القسم الأوّل :

ترجمة المؤلّف



المقدّمة

حياة المؤلّف

 ١٨٧٨ ـ ١٩٤٣

هو السيد أحمد بن إبراهيم بن مصطفى الهاشميّ ، والمشهور في زمانه ب «معلم البيان». ويبدو أن نسبه يرجع إلى آل البيت لنسبه الهاشميّ ، ولإضافته كلمة «السيد» على اسمه «أحمد» في جميع مؤلفاته. وهذا ما لم تذكره المراجع التي عرّفت به.

ولد أحمد في القاهرة عام ١٨٧٨ ، ونشأ نشأة علمية دينية ، كانت السبب في توجيهه إلى الأزهر الشريف ، بعد إتمام دراسته الأولى ، حتى عرف بعد تخرّجه بأنه «المعلم الأزهري».

ولقد كان شديد الاعتزاز بأزهريّته ، وثيق الصّلة بزملائه الأزهريين وأساتذته وبمن كان له فضل على تعليمه. فكان يحرص على إهداء أساتذته الأزهريين ما يطبع من مؤلفاته. وأساتذته بدورهم كانوا يحبونه ، ويشجعونه على متابعة المسيرة العلمية والتأليف والتصنيف.

وكان أحمد حريصا على تتويج كتبه بما يصل إليه من رسائل وتقريظات ، ولا سيما من أساتذته الأزهريين في الطبعات التالية من الكتب. من ذلك قوله : «كتب أستاذي المرحوم صاحب الفضيلة حسّونة النّواوي شيخ الجامع الأزهر». وقوله : «وكتب المغفور له سماحة السيد علي الببلاوي شيخ الجامع الأزهر».

وفي مقدمة كتابه «جواهر الأدب» قال : «وكتب إليّ إمام العلماء الأعلام ، وشيخ الإسلام صاحب الفضيلة ، أستاذي الأكبر المرحوم الشيخ سليم البشري شيخ جامع


الأزهر». حتى إن «سعد زغلول باشا» أثنى على كتابه «جواهر الأدب» مقدرا مكانته العلمية.

نستدلّ من هذه التقريظات على أن أحمد درس على خيرة علماء زمانه في مصر. وحبّه للعلم وأهله جعله شديد الإجلال لأساتذته ، معترفا بهم وبأفضالهم عليه. فمن هؤلاء الأساتذة :

١ ـ حسّونة النواوي.

٢ ـ سليم البشري.

٣ ـ حمزة فتح الله ، المفتش الأول بوزارة المعارف العمومية. وكان حمزة يحب تلميذه أحمد كثيرا ، ولعله خدمه في أعماله الإدارية التي أوكلت إليه. فحين بدأ حمزة برسالته إليه قال : «إي بنيّ الجهبذ النّحرير ، والفذّ العبقري».

٤ ـ على أن أشهر أساتذته الذين اعترف بفضلهم عليه «الشيخ محمد عبده» ؛ فقد كان تلميذا مستجيبا له طوال حياة الشيخ ، حتى توطّدت الصداقة المثلى بين الأستاذ وتلميذه. ومثل هذه الصداقة لا يعتريها شكّ ، ولا يشوبها حسد.

فقد كان الشيخ محمد عبده يشهد له بالعلم ، ويقرّظ كتبه. ومما قاله عن كتابه «جواهر البلاغة» : «... فوجدته كتابا عظيما ، وأسلوبا حكيما يشهد لحضرة مؤلفه الفاضل بملاك الذوق السليم ، والعقل الحكيم». كما أبدى الشيخ محمد عبده رأيه في عدد من مؤلفاته.

وأوسع الشيخ محمد عبده لتلميذه صدر الصحف التي كان يتولّى تحريرها ، كي يتمكّن من نشر بعض مقالاته فيها ، غير أن موت الشيخ محمد عبده المفاجىء عام ١٩٠٥ أفقده كثيرا من التشجيع والمساندة.

ومع أن أحمد كان أزهريّا علما وروحا ، ومع أنه ظلّ على اتصاله بأساتذته ، فإنه لم يدخل الأزهر معلما ، بل فضّل سلك التعليم المدني. حيث إنه عمل مدرسا للغة العربية في عدد من المدارس القاهرية. ثم ارتقى الأمر به إلى أن أصبح مديرا لمدارس الجمعية الإسلامية. واستمر مديرا لعدد من المدارس الأهلية ، مثل «مدرسة فؤاد الأول» ، و «مدرسة ولي العهد» بشبرا. ثم عيّن مراقبا لمدارس فيكتوريا الإنجيلية.


وبالنظر إلى استقامته في حياته ، ومكانته العلمية الرفيعة ، فقد أوكل إليه أمر إدارة مدرستين أهليتين للبنات.

مؤلفاته :

نشر السيد أحمد مجموعة حسنة من الكتب ، كان الطابع الغالب عليها : الأدب واللغة. ويبدو أن مصر آنئذ كانت متعطّشة إلى مثل هذه المؤلفات. لذلك وجدنا معظم مؤلفاته يعاد طبعها أكثر من عشر طبعات ، أو أكثر من عشرين طبعة. ونرجّح أن الذي ساعد على انتشار مؤلفاته كذلك عمله في التدريس والإدارة. ولعل كتابه «جواهر البلاغة» أكثر مؤلفاته سيرورة ورواجا. فحتى عام ١٩٥٤ طبع منه إحدى عشرة طبعة. وهي بمجملها تدلّ على عمقه في علوم العربية ، وقدرته وإحاطته لها.

والذي وصل إلى علمنا من مؤلفاته :

١ ـ جواهر البلاغة في المعاني والبيان والبديع.

٢ ـ السحر الحلال في الحكم والأمثال.

٣ ـ جواهر الأدب في أدبيات وإنشاء لغة العرب.

٤ ـ ميزان الذهب في صناعة شعر العرب (في العروض).

٥ ـ المفرد العلم في رسم القلم (في رسم الخط).

٦ ـ السعادة الأبديّة في الشريعة الإسلامية.

٧ ـ مختار الأحاديث النبوية والحكم المحمدية.

٨ ـ القواعد الأساسية للغة العربية.

٩ ـ ديوان الإنشاء ، أو أسلوب الحكيم في منهج الإنشاء القويم.

والناظر المدقّق في كتبه هذه يتّضح له أن المؤلف كان يسعى إلى وضع لبنات في معظم الاتجاهات التعليمية حول اللغة العربية. ويتضح كذلك أن المؤلف شديد الاعتزاز بما يكتب وما يصنّف. ولهذا أطلق على الثلاثة الأولى اسم «جواهر». إضافة إلى التسميات الأخرى التي تنمّ عن اعتزازه الكبير بها.

على أن السيّد أحمد لم يقتصر على الكتب في التأليف ؛ فقد كان ينشر مقالات


أدبية في الصحف المصرية ، جمع بعضها في كتابه «أسلوب الحكيم».

وقد استمرّ طبع مؤلفاته بعد وفاته زمنا ، وما زال. وكان ابنه يسعى إلى إعادة نشرها إبقاء على اسم والده في الحقل الأدبي. وقد كان المؤلف يسجّل على غلاف كل كتاب يطبعه. «حقوق إعادة الطبع محفوظة لحضرة مؤلفه وولده».

وفاته :

بدأ السيّد أحمد نشاطه العلمي في التأليف بعد سن الثلاثين. وإذا علمنا أنه عمّر خمسا وستين سنة ، أدركنا أن القسم الأول من حياته مضى في تلقّي العلم ، والقسم الثاني كان حافلا بالتدريس ، والإدارة ، والتأليف.

توفي السيّد أحمد في أواخر عام ١٩٤٣. فتسابقت الصحف المصرية إلى نعيه ، والإشادة بمكانته العلمية. ولا سيما ما صدر بتاريخ ٢٦ / ١٠ / ١٩٤٣.

المراجع عنه :

 ـ الأعلام للزركلي ١ / ٩٠.

 ـ معجم المؤلفين لعمر رضا كحالة ١ / ١٤٣.

 ـ معجم المطبوعات العربية والمعرّبة ص ١٨٨٧ ـ ١٨٨٨.

 ـ إيضاح المكنون : ١ / ٣٧٤ و ٢ / ٥٣٠. وهو الذي أسماه معلم البيان.

 ـ فهرسة دار الكتب المصرية : ٢ / ٦٩ ، ١٨٥. والملحق الثاني للجزء الثاني.

 ـ جريدة المقتبس : ١ / ١٥٥ ، ١٥٦ ، ٤١٢.

 ـ عدد من الصحف المصرية الصادرة بتاريخ ٢٦ / ١٠ / ١٩٤٣.

 ـ مقدمات كتبه وخواتيمها.


بسم الله الرّحمن الرّحيم

صرف الهمم ، نحو ربّ الأمم ، سبيل النّجاح ، وسرّ الفلاح.

نحمدك اللهمّ أنت الفاعل المختار ، لكلّ مفعول من الكائنات والآثار ، ونشكرك على مزيد نعمك ، ومضاعف جودك وكرمك.

ونصلّي ونسلّم على سيّدنا محمد مصدر الفضائل ، وعلى آله وأصحابه ومن نحا نحوهم من الأواخر والأوائل.

وبعد : فهذا كتاب «القواعد الأساسيّة ـ للّغة العربيّة» نحوت فيه ترتيب «الألفيّة» ، وجئت منها بالمبتدأ والخبر. وجمعت فيه لطائف «التّصريح» وتحف «الأشموني» وتحقيقات «الصّبّان» ونتف «الخضري» ودقائق «الرّضي» وبدائع «المغني» ومع هذا كلّه جمع إلى غزارة المادّة سهولة المأخذ ، وإلى جودة التّرتيب دقّة العبارة ، وظرف الإشارة. وإلى كثرة التّمرينات حسن الاختيار ، لينتفع به المبتدئون. ولا يستغني عنه المنتهون.

وأسأله سبحانه وتعالة أن ينفع به الطلّاب. وأن يجعله عنده زلفى وحسن مآب.

مصر في ١٨ رمضان سنة ١٣٥٤ هـ

المؤلف

 السيّد أحمد الهاشمي


تمهيد

علوم اللّغة العربيّة (١) عبارة عن اثني عشر علما ـ مجموعة في قوله :

نحو ، وصرف ، عروض ، ثمّ قافية

وبعدها لغة ، قرض ، وإنشاء

__________________

(١) أفضل العلوم ما كان زينة ، وجمالا لأهلها ، وعونا على حسن أدائها ، وهو علم العربية الموصّل إلى صواب النّطق ، المقيم لزيغ اللسان ، الموجب للبراعة ، المنهج لسبل البيان بجودة الإبلاغ ، المؤدّي إلى محمود الإفصاح ، وصدق العبارة عما تجنّه النفوس ويكنّه الضمير من كرائم المعاني وشرائفها. وما الإنسان لو لا اللسان؟!.

وقد قيل : «المرء تحت لسانه. والإنسان شطران : لسان وجنان». [كما في قول الشاعر :

[الطويل] :

لسان الفتى نصف ونصف فؤاده

فلم يبق إلّا صورة اللّحم والدّم

وقال عبد الحميد بن يحيى : سمعت شعبة يقول : تعلّموا العربية فإنها تزيد في العقل. وعن سليمان بن علي بن عبد الله بن عبّاس عن العباس. قال : قلت : يا رسول الله ما الجمال في الرجل؟ قال : فصاحة لسانه.

وقال عبد الملك بن مروان : اللّحن في الكلام أقبح من الجذريّ في الوجه. وأوصى بعض العرب بنيه فقال : يا بنيّ أصلحوا ألسنتكم فإن الرجل تنوبه النائبة فيتجمّل فيها فيستعير من أخيه دابّته ، ومن صديقه ثوبه ، ولا يجد من يعيره لسانه. وعن نفطويه عن أحمد بن يحيى قال [البسيط] :

إما تريني وأثوابي مقاربة

ليست بخزّ ولا من حرّ كتّان

فإنّ في المجد همّاتي وفي لغتي

غلويّة ولساني غير لحّان

وقال أبو هلال العسكري : علم العربية على ما تسمع من خاصّ ما يحتاج إليه الإنسان لجماله في دنياه ، وكمال آلته في علوم دينه ، وعلى حسب تقدّم العالم فيه وتأخّره يكون رجحانه ونقصانه إذا ناظر أو صنّف.

ومعلوم أنّ من يطلب الترسل وقرض الشّعر وعمل الخطب والمقامات ، كان محتاجا لا محالة إلى التوسع في علوم اللغة العربية.


خطّ ، بيان ، معان ، مع محاضرة

والاشتقاق لها الآداب أسماء

وكلّها باحثة عن اللّفظ العربيّ من حيث ضبطه وتفسيره وتصويره وصياغته ـ إفرادا وتركيبا.

والّذي له حقّ التّقدّم من هذه العلوم المذكورة «النّحو» إذ به يعرف صواب الكلام من خطئه ويستعان بواسطته على فهم سائر العلوم [الكامل] :

النّحو يصلح من لسان الألكن

والمرء تكرمه إذا لم يلحن

وإذا طلبت من العلوم أجلّها

فأجلّها نفعا مقيم الألسن

وسبب وضع النّحو «مع أنّ النطق بالإعراب سجيّة العرب من غير تكلّف» (١) كما قيل [الطويل] :

ولست بنحويّ يلوك لسانه

ولكن سليقيّ أقول فأعرب

أنّ العرب لمّا علت كلمتهم بالإسلام ، وانتشرت رايتهم في بلاد فارس والرّوم ، وفتحوا بلادهم ، واختلطوا بهم في المصاهرة والمعاملة والتّجارة والتّعليم ، دخل في لسانهم العربيّ المبين وصمة اللّسان الأعجمي (فخفضوا المرفوع ، ورفعوا المنصوب وما إلى ذلك من كثرة اللّحن الشّنيع) حتى كاد أسلوب النّطق العربيّ يتلاشى لأسباب كثيرة.

أ ـ من ذلك ما نقل عن أبي الأسود الدّؤلي أنّ ابنته رفعت وجهها إلى السّماء ، وتأمّلت بهجة النّجوم وحسنها ، ثم قالت : ما أحسن السّماء على صورة الاستفهام.

فقال لها يا بنيّة «نجومها».

فقالت : «إنّما أردت التّعجّب».

__________________

(١) كانت العرب لعهد الجاهلية تنطق بالسليقة ، وتصوغ ألفاظها بموجب «قانون» تراعيه من أنفسها ، ويتناوله الآخر عن الأوّل ، والصغير عن الكبير من غير أن تحتاج في ذلك إلى وضع قواعد صناعية.

فلما جاء الإسلام واختلطت العرب بالأعاجم عرض لألسنتها اللحن والفساد فاستدعى الحال إلى استنباط مقاييس من كلامهم يرجع إليها في ضبط ألفاظ اللغة ـ وأوّل ما وضع في ذلك علم النحو ، وواضعه أبو الأسود الدّؤلي من بني كنانة ، بأمر الإمام عليّ كرّم الله وجهه.


فقال لها : قولي : «ما أحسن السّماء»! وافتحي فاك.

ب ـ ومن ذلك ما سمعه أيضا أبو الأسود الدّؤلي من قارئ يقرأ قوله تعالى : (أَنَّ اللهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ) [التوبة : ٣] بجرّ رسوله ففزع من ذلك أبو الأسود ، وخاف على نضرة تلك اللغة من الذّبول ، وشبابها من الهرم ، وجمالها من التّشويه ، وكاد ينتشر هذا الشّبح المخيف مع أنّ ذلك كان في مبتدأ الدّولة العربيّة ، والقوم تزيد علاقاتهم كلّ يوم بالعجم ، فأدرك هذا الإمام «عليّ» كرّم الله وجهه ، وتلافى الأمر بأن وضع تقسيم «الكلمة» ، وأبواب «إنّ وأخواتها» والإضافة والإمالة ، والتعجّب ، والاستفهام ، وغيرها ، وقال لأبي الأسود الدّؤلي : «أنح هذا النّحو» ومنه جاء اسم هذا الفنّ ، فأخذه أبو الأسود ، وزاد عليه أبوابا أخر إلى أن حصل عنده ما فيه الكفاية.

ثم أخذه عن أبي الأسود نفر منهم : ميمون الأقرن ، ثم خلفهم جماعة ، منهم : أبو عمرو بن العلاء ، ثم بعدهم الخليل ، ثم سيبويه والكسائيّ ثم سار الناس فريقين : بصريّ وكوفيّ ، وما زالوا يتداولون ويحكمون تدوينه حتّى الآن ، فجزاهم الله أحسن الجزاء.

النحو

للنّحو «لغة» معان كثيرة ، أهمّها :

القصد والجهة ، كنحوت نحو المسجد.

والمقدار ، كعندي نحو ألف دينار.

والمثل والشّبه ، كسعد نحو سعيد (أي مثله أو شبهه).

والنّحو : في اصطلاح العلماء هو : قواعد يعرف بها أحوال أواخر الكلمات العربيّة التي حصلت بتركيب بعضها مع بعض من إعراب وبناء وما يتبعهما (١).

__________________

(١) يرى جمهرة العلماء أنّ الصرف جزء من النحو لا علم مستقلّ بذاته. وعلى هذا يقال : النحو قواعد يعرف بها صيغ الكلمات العربية وأحوالها حين إفرادها وحين تركيبها ، فمعرفة صيغ الكلمات كما يقال : اسم الفاعل من الثلاثي بزنة فاعل واسم المفعول بزنة مفعول ، إلى غير ذلك.

ومعرفة أحوالها حين الإفراد كطريق التثنية والجمع والتّصغير والنّسب.

ومعرفة الأحوال حين التركيب كرفع الاسم إذا كان فاعلا ، ونصبه إذا كان مفعولا ، وجرّه


وبمراعاة تلك الأصول يحفظ اللّسان عن الخطأ في النّطق ، ويعصم القلم عن الزّلل في الكتابة والتّحرير.

تركيب الكلمات

الكلمات المستعملة في كلّ اللّغات تتكوّن من حروفها المفردة الّتي اعتبرت أساسا لها.

ومن ذلك لغتنا العربيّة فهي أصوات محتوية على بعض الحروف الهجائية. وعددها تسعة وعشرون حرفا ، من أوّل الهمزة إلى الياء.

واللّغة فعل لسانيّ ، أو ألفاظ يأتي بها المتكلّم ليعرّف غيره ما في نفسه من المقاصد والمعاني.

وللأمم كيفيّات مخصوصة يخالف بعضها بعضا في التّعبير عمّا في ضمائرهم.

ومن هؤلاء «العرب» الذين استنبط من مقاييس كلامهم قواعد «النّحو».

__________________

إذا كان مضافا إليه ، إلى غير ذلك.

ويرى قوم أنّ النحو والصرف علمان مستقلان ؛ فيخصّون النحو بالقواعد التي يعرف بها أحوال الكلمات العربية من إعراب وبناء.

ويخصّون الصّرف بالقواعد التي يعرف بها صيغ الكلمات المفردة وأحوالها مما ليس بإعراب ولا بناء.

ومن هذا يتّضح أنّ النحو يبحث عن الكلمات وهي مركّبة جملا ، فيبيّن ما يجب أن تكون عليه أواخرها من رفع أو نصب أو جرّ أو جزم ، أو بقاء على حالة واحدة.

وأمّا الصرف فيبحث عن الكلمات وهي مفردة ، فيبيّن ما لأحرفها من أصالة وزيادة ، وصحّة ، وإعلال ، وما يطرأ عليها من التغييرات.


مقدمة

في الكلمة وأنواعها

الكلمة هي : اللّفظ المفرد الدّالّ على معنى (١).

وتطلق الكلمة إطلاقا لغويّا مرادا بها «الكلام» نحو (لا إِلهَ إِلَّا اللهُ) كلمة التّوحيد.

وبالاستقراء وتتبّع مفردات اللّغة وجد أنّ أنواع الكلمة ثلاثة : اسم ، وفعل ، وحرف (٢) :

__________________

(١) «أي لفظ مفرد عيّنه الواضع لمعنى بحيث متى ذكر ذلك اللفظ فهم منه المعنى الذي عيّن هو له ، وفهمه منه هو دلالته عليه».

والمراد بالمفرد هنا هو ما يتلفظ به مرّة واحدة وإن دلّ على متعدّد كرجل ورجال.

(٢) وذلك لأن من أنواع الكلمة ما يصح أن يكون ركنا للإسناد. وهذا منه ما يصح أن يسند ويسند إليه باعتبار دلالته على الحدث والذّات معا ، أو الذات فقط وهو (الاسم) نحو سليم وفاهم. ومن هنا يتبين لك أن الاسم هو الركن للكلام ، به يقوم ، وعليه يعتمد ، لأنه لا ينعقد بدونه.

ومنه ما يصح أن يسند فقط باعتبار دلالته على الحدث دون الذّات وهو (الفعل) نحو فهم ، ويفهم ، وافهم.

ومنه ما لا يصح أن يكون ركنا للإسناد لخلوه من ذلك وهو (الحرف) فإنه رابط بين الاسم والفعل فلا يسند ولا يسند إليه.

وبهذا يتبين لك انحصار (الكلمة) في هذه الأقسام الثلاثة ، ودليل الحصر أن الواقع ثلاث : ذات ، وحدث ، ورابطة للحدث بالذات. فالذات الاسم ، والحدث الفعل ، والرابطة الحرف ؛ ولا يختص انحصار الكلمة في الأنواع الثلاثة بلغة العرب لأن دليل الانحصار عقلي ، والأمور العقلية لا تختلف باختلاف اللغات.


ومن هذه الأنواع الثّلاثة يتركب الكلام ، والكلم ، ونحوهما.

الكلام وما يتركّب منه

الكلام : عند النّحويين (١) هو اللّفظ (٢) المركّب المفيد (٣) بالوضع (٤) العربي فائدة يحسن السّكوت عليها.

وأقلّ ما يتركّب الكلام (٥).

من اسمين حقيقة ، نحو : الدّين المعاملة.

١ ـ أو من اسمين حكما ، نحو : الصّدق منج ، (فإن الوصف مع ضميره في حكم المفرد).

٢ ـ أو من ثلاثة أسماء (٦) ، نحو : العدل أساس الملك.

٣ ـ أو من فعل واسم نحو : ظهر الحقّ ، ومنه نحو : (استقم) ، فإنّه مركّب من فعل الأمر المنطوق به ، ومن ضمير المخاطب المقدّر بأنت ، ومنه أيضا ، نحو : «يا جميل» فإنه كلام على تقدير الفعل المحذوف الذي هو «أنادي» النّائب عن حرف النّداء.

__________________

(١) والكلام عند اللغويين هو القول وما كان مكتفيا بنفسه في أداء المراد منه.

(٢) المراد باللفظ : الصوت المشتمل على بعض الحروف الهجائية تحقيقا كمحمّد ، أو تقديرا كالضمائر المستترة.

ومعنى اللفظ : الطّرح والرمي ، يقال لفظت كذا بمعنى رميته.

وخرج باللفظ : الإشارة ، والكتابة ، والعقد بنحو الأصابع الدالة على أعداد مخصوصة والنّصب. أي العلامات المنصوبة كالمحراب وغيرها ، فإنّها ليست بكلام عند النحويين.

(٣) المراد بالمفيد ما أفاد فائدة تامة يحسن سكوت كلّ من المتكلم والسامع عليها ، نحو : الدين المعاملة ، وخرج به غير المفيد ، نحو : إن حضر سرور.

(٤) بالوضع أي بالقصد ، وهو : أن يقصد المتكلم بما يلفظ به مما وضعته العرب إفادة السامع ؛ فهذه قيود أربعة متى وجدت وجد الكلام النحويّ. وحيث انتفت كلها أو انتفى واحد منها انتفى الكلام النحوي.

(٥) تركيب الكلام هو : ضمّ كلمة إلى أخرى بحيث ينعقد بنيهما الإسناد المستقلّ. وهو الذي يفيد أن مفهوم إحداهما ثابت لمفهوم الأخرى أو منفيّ عنها ، نحو : العلم نافع ، وما الجهل نافعا.

(٦) وقد يتركب من نوع الاسم أكثر من ذلك.


٤ ـ أو من فعل واسمين ، نحو : كان الله غفورا.

٥ ـ أو من فعل وثلاثة أسماء ، نحو : علمت الله واحدا.

٦ ـ أو من فعل وأربعة أسماء ، نحو : أريت جميلا البدر طالعا.

٧ ـ أو من اسم وجملة. الحقّ يعلو ، الظّلم آخره ندم.

٨ ـ أو من جملتين : نحو : إن ترد السّلامة ، فاسلك سبيل الاستقامة.

ولا يمكن أن يأتي كلام مفيدا من الأحرف وحدها ، ولا من الأحرف والأفعال فقط.

الكلم

الكلم : هو اللّفظ المركّب من ثلاث كلمات فأكثر سواء أفاد ، نحو : العلم يرقّي الإنسان.

أو لم يفد ، نحو : لو ارتقى الإنسان ، إذا كنت راقيا.

الجملة والقول

الجملة : هي مركّب إسناديّ (١) أفاد فائدة وإن لم تكن مقصودة كفعل الشرط. نحو : إن قام ، وجملة الصلة ، نحو : الّذي قام أبوه (٢).

والقول : ما ينطق به سواء أكان كلمة أم كلاما أم كلما أم جملة. فهو أعمّ من الكلمة : لشموله المفرد والمركب.

وأعمّ من الكلام ؛ لشموله المفيد وغيره.

__________________

(١) فالتركيب الواقع صلة الموصول ، أو نعتا ، أو حالا ، أو خبرا ، أو مضافا إليه ، يسمى جملة فقط لاشتماله على مطلق الإسناد.

(٢) تنقسم الجملة إلى نوعين :

الأول اسمية : إن بدئت باسم حقيقة ، نحو : الوطن عزيز.

أو حكما ، نحو : إنّ العدل قوام الملك.

الثاني فعلية : إن صدّرت بفعل حقيقة ، نحو : جاء الحقّ.

أو حكما ، نحو : ما خاب من استخار ، ولا ندم من استشار.


وأعمّ من الكلم ، لشموله المركب من كلمتين أو أكثر.

وأعمّ من الجملة ، لشموله المقصود ، وغير المقصود مفيدا أو غير مفيد ؛ فمتى وجد واحد منها وجد ، وقد يوجد هو دونها ، نحو : كتاب محمّد وخمسة عشر ، وبعلبكّ ، وحضرموت ، وجاد الحقّ.

والمعتبر عند النّحويين هو «الكلام» لاشتماله على المسند إليه والمسند.

أجب عن الأسئلة الآتية

ما هي علوم اللغة العربية ، وعمّ تبحث عنه؟ ما الذي له حقّ التقدّم من هذه العلوم؟ ما هو النحو؟ وما سبب وضعه؟ ومن الواضع له؟ كيف استنبط هذا العلم؟ ممّ تتركب الكلمات؟ ما هي اللغة؟ ما هي الكلمة وأنواعها؟ ما هو الكلام وما يتركب منه؟ ما هو الكلم والكلمة والجملة والقول؟ ما هو المعتبر منها عند النحاة؟

تمرين (١)

بيّن الكلمة والكلام والكلم والجملة والقول فيما يأتي.

إذا تكلّم أحدكم فليجتهد أن تكون الألفاظ عذبة لا يملّ سماعها ، وأن تكون المدلولات صحيحة يمكن وقوعها ، فليس كلّ لفظ مقبولا ، ولا كلّ مدلول معقولا ، وأن يراعى الاعتدال في المقال ، فإنّ الإطناب قد يكون مملّا ، كما أنّ الإيجاز قد يكون مخلّا. إن يكن الكلام من فضّة فإنّ السكوت من ذهب. ولا تهرف بما لا تعرف [الكامل] :

وزن الكلام إذا نطقت فإنّما

يبدي عقول ذوي العقول المنطق

تمرين (٢)

بيّن الكلام والكلم والاثنين معا ، وميّز الجملة والقول ممّا يلي :

المعاشرة الرّديّة تفسد الأخلاق الجيّدة ، إضاعة اللغة تسليم للذّات ، إذا صنعت المعروف ، من أبطأ به عمله لم يسرع به نسبه ، احذروا من لا يرجى خيره ولا يؤمن شرّه. خالق الناس بخلق حسن ، من أسرع في العمل [الوافر] :


ألا يا مستعير الكتب دعني

فإنّ إعارتي للكتب عار

فمحبوبي بذي الدنيا كتابي

فهل يا صاح محبوب يعار

اتّبع الحق وإن عزّ عليك ، الدّين النّصيحة. غرّك السّراب فتقطّعت بك الأسباب. من قعد به أدبه لم يرفعه حسبه [الكامل] :

إنّ الأكابر يحكمون على الورى

وعلى الأكابر تحكم العلماء

[الطويل] :

ومن فاته التعليم وقت شبابه

فكبّر عليه أربعا لوفاته

تعريف الاسم وعلاماته المميّزة له عن الفعل والحرف

الاسم «عند اللّغويين» ما دلّ على مسمّى.

و «عند النّحويين» ما يدلّ على معنى مستقلّ بالفهم غير مقترن وضعا بزمن من الأزمان الثلاثة ؛ (الماضي والمستقبل والحال) (١).

وعلامات الاسم كثيرة ، وأشهرها خمسة ، منها أربعة لفظية : وهي

__________________

(١) بهذا التعريف لا يخرج عن الاسمية ما يأتي :

 ـ أولا : ما يدل على معنى مقترن بالزمان التزاما لا بحسب الوضع كما في اسم الفاعل ، واسم المفعول ، والمصدر ، والصفة المشبهة ، واسم التفضيل ، وأمثلة المبالغة ، نحو : فاهم ، ومفهوم فقد عرضت عليه الدلالة على الزمان لمشاركته الفعل المقترن بالزمان (فهم ويفهم وافهم).

 ـ ثانيا : اسم الفعل كلفظة (شتّان) التي بمعنى (افترق) الذي هو فعل ماض عرضت عليه الدلالة على الزمان من هذا الفعل الذي هو بمعناه ، فتكون الدلالة الوضعية لمسماه لا له.

 ـ ثالثا : ما يدلّ على نفس الزمان مطابقة ، لا على معنى مقترن به ، نحو : أمس ، واليوم ، والآن ، من ظروف الزمان.

 ـ رابعا : ما يدلّ على معنى مقترن بمطلق زمن لا بزمن مخصوص من الأزمنة الثلاثة السابقة ، وذلك :

كلفظة (الصّبوح) وهو الشّرب أوّل النهار.

ولفظة (الغبوق) هو الشّرب آخر النّهار.

ولفظة (القيل) وهو الشّرب وسط النهار.

فمعناها مقترن بمطلق زمن ، لا يقيد كونه ماضيا ولا حالا ولا استقبالا.


١ ـ الجرّ بالكسرة الّتي يحدثها العامل «حرفا كان أو إضافة» ، نحو : بسم الله.

٢ ـ النداء ، «أي كون الكلمة مناداة» ، نحو ، يا سعد.

٣ ـ أل المعرّفة كالرجل (١) ، أو الزائدة كالعبّاس ، بخلاف الموصولة فقد تدخل على المضارع لغير ضرورة ، نحو [البسيط] :

(ما أنت بالحكم التّرضى حكومته)

٤ ـ التّنوين. وهو نون ساكنة تتبع آخر الاسم لفظا ، وتفارقه خطّا للاستغناء عنها بتكرار الشّكلة عند الضّبط بالقلم نحو ، كتاب (٢).

__________________

(١) تكون (أل) علامة للاسم إذا لم تكن من بنية الكلمة نحو الرجل ، أما إذا كانت من بنيتها فلا تكون علامة له ، نحو : ألقى إلقاء.

(٢) التنوين الخاص بالاسم أربعة أنواع : تنوين التمكين والتنكير والمقابلة والعوض.

أما تنوين التمكين فهو اللاحق للأسماء المعربة (غير جمع المؤنث السالم) للدلالة على خفّة الاسم في باب الاسمية بمعنى أنه لم يشبه الحرف فيبنى ، ولا الفعل فيمنع من الصرف ، وذلك نحو محمد ، وكتاب ، ورجل.

وأما تنوين التنكير فهو اللّاحق لبعض الأسماء المبنية لأجل الفرق بين المعرفة منها والنكرة. فما نوّن منها كان نكرة ، وما لم ينوّن كان معرفة. تقول : سيبويه وعمرويه ونفطويه «بغير تنوين» إذا أردت شخصا معينا اسمه أحد هذه الأسماء.

فإذا أردت أيّ شخص يسمّى بهذا الاسم قلت : سيبويه بالتنوين.

وأما تنوين المقابلة فهو الذي يلحق جمع المؤنث السالم في نحو : سائحات في مقابلة النون التي في جمع المذكر السالم في نحو : سائحين.

وأما تنوين العوض فهو اللّاحق لبعض الكلمات عند حذف ما تضاف إليه تعويضا لها عن هذا المضاف إليه المحذوف ، وهو قسمان :

١ ـ عوض عن كلمة مفردة ، وهو اللّاحق للفظي كلّ وبعض. نحو قوله تعالى : (قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ) فإنّ الأصل كلّ إنسان ، وكقوله تعالى : (فَضَّلْنا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلى بَعْضٍ) أي على بعضهم.

٢ ـ وعوض عن جملة. وهو اللاحق لكلمة «إذ» عند حذف الجملة أو الجمل التي تستحق «إذ» الإضافة إليها ، نحو : (وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ) (بِنَصْرِ اللهِ) أي يوم يغلب الروم ، ونحو : (وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ) (٨٤) أي وأنتم حينئذ بلغت الروح الحلقوم. فلما حذفت الجملة عوّض عنها بالتنوين.


علامة الاسم المعنوية

للاسم علامة واحدة معنويّة ، وهي : «الإسناد إليه» ، وهو أن تنسب إلى الإسم حكما تحصل به الفائدة ، بأن يكون مبتدأ ، أو فاعلا ، نحو : فهمت ، وأنا فاهم.

وهذه العلامة هي أصدق وأشمل علامات الاسم : لأنها أوضحت اسمية الضّمائر ، وما شابهها ممّا لا تدخل عليه العلامات المتقدّمة (١).

والاسم ثلاثة أنواع : مظهر ، ومضمر ، ومبهم.

فالمظهر ، هو : ما يدلّ على معناه من غير حاجة إلى قرينة كسعد وسعاد.

والمضمر ، هو : ما دلّ على معناه بواسطة قرينة تكلّم أو خطاب أو غيبة ، نحو : أنا ، ونحن ، وأنت ، وأنت ، وهو ، وهي.

__________________

(١) فإن كان لفظ الاسم لا يقبل الإسناد كلفظة (عند) مثلا اعتبر الإسناد إلى ما هو بمعناه «كالمكان» الذي هو بمعنى عند ، وهو يقبل الإسناد إليه ، فتصدق الاسمية عليها.

وليس بلازم أن تجتمع ، كلّ هذه العلامات حتى تدلّ على اسمية الكلمة ، بل بعضها كاف في ذلك ، فكلمة (صاحب) مثلا اسم لأنها تنوّن ، وتدخل عليها حروف الجر ، وأحرف النداء ، وأل ، وتكون مبتدأ وخبرا ، الخ ...

وكذا التاء من «حفظت» اسم لأنّها فاعل ، وهلم جرا.

أسباب ونتائج أ ـ لماذا كان الإسناد من خواص الاسم؟ ـ لأن المسند إليه لا يكون إلّا اسما.

ب ـ لماذا كان الخبر من خواص الاسم؟ ـ لأنّ المجرور مخبر عنه في المعنى ولا يخبر إلّا عن الاسم.

ج ـ لماذا كانت الإضافة من خواص الاسم؟ ـ لأنّ فيها معنى الإسناد.

د ـ لماذا كانت (أل) من خواص الاسم؟ ـ لأنّ أصلها للتعريف وهو خاص بالاسم.

ه ـ لماذا كان النداء من خواص الاسم؟ ـ لأنّه مفعول به في الأصل والمفعولية خاصة بالاسم.

و ـ لماذا كان التنوين من خواص الاسم؟ ـ لأنّ المقصود منه هنا ما هو خاص بالاسم وحده من الأنواع الأربعة السابقة الذكر.

ز ـ لماذا كان الاسم منحصرا في أنواع ثلاثة : مظهر ، ومضمر ، ومبهم؟

 ـ وذلك لأنّ الاسم إمّا أن يصلح لكل جنس ، أو لا.

فالأول : المبهم كهذا ، والذي.

والثاني : إما أن يكون كناية عن غيره ، أو لا.

فالأول المضمر كأنت وهو ، والثاني المظهر : كخليل وفاطمة وعصفور.


والمبهم ، هو : الّذي لا يظهر المراد منه إلا بإشارة ، أو جملة تذكر بعده لبيان معناه ، نحو : هذا ، والّذي.

تعريف الفعل وتقسيمه وعلاماته الميمّزة عن الاسم والحرف

الفعل عند (اللّغويين) ما دلّ على الحدث.

وعند (النّحويين) ما يدلّ بنفسه على حدث مقترن وضعا بأحد الأزمنة الثلاثة ؛ «الماضي ، والحال ، والمستقبل».

وينقسم الفعل باعتبار الزّمن إلى ماض ، ومضارع ، وأمر.

أ ـ الفعل الماضي وعلاماته المختصّة به.

الفعل الماضي ما دلّ على حدث وقع في الزّمان الذي قبل زمان التّكلّم (١) ، نحو : كتب ، ونعم ، وبئس.

وله علامتان مختصّتان به :

الأولى : تاء الفاعل ، نحو : كتبت (للمتكلّم والمخاطب والمخاطبة).

الثانية : تاء التّأنيث السّاكنة أصالة (٢) نحو : نالت سعاد جائزة. ولا يضرّ تحريكها لعارض. كما إذا وليها ساكن ، فتحرّك بالكسر للتّخلّص ، نحو : قرأت التلميذة. إلا إذا كان الساكن ألف الاثنين فتفتح للتّخفيف نحو : المرأتان قالتا ، وقد تضمّ نحو : قالت أمّة :

فإن دلّت كلمة على معنى الماضي ولم تقبل إحدى التّاءين ، فهي :

١ ـ إمّا إسم لوصف. كشاهد أمس.

__________________

(١) وقد يدل الماضي على الحال إذا استعمل في العقود ، نحو : بعتك هذا الكتاب ، ووهبتك هذه الفرس. ويدل على الاستقبال إذا وقع بعد أداة شرط غير «لو» ، نحو : إن استقام التلميذ عفوت عنه ، أو بعد لا النافية مسبوقة بقسم ، نحو : تالله لا كلمتك حتى تستقيم ، أو كان للدعاء ، نحو : رحمه‌الله.

(٢) وأمّا المتحركة أصالة فتختص بالاسم إن كانت حركتها إعرابية كجارية وعائشة ، فإن كانت حركة بناء ، أو بنية ، فتوجد في الاسم ، نحو : لا حول ولا قوّة إلّا بالله ، وفي الفعل. نحو : هند تقوم ، وفي الحرف ، نحو : ربّت وثمّت.

وبهاتين العلامتين سقط زعم حرفية ليس وعسى ، وسقط أيضا زعم اسميّة نعم وبئس.


٢ ـ وإمّا اسم لفعل. كهيهات بمعنى بعد ، وشتّان بمعنى افترق.

ب ـ الفعل المضارع ، وعلاماته المختصّة به.

الفعل المضارع : ما يدلّ على حدث يقع في زمان التكلّم أو بعده : كيقرأ.

ويعرف بصحّة وقوعه بعد (لم) ، نحو (لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ) (٣) [الإخلاص : ٣] وعلامته المختصة به «السّين (١) وسوف ، والجوازم التي تجزم فعلا واحدا ، وبعض النواصب».

والمضارع بأصل وضعه صالح للحال والاستقبال ، ولا يتعيّن لأحدهما إلا بمعيّنات خاصّة.

معيّنات المضارع للحال

١ ـ ما النّافية ، نحو (وَما تَدْرِي نَفْسٌ ما ذا تَكْسِبُ غَداً) [لقمان : ٣٤].

٢ ـ وإن النّافية ، نحو (إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلاحَ) [هود : ٨٨].

٣ ـ وليس النافية ، نحو : وليس لي أن أقول إلّا الواقع.

٤ ـ ولام الابتداء ، نحو (إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ) [يوسف : ١٣].

٥ ـ والآن ، ونحوه ، نحو : أسافر الآن ، أو الساعة.

معيّنات المضارع للاستقبال (٢)

١ ـ السّين ، نحو : (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ) [الشعراء : ٢٢٧].

٢ ـ وسوف ، نحو : سوف تندم على كسلك.

٣ ـ والنواصب ، نحو : لن ينجح الكسول.

٤ ـ والجوازم (ما عدا : لم ، ولمّا) ، نحو : إن تسافر فالله يكلؤك برعايته.

٥ ـ ونونا التوكيد ، نحو (لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُوناً مِنَ الصَّاغِرِينَ) [يوسف : ٣٢].

__________________

(١) السين وسوف يدلان على التنفيس. ومعناه الاستقبال. إلا أن السين للاستقبال القريب ، وسوف للاستقبال البعيد كقوله تعالى : (سَيَقُولُ السُّفَهاءُ مِنَ النَّاسِ) (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى) (٥).

(٢) قد يراد بالمضارع الاستمرار فيشمل جميع الأزمان الثلاثة نحو : الأطفال يميلون إلى اللعب ـ أي في كل زمان.


٦ ـ وأداة التّرجّي ، نحو : لعلّي أبلغ قصدي.

واعلم أن المضارع يتعيّن للاستقبال متى تضمّن طلبا ، نحو : يرحمك الله.

انقلاب المضارع للماضي

ينقلب الفعل المضارع إلى معنى الفعل الماضي بالأدوات الآتية :

أ ـ بلم الجازمة نحو : لم يقم بالواجب ، وزرتك ولم تكن في الدار.

ب ـ ولمّا الجازمة : نحو : لمّا يثمر البستان. وقطفت الثّمرة ولمّا تنضج.

ج ـ وربّما ، نحو : ربّما تكره ما فيه الخير لك.

وسمّي «مضارعا» لمشابهته «الاسم» في الحركات والسّكنات وعدد الحروف ، وصلاحيته للحال والاستقبال ، كيفهم وفاهم ، وينصر وناصر ولهذا أعرب الفعل المضارع.

فإن دلّت كلمة على معنى المضارع ولم تقبل «لم» ، فهي :

إمّا اسم لوصف ، كراحل الآن ، أو غدا.

وإمّا اسم لفعل ، كأوّه بمعنى أتوجّع.

ج ـ فعل الأمر وعلاماته المختصّة به.

الأمر ما يطلب به حدوث شيء في الاستقبال ، نحو : اسمع وهات وتعال. وعلامته المختصّة به :

الأمر ما يطلب به حدوث شيء في الاستقبال ، نحو : اسمع وهات وتعال. وعلامته المختصّة به :

قبوله ياء المخاطبة مع دلالته على الطّلب بنفسه ، نحو : احفظي (١) أو قبوله نون التّوكيد مع دلالته على الطّلب بصيغته ، نحو : اجتهدنّ.

فإن قبلت كلمة «نون التّوكيد» ولم تدلّ على الطلب بصيغته.

فهي فعل مضارع ، نحو : (لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُوناً) [يوسف : ٣٢] (فقد دل الفعل المضارع على الطّلب باللّام).

__________________

(١) وبهذا سقط زعم أنّ هات وتعال اسما فعلين للأمر.


وإن دلّت على الطلب ولم تقبل النون ، فهي :

إمّا اسم لمصدر ، نحو : صبرا على الشّدائد ، (بمعنى اصبر).

وإما اسم لفعل أمر ، نحو : نزال (بمعنى انزال).

العلامات المشتركة بين الماضي والمضارع والأمر هي :

١ ـ نون النّسوة مشتركة بين الأفعال الثلاثة.

٢ ـ قد (١) ، الجوازم التي تجزم فعلين ، أن الناصبة مشتركة بين الماضي والمضارع.

٣ ـ ياء المؤنثة المخاطبة ، نونا التوكيد مشتركتان بين المضارع والأمر.

مأخذ المضارع والأمر

يؤخذ المضارع من الماضي بزيادة حرف من حروف المضارعة الأربعة المجموعة في كلمة «أنيت» أو «أتين» أو «نأتي» (٢).

__________________

(١) قد ـ إذا دخلت على الماضي دلّت على أحد معنيين وهما : التحقيق والتقريب ؛ فمثال دلالتها على التحقيق قوله تعالى : (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ) (١) ومثال دلالتها على التقريب قوله : قد قامت الصلاة ، وإذا دخلت على المضارع دلّت على أحد معنيين أيضا وهما : التقليل والتكثير : فأما دلالتها على التقليل فنحو : قد يصدق الكذوب.

وأما دلالتها على التكثير فنحو : قد ينال المجتهد جائزته.

(٢) وحروف (أنيت) تسمى أحرف المضارعة ، وهاك جدولا مفصّلا بمواضعيها :

الهمزة

 النون

 الياء

 التاء

للمتكلم مذكرا كان أو مؤنثا نحو أحبّ الوطن

للمتلكم المعظّم نفسه ، أو معه غيره وكذا للمتكلمين والمتكلمات ، نحو : نحبّ الوطن.

للغائب المذكر ومثناه وجمعه ومثنى الغائبتين وجمع الغائبات ، نحو : هو يحب الوطن ، وهما يحبان الوطن ، وهم يحبون الوطن ، والوالدات يرضعن أولادهن.

للمخاطب مطلقا مذكرا كان أو مؤنثا ، مفردا أو مثنى أو جمعا ، وللغائبة ومثناها وجمعها ، نحو : أنت تحب الوطن ، وأنتما تحبان ، وأنتم تحبون ، وأنت ترغبين وأنتما ترغبان وأنتن ترغبن ، وهند ترغب وفاطمتان ترغبان في المعالي والنساء تدير إدارة المنازل


أ ـ فيكون مضموما في الرّباعي كأحسن يحسن ، وبعثر يبعثر.

ب ـ ويكون مفتوحا في الثّلاثي والخماسي والسّداسي ، مثل :

فهم يفهم ، انطلق ينطلق ، استفهم يستفهم.

فإن كان الماضي ثلاثيّا تسكّن الفاء ، وتحرّك العين بالضمّ أو الفتح أو الكسر (اتّباعا لنصوص اللّغة) ، نحو : شكر يشكر. عرف يعرف. حسن يحسن ـ ذهب يذهب ـ شرف يشرف.

وإذا كان غير ثلاثيّ وبدئ بتاء زائدة بقي على حاله نحو : تشارك يتشارك. وتعلّم يتعلّم ـ وتدحرج يتدحرج.

وإذا كان غير ثلاثيّ وبدئ بهمزة كسر ما قبل آخره وحذفت الهمزة ، نحو : أكرم يكرم ـ انفتح ينفتح.

وإن كان غير ثلاثي ولم يكن مبدوءا بتاء ولا بهمزة كسر ما قبل آخره فقط ، أكرم يكرم ـ انفتح ينفتح.

وإن كان غير ثلاثي ولم يكن مبدوءا بتاء ولا بهمزة كسر ما قبل آخره فقط ، نحو : عظّم يعظّم حوقل يحوقل ، قلقل يقلقل.

ويؤخذ الأمر من المضارع بحذف حرف المضارعة ، وما بقي فهو الأمر ، مثل : يتعلّم تعلّم ، يتكلّم تكلّم.

ما لم يكن أوّل الباقي بعد الحذف ساكنا فتزيد عليه همزة للتّوصل (١) للنّطق

__________________

فإن لم تكن هذه الحروف زائدة بل كانت من أصل الفعل نحو : أكل ، ونقل ، وينع ، أو كان الحرف زائدا لكنه ليس دالا على أحد المعاني الموجودة في حروف المضارعة نحو : أكرم ، وتقدّم ، كان الفعل ماضيا لا مضارعا.

(١) همزة الوصل هي همزة يؤتى بها ليمكن النطق بالساكن ، وتثبت في ابتداء الكلام ، وتسقط في درج الكلام ، وبالاستقراء وجد أنّها تكون قياسية في ماضي الخماسي والسداسي وأمرهما ومصدرهما وفي أمر الثلاثي ؛ وسماعية في : اسم ، واست ، وابن ، وابنم ، وابنت ، وامرئ ، وامرأة ، واثنين ، واثنتين ، وأيمن ، وفي (أل).

وتكسر همزة الوصل إلا في «أل وأيمن» فتفتح.

وتضم في الأمر من الثلاثي المضموم العين في المضارع ، وفي الماضي المبني للمجهول من الخماسي والسداسي ، نحو : أكتب ، أنصر ، أنطلق ، أستخرج.


بالسّاكن ، كانصر ، وافتح ، واجلس.

وإن كان محذوفا في المضارع الهمزة ، ردّت إلى الأمر ، نحو : أكرم ، وانطلق (١).

تمرين

بيّن الأفعال ، وما يفيد منها الاستقبال أو الحال ، وكذا الصالح لهما معا وما الذي يفيد منها المضي انقلابا.

زر غبّا تزدد حبّا ـ أنت الزمان إن صلحت صلح الزمان ـ لا تقل ما لا تحبّ أن يقال لك [الطويل] :

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا

ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

مروا ذوي القرابة أن يتزاوروا ولا يتجاوروا. من لم يعرف الشرّ يقع فيه. إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه. إياك وما يعتذر منه ـ إذا طلعت الشمس اختفت النجوم. أخذ العلم ينتشر ويزداد عن ذي قبل ـ البس ما تستحسنه الناس [الكامل] :

اسلك بنيّ مناهج السادات

وتخلقنّ بأشرف العادات

لا تلهينّك عن معادك لذّة

تفنى وتورث دائم الحسرات

تعريف الحرف وأنواعه وعلامته المميزة له عن الاسم والفعل

الحرف هو ما يدلّ على معنى بواسطة غيره ، نحو : هل ، وفي ، ولم.

وعلامته عدم قبوله شيئا من علامات الاسم ، ولا من علامات الفعل (٢) وأنواعه ثلاثة :

__________________

وأما همزة القطع فهي التي تثبت حيثما وقعت.

(١) تحذف الهمزة في الأمر من أخذ وأكل في ابتداء الكلام ، وفي وسطه تقول : خذ وكل.

وهمزة ، أمر وسأل تحذف في ابتداء الكلام فقط نحو مر محمدا ، وسل كاملا ، وهمزة رأى ، تحذف من المضارع والأمر ، نحو : يرى ، ره.

وتحذف عين أرى في جميع التصاريف نحو أرى. يرى. أره ، أصلها (أرأى ـ يرئي ـ أرئه).

(٢) أي علامة الحرف عدمية فهو نظير الحاء مع الخاء والجيم. فإن علامة الخاء نقطة من


 ـ النوع الأول : ما يختصّ بالأسماء فيعمل فيها ، كفي. نحو : دخلت في المدرسة.

 ـ النوع الثاني : ما يختصّ بالأفعال فيعمل فيها. كلم ، نحو (لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ) (٣) [الإخلاص : ٣].

 ـ النوع الثالث : ما هو مشترك بينهما ، فلا يعمل شيئا ، كهل ، نحو : هل أنت مذاكر؟ وهل جاء الأستاذ؟

أسئلة

أجب عما يأتي :

١ ـ ما تعريف الاسم وعلاماته اللّفظيّة والمعنوية؟

٢ ـ ما أنواع الاسم؟ وما دليل حصره في أنواعه الثلاثة؟

٣ ـ لماذا كان الإسناد والجرّ والإضافة وأل والنّداء والتنوين من خواص الأسماء؟

٤ ـ ما تعريف الفعل وتقسيمه وعلاماته العمومية؟

٥ ـ ما هو الفعل الماضي وعلاماته المختصة به؟

٦ ـ ما الفرق بين تاء التأنيث وتاء الفاعل لفظا ومعنى؟

٧ ـ متى يدلّ الفعل الماضي على زمن الحال أو الاستقبال؟

٨ ـ ما هو الفعل المضارع وعلاماته المختصة به؟

٩ ـ ما الذي يخصّص المضارع للحال أو الاستقبال؟

١٠ ـ ما هي الأدوات التي تقلب مدلول المضارع إلى المضيّ؟

١١ ـ لم سمّي هذا الفعل مضارعا؟

__________________

فوق ، وعلامة الجيم نقطة من تحت ، وعلامة الحاء عدم النقط رأسا.

واعلم أنه لا يرد على هذا «الحروف التي قصد لفظها». نحو قوله : [الطويل] :

ألام على لوّ ولو كنت عالما

بأذناب لوّ لم تفتني أوائله

حيث أدخل حرف الجرّ على «لو» في الأول ، وأضافها في الثاني ؛ فإن ذلك لقصد لفظها ، وكل كلمة يقصد لفظها تصير اسما فتقبل علامات الاسم.


١٢ ـ ما هو فعل الأمر ، وعلاماته المختصة به وغير المختصة به؟

١٣ ـ ما هي العلامات المشتركة بين الأفعال الثلاثة؟

١٤ ـ من أين يؤخذ المضارع من الأمر؟

١٥ ـ ما هي أحرف المضارع الأربعة وما مدلول كل حرف منها؟

١٦ ـ ما هي همزة الوصل والمواطن القياسية والسماعية التي تستوطن فيها؟

١٧ ـ ما هي همزة القطع ، وما الفرق بينها وبين همزة الوصل؟

١٨ ـ ما هو الحرف وعلاماته وأنواعه؟


الباب الأول : في الإعراب والبناء

(وفيه مباحث)

المبحث الأول : في الإعراب (١)

الإعراب هو : تغيير أحوال أواخر الكلم (٢) لاختلاف العوامل الدّاخلة عليها لفظا أو تقديرا :

وأنواع الإعراب أربعة : رفع ، ونصب ، وجرّ ، وجزم.

فالرّفع والنّصب يشتركان بين الاسم والفعل.

والجرّ ، أو الخفض يختصّ بالاسم.

__________________

(١) الإعراب في اللغة هو : الإظهار والإبانة ، تقول : أعربت عمّا في نفسي ، إذا ابنته وأظهرته.

(٢) المقصود من تغيير أحوال الأواخر تحوّلها من الرفع إلى النصب أو الجر ، حقيقة أو حكما.

ويكون هذا التحول بسبب تغيير العوامل ، من عامل يقتضي الرفع على الفاعلية أو نحوها ، إلى آخر يقتضي النصب على المفعولية أو نحوها ، إلى آخر يقتضي الجرّ ، وهلم جرا.

واعلم أن هذا التغيير ينقسم إلى لفظيّ ، وتقديريّ ، ومحلي.

فالإعراب اللفظي هو ما لا يمنع من النطق به مانع ، نحو : جاء سليم ، وقابلت سليما ، وأخذت من سليم.

والإعراب التقديريّ هو : ما يمنع من التلفظ به مانع من تعذر ، أو استثقال.

أو مناسبة ، نحو : يدعو الفتى والقاضي وغلامي ، فكلها مرفوعة بضمة مقدرة لا تظهر على أواخر هذه الكلمات لتعذّرها في «الفتى» وفي «يدعو» وفي «القاضي» ولأجل مناسبة ياء المتكلم في «غلامي».

والإعراب المحلي هو : ما يقع في المبنيات الطارئ عليها البناء نحو : جاء هذا ، فاسم الإشارة مبني على السكون في محل رفع لأنه فاعل ، وسيأتي توضيح ذلك في الأبواب الآتية.

أسباب ونتائج


والجزم يختصّ بالفعل «فلا اسم مجزوم ، ولا فعل مخفوض» (١).

والإعراب يشترك بين الأسماء والأفعال فقط دون الحروف فلا يقع فيها إعراب قطعا.

المبحث الثاني : في البناء (٢)

البناء : لزوم آخر الكلمة حالة واحدة لغير عامل ولا اعتلال.

وذلك ، كلزوم «كم ، ومن السّكون».

وكلزوم «هؤلاء وحزام وأمس الكسر».

__________________

(١) إنّما اختصّ الخفض بالاسم ، والجزم بالفعل ، قصدا للتعادل فإنّ الجرّ ثقيل يجبر خفة الاسم ، والجزم خفيف يجبر ثقل الفعل.

وقد تبيّن أنّ أنواع الإعراب ثلاثة : قسم مشترك بين الأسماء والأفعال وهو الرّفع والنصب ، وقسم مختصّ بالأسماء وهو الخفض ، وقسم مختصّ بالأفعال وهو الجزم. واعلم أنّ جميع الحروف مبنية ولا محل لها من الإعراب. ومثلها أسماء الأفعال والأصوات. وكذا الفعل الماضي إذا لم يقع معمولا لأداة تؤثّر فيه.

(٢) يدخل البناء في أنواع الكلمة الثلاثة.

أولا : في الحرف : فمنه مبني على السكون كهل وبل ولو وأو ، ومنه مبني على الضمّ ، نحو : منذ ، ومنه مبنيّ على الكسر ، نحو : جير.

ثانيا : في الفعل : فمنه مبني على الفتح الظاهر ، نحو : كتب ، أو المقدّر كصلّى.

ومنه مبنيّ على السكون نحو : افهم ، ومنه مبنيّ على حذف الآخر ، نحو : ادع ومنه مبنيّ على حذف النون ، نحو : اسمعا واسمعوا واسمعي.

ولا يوجد في الفعل البناء على الكسر ولا على الضم لثقلهما وثقل الفعل.

ثالثا : في الاسم فمنه مبنيّ على السكون كمن وكم ، ومنه مبنيّ على الكسر كأمس وسيبويه وحذام ، ومنه مبنيّ على الفتح كأين وكيف ، ومنه مبنيّ على الضمّ كحيث ونحن ، ونحو يا عليّ ، ومنه مبنيّ على الألف كيا محمدان ويا رجلان ، ومنه مبنيّ على الواو ، نحو : يا محمدون ويا مسلمون ، ومنه مبنيّ على الياء ، نحو : لا رجلين ولا كاتبين عندي.

«تنبيهان» : الأول : أنّ الأصل في البناء السكون ، ولا يكون على حركة إلا لسبب ، وأسباب التحريك كثيرة سنقف عليها فيما بعد.

الثاني : الفتح والسكون يقعان في الاسم ، نحو : كيف وكم ـ وفي الفعل ، نحو : قام وقم وفي الحرف نحو سوف وهل ، وأما الضمّ والكسر فيقعان في الاسم كثيرا ، وفي الحرف نادرا ، بخلاف الفعل فلا يقع فيه شيء من الضمّ ولا الكسر لثقلهما وثقل الفعل.


وكلزوم «منذ ، وحيث ، الضمّ».

وكلزوم «أين ، وكيف ، الفتح».

والبناء في الحروف والأفعال أصليّ : وإعراب المضارع الّذي لم تتّصل به نونا التّوكيد ولا نون النّسوة عارض.

والإعراب في الأسماء أصليّ ، وبناء بعضها عارض.

ووجه أصالة البناء في الحروف (١) والأفعال عدم توارد المعاني المختلفة المحتاجة إلى تمييز بعضها من بعض بالإعراب كالفاعلية والمفعولية عليها.

ووجه أصالة الإعراب في الأسماء احتياجها إلى ذلك التّمييز ؛ لكن متى أشبه الاسم الحرف شبها يقرّبه منه بني مثله.

المبحث الثالث : في أنواع المشابهة الدّائرة بين الاسم والحرف

الاسم : لا يبنى إلّا إذا أشبه الحرف شبها قويا يدنيه منه وأنواع الشّبه ثلاثة :

الأول : الشّبه الوضعيّ ، وهو كون الاسم موضوعا على حرف واحد (٢) كتاء الفاعل ، في نحو : «فهمت».

__________________

(١) الحروف كلّها مبنية لأنّه لا يعتورها من المعاني ما نحتاج معه إلى إعراب وبناؤها يكون على الفتح ، كثمّ وإنّ ، ولعلّ ، وليت.

ويكون على الضمّ ، كمنذ.

وعلى الكسر كجير «بمعنى نعم» واللّام والباء في نحو : الزعامة لسعد ، والوطن بسعد ، ويكون على السكون ، كمن ، وعن ، وهل.

واعلم أنّ المبنيات تنحصر في أنواع الحروف وكذا في أنواع الأفعال الماضي والأمر بلا شرط ، وأمّا المضارع فبشرط اتصاله بإحدى نوني التوكيد أو نون النسوة ، وكذا في الأسماء المشبهة للحرف وهي غير المتمكنة في الاسمية بسبب تحقق نوع من أنواع المشابهة للحرف فيه ، بحيث يكون ذلك التحقق مانعا معنويا للاسم من الإعراب سواء أكان ذلك التحقق لازما أو عارضا ، كما سيأتي بيانه.

(٢) لأن أصل وضع الاسم يكون على ثلاثة أحرف إلى سبعة ، فما جاء من الأسماء ناقصا عن ثلاثة أحرف ، يكون لسبب من الأسباب.


(فالتّاء) شبيهة بباء الجرّ ولامه ، وواو العطف وفائه من الحروف المفردة.

أو موضوعا على حرفين ثانيهما حرف لين «كنا» في نحو «فهمنا».

(فنا) شبيهة بنحو : قد وبل (١) من الحروف الثّنائية.

وبهذا الشّبه بنيت الضّمائر لوجوده في أكثرها ، وحمل الباقي عليه (٢).

الثاني الشّبة المعنويّ ، وهو كون الاسم متضمنا معنى من معاني الحروف (سواء أوضع لذلك المعنى حرف أم لا).

فالذي وضع له حرف موجود «كمتى» فإنّها تستعمل شرطا ، نحو : متى تجتهد تنجح ، فهي حينئذ شبيهة في المعنى «بإن» الشّرطيّة.

وتستعمل أيضا استفهاما ، نحو : متى نصر الله؟ وهي في تلك الحالة شبيهة في المعنى «بهمزة الاستفهام» (٣).

والّذي لم يوضع له حرف كلفظة «هنا» فإنّها متضمّنة لمعنى الإشارة وهذا المعنى لم تضع العرب له حرفا موجودا ، مع أنّه من المعاني الّتي من حقّها أن تؤدّى بالحروف ، كالخطاب ، والتّنبيه ، المفهومين من كاف الخطاب وها التّنبيه (٤) : «فبنيت أسماء الإشارة لشبهها في المعنى حرفا مقدّرا».

الثالث : الشّبه الاستعمالي ، وهو لزوم الاسم طريقة من طرائق الحروف.

أ ـ كأن ينوب عن الفعل في معناه وعمله ، ولا يدخل عليه عامل فيؤثّر فيه (٥)

__________________

(١) وإنّما أعرب نحو : أب وأخ ودم ، من كل اسم بقي على حرفين بعد حذف أحد أصوله ، لضعف الشبه بكونه عارضا ، فإن الأصل أبو ، وأخو ، الخ ... بدليل أبوين وأخوين في التثنية.

(٢) وقيل بنيت لشبهها بالحرف في «الجمود» أي لا يتصرف فيها بتثنية ولا جمع كما سيأتي.

(٣) وإنما أعربت «أيّ» الشرطية والاستفهامية لضعف الشبه فيهما بما عارضه من ملازمتهما للإضافة التي هي من خصائص الأسماء.

(٤) وإنما أعرب هذان وهاتان مع تضمنهما لمعنى الإشارة لضعف الشبه بما عارضه من التثنية التي هي من خصائص الأسماء. هذا رأي من يرى إعرابهما ، وأما من يرى بناءهما ، لا فيقول : إنهما جاءا على صورة المثنى.

(٥) بخلاف المصدر النائب عن فعله ، نحو : فهما الدرس ، فإنه نائب عن افهم فتدخل عليه العوامل فتؤثر فيه فتقول : سرّني فهم الدرس وأجدت فهمه بهذا الشرح وشرح صدري من


«وحينئذ يكون الاسم عاملا غير معمول كالحرف».

وذلك ، كأسماء الأفعال ، نحو : هيهات ، وأوّه ، وصه (١). فإنّها نائبة عن بعد ، وأتوجّع ، واسكت ، ولا يصحّ أن يدخل عليها شيء من العوامل فتتأثّر به ، فأشبهت «ليت ولعلّ» النّائبين عن أتمنّى ، وأترجّى.

وتلك لا يدخل عليها عامل فهي بذلك الحروف.

ب ـ أو ، كأن يفتقر الاسم افتقارا متأصّلا إلى جملة تذكر بعده لبيان معناه.

وذلك ، كإذ ، وإذا ، وحيث ، من الظّروف ، وكالّذي والّتي ، وغيرهما من الموصولات ، فالظّروف السّابقة ملازمة للإضافة إلى الجمل ، ألا ترى أنك تقول : قدمت إذ ، فلا تتمّ معنى إذ حتى تقول : جاء الأمير. مثلا.

وقس الباقي في الموصولات المفتقرة (٢) إلى جملة صلة يتعيّن بها المراد منها ، كافتقار الحروف في بيان معناها إلى غيرها ، لإفادة الرّبط.

أجب عما يأتي من الأسئلة

١ ـ ما هو الإعراب وأنواعه الأربعة؟ واذكر المشترك منها بين الأسماء والأفعال ، ثم وضّح المختصّ بالاسم ، والمختصّ بالفعل منها؟

٢ ـ ما المقصود من تغيير أواخر الكلمة؟ وإلى كم قسم ينقسم هذا التغيير؟

٣ ـ ما هو البناء؟ وما هي المواطن التي يدخل فيها البناء أصالة وعرضا؟

٤ ـ ما هي أنواع شبه الاسم بالحرف؟ واذكر وجه الشبه بينهما.

٥ ـ ما هو الفرق بين الشّبه الوضعيّ ، والشّبه المعنوي ، والشبه الاستعمال؟

__________________

فهمه (فهذا المصدر تأثر بالعوامل فأعرب لعدم مشابهته الحرف).

(١) ومثلها أسماء الأصوات فهي كأحرف التنبيه والاستفهام لا تعمل في غيرها ولا يعمل غيرها فيها.

(٢) اشتراط الافتقار المتأصل لإخراج العارض كإضافة «يوم» في قوله تعالى : (هذا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ) فيوم مضاف إلى الجملة. ولكن ذلك عارض في بعض التراكيب.

واشتراط الإضافة إلى جملة لإخراج الإضافة إلى مفرد كسبحان الله. وكنت عند صديقي.


المبحث الرابع : في أنواع البناء

أنواع البناء أربعة : ضمّ وفتح وكسر وسكون. وهذه الأنواع الأربعة تقع في الاسم والفعل والحرف ، بخلاف الإعراب فلا يقع في الحرف.

المبنيّ على الضمّ أو نائبه خمسة عشر لفظا

منها : خمسة من ظروف المكان وهي : قبل ، وبعد ، وأوّل ، وحيث ، ودون.

ومنها : ثمانية من أسماء الجهات وهي : فوق ، وتحت ، وأسفل ، وعل (١) ،

__________________

(١) «علّ» بلام مخففة اسم بمعنى فوق ، واعلم أن كلمة «عل» توافق كلمة «فوق» في المعنى ، وفي بنائها على الضم إذا كانت معرفة ، وفي إعرابها إذا كانت نكرة. وتخالفها في أمرين : استعمالها مجرورة بمن فقط ، واستعمالها مقطوعة عن الإضافة ، بخلاف «فوق» فيهما ، واعلم أن الفتح أقرب الحركات إلى السكون ، ولهذا دخل في الاسم والفعل والحرف ، نحو : «أين ، وقام ، وسوف.

الكلمة

(١) إعراب (حين عاتبت صديقي اقتنع)

حين

ظرف زمان مبني على الفتح في محل نصب

عاتبت

فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الفاعل (التاء) مبني على الضم في محل رفع.

صديقي

مفعول به منصوب بفتحة مقدرة منمع من ظهورها اشتغال المحل بحركة المناسبة لياء المتكلم المضاف إليه في محل جر. وجملة عاتبت صديقي في محل جر بالإضافة (حين) إليها.

اقتنع

فعل ماض وفاعله ضمير مستتر جوازا يعود إلى صديقي.

تنبيهات التنبيه الأول : حركات البناء تقدّر كما تقدّر حركات الإعراب ، وذلك كما إذا كان المنادى مبنيّا قبل النّداء نحو : يا حذام ، أو كان اسم لا النافية للجنس غير قابل للحركة على آخره ، نحو : لا فتى في الدار ، فإنّ حركة البناء تقدّر في مثل ذلك لاشتغال المحل بغيرها ، أو لتعذّر ظهورها.

التنبيه الثاني : مجموع أنواع بناء الاسم سبعة الضم ، والفتح ، والكسر ، والسكون ، والألف ، والواو ، والياء ، نحو : نحن ، وأين ، وأولاء ، وكم ، ويا محمدون ، ويا محمدان ، ولا رجلين حاضران ؛ فالأربعة الأولى هي أنواع بناء الاسم الأصلية ، والثلاثة الأخيرة نائبة عنها ، وقد يكون الكسر نائبا عن الفتح كما في : لا معلمات غائبات.


ووراء ، وقدّام ، وخلف ، وأمام.

__________________

التنبيه الثالث : يعرب الاسم متى سلم من مشابهة الحرف نحو : سليم ، وهند ، وعصفور ، وكتاب.

التنبيه الرابع : عرفنا في المباحث السابقة أنّ الأصل في الاسم أن يكون معربا ، ويسمى متمكنا وذلك لتوارد المعاني المختلفة عليه بحسب ما يقتضيه عامله من فاعلية ومفعولية وغيرهما ، فاحتاج إلى الإعراب لبيان هذه المعاني.

بخلاف الفعل والحرف لأنهما يلزمان موقعا واحدا فلا يفتقران إلى الإعراب ولكن الاسم يبنى على خلاف الأصل ، ويسمى غير متمكّن ، وذلك متى أشبه الحرف شبها يخرجه عن وضعه ، ويقرّبه من الحرف الذي لا يستحقّ الإعراب ، قيبنى حملا عليه ، فاقدا ما كان له من التمكن في الاسمية ، بخلاف شبهه الفعل فإنه يخرجه عن الأمكنية فقط ، لأن للفعل حظّا في الإعراب. وهو يعاقب الاسم في أكثر المواضع.

التنبيه الخامس : السكون هو الأصل ويسمى وقفا ؛ ولخفّته دخل الاسم والفعل والحرف.

نحو : هل وقم وكم ، وما جاء على أصله لا يسأل عنه ، بمعنى أنه لا يسأل سائل ويقول : لم بني هذا على السكون؟

أسباب ونتائج أسباب التّحرك كثيرة.

منها : التقاء الساكنين في حروف الكلمة المبنية ، كأين.

ومنها : كون الكلمة على حرف واحد ، كالتاء في فهمت.

ومنها : كون الكلمة عرضة للبدء بها ، كباء الجر.

ومنها : الدلالة على استقلال الكلمة ، نحو : هو ، وهي.

أسباب البناء على الضم كثيرة

منها : الإتباع كمنذ ، بنيت على الضم إتباعا للام الكلمة بفائها.

ومنها : كون الضمّة في مقابلة الواو في نظير الكلمة كضمة.

«نحن» في مقابلة الواو في «همو».

أسباب البناء على الفتح كثيرة أيضا

منها : الخفّة ، نحو : أين.

ومنها : مجاورة الألف ، نحو : أيّان.

ومنها : الإتباع ككيف.

ومنها : الفرق بين أداتين ، كالفرق بين لام المستغاث به ، ولام المستغاث له في نحو : يا لسعد للوطن ، أو للفرق بين لام الابتداء واللام الجارة للظاهر في نحو : لسعد زعيم لشعبه.

أسباب البناء على الكسر كثيرة أيضا

منها : مجانسة العمل كباء الجر.


ومنها «غير» إذا حذف ما أضيفت إليه ، وكانت بعد «ليس» ، أو بعد «لا» ، نحو : قرأت كتابا ليس غير ، أو لا غير.

ومنها «أيّ الموصولة» إذا أضيفت ، وكان صدر صلتها ضميرا محذوفا ، نحو : فسلّم على أيّهم أفضل.

والذي يبنى على نائب الضمّ : المنادى المثنّى ، وجمع المذكر ، والملحق بهما ، نحو : يا محمّدان ، ويا محمّدون ، ونحو : يا فاهمان ويا فاهمون.

والبناء على الضمّ لا يدخل الفعل ، لثقله وثقل الفعل.

المبني على الفتح أو نائبه سبعة أشياء

أوّلا : الفعل الماضي.

ثانيا : الفعل المضارع المتّصل بنوني التّوكيد.

ثالثا : ما ركّب تركيبا مزجيّا من الأعداد «من أحد عشر إلى تسعة عشر» إلّا اثني عشر واثنتي عشر ، فإنهما ملحقان بإعراب المثنّى.

__________________

ومنها : كون الكسر أصل التخلّص من التقاء الساكنين.

ومنها الحمل على المقابل ككسر لام الأمر في نحو : لتكتب ، حملا على اللام الجارة للظاهر.

إعراب تساقطوا أخول أخول ـ لا بنين هنا ـ سيبيويه عالم.

الكلمة

إعرابها

تساقطوا

فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة التي هي فاعل مبنية على السكون في محل رفع.

أخول أخول

مركب مزجي حال مبنيّ على فتح الجزأين في محل نصب بمعنى (متفرقين).

لا

نافية للجنس مبينة على السكون لا محل لها من الإعراب.

بنين

اسم لا مبني على الياء نيابة عن الفتحة في محل نصب.

هنا

ظرف مكان مبني على السكون في محل نصب وهو متعلق بمحذوف خبر لا أي موجدون هنا

سيبويه

مبتدأ مبني على الكسر في محل رفع بالابتداء.

عالم

خبر المبتدأ مرفوع بالمبتدأ ، وعلامة رفعه الضمة الظاهرة في آخره.


رابعا : ما ركّب تركيب مزج من الظّروف الزّمانية والمكانيّة ، نحو : يأتينا صباح مساء ، ويحضر يوم يوم ، وبعض القوم يسقط بين بين ، وهو جاري بيت بيت ، (فركّب الظّرفان وصار اسما واحدا في محلّ نصب).

خامسا : ما ركّب تركيب مزج من الأحوال ، كقول العرب تساقطوا أخول أخول : أي متفرّقين.

سادسا : الزّمن المبهم المضاف إلى جملة ، كالحين والوقت ، والسّاعة ، نحو : حين عاتبت صديقي اقتنع.

سابعا : المبهم المضاف إلى مبني سواء أكان المبهم زمانا ، كبين ودون ، ظرفي مكان ، أم كان غير زمان ، كمثل وغير.

والّذي يبنى على نائب الفتح (اسم لا النّافية للجنس) فيبنى على الياء نيابة عن الفتح ، إذا كان مثنّى ، أو جمع مذكر سالما ، أو ملحقا بهما ، نحو : لا رجلين ، ولا أبوين ، ولا معلّمين ، ولا بنين هنا.

ويبنى أيضا على نائب الفتح (اسم لا النّافية للجنس) فيبنى على الكسر نيابة عن الفتح ، إذا كان جمع مؤنّث سالما ، أو ملحقا به ، نحو : لا معلّمات في المدرسة ، ولا عرفات دخلتها.

المبني على الكسر خمسة أنواع

أولا : العلم المختوم ب «ويه» كسيبويه ، ونفطويه ، وخمارويه.

ثانيا : اسم الفعل ، إذا كان على وزن فعال ، نحو : حذار ، ونزال (بمعنى احذر ـ وانزل).

ثالثا : ما كان على وزن فعال ، وهو علم على مؤنّث ، نحو : حذام.

رابعا : ما كان على وزن فعال وهو سبّ لمؤنّث ، كيا خباث ويا لكاع.

خامسا : لفظ «أمس» إذا استعمل ظرفا معيّنا خاليا من (أل) والإضافة ، وغير مصغّر ولا مكسّر.

والبناء على الكسر لا يدخل الفعل لثقله ، وثقل الفعل لدلالته على الحدث والزّمان معا.


المبنيّ على السكون كثير

والمبنيّ على السّكون يكون في الأفعال ، والأسماء ، والحروف.

فمن الأفعال المبنيّة على السكون ، الفعل المضارع المتّصل به نون النّسوة ، نحو : البنات يتعلّمن.

وفعل الأمر الصّحيح الآخر والّذي لم تتّصل به واو جماعة ولا ألف اثنين ولا ياء مخاطبة ، نحو : اكتب.

ومن الأسماء المبنيّة على السّكون : مثل ما ، ومن ، ومهما ، وحيثما ، والّذي ، والّتي ، وهذا ، وهذه ومثل كثير من الضّمائر.

ومن الحروف المبنيّة على السّكون ، مثل : من ، وإلى ، وعن ، وعلى.

واعلم أن الضمّ والكسر يشتركان بين الاسم والحرف ، نحو : حيث ، وأمس ، ومنذ ، وجير. والفتح والسكون يشتركان بين الجميع ، فيكونان في الاسم ، كأين ولدن ، وفي الفعل كقام وقم. وفي الحرف كليت وهل.

المبحث الخامس : في تقسيم الأسماء المبنيّة إلى بناء لازم ، وإلى بناء عارض

الأسماء المبنية نوعان :

النّوع الأوّل : ما يبنى منها بناء لازما لا ينفكّ عنه في حال من الأحوال ، وهي :

الضّمائر ، وأسماء الإشارة ، والأسماء الموصولة ، وأسماء الشّرط ، وأسماء الاستفهام ، وكنايات العدد ، وأسماء الأفعال ، وأسماء الأصوات ، وبعض الظّروف ، والمركّب المزجيّ الّذي ثانيه معنى حرف العطف ، أو كان مختوما بويه. كسيبويه ، وما كان على وزن فعال علما لأنثى كحذام ، أو شتما لها كفجار. وكلها مبنية على ما سمعت عليه.

النّوع الثّاني : ما يبنى بناء عارضا في بعض الأحوال وهو :

المنادى إذا كان علما مفردا أو نكرة مقصودة ، وهو يبنى على ما يرفع به ، واسم لا


النّافية للجنس ، إذا لم يكن مضافا ولا شبيها بالمضاف ، وهو يبنى على ما ينصب به.

وأسماء الجهات السّتّ ، وبعض الظّروف ، ويلحق بها لفظتا «حسب ، وغير».

المبحث السادس : في المعرب والمبني

الاسم بعد التركيب نوعان :

معرب : وهو الأصل فيه ، ويسمّى «متمكّنا أمكن» إن كان منصرفا ، نحو : خليل وهند ، وإلا سمّي «غير أمكن» إن كان ممنوعا من الصّرف ، نحو : أحمد ، وفاطمة ، وعثمان.

والمعرب : هو ما يتغيّر أخره بعامل (١) لفظا أو تقديرا بسبب تغيّر العوامل.

ومبنيّ : وهو الفرع ، نحو : سيبويه ، ويسمّى «غير أمكن».

والمبنيّ : هو ما لا يتغيّر آخره بعامل ولا اعتلال.

بناء الفعل وإعرابه

الفعل نوعان : مبنيّ وهو الأصل فيه ، ومعرب وهو الفرع.

والأفعال المبنيّة هي : الماضي ، والأمر مطلقا.

وكذا المضارع المتّصل بنون الإناث ، أو بنوني التّوكيد ، الخفيفة والثّقيلة.

بناء الفعل الماضي (٢)

يبنى الفعل الماضي في ثلاث حالات :

__________________

(١) العامل : ما يجعل آخر الكلمة بحالة مخصوصة وهو نوعان :

 ـ الأول : العوامل اللفظية وهي : ما يتلفّظ بها كالنواصب والجوازم وغيرها.

 ـ الثاني : العوامل المعنوية وهي : ما لا يتلفظ بها وذلك كالابتداء في المبتدأ ، والتجرد عن الناصب والجازم في الفعل المضارع. ولا ثالث لهما ، وأما قول المعربين في المضاف إليه إنّه مجرور بالإضافة فخطأ والصواب أنه مجرور بالمضاف.

(٢) الأصل في بناء الفعل الماضي أن يكون على الفتح لخفّته وثقل الفعل لدلالته على الحدث والزمن معا.


١ ـ على السّكون : إذا اتّصل بضمير رفع متحرّك كتاء الفاعل ونا ، ونون الأناث ، نحو : كتبت ، وكتبنا ، والتلميذات حفظن.

٢ ـ على حذف آخره : إذا كان معتلّ الآخر ، نحو : اسع ، واغز ، وارم.

٣ ـ على السّكون : إذا كان صحيح الآخر ، ولم يتّصل آخره بشيء ، أو اتّصلت به نون النّسوة ، نحو : احفظ ، واحفظن.

٤ ـ على الفتح : إذا كان مسندا للمفرد المذكّر واتّصل بنوني التّوكيد المباشرة «خفيفة أو ثقيلة» ، نحو : أعفون ، واشكرنّ الله.

بناء الفعل المضارع

يبنى الفعل المضارع في حالتين :

١ ـ على السّكون إذا اتّصل بنون الإناث ، نحو : النّساء يرضعن أولادهنّ.

٢ ـ على الفتح إذا اتّصل بنون التّوكيد المباشرة لفظا وتقديرا ، نحو : ليكتبنّ عليّ درسه.

إعراب الفعل المضارع

يعرب الفعل المضارع في حالتين :

١ ـ في حالة عدم اتّصاله بنون الإناث.

٢ ـ في حالة عدم اتّصاله بإحدى نوني التوكيد المباشرة «خفيفة أو ثقيلة».

وإنّما أعرب الفعل المضارع لشبهه باسم الفاعل في ترتيب الحروف السّاكنة والمتحرّكة ، كما بين يضرب وضارب ، وفي احتماله الدّلالة على زمن الحال أو الاستقبال ؛ ولذلك سمّي مضارعا «أي مشابها للاسم» (١).

__________________

(١) وأيضا سبب إعراب المضارع توارد المعاني المختلفة عليه التي لا تتميّز إلا بالإعراب ، فمثلا نحو : لا تأكل السمك وتشرب اللبن.

أ ـ قد يراد النهي عن الفعلين معا فيجزم الفعل الثاني عطفا على الأول.

ب ـ أو يراد النهي عن الأول مصاحبا للثاني ، وإباحة كل منهما على انفراده فينصب الفعل الثاني بأن مضمرة وجوبا بعد واو المعية الواقعة في جواب النهي.

ج ـ أو يراد النهي عن الأول فقط ، وإباحة الثاني ، فيرفع الثاني بالتجرّد من الناصب


تمرين

بيّن الأفعال المبنية وأحوال بنائها فيما يأتي : [الطويل] :

وقيّدت نفسي في ذراك محبّة

ومن وجد الإحسان قيدا تقيّدا

إذا سأل الإنسان أيّامه الغنى

وكنت على بعد جعلناك موعدا

من ظنّ بك خيرا فصدّق ظنّه. ولا ترغبنّ فيمن زهد عنك ولا يكوننّ أخوك على مقاطعتك أقوى منك على صلته. ولا تكوننّ على الإساءة أقوى منك على الإحسان.

نموذج إعراب الجمل الآتية

لا معلمات في المدرسة [الوافر] :

إذا قالت حذام فصدّقوها

فإنّ القول ما قالت حذام

اسمعا ـ يسمعون ـ يسمعنّ ـ يرضعن ـ احفظي.

الكلمة

إعرابها

لا

نافية للجنس حرف مبني على السكون لا محل له من الإعراب.

معلمات

اسمها مبني على الكسر نيابة عن الفتح في محل نصب.

في المدرسة

في حرف جر والمدرسة مجرورة بفي وعلامة جره الكسرة الظاهرة في آخره والجار والمجرور متعلقان بمحذوف خبر لا.

إذا

ظرف لما يستقبل من الزمان خافض لشرطه منصوب بجوابه مبني على السكون في محل نصب.

قالت

قال فعل ماض والتاء علامة التأنيث مبنية على السكون لا محل لها من الإعراب.

__________________

والجازم ، وتجعل الواو للاستئناف.

فلهذا أشبه الفعل المضارع الاسم الذي تتوارد عليه المعاني المختلفة أصالة كالفاعلية والمفعولية والإضافة التي لا تميّز إلّا بالإعراب ، وبناء على ذلك سمّي هذا الفعل المعرب مضارعا أي مشابها للاسم.


الكلمة

إعرابها

حذام

فاعل مبني على الكسر في محل رفع.

وجملة قالت حذام في محل جر بإضافة إذا إليها.

فصدقوها

الفاء واقعة في جواب إذا ـ صدّقوا فعل أمر مبني على حذف النون والواو فاعل ـ وها مبني على السكون في محصل نصب مفعول به.

فإن

الفاء تفريعية حرف مبني على الفتح لا محل له من الإعراب إن حرف توكيد ونصب ينصب الاسم ويرفع الخبر مبني على الفتح لا محل له من الإعراب.

القول

اسم إنّ منصوب بفتحة ظاهرة في آخره.

ما

نكرة موصوفة مبنية على السكون في محل رفع خبر إن.

قالت

قال فعل ماض مبني على الفتح لا محل له من الإعراب والتاء علامة التأنيث مبنية على السكون لا محل لها من الإعراب.

حذام

فاعل مبني على الكسر في محل رفع ، وجملة قالت حذام في محل رفع صفة ما النكرة.

وجملة (فإن القول ما قالت حذام) لا محل لها من الإعراب جواب إذا.

اسمعا

فعل أمر مبني على حذف النون والألف فاعل.

يسمعون

فعل مضارع مرفوع لتجرّده من الناصب والجازم وعلامة رفعه ثبوت النون والواو فاعل.

يسمعنّ

فعل مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة التي هي حرف مبني على الفتح لا محل له من الإعراب.

يرضعن

فعل مضارع مبني على السكون لاتصاله بنون النسوة التي هي اسم مبني على الفتح في محل رفع فاعل.

احفظي

فعل أمر مبني على حذف النون وياء المؤنثة المخاطبة فاعل في محل رفع.


نموذج على الإعراب العام

[الوافر]

إذا استغنيت عن شيء فدعه

وخذ ما أنت محتاج إليه

الكلمة

إعرابها

إذا

ظرف للزمان المستقبل مبني على السكون في محل نصب.

استغنيت

استغنى فعل ماض مبني على السكون ، والتاء فاعل مبني على الفتح في محل رفع ، والجملة في محل جر بإضافة إذا إليها.

عن شيء

جار ومجرور متعلقان باستغنى

فدعه

الفاء واقعة في جواب إذا ـ دع فعل أمر مبني على السكون والفاعل مستتر وجوبا تقديره أنت والهاء مفعول به مبني على الضم في محل نصب.

وخذ

الواو حرف عطف ـ خذ فعل أمر مبني على السكون ـ والفاعل مستتر وجوبا تقديره أنت.

