١ ـ المقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحروف في بعض حقائقها رموز للأصوات ، فكل حرف يمثل صوتا معينا ومجموع هذه الأصوات يختص جميع اللغات في العالم.

فاللغة العربية مثلا لديها ثمانية وعشرون حرفا ، والمعتقد أن بقية لغات العالم لديها عدد مماثل أو مقارب.

إن أصوات تلكم الحروف هي الأساس الذي تقوم عليه جميع لغات العالم التي يتفاهم بها جميع الناس في الكرة الأرضية ، على الرغم من اختلاف تلكم اللغات في تركيب الألفاظ والمعاني ، إن تلك الأمور تشعرنا بكل وضوح بوحدة اللغات قبل تشعبها وتفرعها إلى لغات عديدة ، الأمر الذي يدل على وحدة الخالق سبحانه وتعالى الذي وهب اللغة الأصلية وكذلك اللغات الفرعية ما شاء من إمكانات وقابليات وقدرات ، احتضنت جميع العلوم على اختلافها في الضروب في العالم أجمع ، منذ أقدم العصور وحتى يومنا هذا ، وستبقى كذلك إلى ما شاء الله سبحانه وتعالى.

فما هي حقيقة هذا الحرف؟! وهل استطاع العلماء الوصول إلى معرفة تلك الحقيقة؟! أم ما زالوا يبحثون عنها ولم يصلوا إلى كنهها؟ كما أراد الله سبحانه وتعالى؟.

إن الجواب على هذه التساؤلات ما زال صعب المنال ، ومن هنا سيظل الحرف لغزا لا يفهمه إلا القليلون من العرفانيين الذين أودعهم الله سبحانه بعض أسرار الحروف.


وعلى الرغم مما قاله العلماء والمختصون في اللغات ومبادئ تكوين تلك الحروف والأصوات ، فإنهم لم يتوصلوا إلى أسرار الحروف ، وراحوا يصولون ويجولون في أوهامهم ويقيمون التجارب تلو التجارب على الأمور الكبار والصغار لعلّهم يضعون أيديهم على كيفية نشوء الحروف ، وكيفية نشوء اللغات ، وكيفية تشعبها إلى لغات عديدة يتفاهم بها بنو البشر جمعاء قديما وحديثا.

وسوف تظل البشرية تنطق بلغاتها المحصورة بثمانية وعشرين حرفا تقريبا ، دون معرفة الأسرار الكامنة في كل حرف من تلك الحروف ، أو بالأحرى دون معرفة سر الأسرار المحيّر الذي يكشف الحروف ويحيط بها وينظمها لغة نطق وسمع وتفاهم وكتابة وقراءة من قبل جميع الناس في العالم ، على الرغم من بعض الاختلافات الصوتية أو كتابة الحروف ، وهذه كلها يمكن أن تكون بفعل الإدغام أو المد أو القصر ، أو المخارج. ولكن الأصل يبقى واحدا ، وتبقى المخارج واحدة في الحلق والبلعوم والشفتين حسبما حدده فقهاء اللغة وعلماء الأصوات.

فبعد تتبع مضن ودراسة واسعة تمكن عدد من علماء أسرار الحروف ـ والله أعلم ـ من إدراك النزر اليسير من أسرار الحروف ، وهي في اعتقادنا ، أن الحروف كائنات مخلوقة ، وهي حية وعاقلة. فكل حرف هو في الواقع ذات مكلفة بالإذعان والطاعة لمن يدرك سرها بالإضافة إلى النطق والكتابة لمن يحسنها ، وبحسب إرادة البشر الذي خلقت لأجله اللغة ، هذا ما فصلنا فيه القول في كتابنا «أصل اللغة عند الإنسان القديم».

فالحروف مأمورة ومكلفة كما أن البشر مكلفون ومأمورون ، والعاصي من أي نوع كان يحاسب من قبل الله تعالى ويعزر بما يستحق.


هذا والمسلمون بعامة يؤمنون بما أنزل الله سبحانه على نبيه محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في القرآن الكريم ، وفيه قوله عزّ من قائل : (وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها) الآية. وهذا النص القرآني الكريم يفيدنا أن آدم عليه‌السلام أبا البشر عند ما أسكنه الله تعالى الأرض ما كان أخرسا ولا خاليا من اللغة ، بل كان مزودا بجميع مفاهيم اللغة ، ولغته متكاملة ، تصلح للتفاهم ، ومن الطبيعي أنه علّمها لأولاده وأحفاده ، وهكذا عمّت لغته أبناء نسله جيلا بعد جيل.

والمسلمون يؤمنون أن للحروف التي هي أساس اللغة أسرارا ومفاهيم ليس من الحكمة أن يفهمها كل الناس ، ومن هنا فقد وهب الله تعالى بطريقة ما بعض أسرارها للمقربين منه من عباده الصالحين ، وهؤلاء قد أبانوا لنا بعض أسرار الحروف بالقدر الذي يأذن به الله سبحانه وتعالى.

ونحن في كتابنا هذا سنحاول أن نذكر ما استطعنا التوصل إليه من جمع بعض الأسرار نقلناها مما توفر لدينا من المصادر المنتقاة ، وأعرضنا عن الكثير مما وقفنا عليه تحاشيا للإطالة وتوخيا للإيجاز والاختصار. وسوف نذكر إن شاء الله تعالى ما يناسب المقام من أسرار بعض الآيات والسور القرآنية الكريمة ، والاسم الأعظم والحروف المقطعة في أوائل بعض السور القرآنية ، وكتاب الجفر ، وأرقام حساب الجمل ، والأدعية والطلاسم ، وتركيبات بعض الحروف ، وأسرار ذاتية الحرف وحياته.

هذا وليست لنا القدرة ولا الاطلاع ولا العلم عن كيفيات التعليم الأساسية للوصول إلى حقائق تلكم الأسرار ، لأنها هي الأخرى من أكبر الأسرار التي أخفاها الباري عزوجل عن عامة عباده ووهب منها ما شاء لعباده الصالحين المقربين بوسيلة من الوسائل الكشفية أو الإلهامية أو العبادية ، وما أجلّ وأكثر الوسائل عنده سبحانه وتعالى.


فنحن في كتابنا هذا نذكر الأسرار فقط وما علمناه من آثارها فحسب ، وعلى المؤمن العاشق الذي يريد الوصول إلى أكثر من ذلك أن يتقرب إلى خالقه عزوجل بوسائل العبادة المعروفة وفي طليعتها نبذ الدنيا جملة وتفصيلا ، والاتجاه إلى الآخرة ، والتوجه والتوكل على الله وحده لا شريك له ، وعندها قد يرى الله سبحانه استجابة طلبه وتحقق توجهه ، فيعطيه ما يشاء من أسرار الحروف.

وفي الختام نقول : إن الأسرار على ضربين : فالأول الأسرار ذات الآثار الفعلية عاجلا أو آجلا. والضرب الثاني الأسرار ذات المعاني الظاهرة والمعاني الباطنة. هذا وسوف نذكرها جميعا إن شاء الله تعالى ، موضحين الصفة التي يمتاز بها السر ، فعلية أو معنوية ، والحمد لله رب العالمين.


٢ ـ تمهيد

الحمد لله الذي لم يجعل لفلاسفة الإلحاد وعلمائه ، نصيبا يذكر في معرفة أسرار الحروف ، والحمد لله الذي سلب من عقولهم نعمة التميّز بأسرار الحروف ، وأبعدهم عن مفاهيمها لئلا يستغلوها ويستخدمونها لمصلحة أهوائهم الخبيثة وأغراضهم المصلحية الدنيوية الدنيئة والحمد لله رب العالمين الذي جعل جهلهم في كتبه وفي هذه الأسرار ، يصب في مصلحة المؤمنين العابدين العارفين من عباده الصالحين فقط ، ولو لا ذلك لاضطربت الحياة في جوانب عديدة من نواحيها الطبيعية والاجتماعية ، ولاختل النظام وسادت فوضى التخرصات والأطماع والاستحواذ في هذا الكوكب الأرضي الذي كان ولما يزل يحتضن الجم الغفير من مخلوقات الباري عزوجل.

ولو لا ذلك وحكمة الله المهيمن العالم بما يصلح الأمر من مخلوقاته وما يفسدها ، لعبث شياطين الإنس بعقول ومصالح الكائنات بتوجيه وتسديد من شياطين الجن ، ولأصبحت الحياة جحيما لا يطاق تنعدم فيه الحياة التي أرادها الباري المكون لعباده من إنس وجن وحيوان ونبات وجماد.

جلت قدرة الله عزوجل الذي جعل عقول الملحدين قاصرة عاجزة عن إدراك سر ذلكم الكائن الحي «الحرف» وجعل القليل جدا من إدراكه في متناول عقول أنبيائه ورسله وأوصيائهم والأئمة الهداة والمقربين منه من العلماء والصالحين. وهذا ما وفر لنا مغبة الكثير من التعب والوقت لمخاض الحوار والنقاش مع علماء الإلحاد وفلاسفته لتبيان خصائص ومميزات أسرار


الحروف وفعاليتها وتأثيرها في الكائنات. وإذا نحن بحاجة فقط إلى إعلام الطبقة العالية من المؤمنين بأن للحرف أسرارا فعّالة لا يدرك كنهها إلا من وهبه الله تعالى سعة في العقل تساعده على تقبل وحمل الأسرار بالقدر الذي يهبه الله سبحانه للصالحين من عباده بطريقة خاصة تناسب كل طبقة من اولئك المقربين.

ونحن ليس بمقدورنا أن نتوصل إلى معرفة أسرار كل حرف ، وليس بمقدورنا أن نعلّم هذه الأسرار إلى كل من هب وكل من دب ، لأن ذلك أمر خارج عن إرادة من يمتلك تلكم الأسرار ، ولكن الكشف عن أسرار بعضها لحاجة المؤمنين من الضرورات التي أباحها الله سبحانه إلى حملة الأسرار لاستخدامها فيما يرضي الله من شئون خلقه ، لا فيما يسخطه ويجلب على عباده الضرر في أي جانب من جوانب حياة المخلوقات الإلهية.

ومن هنا سوف نذكر قسما قليلا جدا مما توصل إليه علماء أسرار الحروف وحملت آثارها في كتابنا هذا لغرض الاطلاع فقط ، أما إذا أراد الصالحون أن يكونوا من حملة الأسرار الخاصة بالحروف فعليهم اتباع الطرق الربانية التي تقربهم من الباري جل وعز وهو وحده القادر على إرشادهم إلى أفضل وأسهل الطرق التي تأخذ بأيديهم وعقولهم إلى حيث يريدون ، فليس لنا تلك القدرة التي نستطيع تعليمها إلى أي صالح لتقوده إلى صفوف العارفين من عباد الله المؤمنين القادرين على حمل أسرار الحرف واستعمالها فيما يرضي الله عزوجل ، والحمد لله رب العالمين.

وقبل أن نصل إلى خاتمة هذا التمهيد ، يجدر بنا تنبيه القارئ الكريم بما يلي :

ـ إن هذه الأسرار لا يحصل على فوائدها ويستفيد من تأثيراتها إلا من


آمن بالله العلي العظيم ، وأنها هبة من الله سبحانه وتعالى لعباده المؤمنين الصالحين ، فهي بحد ذاتها لا تستطيع عمل شيء ، وليست لها القدرة على الفعالية دون إذن من الله عزوجل ، وأن هذه الحروف مدركة عاقلة ، ولكن استجابتها للطلب رهن بإرادة الله سبحانه وتعالى ، فبدون الإرادة الإلهية تصبح مجرد حروف ورموز لا عمل ولا فعالية لها على الإطلاق ، وحكمة ذلك ، أن لا يعتقد الإنسان أنها آلهة ، وأنها قادرة بمفردها على التأثير فتعبد من دون الله تعالى الواحد القهار ، ولئلا تستخدم من قبل من لا يخاف الله تعالى لأمور تسيء إلى البشر ، وتضر بالمصالح الاجتماعية العامة أو الخاصة.

إن هذا المفهوم جدير بالمعرفة قبل الخوض في الاطلاع على أسرار الحروف ، والحمد لله رب العالمين.


٣ ـ قبس من أسرار الحروف

لدى الأنطاكي

قال الحافظ داود بن عمر الأنطاكي في ص ٨٨ ج ٢ في كتابه القيم (تذكرة أولي الألباب والجامع للعجب العجاب) «علم الحروف» : هو ما قرره الشيخ باحث عن خواص الحروف إقرارا وتركيبا وموضوعه : الحروف الهجائية ومادتها ، الأوفاق والتراكيب وصورة تقسيمها كما وكيفا وتأليف الأقسام والعزائم وما ينتج منها وفاعله المتصرف وغايته التصرف على وجه يحصل به المطلوب إيقاعا وانتزاعا ، ومرتبته الروحانيات والفلك والنجامة ، ويحتاج إلى الطب من وجوه كثيرة ، منها معرفة الطبائع والكيفيات والدرج والأمزجة ، ومن الجهل به يقع الخطأ في هذا غالبا ، فإن ذا المزاج الحار إذا استعمل الحروف الحارة وقع في نحو الاحتراق ، وبالعكس ، ومنها معرفة البخورات نباتية كانت أو غيرها ، وإلا فسد العمل بتبديلها ، والطب ليس محتاجا إليه إلا إذا رأينا الكتابات والأخلاط والأمزجة ، فإن العزائم والأسماء كالأدوية ، إلى غير ذلك مما سيأتي بيانه على التفصيل ، إن شاء الله تعالى ، واعلم أن الحرف تارة يكون فلكيا وهو الحرف العلوي الطبيعي الروحاني الحقيقي ، وتارة يكون وسطيا وهو الحرف اللفظي ، وتارة يكون سفليا جسديا ، وهو الحرف الرقمي الخطي ، وهذا يكثر اختلافه ولا يمكن حصر صورته ، إذ منه الحروف المجازية أعني الدالة على غيرها ولا يتصرف بها إلا إذا عرف طبع الواضع لها وقطره وإن كان بين حرفين فنسبة ما بينهما ، واعلم أن للحروف جسما وروحا ونفسا وقلبا وعقلا وقوة كلية وقوة طبيعية ، فصورة


الحرف جسمه وضربه في مثله روحه وفي ثلاثة أمثاله نفسه وفي أربعة أمثاله قلبه وتمام ظهور قلبه عقله ومربع عقله قوته الطبيعية ، وضرب قوته الطبيعية في عشرة قوته الكلية ، مثال ذلك :

وللحروف جملة وتفصيل فعدد الحروف جملته وتفصيله حروف نطقه ، وله من العدد ثلاثة أطوار ضربه فيما قبله قوته في باطن العلويات ومجموع عدد نطقه قوته في باطن السفليات ، وضربه في مجموع عدد تفصيله قوته في ظاهر السفليات.

مثال حرف الجيم عدده (٣) قوته في باطن العلويات (٦) قوته في باطن السفليات (٥٣) قوته في ظاهر السفليات (١٥٩). واعلم أن الحرف يحب ما تحته ويكره ما فوقه ، ولما كان الأصل الذي عليه الاعتماد حرف «الفاقيطوس» أعني حروف أبجد إلى آخرها واستعمالها عند المشارقة والمغاربة بحسب قطرها وتسمى الحروف المفردة ، وقد قسموها على الطبائع والبروج والمنازل والكواكب وغير ذلك ، وللعلماء في ذلك اختلاف كثير فإن وضعتها رباعية أدوارا خرج طولا حروف الطبائع الأربعة ، أو سباعية خرج طولا حرف الكواكب السبعة ، وهكذا كما تراها فافهم ترشد.

إلى هنا نكتفي بما اقتبسناه من كتاب تذكرة أولي الألباب لغرض الاستدلال على علم أسرار الحروف ، أما كيفية الوصول إلى تحصيل آثار تلكم الأسرار وتطبيقاتها العلمية والعملية لغرض الاستفادة منها في ميادين عديدة مختصة بها فقد ضربنا عنها صفحا لكثرتها وتعقيدها وملابساتها. فالخوض فيها صعب مستصعب تستحيل معرفته دون عالم معلم مجرب


ممارس ، هذا وقد فصل القول فيها عالم الحروف الشيخ الأنطاكي ورسم الجداول. ووضع الأمثلة وأسهب في التعليمات وذكر الفوائد والتطبيقات أو ما شاكل ذلك ، وحيث أن هذه الأمور جميعها خارجة عن منهاج كتابنا فقد أعرضنا عن نقلها ، ومن أراد الاستزادة والخوض في التفاصيل فليراجع كتاب الأنطاكي المذكور ففيه الكثير مما ذكرناه ومما لم نذكره ، والحمد لله رب العالمين.


٤ ـ قبس من أسرار الحروف

لدى محيي الدين بن عربي

وهذا العيلم الشهير بعلوم التصوف والأسرار محيي الدين بن عربي أسهب في الحديث عن أسرار الحروف في كتابه الفتوحات المكية وذلك في المجلد الأول في الصفحات من (ص ٥١ ـ ص ٩١) ، وقد قسّم بحثه إلى فصلين : الأول في معرفة الحروف ومراتبها والحركات وهي الحروف الصغار وما لها من الأسماء الإلهية ، وقد لخصها شعرا بما يلي :

إن الحروف أئمة الألفاظ

شهدت بذلك ألسن الحفاظ

دارت بها الأفلاك في ملكوته

بين النيام الخرس والايقاظ

ألحظنها الأسماء في مكنونه

فبدت تعز لذلك الألحاظ

وتقول لو لا فيض جودي ما بدت

عند الكلام حقائق الألفاظ

وقال : اعلم ـ أيدنا الله وإياك ـ أنه لما كان الوجود مطلقا من غير تقييد يتضمن المكلف وهو الحق تعالى والمكلفين وهم العالم والحروف جامعة لما ذكرنا ، أردنا أن نبيّن مقام المكلف من هذه الحروف من المكلفين من وجه دقيق محقق لا يتبدل عند أهل الكشف إذا وقفوا عليه .. إلخ.

ثم فصل القول في هذا الفصل وقد أعرضنا عنه لطوله وخروجه عن منهجية كتابنا ، ثم ذكر مراتب الحروف ، وقال : اعلم وفقنا الله وإياك أن الحروف أمة من الأمم مخاطبون ومكلفون ، وفيهم رسل من جنسهم ولهم أسماء من حيث هم ولا يعرف هذا إلا أهل الكشف من طريقنا ، وعالم الحروف أفصح العالم لسانا وأوضحه بيانا وهم على أقسام كأقسام العالم


المعروف في العرف ... ثم فصل القول في ماهية كل حرف اعتبارا من الألف ولغاية الياء.

وفي الفصل الثاني فصل القول في معرفة الحركات التي تتميز بها الكلمات وهي الحروف الصغار ، ولخصها شعرا فقال :

حركات الحروف ست ومنها

أظهر الله مثلها الكلمات

هي رفع وثم نصب وخفض

حركات للأحرف المعربات

وهي فتح وثم ضم وكسر

حركات للأحرف الثابتات

وأصول الكلام حذف فموت

أو سكون يكون عن حركات

هذه حالة العوالم فانظر

لحياة غريبة في موات

وقال : اعلم أيدنا الله وإياك بروح منه إنا كنا شرطنا أن نتكلم في الحركات في فصل الحروف لم أطلق عليها الحروف الصغار؟ ثم أنه رأينا أنه لا فائدة في امتزاج عالم الحركات بعالم الحروف إلا بعد نظام الحروف وضم بعضها إلى بعض ، فتكون كلمة عند ذلك في الكلم وانتظامها ينظر إلى قوله تعالى في خلقنا : (فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي) وهو ورود الحركات على هذه الحروف بعد تسويتها فتقوم نشأة أخرى تسمى كلمة كما يسمى الشخص الواحد منا إنسانا فهكذا انتشأ عالم الكلمات وألفاظ من عالم الحروف ، فالحروف للكلمات مواد كالماء والتراب والنار والهواء لإقامة نشأة أجسامنا ، ثم نفخ الروح فيه الأمريّ فكان إنسانا .. إلخ.

وهكذا راح يفصل القول في هذا الفصل إلى أن جاء إلى آخره وقد أعرضنا عنه لطوله وعدم مطابقته منهج كتابنا هذا.

إن المنهج الذي سلكه محيي الدين بن عربي في أسرار الحروف يختلف عن المنهج الذي اتبعه الأنطاكي فبعض الأسرار عند ابن عربي هي


غيرها عند الأنطاكي ، ولكن كل منهما يتفق مع الآخر على الروحانية في الحروف وأنها ذوات وخلق من خلق الله تعالى ، وأن الإحاطة بأسرارها جميعا مستحيلة ، وما لدى العلماء منها إلا القليل ، فسبحان الذي صور كل شيء وأتقن صنعه.

هذا ولا نريد أن نلاحق علماء الحروف وندون ما قالوه وما ظهر وبان لهم من أسرارها ، لأن ذلك ضرب من المستحيل ، وخارج عن نطاق البحث والقدرة ، وما وقفنا عنده كان للدلالة على احتضان الحروف لعلوم الأسرار التي يستحيل على البشرية معرفتها إلا بالقدر الذي شاء الله تعالى أن يهبه إلى أنبيائه وأوصياء أنبيائه ورسله ، والأئمة والعلماء المقربين منه ، والحمد لله رب العالمين.

ومن هنا قد نجد عند علماء أسرار الحروف من العلم ما لا نجده عند غيرهم لأنها من العلوم الإلهية الموهوبة ربانيا بالدرجة الأولى أو المعطاة بإجازة من علمائها إلى من يخلفهم في حمل تلكم الأسرار بالدرجة الثانية ، والله أعلم.


٥ ـ قبس من أنوار أئمة أهل البيت وعلوم أسرار الحروف

يروى عن الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام أنه قال : «أيها الناس إن جميع أسرار الكتب السماوية في القرآن ، وأن جميع أسرار القرآن في سورة الحمد ، وجميع أسرار سورة الحمد في البسملة ، وجميع أسرار البسملة في الباء التي هي في أول البسملة ، وجميع أسرار الباء في النقطة التي تحت الباء ، أيها الناس ، وأنا النقطة التي تحت الباء».

وقد ضمن هذا المعنى الشاعر المشهور عبد الباقي العمري فقال واصفا فيه الإمام عليا عليه‌السلام :

ذهبية رمقتها السماء بطرف

جللتها هيبة المليك الجليل

هي باء مقلوبة فوق تلك

النقطة المستحيلة التأويل

فالقرآن الكريم فيه مجمع الأسرار الإلهية التي أودع الله سبحانه ما شاء منها إلى نبينا محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم. هذا والمؤمنون يروون بسند عالي المضامين أن الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : إن عليا عديل القرآن ، وهذا يعني أن أمير المؤمنين سلام الله عليه مستودع الأسرار الإلهية القرآنية التي أسرها الله تعالى إلى نبيه محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والإمام أمير المؤمنين سلام الله عليه استودعها لدى سبطي الرسول الحسن والحسين سلام الله عليهما والرسول هو القائل بحقهما :

الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا ، والحسين سلام الله عليه قبل استشهاده في واقعة كربلاء استودعها لدى ولده الإمام زين العابدين علي بن الحسين سلام الله عليه الذي استودعها لدى ولده الإمام محمد الباقر سلام الله عليه


الذي استودعها لدى ولده الإمام جعفر الصادق سلام الله عليه الذي استودعها لدى ولده الإمام موسى بن جعفر سلام الله عليه الذي استودعها لدى ولده الإمام علي بن موسى الرضا سلام الله عليه الذي استودعها لدى ولده الإمام محمد الجواد سلام الله عليه الذي استودعها لدى ولده الإمام علي الهادي سلام الله عليه الذي استودعها لدى ولده الإمام الحسن العسكري سلام الله عليه الذي استودعها لدى ولده الإمام محمد بن الحسن صاحب العصر والزمان عجل الله تعالى فرجه وسهل مخرجه عليه أفضل الصلاة والسلام.

إن أولئك هم أئمة أهل البيت النبوي الطاهرين المطهرين الذين ذكرهم الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حديثه «الأئمة من بعدي اثنا عشر إماما كلهم من قريش» رواه البخاري ومسلم. ونستنتج من ذلك أن خزائن أسرار الله سبحانه وتعالى من القرآن الكريم لدى الرسول محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والأئمة الطاهرين من أهل بيته عليهم‌السلام ، هذا ولدينا من الأخبار الموثوقة أن أئمة أهل البيت النبوي الطاهرين أفاضوا على أصحابهم المقربين ما يستطيعون حمله من الأسرار الإلهية ، ولدينا الكثير من الروايات التي تشير إلى صحة ذلك ، ولكثرتها وتواترها عندنا وعند غيرنا أيضا فهي لا تحتاج إلى دليل أو برهان. وقد أسهبت بذكرها أمهات الكتب التاريخية وسير الأئمة الأطهار عليهم‌السلام.

ونحن إنما ذكرنا ذلك لتنبيه القارئ الكريم أن الأصل من مستودع الأسرار الإسلامية هو النبي محمد صلوات الله عليه وكتاب الله الذي لا يأتيه الباطل القرآن الكريم ومن ثم أوصياء النبي محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم علي أمير المؤمنين وأولاده المعصومين الذين أسلفنا ذكرهم سلام الله عليهم أجمعين ، أو العلماء الأعلام فقد تسربت لديهم بعض الأسرار من الأصحاب المقربين للرسول والأئمة الأطهار أو عن طريق الكشف أو الرياضات أو الأدعية وكلها


من واقع الحال ترشيحات من المستودع الكبير القرآن ومحمد والأئمة الأطهار.

هذا وعلماء المسلمين مجمعون على صحة ما قلناه ما عدا من لم يهده الله تعالى إلى صراطه المستقيم ، فقد ظل مكابرا معاندا قد سحق الغيظ قلبه وأكل الحسد روحه وسيئوب إلى جهنم وبئس المصير ، ونستغفر الله رب العالمين والحمد لله وصلى الله على محمد وآله الطاهرين.


