آية الله العظمى الحاج الشيخ ميرزا جواد التبريزي (دام ظلَّه) ، ما هي النصوص على إمامة الأئمّة المعصومين (عليهم السّلام)؟ بيّنوا لنا بعض الأفكار مع الإشارة إلى قسم من الروايات الصحيحة. نسأل الله سبحانه وتعالى أن يحفظكم ذخراً للإسلام والمسلمين ، وأن يثبتنا على الصراط المستقيم. أفيدونا مأجورين.

الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على محمّد وآله الطيّبين الطاهرين.

تثار بين فترة وأخرى أسئلة تتعرّض للمسلَّمات العقائديّة الموجودة لدى المسلمين. وبالذات لدى الطائفة المحقة أتباع أهل البيت (عليهم السّلام) ، وتختلف دوافع تلك الأسئلة ، فإنّ البعض بدافع التعرف والبحث عن الدليل يسأل عن تلك المواضيع ، ويحتاج إلى إجابة شافية وافية سوف نضعها بإذن الله بين يديه. وربّما كان هدف آخرين من طرح هذه الأسئلة هو التشكيك في تلك المسلَّمات وإلقاء الشبهة في قلوب العوام من أتباع هذا المذهب.

وتختلف طرق هؤلاء وشبهاتهم ، وذلك أنّ هدفهم هو إلقاء الشبهة ، وتشكيك أبناء الطائفة في عقيدتهم ، فلا يهمّ عندهم ما هو نوع السؤال ، ولا ينتظرون الإجابة عليه ، بل لو أجيبوا بجواب مقنع بالنسبة لهم ، فإنّهم يتركونه للبحث عن سؤال آخر وشبهة أُخرى! فالمهمّ عندهم هو التشكيك والسؤال المؤدّي إلى الشبهة ؛ فهم في يوم يشككون في بعض الوقائع التاريخية المتصلة بقضية الإمامة ، وفي آخر يشككون في حياة الإمام المهدي ، أو أنّه ما فائدة هذه الغيبة ، وثالثة يشككون في


النص على الأئمّة المعصومين (عليهم السّلام) بأن يقولوا إنّه لا يوجد نص على الأئمة أو على الأئمة بعد الحسين (عليه السّلام).

وهؤلاء نحن لا نتحدّث معهم في هذه الرسالة ، ولا نوجّه لهم هذه الكلمات ، بل لا نرجو هدايتهم بعد أن اختاروا لأنفسهم هذا الطريق ، طريق التشكيك (لَمْ يَكُنِ الله لِيَغْفِرَ لَهُمْ ولا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً) (١) ، وإنّما يتوجّه حديثنا إلى أهل الإنصاف (الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَه) (٢) ، وإلى العامّة من أبناء المذهب الحق الذين يترقبون الدليل الواضح للرد به على مزاعم المشككين وشبهات المنحرفين. لمثل هؤلاء الذين ربّما وردت أسئلة من قبل بعضهم وطلبوا الإجابة عليها فيما يرتبط بهذا الموضوع ، أي النص على إمامة الأئمّة المعصومين (عليهم السّلام) ، نكتب هذه الرسالة المختصرة ، علماً بأنّه لا يسعنا استقصاء الأدلة ، ولا بدّ لذلك من الرجوع إلى الكتب المدوّنة في هذا المضمار خصوصاً كتب الحديث والمجاميع الروائية.

منهج الرسالة

وسيكون منهجنا في هذه الرسالة أن نتعرّض إلى ذكر بعض الروايات الصحيحة والصريحة التي تعيّن أسماء الأئمة (عليهم السّلام) ، ممّا يقطع الطريق على من يدعي عدم وجود النص عليهم أو على بعضهم ، وسيثبت هذا أنّ المدعي لعدم وجود النص لو سلمت نيته فإنّه ضعيف الاطلاع جدّاً على أخبار أهل البيت (عليهم السّلام) وغير بصير بأحاديثهم. وسنلتزم أن يكون النص الذي نورده صحيحاً من غير شبهة أو مناقشة ، وإلَّا فالنصوص الأُخرى كثيرة جدّاً. وهذه النصوص تنقسم كما سيأتي إلى ما هو نص على العنوان مثل أبناء الحسين (عليه السّلام) ، وما هو نص على قسم منهم مثل النصوص

__________________

١) سورة النساء : الآية ١٦٨.

٢) سورة الزمر : الآية ١٨.


الواردة الناصة عليهم إلى الإمام الباقر (عليه السّلام) ، وأهميّة هذه أنّ المشككين يدّعون أنّه لا نصّ بعد الحسين (عليه السّلام) ، والقسم الثالث ما هو نص عليهم جملة واحدة.

ثم سنتعرّض إلى ذكر النصوص الواردة بشأن إمامة كل إمام بخصوصه ، ونحن وإن كنا لا نحتاج إلى ذكرها ، بل كان يكفينا ويكفي من يريد الدليلَ روايةٌ صحيحة واحدة تذكرهم جملةً من غير حاجة إلى ذكر سائر الروايات سواء كانت بالعنوان أو لكلّ شخص نورد هذه للتأكيد ، وأنّ النص عليهم كان حاصلًا بطرق مختلفة ، وهو كافٍ (لِمَنْ كانَ لَه قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وهُوَ شَهِيدٌ) (١). هذا كلَّه مع ما سنذكره في الخاتمة من أنّ الظروف التي أحاطت بأئمّة أهل البيت (عليهم السّلام) وشيعتهم الكرام في أدوار التاريخ كانت من الصعوبة ، بحيث كان نقل الحديث الذي ينص على إمامة المعصومين خصوصاً الذين كانوا في فترات متأخّرة أمراً في غاية الخطورة.

النصوص التي تعيّن أسماء الأئمّة المعصومين (عليهم السلام)

يوجد في مصادرنا الحديثية العديد من الروايات التي تنص على تحديد أسماء الأئمّة المعصومين (عليهم السّلام) ، ولكن بما أنّ بناءنا هو على الاختصار في هذه الرسالة ، فإننا سنكتفي بذكر رواية صحيحة صريحة في كل باب (أو روايتين) ، وفيها لمن أراد الدليل كفاية وغنى. وهذه الروايات تنقسم بحسب المدلول إلى أقسام :

القسم الأوّل

ما ورد من الروايات في تحديد أنّ الأئمّة (عليهم السلام) هم من ولد الحسين (عليه السلام)

وهذه الروايات بهذا العنوان تجيب عن عدة أسئلة ، فهي من جهة تعالج نقطة هي مركز التشكيك عند المشككين المدعين عدم وجود نص على الأئمّة بعد الإمام

__________________

١) سورة ق : الآية ٣٧.


الحسين (عليه السّلام) ، بينما هذه الروايات تعتبر نصاً على العنوان ، أي أولاد الحسين ، وأيضاً فهي تحدد نسب الأئمّة بعده وتحصرهم في هذه الذريّة الطاهرة ، فتنفي هذا المنصب عمن ليس من هذا البيت ، فكل من ادّعى الإمامة من غيرهم فادّعاؤه باطل ، ولو كان هاشمياً قرشياً ، بل حتى لو كان من أولاد أمير المؤمنين من غير نسل الحسين (عليه السّلام). وأيضاً فهذه الروايات تدلّ بالدلالة الالتزامية على أنّهم من قريش ، بل هي مفسِّرة لذلك العنوان ، ولهذا فما ورد من غير طرق الشيعة كثيراً من أنّ الأئمّة من قريش يكون مفسّراً بهذه الروايات ، حيث إنّ من كان من أبناء الحسين فهو بالضرورة قرشيّ.

فمن تلك الروايات :

ما رواه الشيخ الكليني (رحمه الله) عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن محبوب عن إسحاق بن غالب عن أبي عبد الله الصادق (عليه السّلام) من كلام يذكر فيه الأئمّة .. إلى أن قال : «فلم يزل الله يختارهم لخلقه من وُلد الحسين من عقب كل إمام ، كلما مضى منهم إمام نصب لخلقه من عقبه إماماً وعلماً هادياً ..» (١). (صحيحة).

ومنها : ما رواه الشيخ الصدوق (رحمه الله) عن محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد عن محمد بن الحسن الصفار عن أحمد بن محمد بن عيسى ومحمد بن الحسين بن أبي الخطاب والهيثم بن مسروق النهدي ، عن الحسن بن محبوب السراد عن علي بن رئاب عن أبي حمزة الثمالي ، عن أبي جعفر (عليه السّلام) ، قال سمعته يقول : «إنّ أقرب النّاس إلى الله عز وجل وأعلمهم به وأرأفهم بالنّاس محمد (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) والأئمّة ، فادخلوا أين دخلوا وفارقوا من فارقوا ، عنى بذلك حسيناً وولده فإنّ الحق فيهم وهم الأوصياء ومنهم الأئمّة ، فأينما رأيتموهم فاتّبعوهم وإن أصبحتم يوماً لا ترون منهم أحداً منهم فاستغيثوا با لله عز وجل وانظروا

__________________

١) الكافي : ج ١ ، ص ٢٠٣.


السنة التي كنتم عليها واتّبعوها وأحبّوا من كنتم تحبّون وأبغضوا من كنتم تبغضون فما أسرع ما يأتيكم الفرج»! (١). (صحيحة).

ويؤيّدها ما رواه في كمال الدين ، عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن يعقوب بن يزيد عن حماد بن عيسى عن عبد الله بن مسكان عن أبان عن سليم بن قيس الهلالي عن سلمان الفارسي قال : «دخلت على النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) ، فإذا الحسين بن علي على فخذه وهو يقبّل عينيه ويلثم فاه ويقول : أنت سيد ابن سيد ، أنت إمام ابن إمام أبو أئمّة أنت حجة الله ابن حجته وأبو حجج تسعة من صلبك تاسعهم قائمهم» (٢).

القسم الثاني

الروايات التي تنصّ على أسماء الأئمّة بدءاً من الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) حتى الإمام محمد بن علي الباقر (عليه السلام)

وهي متعددة نكتفي منها بروايتين :

الصحيحة الأُولى رواها الشيخ الكليني (رحمه الله) عن علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس ، وعلي بن محمد بن سهل بن زياد أبي سعيد عن محمد بن عيسى عن يونس ، عن ابن مسكان عن أبي بصير قال : سألت أبا عبد الله (عليه السّلام) عن قوله عز وجل (أَطِيعُوا الله وأَطِيعُوا الرَّسُولَ وأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ) (٣) ، فقال : «نزلت في علي بن أبي طالب والحسن والحسين (عليهم السّلام) ، فقلت : إنّ النّاس يقولون فما باله لم يسمِّ عليّاً وأهل بيته في كتاب الله عز وجل؟ فقال : قولوا لهم : إنّ رسول الله نزلت عليه الصلاة ولم يسمّ الله لهم ثلاثاً ولا أربعاً ، حتى كان رسول الله هو الذي فسّر ذلك ، ونزلت الزكاة ولم يسمّ لهم من كل أربعين درهماً

__________________

١) كمال الدين : ص ٣٢٨.

٢) كمال الدين : ج ١ ، ص ٢٦٢.

٣) الكافي : ج ١ ، ص ٢٨٦.


درهم ، حتى كان رسول الله هو الذي فسّر لهم ذلك ، ونزل الحج فلم يقل لهم طوفوا أسبوعاً حتى كان رسول الله هو الذي فسّر لهم ذلك ، ونزلت (أَطِيعُوا الله وأَطِيعُوا الرَّسُولَ وأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ) (١) ونزلت في علي والحسن والحسين ، فقال رسول الله في علي «من كنت مولاه فعلي مولاه» ، فقال (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) : أوصيكم بكتاب الله وأهل بيتي ، فإنّي سألت الله أن لا يفرق بينهما حتى يوردهما عليَّ الحوض فأعطاني ذلك. وقال : لا تعلموهم فهم أعلم منكم. وقال : إنّهم لن يخرجوكم من باب هدى ، ولن يدخلوكم باب ضلالة.

فلو سكت رسول الله فلم يبين من أهل بيته لادّعاها آل فلان وآل فلان ، لكن الله أنزل في كتابه تصديقاً لنبيّه (إِنَّما يُرِيدُ الله لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ ويُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) (٢) ، فكان علي والحسن والحسين وفاطمة فأدخلهم رسول الله تحت الكساء في بيت أم سلمة ثمّ قال : اللَّهمّ إنّ لكل نبي أهلًا وثقلًا ، وهؤلاء أهلي وثقلي. فقالت أم سلمة : ألست من أهلك؟ قال : إنّك إلى خير ، ولكن هؤلاء أهلي وثقلي. فلما قُبض رسول الله كان علي (عليه السّلام) أولى الناس بالناس ، لكثرة ما بلَّغ فيه رسول الله وإقامته للناس وأخذه بيده ، فلما مضى عليُّ (عليه السّلام) لم يكن يستطيع عليّ (عليه السّلام) ولم يكن ليفعل أن يدخل محمد بن علي ولا العباس بن علي ولا واحداً من ولده .. إذن لقال الحسن والحسين إن الله تبارك وتعالى أنزل فينا كما أنزل فيك فأمر بطاعتنا كما أمر بطاعتك ، وبلغ فينا رسول الله كما بلغ فيك ، وأذهب عنّا الرجس كما أذهبه عنك ، فلما مضى علي كان الحسن أولى بها لكبره ، فلما توفي لم يستطع أن يدخل ولده ولم يكن ليفعل ذلك ، والله عز وجل يقول (وأُولُوا الأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ الله) (٣) فيجعلها في ولده .. إذن لقال الحسين أمر الله بطاعتي كما أمر بطاعتك وطاعة أبيك ، وبلغ فيَّ رسول الله كما بلغ فيك وفي أبيك ، وأذهب الله عني

__________________

١) سورة النساء : الآية ٥٩.

٢) سورة الاحزاب : الآية ٣٣.

٣) سورة الانفال : الآية ٧٥ ، سورة الاحزاب : الاية ٦.


الرجس كما أذهب عنك وعن أبيك. فلما صارت إلى الحسين لم يكن أحد من أهل بيته يستطيع أن يدعي عليه كما كان هو يدعي على أخيه وعلى أبيه ، لو أرادا أن يصرفا الأمر عنه ، ولم يكونا ليفعلاه ، ثم صارت حين أفضت إلى الحسين فجرى تأويل هذه الآية (وأُولُوا الأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ الله) ثم صارت من بعد الحسين لعلي بن الحسين ، ثم صارت من بعد علي بن الحسين إلى محمد بن علي ثمّ قال : الرجس هو الشك ، والله لا نشك في ربّنا أبداً» (١).

وينبغي التوجه إلى نقطتين مهمتين توضحهما هذه الرواية :

أولاهما : انّها تجيب عن سؤال ربّما طرحه البعض ، وهو أنّه لو كانت الإمامة بتلك الأهمية فلما ذا لم ينص القرآن عليها؟ ولمَ لم يذكر القرآن أسماء الأئمّة حتى يرتفع الشك والتردد بصورة قاطعة ، ولا يضل الناس؟

والرواية تجيب بأنّه كما نزل أصل وجوب الصلاة والزكاة والحج في القرآن ولم يبيّن فيه تفاصيل الأحكام ، فكذلك الحال في الإمامة حيث نزل وجوب الطاعة للأئمّة وأُولي الأمر ، وأوكل تعيين أسمائهم إلى النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) وقد قام بذلك خير قيام.

وثانيتهما : أن قضية الإمامة ونصب الإمام هي أمر إلهي لا يرتبط بقضية الوراثة ، أو إرادة الإمام السابق في تعيين اللاحق ، فإنّه لا يستطيع ولم يكن ليفعل أن يغيّر مجراها عمّا هو عليه من النصب الإلهي. وفي هذه القضية كما أنّ أمير المؤمنين قد نصب نصباً إلهياً ، فكذلك زين العابدين علي بن الحسين والباقر محمد بن علي (عليهم السّلام) ، من دون فرق في هذه الجهة ممّا يرد بذلك على دعوى المشكَّكين بأنّ النص إنّما هو على الثلاثة الأوائل من الأئمّة.

ويؤيدها ما رواه الكليني عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن حماد بن عيسى عن

__________________

١) الكافي : ج ١ ، ص ٢٨٦.


إبراهيم بن عمر اليماني وعمر بن أذينة عن أبان عن سليم بن قيس قال : شهدت وصية أمير المؤمنين حين أوصى إلى ابنه الحسن (عليه السّلام) ، وأشهدَ على وصيته الحسين (عليه السّلام) ومحمّداً وجميع ولده ورؤساء شيعته وأهل بيته ، ثمّ دفع إليه الكتاب والسلاح وقال لابنه الحسن (عليه السّلام) : «يا بني ، أمرني رسول الله أن أُوصي إليك وأن أدفع إليك كتبه وسلاحه ، وأمرني أن آمرك إذا حضرك الموت أن تدفعها إلى أخيك الحسين. ثم أقبل على ابنه الحسين فقال : وأمرك رسول الله أن تدفعها إلى ابنك هذا. ثمّ أخذ بيد علي بن الحسين وقال : وأمرك رسول الله أن تدفعها إلى ابنك محمّد بن علي ، واقرأه من رسول الله ومني السلام» (١).

القسم الثالث

ما نص على أسماء الأئمة (عليهم السلام) جميعاً

ومع هذه الروايات التي سوف نذكر بعضها ينقطع عذر كل متعلل لصراحتها وقوّتها ، وما يحف بها ، ففي الأُولى نلتقي مع أسماء الأئمة (عليهم السّلام) في سجدة الشكر عقيب كل صلاة ، حيث يُشهِد المصلي ربَّه والملائكة والخلق بمجمل اعتقاداته التي ينبغي أن يلقاه بها ، ومنها تولَّيه للأئمّة الطاهرين من أهل البيت (عليهم السّلام) وأنّه يتولَّاهم ويتبرّأ من أعدائهم. ولا يخفى الارتباط بين الصلاة وبين ذكر الأئمّة الهادين وفضلهم على الخلق في تعليمهم معالم الدين. وسنشير إلى هذه الجهة أيضاً في الخاتمة.

فمن هذه الروايات :

الصحيحة التي رواها الصدوق بإسناده عن عبد الله بن جندب عن موسى بن جعفر (عليه السّلام) أنّه قال : تقول في سجدة الشكر «اللَّهمّ إني أشهدك وأشهد ملائكتك وأنبياءك ورسلك وجميع خلقك أنّك أنت الله ربي والإسلام ديني ومحمّداً نبيي وعلياً والحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد وموسى بن جعفر وعلي بن

__________________

١) الكافي : ج ١ ، ص ٢٩٧.


موسى ومحمد بن علي وعلي بن محمد والحسن بن علي والحجّة بن الحسن أئمّتي بهم أتولى ومن أعدائهم أتبرأ» (١).

والصحيحة الأُخرى التي رواها الكليني عن عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد البرقي عن أبي هاشم داود بن القاسم الجعفري عن أبي جعفر الثاني (عليه السّلام) قال : «أقبل أمير المؤمنين (عليه السّلام) ومعه الحسن بن علي وهو متكئ على يد سلمان فدخل المسجد الحرام فجلس ، إذ أقبل رجل حسن الهيئة واللباس ، فسلم على أمير المؤمنين ، فرد (عليه السلام) فجلس ، ثم قال : يا أمير المؤمنين ، أسألك عن ثلاث مسائل إن أخبرتني بهن علمت أنّ القوم ركبوا من أمرك ما قضي عليهم وأن ليسوا بمأمونين في دنياهم وآخرتهم ، وإن تكن الأُخرى علمت أنّك وهم شرع سواء! فقال له أمير المؤمنين (عليه السّلام) : سلني عمّا بدا لك. قال : أخبرني عن الرجل إذا نام أين تذهب روحه؟ وعن الرجل كيف يذكر وينسى؟ وعن الرجل كيف يشبه ولده الأعمام والأخوال؟ فالتفت أمير المؤمنين (عليه السّلام) إلى الحسن ، فقال : يا أبا محمد أجبه! قال : فأجابه الحسن. فقال الرجل : أشهد أن لا إله إلَّا الله ولم أزل أشهد بها ، وأشهد أنّ محمداً رسول الله ولم أزل أشهد بها ، وأشهد أنّك وصي رسول الله والقائم بحجته أشار إلى أمير المؤمنين ولم أزل أشهد بها ، وأشهد أنّك وصيه والقائم بحجّته أشار إلى الحسن وأشهد أنّ الحسين بن علي وصي أخيه والقائم بحجّته بعده ، وأشهد على علي بن الحسين أنّه القائم بأمر الحسين بعده ، وأشهد على محمد بن علي أنّه القائم بأمر علي بن الحسين ، وأشهد على جعفر بن محمد أنّه القائم بأمر محمد ، وأشهد على موسى أنّه القائم بأمر جعفر بن محمد ، وأشهد على علي بن موسى أنّه القائم بأمر موسى بن جعفر ، وأشهد على محمد بن علي أنّه القائم بأمر علي بن موسى ، وأشهد على علي بن محمد أنّه القائم بأمر محمد بن علي ، وأشهد على الحسن بن علي أنّه القائم بأمر علي بن محمد ، وأشهد على

__________________

١) الوسائل : ج ٧ ، ص ١٥.


رجل من ولد الحسن لا يكنّى ولا يسمّى حتى يظهر أمره فيملأها عدلًا كما ملئت جوراً ، والسلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته. ثمّ قام فمضى. فقال أمير المؤمنين : يا أبا محمد ، اتبعه! فانظر أين يقصد؟ فخرج الحسن بن علي (عليه السّلام) ، فقال : ما كان إلَّا أن وضع رجله خارجاً من المسجد فما دريت أين أخذ من أرض الله ، فرجعت إلى أمير المؤمنين فأعلمته ، فقال : يا أبا محمد ، أتعرفه؟ قلت : الله ورسوله وأمير المؤمنين أعلم. قال : هو الخضر» (١).

الروايات التي تنص على كل إمام بشخصه :

بعد أن ذكرنا الروايات التي تذكر أسماء الأئمّة الطاهرين ، نعود ونذكر الروايات الخاصة التي تنص على كل إمام بشخصه ، وهي قد تذكر الإمام باسمه وأُخرى بالقرينة والصفة ، فإنّ بعض الروايات تعتمد على ذكر أمر ، ذلك الأمر يلازم كونه إماماً ، كما سيأتي في وصية الإمام الباقر لابنه الصادق (عليه السّلام) أن يغسله ويجهزه ويكفنه ، فإنّ هذا من النص عليه ، لما ثبت عندنا من النصوص والإجماع على أنّ الإمام لا يتولى تجهيزه إلَّا إمام مثله عند حضوره ، وقد لا ينتبه لمثل هذه الإشارات إلَّا من كان على مستوى من الإحاطة بتعابير الأئمّة ، كما نرى أنّ هشام بن الحكم عند ما سمع من علي بن يقطين قول الكاظم أنّ علياً الرضا سيّد ولده وأنّه قد نحلة كنيته ، فقد استنتج هشام من ذلك أنّه نص عليه بالإمامة من بعده ، ومثل أن يعطيه السلاح والكتب ، وهكذا ما يرافق إمامتهم من الكرامات ، مثلما حصل في قضية شهادة الحجر الأسود لعلي بن الحسين بالإمامة في مناقشة محمد بن الحنفية إياه! كما ورد في رواية صحيحة رواها الكليني في الكافي (٢) ، فإنّه بعد ما احتجّ السجاد عليه لأن سلاح

__________________

١) الكافي : ج ١ ، ص ٥٢٥.

٢) الكافي : ج ١ ، ص ٣٤٨.


رسول الله عنده وأنّ الحسين قد أوصى إليه دعاه للحجر الأسود ليحتكما إليه ، فتكلم محمد فلم يحصل على شيء ، ثم تكلم علي بن الحسين فنطق الحجر بقدرة الله «أن الوصية والإمامة بعد الحسين بن علي إلى علي بن الحسين»! فانصرف محمد بعد ذلك وهو مؤمن بإمامة علي بن الحسين (عليه السّلام).

وحيث إنّنا قد ذكرنا في القسم الثاني من الروايات ما ينصّ على إمامة الأئمّة من الإمام أمير المؤمنين إلى الإمام محمد بن علي الباقر (عليه السّلام) ، فسنتعرّض هنا لذكر النصوص في إمامة الأئمّة بدئاً من الإمام الصادق ، وسنكتفي بنص واحد بالنسبة لكل إمام ، وسنذكر نصوصاً متعددة لخاتم الأوصياء والأئمّة صاحب الزمان.

جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام)

فممّا ورد من النص على إمامة جعفر بن محمد الصادق (عليه السّلام) ، الرواية الصحيحة التي نقلها الكليني (رحمه الله) في الكافي عن علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس بن عبد الرحمن عن عبد الأعلى عن أبي عبد الله الصادق (عليه السّلام) : «إنّ أبي استودعني ما هناك ، فلما حضرته الوفاة قال : ادع لي شهوداً. فدعوت له أربعة من قريش فيهم نافع مولى عبد الله بن عمر ، فقال : اكتب : هذا ما أوصى به يعقوب بنيه (يا بَنِيَّ إِنَّ الله اصْطَفى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) ، وأوصى محمد بن علي إلى جعفر بن محمد وأمره أن يكفنه في برده الذي كان يصلَّي فيه الجمعة وأن يعممه بعمامته وأن يربع قبره ويرفعه مقدار أربع أصابع وأن يحل عنه أطماره عند دفنه .. ثمّ قال للشهود : انصرفوا رحمكم الله. فقلت له : يا أبتِ بعد ما انصرفوا ما كان في هذا بأن تشهد عليه؟! فقال : يا بني ، كرهت أن تغلب ، وأن يقال : إنّه لم يوص إليه ، فأردت أن تكون لك الحجّة» (١).

وهذا كما تقدم بضميمة ما دلت عليه النصوص وقام عليه الإجماع أنّ الإمام

__________________

١) الكافي : ج ١ ، ص ٣٠٧.


عندنا لا يولَّى تجهيزه إلَّا إمام مثله إذا كان حاضراً ، وأنّ الوصية هي من علائم الإمامة يكون نصاً على إمامة الصادق (عليه السّلام).

موسى بن جعفر (عليه السلام)

وممّا ورد في النص على إمامة الإمام موسى بن جعفر (عليه السّلام) ، الصحيحة التي رواها في الكافي عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي نجران عن صفوان الجمّال عن أبي عبد الله ، قال له منصور بن حازم : بأبي أنت وأُمي إنّ الأنفس يُغدى عليها ويُراح ، فإذا كان ذلك فمن؟ فقال أبو عبد الله : «إذا كان ذلك فهو صاحبكم. وضرب بيده على منكب أبي الحسن الأيمن فيما أعلم وهو يومئذ خماسي ، وعبد الله بن جعفر جالس معنا» (١).

علي بن موسى الرضا (عليه السلام)

ومن النص على إمامة الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السّلام) ، ما ورد في الصحيح عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن محبوب عن الحسين بن نعيم الصحاف قال : «كنت أنا وهشام بن الحكم وعلي بن يقطين ببغداد ، فقال علي بن يقطين : كنت عند العبد الصالح جالساً فدخل عليه ابنه علي فقال لي : يا علي بن يقطين ، هذا عليّ سيد ولدي! أما إنّي قد نحلته كنيتي. فضرب هشام بن الحكم براحته جبهته ثم قال : ويحك! كيف قلت؟! فقال علي بن يقطين : سمعت والله منه كما قلت. فقال هشام : أخبرك أنّ الأمر فيه من بعده» (٢).

فأنت عزيزي القارئ ترى هنا أنّ هشام بن الحكم لما كان متبحراً في العقائد ، وعارفاً بإشارات الأئمّة في ما يرتبط بموضوع الإمامة ، والصفات التي لا بدّ من توفرها في الإمام ، فإنّه بمجرد أن سمع تلك الكلمات وضمها إلى الكبريات الموجودة في

__________________

١) الكافي : ج ١ ، ص ٣٠٩.

١) الكافي : ج ١ ، ص ٣١١.


ذهنه المرتبطة بموضوع الإمامة انتقل فوراً إلى معنى نص الإمام الكاظم على الرضا (عليه السّلام) ، وإن كان مثل علي بن يقطين على جلالته ربّما لم يتوجّه إلى ذلك المعنى بنفس السرعة.

محمد بن علي الجواد (عليه السلام)

ومن النص على إمامة محمد بن علي الجواد (عليه السّلام) الصحيحة التي نقلها في الكافي أيضاً عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن معمر بن خلاد ، قال : سمعت الرضا (عليه السّلام) ، وذكر شيئاً فقال : «ما حاجتكم إلى ذلك؟ هذا أبو جعفر أجلسته مجلسي وصيرته مكاني. وقال : إنّا أهل بيت يتوارث أصاغرنا عن أكابرنا القذة بالقذة» (١).

علي بن محمد الهادي (عليه السلام)

ومن الروايات التي تنص على إمامة الإمام علي بن محمد الهادي (عليه السّلام) ما رواه صحيحاً في الكافي عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن إسماعيل بن مهران قال : «لما خرج من المدينة إلى بغداد في الدفعة الأُولى من خرجيته ، قلت له عند خروجه : جعلت فداك إنّي أخاف عليك في هذا الوجه ، فإلى من الأمر من بعدك؟ فكرّ إلى بوجهه ضاحكاً : ليس الغيبة حيث ظننت في هذه السنة ، فلما خرج به الثانية إلى المعتصم ، صرت إليه ، فقلت له : جعلت فداك أنت خارج فإلى من الأمر من بعدك؟ فبكى حتى اخضلَّت لحيته ، ثم التفت إلى فقال : عند هذه يخاف علي ، الأمر من بعدي إلى ابني علي» (٢).

الحسن بن علي العسكري (عليه السلام)

وقد وردت روايات مصرحة بإمامة الإمام الحسن بن علي العسكري (عليه السّلام) ، منها ما رواه في الكافي عن علي بن محمد عن محمد بن أحمد النهدي عن يحيى بن

__________________

١) الكافي : ج ١ ، ص ٣٢٠.

٢) الكافي : ج ١ ، ص ٣٢٣.


يسار القنبري ، قال : «أوصى أبو الحسن إلى ابنه الحسن قبل مضيه بأربعة أشهر وأشهدني على ذلك وجماعة من الموالي» (١).

الحجة بن الحسن العسكري صاحب الزمان

وأمّا الروايات الواردة في إمامة الإمام الحجة بن الحسن العسكري صاحب الزمان ، وفي صفاته وعلامات ظهوره ، وما يرتبط بخريطة تحرّكه بعد الظهور ، وأنصاره ، فهي كثيرة جدّاً ، حتى لقد أُلَّفت كتب ومجلدات خاصة في هذا الأمر ، وحيث إنّ بناءنا هو على الاختصار في هذه الرسالة كما ذكرنا في البداية ، فسوف نذكر عدة مع عناوينها :

في النص عليه : ما رواه الصدوق عن محمد بن علي بن ماجيلويه عن محمد بن يحيى العطار عن جعفر بن محمد بن مالك الفزاري عن معاوية بن حكيم ومحمد بن أيوب بن نوح ومحمد بن عثمان العمري قالوا : «عرض علينا أبو محمد الحسن بن علي ونحن في منزله وكنا أربعين رجلًا فقال : هذا إمامكم من بعدي وخليفتي عليكم أطيعوه ولا تتفرّقوا من بعدي في أديانكم فتهلكوا ، أما إنّكم لا ترونه بعد يومكم هذا. قالوا فخرجنا من عنده فما مضت إلَّا أيام قلائل حتى مضى أبو محمد (عليه السّلام)» (٢).

في أن الإيمان بالأئمّة كل لا يتجزأ وأن الاعتراف بهم من دون الإمام الحجة لا يساوي شيئاً وهو كإنكار أمير المؤمنين (عليه السّلام) : ما نقله في كفاية الأثر عن الحسن بن علي عن أحمد بن محمد بن يحيى العطار عن سعد بن عبد الله عن موسى بن جعفر البغدادي قال : سمعت أبا محمد الحسن بن علي العسكري (عليه السّلام) يقول : «كأنّي بكم وقد اختلفتم بعدي في الخلف مني ؛ ألا إن المقر بالأئمّة بعد رسول الله المنكر لولدي كمن أقرّ بجميع الأنبياء

__________________

١) الكافي : ج ١ ، ص ٣٢٥.

٢) كمال الدين : ج ٢ ، ص ٤٣٥.


والرسل ثم أنكر نبوة رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) ، لأنّ طاعة آخرنا كطاعة أوّلنا ، والمنكر لآخرنا كالمنكر لأوّلنا ، أما إن لولدي غيبة يرتاب فيها الناس إلَّا من عصمه الله» (١).

وروى الصدوق عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن الحسن بن محبوب عن علي بن رئاب عن أبي عبد الله (عليه السّلام) أنّه قال في قول الله عز وجل (يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ) (٢) ، فقال (عليه السّلام) : «الآيات هم الأئمّة ، والآية المنتظرة القائم فيومئذ لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل قيامه بالسيف وإن آمنت بمن تقدمه من آبائه (عليهم السّلام)» (٣).

في أنّه أشبه النّاس برسول الله ، وله اسمه وكنيته : ما رواه الصدوق في كمال الدين عن أبيه ومحمد بن الحسن ومحمد بن موسى المتوكل ، عن سعد بن عبد الله وعبد الله بن جعفر الحميري ومحمد بن يحيى العطار ، جميعاً عن أحمد بن محمد بن عيسى وإبراهيم بن هاشم وأحمد بن أبي عبد الله البرقي ومحمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، جميعاً عن أبي علي الحسن بن محبوب السراد عن داود بن الحصين عن أبي بصير عن الصادق جعفر بن محمد (عليه السّلام) عن آبائه قال : «قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) : المهدي من ولدي ؛ اسمه اسمي ، وكنيته كنيتي ، أشبه النّاس بي خلقاً وخُلقاً ، تكون له غيبة وحيرة حتى تضل الخلق عن أديانهم ، فعند ذلك يقبل كالشهاب الثاقب فيملؤها قسطاً وعدلًا كما ملئت ظلماً وجوراً» (٤).

في أنّ من الابتلاء للخلق في زمان غيبته أن يشك البعض في ولادته : ما رواه الشيخ الصدوق في كمال الدين عن أحمد بن محمد بن يحيى العطار عن سعد بن عبد الله

__________________

١) كمال الدين ص ٢٩١.

٢) سورة الانعام الآية ١٥٨.

٣) كمال الدين : ج ١ ، ص ٣٣٦.

٤) كمال الدين : ج ١ ، ص ٢٨٧.


عن أحمد بن محمد بن عيسى عن عثمان بن عيسى الكلابي عن خالد بن نجيح عن زرارة بن أعين ، قال : سمعت أبا عبد الله (عليه السّلام) يقول : «إن للقائم غيبة قبل أن يقوم. قلت له : ولِمَ؟ قال : يخاف ، وأومأ بيده إلى بطنه ، ثم قال : يا زرارة هو المنتظر وهو الذي يشك الناس في ولادته ؛ منهم من يقول هو حمل ، ومنهم من يقول هو غائب ، ومنهم من يقول ما ولد ، ومنهم من يقول ولد قبل وفاة أبيه بسنتين ، غير أن الله تبارك وتعالى يحبّ أن يمتحن الشيعة ، فعند ذلك يرتاب المبطلون» (١).

ما ورد من النص على أنّه قد ولد ، وأنّه يحضر موسم الحج فيعاين الخلق ، وقد رآه من جملة من رآه نائبه الخاص (في الغيبة الصغرى) محمد بن عثمان العمري في الموسم متعلقاً بأستار الكعبة. وأهمية مثل هذا النص أنّه يؤكد ليس فقط ولادته بل اتصاله بالخلق ، وذلك أنّ قضية المهدي قضية اتفاقية بين المسلمين جميعاً لما ورد من النصوص المتواترة عن النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) ، ولكن الخلاف بينهم هو في أنّه هل سيولد في آخر الزمان كما يدعي غير الشيعة؟ أو أنّه ولد وأن أباه هو الحسن بن علي العسكري وأنّه غائب عن الأنظار بعد ما نص عليه أبوه (عليه السّلام) ورآه خلَّص شيعته كما تقدّم في النص الدال على إمامته ، وأن له غيبتين : غيبة صغرى كان يمارس فيها توجيه العباد عن طريق سفرائه الأربعة الخاصين وغيبة كبرى ، وأنّه سيظهر عند ما يأذن الله له كما هو الحق وبه يقول شيعة أهل البيت (عليهم السّلام).

فقد روى الشيخ الصدوق في الفقيه بسند صحيح عن عبد الله بن جعفر الحميري أنّه قال : سألت محمد بن عثمان العمري (رضى الله عنه) ، فقلت له : رأيت صاحب هذا الأمر؟ قال : «نعم ، وآخر عهدي به عند بيت الله الحرام ، وهو يقول : اللَّهمّ أنجز لي ما وعدتني. قال محمد بن عثمان (رضي الله عنه وأرضاه) : ورأيته صلوات الله عليه متعلقاً بأستار الكعبة وهو

__________________

١) كمال الدين : ج ١ ، ص ٣٤٢.


يقول : اللَّهمّ انتقم لي من أعدائك» (١).

الخاتمة

وفي الختام ينبغي ذكر ملاحظة مهمّة وهي :

أن الوضع العام الذي عاش فيه الأئمة (عليهم السّلام) خصوصاً بعد شهادة الإمام الحسين كان وضعاً ضاغطاً وعصيباً ، وقد حاول فيه الظالمون بكل جهدهم (أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ الله بِأَفْواهِهِمْ) فكانوا يتربصون بالأئمّة الدوائر ويبغونهم الغوائل للقضاء عليهم.

وكان هؤلاء الظالمون ، في العهدين الأموي والعباسي وإن لم يكونوا يقدمون على قتلهم جهراً وعلانية كانوا يحاولون ذلك غيلة ، وشاهد ذلك ما نجده من إقدامهم على دس السم للأئمة (عليهم السّلام) ، وهذه الظروف والأوضاع غير خافية على المتتبع لأحوالهم ، والعارف بتاريخهم ، ويكفي لمعرفة ذلك ، النظر إلى كيفية نص الإمام الصادق (عليه السّلام) على إمامة الكاظم في وصيته له ، حيث كان العباسيون ينتظرون أن يعيّن بنحو صريح الإمام بعده ليقتلوه ، فكان أن أوصى لخمسة ، فضيع عليهم هذه الفرصة ، ثم ما جرى على مولانا الكاظم (عليه السّلام) من سجنه ثمّ قتله ، وأيضاً ما جرى من التضييق والاضطهاد للإمام الهادي (عليه السّلام) ومن بعده ابنه الحسن العسكري (عليه السّلام) ، ومحاولتهم القبض على خليفته الإمام المهدي وقتله بزعمهم.

وهكذا ما عاشه الشيعة الكرام من ظروف القمع والتقية ، بحيث كانوا لا يسلمون على عقائدهم في وقت كان يسلم فيه الكفار في بلاد الإسلام على ما كانوا عليه من ضلالة ، ولا يسلم شيعة أهل البيت بما عندهم من الهدى! فكان الكشف في هذه الظروف عن أسماء الأئمة المعصومين ، خصوصاً من كان منهم في

__________________

١) الفقيه : ج ٢ ، ص ٣٠٦.


الفترات اللاحقة ، وتناقل النصوص المصرّحة بإمامتهم بين الرواة أمراً في غاية الخطورة على الإمام وعلى شخص الناقل أيضاً.

ولكنّهم مع ذلك قد حفظوا لنا جزاهم الله خير الجزاء تلك النصوص وتناقلوها فيما بينهم بالرغم ممّا كان يكتنفها من المشاكل والضغوط حتى أوصلوها لنا ، بحيث تمّت بواسطتها الحجّة على من أنكر ، والاحتجاج بها والاستناد إليها لمن آمن. ولهذا فقد أصبحت هذه القضية من المسلَّمات العقائدية لدى شيعة أهل البيت ، والمتواترة إجمالًا ، بحيث إنّهم عرفوا حتى عند أعدائهم بتوليهم لهؤلاء الأئمّة الطاهرين ، وميّزوا بأنّهم (الاثنا عشرية) في إشارة إلى اعتقادهم بإمامة الأئمّة الاثني عشر. وصار الأمر عند الشيعة بحيث إنّ من كان لا يؤمن بأحدهم أو جعل غيره مكانه لا يعد من هذه الطائفة المحقة.

بل إنه كما ذكرنا سابقاً ارتبط ذكر أسمائهم (عليهم السّلام) بالصلاة وسجدة الشكر كما في صحيحة بن جندب عن الإمام موسى بن جعفر (عليه السّلام) ، وهذا لعلَّه يراد منه أن يكون المؤمن ذاكراً لأئمّته في كل يوم ، وحتى لا تنسى هذه الصفوة الطاهرة ، أو يدّعي آخرون عدم وجود الدليل أو النص عليهم أو على بعضهم.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يثبّتنا على ولايتهم في الدنيا ، فلا ننجرف في تيارات الفتن والشكوك التي أخبرنا بها أئمتنا (عليهم السّلام) وبالذات في زمان الغيبة ، حيث يرتاب المبطلون ويثبت المؤمنون ، وأن ينفعنا بشفاعتهم في الآخرة إنّه على كل شيء قدير وبالإجابة جدير.

اللَّهمّ ما عرّفتنا من الحق فحمّلناه وما قصرنا عنه فبلَّغناه ، برحمتك يا أرحم الراحمين.




سماحة المرجع الديني آية الله العظمى الشيخ الميرزا جواد التبريزي (دام ظلَّه) ، إنّ مسألة جواز السهو على النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) أو نفيه عنه من المسائل العقائدية المهمّة التي كثر البحث والجدل حولها من قديم الأيام ، والاختلاف فيها امتداد للاختلاف في المسألة الأعم ، أعني مسألة عصمة الأنبياء والأئمة (عليهم السّلام).

وفي هذا الزمان كثرت إثارة الشُّبه حول العقائد الإسلامية بأساليب مختلفة ، نرجو من سماحتكم التعرّض لهذه المسألة لإزالة الشبهة من أذهان الناس ودفع التوهّمات عن النظريات الإسلامية الصحيحة. والوقوف أمام التيارات المشبوهة لهو ممّا جرت عليه سيرة علماء الطائفة المحقّة من قديم الزمان ، وجزاكم الله خير الجزاء وجعلكم ذخراً للإسلام والمسلمين.

عصمة الأنبياء والأئمة (عليهم السلام)

الكلام في العصمة يقع من نواحي :

الأولى : العصمة عن ارتكاب الحرام أو ترك الواجب ، سواء كان التكليف الإلزامي متوجّهاً إلى عامة المكلفين أو لخصوص النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) والإمام (عليه السّلام).

الثانية : العصمة عن المكروهات.

الثالثة : العصمة عن السهو والخطأ.


أمّا الناحية الثانية فلا نطيل فيها الكلام ، واللازم حصوله منها في النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) والإمام (عليه السّلام) هو ترك الاستمرار على المكروهات ولو كانت الاستدامة على مكروه واحد ، وذلك من أجل عدم وهنه في النفوس لكونه القدوة الحسنة في كل كمال والمثل الأعلى لكل جميل ، وأمّا الناحية الثالثة فسيأتي الكلام حولها مفصلًا فيما بعد ، وأمّا الناحية الأولى وكلامنا الآن حولها فهي ثابتة للأنبياء والأئمة (عليهم السّلام) باتفاق علماء الإمامية ، بل هي من ضروريات المذهب ، والكلام فيها من جهات :

الجهة الأُولى ؛ معنى العصمة :

إن معنى عصمتهم (عليهم السّلام) هو عدم صدور شيء من الحرام أو ترك الواجب منهم ، لعدم انقداح الميل والإرادة في أنفسهم الزكية إلى ذلك ، نظير ما يحصل لجلّ المؤمنين ، بل وغيرهم بالنسبة إلى بعض القبائح ككشف العورة أمام الملأ العام.

وثبوت العصمة لهم بهذا المعنى لا يستلزم سلب القدرة عنهم إزاء هذه الأُمور ، بمعنى عدم تمكَّنهم تكويناً من ارتكاب ذلك ، وإلَّا لما كانت عصمتهم فضيلة لهم تميّزهم عن سائر الناس.

ويشهد لذلك :

أوّلًا : إنّ عصمتهم بهذا المعنى ترفع التهمة عنهم وتقطع عذر من فرّ أو يريد الفرار عن طاعتهم.

ثانياً : الآيات المباركة كقوله تعالى (لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) (١) وغيرها مما سيأتي.

__________________

١) سورة البقرة الآية ١٢٤.


الجهة الثانية ؛ إشكال وجواب :

الإشكال : انّه لو كانت العصمة بهذا المعنى تفضّلًا من الله سبحانه وتعالى على الأنبياء والرسل والأئمّة صلوات الله عليهم أجمعين ، أو كان تفضّله سبحانه وتعالى دخيلًا في حصولها لهم ، لما كان إعطاؤها لهم موجباً لعلوّ مرتبتهم وامتيازهم عن سائر البشر ، إذ لو أُعطيت لغيرهم لكانوا مثلهم أيضاً في هذه المزية.

ولو لم تكن تفضلًا من الله سبحانه ، فلما ذا اختصّت بالأنبياء والرسل والأئمة (عليهم السّلام)؟

الجواب : إن المرتبة العالية من الروح الإنسانية وإن كانت هذه المرتبة أمراً من الأُمور التشكيكة (١) أيضاً قد أُعطيت لهم من قبل الله سبحانه ، بحيث يمتاز خلقهم وأصل نشأتهم عن خلق سائر الناس ، وذلك بعد علم الله السابق على خلقهم بأنّهم أهل لهذه المرتبة العليا ، حيث كان اصطفاؤه لهم لعلمه سابقاً بأنّه لو لم يعطهم ذلك لكانوا ممتازين أيضاً عن سائر الناس مطلقاً ، أو بالإضافة إلى أهل زمانهم في الانقياد والطاعة والبعد عن المعصية ، على اختلاف درجاتهم ، لهذا خصهم بهذا التفضل كما هو مقتضى الحكمة الإلهية كرامةً ولطفاً لعباده المصطفين الأخيار ، ويفصح عن ذلك الاصطفاء جملة من الآيات والروايات ، كقوله سبحانه وتعالى

__________________

١) المراد من الأمر التشكيكي أو الأمر المشكّك هو الكلي المتفاوتة أفراده في صدق مفهومه عليها ، كالبياض مثلاً ، فإنّه مفهوم كلي ينطبق على بياض الثلج وبياض القرطاس ولكن بياض الثلج أشدّ من بياض القرطاس مع أنّ كليهما بياض ، ويقابله الكلي المتواطئ فإنه المتواقفة أفراده فيه كالإنسان بالنسبة إلى أفراده فإنّهم متساوون في الانسانية من غيره ، نعم ربّما يختلفون في صفات أخرى كالطول واللون والقوة .... وغير ذلك.

فالمرتبة العالية من الانسانية ذات مراتب ودرجات متفاوتة ، فلهذا كانت أمراً مشكّكا ، فربّما ينال بعضهم الدرجة العليا منها وآخر ينال الوسطى وهكذا ...


١ ـ (إِنَّ الله اصْطَفى آدَمَ ونُوحاً وآلَ إِبْراهِيمَ وآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ) (١).

٢ ـ (قُلِ الْحَمْدُ لِلَّه وسَلامٌ عَلى عِبادِه الَّذِينَ اصْطَفى) (٢).

٣ ـ (وإِنَّهُمْ عِنْدَنا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الأَخْيارِ. واذْكُرْ إِسْماعِيلَ والْيَسَعَ وذَا الْكِفْلِ وكُلٌّ مِنَ الأَخْيارِ) (٣).

٤ ـ (ولَقَدِ اخْتَرْناهُمْ عَلى عِلْمٍ عَلَى الْعالَمِينَ) (٤).

إلى غير ذلك مما يقطع على المتأمّل المنصف الطريق إلى إنكار عصمة الأنبياء والرسل والأئمة (عليهم السّلام) ولا يترك له سبيلًا إلى ذلك.

الجهة الثالثة ؛ رأى أهل السنة في العصمة :

ذهب المخالفون إلى عدم اعتبار العصمة في الأنبياء (عليهم السّلام) اعتماداً على ما استظهروه من بعض الآيات الشريفة ، وجملة من الروايات المنقولة بطرقهم ، ومن تلك الآيات :

١ ـ قوله تعالى حكاية عن آدم (وعَصى آدَمُ رَبَّه) (٥).

٢ ـ وقوله حكاية عن يونس النبي (عليه السّلام) (وذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْه) (٦).

__________________

١) سورة آل عمران الآية ٣٣.

٢) سورة النمل الآية ٥٩.

٣) سورة ص الآيتان ٤٧ ـ ٤٨.

٤) سورة الدخان الآية ٣٣.

٥) سورة طه الآية ١٢١.

٦) سورة الأنبياء الآية ٨٧.


٣ ـ وقوله في قضية يوسف (عليه السّلام) مع امرأة العزيز (وهَمَّ بِها لَوْ لا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّه) (١).

٤ ـ أمره سبحانه وتعالى النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) بالاستغفار ، وغير ذلك.

الجواب عنه :

ورأيهم هذا باطل ، وما استظهروه من الدلالة لا ينهض على ما ذكروه ، والجواب عن ذلك بنحو إجمالي يتوزع بحسب الآيات ، فأمّا ما كان من أمر الاستغفار فنقول :

إن استغفار المؤمن لربّه يقع في مقامين :

الأول : مثل ما يحصل للمؤمن إذا طلب منه فعل شيء يعلم بأن الله سبحانه قد حرّمه ولا يرضى بفعله والقيام به ، فيقول المؤمن لمن طلب منه : أستغفر الله ، أو أعوذ با لله.

الثاني : أن يرتكب الفعل المطلوب منه ثمّ يندم على ما صدر منه فيقول تائباً : أستغفر الله.

والاستغفار في المقام الأوّل يدلّ على علو مرتبة المطلوب منه ونزاهته ، ومنه قول يوسف (عليه السّلام) (مَعاذَ الله إِنَّه رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوايَ) (٢).

مضافاً إلى أنّ ما ورد من توجيه الأمر بالاستغفار إلى النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) هو من قبيل (إياك أعني واسمعي يا جارة) كما سيأتي التعرّض إلى ذلك ، فلم يكن هو المراد بذلك الطلب.

وأما ما ورد في قصة يوسف (عليه السّلام) (وهَمَّ بِها لَوْ لا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّه) ، فيتوقف

__________________

١) سورة يوسف : الآية ٢٤.

٢) سورة يوسف : الآية ٢٣.


الجواب على معرفة المراد من برهان ربّه الذي رآه ، فنقول : هو يقينه (عليه السّلام) وإيمانه بربّه الذي أحسن مثواه ، وهو متّصف به قبل الابتلاء بالواقعة ، ولهذا قال لها (مَعاذَ الله إِنَّه رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوايَ) ، فليس المراد من هذه الجملة أنّه مال إلى الفعل وانقدح في نفسه ارتكابه ثمّ زال ميله إليه. وهذا نظير ما في قوله سبحانه وتعالى حكاية عن أم موسى (إِنْ كادَتْ لَتُبْدِي بِه لَوْ لا أَنْ رَبَطْنا عَلى قَلْبِها لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) (١) ، حيث إنّ الربط على قلبها كان سابقاً على ذلك فكان مانعاً عن الإبداء والميل إليه ، ونظير قوله سبحانه أيضاً (ولَوْ لا أَنْ ثَبَّتْناكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلًا) (٢).

وأمّا حكاية النبي يونس (عليه السّلام) فنقول : إنّ الذي أعطيت له مرتبة العصمة لا يليق به أن يباشر عملًا يحبه من غير أن ينتظر فيه أمر ربه ، وعند ما نطبّق ذلك على واقعة النبي يونس (عليه السّلام) نلاحظ أنّ الله سبحانه لم يأمره بالبقاء مع القوم في الوقت الموعود ، ولكن خروجه لم يكن مناسباً منه ، ويعبر عن ذلك بترك الأولى ، وابتلاؤه بعد الخروج واستغاثته ونداؤه في الظلمات كان تداركاً لما صدر منه ، فإنّ حسنات الأبرار سيئات المقربين ، فلم يكن ذلك الابتلاء وتلك الاستغاثة بسبب صدور المعصية منه.

وأما التعبير عن ذهابه بقوله سبحانه (فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْه) فهو من قبيل بيان لسان الحال وأن فعله فعل من يظن ذلك.

وأمّا قضية النهي الموجه لآدم (عليه السّلام) عن القرب من الشجرة وقوله سبحانه (فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطانُ) (٣) فيمكن أن يجاب عنه بأحد وجهين :

الوجه الأوّل : إن آدم (عليه السّلام) حين توجّه النهي إليه كان مع امرأته يعيشان وحدهما في الجنة ، فلم يكن نبياً ولم يكن مرسلًا لقومه بعد.

__________________

١) سورة القصص : الآية ١٠.

٢) سورة الاسراء : الآية ٧٤.

٣) سورة البقرة : الآية ٣٦.


كما روي عن الإمام الرضا (عليه السّلام) في المجلس الحواري الذي عقده المأمون لاجتماع الإمام (عليه السّلام) بأصحاب الفكر من جميع الديانات ، فأسكتهم الإمام (عليه السّلام) جميعاً ، وإليك مقطع الشاهد من الرواية :

«.. فلم يقم أحد إلَّا وقد ألزم حجّته كأنّه قد أُلقم حجراً ، فقام إليه علي بن محمد بن الجهم ، فقال له : يا بن رسول الله ، أتقول بعصمة الأنبياء؟

قال : بلى.

قال : فما تعمل في قوله الله عز وجل (وعَصى آدَمُ رَبَّه) ..؟

فقال مولانا الرضا (عليه السّلام) : ويحك يا علي! اتق الله ولا تنسب إلى أنبياء الله الفواحش ، ولا تتأول كتاب الله برأيك ، فإن الله عز وجل يقول (وما يَعْلَمُ تَأْوِيلَه إِلَّا الله والرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ) (١) ؛ أما قوله عز وجل في آدم (عليه السّلام) (وعَصى آدَمُ رَبَّه فَغَوى) ، فإن الله عز وجل خلق آدم حجة في أرضه وخليفته في بلاده ، لم يخلقه للجنة ، وكانت المعصية من آدم في الجنة لا في الأرض لتتم مقادير أمر الله عز وجل ، فلما أُهبط إلى الأرض وجعل حجة وخليفة عصم بقوله عز وجل (إِنَّ الله اصْطَفى آدَمَ ونُوحاً وآلَ إِبْراهِيمَ وآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ) ..» (٢).

ولعل قائلًا يقول : إن هذا الالتزام مخالف للدليل العقلي الدال على عصمة الأنبياء (عليهم السّلام) جميعهم من أول أمرهم.