ما

اسم موصول بمعنى الذي مبني على السكون في محل نصب مفعول به.

أنت محتاج

مبتدأ مبني على الفتح في محل رفع. محتاج خبر مرفوع بالضمة الظاهرة.

إليه

جار ومجرور متعلقان بمحتاج. والجملة من المبتدأ والخبر لا محل لها من الإعراب صلة الموصول.

١ ـ تمرين

بيّن الأفعال المعربة والمبنية ، وعلى أيّ شيء بناء المبني منها فيما يأتي :

من لم يقل العثرة سلب القدرة. العفو يفسد من اللئيم بقدر ما يصلح من الكريم ، إذا قدرت على عدوّك فاجعل العفو شكرا للقدرة عليه ، لا تعادينّ أحدا. ولا تستصغرنّ أمر عدوّك إذا حاربته ، لأنك إن ظفرت به لم تحمد ، وإن ظفر بك لم


تعذر. من غاظك بقبيح الشّتم فغظه بحسن الحلم. لا تطلب سرعة العمل واطلب تجويده. [الرّجز المزدوج] :

تنال بالرّفق مع التأنّي

ما لم تنل بالحرص والتّعنّي

٢ ـ تمرين

بيّن أنواع المبنيات فيما يلي :

الحكمة التي تهلك بنيها هي جهالة. ماذا أرجّي من حياة كأحلام نائم. أنّى لهم الذكرى؟ من يكن للسرّ مفشيا فلا تأتمنه. [البسط] :

من ليس يخشى أسود الغاب إن زأرت

فكيف يخشى كلاب الحيّ إن نبحت

شتّان ما بين الثّرى والثّريا. حذار حذار من اللهو واللّعب. الإنسان شرير منذ حداثته. لا ينفع النّدم إذا زلّت القدم. ما سمعت قط عنكم شيئا ، كل شيء حسن.

المبحث السابع : في علامات الإعراب

«للرّفع» أربع علامات : «الضّمة» وهي الأصل.

والواو ، والألف ، والنّون ، وهي نائبة عنها.

فأمّا الضمّة فتكون علامة للرّفع «أصالة» في أربعة مواضع : في الاسم المفرد (١) ، وجمع التّكسير (٢) ، وجمع المؤنّث السّالم والملحق به ، والفعل المضارع

__________________

(١) الاسم المفرد في هذا الباب معناه ما ليس مثنى ولا مجموعا ولا ملحقا بهما ولا من الأسماء استة ، سواء أكان كلّ من الاسم المفرد وجمع التكسير منصرفا أو غير منصرف.

(٢) جمع التكسير هو ما دلّ على أكثر من اثنين أو اثنتين مع تغيير في صيغة مفردة ، وأنواع التغيير الموجودة في جموع التكسير ستة.

 ـ الأول : تغيير بالشكل فقط. نحو : أسد أسد.

 ـ الثاني : تغيير بالنقص فقط نحو : شجرة وشجر.

 ـ الثالث : تغيير بالزيادة فقط. نحو : صنو. وصنوان.

 ـ الرابع : تغيير في الشكل مع النقص ، نحو : كتاب. وكتب.

 ـ الخامس : تغيير في الشكل مع الزيادة ، نحو : بطل وأبطال.


الّذي لم يتّصل آخره بشيء. نحو يسود المجتهد ، والأدباء والعاقلات وأولات الفضل.

وأمّا الواو : فتكون علامة للرّفع نيابة عن الضمّة في موضعين : في جمع المذكّر السّالم والملحق به ، وفي الأسماء السّتة ، نحو : فرح العاقلون والأهلون وأبوك.

وأمّا الألف فتكون علامة للرّفع نيابة عن الضمّة ، في المثنّى والملحق به. نحو : اصطلح الخصمان كلاهما.

وأمّا النّون فتكون علامة للرّفع نيابة عن الضمّة في الفعل المضارع المتّصل به ضمير تثنية ، أو جمع ، أو ياء المؤنّثة المخاطبة ، نحو : يكتبان ويكتبون ، وتكتبين.

وللنّصب خمس علامات : «الفتحة» وهي الأصل ، والألف ، والكسرة ، والياء ، وحذف النّون. وهي نائبة عنها.

 ـ فأمّا الفتحة ، فتكون علامة للنّصب «أصالة» في ثلاثة مواضع : في الاسم المفرد ، وجمع التّكسير ، والفعل المضارع ، إذا دخل عليه ناصب ، ولم يتّصل آخره بشيء ، نحو : أرغب أن تتمّم عملك وتحفظ دروسك.

 ـ وأمّا الألف ، فتكون علامة للنّصب نيابة عن الفتحة في الأسماء السّتّة ، نحو : أكرم ذا الفضل.

 ـ وأمّا الكسرة ، فتكون علامة للنّصب نيابة عن الفتحة في جمع المؤنّث السّالم ، والملحق به ، نحو : خلق الله السّموات.

 ـ وأمّا الياء ، فتكون علامة للنّصب نيابة عن الفتحة في موضعين في المثنّى والملحق به ، وفي جمع المذكّر السّالم والملحق به ، نحو : صن يديك عن الأذى واصحب الصّالحين.

__________________

السادس : تغيير في الشكل مع الزيادة والنقص جميعا ، نحو : أمير وأمراء.

وجمع التكسير نوعان : جمع قلّة ومدلوله من ثلاثة إلى عشرة ، وجمع كثرة ومدلوله من أحد عشر إلى ما لا نهاية له. وهذا إذا سمع الجمعان للمفرد ، وإن لم يسمع إلّا أحدهما فقط فيستعمل للقلة والكثرة ، والتمييز يكون بالقرائن.

وأوزان القلّة أربعة : أفعل كأنفس ، وأفعال كأسباب ، وأفعلة كأعمدة ، وفعلة كصبية ، وما عدا ذلك تكون جموع كثرة.


و «للخفض» ثلاث علامات «الكسرة» وهي الأصل ، و «الفتحة والياء» وهما نائبتان عن الكسرة.

 ـ فأمّا الكسرة ، فتكون علامة للخفض أصالة في ثلاثة مواضع : في الاسم المفرد المنصرف ، وجمع التكسير المنصرف ، وجمع المؤنّث السّالم والملحق به ، نحو : من حميد الخصال الصّدق في المعاملات.

 ـ وأمّا الياء ، فتكون علامة للخفض نيابة عن الكسرة في ثلاثة مواضع : في الأسماء السّتّة ، وفي المثنّى والملحق به ، وفي جمع المذكّر السّالم والملحق به ، نحو : خير البرّ ما كان للوالدين والأقربين وذي الحاجة.

 ـ وأمّا الفتحة ، فتكون علامة للخفض نيابة عن الكسرة في الاسم الممنوع من الصّرف ، «مفردا أو جمع تكسير» ، نحو (وَأَوْحَيْنا إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ) [النساء : ١٦٣] ونحو (يَعْمَلُونَ لَهُ ما يَشاءُ مِنْ مَحارِيبَ وَتَماثِيلَ) [سبأ : ١٣].

وللجزم علامتان «السّكون» وهو الأصل و «الحذف» وهو نائب عن السّكون.

 ـ فأمّا السّكون ، فيكون علامة للجزم أصالة في الفعل المضارع الصّحيح الآخر الّذي لم يتّصل آخره بشيء ، نحو (لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ) (٣) [الإخلاص : ٣].

 ـ وأمّا الحذف ، فيكون علامة للجزم نيابة عن السكون في الفعل المضارع المعتلّ الآخر ، وفي الأفعال الخمسة الّتي تجزم بحذف النّون نيابة عن السّكون ، نحو : لا تعص مرشدك ، نحو : لا تضيّعوا وقتكم سدى.

تنبيهان

 ـ الأوّل : علم ممّا تقدّم ، أن علامات الإعراب أربع عشرة علامة أربع أصول ، وهي الضمّة للرّفع ، والفتحة للنّصب ، والكسرة للجرّ ، والجزم للسكون.

وعشر فروع نائبة عن هذه الأصول : ثلاث منها تنوب عن الضمّة ، وأربع منها تنوب عن الفتحة ، واثنان منها تنوب عن الكسرة ، وواحدة منها تنوب عن السكون.

 ـ الثاني : علم أيضا ممّا تقدّم ، أنّ النّيابة عن تلك الأصول واقعة في سبعة مواضع :

الأوّل : ما لا ينصرف ، فإنّه يجرّ بالفتحة نيابة عن الكسرة ، «إلّا إذا أضيف أو


كان مقرونا بأل فيجرّ بالكسرة».

الثاني : جمع المؤنث السّالم والملحق به ، فإنّه ينصب بالكسرة نيابة عن الفتحة.

الثالث : الفعل المضارع المعتلّ الآخر ، فإنّه يجزم بحذف آخره نيابة عن السكون.

الرابع : المثنّى والملحق به ، فإنّه يرفع بالألف نيابة عن الضمّة وينصب ويجرّ بالياء نيابة عن الفتحة والكسرة.

الخامس : جمع المذكّر السّالم والملحق به ، فإنه يرفع بالواو نيابة عن الضمّة ، وينصب ويجرّ بالياء نيابة عن الفتحة والكسرة.

السادس : الأسماء السّتّة ، فإنّها ترفع بالواو نيابة عن الضمّة.

وتنصب بالألف نيابة عن الفتحة ، وتجرّ بالياء نيابة عن الكسرة.

السابع : الأفعال الخمسة ، فإنّها ترفع بثبوت النّون نيابة عن الضمة وتنصب وتجزم بحذفها وقد تقدّم أمثلة ذلك.

المبحث الثامن : في مجمل المعربات السابقة

المعربات قسمان : قسم يعرب بالحركات. وقسم يعرب بالحروف فالّذي يعرب بالحركات (أصالة) أربعة أنواع :

الاسم المفرد ، وجمع التّكسير ، وجمع المؤنث السّالم ، والفعل المضارع الّذي لم يتّصل آخره بشيء.

ومجموعها : يرفع بالضمّة ، وينصب بالفتحة ، ويخفض بالكسرة ، ويجزم بالسّكون.

وخرج عن هذا الأصل ثلاثة أشياء :

أ ـ الأسماء الممنوعة من الصّرف ، فإنّها تخفض بالفتحة نيابة عن الكسرة ، نحو : مررت بإبراهيم ، (ما لم تضف أو تدخل عليها أل) فتجرّ بالكسرة.


ب ـ الفعل المضارع المعتّل الآخر ، فإنّه يجزم بحذف آخره نيابة عن السّكون ، نحو : لم يخش ، ولم يدع ، ولم يمش.

ج ـ جمع المؤنّث السّالم ، وهو ما دل على أكثر من اثنين بزيادة ألف (١) وتاء في آخره ، فإنه ينصب بالكسرة نيابة عن الفتحة ، نحو : خلق الله السّموات.

ويطّرد هذا الجمع في سبعة مواضع (٢) :

 ـ الأول : أعلام الإناث ، كهند ، ومريم ، وزينب.

 ـ الثاني : صفة المذكّر غير العاقل ، نحو : أيام معدودات ، وجبال شاهقات.

 ـ الثالث : مصغّر ما لا يعقل ، نحو : دريهمات.

__________________

(١) فإن كانت التاء أصلية كأبيات وأموات ، أو كانت الألف أصلية كقضاة وغزاة ، فينصب بالفتحة باعتبار أنه جمع تكسير ، نحو : وليت قضاة ، وجهّزت غزاة ، وحفظت أبياتا.

(٢) جمعها الشاطبي في قوله : [الرّجز] :

وقسه في ذي التّاو نحو ذكرى

ودرهم مصغّر ونحو صحرا

وزينب ووصف غير العاقل

وغير ذا مسلّم للنّاقل

واعلم أنه إذا جمع الاسم الثلاثي المؤنث بالتاء ظاهرة أو مقدرة ـ فإن كان موصوفا صحيح العين ساكنها ، خاليا من الإدغام وكانت فاؤه مفتوحة ، وجب عند جمعه فتح عينه إتباعا للفاء ، فتقول في جمع دعد وظبية : دعدات ـ وظبيات.

أمّا إذا كانت فاؤه مضمومة كظلمة ، أو مكسورة كهند ، فيجوز في عينه ثلاثة أوجه : إبقاء العين على سكونها ، وفتحها ، واتباعها للفاء في الحركة ، فتقول : ظلمات. وظلمات.

وظلمات : وهندات وهندات وهندات ، إلا إذا كان مضموم الفاء يائيّ اللام نحو : ذبية ، أو مكسور الفاء واوي اللام ، نحو ذروة ، فيجوز في عينه الإسكان والفتح فقط ، فتقول في جمعهما : ذبيات وذبيات ، وذروات. وذروات.

أمّا إذا كان الاسم صفة كضخمة وحلوة ، أو كان معتل العين كروضة ، وبيضة وصورة ، وديمة ، أو مدغما كحجّة ، وجنّة ، فإنّ عينه تبقى ساكنة على حكمها.

فيقال : ضخمات ، وروضات ، وديمات ، وحجّات.

تنبيه : يستثنى من المختوم بالتاء : امرأة ، وأمة ، وشاة ، وأمّة وشفة ، وملّة فلا تجمع بالتاء ، وإنما تجمع على : نساء ، وشياه ، وإماء ، وأمم ، وشفاه. وملل ويستثنى من المختوم بألف التأنيث فعلاء مؤنث أفعل ، كحمراء مؤنث أحمر ، فلا يقال في جمعها حمروات ، بل حمر. وكذا فعلى مؤنث فعلان كسكرى مؤنث سكران ، فلا يقال في جمعها سكريات ، بل سكارى ، كما لا يجمع مذكرها جمع مذكر سالما.


 ـ الرابع : ما صدّر بابن ، أو ذي من أسماء ما لا يعقل ، وصدورها هي التي تجمع ، فيقال في جمع «ابن آوى ، وذي القعدة» : بنات آوى وذوات القعدة. وكذلك أسماء السّور تجمع هذا الجمع بإضافة «ذوات» إليها ، فتقول : قرأت ذوات «حم».

 ـ الخامس : ما ختم بالتّاء : كصفيّة ، وجميلة ، وفاطمة.

 ـ السادس : ما ختم بألف التّأنيث المقصورة ، أو الممدودة ، نحو : حبلى ، وعذراء.

 ـ السابع : كلّ خماسيّ لم يسمع له جمع تكسير كسرادق ، واصطبل ، وحمّام ، وما عدا ذلك فهو مقصور على السّماع ، كسموات وسجلّات وأمّهات.

ويلحق بجمع المؤنّث السالم في إعرابه (أولات ، وبنات) وما سمّي به منه ، كبركات وعرفات وأذرعات ، وفيه ثلاثة أعاريب :

إعرابه كما كان قبل التّسمية ، (ويجوز فيه حينئذ التّنوين وعدمه) والأوّل هو الأشهر لأنّ التّنوين في الأصل للمقابلة.

وقد يعرب إعراب الاسم غير المنصرف ، نحو : مررت ببركات.

تمرين على جمع المؤنث السالم

[الوافر] :

خلقنا للحياة وللممات

ومن هذين كلّ الحادثات

ومن يولد يعش ويمت كأن لم

يمرّ خياله بالكائنات

تأمّل هل ترى إلّأ شراكا

من الأيّام حولك ملقيات

ولو أنّ الجهات خلقن سبعا

لكان الموت سابعة الجهات

تكلّمت الكبريات بحديث أصغين له الصّغريات بكل قبول.

مرّت ذوات القعدة من كلّ سنة والحجّاج في عرفات. في أيام محدودات تختبئ فيها بنات آوى ، أثبت يا أخي أمام حملات الزّمان : [البسيط] :

عليك نفسك فتّش عن معايبها

وخلّ عن عثرات النّاس للنّاس


المبحث التاسع : في الذي يعرب بالحروف نيابة عن الحركة ، وهو أربعة أنواع :

النوع الأول من المعرب بالحروف المثنى.

المثنّى : هو كلّ اسم دلّ على اثنين أو اثنتين بزيادة ألف ونون رفعا ، وياء ونون نصبا وجرا على آخره ، أغنت هذه الزّيادة عن العاطف والمعطوف ، بدون تغيير فيه (١) ، وهو يرفع بالألف ، وينصب ويجرّ بالياء المفتوح ما قبلها المكسور ما بعدها ، نحو : اصطلح الخصمان ، وأصلحت الخصمين ، ووفّقت بين الشريكين.

والنّون الّتي بعد الألف والياء عوض عن التّنوين في الاسم المفرد (٢).

__________________

(١) إلا إذا كان مقصورا ، أو منقوصا ، أو ممدودا. فالمقصور تقلب ألفه ياء إن كانت رابعة فصاعدا ، نحو : بشرى ، ومصطفى ، ومستقصى ، فتقول : بشريان ومصطفيان ، ومستقصيان. وتردّ إلى أصلها إن كانت ثالثة ، نحو : فتى ، وعصا ، فتقول : فتيان ، وعصوان.

والمنقوص تردّ إليه ياؤه في التثنية إن كانت محذوفة ، نحو : هاد ومهتد ، فتقول : هاديان ، ومهتديان ، وكذا كل اسم حذفت لامه وكانت تردّ إليه عند الإضافة فإنها ترد إليه أيضا في التثنية ، نحو : أب ، وأخ ، فيقال في تثنيتهما أبوان وأخوان ، كما يقال عند إضافتهما ، أبوك ، وأخوك.

بخلاف يد ، ودم فلا ترد إليهما اللام في التثنية لأنها لا ترد إليهما عند الإضافة.

والممدود تقلب همزته واوا إن كانت للتأنيث ، وتبقى على حالها إن كانت أصلية ويجوز الوجهان إن كانت للإلحاق ، أو منقلبة عن أصل ، نحو : صحراوان. وإنشاءان وعلباءان ، أو علباوان ، وسماءان ، أو سماوان.

(٢) بشروط ثمانية :

الأول : الإفراد ، فلا يثنى المثنى ، ولا جمع المذكر السالم ، ولا الجمع الذي لا نظير له في الآحاد.

الثاني : الإعراب ، فلا يثنى المبنيّ ، وأما لفظ اللّذان وذان ، واللّتان وتان ، فهي هيئة صيغ موضوعة للمثنى وليست مثناة حقيقة.

الثالث : عدم التركيب ، فلا يثنّى المركب تركيب مزج كسيبويه ، ولا تركيب إسناد ، كجاد الحق ، بل يزاد عليها في حالة قصد التثنية كلمة «ذوا» فيقال ذوا بعلبك وجاد المولى ، ويثنى الجزء الأول من المركب الإضافي فقط فيقال عبدا الله.

الرابع : التنكير ؛ بأن يراد به أيّ واحد مسمّى به ، ثمّ يعوض عن العلميّة التعريف بأل ، أو النداء ولهذا لا تثنى كنايات الأعلام (كفلان) لأنها لا تقبل التنكير.


وكلّ اسم معرب اختلّ فيه شيء من شروط المثنّى ، وكان بصورته فهو ملحق به في إعرابه ، وذلك في خمسة (١) ألفاظ :

أ ـ اثنان (٢) ، واثنتان ، وثنتان مطلقا (سواء أضيفت إلى ظاهر أم إلى مضمر أم لم تضف).

ب ـ كلا وكلتا : بشرط إضافتهما إلى الضمير ، نحو : جاءني كلاهما وكلتاهما ، ورأيت كليهما وكلتيهما ومررت بكليهما وكلتيهما. فإن أضيفا إلى الظّاهر أعربا بحركة مقدّرة على الألف في الأحوال الثّلاثة ، نحو : جاءني كلا الرّجلين ، وكلتا المرأتين ، وعرفت كلا الرّجلين ، وكلتا المرأتين ، ونظرت إلى كلا الرّجلين ، وكلتا المرأتين.

ويلحق أيضا بالمثنّى ما سمّي به ، نحو : زيدان ، وحسنين ، وأحمدين.

__________________

الخامس : اتفاق اللّفظ ، وأما نحو : الأبوان ، للأب والأم. فمن باب التّغليب.

السادس : اتفاق المعنى ، فلا يثنى المشترك ولا الحقيقة ولا المجاز وقولهم : القلم أحد اللّسانين ، والأحمران : للذّهب والزّعفران : شاذ.

السابع : عدم الاستغناء بتثنيته عن تثنية غيره : فلا تثنى كلمة (سواء) للاستغناء عنها بتثنية لفظة «سيّ» فقالوا «سيّان».

الثامن : أن يكون له نظير في الوجود فلا يثنى الشمس ، والقمر ، وسهيل [الرّجز] :

شرط المثنّى أن يكون معربا

ومفردا منكرا ما ركبا

موافقا في اللفظ والمعنى له

مماثل لم يغن عنه غيره

(١) وهناك ألفاظ أخرى على هيئة المثنى ، نحو : لبّيك ، وسعديك ، وحنانيك ودواليك ، من الظروف الدّالة على الإحاطة والشمول.

(٢) لا يضاف اثنان واثنتان إلى ضمير مثنى ، فلا يقال اثناهما ، ويضافان إلى ضمير المفرد والجمع.


إعراب الأمثلة السابقة

الكلمة

إعرابها

اصطلح

فعل ماض مبني على الفتح لا محل له من الإعراب.

الخصمان

فاعل مرفوع بالألف نيابة عن الضمة لأنه مثنى والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد.

أصلحت

أصلح فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع ، والتاء ضمير المتكلم مبني على الضم في محل رفع فاعل.

الخصمين

مفعول به منصوب بالياء المفتوح ما قبلها المكسور ما بعدها لأنه مثنى ، والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد.

أسباب ونتائج

إنّما لحقت النون المثنى للتعويض عما فاته من الإعراب بالحركات من دخول التنوين عليه ، وإنّما كسرت نونه جريا على الأصل في التخلص من التقاء الساكنين وتحذف عند الإضافة دون غيرها لأنها عوض عن التنوين. وهو يحذف أيضا عند الإضافة ، إلا أن النون لا تحذف مع (أل) ، والتنوين يحذف معها. وذلك للتّنبيه على أنها عوض عن الحركة أيضا وهي لا تحذف مع (أل).

وإنما أعرب المثنى بالحروف لأن التثنية كثيرة الدوران في الكلام ، فاقتضت أمرين تناسبهما ، وهما خفة العلامة الدالة على التثنية وهي الألف ، وترك الإخلال بظهور الإعراب ، احترازا من تكثير الالتباس في الكلام. وإنما أعربوا (كلا وكلتا) تارة بالحروف وتارة بالحركات لأن معناهما مثنى ولفظهما مفرد ، فراعوا فيهما جانب المعنى فأعربوهما بالحروف كالمثنى ، وراعوا جانب اللفظ فأعربوهما بالحركات كالفرد.


إعراب الأمثلة السابقة

الكلمة

إعرابها

جاءني

جاء فعل ماض مبني على الفتح لا محل له من الإعراب والنون حرف وقاية مبني على الكسر لا محل له من الإعراب والياء ضمير المتكلم اسم مبني على السكون في محل نصب مفعول.

كلاهما

كلا فاعل مرفوع بالألف لأنه ملحق بالمثنى وكلا مضاف والهاء مضاف إليه مبني على الضم في محل جر والميم حرف عماد ، والألف علامة التثنية.

رأيت

رأى فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بتاء الفاعل.

كليهما

مفعول منصوب بالياء لأنه ملحق بالمثنى. وكلي مضاف والهاء مضاف إليه ، والميم حرف عماد ، والألف للتثنية.

جاءني

إعرابه كالسابق.

كلا

فاعل مرفوع بضمة مقدرة على الألف منع من ظهورها التعذر.

الرجلين

مضاف إليه مجرور بالياء المفتوح ما قبلها المكسور ما بعدها لأنه مثنى ، والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد.

عرفت كلا الرجلين نظرت إلى كلا الرجلين

كلا مفعول منصوب بفتحة مقدرة على الألف منع من ظهورها التعذر كلا مجرور بإلى وعلامة جره كسرة مقدرة على الألف منع من ظهورها التعذر. والرجلين مضاف إليه مجرور بالياء لأنه مثنى.

وإنما أعربوا (كلا وكلتا) بالحروف مع الضمير. لأن الضمير فرع الظاهر والإعراب بالحروف فرع الإعراب بالحركات فأعربوهما كذلك للمناسبة بين الطرفين واعلم أنه يجوز أيضا في كلا وكلتا مراعاة الجانبين في الإخبار عنهما أو في عود الضمير إليهما ، فيقال : كلاهما قائم أو قائمان ، وكلتاهما فهمت أو فهمتا.


النوع الثاني من المعرب بالحروف

جمع المذكر السالم

جمع المذكّر السّالم : هو اسم دلّ على أكثر من اثنين بزيادة واو ونون رفعا ، وياء ونون نصبا على آخره ، صالح للتجريد عن هذه الزّيادة ، وعطف مثله عليه ، بدون تغيير في صورة مفرده (١).

وهو يرفع بالواو نيابة عن الضمّة ، نحو : فرح المؤمنون. وينصب بالياء نيابة عن الفتحة ، نحو : احترم المتأدّبين. ويجرّ بالياء نيابة عن الكسرة ، نحو : انظر إلى المهذّبين.

ونون جمع المذكر السّالم الواقعة بعد كلّ من الواو والياء ، مفتوحة وهي عوض عن التّنوين في الاسم المفرد.

ويشترط في الّذي يجمع هذا الجمع أن يكون علما ، أو صفة (٢).

__________________

(١) إلا إذا كان مقصورا ، أو منقوصا ، أو ممدودا ؛ فالمقصور : تحذف ألفه وتبقى الفتحة قبل الواو والياء دليلا عليها ، نحو : مصطفون ، ومصطفين.

والمنقوص : تحذف ياؤه ويضم ما قبل الواو. ويكسر ما قبل الياء للمناسبة ، نحو : هادون ، وهادين.

والممدود : يعامل معاملته في التثنية ، نحو : الصحراؤون ، ـ والإنشاؤون ، والعلباؤون ، أو العلباوون ، والسماؤون أو السماوون ؛ ولا يجوز جمع هذه الألفاظ جمع مذكر سالما إلا إذا جعلت أعلاما لذكور عقلاء.

(٢) فلا يجمع ما كان من الأسماء غير علم ولا صفة ، نحو : رجل وغلام ، إلا إذا صغّرا ليكونا بمنزلة الصفة ، ولا يجمع أيضا ما كان علما أو صفة لمؤنث نحو : مريم ، وحائض ومرضع ، ولا نحو : طلحة وحمزة ، وفهامة. لاشتمالها على التاء ، ولا يجمع أيضا غير العاقل كلاحق وسابق للفرس ، ولا يجمع أيضا المركبات ، كمعدي كرب وجاد المولى وإذا أريد منها الدّلالة على الجمع أبقيته على لفظه وأضفت إليه (ذوو) رفعا و (ذوي) نصبا وجرا ، بمعنى أصحاب هذا الاسم ، ولا يجمع أيضا المعرب بحرفين ، كالمسمى به من المثنى والجمع كحسنين والمحمدين : علمين ، ولا تجمع أيضا الصفات التي من باب أفعال الذي مؤنثه فعلاء ، كأخضر وخضراء ، ولا الصفات التي من باب فعلان الذي مؤنثه فعلى كغضبان وغضبى ، ولا الصفات التي يستوي فيها المذكر والمؤنث كصبور وجريح ، لعدم قبولها التاء ، وعدم دلالتها على التفضيل.

ومما يجمع جمع مذكر سالما أيضا ، الأسماء المنسوبة كمصريّ ، ولبناني ، وعراقيّ فتقول :

فالعلم يشترط فيه أن يكون لمذكّر ، عاقل ، خاليا من تاء التّأنيث ومن التّركيب ، ومن الإعراب بحرفين ، نحو : صالح ، وحامد.

والصّفة يشترط فيها أن تكون لمذكر ، عاقل ، خالية من التاء قابلة لها في التّأنيث ، أو دالّة على التّفضيل ، نحو : كاتب ، وأكبر.

وليست من باب أفعل فعلاء ، ولا فعلان فعلى ، ولا ممّا يستوي في الوصف به المذكر والمؤنث ، كعروس وحكيم.

ويلحق بهذا الجمع أربعة أنواع (١) :

 ـ النوع الأول : أسماء جموع ، وهي ألوا (٢) ، وعالمون ، وعشرون إلى التّسعين.

 ـ النوع الثاني : جموع تكسير ، وهي : بنون ، وحرّون (٣) وأرضون ، وسنون ، وبابه (٤).

 ـ النوع الثالث : جموع تصحيح لم تستوف شروط جمع المذكّر السّالم ، كأهلون (٥) ووابلون ، لأنّ أهلا ، ووابلا ليسا علمين ولا صفتين ولأنّ وابلا لغير العاقل.

__________________

مصريون ، ولبنانيون ، وعراقيون.

(١) بخلاف اسم الجمع الذي يدلّ على الجماعة وليس له واحد من لفظه. ولا يكون على وزن الجموع ، نحو : قوم وجيش ورهط ، وبخلاف اسم الجنس الجمعي الذي يدل على الجماعة ، ويفرق بينه وبين مفرده بالتاء أو الياء نحو ، شجر وترك.

(٢) ألو بمعنى أصحاب : اسم جمع لذو بمعنى صاحب ، و (عالمون) اسم جمع عالم وهو أصناف الخلق عقلاء أو غيرهم.

(٣) جمع حرّة : وهي أرض ذات حجارة سود.

(٤) وضابطه كلّ ثلاثي حذفت لامه وعوّض عنها هاء التأنيث ولم يكسّر نحو : عضه وعضين بمعنى الكذب والبهتان ، ونحو : عزة وعزين بمعنى الفرقة من الناس ، ونحو : ثبة وثبين بمعنى الجماعة فلا تجمع شجرة وثمرة لعدم الحذف ولا زنة ، وعدة ، لأن المحذوف منهما التاء ، ولا نحو : يد ، ودم ، لعدم التعويض من لامهما المحذوفة ، وخالف ذلك أبون ، وأخون ، لجمعهما مع عدم التعويض ولا نحو : اسم وأخت وبنت : لأن العوض غير الهاء وشذّ بنون ولا نحو : شاة وشفة : لأنهما كسّرا على شفاه وشياه.

(٥) الأهلون : العشيرة. والوابل : المطر الغزير.


 ـ النوع الرابع : ما سمّي به من هذا الجمع ، كعابدين وما ألحق به كعليّين (١).

النوع الثالث

من المعرب بالحروف الأسماء الستة

الأسماء الستّة هي : أبوك ، وأخوك ، وحموك ، وفوك ، وذو مال ، وهنوك (٢) وهي ترفع بالواو ونيابة عن الضمّة ، نحو : حضر أخوك.

وتنصب بالألف نيابة عن الفتحة ، نحو : عظّم أباك.

إعراب الأمثلة السابقة

الكلمة

إعرابها

فرح

فعل ماض مبني على الفتح لا محل له من الإعراب.

المؤمنون

فاعل مرفوع بالواو نيابة عن الضمة لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد.

احترم

فعل أمر مبني على السكون لا محل له من الإعراب وحرّك بالكسر منعا لالتقاء الساكنين.

المتأدبين

مفعول منصوب بالياء المكسور ما قبلها المفتوح ما بعدها لأنّه جمع مذكر سالم. والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد.

انظر

فعل أمر مبني على السكون لا محل له من الإعراب.

إلى

حرف جر مبني على السكون لا محل له من الإعراب.

المتأدبين

مجرور بإلى وعلامة جره الياء المكسورة ما قبلها المفتوح ما بعدها لأنه جمع مذكر سالم. والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد.

__________________

(١) عليّين أعلى الجنة واعلم أن ما سمي به والملحق بجمع المذكر السالم يجوز في إعرابه أن يعرب بالحركات منوّنة مع لزومه الياء كحين ، أو لزومه الواو كعربون. وإعرابه بالحركات الظاهرة على النون منونة أيضا.

(٢) الهن : كناية ، ومعناه شيء.


الكلمة

إعرابها

ألوا

مبتدأ مرفوع بالواو نيابة عن الضمة لأنه ملحق بجمع المذكر السالم.

العلم

مضاف إليه مجرور بالكسرة الظاهرة في آخره.

سعداء

خبر المبتدأ مرفوع بالضمة الظاهرة في آخره.

وتجرّ بالياء نيابة عن الكسرة ، نحو : تفاهم مغ حميك (١).

ولا تعرب الأسماء السّتة هذا الإعراب إلّا بشروط :

وهذه الشّروط منها ما يشترط في كلّها ، ومنها ما يشترط في بعضها فأمّا الشّروط الّتي تشترط في كلّها فأربعة شروط :

الأول : أن تكون مفردة ، فلو ثنّيت أعربت إعراب المثنّى فتقول : أبواك ربّياك ، وتأدّب في حضرة أبويك.

ولو جمعت جمع مذكر سالما أعربت إعرابه ، فتقول : هؤلاء أبون وأخون ، ورأيت أبين وأخين ـ الخ.

ولو جمعت جمع تكسير أعربت أيضا إعرابه بالحركات الظّاهرة في آخره كقوله تعالى : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) [الحجرات : ١٠](فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْواناً) [آل عمران : ١٠٣].

الثاني : أن تكون مكبّرة ، فلو صغّرت أعربت بالحركات الظاهرة ، فتقول : هذا أبيّ ، ورأيت أبيّا ، ومررت بأبيّ.

الثالث : مضافة ، فلو قطعت عن الإضافة أعربت أيضا بالحركات الظّاهرة ، نحو : وله أخ أو أخت ، وإنّ له أخا وبنات الأخ.

الرابع : تكون إضافتها لغير ياء المتكلّم ، فلو أضيفت إلى ياء المتكلّم ، تعرب

__________________

(١) الحم : أقارب الزوج ، أو الزوجة واعلم أن الأسماء الستة من قبيل المفرد ولذلك تثنى وتجمع ، ولكنها شذت عن أحكام المفردات وأعربت بالحروف لصلوح أواخرها لأن تجعل حروف إعراب ، ولمشابهتها المثنى في أن كلا يستلزم آخر. كالأب فإنه يستلزم الابن ، وهلم جرا. فحملوها على المثنى في الإعراب.


بحركات مقدّرة على ما قبل الياء ، منع من ظهورها اشتغال المحلّ بحركة المناسبة لياء المتكلّم ، نحو : احترمت أبي ، وأخي الأكبر.

وأمّا الشّروط التي تختصّ ببعضها دون بعض ، ففي الألفاظ الآتية :

أ ـ كلمة «فوك» لا تعرب إعراب الأسماء الستّة إلّا بشرط واحد ، وهو : «خلّو آخرها من الميم» فلو اتّصلت بها الميم أعربت بالحركات الظّاهرة ، فتقول : نظرت إلى فم حسن.

ب ـ كلمة «ذو» لا تعرب إعراب الأسماء السّتة إلّا بشرطين :

 ـ أوّلا : أن تكون «ذو» بمعنى صاحب ، فإن لم تكن بهذا المعنى بأن كانت موصولة فهي مبنيّة ، نحو : جاء ذو قام.

 ـ ثانيا : أن يكون الّذي تضاف إليه «اسم جنس ظاهرا غير وصف» ، نحو : «ذو العقل يشقى في النّعيم بعقله».

ج ـ كلمة «الهن» الأفصح فيها النّقص ، (أي حذف لامها) وإعرابها بالحركات الظاهرة على النون (وقليل فيها الإتمام وإعرابها بالحروف) ، نحو : ظهر هنوك ، واستر هناك ، وانظر إلى هنيك.

والخلاصة أنه يجوز «في الأب والأخ والحم» ثلاثة أعاريب.

١ ـ الإعراب بالحروف ، فتقول : هذا أبوك ، ورأيت أباك ، ومررت بأبيك.

٢ ـ الإعراب مقصورا على الألف في الأحوال الثلاثة ، فتقول : هذا أباك ، ورأيت أباك ، ومررت بأباك.

٣ ـ الإعراب بالحركات الظّاهرة «محذوفة الأواخر» في الأحوال الثلاثة فتقول :

هذا أبك ، ورأيت أبك ، ومررت بأبك.

النوع الرابع من المعرب بالحروف

 الأفعال الخمسة

الأفعال الخمسة هي : يفعلان ، وتفعلان ، ويفعلون ، وتفعلون وتفعلين ، وحكمها أنّها ترفع بثبوت النّون نيابة عن الضمة ، نحو : يكتبان وتكتبان ، وتنصب وتجزم بحذف هذه النّون نيابة عن الفتحة والسكون ، نحو : فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا.


وتسمّى هذه الأفعال «بالأمثلة الخمسة» وهي كلّ فعل مضارع اتّصل به ألف الاثنين ، أو واو الجماعة (١) أو ياء المخاطبة ، نحو : ينصران ، وتنصران ، وينصرون ، وتنصرون ، وتنصرين.

المبحث العاشر : في الفعل المضارع المعتلّ الآخر (٢)

الفعل المضارع المعتلّ الآخر هو : ما آخره الف ، كيسعى ، أو واو كيسمو ، أو ياء كيرتقي. وكلّها تجزم بحذف حرف العلّة.

__________________

(١) وأما قوله تعالى : (إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ) فالواو لام الكلمة ، وليست ضمير الجماعة والنون نون النسوة ، والفعل في الآية مبنيّ على السكون لاتصاله بنون النّسوة التي هي فاعل ، مثل يرضعن (ووزنه يفعلن) بخلاف ، نحو : الرجال يعفون : فالواو ضمير الجماعة ، ولام الفعل محذوفة. والنون علامة الرفع. فهو مرفوع بثبوت النون : والواو فاعل (ووزنه يفعون).

(٢) الفعل المعتلّ هو : ما كان أحد أصوله حرفا من حروف العلة الثلاثة التي هي : الألف ، والواو ، والياء ، وهو خمسة أقسام :

الأول «مثال» وهو : ما كانت فاؤه حرف علّة ، نحو : وعد ـ ويسر ـ ويبس.

الثاني «أجوف» وهو : ما كانت عينه حرف علة ، نحو : قام ـ وعور ـ وغيد.

الثالث «ناقص» وهو : ما كانت لامه حرف علة ، نحو : عفى ـ وسرو ـ ورضي.

الرابع «لفيف مفروق» وهو : ما كانت فاؤه ولامه حرفي علة ، نحو : وقى ـ وولى.

الخامس «لفيف مقرون» وهو : ما كانت عينه ولامه حرفي علة ، نحو : طوى ـ وقوي ـ وحيي.

والفعل الصحيح هو : ما خلت أصوله من حروف العلة ، وأنواعه ثلاثة :

الأول : سالم وهو : ما خلا من الهمزة والتضعيف ، نحو : نصر ، ودحرج.

الثاني : مهموز ، وهو ما كان أحد أصوله همزة ، نحو : أنس ، وسأل ، وقرأ ويكون المهموز معتلا أيضا ، نحو : أتى ، ورأى ، وشاء.

الثالث : مضعّف ، وهو قسمان : مضعّف ثلاثي وهو : ما كانت عينه تماثل لامه نحو : مدّ ، شدّ ، ودّ ... ومضعّف رباعي وهو : ما كانت فاؤه ولامه الأولى من جنس ، وعينه ولامه الثانية من جنس ، نحو : زلزل ووسوس. واعلم أنّ حرف العلة يسمّى مدّا إذا سكن بعد حركة تجانسه ، ولينا إذا سكن مطلقا ، نحو : قال يقول قولا ، وباع يبيع بيعا.

وعلى هذا فالألف دائما حرف مدّ ولين ، بخلاف الواو والياء ، وكل حرف مدّ يسمى لينا ولا عكس.


المبحث الحادي عشر : في الإعراب الظّاهر ، والمقدّر

الإعراب الظّاهر هو : ما لا يمنع من النّطق به مانع ، نحو : حضر سليم ، وقابلت سليما ، وتكلّمت مع سليم.

ويقع في الصّحيح الآخر ، نحو : يكتب خليل.

وفي شبه الصّحيح وهو : ما كان مختوما بواو ، أو ياء ساكن ما قبلهما ، كدلو ، وظبي ، فإنّ الإعراب في كلّ ذلك ظاهر.

والإعراب المقدّر هو : ما يمنع من التّلفّظ به مانع ، من تعذّر ، أو استثقال ، أو مناسبة.

فأوّلا : المقدّر للتعذّر : يقع في المعتلّ الآخر المختوم بألف مفتوح قبلها ، نحو :

يرضى الفتى ، فتقدّر عليها الحركات الثلاث (للتعذّر) (١).

وثانيا : المقدّر (٢) للثقل : ويقع في المعتلّ الآخر المختوم بواو مضموم ما قبلها ، نحو : يدعو ، ويقع أيضا في المختوم بياء بعد كسرة ، فتقدّر على الياء الضمّة والكسرة فقط (للاستثقال).

وتوضيح ذلك أنّ الحركات الثّلاث تقدّر في الاسم المعرب الّذي آخره ألف لازمة ، كالهدى والمصطفى ، ويسمّى (مقصورا) (٣).

أي ممنوعا من ظهور الحركات فيه.

__________________

(١) معنى التعذّر في الألف : أنه لا يستطاع إظهار الحركة عليها لأنها لا تقبل الحركة أصلا.

(٢) معنى الاستثقال في الواو والياء أنّ ظهور الضمة والكسرة عليهما ممكن ولكن ذلك ثقيل على اللفظ. ولذلك تقدر الضمة والكسرة عليهما. وأما الفتحة فتظهر لخفتها. وينحصر ذلك في الواو المسبوقة بضمة ، والياء المسبوقة بكسرة ، بخلاف المسبوقتين بسكون فتظهر عليهما جميع حركات الإعراب ، كدلو وظبي.

(٣) المقصور : اسم معرب ، آخره ألف لازمة وهي إما منقلبة عن واو ، أو ياء ، أو مزيدة للتأنيث ، أو للإلحاق ، نحو : العصى ، والفتى ، والصغرى ، والزفرى. وإذا نوّن المقصور حذفت ألفه لفظا لا خطا في حالة الرفع والنصب والجر ، نحو : هذا فتى اتّبع هدى. ولم يأت بأذى. وليس من المقصور مثل : يرضى لأنه فعل ، ولا مثل : على لأنه حرف ، ولا نحو : متى لأنه مبني وكذا غلاما من نحو : جاء غلاما الأمير ، لأن الألف فيه ليست بلازمة.


وتقدّر الضمة والكسرة في الاسم المعرب الّذي آخره ياء لازمة مكسور ما قبلها ، كالدّاعي والمنادي ويسمّى منقوصا (١) لأنّه نقص منه بعض الحركات فتظهر الفتحة في حالة النّصب ، نحو : كلّمت القاضي.

وأمّا الفعل المضارع المعتلّ بالألف ، فتقدّر على الألف الضمّة والفتحة ، نحو : سعد يسعى إلى الاستقلال ، ولن يهوى الاستبعاد.

والفعل المضارع المعتلّ بالواو ، والياء تقدّر عليهما الضمّة فقط ، نحو : سليم يسمو إلى المعالي ، ويرتقي إليها باجتهاده.

وأمّا الفتحة فتظهر على الواو ، والياء ، نحو : لن تدنو المطالب إلّا بالعمل ، والعادل لن يواسي في حكمه (٢).

وثالثا : الإعراب المقدّر للمناسبة : يقع في الاسم المضاف إلى ياء المتكلم فتقدّر جميع حركات الإعراب على آخره منع من ظهورها اشتغال المحلّ بالكسرة المناسبة لياء المتكلم (٣) ، نحو : غلامي.

__________________

(١) المنقوص : اسم معرب ، آخره ياء لازمة مكسور ما قبلها. وهي إما : أصلية أو منقلبة عن واو ، نحو : المحامي ، والداعي.

وإذا نوّن المنقوص حذفت ياؤه لفظا وخطا في حالتي الرفع والجر ، وبقيت في حالة النصب ، نحو : أنت هاد. لكل عاص وإن كان عاتيا.

وليس من المنقوص ، نحو : يمشي ، وفي ، وظبي.

والصّحيح : اسم معرب ليس آخره ألفا لازمة ، ولا ياء لازمة مكسورا ما قبلها نحو : كتاب وقلم. ومنه الممدود وهو : اسم معرب ، آخره همزة قبلها ألف زائدة ، نحو : إنشاء ، وسماء ، وبناء ، وصحراء وليس من الممدود ، نحو : جاء ، وأولاء ، وملء وماء وهواء.

ويجوز في الشعر قصر الممدود ، ومدّ المقصور.

(٢) ملخص القول أن الرفع يقدّر في الأحرف الثلاثة ـ والجزم يحذف الأحرف الثلاثة ـ والنصب يظهر في الواو والياء. ويقدّر في الألف.

واعلم أنّه يجوز في ضرورة الشعر تقدير الفتحة على الواو والياء.

(٣) هذا إذا لم يكن المضاف إلى ياء المتكلم مقصورا أو مثنى أو جمع مذكر سالما.

فإن كان مقصورا ثبتت ألفه على حالها ، وتفتح ياء المتكلم بعدها وجوبا ، نحو : فتاي وعصاي. وبعضهم يقلب ألفه ياء ويدغمهما في ياء المتكلم ، فتقول فتيّ وعصيّ.

وإن كان مثنى مرفوعا فحكمه كحكم المقصور ، وإن كان منصوبا أو مجرورا فتدغم ياؤه في ياء المتكلم التي تفتح وجوبا نحو يا خليليّ.


وبيان ذلك أنّ آخره : إمّا أن يكون ملتزم الكسر لمناسبة الياء إذا كان صحيح الآخر ، كما في غلامي ، أو شبيها به كما في نحو : دلوي.

وإمّا أن يكون آخره ملتزما للسكون الواجب بسبب الإدغام إذا كان معتلّ الآخر بالياء فقط ، نحو : قاضيّ.

ورابعا : يقدّر الإعراب في المحكيّ حسب ما يقتضيه طلب العامل في حكم الإعراب المفروض له. والمحكيّ هو : كلمة جملة تحكى على لفظها كقولهم : (قال : فعل ماض) فقال : كلمة محكية. مبتدأ مرفوع بالضمة مقدرة منع من ظهورها حركة الحكاية ، وفعل ماض : خبر المبتدأ.

ونحو : قرأت «رأس الحكمة مخافة الله» فجملة : رأس الحكمة مخافة الله محكية ، وهي في محلّ نصب مفعول به للفعل (قرأت).

ويدخل في الجملة المحكيّة ما سمّي به من الجمل ، نحو : تأبّط شرّا وشاب قرناها.

على أنّ الكلمات المفردة المحكيّة يكون إعرابها تقديريّا.

وأمّا الجمل المحكيّة فيكون إعرابها محليّا.

وخامسا : تقدّر الحركات أيضا على ما يلتزم سكونه (١) للوقف ، نحو : جاء الرّجل ، فالرجل فاعل لجاء مرفوع بضمّة مقدّرة منع من ظهورها السّكون العارض للوقف.

__________________

وإن كان جمع مذكر سالما فإن كان مرفوعا قلبت واوه ياء وأدغمت في ياء المتكلم التي يجب فتحها نحو جاء ضاربيّ ، والأصل ضاربوي ، وإن كان منصوبا أو مجرورا أدغمت ياؤه في ياء المتكلم المفتوحة وجوبا ، نحو : رأيت ضاربيّ بشرط كسر ما قبل الياء إلا إذا كان مفتوحا فيبقى على فتحه ، نحو : مصطفيّ ـ وقس على ذلك ما يماثله.

(١) ويقدر السكون إذا اعترض دونه ما يقتضي العدول عنه كالتقاء الساكنين في نحو : لا تضرب التلميذ ، فتضرب فعل مضارع مجزوم بلا الناهية وعلامة جزمه سكون مقدر منع من ظهوره التقاء الساكنين.


المبحث الثاني عشر : في الإعراب المحلّي

الإعراب المحلّي هو : الّذي يقع في المبنيّات الّتي تقدّم ذكرها ، نحو : صدق هذا ، وصدّق ذاك ، وثق بذلك.

فمحلّ «ذا» الرّفع في الأوّل ، والنّصب في الثاني ، والجرّ في الثّالث.

والإعراب المحلّي يتعلّق بجميع الكلمة (١) ، بخلاف اللّفظي والتّقديري فإنّهما يتعلّقان بآخر الكلمة فقط ، كما سبق بيانه مستوفيا (٢).

تمرين عام لبيان المعربات من المبنيات

[الوافر] :

تعلّم يا فتى والعود رطب

وجسمك ليّن والطّبع قابل

فحسبك يا فتى شرفا وعزّا

سكوت الحاضرين وأنت قائل

الفرصة تمر مرّ السّحاب ، فانتهزوا فرص الخير. [الوافر] :

عرضنا أنفسا عزّت علينا

عليكم فاستخفّ بها الهوان

ولو أنّا منعناها لعزّت

ولكنّ كلّ معروض مهان

ما رأيت شيئا كثيره أخفّ من قليله إلّا العلم [الرّجز] :

من قال لا أغلط في أمر جرى

فإنّها أوّل غلطة ترى

خير المال ما أنفق في سبيل الخير. [البسيط] :

إنّ الطيور على أشكالها تقع

[الكامل] :

سقط الحمار من السّفينة في الدّجى

فبكى الرّفاق لفقده وترحّموا

__________________

(١) اعلم أن الإعراب المحلي لا يخلو من أن تظهر فيه حركات البناء ، كالضمة في حيث ومنذ ، والفتحة في أين وكيف ، والكسرة في جير وأمس.

(٢) أو تقدّر فيه حركات البناء العارض كما في اسم لا النافية للجنس ، نحو : لا فتى هنا ، وفي نحو : يا عيسى ، ويا يحيى ، فإنّ الحركة تقدر لتعذّر ظهورها ، وفي نحو : يا سيبويه تقدّر لاشتغال المحل بغيرها ، وغير ذلك مما سبق بيانه.


حتّى إذا طلع الصّباح أتت به

نحو السفينة موجة تتقدّم

قالت خذوه كما أتاني سالما

لم أبتلعه لأنّه لا يهضم

كلامه يدخل الآذان بلا استئذان. خير المواهب العقل ، وشرّ المصائب الجهل. [مجزوء الكامل] :

لا تدّخر غير العلو

م فإنّها نعم الذّخائر

فالمرء لو ربح البقا

ء مع الجهالة كان خاسر

[الكامل] :

لا تعجبنّك أوجه مدهونة

وتظنّ أنّ الحسن بالتّلوين

فالقرد ذو قبح وإن حسّنته

والبدر لا يحتاج للتّحسين

المبحث الثالث عشر : في العامل والمعمول

أ ـ العامل في اللّغة : المؤثّر ، وفي اصطلاح النّحاة : ما أوجب كون آخر الكلمة على وجه مخصوص من الإعراب.

ب ـ المعمول في اللّغة : المتأثّر واصطلاحا : ما وجد فيه أثر العامل لفظا ، أو تقديرا ، أو محلا.

والعامل قسمان لفظيّ ، ومعنويّ

فالعامل اللّفظيّ هو : ما ينطق به «حقيقة» كلفظ «ظهر» من نحو : ظهر الحقّ ، «أو حكما» كعامل الظّرف والجارّ والمجرور من قولك : أخوك عندك ، أو في الدّار (على تقدير موجود مثلا عندك أو في الدّار).

وأنواع العوامل اللّفظيّة كثيرة : كالفعل وشبهه (من اسم الفاعل ، واسم المفعول ، والصّفة المشبّهة ، والمصدر) ، وكذا المضاف : فإنّه يجرّ المضاف إليه ، وكذا المبتدأ فإنّه يرفع الخبر الخ.

والعامل المعنويّ هو : ما لا يكون للّسان فيه حظ وهو نوعان :

الأول : «الابتداء» وهو : خلوّ الاسم من العوامل اللّفظيّة للإسناد ، نحو : العلم


نافع : فالعلم مبتدأ مرفوع «بالابتداء» الّذي هو أمر (معنويّ).

الثاني : «التّجرّد» وهو : تجريد الفعل المضارع عن النّاصب والجازم ، نحو : يسافر سعد ، فيسافر فعل مضارع مرفوع لتجرّده عن الناصب والجازم ، (والتّجرد أمر معنويّ أيضا).

تطبيق إعراب قول الشاعر

قدّ هون الصّبر عندي كلّ نازلة

وليّن العزم حدّ المركب الخشن

الكلمة

إعرابها

قد هوّن

قد حرف تحقيق. هوّن فعل ماض مبني على الفتح لا محل له من الإعراب.

الصبر

فاعل مرفوع بالضمة.

عندي

عند ظرف مكان متعلق بالفعل (هوّن) منصوب بفتحة مقدرة منع من ظهورها الكسرة المناسبة لياء المتكلم ، والياء مضاف إليه مبني على السكون في محل جر.

كلّ نازلة

كل مفعول به منصوب بالفتحة. نازلة مضاف إليه مجرور بالكسرة.

وليّن العزم

الواو حرف عطف. ليّن فعل ماض مبني على الفتح. العزم فاعل مرفوع بالضمة.

حد المركب

حد مفعول به منصوب. والمركب مضاف إليه مجرور بالكسرة.

الخشن

صفة للمركب مجرور بالكسرة.

تمرين عام

استخرج ممّا يأتي المعرب والمبني ، والمفرد والمثنّى والجمع مطلقا.

قرأت في أساطير الأوّلين ، أنّ رجلا يسمّى «عيسى بن يحيى» جلس وصاحبا له في ليلة ، فأخذا بأطراف الأحاديث بينهما ، وممّا قاله عيسى لصاحبه ، بلغني : أنّ رجلا


سلك طريقا به أفاع ، فاعترضه في الصّحراء «ابن طبق (١) وابن فترة» فأوجس في نفسه خيفة منهما ، ولم يكن معه شيء من آلات الدّفاع ، فألقى رداءه ، وخلع نعليه ، وأخذ يعدو عدو الظّليم (٢) ، فقابله أسد من أحدّ الأسود وأضراها ، يثير الثّرى ، وينثر الحصى ببراثنه ، فاشتدّ فزعه ، وبينا هو كذلك بصر بفتى وضّاء عند واد هناك ، متقلّدا سيفا ورمحا : فاستغاث به ، فأتى مسرعا. فحمل على الحيّتين فقتلهما ، وعلى الأسد فولّى هاربا ، ثم قال له بعد أن تعارفا ما الذي حملك على مفارقة وطنك منفردا؟ فأنشد : [الطويل] :

وطول مقام الماء في مستقرّه

يغيّره ريحا ولونا ومطعما

فقال عمرو : صدقت ، ولكن لا يصحّ للعاقل أن يسلك طريقا مخوفا حتّى يعدّ له ما استطاع من قوّة وسهام صائبات.

فإن الله تعالى قال : (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) [البقرة : ١٩٥].

وقال الإمام علي : سل عن الرّفيق قبل الطّريق.

فأجاب : أجل وما راء كمن سمع ، غير أنّ حكيما قال : [البسيط] :

ارحل بنفسك من أرض تضام بها

ولا تكن بفراق الأهل في حرق

من ذلّ بين أهاليه ببلدته

فالاغتراب له من أحسن الخلق

ثم قال : قد كان ما كان ، وانطلق حامدا شاكرا [الطويل] :

عليك ببرّ الوالدين كليهما

وبرّ ذوي القربى وبرّ الأباعد

__________________

(١) نوع من الأفاعي الهائلة.

(٢) ذكر النعام.


الباب الثاني : في النكرة والمعرفة

ينقسم الاسم من حيث العموم والخصوص إلى : نكرة ، وهي الأصل ، وإلى معرفة ، وهي الفرع.

 «وفي هذا الباب مباحث»

المبحث الأول : في النكرة

النّكرة هي : كل اسم شائع في أفراد جنسه ، لا يختصّ به واحد دون غيره ، كرجل ، وامرأة ، فكلّ منهما شائع في معناه لا يختصّ به هذا الفرد دون ذاك. فإن الأول يصحّ إطلاقه على كل ذكر بالغ من بني آدم ، والثاني يصحّ إطلاقه على كل أنثى بالغة من بني آدم.

فالنكرة هي : ما لا يفهم منها معيّن ، وهي نوعان :

أحدهما : نكرة تقبل أل المفيدة للتّعريف ، نحو : كتاب ، وقلم ، فكلّ منهما صالح لدخول «أل» المعرّفة عليه ، فتقول : الكتاب والقلم.

ثانيهما : نكرة تقع موقع ما يقبل «أل» المؤثّرة للتّعريف ، وهي (ذو) (١) الّتي هي من الأسماء السّتة ، فإنّها وإن كانت غير صالحة بنفسها لدخول أل عليها ، فهي صالحة بمرادفها وهو (صاحب) فإنّك تقول فيه «الصّاحب» ولو دخلت أل على اسم ، ولم تؤثّر فيه التّعريف لم تكن معرفة ، ولم يكن الاسم نكرة ، نحو : «عبّاس» إذا قلت فيه : العبّاس.

المبحث الثاني : في المعرفة

المعرفة هي : كلّ لفظ وضعه الواضع لمعنى معيّن مشخّص أي هي اسم يدلّ

__________________

(١) ومثلها «من وما» نكرتين موصوفتين في قولك : لا يسرني من معجب بنفسه ، ونظرت إلى ما معجب لك. فإنّها واقعة موقع إنسان. وشيء ، وكذا ، اسم الفعل نحو : (صه) منوّنا فإنّه يحلّ محلّ قولك سكوتا. وكلّ ذلك البدل تدخل عليه أل.


على شيء بعينه وهي نوعان :

الأوّل : ما لا يقبل (أل) قطعا ، ولا يقع موقع ما يقبلها ، وذلك كالأعلام ، نحو : محمّد ، وسعاد.

الثّاني : ما يقبل أل الّتي لا تفيده تعريفا ، نحو : حارث ، وعباس فإنّ أل الدّاخلة عليهما للمح الأصل بها ، وهو التّنكير المفيد للتّعميم.

وأنواع المعارف سبعة : الضّمير ، والعلم ، واسم الإشارة ، واسم الموصول ، والمعرّف بأل ، والمضاف إلى واحد منها إضافة معنويّة ، والمنادى وهي على هذا التّرتيب في الأعرفيّة (١).

المبحث الثالث : في الضمير أو المضمر

الضّمير هو : اسم لما وضع لمتكلّم ك (أنا) ، أو لمخاطب ك (أنت) أو لغائب ك (هو) أو لمخاطب تارة ، ولغائب أخرى ، وهي :

الألف ، والواو ، والنّون ، كقوما وقاما ، وقوموا ، وقاموا وقمن ويقمن ، وينقسم الضّمير إلى قسمين : بارز ومستتر.

الضمير البارز

هو الّذي له صورة في اللّفظ ، وهو نوعان : متّصل ، ومنفصل ، فالمتصل : ما لا يفتتح به النّطق ، ولا يقع بعد إلّا ، وإنّما يكون كالجزء من الكلمة السّابقة ، كياء ابني ،

__________________

(١) أعرف هذه المعارف ضمير المتكلم ، فالمخاطب ، فالغائب ، ثم العلم للمكان فللإنسان ، فلغيره من الحيوانات ، ثم اسم الإشارة للقريب ، فللمتوسط ، فللبعد. ثم الموصول المختص ، فالمشترك. ثم المعرّف بأل العهدية ، فالجنسية. ثم المضاف إلى واحد مما سبق ، ثم المنادى. لكن قال البعض إن المنادى في رتبة اسم الإشارة لأن الإقبال على المنادى كالإشارة إلى المشار إليه. كما وأنه يستثنى من قاعدة أعرف المعارف الضمير (اسم الله تعالى) فإنه وإن كان (علما) للذات الواجب الوجود المستحق لجميع المحامد ، إلّا أنه أعرف المعارف مطلقا. ثم يليه الضمير العائد على اسم الله تعالى الأعظم ، ثم ضمائر غيره على الترتيب المذكور.


وكاف أكرمك ، وهاء سلنيه. والمتّصل : ستّة وثلاثون ضميرا :

اثنا عشر منها في محلّ رفع ، وهي : كتبت ، كتبنا ، كتبت ، كتبت ، كتبتما ، كتبتم ، كتبتنّ ، كتب ، كتبت ، كتبا ، كتبوا ، كتبن.

واثنا عشر منها في محلّ نصب ، وهي : علّمني ، علّمنا ، علّمك ، علّمك ، علّمكما ، علّمكم ، علّمكنّ ، علّمه ، علّمها ، علّمهما ، علّمهم ، علّمهنّ.

واثنا عشر منها في محلّ جرّ (١) وهي : هذا وطني ، وطننا ، وطنك ، وطنك ، وطنكما ، وطنكم ، وطنكنّ ، وطنها ، وطنهما ، وطنهم ، وطنهنّ.

والمنفصل : ما يبتدأ به ، ويقع بعد إلّا في الاختيار ، كأنا ، ونحن وهو أربعة وعشرون ضميرا :

اثنا عشر : منهما مختّصة بالرّفع ، وهي : أنا ، ونحن ، وأنت ، وأنت ، وأنتما ، وأنتم ، وأنتنّ ، وهو ، وهي ، وهما ، وهم ، وهنّ.

واثنا عشر منها مختصّة بالنّصب ، وهي : «إيّاي (٢) ، وإيّانا ، وإيّاك ، وإيّاك ، وإيّاكما ، وإيّاكم ، وإيّاكنّ ، وإيّاه ، وإيّاها ، وإيّاهما ، وإيّاهم ، وإيّاهنّ.

__________________

(١) ظهر من هذا أنّ الضمير المتصل ينقسم بحسب إعرابه المحليّ إلى ثلاثة أقسام :

أ ـ ما يختصّ بالرفع وهو خمسة : الألف كقاما ، والواو كقاموا ، والنون كقمن. وياء المخاطبة كقومي. والتّاء مجرّدة كقمت ، أو متّصلة بما كقمتما ، أو بالميم كقمتم. أو بالنون المشددة كقمتنّ.

ب ـ ما هو مشترك بين محلّي النّصب والجرّ ، وهو ثلاثة : ياء المتكلم ، نحو : ربّي أكرمني ، وهاء الغائب ، نحو : (قالَ لَهُ صاحِبُهُ وَهُوَ يُحاوِرُهُ) وكاف المخاطب ، نحو : (ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ) سواء أكانت الكاف مجرّدة ، أو متصلة بما ، أو الميم أو النون المشدّدة ، على نحو ما تقدم.

ج ـ ما هو مشترك بين الرفع ، والنصب ، والجر ، وهو (نا) نحو : (رَبَّنا إِنَّنا سَمِعْنا مُنادِياً يُنادِي لِلْإِيمانِ).

(٢) واعلم أنّ الضّمير هو لفظة (إيّا) وأن اللّواحق لها حروف تكلّم وخطاب وغيبة.

تنبيه : الضمير المنفصل لا يكون في محل جر أصلا ، وأمّا نحو : ما أنا كأنت ولا أنت كأنا ، فخلاف الأصل ، فقد وضع ضمير الرفع موضع ضمير الجر بالنّيابة.


الضمير المستتر

الضّمير المستتر : هو الّذي ليس له صورة في اللّفظ ، كالضّمير الملحوظ في نحو : افهم درسك.

وينقسم المستتر إلى قسمين : مستتر وجوبا ، ومستتر جوازا.

ألمستتر وجوبا

هو الّذي لا يخلفه ظاهر ، ولا ضمير منفصل ، ومواضعه عشرة :

١ ـ مرفوع أمر الواحد ، نحو : ذاكر ، واجتهد.

٢ ـ مرفوع المضارع المبدوء بتاء خطاب الواحد ، نحو : أنت تفهم.

٣ ـ مرفوع المضارع المبدوء بهمزة المتكلّم ، نحو : أفهم.

٤ ـ مرفوع المضارع المبدوء بالنّون ، نحو : نفهم.

٥ ـ مرفوع أفعال الاستثناء وهي خلا ، وعدا ، وحاشا ، وليس. ولا يكون نحو : نجحوا ما عدا سليما ، أوما خلاه. وفازوا لا يكون محمودا وامتثلوا ليس سليما.

٦ ـ مرفوع أفعل في التّعجّب ، نحو : ما أحسن الصّدق!

٧ ـ مرفوع أفعل التّفضيل ، نحو : هم أحسن اجتهادا.

٨ ـ مرفوع اسم الفعل غير الماضي ، كأوّه ، ونزال.

٩ ـ مرفوع الصفات المحضة ، نحو : جاء رجل فاضل ، والعدل ممدوح ، والإنصاف عظيم.

١٠ ـ مرفوع متعلّق الظّرف ، نحو : الأمر إليك ، والمجد بين برديك.

المستتر جوازا.

هو الّذي يخلفه الظّاهر ، أو الضّمير المنفصل ، ومواضعه أربعة :

١ ـ مرفوع فعل الغائب ، نحو : خليل نجح.

٢ ـ مرفوع فعل الغائبة ، نحو : سعاد نجحت.

٣ ـ مرفوع الصّفات المحضة ، نحو : كامل فاهم ، والدّرس مفهوم.

٤ ـ مرفوع اسم الفعل الماضي ، نحو : شتّان ، وهيهات.


الضمير المتصل هو الأصل

متى أمكن اتّصال الضّمير لا يعدل إلى انفصاله (١) وذلك لاختصار المتّصل غالبا. فلهذا كان المتّصل هو الأصل ، فلا يصحّ العدول عنه إلى المنفصل ، إلّا لدواع وأسباب كثيرة.

وأشهر الدواعي الموجبة لفصل الضمائر هي :

١ ـ إرادة الحصر ، كما إذا تقدّم الضّمير على عامله ، نحو (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (٥)) [الفاتحة ٥] أو تأخّر ووقع محصورا بإلّا ، أو بإنّما ، نحو : لا نعبد إلّا إيّاه ، وإنّما المعبود هو.

٢ ـ كون عامله محذوفا ، كما في التّحذير ، نحو : إيّاك والكذب.

٣ ـ كون عامله معنويا (وهو الابتداء) نحو : أنا متأدّب.

٤ ـ كون عامله حرف نفي ، نحو : ما أنا مهملا في دروسي.

٥ ـ فصله من عامله بمتبوع له ، نحو : يخرجون الرّسول وإيّاكم.

٦ ـ فصله من عامله بلفظة (إمّا) نحو : ليسبق في الحفظ إمّا أنا وإمّا أنت.

٧ ـ وقوع الضّمير مفعولا معه ، نحو : سرت وإيّاك.

جواز فصل الضمائر مع إمكان الوصل

يستثنى من قاعدة (متى أمكن اتّصال الضّمير لا يعدل عنه إلى انفصاله) ثلاث مسائل ، يجوز فيها الانفصال مع إمكان الاتصال ، وهي :

 ـ أوّلا : إذا كان الضّمير المقدّم منصوبا أعرف (٢) من الضّمير المؤخّر ، نحو : الدّرهم أعطيتكه ، أو أعطيتك إيّاه. والكتاب منحتك إيّاه ، أو منحتكه ، والقلم معطيكه ، أو معطيك إيّاه.

__________________

(١) وذلك ، نحو قمت ، وأكرمتك ، فلا يقال : قام أنا ، ولا أكرمت إياك لأن التاء أخصر من أنا ، والكاف أخصر من إيّاك.

(٢) إمّا إذا كان الضّمير المقدّم منصوبا غير أعرف ؛ نحو : الكتاب أعطاه إياي أو إيّاك ، فيجب الفصل.


«جاز الفصل ، مع إمكان الوصل».

 ـ ثانيا : إذا اتّحد الضّميران في الغيبة ، واختلف (١) لفظهما إفرادا وتثنية وجمعا ، أو تذكيرا وتأنيثا نحو : بنيت الدّار لأبنائي وأسكنتهموها أو أسكنتهم إيّاها «جاز أيضا الانفصال ، مع إمكان الاتّصال».

ثالثا : إذا كان الضّمير منصوبا خبرا (لكان أو إحدى أخواتها) ، نحو : الصّديق كنته ، أو كنت إيّاه ـ «جاز أيضا الانفصال ـ مع إمكان الاتصال».

واعلم أنّ ضمير المتكلم أعرف من ضمير المخاطب ، وضمير المخاطب أعرف من ضمير الغائب (٢).

__________________

(١) أمّا إذا تساوت واتحدت رتبة الضميرين لفظا بأن يكونا لمتكلم أو لمخاطب أو لغائب ، كقول الأسير لمن أطلقه : ملكتني إيّاي ـ وكقول السيد لعبده : ملّكتك إيّاك. وكقولك عن غائب : الكتاب ملّكته إيّاه ـ فيجب فيه أيضا الفصل.

(٢) وإنما كان ضمير الغائب أحطّ مرتبة في التعريف من أخويه (المتكلم والمخاطب) لأنه لم يوضع معرفة بنفسه ، بل بسبب مرجعه ، ولهذا لا بدّ له من مرجع في الكلام ليفهم معناه.

واعلم أنه سبق أن الضمائر ثلاثة أقسام : ما يجب اتصاله ، وما يجب انفصاله ، وما يجوز فيه الأمران ، وأن الجائز اتصاله وانفصاله هو خبر باب كان أو إحدى أخواتها ، وثاني مفعولي باب أعطى وباب ظن غالبا سواء أكانت أفعالا أو أسماء.

وجميع الضمائر متصلة ومنفصلة مبنية لا يظهر فيها الإعراب.

ويختصّ الاستتار بضمير الرفع.

١٢ فائدة

الأولى : ياء المتكلّم يجوز فيها السكون كثيرا ، والفتح قليلا نحو : عيل صبري لفقري ويختار فتحها إذا ولتها همزة وصل ، نحو : لي الأمر. ويجب فتحها إذا كان ما قبلها ألفا نحو : مولاي ، أو ياء ، نحو بنيّ ـ وقاضيّ.

الثانية : كاف الخطاب : تفتح للمخاطب ، وتكسر للمخاطبة ، وتضم لما عداهما.

الثالثة : هاء الغائب تفتح للغائبة ، وتضم لغيرها ، إلا إذا سبقتها كسرة ، أو ياء ساكنة فتكسر نحو اجتمعت به وبأخيه.

الرابعة : ميم الجمع ساكنة إلا إذا جاء بعدها ساكن فإن كان ما قبلها مضموما ضمّت نحو : عليكم السّلام ، وإن كان مكسورا كسرت نحو : بهم النجاة.

الخامسة : نون الإناث تكون (ضميرا) متى خفّفت كذهبن ، ويذهبن ، وتكون (علامة جمع المؤنث) متى شدّدت نحو : أكرمهنّ. وهي مفتوحة في الحالتين.

السادسة : الألف الزائدة بعد واو جمع الذكور نحو : قاموا ، وقوموا ، تحذف إذا اتّصل


تمرين

بيّن نوع استتار الضمائر التي في الأفعال الآتية.

أتكلّم قليلا وأعمل كثيرا. وأتقدّم ما وجدت التّقدم عزما. وأتقهقر ما رأيت التّقهقر حزما ـ الحكمة ضالّة المؤمن ؛ فخذ الحكمة ولو من أهل النفاق ـ من استبدّ برأيه هلك ؛ ومن شاور الرجال شاركها في عقولها (إِنَّنِي أَنَا اللهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا) [طه : ١٤] [الوافر] :

ولو أنّا إذا متنا تركنا

لكان الموت راحة كل حيّ

ولكنّا إذا متنا بعثنا

ونسأل بعده عن كلّ شيّ

إياه نسأل أن يلهمنا ما فيه الرشاد ويهدينا طريق السداد. يجب أن نهتم للمستقبل

__________________

بضمير. نحو اضبطوهم ، وضبطوهم.

السابعة : ضمائر التكلم والخطاب وخاصة بالعقلاء ، وضمائر الغيبة مشتركة بين العقلاء وغيرهم ، إلا الواو ـ وهم ـ فمختصان بالذكور العقلاء.

الثامنة : ضمائر الرفع المنفصلة هي ما وضعت للتكلم ، والغيبة برمتها ، نحو : أنا وهو.

وأما ضمائر الرفع للخطاب وضمائر النصب المنفصلة فليست كذلك ، بل الضمير في الأولى هو «أن» بفتح الهمزة. وفي الثانية هو «إيّا» بكسرها ، وما يليهما حروف تدل على المعاني المقصودة بهما كالخطاب ، والتثنية ، والجمع.

التاسعة : أجازوا تسكين هاء هو ، وهي. بعد الواو والفاء كثيرا نحو : وهو الغفور وهي القاضية. وبعد اللام قليلا نحو : إن هذا لهو الحق.

العاشرة : قد ينزل أحيانا ما لا يعقل منزلة من يعقل فيستعمل له ما يستعمل للعاقل نحو : (إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ).

ويجوز أن يستعمل ضمير الإناث العاقلات لجماعة ما لا يعقل من المؤنث فيقال : (الشجرات أثمرن).

الحادية عشرة : إذا اعتبرت (عدا وخلا وحاشا) أفعالا ـ يجب إلحاقها بنون الوقاية في حالة اتصالها بياء المتكلم ، نحو : حضر التلاميذ ما عداني.

وإذا اعتبرت أفعال الاستثناء المذكورة حروف جر ، امتنع إلحاقها بنون الوقاية لعدم الخوف من الكسر.

الثانية عشرة : إنّ الفعل الناقص كدعا ورمى ، لا يخشى معه المحذور الذي جيء بالنون لأجله وهو (الكسر) إذ لا تظهر الكسرة في مثل (دعاني ورماني) وإنما ألحقوه بغيره من الصحيح الآخر طردا للباب على نظام واحد.


اهتماما لا يحرمنا لذة الحاضر ؛ لأنه ليس من الحكمة أن نشقى اليوم مخافة أن نشقى غدا. كلّ شيء يرخص إذا كثر خلا الأدب فإنّه إذا كثر غلا. من اقتصد في الغنى والفقر فقد استعدّ لنوائب الدهر. لا تكونّنّ على الإساءة أقوى منك على الإحسان إنك كنت بنا بصيرا [الكامل] :

شرّقت منتزحا وقومي غرّبوا

شتّان بين مشرّق ومغرّب

المبحث الرابع : في ياء المتكلّم مع نون الوقاية

إذا سبق ياء المتكلم (فعل أو اسم فعل) ـ أو (من أو عن) وجب الإتيان بنون تسمّى نون الوقاية «لتقي وتحفظ الفعل الصّحيح الآخر ممّا لا يدخله وهو (الكسر) الشّبيه بالجرّ.

ولتقي أيضا ما بني على الأصل وهو (السكون) نحو : والدي أدّبني ، وعلّمني. وزدني يا ربّ علما. ولا تنقل هذا الخبر عنّي. ولا ينال اليأس منّي.

وإذا سبق ياء المتكلم إنّ أو إحدى أخواتها ، أو لدن ، أو قد أو قطّ ، جاز ذكر نون الوقاية ، وجاز حذفها ، نحو : إنّي. وإنّني. ولدّني ولدنّي. وقدي وقدني. وقطي وقطني ـ غير أنّ الأكثر الحذف في لعلّ ، والإثبات في ليت ، ولدن ، وقط ، وقد ، نحو : ليتني أنال رضا الناس ـ ولك من لدنّي صادق الودّ.

تمرين على ياء المتكلم مع نون الوقاية

ليتني أزورك فتحسن إليّ. هم يكافئونني إذا أحسنت الخدمة لهم ـ ذهب إخواني للرياضة ما خلاني ـ اجتهدت لعلي أظفر بضالّتي ـ دعاني إلى الحديث ما رأيتموني عليه من الصراحة. إنّ الذين لم ينصروني على عدوّي لا يحبونني ـ ما عساني أقول وقد سمعتم منّي كثيرا ولم تأخذوا عنّي إلا قليلا ـ قدني ما قلته إلى الآن. لقد ورد إليكم من لدني رسائل كثيرة على أنّني لم أفز بجواب عليها ، كأنني غريب عنكم ولكنّي أعذركم فإذا تكرمتم بشيء فإني أقول قطني وحسبي.


المبحث الخامس : في العلم

العلم هو : ما وضع لمسمّى معيّن بدون احتياج إلى قرينة خارجة عن ذات لفظه ، نحو : جعفر ، وغضنفر ، وزينب ، وشاة ، ومصر.

تقسيم العلم باعتبار الوضع

ينقسم العلم باعتبار الوضع إلى ثلاثة أنواع : اسم ، وكنية ، ولقب.

فالاسم : ما وضع أوّلا ليدلّ على الذات نحو : عمر ، وعثمان.

والكنية : هي كلّ مركّب إضافيّ صدره أب ، أو أمّ ، أو ابن ، أو بنت ، نحو : أبو البشر ، وأمّ المؤمنين ، وابن مالك ، وبنت النّعمان.

واللّقب : ما يراد به مدح مسماه ، أو ذمّه. نحو : جمال الدّين ، وسيف الدّولة ، والنّاقص ، والحمّار.

تقسيم العلم باعتبار الاستعمال

ينقسم العلم باعتبار الاستعمال إلى نوعين :

مرتجل : وهو ما وضع من أوّل الأمر علما ، ولم يستعمل في شيء آخر قبل علميّته ، كعمر ، وسعاد.

ومنقول : وهو ما نقل من شيء سبق استعماله فيه قبل العلميّة.

والنّقل إمّا عن مصدر ، كفضل ، أو عن اسم جنس ، كأسد. أو عن فعل : كيحيى وأحمد : أو عن صفة كمحرز ، ومحمد ، وسعيد ، وحمّاد ، أو عن مركّب : كجاد المولى ، وسيبويه.

«والأعلام المنقولة أكثر من المرتجلة».

واعلم أنّه إذا اجتمع الاسم واللّقب يقدّم الاسم ، ويؤخّر اللّقب لأنّه كالنّعت له ، نحو : هارون الرّشيد ـ إلّا إذا اشتهر اللّقب اشتهارا تامّا فيجوز العكس ، نحو (إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ) [النساء : ١٧١].

وأمّا الكنية فلا ترتيب لها معهما ، فيجوز تقديمها وتأخيرها. غير أنّ الأشهر تقديمها عليهما جميعا ، فيقال : أبو حفص عمر الفاروق ـ وأبو الطّيّب أحمد المتنبّي ؛


وذلك لأنّ المراد بالكنية الدّلالة على الذّات دون الصفّة بخلاف اللّقب ، كما تقدّم.

تقسيم العلم باعتبار اللفظ

ينقسم العلم باعتبار اللّفظ إلى نوعين : مفرد ، ومركب.

فالمفرد ، نحو : سعد ، وحكمه أن يعرب على حسب العوامل.

إلّا إذا كان (ممنوعا من الصّرف) فيجرّ بالفتحة ، نحو : أحمد.

أو كان على وزن «فعال» نحو : حذام. فيبنى على الكسر.

والمركّب ، (إن كان إضافيا) نحو : نور الدّين ، فحكمه أن يعرب (صدره) على حسب العوامل ، ويجرّ (عجزه) بالمضاف دائما.

والمركّب (إن كان مزجيّا) ، نحو : بعلبكّ ، فحكمه أن يمنع من الصّرف. إلّا إذا كان مختوما بويه ، سيبويه. فيبنى على الكسر.

والمركّب (إن كان إسناديّا) نحو : جاد الحقّ ، وتأبّط شرّا فحكمه أن يبقى على حاله قبل العلميّة. ويحكى على حالته الأصلية وتقدّر على آخره حركات الإعراب (١).

ينقسم العلم إلى علم شخصي ، وهو : اسم يختصّ بواحد دون غيره من أفراد جنسه.

وإلى علم جنسي (٢) ، وهو : ما وضع للجنس برمّته ، بقطع النّظر عن أفراده.

__________________

(١) إذا كان الاسم واللقب مفردين وجب إضافة الاسم إلى اللقب ، نحو : سعد زغلول : ومحمد فريد. ومصطفى كمال (وجاز إتباع الأول للثاني). وإن كانا مركبين أو أحدهما مركبا والآخر مفردا ، أو كان في أحدهما (أل) امتنعت الإضافة ووجب الإتباع ، نحو : عبد الله سيف الدولة ـ ومحمد جمال الدين وسيف الإسلام جلال وهارون الرشيد ، والمهدي يعقوب.

(٢) اعلم أن علم الجنس موضوع لحقيقة الجنس الحاضرة في الذّهن. فهو يشبه (علم الشخصي) في جميع أحكامه اللفظية فيصحّ الابتداء به ، وتنصب النكرة بعده على الحال ، ويمنع من الصّرف إذا وجد فيه مع العلمية علة أخرى ، كالتأنيث في (أسامة) للأسد. ووزن الفعل في (ابن آوى) ولا يضاف ، ولا تدخل عليه أداة التعريف ولا ينعت بالنكرة ، كما هو الحال في الأعلام الشخصية.

والعلم الجنسي ، يشبه أيضا النكرة في المعنى من حيث إنه لا يخصّ واحدا بعينه فكل أسد يصدق عليه أسامة ، وكل عقرب يصدق عليها (أمّ عريط) وكيسان للغدر وشعوب للموت ،


ومسمّاه يكون للأعيان العقلاء مثل (فرعون) علما لكلّ ملك من ملوك مصر ، أو لغير الأعيان ، كأسامة لجنس الأسد. وثعالة للثّعلب ـ وقد يكون مسمّاه للمعاني ـ كبرّة : لجنس البرّ ـ وفجار : لجنس الفجور والعلم الجنسيّ مقصور على السّماع ،

__________________

وهيّان بن بيّان ، لمن لا يعرف هو ولا أبوه ، وسبحان للتسبيح.

واعلم أيضا أن (أل) تدخل على الأعلام الدالة على مشتركين في اسم واحد إذا ثنيت أو جمعت ، لأن هذه الأعلام تصير عندئذ نكرات ، فيقال : جاء العمران وحضر المحمدون.

وتزاد أل على بعض الأعلام المنقولة للمح معنى الأصل الذي نقلت عنه كالفضل والعباس.

واعلم أيضا أنه تسقط العلمية عن العلم في واحد من ثلاثة أمور :

الأول : إذا وقع العلم مضافا نحو : هو حاتم عصره ، وسحبان زمانه. والثاني : إذا قصدت تثنيته أو جمعه ، ومن ثم تدخل عليه أداة التعريف نحو الفراعنة ، والمحمدان ، والفاطمات ، والمحمدون ، ونحوها.

الثالث : إذا دخلت (ربّ) عليه نحو ربّ سليم لقيته ، أي رب رجل كسليم لأن ربّ خاصة بالنكرات.

إعراب الأمثلة السابقة حضر تأبّط شرّا ـ رأيت تأبّط شرّا ـ نظرت إلى تأبّط شرّا.

الكلمة

إعرابها

حضر تأبّط شرا

فعل ماض مبني على الفتح لا محل له من الإعراب

فاعل مبني على الضم المقدر منع من ظهوره اشتغال المحل بحركة الحكاية

رأيت

رأى فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير المتكلم ، والتاء فاعل مبنية على الضم في محل رفع

تأبط شرا

مفعول مبني على فتح مقدر منع من ظهوره اشتغال المحل بحركة الحكاية

نظرت إلى

نظر فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير المتكلم. والتاء فاعل إلى : حرف جر مبني على اسكون لا محل لها من الإعراب

تأبط شرا

مجرور بإلى مبني على كسر مقدر منع من ظهوره اشتغال المحل بحركة الحكاية ويجوز أن يعرب (تأبط شرا إعرابا تقديريا) فنقول في حالة الرفع مرفوع بضمة مقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة الحكاية. ونقول في حالة النصب منصوب بفتحة مقدرة ، إلى آخره وتقول في حالة الجر مجرور وعلامة جره كسرة مقدرة ، إلى آخره


وهو يكون اسما ، كما مرّ وكنية (كأبي جعدة) للذّئب و (أمّ عامر) للضّبع ، و (أبي أيّوب) للجمل ، و (أمّ قشعم) للموت. ويكون لقبا (كالأخطل) للهرّ. و (ذي النّاب) للكلب ، و (ذي القرنين) للبقر والضأن.

١ ـ تمرين

بيّن أنواع العلم الشخصي والجنسي فيما يأتي.

القاهرة ـ أنشأها القائد جوهر الذي فتح مصر سنة ٩٦٩ م ، وسمّاها (القاهرة) تفاؤلا بمرور كوكب من (المريخ) على خط زوالها وقتئذ. وكان العرب يسمون هذا الكوكب (القاهرة).

أنشأ صلاح الدين يوسف الأيوبي (القلعة) على سفح جبل المقطم.

جامع محمد علي ـ بدئ ببنائه في أيام محمد علي باشا ، وانتهى في عهد سعيد باشا.

سمّيت الأزبكية بهذا الاسم نسبة للأمير أزبك الذي فاز على الأتراك لتأييد السلطان قايد باي.

خان الخليلي بناها السلطان الأشرف خليل في آخر القرن الثالث عشر من الميلاد.

مقياس النيل أنشأه سليمان بن عبد الملك الخليفة الأموي سنة ٧١٦ للميلاد.

يقال : فلان أجوع من ذؤالة ، وأعطش من سعالة ، وأجبن من ضبّ ، وأحمق من هبنقة ، وأول من نطق بالعربية يعرب بن قحطان من أعاظم ملوك العرب.

٢ ـ تمرين : بيّن الاسم واللقب والكنية في الأمثلة الآتية

عمر بن الخطاب أول من سمّي بأمير المؤمنين.

هو أفرغ من فؤاد أم موسى ، هو أقوى من ذاكرة أبي العلاء. أنشأ المنصورة محمد الكامل بن العادل استعاة بها عن دمياط التي استولى عليها الصليبيون وقتئذ. ابن خلدون هو محمد بن خلدون الحضرمي. صاحب الأغاني أبو الفرج الأصبهاني علي بن الحسين القرشي الأموي ، وجدّه مروان آخر خلفاء بني أمية.


أجب عن الأسئلة الآتية

ما هو العلم؟ وما هي أقسامه؟ ما الفرق بين العلم المنقول والمرتجل؟ ومما يكون النقل؟ ما هي أنواع المركب ، وما هو حكم كل منها؟ ما الفرق بين الكنية واللّقب والاسم؟ ما رتبة اللقب إذا اجتمع مع الاسم؟ وما هي رتبة الكنية مع الاسم؟ وما هي رتبتها مع الاسم واللّقب؟

ما حكم الاسم مع اللّقب إذا كانا مفردين أو مركبين أو مختلفين؟

ما الفرق بين العلم الشخصي والجنسي؟

المبحث السادس : في اسم الاشارة

اسم الإشارة : ما يدلّ على شيء معيّن مع إشارة إليه حسّيّة أو معنويّة ، نحو : هذا تلميذ ، وتلك تلميذة ، وهذا رأي صواب. وألفاظه هي :

 ـ ذا : للمفرد المذكر ، مثل : طالع ذا الكتاب.