٦ ـ قبس من أسرار الحافظ رجب البرسي

قال عالم الحروف المعروف الشيخ رجب البرسي رحمه‌الله تعالى في كتابه الحروفي «مشارق أنوار اليقين في أسرار أمير المؤمنين» سلام الله عليه ، قال في ص ١٨ : ولما كان سر الله مودعا في خزانة علم الحروف وهو علم مخزون في كتاب مكنون لا يمسه إلا المطهرون ، ولا يناله إلا المقربون ، لأنه منبع أسرار الجلال ، ومجمع أسماء الكمال ، افتتح الله به السور وأودعه سر القضاء والقدر ، وذلك بأن الله تعالى لما أراد إخراج الوجود من عالم العدم إلى عالم الكون ، أراد العلويات والسفليات ، باختلاف أطوار تعاقب الأدوار وأبرزها من مكامن التقدير إلى قضاء التصوير ، عبأ فيها أسرار الحروف التي هي معيار الإقدار ، ومصدر الآثار ، لأن الباري تعالى بالكلمة تجلى لخلقه وبها احتجب ، ثم أوجد طينة آدم في العمل الذي هو عبارة عن الاختراع الأول ، من غير مثال ولا تعديل تمثال ثم ركز في جبلة العملي «العماء خ. ل» نسبة من تلك الحروف ورتبها حتى استشرق منها في عالم الإيجاد بلطائف العقل لإشراق الظهور ، ثم نقله بعد ذاك في طوار الهباء الذي هو عبارة عن الاختراع الثاني ، ورتب فيه رتبة من الحروف التي ركزها في جبلة العملي «العماء خ. ل» حتى استشرقها في عالم الإيجاد بلطائف روحه في الاحتراق الثاني ، ثم نقله بأطوار الذر الذي هو عبارة عن الإبداع الثاني وأوجد فيه نسبة من الحروف التي وضعها في جبلتها الفطرية حتى استشرق بها في عالم الإيجاد بلطائف القلب في الإبداع الثاني «فالحروف معانيها في العقل ،


ولطائفها في الروح ، وصورها في النفس ، وانتقاشها في القلب ، وقوتها الناطقة في اللسان ، وسرها المشكل في الأسماع ، ولما كان المخاطب الأول هو المخترع الأول ، وهو العقل النوراني ، كان خطاب الحق له بما فيه من معاني الحروف ، ومجموع هذه الحروف في سر العقل كان «الفا واحدا» لأنه بالقوة الحقيقية مجموع الحروف ، وهو الذي سمع أسرار العلوم بحقيقة هذه الحروف قبل سائر الأشياء والعقل هو صاحب الزمر والإشارة والحقيقة والإيماء والإدراك ، والحروف في لطيفة الروح شكل الضلعين من أضلاع المثلث المتساوي الأضلاع ، ضلع قائم وآخر مبسوط على هذه الصورة ، والقائم ضلع الألف ، والمبسوط ضلع الباء ، وإنما قلنا بأن الحروف في لطيفة الروح شكل ضلعين ، لأن فيض الأنوار البسيطة التي في العقل بالفعل هي في الروح بالقوة فاتفقا في جود الأسرار ، وتباينا في اختلاف الأطوار ، ومن حيث أن الروح تستمد من العقل ، والنفس تستمد من الروح ، وجميع الأنوار العلوية تستمد من نور العرش ، كذلك سائر الحروف تستمد من نور الألف ، ورجوع السفلي والعلوي منها إليه ، وكل حرف من الحروف قائم بسر الألف ، والألف سر الكلمة ، وملائكة النور الحاملون للعرش من ذوات هذه الحروف ، والأول منها المتعلق بالعقل اسمه الألف ، والموحدون لحضرة الجلال أربعة : العقل ، والروح ، والنفس ، والقلب ، هو الموحد الرابع ، وتوحيده بسر الحروف التي أوجدها الحق في جبلته ، لأن القلب لوح النقوش الربانية ، بل هو اللوح المحفوظ بعينه ، ومن هاهنا اختلفت الحروف باختلاف أوضاعها ونسبتها إلى أحوال (آدم) فالدال يوم خلقه وخط الجيم يوم تسويته ، وخط الباء يوم نفخ الروح فيه ، وخط الألف يوم السجود ، فكان تركيب البنية الإنسانية بالحكمة الإلهية من شكل تربيعي ، وتربيع طبيعي ، ومن عالمي الاختراع والإبداع ، فعلم أن العالم العلوي والسفلي بأجمعه داخلان تحت


فلك الألف الذي هو عبارة عن الاختراع الأول والعرش العظيم والعقل النوراني والجبروت الأعلى ، وسر الحقيقة وحضرة القدس وسدرة المنتهى ، وسائر الحروف إجمالا وتفصيلا انبعثت عنه ، وجميعها باختلاف أطوارها وتباين آثارها تستمد منه ، وترجع إليه والرب سبحانه ، خلق الخلق بسر هذه الحروف ، وعالم الأمر كن فيكون ، وكلامه سبحانه في حضرة قدسه إنما سمع بهذه الحروف ، وهي قائمة بذات الحق سبحانه وأسماؤه المخزونة المكنونة مندرجة تحت سجل هذه الحروف ، والألف منها أول المخترعات ، ومنها سائر مراتب العالم وجميع الحروف محتاجة إليه وهو غني عنها ، لأن سائر الأعداد لا يستغني عنه ، وهو لا يحتاج إليها ، ومن عرف ظاهر الألف وباطنه وصل إلى درجة الصديقين ومرتبة المقربين ، لأن له ظاهر وبطون ، فظاهره (٣) العرش ، واللوح والقلم ـ وهو مركب من (٣) فقط ، الواحدة والواحدة والواحدة وبحثها يأتي فيما بعد ، وباطنه الأول (٣) وهي العقل والروح والنفس ، وباطنه الثاني (١١) وهو عدد بسائطه الاسم الأعظم فإذا أخذ منه (١٢) وهي موضوع الأسماء والأعداد بقي (٩٩) وهي عدد الأسماء الحسنى وباطنه الثاني (٧١) وهو عدد اللام الفائض عنه ، وهذا العدد مادة الاسم الأعظم وحرف من ظاهر الاسم الأعظم ، وباطنه الثالث (٤٢) وهو فيض اللام ، وهو الميم وعدده (٤٥) وعددان في الألف واللام ، وهذا العدد ظاهر الاسم الأعظم وباطنه ، الرابع إن ضرب مفرداته من نفسها (٩) والفتق الفائض عنه في فتق الحروف أيضا (٩) وهي ألف ل ف ل ألف م م ي م ، والعرش واللوح والقلم ، مفرداتها أيضا (٩) وهي ع ر ش ل وح ق ل م ، والعقل والنفس والروح أيضا كذلك ع ق ل ن ف س ر وح ، فألف هي الكلمة التي تجلى فيها الجبار ، بخفي الأسرار ، فمتى عرف ظاهره وباطنه أدرك خفي الأسرار ، ومكنون الأنوار ، لأنه حرف يستمد من قيومية الحق


والكل يستمد منه.

ثم قال البرسي في فصل آخر يلي الفصل السابق (ص ٢٠) :

«وأما الألف المبسوط وهي الباء فهي أول وحي نزل على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأول صحيفة آدم ونوح وإبراهيم وسرها ، من انبساط الألف فيها سر القيامة بقيام طرفه ، وهو سر الاختراع والأنوار والأسرار الحقيقية مرتبطة بنقطة الباء ، وإليها الإشارة بقول أمير المؤمنين (علي) أنا النقطة التي تحت الباء المبسوطة ، يشير إلى الألف القائم المنبسط من ذاتها ، المحتجب فيها. ولذلك قال محيي الدين الطائي : الباء حجاب الربوبية ولو ارتفعت الباء لشهد الناس ربهم تعالى.

هذا ويستمر البرسي بذكر أسرار بعض الحروف ، وقد أعرضنا عن ذكرها خشية الإطالة والخروج عن المنهجية وحيث أننا قد استفدنا مما ذكره البرسي ما يلي :

ـ إثبات أن الحروف هي من خلق الله عزوجل ، ويكفي ما نقلناه للدلالة على ذلك.

ـ إعلام القارئ الكريم أن للحروف أسرارا منها ظاهر بيّن علّمه الله عباده ، وهذا هو المتداول في علم الحروف التي تكتنف اللغات قديما وحديثا ، فقد كتبت بها البشرية حضارتها وتاريخها وسائر شئونها ، وسيبقى هذا العلم متداولا بين الناس إلى ما شاء الله سبحانه وتعالى.

ومنها ما زال يكتنفه السر الإلهي المكنون الذي اختص الله سبحانه به نفسه القدسية ، وعلمه أنبياءه وأوصياء أنبيائه والمقربين لديه ، وهذا لا سبيل إلى معرفته على الاطلاق لعامة البشرية ، ولما كان أكثر الذي ذكره الحافظ رجب البرسي من هذا النوع الأخير ، فقد فضلنا عدم التورط في نقله لأننا


والحق يقال عاجزون عن فهمه وإدراك حقيقته ولا نستطيع أن نقول فيه شيئا لعدم علمنا ، وحيث أنه من الأسرار الإلهية.

هذا والمتتبع لفصول كتاب الحافظ رجب البرسي يجده قد خصّ كل حرف من حروف الهجاء بأسرار خاصة به وله علاقة بالمخلوقات العلوية والسفلية وغيرها.

هذا وقد ذكر لطائف من أسرار القرآن الكريم ، وأسرار بعض السور القرآنية ، وفصل القول في الحروف المقطعة في أوائل بعض السور القرآنية مثل «ك ه ي ع ص» ، وقال إن هذه الحروف إذا حذف المكرر منها فما تبقى يحتوي على العبارة التالية «صراط علي حق نمسكه» وقد حاول بعضهم أن يصوغها في عبارة أخرى ولكنها جاءت مشوشة لا يحسن السكوت عليها بالإضافة إلى كونها تتعارض مع قدسية القرآن الكريم ، وما يتعارف عليه النطق العربي الفصيح وما يمكن أن يقال عنه أنه سر من الأسرار .. إلخ. فثبت أن العبارة المقبولة هي فقط عبارة «صراط علي حق نمسكه» هذا وقد قمت بدراسة وتحقيق هذا الموضوع وسميتها «سر من القرآن نعلنه ، صراط علي حق نمسكه» وقد أودعت هذه الدراسة في الجزء الثالث من كتابي «الحقيبة النجفية» والحمد لله رب العالمين. وسوف أنقله مختصرا إلى هذا الكتاب في فصل لا حق إن شاء الله سبحانه وتعالى.


٧ ـ قبس من أسرار الحروف لدى الإمام السيد السبزواري

قال المرجع الديني الكبير ، الحجة الإمام السيد عبد الأعلى السبزواري الموسوي في تفسيره القيّم «مواهب الرحمن في تفسير القرآن» ص ٥٧ وما بعدها من المجلد الأول. قال في تفسير قوله تعالى (الم) : المعروف بين المفسرين أن هذه الحروف المقطعة في أوائل السور القرآنية من المتشابهات ، ولا ريب في أن العلم بها مختص بالله تبارك وتعالى ، أو بمن علمه عزوجل ، لأن هذه الكلمات المقطعة قد أعيت العلماء على جهدهم عن الوصول إلى آثارها فضلا عن العلم بكيفية تركيبها والاطلاع على حقائقها وأسرارها. والظاهر أن ذكر الحروف المقطعة في القرآن العظيم يشير إلى أهمية الحروف الهجائية وكثرة عناية الله عزوجل بها ، لأنها محور الشرائع السماوية والكتب الإلهية ، بل بها تقوم الحياة الاجتماعية في الإنسان ، ولأجل ذلك جعل تعالى البيان [أي النطق بها] في قبال خلق الإنسان ، فقال تبارك وتعالى : (خَلَقَ الْإِنْسانَ عَلَّمَهُ الْبَيانَ) [الرحمن : ٤]. وعلى هذا يمكن أن يكون ذلك الكتاب مبتدأ مؤخرا و «الم» خبرا مقدما. يعني أن ذلك الكتاب العظيم هو هذه الحروف الهجائية التي تنطقون بها ، ولكنه بحسب العظم والجمال والكمال والمعارف شيء خارج عن مقدوركم ويكون في عالم الغيب وقد ظهر إلى عالم الشهادة مقرونا بالتحدي والتعجيز وإتماما للحجة ، فكما أتم الله الحجة عليهم بمن هو من أنفسهم ، أتم الحجة عليهم أيضا بما هو من ألفاظهم.


ثم إن الحروف المقطعة في أوائل السور أسماء باتفاق أئمة أهل اللغة ، وليست بحروف ، وهي تقرأ مقطعة بذكر أسمائها لا مسمياتها فيقال : ألف ـ لام ـ ميم ساكنة الأواخر ، والسور التي فيها هذه الكلمات المقطعة تسع وعشرون سورة ، وأصل الحروف الهجائية أيضا كذلك بناء على عد الهمزة حرفا مستقلا ، وأما بناء على عده مع الألف واحدة فثمان وعشرون ، وجميع الأحرف المقطعة بعد حذف المكررات نصف الحروف الهجائية ، وإنما ذكر تبارك وتعالى نصفها استغناء بذلك عن الجميع وهذا من جهة البلاغة أيضا ، ولا ريب في أن هذه الحروف ليست من المهملات ، بل هي مستعملة في معان اختلف في فهم المراد منها ، وقد تعددت أقوال المفسرين في ذلك ، ربما تبلغ إلى عشرة أو أكثر ، منها : أن المراد بها الإشارة إلى حساب الجمل الذي كان متداولا في العصور القديمة ، فاستخرجوا منها جملة من الحوادث ، ومنها مدة حياة هذه الأمة واستند بعضهم إلى حديث أبي لبيد المخزومي ، وأصل هذا التفسير باطل لا دليل عليه من عقل أو نقل ، والحديث ضعيف ودلالته مخدوشة ، والحساب الواقع فيه غلط على كل تقدير. فلا يمكن الاعتماد عليه ، ومنها عن جمع من مفسري الصوفية تفسيرها بالقطب والولي والأوتاد. وغاية ما ادّعوه في إثبات ذلك الكشف والشهود ولكن التفسير بذلك باطل أيضا ولا دليل عليه ، وما ادعوه من الكشف مردود لا مجرى له في القرآن الكريم والسنة الشريفة ، والأحكام الإلهية ونصوصها به متواترة.

ومنها : أنها إشارة إلى إعجاز القرآن فإن ما يستعمل في التكلم والتخاطب إنما هو المركبات دون المقطعات ، ومع ذلك فإن هذه المقطعات لطافة لا تكون في غيرها ، وحلاوة لا توجد فيما سواها ، فإعجازها في الفصاحة والبلاغة نحو إعجاز خاص إلى غير ذلك من الوجوه التي يمكن


إرجاعها إلى الحكم والفوائد المتصورة ، كما ستعرف ، وإلا فلا يمكن القول بأنها معان لها.

والحق بأنها بحسب المعنى من المتشابهات التي استأثر الله تعالى بعلمها لنفسه ، كما تقدم فلا يلزم على العباد الفحص عن حقيقتها وبذل الجهد في دركها وفهمها ، بل لا بد من إيكال الأمر إليه تعالى ، وقد وردت في ذلك روايات كثيرة عن نبينا الأعظم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والأئمة الهداة عليهم‌السلام ، نعم يمكن أن يلتمس لتلك الحروف حكم وفوائد. منها أن استعمال الرموز بالحروف المقطعة كان شائعا عند العرب ، وقد يعد ذلك من علم المتكلم وحكمته ، والقرآن الكريم لم يتعدّ عن هذا المألوف فأشار بذكرها إلى أن القرآن الكريم هو من هذه الحروف وجامع لما هو المتعارف لديكم ، ومع ذلك فقد أبدع إبداعا عجزت العقول من جمال لفظه فضلا عن كمال معناه.

ومنها أنها ذكرت لأجل جلب استماع المخاطبين فإنهم إذا سمعوها تنبهوا لاستماع البقية ، فهي تشويق وتنبيه لاستعداد تفهم شيء جديد.

ومنها إرشاد الناس إلى أن وراء كل ظاهر باطن فلا يكتفى بالجمود على الظاهر ، بل لا بد من التأمل في بطون الكلمات القرآنية لأن في كل كلمة من كلمات القرآن بانفرادها دقيقة ، كما أن في سائر جهاتها دقائق ولطائف. ومنها أنها تشير إلى بعض الحقائق ورموز إلى بعض العلوم التي سترها الله تعالى عن العباد ، لما رآه من المصالح حتى يظهر أهلها فيستفيد منها وتكون لغيره من مخفيات الكنوز ، فلها ربط بعلم الحروف ، ومقتضى الأخبار الكثيرة أن عند الأئمة الهداة شيء كثير منه وهو مما اختصهم الله تعالى به ، فعلم فواتح السور من الأسرار المودعة لدى الإمام عليه‌السلام ويرشد إلى ذلك ما يستفاد من مواظبة الأئمة الهداة عليهم‌السلام في حالاتهم الانقطاعية مع


الله تعالى وتوسلهم إليه عزوجل بفواتح السور ، وأن لها شأن من الشأن ومنزلة عظيمة عند الله تعالى ، وهذه قرينة معتبرة على سقوط كثير من احتمالات المفسرين ، وبذلك تخرج عن التشابه المطلق لأن ما ذكره الأئمة الهداة إنما كان من الإفاضات الربوبية عليهم».

هذا وأقول : إن المسلمين عامة قد أجمعوا على نزاهة وطهارة ومصداقية آل البيت النبوي الطاهرين سلام الله عليهم أجمعين ، فكيف لا يجمعون على قدس آل البيت النبوي ، والله جل وعلا يقول في حقهم في كتابه الكريم : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) الآية. هذا والأحاديث عن فضل أهل البيت كثيرة جدا فاضت بها كتب المسلمين عامة ، الأمر الذي علمه القاصي والداني وتداولتها الألسن والأقلام جيلا بعد جيل. إن ما وصلنا من أحاديث وروايات الأئمة الأطهار عن أسرار القرآن الكريم ، دونته أقلام أصحابهم بأمانة وإخلاص وحافظت عليه مدى الأجيال في كتب معتبرة ومؤلفات أمينة ، ونحن إذ ننقل تلكم الأحاديث التي صدرت عن الأئمة الأطهار إنما نقتبسها من تلكم الكتب الموثوقة المعتبرة ، وبالنسبة لكثرتها فقد اعتمدنا على بعضها واستغنينا عن البعض الآخر توخيا للاختصار.

هذا ومن أجلّ الكتب التي ألفت في فضائل وأسرار القرآن الكريم هو كتاب «القرآن الكريم فضائله وآثاره في النشأتين» تأليف العالم الجليل والعابد المبجل الثقة الشيخ الحاج فخري الشيخ سلمان الظالمي ، ولكثرة ما رواه من فضائل وأسرار القرآن الكريم سوف نختار اقتباس أسرار فوائد بعض الآيات القرآنية وعلى من أراد المزيد مراجعة ذلكم السفر الشريف والحمد لله رب العالمين.


٨ ـ قبس من أسرار الحروف المتقطعة أمام بعض السور القرآنية

يقول العرفاني الضليع ، المؤمن المطيع ، العالم الرباني المتخصص بالأسرار الإلهية وعلوم الحروف الربانية ، الحافظ الشيخ رجب البرسي رحمه‌الله تعالى ، قال في كتابه الجليل القيم الموسوم ب «مشارق أنوار اليقين في أسرار أمير المؤمنين» صلوات الله عليه من ص ٢٥ ما نصه الآتي :

«وحروف المعجم (٢٨) حرفا كما مر ، وعددها بالهجاء يعني بسائطها (١٢) حرفا ، وعدد الحروف المقطعة في سور القرآن (١٢) حرفا وتحت هجاء بسائطها الحروف (اسم العزيز الفتاح) (١٩) مرة وفي بسائطها الاسم الأعظم (٦٦) مرة والاسمين معا (٢) مرات وإذا أخذ المكرور الدني من هذه الحروف في (١٤) حرفا وهي الحروف النورانية ، وهي مقطعة في سورة الحمد وهي هذه :

ا ل ر ع ح ي م ن ك س ه ص ق طو أعدادها (٦٩٩) ومن هذه الحروف النورانية تستخرج أسماء الله الحسنى ، واسم الله الأعظم ، وعلم الأدوار والأسرار ، صريحا وظاهرا وباطنا وجملة وإفرادا ، لأن اسم الله الأعظم قد يكون من حرف واحد أو قد يكون في عدد واحد وقد يكون في حروف وفي أعداد وكلمات حسب الأسرار الإلهية والحكمة الربانية ، وهو في الحروف على هذا المثال :


إن الحروف المذكورة يسميها عالم الحروف الرباني آنف الذكر بالحروف النورانية وقد رتبها في المثال المذكور لتبرز وجها من وجوه أسرارها ، ثم رتبها بأنماط أخر لتظهر أوجها أخر من وجوه الاسم الأعظم ..».

بعد ذكر تلكم المقدمة التي اقتبسناها من أسرار عالم الأسرار والحروف للحافظ الشيخ رجب البرسي رحمه‌الله تعالى ، نقول : إن عدد الحروف المقطعة في أوائل سور القرآن الكريم بلغ (٧٠) حرفا فإذا استخرجنا منها الحروف النورانية وعددها (١٤) حرفا وتركنا المكرر من تلكم الحروف وعددها (٥٦) حرفا ، ثم عدنا إلى الحروف النورانية ال (١٤) ورتبناها حسب المثال أعلاه الذي ذكره الحافظ رجب البرسي لإظهار وجه من وجوه الاسم الأعظم ، فسوف تظهر لنا عبارة كريمة نصها «صراط علي حق نمسكه» وهذه العبارة تحسم جميع الخلافات التي وقعت بعد وفاة الرسول محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، بين المسلمين وتبطل جميع الفرق التي أتبعت وتعددت حتى بلغت (٧٢) فرقة ما عدا فرقة واحدة وهي الفرقة الناجية التي أخبر عنها الرسول محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولا ريب أنها فرقة أتباع طريق أهل البيت النبوي الطاهر سلام الله عليهم أجمعين الذين وصفهم الرسول محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بأنهم باب حطة من دخلها نجا ومن تخلف عنها هلك ، ووصفهم بأنهم سفن النجاة من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق ، وغير ذلك من الأحاديث النبوية الشريفة التي تشير بكل وضوح إلى أن «فرقة آل البيت ، هي الفرقة الناجية حقا».

ولغرض سد الطريق أمام المشعوذين والمنافقين والدجالين والمفترين عمدنا إلى تقليب تركيب الحروف ال (١٤) المذكورة لنرى ما تفيد من معنى ، فلم نجد معنى يحسن السكوت عليه ويتطابق شرفا وقدسية ودينا وقرآنا وسنة وواقعا وحقيقة ووضوحا وكشفا للسر وتحديدا لمعنى لا غموض فيه غير


عبارة «صراط علي حق نمسكه» أما بقية الوجوه فتظهر من المعاني ما يكتنفه الخطأ أو عدم الانسجام مع مفاهيم القرآن الكريم أو السنة النبوية الشريفة ، أو يناقض المفاهيم اللغوية وفصاحة العرب وبلاغتهم. إن تلكم الأوجه لا ترقى في معانيها إلى ما ينسجم ـ كما قلنا ـ مع القرآن الكريم أو الأحاديث النبوية أو شرف المعنى أو قدسيته أو واقع الحال وصحة المقال. والذي يرقى هنا هو المعنى الذي يفيد «صراط علي حق نمسكه» فقط فإن له الأرجحية والمقام المعلن مع تلك الوجوه سالفة الذكر وفي مقدمتها سند من القرآن الكريم في مواطن عديدة منه.

هذا وقد ذكر الحافظ عماد الدين أبو الفداء إسماعيل بن كثير القرشي الدمشقي في ص ٣٧ من الجزء الأول من تفسيره ما نصه : «قلت مجموع الحروف المذكورة في أوائل السور بحذف المكرر منها أربعة عشر حرفا وهي ا ل م ص ر ك ه ي ع ط س ح ق ن يجمعها قولك «نص حكيم قاطع له سر» وهي نصف الحروف عددا والمذكور منها أشرف من المتروك ، وبيان ذلك في صناعة التصريف.

وقال السيد محمد رشيد رضا ، صاحب كتاب تفسير القرآن المسمى ب «المنار» المجلد الأول ص ١٢٢ ـ ١٢٣ وهو يبحث في الحروف المقطعة في أوائل السور القرآنية ، قال : وخامسا ـ يقرب من هذا ما عني به بعض الشيعة ـ لم يسمّهم ـ من حذف المكرر من هذه الحروف وصياغة جمل مما بقي منها في مدح (علي المرتضى رضي الله عنه) وتفضيله وترجيح خلافته ، وقوبلوا بجمل أخرى مثلها تنقض ذلك ، كما وضحناه في مقالاتنا «المصلح والمقلد». هذا ولا بد لنا من مناقشة الرجلين المذكورين اللذين ساق كل منهم قوله دون توضيح ودون مثال مقنع ومن هنا فإن ادعاءهما مرفوض مردود ، ونحن فيما يلي نذكر للقارئ الكريم التحقيق التالي الذي يضع


النقاط على الحروف ويلقم المعاندين حجرا.

هذه باقة من نقليات مفادات تركيب الحروف النورانية ال (١٤) وذلك حسب قواعد فقه اللغة العربية ، والمتتبع يلمس بكل وضوح أن أشرف ما ينتج من المعاني هو عبارة «صراط علي حق نمسكه» وهذا النص أشرف النصوص وأفضلها وأجودها وأفصحها وأسبكها وأبلغها وأقدسها وأعلاها وألصقها بمفاهيم القرآن الكريم وموافقتها مع السنة النبوية الشريفة ، وموافقتها لسيرة أمير المؤمنين الإمام علي سلام الله عليه. نعم يتضح للمحقق أن المقصود من كل ما تقدم هو عبارة «صراط علي حق نمسكه».