فنقول له : إن ملاك عصمة الأنبياء هو أن لا يقع الناس في الشك من أمرهم ، إذ لو كان النّبي يفعل المعاصي في مبدأ أمره بمرأى ومسمع من قومه لما كان لأمره ونهيه تأثير في نفوسهم ، ولحصل لهم الشك في دعوته ، فتبطل الحكمة من نبوته ، وهذا المحذور غير جار على آدم (عليه السّلام) في الجنة ؛ لعدم الموضوع حينئذ.

__________________

١) سورة آل عمران : الآية ٧.

٢) البحار : ج ١١ ، ص ٧٢ ، نقلاً عن الأمالي للصدوق.


فالذي نريد أن نقوله في هذا الوجه هو : أنّ آدم (عليه السّلام) لما هبط إلى الأرض كان معصوماً ولم تصدر منه مخالفة لله سبحانه وهو على ظهرها أبداً.

الوجه الثاني : إن النهي الموجه لآدم (عليه السّلام) في قوله تبارك وتعالى (ولا تَقْرَبا هذِه الشَّجَرَةَ) (١) نهي إرشادي (٢) لا تكليف فيه ، فلا يراد منه إلَّا أولوية اجتناب القرب من الشجرة ، ويترتّب على عدم الاجتناب الخروج من الجنّة ، وليس مفاد النهي على هذا التفسير الحرمة المولوية الشرعية المستلزمة للجزاء الأُخروي لكي يكون الإقدام على الفعل ذنباً يخلّ بالعصمة.

وأمّا التعبير ب (عصى) فالمراد من العصيان مخالفة الأمر المنطبق على الأمر الإرشادي ، ولهذا يقولون : أمرت فلاناً بكذا وكذا من الخير فعصى وخالف ، والحال أن الأمر دلالة على الخير وإرشاد إليه ، ولم يكن ما أمره به واجباً تكليفياً على المأمور بحيث يستحق العقوبة على تركه.

نفي السهو عن النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلم)

وردت عدة من الروايات دلت على وقوع النوم من النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) عن صلاة الفجر في السفر وأنّه قضاها هو وأصحابه بعد ما طلعت عليهم الشمس وفاتهم وقت الأداء. كما أنّ هناك روايات أُخرى رويت من الطرفين الخاصة والعامة دلت على حصول السهو من النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) ، وقد تمسك بها أبناء العامة لإثبات ذلك ، ما هو رأيكم الشريف في هذه المسألة؟

__________________

١) سورة البقرة ، الآية ٣٥.

٢) النهي في خطابات الشارع ربّما يكون نهياً مولوياً فيحمل حكماً بالحرمة أو بالكراهة ، ويعبّر عن الثاني بالنهي التنزيهي أيضاً ، وهذا النحو من النهي هو المقصود غالباً من النواهي الشرعية. وربّما يكون النهي إرشادياَ لا يحمل حكماً فيراد منه الارشاد إلى عدم وجود المصلحة في الفعل المنهي عنه ، وربّما يدرك العقل ذلك بدون وجود النهي ، فلهذا يقال عنه : إرشاد إلى حكم العقل.


في هذه الروايات إشكال وإن نقل بعضها بسند معتبر ، والذي تفيده بعض القرائن والخصوصيات أنّها وردت عن الأئمّة على نحو التقية ، وبهذه الروايات وأمثالها يعرف مقدار الابتلاء الذي ابتلي به أئمتنا (عليهم السّلام) ، والظروف الصعبة التي مرت عليهم (عليهم السّلام).

ويقع البحث في مقامين :

المقام الأول : في سهو النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم).

المقام الثاني : في نوم النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) عن الصلاة.

أما المقام الأول :

فالبحث فيه من جهات :

الجهة الأولى ؛ في ذكر بعض الروايات الدالة على السهو :

١ ـ الشيخ الطوسي ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن علي بن فضال ، عن أبي جميلة ، عن زيد الشحام قال : «سألته عن رجل صلى العصر ست ركعات ، أو خمس ركعات ، قال : إن استيقن أنّه صلى خمساً أو ستاً فليعد إلى أن قال : وإن هو استيقن أنّه صلى ركعتين أو ثلاثاً ثم انصرف فتكلم فلا يعلم أنّه لم يتم الصلاة فإنّما عليه أن يتم الصلاة ما بقي منها ، فإن نبي الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) صلَّى بالناس ركعتين ثم نسي حتى انصرف ، فقال له ذو الشمالين : يا رسول الله ، أحدث في الصلاة شيء؟ فقال : أيّها الناس ، أصدق ذو الشمالين؟ فقالوا : نعم ، لم تصل إلَّا ركعتين. فأقام فأتم ما بقي من صلاته» (١).

فنسبت الرواية النسيان إلى النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) : «ثم نسي حتى انصرف» ، ثم بعد حصول الكلام وانتهاء الحوار القصير بين النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) ومن تكلم معه من أصحابه أتم

__________________

١) الوسائل : ج ٥ ، الباب ٣ من أبواب الخلل في الصلاة ، الحديث ١٧.


صلاته من حيث نساها. والرواية ضعيفة بأبي جميلة المفضل بن صالح (١).

٢ ـ بإسناده الشيخ عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن النعمان ، عن سعيد الأعرج ، قال : «سمعت أبا عبد الله (عليه السّلام) يقول : صلَّى رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) ثمّ سلَّم في ركعتين ، فسأله من خلفه : يا رسول الله ، حدث في الصلاة شيء؟ فقال : وما ذلك؟ قال : إنما صليت ركعتين ، فقال : أكذلك يا ذا اليدين (٢)؟ وكان يدعى ذو الشمالين ، فقال : نعم. فبنى على صلاته فأتمّ الصلاة أربعاً ، إلى أن قال : وسجد سجدتين لمكان الكلام» (٣). وهذه الرواية صحيحة من ناحية السند.

الجهة الثانية ؛ رأي الصدوق في سهو النبي (صلَّى الله عليه وآله) :

وفيه نقاط :

النقطة الأولى ؛ تفصيله بين السهو في الأحكام والسهو في غيرها :

للشيخ الصدوق (قدّس سرّه) وشيخه محمد بن الحسن بن الوليد (رحمه الله) كلام حول سهو

__________________

١) قال عنه ابن الغضائري : المفضل بن صالح أبو جميلة الأسدي النحاس ، مولاهم ، ضعيف كذاب يضع الحديث. حدثنا أحمد بن عبدالواحد قال : حدثنا علي بن محمد بن الزبير قال : حدثنا علي بن الحسن بن فضال قال : سمعت معاوية بن حكيم يقول : سمعت أبا جميلة يقول : أنا وضعت رسالة معاوية إلى محمد بن أبي بكر. (مجمع الرجال : ج ٦ ، ص ١٢٢). وقال النجاشي في ترجمة جابر بن يزيد الجعفي : روى عنه جماعة غمز فيهم وضعفوا ، منهم : عمرو بن شمر ، والمفضل بن صالح. (راجع معجم رجال الحديث : ج ١٨ ، ص ٢٨٧).

٢) كان يسمّى ذا اليدين أو ذا الشمالين لأنّ يده كانت كبيرة جداً وخارجة عن المتعارف.

٣) هكذا في الوسائل : ج ٥ ، باب ٣ من ابواب الخلل في الصلاة ، الحديث ١٦ ، وباقي الرواية كما في التهذيب ج ٢ ، ص ٣٤٥ ، الحديث ١٤٣٣. وهو ـ بعد كلمة أربعاً ، : وقال إنّ الله عزّ وجلّ هو الذي أنساه رحمة للاُمة ، ألا ترى لو أنّ رجلاً صنع هذا لعيّر وقيل ما تقبل صلاتك ، فمن دخل عليه اليوم ذلك قال : قد سنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وصارت اُسوة ، وسجد سجدتين ... وإنّما نقلناه لما سيأتي من الاشارة إلى الرواية لاحقاً ممّا قد يوهم ورود الاشكال على ما في كلمات الاُستاذ بدون الاطلاع على باقي الرواية.


النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) ، فإن الصدوق بعد أن نقل روايات نوم النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) عن الصلاة في كتابه (من لا يحضره الفقيه) قال : إنّ الروايات الكثيرة والمعتبرة قد دلَّت على سهو النّبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) ولا مناص من الالتزام بذلك لما فيها من الصحيح والموثق ، فإذا بنينا على ردها وطرحها فيجب أن نطرح سائر الأخبار أيضاً ، وهذا ما يوجب إبطال الدين والشريعة ، إلَّا أنّه كشيخه المذكور ذهب إلى التفصيل بين السهو في الأحكام والسهو في غيرها ، فقال به في غير الأحكام استناداً إلى مثل هذه الروايات ، ورده في الأحكام لورود الإشكال على القول بسهوه (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) فيها وهو لزوم نقض الغرض.

الوجه في التفصيل :

بيان الإشكال : أنّه لو قيل بسهو النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) في الأحكام لأمكن أن ينزل الوحي على النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) بأمر ثم يشتبه عليه ويبلغه للناس بخلاف ما أنزل إليه ، ويلزم من ذلك نقض غرض المولى سبحانه وتعالى من إرسال الرسول (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) لهداية البشر.

وبعبارة أُخرى : إنّ إيقاع النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) أو الإمام (عليه السّلام) في السهو خلاف الحكمة من جعل النبوة والإمامة.

وأما إذا قيل بسهو النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) في غير الأحكام فلا يرد هذا الإشكال ، أي لا يكون السهو فيها نقضاً للغرض ولا مخالفاً للحكمة من النبوّة والإمامة.

فالسهو إذن ممكن في غير الأحكام ؛ لوجود مصلحة تقتضي أن يوقعه الله سبحانه وتعالى في السهو.

النقطة الثانية ؛ في بيان المصلحة المدعاة :

والمصلحة المشار إليها هي : أنّ الحكمة الإلهية اقتضت أن يستولي النوم على النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) فلم ينهض من نومه إلَّا بعد طلوع الشمس والشمس وذهاب وقت صلاة الفجر ، فصلاها قضاء مع أصحابه. ووجه الحكمة أمران هما


الأول : أن يعرف الناس أن النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) بشر مثلهم ، وأنّه ينام كما ينام الناس ويجلس كما يجلسون ، ولا يرد في ذهنهم احتمال أنه الرب ، تعالى الله عن ذلك فإنّه الذي لا تأخذه سنة ولا نوم.

الثاني : أن لا يعيب الناس بعضهم على بعض ، فإن المؤمنين تحصل عندهم نفرة من الرجل الذي ينام عن الصلاة في وقتها حتى تفوته ويقضيها فيما بعد ، ويعيبونه على ذلك ويعيّرونه به ، لهذا اقتضت الحكمة الإلهية أن يستولي النوم على الرسول (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) في هذه الواقعة ، وهو مع أصحابه ، فصلى الصبح قضاءً حتى لا تحدث سنة سيئة بين الناس ، ولا ينفر المسلمون بعضهم من البعض الآخر بهذا السبب ، لأن النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) نفسه قد أُصيب بهذه الحالة.

النقطة الثالثة ؛ تفصيله بين سهو النبي (صلَّى الله عليه وآله) والأئمة (عليهم السلام) وسهو سائر الناس :

وقال الصدوق أيضاً : إن السهو في النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) من الله سبحانه ، وأما النسيان في سائر الناس فإنّما هو من الشيطان ، واستدلّ على قوله الأخير هذا بقوله تعالى (إِنَّه لَيْسَ لَه سُلْطانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ. إِنَّما سُلْطانُه عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَه والَّذِينَ هُمْ بِه مُشْرِكُونَ) (١).

النقطة الرابعة ؛ كلامه في ذي الشمالين :

أشار الصدوق (رحمه الله) إلى إشكال أورده الخاصة على خبر ذي الشمالين وهو : أن الراوي عن ذي الشمالين هو أبو هريرة ، وذو الشمالين قتل في وقعة بدر الواقعة في السنة الثانية للهجرة ، مع أنّ أبا هريرة لم يسلم إلَّا في السنة السابعة للهجرة ، فلا يمكن أن ينقل عنه في زمان كفره ، مضافاً إلى أنّ الرجل مجهول ، فالحديث غير صحيح.

__________________

١) سورة النحل : الآيتان ٩٩ ـ ١٠٠.


وأجاب العامة : بأنّ ذا اليدين اسم لشخصين أحدهما الذي قتل في السنة الثانية للهجرة ، وأمّا الذي يروي عنه أبو هريرة فهو رجل آخر وقد عاش إلى ما بعد حياة الرسول (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) وبقي إلى زمان معاوية ، حتى قيل إنه قتل في صفين.

وقال الصدوق في ذلك : قال البعض ويقصد به جماعة من الطرفين : إن هذه الأخبار مردودة لكون الرجل المذكور مجهولًا وغير معروف.

فأجاب عن ذلك في كتابه (من لا يحضره الفقيه) : إن من يقول بهذا الكلام كذاب ، فإنّ الرجل معروف وقد روى عنه المؤالف والمخالف ..

ثم قال (رحمه الله) : إن من ينكر سهو النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) هم الغلاة والمفوضة الذين قالوا : إن الله سبحانه قد فوض الأمر إلى نبيه (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) والأئمة (عليهم السّلام).

ومن كلام الصدوق هذا يعلم مقدار ما استولى عليه من الغضب ، ممّا يدل على أن المسألة كانت مثار جدل كبير في ذلك الوقت حتى إنّه أثير بما كان يصدر من كلام حولها.

ونقل عن شيخه في المقام : إن محمد بن الحسن بن الوليد يقول : إن القول بنفي السهو عن النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) مطلقاً أول درجة من درجات الغلو (١).

__________________

١) قال عنه ابن الغضائري


وما نقله عن ابن الوليد كلام خطير جدّاً حتى إن الشيخ المفيد قد علق عليه بقوله : إن ابن الوليد مقصر في ذلك ، كما أن قول الصدوق : إن القول بنفي السهو عن النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) قول الغلاة والمفوضة هو بنفسه غلو (١).

__________________

١) عبارة الشيخ المفيد كما نقلها صاحب البحار : ج ١٧ ، «وقال الشيخ المفيد نوّر اللّٰه ضريحه فيما وصل إلينا من شرحه على عقائد الصدوق (رضى اللّٰه عنه) : فأمّا نص أبي جعفر (رحمه اللّٰه) بالغلو على من نسب مشايخ القميين وعلمائهم إلى التقصير ، فليس نسبة هؤلاء القوم إلى التقصير علامة على غلو الناس إذن ، وفي جملة المشار إليهم بالشيخوخة والعلم من كان مقصراً ، وإنّما يجب الحكم بالغلو على من نسب المحقّقين إلى التقصير ، سواء كانوا من أهل قم أو غيرها من البلاد ، وسائر الناس. وقد سمعنا حكاية ظاهرة عن أبي جعفر محمد بن الحسن بن الوليد (رحمه اللّٰه) لم نجد لها دافعاً في التقصير ، وهي ما حكي عنه أنه قال : أوّل درجة في الغلو نفي السهو عن النبي (صلّى اللّٰه عليه وآله وسلّم) والإمام (عليه السّلام) ، فإنّ‌ صحت هذه الحكاية عنه فهو مقصّر ، مع أنّه من علماء القميين ومشيختهم».


كما علق (رحمه الله) على كلمة الصدوق في النقطة الثالثة بقوله : رحم الله الصدوق ، فإن مؤدى كلامه هو أنّ جميع البشر أتباع الشيطان ، وإنّا كلَّنا نصلي ونصوم ، فهل إذا سهونا نكون أتباعاً للشيطان؟! (١).

الجهة الثالثة ؛ مناقشة الصدوق في رأيه :

اعتمد الشيخ الصدوق في هذا الرأي على شيخه المذكور ، والملاحظ أنّ الشيخ الصدوق متأثر بأستاذه هذا كثيراً ، وهو لشدة اعتماده عليه يقول في غير هذا المورد : إن كل من وثقه محمد بن الحسن بن الوليد فهو ثقة عندي ، وكل من ضعفه فهو ضعيف.

وما صدر عن هذين العظيمين غير صحيح ، والدليل على ذلك أُمور ستأتي تباعاً إن شاء الله تعالى ، والجواب عما ذكره في كلامه ينحل إلى النقاط المذكورة سابقاً ، أمّا الجهة الأولى فنقول فيها :

إن الروايات التي استند إليها الصدوق ليست واقعة موقع القبول ، والذي يرشد إلى ذلك أُمور :

الأمر الأول : أنّ في هذه الروايات نفسها قرينة على عدم اعتبارها ، والقرينة هي : أنّها بينت أنّ الرسول (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) قد أتمّ صلاته من حيث قطعها بعد صدور الكلام العمدي منه ، مع أنّ الكلام العمدي مبطل للصلاة بلا ريب.

وأجاب بعضهم عن ذلك : بأن الكلام الصادر منه (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) سهوي أيضاً ؛ إذ إنّه كان

__________________

١) راجع عبارته في البحار : ج ١٧ ، ص ١٢٨ ، في ضمن رسالة ردّ بها على الشيخ الصدوق.


على يقين من نفسه بأنّه لم يكن في حال الصلاة ، فوقوع الكلام في أثنائها لم يكن عن قصد فهو سهوي ، والكلام السهوي لا يحتاج إلَّا إلى سجدتي السهو.

وهذا الجواب غير صحيح ، وعلى فرض صحته فإنّه لا يتأتى بالنسبة إلى الركعة الزائدة كما ورد في بعض الروايات من أنه صلى خمساً (١) ، فإنّ زيادة الركعة في الصلاة مبطلة لها ولو سهواً.

ووجه عدم الصحة هو : معارضته لما في بعض الروايات ؛ فإنّه لما سئل الإمام (عليه السّلام) فيها عمّن تكلم في الصلاة أجاب بلزوم الإعادة عليه.

وقد سئل الإمام (عليه السّلام) في هذه الروايات عن سر عدم إعادة الرسول (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) لصلاته ، فأجاب بأن الرسول (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) لم يبرح مكانه. ولا يخفى أنّ في هذا ردا للأخبار الَّتي فيها أنّ من قام من مكانه ولو بلغ الصين ثمّ رجع يتم صلاته ، وسيأتي التعرض إليها وبيان أنّها محمولة على التقية ، فانتظر.

كما أنّ الروايات التي ذكرت أن النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) لم يستقبل صلاته لأنّه لم يبرح مكانه محمولة على التقية أيضاً كما حملها على ذلك الشيخ الطوسي ، حيث إنّه لا يرى سهو النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) مطلقاً لا في الأحكام ولا في غيرها ، وبيانه على ذلك هو : أنّ الناس حينما يرون وقوع السهو من النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) لا يرون لقوله اعتباراً ، وإذا حدثهم بحديث عن جبرئيل (عليه السّلام) احتملوا وقوع الاشتباه منه في ذلك وعدم نزول الوحي

__________________

١) محمد بن الحسن بإسناده عن سعد ، عن أبي الجوزاء ، عن الحسين بن علوان ، عن عمرو بن خالد ، عن زيد بن علي ، عن آبائه ، عن علي (عليه السّلام) قال : «صلى بنا رسول اللّٰه (صلّى اللّٰه عليه وآله وسلّم) الظهر خمس ركعات ثم انفتل فقال له بعض القوم : يا رسول اللّٰه ، هل زيد في الصلاة شيء؟ قال : وما ذاك‌؟ قال : صليت بنا خمس ركعات. قال : فاستقبل القبلة وكبر وهو جالس ثم سجد سجدتين ليس فيهما قراءة ولا ركوع ثمّ‌ سجد ، وكان يقول هما المرغمتان. قال الشيخ : هذا شاذ لا يعمل عليه لأنّ‌ من زاد في الصلاة يجب عليه الاستئناف ..». (الوسائل : ج ٥ ، الباب ١٩ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ، الحديث ٩).


عليه (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) فيبطل أصل النبوة وينهد أساس الوحي ويندك بنيان الدين ، وينفتح الباب لمن لا يؤمن بنبوة النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) لإبعاد الناس عنه (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) ، ويرى عوام الناس أن لأُولئك العذر في قولهم : إنّه شاعر أو مجنون ..! ولكن الملاحظ أنّ محاولة أُولئك باءت بالفشل ، ورأى الناس خلاف ما نسبوه إليه وأقرّت عقولهم بصدق النبوة وتمامية الحجّة في قوله تعالى (وإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِه وادْعُوا شُهَداءَكُمْ مِنْ دُونِ الله إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) (١).

وعلى هذا الأساس ذهب الشيخ الطوسي والسيد المرتضى والشيخ المفيد إلى ضعف كلام الصدوق ، وهؤلاء الأجلاء داخلون بحسب كلام الصدوق المتقدم في جملة الغلاة والمفوضة ، وكذلك كبار القميين من أمثال محمد بن عيسى ، وأحمد بن محمد بن خالد وغيرهما ..

الأمر الثاني : أنّ الأخبار التي تضمنت سهو النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) مبتلاة بالمعارض ، فإن في موثقة زرارة ما ينفي أن الرسول (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) سجد سجدة سهو في حياته قط :

فقد روى الشيخ بإسناده عن محمد بن علي بن محبوب ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن محبوب ، عن عبد الله بن بكير ، عن زرارة قال : «سألت أبا جعفر (عليه السّلام) : هل سجد رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) سجدتي السهو قط؟ قال : لا ، ولا يسجدهما فقيه» (٢).

والرواية موثقة بعبد الله بن بكير ، وكلنا يعلم مقام زرارة من الإمام (عليه السّلام) فإنّه ممّن يلقي إليه بسره ، وقد سأل الإمام (عليه السّلام) عن سجود النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) سجدتي السهو وهو الأمر الذي يقول به العامة ، فأجاب (عليه السّلام) بالنفي ، وأضاف إلى ذلك قوله «لا يسجدهما فقيه» ،

__________________

١) سورة البقرة : الآية ٢٣.

٢) الوسائل : ج ٥ ، الباب ٣ من أبواب الخلل في الصلاة ، الحديث ١٣.


والمراد من الفقيه هنا هو الإمام (عليه السّلام) فإنّه الفقيه المطلق.

وعند حصول التعارض بين طائفتين من الروايات تجري قواعد باب التعارض ، والمقرر في مذهبنا في حالة التعارض بين روايتين إحداهما توافق مذهب العامّة والأُخرى تخالفه هو الأخذ بالرواية المخالفة لقول العامة وطرح الرواية الموافقة لهم ، ولا يلزم من طرح تلك الروايات لموافقتها للعامة الخروج عن الدين ولا أي إشكال آخر.

وقال الشيخ بعد أن نقل هذه الرواية : «الذي أفتي به ما تضمنه هذا الخبر» (١).

فإن قال قائل للشيخ : لماذا نقلت روايات السهو وأنت تنفيه عن النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم)؟

يقال له : إنّ تلك الروايات تضمّنت حكم الكلام السهوي في الصلاة ، الذي لا يصدر من النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) ولا الإمام (عليه السّلام) ، فيستفاد منها عدم بطلان صلاة من تكلم كلاماً سهوياً وأن عليه إتمام صلاته.

ونحن نقول للشيخ : إنّ هذه الروايات محمولة على التقية ؛ لأن فيها : «من قام من مقامه» ، بل في بعضها «لو ذهب إلى الصين ثم تذكَّر أنّه لم يكمل صلاته وجب عليه الإتمام». وهذا مسلك العامة ، فتحمل هذه الروايات على التقية ولا تدل على وقوع السهو من النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم).

مضافاً إلى أنّ الكلام العمدي مبطل للصلاة كما أشرنا إليه سابقاً.

نعم هناك رواية فيها : «فَلِم رسول الله لم يستقبل صلاته وإنّما أتم ما بقي؟ فقال (عليه السّلام) : لأنّه لم يبرح من مكانه ولو برح لأتم ما نقص» (٢).

__________________

١) عبارة الشيخ في التهذيب : ج ٢ ، ص ٣٥١ ، «قال محمد بن الحسن : الذي أفتي به ما تضمّنه هذا الخبر. فأما الأخبار التي قدمناها من أنّ‌ النبي (صلّى اللّٰه عليه وآله وسلّم) سها فسجد فإنّها موافقة للعامة ، وإنما ذكرناها لأنّ‌ ما تضمّنته من الأحكام معمول بها على ما بيّناه».

٢) الوسائل : ج ٥ ، الباب ٣ من أبواب الخلل في الصلاة ، الحديث ٧ و ١٠.


وأما الروايات التي أشرنا إليها فمنها :

١ ـ صحيحة زرارة ، عن أبي جعفر (عليه السّلام) قال : «سألته عن رجل صلَّى بالكوفة ركعتين ثمّ ذكر وهو بمكة أو بالمدينة أو بالبصرة أو ببلدة من البلدان أنّه صلَّى ركعتين ، قال : يصلي ركعتين» (١).

والمراد من الركعتين اللتين يأتي بهما هما الأخيرتان اللتان تتم بهما الصلاة ؛ والقضية المروية عن الرسول (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) كانت في صلاة الظهر أو صلاة العشاء كما قال بعض نقلًا عن العامة (٢).

٢ ـ موثقة عمار عن أبي عبد الله (عليه السّلام) : «والرجل يذكر بعد ما قام وتكلم ومضى في حوائجه أنه إنّما صلى ركعتين في الظهر والعصر والعتمة والمغرب ، قال : يبني على صلاته فيتمها ولو بلغ الصين ولا يعيد الصلاة» (٣).

فالصحيح هو ما رواه الشيخ بالسند الموثق من أن النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) لم يسجد سجدتي السهو قط ولا يسجدهما فقيه.

وعلى هذا الأساس فجميع هذه الروايات محمولة على التقية كما ذهب إليه الشيخ الطوسي (قدّس سرّه) ، ولذلك كان الإمام الصادق (عليه السّلام) يقول : «إنّي لا أقدر أن أخالف ابن أبي ليلى»! فالأئمة (عليهم السّلام) كانوا في حال تقيّة فلم يقدروا على المخالفة ، فنقلوا الرواية عن الرسول (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) تقية ، ولكن أصحاب البصيرة يعرفون ذلك فيميزون بين الروايات الواردة عنهم (عليهم السّلام) بنحو التقية وبين غيرها ، فالرسول (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) والأئمة (عليهم السّلام) لا يسهون ولا يشتبهون.

__________________

١) الوسائل : ج ٥ ، الباب ٣ من أبواب الخلل في الصلاة ، الحديث ١٩.

٢) قال صاحب البحار : ج ١٧ ، ص ١١٤ : ففي أكثر أخبارنا أنّها كانت صلاة الظهر ، وفي أكثر أخبارهم أنّها كانت صلاة العصر.

٣) الوسائل : ج ٥ ، الباب ٣ من أبواب الخلل في الصلاة ، الحديث ٢٠.


الأمر الثالث : ذكر علماؤنا (قدست أسرارهم) كما فصله المجلسي في البحار (١) : أنّ روايات اعتراض ذي الشمالين على النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) بقوله : «أحدث في الصلاة شيء»؟ مضطربة المتون ، وقد نقلت بعدة صور ، فنقل أن النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) صلَّى خمس ركعات ، وفي مورد آخر أنّه صلَّى ركعتين ، وفي ثالث ثلاث ركعات ، ونقل العامة أنّ النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) قد نفى ذلك حينما سئل : «أنسيت أم قصرت الصلاة»؟ فقال : «إن كل ذلك لم يكن». أي أنّه صلَّى صلاة تامة صحيحة ، فقال له : بل غيرت في الصلاة ، وعلى بعض الروايات الأُولى والثانية أنّ النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) سأل بعد ذلك القوم فصدقوا ذا الشمالين ، وبعد هذا الحوار قام الرسول (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) وأتى بباقي الصلاة ، ركعة أو ركعتين ، ولهذا رأى علماؤهم أن لا محيص من القول بعدم بطلان الصلاة بالكلام العمدي ، كما أنّه لهذه الجهة قال أئمتنا (عليهم السّلام) : حتى لو ذهب المصلي إلى الصين ثمّ رجع إلى مكانه يتم ما نقص من صلاته ، وليست جميع الأخبار بهذا النحو ، وعلى كل حال فهذا الاضطراب الحاصل في الخبر يسقطه عن الاعتبار.

الأمر الرابع : إن ذا اليدين شخص مجهول الحال ، ومقدار ما يعرف عنه من حياته أنّه رجل استشهد في غزوة بدر ، فلا يركن إلى الرواية.

قالوا : إنّ هناك رجلًا آخر اسمه ذو اليدين أيضاً وهو راوي الحديث.

قلنا : إن ذا اليدين المقتول في بدر يعرف بذي الشمالين وهو صاحب الواقعة في الحديث ، وقد أشار الإمام (عليه السّلام) في صحيحة الأعرج المتقدمة إلى أن ذا اليدين يدعى ذا الشمالين ، فذو اليدين الأوّل هو الذي يدعى ذا الشمالين وهو الذي قُتل في بدر وهو الذي سأله الرسول (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) ، وهذا يعني أن ذا اليدين الأوّل المذكور في الحديث لا ربط له بذي اليدين الثاني ، فإنّ الثاني لا يسمى بذي الشمالين ، فالإمام (عليه السّلام)

__________________

١) بحار الأنوار : ج ١٧ ، ص ١١٤.


بيّن بطلان هذه القضية بهذا البيان ؛ أي إنّ أبا هريرة راوي الحديث لم يلتق بذي اليدين المروي عنه حتى ينقل عنه ، فإنّه أسلم في السنة السابعة من الهجرة ، ومات ذو الشمالين في السنة الثانية كما قدّمنا ، مضافاً إلى كون ذي اليدين مجهول الحال (١).

قالوا : لا عيب في ذلك ، فإن أبا هريرة كان كافراً حين وقوع الحدث ثمّ أسلم ، فروى الواقعة أبو هريرة عنه بواسطة أحد الصحابة بأن ذا الشمالين قال كذا وكذا ..

ولكن هذا الجواب غير منسجم مع ما في متن الرواية المنقولة عن أبي هريرة ، فإنّ فيها : «عن أبي هريرة قال : صلَّى بنا رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) إحدى صلاتي العشي قال ابن سيرين سماها أبو هريرة ولكن نسيت فصلَّى بنا ركعتين ثمّ سلم ..» (٢).

وأمّا دعوى الصدوق (رحمه الله) بأن ذا اليدين رجل معروف وقد روى عنه المؤالف والمخالف .. إلى آخر كلامه ، فقد أجيب عنها : بأنّه لم يرو عنه أحد من أصحابنا أبداً ، ولم يذكر في كتبنا الرجالية أصلًا ، ولم يصنّف عندهم في الرواة ، وأنّ هذه الرواية التي تعرضت لذكره إنما رويت من طرقنا عن الأئمة (عليهم السّلام) بنحو التقية. بل قيل والعهدة على الناقل فإنّي لم أفحص عنه في كتب العامة : إن هذا الرجل غير موجود حتى في تراجم رجال العامة (٣) ، ولم توجد رواية كان هو الراوي لها ، فكيف يقول الصدوق

__________________

١) ربما يقال : بأنّ‌ جهالة ذي الشمالين غير مضرة في قبول الحديث؛لأنّه لم يكن راوياً للحديث وإنما نقل عنه ما قاله للرسول (صلّى اللّٰه عليه وآله وسلّم). فيقال : إن ضرر الجهالة هنا ليس من جهة كونه راوياً أو غير رأو ، بل من حيث إنّه الرجل الوحيد الذي ردَّ على الرسول وفي المسجد كبار الصحابة والهاشميين ، ممّا يوحي إلى أنّه الملتفت في ذلك الجمع لا غيره مع احتمال أنّه أحد الأعراب.

٢) البخاري : الحديث رقم ٤٦٠ ، كتاب الصلاة.

٣) أمّا الروايات فقد بحثتُ‌ في كتبهم التسعة في الحديث المعتبرة عندهم بواسطة الكمبيوتر فلم أر رواية


عنه : روى عنه المؤالف والمخالف؟! وبهذا يندفع ما ذكره في النقطة الرابعة من كلامه.

وأمّا ما ذكره في النقطة الثانية من كلامه أعني المصلحة المزعومة ، أي أن نوم الرسول (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) إنّما هو من أجل أن يعلم الناس بأنّه كان ينام وأن الذي لا تأخذه سنة ولا نوم هو الله عز وجل فيرد عليه : أن الله سبحانه أمر نبيه (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) أن يقوم في الليل من نومه فقال (قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا. نِصْفَه أَوِ انْقُصْ مِنْه قَلِيلًا. أَوْ زِدْ عَلَيْه ورَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا. إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا. إِنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وأَقْوَمُ قِيلًا) (١) ، فالناس يعلمون بذلك سابقاً ولاحقاً فلا حاجة لتعليمهم بهذه الطريقة (٢).

وأمّا قوله بأنّ الحكمة اقتضت ذلك ، فرواية سعيد الأعرج برواية الكليني

__________________

عنه بهذا العنوان غير هذه الرواية التي نقل فيها أبو هريرة كلامه مع الرسول (صلّى اللّٰه عليه وآله وسلّم) ، وأما كتبهم الرجالية فقد وقفت على ذكره في كتاب الإصابة في تمييز الصحابة : ج ١ ، ص ٤٢٢؛وج ٣ ، ص ٣٣ ، أمّا ما في الأوّل فهو : «الخرباق السلمي ثبت ذكره في صحيح مسلم من حديث عمران بن حسين أنّ‌ رسول اللّٰه سلم عن ثلاث ركعات ثم دخل منزله ، فقام إليه رجل يقال له الخرباق ، وروى العقيلي في الضعفاء والطبراني من طريق سعيد بن بشير فذكر حديث السهو ، قال ابن حبان : هو غير ذي اليدين ، وقيل هو هو». وأمّا ما في الجزء الثالث فهو : «٦٠٤١ ، عمير بن عبد عمرو بن نضلة بن عمرو بن الحارث بن عبد عمرو الخزرجي .. كذا نسبه ابن الكلبي ، وأبو عمر إلى نضلة بن عمرو فقال : ابن غسان بن سليمان بن مالك بن أفصى ، قال ابن إسحاق : كان يعمل بيديه جميعاً فقيل له ذو اليدين وشهد بدراً واستشهد بها ، وقال أبو عمر : قتل بأحد وزعم أنّه ذو اليدين وليس بذي الشمالين المقتول ببدر ، وجزم ابن حبان بأنّه ذو اليدين وغيره بأنّه ذو الشمالين». ويمكن أن يوجد ذكره في غير هذا الكتاب إلّا أنّني اكتفيت بذلك.

١) سورة المزمل : الآيات ٢ ـ ٦.

٢) كما أنّ‌ هناك آيات صرّحت بأنّه (صلّى اللّٰه عليه وآله وسلّم) بشر رسول ، قال تعالى قُلْ‌ إِنَّمٰا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ‌ يُوحىٰ‌ إِلَيَّ‌ أَنَّمٰا إِلٰهُكُمْ‌ إِلٰهٌ‌ وٰاحِدٌ (سورة الكهف : الآية ١١٠) ، وقال تعالى : .. قُلْ‌ سُبْحٰانَ‌ رَبِّي هَلْ‌ كُنْتُ‌ إِلاّٰ بَشَراً رَسُولاً. (سورة الإسراء : الآية ٩٣).


والشيخ لا يوجد فيها كلمة النوم ، بل ذكر فيها السهو وأنّه من أجل أن لا يعيب بعضهم على بعض ، ومن المطمئن به أنّ هذه الزيادة إنما هي من كلام الصدوق وأنّه هو الذي ذكرها في الفقيه ، فحقّ السهو عليه لا على النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم).

الجهة الرابعة ؛ ذكر بعض أدلة العامة على سهو النبي (صلَّى الله عليه وآله) :

استدل بعض العامة على وقوع السهو من النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) : بأنّ الله سبحانه أمر النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) بعدم القعود مع الظالمين إذا نسي ثمّ تذكر بقوله تبارك وتعالى (وإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) (١) ، بعد قوله تعالى (وإِذا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آياتِنا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِه) (٢).

وللجواب عن هذه الشبهة نذكر أوّلًا هذا التنبيه :

إنّ كلمة النسيان الواردة في القرآن وفي الاستعمالات البلاغية تأتي بمعاني ، منها :

١ ـ ذهاب الفكرة من ذهن الإنسان بعد إدراكها.

٢ ـ الغفلة عن أصل الأمر.

٣ ـ النسيان العملي ، بمعنى الترك ، أي ترك الشيء عملًا فكأنّما هو ناس له. ويستعمل هذا المعنى في القرآن وفي غيره من الاستعمالات العربية كثيراً ، قال الله تعالى في حق أهل النار (الْيَوْمَ نَنْساكُمْ) (٣) ، أي نترككم ، إذ لا يعقل في حق الله سبحانه وتعالى النسيان بمعنى الغياب عنه.

والمراد من النسيان في الآية هو المعنى الثالث ، إذ النسيان الحاصل من

__________________

١) سورة الأنعام : الآية ٦٨.

٢) ينقل هذا القول عن الجبائي ، راجع البحار : ج ١٧ ، ص ٩٨.

٣) سورة الجاثية : الآية ٣٤.


الشيطان هو الترك لا الغفلة ولا إذهاب الفكرة. وبعد اتضاح هذا نقول في الجواب عن الاستدلال : إنّ النسيان في الآية المباركة لم يصدر من الرسول (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) فلم يكن الغرض من خطابه (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) بذلك هو توجيه التكليف إليه ، بل المراد من الخطاب هو جعل التكليف لسائر المؤمنين ؛ وذلك لأن الخطابات القرآنية كما ذكر أهل البلاغة وأصحاب التفسير نزلت على نحو «إياك أعني واسمعي يا جارة» (١) ، نظير ما إذا أراد الأب أن ينهى أولاده عن فعل شيء قبيح فيوجه الخطاب إلى ولده الأكبر وهو يعلم أنّه لا يفعله فيرتدع الباقون ، وهذا الأُسلوب في الخطاب من روائع الكلام ولطف الحديث ، فإنّ توجيه النهي لأقرب الناس من المتكلم مع ثقته به واطمئنانه بعدم قيامه بالفعل المنهي عنه موجب لردع الآخرين وزجرهم بنحو أقوى من اختصاص الخطاب بغيره وتوجيهه إلى الآخر المقصود بالنهي ، والمسوغ لهذا اللون من الخطاب مع علم المتكلم بعدم عصيان المخاطب هو وجود ملاك النهي فيه ، أعني القدرة على المخالفة والعصيان ، وإلَّا كان الخطاب لغواً. وكذلك الأمر في الخطابات القرآنية ومنها الآية الكريمة المذكورة ، فإنّ المصحح لها مع علمه تبارك وتعالى بعصمة النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) ونزاهته هو وجود ملاك النهي فيه ، وهو قدرته على المخالفة والمعصية ، إذ العصمة لا تسلب المعصوم قدرته على المخالفة كما قدمنا الكلام فيها ؛ فا لله سبحانه وتعالى يوجّه الخطاب إلى النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) بعدم الجلوس في المكان الذي يساء فيه إلى القرآن والدين حتى يعلم الناس بعدم جواز الجلوس في مثل ذلك المكان وأنّ هذا الحكم موجّه للجميع من دون أن يراد (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) بقوله تعالى (وإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ) (٢).

__________________

١) مروي عن ابن عباس.

٢) وهناك آيات كثيرة بهذا النحو منها :


وعليه ، فلا دلالة في هذه الآية على تحقق النسيان من النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم).

المقام الثاني : في نوم النبي (صلَّى الله عليه وآله) عن الصلاة :

استثنى بعض أصحابنا نوم النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) وقالوا بإمكان النوم عليه عن الصلاة لمصلحة ما ، لأن النوم غير السهو ، وأمّا ما هي المصلحة فلا يعلمها إلَّا الله ، وأمّا نحن فقاصرون عن معرفة ذلك ، فيمكن أن تكون المصلحة هي أن يعلم الناس بحكم القضاء وأن يجوز الإتيان بالنافلة قبل الفريضة مع فوتهما كما في صحيحة زرارة (١).

ولكن هذا المعنى من النوم الذي احتملوه لا يجتمع مع ما في صحيحة عبد الله بن سنان ؛ لأن فيها كما رواه حتى العامة قول الرسول (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) عند ما طلعت

__________________

(وَلَئِنِ‌ اتَّبَعْتَ‌ أَهْوٰاءَهُمْ‌ بَعْدَ الَّذِي جٰاءَكَ‌ مِنَ‌ الْعِلْمِ‌ مٰا لَكَ‌ مِنَ‌ اللّٰهِ‌ مِنْ‌ وَلِيٍّ‌ وَلاٰ نَصِيرٍ) سورة البقرة : الآية ١٢٠ (وَلاٰ تَجْعَلْ‌ مَعَ‌ اللّٰهِ‌ إِلٰهاً آخَرَ فَتُلْقىٰ‌ فِي جَهَنَّمَ‌ مَلُوماً مَدْحُوراً). سورة الإسراء : الآية ٣٩. (يٰا أَيُّهَا النَّبِيُّ‌ اتَّقِ‌ اللّٰهَ‌ وَلاٰ تُطِعِ‌ الْكٰافِرِينَ‌ وَالْمُنٰافِقِينَ‌). سورة الأحزاب : الآية ١ (لَئِنْ‌ أَشْرَكْتَ‌ لَيَحْبَطَنَّ‌ عَمَلُكَ‌ وَلَتَكُونَنَّ‌ مِنَ‌ الْخٰاسِرِينَ‌) سورة الزمر : الآية ٦٥.

١) وهي التي رواها في الوسائل : ج ٣ ، ص ٢٠٧ ، الباب ٦١ من أبواب المواقيت ، الحديث ٦ ، وهي : وروى الشهيد في الذكرى بسنده الصحيح عن زرارة عن أبي جعفر (عليه السّلام) قال : قال رسول اللّٰه (عليه السّلام) : إذا دخل وقت صلاة مكتوبة فلا صلاة نافلة حتى يبدأ بالمكتوبة ، قال : فقدمت الكوفة فأخبرت الحكم بن عتيبة وأصحابه فقبلوا ذلك مني ، فلما كان في القابل لقيت أبا جعفر (عليه السّلام) فحدثني أنّ‌ رسول اللّٰه (صلّى اللّٰه عليه وآله وسلّم) عرس في بعض أسفاره وقال : من يكلؤنا؟ فقال بلال : أنا. فنام بلال وناموا حتى طلعت الشمس ، فقال : يا بلال ، ما أرقدك‌؟ فقال : يا رسول اللّٰه ، أخذ بنفسي الذي أخذ بأنفاسكم. فقال رسول اللّٰه (صلّى اللّٰه عليه وآله وسلّم) : قوموا فتحولوا عن مكانكم الذي أصابكم فيه الغفلة. وقال : يا بلال ، أذّن. فأذّن ، فصلّى رسول اللّٰه (صلّى اللّٰه عليه وآله وسلّم) ركعتي الفجر وأمر أصحابه فصلّوا ركعتي الفجر ، ثمّ‌ قام فصلى بهم الصبح ، ثمّ‌ قال : من نسي شيئاً من الصلاة فليصلّها إذا ذكرها فإن اللّٰه عز وجل يقول (وَأَقِمِ‌ الصَّلاٰةَ‌ لِذِكْرِي) قال زرارة : فحملت الحديث إلى الحكم وأصحابه فقال : نقضت حديثك الأوّل. فقدمت على أبي جعفر (صلّى اللّٰه عليه وآله وسلّم) فأخبرته بما قال القوم ، فقال : يا زرارة ، إلا أخبرتهم أنّه قد فات الوقتان جميعاً وأنّ‌ ذلك كان قضاء من رسول اللّٰه (صلّى اللّٰه عليه وآله وسلّم.


الشمس عليهم : «نمتم بوادي الشيطان». والرواية هي :

محمد بن الحسن بإسناده عن الحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله (عليه السّلام) قال : «سمعته يقول : إنّ رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) رقد فغلبته عيناه فلم يستيقظ حتى آذاه حر الشمس ، ثمّ استيقظ فعاد ناديه ساعة وركع ركعتين ثمّ صلَّى الصبح وقال : يا بلال ، ما لك؟ فقال بلال : أرقدني الذي أرقدك يا رسول الله. قال : وكره المقام وقال : نمتم بوادي الشيطان» (١).

فإن معنى هذا هو أنّ النوم الذي حصل للرسول (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) مثل أي نوم يحصل لسائر الناس ، وأنّه من الشيطان ، وهو ممتنع على الرسول (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) لأنّه نوم يقتضي حصول الغفلة عند الرسول (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم).

وقد ورد في الروايات ذكر النوم الحاصل من الشيطان ، فإن فيها : يأتي الملك (٢) ويوقظ النائم إلى صلاة الصبح ، فإذا لم يقم ونام يأتي الملك ثانية ، وإذا لم يقم ونام مرة أُخرى يأتي الشيطان إليه فيلهيه عن القيام ويحسن له المنام حتى تطلع عليه الشمس ويفوته أداء الصلاة في وقتها. وقال الرسول (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) في الرواية التي نحن بصدد الحديث عنها : «نمتم بوادي الشيطان». وهذا لا يجتمع مع ما ذكره الله تعالى في كتابه المنزل (إِنَّه لَيْسَ لَه سُلْطانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ. إِنَّما سُلْطانُه عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَه والَّذِينَ هُمْ بِه مُشْرِكُونَ) (٣). فنحن نعلم بأنّ الشيطان لا يمكنه أن يؤثّر

__________________

١) الوسائل : ج ٣ ، ص ٢٠٦ ، الباب ٦١ ، الحديث ١٠.

٢) جاء في البحار : ج ٨٧ ، «المحاسن ، عن أبيه ، عن صفوان ، عن خضر أبي هاشم ، عن محمّد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : إنّ‌ لليل شيطاناً يقال له الزهاء ، فإذا استيقظ‍‌ العبد وأراد القيام إلى الصلاة قال له : ليست ساعتك ، ثمّ‌ يستيقظ‍‌ مرّة أُخرى ، فيقول : لم يأن لك. فما يزال كذلك يزيله ويحبسه حتّى يطلع الفجر ، فإذا طلع الفجر بال في أذنه ، ثمّ‌ انصاع يمصع بذنبه فخراً ويصيح ..».

٣) سورة النحل : الآيتان ٩٩ ـ ١٠٠.


على النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) حتى في وقت النوم ، ولهذا كان نوم النبي حجة شرعية ، بل بعض ما يراه في نومه وحي منزل (١) ، كما في قضية إبراهيم (عليه السّلام) عند ما قال لابنه إسماعيل (عليه السّلام) (يا بُنَيَّ إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ ما ذا تَرى) ، فأجابه ابنه وهو يعلم بأن ما رآه أبوه (عليه السّلام) إنّما هو رؤيا منام (يا أَبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ الله مِنَ الصَّابِرِينَ) (٢). وهكذا موارد من رؤيا النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) والأئمة (عليهم السّلام) ، كرؤيا الرسول (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) القردة الذين ينزون على منبره ، والمراد بهم ملوك بني أُمية الذين سيأتون من بعده بسنين (٣) ، وكرؤيا سيد الشهداء (عليه السّلام) جده (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) عند وداعه الأخير من المدينة أو ليلة

__________________

١) وقد ورد في تفسير قوله تعالى (وَمٰا كٰانَ‌ لِبَشَرٍ أَنْ‌ يُكَلِّمَهُ‌ اللّٰهُ‌ إِلاّٰ وَحْياً أَوْ مِنْ‌ وَرٰاءِ حِجٰابٍ‌ أَوْ يُرْسِلَ‌ رَسُولاً ..) سورة الشورى : الآية ٥١ ، أنّ‌ المراد من (وحياً) الرؤيا في المنام.

وفي البحار : ج ١١ ، ص ٤١ عن الكافي أيضاً : علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن إسماعيل بن مرار قال : كتب الحسن بن العباس المعروف إلى الرضا (عليه السّلام) : جعلت فداك ، أخبرني ما الفرق بين الرسول والنّبي والإمام‌؟ قال : فكتب أو قال : الفرق بين الرسول والنّبي والإمام أنّ‌ الرسول الذي ينزل عليه جبرئيل فيراه ويسمع كلامه وينزل عليه الوحي وربّما رأى في منامه نحو رؤيا إبراهيم (عليه السّلام) ، والنّبي ربّما يسمع الكلام وربّما رأى الشخص ولم يسمع ، والإمام هو الذي يسمع الكلام ولا يرى الشخص.

٢) سورة الصافات : الآية ١٠٢.

٣) ورد في البحار : ج ٢٨ ، ص ٧٧ ، عن الكافي : العدة ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحسين ، عن محمد الوليد ومحمد بن أحمد ، عن يونس بن يعقوب ، عن علي بن عيسى القماط‍‌ ، عن عمه عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) قال : «رأى رسول اللّٰه (صلّى اللّٰه عليه وآله وسلّم) في منامه بني أُمية يصعدون على منبره من بعده ويضلون الناس عن الصراط‍‌ القهقرى ، فأصبح كئيباً حزيناً. قال : فهبط‍‌ جبرئيل (عليه السّلام) فقال : يا رسول اللّٰه ، ما لي أراك كئيباً حزيناً؟ قال : يا جبرئيل إني رأيت بني أُمية في ليلتي هذه يصعدون منبري من بعدي يضلون الناس عن الصراط‍‌ القهقرى. فقال : والذي بعثك بالحق نبياً إن هذا شيء ما اطلعت عليه ، فعرج إلى السماء فلم يلبث أن نزل عليه بآي من القرآن يؤنسه بها قال (أَفَرَأَيْتَ‌ إِنْ‌ مَتَّعْنٰاهُمْ‌ سِنِينَ‌ ثُمَّ‌ جٰاءَهُمْ‌ مٰا كٰانُوا يُوعَدُونَ‌ مٰا أَغْنىٰ‌ عَنْهُمْ‌ مٰا كٰانُوا يُمَتَّعُونَ‌) وأنزل عليه (إِنّٰا أَنْزَلْنٰاهُ‌ فِي لَيْلَةِ‌ الْقَدْرِ. وَمٰا أَدْرٰاكَ‌ مٰا لَيْلَةُ‌ الْقَدْرِ. لَيْلَةُ‌ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ‌ أَلْفِ‌ شَهْرٍ) جعل اللّٰه عزّ وجلّ‌ ليلة القدر لنبيه (صلّى اللّٰه عليه وآله وسلّم) خيراً من ألف شهر ملك بني أُمية. وجاء في البحار : ج ٩ ، ص ١١٩ عند الكلام حول قوله تعالى (وَمٰا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنٰاكَ‌ إِلاّٰ فِتْنَةً‌ لِلنّٰاسِ‌ وَالشَّجَرَةَ‌ الْمَلْعُونَةَ‌ فِي الْقُرْآنِ) .. (سورة الإسراء : الآية ٦٠) : «.. وفيه أقوال ثالثها : إن ذلك رؤيا رآها النبي (صلّى اللّٰه عليه وآله وسلّم) في منامه أن قروداً تصعد منبره وتنزل ، فساءه ذلك واغتم به ، وهو المروي عن أبي جعفر وأبي عبد اللّٰه (عليهما السّلام) ..».


عاشوراء ، وأمثال هذه ..

فالغفلة وإلقاء الشيطان في قلب النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) غير ممكن حتى في حال النوم ، هذا هو اعتقادنا ، وهذه الرواية منافية له ؛ لأن في ذيلها «نمتم بوادي الشيطان». وبما أنّ هذا الخبر مما روته العامة فهو غير مسموع عندنا ، بل نقول : إن نوم النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) عن الصلاة حتى ولو لم يحصل منه أدنى ضرر فهو غير مقبول عندنا ؛ لأن عامة الناس لا يفهمون أنّ هذا النوم رحماني لا شيطاني فيقل اعتقادهم فيه (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) ، وتؤدي نتيجة ذلك عكس المطلوب لما يثيره هذا الأمر من حالة التنفير منه (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم).

فاعتقادنا هو أن النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) والأئمة (عليهم السّلام) وسائر الأنبياء (عليهم السّلام) معصومون عن السهو والاشتباه ونوم الغفلة ، فإن وقوعها منهم يستلزم نقض الغرض وخلاف الحكمة ، وبه ينفتح الباب إمام أصحاب الحجج الواهية الذين يصطادون في الماء العكر وسيقولون : إنّ هذا الرجل الذي يزعم أنّه نبي يسهو في أكله وشربه ، وفي يقظته ونومه و.. فكيف لا يسهو في التبليغ وما ينزل عليه من وحي الله وآياته؟! وهكذا .. وهذا خلاف الحكمة من جعل النبوة والإمامة.

منشأ وضع هذه الروايات :

وهنا شيء يخطر في الذهن توجيهاً لوضع هذه الروايات الضعيفة الباطلة حتى على مذهبهم ، وهو أنّهم يريدون أن يُدخلوا في أفكار الناس وأذهانهم أن النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) يمكن عليه السهو والاشتباه ، تمهيداً لرفع ما حصل عند وفاة الرسول (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) من إساءة


أدب إليه في محضره الشريف ، وذلك حينما طلب من أصحابه الجالسين الدواة والكتف ليكتب لهم كتاباً لا يضلَّون بعده أبداً ، فقال قائلهم : «إن الرجل ليهجر»! فلم يعقب الرسول (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) على ذلك بشيء غير أنّه أمرهم بالانصراف عنه والقيام من مجلسه. ولو كتب الكتاب الذي أراد أن يكتبه لما كان لكتابته اعتبار عندهم ، ولقالوا : إنّما كتبه اشتباهاً أو سهواً أو أنّه لم يكن في حال الاختيار وما شاكل ذلك من الأعذار ، وحتى يرفعوا قبح هذا الجواب الذي أجابوا به الرسول (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) من ذهن الناس جاؤوا بهذه الأحاديث لتدلّ على إمكان حصول الاشتباه والغفلة في حقّه (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) ، وأن قول القائل كان في موضعه!

جواب على سؤال :

قام البرهان القطعي على أنّ ما يراد من النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) هو أن يحصّل اليقين للناس ، خصوصاً وأن نبينا (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) لم تكن معجزته كمعجزة النبي موسى وعيسى (عليهما السّلام) ، وإنّما كانت معجزته البيان (وجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) (١) ، فيجب في نبي مثل هذا أن لا يكون هناك أي منفذ للدخول منه إليه من أجل إيقاعه في الوسوسة والاشتباه ، ولهذا أكد الله سبحانه وتعالى ذلك بقوله (وما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى. إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى) (٢).

جواب على سؤال حول عصمة الأنبياء : عندنا أدلة قاطعة على عصمة الأنبياء ، ومن قرأ الأُصول حق قراءتها يعرف تمامية ما نقول ، فقد ذكر في مبحث المشتق بحث حول هذه الآية (لا يَنالُ عَهْدِي

__________________

١) سورة النحل : الآية ١٢٥.

