقّه.

فجاء محمّدٌ ، ففتح الغشاوة فأخرج منها غلاماً حسناً ، فشاله بيده وسمّاه «عليّاً W وأصلح أمره ، ثمّ إنّه لقمه لسانه فما زال يمصّه حتى نام (١).

* * *

وقال الشيخ حسين الفقيه ، في عنوان «مميّزات عليّ بن أبي طالب المسلّمة في التاريخ» :

١ ـ وُلِدَ في الكعبة ، ولم يولد أحدٌ سواه ، لا قبلَه ولا بعدَه ، وهي غحدى المزايا التي سجّلها له التاريخ والأدب.

٣٤ ـ وأخيراً فهو شهيدُ رمضان ، وشهيدُ المحراب ، وشهيدُ الصلاة ، خرج من الدنيا من المسجد ، كما دخلها في مسجد ، فارقها من أطهر مكان ، كما وفد إليها في أطهر مكان.

__________________

(١) الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام ، الطبعة الثانية ـ إصفهان ، ١٤١٩ هـ.


فبِبَيتِ الله كان الابتداءْ

وبِبَيتِ الله كان الأنْتهاءْ

 يا وليداً موضعَ البدئِ حكى

مجدَه الشامخَ بينَ العُظماءْ (١)

* * *

وقال السيّد محمّد علي المكّي ـ وهو يتحدّث عن ذكريات شهر رمضان ـ :

وفي هذا الشهر المبارك حدث اغتيال أفضل خلق الله بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وهو الإمام عليّ عليه السلام.

ويصادف حادث اغتياله ، ووفاته لياليَ القدر من هذا الشهر.

وإذا كان شهر رمضان من أفضل الشهور والأزمنة ، فإنّ مسجد الكوفة من أقدس البقاع والأمكنة ، لأنّه أحد المساجد الأربعة التي تشدَ إليها الرحال.

فعليٌّ عليه السلام قد جمع الله له في شهادته ـ بالإضافة إلى فضائله ـ فضيلةَ الزمان وفضيلةَ المكان ، ليتمّ له التفرّدُ بالفضائل كلّها والمناقب جميعها.

كما أنّ الله سبحانه وتعالى جمع له في ولادته فضيلة الزمان والمكان.

حيث وُلِدَ في أشرف بقعةٍ من بقاع الأرض ، وهو بيتُ الله الحرام «الكعبة» وفي شهر الله الحرام وهو شهر رجب الفرد.

وكان ميلاده عليه السلام يومَ الجمعة الثالث عشر من الشهر ، لثلاثين سنة مضت على عام الفيل. وكان أوّل هاشميٍّ وُلِدَ من هاشميّين.

ولم يولد قبلَه ولا بعدَه في بيت الله الحرام بمكّة المكرّمة ، أحدٌ سواه.

وهذه فضيلةٌ مختصّةٌ به عليه السلام ذكرها علماء أهل السنّة والشيعة في كتبهم.

فبقي في الكعبة ثلاثة أيّام ضيفاً على الله ، لأنّ الضيف يبقى عند صاحب البيت وفي ضيافته ثلاثة أيّام. وكذلك كان الإمام عليه السلام.

__________________

(١) الإمام علي اللغز المحير : ٨١ و ٨٩ ، مطبعة شريعت ـ قم ، ١٤٢٢ هـ.


وشهر رجب ، كشهر رمضان ، من حيث الفضائل والمفاخر ، وفيه حوادث لم تقع في غيره من الشهور ، جعلت منه شهراً عظيماً يضاهي شهر رمضان المبارك ، وهو من الأشهر الحُرُم التي كانت مقدّسةً في الجاهلية وقدّسها الإسلام.

فأحرى بالإمام عليه السلام الذي هو مجمع الفضائل والمناقب أن يُولَدَ في شهر هو مجمع الفضائل والمناقب ، ويقتلَ في شهر هو ـ أيضاً ـ مجمع الفضائل والمناقب.

فسلامٌ على أبي الحسن عليه السلام يوم وُلِدَ في بيت الله ، ويوم استشهد في بيت الله ، وفي شهر الله ، ويوم يبعث حيّاً (١).

* * *

ومن كتاب إسلام الموسوي بعنوان : وليد الكعبة (٢)

من العجائب التي أضافت صوتاً ضارباً في التاريخ وأحداثه الفريدة التي تفتح الأعين على ما تخفيه من أسرار ، أن يصطفي الله لعبدٍ اصطفاه ، حتّى موضع مولده ، ليجمع له ـ مع طهارة مولده ـ شرف المحلّ ، محلّ الولادة ، ويخصّه بمكرمةٍ ميّزه بها منذ ساعة مولده عن سائر البشر.

هكذا كان مولد عليّ بن أبي طالب سلام الله عليه ، في البيت العتيق في الكعبة الشريفة.

__________________

(١) هدية رمضان : ٣٣ ـ ٣٧ ، الطبعة الثانية (١٩٧٩ م ـ ١٣٩٩ هـ) ، الكويت.

(٢) من كتاب «الامام علي عليه السلام سيرة وتاريخ» : ٢٠ ـ ٢٢ بقلم إسلام الموسوي من اصدارات مركز الرسالة ، سلسلة المعارف الإسلامية ، رقم ٢٣ ، الطبعة الاأُولى ـ قم ، ١٤٢٤ هـ.


وكان ذلك يوم الجمعة ، الثالث عشر من شهر الله الأصمّ رجب ، بعد عام الفيل بثلاثين سنة (١) قبل البعثة بعشر سنين (٢) حوالي عام (٦٠٠ م) ٢٣ قبل الهجرة ، وقيل : «ولد سنة ثمان وعشرين من عام الفيل» (٣).

ولعلّه في مثل هذا اليوم الذي وُلِدَ فيه أمير المؤمنين قد وُلِدَ الاُلوف من البشر ، لكنّ ولادته مثّلت حَدَثاً عجيباً تجلّت به الأسرار ، وتلبّست بالحكمة الربّانية.

كانت مثاراً للدهشة الأبديّة ، فقد وضعت فاطمة وليدها في البيت العتيق! في مكان عبادةٍ لا ولادة ، أليس ذلك بالشيء العظيم؟!

ويسجّل التاريخ ذاك الفخر الذي ظهر فيه عليٌّ عليه السلام مديراً ظهره للأصنام التي كانت الكعبة الشريفة تضجُّ بها ، وعن قريب سينهض هذا الوليد على كتف رسول الله ليلقي بها أرضاً ، تحت بطون الأقدام!!

تلك ولادةٌ أكرمه الله بها ، فشاركته اُمُّه الكريمة في فخرها.

إنّ اُمّه فاطمة بنت أسد لمّا ضربها الطلق ، جاءت متعلّقةً بأستار الكعبة الشريفة ، من شدّة المخاض ، مستجيرةً بالله وَجلةً ، خشية أن يراها أحدٌ من الذين اعتادوا الاجتماع في اُمسياتهم في أُروقة البيت أو في داخله ، فانحازت ناحيةً وتوارت عن العيون خلف أستار البيت ، واهنةً مرتعشة أضنتها آلام المخاض ؛ فألصقت نفسها بجدار الكعبة وأخذت تقول :

«يا ربّ ، إنّي مؤمنةٌ بك وبما جاء من عندك من رسلٍ وكتبٍ ، وإنّي مصدّقةٌ بكلام جدّي إبراهيم ، وأنّه بنى البيت العتيق ، فبحقّ الذي بنى هذا البيت وبحقّ المولود الذي في بطني إلّا ما يسرت عَلَيَّ ولادتي».

__________________

(١) اُنظر إعلام الورى ١ : ٣٠٦ ، وإرشاد المفيد ١ : ٥ ـ ، وعليٌّ وليد الكعبة (للأُردوبادي) : ٣ ، منشورات مكتبة الرضوي ، وكشف الغمّة (للعلامة المحقق الأربلي) ١ : ٥.

(٢) الإصابة (لابن حجر) ٢ : ٥٠٧.

(٣) كشف الغمّة ١ : ٥٩.


قال يزيد بن قعنب : فرأيتُ البيت قد انشقّ عن ظهره ، ودخلتْ فاطمة فيه ، وغابتْ عن أبصارنا وعادَ إلى حاله ، فرمْنا أن ينفتح لنا قفلُ الباب فلم ينفتحْ ، فعلمنا أنّ ذلك من أمر الله عزّ وجل ، ثمّ خرجتْ في اليوم الرابع وعلى يدها أمير المؤمنين عليُّ بن أبي طالب عليه السلام (١).

وهو حديث جدير كذلك أن يخلّده الشعراء :

أنشد الحميري (ت ١٧٣ هـ) :

وَلَدَتهُ في حرم الإله وأمنهِ

والبيت حيثُ فناؤه والمسجدُ

بيضاءً طاهرةُ الثياب كريمةٌ

طابَتْ وطابَ وليدُها والمولدُ

ما لُفّ في خِرَقِ القوابلِ مثلُهُ

إلّا ابنُ آمنةَ النبيُّ محمّدُ

وله أيضاً في أمير المؤمنين عليه السلام :

طِبْتَ كَهْلاً وغُلاماً

وَرضيعاً وجَنينا

ولدى المِيثاقِ طِيناً

يومَ كانَ الخَلْقُ طِينا

 وببَطْنِ البيتِ مولُوداً

وفي الرَمْلِ دَفينا (٢)

وقال عبد الباقي العمري في عينيّته الشهيرة :

أنتَ العليُّ الذي فوقَ العُلى رُفعا

بِبَطْنِ مكّةَ عند البيت إذْ وُضِعا

وعقّب عليه أبو الثناء الآلوسي في شرحه هذه القصيدة ـ شرح عينية عبد الباقي العمري ـ ما نصّه :

__________________

(١) كشف الغمّة ١ : ٦٠.

(٢) عليٌّ وليد الكعبة (للأُردوبادي) : ١١ ، ط. النجف الأشرف.


«وفي كون الأمير كرّم الله وجهه وُلِدَ في البيت أمرٌ مشهورٌ في الدنيا ، وذُكِرَ في كتب الفريقين السنّة والشيعة ، ولم يشتهر وضعُ غيره كرّم الله وجهه كما اشتهر وضعه ، بل لم تتّفق الكلمة عليه ، وما أحرى بإمام الأئمّة أن يكون وضعه فيما هو قِبْلَة للمؤمنين ، سبحان من يضع الأشياء مواضعها ، وهو أحكم الحاكمين» (١).

* * *

وقال مير سيد محمّد حسن مدرس اصفهاني (ت ١٣٣١ هـ) :

ولادت حضرت امير عليه السلام وحكايات عجيبه آن

ولادت با سعادت مولى المتّقين أمير المؤمنين عليّ ـ عليه الصلاة والسلام ـ بنابر معروف در ميان فرقه ناجيه ، در سال سى ام از عام الفيل واقع شده ، وبه همين تاريخ تصريح نموده است در اصول كافى كلينى رازى «طاب مرقده» ـ كه از اولين كتب معتبره است ـ وآن سال فرّخ حال مقارن بود با سال سى از ولادت حضرت رسول صلى الله عليه وآله چه آن حضرت در سال عام الفيل ، بعد از پنجاه وپنج روز از هلاك اصحاب فيل ، به عالم دنيا قدم گذارد وعالم را به نور قدوم خود منوّر نمود ، وموافقت مى كند اين تاريخ ، با روايتى كه نقل شده از حضرت صادق عليه السلام كه فاطمه بنت اسد ـ كه مادر حضرت امير عليه السلام بود ـ آمد نزد شوهر خود ، ابو طالب ، كه سرور كند وبشارت دهد او را ، به ولادت حضرت محمّد صلى الله عليه وآله ابو طالب به او گشفت : صبر كن يك سبت ، تا من بشارت دهم تو را ، به مولودى از تو ، كه مثل ومانند همين مولود باشد در اوصاف واخلاق ، مگر در پيغمبرى.

__________________

(١) عليٌّ وليد الكعبة : ٣.


وسبت ، سى سال است ، وميان ولادت رسول صلى الله عليه وآله ، وامير عليه السلام ، سى سال فاصله شد.

وهمانطور كه قبل از ظهور جلوات محمّدى صلى الله عليه وآله بشائر بسيار ، بر ولايت او بود ـ كه علماء تاريخ ، در كتب مبسوطه ، نوشته اند ـ هم چنين قبل از طلوع خورشيد علويّ ، بشارت داده شد او طالب ؛ چنانكه جابر انصارى گفت : راهبى بود ـ نامش مثرم بن دعيب (١) ـ كه يكصد ونود سال خداى تعالى را عبادت نمود وسؤالى از خدا در اين مدّت نكرد ، پس از خدا خواست كه دوست خود را به او بنماياند ، پس حضرت ابو طالب را خداى سبحان فرستاد به سوى آن راهب ، وراهب از آن حضرت پرسيد او وطن وقبيله او ، وچون شناخت او را ، برخاست سر وصورت ابو طالب را بوسيد وگفت : الحمد لله كه خدا مرا از دنيا نبرد تا دوست خود را به من نمود وشناسانيد. اى ابو طالب! بشارت باد ترا ، كه حق تعالى مرا الهام نمود كه بيروت مى آورد از صلب تو پسرى كه او ولىّ الله ونا نامى اش ، عليّ عليه السلام باشد ، واگر تو او را دريافتى از من به او سلام رسان.

ابو طالب فرمود : هر چيزى را برهان ودليل لازم باشد تا به آن اذعان وتصديق توان نمود ، برهان اين امرى كه به آن إخبار مى كنى ، چه باشد؟

فرمود : چه مى خواهى؟

ابو طالب فرمود : طعامى مى خواهم در همين ساعت ، در حضور ماها موجود شود!

پس راهب دست به دعا برداشت ؛ هنوز دعاى او تمام نشده بود ، طبقى نزد آنها ، از سه قسم فواكه بهشتى ـ كه رطب وانگور وانار باشد ـ موجود شد.

__________________

(١) بحار الأنوار ٣٥ : ١٠.


ابو طالب ، يط دانه از انار برداشت وميل نمود ؛ پس در صلب او قرار گرفت ، پس چون به مكّه برگشت ، زوجه او ، به عليّ عليه السلام حامله شد وايامى پس از قرار گرفتن نطفه او در رحم مادرش فاطمه ، زلزله اى ، در زمين شد كه اهالى مكّه ـ وعبده اصنام ـ متوسّل به بتها شدند وحال آنكه در موقع زلزله ، از شدت حركت زمين بتها ، به رو در مى افتاد وكوه ها ، از هم متلاشى مى شد وبر روى زمين مى ريخت ؛ تا آنكه شبى كه امر زلزه ، شديدتر گرديد ، در آن شب كار بر اهل مكّه بسيار سخت واموري كه به نظر آنها در تخفيف زلزله مى رسيد ـ از بردن بت ها به بالاى كوه وغيره ـ به هيچ وجه ، مؤثر واقع نشد ناچار دست توسّل به دامن سيّد قريش ـ حضرت ابو طالب ـ زدند وآن حضرت رفت بالاى كوه وفرياد نمود : ايها الناس! بدانيد كه خداوند عليّ اعلى را ـ در اين شب ـ مخلوقى است ، كه پا در عرصه زمين مى گذارد كه اگر اطاعت او را نيت نكنيد واقرار به امامت وولايت او ننمائيد ، اين زلزله دست بردار نيست تا زمين را زير وبر كند.

تمامى اهالى ، اقرار بر امامت وولايت آن حضرت نمودند ؛ پس ابو طالب ، دستهاى خود را بلند نمود وگفت :

«إلهي وسيدي أسألك بالمحمديّة المحمودة ، وبالعلويّة العالية ، وبالفاطمية البيضاء ، إلّا تفضّلت على تهامة بالرأفة والرحمة» (١).

پس ، آن زلزله تسكين يافت وعرب را در جاهليت ، عادت بر اين جارى شد كه در شدايد عمومى يا خصوصى ، به همين نهج دعا مى كردند وخدا دعاى آنها را مستجاب مى فرمود ، ولى مصداق ومفهوم آن را نمى دانستند.

__________________

(١) بحار الأنوار ٣٥ : ١٢.


بالجمله ، چون امر مخاض فاطمه ، نزديك شد ، آمد در مسجد الحرام ـ نزد خانه خدا ـ وگفت : «اى پروردگار من! ايمان دارم به تو وتصديق مى نمايم به آنچه تو فرستاده اى به سوى خلق ، از پيامبران وكتاب هايى كه نازل فرموده اى ، وتصديق نمودم به كلام جدّم ابراهيم ، خليل الرحمن ، خدايا! بحقّ آن كسي كه بنا كرد اين خانه را وبحقّ اين مولودى كه در شكم من است ، امر ولادت او را بر من آسان كن».

پس در باز شد وفاطمه داخل خانه شد. فاطمه گفت : ديدم چهار تن از زنان عظيمة الشأن : حواء ، مريم ، آسيه ومادر موسى ، وغير آنها ، از زنان بهشتى ، پس به نحوى كه در موقع ولادت رسول الله صلى الله عليه وآله رفتار نمودند ، در اين مورد هم بجا آوردند. چون متولد شد سجده براى خداى تعالى بجاى آورد وگفت در سجده خود ، شهادتين را وپاره اى از كلمات در امر ولايت خود.

پس سر از سجده برداشته وسلام كرد بر زنان عاليات واحوال پرسى از آنها نمود وآسمان به نور جبين مبين او نورانى شد.

پس يافت طفل خود را پاكيزه وناف بريده. پس مادر او را برداشت واز خانه كعبه ، بيرون آمد.

وَلَدَتهُ في حرم الإله وأمنهِ

والبيت حيثُ فناؤه والمسجدُ

بيضاءُ طاهرةُ الثياب كريمةٌ

طابَتْ وطابَ وليدُها والممولدُ

 في ليلةٍ غابَت نحوسُ نُجومها

وبَدَتْ مع القمرِ المنيرِ الأسْعُدُ

ما لُفّ في خِرَقِ القوابلِ مثلُهُ

إلّا ابنُ آمنةَ النبيّ محمّدُ

صبوحي :

امروز گرفت خانه كعبه شرفْ

از مولد شير حقّ شهنشاه نجفْ

 جز ذات محمّدى نيامد بوجودْ

يكتا گهرى چه ذات حيدر ز صدفْ


ربّاعيّة لكاتبه :

در خانه حقّ ، علي چو آمد به وجودْ

صدّ گونه شرفْ بر شرفِ كعبه فزودْ

 تبريكْ فرستاد خدايش به درودْ

كز خلقت خانه ام همين بُدْ مقصودْ

جوهرة :

اشرف بقاع حرم خداست ، واشرف امكنه حرم ـ كه مكّه باشد ـ مسجد الحرام است ، واشرف قطعات مسجد كعبه است ، وتواريخ وسير اتّفاق دارند كه در آن اشرف امكنه زمين ، مولودى تولّد نشد جز اشرف الخلق امير المؤمنين عليه السلام.

ونيز از حيث زمان : پس بهترين روزها وسيّد الأيّام روز جمعه ، وبهترين ماهها ماه رجب است ـ كه اوّل اشهر حرم است ـ وبهترين ساعات بين الطلوعين است ، كه در اين ساعت ، در چنين روز ، در چنين ماه ، بهترين خلق بعد از پيامبر صلى الله عليه وآله كه علىّ مرتضى عليه السلام است ، قدم به عرصه زمين گذارد.

صبوحي :

برداشت سپيده دم حجابْ از طرفى

بگرفتْ نگار حقّ نقابْ از طرفى

 گر نيستْ قيامت از چه رو گشته عيانْ

ماهْ از طرفى وآفتابْ از طرفى

وأعجب از همه آنكه وقتى كه حضرت مريم عليها السلام در موقع مخاض ووضع حمل مأمور شد به خروج از بيت المقدس ـ يا بيت اللّحم ـ به اين كه محلّ عبادت بايد مطهّر وپاك از هر آلايشى باشد ، پس منافات دارد با ولادت.

وبراى وضع حمل فاطمه بنت اسد باز ومنفتح مى گردد باب بيت الله الأعظم الكعبة ، ولم ينفتح قبلَ ذلك ولا بعدَه لأحدٍ غيرها.

واز اين جا عقل عقلاء حكم مى كند به اين كه : بينَ الموضعينِ بَوْنٌ بعيدٌ.


ومولود در خانه كعبه پليدى در ظاهر نداشته ، وهمچنان باطناً طيّب وطاهر وپاكيزه از هر آلايشى بود ، ونيز در ظاهر هم طيّب وپاكيزه وطاهر بود كه منافاتى با طهارت آن موضع مقدّس نداشته وموجب تنجيس وآلودگى آن نبوده.

الحميري :

طِبْتَ كَهْلاً وغُلاماً

ورَضيعاً وجَنينا

ولدى المِيثاقِ طِيناً

يومَ كانَ الخَلْقُ طِينا

 كنتَ مأمُوناً وَجيهاً

عندَ ذي العرش مَكينا

في حِجابِ النُور حيّا

طَيّباً للطاهِرينا

پس ، فرزند طيّب طاهر ، از نسل طاهر متولّد شد ، ودر موضع طاهر ، واين خود كرامتى است ظاهر ، كجا اين كرامت براى كسى يافت مى شود؟

بالجمله ؛ مادرش بعد از سه روز فرزند را برداشت از خانه كعبه بيرون آمد. اصنام قريش مقابل او بِروى در افتادند ، واين امر وقتى كه در شكم مادر بود اتفاق افتاد.

چنانكه وقتى مادر او به او حامله بود آمد در مسجد الحرام واصنام برو در افتادند ، مادرش دست بر شكم ماليد وگفت : «يا قرّة العين! سجدتك الأصنام داخلاً ، فكيف شأنك خارجاً؟» (١) يعنى اى نور چشم! سجده مى كنند بت ها تو را در وقتى كه داخل شكم من هستى ، آيا چگونه خواهد شد شأن تو در موقعى كه متولّد شوى؟

__________________

(١) ر. ك. بحار الأنوار ٣٥ : ١٧.


شعر :

وقد روى عن امّهِ فاطمهْ

ذات التقى والفضل بين النسا

بأنّها كانت ترى اصنامهم

نصباً على الكعبة او بين الصفا

 فربّما رامت سجوداً كالذي

كانت مراراً من قريش قد ترى

وهي به حاملة فيغتدي

منتصباً يمنعها ممّا تشا

چون چشم طفل به پدرش ابو طالب افتاد ، سلام بر پدر كرد. پس ابو طالب از حال زنان پرسيد ؛ طفل به زبان فصيح جواب داد ؛ پس فرمود : اى پدر! برو بسوى مثرم بن دعيب [راهب مشار إليه] وخبر ده به او آنچه ديدى ، به درستى كه او در مغازه فلانى كوه لكام (١) است.

ابو طالب رفت به سوى كوه ؛ وقتى رسيد ديد راهب از دنيا رفته وبدنش پيچيده افتاده ودو مار دو طرف او مواظبت ومحافظت بدن او را مى نمودند ، به مجردى كه ابو طالب وارد كهف شد ، آن دو مار غايب شدند.

ابو طالب سلام بر مثرم كرد به اين عبارت : «السلام عليك يا وليّ الله ورحمة الله وبركاته».

واز اين مطلب معلوم مى شود كه سلام بر اموات اولياء الله قبل از بعقت امرى شايع بوده است ؛ زيرا كه اموات اولياء خدا ـ به نظر ماها ـ امواتند ولى در حقيقت ، زندگانند : (بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّـهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) (٢).

__________________

(١) وكوه لكام ـ بنابر آنچه فيروزآبادى در قاموسش ذكر كرده ـ كوهى است در حالى شيراز وشمالاً ممتدّ مى شود به جيحون ومشغره [وجنوباً] منتهى مى شود به مكه مشرفه ـ شرفها الله ـ [منه قدس سره].

(٢) آل عمران : ١٦٩ ـ ١٧٠.


واگر چه مورد آيه شريفه مقتولين وشهداء في سبيل الله است ، ليكن به تحقيق پيوسته است كه مقام اولياء وشهداء يكى است ـ از جهة رفعت ـ چنانكه ادلّه وبراهينى ـ در مقام خود ـ بر آن اقامه شد ، وشايد در اين رساله ـ به مناسبتى ـ به آن ها ، اشاره شود.

مجملاً ، چون ابو طالب سلام نمود ؛ خدا مثرم را زنده كرده ، برخاست دست بر سر وصورت خود ماليد وگفت : «أشهد أن لا إله إلّا الله ، وأشهد أنّ محمّداً عبده ورسوله وأنّ عليّاً وليّ الله والإمام بعده أو بعن نبيّ الله».

ابو طالب گفت : بشارت باد ترا! كه آفتاب روى علىّ عليه السلام طلوع كرد به زمين.

پس پرسيد از ولادت او ، وابو طالب قصّه را بيان كرد. مثرم گريان شد از شوق وسجده شكر كرد ودست وپاى را كشيد وگفت : مرا بپوشان!

او را پوشانيد ونگاه كرد ديد گويا سالهاست مرده است! پس سه روز ابو طالب به مراسم او قيام نمود. روز سيّم ديد آن دو مار پيدا شدند وسلام بر ابو طالب كردند ـ به لسان فصيح ـ وگفتند : اى ابو طالب! ملحق شو به وليّ خدا عليه السلام كه تو اولويّت دارى به حفظ ونگاهدارى او.

فرمود : شماها كيستيد؟

گفتند : ماها عمل اين عابد هستيم كه خداوند ما را به ابن صورت مصوّره ومجسّم فرمود كه بدن او را از اذيت ها محفوظ داريم تا قيام قيامت ، وروز قيامت يكى سايق وديگرى قائد او باشيم به سوى بشهت برين.

پس ابو طالب برگشت به مكّه وعليّ عليه السلام را به سينه گرفت ودست فاطمه را گرفت وآمدند به ابطح وندا كرد :


يا ربّ هذا الغسق الدجيِّ

والقمرِ المنبلجِ المُضيِّ

 بيّن لنا من حكمك المقضيِّ

ماذا ترى في اسم ذا الصبيِّ (١)

يعني : اى خالق تاريكى شب وماه روشنى دهنده! از درگاه خود اسم اين طفل را معيّن ومبيّن فرما!

ناگهان ابر سفيدى به زمين آمد وعليّ عليه السلام را به سينه ابو طالب چسبانيد ولوح سبزى ديدند ، آن را برداشتند بر آن لوح نوشته شده بود :

خُصِستما بالولد الزكيِّ

والطاهرِ المطهَرِ المرضيِّ

 فاسمُه من شامخٍ عليِّ

عليُّ اشتقَّ من العليِّ (٢)

يعنى : عنايت شد به شماها پسر پاكيزه وپاكى ، انتخاب شده وپسنديده شد؛ پس اسم او از جانب خداى بزرگ وعليّ : نام «على عليه السلام» است كه مشتقّ از نام بزرگ خداست.

پس فرمود ابو طالب كه لوح سبز را بر كعبه آويختند ، وبه آنجا آويخته بود تا زمان سلطنت هشام بن عبد الملك ـ از بنى اميّه ـ كه به مكه آمد وآن لوح را برداشت وبه خزانه خود در شام برد.

شعر لأبى الفضل الأسكافي :

نطقتْ دلائلُه بفضل صفاتِهِ

بين القبائل وهو طفلٌ يرضعُ

مجملاً ، نام مباركش عليّ عليه السلام :

«هو المثلُ الأعلى» كفاكَ باسمِهِ

عليّ فلا في الاسمِ والأسِ والحسبْ

__________________

(١) ر. ك. بحار الأنوار ٣٥ : ١٨.

(٢) همان : ١٩.


لكاتبه :

خالق او كرد مشتقّ نامِ وى از نامِ خود

پس خدا را نامِ عالى باشد واو را عليّ

ابن حماد :

سلامٌ على أحمدَ المرسلِ

سلامٌ على الفاضلِ المفضلِ

 سلامٌ على مَن علا في العُلى

فسمّاه ربّ عليٌّ عليْ

وذكر المسعودي في كتاب «مروج الذهب» : ولم يكن في عهد النبيّ صلى الله عليه وآله إلى وقتنا هذا من خلافة المتّقي مَنْ اسمُه «عليٌّ» غيره ، وعليّ بن المعتضد (١).

__________________

(١) منتخبى از رساله (السحابة البيضاء) در فضائل مولى الموحدين أمير المؤمنين علي عليه السلام ، تأليف مير سيد محمّد حسن مدرس اصفهانى (ت ١٣٣١ هـ) ، تحقيق على كرباسي زاده اصفهاني ، چاپ بهار ـ اصفهان ، ١٣٧٧ ش.


مع الشعر

للشيخ صالح بن دَرْويْش الزينيّ التميمي الكاظميّ (١١٨٨ ـ ١٢٦١ هـ) :

همزيّة التميميّ

غايَةُ المَحْدِ فِي عُلاكَ ابْتِداءُ

لَيْتَ شِعْرِيْ ما تَصْنَعُ الشُعَراءُ؟

يا أَخَا المُصْطَفَى وَخَيْرَ ابْنِ عَمٍّ

وَأمِيْرٍ إِنْ عُدَّتِ الاُمَراءُ

ما نَرَى ما اسْتَطالَ إلّا تَناهَى

وَمَعالِيْكَ مالَهُنَّ انْتِهاءُ

فَلَكٌ دائِرٌ إذا غَابَ جُزْءٌ

مِن نواحِيْهِ أَشْرَقَتْ أَجْزاءُ

أَوْ كَبَدْرٍ ما يَعْتِرَيْهِ خَفاءٌ

مِنْ غَمامٍ إِلّا عَراةُ انْجِلاءُ

يَحْذَرُ البَحْرُ صَوْلَةَ الجَزْرِ لكِنْ

غَارَةُ المَدِّ غارَةٌ شَعْوَاءُ

رُبّما رَمْلُ عالِجٍ يَوْمَ يُحْصَى (١)

لَمْ يَضِقْ فِي رِمالِهِ الإحْصاءُ

 وَتَضِيْقُ الأَرْقامُ عَنْ مُعْجِزاتٍ (٢)

لَكَ يا مَن إِلَيْهِ رُدّتْ ذُكاءُ (٣)

يا صِراطَاً إِلى الهُدَى مُسْتَقِيماً

وَبِهِ جاءَ لِلِصُدُورِ الشِفاءُ (٤)

__________________

(١) في الأعيان والمعادن والأنوار : ربّما عالجٌ من الرمْل يُحْصى.

(٢) في طبعة بغداد والأنوار : خارِقاتٍ.

(٣) هذا البيت لم يرد في الأعيان.

(٤) في طبعة بغداد : شفاءُ.


بُنِيَ الدِيْنُ فَاسْتَقامَ وَلَوْلا

ضَرْبُ ماضِيْكَ مَا اسْتَقامَ البِناءُ

أَنْتَ لِلْحَقِّ سُلَّمُ مالِراقٍ

يَتَأَتَّى بِغَيْرِهِ الإِرْتِقاءُ

 أَنْتَ هارُونُ وَالكَلِيْمُ مَحَلّلاً

مِنْ نَبِيٍّ سَمَتْ بِهِ الأَنْبِياءُ (١)

 أَنْتَ ثانِي ذَوِي الكِسا وَلَعَمْرِيْ

أَشْرَفُ الخَلْقِ مَنْ حَواهُ الكِساءُ

 وَلَقَدْ كُنْتَ وَالسَماءُ دُخَانٌ

مابِها فَرْقَدٌ وَلا جَوْزاءُ

 فِي دُجَى بَحْرِ قُدْرَةٍ بَيْنَ بُرْدَيْ

صَدَفٍ فِيْهِ لِلْوُجُوْدِ الضِياءُ

 لَا الخَلا يَوْمَذاكَ فِيْهِ (٢) خَلاءٌ

فَيُسَمَّى وَلَا المَلاءُ مَلاءُ

 قالَ زُوْرَاً مَنْ قالَ : ذلِكَ زُوْرٌ

وَافْتَرَى مَنْ يِقُوْلُ : ذَاكَ افْتِراءُ

آيَةٌ فِي القَدِيْمِ صُنْعُ قَدِيْمٍ

قَاهِرٍ قَادِرٍ عَلَى ما (٣) يَشاءُ

نَبَأٌ ـ وَالعَظِيْمُ قالَ ـ عَظِيْمٌ

وَيْلَ قَوْمٍ لَمْ تُغْنِها الأَنْباءُ (٤)

لَمْ تَكُنْ فِي العُمْوْمِ مِنْ عالَمِ الذَرْ

رِ وَتَنْتَهى عن العُمُوْمِ النُهاءُ

مَعْدِنُ الناسِ كُلِّها الأَرْضُ لكِنْ

أَنْتَ مِنْ جَوْهَرٍ وَهُمْ حَصْباءُ

 شَبَهُ الشِكْلِ لَيْسَ يَقْضِي التَساوِي

إِنَّما فِي الحَقائِقِ الإِسْتَواءُ

لَا تُفِيْدُ الثَرَى حُرُوفُ الثُرَيّا

رِفْعَةً أَوْ يَعُمُّهُ اسْتِعْلاءُ (٥)

شَمِلَ الرُوْحَ مِن نَسِيْمِكَ رَوْحٌ

حِيْنَ مِنْ رَبِّهِ أَتاهُ النِداءُ

قائِلاً : «مَنء أَنا» فَرَوَّى قَلِيْلاً

وَهُوَ لَوْلاكَ فاتَهُ الإِهْتِداءُ

لَكَ إِسْمٌ رَآهُ خَيْرُ البَرايا

مُذْ تَدَلَّى وَضَمَّهُ الإِسْراءُ

__________________

(١) الأبيات (١٢ ـ ٢٠) لم ترد في الأعيان.

(٢) في غير المطبوعة ببغداد : فيها.

(٣) في طبع بغداد والأنوار : من.

(٤) المطبوع في الباقيات : الأنبياءُ.

(٥) الأبيات (٢٣ ـ ٢٩) ليست في الأعيان.


خُطَّ مَعْ إِسْمِهِ عَلَى العَرْشِ قِدْمَاً

فِي زَمانٍ لَمْ تُعْرَضِ الأَسْماءُ

 ثُمَّ لاحَ الصَباحُ مِنْ غَيْرِ شَكٍّ

وَبَدا سِرُّها وَبانَ الخَفاءُ

 وَبَرَا اللهُ آدَمَاً مِنْ تُرابٍ

ثُمَّ كانَتْ مِنْ آدَمٍ حَوّاءُ (١)

شَرَّفَ اللهُ فِيْكَ صُلْبَاً فَصُلْبَاً

أَزْكياءً نَمَتْهمُ أَزْكِياءُ

فَكَأَنَّ الأَصْلابَ كانَتْ بُرُوجَاً

وَمِنَ الشَمْسِ عَمَّهُنَّ البَهاءُ

لَمْ تَلِدْ هاشِمِيَّةٌ هاشِمِيَّاً

كَعَلِيٍّ وَكُلُّهُمْ نُجَباءُ

 وَضَعَتْهُ بِبَطْنِ أَوَّلِ بَيْتٍ

ذاكَ بَيْتٌ بِفَخْرِهِ والإِكْتِفاءُ

 أُمِرَ الناسُ بِالمَوَدَّةَ لكِنْ

مِنْهُمُ أَحَسَنُوا وَمِنْهُمْ أَساءُوا

 يَا بْنِ عَمِّ النَبِيِّ لَيْسَ وِدادِيْ

بِوِدادٍ يَكُونُ فِيْهِ الرِياءُ

فَالوَرَى فِيْكَ بَيْنَ غالٍ وَقالٍ

وَمُوالٍ وَذُو الصَوابِ الوِلاءُ

 وَوِلائِي إِنْ بُحْتُ فِيْهِ بِشَيْءٍ

فِبِنَفْسِيْ تَخَلَّفَتْ أَشْياءُ

 أَتَّقِي مُلْحِدَاُ وَأَحْشَى عَدُوَّاً

يَتمارَى وَمَذْهَبِي الإِتْقاءُ

وَفِرارَاً لِنِسْبَةٍ لِغُلُوٍّ

إِنَّمَا الكُفْرُ وَالغُلُوُّ سَواهُ

ذا مَبِيْتِ الفِراشِ يَوْمَ قُرَيْشٌ

كَفَراشٍ وَأَنْتَ فِيْهِ ضِياءُ

فَكَأَنِّي أَرَى الصَنادِيْدَ مِنْهُمُ

وَبِأَيْدِيْهِمُ سُيُوْفٌ ظِماءُ

صادِياتٌ إِلى دَمٍ هُوَ لِلْمَا

ءِ طُهُوْرٌ لَوْ غَيَّرَتْهُ الدِماءُ

دَم مَنْ سَادَ فِي الأَنامِ جَمِيْعَاً

وَلَدَيْهِ أَحْرارُها أَدْعِياءُ

 قَصُرَتْ مُذْ رَأَوْكَ مَنِهُمْ عَظِيْماً

قَصُرَتْ عَنْ بُلُوْغِهِ الأَتْقِياءُ

 عَمِيَتْ أَعْيُنٌ عَنِ الرُشْدِ مِنْهُمْ

وَبِذاتِ الفِقارِ زالَ العَماءُ

__________________

(١) إلى هُنا ينتهي المطبوع في بغداد والأنوار وكذا المخمّس في عمل الشاعر بعد الباقي العمري والغزوات ، وباقي القصيدة منقول من الأعيان فقط.