أما جملة «نص حكيم له سر قاطع» وتقلباتها بحسب فقه اللغة فعليها إشكالات منها : ١ ـ أنها غامضة ٢ ـ ركيكة السبك ٣ ـ تشير إلى سر مجهول ومع جهله يوصف خطأ بالقاطع ٤ ـ ولو كان قاطعا لكان معروفا ٥ ـ لم تحل المشكلة التي يخوض غمارها المسلمون ٦ ـ أخرجتنا من سر وأدخلتنا في آخر ٧ ـ أبقت المسلمين بعد وفاة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الضياع ولم تعين لهم الصراط الذي يتبعون ، هذا وقد قال الله جل وعلا في قرآنه الكريم (وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ) [آل عمران : ١٤٤] وهذه الآية الكريمة تحكي حالة المسلمين بعد وفاة الرسول ويظهر أن هذه الحالة مستديمة ووهم من فسرها بحروب الردة. ولقائل أن يقول : إذا أين الفرقة «الناجية» ومن حقنا أن نقول بل نؤكد ودليلنا معنا أن عبارة «صراط علي حق نمسكه» تشير بوضوح إلى الفرقة الناجية.

هذا ودفعا للخلاف واتباعا للوفاق يمكن الجمع بين العبارتين المذكورتين وذلك بضم إحداهما إلى الأخرى وبهذا الضم تسقط كافة الإشكالات العالقة بعبارة النص الحكيم والسر القاطع .. فتكون الجملة


الجديدة «صراط علي حق نمسكه ، نص حكيم له سر قاطع» فيكون النص الحكيم الذي له سر قاطع هو صراط علي سلام الله عليه ، هذا وكفى المؤمنين شر القتال ، والحمد لله رب العالمين.

هذا ويمكن القول إن الحروف النورانية ال (١٤) شكلت جملة «نص حكيم له سر قاطع» ثم فسرتها وأوضحت جميع إشكالاتها وذلك بأن إعادة تشكيل نفسها بجملة «صراط علي حق نمسكه» فزال الوهم وضعف سبك التركيب ، وارتفع الشك ، وانكشف السر وحل الخلاف ، وعرف المقصود ، وفصح الكلام وتجلت البلاغة ووافق الكلام القرآن والسنة وجانس الفهم العربي الصحيح وذلك أن صراط علي هو النص الحكيم وهو السر القاطع والحمد لله رب العالمين.

هذا ونحن ندرك وكل علماء الدنيا يدركون أن الحروف الهجائية ال (٢٨) يتلفظ بها أكثر سكان المعمورة ، وقد كتبت بها جميع الكتب في كل العلوم بأسرها ، وذلك عن طريق ضم وتنظيم بعضها إلى بعض لتشكل أسماء وأفعالا وصفات ومصادر وغيرها.

ونحن ندرك أيضا أن الحروف النورانية هي نصف الحروف الهجائية وهذا يعني أنها تشتمل على نصف ما ذكرناه آنفا.

ونحن لم ندّع أن الحروف النورانية لا تنتظم إلا في جملة واحدة فقط ، يحسن السكوت عليها وهي جملة «صراط علي حق نمسكه» بل قلنا إن الحروف النورانية وهي نصف الحروف الهجائية بالتأكيد تنتظم منها ما لم يحصه إلا الله تعالى من الجمل والمعاني ومنها ما يحسن السكوت عليه ومنها ما لا يحسن ومنها ما يهمل لأنه لا معنى له. وخلاصة القول الفيصل الذي نورده : أن أشرف وأقدس وأبهى وأحلى وأوضح وأفصح وأبلغ جملة يحسن


السكوت عليها وتتفق مع القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة ومع فصاحة العرب وبلاغتهم هي جملة «صراط علي حق نمسكه» وإذا ما أضفنا إليها جملة «نص حكيم له سر قاطع» وهي بمفردها لا يفيدنا شيئا ولكن إذا ضمت إلى سابقتها ـ كما قلنا ـ تصبح جملة «صراط علي حق نمسكه» مفسرة لها فيكون الأمر نور على نور ، وهذا يستحيل أن يكون محمولا على الصدف أو التدبير الآدمي ، ولا بدّ أن يكون من معاجز القرآن الكريم ، ومن الأسرار التي أخفاها الله جل وعلا في الحروف النورانية التي هي في أوائل سبع وعشرين سورة من سور القرآن الكريم ، فليفهم المعاندون وليتضح الأمر لابن كثير ومحمد رشيد رضا وأمثالهما ممن لم يوفقهما الله تعالى إلى قول الحق عند ما تتشابك المعاني وتختلط المفاهيم .. الخ ..

وبخصوص جملة «نص حكيم له سر قاطع» فيها من التكليف ما لا يخفى على اللبيب ، بخلاف جملة «صراط علي حق نمسكه» الخالية من التكلف والسهلة اللفظ والجارية مع اللسان العربي الفصيح والواضحة الإعراب والتي فيها من الدلالة الدينية الإسلامية ما تفتقر إليه الجملة الأولى المتكلفة معنى ولفظا ومنطقا ، بالإضافة إلى الإشكالات والاستفهامات. هذا وإن الحروف قبل انتظامها كانت سرا وبعد أن أضيفت بجملة «النص الحكيم» لم تحل المشكلة بل بقيت سرا ، بينما جملة «صراط علي» حلت اللغز وأوضحت السر وسمت الصراط الذي يريده الله تعالى بعد أن تعددت الطرق بعد وفاة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأصبح تعداد الفرق الإسلامية اثنين وسبعين فرقة ، والحمد لله رب العالمين.


٩ ـ قبس من أسرار القرآن الكريم للعالم الفاضل الشيخ فخري الظالمي

قال الشيخ فخري سلمان الظالمي النجفي وهو من العلماء العابدين المستمرين في النجف وما زلنا نعاصره ونحادثه ونستفيد من سعة اطلاعه. قال في كتابه «القرآن فضائله وآثاره في النشأتين» في ص ٩٧ وما بعدها :«أخبر القرآن الكريم في عدة من آياته عن أمور مهمة تتعلق بما يأتي من الأنباء والحوادث ، وقد كان في جميع ما أخبر به صادقا ، لم يخالف الواقع في شيء منها ، ولا شك في أن هذا من الإخبار بالغيب ، ولا سبيل إليه غير طريق الوحي والنبوة.

١ ـ فمن الآيات التي أنبأت عن الغيب قوله تعالى : (وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ* أَنَّها لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ* وَيُرِيدُ اللهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ وَيَقْطَعَ دابِرَ الْكافِرِينَ) [الأنفال : ٧].

وهذه الآية نزلت في وقعة بدر ، وقد وعد الله فيها المؤمنين بالنصر على عدوهم ويقطع دابر الكافرين ، والمؤمنون على ما هم عليه من قلة العدد والعدة .. والكافرون هم الكثيرون الشديدون في القوة وقد وصفتهم الآية بأنهم ذو شوكة ، وأن المؤمنين أشفقوا من قتالهم ولكن الله يريد أن يحق الحق بكلماته ، وقد وفى للمؤمنين بوعده ونصرهم على أعدائهم وقطع دابر الكافرين.

ومنها قوله تعالى : (فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ* إِنَّا


كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ* الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) [الحجر : ٩٤ ـ ٩٦].

فإن هذه الآية الكريمة نزلت بمكة في بدء الدعوة الإسلامية ، وقد أخرج البزاز والطبراني في سبب نزولها عن أنس بن مالك : أنها نزلت عند مرور النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على أناس بمكة ، فجعلوا يغمزون في قفاه ويقولون «هذا الذي يزعم أنه نبي ومعه جبريل» فأخبرت الآية عن ظهور دعوة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ونصرة الله له ، وخذلانه للمشركين الذين ناوءوه واستهزءوا بنبوته واستخفوا بأمره. وكان هذا الإخبار في زمان لم يخطر فيه على بال أحد من الناس انحطاط شوكة قريش وانكسار سلطانهم وظهور النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

ونظير هذه الآية قوله تعالى : (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) [الصف : ٩].

ومن هذه الأنباء قوله تعالى : (غُلِبَتِ الرُّومُ* فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ) [الروم : ٢ ـ ٣].

وقد وقع ما أخبرت به الآية بأقل من عشرين سنة ، فغلب ملك الروم ودخل جيشه مملكة الفرس.

ومنها قوله تعالى : (أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ* سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ) [القمر : ٤٤ ـ ٤٥].

فأخبر عن انهزام جمع الكفار وتفرقهم وقمع شوكتهم ، وقد وقع هذا في يوم بدر أيضا حين ضرب أبو جهل فرسه وتقدم نحو الصف الأول قائلا :نحن ننتصر اليوم من محمد وأصحابه. فأباده الله وجمعه ، وأنار الحق ورفع مناره وأعلى كلمته ، فانهزم الكافرون ، وظفر المسلمون عليهم حينما لم يكن يتوهم أحد بأن ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا ليس لهم عدة ولا يصحبون غير


فرس واحد أو فرسين وسبعين بعيرا يتعاقبون عليها ، يظفرون بجمع كبير تام العدة وافر العدد ، وكيف يستفحل أمر اولئك النفر القليل على هذا العدد الكثير حتى تذهب شوكته كرماد اشتدت به الريح ، لو لا أمر الله وأحكام النبوة وصدق النيات؟!

٢ ـ وأخبر القرآن الكريم في غير واحدة من آياته عما يتعلق بسنن الكون ونواميس الطبيعة ، والأفلاك وغيرها مما لا سبيل إلى العلم به في بدء الإسلام ، إلا من ناحية الوحي الإلهي ، وبعض هذه القوانين وإن علم بها اليونان في تلك العصور أو غيرهم ممن لهم سابق معرفة بالعلوم ، إلا أن الجزيرة العربية كانت بعيدة عن العلم بذلك وأن فريقا مما أخبر به القرآن لم يتضح إلا بعد توفر العلوم وكثرة الاكتشافات ، وهذه الأنباء في القرآن كثيرة.

وقد أخذ القرآن بالحزم في إخباره عن هذه الأمور ، فصرّح ببعضها حيث يحسن التصريح وأشار إلى بعضها حيث تحمد الإشارة ، لأن بعض هذه الأشياء مما يستعصي على عقول أهل ذلك العصر فكان من الرشد أن نشير إليها إشارة تتضح لأهل العصور المقبلة حيث يتقدم العلم وتكثر الاكتشافات ، ومن هذه الأسرار التي كشف عنها الوحي السماوي ، ونبه عليها المتأخرون ما في قوله تعالى : (وَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ) [الحجر : ١٩].

فقد دلت هذه الآية الكريمة على أن كل ما ينبت في الأرض له وزن خاص به ، وقد ثبت أخيرا أن كل نوع من أنواع النبات مركب من أجزاء خاصة على وزن مخصوص ، بحيث لو زيد في بعض أجزائه أو نقص لكان ذلك مركبا آخر. وأن نسبة بعضه من الدقة بحيث لا يمكن ضبطها تحقيقا بأدق الموازين المعروفة للبشر.


ومن الأسرار الغريبة التي أشار إليها الوحي الإلهي حاجة إنتاج قسم من الأشجار والنبات إلى لقاح الرياح فقال سبحانه : (وَأَرْسَلْنَا الرِّياحَ لَواقِحَ) [الحجر : ٢٢].

فإن المفسرين الأقدمين وإن حملوا اللقاح في الآية الكريمة على معنى الحمل ، باعتبار أنّه أحد معانيه ، وفسروا الآية المباركة بحمل الرياح للسحاب أو المطر الذي يحمله السحاب ، ولكن التشبيه على هذا المعنى ليس فيه كبير اهتمام ولا سيما بعد ملاحظة أن الرياح لا تحمل السحاب وإنما تدفعه من مكان إلى آخر ، والنظرة الصحيحة في معنى الآية بعد ملاحظة ما اكتشفه علماء النبات تفيدنا سرا دقيقا لم تدركه أفكار السابقين وهو الإشارة إلى حاجة إنتاج الشجر والنبات إلى اللقاح. وأن اللقاح قد يكون بسبب الرياح وهذا كما في المشمش والصنوبر والرمان والبرتقال والقطن ونباتات الحبوب وغيرها ، فإذا نضجت حبوب الطلع انفتحت الأكياس وانتشرت خارجها محمولة على أجنحة الرياح فتسقط على مياسم الأزهار الأخرى عفوا.

وقد أشار سبحانه وتعالى إلى أن سنة الزواج لا تختص بالحيوان بل تعم النبات بجميع أقسامه بقوله : (وَمِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ جَعَلَ فِيها زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ) [الرعد : ٣]. وقوله تعالى : (سُبْحانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لا يَعْلَمُونَ) [يس : ٣٦].

ومن الأسرار التي كشف عنها القرآن هي حركة الأرض فقد قال عز من قائل (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً) [طه : ٥٣].

تأمل كيف تشير الآية إلى حركة الأرض إشارة جميلة لم تتضح إلا بعد قرون ، وكيف تستعير للأرض لفظ المهد الذي يعمل للرضيع ، يهتز بنعومة


لينام فيه مستريحا هادئا؟ وكذلك الأرض مهد للبشر وملائمة لهم من جهة حركتها الوضعية والانتقالية ، وكما أن تحرك المهد لغاية تربية الطفل واستراحته ، فكذلك الأرض فإن حركتها اليومية والسنوية لغاية تربية الإنسان ، بل وجميع من عليها من الحيوان والجماد والنبات. وتشير الآية المباركة إلى حركة الأرض إشارة جميلة ولم تصرح بها لأنها نزلت في زمان أجمعت عقول البشر فيه على سكونها ، حتى أنه كان يعد من الضروريات التي لا تقبل التشكيك.

ومن الأسرار التي كشف عنها القرآن قبل أربعة عشر قرنا وجود قارة أخرى ، فقد قال سبحانه وتعالى : (رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ) [الرحمن : ١٧]. وهذه الآية الكريمة قد شغلت أذهان المفسرين قرونا عديدة ، وذهبوا في تفسيرها مذاهب شتى ، فقال بعضهم : المراد مشرق الشمس ومشرق القمر ومغربهما ، وحمله بعضهم على مشرقي الصيف والشتاء ومغربهما.

ولكن الظاهر أن المراد بها الإشارة إلى وجود قارة أخرى تكون على السطح الآخر للأرض ، يلازم شروق الشمس عليها غروبها عنا. وذلك بدليل قوله تعالى : (يا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ) [الزخرف : ٣٨]. فالظاهر من هذه الآية أن البعد بين المشرقين هو أطول مسافة محسوسة فلا يمكن حملها على مشرقي الشمس والقمر ، ولا على مشرقي الصيف والشتاء ، لأن المسافة التي بين ذلك ليست أطول مسافة محسوسة ، فلا بدّ أن يراد بها المسافة التي بين المشرق والمغرب ، ومعنى ذلك أن يكون المغرب مشرقا لجزء آخر من الكرة الأرضية ليصح هذا التعبير. فالآية تدل على وجود هذا الجزء الذي لم يكتشف إلا بعد مئات من السنين من نزول القرآن.


فالآيات التي ذكرت المشرق والمغرب بلفظ المفرد يراد بها النوع كقوله تعالى : (وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ ، فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ) [البقرة :١١٥]. والآيات التي ذكرت ذلك بلفظ التثنية يراد منها الإشارة إلى القارة الموجودة على السطح الآخر من الأرض. والآيات التي ذكرت ذلك بلفظ الجمع يراد منها المشارق والمغارب باعتبار أجزاء الكرة الأرضية.

هذا ويقول صاحب هذا الكتاب : إن الآية الكريمة (رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ) لا تحتمل التفسير بوجود قارة أخرى ، لأن المشرق والمغرب للشمس يحتضنان الكرة الأرضية بجميع قاراتها ، والمعروف أن الشمس عند ما تغرب من جانب الأرض الغربي هي بنفس الوقت تشرق في جانب الأرض الشرقي ، فيصبح نصف الأرض الذي غربت عنه الشمس ليلا ، بينما يصبح النصف الثاني من الأرض الذي أشرقت عليه الشمس نهارا. وهذا لا يصح إلا على الأجسام الكروية الشكل ، فلحظة مشرق الشمس بالنسبة لنصف الكرة الغربي مغرب لها ولحظة مغرب الشمس بالنسبة لنصف الكرة الأرضية الشرقي مشرق لها. ومن هنا أشارت الآية الكريمة إلى مشرقين ومغربين. وبعبارة أخرى أن كل نصف من الأرض يشاهد للشمس في كل يوم مشهدين أحدهما مشرق والآخر مغرب ، وحاصل مجموع المشاهد في كلا نصفي الأرض مشرقان ومغربان والله أعلم ، فالآية تشير بكل وضوح وصراحة إلى كروية الأرض ، لا كما توهم الظالمي وسابقيه فيما ذهبوا إليه من تفاسير.

الأرض في كل يوم يشهد كل نصف منها غروبا واحدا وشروقا واحدا ، فالحصيلة لكلا النصفين تساوي غروبين وشروقين.


هذا الرسم يمثل تعاقب الليل والنهار وتعاقب الشروق والغروب نتيجة

الكروية ودوران الأرض حول الشمس

ومن الأسرار التي أشار إليها القرآن الكريم ما ينبئ عن كروية الأرض فقال تعالى : (وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشارِقَ الْأَرْضِ وَمَغارِبَهَا) [الأعراف : ١٣٧]. و (رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَرَبُّ الْمَشارِقِ) [الصافات : ٥]. و (فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَالْمَغارِبِ إِنَّا لَقادِرُونَ) [المعارج : ٤٠].

ففي هذه الآيات الكريمة دلالة على تعدد مطالع الشمس وتعدد مغاربها وفيها إشارة إلى كروية الأرض. فإن طلوع الشمس على أي جزء من أجزاء الكرة الأرضية يلازم غروبها عن جزء آخر ، فيكون تعدد المشارق والمغارب واضحا لا تكلف فيه ولا تعسف ، هذا وقد حمل القرطبي وغيره المشارق والمغارب على مطالع الشمس ومغاربها واختلاف أيام السنة ، ولا يخفى ما فيه من تكلف وابتعاد عن الواقع لأن الشمس لم تكن لها مطالع معينة ليقع الحلف بها ، بل تختلف تلك باختلاف الأراضي ، فلا بدّ من أن يراد بها المشارق والمغارب التي تتحدد شيئا فشيئا باعتبار كروية الأرض وحركتها.


٣ ـ أسرار آثار القرآن في النشأة الأولى :

١ ـ الكافي ٢ / ٦٠٠ علي عن أبيه عن النوفلي عن السكوني عن أبي عبد الله عليه‌السلام عن آبائه عليهم‌السلام ، قال : شكا رجل إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وجعا في صدره فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : استشفي بالقرآن فإن الله عزوجل يقول : (وَشِفاءٌ لِما فِي الصُّدُورِ).

٢ ـ وفيه ٢ / ٦٢٣ علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمر عن الحسين ابن أحمد المنقري ، قال : سمعت أبا إبراهيم عليه‌السلام يقول : من استكفى بآية من القرآن من المشرق إلى المغرب كفى إذا كان بيقين.

٣ ـ بحار الأنوار ١٩ / ٤٦ عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : شفاء أمتي في ثلاث : آية من كتاب الله ، أو لعقة من عسل ، أو شرطة حجام.

٤ ـ مستدرك وسائل الشيعة ١ / ٢٩٤ عن كتاب المسلسلات ، حدثنا علي بن محمد بن حمشار ، قال : حدثني أحمد بن حبيب بن الحسن البغدادي ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثني أبو عبد الله محمد بن إبراهيم الصفدي رجل من أهل اليمن ورد بغداد ، قال : حدثنا أبو هاشم ابن أخي الوادي عن علي بن خلف قال : شكا رجل إلى محمد بن حميد الرازي الرمد فقال له : أدم النظر إلى المصحف ، فإنه كان بي رمد فشكوت ذلك إلى حريز ابن عبد الحميد فقال لي : أدم النظر إلى المصحف ، فإنه كان بي رمد فشكوت ذلك إلى الأعمش فقال لي : أدم النظر إلى المصحف ، فإنه كان بي رمد فشكوت ذلك إلى عبد الله بن مسعود فقال لي : أدم النظر إلى المصحف فإنه كان بي رمد فشكوت ذلك إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقال لي : أدم النظر إلى المصحف ، فإنه كان بي رمد فشكوت ذلك إلى جبرائيل فقال لي : أدم النظر إلى المصحف.


٥ ـ الكافي ٢ / ٢٣ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن يعقوب بن بريد رفعه إلى أبي عبد الله عليه‌السلام من قرأ القرآن في المصحف متّع ببصره ، وخفف عن والديه وإن كانا كافرين.

٦ ـ البحار ١٩ / ٤٦ : مكارم الأخلاق. قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من لم يشف بالقرآن ، فلا شفاه الله.

٧ ـ وفيه ١٩ / ٤٦ وقال الصادق عليه‌السلام : من قرأ مائة آية من أي القرآن شاء ، ثم قال سبع مرات «يا الله» فلو دعا على صخور قلعها.

٨ ـ وفيه ١٩ / ٤٦ عن أبي الحسن عليه‌السلام قال : إذا خفت أمرا فاقرأ مائة آية من القرآن حيث شئت ، ثم قل «اللهم اكشف عني البلاء» ثلاث. وفي عدة الداعي مثله.

٩ ـ نفحات الرحمن ١ / ٤٠ عن ابن مسعود رضي الله عنه ، عليكم بالشفاءين العسل والقرآن.

١٠ ـ وفيه ١ / ٤٠ عن وائلة بن اسقع ، أن رجلا شكا إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وجع حلقه ، قال : عليك بقراءة القرآن.

١١ ـ وفيه ١ / ٤٠ عن أبي سعيد الخدري قال : جاء رجل إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال إني أشتكي صدري ، قال : اقرأ القرآن ، يقول تعالى : (وَشِفاءٌ لِما فِي الصُّدُورِ).

١٢ ـ وفيه ١ / ٤٠ عن الزهري ، قال : قال علي بن الحسين عليه‌السلام : لو مات ما بين المشرق والمغرب لما استوحشت ، بعد أن يكون القرآن معي.

١٣ ـ وفيه ١ / ٤٠ عن الرضا عن آبائه عن أمير المؤمنين عليه‌السلام : ثلاثة يزدن في الحفظ ويذهبن البلغم : قراءة القرآن ، والعسل واللبان.


١٤ ـ البرهان ١ / ٨ الشيخ في التهذيب بإسناده عن علي بن الحسن بن فضال عن محمد بن علي عن غياث بن إبراهيم عن أبي عبد الله عن أبيه ، عن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : ثلاثة يذهبن البلغم ويزدن في الحفظ : السواك ، والصوم ، وقراءة القرآن.

١٥ ـ البحار ١٩ / ٥٢ عن المحاسن ، أبو القاسم وأبو يوسف ، عن القندي عن أبي سنان وأبي البحتري عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : السواك ، وقراءة القرآن مقطعة للبلغم.

١٦ ـ وفيه ١٩ / ٥٢ «الاستبصار» روي عن العالم عليه‌السلام : من القرآن شفاء من كل داء ، وقال : داووا مرضاكم بالصدقة ، واستشفوا بالقرآن ، فمن لم يشفه القرآن فلا شفاء له.

١٧ ـ وفيه ١٩ / ٤٨ قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : عليكم بالقرآن فإنه الشفاء النافع ، والدواء المبارك ، وعصمة لمن تمسك به ونجاة لمن تبعه ـ الخبر.

٤ ـ أسرار أخذ العوذة والرقية من القرآن :

١ ـ وسائل الشيعة ٢ / ٨٧٧ الحسين بن بسطام وأخوه عبد الله (طب الأئمة) عن محمد بن يزيد الكوفي عن النضر بن السويد ، عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن رقية العقرب والحية والنشرة ورقية المجنون والمسحور الذي يعذب ، فقال : يا ابن سنان لا بأس بالرقية والعوذة والنشرة إذا كانت من القرآن ، ومن لم يشفه القرآن فلا شفاه الله ، وهل شيء أبلغ في هذه الأشياء من القرآن ، أو ليس الله يقول : (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ) ، أليس يقول الله جل ثناءه : (لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللهِ) ، وسلونا نعلمكم ونوقفكم على قوارع القرآن لكل داء.


٢ ـ وفيه ٢ / ٨٧٨ عن إبراهيم بن ميمون عن حماد بن عيسى عن شعيب العقرقوفي عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : لا بأس بالرقية من العين والحمّى والضرس ، وكل ذات هامة لها حمة ، إذا علم الرجل ما يقول لا يدخل في رقيته وعوذته شيئا لا يعرفه.

٣ ـ وفيه ٢ / ٨٧٨ عن أحمد بن محمد عن محمد بن مسلم قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام ، أنتعوذ بشيء من هذه الرقى ، قال : لا إلا من القرآن ، إن عليا عليه‌السلام كان يقول : إن كثيرا من الرقى والتمائم من الإشراك.

٤ ـ وفيه ٢ / ٨٧٨ عن إسحاق بن يوسف عن فضالة ، عن أبان بن عثمان عن زرارة بن أعين ، قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن المريض هل يعلق عليه تعويذ أو شيء من القرآن؟ قال : نعم لا بأس به ، إن قوارع القرآن تنفع فاستعملوها.

٥ ـ وفيه ٢ / ٨٧٨ وعنه عن فضالة عن أبان عن إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام في الرجل تكون به العلة فيكتب له القرآن فيعلق عليه أو يكتب له فيغسله ويشربه؟ قال : لا بأس به كله.

٦ ـ وفيه ٢ / ٨٧٨ وعن عمر بن عبد الله عن حماد بن عيسى عن شعيب العقرقوفي عن الحلبي قال : سألت جعفر بن محمد عليه‌السلام هل نعلق شيئا من القرآن والرقي على صبياننا ونسائنا؟ فقال : نعم إذا كان في أديم تلبسه الحائض ، وإذا لم يكن في أديم تلبسه المرأة.