٢) سورة النجم : الآيتان ٣ ـ ٤.


الظَّالِمِينَ) (١) وأنّها حجّة قاطعة على ذلك وهي ناظرة إلى هذا المورد.

__________________

١) سورة البقرة : الآية ١٢٤. توضيح الفكرة : أنّ‌ النبي إبراهيم (عليه السّلام) حينما ابتلاه اللّٰه بالكلمات فأتمّهن جعله اللّٰه إماماً (وَإِذِ ابْتَلىٰ‌ إِبْرٰاهِيمَ‌ رَبُّهُ‌ بِكَلِمٰاتٍ‌ فَأَتَمَّهُنَّ‌ قٰالَ‌ إِنِّي جٰاعِلُكَ‌ لِلنّٰاسِ‌ إِمٰاماً) ، فسأل اللّٰه عزّ وجلّ‌ قٰالَ‌ وَمِنْ‌ ذُرِّيَّتِي قٰالَ‌ لاٰ يَنٰالُ‌ عَهْدِي الظّٰالِمِينَ‌ ، فمنصب الإمامة المعبّر عنه في الآية بالعهد المضاف إلى اللّٰه سبحانه منصب لا يستحقه الظالم ولا يعطى له ، والعاصي ظالم فلا يعطى إيّاه. وبهذا ينتج أنّ‌ كل من أُعطي هذا المنصب فليس بعاص ، وبمناسبة الحكم للموضوع يستفاد أنّ‌ من صدر منه الظلم ولو آناً ما في فترة من فترات حياته لا يكون إماماً ، فالإمام هو الذي لم يصدر منه ذنب أصلاً ، وهذا هو معنى العصمة.




الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف خلقه نبيّنا محمد وأهل بيته الطيبين الطاهرين ، ولعنة الله على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين.

وبعد فهذه الأوراق حصيلة محاضرة سماحة المرجع الديني آية الله المعظم الشيخ الميرزا جواد التبريزي دام ظله الوارف على رؤوس المسلمين ، في ضمن محاضراته الفقهية التي يلقيها على ثلة من طلاب العلوم الإسلامية ، وقد بيّن فيها حكم لبس السواد في الصلاة ، وفي سائر الأوقات ، الأمر الذي يقوم به أهل الحداد والحزن.

ونظراً إلى أنّ المسألة من المسائل الحساسة ولا سيما في هذا العصر ، حيث يلبس السواد في أيام عاشوراء ووفيات الأئمة (عليهم السّلام) جمع غفير من المؤمنين الموالين لأهل البيت (عليهم السّلام) فيصابون من قبل أعدائهم بوابل من التهم والافتراءات مما قد يؤثر على بعض النفوس الضعيفة ، أكَّد سماحته أهمية هذا اللبس في هذه الأيام ، وأنّها شعيرة من الشعائر التي ينبغي المواظبة عليها والاهتمام بها ، لتكون معلماً من معالم الولاء لأهل البيت (عليهم السّلام) ، فإن شيعتهم يفرحون لفرحهم ويحزنون لحزنهم.

ثمّ إن في لبس هذا الشعار إظهاراً لمظلومية أهل البيت (عليهم السّلام) واستنكاراً على ما أصابهم من أنواع البلاء والمحن ، يكون منبهاً للآخرين فيدفعهم لقراءة سيرتهم وسيرة حكَّام زمانهم فيعرفون الفرق الكبير بين السيرتين ، بين الحق والباطل ، بين الإسلام


المتجسد قولًا وعملًا فيهم (عليهم السّلام) ، وبين الكفر المتجسد في غيرهم. ونظراً لأهمية مثل هذا الموضوع اقترح عليّ أن أفرغها في قالب عربي فوفقنا الله لذلك.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا لما فيه الخير والصلاح وأن يمدّ في عمر شيخنا التبريزي ويبقيه عماداً من أعمدة العلم وحصناً للمذهب الحق.

قال صاحب العروة (قدّس سرّه) : «فصل فيما يكره من اللباس حال الصلاة ، أُمور : أحدها الثوب الأسود حتى للنساء ، عدا الخف والعمامة والكساء ، ومنه العباء ، والمشبع منه أشد كراهة».

وقبل الدخول في صلب البحث ينبغي التعرض لمقدمة تشتمل على أُمور :

الأمر الأول : قد قرر في علم الأُصول أن الأمر إذا تعلق بالطبيعي ، ثمّ تعلق نهي تنزيهي ببعض أفراد ذلك الطبيعي فلا يراد من هذا النهي المعنى المصطلح ، أعني الكراهة المصطلحة ، بمعنى ما يثاب على تركه ولا يعاقب على فعله ، بل هو إرشاد إلى وجود منقصة في هذا الفرد بخصوصه ، ويعبّر عنه في لسان العلماء بالإرشاد إلى كونه أقل الأفراد ثواباً.

ولا فرق في الأمر المتعلق بالطبيعي بين كونه إلزامياً أو استحبابياً.

إذا اتّضح هذا فليس الكراهة في محل البحث هي الكراهة المصطلحة ، فإنّ الكراهية بمعنى رجحان الترك غير معقولة في العبادات ، بل هي مستحيلة فيها لعدم اجتماع المبغوضية والمقربية في شيء واحد ، وذلك لأن العبادة تتقوم بأمرين :

الأول : أن يوجد في نفس العمل مصلحة ، ويعبّر عن ذلك بقابلية العمل للتقرب.

الثاني : أن يؤتى بالعمل متقرباً به إلى الله.

فإذا اجتمع هذان الأمران في الفعل كان الفعل عباديا صحيحاً واقعاً ، والمكروه


بالمعنى المصطلح لا يصلح للتقرب به ، لعدم المصلحة فيه. وعليه فإذا قيل مثلًا : إن الصلاة في اللباس الأسود مكروهة ، فليس صلاة المصلي فيه باطلة ، بل هي صحيحة ومجزية ، فالنهي عن لباسه في الصلاة إرشاد إلى أنّها فيه أقل ثواباً وأدنى ملاكاً من الصلاة في غيره.

الأمر الثاني : إن ما ذكره صاحب العروة من الموارد التي يكره لبسها في الصلاة ليس على إطلاقه ، إذ لا يوجد ملاك الكراهة في بعضها ، بل لا دليل معتبراً على أكثرها ، والموجود إنّما هو دليل ضعيف سنداً ، وقابل للمناقشة دلالة.

وعليه ففتوى صاحب العروة وسائر من وافقه على ذلك مبتنٍ على أحد أمرين في فهم روايات أخبار (من بلغ).

توضيح ذلك :

إن هناك عدة روايات (١) وفيها الصحاح دلَّت على أنّ من بلغه ثواب على عمل

__________________

١) وسائل الشيعة : ج ١ ، ص ٥٩ ، باب ١٨ استحباب الإتيان بكل عمل مشروع روي له ثواب عنهم (عليهم السّلام). محمد بن علي بن بابويه في (كتاب ثواب الأعمال) عن أبيه عن علي بن موسى عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن هشام عن صفوان عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) قال : من بلغه شيء من الثواب على شيء من الخير فعمل (فعمله) به كان له أجر ذلك وإن كان (وإن لم يكن على ما بلغه خ ل) رسول اللّٰه (صلّى اللّٰه عليه وآله وسلّم) لم يقله. أحمد بن أبي عبد اللّٰه البرقي في (المحاسن) عن علي بن الحكم عن هشام بن سالم عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) قال : من بلغه عن النبي (صلّى اللّٰه عليه وآله وسلّم) شيء من الثواب فعمله كان أجر ذلك له وإن كان رسول اللّٰه (صلّى اللّٰه عليه وآله وسلّم) لم يقله.

وعن أبيه عن أحمد بن النضر عن محمد بن مروان عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) قال : من بلغه عن النبي (صلّى اللّٰه عليه وآله وسلّم) شيء من الثواب ففعل ذلك طلب قول النبي (صلّى اللّٰه عليه وآله وسلّم) كان له ذلك الثواب وإن كان النبي (صلّى اللّٰه عليه وآله وسلّم) لم يقله.

وعن علي بن محمد القاساني عمن ذكره عن عبد اللّٰه بن القاسم الجعفري عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) عن


وأتى به رجاء ذلك الثواب فإنّه يعطى إيّاه وإن لم يقله الرسول (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) أو المعصوم (عليه السّلام) ، لاشتباه الراوي ، أو لاعتماده في النقل على آخر ، ويعبّر عن هذه الأخبار ب (أخبار من بلغ) وعن القاعدة ب (التسامح في أدلَّة السنن).

واختلف في المراد من هذه الروايات على وجوه منها :

الأول : إن ما يشترط تحققه في حجية الأخبار الدالة على حكم إلزامي (الوجوب والحرمة) أو المستلزمة لحكم إلزامي ك (النجاسة والملكية والزوجية) ، غير مأخوذ في الأحكام غير الإلزامية ، أعني الاستحباب والكراهة.

وبعبارة أُخرى : إن الخبر في غير الأحكام الإلزامية معتبر وإن كان ضعيف السند ، ما لم يحصل العلم بكذبه ، لعدم اشتراط شيء في اعتبار حجيته.

__________________

آبائه (عليهم السّلام) قال : قال رسول اللّٰه (صلّى اللّٰه عليه وآله وسلّم) : من وعده اللّٰه على عمل ثوابا فهو منجزه له ومن أوعده على عمل عقابا فهو فيه بالخيارو روى الصدوق في (التوحيد) محمد بن الحسن عن الصفار عن محمد بن الحسين وأحمد بن أبي عبد اللّٰه عن علي بن محمد مثله. محمد بن يعقوب عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن هشام ابن سالم عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) قال : من سمع شيئاً من الثواب على شيء فصنعه كان له وإن لم يكن على ما بلغه. ورواه ابن طاوس في (كتاب الإقبال) نقلاً من كتاب هشام بن سالم الذي هو من جملة الأُصول عن الصادق (عليه السّلام) مثله. وعن محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن محمد بن سنان عن عمران الزعفراني عن محمد بن مروان قال سمعت أبا جعفر (عليه السّلام) يقول : من بلغه ثواب من اللّٰه على عمل فعمل ذلك العمل التماس ذلك الثواب أُوتيه وإن لم يكن الحديث كما بلغه أحمد بن فهد في (عدّة الداعي) قال : روى الصدوق عن محمد بن يعقوب بطرقه إلى الأئمّة (عليهم السّلام) أنّ‌ من بلغه شيء من الخير فعمل به كان له من الثواب ما بلغه وإن لم يكن الأمر كما نقل إليه. علي بن موسى بن جعفر بن طاوس في (كتاب الإقبال) عن الصادق (عليه السّلام) قال : من بلغه شيء من الخير فعمل به كان له وإن لم يكن الأمر كما بلغه.


الثاني : إن أصل قيام الخبر المحتمل أنّه قول الرسول (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) أو الإمام (عليه السّلام) هو بنفسه من العناوين المرجّحة ، فإذا كان ذلك الخبر يتضمّن ثواباً على عمل ، فذلك العمل يكون مستحباً.

والنتيجة : أنّه إذا قام الخبر الضعيف على وجوب العمل الفلاني فإنّه لا يثبت وجوبه ، نعم يثبت بذلك استحبابه ، بمقتضى ما تقدم.

فالفتوى بالكراهة (مع كون الخبر ضعيفاً) متوقفة على الالتزام بأحد هذين التفسيرين.

هذا ، ولكنّنا في البحث عن قاعدة (التسامح في أدلَّة السنن) في علم الأُصول قد قلنا بعدم صحة كلا هذين المعنيين ، وإنما المستفاد من الأخبار أنّ المكلف عند ما يصله مطلوبية عمل ما إلى الله سبحانه وتعالى ، فإن كان عن طريق صحيح فيأتي به جزماً ، وإن كان الخبر ضعيفاً فيأتي به رجاءً وانقياداً ، وهذا الانقياد من العبد موجب لاستحقاق الثواب والتقرب إلى الله سبحانه ، ومقدار ذلك الثواب لم يعرف إلَّا عن طريق التعبد الشرعي ، ولا دلالة عليه من جهة العقل أصلًا ، وأخبار (من بلغ) هي التي بيّنت مقدار ذلك الثواب وهو نفس ما بلغه ، أي المذكور في الخبر.

فمن تيقن بمطلوبية العمل يأتي به انقياداً للمولى بنحو الجزم ويعطى الثواب وإن لم يكن الواصل إليه مطابقاً للواقع.

ومن لم يحصل له ذلك اليقين لكون الخبر ضعيفاً يأتي بالعمل رجاءً وانقياداً ، لعدم علمه بصدوره من الرسول (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) أو المعصوم (عليه السّلام) ، وله ذلك الثواب أيضاً.

هذا هو المستفاد من أخبار (من بلغ) وحاصله : أنّه من بلغه ثواب على عمل وأتى به رجاء الحصول على ذلك الثواب يعطى الثواب المذكور وإن كان الخبر ضعيفاً وغير جامع لشرائط حجية الخبر.


وأمّا ما ذُكر من التفسيرين السابقين فلا دلالة للأخبار عليهما.

الأمر الثالث : لو تنزلنا وقلنا بدلالة الأخبار على أحد هذين المعنيين ، واستفدنا الحكم بالاستحباب أو الكراهة عن طريق أخبار (من بلغ) في الأعمال التي يرد فيها الثواب ، فإن هنا إشكالًا آخر يمنع جريان الأخبار في المقام ، وذلك لأنّ أخبار (من بلغ) إنما تدلّ على الكراهة في موارد النهي التكليفي ، وليس النهي في ما نحن فيه كذلك ، بل هو إرشاد إلى كون الفرد المنهي عنه أقل الأفراد ثواباً ، فمن أراد أن يعمل على طبق الخبر يمتنع من الصلاة في الأسود ، وليس ترك الصلاة في الثوب الأسود موجباً لإعطائه الثواب ، وإن كانت الصلاة في غيره أكثر ثواباً ، وذلك لأنّ أخبار (من بلغ) إنّما تكون في مورد الإتيان بالعمل استناداً إلى الخبر الضعيف الحامل للثواب المعين ، وترك العمل فيما نحن فيه ولو كان عملًا إلَّا أنّه لم يرد فيه ثواب.

والحاصل : إنّا وإن التزمنا باستفادة أحد الأمرين المتقدمين من أخبار (من بلغ) لا نعتبرها دليلًا على الكراهة فيما نحن فيه ، لعدم وصول ثواب على ترك العمل ، وإنما النهي للإرشاد إلى أقلية ثواب هذا الفرد من الصلاة.

ثم إنّه قال بعضهم : بأنّ عمل المشهور جابر لضعف هذا الخبر وإن كان ضعيف السند.

ولكنه ليس بصحيح ، بل لو عمل على طبقه الكل لما انجبر ضعفه ، وذلك لاحتمال استنادهم إلى أخبار (من بلغ) ، فهذا صاحب المدارك قد ناقش سند الروايات كلَّها بضمنها الموثقة ، وضعفها جميعاً ، ومع ذلك اثبت الحكم غير الإلزامي.

إذا اتّضح ذلك فنقول : في المسألة طائفتان من الروايات :

الطائفة الأُولى : ما دلّ على كراهة اللباس الأسود في الصلاة.

الطائفة الثانية : ما دلّ على كراهة لبس الأسود مطلقاً حتى في غير حال الصلاة.


أما الطائفة الأُولى فثلاث روايات وهي :

الرواية الأولى : قال الكليني : وروي : لا تصلِّ في ثوب أسود ، فأمّا الخف أو الكساء أو العمامة فلا بأس (١).

الرواية الثانية : محمد بن يعقوب عن علي بن محمد عن سهل بن زياد عن محسن بن أحمد عن أبي عبد الله (عليه السّلام) قال : قلت له أُصلَّي في القلنسوة السوداء؟ فقال : لا تصلِّ فيها فإنّها لباس أهل النار (٢).

الرواية الثالثة : محمد بن علي بن الحسين في (العلل) عن أبيه عن محمد بن يحيى عن محمد بن أحمد عن سهل بن زياد عن محمد بن سليمان عن رجل عن أبيه عن أبي عبد الله (عليه السّلام) قال : قلت له : أُصلَّي في القلنسوة السوداء قال : لا تصلِّ فيها فإنّها لباس أهل النار (٣).

وأسناد هذه الطائفة من الروايات كلَّها ضعيفة فلا تصح للاستدلال.

وأمّا الطائفة الثانية التي استفيد منها كراهة لباس السواد مطلقاً فهي روايات :

الأُولى : محمد بن علي بن الحسين قال : قال أمير المؤمنين (عليه السّلام) فيما علم أصحابه : لا تلبس السواد فإنّه لباس فرعون (٤).

وهي مرسلة ، وذهب بعض المتأخّرين إلى اعتبار روايات الصدوق التي نسب فيها القول إلى الإمام (عليه السّلام) نفسه كهذه الرواية دليلًا على اعتبارها وإلَّا لما نسبها كذلك ،

__________________

١) الوسائل : الباب ٢٠ من أبواب لباس المصلّي ، الحديث ٢.

٢) المصدر السابق : الحديث ١.

٣) المصدر السابق : الحديث ٣.

٤) المصدر السابق : الباب ١٩ ، الحديث ٥.


بل لعبّر عنها ب (روي) وما شابهه.

ولا أساس لهذا القول من الصحّة ، ويدلّ على ذلك أنّ هذه الرواية التي نسبها في الفقيه إلى أمير المؤمنين (عليه السّلام) قد ذكرها مسندة في كتابيه (العلل والخصال) ، فقد رواها عن أبيه عن محمد بن يحيى عن محمد بن أحمد عن محمد بن عيسى عن القاسم بن يحيى ، عن جدّه الحسن بن راشد ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله (عليه السّلام) عن آبائه عن أمير المؤمنين (عليه السّلام).

فعدم ذكر الشيخ الصدوق للسند في كتاب الفقيه إنما هو للاختصار ، إذ طلب منه أن يكتب مؤلفاً مختصراً فكتب (من لا يحضره الفقيه) ، وعليه فليس مراده من قوله : قال أمير المؤمنين (عليه السّلام) ، أو قال أبو عبد الله (عليه السّلام) هو الاعتبار ، بل كان ذلك من أجل الاختصار.

الثانية : محمد بن يعقوب عن عدّة من أصحابنا عن أحمد بن محمد رفعه .. عن أبي عبد الله (عليه السّلام) قال : يكره السواد إلا في ثلاثة : الخف ، والعمامة ، والكساء (١).

الثالثة : وعنهم ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن بعض أصحابه رفعه قال : كان رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) يكره السواد إلَّا في ثلاث : الخف ، والعمامة ، والكساء (٢).

وهناك روايات كثيرة دلَّت على كراهة لبس السواد مطلقاً.

نعم هنا رواية معتبرة للسكوني لها مفاد آخر وهي :

عن إسماعيل بن مسلم عن الصادق (عليه السّلام) قال : إنّه أوحى الله إلى نبي من أنبيائه : قل للمؤمنين لا تلبسوا لباس أعدائي ولا تطعموا مطاعم أعدائي ولا تسلكوا مسالك أعدائي فتكونوا أعدائي كما هم أعدائي (٣).

__________________

١) الوسائل : الباب ١٩ ، الحديث ١.

٢) المصدر السابق : الحديث ٢.

٣) المصدر السابق : الحديث ٨.


ونحن نلتزم بمضمون هذه الروايات فنقول : إنّ اللباس إذا اختص به أعداء الدين فلا يجوز لبسه ، مثل القبعة التي يختص بلبسها اليهود.

ولكن لباس السواد لم يثبت اختصاص لبسه بأعداء الدين ، نعم يمكن ثبوت الاختصاص بخصوص (اللبادة السوداء) فإن لبسها من مختصات علماء اليهود والنصارى ، وإذا ثبت ذلك فيها فلبسها حرام.

بقي أمر تعرض له صاحب الحدائق (قدّس سرّه) فإنّه بعد أن نقل هذه الروايات قال : «لا يبعد استثناء لبس الأسود في مأتم الحسين (عليه السّلام) من هذه الأخبار ، لما استفاضت به الأخبار من الأمر بإظهار شعائر الأحزان ..» (١).

ولم يبيّن الوجه في عدم شمول هذه الروايات لذلك ، والوجه في عدم الشمول هو : إنّ في لبس المؤمنين الثياب السوداء في وفيات الأئمة (عليهم السّلام) وبالخصوص في أيام محرم الحرام وشهر صفر إظهاراً لمودتهم وحبهم لأهل البيت (عليهم السّلام) فيحزنون لحزنهم ، وإنّ هذا العمل من المؤمنين إحياء لأمر أهل البيت (عليهم السّلام) ، وقد روي عنهم (عليهم السّلام) : «رحم الله من أحيا أمرنا» ، فإذا ارتدى عامة الناس من الرجال والشباب والأطفال الثياب السود كان ذلك ظاهرة اجتماعية تلفت نظر الغريب فيسأل : ماذا حدث؟ بالأمس كان الأمر طبيعياً وكانت ألوان ثياب الناس مختلفة ، وأمّا اليوم فقد لبسوا كلهم السواد؟!

فعند ما يوضح له بأن اليوم يوم حزن ومصيبة على ريحانة الرسول الحسين بن علي (عليه السّلام) ، كان هذا الأمر في حد نفسه إحياءً لأمره (عليه السّلام) ، ولهذا اشتهر أنّ بقاء الإسلام بشهري محرم وصفر ، وذلك لأن حقيقة الإسلام والإيمان قد أُحييت بواقعة كربلاء ، وهذا دليل لا بدّ من المحافظة عليه لتراه الأجيال القادمة مثلًا أمامهم فيحصل لهم اليقين به ، فإنّ الإمام الحسين (عليه السّلام) نفسه قد أثبت أحقية التشيع ، وأبطل سائر ما عداه.

__________________

١) الحدائق الناظرة : ج ٧ ، ص ١١٨.


إنّ الإمام الحسين (عليه السّلام) يعلم بأنّه سوف يستشهد ، ومع ذلك حمل روحه على كفيه وخرج طالباً الشهادة ، وما ذلك إلَّا من أجل إحياء الدين وشريعة سيد المرسلين (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم).

وقد أخبر (عليه السّلام) باستشهاده عن أبي عبد الله (عليه السّلام) عن أبيه عن جده عن الحسين بن علي (عليه السّلام) قال : قال : والذي نفس حسين بيده لا ينتهي ملك بني أمية ملكهم حتى يقتلوني وهم قاتلي ، فلو قد قتلوني لم يصلوا جميعاً أبداً ، ولم يأخذوا عطاء في سبيل الله جميعاً أبداً ، إنّ أوّل قتيل في هذه الأمة أنا وأهل بيتي ، والذي نفس حسين بيده لا تقوم الساعة وعلى الأرض هاشمي يطرق.

وعن أبي جعفر (عليه السّلام) قال كتب الحسين بن علي من مكة إلى محمد بن علي : بسم الله الرحمن الرحيم ، من الحسين بن علي إلى محمد بن علي ومن قِبَله من بني هاشم ، أمّا بعد فإن من لحق بي استشهد ، ومن لم يلحق بي لم يدرك الفتح. والسلام.

كما أخبر باستشهاده النبي محمد (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) من يوم ولادته ، وإليك هذه الأخبار :

١ ـ أبي عن سعد عن ابن عيسى عن الوشاء عن أحمد بن عائذ عن أبي خديجة عن أبي عبد الله (عليه السّلام) قال : لمّا ولدت فاطمة الحسين جاء جبرئيل إلى رسول الله فقال له : إن أُمّتك تقتل الحسين من بعدك. ثم قال : ألا أريك من تربتها؟ فضرب بجناحه فأخرج من تربة كربلاء فأراها إيّاه ، ثمّ قال : هذه التربة التي يقتل عليها (١).

٢ ـ أبي عن سعد عن ابن عيسى عن الأهوازي عن النضر عن يحيى الحلبي عن هارون بن خارجة عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السّلام) قال : إنّ جبريل أتى رسول الله والحسين يلعب بين يدي رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) فأخبره أنّ أُمته ستقتله ، قال : فجزع رسول

__________________

١) بحار الأنوار.


الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) ، فقال : ألا أريك التربة التي يقتل فيها؟ قال : فخسف ما بين مجلس رسول الله إلى المكان الذي قتل فيه حتى التقت القطعتان ، فأخذ منها ، ودحيت في أسرع من طرف العين ، فخرج وهو يقول : طوبى لك من تربة وطوبى لمن يقتل حولك.

قال : وكذلك صنع صاحب سليمان ، تكلم باسم الله الأعظم فخسف ما بين سرير سليمان وبين العرش من سهولة الأرض وحزونتها حتى التقت القطعتان ، فاجتر العرش ، قال سليمان : يخيّل إلىّ أنّه خرج من تحت سريري ، قال : ودحيت في أسرع من طرفة العين (١).

٣ ـ أبي عن سعد عن علي بن إسماعيل وابن أبي الخطاب وابن هشام ، جميعاً عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة ، عن أبي عبد الله (عليه السّلام) قال : نعي جبرئيل (عليه السّلام) الحسين (عليه السّلام) إلى رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) في بيت أُمّ سلمة ، فدخل عليه الحسين وجبرئيل عنده فقال : إن هذا تقتله أُمتك. فقال رسول الله : أرني من التربة التي يسفك فيها دمه. فتناول جبرئيل قبضة من تلك التربة فإذا هي تربة حمراء ، فلم تزل عند أُم سلمة حتى ماتت (رحمها الله) (٢).

فعلى الجميع أن يتوسل بالإمام الحسين (عليه السّلام) وأن يطلب منه المدد ، فإنّ التوسل بالإمام الحسين (عليه السّلام) يرفع الشبهات عن وجه الحقيقة ، ويكون الدليل بذلك حياً ، والتوسل بأهل البيت (عليهم السّلام) والبكاء عليهم ما هو إلَّا محافظة على هذا الدليل ؛ فالإمام الحسين (عليه السّلام) دليل محكم على أحقية الشيعة ومذهبهم ، فتوسلوا بهذا العظيم ، وابكوا عليه ، وأقيموا شعار الحزن في أيام مصيبته ، فإنّ الملائكة بكت وتبكي عليه ، وإنّ الله سبحانه وتعالى يريد إبقاء هذا الدليل ، ويتمّ ذلك بإقامة مجالس العزاء ، والاشتراك فيها ،

__________________

١) بحار الأنوار.

٢) بحار الأنوار.


والبكاء ، ولبس السواد في أيام استشهاده وفي وفيات الأئمة (عليهم السّلام) وبالخصوص في شهري محرم وصفر ، فأحيوا هذا الأمر وحافظوا عليه ، فإنّ الأرض والسماء بكت على الحسين (عليه السّلام) ، وإنّ الملائكة تبكي عليه إلى يوم القيامة.




مصدر الأُصول الاعتقادية

إنّ مقولة (العقائد قضية عقلية ، يجب أن يصل المكلَّف إليها مباشرة فيعرف برهانها ويذعن له ، لا أن يأخذها تقليداً) ، هل تشمل جميع العقائد ، أم أُصولها وأسسها دون تفصيلاتها؟ وما ذا عن التفصيلات المختلف فيها ، وما هو المرجع في تحديد الصحيح والأصح منها ، أهو القواعد والعلوم التي تعالج فيها الأحكام الشرعية فنرجع فيها إلى المتخصّص ، أم أنّ لنا كعوام التعامل المباشر معها؟

باسمه تعالى الأُصول الاعتقادية على قسمين :

أولهما : ما يجب البناء وعقد القلب عليه إجمالًا والتسليم والانقياد له ، كأحوال ما بعد الموت من مسألة القبر والحساب والكتاب والصراط والميزان والجنّة والنار وغيرها ، فإنّه لا يجب على المكلَّف تحصيل معرفة خصوصيات تلك الأُمور ، بل الواجب عليه البناء وعقد القلب على ما هو عليه الواقع من جهة أخبار النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) أو الوصي (عليه السّلام) بها.

والقسم الثاني : يجب معرفته عقلًا أو شرعاً ، كمعرفة الله سبحانه وتعالى ، ومعرفة أنبيائه وأوليائه وأنّهم أئمة معصومون ، وأحكام الشرع عندهم وتأويل القرآن وتفسيره لديهم ، وأمّا سائر الخصوصيات الواردة فيكفي التصديق بها ، ولا يجوز إنكار ونفي ما ورد في علمهم وسائر شؤونهم (عليهم السّلام) حتّى إذا لم يجد عليها رواية صحيحة فضلًا عن وجود الرواية الصحيحة.


والحاصل : أنّه يجب على القاصر عقلًا أن يرجع في كلّ علم إلى أهل الخبرة بذلك العلم ، وعلم العقائد لا بدّ من الرجوع فيه للعلماء الفقهاء المتبحّرين في علم الكلام المتضلَّعين في فهم الكتاب وأحاديث أهل البيت (عليهم السّلام) الماهرين في تشخيص الصحيح من الخطأ خصوصاً مراجع الطائفة وعلماؤها ، والله العالم.

حول مسائل أُصول الدين

ما هو المائز بين كون المسألة من أُصول الدين أو فروعه؟

باسمه تعالى أُصول الدين مسائل اعتقادية يكون المطلوب فيها تعقلها ، وأما الفروع فهي مسائل يكون المطلوب فيها العمل بها ، سواء كان فعلًا أو تركاً ، ولو كان العمل من البناءات القلبية ، والله العالم.

التقليد في أصول الدين

هل الرجوع لعلم الفقيه في الأُصول يعتبر تقليداً؟

باسمه تعالى ليس معنى عدم التقليد هو الأخذ بكلّ ما وصل إليه نظركم ، بل لا بدّ من الاعتقاد واليقين من مدرك صحيح ولو كان مدركاً إجمالياً ، كما لو علم بأنّ الفقهاء المتبحّرين كلَّهم متفقون على ان الأمر الفلاني من العقائديات وأنّه لو لم يكن حقّا لما كانوا متفقين على ذلك ، فهذا يحقّق دليلًا إجمالياً على صحّة الاعتقاد بذلك المعتقد ، والله العالم.

هل الاعتقاد بالإمامة من الأُصول أو الفروع؟

ما هي عقيدتنا في الإيمان بالإمامة؟ هل هي من الأصول أو من الفروع؟

باسمه تعالى هي من أُصول المذهب ، والله الهادي إلى سواء السبيل.


طريقة اكتساب العقائد

ما هو الطريق لأخذ العقائد الشرعية؟

باسمه تعالى اللازم على المكلَّف في أُصول الدّين والمذهب تحصيل العلم واليقين بالأدلَّة المذكورة في الكتب المعتبرة الكلامية ولو بالتعلَّم والدراسة عند أهلها ، وأمّا سائر العقائد الدينية فلا يجب تحصيل المعرفة بها تفصيلًا ، بل يكفي الاعتقاد بما هو عليه في الواقع المعبّر عنه بالاعتقاد الإجمالي كخصوصيات القيامة وأمثالها ، هذا بالنسبة إلى من لا يحصل له العلم واليقين إلَّا بالدراسة ، وأمّا إذا حصل اليقين بالأدلَّة الإجمالية فيكفي كقول الأعرابي : «البعرة تدلّ على البعير وأثر الأقدام يدلّ على المسير ، أسماء ذات أبراج وأرض ذات فجاج لا يدلان على اللطيف الخبير»؟ وأمثاله ، وهكذا الأدلَّة الإجمالية التي يستدلّ بها على النبوة والإمامة.

ولا يخفى أنّ ما ذكرنا من مراجعة الكتب الكلامية ما نريد به مؤلَّفات العلماء المتبحّرين في الأُمور الدينية من الاعتقادات وغيرها ، لا قول من يدّعي العلم وليس له حظ من مسائل الدّين أُصولًا وفروعاً ، ويعتمد في آرائه وأفكاره على مجرّد عقله الفاتر ، ويترك ظواهر الكتاب والسنّة ويطرح الروايات المأثورة عن الأئمة الأطهار (عليهم السّلام) الذين هم عدل للكتاب في قول النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) «إنّي تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي ، وإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض» ، والله العالم.

البحث في الأحكام الشرعية

هل يمكن القول بأنّه هناك مجال للبحث في أحكام الشريعة الإسلامية ، باعتبار أنّ هناك ثابتاً ومتغيراً ، وفقاً لظروف كلّ عصر وزمن ، على حسب اختلاف المجتمعات ، أو أنّ الحكم الشرعي واحد لا يتغيّر؟

باسمه تعالى إن تعدّد حكم الواقعة الواحدة بحسب اختلاف المجتهدين في الأعصار فيها


أمر غير ممكن وغير واقع ، لأنّه مخالف لمذهب العدليّة الملتزمين ببطلان التصويب في الوقائع التي وردت فيها الخطابات ، أو استفيد حكمها من مدارك أخرى ، فإنّ مقتضى الإطلاقات ثبوت الحكم ، واستمراره بحسب الأزمنة في ظرف فعليّة الموضوع ، في أيّ ظرف كان ، ولو كان استقبالًا.

ويدلّ على ذلك الروايات أيضاً ، كصحيحة زرارة المروية في الكافي قال : سألت أبا عبد الله (عليه السّلام) عن الحلال والحرام فقال : «حلال محمّد حلال أبداً إلى يوم القيامة ، وحرامه حرام أبداً إلى يوم القيامة» ، لا يكون غيره ، ولا يجيء غيره ، وقال : قال علي (عليه السّلام) : «ما أحد ابتدع بدعة إلَّا ترك بها سنّة».

وأمّا فتاوى المجتهدين في موارد الخلاف ، فلا تصيب من فتاواهم في واقعة واحدة إلَّا فتوى واحدة من ذلك ، نعم فتوى كلّ واحد من المجتهدين مع اجتماع شرائط التقليد فيه عذر بالنسبة للعامي في موارد الخطأ ، ثمّ انّ الحكم المجعول في الشريعة له مقامان : الأول مقام الجعل ، والثاني مقام الفعليّة ، وعلى ذلك فيمكن أن ينطبق عنوان الموضوع على شيء في زمان فيكون فعليّاً ، ولا ينطبق على ذلك الشيء في زمان آخر فلا يكون ذلك الحكم فعليّاً ، وهذا من ارتفاع فعليّة الحكم لا من تغيّر المجعول في الشريعة ، كما إذا كان شيء آلة قمار في زمان ، وسقط عن آلية القمار في زمان آخر بعد ذلك الزمان ، فاللعب به بلا رهان باعتبار عدم انطباق عنوان آلة القمار عليه في زمان اللعب لا يكون محرّماً ، وهذا ليس من تغيّر حكم حرمة آلة القمار ، كما هو واضح ، وكوجوب الجهاد الابتدائي ، فإنّه بناءً على اشتراط الجهاد الابتدائي بحضور الإمام (عليه السّلام) فلا يكون وجوب الجهاد فعليّاً في زمان الغيبة ؛ لعدم حضوره (عليه السّلام) لا لأنّه مع عدم حضوره تغيّر حكم الجهاد في الشريعة ، وأمثال ذلك كثيرة.

نعم ، في الشريعة يمكن أن تكون لشخص أو أشخاص أحكام مختصّة بهم ، وهذه الأحكام تنتهي برحيلهم ، كالأحكام المختصّة بالنبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) ، وهذه قضايا خارجية لا صلة


لها بالأحكام العامة الشرعية التي يُعبّر عنها بالقضايا الحقيقية ، والله العالم.

أسماء الله عزّ وجلّ توقيفية

هل أسماء الله عزّ وجلّ توقيفية أو لا؟ فيجوز إطلاق اسم من الأسماء عليه سبحانه مع مراعاة جميع الجهات ، ككونها لا تدلّ على افتقاره إلى شيء ، وكونها لا تدلّ على أنّه متحيّز ، وغيرها مما لا يليق بساحة قدسه.

باسمه تعالى الأحوط الاقتصار على الأسماء الواردة في الكتاب المجيد والأخبار والأدعية ، والله العالم.

القضاء والقدر

ما هو رأي الطائفة المحقّة بمن يرى انحصار القضاء والقدر بالواقع الكوني دون الواقع الاجتماعي ، إذ يقول في ردّه على الشيخ المفيد : إنّ مسألة القضاء والقدر لا تتصل بالأوامر والنواهي الصادرة من الله في التكاليف المتعلَّقة بأفعال عبادة ، بل هي متّصلة بمسألة الواقع الكوني ، والإنساني فيما أوجده الله وفعله وقدّره وطبيعته بالدرجة التي يمكن للإنسان أن يحصل فيها على تصوّر تفصيلي واضح للأسباب الكامنة وراء ذلك كلَّه في معنى الخلق وسببه وغايته.

وقال في موضع آخر موضحاً بما نصه : ليس هناك قضاء ولا قدر ، الإنسان هو الذي يصنع قضاءه وقدره ، ولكن هناك حتمية تاريخية ، وهناك حتميات سياسية وهناك حتميات اقتصادية ، إنّك عند ما تحدّث الإنسان عن حتمياته فمعنى ذلك أنّك تعزله عن كلّ ما حوله ، ولكن عند ما يحدّث الله عن القضاء والقدر فإنّه يقول لك : إنّك تصنع قضاءك وقدرك .. إلى أن يقول : نحن لا نقول بأنّ الأمر الواقع هو القضاء والقدر ، أم الأمر الواقع هو شيء صنعه الآخرون واستطاعت أن تحرّكه ظروف موضوعيّة معيّنة!


باسمه تعالى إنّ القضاء والقدر على قسمين :

١ ـ ما كان معلَّقاً على اختيار العبد ، كالخسارة والربح مثلًا ، فهذا راجع لمشيئة الإنسان ، وعلم الله بوقوعه عن اختيار العبد ليس سبباً لإجبار العبد على ممارسة ذلك العمل.

٢ ـ ما كان غير معلَّق على مشيئة العبد ، فهذا قضاء حتمي ، كالغنى والفقر والآجال ، وأمثالها مما ليس بيد العبد ، وهذا هو ظاهر القرآن الكريم في نحو قوله تعالى (قُلْ لَنْ يُصِيبَنا إِلَّا ما كَتَبَ الله لَنا) (١) وقوله تعالى (إِنَّا أَنْزَلْناه فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) (٢) ، والمقصود بليلة القدر كما في الروايات ليلة التقدير ، أي تقدير الأرزاق والآجال ونحوها ، والله الهادي للحقّ.

إنّ تقدير الله بعد اختيار العبد كسب الحرام ، وقضاءه بعد تقدير العبد سلوكه.

وإن شئت قلت : قضاؤه وتقديره مسبوق بعلمه سبحانه ، وما تعلق به علمه هو فعل العبد باختياره وإرادته ، فلا منافاة بين قضاء الله واختيار العبد ، كما لا ينافي اختيار العبد قضاء الله ، بل هما متطابقان ، والله العالم.

المراد بالقديم

ذكرت الأدعية «إنّ الفيض والمنّ قديم وأقدم» ، ماذا يراد من القديم هنا؟

باسمه تعالى إنّ القديم أمر إضافي بمعناه اللغوي ، ولا يُنافي الحدوث ، وفيض الله ليس من صفات الله الذاتية ، والله العالم.

هل أسماء الله تعالى تقع على ذاته

هل أسماء الله تعالى تقع على ذاته؟

__________________

١) سورة التوبة : الآية ٥١.

٢) سورة القدر : الآية ١.


باسمه تعالى الأسماء التي وصف الله تعالى بها نفسه ووردت بها الروايات غير ذاته ، وإنما هي علامات ، والله العالم.

هل الله تعالى فاعل بالذات؟

هل الله تعالى فاعل بالذات؟

باسمه تعالى قد تبين أن الله تعالى منشئ هذا الكون وإنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون ، وقد جرت عادته تعالى على كون أفعاله عن طريق الوسائط من غير حاجة له إليها ، والله العالم.

المقدار الواجب من معرفة الله (عزّ وجلّ)

ما هو القدر الذي يجب على المكلَّف تعلمه من معرفة الحق تبارك وتعالى ، وإذا كان يتوقف على مقدمات فهل يجب عليه تعلمها أو لا؟

باسمه تعالى الواجب على المكلف من المعرفة ما يقنع نفسه به ، هذا في الواجب العيني ، وأمّا الواجب الكفائي بأن يكون أشخاص يتمكنون من إثبات العقائد الحقّة بالأدلة في مقام المخاصمات فيجب على جماعة من المؤمنين القيام بذلك ولو توقف ذلك على تحصيل العلم سنوات ، والله العالم.

الولاية التكوينية

ما هي عقيدة الشيعة في الولاية التكوينية؟

باسمه تعالى إنّ المراد بالولاية التكوينية أنّ نفس الولي بما له من الكمال متصرّف في أُمور التكوين بإذن الله تعالى ، لا على نحو الاستقلال ، وهذا هو ظاهر الآية المباركة (وأُبْرِئُ


الأَكْمَه والأَبْرَصَ وأُحْيِ الْمَوْتى بِإِذْنِ الله) (١) ، وقوله (أَنَا آتِيكَ بِه قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ) (٢) ، حيث نسب الفعل المباشر إلى نفسه.

كما أنّ المراد من الإذن في الآية الإذن التكويني ، بمعنى القدرة المفاضة من قبل الله تعالى ، لا الإذن التشريعي.

وأمّا الآيات النافية كقوله تعالى (قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً ولا ضَرًّا إِلَّا ما شاءَ الله) (٣) فالمقصود بها نفي الاستقلال في التصرّف لا نفي الولاية المعطاة من قبل الله تعالى.

هذا مضافاً إلى أنّ الأولياء لا يتصرّفون في التكوينيات استجابة لكلّ اقتراح يُطرح عليهم ، وإنّما في خصوص الموارد التي شاءت حكمة الله التصرّف فيها لحفظ مصالح التشريع والتكوين.

وبالجملة : فالولاية التكوينية بالمعنى الذي ذكرناه من العقائد الواضحة التي لا مجال للتشكيك فيها عند المتدبّر في الآيات والمتتبّع لحالات الأنبياء والأئمة صلوات الله عليهم أجمعين في الأحاديث والأخبار ، والله الهادي إلى سواء السبيل.

هل يجوز الاعتقاد بالتفويض التكويني للأئمة (عليهم السّلام) وعلى فرضه فهل تكون (الولاية التكوينية) عبارة عن قدرة مودعة في المعصوم أو أنّه (أي المعصوم (عليه السّلام)) يسأل فيُعطى من قبل الله عز وجل؟

باسمه تعالى الاعتقاد بالتفويض باطل ، فإنّ الله بالغ أمره ، والأئمة (عليهم السّلام) وسائط وشفعاء للناس بينهم وبين الله سبحانه وتعالى في مقام استدعاء الحاجات من الله تعالى ، قال

__________________

١) سورة آل عمران : الآية ٤٩.

٢) سورة النمل : الآية ٤٠.

٣) سورة الأعراف : الآية ١٨٨.


تعالى (وابْتَغُوا إِلَيْه الْوَسِيلَةَ) (١) ولا نعرف وسيلة أشرف من النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) والأئمة (عليهم السّلام) ، ولهم الولاية التكوينية كما ثبتت لسائر الأنبياء ، وهم أفضل من سائر الأنبياء ، والحكمة اقتضت ذلك حيث انّهم ربّما يتصرّفون تصرّفاً تكوينياً لدفع كيد من يريد الإساءة للدين وللمسلمين ، وإنّما يمتازون عن سائر الأنبياء من حيث انّ الأنبياء يثبتون نبوّتهم بالمعجزة وخرق العادة ، بخلاف الأئمة (عليهم السّلام) فإنّ إمامتهم ثبتت بتعيين رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) ، وهم باب ابتلي به الناس بعد النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) كما ورد في الزيارة الجامعة ، ولذا قلَّت تصرّفاتهم التكوينية ولم يتصرّفوا باقتراح من الناس ، بل كانوا يفعلون في موارد قليلة لاقتضاء الحكمة والضرورة لإبطال قول مدّعي النبوّة أو الإمامة ، ونحو ذلك ، كما أوضحناه في بعض الاستفتاءات ، والله العالم.

هل يجوز أن نقول : إنّ الله عزّ وجلّ قد فوّض إلى الأئمة (عليهم السّلام) بعض شؤونه؟ وعلى فرض صحّة ذلك القول ، فما هو الفرق بين التفويض الباطل والتفويض الصحيح؟

باسمه تعالى قد ذكرنا أنّ مذهب التفويض باطل ، قال الله تعالى (وابْتَغُوا إِلَيْه الْوَسِيلَةَ) (٢) ، والله العالم.

ما هو حدّ الغلو ، وهل تصحّ عقيدة المؤمن إذا اعتقد أن للأئمة (عليهم السّلام) مقاماً لا يبلغه ملك مقرّب ولا نبيّ مرسل؟ وعموماً إذا اعتقد بالمضامين التي جاءت في الزيارة الجامعة الكبيرة ، وهل يشمل اللعن في قوله تعالى (يَدُ الله مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ ولُعِنُوا بِما قالُوا بَلْ يَداه مَبْسُوطَتانِ) القائلين أنّ الله فوّض إلى الأئمة (عليهم السّلام) الأحكام الشرعية وشؤون الخلق والرزق ، مع إقرارهم وإذعانهم بأنّ كلّ ذلك من الله

__________________

١) سورة المائدة : الآية ٣٥.

٢) سورة المائدة : الآية ٣٥.


سبحانه؟ وعموماً ماذا تعني الولاية التكوينية للأئمة (عليهم السّلام)؟

باسمه تعالى الغلاة هم الذين غلوا في النبي والأئمة أو بعضهم (عليهم السّلام) بأن أخرجوهم عمّا نعتقد في حقّهم من كونهم وسائط ووسائل بين الله وبين خلقه ، وكونهم وسيلة لوصول النعم من الله إليهم ، حيث إنه ببركتهم حلَّت النعم على العباد ، ورفع عنهم الشرور ، قال الله سبحانه (وابْتَغُوا إِلَيْه الْوَسِيلَةَ) ، كأن التزموا بكونهم شركاء لله تعالى في العبودية والخلق والرزق ، أو أنّ الله تعالى حلّ فيهم ، أو أنهم يعلمون الغيب بغير وحي أو إلهام من الله تعالى ، أو القول في الأئمة (عليهم السّلام) أنّهم كانوا أنبياء ، والقول بتناسخ أرواح بعضهم إلى بعض ، أو القول بأنّ معرفتهم تغني عن جميع التكاليف ، وغير ذلك من الأباطيل وعليه فالاعتقاد بأنّ للأئمة مقاماً لا يبلغه ملك مقرّب ولا نبيّ مرسل ما عدا نبيّنا محمد (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) أو الاعتقاد بالمضامين التي جاءت في الزيارة الجامعة الكبيرة بنوعها صحيح ، يوافق عقيدة المؤمن.

وأمّا آية (يَدُ الله مَغْلُولَةٌ) .. فهي ناظرة إلى اليهود ولا تشمل مثل هؤلاء بمدلولها.

وأمّا الولاية التكوينية ، فهي التصرّف التكويني بالمخلوقات سواء كانت إنساناً أو غيره ، ويدلّ عليها آيات ، منها قوله تعالى (وأَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنْ أَلْقِ عَصاكَ فَإِذا هِيَ تَلْقَفُ ما يَأْفِكُونَ. فَوَقَعَ الْحَقُّ وبَطَلَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ. فَغُلِبُوا هُنالِكَ وانْقَلَبُوا صاغِرِينَ) (١) ومنها قوله تعالى (إِذْ قالَ الله يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وعَلى والِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وكَهْلًا وإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتابَ والْحِكْمَةَ والتَّوْراةَ والإِنْجِيلَ وإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيها فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِي وتُبْرِئُ الأَكْمَه والأَبْرَصَ بِإِذْنِي) .. (٢) ، حيث أسند الله الفعل إلى الأنبياء. وغيرها من الآيات.

وبما أنّه لا يحتمل أن يكون ذلك ثابتاً للأنبياء دون نبيّنا (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) فذلك ثابت لنبيّنا

__________________

١) سورة الأعراف ، الآيات ١١٧ ـ ١١٩.

٢) سورة المائدة ، الآية ١١٠.


محمّد (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) ، وقد ثبت أنّ عليّاً (عليه السّلام) نفس النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) بنصّ القرآن ، ولا فرق بين الأئمة (عليهم السّلام). إذن ما ثبت للأنبياء ثبت للنبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) وما ثبت له (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) ثبت للأئمة (عليهم السّلام) إلَّا منصب النبوّة.

نعم ، الفرق بين الأنبياء والأئمة أنّ الأنبياء كانوا يفعلون ذلك لإثبات نبوّتهم بالمعجزة ، وأمّا الأئمّة (عليهم السّلام) فكانوا لا يفعلون ذلك إلَّا في موارد نادرة كما ورد في الأخبار ، وقد كان الناس مكلَّفين بمعرفتهم امتحاناً من الله للأُمّة بعد وفاة الرسول (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) ، حتّى يتميّز من يأخذ بقوله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) ومن لا يأخذ ، ولذا ورد في الزيارة الجامعة أنّهم الباب المبتلى به الناس ، فكيف يظنّ شخص يلتزم بإمامتهم وأنّهم عدل للنبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) إلَّا في منصب النبوّة ، أنه لا يلزم الاعتقاد بالولاية التكوينية لهم (عليهم السّلام) ، مع أنّ الحكمة الإلهية اقتضت أن تكون الولاية التكوينية بأيديهم حتّى يتمكَّنوا من إبطال دعوى من يدّعي النبوّة بعد النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) بالسحر ونحو ذلك ، مما يوجب إضلال الناس ، والله العالم.

كيف توجّهون ما ورد في حقّهم من الروايات في التفويض؟

باسمه تعالى إنّ تفويض التشريع إلى النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) أمر ثابت في الشريعة في الجملة ، وسنن النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) في الدّين أمر معروف ، كتشريعه غسل الجمعة ، وليس التفويض مربوطاً بأمر التكوين ، والثابت في التكوينيّات شفاعة النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) ووساطته ، فإنّ الله سبحانه يقول (وابْتَغُوا إِلَيْه الْوَسِيلَةَ). نعم ، للنبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) معجزة ، يتصرّف في التكوين بإذن الله في موارد خاصّة ، وهذا أمر غير التفويض ، والله العالم.

ما هو أهمّ إشكال على إثبات الولاية التكوينية للمعصوم؟ وهل يمكن التصالح بين المنكرين والمثبتين؟

باسمه تعالى الجواب عن هذا السؤال مذكور في كتاب صراط النجاة ، الجزء الثالث ، رقم السؤال ١٢٢٥ ، صفحة ٤١٩.


معنى الفعل والقوة المنسوبين إلى الصفات والذوات

جاء في العقائد وعلم الكلام : أن الله علمه بالفعل لا بالقوة ، والإنسان علمه بالقوة لا بالفعل ، وكذا الوجود.

والسؤال هو : ما معنى الفعل والقوة التي تنسب الصفات والذوات؟

باسمه تعالى إحاطة الله بالأشياء كلها إحاطة فعلية لا تتوقف على مقدمات ، يقول الله سبحانه (لا يَعْزُبُ عَنْه مِثْقالُ ذَرَّةٍ فِي السَّماواتِ ولا فِي الأَرْضِ) وأما الإنسان فعلمه تحصيلي يتوقف على مقدمات حسية أو حدسية ، ففي النتيجة يكون الإنسان عالماً بالقوة سواء كانت قوة قريبة أو بعيدة ، والتفصيل يحتاج إلى إطالة لا يسعها المقام ، والله العالم.

هل يجوز أن يقول الموالي : إن الإمام المعصوم رزقني الأمر الفلاني ، أو إنه يعلم الغيب من دون أن يقول : بإذن الله ، علماً بأنه ، أي القائل ، يعتقد أن كل ذلك بتفويض من الله عز وجل؟

باسمه تعالى إذا لم يكن اعتقاده بأن الله هو الرازق وإن الإمام (عليه السّلام) واسطة في طلب الرزق الواسع أو المناسب من الله تعالى ، بأن اعتقد أن الإمام هو الرازق لا الواسطة في الفيض ، فالاعتقاد المزبور باطل ؛ فإنه يدخل في التفويض الباطل ، وأما علم الغيب فإنهم يعلمون بقدر ما علمهم الله ، قال الله تعالى (عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِه أَحَداً إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّه يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْه ومِنْ خَلْفِه رَصَداً) ، والله العالم.

القيم الدينية والأخلاقية نسبية أم مطلقة؟

ما هو رأي الشارع المقدّس على المستوي الكلَّي فيمن يرى أنّ القيم السماوية ليست مطلقة بل إنّ هناك حدوداً للقيم تنطلق من واقعية الإنسان في حاجاته الطبيعية في الأرض ، وبعد أن يتحدّث عن استثناءات تشريعية كما في مسألة جواز


الكذب في بعض الموارد ، وحرمة الصدق في بعض آخر يقول : على هذا الأساس فإن القيمة حتى في الأديان نسبية ، القيمة الأخلاقية ، ولهذا يقول الأصوليون : ما من عام إلا وقد خصّ؟

باسمه تعالى إنّ تقييد الأحكام الشرعية ، كحرمة الكذب مثلًا بعدم الإضرار ونحوه ثبوتاً ، أمر لا ربط له بقول الأُصوليين : «ما من عامّ إلَّا وقد خصّ» لأنّ نظر الأصوليين في هذه المقالة لعالم الإثبات والدلالة لا لمقام الثبوت ، فالحكم الشرعي في مقام الثبوت إمّا مطلق من أوّل الأمر وإمّا ضيّق من أوّل الأمر ، ولا يعقل فيه التخصيص والاستثناء ثبوتاً.

وأمّا القيم الدينية والأخلاقية فبعضها نسبي كقبح الكذب وحسن الصدق ، وبعضها مطلق كقبح الظلم وحسن العدل ، والله الهادي للحقّ.

هل الله تعالى هو علة هذا الكون؟

هل الله تعالى هو علة هذا الكون؟

باسمه تعالى الله تعالى هو المنشئ للكون ، وقد يكون الداعي منه هو خلق النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) والأئمة (عليهم السّلام) كما يدل عليه ما ورد في الحديث من قوله تعالى مخاطباً نبيه (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) «لولاك لما خلقت الأفلاك» ، والله العالم.

