بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

كتاب القاف

باب القاف وما بعدها فى الثلاثى الذى يقال له المضاعف والمطابق

قل القاف واللام أصلانِ صحيحان ، يدلُّ أحدُهما على نَزَارة الشَّىء ، والآخرُ على خلاف الاستقرارِ ، وهو الانزعاج.

فالأوَّل قولهم : قلَ الشَّىءُ يقِلُ قلّة فهو قَلِيل. والقُلُ : القِلّة ، وذلك كالذُّل والذِّلّة. وفي الحديثِ في الرِّبا : «إنْ كَثُرَ فإنَّه إلى قُلٍ». وأمَّا القُلَّةُ التى جاءت فى الحديث (١) ، فيقولون : إنّ القُلَّة ما أقلَّهُ الإنسانُ من جَرّةٍ أو حُبٍّ. وليس فى ذلك عند أهل اللُّغة حدٌّ محدود. قال :

فَظَلِلْنا بنَعْمةٍ واتَّكأْنا

وشَرِبنا الحَلالَ من قُلَلِهْ (٢)

ويقال : استقلَ القومُ ، إذا مضَوا لمسيرِهم ، وذلك من الإقلال أيضاً ، كأنَّهم استخفُّوا السَّيرَ واستقلُّوه. والمعنى فى ذلك كلِّه واحد. وقولنا فى القُلَّة ما أقلَّه الإنسان فهو من القِلّة أيضاً ، لأنَّه يقلُّ عنده.

__________________

(١) منه : «إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل نجسا» ومنه فى ذكر الجنة وصفة سدرة المنتهى : «ونبقها مثل قلال هجر».

(٢) لجميل بن معمر ، كما فى اللسان (قلل).


وأمّا الأصل الآخَر فيقال : تَقَلقلَ الرَّجُل وغيرُه ، إذا لم يثبُتْ فى مكانٍ. وتَقلقَل المِسمارُ : قَلِقَ فى موضعه. ومنه فرسٌ قُلقُلٌ : سريع. ومنه قولهم : أخَذَه قِلُ من الغضب ، وهو شِبه الرِّعْدة.

قم القاف والميم أصلٌ واحد يدلُّ على جَمْع الشَّىء. من ذلك : قَمْقَمَ الله عَصَبه ، أىْ جَمَعه. والقَمْقام : البحر ، لأنَّه مُجتَمَع للماء. والقَمقام : العدد الكثير ، ثمَّ يشبَّه به السيِّد الجامع للِسِّيادة الواسعُ الخير

ومن ذلك قُمَ البيتُ ، أى كُنِس. والقُمامَة : ما يُكنَس ؛ وهو يُجمَع. ويقال من هذا : أقمَ الفَحلُ الإبلَ ، إذا ألقَحَها كلَّها. ومِقَمَّة الشّاة : مِرَمَّتها (١) ، وسمِّيت بذلك لأنها تقمُ بها النَّباتَ فى فيها. ويقال لأعلى كلِّ شىءٍ : القِمَّة ، وذلك لأنَّه مُجتَمعُه الذى به قِوَامُه.

ومما شذَّ عن هذا الباب القَمقام : صغار القِرْدان.

قن القاف والنون بابٌ لم يُوضَع على قياسٍ ، وكلماتُه متبايِنة. فمن كلماته القِنُ ، وهو العَبْد الذى مُلِك هو وأبوه. والقُنَّة : أعلَى الجَبَل. والقُنَانُ : رِيح الإبِطِ أشَدَّ ما يكون(٢). والقُناقِن : الدليل الهادى ، البصيرُ بالماء تحتَ الأرض ، والجمع قَنَاقِن (٣).

__________________

(١) المقمة والمرمة ، كلاهما بكسر الميم وفتحها.

(٢) فى الأصل : «أشط ما يكون» ، صوابه فى المجمل واللسان.

(٣) فى اللسان : «وأصلها بالفارسية ، وهو معرب مشتق من الحفر ، من قولهم بالفارسية كِنْ كِنْ ، أى احفر احفر».


قه القاف والهاء ليس فيه إلّا حكاية القَهْقَهة : الإغراب فى الضحك. يقال : قَهٌ وقهقَهةٌ ، وقد يخفَّف. قال :

* فهنَّ فى تَهَانُفٍ وفى قَهِ (١) *

ويقولون : القَهقهة : قَرَبُ الوِرد (٢)

قب القاف والباء أصلٌ صحيح يدلُّ على جمعٍ وتجمُّع. من ذلك القُبَّة ، وهى معروفة ، وسمِّيت لتجمُّعها. والقَبقَب : البطن ، لأنَّه مجتَمع الطَّعام. والقَبُ فى البَكَرة (٣). وأمَّا قولُهم : إنَ القَبَب : دِقَّة الْخَصْر فإنما معناه تجمُّعُه حتَّى يُرَى أنّه دقيق. وكذلك الخيلُ القُبّ ، هى الضَّوامر ، وليس ذلك [إلَّا] لذَهابِ لُحُومِها والصَّلابةِ التى فيها. وأمَّا القَابّة فقال ابنُ السِّكِّيت : القَابّة : القَطْرة من المَطَر. قال : وكان الأصمعى يصحِّف ويقول : هى الرَّعد. والذى قاله ابنُ السِّكيت أصحُّ وأقْيَس ؛ لأنَّها تَقُبُ التُّرْبَ أى تجمعه.

ومما شذَّ عن هذا الباب تسميتُهم العام الثالث القُبَاقِب ، فيقولون عامٌ ، وقابلٌ ، وقُبَاقِب (٤).

ومما شذَّ أيضاً قولُهم : اقتبَ يدَه ، إذا قَطعَها.

__________________

(١) قبله فى اللسان :

نشأن في ظل النعيم الأرفه

(٢) زاد فى اللسان : «مشتق من اصطدام الأحمال لعجلة السير ، كأنهم توهموا لجرس ذلك جرس نغمة فضاعفوه».

(٣) هو الثقب الذى فى وسط البكرة.

(٤) فى المحمل : «وتقول : لا آتيك العام ، ولا قابلا ، ولا قباقبا».


قت القاف والتاء فيه كلمتانِ متباينتان ، إحداهما القَتُ ، وهو نَمُّ الحديث. وجاء فى الأثر : «لا يدخُلُ الجنّةَ قَتَّاتٌ». وهو النَّمّام. والقَتُ : نَباتٌ. والقَتُ والتَّقتِيتُ (١) : تطييبُ الدُّهن بالرَّياحين.

قث القاف والثاء كلمةٌ تدلُّ على الجمع. يقال : جاء فلانٌ يقُثُ مالاً ودنْيا عريضة.

قح القاف والحاء ليس هو عندنا أصلاً ، ولكنهم يقولون : القُحّ : الجافى من الناس والأشياء ، حتى يقولون للبطِّيخة التى لم تَنْضَج : إنّها لَقحٌ.

قد القاف والدال أصلٌ صحيح يدلُّ على قَطْعِ الشىء طولاً ، ثم يستعار. يقولون : قَدَدْتُ الشَّىء قدَّا ، إذا قطعتَه طولا أقُدُّه ، ويقولون : هو حسَنُ القَدّ ، أى التقطيع ، فى امتدادِ قامته. والقِدُّ : سيرٌ يقَدُّ من جلدٍ غيرِ مدبوغٍ. واشتقاق القَدِيد منه. والقِدَّة : الطّريقةُ والفِرْقة من الناس ، إذا كان هوَى كلِّ واحدٍ غيرَ هوى صاحِبِه. ثمَّ يستعيرون هذا فيقولون : اقتدَّ فلانٌ الأمورَ ، إذا دَبَّرَها ومَيَّزها. وقَدَّ المسافرُ المَفازةَ. والقَيْدُود : النَّاقة الطَّويلة الظَّهر على الأرض. والقَدُّ : جِلد السَّخلة ، الماعزة ، ويقولون فى المثَل : «ما يَجْعَلُ قَدَّك إلى أديمك». ويقولون القُدَاد : وجَعٌ فى البطن.

قذ القاف والذال قريبٌ من الذى قبلَه ، يدلُّ على قطعٍ وتسويةٍ طولاً وغيرَ طُول. من ذلك القُذَذ : ريش السَّهم ، الواحدة قُذَّة. قالوا : والقَذُّ :

__________________

(١) اقتصر فى المجمل على «القت» ، وفى اللسان والقاموس على «التقتيت».


قطعها. يقال : أُذُنٌ (١) مقذوذة ، كأنّها بُرِيَتْ بَرْياً. قال :

* مَقْذُوذةُ الآذانِ صَدْقاتُ الحَدَقْ (٢) *

وزعم بعضُهم أن القُذَاذات : قِطَعُ الذَّهب ، والجُذَاذات : قِطَع الفِضّة. وأمَّا السَّهم الأقَذُّ فهو الذى لا قُذَذَ عليه. والمَقَذُّ : ما بين الأُذُنين من خَلْف. وسمِّىَ لأنَّ شعره يُقَذّ قَذَّا.

ومما شذَّ عن الباب قولُهم : إنّ القِذَّانَ : البَرَاغيث.

قر القاف والراء أصلانِ صحيحان ، يدلُّ أحدهما على* برد ، والآخر على تمكُّن.

فالأوَّل القُرُّ ، وهو البَرْد. ويومٌ قارٌّ وقَرٌّ : قال امرؤُ القَيس :

إذا ركِبُوا الخيلَ واستَلأَمُوا

تحَرَّقت الأرضُ واليومُ قَرّ (٣)

وليلة قَرَّةٌ وقارَّة. وقد قَرَّ يومُنا يَقِرُّ. والقِرَّة : قِرَّة الحُمَّى حين يجد لها فَترةً (٤) وتكسيراً. يقولون : «حِرَّةٌ تحت قِرَّة» ، فالحِرّة : العَطَش ، والقِرّة : قِرَّة الحُمَّى. وقولهم : أقَرَّ اللهُ عينَه ، زعم قومٌ أنَّه من هذا الباب ، وأنَّ للسُّرورِ دَمعةً باردة ، وللغمِّ دمعةً حارّة ، ولذلك يقال لمن يُدعَى عليه : أسخَنَ الله عينَه. والقَرور : الماء البارد يُغتَسَل به ؛ يقال منه اقتَرَرْت.

والأصل الآخَر التمكُّن ، يقال قَرَّ واستقرَّ. والقَرُّ : مركبٌ من مراكب النِّساء. وقال:

__________________

(١) فى الأصل : «إذا» ، صوابه فى المجمل.

(٢) البيت لرؤبة فى ديوانه ١٠٤ وأراجيز العرب للسيد البكرى ٢٥.

(٣) ديوان امرىء القيس ٥.

(٤) فى الأصل : «قرة».


* على حَرَجٍ كالقَرِّ تخفقُ أكفانِى (١) *

ومن الباب [القَرُّ (٢)] : صَبُّ الماءِ فى الشَّىء ، يقال قَرَرتُ الماء. والقَرُّ : صبُّ الكلامِ فى الأُذُن.

ومن الباب : القَرقَر : القاع الأملس. ومنه القُرارة : ما يلتزِق بأسفل القِدْر ، كأنَّه شىء استقرَّ فى القِدْر.

ومن الباب عندنا ـ وهو قياسٌ صحيح ـ الإقرار : ضدُّ الجحود ، وذلك أنَّه إذا أقَرَّ بحقٍّ فقد أقرَّهُ قرارَهُ. وقال قومٌ فى الدُّعاء : أقرّ الله عينه : أى أعطاه حتى تَقِرَّ عينُه فلا تطمَحَ إلى من هو فوقَه. ويوم القَرِّ : يومَ يستقرُّ الناسُ بمنًى ، وذلك غداةَ يومِ النَّحر.

قلنا : وهذه مقاييسُ صحيحةٌ كما ترى فى البابين معاً ، فأمَّا أنْ نتعدَّى ونتحمّل الكلامَ كما بلغنا عن بعضهم أنَّه قال : سمِّيت القارورة لاستقرار الماء فيها وغيرِه ، فليس هذا من مذهبنا. وقد قلنا إنَّ كلامَ العرب ضربان : منه ما هو قياسٌ ، وقد ذكرناه ، ومنه ما وُضِع وضعاً ، وقد أثبَتْنا ذلك كلَّه. والله أعلم.

فأمَّا الأصواتُ فقد تكون قياساً ، وأكثرُها حكاياتٌ. فيقولون : قَرقَرت الحمامةُ قَرقرةً وقَرْقَرِيراً.

__________________

(١) لامرىء القيس فى ديوانه ١٢٦ واللسان (حرج ، قرر). وقد سبق فى (حرج) وصدره :

فإما تريني في رحالة جابر

(٢) التكملة من المجمل.


قز القاف والزاء كلمةٌ واحدة ، تدلُّ على قِلَّةِ سُكونٍ إلى الشَّىء (١) ، من ذلك القزّ ، وهو الوَثْب. ومنه التقزُّز ، وهو التنطُّس. ورجلٌ قَزٌّ ، وهو لا يسكن إلى كلِّ شىء.

قس القاف والسين مُعظَمُ بابه تتبُّع الشَّى ، وقد يشذُّ عنه ما يقاربُه فى اللَّفظ.

قال علماؤُنا : القَسُ : تتَبُّع الشَّى وطلبُه ، قالوا : وقولهم إنَ القَسَ النَّميمة ، هو من هذا لأنه يتتبَّع الكلامَ ثمَّ ينُمُّه (٢). ويقال للدَّليل الهادِى : القَسْقاس ، وسمِّى بذلك لعلمه بالطَّريق وحُسْنِ طلَبِه واتِّباعه له. يقال قَسَ يَقُسّ. وتَقَسَّسْتُ أصواتَ القومِ بالليل ، إذا تتبَّعتَها. وقولهم : قَسَسْتُ القومَ : آذَيْتُهم بالكلام القبيح ، كلامٌ غير ملخَّص ، وإنَّما معناه ما ذكرناه من القَسّ أى النَّميمة (٣). ويقولون : قَرَبٌ قَسقاسٌ ، وسيرٌ قَسِيس (٤) : دائبٌ. وهو ذلك القياس ، لأنَّه يقُسُ الأرض ويتتبَّعُها.

ومما شذَّ عن الباب قولهم : [ليلةٌ] قسقاسة : مُظْلِمة. وربَّما قالوا لِلَّيلةِ الباردة : قَسِيَّة(٥). وقُسَاسٌ : بلدٌ تُنسَب إليه السُّيوف القُسَاسيَّة.

__________________

(١) فى الأصل : «قلة وسكون إلى الشىء».

(٢) ينمه ، أى ينقله على جهة الإفساد والشر. وفى الأصل : «ينميه» ، تحريف.

(٣) فى الأصل : «إلى النميمة».

(٤) وكذا فى المجمل. ولم تذكر الكلمة فى المعاجم المتداولة. وبدلها فى اللسان : «قِسْقيس».

(٥) الحق أنها من المعتل. وقد تنبه لذلك فى المجمل ، قال : «ودرهم قسى : ردىء ، وليلة قسية باردة ، ولعل هاتين من كلمات المعتل».


وذكر ناسٌ عن الشَّيبانى ، أنَ القَسْقَاس : الجُوع. وأنشَدُوا عنه :

أتانَا به القَسقاسُ ليلاً ودُونَه

جراثيمُ رَمْلٍ بينهنَّ نفانِفُ (١)

وإنْ صحَّ هذا فهو شاذٌّ ، وإن كان على القياس فإنما أراد به الشّاعِرُ القَسقاس (٢) ، وما أدرى ما الجُوعُ ها هنا. وأمّا قولهم. دِرهمٌ قَسِىٌ ، أى ردىء ، فقال قومٌ : هو إعراب قاس (٣) ، وهى فارسيَّة. والثِّياب القَسِّيَّة يقال إنَّها ثيابٌ يؤتى [بها] من اليَمَن. ويقولون : قَسْقَسْتُ (٤) بالكلب : صحتُ به (٥).

قش القاف والشين كلماتٌ على غير قياس. فالقَشُ : القشْر (٦). يقال تقشقش الشَّىء ، إذا تقشَّر. وكان يقال لسورتى : (قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ) و (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) : المقَشْقِشَتان ، لأنَّهما يُخرِجان قارئهما مؤمناً بهما من الكُفْر.

ومما ليس من هذا الجِنْس : القِشَّة : القِرْدَة ، والصَّبِيَّة الصغيرة. ويقولون : التَّقشقُش : تطلّب الأكلِ من هاهنا وهنا ، وهذا إنْ صحَّ فلعلّه من باب الإبدالْ والأصلُ فيه السين ، وقد مضى ذكره. ويقال : قَشَ القَوْمُ : إذا أحْيَوْا بعدَ هُزَال.

__________________

(١) وكذا ورد إنشاده فى المجمل. والبيت لأبى جهيمة الذهلى ، كما فى اللسان (قسس). وصواب إنشاده : «يينهن قفاف» ، كما نص ابن برى. وبعده :

فأطعمته حتى غدا وكانه

أسير يدانى منكبيه كفاف

(٢) كذا ولعله يريد «القرب القسقاس».

(٣) فى المعرب للجواليقى ٢٥٧ : «قاش» ، وفى اللسان : «قاشى».

(٤) فى الأصل ، «قسست» صوابه فى المجمل واللسان والقاموس.

(٥) زاد فى اللسان : «وقلت له : قُوس قُوس».

(٦) كذا. ولعل صوابها : «فالتقشقش : التقشر».


قص القاف والصاد أصلٌ صحيح يدلُّ على تتبُّع الشَّىء. من ذلك قولهم : اقتصَصْتُ الأثَر ، إذا تتبَّعتَه (١). ومن ذلك اشتقاقُ القِصاص فى الجِراح ، وذلك أنَّه يُفعَل بهِ مثلُ فِعلِه بالأوّل ، فكأنَّه اقتصَ أثره. ومن الباب القِصَّة والقَصَص ، كلُّ ذلك يُتَتبَّع فيذكر. وأمَّا الصَّدر فهو القَصُ ، وهو عندنا قياسُ الباب ، لأنَّه متساوى العِظام ، كأنَّ كلَّ عظم منها يُتْبع للآخَر.

ومن الباب : قَصَصت الشّعر ، وذلك أنَّك إذا قَصَصْتَه فقد سوَّيتَ بين كلِّ شعرةٍ وأُخْتِها ، فصارت الواحدةُ كأنَّها تابعةٌ للأخرى مُسَاويةٌ لها فى طريقها. وقُصَاص الشَّعر : نهايةُ مَنْبِته من قُدُمٍ (٢) ، وقياسُه صحيح. والقُصَّة : النَّاصية. [و] القَصِيصية من الإبل : البعير يقُصُ أثَرَ الرِّكاب. وقولهم : ضربَ فلانٌ فلاناً فأقَصَّه ، أى أدناه ، من الموت. وهذا معناه أنَّه يقُصُ أثَرَ المنيَّة. وأقصَ فلاناً السُّلطانُ [من فلان (٣)] ، إذا قتله قَوَدا.

وأمَّا قولُهم : أَقَصَّت الشّاةُ : استبانَ حَمْلُها ، فليس من ذلك. وكذلك القَصْقاص ، يقولون : إنّه الأسد. والقُصقُصَة : الرَّجل القصير : والقَصِيص : نبتٌ. كلُّ هذه شاذَّة عن القياس المذكور (٤).

__________________

(١) فى الأصل : «إذا تبعد».

(٢) من قدم أى قدام ، وكذا وردت فى المجمل. وفى الأصل : «قدوم» ، تحريف.

(٣) تكملة ضرورية ليستقيم الكلام. والعبارة فى المجمل محرفة كعبارة الأصل ، ففيه : «وأقاد فلان فلانا وأقصه ، إذا قتله قودا» ، صوابه «أقاد فلان فلانا من فلان».

(٤) فى اللسان عند الكلام على القصيص : «قال أبو حنيفة : زعم بعض الناس أنه إنما سمى قصيصا لدلالته على الكمأة كما يقتص الأثر».


قض القاف والضاد أصول ثلاثة : أحدُها هُوِىُّ الشَّىء ، والآخَر خُشونةٌ فى الشَّىء ، والآخِر ثَقْبٌ فى الشَّىء.

فالأوَّل قولُهم : انقَضَ الحائطُ : وقع. ومنه انقضاضُ الطّائِر : هُوِيُّه فى طَيَرانه. والثانى قولهم : دِرع قَضّاءُ : خشِنة المَسِّ لم تنسَحِقْ بعدُ. وأصلُه القِضّة ، وهى أرضٌ منخفِضةٌ ترابُها رملٌ ، وإلى جانبها مَتْن. والقَضَضُ : كِسَرُ الحِجارة. ومنه القَضْقَضة : كَسْرُ العِظام. يقال أسدٌ قضقاضٌ. والقَضُ (١) : ترابٌ يعلو الفِراش. يقال أقضَ عليه مضجَعُه. قال أبو ذُؤيب:

أم ما لِجسمِكَ لا يلائمُ مَضْجعاً

إلا أَقَضَ عليكَ ذاك المضجع (٢)

ويقال لحمٌ قَضٌ ، إذا تَرِبَ عند الشَّىّ. ومن الباب عندى قولُهم : جاءوا بقَضِّهم وقضيضهم (٣) ، أى بالجماعة الكثيرة الخشِنة. قال أوس :

وجاءت جِحاشٌ قَضَّها بقَضيضِها

كأكثَرِ ما كانوا عديداً وأوكَعُوا (٤)

والأصل الثالث قولهم : قَضَضت اللُّؤلؤةَ أقُضُّها قَضَّا ، إذا ثقَبْتَها. ومنه اقتِضاض البِكْر. قاله الشّيبانى.

قط القاف والطاء أصلٌ صحيح يدلُّ على قَطْع الشّىء بسُرعةٍ عَرْضاً.

__________________

(١) وكذا ورد فى المجمل. وفى القاموس : «والقضض ، محركة : التراب يعلو الفراش» ، ونحوه فى اللسان.

(٢) ديوان الهذليين (١ : ٢) والمفضليات (٢ : ٢٢١) واللسان (قضض).

(٣) ويقال أيضا «قضُّهم بقضيضهم» ، و «قضَّهم بقضيضهم».

(٤) ديوان أوس بن حجر ١١ واللسان (قضض). وانظر لمثله الخزانة (١ : ٥٢٥) وسيبويه (١ : ١٨٨). ورواية الديوان واللسان : بأكثر ما كانوا.


يقال : قَطَطت الشّىءَ أَقُطُّه قَطّاً. والقَطّاط : الخَرَّاط الذى يَعمل الحُقَق ، كأنَّه يقْطَعها. قال :

* مِثْلَ تقطِيط الحُقَق (١) *

والقِطْقِط : الرَّذَاذ من المطر ، لأنّه من قِلّتِه كأنّه متقطِّع. ومن الباب الشَّعْرَ القَطَط(٢) ، وهو الذى ينْزَوِى ، خلافُ السَّبْط ، كأنَّه قُطّ قَطًّا. يقال : قَطِطَ شَعرُه ، وهو من الكلمات النَّادرة فى إظهار تضعيفها.

وأمَّا القِطُّ فيقال إنّه الصَّكُّ بِالجائزة. فإنْ كان من قياس الباب فلعلّه من جهة التَّقطيع الذى فى المكتوب عليه. قال الأعشى :

ولا الملكُ النُّعمان يومَ لقيتُه

بغِبْطَتِه يُعطِى القُطوطَ ويأفِقُ (٣)

وعلى هذا يفسَّر قولُه تعالى : (وَقالُوا رَبَّنا عَجِّلْ لَنا قِطَّنا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسابِ) كأنَّهم أرادوا كُتُبَهم التى يُعطَوْنها من الأجْر فى الآخرة.

ومما شذّ عن هذا الباب القِطّةُ : السِّنَّورة. يقال [هو] نعتٌ لها دونَ الذَّكَر. فأمَّا قَطْ بمعنى حَسْب فليس من هذا الباب ، إنما ذاك من الإبدال ، والأصل قدْ. قال طَرَفة :

أخِى ثِقةٍ لا ينثنى عن ضريبةٍ

إذا قِيلَ مهلاً قال صاحبُه قَدِ (٤)

__________________

(١) كذا. وإنشاد البيت كما فى ديوان رؤبة ١٠٦ واللسان (قطط) والمخصص (١٢ : ١٣٣ ١٥ : ١٠١) :

سوى مساحبهن تقطيط الحقق

(٢) يقال شعر قطط وقط أيضا بفتح القاف فيهما.

(٣) ديوان الأعشى ١٤٦ واللسان (قطط ، أفق). وقد سبق فى (أفق). فوجه التكملة هناك : «بغبطته» لا «بإمته».

(٤) من معلقته. والرواية المشهورة. «قال حاجزه».


لكنَّهم أبدَلُوا الدّال طاءً فيقال : قَطِى وقَطْكَ وقَطْنى. وأنشدوا :

امتلأ الحَوْضُ وقال قَطنِى

حَسْبى رويداً قد ملأْتَ بَطْنِى (١)

ويقولون قَطَاطِ ، بمعنى حسبى (٢). وقولهم : ما رأيتُ مثلَه قطّ ، أى أقطع الكلام فى هذا (٣) ، بِقوله على جهة الإمكان. ولا يقال ذلكْ إلا فى الشَّىء الماضى.

قع القاف والعين أصلٌ صحيح يدلُّ على حكاياتِ صوتٍ. من ذلك القَعقَعة : حكايةُ أصوات التِّرَسةِ وغيرها. والمُقَعقِع : الذى يُجيل القِداح. ويكون للقِداح عند ذلك أدنَى صوت. ويقال رجلٌ قَعقعانىٌ ، إذا مَشَى سمِعتَ لمفاصله قَعقَعةً. قال :

* قَعْقعَةَ المِحوَرِ خُطَّافَ العَلَقْ (٤) *

وحِمارٌ قَعقعانىٌ ، وهو الذى إذا حَمَلَ على العانة صَكَّ لَحْيَيْه. ويقال : قَرَبُ قَعْقاعٌ : حثيث ، سمِّى بذلك لما يكون عندهُ من حركات السَّير وقَعْقَعته. وطريقٌ قعقاعٌ : لا يُسلَك إلَّا بمشقَّة. فأمَّا القُعَاعُ فالماء المُرُّ الغليظ. يقال : أَقَعُّوا ، إذا أنْبَطُوا قُعَاعاً. فهذا ممكنٌ أنْ يكون شاذَّا عن الأصل الذى ذكرناه ، وممكن أن يكون مقلوباً من عَقَّ ، وقد مضى ذِكره. ويقولون : قَعْقَع فى الأرض : ذَهَب. وهذا من قياس الباب ، لما يكون له عند سَيرِه من حركةٍ وقَعقعة.

__________________

(١) كذا ورد البيت. والرواية المشهورة : «سلا رويدا» ، أو «مهلا رويدا». نظر اللسان (قطط ، قطن) ، والمخصص (١٤ : ٦٢) ومجالس ثعلب ١٨٩ والإنصاف ٨٣ وإصلاح المنطق ٦٧ ، ٣٧٧.

(٢) وشاهده قول عمرو بن معديكرب ، فى اللسان :

أطلت فراطيم حتى إذا ما

قتلت سراتهم قالت قطاك

(٣) فى الأصل : «فيه هذا».

(٤) لرؤبة فى ديوانه ١٠٦ واللسان (قعع).


قف القاف والفاء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على جَمْع وتجمُّع وتقبُّض. من ذلك القُفَّة : شَىءٌ كهيئة اليقطينة تُتَّخَذ من خُوط أو خُوص. يقال للشَّيخ (١) إذا تقبَّضَ من هَرَمه : كأنَّه قُفَّة. وقد استَقفّ ، إذا تشنَّج. ومنه أَقَفَّتِ الدَّجاجةُ ، إذا كَفَّت عن البَيض. والقَفُ : جنسٌ من الاعتراض للسَّرَق ، وقيل ذلك لأنَّه يقُفُ الشَّىءَ إلى نفسه. فأمَّا قولُهم : قَفْقَف الصَّرِدُ ، إذا ارتَعَد ، فذلك عندنا من التقبُّض الذى يأخذُه عند البرد. قال :

نِعْمَ شِعارُ الفَتَى إذا بَرَدَ ال

ليلُ سُحيْراً وقَفْقَفَ الصَّرِدُ (٢)

ولا يكون هذا من الارتعاد وحدَه.

ومن الباب القُفّ ، وهو شىءٌ يرتفع من مَتْن الأرض كأنّه متجمِّع ، والجمع قِفاف. والله أعلم.

باب القاف واللام وما يثلثهما

قلم القاف واللام والميم أصلٌ صحيح يدلُّ على تسويةٍ شىء عند بَرْيه وإصلاحه. من ذلك : قَلَمْتُ الظُّفُر وقلَّمْته. ويقال للضَّعيف : هو مَقلُوم الأظفار. والقُلَامَة : ما يسقُط من الظُّفُر إذا قُلِم. ومن هذا الباب سمِّى القلمُ قَلَماً ،

__________________

(١) فى الأصل : «قال الشيخ».

(٢) سبق إنشاد البيت فى (صرد). ونسب إلى عمر بن أبى ربيعة فى تهذيب الألفاظ ١٢١ ، ٢١٢ والجمهرة (١ : ١٦١). وقد أثبت فى ملحقات ديوان عمر طبع ليبسك ص ٣٣٣. وهو بدون نسبة فى المخصص (٥ : ٧١) وأمالى المرتضى (٤ : ٨١). وأنشده فى الكامل ١٣٦ ليبسك واللسان (قفف) وعيون الأخبار (٣ : ٩٥) : «نعم ضجيع الفتى». وفى اللسان : «فقفقف الصرد» ، وفى الكامل : «وقرقف».


قالوا : سمِّى به لأنَّه يُقْلَم منه كما يُقْلَمُ من الظُّفر ، ثمَّ شُبِّه القِدْح به فقيل : قلم. ويمكن أن يكون القِدحُ سُمِّى قلَماً لما ذكرناه من تسويته وبَرْيه. قال الله تعالى : (وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ). ومن الباب المِقْلَم : طَرَف قُنْب البعير ، كأنَّه قد قُلِم ، ويقال إنّ مَقَالم الرُّمح : كُعوبه.

ومما شذَّ عن هذا الأصل القُلَّام ، وهو نبتٌ. قال :

أتَوْنى بِقُلَّامٍ فقالوا تَعَشّهُ

وهل يأكُلُ القُلَّامَ إلا الأباعرُ (١)

قله القاف واللام والهاء لا أحفَظُ فيه شيئاً ، غير أنّ غَديرَ قَلَهَى : موضع.

قلو القاف واللام والحرف المعتلّ أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على خِفّةٍ وسرعة. من ذلك القِلْو : الحِمار الخفيف. [و] يقال : قَلَتِ النَّاقةُ براكبها قَلْواً ، إذا تقدَّمَت به. واقلَوْلَت الحُمْر فى سرعتها. والمُقلَوْلِى : المتجافى عن فِراشه. وكلُّ نابٍ عن شىء متجافٍ عنه : مُقْلَوْلٍ. قال :

أقولُ إذا اقْلَوْلَى عليها وأقْرَدَتْ

ألَا هَلْ أخو عيشٍ لذيذٍ بدائمِ (٢)

والمُنْكمش مُقْلَوْلٍ. وفى الحديث : «لو رأيتَ ابنَ عُمَرَ لرأيتَه مُقْلولياً». أى متجافِياً عن الأرض ، كأنّه يريد كَثْرَةَ الصَّلاة. ومن الباب قَلَا العَيْرُ آتُنَه قَلْوًا. ومن الباب القِلَى ، وهو البُغْض. يقال منه : قَلَيْتُه أَقلِيه قِلًى. وقد قالوا : قَلَيتُهُ أَقلاه (٣). والقِلَى تجافٍ عن الشّىء وذَهابٌ عنه والقَلْى : قَلىُ الشّىء عَلَى المِقْلَى.

__________________

(١) أنشده فى المجمل واللسان قلم).

(٢) للفرزدق فى ديوانه ٨٦٣ برواية «يقول» ، وفى اللسان (قرد ، قلا) : «تقول».

(٣) فى اللسان أنها لغة طيء. وأنشد ثعلب :

أيام أم الغمر لا تقلاها

ولو تشاء قبلت عيناها


يقال : قَلَيْت وقَلَوْت. [و] القَلَّاء : الذى يَقْلى. وهو القياس ، لأن الحَبَّة تُستَخَفُ بالقلْى وتَخِفُّ أيضاً.

قلب القاف واللام والباء أصلانِ صحيحان : أحدهما يدلّ على خالِص شَىءٍ وشَريفِه، والآخَرُ على رَدِّ شىءٍ من جهةٍ إلى جهة.

فالأوَّل القَلْبُ : قلب الإنسان وغيره ، سمِّى لأنَّه أخْلَصُ شىءٍ فيه وأرفَعُه. وخالِصُ كلِّ شىءٍ وأشرفُه قَلْبُه. ويقولون : عربىٌ قَلْبٌ (١). قال :

[فلا] تُكثِروا فيها الضَّجَاجَ فإنَّنى

تخيَّرتُها منهم زُبيرِيّةً قَلْبَا

والقُلَاب : داءٌ يصيب البعير فيَشْتَكِى قَلْبَه. والقُلْبُ من الأَسورة : ما كان قُلْباً واحداً لا يُلوَى عليه غيرُه. وهو تشبيهٌ بقُلْب النَّخْلة. ثم شبِّه الحَيَّة بالقُلْب من الحَلْىِ فسمِّى قُلْباً. والقَلْب : نجمٌ يقولون إنه قَلْبُ العَقرب. [و] قَلَبْتُ النَّخلةَ : نَزَعت قَلْبها.

والأصل الآخر قَلَبْتُ الثَّوبَ قَلْباً. والقَلَب : انقلابُ الشَّفَة ، وهى قَلْباءُ وصاحبُها أَقْلَب. وقَلَبْتُ الشَّىء : كبَبتُه ، وقلَّبته بيدىَ تقليباً. ويقال : أقْلَبَتِ الخُبْزةُ ، إذا حان لها أن تُقْلَب. وقولهم : ما به قَلبَةٌ ، قالوا : معناه ليست به عِلَّة يُقْلب لها فيُنْظَر إليه. وأنشدوا :

ولم يقلِّب أرضَها بيطارُ

ولا لحبلَيْهِ بها حُبَارُ (٢)

أى لم يقلِّب قوائمها من عِلَّةٍ بها. والقَلِيب : البئرُ قبل أنْ تُطوَى ؛ وإنّما

__________________

(١) يقال بفتح اللام وضمها ، ويستوى فيه المذكر والمؤنث واجمع ، وإن شئت ثنيت وجمعت.

(٢) لحميد الأرقط ، كما فى اللسان (قلب ، حبر ، أرض). وقد سيق فى (حبر).


سمِّيت قليباً لأنَّها كالشَّىء يقلَب من جهة إلى جهة ، وكانت أرضاً فلما حُفِرت صار ترابُها كأنَّه قُلِب. فإذا طُوِيت فهى الطَّوِىّ. ولفظ القليب مذكَّر (١). والحُوَّلُ القُلَّب : الذى يقلِّب الأمور ويحتال لها. والقياس فى جميع ما ذكرناه واحد. فأمَّا القِلِّيب والقِلّوْب (٢) فيقال إنَّه الذئب. ويمكن أن يُحمَل على هذا القياس فيقال سمِّى بذلك لتقلُّبه فى طلب مأكله. قال:

أيَا جَحْمَتَا بَكِّى على أُمِّ عامرٍ

أكيلةِ قِلَّوْبٍ بإحدى المَذَانبِ (٣)

قلت القاف واللام والتاء أصلانِ صحيحان ، أحدُهما يدلُّ على هَزْمَةٍ فى شَىء ، والآخَر على ذَهابِ شىء وهَلاكِه.

فالأوّل القَلْت ، وهو النُّقرة فى الصَّخرة ، والجمع قِلاتٌ. وقال :

وعينان كالماويَّتَينِ استَكَنَّتا

بكهفَىْ حِجَاجَىْ صَخرةٍ قَلْتِ مَوْرِدِ (٤)

وقَلْتُ العَين : نُقْرتها. وقَلْتُ الإبهام : النُّقرة تَحتَها. وقَلْت الثّريدة : الهَزْمة وسْطَها.

والأصل الآخر القَلَت ، وهو الهلاك. يقال : قَلِت قَلَتاً. وفى الحديث : «إن المسافِرَ ومتاعَهُ على قَلَتٍ إلَّا ما وَقَى اللهُ تعالى». والمِقْلَاتُ من النوق : التى لا يَعيش لها ولد ، وكذلك من النِّساء ، والجمع مقاليت. قال :

__________________

(١) فى الأصل : «والقليب بلفظ القليب مذكر».

(٢) بوزن سفود ، وعِجَّول ، ورَسُول.

(٣) البيت فى اللسان (حجم ، قلب). وقد سبق فى (حجم).

(٤) البيت لطرفة فى معلقته.


يَظَلُ مَقاليتُ النِّساء يطأْنَهُ

يقُلْنَ ألا يُلقَى على المرءِ مئزرُ (١)

وقال :

لا تَلُمْها إنّها من نِسوةٍ

رُقَدِ الصَّيفِ مَقَالِيتَ نُزُرْ

قلح القاف واللام والحاء كلمةٌ واحدة ، وهى القَلَح : صُفْرَةٌ فى الأسنان. رجلٌ أقْلَحُ. قال :

قد بَنَى اللُّوم عليهم بيتَه

وفَشَا فيهم مع اللُّومِ القَلَحْ (٢)

ويقال إنَ الأقْلَح : الجُعَل.

قلخ القاف واللام والخاء كلمة واحدةٌ ، يقولون : إنَ القَلْخ : هَدير الجمل.

قلد القاف واللام والدال أصلانِ صحيحانِ ، يدلُّ أحدهما على تعليق شىء على شىء وليِّه به ، والآخَر على حَظٍّ ونصيب. فالأوَّل التقليد : تَقليد البَدَنة ، وذلك أن يعلَّق فى عُنُقها شىءٌ ليُعْلَم أنَّها هَدْىٌ. وأصل القَلْد : الفتل ، يقال قَلَدْتُ الحبلَ أقلِدُه قَلْداً ، إذا فتَلْتَه. وحبلٌ قليدٌ ومقلود. وتَقَلَّدْتُ السَّيف. ومُقَلَّدُ الرَّجُل : موضِعُ نِجاد السَّيف على مَنْكِبه. ويقال : قَلَّدَ فلانٌ فلاناً قِلادةَ سَوء ، إذا هجاه بما يَبْقَى عليه وَسْمُه. فإذا أكَّدوه قالوا : قَلَّدَهُ طَوْقَ الحمامة ، أى لا يفارقُه كما لا يُفارِق الحمامةَ طوقُها. قال بِشْر :

__________________

(١) البيت لبشر بن أبى خازم ، كما فى إصلاح المنطق ٨٧ واللسان (قلت). وأنشده ثعلب فى مجالسه ٧١. وانظر المخصص (٦ : ١٢٨ / ١٦ : ٩٩).

(٢) للأعشى فى ديوانه ١٦٤ واللسان (قلح).


حبَاكَ بها مولاكَ عَنْ ظَهْرِ بِغْضَةٍ

وقُلِّدَها طوقَ الحمامة جَعْفَرُ (١)

والمِقْلَد : عصاً فى رأسها عَوَج يُقْلَدُ بها الكَلأ ، كما يُقْلَدُ القَتُّ إذا جُعِل حِبالاً. ومن الباب القِلد : السِّوار (٢). وهو قياس صحيح لأنَّ اليدَ كأنَّها تتقلَّدُه. ويقولون : إنَ الإقليد : [البُرَة (٣)] التى يشدُّ بها زِمام الناقة.

والأصل الآخر : القِلْد : الحَظُّ من الماء. يقال : سقَينا أرضَنا قِلْدَها ، أى حظّها. وسقَتْنا السَّماء قِلْداً كذلك ، أراد حظَّا. وفى الحديث : «فَقَلَدَتْنَا السَّماء قِلْداً فى كلِّ أسبوع».

فأمّا المقاليد ، فيقال : هى الخزائن. قال الله تعالى : (لَهُ مَقالِيدُ السَّماواتِ وَالْأَرْض) ، ولعلَّها سمِّيت بذلك لأنَّها تُحْصِنُ الأشياء ، أى تَحفظُها وتَحوزُها. والعرب تقول : أقْلَدَ البحر على خَلْقٍ كثير ، إذا أحْصَنَهُم فى جَوفه.

ومما شذَّ عن الباب القِلْدة والقِشْدة : تمر وسَويقٌ يخلط بهما سَمْن.

قلز القاف واللام والزاء. يقولون : إنَ التقَلّز (٤) : النَّشاط.

قلس القاف واللام والسين كلمتان : أحدهما رَمْىُ السَّحابة النَّدَى من غير مطر ، ومنه قَلَس الإنسانُ ، إذا قاءَ ، فهو قالس. وأمّا التَّقليس فيقال : هو الضَّرب ببعض الملاهى(٥). وهى الكلمة الأخرى (٦).

__________________

(١) فى الأصل : «حبال بها».

(٢) فى المجمل : «السوار من الفضة.

(٣) التكملة من المجمل واللسان.

(٤) ومثله «القلز» ، كما فى القاموس.

(٥) فى المجمل : «التقليس :» الضرب بالدف. ويقال إن التقليس : وضع اليدين على الصدر خضوعا».

(٦) فى الأصل : «وهى كلمة الأخرى».


وقال أبو بكرٍ ابنُ دريد : القَلْس من الحِبال (١) ، ما أدرى ما صحّتُه.

قلص القاف واللام والصاد أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على انضمامِ شىء يعضِه إلى بعض. يقال : تقلَّصَ الشَّىءُ ، إذا انضمَّ. وشَفَةٌ قالِصَة. وظلٌ قالصٌ ، إذا نَقَصَ ، وكأنَّه تضامَّ. قال تعالى (٢) : (ثُمَّ قَبَضْناهُ إِلَيْنا قَبْضاً يَسِيراً). وأمَّا قَلَصَةُ الماءِ فهو الذى يَجِمُّ فى البئر منه حتى يرتفع ، كأنه تقلّص من جوانبه. وهو ماء قليص. وجَمْعُ القَلَصَة قَلَصَات. ويقولون : قَلَصَتْ نَفْسُه : غَثَتْ. وقياسُه قريب. فأمَّا القَلُوصُ ، فهى الأُنثى من رِئال النَّعام. وعندى أنَّها سُمِّيت قَلوصاً لتجمُّع خَلْقِها ، كأنَّها تقلَّصَتْ من أطرافها حتَّى تجمَّعت. وكذلك أُنثى الْحُبارَى. وبها سمِّيَت القَلُوصُ من الإبل ، وهى الفتيَّة المجتمعة الخَلق. ويقال : قَلَصَ الغدير(٣)، إذا ذَهَبَ أكثرُ مائِه.

قلط القاف واللام والطاء ليس فيه شىء يصح. غير أنَّ ابن دريد قال : رجُلٌ قُلَاطٌ : قَصير (٤). ولعلَّ هذا من قولهم رجلٌ قَلَطِىٌ.

قلع القاف واللام والعين أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على انتزاعِ شىء من شىء ، تم يفرَّع منه ما يقاربُه. تقول : قَلَعْتُ الشّىءَ قَلْعا ، فأنا قالعٌ وهو

__________________

(١) فى الأصل : «القليس من الجبال» ، صوابه فى المجمل والجمهرة (٣ : ٤١). وفسره فى اللسان يأنه : حبل غليظ من حبال السفن.

(٢) فى الأصل : «قوله تعالى».

(٣) فى الأصل : «قلص البعير الغدير» ، صوابه فى المجمل واللسان.

(٤) الجمهرة (٣ : ١١٣).


مقلوع. ويقال للرّجُل الذى يتقلَّع عن سَرْجِه لسوءِ فُروسَتِه : قُلْعَة (١). ويقال هذا منزِلُ قُلْعةٍ ، إذا لم يكن موضعَ استيطانٍ. والقَوْم على قُلْعَةٍ ، أى رِحلة. والمقلوع : الأمير المعزول. والقَلَعة : صخرةٌ تتقلَّع عن جبلٍ منفردةً يَصعُب مَرامُها. وبه تشبَّه السحابة العظيمة ، فيقال قلَعَةٌ ، والجمع قَلَع. قال :

تَفَقَّأَ فوقَه القَلَعُ السَّوَارِى

وجُنَّ الخازبازِ به جُنونا (٢)

والقُلَاع : الطِّين يتشقَّقُ إذا نَضَب عنه الماء. وسمِّى قُلَاعاً لأنَّه يتقلَّع.أقلَعَ (٣)] عن الأمر ، إذا كَفَّ. ورماهُ بقُلَاعة ، إذا اقتَلَع قطعةً من الأرض فرماه بها. والمِقْلاع معروف. والقَلّاع : الشُّرطِىّ فيما يقال. وروى فى حديث : «لا يدخُل الجنَّةَ دَيْبُوبٌ ولا قَلّاع». قالوا : الدَّيبوب : الذى يدِبُّ بالنّمائم حتَّى يفرِّق بين الناس. والقَلّاع : الرّجُل يَرَى الرّجُلَ [قد ارتفَع] مكانُه عند آخَرَ فلا يزال يَشِى بينهما حتَّى يَقلَعَه. وأقلَعَتْ عنه الحُمَّى. ويقال : تركتُ فلاناً فى قَلَعٍ من حُمَّى ؛ أى فى إقلاع. ويقال قَلِعَ قَلَعاً. والقِلْع : شِراع السَّفينة ، وذلك لأنّه إذا رُفِعَ قَلَعَ السّفينةَ من مكانها.

ومما شذَّ عن هذا الباب القَلع والقِلْع. فأمّا القَلْع (٤) فالكِنْف ، يقولون فى أمثالهم :

__________________

(١) كذا ضبط فى الأصل واللسان. وفى المجمل بفتح القاف واللام ، وليس بشىء. وضبط فى القاموس بالضم ، وبضم ففتح ، وبضمتين.

(٢) البيت لابن أحمر ، كما فى اللسان (قلع ، خوز) وإصلاح المنطق ٥١ والحيوان (٣ : ١٠٩ / ٦ : ١٨٦). وانظر المخصص (١٤ : ٩٦) وأمثال الميدانى (١ : ٢٢٧).

(٣) التكملة من المجمل.

(٤) الحق أنه بفتح القاف وكسرها ، كما فى اللسان والقاموس.


«شَحْمَتِى فى قَلْعِى». وأمَّا القِلْع فيقال : إنّها صُدَيِّرٌ يلبَسُه الرّجلُ على صَدره (١). قال :

* مُسْتَأْبِطاً فى قِلْعِه سِكيِّنَا (٢) *

قلف القاف واللام والفاء أصلٌ صحيح يدلُّ على كَشْط شىءٍ عن شىء. يقال : قَلَفْت الشَّجرةَ ، إذا نحَّيْتَ عنها لِحاءَها. وقَلَفْتَ الدَّنَّ : فَضضتُ عنه طِينَه. وقَلَفَ الخاتنُ غُرْلة الصبىِّ ، وهى القُلْفة ، إذا قَطَعها.

قلق القاف واللام والقاف كلمةٌ تدلُّ على الانزعاج. يقال : قَلِق يَقْلَق قَلَقاً.

باب القاف والميم وما يثلثهما

قمن القاف والميم والنون كلمةٌ واحدة. يقال : هو قَمَنٌ أَنْ يفعَل كذا ، لا يثنى* ولا يُجمَع إذا فتحتَ ميمه ، فإن كَسَرتَ أو قُلْت قَمينٌ ثنَّيت وجَمَعت. ومعنى قَمِينٍ : خَليقٌ.

قمه القاف والميم والهاء فيه كلماتٌ ليست بأصليَّة. يقولون : قَمَهَ الشّىءُ ، إذا انْغَمَس فى الماء فارتفَعَ حيناً وغابَ حيناً. وقِفاف قُمَّه. تَغيبُ فى السَّراب وتظهر. وهذا فى الإبدال ، وأصله قُمَّس. ويقولون : قَمَهَ البعيرُ مثل قَمَحَ ، إذا رفَعَ رأسَه ولم يشرب الماءَ ، هو من الإبدال.

__________________

(١) هذا المعنى مما ورد فى القاموس ولم يرد فى اللسان.

(٢) وكذا ورد إنشاده فى المجمل. ولم يرد الاستئباط فى المعاجم بمعنى التأبط. وفيها استأبط : حفر حفرة ضيق رأسها ووسع أسفلها.


وكلمةٌ أخرى من المقلوب ، قال ابن دُرَيْد (١) : القَمَه مثل القَهَم ، وهو قِلّةُ الشَّهوة للطّعام ، قَهِمَ وقَمِه.

قما القاف والميم والحرف المعتلُّ كلمةٌ تدلُّ على حقارة وذُلّ. يقال : هو قَمِىٌ بين القَماءة ، أى الحقارة. وأقْمَيْته أنا : أذللته.

وإذا هُمِز كان له معنىً آخر ، وذلك قولهم : تقمَّأْت الشَّىء ، إذا طلبتَه ، تَقَمُّؤاً. وزعم ناسٌ أنَّ هذا من باب الإعجاب ، يقال أقمأَنى الشَّىء : أعجبَنى. وأقْمَأَتِ الإبِلُ : سَمِنَتْ. وتَقَمَّأْتُ الشّىء : جمعته شيئاً بعد شىء. قال :

لقد قَضَيْتُ فلا تَستهزئا سَفَهاً

ممَّا تقمَّأْتُه من لذّةٍ وطَرِى (٢)

قمح القاف والميم والحاء أُصَيلٌ يدلُّ على صفةٍ تكون عند شُرب الماء من الشَّارب ، وهو رَفْعُهُ رأسَه. من ذلك القامح ، وهو الرَّافع رأسَه من الإبل عند الشُّرب امتناعا منه. وإبلٌ قِماح. قال :

ونحنُ على جوانبِها قُعودٌ

نَغضُّ الطَّرفَ كالإبِل القِمَاحِ (٣)

ويقولون : رَوِيَتْ حَتَّى انقَمَحَتْ ، أى تركت الشُّرب رِيَّا. وشَهْرا قِمَاحٍ : أشدُّ ما يكون من البَرْدِ ، وسمِّيا بذلك لأنّ الإبلَ إذا وردت آذاها بَردُ الماء فَقَامَحَتْ ، أى رفَعَتْ رءوسَها.

ومما شذَّ عن هذا الأصل القَمْح ، وهو البُرّ. ويقولون ـ ولعله أن يكون

__________________

(١) الجمهرة (٣ : ١٦٧).

(٢) لابن مقبل ، كما فى المجمل واللسان (قمأ).

(٣) لبشر بن أبى خازم ، كما فى اللسان (قمح) ومختارات ابن الشجرى ٨٠.


صحيحاً : اقتَمَحْتُ السَّويقَ وقَمَحتُه ، إذا ألقيتَه فى فمك براحَتِك. قال ابن دريد (١) : القُمْحة من الماء : ما ملَأَ فاكَ منه. والقُمَّحات : الوَرْس ، أو الزَّعفران ، أو الذَّرِيرة ، كلُّ ذلك يُقال.

قمد القاف والميم والدال أُصَيلٌ يدلُّ على طُولٍ وقُوّة وشِدّة. من ذلك القُمُدُّ : القوىُّ الشَّديد. قال ابن دريد (٢) : «القَمْد أصل بناء القُمُدّ. [و] الأقمد : الطَّويل ، رجلٌ أَقْمَدُ وامرأةٌ قَمْدَاء ، وقُمُدّ وقُمُدَّة».

قمر القاف والميم والراء أصلٌ صحيح يدلُّ على بَياضٍ فى شىء ، ثم يفرّع منه. من ذلك القَمَر : قَمَر السَّماء ، سمِّى قمراً لبياضه. وحمارٌ أَقْمَر ، أى أبيض. وتصغير القَمَر قُمَيْر. قال :

وقميرٍ بدا ابن خمسٍ وعشري

نَ فقالت له الفتاتان قُوما (٣)

ويقال : تقمَّرتُه : أتيتُه فى القَمْراء. ويقولون : قَمِرَ التَّمْر ، وأقْمَرَ ، إذا ضَرَبَه البردُ فذهبت حلاوتُه قبل أن يَنضَج. ويقال : تَقَمَّر الأسدُ ، إذا خَرَج يطلبُ الصيد فى القَمْرَاء. قال :

سَقَط العِشاءُ به على مُتَقمِّرٍ

ثَبْتِ الجَنَانِ مُعَاوِدِ التَّطْعانِ (٤)

__________________

(١) الجمهرة (٢ : ١٨٢).

(٢) الجمهرة (٢ : ٢٩٤).

(٣) لعمر بن أبى ربيعة فى ديوانه ٥٠ والأزمنة والأمكنة للمرزوقى ٥٠. ورواية الديوان «له قالت الفتاتان». وفى الأزمنة :

وفير بدا لخمس وعشر

ين له قالت الفتاتان قوما

قال المرزوقى : «يريد قومَنْ».

(٤) لعبد الله عنمة الضبى ، كما فى اللسان (قمر) برواية : «حامى الذمار معاود الأقران». وقبله :

أبلغ عنيمة أن رامى إبله

سقط السقاء به على سرعان

وانظر أمثال الميدانى (١ : ٣٠٠).


وقَمرَ القومُ الطّيرَ ، إذا عَشَّوْها ليلاً فصادُوها. فأمَّا قول الأعشى :

تَقَمَّرَها شيخٌ عِشاءً فأصبحتْ

قُضَاعِيَّةً تَأْتى الكواهنَ ناشِصا (١)

فقيل : معناه كما يتقمَّر الأسدُ الصّيدَ. وقال آخرون : تقمّرها : خَدَعها كما يُعَشَّى الطّائرُ ليلاً فيُصَاد.

ومن الباب : قَمِرَ الرّجُل ، إذا لم يُبصِر فى الثَّلج. وهذا على قولهم : قَمِرَت القِربة ، وهو شىءٌ يُصِيبُها كالاحتراق من القَمَر.

فأمّا قولُهم : قَمَرَ يَقْمِرُ قَمْراً ، والقِمار من المُقَامَرة ، فقال قومٌ : هو شاذ عن الأصل الذى ذكرناه ، وقال آخرون : بل هو منه. وذلك أنَ المُقامِرَ يزيد مالُه ويَنْقُص ولا يَبْقَى على حال. وهذا شىءٌ قد سَمِعناه. والله أعلمُ بصحَّتِه.

قال ابن دريد : تَقَمَّرَ الرّجُل ، إذا طلَبَ من يُقَامِرُه (٢). ويقال : قَمَرْتُ الرّجُلَ أقمُره وأَقمِرُه.

قمس القاف والميم والسين أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على غَمْسِ شىءٍ فى الماء ، والماء نفسُه يسمَّى بذلك. من ذلك قَمَسْت الشىءَ فى الماء : غَمَسْتُه. ويقال : إنّ قَامُوس البحرِ : مُعظَمه. وقالوا فى ذكر المَدِّ والجزر : إنَّ مَلَكاً قد وُكِّل بقَامُوس البحر ، كلَّما وَضَعَ رجلَه فاض ، فإذا رفَعَها غاضَ. ويقولون* : قَمَسَ الولدُ فى بطن أمِّه : اضطرب. والقَمَّاس : الغَوَّاص. وانْقَمَسَ النّجم : انحطَّ فى المَغْرِب. وتقول العربُ للإنسان إذا خاصم مَنْ هو أجرأ منه : «إنما يُقَامِسُ حُوتاً».

__________________

(١) ديوان الأعشى ١٠٨ واللسان (قمر ، نشص).

(٢) فى الجمهرة (٢ : ٤٠٦) : «إذا غلب من يقامره» ، وما هنا صوابه.


قمش القاف والميم والشين. يقولون : القَمْش : جَمْعُ الشىء من ها هنا [وهُنَا (١)].

قمص القاف والميم والصاد أصلان : أحدهما يدل على لُبس شىء والانشِيامِ فيه ، والآخَر على نَزْوِ شىءٍ وحركة.

فالأوَّل القَميص للإِنسان (٢) معروف. يقال : تَقَمَّصَه ، إذا لَبِسه. ثم يُستعار ذلك فى كلِّ شىء دخل فيه الإنسان ، فيقال : تقمَّصَ الإمارَةَ ، وتقمَّص الوِلاية. وجَمْع القميص أَقْمِصَةٌ ، وقُمُص.

والأصل الآخر القمْص ، من قولهم : قَمَصَ البعير ويَقمُص قَمصاً وقِمَاصاً ، وهو أن يرفع يدَيه ثم يطرحَهما معاً ويَعجِنَ برجليه. وفى الحديث (٣) ذكر القَامِصَة ، وهو من هذا. يقال قَمَص البحر بالسَّفينة ، إذا حَرّكَها بالموج ، فكأنَّها بعيرٌ يقمِصُ.

قمط القاف والميم والطاء أُصَيْلٌ يدلُّ على جمع وتجمُّع. من ذلك القَمْط : شدُّ أعصابِ الصبِيِّ بقِماطِهِ. ومنه قُمِطَ الأسيرُ ، إذا جُمِع يين يديه ورجليه بِحبل. ووقعت على قِماطِهِ ، معناه ، على عَقْدِ أمرِهِ كيف عَقْدُه ، وكذلك إذا فَطِنْتَ له. ومرَّ بنا حولٌ قَميطٌ ، أى تامٌّ جميع. وسِفادُ الطَّائرِ قَمْطٌ أيضاً ، لجمعه ماءَه فى أُنثاه.

قمع القاف والميم والعين أُصولٌ ثلاثة صحيحة : أحدها نزولُ شىء مائعٍ فى أداةٍ تُعْمَل له ، والآخَر إذلالٌ وقهر ، والثالث جنسٌ من الحيوان.

__________________

(١) فى المجمل : «من هنا وهنا».

(٢) فى الأصل : «الإنسان».

(٣) هو حديث على كرم الله وجهه ، أنه «قضى فى القارصة والقامصة والواقصة بالدية أثلاثا».


فالأوَّل القِمَعُ معروف ، يقال قِمَعٌ وقِمْع. وفى الحديث : «وَيلٌ لأَقْمَاع القول». وهم الذين يَسمَعون ولا يَعُون ، فكأنَّ آذانَهم كالأَقْمَاع التى لا يَبْقَى فيها شىء. ويقولون : اقتمَعْتُ ما فى السِّقاء ، إذا شربتَه كلَّه ، ومعناه أنك صِرْت (١) له كالقِمَع.

والأصل الآخَر ، وقد يمكنُ أنْ يُجمَعَ بينه وبين الأوَّل بمعنًى لطيف ، وذلك قولهُم : قَمعْتُه : أذلَلْتُه. ومنه قَمَعْتُه ، إذا ضربته بالمِقْمَع. قال الله تعالى : (وَلَهُمْ مَقامِعُ مِنْ حَدِيدٍ). وسمِّى قَمَعَة بن الياس لأنَّ أباه أمره بأمرٍ فانقمع فى بيته ، فسمِّى قَمَعة. والقياس فى هذا والأوَّلِ متقارِب ؛ لأنَّ فيه الوُلوجَ فى بيته وكذلك الماءُ يَنْقَمِع فى القِمَع.

والأصل الآخَر القَمَع : الذُّباب الأَزرق العظيم. يقال : تركناه يتَقمَّع الذِّبَّانَ من الفَرَاغ ، أى يذُبُّها كما يتقمَّع الحِمار. وتُسمَّى تلك الذِّبَّانُ : القَمَعُ. قال أوس :

ألم تر أنَّ اللهَ أنزلَ نَصرَه

وعُفْرُ الظِّباء فى الكِناسِ تَقَمَّعُ (٢)

ويقال : أقْمَعتُ الرّجل عنِّى ، إذا رددتَه عنك. وهو من هذا ، كأنَّه طرَدَه. ومما حُمِل على التَّشبيه بهذا ، القَمَعُ : ما فوق السَّناسِن من سَنام البعيرِ من أعلاه. ومنه القَمَع : غِلَظٌ فى إحدى رُكبَتىِ الفَرَس. والقَمَع : بَثْرَةٌ تكون فى المُوق من زيادةِ اللَّحم.

__________________

(١) فى الأصل : «صوت».

(٢) كذا وصواب الرواية : «أرسل مزنة» ، كما فى المجمل واللسان وإصلاح المنطق ٤٩ والمخصص (٨ : ١٨٣). وأما رواية المقاييس فهى فى بيت آخر لرجل إسلامى أنشده ياقوت فى رسم القادسية ، وهو :

ألم تر أن الله أنزل نصره

وسعد بباب القادسية معصم


ومما شَذَّ عن هذه الأصولِ قولُهم : إنَ قمعة مالِ القومِ : خيارُه (١).

قمل القاف والميم واللام كلماتٌ تدلُّ على حَقارةٍ وقماءة. رجلٌ قَمَليٌ ، أى حقير. والقُمَّل : صِغار الدَّبا. وأقْمَلَ الرِّمْث ، إِذا بدا ورقُه صغاراً ، كأنَّ ذلك شبِّه بالقُمَّل.

باب القاف والنون وما يثلثهما

قنا القاف والنون والحرف المعتلُّ أصلان يدلُّ أحدُهما على ملازمة ومُخالَطَة ، والآخَر على ارتفاعٍ فى شىء.