يَسْتَغِيْثُوْنَ فِي يَغُوْثٍ إِلى أَنْ

مِنْكَ قَدْ حَلَّ فِي يَغُوْثَ القَضاءُ

 لَكَ طَوْلٌ عَلَى قُرَيْشٍ بِيَوْمٍ

فِيْهِ طُوْلٌ وَرِيْحُهُ نَكْباءُ

 كَمْ رِجالٍ أطْلَقْتَهُمْ بَعْدَ أَسْرٍ

أشْنَعَ الأَسْرِ إِنَّهُمْ طُلَقاءُ

 يَرْدَعُ الخَصْمَ شاهِدانِ : حُنَيْنٌ

بَعْدَ بَدْرٍ ، لَوْ قالَ : هَذا ادِّعاءُ

 إنَّ يَوْمَ النَفِيْرِ والعِيْرِ يَوْمٌ

هَوَ فِي الدَهْرِ رايَةٌ وَلِواءُ

 سَلْ وَلِيْدَاً وَعُتْبَةً ما دَعاهُمْ

لِفِناءٍ عَدا عَلَيْهِ الفَناءُ

 لا تَسَلْ شَيْبَةً فَقَدْ أَسْكَرَتْهُ

نَشْوَةٌ كَرْمُها القَنا وَالظُباءُ

قَدْ دَعَوا لِلنِزالِ أَنْصارَ صِدْقٍ

زانَ فِيْهِمً عِفافُهُمْ وَالحَياءُ

بَرَزَ الأَوْسُ فِيْهِمُ فَأَجابُوا

ـ لا حَياءً ـ : لِتًبْرُزِ الأَكْفاءُ

 ثُمَّ أَسْكَنْتَهُمْ بِقَعْرِ قَلِيْبٍ

بَعْدَما عَنْهُمُ يَضِيْقُ الفَضاءُ

 وَحُنَيْنٌ وَقَدْ شَكَتْ ثِقْلَ حَمْلٍ

مُذْ وَطاها حًسامُكَ الغَيْراءُ

 حَلَّ فِي بَطْنِها مِنَ الشِرْكِ رَهْطٌ

حارُبُوا المُصْطَفَى وَبِالإِثْمِ باءُوا

لَيْسَ إلّا مَخاضُها يَوْمَ حَشْرٍ

يَوْمَ لَمْ تَعْرِفِ المخاضَ النِساءُ

أُحُدٌ قَدْ أَرَتْكَ أَثْبَتَ مِنْهُمْ

يَوْمَ ضاقَتْ مِنَ القَنَا البَيْداءُ

يَوْمَ حاصَتْ لُيُوْثُ قَحْطانَ رُعْبَاً

وَبَلاءُ الأصْحابِ ذاكَ البَلاءُ

 وَخَبَتْ جَمْرَةٌ لِعَبْدِ مُنافٍ

صَحَّ مِنْ حَرِّها الهُدَى وَالسَناءُ

لَسْتُ أَنْسَى إِذا نَسِيْتُ الرَزايا

كَبِدَاً فَلْذُهُ لِهِنْدٍ غِذاءُ

كَمْ شَرَفْتُمْ لِألِ حرْبٍ بِحَرْبٍ

وَإِلى اللهِ تَرْجِعُ الخُصَماءُ

لَيْسَ خَطْبَاً بَلْ كانَ أَعْظَمَ خَطْبٍ

كَسْرُ سِنٍّ لَها النُفُوْسُ فِداءُ

فَرَّ مَنْ فَرَّ وَالمُنادِي يُنادِي

إثْرَ مَنْ لا بِسَمْعِهِمْ إَصْغاءُ

 كُلُّ هذا وَأَنْتَ تَبْرِي نُفُوسَاً

هُمْ لِمَنْ حَلَّ فِي الصَفا رُؤَساءُ

وَلِصَبْرٍ صَبَرْتَهُ وَلِعِبْءٍ

قَدْ تَحَمَّلْتَهُ أَتاكَ النِداءُ


لا فَتَى فِي الأَنامِ إلّا عَلِيٌّ

وَكَذا السَيْفُ عَمَّهُ اسْتِثْناءُ

 ثُمَّ فِي فَتْحِ خَيْبَرٍ نِلْتَ فَخْرَاً

شاهِدُ الفَخْرِ زايَةٌ بَيْضاءُ

 أُعْطِيَتْ ذا بَسالَةٍ قَدْ حَباهُ الـ

ـلهُ يَمِيْنَاً ما فَوْقَ هذا العَطاءُ

 فَسَقَى مَرْحَبَاً بِكَأْسِ ابْنِ وُدٍّ

مُسْكِرَاً عَنْهُ تَقْصُرُ الصَهْباءُ

 وَدَحا بابَ خَيْبَرٍ بِيَمِيْنٍ

هِيَ لِلدِيْنِ عِصْمَةٌ وَوِقاءُ

 قالَ لَمَّا شَكَتْ مَواضِيْهِ سُغْبَاً

تِلْكَ أُمُّ القُرَى وَفِيْهَا القِراءُ

 جاءَ نَصْرُ الإِلهِ فِي ذلِكَ اليَوْمِ

وَبِالفَتْحِ تَمَّتِ النَعْماءُ

 وَحَدِيْثُ الغَدِيْرِ فِيْهِ بَلاغٌ

فِي مَعانِيْهِ حارَتِ الآراءُ

 هَبَطَ الرُوْحُ مُسْتَقِلّاً بِأَمْرٍ

مِنْ مَلِيْكٍ آلاؤُهُ الألاءُ

بِهَجِيْرٍ مِنَ الفَلا وَهَجِيْرٍ

مُحْرِقٍ مِنْهُ تَفْزَعُ الحَرْباءُ

 قالَ : «بَلِّغْ ما أَنْزَلَ اللهُ فِي مَنْ

تَشْكُرُ الأرْضُ فَضْلَهُ وَالسَماءُ»

 فَأَناخَ الرِكابَ بَيْنَ بِطاحٍ (١)

لَمْ يَحُمْ حَوْلَها الكَلا وَالماءُ

ثُمَّ نادَى أَكْرِمُ بِهِ مِنْ مُنادٍ

خانَ فَرْضٌ وَلِلْفُرُضِ أَداءُ

فَاسْتَدارُوا مِنْ حَوْلِهِ كَنُجُوْمٍ

حَوْلَ بَدْرٍ تُجْلَى بِهِ الظَلْماءُ

فَبَدا مِنْهُ ما بَدا فِيْكَ مَدْحٌ

فُتِحَتْ مِنْهُ فِتْنَةٌ صَمّاءُ

هُوَ حُكْمٌ لكِنَّهُ غَيْرُ ماضٍ

رُبَّ حُكْمٍ قَدْ خانَهُ الإمْضاءُ

إنّما المُصْطَفَى مَدِيْنَةُ عِلْمٍ

بابُها أَنْتَ وَالوَرَى شُهَداءُ

أَنَتْ فَصْلُ الخِطابِ حِيْنَ القَضايا

عَلَمٌ فِيْكَ تَقْتَدِي العُلماءُ

 وَفَصِيْحٌ كُلُّ الأَنامِ لَدَيْهِ

بَعْدَ طه فَصِيْحُهمُ فَأْفاءُ

لَيْسَ إِلّاكَ لِلْبَلاغَةِ نَهْجٌ (٢)

وَعَلى النَهْجِ تَسْلُكُ البُلَغاءُ

__________________

(١) في الأعيان : البطاح

(٢) كان في الأعيان : للفصاحة.


ثُمَّ لَمَّا هُنالِكَ انْقَطَعَ الوَحْـ

ـيُ وَفِي الخافِقَيْنِ قامَ العَزاءُ

 وَبَكَتْ فاطِمُ (١) لِفَقْدِ أَبِي الكُلْـ

ـلِ فَأَشْجَى القُلُوبَ ذاكَ البُكاءُ

مٌذْ تَرَدَّيْتَ لِلخِلافَةِ أَوْرَى

نارَهُمْ فِي القُلُوبِ ذاكَ الرَداءُ

يَوْمَ غُصَّتْ فَيْحاؤُهُمْ بِخَمِيْسٍ

زالَ فِيْهِ عَنِ القُلُوْبِ الصَداءُ

أَصْبَحَتْ ضُبَّةٌ كَأَصْحابِ نَخْلٍ

خانَ فِيْها عِنْدَ اللِقَاءِ والبَقاءُ

وَأُبِيْحَتْ أَرْواحُهُمْ ودِماهُمْ

وَأُصِيْبَتْ أَمْوالُهُمْ وَالنِساءُ

وَبِصِفِّيْنَ وَقْعَةٌ ما عَلِمْنا

أَنْتَجَ الحَرْبُ مِثْلَها وَالوَغَاءُ

 يَوْمَ وافَتْ كَتائِبُ الشامِ تَتْرى

حِمْيَرٌ وَالسَكاسِكُ السُفَهاءُ

قادَهُمْ ذُو الكِلاعِ فِي يَوْمِ بَدْرٍ

مِثْلَما قادَ ذَا الكِلاعِ البِغَاةُ

لِخَمِيْسٍ فِي قَلْبِهِ أَسَدُ اللّـ

ـهِ وخَيْلٍ مِنْ فَوْقِها أًصْفِياءُ

رُكَّعٌ سُجَّدٌ إذا جَنَّ لَيْلٌ

حُلَفاءٌ مَعَ الوَغَى أَصْدِقَاءُ

عالَجُوا الشام بِالقَنا لِسَقامٍ

حَلَّ فِيْهِ وَالداءُ ذاكَ الداءُ

 إِنْ تَسَلْ عَنْ مَصاحِفٍ رَفَعُوْها

هُوَ مَكْرٌ عَنِ الكِفاحِ وِقاءُ

 شُبُهاتٌ كَفَى بِها قَتْلُ عَمّا

رَبَياناً ، لَوْ أَنَّهُمْ عُقَلاءُ

 قَدْ تَجَرَّعْتَ صابَها لا لِشَوْقٍ

حَرَّكَتْهُ البَيْضاءُ وَالصَفْراءُ

 يَوْمَ طَلَّقْتَها فَسامَتْكَ لَدْغَاً

وَهِيَ أَفْعَى يَعِزُّ فِيْها الرُقاءُ

 قَلَّدَتْ كَلْبَ مُلْجِمٍ سَيْفَ غَدْرٍ

قَدْ سَقَتْهُ زُعافَها الرَقْشاءُ

 ما عَرَا الدِيْنَ مِثْلَ يَوْمِكَ خَطْبٌ

مُدْلَهِمٌّ وَنَكْبَةٌ دَهْياءُ

 ثُمَّ كَرَّ البَلا وَأَيُّ بَلاءٍ

مُسْتَطِيْلٍ أَتَتْ بِهِ كَرْبَلاءُ

 يَوْمَ باتَ (٢) السَماءُ تَبْكِي عَلَيْهِمْ

بِدِماءٍ وَهَلْ يُفِيْدُ البُكاءُ

__________________

(١) المطبوع في الأعيان : فاطمة.

(٢) في الأعيان : باتت.


أَيُّهَا الراكِبُ المُهَجَّرُ يَحْدُوْ

يَعْمُلاتٍ مامَسَّهَا الإِنْضاءُ

 يَمَّمِ الرَكْبَ لِلْغَرِيِّ فَفِيْهِ

بَحْرُ جُوْدٍ وَروْضَةٌ غَنَّاهُ

ثُمَّ قُمْ فِي مَقامِ مَنْ مَسَّهُ الضُرْ

رُ وَغاداهُ كُلَّ يَوْمٍ عَناهُ

وَأَزِلْ عَبْرةً كَصَوْبِ سَحابٍ

هَطَلَتْ عَنْهُ دَيْمَةٌ وَطْفاءُ

وَالْتَثِمْ تَرْبَهُ وَقُلْ : يا غِياثِي

وَرَجائِي إِنْ خابَ مِنِّي الرَجاءُ

 إِنْ أَتَتْكُمْ هَدِيَّةٌ مِثْلُ قَدْرِي

فَبِمِقْدارِكُمْ سَيَأْتِي الجَزاءُ (١)

* * *

للعلّامة المرحوم السيّد مهدي نجل العلّامة السيّد هادي الحسينيّ الشهير بالقزويني المتوفّى سنة (١٣٦٦ هـ) (٢).

يا لائميَّ تجنّبا التفنيدا

فلقد تجنّبت الحسان الخُودا

 وصحوتُ من سُكر الشباب ولهوه

لمّا رأيتُ صفاءه تنكيدا

 ما شفّ قلبي حبّ هيفاء الدُمى

شغفاً ولا رمتُ المِلاح الغِيدا

أبداً ولا أوقفتُ صحبي باكياً

من رسم ربعٍ بالياً وجديدا

 كلا ولا أصغيتُ سمعي مطرباً

لحنين قمريّ شدا تغريدا

لكنّني أصبحتُ مشغوف الحشا

في حبّ آل محمّدٍ معمودا

 المطعمين إذا الشمال تناوحت

في بردها والهاشمين ثريدا

__________________

(١) طبعت هذه الهمزيّة بإعداد السيّد محمد رضا الحسيني الجلالي ، في مجلّة «علوم الحديث» العدد الثامن.

(٢) مما ألحقه محقق «مقتل أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام» : ١١٠ ـ ١١٢ ، تأليف السيّد الميرزا صالح الحسيني القزويني (ت ١٣٠٤ هـ) تحقيق جودت كاظم القزويني ، وعلّق عليه بقوله : نقلاً عن كتابنا الكبير «دليل الرجال ـ في ترجمات العلماء والاُدباء» ، المخطوط.


والمانعين لما وراء ظهورهم

والطيّبين سُلالة وجدودا

 قومٌ أتى نصّ الكتاب بحبّهم

فولاهم قد قارن التوحيدا

 فلقد عقدتُ ولاي فيهم معلناً

بولاء حيدرةٍ فكنتُ سعيدا

 صنٌو النبيّ وصهرُه ووصيُّهُ

نصّاً بفرض ولائه مشهودا

هو علّة الإيجاد لو لا شخصُه

وعُلاهُ ما كان الوجود وُجودا

قد كان للروح الأمين معلّماً

لمّا تردّد حائراً ترديدا

 هو ذلك الشيخُ الذي في صفـ

ـحة العرش استبانَ لآدمٍ مرصودا

هو جوهرُ النور الذي قد شافه

موسى بِسِينا فانثى رعديدا

 ومذ انجلى بصرُ الخليل وشاهد الـ

ـملكوتَ كان بحزبه معدودا

 كم سرّ قدسٍ غامضٍ فيه انطوى

فلذاك فيه استيقنوا المعبودا

 هو واجبٌ هو ممكنُ هو أوّلٌ

هو آخرٌ قد حيّر الموجودا

يا جامع الأضدادا في أوصافِهِ

جلّت صفاتُك مبدءاً ومعيدا

 ما لُمْتُ من يدعوك أوّل صادرٍ

عنه صدور الكائنات وجودا

 لم يفرض اللهُ الحجيجَ لبيتِهِ

لو لم تكن في بيتِهِ مولودا

 للأنبيا في السرّ كنتَ معاضِداً

ومع النبيّ محمّدٍ مشهودا

 فلقتلِ جالوت وهتك جنودِهِ

طالوتُ باسمك قد دعا داودا

 ولكم نصرتَ محمّداً بمواطنٍ

فيها يعاف الوالد المولودا

من قَدَّ (عُتبةَ) و (ابنَ ودّ) و (مَرْحباً)

و (العبدرين) و (شيبة) و (وليدا)

ومن استهان قريش في بطحائها

وملكتهم وهم الملوك عبيدا

من ذلّل العرب التي لولاه ما

ذلّت وما ألوت لملكٍ جيدا

 من أبهر الأملاك في حملاته

ولمن تمدّح جبرئيل نشيدا


(لا سيفَ إلّا ذو الفِقار ولا فتى

إلّا عليٌّ) حيث صاد الصيدا

ومن اغتدى في فتح خيبر مقدِما

وسواه كان الناكص الرعديدا

ولكن كفى الله القتالَ بسيفه الـ

إسلام يوم (الخندق) المشهودا

 أردى بها عمروَ بن ودّ بضربةٍ

قد شيّدت دين الهدى تشييدا

أسنى من القمرين كان وإنّما

عميت عيون معانديه جحودا

 نفسي الفداء له إماماً صابراً

فقضى جميع حياته مجهودا

 في طاعة الرحمن أفنى عمره

بلْ لم يزلْ في ذاته مكدودا

 لم يلقَ من بعد النبيّ محمّدٍ

إلّا الأذى والظلم والتنكيدا

حتّى إذا انبعث الشقيّ وقد حكى

بعظيم جرأته شقيّ ثمودا

 وافاهُ في المحراب صبحاً ساجداً

ولكن أطال إلى الإله سجودا

 فاستلٌ مرهفه وهدَّ بحدّهِ

حِصناً على دين الهدى محدودا

 فأصاب طلعتَه الشريفةَ خاضِبا

منها كريمتَه دماً خنديدا

فهوى صريعا في المصلّى قائلاً

قد فُزْتُ واللهِ العظيمِ سعيدا

 أرداه والإيمان في محرابِهِ

وأصاب من دين النبيّ وريدا

في ليلةِ القدرِ التي قد شرّفتْ

أخبى بها مصباحَها الموقودا

 تتنزّل الأملاكُ فيها كلُّهم

وعليهِ كان سلامُها تعديدا

 جاءتْ تشيّعُ جسمه وتعودُ في

النفس الزكيّة للإله صعودا

 يا ليلةً نادى الأمين بفجرها

قُتِلَ الوصيّ أخُ النبيّ شهيدا

قد هدّمتْ واللهِ أركانُ الهُدى

والعلم أمسى بابُهُ مسدودا

والصومُ من حزنٍ عليه وجوبُه

من حيث كان بشهرِهِ مفقودا

 وأمضّ ما يشجى النبيّ وقوعُه

وله المدامعُ خدّدت أخدودا

فرحُ ابنِ آكلة الكُبود بِقتلِه

بشراً وأعلن في دمشق العيدا


 

ذهب الذي أمسى شجىً في حلقِهِ

وقذىً بعينيهِ فبات رغيدا

 لهفي لآل محمّدٍ من بعدِهِ

مدّوا إلى سيف الضلال الجيدا

 (فأبو محمّد) بعدَه في دفنِهِ

نحّوهُ عن قبر النبيّ طريدا

عافوهُ وهو إمامُهم واستبدلوا

حنقاً معاويةً به ويزيدا

دسّوا له السُمّ النقيع بزادِهِ

غدراً فغادرَ قبله مقدودا

وقضى الحسينُ لُقىً بعرصة كربلا

ونساؤُهُ حسرى تجوبُ البيدا

يتلُو على رأس المثقّف رأسُه الـ

ـقرآنَ والتهليلَ والتمجيدا

 ما هكذا أوصى النبيُّ بِآلِهِ

يا أُمّةً لا تعرفُ التسديدا

* * *

وقال الحجّة السيّد محمّد عليّ خير الدين الهندي الحائري (١) (١٣١٣ ـ ١٣٩٤ هـ) :

في مدح أمير المؤمنين سلام الله عليه وآله أجمعين

ما عنَّ لي بارقٌ إلّا وذكّرني

عهدَ الغريَّ بذاك المُلتقى الحَسَنِ

فَبنيتُ أنشدُ والأشواقُ تقلقني

مَن لي بعاصفِ شملالٍ يبلّغني

أرض الغريّ فيلقيني وينساني

ذاك الغريُّ الذي قد حلّ ساحَته

أخو النبيّ الذي نرجو شفاعتهُ

 واللهِ ما خابَ راجٍ ساقَ حاجَته

إلى ال ذي فرضَ الرحمنُ طاعَتهُ

على البريّة من جنٍّ وإنسان

مولىً إليه العُلى ألقى مفاتِحَهُ (٢)

حتّى حوى المجدَ غاديهِ ورائحهُ

__________________

(١) من ديوانه (دِيَم النَيْسان) من نسخة بخطّ صديقنا المرحوم السيّد محمّد علي الطبسي المتوفّى سنة ١٤٢٤ هـ.

(٢) كتب الشاعر هذا البيت (لمّا أفاض على الدنيا منائحه) ثم شطب عليه.


فهل يُبالي بِرِجْسٍ كان قادِحَهُ

عليٌّ المرتضى الحاوي مدائحه

أسفارُ توراة بل آيات قرآنِ

عليَّ اللهِ نذرٌ من أخي ذممِ

إن يُنجني اللهُ من كربي ومن سَقَمي

 أسعى على الرأسِ حتّى ذلك الحرمِ

لا أستعين بشملالٍ ولا قدمِ

من تُربِ ساحته طوبى لأجفاني

قد كلّ في وصفه الزاكي تفكَرُنا

وحارَ في شأنه السامي تصوّرُنا

 وازداد في قدره العالي تحيّوُنا

تنزّه الربُّ عن مثلٍ يخبَرُنا

بأنّه ورسولُ الله سيّانِ

أقامهُ اللهُ تأييداً لدعوتهِ

نوراً تنوّرتِ الدُنيا بجلوتهِ

 قال المحبُّ مثالاُ عن مروّتهِ

كأنّ رحمته في طيّ سطوتهِ

آرام وجرة في استاد خفّانِ

قد خاره اللهُ بعد المصطفى كرما

على العباد لكي يهدي به اُمما

 أكرمْ بهِ هادياً أنعمْ بهِ عَلما

عمّ الورى كَرماً فاقَ الذُرى شَمما

روّى الثرى عَنَماً من نَحرِ فرسانِ

لولاهُ ما أسلمتْ عربٌ ولا عجمُ

ولا تطهّرَ من أصنامه الحَرَمُ

 أمست على سيفه تثنى الظبا الخذمُ

فالدينُ منتظِمُ والشملُ ملتئِمُ

والكفرُ منهدِمٌ من سيفه القاني

سيفٌ بهِ أعينُ الكفّارِ لم تَنَمِ

وشِرعةُ المصطفى لولاهُ لم تَقُمِ

 تراهُ عندَ حلولِ البأسِ والنقَمِ

كالبرق في بَسَمٍ والنارِ في ضَرَمِ

والماء في سَجَمٍ من نحر أفنانِ

للهِ سمصامةٌ جبريلُ أنزلها

وقبلَ ذلك عزرائيل أصقلها

 كأنّما وهيَ نارُ الله عجّلها

فقارها وهي في غمدٍ تجلّلها


آيُ الوعيد حواها جلدُ قرآنِ

مولىً لهُ الأمرُ في الإيجاد والعدمِ

وحكمُهُ نافذٌ في اللوحِ والقلمِ

 إمامُ صدقٍ فَمَن والاهُ لم يُضَمِ

قد اقتدى برسولِ الله في ظُلَمِ

والناسُ طرّاً عكوفٌ عند أوثانِ

تَعساُ لأمّة سوءٍ اُمّة ضجرتْ

ذاك الإمام وفي إنكاره ابتدرتْ

 ضلّت نَعَم عن طريق الحقّ إذْ كفرتْ

تعساً لها كيفَ ضلّتْ بعد ما ظهرتْ

لها بوارق آياتٍ وبرهانِ

ألم يكنْ والدُ السبطينِ أفضلَهُمْ

شأناً وأعدلهمْ حُكماً وأَفصَلهُمْ

إذْ خالقوا ربّهم فيه ومرسلَهُمْ

وهلْ اُريدَ سواهُ حينَ قالَ لَهُمْ

 هذا عليٌّ فَمن والاهُ والاني

كمْ آيةٍ في كتاب الله محكمةِ

في فضلهِ ونصوص غير مبهمةِ

فهلْ أتى واحدٌ منهم بمكرُمةِ

هلْ ردّت الشمسُ يوما لابن حنتمةِ

أمْ هلّ هوى كوكبٌ في بيت عثمانِ

قُلْ نبّؤنيَ مَنْ مِنهم يصارمِهِ

قدْ هَدَّم الشركَ ضرْباً من دعائِمِهِ

 وأيّهُمْ مَنْ غُمرنا في مراحمِهِ

هلْ جادَ يوماً أبو بكرٍ بخاتَمِهِن

مُناجياً بين تحريمٍ وأركانِ

ويلٌ على عصبةٍ للغيِّ لازمةٍ

وفي مراعي الشقا والجهل سائمةٍ

عادوه من أجل دنياً غير دائمِةٍ

لولاهُ لم يسجدوا كُفواً لفاطمةٍ

لولاهُ لم يفهموا أسرارَ قرآنِ

لولاهُ كان جميعُ الناسِ في ظُلَمِ

لولاهُ لمْ يأتِ موجودٌ من العدمِ

لولاهُ ما شاعَ دينُ الله في الاُمَمِ

لولاهُ كان رسولُ اللهِ ذا عُقُمِ


لولاهُ ما اتّقدت مشكاةُ إيمانِ

في ذاتِهِ (١) تاهت الأفهامُ والفِكَرُ

ما بينَ من كفروا غالِين (٢) أو سَتَروا

قالوا : إلهٌ وقالوا : إنّه بَشرُ

لولاهُ ما خُلِقَتْ شمسٌ ولا قَمَرُ

لولاهُ لم يقترنْ بالأوّل الثاني

فاقَ الورى كلّهم شأناً ومرتبةً

وكَم حوى فوقَهم فضلاً ومنقبةً

فها كُموها من الآلاف واحدةً

هلْ في فراشِ رسولِ الله باتَ فَتىً

سواهُ إذْ حُفّ من نصلٍ بِنيرانِ

مديحُهُ جاءَ ملءَ الصُحفِ والزُبرِ

وفضلُهُ شاعَ في الآياتِ والسُورِ

فجلّ معناهُ عن إدراك ذي نَظَرِ

ما كان ربّاً ولكنْ ليس من بَشَرِ

وليسَ يُشغلُه شأنٌ عن الشانِ

هو العليُّ الذي لو جئت (٣) مشهدَهُ

رأيتَ أعلى من الأفلاك مرقَدَهُ

 هو الذي ربُّه بالرُوح أيّدهُ

هو الذي كان بيتُ الله مولِدهُ

فطهَّرَ البيتَ من أرجاس أوثانِ

هو الإمامُ الذي ذُو العرش فَضَّلَهُ

وبالمعاجز والآيات خَوَّلهُ

هو الذي خَدَمَ الأملاكُ منزلَهُ

هو الذي من رسول الله كانَ لَهُ

مقامُ هارونَ من موسى بن عمرانِ

سادَ النبيّين من تالٍ ومن سَلَفِ

فلم يُدانُوه في عِزٍّ وفي شَرَفِ

هو الذي حُبّهُ من أعظم الترفِ

هو الذي صارَ عرشُ الله ذا شَنَفِ

__________________

(١) كتب هنا أيضاً : ظلّت الآراء.

(٢) كتب هنا أيضاً : فيه ومن.

(٣) كتب هنا أيضاً : زرت.


إذْ صار قُرطَيهِ إيناهُ الكريمانِ

أكفّهُ سمحتْ ناهيك (١) ما سحمتْ

آلاء فاضتْ بها الأكوانُ ما برحتْ

 فالبحرُ لم يكُ إلّا بعض ما رشحتْ

أقدامهُ مسحتْ ظهراً به مسحتْ

يدُ الإله بتبريدٍ وإحسانِ

يا مَن لرفعتهَ الأملاكُ قد خضعتْ

ومَن إلى بابه الحاجاتُ قد رُفِعَتْ

 يا جامعاً لمزايا قطُّ ما اجتمعتْ

يا واضعاً قدميه حيثُما وُضِعَتْ

يدُ الإله عليهِ عزَّ من شانِ

ذُو ساعدٍ قدْ تولّى النفعَ والضَررا

لو شاءَ لم يُبقِ من أعدائه أَثَرا

وراحةٍ بنداها أخجلَ المَطَرا

عمَّت شآبِيُهُ الآفاق إن شَجَرا

سقتهُ فهو مَعَ الطوبى بصنوانِ

ما البحرُ إذْ يقذفُ الأمواجَ هائلةً

وما الغمامةُ إذ تنهلّ هاطلةً

 كسيّدٍ يُسبِلُ الآلاءَ واصلةً

تفيضُ راحتُه للناس معجلةً

عقد اللّالي بلا مهلٍ كنسيانِ

مُنوّلٌ لم يخبْ بالردّ آملُهُ

كلّا ولم تنقطعْ يوماً نوائلُهُ

 نَعَمْ هو البحرُ والإحسانُ ساحِلُهُ

رَحْبُ الأكُفِّ إذا فاضتْ أنامِلُهُ

لو لم يقلْ حسبُ ، ثنّى يومَ طوفانِ

إذا أتاهُ منيبٌ عن جرائمهِ

أجدى عليهِ وأغضى عن مآثمهِ

 لكنّه إنْ تجلّى في ملاحمهِ

ما تستقرُّ الرواسي تحتَ صارِمهِ

كالطورِ تندكّ من أسٍّ وبنيانِ

وصيّةٌ من رسول الله متبَعةٌ

في ضمنها حِكَمُ للهِ مودَعَةٌ

__________________

(١) وكتب أيضاً : في الجود.


قد قيّدتْهُ فكانتْ لِلعِدى سَعَةٌ

لولا الوصيّةُ فالشيخانِ أربعَةٌ

يومَ السقيفةِ بل عثمانُ إثنانِ

نَعَمْ تقلّبت الدُنيا بسادَتِها

لِعُصبةِ قد أقامتْ في عنادَتِها

 باعتْ هُداها وغابتْ عن سعادَتِها

فيا عجيباً من الدُنيا وعادَتِها

أن لا تساعد غيرَ الوغدِ والدانِي

مَن ربَهُ قبلَ خلقِ الناسِ عَيَّنَهُ

ومن رِقابِ رُؤُوسِ الكُفرِ مَكَّنَهُ

 وفَضلَهُ في جميع الكُتبِ بَيَّنةُ

مَن كان نَصُّ رسول الله عَيَّنَهُ

لإمْرةِ الشرعِ تَبليغاً بِإِعلانِ

أوحى الجليلُ إليهِ بَلّغِ الاُمَمَا

إنّي نَصَبتُ عليّاً بينَهمْ عَلَما

فقالَ : يا ربِّ أخشى منهم بَرَما

فقال : بلّغْ وإلّا فادْرِ أنّكَ ما

بَلَّغْتَ حَقَّ رِسالاتي وتِبياني

رأى الأوامرَ مِن باريهِ قد غَلُظَتْ

فقامَ مِن فوقِ أحداجٍ لَهُ نُصِبَتْ

 وبلّغَ الوحيَّ والأملاكُ قدْ شهدتْ

بينَ الجماهيرِ في بَيداءَ ثد مُلئَتْ

بكلّ مَن كانَ من أعقابِ عدنانِ

أَمْسَتْ ولايتهُ إذْ ذاكَ واجِبَةً

وحيثُ كانتْ على الأعْداءِ نائِبَةً

أَخْفَتْ من المَكْرِ في الأحشاءِ شائِبةً

وقال صحبُ رسولِ الله قاطبةً :

بَخٍ لِذاكَ وكان الأوّلُ الثانِي

مَن أظهرَ اللهُ في معناهُ قدرَتَهُ

فاعجبْ إذا أمِنَ الأعداءُ سَوْرُتَهُ

 لمّا أضاعُوهُ أُفديهِ وعترتَهُ

مِن بعدِ ما شدَّدَ الرحمنُ إمرَتَهُ

على الرسول بإحكامٍ وإتقانِ

كان الرسولُ ولمْ يبرحْ ملقّنَهُمْ

ولايةَ المرتضى كيما يوطِّنهُمْ

 حتّى قضى والقضا أفضى ليفْتِنَهُمْ

تقدّمتْهُ أُناسٌ ليس عيَّنَهُمْ


نصُّ الإلهِ ولا منطوقَ بُرهانِ

كَمْ شيّدوا هيكلاً وانهدّ هيكلُهُمْ

ومثّلوا فَهْلَلاً وانبثّ فهللهُمْ

فقدّموا نَعْثَلاً إذْ ماتَ نَهْشَلُهُمْ

حتّى إذا جدّتَ الأجداثَ نَعْثَلُهُمْ

بينَ اليهودِ بتحقيرٍ وخِذلانِ

وحينَ عادَ إليهَ الأمرُ مُنتَهِيا

وقرّ فوقَ سريرِ الملكِ مُستَوِيا

 قامتْ حُميراءُ بالأجنادِ وهيَ هِيا

من بعد ذاكَ ابنُ هندٍ قامَ مدّعِيا

مُمَوِّهاً أمرهُ من ثارِ عُثمانِ

مَن في ولايتهِ كمْ آيةٍ نزلَتْ

ومن صنائعِهِ في الناس كمْ جملتْ

 بنصرِهِ غِيَرُ الأيّام قد بخلتْ

مَن اُمّهُ جهلتْ ممّن بِهِ حملتْ

أهل الخلافة بين الإنس والجان

يا دهرَ شؤمٍ مضى ما كان أبخلَهُ!

على الأكارم بَلْ ما كان أجهلَهُ!

 ما أقبحَ الدهرَ إنْ شخصٌ تأمّلَهُ

لا أضحك الله سنّ الدهرِ إنّ لهُ

قواعداً عدلت عن كلّ ميزانِ

* * *

وقال السيّد محمّد جمال الهاشمي (١٣٣٢ ـ ١٣٩٧ هـ) بعنوان :

مع الإمام أمير المؤمنين عليه السلام وليد البيت (١)

يحتفل التاريخُ باليوم الأغرّ

يا شعرُ أبدعْ في المعاني أو فَذَرْ

 هذا مجالُ يعثرُ الفكرُ بِهِ

ويخفقُ القلبُ ويحسرُ النظرْ

__________________

(١) أنشئت في رجب ١٣٦٥ هـ ، من ديوان (مع النبيّ وآله) لآية الله السيّد محمّد جمال الهاشمي (١٣٣٢ ـ ١٣٩٧ هـ) ، الجزء الأوّل ، ١٤٠٦ هـ ، قم.


صفْ كلّما تشاءُ واتركْ صورةً

علّقها بالعرش بارئُ الصورْ

 ماذا تقولُ في هيولى نقطةٍ

تضيقُ في عالمها دُنيا الفِكرْ

 إنْ قلت هذا بشرٌ ، قال الحِجا

استغفرُ الوجدان ، ما هذا بشرْ

أو قلت فيه ملكٌ أجابني

هل ملكٌ يحكيه عيناً وأثرْ

 حارتْ به الشعوبُ ، شعبٌ منكرٌ

لهُ وشعبٌ فيهِ غالى فكفرْ

هذا مقامٌ يقفُ العقلُ بهِ

مردّداً بينَ الورودِ والصدرْ

 قدّمتُ قلبي لكم في يومهِ

والعقل أزويهِ لأيّام اُخرْ

 يا قبلُ هذا مسرحُ الحبِّ فنلْ

جائزةَ الخُلد بدورك الأغرّ

واختصر الحديثَ فيه إنّما

رسالةُ الشوق حديثٌ مختصرْ

 وسائِلِ الكعبةَ عن وَليدها

مَنْ شرّفَ البيتَ وقدّسَ الحجرْ

واسترقِ السمعَ بِنادي مضرٍ

فالخبرُ الموثوقُ في نادي مضرْ

وانظرْ أبا طالب في مجلسهِ

يمتلكُ القلبَ ويملأُ النظرْ

 وحولَهُ مِن هاشمٍ عصابةٌ

يُنمى لها المجدُ ويُنسبُ الخطرْ

تضغي إلى أسمارِهِ مُرتاحةً

في الليلةِ القمراءِ ما أحلى السمرْ

قد سَحَرَ الأسماعَ في حديثِهِ

فلمْ تُفِقْ حتّى تجاوزَ السحرْ

لا غروَ إنْ أسكرَهُ منطقُهُ

فمنطقُ الشاعرِ شهدٌ وسكرْ

 يدورُ في الحديثِ حولَ حادثٍ

قد حيّرَ البدوَ وأذهلَ الحضرْ

 في البيتِ حيثُ الطيرُ لا يعبُرُهُ

قدساً وحيثُ الوحشُ لا يَرعى الحذرْ

 قد وضعتْ فاطمةٌ وليدَها

منزَّهاً من كلّ رجسٍ وكدرْ

 وأقبلتْ بِهِ إلينا باسِماً

وقبلَه لمْ نَرَ بسمةَ القمرْ

 إنّي أرى لابنيَ شأناً تنطوي

فيهِ شؤونُ غيرِهِ إذا انتشرْ

 سيُدهِشُ التأريخَ في أعمالهِ

ويملأُ الدُنيا عظاتٍ وعبرْ


يهنى أبو طالب فيهِ إنّه

معجزةُ الدهر وآيةُ القدرْ

 لولاهُ ما قامَ لدينِ أحمدٍ

ركنٌ وما انهدَّ الضلالُ واندثرْ

 لا غروَ إمّا احتفلَ الإسلامُ في

ميلادِهِ فإنّهُ ذكرى الظفرْ

 ويا وليدَ البيتِ هذي نفحةٌ

فاضَ بِها القلبُ سُرُوراً وانهمرْ

 جئتُ بها مبتكراً طريقةً

في المدح فامنحني عطاءً مبتكرْ

 وانظرْ لدُنيا الدينِ والعلمِ فقدْ

أمستْ تُعالجُ الخُطوبَ والغيرْ

 وانصرْ رِجالاً جاهدوا دونَ الحِمى

وهاجموا الخطبَ وقاوموا الخطرْ

 مولايَ واغفرْ لي إذا ما زلّ بي

شعري فزلّاتُ الأديبِ تغتفرْ

* * *

وقال بعنوان :

١٣ رجب (١)

يومٌ عنتْ لجلالهِ الأيّامُ

الدينُ يفخرُ فيهِ والإسلامُ

 يومٌ بِهِ وُلِدَ الوَصِيُّ فهلهلتْ

منّا القلوبُ وغنّت الأحلامُ

 وسما بهِ البيتُ الحرامُ جلالةً

وتنكسّتْ ذُلّاً لهُ الأصنامُ

وتلألأ القرآنُ في إعجازِهِ

وزهتْ به الآياتُ والأحكامُ

 ومشى النبيُّ ووجهُهُ مُتهلّلٌ

بالبشرياتِ وثغرُهُ بَسّامُ

 يتلو بِهِ الآياتِ وهيَ نشائدٌ

فيهِ تسامى الوحيُ والإلهامُ

 الحقُّ أشرقَ فجرُهُ من بعدِما

غطّى عليهِ من الضلالِ ظلامُ

 والدينُ أينعَ حقلُهُ وتمايلتْ

أغصانُهُ وانشقّتِ الأكمامُ

__________________

(١) ألقيت (في رجب ١٣٦١ هـ) في الاحفل الكبير الذي أقامته لجنة إزاحة الستار عن الشباك الفضّي الجديد لحرم أمير المؤمنين عليه السلام في الصحن الشريف.


ومضى يجدُّ بنشرِ كلّ فضيلةٍ

في اُمةٍ لعبتْ بها الآثامُ

ويبلَغ الأعوام دعوته التي

سارتً على أضوائها الأعوامُ

ويوحّد الأقوام في دستورهِ

وكم انمحتْ بخصامها الأقوامُ

فإذا السلامُ على الأنامِ مرفوفٌ

وإذا القلوبُ على الصفاء حيامُ

 وُلِدَ الوصيُّ ومَن بحدّ حسامِهِ

للدينِ والإسلامِ قامَ دِعامُ

 سلْ عنهُ بدراً ، خيبراً أُحُداً وقلْ

مَنْ خاضَ فيك الموتَ وهو زُؤامُ

 يا ليلةَ العارِ التي تأريخُها

نورٌ تشعُّ بقدسِهِ الأيّامُ

 عرفَ الهدايةَ في نبوّةِ أحمدٍ

حقاً فآمَنَ فيهِ وهو غلامُ

 وسرى يُميطُ عن الحقائق حجبَها

والناسُ قد غمرتْهم الأوهامُ

 في الحقّ لم تأخذْهُ لومُ لائمٍ

أبداً ولا الإكبارُ والإفحامُ

 يقضي كما شاءَ الإلهُ فلم يفدْ

في ما أفادَ النقصُ والإبرامُ

 غذّتهُ أخلافُ النبوّةِ دَرَّها

فنما ولمْ يعرضْ عليهِ فِطامُ

 حتّى غدا بابَ العلوم رحولَهُ

للوفدِ قامتْ ضجّةٌ وزحامُ

وسمتْ بِهِ للهِ ذاتٌ لم يكنْ

لسوى الهدى يوماً لَهُ استسلامُ

ذاتٌ مقدّسةٌ تحارُ بكنهِها

مِنّا العقولُ وتقصرُ الأفهامُ

هنّيتَ يا رجبَ الأصبَّ بِمولِدٍ

طهرتْ به الأصلابُ والأرحامُ

حفلتْ لِمقدمِهِ الملائكُ وازدهتْ

فيهِ الجنانُ ورفّت الأنسامُ

وعلى الطبيعةِ روعةٌ سحريّةٌ

تزهو بها الآكامُ والآجامُ

دُنيا الهدى احتفلتْ بِهِ وتفايضتْ

من أُفقها الأنوارُ والأنغامُ

والكعبةُ الغرّاءُ شعشعَ بيتُها

وزها بها حجرٌ وطاب مقامُ

 وسما بهِ وادي السلامِ ولألأتْ

منهُ السهولُ وشعت الآكامُ


وعليهِ من حَرَمِ الولايةِ حُرمةٌ

ولهُ من القبرِ الشريفِ وِسامُ

 حَرَمٌ تطوفُ به الملائكُ خشّعاً

فلها قعودٌ حولَهُ وقيامُ

مشت الملوكُ إليه خاشعةً وقد

عنت الوجوهُ وذلّ منها الهامُ

 تسعى لتقبيلِ الضريحِ ونحوَهُ

تتسابقُ الألحاظُ والأقدامُ

أضريحُ قدسٍ ذاكَ أمْ هو هالةٌ

للنور فيها ينجلي الإظلامُ

 قد زخرفتْهُ يدُ الصناع بريشةٍ

فتّانةٍ يعيى بها الرسّامُ

 واستودعتْهُ الهندُ سحرَ فُنونِها

يبدر بها الإبداعُ والإحكامُ

 جاءتْ لتكتسبَ الخُلودَ بنصبِهِ

ثومٌ لهمْ في المكرُماتِ مقامُ

تبدي الولاة إلى الإمامِ بِهِ وقدْ

كرمتْ وحقّ لِمِثلها الإكرامُ

 لَكَ يا أميرَ المؤمنين قصيدةٌ

رقَّ الشعورُ بها وراقَ نظامُ

 وعواطفٌ علويّةٌ قد هاجها

منّي هيامٌ بالولا وغرامُ

 هذا العراقُ بِهِ تباشر شعبُهُ

طَرَباً ترفُّ باُفقهِ الأعلامُ

* * *

وقال :

ميلاد الإمام عليه السلام (١)

عيدٌ ويومُكَ للعواطفِ عيدُ

فيهِ لكلّ قريحةٍ تغريدُ

 يومٌ أبانكَ للوجودِ كأنّما

فيهِ أُفيضَ على الوجودِ وجودُ

 ما كنتَ إلّا الفجرَ فاجأ اُمةً

غمرتْ عوالمها ليالٍ سودُ

 بكَ يبتدي التأريخُ تاريخُ السما

وإليك موكبُهُ السعيدُ يعودُ

 البيتُ بيتُ الله جلّ جلالُهُ

لا ما بنتْهُ قضاعةٌ وزَبيدُ

__________________

(١) ألقيت في رجب ١٣٧٦ هـ.