العلَّة الغائية

هل يصح وصف المعصومين (عليهم السّلام) بأنّهم علَّة فاعلية ومادية وصورية وغائية للخلق ، وما حكم من اعتقد بذلك؟

باسمه تعالى إنّ خلق الدنيا ومن فيها وكذا خلق الآخرة ومن فيها وما فيها كلَّه من فعل الله عزّ وجلّ ومشيئته ، وبما أنّ الله سبحانه وتعالى حكيم لا يخلق شيئاً عبثاً ، فالغرض من خلق الدنيا وما فيها هو أن يعرف الناس ربّهم ، ويصلوا إلى كمالاتهم ، بإطاعة الله سبحانه وتعالى ،


والتقرّب إليه ، وهذا يقتضي اللطف من الله بإرسال الرسل ، وإنزال الكتب ، ونصب الأوصياء والأئمة (عليهم السّلام) ليأخذ الناس منهم سبيل الاهتداء ، وبما أنّ الحكمة هي ما ذكر في الخلق حيث يفصح عنه قوله تعالى (وما خَلَقْتُ الْجِنَّ والإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) ، وبضميمة قوله سبحانه (خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الأَرْضِ جَمِيعاً) يعلم أنّ الغاية من خلق الإنس والجنّ هي خلق الذين يعرفون الله سبحانه ويعبدونه ، ويهتدون بالهدي ، والسابقون على ذلك في علم الله سبحانه الذين يتخذون الحياة الدنيا وسيلة لكسب رضا ربّهم ، والتفاني في رضاه ، هم الأنبياء والأوصياء والأئمة (عليهم السّلام) ، والسابقون في هذه المرتبة هم نبيّنا محمّد والأئمة الأطهار (عليهم السّلام) من بعده. وبذلك يصحّ القول أنّهم علَّة غائية لخلق العباد ، لا بمعنى أنّ الخالق يحتاج إلى الغاية ، بل لأنّ إفاضة فيض الوجود بسبب ما سبق في علمه من أنّهم السابقون الكاملون في الغرض والغاية من الفيض ، والله العالم.

الصراط والميزان حقائق أم رموز؟

ما هو رأي الشارع الكريم فيمن يرى أنّ الصراط أمر رمزي فيقول : إنّ الكلمة لا تعبّر عن شيء مادّي ، فلم يرد في القرآن الحديث عن الصراط إلا بالطريق أو الخطَّ الذي يعبّر عن المنهج الذي يسلكه الإنسان إلى غاياته الخيّرة أو الشريرة في الحياة ، وبذلك يكون الحديث عن الدقّة في تصوير الصراط في الآخرة كناية عن الدقّة في التمييز بين خطَّ الاستقامة وخطَّ الانحراف؟ علماً بأنّ حديث المعصوم (عليهم السّلام) كثير في مجال تشخيص عينيّة الصراط وتجسّمه؟

باسمه تعالى الواجب على المسلم الاعتقاد بالصراط والميزان وغيرها من أُمور الآخرة ، على ما هي عليه في الواقع إجمالًا ، وأنّها حقّ لا ريب فيه ، وأمّا القول بأنّ الصراط أمر رمزيّ فهو قول بغير علم ، بل ظاهر بعض النصوص كون الصراط أمراً عينياً ، والله العالم.


هل لله تعالى علمان؟

هل لله تعالى علمان ، علم قديم وعلم حادث؟

باسمه تعالى ليس علمه تعالى إلا قديماً كقدرته ولا يتوقف العلم بالحوادث على فعليتها ووجودها ، فان التقديرية في الحوادث لا تعني تقديرية العلم بها. نعم ، قد تكون مشيئته تعالى تقديرية وهي التي يعبر عنها بعالم المحو والإثبات ، قال تعالى (يَمْحُوا الله ما يَشاءُ ويُثْبِتُ وعِنْدَه أُمُّ الْكِتابِ) ، والله العالم.

إذا كان لله علم حادث فما هو؟

إذا كان لله علم حادث فما هو؟

باسمه تعالى قد بينا جوابه فيما سبق ، والله العالم.

إحياء الأموات بإذن الله (عزّ وجلّ)

ما رأي سماحتكم في الرواية الواردة في الكافي كتاب الحجّة باب مولد أبي الحسن موسى بن جعفر (عليهم السّلام) والتي فيها إحياء الإمام الكاظم عليه وعلى آبائه السلام لبقرة ميتة؟ وكيف يستقيم ذلك مع العقيدة الإسلامية ، حيث إنّ الله هو المحيي المميت؟

باسمه تعالى إحياؤه يكون بإذن الله تعالى على فرض ثبوت الرواية ، كإحياء النبي عيسى الموتى على نبيّنا وآله وعليه السلام ، والله العالم.

معنى وحدانية العدد

ورد في دعاء الإمام زين العابدين (عليهم السّلام) متضرعاً لله تعالى : «لك يا إلهي وحدانية العدد ، وملكة القدرة الصمد». ما المقصود بوحدانية العدد؟ وهل يتفق ذلك مع


عقيدتنا في الله تعالى؟

باسمه تعالى المراد من وحدانية العدد : الذي لا ثاني له ، حيث إنّ لكل نوع من أنواع الموجودات وحدة العدد يتكرر فإن الله علم بذاته لا ماهية له ؛ لأن الماهية تتكرر بتكرر الموجود ، والله العالم.

مفهوم التوكل

الرجاء ذكر معنى التوكل؟

باسمه تعالى التوكل هو إيكال الأمر إلى الله تعالى بعد تهيئة المقدمات المتمكن منها بحسب العادة ، وإلَّا فلا يكون توكلًا ، والله العالم.

ماهيات الخلق

هل ماهيات الخلق مجعولة (حادثة) أو غير مجعولة (قديمة)؟

باسمه تعالى إن كان المراد من جعل الماهيات إعطاء الوجود لها فالمعطي للوجود هو الله سبحانه وتعالى ، كما هو المعطي الوجود للإنسان وسائر المخلوقات ، وإن كان المراد منها المفاهيم التي تنتزع من الوجود كما ينتزع من الإنسان (حيوان ناطق) فهذا مما انتزعه الناس ولو طائفة منهم ، والتسمية لهذه الماهية باسم هل هي من الله سبحانه أو من الخلق أو بعضها من الله وبعضها من الناس ليس أمراً مرتبطاً بالدين ، فالذي يجب الاعتقاد به أن الخالق لسائر المخلوقات هو الله سبحانه سواء كان الخلق بالواسطة أو بلا واسطة. ثم لا يخفى ان الصورة المثالية ليس من المفاهيم بل هي نحو من الوجود فيكون المعطي لها هو الله سبحانه ، والاعتقاد بأن الإنسان بعد الموت إلى يوم الحشر يكون له صورة مثالية أو يكون له بقاء بنحو آخر لم يكلف الناس الاعتقاد به بل يوكل علمه إلى الله سبحانه هو العالم بما خلق ، كما هو الحال بالإضافة إلى خلق الأرواح قبل الأبدان ، والله العالم.


إذا كانت الماهيات مجعولة (حادثة) ، فأين كانت حين ألقى الله تعالى التكليف عليها؟

باسمه تعالى قد تقدم أمر الماهيات المعروفة وبيّن في محله أن دار التكليف بعد الخلق وتحقق شرائطه ، وأما خلق الأرواح فهو سابق على خلق الأبدان ، والتكليف في عالم الذر كان للأرواح سواء بالصور المثالية أو بغيرها ، وهذا أمر آخر لا يرتبط بالاعتقادات الواجبة ولا يجب معرفتها على الناس ، ويكفي الاعتقاد الإجمالي بعالم الذر على ما هو عليه في الواقع ، والله العالم.

مفهوم (اللَّهمّ لا تمكر بي ..)

ما معنى هذه الفقرة المختارة من أحد الأدعية المستحب قراءتها «اللَّهمّ لا تمكر بي ولا تخدعني ولا تستدرجني ..» ، ما معنى المكر وما معنى الخديعة وما معنى الاستدراج؟ وهل العياذ با لله الله سبحانه يخدع؟!

باسمه تعالى معنى مكر الله سبحانه وخدعته هو جزاؤه الإنسان الماكر والخادع على مكره وخديعته ، كما ورد في الخبر أن الله عزّ وجلّ لا يسخر ولا يستهزئ ولا يمكر ولا يخادع ، ولكنّه عزّ وجلّ يجازيهم جزاء السخريّة وجزاء الاستهزاء وجزاء المكر والخديعة ؛ فمعنى لا تمكر بي ولا تخدعني هو : لا تجزني بمكري ولا بخديعتي.

والاستدراج هو الاستدناء إلى الهلاك ، وفي الخبر عن أبي عبد الله (عليهم السّلام) في قول الله عزّ وجلّ (سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ) ، قال هو العبد يذنب الذنب فتجدّد له النعمة معه تلهيه تلك النعمة عن الاستغفار من ذلك الذنب ، فمعنى (ولا تستدرجني) هو : لا تجعلني ممّن يذنب الذنب ويجدد الله له النعمة فتلهيه تلك النعمة عن الاستغفار.


المراد من (ولا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى)

ذكر البعض : إنّ قوله تعالى (ولا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى) (١) معناه : أنّ الإنسان إذا كان مرضياً مستحقّاً للمغفرة ، فإنّ الله يكرّم نبيّه تكريماً صورياً بقبول شفاعته فيه ، وإذا لم يكن مرضيّاً فلا شفاعة له ، فالشفاعة منصب صوري ، وما ذكره بعض العرفاء من أنّنا لا نملك قابلية الخطاب مع الله تعالى فنتوسّل بالأئمة في ذلك باطل ، بل الحقّ أنّه ليس بيننا وبين الله حجاب.

ما رأيكم في هذه المقالة؟ وهل هي موافقة لعقيدة الشيعة؟

باسمه تعالى المراد من الشفاعة في الآية المباركة (ولا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى) معناها الظاهر ، وهو أن يطلب من صاحب الحقّ الإغماض عن تقصير المقصّر وعدم أخذه به لكرامة الشفيع ووجاهته عند الله ، فإغماضه عن تقصير المقصّر وعدم أخذه به لكرامة الشفيع ووجاهته عنده أمر حسن عند العقل والعقلاء ، وليست الشفاعة بهذا المعنى أمراً صورياً.

وحيث إنّ ظاهر الآية المباركة ما ذكرنا ، فيؤخذ به ولا تُرفع اليد عنه إلَّا بقرينة عقلية أو نقلية ، والعقل لا يرى مانعاً من شمول الرحمة الإلهية للعصاة بواسطة شفاعة الأنبياء والأئمة (عليهم السّلام) تكريماً لهم لمقامهم عند الله تعالى وبذل أعمارهم الشريفة في نشر الدّين وإبلاغ أحكامه وإعلاء كلمته ، ولا مانع عقلًا من قبول الشفاعة بل مطلق العفو على نحو التفضّل لا على نحو الاستحقاق.

كما أنّ المراد بمن ارتضى في الآية هو ارتضاء دينه ، فلا يعمّ العفو المشرك لقوله تعالى (إِنَّ الله لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِه) (٢) وليس المراد بالارتضاء استحقاق دخول الجنّة

__________________

١) سورة الأنبياء : الآية ٢٨.

٢) سورة النساء : الآية ٤٨.


كما ذُكر في السؤال.

وأمّا النقل ، فالروايات الواردة في شفاعة النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) والأئمة (عليهم السّلام) كثيرة ، بل هي متواترة فلا مجال للنقاش فيها ، وهذه هي عقيدة الشيعة المستفادة من الآيات والأخبار الشريفة ، وخلافها خروج عن عقيدة الشيعة.

(مَا الله يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبادِ)

عقيدتنا في الله أنه غير ظالم بل عادل ، وبصريح الآية المباركة (ومَا الله يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبادِ) ، إذن : ما ذنب ابن الزنا لكي لا يجوز أن يصبح إمام جمعة أو جماعة؟

باسمه تعالى عدم إعطاء منصب الإمامة لا يكون ظلماً ، بل للمصلحة الدينية ، فإنها منصب شرعي ، فالأنسب أن لا يتصدى لها من عليه مهانة عند الناس ، والله العالم.

مفهوم (المؤمن ينظر بنور الله)

ما معنى الحديث القائل : «المؤمن ينظر بنور الله»؟ وكيف ينظر بنور الله؟

باسمه تعالى المقصود به أن الله يفتح أمامه أبواب الرحمة ويسدده في سيره كما هو مضمون قوله تعالى (ومَنْ يُؤْمِنْ بِالله يَهْدِ قَلْبَه والله بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) ، والله العالم.

(لولاك لما خلقت الأفلاك ..)

جاء في الحديث : «لولاك يا محمد ما خلقت الأفلاك ، ولو لا عليّ ما خلقتك ، ولو لا فاطمة ما خلقتكما» ، كيف نوجّه هذا الحديث؟

باسمه تعالى المراد مما ذكرتم أنه لو كان في علم الله سبحانه عدم وجود هذه السلسلة من الذوات المقدسة الطاهرة المطهرة (عليهم السّلام) لما خلق الله العالم على ما في الخبر ، وكان الأمر كما كان قبل العالم ، والله العالم.


مفهوم الحديث (من أخّر الصلاة بدون عذر)

بالنسبة لتأخير الصلاة عن وقتها هناك حديث للرسول (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) يقول : «من أخّر الصلاة عن وقتها بدون عذر فقد حبط عمله» فما معنى هذا الحديث؟ هل معناه : انه لا خير في كل عمل خيرٍ فعله في ذلك اليوم؟

باسمه تعالى معنى هذا الحديث أن من أخّر الصلاة عمداً عن وقتها حتّى أصبحت قضاءً ، فإن ذلك غير جائز ولا يتدارك وزره بعمل خير آخر ، والله العالم.

مفهوم (قالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي ولأَخِي)

ما هو رأي علماء المذهب بالمقولة التالية المتعلَّقة بالحديث عن آية (قالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي ولأَخِي) (١)؟ وما هو حكم من يقول بها؟ وهذه العبارة هي : «ولكنّنا قد لا نجد مثل هذه الأُمور ضارّة بمستوي العصمة ، لأنّنا لا نفهم المبدأ بالطريقة الغيبية التي تمنع الإنسان مثل هذه الأخطاء في تقدير الأُمور ، بل كلّ ما هنالك أنّه لا يعصي الله في ما يعتقد أنّه معصية ، أمّا أنّه لا يتصرّف تصرّفاً خاطئاً يعتقد أنّه صحيح مشروع ، فهذا ما لم نجد دليلًا عليه ، بل ربّما نلاحظ في هذا المجال أنّ أسلوب القرآن في الحديث عن حياة الأنبياء ، ونقاط ضعفهم يؤكَّد القول بأنّ الرسالية لا تتنافى مع بعض نقاط الضعف البشري من حيث الخطأ في تقدير الأُمور».

باسمه تعالى إنّ الخطأ في تقدير الأُمور مع الاعتقاد بالصحّة ليس موجباً للمعصية حتّى يكون مورداً لطلب الغفران ، مع أنّ الآية المباركة صرّحت بطلب الغفران ، مما يدلّ على أنّ موردها أمر لا ربط له بالخطإ في تقدير الأُمور ، بل المراد بالآية المباركة هو صدور بعض الأُمور التي لا تتناسب مع مقام النبي ، كفرار يونس (عليه السّلام) من قومه ، وإن لم تكن مخالفة لنهي

__________________

١) سورة الأعراف : الآية ١٥١.


صادر من الله تعالى ، فيكون صدورها موجباً لطلب الغفران من الله تعالى من باب أنّ حسنات الأبرار سيّئات المقرّبين. وأمّا ما ذكر في السؤال فهو فاسد ، لأنّنا لو جوّزنا على النبيّ الخطأ في تقدير الأُمور لم يحصل الوثوق بأوامره ونواهيه لجواز خطئه في إصدار الأمر عن الله تعالى مع عدم صدوره واقعاً ، ولا يسع المقام للتفصيل بأكثر من المذكور ، والله العالم.

مفهوم آية أُولي الأمر

ما هو رأيكم الشريف في من يقول معلَّقاً على آية أُولي الأمر (النساء : ٩٥) في معرض تعقيبه على رأي (علماء الإمامية) الذين قالوا : «إنّ المراد بهم الأئمة الاثنا عشر المعصومون» ، قال : إنّ الأمر بالطاعة لا يفرض دائماً عصمة الشخص المطاع ، بل ربّما يكون وارداً في مجال تأكيد حجية قوله ، كما في الكثير من وسائل الإثبات التي أمرنا الله ورسوله بالعمل بها والسير عليها ، في الوقت الذي لا نستطيع تأكيد أنّها تثبت الحقيقة بشكل مطلق ، وكما في الكثير من الأحاديث التي دلَّت على الرجوع إلى الفقهاء الذين قد يخطئون وقد يصيبون في فهمهم للحكم الشرعي ، وذلك انطلاقاً من ملاحظة التوازن بين النتائج الإيجابية التي تترتّب على الاتّباع لهم ، وبين النتائج السلبية. وفي ضوء هذا فإنّنا لا نستطيع اعتبار الأمر بالطاعة دليلًا على تعيين المراد من أُولي الأمر بالمعصومين ، بعيداً عن الأحاديث الواردة في هذا المجال ..

ثمّ قال : إنّ من الممكن السير مع الأحاديث التي تنصّ على أنّ المراد من أُولي الأمر الأئمة المعصومون مع الالتزام بسعة المفهوم ، وذلك على أساس الأسلوب الذي جرت عليه أحاديث أئمة أهل البيت (عليهم السّلام) في الإشارة إلى التطبيق بعنوان التفسير ، للتأكيد على حركة القرآن المستقبلية في القضايا الفكرية والعملية الممتدة بامتداد الحياة .. إلخ.


باسمه تعالى إنّ الأمر الوارد في اتباع الفقهاء والعلماء والأخذ بحديث الثقات من الرواة أمر إرشادي لحجّية قولهم كما قرّر في علم الأُصول ، فلا بدّ من تقييده عقلًا بصورة عدم العلم بمخالفته للواقع ، فإنّ جُعل شيء طريقاً للواقع إنّما هو في فرض احتمال مطابقته للواقع.

وأمّا الأمر المذكور في الآية فهو أمر مولوي نفسي ، وحيث إنّه لا يعقل إطلاق الأمر وشموله لصورة أمر النبي وأُولي الأمر (عليهم السّلام) بما فيه مخالفة لأمر الله تعالى ، فلا محالة يكون مقتضى الإطلاق في الأمر بإطاعة النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) وأُولي الأمر هو عصمة الشخص المطاع مطلقاً ، فيكون المراد بأُولى الأمر الأئمة المعصومين (عليهم السّلام). ويؤكَّده قرن الأمر بطاعتهم بالأمر بطاعة الله ورسوله ، والله الهادي إلى سواء السبيل.

مفهوم الآية (عَبَسَ وتَوَلَّى)

ما هو رأيكم الشريف بمقولة من يرى أنّ آية (عَبَسَ وتَوَلَّى) نزلت بمناسبة عبوس الرسول (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) وإعراضه عند مجيء عبد الله بن أم مكتوم؟

باسمه تعالى المروي عن الأئمة (عليهم السّلام) نزول الآية المذكورة في رجل كان في مجلس النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) والآية المباركة عتاب ولوم لذلك الرجل الحاضر في مجلس النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) ، ومما يؤكَّد ذلك اشتمال السورة على مضامين لا تتناسب مع حديث القرآن الكريم عن شخصيّة النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) فمثلًا قوله تعالى (أَمَّا مَنِ اسْتَغْنى فَأَنْتَ لَه تَصَدَّى وما عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى) ظاهر في أنّ المقصود بهذه الآيات شخص من دأبه التصدّي للأغنياء وإعراضه عن الفقراء وعدم الاهتمام بتزكيتهم ، وهذا مخالف صريح لقوله تعالى عن النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِه ويُزَكِّيهِمْ ويُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ والْحِكْمَةَ وإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ) (١) ، وكذلك قوله تعالى (وأَمَّا مَنْ جاءَكَ يَسْعى وهُوَ يَخْشى فَأَنْتَ عَنْه

__________________

١) سورة الجمعة : الآية ٢.


تَلَهَّى) ظاهر في أنّ الشخص المعهود من طبعه الصدود والإعراض عن المؤمنين وهو مخالف صريح لقوله تعالى حديثاً عن النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) (لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْه ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ) ، بل لازم صدور الصدود من النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) عن المؤمنين هو المعصية لأنّه مأمور باستقبالهم والتواضع لهم في قوله تعالى (واخْفِضْ جَناحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ).

مفهوم الآية (ولَقَدْ هَمَّتْ بِه وهَمَّ بِها)

إذا نظرت إلى امرأة بشوق وميل نفسي ، فهل هذا جائز لي أو لا؟ إذا كان الجواب أنّه لا يجوز لي ذلك ، فكيف لنا أن نجوزه للنبي المعصوم (عليه السّلام) ، كما حاول بعضهم تفسير ما ورد في حق النبي يوسف (عليه السّلام) بذلك في الآية المباركة (ولَقَدْ هَمَّتْ بِه وهَمَّ بِها)؟ هل المقصود من الشوق والميل النفسي الوارد في النص المتقدم هو النظر بشهوة وريبة أم ماذا؟

باسمه تعالى معتقد الإمامية أنّ العصمة هي أن يكون لدى النبيّ أو الإمام حد من العلم بعواقب المعصية وأثرها السيئ بحيث يمتنع عن فعلها ولا يرغب فيها ولا يميل إليها أصلًا مع قدرته على ارتكابها ؛ فمثلًا الإنسان العادي إذا أدرك إضرار شرب البول فإنّه كما يمتنع عنه باختياره فكذلك يعرض عنه إعراضاً تاماً بحيث لا يميل ولا يرغب فيه ، لعلمه بخبثه وقذارته مع قدرته على شربه ، وكذلك العصمة ، فإنّ المعصوم كما أنّه لا يقدم على المعصية فإنّه لا تنقدح في نفسه الشريفة رغبة فيها ولا ميل إليها ؛ لعلمه بخبثها وقذارتها. وأمّا المقصود بقوله تعالى (ولَقَدْ هَمَّتْ بِه وهَمَّ بِها لَوْ لا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّه) فهو أنّ الإغراء الَّذي حصل ليوسف (عليه السّلام) مقتضٍ للميل والهم والرغبة ، إلا أنّ يوسف (عليهم السّلام) لمّا كان متحلياً بنور العصمة ومطَّلعاً على برهان ربّه من أول أمره ، لم يقدم على المعصية ولم يقع في نفسه همّ ولا ميل إليها ؛ لأنّ أصل الهم كان معلقاً على عدم رؤية برهان ربّه الذي هو نور العصمة ، والله الهادي للصواب.


العرش ومفهوم آية (الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى)

ما هو الرد على هذه الشبهة في تفسير آية (الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى)؟ هناك من يقول استوى بمعنى استولى وهيمن ، فهل ذلك يعني (خَلَقَ السَّماواتِ والأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ) ، أي : استولى أو هيمن على العرش بعد أن خلق السماوات والأرض ، أي أن العرش موجود من قبل؟

باسمه تعالى العرش كناية عن مركز الإرادة والمشيئة الإلهية ، والمشيئة من صفات الفعل المتعلق بمخلوقات السماوات والأرض ، فلا وجود لها قبل خلق السماوات والأرض ، والله العالم.

حديث الخيط الأصفر وحديث النورانية

هل حديث الخيط الأصفر وحديث النورانية المرويان في البحار صحيحان؟

باسمه تعالى على فرض صحتهما لهما تأويلات لا يسع المقام للتعرض لها ، وليس الاعتقاد بهما من الأمور الواجبة ، والله العالم.

الحديث القدسي

ما هو الحديث القدسي؟ هل هو كلام الله سبحانه وتعالى ، أو كلام الرسول محمد (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم)؟ وهل يجب الالتزام به والأخذ بأوامره ونواهيه؟

باسمه تعالى ليس الحديث القدسي من القرآن؟ ولم يثبت له سند أنه من كلام الله أو من كلام النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم)؟ ولكن عمدة ما ورد فيه مطابق لحكمة العقل من المواعظ والأخلاقيات ، والله العالم.

زيارة الناحية

ما رأيكم الشريف في زيارة الناحية المقدسة سنداً؟


باسمه تعالى هي من الزيارات المشهورة المعروفة لدى الشيعة ، والله العالم.

سند حديث الكساء

هل ثبت لديكم صحّة سند حديث الكساء؟

باسمه تعالى حديث الكساء مشهور ، والثواب المنقول يعطى للقارئ والمتوسل بقراءته ، ومن ورد في حقهم الحديث إلى الله سبحانه وتعالى عند الحاجات ، والله العالم.

دعاء التوسل

هل دعاء التوسل وارد عن أهل البيت (عليهم السّلام)؟

باسمه تعالى دعاء التوسل لا يحتاج إلى السند ؛ فإن مضامينه التوسل بالأئمة (عليهم السّلام) الذي يدخل في قوله سبحانه وتعالى (وابْتَغُوا إِلَيْه الْوَسِيلَةَ) ، ولا نعرف وسيلة غيرهم وغير من يتعلَّق بهم ، ومع ذلك فالمحكي عن المجلسي (رحمه الله) أنّه مرويّ عن الأئمة (عليهم السّلام) ، مضافاً إلى ذلك أنه دعاء مجرّب لا ينبغي التردّد فيه ، والله العالم.

خطبة البيان وخطبة التطنجية

هل خطبة البيان والخطبة التطنجية صحيحتان؟

باسمه تعالى الخطبتان غير ثابتتين بطريق معتبر وإن كانتا تشتملان على أمور ومطالب ومضامين وردت في بعض الروايات ، والله العالم.

أسئلة في الأدعية ومفاهيمها

يرجى بيان معنى العبارة الآتية التي وردت في دعاء رجب : «.. أسألك بما نطق فيهم من مشيّتك فجعلتهم معادن لكلماتك وأركاناً لتوحيدك وآياتك ومقاماتك التي لا تعطيل لها في كلّ مكان ، يعرفك بها من عرفك ، لا فرق بينك وبينها إلَّا أنّهم


عبادك وخلقك».

باسمه تعالى الضمير في (بينها) في قوله (لا فرق بينك وبينها) يعود إلى آياتك ، المراد منها الأئمة (عليهم السّلام) ، ومنه يتّضح عود الضمير في قوله (إلَّا أنّهم عبادك) فالمراد بهم الأئمة (عليهم السّلام) ، وأمّا قوله : «أسألك بما نطق فيهم من مشيّتك» فهو إشارة إلى كلمته سبحانه وتعالى التي عبّر عنها في كتابه العزيز بقوله (إِنَّما أَمْرُه إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَه كُنْ فَيَكُونُ) ، ويدخل في ذلك ما ذكره سبحانه وتعالى في آية التطهير ، وفيها دلالة واضحة على أنّ ما امتاز به الأئمة (عليهم السّلام) عن سائر الناس ليس أمراً كسبياً ، بل هو أمر مما تعلَّقت به مشيئة الله تعالى ، كما هو ظاهر آية التطهير أيضاً. نعم ، تعلَّق المشيئة مسبوق بعلمه سبحانه بأنّهم يمتازون عن سائر الناس أيضاً في إطاعتهم لله سبحانه وتعالى حتّى لو لم يعطهم ما تعلَّقت به مشيئته كما ورد في دعاء الندبة ، والله العالم.

دعاء أيام رجب

قال الإمام الحجة في دعاء أيام رجب : «وأركاناً لتوحيدك وآياتك ومقاماتك التي لا تعطيل لها في كل مكان يعرفك بها من عرفك ، لا فرق بينك وبينها إلَّا أنهم عبادك وخلقك». ما هذه العلامات؟ ما معنى لا فرق بينك وبينها؟

باسمه تعالى كل شيء من فضلهم وعظمتهم مطوي في كلمة (عبادك) كما أن عظمة الله سبحانه وتعالى وجلاله مطوية في هذه الكلمة قال الله تعالى (عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ) فعطاؤهم (عليهم السّلام) من عطائه تعالى أي بإذنه إذناً تكوينياً لا تشريعياً ، كما هو الحال في قصة عيسى (عليه السّلام) (وإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيها فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِي) ، وقال تعالى (هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ) ، والله العالم.

عند الاستماع إلى الأدعية كدعاء كميل مثلًا ، فهل الاستماع كقراءة الدعاء؟

باسمه تعالى الاستماع للدعاء عمل حسن وقراءته أفضل وأكمل ، والله العالم.


كيف توجهون قول الإمام (عليه السّلام) في الدعاء : «اللَّهمّ إنّي أسألك من عزّتك بأعزّها وكلّ عزّتك عزيزة ، اللَّهمّ إنّي أسألك من رحمتك بأوسعها وكل رحمتك واسعة» وغيرها ، ممّا يشعر ظاهراً بوجود تفاوت في الصفات المقدسة؟

باسمه تعالى الاختلاف في صفات الذات كالعلم والقدرة ونحوهما إنّما هو بالاعتبار ، وإلَّا فهي في الحقيقة متحدة ، وأمّا صفات الأفعال كالخلق والرزق والرحمة فهي مختلفة لاختلاف متعلقاتها ، كما أنّها تتفاوت بلحاظ سعة المتعلق وضيقه أو قابليته ، والله العالم.

ما هو رأيكم الشريف بدعاء الفرج المبارك الذي فيه العبارة القائلة : «يا محمد يا علي يا علي يا محمد اكفياني فإنكما كافيان ..»؟

باسمه تعالى لا بأس بذلك لأنّه من باب التوسل بأهل البيت (عليهم السّلام) وهم الوسيلة إلى الله تعالى ، والله العالم.

تعودنا من خلال التزامنا بمحبة أهل البيت (عليهم السّلام) على إقامة الشعائر الدينية من احتفالات المواليد أو إقامة مجالس التعزية على أرواحهم الطاهرة ، والملاحظ أن الخطباء يبدؤون قراءتهم دائماً بقولهم : «يا ليتنا كنا معكم فنفوز والله فوزاً عظيماً ..». وكما هو معروف فإن ليت أداة تمنٍّ ، والسؤال : هل حاجز البعد الزماني بيننا وبين الإمام الحسين (عليه السّلام) عذر كافٍ لعدم النصرة؟ أم أننا ما زلنا مكلفين شرعياً بالنصرة؟ وكيف يمكننا أداء هذا التكليف ونحن في هذا العصر؟

باسمه تعالى الكل مكلف بالنصرة وفي كل زمان ، إلَّا أن النصرة في زمانه (عليه السّلام) كانت بنحو يختلف عن النصرة له (عليه السّلام) في زماننا هذا ، فإن نصرة الإمام الحسين (عليه السّلام) في زماننا هذا عبارة عن ذكر جهاده وتبليغ ظلامته بكل وسيلة من وسائل التبليغ ، فإن الدين أعز من كل شيء ، فقد بذل الأنبياء والأئمة (عليهم السّلام) أنفسهم الطاهرة الزكية في سبيل بقائه. نعم المرتبة الخاصة للشهداء مع الحسين (عليه السّلام) لا نصل إليها ، ولذلك نتمنى أن نكون معهم لنصل إلى بعض ثواب


أعمالهم. وفقنا الله وإياكم لهذه النصرة إنه سميع مجيب.

الدليل على نبوة آدم (عليه السلام)

تفضل علينا بذكر الأدلة من القرآن أو السنة التي تدل على نبوة آدم (عليهم السّلام) ، فقد بدأ التشكيك في ذلك هنا من بعضهم مستنداً إلى قوله تعالى (كانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً فَبَعَثَ الله النَّبِيِّينَ) ، ويقول بأن هذه الآية تنفي نبوة آدم (عليه السّلام) ، وأما الروايات الدالة على نبوته فقد رماها بالضعف بقوله إنها إسرائيليات.

باسمه تعالى الأدلة على نبوته كثيرة ، ومما يدلّ عليها صريحاً معتبرة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (عليه السّلام) قال : «لما مات آدم (عليه السّلام) فبلغ إلى الصلاة عليه فقال هبة الله لجبرائيل (عليه السّلام) : تقدم يا رسول الله فصلِّ على نبي الله. فقال جبرائيل (عليه السّلام) إن الله أمرنا بالسجود لأبيك فلسنا نتقدم على أبرار ولده وأنت من أبرّهم ، فتقدم فكبر عليه خمساً. الحديث ..» ، والله العالم.

قال الله تعالى (يا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطانُ كَما أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ) فإذا كان آدم (عليه السّلام) من المخلصين ، فكيف استطاع الشيطان أن يؤثر عليه مع أنّه قد نفي تأثيره على المخلصين بقوله (إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ! فإذا قيل إنّ الشيطان لم يؤثر عليه ، فكيف تؤول هذه الآية؟

باسمه تعالى إنّ آدم (عليه السّلام) على ما في الرواية بعد هبوطه إلى الأرض ندم وبكى قرابة مائة سنة ، وتوسل إلى الله سبحانه وتعالى بحرمة الأئمة المعصومين ، وبما أنّ الله سبحانه وتعالى كان عالماً أنّه إذا نزل إلى الأرض سيكون نادماً خاضعاً مقبلًا على ربه وبذلك يمتاز عن سائر الناس أعطاه العصمة كسائر الأنبياء على ما قرّرناه في أجوبة بعض الاستفتاءات ، مضافاً إلى ذلك أنّ نهيه سبحانه وتعالى لم يكن تكليفاً بل إرشاداً إلى أن لا يظلم نفسه بإخراجه من الجنة ، حيث إن قربه من الشجرة يوجب إخراجه من الجنّة إلى الدنيا والدنيا ، دار التكليف والامتحان للإنسان ، والله العالم.


خلق آدم (عليه السلام)

ما المراد بالحديث المروي : «إن الله خلق آدم (عليه السّلام) على صورته»؟

باسمه تعالى أي خلقه على طبق مشيئته ، أي على الصورة التي اختارها واجتباها. والرواية ضعيفة بعبد الله بن بحر حيث إنّه لم يوثق في الرجال. وعلى الجملة الإضافة كإضافة الروح إلى نفسه (ونَفَخْتُ فِيه مِنْ رُوحِي) ، والله العالم.

كيف نفهم دعوة الأنبياء إلى الدنيا؟

جاء في كتاب الآداب المعنوية للصلاة الفقرة التالية : «إن الذين يظنون أن لدعوة النبي الخاتم والرسول الهاشمي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) جهتين دنيوية وأخروية ، ويحسبون هذا فخراً لصاحب الشريعة وكمالًا لنبوّته ، هؤلاء ليس عندهم معرفة بالدين ، وهم عن مقصد النبوة ودعوتها غافلون .. إن الدعوة للدنيا خارجة عن مقصد الأنبياء العظام بالكلية ، ويكفي في الدعوة إلى الدنيا حس الشهوة والغضب والشيطان الباطن والظاهر ، ولا يحتاج إلى بعث الرسل. إن إدارة الشهوة والغضب لا تحتاج إلى القرآن والنبي ، وإنما بُعث الأنبياء لينهوا الناس عن التوجه إلى الدنيا ، وهم عند ما يقيدون إطلاق الشهوة والغضب ويدعون لكبح جماحها إنما يحددون موارد المنافع ، فيظن الغافل أنهم يدعون إلى الدنيا. الأنبياء يصدون عن طريق إطلاق الشهوات ويحددون قنواتها لا انهم يدعون إليها. إن روح الدعوة إلى التجارة المشروعة هي تقييد عن مطلق الكسب ، وروح الدعوة إلى أكل المباحات هي نهي وصد عن أكل كل ما تشتهيه النفس ، وروح الدعوة إلى النكاح (الشرعي) هي تقييد وحد أيضاً ، نعم إنهم ليسوا معارضين ومانعين لهذه الأُمور على نحو الإطلاق ، فإن هذه المعارضة مخالفة للنظام الأتم».

هناك من العلماء من يرى أن الإسلام دين ودنيا ، وأن النظرة الأولى تنتهي إلى


الرهبنة وانتظار الموت وتوقف عجلة الحياة وتخلف المسلمين عن ركب الحضارة ، خصوصاً وأن في الأحكام الشرعية والمفاهيم الإسلامية ما يدعو للجمع بينهما ، فما هو رأي سماحتكم؟

باسمه تعالى إن الدنيا خُلقت داراً للامتحان والابتلاء ، وأما بعث الأنبياء وإرسال الرسل فلبيان التكاليف والوظائف لامتحان العبد ، يقول الله سبحانه وتعالى (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ والْحَياةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ). ومن المعلوم أن امتحان العباد بالنسبة إلى متطلبات نفس الإنسان ، أي شهوته وغضبه وما هو لوازم الحياة من الطعام والشراب ، يكون في رعاية التقييدات والتحديدات الواردة من الله سبحانه وتعالى بواسطة الأنبياء ، بخلاف الأفعال التي لا تكون راجعة إلى متطلبات النفس ومقتضيات جهالتها كالعبادات ، فالامتحان فيها في نفس العمل بتلك العبادات بخلاف المأكولات والمشروبات ومتطلبات النفس ، فإن امتحان العباد في رعاية التقييدات الواردة فيها. وبهذه الجهة يمكن أن يكون من أهداف بعث الأنبياء تدارك أمر العباد في عقبى الدار ، ومن يقول إن الدين الإسلامي راجع إلى إصلاح الدنيا والآخرة نظره أيضاً أن في بعض هذه التقييدات أو أكثرها مصالح راجعة إلى دنيا العباد ، كالنهي عن الزنا والسرقة والأمر بالعدل إذا حكمتم والأمر بموجب التكسب للإنفاق على العيال ونحو ذلك. وفي ظني أن التعبيرات الواردة في المقام ترجع إلى ما ذكرناه ، والله العالم.

النّبي (صلَّى الله عليه وآله) طلب التخفيف في الصلاة عن الأمة

ما رأيكم في الرواية التي يذكرها (القمّي) في تفسيره ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد الله (عليه السّلام) ، والتي تذكر أنّ النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) في انحداره ليلة المعراج مرّ على الكليم (عليه السّلام) فسأله عمّا فرض الله تعالى على أُمّته ، فأجابه خمسون صلاة ، فقال : إنّ أُمّتك لا تقدر عليها ، فارجع إلى ربّك .. فرجع إلى


ربّه حتّى بلغ سدرة المنتهي .. إلى آخر الرواية ، هل هي معتبرة من جهة الدلالة أو لا؟

باسمه تعالى الرواية بحسب السند لا بأس بها ، فقد رواها الصدوق في (الفقيه) أيضاً ، وقد ورد في بعض الروايات أنّ النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) طلب من ربّه تخفيف الصلاة عن الأُمّة ، فخفّفها الله سبحانه إلى عشر ركعات ، ثمّ أضاف إليها النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) سبع ركعات. وطلبه هذا الأمر من ربّه إنما هو لإشفاقه على الأُمّة ، وإجابة ربّه إليه (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) إنما هو كرامة له ، كما ورد في بعض النصوص أنّ الله عز وجل فرض عشر ركعات ، وفوّض أمر الزيادة على العشر ركعات إلى النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم).

ملك الموت ومفهوم الاستئذان من النبي والإمام (عليهم السلام)

هناك بعض الروايات الواردة تدلّ على أنّ ملك الموت (عليه السّلام) يستأذن النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) وأمير المؤمنين (عليه السّلام) في قبض روحيهما ، فهل ذلك صحيح؟ وكيف يستقيم ذلك مع عقيدتنا في أنّ الملائكة لا يعصون الله في أمر وأنّهم يفعلون ما يؤمرون (يَخافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ويَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ) (١).

باسمه تعالى لا منافاة في ذلك ؛ فإنّهم لو أمروا بالقبض بعد الاستئذان من صاحب الروح ، يعصون الله في هذا الأمر ولا يقبضون قبل الاستئذان ، والله العالم.

قرب الرسل في المعراج

ورد في الدعاء : «فسويت السماء منزلًا رضيته لجلالك ووقارك وعزّتك وسلطانك ثم سكنتهما ليس فيهما غيرك». دعاء ليلة السبت ضياء الصالحين.

وورد في قصة المعراج ما مضمونه لا تتركني يا أخي جبرائيل ، قال لو اقتربت لاحترقت.

__________________

١) سورة النحل : الآية ٥٠.


هل تواجد الله في السماء غير تواجده في الأرض ، وكيف كان قرب الرسل في المعراج أقرب إلى الله منه في الأرض ، حتى إن جبرائيل لو اقترب احترق؟ كيف نوجّه ظاهر هذا الحديث؟

باسمه تعالى هذه مقامات خاصة للأنبياء والملائكة (عليهم السّلام) فكل له مقام خاص لا يتجاوزه ، وليس المراد من الاقتراب القرب المكاني منه سبحانه وتعالى وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله كما في الآية الشريفة ، والله العالم.

آباء النبي (صلَّى الله عليه وآله) كانوا موحدين

هل دلالة قوله تعالى (وتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ) تامّة في أنّ آباء النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) كانوا كلَّهم موحّدين أم لا؟

باسمه تعالى من عموم الساجدين في الآية المباركة يُستفاد أنّ آباء الرسول (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) كانوا كلَّهم موحّدين ، والله العالم.

النبي (صلَّى الله عليه وآله) قبل الوحي

هل كان النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) أمياً قبل نزول الوحي عليه؟ وإذا كان كذلك ألا يعتبر نقصاً فيه فينافي كونه معصوماً؟

باسمه تعالى نعم الرسول الأكرم كان أُمياً كما يحكي عن ذلك قوله سبحانه (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَه مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ والإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ويَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ) ، ولا تنافي بين العصمة والأمية ؛ لأنّ العصمة هي كون الشخص بحيث لا ينقدح في نفسه الزكية الميل إلى ارتكاب الحرام والاستمرار على المكروه أو ترك الوظيفة الشرعية ، ولازم ذلك علمه بالوظائف والوقائع وأحكامها من الحل والحرمة والواجب وغيره ، والأمية لا تلازم الجهل بالوقائع وأحكامها ، وكان النبي عالماً


بذلك بطريق الوحي والإلهام والكتاب المنزل إليه الذي وصفه الله بالنور الذي أنزله معه ، والمصلحة الكامنة في أُميته (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) تفوق كل مصلحة في خلافها ، وذلك لأنه لو لم يكن أمياً لأوهم شياطين زمانه من الكفار الناس بأن الكتاب الذي يدعي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) أنه وحي منزل هو تأليف نفسه ، وقد فات عنهم هذه الوسيلة ، ولذا اختاروا الإغواء بافتراء آخر فقالوا : إن الكتاب يعلمه الغير ، وينظر إلى ذلك بالرد على الافتراء والإغواء قوله سبحانه (ولَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّما يُعَلِّمُه بَشَرٌ لِسانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْه أَعْجَمِيٌّ وهذا لِسانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ). نحمد الله الذي أعطى كل شيء حقه ، وأكمل الحجة على أهل العصور المتتالية بالكتاب المنزل مع نبيه (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) ليكون معجزة خالدة لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، والله العالم.

فضل الرسول (صلَّى الله عليه وآله) على الأنبياء (عليهم السلام)

ما يقول سماحتكم وقد طولبنا بالأدلة القاطعة والبراهين الساطعة على إثبات أن خاتم النبيين محمداً (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) هو أفضل الأنبياء والمرسلين على الإطلاق ومن جميع الجهات ، وأن ما ثبت لأهل بيته الميامين ما عدا النبوة من أنهم أفضل من سائر الأنبياء والمرسلين ، علماً بأنّ مبلغنا من العلم هو مجموعة من الروايات التي لا يقتنع بها خصومنا من جهة ، وعدم وثوقنا بقوة سندها من جهة أخرى؟

باسمه تعالى يدل على كونه (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) أشرف الأنبياء (عليهم السّلام) بقدومه آخر الأمر ، قال الله سبحانه في كتابه المجيد (وإِذْ قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يا بَنِي إِسْرائِيلَ إِنِّي رَسُولُ الله إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْراةِ ومُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُه أَحْمَدُ) .. إلى آخر الآية الشريفة ، ولو لم يكن المبشر به أرقى وأشرف لم يكن وجه للبشارة ، والبشارة إنما تكون إذا كان المترقب أشرف وأفضل كما لا يخفى ، وإن رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) قد أتعب نفسه الشريفة في رسالته وعمل بأكثر مما كلَّف به كما يدل على ذلك قوله تعالى (طه ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ


لِتَشْقى) ، ولم يرد في حق سائر الأنبياء أنهم أتعبوا أنفسهم وعملوا بأكثر مما كلفوا به ، بل يظهر من بعض الأنبياء أنه كان يعتذر من بعض ما كلف به ، ويكفي لمن له قلب بصير أن يتيقن ويجزم بأن نبينا محمداً (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) أشرف الأنبياء. ولاحظوا أيضاً هذه النكتة وهي أن الكتاب المجيد نزل لجلب الناس إلى دين الحق ولو وقع التصريح في القرآن بأن النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) أفضل الأنبياء ربّما كان هذا منافياً للغرض مثل تبعيد النصارى عن المسلمين ، وأيضاً أن آية المباهلة دلت على أن علياً (عليه السّلام) نفس النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) ولا فرق بين الأئمة (عليهم السّلام) كلَّهم نور واحد. نعم ، ليس لعلي (عليه السّلام) ولسائر الأئمة (عليهم السّلام) منصب الرسالة ، وبذلك كان النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) أفضل من علي (عليه السّلام) ، والمراد من الرسالة في جوابنا هو الرسالة لنبينا (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) الكاملة الخالدة ، وإلَّا مجرد مقام الرسالة والنبوة لا يوجب التقدم على منصب الإمامة ، والله العالم.

نفي السهو عن النبي (صلَّى الله عليه وآله)

جاء في الجزء الأول من صراط النجاة (ص ٤٦٢) في الجواب عن المسألة رقم (١٢٩٤) نقلًا عن السيد الخوئي (قدّس سرّه) : «القدر المتيقن من السهو الممنوع على المعصوم هو السهو في غير الموضوعات الخارجية». ولم يرد لكم تعليق على الجواب ، مما يعني الموافقة ، فما هي الموضوعات الخارجية التي تكون خارجة عن عهدة العصمة ، فهل ترون منها قضية سواء بن قيس والقضيب الممشوق مثلًا مع رسول الله ودعاء الرسول له؟ نرجو توضيح ذلك.

باسمه تعالى مراده (قدّس سرّه) من العبارة المذكورة أن القدر المتيقن عند علماء الشيعة والذي وقع عليه تسالمهم هو عدم إمكان السهو من النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) والإمام (عليه السّلام) في تبليغ الأحكام الشرعية وبيان المعارف الدينية ، وأما الموضوعات الخارجية فالصحيح فيها أيضاً هو عدم جواز السهو على النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) والإمام (عليه السّلام) ، إلَّا أنه ذهب بعض علمائنا كالصدوق (رحمه الله) وأُستاذه محمد بن الحسن بن الوليد وبعض آخر إلى جواز السهو فيها إذا كانت هناك مصلحة


تقتضيه ، مثل أن لا يتوهم الناس الألوهية فيهم ، واستندوا في ذلك إلى بعض روايات وردت من طرقنا في نوم النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) عن الصلاة وسهوه في صلاته وفاقاً لما روي من طرق العامة ، ونحن قد أجبنا عن ذلك في بحوثنا في كتاب الصلاة (مبحث أوقات الصلوات) وقلنا إن في نفس تلك الروايات الواردة عن أئمتنا (عليهم السّلام) قرينة تدل على أنها صدرت تقية ومراعاة لروايات العامة ، وقد ذكرنا هناك أن الصحيح ما عليه مشهور علمائنا الأبرار من عدم إمكان السهو على النبي والإمام صلوات الله عليهم حتى في الموضوعات الخارجية ؛ لأن هذا مما يوهن أمر النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) والإمام (عليه السّلام) ويوجب الارتياب والشك للناس بالنسبة إلى بيان الأحكام الشرعية أيضاً ، وأما علم النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) والإمام (عليه السّلام) بالنسبة إلى الموضوعات الخارجية فالقدر المتيقن منه عندنا أن النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) أو الإمام (عليه السّلام) إذا كان في علمه بالموضوع مصلحة وأراد أن يظهر الله تعالى له واقع الأمر يظهره له ، وأمّا قضية سواء بن قيس فظاهر المنقول فيها غير قابل للتصديق وكأن الواقعة على ما يظهر من بعض النقل لم تكن متحققة وإنما كان غرضه شيئاً آخر ، والنبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) لكونه رؤوفاً ورحيماً بالأمة لم يظهر الخلاف ، بل أظهر كأن ما يدعيه هو الواقع ، والوجه في عدم إمكان التصديق أن القصاص إنما يثبت في موارد الجناية عمداً ، وهذا غير محتمل بالنسبة إلى النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) ، والله العالم.

أقدمية الرسول (صلَّى الله عليه وآله) على الخلق

ما رأي سماحتكم في أن الرسول (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) أقدم الخلق في خلقه التكويني حتى من آدم (عليه السّلام) ، وأن الرسول وآله (عليهم السّلام) خلقوا الخلق؟

باسمه تعالى المراد من الأقدمية في الخلق هو نوريته لا بدنه العنصري ، وقد تقدم أن الله سبحانه هو الذي خلق المخلوقات ، يقول الله سبحانه (ذلِكُمُ الله رَبُّكُمْ لا إِله إِلَّا هُوَ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوه وهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ) ، الوكالة لا تمنع الاستنابة في الخلق ، وهذا ظاهر آيات كثيرة لا مجال لذكرها ، وخلق بعض الأشياء من بعض كخلق المضغة من العلقة وخلق


الجنين من المضغة ليس معناه أن خالق الجنين هو المضغة ، بل الله خلقه منها ، ومن ذلك يظهر أن ما في بعض الروايات من أن (شيعتنا خلقوا من فاضل طينتنا) أو أن الله خلق من نورهم بعض الخلق ليس معناه أن فاضل الطينة أو نورهم هو الخالق ، بل الخالق هو الله كخلقه الإنسان من الطين ، والله العالم.

علم النبي (صلَّى الله عليه وآله) والأئمة (عليهم السلام)

ينسب إلى سماحتكم أنّكم تعتقدون بأنّ علم النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) والأئمة الهداة (عليهم السّلام) علم حضوري وليس حصوليّا ، وأنّهم محيطون بكلّ ما يعلمه الله سبحانه ، وأنّكم قلتم إنّ علمهم (عليهم السّلام) علم حضور وإحاطة لا علم حصول وإخبار. كما أنّه نُسب إليكم القول بأنّهم (عليهم السّلام) يخلقون ويرزقون ويحيون ويميتون ، وكلّ ذلك بالقدرة الموجودة فيهم على فعل هذه الأشياء ، ومعنى هذا أنّ المعاجز ليست من فعل الله الذي يجريها على أيديهم ، بل إنّه سبحانه جعلهم الفاعلين لكلّ ما ذكرناه ، فهل هذا الكلام صحيح؟ وما مدى صحّة ما نُسب إليكم؟

باسمه تعالى هذه النسبة غير صحيحة ، نعتقد إجمالًا بأنّهم عالمون بما علَّمهم الله تعالى تفضّلًا منه عليهم وتكرّماً لهم وإجابةً لما يحتاجون ويحتاج الناس إليه ، ولهم الولاية التكوينية إجمالًا ، وهم فاعلون بإذن الله التكويني فيما هو صلاح عندهم ، والله هو الخالق الرازق المحيي المميت.

العلوم التشريعية لأمير المؤمنين (عليه السلام)

إذا كان أمير المؤمنين (عليه السّلام) قد منح بعض أصحابه كرُشيد الهجري وسلمان الفارسي علم المنايا والبلايا ، فمن باب أولى أنّه (عليه السّلام) كان يحمل هذا العلم. إذن كان يعلم بأجله ووقت منيّته. على ضوء ذلك : ما هي فضيلة أمير المؤمنين (عليه السّلام) في قضية المبيت على فراش النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) ليلة الهجرة ، وهكذا بروزه لعمرو بن عبد ود يوم


الخندق ، وغير ذلك من مواطن تعرّضه لحتفه؟

باسمه تعالى الذي يعلمه الإمام علي (عليه السّلام) هو ما كان في لوح المحو والإثبات ، والعلم به لا ينافي المباشرة بأمر لا يعلم حاله في اللوح المحفوظ ، ولذا كان الإقدام على أمر بتكليف من الله أو من رسوله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) سواء أكان الأمر عامّاً أو خاصّاً لا ينافي ما يترتّب على الإطاعة من الفضيلة ، مع عدم العلم بواقع ذلك العمل في اللوح المحفوظ ، هذا أوّلًا. وثانياً لم يثبت عندنا أنّ الله سبحانه يظهر للنبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) فضلًا عن الأئمة (عليهم السّلام) في كلّ واقعة حقيقتها الواقعية ، وإذا اقتضت المصلحة الإلهيّة خفاء أمرها عن النبي أو الإمام (عليهما السّلام) فتخفى عنهما ، ولذا سأل علي (عليه السّلام) ليلة المبيت : «أو تسلم يا رسول الله»؟ والله العالم.

رجوع الشمس لأمير المؤمنين (عليه السلام)

ورد في رواية أنّ الشمس رُدّت للإمام علي (عليه السّلام) بعد أن غربت :

أ) هذه الرواية ثابتة سنداً أم لا؟

ب) على فرض ثبوتها سنداً ، أو لا يلزم من ذلك إعادة للمعدوم الذي ثبت استحالته؟

ج) وعلى فرض كلّ ذلك ثبوتاً ، أو لا يلزم من ذلك أنّ الإمام (عليه السّلام) أخّر الصلاة حتّى خرج وقتها؟

باسمه تعالى أ) نعم ، هي ثابتة سنداً ، والله العالم.

ب) زوال وصف الشيء ثمّ إعادته ليس من إعادة المعدوم ، والله العالم.

ج) التأخير في موارد المزاحمة مع الأهمّ لا محذور فيه ، والله العالم.

إمامة الإمام علي (عليه السلام) في حياة الرسول (صلَّى الله عليه وآله)

هل كان الإمام علي بن أبي طالب (عليه السّلام) إماماً في حياة الرسول؟


باسمه تعالى جعلت الإمامة لأمير المؤمنين (عليه السّلام) من الأول وإن كانت فعلية الإمامة بعد النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) ، وكذا سائر الأئمة (عليهم السّلام) ، والله العالم.

حضور الإمام علي (عليه السلام) في القبر

هل الروايات الواردة في شأن حضور أمير المؤمنين (عليه السّلام) في القبر وعند المحتضر تدلّ على الحضور الحقيقي وعلى فرضه كيف يستقيم ذلك مع فكرة أنّ الشيء المحدود لا يتعدّد وجوده في عدّة أماكن في آن واحد أو أنّها تُوجّه وتُؤوّل ببعض التأويلات ، كما ادّعى البعض أنّها تدلّ على رؤية الموالي آن ذاك لثمرة تولَّيه لأمير المؤمنين وسيّد الوصيين (عليه أفضل الصلاة والسلام)؟

باسمه تعالى يحضر بوجوده النوري لا بوجوده المادّي ؛ فإنّ الوجود النوري مخلوق قبل وجوده المادي كما في بعض الروايات المعتبر بعضها ، ولا يترتب على وجوده النوري شيء من المحاذير التي ذُكرت بأنّه كيف يتعدّد وجوده في أمكنة متعدّدة في آن واحد ، والله العالم.