فالأوَّلُ قولهم : قانَاه ، إذا خالَطَه ، كاللَّونِ يُقانِى لوناً آخَرَ غيرَه. وقال الأصمعىّ : قانيتُ الشَّىءَ : خَلَطته. قال امرؤ القيس :

كبكر المُقاناةِ البياضَ بصُفْرَةٍ

غَذَاها نَمِيرُ الماءِ غَيْرَ مُحَلَّلِ (٢)

ومن ذلك قولهم : ما يُعَانِينى هذا ، أى ما يوافِقُنى. ومعناه أنَّه يَنْبُو عنه فلا يخالطُه.

ومن الباب : قَنَى الشَّىءَ واقْتَنَاه ، إذا كان ذلك مُعَدًّا له لا للتِّجارة. ومالٌ قِنْيانٌ : يتَّخَذ قِنْيةً. ومنه : قَنَيْتُ حيائى : لزِمْتُه. واشتقاقُه من القنْيَة. قال الشاعر (٣) :

فاقَنىْ حياءَكِ لا أبا لَكِ واعلَمِى

أنِّى امرؤٌ سأموتُ إنْ لم أُقْتَلِ

__________________

(١) فى الأصل : «خيارهم» ، صوابه فى المجمل.

(٢) البيت من معلقته المشهورة. و «البياض» تروى بالوجوه الثلاثة.

(٣) هو عنترة بن شداد. ديوانه ١٨٠ واللسان (قنا).


والقِنْو : العِذْقُ بما عليه ، لأنَّه ملازِمٌ لشجرته.

ومن الباب المَقْنَاة من الظِّلِّ فيمَنْ لا يَهمِزُها ، وهو مكانٌ لا تُصيبه الشَّمس. وإنَّما سمِّى بذلك لأنَّ الظلَّ مُلازِمُه لا يكاد يُفارِقُه. ويقول أهلُ العلم بالقُرآن : إنَّ كهفَ أصحابِ الكهف فى مَقْناةٍ من جبل.

والأصل الآخر : القَنَا : احد يدابٌ فى الأنْف. والفعل قَنِىَ قَنًى. ويمكن أن تكون القَناة من هذا ، لأنَّها تُنْصَب وتُرْفَع ؛ وألِفُها واو لأنَّها تُجمَع قَناً وقَنَوات. وقناةُ الماء عندنا مشبَّهةٌ بهذه القناة إنْ كانتْ قناةُ الماء عربيَّة. والتشبيهُ بها ليس من جهةِ ارتفاعٍ ، ولكن هى كظائِمُ وآبارٌ فكانَّها هذه القناة ، لأنَّها كعوبٌ وأنابيب.

وإذا هُمِز خَرَجَ عن هذا القياس ، فيقال : قَنَأَ ، إذا اشتدتْ حُمرتُه وهو قانىء. وربَّما همزوا مَقْنَأة الظّلّ ، والأوَّل أشْبَهُ بالقِياسِ الذى ذكرناه.

قنب القاف والنون والباء أصلٌ يدلُّ على جَمْع وتجمُّع. من ذلك المِقْنَب : القِطْعةُ من الخَيْل ، يقال هى نحوُ الأربعينَ. والقَنِيب : الجماعةُ من النَّاس. قال ابن دُريد (١) : قنَّب الزَّرعُ تَقْنِيباً ، إذا أعْصَفَ. قال : وتسمَّى العَصِيفة : القُنَّابَة. والعصيفة : الورَق المجتمعُ الذى يكون فيه السُّنبُل.

ومن الباب : القُنْب ، وهو وعاء ثِيلِ الفَرَس ، وسمِّى بذلك لأنَّه يَجمَع ما فيه. وأمّا القنَّب فزعم [قومٌ] أنّها عربية. فإنْ كان كذا فهو من قَنَّب الزَّرعُ ، إذا أعْصَف. وهو شىءٌ يتَّخذ من بعض ذلك.

__________________

(١) فى الجمهرة (١ : ٣٢٣).


قنت القاف والنون والتاء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على طاعةٍ وخيرٍ فى دين ، لا يعدو هذا البابَ. والأصل فيه الطَّاعة ، يقال : قَنَتَ يَقْنُتُ قُنوتاً. ثم سمِّى كلُّ استقامةٍ فى طريقِ الدِّين قُنُوتاً ، وقيل لطُولِ القِيام فى الصَّلاةِ قُنُوت ، وسمِّى السُّكوتُ فى الصَّلاة والإقبالُ عليها قُنوتاً. قال الله تعالى : (وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ).

قنح القاف والنون والحاء ليس هو عندنا أصلاً. على أنَّهم يقولون : قَنَحَ الشَّارِبُ ، إذا رَوِىَ فرَفَعَ رأسَه رِيًّا. وهذا من قَمَحَ من باب الإبدال ، وقد مرَّ ذِكرُه.

ومن طرائف ابن دُريد (١) : قَنَحْتُ العُود قَنْحاً : عطفتُه. قال : والقُنَّاح : المِحجَن بلغة أهل اليمن.

قند القاف والنون والدال كلمتانِ زعَمُوا أنهما صحيحتان. قالوا : القَنْد عربىٌّ. يقولون: سَوِيقٌ مَقْنُود ومُقَنَّد. والكلمةُ الأخرى القِنْدأوَة ، قالوا : هو السيِّىء الخُلْقُ.

قنر القاف والنون والراء كلمة : القَنَوَّر : الضَّخْم الرَّأْس.

قنس القاف والنون والسين أُصَيْلٌ صحيحٌ يدلُّ على ثَبَاتِ شىء. من ذلك : الِقَنس: مَنْبِتُ كلِّ شىءٍ وأصلُه. قال :

* فى قَنْسِ مجدٍ فاتَ كُلَ قِنَسِ (٢) *

__________________

(١) فى الجمهرة (٢ : ١٨٣).

(٢) للعجاج فى ملحقات ديوانه ٧٨ واللسان (قنس).


قالوا : وكلُّ شىءٍ ثَبَت فى شىءٍ فذلك الشّىءُ قِنْسٌ له. قالوا : والقَوْنَس فى البَيْضة: أعلاها. وقَوْنَسُ ناصيةِ الفَرَس : ما فَوقَها ؛ وهى ثابتة. قال :

اطرُدَ عَنْكَ الهُمُومَ طارِقَها

ضَرْبَكَ بالسَّيْفِ قَوْنَسَ الفَرَسِ (١)

قنص القاف والنون والصاد كلمةٌ واحدةٌ تدلُّ على الصَّيد قَطْ. فالقَانِص : الصَّائد. والقَنَص : الصَّيد. والقَنْص : فِعْل القَانِص. قال ابن دُريد : القَنيص : الصائد (٢). وبَنُو قَنَص بن مَعدّ : قومٌ دَرَجُوا.

قنط القاف والنون والطاء كلمةٌ صحيحة تدلُّ على اليأس من الشَّىء. يقال : قَنَط يَقْنِط ، وقَنِط يَقْنَط. قال الله تعالى : (وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ)(٣).

قنع القاف والنون والعين أصلانِ صحيحان ، أحدُهما يدلُّ على الإقبال على الشىء ، ثمَّ تَختلفُ معانيه مع اتِّفاق القياس ؛ والآخَر يدلُّ على استدارة فى شىء.

فالأوَّل الإقناع : الإقبال بالوجه على الشَّىء. يقال : أقْنَعَ لهُ يُقنِع إِقْنَاعاً.

__________________

(١) البيت يروى لطرفة بن العبد ، وقال ابن برى : إنه مصنوع عليه. انظر شرح شواهد المغنى للسيوطى ٣١٥. قلت : وليس فى ديوانه. وهو بدون نسبة فى اللسان (قنس) والإنصاف لابن الأنبارى ٢٣٣. والرواية : «اضرب عنك الهموم». أراد : اضربن فحذف النون وبقيت الفتحة دالة عليها.

(٢) فى المجمل : «قال ابن دريد : الصيد قنيص والصائد قنيص». وهذا النقل مطابق لما فى الجمهرة (٣ : ٨٥).

(٣) قرأ أبو عمرو والكسائى ويعقوب وخلف بكسر النون ، ووافقهم اليريدى والحسن والأعمش.

والباقون بفتحها كعلم يعلم. والأول كضرب يضرب لغة أهل الحجاز وأسد ، وهى الأكثر ، ولذا أجمعوا على الفتح فى الماضى فى قوله تعالى : (مِنْ بَعْدِ ما قَنَطُوا). إتحاف فضلاء البشر ٢٧٥.


والإِقْنَاع : مَدُّ اليدِ عند الدُّعاء. وسمِّى بذلك عند إقباله على الجهة التى يمدُّ يدَه إليها. والإفناع : إمالةُ الإناء* للماء المنحدِر.

ومن الباب : قَنَع الرَّجُل يَقْنَعُ قُنوعاً ، إذا سَأَلَ. قال الله سبحانه : (وَأَطْعِمُوا الْقانِعَ وَالْمُعْتَرَّ). فالقَانِع : السَّائل ؛ وسمِّى قانعاً لإقبالِهِ على مَنْ يسأَلُه. قال :

لَمَالُ المرءِ يُصلِحُه فيُغنِى

مفاقِرَه أعفُّ من القُنوعِ (١)

ويقولون : قَنِعَ قَناعةً ، إذا رَضِىَ. وسمِّيتْ قَناعةً لأنَّه يُقْبِلُ على الشَّىء الذى لهُ راضيًا. والإِقْنَاع : مَدُّ البَعيرِ رأسَه إلى الماء للشُرْب. قال ابنُ السِّكِّيت : قَنَعت الإبلُ والغَنَمُ للمرتع ، إذا مالَتْ له. وفلانٌ شاهدٌ مَقْنَعٌ ؛ وهذا من قَنِعْتُ بالشَّيء ، إذا رَضِيتَ به ؛ وجمعه مَقَانع. تقول : إِنه رضًى يُقْنَع به. قال :

وعاقَدْتُ ليلَى فى الخَلاء ولم تَكُنْ

شُهودِى على لَيْلَى شهودٌ مَقَانعُ (٢)

وأما الآخر فالقِنع ، وهو مستديرٌ من الرَّمل. والقِنْع والقِنَاع : شِبْهُ طَبَقٍ تُهدَى عليه الهديَّة. وقِناعُ المرأةِ معروفٌ ، لأنَّها تُدِيرهُ برأسها. ومما اشتُقَّ من هذا القِناع قولُهم : قَنَّع رَأْسَه بالسَّوطِ ضَربًا ، كأنَّه جَعَله كالقِناعِ له.

ومما شَذَّ عن هذا الأصل الإقناع : ارتِفاعُ الشَّىء ليس فيه تَصَوُّبٌ. وقد يُمكنُ أن يُجعَلَ هذا أصلاً ثالثاً ، ويُحتَجَّ فيه بقوله تعالى : (مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُؤُسِهِمْ). قال أهلُ التَّفسير : رافعِى رُؤسِهِم.

__________________

(١) للشماخ فى ديوانه ٥٦ واللسان (فقر ، قنع) والأضداد لابن الأنبارى ٥٥. وانظر المخصص (١٢ : ٢٨٧).

(٢) كذا ورد ضبعله فى المجمل واللسان على تقديم الخير. ونسب فى اللسان إلى البعيث.


قنف القاف والنون والفاء أُصَيلٌ يدلُّ على تجمُّعٍ فى شىء. من ذلك القَنِيف : الجَمَاعة من النَّاس. والقَنِيف ، فيما ذكره ابن دريد (١) : القِطعة من اللَّيْل. يقال : مرَّ قَنِيفٌ من اللَّيل.

ومن الباب : القَنَف : صِغَرُ الأُذُنَين وغِلَظُهما. وهو ذلك القياس ، وكذلك القِنَاف ، وهو الغليظ الأَنْف.

قنم القاف والنون والميم كلمةٌ واحدة. يقولونَ : قَنِمَ الشىءُ قَنَماً ، إذا نَدِىَ ثم رَكِبَه غُبارٌ فتوسَّخَ. ويكونُ ذلك فى شُعور الخَيْلِ والإبل.

باب القاف والهاء وما يثلثهما

قهو القاف والهاءُ والحرف المعتلُّ أصلٌ يدلُّ على خِصْب وكثرة. يقال للرَّجُل المُخصِب الرَّحْلِ : قاهٍ. يقال : إنَّه لَفِى عَيْشٍ قاهٍ. فأمَّا قولُهم : أَقْهَى الرَّجلُ من طَعامٍ ، إذا اجْتَوَاهُ ، فليس ذلك من جهةِ اجتوائِهِ إيّاه ، وإنَّما هو من كثرته عنده حَتَّى يتملّأ عنده فيجتَوِيَه. وأمَّا القَهْوَة فالخمر ، قالوا : وسمِّيت قَهْوَةً أنَّها تُقْهِى عن الطَّعام ؛ والقياس واحد.

قهب القاف والهاء والباء أُصَيلٌ يدلُّ على لونٍ من الألوان. يقولون : القُهْبَةُ : بياضٌ تعلوهُ حُمْرة. والقَهْبُ من ولد البقرة ما يكون لونُه كذا والقَهْب : الجَبَل العظيم. والأقهبان: الفيلُ والجاموس ، وكلُّ ذلك متقارِب.

__________________

(١) الجمهرة (٣ : ١٥٥).


قهد القاف والهاء والدال كلمةٌ واحدة. يقولون : القَهْد من ولد الضَّأن يضرب لونه إلى البَيَاض.

قهر القاف والهاء والراء كلمةٌ صحيحةٌ تدلُّ على غَلَبة وعُلُوّ. يقال : قَهَرَه يَقهره قَهْراً. والقاهر : الغالب. وأقْهَرَ الرّجُل ، إذا صُيِّر فى حالٍ يذلُّ فيها. قال :

تَمَنّى حُصَيْنٌ أنْ يَسُودَ جذاعَهُ

فأمسى حُصينٌ قد أذَلَّ وأَقْهَرا (١)

وقُهِر ، إذا غُلِبَ. ومن الباب : قُهِرَ اللَّحمُ : طبِخ حَتَّى يسيل ماؤُه. والقهقر ، فيما يقال : التَّيْس (٢). فإنْ كان صحيحاً فلعلَّه من القياس الذى ذكرناه. والقَهْقَر (٣) : الحجر الصُّلب. وليس يبعد عن الأصل الذى بُنِىَ عليه الباب.

ومما شذَّ عن ذلك : [رَجَع (٤)] القَهْقَرَى ، إذا رجع إلى خَلْفِه.

قهز القاف والهاء والزاء كلمةٌ. يقولون : القهْزُ (٥) : ثيابُ مِرْعِزَّى يُخالِطُها حرير ، وبها يشبَّه الشَّعر الليِّن. قال :

* من القِهَزْ والقُوهِىّ (٦) *

__________________

(١) للمخبل السعدى ، كما فى اللسان (قهر ، جذع). وحصين : اسم الزبرقان بن بدر ، كما فى اللسان (قهر). ورواه الأصمعى بالبناء للمجهول فى الفعلين.

(٢) فى الأصل : «الشين» ، صوابه فى المجمل واللسان والقاموس. والقهقر بهذا المعنى مشدد الراء فى القاموس ، مخففها فى المجمل واللسان.

(٣) يقال بتخفيف الراء وتثقيلها ، كما فى اللسان ، وضبط فى المجمل بالتخفيف فقط.

(٤) التكملة من المجمل.

(٥) فى اللسان أن أصله بالفارسية «كهزانه».

(٦) قطعة من بيت لذى الرمة فى ديوانه ٣٦٠ واللسان (قهز). وهو بتمامه :

من الزرق أوصع تأن رؤسها

من القهز والقوهي بيض المقانع


قهس القاف والهاء والسين كلماتٌ إن صَحَّت. يقولون : جاء يَتَقَهْوَس ، إذا جاء مُنْحَنِياً (١) يَضْطرب. وهذا ممكنٌ أن يكون هاؤه زائدة ، كأنَّه يَتقوس. ويقولون : القَهْوَسة : السُّرعة. والقَهْوَس : الرَّجُل الطويل.

قهل القاف والهاء واللام كلمةٌ تدلُّ على قَشَف وسُوءِ حال. من ذلك القَهَلُ ، وهو التقشُّف. ورجلٌ متقهِّلٌ : لا يتعهَّد جَسدَه بنظافةٍ. ومن الباب أو قريبٍ منه : القَهْل : كُفران الإحسان واستقلالُ النِّعمة. وأَقْهَلَ الرَّجلُ نَفْسَهُ : دَنَّسها بما لا يَعْنِيه. والتَّقَهُّل : شَكْوَى الحاجة. قال :

* لَعْواً متى لاقيتَه تَقَهَّلَا (٢) *

ويقولون : انْقَهَلَ ، إذا سَقَط وضَعُف. ويقولون : قَهَلْتُ الرّجُلَ قَهْلاً ، إذا أثْنَيْتَ عليه ثناءً قبيحاً.

ومما شذَّ عن هذا وما أدرِى كيف صحَّتُه ، يقولون : القَيْهَلة : الطَّلْعة. يقال : حَيَّا الله قَيْهَلَتَه. وليست بكلمةٍ عَذْبة.

باب القاف والواو وما يثلثهما

قوى القاف والواو والياء أصلانِ متباينان ، يدلُّ أحدُهما على شِدَّة وخِلافِ ضَعْف ، والآخَر على خلافِ هذا وعلى قِلّة خَيْر.

فالأوَّل القُوّة ، والقوِىّ : خلاف الضَّعيف. وأصل ذلك من القُوَى ،

__________________

(١) فى الأصل : «مجيا» ، صوابه فى المجمل واللسان.

(٢) الرجز فى المجمل (قهل) ، وأنشده فى اللسان (قهل ، لعا).


وهى جَمْعُ قُوَّةٍ من قُوَى الحبل. والمُقْوِى : الذى أصحابُه وإبلُه أَقْوِيَاء. والمُقْوِي : الذى يُقْوِى وَتَرَه ، إذا لم يُجِدْ إغارتَه فتراكبَتْ قُواه. ورجلٌ شَديد القُوى ، أى شديدُ أَسْرِ الخَلْق.

فأمَّا قولهم : أَقْوَى الرّجُلُ فى شِعره ، فهو أن يَنْقُص من عروضه قُوّة. كقوله :

أفَبَعْدَ مقتلِ مالكِ بن زُهَيْرٍ

يرجو النِّساءُ عواقبَ الأطهارِ (١)

والأصل الآخر : القَوَاء (٢) : الأرض لا أهلَ بها. ويقال : أقْوَت الدّارُ : خلت. وأَقْوى القومُ : صاروا بالقَوَاء والقِىِ. ويقولون : باتَ فلانٌ القَواءَ وبات القَفْرَ ، إذا بات على غير طُعْم. والمُقْوِي : الرّجُل الذى لا زَادَ معه. وهو من هذا ، كأنَّه قد نزل بأرضٍ قِيٍ.

ومما شذَّ عن هذا الأصلِ كلمةٌ يقولونها ، يقولون : اشْتَرَى الشُّركاءُ الشَّىءَ ثم اقتَوَوْه ، إذا تزايدُوه حَتَّى بلغ غايةَ ثَمنِه.

قوب القاف والواو والباء أصلٌ صحيح ، وهو شِبْه حَفْرٍ مُقَوَّر فى الشَّىء. يقال : قُبْتُ الأرضَ أقُوبُها قَوْباً ، وكذلك إذا حَفَرتَ فيها حُفْرةً مقوَّرة. تقول : قُبْتُها فانْقَابت. وقَوَّبْتُ الأرضَ ، إذا أثّرتَ فيها. وتقوَّب الشَّىء : انْقَلَع من أصلِه. وكأنَ القُوَباءَ من هذا ، وهى عربيّة. قال :

يا عجبا لهذه الفَليقَهْ

هل تُذهِبَنَ القُوبَاءَ الرِّيقَهْ (٣)

__________________

(١) للربيع بن زياد ، كما فى اللسان (قوى) وشروح سقط الزند ١١٤٦. وأنشده فى العمدة (١ : ٩٤) بدون نسبة.

(٢) فى الأصل : «القوى» ، صوابه فى المجمل.

(٣) الرجز لابن قنان ، كما فى اللسان (قرب). وأنشده ابن السكيت فى إصلاح المنطق ٣٧٨ ، ٣٩٠ بدون نسبة. وذكر فى اللسان أنه يروى : «عجبا» بالألف المنقلبة عن ياء المتكلم ، وبالتنوين على تأويل : يا قوم اعجبوا عجبا.


وقد تسكن واوها فيقال قُوبَاء. ويقولون : «تخلَّصَتْ قائِبةٌ من قُوب» أى بيضة من فَرْخ ؛ يضرب مثلاً للرّجُل يفارِقُ صاحبَه.

قوت القاف والواو والتاء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على إمساكٍ وحفظٍ وقُدرةٍ على الشَّىء. من ذلك قولُه تعالى : (وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتاً)، أى حافظاً له شاهداً عليه ، وقادراً على ما أراد. وقال :

وذى ضِغْنٍ كَفَفْتُ النَّفْسَ عنه

وكنتُ على إساءته مُقِيتَا (١)

ومن الباب : القُوت ما يُمْسِكُ الرَّمَق ؛ وإنَّما سُمِّى قُوتاً لأنَّه مِساكُ البَدَن وقُوَّتُه. والقَوْت : العَوْل. يقال : قُتُّه قَوْتاً ، والاسم القُوت. ويقال : اقتَتْ لنارك قِيتةً ، أى أطعِمْها الحَطَب. قال ذو الرُّمَّة :

فقلتُ له ارْفَعْهَا إليكَ وأَحْيِها

برُوحِكَ واقْتَتْهُ لها قِيتةً قَدْرا (٢)

قود القاف والواو والدال أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على امتدادٍ فى الشىء ، ويكون ذلك امتداداً على وجه الأرض وفى الهواء. من ذلك القُود : جمع قَوْداء ، وهى النَّاقة الطويلة العُنُق. والقَوْدَاء : الثَّنِيَّة الطَّويلة فى السماء. وأفراسٌ قُودٌ : طِوالُ الأعناق. قال النَّابغة :

قُودٌ براها[قِيادُ الشُّعبِ فانهدمت

تَدْمَى دوابرُها محذُوَّةً خَدَمَا (٣)]

__________________

(١) لأبى قيس بن رفاعة ، أو الزبير بن عبد المطلب ، كما فى اللسان (قوت). وأنشده فى إصلاح المنطق ٣٠٧ والمخصص (٢ : ٩١) بدون نسبة.

(٢) ديوان ذى الرمة ١٧٦ واللسان (قوت ، روح).

(٣) ورد البيت مبتورا فى الأصل ، وعترت عليه تاما فى شرح ابن السكيت لديوان النابغة (مخطوطة مكتبة أحمد الثالث بتركيا) الورقة ٧٢. وفيه : «ويروى فانهدمت واندمجت» و «روى الأصمعى : قياد الغزو».


ويفرّع من هذا فيقال : قُدْتُ الفَرَسَ قَوْداً ، وذلك أَن تمدَّه إليك ؛ وهو القياس ، ثمَّ يسمُّون الخَيلَ قَوْداً ، فيقال : مرَّ بنا قَوْدٌ. وفرسٌ قَؤُودٌ : سلسٌ مُنْقاد (١). والقَائِد من الجَبَل: أنْفُهُ (٢). والأقْوَد من النّاس : الذى إذا أقْبَلَ على الشىء بوجهه لم يَكَدْ ينصرف والقَوَدُ : قَتْلُ القاتل بالقتيل ، وسمِّى قَوَداً لأنه يُقادُ إليه.

قور القاف والواو والراء أصلٌ صحيح يدلُّ على استدارةٍ فى شيء. من ذلك الشيء* المُقَوَّر. وقُوَّارَةُ القَمِيصِ معروفة. والقُور : جمع قَارَةٍ ، وهى الأَكَمة ؛ وسمِّيت بذلك لأَنَّها مستديرة. فأمَّا الدَّبَّة (٣) فيقول ناسٌ : إِنّها تسمَّى القَارَة ، وذلك على معنى التشبيه بقارَة الأَكَم. ويقولون : دارٌ قَوْراءُ ، وهو هذا القياس ، وإنما هذا موضوعٌ على ما كانت عليه مساكنُ العرب من خِيَمِهم وقبَاهِم. واقورَّ الجِلْدُ : تَشَانَ (٤). وهو من الباب ، لأنَّه يتجمَّع ويدورُ بعضُه على بعض. ومما شذَّ عن هذا الباب قولُهم : لَقِيتُ منه الأقْوَرِينَ والأقْوَرِيَّاتِ ، وهى الشَّدائد.

قوز القاف والواو والزاء كلمةٌ واحدة ، وهى القَوز : الكثيب ، وجمعه أقوازٌ وقِيزان. قال :

__________________

(١) فى الأصل : «وسلس مقتاد» ، صوابه فى المجمل.

(٢) أنف الجبل : مقدمه. وفى الأصل : «أنفد» ، صوابه فى المجمل.

(٣) الدية ، بالفتح : الكثيب من الرمل ، أو الأرض المستوية.

(٤) فى الأصل : «والقوراء الجلد نشان» ، صوابه فى المجمل.


وأُشْرِفُ بالقَوزِ اليَفَاعِ لَعلَّنى

أرَى نَارَ ليلَى أو يَرانِى بَصِيرُها (١)

قوس القاف والواو والسين أصلٌ واحدٌ يدلُّ على تقدير شىءٍ بشىء ، ثم يُصَرَّف فتقلبُ واوُه ياءً ، والمعنى فى جميعِهِ واحد. فالقَوْس : الذِّراع ، وسمِّيت بذلك لأنَّه يقدر بها المَذْرُوع (٢). [وبها سمِّيت القَوسُ] التى يُرمَى عنها. قال الله تعالى : (فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى). قال أهلُ التفسير : أراد : ذِرَاعَين. والأَقْوَس : المُنْحنِى الظَّهر. وقد قَوَّسَ الشَّيخُ ، أى انحَنَى كأنَّه قوسٌ. قال امرؤُ القيس :

أَراهُنَّ لا يُحْبِبْنَ مَن قلَّ مالُه

ولا مَن رأَيْنَ الشَّيب منه وقوّسا (٣)

وتقلب الواوُ لبعض العِلَل ياءً فيقال : بينى وبينه قِيسُ رُمْح ، أى قَدْرُه. ومنه القِياسُ ، وهو تَقديرُ الشَّىء بالشىء ، والمقدار مِقْياسٌ. تقول : قَايَسْتُ الأمْرَينِ مُقايَسةً وقِيَاساً. قال :

يَخْزَى الوَشيظُ إذا قال الصَّريحُ لهم

عُدُّوا الحَصَى ثمَ قِيسوا بالمَقَاييس (٤)

وجمعُ القَوسِ قِسِيٌ ، وأَقْواس ، [وقِياس (٥)]. قال :

__________________

(١) البيت لتوبة بن الحمير. أمالى القالى (١ : ٨٨ ، ١٣١) ، برواية : «بالقور» بالراء المهملة ، والقوز ، ضبطت فى المجمل فى البيت والكلام قبله بضم القاف ، وقد أثبت ضبط اللسان والقاموس.

(٢) فى الأصل : «بالمزروع وبها المذروع».

(٣) فى الديوان ١٤١ واللسان (قوس) : «الشيب فيه».

(٤) فى الأصل : «يجزى» ، صوابه فى المخصص (٣ : ٩٢).

(٥) التكملة من المجمل.


* ووتَّر الأساوِرُ القياسَا (١) *

وحكى بَعضُهم أنَ القَوْسَ : السَّبْق ، وأنَّ أصل القياسِ منه ؛ يقال : قاسَ بنو فلانٍ بنى فلان ، إذا سَبَقُوهم ، وأنشد :

لَعَمْرِى لقد قَاسَ الجميعَ أبوكُم

فهَلّا تَقِيسون الذى كان قائسا

وأصل ذلك كلِّه الواو ، وقد ذَكَرْناه.

ومما شذّ عن هذا الباب القَوْس : ما يَبقَى فى الجُلَّة من التَّمر. والقَوْس : نَجْمٌ. والمِقْوَس : المكانُ تُجرَى منه الخيلُ ، يُمَدُّ فى صدورها بذلك الحبلِ لتَتَساوَى ، ثُمَّ تُرْسَل. فأمَّا القُوسُ فصَومعةُ الرَّاهب ، وما أُراها عربيَّة ، وقد جاءت فى الشِّعر. قال :

 ... كأنّها

عَصا قَسِ قُوسٍ لينُها واعتدالُها (٢)

وقال جرير :

 ... ولو وقَفَتْ

لاستَفْتَنَتْنِى وذَا المِسْحَينِ فى القُوسِ (٣)

قوض القاف والواو والضاد كلمةٌ تدلُّ على نَقْضِ بناء. يقال : قَوَّضْت البناءَ : نقضْتُه من غير هَدْم. وتقوَّضَتِ الصُّفوف : انتَقَضَتْ.

قوط القاف والواو والطاء كلمةٌ واحدة. يقولون : القَوْط : اليسير من الغَنَم ، والجمع أقْواط.

__________________

(١) فى الأصل : «القسيا» ، صوابه فى المجمل (قيس) واللسان (قوس) والجمهرة (٣ : ٤٤) والمخصص (٤ : ٤٦ / ١٧ : ٩). والرجز للقلاخ بن حزن ، كما فى اللسان. وفى الموضع الأخير من المخصص : «ووتر القساور».

(٢) أنشد هذه القطعة كذلك فى المجمل. وأنشد الجواليقى عجز البيت فى المعرب ٢٧٨.

(٣) تمام صدره كما فى الديوان ٣٢١ واللسان (قوس) :

لاوصل إذا صرفت هند لو ولفت


قوع القاف والواو والعين أصلٌ يدلُّ على تبسُّط فى مكانٍ. من ذلك القاع : الأرض المَلْساء. والألِفُ فى الأصل واو ، يقال فى التصغير قُوَيْعٌ. قال ابن دريد (١) : القَوْع : المِسْطح الذى يُبسَط فيه التَّمر ، والجمع أَقْوَاع. فأمّا القَوْع ، وهو ضِرابُ الفحلِ الناقةَ ، فليس من هذا الباب ، لأنَّه من المقلوب. وأصله قَعْو ؛ وقد ذُكِر.

وممّا شَذّ عن هذا الباب قولُهم : إنّ القُوَاعَ : الذَّكر من الأرانب.

قوف القاف والراء والفاء كلمةٌ ، وهى من باب القَلْب وليست أصلا. يقولون : هو يَقُوف الأثَرَ ويَقْتافُه بمعنَى يقفو. ويقولون : أَخَذَ بقُوفَةِ قَفاه (٢) ، وهو الشَّعْرَ المتدلِّى فى نُقْرة القَفا.

قوق القاف والواو والقاف كلمةٌ ، يقولون : القُوق (٣) : الرَّجُل الطويل.

قول القاف والواو واللام أصلٌ واحدٌ صحيحٌ يقلُّ كلمه ، وهو القَول من النُّطق. يُقال: قَالَ يَقُول قَولاً. والمِقْوَل : اللِّسان. ورجل قُوَلةٌ وقَوَّالٌ : كثير القَول. وأمّا أَقْوَال(٤) ...... (٥).

__________________

(١) فى الجمهرة (٣ : ١٣٤).

(٢) وبقوفها أيضا ، بطرح التاء.

(٣) والقاق أيضا والقواق ، كغراب.

(٤) كذا. ولعله : «ابن أقوال».

(٥) بياض فى الأصل. وفى اللسان : «وهو ابن أقوال وابن قوال ، أى جيد الكلام فصيح».


قوم القاف والواو* والميم أصلانِ صحيحان ، يدلُّ أحدُهما على جماعةِ ناسٍ ، وربَّما استُعِير فى غيرهمْ ، والآخَر على انتصابٍ أو عَزْم.

فالأوّل : القوم ، يقولون : جمع امرىءٍ ، ولا يكون ذلك إلَّا للرِّجال. قال الله تعالى : (لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْم ٍ) ، ثمَّ قال : (وَلا نِساءٌ مِنْ نِساءٍ).

وقال زُهَير :

وما أدرِى وسَوْف إخالُ أدْرِى

أقَوْمٌ آلُ حِصْنٍ أمْ نِساءُ (١)

ويقولون : قومٌ وأَقوامٌ ، وأَقَاوِمُ جمعُ جمعٍ. وأمَّا الاستعارة فقولُ القائل :

إذ أقْبَلَ الدِّيكُ يَدعُو بَعْضَ أُسْرَتِهِ

عنْدَ الصَّباحِ وهو قَوْمٌ مَعازيلُ (٢)

فجمع وسَمَّاها قَوماً.

وأمّا الآخَر فقولُهم : قامَ قيامًا ، والقَوْمة المَرَّةُ الواحدة ، إذا انتصب. ويكون قامَ بمعنى العَزيمة ، كما يقال : قامَ بهذا الأمر ، إذا اعتنَقَه. وهم يقولون فى الأوَّل : قيامٌ حتم ، وفى الآخر : قيامٌ عَزْم.

ومن الباب : قوَّمْتُ الشَّىءَ تَقْويماً. وأصل القِيمة الواو ، وأصلُه أنَّك تُقِيم هذا مكانَ ذاك.

وبلَغَنا أنَّ أهلَ مكّةَ يقولون : استَقَمْتُ المَتاعَ ، أى قوَّمْتُه.

ومن الباب : هذا قِوام الدين والحقّ ، أى به يَقُوم. وأمَّا القَوَام فالطُّول الحَسَن. والقُومِيَّة : القَوام والقامة. قال :

__________________

(١) ديوان زهير ٧٣ واللسان والمجمل (قوم) والمخصص (٣ : ١١٩) وشرح شواهد المغنى ٤٨ ، ١٤١.

(٢) البيت لعبدة بن الطبيب كما فى الحيوان (٢ : ٢٥٤) والمفضليات (١ : ١٤١).


* أيَّامَ كُنتُ حَسَنَ القُومِيَّهْ (١) *

باب القاف والياء وما يثلثهما

قيأ القاف والياء والهمزة كلمةٌ واحدة. قَاءَ يَقِيءُ قَيْئاً ، واسْتَقَاءَ استفعل من القَيء. ويقولون للثَّوب المُشْبَع الصِّبغ : هو يَقِيء الصِّبْغ.

قيح القاف والياء والحاء كلمة. قاح [الجُرحُ (٢)] يَقِيح ، وهو مِدّةٌ لا يخالطها دمٌ.

قيد القاف والياء والدال كلمةٌ واحدة ، وهى القَيْد ، وهو معروفٌ ، ثُمَّ يستعارُ في كل شىءٍ يَحْبِس. يقال : قيَّدْتُه أُقَيِّده تَقْيِيداً. ويقال : فَرَسٌ قَيْدُ الأَوَابِدِ ، أى فكأنَّ الوحشَ من سُرعةِ إدراكه لها مُقيَّدة. قال :

وقَدْ أَغْتدِي والطَّيْرُ في وُكْنَاتها

بمُنجرِدٍ قَيدِ الأوابدِ هيكلِ (٣)

والمُقَيَّد : موضعُ القَيْدِ من الفَرَس.

قيل القاف والياء واللام أصْلُ كَلِمِهِ الواو ، وإنّما كُتِب هاهنا لِلَّفْظ. فالقَيْل : الملكُ من مُلوكِ حِمْيرَ ، وجَمْعُه أَقْيَال. ومَن جَمَعه على الأَقْوال فواحدهم قَيِّل بتشديد الياء. والقيلُ والقَال ، قال ابن السِّكِّيت : هما اسمانِ لا مصدران. واقْتَالَ عَلَى فُلانٍ (٤) ؛ إذا تَحكَّم. ومعناه عندنا أنَّه يُشبَّه بالملك الذى هو قَيْلٌ. قال :

__________________

(١) الرجز العجاج ، كما فى اللسان (قوم). وأرجوزثه فى ديوانه ٧٢ وليس فيها هذا الشطر.

(٢) التكملة من المجمل.

(٣) البيت لامرىء القيس فى معلقته.

(٤) فى المجمل : «واقتال فلان على فلان».


وماءُ سَماءِ كانَ غَيْرَ مَحَمَّةٍ

وما اقتالَ فى حُكْمٍ عليَّ طبيبُ (١)

ومما شَذَّ عن هذا الأصل القَيْل : شُرْبُ نصفِ النَّهار. والقَائِلة : نومُ نِصف النّهار. وقولهم : تقيَّلَ فلانٌ أباه : أشْبَهَه ، إنّما الأصل تَقَيَّضَ ، واللام مُبدَلةٌ من ضاد ، ومعناه أنَّهما كانا فى الشَّبَه قَيْضَيْنِ.

قين القاف والياء والنون أصلٌ صحيح يدلُّ على إصلاحٍ وتزيين. من ذلك القَيْن : الحَدَّاد ، لأنَّه يُصلِحُ الأشياءَ ويَلُمُّها ؛ وجمعه قُيُون. وقِنْتُ الشَّىءَ أَقِينُه قَيْنًا : لَمَمْتُه. قال:

ولي كبدٌ مقروحةٌ قد بَدا بِها

صُدوعُ الهوى لو كان قينٌ يَقِينُها (٢)

ويقولون : التَّقيين : التَّزيين. واقْتَانَتِ الرَّوضةُ : أخذَتْ زُخْرُفَها. ومنه يقال للمرأَة مُقَيِّنة ، وهى التى تُزيِّن النِّساءِ. ويقال : إنَ القَيْنةَ : الأَمةُ ، مغنِّيةً كانت أو غَيْرَها. وقال قومٌ: إنّما سمِّيت بذلك لأنَّها قد تُعَدُّ للغِناء. وهذا جيِّد. والقَيْنُ : العَبْد.

ومما شذَّ عن هذا الباب القَيْنُ : عَظْم السَّاق ، وهما قَيْنانِ. قال ذو الرُّمَّة :

* قَيْنَيْهِ وانحسَرَتْ عنه الأناعيم (٣) *

__________________

(١) البيت لكعب بن سعد الغنوى ، من قصيدة فى الأصمعيات. وأنشده فى اللسان (قول) والمخصص (٣ : ١٣٥).

(٢) وأنشده كذلك فى المجمل. والبيت من أبيات لشاعر حجازى ، اللسان (قين) وإصلاح المنطق ٤١١ ومعجم ما استعجم ٤٥١.

(٣) صدره كما فى الديوان ٥٧٠ واللسان (قين) وإصلاح المنطق ٤٤١ :

دانى له القيد في ديمومة الذل


باب القاف والألف وما يثلثهما

والألف فيه منقلبةٌ ، وربَّما كانت همزةً.

قاب القاف والألف والباء. القابُ : القَدْر. وعندنا أنّ الكلمةَ فيها معنيان : إبدالٌ ، وقَلْبٌ. فأمّا الإبدال فالباء مبدلة من دال ، والألف منقلبة من ياء ، والأصل* القِيدُ. قال الله تعالى (فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ). ويقال : القَابُ : ما بين المَقْبِض والسِّيَة. ولكلِّ قوسٍ قابَانِ.

ومما ليس من هذا الباب ولكنِّه مهموز ، قولهم : قَئِبَ من الشَّراب ، إذا امتلَأَ.

قاق القاف والألف والقاف كلمةٌ واحدة ، وهى القَاقُ : الرّجُل الطَّويل.

قام القاف والألف والميم قد مضى ذِكرُ ذلك ، والأصل فى جميعه الواو. والقَامَة : البَكَرة بأداتِها. قال :

لمَّا رأيتُ أنَّها لا قامَهْ

وأَنَّنى مُوف على السَّآمهْ

نزعتُ نَزعاً زَعْزَعَ الدِّعامَهْ (١)

قاه القاف والألف والهاء كلمةٌ. يقولون : القَاه : الطاعةُ والجاه ويُنْشِدون :

* لَمَا رأَيْنَا لأميرٍ قَاهَا (٢) *

__________________

(١) الرجز فى اللسان (قوم). وأنشده فى كتاب المداخل لغلام ثعلب مخطوطة دار الكتب ، فى باب (اللوأص).

(٢) الرجز للزفيان فى ديوانه الملحق بديوان العجاج ٩٢. وأنشده فى اللسان (قيه). وإنشاده فى المجمل واللسان: «لما سمعنا». وفى الديوان : «لما عرفنا».


باب القاف والباء وما يثلثهما

قبح القاف والباء والحاء كلمةٌ واحدة تدلُّ على خلاف الحُسْن ، وهو القُبْح. يقال قَبحَه الله ، وهذا مقبوحٌ وقَبيح. وزعم ناسٌ أنَّ المعنى في قَبَحه : نحّاهُ وأبعدَه. [ومنه] قولُه تعالى : (وَيَوْمَ الْقِيامَةِ هُمْ مِنَ الْمَقْبُوحِينَ).

ومما شذَّ عن الأصل وأحسَبُه من الكلام الذى ذَهَبَ مَن كان يُحْسِنُه ، قولُهم كِسْرُ قَبيحٍ ، وهو عَظْمُ السَّاعد ، النِّصف الذى يلى المِرْفَق. قال :

لو كنتَ عَيْرًا كنتَ عَيْرَ مَذَلَّةٍ

ولو كنتَ كِسْرًا كُنْتَ كِسْرَ قَبِيحِ (١)

قبر القاف والباء والراء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على غموضٍ في شيء وتطامُن. من ذلك القَبْر : قَبْر الميِّت. يقال قَبَرْتُه أقْبُرُه. قال الأعشى :

لو أسندَتْ ميتاً إلى قبرها

عاشَ ولم يُنْقَلْ إلى قابِرِ (٢)

فإن جعلتَ له مكاناً يُقْبَرُ فيه قلتَ : أقْبَرْتُهُ ، قال الله تعالى : (ثُمَّ أَماتَهُ فَأَقْبَرَهُ). قلنا : ولو لا أنَّ العلماءَ تجوَّزُوا فى هذا لَمَا رأينا أنْ يُجمَعَ بين قَوْلِ الله وبين الشِّعْرِ فى كتابٍ ، فكيف فى وَرَقَةٍ أو صفحة. ولكنَّا اقتدَيْنَا بهم ، والله تعالى يَغفر لنا ، ويعفو عَنَّا وعنهم(٣).

وقال ناسٌ من أهل التَّفسير فى قوله تعالى : (ثُمَّ أَماتَهُ فَأَقْبَرَهُ) : ألهمَ كيف

__________________

(١) سبق الكلام على البيت وعروضه فى مادة (قبح). وبحره من الطويل أو من الكامل.

(٢) ديوان الأعشى ١٠٥.

(٣) هذا نموذج صادق من ورع ابن فارس.


يُدْفَن. قال ابنُ دُرَيد : أرض قَبُورٌ : غامضة. ونَخْلَةٌ قَبُور [وكَبُوسٌ (١)] : يكون حَمْلُها فى سَعَفها. ومكانُ القبور مَقْبَرَة ومَقْبُرَة.

قبس القاف والباء والسين أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على صفةٍ من صفات النَّار ، ثمَّ يستعار. من ذلك القَبَس : شُعْلَةُ النَّار. قال الله تعالى فى قِصَّة موسى عليه السلام : (لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْها بِقَبَسٍ). ويقولون : أَقْبَسْتُ الرّجُلَ عِلماً ، وقَبَسْتُه ناراً.

قال ابنُ دريد (٢) : قَبَسْتُ من فلانٍ ناراً ، واقتَبَسْتُ منه علماً ، وأَقْبَسَنِي قَبَساً.

ومن هذا القياس قولهم : فَحْلٌ قَبِيسٌ ، وذلك إذا كان سريعَ الإلقاح ، كأنَّهُ شُبِّهَ بِشُعْلَةِ النّار. قال :

* فَأُمٌّ لَقْوَةٌ وأبٌ قَبِيسُ (٣) *

فأمَّا القِبْس فيقال إنّه الأصل.

قبص القاف والباء والصاد أصلانِ يدُلُّ أحدَهما على خِفّةٍ وسُرعة ، والآخَر على تجمُّع.

__________________

(١) التكملة من الجمهرة (١ : ٢٧١).

(٢) الجمهرة (١ : ٢٨٧).

(٣) أنشد هذا العجز فى مجالس ثعلب ٦٤٠. وصدره كما فى اللسان (لقو ، قبس) :

حلت ثلاثة فوضعت فما

وفى الألفاظ لابن السكيت ٣٤٥ :

حلت ثلاثة فوضعت فما


فالأوَّل القَبَص ، وهو الخِفَّة والنَّشاط. والقَبُوص : الذي إذا جَرَى لم يُصِبِ الأرضَ منهُ إلّا أطرافُ سَنابِكهِ ومن ذلك القَبْصُ ، وهو تناوُلُ الشَّيءِ بأطراف الأصابع ، ولا يكون ذلك إلَّا عن خِفّةٍ وعَجَلة. وقُرِئَت : فَقَبَصْتُ قَبْصَةً من أَثَرِ الرَّسُولِ (١) ، بالصَّاد. وذلك المأخوذُ قَبْصة.

والأصل الآخر القِبْص ، وهو العَدَد الكثير. قال :

لكم مَسجدَا اللهِ المَزُورَانِ والحَصَى

لكُمْ قِبْصُه من بينِ أثْرَى وأَقتَرَا (٢)

ومن هذا الباب القَبَص فى الرَّأس : الضَّخَم ، ويقال منه هامَةٌ قَبْصاء. قال أبو النجم:

* [قَبْصاءَ لَم تُفطَحْ ولم تُكَتَّلِ (٣)] *

ومما شذَّ عن هذين الأصلين : القَبْصَ ، وهو وجعٌ عن أكْل الزَّبيب. قال :

* أرفقة تشكو الجُحافَ والقَبَصْ (٤) *

__________________

(١) قرأ الجمهور : (فَقَبَضْتُ قَبْضَةً) بالضاد المعجمة. وقرأ عبد الله وأبى وابن الزبير وحميد والحسن : (فقبصت قبصة) بفتح قاف (قبصة). وقرأ الحسن بخلاف عنه وقتادة ونصر بن عاصم بضم القاف. تفسير أبى حيان (٦ : ٢٧٣). وانظر إتحاف فضلاء البشر ٣٠٧.

(٢) البيت للكميت ، كما فى اللسان (قبص). والبيت من شواهد النحويين ، استشهد به فى الإنصاف ٤٢٧ على حذف الموصول وإبقاء صلته ، وفى شرح الأشمونى للألفية على حذف المنعوت الذى ليس بعض مجرور قبله بمن أوفى.

(٣) موضعه بياص فى الأصل. وأنشده فى اللسان منسوبا لأبى النجم فى (فطح) ، وفى (قبص) بدون نسبة. وتجد البيت محرفا فى أرجوزة أبى النجم التى نشرها العلامة بهجة الأثرى فى مجلة المجمع العلمى العربى بدمشق ، أغسطس سنة ١٩٢٨ ص ٤٧٤. وقبله :

تحت حجاجي هامة لم لعجل

(٤) أنشده فى اللسان (جحف ، قبص) ومجالس ثعلب ٢٢١.


قبض القاف والباء والضاد أصلٌ واحد صحيحٌ يدلُّ على شىء مأخوذٍ ، وتجمُّع في شيء.

تقول : قَبَضْتُ الشَّيءَ من المال وغيرِه قَبْضاً. ومَقْبِض السَّيف ومَقْبَضُه : حيث تَقبِضُ * عليه. والقَبَض ، بفتح الباء : ما جُمِع من الغنائم وحُصِّل. يقال اطرَحْ هذا في القَبَض ، أي فى سائر ما قُبِض من المَغْنَم. وأمَّا القَبْض الذي هو الإسراع ، فمن هذا أيضاً ، لأنَّه إذا أسرَع جَمَع (١) نَفْسَهُ وأطرافَه قال الله تعالى : (أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ ما يُمْسِكُهُنَ) ، قالوا : يُسْرِعْن فى الطَّيَران. وهذه اللَّفظَةُ من قولهم : راعٍ قُبَضةٌ ، إذا كان لا يتفسَّح في مَرعى غَنَمه. يقال : هو قُبَضَةٌ رُفَضَةٌ ، أى يَقبِضُها حَتَّى إذا بَلَغَ المكانَ يؤُمُّه رَفَضها. ويقولون للسَّائق العنيف : قَبَّاضةٌ وقَابِض. قال رؤبة :

* قبّاضَةٌ بينَ العنيفِ واللَّبِقْ (٢) *

ومن الباب : انقبَضَ عن الأمر وتقبّض ، إذا اشمأَزَّ (٣).

قبط القاف والباء والطاء أصلٌ صحيح. قال ابن دريد (٤) : القَبْط : جَمْعُكَ الشَّيءَ بيدِك. يقال : قَبَطْتُه أَقْبِطُه قَبْطا. قال : وبه سُمِّي القُبَّاط (٥) ، هذا التَّاطف ، عربيٌّ صحيح.

__________________

(١) فى الأصل : «لأنه إذا ساغ وجمع».

(٢) ديوان رؤبة ١٠٥ واللسان (قبض).

(٣) بعده الأصل : «قال رؤبة أيضا : قباضة بين العنيف واللبق».

(٤) الجمهرة (١ : ٣٠٧).

(٥) هذا يطابق نص الجمهرة. وفى المجمل عن ابن دريد : «القبيطى» ، وهى لغة فيه.


ومما ليس من هذا الباب القِبط : أهلُ مصر ، والنِّسبة إليهم قِبطيٌ ، والثِّياب القُبطيّةُ لعلَّها منسوبةٌ إلى هؤلاء ، إلَّا أنَّ القافَ ضُمَّت للفَرْق.

قال زُهَير :

لَيَأْتِيَنَّكَ مِنِّى مَنْطِقٌ قَذَعٌ

باقٍ كَمَا دَنَّسَ القُبْطِيّةَ الوَدَكُ (١)

وتجمع قَباطيّ.

قبع القاف والباء والعين أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على شبه أنْ يَخْتَبِئ الإنسانُ أو غيرُه. يقال : [قَبَع] الخنزيرُ والقنفذُ ، إذا أدْخَلَ رأسَه في عُنقه ، قَبْعاً. وجارية قُبَعَة طُلَعة ، إذا تخبَّأت تارةً وتطلَّعَتْ تارة. والقُبَعة : خِرقة كالبُرنُس ، تسمِّيها العامة : القُنْبُعَة (٢). والقُبَاع : مكيالٌ واسعٌ ، كأَنَّه سمِّي قُباعاً لما يَقْبَعُ فيه من شيء. وقَبَع الرّجُلُ : أعيا وانبَهَر وسُمِّي قابعاً لأنَّه يَتقبض عند إعيائه عن الحركة.

ومما شذَّ عن هذا الباب قَبِيعةُ السَّيف ، وهي التي على طَرَف قائِمِه من حديدٍ أو فِضَّة.

قبل القاف والباء واللام أصلٌ واحدٌ صحيحٌ تدلُّ كلمهُ كلُّها على مواجهةِ الشَّيء للشَّيء ، ويتفرع بعد ذلك.

فالقُبُل من كلِّ شيء : خلافُ دُبُره وذلك أنَّ مقْدِمَه يُقْبِلُ على الشَّيء. والقَبيل : ما أقبَلَتْ به المرأةُ من غَزْلها حين تَفتِله. والدَّبير : ما أدبرَتْ به. وذلك

__________________

(١) ديوان زهير ١٨٣ واللسان (قبط ، فذع).

(٢) كذا فى الأصل واللسان (قنبع). وفى المجمل : «قبيعة».


معنَى قولهم : «ما يَعْرِف قبيلاً من دَبِير». والقِبلةُ سُمِّيت قِبلةً لإِقْبَال النَّاس عليها فى صَلاتِهِم ، وهى مُقْبِلةٌ عليهم أيضاً. ويقال : فَعَل ذلك قِبَلاً ، أى مُواجَهَة. وهذا من قِبَل فلانٍ ، أى من عنده ، كأنَّه هو الذي أقبَلَ به عليك. والقِبَال : زمام البَعيرِ والنَّعل. وقابَلْتُها : جَعَلْتُ لها قِبالَينِ ، لأنَّ كُلَّ واحدٍ منهما يُقْبِلُ على الآخَر. وشاةٌ مُقابَلة : قُطِعَت من أذنها قِطعةٌ لم تَبِنْ وتُرِكَتْ مُعلَّقة من قُدُم. [فإن كانت (١)] من أُخُرٍ فهي مُدابَرة. والقابلة : الليلة المقْبلة. والعامُ القابل : المُقْبل. ولا يقال منه فَعَلَ. والقَابِلَة : التي تَقْبَلُ الولدَ عند الوِلادِ. والقَبُول من الرِّياح : الصَّبا ، لأنّها تُقابِل الدَّبور أو البيتَ (٢). وقَبِلْتُ الشَّيءَ قَبولاً. والقَبَل في العين : إقبالُ السَّوادِ على المَحْجِر ، ويقال بل هو إقْبَالُه على الأنف. والقَبَل : النَّشْزُ من الأرض يستقبِلُك. تقول : رأيتُ بذلك القَبَل شخصاً. والقبيل : الكفيل ؛ يقال قَبِل به قَبالةً (٣) ، وذلك أَنَّه يُقْبِل على الشَّيء يَضْمنُه. وافعَلْ ذلك إلى عشرٍ من ذى قَبَل (٤) ، أي فيما يُستَأنف من الزَّمان. ويقال : أقبَلْنا على الإبل ، إذا استقينا على رءوسها وهى تشرب. [و] ذلك هو القَبَل. وفلانٌ مُقْتَبَل الشَّباب : لم يَبِنْ فيه أثر كِبَرٍ ولم يُولِّ شبابُه. وقال :

__________________

(١) التكملة من المجمل.

(٢) هذا التعريف لأهل العراق ، إذ أن القبول أو الصبا هى التى تهب من ناحية المشرق ، والبيت فى مغرب أهل العراق ، فهى تقابله.

(٣) هى بالفتح كما فى المجمل واللسان والقاموس. وأما بالكسر فمصدر لقبلت القابلة المرأة عند الولادة.

(٤) فى الأصل : «عشرين ذى قبل» ، صوابه فى اللسان والقاموس. و «قبل» تقال بالتحريك وكعنب.


ليس بِعَلٍّ كبيرٍ لا شبابَ به

لكن أُثَيْلةُ صافي اللَّونِ مُقْتَبَلُ (١)

والقابل : الذي يَقْبَل دَلْوَ السّانيَة. قال :

وقابلٌ يتغنَّى كلَّما قَبضتْ

على العَراقِي يداه قائماً دَفَقَا (٢)

قال ابن دُريد : القَبَلة : [خرزة شبيهة بالفَلْكَة تُعَلَّق فى أعناق الخيل (٣)] ، ويقال القَبَلة : شيءٌ تتخذه السّاحرة تقبل بوجه الإنسان على الآخَر (٤). وقبائل الرَّأس : شُعَبُه التي تَصل بينها الشُّؤون ؛ وسمِّيت ذلك لإقبال كلِّ واحدةٍ منها على الأخرى ؛ و* بذلك سمِّيت قبائلُ العرب. وقَبِيل القوم : عَرِيفُهم. وسمِّي بذلك لأنّه يُقبِل عليهم يتعرَّف أمورَهم. قال :

أوَ كُلَّمَا وَرَدَتْ عُكاظَ قَبِيلَة

بَعثوا إليَ قبيلَهم يتوسَّمُ (٥)

ونحن في قَبَالة (٦) فلانٍ ، أي عِرافته ، وما لفلانٍ قِبلةٌ ، أي جهةٌ يتوجَّه إليها ويُقبِل عليها. ويقولون : القَبِيل : جماعةٌ من قبائلَ شتَّى ، والقَبِيلَة : بنو أبٍ واحد. وهذا عندنا قد قيل ، وقد يقال لبني أبٍ واحدٍ قبيل. قال لبيد :

__________________

(١) البيت للمتتخل الهذلى ، كما سبق فى (عل).

(٢) لزهير فى ديوانه ٤٠ واللسان (قبل) وبرواية : «كلما قدرت». وقبله :

لها أداة وأعوان غدون لها

قتب وغرب إذا ما أفرغ؟

(٣) التكملة من الجمهرة (١ : ٣٢١) ، وهى ثابتة فى المجمل بدون عزو إلى ابن دريد.

(٤) فى الأصل : «يتخذه الساحر يقبل» الخ. ووجهه من المجمل. وفى اللسان والجمهرة : «والقبلة خرزة من خرز نساء الأعراب يؤخذن بها الرجال ، يقلن فى كلامهن : يا قبلة اقبليه «ويا كرار كريه» :

(٥) وكذا ورد إنشاده فى المجمل. والرواية المشهورة : «عريفهم». اللسان (عرف) والأصمعيات ٦٧ لببسك ومعاهد التنصيص (١ : ٧٠) والعقد وكامل ابن الأثير (يوم مبايض). والبيت من أبيات لطريف بن مالك العنبرى.

(٦) كذا ضبط فى اللسان والقاموس ، وضبط فى المجمل بكسر القاف.


* وقَبِيلٌ من عُقَيلٍ صادقٌ (١) *

فأمّا قولهم : لا قِبَلَ لي به (٢) ، أي لا طاقَة ، فهو من الباب ، أي ليس هو كما يمكِّنني الإقبال. فأمَّا قَبْلُ الذي هو خلافُ بعد ، فيمكن أن يكون شاذًّا عن الأصل الذي ذكرناه ، وقد يُتَمحَّل له بأن يقال هو مقبلٌ على الزّمان. وهو عندنا إلى الشُّذوذ أقرب.

قبن القاف والباء والنون. يقولون : قَبَن في الأرض : ذهب. وحمار قَبَّان : دويْبّة.

قبو القاف والباء والواو كلمةٌ صحيحة ، تدلُّ على ضمٍّ وجَمع. يقال قَبَوْت الشَّيءَ : جمعتُه وضَممتُه. وأهلُ المدينة يسمُّون الرّفعَ في الحركات قَبْواً. وهذا حَرفٌ مقْبُوّ. ويقال : إنَ القَبَاء مشتقٌّ منه ، لأنّ الإنسانَ يجمعُه على نفْسه.

باب القاف والتاء وما يثلثهما

قتد القاف والتاء والدال أصلٌ صحيح ، وَهو كلمتان : القَتَد : خشَبُ الرَّحْل ، وجمعه أقتادٌ وقُتود. وَالكلمة لأخرى القَتَاد : ضربٌ من العِضاهِ ،

__________________

(١) تمامه كما سبق فى (عصل) ، حيث سبق التخريج :

كليوث بين غارب و؟

(٢) فى الأصل : «لا قبل له بى» ، والتفسير بعده يقتضى ما أثبت.


ليس فيه غير هذا. ويقولون : قُتَائِد (١) : مكان.

قتر القاف والتاء والراء أصلٌ صحيح يدلُّ على تجميعٍ وتضييقٍ. من ذلك القُتْرة : بيت الصَّائد ؛ وسمِّي قُترةً لضيقِهِ وتجمُّع الصَّائد فيه ؛ والجمع قُتَر. والإقْتار : التَّضييق. يقال: قَتَرَ الرّجلُ على أهله يَقتُر ، وأقْتَر وقَتَّر. قال الله تعالى : (وَالَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُو)ا. ومن الباب : القَتَر : ما يَغْشَى الوجهَ من كَرْب. قال الله تعالى : (وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلا ذِلَّةٌ). والقَتَر : الغُبار. والقَاتِر من الرجال : الحسَنُ الوقوعِ على ظَهْر البعير. وهو من الباب ، لأنَّه إذا وقع وُقوعاً حَسَنا ضَمَّ السَّنام. فأمَّا القُتَار فالأصل عندنا أنَّ صيادَ الأسدِ كان يُقتِّر في قُتْرتِه بلحمٍ يَجِدُ الأسدُ ريحَهُ فيُقْبِل إلى الزُّبْية ، ثمَّ سمِّيت ريحُ اللَّحمِ المشويِّ كيف كان قُتَاراً. قال طرَفة :

وتَنادَى القومُ في نادِيهِمُ

أقُتَارٌ ذاكَ أم رِيحُ قُطُرْ (٢)

وقَتَّرت للأسد ، إذا وضعتَ له لحماً يجد قُتارَه. قال ابن السِّكِّيت : قتَر اللَّحمُ يَقْتُر: ارتفَع دخانُه ، وهو قَاتِر.

ومن الباب القتير ، وهو رءوس الحَلَق في السَّردِ. والشَّيبُ يسمِّى قتيراً تشبيهاً برءوس المسامير في البياضِ والإضاءة. وأمَّا القُتْر فالجانب ، وليس من هذا لأنَّه من الإبدال ، وهو القُطْر ، وقد ذُكر.

__________________

(١) كذا فى الأصل ، وفى المجمل : «قتائدة» ، وكل منهما اسم موضع ، كما فى معجم البلدان. أما شاهد «قتائدة» فهو قول عبد مناف بن ربع الهذلى :

حتى إذا أسلكوهم في قتائده

شلا كما تطرد الجمالة الشردا

(٢) ديوان طرفة ٦٨ واللسان (قتر). والرواية فيهما :

حين قال الناس في مجلسهم


ومما شذَّ عن هذا الباب : ابن قِتْرة : حيّة خبيثةٌ ، إلى الصِّغر ما هُو. كذا قال الفراء. قال : كأنَّه إنما سمِّي بالسَّهم الذي لا حديدة فيه ، يقال له قِتْرَة ، والجمع قِتْر.