هو مقصدُ الأرواحِ حينَ عُروجها

للحقّ يحدو ركبَها التجريدُ

يسعى له التسبيحُ وهو مطأطئُ

ذُلاً ويلثمُ ساحَه التحميدُ

هو رمزُ معنىً لا يحيطُ بكهنِهِ

لفظٌ أشار لاُفقهِ التوحيدُ

 بيتٌ يطوفُ بِهِ الخلودُ مدلَّها

فَلَهُ ركوعٌ حولَهُ وسجودُ

 اللهُ قدّسَ ساحتيهِ فما حوى

إلّا الجلالَ فضاؤُهُ الممدودُ

 غفلتْ فهامتْ مريمٌ مطرودةً

منهُ وضاعَ مقامُها المحمودُ

 ووُلِدْتَ فيهِ فأيّ سِرٍّ كامِنٌ

بِكَ قد تقدّسَ سِرّهُ المولودُ

 بَشَرٌ بأفْقِ الله يبزغُ نجمُهُ

فشعاعُهُ من نُورِهِ موقودُ

 سُبحانَ مجدِكَ يَنتمي لأواصِرٍ

باللهِ حبلُ نِظامها مشدودُ

 لا غروَ إنْ عبدتْكَ منهمْ فرقةٌ

فجمالُ وجهِكَ للهوى معبودُ

 مولايَ هَبْ لي من رحيقِكَ جُرعةً

يقوى بها تفكيري المكدودُ

فالحادثاتُ وما أمضَّ هُجومَها

أبلتْ قواي فعالَمي مهدودُ

 ويكادُ لولا أنّ لطفَكَ عاصِمي

ينحلُّ حفلُ جهادي المحشودُ

 فإذا نظرتَ إلى حياتي رحمةً

سعدتْ وأمرعَ حقلُها المخضودُ

 ورجعتُ يصحبُني النجاحُ بموكبٍ

في جانبيّ لواؤُه معقودُ

* * *

وقال بعنوان :

ولد الوصيّ (١)

تبقى وتفنى حولَكَ الآثارُ

مجداً بِهِ تفاخرُ الأحرارُ

__________________

(١) من قصائد الجهاد المقدّس ، في ميلاد الإمام عليه السلام ألقيت في رجب ١٣٧٨ هـ في الحفل التأريخي العظيم الذي أقامته كربلاء بمناسبة الدفاع عن الإيمان.


بِكَ يَرفعُ الحقُّ المضامُ لواءَهُ

ويرفُّ باسمِكَ للجهادِ شعارُ

ولأنتَ للنهضاتِ فجرٌ تنمحي

بشعاعِهِ الآثامُ والأوزارُ

عبّدتَ للتاريخِ نَهْجاً لاحِباً

يجري بِهِ الأيمانُ والإيثارُ

 وأريتَهُ كيفَ العقيدةُ إنْ طغتْ

وهت الخطوبُ وهانَت الأخطارُ

 فردٌ يُناضلُ دولةً وسلاحُهُ

في وجهِها إيمانُهُ القهّارُ

 كيفَ الإباءُ إذا تشظّى جمرُهُ

منهُ تطايرَ للخلود شرارُ

 كيفَ الشهادة تغتدي اُمثولةً

بجلالِها تستشهدُ الأعصارُ

 تحيى أبا الأبرارِ إنّك جنةٌ

في ظِلها تتعنمُ الأبرارُ

 وفدتْ يسوقُ بها الولاءُ مواكبٌ

لَكَ ملؤُها الإعظامُ والإكبارُ

 في ليلةٍ تحكي النهارَ وضاءةً

وترقّ في أطرافها الأسمارُ

 وتقدّمتْ بالتهنياتِ بمحفلٍ

بهرَ العيونَ جمالُهُ السحّارُ

 حفلٌ اُقيمَ على اسمِ أكرمِ مولدٍ

فيهِ ازدهى فهرٌ وطال نزارُ

 في البيت أشرق فجرُهُ فتلألأتْ

فيهِ المناسكُ فهي منهُ تنارُ

 وُلِدَ الوصيُّ أخو النبيِّ وصهرُهُ

ولسانُهُ وحسامُهُ البتّارُ

 وأبو النُجوم الغُرّ مِنْ لِسمائِهِمْ

تُنمى الشموسُ وتُنسبُ الأقمارُ

 وفتى المواقِفِ ماجَ منها خيبرٌ

نوراً ورفّ على حُنَيْن الغارُ

 مَنْ في مناقبِهِ وغُرّ صفاتِهِ

تتجاوبُ الأبرارُ والأشرارُ

 اللهُ قد صلّى عليهِ فما ترى

تضفي عليه بحمدِها الأشعارُ

 فاهنأْ أبا الشهداءِ في عيدٍ بِهِ

لأبيكَ طالَ على الخُلودِ مَنارُ

وقد احتفى الإسلامُ باسمِكَ

ناشراً لَكَ صفحةً ماجتْ بها الأنوارُ

 فلكربلاءَ مكانةٌ قدسيّةٌ

بِكَ لا تزاحمُ مجدَها الأمصارُ

 ها هُمْ بَنُوكَ بَنُو المفاخِرِ يزدهي

بِهِمُ النديّ ويعمرُ المضمارُ


الكابحون السيلَ في عزمٍ لَهُ

خَشَعَ الأبيُّ وأذعنَ التيّارُ

 والمؤمنون الصادقون بموقِفٍ

ينهارُ فيهِ الفارسُ المغوارُ

 وقفوا وبركانُ الحوادثِ ثائرٌ

هزّ الزمانَ دويُّهُ الهدّارُ

اللهُ يشكرُ سعيَها فلقد حمى

حرمَ الحسين جهادُها الجبّارُ

* * *

وقال بعنوان :

يا ابا النهج (١)

بِكَ مجدي طاولَ ارتقاءا

وينجواكَ اغتدت أرضي سماءا

 يا شهيدَ الحقّ في واقعةٍ

هزّت الحقّ كياناً وبناءا

 دعوةٌ منك بها اجتزتَ الأولى

ملكوا الدنيا فخاراً وعلاءا

 فسعى نحوَكَ عمري فادياً

لَكَ دُنياهُ وإنْ قلّتْ فداءا

 أنتَ قد شرّفتني في موقفٍ

جاوزَ الشمسَ سُموّاً وسناءا

 موقفُ الإسلام في ملحمةٍ

جهّز الإلحادُ فيهِ العُملاءا

 وأعادت كربلا تاريخَها

وأزادته ائتلافاً واعتلاءا

الحسينُ السبطُ يرعى سيرَها

وهي ترعاهُ جهاداً وابتلاءا

 صدّت التيّارَ في فورتِهِ

فتلاشى ضغطُه الطاغي هباءا

 شكر اللهُ لها المسعى الذي

خلّد الإيمان فيها كربلاءا

 يا أبا السبطين عذراً إنْ كبتْ

عاطفاتي فيكَ مدحاً وثناءا

 ما يخطُّ الفنُّ من اُفقٍ نأى

عن مواميهِ غموضاً وانجلاءا

__________________

(١) ألقيت في الحفل التاريخي الجهادي في كربلاء في السنة الثالثة في ميلاد أمير المؤمنين عليه السلام أنشئت في جمادى الآخرة ١٣٨٠ هـ.


عيدُك الأكبرُ لا يبلغُهُ

منطقُ الشعرِ وإنْ جلّ أداءا

إنّ ميلادَكَ فجرٌ شمسُهُ

تسكرُ الأكوان سحراً ورواءا

ظهرَ الحقّ بِهِ وافتضحتْ

زعقاتُ تدّعي الحقّ امتراءا

أيُ ميلادٍ قد امتازَ على

غيرِهِ معنىً ومجلىً وصفاءا

أَبِبَيْتِ اللهِ في ناموسِهِ

حيثُ يزدادُ بِهِ السِرُّ خَفاءا

يتجلّى المرتضى في هيكلٍ

يخشعُ العقلُ لِمعناهُ احتذاءا

إنّها منزلةُ للقربِ ما

حازها في اللهِ إلّاهُ ارتقاءا

 فجديرٌ وهو في ميلادِهِ

معجزٌ قد بلبلَ العقلَ انتشاءا

 أنْ تُغالي فيهِ أقوامٌ رأتْ

فيهِ ما في غيرِهِ لا يُترائى

يا أبا النَهْجِ الذي آياتُهُ

تغمرُ الكونَ جلالاً وبهاءا

 منكَ يا مولايَ أرجو قَبَساً

يرشدُ الفكرَ إذ زلّ التواءا

 أنا والموقفُ يستدعي قوىً

تصدعُ الباطلَ وَعياً ودهاءا

أتحدّى سَوْرة الشرِّ وقدْ

عصفتْ فينا عُتُوّاً ودهاءا

 لي من الإيمان أقوى طاقةٍ

تدحرُ الأحداثَ عزماً ومضاءا

 بيد أنّي أقتدي فيكَ لكيْ

ابلغُ المرمى اقتداءاً واهتداءا

 كنتَ تبني كلّ ما يهدمُهُ

معولُ البغي انتقاداً وازدراءا

 وكذا صمّت ترميمَ الذي

هدّهُ الجهلُ اجتراءاً واعتداءا

 سأُداري النشءَ في أحلامِهِ

واُجاريهِ اندفاعاً وانطواءا

 قاصد مقصده في طرقٍ

تأمن السيرَ أماماً ووراءا

 فهو إنْ حاولَ دُنياً حرّةً

من خرافات بها ضاقَ فضاءا

 فلقدْ حرّرتُ نفسي حينما

كشفَ الإيمانُ عن عيني الغطاءا

 أيّها النشؤُ الذي موكبه

يسبقُ التأريخَ وعياً وذكاءا


خفّف السيرَ فقدْ جُنّ بِهِ

سائقُ الركبِ نداءاً وحداءا

 أنتَ تبغي غايةً يضبطُها

رائدُ العقلِ ابتداءاً وانتهاءا

 فعلى مقياسِهِ تنشئهُ

عالماً يندى رفاهاً ورخاءا

يهبُ الإنسانَ ما يطلبُهُ

من حياةٍ يتوخّاها اشتهاءا

فإلى الإسلامِ يا نشؤُ ففي

ضلّهِ قد حقّقَ اللهُ الرجاءا

 في ضلال العقلِ والوجدانِ قدْ

غرس التشريع فامتدّ نماءا

 ربط الإنسان بالله لكي

يضبط الحرص اعتداءاً واجتراءا

 فالذي يؤمنُ بالغيبِ لهُ

كان عن إجرامه الغيبُ وقاءا

 وانبرى للنفسِ كي يصلحَها

إذْ شفاها كانَ للجهلِ شفاءا

فهي في البيتِ وفي السوقِ لها

أثرٌ لم يخفَ هدماً وبناءا

 فإذا ما صلحتْ ساد الهنا

وإذا ما فسدتْ عمّتْ شقاءا

 إنّهُ يُصلحها في حكمةٍ

حيّرتْ فيما أرتأتْهُ الحكماءا

يربطُ الإنسانَ بالإنسانِ في

نظمٍ تنبضُ صفحاً وإخاءا

وإذا الحبُّ فشا في اُمةٍ

طفحتْ أيّامُهُ البيضُ هناءا

عالج الأدواء حتّى برئتْ

فيه أجواء بها ضاقتْ عياءا

 يصرعُ الفقرَ بتوزيعٍ بِهِ

يضخمُ الربح ويثرى الفقراءا

 فزكاةُ المالِ لو طبّقْتَهُ

فاضت الأسواقُ نفعاً وثراءا

 ولما نامَ غنيٌّ خائِفاً

من فقيرٍ ضجّ جوعاً وعراءا

 ولما أصبحَ (رأسُ المالِ) في

عاصفٍ ثارَ على الدنيا بلاءا

 اقتصادٌ نفعُهُ مُشتركٌ

شاطَرَ المعوزُ فيهِ الأثرياءا

 يمنحُ العامل ما يأمُلُهُ

وذوي المعملِ ما يكفي ارتواءا

 وترى الفّاحَ والملّاكَ في

شركةِ الأرضِ كما شاءا سواءا


ولمن أقعدهُ الدهرُ ترى

ملجأ فيه له يأوي التجاءا

فجميعُ الناس في أرباح ما

تنتجُ الأسواقُ صاروا شركاءا

 إنّما الإسلام في أحكامه

يلحظ الواقعَ أخذاً وعطاءا

 يا أبا السبطين يا مَنْ ذكرُهُ

يهبُ الروحَ نشاطاً وفتاءا

 إنّما يومك قد ألهبني

فتفجّرتُ احتفالاً واحتفاءا

وإلى مغناك وجّهتُ المُنى

لترى في جوّهِ اُفقاً مضاءا

نحنُ في دُنياً بها ضاعَ الهُدى

واختفى الواقعُ كذباً ورياءا

 هاجمتْنَا بالمبادي زمرةٌ

تحسبُ الإيما بيعاً وشراءا

 غرّرتْ سُذّاجَنا فانبعثتْ

تهدمُ التاريخَ جهلاً وغباءا

 وغزتْ أفكارنا في منطقٍ

فوضويٍّ يلهبُ الحقد اصطلاءا

 فإذا الإخوانُ اعداءٌ بِلا

سببٍ ينتجُ حقداً وجفاءا

وإذا في كلّ قطرٍ حادثٌ

راحَ يشجي المخلصين الاُمناءا

وإذا في كلّ بيتٍ ساحةً

ترتوي منهُ دموعاً ودماءا

أيّها الشعبُ الذي تعزى إلى

مجدِهِ دُنيا الحضارات انتماءا

كم غزا أرضكَ باغٍ فرأى

فيك صخراً يصدمُ البغي إباءا

 إنّ هذي غزوةٌ مفجعةٌ

من بغيٍّ تعرض الداء دواءا

فتيقّظْ إنّها بارعةٌ

في استلاب الروحِ مدحاً وهجاءا

 وإذا الروحُ انطوتْ عنك فلا

ترتجي من بعدِ ما تفنى بقاءا

 فتمسّكْ بعليٍّ إنّهُ

يعصمُ اللاجي إذا صحّ ولاءا

 وخذ الإسلامَ نهجاً ما خَبَا

نورُهُ الزاهي ولا يخبُو انطفاءا

 واجعل القرآنَ دُستوراً بِهِ

يهتدي العدلُ نظاماً وقضاءا

 كلّ حكمٍ شذّ عن منهاجِهِ

عادَ بالخزي على القاضي وباءا


فشعاعُ الشمس لا يُنكرُ مِن

أعمشٍ لا يبصرُ النورَ عشاءا

وكلامُ اللهِ لا ينقصُ مِن

قاصرٍ طاوَلَ مَرماهُ ادّعاءا

فتمسّكْ فيهِ واتركْ غيرَهُ

فالهدى عن غيرِهِ وكانَ براءا

ها هوَ الوضعُ الذي آفاقُهُ

كادَ أنْ يغمرَها النورُ انجلاءا

إذْ مشى التاريخُ بالاُمّةِ في

موكبٍ قد رفعَ الدين لواءا

فستمحى نظمٌ قد خالفتْ

صبغةَ الإسلامِ لوناً وطلاءا

 وستنهارُ الأساطيرُ التي

خدّرَ الإلحادُ فيها البسطاءا

فتقدّمْ أيّها الشعبُ إلى

غايةٍ قد رامها الدينُ اقتضاءا

 ثمّ هنّي كربلا في حفلها

فبِهِ نالتْ مقاماً قد تنائى

* * *

وللشاعر السيّد محمّد الحيدري الكاظمي بعنوان :

الإمام أمير المؤمنين عليه السلام

المَثَلُ الأعْلى لِلقِيَم الإِسْلاميّة والإنسانيّة (١)

اللهُ يشهدُ والملائكُ تعلمُ

أنّا بغير الحقّ ولا نتكلّمُ

ندعو إلى الإسلام وهو طريقُنا

نحوَ السعادة والسبيلُ الأقومُ

ندعو إليه صراحةً لا نلتوي

فيما نقولُ ولا بهِ نتكتّمُ

ندعو بكلّ وسيلةٍ وذريعةٍ

وهُدى النبي وآله نترسَّمُ

الدينُ غايتُنا وما من غايةٍ

أسمى من الدينِ الحنيفِ وأعظمُ

__________________

(١) ألقاها في الاحتفال العالميّ بمولد الإمام عليه السلام في كربلاء المقدّسة ١٣ رجب ١٣٨١ هـ ، ونشرت في سلسلة «عبرٌ من حياة الإمام أمير المؤمنين عليه السلام» العدد (٤) التي تصدّرها مؤسسة القلم الإسلامي في السويد.


والحقّ رائدُنا بكلِّ صغيرةٍ

وكبيرةٍ وبحبلهِ نستعصمُ

 وعلى هُدَى العُلماء نبني مجدَنا الـ

ـسامي ومن آرائهم نتعلّمُ

 نبني كما كانت أوائلنا تبـ

ـني وترتسم مثلما رَسَمُوا (١)

 هذا سبيلُ الله خَطّ حدودَه

من قبلُ قائِدُنا الرسولُ الأعظمُ

 الدينُ دستورُ الحياة بحكمِهِ

نلقى المنى وبظلّهِ نتنَّعَّمُ

 وبه ننالُ سيادةً وسعادةً

وبه يُفيقُ الراقدون النُوَّمُ

 يهبُ العقولَ بصيرةً ويُضيء في

هذي الحياة كما تُضيءُ الأنجمُ

ويفيضُ روحاً للشعوب وقوّةً

ويدكّ أركانُ الضلال ويهدمُ

 ويشيعُ قانونَ العدالة حيثُ لا

يَبقى فقيرٌ في الحياة ومُعدِمُ

 وبحكمه شَبَحُ الحروب وظِلُّها

يَفنى ولا أقطابهم تتحكّمُ

 يقضي على اُسس الجريمة بيننا

حتّى يزول من الوجود المجرِمُ

 أحكامُهُ الغرّاءُ تخلقُ اُمَّةً

لا تستكينُ وقوّةً لا تفصمُ

 دينُ تشرّعهُ السماءُ لِأرضنا

ويسنّ منهجُهُ الأجلُّ الأَكرمُ

 لابدّ أنْ يبقى قويّاً راسخاً

تتهدّم الدنْيا ولا يتهدّمُ

 الدينُ ينبوعُ الحياة وإنّه

متدفّقٌ بالمعجزات ومفعَمُ

أحكامُه لا تنتهي ونظامُه

لا يضمحلُّ وحدُّهُ لا يُثلمُ

 وهباتُه لا تنقضي وضياؤُهُ

لا ينمحي وجيوشُه لا تُهزَمُ

 اللهُ أكبرُ إنَّ دينَ محمّدٍ

يعلُو على مَرِّ العُصور ويَعظمُ

هو زاحِفٌ نحوَ الخلودِ شعارُه

بينَ الشُعوب تجدُّدٌ وتقدُّمُ

 نصرته أقوامٌ كرامٌ أخلصوا

نيّاتِهم وعلى المَنيّةِ أقدَمُوا

 ضَحُّوا بأنفسهم لنُصرةِ دينهم

واللهُ ينصرُ من يشاءُ ويَرحمُ

__________________

(١) اقتباس من الشعر المنسوب إلى سيّدنا عبد المطّلب جدّ الرسول صلى الله عليه وآله.


لم يُثنهم بأسُ العدوّ لأنّهم

عَزَموا على محو العدوّ وصمّموا

 «لا يسلم الشرفُ الرفيع من الأذى

حتّى يُراق على جوانبه الدمُ» (١)

 دينٌ بناهُ محمّدٌ ووزيرُه

وصفيُّه ووصيُّه المتقدِّمُ (٢)

 بحر المعارف والعلوم ومنبعُ الـ

ـأحكام والسرّ الخفيُّ الملهمُ

 رجلٌ تحاربه العقولُ لأنّه

فوقَ العقول وكنُهه لا يُفهمُ

 رجلُ الفصاحة والسماحة والتُّقى

والفارسُ البطلُ الهَزبرُ الضيَغمُ (٣)

 مَلأ القلوبَ مهابةً ومحبّةً

وبه تشرّفت الحطيمُ وزمزم

 هو في قلوب المؤمنين معظّمٌ

وعلى جميع المسلمين مقدَّمُ

 ملأَ الوجودَ فضائلاً لم يُحصها

قلمٌ على مرّ العصور ولا فَمُ

 وحياتُه المُثلى تفيضُ جلالةً

والناسُ من نَفحاتها تَستلهمُ

 والثائرونَ على هُداه مَشَوا إلى

أهدافهم إن أنجدوا أو أتهموا

 والمصلحونَ تتبّعوا آثارَهُ

وهُداه في كلّ الاُمور ترسّموا

 وكذلك العلماءُ والحكماءُ من

آرائه أخذوا ومنه تعلّموا

 ماذا أقولُ بمدحِه وثنائِه

وعليه قد أثنى الكتابُ المحكمُ

 يا من يُحاول أن يُحيط بكنههِ

أقْصِرْ فأيَّ متاهةٍ تتقحّمُ

 أتُراك تُدرِكُ سرَّه أو أمرَهُ

هيهاتَ إنّك خاطيءٌ متوهّمُ

 يا سيّد الحكماء إنّي حائرٌ

ماذا أقولُ وأيّ شيءٍ أنظِمُ

 كانت حياتُك كلّها أُعجوبةً

وفمُ الزمان بذكرها يترنّمُ

 وأرىَ العقولَ تحومُ حولك خُشّعاً

كالبحرِ تقصُدُه الطيورُ الحُوَّمُ

تدعو إلى نهجٍ قويمٍ مُشرِقٍ

في عالمٍ فيه الظلامُ مُخيِّمُ

__________________

(١) هذا البيت من ميمية عصماء للسيّد حيدر الحلّي رحمه الله.

(٢) المراد من الوزير الإمام عليّ عليه السلام لدلالة حديث المنزلة.

(٣) من أسماء الأسد إشارة إلى شجاعته وبسالته عليه السلام.


بالعدل والإنصافِ تقضي بينَهم

وعلى كتاب الله فيهم تحكُمُ

 وتُكافَحُ القومَ الطغاةَ لأنّهم

قد أفسدُوا بين العبادِ وأجرَمُوا

 وتقيمُ حقّ اللهِ دُونَ هَوادَةٍ

لم يُثْنِ عزمَك مغنمٌ أو مَغْرمُ

 وزهدتَ في الدنيا وزينتَها ولمْ

يغرْرك فيها مشربٌ أو مطعمُ

 إنّي لأقسمُ بالنبيِّ وآلهِ

وبحقّ كلِّ مقدّسٍ أنا أُقسمُ

 لو أنّ كلّ العالَمين تمسّكُوا

بهُداك لم تُخلَق هناك جهنّمُ (١)

 ولدتك فاطمةٌ ووجهك مُشرِقٌ

نوراً وثغرُك ضاحكٌ متبسّمُ

 ولدتك في البيت الحرام وإنّه

لأجلّ بيتٍ في الوجود وأكرمُ

 وضعتك معجزةً كعيسى حينما

وضعته من قبلُ البتولةُ مريمُ

 وأتتك أملاكُ السماء فواحدٌ

يلقاكَ بِالبُشرى وآخَرُ يَلْثمُ

 ونشأتَ في كَنَفِ النبيّ وإنّه

متفائلٌ متطلّعٌ متوسّمُ

 غَذّاك من أخلاقه وسقاك من

أفكاره وأراكَ ما لا تعلمُ

 لاذتْ بك الضعفاءُ هذا مُعدِمٌ

يشكو وذلك بائسٌ يسترحمُ

 واسيتَهم ورَعيتَ كلَّ شؤونهم

وسواك في لذّاته يتَنعَّمُ

خدعتْهم الدُنيا وأنتَ لَفَظْتَها

لفظَ النَوّاةِ كأنّما هي عَلْقَمُ

 وسموتَ فيها لن يروقَكَ منصبٌ

وعلوتَ فيها لم يغُرُّكَ درهمُ

 حتّى قضيتَ وأنت أنقى صفحةً

للمجد تكتب بالدِّما وتُرَقِّمُ

 الآية الكبرى التي لا تنمحي

والعروة الوثقى التي لا تُفصَمُ

 آيات مجدك لا تُعَدُّ وإنّما

يَشدو بهنّ الشاعِرُ المترنّمُ

 يا سيّد الأحرار يا كهف الورى

إنّي بحبّك مُغْرَمٌ ومتيّمُ

 آمنت أنّك لِلفضائل صورةٌ

ولكلِّ أخلاق النبيّ مُجسِّمُ

 ومُوَطِّدٌ لبنائه ومشيِّدٌ

ومكمِّلٌ لكفاحِه ومتمِّمُ

__________________

(١) إشارة إلى حديث مشهور لو اجتمع الناس على حبّ عليّ عليه السلام لما خلق الله النار.


ولأنتَ في كلِّ الشعوب مكرَّمُ

ولأنتَ في كلّ العصور مُعظّمُ

 أشكو إليك مفاسداً قد أحدقتْ

فينا وضاقَ بها الفضاءُ الأعظمُ

 أشكو الذين تجبّروا وتكبّروا

وعن الحقيقة والهداية قد عَمُوا

 أشكو الذين تهتّكُوا وتحلّلوا

وتجاهَروا بالخَمْرِ وهو مُحَرّمُ

 أشكو ذوي الإلحاد بينَ شبابنا

وبناتنا وهو البلاءُ المُبرَمُ

 أشكو الذي خلَع الحياءَ ولم يَصُنْ

أعراضَه ويُظَنُّ أن لا يَندمُ

 أشكو الذي يسعى لهدم عقيدةٍ

كُبرى تُنيرُ سبيلَنا وتُقوّمُ

 أشكو الذي يدعُو بكلّ صلافةٍ

للكُفر لا يخشى ولا يتأثّمُ

 أشكو الذي يقضي جميعَ حياتهِ

بالفسق ثمّ يقول إنّي مُسلمُ

 أشكو إليك وأنتَ أدرى بالذي

أشكو وأنت بكلّ شيءٍ أعلمُ

 عفواً إذا شطَّ اللسانُ وضجّ بالشْـ

ـشَكوى فإنّي شاعرٌ متألَمُ

 إنْ لامَنِي بعضُ الرجال فإنّني

لم أستمعْ ماذا يقولُ اللوّمُ

 المسلمونَ أراهم في مَعزلٍ

عن دينهم وهو السبيلُ الأقومُ

 وأرى شبابَ المسلمين أصابَهم

ضَعفُ العقيدة وهوَ داءٌ مؤلمُ

 وأرىَ الدخيلَ من المباديء قد غزا

أفكارنا وبوحيهِ نتكلّمُ

 وأرى بلادَ المسلمين كأنّها

نَهْبُ بأيدي الطامعين مقسَّمُ

 لكنّما ظهرتْ هُناك بشائرٌ

ودلائلٌ وطائعٌ تقدّمُ

 وتحرّرتْ بعضُ الشعوب ولم يَعُدْ

للأجنبيّ بِها يدٌ تتحكّمُ

الشعبُ آمَنَ أنّ دينَ محمّدٍ

نعمَ الضِماد لجُرحهِ والبَلْسمُ

 والشعبُ آمن أنّه إنْ لم يَسِرْ

بهُدى عقيدتِه يَضِلّ ويأثمُ

 والشعبُ آمن أنّه إنْ قلّد الـ

ـأعداء في أفكاره لا يَسلمُ

 واللهُ ينصرُ من يؤيّدُ دينَه

واللهُ يفعلُ ما يشاءُ ويحكمُ

 وإلى جميع المسلمين تحيّتي

وعلى أمير المؤمنين اُسلّمُ


للشاعر السيّد مرتضى الوهّاب الحائري :

وليد البيت

في ذكر مولد الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام (١)

ركبُ الوجود شدا بعذبِ حُدائِهِ

ونفى العذار وشلّ برد حيائهِ

 وتناسقتْ أنغامهُ وتتابعتْ

تنسابُ كالأنوارِ في أجوائهِ

 والدوحُ عادَ إلى النصابي وانبرى

ماءُ الحياة يسيلُ من أعضائهِ

 طربَ العنادلُ والقماري غرّدتْ

فوقَ الغصونِ اللّدنِ في أفنائهِ

واخضرّ روضُ العيشِ بعدَ ذُنُولِهِ

فاخضرّت الأحلامُ في أنحائهِ

 وتناشدَ العشّاقُ ألحانَ الهوى

وفنون موسيقاهُ في أصدائهِ

 ومواكبُ النورِ استطالتْ في الفضا

فسمتْ من البطحا إلى جوزائهِ

 فاسمعْ صفيفَ الغُصنِ حيثُ تحيله

طلق النسيم ومرتقى ورقائهِ

 لاحتْ تباشير الصباح نديّة

بالطلّ فاستنشق شذا صهبائهِ

والبيت شعّ بركنه ومقامه

وسرى بوزمزمه السنا وصفائهِ

 واستبشرتْ عرفاته شوقاً إلى

النبأ العظيم يمور في أبهائهِ

 خرجتْ بكنز الله حيرى اُمّه

حيث اقتضى التكوين من إبدائه

 حملتْه فانتبذتْ به البيتَ الذي

خصّتْ لوضع وليدها بلوائهِ

 فأجاءَ (فاطمة) المخاضُ وقد جلا

في الأرض (سيف الله) من عليائهِ

 وأتى (عليٌّ) ساجداً وجبينهُ

أثرُ السجودِ يلوحُ في سيمائهِ

 وُلِدَ الذي نسفَ التماثيلَ التي

نصبتْ ببيتِ اللهِ في أفنائهِ

__________________

(١) نشرت هذه القصيدة في كرّاس (من وحي ذكرى أهل البيت عليهم السلام) : ١٣ ، الحلقة الثانية ، (١٣٧٦ هـ ـ ١٩٧٥ م).


وُلِدَ الذي دَكَّ العُروشَ وكانَ في

الهيجا ملوكُ الأرضِ من اُسرائهِ

 وُلِدَ الذي خضعتْ لقائمِ سيفهِ

أسدُ الشّرى والوحشُ في بيدائهِ

 وُلِدَ الذي بوجودِهِ نُشِرَ الهدى

والدّينُ تمّ بأرضِهِ وسمائهِ

 يلقى التائبَ والخيولَ بصرخةٍ

فتفرُّ ناكصةً لرعبِ نِدائهِ

 ما إنْ أتاهُ القرمُ إلّا وانبرى ابنـ

ـّاعون قبلَ نِزاله لِرِثائهِ

 فيكادُ إذْ يومي بذات فِقارِهِ

يأتي على الجرّارِ في إيمائهِ

 تبدي الفوارسُ في الوغى سوآتِها

خوفَ القضا من بطشهِ ومضائهِ

 سَلْ بُسرَ وابنَ العاصِ لمّا أضحكا الـ

ـجيشينِ في صِفَّينَ عندَ لقائهِ

 فأشاحَ عن مرأى الرذيلةِ وجهَهُ

لِعُلوّ هِمّتهِ وفرطِ حَيائهِ

وكذاكَ عن (مروانَ) حينَ أجارَهُ الـ

ـحَسَنانِ عَفَّ وكانَ من عُتقائهِ

 ما شادَ صرحَ الدينِ إلّا سيفُهُ

فتحمّلَ الصدماتِ في إعلائهِ

 تركوهُ حينَ البأسِ في بأسائِهِ

وتنافسوا للغنمِ في سرّائهِ

 مستدركاً زيغَ البصائرِ مُؤثِراً

للدينِ صبراً في أذى زهرائهِ

 للهِ صبرُ أبي الأئمّةِ قادراً

عمّا جنى الإسلامُ من طُلَقائهِ

 هُوَ مِن رسولِ اللهِ حيثُ أقامَهُ

هارونُ من موسى على استثنائهِ

 بِعُلى نُبُوّتهِ ونبلِ خصالِهِ

وسموِّ مَحْتِدِهِ وحسنِ روائهِ

 زفّتْ كريمةُ أحمدٍ سكناً لهُ

واستأثرتْ منهُ بطيبِ حِبائهِ

 لولاهُ لمْ يغشَ البتولةَ صاحبٌ

كُلْؤاً لها بينَ الورى ببنائهِ

 ريحَ التجارةَ حيثُ تاجرَ ربَّهُ

بالمكرماتِ وكانَ من عُملائهِ

 نادى (سَلُوني قبلَ أَنْ ...) مُتحدّياً

مَنْ يدّعي الإعجازَ من عُلمائهِ

 هُوَ في غنىً عن مدح ما قد صيغَ مِن

أصحابِهِ بالمدحِ من أعدائهِ

 ما جاءَ لفظُ (المؤمنين) بذكرِهِ

إلّا وخُصَّ (المُرتضى) بِنِدائهِ


شُرَّفتَ يا حرمَ الحجازِ مُخلّداً

شرفَ الوِلادة في سما بَطحائهِ

 عجباً لأحناءِ القِماطِ تضمُّ مَنْ

قد ضاقَ رحبُ الكونِ عن إيفائهِ

 نفسُ النبيّ وصهرُهُ ووصيُّهُ

وأبُوا الهُداةِ الغُرُّ من أبنائهِ

 هلْ كانَ (أنفُسُنا) سواهُ مقصداً

أمْ هلْ عداهُ المُصطفى بإخائهِ

 الصدقُ والإعجازُ والإيثارُ في

إيمانِهِ وبَيانِهِ وبَلائهِ

 والرعدُ والغيثُ المروّي والسَنا

مِن صوتِهِ وسَخائِهِ وبَهائهِ

 قد طلّقَ الدُنيا ثلاثاً زاهداً

فيها ولمْ يغترْ بطولِ بقائهِ

 في اللهِ أَنفقَ مالَهُ لمْ يُبقِ مِن

صفرائِهِ عَرَضاً ومِن بيضائهِ

 أصفى العبادةَ والمحبّةَ والتُقى

للهِ فاستوفى جزا إصفائهِ

 أولاهُ تقسيمَ الحجيمِ وجنّةِ الـ

ـفِردوسِ ربُّ العرشِ من آلائهِ

 يَسقي المُوالي سائغاً من حوضِهِ

ويذودُ مَنْ عاداهُ مِن إروائهِ

 لمْ ينجُ مِن نارِ الجحيمِ أَخُو تُقىً

بسوى مودّتِهِ وصدقِ وِلائهِ

 طوبى لِمَنْ جاءَ الإلهَ بحبّهِ

والويلُ للآتي غداً بِعِدائهِ

 سَنَّ الفصاحةَ والبيانَ بِنطقهِ

وبنى لعلمِ النحوِ اُسَّ بِنائهِ

للغربِ بانتْ معجزاتُ بيانِهِ

واحتارَ فيه الصّيدُ من بُلَغائهِ

 نهجُ البلاغةِ توأمُ القرآنِ في

آياتِهِ قد صِيغَ من إِيحائهِ

 فعنى بهِ المستشرقونَ وأيّدوا

إعجازَهُ وخُلُودَهُ بِبقائهِ

 هُوَ توأمُ الفتحِ المبينِ إذا غزا

والنصرُ مقرونٌ بذيلِ لِوائهِ

 القابضُ الأرواحِ في حَمَلاتِهِ

والباسطُ الإرشادَ في إفتائهِ

 المقبرُ الإلحادَ في أحيائِهِ

والباعثُ الإيمانَ في إِحيائهِ

الراكعُ السجّادُ في محرابِهِ

والفالقُ الهاماتِ في هَيْجائِهِ (١)

__________________

(١) ديوان السيّد مرتضى الوهاب ، انتشارات المكتبة الحيدرية ـ قم ، ١٤٢٢ هـ.


للشاعر الشيخ العلّامة عبد العظيم الربيعي (١) بعنوان :

في مولد أمير المؤمنين عليه السلام

يهتزُّ بيتُ الله بالأركانِ

طرباً بمقدمِ خيرة النسوانِ

 هذي عقيلةُ هاشمٍ من شبلهِ

أسدٍ حصانٌ بنتُ خيرِ حصانِ

 حملتْ أميرَ المؤمنين فأصبحتْ

في قدرها تسمو على كيوانِ

 يتلو كتابَ اللهِ وهو ببطنِها

إذْ بطنُها للعرشِ كالبُطنانِ

 فتلا بها البيت الحرام صحيفةً

لكنّما التقديرُ للعنوانِ

 قالت إلهي إنَّ قلبي مؤمنٌ

بكَ يا عطوفُ حقيقةَ الإيمانِ

 سهّلْ عليّ بحقّ سرّكَ مودعاً

بضمائري فاعتزّ فيه كياني

 البابُ سُدَّ بوجهها بيمين ذي

كفرٍ هوى في الشركِ للأوثانِ

 لو يفتحُ اللهُ الرِتاجَ لها غدتْ

تعزى الفضيلة للإله الثاني (٢)

 فلذلكَ انشقّ البناءُ لها ، وهلْ

يعصي بناءُ البيت أمرَ الباني

 وكذلك التأَمَ البناءُ كأصلِهِ

والغيبُ تشهدُ صنعهُ العينانِ

 فتخالُ بيتَ الله ساعةَ سدِّهِ

بعدَ انفتاحِ البيتِ كالقرآنِ

 عبثاً يحاولُ فتحَ بابٍ سيّدُ الـ

ـبطحا بمولدِ قالعِ البيانِ

 العالَمُ العُلويُّ هيّأَ جندَهُ

مستبشراً بصنيعةِ الرحمنِ

 وانظرْ إلى الملكوتِ لا تلقى بِهِ

إذْ ذاك غيرَ بشائرٍ وتهاني

 أمّا السماءُ فقد تضاعَفَ نورُها

وكذاكَ ضوءُ نُجومِها النُوراني

__________________

(١) ديوان الربيعي (للشاعر الشيخ عبد العظيم الربيعي) : ٤٦ ـ ٥٠ ، (١٣٢٣ ـ ١٣٩٩ هـ).

(٢) أي الأصنام بزعم المشركين لأن الذي سد الباب من بني عبد الدار عبدها ، والرتاج : الباب العظيم.