حول الشهادة الثالثة

هل يجوز قراءة الشهادة الثالثة (أشهد أن علياً ولي الله) في الصلوات الواجبة والمستحبة بعد الشهادتين؟ وهل تبطل الصلوات بقراءتها؟ وهل يجوز قراءتها استحباباً أو بقصد غير جزئيتها؟

باسمه تعالى الشهادة الثالثة لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السّلام) بالولاية من شعائر الشيعة واتباع مذهب أهل البيت (عليهم السّلام) ولا تترك في الأذان بعنوان شعار المذهب ، ولا بأس بذكرها بعد الشهادتين في جميع الصلوات المستحبة ، وكذا في الإقامة ، وأما في صلاة الفريضة ففي المقام كلام لا يتسع له المجال ، والأحوط تركها فيها ، وتذكر في تعقيباتها. ثبتنا الله وإياكم على ولاية الإمام علي بن أبي طالب والأئمة من بعده (عليهم السّلام).


حصل في الآونة الأخيرة بعض التشكيكات حول الشهادة الثالثة لأمير المؤمنين الإمام علي (عليه السّلام) خصوصاً في الأذان. فما هو رأيكم الشريف بها في الأذان؟

باسمه تعالى الشهادة الثالثة في الأذان صارت شعاراً للشيعة ويجب حفظ شعار الشيعة لتبليغ الأمر بالوصاية للناس ، خصوصاً في هذا الزمان حيث تكاثرت الهجمات ضد عقائد الشيعة من مخالفيهم ، والشهادة الثالثة لعلي (عليه السّلام) بالولاية ليست جزءاً لا من الأذان ولا من الإقامة ، وإنّما هي تبليغ للوصاية بعد النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) كما أن الشهادة بالرسالة تبليغ للرسالة ، وقد ورد في الروايات ما مضمونه (إذا قلتم لا إله إلا الله محمد رسول الله فقولوا علي ولي الله) ، والله المستعان والهادي إلى سواء السبيل.

بيعة الغدير

هل بيعة الغدير بيعة تنصيب للإمام علي (عليه السّلام) أو ترشيح؟

باسمه تعالى هي نصب للخلافة بأمر من الله سبحانه وتعالى حيث إنّه (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) أخبر بولايته (عليه السّلام) بداعي النصب كما هو مدلول قوله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) : «من كنت مولاه فهذا علي مولاه» ولم يعلقها باختيار النّاس ، ولو كان ترشيحاً لقال : أيها النّاس أنتم مخيرون في أمركم من بعدي لا أن يقول : «من كنت مولاه فهذا علي مولاه» ، كما قال ذلك باتفاق الفريقين ، والله العالم.

نهج البلاغة

هل يعتبر نهج البلاغة موثوقاً بكل ما فيه من خطب وكلمات للإمام علي (عليه السّلام)؟

باسمه تعالى كتاب نهج البلاغة بخطبة وغيرها من كلمات الإمام علي (عليه السّلام) ، صدوره من الإمام (عليه السّلام) معلوم إجمالًا ، وبعض ما ورد فيه من الخطب موجودة في كتب قبل تأليف الشريف الرضي ، وبعض الخطب مروية بطريق صحيح كعهده (عليه السّلام) لمالك الأشتر (رضى الله عنه) ، وقد ألفت كتب متعددة مرتبطة بهذا الكتاب يمكنكم مراجعتها ، والله العالم.


الإمام علي (عليه السلام) وقضية نصب زياد عاملًا

نحن نعلم بأن زياد بن أبيه ابن زنا ، إلَّا أن الإمام علياً أمير المؤمنين (عليه السّلام) استعمله على كرمان وفارس خلال فترة خلافته ، ونعلم بأن العامل هو الذي يقيم الجمعة والجماعة في منطقة ولايته ، فكيف يستقيم ذلك وهو غير طاهر الولادة؟ وكيف نوجه استعمال أمير المؤمنين (عليه السّلام) له رغم ذلك؟

باسمه تعالى على تقدير صحة هذا الأمر ونصب الإمام (عليه السّلام) لزياد حتى لصلاة ، الجمعة ، فقد عاش الإمام (عليه السّلام) ظرف تقية في زمان ولايته ، ولم يكن باستطاعته تغيير أمور كثيرة كان (عليه السّلام) يريد تغييرها ، وقضية صلاة التراويح قضية مشهورة ، وتعيين شريح القاضي الذي أفتى أخيراً بقتل سيد الشهداء (الحسين خرج عن دين جده فليقتل بسيف جده) ، ومن مظلوميته (عليه السّلام) مسألة تعيين زياد بعد أن لم يكن في رأي القوم اعتبار طهارة المولد في إمامة الجماعة وظاهر ولادته على فراش أبيه ، والله العالم.

الصديقة الطاهرة (عليها السلام) والشبح النوري

هل يجوز الاعتقاد بأنّ الصديقة الطاهرة السيّدة الزهراء (سلام الله عليها) تحضر بنفسها في مجالس النساء في آن واحد ، في مجالس متعدّدة بنفسها ودمها ولحمها؟

باسمه تعالى الحضور بصورتها النورية في أمكنة متعدّدة في زمان واحد لا مانع منه ، فإنّ صورتها النورية خارجة عن الزمان والمكان ، وليست جسماً عنصرياً ليحتاج إلى الزمان والمكان ، والله العالم.

أنوار فاطمة (عليها السلام) قبل خلق الوجود

شكَّك بعض المؤلَّفين في هذه المقالة : إنّ أهل البيت بضمنهم فاطمة (سلام الله عليها) خُلقوا أنواراً قبل خلق الوجود ، وذكر أنّ الروايات في هذا الباب ضعيفة السند ، فما


رأيكم في هذه المسألة؟ وهل هي من الأُمور المجمع عليها من الشيعة أو من الأُمور المشهورة الثابتة بنصوص معتبرة؟

باسمه تعالى قد ورد في الأخبار الكثيرة أنّ الله خلق نور فاطمة (سلام الله عليها) من نوره قبل خلق آدم ، يحتمل الكذب والوضع في جميعها ، كما ورد في معاني الأخبار بسند معتبر عن سدير عن الإمام الصادق (عليه السّلام) (١) صحّة مثل هذه الأُمور ، والاعتقاد بذلك وإن لم يكن واجباً ولم يكن من ضروريات المذهب من كمال الاعتقاد ، فمن اكتسبه من مصادره باليقين والاطمئنان فقد فاز به.

شبح الزهراء (عليها السلام) النوري قبل خلق آدم (عليه السلام)

شكَّك أحدهم في الروايات الواردة في أنّ نور فاطمة (سلام الله عليها) قد خُلق قبل أن يخلق الله الأرض والسماء ، ما رأيكم بذلك؟ علماً بأنّ التشدّد السندي لا يخرج بعض الروايات من دائرة الاعتبار ، كما نرى ذلك في رواية سدير الصيرفي التي يذكرها الشيخ الصدوق في معاني الأخبار (ص ٣٩٦ باب نوادر المعاني ، ح ٣٥).

باسمه تعالى ورد في بعض النصوص ومنها معتبر أنّ النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) وآله المعصومين ومنهم الزهراء (سلام الله عليها) كانوا موجودين بأشباحهم النورية قبل خلق آدم (عليه السّلام) ، وخلقتهم المادّية متأخّرة عن خلق آدم كما هو واضح ، والله العالم.

خلق فاطمة (عليها السلام)

ما رأيكم فيمن يقول عن الزهراء (سلام الله عليها) وطبيعة ذاتها الشريفة ، وكذا عن السيدة زينب وخديجة الكبرى ومريم وامرأة فرعون ، ما نصّه : «وإذا كان بعض الناس يتحدّث عن بعض الخصوصيّات غير العادية في شخصيات هؤلاء النساء ، فإنّنا لا نجد هناك

__________________

١) معاني الأخبار : ص ٣٩٦ ، ح ٥٣.


خصوصيّة إلَّا الظروف الطبيعية التي كفلت لهنّ إمكانات النموّ الروحي والعقلي والالتزام العملي بالمستوى الذي تتوازن فيه عناصر الشخصية بشكل طبيعي في مسألة النموّ الذاتي .. ولا نستطيع إطلاق الحديث المسئول القائل بوجود عناصر غيبية مميّزة تخرجهنّ عن مستوى المرأة العادية ؛ لأنّ ذلك لا يخضع لأيّ إثبات قطعي ..»!!

باسمه تعالى هذا القول باطل من أساسه ، فإنّ خلقة الزهراء (سلام الله عليها) كخلقة الأئمة (عليهم السّلام) قد تمّت بلطف خاص من الله سبحانه وتعالى ، لعلمه بأنّهم يعبدون الله مخلصين له الطاعة ، ولا غرابة في اختصاص خلقة الأولياء بخصوصيات تتميّز عن سائر الخلق كما يشهد به القرآن الكريم في حقّ عيسى بن مريم (عليه السّلام) ، وقد ورد في الأخبار الكثيرة المشتملة على الصحيح ما يدلّ على امتياز الزهراء (سلام الله عليها) نحو ما ورد عند العامّة والخاصّة من تكوُّن نطفتها من ثمر الجنّة ، وما ورد في تحديثها لأُمّها خديجة وهي جنين في بطنها ، وما ورد من نزول الملائكة عليها كما في صحيح أبي عبيدة عن الصادق (عليه السّلام) أنّ فاطمة مكثت بعد أبيها خمسةً وسبعين يوماً ، وقد دخل عليها حزن شديد على أبيها ، وكان يأتيها جبرئيل فيحسن عزائها ويطيّب نفسها ويخبرها عن أبيها ومكانه وما يكون بعدها في ذريتها ، وكان علي (عليه السّلام) يكتب ذلك.

وما جرى عليها من الظلم أمر متواتر إجمالًا بلا حاجة للاستدلال عليه كما يشهد له خفاء قبرها إلى الآن ودفنها ليلًا! وما يكتب وينشر في إنكار خصوصية خلقها ، وإنكار ظلامتها ، فهو مشمول الحكم بكتب الضلال.

مرتبة فاطمة الزهراء (عليها السلام)

أين تقع رتبة الزهراء بين سائر الأئمة؟

روي أن الإمام العسكري قال في الزهراء (هي حجة علينا) ، ما المراد بالحجة؟


هل الحديث الدال على أن الزهراء كُفء عليّ يدل على اتحاد الرتبة؟

هل حديث «روحي التي ..» يدل على اتحاد رتبة الزهراء (سلام الله عليها) مع الرسول (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم)؟

ورد في زيارة الباقر (عليه السّلام) : «يا ممتحنة امتحنك الله الذي خلقك قبل أن يخلقك» ، ما المراد بذلك؟

باسمه تعالى مما روى عن الإمام العسكري (عليه السّلام) كان عند الأئمة مصحف فاطمة (سلام الله عليها) وهو حجة على الأئمة في بعض أمورهم ؛ لأن فيه علم ما كان وما يكون ، كما في الرواية الواردة عن الإمام الصادق (عليه السّلام) «وعندنا مصحف فاطمة ..» ، وأما كمالات النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) وأمير المؤمنين (عليه السّلام) والزهراء (سلام الله عليها) كل في رتبة مقام نفسه تامة ، إلَّا أن رتبة أحدهم بالإضافة إلى الآخر مختلفة ، فرتبة النبوة متقدمة على رتبة الوصاية ، ورتبة الوصاية متقدمة على رتبة الكفاءة المذكورة في الحديث الوارد في حقها ، فكما لا يعني قوله تعالى في آية المباهلة (وأَنْفُسَنا وأَنْفُسَكُمْ) ، ثبوت النبوة لأمير المؤمنين (عليه السّلام) كذلك لا يعني الحديث المذكور في حق الزهراء (سلام الله عليها) وانها كُفء لعلي (عليه السّلام) وإن علياً (عليه السّلام) كُفء لها (سلام الله عليها) لا يدل على أن لها (سلام الله عليها) رتبة الوصاية ، وكذا ما ورد في حقها من قول النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) بحق الزهراء (سلام الله عليها) وانها روحه التي بين جنبيه لا يدل على أن لها (سلام الله عليها) رتبة النبوة. وأما الامتحان المذكور في زيارة الزهراء (سلام الله عليها) فالمراد به علم الله بما يجري عليها وصبرها على جميع الابتلاءات السابقة على وجودها المادي الخارجي ممّا أوجب إعطاءها المقام الخاص بها كما هو جار في سائر الأئمة (عليهم السّلام) ، ويدلُّ على ذلك جملة من الأدلة منها ما ورد في حقهم في دعاء الندبة المعروف المشهور ، والله العالم.

الزهراء (عليها السلام) وأحزانها

ذكر بعض المؤلَّفين : أنّ بعض الحديث عن أحزان الزهراء (سلام الله عليها) غير دقيق ، أتصوّر


أنّ الزهراء (سلام الله عليها) لا شغل لها في الليل والنهار إلَّا البكاء ، ولا أتصوّر أنّ الزهراء (سلام الله عليها) تبكي حتّى ينزعج أهل المدينة من بكائها ، مع فهمها لقضاء الله وقدره ، وأنّ الصبر من القيم الإسلامية المطلوبة حتّى لو كان الفقيد في مستوى رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم).

فهل كثرة بكاء الزهراء (سلام الله عليها) وزين العابدين (عليه السّلام) أمر ثابت عند الشيعة أو لا؟

وهل كان بكاؤهما عاطفيا محضاً أو كان وظيفة يمارسها المعصوم لهدف من الأهداف؟ وعلى فرض كونه عاطفيّاً فهل يتنافى مع التسليم لقضاء الله وقدره ، خصوصاً مع كون الفقيد هو المصطفى (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم)؟

باسمه تعالى ليس المراد ببكاء الزهراء (سلام الله عليها) ليلًا ونهاراً استيعاب البكاء لتمام أوقاتها الشريفة ، بل هو كناية عن عدم اختصاصه بوقت دون آخر ، كما أنّ البكاء إظهاراً للرحمة والشفقة لا ينافي التسليم لقضاء الله وقدره ، والصبر عند المصيبة ، فقد بكى النّبي يعقوب (عليه السّلام) على فراق ولده يوسف حتى ابيضّت عيناه من الحزن ، كما ذكر في القرآن ، مع كونه نبيّاً معصوماً.

وبكاء الزهراء (سلام الله عليها) على أبيها كما كان أمراً وجدانياً لفراق أبيها المصطفى (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) فقد كان إظهاراً لمظلوميتها ومظلوميّة بعلها (عليه السّلام) وتنبيها على غصب حقّ أمير المؤمنين (عليه السّلام) في الخلافة ، وحزناً على المسلمين من انقلاب جملة منهم على أعقابهم ، كما ذكرته الآية المباركة (أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ) بحيث ذهبت إتعاب الرسول (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) في تربية بعض المسلمين سدى.

كما أنّ البكاء على الحسين (عليه السّلام) من شعائر الله ، لأنّه إظهار للحق الذي من أجله ضحّى الحسين (عليه السّلام) بنفسه ، وإنكار للباطل الذي أظهره بنو أُميّة ، ولذلك بكى زين العابدين (عليه السّلام) على أبيه مدّة طويلة ، إظهاراً لمظلومية الحسين (عليه السّلام) وانتصاراً لأهدافه. ولا يخفى أنّ بكاء الزهراء وزين العابدين (عليهما السّلام) فترة طويلة من المسلَّمات عند الشيعة الإماميّة.


الزهراء (عليها السلام) وضلعها المكسور

لقد ناقشني أحد الإخوة حول مظلومية الزهراء (سلام الله عليها) وكسر ضلعها فقال : إن كسر الضلع لم يثبت عن طريق الأئمة (عليهم السّلام) ، ما هو رأيكم؟

باسمه تعالى مظلومية الزهراء (سلام الله عليها) من المسلمات ولا يحتاج ثبوتها إلى أزيد من أنها أوصت بدفنها ليلًا لئلَّا يحضر جنازتها من ظلمها وأخفي قبرها ، والله العالم.

ظلامات الزهراء (عليها السلام)

ما رأيكم في مقولة من يقول : أنا لا أتفاعل مع كثير من الأحاديث التي تقول أنّ القوم كسروا ضلعها أو ضربوها على وجهها وما إلى ذلك .. وعند ما سئل : كيف نستثني كسر ضلع الزهراء مع العلم بأنّ كلمة (وإن) التي أطلقها أصل المهاجمة أعطت الإيحاء ، أضف إلى ذلك : كيف نفسّر خسران الجنين محسن؟ أجاب : قلت : إنّ هذا لم يثبت ثبوتاً بأسانيد معتبرة ، ولكن قد يكون ممكناً ، أمّا سقوط الجنين فقد يكون بحالة طبيعيّة طارئة؟!!

باسمه تعالى كفى في ثبوت ظلامتها وصحّة ما نقل من مصايبها وما جرى عليها خفاء قبرها ووصيّتها بأن تُدفن ليلًا إظهاراً لمظلوميّتها (سلام الله عليها) ، مضافاً لما نُقل عن عليّ (عليه السّلام) من الكلمات في الكافي (ج ١ ، ص ٤٥٨) عند ما دفنها ، كما في مولد الزهراء (سلام الله عليها) من كتاب الحجّة قال (عليه السّلام) : «وستنبئك ابنتك بتظافر أمّتك على هضمها ، فاحفها السؤال واستخبرها الحال ، فكم من غليل معتلج بصدرها لم تجد إلى بثه سبيلًا ، وستقول ويحكم الله ، والله خير الحاكمين».

وقال (عليه السّلام) : «فبعين الله تُدفَنُ ابنتك سرّاً ويهضم حقّها وتمنع إرثها ، ولم يتباعد العهد ولم يخلق منك الذكر ، وإلى الله يا رسول الله المشتكى».


وفي الجزء الثاني من نفس الباب بسند معتبر عن الكاظم (عليه السّلام) قال : «إنّها صدِّيقة شهيدة». وهو ظاهر في مظلوميّتها وشهادتها.

ويؤيّده ما في البحار (ج ٤٣ ، باب رقم ١١) عن دلائل الإمامة للطبري بإسناده عن كثير من العلماء عن الصادق (عليه السّلام) : «وكان سبب وفاتها أنّ قنفذاً أمره مولاه فلكزها بنعل السيف بأمره فأسقطت محسناً»! والله الهادي للحق.

الاعتقاد بظلامات الزهراء (عليها السلام) له مساس تام بالولاية

أفي نظركم أنّ الظلامات التي تعرضت لها أمّ الأئمة الأطهار فاطمة الزهراء (سلام الله عليها) من قبل الحاكمين في ذلك الوقت مثل : (غصبها فدكاً ، والهجوم على دارها ، وكسر ضلعها ، وإسقاط الجنين المسمّى بمحسن بن علي (عليه السّلام) ، ولطمها على خدها ، ومنها البكاء على فقد أبيها رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) ، وما إلى ذلك من ظلامات) لها ارتباط بصميم عقائدنا من التوحيد والنبوة والإمامة والمعاد .. أم لا؟

باسمه تعالى إنّ ما ثبت من الظلامات الكثيرة التي جرت على الصديقة الزهراء فاطمة (عليه السّلام) لها مساس تام بالولاية التي هي الركن الخامس من أركان الإسلام ، وهو صريح عدة من النصوص المعتبرة منها صحيح زرارة عن أبي جعفر (عليه السّلام) : «بُني الإسلام على خمسة أشياء : على الصلاة والزكاة والحج والصوم والولاية». ويظهر مساس هذه الظلامات بالولاية لمن تأمل وتمعّن في ملابسات هذه الحوادث ودوافعها ، والله العالم.

مصحف فاطمة (عليها السلام)

ذكر بعض المؤلَّفين أنّ الزهراء (سلام الله عليها) أوّل مؤلَّفة في الإسلام ، فإنّها كانت تكتب ما تسمع من أبيها المصطفى (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) من أحكام ومواعظ وجمعت في كتاب وسُمّي مصحف فاطمة ، ما رأيكم في هذه المقالة؟ وهل هي موافقة لمعتقد الشيعة في مصحف فاطمة؟


باسمه تعالى المراد بمصحف فاطمة (سلام الله عليها) ما ورد في الروايات المعتبرة في الكافي من «أنّ ملكاً من الملائكة كان ينزل على الزهراء (سلام الله عليها) بعد وفاة أبيها ويسلَّيها ويحدّثها بما يكون من الأُمور ، وكان عليّ (عليه السّلام) يكتب ذلك الحديث ، فسُمّي ما كُتب مصحف فاطمة» (١).

فهو ليس قرآناً كما توهّمه أو افتراه أعداء الشيعة ، ولا كتاباً مشتملًا على الأحكام كما ذكر في السؤال ، بل ذلك غريب مخالف للنصوص المعتبرة ، كما أنّه لا غرابة في حديث فاطمة (سلام الله عليها) مع الملائكة ، فقد ذكر القرآن أنّ الملائكة حدَّثت مريم ابنة عمران (وإِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ يا مَرْيَمُ إِنَّ الله اصْطَفاكِ وطَهَّرَكِ واصْطَفاكِ عَلى نِساءِ الْعالَمِينَ) (٢) ، ومن المعلوم عندنا نحن الشيعة أفضليّة الزهراء (سلام الله عليها) على مريم ابنة عمران ، كما ورد في النصوص المعتبرة من أنّ مريم سيّدة نساء عالمها وأنّ فاطمة سيّدة نساء العالمين.

هل يوجد لدى الشيعة قرآن أو مصحف يسمى قرآن أو مصحف فاطمة (عليه السّلام) غير القرآن الذي بين أيدينا؟

باسمه تعالى دعوى أنّ عند الشيعة قرآن غير القرآن المعروف عند سائر المسلمين افتراء عليهم ؛ فلا يوجد عند علماء الشيعة ولا عند عوامهم غير هذا القرآن المعروف عند كل مسلم ، وأمّا ما عرف عندهم من وجود مصحف فاطمة (سلام الله عليها) فليس هو بالقرآن وإنّما هو أمور أمليت على فاطمة الزهراء (سلام الله عليها) وهو محفوظ عند الأئمة (عليهم السّلام) ، وليس عند علماء الشيعة. والله المستعان.

عصمة فاطمة الزهراء (عليها السلام)

هل الاعتقاد بعصمة الزهراء (سلام الله عليها) من ضروريات مذهبنا؟

باسمه تعالى نعم ، هي من ضروريات مذهبنا كعصمة سائر الأئمة (عليهم السّلام) ، والله العالم.

__________________

١) الكافي : ج ١ ، ص ٢٤٠ ، ح ٢ وص ٢٤١ ، ح ٥.

٢) سورة آل عمران : الآية ٤٢.


امتحان الصدِّيقة (عليها السلام) في عالم الذر

جاء في زيارة الصديقة الشهيدة الزهراء البتول (سلام الله عليها) ما نصّه : «امتحنك الذي خلقك قبل أن يخلقك وكنت لما امتحنك به صابرة». فما هو تفسير الامتحان قبل الخلق ، وكونها (سلام الله عليها) صابرة؟

باسمه تعالى لعلّ الامتحان راجع إلى عالم الذر ، وخلق الأرواح في الصور المثالية قبل خلق الأبدان ، والله العالم.

الصدِّيقة الطاهرة (عليها السلام) في آية المباهلة

بالنظر إلى آية المباهلة ، وما تظافرت به الروايات والزيارات (كزيارة الجامعة الكبيرة مثلًا) هل يمكن القول بأنّ الأئمة الاثني عشر والزهراء (سلام الله عليها) هم أفضل من الخلق كافّة ، سوى الرسول الأكرم (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم)؟

باسمه تعالى نعم ، القول المزبور متعيّن بالنظر إلى الآية والروايات المشار إليها ، ويؤيدها الزيارات.

الصدِّيقة الطاهرة (عليها السلام) في آية التطهير

هل تعني آية التطهير (إِنَّما يُرِيدُ الله لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ ويُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) أنّ الزهراء (سلام الله عليها) طاهرة من كلّ خبث حتّى من الدماء الثلاثة؟

باسمه تعالى الآية تدلّ على الطهارة النفسانية المختصّة بالمعصومين (عليهم السّلام) بحيث لا يتوهم في حقّهم (عليهم السّلام) فعل المعصية أو ترك الواجب ، وأمّا الطهارة الجسدية فليست داخلة في مدلول الآية. نعم ، الزهراء (عليهم السّلام) مطهّرة من الدماء الثلاثة ، حيث ورد في حقّها في الرواية المعتبرة أنّها لا ترى دماً ، وأنّ بنات الأنبياء لا يطمثن ، والله العالم.


فدك

يقال إنّه لو كان لفاطمة الزهراء (سلام الله عليها) حقّ بفدك لأعاد الإمام علي (عليه السّلام) هذا الحقّ لأصحابه في زمن خلافته ؛ لأنّه كان قادراً على ذلك.

باسمه تعالى لو أرجع (عليه السّلام) فدكاً لاتهم بالخيانة واغتنام الفرصة ، حيث كان أكثر الناس في ذاك الزمان على ضلال وجهالة ، وكانوا يعتقدون صحّة فعل الأوّلين أو على الأقل احتمالهم صحّته ، والله العالم.

أسئلة حول فعل وتقرير فاطمة الزهراء (عليها السلام)

هل فعل وتقرير الزهراء (سلام الله عليها) داخل في السنة ، أي حجة ، أم لا؟

باسمه تعالى فعلها وقولها (سلام الله عليها) معتبران كاعتبار فعل وقول الإمام (عليه السّلام) ، وحكم تقريرها كحكم تقرير الإمام (عليه السّلام) ، والله العالم.

ذكر اسم فاطمة الزهراء (عليها السلام) في الأذان

هل يجوز ذكر فاطمة الزهراء (سلام الله عليها) في الأذان بقصد الاستحباب أو لا؟ وهل يوجد دليل على جواز ذكرها أو عدمه؟

باسمه تعالى كلام الآدمي لا يبطل الأذان وليس مثل الصلاة ، وكل شيء يذكر في الأذان لا بقصد الجزئية فلا بأس به ، والله العالم.

عدم فقاهة من يشكك بظلامات الزهراء (عليها السلام)

ورد أنكم لا تؤيدون من يشكك في شهادة الزهراء (سلام الله عليها) ، ولكن هل تعتقدون بفقاهتهم؟

باسمه تعالى لا يجوز تأييد من يشك في شهادة الزهراء (سلام الله عليها) ولا نعتقد بفقاهته ؛ لأنه لو كان


فقيهاً لاطلع على الرواية الصحيحة المصرحة بشهادتها (سلام الله عليها) وسائر الروايات المتعرضة لسبب شهادتها (سلام الله عليها) ، والله الهادي إلى سواء السبيل.

طمث الزهراء (عليها السلام)

يقول البعض إن عدم طمث الزهراء (سلام الله عليها) يعد نوعاً من المغالاة بها ، وحالة مرضية يجب علاجها ، وقال : إن من المغالاة الاعتقاد بأن الأئمة (عليهم السّلام) لم يكونوا يحدثون بالأصغر والأكبر أو التغوط .. ما رأيكم الشريف بذلك؟

باسمه تعالى لا يعد حالة مرضية ، وإنّما هو داخل في إكرامها كما أن مريم (سلام الله عليها) أنجبت من غير بعل ، وإنما يعتبر حالة مرضية إذا ترتب عليه المرض المحتاج إلى الصحة ، والزهراء (سلام الله عليها) ليست كذلك. وأما ما ذكر عن الأئمة (عليهم السّلام) فالمؤمنون لا يعتقدون بذلك ، بل أن الإمام (عليه السّلام) يتوضأ ويغتسل كما كان رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) كذلك ، والله العالم.

فرحة الزهراء (عليها السلام)

كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن عيد الزهراء (سلام الله عليها) ، أرجو إعلامنا بمدي مصداقية هذا العيد ، وما هي حقيقته ، مع العلم أنّ السيدة فاطمة (سلام الله عليها) قد توفيت بعد رحيل الرسول الأعظم (سلام الله عليها) بأشهر قليلة ، وإذا كان عيد الزهراء (سلام الله عليها) فرحاً بموت عمر بن الخطاب ، فلما ذا زوج الإمام علي (عليه السّلام) ابنته أم كلثوم لعمر إذن؟!

باسمه تعالى هذا الأمر معروف عند الشيعة وله وجوه متعددة منها : ان في هذا اليوم توج الإمام المهدي بالإمامة بعد وفاة والده الإمام الحسن العسكري في اليوم الثامن من شهر ربيع الأول ، وهو المنتقم من أعداء الزهراء (سلام الله عليها) وأعداء الدين والموكل بإقامة دولة الحق ، ومنها : ان في هذا اليوم قتل عمر بن سعد قاتل الحسين (عليه السّلام) كما في بعض المنقولات التاريخية. وعلى كل حال فهو يوم فرح للشيعة عامة ولأهل البيت (عليهم السّلام) خاصة. وأما تزويج


الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) ابنته من عمر فقد ناقش البعض في أصل تحقق هذا الزواج وكتبوا فيه كتباً مستقلة (١) ، وعلى فرض تحقّقه فإنّه من باب التقية وقد عمل الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) بوظيفته. ويؤيّد ذلك ما ورد عن الإمام الصادق (عليه السّلام) بأنّه قال : «ذلك فرج أكرهنا عليه» وعنه (عليه السّلام) : ذلك فرج غصبناه (٢) ، وأيضاً عنه (عليه السّلام) قال : لما خطب إليه قال له أمير المؤمنين إنّها صبية. قال : فلقي العبّاس فقال له : ما لي ، أبي بأس؟! قال : وما ذاك؟ قال : خطبت إلى ابن أخيك فردّني ؛ أمّا والله لأُعوّرنّ زمزم ولا أدع لكم مكرمة إلا هدمتها ، ولأُقيمن عليه شاهدين بأنّه سرق لأقطعنّ يمينه! فأتاه العبّاس فأخبره ، وسأله أن يجعل الأمر إليه ، فجعله إليه (٣) ، وهذه الأخيرة كالثانية صحيحة سنداً. والله العالم.

الأئمة (عليهم السلام) يعلمون الغيب بقدر ما علمهم الله (عزّ وجلّ)

قال الشيخ المفيد (رضى الله عنه) في كتابه الموسوم بأوائل المقالات : وأقول : أن الأئمة من آل محمد (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) قد كانوا يعرفون ضمائر بعض العباد ويعرفون ما يكون قبل كونه ، وليس ذلك بواجب في صفاتهم ولا شرطاً في إمامتهم ، وإنما أكرمهم الله تعالى به وأعلمهم إياه للطف في طاعتهم والتمسك بإمامتهم ، وليس ذلك بواجب عقلًا ، ولكنه وجب لهم من جهة السماع. فأما إطلاق القول عليهم بأنهم يعلمون الغيب فهو منكر بيّن الفساد ؛ لأن الوصف بذلك إنما يستحقه من علم الأشياء بنفسه لا بعلم مستفاد ، وهذا لا يكون إلَّا لله عز وجل ، وعلى قولي هذا جماعة من أهل الإمامة إلَّا من شذ عنهم من المفوضة ومن انتمى إليهم من الغلاة.

أفلا تدل هذه المقالة للشيخ (قدّس سرّه) على عدم جواز إطلاق القول عليهم (عليهم السّلام) بأنهم

__________________

١) رسالة في خبر تزويج أُم كلثوم من عمر : تأليف العلامة السيد علي الحسيني الميلاني ، وكتاب افهام الأعداء في الخصوم : تأليف العلامة السيد حسين موسوي الهندي.

٢) فروع الكافي : ج ٥ ، كتاب النكاح ، باب تزويج أُم كلثوم.

٣) المصدر السابق.


يعلمون الغيب؟

باسمه تعالى إنهم (عليهم السّلام) يعلمون الغيب بقدر ما علَّمهم الله ، وكلام الشيخ المفيد (قدّس سرّه) راجع إلى الإطلاق وعدم تقييده بما ذكرنا ، وإطلاق العالم على من يكون علمه اكتسابياً لا بأس به ، كما في إطلاق العالم على سائر العلماء. وبالجملة ، ما ذكره الشيخ المفيد (قدّس سرّه) من الانصراف إلى العالم بالذات إنّما هو في صورة عدم التقييد كما ذكرنا ، والله العالم.

أفضلية أهل البيت (عليهم السلام) على الخلق

هل الاعتقاد بأفضلية أهل البيت على الخلق واجب من ضروريات المذهب؟

باسمه تعالى إنكار الأفضلية غير جائز ؛ لأنه مخالف للكتاب المجيد كما في أجوبة سابقة ، ولكن الذي لا يلتفت إلى ذلك ويدعي أنه لا دلالة في الكتاب المجيد على الأفضلية لا يخرج عن الإسلام ، والله العالم.

هل أهل البيت (عليهم السلام) العلل الأربع للخلق؟

هل يصح أن نطلق على أهل البيت (عليهم السّلام) بأنهم العلل الأربع للخلق (الفاعلية ، والمادية ، والصورية ، والغائية)؟

باسمه تعالى المسلَّم عندنا أنهم (عليهم السّلام) وسائط بين الله تعالى وبين خلقه ولا نعرف تفصيل ذلك ، وما نعلمه أنهم (عليهم السّلام) مأذونون من قبله تعالى في التصرف في الكون إذا اقتضت المصلحة ذلك ، فإنهم (عليهم السّلام) ليسوا أقل من الأنبياء السابقين على نبينا ، وقد ورد عن عيسى (عليه السّلام) انه كان يحيي الموتى بإذن الله ، والله العالم.

ذكر فضائل المعصومين (عليهم السلام)

هل يجوز ذكر فضائل المعصومين (عليهم السّلام) وتداولها في المجالس والمحافل دون التحقّق من أسانيد تلك الروايات؟


باسمه تعالى إذا لم يعلم اعتبار النقل ، فلا بأس بذلك بعنوان الحكاية عن كتاب ما لم يعلم كذبه ، والله العالم.

الخصائص الجسمانية للمعصومين (عليهم السلام)

حديث انعقاد نطفة الزهراء (سلام الله عليها) من الطعام الذي جيء به للنبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) واعتزاله خديجة ، هل يتعلَّق بخلق روحها أم بدنها الشريف؟ وعموماً : هل يختلف عنصر وهيئة بدن المعصوم عن أبدان سائر الخلق؟ كيف كانوا يمرضون إذن؟ وكيف كان بعضهم شديد السمرة ، وبعضهم بديناً ، كما في الروايات؟ وما مدى صحّة ما يقال من الخصائص الجسمانية للمعصومين (عليهم السّلام) من قبيل عدم النوم ورؤية الخلف كرؤية الأمام ، وانطباع أثر القدم على الحجر دون الرمل؟

باسمه تعالى قد ورد في البحار سر اعتزال النبي لخديجة أربعين يوماً حيث أمره الله سبحانه وتعالى أن يتهيأ لتكوين هذه البضعة الطاهرة ، فكان طيلة الأيام منشغلًا بالعبادة وكان وجوده في بيت عمه أبي طالب (١).

أمّا خصوصية أرواحهم وأبدانهم فإنّ مشيئة الله تعلَّقت بجعل خصوصيات لهم في أبدانهم وأرواحهم لا يوجد مثلها في غيرهم.

أمّا كون هذه الخصوصيّة كانت بعدم النوم ورؤية الموجود خلفهم بدون التفات أو بغير ذلك كما ورد في بعض الأخبار ، فالأولى إرجاع علم ذلك إلى أهله.

كما أنّ قدرة المعصومين صلوات الله عليهم على معرفة ما يريدون معرفته ثابتة ، فإذا أرادوا أن يعلموا شيئاً علموه ، أمّا كيف يتمّ لهم علم ذلك؟ وهل هو بتوجيه المعصوم نفسه الشريفة نحو المجهول فتحصل له المعرفة ، أم يتم بواسطة روح القدس الذي هو معهم ، أم

__________________

١) بحار الأنوار.


بتحديث الملائكة ، أم بالإلهام .. إلى آخره ، فنحن غير مكلَّفين بمعرفة تفاصيله وطرقه ، والله العالم.

ظروف الأئمة (عليهم السلام)

في الكافي الشريف أن الأئمة (عليهم السّلام) يتوارثون كتاباً مختوماً ، أو خواتيم (ج ١ كتاب الحجة باب أن الأئمة (عليهم السّلام) لم يفعلوا شيئاً ولا يفعلون إلَّا بعهد من الله) يفتحها كل منهم ويمضي ما فيها ، وأن الحسين (عليه السّلام) فتحها فوجد فيها أن قاتل فأقتل وتُقتل واخرج بأقوام للشهادة لا شهادة لهم إلَّا معك ففعل ، وأن زين العابدين (عليه السّلام) فتحها فوجد فيها أن اصمت وأطرق ، وأن الباقر (عليه السّلام) فتح الخاتم الخامس فوجد فيه فسّر كتاب الله وصدّق أباك وورّث ابنك واصطنع الأمة .. وهكذا ترى أين يقع ما يقوم به بعض الكتاب والمفكرين الإسلاميين من تحليل تاريخ الأئمة واستنباط الآراء والمواقف من سيرتهم ، انهم يعرضون الأُمور في كتاباتهم وتحليلاتهم على نحو يفهمه القارئ كتفسير للحدث وتعليل لعمل المعصوم ، هل ذلك لهم؟ أين يقع ذلك من الروايات التي تتحدث عن الكتاب والخاتم المختوم؟

باسمه تعالى من المعلوم أن لبعض الأئمة (عليهم السّلام) ظرفاً يخصه ومقاماً يختلف عن بعض المقامات الأخر ؛ فعصر الإمام علي (عليه السّلام) وما جرى فيه من الأحداث العظيمة التي يحتاج فهمها إلى تأمل صادق وبحث عميق ، سبّب أن وقع كثير من الناس في تحليل الأحداث بمتاهات ، فكان يصعب على البعض فهم سكوت الإمام علي (عليه السّلام) في مقابل ما جرى للخلافة ، وكذا غيرها من الأحداث ، كما أن ظرف الإمام الحسن (عليه السّلام) وما جرى عليه من الظلم يختلف عن عصر الإمام الحسين (عليه السّلام) ، حيث أحاطت بالإمام الحسن (عليه السّلام) ظروف صعبة اضطرته للصلح مع معاوية حيث تركه القريب فضلًا عن البعيد ، وربما يستفيد المتضلع في أحوال الأئمة (عليهم السّلام) وما ابتلوا به في أعصارهم أموراً من بياناتهم وكيفية أفعالهم ،


فإن بعض أفعالهم لا يختص بزمان دون زمان فيأخذ بما فعل الإمام (عليه السّلام) في الظرف الذي يناسب ذلك الزمان مع ضم بعض الخطابات الشرعية ، مثل ما ورد في المعاملة مع المبدع والظالم وغير ذلك من الأُمور ، فيستنبط من المجموع حكماً شرعياً يخصه أو يعم عموم المؤمنين أو طائفة خاصة منهم.

وبعبارة أخرى : سيرة الأئمة وما قاموا به حجة شرعية على وجوب ذلك الفعل أو جوازه بحسب ما يستنبطه المتضلع في أحوالهم ، لأنّ الله تعالى لا يأمرهم إلَّا بما فيه صلاحهم وصلاح الإسلام ، وذلك منهم (عليهم السّلام) حجة على الأجيال الآتية ، حتى يعلم الناس أن الظروف تختلف ، فهناك ظرف لا بد من السكوت فيه ، وآخر تقتضي المصلحة القيام بوجه الظالم ، مع اختلاف مراتب القيام ، كما فعل الإمام الحسين (عليه السّلام) بعد انقضاء عهد معاوية لأنّ الناس رأوا ما صنع معاوية بعد أن تسلط على رقابهم ولعب ما لعب في دين الله ، ولأجل ذلك قام الحسين (عليه السّلام) بما كان يعلم أنه أمر من الله ووصية من رسوله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) ، وكان فعله حجة على أهل زمانه والأجيال الآتية ، لئلَّا يعتقد الناس أن كل من استولى على الحكم هو ولي المسلمين يجب على الناس طاعته. وبالجملة أن الإمام الحسين (عليه السّلام) أحيا ما أماته بنو أمية وما فعله حجة حتى يتنبّه الناس إلى أن المتربع على كرسي الخلافة ليس أهلًا لها ، وإنما الخلافة لأهلها ، والله العالم.

زيارة المعصومين (عليهم السلام)

مولاي الجليل ، هناك زيارة لسيدتنا فاطمة الزهراء (سلام الله عليها) في كتاب (إقبال الأعمال للسيد ابن طاوس (قدّس سرّه)) وأنا أريد نشر هذه الزيارة لبيان مظلومية مولاتنا الزهراء (سلام الله عليها) ، وسؤالي هل سند هذه الزيارة معتبر لديكم؟

باسمه تعالى ما ورد في الزيارة المنقولة في كتاب الإقبال للسيد ابن طاوس (قدّس سرّه) أمور صحيحة ونؤمن بها في أكثرها والبعض الآخر مما وصل إلينا بطريق معتبر أو من المشهورات


التي لا سبيل إلى إنكارها ، كما يفصح عن ذلك مع الغمض عما ذكر تجهيزها (سلام الله عليها) ليلًا من غير حضور أهل السقيفة وغيرهم وخفاء قبرها إلى يومنا الحاضر ، فان في هذين الأمرين كمال الإفصاح لما جرى عليها (سلام الله عليها) من الغدر والظلم كما لا يخفى لمن كان له قلب سليم خال عن المرض ، والله الهادي.

عند زيارة أئمة أهل البيت (عليهم السّلام) عن بعد ، هل يجب قراءة الاستئذان للدخول إلى الحرم الشريف؟ علماً أنّي في دولة بعيدة وأقرأ الزيارة عن بعد.

باسمه تعالى يكفي قراءة نفس الزيارة دون الاستئذان ، ويجزي في زيارة الحسين (عليه السّلام) أن يقول صلَّى الله عليك يا أبا عبد الله ثلاثاً ، والأحوط استحباباً الصعود على السطح للزيارة ، والله العالم.

هل يجوز إضافة بعض العبارات إلى زيارة المعصوم مثلًا (من مكاني) عند قراءة هذا المقطع (قاصداً إلى حرمك)؟

باسمه تعالى لا بأس بإضافة بعض العبارات لا بقصد الورود والنسبة للمعصوم (عليه السّلام) بل بقصد الإنشاء ، والله العالم.

عند زيارة أئمة أهل البيت (عليهم السّلام) في الزيارات المخصوصة في غير أوقاتها ، فهل النية تكون القربة المطلقة أم رجاء المطلوبية؟

باسمه تعالى لا بأس بقراءة الزيارة في غير وقتها برجاء المطلوبيّة أو بقصد مطلق الزيارة ، والله العالم.

تتذيل بعض زيارات الأئمة الأطهار (عليهم السّلام) صلاة الزيارة ، وفي بعضها تسبق هذه الصلاة الزيارة ، فهل يجب إتيانها على النحو الوارد في نفس الزيارة من ناحية التقديم والتأخير؟

باسمه تعالى الأحوط الأولى ملاحظة الترتيب الوارد في الزيارة والدعاء والصلاة ، والله


العالم.

ما هي أصح الزيارات الواردة ، وما درجة صحة زيارة عاشوراء ودعاء الندبة؟

باسمه تعالى بعض الزيارات معتبرة كزيارة أمين الله وزيارة عاشوراء المروية عن كتاب المزار للمشهدي ، ومضمونها صحيح قطعاً ، وكذا بعض الزيارات الأخرى كالزيارة الجامعة المعروفة ، وكذا بعض الأدعية كدعاء الندبة ، والله العالم.

أيهما الأفضل زيارة الإمام علي (عليه السّلام) أم زيارة الإمام الحسين (عليه السّلام) في الأيام غير المخصوصة لزيارة كل من الإمامين؟

باسمه تعالى لكل فضل ، ولا يبعد أن تكون زيارة الإمام الحسين سيد الشهداء (عليه السّلام) أكثر ثواباً كما في الروايات ، والله العالم.

ما رأيكم في نصّ الزيارة الزينبية ، هل هي صادرة عن معصوم؟

باسمه تعالى زيارة البقاع المباركة للأئمة (عليهم السّلام) ومن يتعلَّق بهم للتقرّب إليهم أمر مرغوب إليه شرعاً ، والمعروف في المزارات بل المنقول في جملة منهم السلام على صاحب القبر بكيفية خاصّة مشتركة أو مختصّة ، وأمّا ما ورد من كيفية خاصّة في زيارة السيدة زينب (سلام الله عليها) فيقرأ رجاءً أو بعنوان عام ، أي بعنوان ما ورد في زيارة من يتعلَّق بالأئمة (عليهم السّلام) ، والله العالم.

زيارة الأئمة (عليهم السلام) مشياً

ما هو رأيكم الشريف في مسألة المشي لزيارة الإمام الرضا (عليه السّلام) ، وذلك بمناسبة أربعين سيد الشهداء (عليه السّلام) ، مع العلم أن بعض الجهلة أخذوا يسخرون من هذا العمل؟

باسمه تعالى زيارة الأئمة (عليهم السّلام) كزيارة النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) من العبادات المستحبة عند جميع علماء الإمامية (رضوان الله عليهم) ، وقد وردت في ذلك الروايات المتواترة المروية في كتب المزار والكتب الأربعة ، والإتيان إلى زيارته مشياً على الأقدام مستحب ، وقد ورد ذلك


في زيارة مولانا أمير المؤمنين (عليه السّلام) وأنه بالمشي يكتب الله له بكل خطوة حجة وعمرة ، وإن رجع ماشياً كتب الله له بكل خطوة حجتين وعمرتين. والروايات الواردة في المشي إلى زيارة سيد الشهداء أبي عبد الله الحسين (عليه السّلام) كثيرة جدّاً ، وقد عقد في الوسائل باباً مستقلا في فضل المشي إلى زيارته (عليه السّلام) ، وورد في صحيحة الحسن بن علي الوشاء التي رواها الصدوق (قدّس سرّه) في ثواب الأعمال ورواها أيضاً ابن قولويه (قدّس سرّه) في كتاب المزار بسند صحيح ، قال : قلت للرضا (عليه السّلام) : ما لمن أتى قبر أحد من الأئمة؟ قال (عليه السّلام) : له مثل ما لمن أتى قبر أبي عبد الله (عليه السّلام). قلت : ما لمن زار قبر أبي الحسن (عليه السّلام)؟ قال : مثل ما لمن زار قبر أبي عبد الله (عليه السّلام). وظاهر هذه الرواية القريب من التصريح أن السؤال الأول راجع إلى ثواب الإتيان ، فإذا كان المشي في الإتيان لزيارة أبي عبد الله (عليه السّلام) أفضل من الركوب لزيارته ، كما أشرنا إلى الروايات فيه ، فيكون الثواب في الإتيان لزيارة سائر الأئمة (عليهم السّلام) مشياً وركوباً كالإتيان لزيارة أبي عبد الله (عليه السّلام). وأما ثواب أصل الزيارة فلا يستفاد من صدر الرواية وإنما يستفاد ثواب الإتيان ، ولذا سأل الراوي عن ثواب زيارة أبي الحسن موسى بن جعفر (عليه السّلام) بعد ذلك ، وأجابه الإمام (عليه السّلام) له مثل من زار قبر أبي عبد الله (عليه السّلام).

وعلى هذا فلا يصغي إلى وسوسة بعض الجهلة الذين ينكرون فضل المشي إلى زيارة الإمام الرضا (عليه السّلام) فإنهم غافلون عن مدارك الأحكام والعبادات المستحبة ومواضع الاستظهار ، وكذلك لا يعتنى بأقوالهم ولا عقائدهم في أمور الدين. هداهم الله إلى الرشد والصواب وهو الهادي إلى سواء السبيل ، والحمد لله رب العالمين.

أهل البيت (عليهم السلام) وعلم الغيب

هل يعلم أهل البيت (عليهم السّلام) الغيب؟

باسمه تعالى المقدار الثابت عندنا أنّ الأئمة (عليهم السّلام) إذا أرادوا أن يعلموا أمراً فيه صلاح ، يظهر لهم ذلك الأمر ، وأمّا غير ذلك فليس لنا علم به ، فهذا موكول إلى علمهم (عليهم السّلام) ، هذا بالنسبة


إلى غير الأحكام الشرعية من الأُمور الخارجية. أمّا الأحكام الشرعية فالعلم بها حاصل عندهم (عليهم السّلام) من غير تعلَّم متعارف ، ولا يرتبط هذا بعلم الغيب ، والله العالم.

حب أهل البيت (عليهم السلام) وبغض أعدائهم

حبّ أهل البيت (عليهم السّلام) وبغض أعدائهم بحدّ ذاته ، إذا لم ينجرّ إلى عمل ولم يدفع إلى عبادة ، هل يفيد الإنسان؟

باسمه تعالى إنّ حبّ أهل البيت صلوات الله عليهم وموالاتهم ومودّتهم فريضة واجبة بنصّ القرآن والسنّة ، والناصب لهم العداء خارج عن الإسلام. وقد أمرنا أهل البيت (عليهم السّلام) بعدم الاكتفاء بحبّهم عن العمل ، وما يفتري على الشيعة من أنّهم يكتفون بالولاية عن العمل تهمة كاذبة ، أمّا حساب الذين يحبّونهم ولا يعملون الصالحات ويعملون السيّئات ، فهو موكول إلى الله تعالى ، ويؤمّل لهم الخير بسبب حسنة حبّهم وولايتهم ، وقد تشملهم رحمة الله تعالى وشفاعة نبيّه وأهل بيته الطاهرين ، ولعلّ الحديث المروي «حبّ علىّ حسنة لا تضرّ معه سيّئة» ناظر إلى هذا الأصل ، وليس معناه الوعد أو العهد القطعي بشمول الشفاعة.

العلم بقصص أهل البيت (عليهم السلام)

هل يجب على المؤمن أن يعرف قصص أهل البيت (عليهم السّلام) بالتفصيل ، كقصة مظلومية الزهراء (سلام الله عليها) مثلًا أو لا؟

باسمه تعالى ينبغي للمؤمن أن يعرف ذلك تفصيلًا ، والله العالم.

المراد من لفظ أهل البيت

إنني سمعت عن الكثير من العلماء والخطباء ان زوجات الرسول (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) لسن من أهل البيت ، واستشهادهم على ذلك بآية التطهير وحديث الكساء ، ويقولون إنّ


زوجات النبي محمد (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) لسن من أهل البيت ، فما رأيكم في مجمل السؤال؟

باسمه تعالى إذا دلّ دليل في مورد خاص على تخصيص أهل البيت بجماعة خاصة أخذنا به ، كما وردت الروايات الكثيرة ومنها حديث الكساء على أن المراد من أهل البيت في آية التطهير هم (علي وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السّلام)) ، ومن هذه الروايات وقوف النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) مدة ستة أشهر على بيت علي وفاطمة (عليهما السّلام) وهو يقرأ هذه الآية الكريمة على الباب ، وظاهره اعلام الناس ان هذه الآية نزلت فيهم ، وكذلك في آية المباهلة ، ففيها تشمل كلمة (نساءنا) الزوجات ، الا ان النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) لم يأخذ معه إلا فاطمة الزهراء (سلام الله عليها). وفقكم الله للهدي والصواب والتمسك بأهل البيت (عليهم السّلام).

ولاية أهل البيت (عليهم السلام) شرط لصحة الأعمال

هل ولاية الأئمة الأطهار بشكل يرضى بها الله ورسوله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) من شرائط صحّة العمل كالإسلام ، أو أنها شرط في قبول العمل وترتّب الأجر والثواب عليه ، كما هو رأي بعض العلماء؟

باسمه تعالى ظاهر بعض الروايات المعتبرة أنّها شرط لصحّة العمل ، والله العالم.

هل علم الإمام (عليه السّلام) يشمل جميع الأشياء حتى قبل توليه الإمامة؟

باسمه تعالى الذي نعلمه ونعتقده أن الإمام (عليه السّلام) إذا أراد أن يعلم الشيء أعلمه الله ذلك ، والله العالم.

مظلومية أهل البيت (عليهم السلام)

لو تصدّى أحد المتمسّكين بالولاية الشرعية لأهل البيت (عليهم السّلام) للدفاع عن مظلوميتهم ، فهل يجوز التحريض على مقاطعته من قبل الآخرين الذين لم تثبت لديهم تلك المظلومية في نفس الكتب المعتبرة؟


باسمه تعالى مظلوميّتهم (عليهم السّلام) قد ظهرت من يوم وفاة رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) ، وهذا أمر لا يمكن إنكاره لأيّ مسلم مطَّلع على ما جرى عليهم (عليهم السّلام) ؛ بعد رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) فمن تصدّى لبيان مظلوميّتهم ببعض الأفعال التي تناسب الجزع ، أو تحريض الناس على الجزع لما أصابهم (عليهم السّلام) لا يجوز منعه ، ولا التحريض على مقاطعته ، فإنّ الجزع لما أصابهم (عليهم السّلام) من العبادات ، كما ورد ذلك في بعض الروايات الصحيحة ، والله العالم.

الإمامة والأئمة الاثنا عشر (عليهم السلام)

قال بعض الكتّاب ما نصّه : «في داخل الثقافة الإسلامية ثابت يمثّل الحقيقة القطعية مما ثبت في المصادر الموثوقة من حيث السند والدلالة ، بحيث لا مجال للاجتهاد فيه ، لأنّه يكون من قبيل الاجتهاد في مقابل النص ، وهذا هو المتمثّل ببديهيات العقيدة كالإيمان بالتوحيد والنبوة واليوم الآخر ومسلَّمات الشريعة كوجوب الصلاة ..».

«وهناك المتحوّل الذي يتحرّك في عالم النصوص الخاضعة في توثيقها ومدلولها للاجتهاد ، مما لم يكن صريحاً بالمستوى الذي لا مجال لاحتمال الخلاف فيه ولم يكن موثوقاً بالدرجة التي لا يمكن الشك فيه ، وهذا هو الذي عاش المسلمون الجدل فيه كالخلافة والإمامة والحسن والقبح العقليين والذي ثار الخلاف فيه بين العدلية وغيرهم ، والعصمة في التبليغ أو في الأوسع من ذلك ..».

والسؤال هو : هل صحيح ما ورد في هذا المقال من أنّ الإمامة من القضايا المتحوّلة التي لم تثبت بدليل قطعي؟ وهل العصمة كذلك؟ وما هو نظر الشرع فيمن ذهب إلى هذه المقالة ، هل يعد عندنا من الإمامية الاثني عشرية أم يعدّ من المخالفين؟

باسمه تعالى مسألة الإمامة وعصمة الأئمة (عليهم السّلام) من الضروريات والمسلَّمات عند الشيعة ،


ولا يضرّ في كونها ضرورية استدلال علماء الإمامية على ثبوتها في مقابل المخالفين المنكرين أو المشكَّكين فيها ، كما لا يضرّ استدلال العلماء على النبوّة الخاصّة والمعاد الجسماني في مقابل الفرق المنكرة لهما من أهل الكتاب في كونهما من ضروريات الدّين. ولتوضيح ذلك وبيانه بصورة تامّة عليك بقراءة الملحق الآتي.