قتع القاف والتاء والعين كلمةٌ. يقال : إنَ القَتَع : دودٌ حُمرٌ (١) يأكل الخشَب ، واحدتها قَتعَة قال :

* خُشْبٌ تَقصَّعُ في أجوافها القَتَعُ (٢) *

وحكى ابنُ دريد (٣) : قَتَعَ الرّجُل قتُوعاً ، إذا انقمَعَ من ذُلّ.

قتل القاف والتاء واللام أصلٌ صحيح يدلُّ على إذلالٍ وإماتةٍ ، يقال : قَتَلَهُ قَتْلاً. والقِتْلَة : الحالُ يُقْتَلُ عليها. يقال قَتَله قِتلةَ سَوءٍ. والقَتْلة : المرّة الواحدة. ومَقاتِلُ الإنسان : المواضع التي إذا أُصِيبت قَتَلَه ذلك. ومن ذلك : قَتلتُ الشيءَ خُبراً وعِلْماً. قال الله سبحانه: (وَما قَتَلُوهُ يَقِيناً). [ويقال : تقتَّلت الجاريةُ للرّجُل حتَّى عَشِقَها ، كأنَّها خَضَعَتْ له. قال (٤)] :

تَقَتَّلْتَ لي حَتَّي إذا ما قَتَلْتِني

تنسَّكْتِ ، ما هذا بفعل النواسِكِ (٥)

__________________

(١) فى المجمل : «أحمر».

(٢) فى اللسان (قتع) : «دود تقصف». ورواية المجمل مطابقة للمقاييس. وصدره فى اللسان :

فداة فارتهم قتلى كأنهم

ورواية الجمهرة :

فادرتهم باللوى قتلى كأنهم

خشب تنقب في أجوافها القتم

(٣) الجمهرة (٢ : ٢١).

(٤) التكملة من المجمل.

(٥) أنشده فى المجمل واللسان (قتل).


وأقْتَلتُ فلاناً : عرّضْته للقَتل. وقلبٌ مُقَتَّلٌ ، إذا قَتَّلَهُ العِشْق. قال امرؤ القيس :

وما ذَرَفَتْ عيناك* إلّا لتَضربِي

بسهميكِ في أعشارِ قلبٍ مُقَتَّلِ (١)

قال أهلُ اللُّغة : يقال قُتِلَ الرّجل ، فإنْ كان من عشقٍ قيل : اقْتُتِل ، وكذلك إذا قَتَلَهُ الجِنّ. قال ذو الرُّمَّة :

إذا ما امرؤٌ حاوَلْنَ أن يَقتَتِلنَه

بلا إحنَةٍ بين النُّفوس ولا ذَحلِ (٢)

وقُتِلَتِ الخمرُ بالماء ، إذا مُزِجَت ؛ وهذه من حَسَن الاستعارة. قال :

إنّ التي عاطَيتَني فرددتُها

قُتِلَتْ قُتِلْتَ فهاتِها لم تُقتَلِ (٣)

ومما شَذّ عن هذا الباب ويمكنُ أن يقاسَ عليه بلُطف نَظَرٍ : القِتْل : العدوّ ، وجمعه أَقْتَال. قال :

واغترانِي عن عامرِ بن لؤيٍ

في بلادٍ كثيرةِ الأقتالِ (٤)

ووجهُ قياسِه أن يجعل القِتل هو الذي يقاتِل كالسِّبِّ الذي [يُسَابُ (٥)] ، وليس هذا ببعيد. وقولهُم : هما قَتْلَانِ ، أي مثلان ، وهو من هذا. فأمّا القَتَال فيقال هي النَّفْس (٦) ، يقال : ناقةٌ ذات قَتَالٍ ، إذا كَانتْ وثيقةً. وقال بعضُ أهلِ العلم : هذا إبدالٌ ، والأصل الكَتَال. وهو يدلُّ على تجمُّع الجسم ، يقال : تكتَّلَ الشَّيءُ ، إذا تجمَّع. وهذا وجهٌ جَيِّد.

__________________

(١) من معلقته المشهورة.

(٢) ديوان ذى الرمة ٤٨٧ واللسان (قتل) وأمالى الفالى (٢ : ٢٦٤) والأضداد ٢٢٠.

(٣) البيت لحسان بن ثابت فى ديوانه ٣١١ واللسان (قتل).

(٤) البيت لابن قيس الرقيات فى ديوانه ٢٠٨ واللسان (قتل) وإصلاح المنطق ١٩.

(٥) تكملة يقتضيها الكلام ، وفى المعاجم المتداولة : «السب : الذى يسابك».

(٦) فى اللسان : «القتال : النفس ، وقيل بقيتها».


قتم القاف والتاء والميم أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على غُبْرَةٍ وسَواد. وكلُّ لونٍ يعلوه سوادٌ فهو أقْتَمُ. ويقال : القَتَام الغُبار الأسود ، ومنه بازٍ أَقْتمُ الرِّيش. ومكانٌ قاتِمٌ : مُغْبَرٌّ مظلمُ النَّواحي. قال رؤبة :

* وقاتِم الأعماقِ خاوِي المخْترَقْ (١) *

قتن القاف والتاء والنون كلمة صحيحة. يقولون. القَتِين : المرأةُ القليلة الطُّعم ، وقد قَتُنَتْ قَتانةً : قال الشّماخ :

وقد عَرقَتْ مغاينُها فجادَتْ

بدِرَّتِها قِرَى جَحِنٍ قَتِينِ (٢)

أراد به القُرَادَ القليلَ الدّم.

قتو القاف والتاء والواو. يقولون : القَتْو : حُسْنُ الخدمة. وفلان يَقتُو الملوكَ : يخدُمهم. قال :

 ................ لا

أُحسِنُ قَتْوَ الملوكِ والْخَببا (٣)

فأمَّا المَقْتوِىُ والمَقْتَوِينُ. (٤) ..

__________________

(١) ديوان رؤبة ١٠٤ وأراجيز العرب للسد البكرى ٢٢ حيث شرح الأرجوزة واللسان (قتم).

(٢) ديوان الشماخ ٩٥ واللسان (جحن ، حجن ، قتن) ، وسبق إنشاده فى (جحن).

(٣) أنشد عجزه فى اللسان (خبب) ، وأنشده كاملا فى (قتا). وصدره فيه :

إن امرؤ من بنى خزيمة لا

وصدره فى مجالس ثعلب ٥٢٤ :

إنى امرؤ عاكب القتامة لا

(٤) كذا ورد الكلام مبتورا. وفى المجمل : «والمقتوى الخادم». وفى اللسان : «والمقاتية هم الخدام ، الواحد مقتوى بفتح الميم وتشديد الياء ، كأنه منسوب الى المقتى ، وهو مصدر ... ويجوز تخفيف ياء النسبة ... وإذا جمعت بالنون خففت الياء مقتوون ، وفى الخفض والنصب مقتوين ، كما قالوا أشعرين ... ويروى عن المفضل وأبى زيد أن أبا عون الحرمازى قال : رجل مقتوين ورجلان مقتوين ورجال مقتوين ، كله سواء».


قتب القاف والتاء والباء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على آلة من آلات الرِّحال أو غيرها. فالقَتَب للجمل معروفٌ. ويقال للإِبل تُوضَع عليها أحمالها : قَتُوبة. قال ابنُ دريد : [القَتَب(١)] : قَتَب البعير ، إذا كان ممَّا يحمل عليه ، فإنْ كان من آلة السّانية فهو قِتْب بكسر القاف. وأمَّا الأقتابُ فهي الأمعاء ، واحدها قتب (٢) ، وتصغيرها قُتَيْبة ، وذلك على معنى التّشبيهِ بأقتاب الرِّحال.

باب القاف والثاء وما يثلثهما

قثد القاف والثاء والدال ليس بشيءِ ، غير أنّه يقال : القَثَد : نبتٌ.

قثم القاف والثاء والميم أصلٌ يدلُّ على جمعٍ وإعطاء. من ذلك قولهم : قَثَمَ مِن مالِهِ ، إذا أعطاه. ورجلٌ قُثَمٌ : مِعْطاء. والقَثُوم : الرّجُل الجَموع للخير. قال :

فللكُبَراءِ أكلٌ كيف شاءُوا

وللصُّغَراء أكلٌ واقتِثامُ (٣)

قثا القاف والثاء والألف الممدودة. القِثَّاءُ معروف.

__________________

(١) التكملة من المجمل والجمهرة (١ : ١٩٦).

(٢) يقال بالكسر وبالتحريك أيضا ، وكذلك القتبة بالكسر.

(٣) أنشده فى المجمل ، وأنشده فى اللسان (قثم) ، وقبله :

لأصبح بطن مكة مقشعرا

كأن الأرض ليس بها هشام

والشعر للحارث بن خالد بن العاص كما فى الاشتقاق ١٠١ والأغانى (١٥ : ١٨).


باب القاف والحاء وما يثلثهما

قحد القاف والحاء والدال كلمةٌ واحدة هي القَحَدَة : أصلُ السَّنام ، والجمع قِحادٌ. وناقة مِقْحادٌ : ضخمة السَّنام.

قحر القاف والحاء والراء كلمةٌ واحدة ، وهي القَحْر ، يقال إنَّه الفحلُ المُسِنُّ على بقيّةٍ فيه وجَلَد. وقد يقال للرَّجُل. والقُحارِيَةُ مثل القَحْر. وامرأة قَحْرةٌ : مُسِنَّة.

قحز القاف والحاء والزاء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على قلَقٍ أو إقلاقٍ وإزعاج. من ذلك القَحْزُ ، وهو الوَثَبَانُ والقَلَقُ. والقاحِزَات : الشدائد المُزعِجات من الأُمور.

قال ابنُ دريد (١) : القَحْزُ : أن يَرمِيَ الرّامي السّهمَ فيسقطَ بين يدَيه. قَحَزَ السَّهم قَحْزاً. قال :

* إذا تَنَزَّى قاحِزاتُ القَحْزِ (٢) *

والقُحازُ : داءٌ يصيبُ الغَنَم.

قحط القاف والحاء والطاء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على احتباسِ الخير ، ثمّ يستعار. فالقَحْط : احتباس المطَر ؛ أَقْحَطَ النّاسُ ، إذا وقعوا في القَحْط. وأقْحَطَ الرّجلُ ، إذا خالط أهلَه ولم يُنْزِل. وقَحْطانُ : أبو اليَمَن.

__________________

(١) الجمهرة (٢ : ١٤٨).

(٢) البيت لرؤبة فى ديوانه ٦٤ والجمهرة واللسان (قحز).


قحف القاف والحاء والفاء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على شدّةٍ في شيء وصلابة. يقال : القَحْف : شِدَّةُ الشُّرب. ويقولون : «اليومَ قِحافٌ وغَداً نِقافٌ (١)». والقَاحِف من المطر: الشَّديد يَقْحَفُ كلَّ شيء.

ومن الباب القِحْف : العظم فوقَ الدِّماغ ، والجمع أقحاف. وقحفتُه : ضرَبْتُ قِحفَه.

قحل القاف والحاء واللام أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على يُبْسٍ في الشيء وجفَاف. فالقَحَل: اليُبْس. والقَاحِل : اليابس ، قَحَل يَقحَل ، وقَحِلَ يَقْحَل. وقَحِلَ الشَّيخُ : يَبِس جلدُه على عَظْمِه. ورجلٌ قَحْلٌ وإِنْقَحْلٌ. والقُحال : داءٌ يُصيب الغَنَمَ فتجفُّ جلودُها.

قحم القاف والحاء والميم أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على تورُّدِ الشيءِ بأدنى جفاء وإقدام. يقال : قَحَمَ في الأمور قُحُوماً : رمَى بنفسه فيها من غير دُرْبة. وقُحَمُ [الطَّرِيق (٢)] : مصاعبه. ويقال : إنَ المَقاحِيمَ من الإبل : التي تَقْتَحِمُ الشَّوْلَ من غير إرسال. والقَحْم : البَعير يُثْنِي ويُرْبِعُ في سنةٍ واحدة ، فيُقْحِم سِنًّا على سنّ. وقَحَّم الفَرَسُ فارسَه على وجهه ، إذا رَماه. ويقولون : «إنَّ للخُصومة قُحَماً» أي إنَّها تقحِّم بصاحبها على ما لا يَهواه. والقُحْمة : السَّنة تُقحِم الأعرابَ بلادَ الرِّيف.

قحو القاف والحاء والواو كلمةٌ واحدة. يقولون : القَحْو تأسيس

__________________

(١) النقاف ، بكسر النون : القتال. وفى المجمل : «ثقاف» ، صوابه فى المقاييس واللسان (قحف ، نقف) قال فى (نقف) : «ومن رواه : وغدا ثقاف فقد صحف».

(٢) التكملة من المجمل.


الأُقحُوان ، وتقديره أُفْعُلَان ، ولو جعل في دواءٍ لقيل مَقْحُوٌّ ، وجمعه الأَقَاحِي (١). والأُقحُوانة : موضع.

قحب القاف والحاء والباء كلمةٌ تدلُّ على سُعَال الخيل والإبل ، وربما جُعِل للنَّاس

باب القاف والدال وما يثلثهما

قدر القاف والدال والراء أصلٌ صحيح يدلُّ على مَبْلَغ الشَّيء وكُنهه ونهايته. فالقَدْر : مبلغُ كلِّ شيء. يقال : قَدْرُه كذا ، أي مبلغُه. وكذلك القَدَر. وقَدَرتُ الشّيءَ أَقْدِرُه وأقْدُرُه من التَّقْدِير ، وقدَّرته أُقَدره. والقَدْر : قضاء الله تعالى الأشياءَ على مبالغها ونهاياتها التي أرادَها لها ، وهو القَدَرُ أيضاً. قال في القَدَر :

خَلِّ الطَّريقَ لمن يبنِي المَنارَ به

وابْرُزْ بِبَرْزَةَ حيثُ اضطرَّكَ القَدَرُ (٢)

وقال في القَدْر بسكون الدال :

[وما صبَّ رِجلِي في حديدِ مجاشعٍ

مع القَدْرِ إلَّا حاجةٌ لي أريدُها (٣)]

__________________

(١) يقال بتشديد الياء وتخفيفها.

(٢) البيت لجرير فى ديوانه ٢٨٤ واللسان (برز). وبرزة ، بفتح الباء : اسم أم عمر بن لجأ التيمى ، الذى هجاه جرير بقصيدة البيت.

(٣) موضع البيت بياض فى الأصل ، وإثباته من اللسان (قدر) وإصلاح المنطق ١٠٩. والبيت للفرزدق ، وليس فى ديوانه ، ورواه جامع الديوان عن اللسان.


ومن الباب الأَقْدَرُ من الخليل ، وهو الذي تقعُ رِجلاهُ موَاقِعَ يدَيْه ، كأن ذلك قدَّرَه تقديراً قال :

وأقْدَرُ مُشرِفُ الصَّهَوَاتِ ساطٍ

كميتٌ لا أحَقُّ ولا شئيتُ (١)

وقوله تعالى : (وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَ قَدْرِهِ) ، قال المفسرون : ما عظَّموا اللهَ حقَّ عظمته. وهذا صحيحٌ ، وتلخيصُه أنَّهم لم يصفوه بصِفَته التي تَنْبَغِي له تعالى. وقوله تعالى : (وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ) فمعناه قُتِر. وقياسه أنَّه أُعْطِيَ ذلك بقَدْر يسير. وقُدْرَةُ الله تعالى على خليقته : إيتاؤهم بالمبلغ الذي يشاؤه ويريده ، والقياس فيه وفي الذي قبلَه سواءٌ. ويقولون : رجلٌ ذو قُدرةٍ وذو مَقدِرة ، أي يسار. ومعناه أنّه يبلُغُ بيسارِه وغِنائِه من الأُمور المبلغَ الذي يوافق إرادتَه. ويقولون : الأَقْدَر من الرِّجال : القصير العنُق ؛ وهو القياسُ كأنَّ عُنقَه قد قُدِرت.

ومما شذَّ أيضا عن هذا القياس القِدر ، وهي معروفةٌ. والقَدِير : اللَّحمُ يُطبخ في القِدر. والقُدَار فيما يقولون : الجَزّار ، ويقال الطَّباخ ، وهو أشْبَه.

ومما شذَّ أيضاً قولُهم : القُدَار : الثُّعبان العظيم وفيه نظر.

قدس القاف والدال والسين أصلٌ صحيح ، وأظنه من الكلام الشرعيِّ الإسلاميِّ ، وهو يدلُّ على الطهْر.

ومن ذلك الأرضُ المقدَّسة هي المطهَّرة. وتسمَّى الجنَّة حَظِيرةَ القُدْس ، أي الطُّهر. وجَبْرَئيلُ عليه السلامُ رُوح القُدُس. وكلُّ ذلك معناه واحد. وفي صِفَة

__________________

(١) البيت لعدى بن خرشة الخطمى ، كما فى اللسان (شأت ، حقق ، سطا) ، وقد سبق فى (حق ، شأت).


الله تعالى : الْقُدُّوسُ ، وهو ذلك المعنى ، لأنّه منزَّهٌ عن الأضداد والأنداد ، والصّاحبةِ والولد ، تعالى الله عمَّا يقولُ الظالمون علوًّا كبيراً. ويقال : إنَ القادسيَّة سمِّيت بذلك وإنَّ إبراهيم عليه السلام دعا لها بالقُدْس ، وأن تكون مَحَلَّة الحاجّ. وقُدْسٌ : جبل. ويقولون : إنَ القُدَاس: شيءٌ كالْجُمانِ يُعمَل من فِضّة. قال :

* كنَظْمِ قُدَاسٍ سِلكُه متقطِّعُ (١) *

قدع القاف والدال والعين أصلانِ صحيحانِ متباينان ، أحدهما يدلُّ على الكَفِّ عن الشيء ، ويدلُّ الآخَر على التهافُتِ في الشَّيء. فالأوَّل القَدْع ، من قدعتُه عن الشيء : كفَفْتُه. وقَدَعْت الذُّبابَ : طردتُه عنِّي. قال :

قياماً تَقدعُ الذِّبَّانَ عنها

بأذنابٍ كأجنحة النُّسُورِ (٢)

وامرأةٌ قَدِعَةٌ : قليلةُ الكلام حَيِيَّة ، كأنَّها كفَّت نفسَها عن الكلام. وقَدَعْتُ الفَرَس باللِّجام : كبحتُه : والمِقدعة : العصا تَقْدَعُ بها عن نَفْسك.

قال ابن دُريد (٣) : تقادَعَ القومُ بالرماح : تطاعَنُوا. وقياس ذلك كلِّه واحد. والأصل الآخر : التهافت (٣). قالوا : القَدوع : المنصَبُّ على الشيء. يقال : تقادَعَ الفَراشُ في النَّار، إذا تهافَتَ. وتقادَعَ القومُ بعضُهم في إثْرِ بعضٍ : تساقطُوا. وفي الحديث في ذكر الصِّراط : «فيتقادَعُون تَقادُعَ الفَراشِ في النّار».

__________________

(١) أنشده هذا العجز فى المجمل. وصدره فى اللسان (قدس) :

تحدر دمع العين منها فخلنه

(٢) الجمهرة (٢ : ١٧٩) :

(٣) فى الأصل : «التقاعد».

(٣) فى الأصل : «التقاعد».


قدف القاف والدال والفاء. يقولون : القَدْف : غَرفُ الماء من الحوض. وقيل القُدَاف: جَرَّةٌ من فَخَّار.

قدم القاف والدال والميم أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على سَبْق ورَعْف (١) ثم يفرَّع منه ما يقاربُه : يقولون : القِدَم : خلاف الحُدوث. ويقال : شيءٌ قَدِيم ، إذا كان زمانُه سالفاً. وأصله قولُهم : مضَى فُلَانٌ قُدُماً : لم يعرِّج ولم ينْثَنِ. وربما صغَّروا القُدّام قُدَيْدِيماً (٢) وقُدَيْدِيمةٌ. قال القُطامىُّ :

قُدَيديمَةُ التَّحريبِ والْحِلم إنَّني

أرى غَفَلات العيشِ قَبْلَ التَّجَارِبِ (٣)

ويقال : ضُرِب فرَكِب مقاديمَه ، إذا وقَع على وجهه. وقادِمَة الرَّحْلِ : خلاف آخِرَته. والقَادِمَة من أَطْبَاء النَّاقة : ما وَلِيَ السُّرَّة. ولفلانٍ قَدَمُ صدقٍ ، أي شيءٌ متقدِّم من أثَر حسَن.

ومن الباب : قَدِمَ من سفره قُدوماً ، وأقْدَم على الشيء إقْدَامًا.

قال ابن دريد (٤) وقادِمُ الإنسان : رأسُه ، والجمع قَوَادُم. قال : ولا يكادون يتكلَّمون بالواحد. وقَوَادم الطَّير : مَقَاديم الرِّيش ، عشرٌ في كلِّ جَناحٍ ، الواحدةُ

__________________

(١) الرعف : السبق ، رعفه يرعفه : سبقه وتقدمه.

(٢) فى الأصل : «قديدما» ، صوابه فى اللسان. ويقال فى تصغيرها أيضا : «قديدمة» بياء واحدة.

(٣) ديوان القطامى ٥٠ واللسان (قدم). وقد سبق إنشاده فى (٢ : ٣٤١) :

(٤) فى الجمهرة (١ : ٢٩٣).


قادِمَة ، وهي القُدامَى. ومُقَدِّمَة (١) الجيش : أوّله : وأقْدِمْ (٢) : زجرٌ للفَرس ، كأنّه يؤمر بالإقْدَام. ومضَى القوم في الحرب اليقدُمِيَّة ، إذا تقدَّموا. قال :

الضَّاربين اليقدمِيَّةَ بالمُهَنَّدَةِ الصفائحْ (٣)

وقَيدُوم الجبلِ : أنفٌ يتقدَّم منه وقوله :

إنَّا لنَضرِب بالسُّيوف رءوسَهم

ضَرْبَ القُدَارِ نَقيعةَ القُدّامِ (٤)

فقال قوم : القُدَّام : الملك. وهذا قياسٌ صحيح ، لأنّ الملِك هو المُقدَّم. ويقال : القُدَّام : القادمون من سَفَر. وقَدَمُ الإنسان معروفةٌ ، ولعلَّها سمِّيت بذلك لأنها آلةٌ للتقدُّم والسَّبْق.

ومما شذَّ عن هذا الأصل القَدُوم : الحديدة يُنحَتُ بها ، وهي معروفة. والقَدُوم : مكان. وفي الحديث : «اختتن إبراهيمُ عليه السَّلام بالقَدُوم».

قدو القاف والدال والحرف المعتلّ أصلٌ صحيح يدلُّ على اقتباسٍ بالشَّيء واهتداء ، ومُقادَرة في الشيء حتى يأتي به مساوياً لغيره.

من ذلك قولهم : هذا قِدَى رُمْحٍ ، أي قيسُه. وفلان قُدوةٌ (٥) : يُقتدَى به. ويقولون : إنَ القَدْوَ : الأصل الذي يتشعَّب منه الفروع.

__________________

(١) ضبط فى المجمل بكسر الدال ، وهو المشهور فيه. وفى اللسان : «قال البطليوسى : ولو فتحت الدال لم يكن لحنا ؛ لأن غيره قدمه».

(٢) ويقال أيضا «اقدم» بضم الدال ، كما فى اللسان.

(٣) البيت لأمية بن أبى الصلت فى ديوانه ٢١ والسيرة ٥٣٢. وأنشده فى اللسان (قدم) بدون نسبة. والرواية فى جميعها : «التقدمية» ، وهى بالتاء لغة فى «اليقدمية».

(٤) لمهلهل ، فى اللسان (قدر ، نقع ، قدم) وقد نبه فى (نقع) على رواية المقاييس. وروى : انا لنضرب بالصوارم هامهم وفي ، (قدم) : بالصوارم هامها.

(٥) يقال بكسر القاف وضمها.


ومن الباب : فلانٌ يَقْدُو به فرسُه ، إذا لزم سَنَن السِّيرة. وإنما سمِّي ذلك قدْواً لأنَّه تقديرٌ في السِّير. وتقدَّى فُلانٌ على دابَّته ، إذا سار سِيرةً على استقامة. ويقال : أتتْنا قادِيَةٌ من النَّاس ، وهم أوَّل مَن يطرأ* عليك. وقد قدَتْ تَقدِي. وكلُّ ذلك من تقدير السَّير.

ومما شذَّ عن هذا الباب القَدْو : مصدر قَدَا اللَّحْمُ يَقْدُو [قَدْواً (١)] ويَقْدِي قَدْيًا ، إذا شمِعتَ له رائحةً طيّبة. ويقولون : رجلٌ قِنْدَأْوٌ : شديد الظَّهر قصير العُنق.

قدح القاف والدّال والحاء أصلانِ صحيحان ، يدلُّ أحدُهما على شيء كالهَزْم في الشيء ، والآخر يدلُّ على غَرْفِ شيء.

فالأوَّل القَدْح : فِعْلُك إذا قَدَحْت الشيء. والقَدْح : تأكُّلٌ يقع في الشَّجر والأسنان. والقَادِحة : الدُّودة تأكل الشَّجرة. ومنه قولُهم : قَدَحَ في نَسَبه : طَعَن. وقال في تأكُّل الأسنان :

رمَى الله في عينَيْ بُثينةَ بالقَذَى

وفي الغُرِّ من أنيابها بالقوادحِ (٢)

ومن الباب القِدْح ، وهو السَّهْم بلا نَصلٍ ولا قذَذ ؛ وكأنَّه سمِّي بذلك يُقْدح به أو يمكنُ القَدْح به. والقِدح : الواحدُ من قِداح الميسر ، وهذا على التَّشبيه ومن الباب : قُدِّح الفرسُ تَقْدِيحا ، إذا ضمِّر حتى يصير مثل القِدح. ومن الباب :

__________________

(١) التكملة من المجمل واللسان.

(٢) البيت لجميل ، فى ديوانه ، واللسان والتاج (قدح) وأمالى القالى (٢ : ١٠٩) دول الله لي عينى لنية.


قَدَّحَتِ العينُ : غارت. ويقال قَدَحَتْ. وقَدَحْتُ النَّار ، وقدحتُ العين : أخرجتُ ماءَها الفاسد.

والأصل الآخر القَدِيح : ما يبقى في أسفل القِدْر فيُغرَف بجُهْد. قال :

فظلَّ الإماءُ يبتدِرْن قديحَها

كما ابتدرتْ كلبٌ ميهَ قُرَاقِرِ (١)

وقَدَحْتُ القِدر : غرفتُ ما فيها. وركيٌ قَدُوح (٢) : تُغْرَف باليد. والقَدَح من الآنية من هذا ، لأنّ به يُغْرَف الشيء.

باب القاف والذال وما يثلثهما

قذع القاف والذال والعين كلمةٌ تدل على الفُحْش. من ذلك القَذَع : الْخَنا والرَّفَث. وقد أقْذَعَ فلانٌ : أَتَى بالقَذَع. وفي الحديث : «من قال في الإسلام شعراً مُقْذِعًا فلسانُهُ هَدَرٌ». وقذَعتُ فلانًا وأقذَعتُه : رميتُهُ بالفُحْش. وقد أقذَعْتُ : أتيتُ بفُحْش.

قذف القاف والذال والفاء أصلٌ يدلُّ على الرَّمي والطَّرح. يقال : قَذَفَ الشَّيءَ يقذِفُه قذْفًا ، إذا رمى به. وبلدةٌ قَذوف ، أي طَرُوحٌ لبُعدها تَتَرامى بالسَّفْر. ومنزلٌ قَذَفٌ وقَذِيف ، أي بعيد وناقةٌ مَقذُوفة باللَّحم ، كأنها رُمِيت به.

__________________

(١) البيت النابغة الذبيانى ، كما فى اللسان والتاج (قدح) ، وليس فى ديوانه ، وهذا البيت أورده الجوهرى : «فظل الإماء» كما فى رواية ابن فارس ، قال ابن فارس : وصوابه «يظل» ؛ لأن قبله :

بقبة قدر من لدور توورثت

لآل الجلاح كابرا بعد كابر

(٢) فى الأصل : «قديح» ، صوابه فى المجمل واللسان والقاموس.


والقِذاف : سرعة السَّير. وفرسٌ [متَقَاذفٌ (١)] سريع العَدْو ، كأنَّه يَترامَى في عَدْوه.

ومن الباب أقْذَافُ الجبلِ : نواحِيه ، الواحد قَذَف. والقَذيفة : الشيءُ يُرمَى به. قال :

قذيفةُ شيطانٍ رجيمٍ رمَى بها

فصارت ضَواةً في لهازِمِ ضِرزِمِ (٢)

الضَّواة : السِّلْعة. والضِّرْزِم. الناقة المسِنَّة. وقَذَف : قاءَ ، كأنّه رمَى به.

قذل القاف والذال كلمةٌ واحدة ، وهي القَذَل : جِمَاعُ مؤخَّر الرّأْس. ويقال : قذَلتُه : ضربت قَذَالَه. ويقولون : إنَ القَذْل : المَيل والجَور.

قذم القاف والذال والميم أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على سَعَة وكَثْرة. من ذلك القَذْم : العَطاء الكثير ، يقال قَذَم له. ومن الباب القِذَمُ : الفرس السَّريع. ورجل قُذَم : كثير الأخْذ من الشيء إذا تمكَّنَ (٣) منه.

قذي القاف والذال والحرف المعتل كلمةٌ واحدة تدلُّ على خلافِ الصَّفاءِ والخُلوص. من ذلك القَذَى فى الشَّراب : ما وَقَع فيه فأفسَدَه. والقَذَى في العين ، يقال : قَذَتْ عينُه تَقْذِي ، إذا ألقت القَذَى ، وقذِيَت تَقْذَى ، إذا صار فيها القَذَى. وقَذَّيتُها : أخرجتُ منها القَذَى.

__________________

(١) التكملة من المجمل واللسان والقاموس.

(٢) فى الأصل : «به» ، صوابه فى المجمل واللسان. والبيت لمزرد بن ضرار أخى الشماخ. اللسان (قذف ، ضوا ، ضرزم) وإصلاح المنطق ٤٤٨. وقد سبق عجزه فى (ضوى).

(٣) هذا المعنى لم يرد فى المعاجم المتداولة ، ويطابقه ما فى المجمل. والذى فى المعاجم أن «القذم» كزفر ، و «القذم» كهجف ، هو الكثير العطاء.


قذر القاف والذال والراء كلمةٌ تدلُّ على خِلاف النَّظافة. يقال : شيءٌ قذِرٌ : بيِّن القَذَر. وقَذِرت الشيء واستقذرته ، فإِذا وجدتَه كذلك قلت : أقذَرْتُه. وقذِرْتُ الشّيءَ : كرهتُه قَذَراً. قال :

* وقَذَرِي ما ليس بالمقذُورِ (١) *

ورجل قَاذُورة : لا يَخالُّ ولا ينازِلُ الناس. وناقةٌ قَذورٌ : عزيزة النَّفْس لا تَرعَى مع الإبل. ورجل مقذورٌ ، كالمُقْذَر. قال* الكلابيّ : رجلٌ قُذَرَة : يتنزَّه عن الملائم.

باب القاف والراء وما يثلثهما

قرس القاف والراء والسين أصلٌ صحيح يدلُّ على برد. من ذلك القَرْس : البَرد. وقَرِس الإنسانُ قَرَساً ، إذا لم يستطع أن يعمل بيديه من شِدّة البَرد. قال أبو زُبَيد :

وقد تَصَلَّيت حَرَّ حربهِمُ

كما تَصَلّى المقرورُ من قَرسِ

يقال أقْرسَه البرد. ومما ليس من هذا الباب القُرَاسِية : الجملُ الضَّخم.

قرش القاف والراء والشين أصلٌ صحيح يدلُّ على الجمع والتجمُّع. فالقَرْش : الجمع ، يقال تَقَرَّشُوا ، إذا تجمَّعوا. ويقولون : إنَ قُريشاً سمِّيت بذلك. والمُقَرِّشة : السَّنة المَحْل ، لأنَّ النّاسَ يضمُّون مواشِيَهم. ويقال : تقارَشَت الرِّماح

__________________

(١) للعجاج فى ديوانه ٢٦ والمجمل واللسان (قذر). وقبله :

جارى لا تستنكري عديري

سيرى وإشفاقي على بعيري

وحذرى ما ليس بالمحذور


فى الحَرْب ، إذا تداخَلَ بعضُها في بعض. ويقولون : إنَ قريشاً : دابَّةٌ تسكن البحر تَغلِبُ سائرَ الدَّوابّ. قال :

وقريشٌ هي التي تَسْكُن البحر

وبها سمِّيت قريشٌ قُرَيشاً (١)

قرص القاف والراء والصاد أصلٌ صحيح يدلُّ على قبضِ شيءِ بأطراف الأصابع مع نبْرٍ (٢) يكون. من ذلك : قَرَصتُه أقرُصُه قَرْصاً. والقُرْص معروفٌ ، لأنّه عجينٌ يُقرَص قَرْصاً. وقرَّصت المرأةُ العجين : قَطَّعته قُرصةً قُرصة. ولَبَن قارصٌ : يَحذِى اللِّسان ، كأنَّه يقرُصه قرصاً. ومن الباب : القوارص ، وهي الشَّتائم ، كأنَّ العِرْضَ يُقرَص قرصاً إذا قيل فيه ما لا يَحسُن. قال :

قوارصُ تأتِيني وتَحتقرونها

وقد يملأُ القطرُ الإناءَ فيُقعِمُ (٣)

قال ابن دُريد : «حُلِيٌ مقرَّص ، أي مرصَّع بالجواهر (٤)» ، وكأنَّ ذلك يكون مستديراً على صُورة القُرص.

ومما ليس من هذا الباب القُرَّاص : نبات (٥).

قرض القاف والراء والضاد أصلٌ صحيحٌ ، وهو يدلُّ على القطع. يقال : قَرَضت الشيءَ بالمقْرَاض. والقَرْض : ما تُعطيه الإنسانَ من مالك لتُقْضَاه ،

__________________

(١) البيت للمشمرخ بن عمرو الحميرى ، كما فى الخزانة (١ : ٩٨) حيث تجد جملة الأفوال فى تعليل تسمية قريش. وأنشده فى المجمل واللسان (قرش) بدون نسبة. وانظر صبح الأعشى (١ : ٣٥).

(٢) نبر ، أى ارتفاع. وفى الأصل : «نتر».

(٣) للفرزدق فى ديوانه ٦٥٧ واللسان (قرص). وقبله :

تصرم عنى ود بكر بن وائل

وما كاد غنى؟؟؟

(٤) الجمهرة (٢ : ٣٥٧).

(٥) قيل إنه «البابونج».


وكأنَّه شيءٌ قد قطعتَه من مالك. والقِراض في التِّجارة ، هو من هذا ، وكأنَّ صاحب المال قد قَطَع من ماله طائفةً وأعطاها مُقارِضَهُ ليتّجر فيها. ويقولون : [القريض (١)] : الجرة ، في قولهم : «حالَ الجريضُ دُونَ القريض» ؛ [والظاهر أنه أريد به (١)] الشِّعر ، وهو أصح. ويقال : إنّ فلاناً وفلاناً يَتَقَارَضان الثَّناء ، إذا أثنَى كلُّ واحدٍ منهما على صاحبه. وكأنَّ معنى هذا أنَّ كلَّ واحدٍ منهما أقْرَضَ صاحبَه ثناءً كقَرضِ المال. وهو يَرْجع إلى القياس الذي ذكرناه.

قرط القاف والراء والطاء ثلاثُ كلماتٍ عن غير قياس.

فالأولَى القُرْط ، وهو معروفٌ. وقَرَّطَ فلانٌ فرسَه العنانَ ، إذا طَرحَ اللِّجام في رأسه.

والثانية القِرْطانُ والقِرطاطُ للسَّرج ، بمنزلة الوَلِيَّة للرَّحْل. وربما استُعمِل للرَّحل.

ويقال : ما جادَ فلانٌ بقِرْطيطةٍ ، أى بشيء يسير.

قرع القاف والراء والعين معظمُ البابِ ضربُ الشيء. يقال قَرَعْتُ الشيءَ أقرَعُه : ضربتُه. ومُقارَعة الأبطال : قَرعُ بعضِهم بعضاً. والقَرِيع : الفَحْل ، لأنَّه يَقرع الناقة. والإقْرَاع والمُقارَعة : هي المساهَمة. وسمِّيت بذلك لأنّها شيءٌ كأنّه يُضرَب. وقارعتُ فلاناً فقرعتُه ، أى أصابتنى القُرعةُ دونَه. والقَارِعة : الشَّديدة من شدائد الدهر ؛ وسمِّيت بذلك لأنَّها تقرع النّاس ، أي تضربُهم بشدَّتها. والقَارِعة : القِيامةُ ، لأنَّها تَضرِبُ وتُصيب النَّاسَ بإقراعها. وقَوَارِعُ القرآنِ :

__________________

(١) التكملة من المجمل.

(١) التكملة من المجمل.


الآياتُ التي مَن قَرأها لم يُصِبْه فزَع. وكأنها ـ واللهُ أعلمُ ـ سمِّيت بذلك لأنَّها تَقْرَع الجِنّ : والشَّاربُ يَقرَعُ بالإناء جبهته ، إذا اشتفَّ ما فيه. ويقال* أقرَعَ الدّابةَ بلجامِه ، إذا كَبَحه.

ومن الباب : قولهم : رجلٌ قَرِعٌ ، إذا كان يَقبل مشورةَ المُشير. ومعنى هذا أنَّه قُرِع بكلامٍ في ذلك فقبلِه. فإنْ كان لا يقبلُها قيل : فلانٌ لا يُقرَع. ويقولون : أقرَعْتُ إلى الحقِ إقراعاً : رجَعت.

ومن الباب القَرِيع ، وهو السيِّد ، سمِّي بذلك لأنه يعوَّلُ عليه في الأمور ، فكأنَّه يُقرَع بكثرةِ ما يُسأل ويستعان بهِ فيه. والدَّليل على هذا أنَّهم يسمُّونه مقروعاً أيضاً.

ثم يُحمَل على هذا ويستعار ، فقالوا : أقرَعَ فلانٌ فلاناً : أعطاه خيرَ مالِه. وخيارُ المال : قُرعتُه ؛ وسمِّي لأنّه يعَوَّل عليه في النَّوائب كما قلناه في القَرِيع.

وممَّا اتّسعوا فيه والأصل ما ذكرناه : القَريعة ، وهو خير بيتٍ في الرّبع ، إن كان بَرْدٌ فخيارُ كِنِّهِ ، وإن كان حرٌّ فخِيارُ ظلِّه.

ومما شذّ عن هذا الأصل القَرَع ، وفَصِيلٌ مقرَّع. قال أوس :

لدى كلِّ أُخدودٍ يغادرنَ دارعاً

يُجَرُّ كما جُرَّ الفصيلُ المقرَّعُ (١)

والقَرَع أيضاً : ذَهابُ الشَّعَرْ (٢) من الرأس.

قرف القاف والراء والفاء أصلٌ صحيح يدلُّ على مخالطةِ الشيء

__________________

(١) ديوان أوس ١١ واللسان (قرع).

(٢) فى الأصل : «الشىء» ، صوابه فى المجمل.


والالتباس به وادِّراعِه. وأصل ذلك القَرْف ، وهو كلُّ قَشْر. ومنه قَرْفُ الخُبْز ، وسمِّي قرفاً وقَرْفاً (١) لأنه لباسُ ما عليه.

ومن الباب القَرْف : شيءٌ يُعمَل من جلودٍ يعمل فيه الخَلْع. والخَلْع : أن يُؤخذ اللحمُ فيُطبخَ ويجعلَ فيه توابل ، ثم يُفْرَغ في هذا الخَلْع. قال :

وذُبْيانيَّةٍ وَصَّتْ بَنِيها

بأنْ كَذَب القراطفُ والقُروفُ (٢)

ومن الباب : اقترفْتُ الشيء : اكتسبتُه ، وكأنه لابَسَه وادَّرَعه. وكذلك قولهم : فلانٌ يُقرَف بكذا ، أي يُرمَى به. ويقال للَّذِي يُتَّهم بالأمر : القِرْفةُ ، يقول الرّجلُ إذا ضاع له شيءٌ : فلانٌ قِرْفَتِي ، أي الذي أتَّهِمُه ، كأنَّه قد ألبسه الظِّنَّة. و [بنو (٣)] فلانٍ قِرْفَتِي ، أي الذي عندهم أظنُّ طَلِبَتي وبُغْيتي. ويقولون : سَلْ بني فلانٍ عن ناقتك فإنَّهم قِرْفةٌ ، أي تجدُ خَبَرها عنْدهم. وقياسُه ما قد ذكرناه. والفَرسُ المُقْرِف : المُدانِي الهُجْنة. يقولون : إن الْمقرِف: الذي أبوهُ هجينٌ وأمُّه عربيّة. قال الشَّاعر (٤) :

فإنْ نُتِجَتْ مُهراً كريماً فبالحَرَى

وإن يكُ إقرافٌ فمن قِبَلِ الفَحلِ (٥)

__________________

(١) كذا فى الأصل. وفى المجمل وسائر المعاجم : «القرف» بالكسر فقط.

(٢) البيت لمعقر بن حمار البارقى ، كما فى اللسان (قرف ، كذب) وإصلاح المنطق ١٧ ، ٧٧ ، ٣٢٤.

(٣) التكملة من اللسان.

(٤) هو حميدة بنت النعمان بن بشير ، زوج روح بن زنباع. الأغانى (١٤ : ١٢٥) وتنبيه البكرى ٣١. وفى اللسان (سلل ، هجن) أنها هند بنت النعمان بن بشير تقوله لزوجها روح ابن زنباع.

(٥) كذا على الإقواء ، ويطابقه ما فى اللسان (هجن) وروى البكرى : «فما أنجب الفحل» بلا إقواء. وقبله :

وما عند إلا سهرة عربية

سليلة أفراس تجللها يغل


وقارفَ فلانٌ الخطيئةَ : خالَطَها. وقارفَ امرأتَه : جامَعَها ؛ لأنَّ كلَّ واحدٍ منهما لباسُ صاحِبِه. والقَرَفُ : الوَباء يكون بالبلد ، كأنَّه شيءٌ يصير مرضاً لأهله كاللِّباس. وفي الحديث أنَّ قوماً [شَكَوْا إليه (١)] وَبأَ أرضِهم فقال : «تَحوَّلُوا فإنَّ مِن القَرَف التَّلَفَ».

قرق القاف والراء والقاف كلمةٌ واحدة. يقولون : القَرِق : القاع الأملس. قال :

كأنَّ أيديهنَّ بالقاعِ القَرِقْ

أيدى جوَارٍ يتعاطَيْنَ الوَرِقْ (٢)

قرم القاف والراء والميم أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على حزٍّ أو قطعٍ في شيء. من ذلك القَرْم : قَرْم أنفِ البعير ، وهو قطعُ جُليدةٍ منه للسِّمة والعلامةِ ، وتلك القُطَيعة القُرامة. وقولهم : القَرْم : السيِّد ، وكذلك المُقْرَم ، فهو الذي ذكرناه ، إنما يُقرَم لكرمه عندهم حَتَّى يصير فحلاً ، ثم يسمَّى بالقَرْم الذي يُقرَم به.

وقال أوس :

إذا مُقْرَمٌ منا ذَرَا حدُّ نابِه

تخمَّطَ فينا نابُ آخَرَ مُقرَمِ (٣)

ويقولون إنَ القُرَامةَ شيءٌ يُقطَع من كِركرة البعير ، يُنتفَعُ به عند القحط ويؤكل. ومنه القُرَامة ، وهو ما لَزِق بالتّنُّور من الخبز. وسمِّي بذلك لأنَّه يُقرَم من التَّنُّور ، أي ينحَّى عنه.

ومن الباب القَرْم ، وهو تناوُلُ الْحَمَلِ الحشيشَ أولَ ما يَقْرِمُ أطرافَ الشَّجَر.

__________________

(١) التكملة من المجمل.

(٢) الرجز فى اللسان (قرق) وإصلاح المنطق ٤٦٤.

(٣) ديوان أوس ٢٧ واللسان (قرم ، ذرا ، خمط) ؛ وقد سبق فى (ذرا).


والقِرام : السِّتْر : الرّقيق ، وهو من قياس الباب ، كأنَّه شيءٌ قد غُشِّيَ به البابُ ، فهو كالقُرمة التي تُقرَم من أنف البعير.

ومما شذَّ عن هذا الباب القَرَم : شدَّةُ شهوةِ اللَّحم.

قرن القاف والراء والنون* أصلانِ صحيحان ، أحدُهما يدلُّ على جَمعِ شيءٍ إلى شيء ، والآخَر شيءٌ ينْتَأُ بقُوّة وشِدّة.

فالأوّل : قارنتُ بين الشَّيئين. والقِران : الحبلُ يُقرَن به شيئانِ. والقَرَن : الحَبْل أيضاً. قال جرير :

بلِّغْ خليفَتَنَا إنْ كنتَ لاقِيَه

أنِّي لدَى البابِ كالمشدود في قَرَنِ (١)

والقَرَن : جُعَيْبَةٌ صغيرة تُضَمُّ إلى الجَعبة الكبيرة. قال :

* فكلُّهمْ يَمشِي بقَوسٍ وقَرَنْ (٢) *

والقَرَن في الحاجبين ، إذا التقَيَا. وهو مقرونُ الحاجِبَين بيِّنُ القَرَن والقِرْن : قِرنُك في الشَّجاعة : والقَرْن : مثلُك في السِّنِّ. وقياسُهما واحد ، وإنَّما فُرِق بينهما بالكسر والفتح لاختلاف الصِّفتين. والقِرَان : أن تقرن بين تَمرتين تأكلهما. والقِرانُ : أن تَقْرِن حَجَّةَ بعُمرة. والقَرُون من النُّوق : المُقرَّنة القادِمَين والآخِرَين من أخلافها. والقَرون : التي إذا جَرَتْ وضعت يديها ورجليها معاً. وقولهم : فلان مُقْرِنٌ لكذا ، أي مطيقٌ له. قال الله تعالى: (سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا وَما

__________________

(١) ديوان جرير ٥٨٨ واللسان (قرن) والبيان (١ : ٣٢٩). بقوله لعون بن عبد الله ابن عتبة بن مسعود ، كما فى الديوان والبيان. وفى اللسان : «أبلغ أبا مسمع».

(٢) قبله فى الصحاح واللسان والتاج (قرن) وتنبيه البكرى ١٩ والبيان (٣ : ١٠٧) :

يا ابن هشام أهلك الناس اللين


كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ) ؛ وهو القياس ، لأنَّ معناه أنَّه يجوز أن يكون قِرناً له. والقَرِينة : نَفْس الإنسان ، كأَنهما قد تقارَنَا. ومن كلامهم : فلانٌ إذا جاذبَتْه قَرينةٌ بَهَرَها ، أي إذا قُرِنت به الشَّديدة أطاقَها. وقَرِينةُ الرَّجُلِ : امرأتُه. ويقولون : سامحته قَرِينته وقَرُونته وقَرُونه ، أي نفسه. والقارِنُ : الذي معه سَيفٌ ونَبْل.

والأصلُ الآخر : القَرْن للشّاةِ وغيرها ، وهو ناتئٌ قويّ ، وبه يسمَّى على معنى التشبيه الذَّوائبُ قروناً. ومن ذلك قول أبي سفيان في الرُّوم : «ذات القُرُون (١)». كان الأصمعيُّ يقول : أراد قرونَ شُعورِهم ، وكانوا يطوِّلون ذلك يُعرَفون به.

قال مُرقِّش :

لات هَنَّا وليتني طَرَفَ الزُّ

جِّ وأهلي بالشَّام ذاتِ القُرونِ (٢)

ومن هذا الباب : القَرْن : عَفَلة الشَّاة تخرج من ثَفْرها. والقَرْن : جُبَيْلٌ صغيرٌ منفرد. ويقولون : قد أقرَنَ رُمحَهُ (٣) ، إذا رفَعَه. ومما شذَّ عن هذين البابين : القَرْن : الأمَّة من الناس ، والجمع قُرون. قال الله سبحانه : (وَقُرُوناً بَيْنَ ذلِكَ كَثِيراً)(٤) والقَرْن : الدُّفعة من العَرَق ، والجمع قُرون. قال زُهَير :

نعوِّدُها الطِّرادَ فكلَّ يومٍ

يُسَنُّ على سنابِكها قُرونُ (٥)

ومن النَّبات : القَرْنُوَة ، والجلد المُقَرْنَى : المدبوغُ بها.

__________________

(١) فى اللسان : «وقال أبو سفيان بن حرب العباس بن عبد المطلب ، حين رأى المسلمين وطاعتهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم واتباعهم إياه حين صلى بهم : ما رأيت كاليوم طاعة قوم ولا فارس الأكارم ، ولا الروم ذات القرون».

(٢) المفضليات (٢ : ٨) واللسان (قرن) ومعجم البلدان (الزج).

(٣) فى الأصل : «ريحه» ، صوابه فى المجمل.

(٤) فى الأصل : «بين ذلك سبيلا» ، تحريف.

(٥) ديوان زهير ١٨٧ واللسان (قرن). ويروى : بالأصائل كل يوم.


قره القاف والراء والهاء كلمةٌ إن صحَّت. يقولون : القَرَه في الجلد كالقَلَح في الأسنان ، وهو الوَسَخ. يقال : رجلٌ أقْرَهُ وامرأةٌ قَرْهَاء.

قري القاف والراء والحرف المعتل أصلٌ صحيح يدلُّ على جمعٍ واجتماعٍ. من ذلك القَرْية ، سمِّيت قريةً لاجتماع النَّاس فيها. ويقولون : قَرَيت الماء في المِقْراةِ : جمعتُه ، وذلك الماءُ المجموع قَرِيٌ. وجمع القَرية قُرًى ، جاءت على كُسْوةٍ وكُسًى. والمِقْراة : الجفْنة ، سمِّيت لاجتماع الضَّيف عليها ، أو لما جُمع فيها من طعام.

ومن الباب القَرْو ، وهو كالمِعْصَرة (١). قال :

أرمِى بها البَيداءَ إذْ أعرَضَتْ

وأنت بين القَرْوِ والعاصر (٢)

والقرو : حوضٌ معروف ممدودٌ عند الحوض العظيم ، تَرِدُه الإبل. ومن الباب القَرْو ، وهو كلُّ شيء على طريقةٍ واحدة. تقول : رأيت القوم على قَرْوٍ واحد. وقولهم إنَ القَرْو : القصدُ ؛ تقول : قروتُ وقرَيْت ، إذا سلكت. وقال النابغة :

* يَقْرُوا الدَّكادِكَ من ذنبَان (٣) والأكَمَا*

وهذا عندنا من الأوّل ، كأنه يتبعها قريةً قرية. ومن الباب القَرَى : الظَّهر ، وسمَّى قرًى لما اجتمع فيه من العِظام. وناقةٌ قَرْواءُ : شديدة الظَّهر. قال :

__________________

(١) ويقال أيضا لمسيل المعصرة ومثعبها ، كما فى اللسان والقاموس.

(٢) البيت للأعشى فى ديوانه ٢٤٥ واللسان (قرا).

(٣) كذا وردت الكلمة فى الأصل. وفى الديوان ٦٩ : «من لبنان والأكما» وصدره :

حتى غدا مثل؟ السيف؟


* مضبورةٍ قَرواءَ هِرْجابٍ فُنُقْ (١) *

* ولا يقال للبعير أقْرَى.

* * *

وإذا هُمِز هذا البابُ كان هو والأوّلُ سواءً. يقولون : ما قرأَتْ هذه الناقةُ سَلًى ، كأنَّه يُراد أنَّها ما حَملَتْ قطُّ. قال :

ذِراعَيْ عَيطلٍ أدماءَ بِكرٍ

هجانِ اللَّونِ لم تَقرأْ جنينا (٢)

قالوا : ومنه القُرآن ، كأنَّه سمِّي بذلك لجَمعِه ما فيه من الأحكام والقِصَص وغيرِ ذلك فأمَّا أقْرأَتِ المرأةُ فيقال إنَّها من هذا أيضاً. وذكروا أنَّها تكون كذا في حال طُهرها ، كأنَّها قد جَمَعَتْ دمها في جوفها فلم تُرْخِه. وناسٌ يقولون : إنما إقراؤها : خروجُها من طُهرٍ إلى حيض ، أو حيضٍ إلى طُهْر. قالوا : والقُرْء : وقْتٌ ، يكونُ للطُّهر مرّةً وللحيض مرة. ويقولون : هَبَّت الرِّياح لقارئها : لوقتِها. وينشدون :

شَنِئَت العَقْرَ عَقْرَ بنِي شُليلٍ

إذا هبَّت لقارِئها الرِّياحُ (٣)

وجملة هذه الكلمة أنَّها مشكلة. وزعم ناسٌ من الفقهاء أنها لا تكون إلا في الطُّهر فقالوا : (٤)

__________________

(١) لرؤبة بن العجاج فى ديوانه ١٠٤ واللسان (غلا ، قرا ، مرجب ، فنق). وقبله :

نغشطته كل غلاة الوهق

(٢) البيت لعمرو بن كلثوم فى معلقته المشهورة.

(٣) لمالك بن الحارث الهذلى فى ديوان الهذليين (٣ : ٨٣) واللسان (قرأ). وشليل ، بهيئة التصغير : جد جرير بن عبد الله البجلى. الاشتقاق ٣٠٢ وشرح الديوان.

(٤) بعده بياض فى الأصل بمقدار أربعة أسطر.


وهو من الباب الأول : القارئة ، وهو الشَّاهد. ويقولون : الناس قواري الله تعالى في الأرض ، هم الشُّهود. وممكنٌ أنْ يُحمَل هذا على ذلك القياس ، أي إنَّهم يَقْرُون الأشياءَ حتَّى يجمعوها علماً ثمَّ يشهدون بها.

ومن الباب القِرَةُ (١) : المال ، من الإبل والغَنَم. والقِرَة : العِيال. وأنشَد في القِرَة التي هي المال :

ما إنْ رأينا ملكاً أغارا

أكثَر منه قِرَةً وقارا (٢)

ومما شذَّ عن هذا الباب القَارِية : طرف السِّنان. وحدُّ كلِّ شيءِ : قارِيَتُه.

قرب القاف والراء والباء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على خلاف البُعد. يقال قَرُبَ يَقْرُبُ قُرباً. وفلانٌ ذو قَرَابَتِي ، وهو من يَقْرُبُ منك رحِماً. وفلانٌ قَرِيبي ، وذو قَرابتي. والقُرْبة والقُرْبَى : القَرابة. والقِراب : مُقارَبة الأمر. وتقول : ما قَرِبْتُ هذا الأمرَ ولا أقْرَبُه ، إذا لم تُشَامَّهُ (٣) ولم تلتَبِسْ به. ومن الباب القَرَب ، وهي ليلةُ ورودِ الإبلِ الماءَ ؛ وذلك أنَّ القومَ يُسِيمون (٤) الإبلَ وهم في ذلك

__________________

(١) الحق أن الكلمة من مادة (وقر) ، وهى كالعدة من وعد. ومنه الوقير للغنم.

(٢) الرجز للأغلب العجلى ، كما فى اللسان (وقر ، قور). وأنشده فى المخصص (٧ : ١٣٣ / ٨ : ١٣).

(٣) شاممته مشامة : قاربته وتعرفت ما عنده بالاختبار والكشف.

(٤) يسيمونها : يرعونها. وفى الأصل : «يسمون».


يسيرونَ نحو الماء ، فإذا بقِيَ بينهم وبين الماء عشِيَّةٌ عجَّلوا نحوه ، فتلك اللَّيلةُ ليلةُ القَرَب. والقَارِب : الطَّالب الماءَ ليلاً. قال الخليل : ولا يقال ذلك لطالبهِ نهاراً. وقد صرَّفوا الفعلَ من القَرَب فقالوا : قَرَبْت الماء أقرُبُه قَرَباً. وذلك على مثال طلَبْتُ أطْلُبُ طَلَبا ، وحَلَبْتُ أحلُب حَلَبا. ويقولون : إنّ القَارِب : سفينةٌ صغيرة تكون مع أصحاب السُّفن البَحْريّة ، تُستَخَفُّ لحوائجهم ؛ وكأنَّها سمِّيت بذلك لقُرْبِها منهم. والقُرْبانُ : ما قُرِّب إلى الله تعالى من نَسِيكةٍ أو غيرها.

ومن الباب : قُربانُ الملِك وقَرابِينه : وزراؤه وجُلساؤه. وفرسٌ مُقْرَبة ، وهي التي تُرْتَادُ(١) وتقرَّب ولا تُترَك أن تَرُود. قال ابنُ دريد : إنَّما يُفعَل ذلك بالإناث لئلَّا يقرعَها فحلٌ لئيمٌ.

ويقال : قَرَّبَ الفرسُ تقريباً ، وهو دون الحُضْر ، وقيل تقريبٌ لأنَّه إذا أَحْضَرَ كان أبعدَ لمداه. وله فيما يقالُ تقريبان : أدنى وأعلى. ويقال : أقرَبت الشَّاة ، دنا نِتاجُها. قال ابن السِّكِّيت : ثوب مُقارِبٌ ، إذا لم يكن جيِّدا. وهذا على معنى أنَّه مقارِبٌ في ثَمَنِه غيرُ بعيدٍ ولا غالٍ. وحكي غيرُه : ثوبٌ مُقارِبٌ : غير جيد ، وثوب مقاربٌ : رخيص. والقياس في كلِّه واحد. وأمّا الخاصرة فهي القُرْب ، سمِّيت لقُرْبها من الجنب. وقال* قوم : سمِّيت تشبيهاً لها بالقِرْبة قالوا : وهذا قياسٌ آخر ، إنّما هو من أن يضُمَّ الشّيءَ ويحوِيَه. قالوا : ومنه القِرابُ : قرابُ السَّيف ، والجمع قُرُب. قال الشّاعر (٢) :

__________________

(١) وكذا وردت العبارة فى المجمل ، وصوابه «التى تدنى» ، كما فى الجمهرة (١ : ٢٧٢) واللسان والقاموس.

(٢) هومرة بن محكان السعدى. الحماسة (٢ : ٢٥٣) والحيوان (٢ : ٣٥٢) والأغانى (٢٠ : ١٠) ومعجم المرزبانى ٣٨٣.


يا ربَّةَ البيتِ قُومِي غيرَ صاغرةٍ

ضُمِّي إليكِ رِحالَ القومِ والقُرُبا

وقال الشَّاعر (١) في القُرْب ، وهي الخاصرة :

وكنتُ إذا ما قُرِّبَ الزّادُ مولعاً

بكلِّ كميتٍ جَلْدةٍ لم تُوَسَّفِ (٢)

مُدَاخَلةِ الأَقْرَاب غيرِ ضئيلةٍ

كُميتٍ كأنّها مزادةُ مُخْلِفِ

قرت القاف والراء والتاء أُصَيلٌ يدلُّ على قُبْح في سَحْنة (٣). يقولون : قَرِتَ وجه الرجل : تغيّر من حُزْن. وأصل ذلك من قَرِتَ الدَّم ، إذا يَبِس بين الجلد واللّحم. وهو دمٌ قَارِتٌ. وقَرِتَ الجلدُ ، إذا ضُرِبَ فاسودَّ.

قرح القاف والراء والحاء ثلاثةُ أصولٍ صحيحةٍ : أحدُها يدلُّ على ألمٍ بجراحٍ أو ما أشبَههَا ، والآخَر يدلُّ على شيءِ من شَوْب ، والآخِر على استنباطِ شيء.

فالأوَّل القَرْح : قرْح الجِلد يُجرَح (٤). والقَرح : ما يخرُجُ به من قُروحٍ تؤلمه. قال الله تعالى : (إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ). يقال قَرَحَه ، إذا جَرحَه ، والقَرِيح : الجريح. والقَرِح (٥) : الذي خَرجَتْ به القُروح.

والأصل الثاني : الماء القَرَاح : الذي لا يشُوبُه غيره. قال :

بِتْنا عُذوباً وباتَ البقُّ يَلسِبُنا

نَشْوِي القَراحَ كأَنْ لا حيَّ بالوادِي (٦)

__________________

(١) هو الأسود بن يعفر ، كما فى اللسان والتاج (وسف).

(٢) أنشده فى اللسان (جلد) بدون نسبة.

(٣) السحنة ، بالفتح : اللون. وفى الأصل : «سمجة» ، تحريف.

(٤) فى المجمل : «بجراح».

(٥) والقريح أيضا.

(٦) أنشده فى اللسان (لسب ، شوا). وانظر مثيل هذا البيت فى (عذب).