وكذاك يُظهرُ ذُو الجلال سُرُورَهُ

في الخلق جلّ جلاله السبحاني

 لو لم تكنْ حوريّةٌ في جنّة الـ

ـفردوسِ لم تطعمْ ثمارَ جنانِ

 هبطتْ لها حوّاءُ تزجي مريم الـ

ـعذراء تقفو إثرَها امرأتانِ

 ألستُّ آسيةٌ واُمُّ ربيبِها

وحبيبِها موسى فتى عمرانِ

 وعلى الرخامةِ تمَّ مولدُ حيدرٍ

في البيتِ ربَّةِ أحمر الألوانِ

 واذكرْ لهُ مذ خرَّ في محرابِهِ

صَبَغَ الرُخامَ بفيضِ هامٍ قاني

 وُلِدَ ابنُ فاطمة الفخارِ مطهّراً

عفَّ الإلهُ مفاخرِ النسوانِ

 حوّاءُ أتحفها السلامَ تحيةً

إنّ السلام تحيّةُ الرضوانِ

 وتشهّد الهادي شهاداتِ الهدى

والدين وهي ثلاثةٌ لا اثنانِ

هذي الفضيلة لم ينلْها قبلَهُ

أو بعدَهُ في الوضعِ من إنسانِ

 بقيتْ ثلاثاً أُمّهُ في الكعبةِ الـ

ـغرّا وقرّتْ بابنها العينانِ

 وهنالكَ انفتحَ البِنا لِخروجِها

فدخولُها وخروجُها سيّانِ

 سمّتْهُ حيدرةً لِما وجدتْ بِهِ

(أثرَ الشجاعةِ ساطع البرهانِ)

 لا تُوثقيهِ بٍستّةٍ أو سبعةٍ

قمطأ ولو في قوّةِ الأشطانِ

 قطعَ القيودَ يقولُ كفّي إنّني

حُرٌّ وما قيدُ الورى من شاني

 هذا ولكن قيّدتْهُ وصيّةٌ

بنجادِ ماضيهِ فتى الفتيانِ

 حملتْ وصيَّ محمّدٍ بِذِراعها

حملَ الذِراع الشمسَ ذات الشانِ

 فليهنَ والدَهُ وعُذراً لو قضى

يوم البشارة ميتة الجذلانِ

 لا سيّما لمّا دعاهُ ذُو العلى

وأمدّهُ بنواله الربّاني

 إنّي العَليُّ فسمِّهِ باسمي لكي

يعلُو فيعلمُ قدرَهُ الثقلانِ

 لو لم تلدْهُ فتاةُ هاشمَ لم تجدْ

لمحمّدٍ في الناسِ من أقرانِ


جاءتْ إليهِ بهِ فألفتْ توأمي

مجدٍ وطرفي حلبةٍ وعنانِ

 عرفَ النبيّ وصيّهُ فاهتزّ مِن

بشرِ اللقاءِ كلاهما للثاني

 إنْ كانَ بالإنجيلِ أصبحَ ناطقاً

عيسى فحيدرُ قارئُ الفرقانِ

 لو لم يكنْ للمؤمنينَ أميرَهُمْ

ما اختارَ سورتَهُمْ من القرآنِ

 قد أفلحوا بكَ في شهادة أحمدٍ

فتميرُهُمْ بالعلمِ والعرفانِ

 ولذاكَ غذّاهُ إلى حيث ارتوى

إبهامهُ بالعلمِ لا الألبانِ

 وأقامَ يتّبعُ النبيَّ كظلّهِ

فهما لإنسانِ الهدى جَفنانِ

 ماذا ترى بغذيّ دَرِّ محمّدٍ

ونجيّهِ في السرِّ والإعلانِ

 أتراهُ لا يرقى إلى أوجِ العُلى

هلْ قريةٌ من بعدِ عبّادانِ

 ما آيةٌ نزلتْ ولا علمٌ أتى

إلّا وكانا فيه كالميزانِ

 حتّى إذا صدعَ النبيُّ بأمرِهِ

ودعا العشيرةَ مِن بني عدنانِ

 لم يستجبْ إلّا أبو حسنٍ فقدْ

لبّى النّدا قبلَ الصّدا بزمانِ

 ولذاكَ كانَ وزيرَهُ وأخاً لَهُ

وخليفةً لخليفةِ الدّيانِ

 فهما لدَوحةِ دينهِ جذرانِ

وهما لبابِ الرُّشدِ مصراعانِ

 مَضيا يشقّانِ الطريقَ كلاهما

لم يحفلا بتجمهُرِ العُدوانِ

 فالدّينُ منحصرٌ ببيتٍ واحدٍ

يحوي خديجة عندها العَلمانِ

 أمّا الصلاةُ فإنّها في مكّةٍ

قامتْ بهمْ وقيامُها صفّانِ

 حتّى إذا رحلتْ إلى دار الجزا

خفراً لأكرم ناصرٍ معوانِ (١)

 هجر النبيُّ بلادَهُ وببردِهِ الـ

ـتحفَ الوصيُّ الليثُ ثبتَ جنانِ

 لو كانَ أوجسَ خيفةً منهمْ لما

ذاقتْ كرىً في ليلهِ العينانِ

__________________

(١) المراد به : أبو طالب.


وأداةُ مكرٍ في العِدا بثباتِهِ

باهى الإلهُ ملائكَ الرحمنِ

 وهُنا أتى دورُ الحُروبِ وإنّما

هُوَ مِن رَحاها القُطبُ في الميدانِ

 وبراية الإسلامِ خَفَّ مجاهداً

من عُمرهِ لم يُنْهِ عقداً ثاني

 لم تخلُ منهُ غزوةٌ وسَلِ العِدا

مَنْ كانَ ثّمَّ مجدّلَ الشجعانِ

 لم يعترضْ إلّا وقطّ وما علا

إلّا وقدّ القرنَ دونَ توانِ

 سَلْ عنهُ بَدراً في البرازِ وإنّه

لمبرّزٌ لمّا التقى الجمعانِ

 ولقدْ أطاحَ شباه في أُحُدٍ بمَنْ

حملوا لواءَ الشركِ والطغيانِ

 نصرَ النبيّ بِهِ ومذْ أغراهمُ

طمعٌ فباءَ الجيشُ بالخذلانِ

 سَلْ مَنْ دعا جبريلُ ثمّةَ باسمِهِ

في حيث تسمعُ صوتَهُ الثقلانِ

 (لا سيفَ إلّا ذُو الفِقارِ ولا فَتى

إلّا عليٌّ) فارسُ الفرسانِ

 عجبتْ ملائكةُ السماءِ لصبرِهِ

ولردّهِ لكتائبِ العدوانِ

 وتكشّفَ الأحزابُ رُعباً مذْ برى

ساقَ ابنَ وَدٍّ مفرد الأقرانِ

 ولمرحَب قسمَ الوصيُّ بسيفهِ

فلذاكَ أصبحَ قاسمَ النيرانِ

 ويبطشِ حيدرَ تَمَّ نصرُ المصطفى

بحنينَ بعدَ تطاحُنٍ وطِعانِ

 وتزوّجَ الزهرا فضاعَفَ مجدهُ

أعظمْ بهِ صِهراً بخيرِ قِرانِ

 مَنْ مثلُهُ شرفاً أنافَ وفرعهُ

سبطا النبيّ المصطفى الحَسَانِ

 هيهاتَ يُحصي فضلَهُ إلّا الذي

في بيتَهَ وَلَدْتُه خيرُ حصانِ

 وببيتِهِ الثاني بيثربَ قد غدا

لأخيهِ أحمدَ ثانيَ السكّانِ

 عينانِ أبصرتا الضيا بفنائِهِ

قد أغمضا مذْ فيه أصبح فاني

 وعلى الهدى والفوز عند مليكه

سهرتْ له في بيتهِ العُينانِ

 الفوزُ أدركَهُ لديْهِ موحّدٌ

وإليهِ عادَ ورأسُهُ نَصفانِ

* * *


للشاعر أبو أمل الربيعيّ (١) بعنوان :

ناداني يومك للقريض

يا مَن بهِ تتفاخرُ العلياءُ

وبنورهِ تتبدّدُ الظلماءُ

 وبنشرهِ تتعطّرُ الأرجاءُ

وبذكرهِ تستدفَعُ الضرّاءُ

 يا مَن به تستأنسُ الحوباءُ

وبحبّهِ لذوي السقام شفاءُ

 وبيوم مولدهِ السعيدِ استبشرتْ

شوقاً لهُ الحوراءُ والعيناءُ

 بدرٌ بطلعتهِ الجميلةِ قد جلا

ما خلّفتهُ الليلةُ الليلاءُ

 يومٌ لأهل الأرضِ فيهِ مباهجٌ

وبهِ لسكّانِ السماءِ هناءُ

 فالمؤمنونَ قد اهتدوا بأميرهمْ

وبيومهِ قدْ بشّرَ العظماءُ

 ما أنجبتْ مثلَ الأميرِ كريمةٌ

أو شئتَ قلْ : ما أنجبتْ حوّاءُ

 ولدتهُ في بيتٍ بحجُّ لهُ الملا

وبهِ لداعٍ لا يردُّ دعاءُ

 ورثَ الشجاعةَ والفضيلةَ والإبا

ممّن تدينُ لبأسِهِ البطحاءُ

 شبلٌ تقلّدَ ذا الفِقار مبكّراً

ولهُ إذا حمِيَ الوطيسُ بلاءُ

 حتّى إذا بلغَ الأشدَّ فإنّما

ذلّتْ لهُ الفُرسانُ والهيجاءُ

 وعلى الحقيقة إنْ أردتَ دليلَها

والقولُ من دونِ الدليلِ هباءُ

 صِفِّينَ سَلْها فالحقيقةُ عندها

لا من (جهينة) تؤخذ الأنباءُ

 ما كان صارمُهُ يسلُّ بجحفلٍ

إلّا علتْ وجهَ الثرى أشلاءُ

 وسَل الخوارجَ فالإجابةُ عندهمْ

(والفضلُ ما شهدتْ بهِ الأعداءُ)

__________________

(١) قلائد الانشاد : ١٥٤ ـ ١٦٧ ، جمع وإعداد معين الخياط النجفي ، ط. المكتبة الحيدرية ـ قم ، ١٤١٦ هـ.


فالنهروانُ كغيرها انتَكَستْ بها

للمارقينَ الرايةُ السوداءُ

 وسَلِ التي جاءَتْ لحربِ وليّها

وبجشيِها قد غصّتِ البيداءُ

 حتّى إذا ندحرتْ كتائبُ جيشِها

وتفرّقَ القرباءُ والبعداءُ

 ندمتْ ولكنْ لا يزالُ يلومُها

لفعالِها الآباءُ والأبناءُ

 ناهيكَ عن بدرٍ ومصطلقٍ وخيـ

ـبرَ والنضيرِ وكمْ لها أصداءُ

 هذا أميرُ المؤمنينَ فإنّهُ

ليثُ الشرى إنْ هاجتِ الهيجاءُ

 مَنْ مثلُهُ فادى الرسولَ بروحِهِ

إذْ طاردتهُ عصابةٌ رعناءُ

 لمّا دعاهُ لكي يحلّ فراشَهُ

فبغيرِهِ لا تدفعُ البرحاءُ

 فاجابَ يا ابن العمِّ دونَكَ مهجةٌ

ما رابَها فيما طلبتَ مراءُ

 إذْ ذاكَ في جوفِ الظلامِ وقد دَهتْ

بيتَ النبيّ مصيبةٌ دهياءُ

 وتجمَعَ الأعداءُ حولَ رواقهِ

وسيوفُهُمْ لدمِ النبيّ ظِماءُ

 حتّى إذا ما الليلُ أطبقَ صمتُهُ

والمرءُ كحّلَ جفنهُ الإغفاءُ

 شدّوا عليهِ تسوقُهمْ أحقادُهمْ

إنّ الحقودَ مصيرُهُ الإفناءُ

 فتراجعوا إذْ لم ينالوا المصطفى

وقد اعترتْهُمْ ذِلّكةٌ وشِقاءُ

 قالوا اقصدودهُ فهذهِ آثارُهُ

فوقَ النقا لم تُمحها الغبراءُ

 حتّى إذا بلغوا بـ (ثورَ) مغارةً

رأوا الحمامةَ حيثُ خاب رجاءُ

 أمّا خيوطُ العنكبوت فإنّها

دلّتْ على أنّ الوصيدَ خلاءُ

 كادوا وكيدُ اللهِ خيّبَ سعيَهُمْ

كيما تسودُ الشرعةُ الغرّاءُ

هذا أميرُ المؤمنينَ وقبلُهُ

لجميعِ آياتِ الكتابِ وعاءُ

 هُوَ صاحبُ الخصلِ التي لم يستطعْ

في أنْ يقومَ بِعدِّها الشُعراءُ

 هُوَ صاحبُ النهجِ الذي لم يستطعْ

في أنْ يجيءَ بِمثلهِ الفُصحاءُ


ما قامَ دينُ اللهِ لو لا سيفُهُ

ولَما ارتقى للمسلمينَ بِناءُ

 لولاهُ مِن هولِ المصيبةِ ما نجا

ذُو النونِ أو بقيتْ لهٌ أشلاءُ

 ذا النون خُذْ أهلَ الكساءِ وسيلةً

فبحبّهِمْ تستدفعُ البلواءُ

 لولا أميرُ المؤمنينَ لما شُفِي

أيّوبُ حينَ بِهِ استطالَ الداءُ

 ولَما رَسا نوحُ النبيّ وقومُهُ

والفلكُ إذْ غمرَ الجبالَ الماءُ

 هذا عليٌّ كالنجومِ خصالُهُ

لمْ يحوِها مِن دونِهِ الخُلفاءُ

 ومِن الغرابةِ ما سمعتُ لبعضهمْ

أنّ الصحابةَ كلَّهمْ لَسَواءُ

 أيصيرُ مَنْ ردّتْ إليه ذُكاء (١)

مثلَ الذي آباؤهُ طُلقاءُ

 هذا أميرُ المؤمنينَ ومَنْ لَهُ

ولنورِهِ تتصاغرُ الجوزاءُ

أوصى بهِ كلّ الأنام محمّدٌ

يومَ الغديرِ لتكملَ الآلاءُ

 إذْ صاحَ بالجمعِ الغفيرِ مُنادياً

(هذا عليٌّ دونَهُ العَلياءُ)

 هذا إمامُ المسلمينَ خليفتي

وينوهُ فيكمْ بعدَهُ خُلفاءُ

 يا ربّ والِ مَنْ يُوالي حيدراً

وابغضْ إلهي مَن لهُ أعداءُ

 مولايَ حبُّكَ للنفوسِ سعادةٌ

ولكّ داءٍ حيثُ كانَ دواءُ

 إذْ أنّ حبّكَ للسعادةِ مصدرٌ

ومنَ المصادرِ تؤخذُ الأشياءُ

 ناداني يومُكَ للقريضِ كشاعرٍ

في شعره التمجيد والإطراءُ

 فأتيتُ أغترفُ القصائدَ ثرّةً

وقد اعترتني دهشةٌ وحياءُ

 فمتى صفاتُكَ عدّها الشعراءُ؟

ومتى أحاطَ ببعضها الخطباءُ؟

* * *

__________________

(١) ذكاء : من اسماء الشمس.


للشيخ محمّد جواد الجنابي النجفي :

في مدح أمير المؤمنين عليّ عليه السلام (١)

أمامَ وصفِ عليٍّ يخرسُ الأدبُ

ومِن محيط عليٍّ تنهلُ السُحُبُ

 يُفيض في الأرض للأجيالِ منهلُهُ

فما المهارقُ؟ ما الأوراق؟ ما الكتبُ؟

 لهُ عباقرةُ التاريخِ مرجعهمْ

والتابعونَ إلى التدوينِ قد وثبوا

 فلم يلمّوا بشيءٍ من خصائصِهِ

ولازموا الصمتَ مذْ أضناهُمُ التعبُ

 لم يفهموا غيرَ أنّ المرتضى بطلٌ

وهُوَ الذي بحلول الضيقِ يُنتدبُ

 للدينِ والحكمِ بالقرآنِ مصدرُهُ

وكلّ علمٍ لَهُ قد راح ينتسبُ

 والحقُّ والصدقُ والأقدامُ شهرتُهُ

وهُوَ ابنُ آدم لكن للجميعِ أبُ

 وحكمُهُ فيهِ للحكّامِ تربيةٌ

وسيفُهُ فيهِ دوماً تكشفُ الكُربُ

 قلْ لي بربّكَ هلْ نقوى لمدحِ فتىً

على السماء سمتْ مِن قبرِهِ الرُتَبُ

يا فرحةَ الليلةِ الليلاءِ من رَجَبٍ

في كلّ عامٍ يوافينا بها رَجَبُ

 على ضريحكَ مذْ نذري مدامعَنا

ويضحكُ الدرُّ والياقوتُ والذَهَبُ

 أرض الغريّ علتْ هامُ الضراحِ عُلىً

بل استطالتْ وأمستْ دونَها الشُهُبُ

 قبرٌ بِهِ تسألُ الأملاكُ خالقَها

ما المالُ ، ما الجاهُ ، ما الأبناءُ ، ما التربُ؟

 تهوي الملوكُ على أبوابِ حضرتِهِ

ومن تباعَدَ عنها نالَهُ العطبُ

 وقد فدى بحسينٍ بيتَ بارئِهِ

كما بذا راحَ إبراهيم يقتربُ

 قد أصبحَ البيتُ مهداً لابنِ فاطمةٍ

ولم ينلْ شأوهُ آباءُهُ النُجُبُ

 أدنى إلى البيتِ مَنْ بِالبيتِ مولِدُهُ

وإنْ علاهُ بيومِ الفتحِ لا عجبُ

__________________

(١) نظمت بقم المقدسة في مناسبة مولده الشريف.


لقد علا متنَ طه شبلُ فاطمةٍ

لنيل أجرٍ من الرحمن مرتقبُ

 يا مَنْ شربتَ بكأسِ الطين مكتفياً

ودّ المُلوكُ بهِ لو أنّهم شربوا

 يا قالعَ البابِ يا مردي أشاوِسِهِمْ

مَن ناوأوكَ أهلْ يدرون مَن غصبوا؟

 وأنّ مَن آزَرَ الهادي بدعوتِهِ

غيرُ الذين لِمَنْ عاداه قد صحبوا

 حرّاسُكَ اللهُ والأملاكُ كلُّهُمُ

يا مَن بِهِ تفخرُ الأجيالُ والحقبُ

 كمْ حاوَلَ العِلْجُ نيلَ الانتساب لكمْ

وقد أبى اللهُ والتأريخُ والنَسَبُ

 يا نعمةً لم يؤدّى شكر منعمها

وفت بها فارس مذ خانها العربُ

 هذا ضريحُكَ يهفو المؤمنون لهُ

فأينَ آل أبي سفيانَ قد ذهبوا؟

 أمثل قبرك نارُ الحقد تقصفُهُ

وفوقَ بابِكَ جهراً يشعلُ الحطبُ؟

 تاللهِ ما ازدادَ مَن في الذلِّ أرهقنا

وإنْ تعاظَمَ ما مِنّا قد ارتكبوا

 على الذي أسقطَ الزهراءَ محسنَها

لمّا على منبر الكرّار قد وثبوا

 وكفُّ بغيٍ بها الزهراءُ قد ضربتْ

بها لقبركَ يا كرّار قد ضربوا

 تلوحُ لي فاطمٌ والعبدُ يضربُها

وإرثُها بيدِ الأعداء منتهَبُ

 يا قلبَ فاطمةٍ مذْ بتَّ ملتهِباً

لَكَ القلوبُ بنارِ الوجدِ تلتهِبُ

 وإنّ ناراً على باب الهدى استعرتْ

أضْحَتْ لها اليومَ كفّ البَعْثِ تحتطِبُ

 إنْ نسكب الدمعَ مِن أجفانِنا عَلَقاً

ولمْ نجدْ مَن لِحَربِ البعثِ ينتدِبُ

 ولمْ نفُرْ بقتال البعثِ ثانيةً

وللشهادة لمْ يسرعْ بِنا القتبُ

 فلنرفعنّ إلى المهديِّ صرخَتَنا

هذا أوانُ تقاضي الثار يا غَضَبُ

* * *


للمهندسة السوريّة السيّدة كوثر شاهين ، بعنوان :

الإمام عليّ عليه السلام وليد الكعبة وربيب النبوّة (١)

صلّوا على (طه) النبيّ وآلهِ

خير الصلاة بها ومن قرآنهِ

 فاتلوا من الآياتِ ما قد أنزلتْ

في ذكر خيرِ الأوصياءِ عليِّهِ

 لثلاث عشرة قد مضين بجمعةٍ

شقّ الجدار لكعبةٍ وإذا بهِ

 (حواءُ) تسجدُ للإلهِ و (مريمٌ)

مع (اُمّ موسى) يضرّعنِ بإسمهِ

 وتردُّ (آسيةُ) السلامَ عليكمُ

هذا الوصيّ مضمّخٌ بعطورهِ

 فلقَفَنَهُ وحملنَهُ من سجدةٍ

بشهادتين تلاهما ويختمهِ

 باسم النبيّ محمّدٍ برسالةٍ

ووصايةٍ وإمارةٍ جمعت بهِ

 نطق السلام على الحضور فأشرقتْ

سبعُ السموات العلى بضيائهِ

 وغدا أبوهُ مهلّلاً لولادةٍ

ومبشّراً بولايةٍ لرسولهِ

 قال السلام عليكَ يا مَن بوركتْ

منك الدُنا بوصايةٍ لنبيّهِ

 ردّ السلام وقد تلألأ وجههُ

من نورِ ربّ العرشِ فهُوَ بهديهِ

 قد قال : يا أبتاهُ إلحق (مثرماً)

في كهف (لكّامٍ) وضمنَ رحابهِ

 مسجىً فبلّغهُ السلامَ لموعدٍ

قولاً كريماً رحمةً من ربّهِ

 بلّغ ، فقامَ أبوه يسعى مؤمناً

قال السلام عليك من عليائهِ

 واللهُ أحييى (مثرماً) متشهّداً

(للهِ) ثمّ (نبيّهِ) ووصيّهِ

 وبكى واتبعَ ساجداً شكراً لمَنْ

خلَقَ الدُنا واختارَ بعثَ نبيِهِ

 وتلا ، تمطّى ثمّ أردف موهناً

ردَّ الغطاءَ عليّ من جنباتِهِ

 فإذا هُوَ قد عادَ ميتاً مثلَما

قبلَ الندا وعليه فضلُ غطائهِ

__________________

(١) نفحات من فضائل أمير المؤمنين عليه السلام ، ديوان للمهندسة كوثر شاهين ، سوريا ـ دمشق.


فأقامَ عبدُ مناف أيّاماً بِها

مرّتْ ثلاثٌ من غداة وصولهِ

 وبعيدَها والليلُ أبلجَ فجرُهُ

جاءته تسعى حيّتانِ لِعِندهِ

 عُدْ للوليّ أبا الإمامِ فإنّهُ

يدعوكَ فارجعْ إنّنا أولى بهِ

 مَنْ أنتُما؟ نحنُ الفِعال نذبُّ عنـ

ـهُ لحينِ أن يأتي غداً بحسابهِ

 وبقدرة اللهِ العليِّ بخطوةٍ

طويتْ مسافاتٌ وإذْ في بابهِ

 جاءتهُ (فاطمةٌ) وقد ضحكتْ بها

عينانِ إثرَ كلامِهِ وخطابهِ

 نادتهُ (حيدرة) فقال لها اعلمي

سمّاهُ ربُّ البيتِ من عليائهِ

 ومن العلى شاءَ الإلهُ ولايةً

ووصايةً تسمو بقربِ نبيّهِ

 قال السلام عليكَ يا أبتاهُ مِن

ربّ كريمٍ رحمةً بعبادهِ

وأتمّ بسملَةً وحمداً قارئاً

(المؤمنونَ) بسورةٍ لرسولهِ

 ردّ النبيّ وقد تهلّلَ باسماً

بكَ أفلحوا واللهِ جئتَ بهديهِ

 ولصدرِهِ ضمّ الإمامَ محبّةً

ولسانهُ في فيهِ من تحنانهِ

 وإذ الغداة أتاه هلّلَ ضاحكاً

في التسعِ من ذي حجّةٍ بكتابهِ

 سمّوا به (عرفات) يوم وقوفهمْ

و (النحر) يتلو في وليمةِ ذكرهِ

 واطّرفوا بالبيت سبعاً وادخلوا

ألقوا السلام على (العليّ) لشأنهِ

 فجرَتْ بذاك كسنّةٍ معمولةٍ

من يومها وروى الرواةِ بحقّهِ

 في اللوح جاء من السماء مسمّياً

في الكعبة الغرّاء نسج حروفهِ

 لكرامة المولود في طهرٍ بَدَتْ

كالشمس لآلاءُ الضياء بوجههِ

 أنعمْ بيومٍ للفضائل جامعٍ

في جمعةٍ طهرتْ به وبذكرهِ

 ولدتهُ في حرمِ الإله طهورةً

مَن قد دعاها (أحمدٌ) بحروفهِ

 اُماهُ إذْ كانتْ كخير اُمومةٍ

أعطتهُ حبّاً واليقيمُ بحبّهِ

 مدّ الإمام مباركاً متعهّداً

صنو النبيّ وباب علم علومهِ

* * *


ولها أيضاً ، بعنوان :

ذكرى استشهاد أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام عام ٤٠ هـ

لا سيفَ إلّا ذُو الفِقار ولا فتى

إلّا عليُّ المرتضى للمرسَلِ

 روحي ونفسي تفتديهِ ومقلتي

لأبي ترابٍ سيدي ومؤمّلي

 مَنْ شادَ في البطحاء دينَ محمّدٍ

مَن زلزلَ الأصنامَ عند الهيكلِ

 مَنْ فاطمٌ ولدتْهُ داخلَ الكعبةٍ

لا قبلَهُ أحدٌ ولا بعداً يلي

 مَنْ رُدّت الشمسُ التي في خدرها

غابتْ إليه لأجل فرض تبتّلِ

 مَنْ كانت الزهراءُ زوجه في السما

قبلاً وفي الأرض ابتغاء الأفضلِ

 مَنْ منهُ أبناءُ النبيّ تعاقبوا

طُهراً ونُوراً عصمةً من أمثلِ

 هُوَ خاصفُ النعلِ الذي في حبّهِ

حبّ النبيّ وبغضُه للمقتلِ

 وهُوَ الكريمُ هُوَ الغفورُ تعفّفاً

وهُوَ الأمينُ وبابُ علم الموئلِ

وهُوَ القسيمُ هُوَ الشفيعُ شفاعةً

بالمؤمنين ومَن كنور ينجلي

 وهُوَ الوصيّ هُوَ الوليّ ببيعة

عند الغدير وكلّ من لم يفعلِ

 يغدو بكفرٍ سادراً متلبّساً

بين الحطام عن الرسول بمعزلِ

 والُؤهُ ـ قال محمّدٌ ـ كي تفلحوا

يوم القيامة بالولاية من علي

 هُوَ خاتمٌ للأوصياء وإنّني

قد جئتُ خاتم أنبياءٍ للعلي

 حينَ اجتباهُ إذ اصطفاه لاُمّهِ

سمّاه في السبع العلى كي تنجلي

 سُجُفُ الظلامِ بنورِ طلعةِ وجههِ

ويحدّ سيفٍ نصرُ فتحٍ مقبلِ

 يا سيدي يا مَنْ إليك تبتّلي

في عتم ليلٍ إذ غدا وتوكّلي

 فاسمعْ ندائي أستجير بِعَدلِكُمْ

مِن ظلمِ دهرٍ كَلْكَلٍ متوغّلِ

 قد جئتُ أبغي بابكمْ فلعلّني

منكمْ أفوزُ ببعض علمٍ يعتلي

 حرفي إليكمْ سيدي فبمدحكمْ

نورُ الصراط يمدّ في العلياء لي


يا مَن بخاتمهِ الكريمِ تصدقتْ

منه اليدانِ وفي الركوعِ الأفضلِ

 ناداهُ جبريلُ المَلاكُ بوقعةٍ

والنقعُ في الهيجاء ليس بمنجلِ

 لا سيفَ إلّا ذُو الفِقار ولا فتى

إلّا عليّ للنبيّ المرسَلِ

 يا أوّلاً يا آخِراً يا ظاهِراً

يا باطِناً إنّي إليك توسّلي

 من باب حكمتك التي من غيرِها

أمسي يتيماً ضائعاً في الأحبُلِ

 أسبغْ بفضلك إنّني لا أرتجي

إلّا موالاتي بقلب للولي

 هُوَ سيّد الكونينِ باب مدينةٍ

للعلم في نصّ الكتابِ المنزَلِ

 وبراءةٌ تعطي يداه ونفسه

وينفحِ طوبى عند قاعٍ مُمْحِلِ

 وهُوَ الذي حملَ اللواءَ مجاهداً

في نشر دين الله يضربُ من علي

 حتّى الملائكة الذين تنزّلوا

يومَ الجهاد بهمْ من النور العلي

 في شبه وجهِهِ يضربون كأنّهمْ

في كفّهم سيفُ الإمام المنجلي

 والعرشُ زُيّنَ باسمهِ فحروفُهُ

صيغتْ من الله العليّ المعتلي

 يا سيّد البطحاء بعدَ محمّدٍ

فني محكم التنزيل للمتوسّلِ

 يأتيكَ حبّاً قارئاً من آيةٍ

فيها السلام لكلّ داءٍ معضلِ

 قد جئتُ بابك سيّدي متوسّلاً

في خير شهرٍ أستميح تأمّلي

 أتلو كتابَ الله نور هدايةٍ

وتجيشُ نفسي بالعيون الهُمّلِ

 في الثل من رمضان تبكي أدمعي

ويهيمُ قلبي خاشعاً للمرسلِ

 في بيت ربّ البيت جاءَ مكبّراً

للهِ يسجدُ في رحاب الأمثلِ

 وغدا شهيد البيت عندَ سُجُودِهِ

وبحرمةِ المحرابِ فاسمعْ واعقلِ

 قول الرسول مخاطباً لوليّهِ

صلّى الإلهُ عليهما فتوسّلي

 عندَ الغريّ أجوزُ كلّ مسافةٍ

في ركعةٍ للهِ أسجدُ للعلي

 بتقرّبي لأبي ترابٍ ألتجى

عندَ القيامة بالقسيمِ الأعدلِ

 صلّوا وزيدوا بالصلاة محبّةً

للعترة الأطهارِ في النصّ الجلي


وقال بعضهم :

وتدورُ حُبلى والجنينُ يقودُها

ليشقّ إجلالاً لذاكَ جِدارُهُ

 وضعتْكَ بالبيتِ العتيقِ تطوفُهُ

قطب الوجود ليستقيم مدارُهُ

* * *

وقال آخر :

كالدرّ وُلِدْتَ يا تمامِ الشرفِ

في الكعبة واتّخذتْها كالصَدَفِ

 واستقبلت الوجوهُ شطرَ الكعبة

والكعبةُ وجهُها تجاهَ النَجَفِ (١)

* * *

وفي الديوان الفارسي للشاعر التركي محمّد الفضولي في قصيدة مطلعها :

ماييم درد پرور دنياى بيوفا

با درد رده خوشده مستغنى از دوا

إلى أن يقول ما نصّه :

شاهنشه سرير ولايت ولىّ حق

سطان دين إمام مبين شاه اوليا

 اصل تمييز شرع نبى از طريق كفر

وجه تفوّق نبى ما بر انبيا

 از ذات پاك او صدف كعبه پر گهر

وز فيض خاك او شرف ارض بر سما

 از نسخه كرامت عامش سياهه ايست

شرح شب مبارك معراج مصطفا

 وز لاله زار حرمت آبش حديقه

خاك بخون سرشته صحراى كربلا

 ريگ نجف زپرتو ميل مزار تو

در چشم مردمان مكرم است چو تو تيا

__________________

(١) من محفوظات الشيخ حسن أخوان.


إلى أن يقول ما نصّه :

روزى مباد اين كه براى توقّعى

از من بغير آل على سرزند ثنا

 در عمر خويش غير ثناى عليّ وآل

از هرجه كرده ايم بيان توبه ربّنا (١)

* * *

وقرأت هذا البيت بالفارسية ، على جدار الرواق الكبير الموصل للداخل من ايوان الذهب إلى البابين الذهبيّين للحضرة المقدّسة العلويّة :

در كعبه شد پديد وبمحراب شد شهيد

نازم بحسن مطلع وحسنِ ختامِ او

فترجمته إلى العربيّة نظماً :

في كعبة القدس شاء اللهُ مولدَهُ

أكرمْ بِهِ مَطلعاً يختارُهُ اللهُ

 حُسنُ الخِتام لَهُ المِحرابُ مشهدُهُ

وأصبح النجفُ الميمونُ مَثواهُ (٢)

* * *

ومما قلتُ : ولدتْ فاطمةٌ بنتُ أسدْ

شبلَها حيدرَ في بيتِ الصَمَدْ

 أَعْلَنَ النُقّادُ بالإجماعِ أنْ

لمْ يكنْ فيهِ لَهُ كُفْوَاً أَحَدْ

* * *

__________________

(١) ديوان فارسى فضولى ، به اهتمام حسيبه مازى اوغلو ، كنگره بزرگداشت حكيم محمد فضولى ـ تهران ، ١٣٧٤ ش.

(٢) شقاشق ، من نظم السيّد محمّد رضا الحسيني الجلالي ، في رجب (١٤٢٢ هـ).


وللمولى محمّد طاهر القمي بالفارسيّة :

دليل رفعت شأن علىّ اگر خواهى

به اين كلام دمى گوش خويشتن مى دار

چو خواست مادرش از بهر زادنش جائى

درون خانه خاصش بداد جا جبّار

پس آن مطهّره با احترام داخل شد

در آن مقام مقدّس بزاد مريم وار

برون چو خواست كه آيد پس از چهارم روز

ندا شنيد كه نامش برو عليّ بگذار

فداى نام چنين زاده اى بود جانم

چنين امام گزينيد يا اُولى الأبصار (١)

* * *

وقال آخر :

اى آنكه حريم كعبه كاشانه تواست

بطحا صَدَف درّ گرانمايه تو است

 گر مولد تو بكعبه آيد چه عجب

اى نسل خليل خانه خدا خانه تو است

* * *

وقال آخر :

بهركس نگردد ميسّرْ سعادتْ

بكعبه ولادتْ بمسجدْ شهادتْ (٢)

* * *

__________________

(١) مجله (پاسدار اسلام) القمية ، سال پنجم ، شماره ٥٢ ، الصفحة ٨.

(٢) من محفوظات الشيخ حسن أخوان.


وقال الشيخ محمّد حسن المولوي القندهاري الخراساني ، مضمّناً مطلع «الغديرية العصماء» للشيخ الملّا علي الخوئي النجفي بن علي رضا (١٢٩٢ ـ ١٣٥٠ هـ) (١). يقول في مقطع منه :

علي اي مخزن سرِّ معبودْ

رونق افزايِ گلستانِ وجودْ

 كعبه از قوسِ نزولتْ مسعودْ

مسجدِ كوفه ترا قوسِ صعودْ

 خالقتْ چون درِ هستى بگشودْ

عشق بازى به تو بودش مقصودْ

 غرض از عشق ومحبّت اين بودْ

تا گشايد به جهان سفره جودْ

 من چه گويم به مديحِ حيدرْ

عاجز از مدحِ علي جنّ وبشرْ

 (ها عليٌّ بَشَرٌ كيفَ بَشَرْ

رَبُّهُ فِيهِ تَجَلّى وَظَهَرْ) (٢)

* * *

__________________

(١) نقباء البشر (للطهراني) ٤ : ١٤٩١ ، وشعراء الغري ٦ : ٤١٩.

(٢) داستانهاى شگفت (للشهيد دستغيب الشيرازي) : ٣١٧ ، رقم ١٤٥. وهو موجود في ديوان الشاعر باسم (غبار نجف) المخطوط.


ملاحق

١ ـ رواة حديث المولد المبارك

٢ ـ مشجر رواة المولد الشريف

في حديث الصحابي الجليل

جابر بن عبد الله الأنصاري

المرفوع عن رسول الله صلى الله عليه وآله

٣ ـ المؤلّفات في حديث المولد المبارك ومصادره



١ ـ رواة حديث المولد المبارك

١ ـ الصحابيّ الجليل جابر بن عبد الله الأنصاري :

وقد أوردنا سلسلة رواته ، ومصادر روايتاتهم في المشجرة التالية.

٢ ـ عائشة بنت أبي بكر بن أبي قحافة :

أورد روايتها الطوسي في الأمالي.

٣ ـ العباس بن عبد المطّلب عمّ الرسول صلى الله عليه وآله :

أورده الطوسي في الأمالي. وهو مذكور بكامله في ألقاب الرسول صلى الله عليه وآله من المجموعة النفيسة : ١٩.

٤ ـ يزيد بن قعنب :

أورد روايته كل من : الطوسي في الأمالي والصدوق في المعاني : ٦٢ ، والعلل ١ : ١٣٥ والأمالي : ١١٤.

٥ ـ الإمام الصادق جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهم السلام :

أورده ابن شهر آشوب في المناقب ٣ : ١٧٤ ، والطبري في بشارة المصطفى : ٧ و ٩٧ ، وألقاب الرسول : ١٧.

٦ ـ اُمّ عمارة بنت عمارة بن نضلة بن مالك بن العجلان الساعدية :

انظر المناقب (لابن المغازلي) : ٦ ، والفصول المهمة (لابن الصباغ المالكي) : ٣٠.


٧ ـ عتاب بن اُسيد الأموي (ت ٢ ـ ٢٣) :

روى حديثه الشيخ الطوسي في (مصبااح المتهجّد) ص ٨١٩ والعلّامة المجلسي في بحار الأنوار ٣٥ : ٧.

٨ ـ الإمام السجاد علي بن الحسين زين العابدين عليه السلام (ت ٩٥ هـ) :

رواه عنه ابو حمزة الثمالي. لاحظ روضة الواعظين ١ : ٨١.

٩ ـ موسى بن يسار المدني ، عمّ ابن إسحاق صاحب السيرة :

لاحظ روضة الواعظين (للفتال الشهيد) ١ : ٨١.

١٠ ـ ميثم التمّار :

روى حديثه الشيخ أبو الفوارس الرازي في (أربعينه) ص ٩ ، مخطوط. مسنداً ، راجع عليّ عليه السلام وليد الكعبة (للاُردوبادي) : ٦١ ـ ٦٢. والطبري في (نوادر المعجزات) : ٣٢ ـ ٣٣ / ١٢. وابن شاذان في (الفضائل) ص ٢ ، والشيخ حسين بن عبد الوهاب المعاصر للسيد المرتضى في (عيون المعجزات) : ٢٤ ـ ٢٥.

١١ ـ الحميرى السيّد محمّد بن إسماعيل :

أورد شعره في روضة الواعظين (للفتال) ١ : ٨١ ، والمناقب (لابن شهر آشوب) ٢ : ١٧٢.


٢ ـ مشجر رواة المولد المبارك


٣ ـ المؤلّفات في حديث المولد ومصادرها

١ ـ مولد عليّ عليه السلام :

لوهب بن وهب ، القاضي أبي البختري (ت ٢٠٠ هـ).

ذكره : الشيخ الطوسي في الفهرست : ٧٢ و ١٢٩ ، وذكره النجاشي في الرجال : ٢٢٤ و ٢٧٩ و ٣٠٣ ، وذكره الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد ٧ : ٤٩ ، وترجمة الحسن بن محمّد بن أحمد العلوي.

وانظر تاريخ بغداد ١٣ : ٤٥١ ، ومعالم العلماء ١٢٧ والذريعة ٢٣ / ٢٧٤ والغدير ٩ / ٢٧. وأهل البيت في المكتبة العربية (للطباطبائي) : ٦٣٧ / ٨٠٢ ، والذريعة (لآقا بزرك) ٢٣ : ٢٧٤.

٢ ـ مولد عليّ عليه السلام بالبيت :

للشيخ الصدوق ، محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه القمي (ت ٣٨١ هـ) ، ذكره النجاشي في الرجال : ٢٧٩ ، وروى عنه ابن طاوس في اليقين : ٣٧ و ١٥٧ ، وانظر الذريعة (للطهراني) ٢٣ : ٢٧٤ ، وذكره ابن شهر آشوب في المناقب ، وجامع الأخبار (للشعري) : ١٥.

٣ ـ مولد عليّ عليه السلام :

لأبي العلاء ، الحسن بن أحمد بن يحيى الأزدي العطّار.

روى عنه ابن طاوس في اليقين : ١٨٦ ، وابن شاذان في الفضائل : ٥٤ ، والكنجي في كفاية الطالب : ٢٥ و ٤٠٥.


وانظر مكتبة ابن طاوس رقم ٥٨ ، والملاحظ أنّه رواية للكتاب الآتي برقم (٤) وقد طبع في النجف باسم «مولد بطل الإسلام أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام» في ٢٢٠ صفحة ، انظر : معجم ما كتب عن الرسول وأهل البيت عليهم السلام ج ٦ ص ٤٢٠ و ٥١٩. وأهل البيت في المكتبة العربيّة (الطباطبائي) : ٦٣٦ / ٨٠١ ، وكتابخانه ابن طاوس (لاتان كلبرك) : ٣٣٢ ، ومجلّة تراثنا العدد ٢٥ : ٨٤.

٤ ـ مولد عليّ عليه السلام :

لشاذان بن العلاء (ت ٣٠٢ هـ).

رواه الفتّال النيسابوري الشهيد في روضة الواعظين ١ : ٧٧.

٥ ـ مولد عليّ عليه السلام :

لابن شاذان القمّي (ق ٥ هـ).

نقله الطوسيّ في الأمالي ٢ : ٢٩٤ ـ ٣٠٠ و ٣١٧ ، ملفّقاً مع روايات عائشة والعباس ويزيد بن قعنب والإمام الصادق عليه السلام.

٦ ـ مولد عليّ عليه السلام :

لابن همام الأسكافي (ت ٣٢٦ هـ).

ذكره ابن شهر آشوب في المناقب ١ : ١٧٢.

٧ ـ مولد عليّ عليه السلام :

لعثمان بن أحمد ابن السماك (ت ٣٢٤ هـ).

ذكره ابن شهر آشوب في المناقب ١ : ١٧٤. ولاحظ ألقاب الرسول صلى الله عليه وآله في المجموعة النفيسة للكتاب الرابع.

٨ ـ مولد عليّ بن أبي طالب عليه السلام :

لأبي الحسن أحمد بن عبد الله بن محمد البكري ، نسخة منه في مكتبة كلية الإلهيات بجامعة فردوسي في مشهد برقم (٢ / ١٠٤٥).