 ـ ذان رفعا : وذين : نصبا وجرّا «مخفّفة نونهما ، أو مشدّدة» للمثنّى المذكر.

 ـ تا ، تي ، ته ، ذي ، ذه. «للمفردة المؤنثة».

 ـ تان رفعا «وتين» نصبا وجرا «مخفّفة نونهما ، أو مشدّدة» للمثنى المؤنّث.

ويتّصل بألفاظ الإشارة السّابقة ثلاثة أحرف.

ها التّنبيه ، وكاف الخطاب ، واللام (١).

فألفاظ الإشارة المجرّدة من «الكاف واللام» تكون للمشار إليه (القريب) نحو :

ذا ، أو هذا ، وذي ، أو هذي ، وهذان ، وهاتان.

__________________

(١) لا تجتمع الثلاثة دفعة واحدة لكراهة كثرة الزوائد ، ولا تجتمع ها التنبيه مع اللام لعدم المناسبة بينهما ؛ لأنّ اللام تشعر بالبعد ، وها التنبيه تشعر بالقرب ؛ فيكون فيه جمع بين الأضداد التي تتعارض فتتساقط.

واعلم أنّ لفظتي «ته وذه» يشار بهما إلى القريب بدون أن يلحقهما شيء من ها التنبيه ، وكاف الخطاب ، واللام.


وألفاظ الإشارة المتصلة «بالكاف» تكون للمشار إليه (المتوسّط) نحو : ذاك ، أو هذاك ، وتيك ، أو هاتيك ... الخ.

وألفاظ الإشارة المقرونة «باللام مع الكاف» فقط ، أو المشدّدة النون في المثنّى تكون (للبعيد) نحو : ذلك ، وتالك. وتلك ، وأولالك. وذانّك ، وتأنّك (بتشديد نونهما في المثنّى).

فتكون مراتب اسم الإشارة ثلاثة : قريب ، ومتوسّط ، وبعيد.

واسم الإشارة يطابق المشار إليه في تذكيره وتأنيثه ؛ وإفراده وتثنيته ، وجمعه.

كما تطابق الكاف المخاطب في جميع ما ذكر (١).

ويشار للمكان القريب ب «هنا» أو ههنا.

ويشار للمكان المتوسط ب هناك «مخفّف النّون».

ويشار للمكان البعيد ب «هنالك ، أو ثمّ ، أو هنّا «بتشديد النّون».

وأسماء المكان تلزم الظّرفية ، أو الجرّ بالحرف محلّا ، فيقال : جئنا من هنا ، وذهبنا من هناك إلى هنالك.

ويفصل جوازا بين ها التنبيه واسم الإشارة المجرّدة من الكاف بضمير المشار إليه ، نحو : ها أنا ذا ، أو ذي وها نحن ذان ، أو تان ، أو أولاء.

١ ـ تمرين

بيّن أسماء الإشارة ونوع المشار إليه :

(ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ) [الأنعام : ١٠٢](وَفِي ذلِكَ فَلْيَتَنافَسِ الْمُتَنافِسُونَ) [المطففين : ٢٦](إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً) [آل عمران : ١٣]

__________________

(١) الكاف اللاحقة لأسماء الإشارة هي حرف خطاب تتصرّف تصرّف الكاف الاسمية غالبا بحسب المخاطب فتقول : ذلك ، وذلك ، وذلكما ، وذلكم ، وذلكنّ.

والضابط في ذلك أن الكاف لمن تخاطبه في التذكير والتأنيث ، والتثنية والجمع وما قبل الكاف لمن تشير إليه كذلك في التذكير والتأنيث ، والتثنية والجمع.

لفظ «ثمّ» يشار به إلى المكان البعيد بدون أن يلحقها شيء من ها التنبيه ، أو كاف الخطاب ، أو اللام. وإذا تقدمت (من) على لفظة «ثمّ» أفادت التعليل.


تلك آثارنا تدل علينا [الكامل] :

هذي المدائن قد خلت من أهلها

بعد النظام وهذه الأهرام

(أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ) [البقرة : ٥] [الطويل] :

وغاية هذي الدّار لذّة ساعة

ويعقبها الأحزان والهمّ والنّدم

وهاتيك دار الأمن والعزّ والتقى

ورحمة رب الناس والجود والكرم

ذلك هو الزعيم الفذ الذي يسعى في خير أمته [الطويل] :

أولئك آبائي فجئني بمثلهم

إذا جمعتنا يا جرير المجامع

٢ ـ تمرين

دلّ على اسم الإشارة وبيّن أنواع المشار إليه :

(ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ) (٢) [البقرة : ٢](أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (٥) [البقرة : ٥].

إن أردت أن تكون مرضيّا عنك فلا تصاحب ذلك الجاهل ، ولا تسع إلى تلك الأماكن (وَفِي ذلِكَ فَلْيَتَنافَسِ الْمُتَنافِسُونَ) [المطففين : ٢٦].

ذلك هو الرجل الفطن الذي يسعى في خير أمّته فاعمل مثله لتكون من العظماء [البسيط] :

تلكم قريش تمنّاني لتقتلني

فلا وربّك ما برّوا ولا ظفروا

أجب عن الأسئلة الآتية

ما هي ألفاظ الإشارة؟ واذكر الألفاظ الخاصة بإشارة المفرد المذكر ومثنّاه وجمعه ، والخاصّة بالمفردة المؤنّثة ومثنّاها وجمعها. واذكر المراتب الثلاث الموضوعة لاسم الإشارة.

اذكر الألفاظ التي تلحقها كاف الخطاب فقط والتي تلحقها مع اللام.

تنبيهات

الأول : سبق أنّ المشار إليه : إمّا قريب وإمّا متوسط ، وإمّا بعيد : فأسماء الإشارة الّتي هي.


للقريب :

للمذكّر : «ذا» للمفرد و «ذان ، وذين» لمثنّاه ، و «أولاء» لجمعه (١).

وللمؤنّث «تا ، تي ، ته ، ذي ، ذه» للمفردة ؛ و «تان ، وتين» لمثنّاها ، و «أولاء» لجمعها.

وللمتوسّط :

للمذكّر : ذلك ، ذانّك ، ذنّيك ، أولالك.

وللمؤنّث : تلك ، تانّك ، تينّك ، أولالك.

وللبعيد

للمذكّر : ذلك ، ذانّك ، ذيّنك ، أولالك.

وللمؤنّث : تلك ، تانّك ، تينّك ، أولالك.

الثاني : هاك نموذجا يبيّن استعمال أسماء الإشارة في جميع أوجه الخطاب.

المشار إليه

مخاطب مذكر

مخاطب مؤنث

مفرد ـ مثنى ـ جمع

مفردة ـ مثنى ـ جمع

مفرد مذكر

ذاك ـ ذاكما ـ ذاكم

ذاك ـ ذاكما ـ ذاكن

مثنى مذكر

ذانك ـ ذانكما ـ ذانكم

ذانك ـ ذانكما ـ ذانكن

جمع مذكر

أولئك ـ أولئكما ـ أولئكم

أولئك ـ أولئكما ـ أولئكن

مفردة مؤنثة

تلك ـ تلكما ـ تلكم

تلك ـ تلكما ـ تلكن

__________________

(١) أولاء ممدودة (أي ـ بهمزة مكسورة في آخره) أو مقصورة (أي ـ بغير همزة) هي : للجمع مذكرا كان أو مؤنثا ، عاقلا كان أو غير عاقل (لكن يقلّ في غير العقلاء) كقوله :

والعيش بعد أولئك الأيام

ويشار إلى جمع غير العقلاء بما يشار به إلى المفردة المؤنّثة ، فيقال : هذه الكتب ، وتلك الجبال ... الخ.

وسبق أنّ أسماء الإشارة المختصّة بالمكان أربعة وهي : «هنا» للمكان القريب ، و «هناك» للمتوسّط ، و «هنالك ، وثمّ ، وثمّة ، وهنّا أو هنّت» للبعيد.


المشار إليه

مخاطب مذكر

مخاطب مؤنث

مثنى مؤنث

تانك ـ تانكما ـ تانكم

تانك ـ تانكما ـ تانكن

جمع مؤنث

أولئك ـ أولئكما ـ أولئكم

أولئك ـ أولئكما ـ أولئكن

الثالث : سبق أنه يجوز دخول ها التنبيه على أسماء الإشارة إلا في حالة البعد. نحو : هذا ، وهذه ، وهذان ، وهذين ، وهاتان ، وهاتين ، وهؤلاء.

وإذا كان المشار إليه بعيدا ألحقت اسم الإشارة (كافا) حرفية تتصرّف.

تصرّف الكاف الاسمية بحسب المخاطب نحو : ذاك ، وذاك ، وذاكما ، وذاكم ، وذاكن ، ويجوز أن تزيد قبلها (لاما) للبعد ، نحو : ذلك ، ذلك ، ذلكما ، ذلكم ، ذلكن. ولا تدخل (اللام) في المثنى مطلقا ، فلا يقال ذانلكما ، ولا تانلكما.

كما لا تدخل في الجمع الممدود ، فلا يقال : أولاء لك ، وإنما تدخل فيهما (الكاف) في حالة البعد ، نحو : ذانكما ، وتانكما ، وأولئك.

واعلم أنه كما لا تدخل (اللام) على المثنى والمجموع لا تدخل على المفرد إذا تقدّمته ها التنبيه فيقال فيه (حالة البعد) هذاك ، ولا يقال فيه هذا لك كما سبق.

المبحث السابع : في الاسم الموصول

الاسم الموصول (١) : هو ما وضع لمسمّى معيّن بواسطة جملة تذكر بعده على

__________________

(١) أما الموصول الحرفي فهو : كل حرف أوّل مع صلته بمصدر يعرب بحسب ما يقتضيه العامل المتسلّط ، ولا يحتاج إلى عائد لأنه حرف ؛ والحرف لا يضمر له. والموصولات الحرفية ستة ألفاظ :

 ـ الأول : (أن) : وتوصل بالفعل المتصرّف ماضيا ، غير عاملة فيه النصب ، نحو : عجبت من أن قام سليم ، ومضارعا نحو : عجبت من أن يقوم خليل ، وأمرا ، نحو : أشرت إليه بأن قم ؛ فإن دخلت على فعل جامد كانت مخفّفة من الثقيلة ، نحو : (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى) (٣٩) فأن مخفّفة من الثقيلة ، واسمها ضمير الشأن محذوف. وخبرها الجملة.

 ـ الثاني : (أنّ) وتوصل باسمها وخبرها ، وتؤول مع خبرها بمصدر مضاف إلى اسمها إن كان مشتقا ، نحو : بلغني أنّك مسافر ، أو ستسافر (أي بلغني سفرك).


ضميره (١) تسمّى صلة له.

الأسماء الموصولة قسمان : خاصّة ، ومشتركة

فالأسماء الموصولة الخاصّة : هي الّتي تختلف صورتها بالإفراد ، والتّثنية ، والجمع ، والتّذكير ، والتّأنيث حسب مقتضى الكلام ، وهي سبعة ألفاظ :

١ ـ الذي : للمفرد المذكر ، عاقلا أو غيره.

٢ ـ اللّذان ، واللّذين : للمثنى المذكر (رفعا ونصبا وجرا).

٣ ـ الّذين : لجمع المذكر العاقل (ويكون ملازما الياء رفعا ونصبا وجرّا).

٤ ـ الّتي : للمفردة المؤنّثة (عاقلة أو غيرها).

٥ ـ اللتان ، واللّتين : للاثنتين (وتشدّد النون فيهما جوازا).

__________________

وإن كان خبرها جامدا ، أو ظرفا ؛ فتؤوّل بالكون ، نحو : بلغني أن هذا سعد (أي بلغني كونه سعدا) نحو : سرّني أنّك في المدرسة (أي سرني كونك في المدرسة).

 ـ الثالث : (ما) وهي نوعان :

أ ـ مصدريّة ظرفيّة للزمان ، وأكثر ما توصل بالماضي والمضارع المنفي بلم ، نحو : لا أصحبك ما دمت بخيلا (أي مدّة دوامك بخيلا).

ب ـ مصدرية غير ظرفية للزمان ، وتوصل بالماضي والمضارع المتصرّفين ، وبالجملة الاسمية ، نحو : عجبت ممّا استقمت ، أو ممّا تستقيم ، أو ممّا سليم شجاع.

ويقلّ وصلها بالجامد ، كخلا ، وعدا ويمتنع بالأمر.

 ـ الرابع : (كي) المجرورة لفظا أو تقديرا باللام ، وتوصل بالمضارع فقط ، نحو : اجتهدت لكي أنال نجاحا.

 ـ الخامس : (لو) وتوصل بالماضي والمضارع المتصرّفين ، نحو : وددت لو نجح ، ونحو : يحب المريض لو يبرأ ، ولا تقع غالبا إلا بعد ما يفهم التّمني مثل : ودّ ، وحبّ. وقد تقع بدونهما ، نحو : ما كان ضرّك لو أحسنت السلوك.

و (لو) ترادف (أن) معنى وسبكا ، وتخلص المضارع للاستقبال ، وتكون ما ما بعدها :

١ ـ إمّا فاعلا ، نحو : ما كان ضرك لو مننت أي منّك.

٢ ـ وإما مفعولا كقوله تعالى : (يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ).

٣ ـ وإما خبرا ، نحو : كان النجاح لو تأنيت.

 ـ السادس : (الذي) نحو : (وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خاضُوا).

(١) أو اسم ظاهر ، نحو : وأنت الذي في رحمة الله أطمع أي في رحمته.


٦ ـ اللاتي ، واللّواتي ، واللائي : للجمع المؤنّث مطلقا.

٧ ـ الألى : لجمع الذّكور والإناث ، نحو : جاءت التّلاميذ الألى ذهبوا ، والتلميذات الألى ذهبن.

والأسماء الموصولة المشتركة : هي الّتي تكون بلفظ واحد للجميع فيشترك فيها المفرد والمثنّى والجمع ، والمذكر والمؤنّث ، وهي ستّة ألفاظ : من ، وما ، وأي ، وذا ، وذو ، وأل.

١ ـ من : اسم موصول للعاقل ، نحو : اقبل عذر من اعتذر إليك.

٢ ـ وما : اسم موصول لغير العاقل ، نحو : اغفر لنا ما فرط منّا.

٣ ـ وأي : عامّة للعقلاء وغيرهم ، ومؤنّثها «أيّة».

وتبنى على الضمّ بشرط إضافتها إلى معرفة ، وحذف الضّمير الواقع صدر صلتها ، نحو : يسرّني أيّكم مؤدّب.

(هذا إذا لم توصل بفعل أو ظرف) ، نحو : أيّهم قام ، أو عندك ، وإلّا أعربت كما تعرب في المواضع الثّلاثة الآتية ، وهي :

أولا : إذا أضيفت وذكر صدر صلتها ، نحو : يسرّني أيّهم هو مؤدّب.

ثانيا : إذا لم تضف وذكر صدر صلتها ، نحو : يسرّني أيّ هو مؤدّب.

ثالثا : إذا لم تضف ولم يذكر صدر صلتها نحو : يسرّني أيّ مؤدّب. فلفظة «أيّ» ترفع وتنصب وتجرّ في تلك الأحوال الثلاثة حسب العوامل.

حكم (أي) الموصولية

أ ـ وجوب إضافتها إلى معرفة ، لشدّة توغّلها في الإبهام ؛ فاحتاجت إلى ما يفيدها تعريفا.

ب ـ وجوب أن يكون عاملها مستقبلا مقدّما عليها ، وأن تكون صلتها غير ماضية ؛ لأنها موضوعة للعموم والإبهام ؛ فكان المستقبل مناسبا لها ، والماضي منافيا. وإنّما أوجبوا تقديم العامل عليها للفرق بينها وبين «أي» الشّرطية ، والاستفهاميّة ، فإنّ عاملهما لا يكون إلّا مؤخّرا عنهما لوجوب تصدّرهما في أول الكلام.


٤ ـ وذا : للعاقل وغيره ، وتكون اسما موصولا إذا وقعت بعد (من وما) الاستفهاميتين ، غير مشار بها (١) ، ولا مركّبة مع إحداهما. نحو من لقيت ، وما ذا فعلت ، أي من الّذي لقيته ، وما الّذي فعلته.

٥ ـ ذو : تستعمل اسم موصول بمعنى الذي في لغة (بني طيّ) ولذلك يقال لها (ذو الطّائيّة) وهي للعاقل وغيره ، وتلزم البناء على الواو في جميع حالاتها ، وتبقى بلفظ واحد للجميع ، كقول سنان الطائي [الوافر] :

فإنّ الماء ماء أبي وجدّي

وبئري ذو حفرت وذو طويت

٦ ـ وأل : للعاقل وغيره ، وتكون اسما موصولا ، بشرط أن تكون ما دخلت عليه صفة صريحة (اسم فاعل ، أو اسم مفعول صريحين ، أو صيغة مبالغة) نحو : أقبل الشّاكر والمشكور والشّكور (فأل) في هذه الأمثلة الثلاثة بمعنى الّذي (٢).

افتقار الموصولات إلى «صلة» متأخّرة عنها

الصّلة : هي الجملة الّتي تذكر بعد الموصول لمعرفته وبيان معناه ؛ ويشترط فيها أن تكون خبريّة (٣) ، معروفة للسّامع (٤) ، مشتملة على ضمير يعود إلى الموصول يسمّى

__________________

(١) والضابط في جعل (ذا) إشارية أو موصولة ، هو أن ما بعدها إن كان اسما ، نحو : من ذا الرجل ، وما ذا العمل ، فهي إشارية ، لأن الاسم لا يصلح للصلة التي يشترط فيها أن تكون جملة أو شبهها. وإن كان الواقع بعدها فعلا فهي موصولة لأن الفعل صالح للصلة ، وغير صالح للإشارة.

(٢) فالمشتقات الواقعة بعد أل بمثابة جمل ، فأصل (الشاكر) أل شكر ، وأصل (المشكور) أل شكر ، وأصل (الشكور) أل يشكر كثيرا ، ثم عدل عن الفعل إلى الاسم لمشابهة (أل) هذه (لأل) التعريف.

واعلم أن حق (أل) أن يعلق الإعراب عليها كسائر الموصولات ، ولكنها لما امتزجت بالصفة صارت كجزء منها فسقط عنها حق الإعراب ؛ لأنه لا يكون في وسط الكلمة ، واستأثرت به الصفة فكان الإعراب لها.

(٣) وجوب كونها خبرية لأنها حكم على الموصول ، ولهذا اقتضى أن تكون خبرية لا إنشائية فلا تكون أمرا ولا نهيا. ولا تعجبية ، فلا يصح جاء الذي ما أحسنه ، ولا تكون مفتقرة إلى كلام قبلها ، فلا يصح جاء الذي لكنّه مسافر.

(٤) تكون معروفة للسامع إلّا في مقام التهويل والتفخيم فيحسن إبهامها كقوله تعالى : (فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ ما أَوْحى) (١٠).


(بالعائد) ولا يكون لها محلّ من الإعراب. وتقع الصلة جملة (فعليّة (١) ، أو اسميّة) نحو : لا تقل ما يذري بك ، والصّبر حيلة من لا حيلة له.

وتقع أيضا الصّلة شبه جملة (وهو الظّرف المكاني ، والجار والمجرور) التامّان (٢) ، نحو : عرفت الّذي عندك ، وقرأت ما في الكتاب.

والصّلة مع الموصول كالكلمة الواحدة. فلا يتبع الموصول ولا يخبر عنه. ولا يستثنى منه قبل استيفائه الصّلة الّتي لا تتقدّم هي ولا شيء منها عليه ، كما لا يتقدّم الجزء الثاني من الكلمة على الأوّل ولا يفصل بينهما إلّا بالقسم ، أو النّداء ، أو الجملة الاعتراضيّة ، نحو : هذا الّذي ، والله ، أو يا أخي ، أو هداك الله ، يقوم بالأمر.

ولا يجوز حذف شيء من صلة ، أو موصول ، إلّا ما علم منهما ، نحو : أمن يجتهد ويكسل سواء؟ أي ومن يكسل.

عائد الموصول

العائد : هو الضّمير الّذي يربط الصّلة بالموصول ، ويعود منها إليه لتحصل الفائدة ، بشرط أن يكون ضمير غيبة (٣) مطابقا لفظا ومعنى للموصول (في الإفراد والتّثنية والجمع ؛ والتّذكير والتّأنيث).

فتقول : جاء الّذي أكرمته ، والّتي أكرمتها ، واللّذان أكرمتهما والذين أكرمتهم ، واللّواتي أكرمتهنّ.

هذا في الموصول المختص ممّا يطابق لفظه معناه.

وأمّا الضمير العائد إلى (الموصول المشترك) (كمن وما) إذا قصد بهما غير

__________________

(١) وذلك في غير (أل) الموصول التي يجب أن تكون صلتها صفة صريحة (خالصة للوصفية) ، وقد توصل (أل) بالفعل المضارع نادرا كقوله [البسيط] :

ما أنت بالحكم الترضى حكومته

(٢) فإن لم يكونا تامين لم يصلح وقوعهما صلة. فلا يقال : جاء الذي اليوم ، ورأيت ما عنك ؛ لأن المراد بالصلة تكميل الموصول ، والناقص في نفسه لا يكمّل غيره.

(٣) إنما كان ضمير غيبة ليطابق الموصول لأنّه اسم ظاهر. والظواهر كلها من قبيل الغيبة ، غير أنه قد يعدل عنه إلى الحاضر إذا كان الموصول خبرا عن ضمير قبله لمتكلم أو مخاطب ، حملا على المعنى ، نحو : أنا الذي علمتك ، وأنت الذي حفظت.


المفرد المذكّر ، فيجوز فيهما حينئذ وجهان :

أ ـ مراعاة اللّفظ ، فيكون مفردا مذكرا مع الجميع ، وهو الأكثر ، نحو (وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ) [الأنعام : ٢٥].

ب ـ ومراعاة المعنى ، نحو : ومنهم من يستمعون إليك (١).

فإذا وقع التباس بمراعاة اللفظ وجبت مراعاة المعنى ، نحو : تصدّق على من سألتك ، ولا تقل من سألك ، ونحو : أكرم من زارك ، لا من زارتك.

الضّمير الّذي يعود إلى الموصول واجب ذكره ، وجائز حذفه :

أ ـ فيجب ذكره إذا لم يصلح الباقي بعد حذفه لأن يكون صلة سواء أكان ضمير رفع ، أم نصب ، أم جرّ.

ب ـ ويجوز حذفه إذا وقع في أوّل صلة طويلة (٢) (مرفوعا) على أنه مبتدأ مخبر عنه بمفرد (٣). وذلك بشرط طول الصّلة فتخفف بحذفه ، نحو : ما أنا بالّذي قائل لك

__________________

(١) وكذا يجري الوجهان في كل ما خالف لفظه معناه ، كأسماء الشرط والاستفهام ؛ إلّا (أل) الموصولة فيراعى معناها فقط لخفاء موصوليتها.

تنبيهات الأول ـ سبق أن «من» للعاقل ، ويجوز استعمالها لغير العاقل ، وذلك في ثلاث مسائل :

 ـ الأولى : أن ينزل منزلة العاقل نحو : (يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ) والمدعو الأصنام.

 ـ الثانية : أن يختلط مع العاقل فيغلّب عليه نحو : (يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ).

 ـ الثالثة : أن يجتمع معه في عموم سابق فصّل بمن نحو : (فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى أَرْبَعٍ).

الثاني ـ سبق أنّ «ما» لغير العاقل ، ويجوز استعمالها للعاقل ، وذلك متى اختلط بغير العاقل نحو : (يُسَبِّحُ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ).

الثالث : الموصول الخاص يستعمل للعاقل وغير العاقل ما عدا (جمعه) فإنه يستعمل للعاقل فقط. وأما غير العاقل فتستعمل له «التي» فتقول : الأشجار التي أثمرت زينت الحدائق.

(٢) وإذا لم تكن الصلة طويلة ووقع بعد الضمير المرفوع مفرد فيمتنع الحذف نحو : جاء الذي هو فاضل ؛ لعدم الحاجة إلى التخفيف بحذف الضمير.

واعلم أنه سبق أيضا جواز حذف الضمير المرفوع الواقع في صدر صلة (أي) الموصولة.

(٣) فلا يحذف في نحو : جاء اللذان سافرا أمس ، لأنّه غير مبتدأ. ولا يحذف في نحو : الذي هو يعطي الألوف ، ولا يحذف في نحو : يسرّني الذي هو في مدرسته ؛ لأن الخبر غير مفرد


سوءا ، (أي بالّذي هو قائل).

ج ـ ويجوز حذفه أيضا إذا كان (منصوبا متّصلا (١) بفعل تامّ (٢) أو بوصف تامّ ، غير صلة (أل) (٣) نحو : نشهد بما نعلم ، ونحو : الّذي أنا معطيك درهم ـ والأصل ـ نشهد بما نعلمه ـ والّذي أنا معطيكه درهم وذلك أيضا بشرط أن يصلح الباقي بعد الحذف لأن يكون صلة.

د ـ ويجوز حذفه أيضا إذا كان (مجرورا) بالمضاف الّذي يكون اسم فاعل (٤) (بمعنى الحال أو الاستقبال) ، نحو : جاء الذي أنا زائر «أي زائره» (٥).

وكذا يحذف الضّمير المجرور بالحرف المماثل (٦) للحرف الدّاخل على

__________________

فيهما.

فإذا حذف الضمير المفيد للتخصيص فات المقصود ، ولم يدل دليل على حذفه لأن الباقي بعد الحذف صالح لأن يكون صلة لأنه جملة أو شبهها. واعلم أنه كما يجوز حذف العائد يجوز أيضا حذف الصلة إذا دل عليها دليل ، كقول الشاعر [مجزوء الكامل] :

نحن الألى فاجمع جمو

عك ثم وجههم إلينا

أي نحن الألى عرفوا بالشجاعة ، بدليل ما بعده.

وكذا تحذف الصلة إذا قصد الإبهام ، ولم تكن صلة (أل) كقولهم : بعد اللّتيّا والّتي ، أي بعد الخطة التي من فظاعة شأنها كيت وكيت.

وهذا الحذف لإيهام أنها بلغت من الشدة مبلغا لا يمكن التعبير عنه.

وقد يحذف الموصول دون صلته ، كقول سيدنا حسان [الوافر] :

فمن يهجو رسول الله منكم

ويمدحه وينصره سواء

أي ومن يمدحه ، ومن ينصره.

(١) فلا حذف في نحو : جاء الذي إياه ضربت ؛ لكونه ضميرا منفصلا ، فيفوت بالحذف التخصيص المقصود من تقديم الضمير العائد.

(٢) وفلا حذف في نحو : جاء الذي كنته ، لكونه منصوبا بفعل ناقص.

وكذا نحو : جاء الذي إنه فاضل ؛ فإنه منصوب بغير فعل ، وأيضا لكونه : اسم (إنّ) وهي لا تستقل بدون اسمها.

(٣) ولا حذف في نحو : جاء الضاربه زيدا ؛ لأنه منصوب بوصف مقرون بأل ولو حذف لفات الدليل على اسمية (أل).

(٤) فلا حذف في نحو : جاء الذي علمه غزير ، لأنه مجرور بمضاف غير وصف.

(٥) فلا حذف في نحو : أقبل الذي أنا مكرمه أمس ، لأنه للماضي.

(٦) فلا حذف في نحو : جاء الذي مررت به ؛ لعدم جرّ الموصول بالباء.


الموصول ، واتّفق متعلّقا الحرفين لفظا (١) ومعنى (٢) ، نحو : مررت بالّذي مررت به.

وذلك أيضا بشرط أن يصلح الباقي بعد الحذف لأن يكون صلة.

أسئلة يطلب أجوبتها

كم قسما الأسماء الموصولة؟ ما هي الأسماء الموصولة الخاصة؟ ما هي الأسماء الموصولة المشتركة؟ ما هو حكم من وما؟ ما هو حكم أي؟ ما هو حكم ذا؟ ما هو حكم ذو؟ ما هو حكم أل؟ إلى أي شيء يحتاج الاسم الموصول؟ على أي شيء يجب أن تشتمل الصلة؟ ماذا يشترط في العائد؟ متى يذكر ويحذف العائد؟ ما الفرق بين الموصول الخاص والموصول المشترك؟ ما الفرق بين الموصول الاسمي والموصول الحرفي؟ كم عدد الموصول الحرفي؟ واذكر حكم كل منها.

تطبيق إعراب [الخفيف] :

ما مضى فات والمؤمّل غيب

ولك الساعة التي أنت فيها

الكلمة

إعرابها

ما

اسم موصول بمعنى الذي مبني على السكون في محل رفع مبتدأ.

مضى

فعل ماض مبني على الفتح المقدر للتعذر ، والفاعل مستتر جوازا تقديره هو يعود على ما. والجملة صلة الموصول لا محل لها من الإعراب.

فات

فعل ماض مبني على الفتح. والفاعل مستتر جوازا تقديره هو يعود على ما. والجملة من الفعل والفاعل في محل رفع خبر ما.

والمؤمّل

الواو حرف عطف. والمؤمّل مبتدأ مرفوع بالضمة

غيب

خبر المبتدأ مرفوع بالضمة

ولك

الواو حرف عطف. لك جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم

__________________

(١) فلا حذف في نحو : طمعت في الذي رغبت فيه ؛ لاختلاف اللفظ.

(٢) فلا حذف في نحو : رغبت في الذي رغبت عنه ؛ لاختلاف المعنى.


الكلمة

إعرابها

الساعة

مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة

التي

اسم موصول مبني على السكون في محل رفع صفة للساعة

أنت فيها

أنت مبتدأ مبني على الفتح في محل رفع. فيها جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر ، والجملة صلة الموصول لا محل لها من الإعراب

١ ـ تمرين

بيّن الموصول الخاص من الموصول المشترك.

أدّ الأمانة إلى من ائتمنك ، ولا تخن من خانك. إنّ صلاح الأمة بالأمهات اللّواتي يحسنّ تربية أولادهن ، وبالآباء الأولى يسهرون على تقويم أخلاقهم. لا تهمل الوصية التي أوصيتك باتباعها. ستعلم أيّ هذين الرجلين هو الصادق. إن القمار والمسكر هما الرذيلتان اللتان تقودان إلى أفظع الشررو.

[الخفيف]

إن من يدّعي ما ليس فيه

كذّبته شواهد الامتحان

(قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (١) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ (٢) وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ) (٣) [المؤمنون : ١ ـ ٣].

المبحث الثامن : في المعرّف بأل (١)

المعرّف «بأل» هو : اسم دخلت عليه «أل» فأفادته التّعريف نحو : القلم والكتاب.

وتنقسم «أل» إلى ثلاثة أنواع : أصليّة ، وزائدة ، وموصولة.

فالأصليّة هي : الّتي تفيد التّعريف ، نحو : الرّجل ، والمرأة.

والزّائدة هي : الّتي لا تفيده ، وهي نوعان : لازمة ، وغير لازمة.

__________________

(١) أل : إما أن تكون لتعريف الجنس وتسمى الجنسية ، وإما لتعريف قدر معهود منه ويقال لها : أل العهدية.


١ ـ فاللازمة تكون في ألفاظ مسموعة كالواقعة في الأسماء الموصولة ، نحو : الّذي ، والّتي ، وفي أيّام الأسبوع كالسّبت ، والإثنين ، وفي الآن ظرف زمان ، وفي بعض الأعلام المرتجلة الموضوعة من أوّل أمرها مقترنة بالألف واللام ، كاللات والعزّى (اسمي صنمين).

والسّموءل والحطيئة (اسمي رجلين).

٢ ـ وغير اللّازمة : هي الدّاخلة على بعض الأعلام المنقولة من أصل للمح (١) معنى ذلك الأصل فيها (أي للدلالة على أن المعنى الأصلي ملحوظ للمتكلم). وأكثر ما يكون ذلك في العلم المنقول عن المصدر كالفضل والحرث ، أو عن الصّفة كالقاسم والمنصور والعبّاس.

وقد تزاد أل في الحال والتّمييز ، نحو : ادخلوا الأوّل فالأوّل. ونحو. وطيت النّفس.

(فأل) في جميع ما ذكر زائدة ، لأنّ الموصولات وغيرها معارف بدونها ، وكذا الحال والتمييز يبقيان معها على تنكيرهما في المعنى.

والموصولة : هي الدّاخلة على اسم الفاعل ، والمفعول ، وأمثلة المبالغة ، نحو : جاء المنتصر ، وأكرمت المنصور ، أي الّذي انتصر ، والّذي نصر كما سبق ذكره في الموصولات.

__________________

(١) فيلاحظ في الحرث مثلا أنه سمي به تفاؤلا بأنه يعيش ويحرث. فتأتي بأل لملاحظة ذلك المعنى ، وإن لم تلاحظ ذلك لم تدخل عليه أل.

واعلم أن «أل» تكون لتعريف الجنس وتسمى أل الجنسية.

وتكون لتعريف قسم معهود منه ويقال لها : أل العهدية.

وتكون أل الجنسية : لاستغراق أفراد الجنس ، وهي ما تشمل جميع أفراده نحو : (وَخُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً) وعلامتها صحة حلول لفظ (كل) محلها.

أو لبيان الحقيقة ، نحو : الذهب أثمن من الفضة.

وتكون أل العهدية إما للعهد الحضوري ، وهي : ما كان مصحوبها حاضرا ، نحو : جئت اليوم ، أي اليوم الحاضر الذي نحن فيه ، وإما للعهد الذهني ، وهي : ما كان مصحوبها معهودا في الذهن ، نحو : حضر الأمير ، وإمّا للعهد الذكري ، وهي : الداخلة على لفظ سبق ذكره نكرة في خلال الكلام السابق ، نحو : (كَما أَرْسَلْنا إِلى فِرْعَوْنَ رَسُولاً) (فَعَصى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ) وقد استوفينا الكلام على (أل) في كتابنا «جواهر البلاغة» فارجع إليه إن شئت.


تعريف العدد

١ ـ إن كان العدد مركبا ، عرّف صدره ، مثل : أخذت السّبعة عشر كتابا ، وأكرمت الثّلاثة عشر رجلا.

٢ ـ وإن كان مضافا ، عرّف عجزه ، مثل : اختبار ثلاثة الأشهر الأولى.

٣ ـ وإن كان معطوفا ، عرّف الجزءان معا ، نحو : رأيت الألف والستة عشر جنديا.

المبحث التاسع : في ما بقي من المعارف

أ ـ المعرّف بالإضافة (١) هو : ما أضيف إلى إحدى المعارف السابقة إضافة معنويّة (٢) ، فاكتسب التّعريف منها ، نحو : قلمي ، قلم سليم ، كتاب هذا ، خطاب الّذي كان معنا بالأمس ، قلم الكاتب ، كتاب ربّ العالمين.

ب ـ المعرّف بالنّداء هو : نكرة قصدت بالنّداء ، نحو : يا مسافر أسرع ويا أستاذ احترس (٣)

المرفوعات من الأسماء

المرفوعات عشرة ، وهي : الفاعل ، ونائب الفاعل ، والمبتدأ وخبره ، واسم كان وأخواتها ، واسم أفعال المقاربة ، واسم الحروف المشبّهة بليس ، وخبر إنّ وأخواتها ، وخبر لا الّتي لنفي الجنس ، والتّابع للمرفوع «من نعت ، وعطف ، وتوكيد وبدل».

__________________

(١ و ٢) ما لم يكن وصفا ، والمضاف إليه معموله ، نحو ضارب زيد ، ومحمود السيرة ؛ فلا يتعرّف بالإضافة اللفظية إلى المعرفة.

وأيضا ما لم يكن متوغلا في الإبهام نحو : شبه ، ومثل ، وغير ، وسوى. فلا يتعرف أيضا بالإضافة إلى المعرفة.

وأما المضاف إلى نكرة فلا يتعرف بالإضافة أصلا كصاحب فضل.

(٣) وغير ذلك من كل نكرة قصد بها معين ، بخلاف ما لم يقصد بها معين فإنها تبقى على تنكيرها ، نحو : يا رجلا ، ويا غلاما (لأيّ رجل وغلام) وبخلاف نحو يا سعد ، ويا هذا ، ويا من إليه المشتكى ؛ فليست معرفة بالنداء ، بل الأول معرفة بالعملية ، والثاني بالإشارة ، والثالث بالصلة.


الباب الثالث : في الفاعل

الفاعل هو : الاسم المرفوع (١) المسند إليه فعل معلوم (٢) تام (٣) أو شبهه (٤) ، مذكور قبله (٥) ، ودلّ على من فعل الفعل ، أو قام به (٦) ، نحو : طلعت الشمس ساطعا نورها ، ونحو : مختلف ألوانه ، ونحو : أفلح الصّائب رأيه ، ونحو : أحسن الكريم عنصره

في هذا الباب مباحث

المبحث الأول

يكون الفاعل ظاهرا ، أو ضميرا ؛ ومفردا ، أو مثنى ، أو جمعا ؛ ومذكّرا ، أو مؤنثا ، نحو : لقد علم التّلميذ ، والتلميذان ، والتّلاميذ ، والمعلّمون ، والمعلّمات ، أنّ حياة العلم مذاكرته.

فإذا كان الفاعل الظّاهر (مثنّى أو مجموعا جمعا سالما) ، لا تلحق فعله علامة التّثنية ولا علامة الجمع (٧) ويجري الفعل مع الفاعل (المثنى أو المجموع) كما يجري

__________________

(١) وقد يجرّ لفظا بإضافة المصدر ، نحو : (وَلَوْ لا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ) أو يجرّ بلفظ من ، أو الباء ، أو اللام الزوائد نحو : (ما جاءَنا مِنْ بَشِيرٍ) (وَكَفى بِاللهِ شَهِيداً) (هَيْهاتَ هَيْهاتَ لِما تُوعَدُونَ) (٣٦).

(٢) لأن مرفوع المجهول يسمّى نائب فاعل.

(٣) لأن مرفوع الأفعال الناقصة يسمى اسما لها لا فاعلا.

(٤) المراد بشبه الفعل : المصدر ، واسم الفاعل ، واسم التفضيل ، والصفة المشبهة ، وأمثلة المبالغة ، وما تضمّن معنى الفعل هو اسم الفعل نحو : (وَلَوْ لا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ) المدرسة ناجح تلاميذها. المدينة نظيفة شوارعها. لم أر تلميذا أجدر به الثناء من صاحب الاجتهاد ، والفاعل كما يكون صريحا نحو : (تَبارَكَ اللهُ) يكون مؤوّلا ، نحو : يسرّني أن تنجح ، أي نجاحك.

(٥) فإذا تقدم الفاعل على فعله خرج عن كونه فاعلا إلى وجوب كونه مبتدأ ولزم تقدير الفاعل ضميرا مستترا ، نحو : الأمير حضر ، وتكون حينئذ الجملة اسمية.

واعلم أن الأصل في الفاعل ذكره لتوقّف معنى العامل عليه ، وقد يحذف إذا كان عامله مصدرا ، نحو : تعليم هذا التلميذ مفيد أي تعليم الأستاذ إيّاه.

(٦) مثال من فعل الفعل : ضرب سليم خليلا ، ومثال من وقع عليه الفعل : مات سعد.

(٧) إنما التزموا إفراد العامل مع الفاعل المثنى والجمع لئلا يكون قد أسند إلى الضمير ، ثم إلى الظاهر ، فيكون له فاعلان. وهو ممتنع ، وأما ما ورد على خلاف ذلك نحو : (وَأَسَرُّوا النَّجْوَى


مع (المفرد) ؛ «لأنّ الفعل لا يسند إلّا إلى فاعل واحد» ، فيقال : اصطلح الخصمان ، لا اصطلحا ، ويقال (أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ) [المؤمنون : ١] لا أفلحوا ، وإذا كان الفاعل مؤنّثا لحقت عامله تاء التّأنيث :

 ـ «ساكنة» في آخر الماضي ، نحو : حضرت سعاد.

 ـ و «متحركة» في أوّل المضارع ، وفي آخر الصّفة ، نحو : تقوم ليلى ، ونحو :

سليم مؤدّبة ابنته.

ولحوق تاء التّأنيث بالعامل منه : واجب ، ومنه جائز.

وجوب تأنيث العامل في أربعة مواضع

 ـ أوّلا : إذا كان الفاعل ضميرا متّصلا يعود على مؤنّث حقيقي التّأنيث ، أو مجازيّة ، نحو : سعاد حضرت ، والنّار اشتعلت (١).

 ـ ثانيا : إذا كان الفاعل اسما ظاهرا مؤنثا حقيقّا متّصلا بفعله المتصرّف ، نحو :

تعلّمت الفتاة ، وتنوح الحمامة.

 ـ ثالثا : إذا كان الفاعل ضميرا مستترا (٢) يعود إلى جمع تكسير لمؤنّث ، أو إلى جمع المؤنّث السّالم نحو : الفواطم أو الفاطمات فرحت أو فرحن.

 ـ رابعا : إذا كان الفاعل ضميرا عائدا إلى جمع تكسير لمذكر غير عاقل ، نحو : الأيّام بك ابتهجت.

جواز تأنيث العامل في خمسة مواضع

١ ـ إذا فصل الفاعل الظّاهر الحقيقيّ التّأنيث عن عامله بغير «إلّا وغير ،

__________________

الَّذِينَ ظَلَمُوا) فعلى تأويل إبدال الظاهر من الضمير ، أو على أن الظاهر مبتدأ مؤخر ، أو على أن ما يتصل بالحرف حروف تدلّ على التثنية والجمع لا ضمائر. وهي لغة ضعيفة لبعض العرب يعبّرون عنها بلغة : أكلوني البراغيث.

(١) كما أنه يجب الإلحاق بالتاء للمؤنث الذي لم يتميز مذكره من مؤنثه ، نحو : نملة «وإن أريد به مذكر» والعكس في المجرد من علامة التأنيث كبرغوث فيذكر ويجرّد عامله من تاء التأنيث «وإن أريد به مؤنّث».

(٢) أما إذا كان الضمير بارزا فلا يؤتى بتاء التأنيث ، نحو : هند ما قام إلّا هي وإنما قام هي.


وسوى» ، نحو : حضر ، أو حضرت اليوم فتاة (١).

٢ ـ إذا كان الفاعل ظاهرا مجازيّ التّأنيث ، نحو : طلع أو طلعت الشّمس (٢).

٣ ـ إذا كان الفاعل ضمير جمع مكسّر عاقل ، نحو : التلاميذ اجتهدت ، أو اجتهدوا.

٤ ـ إذا كان الفاعل جمع تكسير لمذكّر أو لمؤنّث أو اسم جمع ، أو شبه جمع ، نحو : جاء ، أو جاءت العلماء ، وقامت ، أو قام الجواري وحضر ، أو حضرت النّساء ؛ وأورق أو أورقت الشّجر (٣).

٥ ـ إذا وقع الفاعل المؤنث بعد فعل جامد (٤) ، نحو : نعم ، أو نعمت الفتاة سعاد وبئس أو بئست المرأة هند ، وساء أو ساءت التلميذة سلوكها.

وإثبات التّاء في كلّ ذلك أولى ، لأنّه الأصل ولا مقتضى للعدول عنه.

امتناع تأنيث العامل في ثلاثة مواضع

يمتنع التّأنيث إذا كان الفاعل مفصولا بإلّا ، نحو : ما حضر إلّا سعاد أو كان مؤنثا لفظا مذكرا معنى كطلحة ، أو كان جمع مذكر سالما.

المبحث الثاني في رتبة الفاعل مع الفعل والمفعول

الأصل في الفاعل أن يلي الفعل متصلا به فيقدّم وجوبا على المفعول به.

__________________

(١) فالتأنيث على مقتضى الظاهر. والتذكير لبعد الفاعل عن فعله (بالفاصل) بحيث ضعف استدعاؤه للعلامة. واعلم أنه إذا كان الفاصل إلّا ، أو غير ، أو سوى فالجمهور على عدم ـ إثبات التاء ، نحو : ما قام إلّا هند ؛ وذلك باعتبار المعنى ، لأن الفاعل في الحقيقية مذكّر محذوف ، والاسم المذكور بدل منه ، والتقدير ما قام أحد إلّا هند.

(٢) فالتأنيث على اعتبار اللفظ ، والتذكير باعتبار أن الفاعل غير مؤنّث حقيقة.

(٣) التأنيث في هذه الأنواع على التأويل بالجماعة ، والتذكير على التأويل بالجمع.

(٤) التأنيث على إجراء الفعل الجامد مجرى المشتق ، والتذكير على اعتبار الجمود فيه ولكنّ التأنيث في باب نعم وبئس وما جرى مجراهما أجود من التذكير.

واعلم أنه يجوز حذف عامل الفاعل لدليل ، نحو : عليّ في جواب ، من حضر؟ ويجب حذف العامل أيضا إذا وقع بعد أداة شرط ، نحو : إذا السماء انشقت.

وقد يحذف الفاعل وعامله معا نحو : نعم ، في جواب من قال : هل نجح خليل؟ أي نعم نجح خليل. واعلم أيضا أن الفاعل لا يكون جملة.


يتقدم الفاعل على المفعول في ثلاثة مواضع

 ـ أوّلا : إذا خفي إعرابهما لعدم وجود قرينة تعيّن أحدهما من الآخر ، نحو : أهان أبي عمّي.

 ـ ثانيا : إذا كان الفاعل ضميرا متّصلا ، نحو : أحببت الوطن.

 ـ ثالثا : إذا كان المفعول محصورا ، نحو : ما فهم أحد إلّا سليما.

وقد يعدل عن التّحفّظ بهذا الأصل : فيذكر أوّلا الفعل.

ثم يقدّم المفعول ، ويؤخّر الفاعل ، إمّا وجوبا وإمّا جوازا.

يقدم المفعول على الفاعل وجوبا في ثلاثة مواضع :

 ـ أوّلا : إذا كان الفاعل محصورا بإنّما ، نحو : إنّما هذّب الناس الدّين القويم ، أو محصورا بإلّا ، نحو : ما هذّب الناس إلّا الدّين القويم.

 ـ ثانيا : إذا كان المفعول ضميرا متّصلا ، والفاعل اسما ضاهرا ، نحو : كافأني الأمير.

 ـ ثالثا : إذا اتّصل بالفاعل ضمير يعود إلى المفعول ، نحو : كافأ التلميذ معلّمه ، ونحو : كلّم عليّا صاحبه.

واعلم أنّه يقدّم المفعول على الفاعل جوازا عند وجود قرينة (معنوية) ، نحو : فهم المعنى موسى ، وأضنت سعدى الحمّى. أو قرينة لفظية ، نحو : ضرب أخاك الأمير ، غير أنّ حفظ التّرتيب أولى.

يقدم المفعول على الفعل والفاعل وجوبا في ثلاثة مواضع.

 ـ الأوّل : إذا كان للمفعول صدر الكلام ، نحو (فَأَيَّ آياتِ اللهِ تُنْكِرُونَ) [غافر : ٨١] ونحو : من رأيت؟ وكم كتابا قرأت؟

 ـ الثاني : إذا كان المفعول به ضميرا منفصلا مرادا به التّخصيص ، نحو (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) (٥) [الفاتحة : ٥].

 ـ الثالث : إذا وقع فعل المفعول به بعد فاء الجزاء ، وليس للفعل مفعول آخر مقدّم ، نحو (وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ) (٣) [المدثر : ٣] ونحو (فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ) (٩) [الضحى : ٩].


أجب عن الأسئلة الآتية

ما هو الفاعل؟ هل يكون فعل بدون فاعل؟ ما هو حكم الفعل إذا كان الفاعل مثنى أو مجموعا؟ ما هو حكم الفعل إذا كان الفاعل مؤنثا؟ ما هي مرتبة الفاعل مع الفعل والمفعول؟ ما هي مواضع وجوب تأنيث الفعل للفاعل؟ وما هي مواضع جواز التأنيث؟ اذكر مواضع تقديم المفعول على الفاعل وجوبا وجوازا.

اذكر مواضع تقديم المفعول على الفعل والفاعل معا.

تطبيق

بيّن الفاعل المذكر والمؤنّث وأسباب تقديم الفاعل على المفعول وبالعكس.

الحيّة لا تلد إلّا حيّة. ابتلى أيّوب ربّه (إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ) [فاطر : ٢٨] كفى بحديثك العذب مداويا لعللي [البسيط] :

ليس الحياة بأنفاس نردّدها

إنّ الحياة حياة الفكر والعمل

تجوع الحرّة ولا تأكل بثدييها. يتفاضل الناس بالعلوم والعقول لا بالأموال والأصول. لا يزيد عرا المودّة إلّا الجميل [الكامل] :

يا من تنام قريرة أجفانه

رفقا بصبّ فيك ساه ساهر

ساء ما تصنعون. وبئس ما تفعلون. كفى بالعلم حلية [البسيط] :

تعلّم العلم واعمل يا أخيّ به

فالعلم زين لمن بالعلم قد عملا

[الكامل] :

وإذا رأيت من الهلال نموّه

أيقنت أن سيكون بدرا كاملا

المبحث الثاني : في نائب الفاعل

نائب الفاعل : اسم مرفوع تقدّمه فعل تامّ متصرّف مبنيّ للمجهول (١) أو شبهه ،

__________________

(١) لا بد عند بناء الفعل للمجهول من تغيير صورته ، فإن كان ماضيا كسر ما قبل آخره ، وضمّ كلّ متحرك قبله نحو : حفظ الدرس ، وتعلّم الحساب ، واستخرج المعدن. وإن كان


وحلّ محلّ الفاعل بعد حذفه ، نحو (وَخُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً) [النساء : ٢٨] ونحو : يشكر المحمود فعله.

ويحذف الفاعل لأغراض كثيرة ، منها : لفظيّة ، ومنها : معنويّة فمن الأغراض اللّفظيّة ، والإيجاز ، نحو : نظر في الأمر.

والمحافظة على تناسب الفواصل ، نحو : من طابت سريرته حمدت سيرته.

ومن الأغراض المعنويّة شهرة الفاعل فيكون ذكره حينئذ عبثا ، نحو (وَخُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً) [النساء : ٢٨].

أو الجهل به فلا يمكن تعيينه ، أو الرّغبة في إخفائه على السّامعين ، نحو : سرق البيت.

ومتى حذف الفاعل وناب عنه نائبه فلا يجوز إلحاقه بما يدلّ عليه ، فلا يقال : عوقب الكسلان من المعلّم ، لأنّ الفاعل يحذف لغرض من الأغراض السّابقة. فذكره ، أو ذكر ما يدلّ عليه في ما بعد مناف لذلك.

وتجري جميع أحكام الفاعل والفعل المعلوم على نائب الفاعل ، والفعل المجهول.

وتسمّى الجملة المركّبة من الفعل وفاعله ، أو نائب فاعله «جملة فعليّة».

__________________

مضارعا فتح ما قبل آخره وضم أوله ، نحو : يحفظ الدرس ، ويتعلّم الحساب ، ويستخرج المعدن.

المجهول يختص بالفعل المتعدّي بنفسه ، أو بالواسطة ، نحو : مرّ بزيد. ولا يأتي من اللازم ، إذ لا مفعول له فيسند إليه ، ولا يكون من المجهول أمر ، بل ماض ومضارع لا غير. وقد يبنى الفعل اللازم للمجهول إذا كانت نائب فاعله ظرفا أو مصدرا أو جارا ومجرورا نحو : أجتمع اليوم ، وأحتفل احتفال عظيم ، وفرح بحضورك.

فإن كان ما قبل آخر الماضي ألفا قلبت ياء وكسر ما قبلها ، نحو : قيل ، واختير مجهول : قال ، واختار.

وإن كان ما قبل آخر المضارع مدّا قلب ألفا ، نحو : يقال ويباع مجهول يقول ، ويبيع.

وحكم النائب حكم الفاعل في رفعه ، وفي وجوب التأخير عن فعله المتصرف وفي إفراد فعله إذا كان النائب مثنى أو مجموعا. وفي تأنيث الفعل إذا كان النائب مؤنثا ، وفي كونه واحدا. ولا يكون جملة ، وغير ذلك من الأحكام التي تقدمت للفاعل.


ينوب عن الفاعل واحد من الأربعة الآتية

الأول : المفعول به : وهو الأصل المقدّم على غيره في النّيابة عن الفاعل (١) ، وهو : إمّا أن يكون واحدا ، وإمّا أن يكون متعدّدا فإن كان المفعول به واحدا ، أقيم هو نائبا عن الفاعل ، نحو : قضي الأمر وإن كان متعدّدا ، أنيب الأوّل وبقي ما يليه منصوبا على حاله ، نحو : أعطي المخترع مكافأة ، ووجد الخبر صحيحا ، وأعلم المستفهم الأمر واقعا ، وأخبر الأمير الأمن سائدا ، ووجد الرّأي صوابا.

 ـ الثاني : المصدر : ينوب عن الفاعل بعد حذفه بشرط أن يكون متصرّفا (٢) مختصّا يصحّ الإسناد إليه ، نحو : كتبت كتابة حسنة.

فلا ينوب المصدر الملازم النّصب ، نحو : معاذ ، وسبحان.

 ـ الثالث : الظّرف : ينوب عن الفاعل بعد حذفه بشرط أن يكون متصرّفا مختصّا ، كالمصدر ، نحو : صيم رمضان ، وسهرت اللّيلة.

فلا ينوب ، نحو : معك ، وعندك ؛ لأنّهما لا يفارقان النّصب ولا نحو : زمان ، ومكان ؛ لعدم الفائدة.

الرابع : جارّ مع مجرور (٣) : ينوب عن الفاعل بعد حذفه بشرط أن يكون مختصّا

__________________

(١) فلا يجوز أن ينوب عن الفاعل غير المفعول به إذا وجد ؛ لأن الفعل أشد طلبا له من سواه ، فيقال : ضرب خليل يوم الجمعة ضربا شديدا في داره وقد تجوز نيابة المفعول الثاني في باب أعطى عند أمن الالتباس.

وإذا لم يكن للفعل مفعول به وأريد بناؤه للمجهول فينوب عن الفاعل في مثل ذلك المصدر ، والظرف مكانا أو زمانا ، والمجرور بالحرف ، بشرط أن يكون كل منها صالحا للنيابة. وإذا فقد المفعول به من الكلام جاز نيابة كل من المجرور والمصدر والظرف على السواء من غير أولوية لأحدها ، ولا يكون نائب الفاعل إلا واحدا كالفاعل.

(٢) المراد بالمتصرف عدم الالتزام لحالة واحدة في الاستعمال : فلا ينوب مثل : سبحان ، ومعاذ لملازمتهما المصدرية ، ولا مثل : لدى ، وإذ لملازمتهما الظرفية ويختص المصدر بالوصف نحو : فهم فهم عظيم ، ويختص الظرف بالوصف نحو : صيم يوم كامل ، أو بالإضافة نحو : صيم يوم الخميس ، أو بالعلمية نحو : صيم رمضان.

(٣) يشترط عدم لزوم الجار طريقة واحدة في الاستعمال : كمنذ ورب وحروف الاستثناء ، لاختصاص الأول بالإيجاب ، والثاني بالنكرة ، والثالث بالمستثنى. ويشترط في المجرور بالحرف حتى يصلح للنيابة عدم كونه مجرورا بحرف دال على التعليل. فإذا قلت : يخاف


بإضافة ، أو صفة ، نحو : نظر في حاجتك ونحو : تكلّم في أمر هامّ لك اليوم.

وإذا كان المجرور مؤنّثا فلا تلحق فعله علامة التّأنيث ، فتقول : مرّ بهند لا مرّت لأنه لم يسند إليه صريحا.

ويجوز تقديم المجرور على فعله باقيا على نيابته له ، فتقول : «بهند مرّ».

أجب عن الأسئلة الآتية

ما هو نائب الفاعل؟ وما الذي ينوب عن الفاعل بعد حذفه؟ ما هي أحكام نائب الفاعل؟ ما هي الأسباب التي تقتضي بحذف الفاعل؟ متى يصح إنابة المصدر والظرف والمجرور بالحرف عن الفاعل؟ ما معنى كون الظرف والمصدر متصرفين مختصين؟

تطبيق : بيّن أنواع نائب الفاعل

يصاب الفتى من عثرة بلسانه. يكرم المرء لآدابه ولا يكرم لثيابه. إنّما يكرم المرء بأعماله. إن لم يكن موفورا مالك فلتكن محمودة أعمالك. قالت الحكماء : كلّ نعمة يحسد عليها إلّا التّواضع. جبل النّاس على ذم زمانهم. لو كانت العقول تناسب الأجسام للزمك أن تقول إنّ الفيل أعقل الحيوان ، ولما أمكن الغلام أن يقود الجمال. لا تظلم كما لا تحبّ أن تظلم. قد يدرك باللين ما لا يدرك بالعنف. أسّست الاسكندرية سنة ٣٣٢ قبل الميلاد. والقاهرة أسّست سنة ٣٥٩ هجرية. لم يأت على (بابل) القرن الخامس إلّا كانت قد هدمت أسوارها ودرست معالمها وعفيت قصورها وهياكلها. السّعيد من وعظ بغيره. كفى بالمرء سعادة أن يوثق به في دنياه ودينه.

__________________

من بأسك يكون نائب الفاعل ضميرا مستترا في يخاف عائد إلى المصدر ، ولا يكون المجرور نائب فاعل لأنه جرّ بحرف دال على التعليل.

واعلم أنه بالبحث في كتب اللغة وجدت أفعال تستعمل على صورة المبني للمجهول منها : جنّ فلان ، بهت الذي كفر ، طلّ دمه أي اهدر ، أولع باللهو ، عني بالمسألة أي اعتنى بها ، زهي علينا أي تكبّر حمّ ، زكم ، وعك ، فلج ، سقط في يده أي ندم غمّ الهلال ، أغمي على المريض. أمتقع أو أنتقع لونه ، أرهصت الدابّة أي أصيب حافرها وسلج فؤاده : ذهب خوفه ، وهذا روعه.


الباب الرابع : في المبتدأ والخبر

المبتدأ : هو الاسم الصّريح ، أو المؤوّل به (١) ، المجرّد من العوامل اللّفظيّة ، غير الزائدة وشبهها (٢) ، مخبرا عنه (٣) أو وصفا رافعا لمستغنى به. والخبر : هو الجزء المنتظم منه مع المبتدإ جملة مفيدة ، نحو : الله واحد. وارتفاع المبتدأ بالابتداء ، وهو عامل معنويّ. وارتفاع الخبر بالمبتدأ ، وهو عامل لفظيّ.

(في هذا الباب مباحث)

المبحث الأول : في تعريف المبتدأ وتنكيره

الأصل في المبتدأ : أن يكون معرفة «لأنّه محكوم عليه» ؛ والمحكوم عليه يجب أن يكون معلوما ليكون الحكم مفيدا ، وذلك لأنّ الإخبار عن المجهول لا يفيد ، لتحيّر السّامع فيه ، فينفر عن الإصغاء إليه.

فإن أفادت النّكرة جاز الابتداء بها ، وذلك إذا دلّت على عموم ، أو دلّت على خصوص.

أمّا اختصاصها ، فيقرّبها من المعرفة.

وأمّا عمومها ، فيستغرق كلّ أفراد الجنس (لا فرد واحد منه) فتشبه المعرّف بأل الجنسيّة.

تخصيص النكرة التي يصح الابتداء بها بالمسوّغات الآتية (٤)

١ ـ الوصف لفظا ، نحو : عدوّ عاقل خبر من صديق جاهل أو الوصف تقديرا ،

__________________

(١) المبتدأ المؤول ، نحو : (وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ) أي وصومكم خير لكم.

(٢) الزائدة وشبهها لا عبرة بها فمن والباء في نحو : (هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللهِ) وفي نحو : بحسبك درهم ، كعدمها ، فلا يعتدّ بها لأن الزائد في حكم الساقط ؛ فيكون المبتدأ في تلك الحالة مجرورا لفظا ، مرفوعا تقديرا.

(٣) فالمبتدأ نوعان : مبتدأ له خبر كالمثال المذكور ، ومبتدأ له مرفوع يغني عن الخبر ، كما إذا كان المبتدأ وصفا رافعا لاسم ظاهر ، أو لضمير منفصل يتم الكلام بكل منهما ، بشرط أن يكون مسبوقا ذلك الوصف بنفي حرفيّ ، أو فعليّ ، أو اسميّ ، نحو : أحافظ أنت درسك؟

أصائم أنتما؟ أفاهم أنتم؟ وسيأتي بيانه.

(٤) وقد ذكروا للابتداء بالنكرة مسوغات أخرى كثيرة ، أهمها :


نحو : ويل أهون من ويلين ، أي ويل واحد.

٢ ـ الإضافة لفظا ، نحو : حلية الأدب خير حلية أو الإضافة معنى ، نحو : كلّ يموت ، أي كلّ أحد.

٣ ـ التّصغير ، نحو : كتيّب هذّب أخلاقي ، أي كتاب صغير.

تعميم النكرة التي يصح الابتداء بها

 بالمسوّغات الآتية

١ ـ إذا كانت اسم شرط ، من سلّ سيف البغي قتل به.

٢ ـ إذا كانت اسم استفهام ، نحو : من فعل هذا؟ وما عندك؟.

٣ ـ إذا وقعت بعد استفهام أو نفي ، نحو : هل عود يفوح بلا دخان ، ونحو : ما خلّ لنا.

٤ ـ إذا وقعت بعد ربّ ، نحو : ربّ عذر أقبح من ذنب.

٥ ـ إذا وقعت بعد (كم الخبريّة) ، نحو : كم نصيحة بذلناها.

٦ ـ إذا وقعت بعد فاء الجزاء ، نحو : إن ذهب عير فعير في الرّباط.

__________________

١ ـ إذا وقعت النكرة بعد ظرف أو مجرور بالحرف تامّين نحو : (وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ) ولكل عالم هفوة (وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ).

٢ ـ إذا كانت دعاء ، نحو : (سلام لكم ،) وويل للظالمين.

٣ ـ إذا وقعت في صدر جملة حالية نحو : سرنا ونجم قد أضاء.

٤ ـ إذا وقعت بعد إذا الفجائية ، نحو : نظرت فإذا نار تلتهم القصر.

٥ ـ إذا وقعت بعد لو لا ، نحو : لو لا اجتهاد لساد الناس كلهم.

٦ ـ إذا أريد بالنكرة التنويع ، نحو : فيوم علينا ، ويوم لنا.

٧ ـ إذا كانت خلفا من موصوف ، نحو : عالم خير من جاهل ، أي رجل عالم.

٨ ـ إذا عطف عليها معرفة أو نكرة مخصّصة ، نحو : تلميذ وخليل يتعلّمان.

٩ ـ إذا كانت النكرة عاملة الجر ، أو النصب ، نحو : إغاثة ملهوف كفّارة ونحو : مكرم خليلا حاضر.

١٠ ـ إذا دخل على النكرة لام الابتداء ، نحو : لرجل قائم.

١١ ـ إذا كانت النكرة في معنى التعجب نحو : ما أحسن الصّدق! وأكثر هذه المسوغات يرجع إلى العموم والخصوص كما سبق شرحه.


ومدار الأمر كلّه على حصول الفائدة.

تمرين

ما الذي أجاز الابتداء بالنكرة؟

قناعة بالقليل خير من تعرّض للمخاطر. لكلّ داء دواء يستطبّ به. شرّ أهرّ ذا ناب. لكلّ ساقطة لاقطة. مجلس علم خير من عبادة شهر. صلح والصّلح خير. لكلّ عالم هفوة. قليل يكفي خير من كثير يطغي. كلّ يعمل على شاكلته. كلّ معروض مهان. يوم للعالم خير من الحياة كلّها للجاهل. نهي عن منكر صدقة ، ويل للمرائين.

ومن عجيب والعجائب جمّة

أن يلهج الأعمى بعيب الأعور

ربّ أمر يسوء ثم يسرّ

وكذاك الزّمان حلو ومرّ

فيوم علينا ويوم لنا

ويوم نساء ويوم نسرّ

المبحث الثاني : في مرتبة المبتدأ والخبر

الأصل في المبتدأ «التّقديم» لأنه محكوم عليه.

والأصل في الخبر «التّأخير» لأنّه المحكوم به.

والمحكوم عليه يجب أن يكون موجودا قبل الحكم ، ولهذا.

يتقدم المبتدأ على الخبر وجوبا

في أربعة مواضع

 ـ أوّلا : إذا كان المبتدأ من الألفاظ الّتي لها الصّدارة ، وهي أسماء الاستفهام ، والشّرط ، وما التّعجّبيّة ، وكم الخبريّة ، وضمير الشّأن ، والمقترن بلام الابتداء ، والموصول الذي اقترن خبره بالفاء.

نحو : من بالباب؟ ولسعد زعيم ، وما أحسن الأدب! ومن يطلب يجد ، وكم


عبيد لي ، ونحو : ألّذي ينجح أوّل التّلاميذ فله جائزة.

 ـ ثانيا : إذا كان المبتدأ مقصورا على الخبر ، نحو : إنّما الحديد صلب.

 ـ ثالثا : إذا كان خبر المبتدأ جملة فاعلها ضمير مستتر يعود على المبتدأ ، نحو : ألحقّ يعلو ، والإحسان يسترقّ الإنسان.

 ـ رابعا : إذا كان المبتدأ والخبر معرفتين (١) أو نكرتين متساويتين في التّخصّص والتّعريف ، ولا قرينة تبيّن المراد ، نحو : كتابي رفيقي.

ونحو : أكبر منك سنّا أكثر منك تجربة.

ويتقدم الخبر على المبتدأ وجوبا

في أربعة مواضع

 ـ أوّلا : إذا كان الخبر من الألفاظ الّتي لها الصّدارة ، نحو : أين كتابك؟ ونحو : متى الامتحان؟ ونحو : كيف الخلاص؟

 ـ ثانيا : إذا كان الخبر مقصورا على المبتدأ ، نحو : ما عادل إلّا ربّي.

 ـ ثالثا : إذا كان الخبر ظرفا أو جارا ومجرورا ، والمبتدأ نكرة لا مسوّغ لها ، نحو : عندك أدب ، ونحو : للقادم دهشة.

 ـ رابعا : إذا عاد على بعض الخبر ضمير في المبتدأ ، نحو : للعامل جزاء عمله ،

__________________

(١) إذا كان كل من المبتدأ والخبر معرفتين ، نحو : الصادقون هم المفلحون ، فيؤتى بضمير الفصل بين ذلك المبتدأ والخبر لتمييز الخبر من التابع ، نحو : أخوك هو العالم فلو لا وجود «هو» الفاصل بين المبتدأ والخبر لظنّ السامع أنّ العالم صفة لأخوك فيبقى منتظرا للخبر فلما جيء بضمير الفصل تعيّنت الخبريّة.

وحكمه أن يتصرّف في التذكير والتأنيث حسب ما قبله ، ويسمّى هذا الضمير ضمير الفصل ، أو العماد : وهو ضمير رفع منفصل لا محل له من الإعراب لأنه إنما يؤتى به لمجرد الفصل دون الإسناد ، ولا يغيّر حكم الخبر المنصوب بالناسخ فيبقى على نصبه ، نحو : كنت أنت الرقيب.

وقد ظهر أن ضمير الفصل يؤتى به لتمييز الخبر عن التابع ، ولفائدة قصر المسند على المسند إليه ، حتى إذا كان القصر حاصلا بدون ضمير الفصل كان الضمير للتوكيد نحو : (إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ).


وفي المدرسة تلاميذها.

وإذا لم يكن ما يوجب تقديم المبتدأ ولا تأخيره ، يجوز تقديم الخبر ، نحو :حاضر والدي.

المبحث الثالث : في ذكر المبتدأ وحذفه

الأصل في المبتدأ أن يكون مذكورا لأجل أن يكون الحكم مفيدا ، لكنه قد يحذف : وجوبا ، وجوازا.

يحذف المبتدأ وجوبا في خمسة مواضع

 ـ أوّلا : إذا كان خبر المبتدأ مخصوص نعم ، وبئس ، مؤخّرا عنهما ، نحو : نعم الفاتح صلاح الدّين. بئس الخلق خلف الوعد.

 ـ ثانيا : إذا كان خبر المبتدأ نعتا مقطوعا عن متبوعه. للمدح أو للذّم ، أو للتّرحّم ، نحو : رحم الله عمر العادل ، (أي هو العادل).

ونحو : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، (أي هو الرّجيم).

ونحو : تصدّق على الفقير المسكين ، (أي هو المسكين).

 ـ ثالثا : إذا كان خبر المبتدأ مصدرا مرفوعا نائبا مناب الفعل ، نحو : صبر جميل ، أي صبري صبر جميل (١).

 ـ رابعا : إذا كان جواب القسم سادّا مسدّ المبتدأ ، نحو : في ذمّتي لأفعلنّ ، (أي في ذمّتي يمين).

 ـ خامسا : بعد لا سيّما إذا كان المستثنى بها مرفوعا ، نحو : أكرم الزعماء لا سيّما سعد (أي هو سعد).

__________________

(١) الصبر الجميل ، هو الذي لا شكاية معه ، والصفح الجميل : هو الذي لا عتاب معه ، والهجر الجميل : هو الذي لا أذيّة معه. واعلم أن الأصل في المبتدأ والخبر ذكرهما وقد يحذفان معا ، أو أحدهما لدليل ، نحو : نعم لمن قال : هل سيدك حاضر؟ وسعد لمن قال : من زعيم الوطن؟


المبحث الرابع : في ذكر الخبر وحذفه

الأصل في الخبر أن يكون مذكورا ولا يعدل عن ذلك إلّا لدواع تدعو لأن يحذف فيها وجوبا ، وذلك في أربعة مواضع :

 ـ أولا : إذا كان المبتدأ صريحا (١) في القسم ، نحو : أيمن الله لأنصفنّ المظلوم أي ، أيمن الله يميني.

 ـ ثانيا : إذا كان المبتدأ بعد لو لا ، والخبر كون عامّ ، نحو : لو لا الجند ما حافظت أمّة على استقلالها ، ونحو : لو لا النّيل لكانت مصر قفرا أي لو لا النّيل موجود.

 ـ ثالثا : إذا كان المبتدأ معطوفا عليه اسم بواو تدلّ على المصاحبة نحو : كلّ إنسان وعمله ، (أي مقترنان) ، ونحو : كلّ امرئ وطبعه.

 ـ رابعا : إذا كان المبتدأ مصدرا مضافا إلى معموله ، أو كان اسم تفضيل مضافا إلى مصدر صريح أو مؤوّل وقع بعدهما (حال) سدّت مسدّ الخبر ، وتلك (الحال) لا تصلح أن تكون خبرا نحو : عهدي بك نبيها ، ونحو : أكثر سفر سليم ماشيا ، (أي إذ كان ، أو إذا كان ماشيا).

المبحث الخامس : في خبر المبتدأ وأنواعه

الخبر : هو الاسم المرفوع المسند إلى المبتدأ (غير الوصف) ليتمّم فائدته (٢) ، والأصل في الخبر أن يكون نكرة لأنّه وصف للمبتدأ وقد يأتي الخبر معرفة إذا كان المبتدأ معرّفا ، نحو : الله مولانا.

__________________

(١) بخلاف ، نحو : عهد الله لأكافئنك ، فيجوز فيه إثبات الخبر لعدم صراحة القسم إذ يستعمل في غيره ، نحو : عهد الله يجب الوفاء به.

(٢) لما كان المبتدأ والخبر مرتبطين معا بالإسناد ، وكان الخبر هو الجزء الذي يستفيده السامع ، ويصير مع المبتدأ كلاما تاما ، وجب من باب الضرورة ارتباط الخبر بالمبتدأ. وذلك يكون إمّا بالضمير الظاهر العائد إلى المبتدأ ، أو بالضمير المستتر العائد إلى المبتدأ ، أو بالضمير المقدر ، أو بغير ذلك من الرباطات اللفظية أو المعنوية ، كما سيأتي مفصّلا بالأمثلة وإلى هذا الأساس مرجع قواعد شروط الخبر بأجمعها.


ونحو : الدين المعاملة ، ونحو : يوسف أخوك.

تمرين : اذكر أسباب تقديم المبتدأ أو الخبر

درهم ينفع خير من دينار يصرع. صدر العاقل صندوق سرّه. من استرعى الذئب فقد ظلم (مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَساءَ فَعَلَيْها) [فصلت : ٤٦].

قيل لبعض الحكماء : صف لنا الدنيا ، فقال : أمل بين يديك ، وأجل مطلّ عليك ، وشيطان فتان ، وأمانيّ جرّارة العنان [الخفيف] :

قال لي كيف أنت قلت عليل

سهر دائم وحزن طويل

أذلّ الناس معتذر إلى لئيم [الرمل] :

كلّ من في الكون يشكو دهره

ليت شعري هذه الدنيا لمن

[الخفيف] :

كلّ من في الوجود يطلب صيدا

غير أنّ الشباك مختلفات

كلّ من يداوي عللا في نفوس قومه فله أجر المحسنين.

الخبر ثلاثة أنواع

مفرد (١). وجملة. وشبه جملة

الخبر المفرد

الخبر المفرد إذا كان مشتقا جاريا مجرى الفعل وجب أن يكون مشتملا على ضمير مستتر (٢) عائد إلى المبتدأ ، نحو : العلم نافع ، أي نافع هو إلّا إن رفع المشتقّ

__________________

(١) المراد بالمفرد هنا ، ما ليس بجملة ولا شبه جملة. فيدخل ضمنه المثنّى والمجموع. فإذا قلت الرجلان قادمان. والرجال قادمون. فقادمان خبر مفرد ومثله قادمون خبر مفرد.

والمفرد نوعان : جامد ، ومشتق. والجملة نوعان : اسمية وفعلية وشبه الجملة نوعان : ظرف ، وجارّ ومجرور بحرف الجر.

(٢) يجب إبراز الضمير إذا كان الخبر واقعا بعد مبتدأ غير متّصف بمعنى (الخبر) سواء أحصل التباس أم لم يحصل ، وضابط ذلك : أن يتقدّم مبتدآن ويتأخّر عنهما خبر ، فإن وقع من الثاني فقد جرى على من هو له ، فلا يبرز الضّمير نحو : خليل سليم كاتبه : تريد الإخبار


اسما ظاهرا ، نحو : سعد طيّب عنصره.

ومتى تضمّن الخبر ضمير المبتدأ لزمت مطابقته (١) له إفرادا وتثنية ، وجمعا ، وتذكيرا وتأنيثا ، نحو : سعد مؤدّب ، والمهذّبون محبوبون ، والمتربّيات محترمات.

أمّا إذا كان الخبر المفرد جامدا فلا يشتمل على ضمير ، نحو : الصّمت زين ، والسّكوت سلامة ، ولا تلزم فيه أيضا المطابقة.

وقد يؤوّل الجامد بالمشتقّ فيتحمّل ضميرا ، نحو : عليّ أسد.

أي شجاع هو.

الخبر الجملة

الخبر الجملة إمّا أن يكون جملة فعليّة ، نحو : الله يعلم.

وإمّا أن يكون جملة اسميّة ، نحو : الظّلم مرتعه وخيم.

__________________

بكاتبيّة سليم لخليل ، وإن وقع من الأول فيجب إبراز الضمير مطلقا لأنه جرى على غير من هو له ، نحو : صفيّة سعد زعيمته هي ، فتاء التأنيث في (زعيمته) تدل على أن الوصف في المعنى (لصفيّة) وكان يصح الاستغناء عن الضمير ، لكن أبرز طردا للباب على وتيرة واحدة.

(١) إلا إذا كان مصدرا ، أو اسم تفضيل مقرون بمن ، أو نكرة أو سببيا أي رافعا لاسم مشتمل على ضمير المبتدأ ، أو مما يوصف به المذكر والمؤنث بلفظ واحد فلا تجب المطابقة بل يجب الإفراد والتذكير نحو : محمد ، أو المحمدان ، أو المحمدون عدل ، أو صبور ، أو خير من فلان. وإذا كان المبتدأ جمعا لغير عاقل جاز أن يأتي الخبر مفردا أو جمعا لمؤنّثين نحو : الكتب مفيدة ، أو مفيدات.

تنبيهات : الأول : لا يخبر بظرف الزمان أو المكان عن اسم الذات فلا يقال سعد اليوم ، ولا سعيد غدا (لعدم الفائدة) حيث إن الذات لا تختص بزمن دون زمن ، فإذا أفاد الإخبار به عن الذات وحصلت فائدة ، بأن كان المبتدأ عاما والزمان خاصا بوصف أو إضافة مع جرّه بفي ، كنحن في شهر رمضان.

والشعب في عصر ذهبي (جاز الإخبار به).

الثاني : يخبر بظرف الزمان عن المعاني (لأنها أعراض ـ كالصوم والسفر) فهي أحداث أفعال : ولا بد لكل حدث من زمن يختص به ، ففي الإخبار به عنها فائدة. نحو : السفر غدا (واليوم خمر وغدا أمر).


والغالب في هذه الجملة أن تكون خبريّة ، وقد تأتي إنشائية نادرا فتقع خبرا ، نحو : سليم «لا تضربه».

ويشترط في الجملة الواقعة خبرا أن تكون مشتملة على رابط يربطها بالمبتدأ.

روابط الخبر بالمبتدأ

 ـ إمّا الضّمير البارز ، نحو : الكريم محمود خلقه.

 ـ وإمّا الضمير المستتر (١) ، نحو : الحقّ يعلو ، أي هو.

 ـ وإمّا اسم الإشارة ، نحو : العمل الطّيّب ذلك خير.

 ـ وإمّا إعادة المبتدأ بلفظه ، نحو (الْحَاقَّةُ (١) مَا الْحَاقَّةُ) (٢) [الحاقة : ١ ـ ٢].

 ـ وإمّا إعادة المبتدأ بمعناه ، نحو : نطقي الله حسبي (٢).

 ـ وإمّا إعادة المبتدأ بلفظ أعمّ منه ، نحو : سعد نعم الرّجل (٣).

الخبر شبه الجملة

الخبر شبه الجملة : هو المتعلّق المحذوف لكلّ من الظرف ، والجارّ والمجرور ، نحو : الجنّة تحت أقدام الأمّهات ، ونحو : القوة في الاتحاد.

فإذا قدّر المتعلّق المحذوف وصفا ، كان الخبر من قبيل (المفرد).

وإذا قدّر المتعلّق المحذوف فعلا ، كان الخبر من قبيل (الجملة).

__________________

(١) وقد يقدر الضمير. نحو : اللؤلؤ المثقال بدينار (أي المثقال منه).

(٢) فجملة (الله حسبي) التي هي الخبر هي نفس المبتدأ (نطقي) أي المنطوق به.

(٣) دخل المبتدأ وهو (سعد) في عموم الرجل لأن الرجل يشمل سعدا وغيره والعموم مستفاد من أل الجنسية الداخلة على (رجل).

واعلم أنه إذا وقعت نكرة مشتقة في تركيب مبدوء بظرف ، أو جار ومجرور أو باسم استفهام يدل على الظرفية ، ترفع تلك النكرة على أنها خبر للمبتدأ الذي قبلها وكل من الظرف والجار والمجرور واسم الاستفهام لغو. ويصح نصب تلك النكرة على الحالية ، وكل من الظرف والجار والمجرور واسم الاستفهام خبر مقدم وما بعدها مبتدأ مؤخر ، نحو : عندي سليم نائم ، أو نائما ، ونحو : في البيت ابنك جالس ، أو جالسا ، ونحو : أين أبوك مقيم ، أو مقيما.


نحو : الحمد لله (أي الحمد واجب ، أو : يجب لله تبارك وتعالى).

واعلم أنّ هذا المتعلّق إذا دلّ على وجود مطلق (كيكون وكائن) وما شاكلهما وجب حذفه لفقدان الفائدة من ذكره.

أمّا إذا دلّ على وجود مقيّد بصفة ، وجب ذكره ، نحو : الورقاء مغرّدة فوق الشّجرة ، ما لم يدلّ عليه دليل ، نحو : الفارس فوق الجواد أي راكب ، فيحذف.

المبحث السادس : في تضمين المبتدأ معنى الشّرط. ووجوب اقتران خبره بالفاء.

إذا كان المبتدأ مبهما وسببا للخبر كان بمنزلة اسم الشّرط ، والخبر بمنزلة جواب له ، فتدخل الفاء على الخبر إذا كان متأخرا ، كما تدخل على الجواب ، وذلك في أربعة مواضع :

١ ـ إذا كان المبتدأ اسما موصولا ، نحو : الّذي تأتونه من خير فهو ذخر لكم.

٢ ـ إذا كان المبتدأ نكرة موصوفة بغير المفرد (١) ، نحو : صديق حولك في

__________________

(١) أما النكرة الموصوفة بالمفرد فلا تدخل الفاء على الخبر ، نحو : رجل عالم له دينار بخلاف ، نحو : رجل في الدار فله دينار ، فإن في الدار شبه جملة وليس بمفرد. ولكن إذا كان الموصول «أل» فلا شرط فيه لأن صلة «أل» لا تكون إلا صفة مفردة ، نحو : المجتهد والمجتهدة فأكرموهما.

لأن الصلة في المثال فعل وهو يأتيني ، والمبتدأ بمنزلة اسم الشرط ، والشرط لا يكون إلا فعلا.

ويمتنع دخول الفاء إذا تقدم الخبر لأنه بمنزلة الجواب ، والجواب لا يقترن بالفاء إلا مؤخرا.

ويمتنع دخول الفاء أيضا إذا دخل على المبتدأ المتضمن معنى الشرط.

(ناسخ) غير «إنّ ولكنّ» ، نحو : ليس كل من ينظم الشعر له جائزة ، ونحو : ليت من يأتيك له منك إكرام. أما مع (لكنّ ، وإنّ) : بكسر الهمزة فلا تمتنع الفاء ، نحو : (إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ)[الجمعة : ٨].

وكقوله : ولكنّ ما يقضى فسوف يكون.

ويقلّ دخول الفاء على «أنّ» بفتح الهمزة ، نحو : (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ).


الشّدة فهو جدير بالثّناء ، ورجل في الدّار فله دينار.

٣ ـ إذا كان المبتدأ نكرة مضافا إلى موصول. وصلته فعل مستقبل ، نحو : كلّ من يأتيني فله دينار.

٤ ـ إذا كان المبتدأ نكرة مضافا إلى نكرة ، وصفتها جارّ ومجرور أو ظرف ، نحو : كلّ تلميذ في المدرسة فله جائزة ، وكلّ رجل عنده أدب فله فضل.

المبحث السابع : في المبتدأ الوصف الرّافع لمستغنى به عن الخبر.

إذا وقع الوصف (١) بعد نفي (٢) أو استفهام.

وكان عاملا في اسم ظاهر ، أو ضمير منفصل (٣) كان مبتدأ ، وما بعده مرفوعا به أغنى عن الخبر لفظا ومعنى ، نحو : ما عالم أخوك بالأمر. وهل عارف أنتما بحالي؟

وإذا طابقت الصّفة ما بعدها في الإفراد.

١ ـ جاز : أن تكون مبتدأ ، وما بعدها مرفوعا سدّ مسدّ الخبر.

٢ ـ وجاز : أن تكون خبرا مقدّما وما بعدها مبتدأ مؤخّرا ، نحو : هل قادم الغائب.

أمّا إذا طابقت الصفة ما بعدها في التّثنية أو الجمع تعيّن كون الصفة خبرا مقدّما ، وما بعدها مبتدأ مؤخّرا ، نحو : هل قادمان الغائبان.

__________________

(١) المراد بالوصف : اسم الفاعل ، واسم المفعول ، والصفة المشبهة ، وأفعل التفضيل ، والاسم المنسوب. غير أنه إذا كان الوصف اسم مفعول كان ما بعده (نائب فاعل) سادا مساد الخبر نحو : هل معذور أخواك : ويكون الوصف بمنزلة الفعل ، فلا يثنّى ، ولا يجمع ، ولا يوصف ، ولا يعرّف ، ولا يصغّر.

(٢) يكون النفي والاستفهام بالحرف كما مثلنا ، أو بغيره ، نحو : ليس منطلق أخواك ، وكيف جالس والداك؟

(٣) أما إذا كان مرفوع الصفة ضميرا مستترا ، نحو : سليم لا آكل ولا شارب. فتكون خبرا للمبتدأ الذي قبلها (وليست من موضوعنا هذا).


وما راحلون أنتم.

وأمّا إذا لم تطابق الصّفة ما بعدها في التّثنية والجمع تعيّن كون الصفة مبتدأ ، وما بعدها مرفوعا سدّ مسدّ الخبر ، نحو : ما حاضر أخواي ، وما مسافر أنتما.

وتسمّى الجملة المركّبة من المبتدأ والخبر ، أو المرفوع الّذي يسدّ مسدّ الخبر «جملة اسميّة».

وقد يتعدّد المبتدأ ، نحو : أهل مصر أكثرهم زارعون.

وكذا الخبر يتعدّد ، نحو (وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ (١٤) ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ) (١٥) [البروج : ١٤ ـ ١٥].

تمرين بيّن أنواع الروابط بين المبتدأ والخبر

الحرب سجال : يوم لك ويوم عليك. النصر بيد الله يؤتيه من يشاء. الكتاب نعم الأنيس في الوحدة. الصّمت زين والسكوت سلامة. كل فتاة بأبيها معجبة. للحيوان حياة وللإنسان حياتان فانظر أيّ الاثنتين أنت. كلام الله دواء القلوب. أكمل الناس من ملك الرّجال بجميل الخصال. الشرّ قليله كثير (وَأَصْحابُ الْيَمِينِ ما أَصْحابُ الْيَمِينِ) (٢٧) [الواقعة : ٢٧] كلّ شيء من الدّنيا سماعه أعظم من عيانه. من غربل الناس ، نخلوه (وَلِباسُ التَّقْوى ذلِكَ خَيْرٌ) [الأعراف : ٢٦] [البسيط] :

علمي معي حيثما يمّمت ينفعني

صدري وعاء له لا بطن صندوق

التّاريخ شاهد الأزمنة ، وحياة الذّاكرة ، ومدرسة الحقيقة ، ومرآة الغابرين ، وصحيفة يقرأ عليها العقلاء آيات العبر. سعد ذاك الزّعيم (الْحَاقَّةُ (١) مَا الْحَاقَّةُ) (٢) [الحاقة : ١ ـ ٢].