والأرض القَرَاح : الطيِّبة التُّربة التي لا يَخْلِطُ ترابَها شيءٌ. ومن الباب : رجل قُرْحانٌ وقومٌ قُرْحانونَ ، إذا لم يُصِبْهم جُدَريٌّ ولا مرض. وهذا من الماء القَراح والأرضِ القَراح. والقِرْواحُ مثل القَراح. ويقال : القِرواح : الواسعةُ. وهو قريبٌ من الأوّل ، لأنّه تشوبها حُزُونة.

والأصل الثالث القريحة ، وهو أوّل ما يُستنبَطُ من البِئر ، ولذلك يقال : فلانٌ جيِّد القَريحة ؛ يراد به استنباط العِلم. ومنه اقْتَرَحَتِ الجَمَل : ركبتُه قبل أن يُرْكِب (١). واقتَرَحْتُ الشيءَ : استنبطتُه عن غير سَماعٍ.

ومما شذَّ عن هذه الأصولِ الثلاثة : القَارِح من الدَّوابِّ : ما انتهى سنُّه. قال الفرَّاء : قَرَح يَقْرُح قُرُوحاً ، من خيل قُرحٍ (٢). وكلُّ الأسنانِ بالألف ، مثل أَثْنَى وأرْبَعَ ، إلا قرَح.

ومن الشاذّ القُرحة : ما دون الغُرَّة من البياض بوجه الفَرَس. قال : وروضةٌ قَرْحَاء : في وسطها نورٌ أبيض. قال ذو الرُّمّة :

حَوّاءُ قَرحَاءُ أشراطيّةٌ وَكَفَتْ

بها الذِّهابُ وحَفَّتْها البراعيم (٣)

ويقولون : قَرَحَ فلانٌ فلاناً بالحقِّ ، إذا استقبَله به. وهذا ممكنٌ أن يكون من باب الإبدال ، والأصل قَرَعه. وممكنٌ أن يكون كأنَّه جرحه بذلك.

قرد القاف والراء والدال أصلٌ صحيح يدلُّ على تجمُّعٍ في شيءِ مع تقطُّع. من ذلك السحابُ القَرِد : المتقطِّع في أقطار السماء يركبُ بعضُه بعضاً.

__________________

(١) يركب ، من قولهم أركب أى حان له أن يركب. وضبط فى المجمل بفتح الكاف خطأ.

(٢) ويقال قرح أيضا بضم القاف وتشديد الراء المفتوحة.

(٣) ديوان ذى الرمة ٥٣ واللسان (قرح ، شرط ، ذهب). وقد سبق فى (ذهب).


والصُّوف القَرِد : المتداخِلُ بعضُه في بعض. و [الأرض] القَرْدَدُ إذا ارتفعت إلى جنب وَهْدة(١). وقُرْدُودةُ الظَّهْر : ما ارتفع من ثَبْجِه. وكلُّ هذا قياسُه واحد. وممكنٌ أن يكون القُرَادُ من هذا ، لتجمُّع خَلْقِه.

وممَّا يشتقُّونه من لفظ القُراد : أَقْرَدَ الرّجُل : لَصِق بالأرض من فزعٍ أو ذُلّ (٢). وقَرِدَ: سَكَت (٣). ومنه قرَّدْتُ الرّجلَ تَقْرِيداً ، إذا خدعتَه لتُوقِعَه في مكروه.

باب القاف والزاء وما يثلثهما

قزع القاف والزاء والعين أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على خِفَّةٍ في شيء وتفرُّق. من ذلك القَزَع : قِطَع السَّحاب المتفرِّقة ، الواحدة قَزَعَة. قال :

تَرَى عُصَبَ القَطا هَمَلاً عليه

كأنَّ رِعالَه قَزَع الْجَهَامِ (٤)

ومن الباب القَزَعُ المنهيُّ عنه ، وهو أن يُحلَق رأسُ الصبيّ ويترك في مواضعَ منه شعرٌ متفرِّق. ورجلٌ مقزَّع : لا يُرَى على رأسه إلَّا شعيرات. وفرسٌ مقزَّع : رقَّت ناصيتُه.

ومن الباب في الْخِفّة : تقزَّعَ الفرسُ : تهيَّأَ للرَّكض. والظَّبيُ* يَقزَع ، إذا أسرَعَ. والقَزَع: صِغار الإبل (٥).

__________________

(١) فى المجمل : «وأرض قردد إذا ارتفعت إلى جنب وهدة».

(٢) فى الأصل : «وذل» ، صوابه فى المجمل.

(٣) فى المجمل : «سكت من عى».

(٤) البيت لذى الرمة فى ديوانه ٥٩٧ واللسان (قزع). وفى الأصل : «سملا عليه» ، تحريف.

(٥) ترتيب المواد من الباقية إلى آخر هذا الباب كان فى أصله على هذا النظام : (قزب ، قزم ، قزل ؛ قزح) فأعدته إلى نصابه الطبيعى. ومن عجب أنه فى المجمل جرى كذلك على نظامه فى المقاييس ، وهو سهو من ابن فارس.


قزل القاف والزاء واللام كلمةٌ واحدةٌ ، وهي القَزَل (١) ، وهو أسوأ العَرَج. يقال منه قَزِل يَقْزَل.

قزم القاف والزاء والميم كلمةٌ تدلُّ على دناءةٍ ولؤم. فالقَزَم : الدّناءة واللُّؤم. والرجل قَزَم ، يقال ذلك للأنثى والذَّكر ، والواحد والجمع.

قزب القاف والزاء والباء ، فيه من طرائف ابن دريد (٢) : القَزَب الصَّلَابة والشِّدَّة. قَزِب الشيءُ : صَلُب.

قزح القاف والزاء والحاء أُصيلٌ يدلُّ على اختلاطِ ألوانٍ مختلفة وتشعُّب في الشَّيء. من ذلك القَزْح : التَّابَلُ من توابل القِدر. يقال : قَزِّحْ قِدْرَك. قال ابن دريد (٣) : ومنه قولهم : مليح قَزِيحٌ. ويقال : إنّ القُزَح : الطَّرَائق ، في التي يقال لها : قَوْسُ قُزَح ، الواحدة قُزْحَة. ويقال : تقزَّحَ النبتُ ، إذا انشَعَب شُعَباً. وشجرةٌ متقزِّحة. وقَزَح الكلبُ ببوله. وقال ابن دريد (٤) : يقال إنَ القَزْح : بَوْلُ الكلب. والله أعلم.

باب القاف والسين وما يثلثهما

قسط القاف والسين والطاء أصلٌ صحيح يدلُّ على معنَيَين متضادَّين والبناءُ واحد. فالقِسط : العَدل. ويقال منه أقْسَطَ يُقْسِط. قال الله تعالى : (إِنَ

__________________

(١) الجمهرة (١ : ٢٨٢).

(٢) فى الأصل : «اللبث» ، صوابه فى المجمل واللسان.

(٣) الجمهرة (٢ : ١٤٨).

(٤) الجمهرة (٢ : ١٤٩).


اللهَ يُحِبُ الْمُقْسِطِينَ). والقَسْط بفتح القاف : الجَور. والقُسوط : العُدول عن الحق. يقال قَسَطَ ، إذا جار ، يَقْسِطُ قَسْطاً. والقَسَط : اعوجاجٌ في الرِّجلين ، وهو خلاف الفَحَج.

ومن الباب الأوّل القِسْط : النَّصيب ، وتَقَسَّطْنا الشَّيءَ بيننا. والقِسْطَاس : المِيزان. قال الله سبحانه : (وَزِنُوا بِالْقِسْطاسِالْمُسْتَقِيمِ).

ومما ليس من هذا القُسْط : شيءٌ يُتَبَخَّرُ به ، عربيٌّ.

قسم القاف والسين والميم أصلانِ صحيحان ، يدلُّ أحدهما على جمالٍ وحُسن ، والآخَر على تجزئة شيء.

فالأوّل القَسَام ، وهو الحُسْن والجمال. وفلانٌ مُقَسَّم الوجه ، أي ذو جمالٍ. والقَسِمة: الوجه ، وهو أحسن ما في الإنسان. قال :

كأنَّ دنانيراً على قَسِماتهِمْ

وإنْ كان قد شفَّ الوجوهَ لقاءُ (١)

والقَسام ، في شعر النابغة (٢) : [شِدة الحَرّ (٣)].

والأصل الآخر القَسْم : مصدر قَسَمت الشّيءَ قَسْماً. والنَّصيب قِسمٌ بكسر القاف. فأمَّا اليمين فالقَسَم. قال أهلُ اللغة : أصل ذلك من القَسَامة ، وهي الأيمان تُقْسَم على أولياء المقتول إذا ادَّعَوْا دمَ مقتولهم على ناسٍ اتَّهموهم به (٤). وأمسىَ فلانٌ متقسَّما ، أي كأنَّ خواطرَ الهموم تقسَّمَتْه.

__________________

(١) البيت لمحرز بن المكعبر الضبى ، كما فى اللسان (قسم) وحماسة أبى تمام (٢ : ١٩٣).

(٢) هو قوله ، وأنشده فى اللسان (قسم) :

تسف بربره وترود فيه

إلى دبر النهار من القسام

(٣) التكملة من المجمل.

(٤) فى اللسان عن ابن الأثير : «وحقيقتها أن يقسم من أولياء المقتول خمسون نفرا على استحقاقهم دم صاحبهم إذا وجدوه قتيلا بين قوم ولم يعرف تاتله ، فإن لم يكونوا خمسين أقسم الموجودون خمسين يمينا ، لا يكون فيهم صبى ولا امرأة ولا مجنون ولا عبد».


ومما شذّ عن هذا الباب : القَسَاميّ ، وهو الذي يَطْوِي الثِّيابَ أوّل طيِّها ، ثم تُطْوَى على طَيِّه. قال :

* طَيَ القَسَامِيّ بُرودَ العَصَّابْ (١) *

يقال إنّ العصّاب : الغَزَّال.

قسن القاف والسين والنون كلمةٌ تدلُّ على شِدّة. يقال : اقسأَنَ اللَّيلُ : اشتدَّ ظلامُه. والمقْسَئِنّ : الصُّلب من الرجال ، ويكون كبيرَ السِّنّ. قال :

إنْ تكُ لَدْنًا لينا فإنّي

ما شئتَ من أشْمَطَ مقسَئِنِ (٢)

قسي القاف والسين والحرف المعتل يدلُّ على شِدّة وصلابة. من ذلك الحجر القاسي. والقَسْوة : غِلَظ القَلْب ، وهي من قسوة الحَجَر. قال الله تعالى : (ثُمَ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ فَهِيَ كَالْحِجارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً). [و] القاسية : اللَّيلة الباردة. ومن الباب المُقاساة : معالجَة الأمر الشَّديد. وهذا من القَسوة ، لأنّهُ يظهِر أنّه أقسَى من الأمر الذي يُعالِجهُ. وهو على طريقة المُفاعَلة.

قسب القاف والسين والباء يدلُّ على مِثْل ما دلَّ عليه الذي قبله. يقولون : [القَسْب] : التَّمر اليابس. قال :

وأسمَرَ خَطِّيّاً كأنَّ كعوبَه

نَوَى القَسبِ عَرَّاصاً مُزَجًّا منصّلا (٣)

__________________

(١) البيت لرؤبة ، كما سبق فى حواشى (عصب).

(٢) أنشده فى اللسان (قسن).

(٣) صواب إنشاده ، كما فى الديوان ٢٠ واللسان (زجج) : «أصم ردينيا» ، لأن قبله :

وأنى أمرؤ أعددت الحرب بعدما

رأيت لها نابا م الشر أعصلا

وأما البيت الذى بشتبه بهذا فى الإنشاد ، فهو بيت حاتم فى ديوانه ص ١٢١ :

وأسمر خطبا كأن كعوبه

نوى القسب تداوي ذراعا على العشر


والقَسب : الصُّلب من كلِّ شيء. والقَسِيب : الطَّويل الشَّديد. ومن* الباب القَسِيب ، وهو صوتُ الماءِ في جَرَيانه ، ولا يكون صوتٌ إلّا كان بقوة.

قال عَبِيد :

* للماء مِن تحتِهِ قَسيبُ (١) *

قسر القاف والسين والراء يدلُّ على قَهرٍ وغَلَبة بشدة. من ذلك القَسْر : الغَلَبة والقَهْر. يقال : قَسَرْتُه قسراً ، واقتسرتُه اقتِسَاراً. وبعيرٌ قَيْسَرِيٌ : صُلْب. والقَسْوَرة : الأسد ، لقُوّته وغلَبته.

باب القاف والشين وما يثلثهما

قشع القاف والشين والعين أصل صحيحٌ واحِد ، أومأ إلى قياسِهِ أبوبكرٍ فقال : «كلُّ شيءٍ خَفَّ فقد قَشِع وقَشَع يقْشَع قَشَعا ، مثل اللحم يجفف (٢)». وهذا الذي قاله صحيح. ومنه انقشَعَ النَيم وأقشع وتَقَشَّع (٣) ، والقِشْعة : القطعة من السَّحاب تَبقَى بعد انكشاف الغَيم. وذكر بعضُهم أنّ الكُناسةِ قَشُع (٤)

__________________

(١) صدره كما فى الديوان ٦ وشرح القصائد العشر ٣٠٥ واللسان (قسب) :

أو جدول في ظلال نخل

(٢) إشارة إلى لغتى الكسر والفتح. والفتح لم يرد إلا هنا وفى اللسان ، قال : «والقشع أن تيبس أطراف الذرة قبل إناها ، يقال قشعت الذرة تقشع قشعا». والذى فى المجمل عن الجمهرة «: فقد قشع يقشع قشعا» ، بكسر عين الماضى. على أن الذى فى الجمهرة (٣ : ٦١) : «فقد قشع ، مثل اللحم إذا جفف» فلم يرد فيها المضارع ولا المصدر.

(٣) فى الأصل : «وقشع» ، صوابه فى المجمل واللسان.

(٤) بتثليث القاف ، كما فى القاموس. وفى اللسان : «والقشع والقشع : كناسة الحمام والحجام ، والفتح أعلى».


قال الكِسائيّ : قَشَعت الرِّيح السحابَ وانقشَعَ هو. وأقْشَعَ القومُ عن الماء ، إذا أقلعوا. ويقال إنَ القِشَعَ : ما يُرمى به عن الصَّدر من نُخَاعَة (١). والقَشْع : ما قُشِع عن وجه الأرض. وكَلَأٌ قَشِيعٌ : متفرِّق. وشاةٌ قَشِعَةٌ : غَثَّةٌ ، كأنَّ السِّمَن قد انقشَعَ عنها. ورجلٌ قَشِعٌ: لا يثبت على أمر. فأمّا القَشْع فيقال : بيتٌ من أَدَم ، والجمع قُشُوع. قال :

* إذا القَشْعُ من رِيح الشِّتاء تَقعقَعا (٢) *

وهو القياس ، لأنَّهم إذا سارُوا قَشَعوه. ويقال : القَشْع : النِّطْع. وهو ذلك القياس.

قشف القاف والشين والفاء كلمةٌ واحدةٌ ، وهي قولهم : قَشِف يَقْشَفُ ، إذا لوَّحته الشمس فتغيَّر ، ثمَّ قِيل لكلِّ من لا يتصنَّع للتجمُّل قَشِف ، وهو يتقشَّف.

قشب القاف والشين والباء أصلانِ يدلُّ أحدُهما على خَلْط شيءٍ بشيء ، والآخَر على جِدَّةٍ في الشيء.

فالأوَّل : القَشْب ، وهو خَلْط الشَّيء بالطَّعام ، ولا يكاد يكون إلّا مكروها.

__________________

(١) النخاعة ، بالضم : ما تفله الإنسان ، كالنخامة. وكذا وردت العبارة فى المجمل. وفى اللسان والقاموس : «نخامة».

(٢) لمتمم بن نويرة ، يرثى أخاه مالكا. وصدره كما فى المفضليات (٢ : ٦٥) واللسان (قشع ، برم) والأمالى (١ : ١٩) وسمط اللآلئ ٨٧ والعقد (٣ : ٢٦٣) :

ولا برما تهدى النساء لعرسه


من ذلك القشْب (١) ، هو السمُّ القاتل. قال الهُذَليّ (٢) :

فَعَمَّا قليلٍ سقاها معاً

بذِيفان مُذْعِفِ قِشْبٍ ثُمالِ (٣)

ويقال : قَشَب فلانٌ فلاناً بسُوءٍ : ذكَره به أو نسَبَه إليه. وقَشَبَه بقبيحٍ : لَطَخَه به. ورجل مُقشَّب الحسَب ، إذا مُزِج حسبُه. قال ابن دريد (٤) : القِشْبَة : الخسيس من النّاس ، لغة يمانِيَة.

والأصل الآخَر : القَشِيب : الجديد من الثِّياب وغيرِها. والقَشيب : السَّيف الحديث العهد بالجِلاء.

قشر القاف والشين والراء أصلٌ صحيح واحد ، يدلُّ على تنحيةِ الشّيء ويكونُ الشيءُ كاللِّباس ونحوه. من ذلك قولك : قَشَرت الشَّيء أقشِره. والقِشْرة : الجلدة المقشورة. [والقِشْر (٥)] : لباس الإنسان. قال الشّاعر :

[مُنِعَتْ حنيفةُ واللهازمُ منكُم

قِشرَ العراقِ وما يَلَذُّ الحنجرُ (٦)]

وفي [حديث (٧)] قَيْلَةَ : «كنت إذا رأيتُ رجلاً ذا رُواء وذا قِشْرٍ طمَحَ

__________________

(١) يقال قشب ، بالكسر ، وقشب بالتحريك.

(٢) هو أمية بن أبى عائذ الهذلى. ديوان الهذليين (٢ : ١٨٦).

(٣) المزعف والمذعف : القاتل. ورواية الديوان : «بمزعف ذيفان».

(٤) الجمهرة (١ : ٢٩٣).

(٥) التكملة من المجمل واللسان.

(٦) التكملة من اللسان (قشر).

(٧) التكملة من اللسان. وفى المجمل : «وفى الحديث». وانظر حديث قيلة فى مجمع الزوائد الهيثمى (٦ : ٩) طبع القدسى ١٣٥٦ ، وهو فى الإصابة مع تحريف شديد فى ترجمة (قيلة بنت مخرمة).


بصري إليه». والمَطْرة القَاشِرة : التي تَقشِر وجهَ الأرض. وسنةٌ قَاشُورة : مُجْدبة تَقْشِر أموالَ القوم. قال :

فابعَثْ عليهم سنةً قاشُورهْ

تحتلق المالَ احتلاقَ النُّورهْ (١)

ثم سمِّي كلُّ شيءٍ يَفْعَل ذلك قاشُوراً ، فيقولون للشُّؤم : قاشُور. ويقولون في المثل : «أشأَم مِن قَاشِر (٢)» ، وهو فحلٌ له حديث. ولهذا سُمِّي الفِسْكِل (٣) من الخيل الذي يَجيء في الحَلْبة آخِرَها قاشُوراً. وقولهم إنَ الأقْشَر : الشَّديد الحُمرة ، وإنَّما ذلك للشَّديد حُمرةِ الوجه ، الذي يُرَى وجهُه كأنّه يتقشّر. وقُشَيرٌ : [أبو قبيلة (٤)] من العرب.

قشم القاف والشين والميم أُصَيلٌ إن صحّ فهو من الأكل وما ضاهاه من المأكول. قالوا : القَشْم : الأكل. والقُشَام : ما يُؤكَل. وقال ابن دريد : «قُشَام المائدة : ما نُفِض منها من باقي خُبزٍ وغيرِه (٥)». ويقال : ما أصابت الإبِلُ مَقْشَما ، أي لم تُصِب ما ترعاه.

ومما شذَّ من هذا الباب إنْ صحَّ قولُهم : قَشَمت الخُوصَ ، إذا شقَقتَه ، لتَسفَّهُ. وكلُّ ما شُقَّ منه فهو قُشَام.

__________________

(١) الرجز للكذاب الحرمازى ، كما فى البيان والتبيين (٣ : ٢٧٦). وهو بدون نسبة فى اللسان (تلب ، قشر ، حلق).

(٢) فى الأصل : «قاشور» ، صوابه فى المجمل واللسان وأمثال الميدانى (١ : ٣٤٦).

(٣) فى الأصل : «ألف كل».

(٤) بمثلها يلتئم الكلام.

(٥) بعده فى الجمهرة (٣ : ٦٦) : «وأحسبها مولدة».


باب القاف والصاد وما يثلثهما

قصع القاف والصاد والعين أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على تطامُنٍ في شيء أو مطامَنةٍ له. من ذلك القَصْعَة ، وهي معروفة ، سمِّيت بذلك للهَزْمة. والقاصِعاء : أوَّل جِحَرة اليَربوع ، وقياسُها ما ذكرناه. وقد تَقصَّع ، إذا دخَل قاصِعاءَه. قال :

فَوَدَّ أبو ليلى طُفيلُ بنُ مالكٍ

بمُنعَرَجِ السُّوبان لو يَتَقَصَّعُ (١)

فأمَّا قَصْع النّاقة بجِرّتها فقالوا : هو أن ترُدَّها في جوفها. والماء يَقْصَعُ العطش : يقتلُه ويذهبُ به. قال :

* فانصاعَتِ الحُقْبُ لم تُقْصَع صَرائِرُها (٢) *

وقصَعتُ ببُسْط كَفِّي هامتَه : ضربْتُها. وقَصَع الله به ، إذا بَقِيَ قمِيّاً لا يَشِبُّ ولا يزداد ، وهو مقصوعٌ وقصيعٌ.

قصف القاف والصاد والفاء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على كسرٍ لشيء. ولا يُخْلِف هذا القياسُ. يقال : قصَفت الرِّيحُ السفينةَ في البحر. وريحٌ قَاصِف (٣). والقَصِف : السَّريع الانكسار. والقَصِيف : هشيم الشَّجر. ومنه قولُهم : انقصفوا

__________________

(١) لأوس بن حجر فى ديوانه ١١.

(٢) لذى الرمة كما سبق فى حواشى (صر). وعجزه :

وقد نشحن فلا رى ولاهيم

(٣) فى المجمل : «وهى ريح قاصف».


عنه ، إذا تركوه. وهو مستعار. والأقْصَف : الذي انكسرت ثَنِيَّتُه من النِّصف. ورعدٌ قَاصِف ، أي شديد. وقياس ذلك كأنَّه يكاد يَقصِف الأشياءَ بشدَّته. يقولون : بَعثَ الله تعالى عليهم الرِّيحَ العاصف ، والرّعدَ القَاصِف. ومنه القَصْف : صَرِيف البَعير بأسنانه. فأمَّا القَصْف في اللهو واللَّعِب فقال ابنُ دريد (١) : لا أحسبه عربيَّا. وليس القَصْف الذي أنكَرَه ببعيدٍ من القياس الذي ذكرناه ، وهو من الأصوات والجَلَبة. وقياسه في الرَّعد القَاصِف ، وفي صَريف البَعير بأسنانِه.

قصل القاف والصاد واللام أصلٌ صحيحٌ واحدٌ يدلُّ على قطعِ الشيء. فالقَصْل : القَطْع. يقال قَصَله ، إذا قطَعَه. والقَصِيل معروف ، وسمِّي بذلك لسُرعة اقتِصَاله (٢) ، لأنّه رَخْص. وسيف مِقْصَلٌ : قطّاع ، وكذلك القَصَّال. ولسانٌ مِقْصَل على التشبيه. والقِصْل : الرَّجْل الضّعيف ، لأنَّه منقطِع. فأمَّا القُصَالة فما يُعْزَل من البُرِّ ليُداسَ ثانيةً ، فإن كان صحيحاً فقياسُه قريب.

قصم القاف والصاد والميم أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على الكسر. يقال : قَصَمْت الشيء قَصْماً. والقُصَم : الرّجُل يَحطِم ما لَقِيَ. وقال الله تعالى : (وَكَمْ قَصَمْنا مِنْ قَرْيَةٍ كانَتْ ظالِمَةً) أراد ـ والله أعلمُ ـ إهلاكَه إيّاهم ، فعبَّر عنه بالكسر. والقَصِيمة والقَيْصوم : نبتان.

__________________

(١) الجمهرة (٣ : ٨١).

(٢) فى الأصل : «انفصاله» ، صوابه فى اللسان.


قصوى القاف والصاد والحرف المعتلّ أصلٌ صحيح يدلُّ على بُعدٍ وإبعاد. من ذلك القَصَا : البُعْد. وهو بالمكان الأقصَى والنَّاحيةِ القُصوَى. وذهبتُ قَضا فلانٍ ، أي ناحيته. ويقال : أحاطوُنا القَصَا. أي وقفوا منّا بين البعيد والقريب غير أنَّهم مُحِيطون بنا كالشَّيءِ يَحُوط الشّيءَ يحفظه. قال :

فحَاطوُنا القَصَا ولقد رأونا

قريباً حيثُ يُستَمَع السِّرارُ (١)

وأقصَيتُه : أبعدتُه. والقَصِيّةُ من الإبل : المودوعة الكريمة لا تُجهَد ولا تُرْكَب ، أي تُقصَى إكراماً لها. فأمَّا النّاقةُ القَصْواء فالمقطوعة الأذُن. وقد يمكن هذا على أنَّ أذنَها أُبعِدَت عنها حين قُطعت. ويقولون : قصَوتُ البعيرَ فهو مقصُوٌّ : قطعت أذنَه. وناقةٌ قَصْواء ، ولا يقال بعيرٌ أقصَى.

قصب القاف والصاد والباء أصلان صحيحان ، يدلُّ أحدهما على قَطْع الشّيء ، ويدلُّ الآخَر على امتدادٍ في أشياءَ مجوَّفة.

فالأوّل القَصْب : القَطْع ؛ يقال قَصَبْته قَصْباً. وسمِّي القصَّابُ قصّاباً لذلك. وسيف قَصَّابٌ ، أي قاطع. ويقال : قَصَبْتُ الدّابة ، إذا قطعتَ عليه شُربَه قبل أن يَرْوَى. ومن الباب : قَصَبت الرّجُل ، إذا عبتَه ، وذلك على معنى الاستعارة.

والأصل الآخر : الأقصاب : الأمعاء ، واحدها قُصْب. والقَصَب معروف ، الواحدة قَصَبة. والقَصْباء : جمع قَصَبة أيضاً. والقَصَب : أنابيبُ من جوهر. وفي الحديث: «بَشِّرْ خَدِيجةَ ببيتٍ في الْجَنّة من قَصَب ، لا صَخَب فيه ولا نَصَب».

__________________

(١) لبشر بن أبى خازم فى المفضليات (٢ : ١٤١) واللسان (قصا).


والقَصَب : عُروق الرّئة. والقَصَب : مخارِجُ الماء من العيون ؛ وهذا على معنى التشبيه. والقُصّاب : المَزَامير. قال :

وشاهِدُنا الجُلُّ والياسَمِي

نُ والمُسمِعاتُ بقُصَّابِها (١)

ومن الباب القَصائِب : الذوائب ، واحدتها قَصِيبة. ويقال القُصَّابة (٢) : الخُصْلة من الشَّعر.

قصد القاف والصاد والدال أصولٌ ثلاثة ، يدلُّ أحدُها على إتيانِ شيءِ وأَمِّه ، والآخَر على اكتنازٍ في الشيء.

فالأصل : قَصَدته قَصْداً ومَقْصَداً. ومن الباب : أقْصَدَه السَّهمُ ، إذا أصابه فقُتِل مَكانَه ، وكأنّه قيلَ ذلك لأنَّه لم يَحِد عنه (٢). قال الأعشى :

فأقْصَدها [سهمي] وقد كان قبلها

لأمثالها من نِسوَةِ الحيِّ قانِصَا (٤)

ومنه : أقْصَدَتْه حَيَّةٌ ، إذا قتلَتْه.

والأصل الآخر : قَصَدْت الشيءَ كسرته. والقِصْدَة : القِطْعة من الشيء إِذا تكسَّر ، والجمع قِصَدٌ. [ومنه قِصَدُ] الرِّماح. ورمحٌ قَصِد ، وقد انقَصَد. قال :

ترى قِصَدَ المُرّانِ تُلْقَى كأنَّها

تذرُّعُ خُرصانٍ بأيدِى الشّواطبِ (٥)

والأصل الثالث : الناقة القَصِيد : المكتنِزة الممتلِئة لحماً. قال الأعشى :

__________________

(١) البيت للأعشى فى ديوانه ١٢١ واللسان (قصب ، جلل).

(٢) فى الأصل : «فكأنه قد قبل ذلك لأنه لم يجد عنه».

(٤) ديوان الأعشى ١٠٩.

(٥) لقيس بن الخطيم فى ديوانه ١٣ واللسان شطب (قصد ، ذرع ، خرص ، شطب). وقد سبق فى (ذرع ، شطب).


قطعتُ وصاحبِي سُرُحٌ كِنازٌ

كرُ كْنِ الرَّعْنِ ذِعْلِبَةٌ قَصيد (١)

ولذلك سمِّيت القصيدةُ من الشِّعر قصيدةً لتقصيد أبياتها ، ولا تكون أبياتُها إلَّا تامَّة الأبنية.

قصر القاف والصاد والراء أصلانِ صحيحان ، أحدهما يدلُّ على ألا يبلُغَ الشّيءُ مدَاه ونهايتَه ، والآخر على الحَبْس. والأصلانِ متقاربان.

فالأوّل القِصَر : خلافُ الطُّول. يقول : هو قَصيرٌ بيِّن القِصَر. ويقال : قصَّرتُ الثَّوبَ والحبلَ تَقصيراً. والقَصْر : قَصْر الصّلاة ، وهو ألَّا يُتِم لأجل السّفَر. قال الله تعالى : (فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ). والقُصَيْرَى : أسفل الأضلاع ، وهي الواهنة. والقُصَيْرى : أفْعَى ، سمِّيت لقِصَرها. ويقال أقْصَرَت الشَّاةُ ، إذا أسنَّتْ حتَّى تقصُرَ أَطرافُ أسنانها. وأقصَرَت المرأةُ : ولدت أولاداً قِصاراً. ويقال : قصَّرتُ في الأمرِ تَقْصِيراً ، إذا توانيت. وقَصَرْت عنه قُصوراً : عَجَزت. وأَقْصَرْت عنه إذا نزعتَ عنه وأنت قادرٌ عليه. قال :

لو لا علائقُ من نُعْمٍ عَلِقْتُ بها

لأقْصرَ القلبُ مِنِّي أيَ إقصارِ (٢)

وكل هذا قياسُه واحد ، وهو ألّا يبلُغَ مدَى الشّيء ونهايتَه.

والأصل الآخر ، وقد قلنا إنهما متقاربان : القَصْر : الحبس ، يقال : قَصَرْتُه ،

__________________

(١) ديوان الأعشى ٢١٦. وهو فى اللسان (قصد) بدون نسبة.

(٢) للنابغة الذبيانى ، من قصيدته التى مطلعها :

عوجوا فحبوا لنعم دمنه الدار

ماذا تحبون من لؤى وأحجار

وقد عدها أبو زيد محمد بن أبى الخطاب القرشى ، فى جمهرة أشعار العرب ، من المعلقات.


إذا حبستَه ، وهو مَقْصُور ، أي محبوس. قال الله تعالى : (حُورٌ مَقْصُوراتٌ فِي الْخِيامِ). وامرأةٌ قاصِرَة الطَّرف : لا تمدُّه إلى غير بَعلِها ، كأنَّها تحبِس طرْفَها حَبْسا. قال الله سبحانه : (فِيهِنَ قاصِراتُ الطَّرْفِ). ومن الباب : قُصارَاك أن تفعَلَ كذا وقَصْرُكَ ، كأنَّه يراد ما اقتصرت عليه وحَبَسْتَ نفسَك عليه. والمَقَاصِر : جمع مَقْصُورة ، وكلُّ ناحيةٍ من الدار الكبيرة إذا أحيط عليها فهي مَقْصُورة. وهذا جائزٌ أن يكون من القياس الأوَّل. ويقولون : فرسٌ قَصِيرٌ : مقرَّبة مُدْناةٌ لا تُترك تَرود ، لنَفاستها عند أهلها. قال :

تراها عند قُبَّتِنا قَصِيراً

ونبذُلُها إذا باقَتْ بَؤُرقُ (١)

وجارية قَصِيرةٌ وقَصُورةٌ من هذا. والتِّقصار : قلادةٌ شبيهة بالمخْنَقة ، وكأنَّها حُبِست في العُنق. قال :

ولها ظبيٌ يؤرِّثها

جاعلٌ في الجِيد تِقصارَا (٢)

ومن الباب : قَصْر الظَّلامِ ، وهو اختلاطُه. وقد أقبلَتْ مَقاصر الظَّلام ، وذلك عند العشيّ. وقد يمكن أنْ يُحمَل هذا على القياس فيقال : إنَّ الظَّلامَ يَحبِس عن التصرُّف. ويقال: أقصَرْنا ، إذا دخلْنا في ذلك الوقت. ويقال لذلك الوقت المَقْصَرة (٣) ، والجمع مَقاصر. قال:

__________________

(١) البيت لزغبة الباهلى أو مالك بن زغبة الباهلى ، أو جزء بن رباح الباهلى. اللسان (قصر ، بوق).

(٢) فى الأصل : «يؤرقها» ، تحريف ، صوابه فى اللسان (قصر ، أرث) حيث نسب البيت إلى عدى بن زيد العبادى.

(٣) هو كمرحلة ومقعد ومنزل ، كما فى القاموس.


فبعثتُها تَقِص المَقاصِر بعد ما

كَرَبتْ حياةُ النّار للمتنوِّرِ (١)

ومما شذَّ عن هذا الباب القَصَر : جمع قَصَرة ، وهي* أصلُ العنُق ، وأصل الشجرة ، ومُستغلَظُها. وقرئت : إنّها ترمي بشرر كالقَصَر (٢). والقَصَر : داءٌ يأخذ في القَصَر. والله أعلم.

باب القاف والضاد وما يثلثهما

قضع القاف والضاد والعين أصلٌ صحيح ، وقياسه القهر والغلَبة. قالوا : القَضْع : القَهْر. قال الخليل : وبذلك سمِّيت قُضاعة. وذكر ناسٌ أنّ قُضاعة سمِّي بذلك لأنَّه انقضع عن قومِه ، أي انقطع. فإن كان هذا صحيحاً فهو من باب الإبدال ، تكون الضّاد مبدلةً من طاء. وقال ابن دريد : «تقضَّع القومُ : تفرّقوا (٣)». وهذا من الإبدال أيضًا.

قضف القاف والضاد والفاء أُصَيل يدلُّ على دِقَّة ولطافة. فالقَضَف : الدِّقَّة ؛ يقال عُودٌ قَضِف وقَضِيفٌ. وجمع قضيف قِضاف. ومنه القَضَفة ، والجمع قِضْفان : قطعةٌ من رمل تنْقضِفُ (٤) من معظمه ، أي تنكسر.

__________________

(١) لابن أحمر ، كما سبق فى (بعث). ونسب فى اللسان (قصر ، وقص) إلى ابن مقيل.

(٢) هى قراءة ابن عباس وابن جبير ومجاهد والحسن وابن مقسم. تفسير أبى حيان (٨ : ٤٠٧) فى سورة المرسلات.

(٣) الجمهرة (٣ : ٩٣).

(٤) فى الأصل : «يتقضف» ، وأثبت صوابه من القاموس.


قضم القاف والضاد والميم كلمتانِ متباينتان لا مناسبةَ بينهما : إحداهما القَضْم : قَضْم الدّابَّة شعيرَها ؛ يقال قَضِمَتْ تَقْضَم. ويقولون : ما ذُقتُ قَضَاماً. ويقال : القَضْم : الأكل بأطراف الأسنان ، والخَضْم بالفم كلِّه.

والكلمة الأخرى : القَضِيم ، يقال إنَّه الجِلدُ الأبيض ، أو الصَّحيفة البيضاء.

قال النابغة :

كأنَّ مَجرَّ الرامساتِ ذُيولَها

عليه قَضِيمٌ نَمَّقَتْهُ الصَّوانعُ (١)

قضي القاف والضاد والحرف المعتل أصلٌ صحيح يدلُّ على إحكام أمرٍ وإتقانِه وإنفاذه لجهته ، قال الله تعالى : (فَقَضاهُنَ سَبْعَ سَماواتٍ فِي يَوْمَيْنِ) أي أحكَمَ خَلْقَهنّ. ثم قال أبو ذؤيب :

وعَليهما مَسرودتانِ قَضاهما

داودُ أو صَنَعُ السَّوابِغِ تُبَّعُ (٢)

والقَضَاء : الحُكم. قال الله سُبحانه في ذكر من قال : (فَاقْضِ ما أَنْتَ قاضٍ) أي اصنَعْ واحكُمْ. ولذلك سمِّي القاضي قاضياً ، لأنَّه يحكم الأحكامَ ويُنْفِذُها. وسمِّيت المنيّةُ قضاءً لأنّه أمر يُنْفَذُ في ابن آدم وغيرِه من الخَلْق. قال الحارث ابن حِلِّزة :

وثمانونَ من تميمٍ بأيدي

هِمْ رماحٌ صُدورهنَ القضاءُ (٣)

أي المنيّة. وكلُّ كلمةٍ في الباب فإنَّها تجري على القياس الذي ذكرناه ، فإذا

__________________

(١) ديوان النابغة ٥٠ واللسان (قضم).

(٢) ديوان الهذليين (١ : ١٩) والمفضليات (٢ : ٢٢٨) واللسان (صنع ، قضى).

(٣) البيت من معلقته المشهورة.


هُمِز تغيَّر المعنى. يقولون : القَضْأة : العيب ، يقال ما عليك منه قُضأةٌ وفي عينه قُضْأةٌ ، أي فَساد.

قضب القاف والضاد والباء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على قَطْع الشَّيء يقال : قَضَبْتُ الشيءَ قضْباً. وكان رسول الله صلى الله عليه وآله ، إذا رأى التَّصليب في ثوبٍ قَضَبَه. أي قطعه. وانقضَب النَّجمُ من مكانه. قال ذو الرُّمَّة :

كأنَّه كوكبٌ في إِثْرِ عِفْرِيَةٍ

مُسوَّمٌ في سَواد اللَّيلِ منقضِب (١)

والقضيب : الغُصْن. والقَضْب : الرَّطْبة ، سمِّيت لأنّها تُقْضَب. والمَقَاضب : الأرَضُون تنبت القَضْب. وقَضَبت الكرم : قطعتُ أغصانَه أيّامَ الرَّبيع. وسيفٌ قاضِبٌ وقضيب : قطّاع. ورجلٌ قَضّابةٌ : قطّاعٌ للأمور مقتدِرٌ عليها. وقُضَابة الكرم : ما يتساقط من أطرافه إذا قُضِب.

ومن الباب : اقتَضَبَ فلان الحديثَ ، إذا ارتَجَله ، وكأنَّه كلامٌ اقتطَعَه منْ غير روِيّة ولا فِكْر. ويستعارُ هذا فيقال : ناقةٌ قضيب ، إذا رُكِبَتْ قبلَ أن تُراض. وقد اقتَضَبْتها. وقَضيب: واد. والله أعلم.

__________________

(١) ديوان ذى الرمة ص ١ واللسان (عفر ، قصب).


باب القاف والطاء وما يثلثهما

قطع القاف والطاء والعين أصلٌ صحيحٌ واحد ، يدل على صَرْمٍ وإبانة شيءِ من شيء. يقال : قطعتُ الشيءَ أقطعه قَطْعا. والقطيعة : الهِجران. يقال : تقاطَعَ الرّجُلان ، إذا تصارما. وبعثَتْ فلانةُ إلى فلانةَ بأُقطوعةٍ ، وهي شيءٌ تبعثُه إليها علامةً للصَّريمة. والقِطْع ، بكسر القاف : الطَّائفة من اللَّيل ، كأنَّه قِطعةٌ. ويقال : قطعت قَطْعاً.* وقطعتِ الطير قُطوعاً ، إذا خَرَجَتْ من بلاد [البرد إلى بلاد (١)] الحرِّ ، أو من تلك إِلى هذه. والقَطِيع : السَّوط. قال الأعشى :

* تراقِبُ كفِّي والقَطِيعَ المحرَّما (٢) *

وأقطعتُ الرّجُلَ إقطاعاً ، كأنَّه طائفةٌ قد قُطِعت من بلَد. ويقولون لليائس من الشيء : قد قُطِعَ به ، كأنَّه أملٌ أمّله فانْقَطَع. وقَطعتُ النّهرَ قُطوعاً (٣) ، إذا عبرتَه. وأقطعتُ فلاناً قُضباناً من الكَرْم ، إذا أذِنْتَ له في قطعها. والقضيب : القطيع من الشجرة تُبْرَى منه السِّهام ، والجمع أقْطُع. قال الهُذليّ (٤) :

ونميمةً من قانصٍ متلبِّبٍ

في كفِّه جَشْءٌ أجشُّ وأقْطُعُ

وهذا الثَّوبُ يُقطِعُك قميصاً. ويقال : إِنّ مقطِّعة النِّياط : الأرنب ، فيقال

__________________

(١) تكملة يقتضيها الكلام. وفى المجمل : «إذا خرجت من بلد البرد إلى بلد الحر».

(٢) سبق فى (حرم). وصدره كما فى ديوان الأعشى ٢٠١ واللسان (حرم ، قطع) :

ترى عينها صفواء في جنب مؤنها

(٣) وقطعا كذلك.

(٤) هو أبو ذؤيب الهذلى. ديوان الهذليين (١ : ٧) والمفضليات (٢ : ٢٤٤) واللسان (قطع ، نمم ، جشأ ، جشش). وقد سبق فى (جشأ).


إنما سمِّيت بذلك لأنَّها تَقطَع نِياطَ ما يتْبعها من الجوارح في طلبها. ويقال : النِّياط : بُعْد المفازة. ومن الباب : قطَّع الفرسُ الخيلَ تَقْطِيعاً : خلّفها ومضَى ، وهو تفسير الذي ذكرناه في مقطِّعة النِّياط ، إذا أُريد نياط الجارح.

وبُزاد في بنائه فيقال : جاءت الخيل مُقْطَوْطِعاتٍ ، أي سراعاً. ويقولون : جاريةٌ قطيعُ القِيام ، كأنَّها من سِمَنها تنقطع عنه. وفلانٌ منقطِعُ القَرين في سَخاء أو غيره. وفي بعض التَّفسير في قوله تعالى : (فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّماءِ ثُمَ لْيَقْطَعْ) إنَّه الاختناق ، والقياس فيه صحيح. ومُنْقَطَع الرَّمل ومَقْطَعُه : حيثُ ينقطع. والقَطِيع : القِطعة من الغَنَم. والمقطَّعات : الثِّيَاب (١) القِصار. وفي الحديث : «أنَّ رجلاً أتاه وعليه مقطَّعات له». وكذلك مقطَّعات أبيات الشِّعر. والقُطْع : البُهْر. ومَقاطع الأودية : مآخيرها. وأصاب بئرَ فُلانٍ قُطْع ، إذا نَقَص ماؤُها. والقِطع بكسر القاف : الطِّنْفِسَة تُلقى على الرَّحل ؛ وكأنَّها سمِّيت بذلك لأنَّ ناسجَها يقطعُها من غيرها عند الفَرَاغ ، كما يسمَّى الثّوب جديداً كأنَّ ناسجَه جَدَّه الآن. والجمع قُطُوع. قال :

أتَتْكَ العِيسُ تنفُخُ فى بُراها

تَكشَّفُ عن مَناكبها القطوعُ (٢)

والقِطْع : النَّصل من السِّهام العَريض ، كأنّه لما بُرِيَ قُطِع.

ومما شذَّ عن هذا الباب القُطَيعاء : [ضربٌ من التَّمر. قال (٣)] :

__________________

(١) فى الأصل : «النياط» تحريف.

(٢) البيت لعبد الرحمن بن الحكم بن أبى العاصى ، وقيل لزياد الأعجم ، وينسب كذلك للأعشى. اللسان (قطع) وتهذيب إصلاح المنطق ، وإصلاح المنطق ١٠.

(٣) الكلمة الأخيرة مما اقترحته للتكملة. وما قبلها تفسير من المجمل.


[باتوا يعشُّون القُطيعاءَ]ضيفَهم

وعندهم البَرْنِيُّ في جُلَل ثُجْلِ (١)

قطف القاف والطاء والفاء أصلٌ صحيح يدلُّ على أخْذِ ثمرةٍ من شجرة ، ثم يستعار ذلك ، فتقول : قَطَفت الثمرة أقْطِفُها قَطْفاً. والقِطْف : العُنقود. ويقال : أقطَفَ الكَرْم : دنا قِطافُه. والقُطافة : ما يسقُط من القُطوف. ويستعار ذلك فيقال : قَطَف الدّابَّةُ يَقطِف قَطْفاً ، وهو قَطوفٌ ، كأنَّه من سرعة نَقْلِه قوائمَه يقطِفُ من الأرض شيئاً. وقد يقال للخَدْشِ : قَطْف ؛ والمعنى قريب. [قال] :

* ولكن وجْهَ مولاك تقطِفُ (٢) *

قطل القاف والطاء واللام أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على قَطع الشّيء. يقال : قَطَله قَطْلاً ، وهو قَطِيلٌ ومقطول. ونخلةٌ قطيل ، إذا قُطعت من أصلها فسقطَتْ. ويقال : إنَ القَطِيلة : القطعة من الكساء والثَّوبِ يُنْشف بها الماء. والمِقْطَلة : حديدةُ يقطَعُ بها ، والجمع مَقاطل. ويقال إنّ أبا ذؤيبٍ الهذليِّ كان يلقَّب «القَطِيل».

قطم القاف والطاء والميم أصلٌ صحيح يدلُّ على قَطع الشيء ، وعلى شهوة. فالقَطْع يعبَّر عنه بالقَطْم. يقولون : قَطَم الفصيلُ الحشيشَ بأدنى فمه يَقطِمه. وَقطَامِ : اسمٌ معدول ، يقولون إنّه من القَطْم ، وهو القَطْع.

__________________

(١) تكملة صدر البيت مما سبق فى (ثجل).

(٢) قطعة من بيت لحاتم الطائى ليس فى ديوانه. وهو فى اللسان (قطف) وإصلاح المنطق ٤٥٧. وهو :

سلاحك مرقى فما أنت ضائر

عدوا ولكن وجه مولاك تقطف


وأمَّا الشَّهوةُ فالقَطَم. والرَّجُل الشَّهوانُ اللَّحم قَطِم. والقُطَامِيُ : الصَّقر ، ولعلَّه سمِّي بذلك لحِرصه على اللحم. وفحلٌ قَطِم : مشَتهٍ للضِّراب.

قطن القاف والطاء والنون أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على استقرارٍ بمكان وسكون. يقال : قَطَن بالمكان : أقام به. وسَكَنُ الدّارِ : قطينُهُ. ومن الباب قَطِينُ المَلِك ، يقال هم تُبّاعه ، وذلك أنّهم يسكنون حيثُ يسكن. وحَشَمُ الرّجل : قَطِينُه أيضا*. والقُطْن عندنا مشتقٌّ من هذا لأنَّه لأهل المَدَرِ والقاطِنين بالقُرى. وكذلك القِطْنيَّة واحدة القَطَانيّ كالعَدَس وشِبْهِه ، لا تكون إلّا لقُطّان الدُّور. ويقال للكَرْم إذا بدَتْ زَمَعاتُه : قد قَطَّن ؛ كأنَّ زَمَعَاتِه شُبِّهَتْ بالقُطْن. ويقال إنَ القَطِنة ، والجمع القَطِن : لحمة بين الوَرِكين. قال :

* حتَّى أتى عارِى الجآجِي والقَطِنْ (١) *

وسُمِّيت قَطِنة للزومها ذلك الموضع ، وكذلك القَطِنة ، وهي شِبْه الرُّمَّانة في جَوْفِ البقرة.

قطو القاف والطاء والحرف المعتلّ أصلٌ صحيح يدلُّ على مقاربَةٍ في المشي. يقال : القَطْو : مُقارَبَة الخطو ، وبه سمِّيت القطاة ، وجمعها قطاً. والعرب تقول : «ليس قَطاً مثلَ قُطَيّ» ، أي ليس الأكابرُ مثل الأصاغر. قال :

ليسَ قَطاً مثلَ قُطَيٍ ولا ال

مَرْعيُّ في الأقوام كالرَّاعي (٢)

__________________

(١) فى اللسان (قطن) أن البيت من حديث سطيح ، ولعله من كلام عبد المسيح. انظر أوائل سيرة ابن هشام وحياة الحيوان للدميرى فى رسم (شق) وبلوغ الأرب (٣ : ٢٨٢).

(٢) البيت لأبى قيس بن الأسلت فى المفضليات (٢ : ٨٥) واللسان (رعى ، قطا). وقد سبق في (رعى).


وسمِّيت قطاةً لأنَّها تَقْطُو في لِشْية. ويقولون : اقطَوْطَى الرَّجلُ في مشيته : استدار.

ومما استُعِير من هذا الباب القَطَاة : مَقعَد الرَّدِيف من ظَهْر الفَرَس.

قطب القاف والطاء والباء أصلٌ صحيح يدلُّ على الجمع. يقال : جاءت العربُ قاطبةً ، إذا جاءت بأجمعِها. ويقال قطَبْتُ الكأسَ أقطِبُها قطباً ، إذا مزجتَها. والقِطَاب : المِزاج. ومنه قولهم : قَطَب الرّجُلُ ما بين عينَيه. والقَطِيبة : ألوان الإبل والغنم يُخلَطان.

ومن الباب القُطب : قُطب الرَّحَى ؛ لأنَّه يجمع أمرَها إذْ كان دَوْرُه عليها. ومنه قُطْبُ السَّماء ، ويقال إنَّه نجمٌ يدور عليه الفَلَك. ويستعار هذا فيقال : فلانٌ قطبُ بني فلانٍ ، أي سيِّدُهم الذي يلوذون به.

ومما شذَّ عن هذا الباب القُطْبة : نَصْلٌ صغير تُرمَى به الأغراض. فأمَّا قولُهم : قَطَبت الشَّيءَ ، إذا قطعتَه ، فليس من هذا ، إنَّما هو من باب الإبدال ، والأصل الضّادُ قضبت ، وقد فسّرناه.

قطر القاف والطاء والراء هذا بابٌ غير موضوع على قياس ، وكلمهُ متباينةُ الأصول ، وقد كتبناها : فالقُطر : النّاحية. والأقطار : الجوانب. ويقال : طعَنَه فقطَّره ، أي ألقاه على أحد قُطْرَيه ، وهما جانباه. قال :

قد علِمَتْ سلمى وجاراتُها

ما قَطَّرَ الفارسَ إلَّا أنا (١)

والقُطُر : العُود. قال طَرَفة :

__________________

(١) أنشده فى اللسان (قطر).


وتنادَى القومُ في نادِيهمُ

أقُتارٌ ذاك أم ريح قُطُرْ (١)

والقَطْر : قَطْر الماءِ وغيرِه. وهذا بابٌ ينفاس في هذا الموضع ، لأنَّ معناه التتابُع. ومن ذلك قِطَار الإبل. وَتَقاطَرَ القومُ ، إذا جاءوا أرسالاً ، مأخوذٌ من قِطار الإبل. والبعيرُ القاطرُ : الذي لا يزالُ بَوْلُه يقطُر. ومن أمثالهم : «الإنْفاض يُقَطِّر الجَلَبَ (٢)» ، يقول : إذا أنْفَضَ القومُ أي قلّت أزوادهم وما عِندَهم قَطَّرُوا الإبلَ فجلبوها للبيع. والقَطِرانُ ، ممكنٌ أنْ يسمَّى بذلك لأنَّه مما يَقطُر ، وهو فَعِلان. ويقال : قَطَرت البعيرَ بالهِناء أقطُرُه. قال :

* كما قَطَر المَهْنُوءةَ الرّجلُ الطَّالِي (٣) *

ومما ليس من هذا القياس ، القِطْر : النُّحاس. وقولهم : قَطَر في الأرض ، أي ذهَبَ. واقطَارَّ النَّباتُ ، إذا قاربَ اليُبْس.

باب القاف والعين وما يثلثهما

قعل القاف والعين واللام ثلاثُ كلماتٍ غيرِ متجانسةٍ ولا قياسَ لها.

فالأولى القُعَال : ما تناثَر من نَور العِنَب. والثانية : القَواعل : رءوس

__________________

(١) سبق إنشاده وتخريجه فى (قتر).

(٢) ويروى أيضا : «النفاض» بالنون المضمومة.

(٣) لامرىء القيس فى ديوانه ٦١ واللسان (قطر). وصدره :

أيقتلني أن شغفت فؤادها

ويروى : «وقد قطرت» ، ويروى : «وقد شغقت».


الجبال ، واحدتُها قَاعِلة. والثالثة القَعْوَلَى : مِشيةٌ يَسفِي ماشِيها التُّرابَ بصُدور قدمَيه.

قعم القاف والعين والميم كلماتٌ لا تَرْجِع إلى قياسٍ واحد ، لكنَّها متباينة. يقولون : أُقْعِم الرّجلُ ، إذا أصابَه داءٌ فقتَلَه. وأقْعَمَتْه الحيّة. والقَعَم : مَيَلٌ في الأنف. ويقال إنَ القَعَم في الأَليتينِ : ارتفاعُهما ، لا تكونان مُسترخِيتين. ويقولون : القَيعَم : السِّنَّوْر.

قعن القاف والعين والنون ليس فيه إلَّا قُعَين : قبيلةٌ من العرب.

قعو القاف والعين والحرف المعتل فيه كلماتٌ لا قياسَ لها. يقولون : قَعَا الفحلُ النّاقةَ قُعُوّاً (١). والقَعْو : خَشَبتانِ في البَكْرةِ فيهما المِحْور (٢).

* قال :

مَقذوفةٍ بدَخيسِ اللّحمِ بازِلُها

له صريفٌ صَرِيفُ القَعْوِ بالمَسدِ (٣)

وأقْعَى الرَّجلُ في مَجلِسه ، إذا تسانَدَ كما يُقعِي الكلِب. ونُهِيَ عن الإقعاء في الصلاة. وذكر ابنُ دُريد : امرأةٌ قَعْوَاء : دقيقةُ السّاقَين (٤)

__________________

(١) وفى المجمل : «قعوا» ، وربما قالوا قعوا ، حكاهما الخليل. وأنكر بعضهم القعو ـ يعنى بفتح القاف ـ وكان يقول : هو القعو».

(٢) وكذا فى اللسان. وفى المجمل : «والمحور يكون بينهما».

(٣) للنابغة الذبيانى فى ديوانه ١٨ واللسان (قذف ، دخس ، قعا).

(٤) وكذا فى المجمل عن الجمهرة. وفى الجمهرة (٣ : ١٣٤) : «دقيقة التخذين».


قعث القاف والعين والثاء أصَلٌ يدلُّ على كثرة. يقولون : القَعِيث : المطر الكثير ، والسَّيْب (١) الكثير. وأقْعَثَ له العطيَّة : أجزلَهَا.

قعد القاف والعين والدال أصلٌ مطرّدٌ منقاسٌ لا يُخلِف ، وهو يُضاهِي الجلُوسَ وإن كان يتُكلَّمُ في مواضعَ لا يتكلَّم فيها بالجُلوس. يقال : قَعَد الرَّجلُ يقعُد قعوداً. والقَعْدة : المرَّة الواحدة. والقِعدة : الحالُ حسنةً أو قبيحة في القعود. ورجلٌ ضُجَعةٌ قُعَدة : كثيرُ القعودِ والاضطجاع. والقَعِيدة : قَعِيدة الرَّجُل : امرأَتُه. قال :

لكنْ قعيدةُ بيتها مجفوةٌ

بادٍ جناجنُ صدرِها وبها جَنَا (٢)

وامرأَة قاعدةٌ ، إن أَردتَ القعود ، وقاعدٌ عن الحيض والأزواج ، والجمع قَوَاعِد. قال الله تعالى : (وَالْقَواعِدُ مِنَ النِّساءِ اللَّاتِي لا يَرْجُونَ نِكاحاً). والمقْعَدات : الضَّفادع (٣). والقُعْدُد : اللّئيم ، وزِيدَ في بنائه لقعوده عن المكارم. وأَمَّا القُعْدَد والقُعدُد فهو أَقربُ القوم إلى الأب الأكبر. وفلانٌ أَقْعَدُ نَسَباً ، إذا كان أقربَ إلى الأب الأكبر ، وقياسُه صحيحٌ لأنّه قَاعِد مع الأب الأكبر. والقَعِيد من الوحش : ما يأتيك من ورائك ، وهو خِلاف النَّطيح مُستقبِلك. والقَعَد : القَومُ لا ديوانَ لهم ، فكأنّهم أُقِعدُوا عن الغَزْو. والثَّدي المُقْعَد على النّهد :

__________________

(١) السيب : العطاء. وفى الأصل : «السبب» ، صوابه فى المجمل.

(٢) البيت للأسعر الجعفى فى الأصمعيات ص ١ ليبسك ، واللسان (قعد) والرواية فيهما : «بيتنا» و «ولها غنى».

(٣) جاءت فى قول الشماخ :

توجسن واستيقن أن ليس حاضرا

على الماء إلا المعدات القوافز


النّاهد ، كأنّه أُقْعِد في ذلك المكان. وذو القَعْدة : شهرٌ كانت العربُ تَقعُد فيه عن الأسفار (١). والقُعْدة : الدَّابّة تُقْتَعَد للرُّكوب خاصة. والقَعُود من الإبل كذلك : ويقال القَعِيدة : الغِرارة ، لأنَّها تُمَلأُ وتُقعَد. والقَعِيد : الجرادُ الذي لم يَستو جناحُه. وقَوَاعِد البيت : آساسُه. وقَوَاعِد الهَوْدَج : خشباتٌ أربع مُعترِضاتٌ في أسفله. والإقعادُ والقُعَاد : داءٌ يأخذ الإبلَ في أوراكها فيُمِيلها إلى الأرض. والمُقْعَدة من الآبار : التي أُقعِدَتْ فلم يُنْتَهَ بها إلى الماء وتُرِكَت. والْمُقْعَد : فَرخُ النَّسر. وقَعَدَتِ الرَّخَمة ، إذا جَثَمت. والمَقاعِد : موضع قُعودِ النّاسِ في أسواقهم. والقُعُدات : السُّروج والرِّحال. فأمّا قولهم : قَعِيدَكَ الله ، وقَعْدَك ، الله في معنى القَسَم. (٢) ..

قعر القاف والعين والراء أصلٌ صحيحٌ واحد ، يدلُّ على هَزْمٍ في الشّيء ذاهبٍ سُفْلاً. يقال : هذا قَعر البئر ، وقَعر الإناء ، وهذه قصعةٌ قَعِيرةٌ. وقَعَّر الرّجلُ في كلامه : شَدَّق. وامرأَة قَعِرة : نعتُ سوءِ في الجِماع. وانقَعَرت الشّجرة من أَرومتِها : انقلعَتْ.

قعز القاف والعين والزاء ليس فيه إلا طريفةُ ابن دريد (٣) ، قال : قَعَزْتُ الإناءَ : ملأتُه. وقَعَزْتُ في الماء : عَبَبْتُ.

قعس القاف والعين والسين أصلٌ صحيح يدلُّ على ثباتٍ وقوّة ، ويتوسَّعون في ذلك على معنى الاستعارة ، فيقال للرّجل المنيع العزيز : أَقْعَس ،

__________________

(١) وفى المجمل : «عن الغزو». وفى اللسان : «عن الغزو والميرة وطلب الَكلأ».

(٢) بياض فى الأصل.

(٣) الجمهرة (٢ : ٦).


وللغليظ العُنق قَوْعَس. [و] الأقعسانِ : جبلان طويلان. وليلٌ أقعَسُ ، أي طويلٌ ثابت ، كأنه لا يكاد يَبْرَح. والإقعاس : الغِني والإكثار. وعِزّةٌ قَعساء : ثابتةٌ لا تزول أبداً. [قال]:

* وعزّةٌ قَعساءُ لَن تُناصَى (١) *

والعزُّ الأَقْعَس في المذكَّر.

ومما حُمِل على هذا : القَعَس : دُخولُ العنقِ في الصّدر حتَّى يَصير خلافَ الحَدَب ، لأنَّ صدرَهُ كأنّه يرتفع. يقال : تقاعَسَ تقاعُساً ، واقعَنْسَسَ اقعِنْسَاساً.

قال :

بئسَ مُقامُ الشّيخِ أمرِسْ أمرِسِ

إمَّا على قَعْوٍ وإمّا اقعَنْسِسِ (٢)

قعش القاف والعين والشين أُصَيلٌ يدلُّ على انحناءِ في شَيء. يقال قَعشْتُ رأسَ الخشبة كَيمَا تُعطَف إليك (٣). وقَعَشت الشّيءَ : جمعتُه. وهو ذلك القياس ، لأنَّك ، تَعطِفُ بعضَه على بعض. وتَقَعْوَشَ الرّجلُ ، إذا انحنَى. وكذلك الجِذع. والقُعُوشُ : مراكب النساء ، الواحد قَعْشٌ.