الملحق الضروريات الدينية على قسمين :

قسم منها ضروري عند عامّة المسلمين أو جلَّهم كوجوب الصلاة وصوم شهر رمضان المبارك.

وقسم منها من ضروريات المذهب كجواز الجمع بين الظهرين والعشاءين من غير ضرورة ، ومثل عدم طهارة الميتة بالدبغ ، وهذه الأُمور تحسب من ضروريات المذهب ومسلَّماته ، والمنكر لذلك مع علمه بكونها ضرورية عند الشيعة خارج عن المذهب ، والمنكر في القسم الأوّل مع عدم الشبهة يخرج عن الإسلام.

هذا بالنسبة للأحكام الضرورية.

وأمّا بالنسبة للاعتقادات التي يجب معرفتها على كلّ مكلَّف عيناً والاعتقاد بها اعتقاداً جزمياً ، فبعضها من أُصول الدين كالتوحيد والنبوّة الخاصّة والمعاد الجسماني ، والقسم الآخر من الاعتقادات من أُصول المذهب كالاعتقاد بالإمامة للأئمّة (عليهم السّلام) بعد النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) والاعتقاد بالعدل ، فإنّه يجب على كلّ مكلَّف الاعتقاد بها ، إلَّا أنّ عدم الاعتقاد والمعرفة بالأوّل يخرج الشخص عن الإسلام وفي الثاني لا يخرجه عن الإسلام ، وإنّما يخرجه عن مذهب التشيّع لأهل البيت (عليهم السّلام).

والاعتقاد بكلا القسمين كما ذكر العلماء ليس أمراً تقليديّاً ، بل يجب على كلّ مكلَّف تحصيل المعرفة والاعتقاد بها ولو بدليل إجمالي تحصل به القناعة ، وكون هذه الأُمور من أُصول الدين لا يمنع البحث فيها وردّ الشبهات الواردة عليها عند طائفة من العلماء الماهرين


المطَّلعين على الشبهات وردها ، ولذا فإنّ علماء الكلام كما بحثوا في مسألة النبوّة الخاصّة ومسألة المعاد بحثوا في مسألة الإمامة أيضاً.

وكما أنّ بعض الفرق تناقش في مسألة المعاد الجسماني ، بل في مسألة النبوّة الخاصّة ، كذلك ناقشت فرقة من المسلمين في مسألة الإمامة ، ولكن هذه البحوث ، سواء كانت في أُصول الدّين أو المذهب ، لا تخرجها عن الضروريات عند المستدلَّين عليها بالأدلَّة القاطعة ، ولو لم تقبل هذه الأدلة بعض الفرق كما ذكرنا ، فإنّ استدلال العلماء على مثل هذه الأُمور بالأدلَّة إنّما هو لدفع شبهات الفرق الأُخرى ، لا أنّها مسائل اجتهادية لم يثبت شيء منها بالنصّ الصريح أو الدليل القاطع.

وبالجملة ضروريات المذهب (أي مسألة الإمامة والعدل) ثابتة عند الشيعة بأدلَّة قاطعة وواضحة بنحو حرّم العلماء التقليد فيها ، بل قالوا بوجوب تحصيل العلم والمعرفة بها على كلّ مكلَّف لسهولة الوصول إلى معرفتها ، كما أنّهم أوجبوا العلم بأُصول الدين ولم يجوّزوا التقليد فيها ، لأنّ طريق تحصيل العلم بها سهل يتيسّر لكلّ مكلَّف.

والمتحصّل : أنّ الاعتقاديات ، سواء كانت من أُصول الدين أو أُصول المذهب ، أُمور قطعية ضرورية عند المسلمين أو عند المؤمنين ، وإنّما يكون افتراق آراء المجتهدين في غير الضروريات والمسلَّمات من الدين أو المذهب ، ويفحص في غيرهما من فروع الدين عن الدليل على ذلك ، وبما أنّ العامّي لا يتمكَّن من الفحص في مدارك الأحكام ، فتكون وظيفته التقليد فيها.

فالاجتهاد والتقليد إنّما يكون في غير الضروريات والمسلَّمات ، وأمّا الضروريات فالاستدلال فيها لغرض الردّ على الفرق التي لا تؤمن ولا تعتقد بهذه الضروريات لا يخرج ذلك عن كونه ضرورياً عند أهله ، ومسألة الإمامة عند الشيعة داخلة في ذلك كما بيّنا ، والله العالم.


يرى البعض منزلة الأئمة (عليهم السّلام) ومقاماتهم ومعجزاتهم وأفضليتهم على الخلق أجمعين ، ليست بالأمر المهمّ ، وأنّها نوع من الترف الفكري ، لأنّ ما يجب الاهتمام به هو تطبيق تعاليمهم والعمل بإرشاداتهم ، والاهتمام بالجانب الأول يشغل ويؤثّر سلباً في الجانب الثاني .. فما هو رأيكم؟

باسمه تعالى المطلوب من كلّ مؤمن أن يعرف إمامه بمقدار وسعه وأنّه معيّن من الله تعالى بوصيّة رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) حسب ما أمره ربّه عزّ وجلّ ، كما عليه أن يعرف أنّ الأئمة (عليهم السّلام) معصومون ، والتأمّل في مقامات أهل البيت ودرجاتهم العلمية والعملية وخصوصياتهم الغيبية أمر راجح ؛ لأنّه يزيد المؤمن اعتقاداً بالأئمة وثباتاً على نهجهم وإصراراً على الدفاع عنهم وعن مذهبهم ، وهذا من أعظم القربات والأعمال الإسلامية الكبيرة ، بخلاف الشخص الذي لا يهتمّ بمعرفة فضائل أهل البيت ومقاماتهم ، فإنّه لا يجد في نفسه حماساً للدفاع عن المذهب وخدمة العقائد الحقّة وترسيخها وتثبيتها ، والله العالم.

مراتب الأئمة (عليهم السلام) والزهراء (عليها السلام)

يرجى بيان المقامات المعنوية لأئمتنا (عليهم السّلام) ، وكذلك سيّدة نساء العالمين الزهراء (سلام الله عليها) من جهة أنوارهم (عليهم السّلام) في ظل العرش قبل هذا العالم ، وانعقاد النطفة والطينة ، ومن عدم وصول أحدٍ إلى مراتبهم (عليهم السّلام) حتى الملك المقرب والنبي المرسل ، وأنهم (عليهم السّلام) أولياء النعم ووسائط نزول بركات الرحمن عز وجل وتجلياتها فيما منحوا من الاسم الأعظم والعلوم الغيبية الإلهية ، وأنها ثابتة في الأخبار المنقولة المعتبرة في مختلف الأبواب من الكتب؟

باسمه تعالى الأئمة (عليهم السّلام) كلهم معصومون ، وكذا الزهراء (سلام الله عليها) ، بل هم في مرتبة النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) إلَّا مرتبة النبوة ، ولذا عبر في آية المباهلة بأن نفس الإمام (عليه السّلام) نفسه (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) ، ولا فرق في هذه الجهة بين أئمتنا (عليهم السّلام) إلَّا في مرتبة التقدم والتأخر ، وقد ثبت أنهم (عليهم السّلام) أولياء النعم ووسائط


نزول بركات الرحمن ، وإذا كانوا (عليهم السّلام) بمنزلة نفس النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) فلا يصل أحد إلى مراتبهم (عليهم السّلام) حتى الملك المقرب والنبي المرسل ، والله العالم.

المراد من أفضليتهم على القرآن

ورد في كتابكم الشريف صراط النجاة (المجلد الثاني مسألة ١٧٥٣) هناك رأي يقول : إن أهل البيت (عليهم السّلام) أفضل عند الله من القرآن ، فما هو تعليقكم؟

فأجبتم : القرآن يطلق على أمرين : الأمر الأول النسخة المطبوعة أو المخطوطة الموجودة بأيدي الناس ، الثاني : ما نزل على النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) بواسطة جبرائيل (عليه السّلام) والذي تحكي عنه هذه النسخ المطبوعة أو المخطوطة ، وهو الذي ضحّى الأئمة (عليهم السّلام) بأنفسهم لأجل بقائه والعمل به ، وهو الثقل الأكبر ، ويبقى ولو ببقاء بعض نسخه ، وأهل البيت (عليهم السّلام) الثقل الأصغر ، وأما القرآن بالمعنى الأولي الذي يطلق على كل نسخة ، فلا يقاس منزلته بأهل البيت (عليهم السّلام) بل الإمام قرآن ناطق ، وذاك قرآن صامت ، وهو عند دوران الأمر بين أن يحفظ الإمام (عليه السّلام) أو يتحفظ على بعض النسخ المطبوعة أو المخطوطة ، فلا بد من اتباع الإمام (عليه السّلام) كما وقع ذلك في قضية صفين ، والله العالم.

أ) ما هو مقصودكم بعبارة ما نزل على النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) بواسطة جبرائيل (عليه السّلام) ..؟

ب) نرجو توضيح معنى تعبير الرسول (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) عن القرآن بالثقل الأكبر ، وعن أهل البيت بالثقل الأصغر بصورة مفصلة ، وهل يفهم أن هناك خلقاً أفضل من محمد وآله (عليهم السّلام) وهم علة الإيجاد؟

باسمه تعالى النسخ التي بين أيدي الناس حاكية عن القرآن الكريم الذي أنزل على النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) ، وهذا هو الذي يقول عنه الله في كتابه العزيز (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وإِنَّا لَه لَحافِظُونَ) .. ، وهذا هو الكتاب المجيد الذي فدى الرسول (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) نفسه الشريفة والأئمة (عليهم السّلام) أنفسهم لأجله ، وعلم ذلك عند النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) ومن بعده عند الأئمة (عليهم السّلام) ، وقول


علي (عليه السّلام) : «أنا القرآن الناطق» يشير إلى هذا المعنى. وأما النسخ التي بين أيدي الناس فليست إلَّا حاكية عن القرآن وليست أفضل من الأئمة (عليهم السّلام) فإذا دار الأمر بين الحفاظ على نفس الإمام (عليه السّلام) وبين حفظ النسخ يتعين حفظ نفس الإمام (عليه السّلام) ، والله العالم.

إمامة الأئمة الطاهرين من ولد الحسين (عليه السلام)

هل تثبت (بتحقيقكم) إمامة الأئمة الطاهرين التسعة من ولد الحسين (عليه السّلام) (بالقطع) وما هو منشؤه؟ وإذا كان في المقام روايات (صحيحة) يرجى الإشارة إليها ، وكذا (المتواترة).

هل ثبت (بتحقيقكم) أنّ علم أئمة أهل البيت (عليهم السّلام) لدنّي خصوصاً فيما يتعلق بالتشريع منه أم بحجة شرعية أخرى؟

باسمه تعالى هذا الموضوع يحتاج إلى بحث لا يسعه المقام ، ولكن كون الأئمة اثني عشر ، وأنهم من قريش ، مروي وثابت عن النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) باتفاق الفريقين ، وأمّا تعيين الأئمة بأسمائهم فيمكن مراجعة كتاب الحجة من الكافي ، وكتاب إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات ، وكتاب كفاية الأثر في إمامة الأئمة الاثني عشر ، وغيرها ، فقد تعرضت لهذا الأمر بالتفصيل ، والله العالم.

التوسل بالأئمة (عليهم السلام) للشفاء

ما هو تفسير (كَلَّا إِذا بَلَغَتِ التَّراقِيَ. وقِيلَ مَنْ راقٍ) (١) ، فما معنى (راق) ، وهل تصحّحون ما جاء في بعض الروايات من الندب لقراءة بعض الأدعية أو اتخاذ الأحراز طلباً للأمان أو شفاء المريض ، وما إلى ذلك؟ وكيف نوفق بينها وبين لزوم مراجعة الأطباء ، واللجوء إلى الأسباب المادية الطبيعية في الاستشفاء؟

__________________

١) سورة القيامة : الآيتان ٢٦ ـ ٢٧.


باسمه تعالى (وقِيلَ مَنْ راقٍ) : قول ابن آدم إذا حضره الموت فينسى كلّ شيء إلَّا نفسه فيطلب ولو تمنّياً من يشفيه. (وظَنَّ أَنَّه الْفِراقُ) أي أيقن بفراق الدنيا والأحبّة ، ويقينه هذا لا ينافي أنّ الله سبحانه وتعالى يشفيه مما هو فيه ، إذا تعلَّقت مشيئة الله بشفائه بتوسّله أو توسّل ذويه من الأهل والأحبّة والصلحاء بالأنبياء والأئمة صلوات الله عليهم ، وما شابه.

ولا يخفى أنّ ما ورد في بعض الأدعية كلَّه من باب الاقتضاء ، وليس بنحو يوجب التأثير لا محالة وإن لم يكن صلاحاً للشخص في علم الله سبحانه وتعالى ، والشفاء باستعمال سائر الأدعية نظير الشفاء الذي ذكره الله في القرآن بقوله (فِيه شِفاءٌ لِلنَّاسِ) في سورة النحل (١).

أذن الدعاء والرجوع إلى الطبيب لاحتمال أنّ إرادة الله بشفائه معلَّقة على فعل ذلك أمر حسن ، فإذا دعا أو دعوا له أو رجع إلى الطبيب أو توسّل بالأئمة (عليهم السّلام) فإنّ الله يشفيه إن شاء تعالى ، والله العالم.

كرامات أهل البيت (عليهم السلام)

ما رأيكم حول كرامات أهل البيت (عليهم السّلام)؟

باسمه تعالى كرامات أهل البيت (عليهم السّلام) ثابتة ومسلمة في الجملة ، إلا أن كراماتهم (عليهم السّلام) تجري حسب ما تقتضيه المصلحة والحكمة ، فإنهم الباب المعتبر به الناس ، والله العالم.

هل دماء أهل البيت (عليهم السلام) و.. نجسة؟

ما رأي سماحتكم في مدفوعات أهل بيت العصمة ، فهل دماؤهم وباقي مدفوعاتهم نجسة أم لها حكم يليق بمقامهم (عليهم السّلام) ، وإلى ماذا تشير آية التطهير؟

__________________

١) الآية ٦٩.


باسمه تعالى آية التطهير صريحة في طهارتهم من الذنوب والمعاصي ، بمعنى أنهم (عليهم السّلام) لا يتركون الواجبات ولا يرتكبون المحرمات ، حيث إنهم (عليهم السّلام) مالكون للنفس الزكية ، فهم (عليهم السّلام) لا يميلون إلى المحرمات والمعاصي ، وأما جميع الأحكام الشرعية فهم مشتركون فيها كالإتيان بالطهارة للصلاة سواء الحدثية أو الخبثية ، وإن خص رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) بأحكام خاصة به ، والله العالم.

فقه المعصومين (عليهم السلام)

استبعد البعض أن تعرض أعمال المؤمنين قبل أن تثبت عليهم على المعصومين (عليهم السّلام) ، فيستغفروا لقسم من المؤمنين ، ما رأيكم الشريف في ذلك؟

باسمه تعالى لا بعد في ذلك بأمر محتمل ، والله العالم.

أفضلية الإمام على أهل زمانه

هل يجب أن يكون الإمام أفضل أهل زمانه؟

باسمه تعالى يجب أن يكون الإمام أعلم أهل زمانه ، والله العالم.

هل يعلم الإمام كل ما يتعلق بالحياة من أمور الدين والدنيا؟

باسمه تعالى أما أمور الدين فيعلمونها ، حيث إنّ علم الدين مخزون عندهم ، وأما أمور الدنيا فعلمهم فيها محصور بما يكون في عالم لوح المحو والإثبات ، وكون كيفية علمهم بها كلية أو جزئية غير ظاهر لنا ، والذي نعلمه أنّه إذا كان في البين مصلحة وشاؤوا أن يعلموا يظهر لهم ذلك الأمر ، والله العالم.

التفاضل بين المعصومين (عليهم السلام)

هل هناك تفاضل بين المعصومين (عليهم السّلام) باستثناء الرسول (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) والإمام علي (عليه السّلام)؟


باسمه تعالى كلهم في الفضل سواء ، إلا أن لبعضهم خصوصية يختص بها وتعد فضيلة اقتضاها زمانه ، كخصوصية الإمام الحسين (عليه السّلام) أن الأئمة من ذريته والإمام صاحب العصر والزمان زمانه يناسب ظهور نعمة الإسلام والتدين في جميع أرجاء الأرض فيملؤها قسطاً وعدلًا بعد ما ملئت ظلماً وجوراً ، والله العالم.

التفضيل بين الأئمة (عليهم السلام)

هل هناك تفضيل بين الأئمة (عليهم السّلام)؟ وإذا كان فما هو الدليل على ذلك؟

باسمه تعالى كلَّهم نور واحد ، إلَّا أنّ لبعضهم على بعض أفضلية من وجهة التقدّم ، والله العالم.

هل هناك تفضيل بين الأئمة (عليهم السّلام) والأنبياء باستثناء رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم)؟ وإذا كان فما هو الدليل على ذلك؟

باسمه تعالى أئمتنا (عليهم السّلام) أفضل من الأنبياء ما عدا الرسول (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) ، والله العالم.

حق المعصوم (عليه السلام) في ليالي الأفراح والأحزان

هل يجوز مزاحمة حق المعصوم (عليه السّلام) كإقامة ليالي الزواج في مناسبات مواليد المعصومين (عليهم السّلام) ، بحجة إن تصله بركة المولد؟ وما هو نظركم الشريف في ذلك؟ وما هو رأيكم المبارك في عدم إقامة الفواتح أيام وليالي وفيات المعصومين (عليهم السّلام)؟

باسمه تعالى لا بد من تقديم مناسبات الأئمة (عليهم السّلام) على مناسبات الأفراح ، إلا إذا أريد الجمع بينهما من باب التبرك ، وأعلم الناس عن سر اختياره لتلك الليلة المباركة ، وأما في الأحزان كأيام عاشوراء فينبغي تخصيص تلك الأيام لصاحب المصيبة ، فما المفقود وإن عزّ على الفاقد بأعظم مصيبة من مصايب أهل البيت (عليهم السّلام) ، والله العالم.


تمثيل شخصية المعصوم

هل يجوز تمثيل شخصية أحد الأئمة (عليهم السّلام) في عرض تمثيلي؟ وإذا لم يتمّ ، فهل يجوز تقليد الصوت من خلف الستارة؟

باسمه تعالى لا يجوز ما فيه وهن لمقام الأئمة (عليهم السّلام) أو تمثيل بعض الأشخاص العاديين غير المبالين بمقام الإمام (عليه السّلام) ، والله العالم.

الأئمة (عليهم السلام) وحركاتهم التاريخية

ما هي المراحل التي مرّ بها الأئمة من أهل البيت (عليهم السّلام) في حركتهم التاريخية؟

باسمه تعالى الظاهر أن الأئمة (عليهم السّلام) كانوا على طائفتين : طائفة منهم (عليهم السّلام) كان هدفهم الأساسي تثبيت عقائد الناس وبيان الأُمور الاعتقادية الدينية عملًا وقولًا ، مثل الذي حصل بعد رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) إلى آخر قضية كربلاء ، فإن هدف الأئمة (عليهم السّلام) من زمن مولانا أمير المؤمنين (عليه السّلام) إلى زمن مولانا زين العابدين (عليه السّلام) هو بيان المعتقدات الحقة ، والأُمور اللازمة على الرعية.

الطائفة الثانية من زمن مولانا الباقر (عليه السّلام) كان أكثر همهم بيان الأحكام الشرعية الفرعية بعد ما تمت الحجة بالنسبة لمعتقدات الشيعة من بعد رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) ، بحيث لو أن شخصاً بصيراً اطلع على ما جرى بعد رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) إلى آخر ما انتهت إليه قضية كربلاء ، لأيقن يقيناً تاماً جازماً بأن الحق مع شيعة علي (عليه السّلام) ، وكان هؤلاء يشيرون في بعض الموارد إلى ما جرى بعد رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) حتى لا يُنسى ، والله العالم.

الطلب من الأئمة (عليهم السلام)

ما رأي سماحتكم حول الطلب من الأئمة (عليهم السّلام)؟

باسمه تعالى الأئمة (عليهم السّلام) ملجأ لابتغاء الوسيلة في طلب الحوائج من الله لا في نفس طلب


الحوائج ، فإن الله هو الصمد وهم وسائط العباد إليه سبحانه ، حيث يقول الله سبحانه وتعالى (وابْتَغُوا إِلَيْه الْوَسِيلَةَ) ، والله العالم.

أنوار الأئمة (عليهم السلام)

أرجو منكم بيان الحقيقة المحمدية والعلوية والفاطمية على الترتيب ، وهل هي موجودة أم من الأُمور التي تدخل في الشرك ، مع بيان أسماء الكتب المعتبرة لديكم التي تتكلم حول هذه المواضيع؟

باسمه تعالى لا نعلم من حقيقتهم إلَّا أنّ أنوارهم مخلوقة من قبل خلق الأشياء ، وأجسادهم باقية على حالها مفارقة لأرواحهم ، والله العالم.

علم الإمام

هل يمكن أن يصل الإنسان إلى علم الإمام؟

باسمه تعالى الإمامة خصوصية من قبل الله تعالى ، بحسب استعداد الشخص وكمال نفسه ، يكون علم غيرهم مثل علمهم أصلًا ، ولو علم الله في غيرهم هذا الكمال لأعطاهم ، فإنّ الله ذو فضل عظيم وسعت رحمته كل شيء ، والله العالم.

وظيفة الإمام (عليه السلام)

ما هي وظائف الإمام؟

باسمه تعالى نصب الرسول (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) الأئمة (عليهم السّلام) لأمرين : الأوّل مسألة إبلاغ النّاس الأحكام الشرعية ؛ حيث إنّهم عدل القرآن كما ورد في حديث الثقلين ، إذ قال (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) : «إنّي تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي وإنّهما لن يفترقا حتى يردا علىّ الحوض» ، فعلمنا أن بيان الأحكام وظيفتهم (عليهم السّلام).


الثاني : الزعامة على الرعيّة حيث أثبتها رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) في قضيّة غدير خم وغيرها ، إذ أثبت لهم الولاية من بعده كما كانت له (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) في حياته ، والله العالم.

إعجاز المعصوم (عليه السلام)

هل يصح أن يقال : إن المعصوم (عليه السّلام) يخلق طولياً لا عرضيا؟

باسمه تعالى المعصوم لا يخلق وإنما يعمل عملًا على سبيل الإعجاز بإذن الله كما فعل عيسى (عليه السّلام) ، والله العالم.

الأخذ من غير أهل البيت (عليهم السلام)

هل يجوز أن نأخذ فكرنا من غير مدرسة أهل البيت (عليهم السّلام)؟

باسمه تعالى ليس في البين حجة بعد ظواهر الكتاب إلَّا قولهم (عليهم السّلام) الذي هو قول النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) ، والله العالم.

توهين المعصوم

ما حكم من قصد توهين شخص المعصومين (عليهم السّلام)؟

باسمه تعالى إن كان التوهين بالسب وكان السب أو التوهين لإظهار العداوة للإمام (عليه السّلام) فيحكم بكفره ، وفي غير ذلك فعليه التعزير ، والله العالم.

قضية كربلاء

في بعض الكلمات : إنّ أوثق المصادر في قضية الحسين (عليه السّلام) هو كتاب (اللهوف في قتلى الطفوف) للسيد ابن طاوس (قدّس سرّه) ، فما هو رأيكم في ذلك؟

باسمه تعالى ثبوت حوادث كربلاء على نحو الإجمال حاصل بالتواتر وبالأخبار المعتبرة الواردة عن أهل البيت (عليهم السّلام) ، وأمّا تفاصيل الحوادث فتطلب من كتب متعدّدة ، ومنها الكافي


وكتب المزار لعلمائنا الأبرار ، وأمّا كتاب اللهوف وكتاب أبي مخنف فهو كسائر كتب التاريخ الخاضعة لميزان البحث العلمي ، والله العالم.

خروج الحسين (عليه السلام)

أقيمت مسابقة قصصية في أحد المآتم ، موضوعها : لو أننا فرضنا جدلًا أن الإمام الحسين (عليه السّلام) بايع يزيد.

اكتب في ما لا يقل عن أربع صفحات توقعاتك عن العواقب الوخيمة التي ستحل على الأمة الإسلامية وأثرها المنعكس على واقعنا الحالي وعلى المستقبل البعيد ..

لذا نرجو من العلماء الأفاضل إجابتنا عن الأسئلة التالية :

أ) هل يجوز طرح مثل هذه الفرضيات؟ مع العلم بأن المسابقة تهدف إلى إلقاء الضوء على نظرة الإمام وأبعادها وسداد رأيه باتخاذه مثل هذه المواقف.

ب) هل يشكل هذا تعدياً على عصمة الإمام (لأن بعض الأخوة رآها من جهة أن العصمة تقتضي أن لا يقوم بمثل هذا العمل). فلا يجوز طرح مثل هذه المواضيع مع العلم بأنها كانت فرضية.

باسمه تعالى إن كان المقصود من طرح هذه الفرضيات وطلب الإجابة من الأشخاص توضيح ما أوجب لسيد الشهداء (عليه السّلام) الخروج مع أصحابه وأهل بيته (عليهم السّلام) إلى العراق ، واستشهادهم في تلك الواقعة العظيمة ، وما جرى على أهل بيته (عليهم السّلام) بعد ذلك من الحوادث المؤلمة ، ليتبين للأشخاص عظمة هذه الواقعة ، ويظهر لهم أنه كان في ذلك نجاة الدين وحفظ الشريعة وبقاء أحكام الدين ، كما ينبئ عن ذلك ما روى عنه (عليه السّلام) وعن سائر المعصومين (عليهم السّلام) ، فلا بأس به ، ولكن لا بد ان لا يكون طرح هذه الفرضيات بحيث يقع في


الأذهان أن الإمام (عليه السّلام) يفعل كسائر الناس وإن الحسين (عليه السّلام) رجح الخروج لمجرد حدس حصل له ، كما يفعل سائر الناس في الحوادث ، لأن ذلك غير صحيح ولا يناسب شأن الإمام (عليه السّلام) ، بل ما قام به الحسين (عليه السّلام) إنّما كان لتكليف إلهي ، وكان (عليه السّلام) يعلم بما سيجري عليه وعلى أهل بيته (عليهم السّلام) ، ومع ذلك أقدم على العمل لكونه مأموراً بذلك ، وإن كان الغرض من هذا التكليف حفظ الدين وإصلاح الأمة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، كما يدل على ذلك ما روي من كلماته (عليه السّلام) في المواقف المتعددة ، مثل قوله (عليه السّلام) : «إنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي ؛ أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر وأسير بسيرة جدي وأبي علي بن أبي طالب (عليه السّلام)». وقوله (عليه السّلام) : «وإذ بليت الأمة براعٍ مثل يزيد فعلى الإسلام السلام». والله العالم.

كسوف الشمس لشهادة سيد الشهداء (عليه السلام)

كيف نوفق بين ما روي من أن الشمس انكسفت لقتل سيد الشهداء (عليه السّلام) ، وبين ما روي من قوله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) من أن كسوفها آية ولم تكسف لموت أحد؟

باسمه تعالى ما ورد من أن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا تنكسفان لموت أحد إنما هو في الموت المتعارف ، كما في موت ولده إبراهيم (عليه السّلام) ، ويدلّ على ذلك تعبيره (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) لا تنكسفان لموت أحد وحياة أحد لا بالقتل والشهادة. وفي قوله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) مصلحة عامة هي سد باب الدعاية الباطلة ، حيث يمكن أن يموت أحد من الفساق والفجار والطغاة في يوم تنكسف فيه الشمس أو يخسف فيه القمر ، فيجعلون موته عند إحدى هاتين الآيتين. وقضية سيد الشهداء وسائر الأئمة المعصومين (عليهم السّلام) قضية عامة وصدمة في الإسلام أصابت جميع المؤمنين ولم تختص بأحد ، ولهذا يعد إحياء ذكرهم (عليهم السّلام) من شعائر المذهب ، ومعلوم أن مظلوميتهم (عليهم السّلام) تؤثر في الكون حيث إنه سبحانه وتعالى يريد بذلك إظهار مظلوميتهم ومظلومية أهل بيت النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) وأصحابه الذين استشهدوا معه ، وإظهار فسق الطغاة وعظم


جرمهم ، وقد جرى قريب ذلك في قضية النبي يحيى (عليه السّلام) حيث ورد في الرواية أن السماء بكت لقتله ، وما وقع لسيد الشهداء (عليهم السّلام) ليس خصوص كسوف الشمس بل وقعت آيات أخرى كما ورد أنه في يوم عاشوراء بعد قتلهم (عليهم السّلام) ما رفع حجر إلَّا كان تحته دم ، وقد يتغير لون بعض الأحجار في يوم عاشوراء حتى في زماننا هذا ، أو غيرها من الآيات ، والله الهادي إلى صراط النجاة.

الإمام الحسين (عليه السلام) بين الوجوب والخيار

هل كان الإمام الحسين (عليه السّلام) مخيراً بين الخروج وعدمه أم كان الأمر واجباً عليه؟

باسمه تعالى كان الإمام الحسين (عليه السّلام) مخيراً في الخروج واختيار الشهادة حتى بعد وصوله إلى كربلاء ، ولكن عهد من جدّه وأبيه بأنّ له منزلة لا ينالها إلَّا باختيار الشهادة ، والله العالم.

بعض ما ورد في حق الإمام الحسين (عليه السلام)

أرجو من سماحتكم التعليق على هذا الكلام ، ورد عن رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) : «.. وأنا من حسين» كما ورد عن إمامنا الحسن (عليه السّلام) : «لا يوم كيومك يا أبا عبد الله» كما ورد عن سيدتنا زينب (سلام الله عليها) يوم كربلاء : «اليوم مات جدي محمّد المصطفى ، اليوم مات أبي علي المرتضى ، اليوم ماتت أُمي فاطمة الزهراء ، اليوم مات أخي الحسن المجتبى». ألا نستطيع أن نقول إن ما قدمه الإمام الحسين (عليه السّلام) في كربلاء لم يقدم مثله نبي أو وصي حتى جده رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم)؟

باسمه تعالى هذه العبارات المنقولة عن لسان النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) وأهل بيته الطاهرين تحتمل وجوهاً ، فقوله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) في حق ولده الحسين (عليه السّلام) «وأنا من حسين» ان حركة الإمام الحسين (عليه السّلام) ودعوة النبي ودينه يكمل بعضها بعضاً ، ولو لا حركة الإمام الحسين (عليه السّلام) لم يبق هذا الدين ، فهو (عليه السّلام) حافظ لدين جدّه رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم). كما أنّ العبارة الواردة عن الإمام


الحسن (عليه السّلام) بحق أخيه الحسين (عليه السّلام) «لا يوم كيومك يا أبا عبد الله» ان المصائب التي جرت على الإمام الحسين (عليه السّلام) وأهل بيته لم تجر على أحد من الأئمة (عليهم السّلام) وإن كان كلهم مظلومين مقهورين ، وكلمة السيدة زينب (سلام الله عليها) «اليوم مات جدي ..» ان الإمام الحسين (عليه السّلام) آخر الأنوار الخمسة وآخر أهل العباء فبعد فقده لم يبق أحد منهم ، فأعادت مصيبته مصايبهم (عليهم السّلام) جميعاً وعلى كل حال فهم (عليهم السّلام) أعلم بما قالوا ، والله المسدد.

ما يدور حول إقامة الشعائر الحسينية

ما هو نظركم المبارك في ما يخص إقامة الشعائر الحسينية ، خاصة الزنجير؟

باسمه تعالى كل جزع على مصايب سيد الشهداء وأهل بيته وأصحابه (عليهم السّلام) جميعاً مطلوب ومأجور عليه ، واللطم ولو بالزنجير المتعارف عند المواكب كالضرب على الرأس والفخذين والبكاء والعويل كل ذلك داخل في الجزع ، والله العالم.

الشعائر الحسينيّة

في بعض الأقوال : إنّ اللطم على الحسين (عليه السّلام) إذا كان عنيفاً يؤدّي لإدماء الصدر أو الألم الشديد فهو محرّم لعدّة وجوه :

١ ـ إنّه ليس أُسلوباً حضارياً ، وينبغي طرح قضيّة الحسين (عليه السّلام) بصورة واقعيّة وحضاريّة.

٢ ـ إنّه لم يرد عن الرسول وأهل بيته (عليهم السّلام).

٣ ـ إنّ كلّ إضرار بالجسد حرام وإن لم يؤدّ إلى التهلكة أو قطع العضو من الجسد ، فالذي يعرّض نفسه للهواء البارد مع احتمال حدوث مرض في صدره يكون ارتكب محرّماً.

ما هو رأيكم في هذه المقالة؟


باسمه تعالى اللطم وإن كان شديداً حزناً على الحسين (عليه السّلام) من الشعائر المستحبّة ؛ لدخوله تحت عنوان الجزع الذي دلَّت النصوص المعتبرة على رجحانه ولو أدّى بعض الأحيان إلى الإدماء واسوداد الصدر ؛ ولا دليل على حرمة كلّ إضرار بالجسد ما لم يصل إلى حدّ الجناية على النفس ، بحيث يعدّ ظلماً لها ، كما أنّ كون طريقة العزاء حضارية حسب زعمهم أو لا ، ليس مناطاً للحرمة والإباحة ، ولا قيمة له في مقام الاستدلال ، والله العالم.

إقامة العزاء والشعائر الحسينيّة

يتردد على مسامعنا في الفترة الأخيرة أن عصر الحداثة والتطور لا يناسبه استخدام الأساليب التقليدية لإحياء مجالس الإمام الحسين (عليه السّلام) ، فمادام الشعور القلبي مع الإمام الحسين (عليه السّلام) فلا نحتاج إلى هذه المظاهر التي قد تسيء إلى التشيع والشيعة! فما هو رأيكم الشريف في هذا الموضوع؟

باسمه تعالى هذه المظاهر غير المتعارفة في نظر البعض لمناسبات العزاء في موت بعض الأشخاص ، إنّما هي لغرض الإبقاء على ذكرى قضية كربلاء التي هي إحدى الدلائل القاطعة على حقانية مذهب أهل البيت (عليهم السّلام) وبطلان مذهب المخالفين ، وهذه المظاهر غير المتعارفة تجري في بعض أنواع الدعايات والإعلام للفت أنظار الناس إلى أهمية الموضوع ، ولا بد أن نحافظ على استمرار هذه المظاهر لتبقى على مدى العصور والأجيال ، ويبقى الدليل على حقانية مذهب أهل البيت (عليهم السّلام) محفوظاً في قلوب الشيعة وشعورهم ينتقل من جيل إلى جيل ومن نسل إلى نسل ، وحث أئمة أهل البيت (عليهم السّلام) على إحياء ذكرى هذه القضية في تعبيراتهم المختلفة والمتكررة وإقامة العزاء في بعض بيوتهم (عليهم السّلام) إحياءً لهذا الأمر وقولهم كما في الرواية الصحيحة الواردة عنهم (عليهم السّلام) : «كل جزع مكروه إلَّا على ما أصاب سيد الشهداء (عليه السّلام)» ، كل هذا حتى لا تنسى هذه القضية ، كما نسيت قضايا متعددة مهمة حدثت في صدر الإسلام مما سبب إنكار غالب المسلمين لها أو التشكيك فيها ، حتى من


بعض المنسوبين للشيعة ، فأسأل الله تعالى أن يحفظكم من كل فتنة تضعف من هممكم في المحافظة على إقامة الشعائر الحسينية وإحياء المناسبات المرتبطة بأهل البيت (عليهم السّلام) ، إنه سميع مجيب.

شعائر عاشوراء

من المنقول عن السيد الخوئي (رحمه الله) أنّه أفتى بأنّ مظاهر العزاء المتعارفة كاللطم والضرب إذا كانت مستلزمة للإساءة لصورة المذهب الشيعي فهي محرّمة؟ ما تعليقكم على ذلك؟

باسمه تعالى قد تقدّم أنّ كلّ مظهر من مظاهر العزاء إذا صدق عليه عنوان الحزن والجزع لمصاب أهل البيت (عليهم السّلام) فهو من الأُمور المستحبّة ، خصوصاً المظاهر غير المتعارفة التي يفعلها الشيعة لجلب النفوس وإثارة العواطف تبليغاً لقضية الحسين (عليه السّلام) ، وهذا المنهج للإعلام والتبليغ متّبع حتّى في عصرنا الحاضر ، ولعلّ الذين ينتقدون مظاهر عاشوراء يسكتون عنه لو صدر من غير الشيعة ، ولا حول ولا قوّة إلَّا با لله العليّ العظيم.

العزاء

يعترض بعض النّاس على القصائد التي تمدح أهل البيت (عليهم السّلام) إذا تضمنت مقطعاً غزلياً ، ويقولون : إن ذلك مخلّ بالأدب ومنافٍ للعرف وإلى غير ذلك؟ فما قولكم في ذلك؟

باسمه تعالى إذا كان مدلوله أمراً صحيحاً فلا مانع منه ، والله العالم.

تاريخ الشعائر الحسينية

ما هو رأيكم في الشعائر الحسينية؟ وما هو الرد على القائلين بأنّها طقوس لم تكن على عهد الأئمة الأطهار (عليهم السّلام) فلا مشروعية لها؟


باسمه تعالى كانت الشيعة في عهد الأئمة (عليهم السّلام) تعيش حالة التقية ، وكانوا يقيمون مظاهر العزاء بما يمكن لهم ، وعدم وجود الشعائر في وقتهم مثل زماننا إنّما هو لعدم إمكانها ، وهذا لا يدلّ على عدم مشروعيتها في زماننا ، ولو كان الشيعة في ذلك الوقت يمكنهم إظهار الشعائر وإقامتها لفعلوا كما فعلنا مثل نصب الأعلام السوداء على أبواب الحسينيات بل الدور إظهاراً للحزن ، ومن قرأ تاريخ زيارة الشيعة للإمام الحسين (عليه السّلام) في زمن المعصومين (عليهم السّلام) أدرك ذلك ، ولو كان ذلك بدعة لكان هذا أيضاً بدعة حيث لم يكن في زمن الأئمة (عليهم السّلام).

وبالجملة ، فكلّ هذه الشعائر تدخل تحت شعائر الله وإظهار الحزن لما أصاب الحسين (عليه السّلام) وأهله وأصحابه أو سائر الأئمة (عليهم السّلام) الذي دلّ الدليل على مشروعيته واستحبابه ، وأنّه من أعظم القربات إلى الله تعالى ، قال تعالى (ذلِكَ ومَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ الله فَإِنَّها مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ) ، وقال الباقر (عليه السّلام) للفضيل بن يسار : «أتجلسون وتتحدّثون؟ قلتُ : بلى ، قال : إنّي أُحبّ تلك المجالس فأحيوا فيها أمرنا ، من جلس مجلساً يحيي فيه أمرنا لم يمت قلبه يوم تموت القلوب» ، والله العالم.

كل مظهر إذا صدق عليه عنوان الحزن والجزع لمصاب

أهل البيت (عليهم السلام) فهو من الأُمور المستحبة

يقال انّ السيدة زينب (سلام الله عليها) لم تخرج أبداً من الخيمة في حياة الإمام الحسين (عليه السّلام) إلا عند مصرع علي الأكبر (عليه السّلام) وأن الذي يقال (أنها خرجت حينما رأت جواد الحسين (عليه السّلام) خالياً وذهبت إلى مصرعه ورأت الشمر جالساً على صدر الإمام (عليه السّلام) وأن الشمر ألمها بالسوط حتى أغشى عليها) ليس بصحيح ، وأنهم استدلوا برواية سموها برواية التضليل ، ما رأي سماحتكم بذلك؟

باسمه تعالى ما جرى من قضايا كربلاء بعضها من المسلمات وهو ما وصل إلينا بطريق


معتبر عن أهل البيت (عليهم السّلام) ومنهم السيدة زينب (سلام الله عليها) ، ومن هذه الأُمور المسلمة والصحيحة قضية خطبة السيدة زينب (سلام الله عليها) في مجلس ابن زياد ومجلس يزيد في الشام حيث أبطلت أكذوبتهم وفضحتهم وهيجت الرأي العام عليهم ، ولو لا هذه الخطبة وأمثالها لم يظهر يزيد الندم ويلعن ابن زياد وعمر بن سعد مع إعلان أهل الشام يوم قدوم السبايا يوم فرح وسرور بانتصار يزيد على الخوارج! وبعض القضايا المنقولة إلينا من قضية كربلاء نقلت إلينا عن طريق كتب السيرة والكتب التاريخية فهي كسائر القضايا التاريخية تحتمل الصحة والصدق ، ولا بأس بنقلها عن هذه الكتب وينال بنقلها الأجر والثواب ما لم يعلم كذبها ، والله العالم.

حكم لبس السواد واللطم على الصدور

في مراسيم العزاء لسيد الشهداء (عليه السلام)

ما هو رأيكم المبارك في لبس السواد واللطم على الصدور أثناء إحياء مراسيم العزاء لسيد الشهداء (عليه السّلام) في شهر محرم الحرام وباقي الأئمة الأطهار (عليهم السّلام)؟

باسمه تعالى لا إشكال ولا ريب ولا خلاف بين الشيعة الإمامية في أن اللطم ولبس السواد من شعائر أهل البيت (عليهم السّلام) ومن المصاديق الجلية للآية (ذلِكَ ومَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ الله فَإِنَّها مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ) ، كما أنّها من مظاهر الجزع الذي دلت النصوص الكثيرة على رجحانه في مصايب أهل البيت (عليهم السّلام) ومآتمهم ، ومن يحاول تضعيف هذه الشعائر أو التقليل من أهميتها بين شباب الشيعة فهو من الآثمين في حق أهل البيت (عليهم السّلام) ومن المسئولين يوم القيامة عمّا اقترفه في تضليل الناس من جهة مظالم الأئمة (عليهم السّلام) ، ثبت الله المؤمنين على الإيمان والولاية والله الهادي إلى سواء السبيل.

هل ترون ما ذهب إليه صاحب الحدائق من أن لبس السواد في عزاء سيد الشهداء (عليه السّلام) وبقية الأئمة (عليهم السّلام) راجح شرعاً؟


باسمه تعالى ما ذهب إليه صاحب الحدائق (قدّس سرّه) صحيح ، فإن لبس السواد من مظاهر الحزن على ما أصاب سيد الشهداء (عليه السّلام) وأهل بيته وأصحابه (عليهم السّلام) وكذا سائر الأئمة (عليهم السّلام) وإظهار الحزن في مصايبهم مندوب شرعاً للنصوص الكثيرة وفيها الصحيح ، والله العالم.

ألا يكره للمصلي لبس السواد؟ كيف نجمع بين هذا الحكم الشرعي وبين استحباب لبس السواد عزاءً على الحسين (عليه السّلام)؟

باسمه تعالى لم يثبت كراهية لبس السواد لا في الصلاة ولا في غيرها. نعم ، ورد في بعض الروايات ما يستفاد منها كراهية لبس السواد ، ولكنها ضعيفة السند ، ومع الإغماض عن ضعفها فالكراهة في الصلاة بمعنى كونها أقل ثواباً ، ولبس السواد في عزاء الحسين والأئمة (عليهم السّلام) لأجل إظهار الحزن وإقامة شعائر المذهب مستحب نفسي ، وثوابه أكثر من نقص الثواب في الصلاة ، والله العالم.

ما حكم اللباس الأسود في الصلاة أيام وفيات الأئمة (عليهم السّلام) ، هل هو مكروه؟

باسمه تعالى إذا كان اللبس بداعي إظهار الحزن وتعظيم الشعائر فليس بمكروه ، والله العالم.

العزاء واللطم

هل يجوز إقامة العزاء على المعصومين (عليهم السّلام) من قبل النساء بصوت عالٍ مع العلم بوصول الصوت إلى الرجال الأجانب؟

باسمه تعالى إذا كان المجلس للنساء فقط فلا بأس به ، والله العالم.

أشيع في الآونة الأخيرة مقالة مفادها : أنه ليس من الضروري اللطم على المعصومين ، ما دام الحزن موجوداً في القلب. ما رأي سماحتكم في هذا؟

باسمه تعالى لا يكفى الحزن في القلب في إقامة الشعائر على المعصومين (عليهم السّلام) بل ينبغي


في تحقيق شعار الحزن إظهار البكاء والتباكي واللطم لتنبيه الناس على ما جرى عليهم من المظلومية ، والله العالم.

اللطم على الصدور والضرب بالسلاسل

تكلم البعض عن الشعائر الحسينية وقال : إن اللطم على الصدور والضرب بالسلاسل حالة من التخلف الحضاري. فما هو رأيكم في هذا الأمر؟

باسمه تعالى كل ما يدخل في عنوان الجزع لما أصاب سيدنا سيد الشهداء (عليه السّلام) فهو مرغوب إليه ، كما ورد في الروايات الصحيحة ، وكذا غيره من الأئمة (عليهم السّلام) ، والله العالم.

ضرب السلاسل إلى حد احتقان الدم

هناك من يذهب في اللطم أو الضرب بالسلاسل إلى حد احتقان الدم تحت الجلد وتسبب اسوداد ، بل ويؤدي إلى الإدماء ، هل يجوز ذلك؟

باسمه تعالى إذا صدق عليه عنوان الجزع فلا بأس ، والله العالم.

الكشف عن الصدور لِلَّطم والضرب بالسلاسل

هناك من الرجال من ينزع ملابسه للطم والضرب بالسلاسل ، وهم على مرأىً من النساء ، هل يجوز لهم ذلك؟

باسمه تعالى لا يجب على الرجال الستر أزيد من الستر الواجب ، وهو ما يستر ما بين السرة والركبة ، فإذا كان نزع القميص لغرض عقلائي فلا بأس بنزعه ، والمورد من هذا القبيل. نعم ، لا يجوز للنساء النظر إلى الرجال مع الالتذاذ الجنسي مطلقاً ، والله العالم.

كل جزع مكروه سوى الجزع والبكاء على الحسين (عليه السلام)

ما رأيكم في رواية معاوية بن وهب عن الصادق (عليه السّلام) كل الجزع والبكاء مكروه


سوى الجزع والبكاء على الحسين (عليه السّلام) ، سنداً ودلالة؟

باسمه تعالى هي تامة دلالةً وصحيحة سنداً ، والله العالم.

البكاء والجزع لسيد الشهداء (عليه السلام)

ما هو حكم ضرب الهامات بالسيوف في عاشوراء وغيرها مواساةً للإمام الحسين (عليه السّلام) وولده وأصحابه (رضوان الله تعالى عليهم)؟

باسمه تعالى الجزع والبكاء على سيد الشهداء وولده وأصحابه (عليهم السّلام) أمر مطلوب ومرغوب فيه ، فالأفضل اختيار ما هو محرز دخوله في الجزع كالبكاء واللطم على الرأس والصدر والفخذين والعويل ونحو ذلك ، والله العالم.

الجهر بالبكاء في ليلة عاشوراء

في ليلة عاشوراء وليالي محرم عامة تحدث بعض الظواهر ، أردت الاستفسار من سماحتكم عن حكمها ، كالبكاء بصوت مرتفع مع أنه يوجد عدد من الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة التي تحث المسلم على أن يمسك بزمام نفسه عند المصيبة وتحرم النياح ، قال تعالى (الَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قالُوا إِنَّا لِلَّه وإِنَّا إِلَيْه راجِعُونَ أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ ورَحْمَةٌ وأُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ).

باسمه تعالى ما جرى على أهل البيت (عليهم السّلام) في يوم عاشوراء مصيبة في المذهب والدين ، فإن الجزع فضلًا عن البكاء في مصايب أهل البيت (عليهم السّلام) يعتبر عبادة ، والآية ناظرة إلى المصيبة الشخصية كفقد عزيز على الشخص لا المصيبة الدينية ، والله العالم.

البكاء والجزع

في بعض التصريحات : إنّه لا داعي لإثارة مصيبة كربلاء بين الناس بشكل عنيف وحماسي بحيث يكون (حالة طواري بكائية!) فإنّ ذلك ليس أسلوباً حضارياً


ولا إسلامياً ، ما هو رأيكم في هذه الدعوى؟

باسمه تعالى البكاء الشديد والإبكاء المثير من الأُمور المستحبّة التي دلَّت على رجحانها النصوص الكثيرة ؛ ففي الوسائل (باب ٦٦ من أبواب المزار) روايات كثيرة في استحباب ذلك ، ومنها صحيح معاوية بن وهب ، عن الصادق (عليه السّلام) أنّه قال لشيخ : أين أنت عن قبر جدّي المظلوم الحسين؟ قال : إنّي لقريب منه. قال (عليه السّلام) : كيف إتيانك له؟ قال : إنّي لآتيه وأُكثر. قال (عليه السّلام) : ذاك دم يطلب الله تعالى به ، ثمّ قال : كلّ الجزع والبكاء مكروه ما خلا الجزع والبكاء لقتل الحسين (عليه السّلام). والله العالم.

تقدّم البكاء أو الخطبة في يوم عاشوراء

في الأيام العشرة الأولى من المحرم كما هو معروف نحتفل نحن الشيعة بذكري عاشوراء ، ومن ضمن المراسيم التي تقام في تلك الأيام أن يأتي الخطيب إلى المأتم الحسيني ويطرح موضوعاً دينياً أو اجتماعياً أو ثقافياً مما يفيد المجتمع به ، ومما يحتاجه المجتمع الإسلامي عامة ، وبعد أن يلقي الخطيب موضوعه يبدأ الخطيب بذكر مصيبة الإمام الحسين وأهل بيته وأصحابه وذكر الأبيات التي تجلب الدمع في مصابهم (عليهم السّلام) وهذا الجميع متفق عليه ، إلَّا أنه في يوم العاشر أو ليلة العاشر اختلف الناس بين من يقول إنه يجب أن يقتصر المجلس الحسيني على ذكر المصيبة والبكاء على الإمام الحسين وما جرى عليه في ذلك اليوم ، مع تضمينها مواعظه (عليه السّلام) وبنفس طريقة قراءة التعزية ، حيث إنّ الناس في ذلك اليوم يكونون متعطشين إلى البكاء على الإمام الحسين (عليه السّلام) ، وبين من يقول : إنه لا بأس بالإتيان بالموضوع ولو بشكل مختصر والإتيان بالمصيبة ، وبذلك نجمع بين العِبرة والعَبرة خصوصاً إذا كان الخطيب ذا قدرة عالية في إيصال المعلومة ، ويطرح مواضيع جيدة تهم وتفيد المجتمع الإسلامي مع التركيز على جانب المصيبة أكثر. نرجو من سماحتكم إبداء رأيكم في ذلك؟


باسمه تعالى ينبغي للخطيب أن يذكر في ليلة عاشوراء ويومها الأُمور الراجعة إلى مصايب أهل البيت (عليهم السّلام) فإن مصايبهم كثيرة والعبرة في هذه الأيام مطلوبة جدّاً فإن البكاء والتعزية عليهم (عليهم السّلام) من شعائر الموالين لأهل البيت (عليهم السّلام) ، والله العالم.

خلع الملابس في العزاء

ما هو الحكم الشرعي والحضاري في نظركم بالنسبة لخلع الملابس في العزاء «فقط الصدر» إذا كنا نعزي أصلًا في الشوارع العامة؟

باسمه تعالى لا بأس بالنزع المزبور في العزاء وإن كان في الشوارع العامة ، والله العالم.

الضرب على الفخذ أثناء اللطمية

هل يجوز الضرب على الفخذ أثناء اللطمية أم الضرب محصور على الصدر فقط؟

باسمه تعالى لا بأس به في الصورتين ، والله العالم.

استعمال الطبل والدمام في مراسيم العزاء

هل يجوز استعمال الطبل والدمام في مراسيم عزاء سيد الشهداء (عليه السّلام)؟

باسمه تعالى لا يجوز استعمال آلات اللهو في العزاء ، نعم لا بأس بالضرب على الطبل الذي لا يعد من آلات اللهو ، والله العالم.

استعمال الرايات والعلامات في مراسيم العزاء

ما حكم استعمال الرايات والعلامات في مراسيم العزاء الحسيني ، علماً بأن على بعضها نقوشاً ورسوماً؟


باسمه تعالى لا بأس بذلك ، والله العالم.

هل مراسيم العزاء على الإمام الحسين (عليه السلام) معينة؟

هل ذكرت الروايات التي تدعو إلى الجزع والبكاء وإقامة مراسيم العزاء على الإمام الحسين (عليه السّلام) مظاهر معينة؟ أو أنها تركت الناس يقومون بالمظاهر كيفما يشاؤون؟

باسمه تعالى اللطم والبكاء وإن كان عنيفاً وشديداً حزناً على الحسين (عليه السّلام) من الشعار الديني وداخلان تحت الجزع ، وقد وردت روايات معتبرة في رجحانه واستحبابه وكونه موجباً للتقرب إلى الله سبحانه ، ولو أدى اللطم إلى اسوداد الصدر والإضرار بالجسد لا بأس به ، ما لم يصل إلى حدّ الجناية ، ولم يكن وهناً للمذهب ، والله العالم.

التبرع بالدم في يوم عاشوراء

هل التبرع بالدم باسم سيد الشهداء (عليه السّلام) داخل في عنوان العزاء؟ وما هو نظركم حول القيام ببعض الأعمال التي توجب دعوى المخالفين؟

باسمه تعالى لا يرتبط التبرع بالدم بعزاء سيد الشهداء (عليه السّلام) والجزع على مصايبه (عليه السّلام) ، ولكن لا يهمنا دعوى المخالفين فإن تهمهم لنا كثيرة ويجب على المؤمنين التحفظ على الجزع لمقتل سيد الشهداء وأهل بيته وأصحابه (عليهم السّلام) ، فإن التأمل في هذه القضايا طريق مستقيم إلى الوصول إلى حقيقة مذهب الشيعة حفظهم الله من الشرور وكيد الأعداء ، كما حفظهم على مدى العصور إلى يومنا هذا ، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

عمل التشابيه في عزاء سيد الشهداء (عليه السلام)

هل يجوز إجراء التشابيه في عزاء سيد الشهداء (عليه السّلام) ، (التمثيليات التي تصور واقعة الطف)؟


باسمه تعالى إذا لم يكن فيها وهن للإمام (عليه السّلام) وأولاده وأهل بيته وأصحابه ولم يشتمل على محرم آخر كالكذب والموسيقى فلا بأس ، والله العالم.

السجود على تربة الحسين (عليه السلام)

التربة الحسينية زادها الله عزاً كثيراً ما نرى مكتوب عليها لفظ الجلالة أو أسماء المعصومين (عليهم السّلام) ، فما رأيكم الشريف في السجود عليها حيث يكون لفظ الجلالة تحت الجبهة؟

باسمه تعالى لا يبعد الجواز وإن كان الأحوط السجود على الجهة المخالفة ، والله العالم.