غير مأسوف على زمن

ينقضي بالهمّ والحزن

نموذج : إعراب قول الشاعر [الطويل] :

وكلّ امرئ يولي الجميل محبّب

وكلّ مكان ينبت العزّ طيّب


الكلمة

إعرابها

وكل

الواو بحسب ما قبلها حرف مبني على الفتح لا محل له من الإعراب. كل مبتدأ مرفوع بالضمة الظاهرة ، وكل مضاف

امرئ

مضاف إليه مجرور بالكسرة الظاهرة

يولي

فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل. والفاعل مستتر جوازا تقديره هو

الجميل

مفعول به منصوب بالفتحة الظاهرة. والجملة من الفعل والفاعل في محل جر صفة لامرئ

محبب

خبر المبتدأ بالضمة الظاهرة

وكل

الواو حرف عطف. كل مبتدأ مرفوع بالضمة الظاهرة. وكل مضاف مكان / مضاف إليه مجرور بالكسرة الظاهرة.

ينبت

فعل مضارع مرفوع بالضمة الظاهرة. والفاعل مستتر جوازا تقديره هو

العز

مفعول به منصوب بالفتحة الظاهرة. والجملة من الفعل والفاعل في محل جر صفة لمكان.

طيب

خبر المبتدأ مرفوع بالضمة الظاهرة

أجب عن الأسئلة الآتية

ما هو المبتدأ وما هو الخبر؟ ما هو حكم الخبر؟ متى تكون النكرة مفيدة؟ ما هو حكم الخبر؟ ما هي مرتبة كل من المبتدأ والخبر؟ متى يجب تقديم المبتدأ؟ متى يجب تقديم الخبر؟ متى يجوز تأخير الخبر؟ ما هي مسوغات الابتداء بالنكرة؟ كم نوعا الخبر؟ ما هو حكم الخبر المفرد إذا كان مشتقا؟ ما هو حكم الخبر المفرد إذا كان جامدا؟ كيف يكون الخبر الجملة؟ ماذا يشترط في الجملة الواقعة خبرا؟ ما هو حكم شبه الجملة الواقعة خبرا؟ هل يتعدد الخبر؟ متى يقع المبتدأ وصفا له مرفوع ساد مساد الخبر؟ ما هو حكم الوصف إذا لم يخالف ما بعده تثنية وجمعا؟ متى يجوز حذف المبتدأ؟ متى يجب حذف المبتدأ؟ متى يجوز حذف الخبر؟ متى يجب حذف الخبر؟ ماذا يشترط في الخبر للمبتدأ؟


الباب الخامس : في الأفعال النّاقصة

الأفعال النّاقصة (١) هي الّتي تدخل على المبتدإ والخبر فترفع الأوّل (٢) على أنّه اسمها ، وتنصب الثّاني (٣) على أنّه خبرها ، نحو : «كان عمر عادلا».

(في هذا الباب مباحث)

المبحث الأول

الأفعال النّاقصة ثلاثة عشر فعلا وهي :

كان ، وأمسى ، وأصبح ، وأضحى ، وظلّ ، وبات ، وصار (٤) ، وليس ، وما زال ، وما انفكّ ، وما فتئ ، وما برح ، وما دام (٥).

__________________

(١) وتسمى أيضا هذه الأفعال نواسخ المبتدأ والخبر ، وإنما تسمى ناقصة لأنها لا تتمّم مع مرفوعها كلاما إلا بذكر المنصوب ، بخلاف الأفعال التامة فإنّ الكلام ينعقد معها بذكر المرفوع.

ويكون المنصوب بعد ذلك فضلة خارجة عن نفس التركيب. ولكن لا يعد المنصوب ، في هذا الباب فضلة لأنه في الأصل خبر المبتدأ. وإنما نصب تشبيها له بالفضلة.

(٢) ما لم يكن من ألفاظ الصدارة كأسماء الشرط.

(٣) بشرط كونه غير طلبي.

(٤) قد ألحق بصار : آض ، ورجع ، واستحال ، وعاد ، وارتدّ ، وتحوّل ، وغدا ، وراح ، وانقلب ، وتبدّل ، وغيرها مما لا يستغنى عن الخبر.

(٥) هذه الأفعال إذا اكتفت بمرفوعها تكون تامة كسائر الأفعال اللازمة وذلك : إذا جاءت (كان) بمعنى حصل (وظلّ) بمعنى استمرّ (وبات) بمعنى نزل ليلا (وأمسى) بمعنى دخل في المساء (وأصبح) بمعنى دخل في الصباح (وأضحى) بمعنى دخل في الضحى (وصار) بمعنى انتقل (وانفكّ) بمعنى انفصل (وبرح) بمعنى ذهب (ودام) بمعنى بقي ، نحو : يقول للشيء كن فيكون و (فَسُبْحانَ اللهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ) (١٧) وبات الخليّ ولم ترقد. ويستثنى من ذلك (فتئ وزال وليس) فإنّها ملازمة للنقص.

وأما معاني هذه الأفعال إذا كانت ناقصة ، فمعنى «كان» اتصاف المخبر عنه بالخبر في الماضي ، ومعنى : أمسى وأصبح وأضحى وظل وبات اتصافه به في المساء والصباح ، والضحى ووقت الظل ، أي في النهار ، ووقت المبيت ، أي في المساء. ومعنى «صار» التحول وكذلك ما هو بمعناها ، ومعنى : ما زال وما انفك وما فتئ وما برح ملازمة الخبر


ويشترط في : زال ، وانفكّ ، وفتئ ، وبرح أن يتقدّمها النّفي (١) ، لفظا ، نحو : «ما زال التّلميذ مجتهدا» أو معنى ، نحو «قلّما يزال سليم مسافرا» أو الدّعاء ، نحو : «لا زلت سالما» أو النّهي ، نحو : «لا تزل ذاكر الموت» أو الاستفهام الإنكاري ، نحو : «هل يزال أخوك متكاسلا»؟.

ويشترط في «دام» أن تتقدّمها «ما» المصدريّة (٢) الظرفيّة موصولة بها ، نحو : «أحسن ما دمت حيّا أي مدّة دوامك حيّا».

المبحث الثاني : كان وأخواتها ثلاثة أنواع :

الأوّل : ما لا يتصرّف مطلقا ، وهو : دام ، وليس (٣).

الثاني : ما يتصرّف تصرّفا ناقصا ، وهو : ما زال ، وما انفكّ ، وما فتئ ، وما برح. وهذه يأتي منها الماضي ، والمضارع فقط.

الثالث : ما يتصرّف تصرّفا تاما وهو السّبعة الباقية.

وكلّ ما تصرّف من هذه الأفعال : يعمل عمل ماضيها.

سواء أكان : فعلا ، أو صفة ، أو مصدرا (٤) ، نحو : يمسي المجتهد مسرورا ،

__________________

للمخبر عنه. ومعنى ادام استمرار اتصاف المخبر عنه بالخبر. ومعنى ليس النفي في الحال إذا إذا قيّدت بما يفيد المضيّ أو الاستقبال. وقد تستعمل كان وأمسى وأصبح وأضحى وظل وبات بمعنى صار إن كان هناك قرينة تدل على أنه ليس المراد اتصاف المخبر عنه بالخبر في وقت معين مما تدل عليه هذه الأفعال ، نحو : (فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْواناً) أي صرتم.

(١) النفي : لا يشترط فيه أن يكون بالحرف ، فقد يكون به كما رأيت ، أو بالفعل ، نحو : لست تبرح معاندا ، أو بالاسم ، نحو : أخوك غير منفك مواظبا على عمله.

وأما الدعاء فلا يكون إلا بلفظة لا فقط.

و «زال» الناقصة مضارعها يزال وأمّا (زال) التي مضارعها يزول بمعنى ذهب ، فهي فعل تام.

وقد تأتي «ونى ورام» بمعنى «زال» الناقصة ، فتعملان عملها بنفس شروطها.

(٢) معنى كون «ما» مصدرية ، أنها تجعل ما بعدها في تأويل مصدر. ومعنى كونها ظرفية : أنها نائبة عن الظرف وهو «المدة» المقدّرة.

(٣) لا تتصرّف (دام) لأنها لا تقع إلا صفة لما الظرفية فيلتزم فيها صيغة الماضي (ولا تنصرف ليس) لأنها فعل جامد.

(٤) إن المصدر كثيرا ما يضاف إلى الاسم ، نحو : عجبت من كون أخيك غافلا فيكون مجرورا


وكن أديبا ، وكونك مجتهدا خير لك».

المبحث الثالث : في حكم اسم وخبر كان

الاسم في هذا الباب : يجري مع الفعل النّاقص مجرى الفاعل في جميع أحكامه من حيث التزام التّأخير ، وإفراد العامل ، وما شاكل ذلك. ويجري مع الخبر مجرى المبتدأ في التّعريف ، والتّنكير ، والتّقديم ، والتّأخير.

وإذا وقع خبر كان وأخواتها (جملة فعلية) فالأكثر أن يكون فعلها مضارعا ، نحو : كان الأستاذ يشرح الدرس لتلاميذه ، وقد يجيئ ماضيا مقترنا بقد بعد ستّة منها : كان ، وأمسى ، وأصبح ، وأضحى ، وظلّ ، وبات ، فيقال : كان سليم قد انطلق وأصبح الحيّ قد خلا (١).

المبحث الرابع : في امتيازات كان

تختصّ (كان) من بين سائر أخواتها بأربعة أمور :

أولا : تزاد في الحشو بلفظ الماضي فاصلة بين الشّيئين المتلازمين اللّذين ليسا جارا ومجرورا ، لتدلّ على الزمان الماضي ، وأكثر ما تكون بين «ما» التّعجبيّة و «أفعل التّعجّب» ، نحو : «ما كان أجمل رحلتنا»!.

وهو قياس فيها.

__________________

لفظا ، مرفوعا محلا ، لأنه اسم للمصدر الناقص. وإذا أضيفت إلى اسم مبني كان له محلّان من الإعراب : محل قريب وهو الجرّ بالإضافة ، ومحلّ بعيد وهو الرفع ؛ لأنه اسم للمصدر الناقص.

تنبيه : الأصل في اسم كان وأخواتها أن يتقدم على خبرها ، على أنه قد يقدم الخبر على الاسم نحو : (وَكانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ) ويجوز أن يتقدّم الخبر عليها وعلى اسمها معا إلّا : ليس ودام فيقال : صافيا كان الجو ، وغزيرا أمسى المطر.

ويجوز تقدم معمول خبرها عليها أيضا نحو : (وَأَنْفُسَهُمْ كانُوا يَظْلِمُونَ).

(١) قد يرد الماضي مجردا من قد ، نحو : (إِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ) وأكثر ما يكون ذلك مع «كان» وأما غير هذه الأفعال الستة فلا يقع الماضي خبرا له على الإطلاق.


ثانيا : تحذف جوازا مع اسمها بعد «إن» و «لو» الشّرطيتين للتخفيف ، نحو : «سر مسرعا إن راكبا وإن ماشيا» ، ونحو : «التمس ولو خاتما من حديد» ، والتقدير في الأول : «إن كنت مسرعا وإن كنت ماشيا» ، وفي الثاني : «ولو كان ما تلتمسه خاتما».

ثالثا : قد تحذف وحدها وجوبا ، ويبقى اسمها وخبرها ، ويعوّض عنها (بما) الزائدة ، نحو : «أمّا أنت سامعا أتكلّم» ، والأصل : «لأن كنت سامعا أتكلّم» ، فحذفت لام التعليل ثم حذفت كان للتخفيف وعوّض عنها بما الزائدة ، وبعد حذفها انفصل الضمير الذي هو اسم كان لعدم استقاله متصلا ، ثم أدغمت نون أ(أن) في ميم (ما) فصارت «أمّا أنت» وذلك مطّرد بعد (أن) المصدريّة الواقعة في موقع المفعول لأجله. ويكثر ذلك في كل موضع أريد فيه تعليل فعل بآخر.

رابعا : يجوز حذف نون المضارع منها (١) بشرط أن يكون مجزوما بالسكون ، وألّا يليه ساكن ، ولا ضمير متّصل ، وألّا يكون موقوفا عليه ، نحو : لم أك مهملا ، فلا حذف في نحو : لا تكونوا كاذبين ، ولا في نحو : لم يكن الحق خفيّا ، ولا في نحو : لم يكن الأمر كما ذكرت ، ولا في نحو : البخيل لم أكنه ، ولا في نحو : كاذبا لم أكن.

خامسا : يجوز حذفها مع المعمولين معا ويعوّض عن كان (ما) نحو : أكرم والديك إمّا لا أي ، إن كنت لا تكرم غيرهما.

حذفت كان واسمها وجملة خبرها ما عدا (لا) وأتي (بما) بدلا من (كان).

واعلم أنه تجوز زيادة الباء في خبر «ليس» ، نحو : «ليس الرئيس بحاضر» ، وتزاد على قلّة في خبر «كان» إذا سبقها نفي أو نهي ، نحو : «ما كنت بحاضر» ، و «لا تكن بكاذب».

أجب عن الأسئلة الآتية

اذكر الأفعال الناقصة وما عملها؟ ماذا يشترط في ما زال وما انفكّ وما برح ما فتئ؟ ماذا يشترط في دام؟ كم نوعا كان وأخواتها من حيث التصرف وعدمه؟ ما حكم

__________________

(١) حذف نون المضارع المجزوم على ما ذكر لا يختص بكان الناقصة بل يكون في التامة أيضا.


ما تصرّف من هذه الأفعال؟ ما هي أحكام الاسم والخبر في هذا الباب؟ ما هو حكم خبر كان وأخواتها إذا وقع في جملة فعلية؟ بأي شيء تختص كان؟ ما الذي تمتاز به ليس عن أخواتها؟ ومتى تجوز زيادة الباء في خبرها؟ ما الذي يلحق بصار مما لا يستغني عن الخبر؟.

تمرين

بيّن الأفعال النّاقصة والتّامّة وما حذف فيه (كان) وحدها. أو مع معموليها ، أو أحدهما ، أو زيدت فيه ممّا يأتي [الوافر] :

فإن يك صدر هذا اليوم ولّى

فإنّ غدا لناظره قريب

[البسيط] :

لا يأمن الدهر ذو بغي ولو ملكا

جنوده ضاق عنها السّهل والجبل

[البسيط] :

ما كان أحسن أيام السرور وما

أقلّها بيننا والدهر ذو غير

[البسيط] :

ما كان أجدرنا منكم بتكرمة

لو أنّ أمركم من أمرنا أمم

[الخفيف] :

غير منفكّ أسير هوى

كلّ وان ليس يعتبر

[الطويل] :

إذا كنت ذا مال ولم تك ذا ندى

فأنت إذا والمقترون سواء

[الكامل] :

لا تسمعنّ من الحسود مقالة

لو كان حقّا ما يقول لما وشى

[الكامل] :

ما كلّ من يبدي البشاشة كائنا

أخاك إذا لم تلقه لك منجدا

[الوافر] :

إذا ما كنت ذا قلب قنوع

فأنت ومالك الدّنيا سواء


[الطويل] :

ولست بمفراح إذا الدّهر سرّني

ولا جازع من صرفه المتقلّب

[الوافر] :

إذا كان المحبّ قليل حظّ

فما حسناته إلّا ذنوب

[الرمل] :

ليست الأحلام في حال الرّضا

إنّما الأحلام في حال الغضب

[الكامل] :

كن ما استطعت عن الأنام بمعزل

إنّ الكثير من الورى لا يصحب

[الوافر] :

وليس بحاكم من لا يبالي

أأخطأ في الحكومة أم أصابا

[الكامل] :

تبّا لمن يمسي ويصبح لاهيا

ومرامه المأكول والمشروب

[البسيط] :

ما دمت حيّا فدار الناس كلّهم

فإنّما أنت في دار المداراة

نموذج إعرابي

إعراب قول الشاعر [الطويل] :

إذا كنت ذا رأي فكن ذا عزيمة

فإنّ فساد الرّأي أن تتردّدا

الكلمة

إعرابها

إذا

ظرف لما يستقبل من الزمان خافض لشرطه منصوب بجوابه مبني على السكون في محل نصب

كنت

كان فعل ماض والتاء اسمها

ذا

خبر كان منصوب بالألف لأنه من الأسماء الخمسة

رأي

مضاف إليه مجرور ، وجملة الشرط في محل جر بإضافة إذا إليها


الكلمة

إعرابها

فكن

الفاء واقعة في جواب إذا. كن فعل أمر مبني على السكون ، واسمها مستتر وجوبا تقديره أنت

ذا

خبره منصوب بالألف لأنه من الأسماء الخمسة

عزيمة

مضاف إليه مجرور ، والجملة جواب ذا

فإن

الفاء للتفريع (على سبيل التعليل) ، إنّ : حرف توكيد ونصب

فساد

اسم إنّ منصوب بالفتحة الظاهرة

أن تترددا

أن حرف مصدري ونصب. وتتردد فعل مضارع منصوب بأن. والألف للإطلاق والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره أنت ، والمصدر المؤول خبر إنّ.

المبحث الخامس : في كاد وأخواتها المسمّاة بأفعال المقاربة

تعمل «كاد وأخواتها» عمل «كان» فترفع المبتدأ ، ويسمّى اسمها ، وتنصب الخبر ، ويسمّى خبرها ، نحو : «كاد المطر يسقط».

وكاد وأخواتها ثلاثة أقسام :

أوّلا : ما يدلّ على المقاربة ، (أي قرب وقوع الخبر) ، وهي : كاد ، وأوشك ، وكرب.

ثانيا : ما يدلّ على رجاء وقوع الخبر وهي : عسى ، وحرى ، واخلولق.

ثالثا : ما يدلّ على الشّروع والبدء في الخبر ، وهي : شرع ، وأنشأ ، وعلق ، وطفق ، وأخذ ، وهبّ ، وبدأ ، وابتدأ ، وجعل ، وقام ، وانبرى.

وتسمّى كلّها أفعال المقاربة من باب (تسمية الكلّ باسم البعض) ويشترط في هذه الأفعال أن يكون خبرها جملة فعليّة فعلها مضارع رافع لضمير يعود إلى اسمها.


وأن يكون متأخرا عنها ، نحو : كاد النّهار ينقضي (١).

ويجوز أن يتوسّط (٢) خبر هذه الأفعال بينها وبين اسمها ، فتقول : «كاد ينقضي النّهار» ما لم يكن الخبر مقترنا (بأن) فلا يجوز فيه ذلك.

المبحث السادس : في اقتران الخبر بأن

هذه الأفعال من حيث اقتران خبرها «بأن» وتجرّده منها ثلاثة أقسام :

١ ـ ما يجب اقتران خبره بها ، وهو : حرى ، واخلولق.

٢ ـ ما يجب تجرّده منها وهو : أفعال الشّروع.

٣ ـ ما يجوز فيه الوجهان : وهو : أفعال المقاربة وعسى.

غير أنّ الأكثر في «عسى ، وأوشك» اقتران خبرهما بها ، وفي «كاد ، وكرب» تجرّده منها (٣).

__________________

(١) لا يجوز إسناد خبر هذه الأفعال إلى اسم ظاهر فلا تقول : كاد الفارس يسقط رمحه بل كاد رمح الفارس يسقط على أنهم استثنوا كاد وعسى من هذا الحكم فأجازوا أن يقال : عسى العامل أن ينجح عمله ، وهو شاذ.

(٢) إذا توسط خبر هذه الأفعال بينها وبين اسمها يظل مسندا إلى ضمير يعود إلى الاسم كما في «كاد ينقضي النهار» ففاعل ينقضي ضمير يعود إلى النهار ولا بأس بعوده إليه ، ولو كان متأخرا لأنّه مقدّم في النية.

أسباب ونتائج

(٣) إنما كان الغالب والكثير تجرد (كاد) من (أن) لأنّ (كاد) موضوعة لمقاربة الفعل (وأن) موضوعة لتدل على تراخيه ووقوعه في المستقبل ؛ فيحصل في الكلام ضرب من التناقص ، ولذلك جاءت عدة أمثال في (كاد) خالية من (أن) فقالوا : كاد العروس يكون ملكا ، وكاد الحريص يكون عبدا. وكاد الفقر يكون كفرا ، وكاد البخيل يكون كلبا.

وإنما كان الغالب والكثير اقتران (عسى) بأن ، لأنّ عسى وضعت للتوقع الذي يدل وضع (أن) على مثله. فوقوعها بعدها يفيد تأكيد المعنى ، ويزيده فضل تحقيق.

واعلم أنه إذا كان الخبر مقترنا «بأن» نحو : عسى الله أن يرحمنا فليس المضارع نفسه هو الخبر ، بل المصدر المؤول من الفعل بأن ، ويكون التقدير : عسى الله ذا رحمة لنا غير أنه لا يجوز التصريح بهذا الخبر لأنّ خبرها لا يكون في اللفظ اسما.

وإن كان الخبر غير مقترن «بأن» كان الخبر نفس الجملة.


وكلّ هذه الأفعال جامدة ، ملازمة صيغة الماضي إلا أربعة : «أوشك ، وكاد ، وطفق ، وجعل» فإنّه يشتقّ منها مضارع أكثر استعمالا من الماضي في (كاد وأوشك) نحو (يَكادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصارَهُمْ) [البقرة : ٢٠] ونحو : يوشك الثّمر أن ينضج.

وقد يستعمل اسم فاعل من أوشك وهو نادر ، نحو : فإنّك موشك أن تراها (١).

وتكون عسى ، وأوشك ، واخلولق تامّة متى أسندت إلى المصدر المسبوك من «أن» والفعل المضارع المستغنى بهما عن الخبر. نحو (وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ) [البقرة : ٢١٦].

وإذا تقدّم على هذه الأفعال اسم ، هو الفاعل في المعنى ، فالأفصح أن تبقى بلفظ واحد مع الجميع فيقال : هند عسى أن تزورنا ، والرجلان عسى أن يسافرا ، والرجال عسى أن يعودوا ، وهلمّ جرّا (٢).

أسئلة يطلب أجوبتها

ما هو عمل كاد وأخواتها؟ كم قسما كاد وأخواتها؟ ماذا يشترط في خبر هذه الأفعال؟ هل يتوسط خبر هذه الأفعال بينها وبين اسمها؟ متى يقترن خبر هذه الأفعال (بأن) وجوبا وجوازا؟ متى يجب تجرده منها؟ هل تتصرف هذه الأفعال؟ متى تكون عسى وأوشك واخلولق تامة؟ هل مشتقات هذه الأفعال تعمل عملها؟.

__________________

(١) وسمع مصدر لكل من (كاد وطفق) التي مضارعها يطفق.

واعلم أنه يجوز فتح السين وكسرها في (عسى) عند إسنادها لضمير رفع متحرك نحو : (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ) والفتح أجود.

(٢) إن ما ذكرناه هو الأفصح وهو لغة أهل الحجاز. ثم إنه إذا اتصل بعسى ضمير نصب فقد يجعل نائبا عن ضمير الرفع ، وتبقى عسى على عملها من رفع الاسم ونصب الخبر كقول الشاعر [الوافر] :

نظرنا الخيل مقبلة فقلنا

عساهم ثائرين بمن أصيبا

وقد تعتبر حرفا بمعنى (لعل) فتعمل عملها من نصب الاسم ورفع الخبر وهكذا روي في قول الشاعر [الطويل] :

فقلت عساها نار كأس وعلّها

تشكّى فآتي نحوها فأعودها


تمرين

بيّن ما يجب اقترانه بأن وجوبا ، وما يكثر ، وما يقلّ فيه.

كاد النّصر يتمّ. أوشك النّهر يزبد. كرب العلم ينتشر في البلاد. عسى الله أن يأتي بالفرج. اخلولقت سحب الصيف أن تنقشع. حرى التلاميذ أن ينجحوا. شرع الشاعر ينشد. طفق الغريق يستغيث. أقبل الكاتب يتلو ما كتب. أنشأ السّائق يحدو. جعل الخطيب يعظ ببليغ كلامه. هبّ المصلحون يعملون لمصلحة الوطن. قام الأدباء يعيدون للّغة العربيّة نضرتها. أخذ الزّعماء يدافعون عن الوطن. أخذ الثوب يبلى. تكاد الحرب تضع أوزارها ، طفق التلاميذ يتنافسون في السّباحة. عسى الصّفاء أن يدوم. كادت الشمس تغيب [الطويل] :

إذا انصرفت نفسي عن الشيء لم تكد

إليه بوجه آخر الدّهر تقبل

[الوافر] :

عسى الكرب الذي أمسيت فيه

يكون وراءه فرج قريب

انبرى أهل المروءة يتسابقون في إنجاد المنكوبين. كاد الفقر يكون كفرا.

نموذج إعراب

كاد النّصر يتمّ. أخذ الزعماء يدافعون عن الوطن. عسى الصفاء أن يدوم.

الكلمة

إعرابها

كاد

فعل ماض ناقض من أفعال المقاربة مبني على الفتح

النصر

اسم كاد مرفوع بالضمة

يتم

فعل مضارع. والفاعل ضمير مستتر جوازا ، والجملة خبر كاد

أخذ

فعل ماض ناقص من أفعال الشروع مبني على الفتح

الزعماء

اسمها مرفوع بالضمة

يدافعون

فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو فاعل والجملة في محل نصب خبر أخذ

عن الوطن

جار ومجرور متعلقان بالفعل قبله (يدافعون)


الكلمة

إعرابها

عسى

فعل ماض ناقص من أفعال الرجاء مبني على فتح مقدر للتعذر

الصفاء

اسم عسى مرفوع بالضمة

أن

حرف مصدري ونصب

يدوم

فعل مضارع منصوب بأن ، والفاعل ضمير مستتر جوازا يعود إلى الصفاء. وأن والفعل مؤولان بمصدر خبر عسى (أي عسى الصفاء دوامه).

المبحث السابع : في الأحرف المشبّهة بليس

الأحرف المشبّهة بليس هي : أحرف نفي ، تعمل عملها ، وتؤدّي معناها ، وهي : «ما ، ولا ، ولات ، وإن».

ويشترط في عمل «ما» أربعة شروط :

الأوّل : ألّا يتقدم خبرها على اسمها.

والثاني : ألّا يتقدّم معمول خبرها على اسمها.

والثالث : ألّا تزاد بعدها إن.

والرابع : ألّا ينتقض نفي خبرها بإلّا.

فإن استوفت جميع هذه الشّروط عملت عمل ليس ، نحو (ما هذا بَشَراً) [يوسف : ٣١] ونحو : ما حسن أن يمدح المرء نفسه.

وإلّا بطل عملها ، نحو : ما قائم سليم وما أنت إلّا منذر (١).

__________________

(١) إنّ «ما» لا تعمل هذا العمل إلا في لغة أهل الحجاز ؛ ولذلك تلقب (بالحجازية) وأما بنو تميم فيهملونها مطلقا ، ولذلك تسمى المهملة (بالتّميمية).

ويجوز أن يكون اسمها معرفة كما ورد في الأمثلة المذكورة ، أو نكرة نحو : ما أحد أقرب إليّ منك. وقد أشبهت (ما) لفظة (ليس) في نفي الخبر في الحال عند الإطلاق.

وقد أجازوا الفصل بينها وبين اسمها بمعمول الخبر إذا كان ظرفا أو مجرورا ، نحو : ما


وتعمل «لا» المشبّهة بليس هذا العمل قليلا ، بالشّروط الّتي تقدّمت للفظة (١) «ما». ويزاد على ذلك أن يكون اسمها وخبرها نكرتين ، نحو : لا أحد ناجيا من الموت. وقد يحذف خبرها غالبا.

وتعمل «لات» (٢) عمل ليس بشرطين : أن يكون اسمها وخبرها من أسماء الزّمان «كالحين والسّاعة» ونحوهما ، بحيث يكونا بلفظ واحد.

وأن يكون أحدهما محذوفا ، والغالب كونه الاسم المرفوع ، نحو (وَلاتَ حِينَ مَناصٍ) [ص : ٣] أي : ليس الحين حين مناص وفرار.

وتعمل «إن» النّافية عمل «ليس نادرا» ، بشرط حفظ النّفي والتّرتيب ، نحو : إن أحد خيرا من أحد إلّا بالعقل والعلم.

وحفظ النّفي يكون بعدم انتقاض خبرها بإلّا ، ونحوها.

وحفظ التّرتيب يكون بعدم تقدّم خبرها ، ولا معموله عليها.

والغالب في استعمالها أن يقترن الخبر بعدها (بإلّا) فتكون مهملة ، نحو : إن هذا إلّا ملك كريم.

نموذج إعراب

ما كلّ غنيّ بسعيد ، لات وقت مزاح.

__________________

عندي أنت مقيما. وما لي أحد مطالبا.

وحيث إنها لا تعمل إلا في المنفي وجب رفع كل ما ينقض نفيه من متعلقاتها ، وذلك يكون في الخبر كما مر ، وفي المبدل منه إذا وقع بعد إلا نحو : ما سليم شيئا إلّا شيء لا يعبأ به ، وفي المعطوف عليه «ببل ولكن» نحو : ما سعيد متكاسلا بل مجتهد ، وما سعد مسافرا لكن مقيم ؛ وذلك على إتباع البدل لمحل الخبر قبل دخول ما ، وعلى كون المعطوف خبرا لمبتدإ محذوف تقديره هو ، أي بل هو مجتهد ، ولكن هو مقيم.

وتكثر زيادة الباء في خبر «ما» كما تزاد في خبر «ليس» نحو : (وَما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) ونحو : (أَلَيْسَ اللهُ بِكافٍ عَبْدَهُ) وتقل زيادة الباء في خبر (لا) كما تقلّ في كل ناسخ منفي.

(١) ما عدا زيادة (إن) فلا تزاد أصلا بعد (لا).

(٢) أصلها (لا) ثم زيدت تاء التأنيث للمبالغة ، وإنما كان اسمها وخبرها ظرفي زمان بلفظ واحد ليدلّ بالثابت منهما على المحذوف.


الكلمة

إعرابها

ما

حرف نفي يعمل عمل ليس وهو مبني على السكون

كل

اسم ما مرفوع ، وهو مشاف

غنيّ

مضاف إليه

بسعيد

الباء حرف جر زائد ، وسعيد خبر ما مجرور لفظا منصوب تقديرا

لات

حرف نفي يعمل عمل ليس مبني على الفتح ، واسمها محذوف ، تقديره ليس الوقت

وقت

خبر لات منصوب بالفتحة ، وهو مضاف

مزاح

مضاف إليه مجرور بالكسرة

أجب عن الأسئلة الآتية

ما هي الأحرف المشبهة بليس؟ ماذا يشترط في عمل ما ولا؟ متى تعمل لات هذا العمل؟ ومتى تعمل إن النّافية عمل ليس؟

تمرين

بيّن فيما يأتي الأدوات التي تعمل عمل ليس والتي لا تعمل عملها.

إن أنت إلّا صديق وفيّ. ما كل غنيّ بسعيد. ما إدراك العلا سهلا. ليس الفقر عيبا. ما معروفك ضائعا. إن الفراغ إلّا مفسدة. ما أحد أسمى من أحد إلّا بالعلم. إن سعيك إلا مشكورا. ما دنياك إلا فانية. ندم البغاة ولات ساعة مندم. لات وقت مزاح [الطويل] :

وما الحسن في وجه الفتى شرفا له

إذا لم يكن في فعله والخلائق

[الطويل] :

وما المرء إلا الأصغران لسانه

ومعقوله والجسم خلق مصور

[الكامل] :

ما كل ما فوق البسيطة كافيا

وإذا قنعت فبعض شيء كاف


[الكامل]

ندم البغاة ولات ساعة مندم

والبغي مرتع مبتغيه وخيم

إن الدنيا إلا صور تمرّ وما مرّ منها لا يعود.

المبحث الثامن : في الأحرف المشبّهة بالأفعال (إنّ وأخواتها)

الأحرف المشبهة بالأفعال (١) ستّة ، وهي :

إنّ ، وأنّ ، وكأنّ ، ولكنّ ، وليت ، ولعلّ. وهي تدخل على المبتدإ والخبر ، فتنصب الأوّل (٢) ويسمّى اسمها ، وترفع الثّاني (٣) ويسمى خبرها ، نحو : (إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [البقرة : ١٧٣] وفي هذا الباب مباحث :

المبحث الأول

الأصل في خبر هذه الأحرف أن يكون مؤخّرا عن اسمها ، ما لم يكن ظرفا أو مجرورا بالحرف فيجوز تقدّمه على اسمها إذا كان اسمها معرفة نحو : «إنّ في الدّار سليما».

__________________

(١) سمّيت هذه الأحرف مشبهة بالأفعال لأنها مبنية الأواخر على الفتح كالماضي مع بنائها على ثلاثة أحرف فصاعدا ، ولوجود معنى الفعل في كل منها ، كالتأكيد والتشبيه ، ونحوهما مما هو من معاني الأفعال.

أما معانيها فمعنى «إن وأنّ» التوكيد (أي توكيد النسبة ونفي الشك عنها).

ومعنى «كأنّ» التشبيه الأكيد نحو : كأنّ زيدا أسد إذا كان خبرها جامدا. وقد تأتي للشك إذا كان خبرها مشتقا أو ظرفا ، نحو : كأنّ زيدا قائم ، أو عندك.

ومعنى «لكنّ» الاستدراك وهو تعقيب الكلام برفع ما يتوهم من كلام سابق ، نحو : زيد غنيّ لكنّه بخيل فإنّ وصف زيد بالغنى يوهم أنه كريم ، فأزيل هذا الوهم بقولنا : لكنّه بخيل : ومعنى «ليت» التّمني وهو طلب المستحيل ، نحو : ليت الشباب يعود ، أو المتعذر والعسر الحصول ، نحو : ليت لي مال قارون.

ومعنى «لعل» (وقد يقال فيها علّ) الترجي وهو توقع الأمر الممكن المحبوب.

(٢) غير الملازم للتصدير (إلا ضمير الشأن).

(٣) غير الطلبي والإنشائي.


ويجب تقديم الخبر ، إذا كان اسمها نكرة لا مسوغ لها ، نحو : (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً) (٥) [الشرح : ٥].

ويجب تقديم الخبر أيضا إذا كان ظرفا أو مجرورا بالحرف في موضعين :

أوّلهما : إذا كان الاسم مقترنا بلام التّأكيد ، نحو : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً) [آل عمران : ١٣].

ولام التّأكيد (وتسمّى لام الابتداء) تدخل على أربعة أشياء :

١ ـ على اسم إنّ (مكسورة الهمزة فقط).

٢ ـ وعلى خبرها.

٣ ـ وعلى معمول الخبر.

٤ ـ وعلى ضمير الفصل.

فتدخل على اسمها بشرط أن يتقدّمه ظرف أو مجرور متعلّقان بخبرها ، نحو : إنّ من البيان لسحرا.

وتدخل على خبرها بشرط كونه مؤخرا ، مثبتا غير فعل ماض نحو : (إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعاءِ) [إبراهيم : ٣٩](وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَعْلَمُ) [النمل : ٧٤]. (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) (٤) [القلم : ٤] ـ فإن قرن الماضي (بقد) دخلت عليه اللّام (١) نحو : إنّ سليما لقد قام ـ ويجوز قليلا دخولها على الماضي الجامد لشبهه بالاسم ، نحو : إنّ خليلا لنعم الرّجل. وتدخل هذه اللّام أيضا على (ضمير الفصل أو العماد) ، نحو (إِنَّ هذا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُ) [آل عمران : ٦٢] وإن الحقّ لهو المتّبع. وكان حقّ هذه اللّام أن تدخل على أوّل الكلام لأنّ لها الصّدر ، لكن لمّا كانت (اللام) للتّأكيد و (إن) للتأكيد أيضا كرهوا الجمع بين الحرفين ، فاستحسنوا الفصل بينهما بلام الابتداء.

وإذا لحقت (ما) الزّائدة ـ الأحرف المشبّهة بالأفعال (٢) كفّتها عن العمل. ولذلك تسمّى «ما» الكافّة ، نحو : أنما إلهكم إله واحد [البقرة : ١٦٣] وكأنّما العلم نور ، إلّا (ليت) (٣) فيجوز فيها الإعمال والإهمال.

__________________

(١) وذلك لشبه الماضي المقرون (بقد) بالمضارع ، لقرب زمانه من الحال.

(٢) إلا (عسى ولا) فلا تلحقهما (ما الكافة عن العمل).

(٣) يجوز في «ليت» بعد أن تلحقها «ما» الإعمال والإهمال فتقول : «ليتما الشّباب يعود» بنصب


وإذا عطف على أسماء الأحرف المشبّهة بالأفعال نصب المعطوف سواء وقع قبل الخبر أو بعده ، نحو : «إنّ سليما وخليلا قائمان» أو إنّ سليما قائم وخليلا.

على أنّه إذا وقع المعطوف بعد الخبر جاز فيه أيضا الرّفع على أنه مبتدأ محذوف الخبر ، وذلك بعد : إنّ ، وأنّ ولكنّ (١).

نحو : «إنّ سعيدا قائم وسعد» أي وسعد كذلك.

و «أنّ» المفتوحة الهمزة تسبك مع خبرها بمصدر مضاف إلى اسمها ، فتقدير قولك : يعجبي أنّك مجتهد يعجبني اجتهادك.

وأمّا «إنّ» المكسورة الهمزة ، فإنّها لا تغيّر حكم الجملة بدخولها عليها.

فيجب كسر همزة «إنّ» إذا حلّت محل الجملة ، حيث لا يصحّ أن تؤّوّل مع ما بعدها بمصدر يسدّ مسدّها ، ومسدّ معموليها.

ويجب فتحها إذا حلّت محلّ المفرد ، حيث يجب أن تؤوّل مع ما بعدها بمصدر يسدّ مسدّها ، ومسدّ معموليها.

ويجوز فتحها ، وكسرها حيث يجوز التّأويل بمصدر ، وعدمه.

__________________

الشباب على أنه اسمها و «ليتما الشباب يعود» برفعه على أنه مبتدأ ، والأرجح إعمالها ، وبقاؤها مختصة بالجمل الاسمية.

ومتى لحقت «ما» هذه الأحرف تكفّها عن العمل وتهيئها للدخول على الجمل الفعلية ، نحو : (قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ) و (كَأَنَّما يُساقُونَ إِلَى الْمَوْتِ.) وإذا لم تكن ما الواقعة بعد هذه الأحرف زائدة بل كانت اسما موصولا نحو : إنّ ما عند الله باق أو حرفا مصدريا ، نحو : إن ما صبرت جميل أي إن صبرك جميل ، فلا تكفها عن العمل بل تبقى ناصبة الاسم وهو الاسم الموصول في الأول ، والمصدر المسبوك من «ما» وما بعدها في الثاني ، ورافعه الخبر في الموضعين. وتكتب حينئذ «ما» منفصلة ـ بخلاف «ما» الكافة فإنها تكتب متصلة.

(١) إنما جاز ذلك مع هذه الأحرف لأن «إنّ وأنّ» لتأكيد النسبة الواقعة بين الاسم والخبر فلا تغيران معنى الجملة ، «ولكنّ» لاستدراك ما قبلها فلا تغير شيئا من معنى الجملة أيضا. وأما البواقي من هذه الأحرف فلا يجوز فيها ذلك لأنها تخرج الكلام عن الإخبار بالمسند إلى طلبه أو التشبيه به فينتسخ عنه معنى الابتداء.


المبحث الثاني : المواضع التي يتعين فيها كسر همزة إنّ عشرة

أولا : إذا وقعت في ابتداء الكلام (حقيقة). نحو : (إِنَّ اللهَ غَفُورٌ) [البقرة : ١٧٣] أو (حكما) : نحو : (كَلَّا إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى) (٦) [العلق : ٦].

ثانيا : إذا وقعت بعد القول الّذي لا يتضمّن معنى الظنّ ، نحو : (قالَ إِنِّي عَبْدُ اللهِ) [مريم : ١٣].

ثالثا : إذا وقعت مع ما بعدها جوابا للقسم ، نحو : «والله ، إنك لصادق».

رابعا : إذا وقعت صدر الجملة الواقعة صلة الموصول. نحو : «جاء الذي إنّه مجتهد».

خامسا : إذا وقعت مع ما بعدها حالا ، نحو : «قصدته ، وإنّي واثق به».

سادسا : إذا وقعت بعد «حيث» ، أو «إذ» ، نحو : اجلس حيث إنّ خليلا جالس ، ونحو : سكتّ إذ إنّك ساكت.

سابعا : إذا وقعت مع ما بعدها خبرا عن اسم ذات ، أو صفة له ، نحو : «سليم إنّه كريم» و «جاء خليل إنّه فاضل».

ثامنا : إذا وقعت بعد عامل علّق باللام ، نحو : «علمت إنّ خليلا لمحسن».

تاسعا : إذا وقعت صدر جملة استئنافية ، نحو : «يزعمون أنّي متكاسل إنّهم لكاذبون».

عاشرا : بعد حتّى الابتدائية ، نحو : مرض سليم حتّى إنّهم لا يرجونه.

المبحث الثالث : المواضع التي يتعيّن فيها فتح همزة «أن» أربعة :

أولا : إذا كانت وما بعدها في موضع الفاعل ، نحو : «بلغني أنّك مسافر» ، أو نائبه ، نحو : سمع أنّ العدوّ قادم ، أو المفعول به. نحو : عرفت أنك ودود.

ثانيا : إذا كانت وما بعدها في موضع المبتدإ ، نحو : عندي أنّك فاضل.

ثالثا : إذا كانت وما بعدها في موضع الخبر عن اسم معنى ، نحو : الحقّ أنّ العلم نافع.


رابعا : إذا وقعت مع ما بعدها في موضع المضاف إليه ، أو المجرور بالحرف ، نحو : أحبّك مع أنّك ظالم ، وسررت من أنّك مجتهد.

المبحث الرابع : المواضع التي يجوز فيها كسر همزة «إنّ» وفتحها

أوّلا : بعد «إذا» الفجائيّة ، نحو : خرجت فإذا إنّ أسدا واقف (١).

ثانيا : بعد فاء الجزاء ، نحو : إن تجتهد فإنّك تنجح (٢).

ثالثا : في موضع التّعليل ، نحو : اطلب العلم إنه سبيل الفلاح (٣).

رابعا : بعد فعل قسم بدون اللام بعده ، نحو : أقسم إنّ الدّار ملك سليم (٤).

خامسا : بعد «لا جرم» ، نحو : لا جرم أنّ الله يعلم (٥).

المبحث الخامس : تخفيف إنّ ، وأنّ ، وكأنّ ، ولكنّ

يجوز أن تخفّف الأحرف المختومة بالنّون ، وهي :

إنّ ، وأنّ ، وكأنّ ، ولكنّ ، وذلك يكون بحذف النّون الثّانية ، فيقال : إن ، وأن ، وكأن ، ولكن.

__________________

(١) فالكسر على معنى : فإذا أسد واقف والفتح على تأويل ما بعدها بمصدر هو مبتدأ ، وخبره محذوف ، والتقدير : فإذا وقوفه حاصل.

(٢) فالكسر على معنى «فأنت تنجح» والفتح على أن ما بعدها مؤول بمصدر مرفوع مبتدأ ، وخبره محذوف ، والتقدير : إن تجتهد فنجاحك حاصل.

(٣) فالكسر على أنها جملة استئنافية ، والفتح على إضمار لام التعليل الجارة أي لأنّه سبيل الفلاح.

(٤) فالكسر على قصد الجواب لأنه لا يكون إلا جملة ، والفتح على تقدير حرف الجر ، أي على أنّ الدار ملك سليم.

(٥) فالكسر على تنزيل «لا جرم» منزلة القسم ، والفتح غالبا على اعتبار «لا جرم» بمعنى «لا بد» فلا نافية للجنس وما بعد «أنّ» مؤول بمصدر على تقدير «من» ويكون متعلق الجار والمجرور هو الخبر ، والتقدير : لا بد من أن الله يعلم.


فإذا خفّفت (إنّ) المكسورة الهمزة أهملت غالبا لزوال اختصاصها وتلزم لام الابتداء الخبر بعد المهملة ، فارقة بينها وبين (إن) النّافية (١) فإن وليها فعل ، كثر كونه من الأفعال النّأسخة ، نحو : وإن نظّنك لمن الكاذبين ، ونحو : (وَإِنْ كانَتْ لَكَبِيرَةً) [البقرة : ١٤٣].

وإن وليها اسم ، فالأرجح إهمالها ويلزم دخول اللام على الخبر ، نحو : إن أنت لصادق ، وإن عليّ لشجاع. وتخفيف (إنّ) نادر الاستعمال.

وإذا خفّفت «أنّ» المفتوحة الهمزة ، بقيت عاملة وجوبا واسمها ضمير شأن محذوف وجوبا (٢) ولا يكون خبرها إلا جملة. فإن كانت الجملة فعليّة فعلها متصرف ، وجب فصلها عنه بما يفرق بينها وبين أن النّاصبة للفعل ، وذلك يكون إمّا «بقد» أو «بالسّين» أو «سوف» أو أحرف النّفي ، أو أدوات الشّرط ، نحو : عرفت أن قد حان الامتحان وأن سينجح أخوك وأن لن ينجح المتكاسلون وأن لو اجتهدتم لنجحتم وترك الفصل نادر ، نحو : قول الشاعر [الخفيف] :

علموا أن يؤملون فجادوا

قبل أن يسألوا بأعظم سؤل

وإن كانت الجملة اسميّة ، أو فعليّة ، صدرها فعل جامد ، أو دعاء استغنت عن

__________________

(١) يؤتى بهذه اللام تفرقة بين إن المخففة من الثقيلة ، وإن النافية.

ولذلك تسمى اللام الفارقة ، وإن أمن اللبس جاز تركها كقول الشاعر [الطويل] :

أنا ابن أباة الضّيم من آل مالك

وإن مالك كانت كرام المعادن

(٢) ضمير الشأن : ضمير غائب مفرد يكنى به عن الشأن ، أي الأمر الذي يراد الحديث عنه ، وقد يكنى به عن القصة ، فيقال له (ضمير القصة) فإذا قدر أن المراد به (الشأن) كان مذكرا. أو (القصة) كان مؤنثا ، نحو : هو الله أحد ، وهي الدنيا غرور.

ويجب في هذا الضمير أن يكون مقدما ، وهو لا يعود إلّا إلى ما بعده. ولا يكون إلّا مبتدأ ، أو معمولا لأحد النواسخ التي تدخل على المبتدأ. ولا يحتاج إلى رابط يربطه بالجملة التي بعده ، ولا يكون إلّا غائبا مفردا. ولا يستعمل إلّا حيث يراد التفخيم.

واعلم أن مفسر ضمير الشأن يجب أن يكون جملة متأخرة عنه ، وأن يكون لها محل من الإعراب ، ولا يعود منها ضمير إليه.

واعلم أن هذه الجملة لا تكون خبرا لضمير الشأن إلا بعد أفعال القلوب فتكون مفعولها الثاني ، وضمير الشأن مفعولها الأول.

وقد يأتي (نادرا) مفسر ضمير الشأن مفردا ، كما في قوله [الطويل] :

هو الحب فاسلم بالحشا ما الهوى سهل

فما اختاره مضنى به وله عقل


الفاصل ، نحو : (وَآخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) [النجم : ٣٩] ونحو : (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى) (٣٩) [يونس : ١٠] ونحو : اعلم أن ليس للصّابر إلّا الصّبر.

وإذا خفّفت «كأنّ» بقي أيضا إعمالها.

ويكون اسمها ضمير شأن محذوفا ، وخبرها الجملة التي بعدها. فإن كانت الجملة اسميّة ، لم تحتج إلى فاصل ، وإن كانت فعليّة صدرها فعل متصرّف ، فصلت عنه في الإيجاب «بقد» وفي النّفي «بلم» ، نحو : سكت وكأن قد تكلّم ، وغاب وكأن لم يغب. وانقضت السّنة كأن لم تكن وإذا خفّفت «لكنّ» بطل عملها وجوبا ولم تدخل إلّا على الجملة ، نحو : جاء يوسف ولكن خليل لم يجئ ، وسافر سليم ولكن جاء أخوه واعلم أنه يستحسن اقترانها والحالة هذه بالواو تفرقة بينها وبين العاطفة ولا يجوز تخفيف (لعلّ) ، على اختلاف لغاتها.

١ ـ نموذج إعراب

[البسيط] :

وكن على الدّهر معوانا لذي أمل

يرجو نداك فإنّ الحرّ معوان

الكلمة

إعرابها

وكن

الواو بحسب ما قبلها ـ كن فعل أمر ناقص مبني على السكون لا محل له من الإعراب.

واسمه مستتر وجوبا تقديره أنت.

على الدهر

على الدهر جار ومجرور متعلقان بمعوان. معوانا خبر كن منصوب بالفتحة.

معوانا لذي أمل

اللام حرف جر مبني على الكسر. ذي مجرور بالياء نيابة عن الكسرة لأنه من الأسماء الخمسة : أمل مضاف إليه مجرور بالكسرة الظاهرة ، والجار والمجرور متعلقان بمعوان.

يرجو

فعل مضارع مرفوع بضمة مقدرة على الواو للثقل. والفاعل مستتر جوازا تقديره هو يعود على ذي أمل.


الكلمة

إعرابها

نداك

ندى مفعول به منصوب بفتحة مقدرة على الألف للتعذر والكاف مضاف إليه مبني على الفتحة في محل جر والجملة في محل جر صفة لذي أمل.

فإنّ

الفاء للتعليل حرف. إن حرف توكيد ونصب مبني على الفتح.

الحر معوان

الحر اسم إن منصوب بالفتحة. معوان خبر إن مرفوع بالضمة.

تمرين

اذكر الموجب لكسر همزة إنّ ، والموجب لفتحها ، أو المجيز للأمرين :

علمت أن الأرض تدور من الغرب إلى الشرق وأعلم بأن الله على كل شيء قدير.

لو أنهم صبروا لفازوا. (وَمِنْ آياتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خاشِعَةً) [فصلت : ٣٩]. لا جرم أن العدل أساس الملك. إنّ تقتيرك على نفسك توفير لخزانة غيرك. إن البلاء موكل بالمنطق. إنما البطل من يملك نفسه وقت الغضب. لا تضع الوقت سدى إن الوقت ثمين.

٢ ـ نموذج إعراب

[البسيط] :

إنّ الحياة نهار أو سحابته

فعش نهارك من دنياك إنسانا

الكلمة

إعرابها

إن الحياة

إن حرف توكيد ونصب. الحياة اسم إن منصوب بالفتحة الظاهرة.

نهار

نهار خبر إن مرفوع بالضمة الظاهرة.

أو سحابته

أو حرف عطف. سحابة معطوفة على نهار مرفوعة بالضمة والهاء مضاف إليه مبني على الضم في محل جر.


الكلمة

إعرابها

فعش

الفاء واقعة في جواب شرط مقدر حرف. عش فعل أمر مبني على السكون لا محل له من الإعراب. والفاعل مستتر وجوبا تقديره أنت.

نهارك

نهار مفعول فيه ظرف زمان منصوب بالفتحة. والكاف مضاف إليه مبني على الفتح في محل جر.

من دنياك

من حرف جر. دنيا مجرورة بالكسرة المقدرة على الألف للتعذر. والكاف مضاف إليه مبني على الفتح في محل جر.

والجار والمجرور متعلقان بمحذوف حال من نهارك.

إنسانا

حال من فاعل عش منصوب بالفتحة.

المبحث السادس : لا النافية للجنس

لا النّافية للجنس (١) تدلّ على نفي الخبر عن جميع الجنس الواقع بعدها على

__________________

(١) اعلم أن (لا) النافية تدخل تارة على الفعل ، فإن كان ماضيا وجب تكرارها نحو : (فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى) (٣١) وإن كان مضارعا لم يجب التكرار. نحو لا يسافر الأمير وتارة تدخل على الاسم ، فإن كان مفردا كانت العاملة عمل ليس ظاهرة في نفي الجنس بأجمعه ، محتملة لنفي الوحدة والعاملة عمل (إنّ) نصا في نفي جميع الجنس وإن كان الاسم : مثنى ، أو جمعا ، احتمل كل منهما الأمرين.

ولم يكن عمل (لا) النافية للجنس (رفعا) لئلا يتوهم أنه بالابتداء ، ولا (جرا) لئلا يتوهم أنه (بمن) المنوية فإنها في حكم الموجودة لظهورها في بعض الأحيان كقول الشاعر [الطويل] :

فقام يذود الناس عنها بسيفه

وقال ألا لا من سبيل إلى هند

وعليه ، فقد تعين أن يكون عملها نصبا لما ذكر.

وأيضا لمشابهتها (إنّ) في التأكيد ، فإنها في تأكيد النفي نظير (إنّ) في تأكيد الإثبات. وذلك من باب حمل النظير على النظير ، والنقيض على النقيض.

واعلم أنها تعمل على نفي الجنس نصا إذا كان اسمها مفردا فقط.

وتسمى لا هذه أيضا (بلا التبرئة) لأنها تبرئ الجنس مما ينسب إليه ، وتنزّهه عنه.


سبيل التّنصيص ، لا على سبيل الاحتمال ، نحو : (لا إِلهَ إِلَّا اللهُ) ونحو : لا رادّ لما قضاه الله. وتعمل (لا) النّأفية للجنس (١) عمل (إنّ) ، فتنصب الاسم وترفع الخبر بستّة شروط.

١ ـ أن تكون نافية للجنس نصّا لا احتمالا.

٢ ـ أن يكون المنفيّ الجنس بأجمعه ، بحيث لا يبقى فرد من أفراده.

٣ ـ أن يكون اسمها وخبرها نكرتين.

٤ ـ أن يكون اسمها متّصلا بها ، ويلزمه تأخير الخبر عنه.

٥ ـ عدم تقدّم خبرها عليها.

٦ ـ عدم دخول حرف جرّ عليها (٢).

مثال المستوفي الشّروط الستّة : لا حلية أثمن من مكارم الأخلاق.

__________________

(١) توضيح ذلك أن (لا) على نوعين : نافية للجنس نصا ، ونافية للجنس وللوحدة احتمالا ؛ فالمحتملة لهما هي العاملة عمل ليس. فإذا قلت : لا رجل قائما ، صحّ أن تقول : بل رجلان ، على إرادة الوحدة. ويمتنع على إرادة الجنس (أي انتفى القيام عن كل فرد من أفراد ذلك الجنس) ، فهي تنفي بدخولها حقيقة النكرة كلّها. فإذا قلت : لا رجل في الدار ، نفيت جنس الرجال من الدار ، حتى لا يجوز أن يقال : بل رجلان ، خلافا (للا) التي تعمل عمل ليس فإنه يصح بعدها (بل رجلان).

واعلم أنه إذا دخلت همزة الاستفهام على (لا) لم يتغير الحكم نحو ألا ارعواء لمن ولّت شبيبته؟

(٢) فإن فقد شرط من الشروط الستة بأن تكون (لا) غير نافية ، أو كانت نافية للوحدة فلا تعمل عمل (إنّ) وكذا إذا كان اسمها معرفة أو نكرة منفصلا منها أهملت ووجب تكرارها ، نحو : لا سليم في المدرسة ولا خليل ، ونحو : لا عندنا رجل ولا امرأة.

وكذا إذا دخل عليها حرف جر فيبطل عملها ويعرب ما بعدها مجرورا به ، نحو : ركبت الجواد بلا سرج ، نحو : يغضب الأحمق من لا شيء.

وإنما لزم كون اسمها نكرة فلأجل أن تدل بوقوعه في سياق النفي على العموم. وإنما لزم تنكير الخبر فلأجل عدم الإخبار بالمعرفة عن النكرة ، فلو دخلت على اسم معرفة ، أو فصلت عنه وجب إهمالها وتكرارها ، نحو : لا خليل في المدرسة ولا سليم ، ولا في مصر سعد ، ولا صفيّة. وإذا كانت المعرفة مؤوّلة بنكرة جاز ، نحو : لا حاتم عندنا ، (أي لا كريم عندنا).


واسم (لا) ثلاثة أنواع : مفرد (١) ، ومضاف ، ومشبّه بالمضاف ،

فإذا كان اسم (لا) مفردا يبنى على ما كان ينصب به ، نحو : لا سيف أقطع من الحقّ ، ولا حقوق إلّا بالعدل ، ونحو : لا ضدّين مجتمعان. ونحو : لا مسلمين في الجاهليّة ، ونحو : لا لذّات باقية (٢).

وإذا كان اسم (لا) مضافا أو مشبّها به ، وجب أن يكون معربا (٣) منصوبا ، نحو : لا شاهد زور محبوب ، ولا كريما عنصره سفيه ، ولا متقنا عمله يفشل فيه ، ولا واثقا بالله ضائع ، ولا طالعا جبلا حاضر.

المبحث السابع : في تكرار «لا»

إذا تكرّرت «لا» وكان اسمها نكرة متّصلا بها ، نحو : لا حول ولا قوّة إلّا بالله جاز فيه خمسة أوجه :

__________________

(١) المراد بالمفرد في هذا الباب ما ليس مضافا ، ولا شبيها بالمضاف فيشمل المثنى ، وجمع المذكر السالم ، وجمع التكسير ، وجمع المؤنث السالم فكلها من قبيل المفرد. وتبنى على ما كانت تنصب به من فتحة أو ما ينوب عنها كالياء في المثنى ، والجمع والكسرة في جمع المؤنث السالم. واعلم أن اسم لا إنّما بني لتضمّنه معنى الحرف لأنّ قولك : لا رجل في الدار متضمن معنى (من).

(٢) يجوز في جمع المؤنث السالم بناؤه على الكسر باعتبار أنّه ينصب بالكسرة ، وبناؤه على الفتح نظرا إلى الأصل في بناء المركبات.

(٣) اعلم أن اسم لا النافية للجنس نوعان : معرب ، ومبني.

فالمعرب : ما كان (مضافا) نحو : لا صاحب خير مذموم ، أو شبيها بالمضاف وهو : كل ما تعلّق بما بعده بعمل أو عطف عليه ، وبعبارة أخرى : هو ما اتصل به شيء من تمام معناه مرفوعا كان أو منصوبا أو مجرورا على غير جهة الصلة أو الإضافة.

ومثال المرفوع به ، نحو : لا حسنا وجهه مكروه.

ومثال المنصوب به ، نحو : لا راكبا جوادا في الطريق.

ومثال المجرور به ، نحو : لا خيرا من سعد عندنا.

ومثال المعطوف عليه ، نحو : لا ثلاثة وثلاثين تلميذا في الغرفة.

والمبني ما كان مفردا ، أو جمع تكسير ، أو مثنى ، أو جمع مذكر سالما ، أو جمع مؤنث سالما ، مما سبق ذكره.


١ ـ إعمال المكرّرتين ، وبناء اسميهما على الفتح (وهو الأصل) فتقول : لا حول ولا قوّة إلّا بالله.

٢ ـ إلغاء المكرّرتين ورفع ما بعدهما ، إما بالابتداء ، وإمّا عاملتان عمل ليس ، فتقول : لا حول ولا قوة إلّا بالله.

٣ ـ إعمال الأولى وبناء ما يليها (١) ، وإلغاء الثّانية ورفع ما بعدها فتقول : لا حول ولا قوة إلّا بالله.

٤ ـ إلغاء الأولى ، ورفع ما يليها (٢) ، وإعمال الثّانية ، وبناء ما بعدها ، فتقول : (لا حول ولا قوّة إلّا بالله).

٥ ـ إعمال الأولى ، وبناء ما يليها ، وإلغاء الثّانية ونصب ما بعدها عطفا على محلّ الأولى (٣) ، فتقول : لا حول ولا قوّة إلّا بالله.

المبحث الثامن : في حكم نعت (٤) اسم (لا) المفرد ، والمضاف ، والمشبّه بالمضاف.

إذا نعت اسم (لا) المفرد بمفرد متّصل به جاز في النّعت بناؤه على (٥) الفتح

__________________

(١) فتكون (لا) الأولى عاملة ، والثانية ملغية. والمرفوع بعدها معطوف على محل الأولى قبل دخول (لا) باعتبار كونه مبتدأ قبل دخولها ، أو أعمال الثانية عمل (ليس).

(٢) فتكون (لا) الأولى ملغية ، أو عاملة عمل (ليس) وتكون (لا) الثانية عاملة عمل (إنّ).

(٣) فتكون (لا) الأولى عاملة عمل (إنّ) وتكون (لا) الثانية زائدة لتأكيد الأولى ، ويكون الاسم الثاني منونا منتصبا بالعطف على محل اسم (لا) الأولى. وهذا الوجه الخامس أضعف الوجوه.

واعلم أنه إذا كان المعطوف على اسم (لا) معرفة ، وجب رفع المعرفة سواء تكررت (لا) أو لم تتكرر ، نحو : لا رجل ولا زيد في الدار ، ولا رجل وزيد في الدار. وإن لم تتكرر لا ، وعطفت وجب فتح الأول وجاز في الثاني النصب عطفا على المحل والرفع عطفا على محل فالرواية بنصب ابن ويجوز رفعه.

(٤) اعلم أنه إذا نعت اسم (لا) وكان النعت والمنعوت مفردين ، ولم يفصل بينهما فاصل ، جاز في النعت ثلاثة أوجه : الفتح على اعتبار تركيبه مع المنعوت كتركيب خمسة عشر والنصب مراعاة لمحل اسم لا والرفع مراعاة لمحلها مع اسمها فإنّ محلهما رفع بالابتداء ؛ فإن انتفى شرط امتنع البناء على الفتح لعدم إمكانه ، وصحّ الوجهان الآخران.

(٥) أما الفتح فباعتبار أنه ركب مع الموصوف قبل دخول لا ، فصار معه كالاسم الواحد.


كمنعوته ، وجاز فيه أيضا النّصب ، والرّفع فتقول : لا رجل ظريف ، أو ظريفا ، أو ظريف عندنا.

وإذا (فصل) النّعت امتنع بناؤه على الفتح كمنعوته ، وجاز فيه النّصب ، والرفع ، فتقول : لا رجل عندنا ظريفا ، أو ظريف.

وإذا نعت اسم (لا) المضاف ، أو المشبّه به ، جاز في النّعت النّصب ، والرّفع فقط سواء فصل النعت أو لم يفصل ، نحو : لا طالب علم متكاسلا ، أو متكاسل في المدرسة ، ولا صاحب علم في المدينة بارعا أو بارع ، ولا رجل قبيحا ، أو قبيح وجهه عندنا.

وإذا (فصل) النّعت امتنع بناؤه على الفتح كمنعوته ، وجاز فقط فيه النّصب ، والرفع ، فتقول : لا رجل عندنا ظريفا ، أو ظريف.

وإذا نعت اسم (لا) المضاف ، أو المشبّه به ، جاز في النّعت النّصب ، والرّفع فقط سواء فصل النعت أو لم يفصل ، نحو : لا طالب علم متكاسلا ، أو متكاسل في المدرسة ، ولا صاحب علم في المدينة بارعا أو بارع ، ولا رجل قبيحا ، أو قبيح وجهه عندنا.

المبحث التاسع : خبر لا النافية للجنس

يكثر حذف خبر (لا) إذا كان معلوما بأن دلّت عليه قرينة ، نحو : لا ضير ولا بأس ، أي عليك. وأكثر ما يحذفونه مع «إلّا» نحو : (لا إِلهَ إِلَّا اللهُ) (أي لا إله موجود إلّا الله).

ويقلّ حذف الاسم مع بقاء الخبر كقولهم : لا عليك ، أي لا بأس أو لا جناح ، وإذا جهل خبر (لا) وجب ذكره كالأمثلة السّابقة.

أجب عن الأسئلة الآتية

ما هي (لا) النافية للجنس؟ ماذا تعمل لا النافية للجنس؟ ماذا يشترط في عملها؟ كمن نوعا يكون اسم لا؟ ما هو حكم اسم لا؟ ما هو حكم (لا) إذا فصل بينها


وبين اسمها؟ إذا نعت اسم لا فما هو حكم النعت؟ هل يحذف اسم لا وخبرها؟ كم وجها يصح في اسم لا إذا تكررت بدون فاصل؟ ما حكم المعطوف على اسم لا؟

تمرين

بيّن اسم (لا) المفرد ، والمضاف ، والمشبه بالمضاف.

لا فقر أضر من الجهل. لا عاقبة محمودة للضالين. لا شفيقا بعباد الله مذموم. لا مال ولا بنين تشفع للمذنب. لا سيف ولا رمح في جانب العقل والرأي [البسيط] :

لا خيل عندك تهديها ولا مال

فليسعد النطق إن لم تسعد الحال

لا إيمان لمن لا أمانة له ولا دين لمن لا عهد له. لا متشاركين في نافع محتقران [البسيط] :

فيم الإقامة بالزوراء لا سكني

بها ولا ناقتي فيها ولا جملي

لا ساعيا في الصلح مكروه. لا لغو ولا تأثيم فيها. لا متهاونين في أداء واجباتهم ممدوحون. لا هو حي يرجى ، ولا ميت فينعى. لا دفتري معي ولا قلمي [البسيط] :

لا خير في العيش ما دامت منّغصة

لذاته بادّكار الموت والهرم

[البسيط] :

إن الشباب الذي مجد عواقبه

فيه نلذّ ولا لذات للشيب

[الكامل] :

لا خير في حسن الجسوم ونبلها

إذا لم تزن حسن الجسوم عقول

[الطويل] :

ولا خير في حلم إذا لم تكن له

بوادر تحمي صفوه أن يكدّرا

نموذج إعراب

لا سرور دائم. لا شاهد زور محبوب. لا فرقدين مفترقان. لا مؤمنين متخاصمون.


الكلمة

إعرابها

لا سرور

لا نافية للجنس. وسرور اسمها مبني على الفتح في محل نصب.

دائم

خبر لا مرفوع بالضمة الظاهرة

لا شاهد

لا نافية للجنس. وشاهد اسمها معرب منصوب لأنه مضاف.

زور محبوب

مضاف إليه مجرور ، ومحبوب خبر لا مرفوع بالضمة الظاهرة.

لا فرقدين

لا نافية للجنس ، وفرقدين اسمها مبني على الياء في محل نصب.

مفترقان

خبر لا ، مرفوع بالألف نيابة عن الضمة لأنه مثنى والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد.

لا مؤمنين

لا نافية للجنس ، ومؤمنين اسمها مبني على الياء في محل نصب.

متخاصمون

خبر لا مرفوع بالواو نيابة عن الضمة لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد.

المبحث العاشر : ظنّ وأخواتها

ظنّ وأخواتها أفعال تدخل على الجملة الاسميّة ، فتنصب الجزأين : (المبتدأ والخبر) ، على أنّهما مفعولان لها.

وهي نوعان : أفعال قلوب (١) ، وأفعال تصيير (٢).

فأفعال القلوب ، منها : ما لا يتعدّى بنفسه ، نحو : فكّر ، وتفكّر ومنها : ما يتعدّى لواحد (٣) ، نحو : عرف ، وفهم ومنها : ما يتعدّى لاثنين ، وهو المراد هنا.

__________________

(١) إنما سميت : أفعال قلوب لأن معانيها من العلم والظّنّ والشّك قائمة بالقلب ومتعلّقة به ، من حيث إنها صادرة عنه ، لا عن الجوارح والأعضاء الظاهرة.

(٢) إنما سمّيت أفعال تصيير لدلالتها على تحويل الشيء من حالة إلى حالة أخرى.

(٣) المتعدّي إلى واحد كثير في اللغة العربية ، وعلامته أن تتصل به (هاء) ضمير المفعول به ، نحو : فهم ، وحفظ. تقول المسألة فهمتها ، وحفظتها.

وأمّا (اللازم) فهو ما لا ينصب المفعول به ، ومنه أفعال السجايا أي الطبائع كجبن وشجع.

ومنه أفعال الهيئات كطال وقصر. ومنه أفعال الألوان كاخضرّ واحمرّ. ومنه أفعال الفرح


وتنقسم أفعال القلوب المتعدّية إلى مفعولين باعتبار معناها إلى أربعة أقسام :

الأوّل : ما يفيد اليقين وتحقّق وقوع الخبر ، وهو أربعة أفعال :

١ ـ وجد ، نحو : وجدت الصّلاح سرّ النّجاح.

٢ ـ وألفى ، نحو : ألفيت الاجتهاد وسيلة للفلاح.

٣ ـ ودرى ، نحو : ما درى الناس استخدام قوّة الطّبيعة ممكنا إلّا أخيرا.

٤ ـ وتعلّم ، بمعنى اعلم ، نحو : تعلّم شفاء النّفس قهر عدوّها.

الثاني : ما يفيد ترجيح وقوع الخبر ، وهو خمسة أفعال :

١ ـ جعل ، نحو : جعلت الصّعب سهلا.

٢ ـ وحجا ، نحو : حجوت سليما صديقا.

٣ ـ وعدّ ، نحو : عددت الصّديق شريكا لي في الضيق.

٤ ـ وزعم ، نحو : زعمت عليّا شجاعا.

٥ ـ وهب ، نحو : هب الأيّام مسالمة.

الثالث : ما يدلّ على اليقين والرّجحان. ولكن الغالب فيه كونه لليقين ، وهو فعلان :

١ ـ رأى (١) ، نحو : رأيت تقدّم المرء موقوفا على حسن أخلاقه.

__________________

والحزن ، نحو : فرح وغضب. ومنه أفعال النظافة والوساخة ، نحو : نظف وقذر ـ وكذا إذا كان مطاوعا وأثرا للمتعدّي لواحد نحو : دحرجت الكرة فتدحرجت ، وكذا ما كان على وزن (إفعللّ) كاقشعرّ (وافعنلل) كاحرنجم ، أو كان محوّلا إلى (فعل) لإفادة المدح أو الذم ، كفهم التلميذ.

واعلم أن الفعل المتعدي هو : ما تجاوز حدوثه من الفاعل إلى المفعول به ، نحو : بريت القلم. واللازم هو : ما استقر حدوثه في نفس الفاعل واكتفى بفاعله ، ولا يتعدّاه ، نحو : أزهر النبات. والفعل المتعدي ، إما أن يصل إلى مفعوله مباشرة ، نحو : حفظت الدرس ، وإمّا بواسطة حرف الجر ، نحو : عدلت بك إلى الخير ، أي أملتك.

(١) إنّ أرى ، وأعلم الداخلة عليهما همزة التعدية تنصبان المبتدأ والخبر مفعولا ثانيا ومفعولا ثالثا لهما بعد استيفائهما فاعلهما ، ونصبهما مفعولا أول. فيجتمع لهما نصب ثلاثة مفاعيل ، نحو : أريت التلميذ العلم نافعا. وأعلمته الدرس مفيدا. ويكون للمفعولين الثاني والثالث من مفاعيل أرى وأعلم كل ما لمفعولي علم ورأى من الأحكام. فيعلق الفعل عنهما إذا


٢ ـ وعلم ، نحو : علمت الصّدق منجيا.

الرابع : ما يستعمل لليقين والرّجحان ، ولكن الغالب فيه كونه للرّجحان ، وهو ثلاثة أفعال :

١ ـ ظنّ ، نحو : ظننت الفرج قريبا.

٢ ـ وحسب ، نحو : حسبت المال نافعا.

٣ ـ وخال ، نحو : خلت الكتاب رفيقا.

وكلّها باعتبار لفظها تتصرّف تصرّفا ما عدا : (هب ، وتعلّم) فيلزمان الأمر ، نحو : هبني مسيئا فاعف عنّي.

وكلّ ما يشتقّ (١) من أفعال القلوب يعمل عمل ماضيها. وتختصّ أفعال القلوب ما عدا (تعلّم) بأنّه يجوز أن يكون فاعلها ومفعولها ضميرين متّصلين صاحبهما واحد ، نحو : وجدتني وحيدا أي وجدت نفسي ، وهذا لا يجوز في غيرها في الأفعال الّتي ليست من أفعال القلوب ، فلا يقال : ضربتني ، بل ، ضربت نفسي (٢).

المبحث الحادي عشر : في أفعال التّصيير والتّحويل ، وهي :

١ ـ جعل ، نحو : (فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً) [الفرقان : ٢٣].

٢ ـ وردّ ، نحو : فردّ شعورهنّ السّود بيضا.

__________________

سبقهما ما له صدر الكلام ، نحو : أعلمت سليما لسعد حاضر ويجوز الإعمال والإلغاء في مثل : سليم أعلمت خليلا قائم.

وهناك خمسة أفعال ضمنت معنى (أعلم) وأجريت مجراها في العمل وهي : خبّر وأخبر ، ونبأ ، وأنبأ ، وحدّث ؛ ولم يسمع إعمالها عن العرب إلّا وهي بصيغة المجهول ، نحو : أنبئت سعدا زعيما.

(١) نحو أظنّ سعيدا صادقا. وأخطأت في ظنك سعدا كاذبا. وأنا ظانّ سليما صادقا ، وهلم جرّا.

(٢) على أنهم أجازوا هذا الاستعمال في : عدم ، وفقد لأنهما ضدّ (وجد) فحملوهما عليها حمل النقيض على النقيض.


٣ ـ وترك ، نحو : (وَتَرَكْنا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ) [الكهف : ٩٩].

٤ ـ واتّخذ ، نحو : (وَاتَّخَذَ اللهُ إِبْراهِيمَ خَلِيلاً) [النساء : ١٢٥].

٥ ـ وتخذ ، نحو : تخذت سعدا صديقا.

٦ ـ وصيّر ، نحو : قوّة الحرارة تصيّر الماء بخارا.

٧ ـ ووهب ، نحو : وهبني الله فداءك ، أي : صيّرني.

وكلّ أفعال التّصيير والتّحويل تتصرّف ، (أي يأتي منها المضارع والأمر وغيرهما) ، ما عدا (وهب) التي هي من أفعال التّصيير ، فإنها ملازمة لصيغة الماضي.

وكلّ ما اشتقّ من أفعال التّصيير يعمل عمل ماضيها أيضا.

المبحث الثاني عشر : في الإعمال ، والإلغاء ، والتّعليق

فأمّا الإعمال ، فهو الأصل وذلك يكون في الجميع.

وأمّا الإلغاء ، فهو إبطال العمل لفظا ومحلّا في الجزأين ؛ وذلك لضعف العامل بتوسّطه بين الجزأين (١) ، نحو : الأمير ظننت مسافر ، أو لضعف العامل بتأخّره عنهما ، نحو : المدينة جميلة حسبت.

وإلغاء العامل المتأخّر أقوى من إعماله ، كما وأنّ إعمال العامل المتوسّط أقوى الكلام بعد هذه الأفعال. والموانع هي ما يأتي :

١ ـ (لا وإن) النّافيتان الواقعتان في جواب قسم ملفوظ به. أو مقدّر ، نحو : علمت والله لا سليم في المدرسة ولا خليل. وعلمت إن عليّ حاضر.

٢ ـ ما النّافية ، نحو : (لَقَدْ عَلِمْتَ ما هؤُلاءِ يَنْطِقُونَ) [الأنبياء : ٦٥].

٣ ـ لام الابتداء ، نحو : علمت لأخوك مجتهد.

٤ ـ لام القسم ، نحو : علمت لينصرنّ الله المؤمنين.

٥ ـ كم الخبريّة ، نحو : (أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ) [يس : ٣١].

__________________

(١) بشرط عدم انتفاء الفعل وإلّا تعين الإعمال نحو : سليما حاضرا لم أظن.

وكذا يشترط كون العامل غير مصدر ، وعدم وجود لام الابتداء ، وإلّا وجب الإلغاء.


٦ ـ الاستفهام بالحرف ، نحو : (وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ ما تُوعَدُونَ) [الأنبياء : ١٠٥] والاستفهام بالاسم ، نحو : (وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنا أَشَدُّ عَذاباً) [طه : ٧١].

٧ ـ لو ، نحو : علمت لو أنّني زرتك لأكرمتني.

٨ ـ لعلّ ، نحو : (وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ) [الأنبياء : ١١١].

تنبيهات

الأوّل : يجوز حذف المفعولين ، أو أحدهما اختصارا لدليل ، نحو : أين شركائى الذين كنتم تزعمون [الأنعام : ٢٢] ، أي تزعمونهم شركائي ونحو : قول الشاعر [الطويل] :

بأيّ كتاب أم بأيّة سنّة

ترى حبّهم عارا عليّ وتحسب

أي وتحسبه عارا عليّ :

وكقوله الشاعر [الكامل] :

ولقد نزلت فلا تظنّي غيره

منّي بمنزلة المحبّ المكرم

أي فلا تظنّي غيره واقعا.

ويجوز حذفهما اقتصارا لغير دليل ، نحو : (وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) [البقرة : ٢١٦] أي يعلم الأشياء كائنة. ويمتنع حذف أحدهما اقتصارا وتحكى الجملة الفعليّة والاسميّة بعد القول.

وقد يسدّ مسدّ مفعول (أفعال الرّجحان واليقين) : أن ، أو ، أنّ ، وصلتهما : نحو : (أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً) (٣٦) [القيامة : ٣٦] ، ونحو : (يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً) [الكهف : ١٠٤].

الثاني : يجب الإعمال إن تقدّم العامل ولم يسبقه لفظ ، نحو : ظننت سليما مسافرا. فإن تقدّم العامل وسبقه لفظ ترجّح الإعمال نحو : متى ظننت عليّا مجتهدا.

الثالث : إنّ العامل الملغيّ لا عمل له قطعا ، والعامل المعلّق له عمل في المحلّ.

الرابع : لا يكون الإلغاء والتّعليق إلّا في أفعال الرّجحان واليقين ما عدا : هب وتعلّم من أفعال القلوب الجامدة.


الخامس : لا يدخل الإلغاء ولا التعليق في شيء من أفعال التّصيير والتّحويل.

السادس : جميع أفعال القلوب وما ألحق بها قد تكتفي بنصب المفعول الأوّل إذا كانت مستغنية عن المفعول الثّاني ، وحينئذ تعتبر كسائر الأفعال المتعدّية إلى واحد ، فتقول : علمت المسألة ، أي عرفتها. ونحو : وجدت الضّالّة ، أي لقيتها ـ الخ ... السابع : قد تخرج هذه الأفعال عن معانيها إلى معان أخر غير قلبية فلا تنصب المفعولين (١) ، نحو : ظننت خليلا ، أي اتّهمته. ورأيت الهلال أي نظرته ، وتركت الدّار ، أي هاجرتها ، وهكذا ...

الثامن : أشهر أسباب تعدي اللازم ولزوم المتعدي.

أسباب التعدي

الأمثلة

أسباب اللزوم

الأمثلة

١ ـ زيادة الهمزة

أخرجت الكتب

١ ـ مطاوعة المتعدي لواحد (والمطاوعة قبول أثر الفعل) (٢)

نحو دحرجت الكرة فتدحرجت

٢ ـ دلالته على المفاعلة

جالس المؤدّبين

٢ ـ إذا كان من باب كرم

كشرف محمد

وحسن

٣ ـ تضعيف ثانيه

عظّم الكبير

٣ ـ إذا كان من باب فرح ودل على لون وعيب أو حلية أو فرح أو حزن أو خلو أو امتلاء

كخضر وعمش وغيد وطرب ـ حزن ـ وصدي ـ وشبع

٤ ـ زيادة الهمزة والسين والتاء

استخرج العامل اللؤلؤ

٤ ـ إذا كان على زنة افعلل وافعنلل

كاطمأنّ ـ وافرنقع

__________________

(١) تكون (علم) بمعنى عرف و (ظنّ) بمعنى اتّهم و (رأى) بمعنى ذهب و (حجا) بمعنى قصد و (وجد) بمعنى حزن أو حقد.


أسباب التعدي

الأمثلة

أسباب اللزوم

الأمثلة

٥ ـ سقوط حرف الجر ولا يطرد مع أنّ ـ وأن (١)

شهدت أنك محق ، وعجبت أن جاء محمد إلى بيتك

٥ ـ إذا كان محولا إلى فعل للمدح أو الذم

كفهم محمّد أي ما أكثر فهمه

(١) إنّ طرف التّعدية لا تجتمع في كل فعل ، فلا يقال : (جلست بزيد) : أي أجلسته. ويندر اجتماعها في بعض الأفعال ، فيقال : (أرجعته ، ورجّعته ، ورجعت به».

(٢) إنه لا يمكن بناء أوزان مطاوعة من جميع الأفعال ، فلا يقال : ضربته فانضرب ، وقتلته فاقتتل.

وأوزان المطاوعة تدلّ : على ما يدلّ عليه المجهول ، فإنّ : (اجتمع ، وانزعج وتقطّع) مثلا هي بمعنى جمع ، وأزعج ، وقطّع.

١ ـ نموذج إعراب

[البسيط] :

إنّ العلاء حدّثتني وهي صادقة

فيما تحدّث أنّ العزّ في النّقل

الكلمة

إعرابها

إن العلا

إن حرف توكيد ونصب. العلا اسم إن منصوب بالفتحة المقدرة على الألف للتعذر.

حدّثتني

حدث فعل ماض مبني على الفتح لا محل له من الإعراب. والتاء للتأنيث حرف ، والفاعل مستتر جوازا تقديره هي. والنون للوقاية حرف ، والياء مفعول به مبني على السكون في محل نصب.

وجملة حدثتني في محل رفع خبر إن.

وهي صادقة

الواو للحال حرف. هي مبتدأ مبني على الفتح في محر رفع.

وصادقة خبر المبتدأ مرفوع بالضمة. والجملة في محل نصب حال من فاعل حدثتني.


الكلمة

إعرابها

فيما

في حرف جر. ما اسم موصول بمعنى الذي مبني على السكون في محل جر والجار والمجرور متعلقان بصادقة.

تحدث

فعل مضارع مرفوع بالضمة. والفاعل مستتر جوازا تقديره هي.

والجملة لا محل لها من الإعراب صلة الموصول.

أن العز

أن حرف توكيد ونصب. العز اسم أن منصوب بالفتحة.

في النقل

جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر أن ـ وأن واسمها وخبرها سدّت مسدّ مفعولي (حدث الثاني والثالث) (وأما الأول) فقد حذف لدلالة المقام عليه.

أسئلة يطلب أجوبتها

ما هي أفعال القلوب وما هو عملها؟ لم سميت أفعال قلوب؟ هل أفعال القلوب متصرفة؟ متى تعلق أفعال القلوب المتصرفة عن العمل؟ متى يجوز في أفعال القلوب المتصرفة الإعمال والإلغاء؟ هل تكتفي أفعال القلوب أحيانا بمفعول واحد؟ بأي شيء تختصّ أفعال القلوب؟ ما هو حكم أرى وأعلم؟ ما هي أحكام المفعولين الثاني والثالث من مفاعيل (أرى وأعلم)؟

٢ ـ نموذج إعراب

[البسيط] :

ما المجد زخرف أقوال لطالبه

لا يدرك المجد إلّا كلّ فعّال

الكلمة

إعرابها

ما المجد

ما نافية تعمل عمل ليس حرف. المجد اسمن ما مرفوع بالضمة.

زخرف أقوال

زخرف خبر ما منصوب بالفتحة. أقوال مضاف إليه مجرور بالكسرة.


الكلمة

إعرابها

لطالبه

لطالب جار ومجرور متعلقان بمحذوف صفة لأقوال. والهاء مضاف إليه مبني على الكسر في محل جر.

لا يدرك

لا حرف نفي. يدرك فعل مضارع مرفوع بالضمة.

المجد

مفعول به مقدم منصوب بالفتحة.

إلا كل

إلا أداة استثناء ملغاة. كل فاعل مرفوع بالضمة.

فعال

مضاف إليه مجرور بالكسرة.

المبحث الثالث عشر : في التنازع

التّنازع : أن يتقدّم عاملان على اسم يطلبه كلّ واحد منهما أن يكون معمولا له ، نحو : «قام وقعد سليم».

فيعمل الواحد منهما في الاسم الظّاهر ، والثّاني في ضميره (١) ثمّ إنّ العمل قد يكون رفعا ، نحو : «قام وذهب خليل» ، وقد يكون نصبا ، نحو : «زرت وحادثت عمرا ، وقد يكون جرا ، نحو : «آمنت واستعنت بالله» ، وقد يكون مختلفا ، نحو : «حادثني وحادثت سليما».

ويلزم أن يكون العاملان متصرّفين مختلفين لفظا ؛ فلا يكون التّنازع بين فعلين جامدين ، ولا حرفين ، ولا في معمول متقدّم ، ولا في متوسّط وكما يكون العاملان فعلين يكون شبه فعل ، نحو : أمتقن وحاذق أخوك مهنته. وقد يقع التنازع بين أكثر من عاملين ، وأكثر من معمول واحد. ولا يجوز تسلّط عاملين على معمول واحد ؛ بل يجب أن يختار أحدهما للعمل في الظاهر وحده ، ويهمل الآخر عن العمل فيه.

__________________

(١) لك أن تعلم في الاسم المذكور أيّ العاملين شئت ، فإن شئت أعملت الأول لسبقه ، وهو مذهب الكوفيين ، وإن شئت أعملت الثاني لقربه ، وهو مذهب البصريين ، واسم المطلوب لهما إمّا على طريق الفاعليّة لهما ، أو المفعولية لهما أو الأول على طريق الفاعلية ، والثاني على طريق المفعولية ، أو بالعكس.


فإذا أعملت العامل الأوّل في الاسم الظّاهر ، أعلمت الثّاني في ضميره ، مرفوعا كان أو غير مرفوع ، نحو : قام وقعدا أخواك وزرت فسرّا أخويك ، وحادثت فأفادني عمرا.

وإذا أعملت الثاني في الظّاهر ، أعملت الأوّل في ضميره ، إن كان مرفوعا ، نحو : درسا واستفاد التّلميذان ، واجتهدا فأكرمت التّلميذين ، وتكلّما فأثنيت على التّلميذين.

وإن كان ضيمره غير مرفوع ، حذفته ، نحو : سمعت فأفادني المعلّم. ولا يقال : «سمعته فأفادني المعلّم» (١).