قعص القاف والعين والصاد أصلٌ صحيح يدلُّ على داء يدعو إلى الموت. يقال : ضربَه فأقْعَصَه ، أي قَتلَه مكانَه. والقَعَص : الموت الوَحيّ. ومات فلانٌ قَعْصاً. والقُعَاص : داءٌ يأخذ في الصَّدر كأنَّه يكسِر العنُق ، يقال قُعِصت فهي مقْعُوصة.

__________________

(١) كذا ضبط فى المجمل. وضبط فى اللسان بنصب «عزة قعساء». وقبله فى اللسان (نصا) :

للال مجد فرعت أصاصا

(٢) أنشده فى اللسان (مرس) وإصلاح المنطق ٩٥ ، ٢٢٠ ومجالس ثعلب ٢٥٦ وشرح الحماسة للمرزوقى ١٧٢٥.

(٣) فى الأصل : «كما». وفى المجمل : «والقعش : عطفك رأس الخشبة إليك».


قعض القاف والعين والضاد كلمةٌ تدلُّ على عَطْف شيء وحَنْيِه. من ذلك القَعْض : عطفُك رأسَ الخشبة ، كما تُعطَف عروش الكَرْم. وهو قولُه :

* أطرَ الصَّنَاعَين [العريشَ]القَعْضا (١) *

قعط القاف والعين والطاء أصلٌ صحيح يدلُّ على شَدِّ شيء ، وعلى شِدَّة في شيء. من ذلك الاقتِعاط ، وهو شدُّ العِصابة والعمامة. يقال : اقتعطتُ العمامةَ ، وذلك أن يشدَّها برأسه ولا يجعلَها تحتَ حنكِه. وفي الحديث : «أَمَرَ بالتلحِّي ونَهَى عن الاقتِعَاط». ويقولون : القَعَط (٢) : الغضب وشده الصياح. والقَعْط : الضِّيق. يقال : قَعّط على غريمه : ضَيَّق. ومما شذَّ عن هذا القَعْط : الشاء الكثير (٣).

قعف القاف والعين والفاء أصلٌ صحيح يدلُّ على اجتراف (٤) شيء وأخْذِهِ أجمع. من ذلك القَعْف ، وهو شدة الوطء واجتراف التّرابِ بالقوائم. والقَاعِف : المطر الشديد يَجْرُف وجهَ الأرض. وسيلٌ قُعَافٌ ، مثل الجُراف. وقَعَفْتُ النّخلةَ ، إذا قلعتَها من أصلها. والقَعْف : اشتِفافُكَ ما في الإناء أجْمَعَ.

__________________

(١) لرؤبة. والتكملة من ديوانه ٨٠ والمجمل واللسان (قعض).

(٢) كذا ضبط فى الأصل والمجمل ، وضبط فى القاموس بإسكان العين.

(٣) ورد هذا المعنى فى القاموس ولم يرد فى اللسان.

(٤) فى الأصل : «احتراف» فى هذا الموضع وتاليه ، تحريف.


باب القاف والفاء وما يثلثهما

قفل القاف والفاء واللام أصلٌ صحيح يدلُّ أحدُهما على أوبةٍ من سفر ، والآخر على صَلَابةٍ وشِدَّةٍ في شيء.

فالأوَّل القُفول ، وهو الرُّجوع من السَّفَر ، ولا يقال للذاهبين قافلةٌ حتّى يرجعوا.

وأمَّا الأصل الآخَر فالقَفِيل ، وهو الخشب اليابس. ومنه القُفْل ، سمِّي بذلك لأنَّ فيه شدّاً وشِدَّة. يقال أقفَلتُ البابَ فهو مُقْفَل. ويقال للبخيل : هو مُقْفَل اليدين. وقَفِلَ الشّيءُ : يَبِس. وخيلٌ قَوَافِلُ : ضَوَامِر. ويقال : أقْفَلَه الصّومُ : أيبَسَه.

قفن القاف والفاء والنون ليس بأصلٍ ، لكنَّهم يقولون : القَفَن : لغةٌ في القَفا. والقفِينَة : الشَّاة تُذبَح من قَفاها. ويقال : إنَ القَفَّانَ : طَريقةُ الشّيء ومُنتهَى عملِه. وجاء في حديث عمر : «ثمَّ أكون على قَفّانِه».

قفي القاف والفاء والحرف المعتل أصلٌ صحيح يدلُّ على إتْباعِ شيءٍ لشيء. من ذلك القَفْو ، يقال قَفوت أثَرَه. وقَفَّيتُ فلاناً بفلانٍ ، إذا أتْبَعتَه إيَّاه. وسمِّيت قافيةُ البيت قافيةً لأنَّها تقفو سائرَ الكلام ، أي تتلوه وتَتْبعه. والقَفَا : مُؤْخِر الرّأس والعُنُق ، كأنَّه شيءٌ يَقفو الوجه. والقافية : القفا. وفي الحديث : «يقعدُ الشّيطانُ على قافية رأسِ أحدهم».

قال ابن دريد (١) : يقال فلانٌ قِفْوتي : أي تُهمتي ، وقِفْوَتي ، أي خِيرَتي.

__________________

(١) الجمهرة (٣ : ١٥٦).


قال : فكأنَّه من الأضداد. وهذا الذي قاله فإنَّ المعنى فيه إذا اتَّهمه : قفاه أي تَبِعه يطلب سيّئةً عنده ، وإذا كان خِيرَتَه قَفاه أيضاً أي تَبِعه يرجو خَيْره. وليس ذلك عندنا من طريقة الأضداد في شيء. والقَفِيُ والقَفاوة : ما يُدَّخر من لبن أو غيرِه لمن يُراد تكرمتُه به. وهو من القياس ، كأنَّه يُرادَ [و] يتبَع به إذا اهدى له قال سلامة :

ليس بأسفَى ولا أقَنى ولا سَغِلٍ

يُسقَى دواءَ قَفِيِ السَّكْنِ مَرْبوبِ (١)

وقولهم : قَفَوت الرَّجُل ، إذا قذفْتَه بفُجورٍ (٢) هو من هذا ، كأنّه أتْبَعَه كلاماً قبيحاً. وفي الحديث : «لا نَقْفُو أمَّنا (٣)».

قفح القاف والفاء والحاء ، قال ابنُ دريد (٤) : قَفَحت : نَفسُه عن الشّيء إذا كرهَتْه. قال : وهو في شِعر الطرِمّاح (٥).

قفخ القاف والفاء والخاء كلمةٌ واحدةٌ* وهو ضربُ الشَّيء اليابس على مِثله. يقال قَفَخ هامتَه. قال :

* قَفخاً على الهامِ وبَجّاً وَخْضا (٦) *

__________________

(١) ديوان سلامة بن جندل ٨ والمفضليات (١ : ١١٩) واللسان (نفا).

(٢) فى الأصل : «بعجوز» ، صوابه فى المجمل واللسان.

(٣) فى اللسان : وقال النبى صلى الله عليه وسلم : «نحن بنو النضر بن كنانة لا نقذف أبانا ولا نقفو أمنا».

(٤) الجمهرة (٢ : ١٧٥).

(٥) وكذا ورد الكلام فى المجمل والجمهرة. يشير إلى قول الطرماح فى ملحقات ديوانه ١٨٩ :

يسف خراطة مكر الجنا

ب حتى ترى نفسه؟

(٦) لرؤبة فى ديوانه ٨١ واللسان (قفخ ، بجج) ، وقد سبق فى (بج).


قفد القاف والفاء والدال أصلٌ يدلُّ على التواءِ في شيء. من ذلك القَفَد : التواءُ رسغِ اليد الوحشيّ ؛ رجلٌ أقفدُ وامرأةٌ قَفْدَاء. وكذلك الفرس. ويقولون : القَفْداء : جنس من الاعتمام.

قفر القاف والفاء والراء أصلٌ يدلُّ على خُلوٍّ من خَير. من ذلك القَفْر : الأرض الخالية. ومنه القَفَار : الطَّعام ولا أُدْمَ معه. وفى الحديث : «ما أقْفَرَ بيتٌ فيه خَلّ». وامرأةٌ قَفرة : قليلةُ اللّحم.

ومما شذَّ عن هذا الأصل ، وهو من باب الإبدال ، يقولون : اقتَفَرْت الأثَرَ واقتفيتُه ، وتفقَّر مثلُه. قال صخر (١) :

* فإنِّى عن تفقُّركم مكيثُ (٢) *

وأمَّا القَفُّور فنَبت. قال ابنُ أحمر :

تَرعَى القَطاةُ الخِمسَ قَفُّورَها (٣)

ثم تَعُرُّ الماءَ فيمن يَعُرّ

ومن القياس الأوّل قولهم : نزلْنا ببني فلان فبتْنا القَفْرَ ، إذا لم يَقرُونا وقال ابن دريد (٤) ـ وليس من البابين ـ : القفَر : الشَّعر. وأنشد :

__________________

(١) وكذا فى المجمل. وفى اللسان : «وقال أبو الملثم صخر» ، وصواب «الملثم» «المثلم» وهو رجل هذلى يناقض بشعره صخر الغى الهذلى ، وليس الشعر لصخر ، بل هو لأبى المثلم. انظر ديوان الهذليين (٢ : ٢٢٤).

(٢) صدره كما فى الديوان : أنسل بنى شفرة من لصخر.

(٣) البيت فى اللسان (عرر ، قفر). وفى الأصل : «تقفرها».

(٤) الجمهرة (٢ : ٤٠٠).


قد عَلِمَتْ خَودٌ بساقَيْها القَفَر

لتُروَين أو لتُبيدَنَّ الشُّجُرْ (١)

جمع شِجار وهو خَشَب البِئْر.

قفز القاف والفاء والزاء أصلانِ يدلُّ [أحدهما] على شبه الوَثْب ، والآخر على شيءِ يُلبَس.

فالأوّل القَفَزان : مصدر قَفَز. ويقال للضَّفادع : القَوافز. والآخر القُفَّاز : وهو ضربٌ من الحَلْي تتَّخذه المرأةُ في يديها ورجليها. ويقولون على التشبيه بهذا : فرسٌ مقفَّز ، إذا استدار تحجيلُه بقوائمه ولم يجاوز الأشاعر نَحْوَ المنعَّل. فأمَّا القَفِيز فمعرَّب.

قفس القاف والفاء والسين. يقولون : القَفَس : الغضب.

قفش القاف والفاء والشين. فيه طريفَة ابنِ دريد (٢) : قفش : جمع.

قفص القاف والفاء والصاد كلماتٌ تدلُّ على جمعٍ واجتماع. يقولون : تقفّص ، إذا تجمَّع. وقَفَّصتُ الظّبْيَ ، إذا شددتَ قوائمَه جميعا. وقولهم : إن القَفْصَ : الوَثْب ، من هذا ، وذلك تجمُّع.

قفط القاف والفاء والطاء كلمةٌ واحدة. يقولون : قَفَط الطَّائرُ ، إذا سَفِد

__________________

(١) أنشدهما فى الجمهرة. وأنشد الأول فى اللسان (قفر).

(٢) الجمهرة (٣ : ٦٥).


قفع القاف والفاء والعين كلماتٌ تدلُّ على تجمُّع في شيء. يقال أذنٌ قَفْعاءُ ، كأنَّها أصابَتْها نار فانزَوَتْ. والرِّجْل القَفْعاء : التي ارتدَّتْ أَصابعُها إلى القَدَم من البرد. والقَفْعة : شيءٌ يتَّخَذ من خُوص يُجتَنَى فيه الرُّطَب. وفى الحديث فى ذكر الجراد : «ليْتَ عندنا منه قَفْعَةً أو قَفْعَتَينِ». والله تعالى أعلمُ وأحكم.

باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوله قاف

ومنه ما له أدنى قياس ، ومنه ما وضع وضعا.

من ذلك (القَفَنْدر) : الشَّيخ. والقَفَنْدَر : اللَّئيم الفاحش. وهذا مما زيدت فيه النون ، ثم يكون منحوتا من القَفْد والقَفْر : الخلاءِ من الأرض ، والقَفْد من قَفَدْتُه ، كأنَّه ذليل مَهِين.

ومن ذلك (القلمَّس) : السّيِّد. وهذا مما زيدت فيه اللام ، وهو من القَمْس والقاموس ، وهو مُعظَم الماء ، شبِّه بقاموس البحر.

ومن ذلك (القَلَهْذَم) ، يقال هو صفةٌ للماء الكثير. وهذا مما زيدت فيه اللام والهاء ، وهو من القَذْم وهو الكثرة ، وقد فسَّرناه.

ومن ذلك (القَصَنْصَع) ، وهو القصير ، وهو مما زيدت فيه النون وكرِّرت صادُه ، وهو من القَصْع. وقد قلنا إنَ القصع يدلُّ على مُطامَنةٍ في شيء وهَزْم فيه ، كأنَّه قُصِع.


ومن ذلك (القُرْشُوم) وهو القُراد ، وقد زيدت فيه الميم ، وأصله القرش ، وهو الجمع ، سمي قُرْشُوماً لتجمُّع خلقه.

ومن ذلك الحسب (القُدْموس) : القديم ، وهو مما زيدت فيه السين وأصله من القِدَم. ورجلٌ قُدمُوس : سيِّد ، وهو ذلك المعنى.

ومن ذلك (القُرضوب) هو اللصّ. قال الأصمعىّ : وأصله قطع الشيء. يقال قرضَبْتُه : قطعته. والذي ذكره* الأصمعيّ صحيح ، والكلمة منحوتة من كلمتين. من قرض وقَضَب ، ومعناهما جميعاً : القطع.

ومن ذلك (القِنْعاس) ، وهو الشَّديد. وهذا مما زيدت فيه النون ، وأصله من الأقْعَس والقعساء ، وقد فسَّرناه.

ومنه رجل (قُناعِسٌ) : مجتمِع الخَلْق.

ومن ذلك (القَمْطَرِير) : الشَّديد ، وهذا مما زيدت فيه الراء وكرّرت تأكيداً للمعنى ، والأصل قَمَط وقد ذكرناه ، وأنَّ معناه الجمع. ومنه قولهم بعير قِمَطرٌ : مجتمع الخَلق. والقياسُ كلُّه واحد.

ومن ذلك (اقْفَعَلَّت) يدُه : تقبّضت. وهذا مما زيدت فيه اللام ، وهو من تقفَّعَ الشّيء ، وقد ذكرناه.

ومن ذلك (القَلْفَع) ، وهو ما يَبِس من الطِّين على الأرض فيتقلّف. وهذه منحوتةٌ من ثلاث كلمات : من قفع ، وقلع ، وقلف ، وقد فُسِّر.


ومن ذلك (القَرَقُوس) ، وهو القاع الأملس ، وأصله من القَرَق ، والسين فيه زائدة ، وقد ذكرناه.

ومن ذلك (القَنَازِع) من الشَّعر ، وهو ما ارتَفَع وطال ، وأصله من القزع ، والنون زائدة ، وقد ذكَرْناه.

ومن ذلك (القرْفُصاء) ، وهو أن يقعد الرجل قِعدةَ المحتبِى ثمَّ يضعَ يديه على ساقَيه كأنَّه محتَب بهما. ويقال : قرفَصْتُ الرَّجُلَ : شدَدتُه. وهذا مما زيدت فيه الراء ، وأصله من القَفْص ، وقد ذكرناه.

ومن ذلك (أمّ قَشْعَم) : المنيّة والدَّاهية. وهذا مما زيدت فيه الميم ، والأصل القَشْع.

ومن ذلك (قُرموص) الصَّائد : بيته. وهذا مما زيدت فيه الراء ، وأصله القمص وقد مَرّ.

ومن ذلك شيءٌ ذكره ابنُ دريد (١) : بعير (قُرامِلٌ) : عَظيم الخَلْق. وهذا مما زيدت لامُه ، وأصلُه القرم.

ومن ذلك (القُطْرُب) ، وهو دويْبَّة تسعَى نهارَها دائباً. وهذا مما زِيدت فيه القاف ، والأصل الطَّرَب : خفّةٌ تُصِيب الإنسان ؛ فسمِّي قُطرباً لخفّته فى سَعْيِه. ويقولون : القُطْرب : الجُنون (٢). والقُطرب : الكلب الصغير ، وقياسُه واحد.

__________________

(١) الجمهرة (٣ : ٣٤١).

(٢) فى القاموس : «نوع من الماليخوليا».


ومما وضع وضعاً (القَلَهْبَسَة) : الهامة المُدوَّرة. و (القِطْمِير) : الحبّة في بَطن النواة. و (القِرميد) : الآجُرّ. ويقولون : (القُرْقُوف) : الجَوَّال. ويقولون (اقرنْبَع) في جِلْسته : تقبَّض. و (اقْمَعَدَّ) : عسُر. و (اقْذَعَلّ) : عَسُر. و (القَبَعْثَر) العظيم الخَلْق. و (القَرَبوس) للسَّرج. و (القِنْدَاوة) : العظيم. ويقولون : ما عليه (قِرطَعْبَةٌ) ، أي خِرْقة. وما عليه (قُذَعْمِلّةٌ). والله أعلم بالصواب.

تم كتاب القاف والله أعلم بالصواب



كتاب الكاف

باب الكاف وما بعدها في الثنائي أو المطابق

كل الكاف واللام أصولٌ ثلاثةٌ صِحاح. فالأول يدلُّ على خلاف. الحِدّة ، والثاني يدلُّ على إطافة شيء بشيء ، والثالث عضوٌ من الأعضاء.

فالأول كَلَ السَّيف يكِلُ كُلُولاً وكَلّةً (١). والكليل : السيف يكِلُ حَدُّه. وربما قالوا في المصدر كَلالةً أيضاً. وكذلك اللِّسان والطَّرف الكليلان. ويقال : أكَلَ القومُ ، إذا كَلَّت إبلُهم. وكَلَّلَ فلانٌ مثل نَكَل ، وقال قومٌ : كَلَّلَ : حَمَل ؛ وهذا خلاف الأوّل ، ولعله أنْ يكون من المتضادَّات. ومن الباب الكَلُ : العِيالُ ، قال الله تعالى : (وَهُوَ كَلٌ عَلى مَوْلاهُ). ويقال : الكَلُ : اليتيم ؛ وسمِّي بذلك لادارته. والإكليل : منزلٌ من منازل القَمر ، وهذا على التَّشبيه. والإكليل : السَّحَابُ يدور بالمكان. قال محمد بن يزيد : سمِّي الإكليل لإطاحته بالرَّأس. فأمَّا الكَلالة فقال محمد : الكلالةُ هم الرِّجالُ الوَرَثة ، كما قال أعرابيّ : «مالي كثير (٢) ، ويَرِثُنِي كلالَةٌ مُتَرَاخٍ نسبُهم». قال : وهو مصدرٌ من تَكَلَّلَه النّسبُ ، أي* تعطَّفَ عليه ، فسمَّوا بالمصدر. والعلماء يقولون في الكلالةِ أقوالاً متقارِبة. قالوا : الكلالة : بنو العَمِّ الأباعدُ ، كذا قال ابنُ الأعرابيّ : فأمَّا غيرُه

__________________

(١) الذي فى المجمل واللسان والقاموس : «كلا».

(٢) فى الأصل : «قال كثير» ، صوابه من المجمل واللسان.


من أهل العلم فروى زُهير عن جابر عن عامر ، قال : لما قال أبو بكر : «مَن ماتَ وليس له ولدٌ ولا والد فورثَتُه كَلالَة» ضَجَ (١) عليٌّ منها ، ثم رجع إلى قوله. قال المبرّد : والولد خارجٌ من الكَلَالَة. قال : والعرب تقول : لم يرِثه كلالةً ، أي لم يرثه عن عُرُضٍ بل عن قُرْبٍ واستحقاق ، كما قال الفرزدق :

ورِثتم قناةَ المُلك غيرَ كلالةٍ

عن ابْنَي منافٍ عبدِ شمس وهاشمِ (٢)

وأمَّا الآخَر فالكَلكَل : الصدر. ومحتملٌ أن يكون هذا محمولاً على الذي قبله ، كأنّ الصدر معطوفٌ على ما تحته.

ومما شذّ عن الباب الكُلْكُل : القصير. وانكلّتِ المرأة ، إذا ضحكت تَنْكَلُ. فأمَّا كُلّ فهو اسمٌ موضوع للإحاطة مضافٌ أبداً إلى ما بعده. وقولهم الكُلّ وقام الكُلّ فخطأ ، والعربُ لا تعرفه.

كم الكاف والميم أصلٌ واحدٌ يدلُّ على غِشاء وغِطاء. من ذلك الكُمَّة ، وهي القلنسوة ، ويقال منها : تكمَّمَ الرَّجل ، وتكمكم. ومن ذلك الحديث : «أنَّ عمر رأى جاريةً مُتَكَمْكِمَةً». والكُمّ : كُمّ القميص ، يقال منه كَمَمْتُهُ (٣) ، أي جعلت له كُمَّيْن. والكِمَ : وِعاء الطَّلع ، والجمع الأَكْمَام. قال الله سبحانه : (وَالنَّخْلُ ذاتُ الْأَكْمامِ)قال أبو عبيد : وأكِمَّةٌ وأَكامِيم. ويقال : كَمّ الفَسيلَ ، إذا أشفَقَ عليه فَسُتِرَ حتى يَقْوَى. والأَكَامِيم : أغطيةُ النَّور. ومن الباب : الكَمكام : المجتمِع الخَلْق.

__________________

(١) فى الأصل : «صح».

(٢) ديوان الفرزدق ٨٥٢ واللسان (كلل).

(٣) كذا ورد ضبطه فى المجمل. والذى فى اللسان والقاموس : «أكممته» من الرباعى.


كن الكاف والنون أصلٌ واحدٌ يدلُّ على سَتْرٍ أو صون. يقال كنَنْتُ الشيءَ في كِنِّهِ ، إذا جعلتَه فيه وصُنتَه. وأكننتُ الشّيءَ : أخفيتُه والكِنانة المعروفة ، وهي القياس. ومن الباب الكُنَّة ، كالجناح يُخرِجه الرّجل من حائِطِه ، وهو كالسُّتْرة. ومن الباب الكَانُون ، لأنَّه يستُر ما تحتَه. وربما سمَّوا الرَّجُلَ الثقيلَ كانوناً. قال الحطيئة :

أغِرْ بالاً إذا استُودِعْتِ سِرًّا

وكانوناً على المتحدِّثينا (١)

فأمَّا الكَنَّةُ فشاذّةٌ عن هذا الأصل ، ويقال إنَّها امرأة الابن. قال :

إن لنا لَكَنَّهْ

سِمْعَنَّةً نِظْرَنَّهْ (٢)

كه الكاف والهاء ليس فيه من اللغة شيءٌ إلا ما يُشبه الحكاية ، يقال كَهَ السَّكرانُ ، إذا استنكَهْتَه فكَهَ في وجهك. وليس هذا بشيء. ويقولون : كهكه الأسدُ في زئيره. ثم يقولون : الكَهكاهُ من الرِّجال : الضعيف. وينشدون :

ولا كَهْكَاهة بَرَمٌ

إذا ما اشتدَّتِ الحِقَبُ (٣)

ولا معنى عندي لقولهم إنّه الضعيف. وهذا كالتجوُّز ، وإنما يراد أنّه يَكُهُ في وجه سائلِه. والباب كلُّه واحد.

كو الكاف والحرف المعتل قريبٌ من الباب قبله ، [وليس]

__________________

(١) ديوان الحطيئة ٦١ واللسان (كنن).

(٢) أنشده فى اللسان (سمع).

(٣) البيت لأبى العيال الهذلى. ديوان الهذليين (٢ : ٢٤٢) واللسان (كهه). ورواية الديوان : «ولا بكهامة».


[فيه] إلّا قولُهم : كَوَاه بالنّار يَكويه. ويستعيرون هذا فيقولون : كَوَاه بعينه ، إذا أحدَّ النَّظرَ إليه. وإنِّى لأتكَوَّى بالجارية ، أى أتدَفَّأُ بها. والكَوَّة معروفة. التجمُّع.

* * *

والكَأْكَأَة : النُّكوص ، ويقال التجمع.

كب الكاف والباء أصلٌ صحيح يدلُّ على جَمع وتجمع ، لا يَشِذّ منه [شيء]. يقال لما تجمَّع من الرَّمل كُباب. قال :

* يُثِيرُ الكُبابَ الجَعْدَ عن مَتْن مَحْمِل (١) *

ومنه : كبَبْتُ الشّيءَ لوجهه أكُبُّه كَبًّا. وأكَبَ فلانٌ على الأمر يفعلُه. وتكبَّبت الإبلُ ، إذا صُرِعَت من هُزال أو داء. والكَبكَبةُ : أن يتدهْوَر الشّيءُ إذا أُلْقِيَ في هُوَّة حتى يستقرَّ ، فكأنَّه (٢) [تردّد (٣)] في الكبِ. ويقال : جاء متَكبْكِباً في ثيابِه ، أي متزمِّلا. ومن ذلك الكُبَّة من الغَزْل. ومن الباب كوكب الماء ، وهو مُعظَمه. والكبْكبة : الجماعة من الخَيل. والكوكب يسمَّى كوكباً من هذا القياس.

قال أبو عبيدة : ذهب القومُ تحتَ كلِ كوكب ، إذا تفرَّقوا. ويقال للصبيّ إذا قارَبَ المراهقَة : كوكبٌ ، وذلك لتجمُّع خَلْقه.* والكَبَّةُ : الزِّحام. فأمَّا قولُهم لنَوْر الرَّوضة كوكب ، فذاك على التّشبيه من باب الضياء. قال الأعشى :

__________________

(١) لذى الرمة فى ديوانه ٥٠٥ واللسان (كبب ، عرق ، حمل). وصدره :

توخاه بالأظلاف حتى كأنما

(٢) فى الأصل : «مكانه». وفى المجمل : «كأنه».

(٣) التكملة من المجمل.


يُضَاحِكُ الشَّمْسَ منها كوكب شَرِقٌ

مُؤَزَّرٌ بعميم النَّبْتِ مكتهلُ (١)

وكذلك قولهم لبَريق الكَتِيبة : كوكب.

كت الكاف والتاء ليست فيه لغةٌ أصلية ، ويجري البابُ مَجرى الحكاية. فالكتيت : صوتُ البَكْر ، كالكَشِيش. يقال : كَتَ يَكِتّ ، وكَتّ الرّجُل من الغضب. وكَتِيت القِدر : صوتُ غَلَيانها. ويقولون : كتَتُ الكلامَ في أُذنه. وكتكت في الضَّحِك : أغرَبَ. وهذه كلماتٌ يُشبِهُ بعضُها بعضاً. وما أبعَدَها من الصّحّة. فأمَّا الكَتَّان فلعلّه معرَّب. وخفَّفه الأعشى فقال :

* بينَ الحريرِ وبينَ الكَتَنْ (٢) *

كث الكاف والثاء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على تجمُّعٍ ، وفروعُه تقلُّ. فالكَثَّةُ نعتٌ لِلِّحْية المجتمعة ، [وهي] بيِّنه الكَثَث والكَثَاثة. ومنه الكثْكَث : مجتمعٌ من دُقاق التُّرْب. وهو الكِثكِثُ أيضاً.

كح الكاف والحاء ليس بشيء ، وربما قالوا الكُحْكِحُ من الشَّاء : المسِنُّ. ويقولون : أعرابىٌ كُحٌ ، مثل قُحّ.

كد الكاف والدال أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على شِدَّةٍ وصَلابة. من ذلك الكَديد ، وهو التُّراب الدَّقيق المكدود المركَّل بالقوائم ؛ ثم يُقاس على ذلك

__________________

(١) ديوان الأعشى ٤٣ واللسان (شرق).

(٢) البيت بتمامه كما فى الديوان ١٩ واللسان (كتن) :

هو الواهب المسمعات الشرو

ب بين الحريروين السكنن


الكدُّ ، وهو الشِّدَّةُ في العمل وطلب الكسب ، والإلحاحُ في الطَّلَب. ويقال : كَدَدْتُ فلاناً بالمسألة ، إذا ألْحَحْتَ عليه بها وبالإشارة إليه عند الحاجة. قال :

* عَفَفْتُ ولم أكْدُدْكُمُ بالأصابع (١) *

ومن الباب : الكَدْكَدَةُ : ضربُ الصَّيقلِ (٢) المِدْوَسَ على السَّيف إذا جَلَاه. والكُدَادة : ما يُكَدُّ من أسفل القِدْرِ من المَرَق. وبئرٌ كَدُودٌ ، إذا لم يُنَلْ ماؤُها إلَّا بجَهد. والكدكدة : ثثافلٌ في العَدْو. والكَدُّ : شيءٌ تُدَقُّ فيه الأشياء كالهاوُن. والكُدَاد : حِمَارٌ ينسب إليه الْحُمُر فيقال : بَنات كُداد.

كذ الكاف والذال كلمةٌ واحدة ، وهي الكَذَّانُ : حجارةٌ رِخوة كأنّها مَدَر.

كر الكاف والراء أصلٌ صحيح يدلُّ على جمعٍ وترديد. من ذلك كَرَرت ، وذلك رجُوعك إليه بعد المرّة الأولى ، فهو الترديد الذي ذكرناه. والكرير ، كالحَشْرجةِ في الحَلْق ، سمِّي بذلك لأنَّه يردِّدها. قال :

فَنِفسي فداؤُك يومَ النِّزالِ

إذا كانَ دعوَى الرِّجال الكريرا (٣)

والكَرُّ : حبلٌ ، سمِّي بذلك لتجمُّع قَواه. والكُرُّ : الْحِسْيُ من الماء ، وجمعه كِرار. قال :

__________________

(١) صواب إنشاده : «وحجت» بدل «عففت» كما فى اللسان ، وكما سبق فى (حوج). وهو للكميت فى اللسان (حوج ، كدد). وصدره :

غنيت فم أرددكم عند بغية

(٢) فى الأصل : «ضرب من الصيقل» ، صوابه فى المجمل.

(٣) للأعشى فى ديوانه ٧١ واللسان (كرر). وفى الديوان : وأهل قضاؤك عند النزال وفي اللسان : فأهلي الفداء غداة.


على كالخَنِيفِ السَّحقِ يدعو به الصَّدى

له قُلُبٌ عاديَّةٌ وكِرارُ (١)

ومن الباب الكِركِرة : رَحَى زَوْرِ البعير. والكِركِرة : الجماعةُ من النّاس. والكَركرة : تصريف الرِّياحِ السَّحابَ وجمعُها إيّاه بعدَ تفرُّق. فأمَّا قولُ النَّابغة :

عُلِينَ بكِدْيَوْن وأُبْطِنَ كُرَّة

فهنَّ إضاءٌ ضَافياتُ الغلائلِ (٢)

فأظُنُّه فارسيا قد ضمّنَه شِعْرَه ، وقد يفعلون هذا. ويقولون أن الكُرَّة : رَماد تُجلَى به الدُّروع ، ويقال هو فُتَات البَعْر. وربَّما قالوا : كَركرتُه عن الشَّيء : حبَسْته. وإنَّما المعنى أنَّك رددته ولم تَقضِ حاجتَه أوّلَ وهلة. وكركرتُ بالدَّجاجة : صحتُ بها ، وذلك لأنَّك تردِّد الصِّياح بها. ويقولون الكَرِك (٣) : الأحمق أو الأحمر. وهو كلام.

كز الكاف والزاء أصلٌ صحيح يدلُّ على قَبضٍ وتقبُّض. من ذلك الكَزازة : الانقباض واليُبْس. رجلٌ كَزٌّ ، أي بخيل (٤). ويقال : كَزَزْتُ الشَّيءَ ، إذا ضيَّقَته ، فهو مكزوز. والكُزَاز : داءٌ يأخذُه من شِدَّة البَرْد. وأحسبه من تقبُّض الأطراف. وبَكرة كزة ، أي قصيرة (٥).

__________________

(١) البيت ملفق من بيتين ، أحدهما فى اللسان (خنف) ، وسبق أيضا فى (خنف) وهو :

على كالخفيف السحق يدعو به الصعدى

له؟ عفى الحباض أجون

والآخر لكثير ، وأنشده فى اللسان (كرر). وعجزه فى إصلاح المنطق ١٠٤ ، ١٤٥ وهو :

ومندام غيث من تهامة غيب

به قلب عادية وكرار

(٢) ديوان النابغة ٦٤ واللسان (كدن ، كرر ، أيضا). ويروى : «وأشعرن» ، ويروى : «صاقيات» بالصاد المهملة.

(٣) كذا أورد هذه الكلمة فى غير مادتها ، وصنع كذلك فى المجمل ، وحقها مادة (كرك).

(٤) فى الأصل : «أى فعيل».

(٥) فى المجمل : «وبكرة كزة : شديدة الصرير. وفرس كزة : قصيرة».


كس الكاف والسين صحيح ، إلّا أنَّه قليلُ الألفاظ. والصحيح منه الكَسَس : خروج الأسنان السُّفْلَى مع الحنك الأسفل. رجلٌ أكَسُ. كذا في كتاب الخليل. وقال غيره : الكَسَس : قِصَر الأسنان. وما بعد هذا فكلامٌ. يقولون الكَسِيس : لحمٌ يُخَفَّفُ على الحجارة* ثم يُدَقُّ ويُتَزَوَّد. وممَّا يصحُّ في هذا : الكَسِيس ، وهو شرابٌ يُتَّخَذ من ذُرة. وينشدون :

فإنْ تُسْقَ من أعشاب وَجّ فإنَّنا

لنا العينُ تَجرِى من كَسِيسٍ ومن سَكَرْ (١)

والشِّعر صحيح ، ولعلَّ الكلمةَ من بعض اللّغات التي استعارتها العرب في كلامها. وأمَّا الكسكسة فكلمةٌ مولَّدة فيمن يُبدِل في كلامه الكاف سيناً.

كش الكاف والشين ليس بشيء ، وفيه كلمةٌ تَجري مَجرى الحكاية ، يقال لهدير البَكْر: الكشيش. والكَشكَشة : كلمةٌ مولَّدة فيمن يُبدِل الكافَ في كلامه شيناً.

كص الكاف والصاد كلمةٌ تدل على التواءِ من الجَهد. ويقال للرِّعدة : كَصيص. والكَصِيصة : حِبالة الصَّائد.

كض الكاف والضاد. يقولون : إنَ الكَضكضة : سرعةُ المَشْي.

كظ الكاف والظاء أصلٌ صحيح ، يدلُّ على تمرُّسٍ وشِدَّةٍ وامتلاء. من ذلك المُكَاظَّةُ في الحرب : الممارَسَة الشَّديدة. وكظَّني هذا الأمرُ.

__________________

(١) كذا ورد إنشاده. والسكر ، بالتحريك : الخمر ، أو النبيذ ، أو شراب يتخذ من التمر والكشوت والآس. ورواية اللسان (كسس) : «ومن خمر». والبيت لأبى الهندى.


ومن الباب الكَظْكظة امتلاء السِّقاء. ومنه الكِظَّة التي تعترِي عن الطَّعام. ويقال : اكتَظَّ الوادِي بالماء ، إذا امتلأَ بسَيْله. وتكاظَّ القومُ كِظاظاً : تجاوزوا القَدْرَ في التمرُّس والتعادي. قال :

* إذْ سئِمَتْ ربيعةُ الكِظاظا (١) *

كع الكاف والعين أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على حَبسٍ واحتباس. يقال رجلٌ كَعٌ ، وكاعٌ، أي جبانٌ. وقد أكَعَّه الفَرَق عن الأمر. [قال ابن دريد : لا يقال كاعَ ، وإنْ كانت العامّة تقوله (٢)] ، إنَّما يقال كَعَ. قال :

* كعكعهُ حائره عن الدَّقَقْ (٣) *

كف الكاف والفاء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على قبض وانقباض من ذلك الكَفُ للإنسان ، سمِّيت بذلك لأنَّها تَقبِض الشّيءَ. ثمَّ تقول : كففت فلاناً عن الأمر وكفكَفتُه (٤). ويقال للرجل يَسأل النّاسَ : هو يَستكِفُ ويتكفَّف. الأصل هذا ، ثم يَفرِقون بين الكلمات تختلف في بعض المعنَى والقياسُ واحد :

__________________

(١) لرؤبة فى اللسان (كظظ) ، وليس فى ديوانه. وقبله :

إنا أناس فلزم الحفاظا

(٢) التكملة من المجمل. وانظر الجمهرة (١ : ١١٣).

(٣) كذا ورد فى الأصل. والذى فى ديوان رؤبة ١٠٦ :

قد كف عن حائره بعد؟

في حاجر كعكه عن البثق

(٤) فى الأصل : «وكففته» ، صوابه فى المجمل.


كان الأصمعيُّ يقول : كلُّ ما استطالَ فهو كُفّة بضم الكاف (١) [نحو كُفّة (٢)] الثَّوب ونحوه وهو حاشيته ، وإنّما [قيل لها] كفّة لأنّها مكفوفة ، وكذلك كُفّة الرَّمل (٣). قال : وكلُّ ما استدارَ فهو كفّة ، نحو كِفَّة الميزان وكِفَّة الصَّائد ، وهي حِبالتُه. والكلمتان وإن اختلفتا في الذي قاله الأصمعىُّ فقياسهما واحد. والمكفوف : الأعمى. فأمَّا الكِفَف في الوَشْم ، فهي داراتٌ تكون فيه. ويقال : استكفَ القومُ حولَ الشيء ، إذا دارُوا به ناظِرِينَ إليه. قال ابن مقيل :

* بَدَا والعيونُ المستكِفَّةُ تلمحُ (٤) *

فأما قول حُمَيد :

* إلى مستكِفَّاتٍ لهنَّ غُروبُ (٥) *

فقال قوم : هي العُيون. وقال قوم : هي إبلٌ مجتمعة. والغُروب : الظِّلال. واستكففتُ الشَّيءَ ، وهو أن تضَعَ يَدَك على حاجِبيك كالذي يَستظِلُّ من الشَّمس ينظرُ إلى شيء هل يَراه ، وإنَّما سُمِّيَ استكفافاً لوَضْعِه كفَّهُ على حاجبه. ويقولون : لقيتُه كَفَّةً كَفَّةً ، إذا فاجأتَه ، كأنَ كفَّكَ مسَّتْ كَفَّه. والله أعلم بالصواب.

__________________

(١) بعده فى الأصل : «لأنها مكفوفة» ، كلام مقحم.

(٢) تكملة يقتضيها الكلام. وفى المجمل : «نحو كفة الرمل والثوب».

(٣) فى الأصل : «الرمث».

(٤) صدره كما فى اللسان (كفف) :

إذا رمقته مه معد عمارة

(٥) صدره كما فى ديوان حميد ٥٦ ، واللسان (كفف) :

ظلنا إلى كهف وظلت ركابنا


باب الكاف واللام وما يثلثهما

كلم الكاف واللام والميم أصلانِ : أحدهما يدلُّ على نطقٍ مُفهِم ، والآخَر على جراح.

فالأوّل الكَلام. تقول : كلّمته أُكلّمه تكليماً ؛ وهو كَلِيمِي إذا كلّمك أو كلَّمتَه. ثمَّ يتَّسِعون فيسمُّون اللّفظةَ الواحدة المُفهِمَةَ كلمة ، والقِصَّةَ كلمة ، والقَصيدةَ بطولها كلمة. ويجمعون الكلمةَ كلماتٍ وكَلِماً. قال الله تعالى : (يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ).

والأصل الآخر الكَلْم ، وهو الجُرْح ؛ والكِلام : الجراحات ، وجمع الكَلْم كلومٌ أيضاً. ورجل كليمٌ وقومٌ كَلْمَى ، أي جرحى ، فأمَّا الكُلَام ، فيقال : هي أرضٌ غليظةٌ (١). وفي ذلك نَظَر.

كلأ الكاف واللام والحرف المعتلّ أو الهمزة أصلٌ صحيح يدلُّ على مراقبةٍ ونَظَر ، وأصلٌ* آخر يدلُّ على نباتٍ ، والثالث عضوٌ من الأعضاء ثم يُستعار.

فأمّا النظر والمراقَبة فالكِلاءَة (٢) ، وهي الحِفْظ ، تقول : كلأه الله ، أي حَفِظه.

قال الله عزّ وعلا : (قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ مِنَ الرَّحْمنِ) ، أي

__________________

(١) فى المجمل واللسان : «قال ابن دريد : لم أدر ما صحته».

(٢) الكلاءة ، بكسر الكاف كالحراسة ، وقد تخفف همزتها وتقلب ياء ، وقد تحذف الهاء للضرورة كما فى قول جميل :

فكوني بخير في كلاء وغبطة

وإن كنت قد أزمعت هجرى وبغضني


يجفظُكم منه ، بمعنى لا يَحميكم أحدٌ منه ، وهو الباب الذي ذكرناه أنّه المراقَبة ، لأنّه إذا حفظه نَظَر إليه ورَقَبه. ومن هذا القياس قولُ العرب : تكلأْت كُلْأةً ، أي استنسأْت نَسِيئَة ؛ وذلك من التأخير. ومنه الحديث : «نَهَى عن الكالئ بالكالئ». بمعنى النَّسيئة بالنسيئة. وقول القائل :

* وعينُه كالكالِئ الضِّمارِ (١) *

فمعناه أنّ حاضرَه وشاهده كالضِّمار ، وهو الغائب (٢) الذي لا يُرجَى. وإنّما قلنا إنّ هذا البَاب من الكُلأَة لأنَّ صاحبَ الدَّين يرقُب ويَحفَظ متى يحُلُّ دَينه. فالقياسُ الذي قِسناه صحيحٌ. [و] يقال : اكتلَأْت من القوم ، أي احترستُ منهم. وقال :

أنَختُ بعيرِى واكتَلَأْتُ بعَينِه

وآمرتُ نفسي أيَّ أَمْرَيَّ أفْعَلُ (٣)

ويقال : أكلأت بصرِي في الشَّيء ، إذا ردَّدته فيه. والمُكلّأُ (٤) : موضع تُرفأُ فيه السُّفُن وتُستَر من الرِّيح. ويقال إنّ كَلَّاءَ البَصرة سمِّيت بذلك.

والأصل الآخر الكلَأ ، وهو العُشب ؛ يقال أرضٌ مُكْلِئة : ذات كلأ ، وسواءٌ يابسُهُ ورطبُه. ومكانٌ كالئ مثل مُكْلِئ.

والأصل الثالث الكُلْيةُ ، وهي معروفة ، وتستعار فيقال الكُلْية : كُلية المزادة

__________________

(١) وكذا ورد إنشاده فى المجمل ، وهو الصواب. وفى اللسان (كلأ) : «المضمار» تحريف ، وجاء على الصواب فى اللسان (ضمر) وشرح الحماسة للمرزوقى ١٢٤٠.

(٢) فى الأصل : «الفايت» صوابه فى المجمل واللسان (ضمر).

(٣) البيت لكعب بن زهير فى ديوانه ٥٥ واللسان (كلأ). وفى الأصل : «واحترست بعينه» ، صوابه من الديوان واللسان والمجمل وفى الديوان : «أنخت قلوصى واكتلأت بعينها».

(٤) فى الأصل : «المكلأة» ، صوابه فى المجمل واللسان ، ويقال أيضا «الكلاء» كشداد كما فيهما.


جُليدةٌ مستديرة تَحتَ العُروة قد خُرِزَت (١). ويقال ذلك في القَوس فالكُلْيتان من القَوس : مَعْقِد الحِمَالة من السَّهْم ، ما عن يَمِين النَّصِل وشِماله. وكُلْية السَّحاب : أسفلُه ، والجمع كُلًى.

كلب الكاف واللام والباء أصلٌ واحد صحيح يدلُّ على تَعلُّق الشَّيء بالشَّيء في شِدَّة وشِدَّة جَذْب. من ذلك الكَلْب ، وهو معروف ، والجمع كِلابٌ وكَليب. والكَلَّاب والمكلِّب : الذي يعلّم الكلبَ الصَّيد. والكلْبُ الكِلبُ : الذي يَكْلَب بلحوم الناس ، يأخُذُه شِبهُ جُنونٍ فإِذا عَقَر إنساناً كَلِبَ ، فيقال رجلٌ كَلِبٌ ورجالٌ كَلْبي. قال :

ولو تَشرب الكلبَى المِراضُ دماءَنا

شفتها من الدَّاء المَجَنَّةِ والخَبْلِ (٢)

ومن الباب كُلْبة الزَّمان وكَلَبُه : شِدَّته. وأرضٌ كَلِبَة ، إذا لم يَحِدْ نباتُها ريَّا فيَبِس ، إنّما قيل ذلك لأنّه إذا يَبِس صار كأنياب الكلاب وبراثِنِها. والكَلْبُ (٣) : سيرٌ أحمرُ يُجعَل بين طرَفَي الأديم إذا خُرِز. يقال كَلَبْتُه. قال :

كأنَّ غَرَّ مَتْنِة إذْ نَجْنُبُه

سَيْرُ صَنَاعٍ فى أديمٍ تَكلُبُه (٤)

__________________

(١) فى المجمل : «قد درزت».

(٢) البيت ملفق من بيتين كلاهما للفرزدق. فالأول :

ولو تضرب الكلى المراض دماءنا

شفتها وذو الخبل الذي هو أدنف

والآخر قوله :

من الهاربين الذين دماءهم

شفاء من؟ الجنة والخبل

انظر الحيوان (٢ : ٦ ـ ٧) وحواشيهما.

(٣) يقال أيضا «كلبة» بضم الكاف ، وهو ما فى المجمل.

(٤) الرجز لدكين بن رجاء الفقيمى فى اللسان (كلب ، غرر) : وأنشده ابن دريد فى الاشتقاق ١٤. وأنشده ابن فارس فى المجمل.


والكَلْب : حديدةٌ عَقْفاء يُعَلَّق عليها المسافرُ الزّادَ من الرَّحل. والكُلَّاب معروف ، وهو الكَلُّوب. فأمّا قول طُفَيل :

أَبأْنا بِقتلانا من القوم مِثلَهم

وما لا يُعَدُّ من أسيرٍ مكلَّبِ (١)

[فإن المكلَّب هو المكَبَّل (٢)].

والكَلْب : المسمار في قائم السَّيف ، وفيه الذُّؤابة. والكُلاب : موضعٌ. ورأس كلبٍ(٣) : جبل.

كلت الكاف واللام والتاء ليس بأصلٍ أصيل ، لكنَّهم يقولون : الكَلْت : الجمع ، يقال امرأةٌ كَلُّوت (٤). ويقولون : الكِلِّيت (٥) حَجَرٌ يسدُّ به وِجارُ الضَّبع. وكلُّ هذا ليس بشيء.

كلث الكاف واللام والثاء ليس بأصلٍ أصيل ، لكنّهم يقولون : إلى بشيء (٦). وربَّما قالوا : انكلث فلانٌ : تقدَّم.

كلح الكاف واللام والحاء أصلٌ يدلُّ على عُبوس وشَتامةٍ في الوجه. من ذلك الكُلوح ، وهو العبوس. يقال كَلَح الرَّجُل ، [و] دهرٌ كالِحٌ.

__________________

(١) ديوان طفيل الغنوى ١٤ واللسان (كلب).

(٢) التكملة مقتبسة من المجمل واللسان. ففى الأول : «والأسير الكلب هو المكبل». وفى الثانى : «وقيل هو مقلوب عن مكبل».

(٣) فى المجمل : «ورأس الكلب» ، وكذا فى معجم البلدان. وذهب فى اللسان إلى أن «الكلب» : جبل باليمامة ، قال فيه الأعشى :

إذ يرفع الآل رأس الكلب فارتفعا

(٤) كذا ضبطت فى المجمل ، وفى اللسان بفتح الكاف وضم اللام الخفيفة ، ولم ترد فى القاموس.

(٥) ضبطت فى القاموس واللسان كأمير وسكيت.

(٦) كذا وردت ، ولم ترد المادة فى اللسان ، وهى من مواد القاموس.


قال الله تعالى : (تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيها كالِحُونَ). وربما قالوا للسَّنَة المُجْدِبة : كَلَاحِ. وما أقْبَح كَلَحَته ، أي إذا كلَحَ فَقُبح فُمه وما حوالَيه.

كلد الكاف واللام والدال كلمةٌ تدلُّ على الصَّلابة في الشيء. فالكَلَدَةُ : القطعة من الأرض الغليظة ، ومنه الحارث بن كَلَدة.

قال ابن دريد (١) : تكلَّد الإنسانُ : غَلُظَ لحمُه.

كلز الكاف واللام والزاء يقولون إنّه صحيح ، وإنّ الكَلْز : الجمع. يقال : كَلَزْت الشيء وكلَّزته ، إذا جمعتَه. وقد رُوِيَتْ كلمةٌ فيه صحيحة لا يُرْتابُ بها ، يقولون : اكلازَّ الرّجُل : تقبَّض.

كلس الكاف واللام والسين يدلُّ على امتلاء في الشيء. يقولون : تَكَلَّسَ (٢) تكلُّسَا ، إذا رَوِىَ. قال :

ذو صَولةٍ يُصْبِحُ قد تكلَّسَا*

ويقولون للجادِّ أيضاً : كلَّسَ. قال :

* إذا الفَتَى حكّمَ يوماً كَلَّسَا (٣) *

كلع الكاف واللام والعين كلماتٌ تدلُّ على دَرَن ووسَخ. يقولون للشُّقاقِ والوسَخ بالقدم : كلَعٌ ، وقد كَلِعت رجلُه تكْلَعُ كلَعاً. وإناءٌ كَلِعٌ ، إذا

__________________

(١) الجمهرة (٢ : ٢٩٦).

(٢) فى الأصل : «كلس». والفعل وشاهده مما لم يرد فى اللسان. وأنشد الشاهد فى المجمل أيضا.

(٣) كذا ورد ضبطه فى المجمل. وفى الأصل : «مكلسا» تحريف.


الْتَبَدَ عليه الوسَخ. وسِقاء كَلِع ، إذا تراكَبَ عليه التُّراب. و [يقال (١)] إن الكُلْعَة : داءٌ يأخذ البعيرَ في مُؤَخّره.

وممّا يُحمَلُ على هذا من معنًى واحد وهو التّراكب دونَ الوسخ : الكَلَعة من الغَنَم ، سمِّيت بذلك لتجمُّعها.

كلف الكاف واللام والفاء أصلٌ صحيح يدلُّ على إيلاعٍ بالشيء وتعلُّقٍ به. من ذلك الكَلَف ، تقول : قد كَلِف بالأمر يَكْلَفُ كَلَفاً. ويقولون : «لا يَكُنْ حُبُّكَ كَلَفًا ، ولا بُغْضُكَ تَلَفًا». والكُلْفة : ما يُتَكلَّفُ من نائبةٍ أو حقٍّ. والمتكلِّف : العِرِّيض لما لا يَعنيه. قال الله سبحانه : (قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَما أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ). ومن الباب الكَلَف : شيءٌ يعلو الوجهَ فيغيِّر بشرتَه.

باب الكاف والميم وما يثلثهما

كمن الكاف والميم والنون أُصَيلٌ يدلُّ على استخفاءِ. يقال : كَمَنَ الشَّيءُ كُمونًا. واشتقاقُ الكَمِين في الحرب من هذا. وزعم ناسٌ أنّ النّاقةَ الكَمُونَ : الكَتُومُ اللِّقاح ، وهي إذا لَقِحَت لم تَشُل بذَنبها. وحُزْنٌ مُكتمِنٌ في القلب كأنّه مُستَخفٍ. والكُمْنة : داءٌ في العين من بَقِيَّة رمَد.

كمه الكاف والميم والهاء كلمةٌ واحدة ، وهو الكَمَه ، وهو العَمَى يُولَدُ به الإنسان ، وقد يكون من عَرَض يَعرِضُ. قال سُويد :

__________________

(١) التكملة من المجمل.


كَمِهَتْ عيناهُ حتى ابيضَّتا

وهو يَلْحَى نَفسَه لمّا نَزَعْ (١)

كمي الكاف والميم والحرف المعتلُّ يدلُّ على خفاءِ شيء. وقد يدخل فيه بعضُ المهموز. من ذلك كمَى فلانٌ الشّهادةَ ، إذا كَتَمها. ولذلك سُمِّي الشُّجاعُ الكميّ. قالوا : هو الذي يتكمَّى في سِلاحِه ، أي يتغطَّى به. يقال تكَمَّتِ الفتنةُ الناسَ ، إذا غَشيتْهم.

وأمّا المهموز فذكروا أنّ العرب تقول : كمِئت عن الأخبار أكْمأُ عنها ، إذا جَهِلتَها.

وأمّا المهموز فليس من هذا الباب وإنّما هو نَبتٌ. وقد قُلنا إنَّ ذلك لا ينقاسُ أكثَرُه. فالكمأة معروفةٌ ، والواحد كَمْءٌ. وهذا نادرٌ أن تكونَ في الجمع هاءٌ ولا تكونَ في الواحدة. ويقال : كَمَأْتُ القوم : أطعمتهم الكَمْأة. ومما يجوز أن يُقاسَ على هذا قولُهم : كمِئَتْ رِجْلي: تَشقَّقَتْ. ولعلَ الكَمأة تُسمَّى لانشقاق الأرض عنها. ويقولون : أكْمَأَت فلانًا السِّنُّ: شيَّخَتْه.

ومما شذَّ عن هذا الأصل أكْمَأَ على الأمر ، إذا عَزَم عليه.

كمت الكاف والميم والتاء كلمةٌ صحيحة تدلُّ على لونٍ من الألوان من ذلك الكُمْتَة ، وهي لونٌ ليس بأشقَرَ ولا أدهم. يقال : فرسٌ كُمَيْت. ولم يجئْ إلا كذا على صورة المصغَّر. والكميت : الخمر فيها سوادٌ وحُمرة.

كمح الكاف والميم والحاء كلماتٌ لا تنقاس ، وفي بعضها شكّ ، غير أنَّا ذكرنا ما ذكروه. قالوا : أكْمَحَ الكَرْمُ ، إذا تحرّك للإِيراق. وقالوا :

__________________

(١) أنشده فى المجمل واللسان (كمه) والمفضليات (١ : ١٩٨).


رجلٌ كَوْمَح : عظيم الأليَتَين. ويقولون : كَمَح الفرسَ ، إذا كبَحَه.

كمر الكاف والميم والراء كلمةٌ ، يقولون : رجلٌ مكمور ، وهو الذي يُصِيب الخاتِنُ طرَف كَمَرتِه.

كمز الكاف والميم والزاء ليس بشيء. ويقولون : الكُمزة : الكُتْلة من التَّمر.

كمش الكاف والميم والشين أصلٌ صحيح يدلُّ على لَطافةٍ وصِغَر. يقولون* للشّاة الصّغيرة الضَّرع كَمْشَة. وفرسٌ كَمِيشٌ : صغير الجُرْدان. ثمَّ يقال للرّجُل العَزُومِ الماضي : كَمْشٌ ، ينسَبُ في ذلك إلى لطافةٍ وخِفّة. يقال كَمُشَ كَماشَةً (١). وربَّما قالوا : كَمَشه بالسَّيف ، إذا قَطع أطرافه (٢).

كمع الكاف والميم والعين أصلٌ صحيح يدلُّ على اطمئنان وسكون. زعموا أنَ الكِمْع : البيت ؛ يقال هو في كِمْعه أي بَيتِه. وسُمِّي كمعًا لأنّه يُسكَن. ومن الباب الكميع ، وهو الضَّجيع ، يقال كامَعَها ، إذا ضاجَعَها. والمُكامَعة التي في الحديث ، وقد نُهي عنها : أن يُضاجِع الرّجُلُ الرّجُلَ لا سِتْرَ بينهما (٣).

وقال في الكميع :

وَهَبَّت الشَّمْأَلُ البليلُ وإذْ

باتَ كميعُ الفَتاة مُلتفِعا (٤)

__________________

(١) ويقال أيضا : كمش كمشا ، من باب فرح.

(٢) هذا مما ورد فى القاموس ، ولم يرد فى اللسان.

(٣) فى اللسان : «وفى الحديث نهى عن المكامعة والمكاعمة. فالمكامعة أن بنام الرجل مع الرجل والمرأة مع المرأة فى إزار واحد تماس جلودهما لا حاجز بينهما».

(٤) البيت لأوس بن حجر فى ديوانه ١٣ واللسان (كمع).


والكِمْع : المطمئنُّ من الأرض.

كمل الكاف والميم واللام أصلٌ صحيح يدلُّ على تمام الشيء. يقال : كَمَل الشيءُ وكَمُل فهو كاملٌ ، أي تامّ. وأكملتُه أنا. قال الله تعالى : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ).

باب الكاف والنون وما يثلثهما

كنه الكاف والنون والهاء كلمةٌ واحدة تدلُّ على غايةِ الشَّيء ونهايةِ وقتِه. يقال : بلغْتُ كُنْهَ هذا الأمرِ ، أي غايتَه وحِينَه الذي هُوَ له.

كنو الكاف والنون والحرف المعتل يدلُّ على توريةٍ عن اسمٍ بغيره. يقال : كنيت عن كذا. إذا تكلَّمت بغيره مما يُستَدَلُّ به عليه. وكَنَوْتُ أيضًا. ومِمَّا يوضِّح هذا قول القائل :

وإنِّي لأكنُو عن قَذُور بغيرِها

وأُعرِبُ أحيانًا بها فأُصارِحُ (١)

ألَا تراه جعلَ الكِنايةَ مقابِلة للمصامحة. ولذلك تسمَّى الكُنْية كُنيةً ، كأنَّها توريةٌ عن اسمه. وفي كتاب الخليل أنَّ الصَّواب أن يقال يُكْنَى بأبي عبد الله ، ولا يقال يكنى بعبد الله. وكُنَى الرُّؤيا هي الأمثالُ التي يَضربُها مَلَكُ الرُّؤيا ، يكْنِى بها عن أعيان (٢) الأُمور.

__________________

(١) البيت فى اللسان (قذر ، كنى). وأنشده فى إصلاح المنطق ١٥٧. وقذور : اسم امرأة. والقذور من النساء : التى تتنزه عن الأقذار.

(٢) وكذا فى اللسان. وفى؟؟؟ : «عن أعنان». والأعنان : الأطراف والنواحى.


كنب الكاف والنون والباء كلمةٌ واحدةٌ لا تُفرّع. قالوا : الكَنَب : غِلَظٌ يعلو اليدينِ من العَمَل إذا مَجِلَتَا. قال :

* قد أكنَبَتْ يدايَ بعدَ لينِ (١) *

قال الأصمعىّ : أكنبَتْ يدُه ، ولا يقال كَنِبت. وممّا ليس من هذا. الكَنِب ، وهو نبتٌ. قال الطرِمَّاح :

مُعاليات عن الأرياف مسكنُها

أطرافُ نجدٍ بأرض الطَّلح والكَنِبِ (٢)

كنت الكاف والنون والتاء كلمةٌ إن صحّتْ. يقولون : كَنَتَ ، واكْتَنَتَ (٣) ، إذا لزِمَ وقَنِع. وقال عديّ (٤).

كند الكاف والنون والدال أصلٌ صحيحٌ واحد يدلُّ على القَطْع. يقال كَندَ الحبْلَ يكنُده كَنْداً. والكَنُود : الكفور للنِّعمة. وهو من الأوّل ، لأنَّه يكنُد الشكر ، أي يقطعُه. ومن الباب : الأرضُ الكَنود ، وهي التي لا تُنبِت. وقال الأعشى :

أَمِيطِى تُمِيطى بصُلْبِ الفُؤادِ

وَصُولِ حِبالٍ وكنَّادِها (٥)

__________________

(١) أنشده فى مجالس ثعلب ٥٢٥ واللسان (كنب) برواية : «كفاك».

(٢) ديوان الطرماح ١٢٨ واللسان (كنب). ورواية الديوان : معالات عن الخنزر وفى شرحه : «معاليات : مرتفعات عن أكل لحم الخنزير».

(٣) فى الأصل : «وأكنت» صوابه فى المجمل والقاموس. ولم ترد المادة فى اللسان.

(٤) كذا فى الأصل ، وفى المجمل : «وهو فى شعر عدى» ، ولم أعثر على شاهده بعد.

(٥) ديوان الأعشى ٥٠٠ واللسان (كند).


وسمِّي كِندةُ فيما زعموا لأنَّه كَنَد أباه ، أي فارَقَه ولَحِقَ بأخواله ورأَسَهُم (١) فقال له أبوه: كَندْتَ.

كنر الكاف والنون والراء ليس هو عندنا أصلاً ، وفيه كلمتان أظنُّهما فارسيَّتين. يقال الكِنَّار : الشُّقَّة من الثِّيَابِ الكَتَّانِ. ويقولون : الكِنَّارات : العِيدان أو الدُّفوف ، تفتح كافها وتكسر.

كنز الكاف والنون والزاء أُصَيْلٌ صحيح يدلُّ على تجمُّع في شيء. من ذلك ناقة كِنَازُ اللَّحم ، أي مجتمِعة. وكَنزت التَّمْرَ في وعائه أكنِزُه. وكنَزت الكنْزَ أكنزِه. ويقولون في كَنْز التَّمر : هو زمن الكَنَاز. قال ابن السِّكِّيت : لم يُسمَع هذا إلَّا بالفتح ، أي إنَّه ليس هذا مما جاء على فعال وفَعال كجِداد وجَداد.