٩ ـ مولد عليّ بن أبي طالب عليه السلام :

لأبي مخنف لوط بن يحيى الأزدي الكوفي الغامدي الخزاعي (ت ١٥٧ هـ).

نسخة منه في المكتبة الرضوية في مشهد برقم (١ / ٢٥٢٠). وأخرى في مكتبة خدابخش في مدينة پتينه (بنكي پور) الهند برقم (١٠٥٧ / ٢٨٨٢).

١٠ ـ مولد عليّ بن أبي طالب عليه السلام :

لعبد الله بن حسن بن عبد الله الستري (ت ١٣٥٣ هـ).

مخطوط في دار مخطوطات البحرين برقم ١٧٧ في ٢٢٣ ورقةً ، بخطّ المؤلّف. انظر : معجم ما كتب عن الرسول وأهل البيت عليهم السلام ج ٦ ، ص ٤٢٠.

١١ ـ مولد شريف حضرت أمير عليه السلام :

بالأردو ، للمولى آل حسن الموهاني الهندي ، نسخة منه في مكتبة رضا في رامپور بالهند برقم (١٧٢ / ١٧٣).

١٢ ـ مولود أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام :

للشيخ محمّد بن عبد الله أبو عزيز الخطّي ، النجف (١٣٧٢ هـ) ٢٣٣ صفحة.

١٣ ـ مولد الإمام أمير المؤمنين عليّ عليه السلام :

إعداد جماعة العلماء في النجف ، طبع النجف ٢١ صفحة (١٣٧٨ هـ) ، انظر : معجم ما كتب عن الرسول وأهل البيت عليهم السلام ج ٦ ، ص ٤١٩.

١٤ ـ مولد الإمام أمير المؤمنين عليه السلام :

لأبي مخنف لوط بن يحيى الأزدي ، طبع النجف ـ الحيدريّة ٢٢٢ صفحة ، انظر : معجم ما كتب عن الرسول وأهل البيت عليهم السلام ج ٦ ، ص ٤١٩.

١٥ ـ المولد والغدير :

للشيخ حبيب آل إبراهيم المهاجر العامليّ (١٣٠٤ ـ ١٣٨٤ هـ) صيدا ، في ١٦ صفحة (١٣٦٦ هـ).


١٦ ـ مولد حرم :

لسردار علي (١٩٣٧ ـ ١٩٧٨ م) بالأردويّة ، ذكره في تذكره علماى اماميه پاكستان ، ص ١٢١.

١٧ ـ مولود كعبة :

بالفارسيّة ، طبع طهران ١٣٥٢ ش ، انظر : معجم ما كتب عن الرسول وأهل البيت عليهم السلام ج ٦ ص ٤٢١.

١٨ ـ مولود كعبة :

للسيّد شميم الحسن صاحب قبله ، بالأردويّة ، ماهنامه «الجواد» بنارس مجلد ٣٠ عدد ٧ (٧ / ١٩٧٩ م) انظر : معجم ما كتب عن الرسول وأهل البيت عليهم السلام ج ٦ ص ٤٢١.

١٩ ـ مولود كعبة :

للسيد علي نقي اللكهنوي ، بالأردويّة ، طبع سنة (١٣٥١ هـ) بلكنهو سرافراز پريس ، حيدر آباد دكن كتب خانه سالار جنگ (١٣٥٠ هـ) قاموس الكتب ١ / ٩٥٦ الذريعة ٢٣ / ٢٧٧ ، انظر : معجم ما كتب عن الرسول وأهل البيت عليهم السلام ج ٦ ص ٤٢١.

٢٠ ـ عليٌّ عليه السلام وليد الكعبة :

للعلّامة الحجّة الشيخ محمّد عليّ الأُردوبادي الغروي (ت ١٣٨٠ هـ) طبع مكرّراً في النجف وقم وفي هذه المجموعة.

٢١ ـ عليّ عليه السلام مولود كعبة :

للدكتور محمود فاضل ، بالفارسيّة ٢٦٤ صفحة ، مشهد (١٣٤٨ هـ).

٢٣ ـ عليّ عليه السلام وكعبة :

لآقا مهدي لكنهو ، كراچي ، ١٢٨ صفحة ، (١٣٤٤ هـ) ، انظر : معجم ما كتب عن الرسول وأهل البيت عليهم السلام ، ج ٦ ، ص ١٧٦.


٢٤ ـ عليّ والكعبة في إثبات ولادته في الكعبة من اثنين وعشرين كتاباً من كتب العامّة وردّ القائل بولادة «حكيم بن حزام» فيها :

للسيّد مهدي بن محمّد تقي بن إبراهيم النقوي من أحفاد السيّد دلدار عليّ ، طبع في ٤٤ صفحة ، انظر : الذريعة ١٥ / ٣٣٠.

٢٥ ـ عليّ مولود كعبة وشهيد محراب :

بالفارسية ، ماهنامه (پاسدار اسلام) العدد ٥٢ ، فروردين (١٣٦٥ ش).

٢٦ ـ قصيدة في تولّد أمير المؤمنين عليه السلام في الكعبة :

للمولى محمّد الهروي الأصل المشهدي المسكن ، انظر الذريعة ٩ / ٩٦٥ ، انظر : معجم ما كتب عن الرسول وأهل البيت عليهم السلام ، ج ٦ ص ٢٥٠.

٢٧ ـ كعبة كى عظمت اور دلبند أبي طالب عليه السلام :

بقلم ايس ايم سجاد صاحب بنگلور ، بالأردويّة ، ماهنامه (الواعظ) مجلد ٦٦ عدد ٢ رجب ١٤٠٩ هـ ، انظر : معجم ما كتب عن الرسول وأهل البيت عليهم السلام ج ٦ ص ٤٢١.

٢٨ ـ كعبة ومولود كعبة :

فتحيات حسين مظفر نگري ، بالأردويّة ، ماهنامه (الواعظ) مجلد ٦٦ عدد ٢ رجب (١٤٠٩ هـ) ، انظر : معجم ما كتب عن الرسول وأهل البيت عليهم السلام ج ٦ ص ٤٢١.

٢٩ ـ مولد جناب عليّ كرّم الله وجهه :

للشاعر التركي سليمان جلال الدين ، طبع في اسلامبول بتركيا سنة (١٣٠٨ هـ) وقد أعدناه في هذه المجموعة.

٣٠ ـ ولادت وولايت :

بالفارسيّة ، گذرى به مراسم شعر خواني در كانون اسلامى شعر وادباى استان كرمان بمناسبة ميلاد مسعود حضرت أمير المؤمنين عليّ عليه السلام ،


اداره كلّ ارشاد اسلامى كرمان (١٣٦٢ ش) ، ١٠٢ صفحه ، انظر : معجم ما كتب عن الرسول وأهل البيت عليهم السلام ، ج ٦ ، ص ٥٠٨.

٣١ ـ وليد الكعبة :

للسيّد علي نقي الحيدري ، وهو مجموعة كلمات وقصائد في أمير المؤمنين ، انظر : المطبوع من مؤلّفات الكاظميين ص ٤٠ ، ومعجم المؤلّفين العراقيين ٢ / ٤٣٧. كذا جاء في معجم ما كتب عن الرسول وأهل البيت عليهم السلام ج ٦ ص ٥١٤.

ووجدت اسمه في مؤلّفات السيّد محمّد الحيدري الكاظمي ، وقيل : هو قصيدة له ، وقد أوردنا قصيدة له في «مسك الختام».

٣٢ ـ مسك الختام

للسيّد محمّد رضا الحسيني الجلالي كان الله له ، استدرك على الأعمال السابقة فجمع ما لم يذكروه من التراث من منثور ومنظوم في شأن المولد المكرّم ، وهو المذكور في هذه المجموعة برقم (١٠).

٣٣ ـ وليد الكعبة :

هذا الكتاب الجامع لكلّ ما سبق من عمل حول ولادة الإمام عليه السلام في البيت الرفيع باللغات العربيّة والفارسيّة والتركيّة.

جمعه ورتّبه وقدّم له وتمّمه بكتاب «مسك الختام» السيّد محمّد رضا الحسيني الجلالي كان الله له.

طبع في قم عام (١٤٢٥ هـ) بهمّة الأستاذ محمّد صادق بن محمّد كاظم بن الشيخ محمّد صادق الكتبي النجفي ، صاحب المكتبة الحيدريّة في قم والنجف.

والحمد لله على إحسانه

ونسأله المزيد بفضله وإكرامه والرضا عنا بجلاله

وصلّى الله على محمّد وآله



الفهارس العامّة

١ ـ فهرس الآيات

٢ ـ فهرس الأعلام

٣ ـ فهرس الكتب

٤ ـ فهرس الأماكن والبلدان

٥ ـ فهرس القوافي

٦ ـ فهرس المحتوى



فهرس الآيات

رقم الآية

رقم الصفحة

سورة البقرة

١٠٥

(وَاللَّـهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّـهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ)

٢٢١

١٥٧

(أُولَـٰئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ)

٢١٣

آل عمران

١٧٠

(بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا ... وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ)

٣٦٦

سورة النساء

٥٤

(يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَىٰ مَا آتَاهُمُ اللَّـهُ مِن فَضْلِهِ)

١٨٠

سورة الاعراف

٤٣

(الْحَمْدُ لِلَّـهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَـٰذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّـهُ)

٢١٣

 سورة الاسراء

٨١

(جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا)

٢٥٥،١٠٦


سورة المؤمنون

١١ ـ ١

(قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * ... * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)

٤٦،٨٩،٨٠،٧٨

سورة النمل

٥٩

(وَسَلَامٌ عَلَىٰ عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَىٰ)

٢١٣

سورة الجاثية

٢٣

(أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَـٰهَهُ هَوَاهُ وَ ... أَفَلَا تَذَكَّرُونَ)

٢٠٦


فهرس أسماء الأنبياء والمعصومين عليهم السلام

آدم عليه السلام ١٥ ، ٢٠ ، ٣٨ ، ٨٦ ، ٨٩ ، ١٠٤ ، ٣٧٢ ، ٣٧٧

يوسف عليه السلام ١٤٦ ، ١٧١ ، ٣٠٤

نوح عليه السلام ٨٦ ، ٨٩ ، ٤١٠

إبراهيم عليه السلام ٤٤ ، ٧٤ ، ٧٧ ، ٨٢ ، ٨٤ ، ٨٦ ، ٨٩ ، ١٣٣ ، ٢٢٠ ، ٢٣٤ ، ٢٦٠ ، ٢٨٤ ، ٣٥٨ ، ٣٦٣ ، ٤١١

موسى عليه السلام ٢١ ، ٧٦ ، ٨٦ ، ١٢٤ ، ١٢٩ ، ١٤٦ ، ١٥٣ ، ١٨١ ، ٢٢٢ ، ٢٥١ ، ٢٥٣ ، ٣١٥ ، ٣٦٣ ، ٣٨٢ ، ٤٢ ، ٤٠٥

عيىس المسيح عليه السلام ١٤ ، ٢٠ ، ٤٥ ، ٧٧ ، ٨٦ ، ٨٨ ، ١٠٤ ، ١٢٩ ، ١٤٥ ، ٣٣٩ ، ٣٩٩ ، ٤٠٦

محمّد بن عبد الله صلى الله عليه وآله (رسول الله) ٥ ، ١٣ ، ١٤ ، ١٥ ، ١٦ ، ١٧ ، ١٨ ، ١٩ ، ٢٠ ، ٢١ ،

٢٢ ، ٢٣ ، ٢٦ ، ٢٧ ، ٢٨ ، ٢٩ ، ٣٠ ، ٣١ ، ٣٢ ، ٣٣ ، ٣٤ ، ٣٥ ، ٣٨ ، ٣٩ ، ٤٠ ، ٤٦ ، ٤٧ ، ٥٢ ، ٥٥ ، ٦٠ ، ٦٢ ، ٦٣ ، ٦٤ ، ٦٥ ، ٦٩ ، ٧٣ ، ٧٥ ، ٧٨ ، ٧٩ ، ٨٠ ، ٨٢ ، ٨٣ ، ٨٤ ، ٨٥ ، ٨٦ ، ٨٧ ، ٨٨ ، ٨٩ ، ٩٠ ، ٩٥ ، ١٠٢ ، ١٠٤ ، ١٠٥ ، ١١٠ ، ١١٢ ، ١١٥ ، ١١٧ ، ١١٨ ، ١١٩ ، ١٢٥ ، ١٢٦ ، ١٣٠ ، ١٣٨ ، ١٥٩ ، ١٦٥ ، ١٦٦ ، ١٧٢ ، ١٧٣ ، ١٧٤ ، ١٩٧ ، ١٩٨ ، ٢٠٢ ، ٢١٧ ، ٢١٨ ، ٢١٩ ، ٢٢٠ ، ٢٢١ ، ٢٢٢ ، ٢٢٣ ، ٢٢٤ ، ٢٢٥ ، ٢٣١ ، ٢٣٤ ، ٢٣٥ ، ٢٤٠ ، ٢٤٢ ، ٢٤٦ ، ٢٤٨ ، ٢٤٩ ، ٢٥١ ، ٢٥٣ ، ٢٥٩ ، ٢٦٧ ، ٢٨٥ ، ٢٩٢ ، ٢٩٤ ، ٢٩٥ ، ٣٠٠ ، ٣٠١ ، ٣١١ ، ٣١٢ ، ٣١٣ ، ٣١٤ ، ٣٣٩ ، ٣٤١ ، ٣٤٢ ، ٣٤٤ ، ٣٤٥ ، ٣٤٦ ، ٣٤٨ ، ٣٤٩ ، ٣٥٣ ، ٣٥٥ ، ٣٥٦ ، ٣٥٨ ،


٣٥٩، ٣٦٠ ٣٦١ ، ٣٦٣ ، ٣٦٩ ، ٣٧٠ ، ٣٧٧ ، ٣٧٩ ، ٣٨٠ ، ٣٨١ ، ٣٨٢ ، ٣٨٤ ، ٣٨٨ ، ٣٩١ ، ٣٩٦ ، ٣٩٧ ، ٣٩٨ ، ٣٩٩ ، ٤٠٠ ، ٤٠٢ ، ٤٠٥ ، ٤٠٦ ، ٤٠٧ ، ٤١٣ ، ٤١٤ ، ٤١٥ ، ٤١٦ ، ٤٢١ ، ٤٢٣ ، ٤٢٥ ،

امير المؤمنين عليه السلام ٦، ٧ ، ٨ ، ١٠ ، ١١ ، ١٤ ، ١٥ ، ١٦ ، ١٧ ، ١٨ ، ١٩ ، ٢٠ ، ٢١ ، ٢٢ ، ٢٣ ، ٢٦ ، ٣٢ ، ٣٧ ، ٣٨ ، ٣٩ ، ٤٠ ، ٤٤ ، ٤٥ ، ٤٦ ، ٤٧ ، ٥٣ ، ٥٤ ، ٥٥ ، ٥٦ ، ٥٧ ، ٦١ ، ٦٢ ، ٧٠ ، ٧٢ ، ٧٣ ، ٧٤ ، ٧٥ ، ٧٦ ، ٧٧ ، ٧٨ ، ٧٩ ، ٨٠ ، ٨١ ، ٨٢ ، ٨٣ ، ٨٥ ، ٨٦ ، ٨٧ ، ٨٨ ، ٩٠ ، ٩٢ ، ٩٣ ، ٩٥ ، ٩٦ ، ٩٨ ، ٩٩ ، ١٠٠ ، ١٠٤ ، ١٠٥ ، ١٠٧ ، ١٠٩ ، ١١٢ ، ١١٣ ، ١١٦ ، ١١٧ ، ١١٨ ، ١١٩ ، ١٢٠ ، ١٢١ ، ١٢٢ ، ١٢٤ ، ١٣٦ ، ١٤٢ ، ١٤٤ ، ١٤٥ ، ١٤٦ ، ١٤٧ ، ١٤٨ ، ١٤٩ ، ١٥٠ ، ١٥١ ، ١٥٢ ، ١٥٣ ، ١٥٧ ، ١٥٨ ، ١٥٩ ،١٦٠ ، ١٦٤ ، ١٦٥ ، ١٦٨ ، ١٦٩ ، ١٧٠ ، ١٧٢ ، ١٧٣ ، ١٧٤ ، ١٧٥ ، ١٧٧ ، ١٧٩ ، ١٨٠ ، ١٨١ ، ١٨٢ ، ١٨٣ ، ١٨٧ ، ١٨٨ ، ١٩٢ ، ١٩٣ ، ٢٠٦ ،

٢٠٧ ، ٢١١ ، ٢١٥ ، ٢١٧ ، ٢١٨ ، ٢١٩ ، ٢٢٠ ، ٢٢١ ، ٢٢٢ ، ٢٢٣ ، ٢٢٤ ، ٢٢٥ ، ٢٢٦ ، ٢٢٧ ، ٢٢٨ ، ٢٢٩ ، ٢٣٠ ، ٢٣١ ، ٢٣٢ ، ٢٣٣ ، ٢٣٤ ، ٢٣٥ ، ٢٣٦ ، ٢٣٨ ، ٢٤٠ ، ٢٤١ ، ٢٤٢ ، ٢٤٣ ، ٢٤٤ ، ٢٤٥ ، ٢٤٦ ، ٢٤٧ ، ٢٤٨ ، ٢٥١ ، ٢٥٥ ، ٢٥٨ ، ٢٦٠ ، ٢٦٣ ، ٢٦٤ ، ٢٦٥ ، ٢٦٩ ، ٢٧٠ ، ٢٧١ ، ٢٧٢ ، ٢٨٣ ، ٢٨٤ ، ٢٨٥ ، ٢٨٦ ، ٢٨٧ ، ٢٨٨ ، ٢٨٩ ، ٢٩٠ ، ٢٩١ ، ٢٩٢ ، ٢٩٣ ، ٢٩٤ ، ٢٩٥ ، ٢٩٦ ، ٢٩٧ ، ٣٠٠ ، ٣٠١ ، ٣٠٢ ، ٣٠٣ ، ٣٠٤ ، ٣٠٥ ، ٣٠٦ ، ٣٠٩ ، ٣١١ ، ٣١٢ ، ٣١٣ ، ٣١٤ ، ٣١٥ ، ٣١٧ ، ٣٣٩ ، ٣٤٠ ، ٣٤١ ، ٣٤٢ ، ٣٤٣ ، ٣٤٤ ، ٣٤٥ ، ٣٤٦ ، ٣٤٧ ، ٣٤٨ ، ٣٤٩ ، ٣٥٠ ، ٣٥٤ ، ٣٥٥ ، ٣٥٦ ، ٣٥٨ ، ٣٥٩ ، ٣٦٠ ، ٣٦١ ، ٣٦٢ ، ٣٦٤ ، ٣٦٧ ، ٣٦٨ ، ٣٦٩ ، ٣٧٤ ، ٣٧٨ ، ٣٨٧ ، ٣٨٩ ، ٣٩٢ ، ٣٩٦ ، ٣٩٨ ، ٣٩٩ ، ٤٠٠ ، ٤٠١ ، ٤٠٤ ، ٤٠٧ ، ٤٠٩ ، ٤١٠ ، ٤١١ ، ٤١٤ ، ٤١٥ ، ٤١٦ ، ٤١٨ ، ٤١٩ ، ٤٢٠ ، ٤٣٠


فاطمة الزهراء عليها السلام ٣٨١ ، ٤٠٧ ، ٤١٢ ، ٤١٥

الحسن عليه السلام ٣٥٥

الحسين عليه السلام ١٠١ ، ٣٥٥ ، ٣٤٧ ، ٣٧٩ ، ٣٩٢ ، ٣٩٢

عليّ بن الحسين زين العابدين عليه السلام ١٠١ ، ١٠٢ ، ٢٣٣ ، ٢٣٤ ، ٢٨٨ ، ٣١٤ ، ٣٤٧ ، ٣٤٨ ، ٤٢٤

محمّد بن عليّ أبو جعفر الباقر عليه السلام ٢٣ ، ٢٥ ، ٢٦ ، ١٠٢ ، ٢٣٣ ، ٣٤٤ ، ٣٤٥

جعفر بن محمّد الصادق عليه السلام ٢٥ ، ٢٦ ، ٣١ ، ٣٩ ، ٤١ ، ٤٣ ، ٤٤ ، ٦١ ، ٧٦ ، ٨٠ ، ١٦٥ ، ٢١٩ ، ٢٢١ ، ٢٢٢ ، ٢٣٤ ، ٢٣٥ ، ٢٤٢ ، ٢٧٨ ، ٢٨٥ ، ٣٠٠ ، ٣١١ ، ٤٢٣ ، ٤٢٥ ، ٤٢٧

موسى بن جعفر أبو الحسن عليه السلام ١٠٢ ، ٣٥٧ ، ٢٣٣

الرضا عليه السلام ٩٣

المهدي عليه السلام ٤١٢


فهرس الأعلام

آسية بنت مزاحم ٢١ ، ٨٢ ، ٤٥ ، ٧٤ ، ٧٧ ، ٨٥ ، ٨٧ ، ١٠٥ ، ٢٨٥ ، ٣٦٣ ، ٤٠٥ ، ٤١٣

آل حسن الموهاني الهندي ٤٢٨

آمنة بنت وهب أمّ رسول الله صلى الله عليه وآله ١٥ ، ٦٣ ، ١٠٤ ، ١١٠ ، ٢٤٠ ، ٢٤٨ ، ٣٥٩ ، ٣٦٣

إبراهيم بن إسحاق الحربي ٢٠٧ ، ٢٦٩

إبراهيم بن عليّ٧٦ ، ٢٨٥

إبليس ٩٥

ابن إسحاق المطّلبي ٢٠٣ ، ٣١٥ ، ٤٢٤

الفقيه ابن المغازلي المالكي ٢٨٨

ابن أبي حاتم ٢٠٠

ابن أبي الحديد ٩٥ ، ٢٣٢ ، ٢٨٧ ، ٢٨٨

ابن أبي الغنائم العمري النسّابة ٢٠٣

ابن أبي الفوارس ٢٠٣

ابن بابويه الإمام = محمّد بن علي القمّي الصدوق ٢٠٣ ، ٤٢٥

ابن البطريق ٧١ ، ٧٢ ، ٩٥ ، ٢٨٣ ، ٢٨٧

ابن بكّار ٢٠٥

ابن جبر ١٦١

ابن الجوزي ٢٠٢ ، ٣٠٣

ابن حِبّان ٢١١ ، ٣٠٣

ابن ١٩٨ ، ١٩٩ ، ٢٠١

ابن حجر العسقلاني ٥٤ ، ١٧١ ، ٢٠٤ ، ٢٢٨ ، ٢٦٨ ، ٢٧٤ ، ٣٠٤

ابن حمّاد ٣٦٩

ابن حنتمة ٣٨١

ابن زكرة الأزدي ٢٠٣

ابن شاذان القمّي ١٣ ، ٤٣ ، ٤٤ ، ٢٣٦ ، ٢٣٧ ، ٤٢٤ ، ٤٢٦ ، ٤٢٧

ابن شريق بن وهب ١٩٧

ابن شهر آشوب ١٣ ، ٢٥ ، ٦٣ ، ٨١ ، ٢٣٥ ، ٢٣٦ ، ٢٣٧ ، ٢٤٢ ، ٢٨٥ ، ٢٨٧ ، ٢٩٩ ، ٣١٥ ، ٤٢٣ ، ٤٢٦

ابن الشيرازيّ ٥٤ ، ٢٧٥


ابن الصبّاغ المالكي ١٠٢ ، ١٢١ ، ١٦٨ ، ٢٠٣ ، ٢٤٣ ، ٢٧٤ ، ٢٩٦

ابن الصلاح ٢٠٢

ابن الصوفي ٢٧٩

ابن طاوس الحلّي = علي بن موسى بن جعفر ١٣ ، ٦١ ، ٦٢ ، ١٧٠ ، ٢٠٣ ، ٢٣٦ ، ٢٤٢ ، ٣٠٤ ، ٤٢٥ ، ٤٢٦

ابن طلحة الشافعي ١٦٧ ، ٣٠٢

ابن العاصِ ٤٠٢

ابن عَديّ ١٦٩ ، ٣٠٣

ابن عيّاش ٦٠

ابن الفتّال النيسابوري ١٣ ، ٦٣ ، ٦٩ ، ٧٥ ، ٨٤ ، ٩٤ ، ١٨٣ ، ٢٣٣ ، ٢٣٩ ، ٢٨٤ ، ٢٨١ ، ٢٨٦ ، ٢٨٧ ، ٣١٤ ، ٣١٥ ، ٤٢٧

ابن الكلبي ١٩٦ ، ٢٧٠ ، ٢٧١

ابن اللوحيّ ١٦١ ، ٢٩٩

ابن المغازليّ الشافعيّ ١٠٢ ، ٢٠٣ ، ٢٣٣

ابن النديم ٢٠٩ ، ٢٤٢

ابن ودّ (عمرو العامري) ٣٧٧ ، ٤٠٧

ابن همّام الأسكافي ٤٢٧

ابن هند ٣٨٥

ابنة أسد = فاطمة اُمّ أمير ٣٠ ، ٣١٦

ابنة المختار ٦٢ ، ٢٣٦

ابو احمد محمّد بن عبد الوهاب ٢٠٦ ، ٢٦٩

ابو الفوارس ٩٩ ، ١٠١ ، ٢٨٨

ابو الفوارس الرازي ٢٣٧ ، ٤٢٤

ابو المعالي الفقيه المالكي ٣٤٧

ابو الوليد محمّد بن عبد الله الأزرقي ٢٠٨ ، ٢٠٩

ابو امل الربيعيّ ٤٠٨ ،

ابو البختري القاضي وهب بن وهب ٢٣ ، ٢٥

ابو بكر ١١٢ ، ١٨١ ، ١٩٧ ، ١٩٨ ، ٣٨١

ابو بكر بن أحمد بن بالعرية ٢٦٩

ابو بكر محمد بن أحمد بن بالويه ٢٠٧

ابو التحف عليّ بن محمد بن إبراهيم المصري ٩٩

ابو جرير ١٠٠

ابو جعفر بن المسلمة ٢٦٨

ابو جعفر الحسيني ٢٩٥

ابو جعفر الطوسي ٧٦


ابو جعفر محمّد بن الحسن الطوسي ٥٩

ابو جعفر محمّد بن أمير الحاج الحسينيّ ١١٨

ابو جعفر محمّد بن حبيب بن اُميّة البغدادي ١٩٥

ابو جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه ٩٥

ابو جعفر ميثم التمّار ٩٨ ، ٩٩ ، ١٠٠ ، ٢٣٧ ، ٢٨٨ ، ٤٢٤

ابو حاتم الرازي ٢١١

ابو حاتم محمد بن إدريس الرازي ٢٠٩

ابو الحارث عبد المطلب بن هاشم ٢٦

ابو حبيبة ٧٦ ، ٢٨٤

ابو الحسن ٧٣ ، ٢٤٥ ، ٢٨٢

ابو الحسن أحمد بن عبد الله بن محمد البكري ٤٢٧

ابو الحسن الشريف العامليّ ١٦٧

ابو الحسن علاء الدين علي بن الحسين الحلّي ، المعروف بابن الشفهية ٢٤٩

ابو الحسن عليّ بن الحسين بن عليّ الهُذلي = المسعوديّ ١٠٩ ، ٢٤٠

ابو الحسن القمي ، محمد بن أحمد بن علي بن شاذان ٩

ابو الحسن الكلابي الكوفي (ابن عثام) ٢٠٦

ابو الحسنن محمّد بن الحسين الموسوي = الشريف الرضي ١٨٦ ، ٢٣٨

ابو الحسن محمّد بن أحمد بن الحسن بن شاذان ٧٦ ، ٢٨٤

ابو الحسين سعيد بن هبة الله ١٨٧

ابو حمزة الثمالي ٢٣٣ ، ٣١٤ ، ٤٢٤

ابو داود البناكتي ٧٦ ، ١١٦ ، ١٢١ ، ١٧٣ ، ٢٨٥ ، ٣٠٥

ابو الزبير ١٠٤ ، ٤٢٥

ابو زرعة ٢٠٠ ، ٢١١

ابو زكريا ابن أبي ثابت الأعرج المديني ٢١٠

ابو سعد بن الفضل بن الربيع بن مدركة بن نجبة بن الصلت بن الحارث بن الأشعث بن السمعمع ٩٩

ابو سعيد الحسن بن الحسين السكري ١٩٥ ، ١٩٦ ، ١٩٧ ، ١٩٨ ، ٢٧١

ابو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب ٢٩

ابو سلمة بن عبد الأسد ٢٩


ابو صالح النباطيّ النجفي ٢٨٩

ابو طالب المخلّص ٢٦٩

ابو طالب بن عبد المطلّب والد أمير المؤمنين ١٥ ، ١٦ ، ١٧ ، ١٨ ، ١٩ ، ٢٠ ، ٢١ ، ٢٢ ، ٢٧ ، ٢٨ ، ٢٩ ، ٣١ ، ٣٤ ، ٣٩ ، ٤٦ ، ٤٧ ، ٧٣ ، ٧٨ ، ٧٩ ، ٨٠ ، ٨١ ، ٨٢ ، ٨٣ ، ٨٥ ، ٨٧ ، ٨٨ ، ٩٠ ، ١٠٢ ، ١٠٣ ، ١٠٤ ، ١٠٥ ، ١١٤ ، ١١٦ ، ١١٧ ، ١٦٤ ، ١٧٢ ، ١٧٣ ، ٢١٧ ، ٢١٩ ، ٢٣٣ ، ٢٣٤ ، ٢٤٦ ، ٢٥٤ ، ٢٩٣ ، ٢٩٤ ، ٣١١ ، ٣١٢ ، ٣١٣ ، ٣١٤ ، ٣١٥ ، ٣١٦ ، ٣٤٠ ، ٣٤٢ ، ٣٤٤ ، ٣٤٥ ، ٣٤٦ ، ٣٤٧ ، ٣٤٨ ، ٣٥١ ، ٣٥٢ ، ٣٥٣ ، ٣٥٥ ، ٣٦٠ ، ٣٦١ ، ٣٦٢ ، ٣٦٦ ، ٣٦٧ ، ٣٦٨ ، ٣٨٦ ، ٣٨٧ ، ٤٠٦

ابو طالب ، يحيى بن عليّ بن محمّد البيّع ١٠٢

ابو طاهر محمّد بن علي بن محمد بن عبد الله البغدادي ١٠٢

ابو طاهر يحيى بن الحسن العلوي ١٠٢

ابو العباس القرطبي ٢٠١

ابو عبد العزيز ، ولي الله بن مولوي عبد الرحيم الدهلوي الهندي الحنفي ٥٣

ابو عبد الله الراضي ٢٨٩

ابو عبد الله الشافعي الكنجي الحافظ ٢٨٨

ابو عبد الله بن خالد الكاتب ١٠٢

ابو عبد الله محمّد بن علي بن شهر آشوب السروي المازندراني ١٨٨

ابو عبد الله محمّد بن محمّد بن النعمان البغدادي ، المعروف بالمفيد ١٨٣ ، ٢٣٨

ابو عبد الله محمّد بن يوسف بن محمّد القرشي الشافعي الكنجيّ الحافظ ١٠٣

ابو عبد الله يحيى ٢٦٨

ابو عبيدة بن الجرّاح ١٩٧

ابو العلاء الحسن بن أحمد بن الحسن العطّار الهمداني ٨ ، ١٣ ، ١٠٤

ابو العلاء الحسن بن أحمد بن يحيى الأزدي العطّار ٤٢٦

ابو العلاء الهمداني ١٣

ابو علي الرجالي ١٦٦ ، ٣٠١

ابو عليّ الفضل بن الحسن الطبرسي ١٨٥


ابو غالب بن الحسن ٢٦٨

ابو الفتح المغازلي ١٠٠

ابو الفتح محمّد بن عليّ بن عثمان الكراچكي ٩٦

ابو الفتوح أسعد بن أبي الفضائل بن خلف ٣٤٨

ابو فراس الحمداني ٢٩٥

ابو الفرج ابن الجوزي ٢٢٧

ابو الفضل الأسكافي ٣٦٨

ابو الفضل الحسن بن يعقوب ٢٠٦ ، ٢٦٩

ابو كرز ٣٦

ابو محمّد الديلمي ٣٠٠

ابو مخنف = لوط بن يحيى الأزدي الكوفي الغامدي الخزاعي ٤٢٨

ابو منصور ، الحسن بن يوسف بن عليّ بن المطهّر ، العلّامة الحلّي ٦٩

ابو نصر البخاري ١٠٧

ابو نعيم الحافظ ١٦٩ ، ٣٠٣

احمد مختار افندى ٣٣٤

الأربليّ ٧٤ ، ١٠١ ، ٢٨١

الأزرقي ٢١١ ، ٢١٢ ، ٢٢٨ ، ٢٧١ ، ٢٧٢

إسلام الموسوي ٣٥٧

إسماعيل الميرزا الشيرازي ١٢٨ ، ٢٥٣

الأشعث بن مرّة ٩٩

شيخ الشريعة الأصفهاني ٢٦٣

الأعرج ٢١١

الأعرجي ٣٠١

الأفتوني ١٢٣ ، ٢٩٨

آقا بزرك الطهراني الرازي ١١٤

آقا مهدي الكنهوى ٤٢٩

الأميني ١٢٥

الچلبي ١١٤

شيخ الإسلام الحافظ المحدّث إبراهيم بن محمّد الجويني الشافعي ١٨٦

الروح الأمين ١٤٧

شيخ الإسلام الزنوزيّ ٢٩٥

السيّد الحميري ٥٨ ، ٢٧٧

السيّد الشريف المرتضى ٢٣٧ ، ٤٢٤

السيّد عباس الحسيني الملقّب (بالجوهري) وتخلّصه الشعري (ذاكر) ١٥٣

الفيروزآبادي ٣٦٦

القاضي التستري ١٣٤

القاضي أبو البختري وهب بن وهب بن كثير بن عبد الله بن زمعة بن الأسود بن المطلّب القرشي المدني البغدادي ٢٤٢

السيّد المرتضى علم الهدى ٩٩


النائيني ٢٦٤

الآلوسيّ ٥٥ ، ٥٧ ، ١٢٠ ، ١٢١ ، ١٦١ ، ١٦٧ ، ٢٤٣ ، ٢٤٧ ، ٢٨٨ ، ٢٩٢ ، ٢٩٦ ، ٢٩٧ ، ٢٩٩ ، ٣٠١ ، ٣٥٩

شيخ الطائفة الإمام الأنصاري ١٢٦

اُمّ حكيم بن حزام ٧ ، ٥٣ ، ١٧٧ ، ١٩٤ ، ٢٠٤ ، ٢٣٠ ، ٢٦٩ ، ٢٧١

امّ عمارة بنت عُبادة بن ... العَجْلان الساعدي ١٠٢ ، ٢٣٣ ، ٣٤٧ ، ٤٢٣

الآملي = حيدر بن عليّ الحسيني العُبيدلي الآملي

امّ موسى ٢١ ، ٨٢ ، ٨٥ ، ٢٨٥ ، ٤١٣

ام ولد قصيّ ٣٢

ام هاني ٣١

الأميني ١٢٥ ، ٢٦٥ ، ٣٤٨

الأنطاكي ٢٩٤

اهلي الشيرازي ١٣٣

أبرويز بن هرمز ١١١

الفقيه أبو الحسين سعيد بن عبد الله بن الحسين بن هبة الله ، المعروف بالقطب الراوندي ٢٣٩

شيخ الطائفة أبو جعفر محمّد بن الحسن الطوسي ٧٠ ، ٩٤ ، ٢٠٣ ، ٢٣٩ ، ٢٧٨

النسّابة أبو عبد الله ، جعفر بن محمد بن جعفر بن الراضي ١٠٧

شيخ أبي جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي الصدوق ٢٤٢

شيخ أبي نعيم ٤٢٥

أحمد الحسيني ٣٣٩

أحمد الغفاري القزويني ٢٩٣

أحمد بن الحسن الحرّ العاملي ٩٣ ، ١١٩ ، ٢٨٦

أحمد بن الفضل بن محمّد باكثير الحضرمي الشافعي صفي الدين ٢٤٦

أحمد بن جعفر بن محمّد بن سَلم الختّلي ١٠٢

أحمد بن حنبل ١٨١ ، ٢٠٢

أحمد بن سليمان الطوسي ٢٦٩

أحمد بن عمر الربيعي ٧٦ ، ٢٨٥

أحمد بن محمد بن إسماعيل الفارسي الامام ركن الدين ١٠٤ ، ٤٢٥

أحمد بن محمّد بن أيّوب ٧٦ ، ٢٨٤

أحمد بن منصور الكازروني ١٧٠ ، ٣٠٤

أحمد بن يحيى البلاذري ٢١٩

أحمد پاكتچي الدكتور ٨ ، ٩ ، ٣٠٩


أحمد والد النجاشي ٤٢٥

الأربليّ ٦٩ ، ٧٠ ، ١٨٣

أسعد ٩٩

أمين الإسلام المفسّر أبو علي الفضل بن الحسن الطبرسي ٢٣٩

أنس بن مالك ٤٤ ، ٧٦ ، ٨٠ ، ٢٣٦ ، ٢٨٥

بحر العلوم آية الله ١١٨ ، ١١٩ ، ٢٩٥

البخاري ٢٠٩ ، ٢١٠ ، ٢٧٢

بدر بن محمد الحسني ٤٢٥

البروجردي الطباطبائي = حسين بن عليّ ١١٨

برهان الدين الحلبيّ ١٦٨ ، ٣٠٢

البُستي ٣٤٠

بقطب الدين الراوندي ١٨٧

البناكتي ٢٩٣

بولس سلامة ١٥٩ ، ٢٦٠

بهاء الدين العاملي ١٦٣ ، ٢٩٩

بهاء الدين ، أبو الحسن ، عليّ بن عيسى البياضيّ ٧١

تاج الدين بن علي بن أحمد الحسيني العاملي ٣٣٩

تقي الدين إبراهيم بن عليّ العاملي الكفعمي ٢٤٠

ثابت بن دينار ٧٦

ثقة الإسلام النوريّ ٦٦ ، ٢٨٠

جابر بن عبد الله الأنصاري ٦ ، ١١ ، ١٣ ، ١٤ ، ١٥ ، ١٦ ، ١٧ ، ١٨ ، ٢٢ ، ٨١ ، ١٠٤ ، ٢٣٦ ، ٢٨٥ ، ٢٨٨ ، ٣٤٩ ، ٣٦١ ، ٤٢١ ، ٤٢٣ ، ٤٢٥

جبّار بن زين العابدين الشكوئي ٩٢

جبرئيل ٣٣ ، ٦٥ ، ٨٥ ، ١٤٦ ، ١٥١ ، ١٩٠ ، ٢٤٩ ، ٣٧٧ ، ٣٨٠ ، ٤٠٧ ، ٤١٦

جعفر ٣١٤

جعفر الأعرجيّ ٣٥٠

جعفر الطيّار ١٣٤

جعفر النقدي ٢٥٥ ، ١٥٤

جلال الدين عبد الله بن شرفشاه الحسيني ١٨٤

جمال الدين الداودي الحسيني ٢٨٩

جمال الدين أبو الحجّاج يوسف المزّي ٢٠٥

جمال الدين أبو الفرج ابن الجوزي ٢٠٥

آية الله جمال الدين أبو منصور الحسن بن يوسف بن المطهّر الحلي ٧٥ ، ٩٤ ، ١٨٤ ، ٢٣٨ ، ٢٨١ ، ٢٨٧ ، ٢٣٩


جمال الدين ، أحمد بن عليّ بن الحسين ابن عليّ بن مهنا بن عِنَبَة الأصغر الداوديّ الحسني النسّابة ١٠٧

جمال الدين أحمد بن علي بن الحسين الحسيني ، المعروف بابن عِنَبة ١٨٤ ، ٢٤١

جودت كاظم القزويني ٣٤٩

شيخ الإسلام الجويني ٢٠٣ ، ٢٤٣

الچلبي ٢٧٤

الحارث بن هشام بن المغيرة ١٩٦

الحافظ ابن شهر آشوب المازندراني ٢٨٢

الحافظ ابو العلاء العطار الحسن بن أحمد بن أحمد بن محمد بن سهل بن سلمة الهمداني ٤٢٥