٧ ـ وفيه ٢ / ٨٧٩ عن شعيب بن زريق عن فضالة والقاسم جميعا عن أبان بن عثمان ، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن المريض هل يعلق عليه شيء من القرآن أو التعويذ؟ قال :لا بأس ، قلت : ربما أصابتنا الجنابة؟ قال : إن المؤمن ليس بنجس ، ولكن


المرأة تلبسه إذا لم يكن في أديم ، وأما الرجل والصبي فلا بأس.

٨ ـ وفيه ٢ / ٨٧٩ وبالإسناد عن جعفر عن أبيه أن عليا عليه‌السلام سئل عن التعويذ يعلّق على الصبيان؟ فقال : علقوا ما شئتم إذا كان فيه ذكر الله.

٩ ـ مستدرك الوسائل ١ / ٣٠٣ الجعفريات ، بإسناده عن موسى بن جعفر عن أبيه عن جده علي بن الحسين عن أبيه الحسين عن أبيه علي بن أبي طالب عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لا رقى إلا في ثلاث : من حية ، أو عين ، أو دم ، لا يرقى.

١٠ ـ وفيه ١ / ٣٠٣ الحسين بن بسطام وأخوه عبد الله في طب الأئمة عليهم‌السلام عن سهل بن محمد بن سهل قال : حدثنا عبد ربه بن محمد بن إبراهيم عن ابن أورمة عن ابن مسكان ، عن الحلبي ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن النشرة للمسحور؟ فقال : ما كان أبي عليه‌السلام يرى به بأسا.

١١ ـ وفيه ١ / ٣٠٣ «دعائم الإسلام» عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه نهى عن الرقى بغير كتاب الله عزوجل ، وما يعرف من ذكر ، وقال : إن هذه الرقى مما أخذه سليمان بن داود عن الجن والهوام.

١٢ ـ وفيه ١ / ٣٠٣ وعن علي عليه‌السلام قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يجلس الحسن عليه‌السلام على فخذه اليمنى والحسين عليه‌السلام على فخذه اليسرى ثم يقول : أعيذكما بكلمات الله التامة من شر كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة ، ثم قال : هكذا كان إبراهيم أبي يعوذ ابنيه إسماعيل وإسحاق.

١٣ ـ وفيه ١ / ٣٠٣ وعن جعفر بن محمد عليه‌السلام أنه قال : إذا أردت أن تعوذ فضم كفيك واقرأ فيهما بفاتحة الكتاب وقل هو الله أحد ثلاث مرات ثم اجعلهما على المكان الذي تجد ، ثم ضمهما واقرأ بفاتحة الكتاب وقل أعوذ برب الفلق ثلاث مرات ، ثم ضعهما على الذي تجد الثانية ، ثم ضمهما واقرأ


فيهما بفاتحة الكتاب وقل أعوذ برب الناس ثلاثا ثم ضعهما على الوجع.

١٤ ـ وفيه ١ / ٣٠٣ وعن أبي جعفر محمد بن علي عليه‌السلام أنه قال : إذا أردت أن ترقى الجرح ـ يعني من الألم والدم وما يخاف منه عليه ـ فضع يدك على الجرح فقل : بسم الله أرقيك ، بسم الله الأكبر من الحديدة والحجر والناب الأسمر ، والعرق فلا يفتر والعين فلا تسهر ، تردده ثلاث مرات.

٥ ـ أسرار آثار آية الكرسي في النشأة الأولى :

١ ـ الكافي ٢ / ٦٢١ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن علي ، عن الحسن بن الجهم ، عن إبراهيم بن مهزم ، عن رجل سمع أبي الحسن عليه‌السلام يقول : من قرأ آية الكرسي عند منامه لم يخف الفالج إن شاء الله ، ومن قرأها دبر كل فريضة لم يضره ذو حمة ـ الخبر. ورواه ابن بابويه القمي في ثواب الأعمال ص ٩٤. (أقول ، الحمة : بضم المهملة : السم أو الإبرة يعرف بها الزنبور والحية ونحو ذلك يلدغ بها.

٢ ـ تفسير نفحات الرحمن ٢ / ٤٤ عن ابن مسعود قال : قال رجل يا رسول الله ، علمني شيئا ينفعني الله به ، قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : اقرأ آية الكرسي ، فإنه ينفعك وذريتك ، ويحفظ دارك ، حتى الدويرات التي حول دارك.

٣ ـ وفيه ٢ / ٤٤ روي أنه من قرأ عشر آيات من البقرة عند منامه لم ينس القرآن ، أربع من أولها ، وآية الكرسي ، وآيتان بعدها وثلاث من آخرها.

٤ ـ وفيه ٢ / ٤٤ عن الباقر عليه‌السلام : من قرأ آية الكرسي مرة ، صرف عنه ألف ألف مكروه من مكروه الدنيا ، وألف مكروه من مكروه الآخرة ، أيسر مكروه الدنيا الفقر ، وأيسر مكروه الآخرة عذاب القبر ، وفي رواية أخرى ، وإني لأستعين بها على صعود الدرجة.

٥ ـ وسائل الشيعة ٢ / ٨٧٦ محمد بن يعقوب ، عن محمد بن يحيى ،


عن عبد الله بن جعفر ، عن السياري ، عن محمد بن بكر ، عن أبي الجارود ، عن الاصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين عليه‌السلام ـ من حديث ـ أن رجلا قال له :إن في بطني ماء أصفر ، فهل من شفاء؟ فقال : نعم بلا درهم ولا دينار ، ولكن اكتب على بطنك آية الكرسي وتغسلها وتشربها وتجعلها ذخيرة في بطنك ، فتبرأ بإذن الله.

٦ ـ مستدرك الوسائل ١ / ٣٠٦ وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ما قرئت هذه الآية في بيت إلا هجره إبليس ثلاثين يوما ، ولا يدخله ساحر ، ولا ساحرة أربعين يوما ـ يعني آية الكرسي ـ.

٧ ـ وفيه ١ / ٣٠٦ روى سلمان عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من قرأ آية الكرسي يهون الله عليه سكرات الموت ، وما مرت الملائكة في السماء بآية الكرسي إلا صعقوا ، وما مروا بقل هو الله أحد إلا خروا سجدا وما مروا بآخر الحشر إلا جثوا على ركبهم.

٨ ـ وفيه ١ / ٣٠٦ وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من قرأ آية الكرسي مرة محي اسمه من ديوان الأشقياء ، ومن قرأها ثلاث مرات استغفرت له الملائكة ، ومن قرأها أربع مرات شفع له الأنبياء ، ومن قرأها خمس مرات كتب اسمه في ديوان الأبرار واستغفرت له الحيتان في البحار ، ووقي شر الشيطان ، ومن قرأها سبع مرات أغلقت عنه أبواب النيران ، ومن قرأها ثمان مرات فتحت له أبواب الجنان ، ومن قرأها تسع مرات كفي هم الدنيا والآخرة ، ومن قرأها عشر مرات نظر الله إليه بالرحمة ، ومن نظر الله إليه بالرحمة فلا يعذبه.

٩ ـ وفيه ١ / ٣٠٧ الشيخ أبو الفتوح في تفسيره ، عن محمد بن جعفر الصادق عليه‌السلام عن أبيه ، عن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :لما نزلت آية الكرسي ، نزلت آية من كنوز العرش ، ما من وثن في المشرق


والمغرب إلا سقط على وجهه فخاف إبليس وقال لقومه : حدثت في هذه الليلة حادثة عظيمة فالزموا مكانكم حتى أجوب المشارق والمغارب ، فأعرف الحادثة ، فجاب حتى أتى المدينة فرأى رجلا ، فقال : هل حدث البارحة حادثة؟ قال : قال لنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : نزلت عليّ آية من كنوز العرش سقطت لها أصنام العالم لوجهها ، فرجع إبليس إلى أصحابه وأخبرهم بذلك ، فقال :قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لا يقرأ هذه الآية في بيت إلا ولا يحوم الشيطان حوله ثلاثة أيام إلى أن ذكر ثلاثين يوما ، ولا يعمل فيه السحر أربعين يوما ، يا علي تعلّم هذه الآية ، وعلّمها أولادك وجيرانك ، فإنه لم ينزل علي آية أعظم من هذه.

١٠ ـ بحار الأنوار ١٩ / ٦٧ المحاسن ، أبو عبد الله ، عن حماد ، عن حريز ، عن إبراهيم بن نعيم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : إذا دخلت مدخلا تخافه ، فاقرأ هذه الآية : (رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطاناً نَصِيراً) فإذا عاينت الذي تخافه فاقرأ آية الكرسي.

١١ ـ نفحات الرحمن ١ / ٤٤ عن فاطمة عليها‌السلام أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لما دنا ولادتها ، أمر أم سلمة وزينب بنت جحش أن تأتيها فتقرأ عندها آية الكرسي ، وأن ربكم الله ، ويعوذاها بالمعوذتين.

١٢ ـ بحار الأنوار ١٩ / ٦٧ محمد بن علي عن عبد الرحمن بن أبي هاشم ، عن ابن خديجة ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : أتى أخوان ، رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقالا : إنا نريد الشام في تجارة فعلمنا ما تقول؟ فقال : نعم ، إذا آويتما إلى المنزل فصليا العشاء الآخرة ، فإذا وضع أحدكما جنبه على فراشه بعد الصلاة ، فليسبح تسبيح فاطمة عليها‌السلام ، ثم يقرأ آية الكرسي فإنه محفوظ من كل شيء حتى يصبح ، وأن لصوصا تبعوهم حتى إذا نزلوا بعثوا غلاما


لينظر كيف حالهما ، ناما أم مستيقظين ، فانتهى الغلام إليهما وقد وضعا جنبيهما على فراشهما وقرأ آية الكرسي ، وسبّح تسبيح فاطمة عليها‌السلام قال :إذا عليهما حائطان مبنيان ، فطاف الغلام بهما فكلما دار لم ير إلا الحائطين مبنيين ، فرجع إلى أصحابه فقال : لا والله ما رأيت إلا حائطين مبنيّين ، فقالوا له : أخزاك الله لقد كذبت بل ضعفت وجبنت ، فقاموا ونظروا فلم يجدوا إلا حائطين ، فداروا بالحائطين فلم يسمعوا ولم يروا إنسانا فانصرفوا إلى منازلهم ، فلما كان من الغد جاءوا إليهم فقالوا : أين كنتم؟ فقالوا : ما كنا إلا هنا وما برحنا ، فقالوا : والله لقد جئنا وما رأينا إلا حائطين مبنيين ، فحدثونا ما قصتكم؟ قالوا : إنا أتينا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فسألناه أن يعلمنا ، فعلمنا آية الكرسي ، وتسبيح فاطمة عليها‌السلام فقلنا ، فقالوا : انطلقوا لا والله ما نتبعكم أبدا ، ولا يقدر عليكم لص أبدا بعد هذا الكلام.

٦ ـ آثار أسرار آية الكرسي في النشأة الأخرى :

١ ـ بحار الأنوار ١٩ / ٦٦ عن الخصال ، في وصية أبي ذر أنه سأل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أي آية أنزلها الله عليك أعظم؟ قال : آية الكرسي. وفيه عن الحسن الميثمي عمن ذكره ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام مثله.

٢ ـ وفيه ١٩ / ٦٦ عيون الأخبار ، بإسناد التميمي ، عن الرضا ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من قرأ آية الكرسي مائة مرة كان كمن عبد الله طول حياته.

٣ ـ وفيه ١٩ / ٦٦ عن أمالي الشيخ ، أخبرنا جماعة عن أبي المفضل عن عبد الله عن أبي سفيان ، عن إبراهيم بن عمرو عن محمد بن شعيب بن سابور عن عثمان بن أبي العاتكة عن علي بن يزيد عن القاسم بن عبد الرحمن بن صديّ عن أبي أمامة الباهلي ، أنه سمع علي بن أبي طالب عليه‌السلام يقول : ما


أرى رجلا أدرك عقله الإسلام ودلّه في الإسلام يبيت ليلة سوادها ، قلت :وما سوادها يا أبا امامة؟ قال : جميعها ـ حتى يقرأ هذه الآية (اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ..) فقرأ الآية إلى قوله (وَلا يَؤُدُهُ حِفْظُهُما وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ) ، ثم قال : فلو تعلمون ما هي ـ أو قال ما فيها ـ لما تركتموها على حال ، إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أخبرني قال : أعطيت آية الكرسي من كنز تحت العرش ، ولم يؤتها نبي كان قبلي ، قال علي عليه‌السلام : فما بت ليلة قط منذ سمعتها من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتى أقرأها ، ثم قال لي : يا أبا أمامة إني أقرأها ثلاث مرات في ثلاثة أحايين كل ليلة ، فقلت : وكيف تصنع في قراءتك لها يا ابن عم محمد؟ قال : أقرأها قبل الركعتين بعد صلاة العشاء الآخرة ، فو الله ما تركتها منذ سمعت هذا الخبر من نبيكم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتى أخبرتك به ، قال أبو أمامة : وو الله ما تركت قراءتها منذ سمعت هذا الخبر من علي بن أبي طالب عليه‌السلام حتى حدثتك ـ أو قال أخبرتك به ـ.

٤ ـ وفيه ١٩ / ٦٦ تفسير علي بن إبراهيم ، أبي عن الحسين بن خالد أنه قرأ أبو الحسن الرضا عليه‌السلام الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم ـ أي نعاس ـ له ما في السموات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى ، عالم الغيب والشهادة هو الرحمن الرحيم ، من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه ، يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ، قال ما بين أيديهم فأمور الأنبياء ـ ولا يئوده حفظهما ـ أي لا يثقل عليه حفظ ما في السموات وما في الأرض. قوله : لا إكراه في الدين ، أي لا يكره أحدا على دينه إلا بعد أن تبين له الرشد من الغي ، فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله ، وهم الذين غصبوا آل محمد حقهم ، قوله : فقد استمسك بالعروة الوثقى ، يعني الولاية ، لا انفصام لها ، أي حبل لا انقطاع له ، الله ولي الذين آمنوا ، يعني أمير المؤمنين عليه‌السلام والأئمة عليهم‌السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور ، والذين كفروا ، وهم


الظالمون آل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أولياؤهم الطاغوت ، وهم الذين تبعوا من غصبهم ، يخرجونهم من النور إلى الظلمات اولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ، والحمد لله رب العالمين.

٥ ـ مستدرك الوسائل ١ / ٣٠٦ وسئل صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم القرآن أفضل أم التوراة؟فقال : إن في القرآن آية هي أفضل من جميع كتب الله ، وهي آية الكرسي.

٦ ـ وفيه ١ / ٣٠٧ عن جماعة من الصحابة ، أنهم كانوا جالسين في مسجد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ويذكرون فضائل القرآن ، وأن أي آية أفضل فيها ، قال بعضهم : آخر «براءة» وقال بعضهم : آخر بني إسرائيل ، وقال بعضهم : «كهيعص» ، وقال بعضهم «طه». وقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : أين أنتم عن آية الكرسي ، فإني سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : يا علي آدم سيد البشر ، وأنا سيد العرب ولا فخر ، وسلمان سيد فارس ، وصهيب سيد الروم ، وبلال سيد الحبشة ، وطور سيناء سيد الجبال ، والسدرة سيد الشجر ، وأشهر الحرم سيد الشهور ، والجمعة سيد الأيام ، والقرآن سيد الكلام ، وسورة البقرة سيد القرآن ، وآية الكرسي سيد سورة البقرة ، فيها خمسون كلمة في كل كلمة بركة.

٧ ـ مجمع البيان ١ / ١٦٠ ذكر ابن زنجويه النسوي في كتاب الترغيب بإسناد متصل عن أبي بن كعب ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا أبا المنذر أي آية في كتاب الله أعظم؟ قلت : «الله لا إله إلا هو الحي القيوم» قال فضرب في صدري ثم قال : ليهنك العلم ، والذي نفس محمد بيده إن لهذه الآية للسان وشفتين ، يقدس الملك لله عن ساق العرش.

٨ ـ وفيه عن أبي عبد الله عليه‌السلام إن لكل شيء ذروة وذروة القرآن آية الكرسي.


٧ ـ آثار أسرار البسملة في النشأة الأولى :

١ ـ البرهان ١ / ٤٥ في حديث قال الصادق عليه‌السلام : قام رجل إلى علي ابن الحسين عليه‌السلام فقال : أخبرني ما معنى «بسم الله الرحمن الرحيم» فقال علي بن الحسين عليه‌السلام : حدثني أبي عن أخيه الحسن عليه‌السلام عن أمير المؤمنين عليه‌السلام أن رجلا قام إليه فقال : يا أمير المؤمنين أخبرني عن «بسم الله الرحمن الرحيم» ما معناها؟ فقال : إن قولك «الله» أعظم اسم من أسماء الله عزوجل ، وهو الاسم الذي لا ينبغي أن يسمى به غير الله ، ولم يتسمّ به مخلوق ، فقال الرجل : فما تفسير قول «الله»؟ قال : هو الذي يتألّه إليه عند الحوائج والشدائد ، كل مخلوق عند انقطاع الرجاء من جميع من دونه ، وتقطع الأسباب من كل ما سواه ، وذلك كل متأنس في هذه الدنيا ومتعظم فيها وإن عظم غناه وطغيانه وكثر حوائج من دونه إليه ، فإنهم سيحتاجون حوائج لا يقدر عليها ، فينقطع إلى الله حين ضرورته وفاقته حتى إذا كفي همه عاد إلى شركه ، أما تسمع الله عزوجل يقول : (قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ ، أَغَيْرَ اللهِ تَدْعُونَ ، إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ ، بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ ما تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شاءَ وَتَنْسَوْنَ ما تُشْرِكُونَ) فقال الله عزوجل لعباده : أيها الفقراء إلى رحمتي إني قد ألزمتكم الحاجة إلي في كل حال ، وذلة العبودية في كل وقت فإليّ فافزعوا في كل أمر تأخذون وترجعون (ترجون خ. ل) تمامه وبلوغ غايته ، فإني إن أردت أن أعطيكم لم يقدر غيري على منعكم ، وإن أردت أن أمنعكم ، لم يقدر غيري على إعطائكم ، فأنا أحق من يسأل وأولى من تضرع إليه ، فقولوا عند افتتاح كل أمر صغير أو عظيم «بسم الله الرحمن الرحيم» أي أستعين على هذا الأمر الذي لا تحق العبادة لغيره ، الإله المجيب إذا دعي ، المغيث إذا استغيث ، الرحمن الذي يرحم ، يبسط الرزق عليه ، الرحيم بنا من أدياننا ودنيانا وآخرتنا ، خفف علينا الدين


واجعله سهلا خفيفا وهو يرحمنا بتمييزنا عن أعدائه. ثم قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من حزنه أمر وتعاطاه فقال «بسم الله الرحمن الرحيم» وهو مخلص لله ويقبل بقلبه إليه لم ينفك من إحدى اثنتين : إما بلوغ حاجته في الدنيا ، وإما يعدّ له عند ربه ويدّخر له ، وما عند الله خير وأبقى للمؤمنين.

٨ ـ آثار البسملة في النشأة الأخرى :

١ ـ مجمع البيان ١ / ١٨ روي عن علي بن موسى الرضا عليه‌السلام أنه قال : «بسم الله الرحمن الرحيم» أقرب إلى اسم الله الأعظم من سواد العين إلى بياضها.

٢ ـ وفيه ١ / ١٨ عن ابن عباس ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال : إذا قال المعلم للصبي قل : بسم الله الرحمن الرحيم ، فقال الصبي : بسم الله الرحمن الرحيم ، كتب الله براءة للصبي وبراءة لأبويه وبراءة للمعلم.

٣ ـ وفيه ١ / ١٩ وعن ابن مسعود قال : من أراد أن ينجيه الله من الزبانية التسعة عشر فليقرأ بسم الله الرحمن الرحيم ، فإنها تسعة عشر حرفا ليجعل الله كل حرف منها جنة من واحد منهم.

٤ ـ وفيه ١ / ١٩ وروي عن الصادق عليه‌السلام أنه قال : ما لهم قاتلهم الله عمدوا إلى أعظم آية في كتاب الله فزعموا أنها بدعة إذا أظهروها وهي «بسم الله الرحمن الرحيم».

٥ ـ بحار الأنوار قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إذا قال العبد عند منامه «بسم الله الرحمن الرحيم» يقول الله : ملائكتي اكتبوا نفسه إلى الصباح.

٦ ـ البرهان ١ / ٤١ عنه بإسناده عن محمد بن الحسن ، عن محمد بن حماد بن زياد ، عن عبد الله بن يحيي الكاهلي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «بسم الله الرحمن الرحيم» أقرب إلى اسم الله الأعظم من ناظر العين.


٧ ـ وفيه ١ / ٤١ علي بن إبراهيم في تفسيره عن ابن أذينة قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام بسم الله الرحمن الرحيم أحق ما جهر به ، وهي الآية التي قال الله عزوجل : (وَإِذا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلى أَدْبارِهِمْ نُفُوراً).

٨ ـ وفيه ١ / ٤٢ عن أبي حمزة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : سرقوا أكرم آية من كتاب الله «بسم الله الرحمن الرحيم».

٩ ـ وفيه ١ / ٤٤ وعنه قال حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني رضي الله عنه ، قال : أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد مولى بني هاشم ، عن علي بن الحسن بن الفضال عن أبيه قال : سألت الرضا علي بن موسى عليه‌السلام عن بسم الله؟ قال : معنى قول القائل ـ بسم ـ أي اسمّ على نفسي سمة من سمات الله ، وهي العبادة ، قال : قلت له : وما السمة؟ قال : العلامة.

١٠ ـ وفيه ١ / ٤٠ التهذيب ـ محمد بن الحسين الطوسي ، بإسناده عن محمد بن علي بن محبوب ، عن العباس ، عن محمد بن أبي عمر ، عن أبي أيوب ، عن محمد بن مسلم قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن السبع المثاني والقرآن العظيم أهي الفاتحة؟ قال : نعم ، قلت : بسم الله الرحمن الرحيم من السبع؟ قال : نعم.

١١ ـ وفيه ١ / ٤٢ عن سليمان الجعفري ، قال : سمعت أبا الحسن عليه‌السلام يقول : إذا أتى أحدكم أهله ، فليكن قبل ذلك ملاطفة ، فإنه أبر لقلبها وأسل لسخيمتها ، فإذا مضى إلى حاجته ببسم الله ثلاثا ، فإن قدر أن يقرأ أي آية حضرته من القرآن فعل ، وإلا كفته التسمية ، فقال له رجل في المجلس : فإن قرأ بسم الله الرحمن الرحيم ، أو يجزيه؟ فقال : وأي آية أعظم في كتاب الله من «بسم الله الرحمن الرحيم».

١٢ ـ وفيه ١ / ٤٢ عن صفوان الجمال قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : ما


أنزل الله كتابا إلا وفاتحته «بسم الله الرحمن الرحيم» وإنما كان يعرف انقضاء السور بنزول «بسم الله الرحمن الرحيم» ، ابتداء للآخرين.

١٣ ـ وفيه ١ / ٤٢ عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم ويرفع صوته بها ، فإذا سمع المشركون ولّوا مدبرين ، فأنزل الله (وَإِذا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلى أَدْبارِهِمْ نُفُوراً).

١٤ ـ وفيه ١ / ٤٢ عن عيسى بن عبد الله ، عن أبيه عن جده ، عن علي عليه‌السلام قال : بلغه أن أناسا ينزعون «بسم الله الرحمن الرحيم» قال : هي آية في كتاب الله ، أنساهم إياها الشيطان.

١٥ ـ وفيه ١ / ٤٢ عن ابن مسعود ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : من قرأ بسم الله الرحمن الرحيم ، كتب الله له أربعة آلاف درجة.

١٦ ـ وفيه ١ / ٤٢ قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إذا مر المؤمن على الصراط فيقول بسم الله الرحمن الرحيم ، طفيت لهب النار ، تقول : جز يا مؤمن فإن نورك قد طفى لهبي.

١٧ ـ وفيه ١ / ٤٢ الزمخشري في ربيع الأنوار ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لا يرد دعاء أوله بسم الله الرحمن الرحيم ، فإن أمتي يأتون يوم القيامة وهم يقولون :بسم الله الرحمن الرحيم فتثقل حسناتهم في الميزان ، فتقول الأمم ، ما رجح أمة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم؟ فتقول الأنبياء عليهم‌السلام إن ابتداء كلامهم ثلاثة أسماء من أسماء الله تعالى ، لو وضعت في كفة الميزان ووضعت سيئات الخلق في كفة أخرى لرجحت.

١٨ ـ في تفسير نفحات الرحمن ١ / ٤٧ ، قيل إن لله تعالى ثلاثة آلاف اسم ، ألف منها عرفها الملائكة لا غير وألف منها عرفها الأنبياء لا غير ،


وثلاثمائة في التوراة ، وثلاثمائة في الإنجيل ، وثلاثمائة في الزبور ، وتسعة وتسعون في القرآن ، وواحد استأثر الله به نفسه ، ومعنى هذه الثلاثة آلاف منضوية في هذه الأسماء الثلاثة ، فمن علمها وقالها فكأنما ذكر الله تعالى بكل أسمائه.

١٩ ـ وفيه ١ / ٤٨ روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن جبرائيل عن ميكائيل عن إسرافيل عليهم‌السلام قال الله تعالى : يا إسرافيل بعزتي وجلالي وجودي وكرمي من قرأ بسم الله الرحمن الرحيم ، متصلا بفاتحة الكتاب مرة واحدة ، فاشهدوا علي أني قد غفرت له ، وقبلت منه الحسنات ، وتجاوزت له عن السيئات ، ولا أحرق لسانه بالنار.

٩ ـ آثار أسرار فاتحة الكتاب في النشأة الأولى :

١ ـ الكافي ٢ / ٦٢٣ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن إسماعيل بن بزيع ، عن عبد الله بن الفضل النوفلي ، رفعه قال : ما قرأت الحمد على وجع سبعين مرة إلا سكن.