كنس الكاف والنون والسين أصلانِ صحيحان ، أحدهما يدلُّ على سَفْر شيءٍ عن وجهِ شيء ، وهو كَشْفُه. والأصل الآخر يدلُّ على استخفاء. فالأوّل : كَنْس البيتِ ، وهو سَفْرُ التُّرابِ عن وجه أرضه. والمِكْنسة : آلة الكنْس. والكُناسَة : ما يَكنَس.

والأصل الآخر : الكِناس : بيتُ الظَّبي. الكانس : الظبي يَدْخُل كِناسَه. والكُنَّس : الكواكب تَكْنِسُ في بُروجها كما تَدخُل الظِّباءُ في كِناسها. قال أبو* عبيدة : تَكنِس في المَغيب

__________________

(١) فى الأصل : «وأسهم» ، صوابه فى المجمل.


كنع الكاف والنون والعين أصلٌ صحيح يدلُّ على تشنُّجٍ وتقبّض وتجمُّع. من ذلك الكَنَع في الأصابع ، وهو تشنُّج وتقبُّض. يقال : كَنِعَتْ أصابعُه تَكنع كَنَعاً. ومنه تكنع فلانٌ بفلانٍ ، إذا ضَبِث به. وكَنَعَت العُقاب إذا ضمَّت جناحَها للانقضاض. واكتَنَع القومُ ، إذا مالوا (١). [و] كَنَع الأمرُ : قرُب. ويقولون : كَنَع الرّجلُ وأكنَع ، إذا لان. وهذا من الباب لأنه يتقبَّض ويتجمَّع. وفى الحديث : «أعوذُ بك من الكُنُوع (٢)». فهذا من كَنَع.

كنف الكاف والنون والفاء أصلٌ صحيح واحد يدلُّ على سَتْر. من ذلك الكَنِيف ، هو السَّاتر. وزعم ناسٌ أنَّ الترسَ يسمَّى كنيفًا لأنَّه ساتر. وكلُّ حظيرةٍ ساترةٍ عند العرب كَنِيف. قال عُروة :

أقولُ لقومٍ في الكنيف تَروَّحُوا

عشِيَّةَ بتنا عند ماوَانَ ، رُزَّحِ (٣)

ومن الباب كَنَفْتُ فلانا وأكنفتُه. وكَنَفَا الطّائرِ : جناحاه ، لأنّهما يستُرانِه. ومنه الكِنْف ، لأنَّه يستُر ما فيه وفي قول عمر لعبد الله بن مسعود : «كُنَيْفٌ مُلِئَ عِلماً». أراد به تصغير كِنْف. وناقةٌ كَنوفٌ : يصيبها البردُ ، فهي تَسَتَّرُ بسائر الإبل. ويقال : حظَرت للإبل حظيرةً ، وكنَفْتُ لها وكَنَفْتُها أكنُفها. فأمّا قولُهم : كنَفتُ عن الشَّيء : عدلت ، وإنشادُهم :

__________________

(١) فى الأصل : «قالوا». وفى اللسان : «واكتنع عليه : تعطف ، والاكتناع : التعطف» وفى المجمل : «واكتنع القوم ، إذا تجمعوا» ، ومثله فى موضع آخر من اللسان.

(٢) فى اللسان : «الأصمعى : سمعت أعرابيا يقول فى دعائه : رب أعوذ بك من الخنوع والكنوع».

(٣) البيت فى ديوان عروة ٨٨ ومعجم البلدان (ماوان). وقد استشهد به السيوطى فى همع الهوامع (٢ : ١١٦) على الفصل بين الصفة والموصوف بمباين محض.


* ليُعْلَم ما فينا عن البَيع كانفُ (١) *

فليس ذلك بملخَّص على القياس الذي ذكرناه ، وإنما المعنى عدلت عنه متوارياً ومتستِّراً بغيره.

باب الكاف والهاء وما يثلثهما

كها الكاف والهاء والحرف المعتلّ كلمةٌ واحدة لا تنقاس ولا يُفرَّع عنها. ويقولون للنَّاقة الضَّخمة : كَهَاةٌ. قال :

إذَعَرِضَتْ منها كَهَاةٌ سمينةٌ

فلا تُهدِ منها واتَّشِقْ وتجَبْجَبِ (٢)

كهب الكاف والهاء والباء كلمةٌ. يقولون للغُبرة المَشُوبةِ سواداً في الإبل كُهْبَةٌ.

كهد الكاف والهاء والدال ، يقولون فيه شيئاً يدلُّ على تحرُّكٍ إلى فوق. يقولون : كَهَدَ الحِمارُ ، إذا رَقَص في مِشْيته. وأكهدتُه : أرقصتُه ، في شِعر الفرزدق :

يُكْهِدُون الحُمُرْ (٣) *

ويقولون : اكْوَهَدَّ الفَرْخُ ، إذا تحرَّك ليرتفع.

__________________

(١) للقطامى فى ديوانه ٢٥ واللسان (كنف). وصدره :

فصالوا وصلنا واتقونا باکر

(٢) البيت لخمام بن زيد مناة اليربوعى ، كما فى اللسان (جبب) ، وفى (كها ، وشق) بدون نسبة. وقد سبق فى (عرض).

(٣) فى المجمل : «الحمير».


كهر الكاف والهاء والراء كلمتانِ متباعدتانِ جداً : الأولى الانتهار ، يقال كَهَرَهُ يَكْهَرُه كَهْرًا. وفي الحديث : «بأبي وأُمي ما كَهَرَني ولا شَتَمنِي». وقرأ ناسٌ : فأمَّا اليَتِيمَ فَلَا تَكْهَرْ (١).

والأصل الآخَر : كَهْرُ النَّهارِ ، وهو ارتفاعُه ، يقال كَهَرَ يَكْهَرُ. قال :

* وإذا العانة في كَهْر الضُّحى (٢) *

كهف الكاف والهاء والفاء كلمةٌ واحدة ، وهي غارٌ في جَبَل ، وجمعه كُهوف.

كهل الكاف والهاء واللام أصلٌ يدلُّ على قُوَّة في الشَّيء أو اجتماع جِبِلَّة. من ذلك الكَاهل : ما بين الكِتفين : سمِّي بذلك لقُوّته. ويقولون للرَّجُل المجتمِع إذا وَخَطه الشَّيب : كَهْل ، وامرأة كَهْلة. قال :

ولا أعود بَعدَها كَرِيَّا

أُمارِسُ الكَهلة والصَّبِيَّا (٣)

وأمّا قولُهم للنَّبات : اكتَهَل ، فإنما [هو] تشبيه بالرّجُل الكهل. واكتهالُ الروضة : أن يعمَّها النَّوْر. قال الأعشى :

* مُؤزَّر بعَميم النبتِ مكتهلُ (٤) *

__________________

(١) هى قراءة ابن مسعود وإبراهيم التيمى. تفسير أبى حيان (٨ : ٤٨٦).

(٢) صدر بيت لعدى بن زيد ، كما فى اللسان (كهر). وعجزه :

دونها أحقب ذو لحم؟

(٣) الرجز لعذافر الكندى ، كما فى (كرا). وأنشده فى (كهل) بدون نسبة.

(٤) صدره كما فى ديوانه ٤٣ واللسان (كهل) :

يضاحك النمس منها كوكب شرق


كهم الكاف والهاء والميم أُصَيلٌ يدلُّ على كَلالٍ وبُطْء. من ذلك الفَرس الكَهَام : البَطيء. والسَّيف الكَهام : الكليل. واللِّسان الكَهام : العييّ. ثم يقولون للمُسِنّ كَهْكَمٌ. ويقولون : أكْهَمَ بَصرُه ، إذا رَقّ.

كهن الكاف والهاء والنون كلمةٌ واحدة. وهي الكاهن ، وقد تكهَّنَ يَتَكهَّن. والله أعلم.

باب الكاف والواو وما يثلثهما

كوى الكاف والواو والياء أصلٌ صحيح ، وهو كَوَيْتُ بالنَّار. وقد ذكرناه.

كوب الكاف والواو والباء كلمةٌ واحدة وهي الكُوب : القَدَح لا عُروةَ له ؛ والجمع أكواب. قال الله تعالى : (وَأَكْوابٌ مَوْضُوعَةٌ).

ويقولون : الكُوبةُ : الطَّبلُ لِلَّعب.

كود الكاف والواو والدال كلمةٌ كأنَّها تدلُّ على التماسِ شيء ببعض العَناء. يقولون : كاد يَكُود كَوْداً ومَكاداً. ويقولون لمن يَطلُب منك الشّيءَ فلا تُرِيد إعطاءَه : لا ولا مَكادة. فأمَّا قولهم في المقارَبة : كاد ، فمعناها قارب. وإذا وقعت كادَ مجرَّدَةً فلم يقع ذلك الشيء تقول : كاد يَفْعل ، فهذا لم يُفعل. وإذا قُرِنَتْ بِجَحد فقد وقع ، إذا قلت ما كاد يَفعلُه فقد فعله. قال الله سبحانه : (فَذَبَحُوها وَما كادُوا يَفْعَلُونَ).


كور الكاف والواو والراء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على دَوْرٍ وتجمُّع. من ذلك الكوْر : الدَّور. يقال كار يَكُورُ ، إذا دار. وكَوْرُ العمامة : دَوْرُها : والكُورَةُ : الصُّقْع ، لأنَّه يدُور على ما فيه من قُرًى. ويقال طعَنَه فكَوَّرَه ، إذا ألقاه مجتمِعا. ومنه قولُه تعالى : (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ) ، كأنَّها جُمِعَت جَمْعا. والكُور : الرَّحْل ؛ لأنَّه يدور بِغارِب البَعير ؛ والجمع أكوار. فأمّا قولهم : «الحَوْر بَعْدَ الكَور» ، فالصحيح عندهم : «الحَوْر بعد الكَوْن» ، ومعناه حار ، أي رجع ونَقَص بعد ما كان. ومن قال بالراء فليس يبعُد ، أي كان أمرُه متجمِّعاً ثم حار ونَقَص. وقوله تعالى : (يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهارِ) ، أي يُدير هذا على ذاك ، ويدير ذاك على هذا ، كما جاء في التفسير : زِيد في هذا من ذلك ، وفي ذاك [من هذا]. والكَوْر : قِطعةٌ من الإبل كأنَّها خمسون ومائة. وليس قياسُه بعيداً ، لأنها إذا اجتمعت استدارت في مَبْرَكها. وكُوَّارة النَّحل معروفة.

ومما يشِذُّ عن هذا الباب قولهم : اكتارَ الفَرسُ ، إذا رفَعَ ذَنَبه في حُضْرِه.

كوز الكاف والواو والزاء أصلٌ صحيح يدلُّ على تجمُّع. قال أبو بكر (١) : تكوَّرَ القومُ : تجمَّعوا. قال : ومنه اشتقاق بني كُوزٍ من ضَبَّة. والكُوز للماء من هذا ، لأنَّه يَجمع الماء. واكتاز الماء : اغتَرَفَه.

كوس الكاف والواو والسين أصلٌ صحيح يدلُّ على صَرْعٍ أو ما يقاربه. يقال : كاسَه يَكُوسُه ، إذا صرعه. ومنه كاسَتِ النّاقةُ تكوسُ ، إذا

__________________

(١) الجمهرة (٣ : ١٧).


عُقِرت فقامت على ثلاث. وإنَّما قيل لها ذلك لأنَّها قد قاربت أن تُصرَع قال :

ولو عند غَسَّانَ السَّلِيطىِّ عَرَّسَتْ

رَغَا قَرَنٌ منها وكاس عَقِيرُ (١)

وربَّما قالوا للفَرَس القَصير الدَّوارِجِ : كُوسِيٌ. وعُشْبٌ مُتَكاوِسٌ ، إذا كثُر وكثُف ، وهو من قياس الباب لأنَّه يتصرَّعُ بعضُه على بعض. فأمَّا الكأس ، فيقال هو الإناء بما فيه من خمر ، وهو من غير الباب.

كوع الكاف والواو والعين كلمةٌ واحدة ، وهي الكُوع ، وهو طرَف الزَّنْد مما يلي الإبهام. والكَوَعُ : خُروجُه ونُتوُّه وعِظَمُه. رجلٌ أكوعُ (٢). ويقال الكَوَع : إقبال الرُّسغين على المنْكِبين. وكوَّعَه بالسَّيف : ضَربَه. ولعلّه بمعنى أن يُصِيبَ كوعَه.

كوف الكاف والواو والفاء أُصَيل يقولون : إنّه يدلُّ على استدارةٍ في شيء. قالوا : تكوَّفَ الرّملُ : استدارَ. قالوا : ولذلك سمِّيت الكُوفةُ. ويقولون : وقعنا في كُوفَان وكُوَّفان(٣) ، أي عناء ومشقّة ، كأنَّهم اشتقُّوا ذلك من الرَّمل المتكَوِّف ، لأن المشيَ فيه يُعَنِّي.

__________________

(١) البيت للأعور النبهانى ، يهجو جريرا ويمدح غسان السليطى. اللسان (كوس ، قرن). وعجزه فى إصلاح المنطق ٦٣. وقبله :

أقول لها أى سليطا بأرضها

فبئس مناخ النازلين جرير

(٢) وكذا فى المجمل ، لم يذكر : امرأة كوعاء ، على ما هو مألوف عبارته.

(٣) يقال بضم الكاف وفتحها مع سكون الواو وتشديدها ، أربع لغان. وأنشد ابن برى :

فما أضحى وما أمسيت إلا

وأنى منكم في كوفان


كون (١) الكاف والواو والنون أصلٌ يدلُّ على الإخبار عن حدوثِ شيء ، إمَّا في زمانٍ ماضٍ أو زمان راهن. يقولون : كان الشيءُ يكونُ كَونا ، إذا وَقَعَ وحضر. قال الله تعالى: (وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ) ، أي حَضَر وجاء. ويقولون : قد كان الشِّتاءُ ، أي جاء وَحَضَر. وأمَّا الماضي فقولنا : كان زيدٌ أميراً ، يريد أنَّ ذلك كان في زمان سالف. وقال قوم : المكانُ اشتقاقه مِن كَانَ يَكُونُ ، فلمّا كثُر* تُوُهِّمت الميمُ أصليّةً فقيل تمكّن ، كما قالوا من المِسكين تَمَسْكَنَ.

وفي الباب كلمةٌ لعلَّها أن تكون من الكلام الذي دَرَج بدُروج مَن عَلِمه. يقولون : كُنْت على فلان أَكُونُ عليه ، وذلك إذا كَفَلت به. واكتَنْت أيضاً اكتِيَاناً. وهي غَرِيبة.

كوم (٢) الكاف والواو والميم أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على تجمُّع في شيء مع ارتفاع فيه. من ذلك الكَوْماء ، وهي النَّاقة الطَّويلة السَّنام. والكَوْم : القِطعة من الإبل. والكَوْمة : الصُّبْرة من الطَّعام وغيرِه. وربّما قالوا : كامَ الفرسُ أُنثاه يَكُومها ، وذاك نَفْس التجمُّع.

كول الكاف والواو واللام كلمةٌ إن صحَّت. يقولون : تكَوَّلَ القومُ على فلانٍ ، إذا تجمَّعوا عليه.

__________________

(١) كذا وردت هذه المادة فى غير ترتيبها فى الأصل والمجمل أيضا ، فتركتها عليه ، إبقاء على أرفام صفحات الأصل.

(٢) وكذا وردت هذه المادة متقدمة على التى تليها ، وحقها أن تتأخر ، وآثرت إبقاءها لما أنها. وردت كذلك فى المجمل.


باب الكاف والياء وما يثلثهما

كيد الكاف والياء والدال أصلٌ يدلُّ على معالجةٍ لشيء بشدّة ، ثم يتَّسع الباب ، وكلّه راجعٌ إلى هذا الأصل. قال أهلُ اللُّغة : الكَيد : المُعالجة. قالوا : وكلُّ شيءٍ تُعالِجُه فأنت تَكِيدُه. هذا هو الأصل في الباب ، ثم يسمُّون المَكر كَيدا. قال الله تعالى : (أَمْ يُرِيدُونَ كَيْداً). ويقولون : هو يَكِيدُ بِنَفْسِه ، أي يجودُ بها ، كأنَّه يُعالِجها لتخرُج. والكَيْد : صِياح الغراب بجَهْدٍ. والكَيد : أن يُخرِج الزّندُ النّار ببطءٍ وشدة. والكَيد : القَيء ، وربَّما سمَّوا الحَيض كيداً. والكَيد : الحرب ، يقال : خرجوا ولم يلقَوْا كَيداً ، أي حربًا.

كير الكاف والياء والراء كلمةٌ ، وهي كِيرُ الحَدّاد. قال أبو عمرو : الكُور : المبنيُّ من الطِّين ، والكِير : الزِّقّ. قال بشر :

كأنَّ حَفيف مَنْخَرِه إذا ما

كَتَمْنَ الرّبْوَ كِيرٌ مُستعارُ (١)

كيس الكاف والياء والسين أصيلٌ يدلُّ على ضمٍّ وجمع. من ذلك الكِيس ، سمِّي لِمَا أنَّه يَضُمُّ الشيء ويجمعُه. ومن بابه الكَيْس في الإنسان : خلاف الخُرْق ، لأنَّه مجتَمَع الرّأي والعقل. يقال رجلٌ كَيِّس ورجالٌ أَكْيَاس. وأكْيَسَ الرّجلُ وأكاسَ ، إذا وُلِد له أكياسٌ من الوَلَد. قال :

__________________

(١) البيت فى المفضليات (٢ : ١٤٤).


فلو كُنْتم لكَيِّسةٍ أَكَاست

وَكَيْسُ الأمِ أَكْيَسُ للبنينا (١)

ولعلَ كَيسان فَعلان من أكْيَس. وكانت بنو فَهمٍ تسمِّي الغَدْرَ كيسان. قال :

إذا ما دَعَوا كيسان كانت كهولُهم

إلى الغدر أدنى من شَبابهم المُرْدِ (٢)

كيص الكاف والياء والصاد إنْ صحَّ فهو يدلُّ على انقباضٍ وضِيق. ويقولون : كاصَ يَكيص ، مثل كَاعَ (٣). ويقولون : إنَ الكِيصَ : الرجُل الضيِّق الخُلُق. وحُكِيت كلمةٌ أنا أرتاب بها ، يقولون : كِصْنَا عند فُلانٍ ما شِئْنا ، [أي] أكلنا.

كيف الكاف والياء والفاء كلمةٌ. يقولون : الكِيفة : الكِسْفة من الثّوب. فأمَّا كيفَ فكلمةٌ موضوعة يُستفهَم بها عن حالِ الإنسان فيقال : كيف هو؟ فيقال : صالح.

كيل الكاف والياء واللام ثلاثُ كلماتٍ لا يُشْبِهُ بعضُها بعضاً. فالأولى : الكَيل : كَيْل الطعام. يقال : كِلْتُ فلاناً أعطيته. واكتَلْتُ عليه : أخَذْتُ منه. قال الله سبحانه : (وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ. الَّذِينَ إِذَا اكْتالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ. وَإِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ).

__________________

(١) لرافع بن هريم فى اللسان (كيس) والبيان (١ : ١٨٥ / ٤ : ٥٧).

(٢) للنمر بن تولب فى أخواله بنى سعد ، كما فى المجمل واللسان (كيس) والبيان (٢ : ١٣٤) ، وروى فى اللسان أيضا لضمرة بن ضمرة بن جابر بن قطن.

(٣) فى الأصل : «كع» ، صوابه فى المجمل.


والكلمة الثانية : كالَ الزَّنْدُ يَكِيلُ ، إذا لم يُخرِجْ ناراً.

والكلمة الثالثة : الكَيُّول : مُؤخَّر الصَّفِّ في الحرب. قال :

إنِّي امْرُؤٌ عاهَدَني خليلي

ألَّا أَقُومَ الدَّهْرَ في الكَيُّولِ (١)

كين الكاف والياء والنون شيءٌ يقولون إنَّه في عضوٍ من أعضاء المرأة يَضِيق به ، والجمع كُيون. قال جرير :

غَمَزَ ابنُ مرّةَ يا فرزدقُ كَيْنَها

غَمْزَ الطبيبِ نَغانِغَ المعذورِ (٢)

فأمّا الكِينة ، في قولهم : بات فُلانٌ بكِينةِ سَوْءِ ، أي بحال سوء ، فأصله الكَوْن فِعلَة من الكون.

كيت الكاف والياء والتاء كلمةٌ إن صحَّت ، يقولون : التَّكييت : تيسير الجَهَاز. قال:

كَيِّت جهازك إمّا كنتَ مرتحِلاً

إنِّي أخاف على أذْوادِك السَّبُعا (٣)

كيح الكاف والياء والحاء* كلمةٌ واحدة. يقولون : الكِيح : سَنَد الجَبَل. قال الشَّنْفرَى :

ويركضْنَ بالآصالِ حَولي كأنّني

من العُصْمِ أدْفى يَنْتحِي الكِيحَ أعْقَلُ (٤)

__________________

(١) الرجز لأبى دجانة سماك بن خرشة الصحابى ، يقوله فى غزوة أحد. السيرة ٥٦٣ جوتتجن واللسان (كيل).

(٢) ديوان جرير ١٩٤ واللسان (كين ، نغغ ، عذر). وقد سبق فى (دغر ، عذر).

(٣) أنشده فى المجمل واللسان (كيت).

(٤) البيت من لاميته المشهورة التى يسمونها «لامية العرب».


باب الكاف والألف وما يثلثهما

وقد تكون الألف منقلبة وتكتب هاهنا للَّفظ ، وقد تكون مهموزة.

كاذ الكاف والألف والذال كلمة ، وهي الكَاذَة : لحمُ أعالى الفَخِذين

كار الكاف والألف والراء. يقولون : الكَأْر : أن يَكْأَر الرّجُل من الطّعام ، أي يصيب منه أخْذاً وأكلا.

كان الكاف والألف والنون. يقولون : كَأَنَ ، أي اشتدّ ، وكَأَنْتُ : اشتددت.

كأب الكاف والهمزة والباء كلمةٌ تدلُّ على انكسارٍ وسوءِ حال. من ذلك الكآبة. يقال كَأْبة وكَآبة ، ورجلٌ كَئِيب.

كأد الكاف والألف والدال يدلُّ على شِدَّة ومَشَقّة. يقولون : تكَاءَده الأمرُ ، إذا صعُب عليه. والعَقَبة الكَؤُود : الصَّعبة.

باب الكاف والباء وما يثلثهما

كبت الكاف والباء والتاء كلمة واحدة ، وهي من الإذلال والصَّرفِ عن الشيء. يقال : كَبَتَ اللهُ العدُوَّ يَكْبِتُه ، إذا صَرَفَهُ وأذلَّهُ. قال الله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللهَ وَرَسُولَهُ كُبِتُوا كَما كُبِتَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ).


كبث الكاف والباء والثاء كلمةٌ ، وهي الكَبَاث ، يقال : إنّه حَمْل الأَراك. وحَكَوْا عن الشَّيباني : كَبِثَ اللَّحمُ : تغيَّرَ وأرْوَحَ. قال :

أصبَحَ عمّارٌ نَشِيطًا أبِثَا

يأكُلُ لحمًا بائتًا قد كَبِثَا (١)

كبح الكاف والباء والحاء كلمة. يقال : كَبَحْتُ الفرس بلجامه أكْبَحُه.

كبد الكاف والباء والدال أصلٌ صحيح يدلُّ على شِدّة في شيء وقُوّة. من ذلك الكَبَد ، وهي المشَقّة. يقال : لَقِيَ فلانٌ من هذا الأمر كَبَداً ، أي مشَقة. قال تعالى : (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي كَبَدٍ). وكابَدْتُ الأمر : قاسيتُه في مشَقّة. ومن الباب الكَبِد ، وهي معروفة ، سمِّيت كَبِدًا لتكبُّدِها. والأَكْبَد : الذي نَهَدَ موضعُ كَبِده. وكبَدْتُ الرّجُلَ : أصبتُ كَبِدَه. وكَبِدُ القوسِ : مستعارٌ من كَبِد الإنسان ، وهو مَقْبِضُها. وقوسٌ كَبْداءُ : إذ مَلَأَ مَقْبِضُها الكفّ. ومن الاستعارة : كَبِد السَّماء : وسطها. ويقولون : كُبَيْدَاء السَّماء ، كأنَّهُم صغّروها ، وجمعوها على كُبَيْدات (٢). ويقال : تكبَّدَتِ الشّمس ، إذا صارت في كَبِد السماء. والكُبَادُ : وجَعُ الكَبِد. وتَكبَّدَ اللَّبنُ : غَلُظَ وخَثُر.

كبر الكاف والباء والراء أصلٌ صحيح يدلُّ على خِلاف الصِّغَر. يقال : هو كَبيرٌ ، وكُبَار ، وكُبَّار. قال الله تعالى : (وَمَكَرُوا مَكْراً كُبَّاراً). والكِبْرُ : مُعظَم الأمر ، قوله عَزّ وعلَا : (وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ) أي مُعظَم أمرِه. ويقولون : كِبْرُ سياسةِ القوم في المال. فأمَّا الكُبْر بضم الكاف فهو القُعدد. يقال : الوَلاء للكُبْر ،

__________________

(١) الرجز لأبى زرارة النصرى ، كما سبق فى حواشى (أبث).

(٢) الحق أن هذه جمع «كبيدة» تصغير كبد.


يراد به أقْعَد القَوم في النَّسَب ، وهو الأقربُ إلى الأبِ الأَكْبَر.

ومن الباب الكِبَر ، وهو الهَرَم. والكِبْر : العظمَة ، وكذلك الكِبرِيَاء. ويقال : وَرِثُوا المجدَ كابِراً عن كَابِرٍ ، أي كبيراً عن كبيرٍ في الشَّرفِ والعِزّ. وعَلَتْ فلاناً كَبْرَةٌ ، إذا كَبِر. ويقال: أكبَرْتُ الشّيءَ : استعظمتُه.

كبس الكاف والباء والسين أصلٌ صحيح ، وهو من الشَّيء يُعْلَى بالشَّيء الرَّزين ، ثم يقاس على هذا ما يكونُ في معناه. من ذلك الكَبْس : طَمُّك الحُفَيرةَ بالتُّراب. والتُّراب كِبْسٌ. ثمّ يتَّسعون فيقولون : كَبَس فلانٌ رأسَه في ثوبه ، إذا أدخَلَه فيه. والأرنبةُ الكَابِسَة ، هي المقبلةُ على الجَبْهة في غِلَظٍ وارتفاع. يقال منه كَبَسَتْ. ومن الباب الكِباسَة : العِذْق التامُّ الحمل. [و] الكبيس : التمرُ يُكبَس. والكَابُوس : ما يَقَع على الإنسان باللَّيل. قال ابن دريد (١) : أحسبه مولَّدا. والكَبِيس : حَلْيٌ يُصاغ مجوَّفا* ثمّ يُحشَى طيناً. والكُبَاس والأكْبَس : العظيم الرأْس.

كبش الكاف والباء والشين كلمةٌ واحدة ، وهي الكَبْش ، وهو معروف. وكبْشُ الكتيبةِ : عظيمُها ورئيسُها. قال :

ثمَّ ما هابُوا ولكن قدّموا

كبشَ غاراتٍ إذا لاقى نَطَح (٢)

كبع الكاف والباء والعين. قالوا ـ والله أعلم بصحَّته ـ إنَ الكَبْع : نقد الدِّرهم والدِّينار. قال :

__________________

(١) الجمهرة (١ : ٢٨٧).

(٢) للأعشى فى ديوانه ١٦٠ برواية : «ثم ما كانوا».


قالوا لِي اكْبَعْ قلتُ لَسْتُ كابِعا

وقُلتُ لا آتِي الأميرَ طائعا (١)

كبل الكاف والباء واللام أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على حَبْسٍ ومنْع. من ذلك الكِبْل : القَيد الضَّخم. يقال : كَبَلْتُ الأسيرَ وكَبَّلتُه. ويقولون : إنَ الكابُول : حِبالةُ الصَّائد. فأمَّا المكَابَلة فهو من هذا أيضاً ، وهو التَّأْخير في الدَّين ، يقال : كَبَلْتُك دينَك ؛ وذلك من الحبس أيضاً. ومن الباب أيضاً المكابَلة : أن تُباعَ الدَّارُ إلى جنب دارِك وأنت محتاجٌ إليها فتؤخَر شراءها ليشتريَها غيرُك ثم تأخذَها بالشُّفعة. وقد كُرِه ذلك

كبن الكاف والباء والنون أصلٌ صحيح يدلُّ على قَبْضٍ وتقبُّض. يقال للبخيل : الكُبُنَّة : وقد اكبَأَنَ ، إذا تَقَبَّض حين سئل. ويقال : كبَن الدَّلوَ ، إذا ثَنَى فَمَها وخَرزَه ويقال له الكَبْن. ومن الباب كَبَن عن الشيء : عَدَل ، وكَنَب أيضاً. والمَكْبُون من الخيل : القصير القوائم.

ومما قيس على هذا قولُهم : تَكبَّن (٢) ، إذا سَمِن. ولا يكون ذلك إلَّا في تجمُّع لحم. ويقولون : كَبَن كُبُوناً ، إذا عَدا في لِينٍ واسترسال.

كبو الكاف والباء والحرف المعتل أصلٌ صحيح يدلُّ على سُقوطٍ وتزيل. يقال : كبالوجهه يَكبُو ، وهو كابٍ ، إذا سَقَط. قال :

فكَبَا كما يَكْبُو فنِيقٌ تَارِزٌ

بالخَبْتِ إلّا أنّه هو أبْرَعُ (٣)

__________________

(١) الرجز فى اللسان (كبع).

(٢) فى الأصل : «كمن» ، وأثبت ما فى المجمل. على أن الكلمة لم ترد فى اللسان أو القاموس.

(٣) لأبى ذؤيب فى ديوان الهذليين (١ : ١٥) واللسان (كبا ، ترز) والمفضليات (٢ : ٢٢٧).


ويقال : كَبَا الزّنُد يَكْبُو ، إذا لم يُخرِجْ نارَه. ويقال : كَبَوْتُ الكُوزَ وغيرَه ، إذا صبَبْتَ ما فيه. والتُّراب الكَابِي : الذي لا يستقرُّ على وَجْه الأرض. ويقال : هو كابِي الرَّماد ، أي عظيمُه ، ينهال. ومن الباب الكِبا (١) : الكُنَاسة ؛ والجمع الأَكْباء.

ومما شذَّ من هذا الأصل الكِبَاء ممدود ، وهو ضربٌ من العُود. يقال كَبُّوا ثيابَكم ، أي بَخِّروها. قال :

* ورنداً ولُبْنَى والكِباءَ المُقَتَّرَا (٢) *

باب الكاف والتاء وما يثلثهما

كتد الكاف والتاء والدال حرفٌ واحد ، وهو الكَتَد : ما بين الكاهل إلى الظَّهر. والكَتَد : نجمٌ.

كتر الكاف والتاء والراء. يقولون : الكَتْر : وسط كلِّ شيء. ويقال : الكَتْر : السَّنام نفسُه. قال :

* كِتْرٌ كحافَة كِير القَيْنِ ملمومُ (٣) *

__________________

(١) وكذا فى اللسان. وفى اللسان أيضا : «الكبا : الكناسة والزبل ، يكون مكسورا ومضموما ، فالمكسور : جمع كبة ـ أى بالكسر ـ والمضموم جمع كبة ـ أى بالضم».

(٢) لامرئ القيس فى ديوانه ٩٤ واللسان (كبا). وصدره :

وبانا وألوبا من الهند ذاكيا

(٣) لعلقمة بن عبدة فى ديوانه ١٣٠ واللسان (كتر) والمفضليات (٢ : ١٩٨). وصدره :

لقد هريت زمنا حق استطف لها


قال الأصمعىّ : لم أسمع بالكِتْر إلَّا في هذا البيت. ويقولون : الكَتْر : الحَسَب والقَدْر.

كتع الكاف والتاء والعين كلماتٌ غير موضوعةٍ على قياس ، وليست من الكلام الأصِيل. يقولون الكُتَع : الرّجُل اللَّئيم. ويقولون كَتَع بالشيء : ذَهَب به. وما بالدّارِ كتيعٌ ، أي ما فيها أحد. وكَتَع فلانٌ في أمره : شَمَّر. وجاء القومُ أجمعون أكتَعُون على الإتباع

كتل الكاف والتاء واللام أُصيلٌ يدلُّ على تجمُّع. يقال : هذه كُتْلةٌ من شَيء ، أي قطعةٌ مجتمعةٌ. قال ابنُ دريد (١) يقال : ألقى فلانٌ عليَ كَتَالَهُ ، أي ثِقْله. وذكر في شِعر [ابن] الطَّثْريّة (٢).

كتم الكاف والتاء والميم أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على إخفاء وسَتر. من ذلك كَتَمت الحديثَ كتْما وكِتماناً. قال الله تعالى (وَلا يَكْتُمُونَ اللهَ حَدِيثاً) ويقال : ناقةٌ كَتومٌ : لا ترغُو إذا رُكِبت ، قُوّةً وصَبرا. قال :

* وكانت بقيّةَ ذَوْدٍ كُتُمْ (٣) *

وسحابٌ مُكْتَتِم : لا رعد فيه. وخَرْزٌ كَتِيمٌ : لا يَنْضَح الماء. وقوسٌ كَتوم : لا تُرِنُّ. وأمّا الكَتَم ، فنباتٌ يُختَضَب به.

__________________

(١) الجمهرة (٢ : ٢٧).

(٢) التكملة من المجمل : ويعنى بذلك قوله :

أقول وقد أيقنت أنى مواجه

من الصرمم بابات شديدا كفالها

(٣) للأعشى فى ديوانه ٢٩ واللسان (كتم). وصدره :

كدوم الرغاء إذا هجرت


كتن الكاف والتاء والنون أصلٌ يدلُّ على لطخٍ ودَرَن. يقال الكَتَن : لَطخ الدُّخانِ البيتَ. ويقال : كَتِنَتْ جَحافِل الدّابة : اسوَدَّت من أكل الدَّرِين. وكَتن السِّقاءُ ، إذا لَصِق به اللَّبَنُ من خارج فَغلظ. والكَتَّان معروف ، وزعموا أنَّ نُونَه أصليّة. وَسَمَّاه الأعشى الكَتَن(١). قال ابن دريد : هو عربىٌّ* معروف ، وإِنَّما سمي بذلك لأنه يلقَى بعضُه على بعضٍ(٢) حَتَّى يَكْتِن.

كتو الكاف والتاء والواو. الكَتْو : مُقارَبة الْخَطْو. يقال : كتا يَكتُو كَتواً. حكاه ابنُ دريدٍ عن أبى مالك (٣).

كتب الكاف والتاء والباء أصلٌ صحيح واحد يدلُّ على جمع شيء إلى شيءٍ. من ذلك الكِتابُ والكتابة. يقال : كتبت الكتابَ أكتُبه كَتْبًا. ويقولون : كتبتُ البَغلَة ، إذا جمعتُ شُفرَي رَحِمها بحَلْقة. قال :

لا تأمنَنَّ فَزارِيًّا حَلَلْتَ به

على قَلُوصِك واكتُبْهَا بأسيار (٤)

والكُتْبَةُ : الخُرْزَة ، وإِنما سمِّيت بذلك لجمعها المخروز. والكُتَب : الخُرَز. قال ذو الرُّمَّة :

وَفْرَاءَ غَرْفِيَّةٍ أثْأَى خوارِزَها

مُشَلشَلٌ ضَيَّعَتْهُ بينَها الكُتَبُ (٥)

__________________

(١) انظر ما سبق فى مادة (كت).

(٢) فى الجمهرة (٢ : ٢٨) : «لأنه يخيس ويلقى بعضه على بعض».

(٣) الجمهرة (٢ : ٢٨).

(٤) البيت لسالم بن دارة كما فى الكامل ٤٨١ ليبسك والشعر والشعراء ٣٦٣. وأنشده فى اللسان (كتب) وعيون الأخبار (٢ : ٢٠٣) بدون نسبة. والرواية المشهورة : «خلوت به».

(٥) ديوان ذى الرمة ص ١ واللسان (وفر ، غرف ، ثأى ، شلل ، كتب).


ومن الباب الكِتَابُ وهو الفَرْضُ. قال الله تعالى : (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ) ، ويقال للحُكْم : الكِتَاب. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «أَمَا لَأَقْضِيَنَّ بينكما بكِتَاب الله تعالى». أراد بحُكْمِه. وقال تعالى : (يَتْلُوا صُحُفاً مُطَهَّرَةً. فِيها كُتُبٌ قَيِّمَةٌ) أي أحكامٌ مستقيمة. ويقال للقَدَر : الكِتاب. قال الجعدىّ :

يا ابنةَ عمِّي كتابُ الله أخرَجَنِي

عنكم وهل أَمنعَنَّ الله ما فَعَلا (١)

ومن الباب كَتَائِب الخيل ، يقال : تكتَّبُوا. قال :

* بألفٍ تكتَّبَ أو مِقْنَبِ*

قال ابنُ الأعرابىّ : الكاتب عند العرب : العالم ، واحتجَّ بقوله تعالى : (أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ).

والمُكاتَب : العبدُ يُكاتِبُه سيِّده على نفسه. قالوا : وأصله من الكِتاب ، يراد بذلك الشَّرْطُ الذي يكتب بينهما.

كتف الكاف والتاء والفاء أصلٌ صحيح يدلُّ على عِرَضٍ في حديدة أو عَظْم. من ذلك الكَتِيفة ، وهي الحديدة التي يُضَبُّ بها. ومنه الكَتِف وهي معروفة ، سمِّيت بذلك لما ذكرناه. ويقال : رجلٌ أكتَفُ : عظيم الكَتِف. وقولهم : كَتف البعيرُ في المَشْي فإِنما ذلك إذا بَسَط يديه بَسْطاً شديداً ، ولا يكون ذلك إلّا ببسطه موضِعَيْ كتِفَيْه. والكَتْف : أن يُشَدَّ حِنْوا الرَّحْلِ أحدُهما إلى الآخر بالكِتاف ، وذلك كبعض ما ذكرناه. وكَتَفْتُ اللّحم ، كأنَّك قَطعته على تقدير

__________________

(١) أنشده فى المجمل واللسان (كتب).


الكَتِف أو الكَتِيفة (١). وكذلك كَتَفت الثّوب إذا قَطَعته. وأما قولهم للضِّغن والحِقد كَتِيفة ، فذلك من الباب أيضاً ، وهو من عجيب كلامهم : أن يحملوا الشيء على محمول غيره. والمعنى في هذا أنَّهم يسمُّون الضِّغْن ضبًّا ، لأنَّه يُضِبُّ على القَلْب. فلما كانت الضَّبَّة في هذا القياس بمعنى أنّها تُضَبُّ على الشَّيء وكانت تسمَّى كَتيفةً ، سمَّوا الضِّغن ضَبًّا وكَتِيفة ، والجمع كَتَائف. [قال] :

أخوكَ الذي لا يَمْلِكُ الحسَّ نَفسُه

وتَرفَضُّ عند المُحْفِظات الكَتَائفُ (٢)

وأما الكتْفَان من الجَرَاد فهو أوّلُ ما يطير منه. وهو شاذٌّ عن هذا الأصل.

كتو الكاف والتاء والواو فيه كلمةٌ لا معنَى لها ، ولا يُعرَّج على مِثلها. يقولون : اكْتَوْتَى الرّجلُ ، إذا بالَغَ في صفة نَفْسِه من غير عمل. واكْتَوْتَى تعتع. وليس هذا بشيء.

باب الكاف والثاء وما يثلثهما

كثر الكاف والثاء والراء أصلٌ صحيح يدلُّ خِلاف القِلَّة. من ذلك الشَّيء الكثير ، وقد كَثُر. ثم يُزَاد فيه للزِّيادة في النّعت فيقال : الكَوْثَر : الرّجلُ المِعطاء. وهو فَوْعلٌ من الكَثْرة. قال :

__________________

(١) فى المجمل : «كتفت اللحم : قطعته صغارا».

(٢) البيت للقطامى فى ديوانه ٢٧ واللسان (حس ، رفض ، حفظ ، كتف).


وأنتَ كثيرٌ يا ابنَ مروانَ طيِّبٌ

وكان أبوك ابنُ العقائل كَوْثرا (١)

والكَوثَر : نهرٌ في الجَنّة. قال الله تعالى : (إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ). قالوا هذا وقالوا : أراد الخَير الكَثِير. والكَوْثَر : الغُبار ، سمِّي بذلك لكَثْرَته وثَوَرَانه. قال :

* حَمْحَمَ في كَوْثرٍ كالجَلَالِ (٢) *

ويقال : كاثَرَ بنو فلان [بني فلانٍ (٣)] فكَثَرُوهم ، أي كانوا أكثَرَ منهم. وعَدَدٌ كاثِرٌ ، أي كثير. قال الأعشى :

ولستَ بالأكثَرِ منهم حَصًى

وإِنَّما العِزَّةُ للكاثِرِ (٤)

كثف الكاف والثاء والفاء أصلٌ صحيح يدلُّ على تراكُبِ شيء على شيء وتجمّع. يقال : هذا شيءٌ كثيف. وسحابٌ كثيف * وشجر كثيف.

كثع الكاف والثاء والعين قريبُ المعنى من الذي قبله. يقال شفَةٌ كاثِعةٌ ، إذا كَثُر دَمُها. وكَثَع اللّبنُ (٥) : علا دَسَمُه. وكَثَّعَتْ لحِيتُه : طالت وكَثُرت.

__________________

(١) للكميت فى اللسان (كثر). وأنشده فى المجمل.

(٢) لأمية بن أبى عائذ الهذلى فى ديوان الهذليين (٢ : ١٨١) واللسان (كثر). وهو بتمامه :

يحامي الحقيق إذا ما احتد

ن حمحم في كوثر كالجلال

وفى اللسان : «إذا ما احتد من وحمحمن».

(٣) التكمله من المجمل.

(٤) ديوان الأعشى ١٠٦ واللسان (حصى ، كثر). والبيت من شواهد النحو فى أفعل التفضيل. وفى الأصل : «منه حصى» ، تحريف.

(٥) يقال كثع وكثع بالتشديد أيضا.


كثم الكاف والثاء والميم أُصَيلٌ يدلُّ على امتلاءِ وسَعة. يقال للشَّبعان : الأَكْثَم. ويقال للعظيم البطن : أكْثَم. ويقولون : أكْثَمَ قِربتَه ، إذا ملَأَها. والأَكْثَم : الطَّريق الواسع. ويقال أكْثَمَ فَمَه (١) ، إذا أدْخَلَ فيه القِثّاءَ ونحوَه ثمّ كَسَره.

كثو الكاف والثاء والواو كلمةٌ واحدة. وهي الكَوْثَلُ للسَّفينة ، وربَّما شُدِّد.

كثا الكاف والثاء والحرف المعتلّ أو المهموز أصلٌ صحيح ، وَصْفٌ من صِفات اللَّبن ثم يُشَبَّه به. ويقولون : الكُثْوة : القليل من اللَّبنِ الحليب. ومنه اشتقاق كُثْوةَ (٢) الشَّاعر. وقالوا أيضاً : لبنٌ مُكْثٍ ، إذا كانت له رِغوةٌ.

وربَّما حَمَلوا المهموز عليه ، فيقال : كَثَأَت القِدرُ ، إذا أزْبَدَت للغَلْى. وكَثَأ النَّبتُ : طَلَع. وكَثَأت اللِّحيةُ من هذا.

كثب الكاف والثاء والباء أصلٌ صحيح واحدٌ يدلُّ على تجمُّع (٣) وعلى قُرْب. من ذلك الكُثْبة ، وهي القِطعة من اللَّبَن ومن التَّمر. قالوا : سمِّيت بذلك لاجتماعها. ومنه كثيب الرَّمْل. والكَاثب : الجامع. والكَاثِبةُ : ما ارتفَعَ من مِنْسَج الفَرَس ؛ والجمع كَوَاثِب. قال النابغة :

__________________

(١) الذى فى المعاجم : «كثم القثاء ونحوه : أدخله فى فيه».

(٢) وكذا فى المجمل. وفى اللسان : «وأبو كثوة شاعر. الجوهرى : وكثوة بالفتح : اسم أم شاعر ، وهو زيد بن كثوة».

(٣) فى الأصل : «تجرد».


* إذا عَرَضُوا الخطِّىِّ فوقَ الكَوَاثِبِ (١) *

وأكثَبَ الصّيدُ ، إذا أمكَنَ من نفسه ، وهذا من الكَثَب وهو القُرْب.

فأمَّا قوله :

لأصبَحَ رَتْماً دُقَاقَ الحَصَى

مَكَانَ النَّبىَّ من الكاثبِ (٢)

فيقال إنّه جبلٌ معروف. قال ابن دريدٍ وغيرُه : الكُثَّاب : سهم صغيرٌ يُرمَى به. وأنشدوا :

رمَتْ من كَثَبٍ قَلبي

ولم تَرمِ بكُثّابِ

وهذا إذا صح فلعلَّه سمِّي لقِصَره وقُربِ ما بين طَرَفيه.

باب الكاف والحاء وما يثلثهما

كحل الكاف والحاء واللام أصلٌ واحد يدلُّ على لونٍ من الألوان. والكَحَلُ : سوادُ هُدْب العَين خِلقةً. يقال كَحِلَتْ عينُه كَحَلاً ، وهي كَحِيل ، والرّجُل أكْحَلُ. ويقال للْمُلْمُول الذي يُكتحل به : المِكْحال.

ومما شذَّ عن هذا الباب : الكُحَيْل : الخضخاض الذي يُهْنأ به ، بني على التَّصغير. والمِكْحَالان : عظما الوَرِكين من الفَرَس ، ويقال بل هما عظْما الذِّراعين. والأكْحَل : عرقٌ. وكَحْلُ : اسمٌ للسّنَة المجدِبة. ومن أمثالهم : «باءت عَرارِ

__________________

(١) صدره فى ديوان النابغة ٥ واللسان (كثب) :

لهن عليهم عادة قد عرفها

(٢) لأوس بن حجر فى ديوانه ٣ واللسان (رتم ، نبا ، كثب).


بكَحْل» ، إذا قُتِل القاتلُ بمقتولِه. ويقال : كانتا بقرتَينِ قتلت إحداهما الأُخرى فقُتِلَتْ بها.

كحم الكاف والحاء والميم ليس بشيء ، إلَّا أنَّ ابن دريدٍ زعم أن الكَحْمَ : الحِصْرِم. وذكر أنَّه يقال بالباء أيضاً (١).

باب الكاف والدال وما يثلثهما

كدر الكاف والدال والراء أصلٌ يدلُّ على خلاف الصَّفو ، والآخَر يدلُّ على حركة.

فالأول الكَدَر : خلاف الصَّفْو. يقال كَدِرَ الماءُ وكَدُرَ. ويقولون : خُذْ ما صَفَا ودع ما كَدُرَ». ويُستعار هذا فيقال : كَدِرَ عيشه. والكُدْرِيُ : القَطا ؛ لأنّه نُسِب إلى معظم القطا ، وهي كُدْر. وهذا من الأوّل ، لأنَّ في ذلك اللَّون كُدرة. ومنه الكُدَيْرَاء : لبنٌ حليب يُنقَع فيه تمرٌ. وبناتُ أكدَرَ : حُمُر وحشٍ نسبَت إلى فحل ، ولعلَّ ذلك اللَّون أكدر.

وأمَّا الأصل الآخَر فيقال : انكدَرَ ، إذا أسْرَع. قال الله تعالى : (وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ).

كدس الكاف والدال والسين ثلاثُ كلماتٍ لا يشبه بعضها بعضاً. فالأولى : كُدْس الطَّعام. والثانية التكَدُّس ، وهو مَشْيُ الفَرَس كأنّه مُثقَل. قال :

__________________

(١) الجمهرة (٢ : ١٨٦).


وخيل تَكَدَّسُ بالدارِعِينَ

كمشي الوُعول على الظاهِره (١)

والثالثة : الكوادس : ما تَطَيَّرُ منه ، كالفأل والعُطاسِ ونحوِه. قال :

* ولم تحبِسك عَنِّى الكَوَادِسُ (٢) *

كدش الكاف والدال والشين ليس بناءً يشبه* كلام العرب ، لعلّه أن يكون شيئاً يقارب الإبدال. يقال كَدَس وخَدَش بمعنىً. وكَدَشَ وكَدَح أي كَسَبَ. وكَدَش الشّيءَ بأسنانه : قطعه. وكلُّ هذا شيءٌ واحدٌ في الضَّعف.

كدع الكاف والدال والعين ليس بشيءٍ ، غير أنَّ ابنُ دريدٍ ذكر أن الكَدْع : الدَّفْع الشَّديد (٣).

كدم الكاف والدال والميم أصلٌ صحيح فيه كلمةٌ واحدة. يقال كَدَمَ ، إذا عَضَّ بأدنَى فيه ، كما يَكدِم الحمار. ويقال أيضاً إنّ الكَدَمة : الحَرَكة. قال :

لما تَمَشَّيْتُ بُعَيدَ العَتَمه (٤)

سَمِعتُ من فوقِ البُيوتِ كَدَمَهْ

__________________

(١) البيت لمهلهل ، كما فى اللسان (ظهر ، كدس) ، أو عبيد بن الأبرص ، كما فى تهذيب الألفاظ ٢٧٩ واللسان (كدس). وأنشده فى الحيوان (٤ : ٣٥٣ / ٦ : ٣٠٠).

(٢) قطعة من بيت لأبى ذؤيب فى ديوان الهذليين (١ : ١٦٠) واللسان (كدس).

وهو بتمامه :

فلو أننى كنت السليم لعدتنى

ريعا ولم تحمك عنى الكوادس

(٣) الجمهرة (٢ : ٢٨٠).

(٤) فى الأصل : «بعد العتمة» ، صوابه فى المجمل واللسان (كدم).


كدن الكاف والدال والنون أصلٌ صحيح يدلُّ على توطئةٍ في شيءٍ متجمِّع. من ذلك الكُدُون : شيءٌ توطِّئ به المرأةُ لنفسها في الهَوْدَج. ثم يقال امرأةٌ كَدِنةٌ : ذاتُ لحمٍ كثير. وبعير ذو كُدْنةٍ ، إذا عظُمَ سَنامُه. واشتقاق الكَوْدَن (١) من هذا ، لأنَّه يكون ذا لحمٍ وغِلَظ جِسم. يقولون : ما أبْيَنَ الكَدَانة فيه ، أي الهُجْنة. والكَدَنُ : ما يبقى في أسفل الماء من الطِّين المتلجِّن. وهو من هذا القياس. فأمّا الكِدْيَوْن فيقال إنّه دُقاق التُّراب والسِّرجينِ يُجمعانِ ويُجلَى به الدُّروع. قال النابغة :

عُلِينَ بِكِدْيَوْنٍ وأُبْطِنَّ كُرَّةً

فهُنَّ إضاءٌ ضافياتُ الغلائل (٢)

كده الكاف والدال والهاء ليس بشيء. على أنّهم يقولون : الكَدْه : الصَّكُّ بالحجَر. يقال : كَدَهَ يَكْدَهُ. وسقَطَ الشّيءُ فتكَدَّه ، أي انكسر (٣).

كدي الكاف والدال والحرف المعتل أصلٌ صحيح يدلُّ على صلابةٍ في شيء ، ثم يقاس عليه. فالكُدْيَةُ : صَلابةٌ تكون في الأرض ، يقال : حَفَر فأكْدَى ، إذا وَصَلَ إلى الكُدْية. ثم يقال للرجُل إذا أعطَى يسيراً ثم قَطَع : أكْدَى ، شُبِّه بالحافر يَحفِر فيُكدِي فيُمسِك عن الحَفْر. قال الله تعالى : (أَعْطى قَلِيلاً وَأَكْدى) (٤). والكُداية ، هي الكُدْية. ويقال : أرض كَادِية ، أي بطيئة ،

__________________

(١) الكودن : البرذون الهجين ، وقيل البغل.

(٢) ديوان النابغة ٦٤ واللسان (كدن ، كرر ، أضا). وقد سبق فى (كر).

(٣) فى المجمل : «تكسر».

(٤) التلاوة : «وأعطى قليلا». والاستشهاد بترك مثل الواو والفاء جائز ، له نظير فى رسالة الشافعى (الفقرة ٦٤٣ ، ٩٧٤ ، ٩٧٥) والحيوان (٤ : ٥٧ ، ٢٧٦).


وهو من هذا. وربَّما همز هذا فيكون من الباب الذي يُهمز وليس أصله الهمز. زعم الخليل أنّه يقال : أصابت زروعَهم كَادِئَة ، وهو البرد. وأصاب الزَّرع بردٌ وكَدَّأه ، أي رَدَّه في الأرض. وقال الفَراء : كَدِيَ الكلبُ (١) كَدَى ، إذا شَرِب اللبن ففسَد جوفُه. ويقال أكديتهُ أُكْدِيه إكداءً ، إذا رددته عن الشَّيء. والقياس في جميع ما ذكرناه واحد. وكَدَاء : مكان ، ولعلّه أن يكون من الكُدْية.

كدب الكاف والدال والباء ، يقال فيه كلمة. قالوا : إنّ الكَدِبَ : الدّم الطريّ. وروي أنّ بعضهم قرأ : وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَدِبٍ (٢).

كدح الكاف والدال والحاء أصلٌ صحيح يدلُّ على تأثيرٍ في شيء. يقال كَدَحه وكَدَّحَه ، إذا خَدَشَه. وحمار مُكَدَّح : قد عضَّضَتْه الحُمُر. ومن هذا القياس كَدَحَ ، إذا كَسَبَ ، يَكدَحُ كَدْحاً فهو كَادِح. قال الله عزّ وعلا : (إِنَّكَ كادِحٌ) ، أي كاسِب.

باب الكاف والذال وما يثلثهما

كذب الكاف والذال والباء أصلٌ صحيح يدلُّ على خلاف الصِّدق. وتلخيصه أنّه لا يبلُغ نهايةَ الكلامِ في الصِّدق. من ذلك الكَذِب خِلاف الصِّدق. كَذَبَ كَذِباً (٣). وكَذَّبْتُ فلاناً نسبتُه إلى الكَذِب ، وأَكْذَبْتُه :

__________________

(١) فى المجمل واللسان والقاموس : «الفصيل» بدل «الكلب». وفى اللسان أيضا : «كدى الكلب كدى ، إذا نشب العظم فى حلقه».

(٢) هذه قراءة عائشة والحسن. وقراءة الجمهور بالذال المعجمة. وقرأ زيد بن على : «كذبا» بالذال المعجمة والنصب. تفسير أبى حيان (٥ ، ٢٨٩).

(٣) ويقال كذلك كذبا ، بالكسر ، وكذابا وكذابا ، بالكسر فيهما وتخفيف الذال وتشديدها.


وجدتُه كَاذِباً. ورجل كَذَّابٌ وكُذَبَةٌ. ثم يقال : حَمَلَ فلانٌ ثم كَذَبَ وكَذَّبَ ، أي لَم يصدُق في الحَمْلة. وقال أبو دُواد :

قلتُ لَمَّا نَصَلَا من قُنَّةٍ

كَذَب العَيْرُ وإن كان بَرَحْ (١)

وزعموا أنّه يقال كَذَب لبنُ الناقة : ذهب. وفيه نظر ، وقياسُه صحيح. ويقولون ما كذَّبَ فلانٌ أن فَعَل كذا ، أي ما لبث ، وكلُّ هذا من أصلٍ واحد. فأمّا قول العرب : كَذَبَ عليكَ كذا ، وكذبَكَ كَذا ، بمعنى الاغراء ، أي عليك به ، أو قد وجب عليك ، كما جاء في الحديث : «كَذَبَ عليكم الحَجُّ». أي وجب ـ فكذا جاء عن العرب. ويُنشِدون في ذلك شعرًا* كثيراً منه قوله :

وذُبْيانيَّةٍ وصَّتْ بنيها

بأنْ كَذَبَ القَرَاطِفُ والقُرُوف (٢)

وقول الآخر (٣) :

كذَبتُ عليكم أَوعِدُوني وعلِّلوا

بي الأرضَ والأقوامَ قِردانَ مَوظَبا

وما أحسِب ملخّصَ هذا وأظنُّه [إلّا] من الكلام الذي درَجَ ودرجَ أهلُه ومن كان يعلمه.

باب الكاف والراء وما يثلثهما

كرز الكاف والراء والزاء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على اختباء وتستُّر لواذ. يقال : كارَزَ إلى المكان ، إذا مال إليه واختبأ فيه. وأنشد :

__________________

(١) أنشده فى اللسان (كذب).

(٢) لمعقر بن حمار البارقى ، كما سبق فى حواشى (قرف).

(٣) هو خداش بن زهير. اللسان (كذب ، وظب) وإصلاح المنطق ٣٢٤.


* إلى جَنْب الشَّريعة كارزُ (١) *

وكارَزَ [عن (٢)] فلانٍ ، إذا فرّ عنه واختبأ منه. وأمَّا الكُرْز فهو الجُوَالِق ؛ وسمِّي بذلك لأنّه يُخْبأ فيه الشيء. وقول رؤبة :

* كَالكُرَّزِ المربوطِ بينَ الأوتادْ (٣) *

فهذا فارسيٌّ معرب. يقولون : الكُرَّز : البازِي في سنته الثانية. والكَرَّاز : كبشٌ يعلِّق عليه الراعي كُرْزَه ، وهو شيءٌ له كالجُوَالِق. فأمَّا الكَرِيز (٤) وهو الأَقِط ، فليس من الباب ، لأنه من الإبدال والأصل فيه الصاد.

كرس الكاف والراء والسين أصلٌ صحيح يدلُّ على تلبُّدِ شيءٍ فوقَ شيء وتجمُّعه. فالكِرْس : ما تلبَّدَ من الأبعار والأبوال في الدِّيار. واشتقت الكُرَّاسَة من هذا ، لأنَّها ورقٌ بعضُه فوقَ بعض (٥). وقال :

يا صاحِ هل تعرفُ رسماً مُكْرَسَا

قال نَعَم أعرفُه ، وأَبْلَسَا (٦)

والكَرَوَّس : العظيم الرَّأس ، وهو من هذا كأنه شيء كُرِّس ، أي جُمِع

__________________

(١) كذا فى الأصل والمجمل. وهو للشماخ فى ديوانه ٥٠ واللسان (كرز). وروايته فيهما :

ففلما رأين الهاء قد حال دونه

زعاف لدى جنب الشريعة كارز

(٢) تكملة يقتضيها الكلام. وفى اللسان : «ويقال كارزت عن فلان ، إذا فررت منه وعاجزته».

(٣) ديوان رؤبة ٣٨ واللسان (كرز) والمعرب للجواليقى ٢٨٠ والجمهرة (٢ : ٣٢٥).

(٤) فى الأصل : «الكرزين» ، صوابه فى المجمل واللسان.

(٥) شاهده قول الكميت : فى اللسان (كرس ، جوز).

حتى كأن عراص الدار أردية

من النجايز أو كراس أصفار

جمع سفر بالكسر ، وهو الكتاب. والكراس : جمع كراسة.

(٦) للعجاج فى ديوانه ٣١ واللسان (كرس).


جمعاً كثيفاً. ومن الباب الكَرْكَسةُ : ترديد الشيء. ويقال للذي ولدته إماءٌ : مُكَرْكَس ، أي هو مردَّد في وِلادِهنَّ له.

كرش الكاف والراء والشين أصلٌ صحيح يدلُّ على تجمُّع وجَمْع. من ذلك الكَرِش. سمِّيت لجَمْعها ما فيها. ثم يُشتقّ من ذلك ، فيقال للجماعة من الناس كَرِش. قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : «الأنصارُ كَرِشِي وعَيْبتي». وكَرِش الرجُل : عيالُه وصغارُ ولدِه. ويقال للأَتَان الضَّخمة الخاصِرَتَين : كَرْشَاء. وتكرَّشَ وجههُ : تَقَبَّض فصار كالكرش. والكَرْشاء : القدم التي قَصُرَتْ واستوى أخمَصُها.

كرص الكاف والراء والصاد كلمة واحدة. يقولون : الكَرِيص : الأقِط.

كرض الكاف والراء والضاد كلمةٌ واحدةٌ صحيحة مُختلف في تأويلها ، وهي الكِرَاض. قال قوم : هو ماء الفحل تُلقِيه النّاقةُ بعد ما قَبِلته. يقال : كَرَضَتِ الناقةُ ماءَ الفحل تَكْرُضُه. ويقولون : الكِرَاضُ : مَنِيُّ الرّجُل. قال الطرِمَّاح :

سوفَ تُدنيك من لَمِيسَ سَبَنْتا

ةٌ أمَارتْ بالبَول ماءَ الكِرَاضِ (١)

وقال ابن دريد (٢) : الكِراض : حَلَقُ الرَّحِم (٣). قال الأصمعي : لا واحدَ لها.

__________________

(١) ديوان الطرماح ٨١ واللسان (كرض).

(٢) الجمهرة (٢ : ٣٦٦).

(٣) فى تفسير الكلمة خلاف طويل. انظر له اللسان.


وقال غيره : واحدها كَرْض (١).