تمرين

حيثما تجد العمل للعامل الأول في الأمثلة الآتية ، فاجعله للثاني ، وحيثما تجده للثاني ، فاجعله للأول :

أكرمت وأكرمني الصديق. زرت وأكرماني أخويك. قاطعوني ولم أقاطع الأصدقاء. وما زلت أذكر وأعظّم لهم الحسنة ، وأتناسى وأصغّر لهم السيئة. عند ما يؤم غريب مصر يجيء ويسلمون عليه سكانها. قام وخطب الإمام في القوم. الجاهل يحتقر ويمتهن الفضيلة. تعسا وبعدا للملحدين. اتّضح وكشف السرّ. أتعبني بل أعياني طول المسير. [الطويل] :

جفوني ولم أجف الأخلاء إنني

لغير جميل من خليلي مهمل

[الكامل] :

حلموا فما ساءت لهم شيم

سمحوا فما شحّت لهم منن

سلموا فلا زلّت لهم قدم

رشدوا فلا ضلّت لهم سنن

[البسيط] :

أرجو وأخشى وأدعو الله مبتغيا

عفوا وعافية في الروح والجسد

__________________

(١) إن ما ورد على خلاف ذلك بإظهار الضمير المنصوب فضرورة كقول الشاعر [الطويل] :

إذا كنت ترضيه ويرضيك صاحب

جهارا فكن في الغيب أحفظ للودّ

واعلم أنّه يتعيّن إعمال الأوّل إذا كان العاطف (لا) ، نحو : أهنت لا أكرمت الرجل ، ويتعيّن إعمال الثاني إذا كان العاطف (بل). نحو : ما أهنت بل أكرمت الرّجل.


المبحث الرابع عشر : في الاشتغال

الاشتغال هو : أن يتقدّم اسم على عامل من حقّه أن يعمل فيه لو لا اشتغاله عنه بالعمل في ضميره ، أو في اسم مضاف إلى ضمير ذلك الاسم ، نحو : كتابك قرأته ، والعاجز أخذت بيده ، والعمل أتقنته ، والصّديق امتثلت أمره ، والتّفاح أنا آكله.

ويسمّى الاسم المتقدّم مشغولا عنه (١).

ويسمّى الضّمير ـ أو المضاف إلى الضّمير مشغولا به.

وللاسم المتقدّم المشغول عنه خمس حالات.

وجوب النّصب ، ووجوب الرّفع ، وجواز الامرين ، وترجيح أحدهما فيجب نصب الاسم المشغول عنه إذا وقع بعد ما يختصّ بالأفعال كأدوات العرض ، والتّحضيض ، والشّرط ، والاستفهام (غير الهمزة) نحو : ألا عمرا تكرمه ، وهلّا العمل أتقنته ، وإن سليما لقيته فأكرمه ، وهل الكتاب قرأته؟

ويرجح نصب الاسم في المواضع الآتية :

أوّلا : إذا وقع الاسم المشتغل عنه قبل الفعل الطّلبي (٢) ، كالأمر نحو : أباك أكرمه ، والدّعاء ، نحو : عبدك اللهمّ ارحمه.

__________________

(١) فيجوز في الاسم السابق رفعه على أنه مبتدأ والجملة بعده خبر. ويجوز نصبه بتقدير عامل يوافق العامل المذكور في اللفظ والمعنى ، أو في المعنى فقط ، فيكون التقدير في المثال الأول : قرأت كتابك قرأته ، وفي المثال الثاني : ساعدت العاجز أخذت بيده ، وفي المثال الثالث : اتقنت العمل أتقنته.

ويجوز أن يشتغل العامل عن الاسم المتقدم بأجنبي متبوع بتابع مشتمل على ضمير المشغول عنه ، نحو : سليم أكرمت رجلا يحبه.

وعلم أن العامل المقدر لا يجوز التصريح به في اللفظ مطلقا ، وجملة الفعل المفسر لا محل لها من الإعراب.

ويجب أن يكون الاسم المتقدم على عامله مما يجوز الابتداء به ، فلا يقال : رجلا ضربته.

فائدة : إن الاشتغال بعد أدوات الاستفهام والشرط لا يقع إلا في الشعر ما عدا «إن» و «لو» و «لو لا» و «إذا» فيقع الاشتغال معها في النثر والنظم.

(٢) لا فرق في الطلب بين أن يكون بلفظ الإنشاء كما رأيت في المثالين ، أو بلفظ الخبر نحو : أخاك هداه الله.


والنّهي : نحو «الدّرس لا تهمله».

ثانيا : إذا وقع الاسم المشتغل عنه بعد أداة يغلب دخولها على الفعل كهمزة الاستفهام (١) وما ، ولا ، وإن النّافيات.

نحو : «أزيدا لقيته ، وما الكتاب قرأته».

ثالثا : إذا وقع الاسم المشتغل عنه بعد عاطف ملتصق به معطوفا على جملة فعلية مذكورة قبله ، نحو : «قام سليم وخليلا أكرمته» (٢).

ويجب رفع الاسم المشغول عنه في موضعين :

أولا : إذا وقع الاسم المشتغل عنه بعد ما يختصّ بالأسماء ، كإذا الفجائية ، نحو : خرجت فإذا الجوّ ملاه الغبار.

ثانيا : إذا وقع الإسم المشتغل عنه قبل ألفاظ لها صدر الكلام (كالاستفهام) ، نحو : قريبك هل تحبّه؟ (وما النّافية) ، نحو : الكسول ما أصاحبه.

وأدوات الشّرط ، نحو : أخوك إن رأيته فأقرئه السّلام : (والتّحضيض) ، نحو : اللّعب هلّا تركته. (والعرض) ، نحو : والداك ألا تكرمهما (ولام الابتداء) ، نحو : الأستاذ لهو معلّمه. (وكم الخبريّة) ، نحو : الفقير كم أعطيته. (والتّعجب) ، نحو : الصدق ما أحسنه!

وذلك لأنّ ما له صدر الكلام لا يعمل ما بعده فيما قبله ، وما لا يعمل لا يفسّر عاملا.

ويجوز رفع الاسم المشغول عنه ونصبه على السّواء ، إذا كان الاسم السّابق معطوفا على جملة ذات وجهين ، أي الّتي صدرها اسم وعجزها فعل ، نحو : سليم سافر ، وخليل ، أو خليلا أكرمته في داره فالنّصب نظرا لعجزها ، والرفع نظرا لصدرها.

__________________

(١) على أنه إذا فصل بين همزة الاستفهام والاسم المشتغل عنه بغير الظرف والمجرور ، فالمختار رفعه ، نحو : أأنت سعد تحبّه.

(٢) إنما يرجح النصب هنا لأنه أنسب لكونه من عطف جملة فعلية على مثلها. واشترط أن يكون العاطف ملتصقا بالاسم لأنه إذا لم يكن كذلك وكان مفصولا (بأمّا) ، نحو : قام عمرو وأمّا زيد فأجلسته ، ترجّح الرفع لأنّ الكلام بعد (أمّا) مستأنف مقطوع عما قبله.


واعلم أنه إذا لم يكن يوجب النصب (١) ولا ما يرجّحه ، ولا ما يوجب الرفع ، ولا ما يجيز الأمرين على السّواء ، يرجّح الرفع ، نحو : «الكتاب قرأته».

تمرين

بيّن الاسم المشتغل عنه في الجمل الآتية ، واذكر أمرفوع أم منصوب؟ أم يرجّح فيه أحد الأمرين؟ أم يجوزان فيه على السواء؟ [الرجز]

الحقّ قد تعلمه ثقيل

يأباه إلّا نفر قليل

إن العلم حصلته رفع شأنك. المحسن أكافئه على إحسانه والمسيء أعاقبه على إساءته. سبيل الشرف والمروءة لا تحيد عنه. كان العباس بن علي المنصور يأخذ الكأس بيده ويقول : أما المال فتبلعين ، وأما المروءة فتخلعين ، وأما الدين فتفسدين. النميمة ما ألفتها ، والكذب ما تعودته. رفيقك متى تأكدت سوء أخلاقه فتجنبه. أينما الفقير وجدته فأحسن إليه. رجعت إلى الوطن بعد غياب طويل فإذا أصدقائي فرقتهم الحوادث. الخبر نقلته كما سمعته. نصائح أساتذتك إن اتبعتها أورثتك الراحة والهناء في مستقبلك. المال هلا حافظت عليه وأنفقته في مواضعه. أفي المدرسة الوقت تضيعه؟ اللهمّ أمري يسره ، وعملي لا تعسره ، والسر فاكتمه ولا تنطق به.

إن الوطن خدمته خدمك. العلم ما انتشر في بلاد إلّا عمّرها.

__________________

(١) إن الاشتغال قد يقع في الرفع كما يقع في النصب. وذلك بأن يكون الرفع على الابتداء أو على الفاعلية بإضمار الفعل. فيجب الابتداء بعد إذا الفجائية مثلا نحو : خرجت فإذا سعيد يركض لأن «إذا» من الأدوات المختصة بالأسماء. وتجب الفاعلية في نحو : هلّا زيد قام لأن «هلّا» من الأدوات المختصة بالأفعال.

واعلم أن العامل المشغول عن الاسم السابق كما يكون فعلا ، يكون اسما بشرط أن يكون وصفا عاملا صالحا للعمل فيما قبله ، نحو : الطّعام أنا آكله الآن أو غدا.


الباب السادس : في المنصوبات

المنصوبات من الأسماء خمسة عشر ، وهي : المفعول به ، والمفعول المطلق ، والمفعول فيه ، والمفعول من أجله ، والمفعول معه ، والحال ، والتّمييز ، والمستثنى ، والمنادى ، وخبر كان وأخواتها ، وخبر الحروف المشبّهة بليس ، وخبر أفعال المقاربة ، واسم إنّ وأخواتها ، واسم لا الّتي لنفي الجنس ، والتّابع للمنصوب : من نعت وعطف وتوكيد وبدل.

في هذا الباب مباحث

المبحث الأول : في المفعول به

المفعول به : اسم دلّ على ما وقع عليه فعل الفاعل ولم تغيّر لأجله صورة الفعل ، نحو : يحبّ الله المتقن عمله.

أ ـ ويكون المفعول به اسما ظاهرا ، نحو : كافأت المخلص في عمله.

ب ـ ويكون المفعول به ضميرا متّصلا ، نحو : هداك الله (١).

ج ـ ويكون المفعول به ضميرا منفصلا ، نحو : (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) (٥) [الفاتحة : ٥] والنّاصب للمفعول به ، فعل أو شبهه.

والأصل في ذلك الناصب أن يكون مذكورا. وقد يحذف وجوبا فيما يأتي.

١ ـ في الأمثال ، ونحوها ، نحو : الكلاب على البقر (أي أرسل) ونحو قولك للقادم عليك أهلا وسهلا ، أي : جئت أهلا ونزلت مكانا سهلا ، ونحو : قدوما

__________________

(١) إذا نصب الفعل ضميرين وجب فصل ثانيهما في موضعين :

أولا : إذا اتحدت رتبتهما في التكلم والخطاب والغيبة ، نحو : قول الأسير لمن أطلقه : ملكتني إياي ، وقول السيد لعبده : ملكتك إياك ، وقولك : علمته إياه.

ثانيا : إذا كان الضمير الثاني أعرف ، نحو : الثوب ألبسته إياك.

ويجوز الفصل في موضعين أيضا :

أ ـ إذا كان أول الضميرين أعرف من الثاني ، أو كانا لغائب واختلف لفظهما نحو الكتاب أعطينه أو أعطني إياه : وهم أحسن وجوها وأنضر هموما أو : أنضرهم إيّانا.

ب ـ إذا كان الثاني منصوبا بكان أو إحدى أخواتها نحو : الصديق كنته أو كنت إياه ، أو : بظن وأخواتها نحو : خلتينه ، أو : خلتني إياه ، وقد تقدم ذلك مستوفيا.


مباركا ، وغير ذلك.

٢ ـ في النّعوت المقطوعة إلى النّصب ، نحو : الحمد لله الحميد.

٣ ـ في الاسم المشتغل عنه ، نحو : سليما علّمه.

٤ ـ في الاختصاص ، نحو : نحن المصريّين كرام.

٥ ـ في التّحذير ، بشرط العطف ، أو التّكرار ، إذا كان بغير إيّا ، نحو : رأسك والسيف.

٦ ـ في الإغراء بشرط العطف أو التّكرار ، نحو : المثابرة المثابرة على العمل.

٧ ـ في المنادى ، نحو ؛ يا سيّد الرّسل (أي أنادي).

وقد يحذف جوازا إذا دلّت عليه قرينة ، نحو : صديقك ، في جواب من أكرمته؟ والأصل في المفعول به أن يكون مذكورا لكونه مقصودا في المعنى لإتمام الفائدة. وقد يحذف جوازا. وقد يجب حذفه. وقد يمتنع فيحذف جوازا إذا دلّ عليه دليل ، نحو. رعت الماشية ، أي عشبا ، أو كان معروفا ، نحو : شرب سليم فسكر ، (أي شرب الخمر) كما يحذف طلبا للاختصار ، نحو : يغفر الله لمن يشاء ، (أي يغفر الذّنوب) ويحذف وجوبا ، نحو : أفدت ، وأفادني الصّديق ، أي : أفدته إلى غير ذلك من الاعتبارات والاغراض التي يعنى بها البيانيّون في كتبهم.

والمفعول به : صريح وغير صريح. فالصّريح ما وصل إليه فعله مباشرة ، (أي بغير واسطة حرف الجر) ، نحو : فهمت الدرس.

والمفعول به غير الصّريح (١) ما وصل إليه فعله بواسطة حرف (٢) الجرّ ، نحو : ذهبت بسليم.

__________________

(١) ومن المفعول به غير الصريح ما كان مؤوّلا بمصدر ، نحو : علمت أنك مجتهد أي علمت اجتهادك وكذا الجملة المؤوّلة بالمفرد ، في نحو : رأيتك تكتب أي رأيت كتابتك.

(٢) وقد يسقط حرف الجر فينصب المجرور على أنه مفعول به ، ويسمى المنصوب على نزع الخافض نحو : (وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً) أي من قومه واعلم أن من الأغراض التي يحذف المفعول به إذا وقع مصدرا عامله فعل المشيئة ونحوها كان شرطا وجوابه فعلا من لفظ المصدر نفسه نحو : (فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ) أي من شاء الإيمان ومن الأغراض إذا وقع عائدا إلى الموصول ، نحو : نشهد بما نعلم ، أي بما نعلمه. ومن الأغراض إذا وقع في جملة قد عطفت على جملة فيها مثله نحو : أكتب ما أريد وأنظم ، أي وأنظم ما أريد.


والمفعول به قد يكون واحدا (١). وقد يكون متعدّدا (٢) حسب الأفعال المتعدّية التي تنقسم إلى أربعة أنواع :

١ ـ نوع ينصب مفعولا واحدا ، نحو : حفظ ، وفهم.

٢ ـ ونوع ينصب مفعولين أصلهما مبتدأ وخبر ، وهو جميع أفعال القلوب ، وأفعال التّصيير السّابقة.

فأفعال القلوب هي :

وجد ، وألفى ، ودرى ، وتعلّم ، وجعل ، وحجا ، وعدّ ، وزعم ، وهب ، ورأى ، وعلم ، وظنّ ، وحسب ، وخال.

وأفعال التّصيير هي :

جعل ، وردّ ، وترك ، واتّخذ ، وتخذ ، وصيّر ، ووهب.

٣ ـ ونوع ينصب مفعولين ليس أصلهما مبتدأ وخبرا ، كأعطى وسأل ، ومنح ، وكسا ، وألبس ، وأطعم ، وسقى ، وأسكن ، وأنشد ، وأنسى ، وجزي.

والأصل : في المفعولين اللّذين ليس أصلهما مبتدأ وخبرا أن يقدّم ما هو فاعل في المعنى ، نحو : كسا سعد الفقير ثوبا.

٤ ـ ونوع ينصب ثلاثة مفاعيل وهو : أرى ، وأعلم ، وأخبر ، وخبّر ، وأنبأ ، ونبّأ ، وحدّث.

نحو : أرى الله العباد أيّوب صبورا ، ونحو : (يُرِيهِمُ اللهُ أَعْمالَهُمْ حَسَراتٍ عَلَيْهِمْ) [البقرة : ١٦٧] أعلمني الأستاذ سعدا نبيها.

فالمفعول الأوّل قائم بنفسه ، وأمّا الثّاني ، والثّالث ، فأصلهما مبتدأ وخبر.

وكلّ الأحكام المستحقّة لمفعولي (علم ورأى) السّابقة تسري للمفعولين الثّاني والثّالث من مفاعيل (أعلم وأرى).

__________________

(١) ما ينصب مفعولا واحدا بنفسه دائما كأفعال الحواس ، نحو : شممت المسك وسمعت الأذان ، ورأيت الهلال ، وذقت الطعام ، ولبست الثوب.

(٢) إذا تعددت المفاعيل فالأصل فيها تقديم ما له أصالة في التقدم. وهو ما كان مبتدأ في الأصل ، وذلك في باب (ظن) أو ما كان فاعلا في المعنى ، وذلك في باب (أعطى).


أمّا بقيّة الأفعال الّتي تنصب ثلاثة مفاعيل فلم تقع تعديتها إلى ثلاثة مفاعيل في كلام العرب إلّا وهي مبنيّة للمجهول ، نحو : أنبئت سعدا زعيما ، وهكذا (نبّأ وحدّث ، وأخبر ، وخبّر).

المبحث الثاني : في المفعول المطلق

المفعول المطلق مصدر يوتى به لتأكيد عامله (١) ، أو بيان نوعه ، أو عدده (٢) ، فأقسامه ثلاثة :

١ ـ مؤكّد للعامل ، نحو : (وَكَلَّمَ اللهُ مُوسى تَكْلِيماً) [النساء : ١٦٤].

٢ ـ مبيّن للنّوع ، نحو : التفت التفاتة الأسد.

٣ ـ مبيّن للعدد ، نحو : تدور الأرض دورة واحدة في اليوم. وينوب عن المصدر في تأدية معناه وإعرابه مفعولا مطلقا (٣).

١ ـ مرادفه في المعنى ، نحو : قمت وقوفا أو وقوفا طويلا.

__________________

(١) المصدر المؤكد لا يثنّى ولا يجمع ولا يتقدّم على عامله لأنه يدلّ على الحقيقة المشتركة بين القليل والكثير. وهي لا تحتمل التعدد ، وأيضا هو بمنزلة تكرير الفعل. وأما المصدر المبيّن فيجوز فيه التثنية والجمع ، نحو : حكمت حكمين أو أحكاما ، لأنّه يدل على الأنواع والأفراد المنطوية تحت الحقيقة وهي قابلة للتّعدّد.

واعلم أنّه ينوب عن المفعول المطلق المؤكّد شيئان : الأول : مرادفه ، أي ما كان بمعناه ، نحو : قمت وقوفا ويكون المرادف نكرة في المؤكّد ، ومعرفة في النوعي.

والثاني ما شاركه في مادته كاسم المصدر له ، نحو : اغتسلت غسلا ، أو كمصدر فعل آخر ، نحو : (وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً) أي تبتّلا ، (وَأَنْبَتَها نَباتاً حَسَناً)[آل عمران : ٣٧].

(٢) وليس خبرا ولا حالا ، وليس من المفعول المطلق ، نحو : علمك غزير ، ولا نحو : ولّى مدبرا ، وأكثر ما يكون المفعول المطلق مصدرا ، والمصدر اسم الحدث الجاري على الفعل ، فخرج اغتسل غسلا ، وتوضأ وضوءا ، وأعطى عطاء ، فإن هذه أسماء مصادر لأنها لم تجر على أفعالها لنقص حروفها عنها.

(٣) سمّي مفعولا مطلقا لأنه لم يقيّد بحرف جر ونحوه : كالمفعول به ، والمفعول فيه ، والمفعول معه ، والمفعول لأجله.


٢ ـ اسم المصدر ، نحو : تكلّم كلاما أو كلاما جميلا.

٣ ـ المصدر المشارك له في اللّفظ دون الصّيغة ، نحو : اصطبرت صبرا.

٤ ـ صفته ، نحو : سرت أحسن السّير. ومثله هيئته ووقته.

٥ ـ ضميره العائد إليه ، نحو : اجتهدت اجتهادا لم يجتهده غيري وجاملتك مجاملة لا أجاملها أحدا ، وأحبّ المجتهد محبّة لا أحبّها لغيره.

٦ ـ ما يدلّ على عدده ، نحو : ضربته ثلاث ضربات.

٧ ـ ما يدلّ على نوعه ، نحو : قعد القرفصاء ولا تخبط خبط عشواء.

٨ ـ ما يدلّ على آلته ، نحو : ضربته عصا.

٩ ـ أيّ ، وما الاستفهاميّتان ، نحو : أيّ عيش تعيش؟ وما أكرمت ضيفك؟ أي ، أيّ إكرام أكرمت ضيفك.

١٠ ـ أي ، وما ، ومهما الشّرطيّات ، نحو : أيّ سير تسر أسر ، وما تجلس أجلس ، ومهما تقف أقف.

١١ ـ اسم الإشارة مشارا به إلى المصدر ، نحو : ضربته ذلك الضّرب.

١٢ ـ لفظ : كلّ ، وبعض ، وأيّ الكماليّة مضافات إلى المصادر نحو : (تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ) [النساء : ١٢٩] وسعيت بض السّعي ، وقاتل أيّ قتال (١) وينصب كلّ واحد ممّا ذكر على أنّه نائب عن المفعول المطلق.

ويعمل في المفعول المطلق أحد ثلاثة عوامل (٢).

الفعل التّام المتصرّف ، نحو : اجتهدت اجتهادا.

والصّفة المشتقّة منه الدّالة على الحدوث ، نحو : أخوك مجتهد اجتهادا عظيما.

__________________

(١) تسمى «أي» هذه بالكمالية لأنها تدل على معنى الكمال ، فمعنى قولنا زيد رجل أي رجل : أنه كامل في صفات الرجال. وهي لا تستعمل إلا مضافة وتطابق موصوفها في التذكير والتأنيث فقط ، ولا تطابقه في غيرهما. واعلم أن لفظة كل وبعض ينوبان عن المصدر (المبيّن) فقط ، ومنه نحو : ضربته يسير الضرب.

(٢) لا يجوز أن يكون عامل المفعول المطلق فعلا جامدا أو ناقصا فلا يقال : ما أحسن زيدا حسنا ، ولا كنت في المنزل كونا ولا يجوز أن يكون دالا على الثبوت كالصفة المشبهة فلا يقال. زيد كريم كرما.


ومصدره بشرط أن يكون مماثلا للمفعول المطلق لفظا ومعنى. يحذف عامل المفعول المطلق وجوبا في خمسة مواضع :

١ ـ في المصدر الواقع بدلا من فعله. وهو كثير الاستعمال ، ويقع في الطّلب (قياسا) سواء كان أمرا ، نحو : صبرا على حوادث الزّمان ، أو نهيا ، نحو : صبرا لا جزعا ، أو دعاء ، نحو : سقيا لك ورعيا ، أو استفهاما للتّوبيخ ، أو التّوجّع ، نحو : أجرأة على المعاصي؟ وأتصابيا وقد علاك المشيب؟ وأسجنا وقتلا واشتياقا وغربة؟

أمّا في الكلام الخبري فذلك محصور في مصادر مسموعة دالّ على عاملها قرينة مع كثرة استعمالها حتّى جرت مجرى الأمثال ، نحو : سمعا وطاعة ، وعجبا ، وسبحان الله ، ومعاذ الله ، وسحقا له وبعدا. وبعض هذه المصادر سمعت مثنّاة (١) ، نحو : لبّيك ، وسعديك ، وحنانيك ، ودواليك ، وحذاريك.

٢ ـ في المصدر الواقع فعله خبرا عن اسم عين بشرط أن يكون مكرّرا ، نحو : أنت فهما فهما ، أو محصورا فيه ، نحو : ما أنت إلّا أدبا ، وإنما أنت تربية الأمراء ، أو معطوفا عليه ، نحو : الأسعار صعودا وهبوطا فإن لم يكن المخبر عنه اسم عين بل اسم معنى وجب رفعه على الخبريّة ، نحو : أمرك عجب عجب.

٣ ـ في المصدر الواقع بعد جملة لغرض التشبيه ، وتكون تلك الجملة مشتملة على فاعله وعلى معناه ، وليس فيها ما يصلح للعمل ، نحو : لك قفز قفز الغزلان ، ولي سعي سعي المخلصين.

٤ ـ في المصدر المؤكد لمضمون الجملة قبله ، سواء جيء به لمجرّد التّأكيد ، نحو : نادى سليم جهرا.

أو لمنع احتمال المجاز ، نحو : هذا أخي حقا ولا أفعل كذا ألبتّة.

٥ ـ في المصدر الواقع تفصيلا لمجمل قبله طلبا كان أو خبرا ، نحو : لأجاهدنّ فإمّا فوزا وإما هلاكا (٢).

__________________

(١) إن هذه المصادر المثناة إنما يراد بتثنيتها التكثير لا حقيقة التثنية. فمعنى لبيك وسعديك إجابة بعد إجابة ، وإسعادا بعد إسعاد ، أي : كلما دعوتني أجبتك وأسعدتك ، ومعنى «حنانيك» تحنّنا بعد تحنّن ، ومعنى دواليك مداولة بعد مداولة.

(٢) ما يراد به مجرد التأكيد يسمّى المؤكد لنفسه ، وهو الواقع بعد جملة هي نصّ في معناه ،


تمرين

ميّز بين المفعول المطلق ، ونائبه فيما يأتي :

إن الخطيب قد وعظ القوم أفضل وعظ ، ووبّخهم على سوء سلوكهم تأنيبا.

إن هذا الرجل قد عمل أعمالا لم يعملها أحد من قبله. لا تقبض يدك كل القبض ولا تبسطها كل البسط. ودّع التلاميذ رفقاءهم المسافرين وداعا مؤثرا. لقد أبلى القائد بلاء حسنا في الحرب وانتصر على الأعداء انتصارا باهرا [الطويل] :

ولا تبن في الدّنيا بناء مؤمّل

خلودا فما حيّ عليها بخالد

رفقا بالضعفاء وعطفا على ذوي البأساء. عشت في تلك المدينة عيشة هنيئة. طعن الفارس خصمه رمحا فصرعه. قدوما مباركا. جاهد في إحراز المجد جهاد الأبطال. حزنت لفراق هذا الصديق حزنا لا يوصف. قد آلمني البعد عنه ألما شديدا. سبحان الله. المريض لا أكلا ولا شربا. لا تقدم على الشر بتاتا (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ) [الشعراء : ٢٢٧] النّاس في الدنيا بناء وهدما [الوافر] :

أضعت العمر عصيانا وجهلا

فمهلا أيها المغرور مهلا

[الطويل] :

أسجنا وقتلا واشتياقا وغربة

ونأي حبيب إنّ ذا لعظيم

١ ـ نموذج إعراب قول الشاعر

[الكامل] :

أبقى الممالك ما المعارف أسّه

والعلم فيه حائط ودعام

__________________

كما في : نادى زيد جهرا ؛ لأنّ النداء نصّ في الجهر ، لا يحتمل غيره فيكون المصدر كأنّه نفس الجملة ، وما يراد به منع احتمال المجاز يسمّى المؤكد لغيره ، وهو الواقع بعد جملة تحتمل غيره فتصير به نصا ، فإن قولك : هذا أخي يحتمل أنك أردت الأخوة المجازية أي الصداقة ، فقولك حقا رفع هذا الاحتمال.


الكلمة

إعرابها

أبقى

خبر مقدم مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر.

الممالك

مضاف إليه مجرور بالكسرة الظاهرة

ما

ما اسم موصول بمعنى الذي مبني على السكون في محل رفع مبتدأ مؤخر.

المعارف

المعارف مبتدأ ثان بالضمة.

أسّه

أس خبر المبتدأ الثاني مرفوع بالضمة. والهاء مضاف إليه مبني على الضم في محل جر. والجملة لا محل لها من الإعراب صلة الموصول

والعلم

الواو حرف عطف. العلم مبتدأ مرفوع بالضمة.

فيه

في حرف جر ، والهاء ضمير مبني على الكسر في محل جر ، والجار والمجرور متعلقان بمحذوف حال من العلم أو من حائط ودعام

حائط

خبر المبتدأ مرفوع بالضمة.

ودعام

الواو حرف عطف. دعام معطوف على حائط مرفوع بالضمة الظاهرة.

٢ ـ نموذج إعراب الأمثلة الآتية

حمدا لله على نعمائه وشكرا له على آلائه. يحبّ العاقل وطنه كل الحبّ.

الكلمة

إعرابها

حمدا

مفعول مطلق منصوب بفعل محذوف تقديره أحمد حمدا الله.

لله

جار ومجرور متعلقان بالمصدر قبله.

على نعمائه

جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال من لفظ الجلالة.

وشكرا

مفعول مطلق لفعل محذوف تقديره أشكر شكرا ، معطوف على حمدا.


الكلمة

إعرابها

له

جار ومجرور متعلقان بالمصدر قبله.

على آلائه

جار ومجرور متعلقان بالمصدر أيضا قبله.

يحب

فعل مضارع مرفوع لتجرده من الناصب والجازم.

العاقل

فاعل ليحب مرفوع بالضمة الظاهرة.

وطنه

مفعول به منصوب بالفتحة الظاهرة. ووطن مضاف والهاء مضاف إليه.

كل

نائب عن المفعول المطلق منصوب ، وهو مضاف.

الحب

مضاف إليه مجرور بالكسرة الظاهرة.

أجب عن الأسئلة الآتية

ما هو المفعول المطلق؟ ما الذي ينوب عن المفعول المطلق؟ كم قسما المفعول المطلق؟ ما هو العامل الذي يعمل فيه؟ وما ذا يشترط فيه؟ ومتى يحذف؟

اذكر عامل المفعول المطلق في الأمثلة الآتية :

سبحان الذي هدانا صراطا سويا ـ هينئا مريئا ـ يمشي مشية المختال [البسيط] :

لأجهدن فإمّا دفع واقعة

تخشى وإمّا بلوغ السؤل والأمل

[الكامل] :

سقيا لأيام مضت مع جيرة

كانت ليالينا بهم أفراحا

فلان معروف معرفة تامّة. هذا يحدث كثيرا ولا يضرّ مطلقا [البسيط] :

مهلا بني عمّنا عن نحت أثلتنا

سيروا رويدا كما كنتم تسيرونا

المبحث الثالث : في المفعول فيه

المفعول فيه (ويسمّى الظّرف) اسم يذكر لبيان زمان الفعل أو مكانه على تقدير


معنى «في» (١) ، نحو : سافر ليلا ، ومشى ميلا.

والظّرف قسمان : ظرف زمان ، وظرف مكان (٢) وكلّ منهما إمّا مبهم ، أو محدود (٣) ، ويقال له (مختصّ) أيضا.

وإمّا متصرّف ، أو غير متصرّف.

فالمبهم من ظروف الزّمان : ما دلّ على قدر من الزّمان غير معيّن ، نحو : حين ، ووقت ، ولحظة.

والمحدود (أو المختصّ) من ظروف الزّما ما دلّ على وقت مقدّر معيّن ، نحو يوم ، وساعة ، وشهر ، وسنة.

وكلاهما يصلحان للنّصب على الظرفيّة ، فتقول : صمت حينا وسافرت يوم الإثنين.

__________________

(١) إذا لم يتضمن اسم الزمان أو المكان معنى في لا يكون ظرفا بل يكون كسائر الأسماء حسب ما يطلبه العامل. فقد يأتي مبتدأ وخبرا ، نحو : يوم قدومك يوم مبارك ، وفاعلا ، نحو : جاء يوم الأحد ، وغير ذلك.

وإذا كان الظرف لا يقبل تقدير في كاذ وحيث أوّل بما يقابله كحين ومكان. وإذا أضمر للظرف وجب ذكر الحرف مع ضميره نحو : يوم الجمعة صمت فيه.

(٢) من ظروف الزمان : ساعة ، ويوما ، وليلة ، وغدوة ، وبكرة ، وعتمة ، وظهيرة ، وصباحا ، ومساء ، وأبدا ، وأمدا ، وحينا ، وعاما ، ووقتا ، وشهرا ، ودهرا ، وسحرا ، وغدا ، وأسبوعا ، ومتى وأيّان (وإذ) وهي للزمن الماضي (وإذا) وهي للزمان المستقبل.

ومن ظروف المكان المبهمة أسماء المقادير ، نحو : ميل ، وفرسخ ، وبريد ، واسم المكان المشتق ، نحو : جلست مجلس الخطيب. وأسماء الجهات الست وهي : فوق ، وتحت.

وأمام ، وخلف ، ويمين ، وشمال.

ويستثنى من قاعدة : كل الظروف صالحة للنصب على الظرفية إلا المختص من أسماء المكان فإنّه يجرّ بفي ألفاظ منها : جانب ، وجهة ، وكنف ، وخارج ، وداخل وجوف. قال سيبويه : لا يقال : زيد جانب بكر ، وكنفه ، بل في جانبه أو إلى جانبه وفي كنفه ، كما لا يقال : سليم خارج الدار ، بل من خارجها ، ولا داخل البيت ، وجوفه بل في داخله ، وفي جوفه. واعلم أن من ظروف المكان. عند ، ومع ، وإزاء ، وحذاء ، وتلقاء ، وثمّ ، وهنا ، وما أشبه ذلك.

(٣) المختص : ما يقع جوابا (لمتى). والمعدود : ما يقع جوابا (لكم) الاستفهامية. والمبهم) ما لا يقع جوابا لشيء منهما.


والمبهم من ظروف المكان ما دلّ على مكان غير معيّن البقعة ، أو هو ما ليس له صورة ولا حدود محصورة ، كالجهات السّت : أمام (ومثلها قدّام) ، ووراء (ومثلها خلف) ، ويمين ويسار (ومثلهما شمال) وفوق وتحت.

وكأسماء المقادير المكانيّة ، نحو : ميل ، وفرسخ ، وبريد.

والمحدود من ظروف المكان (أو المختصّ) ما دلّ على مكان معيّن البقعة ، أو هو ما له صورة وحدود محصورة كدار ومدرسة ومعبد.

ولا ينصب من ظروف المكان إلّا ما كان منها مبهما متضمّنا معنى في ، نحو : سرت فرسخا ، وما كان منها مشتقا ، سواء أكان مبهما ، أو محدودا ، بشرط أن يكون عامله من لفظه ، نحو : حللت محلّ الرّئيس (١).

المبحث الرابع : في الظّرف المتصرف وغيره

الظّرف المتصرّف : ما يستعمل ظرفا ، وغير ظرف ، نحو : يوم وشهر ، وأسبوع فهي تستعمل ظرفا كقولك : صمت يوما ، وغبت شهرا وتستعمل غير ظرف كقولك : سرّني يوم قدومك ، والشّهر ثلاثون يوما.

والظّرف غير المتصرّف : هو ما لا يخرج عن الظّرفيّة أصلا مثل «قطّ» أو ما لا يخرج عنها إلى حالة تشبهها وهي الجرّ بالحرف ، مثل : «عند» (٢) وينوب عن الظّرف

__________________

(١) إذا لم يكن عامله من لفظه تعيّن جره بالحرف ، نحو : وقفت في مجلس الأمير ، ولا يقال : وقفت مجلسه.

على أنه قد شذّ قولهم : هو منّي معقد الإزار ، ومنزلة الشّغاف ، ومقعد القابلة ، وكذا : هو عنّي مناط الثّريا ، ومزجر الكلب ، أي هو بعيد عن كذلك.

وظروف المكان المحدودة أو المختصة إذا كانت غير مشتقة يجب جرها «بفي» نحو : جلست في الدار ، وأقمت في المدرسة إلا إذا وقعت بعد دخل ونزل وسكن فانها كما يجوز جرّها يجوز نصبها ولا تذكر معها (في) لكثرة استعمالها توسعا. والمحققون يعتبرون ذلك من قبيل النصب بنزع الخافض.

(٢) «عند» يدخل عليها من حروف الجر «من» ومثلها : لدى ولدن وقبل وبعد ، وتجر فوق وتحت بمن وإلى ، وتجرّ متى بإلى وحتى ، وتجرّ أين وهنا وثم وحيث بمن وإلى ، وتجر


فينصب على أنّه مفعول فيه خمسة أشياء :

١ ـ المصدر الدّالّ على تعيين وقت ، أو مقدار ، نحو : سافرت طلوع الشّمس ، وجلست قرب الخطيب.

٢ ـ المضاف إلى الظّرف ممّا دلّ على كليّة ، أو جزئيّة ، نحو : مشيت كلّ الفرسخ ، وأراه بعض الأحيان.

٣ ـ الصّفة ، نحو : صمت قليلا.

٤ ـ اسم الإشارة ، نحو : سرت ذلك اليوم سيرا سريعا.

٥ ـ العدد المميّز للظّرف ، أو المضاف إليه ، نحو : مشيت ثلاثة أيام ، وسرت أربعين فرسخا.

والظّروف كلّها معربة إلّا ألفاظا محصورة منها جاءت مبنية بعضها من الظّروف المختصّة بالزّمان وهو : إذا ، ومتى ، وأيّان ، وإذ ، وأمس ، والآن ، ومذ ، ومنذ ، وقط (١) ، وعوض ، وبينا ، وبينما ، وريث ، وريثما ، وكيف (٢) ، وكيفما ، ولمّا.

__________________

الآن بمن وإلى ومذ ومنذ.

(١) قطّ : مبنية على الضم وهي لاستغراق ما مضى من الزمان ، وتستعمل بعد النفي. وعوض : هي للمستقبل ولا تستعمل إلا بعد النفي أو النهي.

وبينا ، وبينما : تقول بينا أنا جالس ، أو بينما أنا جالس حضر سليم. الأصل حضر سليم بين أثناء زمن جلوسي ، فالألف زائدة ، وكذا.

قبل وبعد : تبنى إذا لم تضف وتعرب معها.

لدن بمعنى عند إلا أن لدن تستعمل ظرفا للأعيان الحاضرة فقط ، فتقول هذا الكلام عندي حق. ولا تقول لدني ، كما لا تقول : لدني مال ، إلا إذا كان حاضرا واعلم أن عامل المفعول فيه (الفعل) كالأمثلة المذكورة ، أو ما يشبه الفعل ، نحو أنا صائم غدا ، كما سبق ذكره.

والأصل في المفعول فيه أن يتأخر عن عامله ، وقد يتقدم جوازا ، نحو : يوم الخميس صمت ، كما أنه يتقدّم وجوبا إذا كان له التّصدّر ، نحو : أين توجهت ومتى سافرت ، وكم يوما سرت.

والأصل في عامله أن يكون مذكورا ، وقد يحذف إذا دلت عليه قرينة ، نحو : يوم السبت جوابا لمن قال : أي يوم سافرت.

(٢) اختلف في كيف بين إثبات الظرفية لها ونفيها عنها والأرجح أنها ليست بظرف.


وبعضها من الظّروف المختصّة بالمكان ، وهي : حيث ، وهنا ، وثمّ ، وأين.

وبعضها ممّا قطع عن الإضافة لفظا من أسماء الجهات السّت وقبل ، وبعد.

وبعضها ممّا يشترك بين الزمان والمكان وهو : أنّى ، ولدى ، ولدن ويلحق بالظروف المبنيّة ما ركّب من ظروف الزّمان ، نحو : أفعل هذا صباح مساء وليل ليل ، ويوم يوم ، ونهار نهار.

أجب عن الأسئلة الآتية

ما هو المفعول فيه؟ كم قسما الظرف؟ ما هو المبهم؟ وما هو المحدود من ظروف الزمان وأيهما يصلح للظرفية؟ ما هو المبهم وما هو المحدود من ظروف المكان ، وأيهما يصلح للظرفية؟ ما هو الظرف المتصرف وما هو غير المتصرف؟ ما الذي ينوب عن الظرف؟ ما هي الظروف المبنية؟

نموذج إعراب قول الشاعر

[الكامل] :

وإذا أراد الله أمرا لم تجد

لقضائه ردّا ولا تبديلا

الكلمة

إعرابها

وإذا

الواو حرف بحسب ما قبله. إذا ظرف للزمان المستقبل مبني على السكون في محل نصب.

أراد الله

أراد فعل ماض مبني على الفتح لا محل له من الإعراب. الله فاعل مرفوع بالضمة. والجملة من الفعل والفاعل في محل جر بإضافة إذا إليها.

أمرا

مفعول به منصوب بالفتحة الظاهرة.

لم تجد

لم حرف نفي وجزم وقلب. تجد فعل مضارع مجزوم بالسكون والفاعل مستتر وجوبا تقديره أنت.

لقضائه

لقضاء جار ومجرور متعلقان بمحذوف مفعول به ثان مقدم لتجد والهاء في محل جر بالإضافة.


الكلمة

إعرابها

ردا

مفعول به أول منصوب بالفتحة الظاهرة.

ولا تبديلا

الواو حرف عطف ، لا نافية حرف. تبديلا معطوف على المفعول الأول قبله منصوب بالفتحة الظاهرة.

المبحث الخامس : في المفعول له أو لأجله

المفعول له : اسم يذكر لبيان سبب وقوع الفعل.

وعلامته وقوعه جوابا لمستفهم بلفظة (لم)؟

ويشترط لجواز نصب المفعول لأجله أن يكون مصدرا (١) قلبيّا متّحدا مع فعله في الزّمان ، والفاعل ، ومخالفا له في اللّفظ ، نحو : اجتهدت رغبة في التّقدّم ، وأنا قادم طلبا للعلم.

والمصدر المستوفي شروط نصب المفعول لأجله ، له ثلاث أحوال : لأنه : إمّا مجرّد من أل والإضافة ، أو مقرون بأل ، أو مضاف.

فإن كان الأوّل : فيكثر نصبه ، ويقلّ جرّه بحرف تعليل ، نحو : نصحتك رغبة في

__________________

(١) المراد بالمصدر القلبي ما كان مصدرا لفعل من أفعال القلب وهي التي منشأها الحواس الباطنة كالحب ، والبغض ، والخوف ، والحياء ، وما أشبه ، ولا يشترط في المصدر أن يكون قلبيا إلا إذا كان حاصلا كما رأيت في المثال. أما إذا كان غير حاصل فيكون الباعث على وقوعه تحصيله كما في نحو : ضربته تأديبا له ، وفي مثل هذه الحالة لا يلزم أن يكون قلبيا. وإذا فات المفعول له حكم من أحكامه المذكورة فإنه يمتنع نصبه ، ويلزم جرّه كما إذا لم يكن مصدرا نحو : جئت للماء ، أو كان مصدرا غير قلبي نحو : قصدت المدرسة للدرس أو غير مشارك للفعل في الفاعل ، نحو : زرتك لحبّك إيّاي ، أو غير مشارك له في الزمان نحو : زرته اليوم لإكرامه لي أمس أو غير مخالف له في اللفظ نحو أهنت العبد لإهانة مولاه.

أما حرف التعليل الذي يجر به فهو يشمل (اللام) كما في الأمثلة (والباء) ، نحو : قتل اللص بذنبه و (من) ، نحو : ذبت من الشوق و (في) ، نحو : قتل كليب في ناقة أي بسببها.


مصلحتك ، أو لرغبة فيها ، وكقول الشاعر [الرجز] :

من أمّكم لرغبة فيكم جبر

ومن تكونوا ناصريه ينتصر

وإن كان الثاني :

فالأكثر جرّه بحرف تعليل نحو : نصحتك للرّغبة في مصلحتك ويجوز نصبه على قلّة كقول الشاعر [الرجز] :

لا أقعد الجبن عن الهيجاء

ولو توالت زمر الأعداء

وإن كان الثالث : جاز فيه النّصب والجرّ على السّواء ، نحو : هربت خوف القتل أو لخوفه ، وتصدّقت ابتغاء مرضاة الله ، أو لابتغاء.

نموذج إعراب

[الكامل] :

وأحبّ آفاق البلاد إلى الفتى

أرض ينال بها كريم المطلب

الكلمة

إعرابها

وأحب آفاق البلاد

وأحبّ الواو حرف بحسب ما قبله. أحب مبتدأ مرفوع بالضمة وهو مضاف آفاق مضاف إليه مجرور بالكسرة. آفاق مضاف والبلاد مضاف إليه مجرور بالكسرة.

إلى الفتى

إلى حرف جر. الفتى مجرور بكسرة مقدرة على الألف للتعذر والجار والمجرور متعلقان بأحب.

أرض

خبر مبتدأ مرفوع بالضمة.

ينال بها

فعل مضارع مرفوع بالضمة ، والفاعل مستتر جوازا تقديره هو بها : جار ومجرور متعلقان بينال. والجملة من الفعل والفاعل في محل رفع صفة لأرض.

كريم المطلب :

كريم مفعول به منصوب بالفتحة. المطلب مضاف إليه مجرور بالكسرة.


المبحث السادس : في المفعول معه

المفعول معه : اسم يقع بعد واو بمعنى «مع» ليدلّ على ما وقع الفعل بمصاحبته ، نحو : سرت والنّهر أي مع النّهر ، ونحو : أنا سائر والنّيل أي مع النيل.

ويشترط في نصب ما بعد الواو على أنّه مفعول معه ثلاثة شروط :

١ ـ أن يكون الاسم الواقع بعد الواو فضلة (١) ليصحّ انعقاد الجملة بدونه.

٢ ـ أن يكون ما قبله جملة فيها فعل ، أو اسم فيه معنى الفعل وحروفه.

٣ ـ أن تكون (الواو) الّتي تسبقه نصّا في المعيّة.

والاسم الواقع بعد الواو يتعيّن نصبه على المعيّة في موضعين :

أ ـ إذا وجد ما يمنع العطف من جهة (المعنى) ، نحو : مشى التّلميذ والطّريق (٢).

ب ـ إذا وجد ما يمنع العطف من جهة (اللّفظ) ، نحو : سلّمت عليك وأباك ، وجئت وسليما (٣).

ويرجّح النّصب إذا كان العطف ضعيفا من جهة المعنى ، نحو : «لا تفرح بالبيع والخسارة» (٤).

__________________

(١) فإن لم يكن فضلة وجب أن يكون معطوفا على ما قبله ، نحو : تضارب زيد وعمرو ، فإن الجملة لا يصح انعقادها بدون ذكر عمرو ، لأن الفعل «تضارب» يدل على المشاركة ولا يصدر عن واحد. وإن لم يكن ما قبله جملة نحو : كل امرئ وعمله وجب أن يكون معطوفا على ما قبله ، فتكون «كل» مبتدأ والخبر محذوف تقديره مقترنان. وإن لم تكن الواو نصا في المعية بل كانت واوا للعطف ، نحو : جاء زيد وعمرو قبله أو كانت واو الحال نحو : جاء التلميذ وهو ضاحك لم يكن ما بعدها من هذا الباب.

(٢) يكون ذلك إذا كان ما قبل الواو فعلا أو شبه فعل لا يصلح أن يشترك فيه ما بعدها ، وذلك لأن العطف على نيّة تكرار العامل فإذا اعتبرنا الواو عاطفة كان المعنى : مشى التلميذ ومشى الطريق وهذا فاسد.

(٣) يكون ذلك إذا وقعت الواو إثر ضمير جر كما في المثال الأول فإن العطف عليه لا يصح بدون إعادة الجار ، فإذا أردته قلت : سلمت عليك وعلى أبيك ، ويكون أيضا إذا وقعت الواو إثر ضمير متصل كما في المثال الثاني فإنه لا يصح العطف عليه إلا بعد تأكيده بالضمير المنفصل ، فإذا أردته قلت : جئت أنا وسليم.

(٤) فإن المراد ليس النهي عن الأمرين ، بل عن الأول مجتمعا مع الثاني.


ويرجّح العطف متى أمكن بغير ضعف ، نحو : «سار الأمير والجيش».

ويتعيّن عطف الاسم الواقع بعد الواو إذا كان الفعل لا يقع إلّا من متعدّد ، نحو : اشترك سليم وخليل ، واختصم سعد وسعيد.

واعلم أنّ ناصب المفعول معه هو : ما تقدّمه من فعل ، أو شبهه. وقد يكون منصوبا بفعل مضمر وجوبا من مادّة (الكون) ، إذا وقع بعد ما ، وكيف الاستفهاميّتين ، نحو : ما أنت وصديقك وكيف أنت والامتحان ، والتّقدير : ما تكون وصديقك وكيف تكون والامتحان (١).

ولا يجوز أن يتقدّم المفعول معه على عامله ، فلا يقال : «والطّريق مشى سليم» ولا على مصاحبه ، فلا يقال : «مشى والطّريق سليم».

بين أنواع المفاعيل فيما يأتي

يدور القمر ثمانيا وعشرين مرّة كل شهر. ينخسف القمر إذا كانت الأرض بينه وبين الشمس. [الكامل] :

ومشيت مشية خاشع متواضع

لله لا تزهو ولا تتكبّر

اشترك موسى بن نصير وطارق بن زياد في فتح الأندلس [الطويل] :

إذا أنت لم تترك أخاك وزلّة

إذا زلّها أوشكتما أن تفرّقا

[الكامل] :

ولقد تمرّ على الغدير تخاله

والنّبت مرآة زهت بإطار

فوضت له الأمر ثقة بأمانته ، واعتمادا على عفّته ، وطمعا في مودّته [البسيط] :

خذ الأمور برفق واتّئد أبدا

إيّاك من عجل يدعو إلى وصب

[الوافر] :

وحلو العيش لا تقربه واصبر

وإن كان حميّا الصبر مرّه

رأى الإسكندر رجلا حسن الاسم قبيح السيرة ، فقال له : إمّا أن تغيّر اسمك أو

__________________

(١) ما وكيف : خبران لتكون المحذوفة. والضمير المنفصل بعد الحذف اسمها ، وكثير من النحويين يرفع ما بعد الواو عطفا على الضمير.


سيرتك [البسيط] :

إن كنت تطلب عزّا فادّرع تعبا

أو فارض بالذّل واختر راحة البدن

ما لك وطلب ما لا يعني. ولي عمرو بن العاص مصر مرتين. أوصيك إيصاء ناصح لك ألّا تظلم الناس شيئا ، وأن تباين أهل الشّر مباينة. مصر واقعة شمالي إفريقية ـ وبلاد الهند جنوبي آسيا. الأرض أثناء دورانها حول الشمس تارة تكون أسفل منها ، وطورا أعلى منها ، ومرة تكون بمساواتها [الطويل] :

هل الدهر إلّا ليلة ونهارها

وإلّا طلوع الشمس ثم غروبها

[الخفيف]

ليس يعطيك للرجاء ولا لل

خوف لكن يلذّ طعم العطاء

نموذج إعراب

[الوافر] :

فكونوا أنتم وبني أبيكم

مكان الكليتين من الطّحال

الكلمة

إعرابها

فكونوا

الفاء بحسب ما قبلها. وكونوا فعل أمر مبني على حذف النون والواو اسمها مبني على السكون في محل رفع.

أنتم

توكيد للضمير (واو الجماعة) في كونوا.

وبني

الواو للمعية (بمعنى مع) وبني مفعول معه منصوب بالياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم ، وهو مضاف.

أبيكم

مضاف إليه مجرور بالياء لأنه من الأسماء الخمسة.

مكان

ظرف متعلق بمحذوف خبر (كونوا) وهو مضاف.

الكليتين

مضاف إليه مجرور بالياء لأنه مثنى.

من الطحال

جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال من الكليتين.


المبحث السابع : في المستثنى

المستثنى : هو اسم يذكر بعد (إلّا) أو إحدى أخواتها ، مخالفا في الحكم لما قبلها : نفيا وإثباتا ، نحو : جاء الوفد إلّا سعدا والكلام على الاستثناء ينحصر فيما يأتي :

١ ـ المستثنى منه.

٢ ـ والمستثنى.

٣ ـ وأدوات الاستثناء.

فالمستثنى منه هو : الاسم الداخل في الحكم ، وتارة يكون مذكورا وطورا يكون ملحوظا ، ومرّة يتقدّم عليه نفي أو شبهه. ومرّة لا يتقدّم وأمّا المستثنى ، فهو المخرج من جنس المخرج منه. «بمنزلة المطروح والمطروح منه».

وأدوات الاستثناء هي : إلّا ، وغير ، وسوى ، وعدا ، وخلا وحاشا. وقد ألحقوا بها : لا سيّما ، وليس ، ولا يكون ، وبيد. والمستثنى قسمان : متّصل ، ومنقطع.

فالمتّصل : ما كان من جنس المستثنى منه ، نحو : تصدأ كلّ المعادن إلّا الذّهب والفضّة ، والمنقطع : ما ليس من جنس المستثنى منه ، نحو : جاء المسافرون إلّا كتابهم (١).

والمستثنى «بإلّا» له ثلاث حالات : وجوب النّصب ، وجواز النّصب والبدليّة ، ووجوب أن يكون على حسب ما يقتضيه العامل الذي قبل «إلّا».

الحالة الأولى وجوب النصب

يجب نصب المستثنى (بإلّا) في ثلاثة مواضع :

أوّلا : إذا كان المستثنى مؤخّرا في كلام تامّ موجب (٢) ، نحو : «قام القوم إلّا سليما».

__________________

(١) لا بدّ في المستثنى المنقطع من ارتباطه (معنى) بالمستثنى منه لملابسة بينهما فلا يقال : جاء القوم إلا الذئاب. ويجب أن يكون الفعل صالحا له فلا يقال : تكلم القوم إلا بعيرا.

والمستثنى المتّصل هو الأصل وهو الشائع في الاستعمال وأما المنقطع فهو نادر.

(٢) المراد بالكلام التام : ما كان المستثنى منه مذكورا فيه ، وبالموجب ما كان مثبتا غير منفي.


ثانيا : إذا تقدّم المستثنى على المستثنى منه في كلام تامّ موجب أو منفيّ ، نحو : «حضر إلّا خدمهم السّادة» ، وما جاء إلّا سليما أحد.

ثالثا : إذا كان الاستثناء منقطعا نحو : «جاء التّلاميذ إلّا كتبهم» ويستعمل في الاستثناء المنقطع (إلّا ، وغير) فقط.

الحالة الثانية : جواز النّصب والإتباع

يجوز في المستثنى «بإلّا» نصبه ، وجعله بدلا من المستثنى منه ، إذا وقع بعد المستثنى منه في كلام تامّ غير موجب ، نحو : ما جاء القوم إلّا سليما ، أو إلّا سليم (١).

الحالة الثالثة : إعرابه على حسب العوامل

يجب أن يكون المستثنى «بإلّا» على حسب ما يقتضيه العامل الّذي قبلها متى حذف المستثنى منه. فإنّ العامل الّذي قبلها يتفرّغ حينئذ للعمل في ما بعدها ، فتكون «إلّا» كأنّها لم تكن.

ولا يكون ذلك إلّا في كلام غير موجب ، ويقال له : (الاستثناء المفرّغ) نحو : ما جاء إلّا نجيب ، وما رأيت إلّأ نجيبا ، وما مررت إلّا بنجيب ، ولا يقع في السّوء إلّا فاعله ، ولا أتّبع إلّا الحقّ ؛ ولا يستعمل في المستثنى المفرّغ (أفعال الاستثناء). وناصب المستثنى «بإلّا» هو العامل الّذي قبلها (٢).

وحكم المستثنى بغير وسوى أن يجرّ المستثنى بإضافتهما إليه.

وأمّا حكم : غير وسوى فكحكم الإسم الواقع بعد إلّا في جميع أحواله الثّلاثة السّابقة ، فتقول : جاء القوم غير سليم بنصب غير ، وما جاء القوم غير أو غير سليم بالنّصب والإتباع على البدل ، وما جاء غير سليم بالرّفع ، وما رأيت غير سليم

__________________

(١) فنصب سليم على كونه مستثنى ، ورفعه على كونه بدلا من القوم وهو بدل بعض من كل.

والمراد بالكلام غير الموجب ما كان فيه نفي كما رأيت ، أو نهي نحو : لا يقم أحد إلا عمرو ، أو استفهام ، نحو : هل قام أحد إلا خالد؟

(٢) قد اختلف النحاة في هذه المسألة؟ والأرجح ما ذكرناه ، وأن «إلّا» ليست بعامل ، بل هي واسطة لتعدي العامل إلى ما بعدها كالواو في المفعول معه.


بالنّصب ، وما مررت بغير سليم وبالجرّ ، وذلك حسب العوامل في الاستثناء المفرغ.

والمستثنى ب : عدا ، وخلا ، وحاشا يجوز فيه النّصب والجرّ : فالنّصب على أنّها أفعال ماضية ، وما بعدها مفعول به ، والجرّ على أنّها أحرف جرّ شبيهة بالزّائدة لا متعلّق لها ، فتقول : جاء القوم خلا أو عدا أو حاشا سليما ، وخلا أو عدا أو حاشا سليم وإذا اقترنت بخلا ، وعدا «ما» المصدريّة ، تعيّن كونهما فعلين ، ووجب نصب ما بعدهما.

وأمّا (حاشا) فلا تسبقها «ما» (١) إلا نادرا كقول الشاعر [الوافر] :

رأيت الناس ما حاشا قريشا

فإنّا نحن أكرمهم فعال

وأمّا ليس ، ولا يكون فما بعدهما منصوب على أنه خبر لهما واسمهما ضمير مستتر وجوبا ، نحو : الدّروس تفيد التّلاميذ ليس أو لا يكون المهمل.

تنبيهان

الأول : لفظة «بيد» لا تستعمل إلّا في الاستثناء المنقطع وهي ملازمة النّصب على الاستثناء. ولا تضاف إلّا إلى المصدر المسبوك من أن وصلتها ، نحو : سليم غنيّ بيد أنّه بخيل.

الثّاني : قد تستعمل ليس ، ولا يكون بمعنى «إلّا» فيستثنى بهما. ويجب نصب المستثنى بهما لأنه خبر لهما ، نحو : جاء القوم ليس سليما أو لا يكون سليما كما سبق ذكره.

__________________

(١) إذا اعتبرت عدا وخلا وحاشا أفعالا كان فاعلها ضميرا مستترا فيها وجوبا على خلاف الأصل يعود على المستثنى منه ، والجملة إما حال من المستثنى منه وإما استئنافية.

وإذا سبقتها «ما» المصدرية فهي مؤولة بمصدر منصوب على الحال بعد تقديره باسم الفاعل. فإذا قلت : جاء القوم ما خلا سليما كان التقدير : جاء القوم خالين من سليم.

و «حاشا» تستعمل للاستثناء في ما ينزّه فيه المستثنى عن مشاركة المستثنى منه فتقول : تكاسل القوم حاشا سليم ولا تقول : صلّى القوم حاشا سليم لأن سليما يجوز تنزيهه عن مشاركة القوم في التكاسل ولا يجوز تنزيهه عن مشاركتهم في الصلاة. وقد تكون «حاشا» اسما بمعنى التنزيه فتنصب على أنها مفعول مطلق ويجوز حذف ألفها ، نحو : حاشا الله ، حاش الله والمعنى : أنزّه الله تنزيها.

وقد تكون فعلا متعديا متصرفا فتقول : حاشيت فلانا أحاشيه ولا تكون حينئذ من هذا الباب.


المبحث الثامن : لا سيما

الاسم الواقع بعد لا سيّما (١) إن كان نكرة جاز فيه :

أ ـ الرّفع على أنّه خبر لمبتدإ محذوف ، تقديره هو ، والجملة صلة ما إن جعلت اسما موصولا ، وصفتها إن جعلت نكرة موصوفة (٢).

ب ـ والنّصب على أنّه تمييز (لما) وتكون (ما) حينئذ نكرة تامّة مضافة إلى (سيّ) ، أو هي زائدة (٣).

ج ـ والجرّ بإضافة سيّ إليه ، وما زائدة ، نحو : أعجبني القوم ولا سيّما أمير ، أو أميرا ، أو أمير في مقدّمتهم.

وإن كان الواقع بعد (لا سيّما) (٤) معرفة جاز فيه الرّفع والجرّ فقط على الاعتبارين السّابقين ، نحو : أعجبني الشّعراء ولا سيّما أميرهم أو أميرهم شوقي.

هذا إذا لم يكن ما بعدها حالا ، أو شرطا ، أو ظرفا ، وإلّا تعيّنت زيادة «ما» على الأوّل ، وموصوليّتها على الثّاني ، والثالث. وتكون جملة الشّرط ومتعلّق الظّرف صلتها ، نحو : لا تحتقر أحدا ولا سيّما محتاجا ، أو : وهو محتاج ، وأحبّ تلاميذي ولا سيّما إن اجتهدوا وساعدوا الضّعفاء ولا سيّما عند الضّرورة.

__________________

(١) لا سيما : هي مركبة من لا النافية للجنس ، وسيّ بمنزلة (مثل) اسمها ، وهي لا تتعرّف بالإضافة ، و (ما) الموصولة ، أو النكرة الموصوفة ، أو التامة ، أو الزائدة الكافة ، أو غير الكافة ، وعلى كل حال فخبر لا محذوف تقديره موجود ، أو نحوه.

وهي لا تستعمل بدون الواو الاعتراضية إلا شذوذا. كقوله [الطويل] :

يسرّ الكريم الحمد لا سيّما لدى

شهادة من في خيره يتقلّب

(٢) أي مضافة إلى (سيّ) في الحالتين.

(٣) أي كافة (لسي) عن الإضافة في هذه الحالة ، وفيما إذا كان ما بعدها حالا وفتحتها في الحالتين فتحة بناء بخلافها في بقية الأحوال فهي معربة لإضافتها.

(٤) لا يجوز حذف لا ، وقولهم (سيما كذا) خطأ وجملتها لا محل لها من الإعراب لأنها اعتراضية ، إلا إذا كان ما بعدها حالا أو شرطا أو ظرفا فتكون في محل نصب على المفعولية المطلقة (لأخصّ) محذوفا وهو الدليل على جواب الشرط. وتستعمل (لا سيّما) لترجيح ما بعدها على ما قبلها. وقد أدخل بعض النحاة (لا سيّما) في هذا الباب مع أنها ليست منه لأنها تستعمل للدلالة على أن ما بعدها أدخل مما قبلها في الحكم المنسوب إليه على خلاف حكم الاستثناء.


تمرين

استخرج مما يأتي أنواع المستثنى وبيّن وجه إعرابه.

ما المرء إلا قلبه ولسانه. ليس للإنسان إلا ما مسعى. ليس بأوروبا ممالك لا تشرف على بحر غير سويسرة والصّرب. وكل ممالك أمريكا الجنوبية تشرف على البحار عدا اثنتين. كل شيء ما خلا الله باطل. لو كان لهذا العالم آلهة غير الله لا ختلّ نظامه وفسد. ما بين الهجرة وميلاد سيدنا عيسى إلا اثنتين وعشرين وستماية سنة. تفوّق جرير على شعراء زمانه خلا الأخطل والفرزدق [الكامل] :

وإذا تباع كريمة أو تشترى

فسواك بائعها وأنت المشتري

[البسيط] :

لكلّ داء دواء يستطبّ به

إلّا الحماقة أعيت من يداويها

[الكامل] :

وما لي إلا آل أحمد شيعة

وما لي إلّا مذهب الحق مذهب

أنا أفصح من نطق بالضاد (بيد) أني من قريش. كلّ زائل غير الذكر الحسن. لا يفوز باللّذات غير الجسور.

أجب عن الأسئلة الآتية

ما هو المستثنى؟ ما هي أدوات الاستثناء؟ كم قسما المستثنى؟ على كم حالة يكون المستثنى (بإلا)؟ متى يجب نصب المستثنى بإلا؟ متى يجوز في المستثنى (بإلا) النصب والإتباع؟ متى يكون المستثنى (بإلا) على حسب ما يقتضيه العامل الذي قبلها؟ ما الذي نصب الاسم الواقع بعد (إلّا)؟ ما هو حكم المستثنى بغير وسوى؟ ما هو حكم المستثنى بخلا وعدا وحاشا؟ ما حكم الاسم الواقع بعد ليس ولا يكون؟ ما هو حكم الاسم الواقع بعد (لا سيّما) وما حكم لفظة (بيد)؟

نموذج إعراب

[البسيط]

فانهض إلى صهوات المجد معتليا

فالباز لم يأو إلا عالي القلل


الكلمة

إعرابها

فانهض

الفاء حرف بحسب ما قبله. انهض فعل أمر مبني على السكون والفاعل مستتر وجوبا تقديره أنت.

إلى صهوات المجد

جار ومجرور متعلقان بانهض. صهوات مضاف والمجد مضاف إليه مجرور بالكسرة.

معتليا

حال من فاعل انهض منصوب بالفتحة.

فالباز

الفاء للتعليل حرف. الباز مبتدأ مرفوع بالضمة.

لم يأو

لم حرف نفي وجزم وقلب. يأو : فعل مضارع معتل مجزوم بحذف آخره والفاعل مستتر جوازا تقديره هو.

إلا

أداة استثناء ملغاة لا عمل لها حرف مبني على السكون لا محل له.

عالي

مفعول به منصوب بالفتحة الظاهرة.

القلل

مضاف إليه مجرور بالكسرة والجملة في محل رفع خبر (الباز).

المبحث التاسع : في الحال (١)

الحال وصف (٢) فضلة يبيّن هيئة صاحبه عند صدور الفعل نحو : أقبل سليم مستبشرا ، وانقل الخبر صحيحا.

__________________

(١) تطابق الحال صاحبها في التذكير ، والتأنيث ؛ وفي الإفراد ، والتثنية ، والجمع. وقد تتعدّد الحال ، نحو : (رَجَعَ مُوسى إِلى قَوْمِهِ غَضْبانَ أَسِفاً).

(٢) المراد بالوصف : الاسم المشتق الدال على ذات متصفة بمصدره كما رأيت في المثال ، ويدخل فيه الجامد المؤول بالمشتق ، نحو : هجم عليّ أسدا ، أي شجاعا والمراد بالفضلة ما كان واقعا بعد تمام الكلام ، أي أنه يصح الاستغناء عنه من جهة تركيب الكلام ، لا من جهة المعنى ، إذ قد تجيء الحال غير مستغنى عنها من جهة المعنى ، نحو : (وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما لاعِبِينَ) (١٦) (وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً).


والحال : لا تجيء عن فاعل (١) أو مفعول ، لفظا ، أو معنى ، نحو : جاء أخوك راكبا ، وشربت الماء صافيا ، وعجبت من ذهاب الأمير ماشيا (٢).

والأصل في الحال أن تكون صفة منتقلة ، نكرة مشتقّة نحو : جاء الصّديق باسما ، وعاد القائد من الحرب ظافرا.

وقد تأتي الحال (صفة ثابتة) لا منتقلة ، نحو : (وَخُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً) [النساء : ٢٨] ودعوت الله سميعا (٣).

وقد تأتي الحال (معرفة) لا نكرة ، وذلك إذا صحّ تأويلها بنكرة ، نحو : جاء أخوك وحده ، أي منفردا.

__________________

(١) إن الحال تجيء عن الفاعل ، أو المفعول ، لفظا كما في المثالين الأولين ؛ أو معنى كما في المثال الثالث ، فإن الأمير فاعل في المعنى وإن كان مضافا إليه في اللفظ. والمفعول الذي تجيء عنه الحال يشمل المفعول به كما في الثمال وغيره من المفاعيل في الأصح ، فيقال : سرت سيري حثيثا ، وصمت الشهر كاملا ، وهربت للخوف مجردا ، وسرت والنيل فائضا ولا فرق بين أن يكون المفعول صريحا كما مرّ ، أو غير صريح ، نحو : انهض بالكريم عاثرا.

(٢) لا تأتي الحال من المضاف إليه إلا إذا كان المضاف عاملا فيه فاعلا أو مفعولا في المعنى ، ويكون ذلك في حالتين : أولاهما أن يكون المضاف مصدرا. نحو : سرّني قدومك سالما ، وأعجبني ضرب اللص مقيدا أو صفة. نحو : زيد منطلق الغلام مسرعا ، وراكب الفرس مسرجا. والثانية : أن يكون المضاف جزءا من المضاف إليه نحو : أمسكت بيدك عاثرا أو كجزء منه نحو : أعجبني كلام الإمام واعظا لأن الحال تكون حينئذ كأنها عن المضاف لشدة الملابسة بينه وبين المضاف إليه فتكون قد جاءت عن الفاعل أو المفعول تقديرا. فإذا لم يكن الأمر كذلك امتنعت المسألة فلا يقال : مررت بغلام هند جالسة لأن المضاف ليس جزءا من المضاف إليه ، ولا كالجزء منه.

(٣) يكون ذلك في ثلاث صور : أولاهما : في الحال التي يدل عاملها على تجدد صاحبها كما في المثال المتقدم. والثانية : في الجامدة التي لا تؤول بمشتق ، نحو : هذا ثوبك ديباجا.

والثالثة : في الحال المؤكدة ، نحو : ولى الجندي مدبرا.

تنبيه : اختلف في بعض المصادر التي وردت منصوبة مما يدلّ على نوع عامله نحو : طلع زيد بغتة ، وجاء ركضا ، فاعتبر بعضهم ما كان مثل ذلك من المصادر مفعولا مطلقا لفعل محذوف ، والتقدير طلع يبغت بغتة ، وجاء يركض ركضا واعتبر بعضهم المصدر حالا مؤولا بالصفة ، والتقدير : طلع باغتا ، وجاء راكضا وكلا الوجهين مقبول.


المبحث العاشر : في الحال الجامدة

تأتي الحال (جامدة) لا مشتقّة ، وذلك على تأويلها غالبا بالمشتقّ ويقع ذلك في خمس حالات :

أوّلا : في ما دلّ على تشبيه ، نحو : عدا سليم غزالا ، أي مسرعا كالغزال ، ونحو : رأيتهم في الوغى أسدا ، أي شجعانا.

ثانيا : في ما دلّ على مفاعلة ، نحو : بايعته يدا بيد ، أي متقابضين.

ثالثا : في ما دلّ على ترتيب ، نحو : أدخلوا رجلا رجلا ، أي مرتّبين.

رابعا : في ما دلّ على تفصيل ، نحو : قرأت الكتاب بابا بابا ، أي مفصّلا.

خامسا : في ما دلّ على تسعير ، نحو : أشتريت الثّوب ذراعا بدرهم ، أي مسعّرا.

وقد يغني عن تأويلها بالمشتقّ أحد ستّة أشياء :

أوّلا : أن تكون موصوفة ، نحو : (إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا) [يوسف : ٢] ونحو خذه مقالا صريحا.

ثانيا : دلالتها على عدد ، نحو : (فَتَمَّ مِيقاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً) [الأعراف : ١٤٢].

ثالثا : أن تدلّ على حال واقع فيه تفضيل شيء على (نفسه) أو على (غيره) باعتبارين ، نحو : سليم غلاما أحسن منه رجلا ، وخليل شاعرا أحسن منه ناثرا.

رابعا : أن تكون نوعا لصاحبها ، نحو : لبس خاتمه ذهبا.

خامسا : أن تكون فرعا لصاحبها ، نحو : (وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً) [الأعراف : ٧٤] وهذ ثوبك حريرا.

سادسا : أن تكون أصلا لصاحبها ، نحو : (أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً) [الإسراء : ٦١].


المبحث الحادي عشر : في احتياج الحال إلى عامل وصاحب

عامل الحال : هو العامل في صاحبها الّذي جاءت عنه (من فعل ، أو شبهه (١) أو ما في معناه) ، نحو : طلعت الشّمس هو الفعل (طلع) وهو عامل الحال أيضا.

وصاحب الحال هو ما كانت الحال وصفا له في المعنى : فإذا قلت : طلعت الشّمس مشرقة ، فصاحب الحال هو الشّمس. والأصل فيه كما في المبتدإ أن يكون معرفة لأنّه محكوم عليه. والمحكوم عليه يكون معلوما ولكنّه كالمبتدإ أيضا يأتي (نكرة) بمسوّغات ترجع إلى ثلاثة أمور :

١ ـ أن تكون النّكرة عامّة بتقدّم نفي ، أو ، استفهام ، أو نحوهما عليها ، نحو : ما في المدرسة من تلميذ متكاسلا ، وهل جاءك أحد راكبا؟

٢ ـ أن تخصّص النكرة بوصف ، أو إضافة ، أو نحوهما ، نحو : جاءني رجل فنّ مباحثا ، وزارني صديق مسلّما.

٣ ـ أن تتقدّم الحال على صاحبها وهو نكرة محضة ، نحو : جاءني مسرعا رسول.

المبحث الثاني عشر : في مرتبة الحال مع صاحبها ، وعاملها

الأصل في الحال أن تتأخّر عن صاحبها على أنها قد تتقدّم عليه (جوازا) نحو : حارّا لا تأكل الطّعام. وقد تتقدّم عليه (وجوبا) وقد تتأخرّ عنه وجوبا.

فتتقدّم الحال على صاحبها وجوبا في ثلاثة مواضع :

٢ ـ إذا كان صاحبها محصورا ، نحو : ما جاء ماشيا إلّا سليم.

٣ ـ إذا كان صاحبها مضافا إلى ضمير ما يلابسها ، نحو : وقف يخطب في التّلاميذ معلّمهم.

__________________

(١) المراد بشبه الفعل مشتقاته. والمراد بمعنى الفعل اسم الفعل نحو : نزال مسرعا ، واسم الإشارة نحو : هذا أخوك مقبلا. وأدوات التشبيه والتمني والترجي الموجودة في إن وأخواتها ، نحو : كتبت بالقلم مبريا ، وأنا كاتب الدرس واقفا ، وكأنّ عليا بدر قادما. وهذا صاحبي مؤدبا. ولعلّ سعدا في الدار جالس.


وتتأخّر الحال عن صاحبها وجوبا في ثلاثة مواضع :

١ ـ إذا كانت الحال محصورة ، نحو : (وَما نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ) [الأنعام : ٤٨].

٢ ـ إذا كان صاحبها مجرورا بالإضافة ، نحو : سرّني عملك مخلصا أو كان صاحبها مجرورا بالحرف (١) ، نحو : مررت بهند جالسة ، ونظرت إلى السّماء صافية الأديم.

٣ ـ إذا كانت الحال جملة مقترنة بالواو ، نحو : سافر الرّسول وقد طلعت الشّمس.

والأصل في الحال : أن تؤخّر عن عاملها. ويجوز تقدّمها عليه بشرط أن يكون (فعلا متصرّفا) ، نحو : راكبا جاء سليم. أو صفة تشبه الفعل المتصرّف ، نحو : مسرعا سليم (٢) منطلق.

وتتقدّم الحال على عاملها وجوبا في ثلاثة مواضع :

١ ـ إذا كان لها صدر الكلام ، نحو : كيف أضعت الفرصة؟

٢ ـ إذا كان العامل فيها (اسم تفضيل) عاملا في حالين ، فضّل صاحب إحداهما على صاحب الأخرى ، نحو : سليم راجلا أسرع من خليل راكبا ، أو كان صاحبهما واحدا مفضّلا على نفسه في حالة دون أخرى ، نحو : العصفور مغرّدا أفضل منه ساكتا ، فيجب تقديم الحال الّتي للمفضّل على اسم التّفضيل بحيث يتوسّطّ اسم التفضيل بينهما كما في الأمثلة.

٣ ـ إذا كان العامل فيها معنى التّشبيه (دون أحرفه) عاملا في حالين يراد بهما تشبيه صاحب الأولى بصاحب الأخرى ، نحو : أنا فقيرا كسليم غنيّا.

__________________

(١) إلا إذا كان مجرورا بحرف جر زائد فيجوز تقديم الحال عليه نحو : ما جاءني راكبا من أحد.

(٢) يراد بالصفات التي تشبه الفعل المتصرف ما كان اسم الفاعل ، واسم المفعول ، والصفة المشبهة ، مما يتصرّف في جميع أحواله. أما اسم التفضيل فليس كذلك لأنّه لا يتصرف إلا في بعض الأحوال ، وذلك إذا اقترن بأل ، فلا يجوز تقديم الحال التي هو عامل فيها عليه.


ويجوز حذف عامل الحال إذا دلّ عليه دليل ، كقولك : ماشيا ، لمن سألك : كيف جئت؟

ويجب حذف عامل الحال في أربعة مواضع :

١ ـ في ما يتبيّن فيه زيادة أو نقص في المقدار بالتدريج ، نحو : تصدّق بدرهم فصاعدا ؛ واشتر الثّوب بدينار فنازلا والتّقدير : واذهب بالعدد صاعدا ، أو نازلا.

٢ ـ أن تكون مسوقة للتّوبيخ ، نحو : أقاعدا وقد قام الناس؟ أي أتوجد قاعدا؟

٣ ـ في الحال المؤكّدة لمضمون الجملة ، نحو : أنت أخي مؤاسيا ، أي أعرفك مؤاسيا.

٤ ـ في الحال السّادة مسدّ الخبر ، نحو : تأديبي الغلام مسيئا ، أي : إذ يوجد مسيئا وقد تقدم ذلك.

ويحذف عامل الحال (سماعا) في غير ذلك ، نحو : هنيئا لك أي : ثبت لك الخير هنيئا.

المبحث الثالث عشر : في تقسيم الحال إلى : مؤسّسة ، ومؤكدة ، وحقيقيّة ، وسببيّة

تنقسم الحال باعتبار فائدتها إلى مؤسّسة ومؤكّدة.

فالمؤسّسة ، (ويقال لها المبيّنة أيضا) : هي الّتي لا يستفاد معناها بدونها ، نحو : جاء سليم راكبا. والمؤكّدة (١) هي الّتي يستفاد معناها بدونها وإنما يؤتى بها للتّوكيد ، نحو : تبسّم ضاحكا.

__________________

(١) المؤكدة إما أن يؤتى بها لتوكيد عاملها الموافق لها معنى فقط نحو : تبسّم ضاحكا أو لفظا ومعنى ، نحو : (وَأَرْسَلْناكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً) وإما أن يؤتى بها لتوكيد صاحبها ، نحو : جاء التلاميذ كلهم جميعا ، وإمّا أن يؤتى بها لتوكيد مضمون جملة مركبة من اسمين معرفتين جامدين ، نحو : نحن الإخوة متعاونين.

وتقسم الحال أيضا إلى : مقصودة لذاتها نحو : جئت راكبا ، وإلى موطّئة وهي الجامدة الموصوفة التي تذكر توطئة لما بعدها ، نحو. (فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِيًّا).


وتقسّم الحال باعتبار صاحبها إلى (حقيقيّة) : وهي التي تبيّن هيئة صاحبها نحو : جئت ماشيا ، وإلى (سببيّة) : وهي ما تبيّن ما يحمل ضميرا يعود إلى صاحبها نحو : كلمت هندا حاضرا أبوها ، ومررت بمصر مستبشرا سكّانها.

وتقسّم أيضا الحال باعتبار لفظها إلى : مفردة ، نحو : جلست مفكّرا وإلى جملة ، نحو : وقف الشاعر ينشد وإلى شبه جملة وهو الظرف ، والجار والمجرور ، نحو : تكلّم الخطيب فوق المنبر ، وخرج الأمير في موكبه.

ويشترط في الجملة الحاليّة أن تكون خبريّة (١) ، وأن تكون غير مصدّرة بعلامة الاستقبال كالسّين ، أو سوف ، وأن تشتمل على رابط يربطها بصاحب الحال.

المبحث الرابع عشر : في روابط الحال

الأصل في الرّبط أن يكون (بالضّمير) ، نحو : وقف الخطيب يتكلّم ، وقد يكون الضّمير مقدّرا ، نحو : اشتريت اللّؤلؤ مثقالا بدينار ، أي مثقالا منه. فإذا لم يكن ضمير وجبت (الواو) (٢) ، نحو : جاء سليم والشّمس طالعة. ويجوز اجتماع الواو مع الضّمير ، نحو : جاء التلميذ وكتابه في يده.

وتجب واو الحال في ثلاثة مواضع :

أوّلا : إذا كانت جملة الحال اسميّة مجرّدة من ضمير يربطها بصاحبها نحو : هرب المسجون والحرس نائمون.

__________________

(١) الجملة الخبرية يصح أن تقع حالا سواء كانت فعلية نحو : جاء سليم يضحك ، أو اسمية ، نحو : ذهب سعيد دمعه متحدّر ، وعلى الصورتين تكون مؤوّلة بمفرد ، والتأويل في الأولى جاء ضاحكا ، وفي الثانية ذهب متحدرا دمعه.

أمّا الجملة الإنشائية فلا يصح وقوعها حالا.

وإذا اشتملت الجملة على ما يقتضي الاستقبال ، لم يصح وقوعها حالا : فلا يقال ذهب زيد سيمشي للمنافاة بين الحال ، والاستقبال.

(٢) هذه الواو تدعى واو الحال أو واو الابتداء. وإذا اجتمعت مع الضمير فيكون ذلك لزيادة التمكين. واضابط فيها أن يصح وقوع «إذ» الظرفية موقعها. فإذا قلت : جئت والشمس طالعة صح أن تقول : جئت إذ الشمس طالعة.


ثانيا : إذا كانت مصدّرة بضمير صاحبها ، نحو : قصدتك وأنا واثق بمروءتك.

ثالثا : إذا كانت ماضويّة غير مشتملة على ضمير صاحبها ، مثبتة كانت أو منفيّة ، غير أنّه تجب «قد» مع الواو في المثبتة ، نحو : بلغت المدينة وقد بزغ الفجر ، ورحلت عنها وما طلعت الشّمس.

وتمنع واو الحال ، ويتعيّن الضّمير في خمسة مواضع :

أوّلا : إذا كانت جملة الحال مؤكّدة لمضمون الجملة قبلها ، نحو : هو الحقّ لا شكّ فيه و (ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ) [البقرة : ٢].

ثانيا : إذا كانت ماضويّة واقعة بعد إلّا فيجب تجريها عندئذ من الواو ، وقد ، نحو : ما تكلّم إلّا ضحك (١).

ثالثا : إذا كانت ماضويّة متلوّة «بأو» ، نحو : لأضربنّه عاش أو مات ، ولا أصاحبنّه غاب أو حضر.

رابعا : إذا كانت مضارعيّة مثبتة غير مقترنة بقد ، نحو : جاء التّلميذ يحمل كتابه فإذا اقترنت (بقد) وجبت الواو معها ، نحو : (لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ) [الصف : ٥].

خامسا : إذا كانت مضارعيّة منفيّة «بما» أو «لا» ، نحو : هجم الجيش ما يخاف الأعداء و (وَما لَنا لا نُؤْمِنُ بِاللهِ) [المائدة : ٨٤].

أمّا إذا كانت منفيّة : للم ، أو لمّا ، فالمختار ربطها بالواو والضّمير معا ، نحو : ضربت المجرم ولم أشفق عليه ، وقطفت الثّمرة ولمّا تنضج.

وإذا خلت جملة الحال من ضمير صاحبها وجب ربطها بالواو ، نحو : جئت ولم تطلع الشّمس.

ويجوز اقتران جملة الحال بالواو ، وعدمه ، إذا لم يكن فيها شيء ممّا يوجب

__________________

(١) قد سمع اقترانها بعد «إلا» بالواو ، كقول الشاعر [البسيط] :

نعم امرؤ هرم لم تعر نائبة

إلّا وكان لمرتاع بها وزرا

وبقد ، كقول الآخر [الطويل] :

متى يأت هذا الموت لم يلف حاجة

لنفسي إلا قد قضيت قضاءها

على أن ما ورد من ذلك شاذ لا يقال عليه.


اقترانها بها ، أو يمنعه ممّا تقدّم بيانه. وأكثر ما يكون ذلك في الجملة الاسميّة المقترنة بضمير صاحبها ، نحو : جاء التلميذ كتابه في يده أو وكتابه في يده.

وإذا كانت جملة الحال (١) ماضويّة مشتملة على ضمير صاحبها فالأكثر فيها أن تربط به ، وبالواو ، وقد معا ، نحو : جاء الرّسول وقد أسرع.

وقد تربط بالضّمير ، وقد فقط (دون الواو) كقول الشاعر [الطويل] :

وقفت بربع الدّار قد غيّر البلى

معارفها والسّاريات الهواطل

وأقلّ من هذا أن تربط بالضّمير وحده ، نحو : هذه بضاعتنا ردّت إلينا.

وإن كانت منفيّة فالأكثر فيها أن تربط بالواو والضّمير معا ، نحو : جاء أخوك وما فعل شيئا.

وقد تربط بالضّمير وحده ، نحو : جاء ما فعل شيئا.

تمرين

بين الحال ، وصاحبها ، وعاملها ، وما جاء على الأصل منها ، والعكس.

ذهبت مساعي الزعماء أدراج الرياح. تفرّق العدوّ ايادي سبا. تشتتوا طرائق وتمزقوا حزائق. البخل في الرجال مذموم وفي النساء ممدوح. رأيت الهلال بين السحاب. وأبصرت شعاعه في الماء [الوافر] :

وجئت إليهم طلق المحيّا

كأنّي لا سمعت ولا رأيت

خلق الله الزرافة يديها أطول من رجليها. هو الحق بيّنا [الطويل] :

إذا المرء أعيته المروءة يافعا

فمطلبها كهلا عليه ثقيل

__________________

(١) هذه الأحكام عن الجملة الماضوية تراعى بشرط أن لا تقع بعد «إلا» أو قبل «أو» فإن كانت كذلك امتنعت من الواو ، وقد كما تقدم.

فائدة : وردت في اللغة ألفاظ مركبة تركيب خمسة عشر ببناء الجزأين على الفتح وهي واقعة موقع الحال وذلك نحو : تفرّقوا شذر مذر أي متشتتين ونحو : هو جاري بيت بيت أي متلاصقين ، ووردت ألفاظ مركبة أصلها الإضافة نحو : فعلته بادئ بدء ، وبادئ بدأة ، وبادئ بداء ، وبدأة أي فعلته مبدوءا به ، ونحو : تفرّقوا أيدي سبا ، وأيادي سبا أي متشتّتين.


[البسيط] :

كن للخيل نصيرا جار أو عدلا

ولا تشحّ عليه جاد أو بخلا

[الخفيف] :

إنما الميت من يعيش كئيبا

كاسفا باله قليل الرجاء

لا حوا مثل كواكب الجوزاء ، وبدوا كالجملة المتناسبة الأجزاء [البسيط] :

نجيت يا رب نوحا واستجبت له

في فلك ماخر في اليمّ مشحونا

وعاش يدعو بآيات مبيّنة

في قومه ألف عام غير خمسينا

الشّرير يعيش بائسا ويموت يائسا. رجع عوده على بدئه مشروح الصدر قرير العين.