الحافظ الفقيه محمّد بن علي القفال الشاشي الشافعي ٢٤٤

الحافظ الكنجي فخر الدين الشافعي محمّد بن يوسف ١٣ ، ٥٤ ، ٥٥ ، ١٠٥ ، ١٦٧ ، ١٨٣ ، ٢٠٣ ، ٢٤٤ ، ٢٤٥ ، ٢٧٣ ، ٢٧٤ ، ٣٠١ ، ٣٤٨

الحافظ المحدّث إبراهيم بن محمّد الجويني الشافعي ٢٤٥

الحافظ أَبو عبد الله ، محمّد بن عبد الله ، الحاكم النيسابوري ٥٢

الحافظ أبو عبد الله محمّد بن محمود النجار ٥٤ ، ٢٤٤ ، ٢٧٥

الحافظ أبو عبد الله محمد بن يحيى بن أبي عمر العدني ٢١٠

الحافظ أبو عبد الله محمد بن يوسف بن محمد القرشي الكنجيّ الشافعيّ ٥٤ ، ١٨٣ ، ٢٤٤ ، ٢٤٥

الحافظ أبو موسى المديني ٢٠٢

حافظ أبي العلا الحسن بن أحمد بن الحسن ابن أحمد بن محمّد العطار الهمداني المقرئ ٢٤٣

الحافظ أحمد بن علي السليماني ٢٠٤ ، ٢٦٨

الحافظ رشيد الدين أبو عبد الله محمّد بن علي بن شهر آشوب السروي المازندراني ٢٣٩

الحافظ شمس الدين أبو الحسن يحيى بن الحسن الأسدي الحلّي الربعي ، المعروف بابن البطريق ٢٣٩ ، ١٨٣

الحافظ عبد الله بن المبارك ٢١١


الحافظ محمّد بن معتمدخان البدخشاني الحارثي ١٨٥

الحافظ نور الدين عليّ بن محمد بن الصبّاغ المكّي المالكي ١٨٥ ، ٢٤٥

الحافظ يحيى بن سعيد القطّان ٢١١

الحاكم أبو عبد الله محمّد بن عبد الله الحافظ النيسابوري ٥٣ ، ٥٤ ، ٥٥ ، ٩٥ ، ١٠٩ ، ١١١ ، ١٢١ ، ١٦٧ ، ١٧٥ ، ١٨٣ ، ٢٠١ ، ٢٠٣ ، ٢٠٦ ، ٢٠٧ ، ٢٠٨ ، ٢٢٨ ، ٢٣١ ، ٢٤٣ ، ٢٤٤ ، ٢٤٥ ، ٢٧٠ ، ٢٧٤ ، ٢٧٥ ، ٢٨٧ ، ٢٨٨ ، ٢٩١ ، ٢٩٢ ، ٢٩٦ ، ٣٠١ ، ٣٠٣ ، ٣٠٦ ، ٣٠٧ ، ٣٤٣ ، ٣٤٤

حبيب آل إبراهيم المهاجر العامليّ ٤٢٨

الميرزا حبيب ابن الميرزا هاشم ابن الميرزا مهدي الشهيد الخراسانيّ ١٣٠

الميرزا حبيب الله الخوئي ٦٤

حبيب الله الموسوي الخوئي ٣٠٠

الحجّاج بن المنهال ١٠٤

حجّاج بن المنهال ٤٢٥

الحرّ العاملي ٩١ ، ١٢٣ ، ٢٨٦ ، ٢٩٨

حزام ٢٦٧

حسن الصدر ٢٦٤

حسن أخوان ٤١٧ ، ٤١٩

الحسن بن أبي الحسن محمّد الديلمي أبو محمد ٧٥ ، ١٦٤ ، ١٨٤ ، ٢٣٩ ، ٢٨٤

الحسن بن علي العدوي ٤٢٥

الحسن بن عليّ بن الحسن عبد الملك القمّي ١١٢ ، ٢٤٠

الحسن بن عمران ٤٢٥

الحسن بن محبوب ٨٠

الحسن بن محمّد العلويّ ٢٤٢

الحسن بن محمّد بن الحسن القمي ١١٢ ، ٢٤٠

الحسن بن محمّد بن أحمد العلوي ٤٢٦

حسن بن محمود الأمين ١٩٢ ، ٢٥٤

الحسن بن مروان بن عمران الغنوي ١٠٤

حسيبه مازى اوغلو ٤١٨

حسين الفقيه ٣٥٥

حسين الكاشفي ١١٦

حسين بن شمس الحسيني ٧١ ، ٢٥٠

حسين بن عبد الوهّاب ٩٩ ، ٢٣٧ ، ٤٢٤

حسين بن محمّد بن علي بن محمد التقيّ بن بهاء الدين الفتوني الهمداني الآملي الحائري ١٢٦ ، ٢٥٢

الحسين بن يزيد ٧٦


حسين نجف التبريزي النجفي ١٩١ ، ٢٥١

الحسيني ٢٨٢

الحسين الآملي ٢٧٦

الحكيم الفارسيّ ١١٥

حكيم بن حزام بن خويلد بن أسد بن عبد العزّى بن قصي بن كلاب بن مرّة ٧ ، ٥٢ ، ٥٥ ، ٧٢ ، ٧٣ ، ٩٥ ، ٩٦ ، ١٠٩ ، ١١٠ ، ١١٢ ، ١٢٠ ، ١٢١ ، ١٢٢ ، ١٦٩ ، ١٧٤ ، ١٧٥ ، ١٨٠ ، ١٨٢ ، ١٩٤ ، ١٩٥ ، ١٩٦ ، ١٩٩ ، ٢٠١ ، ٢٠٢ ، ٢٠٤ ، ٢٠٦ ، ٢٠٧ ، ٢٠٨ ، ٢٢٦ ، ٢٢٧ ، ٢٢٩ ، ٢٣٠ ، ٢٣١ ، ٢٣٢ ، ٢٤٦ ، ٢٦٦ ، ٢٦٧ ، ٢٦٩ ، ٢٧٠ ، ٢٧١ ، ٢٧٢ ، ٢٧٣ ، ٢٧٥ ، ٢٨٢ ، ٢٨٧ ، ٢٩٠ ، ٢٩١ ، ٢٩٢ ، ٢٩٥ ، ٢٩٦ ، ٢٩٧ ، ٣٠٢ ، ٣٠٣ ، ٣٠٦ ، ٣٠٧ ، ٣٤٢ ، ٤٣٠

حكيم محمّد فضولى ٤١٨

الحلبيّ ١١٩ ، ٢٩٥

حمد الله المستوفي ١٦٧ ، ٢٩٢ ، ٣٠٢

حمزة بن عبد المطلب ٤٦ ، ٧٩ ، ٩٠ ، ١٩٧ ، ٢١٩

الحموي ١٩٥

حُميد بن أحمد المحلّي الشهيد ٣٤١

حُميراءُ ٣٨٥

حوّاء ٢٠ ، ٢١ ، ٣٣ ، ٨٢ ، ٨٥ ، ١٠٥ ، ٢٨٥ ، ٣٦٣ ، ٣٧٢ ، ٤٠٥ ، ٤١٣

حيدر الحسني الحسيني الكاظمي ١٦٥ ، ٣٠٠

حيدر الحلّي ٣٩٨

حيدر أبو تراب ٩٨

حيدر بن عليّ الحسيني العُبيدلي الآملي ٥٥ ، ١٦١ ، ١٨٨ ، ٢٣٩ ، ٢٩٩

حيدر بن محمد الحسيني كمال الدين ١٣

خديجة بنت خويلد ٣٢ ، ٣٩ ، ٤٠ ، ٥٢ ، ٧٣ ، ١٩٨ ، ٢٢٧ ، ٢٤٦ ، ٢٦٦

خضر بن شلال آل خدام العفكاوي النجفي ١٦٣ ، ٣٠٠ ،

الخطيب البغدادي ٢٥ ، ١٩٩ ، ٢٤٢ ، ٤٢٦

الخوانساري ١٢٤

خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب بن مرّة ٢٦٦

الدارقطني ١٩٤

الداوديّ ١٠٧


دلدار عليّ ٤٣٠

الدهلويّ ١٢٢ ، ١٦٧ ، ٢٤٣ ، ٢٩٧ ، ٣٠٢

الدياربكري ١٢٢ ، ١٢٣ ، ٢٣٢ ، ٢٩٧ ، ٢٩٨

الديلمي ٢٣٨

الذهبي ٢٠٨ ، ٢٢٨ ، ٢٧١

الرازي ٢١١ ، ٢٧٢

رشيد الدين محمّد بن عليّ بن شهر آشوب السّرويّ المازندراني ٧٠ ، ٩٤

رضا بن محمد الرشتي = (محزون) ١٢٧

السيد رضا بن محمد الهندي النجفي ١٣٥ ، ٢٢٦ ، ٢٥٤ ، ٢٧٦

رضا قلي خان هدايت ١١٤ ، ١٣٢

الرضيّ ٩٤ ، ٢٨٧

رضيّ الدين عليّ بن موسى بن طاوس الحلّي ٦١ ، ١٧٠ ، ٢٣٩

رَوح بن صلاح ١٦٩ ، ٣٠٣

روكس بن زائد العزيزي ٣٥٤

الزبير ٣٥١

الزبير بن بكّار ٢٠٤ ، ٢٢٧ ، ٢٦٨ ، ٢٦٩

الزَرَنْدي الحنفي = محمّد بن يوسف بن الحسن ، الحنفي المدني الزرندي جمال الدين ٣٤٦ ، ٣٤٧

زكريا بن يحيى ٧٦ ، ٢٨٥

الزنجي عبد العزيز بن عبد الصمد ١٠٥

الزُهْري ٤٤ ، ٧٦ ، ١٨٢ ، ٢٨٤

زيدة بنت قُريبة بن العجلان ١٠١ ، ٢٣٣ ، ٣٤٧

زين الدين علي بن يوسف بن جبر ٣٣٩

زين العابدين الشيرواني ١٩٠

زين العابدين بن إسكندر الشرواني ١١٥ ، ١٣٦

سارة زوجة إبراهيم ٧ ، ٨٥ ، ١٠٥

سامي الغريري ٣٤٦

السبط ابن الجوزي ٣٠٢ ، ٣٠٤

سبط ابن الجوزي ٢٠٣

سجّاد صاحب بنگلور ايس ايم ٤٣٠

سديد الدين شاذان بن جبرئيل القمي ١٣

سراج الدين ، محمد بن الحسن بن عيسى القرشيّ التيميّ العدويّ الأموي اليماني الدرشن خاني ، ويعرف بالشيخ (فداحسين) الهندي ١٣٤

السرخسي ١٢٣ ، ٢٨٠ ، ٢٩٨

سردار علي ٤٢٩


سعد الدين المسوري ٣٤١

سعيد بن الأخنس ١٩٧

سعيد بن جبير ٧٦

سفيان بن عييننة ٧٦ ، ٢٨٤

السكّري ١٩٥ ، ١٩٩ ، ٢٠١

السلطان محمد بن تاج الدين حسن ٦٧ ، ٢٨١

سلمة بن الفضل ٣١٥

سليمان جلال الدين ٩ ، ٣١٧ ، ٤٣٠

النعماني ١٩٤

السمهودي ١٦٨ ، ٣٠٢

سهل بن أحمد ٧٦ ، ٢٨٥

سيّد الرياض ١٦٣

شاذان بن العلاء ١٠٤ ، ٤٢٥ ، ٤٢٧

الشافعي ٢٠١

شاكر شبع النجفي ٩ ، ٥٢ ، ١٧٧ ، ٢٢٨ ، ٢٧٢

الشاه عبّاس الصفوي ١٦٣

شاه محمد حسن الجشتيّ ١٧٣ ، ٣٠٥

شاه ولي الله أحمد بن عبد الرحيم المحدّث الدهلوي ٥٣ ، ٢٧٤

الشبلنجي الشافعي ٣٠٢

شرف الدين أبو محمّد ، عمر بن محمّد بن عبد الواحد الموصلي ٣٤٥

الشروانيّ ٢٩٣

الشريف ٥٦

الشريف الشيرواني ١٦٣

الشريف الشيرواني ٣٠٠

الشريف المرتضى ٥٨ ، ٢٧٧

الشريف نجم الدين أبو الحسن علي بن محمد العلوي النسّابة العمري ١٨٧

شعبة ٧٦ ، ٨٠ ، ٢٨٥

الشعيري ٤٢٥

الشفهينيّ عليّ بن الحسين الحلّي ابو الحسن علاء الدين ٦٥ ، ١٢٣ ، ١٩٠ ، ٢٨٠ ، ٢٩٨

شقادة بن الأصيد العطّار البغدادي ٩٩

الشكوني ٢٨٦

شمس الدين السخاوي ٢٠٩

شمس الدين ، أبو الحسين ، يحيى بن الحسن بن الحسين بن عليّ بن محمّد = ابن البطريق الحلّي ٧٠ ، ١٠٢

شمس الدين أبو المظفر يوسف بن قزأُوغلي الشهير بسبط ابن الجوزي ١٦٨ ، ٢٤٤


شمس الدين محمّد بن أحمد الذهبي ٢٠٥

شميم الحسن صاحب قبله ٤٢٩

الشونيزي ١٠٢

شهاب الدين ابن حجر العسقلاني ٢٠٦

شهاب الدين أبو الثناء السيّد محمود الآلوسي ٥٤ ، ٢٠٣ ، ٢٢٤ ، ٢٤٧ ، ٢٧٥

شهريار بن كسرى ابرويز بن هرمز ٩٣

شيبة ٣٧٧

شيث ٨٩

الشيخ حسين نجف ١٢٣

الشيرازي ٢٦٤

شيرين ٩٣

الشيْطَان ٢٣٠

الصاحب إسماعيل بن عبّاد ٢٤٠ ، ٣٤٣

صاحب بن عباد ١١٢

صادق بن باقر بن المتطبّب الميرزا خليل الرازيّ النجفيّ ١٥٥

الميرزا صالح الحسيني الشهير بالقزويني ٣٤٩

شيخ صالح بن دَرْويْش الزينيّ التميمي الكاظميّ ٢٥٢ ، ٣٧٠

صبوحي ٣٦٣ ، ٣٦٤

صدر الدين أحمد البردوانيّ ١٧٣ ، ٣٠٥

الصدوق أبو جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن موسى بن بابويه القمّي ٨ ، ١٣ ، ٦١ ، ٧٦ ، ٩٤ ، ٩٩ ، ١٦٥ ، ٢٨٤ ، ٢٨٧ ، ٣٠٠ ، ٤٢٣

شيخ الصدوق ، محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه القمي ١٣ ، ٤٢٦

الصفّار ٥٤ ، ٢٧٥

الصفوريّ الشافعيّ ١٢١ ، ١٦٧ ، ٢٩٦ ، ٣٠٢

العلّامة صفي الدين أحمد بن الفضل بن محمّد باكثير الحضرمي الشافعي ١٨٨

صنيع الدولة ١٣١

ضياء العالمين ٢٨١

طالب ٣١ ، ٢١٩

الطاهر بن عبد الحميد بن موسى بن عليّ بن محمد بن معتوق بن عبد الحميد العامليّ النباطيّ الأصبهاني ّ ٦٨

الطباطبائيّ ٣٤٨

الطبرسي ٢٧٧

العلّامة الطبرسي الآملي ٢٨٢


الطبري ٢٣٧ ، ٤٢٣ ، ٤٢٤

الطوسي ٢٥ ، ٤٣ ، ٢٣٤ ، ٢٣٦ ، ٢٣٧ ، ٢٤٢ ، ٢٨٤ ، ٢٨٧ ، ٣١٤ ، ٤٢٣ ، ٤٢٤ ، ٤٢٦ ، ٤٢٧

عائشة بنت أبي بكر بن أبي قحافة ٤٤ ، ٥٤ ، ٧٦ ، ٢٣٦ ، ٢٧٥ ، ٢٨٤ ، ٤٢٣ ، ٤٢٧

عامر بن صالح الزبيري ٢٠٤ ، ٢٠٥ ، ٢٦٨

العلّامة العاملي ٢٨٢

العاملي الأصبهاني ٢٨١

عبّاد الرهبان ٢٧

عبّاس ٩٨

عباس الموسوي المكّي ٢٩٩

العباس بن عبد المطّلب ٣٩ ، ٤٤ ، ٧٤ ، ٧٦ ، ٧٧ ، ٨٠ ، ٩٠ ، ١١٤ ، ٢١٩ ، ٢٣٤ ، ٢٣٥ ، ٢٣٦ ، ٢٨٣ ، ٢٨٥ ، ٤٢٣ ، ٤٢٧

عباس بن عليّ بن نور الدين الموسوي الحسيني المكي ١٦٣

عباس محمود العقاد ٢٦٦ ، ٣٥٠

عبد الباقي أفندي الموصليّ العمريّ ١١٣ ، ١٦٧ ، ٢٢٤ ، ٢٤٧ ، ٣٥٩ ، ٣٠٢ ، ٣٧٢

عبد الجواد الكليدار آل طعمة الدكتور ١٠٧

عبد الحقّ بن سيف الدين المحدّث الدهلوي ١٧٢ ، ٣٠٥

عبد الحميد خان الدهلوي ١١٢ ، ٢٩٢

عبد الخالق بن عبد الرحيم اليزدي ١٦٢

عبد الرحمن الجامي ١٣٦ ، ١٦٧ ، ١٧١ ، ١٧٢ ، ٣٠٢ ، ٣٠٥

عبد الرحمن الصفوري الشافعي ٧٣ ، ٢٢٩ ، ٢٤٥ ، ٢٨٣

عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي ٢١٠

عبد الرحمن بن ملجم ٢٠

عبد الرحيم المبارك ٣٤٧

عبدد الرزاق ١٨٢

عبد العزّى ٤٤ ، ٧٤ ، ٧٦ ، ٢٣٤ ، ٢٨٣ ، ٢٨٥ ،

عبد العزيز الدهلوي ٥٣ ، ٢٤٧ ، ٢٧٤

عبد العزيز الطباطبائيّ ٣٤٨

عبد العزيز بن عبد الصمد البصري ١٠٤ ، ٤٢٥

عبد العزيز بن عمران بن عبد العزيز بن عمر بن عبد الرحمن بن عوف الزهري المدني الأعرج ، المعروف بابن أبي ثابت ٢٠٨ ، ٢١٠ ، ٢١١ ، ٢٧١ ، ٢٧٢


عبد العزيز محمّد بن الحسن الحسيني السريجي الأوالي ٢٤٩

العلّامة عبد العظيم الربيعي ٤٠٤

عبد الفتّاح عبد المقصود ٣٥١

عبد الكريم الحائري ٢٦٤

عبد الله ١٥

عبد الله بن السائب المخزومي ١٩٧

عبد الله بن أبي سليمان ٢٠٨ ، ٢٣٠ ، ٢٧١

عبد الله بن أحمد بن حنبل ٢٠٢ ، ٢١٠

عبد الله بن حسن بن عبد الله الستري ٤٢٨

عبد الله بن سلمة الصحي ٩٩

عبد الله بن محمد ٧٦ ، ٢٨٤

عبد المسيح الأنطاكي ١١٦ ، ٢١٧ ، ٢٥٤ ، ٢٩٣

عبد المطلب ١٥ ، ٢٨ ، ٤٠ ، ٣٤١ ، ٣٤٩ ، ٣٥١ ، ٣٩٧

عبد الملك ١١٤

عبد المنعم بن الطيّب القدوري ٩٩

عبد النبي الجزائري ١٦٦ ، ٣٠١

العبدرين ٣٧٧

عبد مناف بن عبد المطلب بن هاشم ١٥ ، ٣١٦ ، ٣٧٣ ، ٣٤١ ، ٣٤٦ ، ٣٤٩ ، ٤١٤

عتاب بن اٌسيد الأموي ٦٠ ، ٢٣٧ ، ٣١٤ ، ٤٢٤

عُتبةَ ٣٧٧

عثمان بن أبي العاص ١٨١ ، ١٨٢ ، ٣٨١ ، ٣٨٤ ، ٣٨٥

عثمان بن أحمد ابن السماك ٤٢٧

عثمان شمس افندي ٣٣٥

عزرائيل ٣٨٠

عُزَيرٌ ١٢٩

العسقلاني ٣٠٣

عقيل ٣١ ، ٢١٩

علّامة الحلّي ٢٨٤

العلّامة الشنقيطي ٣٠٦

العلاء بن وَهب بن قيس ٩٩

علم الهدى علي بن الحسين الموسوي المعروف بالشريف المرتضى ٢٣٨

الميرزا عليّ آقا ابن الشيرازي ٢٦٣

عليّ الحزين ١٢٤

علي الخوئي النجفي بن علي رضا ٤٢٠

شيخ عليّ القاري ١٧٤ ، ٣٠٦


عليّ الملقب بالرئيس الخراساني ١٥٧

السيد علي أشرف ٣٤٧

علي أصغر البروجردي ١٦٦ ، ٣٠١

عليّ بن الحسين الأصفهانيّ ٢١٩

علي بن الحيسن الموسوي المعروف بالشريف المرتضى ١٨٦

عليّ بن الحسين بن حبّان ٢١٠

عليّ بن المعتضد ٣٦٩

عليّ بن أحمد بن موسى الدّقاق ٧٦

علي بن برهان الدين الحلبي الشافعي ١٨٦ ، ٢٣١ ، ٢٤٥ ، ٢٤٦

عليّ بن عثّام العامري ٢٠٦ ، ٢٧١

عليّ بن عيسى الأربليّ الوزير بهاء الدين أبو الحسن ٢٣٩ ، ٢٨٣

علي بن غنام العامري ٢٦٩

عليّ بن محمّد بن يونس البياضيّ العاملي ٧٠ ، ٢٤٠ ، ٢٥٠

عليّ بن يوسف بن منصور ، النجفيّ ٧١

علي جلال الحسيني المصري ١١٣ ، ٢٩٣

السيّد علي جلال الدين الحسيني ١١٤ ، ١٦٧ ، ٣٠٢

السيد عليّ خان المدني الشيرازي ١٦٦ ، ١٦٨ ، ٣٠١ ، ٣٠٢

على كرباسي زاده اصفهانى ٣٦٩

علي موسى الكعبي ٩ ، ٢١٥

علي تفي الحيدري ٤٣١

السيّد علي نقي النقوي اللكهنوي ١٣٦ ، ١٩٢ ، ٢٤٣ ، ٢٥٦ ، ٤٢٩

عماد الدين ، الحسن بن عليّ بن محمّد بن الحسن ، الطبرسيّ الآمليّ ٧١ ، ٢٠٣

عمر ١٨١ ، ١٩٧ ، ١٩٨ ، ١٩٩

عمرانِ ٤٠٥

عمر بن الحسن القاضي ٧٦ ، ٢٨٤

عمر بن الخطّاب ١١٢

عمر بن أبي بكر المؤملي ٢٠٤ ، ٢٦٨

عمر بن أحمد بن روح الساجي ١٠٢

عمر بن عثمان ٣١٤ ، ٣١٥

العلّامة عمر بن محمد بن عبد الواحد ١٨٧

عمرو بن العاص ١٩٧ ، ١٩٨

عمرو بن حزم ٧٣

عمروَ بن ودّ العامري ٣٧٨

العمريّ١٠٧ ، ٢٧٥ ، ٢٨٩


النسّابة العميدي ١٠٧

غلام علي أزاد الحسيني الواسطي البلگرامي ١٥٨

فاختة بنت زهير بن الحارث بن أسد بن عبد العزى ٣١ ، ٢٠٧ ، ٢٠٨ ، ٢٣٠ ، ٢٣١ ، ٢٦٩ ، ٢٧١

فاروق بن عبد الكبير الخطابي البصري ١٠٤ ، ٤٢٥

فاطمه بنت اسد بن هاشم بن عبد مناف بن قصي أمّ أمير المؤمنين ١٦ ، ١٩ ، ٢٧ ، ٢٨ ، ٢٩ ، ٣٠ ، ٣١ ، ٣٢ ، ٣٣ ، ٣٥ ، ٣٧ ، ٣٨ ، ٤٤ ، ٤٥ ، ٤٦ ، ٤٧ ، ٥٣ ، ٥٩ ، ٦١ ، ٦٧ ، ٧١ ، ٧٢ ، ٧٣ ، ٧٤ ، ٧٦ ، ٧٧ ، ٧٩ ، ٨٠ ، ٨١ ، ٨٢ ، ٨٤ ، ٨٥ ، ٨٦ ، ٨٧ ، ٨٨ ، ٨٩ ، ٩٠ ، ٩١ ، ٩٣ ، ٩٦ ، ١٠٢ ، ١٠٣ ، ١٠٤ ، ١٠٧ ، ١١٠ ، ١١٢ ، ١١٤ ، ١١٦ ، ١٢٥ ، ١٣٣ ، ١٣٣ ، ١٣٧ ، ١٥٦ ، ١٦٨ ، ١٦٩ ، ١٧٠ ، ١٧١ ، ١٧٢ ، ١٧٣ ، ١٧٥ ، ١٨٧ ، ٢٠٧ ، ٢٢٠ ، ٢٢١ ، ٢٣١ ، ٢٣٣ ، ٢٣٤ ، ٢٣٥ ، ٢٤٠ ، ٢٤١ ، ٢٤٤ ، ٢٤٦ ، ٢٤٧ ، ٢٥٣ ، ٢٥٤ ، ٢٥٧ ، ٢٧٠ ، ٢٧٣ ، ٢٧٤ ، ٢٧٧ ،

٢٧٨ ، ٢٨١ ، ٢٨٢ ، ٢٨٣ ، ٢٨٤ ، ٢٨٥ ، ٢٨٨ ، ٢٨٩ ، ٢٩١ ، ٢٩٢ ، ٢٩٣ ، ٣٠٢ ، ٣٠٣ ، ٣٠٤ ، ٣٠٦ ، ٣١١ ، ٣١٢ ، ٣١٣ ، ٣١٤ ، ٣٤٠ ، ٣٤١ ، ٣٤٢ ، ٣٤٣ ، ٣٤٤ ، ٣٤٥ ، ٣٤٦ ، ٣٤٧ ، ٣٤٨ ، ٣٤٩ ، ٣٥١ ، ٣٥٢ ، ٣٥٣ ، ٣٥٤ ، ٣٥٥ ، ٣٥٨ ، ٣٥٩ ، ٣٦٠ ، ٣٦٢ ، ٣٦٣ ، ٣٦٤ ، ٣٦٦ ، ٣٦٧ ، ٣٨٦ ، ٣٩٩ ، ٤٠١ ، ٤٠٥ ، ٤١٤ ، ٤١٨

فاطمة بنت الحارث بن عكرمة ٣٢

فاطمة بنت زائدة بن الأصمّ ٣٢

فاطمة بنت عبد الله بن رزام ٣٢

فاطمة بنت عمرو بن عائد ٣٢

فاطمة بنت نصر ٣٢

الفاكهي ٢٢٧

الفتّال النيسابوري = ابن الفتّال فتحيات حسين مظفرنگري ٤٣٠

فخر الدين ابن العلّامة الحلّي ٥٥

فخر الدين الطريحي ١٨٤

فخر الدين بن شمس الدين ١١٢

فضل الله بن روزبهان بن فضل الله الخنجي الأصفهاني ، المعروف بباشا ٧٢

الفضل بن الحسن بن الفضل الطبرسي ٥٨


الفواجريّ ٩٩

الفيض الكاشاني ٣٠٠

القاضيّ٧٣

القاضي الشهيد السعيد نور الله التستري ٦٣ ، ٧٢ ، ١٣٦ ، ٢٨٢ ، ٢٨٣

القاضي أبو عمرو ابن السمّاك ٣١٣

القاضي روزبهان ١٠٩ ، ٢٨٢

قَتادة ٧٦ ، ٨٠ ، ٢٨٥

قطب الدين محمّد ابن عليّ الشريف اللاهيجي ١٦٢ ، ٢٩٩

القفّال الشاشي ٢٠٣ ، ٢٤٣

الكاشفي ٢٩٣

الكراچكي ٢٥ ، ٤٠ ، ٢٠٣

كسرى أبرويز بن هرمز بن انوشروان ٩٣ ، ١١٠

الكفعمي ١١٩ ، ٢٩٥

الكلبي ١٩٥ ، ١٩٩ ، ٢٠١

الكليني الرازى ٣٦٠

الكنجي ٢٣٦ ، ٣٤٢ ، ٣٤٥ ، ٤٢٦

الكنجي الشافعي ٢٧٠

كوثر شاهين المهندسة السوريّة ٤١٣

لطف الله النيسابوري الفارسي ٧٢ ، ١٣٦

المبرم بن دعيب بن الشقبان ١٦ ، ١٨ ، ١٩ ، ٢١ ، ١٠٤

المبرم بن زغيب الشقبان ١٥ ، ٨١

المثرم بن دعيب ٨١ ، ٨٣ ، ٢٨٥ ، ٣٤٩

مثرم بن دعيب بن سقيام ١١٤ ، ٣٦١ ، ٣٦٦ ، ٣٦٧ ، ٤١٣

المثنّى بن سعيد ٩٩

المجدّد الشيرازي الأمير السيّد رضي ١٢٨

العلّامة المجلسي ٦٧ ، ٢٣٧ ، ٢٨٠ ، ٣١٤ ، ٤٢٤

المحدّث الدهلوي ٢٨٨ ، ٢٩٦ ، ٣٠١

المحدّث القمي ٢٩٢

محسن الأعرجي ١٦٥ ، ٣٠٠

السيد محسن الأمين العاملي ١٥٦ ، ١٩٢ ، ٢٥٥

محسن بن المرتضى الحسينيّ الأعرجيّ الكاظميّ ١٠٧

المحقّق الداماد ١٦٢

محمد الحسين الأصفهاني ١٤٣

محمّد الحسيني النجفي ٢٨٩

محمّد الحيدري الكاظمي ٣٩٦ ، ٤٣١

محمد الصالح ١٣٣ ، ٢٥٢


محمّد الطباطبائي ١١٨ ، ٢٩٥

محمّد الفضولي الشاعر التركي ٤١٧

محمّد المهدي بن بهاء الدين محمّد الملقّب بالصالح بن معتوق بن عبد الحميد الفتوني العاملي النباطي النجفي النسابة ٢٤١

محمّد الهاديّ بن اللوحي الموسويّ الحسيني ٥٧ ، ٢٧٦

محمّد الهروي المشهدي المسكن ٤٣٠

محمد اليزدي = جيحون ١٢٧

محمّد باقر البيرجندي ٢٦٤

محمّد باقر المجلسيّ ٦٨

محمد باقر بن محمد الحسيني الاسترآبادي الشهير (بالداماد) ١٢٦

محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني ٤٢٥

محمّد بن إسحاق ٣١٥

السيد محمّد بن إسماعيل الحميري ٦٣ ، ٦٤ ، ٦٥ ، ١٢٣ ، ٢٤٨ ، ٢٧٩ ، ٢٩٨ ، ٣٥٩ ، ٣٦٥ ، ٤٢٤

محمّد بن الحسن الحرّ العاملي ٩١ ، ١٩١ ، ٢٥٠

محمّد بن الحسن الواعظ الشهيد الجامي عبد الرحمان ١٣٦ ، ١٧٢

محمّد بن الحسن الواعظ الشهيد أبو علي النيسابوري = ابن الفتّال محمّد بن الحسن بن زبالة ٢٠٤ ، ٢٦٨

محمّد بن الفضيل الدَوْرَقي ٢٣٣ ، ٣١٤

محمّد بن المرتضى (محسن الفيض الكاشاني) ١٦٤

محمّد بن الناصر بن محمّد بن الناصر أحمد بن المطهّر الحسنيّ الزيديّ ٣٤٢ ، ٣٤٥

محمّد بن أحمد بن شاذان ٧٦ ، ٢٨٥

محمد بن أحمد بن علي بن شاذان أبو الحسن القمي ٤١

محمّد بن أحمد بن عميد الدين علي الحسيني ٢٤١

محمّد بن أحمد بن عميد الدين عليّ الحسيني النجفي النسّابة ١٠٧

محمّد بن أحمد بن محمد بن رمضان نشانجيّ زاده ١١٢ ، ١٦٧ ، ٢٩٢ ، ٣٠٢

محمّد بن أحمد والدوريسني ٤٢٥

محمّد بن جعفر الأسدي ٧٦


محمّد بن حبيب ١٩٦ ، ٢٧١

محمّد بن خاوند شاه بن محمود ١٩٠

محمّد بن سعد كاتب الواقدي ١٩٥ ، ٢٠٩

محمّد بن سعيد الدارمي ١٠٢

محمّد بن سنان ٧٦

محمّد بن طلحة الشافعيّ ١١١ ، ٢٤٤ ، ٢٩٢

محمّد بن عبد الرشيد الاصفهاني جمال الدين ٤٢٥

محمّد بن عبد الغفّار الغفاري القزويني ٢٤١

محمّد بن عبد الله أبو عزيز الخطّي ٤٢٨

محمّد بن عبد الله بن الحسين الهدوي ٣٤١

محمّد بن عبد الله بن أحمد بن محمد بن الوليد بن عقبة بن الأزرق الغسّاني المكّي (الأزرقي) ٢٠٨

محمّد بن علي القفّال الشاشي الشافعي ١٨٦

محمّد بن علي الكراجكي أبو الفتح ٢٣٨ ، ٢٨٨

محمّد بن علي بن شهر آشوب ١٦١

محمّد بن عمر الواقدي ٢١٠

محمّد بن فلاح الكاظمي (الشريف الرضيّ) ٥٩ ، ٦٠ ، ١٢٥ ، ٢٠٣ ، ٢٧٨

الميرزا محمّد بن محمّد رضا القمي المشهدي ٣٤٠

محمّد بن مسلم ٢٧٨

محمّد بن مسلم الثقفي ٢٣٥

محمّد بن مسلم الثقةَ الجليل ٦٢

محمّد بن منصور السّرخسي ٦٤ ، ٢٤٨

محمّد بن همام الإسكافي ٣١٢

محمّد بن يحيى ٢٠٨ ، ٢٧١ ، ٢٧٢

محمّد بن يحيى الذهلي النيسابوري ٢١١ ، ٢٧٢

محمّد بيومي مهران ٣٥٤

محمّد تقي القزويني ١٢٦

محمّد جمال الهاشمي ٣٨٥

محمّد جواد البلاغي ٢٦٣

شيخ محمّد جواد الجنابي النجفي ٤١١

محمّد حبيب الله الشنقيطي ١٧٤

محمّد حسن المولوي القندهاري الخراساني ٤٢٠

محمّد حسين الأصفهاني ٢٦٣


محمد خان الفارسي الملقّب في شعره (بدشتي) ١٢٧

محمّد خاوند شاه ١٠٨ ، ٢٩٠

محمّد رضا الأنصاري القميّ ٣٤٠

السيّد محمّد رضا الحسيني الجلالي (معد هذا الكتاب) ٣٣٧ ، ٣٧٦ ، ٤١٨ ، ٤٣١

محمّد رضا أبو المجد الأصفهاني ٢٦٤

محمّد رضا بن محمّد مؤمن ، المدرّس الإمامي ١٠٥

محمّد سليمان ٩ ، ٢٦١

محمّد صادق بن محمّد كاظم بن محمّد صادق الكتبي النجفي (ناشر هذا الكتاب) ٤٣١

محمّد صالح الترمذي ١٦٧

محمّد صالح بن عبد الله الكشفيّ التّرمذي الأكبر آبادي ٧٥ ، ١٧٣ ، ٢٨٤ ، ٣٠٢ ، ٣٠٥

محمّد صدّيق خان الحسيني البخاري القنّوجي ١٩١ ، ٢٥٠ ، ٤١٩

محمد طاهر بن محمد حسين القمي ٤١٩،٢٥٠،١٩١

محمّد عليّ الأُردوبادي ، بن أبي القاسم بن محمّد تقي بن محمّد قاسم التبريزي النجفي ٩ ، ٤٩ ، ١٧٩ ، ١٨٢ ، ١٩١ ، ٢٠٨ ، ٢١٧ ، ٢٣٢ ، ٢٤٣ ، ٢٥٩ ، ٢٦١ ، ٢٦٣ ، ٢٦٥ ، ٢٧٤ ، ٣٥٠ ، ٤٢٩

السيّد محمّد علي الطبسي ٣٧٩

محمّد علي المكّي ٣٥٦

الميرزا محمد عليّ الهندي ١٢٥

محمّد عليّ بن الشاعر يعقوب الحلّي النجفيّ ١٥٣

محمّد عليّ خير الدين الهندي الحائري ٣٧٩

محمّد مبين بن محبّ الله بن أحمد اللكهنوي الأنصاري الحنفي ٢٤٧

محمّد مسيح المعروف بـ (مسيحا) الفَسويَ الشيرازيّ ١٢٤ ، ٢٥١

محمّد هادي الأميني ٣٤٦

محمّد يحيى سالم عزّان ٣٤١

محمود بن محمّد باقر ٢٨١

محمود بن محمد بن علي الشيخاني القادري الشافعي المدني ١٨٤ ، ٢٤٦

محمود بن محمّد عليّ بن محمّد باقر ٦٧


محمود عبّاس العامليّ ١٣٥ ، ١٩٣

محمود فاضل الدكتور ٤٢٩

السيد مرتضى الوهّاب الحائري ٤٠١

السيد المرتضى علم الهدى ٩٤ ، ٩٩ ، ٢٠٣ ، ٢٨٧

مَرْحب (الخيبري) ٣٧٧

مروانَ ٤٠٢

مريم بنت عمران ٢٠ ، ٢١ ، ٤٥ ، ٧٤ ، ٧٧ ، ٨٢ ، ٨٥ ، ٨٨ ، ١٠٥ ، ٢٨٥ ، ٣٦٣ ، ٣٦٤ ، ٣٩٠ ، ٣٩٩ ، ٤٠٥ ، ٤١٣ ، ٤١٩ ،

المزّي ٢٠٩ ، ٢٢٧

مسروح بن ثويبة ٢٩

المسعودي ٢٣ ، ٢٥ ، ١١٠ ، ٢٩١ ، ٣٦٩

مسلم ٢٠٠

مسلم بن خالد الزنجي المكّي ابو خالد = شيخ الإمام الشافعي ١٠٤ ، ١٠٥ ، ٤٢٥

مصطفى الزركلي الدمشقي ٣٤٨

مصطفى بن الحسين الكاشاني النجفي ١٣٢ ، ٢٥٤

مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير ٥٣ ، ٢٠٨ ، ٢٣١ ، ٢٧٠ ، ٢٦٦ مصعب بن عبد الله ٥٢ ، ٢٠٧ ، ٢٣١ ، ٢٦٩ ، ٢٧٠ ، ٢٧٣

مصعب بن عثمان بن عروة بن الزبير بن العوامّ ٢٠٤ ، ٢٠٥ ، ٢٣٠ ، ٢٦٧ ، ٢٦٩ ، ٢٧٠

معاوية ١٨٠ ، ١٨١ ، ٢٢٨ ، ٢٢٩

معين الخياط النجفي ٤٠٨

معين الدين الجشتي ١٦٧ ، ٣٠٢

المفضّل بن عمر ٧٦

شيخ المفيد ٩٦

المفيد أبو عبد الله = محمّد بن محمّد بن النعمان ٦٠ ، ٦١ ، ١١٣ ، ١٨٣ ، ٢٠٣ ، ٢٧٨ ، ٢٧٩ ، ٣٤٢

المقرىء أبو إسحاق = إبراهيم بن يوسف بن بركة الكتبي ١٠٤

ملك شهريار ٣٣٩

موسى بن يسار المدني ٣١٥ ، ٤٢٤

المولوي الروميّ ١٦٧ ، ٣٠٢

مهدي الشيرازي ٥١ ، ٢٤٣

مههدي القزويني ١٦٥ ، ٣٠٠

مهديّ بن بهاء الدين محمّد الملقّب بالصالح بن معتوق بن عبد الحميد ، الفتونيّ العامليّ النباطيّ النجفيّ النسّابة ١٠٨