كرع الكاف والراء والعين أصلٌ صحيح يدلُّ على دِقَّةٍ في بعض أعضاء الحيوان. من ذلك الكُرَاع ، وهو من الإنسان ما دونَ الرُّكبة ، ومن الدوابِّ : ما دون الكَعْب. قال الخليل: تكَرَّعَ الرّجُل ، إذا توضَّأ للصلاة لأنّه يَغسِل أكارِعَه. قال : وكُرَاع كلِّ شيءٍ : طرَفُه. قال : والكُرَاع من الحَرّة : ما استطالَ منها ، قال مُهلهل :

لما تَوَقَّلَ في الكُرَاعِ هجينُهم

هَلْهَلْتُ أثارُ جابراً أو صِنْبِلا (٢)

فأمَّا تسميتُهم الخَيْل كُراعاً فإنَّ العرب قد تعبِّر عن الجسم ببعض أعضائِه ، كما يقال: أعتَقَ رقبةً ، ووَجْهِي إليك. فيمكنُ أن يكون الخيلُ سمِّيت كُرَاعاً لأكارعها. والكَرَع : دِقّة السّاقَين. فأمّا الكَرَع فهو ماء السَّماء ، وسمِّي به لأنه يُكْرَع فيه ، وقيل لأنَّ الإنسان يُكْرِع فيه أكارِعَه (٣) ، أو يأخذه بيديه ، وهما بمعنى الكُراعين ، إذا كانا طرَفَين.

كف الكاف والراء والفاء كلمتان* متباينتان جدّا. فالأولى الكَرْف ، وهو تشمُّم الحِمار البولَ ورفعُه رأسَه. والثانية الكِرفئ : السَّحاب المرتفع الذي يُرى بَعضُه فوقَ بعض.

كرم الكاف والراء والميم أصلٌ صحيح له بابان : أحدهما شَرَفٌ

__________________

(١) كذا ضبط فى المجمل بالفتح. وضبط فى الجمهرة بكسر الكاف.

(٢) فى اللسان : (هلل) «لما توعر» ، وأنشده الجوهرى : «لما توغل». والتوقل : الصعود ، أو الإسراع فيه.

(٣) نحو هذا ما فى اللسان : «والمكرعات أيضا من النخل : التى أكرعت فى الماء».


في الشَّيء في نفسِه أو شرفٌ في خُلَق من الأخلاق. يقال رجلٌ كريم ، وفرسٌ كريم ، ونبات كريم. وأكرَمَ الرّجلُ ، إذا أتَى بأولادٍ كِرَام. واستَكْرَم : اتَّخَذَ عِلْقاً كَرِيما. وكَرُم السّحابُ : أتَى بالغَيث. وأرضٌ مَكرُمَةٌ للنَّبات ، إذا كانت جيِّدة النبات. والكَرَم في الخُلْق يقال هو الصَّفح عن ذنبِ المُذنب. قال عبدُ الله بنُ مسلِم بن قُتيبة : الكريم : الصَّفوح. والله تعالى هو الكريم الصَّفوح عن ذنوب عبادِه المؤمنين.

والأصل الآخر الكَرْم ، وهي القِلادة. قال :

* عَدُوسِ السُّرَى لا يَعرِف الكَرْمَ جيدُها (١) *

وأمّا الكَرْم فالعِنَب أيضاً لأنّه مجتَمِع الشُّعَب منظومُ الحبّ.

كرن الكاف والراء والنون كلمةٌ واحدة في الملاهي. يقال : إنْ الكِرَان : الصَّنْج. قال امرؤُ القيس :

 ... فيا رُبَّ قينةٍ

منعَّمة أَعملتُها بِكرَانِ (٢)

والقَينة : كَرِينةٌ.

كره الكاف والراء والهاء أصلٌ صحيحٌ واحد ، يدلُّ على خلاف الرِّضا والمحبّة. يقال: كرِهتُ الشَّيءَ أكرَهُه كَرْها. والكُرْه الاسم. ويقال : بل الكُرْه : المشقّة ، والكَرْه : أن تكلَّف الشيءَ فتعملَه كارهاً. ويقال من الكُره

__________________

(١) لجرير فى ديوانه ١٢٧ واللسان (ثلب ، عدس ، كرم) ، وقد سبق فى (ثلب). وصدره :

لقد ولدت غسان تالبة الشوى

(٢) تمام صدره كما فى الديوان ١٢١ :

وإن أمس مكروبا فيارب قينة


الكَرَاهِيَة والكَرَاهيّة. والكَرِيهة : الشِّدة في الحرب (١). ويقال للسَّيف الماضِي في الضّرائب: ذُو الكريهة (٢). ويقولون : إنّ الكَرْه : الجَمَل الشَّديد الرأس ، كأنّه يكره الانقياد.

كري الكاف والراء والحرف المعتل أصلٌ صحيح يدلُّ على لِينٍ في الشيء وسُهولة ، وربما دلَّ على تأخير.

فالِّلين والسهولة الكَرَى ، وهو النُّعاس. ومن بابه السَّيْر المُكَرِّي : اللَّيِّن الرقيق. ومنها المُكَارِي وهو الظِّلُّ الذي يُكارِي الشّيءَ ، أي هو معه لا يفارقُه. وهو أَلَينُ ما يكونُ وألطفَهُ. قال جرير :

لَحِقتُ وأصحابي على كُلِّ حُرَّةٍ

مَرُوح تُبارِي الأحمسىَّ المُكارِيا (٣)

أي إنّها تُبارِي ظِلَّها كأنَّها تُساير (٤). ومن الباب الكَرْوُ : أنْ يَخْبِط الفرسُ في عَدْوه بيديه في استقامةٍ لا يُقبِل بهما نحوَ بطنِه وكَرَتِ المرأةُ في مَشْيها تَكْرُو كَرْواً. والكُرَة ناقصة ، نقصت واواً ، سمِّيت بذلك لأنَّهُ يُكْرَى بها إذا رُمِيَ بها. يقال كَرَا الكرةَ يَكرُوها كَرْواً وأمَّا المُكارِي الذي يُكْرِي الجِمالَ وغيرَها ، فذاك مشتقٌّ من السَّير أيضاً ، لأنَّه يُسايِر المكترِي منه. ثمَّ اتَّسعوا في ذلك فسمَّوا الأَجْرَ كِراءَ ، ونقلوه أيضاً إلى ما لا يُسايَرُ به ، كالدَّار ونحوها ،

__________________

(١) فى الأصل : «الشديدة الحرب» ، صوابه من المجمل واللسان.

(٢) فى الأصل والمجمل : «دون الكريهة» ، صوابه فى اللسان والقاموس.

(٣) ديوان جرير ٦٠٤ واللسان (كرا).

(٤) فى الأصل : «تسائده».


والأصل ما ذكرناه. وأمَّا الذي ذكرنا من التّأخير فقولُهم : أكرَيْتُ الحديثَ : أخَّرتُه. قال الحطيئة :

وأكْرَيتُ العِشاءَ إلى سُهَيلٍ

أو الشِّعرَى فطال بِيَ الأَنَاء (١)

فأمّا الكَرَوان فطائر يقال لذكَرهِ الكَرَى ، يقال إذا صِيدَ :

أَطرِقْ كَرَا أَطْرِق كرا

إنَّ النّعامةَ في القُرَى

ويقال سمِّي بذلك لدِقّة ساقَيه. ويقولون : امرأةٌ كَرْوَاء : دقيقة السَّاقين. وهذا إن صحَّ فهو شاذٌّ عن القياس الذي ذكرناه.

كرب الكاف والراء والباء أصلٌ صحيح يدلُّ على شِدَّةٍ وقُوّة. يقال : مَفاصِلُ مُكْرَبَةٌ ، أي شديدةٌ قوية. وأصلُه الكَرَب ، وهو عَقْدٌ غليظ في رِشَاء الدَّلو يُجعَل طرفُه في عرقوة الدَّلو ثم يشدّ ثِنَايتُه (٢) رِباطاً وثيقاً. يقال منه أكربْت الدَّلو. ومن ذلك قولُ الحطيئة :

قومٌ إذا عَقَدُوا عَقداً لجارِهم

شَدُّوا العِناجَ وشدُّوا فوقه الكَرَبا (٣)

ومن الباب الكَرْب ، وهو الغَمُّ الشَّديد. والكريبة : الشَّديدة من الشَّدائد. قال :

* إلى الموت خَوّاضاً إليه كرائبا (٤) *

__________________

(١) ديوان الحطيئة ٢٥ واللسان (أنى ، كرا). ويروى : «وآنيت».

(٢) فى الأصل : «ثناية».

(٣) ديوان الحطيئة ٧ واللسان (كرب ، عنج). وقد سبق فى (عنج).

(٤) فى الأصل : «كريبا» ، تحريف. وفى اللسان : «الكرائبا» ، والبيت لسعد بن ناشب من مقطوعة فى أوائل حماسه أبى تمام. وصدره فى الحماسة واللسان :

فيال رزام رشحوا بي مقدما


والإكراب : الشدَّة في العَدْو ؛ يقال أكْرَبَ فهو مُكْرِب. فأمَّا كَرَبَ الشَّيءُ : دنا ، فليس من الباب ، لأنَّ هذا من الإبدال ، وإنَّما هو من القُرْب ، لكنَّهم قالوا بالقاف قَرُب بضم الراء ، وقالوا في الكاف كَرَب بفتحها ، والمعنى واحد. والملائكة الكَرُوبِيُّون فعُوليُّون من الكُروب (١) ، وهم المقَرَّبون. يقال كَرَبَتِ الشمسُ : دنَت للمَغِيب (٢). وإناءٌ كَرْبانُ : كَرَبَ أن يمتلئ.

ومن الباب الأوَّل : كَرَبُ النَّخلِ ، ممكنٌ أن يسمَّي كَرَبا لقُوّته. والكُرَابَة (٣) : ما سقط من النَّخْل في أصول الكَرَب. وأمَّا كِرَابُ الأرض ، وهو قَلْبُها للحرث فليس هو عندي عربيًّا. وقولُهم : «الكِرَابُ على البَقَر» ، من هذا ، والأصحُّ فيه أنْ يقال : «الكِلابَ على البقَر» ، وكذا سمعناه. ومعناه خَلِّ أمْراً وصِناعتَه (٤). ويقولون : الكِرَاب : مَجارِي الماء ، الواحدة كَرَبة. فإنْ كان صحيحاً فهو مشبَّهٌ بكرَبِ النَّخل ، لامتدادِه وقُوَّته(٥).

كرت الكاف والراء والتاء ، ليس فيه إلّا قولهم : عامٌ كَرِيت.

كرث الكاف والراء والثاء ، ليس فيه إلَّا كَرَثَهُ الأمرُ ، إذا بلغ منه المَشَقَّة. والكُرَّاثُ والكَرَاثُ نَبتانِ.

__________________

(١) فى الأصل : «الكرب» ، وإنما هو «الكروب» مصدر كرب.

(٢) فى الأصل : «دانت الغيب» ، وصوابه فى المجمل.

(٣) بفتح الكاف وضمها ، والضم أعلى.

(٤) فى الأصل : «وضياعته».

(٥) شاهده قول أبى ذؤيب :

جوارسها تأرى الشعوف دوائبا

وتنصب ألهابا مصيفا كرابها


كرج الكاف والراء والجيم ليس بشيء. إنّما هو الكُرَّج ، وهو الذي ذكرناه في الكُرَّة. وذكره جريرٌ فقال :

لَبِستُ سِلاحي والفَرزدقُ لُعبةٌ

عليه وِشاحا كُرَّجٍ وجلاجلُه (١)

كرد الكاف والراء والدال أصلٌ صحيح يدلُّ على مُدافَعةٍ وإطْراد. يقال : هو يَكرُدُهم ، أي يدفعهم ويطردُهم. ويزعمون أنّ الكُرْدَ ، هؤلاء القَومَ ، مشتقٌّ من المُكارَدَة ، وهي المطاردة. قال :

* ألا إنَّ أهل الغَدْرِ آباؤك الكُرْدُ*

فأمَّا الكَرْد فالعُنُق ، قالوا : هو معرَّب.

ومِمَّا فيه ولا يُعلَم صحّته ، قولُهم : إنّ الكِرْدِيدة : القطعة من التَّمر. ويُنشِدون :

طُوبَى لمن كانت له كِرْدِيدهْ

يأكلُ منها وهو ثانٍ جيدَهْ (٢)

وما أبْعَدَ هذا وشِبهَهُ من الصحّة. والله أعلم.

باب الكاف والزاء وما يثلثهما

كزم الكاف والزاء والميم أصيلٌ يدلُّ على قِصَرٍ وقَمَاءة. فالكَزَم : القِصَر في الأَنْف ، وكذلك في الأصابع. يقال أنفٌ أكزَمُ ويد كَزْماء. والكَزْم (٣) : الرّجُل الهَيَّبان. وسمِّي لانقباضِه عن الإقدام. والكَزُومُ :

__________________

(١) ديوان جرير ٤٨٢ واللسان (كرج) والمعرب ٢٩٢.

(٢) الرجز فى المجمل واللسان (كرر).

(٣) وكذا ضبط فى المجمل بسكون الزاى ، وضبط فى القاموس ككتف. والكلمة مما فات صاحب اللسان.


التي لم يَبْقَ فيها سِنٌّ من الهَرَم. وكلُّ هذا قياسُه واحد. وذكر أنَ الكَزْم كالكَدْم بمقدَّم الفم. وهذا من باب الإبدال ، والله بصحّتها أعلم.

باب الكاف والسين وما يثلثهما

كسع الكاف والسين والعين أصلٌ صحيح يدلُّ على نوع من الضَّرب. يقال : كسعه ، إذا ضرِبَ برِجله على مؤخَّره أو بيده. ويقال : اتَّبَعَ أدبارَهم يَكسَعُهم بسَيفه. وكَسَعْت الرّجُل بما سَاءه ، إذا تكلَّمْت فى أثره. وكَسعتُ النّاقةَ بغُبْرها ، إذا تركتَ بقيَّةً من اللَّبن فى خِلْفها تريد تغزيرها. ومعنى هذا أنَّه يخلِّيها بعد أن يُحلَب بعضُ لبنِها ويضربُ بيدِه على مؤخّرها لتمضِىَ. قال :

لا تَكْسَع الشَّولَ بأَغْبَارِها

إنك لا تَدرِى مَن النّاتجُ (١)

ومن الباب رجلٌ مُكَسَّعٌ بغُبْرِه ، إذا لم يتزوَّج ، كأنَّ ماءه قد تبقَّى كما تَبقَّى لبنُ الشّاةِ المكَسَّعة. قال :

والله لا يخرجُها من قَعرِه

إلّا فتًى مكسَّع بغُبْره (٢)

والكُسْعَة : الحمير ، سمِّيت لأنَّها تُضرَب أبداً على مؤخّرها في السَّوْق.

كسف الكاف والسين والفاء أصلٌ يدلُّ على تغيُّر في حالِ الشيء إلى ما لا يُحَبّ ، وعلى قطع شيء من شيء. من ذلك كُسُوف القَمر ، وهو زوالُ

__________________

(١) البيت للحارث بن حلزة فى اللسان (كسع ، غبر).

(٢) الرجز فى المجمل واللسان (كسع).


ضوئه. ويقال : رجلٌ كاسِفُ الوجه ، إذا كان عابسا. وهو كاسف البال ، أي سيِّئُ الحال.

وأمَّا القَطْع فيقال : كَسَفَ العُرقوبَ بالسّيف كَسْفًا يكسِفُهُ. والكِسْفة : الطَّائفة من الثَّوب ، يقال : أعطِنِي كِسفةً من ثوبك. والكِسْفة : القِطعة من الغَيم ، قال الله* تعالى: (وَإِنْ يَرَوْا كِسْفاً مِنَ السَّماءِ ساقِطاً).

كسل الكاف والسين واللام أصلٌ صحيح ، وهو التَّثاقُل عن الشَّيء والقُعود عن إتمامه أو عنه. من ذلك الكَسَل. والإكسال : أن يُخالِط الرّجلُ أهلَه ولا ينزِل. ويقال ذلك في فحَل الإبل أيضاً. وامرأةٌ مِكسالٌ : لا تكاد تَبرَحُ بيتها.

كسم الكاف والسين والميم أُصَيلٌ يدلُّ على تلبُّدٍ في شيء وتجمّع. من ذلك الكَيْسُوم: الحَشِيش الكثير. ويقال إنَ الأكاسم : الخَيل المجتمِعة يكاد يركبُ بعضُها بعضا. قال :

أبا مالكٍ لَطَّ الحُضَين وراءنا

رجالاً عَدَاناتٍ وخيلَا أكاسِما (١)

كسا الكاف والسين والحرف المعتل. (٢).

أما ما ليس بمهموزٍ فمنه الكُسْوة والكِساء معروف. قال الشّاعر (٣).

__________________

(١) أنشده فى اللسان (عدن) برواية : «لد» بدل «لط». وفى الأصل : «الحصير» صوابه فى اللسان.

(٢) بياض فى الأصل.

(٣) هو عمرو بن الأهتم. اللسان (كسا). ومقطوعته فى الحماسة (٢ : ٣٠٠ ـ ٣٠١). وقصيدته فى المفضليات (١ : ١٢٣ ـ ١٢٥).


فباتَ له دون الصَّبَا وهي قَرَّةٌ

لحافٌ ومصقولُ الكساءِ رقيقُ

أراد في هذا الموضع بمصقول الكِساء لبَناً قد علته دُوَاية. ومثله :

وهو إذا ما اهْتَافَ أو تَهيَّفا

يَنفِى الدُّواياتِ إذا ترشَّفَا

عن كلِّ مَصقولِ الكِساء قد صَفَا (١)

اهتاف : عَطِش. وعنى بالكساء الدُّواية.

كسب الكاف والسين والباء أصلٌ صحيحٌ ، وهو يدلُّ على ابتغاء وطلبٍ وإصابة. فالكَسب من ذلك. ويقال كَسَب أهْلَه خيراً ، وكسَبْت الرّجلَ مالاً فكَسَبه. وهذا مما جاء على فَعَلْته فَفَعل. وكَسَابِ : اسمُ كَلْبة.

كسح الكاف والسين والحاء له معنيانِ صحيحان : أحدهما تنقيةُ الشيء ، والمعنى الآخر عَيْب في الخِلْقة.

فالأوَّل الكَسْح. يقال : كَسَحْتُ البيتَ ، وكَسَحَتِ الرِّيحُ الأرضَ : قَشَرت عنها التُّراب. والكُسَاحة : ما يُكسَح. ويقال : أغارُوا على بني فلانٍ فاكتَسَحوهم ، أي أخذوا ما لَهم كلَّه.

والثاني الكَسَح ، وهو العَرَج. والأكْسَح : الأعرج. قال الأعشى :

* وخَذُولِ الرّجلِ من غير كَسَحْ (٢) *

__________________

(١) الرجز فى اللسان (صقل). وأنشده فى المجمل (كسوى).

(٢) ديوان الأعشى ١٦٣. وصدره فى اللسان (كسح) :

كل وضاح كريم جده


وجمع الأكسح كُسْحان. وفي الحديث : «الصَّدَقة مال الكُسْحانِ والعُوران (١)».

كسد الكاف والسين والدال أصلٌ صحيح يدلُّ على الشَّيء الدُّون لا يُرغَب فيه. من ذلك : كَسَد الشّيءُ كَساداً فهو كاسد وكَسِيد. وكلُّ دونٍ كَسِيد. قال :

* فماجدٌ وكسيدُ (٢) *

كسر الكاف والسين والراء أصلٌ صحيح يدلُّ على هَشْم الشيء وهَضْمه. من ذلك قولُك كَسَرْت الشيءَ أكْسِره كَسْرًا. والكِسرة : القطعة من المكسور. ويقال : عُودٌ صُلْب المَكْسِر ، إذا عُرِفت جوْدتُه بكسْرِه. وكَسَر الطائرُ جناحَيه كَسراً ، إذا ضمَّهما وهو يريد الوُقوع ؛ ومنه عُقاب كاسِر. والكِسْر : العظم ليس عليه كبيرُ لحم. قال الشَّاعر :

* وفي يَدِها كِسرٌ أبحُّ رَذومُ (٣) *

ويقال لا يكون كذا إلا وهو مكسور. ويقال لعظم السّاعد الذي يلي المرفَق ،

__________________

(١) فى اللسان : «وفى حديث ابن عمر : سئل عن مال الصدقة فقال : إنها شرمال ، إنما هى مال الكسحان والعوران».

(٢) فى الأصل : «فمنهم ماجد» ، والصواب ما أثبت من المجمل مطابقا له ـ (كسد).

والبيت بتمامه :

إذ كل حي نابت بأرومه

نبت العضاء فاجد وكيد

(٣) فى الأصل : «وفى يديه» ، صوابه فى المجمل. وفى اللسان (كسر) والمقاييس (بح) :

«وفى كفها». وصدر البيت :

وعافلة هبت بليل تلومني


وهو نصف العظم : كِسرُ قبيح. أنشدنا علىُّ بنُ إبراهيمَ ، عن علىِّ بنِ عبد العزيز ، عن أبي عُبيد :

فلو كنتَ عَيراً كنتَ عيرَ مَذَلَّةٍ

ولو كنت كِسراً كنتَ كِسرَ قبيح (١)

ويقال : أرضٌ ذات كسور ، أي ذات صَعُود وهَبُوط ، وكأنّها قد كسِرت كَسْرا. والكِسر : الشُّقة السُّفلى من الخِباء تُرفَع أحياناً وتُرخَى أحياناً. وهو جارِي مُكاسِرِي ، أي كِسرُ بيتِه إلى كِسرِ بيتي. فأمَّا كِسْرى فاسمٌ عجمىّ ، وليس من هذا ، وهو معرَّب. قال أبو عمرو : يُنسَب إلى كسرى ـ وكان يقوله بكسر الكاف (٢) ـ كِسْرِيّ وكِسرَوِيّ. وقال الأمويّ : كِسريّ بالكسر أيضاً.

باب الكاف والشين وما يثلثهما

كشف الكاف والشين والفاء أصلٌ صحيح يدلُّ على سَرْوِ الشَّيء عن الشَّيء ، كالثَّوب يُسْرَى عن البدن. ويقال كَشَفْتُ الثوب وغيرَه أكْشِفه. والكَشَف : دائرةٌ في قُصَاص النّاصية ، كأنَّ بعضَ ذلك الشَّعْر ينكشف عن مَغْرِزِهِ (٣) وَمَنْبِته. وذلك يكون في الخيل التواءً يكون في عَسيب الذَّنب. والأكشف :

__________________

(١) سبق البيت فى (حسن ، قبح). وأنشده فى اللسان (قبح ، كسر) وكذا ورد إنشاده «قلو كنت عيرا» فى المجمل ، وروى بالخرم فيما سبق.

(٢) فى الأصل : «بكسر الراء» ، صوابه فى المجمل. وفى اللسان والقاموس أنه يقال بكسر الكاف وفتحها.

(٣) فى الأصل : «مفسره».


الرجل الذي لا تُرْسَ معه في الحرب. ويقال : تكشَّفَ البرقُ ، إذا ملَأ* السَّماء. والمعنى صحيحٌ ، لأنَّ المتكشِّف بارز. والكِشَاف : نِتاج في [إثر](١) نتاج. [قال ابن دريد : الكِشاف (٢)] : أن تبقى الأنثى سنتين أو ثلاثاً لا يُحمَل عليها. قال الشاعر (٣) :

 ................

 ................

كشم الكاف والشين والميم أُصَيلٌ يدلُّ على قَطْع شيء أو قِصره. من ذلك الأكشم : النَّاقص الخَلْق ، ويكون ذلك في الحسب الناقص أيضاً. قال :

* له جانبٌ وافٍ وآخرُ أكشمُ (٤) *

والكَشْم : قَطع الأنف باستئصال.

كشي الكاف والشين والحرف المعتلّ أو المهموز. أمّا ما ليس بمهموزٍ فكلمة واحدة ، وهي شحمةٌ مستطيلة في عُنق الضّبّ إلى فخذه ، والجمع الكُشَى. قال :

__________________

(١) تكملة يفتقر إليها الكلام. وفى المجمل : «الكشوف من الإبل : التى يضربها الفحل وهى حامل فتمكنه. والكشاف أيضا : أن يحمل عليها كل سنة ، وذلك أردأ النتاج».

(٢) التكملة من المجمل. والنص فى الجمهرة (٣ : ٦٥).

(٣) بعده بياض فى الأصل. ولعله يعنى قول زهير :

فشعر ككم عرك الرحى بثقالها

وتلقح كثافا ثم تلتج فتلئم

(٤) لحسان بن ثابت فى ديوانه ٣٩٩ واللسان (كشم) يهجو ابنا له ولدته له امرأة من أسلم.

وصدره :

غلام أتاء اللؤم من نحو خاله

فقالت المرأة تجيبه :

غلام أتاء اللؤم من نحو عمه

ومن خيرأعراق ابن حسان أسلم


وأنتَ لو ذُقتَ الكُشَى بالأكبادْ

لَمَا تَركتَ الضَّبَّ يَعدُو بالوادْ (١)

وأمّا المهموز فكلماتٌ لعلَّها أن تكون صحيحة. يقولون : يتكشَّأُ اللحمَ ، أي يأكله وهو يابس. وكَشَأْتُ وجهَه بالسَّيف ، أي ضربته. وكَشِئَ من الطعام : امتَلَأ.

كشح الكاف والشين والحاء أصلٌ صحيح ، وهو بَعضُ خَلْقِ الحيوان. فالكَشْح : الخصر. والكَشَح : داءٌ يصيب الإنسانَ في كَشْحِه.

قال الأعشى :

* كُلَّ ما يَحْسِمْنَ من داء الكَشَحْ (٢) *

ويُكوَى. ومن ذلك الرَّجُل (٣) مكشوحٌ المُرادىّ. وأمَّا الكاشِح فالذي يَطْوِي على العداوة كَشْحَه. ويقال : طويتُ كَشْحِي على الأمر ، إذا أضمرتَه وستَرته. قال :

* أخٌ قد طَوَى كَشْحاً وأبَّ ليذهَبَا (٤) *

__________________

(١) الرجز فى المجمل واللسان (كشى) والمخصص (١٥ : ١٧٨ / ١٦ : ١١٢) والحيوان (٦ : ١٠٠ ، ٣٥٣) وعيون الأخبار (٣ : ٢١١). وفى محاضرات الراغب (٢ : ٣٠٣) أن الرجز قاله رجل يعارض به قول القائل :

ومكن الضباب طعام العريب

ولا تشبيه نفوس العجم

(٢) رسمت فى الأصل والديوان : «كلما». وصدره كما فى ديوانه ١٦٤ :

ولقد أمنح من عاديته

(٣) كلمة «ومن» ليست فى الأصل. وفى الأصل : «فالرجل» وفى المجمل : «فيقال كشح فهو مكشوح ، إذا كوى من ذلك الداء. وبه سمى المكشوح المرادى».

(٤) للأعشى فى ديوانه ٨٩ واللسان والجمهرة (أبب ، كشح). وقد سبق فى (أب). وصدره :

صرمت ولم أسرءكم وكصارم


وقال قومٌ : بل الكاشح : الذي يتباعَد عنك ، من قولك : كَشَح القومُ عن الماء ، إذا تفرَّقوا. قال :

* شِلْوَ حمارٍ كَشَحَتْ عنه الحُمُرْ*

وإنّما يقال للذاهب كَشَح لأنَّه يَمضِي مبدياً كَشْحَه إعراضاً عن المذهوب عنه. ألا تراهم يقولون : طوَى كَشْحَه للبَين والذَّهاب. وهو في شعرِهم كثير.

كشط الكاف والشين والطاء كلمةٌ تدلُّ على تنحية الشَّيء وكَشْفه. يقال : كشَطَ الجِلدَ عن الذَّبيحة. ويقولون : انكشَط رُوعُه ، أي ذهَب.

كشد الكاف والشين والدال. يقال الكَشْد : ضرب من الحَلْب (١). والله أعلمُ بالصَّواب.

باب الكاف والظاء وما يثلثهما

كظر الكاف والظاء والراء كلمة. يقولون : الكُظْر : مَحَزُّ الفُرْضة في سِيَة القَوس.

كظم الكاف والظاء والميم أصلٌ صحيح يدلُّ على معنًى واحد ، وهو الإمساك والجمعُ للشَّيء. من ذلك الكَظْم : اجتراع الغَيظ والإمساك عن إبدائه ، وكأنَّه يجمعه الكاظمُ في جوفه. قال الله تعالى : (وَالْكاظِمِينَ الْغَيْظَ). والكُظُوم : السُّكوت. [و] الكُظوم: إمساك البعير عن الجِرَّة. والكَظَم :

__________________

(١) فى اللسان : «ضرب من الحلب بثلاث أصابع».


مَخْرج النَّفَس. يقال أخَذَ بكَظَمه. ومعنى ذلك قياسُ ما ذكرناه ؛ لأنَّه كأنَّه منَعَ نفَسَه أن يخرج. والكَظَائم : خُروق تُحفَر يجري فيها الماء من بئرٍ إلى بئر. وإنَّما سُمِّيت كِظَامةً لإمساكها الماء. والكِظامة أيضاً : الحَلْقة التي تجمع خيوطَ حديدةِ الميزان ؛ وذلك من الإمساك أيضاً. والكِظَامة : سَير يُوصَل بوَتَرِ القَوس العربيّة ثم يُدار بطرف السِّيَة العُليا. والقياس في جميع ذلك واحد.

كظا الكاف والظاء والحرف المعتل كلمةٌ من الإبدال. يقولون كَظَا لحمُه ، مثلُ خَظَا ، وهو يَكظُو.

باب الكاف والعين وما يثلثهما

كعم الكاف والعين والميم أصلٌ صحيح يدلُّ على سَدِّ شيء بشيء وإمساك. فالكِعَام: شيءٌ يُجعَل في فم البعير فلا يَرغُو. ويقال : كَعَمه فهو مكعوم. وتقول : كَعَمه الخَوفُ فلا يَنطِق. قال ذو الرُّمَّة :

* يَهْمَاءَ خابطها بالخَوْف مكعومُ (١) *

ومن الباب : كَعَم الرّجلُ المرأةَ ، إذا قبَّلَها ملتقمًا فاها ، كأنَّه سدّ فاها يقية. والكِعْم: وعاءٌ من الأوعية (٢).

كعظ الكاف والعين والظاء. يقولون : الكَعِيظ : الرّجل القصير الضَّخْم.

__________________

(١) صدره كما فى ديوانه ٥٢٥ واللسان (كعم ، وصى) :

بين الرجا والرجا من جنب واصية

واصبة : فلاة تتصل بأخرى.

(٢) فى اللسان : «وعاء توعى فيه السلاح وغيرها».


كعب الكاف والعين والباء أصل صحيح* يدلُّ على نتوٍّ وارتفاعٍ في الشيء. من ذلك الكَعْب : كعب الرّجل ، وهو عَظْم طرَفَي السّاق عند ملتقَى القدمِ والسَّاق. والكعبة : بيتُ الله تعالى ، يقال سمِّي لنتوِّه وتربيعه. وذو الكَعَبات : بيتٌ لربيعة ، وكانوا يطوفون به. ويقال إنَ الكَعْبة : الغُرْفة. وكَعَبَتِ المرأةُ كَعَابةً ، وهي كاعِبٌ ، إذا نتأ ثَديُها. وثوبٌ مكعَّب : مطوىٌّ شديد الإدراج. وبُردٌ مكَعَّب : فيه وَشْيٌ (١) مربع. والكعْب من القَصَب : أُنبوبُ ما بين العُقْدتَين. وكُعوب الرُّمح كذلك. قال عَنترة :

فطعنتُ بالرُّمْح الأصمِ كعُوبَه

ليس الكريمُ على القَنا بمحرَّمِ (٢)

والكَعْب من السَّمن : قِطعةٌ منه.

كعت الكاف والعين والتاء. يقولون : الكُعَيْت : طائر. ويقولون : أكْعَتَ الرّجُل إكعاتا ، إذا انطَلَق مُسرِعاً.

كعد الكاف والعين والدال. يقولون : الكَعْد : الجُوالِق (٣).

كعر الكاف والعين والراء يقولون : الكَعَر : أن يمتلئ البطنُ من الأكل. وأكعَرَ البعيرُ : عظُم سَنامُه.

كعس الكاف والعين والسين. يقولون : الكَعْس : عَظْم في السُّلامي. والجمع كِعاسٌ.

__________________

(١) فى الأصل : «شىء» ، صوابه في المجمل.

(٢) البيت من معلقته المشهورة.

(٣) وردت المادة فى القاموس ولم ترد فى اللسان ، وزاد فى القاموس : «وبهاء طبق القارورة».


باب الكاف والفاء وما يثلثهما

كفل الكاف والفاء واللام أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على تضمُّنِ الشَّيء للشيء. من ذلك الكِفْل : كِساءٌ يدار حَولَ سَنام البعير. ويقال هو كساءٌ يُعقَد طَرَفاه على عَجُز البعير ليركبَه الرَّدِيف. وفي الحديث : «لا تَشْرَبوا من ثُلْمةِ الإناء فإِنَّه كِفْلُ الشَّيطان». وإنَّما سمِّي بذلك لما ذكرناه من أنَّه يدور على السَّنام أو العَجُز ، فكأنَّه قد ضُمِّنه. فأمَّا قولُهم للرّجل الجَبَان كِفْل ، وهو الذي يكون في آخِرِ الحرب إنَّما هِمَّتُه الإحجام ، فهذا إنّما شبه بالكِفْل الذي ذكرناه ، أي إنَّه محمولٌ لا يَقدِرُ على مَشْيٍ ولا حركة ، شَبَّهوه بالكِفْل ، كما قال الشَّاعر (١) :

أعْيا فنُطْناه مَنَاط الجَرِّ

ثم شَدَدْنا فوقه بمَرِّ (٢)

وللشُّعراء في هذا كثير. وجميع هذا الكِفْل أَكْفال. قال الأعشى :

* ولا عُزَّلٍ ولا أكْفالِ (٣) *

ومن الباب ـ وهو يصحِّح القياس الذي ذكرناه ـ الكَفِيل ، وهو الضامن (٤) ، تقول: كَفَل به يَكفُل كَفالةً. والكَافل : الذي يكفُل إنساناً يَعُوله. قال الله

__________________

(١) يعنى الراجز.

(٢) أنشده فى اللسان (جرر ، مرر). وقد سبق فى (جر).

(٣) البيت بتمامه كما فى الديوان ١١ واللسان (ميل ، عور ، عزل ، كفل) :

غير ميل ولا هوارير في الميـ

جا ولا عزل ولا أكمال

(٤) والأنثى كفيل أيضا ، وقد يقال للجمع كفيل.


جلّ جلالُه : (وَكَفَّلَها زَكَرِيَّا)(١) وأكفَلْتُه المالَ : ضمَّنتُه إياه. والكَفَل : العَجُز ، سمِّيَ لما يجمع من اللَّحم. والكِفْل في بعض اللُّغات : الضِّعف من الأجر ، وأصله ما ذكرناه أوّلاً (٢) ، كأنّه شيء يحمله حاملُه على الكِفْل الذي يحملُه البَعير. ويقال ذلك في الإثم. فأمَّا الكَافل فهو الذي لا يأكل ، ويقال إنّه الذي يصل [الصِّيام (٣)] ، فهو بعيدٌ مما ذكرناه ، وما أدري ما أصْلُه ، لكنَّه صحيح في الكلام. قال القُطامىّ :

يَلُذْن بأعقار الحِياض كأنَّها

نساءُ نَصارَى أصبحَتْ وهي كُفَّلُ (٤)

كفا الكَاف والفاء والحرف المعتل أصلٌ صحيح يدلُّ على الحَسْب الذي لا مُستَزَادَ فيه. يقال : كفاك الشّيءُ يَكفِيك وقد كَفَى كِفاية ، إذا قام بالأمر. والكُفْيَةُ : القوت الكَافِي ، والجمع كُفًى. ويقال حَسْبُك زيدٌ من رجلٍ ، وكَافِيك.

__________________

(١) أى ضمن هو القيام بأمرها. وقراءة التخفيف هذه هى قراءة السبعة ماعدا الكوفيين وهم عاصم وحمزة والكسائى ، فهؤلاء قرءوا بتشديد الفاء ، أى جعل الله كافلها والقيم بأمرها زكريا. وقرأ أبى : «أكفلها» ، وقرأ عبد الله والمزنى «وكفلها» بكسر الفاء لغة فى كفل كعلم يعلم. وقرأ مجاهد : «فتقبلها ربها بقول حسن وأنبتها نباتا حسنا وكفلها زكريا» بصيغة الأمر فى جميعها بمعنى الدعاء مع نصب «ربها» على النداء. تفسير أبى حيان (٢ : ٤٤٢). وإتحاف فضلاء البشر ١٧٣.

(٢) فى الأصل : «وإلا».

(٣) التكملة من المجمل واللسان.

(٤) ديوان القطامى ٣٢ واللسان (عقر ، كفل). وقد ورد بعد هذه الماده فى المجمل مادة (كفن) على الترتيب الصحيح ، لكنها وردت فى الأصل فى موضع آخر بعد مادة (كفأ) فآثرت إبقاءها فى وضعها الآخر هناك محافظة على أرقام صفحات الأصل.


كفء الكاف والفاء والهمزة أصلانِ يدلُّ أحدُهما على التَّساوِي في الشَّيئين ، ويدلُّ الآخر على المَيْل والإمالة والاعوجاج. فالأول : كافأت فلاناً ، إذا قابلتَه بمثل صَنيعه. والكفء : المِثْل. قال الله تعالى : (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ). والتكَافؤ : التَّساوِي. قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : «المسلمون تَتَكَافأ دماؤُهم». أي تتساوى. والكِفَاءُ : شُقَّتان تُنْصَح إحداهما بالأخرى (١) ، ثم يُردَحان (٢) في مؤخّر الخباء. وبيت مُكْفَأٌ ، وقد أكفأتُه. قال :

* بَيتَ حُتوفٍ مُكْفَأً مَردُوحا (٣) *

وجاء في الحديث في ذكر العَقيقة : «شاتان متكافئتان». قالوا : معناه متساويتان في القَدْر والسّنّ.

وأمَّا الآخر* فقولُهم : أكفأت الشيءَ ، إذا أمَلْتَه. ولذلك يقال أكفأتُ القوسَ ، إذا أمَلْتَ رأسَهَا ولم تَنصِها حين ترمِي عنها (٤). واكتفأتُ الصحفة ، إذا أمَلْتَها إليك. وفي الحديث : «لا تُسْألُ المرأةُ طلاقَ أختِها لتكتَفئَ ما في صحيفتها (٥)». ويقال : أكفأت الشّيءَ : قلبتُه ، وكفأتُ (٦) أيضا. ويقال للسَّاهِمِ الوجه : مُكفَأ الوجه ، كأنَّ وجهَه قد أُمِيلَ عما كان عليه من البَشَارة. ومن الباب الإكفاء في الشِّعر ، وهي أن ترفع قافية وتخفض أخرى. ويزعمون أنَّ العرب قد كان تعرف هذا ، وأنَّه ليس من الأنباز المولَدة.

__________________

(١) تنصح ، بالصاد بالمهملة ، أى تخاط. وفى الأصل : «شفتان ثتضح» ، تحريف.

(٢) يردحان : يبسطان. وفى الأصل : «يردان».

(٣) لأبى النجم فى المخصص (٦ : ٣). وورد فى الأصل محرفا على هذه الصورة :

بهت صوف مكفا مروحا

(٤) فى الأصل : «حتى يرمى عنها» ، وأثبت ما فى المجمل. وانظر اللسان (١ : ١٣٦).

(٥) فى نهاية ابن الأثير : «ما فى إنائها».

(٦) فى الأصل : «وأكفات».


ومما شذَّ عن هذين الأصلين الكُفْأة ، وهي حَمْل النَّخلة سَنَتَها. ويقال ذلك في نِتاج الإبِل أيضاً. ويقال : استكفأتُ فلاناً إبلَه ، أي سألتُه نِتاجَ إبلِه سنةً. ويقال : أنا أُكْفيكَ هذه النّاقةَ سنةً ، أي تحلبها ولك ولدُها. وقول ذي الرمَّة :

* تَرى كُفْأَتَيْها (١) *

كفن الكاف والفاء والنون أصلٌ ، فيه الكَفَن ، وهو معروف. والكَفْن : غَزْل الصُّوف. يقال كَفَنَ يَكفُنُ (٢). قال الرَّاعي :

* ويكْفُنُ الدَّهرَ إلَّا ريْثَ يَهتبِدُ (٣) *

كفت الكاف والفاء والتاء أصلٌ صحيح ، يدلُّ على جَمْعٍ وضمّ. من ذلك قولهم : كفَتُ الشَّيءَ ، إذا ضممتَه إليك. قال رسول الله عليه الصلاة والسلام في اللَّيل : «واكفِتُوا صِبْيَانكم». يعني ضُمُّوهم إليكم واحبسوهم (٤) في البُيوت. وقال عزّ وجلّ : (أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفاتاً. أَحْياءً وَأَمْواتاً). يقول : إنَّهم يَمشُون عليها ما دامُوا أحياءً ، فإذا ماتُوا ضمَّتهم إليها في جَوْفها وقال رؤبة :

* من كَفْتِ [ها شَدًّا كإضرام الْحَرَقْ (٥)] *

ويقال : جِرَابٌ كَفِيتٌ : لا يُضَيِّعُ شيئاً يُجعَل فيه. وأمَّا قولهم إنّ الكَفْتَ : صرفُكَ الشّيءَ عن وجهه فيَكْفِتُ أي يرجع ، فهذا صحيح ، لأنّه يضمه عن جانب.

__________________

(١) فى الأصل : «كفأتيه» تحريف. والبيت بتمامه كما فى الديوان ٣٢١ واللسان (كفأ) :

ترى كعاتيها تنقضان ولم يجد

لها ثيل؟ في النتاجين لامس

(٢) كذا ضبط فى الأصل والمجمل بضم الفاء فى المضارع ، لكن ضبط بكسرها فى اللسان والقاموس.

(٣) هو بدون نسبة فى اللسان (كفن ، عمت). وصدره :

يظل في الشاء يرعاها ويعمتها

(٤) فى الأصل : «واحبسوا».

(٥) فى الأصل : «من كفت» ، وتصحيحه وإكماله من ديوان رؤبة ١٠٦ واللسان (كفت).


والكَفْتُ : السَّوق الشديد ، لأنّه يضم الإبِل ضمًّا ويَسوقُها ، كما يقال يَقْبِضُها. وسيرٌ كَفِيتٌ ، أي سريع ، من هذا.

كفر الكاف والفاء والراء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على معنًى واحد ، وهو السَّتْر والتَّغطية. يقال لمن غطّى دِرعَه بثوبٍ : قد كَفَر دِرعَه. والمُكَفِّر (١) : الرّجل المتغطِّي بسلاحه. فأما قولُه :

حتى إذا ألقَتْ يداً في كَافرٍ

وأجَنَّ عَوراتِ الثُّغورِ ظَلامُها (٢)

فيقال : إنَ الكَافِر : مَغِيب الشَّمس. ويقال : بل الكَافِر : البحر. وكذلك فُسِّرَ قولُ الآخَر (٣) :

فتذكَّرَا ثَقَلاً رَثِيداً بعد ما

ألقَتْ ذُكَاءُ يمِينَها في كَافِرِ (٤)

والنّهر العظيم كَافِر ، تشبيهٌ بالبحر. ويقال الزَّارع كَافِر ، لأنَّه يُغطِّي الحبَّ بتُراب الأرض. قال الله تعالى : (أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَباتُهُ). ورَمادٌ مَكْفُور : سَفَت الرِّيحُ الترابَ عليه حتى غطَّتْه. قال :

* قد دَرَسَتْ غَيرَ رمادٍ مَكْفورْ (٥) *

والكُفْر : ضِدّ الإيمان ، سمِّي لأنّه تَغْطِيَةُ الحقّ وكذلك كُفْران النِّعمة : جُحودها وسَترُها. والكَافُور : كِمُّ العِنَب قبل أن يُنوِّر. وسمِّي كَافُوراً لأنّه كفَر الوَلِيع ، أي غطّاه. قال:

__________________

(١) وكذا ضبط فى المجمل والقاموس. وضبط فى الأصل واللسان بفتح الفاء المشددة.

(٢) البيت للبيد فى معلقته المشهورة.

(٣) هو ثعلبة بن صعير المازنى ، كما فى اللسان (كفر ، ذكا) والحيوان (٥ : ١٣١) والمفضليات(١ : ١٢٨).

(٤) فى الأصل : «فيذكر أهلا» ، صوابه من المراجع السابقة والمخصص (٩ : ١٩ / ١٧ : ٩) والأمالى (٢ : ١٤٥) وزهر الآداب (٤ : ١١٥) وإعجاز القرآن ٢٠٠ والمقصور ٤٤.

(٥) الرجز فى اللسان (روح ، كفر). وهو لمنظور بن مرثد الأسدى.


* كالكَرْمِ إذْ نادَى من الكَافُورِ (١) *

ويقال له الكفرَّى (٢). فأمَّا الكَفِرات والكَفَر فالثَّنايا من الجبال ، ولعلَّها سمِّيت كَفِرَات ، لأنَّها متطامنة ، كأنَّ الجبالَ الشوامخَ قد سترَتْها. قال :

* تَطَلَّعُ ريَّاهُ من الكَفِرَاتِ (٣) *

والكَفْرُ من الأرض : ما بَعُدَ من الناس ، لا يكاد ينزلُه ولا يمرُّ به أحد. ومَن حَلَّ به فهم (٤) أهل الكُفور. ويقال : بل الكُفور : القُرَى. جاء في الحديث «لتُخْرِجَنَّكُمُ الرُّومُ منها كَفْرًا كَفْرًا».

__________________

(١) للعجاج فى ديوانه ٢٧ واللسان (كفر ٤٦٥) والمخصص (١٠ : ٢١٦).

(٢) بضم الكاف والفاء ، وبفتحهما ، وبكسرهما ، وبضم الكاف وفتح الفاء ، كما فى اللسان.

(٣) البيت لمحمد بن عبد الله بن نمير الثقفى ، المعروف بالنميرى. وصدره كما فى اللسان (كفر) والأغانى (٦ : ٢٤) :

له أرج من بحر الهند ساطع

ونسب فى اللسان إلى عبد الله بن نمير ، وهو خطأ. وانظر مجالس ثعلب ٣٠٢.

(٤) فى الأصل : «فهو» ، صوابه فى المجمل.


باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوله كاف

من ذلك (الكَنْفَلِيلة) : اللِّحية الضَّخمة. وهذا مما زيدت فيه النون مع الزيادة في حروفه ، وهو من الكَفْل ، وهو جَمْع الشَّيء ، وقد ذكرناه.

ومن ذلك (الكَرْبَلَة) ، وهي رَخاوةٌ في القَدَمين. وجاء يمشي مُكَرْبِلاً ، كأنَّه يمشِي في الطِّين. وهذهِ منحوتةٌ من كلمتين : من رَبَل وكَبَل. أمَّا ربل فاسترخاء اللَّحم ، وقد مرّ. وأمّا الكِبَلْ فالقَيد ، فكأنَّه إذا مشى ببطء مقيّدٌ مسترخِي الرِّجل.

ومن ذلك (الكَلْثَمة) : اجتماعُ لحمِ الوَجْه من غير جُهُومة. وهذا مما زيدت فيه اللام ، وإنَّما هو من كثم وهو الامتلاء ، وقد مرَّ تفسيره.

ومن ذلك (الكَمْثَرة) : اجتماعُ الشَّيء. وهذا مما زيدت فيه الميم ، وهو من الكَثْرة.

ومن ذلك (تكَنْبَثَ) الشَّيءُ : تقبَّض. ورجلٌ كُنَابِثٌ : جَهم الوجه. وهذا من كَبِث ، وقد مرّ ، وهو اللحم المتغيِّر.

ومن ذلك (الكُنْدُر) و (الكُنَيدِر) و (الكُنَادِر) : الرّجل الغليظ والحِمار الوحشىّ. وهذا مما زيدت فيه النون ، والأصل الكَدَر ، وقد ذكرناه.

ومن ذلك (كَرْدَم) الرّجل : أسرَعَ العَدْوَ. وهذا ممَّا زيدت فيه الميم ، وهو من كرد ، وقد مرّ.


ومن ذلك (المُكْلَنْدِد) : الشَّديد.

ومن ذلك (كَرْسَفْتُ) عُرقوبَ الدّابّة. وهذا مما زيدت فيه الراء ، والأصل كَسَفْتُ ، وقد مر.

ومن ذلك (الكُرْدُوس) ، وهي الخَيل العظيمة. وهذه منحوتةٌ من كَلمٍ ثلاث : من كرد ، وكرس ، وكدس ، وكلُّها يدل على التجمُّع. والكَرْد : الطَّرد ، ثم اشتُقَّ من ذلك فقيل لكلِّ عظمٍ عَظُمت نَحْضَتُه (١) : كُرْدوس. ومنه كُرْدِس الرّجُل : جُمِعت يداه ورجلاه.

ومما لعلّه أن يكون موضوعاً وضعاً من غير قياس (الكِرْنافة) : أصل السَّعَفَةالملتزقُ بجذع النَّخلة. يقولون : كَرْنَفَه ، أي ضَرَبه ، كأنّه ضُرِب بالكِرنافة.

ويقولون (الكِنْفِيرة) : أرنبة الأنف. و (الكُرْتُوم) : الصَّفاة. و (الكُمَّثْرى) معروف. و (الكِبريت) : ليس بعربىّ. و (الكَمْتَرةُ (٢)) : مِشيةٌ فيها تقارب. و (الكَرْزَم) و (الكَرْزن) : فأس. ويقولون إنّ (الكَرَازِم) : شدائد الدَّهر. وأنشد فيه الخليل :

* إنَّ الدُّهورَ علينا ذاتُ كِرزيمِ (٣) *

__________________

(١) النحضة : القطعة الضخمة من اللحم. وفى الأصل : «لخصته» وإنما النحضه شحمة العين ولحم الثدى.

(٢) بالتاء المثناة ، ويقال أيضا «الكمثرة» بالثاء المثلثة.

(٣) صدره كما فى اللسان (كرزم) :

ماذا يربيك من خل علقت به


وأظنُّ هذا مما قد تُجُوِّز فيه ، وأنّه ليس من كلام العرب ومما لا يصلُح قَبولُه بَتّةً.

وقالوا : (الكُنْدُش) : العَقْعَق ، يقولون : «أخبَثُ من كُندش». وما أدرِي كيف يقبل العلماءُ هذا وأشباهَه. وكذلك قولهم : إنّ (الكِربال) : مِنْدَفُ القُطْن.

ويُنشِدون :

* كالبُرس طَيَّرهُ [ضربُ]الكَرابيلِ (١) *

وكلُّ هذا قريبٌ في البُطلان بعضُه من بعض. والله أعلَم بالصّواب.

تم كتاب الكاف

__________________

(١) التكملة من المجمل واللسان (برس ، كربل). وصدره :

ترى اللغام على عاماتها لزما



كتاب اللّام

باب اللام وما بعدها في المضاعف والمطابق (١)

لم اللام والميم أصلُه صحيحٌ يدلُّ على اجتماعٍ ومقارَبَة ومُضامَّة. يقال : لَمَمْتُ شَعَثه ، إذا ضممتَ ما كان من حالِهِ متشِّعثاً منتشِراً. ويقال : صخرةٌ ملَمْلَمَة ، أي صُلْبة مستديرة ، وملمومة أيضاً. قال :

* ملمومة لَمَّا كظهر الجُنْبُلِ (٢) *

ومن الباب ألمَمْتُ بالرّجُلِ إلماماً ، إذا نزلتَ به وضامَمْتَه. فأمَّا اللَّمّ فيقال : ليس بمواقَعَة الذّنْب ، وإنّما هو مقاربتُه ثم ينحَجِزُ عنه. قال الله تعالى : (الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَواحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ). ويقال : أصابت فلاناً من الجنّ لَمَّة ، وذلك كالمَسِّ. قال :

أُعِيذُه من حادثاتِ اللَّمَّهْ (٣) *

__________________

(١) فى الأصل : «باب اللام والميم وما يثلثهما».

(٢) فى الأصل : «الخيل» تحريف ، وإنما هو الجنبل» وهو القدح الضخم. وأنشده فى اللسان (لمم) منسوبا لأبى النجم العجلى ، وفى (جنبل) بدون نسبة.

(٣) قائله عقيل بن أبى طالب ، كما فى اللسان (لمم). وبعده :

ومن مريد همه وغمه

قال فى اللسان : «ووافق الرجز من غير قصد».


ومن الباب اللِّمَّة ، بكسر اللام : الشَّعَرْ إذا جاوَزَ شحمةَ الأذنين ، كأنَّه سمِّى بذلك لأنّه شامَّ المَنكِبَين وقارَبَهما. وكتيبة ملمومة : كَثُر عددُها واجتمع المِقْنَب فيها إلى المِقْنب. والمُلِمَّة : النَّازلة من نَوازِل الدُّنيا. فأمَّا العين اللّامَّة (١) ، فيقال : الأصل مُلِمَّة ، لمّا قُرِنت بالسّامّة قيل لامَّة ، وهي التي تُصيب بالسُّوء. وهو ذلك القياس.

فأمَّا «لَمْ» فهي أداةٌ يقال أصلها لا ، وهذه الأدواتُ لا قياسَ لها.

لن اللام والنون. كلمةٌ أداة ، وهي لن ، تنفي الفعل* المستقبل وذكر عن الخليل أنّ أصل لنْ لا أَنْ.

له اللام والهاء أُصَيلٌ يدلُّ على رِقَّة في شيء وسَخافة. من ذلك اللهْلَهُ : الثَّوب الرديء النَّسج ، وكذلك الكلام والشِّعر. ومن ذلك اللُّهْلُه : السَّراب المطَّرد (٢). قال :

* ومخفِقٍ مِن لُهْلُه ولُهْلُهِ (٣) *

والجمع لهالِهُ.

لو اللام والواو كلمةٌ أداة ، وهي لو ، يُتمنَّى بها. وأهل العربية يقولون : لو يدلُّ على امتناع الشيء لامتناع غيره ، ووقوعِه لوقوع غيره. نحو قولهم لو خرج زيد لخرجت. فإذا جعلت لو اسماً شدّدت ، يقال أكثرتَ من اللَّوِّ.

أنشد الخليل :

__________________

(١) هى فى حديث تعويذ الحسن والحسين : «أعيذ كما بكلمات الله التامة ، من كل شيطان وهامة ، ومن شر كل عين لامة».

(٢) فى اللسان أن اللهله : الأرض الواسعة يضطرب فيها السراب.

(٣) لرؤبة فى ديوانه ١٦٦ واللسان (لهله).


ليتَ شعري وأين منِّيَ ليتٌ

إنَّ لَيتاً وإنَ لَوًّا عناءُ (١)

لأ وأما اللام والهمزة فيدلُّ على صفاء وبريق من ذلك تلألأت اللُّؤلؤة ، وسمِّيت لأنّها تَلَأْلَأ. والعرب تقول : «لا أفعله ما لألأت الفُور بأذنابها» أي ما حرّكَتْها ولَمَعَتْ بها.

لب اللام والباء. أصلٌ صحيح يدلُّ على لزومٍ وثبات ، وعلى خلوص وجَوْدة.

فالأوَّل ألَبَ بالمكان ، إذا أقام به ، يُلبُ إلبابا. ورجلٌ لَبٌ بهذا الأمر ، إذا لازَمه وحكى الفرّاء : امرأةٌ لَبَّةٌ : مُحِبَّةٌ لزوجها ، ومعناه أنّها ثابتة على وُدِّه أبدا. ومن الباب التَّلْبِيَة ، وهو قوله : لَبَّيْك. قالوا : معناه أنا مقيمٌ على طاعتك. ونُصِب على المصدر ، وثنّى على معنى إجابةً بَعْد إجابة. واللّبيب : المُلبِّي. قال الشَّاعر (٢)

فقلت لها فِيئِى إليكِ فإنَّني

حرامٌ وإنِّي بعدَ ذاكِ لَبِيبُ

أي مُحْرِم مُلَبّ. ومن الباب لَبْلَبَ من الشَّيء : أشفق ، فهو ملبلِب. وقال :

* مِنّا المُلَبلِبُ والمشبِلُ (٣) *

ويكون ذلك من الثَّباتِ على الوُدّ.

__________________

(١) لأبى زبيد الطائى فى الخزانة (٣ : ٣٨٢) وسيبويه (٢ : ٣٢) والأغانى (٤ : ١٨٣) ومثله فى الأغانى (١٩ : ١٥٨) قول النمر بن تولب :

علقت لوا تكررها

إن لوا ذاك أعيانا

 (٢) هو المضرب بن كعب ، كما فى الصحاح واللسان (لبب) والتاج (بعد) والقالى (٢ : ١٧١).

(٣) سبق الاستشهاد بالكلمتين الأخيرتين فى (شبل). وهو جزء من بيت للكميت ، وهو بتمامه كما فى اللسان (لبب ، شبل) :

ومنا إذا حزبتك الأمور

عليك الملبلب والمقبل


والمعنى الآخر اللُّبّ معروف ، من كلِّ شيء ، وهو خالصه وما يُنتَقَى (١) منه ، ولذلك سمِّيَ العقلُ لُبًّا. ورجل لَبِيب ، أي عاقل. وقد لَبَ يَلُبُ (٢). وخالصُ كلِّ شيء لُبابُه.

ومن الباب اللَّبَّة ، وهو موضعُ القلادة من الصدر ، وذلك المكانُ خالص. وكذلك اللَّبَب (٣). يقال : لببتُ الرّجُل : ضربت لَبَّتَه. ويقولون للمتحزِّم : متلبِّب ، كأنَّه شدَّ ثوبَه إلى لَبَّتِه مشمِّراً. ولَبَبُ الفرسِ معروف. وعلى معنى التشبيه اللَّبَب من الرَّمل : ما كان قريباً من جبل متّصلا بسهل. قال :

بَرّاقة الجيدِ واللّباتُ واضحةٌ

كأنَّها ظبيةٌ أفضَى بها لَبَبُ (٤)

ومما شذَّ عن هذا قولهم : إن اللَّبَاب : الكلأ. واللَّبلاب : نَبْت.

لت اللام والتاء كلمةٌ واحدة. يقال. لتَ السّويقَ بالسَّمْن يلُتّه لَتًّا ، والفاعل لاتٌ. وذُكر عن ابن الأعرابيّ : لُتَ فلانٌ بفلانٍ ، إذا قُرِن به. فإن صح فهو من باب الإبدال ، كأنّ التاء مبدَلة من زاء.

لث اللام والثاء أصلٌ صحيح ، يدلُّ على إقامةٍ ودوام. يقال : ألثَ المطر ، إذا دام. والإلثاث : الإقامة. ولثلث بمعنى ألَثَ. قال :

__________________

(١) فى الأصل : «يبتغى».

(٢) يقال من باب فرح وضرب ، الأولى لأهل الحجاز والثانية لأهل نجد. ويقال أيضا لببت تلب بضم باء الماضى وفتح لام المضارع. قال صاحب القاموس : ليس له نظير فى كلامهم. قلت : أما قولهم فى المضاعف عززت الشاة بضم الزاى ، إذا قل لبنها ، فليس نظيرا لهذا ، لأن ماضيه تعز بضم العين لا فتحها. انظر ليس فى كلام العرب لابن خالويه ٩ واللسان (عزز).

(٣) فى الأصل : «اللبيب» ، تحريف.

(٤) لذى الرمة فى ديوانه ٣ واللسان (لبب).


* لا خيرَ في وُدِّ امرئٍ ملثلِث (١) *

أراد المتردِّدَ الذي لا خير فيه. وهو الذي يُلثلِث عن إقامة الودّ. ويقال : لثلثته عن حاجته : حبَستُه. وتَلثلثَ الرّجُلُ في الدَّقعاء (٢) : تمرَّغَ.

لج اللام والجيم أصلٌ صحيح يدلُّ على تردُّد الشيءِ بعضه على بعض ، وترديد الشيء. من ذلك اللَّجاج ، يقال لَجَ يَلَجُ ، وقد لجِجتَ على فَعِلت لَجَجاً وَلجَاجاً. ومن الباب لُجُ البحر ، وهو قاموسُه ، وكذلك لُجَّته ، لأنّه يتردَّد بعضُه على بعض. يقال التجَ البحرُ التجاجاً. وفي الحديث : «مَن ركِب البحر إذا التجَ فقد بَرِئتْ منه الذّمّة». والسَّيف يسمَّى لُجًّا ، وإنَّما هذا على التشبيه ، كأنّه فُخِّم أمره فشبِّه بلُجّ البحر ، ومن ذلك

حديث طلحة : «فقدَّمُوا فوضعوا اللُّجَ على قَفَىَ (٣)». ويقال : لجلجَ الرّجُل المُضْغَة في فيه ، إذا ردَّدها ولم يُسغْها. قال زهير :

يلجلجُ مُضغةً فيها أنيض

أصَلَّتْ فهي تحت الكشحِ داءُ (٤)

واللَّجلاج : الذي يلجلِجُ في كلامه لا يُعرِب. واللَّجَّة : الجَلَبة. قال أبو النَّجم :

__________________

(١) لرؤبة فى ملحقات ديوانه ١٧١ واللسان (لثث). وليس شاهدا لما قبله ، بل لما بعده. فاللثلثة فى البيت معناها التردد.