السجدة في زيارة عاشوراء

اختلف بعض المؤمنين في أن السجدة الموجودة في آخر زيارة عاشوراء للإمام الحسين (عليه السّلام) يجب أن تكون باتجاه القبلة أو بنفس اتجاه كربلاء ، فما هو الصحيح أو الأصح؟

باسمه تعالى الصحيح أن السجود هو سجود الشكر لله تعالى وكونه باتجاه القبلة أولى ، ولا فرق بين الاتجاه إلى كربلاء وغيرها ، والله العالم.

محل دفن رأس الحسين (عليه السلام)

هل رأس الإمام الحسين (عليه السّلام) مدفون في مصر؟

باسمه تعالى المعروف المشهور ان رأسه الشريف أعيد إلى كربلاء ، والله العالم.

الحضور في مواكب اللطم

من الملاحظ في الآونة الأخيرة أن الحضور في موكب اللطم في شهر محرم الحرام يكون بشكل كثيف ولله الحمد ، ولكن للأسف الشديد نرى أن الإقبال على


اللطم ضعيف جدّاً في المناسبات الأخرى كوفاة الزهراء (سلام الله عليها) ورسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) والأئمة الأطهار (عليهم السّلام) ، لذلك نرجو من سماحتكم المشاركة بكلمة توجهونها للمؤمنين تحث على الحضور بهذه المناسبات وخصوصاً اللطم ، لأن الملاحظ ولله الحمد أن بعضاً من الشباب اهتدى في مراسيم اللطم في شهر محرم؟

باسمه تعالى كان الاهتمام بمصيبة سيد الشهداء (عليه السّلام) أكبر لأن ما جرى عليه (عليه السّلام) دليل على أحقية المذهب ، ويجب على الشيعة التحفظ على ذكر هذه الواقعة المؤلمة التي تحرق القلوب ، حتى تعلم الأجيال القادمة أن مذهب أهل البيت (عليهم السّلام) على الحق ، وإن مذهب أعدائهم على الباطل ، والله الهادي إلى سواء السبيل.

الدخول في المآتم الحسينية بالحذاء

ما هو رأيكم في الدخول للمأتم الحسيني بالحذاء أو النعال؟

باسمه تعالى المناسب للمأتم الحسيني أن يدخل الشخص حافياً ، والله العالم.

نصيحة لأصحاب المآتم

بم تنصحون أصحاب المآتم الحسينية لتفعيل دورها في حياتنا اليومية وعلى جميع الأصعدة (الروحية ، الاجتماعية ، الأخلاقية)؟

باسمه تعالى عليهم أن يدعوا من له اطلاع صحيح على المعارف الدينية وذكر المصائب من الكتب المعتبرة ، وعليهم أن يحافظوا على حرمة المأتم من التصفيق ونحوه ، مما يعد لهواً ، فإن اللهو لا يناسب حرمة مقام الأئمة وأهل البيت (عليهم السّلام) ، والله هو الموفق.

احتفالات بمواليد الأئمّة (عليهم السلام)

نحن نخبة من شباب القرية نقوم أحياناً بعرض مسرحيات قصيرة أثناء الاحتفالات بمواليد أئمة أهل البيت (عليهم السّلام) ، ويتخلل هذه المسرحيات بعض المواقف


المضحكة فهل يعتبر الضحك في هذه الحالة إخلالًا بقدسية المسجد. علماً بأننا نهدف من وراء العمل المسرحي لفت أنظار النّاس لبعض الظواهر السيئة ومعالجة بعض السلبيات المنتشرة في المجتمع بأسلوب حواري وغير ممل؟

باسمه تعالى اللهو في مجالس الأئمة (عليهم السّلام) غير جائز سواء كان بالمسرحيّة أو غيرها ، والله العالم.

تقديم الصلاة أم مواصلة العزاء؟

ما هو المقدم في أيام عزاء سيد الشهداء (عليه السّلام) ، الصلاة أم مواصلة إقامة العزاء؟

باسمه تعالى إن سيّد الشهداء قتل في سبيل إقامة الدين الحنيف ، وإبطال التحريفات الواقعة في الدين من قبل الظلمة والمعاندين للدين ، والصلاة عمود الدين وأول ما يحاسب به العبد الصلاة ، وهو (عليه السّلام) أقام الصلاة أثناء المعركة مع أن أعداء الدين لم يمهلوه لإقامتها ، وقد قتل بعض أصحابه (عليهم السّلام) دفاعاً عنه حين إقامته (عليه السّلام) للصلاة ، والله العالم.

نقل الروايات الصحيحة وغير الصحيحة وحكمُه

ما هو الحكم الشرعي لمن كتب رواية حسينية معتمداً على مصدر غير موثوق به؟

باسمه تعالى إذا لم يحرز كذبها فلا بأس بقراءتها مسنداً إلى الكتاب بأن يقول ذكر فلان في كتابه كذا ، والله العالم.

كيف نميز الرواية الصحيحة من الخاطئة؟

باسمه تعالى يميز ذلك بالرجوع إلى أهل الخبرة ، والله العالم.

ما مدى صحة بعض العبارات الواردة في بعض الروايات مثل : شقت جيبها ، نشرت شعرها ، وهل يجوز قراءتها في المأتم؟


باسمه تعالى لا بأس بقراءتها ، فإنها مذكورة في بعض الكتب المعدودة من الكتب المعتبرة ، والله العالم.

لو أعطيت إحدى القارئات مقطعاً من رواية لقراءتها وهي على علم سابق بعدم صحة هذه الرواية ، فهل تأثم إذا قرأتها؟

باسمه تعالى إذا أحرزت عدم صدقها بوجه معتبر فلا يجوز قراءتها ، والله العالم.

هل يشترط لنقل رواية المعصومين (عليهم السّلام) الإجازة من المجتهد الفقيه؟ وإذا حصل شخص هذه الإجازة فكيف ينقل رواية المعصومين؟

باسمه تعالى لا تشترط الإجازة من المجتهد ، وإذا أراد نقلها فينقلها عن أحد الجوامع للروايات ، وإذا أراد إسنادها إلى الإمام (عليه السّلام) فلا بد من إحراز تمامية السند ، والله العالم.

معاني بعض الروايات

روي عن أمير المؤمنين (عليه السّلام) ما مضمونه : «نحن صنائع الله ، والخلق بعد صنائع لنا». فما معنى الحديث الشريف؟ إنّ البعض يتّهم ناقله وراويه بالغلوّ والكفر والعياذ با لله؟

باسمه تعالى لم يثبت هذا الحديث بسند معتبر ، ولكنّ ظاهره أمر صحيح ، أي نحن مطيعون لما أمر الله سبحانه ، حيث أنّ الصانع لشخص أي الخادم له يطيعه ، والناس يجب عليهم إطاعتنا ، حيث إنّ للأئمة (عليهم السّلام) الولاية على الناس فيما يأمرون وينهون عنه ؛ إذ يقول الله سبحانه وتعالى (أَطِيعُوا الله وأَطِيعُوا الرَّسُولَ وأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ) (١) وهم الأئمة (عليهم السّلام) على مذهب الشيعة صانهم الله من الشرور. وللأئمة (عليهم السّلام) مقامان : أحدهما مقام بيان أحكام الشريعة ، والآخر مقام الولاية على الناس ، فيجب إطاعتهم في هذا القسم كما يجب الأخذ

__________________

١) سورة النساء : الآية ٥٩.


بقولهم في المقام الأوّل لامتثال أحكام الشريعة وتكاليفها ، والله العالم.

هل الحديث الوارد : «والله لو سرقت فاطمة لقطعت يدها» صحيح أم غير صحيح؟

هذا وارد في النقل وإن كان هذا الفعل لا يصدر من الزهراء (سلام الله عليها) ، ولذا عبر بكلمة (لو) نظير قوله تعالى (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا الله لَفَسَدَتا) ، والله العالم.

ما رأي سماحتكم في الروايات التي ينقلها الخطباء على المنبر الحسيني الشريف في مصايب أهل البيت إذا كانت من المسموعات ، ولم ترد في مصدر أصلًا أو وردت في مصدر غير معتمد ومشهور؟

باسمه تعالى إذا نقل من المسموع ولم يعلم كذبه فلا بأس ، والله العالم.

هل هذا الحديث القدسي المشهور «لولاك لما خلقت الأفلاك ..» صحيح؟ وبعد صحته فما معنى فقرأت الحديث؟

باسمه تعالى لا بأس بمضامينه ؛ لأنّه مطابق للروايات ، ومضمون ما ذكر لا يبعد استفادته من القرآن الكريم حيث قال تعالى (وما خَلَقْتُ الْجِنَّ والإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) فيكون النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) غاية للخلقة ، لأن النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) أفضل العابدين وأولاهم والأمر في الأئمة (عليهم السّلام) كذلك ، لما ذكرنا ، ولما ورد في الأحاديث الكثيرة من قولهم : لولا الحجة لساخت الأرض بأهلها ، والله العالم.

نقل فضائل المعصومين (عليهم السلام) دون التحقّق من السند

هل يجوز ذكر فضائل المعصومين (عليهم السّلام) وتداولها في المجالس والمحافل دون التحقق من أسانيد تلك الروايات؟

باسمه تعالى إذا لم يعلم اعتبار النقل فلا بأس بذلك بعنوان الحكاية عن كتاب ما لم يعلم


كذبه ، والله العالم.

طريقة نقل الروايات

من الضروري إلزام أيّ خطيب أن لا يتحدّث بأيّ حديث إلَّا بعد التحقّق من صحّته ، هل يمكن إصدار فتوى بهذا المضمون؟

باسمه تعالى لا يجب ذلك ، بل يكفي أن ينقل من الكتاب ما لم يعلم كذبه ، ولم يكن نقله بحيث يعتقد الناس أنّه من مسلَّمات الدين ، والله العالم.

نصيحة لمن يريد كتابه رواية حسينية للقراءة في المأتم

ما هي نصيحتكم لمن يريد كتابه رواية حسينية لقراءتها في المأتم؟

باسمه تعالى فليكتب ما يكتب من الكتب المعتبرة كاللهوف في قتلى الطفوف ، ونفس المهموم ، والبحار المتعلق بقضايا الإمام الحسين (عليه السّلام) ، والله العالم.

الإمام موسى الكاظم (عليه السلام) مع الإمامة والقيادة

كيف كان الإمام موسى الكاظم (عليه السّلام) يمارس دوره في قيادة الأُمّة الإسلامية وهو في السجن؟

باسمه تعالى بعد خلافة الإمام علي (عليه السّلام) نرى أنّ الأئمة (عليه السّلام) مُنعوا من التصدّي لمنصب الزعامة على الرعية ، ولذا صار همّهم بعد ما غُصبت ولايتهم على الرعية ظلماً وعدواناً نشر أحكام الدّين على ما وصل إليهم من جدّهم رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) ، وفي ضمن نشر فروع الدّين بيّنوا ما وقع عليهم من الظلم ، وأنّ المتصدّين الفعليين غاصبون لمنصبهم وتاركون لوصيّة رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) ، ومن أجل ذلك وقعوا موقع الغضب والإيذاء من الغاصبين لحقّهم المتربّعين على كرسي الحكم في زمانهم. وما سألت عنه من قضية الإمام الكاظم (عليه السّلام) كان من هذا القبيل ، ووردت روايات أن الإمام (عليه السّلام) كان له اتصال ببعض شيعته للإجابة على


مسائلهم وهو في داخل السجن ، وكانت تصله الرسائل ، ولم تكن طيلة حياته في السجن ، بل كان له أصحاب ووكلاء ينقلون آراءه إلى الأمة ، والله العالم.

الإمام مقتول أو مسموم

هل الإمام الرضا (عليه السّلام) مات مقتولًا أو مسموماً؟

باسمه تعالى قد روي بطريق معتبر عن الإمام الرضا (عليه السّلام) أنّه قال ما منّا إلَّا مقتول شهيد ، والله العالم.

الخلافة

ما المقصود بفلان في قول علي (عليه السّلام) كما في نهج البلاغة «لله بلاء (وفي بعض النسخ بلاد) فلان ، فقد قوم الأود وداوى العمد ، وخلق الفتنة ، ..»؟

باسمه تعالى هذه الرواية مخالفة لما ورد في النهج من خطب أو كلمات ، وخصوصاً الخطبة الشقشقية ، وعلى فرض صحتها فلها محامل متعددة ، ومنها الحمل على التقية بمناسبة مورد صدور هذا الكلام ، كما يظهر ذلك لمن تتبع وراجع تاريخ الطبري وابن عساكر في تاريخ دمشق ، فعلي (عليه السّلام) وأبناؤه المعصومون (عليهم السّلام) تعرضوا للتقية من حكام الجور في عصورهم. ومن رام التوسع فليرجع لمنهاج البراعة للميرزا حبيب الله الخوئي (قدّس سرّه) ج ١٤ في شرحه لما ورد في هذه الخطبة ، والله العالم.

دعوى الاتصال بالحجّة (عج) وأخذ الأحكام منه

ما هو رأي سماحتكم بمن يدّعي الاتصال بالإمام الحجّة ويأخذ علومه منه مباشرة ، سواء كان باليقظة أم المنام؟

باسمه تعالى لا اعتبار بدعواه ، ولا يكون قوله مجزياً بالنسبة إلى أعمال نفسه فضلًا عن غيره ، نعم يمكن التشرّف بحضرته (عليه السّلام) لبعض الأوحديين ، ولكنّه لا يدّعي مثل هذه


الأقوال ، ويخفي أمره ، والله العالم.

دعوى السفارة باطلة

هناك مشكلة انتشرت في الآونة الأخيرة في بعض الدول الإسلامية وهي دعوى السفارة والبدع التي تترتّب عليها ، فما هو رأيكم بذلك؟

باسمه تعالى دعوى السفارة في الغيبة الكبرى باطلة ، والله العالم.

التعامل مع دُعاة السفارة

إذا سلَّم أحد من أهل البدعة والسفارة ، هل يجب ردّ السلام؟

باسمه تعالى إذا كان الأمر كذلك ، فلا يجب ردّ سلامه وتحيّته ، والله العالم.

هل يمكن في عصر الغيبة أن يحل شخص مقام الإمام (عليه السلام)

عقيدتنا نحن الإمامية عن النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) والأئمة الأطهار (عليهم السّلام) بالعصمة والعدالة والعلم الذي استلهم من الوحي والتقوى والورع ووجبت علينا إطاعتهم من قوله تعالى (أَطِيعُوا الله وأَطِيعُوا الرَّسُولَ وأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ) فهل يمكن في عصر الغيبة أن يَحِلّ شخص مقام الإمام (عليه السّلام) ولم تكتمل صفاته في العصمة والعلم كما في القول بولاية الفقيه المطلقة ، ويصبح وكأنّه الإمام المعصوم أم لا؟.

باسمه تعالى الأئمة المعصومون عندنا اثنا عشر لا غير ، نعم يمكن أن يكون الفقيه المأمون مديراً لبلد من بلاد المسلمين أو قائماً بشؤون المسلمين يحرص على هدايتهم للوصول إلى سعادتهم الدنيويّة والأخروية ، والله العالم.

الاعتقاد بالغيبة

هل يجب الاعتقاد بغيبة الإمام المهدي (عليه السّلام)؟


باسمه تعالى نعم ، يجب الاعتقاد بذلك ، فمن لم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية ، والله العالم.

الإمام المهدي (عج) وخروجه بالسّيف

يقول البعض بخروج الإمام المهدي بالسيف ، ما هو المراد من السيف وكيف تفسرونه؟

باسمه تعالى يمكن أن يكون المراد بالسيف المعنى الظاهر لهذه الكلمة ، وتفسيره بالقوة وأداة القتال يحتاج إلى القرينة ، وإن كان هذا في حدّ نفسه ممكناً وكون هذا الزمان زمان التقدّم العلمي والآلات التكنولوجية المتطورة لا يكون قرينة على صرف معنى كلمة السيف عن ظاهرها ، لأنا لا نعلم زمان خروجه (عليه السّلام) ولا ظروف ذلك الزمان ، فلعل جميع هذه الوسائل المتطورة تفنى يبقى منها شيء ، أو تتعطل عن عملها ولو بمشيئة الله تعالى على نحو الإعجاز بعد ظهوره (عليه السّلام) ، كما شاء الله تعالى أن يجعل النار برداً وسلاماً على إبراهيم (عليه السّلام) ، وكما أن السكين مع كونها حادة لم تذبح إسماعيل (عليه السّلام) ، وكما في انفلاق البحر لموسى (عليه السّلام) ، وغير ذلك من الموارد التي أظهرها الله تعالى ، فإنّ الله على كلّ شيء قدير.

القيام لذكر الإمام المهدي (عج) ووضع اليد على الرأس

وضع اليد على الرأس عند ذكر الحجة بن الحسن ، هل هو مروي برواية معتبرة؟ وكذا القيام عند ذكر (القائم) أرواحنا فداه؟

باسمه تعالى ما وجدنا في ذلك رواية معتبرة ، ولكنه نقل في بعض الكتب ، وينبغي العمل به رجاءً للثواب ، والله العالم.

غيبة صاحب الزمان (عج)

ما معنى غيبة صاحب الأمر ، هل تعني غيبة العنوان ، أي أنّ الإمام


ظاهر بشخصه يخالط الناس ولكنهم لا يعرفونه؟ أم إن شخصه مغيب يراه ولا يتصل به أحد؟

باسمه تعالى هو عجل الله فرجه غائب عن عيون الناس وعن معرفتهم ، بحيث لا يعرفونه حتى لو رأوه بينهم ، ولا يخالطهم ولكنه يراهم ويعلم بما يجري عليهم ويتأثر لحالهم. نسأل الله أن يفرج عن المؤمنين بظهوره ، والله العالم.

محل قبر السيدة زينب (سلام الله عليها)

هل السيدة زينب بنت السيدة الزهراء (سلام الله عليها) مدفونة في القاهرة بمصر؟

باسمه تعالى المعروف عند الشيعة أنّها مدفونة في الشام في المكان المعروف باسمها (سلام الله عليها) فعلًا ، والله العالم.

السيدة زينب (عليها السلام) تضرب بجبينها عمود المحمل

ما مدى صحة الرواية التي تقول إن السيدة زينب (سلام الله عليها) ضربت رأسها بالمحمل؟

باسمه تعالى الأمر في ضرب السيدة زينب (سلام الله عليها) جبينها على عمود المحمل حتى سالت الدماء منقول كسائر خصوصيات المصائب الواردة عن الأئمة (عليهم السّلام) ، والله العالم.

شبيه القاسم بن الحسن (عليه السلام) وحكمُه

من المتعارف عندنا في الخليج في شهر محرم الحرام تخصيص اليوم الثامن لشبيه القاسم بن الحسن (عليه السّلام) ، ولإثارة الندبة والنياحة يطرح الخطباء على المنابر مصيبته وينقلونها حسب ما ذكره المؤرخون ، ومنها زواجه بابنة عمه المسماة له في يوم الطف ، وربّما يدخلون ما يعبر عن مراسيم الزواج كالشموع في وسط المجلس ، فيزداد حزن الناس ، إلَّا أنه في عصرنا الحاضر كثر المعترضون على مثل هذه الروايات والتعبير عنها بالضعف ، وكأنه الشغل الشاغل لهم ، بل بلغ الأمر إلى الاستشكال في


قراءة مثل هذه الرواية ، فبمَ تنصحون أمثال هؤلاء ، حيث إنّ مصيبة الطف جامعة لكل المصائب؟

باسمه تعالى لا بأس بقراءة هذا المجلس على القاسم بن الحسن (عليه السّلام) ، ولكن حسب ما ورد في الكتب التاريخية ، بحيث لا تكون قراءته على نحو يترسخ في أذهان الناس أنها حتمية الحصول ، بل على نحو الاحتمال ، والمسائل المتيقنة والمطمئن بها غير قليلة ، فليكن الاهتمام بها أكثر للترسخ في الأذهان للأجيال القادمة لدفع الشبهات التي تحيط بهم ، والله الموفق.

الرياء في مراسيم العزاء

هناك من يلطم أو يضرب بالسلاسل رياءً وتظاهراً أمام الناس ، ماذا تقولون في ذلك؟

باسمه تعالى نيل الثواب يحتاج إلى قصد القربة ، فإذا لم يكن للشخص قصد القربة فلا يستحق الثواب الموعود ، والله العالم.

قراءة التواشيح بألحان غنائية

بعض الشباب يقومون بقراءة إشعار في مدح النبي وأهل بيته (عليهم السّلام) أو بإشعار مناجاة وأدعية وبصورة ألحان ، وهذا ما يسمى بالتواشيح ، ولكن ومع الأسف بعض قليل من فرق التواشيح استخدموا ألحاناً غنائية في بعض القراءة ، فما هو نظركم في هذه المسألة؟

باسمه تعالى قراءة التواشيح الدينية بالحالة الغنائية فيها إشكال ، والله العالم.

تطبيق ألحان الأغاني في اللطميات

هل يجوز أخذ لحن الأغاني في طور اللطميات الحسينية والأناشيد الإسلامية؟


باسمه تعالى لا يجوز قراءة التعزية الحسينية بالكيفية اللهوية ، والله العالم.

رفع أصوات النساء في مجالس التعزية

يلاحظ في مجالس التعزية التي تقيمها النساء والتي تتضمن الخطابة وقراءة المراثي أن أصواتهن ترتفع حتى تبلغ مسامع الرجال الذين يسيرون في الطريق ، هل يجوز ذلك؟

باسمه تعالى إذا كان المجلس للنساء فقط فلا بأس ، والله العالم.

التصفيق في المأتم

ما رأيكم في التصفيق في المأتم أثناء المصيبة أو في الدور (الوقوف لقراءة الردادية أو اللطمية)؟

باسمه تعالى لا يجوز ذلك ، كل ذلك بدعة واستخفاف بالمصائب الواردة على الأئمة (عليهم السّلام) ، والله العالم.

حكم التصفيق في الحسينية

ما رأي سماحتكم بالتصفيق في الحسينية في ليالي مواليد الأئمة أثناء الترنم بقراءة قصائد مدح أهل البيت تعبيراً عن الفرحة لفرحهم (عليهم السّلام) دون الإخلال بحرمة المكان وقداسته؟

باسمه تعالى التصفيق داخل في اللهو ولا يناسب مجالس الأئمة (عليهم السّلام) ، ويجب امتياز مجالسهم (عليهم السّلام) عن سائر المجالس بالتوجه إلى الله سبحانه وتعالى والاستماع إلى كلماتهم (عليهم السّلام) من المطلع الخبير وغير ذلك من الأُمور الراجحة ، والله العالم.

رفع العلامات بحركات بهلوانية

يقوم بعض من يرفع (العلامات) بحركات بهلوانية تلفت النظر من قبيل الدوران


حول نفسه مباهاة بقوته واستعراضاً لقدرته على رفع هذا الحمل الثقيل ، مدعياً أنه يستلهم القوة من الإمام الحسين (عليه السّلام) ومن أمير المؤمنين (عليه السّلام) ، هل يجوز ذلك؟

باسمه تعالى لا بأس بذلك بحيث لا يكون منافياً لعزاء الحسين (عليه السّلام) ، والله العالم.

استخدام المسجد في الاحتفالات

هل يجوز استخدام المسجد في الاحتفالات الخاصة ، كاحتفالات الزواج أو الخطوبة وما شابهها؟

باسمه تعالى المسجد معبد للمسلمين ، ولا يجوز في المسجد إقامة الاحتفالات غير المناسبة لشؤون المسجد. نعم ، لا بأس بإقامة الاحتفالات فيه التي فيها تعظيم لشعائر الدين والمذهب ، والله العالم.

الزواج في محرم وصفر

جرت عادت الشيعة (حفظهم الله) على أن لا يتزاوجوا في شهر محرم الحرام وصفر المظفر. لو رجعنا إلى الناحية الفقهية والشرعية ، فهل في الزواج محذور؟ ولو رجعنا إلى الناحية العرفية فإن في ذلك قبحاً عظيماً على من يرتكب هذا الشيء ، فنريد أن نعرف هل الشارع المقدس يأخذ العرف كدعامة في أحكامه؟ وما هو نظركم بمن يفعل هذا؟

باسمه تعالى لا بركة في الزواج في أيام أحزان الأئمة (عليهم السّلام) والشيعة حفظهم الله من شرور أعدائهم ، وهذا ليس أمراً مربوطاً بالعرف وإنّما هو مستفاد من بعض الروايات الواردة عنهم (عليهم السّلام) ، والله الهادي.

هناك من يخصص ليلة الرابع عشر من شهر محرم للعقد أو للدخول فيه ؛ باعتبار هلاك عدو من أعداء الله فيه ، فهل هذا التبرك ممنوع؟


باسمه تعالى أمر إظهار الحزن على سيد الشهداء أهم من ذلك ، والله العالم.

أي كتب المقاتل أكثر اعتباراً؟

أي كتب المقاتل أكثر اعتباراً في نظركم الشريف؟

باسمه تعالى من الكتب المعتبرة كتاب اللهوف في قتلى الطفوف للسيد ابن طاوس (رضى الله عنه) ومقتل أبي مخنف (رضى الله عنه) ومقتل السيد عبد الرزاق المقرم (رضى الله عنه) وكتاب المجالس السنية للسيد محسن الأمين (رضى الله عنه) ، وعليكم بالبحار أيضاً في المجلد المختص بسيد الشهداء (عليه السّلام) ، والله العالم.

تحريف القرآن

لقد سمعنا ومن ثم اطَّلعنا على آرائكم (الشيعة) ورواياتكم المزعومة في أُمّهات كتبكم عن تحريف القرآن ، علماً بأنّ هذا يخالف ما نص عليه الكتاب والسنة النبوية الشريفة ، فما رأيكم في هذه الروايات الموجودة في كتابكم الكافي وغيره ..؟

باسمه تعالى المشهور عند الشيعة ، بل كاد يكون متفقاً عليه عدم وقوع التحريف في القرآن المجيد ، بمعنى الزيادة والنقصان ؛ فقد ذكر الشيخ الصدوق وهو شيخ المحدثين في كتابه «الاعتقادات» ما هذا نصه : «اعتقادنا في القرآن الذي أنزله الله تعالى على نبيه محمد (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) هو ما بين الدفتين ، وهو ما في أيدي الناس ليس بأكثر من ذلك إلى أن قال ومن نسب إلينا انا نقول انه أكثر من ذلك فهو كاذب».

نعم ورد في بعض الروايات الضعيفة سنداً ما يظهر منها وقوع التحريف بمعنى النقص في القرآن الكريم ، ولا يمكن الاعتماد عليها لضعفها وشذوذها ، وهي لا تعبر عن معتقد الشيعة الإمامية. أما التحريف بمعنى عدم العمل بالكتاب المجيد وهجره ، فنحن


نقول به ، وهو واقع حتى في زماننا هذا ، ولكن هذا أمر لا ربط له بمورد السؤال. ثم نحن نقول : ان روايات التحريف لم تنفرد بها طائفة الشيعة الإمامية على ندرتها وشذوذها ، فقد ورد في كتب الحديث لأهل السنة روايات كثيرة مصرحة بوقوع التحريف في القرآن المجيد ، نذكر لك بعضها :

قال السيوطي في كتابه «الدر المنثور» (ص ١٧٩ ج ٥) ما هذا نصه :

«واخرج عبد الرزاق في المصنف عن ابن عباس قال : أمر عمر بن الخطاب مناديه فنادى إن الصلاة جامعة ، ثم صعد المنبر فحمد الله واثنى عليه ثم قال : يا أيّها النّاس ، لا تجزعن من آية الرجم فإنها أنزلت في كتاب الله وقرأناها ولكنها ذهبت في قرآن كثير ذهب مع محمد (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم)».

المورد الثاني : «أخرج البخاري عن عمر بن الخطاب انه قال : ان الله بعث محمداً بالحق وأنزل عليه الكتاب ، فكان مما أنزله الله آية الرجم فقرأناها وعقلناها ووعيناها ، رجم رسول الله ورجمنا بعده ، فأخشى ان طال بالناس زمان ان يقول قائل ، والله ما نجد آية الرجم في كتاب الله فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله ..». صحيح البخاري ٨ / ٢٠٨.

وأضاف : «ثم انا كنا نقرأ فيما نقرأ من كتاب الله .. وإن لا ترغبوا عن آبائكم فإنه كفر بكم ان ترغبوا عن آبائكم أو ان كفرا بكم ان ترغبوا عن آبائكم .. (البخاري : ٨ / ٢٠٨) وأخرجه مسلم بن الحجاج في صحيحه» صحيح مسلم ٢ / ١٣١٧ «وأحمد بن حنبل إمام الحنابلة في مسنده.

وأخيراً نذكر لكم انه قد ألفت كتب كثيرة للشيعة الإمامية المتعرضة لنفي التحريف والموجهة للروايات الواردة من طريقنا التي ظاهرها التحريف ، اما بعدم العمل بها وأما باختلاف القراءة أو بنحو التقديم والتأخير مع تصريحهم بضعف هذه الروايات سنداً وندرتها وشذوذها ، ومن هؤلاء المؤلفين في عصرنا هذا السيد الخوئي (قدّس سرّه) وهو أحد كبار


مراجع الشيعة في كتابه «البيان» ، ومن هذه الكتب الكتاب المسمى «التحقيق في نفي التحريف عن القرآن الشريف» وغيرها كثير لمن طلب التتبع والبحث. هدانا الله وإياكم لما فيه الصواب والحق وهو ولي الهداية والتوفيق.

القرآن ومعنى التحريف

حسبما يدعي أهل السنة : ان الشيعة يقولون بتحريف القرآن وفيه من الزيادة والنقصان ، وهناك سورتان من القرآن محذوفتان وهما سورة (الولاية) وسورة (النورين) ، ويستشهدون على ذلك بأحد كتب الشيعة وهو (فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب) للنوري الطبرسي ، ما صحة ذلك؟ نرجو التوضيح.

باسمه تعالى التحريف بمعنى عدم العمل بالقرآن ومخالفته وتأويله واقع ونقول به حتى في يومنا هذا ، وأمّا التحريف بمعنى الزيادة والنقصان ، فالمشهور عند الشيعة بل كاد يكون متفقاً عليه عندهم عدم وقوعهما فيه. نعم ، ورد في بعض الروايات الضعيفة سنداً ما يظهر منه وقوع التحريف بمعنى النقص في القرآن ولا يمكن الاعتماد عليها ، وهذا قول شاذ نادر ، والله المستعان.

القرآن وصحّته

هل صحيح أنّ القرآن المتداول بين أيدي المسلمين غير الحقيقي ، والقرآن الحقيقي هو عند الإمام الحجّة؟

باسمه تعالى هذا غير صحيح ، إنّما الوارد هو أنّه بعد ظهوره يقرأ هذا القرآن في بعض الموارد على خلاف القراءة الفعلية ، ويبيّن بعض الموارد التي فُسّرت على خلاف الواقع ، ولو في التفاسير المشهورة ، والله العالم.


صلة أهل البيت (عليهم السلام) بالقرآن

هناك رأي يقول : إن أهل البيت (عليهم السّلام) أفضل عند الله من القرآن الكريم ، فما هو تعليقكم؟

باسمه تعالى القرآن يُطلق على أمرين الأوّل : النسخة المطبوعة أو المخطوطة الموجودة في أيدي الناس ، الثاني : ما نزل على النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) بواسطة جبرئيل (عليه السّلام) والذي تحكي عنه هذه النسخ المطبوعة أو المخطوطة ، وهو الذي ضحّى الأئمة (عليهم السّلام) بأنفسهم لأجل بقائه والعمل به ، وهو الثقل الأكبر ، ويبقى ولو ببقاء بعض نسخه ، وأهل البيت (عليهم السّلام) الثقل الأصغر ، وأمّا القرآن بالمعنى الأول الذي يطلق على كلّ نسخة فلا يُقاس منزلته بأهل البيت (عليهم السّلام) بل الإمام قرآن ناطق ، وذاك قرآن صامت ، وعند دوران الأمر بين أن يحفظ الإمام (عليه السّلام) أو يتحفّظ على بعض النسخ المطبوعة أو المخطوطة ، فلا بدّ من اتّباع الإمام (عليه السّلام) كما وقع ذلك في قضيّة صفّين ، والله العالم.

تلاوة القرآن قبل بدء المجالس الحسينية

أغلب المجالس الحسينية تقوم بمنع المقرئين من قراءة القرآن الكريم قبل بدء الخطباء بإلقاء خطبهم ، فما هو رأيكم؟

باسمه تعالى قراءة القرآن في المجالس الحسينية وغيرها أمر راجح ولا يضر برجحانه عدم استماع الناس إليه ، فإن الاستماع للقرآن مستحب آخر ، وقوله تعالى (وإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَه وأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) فيراد به كما ورد في الروايات المعتبرة وجوب الاستماع لقراءة الإمام في الصلوات الجهرية كالمغرب والعشاء والفجر ، والله العالم.

القرآن وفهمه من دون العترة

هل يجوز استظهار المعاني القرآنية من ظاهر الألفاظ ، وبحسب معاني


الكلمات ، والمعاني البلاغية ، بدون الرجوع إلى النصوص الصحيحة من السنّة المطهّرة؟

باسمه تعالى لا يكفي الكتاب المجيد في استظهار الأحكام والعقائد بلا رجوع إلى القرائن الموجودة في الروايات المعتبرة المأثورة عنهم (عليهم السّلام) كما أنّ القرآن قرينة ظاهرة على كذب بعض الأخبار المنسوبة للأئمة (عليهم السّلام) المنافية للكتاب المجيد ، المباينة لظواهره ، والله العالم.

هل يحرم على المرأة قراءة القرآن وغيره كمدح ورثاء آل البيت (عليهم السّلام) أمام الرجل الأجنبي؟

باسمه تعالى إذا لم يترتب عليه حرام فالأولى تركه ، حيث إنّ النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) أسقط الجهر بالتلبية الواجبة عن النساء والهرولة بين الصفا والمروة ، فما ظنك بالإنشاد أمام الرجال الأجانب بالأناشيد التي تدخل في عنوان الواجب! والله العالم.

هل يجوز إحراق الأوراق التي فيها آيات قرآنية مع عدم إمكان رميها في البحار أو الأمكنة النائية؟

باسمه تعالى لا يجوز إحراقها وإنما توضع في طشت فيه ماء حتى تنمحي الآيات القرآنية ، أو تدفن في مكان ما ، والله العالم.

هل يجوز قراءة القرآن جماعة؟

باسمه تعالى لا بأس بقراءة القرآن جمعاً ، ما لم يتضمن لحناً غنائياً ، والله العالم.

قراءة مخصوصة لسورة الأنعام

هناك بعض المجالس تعقدها النساء تسمّى بختمة سورة الأنعام تقرأ بطريقة مخصوصة ، حيث إنّ القارئ يقف عند بعض آياتها ليقرأ بعض الأدعية ويكرّرها


مرات معيّنة.

والسؤال يا سيّدي : ألا تعدّ مثل تلك المجالس من البدع ، حيث لم يرد فيها نصّ أو دليل ، ولم تكن تعقد في أيّام رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) أو الأئمة الطاهرين؟ كما نرجو من سماحتكم التفضّل ببيان تعريف البدعة.

باسمه تعالى البدعة إدخال ما ليس من الدين فيه ، بأن يجعل ما ليس من الدّين من أحكامه وقوانينه ، والعبادة غير المشروعة يجعلها عبادة مشروعة في الدّين ، ولا يصدق ذلك على قراءة سورة أو أدعية بنحو خاص إذا كان بقصد الرجاء لا بقصد الورود. نعم ، إذا ورد في مورد رواية أو دعاء لا بأس بقراءته بعنوان مطلق الورود ، والله العالم.

الرجعة

ما هي عقيدتنا في الرجعة؟

باسمه تعالى هي من المسلَّمات عندنا وقد دلَّت عليها الروايات وفيها الصحاح ، والله العالم.

هل يصح عدّ الرجعة من أُصول المذهب؟

باسمه تعالى ليست الرجعة من أُصول المذهب ، ولكنّها ثابتة يقيناً لورود أخبار معتبرة فيها ، كما لا يبعد تواترها إجمالًا ، والله العالم.

هل الرجعة من ضروريات المذهب؟

باسمه تعالى إنّ الرجعة حقّ ، وليست من الضروريات ، بل من المسلَّمات عند العلماء في الجملة ، ولا يخرج الشخص بجهله كونها من المسلَّمات عن الإيمان والإسلام ، والله العالم.

التقية

كيف يمكن الجمع بين ما ذكروه (عليهم السّلام) من أنّ أفضل الجهاد كلمة حقّ تقال عند


سلطان جائر ، إضافة إلى سيرة أصحابهم (عليهم السّلام) كحجر بن عدي ، وسعيد بن جبير وغيرهم ، وبين أحاديث التقيّة؟

باسمه تعالى لا منافاة بين المقامين لأنّ قولهم (عليهم السّلام) : «أفضل الجهاد كلمة حقّ عند سلطان جائر» في موارد إذا كان تركها يوجب محو الحق ومحق الدّين كما في مورد الخلافة. وأمّا التقية فهي في موارد يكون الضرر متوجّهاً إلى نفس الشخص ، أو إلى بعض المؤمنين ، ولا يؤثّر ذلك في محق الدّين ، والتقييد الموجود في قولهم (عليهم السّلام) : «أفضل الجهاد كلمة حقّ عند سلطان جائر» قرينة على ذلك.

التقية الواجبة والتقية المحرمة

يرجى التعليق على هذه الفقرة للمرحوم آية الله العظمى السيد الخوئي (قدّس سرّه) ، في بحث أقسام التقية ، ومنها التقية المحرمة : «وإذا كانت المفسدة المترتبة على فعل التقية أعظم من المفسدة المترتبة على تركها ، أو كانت المصلحة في ترك التقية أعظم من المصلحة المترتبة على فعلها ، كما إذا علم بأنه إن عمل بالتقية ترتب عليه اضمحلال الحق واندراس الدين الحنيف وظهور الباطل وترويج الجبت والطاغوت ، وإذا ترك التقية ترتب عليه قتله فقط ، أو قتله مع جماعة آخرين ، ولا إشكال حينئذ في أن الواجب ترك العمل بالتقية وتوطين النفس للقتل لأن المفسدة الناشئة عن التقية أعظم وأشدّ من مفسدة قتله. ثم يقول (رحمه الله) : ولعله من هنا أقدم الحسين (عليه السّلام) وأصحابه رضوان الله عليهم لقتال يزيد بن معاوية ، وعرضوا أنفسهم للشهادة وتركوا التقية من يزيد ، وكذا أصحاب أمير المؤمنين (عليه السّلام) ، بل بعض علمائنا الأبرار قدس الله أرواحهم وجزاهم عن الإسلام خيراً كالشهيدين وغيرهما». (التنقيح ٤ / ٢٥٧).

باسمه تعالى التقية المحرمة ما إذا كان الشخص بحيث لو عمل على طبقها لم يتوجه الضرر إلى شخصه ، ولكن يوجد في التقية ضرر عام أهم يترتب على ذلك مثل الفساد في


الدين ومجتمع المسلمين ، أو يستمر الفساد فيهما ، بحيث يعلم أن الشارع لا يرضى بوجود هذه المفسدة واستمرارها ، ففي مثل ذلك لا يجوز فعل التقية.

والتقية الواجبة على العكس من ذلك ، يترتب على رعايتها الخلاص من المفسدة يكون في تركها والعمل بالوظيفة الأولية إلَّا مصلحة غير لازمة الاستيفاء ، وفي هذه الصورة تكون التقية غير واجبة.

وأما قضية الحسين (عليه السّلام) فكانت المصلحة في شهادته على يد الأعداء والمتربعين على كرسي الخلافة ، حيث أفسد عليهم الأمر ، بحيث لو لم يفعل لما ترتب الأثر العظيم من الحفاظ على الدين الإسلامي وما عليه عقائد الشيعة المغفول عنها حين حكم المتسلطون على الخلافة ، وكان قيام الحسين (عليه السّلام) تنبيهاً للناس عن غفلتهم وإظهاراً للعقائد الحقة التي يجب اتّباعها والحفاظ عليها ، ولكي تستفيد الأجيال الآتية من قيامه (عليه السّلام) ، والله العالم.

العصمة

ما رأيكم في مقولة من قال في عصمة الأنبياء ما يلي ، ما هو حكم الشارع المقدّس في عقيدته؟ قال : «إنّ من الممكن من الناحية التجريدية أن يخطئ النبي في تبليغ آية أو ينساها في وقت معيّن ، ليصحّح ذلك ويصوّبه بعد ذلك ، لتأخذ الآية صيغتها الكاملة الصحيحة ..

ثمّ قال معترضاً على العلَّامة الطباطبائي (رحمه الله) في كلامه على عصمة النبي في تبليغ رسالته التي لا تتمّ إلَّا مع عصمته عن المعصية وصونه عن المخالفة (الميزان : ٢ / ١٣٧ من الطبعة الجديدة) قال : «ولكن قد ينطلق الفعل من الإنسان على أساس الواقع العملي الذي قد يتحرّك فيه من خلال أوضاعه الشخصية الخاضعة لبعض النزوات الطارئة بفعل الضغوط الداخلية أو الخارجية ، الحسية والمعنوية ، فيتراجع عنها لمصلحة المبدإ الذي كان قد بيّنه للناس من موقع الوحي ونحوه ، تماماً كما هي


الحالة الجارية في سلوك المصلحين والرساليين حتّى الأتقياء منهم في انحراف خطواتهم العملية عن الخطَّ الرسالي .. «إلخ.

باسمه تعالى إذا أمكن خطأ النبي في تبليغ آية أو نسيانها جاء احتمال الخطأ والنسيان في تصحيحه بعد ذلك أيضاً ، وهذا مستلزم لبطلان النبوّة ، لأنّ النبوّة تستلزم العصمة كما يدلّ عليه قوله تعالى (وما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى. إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى) (١).

وأمّا الشقّ الثاني من الكلام فهو باطل لأنّ مقتضى عصمة النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) أن لا يتصدّى يسعى لأيّ عمل إلَّا إذا كان مطابقاً للوظيفة الشرعية ، ولا يصدر منه أيّ أمر أو أيّ نهي إلَّا إذا كان مطابقاً للوحي كما هو مفاد الآية المباركة (ولَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الأَقاوِيلِ. لأَخَذْنا مِنْه بِالْيَمِينِ. ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْه الْوَتِينَ) (٢). والنتيجة أنّ هذه المقالة مخالفة لعقيدة الشيعة.

ما هو رأيكم الشريف فيمن يردّ على الشيخ المفيد (رحمه الله) قوله باختيارية العصمة لينصر مقولته في كون العصمة جبرية ، فيقول ما نصّه : «إنّ الأُسلوب في الحديث عن اختيارية العصمة مع الالتزام بأنّها ناشئة من فعل الله التكويني بنبيّه أو وليّه لا يمثّل إلَّا مفهوماً ينطلق من الجمع في الدليل بين وجوب العصمة ولزوم الاختيار ، لا من دراسة دقيقة لنوعية الصورة الواقعية للجمع بين الأمرين».

ثمّ قال : «.. ما هو المانع من اختيار الله بعض عباده ليكونوا معصومين باعتبار حاجة الناس إليهم في ذلك؟ وما هي المشكلة في ذلك انطلاقاً من مصلحة عباده؟ وإذا كان هناك إشكال من ناحية استحقاقهم الثواب على أعمالهم إذا لم تكن اختيارية لهم ، فإنّ الجواب عليه هو أنّ الثواب إذا كان على نحو التفضّل في جعل الحقّ

__________________

١) سورة النجم : الآية ٣.

٢) سورة الحاقّة : الآيات ٤٤ ـ ٤٦.


للإنسان به على الطاعة لا بالاستحقاق الذاتي ، فلما ذا لا يكون التفضّل بشكل مباشر إذ لا قبح في الثواب على ما لا يكون بالاختيار ، بل القبح في العقاب على غير المقدور».

ثمّ يقول : «إنّ الدراسات التفسيرية الحديثة وغيرها قد دأبت على تأويل الآيات الظاهرة في وقوع الذنوب من الأنبياء ، بما لا يتنافى مع العصمة ، ولكنّ السؤال الذي يفرض نفسه عن السرّ الذي جعل الأسلوب القرآني في الحديث عن الأنبياء يوحي بهذا الجوّ المضادّ للفكرة ، وكيف يتحرّك التأويل مع المستوي البلاغي للآية ، لأنّ المشكلة في كثير من أساليب التأويل الذي ينطلق من حمل اللفظ على خلاف ظاهره أنّه قد يصل إلى الدرجة التي يفقد فيها الكلام بلاغته ، الأمر الذي يتنافى مع الإعجاز القرآني».

باسمه تعالى إنّ المقال المذكور مشتمل على ثلاثة أُمور :

(الأمر الأول) ما يرتبط بحقيقة العصمة.

وجوابه : أنّ العصمة عند الإمامية هي أن يبلغ الإمام أو النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) حدّا من العلم واليقين بحيث لا ينقدح في نفسه إرادة المعصية مع كونه قادراً عليها ، وهذا أمر ممكن وواقع ؛ فإنّ كثيراً من الناس معصوم من بعض القبائح التي لا تليق بهم ، ككشف عورته في الطريق ، فإنّ الشخص الشريف معصوم عن هذا الفعل القبيح ، بمعنى أنّه لا ينقدح في نفسه الداعي لفعله مع كونه قادراً عليه.

وأمّا (الأمر الثاني) المتعلَّق باختيارية العصمة.

فجوابه : أنّه من المحال كون العصمة جبرية منافية لاختيار المعصوم ، وإلَّا لكان تكليف المعصوم بأمره بالطاعة ونهيه عن المعصية باطلًا ؛ لكونه تكليفاً بغير المقدور ، مع أنّ كون المعصومين (عليهم السّلام) مكلَّفين هو أمر ثابت بالضرورة ، ويؤكَّده ظاهر القرآن الكريم كقوله


(لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ) (١) ونحوها ، مضافاً إلى أنّ الإمام (عليه السّلام) لو كان مجبوراً على الطاعة لم يكن صالحاً لأن يقتدى به ، وهذا مخالف لضرورة الدّين والمذهب كما هو المستفاد من قوله تعالى (لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ الله أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) ، وقول الإمام علي (عليه السّلام) : «ألا وإنّ لكلّ مأموم إماماً يقتدى به ويستضيء بنور علمه ، ألا وإنّ إمامكم قد اكتفى من دنياه بطمريه ..» إلخ.

وأمّا (الأمر الثالث) المتعلَّق بالآيات القرآنية المنافية للعصمة.

فجوابه : أنّ كلّ آية قرآنية قامت القرينة العقلية على خلاف ظاهرها ، فظهورها الوضعي إلى ما تقتضيه القرينة كما هي سيرة العقلاء في هذه المقامات ، فإنّ كلّ كلام يصدر من أيّ ملتفت حكيم لا يحدّد ظاهره منفصلًا عن الأحكام العقلية الضرورية والقرائن الارتكازية والمناسبات العرفية ، فكيف بكلام الحكيم تعالى؟! فما ذكر في كلمات علمائنا الأبرار في توضيح الآيات القرآنية كما صنعه السيد المرتضى علم الهدى في كتابه (تنزيه الأنبياء) ليس منافياً للبلاغة ، بل هو منسجم تماماً مع باب الاستعارة والكناية ، فإنّ التعبير بذلك من باب أنّ حسنات الأبرار سيّئات المقرّبين ، والله العالم.

هل عصمة الأئمة (عليهم السّلام) عصمة مطلقة أم جزئية؟

باسمه تعالى العصمة بمعنى عدم خطئهم واشتباههم ثابتة في العلم بالأحكام الشرعية ، والأُمور التي ذكرناها في الجواب السابق وكذا عصمتهم في العمل بالوظائف ، فإنّهم (عليهم السّلام) وإن لم يكونوا مسلوبي القدرة على ارتكاب فعل الحرام وترك الواجب ، ولكن مع ذلك لا يرتكبون حراماً ولا يتركون واجباً ، فعصمتهم (عليهم السّلام) أمام المعاصي ليست بمعنى سلب القدرة ، بل نظير عصمتنا في بعض الأفعال التي لا تصدر منّا ولكنّنا متمكَّنون منها ، كما في كشف العورة أمام الناس ، فالإمام (عليه السّلام) معصوم كذلك بالنسبة إلى جميع التكاليف الشرعية

__________________

١) سورة الزمر : الآية ٦٥.


والوظائف الإلهية ، والله العالم.

هل المعصوم (عليه السّلام) تمتد عصمته حتى للموضوعات الخارجية؟

باسمه تعالى الأئمة (عليهم السّلام) إذا شاؤوا أن يعلموا يظهر الشيء لهم ، وأمّا مع عدم مشيئتهم معرفة الشيء فلا نعلم ذلك ، والله العالم.

عصمة الأنبياء والأئمة (عليهم السّلام)

ما هي عقيدة الشيعة في مسألة العصمة وحدودها؟ وما هو رأيكم الشريف حول آية (ولَقَدْ هَمَّتْ بِه وهَمَّ بِها) .. حيث يقول البعض ان يوسف (عليه السّلام) تحرك بغريزته وبما هو بشر اندفاعاً من شهوته الجنسية ..؟!

باسمه تعالى المراد بالعصمة هو أن الأنبياء والأئمة (عليهم السّلام) بلغوا من العلم حداً لا تنقدح في نفوسهم الدواعي للمعصية ، فضلًا من فعلها ، وهذا لا يتنافى مع قدرة الإنسان على المعصية ، كما ان الإنسان العادي معصوم عن بعض الأفعال القبيحة كأكل القاذورات مثلًا مع قدرته عليها ، لكنه لشدة قبحها في نظره لا ينقدح في نفسه الداعي لفعلها فضلًا عن القيام بها.

وإنما أعطى الله تعالى الأنبياء والأئمة (عليهم السّلام) هذه الميزة لعلمه جل وعلا بأنهم يمتازون على سائر البشر بشدة طاعتهم له بقطع النظر عن هذه الخصوصية ، وهذا لا ينافي قدرتهم على المعصية كما ذكرنا.

وأما الآية التي استدل بها في السؤال وهي قوله تعالى (ولَقَدْ هَمَّتْ بِه وهَمَّ بِها لَوْ لا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّه) (١) فهي على عكس المطلوب أدل ؛ لأن لفظ لولا دال على امتناع همّه بالمعصية لرؤية برهان ربه.

وهذه هي عقيدة الشيعة المستفادة من الآيات والأخبار ، خصوصاً آية التطهير الواردة

__________________

١) سورة يوسف : الآية ٢٤.


في عصمة أهل البيت (عليهم السّلام) ، وكل كلام يخالف ما ذكرنا فهو مخالف لمسلَّمات المذهب ، والله العالم.

التوبة ومسألة تكفير ذنوب الموالي

تواترت الروايات عن أهل البيت (عليهم السّلام) بتكفير ذنوب الشيعة في الحياة الدنيا ، فيخرجون حين يخرجون منها ولا ذنب عليهم ، فإذا كان ذلك لما بينهم وبين الله عز وجل ، وأنّ التائب من الذنب كمن لا ذنب له ، فهل يشمل أُولئك والحالة هذه عذاب القبر؟ أو أنّ عذاب القبر يخصّ غير تلك الذنوب؟

باسمه تعالى التوبة والاستغفار كما ذكر يكفّران السيّئات المتعلقة بحقوق الله سبحانه ، إذا حصلا بشرائطهما ، فلا يكون على العبد وزر منها ، وأمّا مسألة تكفير ذنوب الشيعة فهو أمر آخر ، والذي أعلم فيه أنّه إن وقع القول منهم (عليهم السّلام) فإنّ المتوفّى من شيعتنا لا خوف عليه ، وأرجو من الله سبحانه أن يقع القول عند احتضارنا (إن شاء الله تعالى) ، والله العالم.

الملائكة عباد مكرمون

هل الملائكة معصومون أم لا ، وهل عصمتهم كالبشر؟

باسمه تعالى الملائكة كما أخبر القرآن عنهم بقوله سبحانه (بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ لا يَسْبِقُونَه بِالْقَوْلِ وهُمْ بِأَمْرِه يَعْمَلُونَ) ، والله العالم.

الحاسد

حالة الحسد إذا كانت ثابتة ، فما هو حكم من يفعلها ، ولا سيّما أن بعض الأشخاص تكون عندهم مثل هذه الحالة بشكل غير اختياري؟

باسمه تعالى تزول عن الشخص بالتعوّد على تركها ، والله العالم.


منكر الحسد

ما هو الحكم بالنسبة لمن ينكر تلك ، إذا كانت واقعاً ، ويقول : إنّ مثل هذه تعتبر من الخرافات ، ليس لها من الواقع نصيب ، ولو كان لها واقع لما بقي ملك سلطان على حاله ، ولملك مثل هؤلاء العالم؟

باسمه تعالى إذا اعتقد شخص أنّها من الخرافات ، فلا يؤثّر ذلك على الغير ، إن شاء الله تعالى ، والاعتقاد بمثل هذه الأُمور ، وعدم الاعتقاد بها لا يضرّ بالشخص ، والله العالم.

التحرّز من الحاسد

هل يجب التحرّز عن الأشخاص الذين عندهم مثل الحالة المذكورة خوفاً من آثارهم؟

باسمه تعالى إذا خاف فليتحرّز عن ذلك ، والله العالم.

الحسد وثبوته الشرعي

هل مسألة العين (الحسد) ثابتة في النصوص الشرعية ، وانّها واقع حقّا أو لا؟

باسمه تعالى لا يبعد ذلك ، ولعلَّه يشير إليه قوله تعالى (وإِنْ يَكادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ ويَقُولُونَ إِنَّه لَمَجْنُونٌ وما هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ) ، والله العالم.

حرمة الإسلام

ما هي حرمة الإسلام؟ وما هو الفرق بينها وبين بيضة الإسلام؟ وهل تتمثل بالعالم ، أو بالشعائر الإسلامية ، أو بالمعصوم؟ وبأي شيء تُنتهك؟

باسمه تعالى المراد بالإسلام العقائد والقوانين الشرعية التي جاء بها النبي الأعظم (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) سواء كانت في القرآن أو في الأحاديث المروية عنه (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) أو عن الأئمة (عليهم السّلام) ، ويجب احترام


القرآن وكتب الأحاديث وهتكها حرام بل ربّما يوجب خروج المنتهك لها عن الدين إذا كان بنحو الاستهزاء والإنكار. وأمّا بيضة الإسلام فهو مجتمع المسلمين فإذا هجم على هذا المجتمع عدو يجب الدفاع عنهم وعن أعراضهم وأموالهم ، والله العالم.