٢ ـ وفيه ٢ / ٦٢٣ علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمر عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : لو قرأت الحمد على ميت سبعين مرة ثم ردت فيه الروح ما كان ذلك عجبا.

٣ ـ وفيه ٢ / ٦٢٦ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن سنان ، عن سلمة بن محرز ، قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : من لم تبرئه الحمد لم يبرئه شيء.

٤ ـ وفيه ١٩ / ٦٥ عن مكارم الأخلاق ، روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال :في الحمد سبع مرات شفاء من كل داء ، فإن عوذ بها صاحبها مائة مرة وكان الروح قد خرج من الجسد ردّ الله عليه الروح.


٥ ـ مجمع البيان ١ / ١٧ وفي كتاب محمد بن مسعود العياشي بإسناده ، أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال لجابر بن عبد الله الأنصاري : يا جابر ألا أعلمك أفضل سورة أنزلها الله في كتابه؟ قال : فقال له جابر : بلى بأبي أنت وأمي يا رسول الله علمنيها ، قال فعلمه الحمد أم الكتاب ، ثم قال : يا جابر ألا أخبرك عنها؟ قال : بلى بأبي أنت وأمي فأخبرني ، فقال : هي شفاء من كل داء ، إلا السام ، والسام هو الموت.

٦ ـ تفسير نفحات الرحمن ١ / ٤٣ عن الرضا عليه‌السلام أنه رأى مصروعا فدعا بقدح فيه ماء ، ثم قرأ عليه الحمد والمعوذتين ، ونفث في القدح ، ثم أمر بصب الماء على وجهه ورأسه فأفاقه ، وقال : لا يعود إليك أبدا.

٧ ـ وفيه ١ / ٤٣ عن أبي جعفر عليه‌السلام : من لم تبرئه سورة الحمد وقل هو الله أحد لم يبرئه شيء ، وكل علة يبرؤها هاتان السورتان.

٨ ـ وفيه عن أبي بن كعب ، قال : كنت عند النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فجاء أعرابي فقال : يا نبي الله إن لي أخا وبه وجع ، قال : وما وجعه؟ قال : لمم ، قال : فأتني به ، فوضعه بين يديه ، فعوذه النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بفاتحة الكتاب ، وأربع آيات من أول سورة البقرة وهاتين الآيتين (وَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ) وآية الكرسي ، وثلاث آيات من آخر سورة البقرة ، وآية من آل عمران (شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) وآية من الأعراف (إِنَّ رَبَّكُمُ اللهُ) وآخر سورة المؤمنين (فَتَعالَى اللهُ الْمَلِكُ الْحَقُ) وآية من سورة الجن (وَأَنَّهُ تَعالى جَدُّ رَبِّنا) وعشر آيات من أول الصافات ، وثلاثة آيات من آخر سورة الحشر ، و (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) والمعوذتين ، فقام الرجل كأنه لم يشك من شيء.

٩ ـ وسائل الشيعة ٢ / ٨٧٤ الحسن بن بسطام في (طب الأئمة) عن أحمد بن زياد عن فضالة ، عن السكوني عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : كان


رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا كسل أو أصابته عين أو صداع بسط يديه فقرأ فاتحة الكتاب والمعوذتين ، ثم يمسح بهما وجهه ، فيذهب عنه ما كان يجده.

١٠ ـ وفيه ٢ / ٨٧٤ الحسن بن محمد الطوسي في «الأمالي» ، عن أبيه عن أبي محمد الفحام ، عن المنصوري ، عن عم أبيه ، عن الإمام علي بن محمد عليه‌السلام عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال الصادق عليه‌السلام : من نالته علة ، فليقرأ في جيبه الحمد سبع مرات ، فإذا ذهبت العلة ، وإلا فليقرأها سبعين مرة ، وأنا الضامن له بالعافية.

١١ ـ تفسير البرهان ١ / ٤٢ عن أبي بكر الحضرمي قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : إذا كانت لك حاجة فاقرأ المثاني وسورة أخرى وصل ركعتين وادع الله ، فقلت : أصلحك الله ، وما المثاني؟ قال : فاتحة الكتاب «بسم الله الرحمن الرحيم» الحمد لله رب العالمين.

١٠ ـ آثار أسرار فاتحة الكتاب في النشأة الأخرى :

١ ـ ثواب الأعمال لابن بابويه القمي ص ٩٤ ، أبي (ره) قال : حدثني ابن يحيى العطار عن محمد بن أحمد ، عن محمد بن حسان ، عن إسماعيل ابن مهران ، قال : حدثني الحسن بن علي بن علي بن أبي حمزة البطائني عن أبيه قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : اسم الله الأعظم مقطع في أم الكتاب.

٢ ـ بحار الأنوار ١٩ / ٦٦ القطب الراوندي في دعواته ، عن موسى بن جعفر عليه‌السلام قال : سمع بعض آبائي عليهم‌السلام رجلا يقرأ أم القرآن ، فقال : شكر وأجر ، ثم سمعه يقرأ (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) ، فقال : آمن وأمن ، ثم سمعه يقرأ (إِنَّا أَنْزَلْناهُ) ، فقال : صدق وغفر له ، ثم سمعه يقرأ آية الكرسي ، فقال : بخ بخ نزلت براءة هذا من النار.

٣ ـ تفسير العياشي ١ / ٢٢ عن محمد بن مسلم ، قال : سألت أبا


عبد الله عليه‌السلام عن قول الله : (وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ)؟ فقال : فاتحة الكتاب من كنز الجنة ، فيها (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) الآية التي تقول : (وَإِذا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلى أَدْبارِهِمْ نُفُوراً) و (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) ، دعوى أهل الجنة حين شكروا الله حسن الثواب ، و (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) ، قال جبريل : ما قالها مسلم قط إلا صدقه الله وأهل سماواته ، و (إِيَّاكَ نَعْبُدُ) ، إخلاص العباد ، و (إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) ، أفضل ما طلب به العباد حوائجهم (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ) ، صراط الأنبياء ، وهم الذين أنعم الله عليهم ، (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ) ، اليهود ، (وَلَا الضَّالِّينَ) ، النصارى.

٤ ـ وفيه ١ / ٢٣ عن الحسن بن محمد الجمال عن بعض أصحابنا قال : عث عبد الملك بن مروان إلى عامل المدينة ، أن وجه محمد بن علي بن الحسين عليهم‌السلام ولا تهيجه ولا تردعه واقض له حوائجه ، وقد كان ورد على عبد الملك ، رجل من القدرية ، فحضر على جميع من كان بالشام فأعياهم جميعا ، فقال : ما لهذا إلا «محمد بن علي» عليه‌السلام فكتب إلى صاحب المدينة أن يحمل محمد بن علي إليه ، فأتاه صاحب المدينة بكتابه فقال له أبو جعفر عليه‌السلام : إني شيخ كبير لا أقوى على الخروج ، وهذا جعفر ابني يقوم مقامي ، فوجهه إليه ، فلما قدم على الأموي ، ازدراه لصغره ، وكره أن يجمع بينه وبين القدري ، فلما كان من الغد ، اجتمع الناس بخصومتهما ، فقال الأموي لأبي عبد الله عليه‌السلام : إنه قد أعيانا أمر هذا القدري ، وإنما كتبت إليك لأجمع بينه وبينك فإنه لم يدع عندنا أحدا إلا خصمه. فقال : إن الله يكفينا. قال فلما اجتمعوا قال القدري لأبي عبد الله عليه‌السلام : سل عما شئت ، فقال له :اقرأ سورة الحمد ، قال فقرأها ، وقال الأموي ـ وأنا معه ـ : ما في سورة الحمد ، علينا إنا لله وإنا إليه راجعون ، قال فجعل القدري يقرأ سورة الحمد ،


حتى بلغ قول الله تبارك وتعالى (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) فقال له جعفر عليه‌السلام : قف ، من تستعين؟ وما حاجتك إلى المعونة ، إن الأمر إليك ، فبهت الذي كفر ، والله لا يهدي القوم الظالمين.

٥ ـ وفيه تفسير الإمام عليه‌السلام : إن الله عزوجل قد فضل محمدا بفاتحة الكتاب على جميع النبيين ، ما أعطاها أحد قبله ، إلا ما أعطى سليمان بن داود عليه‌السلام ، من (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) ، فرآها أشرف ممالكه التي أعطاها ، فقال : يا رب ما أشرفها من كلمات إنها لأكثر عندي من جميع ممالكي التي وهبتها لي ، قال الله تعالى : يا سليمان وكيف لا يكون وما من عبد ولا أمة سماني بها إلا أوجبت له الثواب ألف ضعف ما أوجب لمن نصدق بألف ضعف مما لك يا سليمان ، هذا سبع ما أهبه لمحمد سيد المرسلين تمام فاتحة الكتاب إلى آخرها.

٦ ـ مجمع البيان ١ / ١٧ ذكر الشيخ أبو الحسن الخبازي المقرئي في كتابه في القراءة ، أخبرنا الإمام أبو بكر أحمد بن إبراهيم ، والشيخ عبد الله بن محمد ، قالا : حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن شريك ، قال : حدثنا أحمد بن يونس اليربوعي ، قال : حدثنا سلام بن سليمان المدائني ، قال : حدثنا هارون ابن الكثير ، عن زيد بن أسلم عن أبيه ، عن أبي امامة ، عن أبي بن كعب ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أيما مسلم قرأ فاتحة الكتاب أعطي من الأجر كأنما قرأ ثلثي القرآن ، وأعطي من الأجر كأنما تصدق على كل مؤمن ومؤمنة. وروي عن طريق آخر هذا الخبر بعينه إلا أنه «كأنما قرأ القرآن».

٧ ـ وروى غيره .. عن أبي بن كعب أنه قال : قرأت على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فاتحة الكتاب ، فقال : والذي نفسي بيده ما أنزل الله في التوراة ولا في الإنجيل ولا في الزبور ولا في القرآن مثلها ، هي أم الكتاب ، وهي السبع المثاني ، وهي مقسومة بين الله وبين عبده ولعبده ما سأل.


٨ ـ مستدرك الوسائل ١ / ٢٨٦ عن تفسير الإمام العسكري عليه‌السلام والصدوق في «العيون» قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : فاتحة الكتاب أعطاها الله محمّدا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأمته ، بدأ فيها بالحمد والثناء عليه ، ثم ثنى بالدعاء لله عزوجل ، ولقد سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : قال الله عزوجل : قسمت الحمد بيني وبين عبدي فنصفها لي ونصفها لعبدي ، ولعبدي ما سأل ، وإذا قال العبد (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) قال الله عزوجل : بدأ عبدي باسمي ، حق عليّ أن أتمم له أموره وأبارك في أحواله ، فإذا قال : (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) ، قال الله عزوجل : حمدني عبدي ، وعلم أن النعم التي له من عندي ، والبلايا التي اندفعت عنه بلايا الآخرة ، كما دفعت عنه بلايا الدنيا ، فإذا قال :(الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) ، قال الله عزوجل : شهد لي بأني الرحمن الرحيم ، أشهدكم لأوفرن من رحمتي حظه ، ولأجزلن من عطائي نصيبه ، فإذا قال :(مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) ، قال الله عزوجل : أشهدكم كما اعترف بأني أنا المالك ليوم الدين لأسهلن يوم الحساب حسابه ، ولأتقبلن حسناته ولأتجاوزن عن سيئاته ، فإذا قال العبد (إِيَّاكَ نَعْبُدُ) ، قال الله عزوجل : صدق عبدي إياي يعبد ، لأثيبنه عن عبادته ثوائب يغبطه كل من خالفه في عبادته لي ، فإذا قال :(وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) ، قال الله عزوجل : بي استعان وإليّ التجأ ، أشهدكم لأعيننه على أمره ولأعيننه في شدائده ولآخذن بيده يوم القيامة عند نوائبه ، وإذا قال : (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ) إلى آخرها ، قال الله عزوجل : هذا لعبدي ، ولعبدي ما سأل ، قد استجبت لعبدي وأعطيته ما أمل ، وآمنته مما منه وجل.

٩ ـ وفيه ١ / ٢٠٥ في الأمالي عن محمد بن علي ماجيلويه عن عمه محمد بن أبي القاسم ، عن أحمد بن محمد بن خالد البرقي ، عن علي بن الحسين البرني عن عبد الله بن جبلة ، عن معاوية بن عمار ، عن الحسن بن


عبد الله ، عن أبيه ، عن جده الحسن بن علي عليه‌السلام قال : جاء نفر من اليهود إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فسألوه عن أشياء إلى أن قال : قال اليهودي : صدقت يا محمد فما جزاء من قرأ فاتحة الكتاب؟ قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أعطاه الله بعدد كل آية أنزلت من السماء فيجزى بها ثوابها. ورواه في الخصال بإسناده عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مثله ، وفيه : فيجزى بها ثواب تلاوتها.

١٠ ـ القطب الراوندي من «لب اللباب» ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إن ملكا نزل عليه فقال : إن الله يبشرك بسورتين لم يعطهما نبيا قبلك ، فاتحة الكتاب ، وخواتم سورة البقرة.

١١ ـ عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : فضل سورة الحمد كفضل حملة العرش ، من قرأها أعطاه الله ثواب حملة العرش.

١٢ ـ وفيه ١ / ٣٠٦ ابن أبي جمهور في «درر اللآلي» عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال : لو أن فاتحة الكتاب وضعت في كفة ميزان ، ووضع القرآن في كفة ، لرجحت فاتحة الكتاب سبع مرات.

١٣ ـ وفيه روي عن أمير المؤمنين عليه‌السلام : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إن الله تعالى قال لي : يا محمد (وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ) ، فأفرد الامتنان علي بفاتحة الكتاب وجعلها بإزاء القرآن ، وأن فاتحة الكتاب أشرف ما في كنوز العرش ، وأن الله خص بها محمد وشرفه بها ، ولم يشرك فيها أحدا من أنبيائه ما خلا سليمان ، فإنه أعطاه (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) ألا فمن قرأها معتقدا لموالاة محمد وآله ، منقادا لأمرها ، مؤمنا بظاهرها وباطنها أعطاه الله بكل حرف منها حسنة ، كل واحد منها أفضل له من الدنيا بما فيها من أصناف أموالها وخيراتها ، ومن استمع إلى قارئ يقرؤها كان له قدر ثلث ما للقارئ ، فليستكثر أحدكم من هذا الخير المعرض له ، فإنه


غنيمة لا يذهبن أوانه فتبقى في قلوبكم الحسرة.

١١ ـ آثار أسرار سورة البقرة في النشأة الأولى :

١ ـ مجمع البيان ، أبي بن كعب عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من قرأها فصلوات الله عليه ورحمته ، وأعطي من الأجر كالمرابط في سبيل الله سنة كاملة ، لا تسكن روعته ، وقال لي : يا أبي مر المسلمين أن يتعلموا البقرة ، فإن تعلمها بركة وتركها حسرة ، ولا يستطيعها البطلة ، قلت : يا رسول الله ، وما البطلة؟ قال :الحسرة.

٢ ـ وفيه روى سهل بن سعد ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إن لكل شيء سنام ، وسنام القرآن سورة البقرة ، من قرأها في بيته نهارا لم يدخل بيته شيطان ثلاثة أيام ، ومن قرأها في بيته ليلا لم يدخله شيطان ثلاث ليالي.

٣ ـ وفيه روى أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعث بعثا ثم تبعهم يستغفر لهم ، فجاء إنسان منهم فقال : ما ذا معك من القرآن؟ حتى أتى على أحدثهم سنا ، فقال له : ما ذا معك من القرآن؟ قال : كذا وكذا وسورة البقرة ، فقال : اخرجوا هذا عليكم أميرا ، قالوا : يا رسول الله هو أحدثنا سنا ، قال : إن معه سورة البقرة.

٤ ـ خواص القرآن : قال الإمام أبو عبد الله جعفر الصادق عليه‌السلام بن محمد بن زين العابدين علي بن الحسين الشهيد بن علي بن أبي طالب «رضي الله عنهم ـ سلام الله عليهم أجمعين ـ» : من كتب سورة البقرة وعلقها عليه زالت عنه الأوجاع كلها ، وإن علقت على صغير زالت عنه الأوجاع ، وهان عليه الفطام ، ولم يخف هواما ولا جانا بإذن الله تعالى ، وإن علقت على المصروع زال عنه الصرع بإذن الله تعالى ، وفيها من المنافع ما لا حد له ولا نهاية.


١٢ ـ أسرار سورة البقرة ، وآثارها من النشأة الأخرى :

١ ـ ثواب الأعمال : حدثني محمد بن الحسن ، قال حدثني محمد بن إدريس ، عن محمد بن أحمد ، عن محمد بن حسان ، عن إسماعيل بن مهران عن الحسن بن علي عن أبيه عن الحسين ابن أبي العلاء ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : من قرأ البقرة وآل عمران جاء يوم القيامة تظللانه على رأسه مثل الغمامتان ، أو مثل الغيابتين.

٢ ـ مستدرك الوسائل ، ابن أبي جمهور في «درر اللآلي» عن عبد الله بن عباس عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال ـ في حديث ـ : وأن الشيطان لا يدخل بيتا يقرأ فيه سورة البقرة ، وأن أصغر البيوت الذي ليس فيه من كتاب الله شيء.

٣ ـ مجمع البيان ١ / ٣٢ ، وسئل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أي سورة أفضل؟ قال : البقرة ، قيل أي آي البقرة أفضل؟ قال : آية الكرسي.

بهذا القدر نكتفي من ذكر بعض ما دونه الشيخ فخري الشيخ سلمان الظالمي في كتابه القيم «القرآن فضائله وآثاره في النشأتين». وقد عرضنا عن ذكر الكثير اختصارا للجهد والوقت ، وعلى من أراد المزيد مراجعة الكتاب المذكور ، والحمد لله رب العالمين.


١٠ ـ قبس من أسرار وآثار دائرة معارف القرن العشرين

ذكر الأستاذ محمد فريد وجدي في ص ٤١٣ من المجلد الثالث من موسوعة دائرة معارف القرن العشرين بعض أسرار الحروف فقال :

«يعزو مؤلفو العرب للحروف أسرارا خفية ، وتأثيرات مادية ، ولا نتعرض لهذه الدعوى بتصديق ولا تكذيب ، لأن الممكنات لا تحصر ، وما خفي عنا من قوى الأشياء أكثر مما ظهر ، ونكتفي بأن ننقل من ذلك شيئا مما كتبه العلامة ابن خلدون ، في مقدمة تاريخه ، قال رحمه‌الله :

«علم أسرار الحروف ، هو المسمى لهذا العهد «بالسيمياء» نقل وضعه من «الطلسمات» ، إليه من اصطلاح أهل التصوف ، من المتصوفة ، فاستعمل استعمال العام في الخاص ، وحدث هذا العلم من الملة بعد صدر منها وعند ظهور الغلاة من المتصوفة وجنوحهم إلى كشف حجاب الحس ، وظهور الخوارق ، على أيديهم والتصرفات في عالم العناصر ، وتدوين الكتب والاصطلاحات ، ومزاعمهم في تنزيل الوجود عن الواحد وترتيبه ، وزعموا أن الكمال الاسمائي وظاهرة أرواح الأفلاك والكواكب ، وأن طبائع الحروف وأسرارها سارية في الأسماء فهي سيارة في الأكوان على هذا النظام ، والأكوان من لدن الإبداع الأول تنتقل في أطواره وتعرب عن أسراره ، فحدث لذلك علم أسرار الحروف ، وهو من تفاريع علم «السيمياء» لا يوقف على موضوعه ولا تحاط بالعدد مسائله تعددت فيها تآليف «البوني وابن العربي وغيرهما» ممن تبع آثارهما ، وحاصله عندهم وثمرته تعرف النفوس الربانية


من عالم الطبيعة بالأسماء الحسنى والكلمات الإلهية الناشئة عن الحروف المحيطة بالأسرار السارية في الأكوان ، ثم اختلفوا في سر التصرف الذي في الحرف ما هو فمنهم من جعله للمزاج الذي فيه ، وقسم الحروف بقسمة الطبائع إلى أربعة أصناف كالعناصر ، واختصت كل طبيعة بصنف من الحروف ، يقسم التصريف في طبيعتها فعلا ، انفعالا بذلك الصنف ، فتنوعت الحروف بقانون صناعي يسمونه «التكسير» إلى نارية وهوائية ومائية وترابية على حسب تنوع العناصر ، فالألف للنار ، والباء للهواء ، والجيم للماء والدال للتراب ، ثم ترجع كذلك على التوالي من الحروف ، والعناصر إلى أن تنفد ، فتعين لعنصر النار حروف سبعة : الألف ، والهاء ، والطاء ، والميم ، والفاء ، والشين ، والذال. وتعين لعنصر الهواء سبعة أحرف أيضا وهي : الباء ، الواو ، الياء ، النون ، الضاد ، التاء ، الظاء ، وتعين لعنصر الماء أيضا سبعة حروف وهي : الجيم ، الزاي ، الكاف ، الصاد ، الفاء ، التاء ، الغين ، وتعين لعنصر التراب أيضا سبعة أحرف : الدال ، الخاء ، اللام ، العين ، الراء ، الحاء ، السين.

فالحروف النارية لدفع الأمراض الباردة ولمضاعفة قوة الحرارة حيث تطلب مضاعفتها إما حسا أو حكما ، كتضعيف قوى المريخ في الحروب والقتل والفتك.

والمائية أيضا لدفع الأمراض الحارة من حميات وغيرها ولتضعيف القوى الباردة حيث تطلب مضاعفتها حسا أو حكما ، كتضعيف قوى القمر وأمثال ذلك.

ومنهم من جعل سر التصرف الذي في الحروف للنسبة العددية فإن حروف أبجد دالة على أعدادها المتعارفة وضعا وطبعا ، فبينها من أجل تناسب الأعداد ، تناسب في نفسها أيضا ، كما بين الباء والكاف والراء


لدلالتها كلها على الاثنين كل في مرتبته ، فالباء على اثنين في مرتبة الآحاد ، والكاف على اثنين في مرتبة العشرات والراء على اثنين في مرتبة المئات ، وكالذي بين الدال والميم والتاء لدلالتها على الأربعة ، وبين الأربعة والاثنين نسبة الضعف ، وخرج للأسماء أوفاق كما للأعداد فيختص كل صنف من الحروف بصنف من الأوفاق الذي يناسبه من حيث عدد الشكل أو عدد الحروف وامتزج التصرف من السر الحرفي والسر العددي لأجل التناسب الذي بينهما ، فأما سر التناسب الذي بين الحروف وأمزجة الطبائع أو بين الحروف والأعداد فأمر عسر على الفهم ، إذ ليس من قبيل العلوم والقياسات وإنما مستندهم فيه الذوق والكشف.

قال البوني : ولا تظن أن سر الحروف مما يتوصل إليه بالقياس العقلي ، وإنما هو بطريق المشاهدة والتوفيق الإلهي. وما التصرف في عالم الطبيعة بهذه الحروف والأسماء المركبة فيها وتأثير الأكوان عن ذلك فأمر لا ينكر لثبوته عن كثير منهم تواترا.

وقد يظن أن تصرف هؤلاء وتصرف أصحاب الطلسمات واحد وليس كذلك ، فإن حقيقة الطلسم وتأثيره على ما حققه أهله ، أنه أقوى روحانية من جوهر القهر ، تفعل فيما له ركب فعل غلبة وقهر بأسرار ملكية ونسب عددية وبخورات جالبات لروحانية ذلك الطلسم مشدودة فيه بالهمة ، فائدتها ربط الطبائع العلوية بالطبائع السفلية وهو عندهم كالخميرة المركبة من هوائية وأرضية ومائية ونارية حاصلة في جملتها ، تحيل وتصرف ما حصلت فيه إلى ذاتها وتقلبه إلى صورتها وكذلك الاكسير للأجسام المعدنية كالخميرة تقلب المعدن الذي تسري فيه إلى نفسها بالإحالة ولذلك يقولون موضوع الكيمياء جسد من جسد لأن الاكسير أجزاؤه كلها جسدانية ، ويقولون موضوع الطلسم روح في جسد لأنه ربط الطبائع العلوية بالطبائع السفلية ، والطبائع السفلية


جسدية والطبائع العلوية روحانية ، وتحقيق الطرق بين تصرف أهل الطلسمات وأهل الأسماء ، بعد أن تعلم أن التصرف في عالم الطبيعة كله إنما هو للنفس الإنسانية والهمم البشرية : إن النفس الإنسانية محيطة بالطبيعة وخاصة عليه بالذات ، إلا أن تصرف أهل الطلسمات إنما هو في استنزال روحانية الأفلاك وربطها بالصور أو بالنسب العددية حتى يحصل من ذلك نوع مزاج بفعلة الإحالة والقلب بطبيعة فعل الخميرة فيما حصلت فيه وتصرف أصحاب الأسماء إنما هو بما حصل لهم بالمجاهدة والكشف من النور الإلهي والإمداد الرباني فيسخر الطبيعة لذلك طائفة غير مستعصية ولا يحتاج إلى عدد من القوى الفلكية ولا غيرها ، لأن مدده أعلى منها ويحتاج أهل الطلسمات إلى قليل من الرياضة تفيد النفس قوة استنزال روحانية الأفلاك وأهون بها وجهة ورياضة بخلاف أهل الأسماء فإن رياضتهم هي الرياضة الكبرى وليست بقصد التصرف في الإمكان ، إذ هو حجاب وإنما هذا التصرف حاصل لهم بالعرض وكرامة من كرامات الله لهم ، فإن خلا صاحب الأسماء من معرفة أسرار الله وحقائق الملكوت الذي هو نتيجة المشاهدة والكشف واقتصر على مناسبة الأسماء وطبائع الحروف والكلمات وتصرف بها من هذه الحيثية وهؤلاء هم أهل السيمياء من المشهور كان إذن لا فرق بينه وبين صاحب الطلسمات ، بل صاحب الطلسمات أوثق منه ، لأنه يرجع إلى أصول طبيعة عامة وقوانين مرتبة ، وأما صاحب الأسرار ، أسرار الأسماء إذا فاته الكشف الذي يطلع به على حقائق الكلمات وآثار المناسبات بفوات الخلوص في الوجه وليس له في العلوم الاصلاحية قانون برهاني يعول عليه يكون حاله أضعف رتبة وقد يمزج صاحب الأسماء قوى الكلمات والأسماء بقوى الكواكب فيعين الذكر ، ذكر الأسماء الحسنى ، أما ما يرسم من أوقاتها بل ولسائر الأسماء أوقاتا تكون من خطوط الكواكب التي تناسب ذلك


الاسم ، كما فعله البوني في كتابه الذي سماه «الأنماط» وهذه المناسبة عندهم هي من لدن الحضرة العمائية وهي برزخية الكمال الاسمائي وإنما يتنزل تفصيلها في الحقائق على ما هي عليه المناسبة ، وإثبات هذه المناسبة عندهم إنما هو بحكم المشاهدة ، فإذا خلى صاحب الأسماء عن تلك المشاهدة وتلقى تلك المناسبة تقليدا فإن كان عملية بمثابة عمل صاحب الطلسم بل هو أوثق منه كما قلنا.