أجب عن الأسئلة الآتية

ما هي الحال؟ لأي شيء تجيء الحال؟ إلى كم تنقسم الحال؟ هل تأتي الحال معرفة؟ ما هو عامل الحال؟ ما هو صاحب الحال؟ ما هي مرتبة الحال مع صاحبها؟ متى تتقدم الحال صاحبها وجوبا؟ متى تتأخر الحال عن صاحبها وجوبا؟ ما هي مرتبة الحال مع عاملها؟ عل تتعدد الحال؟ هل يحذف عامل الحال جوازا ووجوبا؟ كم قسما الحال باعتبار فائدتها؟ كم قسما الحال باعتبار صاحبها؟ ماذا يشترط في جملة الحال؟ اذكر روابط الحال إذا وقعت جملة.

نموذج إعراب

[الخفيف] :

إنّما الميت من يعيش كئيبا

كاسفا باله قليل الرّجاء


الكلمة

إعرابها

إنما

أداة حصر ملغاة لا عمل لها.

الميت

مبتدأ مرفوع بالضمة الظاهرة في آخره.

من

اسم موصول مبني على السكون في محل رفع خبر المبتدأ.

يعيش

فعل مضارع مرفوع لتجره من الناصب والجازم وفاعله ضمير مستتر جوازا يعود على (من) ، والجملة لا محل لها من الإعراب صلة الموصول.

كئيبا

حال أول للفاعل الضمير المستتر في يعيش.

كاسفا

حال ثان للفاعل الضمير المستتر في يعيش.

باله

فاعل لكاسفا لأنه اسم فاعل ، أو لكئيبا فهو متنازع عليه.

قليل

حال ثالث للفاعل الضمير المستتر في (يعيش).

الرجاء

مضاف إليه مجرور بالكسرة الظارهة في آخره.

المبحث الخامس عشر : في التمييز

التّمييز : هو اسم نكرة منصوب بمعنى (من) يذكر لتفسير المقصود من اسم سابق يصلح لأن يراد به أشياء كثيرة ، نحو : (رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً) [يوسف : ٤]. والشّمس أكبر الكواكب نورا.

والتّمييز قسمان : تمييز مفرد ، وتمييز جملة.

فتمييز المفرد المبهم (ويسمّى مبيّنا لإبهام الذّات) أربعة أنواع :

١ ـ العدد ، نحو : عندي عشرون درهما (١).

__________________

(١) ـ أولا : يجب جر تمييز العدد بالمضاف (جمعا) مع الثلاثة والعشرة وما بينهما ، نحو : عندي ثلاثة كتب ، وثمانية أقلام ، وعشر ورقات.

 ـ ثانيا : يجب جر تمييز العدد بالمضاف مفردا مع المائة والألف ، نحو : مائة قلم ، وألف كتاب.


٢ ـ ما دلّ على مقدار ، وهو : ما يعرف به كميّة الأشياء وذلك إمّا مساحة نحو : لي فرسخ أرضا أو وزن ، نحو : عندي رطلان زيتا.

أو كيل ، نحو : اشتريت أردبا قمحا.

أو مقياس ، نحو : أعطني ذراعا خزّا.

٣ ـ ما دلّ على ما يشبه المقدار (١) ، وهو إمّا أن يشبه المساحة ، نحو : ما في السّماء قدر راحة سحابا أو الوزن ، نحو : (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ) (٧) [الزلزلة : ٧] أو الكيل. نحو : عندي حفنة حنطة.

أو المقياس ، نحو : عندي مدّ يدك خزّا.

٤ ـ ما دلّ على مماثلة ، نحو : من لنا بمثلك رجلا ، ولي مثلك صاحبا أو على مغايرة ، نحو : إنّ لنا غيرها إبلا ، وليس لي غير الله معينا.

٥ ـ ما كان متفرّعا من مميّزه ، نحو (٢) : لي خاتم فضّة فالخاتم فرع الفضّة.

وحكم تمييز (الذّات) أن ينصب بعد تمام الاسم المفسّر (٣).

والنّاصب للتمييز في هذا القسم هو ذلك الاسم المبهم وإن كان جامدا لأنه شبيه باسم الفاعل لطلبه له في المعنى.

__________________

ثالثا : يجب نصبه مفردا مع الأحد عشر والتسعة والتسعين وما بينهما نحو : أحد عشر كوكبا ، وسبعة عشر كتابا ، وثمانية وتسعون تلميذا. ولا تمييز للواحد والاثنين ، إذ لا يقال واحد رجل ، ولا اثنتان امرأتان. ولفظ التمييز يغني عنهما.

(١) ما يشبه المقدار هو : ما يدل على قدر غير معين ، لأنه غير مقدّر بآلة خاصة بل بلفظ : مثقال ، ومثل ، وملء.

(٢) ما كان فرعا للتمييز ضابطه كل فرع حصل له بالتفريع اسم خاص يليه أصله ، بحيث يصح إطلاق الأصل عليه نحو : باب حديد فإن الباب فرع الحديد ويعرب الاسم الواقع فرعا للتمييز حالا ، غير أنه أولى بالتمييز لجريه على حكمه الموضوع له بخلاف الحال.

(٣) بالتنوين أو بنون التثنية أو نون الجمع نحو : عندي مدّ قمحا ومدّان شعيرا ، وعشرون فرسا.

على أنه يجوز جره «بمن» نحو : عندي رطل من الزيت وبالإضافة نحو : عندي رطل زيت إلا إذا اقتضت إضافته إضافتين كما في : عندي ثلاثة أثواب خزا فتمتنع الإضافة ، ويتعيّن نصبه كما مثّل.

وجرّه بمن فتقول : عندي ثلاثة أثواب من خزّ ويستثنى من ذلك تمييز العدد فإنّ له أحكاما كثيرة استقصينا معظمها في المباحث السابقة.


وتمييز هذه الأنواع غير محوّل عن شيء أصلا (ويسمّى تمييزا لمميّز ملفوظ).

وتمييز الجملة (النّسبة) هو ما يفسّر جملة باعتبار جهة تعلّق النّسبة المبهمة الواقعة فيها (ويسمّى تمييزا لمميّز ملحوظ). وهو نوعان : منقول ، وغير منقول.

أ ـ فالمنقول : ما كان أصله (فاعلا) نحو : طاب سعد نفسا و (وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً) [مريم : ٤] أي : طابت نفس سعد.

أو مفعولا نحو : غرست الأرض شجرا. ورفعت الرّئيس قدرا أي : رفعت قدر الرّئيس.

أو مبتدأ نحو (١) : أنا أكثر منك مالا أي مالي أكثر من مالك وحكمه : أنّه يجب نصبه دائما بما في الجملة من (فعل) كالأمثلة السابقة ، أو (شبهه) ، نحو : سعد كريم عنصرا ، وهو طيّب قلبا.

ب ـ وغير المنقول عن شيء ، نحو : لله درّه فارسا. وحكمه أنّه يجوز نصبه ، ويجوز جرّه «بمن» فتقول : لله درّه من فارس.

ولا يجوز دخول «من» إلّا في هذا النوع فقط بخلاف النوع السّابق وهو المنقول عن الفاعل ، أو المفعول ، أو المبتدأ ، فلا يقال : طاب سعد من نفس ، ولا رفعت الرّئيس من قدر. ولا أنا أكثر منك من مال.

ولا يجوز تقديم التّمييز على عامله. ولكنّه يجوز توسّطه بين العامل ومرفوعه ، نحو : طاب نفسا سليم.

والأصل في التّمييز أن يكون اسما جامدا ، ولكنّه قد يأتي مشتقّا إن كان وصفا ناب عن موصوفه ، نحو : لله درّه عالما فإنّ الأصل : لله درّه رجلا عالما.

والأصل في التّمييز أن يكون نكرة. وقد يأتي معرفة لفظا. وهو في معنى

__________________

(١) ما بعد أفعل التفضيل ينصب وجوبا على التمييز إذا كان فاعلا في المعنى ، نحو : زيد أكثر مالا من عمرو. وضابطه أن يصح جعل أفعل التفضيل فعلا فيقال : زيد كثر ماله فإن لم يكن فاعلا في المعنى جر التمييز بالإضافة نحو : أنت أفضل رجل ، وضابطه أن يصح تعريف المضاف إليه مجموعا فيقال : أنت أفضل الرجال.

فإن أضيف أفعل إلى غيره وجب النصب ، نحو : أنت أفضل الناس رجلا ، وذلك لتعذّر الإضافة مرتين.


النّكرة ، نحو : طبت النّفس أي : نفسا.

تنبيه

التمييز يوافق الحال في كونه اسما نكرة منصوبة رافعة للإبهام ، ويخالفها في كونه جامدا مفسّرا للذّات أو النّسبة لا يتعدّد ولا يتقدّم على عامله ولا يكون جملة أو شبهها.

المبحث السادس عشر : كنايات العدد : كم ، وكأيّ ، كذا

حكم مميّز «كم» (١) الاستفهاميّة أن يكون مفردا منصوبا وجوبا نحو : كم رجلا حادثت ؛ إلّا إذا دخل عليها حرف جرّ فيجوز جرّه (بمن) مقدّرة ، نحو : بكم درهم أو درهما اشتريت هذا الكتاب ويطلب بكم الاستفهامية تعيين كميّة مبهمة.

ويجوز الفصل بينها وبين تمييزها بالظّرف ، أو بالجار والمجرور ، نحو : كم عندك كتابا. ويقلّ الفصل بينهما بخبرها ، أو بالعامل فيها.

ويجوز حذف تمييزها ، نحو : كم مالك؟ أي كم درهما مالك (٢)؟

وحكم مميّز «كم» الخبريّة أن يكون مفردا ، أو جمعا نكرة مجرورا بإضافتها إليه ، أو بمن ، نحو : كم بلد أو بلاد ، أو من بلد ، أو من بلاد فتحها خالد بن الوليد. وكم بطل ، أو أبطال ، أو من بطل قهرت!

ويطلب بكم الخبريّة الإخبار بها عن عدد كثير ، أو الافتخار.

__________________

(١) الكناية : هي التعبير عن شيء معين بلفظ غير صريح للدلالة عليه. وهناك ألفاظ يكنى بها عن الحديث وهي كيت ، وذيت مبنيان على الفتح أو الكسر أو الضم. ويكرّران إشعارا لطول الكلام ، نحو : كان من الأمر كيت ، وكيت وذيت أو ذيت ، أي كلاما طويلا.

(٢) حكم «كم» الاستفهامية في الإعراب أن تكون في محل جر إن سبقها حرف جر ، أو مضاف ، نحو : بكم درهما اشتريت هذا الكتاب وبيت كم رجلا زرت. وإن تكون في محل نصب إن كانت استفهاما عن المصدر لأنها تكون مفعولا مطلقا ، نحو : كم التفاتة التفت أو عن الظرف لأنها تكون مفعولا فيه نحو : كم كان رفقاؤك؟ فإن لم يكن في موضع مما ذكر كانت في محل رفع على أنها مبتدأ ، أو خبر نحو : كم كتابا عندك؟ وكم كتبك.


ويجوز الفصل بينها وبين مميّزها ، فإن فصل بينهما وجب نصبه نحو : كم لي فضلا أو جرّه «بمن» ، نحو : كم لي من فضل إلّا إذا كان الفاصل فعلا متعدّيا ، فيتعيّن الجرّ بمن ظاهرة لمنع الالتباس بالمفعول نحو : كم قرأت من كتاب (١) وإن فصل بغيره تعيّن نصب التّمييز.

وحكم مميّز «كأيّ» أن يكون مفردا مجرورا «بمن». نحو : كأيّ من عالم بذل حياته في سبيل العلم وكأيّ من فقير يسّر الله رزقه.

وحكم مميّز «كذا» أن يكون مفردا منصوبا دائما ، ولا يستعمل غالبا إلا معطوفا عليها مثلها ، نحو : جاءني كذا وكذا زائرا وتبرّعت لليتامى بكذا وكذا دينارا ، ووقفت عليهم كذا صدقة.

واعلم أنّه يكنى بكذا ، وكم الاستفهامية (عن الكثير ، والقليل) ، ولا يكنى بكأيّ ، وكم الخبريّة إلا عن الكثير.

المبحث السابع عشر : في ألفاظ العدد (٢)

واحد واثنان : يوافقان المعدود تذكيرا وتأنيثا ، سواء أكانا مفردين ، أو مركّبين ، أم معطوفا عليهما ، نحو : رجل واحد ، وامرأة واحدة ، وأحد عشر غلاما ، وإحدى عشرة تلميذة. وأحد وعشرون تلميذا. وإحدى وعشرون فتاة. ورجلان اثنان. وامرأتان اثنتان.

وأمّا ثلاثة وتسعة وما بينهما فتخالف المعدود في جميع أحوالها فتكون على عكس المعدود في التّذكير والتّأنيث سواء أكانا مفردين أم مركّبين أم معطوفا عليهما ،

__________________

(١) وحكمها في الإعراب كحكم «كم» الاستفهامية.

(٢) اعتاد المتقدمون أن يؤرخوا بالليالي لأن شهورهم قمرية ، فيقولون : لأول ليلة من شهر كذا ، أو لغرّته ، أو مهلّه ، أو مستهلّه ، وللعشر وما دونها : خلون ، وبقين ، فيقال : لتسع ليال خلون ، وثمان ليال بقين ، ولما فوق العشرة ـ خلت وبقيت ، ويقال : لآخر ليلة بقيت من كذا ، أو سراره ، أو سلخه ، أو انسلاخه.

واعلم أيضا أن العدد يقرأ من الآحاد الصغرى إلى الكبرى ، فيقال في : ٣٢٥ كتابا : خمسة وعشرون وثلثمائة كتاب. ويجوز العكس. فيقال : ثلثمائة وعشرون وخمسة كتب.


نحو : سبع ليال. وثمانية أيّام. وثلاثة أقلام ، وتسع ورقات.

ولفظة عشرة تخالف المعدود (مفردة) وتوافقه (مركبة). نحو : عشرة رجال ، وعشر نساء. وخمسة عشر تلميذا. وخمس عشرة تلميذة.

وبقيّة ألفاظ العقود كعشرين وثلاثين وأربعين إلى تسعين وكذا لفظتا مائة وألف لا يتغيّر لفظها في التّذكير والتّأنيث ، فيقال : عشرون رجلا ، وثلاثون امرأة ، ومائة غلام. وألف جارية.

واعلم أنّ الوصف المصوغ من اسم العدد على وزن (فاعل) (١) يطابق الموصوف ، فيقال : الباب الثالث. والمقالة الرابعة. والقرن التاسع عشر ، وهلمّ جرّا.

أسئلة يطلب أجوبتها

ما هو التمميز؟ كم قسما التمييز؟ كم نوعا التمييز المفرد؟ ما هو حكم تمييز الذات؟ ما الفرق بين المقدار وشبه المقدار؟ كم نوعا تمييز الجملة المسمى تمييز النسبة؟ ما حكم أسماء العدد ومميزها؟ ما هي كنايات العدد وما حكم كل منها؟ ما الفرق بين كم الاستفهامية ، وكم الخبرية؟ ماذا يطلب بكم وكأي وكذا؟ ما هو الناصب لتمييز الذات؟ والناصب لتمييز النسبة؟ ما هي الأعداد التي توافق المعدود؟ ما هي الأعداد التي تخالفه؟ وكيف تكون حالة العقود والمئات والألوف مع المعدود؟ كيف كان المؤرخون سالفا يكتبون تاريخ أوائل الشهور؟ والعشر الأول وما دونها؟ وما فوقها؟ وما يقال لآخر ليلة؟

__________________

(١) ويسمى بالعدد الترتيبي وهو : ما دلّ على رتب الأشياء. وهو اثنا عشر لفظا : أول. ثان.

ثالث. رابع. خامس. سادس. سابع. ثامن. تاسع. عاشر. مائة ، ألف. وهو أربعة أنواع : مفرد : وهو من أول إلى عاشر. ومركب وهو من حادي عشر إلى تاسع عشر ، ومعطوف وهو من واحد وعشرين إلى تاسع وتسعين. وعقود وهو من عشرين إلى تسعين. وتتبعها المائة والألف.

ويقال أيضا واحد. وواحدة. وحادي. وحادية. إلا أن الأخيرتين لا تكونان للترتيب إلّا في المركب ، والمعطوف.


تمرين

بيّن تمييز المفرد من تمييز الجملة.

من أصدق من الله حديثا؟ انفردت اللّغة العربية عن سائر اللغات فصاحة وبيانا ، كما انفرد أربابها في مذاهب البلاغة تبسطا وافتنانا. ما رأيت أسخى منه يدا ولا أندى بنانا. يا لها غفلة من الدهر صدرت ، وهفوة على غرة من الأمل ظهرت [البسيط] :

حسب الفتى عقله خلّا يعاشره

إذا تحاماه إخوان وخلّان

[البسيط] :

وأسوأ الناس تدبيرا لعاقبة

من أنفق العمر في ما ليس ينفعه

ترتيب أوقات العمل يجعل المرء مرتاحا بالا وجسدا. أكرم به صديقا. أكبر الأعداء أخفاهم مكيدة. أقبل يختال تيها ، ويخطر عجبا ، ويتبختر زهوا. السنة اثنا عشر شهرا. مثقال ذهبا خير من رطل حديدا.

إعراب الأمثلة الآتية

كفى بالله شهيدا ـ لله درّه عالما ـ ناهيك بالأدب من ناصر.

الكلمة

إعرابها

كفى

فعل ماض مبني على فتح مقدر منع من ظهوره التعذر.

بالله

الباء حرف جر زائد ، ولفظ الجلالة فاعل مرفوع بضمة مقدرة منه من ظهورها حركة حرف الجر الزائد.

شهيدا

تمييز (نسبة) منصوب بالفتحة الظاهرة.

لله

جار مجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم.

دره

مبتدأ مؤخر مرفوع. وهو مضاف والهاء مضاف إليه.

عالما

تمييز (نسبة) منصوب بالفتحة الظاهرة.

ناهيك

مبتدأ مرفوع بالضمة المقدرة ، وناهي مضاف والكاف مضاف إليه.

بالأدب

الباء حرف جر زائد ، والأدب خبر المبتدأ مرفوع بضمة مقدرة منع من ظهورها حركة حرف الجر الزائد.


الكلمة

إعرابها

من

حرف جر زائد أيضا مبني على السكون لا محل له من الإعراب.

ناصر

تمييز منصوب بفتحة مقدرة منع من ظهورها حركة حرف الجر الزائد.

المبحث الثامن عشر : في المنادى

المنادى : هو الاسم الظّاهر المطلوب إقباله بأحد أحرف النّداء نحو : يا سعد (١).

وأحرف النداء سبعة ، وهي : يا. وأيا. وهيا. وأي. والهمزة. وآ. ووا.

فأي ، والهمزة للمنادى (القريب) «وأيا. وهيا. وآ» للمنادى (البعيد) و «يا» لكلّ منادة و «وا» للندبة.

ولا ينادى لفظ الجلالة ، والمستغاث به ، وأي وأيّة إلّا (بيا) كما لا يقدّر عند الحذف غيرها.

والمنادى ثلاثة أنواع : مفرد ، ومضاف ، ومشبّه بالمضاف (٢).

فإذا كان المنادى مفردا علما ، أو نكرة مقصودا بها معيّن ، بني على ما كان يرفع به قبل النّداء ، نحو : يا سليم ، ويا رجل بالضمّ ، ويا رجلان ، ويا مؤمنون ، بالألف ، والواو (٣).

__________________

(١) حرف النداء هو عوض عن (فعله) المحذوف وجوبا ، فإن الأصل في قولك : يا سعد : أنادي سعدا ، ولذلك يعتبر المنادى مفعولا به ، وينصب إما لفظا ، أو محلا

(٢) المراد بالمفرد ما ليس بمضاف ، ولا بمشبّه بالمضاف فيدخل فيه المثنى والمجموع ، والمشبّه بالمضاف : هو كلّ اسم تعلق به شيء من تمام معناه على غير جهة الصلة أو الإضافة مرفوعا أو منصوبا أو مجرورا أو معطوفا عليه قبل العلمية ، نحو : يا حميدا سلوكه ، ويا سامعا دعاء المظلوم. ويا رحيما بالعباد. ويا ثلاثة وثلاثين (فيمن سمي بذلك لأن ثلاثين جزء العلم فهو من تمام معنى ما قبله).

(٣) إذا كان الاسم المستحقّ البناء مبنيّا قبل النداء يبقى على حركة بنائه ويقدر الضمّ على الحرف الأخير منه لاشتغاله بحركة البناء الأصلي ، نحو : يا سيبويه ، ويا هذا ، ويا هؤلاء


وإذا كان المنادى نكرة المقصودة ، أو مضافا ، أو مشبّها بالمضاف ، نصب لفظا ، نحو : يا رجلا خذ بيدي ، ويا عبد الله ، ويا حسنا خلقه.

وإذا وصفت النّكرة مقصودة نصبت لفظا نحو : يا رجلا فاضلا وإذا أريد نداء الاسم المقرون «بأل» يؤتى قبله «بأيّ» ملحقة «بها» التّنبيه ، أو باسم الإشارة للقريب ، نحو : يا أيّها الرّجل ؛ ويا هذه المرأة ، وحكم «أيّ» أن تبقى بلفظ واحد للجميع ، إلّا مع المؤنّث فإنّه يجوز تأنيثها له فيقال : يا أيّتها المرأة (١).

المبحث التاسع عشر : في تابع المنادى

إذا أتبع المنادى ، فإن كان معربا فتابعه منصوب أبدا ، نحو : يا أبا بكر صاحبنا ، ويا أبا بكر وأبا الحسن ، ويا عبد الله نفسه. إلّا إذا كان بدلا أو معطوفا منسوقا مجرّدا من «أل» غير مضافين. فهما مبنيّان ، نحو : يا أبا سليم يوسف ، ويا أبا سليم ويوسف وإذا كان المنادى مبنيّا فتابعه له أربع حالات :

١ ـ إذا كان التّابع بدلا ، أو معطوفا منسوقا مجرّدا من «أل» غير مضافين وجب بناؤهما على الضّمّ ، نحو : يا أستاذ سعد ، ويا سعيد وسعد ، وذلك لأنّ البدل ملاحظ فيه تكرار العامل والعاطف كالنّائب عن العامل.

٢ ـ وإذا كان التّابع مضافا مجرّدا من «أل» نعتا كان أو بيانا أو توكيدا معنويا ،

__________________

فيبنى المفرد وجمع التكسير وجمع المؤنث السالم على الضمّ. ويبنى المثنى على الألف.

ويبنى جمع المذكر السالم على الواو ، وهذا البناء واجب بشرط كونه غير مجرور باللام نحو : يا لسعد للوطن ، وإلّا كان معربا كما سيأتي في الاستغاثة.

(١) تعتبر «أي» هنا نكرة مقصودة مبنية على الضم ، وتكون في محل نصب بفعل النداء المحذوف. ويشترط في المقرون «بأل» أن تكون فيه «جنسية» كالرجل ، فلا يقال : يا أيّها العباس مثلا. واسم الإشارة حكمه أن يكون للقريب فلا يستعمل لهذا الغرض ما كان للمتوسط أو للبعيد ، فلا يقال : يا ذاك الرجل ويستثنى من الأسماء المقرونة «بأل» اسم الجلالة فإنه يجوز أن ينادى «بيا» دون غيرها ، فيقال : يا الله. على أن الأكثر فيه حذف حرف النداء والتعويض عنه بميم مشددة للدلالة على التعظيم نحو : اللهمّ ارحمنا ، ولا يجوز الجمع بين يا والميم فلا يقال : يا اللهم. وإذا ناديت علما مقترنا بأل حذفتها وجوبا نحو : يا سموأل.


وجب نصبه إتباعا لمحلّ المنادى ، نحو : يا سليم أخانا ، ويا تلاميذ كلّهم أو كلّكم (١).

٣ ـ وإذا كان التّابع نعتا مضافا مقترنا بأل ، نحو : يا سعد الأصيل أو الأصيل الرّأي ، أو كان غير مضاف ولا مشبّه بالمضاف ، وهو : نعت ، أو توكيد ، أو عطف بيان ، أو معطوف نسق مقترن بأل جاز فيه وجهان : الرّفع إتباعا للفظ المنادى ، والنّصب إتباعا للمحل فتقول : يا عليّ الكريم الأخلاق أو الكريم الأخلاق ، ويا سليم الكريم أو الكريم ، ويا رجل سليم أو سليما ، ويا خليل والضّيف أو والضّيف ، ويا مصريّون أجمعون ، أو أجمعين.

٤ ـ وأمّا تابع أي ، واسم الإشارة الّذي جعل وصلة إلى ندائه فيتعيّن رفعه اتّباعا للفظ المنادى فتقول : يا أيّها الرجل ، ويا أيّتها المرأة ، ويا هذا الرّجل ، ويا هذه المرأة.

وذلك لأنّ تابع (أيّ) هو المقصود بالنّداء (٢).

ويجوز حذف حرف النّداء ، إذا كان «يا» دون غيرها. وهو كثير قبل العلم ، والمضاف ، وأيّ ، نحو : (يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هذا) [يوسف : ٢٩] ورجال الفضل

__________________

(١) إذا كان التابع متصلا بضمير المنادى كما في المثال الأخير جاز أن يكون للغيبة باعتبار الأصل ، وهو كون المنادى اسما ظاهرا ، وللحضور باعتبار الحال ، وهو كونهم مخاطبين بالنداء ، فيقال : يا زيد نفسه ، أو نفسك ، وقس عليه.

(٢) اسم الإشارة لا يوصف إلا بما فيه «أل» ولا توصف «أي» في باب النداء إلا بما فيه أل أو باسم الإشارة فيجوز أن يقال : يا أيها ذا الرجل.

تنبيه : إذا كان المنادى مفردا علما موصوفا بابن ولا فاصل بينهما والابن مضاف إلى علم جاز في المنادى وجهان : الضم على الأصل ، والفتح على اعتبار كلمة ابن زائدة ، والعلم الأول مضافا إلى الثاني ، نحو : يا يوسف أو يوسف بن داود والفتح أولى. أما إذا لم تكن لفظة ابن مضافة إلى علم ، أي لم تقع بين علمين ، فيجب ضم المنادى فقط نحو : يا يوسف ابن أخينا.

واعلم أن الضمة التي على آخر التابع ليست في الصحيح علامة لرفعه فإنّ متبوعه ليس معربا بل مبنيا ، وإنما أوتي بها لقصد المشاكلة بين التابع ومتبوعه.

واعلم أيضا أنه إذا كان المنادى مضافا أو شبيها تكون توابعه كلها منصوبة سواء كانت التوابع مفردة ، أو غير مفردة.


أصغوا إليّ ، وأيها التّلاميذ اجتهدوا وقليل في ما سوى ذلك.

وقد يحذف المنادى بعد «يا» ، نحو : يا ليتني كنت عالما ، ونحو : يا نصر الله من ينصر المظلوم ، أي : يا قوم.

المبحث العشرون : في المنادى المضاف إلى ياء المتكلّم.

إذا كان المنادى المضاف إلى ياء المتكلّم اسما صحيح الآخر فالأكثر فيه حذف ياء المتكلّم ، والاكتفاء بالكسرة الّتي قبلها ، نحو : يا ربّ ، ويجوز ثبوتها ساكنة أو مفتوحة فتقول : يا ربّي ويا ربّي ، ويجوز قلب الكسرة فتحة والياء ألفا ، فتقول : «يا ربّا» ويجوز حذف الألف مع بقاء الفتحة ، نحو : يا ربّ.

وإذا كان المضاف إلى الياء معتلّ الآخر وجب إثبات الياء مفتوحة لا غير ، نحو : «يا فتاي ويا مولاي».

وإذا كان المضاف إليها صفة صحيحة الآخر (١) ، وجب إثبات الياء ساكنة ، أو مفتوحة ، نحو : «يا مكرمي. ويا مكرمي».

المبحث الحادي والعشرون : في ترخيم المنادى

التّرخيم : هو حذف آخر المنادى تخفيفا ، فيقال له المنادى المرخّم وذلك في موضعين :

أوّلا : في ما كان مختوما بتاء التّأنيث علما ، كان أم غير علم. نحو : «يا فاطم ،

__________________

(١) المراد بالصفة هنا اسم الفاعل ، واسم المفعول ، وصيغ المبالغة.

ولفظ أب وأم يجوز فيهما ما يجوز في المنادى الصحيح الآخر ويجوز فيهما زيادة على ذلك حذف ياء المتكلم والتعويض عنهما بتاء مكسورة أو مفتوحة ، نحو : يا أبت ، يا أبت ، يا أمت ، يا أمت ولا يجوز يا أبتي ولا يا أمتي ، لعدم جواز الجمع بين العوض والمعوض.

وكما يقال يا ابني بإثبات الياء وقلبها وحذفها ، يقال في : يا ابن أمي. ويا ابن عمي : يا ابن أمّ ويا ابن عمّ ، ويا ابن أم ويا ابن عم بحذف الياء والاجتزاء عنهما بفتحة أو كسرة. أما الفتحة فللتركيب المزجي ، وأما الكسرة فللاكتفاء بها عن الياء.


ويا جاري» في فاطمة ، وجارية.

ثانيا : في العلم المذكّر أو المؤنّث ، بشرط أن يكون غير مركّب زائدا على ثلاثة أحرف ، نحو : «يا جعف» ، ويا سعا في جعفر ، وسعاد (١).

المبحث الثاني والعشرون : في أسماء ملازمة للنّداء.

من الأسماء ما لا يستعمل إلّا في النّداء. وهو نوعان : قياسي وسماعي (٢) فالقياسيّ : وزن (فعال) شتما للأنثى ، نحو : يا خباث. والسماعيّ : ألفاظ محفوظة ، نحو : يا فل ويا فلة أي يا رجل ويا امرأة. وهما مقطوعان من (فلان وفلانة).

المبحث الثالث والعشرون : في الاستغاثة

الاستغاثة : هي نداء شخص لإعانة غيره ليخلّصه من شدّة ، أو ليساعده على دفع مشقّة ، نحو : يا لقومي للمظلوم. فالمطلوب منه الإعانة يسمّى : مستغاثا ، والمطلوب له الإعانة : يسمّى مستغاثا له.

ولا يستعمل للاستغاثة من أحرف النّداء إلّا «يا». ولا يجوز حذفها ، ولا حذف

__________________

(١) وشذ قولهم «يا صاح» أي يا صاحب ، بالترخيم مع كونه غير علم ، والترخيم إما أن يحذف فيه حرف واحد وهو الأكثر كما تقدم ، أو حرفان وهو قليل نحو : يا عثم في عثمان.

والمنادى المرخم إما أن يبقى آخره بعد الحذف على ما كان عليه قبل الحذف من الحركة كما رأيت وهو الأشهر ، وإما أن يحرك آخره بحركة الحرف المحذوف فتقول : يا جعف وهي لغة ضعيفة. ويمتنع ترخيم المستغاث به ، والمندوب والنكرة والمضاف والشبيه به والمبني قبل النداء والمركب الإسنادي ، وأن يكون علما زائدا على ثلاثة أحرف ما لم يكن مختوما بتا نحو يا جعف ، ويا يوس ، ويا هب ويا ورد في ترخيم ـ جعفر ـ ويوسف ـ وهبة ـ ووردة.

(٢) من الألفاظ السماعية المختصة بالنداء «يا لؤمان» أي يا كثير اللّؤم. و «نومان» أي «كثير النوم» ويا مخبثان ، ويا ملأمان. ويا مكذبان ، ويا مكرمان» وفي شتم المذكر يا خبث ويا فسق ويا غدر ويا لكع (وزن فعل) ويقال في نداء المجهول الاسم أو المجهولة : يا هن والجمع يا هنان ، ويا هنتان ، ويا هنون ، ويا هنات.


المستغاث ، أمّا المستغاث له فحذفه جائز (١).

وللمستغاث به ثلاثة أوجه :

الأوّل : أن يجرّ بلام مفتوحة (٢) غالبا. نحو : يا لقومي للمظلوم ويا للكرام للمحتاجين.

الثاني : أن يختم بألف زائدة. نحو : يا قوما للمظلوم.

الثالث : أن يبقى على حاله كالمنادى المستقلّ نحو : يا قوم للمظلوم أمّا المستغاث له فإن ذكر في الكلام وجب جره بلام مكسورة إذا كان اسما ظاهرا ، أو ياء المتكلّم ، وإلّا فتحت ، نحو : يا لمحمد لك ، أو له.

ويجوز جرّه أيضا «بمن» إذا كان مستغاثا منه ، لا له ، نحو : يا لقومي من الطّغاة الجائرين.

ومن المستغاث به ما ضمّن معنى التّعجّب من ذاته أو صفته ، فيجري مجرى المستغاث في كلّ أحكامه ، فتدخل عليه اللام كقولك : يا للماء إذا تعجبت من وجوده ، أو من كثرته ، ونحو : يا للدّواهي ؛ عند استعظامها. واعلم أنه إذا وصف المستغاث جرّت صفته. نحو : يا لسعد الزّعيم للوطن ، إلى آخر ما تقدم.

واعلم أيضا أن المختوم بالألف الزائدة إذا وقف عليه يجوز أن تلحقه هاء السّكت ساكنة ، نحو : يا عمراه ، ويا دواهياه.

__________________

(١) المستغاث يجر باللام لفظا ومحله النصب بفعل النداء المحذوف. والمستغاث له يجر باللام ، ويعلق الجار والمجرور بالفعل المحذوف.

(٢) هذه اللام تكسر إذا كان المستغاث به ياء المتكلم ، أو كان معطوفا ولم تتكرر معه (يا) نحو [البسيط] :

يبكيك ناء بعيد الدار مغترب

يا للكهول وللشبّان للعجب

ويجوز حذف لام المعطوف نحو يا للكرام والأغنياء للمحتاجين.

واعلم أن هذه اللام حرف جر تتعلق هي ومجرورها بفعل النداء النائبة عنه (يا) بعد تضمينه معنى ألتجىء في الاستغاثة ، وأتعجّب في التعجب ، وهلم جرا.


تمرين : أعرب ما يأتي

[الوافر] :

ألا يا قوم للعجب العجيب

وللغفلات تعرض للأريب

[البسيط] :

يا للرجال ذوي الألباب من نفر

لا يبرح السفه المردي لهم دينا

[البسيط] :

يا لإناس أبوا إلا مثابرة

على التّوغّل في بغي وعدوان

المبحث الرابع والعشرون : في الندبة

النّدبة : هي نداء المتفجّع عليه ، أو المتوجّع منه ، أو المتوجّع له وأداتها «وا» (١) ، نحو : وا سيّداه ، وا كبداه ووا مصيبتاه ولا يكون المندوب إلّا اسما معربا ، معرفة بالعلميّة ، أو مضافا إضافة توضّح العلم (٢) فلا يندب غير المشهور ، ولا الاسم النّكرة ، ولا المعرفة المبهمة ، كالأسماء الموصولة ، وأسماء الإشارة ، فلا يقال : وا من ذهب ضحيّة الواجب إلّا إذا كان المبهم اسم موصول مشتهرا بالصّلة نحو : وا من اخترع فنّ الطّباعة ، ونحو : وا من فتح مصر.

ولا يجوز حذف المندوب ، ولا أداة النّدبة :

واعلم أنّ المندوب كالمنادى في الإعراب ، فيضمّ في نحو : وا محمّداه ، وينصب في نحو : وا أمير المؤمنين ، وهلمّ جرا.

وللمندوب ثلاث حالات :

الأولى : أن يختم بألف زائدة ، نحو : وا كبدا!

الثانية : أن يختم بالألف الزّائدة مع هاء السّكت السّاكنة عند الوقف ، نحو :

__________________

(١) قد يندب «بيا» أيضا إذا لم يحصل التباس كقول الشاعر [الوافر] :

ألا يا لهف قلبي إثر قوم

هم كانوا الشفاء فلم يصابوا

(٢) أي إذا كان متفجعا عليه. أما إذا كان متوجعا منه فيندب ولو نكرة نحو : وا مصيبتاه!


وا يوسفاه (١)!

الثالثة : أن يبقى على حاله كالمنادى المستقلّ ، نحو : وا يوسف (٢).

تمرين : أعرب ما يأتي

[الكامل] :

وا رحمتا للعاشقين فإنّهم

كتموا المحبة والهوى فضّاح

[الطويل] :

فوا كبدا من حبّ من لا يحبّني

ومن عبرات ما لهنّ فناء

المبحث الخامس والعشرون : في التحذير

التّحذير : تنبيه المخاطب وتخويفه من أمر مكروه ، أو قبيح ليباعد عنه ويتجنّبه ، نحو : إيّاك والأفعى (٣).

ويكون التحذير تارة بلفظ إيّاك وفروعه للمخاطب ، ويجوز ترك الواو معها أيضا فيقال : إيّاك الأسد ، ويجوز الجرّ بمن نحو : إيّاك من الأسد ، ويكون تارة بدون إيّاك ، نحو : نفسك والشرّ والأسد الأسد والتّواني والعجلة (٤).

ويحذف الضّمير إيّاك إذا كرّر المحذّر منه ، نحو : ألحيّة الحيّة ، أو عطف آخر عليه ، نحو : مقلتيك والقذى. ويجب حذف الفعل النّاصب في حالة التّكرار ، وفي

__________________

(١) الهاء اللاحقة الأواخر (حقيقة أو حكما) حقها السكون ، ويجوز ضمها في الشعر.

(٢) إذا ختم المندوب بالألف ، أو بالألف والهاء ، يقال إنه مبني على ضمة مقدرة لاشتغال محلها بفتحة المناسبة ، وهو في محل نصب بفعل الندبة المحذوف.

(٣) الضمير المنفصل «إياك» في محل نصب مفعول به لفعل محذوف تقديره «احذر» والواو واو المعية والأفعى مفعول معه ؛ والتقدير أحذّرك من التقاء نفسك والأفعى ، ونحو : الغلظة الغلظة في القول ، وإياك والغشّ.

(٤) يكون التقدير في : إياك الأسد ، أو من الأسد أحذرك الأسد ، ومن الأسد وفي : نفسك والشر كما في : إياك والأفعى وفي : الأسد الأسد احذر الأسد أو أحذّرك الأسد ، واستعمل التّواني ، واستبعد العجلة.


حالة العطف ، وفي حالة ما إذا كان التحذير (بإيّاك) وأخواتها من ضمائر المخاطب المنصوبة فقط ، وهي : (إيّاك وإيّاكما وإيّاكم وإيّاكنّ) سواء كانت مفردة ، أو مكررة مع ذكر المحذّر منه بالعطف ، أو بدونه. أمّا ضمائر المتكلم ، والغائب فلا تستعمل محذّرة وفي ما سوى ذلك كما إذا قيل : ألحيّة فقط يجوز أن تضمر الفعل كما رأيت ، أو أن تظهره فتقول : أحذّرك الحيّة ، أو احذر الحيّة.

المبحث السادس والعشرون : في الإغراء

الإغراء : هو ترغيب المخاطب في أمر محمود ليفعله ، نحو : الاجتهاد الاجتهاد (١).

والإغراء يكون كالتّحذير بدون إيّاك والاسم المغرى به يكون مفردا ، نحو : الصدق ومعطوفا آخر عليه نحو : العهد والذّمّة ومكرّرا ، نحو : الاقدام الاقدام ، الثّبات الثّبات.

ويجب حذف الفعل مع العطف ، أو التّكرار ، ويجوز إظهاره في ما سوى ذلك ، فيجوز أن تقول : الخير ، وأن تقول : افعل الخير ويقال : الصّلاة جامعة فالصّلاة منصوبة بتقدير احضروا الصّلاة وجامعة منصوب على الحال ، ولو صرّح بالعامل لجاز.

تمرين

ميّز بين التحذير والإغراء في ما يأتي :

الفضيلة الفضيلة فإنّها أسّ النجاح. رأسك والباب. السلاح السلاح أيها الشجعان. صديقك والإحسان إليه. الوفاء فإنه مزية الكرام. الجهل الجهل فإنه يهدم الديار ويجلب البوار. اللصوص اللصوص أيها المسافر في جنح الظلام. المروءة وحفظ الجار يا سلالة العرب الأوفياء.

__________________

(١) يقدر الفعل المحذوف الناصب له بما يناسب المقام نحو : الزم ، أو اطلب ، أو افعل وما شاكل ذلك.


أعرب ما يأتي

[الطويل] :

أخاك أخاك إنّ من لا أخا له

كساع إلى الهيجا بغير سلاح

النزال يا حماة الأوطان. الصدق وكرم الخلق فإنهما شعار الفضلاء.

المبحث السابع والعشرون : في الاختصاص

الاختصاص : هو قصر حكم أسند إلى ضمير على اسم ظاهر معرفة يذكر بعده ليبيّن المقصود منه ، نحو : نحن ـ أهل مصر ـ نكرم الضّيف. وهو منصوب بفعل محذوف وجوبا تقديره : أخصّ أهل مصر (١).

والاسم المختصّ : إمّا أن يكون معرّفا «بأل» ، نحو : نحن ـ العرب ـ نكرم الضّيف ، أو مضافا إلى المعرّف بأل ، نحو : نحن ـ معاشر الطّلبة ـ سلاح الأمّة ، أو مضافا إلى غيره من المعارف ، نحو : نحن ـ بني ضبّة ـ أصحاب الجمل. وندر وقوعه علما ، نحو : بنا ـ تميما ـ يكشف الضّباب ، وقد يكون الاختصاص بلفظ : أيّها أو أيتها. نحو : اللهمّ اغفر لنا ـ أيّها ـ العصابة (٢).

__________________

(١) الاسم المختص يقع بعد ضمير لبيان المراد منه ، وقصر الحكم الذي للضمير عليه. وأكثر فيه أن يقع بعد ضمير التكلم كما رأيت ، وقد يقع بعد ضمير الخطاب قليلا نحو : سبحانك الله على ما أنعمت ولا يقع بعد ضمير الغيبة مطلقا ، ولا بعد اسم ظاهر. كما وأنه لا يكون نكرة ، ولا اسم إشارة ، ولا موصولا ، وليس معه حرف نداء. ولا يقع في أول الكلام.

ويكون المقدم عليه اسما بمعناه.

(٢) ما كان فيه الاسم المختص أيها ، وأيتها يراد به الاختصاص. وإن كان ظاهره النداء.

فقولك : اللهم اغفر لنا أيها العصابة ، ونحو : أنت أيتها الجارية مجتهدة معناه : مختصين من بين العصائب ، وأنت لا تريد بالعصابة إلا قومك ، وأيها وأيتها هنا يستعملان كما يستعملان في النداء فيبنيان على الضم لفظا ، ويكونان في محل نصب بفعل الاختصاص المحذوف ، ويكون ما بعدهما اسما تابعا محلى بأل ، أو معرفا بالإضافة أو العلمية ولازما الرفع على أنه صفة للفظهما ، أو بدل منه. ولا يجوز نصبه على أنه تابع لمحلهما من الإعراب. أما جملة أخصّ المقدرة ، بعد أيها وأيتها فهي لا محل لها من الإعراب لأنها اعتراضية فإن جاءت جملة الاختصاص آخر الكلام ، أعربت حالا.


تمرين

بيّن من أي أنواع التراكيب ما بين قوسين واعربه [الخفيف] :

(يا لقوم) من للعلّى والمساعي

يا لقوم من للنّدى والسمّاح

[السريع] :

تبكيهم دهماء معولة

وتقول سلمى (وا رزيتيه) (١)

[البسيط] :

(يا للرجال ليوم الأربعاء) أما

ينفك يبعث لي بعد النهى طربا

[الطويل] :

(فوا عجبا) للنفس كيف اعترافها

وللنفس لما وطّنت كيف ذلت

[الطويل] :

أحبكم ما دمت حيا فإن أمت

(فوا كبدا) ممن يحبكم بعدي

[الكامل] :

يا للرجال لنازل الحدثان

وتلاعب الأقدار بالإنسان (٢)

[البسيط] :

(يا لأناس) أبوا إلّا مثابرة

على التوغل في بغي وعدوان (٣)

[البسيط] :

يبكيك ناء بعيد الدار مغترب

(يا للكهول وللشبان للعجب)

__________________

والباعث على الاختصاص إما فخر أو تواضع ، أو لبيان المقصود بالضمير الواقع قبله.

فنحو : نحن معشر العلماء كالنجوم في السماء. فالمراد بمعشر العلماء هنا نفس المتكلم ، لا شخص آخر يخاطبه ، وكذا حكم كل مخصوص.

(١) المعولة : الباكية. قيل في رثاء قوم من قريش قتلوا يوم الحرّة.

(٢) الحدثان : صروف الزمان ونوائبه.

(٣) يريد يا لقومي لأناس. والمثابرة : المواظبة. والتوغل : التعمق.


[البسيط] :

حملت أمرا عظيما واصطبرت له

وقمت فيه بأمر الله (يا عمرا) (١)

[الطويل] :

(أفاطم) مهلا بعض هذا التدلل

وإن كنت قد أزمعت صرمي فاجملي (٢)

[الطويل] :

(هيا أمّ عمرو) هل لي اليوم عندكم

بغيبة أبصار الوشاة سبيل

[الخفيف] :

(يا ابن أمي) ويا شقيّق نفسي

أنت خليتني لدهر شديد

[الرّجز] :

(يا ابنة عما) لا تلومي واهجعي

لا يخرق اللوم حجاب مسمعي (٣)

[الخفيف] :

(يا يزيدا) لآمل نيل عزّ

وغنى بعد فاقة وهوان

[الكامل] :

(يأيها الرجل المعلّم) غيره

هلّا لنفسك كان ذا التعليم

تمرين

بيّن كلّا من التحذير والإغراء والاختصاص في التراكيب الآتية :

إيّاكم والاختلاف. الأدب والشجاعة. إني أيتها (٤) النفس لأمّارة بالسوء.

__________________

(١) قاله جرير يرثي عمر بن عبد العزيز.

(٢) من معلقة امرىء القيس ، والتدلل : التيه والدلال. وأزمعت : عزمت. والصرم : القطع والهجران. وأجملي : خفّفي ولا تشتطي.

(٣) الهجوع : النوم بالليل.

(٤) إنّ حرف توكيد ونصب. والياء اسمها وأية مبني على الضم في محل نصب على الاختصاص بفعل محذوف تقديره أخفص. وها حرف تنبيه. والنفس بدل من أي والجملة اعتراضية لا محل لها واللام لام الابتداء. وأمّارة خبر إن. وبالسوء جار ومجرور متعلق بإمارة.


الاخلاص والوفاء. عقلك والخرافات. السوء وقلبك. الهمة. إني أيها الملك محبّ لرعيّتي [الطويل] :

لنا (معشر) الأنصار مجد مؤثل

بإرضائنا خير البريّة أحمدا

[الخفيف] :

خذ بعفو فإنّني (أيها) العب

د إلى العفو يا إلهي فقير

[البسيط] :

(إنا بني منقر) قوم ذوو حسب

فينا سراة بني سعد وناديها (١)

(العزيمة) والإخلاص ـ الثبات الثبات

[الطويل] :

أخاك أخاك إنّ من لا أخا له

كساع إلى الهيجا (٢) بغير سلاح

[مجزوء الرجز] :

نحن (بنات) طارق

نمشي على النمارق

(عينك) والنظر إلى ما لا يحلّ. (فمك) والحرام [الطويل] :

وإياك والعوراء لا تنطق بها

فلا خير في اللفظ الكريه استماعه

[الكامل] :

إياك أن تعظ الرجال وقد

أصبحت محتاجا إلى الوعظ

[الطويل] :

فإنّا ـ بني الدّيان ـ قطب لقومهم

تدور رحاهم حولنا وتجول

[الكامل] :

إياك إياك المراء فإنّه

إلى الشر دعّاء وللشر جالب

[الخفيف] :

لجديرون بالوفاء إذا قا

ل أخو النجدة (السلاح السلاحا).

__________________

(١) يريد بكشف الضباب زوال المكاره والملمات.

(٢) الحرب.


نموذج إعراب الأمثلة الآتية

وا عمراه ـ وا من فتح مصراه ـ وا كبدا.

الكلمة

إعرابها

وا

حرف نداء وندبة مبني على السكون لا محل له من الإعراب.

عمراه

منادى مندوب مبني على ضم مقدر منع من ظهوره الفتحة المناسبة لألف الندبة في محل نصب. والألف للندبة حرف مبني. والهاء للسكت حرف مبني على السكون.

وا

حرف نداء وندبة مبني على السكون لا محل له من الإعراب.

من

منادى مندوب مبنى على ضم مقدر منع من ظهوره سكون البناء الأصلي في محل نصب.

فتح

فعل ماض مبني على الفتح وفاعله ضمير مستتر جوازا يعود إلى من. وجملة الفعل والفاعل صلة من.

مصراه

منصوب بفتحة مقدرة منع من ظهورها فتحة المناسبة للألف التي هي للندبة والهاء للسكت عند الوقف.

وا

حرف ندبة مثل السابق إعرابه.

كبدا

منصوب بفتحة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم المحذوفة منع من ظهورها الفتحة التي جاءت لأجل ألف الندبة وأصله (كبدي) حذفت الياء الساكنة لتصادمها بألف الندبة الساكنة.

المبحث الثامن والعشرون

في خبر كان وأخواتها ، وخبر الحروف المشبّهة بليس ، وخبر أفعال المقاربة ، واسم إنّ وأخواتها ، واسم لا التي لنفي الجنس ، فقد تقدم الكلام عليها في المرفوعات. وأمّا التّوابع فسيأتي الكلام عليها بتوفيق الله تعالى وعنايته.


الباب السابع : في مجرورات الأسماء

تجرّ الأسماء المتقدّمة في موضعين.

الأول : إذا سبقت بإحدى حروف الجرّ الآتية.

الثاني : إذا كانت مضافا إليها ،

(في هذا الباب مباحث)

المبحث الأول : في حروف الجر

حروف الجرّ قسمان (١) :

قسم يدخل على الاسم الظّاهر والمضمر وهو : من ، وإلى ، وعن ، وعلى ، وفي ، واللام ، والباء ، وخلا ، وعدا ، وحاشا.

وقسم يختصّ بالدّخول على الاسم الظّاهر وهو : رب ، ومذ ، ومنذ ، وحتّى ، والكاف ، وواو القسم ، وتاؤه ، وكي.

 ـ تختصّ : ربّ بالنّكرة موصوفة ، نحو : ربّ رجل كريم زارنا ، والأغلب أن

__________________

(١) تنقسم حروف الجر من حيث الأصالة والزيادة إلى ثلاثة أقسام :

١ ـ حرف جر أصلي ، وهو ما يدل على معناه ويحتاج إلى متعلّق ، نحو : الأمر لله.

٢ ـ وحرف جر زائد ، وهو ما لا يدل على معناه ولا يحتاج إلى متعلق ، نحو : (وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ).

٣ ـ وحرف جر شبيه بالزائد ، وهو ما يدل على معناه ولا يحتاج إلى متعلق ، نحو ربّ إشارة أبلغ من عبارة.

والمتعلّق هو ما يرتبط بها الجار والمجرور ، وكذا الظرف ارتباطا معنويا ، نحو : تمسّك بالأدب وكن وقورا أمام رؤسائك.

ويقسم الحرف باعتبار عمله إلى عمال وغير عامل. فالحروف العاملة هي : حروف الجر ، ونواصب المضارع ، والأحرف الجازمة ، والأحرف المشبهة بالفعل ، ولا النافية للجنس ، ولا ولات وإن المشبهات بليس. أمّا الحروف غير العاملة فهي البواقي.

وينقسم الحرف أيضا باعتبار متعلقة إلى ثلاثة أنواع : مختص بالاسم كحروف الجر ، ومختص بالفعل كحروف الجزم ، ومشترك بين الاسم والفعل كحروف العطف.


يكون جوابها فعلا ماضيا ، نحو : ربّ فتى نفعه الاجتهاد. وقد تجرّ ضمير غيبة مميّزا بنكرة. ولا يكون هذا الضّمير إلا : مفردا ، مذكرا ، مفسّرا بتمييز بعده مطابق للمعنى. نحو : ربّه رجلا لقيته.

 ـ وتختصّ حتّى غالبا بما كان آخرا ، نحو : صمت حتّى المغرب ، أو متّصلا بالآخر ، نحو : سهرت حتّى الفجر ولا يقال سهرت البارحة حتى نصفها.

 ـ وتختصّ مذ ومنذ باسم الزّمان ، نحو : ما رأيته مذ يومين أو منذ اليوم (١).

 ـ وتختصّ «كي» بالدّخول على «أن» المصدريّة وصلتها ، نحو : جئت كي أزورك (٢).

 ـ وتختصّ «التّاء» باسم الجلالة ، نحو : تالله (٣).

ولا بدّ من أن يعلّق بالفعل أو شبهه حرف الجرّ الذي يربطه بالاسم المجرور به. وذلك المتعلّق قد يكون مذكورا ، نحو : جئت إلى المدرسة أو مقدّرا ، نحو : رأيت الذي على السطح (٤).

ويجوز حذف حرف الجرّ قبل (أنّ) ، نحو : بشّرته أنّه من الفائزين. أي بأنّه ،

__________________

(١) يشترط في مجرور «مذ ومنذ» إن يكون وقتا ، وأن يكون معرفة ، أو نكرة معدودة ، وأن يكون ماضيا ، أو حاضرا ، كما رأيت في المثالين. ويشترط في الفعل قبلهما أن يكون ماضيا منفيّا.

ويجوز أن تعتبر «مذ ومنذ» ظرفين مبنيين في محل نصب فيرفع ما بعدهما ويشترط فيهما عندئذ ما اشترط فيهما عند اعتبارهما حرفين.

(٢) تكون «كي» حينئذ حرف تعليل كاللام وتكون مع أن وصلتها في تأويل مصدر. والتأويل في المثال السابق : جئت لزيارتك.

(٣) يجوز دخول التاء أيضا على : الرحمن ، والربّ غير أن (الربّ) يستعمل مضافا إلى الكعبة ، أو لياء المتكلم فيقال : تالرحمن. وتربّ الكعبة ، أو تربّي. وذلك نادر في الاستعمال.

(٤) حرف الجر يعلق بالفعل أو شبهه كما رأيت. ويعلّق أيضا باسم الفعل ، نحو : أفّ للكسالى ، أو باسم مؤول بما يشبه الفعل ، نحو : (وَهُوَ اللهُ فِي السَّماواتِ وَفِي الْأَرْضِ) أي وهو المعبود ونحو : زيد ليث في كل موقعة أي شجاع.

والمتعلّق قد يحذف ، وحذفه ، على نوعين : جائز ، وواجب.

فالجائز : في ما دل عليه دليل كقولك : إلى المدرسة جوابا لمن سألك : إلى أين ذهبت؟

والواجب : في ما دل على وجود مطلق ، نحو : زيد في بيته أي موجود وحكم الظرف في هذا الباب كحكم حرف الجر ولا متعلق لحرف الجر إذا كان زائدا نحو : ما جاءنا من أحد أو شبيها بالزائد وهو ربّ ، وخلا ، وعدا ، وحاشا نحو : ربّ رجل كريم لقيته.


وقبل (أن المصدريّة) ، نحو : عجز أن يفعل هذا الأمر أي عن أن يفعله (١).

وقد تزاد «ما» بعد «من ، وعن ، والباء» فيبقى ما بعدهنّ مجرورا. وتزاد بعد «ربّ ، والكاف» فتكفّهما عن العمل ، وتدخلان على الجمل الفعليّة ، والاسميّة ، نحو : ربّما زرتك ، وأنا مجتهد كما أخوك مجتهد وقد تحذف (ربّ) بعد الواو ، ويبقى عملها ، نحو : «وليل كموج البحر أرخى سدوله» (٢).

وتقع «الكاف» اسما بمعنى (مثل) ، نحو : وما قتل الأحرار كالعفو عنهم.

وكذلك «عن» بمعنى (جانب) إذا سبقت «بمن» ، نحو : مرّ من عن يميني ، و (على) بمعنى (فوق) إذا سبقت «بمن» نحو : سقط من على الجبل فتكون كلّ واحدة منهنّ مضافة إلى ما بعدها كسائر الأسماء.

المبحث الثاني : في معاني حروف الجر

 ـ «من» تكون لابتداء الغاية ، نحو : خرجت من البلد ، والتّبعيض ، نحو : أنفقت

__________________

(١) إنما يجوز حذف الجار قبل «أنّ ، وأن» إذا أمن اللبس كما رأيت. فإن لم يؤمن اللبس لم يجز حذفه فلا يقال : رجع اللص أن يسرق لأنه يحتمل أن يكون المحذوف «إلى» فيكون المعنى : رجع إلى السرقة أو «عن» فيكون المعنى رجع عن السرقة فلا يفهم السامع ما هو المراد ، ولذلك يتعيّن ذكر الحرف هنا.

ويجوز حذف حرف الجر قياسا في ما عطف على مجرور بمثل الحرف المحذوف نحو : لزيد دار وعمرو بستان أو وقع بعد همزة الاستفهام مسبوقا بمثله. كما إذا قيل :

مررت بزيد فتقول أزيد التاجر ، أي أبزيد ، أو بعد إن الشرطية نحو : اذهب بمن شئت إن زيد وإن عمرو أي إن بزيد.

وقد يحذف حرف الجر سماعا ، فينصب المجرور بعد حذفه تشبيها له بالمفعول به ويسمى المنصوب بنزع الخافض ، كقول الشاعر [الوافر] :

تمرّون الديار ولم تعوجوا

كلامكم عليّ إذا حرام

أي تمرّون بالديار.

وشذ بقاء الاسم مجرورا بعد حذف حرف الجر في غير مواضع حذفه قياسا. ومن ذلك قول بعض العرب وقد سئل : كيف أصبحت فقال : خير إن شاء الله أي : بخير.

(٢) وقد تحذف أيضا ويبقى عملها بعد الفاء وهو قليل ، وبعد بل وهو نادر.


من الدّراهم ، وبيان الجنس ، نحو : «لي ثوب من خزّ ، والتّعليل ، نحو : مات من الخوف ، والبدل ، نحو : (أَرَضِيتُمْ بِالْحَياةِ الدُّنْيا مِنَ الْآخِرَةِ) [التوبة : ٣٨] أي بدل الآخرة ، والتأكيد وهي الزّائدة لفظا بشرط أن يكون مجرورها نكرة ، وأن يسبقها نفي ، أو نهي ، أو استفهام بهل ، نحو : ما جاءنا من رجل ، والفصل ، نحو : عرفت الحقّ من الباطل.

وقد تضمّن «من» معنى «في» ، نحو : (إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ) [الجمعة : ٩] أي في يومها ، ومعنى إلى ، نحو : اقتربت منه أي إليه. ومعنى الباء نحو : (يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍ) [الشورى : ٤٥] أي به.

 ـ «عن» تكون للمجاوزة ، نحو : سافرت عن البلد ، والبدل ، نحو : قم عنّي بهذا الأمر أي بدلي ، والتّعليل ، نحو : (وَما كانَ اسْتِغْفارُ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِيَّاهُ) [التوبة : ١١٤] أي من أجل موعدة ، وبمعنى (بعد) ، نحو : عن قريب أزورك.

وقد تضمّن «عن» معنى «على» نحو : (فَإِنَّما يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ) [محمد : ٣٨] أي عليها ، ومعنى «من» ، نحو : (وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ) [الشورى : ٢٥] أي منهم.

 ـ «على» تكون للاستعلاء حسّا نحو : (وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ) [المؤمنون : ٢٢] أو معنى ، نحو : (فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ) [البقرة : ٢٥٣] ، والمصاحبة ، نحو : (وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلى ظُلْمِهِمْ) [الرعد : ٦] أي مع ظلمهم ، والتّعليل ، نحو : (لِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلى ما هَداكُمْ) [الحج : ٣٧] أي لهدايته إيّاكم ، والظّرفيّة نحو : (وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلى حِينِ غَفْلَةٍ) [القصص : ١٥] والاستدراك ، نحو (١) : فلان منكوب على أنّه لا يبأس من رحمة الله.

وقد تضمّن «على معنى «عن» نحو : (رضيت عليه) أي عنه ، ومعنى الباء نحو : (رميت على القوس) أي رميت مستعينا بها.

 ـ (في) تكون للظّرفيّة (حقيقة) ، نحو : (الماء في الأبريق) أو (مجازا) ، نحو : (نظرت في الأمر) ، والتّعليل ، نحو : (قتل كليب في ناقة) أي بسبب ناقة ، والمصاحبة ، نحو : (خرج الأمير في موكبه) والمقايسة ، نحو : (ما ذنبنا في عفوك إلّا

__________________

(١) إذا كانت «على» للاستدراك كانت كحرف الجر الشبيه بالزائد لا متعلّق لها.


هفوة) أي بالقياس إليه.

وقد تضمّن «في» معنى «إلى» نحو : (فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْواهِهِمْ) [إبراهيم : ٩] أي إليها ، ومعنى الباء ، نحو : هو بصير في المسألة أي بها ومعنى (على) نحو : (وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ) [طه : ٧١] أي عليها.

 ـ (الباء) تكون للإلصاق ، نحو : أمسكت بيده ، والاستعانة ، نحو : كتبت بالقلم والتّعدية ، نحو : ذهبت بعمرو ، والتّعليل ، نحو : قتل بذنبه ، والمصاحبة ، نحو : بعتك الدّار بأثاثها ، والظّرفيّة نحو : أقمت بالدّار ، والبدل ، نحو : (النَّفْسَ بِالنَّفْسِ) [المائدة : ٤٥] ، والمقابلة ، نحو : بعتك الدّار بالفرس ، أي : في مقابلتها ، والقسم وهي أصل أحرفه ، ويجوز ذكر فعل القسم معها خلافا لإخوانها ، نحو : أقسم بالله ، والتّأكيد ، وهي الزّائدة لفظا ، نحو : (وَكَفى بِاللهِ شَهِيداً) [النساء : ٧٩].

وقد تضمّن الباء معنى من ، نحو : (عَيْناً يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللهِ) [الإنسان : ٦] أي منها ، ومعنى (عن) ، نحو : (فَسْئَلْ بِهِ خَبِيراً) [الفرقان : ٥٩] أي عنه ، ومعنى (على) ، نحو : (إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ) [آل عمران : ٧٥] أي على قنطار.

 ـ (إلى) تكون لانتهاء الغاية ، نحو : ذهبت إلى الجبل ، وصمت إلى اللّيل ، والمصاحبة ، نحو : جلست إلى الضّيف وتكون بمعنى (عند) وتسمّى المبيّنة لأنّها تبيّن أنّ مصحوبها فاعل لما قبلها ، وذلك بعد ما يفيد حبّا أو بغضا من أفعل تعجّب أو تفضيل ، نحو : ما أبغض الخائن إليّ! والدّرس أحب إليّ من اللهو.

وقد تضمّن (إلى) معنى (في) ، نحو : (لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ) [النساء : ٨٧] أي فيه.

 ـ (حتّى) تكون لانتهاء الغاية. إلّا أنّ الغالب ألّا يدخل ما بعدها في حكم ما قبلها ، نحو : سرت حتّى الكعبة فالمعنى أنّ سيرك انتهى إليها ولم تدخلها. وقد يدخل إن كان هناك قرينة تدلّ على ذلك. نحو : بذلت مالي حتّى آخر درهم لي في سبيل وطني.

 ـ (الكاف) تكون للتّشبيه وهو الأصل في معانيها ، نحو : عليّ كالأسد ، وللتّعليل ، نحو : (وَاذْكُرُوهُ كَما هَداكُمْ) [البقرة : ١٩٨] أي لهدايته إيّاكم ، والتّوكيد وهي الزّائدة في الإعراب ، نحو : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) أي ليس مثله ، وقد تستعمل في التّمثيل بما لا مثيل له كما إذا قيل : إنّ من الحروف ما لا يقبل


الحركة كالألف ويقال لها كاف الاستقصاء.

وقد تضمّن الكاف معنى على ، نحو : كن كما أنت أي ثابتا على ما أنت عليه.

 ـ (اللام) تكون للملك ، نحو : (الدّار) لسعد ، وشبه الملك ، وتسمّى لام الاختصاص ، ولام الاستحقاق ، نحو : (الْحَمْدُ لِلَّهِ) [الفاتحة : ٢] والفوز للمجتهدين ، والتّعليل ، نحو : (هربت للخوف) ، والعاقبة ، نحو : (لدوا للموت وابنوا للخراب) ، والتّعدية. وهي الواقعة بعد أفعل تعجّب ، أو تفضيل لتبيّن أنّ ما بعدها مفعول لما قبلها ، نحو : (ما أجمع سعيدا للمال) والتّبليغ. نحو : (قلت للرّجل) ، والتّقوية ، نحو : هو فعّال لما يريد ، والتّعجّب ، نحو : (لله درّه رجلا) (ويا للفرح) وهي تستعمل مفتوحة بعد «يا» وانتهاء الغاية ، نحو : «كلّ يجري لأجل مسمّى) وهو قليل ، والاستغاثة. وتستعمل مفتوحة مع المستغاث ، نحو : (يا لقومي) ، والوقت. وتسمّى لام الوقت ، ولام التّاريخ ، نحو : (كتبته لغرّة شهر كذا) أي عند غرته.

وقد تضمّن اللّام معنى (على) ، نحو : (وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ) [الإسراء : ١٠٩] أي على الأذقان.

 ـ (الواو ، والتّاء) تكونان للقسم ، نحو : (والله لأحفظنّ عهدك ، وتالله لأخاصمنّ عدوّك).

 ـ (مذ ، ومنذ) تكونان بمعنى (من) لابتداء الغاية ، إن كان الزّمان ماضيا ، نحو : ما رأيتك مذ أو منذ يومين وبمعنى (في) للظّرفيّة إن كان الزّمان حاضرا ، نحو : (ما رأيته مذ أو منذ شهرنا) وحينئذ تفيدان استغراق المدّة. وبمعنى : (من ، وإلى) معا إذا كان مجرورهما نكرة معدودا ، نحو : ما رأيتك مذ ثلاثة أيّام أي من بداءتها إلى نهايتها.

 ـ «ربّ» تكون للتّقليل والتّكثير : والقرينة هي الّتي تعيّن أحدهما.

 ـ «كي» حرف جرّ للتّعليل بمعنى اللام ، نحو : كيم فعلت هذا أي لم؟ (وجئت كي أزورك) أي لزيارتك (١).

__________________

(١) «كي» تختص بالدخول على ما الاستفهامية كما في المثال الأول ، وإن المصدرية وصلتها كما في المثال الثاني.


تمرين

عيّن متعلّق الجار في الجمل الآتية :

المرء لا ينفك من أمل ، فإن فاته عوّل على الأماني. المنى من بضائع الجهال. من جرى في عنان أمله كان عاثرا بأجله. لا تتكلم بما لا يعنيك ، ودع الكلام في كثير عمّا يعنيك حتى تجد له موضعا (هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللهِ) [فاطر : ٣] خير الناس من أخرج الحرص من قلبه ، وعصى هواه في طاعة ربه. من قوي على نفسه تناهى في القوة ، ومن صبر على شهوته بالغ في المروءة. ذهب الحكماء إلى أن سوء الظن بالنفس أبلغ في صلاحها وأوفر في اجتهادها ، لأن للنفس جورا لا ينفك إلا بالسخط عليها وغرورا لا ينكشف إلا بالتهمة لها.

المبحث الثالث : في الإضافة وأنواعها (١)

الإضافة نسبة اسم إلى آخر على تقدير حرف جرّ. ويسمّى الأوّل مضافا ، والثّاني مضافا إليه.

حرف الجرّ المقدّر يكون كثيرا (من) إذا كان المضاف إليه جنسا للمضاف ، نحو : (سوار ذهب) ، ويكون قليلا ، (في) إذا كان ظرفا له نحو : صلاة العصر ، ويكون غالبا (اللّام) في ما سوى ذلك ، نحو : (كتاب سعد) (٢).

والإضافة قسمان : معنويّة ، ولفظيّة.

١ ـ فالمعنويّة : هي ما أفادت المضاف (تعريفا) إن كان المضاف إليه معرفة نحو : هذا كتاب سليم ، (وتخصيصا) إن كان المضاف إليه نكرة ، نحو : هذا كتاب نحو.

__________________

(١) الأسماء بالنسبة إلى إضافتها وعدمها ثلاثة أنواع : نوع تجوز إضافته وهو كثير ، ونوع تمتنع إضافته : كالضمائر والإشارات والموصولات (سوى أي) ، وأسماء الشرط والاستفهام ، (عدا أي أيضا) ، ونوع تجب إضافته إلى المفرد ، أو إلى الجمل.

(٢) (اللام) قد يمكن إظهارها كما في المثال : إذ يمكنك أن تقول : كتاب لزيد وقد تكون تقديرا كذي مال ، وعند زيد ، فإن اللام لا يمكن التصريح بها فيهما ولكن يقدر لها مرادف يصرح معه باللام كصاحب ، ومكان ، ونحو ذلك.


٢ ـ واللّفظيّة : هي ما لا تفيد المضاف تعريفا ولا تخصيصا ، ولا يعتبر فيها تقدير حرف الجرّ ، وإنّما يكون الغرض منها التّخفيف في اللّفظ بحذف التّنوين ، أو نوني التّثنية والجمع ، وذلك : إذا كان المضاف (صفة) مضافة إلى فاعلها ، أو مفعولها. نحو : هذا مستحقّ المدح وحسن الخلق ، ومعمور الدّار (١).

وحكم المضاف أن يجرّد من التّنوين ، ونوني التّثنية ، والجمع وما ألحق بهما ، نحو : هذا كتاب النّحو ، وقرأت كتابي الأستاذ ، وجاء طالبوا العلم ، ومرشدوك أولو الفضل عليك.

وأن يجرّد من «أل» إذا كانت الإضافة معنويّة. وأمّا إذا كانت الإضافة لفظية فيجوز دخول «أل» على المضاف ، بشرط أن يكون مثنّى ، أو جمع مذكر سالما ، أو مضافا إلى ما فيه «أل» ، أو مضافا إلى اسم مضاف إلى ما فيه (أل) نحو : جاء المكرما سعد ، والمكرمو سعيد ، والدارس النّحو ، والقارئ كتاب الصّرف.

وحكم المضاف في الإضافة اللّفظيّة أن يكون (وصفا) دالّا على زمان الحال ، أو الاستقبال ، وأن يضاف إلى معموله (أي إلى فاعله. أو مفعوله في المعنى).

والمراد بالوصف هنا : اسم الفاعل ، واسم المفعول ، والصّفة المشبّهة وصيغ المبالغة ، نحو : هذا ناصر الضّعيف ، وشريف الطّباع ، وهذان مطلوبا الجنود ، وهؤلاء قهّار والأعداء.

والمضاف في هذه الإضافة يستمرّ نكرة ، ولو أضيف إلى معرفة ولذلك جاز وصف النّكرة به ، نحو : هذا عارض ممطرنا (٢).

__________________

(١) تسمى الأولى معنوية لأن فائدتها راجعة إلى المعنى ، من حيث إنّها تفيد المضاف تعريفا أو تخصيصا. فإن لفظ كتاب نكرة ، فلما أضيف إلى سليم تعرّف. ولما أضيف إلى نحو تخصّص أي قلّ إبهامه وشيوعه. وتسمى الثانية لفظية لأن فائدتها راجعة إلى اللفظ فقط ، بما تحدثه فيه من التخفيف بحذف التنوين ونوني التثنية والجمع وما ألحق بهما ، فإن أصل التركيب في الأمثلة المتقدمة. هذا مستحقّ المدح ، وحسن خلقه ، ومعمورة داره.

واعلم أنه تمتنع إضافة الضمائر وأسماء الإشارة والأسماء الموصولة والأعلام ، وما أشبه ذلك.

(٢) إذا كان الوصف بمعنى الماضي نحو : بارىء الوجود أو بمعنى الاستمرار نحو :

حامي العشيرة أو كان لا يراد به معنى الفعل نحو : كاتب القاضي ، ومملوك الأمير كانت الإضافة معنوية.


المبحث الرابع : في ما يلزم الإضافة.

من الأسماء ما يلزم الإضافة ، فلا ينفكّ عنها ، وهو على نوعين : ما يلزم الإضافة إلى المفرد ، وما يلزم الإضافة إلى الجملة (١).

فالأسماء الّتي تلزم الإضافة إلى المفرد نوعان :

أوّلهما : ما لا يجوز قطعه عن الإضافة مطلقا وهو : عند ، ولدى ، ولدن ، وبين ، ووسط ، (وهي ظروف) ، وشبه ، ومثل ، ونظير ، وقاب ، وكلا ، وكلتا ، وسوى ، وغير ، وذو ، وذات ، وذوو ، وذوات ، وأولو ، وأولات ، وقصارى ، وحمادى ، وسبحان ، ومعاذ ، ووحد ، وسائر ، وأولى ، ولبّيك ، وسعديك ، وحنانيك ، ودواليك ، ولعمر ، (وهي غير ظروف).

والثاني : ما يجوز قطعه عن الإضافة (لفظا) لا معنى وهو : أوّل ، ودون ، وفوق ، وتحت ، ويمين ، وشمال ، وأمام ، وقدّام ، وخلف ، ووراء ، وتلقاء ، وتجاه ، وإزاء ، وحذاء ، وقبل ، وبعد ، (ومع وهي ظروف) وكلّ ، وبعض ، وغير ، وجميع ، وحسب ، وأيّ ، (وهي غير ظروف).

أمّا : كلّ ، وبعض ، وجميع ، ومع ، وأيّ فيجوز أن تقطع عن الإضافة لفظا فيكون المضاف إليه منويّا ، وتعرب منوّنة نحو : كلّ يموت أي كلّ أحد و (فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ) [البقرة : ٢٥٣] أي على بعضهم ، وجاء القوم جميعا أي جميعهم ، وذهبوا معا أي مع بعضهم ، وأيّا تكرم أكرم. أي : أيّ رجل وقبل ، وبعد ، ودون ، وأوّل والجهات السّتّ ، وحسب ، وغير ، سبق الكلام عليها.

وما دلّ من هذه الأسماء على المغايرة (كغير وسوى) أو على المماثلة (كمثل ، وشبه ، ونظير) لا يتصرّف بإضافته إلى المعرفة لتوغّله في الإبهام. ولذلك صحّ أن تنعت به النّكرة نحو : رأيت رجلا غير سعيد ، ومررت بامرأة مثل سعاد (٢).

__________________

(١) المراد بالمفرد هنا ما ليس جملة فيدخل فيه المثنى والمجموع.

(٢) لقد استبان أنّ الإضافة على ثلاثة أنواع : نوع يفيد تعريف المضاف بالمضاف إليه إن كان معرفة ، وتخصيصه به إن كان نكرة. ونوع يفيد تخصيص المضاف دون تعرفه نحو : «ربّ رجل وأخيه. وقسم لا يقبل التعريف أصلا بحيث يكون المضاف متوغلا في الإبهام كغير ، ومثل.


المبحث الخامس : في الأسماء التي تلزم الإضافة إلى الجملة.

وهي : إذ ، وحيث ، وإذا ، ولمّا ، ومذ ، ومنذ.

فإذ وحيث تضافان إلى الجمل الفعليّة والاسميّة على تأويلها بالمصدر ، نحو : جئت إذ جاء سليم ، وذهبت إذ القوم لاهون ، وجلست حيث جلس أخوك ، وانزل حيث صديقك نازل.

وإذا ولمّا تضافان إلى الجمل الفعليّة ، ولا تستعمل الثّانية منهما إلّا مع الماضي ، نحو : إذا زرتني أكرمتك. ولمّا تكلّم الأستاذ أصغينا.

ومذ ومنذ إذا كانتا ظرفين تضافان إلى الجمل الفعلية والاسميّة ، نحو : ما رأيته مذ سافر القوم ، وما اجتمعنا منذ غاب رفقاؤنا.

وإذا وقع بعدهما اسم مفرد تقطعان عن الإضافة ويرفع المفرد بعدهما خبرا عنهما فتقول ما رأيته مذ يومان ، أو يجرّ بهما باعتبارهما حرفي جرّ والمبهم المتصرّف من ظروف الزّمان تجوز إضافته إلى الجملة ، نحو : زرتك يوم جاء أخوك ، وأقبلت حين القوم منصرفون (١).

المبحث السادس : في بعض أحكام للإضافة.

يكتسب المضاف من المضاف إليه التّذكير أو التأنيث فيعامل معاملته ، بشرط أن يكون المضاف صالحا للاستغناء عنه وإقامة المضاف إليه مقامه. نحو : قطعت بعض أصابعه والأولى مراعاة المضاف فتقول : قطع بعض أصابعه.

ولا يضاف اسم إلى مرادفه إلّا إذا كانا علمين ، نحو : محمد سعيد ولا يضاف

__________________

(١) لما كانت هذه الظروف تضاف إلى الجملة جوازا صح فيها الإعراب والبناء. فإذا بنيت كان بناؤها على الفتح للمناسبة بين حركة البناء وحركة الإعراب غير أنه يختار بناء الظرف المضاف إلى الجملة الفعلية المصدرة بفعل مبني كما في قوله : على حين عاتبت المشيب على الصبا. ويختار إعراب الظرف المضاف إلى الجملة المصدرة باسم ، أو فعل معرف نحو (هذا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ) وجاء الأمير على حين يكتب الوزير استقالته.


موصوف إلى صفته (١). وأمّا نحو : دار الآخرة فهو على تقدير محذوف قد وصف بهذه الصّفة ، أي دار الحياة الآخرة وقد يحذف المضاف ويقام المضاف إليه مقامه ويعطى إعرابه عند أمن اللّبس. نحو : (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيها) [يوسف : ٨٢] أي واسأل أهل القرية.

واعلم أنّه قد يكون في الكلام اسمان مضافان : اثنان متماثلان في اللّفظ والمعنى ، وأحدهما معطوف على الآخر ، فيحذف الثّاني منهما استغناء عنه بالأول ، نحو : ما كلّ سوداء تمرة ، ولا بيضاء شحمة أي ولا كلّ بيضاء شحمة.

واعلم أيضا أنّه قد يكون في الكلام اسمان مضاف إليهما متماثلان في (اللّفظ والمعنى) وأحدهما معطوف على الآخر. فيحذف الأول منهما استغناء عنه بالثّاني ، نحو : جاء شقيق وشقيقة حسن والأصل شقيق حسن وشقيقته وهو أولى.

نموذج إعراب على الإضافة وأنواعها

[الوافر] :

وكلّ شديدة نزلت بقوم

سيأتي بعد شدّتها رخاء

الكلمة

إعرابها

وكل شديدة

الواو حرف بحسب ما قبله. كل مبتدأ مرفوع بالضمة. شديدة مضاف إليه مجرور بالكسرة.

نزلت

نزل فعل ماض مبني على الفتح. والتاء للتأنيث حرف. والفاعل مستتر جوازا تقديره هي. والجملة من الفعل والفاعل في محل جر صفة لشديدة.

بقوم

جار ومجرور متعلقان بالفعل (نزل).

سيأتي

السين للتنفيس حرف. يأتي فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل.

__________________

(١) وأما إضافة الصفة إلى الموصوف فجائزة بشرط أن يصح تقدير «من» بين المضاف والمضاف إليه نحو : كرام الناس ، وعظائم الأمور ، وكبير الأمر والتقدير : الكرام من الناس ، والعظائم من الأمور ، والكبير من الأمر.


الكلمة

إعرابها

بعد

ظرف زمان منصوب بالفتحة متعلق بالفعل (يأتي).

شدتها

شدة مضاف إليه مجرور بالكسرة وها مضاف إليه مبني على السكون في محل جر.

رخاء

فاعل مرفوع بالضمة والجملة من الفعل والفاعل في محل رفع خبر المبتدأ.


الباب الثامن : في التوابع

التّابع هو : ما يتبع ما قبله في إعرابه ،

فيرفع ، أو ينصب ، أو يجرّ بسبب رفع ما قبله ، أو نصبه ، أو جرّه.

والتّوابع أربعة : النّعت ، والتّوكيد ، والبدل ، والعطف.

(في هذا الباب مباحث)

المبحث الأول : في النعت

النّعت : تابع يبيّن بعض أحوال متبوعه ويكمّله بدلالته على معنى فيه ، نحو : جاء الرّجل الأديب. ويقال له : (النّعت الحقيقيّ) أو يبيّن بعض أحوال ما يتعلّق بمتبوعه ، نحو : جاء الرّجل الحسن حظّه ويقال له : النّعت السّببيّ (١).

ولا يكون المنعوت إلّا اسما ظاهرا.

فإن كان معرفة كان النّعت فيه للإيضاح : (وهو التّفرقة بين المشتركين في الاسم) ، نحو : جاء يوسف التاجر.

وإن كان نكرة كان النّعت فيه للتّخصيص ، (وهو تقليل الاشتراك) ، نحو : زارني رجل عالم (٢).

والأصل في النّعت أن يكون مشتقّا لكي يتحمّل ضميرا يعود إلى المنعوت. والمراد بالمشتقّ ما دلّ على حدث وصاحبه ، وذلك : كاسم الفاعل ، واسم المفعول ،

__________________

(١) النعت الحقيقي : هو ما يدل على صفة في المتبوع نفسه ، ويتبع منعوته في أربعة من عشرة في واحد من الرفع ، والنصب ، والجر. وفي واحد من الإفراد والتثنية والجمع. وفي واحد من التعريف والتنكير. وفي واحد من التذكير والتأنيث. وأما النعت السببي : فهو ما يدلّ على صفة فيما له ارتباط بالمتبوع ويتبع منعوته في اثنين من خمسة في واحد من الرفع والنصب والجر. وفي واحد من التعريف والتنكير ويكون مفردا دائما ويراعى في تذكيره وتأنيثه ما بعده كما سبق توضيحه.

(٢) قد يخرج النعت عن معناه الأصلي إلى مجرد المدح نحو : بسم الله العظيم أو الذم نحو : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم أو التوكيد نحو : أمس الدّابر لا يعود.


والصّفة المشبّهة ، وأفعل التّفضيل.

وقد يأتي النّعت اسما جامدا مشبها للمشتقّ في المعنى ، نحو : عندي رجل أسد أي شجاع ، وقد يكون جملة فعليّة أو اسميّة (١).

وحكم النّعت مطلقا أن يتبع منعوته في الرّفع أو النّصب أو الجرّ ، وفي التّعريف أو التّنكير. فإن كان (حقيقيّا : تبعه أيضا في التّذكير أو التّأنيث ، وفي الإفراد أو التّثنية أو الجمع ، فتقول : جاء الرّجل الفاضل ، ورأيت الرّجلين الفاضلين ، ومررت بامرأة فاضلة وهلمّ جرّا. وإن كان (سببيّا) غير متحمّل لضمير المنعوت لزم الإفراد مطلقا ، ولو كان مرفوعه مثنّى أو جمعا وروعي في تذكيره وتأنيثه ما بعده ، فهو (كالفعل مع الاسم الظاهر) فتقول : جاء سعد الصّائبة آراؤه ، ورأيت هندا الثّاقب فكرها ، وأنشئت على ضفاف النّيل حدائق جميل منظرها.

ونحو : جاء الرجل الكريم أبوه ، والرّجلان الكريم أبوهما ، والرّجال الكريمة أمّهم ، والرّجلان الكريمة أمّهما ، والنّساء الكريم أبوهنّ.

أمّا النّعت السّببيّ الّذي يتحمّل ضمير المنعوت فيطابق منعوته في كلّ ما يطابقه فيه النّعت الحقيقيّ ، فتقول : جاء الرّجلان الكريما الأب ، والنّساء الكريمات الأب ، والرّجال الكرام الأب وهلمّ جرّا (٢) ويأتي النّعت أيضا جملة اسميّة ، أو فعليّة ، بشرط

__________________

(١) يأتي النعت اسما جامدا مشبها للمشتق في المعنى في تسعة مواضع.

١ ـ المصدر : نحو شاهد عدل أي عادل ، وعالم ثقة ، أي : موثوق به.

٢ ـ اسم الإشارة لغير المكان : نحو أكرمت الفتى هذا ، أي المشار إليه أو الحاضر.

٣ ـ «ذو» التي بمعنى صاحب وفروعها ، نحو : هذا رجل ذو علم ، وهذه امرأة ذات فضل ، وهؤلاء رجال ذوو أدب ، أي صاحب علم ، وصاحبة فضل ، وأصحاب أدب.

٤ ـ ما دلّ على عدد المنعوت نحو : جاء رجال ثلاثة ، أي معدودون بهذا العدد.

٥ ـ الاسم الموصول المصدّر بأل نحو : جاء الرجل الذي اعتدى ، أي المعتدي.

٦ ـ الاسم المنسوب إليه نحو : أنا رجل مصريّ ، أي منسوب إلى مصر.

٧ ـ ما دل على تشبيه نحو : رأيت رجلا أسدا أي شجاعا.

٨ ـ «ما» النكرة التي يراد بها الإبهام نحو : سأزورك يوما ما ، أي : يوما من الأيام.

٩ ـ «كل وأي» الدّالتان على استكمال الموصوف للصفة نحو : هذا رجل كلّ الرجل ، أو أيّ رجل ، أي : كامل في الرجولة.

(٢) ما ذكرناه من مطابقة النعت للمنعوت يستثنى منه أربعة أشياء :


أن تكون خبريّة مشتملة على ضمير يعود إلى المنعوت ، غير مقترنة بالواو ، نحو : ما طاب فرع أصله خبيث.

ولا تقع الجملة نعتا للمعرفة ، وإنّما تقع نعتا للنّكرة على تأويل الجملة بالنّكرة ، نحو : جاءني رجل يحمل كتابا ، أي حامل كتابا (١) وقد يقع شبه الجملة أي الظّرف والجارّ والمجرور نعتا.

ولكن النّعت في الحقيقة إنّما هو متعلّق الظّرف ، أو حرف الجرّ المحذوف ، نحو : رأيت رجلا على جواده ، أي كائنا على جواده.

ويجوز قطع النّعت عن التّبعيّة لما قبله ، فيرفع على أنّه خبر لمبتدإ محذوف ، نحو : هو أو ينصب مفعولا به لفعل محذوف تقديره أعني. والغالب أن يفعل ذلك بالنّعت الّذي يؤتى به لمجرّد المدح أو الذّمّ ، أو التّرحّم ، نحو : الحمد لله العظيم أو العظيم وأحسن إلى فلان المسكين أو المسكين. وذلك بشرط ألّا يكون ذكر النّعت لازما للمنعوت ، كما ذكر سابقا (٢).