مهدي بن محمّد تقي بن إبراهيم النقوي ٤٣٠

مهدي بن هادي الحسينيّ الشهير بالقزويني ٣٧٦

ميرزا ابو القاسم الحسيني الشيرازي ١٥٤

الميرزا أبو القاسم بن محمد تقي الأُردوبادي ، التبريزي النجفيّ ٩٣

ميرزا حبيب الله ابن محمّد بن هاشم الموسوي الخوئي ١٦٤

ميرزا حسن الزنوزيّ ١١٩

ميرزا عباس الدامغاني المتخلص (بنشاط) الهزارجريبي الدامغاني ١٢٥

ميرزا علي آقا آل المجدد الميرزا محمد حسن الشيرازي ١٣٩ ، ١٣٦ ، ١٥٩

ميرزا محمّد بن رستم معتمد خان الحارثيّ البدخشيّ ١٧٤ ، ٣٠٥

ميرزا محمد تقي التبريزي الشهير بحجّة الإسلام والملقّب في شعره (بنيّر) ١٣٢

ميرزا محمد علي التبريزي ، الملقّب في شعره (بصائب) ١٥٧

ميرزا نصر الله ، الملقّب في شعره (بالشهاب) ١٣٢

مير سيد محمّد حسن مدرس اصفهانى ٣٦٠ ، ٣٦٩

مير عليّ ابن عباس ابن السيد راضي ابو طبيخ النجفي ١٥٦

مؤمن بن الحسن بن مؤمن الشبلنجي الشافعي ١٦٨ ، ١٨٦ ، ٢٤٥

ناجي حسن الدكتور ١٩٦

النجاشي علي بن أحمد البغدادي الكوفي ١٣ ، ٢٥ ، ٢٤٢ ، ٤٢٥ ، ٤٢٦

نجم الدين ، الشريف أبو الحسن ، عليّ ابن أبي الغنائم محمّد ، ويعرف بابن الصوفي ، ابن عليّ بن محمد بن محمد بن أحمد بن علي بن محمّد الصوفي بن يحيى بن عبد الله بن محمد بن عمر بن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب ٦١ ، ٢٤١

النخجوانيّ ٢٩٥

النديم ١٩٥

النسائي ٢١٠ ، ٢٧٢

نصر الله الحائري السيد الشهيد ١٢٥ ، ٢٥١

نظام الدين محمد بن الحسين التفرشيّ الساوجي ١٦٣ ، ٢٩٩


نعمة الله الموسوي الجزائري ١٦٣ ، ٢٩٩

نور الدين علي بن عبد الله الشافعي السمهودي ١٨٥ ، ٢٤٥

نور الدين عليّ بن محمد بن الصبّاغ المكّي المالكي ١٦٨ ، ٣٠١ ، ٣٠٢

نور الله الحسيني المرعشيّ التستري ٧٢

العلّامة النوري ١٦١ ، ٢٩٩

النووي ٢٠٠

النيسابوري ٢٧١ ، ٢٧٣

الوزير أبو محمد بن سايلويه ٩٩

وليّ الله ، أحمد بن عبد الرحيم الدهلوي ، الشهير بشاه ولي الله ٢٤٧

وليّ الله بن نعمة الله الحسيني الرضوي ١٨٤

وهب بن وهب القرشي (أبو البختري القاضي) ٨ ، ٤٢٦

الهادي بن الوزير ٣٤٥

هارون ١٢٤ ، ١٨١ ، ٢٢٢ ، ٢٥١ ، ٣٧١ ، ٣٨٢ ، ٤٠٢

هاشم ١٥ ، ٥٩ ، ١١٦ ، ٢٥٤ ، ٢٧٨ ، ٢٩٣ ، ٣١٦ ، ٣٤١ ، ٣٤٧ ، ٣٨٦ ، ٤٠٤ ، ٤٠٥

هاشم التوبليّ البحرانيّ ٥٧ ، ١٦١ ، ٢٣٣ ، ٢٧٦

هشام بن عبد الملك ٣١٢ ، ٣١٣ ، ٣٦٨

هشام بن محمد بن السائب الكلبي ١٩٤

هلال بن كيسان الكوفي الجزار ٩٩

هِنْدٍ ٣٧٣

هندو شاه بن عبد الله الصاحبيّ النخجواني ١١٩

ياقوت الحموي ١٩٩

يحيى بن الحسن الأسدي الحلّي = ابن البطريق ١٨٣ ، ٧١ ، ٧٢ ، ٩٥ ، ١٨٣ ، ٢٨٣ ، ٢٨٧

يحيى بن سعيد القطّان ٢١٢

يحيى بن معين ١٩٤ ، ٢١٠

يزدجرد ابن شهريار ٩٣

يزيد بن قَعْنَب ٤٤ ، ٧٤ ، ٧٥ ، ٧٦ ، ٧٧ ، ٨١ ، ٩١ ، ٩٢ ، ١٠٣ ، ١١٤ ، ١١٦ ، ١٦٥ ، ١٧٣ ، ١٩١ ، ٢٣٤ ، ٢٣٥ ، ٢٥٠ ، ٢٨٣ ، ٢٨٤ ، ٢٨٥ ، ٢٩٣ ، ٣٠٠ ، ٣٠٥ ، ٣٤٩ ، ٣٥٩ ، ٤٢٣ ، ٤٢٧

يوسف حسين عبد الله ٣٤٨

يونس بن عبد الأعلى ٢٠١


فهرس الأماكن والبلدان

أُحُد ٣٨٨

أذربيجان ٢٦٣

أُردوباد ٢٦٣

إسلامبول ٣٤٨ ، ٤٣٠

أصفهان ١٥٧ ، ٣٥٥ ، ٣٦٩

اُمَّ القُرى ١٣٠ ، ١٤٧ ، ٢٢٤

أنطاكيّة ١٨ ، ٨٣

إيران ٢٦٤ ، ٣١٤

باريس ١١٩

بدر ٣٨٨ ، ٤٠٩

البصرة ٦١

بغداد ٣٧١ ، ٥٤ ، ٢٧٥ ، ٣٧٠

بلاد ابن ليون ١٨ ، ٨٣

البَلاطة الحمراء ٥٧ ، ٦٨ ، ٩٢

بنارس ٤٢٩

بومباي ٧٥ ، ١٧١ ، ١٧٣ ، ٢٨٤ ، ٣٠٥ ، ٣٤٨

بيت اللّحم ٣٦٤

بيت المقدس ٣٦٤

بيروت ٣٥٠ ، ٣٥٤

تبريز ١٦٣ ، ٢٦٣

تركيا ٩ ، ١٨٧ ، ٣٤٨ ، ٤٣٠

تهامة ١٥

الجامع الكبير بصعناء ٣٤٢

جامعة اُمّ القرى ٣٥٤

جامعة فردوسي ٤٢٧

جامعة القاهرة ٣٥٤

جبال الشام ٣٥ ، ١١٤

جبالُ مكّة ٣٥ ، ٣٩ ، ٧٥ ، ٢١٨

جبل أبي قبيس ١٦ ، ١٧ ، ٣٥

جبل حِراء ١١٨

جبل اللكام ١٨ ، ٨٣ ، ١١٤ ، ٣٦٦ ، ٤١٣

الحلّة ٩٨

حُنَيْن ٣٩١


حيدر آباد دكن ٤٢٩

خُوي ١١٩

خيبر ١٢٧ ، ٣٧٨ ، ٣٨٨ ، ٣٧٤ ، ٣٩١ ، ٤٠٩

الخِيفُ ١٤٥

دمشق ٤١٣

ذروة أبي قبيس ٨٢

رامپور ٤٢٨

الرخامة الحمراء ٨٥ ، ٩١ ، ٩٢ ، ١١٥ ، ١٨٨ ، ١٩١ ، ٢٥٠ ، ٢٨٦ ، ٢٨٦ ، ٣١١ ، ٣٣٩ ، ٤٠٥

زمزم ١٤٨

سامراء ١٣٩

سوريا ٢٦٤ ، ٤١٣

السويد ٣٩٦

شيراز ١٣٣ ، ٣٤٦

صفا ١٤٨

صِفِّيْنَ ٣٧٥ ، ٤٠٢

الطائف ٣١٤

طبرستان ١٣٣

طرسوس ١٨ ، ٨٣

طُورِ سينا ١٤٤ ، ١٢٩ ، ٢٥٣

طهران ١١٢ ، ١١٩ ، ٢٤٣ ، ٢٩٥ ، ٣٤٦ ، ٤٢٩

عبّاس آباد ١٥٧

العراق ٢٦٤

القاهرة ٢٢٩ ، ٢٤٥ ، ٣٤٨

القفقاز ٢٦٣

قم ٨ ، ٩ ، ١٠ ، ٥١ ، ١٠٧ ، ٣١٢ ، ٣١٣ ، ٣١٤ ، ٣١٦ ، ٣٤٠ ، ٣٤٦ ، ٣٥٦ ، ٣٥٧ ، ٤٠٣ ، ٤٠٨ ، ٤٢٩ ، ٤٣١

الكاظمية ٩٣ ، ١٣٢

كانبور ١٧٣ ، ٣٠٥

كراچي ٤٢٩

كربلاء ٣٧٩ ، ٣٩٦ ، ٤١٧ ، ٩٣ ، ٢٩٠ ، ٣٩٢ ، ٣٧٥

كرمان ٤٣١

الكعبة ـ بيت الله الحرام ٥ ، ٦ ، ٧ ، ٨ ، ١١ ، ١٤ ، ١٧ ، ١٨ ، ٣١ ، ٤٤ ، ٤٥ ، ٤٧ ، ٤٩ ، ٥٢ ، ٥٣ ، ٥٤ ، ٥٦ ، ٥٧ ، ٥٨ ، ٥٩ ، ٦٠ ، ٦١ ، ٦٢ ، ٦٣ ، ٦٤ ، ٦٥ ، ٦٧ ، ٦٨ ، ٦٩ ، ٧٠ ، ٧١ ، ٧٢ ، ٧٣ ، ٧٤ ، ٧٦ ، ٧٧ ، ٨٠ ، ٨٤ ، ٨٥ ، ٨٧ ، ٨٨ ، ٩٠ ، ٩١ ، ٩٢ ، ٩٣ ، ٩٥ ، ٩٦ ، ١٠٠ ، ١٠٢ ، ١٠٣ ، ١٠٥ ، ١٠٦ ، ١٠٧ ، ١٠٨ ، ١٠٩ ، ١١٠ ،


١١١ ، ١١٢ ، ١١٣ ، ١١٤ ، ١١٥ ، ١١٦ ، ١١٧ ، ١١٨ ، ١١٩ ، ١٢٠ ، ١٢١ ، ١٢٢ ، ١٢٣ ، ١٢٤ ، ١٢٥ ، ١٢٦ ، ١٢٧ ، ١٢٨ ، ١٣١ ، ١٣٢ ، ١٣٣ ، ١٣٤ ، ١٣٥ ، ١٣٦ ، ١٣٨ ، ١٤٢ ، ١٤٥ ، ١٤٦ ، ١٤٧ ، ١٤٨ ، ١٤٩ ، ١٥١ ، ١٥٣ ، ١٥٤ ، ١٥٥ ، ١٥٧ ، ١٥٨ ، ١٥٩ ، ١٦١ ، ١٦٢ ، ١٦٣ ، ١٦٤ ، ١٦٥ ، ١٦٦ ، ١٦٧ ، ١٦٨ ، ١٦٩ ، ١٧٠ ، ١٧١ ، ١٧٢ ، ١٧٣ ، ١٧٤ ، ١٧٥ ، ١٧٧ ، ١٨٢ ، ١٨٣ ، ١٨٥ ، ١٨٦ ، ١٨٧ ، ١٨٨ ، ١٩٠ ، ١٩١ ، ١٩٢ ، ١٩٣ ، ١٩٤ ، ١٩٥ ، ١٩٦ ، ١٩٩ ، ٢٠١ ، ٢٠٢ ، ٢٠٣ ، ٢٠٤ ، ٢٠٦ ، ٢٠٧ ، ٢٠٨ ، ٢١٧ ، ٢١٩ ، ٢٢٠ ، ٢٢١ ، ٢٢٢ ، ٢٢٣ ، ٢٢٤ ، ٢٢٥ ، ٢٢٦ ، ٢٢٧ ، ٢٢٩ ، ٢٣٠ ، ٢٣١ ، ٢٣٢ ، ٢٣٣ ، ٢٣٤ ، ٢٣٥ ، ٢٣٦ ، ٢٣٨ ، ٢٤٠ ، ٢٤١ ، ٢٤٣ ، ٢٤٤ ، ٢٤٥ ، ٢٤٦ ، ٢٤٧ ، ٢٤٨ ، ٢٤٩ ، ٢٥٠ ، ٢٥٢ ، ٢٥٣ ، ٢٥٤ ، ٢٥٥ ، ٢٥٦ ، ٢٥٨ ، ٢٦٠ ، ٢٦٥ ، ٢٦٦ ، ٢٦٧ ، ٢٦٩ ، ٢٧٠ ، ٢٧١ ، ٢٧٣ ، ٢٧٤ ، ٢٧٥ ، ٢٧٦ ، ٢٧٧ ، ٢٧٨ ، ٢٧٩ ، ٢٨٠ ، ٢٨١ ، ٢٨٢ ، ٢٨٦ ، ٢٨٧ ، ٢٨٨ ، ٢٨٩ ، ٢٩٠ ، ٢٩١ ، ٢٩٢ ، ٢٩٣ ، ٢٩٤ ، ٢٩٥ ، ٢٩٦ ،

٢٩٧ ، ٢٩٩ ، ٣٠٠ ، ٣٠٢ ، ٣٠٣ ، ٣٠٤ ، ٣٠٥ ، ٣٠٦ ، ٣٠٩ ، ٣١١ ، ٣١٢ ، ٣١٣ ، ٣١٤ ، ٣١٥ ، ٣١٦ ، ٣٣٩ ، ٣٤١ ، ٣٤٢ ، ٣٤٣ ، ٣٤٥ ، ٣٤٦ ، ٣٤٧ ، ٣٤٨ ، ٣٥٠ ، ٣٥١ ، ٣٥٢ ، ٣٥٣ ، ٣٥٤ ، ٣٥٥ ، ٣٥٦ ، ٣٥٧ ، ٣٥٨ ، ٣٦٣ ، ٣٦٤ ، ٣٦٥ ، ٣٦٦ ، ٣٦٨ ، ٣٨٦ ، ٣٨٨ ، ٣٩٩ ، ٤٠٤ ، ٤٠٥ ، ٤١٣ ، ٤١٥ ، ٤١٧ ، ٤١٨ ، ٤١٩ ، ٤٢٠ ،

الكوفة ٢٠ ، ٩٩ ، ١٠٠ ، ١٠١

الكويت ٣٥٧

رامپور ١٧٣

لبنان ٢٦٤

لكهنو ١٨٤ ، ٢٤٦ ، ٢٤٧ ، ٤٢٩

المدينة المنورة ٣٤٦

مدينة پتنه (بنكي پور) ٤٢٨

مروه ١٤٨

مسجدِ اقصى ١٤٦

المسجدُ الحرامُ ١٦٠

مسجد الكوفة ٢٦٦ ، ٣٥٦ ، ٤٢٠

المشعر ١٢٤

مشهد ٩٣ ، ٣٣٩ ، ٣٤٠ ، ٣٤٧ ، ٤٢٧ ، ٤٢٨ ، ٤٢٩

مصر ١٨٦ ، ٢٤١ ، ٣٤٨ ، ٢٣٨


المصيّصة ١٨ ، ٨٣

مكّة المكرّمة ١٧ ، ٢٢ ، ٣٥ ، ٣٦ ، ٥٤ ، ٥٦ ، ٥٨ ، ٦٠ ، ٦٥ ، ٧٣ ، ٧٧ ، ٨٢ ، ٩١ ، ١٠٠ ، ١٠٧ ، ١١٢ ، ١١٣ ، ١١٤ ، ١١٨ ، ١٢٢ ، ١٢٤ ، ١٤٧ ، ١٥٥ ، ١٦٣ ، ١٦٥ ، ١٦٨ ، ١٧٤ ، ١٨٢ ، ١٨٥ ، ١٨٨ ، ١٩٠ ، ١٩١ ، ٢٠٩ ، ٢٣٢ ، ٢٣٦ ، ٢٤١ ، ٢٤٤ ، ٢٤٥ ، ٢٤٧ ، ٢٤٨ ، ٢٤٩ ، ٢٥٠ ، ٢٥٢ ، ٢٥٦ ، ٢٧٥ ، ٢٧٨ ، ٢٨٠ ، ٢٨٦ ، ٢٨٩ ، ٢٩٢ ، ٢٩٣ ، ٢٩٥ ، ٢٩٧ ، ٣٠٠ ، ٣٠١ ، ٣٠٢ ، ٣١٤ ، ٣٣٩ ، ٣٤٧ ، ٣٤٨ ، ٣٤٩ ، ٣٥٦ ، ٣٥٩ ، ٣٦٢ ، ٣٦٤ ، ٣٦٦ ، ٣٦٨ ، ٤٠٦

مِنء ١٤٥

الموصل ٦١ ، ١٠٤

النجف الاشرف ٩ ، ١٧ ، ٢٣ ، ٢٩ ، ٥١ ، ٩٣ ، ١٣٦ ، ٢٦٤ ، ٣١٤ ، ٣٤٦ ، ٣٥٩ ، ٣٦٣ ، ٤١٧ ، ٤١٨ ، ٤٢٧ ، ٤٢٨ ، ٤٢٩ ، ٤٣١

نهر أرس ٢٦٣

نهروانُ ٤٠٩

نيسابور ٥٤ ، ٢٧٥

همدان ٢٤٣ الهند ٥٣ ، ١٥٧ ، ١٥٨ ، ١٨٤ ، ٢٤٦ ، ٢٤٧ ، ٢٤٨ ، ٢٧٤ ، ٣٤٨ ، ٤٢٨

اليمن ٣٤١


فهرس الأشعار

أبا كرز

 ٣٧،٣٦

رأيت أجبالاً تؤمُّ أجبالاً * وكلّها لابسة سربالا

أمّا النصول فهي صِيْدٌ أربعُ * ذكورُ أولادٍ حكتها الأسبعُ

ابن حماد

٣٦٩

سلامٌ على أحمدَ المرسلِ * سلامٌ على الفاضلِ المفضلِ

أبو الحسن الشفهيني

١٩٠ ، ٢٤٩

أم هل ترى في العالمين بأسرهم * بَشَراً سواه ببيتِ مكّة يولَدُ؟

أبو أمل الربيعي

٤٠٨

يا مَن بهِ تتفاخرُ العلياءُ * وبنورهِ تتبدّدُ الظلماءُ

أبو طالب

١٥٠ ، ١٦٤ ، ٣١٥ ، ٣١٦ ، ٣٤٨،٣٦٣

يا ربّ هذا الغسقِ الدجيِّ * والقمرِ المبلَّجِ المضيِّ

أنتَ الذي فرضَ الإله ولاءَهُ * ونطقتَ حقّاً بالجوابِ الصائبِ

أطوفُ للإله حول البيتِ * أدعوك بالرغبة محيى الميتِ

أدعوك ربّ البيت والطوافِ * والولد المحبُوّ بالعفافِ

قد صدقت رؤياك بالتعبيرِ * ولست بالمرتاب في الاُمورِ

سمّيتُه بعليٍّ كي يدوم لهُ * عزّ العُلُوّ وفخرُ العِزِّ أدومُهُ

وَلَدَتهُ في حرم الإله وأمنهِ * والبيت حيثُ فناؤه والمسجدُ


أبو طالب

١٧ ، ٣٤٥ ، ٣٦٨

يا ربّ هذا الغسق الدجيِّ * والقمرِ المنبلجِ المُضيِّ

أبو طالب

٣١٢ ، ٣١٣

يا ربّ يا ذا الغسق الدجيِّ * والقمرِ المنبلجِ المُضيِّ

أبي الفضل الأسكافي

٣٦٨

نطقتْ دلائلهُ بفضل صفاتِهِ * بين القبائل وهو طفلٌ يرضعُ

أبي صالح

١٠٨

مولدُه الجمعةُ يومَ السابعِ * في شهر شَعبان ببيت الصانعِ

ابي صالح النباطي

٢٨٩

مولدُه الجمعةُ يومَ السابعِ * في شهر شَعبان ببيت الصانعِ

أبي صالح محمد المهدي الفتوني

٢٤١

مولدُه الجمعةُ يومَ السابعِ * في شهر شَعبان ببيت الصانعِ

احمد مختار افندي

٢٣٥

بارك الله اى مقدس خامه مير جلال * بر اثر قيلدك كه عبر تكاه ...

بولس سلامة

١٥٩ ، ٢٦٠

سمعَ الليلُ في الظلام المديدِ * همسةً مثل أنّةِ المفؤود

الشيخ جعفر النقدي

١٥٥ ، ١٥٥ ، ١٥٥ ، ٢٥٥ ، ٢٥٦ ، ٢٥٦

زهرت بهِ أكنافُ مكّةَ مُذ غدا * ميلادهُ في البَيتِ ذي الأستارِ

لا تعجبوا إذ أتى في البيت مولدُهُ * فليسَ ذلكَ من عَلياهُ بالعجبِ

زهرت بهِ أكنافُ مكّةَ مُذْ غدا * ميلادهُ في البَيتِ ذي الأستارِ

مَن خصّ مولدهُ في بيتِهِ شرفاً * للبَيتِ يومَ أقامَ البيتَ بانيهِ

لا تعجبوا إذ أتى في البيت مولدُهُ * فليسَ ذلكَ من عَلياهُ بالعجبِ

مَن خصّ مولدهُ في بيتِهِ شَرَفاً * للبَيتِ يومَ أقامَ البيتَ بانيهِ


السيد الجلالي

٤١٨ ، ٤١٨

في كعبة القدس شاء اللهُ مولدَهُ * أكرمْ بِهِ مَطلعاً يختارُهُ اللهُ

ولدتْ فاطمةٌ بنتُ أسدْ * شبلَها حيدرَ في بيتِ الصَمَدْ

حبر

٤٣٥ ، ٤١٧

لا تعجبي من مقالي سوف تختبري * عمّا قليلٍ تَرَىْ ما قلتُ ...

كالدرّ وُلِدْتَ يا تمامِ الشرفِ * في الكعبة واتّخذتْها كالصَدَفِ

الحر العاملي

٢٨٦

مولدُهُ بمكّة قد عُرفا * في داخل الكعبة زيدتْ شرفا

السيد حسن الأمين

١٩٢ ، ٢٥٥

ولدتَ في البيتِ بيتِ الله فارتفعتْ * أركانُهُ بكَ فوقَ السَّبعة ...

السيد حسين بن شمس الحسيني

٧١ ، ٢٥٠

ومولدُ الوصيّ أيضاً في الحرم * بكعبة الله العليّ ذي الكرم

الشيخ حيسن الفتوني الهمداني

١٢٦ ، ٢٥٢

وفي ضُحى الجمعة قد تولّدا * مُطهّراً مُكرّماً مُسدّداً

الشيخ حسين نجف التبريزي

١٢٤ ، ١٩١ ، ٢٥١

جعلَ اللهُ بيتَه لعليٍّ * مَوْلِداً يا لَه عُلاً لا يضاهى

السيد الحسيني

٢٨٢

ومولدُ الوصيّ أيضاً في الحرم * بكعبة الله العليّ ذي الكرم

السيد الحميري

٦٣ ، ٢٤٨ ، ٢٧٩ ، ٣٥٩ ، ٣٦٥

طِبْتَ كَهْلاُ وغُلاماً * ورَضيعاً وجَنينا

السيد الحميري

٦٣ ، ٢٤٨ ، ٢٧٩ ، ٣٥٩

وَلَدَتهُ في حرم الإله وأمنهِ * والبيت حيثُ فناؤه والمسجدُ


الراهب

٣١٥

أبشرْ أبا طالب عن قليلِ * بالولد الحلاحلِ النبيلِ

السيد رضا الهندي

١٣٦

طوافِ خانه كعبه از آن شُد ... * كه آنجا در وجود آمد عليُّ ...»

السيد رضا الهندي

١٣٥ ، ٢٢٦ ، ٢٥٤ ، ٢٧٦

لما دعاك اللهُ قدماً لأن * تولَدَ في البيتِ فلبّيته

زين العابدين بن اسكندر الشرواني

١١٥

شد او درّ وبيت الحرامش صَدَف * كسى را ميسّر نشد اين شَرَف

سراج الدين القرشي

١٣٤ ، ١٣٥

ولدت في البيتِ والأيّام مظلمةٌ * والجوِّ منكدرُ الآفاقِ من ضَلَلِ

فكلّ ذاك صفات (الأندر) عندهم * وكلّ ذاك صفاتٌ للوصيّ عليّ

السرخسي

٢٨٠

ولدتْهُ منجبةٌ وكان وِلادُها * في جوف كعبة أفضل الأكنان

سليمان جلال الدين

٣١٩ ، ٣١٩ ، ٣٢٢ ، ٣٢٤ ، ٣٢٥ ، ٣٢٦ ، ٣٢٦ ، ٣٢٧ ، ٣٢٧ ، ٣٢٨ ، ٣٢٨ ، ٣٣١ ، ٣٣٣ ، ٣٣٤

بر شبانگه كه ايروب لطف خداوند ... * اولدى بيدار او دم ناطقه ...

وجودك اولمسه يا رب موجود * وجوده كلمز ايدى بونجه مشهود

مرحبا اى نور تكوين سوايه ... * فيض حبك عالم امكانه ويردي ...

روضه فيض حرمكاه محمّددن ... * يعنى ايكى غنچه جانپاره ...

حمد بى پايان اوله اول خالقه * ايلدى الطافنه پر لاحقه

اى ساقى كوثر امان * صف بسته عشقه امام

راسم لوح حكمساز قضا * ناشر امر ونواهىّ رضا


اى محب صادق آل عبا * وى اولان كوكلنده اخلاص وفا

اى نبىّ محترم محبوب الله احد * وى شفيع محتشم مبعوث الله الصمد

آلدى مولودك كتوردى دارينه * حيرت ال وبردى بتون جيراننه

نخل والا ميوه عزّ وشرافتدر ... * صلب پاك ومبدأ سرّ سيادت ...

كلبرو اى عاشق پرتاب دل * درد ايله هر دم علو خيزاب دل

دكله كل اى دعواى عشق * دل اوى اولمق كرك مأواى عشق

ربنا بخش ايت بزى پيغمبره * آل واصحابيله ذات حيدره

شهاب الدين الآلوسي

٢٧٥

أنتَ العليُّ الذي فوقَ العُلى رُفعا * بِبَطْنِ مكّةَ عند البيت إذ وُضِعا

شهاب الدين (الناظم)

٥٤

أنتَ العليُّ الذي فوقَ العُلا رُفعا * بِبَطْنِ مكّةَ عند البيت إذْ وُضِعا

شيخ عثمان شمس افندي

٣٣٥

حبّذا اهل سخن مير سليمان جلال * يازدى برنو اثر منقبه عال ...

صاحب إسماعيل بن عبّاد

٣٤٣

يا مغفل التاريخ من جهله * وليس معلومٌ كمجهولِ

الشيخ صالح بن درويش

١٢٤ ، ٢٥١

غايةُ المدحِ في عُلاكَ ابتداءُ * ليت شعري ما تصنعُ الشُعراءُ

الشيخ صالح بن درويش الزيني

٣٧٠

غايَةُ المَدْحِ فِي عُلاكَ ابْتِداءُ * لَيْتَ شِعْرِيْ ما تَصْنَعُ الشُعَراءُ؟

صبوحي

٣٦٣ ، ٣٦٤ ، ٣٦٤

امروز گرفت خانه كعبه شرفْ * از مولد شير حقّ شهنشاه نجفْ

برداشت سپيده دمْ حجابْ از طرفى * بگرفتْ نگار حقّ نقابْ از طرفى

در خانه حقّ ، علي چو آمد به وجودْ * صدْ گونه شرفْ ...


 

السيد عباس الحسيني

١٥٣

ز پشت پرده تا بى پرده يار ... * ز سرم روى او خورشيد اندر ...

عبد الباقي أفندي

٢٢٤ ، ٢٧٥

وأنتَ أنتَ الذي حطّت له قَدَم * في موضعٍ يدَهُ الرحمنُ قَد وَضعا

عبد الباقي أفندي

١١٣ ، ٢٤٧ ، ٣٥٩

أنتَ العليُّ الذي فوقَ العُلا رُفعا * بِبَطْنِ مكّةَ عند البيت إذْ وُضِعا

عبد الرحمان الجامي

١٣٦

بسوى كعبه رود شيخ ومن ... * بحقّ كعبه كه آنجا مراست حق ...

السيد عبد العزيز محمد السريجي

٢٤٩

ولي بودّ أمير النحل حيدرةٍ * شغلٌ عن اللهو والإطرابِ ألهاني

الشيخ العلامة عبد العظيم الربيعي

٤٠٤

يهتزُّ بيتُ الله بالأركانِ * طرباً بمقدمِ خيرة النسوانِ

عبد المسيح الأنطاكي

١١٦ ، ٢٥٤ ، ٢٩٣

في رَحبة الكعبة الزهرا قد انبثقت أ* نوارُ طفلٍ وضاءت في مَعانيها

الشيخ علي

١٥٧

شاهى كه به خلق پيشوا بود * نَفسِ نبى ورُخِ خدا بود

الشيخ علي الشفهيني الحلّي

٦٥ ، ٢٨٠

أمْ هَلْ ترى في العالَمينَ بأسرهم * بَشَراً سِواه ببيت مكّةَ يُولَدُ؟

السيد علي نقي النقوي

١٤٠ ، ٢٥٨

طَرِبَ الكونُ من البشرِ ... * عمَّ السُرور وغدا القُمريُّ يَشدُو في ...

السيد علي نقي النقوي

١٩٢

لم يكن في البيتِ مولودٌ سواه * إذ تعالى عن مثيلٍ في عُلاه


السيد علي نقي النقوي

١٣٧ ، ٢٥٦

مَن يدا فازدهرَ البيتُ الحرام * وزَهَت منهُ ليالي رَجَبِ؟

طال الترقّب للميعاد إذ عدمتْ * منّي الحوائل ولداً من عناصيري

فبِبَيتِ الله كان الابْتداءْ * وبِبَيتِ الله كان الأنْتهاءْ

الكاهن

٣٣

إنّي رأيتُ نبا ما كنتُ أعرفه * حقاً تَيقّنهُ قلبي بإثباتِ

السيدة كوثر شاهين

٤١٣ ، ٤١٥

صلّوا على (طه) وآلهِ * خير الصلاة بها ومن قرآنهِ

لا سيفَ إلّا ذُو الفِقار ولا فتى * إلّا عليُّ المرتضى للمرسَلِ

لطف الله النيشابوري الفارسي

٧٢

طوف خانه كعبه از آن شد بر همه واجب * كه آنجا در وجود آمد على بن ابى طالب

لوح من السماء

٣٦٨

خُصِصتما بالولد الزكيّ * والطاهرِ المطهّرِ المرضيِّ

لوح من السماء

١١٤ ، ٣١٢ ، ٣١٣

خُصِصتما بالولد الزكيّ * والطاهرِ المنتجبِ المرضيِّ

المجيد المولى رضا

١٢٧

باز خواهم درفشانى سر كنم * ياد از شير خدا حيدر كُنم

السيد محسن الأمين

١٥٧ ، ٢٥٥

لكَ يا أمير المؤمنين مناقبٌ * ظهرت ظهور الشمس في وقتِ الضُحى

السيد محسن الأمين

١٩٢ ، ٢٥٥

وُلِدتَ ببيتِ اللهِ وهيَ فضيلةٌ * خُصصتَ بها إذ فيك أمثالُها كُثرُ


السيد محسن الأمين

١٩٢

وولدتَ في البيتِ الحرام ولم يكن * هذا لغيرك مَن يكون ومَن مضى

الشيخ محمد الحسين الأصفهاني

١٤٣

گوهرى را از صَدف آورده طبعم ... * يا كه از خاك نجف تابنده ...

السيد محمد الحيدري

٣٩٦

اللهُ يشهدُ والملائكُ تعلمُ * أنّا بغير الحقّ لا نتكلّمُ

الشيخ محمد الصالح

١٣٣ ، ٢٥٣

بالبيتِ قد وضعتهُ فاطمةٌ * رفعاً له قد شُرِّفت وضعا

الشيخ محمد العاملي

٩١ ، ١٩١ ، ٢٥٠

مولدُهُ بمكّة قد عُرفا * في داخل الكعبة زيدتْ شرفا

محمد الفضولي

٤١٧ ، ٤١٧ ، ٤١٨

شاهنشه سرير ولايت ولىّ حق * سلطان دين إمام مبين شاه اوليا

ماييم درد پرور دنياى بيوفا * با درد كرده خوشده مستغنى از دوا

روزى مباد اين كه براى توقّعى * از من بغير آل على سرزند ثنا

محمد اليزدي

١٢٧

از كنز نهائى است كنون كعبه ... * كز اوست عيان سرّ (فأحببَتُ ...

السيد محمد باقر الحسيني

١٢٧ ، ١٢٧

در كعبه (قُل تَعالَوا) از مام ...؟ * در خانه حقّ زاده بجانش ...

محمد بن فلاح الكاظمي

١٢٥

ولدتهُ فاطمةٌ ببيت الله يا * طُوبى لطاهرةٍ أنت بِمُطهَّرِ

محمّد بن منصور السرخسي

٦٤ ، ٢٤٩

ولدتْهُ منجبةٌ وكان وِلادُها * في جوف كعبة أفضل الأكنان


السيد محمد تقي القزويني

١٢٦

بعدَ النبيّ سيّدِ الموالي * بنصّه هو العَليُّ العالي

السيد محمد جمال الهاشمي

٣٨٥ ، ٣٨٧ ، ٣٨٩ ، ٣٩٠ ، ٣٩٢

يحتفل التاريخُ باليوم الأغرّ * يا شعرُ أبدعْ في المعاني أو فَذَرْ

يومٌ عنتْ لجلالهِ الأيّامُ * الدينُ يفخرُ فيهِ والإسلامُ

عيدٌ ويومُكَ للعواطفِ عيدٌ * فيهِ لكلّ قريحةٍ تغريدُ

تبقى وتفنى حولَكَ الآثارُ * مجداً بِهِ تتفاخرُ الأحرارُ

بِكَ مجدي طاولَ النجمَ ارتقاءا * وبنجواكَ اغتدت أرضي سماءا

محمد جواد الجنابي

٤١١

أمامَ وصفِ عليٍّ يخرسُ الأدبُ * ومِن محيط عليٍّ تنهلُ السُحُبُ

الحاج محمد خان الفارسي

١٢٨

كعبه مى بايد كه مُحرم آيد اندر ... * با سر وپاى برهنه گشته ...

محمد طاهر القمي

٤١٩ ، ٤١٩ ، ٤١٩

اى آنكه حريم كعبه كاشانه تو است * بطحا صَدَف درّ گرانمايه تو است

بهر كس نگردد ميسّرْ سعادتْ * بكعبهْ ولادتْ بمسجدْ شهادتْ

دليل رفعت شأن علىّ اگر ... * به اين كلام دمى گوش خويشتن ...

الشيخ محمد علي الاردوبادي

٢٥٩ ، ٢٥٩ ، ٢٦٠

سَبَقَ الكرامَ فهاهم لم يَلحَقوا * في حَلبَةِ العَلياء شَأوَكُمَيتِهِ

لقد شُرِّف البيتُ في مولدٍ * زهت بِسَناءُ عِراضُ النجفُ

وليس ولادهُ في البيت بِدعاً * فإبراهيمُ سادَ له دِعامَهُ

الشيخ محمد علي الحلي

١٥٣

له بِبَطن البيتِ خيرُ مولدِ * نالَ بهِ البيتُ فخاراً وعُلا


السيد محمد علي خير الدين الهندي

٣٧٩

ما عنَّ لي بارقٌ إلّا وذكّرني * عندَ الغريِّ بذاك المُلتقى الحَسَنِ

محمد مسيح الفسوي الشيرازي

١٢٤

ما كان ربّاً ولكن ليسَ من بشرٍ * وليسَ يشغلُهُ شأنٌ عن الشأنِ

الشيخ محمود عباس العاملي

١٣٥ ، ١٩٣

فو حقِّ آيات الكتاب المنزَلِ * ومكوّن الأكوانِ ذي المجدِ العَلي

من مثلهُ في بيتِ بارئه ولد؟ * ذي خصلةٍ قد خصَّ فيها مذ وجد

السيد مرتضى الوهاب الحائري

٤٠١

ركبُ الوجود شدا بعذبِ حُدائِهِ * ونفى العذار وشلّ برد حيائهِ

الحاج السيد المصطفى الكاشاني

١٣٢ ، ٢٥٤

أنتَ شرّفتَ زمزماً والمصلّى * بل وركنَ الحطيم والمستجارا

الملا علي الخوئي

٤٢٠

علي اي مخزن سرِّ معبودْ * رونق افزايِ گلستانِ وجودْ

مولى الروحي

١٣٦

اى شحنه دشتِ نجف از تو نجف ... * تو درّى وكعبه صَدَف ستان ...

مولى اهلي الشيرازي

١٣٤

كاشف علم الله آن گيتى نماى ... * ديده را از هر دو كون از ديده ...

المولى كاتبي المترجم

١٣٤ ، ١٣٤

بچشمِ عقلِ اقاليمِ سبعه گنجِ ... * ولى چه از مگرى اژدهاى هفت ...

زبالِ او طيران يافت جعفر ... * كه همچو طايرِ قدسش هزار زير ...

المولى محمد طاهر القمي

١٩١ ، ١٩١ ، ٢٥٠

سلامةُ القَلبِ نحَّتني عن الزَّلَلِ * وشُعلَةُ العِلمِ دلَّتني على العَمَلِ


طوبى لهُ كانَ بيتُ اللهِ مولدُهُ * كمثل مولدهِ ما كانَ للرُّسُلِ

قد ردّت الشمسُ للمولى أبي ... * روحي فدا المرتضى ذي المعجز ...

المولى محمد مسيح الفسوي

٢٥١

هو الذي كان بيتُ الله مَوْلِدُهُ * فطهّرَ البيتَ من أرجاس أوثانِ

السيد مهدي الحسيني

٣٧٦

يا لائميَّ تجنّبا التفنيدا * فلقد تجنّبت الحسان الخُودا

المرحوم ميرزا ابو القاسم الحسيني

١٥٤

اى وحدت وكثرت همه از روى تو ... * از ذرّه وبيضا همه بر ...

الميرزا إسماعيل الشيرازي

١٢٨ ، ٢٥٣

رغدَ العيشُ فزدهُ رَغدا * بسلافٍ منك تَشفي سَقَمي

حبّذا آناء أُنسٍ أقبلت * أدركت نفسي بها ما أمّلت

الميرزا حبيب

١٣١ ، ١٣١

ايكه نه گر كِلْك تُو دارى نظامْ * دفترِ ايجادْ مُنظّمْ نبودْ

جشنِ ميلادِ شهنشاهِ زمين ... * عيدِ مولودِ خداوندِ جهانِ بُوالحسن ...

ميرزا عباس الدامغاني

١٢٦

اى زاده تو در ميان كعبه * از مادر پاك جان كعبه

الميرزا محمد بن الطبيب

١٥٥

قد كَلَّ عن فضل الوصيّ المنطقُ * مُذ ضاقَ فيه غَربُها والمشرقُ

ميرزا محمد تقي التبريزي

١٣٢ ، ١٣٣ ، ١٣٣ ، ١٣٣

سر حنانيك في البلاد وباحث * عن بُطون الكرام جيلاً فجيلا

اى آنكه حريم كعبه كاشانه تو است * بطحا صَدَفِ گوهر يكدانه تو است

من البيت الحرام شَقَقتَ حملاً * لاُمّك يومَ مولدكَ الجدارا

وليس ولادهُ في البيت بِدعاً * فإبراهيمُ شادَ له وِعامَهُ


ميرزا محمد علي التبريزي

١٥٧ ، ١٥٨ ، ١٥٨ ، ١٥٨ ، ١٥٩ ، ١٥٩

اى سوادِ عنبرين قامت سوداى ... * مغزِ خاك از نكهتِ مشكين ...

مرحبا اى كعبه اشرف چه والا ... * قيمتى دارى كه قربان تو گردد ...

مطلع خورشيد خوانم من تو را ... * از تو سر زد آفتاب سرورى

هيچ تعريفى تر از اين به نميدانم ... * در تو پيدا گوهر پاكِ ...