وكذلك قد يمزج أيضا صاحب الطلسمات عمل وقوى كواكبه بقوي الدعوات المؤلفة من الكلمات المخصوصة المناسبة بين الكلمات والكواكب ، إلا أن مناسبة الكلمات عندهم ليست كما هي عند أصحاب الأسماء من اطلاع في أحوال المشاهدة وإنما ترجع إلى ما قضته أصول طريقتهم السحرية من اقتسام الكواكب لجميع ما في علم المكونات من جواهر وأعراض وذوات ومعاني والحروف والأسماء من جملة ما فيه فلكل واحد من الكواكب قسم منها يخصه ويبنون على ذلك أمورا غريبة منكرة من تقسيم سور القرآن الكريم وآية على هذا النحو ، كما فعله «مسلمة الجريطي» في الغابة والظاهر من حال «البوني» في «أنماطه» أنه اعتبر طريقتهم ، فإن تلك الأنماط إذا تصفحتها وتصفحت الدعوات التي تضمنتها وتقسيمها على ساعات الكواكب السبعة ثم وقفت على الغاية وتصفحت قيامات الكواكب أي الدعوة التي تقام له بها شهد له بأنه من مادتها أو بأن التناسب الذي كان في أصل الإبداع وبرزخ العلم قضى بذلك كله (وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً) وليس كل ما حرّمه الشارع من العلوم بمنكر الثبوت فقد ثبت أن السحر حق مع خطره ، لكن حسبنا من العلوم ما علمناه ، انتهى.

نقول ومما يحسن أن نضيفه إلى هذا الباب ما طالعناه في جريدة العلم الصادرة في ٢٣ آبريل سنة ١٩١٢ م فقد جاء فيها تحت عنوان «مشاهدة غريبة»


السلاح الحاد ، لا يؤثر في الجسم الإنساني : اتصل بنا أول أمس أنه ستجري تجربة عجيبة ومشاهدة غريبة على جسم الإنسان في عيادة بعض الأطباء ، فذهب أحد محرري جريدة العلم إلى تلك العيادة وهناك رأى جمعا غفيرا منهم قليل من المصريين والأجانب رجالا وسيدات وفي منتصف الساعة الخامسة حضر تلك العيادة مهندس مصري وحضرة ثابت أفندي سليمان من مستخدمي الحكومة فقدمه الدكتور «بلاتشي» هراري صاحب العيادة للحاضرين وقال : سيجري أمامكم تجربة ليس لها مثيل ، وعند ذلك وقف حضرة المهندس وفي يده ورقة طولها نحو (٢٠) سنتمترا وعرضها نحو (١٢) سنتمترا ، وقال : هذه الورقة تشتمل على بعض حروف مكتوبة بالحبر وأنا مستعد لكتابتها على أية ورقة أمامك إذا أردت ، وسأمحوا هذا الحبر بالماء في وعاء أمام أعينكم ثم أضع فيه جانبا من الرماد وادهن به عضوا من أعضاء أي شخص منكم بعد جفافه فلا يمكن للسلاح أن يؤثر فيه بقطع أو جرح ، فمن شاء منكم أن يتقدم لإجراء هذه التجربة على جسمه فليتقدم ، فأحجموا جميعا من أجانب ووطنيين عن قبول هذه التجربة الخطرة ، ولكن أحد الشبان المصريين تقدم أخيرا وقال إنه يقبل إجراء هذه التجربة على ساقه ، وبعد أن تأمل الحاضرون الورقة المكتوبة ، أحضر خادم الطبيب قدحا من الماء القراح ووعاء فأخذ حضرة المهندس يمحو الحبر من الورقة بالماء ، وبعد أن تلون الماء بالحبر ولم يبق أثر للورقة وضع عليه التراب ، ثم لطخ به ساق ذلك الشخص ، وانتظر حتى جف وتشربه الجلد ، ثم أمر الأطباء أن يجربوا أسلحتهم فتقدموا إليه واحدا بعد واحد ، وكل منهم بيده سلاح مثل السكين أو المشرط أو الموسى ، ولما لم تؤثر تلك الأسلحة التي اعتادوا استخدامها في العمليات الجراحية ، أحضروا أسلحة لم تستعمل من قبل مطلقا ، فكان نصيبها نصيب الأسلحة الأولى ، فاستولى الدهش على الحاضرين ، وهنئوا


ذلك المهندس بنجاح تجاربه المدهشة. أما الأطباء الذين كانوا يباشرون عملية التجربة فهم حضرات الدكتور : مانفريد نبارويا ، والدكتور أفابو ، والدكتور ساكس ، أما الورقة التي كتبها المهندس فكانت فيها الحروف الآتية ، وهي : «ل س ع م» مكتوب ست مرات على أوضاع مختلفة ، وقد قال : إنها وحدها لا تكفي للغرض المقصود ، بل أن السر في ثلاثة حروف أخرى لا يمكنني أن أبوح بها لأحد ، ولأجل ذلك أكتبها بالماء على ظاهر الورقة وفعلا كتبها.

تفصيلات عن هذه المسألة

وقد سأل المحرر إعطاءه تفصيلات عن طريقة اهتدائه إلى هذه المسألة ، فأجاب بما يأتي :

لقد بحثت طويلا عما هو الإنسان وما هو وجه تفضيله على جميع المخلوقات ، فرأيت أنه جسم وعقل وامتياز العقل الذي يختص به الإنسان هو «المنطق» ولما كان النطق يتركب من الحروف ، كانت الحروف هي القوة الفعالة في تفضيل الإنسان ، لأنها ترجمان العقل والمعبر عن قوته الذاتية في هذا العالم ، لذلك وجد موضع التأثير في نفس الإنسان لأن كلمتين ربما نتج عنهما تغيير دمه إلى درجة مؤثرة في جسمه قد تؤدي بحياته كدرا وكمدا ، وكلمتان أخريان تملآنه أملا وتنعشانه من خموله ويأسه ، فيأتي من الأفعال ما تعجز عنه القوى الكبيرة ، وهناك كلمتان أخريان ربما أثارت الحروب التي تذهب بآلاف النفوس ، فمن ذلك ينتج أن أجزاء الكلام المعبر عنها بالحروف هي «روح ذلك التأثير والتأثر» الصادر عنهما لجميع الأفعال على اختلافها ، وبما أن هذه الحروف عند وصولها إلى «المخ» بطريق الأذن تحدث هذا التأثير من الداخل ، فلا بد أن يكون لها قوة أخرى تؤثر على الأجسام من الخارج كما نشاهد تأثرها من الداخل.


ومن هنا بدأ البحث في معرفة قوة «كل حرف» منفردا ، والمعنى المستكن فيه وجوهر فعله في التأثير داخلا وخارجا على الإنسان ، ثم معرفة الحروف مشتركة بعضها مع بعض وتأثيرها أيضا من الداخل والخارج ، فكانت نتيجة البحث هي معرفة حقيقة التأثير ، ولما كانت الحروف لها القوة الفعالة في كل شيء والمحركة لنظام العالم والدافعة للإنسان إلى امتشاق الحسام وإطلاق الرصاص والمقذوفات ، فلا بد أن يكون لها قوة سلبية أخرى تقابل هذه القوة الإيجابية ، وتقي الأجسام قوة تأثير السلاح الحاد وغيره كالرصاص. وقد كانت النتيجة من كل ذلك استخراج الحروف المكتوبة في الورقة التي لها ذلك التأثير العجيب في وقاية الجسم من السلاح الحاد. ويعلق محرر جريدة العلم بما يلي :

العلم ـ إن الذي يقرأ هذه المشاهدة لا يصدقها طبعا ، لذلك نقترح على حضرة المهندس أن يجري تجربته في أحد الأندية وعلى أشخاص متعددين وبواسطة أطباء مختلفين.


١١ ـ قبس من أسرار الحروف التي ذكرها ابن خلدون

قال فيلسوف المؤرخين وشيخ الباحثين عبد الرحمن بن محمد بن خلدون المتوفى سنة ٨٠٨ ه‍ ، في مقدمة كتابه القيم المعروف بتاريخ ابن خلدون ، المسمى بتاريخ العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر ، قال في ص ٤٢٠ من المقدمة تحت عنوان «أسرار الحروف» وهو المسمى لهذا العهد بالسيمياء وضعه من الطلاسم ... الخ. وحيث أننا قد نقلنا مقولة ابن خلدون هذه في ص ٤٨ وما بعدها من كتابنا هذا نقلا عن دائرة معارف القرن العشرين كما تقدم ، فلا نرى حاجة لتكرارها هنا. وبعد أن قال ابن خلدون في مقولته آنفة الذكر «لكن حسبنا من العلم ما علمناه» أردف يقول :

«ومن فروع علم السيمياء عندهم استخراج الأجوبة من الأسئلة بارتباطات بين الكلمات حرفية يوهمون أنها أصل في معرفة ما يحاولون علمه من الكائنات الاستقبالية وإنما هي شبه المعاياة والمسائل السيالة ، ولهم في ذلك كلام كثير من أدعية وأحجية زايرجة العالم السبتي ، وقد تقدم ذكرها ، ونبين هنا ما ذكره في كيفية العمل بتلك الزايرجة بدائرتها وجدولها المكتوب حولها ثم نكشف عن الحق فيها وأنها ليست من الغيب وإنما هي مطابقة بين مسألة وجوابها في الانارة فقط ، وقد أشرنا إلى ذلك من قبل وليس عندنا رواية يعول عليها في صحة هذه القصيدة ، إلا أننا تحرينا أصح النسخ منها في ظاهر الأمر والله الموفق بمنه وهي هذه.


نقول : إن ابن خلدون نقل لنا الكثير من أسرار الحروف وبعد تفحصها وإمعان النظر فيها وجدناها عسرة الفهم ، صعبة التطبيق ، لا سيما أنها بنيت على قواعد وأحكام كانت رائجة في زمانهم. أما اليوم وقد تقدمت العلوم وأعطت نتائج ملموسة ومسموعة ومقروءة ومنظورة فقد تغيرت الأحكام وتبدلت القواعد ، ومن هنا أصبح التصديق بنتائج أسرار المتصوفة التي ذكرها ابن خلدون صعب جدا إن لم يكن مستحيلا ، ولذا فضلنا إعطاء القارئ الكريم فكرة عنها قد تعوضه عن قراءتها جملة وتفصيلا.

نقل لنا «زايرجة السبتي» المنظومة بقصيدة قوامها ثمانية وأربعون بيتا تبين كيفية العمل بتلك الزايرجة بدائرتها وجدولها المكتوب حولها ، ثم نكشف عن الحق فيها وأنها ليست من الغيب ، وإنما هي مطابقة بين مسألة وجوابها في الانارة فقط ، ويقول وقد أشرنا إليها من قبل ، وليس عندنا رواية يعوّل عليها في صحة هذه القصيدة إلا أننا تحرينا أصح النسخ منها في ظاهر الأمر والله الموفق بمنه .. ونحن ننقل بعض أبياتها للدلالة فقط :

يقول سبتي ويحمد ربه

وصل على هاد إلى الناس أرسلا

محمد المبعوث خاتم الأنبيا

ويرضى عن الصحب ومن لهم تلا

ألا هذه زايرجة العالم الذي

تراه يحييكم وبالعقل قد حلا

فمن أحكم الوضع فيحكم جسمه

ويدرك أحكاما تدبرها العلا

ومن أحكم الربط فيدرك قوة

ويدرك للتقوى ولكل وصلا

ويختمها بقوله :

أقمها بأوفاق وأصل لعدها

من أسرار أحرفهم فعذبه سلسلا

٤٣ كا كو كح واه عم له ر لا سع كط ا ل م ن ح ع ف ول ـ منافرة.

ثم يقول : الكلام على استخراج الأوزان وكيفياتها ومقادير المقابل


منها وقوة الدرجة المتميزة بالنسبة إلى موضع المعلق من امتزاج طبائع وعلم طب أو صناعة الكيمياء.

أيا طالبا للطب مع علم جابر

وعالم مقدار المقادير بالولا

إذا شئت علم الطب لا بد نسبة

لأحكام ميزان تصادف منهلا

فيشفى عليلكم والأكبر محكم

وإفراج وضعكم بتصيح انجلا

ثم ذكر قاعدة للطب الروحاني فقال :

وسئت ايلاوش ٥٦٥ ووهته بحلا

لبهرام برجيس وسعة آملا

لتحليل أوجاع البوارد صححوا

كذلك والتركيب حيث تنقلا

كد منع مهم ٣٥٥ وهج ٦ صح لها ي ولمح ا آ ا وهج وى سكره لا ل ح مههت مه مه مه ٤٤ مى مر ح ح ٢٢٤٢ ل ك عاعر.

ثم يذكر مطاريح الشعاعات في مواليد الملوك وبنيهم ، ثم ذكر قواعدها في ستة أبيات من الشعر ، ثم ذكر المقامات وتفاصيلها ، وقد أعرضنا عنها لاستحالة فهمها.

ثم ذكر الانفعال الروحاني والانقياد الرباني وذكر قصيدة شعرية قوامها ثلاثة وعشرون بيتا تضمنت الأحكام والقواعد التي يقوم عليها الانفعال الروحاني والحروف المتغلقة بذلك.

ثم ذكر مقامات المحبة وميل النفوس والمجاهدة والطاعة والعبادة وحب وتعشق وفناء الفناء وتوجه ومراقبة وخلة دائمة.

ثم ذكر قصيدة شعرية قوامها ثلاثة عشر بيتا حفظت قواعد الانفعال الطبيعي. ثم ذكر تسعة أبيات من الشعر تضمنت فصلا في المقامات للنهاية ، ثم ذكر الوصية والتختم والإيمان والإسلام والتحريم والأبهلية وذلك في قصيدة قوامها ثلاثة عشر بيتا ، ثم ذكر الحروف المختصة في ثلاثة أسطر


ونصف ، أعرضنا عن ذكرها ، ثم ذكر كيفية العمل في استخراج أجوبة المسائل من زايرجة العالم بحول الله ، منقولة عمن لقيناه من القائمين عليها. وقد تضمنت عددا من الصفحات والجداول والحروف ، أعرضنا عن ذكرها ، ومن أراد الاطلاع عليها فسيجدها في الصفحات من ٤٢٩ ـ ٤٣٨ من مقدمة تاريخ ابن خلدون ، وندعو الله العظيم أن يلهمه الصبر العظيم والعقل العظيم لفهمها وحل رموزها والاستفادة من نتائج أسرارها».

ثم ذكر لنا ابن خلدون فصلا في الاطلاع على الأسرار الخفية من جهة الارتباطات الحرفية ، وقال : اعلم أرشدنا الله وإياك أن هذه الحروف أصل الأسئلة في كل قضية وإنما تستنتج الأجوبة على تجزئته بالكلية وهي ثلاثة وأربعون حرفا كما ترى والله علام الغيوب. ثم ذكر الحروف ... الخ.

بهذا القدر نكتفي عن وصف ما ذكره ابن خلدون من حروفهم وأسرارها وآثارها ونتائجها ، ونعتقد أن ابن خلدون كان في نفسه شيء بخصوص بعضها لم يبح به وقد عرفناه من بعض تعليقاته والله أعلم.


١٢ ـ أحراز ورقاع وأدعية آل البيت (عليهم‌السلام)

تكلمنا في الأقباس المتقدمة عن الحروف وأسرارها وآثارها بحسب ما ذكره علماء الحروف ، وليس منا من لا يعلم أن اللغة أية لغة إنما هي حروف مركبة ، يضم بعضها إلى بعض فتتشكل الكلمات والجمل والمعاني والعبارات والأدعية والرقاع والأحراز ، ويتم فيها التفاهم بين الناس وكتاب سائر العلوم والفنون .. الخ. فالحروف هي الأساس وهي الأصل ، ولكن هناك فوارق كبيرة بين النمطين ، فأسرار وآثار الحروف التي تناولتها بعض الأقباس التي أسلفنا ذكرها ، يكتنفها الغموض ، وتقوم على الرمزية والسرية ، ولها خصوصيات وأحكام وقواعد ، قد يصدق بعضها وقد لا يصدق ، أما آثارها السلبية أو الإيجابية فتعتمد على مصداقية التجارب المتعلقة بها.

أما الأدعية والرقاع والأحراز فليس أمرها كذلك إذ ليس فيها غموض ولا رمزية ولا عسر فهم ، أما سريتها فكامنة في نتائج تأثيرها. وبعد أن أوضح فعاليتها وآثارها أئمة أهل البيت عليهم‌السلام ، لم تبق لها سرية على الاطلاق ، وأصبحت مكشوفة الآثار لتعم الفائدة الخاصة بكل منها المجتمع الإسلامي برمته.

ولمضامين تلكم الأدعية والرقاع والأحراز تأثير إيجابي أو سلبي على الطرف المعني الذي توجه له كل رقعة أو حرز أو دعاء ، ويكون المؤثر بالدرجة الأولى هو الباري جل وعلا ، والحروف بحد ذاتها ليس لها أي تأثير


فهي واسطة لإيصال حاجة الإنسان إلى المهيمن الجبار سبحانه وتعالى فهو الذي أودع كل حرف معنى معينا وسرا مخفيا وأثرا سلبيا أو إيجابيا.

هذا وقد جربها المسلمون عامة في العصور كافة وفي ميادين مختلفة عامة وخاصة ، فكان لها الآثار الفعالة ، وهي لا تتعارض مع الشريعة الإسلامية الحنيفة بل تتفق وإياها بل أمر الله عزوجل بها وكذلك نبيه الكريم محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ومن المأثور المتواتر قول الله عزوجل «عبادي ادعوني أستجب لكم». فهي من أهم الوسائل التي يتوجه بها العبد صاحب الحاجة إلى ربه الكريم العظيم طالبا قضاء حاجته ، وهي أي الأدعية لا تختص بحاجة معينة أو وقت معين أو قانون مخصص ، وأهم ما تتطلبه من العبد أن يكون متوجها إلى ربه بكامل عقله وقواه الجسدية والذهنية ، وأنه معتقد أن حاجته ستقضى إن شاء الله عزوجل.

فإذا كان الأمر كذلك يصبح من العبث الركض وراء المتصوفة وادعاءاتهم ونحن لا نعلم من هو الصادق منهم ومن هو الكاذب ، ولما كانت أسرار الحروف وآثارها منوطة بإرادة الله سبحانه وتعالى فيكون من الصواب جدا والحق يقينا التوجه إلى الله تعالى لقضاء الحوائج ، والاستغناء عن ولوج تلكم الدهاليز المظلمة المجهولة العواقب والعسرة الفهم والعصية التصديق.

بعد هذه المقدمة البسيطة نذكر للقارئ الكريم بعض أدعية ورقاع وأحراز أهل البيت عليهم‌السلام كنماذج للاطلاع عليها ولغرض التجربة ، فإنه بإذن الله تعالى ، سيجد فيها المؤمن مرامه والحمد لله رب العالمين.

هذا ومن أراد المزيد فليراجع كتاب «مصابيح الجنان» لسماحة حجة الإسلام والمسلمين السيد عباس الحسين الكاشاني رضوان الله عليه ، الذي نقلنا عنه بعض الأحراز والرقاع والأدعية والله من وراء القصد.


١ ـ حرز النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : بعد حذف الرواية وسندها عن كل ما سنذكره ، اختصارا : بسم الله الرّحمن الرّحيم أسترعيك ربّك وأعوذك بالواحد من شرّ كلّ حاسد قائم أو قاعد وكلّ خلق رائد في طرق الموارد ولا تضرّوه في يقظة ولا منام ولا في ظعن ولا في مقام سجيس اللّيالي وأواخر الأيّام يد الله فوق أيديهم وحجاب الله فوق عاديتهم.

٢ ـ حرز آخر للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : اللهمّ إنّي أسألك بحق محمّد وآل محمّد أن تصلّي على محمّد وآل محمّد وأن تنجيني من هذا الغمّ.

٣ ـ حرز فاطمة الزهراء عليها‌السلام : بسم الله الرّحمن الرّحيم يا حيّ يا قيّوم برحمتك أستغيث فأغثني ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين أبدا وأصلح لي شأني كلّه.

٤ ـ حرز أمير المؤمنين عليه‌السلام : اللهم بتألّق نور بهاء عرشك من أعدائي استترت وبسطوة الجبروت من كمال عزّك ممّن يكيدني احتجبت وبسلطانك العظيم من شرّ كلّ سلطان وشيطان استعذت ومن فرائض نعمتك وجزيل عطيّتك يا مولاي طلبت كيف أخاف وأنت أملي وكيف أضام وعليك متّكلي أسلمت إليك نفسي وفوّضت إليك أمري وتوكّلت في كلّ أحوالي عليك صلّ على محمّد وآل محمّد واشفني واكفني واغلب لي من غلبني يا غالبا غير مغلوب زجرت كلّ راصد رصد ومارد مرد وحاسد حسد وعاند عند ببسم الله الرّحمن الرّحيم قل هو الله أحد الله الصّمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد كذلك الله ربّنا حسبنا الله ونعم الوكيل إنّه قويّ معين.

٥ ـ حرز الإمامين الحسن والحسين عليهما‌السلام : بسم الله الرّحمن الرّحيم أعيذ نفسي وديني وأهلي ومالي وولدي وخواتيم عملي وما رزقني ربّي وخوّلني بعزّة الله وعظمة الله وجبروت الله وسلطان الله ورحمة الله ورأفة الله


وقوّة الله وقدرة الله وبآلاء الله وبصنع الله وبأركان الله وبجمع الله عزوجل وبرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وقدرة الله على ما يشاء من شرّ السّامّة والهامّة ومن شرّ الجنّ والإنس ومن شرّ ما دبّ في الأرض ومن شرّ ما يخرج منها ومن شرّ ما ينزل من السّماء وما يعرج فيها ومن شرّ كلّ دابّة ربّي آخذ بناصيتها إنّ ربّي على صراط مستقيم وهو على كلّ شيء قدير ولا حول ولا قوّة إلّا بالله العليّ العظيم وصلّى الله على سيّدنا محمّد وآله أجمعين.

٦ ـ حرز الحسن بن علي عليهما‌السلام : بسم الله الرّحمن الرّحيم اللهمّ إنّي أسألك بمكانك وبمعاقد عزّك وسكّان سماواتك وأنبيائك ورسلك أن تستجيب لي فقد رهقني من أمري عسر ، اللهمّ إنّي أسألك أن تصلّي على محمّد وآل محمّد وأن تجعل لي من عسري يسرا.

٧ ـ حرز الحسين عليه‌السلام : بسم الله الرّحمن الرّحيم ، يا دائم يا ديموم يا حيّ يا قيّوم يا كاشف الغمّ يا فارج الهمّ يا باعث الرّسل يا صادق الوعد ، اللهمّ إن كان لي عندك رضوان وود فاغفر لي ومن اتّبعني من إخواني وشيعتي ، طيّب ما في صلبي برحمتك يا أرحم الرّاحمين وصلّى الله على سيّدنا محمّد وآله أجمعين.

٨ ـ حرز السجاد عليه‌السلام : بسم الله الرّحمن الرّحيم بسم الله وبالله سددت أفواه الجنّ والإنس والشّياطين والسّحرة والأبالسة من الجنّ والإنس والسّلاطين ومن يلوذ بهم بالله العزيز الأعزّ وبالله الكبير الأكبر بسم الله الظّاهر الباطن المكنون المخزون الّذي أقام به السّماوات والأرض ثمّ استوى على العرش بسم الله الرّحمن الرّحيم ووقع القول عليهم بما ظلموا فهم لا ينطقون قال اخسئوا فيها ولا تكلّمون وعنت الوجوه للحيّ القيّوم وقد خاب من حمل ظلما وخشعت الأصوات للرّحمن فلا تسمع إلّا همسا وجعلنا على قلوبهم أكنّة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا وإذا ذكرت ربّك في القرآن وحده ولّوا


على أدبارهم نفورا وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الّذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا وجعلنا من بين أيديهم سدّا ومن خلفهم سدّا فأغشيناهم فهم لا يبصرون اليوم نختم على أفواههم وتكلّمنا أيديهم فهم لا ينطقون لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألّفت بين قلوبهم ولكنّ الله ألّف بينهم إنّه عزيز حكيم وصلّى الله على محمّد وآله الطّاهرين.

٩ ـ حرز الباقر عليه‌السلام : بسم الله الرّحمن الرّحيم ، يا دان غير متوان يا أرحم الرّاحمين اجعل لشيعتي من النّار وقاء ولهم عندك رضاء واغفر ذنوبهم ويسّر أمورهم واقض ديونهم واستر عوراتهم وهب لهم الكبائر التي بينك وبينهم يا من لا يخاف الضّيم ولا تأخذه سنة ولا نوم ، اجعل لي من كلّ غمّ فرجا ومخرجا.