__________________

١ ـ الصفات التي يستوي فيها المذكّر والمؤنث كصبور وجريح وعلّامة ومكسال ومعطير ومغشم وضحكة. فكل هذه لا تطابق منعوتها في التأنيث والتثنية والجمع ، بل تلزم الإفراد والتذكير.

٢ ـ المصدر الثلاثي غير الميمي الموصوف به يبقى بصورة واحدة للمفرد والمثنى والجمع والمذكر والمؤنث فتقول : شاهد عدل ، وشاهدان عدل ، وشهود عدل ، الخ.

٣ ـ ما كان نعتا لجمع ما لا يعقل يجوز فيه وجهان : أن يعامل معاملة الجمع ، وأن يعامل معاملة المؤنثة المفردة ، فتقول : عندي خيول صافنات ، أو خيول صافنة وأيام معدودة ، أو أيام معدودات.

٤ ـ ما كان نعتا لاسم الجمع يجوز فيه الإفراد باعتبار لفظ المنعوت ، والجمع باعتبار معناه ، فتقول : عاشرت قوما صالحا ، أو قوما صالحين.

(١) لا تقع جملة النعت إنشائية فلا يقال : عندي رجل هل تعرفه. والضمير الذي يجب أن تشتمل عليه جملة النعت قد يكون مذكورا نحو : جاءني رجل سيفه في يده ، أو مستترا نحو : لقيت رجلا يركض ، أو مقدرا نحو : (وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً) أي لا تجزى فيه.

وإذا وقعت الجملة بعد المعرفة كانت حالا نحو : جاء زيد يحمل كتابا.

وذلك لقاعدة إنّ الجمل بعد النكرات تعرب صفات ، وبعد المعارف تعرب أحوالا.

(٢) أما إذا كان ذكر النعت لازما للمنعوت بحيث لا يتضح معناه إلا به فلا يجوز فيه القطع نحو : مررت بسليم التاجر إذا كان سليم لا يعرف إلا بذكر صفته وهذا يشمل ما كان نعتا


وإذا اختلف العاملان ، أو عملهما ، يجب قطع نعت معموليهما الشّامل لهما ، نحو : كافأت خالدا ، وأثنيت على بكر المجتهدان أو المجتهدين بالقطع إلى الرّفع أو إلى النصب. وإذا اختلف العمل ، والعامل واحد وجب القطع أيضا ، نحو : خاصم خليل عمرا التّاجران ، أو التّاجرين.

ويجوز الفصل بين النّعت والمنعوت نحو : (وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ) (٧٦) [الواقعة : ٧٦] ما لم يكن النعت لمبهم ، نحو : مررت بهذا الكريم فيمتنع الفصل.

ويفصل بين النعت والمنعوت «بلا ، وإمّا» فيلتزم تكرارهما بين النّعوت التّالية معطوفتين بالواو ، نحو : هذا يوم لا حارّ ولا بارد ولكلّ نفس أجل إمّا قريب وإمّا بعيد.

وإذا تعدّدت النّعوت وكانت واحدة في اللّفظ والمعنى يستغنى بالتثنية أو الجمع عن التّفريق بالعطف ، نحو : جاء شوقي وحافظ الشّاعران ، أو جاء الرّجال الفضلاء. وإذا اختلفت (معنى ولفظا) وجب التّفريق فيها بالعطف بالواو ، نحو : جاءني رجلان كاتب وشاعر ، وجاءني ثلاثة رجال كاتب ، وشاعر ، وفقيه (١).

ويكثر حذف المنعوت إذا ظهر أمره ظهورا يستغنى معه عن ذكره ، نحو : (وَعِنْدَهُمْ قاصِراتُ الطَّرْفِ عِينٌ) (٤٨) [الصافات : ٤٨] أي نساء قاصرات الطّرف.

ويقل حذف النّعت ، نحو : منّا ظعن ومنّا أقام ، أي منّا فريق ظعن ، ومنّا فريق أقام.

ويحذف كلّ من المنعوت والنّعت معا ، نحو : (لا يَمُوتُ فِيها وَلا يَحْيى) [طه : ٧٤] أي حياة نافعة إذ لا واسطة بين الموت ، ومطلق الحياة.

__________________

واحدا كما رأيت ، وما كان متعددا فإن ما ليس بلازم منه يجوز فيه القطع فيقال : جاء الحارث المخزومي الكريم بقطع الأخير ، فإن كان كله غير لازم جاز القطع فيه كله نحو : الحمد لله العليّ العظيم.

واذا أتبع بعض النعوت وقطع بعضها وجب تأخير المقطوع عن المتبع لئلا يتشوش سياق الكلام بانتقال من إعراب إلى آخر.

ولا يجوز القطع إذا كان المنعوت نكرة نحو : مررت برجل فاضل فلا يقال فيه فاضل أو فاصلا.

(١) يجوز العطف أيضا مع المفرد إذا اختلفت معاني النعوت كقول الشاعر [المتقارب] :

إلى الملك القرم وابن الهام

وليث الكتيبة في المزدحم


أجب عن الأسئلة الآتية

ما هو النعت الحقيقي والسببي وما الفرق بينهما؟ هل كل لفظ يقع نعتا؟ ما هو حكم كل من المنعوت والنعت؟ متى يطابق النعت منعوته؟ مثّل للنعت المفرد والجملة وشبه الجملة. متى يجب قطع النعت؟ هل يجوز الفصل بين النعت والمنعوت. ما هو حكم النعوت إذا تعددت؟ متى يجوز حذف المنعوت أو حذف النعت ، أو حذفهما معا؟

نموذج إعراب قول الشاعر

[الكامل] :

إنّي نظرت إلى الشّعوب فلم أجد

كالجهل داء للشّعوب مبيدا

الكلمة

إعرابها

إني

إن حرف توكيد ونصب. والياء اسمها مبني على السكون في محل نصب.

نظرت

نظر فعل ماض مبني على السكون. والتاء فاعل مبني على الضم في محل رفع والجملة من الفّعل والفاعل في محل رفع خبر إن.

إلى الشعوب

جار ومجرور متعلقان بنظر.

فلم

الفاء حرف عطف مبني على الفتح لم حرف نفي وجزم وقلب مبني على السكون.

أجد

فعل مضارع من أفعال اليقين مجزوم بالسكون والفاعل مستتر وجوبا تقديره أنا.

كالجهل

جار ومجرور متعلقان بمحذوف مفعول به ثان مقدم لأجد.

داء

مفعول به أول منصوب بالفتحة.

للشعوب

جار ومجرور متعلقان بمبيد.

مبيدا

صفة لداء منصوبة بالفتحة الظاهرة.


المبحث الثاني : في التوكيد

التّوكيد تابع يقرّر متبوعه ، ويرفع توهّم غير الظّاهر من الكلام باحتمال التّجوّز ، أو السّهو ، وهو نوعان : لفظيّ ومعنويّ.

فالتّوكيد اللّفظيّ يكون بإعادة اللّفظ الأوّل بعينه ، أو بمرادفه وهو يشمل الاسم (ظاهرا) نحو : جاء الأمير الأمير ، والصّابرون الصّابرون هم الفائزون أو (ضميرا) نحو : جئت أنا والفعل نحو : سقطت سقطت بابل والحرف نحو : لا لا أبوح بالسّرّ والجملة. نحو (١) : ظهر الحقّ ظهر الحقّ والمرادف نحو : فاز انتصر الجيش ونحو : أنت بالخير حقيق قمن.

والتّوكيد المعنويّ يكون لتوكيد النّسبة (بالنّفس والعين) مضافتين إلى ضمير المؤكّد ، نحو : جاء القاضي نفسه ، وابنة الأمير عينها ويكون لتوكيد الشّمول (بكل وكلا وكلتا وجميع وعامّة) مضافات إلى ضمير المؤكّد أيضا ، (وبأجمع) مفردة ، فيقال : جاء القوم كلّهم ، والرّجلان كلاهما ، والمرأتان كلتاهما ، والتّلاميذ جميعهم ، وأحسنت إلى فقراء البلدة عامّتهم ، ولقيت الجيش أجمع.

«فالنّفس والعين» يؤتى بهما لتثبيت مضمون الكلام ، ويؤكد بهما المفرد وغيره مذكّرا ومؤنّثا على الإطلاق. غير أنّهما تفردان مع المفرد ، وتجمعان مع المثنّى والمجموع في الأفصح ، فيقال : جاء الرّجل نفسه ، أو عينه ، وجاء التلميذان أنفسهما ، أو أعينهما ، وجاء الأساتذة أنفسهم ، أو أعينهم.

وكلا وكلتا تؤكّدان المثنى. فالأولى للمذكر منه. والثانية للمؤنث منه نحو :

__________________

(١) الجملة المؤكدة كثيرا ما تقترن بعاطف نحو : (أَوْلى لَكَ فَأَوْلى) (٣٤) (ثُمَّ أَوْلى لَكَ فَأَوْلى) (٣٥) ما لم يقع التباس نحو : ضربت زيدا ثم ضربت زيدا فيمتنع ذلك لأنه يوهم أن الضرب قد تكرر مرتين ، وهو خلاف المقصود. والضمير المرفوع المنفصل يحتمل أن يؤكد به كل ضمير متصل مرفوعا أو منصوبا أو مجرورا ، فيقال : جئت أنا وضربتك أنت ، ومررت به هو.

واعلم أن التوكيد اللفظي لا يعاد ولا يتكرر في كلام العرب أكثر من ثلاث.

وتنفرد النفس والعين ، بجواز جرّهما بباء زائدة نحو جاء صديقي بعينه ، وجاء الأستاذ بنفسه فتكون النفس مجرورة لفظا ، مرفوعة محلا على أنها توكيد الأستاذ.


جاء الرّجلان كلاهما ، والمرأتان كلتاهما (١) وكلّ وجميع وعامّة وأجمع ، يؤتى بها لتدلّ على الشّمول وعدم خروج بعض الأفراد ، وهي تؤكّد المجموع ، والمفرد المتجزىء باعتبار ذاته ، أو باعتبار عامله ، أو باعتبارهما معا ، نحو : برّ والديك كلاهما ، وصن يديك كلتيهما عن الأذى. يضيّع الجاهل زمنه كلّه في اللّعب. وسافر الجيش جميعه.

وإذا أريد تقوية التوكيد يوتى بعد كلمة «كلّ» بكلمة «أجمع» متصرّفة بحسب متبوعها ، فيقال : جاء الجيش كلّه أجمع ، والكتيبة كلّها جمعاء. والمؤمنون كلّهم أجمعون. والمؤمنات كلهنّ جمع.

وقد يؤكد بأجمع وفروعها. وإن لم يتقدم لفظ كلّ ، نحو : (وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ) [الحجر : ٣٩].

ولا يجوز توكيد النّكرة إلّا إذا كان المؤكّد الشّمول والمؤكّد محدودا بحيث يكون التوكيد مفيدا ، نحو : صمت أسبوعا كلّه (٢).

وإذا أريد توكيد الضّمير المرفوع المتّصل (٣) أو المستتر بالنّفس أو العين وجب توكيده أوّلا بالضّمير المنفصل ، فتقول : جاء هو نفسه وذهبت أنا نفسي.

وأمّا الظاهر فيمتنع فيه الضّمير ، نحو : سافر المحمّدون أنفسهم.

__________________

(١) فائدة : التوكيد بكلا وكلتا لإثبات الحكم للاثنين المؤكدين معا. فإذا قلت : جاء الرجلان وأنكر السامع أن المجيء ثابت للاثنين ، فتقول : جاء الرجلان كلاهما دفعا لإنكاره.

و «كلا وكلتا» تعربان إعراب المثنى عند إضافتهما إلى الضمير. أما إذا أضيفتا إلى اسم ظاهر فإنهما تعربان بحركات مقدرة على الألف فتقول : رأيت كلا الرجلين ومررت بكلتا المرأتين.

(٢) أكثر ما يكون ذلك في أسماء الزمان كاليوم والشهر ، ممّا يدل على مدة معلومة المقدار.

ولذلك لا يقال : صمت دهرا كله ، ولا سرت شهرا نفسه لأن الأول مبهم. والثاني مؤكد بما لا يفيد الشمول.

(٣) إذا كان الضمير منصوبا أو مجرورا فلا يجب فيه ذلك فتقول : أكرمتهم أنفسهم ومررت بهم أنفسهم وكذلك إذا كان التوكيد بغير النفس والعين فيقال : قاموا كلهم ، وسافرنا كلنا.

وقد عدّ من التوكيد ما سمع عن العرب من الإتباع كقولهم : فلان هاع لاع أي شديد الجبانة ، وهو كثير في كلامهم كقولهم : حسن بسن ، وشيطان ليطان ، وغير ذلك.


نموذج إعراب قول الشاعر

[الوافر] :

ترفّق أيّها المولى عليهم

فإنّ الرّفق بالجاني عتاب

الكلمة

إعرابها

ترفق

فعل أمر مبني على السكون لا محل له من الإعراب. والفاعل مستتر وجوبا تقديره أنت.

أيها المولى

أي منادى مبني على الضم في محل نصب. وها للتنبيه حرف والمولى صفة لأي مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر تبعا للفظ أيّ.

عليهم

جار ومجرور متعلقان بترفق.

فإن الرفق

الفاء للتعليل حرف. إن حرف توكيد ونصب. الرفق اسم إن منصوب بالفتحة.

بالجاني

الباء حرف جر. الجاني مجرور بالكسرة المقدرة على الياء للثقل. والجار والمجرور متعلقان بالرفق.

عتاب

خبر إن مرفوع بالضمة.

المبحث الثالث : في البدل

البدل : هو التّابع المقصود وحده بالحكم ، بغير واسطة عاطف ممهّد له بذكر اسم قبله غير مقصود. وإنّما يذكر المتبوع توطئة للتّابع الّذي يكون كالتّفسير بعد الإبهام ، نحو : جاء الأمير عمر (١).

والبدل أربعة أقسام : بدل الكلّ من الكلّ ، وبدل البعض من الكلّ ، وبدل

__________________

(١) فعمر تابع للأمير في إعرابه ، ولكنه هو المقصود بنسبة المجيء إليه ، والأمير ، إنما ذكر توطئة وتمهيدا له ، فالبدل كالتفسير بعد الإبهام.


الاشتمال ، وبدل الغلط ، أو النسيان.

فبدل الكلّ من الكلّ (ويسمّى البدل المطابق) : هو ما كان فيه التّابع عين المتبوع ، نحو : (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ) (٦) (صِراطَ الَّذِينَ) [الفاتحة : ٦ ـ ٧] فصراط الثّاني بدل من الأوّل بدل مطابق ، أي : (بدل الشّيء ممّا يطابق معناه).

وبدل البعض من الكلّ : هو ما كان فيه التّابع جزءا من المتبوع كله ، نحو : طاب أخوك قلبه ؛ فإنّ القلب هو جزء من الأخ ولا بدّ من اتّصاله بضمير (مذكور أو مقدّر) يرجع إلى المبدل منه.

وبدل الاشتمال : هو ما كان فيه التّابع من مشتملات المتبوع وليس جزءا منه ، نحو : نفعني المعلّم علمه فإنّ المعلّم مشتمل على العلم وغيره ، ونحو : أطربني البلبل صوته ، ويسعك الأمير عفوه ، ولا بدّ أيضا من اشتماله على ضمير كسابقه.

وبدل الغلط أو النّسيان : هو ما ذكر ليكون بدلا من اللّفظ الذي سبق ذكره خطأ باللّسان ، أو بالفكر. نحو : اشتريت سيفا رمحا. وأعط السائل ثلاثة أربعة ، ونحو : أعطني القلم الورقة.

وهو لا يقع في كلام البلغاء (١).

واعلم أنّ بدل البعض ، وبدل الاشتمال يحتاجان إلى ضمير يربطهما بالمبدل منه ، إمّا لفظا ، نحو : بعت الدار نصفها وأعجبني أخوك ثوبه وإمّا تقديرا ، نحو : (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) [آل عمران : ٩٧] أي من استطاع منهم (٢).

__________________

(١) إذا كنت قد أردت القلم ثم تبيّن لك فساد هذه الإرادة فصحّحت كلامك فهو بدل النسيان.

وإذا كنت قد أردت الورقة فسبق لسانك إلى القلم فهو بدل الغلط. وإذا كنت قد أردت القلم ثم عدلت عنه إلى الورقة فهو بدل الإضراب.

(٢) من البدل ما يفصّل المجمل الذي قبله. وهو قد يكون متعددا في اللفظ نحو : قرأت قصائد الشعراء أبي تمام والمتنبي والبحتري ، أو في المعنى كقول الشاعر [الطويل] :

ألا في سبيل المجد ما أنا فاعل

عفاف وإقدام وحزم ونائل

ففريق من النحاة يعدّ البدل مجموع المتعاطفات ، فيكون من قبيل بدل الكل. ومنهم من يعدّ البدل الأول فقط ، وما يليه معطوف عليه ، فيكون من قبيل بدل البعض ، وعلى الوجهين يجوز فيه الإتباع على الأصل. والقطع إلى الرفع ، أو النصب.


وإذا ضمّن المبدل منه حرف شرط ، أو حرف استفهام يظهر ذلك الحرف مع البدل أيضا ، نحو : «ما تصنع ، إن خيرا وإن شرّا ، تجز به ، وما تطلب أقلما أم ورقة؟

ولا تشترط مطابقة البدل للمبدل منه في التّعريف والتّنكير ، وتجب في غيرهما فتبدل المعرفة من المعرفة ، نحو : أقبل الزّعيم سعد ، وتبدل المعرفة من النّكرة ، نحو : الاسم قسمان ، الجامد والمشتقّ ، والنّكرة من المعرفة ، نحو : زارني إبراهيم رجل كريم والظّاهر من المضمر الغائب ، نحو : أحببته حديثه. ومن الضّمير المخاطب ، أو المتكلّم على شرط أن يكون بدل بعض ، أو بدل اشتمال ، نحو : أعجبتني علمك. ولا يبدل المضمر من المضمر ، ولا المضمر من الظاهر في الصحيح ، ويجوز (العكس) وهو إبدال الظاهر من الضّمير لغائب ، أو متكلم ، أو مخاطب بشرط أن يكون بدل بعض كما سبق.

ويبدل الفعل من الفعل (بدل كلّ من كلّ) ، نحو : «حدّثنا فلان قال». وتبدل الجملة من الجملة إن كانت الثانية أبين من الأولى نحو : (أَمَدَّكُمْ بِما تَعْلَمُونَ أَمَدَّكُمْ بِأَنْعامٍ وَبَنِينَ) (١٣٣) [الشعراء : ١٣٢ ـ ١٣٣] وقد تبدل الجملة من المفرد. نحو : عرفت صديقك ابن من هو والمفرد من الجملة نحو : قلت : «لا إله إلّا الله كلمة الإخلاص».

ويبدلون ممّا سقط من الكلام أيضا ، نحو : «لم يقم إلّا سليم» أي : لم يقم أحد إلّا سليم.

تنبيهات

الأول : عطف البيان لا يكون مضمرا ، ولا تابعا لمضمر.

الثاني : عطف البيان يوافق متبوعه تعريفا وتنكيرا.

الثالث : لا يكون عطف البيان فعلا تابعا لفعل.

الرابع : ليس عطف البيان في التّقدير من جملة أخرى.

الخامس : لا ينوى إحلاله محل الأول ، بخلاف البدل في جميع ذلك.

السادس : إذا اجتمعت التّوابع قدّم منها النّعت ، ثمّ البيان ، ثمّ التّوكيد ثمّ البدل ، ثم النّسق.


نموذج إعراب

[البسيط] :

ولا يغرّنك صفو أنت شاربه

فربّما كان بالتّكدير ممتزجا

الكلمة

إعرابها

ولا

الواو حرف بحسب ما قبله. لا حرف نهي وجزم.

يغرنّك

يغر فعل مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الخفيفة في محل جزم ونون التوكيد حرف. والكاف مفعول به مبني على الفتح.

صفو

فاعل مرفوع بالضمة.

أنت شاربه

أنت مبتدأ مبني على الفتح في محل رفع. شارب خبر المبتدأ مرفوع بالضمة. والهاء مضاف إليه مبني على الضم في محل جر والجملة في محل رفع صفة لصفو.

فربما

الفاء للتعليل حرف. رب حرف تقليل وجر. وما كافة عن العمل حرف.

كان

فعل ماض ناقص مبني على الفتح واسم كان مستتر جوازا تقديره هو يعود على صفو.

بالتكدير

جار ومجرور متعلقان بممتزج.

ممتزجا

خبر كان منصوب بالفتحة.

المبحث الرابع : في عطف البيان

عطف البيان تابع جامد يشبه النّعت في إيضاح متبوعه إن كان معرفة ، وفي تخصيصه إن كان نكرة بنفسه ، لا بمعنى في متبوعه (١) ولا في سببه ، نحو : جاء

__________________

(١) بهذه القيود الثلاثة خرج النعت المقيّد بها.


صاحبك عثمان (١).

ويجب في عطف البيان أن يوافق متبوعه في أنواع الإعراب والتّذكير أو التّأنيث ، والتّعريف أو التّنكير ، والإفراد أو التثنية أو الجمع (٢).

وكلّ ما كان من عطف البيان يصحّ أن يحلّ محلّ المعطوف عليه ، وهو يقبل الطّرح للاستغناء عنه ، جاز أن يكون (بدل كلّ) منه ، نحو : يا أخي عبد الله.

نموذج إعراب قول الشاعر

[الكامل] :

وإذا طلبت إلى كريم حاجة

فلقاؤه يكفيك والتّسليم

__________________

(١) عطف البيان يوضّح متبوعه كما يوضّحه النعت ، ولكنّ النعت يكون مشتقا أو جامدا مؤولا بالمشتق كما سبق. أما عطف البيان فلا يكون إلا جامدا.

أو مشتقا بمنزلة الجامد : وهو ما كان صفة فصار اسما : كالعباس والنابغة ، ونحو ذلك.

والغالب فيه أن يكون أشهر من متبوعه لكي يزيده بيانا. وقد لا يكون أوضح من متبوعه بل يجوز أن يكون مساويا أو أقل ، والتوضيح حينئذ يحصل باجتماعهما معا. واختلف في وقوع عطف البيان بين النكرات ، والصحيح جواز ذلك كقولك : لبست ثوبا جبّة ، وهو يفيد المتبوع في مثل هذه الحالة تخصيصا لأن بعض النكرات أخصّ من بعض.

(٢) ومواضعه ١ ـ الاسم بعد الكنية ، نحو : حبّذا الخليفة أبو بكر عبد الله. ٢ ـ الاسم بعد اللقب ، نحو : نعم الخليفة الرشيد هارون. ٣ ـ الاسم الظاهر بعد الإشارة نحو : أعجبني هذا الخطيب. ٤ ـ التفسير بعد المفسّر ، نحو : العسجد الذهب. ٥ ـ الموصوف بعد الصفة ، نحو : المسيح عيسى رسول الله.

ويرى قوم من لعلماء أن جميع ذلك من قسم البدل المطابق فلا تفرقه بينه وبين عطف البيان.

يجوز في عبد الله ، أن يكون عطف بيان على المنادى ، أو بدل كل منه ، لأنه يجوز أن يحل محله باقيا على حكمه فيقال : يا عبد الله بالنصب ، ويجوز طرحه فيقال : يا أخي فقط. أما إذا لم يمكن الاسغناء عن التابع أو عن متبوعه فيتعيّن عطف البيان ، ويمتنع البدل. وذلك يكون إمّا من جهة اللفظ ، كما إذا قيل : يا أخي عمرا فإنه لا يجوز أن يحلّ محلّ الأول لأنّ ذلك يقتضي نصب العلم المفرد لفظا في النداء خلافا للقاعدة ، وإمّا من جهة المعنى ، نحو : هند جاء خليل غلامها فإنّك لو حذفت غلامها من الكلام لفسد التركيب.


الكلمة

إعرابها

وإذا

الواو حرف بحسب ما قبله. إذا ظرف للزمان المستقبل مبني على السكون في محل نصب.

طلبت

طلب فعل ماض مبني على السكون. والتاء ضمير مبني على الفتح في محل رفع فاعل. وجملة طلبت في محل جر بإضافة إذا إليها.

إلى كريم

جار ومجرور متعلقان بطلب.

حاجة

مفعول به منصوب بالفتحة.

فلقاؤه

الفاء واقعة في جواب إذا. لقاء مبتدأ مرفوع بالضمة. والهاء مضاف إليه مبني على الضم في محل جر بالإضافة.

يكفيك

يكفي فعل مضارع مرفوع بضمة مقدرة على الياء للثقل. والفاعل مستتر جوازا تقديره هو يعود على لقاء. والكاف ضمير مبني على الفتح في محل نصب مفعول به. والجملة من الفعل والفاعل في محل رفع خبر لقاء.

والتسليم

الواو حرف عطف. التسليم معطوف على لقاء (مبتدأ) مرفوع بالضمة. والخبر محذوف دل عليه ما قبله. والتقدير والتسليم يكفيك.

المبحث الخامس : في عطف النسق

عطف النسق تابع يتوسّط بينه وبين متبوعه أحد الأحرف العاطفة ، نحو : جاء المعلّم والرّئيس ، وقرأت الدّرس وكتبته.

وأحرف العطف تسعة وهي : الواو ، والفاء ، وثمّ ، وحتّى ، وأو ، وأم ، وبل ، ولا ، ولكن (١).

__________________

(١) ومن عطف البيان ما يقع بعد : أي وأن التفسيريتين نحو : سمعت عندليبا أي بلبلا وأشرت


وأحرف العطف تنوب عن تكرار عامل المعطوف عليه مع المعطوف. على أنّ منها ما يفيد اشتراك المتعاطفين في اللّفظ والمعنى وهو : الواو ، والفاء ، وثمّ ، وحتّى. نحو : جاء سعد وسعيد. ومنها ما يفيد اشتراكهما في اللّفظ فقط وهو : بل ولا ولكن ، نحو : جاء سليم لا خليل ، وأمّا أم وأو فتفيدان تارة اشتراكهما في اللّفظ والمعنى ، وتارة اشتراكهما في اللّفظ فقط (١).

والعطف لا يستلزم الوفاق بين المتعاطفين إلّا في الإعراب فقط. وأمّا في غيره فيجوز اختلافهما ؛ فتعطف النّكرة على المعرفة. نحو : جاء سعد ورجل ، والمضمر على الظّاهر ، نحو : جاء سليم وأنا ، والظّاهر على المضمر المنفصل ، نحو : ما جاء

__________________

إليه أن اذهب. وإذا تضمنت إذا معنى أي التفسيرية كانت مثلها نحو ، يقال : زكا الزرع إذا نما.

واعلم أن العلّامة الرضي يقول : «أنا إلى الآن لم يظهر لي فرق جليّ بين بدل الكل من الكل وعطف البيان بل ما أرى عطف البيان إلا البدل ويؤيد ذلك كلام سيبويه.

١ ـ الواو : لمطلق الجمع نحو : (الْمالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَياةِ الدُّنْيا).

٢ ـ الفاء : للترتيب والتعقيب نحو : أكبر بلاد القطر مصر فالاسكندرية.

٣ ـ ثم : للترتيب مع التراخي نحو : سافر القواد ثمّ الجند.

٤ ـ أو : للتخيير نحو : خذ درهما أو دينارا.

٥ ـ أم : لأحد الشيئين نحو : أقريبا أم بعيدا تحضر. وسواء عندي أسافرت أم أقمت.

٦ ـ لكن : للاستدراك والنفي نحو : لا تمدح الأشرار لكن الأخيار.

٧ ـ بل : للإضراب نحو : ما نجح سعيد بل سعد.

٨ ـ لا للنفي نحو : جالس المؤدبين لا السفهاء.

٩ ـ حتى للغاية نحو : سافر الملك حتى حاشيته.

(١) في قولك جاء زيد وعمرو ترى أن المعطوف قد شارك المعطوف عليه في الإعراب وهي المشاركة اللفظية ، وفي المجيء وهي المشاركة المعنوية. وفي قولك : جاء زيد لا عمرو ترى أن المعطوف قد شارك المعطوف عليه في الإعراب فقط وأما المجيء الثابت للمعطوف عليه فهو منفيّ عنه. وأما «أو وأم» فإذا كانتا للإضراب أي للعدول عن المعطوف عليه إلى المعطوف فهما للتشريك في الإعراب فقط نحو : لا يذهب زيد أو لا يذهب عمرو ونحو : أذهب زيد أم أذهب عمرو وإلا فهما للتشريك في اللفظ والمعنى معا نحو : خذ القلم أو الورقة ونحو : أزيد جاء أم عمرو.

ثم إنه إذا تكررت المعطوفات فإن كان العاطف يقتضي الترتيب نحو : جاء زيد ثم عمرو ثم بكر فكل واحد معطوف على ما قبله. وإلا فكلها معطوفة على الأول في الصحيح.


إلّا أنت وسعيد. غير أنّ الضمير المتصل المرفوع ، والضّمير المستتر لا يعطف عليهما إلّا بعد توكيدهما بالضّمير المنفصل ، نحو : جئت أنا وزيد. وقم أنت وعمرو أو بعد أن يفصل بين المعطوف والمعطوف عليه فاصل ، نحو : (ما أَشْرَكْنا وَلا آباؤُنا) [الأنعام : ١٤٨] وإذا عطف على الضّمير المجرور وجب إعادة الجارّ حرفا كان أو اسما ، نحو : فقال لها وللأرض ، ونحو : مررت بك وبسعيد (١).

ويعطف الفعل على الفعل بشرط أن يتّحدا زمانا ، سواء اتّفقا في الصيغة ، نحو : قام وقعد وينظم وينثر أم اختلفا ، نحو : إن اجتهد أخوك نجح ويتقدّم. ويعطف الاسم على الفعل باسم وبالعكس بشرط أن يكون الاسم مشتقّا ليصحّ تأويله بالفعل ، أو تأويل الفعل باسم مشتقّ ، نحو : هذا كاتب ويقرأ ، أو يقرأ وكاتب ، وتعطف الجملة على المفرد وبالعكس بشرط صحّة تأويل الجملة بمفرد ، نحو : أخوك عالم وقدره رفيع ، أو : قدره رفيع وعالم.

ويقع العطف بين الجملتين بشرط اتّفاقهما في الخبريّة والانشائيّة على أنّه يستحسن اتّفاق الجمل المتعاطفة في الاسميّة والفعليّة ، نحو : زيد قائم وعمرو وقاعد وقام زيد وقعد عمرو.

تنبيه

يجوز حذف العاطف وحده ، كقول الشاعر [الخفيف] :

كيف أصبحت كيف أمسيت ممّا

يغرس الودّ في فؤاد الكريم

أي : وكيف أمسيت (وهو قليل).

نموذج إعراب قول الشاعر

[البسيط] :

قد يدرك المرء بعد اليأس حاجته

وقد يبدّل بعد القلّة العددا

__________________

(١) الضمير المتصل المنصوب والضمير المنفصل مطلقا يجوز العطف عليهما بدون هذا الشرط فيقال : رأيتك وزيدا ، وما فاز إلا أنت ويوسف.


الكلمة

إعرابها

قد يدرك المرء

قد حرف تقليل. يدرك فعل مضارع مرفوع بالضمة. المرء فاعل مرفوع بالضمة.

بعد اليأس

بعد ظرف زمان متعلق بيدرك منصوب بالفتحة. اليأس مضاف إليه مجرور بالكسرة.

حاجته

حاجة مفعول به منصوب بالفتحة. والهاء مضاف إليه مبني على الضم في محل جر.

وقد يبدل

الواو حرف عطف. قد حرف تقليل. يبدل فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بالضمة. ونائب الفاعل مستتر جوازا تقديره هو يعود على المرء.

بعد القلة

بعد ظرف زمان متعلق بيبدل منصوب بالفتحة. القلة مضاف إليه مجرور بالكسرة.

العددا

مفعول به ثان منصوب بالفتحة. والألف للإطلاق حرف.


الباب التاسع : في عمل شبه الفعل ،

والفعل الجامد ، واسم الفعل

(في هذا الباب مباحث)

اعلم أوّلا أنّ الفعل قسمان : متصرّف ، وجامد. فالمتصرّف ما اختلفت بنيته لاختلاف زمانه كجلس ، والجامد ما لزم بناء واحدا كنعم وبئس (١).

ولا بدّ لكلّ فعل سواء كان متصرّفا أو جامدا من عمل في معمول ملفوظ به ، نحو : قام سليم أو مقدّر ، نحو : جاء الذي ضربت ، أي ضربته ، أو مستتر ، نحو : قم أي أنت.

والفعل المتصرّف أقوى على العمل ، فهو يعمل محذوفا ، نحو : حمدا لله أي : أحمد حمدا ، ومؤخّرا ، نحو : سليما ضربت. وأمّا الجامد فلا بدّ من ذكره وتقديمه على المعمول ، نحو : ما أجمل الرّبيع! ولا يجوز حذفه ولا تأخيره ولا فصله عن معموله.

وما تضمّن معنى الفعل من الأسماء وهو : المصدر ، واسم الفاعل واسم المفعول ، والصّفة المشبّهة ، وصيغ المبالغة ، وأفعل التّفضيل : يعمل عمل فعله إذا وقع موقعه ويقال له (شبه الفعل).

واسم الفعل يعمل عمل الفعل الّذي سمّي به مستويا معه إلّا في رفع الضّمير البارز (٢).

__________________

(١) الفعل يجمد إذا دلّ على معنى من المعاني التي توضع لها الحروف كالنفي في ليس ، والترجّي في عسى ، فسبب جموده هو شبهه الحرف.

وجمود الفعل على نوعين : لازم كأفعال المدح والذم ، وعارض كفعل التعجب الذي يجمد عند استعماله فيهذه الصورة بمعنى الحرف فمتى فارقها عاد إلى التصرف.

(٢) شبه الفعل إذا وقع موقع فعله الذي شاركه في الاشتقاق يعمل عمل ذلك الفعل رفعا ونصبا


المبحث الأول : في المصدر

المصدر هو ما دلّ على الحدث مجرّدا من الزّمن. وهو أصل جميع المشتقّات.

ويكون لجميع الأفعال التّامّة التّصرّف ، مجرّدة كانت أو مزيدة أمّا مصدر الثّلاثي : فله أوزان كثيرة تعرف بالسّماع (١) والرّجوع إلى كتب اللّغة ، نحو : فهم ، وقيام ، وعلم.

فإن لم يسمع للفعل مصدر ، فيمكن مراعاة الضّوابط الغالبيّة الآتية :

أوّلا : ما دلّ على حرفة أن يكون على وزن فعالة» كتجارة وكتابة.

ثانيا : ما دلّ على امتناع أن يكون على وزن فعال» كشراد وإباء.

ثالثا : ما دلّ على اضطراب أن يكون على وزن «فعلان» كغليان ، وجولان ، وطيران ، وخفقان.

رابعا : ما دلّ على داء أن يكون على وزن. «فعال» كصداع. وزكام.

خامسا : ما دلّ على سير أن يكون على وزن «فعيل» كرحيل ، وذميل.

سادسا : ما دلّ على صوت أن يكون على وزن فعال أو فعيل كصراخ ، وزئير.

سابعا : ما دلّ على لون أن يكون على وزن «فعلة» كحمرة وخضرة. فإن لم يدل المصدر على شيء من ذلك يأت غالبا.

١ ـ مصدر (فعل) المضموم العين على وزن «فعولة» بضم الفاء والعين أو «فعالة» بفتح الفاء أو «فعل» ، كسهولة ، ونباهة ، وفصاحة ، وكرم.

٢ ـ ومصدر (فعل) اللازم المفتوح الفاء المكسور العين على وزن «فعل» بفتح الفاء والعين كفرح ، وعطش ، وعرج.

٣ ـ ومصدر (فعل) اللّازم أيضا المفتوح العين على وزن «فعول» بضم الفاء والعين ، كجلوس ، وقعود ، وخروج.

__________________

بحسب مقتضاه من اللزوم والتعدي.

واسم الفعل لا يرفع الضمير البارز كما يرفعه الفعل ، ولكنه يرفع الاسم الظاهر والضمير المستتر ، وينصب الظاهر والضمير البارز.

(١) القياسي ما كان له ضابط كلّي تنطوي تحته جميع أفراده أو أكثرها ، ويقابله السماعي وهو ما لم تذكر فيه قاعدة كليّة مشتملة على جزئيّاته ، بل يتعلّق بالسّمع من أهل اللسان.


ما لم يكن معتلّ العين فإنّ مصدره يكون إمّا على «فعل» كنوم وصوم ، أو فعال كقيام وصيام.

٤ ـ ومصدر المتعدّي منهما على وزن «فعل» بفتح الفاء وتسكين العين كضرب ، ونصر ، وفهم ، وفتح.

وأما مصادر الرّباعي فقياسيّة ، ولها أربعة أوزان تختلف باختلاف صيغ الأفعال :

 ـ الأول : (إفعال) لما كان على وزن (أفعل) ، نحو : أحسن إحسانا وتحذف منه ألف إفعال في الأجوف ويعوّض عنها بتاء في الآخر نحو : أقام ، إقامة.

 ـ والثّاني : (تفعيل) لما كان على وزن (فعّل) ، نحو : علّم تعليما ولكن تحذف منه ياء التّفعيل ، ويعوّض عنها بتاء في آخر المعتلّ اللام وجوبا. نحو : زكّى تزكية ، وغالبا في مهموزها (هنّأ تهنئة) ونادرا في غيرهما ، نحو : جرّب تجربة.

 ـ والثّالث : (مفاعلة ، وفعال) لما كان على وزن «فاعل» ، نحو : جادل مجادلة ، وجدالا. وسابق سباقا ، ومسابقة.

وإذا كان الفعل مثالا يائيا تعيّن وزن مفاعلة ، نحو : ياسر مياسرة.

والرابع : (فعللة) لما كان على وزن (فعلل). نحو : سربل سربلة (١).

وأمّا مصادر الفعل الخماسي والسّداسي فقياسيّة أيضا ، وتكون على وزن ماضيه بضمّ ما قبل آخره ، إن كان مبدوءا بتاء زائدة. نحو : تقدّم تقدّما. ولكن تقلب الألف ياء ويكسر ما قبلها من المعتلّ الآخر نحو : ترجّى ترجّيا. وتقلب هذه الألف همزة في غير ذلك إن سبقتها ألف ، نحو : إلجاء ، انزواء ، اعتراء ، استيلاء.

ويكسر ثالثة (٢) مع زيادة ألف قبل آخره إن كان مبدوءا بهمزة نحو : انطلق انطلاقا ، واستفهم استفهاما (٣).

__________________

(١) ويجيء له فعلال بكسر الفاء وتسكين العين قياسا إذا كان مضعفا نحو : وسوس وسوسة ووسواسا (وسماعا) إذا لم يكن مضعّفا ، نحو : دحرج دحرجة ودحراجا.

(٢ و ٣) إذا كان ما بعد الثالث واوا تقلب ياء لمناسبة الكسرة نحو : اعشوشب اعشيشابا ، واستوفى استيفاء. وتحذف ألف من الاستفعال ، ويعوّض عنها تاء في آخر الأجوف نحو : استقام استقامة ، واستفاد استفادة.


المبحث الثاني : في المصدر الميمي ، وعمل المصدر.

المصدر الميميّ : مصدر مبدوء بميم زائدة في غير المفاعلة.

ويكون من الثّلاثي على وزن مفعل بفتح العين ، نحو : مرقب وملعب ، ومذهب ، ومرمى. ما لم يكن مثالا واويّا صحيح اللام محذوف الفاء في المضارع فتكسر العين (١). نحو : موعد ، وموضع.

ومن غير الثّلاثي على وزن اسم مفعوله ، نحو : منطلق ، ومستفهم وقد تزاد على صيغة المصدر الميمي تاء في آخره.

ويعمل المصدر عمل فعله تعدّيا ولزوما ، سواء كان محلّى بأل أو مضافا ، أو مجرّدا منهما. نحو : (وَلَوْ لا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ) [البقرة : ٢٥١] وهو حسن التّربية أبناءه ، وتركا الإهمال.

وإضافته إلى فاعله أكثر من إضافته إلى مفعوله ، نحو : شكرك المنعم واجب ، وخدمتك وطنك فخر لك.

وشرط عمله : إمّا نيابته عن فعله. نحو : سعيا في الخير ، فسعيا ناب عن فعل الأمر ، وهو : اسع. وإمّا صحّة تقديره بأن والفعل الماضي أو المستقبل أو بما والفعل الحالي ، بحيث يصحّ أن يحلّ محلّه الفعل المقترن بأن ، أو ما : المصدريّتين ، نحو : تعجبني مصاحبتك الأدباء (٢).

__________________

(١) وشذّ المسير والمجيء والمرجع والمنطق والمشيب والمصير والمقيل والمجلس بكسر ما قبل الآخر.

(٢) لأنه يصح أن يقال يعجبني أن صاحبت الأدباء ، إذا أريد المضي ، وأن تصاحبهم إذا أريد الاستقبال ، وما تصاحبهم إذا أريد الحال ، بخلاف نحو : فهمت فهما الحقيقة ، وللنعام مشي جمل : لعدم نيابته عن الفعل وعدم صحة حلوله مع أن أو ما محله وإنما الحقيقة مفعول لفهمت ـ ومشي الثاني مفعول لفعل محذوف أي يمشي مشي الخ ولا عمل للمصدر المؤكد والمبين العدد وما لم يرد به الحدوث ، فالمفعول بعد هذه المذكورات منصوب بالفعل كعلمته تعليما الحساب ، وأفهمته إفهاما الواجب ، وله صوت صوت عندليب.


المبحث الثالث : في اسم المصدر وعمله

اسم المصدر : هو ما دلّ على معنى المصدر ، ونقص عن حروف فعله بدون تقدير للمحذوف ، ولا تعويض منه ، نحو : عطاء ، ونبات ، وعون (١) ، وصلاة ، وسلام.

ويعمل اسم المصدر عمل المصدر في جميع أحواله بشروطه السّابقة ، نحو : أنت كثير العطاء النّاس ، وبعشرتك الأدباء تعدّ منهم [الوافر] :

أكفرا بعد ردّ الموت عنّي

وبعد عطائك المئة الرتاعا

المبحث الرابع : في مصدري المرّة ، والهيئة ، والمصدر الصّناعي.

اسم المرّة (٢) : مصدر يدلّ على وقوع الحدث مرّة واحدة. نحو : أخذه أخذة ، ونظره نظرة.

ويكون على وزن (فعلة) إذا كان الفعل ثلاثيّا ، فإن كان غير ثلاثيّ كان على وزن المصدر بزيادة تاء في آخره ، نحو : انطلق انطلاقة واستفهم استفهامة ؛ فإذا كان المصدر مختوما بالتّاء في الأصل كانت الدّلالة على المرّة بالوصف لا بالصيّغة ، نحو : دعا دعوة واحدة. واستعمال استمالة لا غير.

واسم الهيئة مصدر يدلّ على هيئة الفعل حين وقوعه ، نحو : لا تمش مشية المختال ، وخبرته خبرة الحكيم.

ويكون على وزن (فعلة) إذا كان الفعل ثلاثيّا ، ولا صيغة للهيئة من غير الثّلاثيّ.

وقد تكون الدلالة على الهيئة بالوصف ، أو بالإضافة ، نحو : نشد نشدة لطيفة.

__________________

(١) وذلك بالنظر إلى أعطى وأنبت وأعان ، وأما بالنظر إلى عطا ونبت وعان فهي مصادر لا أسماء لها ، بخلاف نحو : قتال وتسليم وعدة : لتقدير المحذوف وهو ألف قاتل وقلبها يا لكسر ما قبلها في الأول ، والتعويض منه بالياء في الثاني. وبالتاء في الثالث والمحذوف من تسليم هو اللام الثانية ، ومن عدة هو الواو.

(٢) المرة إنما تكون لما يدلّ على فعل الجوارح الحسيّة لا ما يدلّ على الفعل الباطني : كالعلم ، والجهل ، والجبن. أو الصفة الثابتة كالحسن ، والكرم ، والبخل.


وأجاب إجابة شريفة. والتفت التفاتة الظّبي.

والمصدر الصّناعي : هو اسم تلحقه ياء النّسبة مردفة بتاء التّأنيث للدّلالة على صفة فيه (١).

ويصاغ إمّا من اسم الفاعل : مثل عالميّة ، أو من اسم المفعول : مثل معذوريّة ، أو من أفعل التّفضيل : مثل أرجحيّة وأسبقيّة ، أو من الاسم الجامد : مثل إنسانيّة وحيوانيّة ، وكيفيّة ، أو من اسم العلم : مثل عثمانيّة ، أو من المصدر : مثل إسناديّة. أو من المصدر الميمي : مثل المصدريّة. وما أشبه ذلك (٢).

نموذج إعراب

[البسيط] :

للدّهر لو كنت تدري هول منطقه

وعظ تردّده الآصال والبكر

الكلمة

إعرابها

للدهرّ

جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم.

لو كنت

لو حرف شرط غير جازم للامتناع. كان فعل ماض ناقص مبني على السكون لا محل له من الإعراب وجملة كان فعل الشرط.

والتاء اسم كان مبني على الفتح في محل رفع.

تدري

فعل مضارع بمعنى تعرف مرفوع بضمة مقدرة على الياء للثقل.

والفاعل مستتر وجوبا تقديره أنت. والجملة من الفعل والفاعل في محل نصب خبر كان. وجواب الشرط محذوف دل عليه المقام.

هول منطقه

هول مفعول به منصوب بالفتحة. منطق مضاف إليه مجرور بالكسرة منطق مضاف والهاء مضاف إليه مبني على الكسر في محل جر.

__________________

(١) واعلم أنه ليس كل ما لحقته ياء النّسبة مردفة بتاء التأنيث يكون مصدرا صناعيا. إلّا إذا لم يذكر الموصوف لفظا أو تقديرا. فإن ذكر الموصوف ، أو قدّر أو نوي ، فهو اسم منسوب لا غير.

(٢) واعلم أن المصدر ومرّته ونوعه واسمي الزمان والمكان واسم الآلة أسماء موصوفة ، وسائر المشتقات صفات.


 

الكلمة

إعرابها

وعظ

مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة الظاهرة.

تردّده

فعل مضارع مرفوع لتجرده منا لناصب والجازم والهاء مفعول به.

الآصال

فاعل مرفوع بالضمة الظاهرة.

والبكر

معطوف على الآصال مرفوع بالضمة الظاهرة.

تطبيقات على أنواع المصادر

الأدب زينة في الغنى ، كنز عند الحاجة ، عون على المروءة ، صاحب في المجلس ، مؤنس في الوحدة [الطويل] :

فما حسن أن يعذر المرء نفسه

وليس له من سائر الناس عاذر

سئل بعض الحكماء : أيّ الأمور أشدّ تأييدا للعقل ، وأيّها أشدّ إضرارا به. فقال :

أشدها تأييدا له ثلاثة أشياء : مشاورة العلماء ، وتجريب الأمور ، وحسن التثبت ؛ وأشدّها إضرارا به ثلاثة أشياء : التعجّل ، والتّهاون ، والاستبداد [البسيط] :

إنّا لفي زمن ترك القبيح به

من أكثر الناس إحسان وإجمال

(رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطاناً نَصِيراً رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطاناً نَصِيراً) [الإسراء : ٨] [الخفيف] :

ما أرى الفضل والتكرّم إلّا

كفّك النفس عن طلاب الفضول

قال حكيم : المؤمن صبور شكور ، لا نمّام ولا مغتاب ولا حسود ولا حقود ولا مختال ، من يطلب من الخيرات أعلاها ، ومن الأخلاق أسناها. هو لا يرد سائلا ، ولا يبخل بمال ، متواصل الهمم ، مترادف الإحسان ، وزّان لكلامه ، خزّان للسانه. محسن عمله ، مكثر في الحق أمله. ليس بهيّاب عند الفزع ، ولا وثّاب عند الطمع. مواس للفقراء. رحيم بالضعفاء [الطويل] :

إذا كان إكرامي صديقي واجبا

فإكرام نفسي لا محالة أوجب


[الوافر] :

بضرب بالسيوف رؤوس قوم

أزلنا هامهنّ عن المقيل

[المتقارب] :

ضعيف النكاية أعداءه

يخال الغرار يراخي الأجل

[الطويل] :

إذا صحّ عون الخالق المرء لم يجد

عسيرا من الآمال إلا ميسّرا

[الخفيف] :

ذكرك الله عند ذكر سواه

صارف عن فؤادك الغفلات

المبحث الخامس : في اسم الفاعل وعمله

اسم الفاعل : اسم مشتقّ من مصدر الفعل المبني للمعلوم للدّلالة على من وقع منه الفعل ، أو قام به على قصد التّجدّد والحدوث.

ويكون من الثّلاثي على وزن (فاعل) ، نحو : كاتب ، وكامل.

ولكن تقلب عينه همزة إن كانت في الماضي ألفا نحو : مائل وخائب. وتحذف لامه في حالتي الرّفع والجرّ إن كان فعله ناقصا كداع ورام.

ومن غير الثّلاثي على وزن مضارعه بإبدال حرف المضارعة ميما مضمومة وكسر ما قبل آخره ، نحو : محسن ، ومتعلّم.

وتنقل كسرته إلى ما قبلها إن كان الفعل أجوف معلّا نحو : مقيم.

وهو يعمل عمل فعله المتعدّي ، واللازم ، سواء كان محلّى بأل ، أو مضافا ، أو مجرّدا من أل والإضافة. فإن كان فيه (أل) عمل بلا شرط. وإن لم يكن كذلك لزم أن يدلّ على الحال أو الاستقبال ، وأن يعتمد على نفي أو استفهام ، أو موصوف ، أو مبتدإ ، نحو : أنت العارف قدر الإنصاف ، وما مريد صديقك ضررك ، وهل طالب أخوك شيئا ، والحقّ قاطع سيفه الباطل. وما مطيع الجاهل نصح الطّبيب. والكاتم سرّ إخوانه محبوب. وتمتنع إضافة اسم الفاعل إلى فاعله.


وإذا أريد باسم الفاعل من الثّلاثي المتعدّي إفادة المبالغة والتّكثير حوّل قياسا إلى إحدى صيغ المبالغة وهي كثيرة. والمشهور منها : فعّال ، ومفعال ، وفعول وفعيل ، وفعل ، نحو : شرّاب ، ومهزار ، وصبور ، وعليم ، وحذر ، ويقظ.

وهي تعمل عمل اسم الفاعل المحوّلة عنه بشروطه ، نحو : لا تكن جزوعا عند الشّدائد ، وإنّ الله سميع دعاء من دعاه. والعاقل ترّاك صحبة الأشرار.

نموذج إعراب على عمل اسم الفاعل

الفارس ناهب جواده الأرض

الكلمة

إعرابها

الفارس

مبتدأ مرفوع بالابتداء وعلامة رفعه الضمة الظاهرة في آخره.

ناهب

خبر المبتدأ مرفوع بالضمة الظاهرة.

جواده

فاعل لاسم الفاعل قبله وهو مضاف والهاء مضاف إليه

الأرض

مفعول به لاسم الفاعل منصوب بالفتحة الظاهرة.

١ ـ تمرين

بيّن اسم الفاعل العامل ، وغير العامل.

أنا الشاكر نعمتكم ، ولست بالجاحد فضلكم [البسيط] :

وعاجز الرأي مضياع لفرصته

حتى إذا فات أمر عاتب القدرا

[الطويل] :

وما أنا خاش أن تحين منيّتي

ولا راهب ما قد يجيء به الدهر

[الطويل] :

ولست بمستبق أخا لا تلمّه

على شعث أيّ الرجال المهذّب؟

٢ ـ تمرين

بيّن أسماء الفاعلين وصيغ المبالغة [البسيط] :

ما عاش من عاش مذموما خصائله

ولم يمت من يكن بالخير مذكورا


وقال علي : ما المبتلى الذي اشتد به البلاء بأحوج إلى الدعاء من المعافى الذي لا يأمن البلاء. كل مبذول مملول. وكل ممنوع مرغوب فيه. المرء مخبوء تحت لسانه. حبك الأوطان من الإيمان [الطويل] :

ولست بمفراح إذا الدهر سرّني

ولا جازع من صرفه المتقلّب

لا يجد العجول فرحا ، ولا الغضوب سرورا. ولا الملول صديقا. ولا يخلو المرء من ودود يمدح ، وعدوّ يقدح. ولا يكن الحازم جزعا عند الشدائد.

المبحث السادس : في اسم المفعول

اسم المفعول : اسم مصوغ من مصدر الفعل المبنيّ للمجهول للدّلالة على ما وقع عليه الفعل.

ويكون من الثّلاثيّ على وزن (مفعول) نحو : منصور ، ومعلوم وتحذف منه واو (مفعول) إن كان فعله أجوف معلّا ، نحو : مقول (١) ومبيع (٢) وتقلب هذه الواو ياء وتدغم في لامه إن كان ناقصا ، نحو : مرميّ ، ومرضيّ (٣).

ومن غير الثّلاثي على وزن اسم فاعله بفتح ما قبل آخره ، نحو : محسن ، ومتعلّم.

ولا يؤخذ اسم المفعول من اللازم إلّا إذا كان نائب فاعله ظرفا أو مصدرا متصرّفين مختصّين أو جارا ومجرورا ، نحو : ما مجتمع اليوم ، وهل محتفل احتفال عظيم ، وأنت مفروح بحضورك.

وهو يعمل عمل فعله المبنيّ للمجهول بالشّروط الّتي تقدّمت في عمل اسم الفاعل ، نحو : أنت المحمود فعله ، وما مذموم صديقك.

وتقلب عينه ألفا بعد نقل فتحتها إلى ما قبلها إن كان أجوف معلّا ، نحو : مقام ،

__________________

(١) أصله مقوول ، نقلت ضمة الواو إلى القاف ثم حذفت الواو الثانية لالتقاء الساكنين.

(٢) أصله مبيوع نقلت الضمة إلى الباء ثم قلبت كسرة ثم حذفت الواو الثانية.

(٣) أصله مرضوي اجتمعت الواو والياء في كلمة وسبقت إحداهما بالسكون قلبت الواو ياء وأدغمت الياء في الياء ثم قلبت الضمة كسرة.


ومستفاد (١).

المبحث السابع : في الصفة المشبهة

الصّفة المشبّهة : هي اسم مصوغ من مصدر الثّلاثي اللازم للدّلالة على الثّبوت ، والدّوام (٢).

١ ـ وتكون من باب (فرح) على ثلاثة أوزان :

فعل ـ لما دلّ على حزن ، أو فرح نحو : ضجر ، وبطر (ومؤنّثه فعلة).

وأفعل ـ لما دلّ على عيب ، أو حلية ، أو لون ، نحو : أحدب وأحور ، وأبيض ، (ومؤنّثه فعلاء).

وفعلان ـ لما دلّ على خلوّ أو امتلاء. نحو : عطشان ، وشبعان (ومؤنّثه فعلى).

__________________

(١) تنبيه : يشترك بين اسم الفاعل واسم المفعول صيغتان وهما : فعول ، وفعيل فتارة تكونان بمعنى الفاعل كصبور ومريض. وتارة بمعنى المفعول كرسول وجريح. وكلتاهما سماعيتان ، فإذا كانت فعول بمعنى الفاعل وفعيل بمعنى المفعول يستوي فيهما المذكر والمئنث مع ذكر الموصوف فيقال رجل صبور ، وامرأة صبور ورجل جريح وامرأة جريح ، فإذا لم يذكر الموصوف لحقتها التاء عند إرادة المؤنث فتقول رأيت جريحا للمذكر ، وجريحة للمؤنث ، وكذلك إذا كانت (فعيل) بمعنى الفاعل و (فعول) بمعنى المفعول نحو ناقة حلوبة ، وفتاة مريضة.

(٢) فإن أريد بها الحدوث حولت إلى وزن اسم الفاعل ، نحو ضائق وسائد في ضيّق وسيّد ، إما إن أريد باسم الفاعل أو المفعول الثبوت فلا يغير لفظهما لكن يعطيان حكم الصفة المشبهة في العمل نحو : هذا طاهر القلب ومحمود المقاصد.

واعلم أن الصفة شبيهة باسم الفاعل في العلم وبينهما فرق من جهة اللفظ فإنّ اسم الفاعل من الثلاثي بزنة فاعل دائما ، والصفة على أوزان أخر. ولا تكون إلّا من الثلاثي اللّازم وهو يكون من الثلاثي وغيره ، ومن المتعدي واللازم ، ومن جهة المعنى فإن اسم الفاعل يكون لأحد الأزمنة الثلاثة. والصفة لمجرد ثبوت الحدث ، ولا نظر فيها للحدوث ، فإذا أريد منه الثبوت جرى مجرى الصفة في العمل بدون تحويل. وإذا أريد من الصفة الحدوث غيّرت إلى اسم الفاعل ، ومن جهة العمل فيجوز تقدم معموله عليه. ومعمول الصفة لا يتقدم عليها أبدا كما أنه لا يكون إلا سببيا. أي متصلا بضمير موصوفها.


٢ ـ وتكون من باب (كرم) على أوزان شتّى أشهرها : فعيل وفعال ، وفعال ، وفعل ، وفعل ، وفعل ، نحو : عظيم ، وشجاع ، وجبان ، وبطل ، وشهم ، وصلب.

وكلّ ما جاء من الثّلاثي بمعنى فاعل ولم يكن على وزنه فهو صفة مشبّهة ، نحو : شيخ ، وأشيب ، وكيّس ، وعفيف.

وتكون من غير الثّلاثي على وزن اسم فاعله. نحو : هو مطمئنّ البال ، ومستقيم الأخلاق ، ومعتدل القامة (١).

وهي ترفع معمولها على الفاعلية ، عاملة عمل اسم الفاعل المتعدّي لواحد.

وتنصبه على شبه المفعولية إن كان معرفة ، وعلى التّمييز إن كان نكرة.

وتجرّه على الإضافة معرفة كان أو نكرة ، نحو : أنت حسن سلوكك ، ورفيع قدر أبيك ، وحسن خلقا ، ونقيّ السّيرة.

غير أنّه يمتنع الجرّ إذا كانت الصّفة بأل وليست مثنّاة ولا مجموعة جمع مذكّر سالما ، ومعمولها خاليا من أل ، ومن الإضافة إلى المحلّى بها ، فلا يصحّ أن يقال : أنت الرّفيع قدر ، ولا القويّ قلب (بالجرّ).

واعلم أنّ اسم الفاعل واسم المفعول إذا لم يقصد منهما الحدوث وقصد بهما الثبوت يعطيان حكم الصّفة المشبّهة في العمل من غير تغيير في الصّيغة ، نحو : هذا طاهر القلب ، محمود المقاصد ، مشرق الجبين ، مفتول الذّراعين ، حادّ البصر.

واعلم أيضا أنّ الصّفة المشبّهة لا تعمل إلّا في (سببيّ) أي مشتمل على ضمير موصوفها (لفظا أو معنى : نحو : حسن وجهه. وحسن الوجه. أي ، منه.

__________________

(١) تنبيه : الاسم باعتبار معناه إما (اسم عين) وهو ما يدرك بإحدى الحواس كرجل وصوت ، وإما (اسم معنى) وهو ما لا يدرك بإحدى الحواس كالعلم والجهل وكلاهما إما موصوف وإما صفة ، فالموصوف هو ما دل عمى ذات أو شيء كرجل وصوت وعلم وجهل. والصفة هي ما دلت على معنى منسوب الى ذات أو شيء نحو سليم راكب (في الأعيان) وحديث مفهوم (في المعاني).


١ ـ تمرين

على الصفة المشبهة وعملها

كان هارون الرشيد فصيحا ، كريما هماما ، ورعا ، أديبا ، فطنا ، حافظا للقرآن. كثير العلم بمعانيه ، سليم الذوق ، صحيح التمييز ، جريئا في الحق ، مهيبا عند الخاصة والعامة ، طلق المحيا سديد الرأي ، حسن التدبير ، وكان كلامه بيّن المنهج سهل المخرج ، مطرد السياق.

٢ ـ تمرين

على الصفة المشبهة

مصر لطيف جوّها ، كريم أهلها. أحب كريم الطباع ، أما السيئ أخلاقا فإني أكرهه. الكثير هما هو العظيم همّه [الرمل] :

ربّ مهزول سمين عرضه

وسمين الجسم مهزول الحسب

[الرجز] :

بنيّ إنّ البر شيء هيّن

وجه طليق وكلام ليّن

[الطويل] :

وإني لسهل ما تغيّر شيمتي

صروف ليالي الدهر بالفتل والنقض

[المتقارب] :

طويل النجاد رفيع لعماد

كثير الرّماد إذا ما شتا

٣ ـ اشرح ثم أعرب ما يأتي : [البسيط] :

إنّا لقوم أبت اخلاقنا شرفا

أن نبتدي بالأذى من ليس يؤذينا

بيض صنائعنا سود وقائعنا

خضر مرابعنا حمر مواضينا


المبحث الثامن : في اسم التفضيل

اسم التّفضيل : اسم مصوغ من المصدر على وزن (أفعل) للدّلالة على أنّ شيئين اشتركا في صفة وزاد أحدهما على الآخر فيها (١) ، نحو : الشّمس أكبر من الأرض حجما.

ولا يؤخذ إلّا من فعل ثلاثيّ مجرّد ، تامّ التّصرّف ، مثبت ، قابل التّفاوت ، مبنيّ للمعلوم ، ولم يجىء الوصف منه على أفعل.

ويتوصّل إلى التّفضيل ممّا لم يستوف هذه الشّروط بذكر مصدره منصوبا على التّمييز بعد كلمة أشدّ ، أو (٢) أكثر ، ونحوهما ، مما يدلّ على الكثرة ، نحو : إبراهيم أكثر الناس استخراجا للمعادن وأوسعهم اختبارا بخواصّها ، وعليّ أقوى مدافعة من أخيه ، وسليم أكثر ابتهاجا بنتيجة عمله.

ويجوز ذلك فيما استوفى الشّروط أيضا ، نحو : أنا أكثر منك معرفة بنفسي. وله أربع حالات :

 ـ الحالة الأولى : أن يكون مجرّدا من أل والإضافة ، فيجب في هذه الحالة إفراده وتذكيره وتنكيره ، والإتيان بعده بالمفضّل عليه مجرورا بمن ، نحو : العالم أعلى مقاما من الغنيّ ، والصّناعات في المغرب أكثر منها في المشرق.

الحالة الثّانية : أن يكون محلّى بأل ، فتجب والحالة هذ مطابقته للمفضّل وعدم الإتيان بعده بالمفضّل عليه مجرورا بمن (٣). نحو : هذا الأصغر ، وهذان الأصغران ،

__________________

(١) وقد يصاغ للدلالة على أن شيئا في صفته زاد على آخر في صفته ، نحو : الصيف أحرّ من الشتاء ، والعسل أحلى من الخل. وقد يراد به معنى اسم الفاعل نحو : ربّكم أعلم بكم :

ونحو : بعث الخلق أهون على الله ، أي : هيّن عليه تعالى.

ولا يكون إلا على وزن (أفعل) ، وشذ : خير وشر دائما ، وحبّ قليلا.

(٢) أي متصلين باسم التفضيل ، ويغتفر فصلهما منه. بمعمول أفعل ، نحو : العلماء أحق بالإكرام من غيرهم ، ولا يجوز تقديمهما عليه إلا إذا كان المجرور اسم استفهام ، نحو : أخوك ممن أعقل؟ ولا يجوز حذفهما إلا إذا دل عليهما دليل ، نحو : أنا أكثر منك مالا وأعز نفرا ، أي : منك.

(٣) أي الجارة للمفضل عليه ، أما الجارّة لغيره فتأتي بعده كقوله [الخفيف] :

فهم الأقربون من كلّ خير

وهم الأبعدون من كل شرّ


وهؤلاء الأصغرون ، وهذه الصّغرى ، وهكذا.

 ـ الحالة الثّالثة : أن يكون مضافا إلى نكرة. وفي هذه الحالة يجب إفراده وتذكيره ، ومطابقة النّكرة للموصوف إفرادا وتذكيرا وغيرهما ، نحو : سعد أعظم رجل ، والمحمّدان أعظم رجلين ، والمحمّدون أعظم رجال ، ومريم أعظم امرأة ، والمريمان أعظم امرأتين. والمريمات أعظم نساء.

 ـ الحالة الرّابعة : أن يكون مضافا إلى معرفة ، فإن قصد به زيادة المفضّل على المفضّل عليه ، جازت المطابقة وعدمها ، نحو : المتأدّبون أفضل الرّجال ، أو أفاضلهم ومريم أفضل النّساء أو فضلاهنّ وهلمّ جرّا وإن لم تقصد زيادة المفضّل على المفضّل عليه تعيّنت المطابقة ، نحو : شوقي وحافظ أكبر الشّعراء. ويوسف أجمل إخوته.

ولا بدّ في ذلك كلّه من ملاحظة السّماع الذي يحفظ ولا يقاس عليه وهو يرفع الضّمير المستتر (كثيرا) نحو : أبو بكر أصدق النّاس ، ويرفع الاسم الظّاهر (قليلا) ، نحو : هذا أشرف منه أخوه. إلّا إذا صحّ أن يحلّ محلّه فعل بمعناه ، ووقع بعد نكرة تقدّم عليها نفي أو نهي أو استفهام ، وكان مرفوعه أجنبيّا (١) مفضّلا على نفسه باعتبارين مختلفين فيطّرد رفعه الظّاهر ، نحو : ما رأيت رجلا أحسن في عينه الكحل منه في عين زيد ، ولا يكن غيرك أحبّ إليه الخير منه إليك ، وهل أحد أسرع في يده القلم منه في يد خالد.

ولا ينصب أفعل التفضيل المفعول به لفظا ، ولكنّه يتعدّى إليه بالحرف فينصبه محلّا ، نحو : هو أقرى للضّيف.

تمرين

على اسم التفضيل وعمله

قال هشام بن عبد الملك لخالد بن صفوان : صف لي جريرا ،. والفرزدق ، والأخطل ، فقال :

يا أمير المؤمنين : أما أعظمهم فخرا ، وأبعدهم ذكرا ، وأحسنهم عذرا ، وأسيرهم مثلا ، وأقلّهم غزلا ، البحر الطّامي إذا زخر ، والسامي إذا خطر ، الفصيح

__________________

(١) المراد بالمرفوع الأجنبي هنا هو الذي لم يتّصل بضمير الموصوف.


اللسان الطويل العنان ، فالفرزدق.

وأما أحسنهم نعتا ، وأمدحهم بيتا ، وأقلهم فوتا ، الذي إذا هجا وضع ، وإذا مدح رفع ، فالأخطل.

وأما أغزرهم بحرا ، وأفهمهم شعرا ، وأكثرهم ذكرا ، الأغرّ الأبلق ، الذي إن طلب لم يسبق ، وإن طلب لم يلحق (فجرير) وكلهم ذكي الفؤاد ، رفيع العماد ، واري الزناد [الطويل] :

وللكفّ عن شتم اللئيم تكرما

أضرّ له من شتمه حين يشتم

ما من حديقة أجمل فيها الزهر منه في حديقتكم ، لم أر رجلا أشد في قلبه العطف منه في قلب أخيك.

نموذج إعراب

[الخفيف] :

ما علمت امرأ أحبّ إلي

ه البذل منه إليك يا بن سنان

الكلمة

إعرابها

ما

حرف نفي مبني على السكون لا محل له من الإعراب.

علمت

علم فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بتاء الفاعل مبنية على الضم في محل رفع فاعل.

امرأ

مفعول به منصوب بالفتحة الظاهرة في آخره.

أحب

صفة (امرأ) منصوب بالفتحة الظاهرة في آخره.

إليه

جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال من (البذل) بعده.

البذل

فاعل (أحب) مرفوع بالضمة الظاهرة في آخره.

منه

جار ومجرور متعلقان بأحب.

إليك

جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال من الهاء في منه.

يابن سنان

يا حرف نداء. وابن منادى منصوب. وهو مضاف وسنان مضاف إليه مجرور بالكسرة الظاهرة.


المبحث التاسع : في أسماء الزمان ، والمكان ، والآلة.

اسما الزّمان والمكان : اسمان موضوعان للدّلالة على زمان الفعل ، أو مكانه.

ويصاغان من مصدر الثّلاثي على وزن (مفعل) إذا كان المضارع مضموم العين ، أو مفتوحها ، أو من النّاقص مطلقا ، نحو : مرمى ، وموقى ومشوى ، وميقظ ، ومنصر ، ومحفظ.

وعلى وزن (مفعل) إذا كان المضارع صحيح الآخر ، مكسور العين أو كان مثالا صحيح الآخر ، نحو : مجلس ، وموعد ، وموجل (١) ويصاغان من غير الثّلاثي اعلى وزن اسم المفعول ، نحو : متقن ومدحرج ، ومعتمد ، ومستخرج.

ولا عمل لاسمي الزّمان والمكان.

واعلم أنّ صيغة الزّمان ، والمكان ، والمصدر ، والمفعول واحدة من غير الثّلاثيّ ، ولا تعرف إلّا من القرائن.

وقد تلحق التّاء اسم المكان سماعا ، نحو : مقبرة ، وميسرة.

وكثيرا ما يؤخذ من الاسم الجامد اسم مكان على وزن (مفعلة) للدّلالة على كثرة الشّيء بالمكان ، نحو : مأسدة ، ومقثأة ، ومتفحة ، من الأسد ، والقثّاء ، والتّفّاح.

واسم الآلة : اسم مصوغ من مصدر الثلاثي المتعدّي للدّلالة على ما وقع الفعل بواسطته ، وهو نوعان : مشتق ، وجامد.

واسم الآلة المشتقّ : له ثلاثة أوزان.

 ـ الأوّل مفعل ، نحو : مبرد ، ومقود.

 ـ والثاني مفعال ، مفتاح ، وميزان.

 ـ والثالث مفعلة ، نحو : معلقة ، ومكنسة.

واسم الآلة الجامد : لا ضابط له وليس له وزن معيّن غير السماع ، نحو : سيف ، وقلم ، وسكين ، وقدوم.

__________________

(١) شذ المشرق والمغرب والمنبت والمسقط والمرفق والمنخر والمجزر. والمظنة لأن مضارعها مضموم العين.


ولا عمل لاسم الآلة مطلقا.

أسئلة

ما اسما الزمان والمكان؟ كيف يصاغان من الثلاثي المفتوح والمضموم العين؟ ومن المثال الصحيح اللام؟ ما ذا يجب في الناقص : كيف يصاغ من غير الثلاثي : هل تلحق التاء اسم المكان؟ ما اسم الآلة؟ كم صيغة له؟

نموذج إعراب قول الشاعر

[الوافر] :

عدوّك من صديقك مستفاد

فلا تستكثرنّ من الصّحاب

الكلمة

إعرابها

عدوك

عدو مبتدأ مرفوع بالضمة. والكاف مضاف إليه مبني على الفتح في محل جر.

من صديقك

من صديق جار ومجرور متعلقان بمستفاد. والكاف مضاف إليه مبني على الفتح في محل جر.

مستفاد

خبر المبتدأ مرفوع بالضمة.

فلا تستكثرن

الفاء واقعة في جواب شرط مقدر. لا حرف نهي جازم. تستكثر فعل مضارع مبني على الفتح في محل جزم. والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره أنت. ونون التوكيد حرف.

من الصحاب

جار ومجرور متعلقان بالفعل تستكثر.

المبحث العاشر : في أفعال المدح والذم

هي نعم وحبّذا لإنشاء المدح ، وبئس وساء ولا حبّذا لإنشاء الذمّ ، وهي أفعال جامدة بلفظ الماضي تستعمل لمدح الجنس وذمّه على سبيل المبالغة والمقصود من


ذلك الجنس فرد يسمّى المخصوص بالمدح أو الذّمّ ، يذكر مؤخّرا عنها (١) ويعرب (مبتدأ) وهي وفاعلها (خبر) عنه ، نحو : نعم القائد ابن الوليد. وبئس الخائن نجيب. وحبّذا الائتلاف. ولا حبّذا الاختلاف.

ويكون فاعل : نعم ، وبئس ، وساء ، واحدا من أربعة :

 ـ أوّلا : يكون اسما ظاهرا معرّفا (بأل) الجنسيّة ، نحو : نعم السّلاح الحقّ.

 ـ وثانيا : يكون فاعلها مضافا إلى اسم مقترن بها ، نحو : بئس رجل السّوء نجيب أو مضافا إلى مضاف إلى المقترن بها ، نحو : نعم حكيم شعراء الجاهليّة زهير.

وذلك : بشرط مطابقة هذا الاسم (للمخصوص) بالمدح أو الذّمّ في التّذكير والتّأنيث والإفراد والتّثنية والجمع ، فيقال : نعم الرّجل سعد ، ونعم الرّجلان أخواك ، ونعم الرّجال المؤمنون ، ونعم المرأة هند ، الخ.

وقد يكون الاسم الموصول فاعلا لهذه الأفعال. وذلك إذا قصد به الجنس لا العهد. نحو : نعم الّذي يخدم وطنه سعد وبئس من يفعل الشّرّ نجيب (٢).

 ـ وثالثا : يكون فاعل : نعم ، وبئس ، وساء ضميرا مستترا (٣) مفسّرا بنكرة منصوبة على التّمييز ، نحو : نعم زعيما سعد. ونعم قوما أسرتك.

 ـ ورابعا : يكون فاعلها كلمة «ما» النّكرة الّتي هي بمعنى شيء نحو : نعم ما قاله صديقك (٤).

__________________

(١) أي يذكر المخصوص بعد فاعلها وهو الأكثر كما في الأمثلة المذكورة. وقد يذكر المخصوص قبل الجملة نحو : سليم بئس الرجل. وفي الحالة الأولى يعرب المخصوص خبرا لمبتدأ محذوف ، وفي الثانية مبتدأ خبره الجملة بعده.

(٢) «أل» الدّاخلة على فاعل : نعم ، وبئس ، وساء هي التي تفيد الاستغراق أي شمول الجنس حقيقة ، فيقع المدح أو الذم على الجنس برمته. فيكون المخصوص قد مدح أو ذمّ مرتين : مرّة على سبيل الإجمال لأنه واحد من أفراد ذلك الجنس ، ومرّة على سبيل التفصيل لأنّه قد خصّ بالذكر ، ولذلك يسمى المخصوص.

(٣) إذا كان فاعلها ضميرا وجب أن يكون مفردا مستترا ، وأن تكون النكرة المميزة له مؤخرة عنه ومطابقة للمخصوص بالمدح أو الذم في الإفراد والتثنية والجمع والتذكير والتأنيث.

(٤) «ما» الواقعة بعد نعم يجوز أن تدغم في ميمها ميم نعم فتكسر عينها لالتقاء الساكنين نحو نعمّا التقوى.


وتجري : نعم ، وبئس ، وساء مع فاعلها مجرى الفعل مع فاعله الظّاهر ، وإذا كان الفاعل مؤنّثا جاز إلحاق تاء التّأنيث بها وعدمه فيقال : نعم الرّجل خليل ، ونعم أو نعمت المرأة هند. ويجوز تأخيرها مع فاعلها عن المخصوص فيقال : سليم نعم الرّجل ، وأخواك نعم الرّجلان ، وحبّذا أو لا حبّذا يجب تقديمها على المخصوص دائما وهي مركبة من «حب» فعل ماض ، واسم الإشارة «ذا» فاعل لها ، وهي تلزم الإفراد مع الجميع. والمخصوص بعدها خبر لمبتدإ محذوف فيقال : «حبّذا جوّ مصر ، وحبّذا هند ، وحبّذا أخواك ، وحبّذا شقيقتاك ، وحبّذا الصّادقون ، وحبّذا الفاضلات.

ويجوز أن يقع بعدها تمييز رافع ما في اسم الإشارة من الإبهام (١). نحو : حبّذا تلميذا نجيب وحبّذا نجيب تلميذا.

ولا يلزم في فاعل (حبّ) أن يكون أحد الأشياء الأربعة السّابقة ويجب أن يكون المخصوص بالمدح والذّمّ معرفة كما في الأمثلة السّابقة. وقد يكون نكرة مفيدة ، نحو : نعم الرّجل رجل يجاهد في خدمة وطنه.

ويجوز أن تدخل النّواسخ على المخصوص (إلّا مع حبّذا : سواء تقدّم النّاسخ ، نحو : كان نجيب نعم الرّجل أو تأخّر. نحو : نعم الرّجل ظننت نجيبا.

وقد يحذف المخصوص إذا تقدّم في الكلام ما يدلّ عليه نحو : زارنا أمير عظيم ونعم الزّائر ، أي : ونعم الزّائر الأمير (٢).

__________________

(١) التمييز يجوز أن يكون قبل المخصوص أو بعده كما مثلنا. وقد يجعل الممدوح فاعلا «لحب» بدلا من اسم الإشارة نحو «حبّ زيد رجلا» وقد يجر بباء زائدة نحو «حبّ به رجلا» وحينئذ يجوز فيه فتح الحاء وضمها لأن «حب» أصلها «حبب» بضم الباء فتنقل حركة الباء إلى الحاء. وقد روي بالوجهين قول الشاعر [الطويل] :

فقلت اقتلوها عنكم بمزاجها

وحبّ بها مقتولة حين تقتل

وقد تدخل لا على حبذا فتكون كبئس في إفادة الذم كقوله [المتقارب].

ألا حبّذا عاذري في الهوى

ولا حبّذا الجاهل العاذل

(٢) إن وجوب كون المخصوص معرفة ، أو نكرة مفيدة ، وجواز دخول النواسخ عليه مما يثبت أنه مبتدأ والجملة قبله خبره. وهذا رأي سيبويه ، وعليه أكثر المحققين. على أن من النحاة من يعتبره خبرا لمبتدأ محذوف وجوبا فيكون التقدير في قولك : نعم الرجل زيد : نعم الرجل هو زيد.


نموذج إعراب

حبّذا حسن الخلق ، بئس ما قلته ، ساء (١) خصمك ، نعم العادل عمر.

الكلمة

إعرابها

حبذا

حبّ فعل ماض للمدح مبني على الفتح لا محل له من الإعراب ـ وذا اسم إشارة (مفرد دائما) فاعل مبني على السكون في محل رفع.

حسن الخلق

خبر لمبتدأ محذوف تقديره هو ـ وحسن مضاف والخلق مضاف إليه.

بئس ما

فعل ماض للذم ـ وما اسم موصول في محل رفع فاعل.

قلته

فعل وفاعل ومفعول ـ والجملة صلة ما ـ والمخصوص محذوف تقديره بئس الذي قلته هذا القول.

ساء

فعل ماض للذم مبني على الفتح لا محل له.

خصمك

فاعل مرفوع ـ وخصم مضاف والكاف في محل جر مضاف إليه.

نعم

فعل فعل ماض للمدح مبني على الفتح لا محل له.

العادل عمر

فاعل نعم مرفوع بالضمة. وعمر خبر لمبتدأ محذوف (أي هو).

أجب عن الأسئلة الآتية

ما شرط فاعلي نعم وبئس وساء؟ ومثّل لكلّ بمثال؟ ماذا يشترط في النكرة المميزة للضمير؟ مع التمثيل ما شرط مخصوص نعم وبئس؟ وما كيفية إعرابه؟ ما الفرق بين مخصوص نعم وبئس وحبّذا ولا حبّذا؟ مع الأمثلة ، ما شروط الفعل الذي يحوّل إلى

__________________

وقد ألحق بهذا الباب في إنشاء المدح والذم كلّ فعل ثلاثي مجرّد صالح للتعجب منه على وزن «فعل» المضموم العين ، لأن هذا الفعل بأصله يدل على الخصال أو الغرائز التي تستحق المدح أو الذّم نحو : كرم الفتى نجيب ، وخبث غلام القوم خليل. فإن لم يكن الفعل في الأصل على وزن «فعل» حوّل إليه. فيقال من عرف ، وفهم عرف الرجل خالد ، وفهم الفتى سليم غير أنه يضمّن معنى التعجب ولذلك جاز تجريد فاعله من «أل» نحو (كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْواهِهِمْ) (وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً).

(١) أصل ساء سوأ بالفتح فحوّل إلى فعل بالضم ليصير كبئس ثم تحركت الواو وانفتح ما قبلها فقلبت ألفا.


فعل لإفادة المدح أو الذم؟ ما الفرق بين الفعل المحوّل إلى فعل ، ونعم ، وبئس؟

تطبيق على نعم وبئس وما جرى مجراهما

[الطويل] :

فنعم صديق المرء من كان عونه

وبئس امرأ من لا يعين على الدّهر

[الكامل] :

إنّ الكذوب لبئس خلّا يصحب

ونعم من هو في سرّ وإعلان

[البسيط] :

لا تصحبنّ رفيقا لست تأمنه

بئس الرفيق رفيق غير مأمون

[الطويل] :

غدرت بأمر كنت أنت دعوتنا

إليه وبئس الشيمة الغدر بالعهد

المبحث الحادي عشر : في التعجب

التّعجّب حالة قلبيّة منشؤها استعظام فعل ظاهر المزيّة بزيادة فيه خفي سببها. وله سماعا صيغ كثيرة كما سيأتي.

وأمّا صناعة ، فله صيغتان : ما أفعله ، وأفعل به ، نحو : ما أجمل الرّبيع! وأكرم بالصّادق! وأعذب بماء النّيل (١)!

وفعلا التّعجّب كاسم التّفضيل لا يصاغان إلّا من فعل ثلاثي مثبت ، متصرّف (٢) ،

__________________

(١) إن الصيغة الأولى «أفعل» هي فعل ماض و «ما» التي قبله نكرة تامة بمعنى شيء. وهي مبتدأ ، والفعل مع فاعله المستتر فيه وجوبا على خلاف الأصل خبرها والتقدير في قولك : ما «أجمل الربيع! شيء جعل الربيع جميلا.

أما الصيغة الثانية : أفعل به فهي على صيغة الأمر وليست بفعل أمر ، ويليها المتعجّب منه مجرورا بالباء الزائدة لفظا مرفوعا بالفاعلية محلا. ومدلول كلتا الصيغتين واحد في إنشاء التعجب.

(٢) المتصرف ما جاء منه الماضي والمضارع والأمر وغيره. الجامد كعسى وليس وهب وتعلم.


معلوم ، تامّ ، قابل للتّفاوت (١) وللمفاضلة ، ولا تأتي الصّفة منه على وزن أفعل (٢). وإذا أريد التّعجّب ممّا لم يستوف الشّروط يؤتى بمصدره منصوبا بعد ما أشدّ أو : ما أكثر ونحوهما ، أو مجرورا بالباء الزّائدة بعد : أشدد أو : أكثر ونحوهما نحو : ما أشدّ اجتهاد سليم وأعظم بتقدّم الصّناعات بمصر.

وحكم المتعجّب منه أن يكون معرفة (٣). نحو : ما أحسن الصّدق! أو نكرة مختصّة ، نحو : أكرم برجل يجاهد في خدمة بلاده (٤).

ولا يجوز تقديم معمول فعلي التّعجب عليهما ، ولا يفصل بين فعل التّعجّب والمتعجّب منه إلّا بالظّرف ، أو المجرور بالحرف بشرط أن يتعلّق بفعل التّعجب ، أو النّداء ، نحو : ما أجمل ليلة التّمّ البدر! وما أحسن بالرّجل أن يصدق! وأعزز عليّ أبا

__________________

(١) التفاوت الزيادة والنقصان بخلاف نحو فني ومات فإنهما غير قابلين للتفاوت والمفاضلة ، أي : لا يختلفان ما يتصف بهما بخلاف العدل مثلا فليس في الناس بدرجة واحدة ، بل يتفاوت زيادة ونقصا بين طبقات العالم.

(٢) لا تبنى هاتان الصيغتان من غير الفعل إلا شذوذا كقولهم : ما أرجله فقد بنوه من الرجولية ولا فعل لها. ولا من غير الثلاثي المجرد. وشذ قولهم : ما أعطاه للدراهم! وما أولاه للمعروف! بنوهما من أعطى وأولى ، وقولهم : ما أتقاه! وما أملأ القربة ؛ وما أخصر كلامه! وما أشهره! بنوها من اتقى وامتلأ واختصر واشتهر.

وفي اختصر شذوذ آخر وهو البناء للمجهول.

ولا تبنى هاتان الصيغتان من فعل منفي لئلّا يلتبس المنفي بالمثبت ، ولا من فعل جامد لأنه لا يخرج عن صيغته ، ولا من فعل مجهول خشية التباس الفاعلية بالمفعولية. كما إذا قلت : ما أضرب زيدا تعجبا من مضروبيته. فإنّه يلتبس بكونه من الضاربية ، فإن كان الفعل لم يرد إلا مجهولا ، نحو عني بالأمر جاز التعجب به على الأصل ، فتقول : ما أعناه بأمري ولا يجوز بناؤهما من الأفعال الناقصة لأنه لا يمكن تطرقها إلى نصب المفعول به ، ولا مما لا يقبل المفاضلة نحو : مات إذ لا مزية في الموت لواحد على آخر حتى يتعجب منه ، إلا إن أريد وصف زائد عليه ، نحو : ما أفجع موته! وأفجع بموته! فيصح التعجب من الذي لا يتفاوت معناه ، ولا مما تأتي الصفة المشبهة منه على وزن أفعل ، وشذ قولهم : ما أهوجه! وما أحمقه! وما أرعنه.

(٣) نحو خضر وعرج وحور ، فإن الوصف منها أخضر ، وأعرج ، وأحور.

(٤) فإن كانت نكرة مبهمة لم يصح التعجب منه فلا يقال : ما أحسن رجلا! لعدم الفائدة.

ويجوز حذف المتعجب منه إذا كان الكلام واضحا بدونه نحو : أسمع بهم وأبصر أي وأبصر بهم.


اليقظان أن أراك صريعا (١)!

وتزاد كان كثيرا بين «ما» وفعل التّعجّب. نحو : ما كان أعدل عمر!

ويكثر وقوع كان غير زائدة ولا ناقصة بعد فعل التّعجّب نحو : ما أحسن ما كان البدر ليلة أمس في الماضي وما أحسن ما يكون البدر ليلة الغد ، في الاستقبال (٢).

أعرب ما يأتي

ما أوسع صدر حكيم عند وقوع الكوارث! أكرم بمروءة أهل النخوة المبادرين إلى إنقاذ من يهدّدهم الخطر! ما أجمل ما يكون اجتماعنا بالأحباب بعد طول الغياب! [الكامل] :

حجبت تحيّتها فقلت لصاحبي

ما كان أكثرها لنا وأقلها!