بر تو وواجب شكر مولائى كه دستِ ... * بر زمين افكند از بالا إله ...

لقد شُرِّف البيتُ في مولدٍ * زهت بِسَناءُ عِراصُ النجف

ميرزا نصر الله

١٣٢

صفاى مروه مولود حرم آب ... * كه اركان قبله از حرمت حجر ...

السيد مير علي النجفي

١٥٦

ألَم تَكُ للهِ أمضى حُسام؟ * ألَم تَكُ في بيتهِ تُولَدُ؟

السيد نصر الله الحائري

١٢٥ ، ٢٥١

مَن شُرِّفَ البيتَ بميلادهِ * وحِجرُهُ والحَجَرُ الأنورُ

 ...

٣٤١

إنّ عليّ بن أبي طالب * جدّا رسول الله جدّاهُ

 ...

٣٨

جال الصباح لدى البطحاء إذ شملت * سوداً بذي خدم فرش المراقيل

 ...

٣٤٥

خاطبنا في الولد الزكيِّ * الطاهرِ المنتجب المضيِّ

 ...

٣٦٩

خالق او كرد مشتقّ نامٍ وى از ... * پس خدا را نامِ عالى باشد ...

 ...

١٨ ، ٣٤٦

خُصصتكم بالولد الزكيّ * والطاهر المطهّر المرضيِّ


 ...

٤١٨

در كعبه شد پديد وبمحراب شد ... * نازم بحسن مطلع وحسنِ ...

 ...

٣٦٨

«هو المثلُ الأعلى» كفاك ... * عليّ علا في الاسمِ والبأسِ ...

 ...

٤١٧

وتدورُ حُبلى والجنينُ يقودُها * ليشقّ إجلالاً لذاكَ جِدارُهُ

 ...

٢١٧

وعامُ مولدهِ العامُ الذي بَدَأتْ * بشائرُ الوحي تأتي من أعاليها

 ...

٣٦٦

وقد روى عن امّهِ فاطمه ذات التقى * والفضل بين النسا

 ...

١٠٥

يا أهل بيت المصطفى النبيِّ * خُصِصتمُ بالولد الزكيِّ


فهرس الكتب

آئينه تصوّف (لشاه محمد حسن جشتي) ٣٠٥ ، ١٧٣

أبواب الجنان وبشائر الرضوان ١٦٣ ، ٣٠٠

إثبات الوصية (للمسعودي) ٢٥ ، ١١٠ ، ٢١٨ ، ٢٤٠ ، ٢٩١

الأحداث (لأبي الحسن المدائني) ١٨٠

إحقاق الحق (للشهيد التستري) ٧٢ ، ١٣٦ ، ١٨٦ ، ٢٨٢ ، ٢٤٤

إحياء الداثر في مآثر القرن العاشر ٧١

أخبار مكّة (للأزرقي) ٢٠٨ ، ٢٠٩ ، ٢١٠ ، ٢٢٨ ، ٢٧١ ، ٢٧٢

أخبار مكّة (للفاكهي) ٢٢٧

أخبار مكّة وما جاء فيها من الآثار ٢٠٨

الأربعون حديثاً ٩٨ ، ٩٩

الأربعين ٢٨٨

أربعين ٤٢٤

الأربعين (لأسعد ٩٩

أربعين (للحلي ٩٨

أربعين (لأبو الفوارس الرازي) ٢٣٧

ارجوزة في مواليد الأئمة عليهم السلام ووفياتهم ١٠٨

إرشاد ٦٠ ، ٦١ ، ٧٥ ، ٢٣٨ ، ٢٧٨ ، ٢٧٩ ، ٢٨٤ ، ٣٤٢

إرشاد (للشيخ أبو محمد الديلمي) ٧٥ ، ١٦٤ ، ١٨٤ ، ٢٣٨ ، ٢٣٩ ، ٢٨٤ ، ٣٠٠

إرشاد (للشيخ المفيد) ٦٠ ، ١١٣

إزالة الخفاء ٥٣ ، ١٢٢ ، ٢٤٧ ، ٢٧٤ ، ٢٩٧

أساس البلاغة ٦٣

اسد الغابة ٥٣

أسرار الإمامة (لعماد الدين الآملي) ٧١

الإصابة (لابن حجر) ٥٣ ، ٧٣ ، ١٨٢ ، ٢٠٦ ، ٢٢٧ ، ٢٢٨ ، ٣٥٨


اصول الكافي ٣٦٠

أعلام المؤلّفين الزيديّة للوجيه ٣٤٢

إعلام الورى (لفضل الطبرسي) ٥٨ ، ١٨٥ ، ٢٣٩ ، ٢٧٧

الأعلام (للزركلي) ١١٨ ، ٢٠٩ ، ٢٩٥

الإعلان بالتوبيخ لمن ذمّ التاريخ ٢٠٩

أعيان الشيعة ٦٣ ، ٩٣ ، ١٩٢ ، ٢٥٢ ، ٢٥٥ ، ٢٦٣ ، ٢٧٩ ، ٣٧٠ ، ٣٧١ ، ٣٧٢ ، ٣٧٤ ، ٣٧٥

الإفادة في تاريخ الأئمة الزيدية ٣٤١

الإقبال ٦١ ، ٦٢ ، ١٧٠ ، ٢٧٨ ، ٣٠٤

إقبال الأعمال (لابن طاوس) ٢٣٦ ، ٢٣٩

أقرب الموارد ١٣٢

الألفاظ الكتابية ٦٨

ألقاب الرسول وعترته ١٠٥ ، ٣١٢ ، ٤٢٣ ، ٤٢٧

أمالي ٧٦ ، ٢٣٩ ، ٢٨٤ ، ٤٢٣ ، ٤٢٧

أمالي (للصدوق) ٤٢ ، ٧٦ ، ٩٠ ، ٢٨٦

أمالي (للطوسي) ٤٣ ، ٧٦ ، ٨٠ ، ٩٠ ، ٢٣٤ ، ٢٣٥ ، ٢٣٦ ، ٢٨٤ ، ٢٨٦

الإمام عليّ أسد الإسلام وقدّيسه ٣٥٤

الإمام علي اللغز المحير ٣٥٦

الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام ٣٥٤

الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام ٣٥٥

الإمام علي عليه السلام سيرة وتاريخ ٣٥٧

أمل الآمل ١٦٢

الإنجيل ٨٩

الأنساب ١٩٤ ، ٢٧٠

إنسان العيون ١١٩ ، ١٢٠ ، ١٦٨ ، ١٨٢ ، ١٨٦ ، ٢٣١ ، ٢٤٥ ، ٢٤٦ ، ٢٩٥ ، ٣٠٢

الأنوار النعمانية ١٦٣ ، ٢٩٩

أهل البيت ... المكتبة العربية (للطباطبائي) ٢٤٢ ، ٢٤٣ ، ٣٤٨ ، ٤٢٦ ، ٤٢٧

إيضاح المكنون ١٨٧

أُسد الغابة (لابن الأثير) ٢٢٣

أُصول العقائد ٥٧

أُصول العقائد وجامع الفوائد ٥٧ ، ٢٧٦

بحار الأنوار (للمجلسي) ٦٢ ، ٢٣٣ ، ٢٣٥ ، ٢٣٦ ، ٢٣٧ ، ٢٧٨ ، ٣١٤ ، ٣٦١ ، ٣٦٢ ، ٣٦٥ ، ٣٦٨ ، ٤٢٤

بحر المناقب ١٨٤

البروج في أسماء أمير المؤمنين ٣٤٥

بستان السيحة ١١٥ ، ١٣٦ ، ١٩٠

بشارة المصطفى (للطبري) ٤٣ ، ٧٤ ، ٧٥ ، ١١٦ ، ٢٨٣ ، ٢٨٤ ، ٢٩٣ ، ٤٢٣


تاج العروس ١١٠

تاج المواليد ١٨٥ ، ٢٣٩

تاريخ الأبّار ٢١٢

التاريخ الاسكندري ١١١

تاريخ الخميس ١٢٢ ، ٢٣٢ ، ٢٩٧

التاريخ الصغير ٢١٠ ، ٢١١ ، ٢٧٢

التاريخ الكبير (للبخاري) ٢٠١ ، ٢١٠ ، ٢١١ ، ٢٢٧ ، ٢٧٢

تاريخ بغداد (للخطيب البغدادي) ٢٥ ، ١٠٢ ، ١٩٩ ، ٢١١ ، ٢١٢ ، ٢٢٥ ، ٢٤٢ ، ٢٧٢ ، ٤٢٦ ،

تاريخ دمشق ٢٦٦ ، ٢٦٧ ، ٢٦٨ ، ٢٦٩

تاريخ قم ١١٢ ، ١١٣ ، ٢٤٠ ، ٢٩٢

تاريخ گزيده (لحمد الله المستوفي) ١١٠ ، ١١١ ، ١٦٧ ، ٢٩٢ ، ٣٠٢

تاريخ مكّة ٢٠٩

تاريخ نگارستان ١١٣ ، ١١٤ ، ٢٤١ ، ٢٩٣

التبيين في أنساب القرشيّين ٢٠٤ ، ٢٦٧

تجارب السلف ... ووزرائهم ١١٩ ، ٢٩٥

تحفة الأبرار (لعماد الدين الآمليّ) ٧١ ، ٢٨٢

التحفة الاثنا عشريّة (للدهلوي) ٥٣ ، ٢٧٤

تحفة السلاطين (للمولى محمود) ٦٧ ، ٢٨١

تحفة المجالس (للسططان محمد) ٦٧ ، ٢٨١

تذكره علماى اماميه پاكستان ٤٢٩

تذكرة الحفّاظ ٢١٠ ، ٢٧٢

تذكرة خواصّ الاُمّة ١٦٩ ، ٢٤٤ ، ١٦٨ ، ٣٠٢

تذكرة الشيخ علي الحزين ١٢٤

ترجمة علي عليه السلام من ... (لابن عساكر ٢٢٣

التقريب ٢٠٠

تقويم المحسنين ١٦٤ ، ٣٠٠

تكريم المؤمنين بتقويم ... الراشدين ٢٤٨

تكملة الجامع العبّاسي ٢٩٩

تنبيه الخاطر في أحوال المسافر ١٥٧

تواريخ أئمة الهدى ١٢٦

تواريخ المعصومين ٩١ ، ٩٢ ، ١٩١ ، ٢٨٦ ، ٢٥٠

التوراة ٨٩

تهذيب التهذيب (لابن حجر) ٧٣ ، ٢٠٤ ، ٢١١ ، ٢٢٧ ، ٢٦٨ ، ٢٧٢


تهذيب الكمال (للمزيّ) ٥٢ ، ٧٣ ، ٢٠٥ ، ٢٠٩ ، ٢١١ ، ٢٢٧ ، ٢٦٨

التهذيب (لأبي جعفر الطوسي) ٥٩ ، ٦٠ ، ٢٣٩ ، ٢٧٨

جاماسب ١١٥

الجامع ١٦٣

جامع الأخبار (للشعيري) ١٣ ، ٨٤ ، ٢٨٦ ، ٤٢٥ ، ٤٢٦

جامع التحصيل في ... المراسيل ٢٠١

جامع العبّاسي ١٦٣

جامع المقال ١٨٤

الجرح والتعديل (للرازي) ٢١٠ ، ٢١١ ، ٢٧٢

جلاء العيوم ٦٧ ، ٦٨ ، ٢٨٠

الجمهرة ١٩٦ ، ٢٠٥ ، ٢٦٨

جمهرة أنساب العرب (لابن حزم) ٥٢ ، ٧٣ ، ٢٢٧

جمهرة نسب قريش (لابن بكار) ٢٠٤ ، ٢٢٧ ، ٢٣٠

جمهرة النسب (لابن الكلبي) ١٩٥ ، ١٩٦ ، ٢٧٠ ، ٢٧١

جنّات الخلود ١٠٥ ، ١٠٦

جواهر العقدين ١٦٨ ، ١٨٥ ، ٢٤٥ ، ٣٠٢

جواهر المقال في فضائل الآل ٣٥٠

حاوي الأقوال ١٦٦ ، ٣٠١

الحدائق الندية في شرح الفوائد الصمدية ١٦٦ ، ١٦٨ ، ٣٠١ ، ٣٠٢

الحدائق الورديّة ٣٤١

حديثة النسب ١٠٨ ، ٢٤١

حياة الحيوان ١٤٠

حياة عليّ بن أبي طالب عليه السلام ١١٩

الخرائج والجرائح ١٨٧ ، ٢٣٩

الخزانة العامرة ١٥٨

خصائص الأئمّة (للشريف الرضي) ٥٩ ، ١٨٦ ، ٢٣٨ ، ٢٧٨

خصائص المسند ٢٠٢

دائرة المعارف الشيعية ١٩٢

داستانهاى شگفت (لدستغيب الشيرازي) ٤٢٠

الدر المسلوك في أحوال الأنبياء ٩٣ ، ١١٩ ، ٢٨٦

الدرر السنيّة ١٣٥ ، ١٩٣

الدوحة المهديّة ١٢٦ ، ٢٥٢

دِيَم النَيْسان ديوان خير الدين ٣٧٩


ديوان (للميرزا حبيب) ١٣٠

ديوان (للشيخ حسين نجف) ١٢٣

ديوان خزائن الاشعار (للجوهري) ١٥٣

ديوان الربيعي (لعبد العظيم الربيعي) ٤٠٤

ديوان (للسيد رضا الهندي) ٢٥٤

ديوان (للمهندسة كوثر شاهين) ٤١٣

ديوان (لمحسن الأمين العاملي) ١٥٧

ديوان (لمحمد تقي التبريزي) ١٣٢

ديوان (للسيّد مرتضى الوهاب) ٤٠٣

الذريعة (لآقا بزرك الطهراني) ٧١ ، ٩٣ ، ٩٨ ، ١١٤ ، ١١٨ ، ١٦١ ، ١٦٢ ، ٢٤٢ ، ٢٩٣ ، ٢٩٥ ، ٤٢٦ ، ٤٢٩ ، ٤٣٠

الرجال (للنجاشي) ١٣ ، ٢٥ ، ٤٢٦

الرسالة الموضوعة لتأريخ مواليد أئمّة ١١٨ ، ٢٩٥

روائح المصطفى (لصدر الدين البردواني) ١٧٣ ، ٣٠٥

روضات الجنات ٧٢

روضة الشهداء ١١٦ ، ٢٩٣

روضة الصفا في آداب زيارة المصطفى ١٠٨ ، ١١٥ ، ٢٩٠ ، ٢٩٣ ، ١٩٠

روضة الصفا ناصرى ١١٤

الروضة في الفضائل ٩٩

روضة الواعظين (لابن الفتّال النيسابوري) ١٣ ، ٤٣ ، ٦٣ ، ٧٠ ، ٧٥ ، ٨٤ ، ٩٠ ، ١٨٣ ، ٢٣٣ ، ٢٣٩ ، ٢٤٨ ، ٢٧٩ ، ٢٨١ ، ٢٨٤ ، ٢٨٦ ، ٣١٤ ، ٣١٥ ، ٣٤٩ ، ٤٢٤ ، ٤٢٧

الرياض النضرة ١٧٢

السبيل الجدد إلى حلقات السند ٩٣ ، ٢٦٤

السحابة البيضاء ٣٦٩

سرّ الأنساب العلوية (لأبي نصر البخاري) ١٠٧

سرح الخريدة الغيبيّة ٢٢٤ ، ٢٤٧

السفينة ٣٤٣ ، ٣٤٤

سير أعلام النبياء١٩٤ ، ٢٠٤ ، ٢٠٥ ، ٢٠٦ ، ٢١٠ ، ٢١١ ، ٢١٢ ، ٢٣٨ ، ٢٦٨ ، ٢٧٠ ، ٢٧١ ، ٢٧٢

سير الخلفاء (للدهلويّ) ١٦٧ ، ١١٢ ، ١٢١ ، ٢٩٢ ، ٢٩٧ ، ٣٠٢

السيرة ٣١٥ ، ٤٢٤

شرح الشافية ٢٩٥

شرح الشفا (للشيخ علي القاري) ١٧٤ ،

٣٠٦


شرح عينية العمري (للألوسي) ٥٤ ، ١١٣

شرح قصيدة أبي فراس الحمداني ١١٨

شرح القصيدة البائية المذهّبة (للحميري) ٥٨ ، ٥٩ ، ١٨٦ ، ٢٣٨ ، ٢٧٧

شرح النهج ٩٥

شرح نهج البلاغة ٩٥ ، ١٦٤ ، ٢٣٢ ، ٢٨٧

شرح نهج البلاغة الموسوم بـ (منهاج البراعة) (لحبيب الخوئي) ٦٤

شرح نهج البلاغة (لابن أبي الحديد) ١٨٠ ، ٢١٩ ، ٢٢٨ ، ٢٢٩

شعراء الغري (للخاقاني) ١٣٩ ، ١٤٣ ، ٢٥٧ ، ٢٥٩ ، ٤٢٠

شقاشق (ديوان السيّد الجلالي) ٤١٨

الشهاب الثاقب ١٦٣ ، ٣٠٠

شهداء الفضيلة ١٢٥ ، ١٣١

الصحاح ٥٢ ، ١٠٠ ، ١٣٨ ، ١٥٩ ، ١٩٩ ، ٢٠٨

صحيح مسلم ٢٠٠ ، ٢١٢

صحيفة الأبرار ١٣٢

الصراط السويّ ١٨٤ ، ٢٤٦

الصراط المستقيم (لعليّ البياضيّ) ٧٠ ، ٧١ ، ٢٤٠ ، ٢٥٠ ، ٢٨٢

صفة الصفوة ٢٠٥ ، ٢٢٧

الصواوعق ١٧١ ، ٣٠٤

الضعفاء ٢٠٤

الضوء اللامع ٧٢

ضياء العالمين ٦٨

الطبقات الكبير ١٩٥

عبرٌ من حياة الإمام أمير المؤمنين ٣٩٦

عدّة الرجال (لمحسن الأعرجي) ١٦٥

العذب النمير ١٣٢

عقائد الشيعة ١٦٦ ، ٣٠١

علل الشرائع (للصدوق) ٤٣ ، ٧٦ ، ٩٠ ، ٩٩ ، ٢٢٥ ، ٢٨٤ ، ٢٨٦ ، ٤٢٣

علي بن أبي طالب سلطة الحق ٢٢٤

عليّ عليه السلام مولود كعبة ٤٢٩

عليّ عليه السلام مولود كعبة وشهيد محراب ٤٣٠

عليّ عليه السلام والكعبة في ... ٤٣٠

عليّ عليه السلام وكعبة ٤٢٩

عليٌّ عليه السلام وليد الكعبة (لمحمّد علي الأُردوبادي ١٧٩ ، ١٨٦ ، ١٩١ ، ١٩٢ ، ١٩٣ ، ٢٠٨ ، ٢١٧ ، ٢٢٩ ، ٢٣١ ، ٢٣٢ ، ٢٣٨ ، ٢٤١ ، ٢٤٣ ، ٢٤٤ ، ٢٤٦ ، ٢٤٧ ، ٢٥١ ، ٢٥٢ ، ٢٥٤ ، ٢٥٥ ، ٢٥٦ ، ٢٥٩ ، ٢٦٠ ، ٢٦١ ، ٣٥٩ ، ٣٦٠ ، ٤٢٤ ، ٤٢٩


عمدة الزائر ١٦٥ ، ٣٠٠

عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب ١٠٧ ، ١٨٤ ، ٢٤١ ، ٢٨٩

عمدة عيون صحاح الأخبار (لابن البطريق) ٧٠ ، ١٠٢ ، ٢٣٤ ، ٢٣٩

عيد الغدير ١٥٩ ، ٢٦٠

عيون المعجزات ٩٩ ، ١٠٠ ، ٢٣٧ ، ٤٢٤

غاية المرام (للسيّد هاشم البحرانيّ) ٥٧ ، ٢٣٣ ، ٢٧٦

غبار نجف ٤٢٠

الغدير في الكتاب والسنّة والأدب (للشيخ الأميني) ١٢٤ ، ١٢٥ ، ١٢٩ ، ١٣٠ ، ١٣٩ ، ١٤٣ ، ١٥٩ ، ١٦٠ ، ١٨١ ، ١٩٠ ، ١٩١ ، ١٩٢ ، ٢٢٤ ، ٢٣٨ ، ٢٤٠ ، ٢٤١ ، ٢٤٧ ، ٢٤٩ ، ٢٥٠ ، ٢٥١ ، ٢٥٢ ، ٢٥٣ ، ٢٥٧ ، ٢٥٩ ، ٢٦٠ ، ٢٦٥ ، ٢٧٥ ، ٢٧٦ ، ٣٤٨ ، ٤٢٦

الغديرية العصماء٤٢٠

غرر الدرر (للسيد حيدر الحسيني) ١٣

فتح الملك العلي ٢٠٢ ، ٢١٢

فرائد السمطين (للجويني) ١٨٦ ، ٢٤٥

فردوس الأخبار (للديلمي) ٢٢٣

فصل الخطاب ١٢٧

الفصول ١٦٨

الفصول المهمة (لابن الصباغ) ٥٤ ، ٧٣ ، ٢٤٥ ، ٧٣ ، ١٠٢ ، ١٦٦ ، ١٦٨ ، ١٨٥ ، ٢٨٣ ، ٣٠١ ، ٢٤٥ ، ٢٧٤ ، ٣٠٢ ، ٤٢٣

فضائل أمير المؤمنين عليه السلام ١٨٦ ، ٢٤٤

فضائل الصحابة ١٨١ ، ١٨٢

الفضائل (لابن شاذان) ١٣ ، ٩٨ ، ٢٣٦ ، ٢٣٧ ، ٢٨٨ ، ٤٢٤ ، ٤٢٦

الفضائل (لسديد الدين القمي) ١٣ ، ٨٤ ، ٢٨٦

فلك النجاة ١٦٥ ، ٣٠٠

الفوائد الغروية والدرر النجفية ١٦٧

فهرست ١٩٥ ، ٢٠٩ ، ٢٤٢ ، ٤٢٦

فهرست الطوسي ٢٥ ، ٢٤٢

فهرست النجاشي ٢٤٢

القاموس المحيط ٥٢ ، ٦٢

قاموس الكتب ٤٢٩

القصيدة العلوية ١١٨ ، ٢٩٥

قصيدة في تولّد أمير المؤمنين عليه السلام ٤٣٠

قلائد الإنشاد ٤٠٨


كاشف الغمّة في تاريخ الأئمّة ٣٤٠

الكافي (للكليني) ٢٢٢

نالكامل البهائي (لعماد الدين الآمليّ) ٧١

الكامل في التاريخ ٩٣ ، ١١٠

كتاب الحسين عليه السلام (لعلي جلال الدين الحسيني) ١١٣ ، ١٦٧ ، ٢٩٣ ، ٣٠٢

كتابخانه ابن طاوس (لاتان كلبرك) ٢٤٢ ، ٢٤٣ ، ٤٢٧

الكرّاريّة (للشريف الرضيّ) ١٢٥

كشف الحقّ ٦٩ ، ٧٥ ، ٢٨١ ، ٢٨٤

كشف الصدق ٦٩ ، ٧٥ ، ١٨٤

كشف الظنون (للچلبي) ٥٤ ، ١١٤ ، ٢٠٩ ، ٢٧٤ ، ٢٩٣

كشف الغمّة (للأربلي) ٦٩ ، ٧٤ ، ٧٥ ، ١٠١ ، ١٠٢ ، ١٨٣ ، ٢٣٤ ، ٢٣٩ ، ٢٨١ ، ٢٨٣ ، ٢٨٤ ، ٣٥٨ ، ٣٥٩

كشف اليقين ٦٩ ، ٧٥ ، ٢٣٨ ، ٢٣٩ ، ٢٨١ ، ٢٨٤

الكشكول ٥٥ ، ٥٦

الكشكول فيما جرى على آل الرسول ٥٥ ، ١٨٨ ، ٢٣٩ ، ٢٧٦

كعبه ومولود كعبة ٤٣٠

كعبة كى عظمت اور دلبند أبي طالب عليه السلام ٤٣٠

كفاية الطالب (للحافظ الشافعي الكنجي) ١٣ ، ٥٤ ، ١٠٣ ، ١٠٥ ، ١٧٤ ، ١٨٣ ، ٢٣٦ ، ٢٤٤ ، ٢٤٥ ، ٢٧٠ ، ٢٧٤ ، ٢٧٥ ، ٢٨٨ ، ٣٤٢ ، ٣٤٥ ، ٣٤٨ ، ٤٢٦

كفاية الطالب ... (للشنقيطي) ١٧٤ ، ٣٠٦

كنز العمال (للمتقي الهندي) ٢٢١ ، ٢٢٣

كنز الفوائد (للكراجكي) ٢٥ ، ٩٦ ، ٢١٨ ، ٢٣٨ ، ٢٨٨

كنز المطالب ١٨٤

گذرى به مراسم شعر خواني در كانون اسلامى شعر وادباى استان كرمان ٤٣٠

اللآلىء المصنوعة ٢١٢

لسان العرب ٦١ ، ٧٠ ، ٧٥ ، ٨٥ ، ١٠١ ، ١١٦ ، ١٢٨ ، ١٤٠ ، ١٧٥ ، ١٩٩ ، ٢٩٣

لسان الميزان ١٩٤ ، ٣٠٣

اللؤلؤ والمرجان ٦٦

المائة منقبة ٩٥

ماهنامه (پاسدار اسلام) ٤١٩ ، ٤٣٠

ماهنامه (الجواد) ٤٢٩

ماهنامه (الواعظ) ٤٣٠


المثنويّ (للمولوى الروميّ) ١٣٦

المجالس (للقاضيّ التستريّ) ٦٣

مجالس المؤمنين ١٣٤

المجدي في أنساب الطالبيين (للعمري) ٦١ ، ١٠٧ ، ١٨٧ ، ٢٤١ ، ٢٧٩ ، ٢٨٩

مجلة (تراثنا) ٩ ، ١٧٧ ، ٢٢٨ ، ٢٤٣ ، ٢٤٦ ، ٢٤٧ ، ٢٤٨ ، ٢٧٢ ، ٤٢٧

مجلة (علوم الحديث) ٩ ، ٩٣ ، ٢١٥ ، ٢٥٢ ، ٢٦٤ ، ٣٧٦

مجلّة العمران (لعبد المسيح الأنطاكي) ١١٦ ، ٢٩٣

مجلة البحرين ٧٩ ، ٨٥ ، ٨٩ ، ١٠٣ ، ١٠٦

مجمع البيان في تفسير القرآن (الطبرسي) ٥٨ ، ٢٧٧

مجمع الزوائد (للهيثمي) ١٨١ ، ٢٢٥

كجكع الفصحاء ١٣٢

المجموع الرائق ٩٥

المجموعة الكاملة ٢٦٦ ، ٣٥٠ ،

المحبّر ١٩٥ ، ١٩٦ ، ١٩٨ ، ١٩٩

محبوب القلوب ١٦٢ ، ٢٩٩

مختصر تأويل الآيات الباهرة في ... ٧١

مدارج النبوة ١٧٢ ، ٣٠٥

مدينة المعاجز ١٦١ ، ٢٩٩

مرآة الكائنات (لنشانجيّ زاده) ١١٢ ، ١٦٧ ، ٢٩٢ ، ٣٠٢

المراتب ٣٤٠

المراسيل ٢٠٠

مروج الذهب ١٠٩ ، ٢٤٠ ، ٢٩١ ، ٣٦٩

مزار ٦١

المزار الكبير (لابن المشهدي) ٦٢ ، ٢٧٨

مزار الشهيد ٢٧٨

المزار (للشهيد الأوّل) ٢٣٦

المزارين ٦٢

مسارّ الشيعة ٥٤ ، ٦٠ ، ٢٧٨ المستدرك على الصحيحين (للحاكم) ٥٢ ، ٥٣ ، ٥٥ ، ٧٣ ، ١٦٧ ، ١٧٤ ، ١٧٥ ، ٢٠٦ ، ٢٠٧ ، ٢٢٠ ، ٢٢٥ ، ٢٢٨ ، ٢٣١ ، ٢٤٤ ، ٢٦٩ ، ٢٧٠ ، ٢٧٣ ، ٢٧٤ ، ٣٠١ ، ٣٠٦ ،

مسند أحمد ٢٠٢ ، ٢٢٥

المشجّر الكشّاف لاُصول السادة الأشراف ١٠٧ ، ٢٨٩ ، ٢٤١

المصباح ١١٩ ، ٢٤٠ ، ٢٩٥


مصباح الحرمين ٩٢ ، ٢٨٦

مصباح الزائر (لابن طاوس) ٦١ ، ٦٢ ، ٢٣٦ ، ٢٧٨

مصباح الكفعمي ١١٩

مصباح المتهجّد (للشيخ الطوسي) ٦٠ ، ٢٣٧ ، ٢٧٨ ، ٣١٤ ، ٤٢٤

مطالب السؤول (لابن طلحة الشافعي) ١١١ ، ١٦٧ ، ٢٤٤ ، ٢٩٢ ، ٣٠٢

مطلع الشمس ١٣١

معارج الوصول ٣٤٧

معالم الطالبيين ١٠٧

معالم العلماء (لابن شهر آشوب) ٢٥ ، ٢٤٢ ، ٤٢٦

المعاني ٤٢٣

معاني الأخبار (للصدوق) ٤٣ ، ٧٦ ، ٩٠ ، ٩٩ ، ٢٢٥ ، ٢٨٤ ، ٢٨٦

معجم الاُدباء ١٩٥ ، ١٩٩

المعجم الأوسط (للطبراني) ١٨١

المعجم الوسيط ٥٢ ، ١٥٥ ، ١٧١

معجم البلدان ١٨ ، ٨٢ ، ٨٣

معجم ما كتب عن الرسول وأهل البيت ٤٢٧ ، ٤٢٨ ، ٤٢٩ ، ٤٣٠ ، ٤٣١

معجم المؤلّفين العراقيين ٥٣ ، ٢٠٩ ، ٤٣١

معرفة علوم الحديث ٢٠١ ، ٢٠٣

مفتاح الفتوح ١٧٠ ، ٣٠٤

مفتاح النجا في ... (للبدخشيّ) ١٧٤ ، ١٨٥ ، ٣٠٥

مقتل أمير المؤمنين ... ٣٤٩

مقدّمة ابن الصلاح ٢٠٠ ، ٢٠١ ، ٢٠٢

المقنعة ٦٠ ، ٢٣٨ ، ٢٧٨

مكتبة ابن طاوس ٤٢٧

مناقب ١٦٢ ، ١٧٣ ، ٢٨٥ ، ٣٤٧

مناقب آل أبي طالب (لابن شهر آشوب) ٤٣ ، ٦٣ ، ٦٤ ، ٦٥ ، ٧٠ ، ٨١ ، ٨٣ ، ٩٠ ، ١٦١ ، ١٨٨ ، ٢٣٦ ، ٢٣٩ ، ٢٨٢ ، ٢٨٦ ، ٢٩٩

مناقب أمير المؤمنين ... ٣٤٨

مناقب الترمذي ٣٠٢

مناقب الثلاثة ٣٤٧ ، ٣٤٨

مناقب سيّدنا علي بن أبي طالب ٣٤٨

مناقب علي ... (لابن المغازلي) ٢٢١ ، ٢٣٤

مناقب علي ... (للخوارزمي) ٢٢١

مناقب (لابن المغازلي) ١٠١ ، ١٠٢ ، ٢٢٣ ، ٢٢٥ ، ٢٨٨ ، ٤٢٣


مناقب (لابن شهر آشوب) ١٣ ، ٦٣ ، ٨٠ ، ٢٣٥ ، ٢٣٧ ، ٢٤٨ ، ٢٤٩ ، ٢٧٩ ، ٣١٣ ، ٣١٤ ، ٣١٦ ، ٤٢٤ ، ٢٣٦ ، ٣١٥ ، ٤٢٣ ، ٤٢٦ ، ٤٢٧

المناقب (للترمذي) ٧٥ ، ١٦٧ ، ٣٠٥

مناقب مرتضوي ٧٥ ، ١٧٣ ، ٢٨٤ ، ٣٠٥

مناقب المعصومين (لعبد الخالق اليزدي) ١٣٦ ، ١٦٢

مناهل الضرب في ... (للأعرجي) ١٠٧ ، ٢٨٩ ، ٣٥٠

المنتظم (لابن الجوزي) ٢٢٧

منتهى المقال ١٦٦ ، ٣٠١

من لا يحضره الفقيه (للصدوق) ٢٢١

من وحي ذكرى أهل البيت ٤٠١

منهاج البراعة ٦٥ ، ١٦٤ ، ٣٠٠

منهج الشيعة في فضائل ... ١٨٤

الموجز في فضل الخلفاء الأربعة ٣٤٨

مولد الإمام أمير المؤمنين عليّ عليه السلام ٤٢٨

مولد بطل الإسلام أمير المؤمنين ... ٤٢٧

مولد جناب عليّ كرّم الله وجهه ٤٣٠

مولد عليّ عليه السلام ٤٢٦ ، ٤٢٧

مولد عليّ عليه السلام بالبيت ٤٢٦

مولد عليّ بن أبي طالب عليه السلام ٤٢٧

مولد عليّ بن أبي طالب عليه السلام ٤٢٨

مولد علي بن أبي طالب عليه السلام ومنشؤه وبدء إيمانه وتزويجه فاطمة ٢٤٢

مولد علي عليه السلام في البيت (للصدوق) ١٣

مولد مولانا عليّ عليه السلام بالبيت ٢٤٢

المولد والغدير ٤٢٨

مولود أمير المؤمنين ... ٤٢٨

مولود جناب علي ٩

مولود حرم ٤٢٩

مولود شريف حضرت أمير عليه السلام ٤٢٨

مولود كعبه ٢٤٣ ، ٤٢٩

ميزان الاعتدال ٢٠٤ ، ٢١١ ، ٢٦٨ ، ٢٧٢

نجوم السماء ١٢٥

نخب المناقب (للحسين بن جبر) ١٦١

نزهة الجليس ومنية الأديب الأنيس ١٦٣ ، ٢٩٩

نزهة المجالس ٧٣ ، ١٨٢ ، ٢٩٩ ، ٢٤٥ ، ٢٨٣ ، ٣٠٢

النسب ٢٦٨

نظم درر السمطين في ... ٣٤٦

النعيم المقيم لعترة النبأ العظيم ١٨٧،٣٤٥،٣٤٦


النفحة القدسية ١٣٤ ، ١٣٥

نقباء البشر (للطهراني) ١٣٢ ، ٤٢٠

نوادر المعجزات (للطبري) ٩٨ ، ٢٣٧ ، ٢٨٨ ، ٤٢٤

النور ١٢٠ ، ٢٣١ ، ٢٩٥ ، ٢٩٦

نور الأبصار في مناقب ... ٥٤ ، ١٦٨ ، ١٨٦ ، ٢٤٥ ، ٣٠٢

النهاية ٨٦

نهاية السؤل في مناقب وصيّ الرسول ٣٤٢ ، ٣٤٥

نهج الإيمان ٣٣٩

نهج البلاغة (لصبحي الصالح) ٢١٨ ، ٢٢٠ ، ٢٢٢

نهج الحقّ وكشف الصدق ٦٩ ، ٧٥ ، ١٨٤ ، ٢٣٨ ، ٢٣٩

هدية رمضان ٣٥٧

هدية العارفين ٥٣ ، ٢٠٩

وسائل الشيعة (للحر العاملي) ٩١ ، ٩٣ ، ١٩١ ، ٢٨٦

وسيلة المآل (لابن باكثير) ١٨٨ ، ٢٤٦

وسيلة المتعبّدين (للملّا) ٢٢٣

وسيلة النجاة ٢٤٧

وفيات الأعلام ١٣١

ولادت وولايت ٤٣٠

وليد الكعبة ٤٣١

الويدات واليرانات ١٣٥

اليتيمة في تواريخ الأئمة ٣٤٠

اليقين (لابن طاوس الحلي) ١٣ ، ٩٨ ، ٢٤٢ ، ٢٤٣ ، ٢٨٨ ، ٤٢٥ ، ٤٢٦

ينابيع المودّة ١٠٥


فهرس المحتوى

دليل الكتاب................................................................... ٣

مقدّمة المؤلّف.................................................................. ٥

مولد عليّ عليه السلام في البيت............................................... ١١

مولد أمير المؤمنين الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام في البيت.................. ١٤

مولد أمير المؤمنين عليه السلام ومنشؤه مع النبي صلى الله عليه وآله.............. ٢٣

مولد عليّ عليه السلام......................................................... ٤١

علي عليه السلام وليد الكعبة.................................................. ٤٩

حديث المولد الشريف وتواتره.................................................. ٥٢

حديث الولادة الشريفة مشهور بين الاُمّة عليهم السلام......................... ٦٧

نبأ الولادة والمحدّثون........................................................ ٩٤

حديث الولادة والنسّابون................................................. ١٠٦

حديث الولادة والمؤرّخون.................................................. ١٠٨

حديث الولادة والشعراء.................................................. ١٢٣

حديث الولادة مجمعٌ عليه................................................. ١٦٠

الولادة في الكعبة المعظّمة فضيلةٌ لعليٍّ عليه السلام خَصَّهُ بها ربُّ البيت......... ١٧٧

أمّا الشعراء ، وخاصّة العلماء منهم............................................ ١٩٠

حديث أُم حكيم المزعوم.................................................... ١٩٤


ولادة أمير المؤمنين عليه السلام خصوصية في الزمان وتفرُّدٌ في المكان.......... ٢١٥

أوهام الشكّ وأرقام اليقين................................................... ٢٢٦

أرقام اليقين................................................................ ٢٣٢

قراءة في كتاب «عليٌّ وليد الكعبة» للاُردوبادي................................ ٢٦١

المؤلّف.................................................................... ٢٦٣

المقدمة.................................................................... ٢٦٥

الروايات.................................................................. ٢٦٧

فصول الكتاب............................................................. ٢٧٣

حديث المولد الشريف وتواتره................................................ ٢٧٣

حديث الولادة الشريفة مشهور بين الاُمّة...................................... ٢٨٠

روايات الولادة المباركة....................................................... ٢٨٣

نبأ الولادة والمحدّثون......................................................... ٢٨٧

حديث الولادة والنسّابون.................................................... ٢٨٩

حديث الولادة والمؤرّخون.................................................... ٢٩٠

حديث الولادة والشعراء..................................................... ٢٩٨

حديث الولادة مجمع عليه................................................... ٢٩٩

علماء أهل السنّة........................................................... ٣٠١

وقفة أخيرة................................................................ ٣٠٦

روايات مختصرة في مولد أمير المؤمنين عليه السلام في الكعبة................. ٣٠٩

مولود جناب عليّ كرّم الله وجهه.............................................. ٣١٧

توحيد باري تعالى جلّ شأنه.................................................. ٣١٩

مناجات بدرگاه قاضى الحاجات جلّ جلاله.................................... ٣١٩


نعت شريف جناب نبوي صلى الله عليه وآله................................... ٣٢٢

در حق عالى حضرت امامين................................................. ٣٢٤

ديباچه منظومه مولد جناب امام على كرّم الله وجهه............................. ٣٢٥

الهي...................................................................... ٣٢٦

مقدمه مولد لطيف......................................................... ٣٢٦

نعت شريف جناب نبوىّ صلى الله عليه وآله................................... ٣٢٧

مبحث مولد علىّ كرم الله وجهه ورضي الله تعالى عنه............................ ٣٢٧

در ستايش حضرت امام علىّ رضي الله عنه.................................... ٣٢٨

در بيان وقوعات اخيره...................................................... ٣٢٨

در بيان احوال واوصاف جليله حضرت إمام................................... ٣٣١

در بيان مسلك صحيح..................................................... ٣٣٣

دعا وخاتمه................................................................ ٣٣٤

مسك الختام بما قيل في مولد الإمام عليه السلام............................. ٣٣٧

مع النثر................................................................... ٣٣٩

مع الشعر................................................................. ٣٧٠

ملاحق..................................................................... ٤٢١

١ ـ رواة حديث المولد المبارك................................................. ٤٢٣

٢ ـ مشجر رواة المولد المبارك................................................. ٤٢٥

٣ ـ المؤلّفات في حديث المولد ومصادرها....................................... ٤٢٦

الفهارس العامّة.............................................................. ٤٣٣

وليد الكعبة

المؤلف:
الصفحات: 495