١٠ ـ حرز الصادق عليه‌السلام : بسم الله الرّحمن الرّحيم يا خالق الخلق ويا باسط الرّزق ويا فالق الحبّ ويا بارئ النّسم ومحيي الموتى ومميت الأحياء ودائم الثّبات ومخرج النّبات افعل بي ما أنت أهله ولا تفعل بي ما أنا أهله وأنت أهل التّقوى وأهل المغفرة.

١١ ـ حرز الكاظم عليه‌السلام : إلهي كم من عدوّ شحذ لي ظبة مديته ، وأرهف لي شبا حدّه وداف لي قواتل سمومه ولم تنم عنّي عين حراسته ، فلمّا رأيت ضعفي عن احتمال الفوادح وعجزي عن ملمّات الحوائج ، صرفت ذلك عنّي بحولك وقوّتك ، لا بحول منّي ولا قوّة ، فألقيته في الحفير الّذي احتفره لي خائبا ممّا أمّله في الدّنيا ، متباعدا ممّا رجاه في الآخرة ، فلك الحمد على ذلك قدر استحقاقك سيّدي ، اللهمّ فخذه بعزّتك ، واقلل حدّه عنّي بقدرتك ، واجعل له شغلا فيما يليه ، وعجزا عمّا يناويه ، اللهمّ وأعدني عليه عدوى حاضرة تكون من غيظي شفاء ومن حنقي عليه وقاء وصل اللهمّ دعائي بالإجابة وانظم شكايتي بالتّغيير وعرّفه عمّا قليل ما أوعدت الظّالمين


وعرّفني ما وعدت في إجابة المضطرّين ، إنّك ذو الفضل العظيم ، والمنّ الكريم.

١٢ ـ حرز الرضا عليه‌السلام : بسم الله الرّحمن الرّحيم يا من لا شبيه له ولا مثال أنت الله لا إله إلّا أنت ولا خالق إلّا أنت تفني المخلوقين وتبقى أنت حلمت عمّن عصاك وفي المغفرة رضاك.

١٣ ـ رقعة الجيب للرضا عليه‌السلام : بسم الله الرّحمن الرّحيم بسم الله إنّي أعوذ بالرّحمن منك إن كنت تقيّا أو غير تقيّ أخذت بالله السّميع البصير على سمعك وبصرك لا سلطان لك عليّ ولا على سمعي ولا على بصري ولا على شعري ولا على بشري ولا على لحمي ولا على دمي ولا على مخّي ولا على عصبي ولا على عظامي ولا على مالي ولا على ما رزقني ربّي سترت بيني وبينك بستر النّبوّة الّذي استتر أنبياء الله به من سطوات الجبابرة والفراعنة جبرائيل عن يميني وميكائيل عن يساري وإسرافيل من ورائي ومحمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله أمامي والله مطّلع عليّ يمنعك منّي ويمنع الشّيطان منّي ، اللهمّ لا يغلب جهله أناتك أن يستفزّني ويستخفّني ، اللهمّ إليك التجأت اللهم إليك التجأت اللهمّ إليك التجأت.

١٤ ـ حرز الجواد عليه‌السلام : يا نور يا برهان يا مبين يا منير يا ربّ اكفني الشّرور وآفات الدّهور وأسألك النّجاة يوم ينفخ في الصّور.

١٥ ـ حرز الهادي عليه‌السلام : بسم الله الرّحمن الرّحيم يا عزيز العزّ في عزّه ما أعزّ عزيز العزّ في عزّه يا عزيز أعزّني بعزّك وأيّدني بنصرك وادفع عنّي همزات الشّياطين وادفع عنّي بدفعك وامنع عنّي بصنعك واجعلني من خيار خلقك يا واحد يا أحد يا فرد يا صمد.

١٦ ـ حرز العسكري عليه‌السلام : بسم الله الرّحمن الرّحيم يا عدّتي عند


شدّتي ويا غوثي عند كربتي ويا مؤنسي عند وحدتي احرسني بعينك الّتي لا تنام واكنفني بركنك الّذي لا يرام.

١٧ ـ حرز لمولانا القائم عجل الله تعالى فرجه وسهل الله تعالى مخرجه : بسم الله الرّحمن الرّحيم يا مالك الرّقاب ويا هازم الأحزاب يا مفتّح الأبواب ويا مسبّب الأسباب سبّب لنا سببا لا نستطيع له طلبا بحقّ لا إله إلّا الله محمّد رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله أجمعين.

١٨ ـ رقعة الاستشفاع والتوسل إلى الله بالأئمة الطاهرين :

إذا كانت لك حاجة إلى الله تعالى فاكتب في بياض بعد البسملة :

«اللهم إنّي أتوجّه إليك بأحبّ الأسماء إليك وأعظمها لديك وأتقرّب وأتوسّل إليك بمن أوجبت حقّه عليك بمحمّد وعليّ وفاطمة والحسن والحسين وعليّ بن الحسين ومحمّد بن علي وجعفر بن محمّد وموسى بن جعفر وعلي بن موسى ومحمّد بن عليّ وعليّ بن محمّد والحسن بن علي والحجّة المنتظر صلوات الله عليهم أجمعين ، اكفني كذا وكذا. وتذكر ما تريد ، ثم تطوي الرقعة وتجعلها في بندقة طين ثم اطرحها في ماء جار أو في بئر ، فإنه سبحانه يفرج عنك ، إن شاء الله تعالى.

١٩ ـ إذا كانت لك حاجة فاكتب في رقعة بيضاء واطرحها في الماء الجاري عند طلوع الشمس وتكون الأسماء في سطر واحد :

بسم الله الرّحمن الرّحيم ، الملك الحقّ المبين ، من العبد الذّليل إلى المولى الجليل سلام على محمّد وعليّ وفاطمة والحسن والحسين وعليّ ومحمّد وجعفر وموسى وعليّ ومحمّد وعليّ والحسن والقائم سيّدنا ومولانا صلوات الله عليهم أجمعين ، ربّ إني مسّني الضرّ والخوف فاكشف ضرّي وآمن خوفي بحقّ محمّد وآل محمّد وأسألك بكلّ نبيّ ووصيّ وصدّيق وشهيد


أن تصلّي على محمّد وآل محمّد يا أرحم الرّاحمين. اشفعوا لي يا سادتي بالشأن الذي لكم عند الله فإنّ لكم عند الله لشأنا من الشأن فقد مسّني الضرّ يا سادتي والله أرحم الرّاحمين فافعل بي يا ربّ كذا وكذا. وتذكر حاجتك.

٢٠ ـ ومنها الاستغاثة إلى المهدي : تكتب ما سنذكره في رقعة وتطرحها على قبر من قبور الأئمة عليهم‌السلام ، وشدها واعجن طحينا نظيفا واجعلها فيه واطرحها في نهر أو بئر عميقة أو غدير ماء فإنها تصل إلى صاحب الأمر سلام الله عليه وهو يتولى قضاء حاجتك بنفسه. تكتب :

بسم الله الرّحمن الرّحيم كتبت يا مولاي صلوات الله عليك مستغيثا وشكوت ما نزل بي مستجيرا بالله عزوجل ثم بك من أمر قد دهمني وأشغل قلبي وأطال فكري وغيّر حظّي من نعمة الله عندي أسلمني تخيّل وروده الخليل وتبرّأ منّي عند ترائي إقباله إليّ الحميم وعجزت عن دفاعه حيلتي وخانني في تحمّله صبري وقوّتي فلجأت إليك وتوكّلت في المسألة لله جلّ ثناؤه عليه وعليك في دفاعه عنّي علما بمكانك من الله ربّ العالمين وليّ التدبير ومالك الأمور واثقا بك في المسارعة في الشّفاعة إليه جلّ ثناؤه في أمري مستيقنا لإجابته تبارك وتعالى إيّاك بإعطاء سؤلي ، وأنت يا مولاي جدير بتحقيق ظنّي وتصديق أملي فيك «في أمر كذا وكذا» فيما لا طاقة لي بتحمّله ولا صبر لي عليه وإن كنت مستحقا له ولأضعافه بقبيح أفعالي وتفريطي في الواجبات التي لله عزوجل فاغمّتني يا مولاي صلوات الله عليك عند اللهف وقدّم المسألة لله عزوجل في أمري قبل حلول التّلف وشماتة الأعداء ، فبك بسطت النّعمة عليّ واسأل الله جل جلاله لي نصرا عزيزا وفتحا قريبا فيه بلوغ الآمال وخير المبادي وخواتيم الأعمال والأمن في المخاوف كلّها في كلّ حال إنّه جل ثناؤه لما يشاء فعّال وحسبي الله ونعم الوكيل.


١٣ ـ فوائد متفرقة لأغراض مختلفة

ذكر السيد عباس الحسيني الكاشاني رحمه‌الله تعالى في كتابه «مصابيح الجنان» الكثير من الفوائد لمختلف الأغراض ونحن ننقل منها ما يتيسر ، والله من وراء القصد :

١ ـ في الاستشفاء بالقرآن الكريم وفي ثواب سور القرآن وخواص بعض الآيات ، ونحن نلفت إليها الأنظار ، هذا وسبق أن ذكرنا بعض أسرار القرآن الكريم في القبس التاسع من هذا الكتاب.

ـ وفيه ص ٧٢٧ عن الصادق عليه‌السلام من قرأ مائة آية من أي آي القرآن شاء ثم قال (سبع مرات) يا الله ، فلو دعا على الصخور قلعها.

ـ وفيه ص ٧٢٧ عن أبي الحسن عليه‌السلام قال : إذا خفت أمرا فاقرأ مائة آية من القرآن من حيث شئت ، ثم قل : اللهم اكشف عني البلاء ثلاث مرات.

ـ وفيه ص ٧٢٧ عن الكاظم عليه‌السلام أنه قال : من استكفى بآية من القرآن من المشرق إلى المغرب كفي إذا كان بيقين. وعنه قال : في القرآن شفاء من كل داء. وفيه عن الباقر عليه‌السلام قال : إذا كانت بك علة تتخوف على نفسك منها فاقرأ سورة الأنعام فإنه لا ينالك من تلك العلة ما تكره. وفي عدة الداعي عن الصادق عليه‌السلام عن آبائه عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه شكا إليه رجل وجعا في صدره فقال : استشف بالقرآن ، فإن الله عزوجل يقول (وَشِفاءٌ لِما فِي الصُّدُورِ). وفيه عنه قال : شفاء أمتي في ثلاث : آية من كتاب الله العزيز أو لعقة من عسل أو شرطة حجام ، ومنه يستفاد جواز الاستشفاء بأي آية شاء من القرآن أو أكثر


من آية مع المناسبة بأن يكتبها ويحملها أو يقرأها على الوجع أو يكتبها ويمحوها ويشربها ونحو ذلك.

٢ ـ في ثواب سور القرآن : لقد فصل الحسيني رحمه‌الله تعالى القول في ثواب قراءة الكثير من السور القرآنية الكريمة وذلك باب من أبواب رحمة الله تعالى لعباده تسترعي إليه الانتباه ، ونحن لم نذكر ما أفاده في كتابنا هذا اختصارا للوقت.

٣ ـ وذكر الحسيني خواص بعض الآيات القرآنية الكريمة منها :

من كتب لفظة (بسم الله) على بابه الخارجي أمن من الهلاك ، وإن كان كافرا وذكر أن فرعون لم يهلكه الله سريعا وأمهله مع ادعائه الربوبية لأنه كتب بسم الله على بابه الخارجي وأوحى الله إلى موسى لما أراد سرعة هلاكه ، أنت تنظر إلى كفره وأنا أنظر إلى ما كتبه على بابه.

وفي عدة الداعي عن الصادق عليه‌السلام قال : يا مفضل احتجب من الناس كلهم ب (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) ، و (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) اقرأها عن يمينك وشمالك ومن بين يديك ومن خلفك ومن تحتك ومن فوقك وإذا دخلت على سلطان جائر حتى تنظر إليه فاقرأها ثلاث مرات واعقد بيدك اليسرى ثم لا تفارقها حتى تخرج من عنده.

وفي الكافي ، عن أمير المؤمنين عليه‌السلام في حديث أن رجلا قال له إن في بطني ماء أصفر فهل من شفاء؟ فقال : نعم بلا درهم ولا دينار ولكن اكتب على بطنك آية الكرسي وتغسلها وتشربها وتجعلها ذخيرة في بطنك ، لقد ذكرنا هذه الرواية في القبس التاسع.

وروى السيد الداماد (ره) أن من أراد حصول المطالب والنيل بالرتبة العالية والمرتبة العظمى في حضور السلاطين والعزة وتوسعة الرزق وإزالة


الفقر ودفع الشر من الأعادي فليقرأ آية (اللهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ ـ إلى ـ بِغَيْرِ حِسابٍ) إلى أربعين يوما في كل يوم أربعين مرة ، وفي كل آخر مرة يقول : يا الله ثلاثا ، وبعده يقرأ هذا الدعاء ثلاثا وهو : أنت الله لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك ، تجبرت أن يكون لك ولد وتعاليت أن يكون لك شريك وتعظمت أن يكون لك وزير ، يا الله يا الله يا الله ، اقض حاجتي بحق محمد وآله صلواتك عليه وعليهم أجمعين ، قال لا شك بالقطع واليقين وهو مجرب مرارا وإياك أن تعلمه غير أهله فاحفظه فإنه كنز لا يفنى وملك لا ينفد ولا يبلى.

هذا وقد ذكر الحسيني رحمه‌الله تعالى الكثير من أمثال تلكم الآيات وأسرارها وفعالياتها فليراجع من أراد الزيادة في الاطلاع.

وذكر الحسيني كذلك الاستشفاء بآيات القرآن الكريم من مختلف الأسقام ، فتلكم لعمري أمور من الأسرار الربانية والآثار الرحمانية أودعها الباري عزوجل في ثنايا حروف آيات كتابه الكريم وسور قرآنه العظيم وخوّل أنبياءه وأوصياءهم أئمة أهل البيت صلاحية التصريح بها والإعلان عن فوائدها واختصاصاتها للاستفادة منها. ونحن في هذا المبسوط لا يسعنا إحصاؤها لكثرتها كما لا يسعنا نقلها جميعا ولكن لا بد من نقل بعضها للدلالة والإشارة إلى غيرها للمراجعة ، والحمد لله رب العالمين.


١٤ ـ الطلسم المأخوذ من آل البيت (عليهم‌السلام)

لقد نقل إلينا الثقات من أصحاب وعلماء أهل البيت رضوان الله عليهم بعض الطلاسم التي أخذت من الأئمة المعصومين وقد جربها الكثيرون فكانت في منتهى درجات الصدق والتأثير والفعالية. بيد أن هذه الطلاسم قليلة العدد بالقياس إلى ما روي عنهم سلام الله عليهم من فوائد آيات وسور القرآن الكريم والأدعية والأحراز والرقاع ، وعلى أي حال ننقل للقارئ الكريم نماذج من تلكم الطلاسم لغرض الاطلاع عليها والله من وراء القصد.

طلسم للجدري

يكتب ويعلّق على عضده فإنه لا يخرج ، وإن كان قد خرج فلا يخرج أكثر مما قد خرج إن شاء الله تعالى.


طلسم لدفع الأسقام منسوب إلى أمير المؤمنين عليه‌السلام :

خمس هاءات وخط فوقه خط

وصليب حوله أربع نقط

وهميزات إذا عددتها فهي

سبع لم تجد فيها غلط

ثم واو ثم هاء بعدها ، ثم

صاد ثم ميم في الوسط

تلك أسماء عظام قدرها

فاحتفظ فيها وإياك الغلط

تشتفي الأسقام والداء الذي

عجزت عنه أطباء النمط

وبها ترفع عن حاملها

كل كرب وبلاء وسخط

وهذا شكلها :


١٥ ـ ذاتية الحرف

الحرف هذا المخلوق العجيب هو في حقيقته (صوت) إذا ما ضم إلى غيره من أصوات الحروف الأخرى ، أفاد معنى يحسن السكوت عليه ، في أي لغة من اللغات التي يتكلم بها بنو البشر قديما وحديثا ، إن الحرف فعّال متكيف ومطيع غير مخالف تكمن في داخله قابلية يرتكز عليها أهم جانب من جوانب الحياة التي يعيشها الإنسان جاهلا كان أم عالما ، والحرف مخلوق متطاوع ومستعد لقبول كل ما يصبو إليه الإنسان ويحتاجه للتفاهم والتخاطب والحفظ والكتابة والقراءة ، عاش مع الإنسان في عصوره السالفة على مدى الحياة ورافق الأجيال المتعاقبة ، وسوف يبقى كذلك على مدى الدهور التالية ، يعيش مع الأمم التي لم تر نور الحياة بعد ، وإلى ما يشاء الله سبحانه وتعالى.

لقد كان الحرف كذلك دائما وأبدا ، وهو إذا ضم إلى غيره من الحروف شكل كلمة واحدة لها معنى ولها صورة في الذهن ولها لفظ خاص ، وإذا ما قلّبت حروف هذه الكلمة أظهرت ألفاظا أخرى ومعان أخر حسب مقولة فقهاء اللغة ـ أي أن مادة «ح م ل» مثلا تعطي المعاني اللغوية التالية :

«١ ـ حمل ٢ ـ ملح ٣ ـ لحم ٤ ـ لمح ٥ ـ محل ٦ ـ حلم».

لقد استطاع الحرف بتطوره وتقنياته عند ما انضم إلى غيره أن يكون عضوا فعالا عاملا في ستة كلمات ، وهذه قابلية ساهمت في توسيع علم الاشتقاق وزيادة مادة التفاهم ، الأمر الذي كان له مقام كبير في اللغات المتكلم بها ، وأسهمت في إغناء العلوم على اختلاف ضروبها وأنواعها.


وأسهمت في الآداب بجميع مفاهيمها وكذلك الفنون بكل محتوياتها وأغراضها. هذا بالإضافة إلى التوسع في التعبير عن أسماء المخترعات والمستجدات والمبتكرات والآلات ومسميات كل الأوليات وتوابعها وكل ما أشرقت عليه الشمس وغابت في كل أنحاء الكون بأسره ، المياه وما تحتها والفضاء وما يكتنفه والأرض وما تحتويه.

فما هو هذا الحرف المخلوق العجيب الذي نحسبه صامتا ولكنه في حقيقة الأمر ناطق واع مدرك لواجباته المكلف بها ومؤدّ للوظائف التي خصص لها ، والإنسان يحس بصوته ويتذوق نغمته ويشعر فعاليته ومدى الحاجة إليه ويتفهم معانيه ويشخص رسمه وشكله .. الخ فما هو إذا هذا المخلوق العجيب صاحب تلكم الإمكانيات والقابليات الخطيرة. وأي صنف من أصناف المخلوقات هو؟ هل هو جماد لا يعقل ولا يدرك ولا يحس ، إن العقل يقطع أن الحرف هذا من صنف الفئات العاقلة المدركة الفعالة الموهوبة المكلفة المؤدية لوظائفها بإخلاص وإتقان وقوانين خاصة ولكنه ليس من صنف النبات ولا الحيوان لأنه لا يأكل ولا يشرب ولا يزرع ولا يتغذى ، ولا هو مخلوق من الأصناف المادية التي تولد وتعيش وتموت ، والعقل يقطع أنه ليس كذلك أيضا ، إذ ليس في خصائصه صفة تلكم المخلوقات. إذا ما هو هذا المخلوق العجيب الغريب الحرف الذي لم يتوصل الكثيرون من العلماء والفلاسفة إلى معرفة كنهه وسره على الرغم من كونه مادة حياة الإنسانية وسر بقاء الوجود في المعمورة ... الخ.

إن العقل يؤمن أن الحروف أمة من الأمم التي خلقها الله سبحانه ولكنها من نوع خاص له خصائص ومميزات وواجبات ووظائف لا تتصف بها الأمم الأخرى وحياته غير حياة الأمم الأخرى ومادته غيرها ـ فالحروف مخلوقة من قبل الله سبحانه تماما كالإنسان والجن والحيوان والنبات والجماد ، وكما أن


لكل من الإنس والجن والنبات خصائص ومميزات وأدوار وواجبات ووظائف كذلك أمة الحروف ، وهذا ملموس ومحسوس ومدرك من قبل كل من يستعمل الحروف ويستخدمها لمختلف الأغراض ، إلا أن الحرف غير ناطق والجماد غير ناطق والنبات غير ناطق وصوت الحرف غير مسموع إلا إذا تلفظه الإنسان ـ أي أن صوته يسمع بواسطة النطق به ولا يشترط في من يخلقه الله سبحانه أن يكون ناطقا كالإنسان ، وآكلا أو شاربا حتى يتصف بصفة الحياة والذاتية ، فكل أمة لها خصائص ومميزات وحياة خاصة بها سواء جانست أو طابقت حياة الإنسان أو خالفتها ، فالحياة لكل المخلوقات ليست واحدة تحكمها قوانين واحدة وتسيرها أنظمة واحدة ، وليس من حق الإنسان أن يفرض على مخلوقات الله تعالى نفس نمط حياته حتى يسميها حياة ، وإذا تغير النمط فليس لها حياة فهذا تعسف وافتراض لا مبرر له على الإطلاق.

لذا فإن الحرف ذات عاقلة ومدركة ومكلفة وقائمة بواجباتها ووظائفها وفق قوانين خلقها الله سبحانه لها تسيرها لخدمة الإنسان من جهة وبقية المخلوقات من جهة أخرى ، وعقل الإنسان المحدود لا يستطيع إدراك كل شيء في الكون ومن الصعب جدا أن تدرك حياة الحرف وذاتيته إلا في الحدود التي أشرنا إليها ، ولا يستطيع إدراكها بأكثر من ذلك ، وليس من حق أحد أن يطالب بالكثير لأن عقله ليس بالمستوى الذي يؤهله لكل ما يريد.

وإذا ما رفض الإنسان أن يعتبر أن للحرف حياة وذات ، فإن ذلك الرفض مردّه الجهل لأنه لا يستطيع أن يعطينا تفسيرا مقنعا علميا لماهية الحرف الذي هو بتلكم العظمة والإمكانية التي أسلفنا ذكرها.

والخلاصة أن الحرف عندنا وبحسب ما ذكرناه آنفا كائن حي له ذات وعقل وإدراك وواجب ووظيفة ، وهذا ما كررناه كثيرا في ثنايا هذا البحث ، وقد اتضح ذلك جليا من الآثار والفعّاليات التي تمتلكها الحروف وقد ذكرنا


في بحوثنا سالفة الذكر أنماطا منها ، وهذه الأسرار وتلكم الآثار العجيبة الغريبة هي وحدها كافية علما وعقلا وتصورا على أن الحروف مخلوقات ربانية تعجز البشرية برمتها من أن تخترعها أو تصنعها أو تملكها تلكم الأسرار والعجائب ، فسبحان الله رب كل شيء وسبحان الله الذي خلق كلّ شيء فأحسن خلقه وجعل له ما شاء من الإمكانيات ، إنه على كل شيء قدير ، وهو جل وعلا وحده المهيمن على ممالك كونه وأصناف عباده وضروب مخلوقاته ، والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم النبيين والمرسلين محمد وآله الطاهرين.





المقدمة

اختلفت وتباينت آراء واجتهادات مفسري القرآن الكريم بشأن الحروف المقطعة في أوائل بعض السور القرآنية الكريمة ، ولسنا الآن بصدد ذكر تفاصيل تلكم الآراء ، والذي نستهدفه في هذه العجالة تحقيق ما توحدت فيه آراء علماء العرفاء وأئمة علوم الأسرار الإلهية. وبذلك نقف على جانب من جوانب تلك الأسرار التي شاءت حكمة الباري سبحانه وتعالى إخفاءها في أحرف نورانية ، أخفاها هي الأخرى في خضم سبعين حرفا ، جعل بعضا منها مقدمات لسبع وعشرين سورة قرآنية كريمة.

وبعون الله تعالى سنذكر في هذا البحث تفاصيل ما يتطلبه التحقيق من شروح ونصوص وجداول وبيانات وإعراب وما شاكل ذلك ليقف القارئ الكريم بإمعان وعلم ودراية على أشرف وأقدس صيغة ، تجانس منطوق القرآن الكريم ومفهوم السنة النبوية الطاهرة ، والبلاغة العربية معنى وفصاحة وبيانا ، بالإضافة إلى المدلول الفلسفي الإسلامي العميق ، الذي غرقت فيه سفن الكثيرين من الكتاب والباحثين قديما وحديثا ، فبعضهم من أنجاه الله ببركة المدلول الفلسفي المذكور ، وبعضهم من ضل وتاه وهوى والله نسأل أن يحشرنا مع الناجين والحمد لله رب العالمين.


توطئة

سر من القرآن نعلنه

صراط علي حق نمسكه

يقول العرفاني الضليع ، والمؤمن المطيع ، العالم الرباني المتخصص في بعض الأسرار الإلهية وعلوم الحروف الربانية الحافظ «الشيخ رجب البرسي» رحمة الله عليه ، في كتابه الجليل القيم الموسوم ب «مشارق أنوار اليقين في أسرار أمير المؤمنين» صلوات الله عليه في ص ٢٥ / ٢٦ ما نصه الآتي :

«وحروف المعجم (٢٨) حرفا كما مرّ ، وعددها بالهجاء يعني (أبساطها) (١٢) حرفا ، وعدد الحروف المقطعة بسور القرآن (١٢) حرفا وتحت هجاء بسائط الحروف اسم العزيز الفتاح (١٩) حرفا وفي بسائطها الاسم الأعظم (٦٦) مرة ، والاسمين معا (مرتان) ، وإذا أخذ المكرور الدني من هذه الحروف من (١٤) حرفا ، وهي الحروف النورانية ، وهي مقطعة في سورة «الحمد» وهي هذه «أل ر ع ح ي م ن ك س ه ص ق ط» وأعدادها (٦٩٩) ومن هذه الحروف النورانية تستخرج أسماء الله الحسنى ، واسم الله الأعظم ، وعلم الأدوار والأسرار ، صريحا وظاهرا أو باطنا ، جملة وأفرادا ، لأن اسم الله الأعظم قد يكون من حرف واحد ، وقد يكون من عدد واحد وقد يكون من حروف وأعداد وكلمات حسب الإرادة الإلهية والحكمة الربانية ، وهو في الحروف على هذا المثال : ـ

انتهى قول البرسي.