__________________

(١) فإن كان الظرف أو المجرور غير متعلقين بفعل التعجب بل بمفعوله لم يجز الفصل بهما فلا يقال : ما أحسن بمعروف آمرا ولا ما أحسن عندك إقامة.

(٢) واعلم أنه لما كان كل ما يرد للتعجب يرد للتفضيل أجازوا تصغير أفعل التعجب ، حملا على أفعل التفضيل كقول الشاعر [البسيط] :

يا ما أميلح غزلانا شدنّ لنا

من هؤليّائكنّ الضّالّ والسّمر

قيل ولم يسمع ذلك عن العرب إلا في : أحسن ، وأملح ؛ ولكن النحاة قاسوه عليه. وإما أفعل التي بصيغة الأمر فلا تصغير فيها.

وقد استخدموا للتعجب أيضا كل فعل ثلاثي مجرد على وزن «فعل» مضموم العين بالأصالة «كحسن» أو بالتحويل نحو «عرف» مما ألحقوه بأفعال المدح والذم كما مر ، وذلك بشرط أن يكون صالحا لبناء فعل التعجب منه نحو «كرم نجيب» أي ما أكرم نجيبا و «كرم بنجيب» أي أكرم بنجيب. وكذلك علم زيد وجهل عمرو وما أشبه. فما كان على هذا النحو من الأفعال ملحق بالبابين لتضمّنه المعنيين.

تنبيه : للتعجب صيغ أخرى كثيرة لم يبوّب لها في كتب اللغة العربية ، منها : (كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللهِ وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ) ومنها في الحديث : سبحان الله إنّ المؤمن لا ينجس ، ومنها من كلام العرب : لله درّه فارسا ، ومنها من قول الأعشى [مجزور الكامل] : يا جارتا ما أنت جارة

ومنها : نحو :

يا ليت عيناها لنا وفاها!

فجارتا منادى أصله جارتي ، وما استفهامية مبتدأ. وأنت خبره. وجارة تمييز. والمعنى عظمت من جارة.


[الطويل] :

جزى الله عنيّ والجزاء بفضله

ربيعة خيرا ما أعفّ وأكرما!

[البسيط] :

أكرم بقوم يزين القول فعلهم

ما أقبح الخلف بين القول والعمل!

[البسيط] :

ما أحسن الدين والدنيا إذا اجتمعا

وأقبح الكفر والإفلاس بالرجل!

[الطويل] :

فإن تكن الدّنيا تولّت بخيرها

فأهون بدنيا لا تدوم على حرّ!

[الطويل] :

رعى الله قلبي ما أبرّ بمن جفا

وأصبره في النائبات وأجملا!

نموذج إعراب

ما أجمل خدمة الوطن! أحسن بفوائد الاجتهاد! ما أحرى بذي العقل أن يرى صبورا!

الكلمة

إعرابها

ما

نكرة تامة بمعنى شيء مبتدأ مبنية على السكون في محل رفع.

أجمل

فعل ماض للتعجب مبني على الفتح لا محل له. والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره هو يعود إلى ما.

خدمة

مفعول به (لأجمل) منصوب بالفتحة الظاهرة. وخدمة مضاف.

الوطن

مضاف إليه مجرور بالكسرة. والجملة في محل رفع خبرها.

أحسن

فعل ماض للتعجب. جاء على صورة الأمر مبني على فتح مقدر منع من ظهوره واشتغال المحل بالسكون العارض لمجيئه على صورة الأمر.

بفوائد

الباء زائدة وفوائد فاعل مرفوع بضمة مقدرة منع من ظهورها حركة حرف الجر الزائد.


الكلمة

إعرابها

الاجتهاد

مضاف إليه مجرور بالكسرة.

ما

تعجبية مبتدأ مبنية على السكون في محل رفع.

أحرى

فعل ماض للتعجب مبني على فتح مقدر على الألف منع من ظهوره التعذر والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره هو يعود إلى ما.

بذي

الباء حرف جر زائد ـ ذي مجرور بالباء وعلامة جره الياء نيابة عن الكسرة لأنه من الأسماء الخمسة ، والجار والمجرور متعلقان بأحرى ، وذي مضاف.

العقل

مضاف إليه مجرور بالكسرة الظاهرة.

أن

حرف مصدري ونصب مبني على السكون لا محل له من الأعراب.

يرى

فعل مضارع مبني للمجهول منصوب بفتحة مقدرة ونائب الفاعل ضمير مستتر يعود إلى ذي العقل.

صبورا

حال منصوب. وأن وما دخلت عليه في تأويل مصدر مفعول أحرى وجملة أحرى في محل رفع خبر ما.

المبحث الثاني عشر : في أسماء الأفعال ، والأصوات.

اسم الفعل : ما ناب عن فعله في العمل غير متأثر بالعوامل ، وغير قابل لعلامة من علامات الفعل.

والغرض منه الاختصار للمبالغة والتّوكيد.

تقسيم أسماء الأفعال من حيث الوضع

تنقسم أسماء الأفعال إلى نوعين : مرتجلة ، ومنقولة.


فالمرتجلة : ما وضعت من أوّل أمرها أسماء أفعال ، كهيهات.

والمنقولة : هي ما استعملت أوّلا في غير اسم الفعل ثم نقلت إليه.

والنّقل : إمّا عن مصدر كرويد أخاك ، أي : أمهله ، أو عن ظرف وشبهه كدونك الكتاب ، أي : خذه ، وإليك عنّي ، أي : تنحّ ، وعليك نفسك فهذّبها.

وقد تكون معدولة ، نحو : نزال وحذار وهما معدولان عن انزل ، واحذر ، ودفاع عن الشّرف ، وسماع النّصح.

والمرتجل والمنقول سماعيّان ، وأمّا المعدول فهو قياسيّ يصاغ على وزن فعال من كلّ فعل ثلاثيّ ، مجرّد ، تامّ ، متصرّف. نحو : قتال وضراب ، وشذّ مجيئه من مزيد الثّلاثيّ ، نحو : دراك بمعنى أدرك ، وبدار بمعنى بادر.

تقسيم أسماء الأفعال من حيث الزمن

أسماء الأفعال السّماعيّة على ثلاثة أنواع :

١ ـ ما ورد بمعنى الماضي ، وهو :

هيهات (بعد) وبطآن (أبطأ) وسرعان ووشكان (أسرع) وشتّان (افترق).

٢ ـ وما ورد بمعنى المضارع ، وهو :

آه ، وأوّه (أتوجّع) وأفّ (أتضجّر) ووا ، وواها ، ووي (أتعجّب) أو أتلهّف. وزه ، وبخ (أستحسن) وبجل ، وقد ، وقط (يكفي).

٣ ـ وما ورد بمعنى الأمر ، وهو :

صه (اسكت) ، ومه (أكفف) ورويد (أمهل) وها ـ وهاء وهاك ، ودونك ، وعندك (خذ) وعليك نفسك وبنفسك (الزمها) وإليك عنّي (تنحّ ، وتباعد) وإليك الكتاب : (خذه) وإيه (امض في حديثك ، أو زدني منه) وحيّ على الصّلاة (أقبل عليها) وحيّهل الأمر (ائته) وعلى الأمر (أقبل عليه) وإلى الأمر (عجل إليه) وبالأمر (عجّل به) وهيّا ، وهيت (أسرع) وآمين (استجب) ومكانك (أثبت) وأمامك (تقدّم) ووراءك (تأخّر) وهلمّ (تعال).

ولا بدّ لاسم الفعل من مرفوع كالفعل غير أنّ مرفوعة المضمر يلزم الاستتار فيه مطلقا. وهو يعمل عمل الفعل الذي سمّي به لازما أو متعدّيا (غالبا) فيقال : هيهات


الأمل إذا لم يسعده العمل كما يقال بعد الأمل ، وحذار الأسد كما يقال : احذر الأسد.

غير أنّه لا يتصرّف بل يكون بلفظ واحد مع الجميع. ولكن لفظ الضّمير المتّصل به تلحقه علامات التّأنيث والتّثنية والجمع ، فتقول : دونك المال ، ودونكما ، ودونكم ، ودونكنّ الخ (١).

وأسماء الأصوات نظير أسماء الأفعال في أنّها تدلّ على المقصود بدون مساعدة. وكلّها سماعيّة ، ولا تعمل شيئا ، وليس لها محلّ من الإعراب ، وهي نوعان :

١ ـ نوع يخاطب به ما لا يعقل من الحيوان أو صغار الآدميّين ، نحو : عدس لزجر البغل عن البطء. وهسّ للغنم. وكخ لزجر الطفل.

٢ ـ ونوع يحكى به صوت ، نحو : طق لصوت الحجر. وغاق لصوت الغراب. وقب لوقع السيف.

تمرين

بيّن أسماء الأفعال المنقولة والمرتجلة الماضوية والمضارعية والأمرية [مجزوء الكامل] :

وعليك نفسك فارعها

واكسب لها فعلا جميلا

[الكامل] :

جاورت أعدائي وجاور ربّه

شتّان بين جواره وجواري

[البسيط] :

آمين آمين لا أرضى بواحدة

حتى أبلغها ألفين آمينا

__________________

(١) للنحاة في إعراب الكاف اللاحقة لأسماء الأفعال المنقولة عن ظرف أو عن جار ومجرور أقوال ، أصحّها أن هذه الكاف حرف خطاب لا محل له من الإعراب لأنّها صارت جزءا من الكلمة. وأما في غير المنقول مثل (هاك) فهم متّفقون على أنها حرف خطاب وقد يكون اسم الفعل بمعنى المتعدي ولا ينصب المفعول به كآمين وإيه.


[الكامل] :

وحذار أن ترضى مودّة من

يقلي المقلّ ويعشق المثري

نموذج إعراب

مكانك تحمدي أو تستريحي. هيهات أن يدرك الإنسان حقيقة الكائنات.

الكلمة

إعرابها

مكانك

اسم فعل أمر بمعنى اثبتي مبني على الفتح لا محل له ، والكاف حرف خطاب لا محل لها من الإعراب.

تحمدي

فعل مضارع مجزوم في جواب اسم فعل الأمر وعلامة جزمه حذف النون والياء فاعل.

أو تستريحي

أو حرف عطف وتستريحي معطوف على تحمدي.

هيهات

اسم فعل ماض بمعنى بعد مبني على الفتح لا محل له.

أن يدرك

أن حرف مصدري ونصب. ويدرك فعل مضارع منصوب بأن.

الإنسان

فاعل يدرك مرفوع بالضمة الظاهرة.

حقيقة

مفعول به منصوب بالفتحة الظاهرة. وهو مضاف.

الكائنات

مضاف إليه مجرور بالكسرة الظاهرة.


الباب العاشر : في نواصب الفعل المضارع

(في هذا الباب مباحث)

المبحث الأول

ينصب المضارع إذا تقدّمته إحدى النّواصب ، وهي أربعة :

١ ـ أن وهي : حرف مصدري ونصب واستقبال (١) ، نحو : أريد أن أزور الصّديق. وتدخل على الماضي ، والمضارع.

وتؤوّل مع ما بعدها بمصدر (٢).

٢ ـ لن : حرف نفي ونصب واستقبال ، نحو : لن يفلح الكاذبون.

٣ ـ إذن : حرف جواب وجزاء لكلام يقع قبله ، نحو : إذن أكرمك ، جوابا لمن

__________________

(١) تأتي (أن) مفسّرة ، وزائدة ، ومخففة. فلا تنصب الفعل ، فالمفسّرة هي المسبوقة بجملة تفيد معنى القول ، ولا تكون بلفظه ، ولم يدخل عليها حرف جر ، نحو : كتبت إليه أن سافر. والزائدة هي التالية للمّا التي معناها الحين نحو : (وَلَمَّا أَنْ جاءَتْ رُسُلُنا ،) أو الواقعة بين الكاف ومجرورها نحو : كأن ظبية مرت بي مرور الكرام. أو الواقعة بين القسم ولو ، نحو : أقسم أن لو التقينا لفعلنا كذا. والمخففة من أنّ هي التي تقع بعد أفعال اليقين نحو : (أَفَلا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلاً).

(٢) تسمّى أن مصدرية لأنها تسبك مع الفعل الواقع بعدها بمصدر. فمعنى أريد أن أزور الصديق أريد زيارته. وسميت حرف استقبال لأنها تجعل المضارع خالصا للاستقبال ، ومثلها جميع نواصب المضارع. وقد تدخل (أن) على الأمر.

و (أن) تستعلم في مقام الرجاء والطمع في حصول ما بعدها. ولذلك لا يجوز أن تقع بعد فعل بمعنى اليقين والعلم الجازم. فإن وقعت بعده ، نحو : علمت ألّا يرجع المسافر فهي مخففة من (أن) الثقيلة ، والفعل بعدها مرفوع. ويجوز أن تقع بعد الظن وشبهه ، وبعد ما لا يدل على يقين ، أو ظن.


قال : أريد أن أزورك.

وهي لا تنصب المضارع إلّا بثلاثة شروط : أن تكون صدر جملتها ، وأن تكون متّصلة بالفعل ، وأن يكون ذلك الفعل مستقبلا ، كما في المثال السّابق (١).

٤ ـ كي : وهي حرف مصدري ونصب واستقبال. وهي تستعمل مع لام الجرّ التّعليليّة (مذكورة) ، نحو : جئت لكي أتعلّم أو مقدّرة ، نحو : جئت كي أتعلّم (٢).

المبحث الثاني : في امتيازات أن

اختصّت (أن) بكونها تنصب ظاهرة ، ومضمرة :

وإضمارها على نوعين : جائز ، وواجب.

فتضمر أن (جوازا) في موضعين :

الأوّل بعد لام التّعليل : وتسمّى لام كي ، نحو. تب ليغفر الله لك ، وحضرت لأقف على جليّة الخبر.

الثاني : بعد عاطف على اسم صريح (٣) ، نحو : أرضى بالفرار وأسلم ونحو :

__________________

(١) إذا قلت في الجواب : أنا إذن أكرمك بطل عمل إذن لعدم تصدّرها وإذا قلت : إذن أنا أكرمك بطل عملها للفصل بينها وبين الفعل. وإذا قلت : إذ أظنك صديقا بطل عملها لأن الفعل بمعنى الحال.

على أنهم أجازوا الفصل بينها وبين الفعل بلا النافية والقسم والظرف والجار والمجرور فإذا قلت في الجواب إذن لا أقصّر في إكرامك أو إذن والله أكرمك نصبت بها.

(٢) كي مثل أن تسبك مع ما بعدها بمصدر فإذا قلت : جئت لكي أتعلم فالتأويل جئت للتعلّم ، وفي نحو : يهمّني أن تنجحوا يؤوّل بمصدر فاعلا أي يهمّني نجاحكم ، ويكون المصدر مبتدأ في نحو : من العبث أن تضيعوا أوقاتكم سدى ، ومجرورا في نحو : التفت لتسمع.

وذلك حسب العوالم مع «أن» فقط دون «كي» الخاصة باللام لا غير.

وإذا لم تذكر اللام التعليلية مع كي ، ولم تقدر في النّية ، فلا تكون كي ناصبة بل يكون النصب بأن مقدرة بعدها ،. كما ستعلم.

(٣) الأحرف العاطفة المقصودة هنا هي : الواو ، والفايء ، وثم ، وأو ، كما في الأمثلة والمراد بالاسم الصريح ، الجامد غير المشتق ، والذي ليس في تأويل الفعل كالمصدر ونحوه والأفعال في الأمثلة الواردة مؤولة بمصادر معطوفة على ما قبلها فالتأويل في المثال الأول : أرضى بالفرار والسلامة ، وفي الثاني : تعبك فنيلك المجد خير لك ، وفي الثالث


تعبك فتنال المجد خير لك. ونحو : يرضى الجبان بالهوان ثم يسلم. ونحو : الموت أو يبلغ المرء النّجاح أولى به. وتظهر وجوبا : إذا انحصرت بين (لام التّعليل ولا) كراهة توالي لامين ، نحو : حضرت لئلّا يقال إنّي مخلف للوعد. وكن على حذر لئلّا يصيبك الضّرر.

وتضمر (أن) وجوبا في خمسة مواضع :

١ ـ بعد (كي) إذا تجرّدت من اللّام لفظا وتقديرا ، نحو : سلني كي أجيبك.

٢ ـ بعد (حتّى) إذا كانت حرف جرّ بمعنى إلى ، لام التّعليل ، نحو : اجتهد حتّى تنجح وصم حتّى تغيب الشّمس.

ويشترط في نصب الفعل بعدها بأن مضمرة أن يكون مستقبلا (١).

٣ ـ بعد (لام الجحود) وهي لام يؤتى بها لتأكيد النّفي بعد كان النّاقصة المنفيّة بما أو : يكون النّاقصة المنفيّة بلم ، نحو : (وَما كانَ اللهُ لِيَظْلِمَهُمْ) [العنكبوت : ٤٠] ، (لَمْ يَكُنِ اللهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ)(٢) [النساء : ١٣٧].

٤ ـ بعد (الفاء السّببيّة ، وواو المعيّة) الواقعتين في جواب نفي ، أو طلب نحو : لم ترحم فترحم ولا أكرمك وتهينني في جواب النّفي ، ونحو : هل ترحم فترحم وزرني وأكرمك في جواب الطّلب (٣).

__________________

(١) ينصب الفعل بأن مضمرة بعد حتى إذا كانت حتّى للتعليل كما في المثال اجتهد حتى تنجح ، أو للغاية نحو : صم حتى تغيب الشمس ، وقد تكون بمعنى إلا ، كما في قول الشاعر [الكامل] :

ليس العطاء من الفضول سماحة

حتى تجود وما لديك قليل

ويشترط في الفعل الواقع بعد حتى أن يكون مستقبلا كما في الأمثلة ، أو في حكم المستقبل : وهو ما كان استقباله بالنسبة إلى ما قبله نحو : سرت حتى أدخل المدينة فإن دخول المدينة مستقبل بالنسبة إلى السير ، لا بالنسبة إلى كلام المتكلم.

فإن أريد بالفعل معنى الحال امتنع النصب ، واعتبرت حتى حرف ابتداء ، ورفع الفعل بعدها للتجرد نحو : ناموا حتى لا يستيقظون ومرض زيد حتى لا يرجونه.

(٢) يظلم ، ويغفر : في المثالين منصوبان بأن المضمرة وجوبا والفعل بعدها مؤول بمصدر مجرور باللام ، والجار والمجرور متعلقان بمحذوف خبر لما قبلها. والجحود : شدّة الإنكار.

(٣) الفاء السببية : هي التي تفيد أن ما قبلها سبب لما بعدها نحو : لا تذنب فتعاقب فالذنب هو


٥ ـ بعد (أو) العاطفة : إذا كانت تصلح مكانها إلّا الاستثنائيّة أو «إلى» الانتهائيّة ، نحو : اضرب المذنب أو يتوب ، أي : إلّا أن يتوب ، أو : إلى أن يتوب (١).

المبحث الثالث : في جوازم الفعل المضارع

يجزم الفعل المضارع إذا سبقته إحدى الجوازم. وهي قسمان : قسم يجزم فعلا واحدا ، وقسم يجزم فعلين.

__________________

سبب العقوبة. وواو المعية هي التي تفيد حصول ما قبلها مع ما بعدها نحو [الكامل] :

لا تنه عن خلق وتأتي مثله

عار عليك إذا فعلت عظيم

والمراد بالنفي هنا هو النفي المحض ، أي ما لم يأت بعده ما يوجب تأويله بالإثبات أو ما ينتقض بإلّا نحو : ما تزال تجتهد فتتقدم أي أنت ثابت على الاجتهاد ، ونحو : ما أراك إلا تقوم فتكرمنا أي إنك تواصل القيام.

والمراد بالطلب هنا الطلب المحض الذي يؤدّى بإحدى الصّيغ السبعة الآتية :

 ـ أولا : الأمر بالصيغة ، أو باللام نحو : زرني فأكرمك وليوبخني الصديق فأطيعه. أما إذا كان الطلب باسم الفعل فلا ينصب الفعل معه نحو : صه فأحدّثك.

 ـ ثانيا : النهي ، نحو لا تخاطر فتسلم.

 ـ ثالثا : الاستفهام ، نحو : هل تسمع فأحدثك.

 ـ رابعا : التمني : نحو ليت لي مالا فأتصدق به.

 ـ خامسا : الترجي ، نحو : لعلك تسافر فتزورنا.

 ـ سادسا : العرض : وهو الطلب بلين نحو : ألا تزورنا فنكرمك.

 ـ سابعا : التحضيض : وهو الطلب بشدة نحو : هلا تدرس فتستفيد.

(١) إنّ تقدير إلا أو إلى مكان «أو» هو تقدير يلاحظ فيه المعنى. فتكون أو ، وحتى ، بمعنى إلى إذا كان ما قبلها ينقضي شيئا فشيئا. وبمعنى إلّا إذا كان ينقضي دفعة واحدة. وبمعنى لام التعليل إذا كان علة لما قبلها. وأما التقدير الإعرابي المرتب على اللفظ فهو أن يقدر قبل «أو» مصدر يعطف عليه المصدر المسبوك بعدها من أن المضمرة والفعل المنصوب بها ، لئلا يلزم عطف الاسم على الفعل ، فيكون المعنى :

ليكن ضرب منك للمذنب أو توبة منه ومثل هذا يجري أيضا مع الفاء السببية وواو المعية في ما تقدم ذكره.

ولا تضمر (أن) ناصبة في غير هذه المواضع إلا شذوذا ، كقولهم : تسمع بالمعيدي خير من أن تراه أو لضرورة الشعر ، ونحو ذلك.


والأدوات الّتي تجزم فعلا واحدا أربع ، وهي :

لم ، ولمّا ، ولام الأمر ، ولا النّاهية.

١ و ٢ ـ لم ولمّا للنّفي ، وتقلبان زمان المضارع إلى الماضي ، نحو : لم يجىء نجيب ، وقطفت الثّمر ولمّا ينضج أي : ما جاء وما نضج ، ولذلك يسمّيان : حرفي نفي وجزم وقلب.

غير أنّ المنفيّ (بلم) يحتمل استمرار نفيه إلى زمان الحال ، وانقطاعه قبله.

والمنفيّ (بلمّا) يلزم استمرار نفيه إلى الحال ، وتختصّ بالمتوقّع الحصول غالبا في المستقبل ، فيجوز أن يقال : لم يقم سليم ثمّ قام ، ولا يجوز أن يقال : لمّا يقم ثم قام (١).

٣ ـ لام الأمر يطلب بها حصول الفعل ، نحو : لينتبه الغافلون.

٤ ـ ولا النّاهية : يطلب بها ترك حصول الفعل ، نحو : لا تكذب وهما يخلّصان زمان المضارع إلى الاستقبال (٢).

والأدوات الّتي تجزم فعلين اثنتا عشرة. وهي :

١ ـ إن ، نحو : إن تعجل تندم (٣).

__________________

(١) تنفرد (لم) بجواز وقوعها بعد أداة شرط نحو : إن لم تجتهد تندم. ولا يجوز وقوع لما بعدها. وتنفرد (لمّا) بجواز حذف مجزومها. نحو قاربت القاهرة ولمّا.

أي ولما أدخلها ولا يجوز ذلك في مجزوم (لم) إلا في الضرورة.

و «لما» الدّاخلة على الفعل الماضي ليست نافية جازمة ، بل هي ظرف بمعنى «حين» نحو : لمّا طلع القمر اهتديت. ومن الخطأ إدخالها على المضارع إذا أريد بها معنى «حين» لأنها لا تسبق المضارع إلا إذا كانت نافية جازمة.

(٢) لام الأمر مكسورة ، إلّا إذا وقعت بعد الواو ، والفاء فالأكثر تسكينها نحو : فليحي الصادق وليسقط المنافق. وقد تسكن على قلّة بعد «ثم» وأكثر ما تدخل هذه اللّام على مضارع الغائب ، نحو : ليعمل كلّ وطنيّ على رفعة وطنه. ويكثر أن تدخل على مضارع المتكلم والمخاطب المبني للمجهول ، نحو : إن قلت خيرا فلا جاز ولتطاعوا أيها الكرام. ويقلّ في المبني للمعلوم. ولا الناهية يكثر دخولها على فعل الغائب والمخاطب مطلقا وأما دخولها على فعل المتكلم فكثير في المبني للمجهول وقليل في غيره نحو : ولتحمل خطاياكم وبذلك فليفرحوا.

(٣) تعتبر «إن» أم الباب. وغيرها مما يجزم فعلين إنما يجزمهما لتضمنّه معناها فنحو : من يزرني


٢ ـ إذ ما ، نحو : إذ ما تكسل تخسر. إذ ما تتأدّب تمدح.

٣ ـ من ، نحو : من يفعل سوءا يجز به. من يؤخّر عمله يندم.

٤ ـ ما ، نحو : ما تزرع تحصد. ما تنجز من عمل ينفعك.

٥ ـ مهما ، نحو : مهما تفعل في الصّغر تجده في الكبر.

٦ ـ أيّ ، نحو : أيّا تكرم أكرم. أيّ تلميذ يجتهد يتقدّم.

٧ ـ كيفما ، نحو : كيفما تجلس أجلس (١).

٨ ـ متى ، نحو : متى تقم نذهب.

٩ ـ أينما ، نحو : (أَيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ) [النساء : ٧٨].

١٠ ـ أيّان ، نحو : أيّان تعمل تنجح أيّان تطع الله يساعدك.

١١ ـ أنّى ، نحو : أنّى تقم تلق خيرا ، أنّى يجلس العالم يحترم.

١٢ ـ حيثما ، نحو : حيثما تستقم يقدّر لك الله نجاحا (٢).

__________________

أكرمه ، بمعنى : إن يزرني أحد أكرمه.

(١) «كيفما» تقتضي فعلين متفقي اللفظ والمعنى كما رأيت ، فلا يقال : كيفما تنظم العقد أنظم القصيدة لاختلاف معنى الفعلين. ولا كيفما تجلس أقعد لاختلاف لفظ الفعلين ، وإن اتفق معناهما.

(٢) يستعملون الجزم «بإذا» أيضا في الشعر كقول الشاعر [الكامل] :

وإذا تصبك من الحوادث نكبة

فاصبر فكل غيابة فستنجلي

وكل هذه الأدوات أسماء ما عدا إن فهي حرف. واختلف في «إذ ما» فعدّها بعض النحاة اسما ، وعدّها بعضهم حرفا. وأما إعراب هذه الأسماء فإن ما دلّ منها على مكان أو زمان نحو : (أَيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ) ومتى تقم نذهب فهو ظرف. وأما غيره فإن كان مجردا نحو : من يطلب يجد فهو مبتدأ ، وإلا فهو مفعول ، نحو : من تضرب أضرب وكيفما تكون في موضع نصب على الحال من فاعل فعل الشرط نحو : كيفما تكن يكن أبناؤك. وأما أيّ فتكون بحسب ما تضاف إليه فإن أضيفت إلى مكان أو زمان كانت ظرفا ، نحو : أيّ يوم تذهب أذهب وإن أضيفت إلى مصدر كانت مفعولا مطلقا ، نحو : أي سير تسر أتبعك وإن أضيفت إلى غير الظرف والمصدر فحكمها حكم من فقد تكون مبتدأ نحو : أيّ رجل يجدّ يسد أو مفعولا به نحو : أيّ كتاب تقرأ تستفد ونحو ذلك.

وأسماء الشرط لها صدر الكلام ، فلا يعمل فيها ما قبلها إلّا إذا كان حرف جرّ أو مضافا فإن عمل فيها غير ذلك بطل عملها ، وخرجت عن الشرطية نحو : إنّ من يطلب يجد.


وأوّل الفعلين الواقعين بعد هذه الأدوات يدعى (شرطا) ويسمّى الثّاني جوابا وجزاء. ويجب في الشّرط أن يكون فعلا خبريّا (١) متصرّفا غير مقترن بقد أو لن ، أو ما النّافية ، أو السّين ، أو سوف.

والأصل في جواب الشّرط أن يكون صالحا لأن يحلّ محلّ الشّرط. ومتى لم يصلح الجواب لأن يحلّ محلّ الشّرط ، وجب اقترانه بالفاء لتربطه بالشّرط. وتسمّى هذه الفاء فاء الجواب ، أو فاء الجزاء. ويكون جواب الشّرط هو الجملة ، لا الفعل وحده.

وفعل الشّرط وجوابه إمّا مضارعان أو ماضيان أو مختلفان.

ويجوز رفع المضارع الواقع جوابا إذا كان الشّرط ماضيا ولو في المعنى ، نحو : إن زرتني أكرمك أو أكرمك وإن لم تزرني أغضب ، أو أغضب (٢).

ويجب ربط جواب الشّرط بالفاء في سبعة مواضع :

١ ـ إذا كان جملة اسميّة ، نحو : إن تعف فالعفو من شيم الكرام.

٢ ـ إذا كان فعلا جامدا ، نحو : من يزرني فلست أقصّر في إكرامه.

٣ ـ إذا كان فعلا طلبيّا ، نحو : من سألك فأجبه.

٤ ـ إذا كان منفيّا بما ، أو لن ، نحو : من يأت إليّ فما أردّه خائبا ، أو : فلن أردّه خائبا.

٥ ـ إذا كان مقرونا بقد ، أو السّين ، أو سوف ، نحو : من مدحك بما ليس فيك فقد ذمّك. وإن أسأت فستندم أو فسوف تندم.

٦ ـ إذا كان مصدّرا بربّ ، أو كأنّما ، نحو : إن تجىء فربّما أجيء ، ومن خالف

__________________

وبعض هذه الأدوات لا يجزم إلّا ملحقا بما وهو : حيث وإذ. وبعضها لا تلحقه ما وهو : من وما ومهما وأنّى وبعضها يجوز فيه الأمران وهو : إن وأيّ ومتى وأيّان وأين وكيف وكل هذه الأدوات مبنية إلا «أيا» فهي معربة.

(١) المراد بالفعل الخبريّ : ما ليس أمرا ، ولا نهيا ، ولا مسبوقا بأداة من أدوات الطلب. وإذا وقع اسم بعد إحدى أدوات الشرط فهناك فعل مقدّر محذوف.

(٢) يكون رفع المضارع في مثل هذه الحالة على أنه خبر لمبتدأ محذوف. والجملة جواب الشرط. أما إذا كان الجواب والشرط مضارعين فيجب فيهما الجزم ، وإذا كانا ماضيين كانا في محل جزم.


إحدى فرائض الدّين فكأنّما خالفها جميعا.

٧ ـ إذا كان مصدّرا بأداة شرط ، نحو : من يزرك فإن كان حسن السّيرة فأكرمه (١).

وقد تربط الجملة الاسميّة بإذا الفجائيّة ، كما تربط بالفاء وذلك إذا كانت أداة الشّرط إن أو إذا وكانت جملة الجواب خبريّة ، موجبة ، غير مقترنة بناسخ ، نحو : (وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذا هُمْ يَقْنَطُونَ) [الروم : ٣٦].

وإذا كان الجواب صالحا لأن يكون شرطا فلا حاجة إلى ربطه بالفاء ، إلّا إذا كان مضارعا مثبتا ، أو منفيّا بلا ، فيجوز أن يربط به ، وألّا يربط ، نحو : إن تعودوا نعد ، ونحو : (وَمَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللهُ مِنْهُ) [المائدة : ٥] ونحو : (فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلا يَخافُ بَخْساً وَلا رَهَقاً) [الجن : ١٣].

وإذا وقع فعل مضارع مقرون بعاطف بعد جواب شرط جازم ، جاز فيه الجزم بالعطف على الجواب ، والرّفع على أنّه جملة مستأنفة ، والنّصب بأن مقدرّة وجوبا ، نحو : (وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ) [البقرة : ٢٨٤].

وإذا وقع المضارع المقرون بعاطف بين فعل الشّرط وجوابه جاز فيه الجزم (وهو الأكثر) وجاز النّصب فقط ، نحو : إن تستقم وتجتهد (بالسكون والفتح) أكرمك.

وإذا وقع المضارع جوابا بعد الطّلب يجزم بإن مضمرة ، نحو : تعلّم تفز والتقدير : تعلّم وإن تتعلّم تفز (٢).

__________________

(١) قد يقدّر ما يقتضي الربط بالفاء كالمبتدأ مع المضارع. وحينئذ يجب ربطه بالفاء نحو : إن تزرني فأكرمك بالرفع ، أي فأنا أكرمك. وكذلك تقدر قد مع الماضي فيربط الجواب بالفاء مع حذفها نحو : (إِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ.)

وقد تحذف هذه الفاء نحو : إن جاء صاحبها وإلا استمتع بها وذلك نادر.

(٢) الطلب هنا يشمل جميع أنواعه المذكورة في باب النواصب ، نحو : تعلّم تفز في الأمر ، لا تكسل تسد في النهي ، أين بيتك أزرك في الاستفهام ألا تزورنا نكرمك في العرض ، هلا تجتهد تنجح في التحضيض ، ليت لي مالا أتصدّق به في التمني ، لعلك تحسن إلى الفقراء تؤجر في التّرجي.

والأمر : لا يشترط فيه هنا أن يكون بلفظ الفعل ليصح الجزم بعده بل يجوز أن يكون الجزم


ويحذف فعل الشّرط بعد إن المدغمة في لا ، نحو : تكلّم بخير وإلّا فاسكت أي وإن لا تتكلّم بخير فاسكت.

ويحذف جواب الشّرط إذا دلّ عليه دليل. ويشترط في ذلك أن يكون الشّرط ماضيا لفظا ، نحو : أنت فائز إن اجتهدت ، أو معنى ، نحو : ستندم إن لم تجتهد (١).

وقد يحذف الشّرط والجواب معا ، ويبقى شيء من متعلّقاتهما نحو : من سلّم عليك فسلّم عليه ، وإلّا فلا أي ومن لم يسلّم عليك فلا تسلّم عليه.

وشرط الجزم بعد النّهي صحّة المعنى بتقدير دخول (إن) قبل (لا) وبعد غير النهي صحّة المعنى بتقدير (إن) فقط كما في الأمثلة السّابقة ، فلا جزم في : لا تدن من السّفيه يؤذيك ، ولا في : اجتهد ترسب في الامتحان.

__________________

لوقوعه في جواب اسم الفعل نحو : صه عن القبيح تكرم أو جلمة خبرية لفظا يراد بها الطلب نحو : رزقني الله مالا أتصدق به وهذا بعكس ما سبق في النواصب.

ولا يجزم بعد الطلب إلا إذا قصد الجزاء ، بأن يقصد أنّ الفعل مسبب عن الطلب نحو : لا تدن من الأسد تسلم فإن عدم الدنوّ من الأسد سبب للسلامة ، وأما إذا قلت : لا تدن من الأسد تهلك فلا تجزم تهلك بل ترفعه لأنّ عدم الدنوّ من الأسد ليس سببا للهلاك.

والشرط المقدر بعد الطلب الجامد يؤخذ من لفظ مرادفعه المشتق فيكون التقدير في قولك صه أحدثك ، اسكت وإن تسكت أحدّثك.

(١) إنما يعتاض عن جواب الشرط في مثل ذلك بالجملة التي تقدمته ، فيقدر له مثلها ولكنه لا يجوز التصريح بالمقدّر لامتناع الجمع بين العوض والمعوض عنه.

ثم إنه إذا اجتمع الشرط والقسم وكل منهما يقتضي جوابا كان الجواب للسابق وكان جواب المتأخر محذوفا لدلالة جواب الأول عليه ، فإن قلت : إن قمت والله أقم فأقم جواب الشرط وجواب القسم محذوف لدلالة جواب الشرط عليه. وإن قلت : والله إن قمت لأقومنّ فأقومن جواب القسم ، وجواب الشرط محذوف لدلالة جواب القسم عليه ، ما لم يتقدم عليهما ما يحتاج إلى خبر. فإن تقدم عليهما ما يحتاج إلى خبر ، جاز أن يكون الجواب للسابق أو للاحق.

وقد تستعمل إن بعد واو الحال لمجرد الوصل والربط فتستغني عن الجواب نحو : زيد وإن كثر ماله بخيل ويقال لها حينئذ إن الوصليّة.


المبحث الرابع : في أحكام الفعل مع نوني التوكيد الخفيفة والثقيلة

يؤكّد الفعل المستقبل بنون خفيفة ساكنة وتسمّى الخفيفة أو بنون مشدّدة مفتوحة وتسمّى الثّقيلة ، نحو : اجتهدنّ ولا تكسلن (١).

أ ـ متى لحقت الفعل نون التّوكيد يبنى آخره معها على الفتح وإذا كانت قد

__________________

(١) يجوز إدخال نون التوكيد على الأمر بدون شرط. وعلى المضارع بشرط أن يكون واقعا في سياق قسم نحو : وحياتك لأحفظنّ عهدك أو طلب كالاستفهام نحو : هل تكتبن؟ والنهي نحو : لا تكذبنّ والترجي نحو : لعلك ترضينّ ، والعرض أي الطلب بلين نحو : ألا تنزلنّ عندنا ، والتحضيض أي الطلب بشدة نحو : هلّا ترجعنّ عن عزمك ، والتمني نحو : ليتك تفعلنّ. أمّ توكيد المضارع الواقع في جواب القسم فهو واجب إذا كان مثبتا متصلا باللام ، غير منفصل عنها نحو : والله لأفعلن. فإذا كان منفصلا عنها فلا يؤكد ولذلك لا يقال : والله لفي غد أذهبن ، وهو قليل في جواب المنفي مطلقا ، أي في جواب القسم نحو : والله لا أرحلنّ وفي غيره نحو : مثلك لا يبخلنّ ، وأما في بقيّة المواضع المذكورة آنفا فيجوز استعماله وتركه. ونونا التوكيد تفيدان توكيد الحدث المطلوب فعله ، أو تركه.

أسباب ونتائج

١ ـ تحذف علامة الرّفع حركة كانت أو حرفا عند إسناد الفعل لنوني التوكيد.

٢ ـ تحذف واو الجماعة وياء المخاطبة إلا إذا كان الفعل معتلا بالألف فإنهما تبقيان وتحرّك واو الجماعة بالضّم ، وياء المخاطبة بالكسر.

٣ ـ تحذف لام الناقص عند إسناده إلى واو الجماعة ، أو ياء المخاطبة فقط.

٤ ـ عند تأكيد الفعل المسند إلى نون النسوة يؤتى بألف فارقة بين نون النسوة ونون التوكيد.

٥ ـ الفعل المسند إلى ألف الاثنين لا يحذف منه شيء عند توكيده سواء أكان صحيحا أم معتلا سوى نون الرفع.

٦ ـ ما قبل النون يفتح سواء أكان الفعل صحيحا أم معتلا مضارعا أم أمرا أسند إلى المتكلم أو غيره. ويستثنى من ذلك المسند إلى ياء المخاطبة فإنّ ما قبل النون يكسر. والمسند إلى واو الجماعة فإنّ ما قبلها يضمّ.

٧ ـ كل موضع وقعت فيه نون التوكيد الثقيلة جاز فيه وقوع الخفيفة إلّا بعد الألف فلا تقع إلا الثقيلة لئلّا تتصادم الخفيفة الساكنة مع الألف الساكنة قبلها.

٨ ـ تحذف نون الرّفع في غير المجزوم لأجل توالي الأمثال.

أسئلة : أجب عمّا يأتي : ١ ـ ما هو الفعل الذي يمتنع توكيده؟

٢ ـ متى يجب توكيد المضارع ومتى يجوز ومتى يمتنع؟


حذفت عينه ، أو لامه بسبب السّكون ردّت إليه لزوال سبب الحذف ، نحو : قولنّ الحقّ ، ولا تخشينّ.

ب ـ إذا كان آخر الفعل متّصلا بواو الجماعة أو ياء المخاطبة ، تحذف نون الإعراب إذا وجدت كراهة لتوالي الأمثال ـ النّونات الزّائدات ـ ثمّ تحذف الواو والياء بسبب التقاء السّاكنين ، وتبقى لام الفعل على حركتها ، نحو : لا تضربنّ أصلها لا تضربوننّ ولا تذهبنّ أصلها لا تذهبيننّ. أمّا إذا كان الفعل من النّاقص ، وكانت عينه مفتوحة وحذفت لامه بسبب الإعلال فتثبت معه واو الجمع مضمومة وياء المخاطبة مكسورة ، نحو : اخشونّ ولا ترضينّ لأنهما إذا حذفتا لا تدلّ الحركة عليهما ، وبحذفهما يحصل التباس.

ج ـ إذا كان الفعل متّصلا بألف الاثنين ولحقته نون التّوكيد تحذف نون الإعراب إذا وجدت وتكسر نون التّوكيد تشبيها لها بنون المثنّى ، ولا تحذف الألف خوفا من الالتباس ، نحو : لا تضربان أصلها لا تضرباننّ.

د ـ إذا كان الفعل متّصلا بنون الإناث يفصل بين النّونين بألف ، وتكسر نون التّوكيد ، فيقال لا تذهبنانّ.

__________________

 ـ ٣ ـ ما هي الحالة التي يمتنع فيها الإتيان بنون التوكيد الخفيفة؟

٤ ـ متى تثبت واو الجماعة وياء المخاطبة مع الفعل المؤكد ومتى تحذفان؟

٥ ـ ما هي التغيرات التي تحدث في الفعل المؤكد ، وما الذي يحذف منه؟

٦ ـ متى تكسر نون التوكيد؟.


ويتّضح من النّتائج الآتية ما يحذف من الفعل

المؤكد وحكم ما قبل النون ، بمراجعة هذا الجدول

الأفعال

مضارع وأمر للمخاطب

مضارع وأمر للمخاطبة

مضارع وأمر للاثنين أو الاثنتين

لجماعة الذكور

لجماعة النسوة مع نون الإناث ونون التوكيد

تفهم

تفهمنّ

تفهمنّ

تفهمانّ

تفهمنّ

تفهمنانّ

افهمنّ

افهمن

افهمانّ

افهمُنَّ

افهمنانّ

تردّ

تردّنّ ، ردّنّ

تردّن ، ردّن

تردّانّ ، ردّانّ

تردّنّ

ردّن

ترددنان

ردّنانّ

تقرأ

تقرأنّ

اقرأنّ

تقرئنّ

اقرئنّ

تقرأانّ

اقرأانّ

تقرؤن

اقرؤن

تقرأنانّ

اقرأنانّ

تثق

تثقنّ ، ثقنّ

ثتثقنّ ، ثقنّ

تثقانّ ، ثقانّ

تثقنّ ، ثقنّ

تثقنانّ ،

ثقنانّ

تسيح

تسيحنّ ،

سيحنّ

تسيحنّ ،

سيحنّ

تسيحانّ ،

سيحانّ

تسيحنّ ،

سيحنّ

تسحنان ،

سحنانّ

تدعو

تدعونّ ،

ادعونّ

تدعنّ ،

ادعنّ

تدعوانّ ،

ادعوانّ

تدعنّ ،

ادعنّ

تدعونانّ ،

ادعونانّ

تنسى

تنسينّ ،

انسينّ

تنسينّ ،

انسينّ

تنسيانّ ،

انسيانّ

تنسون ،

انسون

تنسينانّ ،

انسينانّ

تنوي

تنوينّ ،

انوينّ

تنونّ ، انونّ

تنويانّ ،

انويانّ

تنونّ ، انونّ

تنوينانّ ،

انوينانّ


والملخص : أنّ الاسم لا يؤكد أبدا ، أما الأفعال فيعلم حكمها من هذا الجدول

الماضي

الأمر

المضارع

واجب التأكيد (١)

ممتنع التأكيد

جائز التأكيد

لا يؤكد مطلقا لأن زمن حصوله قد فات ـ وما فات لا يعاد.

يجوز توكيده مطلقا بحسب مقتضى الحال نحو.

افهمنّ ما أقول.

بشروط أربعة ١ ـ إذا وقع في جواب قسم ٢ ـ ولم يفصل من لام القسم بفاصل ٣ ـ وكان مثبتا ٤ ـ مستقبلا نحو. تالله لأشتغلنّ بإخلاص.

إذا وقع في جواب قسم وفقد شرطا من الشروط السّابقة بأن فصل من اللام نحو لسوف ترى عاقبة إهمالك ، أو كان للحال نحو تالله لأمكث هنا وكذا إذا وقع في غير الجواب ولم يكن أمرا ولا نهيا ولا استفهاما ولا واقعا شرطا لأن مزيدا معها ما نحو ربّما يشرب علي.

إذا لم يكن واجب التوكيد ولا ممتنعه ومن ذلك ما إذا كان شرطا لإن المدغمة في ما نحو إما تنظرنّ مستغيثا فساعده.

أو وقع بعد أداة طلب ، أو بعد لا النافية نحو لا تهملنّ في عملك. هل تجيدنّ الحفظ لا ينبغينّ أن تهمل.

__________________

(١) ويجب حينئذ توكيده بلام القسم والنون معا عند البصريين. وخلوه من إحداهما شاذ.


نموذج إعراب

المؤمنون يعفون. المؤمنات يعفون.

الكلمة

إعرابها

المؤمنون

مبتدأ مرفوع وعلامة رفعه الواو نيابة عن الضمة لأنه جمع مذكر سالم.

يعفون

فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو فاعل والجملة خبر المبتدأ قبله.

المؤمنات

مبتدى مرفوع بالابتداء وعلامة رفعه ضمة ظاهرة في آخره.

يعفون

فعل مضارع مبني على السكون لاتصاله بنون النسوة التي هي فاعل والجملة من الفعل والفاعل في محل رفع خبر المبتدأ قبله.

المبحث الخامس : في الاسم الممنوع من الصرف

الاسم المعرب الممنوع من الصّرف : هو ما لا يجوز أن يلحقه الكسر ، ولا التّنوين (١) «كعثمان ، وعطشان ، وهو نوعان :

نوع : يمنع بعلّة واحدة ، ونوع يمنع بعلّتين.

فالنّوع الأول الّذي يمنع من الصّرف بعلّة واحدة : هو الاسم المختوم بألف

__________________

(١) يمتنع صرف الاسم من التنوين إذا أشبه الفعل ، وذلك أن الفعل مشتق من المصدر ، فهو راجع إليه لفظا ، ويحتاج إلى الاسم في المعنى ، ليكون فاعلا له. فمتى وجد في الاسم علّتان : إحداهما لفظية ، والثانية معنوية ، أو علة تقوم مقامهمنا ، يمتنع من التنوين : مثال ذلك : يزيد ممنوع من الصرف للعلمية وهي أمر معنوي. ووزن الفعل وهو أمر لفظي ، إذ يلفظ به كما يلفظ بالمضارع وهكذا يقال في بقية الموانع فالعلمية والوصفية ترجعان إلى المعنى ، والباقي إلى اللفظ. أمّا ما يقوم مقام علتين فهما : ألف التأنيث بقسميها ، وصغية منتهى الجموع ، وذلك أن وجود الألف أو صيغة منتهى الجموع علة راجعة إلى اللفظ لخروجها عن الآحاد العربية ولزوم الألف ، أو الدلالة على منتهى الجموع علة معنوية.


التّأنيث ، وصيغة منتهى الجموع.

فالمختوم بألف التّأنيث يمنع من الصّرف سواء أكانت الألف (مقصورة) كسكرى ، ومرضى ، أو (ممدودة) كخنساء وأصدقاء.

وصيغة منتهى الجموع : هي ما كان بعد ألف جمعه متحرّكان متّصلان ، نحو : دراهم ، أو منفصلان بياء ساكنة ، نحو : دنانير (١).

والنوع الثاني الذي يمنع من الصّرف بعلّتين ، إمّا أن يكون علما أو صفة.

فيمنع العلم من الصّرف في ستّة مواضع :

١ ـ إذا كان مؤنّثا بالتّاء لفظا ، نحو : حمزة ومعاوية أو معنى نحو : مريم وسعاد ، إلّا ما كان عربيا ثلاثيا ساكن الوسط نحو : هند فيجوز منعه وصرفه (٢).

٢ ـ إذا كان أعجميّا زائدا على ثلاثة أحرف ، نحو : يعقوب وإبراهيم (٣).

٣ ـ إذا كان مركبا تركيبا مزجيّا غير مختوم بويه (٤) ، نحو : بعلبكّ.

٤ ـ إذا كان مختوما بألف ونون زائدتين ، نحو : عثمان ، وعمران.

٥ ـ إذا كان على وزن الفعل ، نحو : أسعد ، وتغلب ، ويشكر (٥).

__________________

(١) يمنع الاسم بألف التأنيث مطلقا ، سواء أكانت في اسم مفرد : ككسرى أو جمع ، كشعراء.

ولا يشترط في ما كان على وزن منتهى الجموع أن يكون جمعا. فكل اسم جاء على هذا الوزن يمنع ولو كان مفردا : كسراويل ، وشراحيل على أن صيغة منتهى الجموع إذا لحقتها التاء كصياقلة تصرف. (سراويل اسم مفرد ، وجمعه سراويلات وشراحيل علم رجل).

(٢) إذا كان العلم المؤنث الثلاثي أعجميا كبلخ اسم مدينة وجب منعه من الصرف.

(٣) إنما يمنع العلم الأعجمي إذا كان علما في لغته فارسيّة أو انجليزيّة أو فرنسيّة. أو غير ذلك من سائر اللغات الأعجمبيّة غير العربية ، فإن كان في لغته اسم جنس ك «لجام» يصرف إذا سميت به. وإذا كان ثلاثيا كنوح وهود صرف إلا إذا كان متحرّك الوسط كشتر فيجوز فيه الوجهان.

(٤) إذا كان المركب المزجي مختوما بويه «كسيبويه» يكون مبنيا على الكسر.

(٥) المعتبر هنا من وزن الفعل ما كان مختصا بالفعل كدئل اسم قبيلة. أو كان يحق للفعل دون الاسم لافتتاح مصحوبه بزائد من زوائد الأفعال كتغلب اسم قبيلة ويذبل اسم جبل. وإربل اسم مدينة. وإسنا وأدفوا. بلدين بصعيد مصر. فإنّ نظائرها اجلس واذهب وانصر. فإن كان الوزن مشتركا بين الأسماء والأفعال على السواء كرجب وجعفر لم يمنع من الصرف.


٦ ـ إذا كن معدولا (١) كعمر المعدول عن عامر.

وتمنع الصّفة من الصّرف في ثلاثة مواضع :

أ ـ إذا جاءت على وزن فعلان الّذي مؤنّثه فعلى ، نحو : سكران وعطشان (٢).

ب ـ إذا جاءت على وزن أفعل الّذي لا يؤنّث بالتّاء نحو : أحمر وأعرج (٣).

ج ـ إذا كانت معدولة عن وزن آخر ، ويكون ذلك في موضعين :

__________________

(١) يراد بالعدل تحويل الاسم عن صيغته الأصلية مع بقاء معناه الأصلي. وهذا العدل تقديري لا حقيقي. وذلك أن النحاة وجدوا الأعلام التي على وزن «فعل» قد وردت عن العرب غير منصرفة وليس فيها علة إلا العلمية ، فقدّروا أنها معدولة عن وزن (فاعل) لأن صيغة (فعل) وردت كثيرا محوّلة عن (فاعل) «كغدر ، وفسق» فهما محوّلتان عن غادر وفاسق لأنهما بمعناهما. وقد أحصي ما سمع من الأعلام المعدولة فكان خمسة عشر وهي : عمر ، وزحل ، وزفر ، وجشم ، وقثم ، وجمح ، وقزح ، ودلف ، وعصم ، وثعل ، وحجى ، وبلع ، ومضر ، وهبل ، وهدل» مجموعة في قوله [المتدارك] :

إن رمت الضّبط لما نقلو

ه إلى فعل عمر زحل

زفر جشم قشم جمح

قزح دلف عصم ثعل

وحجى بلع مضر هبل

ومتمّم ما ذكروا هدل

(٢) إذا كانت الصفة التي على وزن فعلان تؤنث بالتاء لا تمنع من الصرف كندمان بمعنى نديم فإن مؤنثها ندمانة. وقد أحصيت الصفات التي على وزن فعلان ومؤنثها فعلانة فكانت أربع عشرة صفة.

وهي : سيفان ، أي طويل كالسيف. وصوجان ، وهو الشديد الصلب من الناس والدواب.

ونصران ، واحد النصارى. وأليان ، عظيم الآلية. وخمصان للجائع الضامر البطن. وقشوان للرقيق الساقين. ومصّان للئيم أو الحجّام. وحبلان للكبير البطن. وندمان للسمير المنادم.

ودخنان لليوم المظلم. وسخنان لليوم الشديد الحر. وصحيان لليوم الذي لا غيم فيه.

وعلان للجاهل وموتان للبليد.

(٣) إذا كانت الصفة التي على وزن أفعل تؤنث بالتاء لم تمنع نحو أرمل فإن مؤنثه أرملة.

ويجب أن تكون الوصفيّة فيها أصلية لأنّها إن كانت عارضة كما في نحو : أربع من مررت بنساء أربع صرفت. لأن هذا اللفظ موضوع في الأصل للعدد. فلما استعمل لم يعتد بالوصفية العارضة عليه فبقي منصرفا.

تنبيه : لا تمتنع الصفة من الصرف سواء كانت على وزن فعلان أو أفعل ما لم تكن وصيفتها أصلية. ولذلك يصرف نحو : صفوان إن وقع صفة لأنّه في الأصل للصخر الأملس ونحو :

أربع وأرنب إن وصف بهما لأن الأول موضوع لعدد معين والثاني للحيوان المعروف ، وقد سبق إيضاح ذلك فاحفظه.


الأوّل : ما جاء على وزني فعال ومفعل من الأعداد : فيقال أحاد ، وموحد ، وثناء ، ومثنى ، وثلاث ، ومثلث ، إلى عشار ، ومعشر (١).

الثاني : أخر المعدولة عن الآخر ، نحو : «مررت بنساء أخر» (٢).

والاسم الممنوع من الصّرف (إذا أضيف) أو دخلته (أل التّعريف) جرّ بالكسرة ، نحو : درست في أفضل المدارس وكذا في ضرورة الشّعر يجوز صرفه.

المبحث السادس : في المذكر والمؤنث

الاسم باعتبار جنسه يكون :

إمّا مذكّرا وهو ما يصحّ أن تشير إليه بلفظ «هذا» ، نحو : رجل وبيت.

وإمّا مؤنّثا ، وهو ما يصحّ أن تشير إليه بلفظة «هذه» ، نحو : امرأة ودار.

وكلّ من المذكر والمؤنث ينقسم إلى حقيقيّ ومجازيّ.

فالمذكر الحقيقي : هو الّذي له أنثى من جنسه كرجل وبعير.

والمذكّر المجازيّ : هو ما ليس كذلك ككتاب وبيت.

والمؤنث الحقيقي : هو ما يدلّ على أنثى من النّاس ، أو الحيوان كامرأة وناقة.

والمؤنث المجازيّ : ما ليس كذلك كشمس وخيمة.

وينقسم المؤنث إلى قسمين :

لفظيّ : وهو ما لحقته علامة التّأنيث ، سواء أدلّ على مؤنّث كفاطمة ، أم على

__________________

(١) يقال : جاء القوم أحاد أو موحد وثناء أو مثنى أي أنهم جاؤوا واحدا واحدا واثنين اثنين.

فأحاد وموحد معدولان عن واحد واحد ، وثناء ومثنى ، معدولان عن اثنين اثنين. وقد سمع العدل في الأعداد عن العرب إلى الأربعة غير أن النحويين قاسوا ذلك إلى العشرة. ولا تستعمل إلّا نعتا أو خبرا أو حالا.

(٢) إنّ أخر هي جمع أخرى ، مؤنث آخر اسم تفضيل. وقد كان القياس أن يقال : مررت بنساء أخر كما يقال مررت بنساء أفضل بإفراد اسم التفضيل وتذكيره ، لأنّ أفعل التفضيل إن كان مجردا من «أل» والإضافة لا يؤنث ولا يثنى ولا يجمع ، فتأنيثه وجمعه هنا اعتبر إخراجا له عن صيغته الأصلية ، وهذا هو العدل.


مذكر كحمزة.

ومعنوي : وهو ما دلّ على مؤنث ولم تلحقه علامة التّأنيث كهند ودار (١).

وعلامات التّأنيث ثلاث : التّاء المربوطة كضاربة والألف المقصورة كسلمى والألف الممدودة كحسناء.

وتؤنّث الصّفات بإلحاق التّاء المربوطة بها ، نحو : عالم : عالمة إلّا ما كان على وزن فعلان فيؤنث على وزن فعلى ، نحو : سكران : سكرى ، والصّفة المشبهة على وزن أفعل تؤنّث على وزن فعلاء ، نحو : أحمر حمراء ، وأفعل التّفضيل يؤنّث على وزن فعلى ، نحو : أكبر : كبرى (٢).

وما كان من الصفات على وزن مفعل كمقول (٣) ، أو مفعال كمفضال ، أو مفعيل ، كمعطير (٤) أو فعول بمعنى فاعل ، كصبور أو فعيل بمعنى مفعول كقتيل أو فعّالة كعلّامة ، أو فاعلة كراوية أو فعولة كفروقة ، أو فعلة كضحكة ، يستوي فيه المذكّر والمؤنّث ، فيقال رجل مقول ومفضال ومعطير وصبور وقتيل وعلّامة وراوية وفروقة وضحكة ، وامرأة مقول ومفضال ومعطير وصبور وقتيل وعلّامة وراوية وفروقة وضحكة.

وما لحقته التّاء من هذه الأوزان كعدوّة ومسكينة ، فهو شاذّ.

ولا يؤنّث بالتّاء قياسا من الأسماء غير الصّفات. أمّا الموصوفات فلا يؤنّث منها بالتّاء إلّا ما سمع عن العرب تأنيثها به ، نحو : فتى وفتاة ، وظبي وظبية ، ونمر ونمرة.

والاسم الموصوف يوضع في الغالب للمؤنّث منه (كلمة خاصّة به) نحو :

__________________

(١) يقدّر من علامات التأنيث في المؤنث المعنوي التاء فقط.

(٢) إن الأوصاف الخاصة بالنساء نحو : حائض وطالق وحامل لا تلحقها التاء إلا سماعا وقد شذّت بعض صفات على وزن فعلان ورد تأنيثها بالتاء ، وهي : ندمان أي نديم ، حبلان ممتلىء البطن دخنان كثير الدخان ، سيفان طويل صوحان يابس الصلب من الدواب والناس ، صحيان أي اليوم الصحو سخنان حار ، موتان ضعيف الفؤاد ، علّان جاهل ، قشوان ضعيف ، نصران نصراني ، أليان كبير الألية ، خمصان ضامر البطن ، مصّان لئيم كما سبق.

(٣) الحسن القول.

(٤) من عادته التطيب والتعطر.


جمل ، وناقة ، وأسد ، ولبؤة ، أو تطلق الكلمة على المذكر والمؤنث ، ويفرق بينهما ، بأن يقال مثلا : نملة ذكر ، نملة أنثى ، فرس ذكر ، فرس أنثى (١).

تتمة في الحروف

الحروف (٢) تنقسم باعتبار مادّتها إلى خمسة أقسام ، أحاديّة ، وثنائيّة ، وثلاثيّة ، ورباعيّة ، وخماسيّة. ولا يتجاوز عددها الثمانين ، وكلّها مبنيّ فالأحاديّة ثلاثة عشر ، وهي : الهمزة ، والألف ، والباء ، والتّاء ، والسّين (٣) والفاء ، والكاف ، والّام ، والميم (٤) ، والنّون ، والهاء ، والواو ، والياء (٥).

والثّنائيّة ستّة وعشرون : وهي آ (٦) ، إذ (٧) ، أل ، أم ، أن ، إن ، أو ، أي ، إي (٨) ، بل (٩) ، عن ، في ، قد ، كي ، لا ، لم ، لن ، لو (١٠) ، ما ، من ، مذ ، ها (١١) ، هل ، وا (١٢). يا (١٣) ، النّون الثّقيلة.

__________________

(١) وتكثر زيادة التاء في أسماء الجنس لتمييز الواحد من الجنس كشجر وشجرة وقد يؤتى بها للمبالغة كراوية وعلّامة ، وللدلالة على النسبة كمصاروة. وقد تكون لغير ذلك.

(٢) لم آت بمعاني الأحرف كلها ، ولا بالأمثلة جميعها اتكالا على فطانة القارىء.

(٣) للاستقبال نحو ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا.

(٤) للعماد وللدلالة على جماعة الذكور العقلاء نحو كتبتما ، كتبتم.

(٥) للتكلم نحو إيّاي.

(٦) للنداء : نحو أكاتب الدرس.

(٧) للمفاجأة نحو : بينما أنا جالس إذ جاء محمد.

(٨) للجواب نحو : أي والله.

(٩) للإضراب نحو : هذا ابن عمي بل ابن أخي.

(١٠) للشرط أو المصدرية أو العرض أو التمني نحو : لو ذهب لذهبت. أودّ لو تنجحون ، لو تجيء فتكرم. لو تأتيني فتحدثني.

(١١) للتنبيه : أيها الناشئ هذا وقت التعلم.

(١٢) للندبة نحو : وا صاحباه. وتعرب هكذا الواو للندبة صاحباه منادى مندوب منصوب بفتحة مقدرة لمناسبة ألف الندبة وياء المتكلم المحذوفة لالتقاء الساكنين في محل جر بالإضافة والألف حرف ندبة والهاء للسكت.

(١٣) للنداء أو الاستغاثة نحو : يا للكرام للساكنين وتعرب هكذا «يا» حرف نداء أو استغاثة «للكرام» اللام زائدة جارة والكرام منادى مستغاث منصوب بفتحة مقدرة لحركة حرف الجر الزائد «للمساكين» متعلق بمحذوف حال. أو متعلق بالفعل النائب عنه «يا».


والثّلاثية خمسة وعشرون : وهي آي (١). أجل (٢). إذا (٣). إذا. ألا (٤). إلى. أما (٥). إنّ. أنّ. أيا. بلى (٦). ثمّ. جلل (٧). جير (٨). خلا. ربّ. سوف (٩). عدا. علّ (١٠). على. لات. ليت. منذ. نعم. هيا (١١).

والرّباعيّة خمسة عشر وهي : إذ ما. ألّا (١٢). إلّا. أمّ (١٣). إمّا (١٤). حاشا. حتّى. كأنّ. كلّا (١٥). لكن. لعلّ. لمّا (١٦). لو لا (١٧). لوما (١٨) هلّا (١٩).

والخماسيّة لكنّ فقط.

وتنقسم الحروف أيضا باعتبار مدخولها إلى ثلاثة أقسام :

قسم يختصّ بالأسماء كحروف الجرّ ، وقسم يختصّ بالأفعال كالنّواصب ، وقسم مشترك بينهما كالهمزة ، وهل.

وتنقسم باعتبار عملها إلى قسمين : عاملة مثل إنّ ، وغير عاملة كأحرف الجواب.

وتنقسم باعتبار معناها إلى أقسام :

__________________

(١) للنداء نحو آي محمد.

(٢) لتصديق الخبر كقولك أجل لمن قال جاء محمد.

(٣) للمفاجأة نحو : خرجت فإذا لص بالباب.

(٤ و ٥) للتنبيه والعرض نحو : ألا إن محمدا قائم ، ألا تجيئني غدا.

(٦) للتنبيه وللتحقيق.

(٧) لإثبات المنفي خبرا أو استفهاما.

(٨) للجواب.

(٩) للاستقبال.

(١٠) للتوقع خيرا كان أو شرا نحو : علّ محمدا يأتي.

(١١) للنداء.

(١٢) للتحضيض نحو : ألا عاملتم الناس بالحسنى.

(١٣) للشرط والتفصيل.

(١٤ و ١٥) للتخيير والإباحة.

(١٦) للردع والتنبيه ونفي إجابة الطالب.

(١٧) لنفي المضارع وجزمه وقلبه إلى المضي.

(١٨) للتحضيض وللشرط.

(١٩) للتحضيض.


أحرف الاستقبال : وهي ، إن ، أن ، السّين ، سوف ، لن ، هل ؛ وأحرف التّحضيض وهي : ألا ، ألّا ، لو لا ، لوما ، هلّا.

وأحرف التّنبيه هي : ألا ، أما ، ها ، يا.

وأحرف التّوكيد هي : إنّ ، أنّ ، قد ، لام الابتداء ، النّون.

وأحرف الجواب هي : أجل. إي (١). بلى. جلل. جير. لا. نعم.

وأحرف الشّرط هي : إن. إذ ما. أمّا. لو. لو لا. لوما.

أحرف المصدر هي : أن ، أنّ ، كي ، لو. ما.

أحرف النّفي هي : إن ، لم. لمّا. لن. لا. لات. ما.

أحرف الزّيادة هي : الباء ، اللام (٢) ، من ، لا (٣) ، ما (٤) ، إن (٥) ، أن.

وأحرف المفاجأة وهي : إذ ، إذا.

وأحرف النّداء ، والجر ، والعطف ، والاستثناء ، والتّأنيث ، والتّكلّم ، والخطاب ، والغيبة ، قد تقدّمت ، وحرف الاستدراك وهو ، لكنّ.

تكملة في الجمل

الجملة : لفظ مركّب أفاد أو لم يفد. وتنقسم أوّلا إلى.

أ ـ اسميّة : وهي ما بدئت باسم ، نحو : (وَمَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِأَنْفُسِهِمْ) [الروم : ٤٤](هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللهِ) [فاطر : ٣].

ب ـ فعليّة وهي : ما بدئت بفعل ، نحو : (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ) (١) [المؤمنون : ١] وكان ربّك قديرا.

__________________

(١) لا تستعمل إلا في القسم مثل قوله تعالى : (وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي).

(٢) نحو : محمد كاتب للدرس.

(٣) نحو : (ما مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ).

(٤) لا تظلمن إذا ما كنت مقتدرا (أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً) (أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى) كيفما أصبحت. بينما نحن بالمدرسة أتى رجل ينادي كأنما هو في صحراء. إنما الله إله واحد ليتما هذا البستان لي. كثر ما كتبت وطالما فهمت.

(٥) ما إن ندمت على سكوتي مرة.


وتنقسم ثانيا إلى :

أ ـ كبرى : وهي الاسميّة الّتي خبرها جملة ، نحو : العلم ثمرته لذيذة.

ب ـ صغرى : وهي ما كانت خبرا عن غيرها كجملة ثمرته لذيذة في المثال السابق.

ج ـ لا كبرى ولا صغرى ، نحو : العلم نافع.

وتنقسم ثالثا إلى :

أ ـ خبريّة ، نحو : قام محمّد ، ومحمد قائم.

ب ـ إنشائيّة ، نحو : احفظ ، لا تلعب.

والخبريّة : إذا وقعت بعد النّكرات الخالصة فهي صفات لها نحو : رأيت رجلا يكتب ، وإن جاءت بعد المعارف المحضة فهي حال منها ، مثل : أقبل محمد يتبسّم.

أمّا الإنشائيّة ؛ فإن وقعت بعد النّكرات ، أو المعارف الخالصة فلا تكون صفات ، ولا أحوالا لها.

وتنقسم رابعا إلى :

١ ـ جمل لها محلّ من الإعراب ، ومنها ما يأتي :

 ـ الواقعة خبرا (١) عن مبتدأ ، أو عن إنّ وأخواتها ، نحو : الشّجرة أوراقها مخضرّة ، وإنّ الكتاب ألفاظه عذبة.

أو عن (٢) كان وأخواتها ، نحو : لبئس ما كانوا يفعلون وكاد الفقر يكون كفرا.

٢ ـ الواقعة (٣) مبتدأ ، نحو : من الواجب عليك أن تبرّ والديك.

٣ ـ الواقعة (٤) حالا ، نحو : جئت والشّمس مشرقة.

٤ ـ الواقعة (٥) مفعولا مثل : علمت أنّ الله قادر وأنبأت إبراهيم المسألة يمكن فهمها.

__________________

(١) محلها رفع.

(٢) محلها نصب.

(٣) محلها رفع.

(٤ و ٥) منصوبة محلا.


٥ ـ الواقعة (١) مضافا إليها نحو : (هذا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ) [المائدة : ١١٩].

٦ ـ الواقعة (٢) جوابا لشرط جازم إذ أقرنت بالفاء أو إذا الفجائيّة نحو : وإن تجهر بالقول (فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفى) [طه : ٧](وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذا هُمْ يَقْنَطُونَ) [الروم : ٣٦].

٧ ـ التّابعة لجملة لا محلّ لها من الإعراب ، نحو : شوقي ينظم وينثر.

ب ـ جمل لا محلّ لها من الإعراب ، ومنها :

١ ـ الواقعة جوابا لقسم ، نحو : فوربّ السّماء والأرض إنّه لحقّ.

٢ ـ الواقعة صلة لموصول ، مثل : رأيت الّذي نجح أخوه.

٣ ـ الواقعة جوابا لشرط غير جازم كإذا ، ولو ، ولو لا ، ولو ما ، وكلما أو جازم غير مقرونة بالفاء أو إذا ، نحو : إذا جاء محمد فأعطه الكتاب (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ) (٧) [الزلزلة : ٧].

٤ ـ الواقعة في ابتداء الكلام ، نحو : الفلاح في الجدّ.

٥ ـ المفسّرة نحو : (فَأَوْحَيْنا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ) [المؤمنون : ٢٧] أشرت إليه «أن قم».

٦ ـ المعترضة وهي الفاصلة بين متلازمين ، نحو : أيّدك الله إنّك مجدّ فسررت (وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ) (٧٦) [الواقعة : ٧٦].

٧ ـ التّابعة لجملة لا محلّ لها من الإعراب ، نحو : إذا اجتهد سليم نجح وسبق أقرانه.

__________________

(١) محلها جر.

(٢) مجزومة محلا.


خاتمة

في الوقف

الوقف : قطع النّطق عند آخر الكلمة عمّا بعدها اختيارا فإن كان الآخر ساكنا بقي على سكونه ، نحو : اسمع يا هذا.

وحكم الحرف الموقوف عليه السّكون ، نحو : جاء الرّجل.

وإذا كان الاسم الموقوف عليه منوّنا بعد فتحة أبدل ألفا ، نحو : رأيت سليما وإن كان منوّنا بعد ضمّة أو كسرة حذف التّنوين وسكّن ، فيقال : جاء سليم. ومررت بسليم إلّا إذا كان تاء تأنيث مربوطة ، أو شبهها فتبدل هاء ساكنة ، نحو : مريم نائمة. وجاء الرّجل العلّامه.

وإذا وقف على المنقوص (١) وكان منوّنا بعد فتحة ، أبدل تنوينه ألفا ، نحو : رأيت قاضيا وإن كان تنوينه بعد ضمّة أو كسرة حذف التّنوين والياء ، وسكّن ما قبلها. نحو : هذا قاض ، ومررت بقاض.

والفعل المحذوف آخره للجزم ، أو بناء الأمر ، يجوز عند الوقف أن تلحقه هاء السّكت ، نحو : لم يعطه ، وأعطه.

وإذا كان الباقي من أصوله حرفا واحدا يجب الحاق الهاء ، نحو : لم يعه وعه.

__________________

(١) منهم من يقف عليه بردّ الياء كقراءة بعضهم (وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ) على أنه إذا كان الاسم محذوف العين وجب رد الياء مطلقا نحو «مرء» اسم فاعل من أرى.

وإن كان المنقوص غير منون ثبتت الياء ساكنة إذا كانت مفتوحة نحو رأيت القاضي وإن كانت مضمومة أو مكسورة فالأجود إثباتها موقوفا عليها بالسكون نحو : جاء القاضي.

وسلمت على القاضي ويجوز حذفها.


وكذلك تلزم هذه الهاء في الوقف على (ما) الاستفهامية إذا جرّت بمضاف ، نحو : خوف مه ، وأمّا إذا جرّت (ما) بحرف فيجوز إلحاق الهاء وعدمه ، نحو : لمه ، وعمّه في لم وعمّ.

ويجوز إلحاق هذه الهاء بكلّ متحرّك بحركة بناء أصليّة. نحو : ماليه ، وسلطانيه. قال الله تعالى : (فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ) (١٩) [الحاقة : ١٩].


فهرس محتويات

 القواعد الأساسية



الفهرس

تمهيد......................................................................... ١٢

النحو......................................................................... ١٤

تركيب الكلمات................................................................ ١٥

مقدمة في الكلمة وأنواعها........................................................ ١٦

الكلام وما يتركب منه........................................................... ١٧

الكلم......................................................................... ١٨

الجملة والقول.................................................................. ١٨

تعريف الاسم وعلاماته المميّزة له عن الفعل الحرف.................................. ٢٠

علامة الاسم المعنوية............................................................ ٢١

تعريف الفعل وتقسيمه وعلاماته المميّزة له عن الاسم والحرف......................... ٢٣

معيّنات المضارع للحال.......................................................... ٢٤

معيّنات المضارع للاستقبال....................................................... ٢٤

انقلاب المضارع للماضي........................................................ ٢٥

مأخذ المضارع والأمر............................................................ ٢٦

تعريف الحرف وأنواعه وعلامته المميزة له عن الاسم والفعل........................... ٢٨

الباب الأوّل

في الإعراب والبناء وفيه مباحث................................................... ٣١


المبحث الأول في الإعراب....................................................... ٣١

المبحث الثاني في البناء........................................................... ٣٢

المبحث الثالث في أنواع المشابهة الدّائرة بين الاسم والحرف............................ ٣٣

المبحث الرابع في أنواع البناء...................................................... ٣٦

المبني على الكسر خمسة أنواع.................................................... ٣٩

المبنيّ على السكون كثير......................................................... ٤٠

المبحث الخامس في تقسم الأسماء المبنيّة إلى بناء لازم ، وإلى بناء عارض................ ٤٠

المبحث السادس في المعرب والمبني................................................. ٤١

بناء الفعل وإعرابه............................................................... ٤١

بناء الفعل الماضي............................................................... ٤١

بناء فعل الأمر................................................................. ٤١

بناء الفعل المضارع.............................................................. ٤١

إعراب الفعل المضارع............................................................ ٤١

المبحث السابع في علامات الإعراب.............................................. ٤٦

المبحث الثامن في مجمل المعربات السابقة........................................... ٤٩

المبحث التاسع في الذي يعرب بالحروف نيابة عن الحركة ، وهو أربعة أنواع :............ ٥٢

النوع الثاني من المعرب بالحروف................................................... ٥٦

جمع المذكر السالم............................................................... ٥٦

النوع الثالث من المعرب بالحروف الأسماء الستة..................................... ٥٨

النوع الرابع من المعرب بالحروف................................................... ٦٠

الأفعال الخمسة................................................................ ٦٠

المبحث العاشر في الفعل المضارع المعتلّ الآخر...................................... ٦١

المبحث الحادي عشر في الإعراب الظّاهر ، والمقدّر.................................. ٦٢

المبحث الثاني عشر في الإعراب المحلّي............................................. ٦٥


المبحث الثالث عشر في العامل والمعمول........................................... ٦٦

الباب الثاني

في النكرة والمعرفة................................................................ ٦٩

المبحث الأول في النكرة......................................................... ٦٩

المبحث الثاني في المعرفة.......................................................... ٦٩

المبحث الثالث في الضمير أو المضمر.............................................. ٧٠

الضمير البارز.................................................................. ٧٠

الضمير المستتر................................................................. ٧٢

الضمير المتصل هو الأصل....................................................... ٧٣

وأشهر الدواعي الموجبة لفصل الضمائر هي :....................................... ٧٣

جواز فصل الضمائر مع إمكان الوصل............................................ ٧٣

المبحث الرابع في ياء المتكلّم مع نون الوقاية......................................... ٧٦

المبحث الخامس في العلم......................................................... ٧٧

تقسيم العلم باعتبار الوضع...................................................... ٧٧

المبحث الخامس تقسيم العلم باعتبار الاستعمال.................................... ٧٧

تقسيم العلم باعتبار اللفظ....................................................... ٧٨

تقسيم العلم باعتبار معناه........................................................ ٧٨

المبحث السادس في اسم الاشارة.................................................. ٨١

أجب عن الأسئلة الآتية......................................................... ٨٣

المبحث السابع في الاسم الموصول................................................. ٨٥

حكم (أي) الموصولية........................................................... ٨٧

عائد الموصول.................................................................. ٨٩

المبحث الثامن في المعرّف بأل..................................................... ٩٣

تعريف العدد................................................................... ٩٥


المبحث التاسع في ما بقي من المعارف............................................. ٩٥

المرفوعات من الأسماء............................................................ ٩٥

الباب الثالث

في الفاعل..................................................................... ٩٦

المبحث الأول وجوب تأنيث العامل في أربعة مواضع................................. ٩٧

جواز تأنيث العامل في خمسة مواضع.............................................. ٩٧

يتقدم الفاعل على المفعول في ثلاثة مواضع......................................... ٩٩

المبحث الثاني في نائب الفاعل.................................................. ١٠٠

ينوب عن الفاعل واحد من الأربعة الآتية......................................... ١٠٢

تطبيق : بيّن أنواع نائب الفاعل................................................. ١٠٣

الباب الرابع

 في المبتدأ والخبر.............................................................. ١٠٤

المبحث الأول في تعريف المبتدأ وتنكيره........................................... ١٠٤

تخصيص النكرة التي يصح الابتداء بها............................................ ١٠٤

تعميم النكرة التي يصح الابتداء بها.............................................. ١٠٥

المبحث الثاني في مرتبة المبتدأ الخبر............................................... ١٠٦

يتقدم المبتدأ على الخبر وجوبا................................................... ١٠٦

ويتقدم الخبر على المبتدأ وجوبا.................................................. ١٠٧

المبحث الثالث في ذكر المبتدأ وحذفه............................................ ١٠٨

يحذف المبتدأ وجوبا في خمسة مواضع............................................. ١٠٨

المبحث الرابع في ذكر الخبر وحذفه.............................................. ١٠٩

المبحث الخامس في خبر المبتدأ وأنواعه............................................ ١٠٩

الخبر ثلاثة أنواع.............................................................. ١١٠


الخبر المفرد................................................................... ١١٠

الخبر الجملة.................................................................. ١١١

روابط الخبر بالمبتدأ............................................................ ١١٢

الخبر شبه الجملة.............................................................. ١١٢

المبحث السادس في تضمين المبتدا معنى الشرط.................................... ١١٣

المبحث السابع في المبتدا الوصف................................................ ١١٤

الباب الخامس

في الأفعال النّاقصة............................................................ ١١٧

المبحث الأول الأفعال الناقصة.................................................. ١١٧

المبحث الثاني كان وأخواتها ثلاثة أنواع :......................................... ١١٨

المبحث الثالث في حكم اسم وخبر كان.......................................... ١١٩

المبحث الرابع في امتيازات كان.................................................. ١١٩

المبحث الخامس في كاد وأخواتها المسمّاة بأفعال المقاربة............................. ١٢٣

المبحث السادس في اقتران الخبر بأن............................................. ١٢٤

المبحث السابع في الأحرف المشبّهة بليس........................................ ١٢٧

المبحث الثامن في الأحرف المشبّهة بالأفعال (إنّ وأخواتها).......................... ١٣٠

المبحث الأول................................................................ ١٣٠

المبحث الثاني المواضع التي يتعين فيها كسر همزة إنّ عشرة........................... ١٣٣

المبحث الثالث المواضع التي يتعيّن فيها فتح همزة «أن» أربعة :...................... ١٣٣

المبحث الرابع المواضع التي يجوز فيها كسر همزة «إنّ» وفتحها....................... ١٣٤

المبحث الخامس تخفيف إنّ ، وأنّ ، وكأنّ ، ولكنّ................................. ١٣٥

المبحث السادس لا النافية للجنس.............................................. ١٣٨

المبحث السابع في تكرار «لا».................................................. ١٤٠

المبحث الثامن في حكم نعت اسم (لا) المفرد ، والمضاف ،


والمشبّه بالمضاف.............................................................. ١٤١

المبحث التاسع خبر لا النافية للجنس............................................ ١٤٢

المبحث العاشر ظنّ وأخواتها.................................................... ١٤٤

المبحث الحادي عشر في أفعال التّصيير والتّحويل ، وهي :.......................... ١٤٦

المبحث الثاني عشر في الإعمال ، والإلغاء ، والتّعليق............................... ١٤٧

تنبيهات..................................................................... ١٤٨

المبحث الثالث عشر في التنازع................................................. ١٥٢

المبحث الرابع عشر في الاشتغال................................................ ١٥٤

الباب السادس

في المنصوبات................................................................. ١٥٧

المبحث الأول في المفعول به.................................................... ١٥٧

المبحث الثاني في المفعول المطلق................................................. ١٦٠

المبحث الثالث في المفعول فيه................................................... ١٦٥

المبحث الرابع في الظّرف المنصرف وغيره......................................... ١٦٧

نموذج إعراب قول الشاعر...................................................... ١٦٩

المبحث الخامس في المفعول له أو لأجله.......................................... ١٧٠

المبحث السادس في المفعول معه................................................. ١٧٢

بين أنواع المفاعيل فيما يأتي..................................................... ١٧٣

المبحث السابع في المستثنى..................................................... ١٧٥

الحالة الأولى وجوب النصب.................................................... ١٧٥

الحالة الثانية : جواز النصب والإتباع............................................. ١٧٦

الحالة الثالثة : إعرابه على حسب العوامل........................................ ١٧٦

تنبيهان...................................................................... ١٧٧

المبحث الثامن لا سيما........................................................ ١٧٨


المبحث التاسع في الحال........................................................ ١٨٠

المبحث العاشر في الحال الجامدة................................................. ١٨٢

المبحث الحادي عشر في احتياج الحال إلى عامل وصاحب.......................... ١٨٣

المبحث الثاني عشر في مرتبة الحال مع صاحبها ، وعاملها........................... ١٨٣

المبحث الثالث عشر في تقسيم الحال إلى : مؤسّسة ، ومؤكّدة ، وحقيقيّة ، وسببيّة..... ١٨٥

المبحث الرابع عشر في روابط الحال.............................................. ١٨٦

المبحث الخامس عشر في التمييز................................................ ١٩٠

تنبيه........................................................................ ١٩٣

المبحث السادس عشر كنايات العدد : كم ، وكأيّ ، وكذا......................... ١٩٣

المبحث السابع عشر في ألفاظ العدد............................................ ١٩٤

المبحث الثامن عشر في المنادى................................................. ١٩٧

المبحث التاسع عشر في تابع المنادى............................................. ١٩٨

المبحث العشرون في المنادى المضاف إلى ياء المتكلّم................................ ٢٠٠

المبحث الحادي والعشرون في ترخيم المنادى....................................... ٢٠٠

المبحث الثاني والعشرون في أسماء ملازمة للنّداء.................................... ٢٠١

المبحث الثالث والعشرون في الاستغاثة........................................... ٢٠١

المبحث الرابع والعشرون في الندبة............................................... ٢٠٣

المبحث الخامس والعشرون في التحذير........................................... ٢٠٤

المبحث السادس والعشرون في الإغراء............................................ ٢٠٥

المبحث السابع والعشرون في الاختصاص......................................... ٢٠٦

المبحث الثامن والعشرون....................................................... ٢١٠

الباب السابع

في مجرورات الأسماء............................................................ ٢١١


المبحث الأول في حروف الجر.................................................. ٢١١

المبحث الثاني في معاني حروف الجر............................................. ٢١٣

المبحث الثالث في الإضافة وأنواعها.............................................. ٢١٧

المبحث الرابع في ما يلزم الإضافة................................................ ٢١٩

المبحث الخامس في الأسماء التي تلزم الإضافة إلى الجملة............................. ٢٢٠

المبحث السادس في بعض أحكام للإضافة....................................... ٢٢٠

الباب الثامن

في التوابع.................................................................... ٢٢٣

المبحث الأول في النعت....................................................... ٢٢٣

المبحث الثاني في التوكيد....................................................... ٢٢٨

المبحث الثالث في البدل....................................................... ٢٣٠

تنبيهات..................................................................... ٢٣٢

المبحث الرابع في عطف البيان.................................................. ٢٣٣

المبحث الخامس في عطف النسق................................................ ٢٣٥

الباب التاسع

في عمل شبه الفعل ، والفعل الجامد ، واسم الفعل................................. ٢٣٩

المبحث الأول في المصدر....................................................... ٢٣٩

المبحث الثاني في المصدر الميمي ، وعمل المصدر................................... ٢٤١

المبحث الثالث في اسم المصدر وعمله........................................... ٢٤٣

المبحث الرابع في مصدري المرّة ، والهيئة ، والمصدر الصّناعي......................... ٢٤٣

المبحث الخامس في اسم الفاعل وعمله........................................... ٢٤٦

المبحث السادس في اسم المفعول................................................ ٢٤٨

المبحث السابع في الصفة المشبهة................................................ ٢٤٩


المبحث الثامن في اسم التفضيل................................................. ٢٥٢

المبحث التاسع في أسماء الزمان ، والمكان ، والآلة.................................. ٢٥٥

المبحث العاشر في أفعال المدح والذم............................................. ٢٥٦

المبحث الحادي عشر في التعجب............................................... ٢٦٠

المبحث الثاني عشر في أسماء الأفعال ، والأصوات................................. ٢٦٤

تقسيم أسماء الأفعال من حيث الوضع........................................... ٢٦٤

تقسيم أسماء الأفعال من حيث الزمن............................................ ٢٦٥

الباب العاشر

في نواصب الفعل المضارع...................................................... ٢٦٨

المبحث الأول................................................................ ٢٦٨

المبحث الثاني في امتيازات أن................................................... ٢٦٩

المبحث الثالث في جوازم الفعل المضارع.......................................... ٢٧١

المبحث الرابع في أحكام الفعل مع نوني التوكيد الخفيفة والثّقيلة....................... ٢٧٧

ويتّضح من النّتائج الآتية ما يحذف من الفعل المؤكد وحكم ما قبل النون ، بمراجعة هذا الجدول ٢٧٩

المبحث الخامس في الاسم الممنوع من الصرف..................................... ٢٨١

المبحث السادس في المذكر والمؤنث.............................................. ٢٨٤

تتمة في الحروف.............................................................. ٢٨٦

تكملة في الجمل.............................................................. ٢٨٨

خاتمة في الوقف.............................................................. ٢٩١

القواعد الاساسية للغة العربية

المؤلف:
الصفحات: 303