مفهوم الحرية في الإسلام

ما معنى الحرية في الإسلام؟ وهل يوجد قيود في استخدامها؟

باسمه تعالى الإسلام عبارة عن المعتقدات والوظائف الشرعيّة التي منها الواجبات والمحرمات ، فإن أريد بالحريّة هذا المعنى ، أي بأن الشخص يعمل بوظيفته من غير إلزام من أحد من الناس فهو صحيح ، وإلَّا فالمحرمات والواجبات قيود من الله سبحانه وتعالى لا يجوز للمكلف أن يتعداها ، والله العالم.

الإسلام ونظرية العنف

ما هو رأي الإسلام حول العنف؟

باسمه تعالى إذا كان المراد من العنف الجريمة والاعتداء ، فهو محرم في الإسلام ، ونسبته إلى الإسلام ظلم وافتراء ، وإن كان المراد من العنف الجزاء على الجريمة ، فهو حقّ وعدل ، وأحكام القصاص والحدود متكفلة بذلك ، لكن لا ربط لهذا بالعنف أبداً ، والله العالم.

توحيد الأمة الإسلامية

كيف يمكن توحيد الأمة الإسلامية مع وجود الاختلاف في الآراء الفقهية والفتاوى؟

باسمه تعالى إن كان المراد من التوحيد في مقابل الكفر وأعداء الدين ، فهذا لا يتوقف على اتفاق الفقهاء في آرائهم وفتاواهم ، فإنّ الدفاع عن الإسلام من كيد الأعداء والكفار واجب


على المسلمين على اختلاف مذاهبهم وآرائهم ، والذي ينبغي من التوحيد بين المسلمين هو هذا الأمر ، لا سيما في هذا الزمان الذي يهاجم فيه الأعداء كل بقعة من أرض المسلمين بكلّ وسيلة وبكلّ طريق تيسّر لهم من طرق الغدر والإضلال وإفشاء الفساد في المجتمعات الإسلامية وبلادها.

وإن كان المراد اتحاد المسلمين في الأصول والفروع ، فهذا مما اهتم به النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) طوال حياته الشريفة ، ألم يتواتر بين المسلمين قوله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) : «إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ما إن تمسّكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا»؟ ألم يتواتر عن النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) أنه قال : «الأئمة من بعدي أثنا عشر»؟ وغير ذلك مما يصل إليه المتتبع والسائل من أهل الذكر.

ألم يوقف النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) الحجيج في غدير خم بعد رجوعهم من حجة الوداع ، أي الحج الأخير للنبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) ، وولَّى علياً (عليه السّلام) على المسلمين بقوله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) : «ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم .. فمن كنت مولاه فهذا عليّ مولاه»؟ ألم يقل (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) عند موته : «آتوني بقلم وقرطاس لأكتب لكم كتاباً لن تضلوا بعده»؟ وغير ذلك.

ولكن مع الأسف وقع بعد وفاته (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) ما وقع ، حتى انجر ذلك إلى تفرقة المسلمين وتشتتهم في عقائدهم وآرائهم. نسأل الله سبحانه أن يهدي المسلمين إلى الصواب ويجمع شملهم بظهور الموعود (عليه السّلام) ، والله الهادي للصواب.

معرفة الإسلام

هل هناك كتاب معيّن ترونه مناسباً لمن يريد أن يعرف الإسلام؟

باسمه تعالى نعم هناك كتب في هذا المقام منها كتاب الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء (رحمه الله) أصل الشيعة وأُصولها ، وكذا كتاب عقائد الإمامية للشيخ محمد رضا المظفر (قدّس سرّه) ، والله العالم.


سعي للتشيع

هل يجب عليّ إذا كنت أعلم أنّ أحداً من أبناء العامة لديه القابلية للتشيع أن أسعى لهدايته؟

باسمه تعالى إذا اطمأننتم من عدم توجه الضرر فيجب ، والله العالم.

بعض الأعمال المجربة لقضاء الحوائج

يرجى التفضل بذكر بعض الأعمال المجربة لقضاء الحوائج؟

باسمه تعالى التوسل بالأئمة الأطهار (عليهم السّلام) قال تعالى (وابْتَغُوا إِلَيْه الْوَسِيلَةَ) ، ومن التوسل الاستمرار على زيارة عاشوراء ، والله العالم.

جبل الطور

هل الجبل الذي تجلى الله تعالى عليه لسيدنا موسى (عليه السّلام) هو جبل الطور الموجود على أرض مصر؟

باسمه تعالى هكذا نقل ، وفي دعاء السمات ما يؤيد ذلك ، والله العالم.

ليلة القدر

بالنسبة لإعمال ليلتي القدر التاسعة عشرة من الشهر والحادية والعشرين أيهما أولى ، القيام بأعمال ليالي القدر أم الذهاب لإحياء العزاء واللطم بمناسبة استشهاد أمير المؤمنين لو كان الوقت لا يسعف إلا لأحدهما؟

باسمه تعالى يمكن الجمع بين إقامة التعزية والإتيان بجملة من أعمال ليلة القدر يا عزيزي أيّدك الله تعالى ، بأن يصلَّي ركعتين ، ثم يلعن قتلة أمير المؤمنين (عليه السّلام) مع اللطم على الصدر ، وكذا يمكنه الاستغفار مع اللطم أيضاً ، واللطم بنفسه يلازم الإحياء. وعلى الجملة فعلى المؤمنين التحفّظ على شعائر المذهب من وفيات الأئمة (عليهم السّلام) بجميع آدابها المشروعة ومن


أهمّها إقامة التعزية في ليلة القدر ليلة استشهاد أمير المؤمنين (عليه السّلام).

ما الليالي التي يعتقد فيها ليلة القدر؟ وما تفسير ابن عباس لها؟

باسمه تعالى ليلة القدر هي ليلة التاسع عشر أو الحادية والعشرون أو الثالثة والعشرون ، ويحتمل قويّاً أنّها احدى الليلتين الأخيرتين ، وأمّا الخبر المروي عن ابن عباس في مجمع البيان فغير معتبر وهو مشتمل على الاجتهاد والاستحسان منه ، والعمدة ما في الروايات عن أهل البيت (عليهم السّلام) ومفادها كما ذكرنا ، والله العالم.

كفر من أدخلوا الرعب على بيت الرسالة

هل يجب الاعتقاد بكفر من أدخلوا الرعب على بيت الرسالة؟

باسمه تعالى إذا كان إدخال الرعب لإظهار العداوة للمعصوم (عليه السّلام) فيجب الاعتقاد بكفرهم ، وأمّا إذا كان طمعاً في متاع الدنيا وحطامها ، فأولئك أعداء الله والفسقة الذين يلعنهم اللاعنون ، والله العالم.

إحباط الأعمال

ما هي عقيدة الشيعة في حبط الأعمال؟

باسمه تعالى عقيدة الشيعة هي الموازنة ، وأمّا الحبط فيختصّ بالكفر والشرك ، والله العالم.

الناس واختلاف ألوانهم بمشيئة الله (عزّ وجلّ)

كيف اختلفت ألوان البشر؟ هل كانت بفعل الله جلّ وعلا أو الطبيعة؟ في حين أنّ الأب لهم واحد وهو آدم؟

باسمه تعالى قال تعالى (ومِنْ آياتِه خَلْقُ السَّماواتِ والأَرْضِ واخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وأَلْوانِكُمْ) (١) ، وفعل الله في الخلق تارة يكون بالمباشرة ، وتارة يكون بالتسبب ،

__________________

١) سورة الروم : الآية ٢٢.


والجميع مستند لمشيئته تعالى ، والله العالم.

ما هو رأي سماحتكم بمن يعتقد بأنّ الله سبحانه وتعالى خلق المشيئة ، وبالمشيئة خلق العالم ، والمشيئة هم الأئمة (عليهم السّلام) باعتقادهم؟

باسمه تعالى مشيئته سبحانه وتعالى إرادته ، وإرادته من صفات الأفعال كما وردت في ذلك الروايات ، لا من صفاته الذاتية ، والأولوية في تعلَّق مشيئته سبحانه وتعالى بالخلق للنبي والأئمة (عليهم السّلام) ، وقد تقدّم أنّ الأئمة (عليهم السّلام) سابقون في علمه سبحانه وتعالى ، على سائر المخلوقات بعد النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) ، والأسبقيّة في علمه سبحانه وتعالى منشأ الأولوية في تعلَّق مشيئته ، كما هو ظاهر عند أهله ، والله العالم.

ادعاء أصحاب السير والسلوك

هناك مجموعة من الشباب يدّعون أنّهم أصحاب سير وسلوك وتهذيب نفس ، ويقولون إنّ للسير والسلوك مقاماً يبدأ بغسل التوبة ، وأنّ لكل مقام أعمالًا خاصة منها التسبيح والدعاء ، وقالوا إنّهم استفادوا ذلك من أحد السادة الذي استفاد ذلك من خلال لقاءاته مع الإمام الحجة ومن خلال انكشافات حصل عليها ، فما رأيكم الشريف في ذلك؟

باسمه تعالى لم يثبت ذلك شرعاً ، ولا اعتبار به ، وعلى المكلَّف أن يتعلم الأحكام الشرعية التي يبتلى بها في عباداته ومعاملاته ، وأن ينشغل بالواجبات التي يُسأل عنها يوم القيامة ، وكل ذلك مذكور في الرسالة العملية ، ولا يجوز التعامل مع هؤلاء الأشخاص بحيث يعتبر ترويجاً لطريقتهم ، فإنّ طريقتهم لا تخلو من التشريع المحرّم ، والله العالم.

هل ابن المعصوم أفضل من العالم؟

بعض الناس يدعون أن ابن الإمام المعصوم (عليه السّلام) إذا كان صغيراً وكان هناك مرجع ورع فهو خير وأفضل من ابن الإمام؟


باسمه تعالى مثل هذا القول داخل في القول بغير علم ، وقد نهينا عن ذلك ، وقد ظهر من بعض أولاد الأئمة كرامات تتحير فيها العقول كالكرامات المنقولة عن أبي الفضل العباس (عليه السّلام) وحتى فاطمة المعصومة (سلام الله عليها) مع أنهم ليسوا بأئمة ، والله العالم.

وظيفة العلماء بيان الحلال والحرام وإظهار العقائد الحقة

الفقهاء العدول الجامعون لشرائط الفتوى والتقليد الذين هم الأمناء على فقه آل محمد ، هل هم أمناء على العقائد أيضاً؟ هل يصح أن يقول البعض انهم والعياذ با لله ، يؤيدون الخرافات والأساطير ويتبنونها مراعاة للعلوم ، خوفاً منهم أو حرصاً على استمرار الاتصال بهم؟

باسمه تعالى وظيفة العلماء بيان الحلال والحرام ، وإظهار العقائد الحقة ، وبيان فساد العقائد الباطلة التي يحسبها بعض الضالين من الدين ، وما قيل من انهم لا يعتنون بالعقائد الفاسدة خوفاً من إعراض الناس عنهم ، كلام لا أساس له من الصحة. نعم ، إنهم لا يعترضون على شيء لا ينافي أمور الدين وتحتمل صحته واقعاً ، وفي بعض الموارد يلاحظون الأهم والمهم ويبينون الشيء الفاسد المعتقد عند بعض العوام تدريجياً ، كما إذا كان هؤلاء الجماعة حديثي العهد بالإسلام ، وهذا كان في صدر الإسلام وفي زمن الأئمة (عليهم السّلام) ، والله العالم.

المثقّف والأحكام الشرعية

هل يجوز للمثقف المطَّلع أن يحدّد الأفكار والمفاهيم الإسلامية ، ويكون صاحب رأي ونظر في القضايا الإسلامية المختلفة (غير الأحكام الشرعية)؟ وهل يجوز لنا أن نأخذها عنه؟ أم أنّ ذلك يفتقر للعلوم الحوزوية ولا بدّ من مراجعة العلماء فيها.

باسمه تعالى لا بدّ من مراجعة العلماء فيها ، فإنّ ذلك مقتضى قوله تعالى (فَسْئَلُوا أَهْلَ


الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) ، والله العالم.

الأحكام الولائية والفتوائية

ما هو الفارق الأساسي بين الأحكام الولائية والأحكام الفتوائية؟

باسمه تعالى الفتوى عبارة عن الحكم الكلَّي الفرعي المستنبط من أدلَّته ، وأمّا الحكم الولائي ، فهو لمن كانت له الولاية على الأمر والنهي في الأُمور المباحة ، والله العالم.

الحكم الولائي وصدوره من غير القائل بالولاية

هل يمكن أن تصدر الأحكام من مطلق فقيه جامع للشرائط ، حتّى لو لم يرَ ولاية الفقيه المطلقة؟

باسمه تعالى نعم ، يُمكن أن تصدر من غير القائل بالولاية ، ليعمل بها من يُقلَّد الفقيه القائل بها ، والله العالم.

تنفيذ الحكم الولائي

هل يجب تنفيذ الحكم الولائي على كافة المسلمين حتى على من لم يقلَّد الحاكم أو لا؟

باسمه تعالى يجب على المكلف في هذه المسألة كما في سائر المسائل أن يرجع إلى مقلَّده الواجد لشرائط التقليد ، والله العالم.

الرجوع إلى غير الحاكم الشرعي

هل يفهم من (المسألة ٢١ من المنهاج) أنّه لو اختلف مؤمنون (أي موالون) في قضية ما ، فإنّه يجوز لهم الرجوع إلى الحاكم غير الشرعي؟

باسمه تعالى لا يجوز الرجوع إلى غير الحاكم الشرعي إذا كان الرجوع للحاكم الشرعي


ممكناً ، ومع عدم إمكانه يجوز الرجوع إلى غيره إذا كان الحقّ محرزاً وتوقّف استنقاذه على الرجوع إلى الحاكم ، والله العالم.

استثناء قبور الأنبياء والأئمة (عليهم السلام) من مكروهات الدفن

جاء في كتاب العروة الوثقى ، فصل في مكروهات الدفن ، ما يلي : «.. السابع : تجديد القبر بعد اندراسه إلَّا قبور الأنبياء والأوصياء والصلحاء والعلماء .. التاسع : البناء عليه عدا قبور من ذكر ، والظاهر عدم كراهة الدفن تحت البناء والسقف .. العاشر : اتخاذ المقبرة مسجداً إلَّا مقبرة الأنبياء والأئمة والعلماء .. الحادي عشر : المقام على القبور إلَّا الأنبياء والأئمة ..» ، ما هو الوجه في استثناء هذه القبور من المكروهات السابقة؟ وما هو رأيكم في الزخارف والتزيينات الموجودة في هذه المقامات؟

باسمه تعالى وجهه أنّ قبور الأنبياء والأئمة (عليهم السّلام) معالم هدى وملاذ لأهل الأرض ، وكذا ذرّياتهم الطاهرة وأصحابهم والعلماء والرواة عنهم والمقتدون بهم ، فإنّ تشييد مشاهدهم المشرّفة (عليهم السّلام) من باب تعظيم الشعائر (ذلِكَ ومَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ الله فَإِنَّها مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ) (١) ، وما ورد من المنع عن الزخارف فإنّما هو في المساجد ، والله العالم.

اختلاف متولي المسجد وإمام الجماعة

مع الأسف الشديد في بعض الأحيان نصادف في المساجد أو الحسينيات اختلافاً بين المتولي الشرعي وإمام الجماعة ، وفي النهاية يقع المأمومون في المحذور من حيث تكليفهم الشرعي ، فما هو رأيكم الشريف في هذه المسألة؟

باسمه تعالى ينبغي للمؤمنين السعي في جلب المحبة فيما بينهم واتفاقهم على كلمتهم ،

__________________

١) سورة الحج : الآية ٣٢.


وألَّا يفعلوا شيئاً يصير وهناً للمذهب وأتباع أهل البيت (عليهم السّلام) وألَّا يتنازعوا في دينهم لدنياهم ، بل تكون كلمتهم واحدة في قبال غيرهم. وفقهم الله لكل خير وما فيه جمع الشمل بين المؤمنين في كل البلاد.

وأما الجواب عن السؤال : فنقول إذا كان إمام الجماعة واجداً للشرائط والمأمومون يرضون به إماماً محرزين شرائط الإمامة فيه ، فليس للولي إخراجه من المسجد ، وليس لإمام الجماعة التصرف فيما هو وظيفة الولي مثل التصرف في بعض الموقوفات مما يراه الولي صلاحاً وكان التصرف في نفسه أمراً مشروعاً ، والله المسدد.

اختلاف المتولين للمسجد

نحن مجموعة من المؤمنين وبمشاركة من العوام المؤمنين قمنا بإنشاء منزل لنوقفه مسجداً ، وبعد انتهاء البناء وقع الاختلاف بيننا ، ما هي نصيحتكم لنا؟

باسمه تعالى ينبغي للمؤمنين التآخي والتوادد بينهم ، وإن لا يستأثر أحد منهم بأمر دون مشورة الآخرين ، حتى لا يصير شقاق بينهم يستفيد منه المخالفون لهم ، ويوجدون الغمز في مذهبهم خاصة فيما يتعلق بالأوقاف ، وإذا أمكن أن تحل هذه المشكلة عندكم بتدخل الشخصيات المعروفة والوجهاء المحترمين المرضيين لدى جميع الأطراف أفضل من أن تحل بطريق آخر ، سواء كان حلًا قانونياً مع ما فيه من الإشكال ، أو شرعياً قد لا يكون لصالح أحد منكم. وفق الله الجميع لاختيار واتباع سبيل المؤمنين وهو الهادي إلى سواء السبيل.

استحباب إجادة الأكفان

ورد في كتاب (وسائل الشيعة ، كتاب الطهارة ، أبواب التكفين ، باب ١٨ استحباب إجادة الأكفان والمغالاة في أثمانها) ، فعن ابن سنان عن أبي عبد الله (عليه السّلام) قال : تنوّقوا في الأكفان فإنّكم تبعثون (فإنّهم يبعثون) بها ، الحديث ٢. وأيضاً في الحديث ٤ من نفس الباب : عن أبي خديجة عن أبي عبد الله (عليه السّلام) قال : تنوّقوا في


الأكفان فإنّكم تبعثون بها. هذا من جهة. ومن جهة أُخرى فقد جاء في (الكافي ، كتاب الحجّة ، باب مولد أمير المؤمنين (عليه السّلام) ، الحديث الثاني) حكاية عن قصة فاطمة بنت أسد أمّ أمير المؤمنين (عليه السّلام) عن أبي عبد الله (عليه السّلام) أنّ رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) قال : إنّ الناس يحشرون يوم القيامة عراة كما ولدوا ، فقالت : وا سوأتاه .. إلخ ، ثمّ قال (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) بعد عدّة أسطر : .. وإنّي ذكرت القيامة ، وأنّ الناس يحشرون عراة ، فقالت : وا سوأتاه ، فضمنت لها أن يبعثها الله كاسية .. إلخ. فكيف نوفّق بين هذه الروايات على فرض صحّتها؟ وهل يمكن رفع هذا التعارض بالقول : إنّ البعث مرحلة في القيامة والحشر مرحلة أخرى؟

باسمه تعالى استحباب إجادة الأكفان ثابت ، وخطاب الحشر بالأكفان راجع إلى المؤمنين ، يُنافي حشر الفسّاق والكفّار عراة ، وما ورد في حشر الناس عراة لا يعمّ أهل الإيمان والبارّين ، والتضمين بالإضافة إلى فاطمة بنت أسد (سلام الله عليها) من رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) كالضمان عن ضغطة القبر بالإضافة إليها ، وكما أنّ ضغطته لا تصيب المؤمن البار ، كذلك الأمر في الحشر عارياً ، هذا مع أنّ الرواية ضعيفة سنداً ، بالإرسال وغيره ، فلا توجب التشكيك في الأمر بالإجادة ، ولا في تعليقه بما ذكر ، والله العالم.

نصيحة للمغتربين

هل لكم من كلمة موجزة إلى المغتربين المسلمين في بلاد الكفر؟

باسمه تعالى الإخوة المؤمنون في البلاد الغربية أيدكم الله ورعاكم ، من اللازم عليكم أن تحافظوا على عقائدكم الدينية بتمامها وكمالها ، وإن تلتزموا بالواجبات والتكاليف الشرعية لتصونوا أنفسكم وأهلكم من موجبات الانحراف وتيارات الفساد الموجودة في تلك المناطق ، وعليكم بتعليم الجيل الجديد من أبنائكم وبناتكم آداب الإسلام وأحكام الدين على طريق مذهب أهل البيت (عليهم السّلام) ، حتى يكون داعياً لغير المسلمين للإسلام. بهذه الصورة


تستطيعون تبليغ الدين في تلك المناطق وجلب أفراد آخرين لاعتناق هذا الدين والتقيد بمذهب أهل البيت (عليهم السّلام) ، والله العالم.

نصيحة لمن يختلف حول التقليد

يوجد في بعض المجتمعات الشيعية أفراد يحقدون ويعادون بعضهم بعضاً بسبب الاختلاف في مرجع التقليد ، فما هي نصيحتكم المفيدة؟

باسمه تعالى يجب عليهم ترك العداء والتصدي للنصح والإرشاد ، ولا يجوز هتك عالم ديني إذا لم يخرج من زي العلماء في أعماله وأقواله في إرشاد الناس إلى الحق والترغيب في الواجبات ونهيهم عن المنكرات ، والله العالم.

السلام على تارك الصلاة ودفنه في مقابر المسلمين

إذا كان المسلم تاركاً للصلاة مرتكباً للمحرمات ، وكان ذلك على سبيل التهاون لا إنكار الوجوب أو الحرمة ، فهل يجوز السلام عليه ومعاملته ودفنه في مقابر المسلمين؟

باسمه تعالى يجوز ذلك ، ولكن إذا كان منعه عن المنكر وبعثه إلى المعروف متوقفاً على ترك معاشرته يجب تركها ، والله العالم.

إتيان البر نيابة عن الميت غير الشيعي

هل يجوز قراءة سورة الفاتحة أو الإتيان بشيء من البر نيابة عن ميت غير شيعي ، سواء كان من الأرحام أو سواهم؟

باسمه تعالى يجوز القراءة والإتيان بالبر نيابة عنه ، والله العالم.


مراسيم اليوم السابع أو الأربعين للميت

اعتاد المؤمنون أن يقيموا مراسيم اليوم السابع أو يوم الأربعين للميت ، فهل لهذه العادة أصل في الشريعة؟

باسمه تعالى في ليلة الجمعة الأولى بما أنها ليلة رحمة وغفران يستحب الإحسان فيها إلى الميت بالبر للمؤمنين ، وأما ليلة الأربعين أو يوم الأربعين فأصله زيارة جابر بن عبد الله الأنصاري للإمام الحسين (عليه السّلام) ، وفي رواية من علامات المؤمن زيارة الأربعين ، والله العالم.

كتاب سليم بن قيس

ما رأيكم في كتاب سليم بن قيس؟

باسمه تعالى كتاب سليم بن قيس كتاب معتبر ، ولكن لم يثبت أن الكتاب المتداول بين أيدينا هو نفس ذلك الكتاب ، والله العالم.

(يُخَيَّلُ إِلَيْه مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّها تَسْعى)

الحبال التي ألقاها السحرة أمام موسى (عليه السّلام) هل انقلبت حقيقة إلى ثعابين ، أم تراءى للناس ذلك ، وهل يمكن لمثل ذلك أن ينطلي على الأنبياء والأئمة ، وما هي قصة (النفّاثات في العقد)؟

باسمه تعالى من المعلوم أنّ الحبال التي ألقاها السحرة لم تنقلب حقيقة إلى ثعابين ، كما ذكر ذلك القرآن حيث ورد في ذلك (يُخَيَّلُ إِلَيْه مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّها تَسْعى) ولكن لا يدل ذلك على أنّ كلّ سحر يؤثّر في المسحور ، ولو علم بالحال ، كما في العقد على الرجل من امرأته ، حيث لا يتمكَّن من الدخول بها ، ولو مع علمه بأنّه عقد عليه ، وهذا الأمر قد يخفى على النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) والإمام (عليه السّلام) إذا اقتضت المصلحة الربّانية ذلك ، ثم يخبر الله بالحال ، كما ورد ذلك في بعض الأخبار الواردة في تفسير المعوذتين ، والله العالم.


عمل الطلاسم لردع الظالم

هل يجوز عمل الطلاسم لردع الظالم المعتدي؟ وهل يجوز للمظلوم فعل ذلك إذا حصل الضرر من الظالم ولم يقدر عليه مع وجود الخوف؟

باسمه تعالى إذا لم يكن بالسحر وتوسلًا بالشياطين فلا بأس ، والله العالم.

ضرورة أخذ الحيطة والحذر

قد تشرفت بقراءة خطابكم الميمون الذي ورد إلينا عن طريق الانترنت بمناسبة وفاة واستشهاد الصديقة الزهراء (سلام الله عليها) وذكرتم فيه ضرورة أخذ الحيطة والحذر إلى جانب التنبيه والإرشاد إلى ضلالة بعض من تسمى بأهل العلم وبطلان آرائه. فهل هذا التنبيه على نحو الوجوب الشرعي؟ وإذا كان ، فهل هو فتوى تخص مقلدكم أو تعم المؤمنين كافة على نحو الحكم لا الفتوى؟ وهل هو أمر مولوي يترتب على مخالفته عقاب من المولى ، أم هو أمر إرشادي لما في مخالفته من مفاسد؟

باسمه تعالى كل من أحرز ضلالة المضل وجب عليه شرعاً تنبيه الغافلين والمغرر بهم على ذلك ، من باب أن الوظيفة الشرعية بيان الحكم الشرعي للجاهل به ، والله الهادي إلى سبيل الصواب.

مس الأسماء المباركة

ما حكم مس الأسماء المباركة التي أحد جزءيها اسم أو صفة من أسماء الله وصفاته ، على غير طهارة مثل عبد الله أو عبد الرحيم ..؟

باسمه تعالى لا يجري على الأعلام الشخصية المركبة حكم مس أسماء الله وصفاته ، وإن الأحوط عدم مسها بدون طهارة ، والله العالم.

الاستخارة

ما هو معنى الاستخارة؟


باسمه تعالى الاستخارة هي المشورة مع الله عند تحير الشخص وعدم تشخيصه الصلاح عن غيره ، كما في الأُمور التي لا يعلم عقباها ، والاستخارة بالقرآن الكريم وبذات الرقاع مجربة وواردة في الرواية ، والله العالم.

وضع الحرز حول الرقبة

هل يجوز للشاب المسلم وضع حرز لأحد الأئمة المعصومين (عليهم السّلام) حول رقبته ، وهو نائم مع احتمال وقوعه في الاحتلام أثناء النوم؟

باسمه تعالى وضع الحرز على الرقبة لا بأس به مع التحرز عن لمس الأسماء المباركة من دون طهارة ، وإن علم أن الحرز يمس البشرة أثناء النوم ، فلا بد من نزعه أو جعله فوق الملابس ، والله العالم.

دراسة الفلسفة الإلهية

ما هو الهدف من دراسة الفلسفة الإلهية بالمعنى الأخص؟ وبالأحرى ما هو الهدف من إثبات واجب الوجود وصفاته من الناحية العقلية البرهانية المنطقية؟ ونحن نعرف أن الله ثابت للإنسان بالفطرة والوجدان ، فما الداعي والحاجة لدراسة الفلسفة في الوسط الإسلامي الإمامي خاصة؟

باسمه تعالى تحصيل العلم بالأُمور الاعتقادية ولو بالدليل الإجمالي واجب على كل واجد لشرائط التكليف ، وأما دراسته الفلسفة وعلم الكلام والأُمور الأخرى لدفع شبهات المعاندين والمبطلين فهو واجب كفائي يقوم به بعض أهل الفن ، وهو غير واجب على كل أحد تعييناً ، والله العالم.

العامل مع الجائر

قد ذكر أنّ قضاء حوائج المؤمنين يسوّغ الولاية من الجائر ، فما هي حدود هذا


المسوّغ ، فقد لا يستطيع من يعمل مع الجائرين إلَّا مساعدة القليل من المؤمنين ، وقد تكون مساعدته لهم في أُمور محدودة وبمقدار محدود ، فما هي حدود هذا المسوّغ؟

باسمه تعالى إذا لم يكن له عمل محرّم آخر فيكفي أن يساعد بعض المؤمنين ، والله العالم.

عدم ثبوت تحويل القبلة بعد الظهور

هل صحيح أنّ الإمام الحجّة عند ما يظهر يُحوّل القبلة من بيت الله الحرام ، إلى قبر الإمام الحسين (عليهم السّلام)؟

باسمه تعالى لم يثبت ذلك ، والله العالم.

الناصبي

هناك بعض الفرق الإسلامية يظهرون العداء بشكل جلي للشيعة الإمامية ، ويتّهمونهم بالغلو ، ويفترون عليهم أموراً لم ينزل الله بها من سلطان ، والشيعة براء من هذه الافتراءات ، وفي نفس الوقت تُظهر هذه الفرقة حبّها لأهل البيت (عليهم السّلام) ، فهل يحكم عليهم بأنّهم نواصب أم لا؟

باسمه تعالى لا نصب إلَّا مع إظهار العداء لأهل البيت (عليهم السّلام) ، والله العالم.

المسلم الضال

ما حكم من انتقل من مذهب التشيع إلى مذهب آخر؟

باسمه تعالى يدخل في عنوان المسلم الضال ، والله العالم.


الفرق بين المعجزة والكرامة

ما الفرق بين المعجزة والكرامة؟

باسمه تعالى الفرق بين المعجزة والكرامة : ان المعجزة هي خرق العادة الذي يقترن بدعوى النبوة ، ويأتي بها النبي لإثبات نبوته ، وأما الكرامة فلا تكون مقترنة بدعوى النبوة. وأيضاً المعجزة عمل يعجز عنه غير النبي ، وأما الكرامة فلها مراتب ربما يصدر بعضها من غير النبي بل من غير الإمام المعصوم أيضاً ، والله العالم.

طهارة دم المعصوم و..

باسمه تعالى هل اعتقاد المرء بطهارة المعصوم من الرجس يشمل ضرورة الاعتقاد بطهارة دمه ومدفوعاته؟ وما رأيكم الشريف في ذلك؟ هل دم المعصوم ومدفوعاته طاهرين أم لا؟

باسمه تعالى الجواب عن هذه المسألة يتّضح بذكر أمرين :

أ) إنّ جسد المسلم فضلًا عن المعصوم (عليه السّلام) لا يكون خبثاً ، وأمّا تنجّس بدن الإنسان بملاقاة القذر كالبول والدم فهو أمر اعتباري وليس أمراً واقعياً ، كما أنّ النجاسة الثابتة لبعض الأشياء كالدم والمني أمر اعتباري أيضاً لا واقعي ، وإنّما اعتبرها الشارع لمصلحة تقتضي ذلك أو دفع مفسدة عن العباد ، لا لنقص في مورد الاعتبار ولا لكمال في غيره ؛ فمثلًا تنجّس بدن الإنسان عند إصابة القذر كالبول والدم له لا يعني الخبث الذاتي فيه ولا يدلّ على النقص في شخصه ، وإنّما هو حكم تعبّدي لملاك معيّن ، كما أنّ طهارة مدفوع وبول مأكول اللحم لا يدلّ على فضيلة له. وبالجملة فلا يحتمل أن يكون حكم الشارع بطهارة ميتة ما ليس له نفس سائلة كالسمك والبق ونجاسة ميتة الإنسان تفضيلًا لميتة البق على الإنسان!.

ب) من المسلَّمات التي لا ريب فيها أنّ المعصومين الأربعة عشر (عليهم السّلام) في أعلى


درجات الكمال وأسمى مراتب العصمة ، غير أنّ الأحكام الشرعية ومنها وجوب غسل الجنابة أو اعتبار طهارة البدن واللباس من الخبث في صحّة الصلاة شاملة للمعصوم وغيره ، إذ لم يرد دليل على استثناء المعصوم من هذه الأحكام ، ولقد كان النبي صلَّى الله عليه وآله وسلَّم يغتسل من الجنابة ويغسل بدنه ممّا أصابه من القذر وكذلك المعصومون (عليهم السّلام). وما اشتهر من قول علي عليه السّلام لا أدري أصابني بول أم ماء وما أُبالي إذا لم أعلم ظاهر في عدم استثنائه عليه السّلام من هذه الأحكام. وبالجملة فثبوت أحكام الطهارة والنجاسة في حقّهم عليهم السّلام لا ينافي طهارتهم الذاتية وكمال عصمتهم بصريح النصوص ، والله الهادي للصواب.

وكيف ما كان فإنّ الاعتقاد بطهارة دم الإمام أو المعصوم عليه السّلام ليس من أُصول الدين ولا من ضروريات المذهب ، فيكون الأُولى لمن تردّد في ذلك إيكاله إلى الإمام عليه السّلام ، والله العالم.

تخصيص قول صلَّى الله عليه وآله

هل يجوز أن نقول لأحد الأئمّة الأطهار (عليهم السّلام) صلَّى الله عليه وآله وسلم؟ وما الدليل في حالة الجواز؟

باسمه تعالى هذا خلاف ما قرّر في الشرع من الصلاة على الأئمّة (عليهم السّلام) مقترناً بالصلاة على النبيّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ولا يذكر هذا إلَّا إذا كان النبيّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم مضافاً إليه آله صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ، والله العالم.

سم الرسول صلَّى الله عليه وآله

هل مات رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم مسموماً؟ وما الدليل على ذلك؟

باسمه تعالى ورد في رواية معتبرة أنّه صلَّى الله عليه وآله وسلَّم أعطي السم ، والله العالم.


فهرس الکتاب



استفتاء حول النصوص على الائمة المعصومين (عليهم السلام) ........................ ٧

منهج الرسالة.................................................................... ٨

النصوص التي تعيّن أسماء الأئمّة المعصومين (عليهم السلام) ........................... ٩

القسم الأوّل : ما ورد من الروايات في تحديد أنّ الأئمّة (عليهم السلام) هم من ولد الحسين (عليه السلام)    ٩

القسم الثاني : الروايات التي تنصّ على أسماء الأئمّة بدءاً من الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) حتى الإمام محمد بن علي الباقر (عليه السلام) .............................................................................. ١١

القسم الثالث : ما نص على أسماء الأئمة (عليهم السلام) جميعاً...................... ١٤

الروايات التي تنص على كل إمام بشخصه : ....................................... ١٦

جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) ........................................... ١٧

موسى بن جعفر (عليه السلام) .................................................. ١٨

علي بن موسى الرضا (عليه السلام) .............................................. ١٨

محمد بن علي الجواد (عليه السلام) .............................................. ١٩

علي بن محمد الهادي (عليه السلام) .............................................. ١٩


الحسن بن علي العسكري (عليه السلام) .......................................... ١٩

الحجة بن الحسن العسكري صاحب الزمان......................................... ٢٠

الخاتمة......................................................................... ٢٣

عصمة الأنبياء والأئمة (عليهم السلام) ........................................... ٢٧

الجهة الأُولى ؛ معنى العصمة : ................................................... ٢٨

الجهة الثانية ؛ إشكال وجواب : ................................................. ٢٩

الجهة الثالثة ؛ رأى أهل السنة في العصمة : ....................................... ٣٠

نفي السهو عن النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلم) ................................... ٣٤

الجهة الأولى ؛ في ذكر بعض الروايات الدالة على السهو : ........................... ٣٥

الجهة الثانية ؛ رأي الصدوق في سهو النبي (صلَّى الله عليه وآله) : .................... ٣٦

النقطة الأولى ؛ تفصيله بين السهو في الأحكام والسهو في غيرها : .................... ٣٦

النقطة الثانية ؛ في بيان المصلحة المدعاة : ......................................... ٣٧

النقطة الثالثة ؛ تفصيله بين سهو النبي (صلَّى الله عليه وآله) والأئمة (عليهم السلام) وسهو سائر الناس :     ٣٨

النقطة الرابعة ؛ كلامه في ذي الشمالين : ......................................... ٣٨

الجهة الثالثة ؛ مناقشة الصدوق في رأيه : .......................................... ٤١

المقام الثاني : في نوم النبي (صلَّى الله عليه وآله) عن الصلاة : ........................ ٥١

منشأ وضع هذه الروايات : ..................................................... ٥٤


رسالة مختصرة.................................................................. ٥٨

في لبس السواد................................................................. ٥٨

مصدر الأُصول الاعتقادية....................................................... ٧٣

حول مسائل أُصول الدين........................................................ ٧٤

التقليد في أصول الدين.......................................................... ٧٤

هل الاعتقاد بالإمامة من الأُصول أو الفروع؟ ...................................... ٧٤

طريقة اكتساب العقائد.......................................................... ٧٥

البحث في الأحكام الشرعية..................................................... ٧٥

أسماء الله عزّ وجلّ توقيفية........................................................ ٧٧

القضاء والقدر................................................................. ٧٧

المراد بالقديم................................................................... ٧٨

هل أسماء الله تعالى تقع على ذاته................................................. ٧٨

هل الله تعالى فاعل بالذات؟ ..................................................... ٧٩

المقدار الواجب من معرفة الله (عزّ وجلّ) .......................................... ٧٩

الولاية التكوينية................................................................ ٧٩

معنى الفعل والقوة المنسوبين إلى الصفات والذوات................................... ٨٤

القيم الدينية والأخلاقية نسبية أم مطلقة؟ ......................................... ٨٤

هل الله تعالى هو علة هذا الكون؟ ............................................... ٨٥

العلَّة الغائية.................................................................... ٨٥


الصراط والميزان حقائق أم رموز؟ .................................................. ٨٦

هل لله تعالى علمان؟ ........................................................... ٨٧

إذا كان لله علم حادث فما هو؟ ................................................. ٨٧

إحياء الأموات بإذن الله (عزّ وجلّ) ............................................... ٨٧

معنى وحدانية العدد............................................................. ٨٧

مفهوم التوكل................................................................... ٨٨

ماهيات الخلق.................................................................. ٨٨

مفهوم (اللَّهمّ لا تمكر بي ..) .................................................... ٨٩

المراد من (ولا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى) .......................................... ٩٠

(مَا الله يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبادِ) ....................................................... ٩١

مفهوم (المؤمن ينظر بنور الله) .................................................... ٩١

(لولاك لما خلقت الأفلاك ..) ................................................... ٩١

مفهوم الحديث (من أخّر الصلاة بدون عذر) ...................................... ٩٢

مفهوم (قالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي ولأَخِي) ................................................ ٩٢

مفهوم آية أُولي الأمر............................................................ ٩٣

مفهوم الآية (عَبَسَ وتَوَلَّى) .................................................... ٩٤

مفهوم الآية (ولَقَدْ هَمَّتْ بِه وهَمَّ بِها) ........................................... ٩٥

العرش ومفهوم آية (الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى) .................................. ٩٦

حديث الخيط الأصفر وحديث النورانية............................................ ٩٦


الحديث القدسي............................................................... ٩٦

زيارة الناحية.................................................................... ٩٦

سند حديث الكساء............................................................ ٩٧

دعاء التوسل................................................................... ٩٧

خطبة البيان وخطبة التطنجية..................................................... ٩٧

أسئلة في الأدعية ومفاهيمها...................................................... ٩٧

دعاء أيام رجب................................................................ ٩٨

الدليل على نبوة آدم (عليه السلام) ............................................. ١٠٠

خلق آدم (عليه السلام) ...................................................... ١٠١

كيف نفهم دعوة الأنبياء إلى الدنيا؟ ............................................ ١٠١

النّبي (صلَّى الله عليه وآله) طلب التخفيف في الصلاة عن الأمة..................... ١٠٢

ملك الموت ومفهوم الاستئذان من النبي والإمام (عليهم السلام) .................... ١٠٣

قرب الرسل في المعراج.......................................................... ١٠٣

آباء النبي (صلَّى الله عليه وآله) كانوا موحدين..................................... ١٠٤

النبي (صلَّى الله عليه وآله) قبل الوحي............................................ ١٠٤

فضل الرسول (صلَّى الله عليه وآله) على الأنبياء (عليهم السلام) ................... ١٠٥

نفي السهو عن النبي (صلَّى الله عليه وآله) ....................................... ١٠٦

أقدمية الرسول (صلَّى الله عليه وآله) على الخلق................................... ١٠٧

علم النبي (صلَّى الله عليه وآله) والأئمة (عليهم السلام) ........................... ١٠٨


العلوم التشريعية لأمير المؤمنين (عليه السلام) ..................................... ١٠٨

رجوع الشمس لأمير المؤمنين (عليه السلام) ...................................... ١٠٩

حضور الإمام علي (عليه السلام) في القبر........................................ ١١٠

حول الشهادة الثالثة........................................................... ١١٠

بيعة الغدير................................................................... ١١١

نهج البلاغة.................................................................. ١١١

الإمام علي (عليه السلام) وقضية نصب زياد عاملًا............................... ١١٢

الصديقة الطاهرة (عليها السلام) والشبح النوري................................... ١١٢

أنوار فاطمة (عليها السلام) قبل خلق الوجود..................................... ١١٢

شبح الزهراء (عليها السلام) النوري قبل خلق آدم (عليه السلام) ................... ١١٣

خلق فاطمة (عليها السلام) ................................................... ١١٣

مرتبة فاطمة الزهراء (عليها السلام) ............................................. ١١٤

الزهراء (عليها السلام) وأحزانها.................................................. ١١٥

الزهراء (عليها السلام) وضلعها المكسور.......................................... ١١٧

ظلامات الزهراء (عليها السلام) ................................................ ١١٧

الاعتقاد بظلامات الزهراء (عليها السلام) له مساس تام بالولاية..................... ١١٨

مصحف فاطمة (عليها السلام) ............................................... ١١٨

عصمة فاطمة الزهراء (عليها السلام) ........................................... ١١٩


امتحان الصدِّيقة (عليها السلام) في عالم الذر.................................... ١٢٠

الصدِّيقة الطاهرة (عليها السلام) في آية المباهلة................................... ١٢٠

الصدِّيقة الطاهرة (عليها السلام) في آية التطهير................................... ١٢٠

فدك........................................................................ ١٢١

أسئلة حول فعل وتقرير فاطمة الزهراء (عليها السلام) ............................. ١٢١

ذكر اسم فاطمة الزهراء (عليها السلام) في الأذان................................. ١٢١

عدم فقاهة من يشكك بظلامات الزهراء (عليها السلام) .......................... ١٢١

طمث الزهراء (عليها السلام) .................................................. ١٢٢

فرحة الزهراء (عليها السلام) ................................................... ١٢٢

الأئمة (عليهم السلام) يعلمون الغيب بقدر ما علمهم الله (عزّ وجلّ) ............... ١٢٣

أفضلية أهل البيت (عليهم السلام) على الخلق.................................... ١٢٤

هل أهل البيت (عليهم السلام) العلل الأربع للخلق؟ ............................. ١٢٤

ذكر فضائل المعصومين (عليهم السلام) ......................................... ١٢٤

الخصائص الجسمانية للمعصومين (عليهم السلام) ................................ ١٢٥

ظروف الأئمة (عليهم السلام) ................................................. ١٢٦

زيارة المعصومين (عليهم السلام) ................................................ ١٢٧

زيارة الأئمة (عليهم السلام) مشياً............................................... ١٢٩

أهل البيت (عليهم السلام) وعلم الغيب......................................... ١٣٠

حب أهل البيت (عليهم السلام) وبغض أعدائهم................................. ١٣١


العلم بقصص أهل البيت (عليهم السلام) ....................................... ١٣١

المراد من لفظ أهل البيت...................................................... ١٣١

ولاية أهل البيت (عليهم السلام) شرط لصحة الأعمال............................ ١٣٢

مظلومية أهل البيت (عليهم السلام) ............................................ ١٣٢

الإمامة والأئمة الاثنا عشر (عليهم السلام) ...................................... ١٣٣

مراتب الأئمة (عليهم السلام) والزهراء (عليها السلام) ............................ ١٣٦

المراد من أفضليتهم على القرآن.................................................. ١٣٧

إمامة الأئمة الطاهرين من ولد الحسين (عليه السلام) ............................. ١٣٨

التوسل بالأئمة (عليهم السلام) للشفاء.......................................... ١٣٨

كرامات أهل البيت (عليهم السلام) ............................................ ١٣٩

هل دماء أهل البيت (عليهم السلام) و.. نجسة؟ ................................ ١٣٩

فقه المعصومين (عليهم السلام) ................................................ ١٤٠

أفضلية الإمام على أهل زمانه................................................... ١٤٠

التفاضل بين المعصومين (عليهم السلام) ........................................ ١٤٠

التفضيل بين الأئمة (عليهم السلام) ............................................ ١٤١

حق المعصوم (عليه السلام) في ليالي الأفراح والأحزان.............................. ١٤١

تمثيل شخصية المعصوم......................................................... ١٤٢

الأئمة (عليهم السلام) وحركاتهم التاريخية......................................... ١٤٢

الطلب من الأئمة (عليهم السلام) ............................................. ١٤٢


أنوار الأئمة (عليهم السلام) ................................................... ١٤٣

علم الإمام................................................................... ١٤٣

وظيفة الإمام (عليه السلام) ................................................... ١٤٣

إعجاز المعصوم (عليه السلام) ................................................. ١٤٤

الأخذ من غير أهل البيت (عليهم السلام) ...................................... ١٤٤

توهين المعصوم................................................................ ١٤٤

قضية كربلاء................................................................. ١٤٤

خروج الحسين (عليه السلام) .................................................. ١٤٥

كسوف الشمس لشهادة سيد الشهداء (عليه السلام) ............................ ١٤٦

الإمام الحسين (عليه السلام) بين الوجوب والخيار................................. ١٤٧

بعض ما ورد في حق الإمام الحسين (عليه السلام) ................................ ١٤٧

ما يدور حول إقامة الشعائر الحسينية............................................ ١٤٨

الشعائر الحسينيّة.............................................................. ١٤٨

إقامة العزاء والشعائر الحسينيّة................................................... ١٤٩

شعائر عاشوراء............................................................... ١٥٠

العزاء........................................................................ ١٥٠

تاريخ الشعائر الحسينية......................................................... ١٥٠

كل مظهر إذا صدق عليه عنوان الحزن والجزع لمصاب.............................. ١٥١

أهل البيت (عليهم السلام) فهو من الأُمور المستحبة............................... ١٥١


حكم لبس السواد واللطم على الصدور.......................................... ١٥٢

في مراسيم العزاء لسيد الشهداء (عليه السلام) ................................... ١٥٢

العزاء واللطم................................................................. ١٥٣

اللطم على الصدور والضرب بالسلاسل.......................................... ١٥٤

ضرب السلاسل إلى حد احتقان الدم............................................ ١٥٤

الكشف عن الصدور لِلَّطم والضرب بالسلاسل................................... ١٥٤

كل جزع مكروه سوى الجزع والبكاء على الحسين (عليه السلام) ................... ١٥٤

البكاء والجزع لسيد الشهداء (عليه السلام) ...................................... ١٥٥

الجهر بالبكاء في ليلة عاشوراء................................................... ١٥٥

البكاء والجزع................................................................. ١٥٥

تقدّم البكاء أو الخطبة في يوم عاشوراء............................................ ١٥٦

خلع الملابس في العزاء......................................................... ١٥٧

الضرب على الفخذ أثناء اللطمية............................................... ١٥٧

استعمال الطبل والدمام في مراسيم العزاء.......................................... ١٥٧

استعمال الرايات والعلامات في مراسيم العزاء...................................... ١٥٧

هل مراسيم العزاء على الإمام الحسين (عليه السلام) معينة؟ ........................ ١٥٨

التبرع بالدم في يوم عاشوراء..................................................... ١٥٨

عمل التشابيه في عزاء سيد الشهداء (عليه السلام) ............................... ١٥٨


السجود على تربة الحسين (عليه السلام) ........................................ ١٥٩

السجدة في زيارة عاشوراء....................................................... ١٥٩

محل دفن رأس الحسين (عليه السلام) ........................................... ١٥٩

الحضور في مواكب اللطم...................................................... ١٥٩

الدخول في المآتم الحسينية بالحذاء................................................ ١٦٠

نصيحة لأصحاب المآتم........................................................ ١٦٠

احتفالات بمواليد الأئمّة (عليهم السلام) ........................................ ١٦٠

تقديم الصلاة أم مواصلة العزاء؟ ................................................ ١٦١

نقل الروايات الصحيحة وغير الصحيحة وحكمُه.................................. ١٦١

معاني بعض الروايات.......................................................... ١٦٢

نقل فضائل المعصومين (عليهم السلام) دون التحقّق من السند..................... ١٦٣

طريقة نقل الروايات........................................................... ١٦٤

نصيحة لمن يريد كتابه رواية حسينية للقراءة في المأتم................................ ١٦٤

الإمام موسى الكاظم (عليه السلام) مع الإمامة والقيادة............................ ١٦٤

الإمام مقتول أو مسموم........................................................ ١٦٥

الخلافة...................................................................... ١٦٥

دعوى الاتصال بالحجّة (عج) وأخذ الأحكام منه................................. ١٦٥

دعوى السفارة باطلة.......................................................... ١٦٦

التعامل مع دُعاة السفارة....................................................... ١٦٦


هل يمكن في عصر الغيبة أن يحل شخص مقام الإمام (عليه السلام) ................ ١٦٦

الاعتقاد بالغيبة............................................................... ١٦٦

الإمام المهدي (عج) وخروجه بالسّيف........................................... ١٦٧

القيام لذكر الإمام المهدي (عج) ووضع اليد على الرأس............................ ١٦٧

غيبة صاحب الزمان (عج) .................................................... ١٦٧

محل قبر السيدة زينب (سلام الله عليها) ......................................... ١٦٨

السيدة زينب (عليها السلام) تضرب بجبينها عمود المحمل.......................... ١٦٨

شبيه القاسم بن الحسن (عليه السلام) وحكمُه.................................... ١٦٨

الرياء في مراسيم العزاء......................................................... ١٦٩

قراءة التواشيح بألحان غنائية.................................................... ١٦٩

تطبيق ألحان الأغاني في اللطميات............................................... ١٦٩

رفع أصوات النساء في مجالس التعزية............................................. ١٧٠

التصفيق في المأتم.............................................................. ١٧٠

حكم التصفيق في الحسينية..................................................... ١٧٠

رفع العلامات بحركات بهلوانية................................................... ١٧٠

استخدام المسجد في الاحتفالات................................................ ١٧١

الزواج في محرم وصفر.......................................................... ١٧١

أي كتب المقاتل أكثر اعتباراً؟ ................................................. ١٧٢

تحريف القرآن................................................................ ١٧٢


القرآن ومعنى التحريف......................................................... ١٧٤

القرآن وصحّته................................................................ ١٧٤

صلة أهل البيت (عليهم السلام) بالقرآن......................................... ١٧٥

تلاوة القرآن قبل بدء المجالس الحسينية............................................ ١٧٥

القرآن وفهمه من دون العترة.................................................... ١٧٥

قراءة مخصوصة لسورة الأنعام.................................................... ١٧٦

الرجعة....................................................................... ١٧٧

التقية........................................................................ ١٧٧

التقية الواجبة والتقية المحرمة..................................................... ١٧٨

العصمة..................................................................... ١٧٩

عصمة الأنبياء والأئمة (عليهم السّلام) ......................................... ١٨٣

التوبة ومسألة تكفير ذنوب الموالي............................................... ١٨٤

الملائكة عباد مكرمون......................................................... ١٨٤

الحاسد...................................................................... ١٨٤

منكر الحسد................................................................. ١٨٥

التحرّز من الحاسد............................................................ ١٨٥

الحسد وثبوته الشرعي......................................................... ١٨٥

حرمة الإسلام................................................................ ١٨٥

مفهوم الحرية في الإسلام....................................................... ١٨٦


الإسلام ونظرية العنف......................................................... ١٨٦

توحيد الأمة الإسلامية......................................................... ١٨٦

معرفة الإسلام................................................................ ١٨٧

سعي للتشيع................................................................. ١٨٨

بعض الأعمال المجربة لقضاء الحوائج............................................. ١٨٨

جبل الطور................................................................... ١٨٨

ليلة القدر.................................................................... ١٨٨

كفر من أدخلوا الرعب على بيت الرسالة........................................ ١٨٩

إحباط الأعمال............................................................... ١٨٩

الناس واختلاف ألوانهم بمشيئة الله (عزّ وجلّ) .................................... ١٨٩

ادعاء أصحاب السير والسلوك.................................................. ١٩٠

هل ابن المعصوم أفضل من العالم؟ .............................................. ١٩٠

وظيفة العلماء بيان الحلال والحرام وإظهار العقائد الحقة............................. ١٩١

المثقّف والأحكام الشرعية...................................................... ١٩١

الأحكام الولائية والفتوائية...................................................... ١٩٢

الحكم الولائي وصدوره من غير القائل بالولاية..................................... ١٩٢

تنفيذ الحكم الولائي........................................................... ١٩٢

الرجوع إلى غير الحاكم الشرعي................................................. ١٩٢

استثناء قبور الأنبياء والأئمة (عليهم السلام) من مكروهات الدفن................... ١٩٣


اختلاف متولي المسجد وإمام الجماعة............................................ ١٩٣

اختلاف المتولين للمسجد...................................................... ١٩٤

استحباب إجادة الأكفان...................................................... ١٩٤

نصيحة للمغتربين............................................................. ١٩٥

نصيحة لمن يختلف حول التقليد................................................. ١٩٦

السلام على تارك الصلاة ودفنه في مقابر المسلمين................................. ١٩٦

إتيان البر نيابة عن الميت غير الشيعي............................................ ١٩٦

مراسيم اليوم السابع أو الأربعين للميت.......................................... ١٩٧

كتاب سليم بن قيس.......................................................... ١٩٧

(يُخَيَّلُ إِلَيْه مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّها تَسْعى) ........................................... ١٩٧

عمل الطلاسم لردع الظالم..................................................... ١٩٨

ضرورة أخذ الحيطة والحذر...................................................... ١٩٨

مس الأسماء المباركة............................................................ ١٩٨

الاستخارة.................................................................... ١٩٨

وضع الحرز حول الرقبة......................................................... ١٩٩

دراسة الفلسفة الإلهية.......................................................... ١٩٩

العامل مع الجائر.............................................................. ١٩٩

عدم ثبوت تحويل القبلة بعد الظهور............................................. ٢٠٠

الناصبي...................................................................... ٢٠٠


المسلم الضال................................................................. ٢٠٠

الفرق بين المعجزة والكرامة...................................................... ٢٠١

طهارة دم المعصوم و.. ........................................................ ٢٠١

تخصيص قول صلَّى الله عليه وآله............................................... ٢٠٢

سم الرسول صلَّى الله عليه وآله................................................. ٢٠٢

الفهرست ................................................................... ٢٠٣

الانوار الالهية في المسائل العقائدية

المؤلف:
الصفحات: 220