إن الحروف المذكورة يسميها عالم الحروف الرباني آنف الذكر بالحروف النورانية ، وقد رتبها في المثال المذكور لتبرز وجها من وجوه أسرارها ، ثم رتبها بأنماط أخر لتظهر أوجها أخر من وجوه الإسم الأعظم.

وبعد ذكر تلكم المقدمة التي اقتبسها صاحب هذا المبسوط من أسرار عالم الأسرار والحروف الحافظ «الشيخ رجب البرسي رحمه‌الله تعالى» ، نقول :

إن عدد الحروف المقطعة في أوائل سور القرآن الكريم بلغ (٧٠) حرفا ـ لاحظ الجدول رقم (١) ـ فإذا استخرجنا الحروف النورانية وعددها (١٤) حرفا وتركنا المكرر من تلكم الحروف وعددها (٥٦) حرفا ، ثم عدنا إلى الحروف النورانية ال (١٤) ورتبناها حسب المثال أعلاه الذي ذكره الحافظ رجب البرسي لإظهار وجه من وجوه الاسم الأعظم فسوف تظهر لنا إشارة قرآنية كريمة نصها «صراط علي حق نمسكه» ـ لاحظ الإعراب والقراءات في الجدول رقم (٢) ـ وهذه الآية تحسم جميع الخلافات التي وقعت بعد وفاة الرسول محمد (صلى‌الله‌عليه‌وآله) ، بين المسلمين ، وتبطل جميع الطرق التي اتبعت وتعددت حتى بلغت (٧٢) فرقة ، ما عدا فرقة واحدة وهي الفرقة «الناجية» التي أخبرنا عنها الرسول محمد (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ، وهي فرقة أتباع أهل البيت النبوي الطاهر سلام الله عليهم أجمعين ، الذين وصفهم الرسول محمد (صلى‌الله‌عليه‌وآله) بأنهم «باب حطة» من دخلها نجا ومن تخلف عنها هلك ، ووصفهم بأنهم «سفن النجاة» من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق ، إلى غير ذلك من الأحاديث النبوية الشريفة التي تشير بكل وضوح إلى أن فرقة آل البيت سلام الله عليهم هي الفرقة الناجية حقا.


ولغرض سد الطريق أمام المشعوذين والمنافقين والدجالين والمفترين ، عمدنا إلى تقليب تركيب الحروف ال (١٤) المذكورة ـ بحسب ما توصلنا إليه ـ لنرى ما تفيد من معنى ، فلم نجد معنى يحسن السكوت عليه ، ويتطابق شرفا وقدسية ودينا وقرآنا وسنة وواقعا «وحقيقة» ، غير المعنى المذكور «صراط علي حق نمسكه» ـ لاحظ الجدول رقم (٢) ـ أما بقية الوجوه فتظهر من المعاني ما يكتنفه الخطأ أو عدم الانسجام مع مفاهيم القرآن الكريم أو السنة النبوية الشريفة أو يناقض المفاهيم اللغوية وفصاحة العرب وبلاغتهم.

إن تلكم الأوجه لا ترقى في معانيها إلى ما ينسجم ـ كما قلنا ـ مع القرآن الكريم والأحاديث النبوية وشرف المعنى والقدسية وواقع الحال وصحة المقال ، والذي يرقى حقا إلى ما أوضحناه فقط هو المعنى الذي يفيد «صراط علي حق نمسكه» فإن له الأرجحية والمقام المعلّى ، ويسند ذلك القرآن الكريم في مواطن عديدة منها :

١ ـ آية المباهلة : (فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ، ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكاذِبِينَ) [آل عمران : ٣ / ٦١]. في هذه الآية الكريمة باهل الرسول محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نصارى نجران ودعا أهل بيته الكريم سلام الله عليهم علي وفاطمة والحسن والحسين ، وبحسب نص الآية الكريمة كان علي سلام الله عليه نفس الرسول ، وكانت فاطمة الزهراء سلام الله عليها هي المقصودة بالنساء وكان الحسنان سلام الله عليهما هما المقصودان بالأبناء ـ أبناء الرسول.

٢ ـ آية التطهير : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ


وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) [الأحزاب : ٣٣ / ٣٣] ، وكل المفسرين يجمعون على أن أهل البيت سلام الله عليهم هم علي وفاطمة والحسن والحسين.

٣ ـ آية الولاية : (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا ، الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ) [المائدة : ٥ / ٥٥].

لقد نزلت هذه الآية الكريمة في علي أمير المؤمنين عند ما تصدق بخاتمه الشريف وهو يصلي.

لقد اخترنا من بين عشرات الآيات القرآنية الكريمة التي خصص بها الإمام علي لندلل على الانسجام والتوافق والتطابق القرآني الكريم الذي نزل في علي أمير المؤمنين ، وأنه من جنس جملة «صراط علي حق نمسكه» المرتبة من الحروف النورانية ال (١٤) آنفة الذكر ، هذا وكلنا يعلم أن القرآن الكريم ثلثه نزل في علي أمير المؤمنين وأهل بيته الطاهرين سلام الله عليهم أجمعين ، وأنه هو المختص بسورة الإنسان وحليلته فاطمة الزهراء والحسن والحسين عليهم‌السلام ، وأنه حليل فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين وهو والد سبطي الرسول الحسن والحسين سلام الله عليهم أجمعين ، وأنه صاحب بيعة يوم الغدير والآية القرآنية المختصة بذلك اليوم وتلك البيعة (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ) [المائدة :٥ / ٦٧].

وبولاية علي أكمل الدين ونزلت الآية : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً) [المائدة : ٥ / ٣].

أما مطابقة «صراط علي حق نمسكه» للأحاديث النبوية الشريفة فحدّث عن ذلك ولا حرج ، فعلي سلام الله عليه هو المقصود بحديث الدار «هذا أخي ووصيي ووزيري وخليفتي من بعدي فاسمعوا له وأطيعوا» وهو


المقصود بحديث المنزلة «علي مني بمنزلة هارون من موسى إلّا أنه لا نبي بعدي» وهو المقصود بحديث يوم الخندق «لأعطينّ الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله ، كرار غير فرار». وهو المقصود بحديث «علي مع الحق والحق مع علي يدور معه أنّى دار» وهو المقصود بحديث «علي مع القرآن والقرآن مع علي» ، إلى غير ذلك مما لا يحصى ويعد في مثل هذا المقام. إن كل هذه الأحاديث هي من جنس عبارة «صراط علي حق نمسكه» أما سيرة الإمام علي سلام الله عليه فهي أكبر مصداق وأعظم دليل على مطابقتها لعبارة «صراط علي حق نمسكه» فأمير المؤمنين علي بن أبي طالب سلام الله عليه هو الرجل الأوحد الذي تطمئن له النفس العابدة العالمة التقية الصادقة ، إذا قالت : «إن عليا ما عصى الله تعالى طرفة عين قط» وأن هناك آلاف الأدلة العقلية والنقلية من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة والسيرة العلوية المباركة ، وكلها تشير إلى مطابقة الحال لمقتضى المقال ، ونحن نفتخر ونقول :

سر من القرآن نعلنه

صراط علي حق نمسكه

هذا ولغرض التوفيق القرآني واللغوي نرجو ملاحظة الجدول رقم (٣) الذي ذكرنا فيه (٤٥) موضعا في القرآن الكريم ورد فيها ذكر الصراط منها (٣٣) موردا وصف فيها الصراط ب «الاستقامة» ومنها (١٢) موردا جاء ذكر الصراط في (٤) مرات منها مجردا عن الوصف ومرة واحدة مضافا إلى الذين أنعم عليهم ، ومرتان أضيف إلى العزيز الحميد ، ومرتان أضيف إلى السوي ومرة واحدة أضيف إلى الحميد ومرة واحدة أضيف إلى الجحيم ومرة واحدة أضيف إلى ياء المتكلم.

لقد اتضح مما أسلفنا ذكره أن عبارة «صراط علي حق نمسكه» هي من تلك الأصناف المقدسة القرآنية والأحاديث النبوية وهذا ما يعطي العبارة هدفا


ساميا كان مخبوءا في بعض أسرار تلكم الحروف المقطعة التي قدمنا ذكرها في أول هذا البحث ، والحمد لله رب العالمين.

هذا وقد ذكر الحافظ عماد الدين أبو الفداء إسماعيل بن كثير القرشي الدمشقي في ص ٣٧ من الجزء الأول من تفسيره ما نصه «قلت : مجموع الحروف المذكورة في أوائل السور بحذف المكرر منها أربعة عشر حرفا وهي (ا ل م ص ر ك ه ي ع ط س ح ق ن) يجمعها قولك : «نص حكيم قاطع له سر» وهي نصف الحروف عددا والمذكور منها أشرف من المتروك ، وبيان ذلك في صناعة التعريف.

وقال السيد محمد رشيد رضا ـ صاحب كتاب تفسير القرآن المسمى «المنار» من المجلد الأول ص ١٢٢ ـ ١٢٣. وهو يبحث في الحروف المقطعة في أوائل السور القرآنية ، قال : وخامسا يقرب من هذا ما عني به بعض الشيعة ـ لم يسمه ـ من حذف المكرر من هذه الحروف وصياغة جمل مما بقي منها في مدح علي المرتضى رضي الله عنه وتفضيله وترجيح خلافته ، وقوبلوا بجمل أخرى مثلها تنقض ذلك كما وضحنا في مقالاتنا «المصلح والمقلد».

هذا ويقول صاحب هذا المبسوط ، نود أن نناقش كلّا من ابن كثير ومحمد رشيد رضا ونقول :

١ ـ نحن ندرك وكل علماء الدنيا يدركون أن الحروف الهجائية ال ٢٨ يتلفظ بها كل سكان المعمورة ، وقد كتبت بها جميع الكتب في كل العالم وفي كل العلوم ، وذلك عن طريق ضم وتنظيم بعضها إلى البعض الآخر ، لتشكل أسماء «وأفعالا» وصفات ومصادر وجملا مفيدة يحسن السكوت عليها.


٢ ـ ونحن ندرك أن الحروف النورانية هي نصف الحروف الهجائية وهذا يعني أنها تشتمل على نصف ما ذكرناه في أعلاه.

٣ ـ نحن لم ندّع أن الحروف النورانية لا تنتظم إلّا في جملة واحدة فقط ، يحسن السكوت عليها ، وهي جملة «صراط علي حق نمسكه» بل قلنا : إن الحروف النورانية وهي نصف الحروف الهجائية بالتأكيد ينتظم منها ما لم يحصه إلا الله تعالى من الجمل والمعاني ومنها ما يحسن السكوت عليه ومنها ما لا يحسن ، ومنها المهمل ، وخلاصة القول الذي نورده أن أشرف وأقدس وأبهى وأحلى وأجل وأوضح وأفصح وأبلغ جملة يحسن السكوت عليها ، وتتفق مع القرآن والسنة النبوية الشريفة ومع فصاحة العرب وبلاغتهم هي جملة «صراط علي حق نمسكه».

وتقولون : إن تلكم الحروف تشكل أيضا جملة «نص حكيم قاطع له سر» ونقول لكم : لا يستوي البحران هذا ملح أجاج وهذا عذب فرات. فالنص الحكيم ما زال مجهولا وفي وسعكم وكذلك في وسعنا أن نفسره بما نشاء وما دام هذا النص مجهولا فكيف يوصف بأنه قاطع. ثم ما هو سر ذلك النص ، لقد عادت الحروف المقطعة كما كانت ولم تفدنا بشيء. ولكن إذا أخذنا ، «جملتكم» بنظر الاعتبار نستطيع أن نقول لكم : إن نفس الحروف النورانية تعطينا جواب الاستفسار الذي أسلفنا ذكره وذلك بترتيبها بالشكل الذي نقوله ونتمسك به ، فيكون الأمر أن كلا الصيغتين تشكلان جملة واحدة متماسكة ويفسر صدرها عجزها وعجزها صدرها. وتكون العبارة «صراط علي حق نمسكه ، نص حكيم له سر قاطع» أو «نص حكيم له سر قاطع ، صراط علي حق نمسكه».

لقد وضح النص الحكيم وبان سره القاطع والحمد لله رب العالمين ،


وهذا يستحيل أن يكون محمولا على الصدف أو التدبير الآدمي. ولا بدّ أن يكون من معاجز القرآن الكريم ، والأسرار التي أخفاها جل وعلا في الحروف النورانية التي هي في أوائل سبع وعشرين سورة من سور القرآن الكريم فليفهم المغرضون إلى أي درك ينقلبون والحمد لله رب العالمين.

هذا ولو تركنا جملة «نص حكيم له سر قاطع» لوحدها لوجدنا فيها من التكلف ما لا يخفى على لبيب ، بخلاف جملة «صراط علي حق نمسكه» فإنها خالية من التكلف ، سهلة اللفظ جارية مع اللسان العربي الفصيح منسجمة مع بلاغة العرب وواضحة الإعراب وفيها من الدلالة ما تفتقر إليه (جملة النص) المتكلفة معنا ولفظا ومنطقا ، وعليها إشكال مفاده أن الحروف التي شكلت الجملة كانت سرا وبعد أن صيغت بجملة «نص حكيم» لم تحل المشكلة لأنها أبقت السر ، بينما «صراط علي» حلّت اللغز وأبانت السر وسمّت الصراط الذي يريده الله تعالى ، بعد أن تعددت الطرق والفرق بعد وفاة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ثم أن جملة «صراط علي» لها مدلول ديني وتأريخي ويسندها القرآن الكريم والسنة النبوية كما تقدم والجملة الأخرى عارية من المدلول التأريخي والمدلول الديني والسند القرآني والسند السنّي بالإضافة إلى الغموض وعدم مطابقة الفصاحة والبلاغة العربية.


جدول رقم (١) الحروف المقطعة في أوائل السور القرآنية

١ ـ

 من سورة البقرة

«أل م»

٣ حروف.

٢ ـ

 من سورة آل عمران

«أل م»

٣ حروف.

٣ ـ

 من سورة الأعراف

«أل م ص»

٤ حروف.

٤ ـ

من سورة يونس

«أل ر»

٣ حروف.

٥ ـ

من سورة هود

«أل ر»

٣ حروف.

٦ ـ

 من سورة يوسف

«أل ر»

٣ حروف.

٧ ـ

من سورة الرعد

«أل م»

٣ حروف.

٨ ـ

 من سورة إبراهيم

«أل ر»

٣ حروف.

٩ ـ

 من سورة الحجر

«أل ر»

٣ حروف.

١٠ ـ

 من سورة مريم

«ك ه ي ع ص»

٥ حروف.

١١ ـ

 من سورة الشعراء

«ط س م»

٣ حروف.

١٢ ـ

 من سورة النحل

«ط س»

٢ حرفان.

١٣ ـ

 من سورة القصص

«ط س م»

٣ حروف.

١٤ ـ

 من سورة العنكبوت

«أل م»

٣ حروف.

١٥ ـ

 من سورة الروم

«أل م»

٣ حروف.

١٦ ـ

من سورة لقمان

«أل م»

٣ حروف.

١٧ ـ

من سورة السجدة

«أل م»

٣ حروف.

١٨ ـ

من سورة ص

«ص»

حرف واحد.

١٩ ـ

من سورة المؤمن

«ح م»

حرفان.

٢٠ ـ

من سورة فصلت

«ح م»

حرفان.

٢١ ـ

من سورة الشورى

«ح م»

حرفان.

٢٢ ـ

من سورة الزخرف

«ح م»

حرفان.

٢٣ ـ

من سورة الدخان

«ح م»

حرفان.

٢٤ ـ

من سورة الغاشية

«ح م»

حرفان.


٢٥ ـ

من سورة الأحقاف

«ح م»

حرفان.

٢٦ ـ

من سورة ق

«ق»

حرف واحد.

٢٧ ـ

من سورة القلم

«ن»

حرف واحد.

والخلاصة أن المجموع (٧٠) حرفا منها الحروف النورانية وعددها (١٤) تستخرج بعد إهمال المكرر وهي (أل م ص ر ك ه ي ع ط س ح ق ن). ومن أوجه أسرارها الربانية الجليلة «صراط علي حق نمسكه».

جدول رقم (٢) بعض تفاصيل مفادات الحروف النورانية

هذه باقة من تقلبات مفادات تركيب الحروف النورانية ال (١٤) بحسب قواعد فقه اللغة العربية ، والمتتبع يلمس بكل وضوح أن جملة «صراط علي حق نمسكه» هي أشرف وأقدس وأفصح العبارات وقد فصلنا القول بذلك ، في البحث (٣) ، وقلنا : إن النص الحكيم الذي له سر قاطع هو «صراط علي حق نمسكه» والحمد لله رب العالمين.

وفي أدناه نذكر بعض التقلبات في المعاني لنرى أيها أشرف وأقدس وأحق بأن نأخذ بها.

١ ـ صراط علي حقّ نمسكه ٢ ـ صراط عليّ حقّ نمسكه ٣ ـ صراط عليّ حقّ نمسكه ٤ ـ عليّ صراط حقّ نمسكه ٥ ـ عليّ صراط حقّ نمسكه ٦ ـ عليّ صراط حق نمسكه ٧ ـ حق صراط عليّ نمسكه ٨ ـ حق صراط عليّ نمسكه ٩ ـ حقّ صراط عليّ نمسكه ١٠ ـ نمسكه صراط عليّ حقا ١١ ـ نمسكه صراط عليّ حقّا ١٢ ـ نمسكه صراط عليّ حقا ١٣ ـ نصّ حكيم له سرّ قاطع ١٤ ـ حكيم نصّ له سرّ قاطع ١٥ ـ له سرّ قاطع نص حكيم ١٦ ـ قاطع نصّ حكيم له سرّ ١٧ ـ قاطع سرّ له حكيم نصّ ١٨ ـ سرّ له نصّ حكيم قاطع ... الخ.


هذا ويمكن القول : إن الحروف النورانية ال (١٤) شكلت جملة «نصّ حكيم له سرّ قاطع» ثم فسرتها بتركيب آخر جليل شريف مقدس بجملة «صراط عليّ حقّ نمسكه» أي أن الإشكالات في الجملة الأولى «جملة النص» فسرتها الجملة الثانية «جملة الصراط» فزال الوهم وسبك التركيب وارتفع الشك وانكشف السر وحلّ الخلاف وعرف المقصود وفصح الكلام وتجلّت البلاغة ووافق القرآن ، ووافق السنة وجانس الفهم العربي الصحيح. والحمد لله ربّ العالمين.

الإعراب :

صراط : مبتدأ مرفوع بالضمة الظاهرة وهو مضاف.

علي : مضاف إليه مجرور بالكسرة الظاهرة.

حقّ : خبر مرفوع بالضمة الظاهرة.

نمسكه : فعل والفاعل مستتر تقديره نحن ، والهاء مفعول به ضمير يعود على الصراط. والجملة صفة.

نصّ : مبتدأ مرفوع بالضمة الظاهرة.

حكيم : صفة مرفوع.

له : جار ومجرور متعلقان بسر.

سرّ : خبر مرفوع بالضمة الظاهرة.

قاطع : صفة مرفوعة بالضمة حسب التبعية.


جدول رقم (٣) في الآيات القرآنية التي ذكر فيها الصراط

ت

 السورة

رقمها

 رقم الآية

 نص الآية

 وصف الاستقامة

١

الفاتحة

١

٦

اهدنا الصراط المستقيم

الاستقامة

٢

البقرة

٢

١٤٢

قل لله المشرق والمغرب يهدي الله من يشاء إلى صراط مستقيم

كذا

٣

البقرة

٢

٢١٣

والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم

كذا

٤

آل عمران

٣

٥١

إن الله ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم

كذا

٥

آل عمران

٣

١٠١

ومن يعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم

كذا

٦

المائدة

٥

١٦

ويهديهم إلى صراط مستقيم

كذا

٧

الأنعام

٦

٣٩

من يشأ الله يضلله ومن يشأ يجعله على صراط مستقيم

كذا

٨

الأنعام

٦

٨٧

واجتبيناهم وهديناهم إلى صراط مستقيم

كذا

٩

الأنعام

٦

١٢٦

وهذا صراط ربك مستقيما

كذا

١٠

الأنعام

٦

١٦١

قل إني هداني ربي إلى صراط مستقيم دينا قيما

كذا

١١

يونس

١٠

٢٥

ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم

كذا

١٢

هود

١١

٥٦

ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم

كذا

١٣

الحجر

١٥

٤١

قال هذا صراط علي مستقيم

كذا

١٤

النحل

١٦

٧٦

هل يستوي هو ومن يأمر بالعدل وهو على صراط مستقيم

كذا

١٥

النحل

١٦

١٢١

شاكرا لأنعمه اجتباه وهداه إلى صراط مستقيم

كذا

١٦

مريم

١٩

٣٦

وأن الله ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم

كذا

١٧

الحج

٢٢

٥٤

وأن الله لهاد الذين آمنوا إلى صراط مستقيم

كذا

١٨

المؤمنون

٢٣

٧٣

وإنك لتدعوهم إلى صراط مستقيم

كذا

١٩

النور

٢٤

٤٦

والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم

كذا

٢٠

يس

٣٦

٤

إنك لمن المرسلين على صراط مستقيم

كذا

٢١

يس

٣٦

٦١

وأن اعبدوني هذا صراط مستقيم

كذا

٢٢

الصافات

٣٧

١١٨

وهديناهم الصراط مستقيم

كذا

٢٣

الشورى

٤٢

٥٢

وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم

كذا

٢٤

الزخرف

٤٣

٤٣

إنك على صراط مستقيم

كذا

٢٥

الزخرف

٤٣

٦١

وانه لعلم الساعة فلا تمترن بها واتبعوني هذا صراط مستقيم

كذا

٢٦

الزخرف

٤٣

٦٤

إن الله هو ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم

كذا


ت

 السورة

رقمها

 رقم الآية

 نص الآية

 وصف الاستقامة

٢٧

 الملك

 ٦٧

 ٢٢

 أفمن يمشي مكبا على وجهه أهدى أم من يمشي على صراط مستقيم

 لاستقامة

٢٨

 النساء

 ٤

 ٦٨

 ولهديناهم صراطا مستقيما

 كذا

٢٩

 النساء

 ٤

 ١٧٥

 فسيدخلهم في رحمة منه وفضل ويهديهم إليه صراطا مستقيما

 كذا

٣٠

 الفتح

 ٤٨

 ٢

 ويتم نعمته عليك ويهديك صراطا مستقيما

 كذا

٣١

 الفتح

 ٤٨

 ٢٠

 ولتكون آية للمؤمنين ويهديكم صراطا مستقيما

 كذا

٣٢

 الأعراف

 ٧

 ١٦

 قال فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم

 كذا

٣٣

 الأنعام

 ٦

 ١٥٣

 وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعه

 كذا

٣٤

 الفاتحة

 ١

 ٧

 صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين

 مضاف

 ٣٥

 الأعراف

 ٧

 ٨٦

 ولا تقعدوا بكل صراط توعدون وتصدون عن سبيل الله

 مضاف

 ٣٦

 إبراهيم

 ١٤

 ١

 صراط العزيز الحميد

 مضاف

 ٣٧

 طه

 ٢٠

 ١٣٥

 فتعلمون من أصحاب الصراط السوي

 وصف بالسوي

٣٨

 الحج

 ٢٢

 ٢٤

 وهدوا إلى الطيب من القول وهدوا إلى صراط الحميد

 مضاف

 ٣٩

 المؤمنون

 ٢٣

 ٧٤

 وأن الذين لا يؤمنون بالآخرة عن الصراط لناكبون

 مجرد عن الوصف

 ٤٠

 سبأ

 ٣٤

 ٦

 هو الحق ويهدي إلى صراط العزيز الحميد

 مضاف

 ٤١

 يس

 ٣٦

 ٦١

 ولو نشاء لطمسنا على أعينهم فاستبقوا الصراط فأنى يبصرون

 مجرد

 ٤٢

 الصافات

 ٣٧

 ٢٣

 من دون الله فاهدوهم إلى صراط الجحيم

 مضاف

 ٤٣

 ص

 ٣٨

 ٢٢

 فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط واهدنا إلى سواء الصراط

 مجرد

 ٤٤

 الشورى

 ٤٢

 ٥٣

 صراط الله الذي له ما في السموات وما في الأرض

 مضاف

 ٤٥

 مريم

 ١٩

 ٤٣

 فاتبعني أهدك صراطا سويا

 وصف بالسوي


ونحن إنما وضعنا ذلكم الجدول لندلل أن الله تعالى أكثر شيء وصف به الصراط ، هو «الاستقامة» وهذا دحض لمن قرأ العبارة «صراط عليّ» بدلا من قراءتها «صراط علي» فقلنا له إن الصراط لا يوصف عربيا وقرآنيا (بالعلو) بل بالاستقامة على الأكثر ، والحمد لله رب العالمين.



الخاتمة

إن القرآن الكريم بعد أن أرشدنا إلى الصراط المستقيم وهو صراط علي أمير المؤمنين عليه أفضل الصلاة والسلام ، وقد تبين لنا الحق من ثنايا البحث المذكور ، لذا نود أن نقول أن القرآن الكريم كذلك بين لنا الانقلاب الذي سيحدث بعد وفاة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذ قال في الآية ١٤٤ من سورة آل عمران (وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ). إن هذه الآية الكريمة رسمت مصداقية القرآن الكريم إذ وقع الانقلاب فعلا ولعلماء المسلمين آراء في هذا المجال لسنا بصددها ، ولكننا نقول : إن الفرق الإسلامية التي تجاوزت السبعين كلها تورطت في ذلك الانقلاب ما عدا فرقة آل بيت النبي الكريم المتمسكة بعبارة «صراط علي حق نمسكه» وهذا الإيجاز يكفينا عن الإطناب لأن الإطناب لا تتسع له هذه العجالة ، والحمد لله رب العالمين.

أسرار الحروف

المؤلف:
الصفحات: 115