(٢) الدقعاء ، بالدال : عامة التراب ، وقيل التراب الدقيق. وفى الأصل : «الرقعاء» بالراء ، صوابه فى المجمل واللسان.

(٣) فى اللسان : «وفى حديث طلحة بن عبيد [الله] : إنهم أدخلونى الحش ، وقريوا فوضعوا اللج على قفى».

(٤) وكذا ورد إنشاده فى اللسان (لجج ، أنض) مطابقا لما مضى فى (أنض) ، ونبهت هناك على صواب روايته. انظر ديوان زهير ٨٢.


* في لَجَّةٍ أمسِكْ فُلاناً عن فُلِ (١) *

ويقولون : في فؤادِ فلانٍ لَجاجَةٌ ، وهو أن يَخْفُقَ لا يسكن من الجوع. وهو من* اللَّجَاجِ ، والْتجاجُ الظَّلام : اختلاطه ، وهو مشبَّه بالتجاج البحر. ويستعار هذا فيقال عين مُلْتجَّة : شديدة السَّواد.

لح اللام والحاء أصلٌ صحيح يدلُّ على ملازمةٍ ومُلازَّة. يقال : أَلَحَ على الشَّيءِ إلحاحاً ، إذا أقبَلَ عليه ولم يَفتُر. ويقال : لَحِحَتْ عينُه ، إذا التصقَتْ (٢). ومنه قولهم : هو ابنُ عَمِّه لَحًّا ، أي لاصق النَّسب. والمِلْحاح : القَتَبُ يَعَضُّ على غارب البعير. ويقال ألَحّ السّحابُ ، إذا دامَ مطرُه ، وقال في القَتب :

* أَلَحَ على أكتافِهِمْ قَتَبٌ عُقَرْ (٣) *

ويقال : تَلحلح القومُ ، إذا أقاموا مَكانَهم لم يبرَحوا. قال :

* أقامُوا على أثقالِهِمْ وتَلَحْلَحُوا (٤) *

ويقال : مكانٌ لَاحٌ : ضيِّق. ورَحًى مِلحاحٌ على ما تطحنه. ويقال : ألحَ الجمل ، كما يقال خَلَأت النّاقة ، وحَرَن الفرسُ ، وذلك إذا لم يكد يَنْبِعثُ.

لخ اللام والخاء أصلٌ صحيح يدلُّ على اختلاطٍ. يقال سكرانُ مُلْتَخٌ ، أي مختلط. والتَخَ على القوم أمرُهم : اختلَطَ والتَخَ عُشْبُ الأرض : اختلَط.

__________________

(١) أنشده فى اللسان (لجج ، فلن).

(٢) فى الأصل : «التفت» ، صوابه من المجمل واللسان.

(٣) للبعيث المجاشعى ، كما فى اللسان (لحح ، عقر) ، وسبق إنشاده فى (عقر). وصدره :

؟ أذا لاقيت يوما بخطه

(٤) لابن مقبل ، فى اللسان (لحح). وصدره :

بحى إذا قيل اظعنوا قد أتيتم


ومن الباب : لَخَّتْ عينُه ، إذا دام دمعُها ، ويكون ذلك من كِبَر. قال :

* وسال غَرْبُ عَينِه ولَخّا (١) *

ومن الباب اللَّخْلخانيَّة : العُجْمة في المَنطِق.

لد اللام والدال أصلانِ صحيحان : أحدهما يدلُّ على خِصامٍ ، والآخَر يدلُّ على ناحيةٍ وجانب.

فالأول اللَّدَد ، وهو شِدّة الْخُصومة. يقال رجلٌ أَلَدُّ وقَوم لُدٌّ. قال الله تعالى : (وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُدًّا) (٢). واللَّديدان : جانِبا العُنُق وصَفحتاه. ولَدِيدا الوادي : جانِباه ، ولذلك يقال : تلَدَّد ، إذا التفتَ يميناً وشِمالاً متحيِّرا. واللَّدُود : ما سُقِيَ الإنسانُ في أحد شِقّيْ وجهِه من دواء. وقد لُدَّ ، والْتَدَدْتُ أنا. قال ابنُ أحمر :

شرِبتُ الشُّكَاعَى والتَددْتُ ألِدَّة

وأقبلتُ أفواهَ العروقِ المَكاوِيا (٣)

ومن الباب قولهم : ما أجِدُ دون هذا الأمرِ مُحْتدًّا ولا مُلتدًّا ، أي لا أجِدُ عنه مَعْدِلا. وإذا عَدَل عنه فقد صار في جانبٍ منه. ومن الباب : مازِلتُ أُلَادُّ عنك ، أي أدافِع ، كأنّه يَعْدِل بالشَّرِّ عنه.

ومما شذَّ عن هذا الباب : اللَّدُّ : الْجُوَالِق ، كذا قالوا ، وأنشدوا :

* كَأنَ لَدَّيهِ على صَفْحِ جَبَلْ (٤) *

__________________

(١) اللسان (جلخ ، لخخ) ومجالس ثعلب ٤٥١. وأنشده فى أمالى الزجاجى ٧٨ والخزانة (٣ : ١٠٤ رواية عن ثعلب. ونقل البغدادى نسبة الرجز إلى العجاج ، وليس فى ديوانه بل فى ملحقاته ٧٦. وفى الأصل : «وسار» ، صوابه فى المجمل والمراجع المتقدمة.

(٢) فى الأصل : «لتنذر به» ، تحريف. وهى الآية ٩٧ من سورة مريم : (فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُدًّا).

(٣) أنشده فى اللسان (شكع ، لدد ، قبل).

(٤) أنشده فى اللسان (لدد) ، وكذا فى المجمل.


ويمكن أن يقال هذا أيضاً لأنَّه يكون على جنب المحمول عليه إذا كانا عِدْلَين.

لذ اللام والذال أصل صحيحٌ واحدٌ يدلُّ على طِيبِ طعمٍ في الشَّيء. من ذلك اللَّذّة واللَّذَاذَة : طيبُ طَعم الشَّيء. قال :

 .....................

 ................. (١)

واللَّذُّ : النَّوم في قوله :

* ولَذّ كَطَعم الصَّرخَدِىِ (٢) *

قال الفرّاء : رجلٌ لذٌّ : حسنُ الحديث.

لز اللام والزاء أصلٌ صحيح يدلُّ على ملازمة ومُلاصَقة. يقال : لُزَّ به ، إذا لَصِق به لَزًّا ولَزَازاً. ولازَزْتُه : لاصقته. ورجلٌ لِزَازُ خَصمٍ ، إذا كان يُلازُّه ولا يَكِعُّ عنه. والملزَّزُ : المجتمِعُ الْخَلْق. واللَّزّ : الطَّعن. وهو من قياس الباب. واللَّزائز : ما اجتمع من اللَّحم في الزَّور مما يَلِي المِلاط. قال :

* ذى مِرفقٍ بانَ عن اللَّزَائزِ (٣) *

__________________

(١) بياض فى الأصل ، ولعله يعنى قول الربيع بن ضبع ، فى أمالى القالى (٣ : ٢١٥) والخزانة (٣ : ١٠٦) وسيبويه (١ : ١٠٦ ، ٢٩٣) :

إذا عاش الفتى مائتين عاما

فقد ذهب اللذاذة والفتاة

وقد سبق إنشاد هذا البيت فى (فتى).

(٢) للراعى ، وهو بتمامه كما فى اللسان (صرخد ، لذذ) :

ولقد كطم الصرخدى طرحته

عشية خمس القوم والعين عاشقه

برفع «عاشقه» لأن قبله :

وسريال كتان ليست جديده

على الرحل حتى أسلمته بنائقه

وروى فى اللسان بيتا آخر مجهول القائل عنده ، وهو :

ولقد كطعم الصرخدى تركته

بأرض العدى من خشية الحدثان

وأنشد بعده الجاحظ فى الحيوان (١ : ٦٦٢) يعنى كلبا :

وعبد لي الشحناء بيني وبينه

دعوت وقد كال السرى فدعاني

(٣) لإهاب بن عمير ، فى اللسان (لزز). وأنشده فى المجمل (لز).


ومن الباب كَزٌّ لَزٌّ ، ويجوز أن يكون لَزٌّ إتباعاً.

لس اللام والسين أُصيل يدلُّ على لحس الشَّيء. قال ابنُ الأعرابىّ : اللَّسُ : اللحس. ويقال : ألَسَّتِ الأرضُ ، إذا طلعَ أوّلُ نباتِها. قال : وسمِّي بذلك لأنَّ المال يَلُسُّه. ولسَّتِ الدابّةُ الخَلَا بلسانها تَلُسُّه لَسًّا. قال :

* قد اخضَرَّ من لسِ الغَميرِ جحافُله (١) *

ويقال لذلك النَّبات اللُّساسُ أيضاً. قال :

* في باقِلِ الرِّمثِ وفي اللُّساسِ (٢) *

لص اللام والصاد أُصيلٌ صحيحٌ يدلُّ على ملازَّةٍ ومقارَبَةٍ. من ذلك اللَّصَص ، وهو تقارُب المَنْكِبَين ، يكادان يمسَّان الأذُنين : والألَصُ : المتقارب الأضراس أيضاً. ويقال لُصِّصَ البُنيانُ مثل رُصِّص. ويقال إنَّ الجَبْهة الضيِّقة اللَّصَّاء. واللَّصَّاء من الغنم : التي أقبَلَ أحد قرنَيها على الوجه. ومن الباب اللِّصُ ، لأنّه يلصَق بالشَّيء يريد أخْذَه. وفِعلُه اللَّصُوصية بفتح اللام (٣) * ويقال أرضٌ مَلَصَّةٌ : كثيرة اللُّصوص.

لض اللام والضاد ، ذكر الخليل أنّ اللَّضْلاضَ : الدَّليل. قال : ولَضلَضَتُهُ : التفاتُه وتحفُّظه.

__________________

(١) لزهير فى ديوانه ١٣١ واللسان (غمر ، لسس) والمخصص (١٠ : ١٨٥). وصدره :

ثلاث كأقواس السراه وناشط

(٢) أنشده فى اللسان (لسس ، هوس) والمخصص (١٠ : ١٨٥).

(٣) ويقال بضمها أيضا ، كما فى اللسان.


لط اللام والطاء أُصَيلٌ صحيح ، يدلُّ على مقارَبة ومُلازَمَة وإلحاح من ذلك قولهم : ألَطَّ الرّجل ، إذا اشتدَّ في الأمر. ويقال لطّ به : لَزِمه. وكلُّ شيءٍ سُتِرَ بشيءٍ فقد لُطَّ به. ولَطَّت النّاقةُ بذَنبِها ، إذا جعلَتْه بين فخِذَيْها في مَسِيرِها. واللَّطُّ : قِلادةٌ من حَنْظلٍ ، وسُمِّيت لَطًّا لملازمتِها النَّحر. والجمع لِطَاط. واللِّطَاط : حرف الجبل. ومِلطاط البعير : حرفٌ في وسَط رأسِه. والمِلْطَاط : حافَة الوادِي ، وسمِّي كلُّ ذلك لأنَّه ملازِمٌ لا يُفارِق. واللِّطْلِط : العجوز الكبيرة ، لأنها ملازمةٌ لمكانها لا تكاد تبرح.

لظ اللام والظاء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على ملازَمَة. يقال : ألظَّ الرّجلُ بالشّيء ، إذا لازَمَه. وفي الحديث : «ألِظُّوا بيا ذَا الجلالِ والإكرام». أي الزَموا هذا وأكثِرُوا منه في دعائكم. ويقال : ألَظَّ المطرُ : دام. ويقولون : الإلظاظ : الإشفاق على الشَّيء ؛ وليس ببعيد القياسِ من الباب.

لع اللام والعين أُصَيلٌ صحيح يدلُّ على اضطرابٍ وبَصْبَصَة (١). من ذلك اللَّعْلَع : السَّراب ؛ ولعلعتُه : بَصبصتُه. وتَلعلع الشَّيء : اضطرَبَ حتَّى تكسَّر. ولَعْلعَ الكلبُ : دَلَع لسانَه. وامرأة لَعَّةٌ : خفيفة. وتلعلع من الجُوع : تضوَّر. واللُّعَاعة : بقلَه ناعمة. وألعَّتِ الأرضُ : أنبتَتَ اللُّعَاع ؛ وتلعَّيتُ : أخذتُ اللُّعاع. وهذه الكلمةُ الأخيرة شاذة.

لغ اللام والغين. ذكر بعضُهم : لَغْلغَ طعامَه : روَّاه بالدَّسَم.

__________________

(١) فى الأصل : «وبصبص».


لف اللام والفاء أصلٌ صحيح يدلُّ على تلوِّي شيء على شيء. يقال : لفَفْتُ الشّيءَ بالشيءِ لفًّا. ولففت عِمامَتي على رأسي. ويقال : جاء القومُ ومَن لَفَ لَفَّهم ، أي من تأشَّبَ إليهم ، كأنّه التفَ بهم. قال الأعشى :

وقد ملأت قيسٌ ومن لَفَ لَفَّها

نُبَاكًا فَقوًّا فالرَّجا فالنَّواعصا (١)

ويقال للعَييِّ : أَلَفُ ، كأنَّ لسانَه قد التفَ ، [و] في لسانه لَفَفٌ. والأَلفاف : الشَّجرُ يلتفُ بعضه ببعض. قال الله تعالى : (وَجَنَّاتٍ أَلْفافاً). والألَفُ : الذي تَدانَى فخِذاه من سِمَنه ، كأنَّهما التفَّتا ؛ وهو اللفَف. قال :

عِراض القَطَا ملتفّةٌ رَبَلاتُها

وما اللُّفُ أفخاذاً بتاركةٍ عَقْلا

ويقال للرّجُل الثَّقيل البطيء : ألَفُ. واللَّفيف : ما اجتمَعَ من الناس من قبائلَ شتَّى. وألَفَ الرّجلُ رأسَه في ثيابه ، وألفَ الطائرُ رأسه تحت جناحِه. وحكى بعضهم : في الأرض تلافيفُ من عُشْب. ولفَفْتُه حقه : منعته.

لق اللام والقاف أصلٌ صحيح يدلُّ على صِياح وجَلَبة. من ذلك اللَّقلَقَة : الصِّياح. وَكذلك اللَّقلاق. واللَّقلَق : اللِّسان. وفي الحديث : «من وُقِيَ شَرَّ لَقْلَقِه وقَبقَبِه وذبذبه فقد وُقِيَ شِرَّةَ الشَّبابِ كلَّها». ولَقَ عينَه ، إذا ضرَبَها بيده ، ولعلَّ ذلك للوَقْع (٢) يُسْمَع. وأمَّا اللَّقْلَقَة فالاضطراب ، وهو قريبٌ من المقلوب ، كأنّه مُقَلقَل ، وهو الذي لا يَقِرُّ مكانَه. قال امرؤ القيس :

* بطرفٍ مُلَقْلَقِ (٣) *

__________________

(١) ديوان الأعشى ١٠٩ ومعجم البلدن (نباك ، النواعص).

(٢) الوقع : صوت الضرب. وفى الأصل : «للوقوع».

(٣) قطعة من بيت له ليس فى ديوانه المطبوع. وفى اللسان : «وجلاها بطرف ملقلق». وقد وجدته فى مخطوطتى دار الكتب برواية الطوسى ، وخرابنداذ. وهو بتمامه :

رأى أرنبا فانقض يهوى أمامه

إليها وجلاها بطرف؟


لك اللام والكاف أُصَيلٌ يدلُّ على تداخُلٍ في الشَّيء. من ذلك اللَّكِيك : اللَّحم المتداخِلُ في العِظام. واللُّكالِك : البعير المكتنِزُ اللَّحم. ويقال التكَ القومُ : ازدحموا. واللُّكِّيُ : الحادر (١) اللَّحيم.

ومما شذَّ عن الباب اللَّكيك (٢) : شجرةٌ ضعيفة. وقال امرؤ القيس في اللَّحم اللكيك:

فظل صِحابِي يَشتَوُون بنَعْمةٍ

يصُفُّون غاراً باللَّكِيك الموشَّقِ (٣)

والله أعلم.

باب اللام والميم وما يثلثهما

لما اللام والميم والحرف المعتل كلمةٌ واحدة ، وهي اللَّمَى ، وهي سُمرةٌ في باطن الشَّفَة ، وهو يُستحسَن (٤). وامرأةٌ لَمْياءُ. قال ذو الرُّمَّة :

لَمياء في شَفتَيْها حُوَّةٌ لَعَس

وفي اللِّثاثِ وفي أنيابها شَنبُ (٥)

يقال ظلٌ ألمَى : كثيفٌ أسود. وممّا* شذَّ عن هذا اللُّمَةُ : التِّرْب ، ويقال الأصحاب.

لمأ اللام والميم والهمزة كلمتانِ تدُلَّانِ على الاشتمال. يقولون : ألمأْت

__________________

(١) فى الأصل : «الحادل» ، صوابه فى المجمل.

(٢) لم يذكره فى اللسان. وفى القاموس : «وكأمير : القطران ، وشجره ضعيفه ، وموضع».

(٣) روى فى ديوان امرئ القيس فى مخطوطتى دار الكتب.

(٤) فى الأصل : «وهى يستحسن» ، وأثبت ما فى المجمل.

(٥) ديوان ذى الرمة ٥ واللسان (حوا ، لمس ، شنب).


بالشَّيء ، إذا اشتملتَ عليه فذهبتَ به. ويقال : تلمَّأَتْ عليه الأرضُ ، إذا استوَتْ عليه : فأما قولهم : التُمِئَ لونُه ، فيمكن أن يكون مِن هذا ، ويمكن أن يكون من الإبدال ، كأنّ الهمزة بدل من العين ، والأصل التُمِع.

لمج اللام والميم والجيم. يقال : ما ذَاق لَمَاجا ، أي مَأْكَلا. ولَمَجَ الشَّيءَ : طَعمِه. قال لبيد :

* يلمجُ البارِضَ (١) *

لمح اللام والميم والحاء أُصَيلٌ يدلُّ على لَمْع شيء. يقال : لَمَح البرقُ والنّجمُ لَمْحًا ، إذا لَمَعا. قال :

أُراقِب لمحاً من سُهيلٍ كأنّه

إذا ما بدا من آخِرِ اللَّيل يطرفُ (٢)

ورأيت لَمْحة البَرْق. ويقولون : «لأُرِينَّك لمحاً باصراً» ، أي أمراً واضِحاً (٣).

لمز اللام والميم والزاء كلمةٌ واحدة ، وهي اللَّمْز ، وهو العَيب. يقال لَمَزَ يَلمِزُ لَمْزاً. قال الله تعالى : (وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقاتِ) ورجل لَمَّازٌ ولُمَزَة ، أي عَيَّاب.

__________________

(١) البيت بتمامه كما فى الديوان ١٥ طبع ١٨٨١ واللسان (لمج ، برض ، رجل) :

يلمح البارض لجا في الندى

من مرابيع رياض ورجل

(٢) البيت لجران العود فى ديوانه ١٤ والحيوان (٣ : ٥٢ / ٥ : ٥٩٨) والبيان (٤ : ٤٠).

(٣) وكذا فى اللسان ، لكن فى المجمل : «أى نظرا بتحديق شديد».


لمس اللام والميم والسين أصلٌ واحدٌ يدلُّ على تطلُّبِ شيء ومَسيسِه أيضاً. تقول : تلمّستُ الشّيءَ ، إذا تطلَّبْتَه بيدك. قال أبو بكر بن دريد : اللّمس أصلُه باليد ليُعرَف مَسُّ الشّيء ، ثم كثُرَ ذلك حتَّى صار كلُّ طالب مُلتمِساً (١). ولَمَسْت (٢) ، إذا مَسِسْتَ. قالوا : وكلُّ مَاسٍ لامس. قال الله سُبحانه : (أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ) ، قال قومٌ : أُريد به الجماع. وذهَبَ قوم إلى أنّه المَسيس ، وأنَ اللَّمْس والملامَسة يكون بغير جماع. وأنشدوا (٣) :

لَمَسْتُ بكفِّي كفّه أبْتَغِي الغِنَى

ولم أدرِ أنَّ الجودَ من كفِّه يُعدِى (٤)

وهذا شعرٌ لا يحتجُّ به. واللّمَاسة (٥) : الطَّلِبةُ والحاجة. ويقال : «لا يَمنَع يدَ لامِسٍ» ، إذا لم تكن فيه منفعة ولا له دِفاع. قال :

* ولو لا همُ لم تَدفَعُوا كفَ لامِسِ *

لمظ اللام والميم والظاء أُصَيلٌ بدلُّ على نُكتةِ بَياض. يقال : به

__________________

(١) الجمهرة (٣ : ٥٠).

(٢) يقال لمس يلمس ، من بابى ضرب ونصر.

(٣) بدله فى المجمل : «واحتج الشافعى يقول القائل».

(٤) البيت مما اختاره أبو تمام فى الحماسة (٢ : ٢٨٨) ، وهو بيتين ثانيهما :

فلا أنا منه ما أفاد ذوو الغنى

أفدت وأعداني فاتلفت ما عندي

وفى عيون الأخبار (١ : ٣٤٤) : «دخل شاعر على المهدى فامتدحه فأمر له بمال ، فلما قبضه فرقه على من حضر ، وقال ...». وأنشد البيتين ، برواية : وما خلت أالجود وأعداني فبددت. وفى الأغانى (١٨ : ٩٤) أن ذلك الشاعر الذى دخل على المهدى هو عبد الله بن سالم الخياط ، وأن المهدى أمر له بخمسين ألف درهم.

(٥) اللماسة ، بضم اللام وفتحها.


لُمْظة ، أي نُكتةُ بياضٍ. وفي الحديث : «إنَّ الإيمانَ يبدو لُمْظَةً في القَلب ، كلَّما ازداد الإيمان ازدادت اللُّمْظة». واللُّمْظة بالفَرَس : بياضٌ يكون بإحدى جَحفَلَتَيه. فأمَّا التلمُّظُ فإخراجُ بعضِ اللِّسان. يقال : تَلَمَّظَ الحيّةُ ، إذا أخرج لسانَه كتلمُّظِ الآكِل. وإنّما سمِّي تلمُّظاً لأنَّ الذي يبدو من اللسان فيه يسيرٌ ، كاللُّمْظة. ويقولون : شَرِب الماء لَمَاظًا ، إذا ذاقَه بطرَف لسانِه.

لمع اللام والميم والعين أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على إضاءةِ الشّيء بسُرعة ، ثم يقاس على ذلك ما يَجرى مَجراه. من ذلك : لَمَعَ البرقُ وغيرُه ، إذا أضاء ، فهو لامعٌ. ولَمَع السّيفُ وما أشبَهَ ذلك. ويقال للسَّرابِ يَلْمَعٌ. كأنّه سمِّي بحركته ولَمَعانه. ويشبَّه به الرّجُل الكَذّاب. قال الشَّاعر :

إذا ما شكوت الحُبَّ كَيمَا تثيبَنِى

بُودِّيَ قالت إنَّما أنتَ يَلْمَعُ (١)

ويقال : ألْمَعَتِ النّاقةُ ، إذا رفعَت ذنبَها فعُلم أنَّها لاقح. قال الأعشَى :

* مُلْمِعٍ (٢) ...*

وقال بعضهم : كلُّ حاملٍ اسودَّتْ حلمةُ ثَديِها فهي مُلْمِع. وإنَّما هذا أنَّه يستدَلُّ بذلك على حَمْلها ، فكأنَّها قد أبانت عن حالها ، كالشيء اللامع. واللِّماع : جمع لُمْعة ، وهي البُقعة من الكَلأ. ويقولون ـ وليس بذلك الصحيح ـ إنَ اللُّمعة (٣) : الجماعةُ من النّاس. واللَّمَّاعة : الفَلاة. قال :

__________________

(١) أنشده فى المجمل واللسان (لمع).

(٢) قطعة من بيت له فى ديوانه ٨ واللسان (لوع) ، وهو :

ملع لاعة الفؤاد الى جحـ

ش فلا عنها فبئس القال

(٣) فى الأصل : «لأن اللمعة». وفى المجمل : «ويقال اللمعة : الجماعة من الناس».


ولمَّاعةٍ ما بِها من عَلَامٍ

ولا أَمَراتٍ ولا نِهْىِ ماء (١)

واللَّمَّاعة : العُقاب ، لأنها تُلمِع بأجنحتها. فأمَّا قولهم : التمعتُ الشَّيءَ ، إذا اختلستَه ، فمحمولٌ على ما قلناه من الخفّة والسُّرعة. وكذلك ألْمَعَتْ به المنيَّةُ : ذهبت به. والألمعىُ : الرّجُل الذي يظُنُّ الظنَّ فلا يكادُ يَكْذِب. ومعنى ذلك أنَّ الغائبات عن عينه كالَّلامعة ، فهو يراها. قال :

الألمعىُ الذي يظنّ لَكَ الظ

نَّ كأنَّ قَدْ رأَى وقد سَمِعا (٢)

لمق اللام والميم والقاف ثلاثُ كلماتٍ لا تنقاس ولا تتقارب. فالأوَّل اللَّمْسق ، يقال لَمَقَه بيده ، إذا ضربَه. والكلمة الثانية اللَّمْق ، وهو المَحْو ، يقال لَمَقَه ، إذا محاه. قال يونس: سمعتُ أعرابيًّا يذكر مُصَدِّقاً لهم قال : «فَلَمَقَه * بعد ما نَمَقَه» ، كأنَّه محا كتابًا قد كان كتبه. والكلمة الثالثة : اللَّمَاق ، يقال : ما ذُقت لَمَاقًا. قال :

كبرقٍ لَاحَ يُعجِبُ مَن رآهُ

وما يُغْني الحوائمَ من لَمَاقِ (٣)

لمك اللام والميم والكاف كلمةٌ واحدة. يقال تَلمَّكَ الشَّيءَ ، مثل تلمَّجَ ، كأنَّه يتذوَّقُه. يقال : ما ذُقت لَمَاكًا ، أي شيئا ، كقولهم : ما ذقت لَمَاجًا ، وأصله أن يلوِىَ البعير لَحْيَيه. قال :

فلمَّا رآنِي قد حَمَمتُ ارتحالَه

تَلَمَّكَ لو يُجدِي عليه التَّلمُّكْ (٤)

__________________

(١) العلام : جمع علامة. والأمرات : جمع أمرة ، وهى العلم.

(٢) البيت لأوس بن جحر فى ديوانه ١٣ واللسان (لمع).

(٣) لنهشل بن حرى فى اللسان «لمق» وإصلاح المنطق ٤٣٢ برواية : «ولا يشفى».

(٤) أنشده فى اللسان (حمم ، لمك).


باب اللام والهاء وما يثلثهما

لهو اللام والهاء والحرف المعتلّ أصلانِ صحيحان : أحدهما يدلُّ على شُغْل عن شَيء بشيء ، والآخر على نَبْذِ شيءٍ من اليد.

فالأوَّل اللهْو ، وهو كلُّ شيءٍ شَغَلَك عن شيء ، فقد ألْهَاك. ولَهَوتُ من اللهْو.

ولَهِيتُ عن الشَّيء ، إذا تركتَه لِغيره. والقياسُ واحدٌ وإنْ تَغيَّر اللفظُ أدنَى تغيُّر. ويقولون : إذا استأثَرَ الله تعالى بشيءٍ ، فالْهَ عنهُ ، أي اتركْهُ ولا تشتغل به. وفي الحديث في البَلَل بعد الوُضوء : «الْهَ عنه». وكان ابنُ الزُّبَيرِ إذا سمِعَ صوتَ الرّعد لَهِيَ عن الحديث الذي يقول. : تَرَكَه وأعرَضَ عنه. وقد يُكنَى باللهو عن غيره. قال الله تعالى : (لَوْ أَرَدْنا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْواً) : وقال الْحَسن وقَتادةُ : أراد باللهو المرأة. وقال قومٌ : أراد به الولد.

وأمَّا الأصل الآخَر فاللُّهْوة ، وهو ما يَطرحه الطّاحِن في ثُقْبَة الرَّحَى بيده ؛ والجمع لُهًى ، وبذلك سمِّي العَطاء لُهْوَة فقيل : هو كثير اللُّهَى. فأمَّا اللهاة فهي أقصى الفمِ ، كأنَّها شُبِّهَت بثُقْبةِ الرَّحَى ، وسمِّيت لَهاةً لما يُلَقى فيها من الطَّعام.

لهب اللام والهاء والباء أصلٌ صحيح ، وهو ارتفاعُ لسان النّار ، ثم يقاسُ عليه ما يقاربه. من ذلك اللهَب : لَهَب النَّار. تقول : التَهَبَت التهابًا. وكلُّ شيءٍ ارتفع ضوؤُه ولَمَع لمعاناً شديداً فإنّه يقال فيه ذلك. قال :

رأيت مَهابةً وليوثَ غابٍ

وتاجَ الملك يلتهبُ التهابا


ويقولون للعَطشان : لَهْبَان ، وهذا على جهة الاستعارة ، كأنَّ حرارةَ جوفه تَلتهب. ويقولون : اللهَب : الغُبار السَّاطع. فإن صحَّ فاستعارةٌ أيضا. ويقال : فَرَسٌ مُلْهِبٌ ، إذا أثارَ الغبار. وللفرس أُلْهُوب ، اشتقَّ كلُّ هذا من الأوّل.

قال امرؤ القيس :

فللزَّجْرِ أُلهوبٌ وللسّاقِ دِرَّةٌ

وللسَّوط منه وَقْعُ أخْرَجَ مُهْذِبِ (١)

واللهَب واللُّهاب : اشتعال النّار ، ويستعمل اللُّهاب في العَطَش ، فأمَّا اللِّهب ، وهو المَضِيق بين الجَبَلَين فليس من هذا ، وأصله الصَّاد ، وإنَّما هو لِصْب ، فأُبدلت الصاد هاءَ. وبنو لِهْبٍ : بطنٌ من العرب.

لهث اللام والهاء والثاء كلمةٌ واحدة ، وهي أنْ يَدْلَعَ الكلبُ لسانَه من العطش. قال الله تعالى : (إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ). واللُّهَاث : حَرُّ العطَش. وهذا إنَّما هو مقيسٌ على ما ذكرناه من شأن الكلب.

لهج اللام والهاء والجيم أصلٌ صحيح يدلُّ على المثابَرَة على الشَّيء وملازمتِه ، وأصلٌ آخرُ يدلُّ على اختلاطٍ في أمرٍ.

يقال : لَهِجَ بالشَّيء ، إذا أُغرِيَ به وثابَرَ عليه ، وهو لَهِجٌ. والمُلْهِج : الذي لَهِجتْ فِصالُه برَضَاعِ أُمَّهاتِها فيَصْنَعُ لذلك أخِلّةً يشدُّها في خِلْفِ

__________________

(١) ديوان امرئ القيس ٨٥ واللسان (لهب).


أمِّ الفَصيل ، لئلَّا يَرتضِعَ الفصيل ، لأنّ ذلك يؤلِمُ أنْفَه. وإيّاهُ أراد القائل (١) :

رَعَى بارِضَ الوَسمىِّ حتَّى كأنّما

يَرَى بسَفَى البُهْمَى أخِلّةَ مُلْهِجِ

وقولهم : هو فصيح اللهجة (٢) واللهَجَة : اللِّسانِ ، بما ينطق به من الكلام. وسمِّيت لهجةً لأنّ كلًّا يلهَجُ بلُغتِه وكلامه.

والأصل الآخَر قولُهم : لَهْوَجْتُ عليه أمرَه ، إذا خلطتَه. وأصلُه من اللَّبَن المُلْهَاجِ ، وهو الخاثر الذي يكادُ يَرُوب. ويقولون : أمْرُهُم مُلْهاجٌ. ومن الباب : لَهْوَجْتُ اللّحمَ ، إذا لم تُنضِجْه شيئاً ، فكأنّه مختلِطٌ بين النِّىِّ والنَّضيج. فأمّا قولهم : لَهَّجْتُ القومَ ، مثل لَهَّنْتُهم ، فممكنٌ أن يكون من الإبدال ، كأنَّ الجيمَ بدلٌ من النُّون.

لهد اللام والهاء والدال أصلٌ صحيح ، يدلُّ على إذلال ومُطامَنَة ، من ذلك لَهَّدْتُ الرّجُل ، إذا دفَّعْتَه ، فهو مُلَهَّدٌ ذَليل. واللهِيدُ : البعير يُصِيب جنبه الْحِمْلُ الثَّقيل. وألهَدْت الرّجُلَ ، إذا أمسكتَه وخلَّيتَ عليه آخَرَ يقاتُله. وألْهَدْتُ بالرّجُل : أزْرَيتُ به.

__________________

(١) البيت للشماخ فى ديوانه ١٤ واللسان (لهج) والمخصص (٧ : ٤١). ورواية الديوان : خلا فارتعى الوسمى.

(٢) فى الأصل : «اللهج» ، صوابه من اللسان والقاموس. وفى القاموس : «اللهجة ويحرك : اللسان». واقتصر فى المجمل على «اللهجة» بسكون الهاء.


لهز (١) اللام والهاء والزاء أصلٌ صحيح يدلُّ على دَفْعٍ بيَدِ أو غيرِها أو رمىٍ بوَتَر. قالوا : لهَزْتُ فلاناً : دفعتُه. ويقولون : الّلهْز : الضّرْب بجُمْع اليدِ (٢) في الصَّدر. ويقولون : لَهَزَهُ القَتِير : فَشَا فِيه. ولَهزْتُه بالرُّمح في صَدرِه : طعنتُه. ولَهَزَ الفَصِيلُ ضَرْعَ أمِّه ، إذا ضَرَبه برأسِه عند الرَّضاع. ويقال : بعيرٌ ملهوزٌ ، إذا كان قد وُسِم في لِهزِمَتِه. قال :

مَرَّتْ براكبِ مَلهوزٍ فقال لها

ضُرِّي الجُميحَ ومَسِّيهِ بتعذيبِ (٣)

فأمّا قولُهم : فرسٌ مَلهوزٌ ، أي مُضَبَّر الخَلْق ، فهو صحيحٌ على هذا القياس ، كأنَّ لحمَه رُفِع مِن جوانبه حتَّى تداخَلَ. ودائرة اللاهِزِ : دائرةٌ في اللِّهزِمَة.

لهس اللام والهاء والسين كلمةٌ تدلُّ على جِنْس من الإطعام. يقولون : لَهسَ على الطَّعام : زاحَم حِرصاً. وما لَك عندي لَهْسَةٌ (٤) من طعام ، أي لا كثير ولا قليل. قال ابن دريد : لَهَس الصبيُّ ثديَ أُمِّه : لَطَعه ولم يَمْصَصْه (٥).

لهط اللام والهاء والطاء كلمةٌ. يقولون : لَهَطه بسهمٍ : رماه. ولَهَطَتِ المرأةُ فَرجَها بالماء : ضَرَبَتْه.

__________________

(١) وردت هذه المادة فى الأصل بعد مادة (لهق) ، ورددتها إلى مكانها هنا طبقا للترتيب وموافقة لما جاء فى المجمل.

(٢) جمع؟؟؟. وفى الأصل : «بجميع» ، صوابه فى المحمل واللسان.

(٣) للجميح بن الطماح الأسدى. المفضليات (١ : ٣٢) واللسان (لهز).

(٤) كذا ضبط فى الأصل والمجمل بفتح اللام. وفى اللسان : «لهسة بالضم مثل لحسة ، أى شىء» ، ونحوه فى القاموس.

(٥) فى الأصل : «أطعمه ولم بمصعه» ، صوابه من الجمهرة (٣ : ٥٢) وفيها : «إذا لطعه بلسانه ولما يمصصه».


لهع اللام والهاء والعين كلماتُ إنْ صحت تدلُّ على استرخاءٍ وفَترة. من ذلك اللهِع من الرِّجال : المسترسل إلى كُلٍّ. يقال : لَهِعَ لَهَاعَةً. وبه سُمِّي لَهِيعة. ويقال : هو الفاتر المُسترخِي. وقال بعضهم : تَلَهْيَعَ في كلامه : أفرَط.

لهف اللام والهاء والفاء كلمةٌ تدلُّ على تحسُّر. يقال : تلهَّفَ على الشَّيء ، ولهِفَ ، إذا حَزِن وتحسَّر. والملهوف : المظلومُ يستغيث.

لهق اللام والهاء والقاف كلمتانِ متباينتان.

فالأولى اللهق (١) : الأبيض ؛ والثَّور الأبيض لِهَاق. قال الهذليّ :

* لَهِاقٌ تَلَأْلُؤُهُ كالهِلالِ (٢) *

والكلمة الأخرى قولهم : تَلَهْوَقَ الرّجُل : أظْهَرَ سخاءً وليس بسخِيّ.

لهم اللام والهاء والميم أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على ابتلاعِ شيءِ ، ثم يقاس عليه. تقول العرب : التَهَمَ الشَّيءَ : التَقَمه. ومن هذا الباب الإلهام ، كأنَّه شيءٌ أُلقِي في الرُّوع فالتَهَمَه. قال الله تعالى : فَأَلْهَمَها (فُجُورَها وَتَقْواها). والتَهَم الفصيلُ ما في ضَرع أُمِّه : استوفاه. وفرسٌ لهِمٌ : سَبَّاق ، كأنَّه يلتهم الأرض. واللُّهَيْم : الدَّاهية ، وكذلك أمُ اللُّهيمْ ، وسمِّيت لِعِظمها كأنَّها تَلْهَمُ ما تلقى. ويقولون للعظِيم الكافي : اللِّهَمّ ومن الباب اللُّهمُوم : الرّجُل الجَواد ، وهذا على العِظَم والسَّعة.

لهن اللام والهاء والنون كلمةٌ واحدة ، اللُّهْنَةُ : ما يتعجَّله الرّجُل قبل غَدَائه. وقد تَلهَّن. ويقال بل اللُّهْنة : ما يُهديه الرّجلُ إذا قَدِم من سَفَره.

__________________

(١) يقال بفتح الهاء وكسرها. كما أن اللهاق بفتح اللام وكسرها.

(٢) لأمية بن أبى عائذ الهذلى فى ديوان الهذليين (٢ : ١٧٦) واللسان (لهق). وصدره :

حديد القاتين عبل القوى


باب اللام والواو وما يثلثهما

لوي اللام والواو والياء أصلٌ صحيح ، يدلُّ على إمالةٍ للشيء. يقال : لوَى يدَه يَلويها. ولَوَى برأسِه : أمَالَه. واللَّوِيُ : ما ذَبَل من البَقْل ، وسمِّي لَوِيًّا لأنّه إذا ذَبَل التوَى ومال. واللِّواء معروفٌ ، وسمِّي لأنّه يُلوَى على رُمْحه. واللَّوِيَّة : ما ذُخِرَ من طعامٍ لغير الحاضِرِين ، كأنّه أُميل عنهم إلى غيرهم. وأَلْوَى بالشَّيء ، إذا أشار به كاليد ونحوه. وألْوَى بالشَّيء : ذهبَ به ، وكأنه أماله إلى نَفْسه. والألْوَى : الرّجُل المجتنِب المنفرِد ، لا يزال كذلك ، كأنَّه مالَ عن الجلساء إلى الوُحْدة. واللَّيَّاءُ : الأرض البعيدة من الماء ، وسمِّيت بذلك لأنَّها كأنها مالت عن نَهْج الماء. ولواه دَيْنَه يَلوِيه لَيًّا ولَيَّانًا ؛ وهو الباب. قال :

تُطِيلِينَ لَيَّانِي وأنت مَلِيَّةٌ

وأُحْسِنُ يا ذاتَ الوشاح التّقاضيا (١)

ولِوَى الرَّمْل : مُنْقَطَعُه. وألوَى القومُ ، إذا بلغَوا لِوَى الرّمل. وسمّي بذلك لأنّ الريح تَلويه كيف شاءت. ويقولون : * أكثرتَ من الحيِّ واللّيّ (٢). قالوا : فالحيّ : الواضح من الكلام ، و [الليّ] : الذي لا يُهْتَدى له.

لوب اللام والواو والباء كلمتانِ متباينتان ، ويمكن أن يُحمل إحداهما على الأخرى.

فالكلمة الأُولى : اللَّوْب واللُّوَاب : العطش ، والفعل لابَ يَلُوبُ ، وهو لائِب.

__________________

(١) البيت لذى الرمة فى ديوانه ٦٥١ واللسان (لوى) والاشتقاق ١٦.

(٢) ومثله الحو واللو.


والكلمة الأخرى اللَّابَة ، وهي الحَرَّة ، والجمع لُوبٌ (١). والذي يجمع بين الكلمتين أن الحَرَّة عطشَى ، كأنّها مُحترِقة.

لوت اللام والواو والتاء لست أَحُقُّ صحَّتَه ، وليس هو من كلامهم عندي ، لكنَّ ناساً زعموا أنّه يقال : لاتَ يَلُوتُ ، إذا أخبَرَ بغير ما سُئِل عنه. ويقولون : اللَّوْت : الكِتمان. وفيهما نظر.

لوث اللام والواو والثاء أصلٌ صحيح ، يدلُّ على التواءِ واسترخاءِ ولَىِّ الشّيءِ على الشّيء. يقال : لاثَ العِمامةَ يَلُوثها لَوثاً. ويقولون : إنَ اللُّوثة : الاسترخاء ، ويقولون : مَسٌّ من الجنون. قال :

إذاً لَقَامَ بنصري مَعشرٌ خُشُنٌ

عند الحفيظة إنْ ذو لُوثةٍ لانا (٢)

والمَلَاثُ : الشَّيء الذي يُلَاث عليه الثَّوب. ويقولون : ناقةٌ ذاتُ لَوْثَة ، أي كثيرة اللَّحمِ ضخمة الجِسم. وديمةٌ لَوثاءُ : تَلُوث النَّباتَ بعضَه على بعض. وقولهم : الثَاتَ في عمله : أبطأ ، من هذا ، كأنَّه التوَى واعوجَّ. والمَلَاثُ : الرّجُل الجليل تُلاثُ به الأمور ، والجمع مَلَاوِث. قال :

هلّا بكيت مَلاوِثاً

من آلِ عبد مناف (٣)

ويقال : إنَ اللَّويثة : الجماعةُ من النّاس من قبائلَ شتَّى ، والمعنى (٤) أنّهم التاثَ بعضُهم إلى بعض ، أي مال.

__________________

(١) مثله قارة وقور ، وساحة وسوح.

(٢) البيت لقريط بن أنيف العنبرى ، ومقطوعته فى أول حماسة أبى تمام.

(٣) أنشده فى اللسان (لوث).

(٤) فى الأصل : «ومعنى».


لوح اللام والواو والحاء أصلٌ صحيح ، مُعظَمه مقاربةُ بابِ اللَّمعان. يقال : لاحَ الشَّيء يلوح ، إذا لَمحَ وَلَمعَ. والمصدر اللَّوْح. قال :

أراقِبُ لَوحاً من سُهيلٍ كَأنّه

إذا ما بدا من آخِرِ الليل يَطرِفُ (١)

ويقال : ألاحَ بسَيفِه : لمعَ به. وألاحَ البرقُ : أو مَضَ. واللَّيَاح : الأبيض. قال ابنُ دُريد في قول القائل (٢) :

تُمسِي كألواح السِّلاح وتُضحى

كالمهاةِ صبيحةَ القَطْرِ

إنّ الألواح : ما لاح من السلاح ، وأكثر ذلك السُّيوفُ.

ومن الباب لَوّحَهُ الحرُّ ، وذلك إذا حرَّقه وسوّدَه حتَّى لاح من بُعدٍ لمن أبصَرَه. ومن الباب اللَّوح : الكَتِف واللَّوح : الواحد من ألواح السَّفينة ؛ وهو أيضاً كلُّ عظمٍ عريض. وسمِّي لَوحًا لأنّه يَلُوح ومن الباب اللُّوح بالضم (٣) ، وهو الهواء بينَ السّماء والأرض.

ومن الذي شذَّ عن هذا الباب اللَّوح (٤) : العطش. ودابَّةٌ مِلْواح : سريع العَطَش. ومما شدَّ عنه أيضا قولهم : ألَاحَ من الشَّيء : حاذَرَ.

لوذ اللام والواو والذال أصلٌ صحيح يدلُّ على إطاقةِ الإنسان بالشيء مستعيذاً به ومتستِّراً. يقال : لاذ به يلوذ لَوْذاً ولاذَ لِياذاً ، وذلك إذا عاذَ به من خوْفٍ أو طَمَع ولَاوَذَ لِوَاذاً قال الله تعالى : (قَدْ يَعْلَمُ اللهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِواذاً). وكان المنافقون إذا أراد الواحدُ منهم مفارَقةَ مجلسِ رسول الله ،

__________________

(١) البيت لحران العود فى ديوانه ١٤.

(٢) هو ابن أحمر اللسان (لوح) والجمهرة (٢ : ١٩٤).

(٣) وحكى اللحيانى فيه الفتح.

(٤) هذا بالفتح والضم ، والضم أعلى.


صلى الله عليه وآله وسلم ، لاذ بغيرِه متستِّرًا ثم نهض. وإنما قال لِواذاً لأنّه من لاوَذَ وجعل مصدره صحيحاً ، ولو كان من لاذ لقال لِياذاً. واللَّوْذ : ما يُطِيف بالجبل ، والجمع أَلْوَاذ.

لوز اللام والواو والزاء كلمةٌ ، وهي اللَّوْز.

لوس اللام والواو والسين كلمةٌ تدلُّ على شيء من التطَعُّم. قالوا : اللَّوْس أن يَتتَبَّع (١) الإنسانُ المآكِل. يقال : لاسَ يَلُوسُ لَوْسًا. ويقولون : اللَّوَاسة : اللُّقْمَة. قال ابن دريد : لُسْتُ الشّيءَ في فمي ، إذا أدَرْتَه بلسانك (٢).

لوص اللام والواو والصاد. يقولون : اللَّوْص : أن تُطالِع الشَّيءَ من خَلل سِترٍ أو باب. يقال : لُصْتُه ألُوصُه لَوْصا.

لوط اللام والواو والطاء كلمةٌ تدل على اللُّصوق. يقال. لاط الشّيءُ بقلبي ، إذا لَصِق. وفي بعض الحديث : «الولد أَلْوَطُ بالقَلْب (٣)». أي ألْصَق. ويقولون : هذا أمرٌ لا يَلْتَاطُ بصَفَرِي ، أي لا يَلصَق بقلبي. ولُطتُ الْحَوْضَ لَوطاً ، إذا مَدَرْتَه بالطِّين.

لوع * اللام والواو والعين : اللَّوعة : الحُبّ. [و] يقال : رجلٌ لاعٌ هاعٌ ، إذا كان جباناً.

__________________

(١) فى الأصل : «يبيع». وفى اللسان : «لاس يلوس وهو ألوس : تتبع الحلاوات فأكلها».

(٢) الجمهرة (٣ : ٥١).

(٣) فى المجمل : «وفى الحديث : الولد ألوط ، أى ألصق بالكبد». وفى اللسان : «وفى حديث أبى بكر رضى الله عنه أنه قال : إن عمر لأحب الناس إلى. ثم قال : اللهم أعز ، والولد ألوط قال أبو عبيد : قوله والولد ألوط ، أى ألصق بالقلب».


لوغ اللام والواو والعين. ذكر ابنُ دريدٍ (١) أن اللوْغ : أن تُدِير الشيءَ في فمك. يقال: لاغَه لَوْغا.

لوق اللام والواو والقاف كلمةٌ تدُلُّ على تطييب شيءِ. يقال : لَوَّقَ الطّعَام ، إذا طيَّبَه بإدامه. ويقولون : اللُّوقة : الزُّبْدَة (٢) ، ويقال للمرأة ، إذا لم تَحْظَ عند زوجِها : ما لاقَتْ ، أي كأنَّه لم يَستطِبْ صُحبتَها. ومن الباب : لَاقَتِ الدّواةُ وألقتُها (٣).

لوك اللام والواو والكاف كلمةٌ واحدة. يقال : لُكْتُ اللُّقْمةَ ألُوكُها لَوْكًا. وفلانٌ يَلُوكُ أعراضَ النّاس ، إذا كان يغتابُهم.

لوم اللام والواو والميم كلمتانِ تدلُّ إحداهما على العَتْب والعَذْل ، والأخرى على الإبطاء.

فالأوّل اللَّوْم ، وهو العَذْل. تقول : لُمْتُه لَوْمًا ، والرّجُل مَلوم. والمُلِيم : الذي يستحقُ اللَّوْم. واللَّوْماء (٤) : الملامة. ورجل لُوَمة : يلُوم الناس. ولُومة يُلام. والكلمة الأخرى التلوُّم ، وهو التمكُّث. ويقال : إنَ اللّامَةَ : الأمر يُلَام (٥) عليه الإنسان.

__________________

(١) فى الجمهرة (٣ : ١٥٠).

(٢) ويقال ألوقة أيضا بفتح الهمزة. واقتصر عليها فى المجمل.

(٣) فى الأصل : «وألقيتها» ، تحريف. وفى المجمل : «ومنه لاقت الدواة ، إذا لصقت» ، وهو تفسير مريب. وفى القاموس : «لاق الدواة يليقها ليقة وليقا وألاقها : جعل لها ليقة وأصلح مدادها ، فلاقت الدواة : لصق المداد بصوفها».

(٤) وكذلك اللومى ، بالقصر ، واللائمة.

(٥) فى الأصل : «يدوم» ، صوابه فى المجمل واللسان.


لون اللام والواو والنون كلمةٌ واحدة ، وهي سَحْنَة الشَّيء ، من ذلك اللَّون : لونُ الشّيء ، كالحمرة والسواد. ويقال : تلوَّنَ فلانٌ : اختلفت أخلاقُه واللَّوْن : جنسٌ من التَّمْر. واللَّينَة : النَّخلة ، منه ، وأصل الياء فيها واو. قال الله تعالى : (ما قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ). والله أعلم بالصَّواب.

باب اللام والياء وما يثلثهما

ليا اللام والياء والألف ، يقال إنّه شيءٌ من النَّبْت. يقولون : اللِّياء : شيءٌ كالحِمَّص شديدُ البياض. يقال للمرأة : كأنَّها لِيَاءة.

ليت اللام والياء والتاء كلمتانِ لا تنقاسان (١) : إحداهما : اللِّيت : صَفْحة العُنق ، وهما لِيتانِ. والأخرى اللَّيْت ، وهو النَّقْص. يقال : لاتَه يَلِيتُه : نَقَصه. قال الله تعالى : (لا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمالِكُمْ شَيْئاً). واللّيْت : الصَّرف ، يقال لاتَهُ يَلِيته. قال :

وليلةٍ ذاتِ دُحًى سريتُ

ولم يَلِتْني عن سُراها ليتُ (٢)

ولَيْت : كلمة التَّمنِّي

ليث اللام والياء والثاء أصلٌ صحيح يدلُّ على قُوّة خَلْق. من

__________________

(١) فى الأصل : «لا ينقاس».

(٢) نسبهما فى إصلاح المنطق ١٥٣ إلى رؤبة ، ونسب الثانى فى المخصص (١٤ : ٢٠) إليه أيضا. ووردا فى اللسان (ليت) بدون نسبة. وليسا فى ديوان رؤبة ، ولم يذكرا فى ملحقات ديوانه ولا ديوان العجاج.


ذلك اللَّيث ، قالوا : سمِّي بذلك لقُوّته وشِدّة أخْذِه. ومنه يقال : رجل مُلَيِّثٌ (١). واللَّيْث: عنكبوتٌ يَصِيد الذُّباب. فأمَّا اللِّيث بكسر اللام ، فموضع. قال الهذليّ (٢) :

مستأرِضاً بين بَطْنِ اللِّيثِ أيمنُهُ

إلى شَمَنْصِيرَ غيثاً مُرْسَلاً مَعِجا

ليغ اللام والياء والغين كلمة ، يقولون : الألْيَغ : الذي لا يُبِين الكَلام. وأمّا قولهم : هو سَيِّغٌ ليِّغ ، فإتباعٌ ، للشَّيء السَّهل المنساغ.

ليف اللام والياء والفاء كلمة ، وهي اللِّيف ، عربيّة.

ليق اللام والياء والقاف كلمتان : إحداهُما قولُهم : فلانٌ لا يُلِيق دِرهماً ، أي لا يُبقِي. قال :

* كَفَّاك كَفٌّ لا تُليق درهما (٣) *

والأخرى قولهم : لا يَلِيقُ به كذا ، كأنّه لا يصلح له ، ولا يلصق به ، من لَاقَ الدّواة يَلِيقها.

__________________

(١) كذا ضبط فى الأصل بالكسر ، ويوافقه ما فى اللسان : تليث الرجل واستليث وليث : صار كالليث». وفى اللسان أيضا : «ورجل مليث ـ بكسر الميم وسكون اللام ـ : شديد العارضة وقيل شديد قوى». لكن فى المجمل : «المليث» بتشديد الياء المفتوحة ، وفسره بأنه البطئ ، أو شديد الأخذ كالليث.

(٢) هو ساعدة بن جؤية الهذلى. ديوان الهذليين (٢ : ٢٠٩) واللسان (معج ، شمصر). وقد سبق فى (٣ : ٢٧٤).

(٣) بعده فى اللسان (ليق) والإنصاف ٢٣٦ :

جودا وأخرى تعط بالسيف؟


ليل اللام والياء واللام كلمة ، وهي اللَّيل : خِلافُ النهار. يقال ليلةٌ ولَيْلات. وأمَّا اللَّيالي. (١) ..

ليم اللام والياء والميم. يقولون : اللِّيم : الصُّلح (٢). وأنشدنا على بن إبراهيم القطان قال : أنشد ثعلب :

إذا دُعِيَتْ يوماً نُمَيرُ بنُ عامرٍ

رأيتَ وجوهاً قد تبيَّنَ لِيمها

لين اللام والياء والنون كلمةٌ واحدة ، وهي اللِّين : ضدُّ الخُشُونَة. ويقال : هو في لَيَانٍ من عَيش ، أي نَعْمةٍ. وفلانٌ مَلْيَنَة ، أي ليِّن الجانب.

باب اللام والألف وما يثلثهما

ويكون الألف منقلبةً عن ياء أو واو ، ويكون أيضاً همزة.

لاب اللام والألف والباء. اللَّابَة : الحَرَّة ، والجمع* لُوب. واللُّوَاب : العَطَش ؛ لاب يَلُوب.

لاع اللام والألف والعين. اللَّاعُ : الرّجُل الجَبَان ؛ يقال هاعٌ لاعٌ ، وهائع لائع ، أي جَبان.

__________________

(١) بياض فى الأصل. وفى اللسان : «وقد جمع على ليال فزادوا فيه الياء على غير قياس. قال : ونظيره أهل وأهال. ويقال : كأن الأصل فيها ليلاة فحذفت». يعنى أن مفردها وهو «ليل» أصله «ليلاة» ، فحدث فيه الحذف ، لكن أبقى الجمع كما هو.

(٢) فى المجمل : «الصلح بين الناس ، والصلاح». وأنشد البيت التالى.


لأم اللام والألف والميم أصلان : أحدهما الاتِّفاق والاجتماع ، والآخر خُلُق ردِيءٌ.

فالأول قولهم : لَأَمْت الجُرْحَ ، وَلأَمت الصَّدْع ، إذا سَدَدت. وَإذ اتفَّق الشّيئانِ فقد التأَما. وَقال :

يظُنُّ الناسُ بالمَلْكَي

نِ أنَّهما قد التأَما (١)

فإنْ تسمعْ بلَأْمهما

فإنْ الأمر قد فَقِما

وأُرَى الذي أنشده ثعلبٌ في اللِّيم هو من هذا ، وإنما ليَّن الهمزةَ الشاعرُ. ويقال : ريشٌ لُؤَامٌ ، إذا التقَى بطنُ قُذَّةٍ وظهرُ أخرى. ويقال إنّ اللُّؤَمة (٢) : جماعة أداةِ الفَدّان ، وإذا زُيِّنَ الرَّحلُ فجميع جَهازِه لُؤَمة.

ومن الباب اللَّأْمة : الدِّرع ، وجمعها لُؤَمٌ ، وهو على غير قياس. وسمِّيت لَأْمَة لالتئامها. واستَلْأَمَ الرّجلُ ، إذا لبس لأْمة. قال :

واستلأمُوا وتلبَّبوا

إنَّ التلبُّبَ للمُغيرِ (٣)

والأصل الآخر اللُّؤم. يقولون : إن اللَّئيم : الشَّحيح المهِينُ النَّفْس ، الدَّنىُّ السِّنْخ. يقال : قد لَؤُم. والمِلْأَم (٤) : الذي يقوم بعُذر اللِّئام. فأمَّا اللام غير مهموز فليس من هذا الباب ، يقال إنَ اللّامَ : شَخْص الإنسان. قال :

__________________

(١) البيتان للأعشى فى ديوانه ٢٠٤ واللسان (لأم). وأنشد ثانيهما فى (فقم) بدون نسبة.

(٢) كذا ضبط فى المجمل ، ويؤيده ضبط القاموس بقوله «كهمزة» ، وضبط فى اللسان بسكون الهمزة.

(٣) للمنخل بن الحارث اليشكرى ، فى الحماسة (١ : ٢٠٣).

(٤) ومثله الملآم ، بمد الهمزة. وأما الملئم كمحسن فهو اللئيم ، والذى يأتى اللئام.


مَهْرِيَّة تَخْطِرُ فِي زِمامِها

لمُ يبقِ منها السّيرُ غيرَ لامِها (١)

ويقال : اللَّامُ : السهم في قول امرئ القيس :

نَطعنُهمْ سُلْكَى ومَخلوجةً

كَرَّكَ لامَيْنِ على نابل (٢)

لاه اللام والألف والهاء. لاه اسمُ الله تعالى ، ثم أدخلت الألف واللام للتعظيم. قال :

لَاهِ ابنُ عمِّكَ لا أَفْضَلْتَ فى حَسَبٍ

عنِّي ولا أنتَ دَيَّانِي فتَخزوني (٣)

لأو اللام والهمزة والحرف المعتلّ كلمتان : إحداهما الشِّدَّة ، والأخرى حيوان.

فالأُولى : اللأْواء : الشِّدة. [و] في الحديث : «من كان له ثلاثُ بناتٍ فصَبَرَ على لَأْوائهنّ كُنَّ له حجاباً من النّار». ويقولون : فَعَل ذلك بعد لَأْىٍ ، أي شِدَّة. والتأَى الرّجلُ : ساء عَيشُه. ومنه قول الشاعر (٤) :

وليس يُغَيِّر خِيمَ الكريم

خُلوقةُ أثوابِهِ واللَّأَى (٥)

قالوا : أراد اللَّأْواء ، وهي شِدّة العَيش.

والآخر : اللَّأَى ، يقال إنّه الثَّور الوحشىّ ، في قول الطرِمّاح :

__________________

(١) أنشدهما فى اللسان (لوم).

(٢) ديوان امرئ القيس ١٤٩ واللسان (سلك ، خلج ، لأم) ، وسبق فى (خلج).

(٣) لذى الإصبع العدوانى فى المفضليات (١ : ١٥٨ ، ١٦٠) واللسان (لوه ، خزا). وقد سبق فى (خزو).

(٤) هو العجير السلولى. اللسان (لأى).

(٥) فى الأصل : «خلوقات ثوابه واللاأ». صوابه فى اللسان والمجمل.


كظهرِ اللَّأَى لو تُبتغَي رِيَّةٌ بها

نهاراً لعنَّت في بُطون الشَّواجِنِ (١)

والله أعلم.

باب اللام والباء وما يثلثهما

لبث اللام والباء والثاء حرفٌ يدلُّ على تمكُّث. يقال : لَبِثَ بالمكان : أقام. قال الله تعالى : (لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا ساعَةً مِنْ نَهارٍ).

لبج اللام والباء والجيم كلمتانِ لا تنقاسان. فالأولى قولهم : لُبِجَ به ، إذا صُرِع : وحَىٌ لَبِيجٌ ، للحىِّ إذا نَزَل واستقرَّ مكانَه. قال :

كأن ثِقالَ المُزْنِ بين تُضارعٍ

وشَابَةَ بَرْكٌ من جُذامَ لبيجُ (٢)

والأخرى اللُّبْجَة (٣) : حديدة ذات شُعَب ، كأنّها كفٌّ بأصابعها.

لبخ اللام والباء والخاء. يقولون : اللُّبَاخِيّة : المرأة التامّة الخَلْق.

قال الأعشى :

عبْهَرة الخَلْق لُباخِيّة

تَزِينه بالخُلُق الطاهرِ (٤)

لبد اللام والباء والدال كلمةٌ صحيحة تدلُّ على تكرُّسِ الشَّيءِ بعضِه فوقَ بعض. من ذلك اللِّبْد ، وهو معروف. وتلبَّدت الأرضُ ، ولبَّدها المطر.

__________________

(١) ديوان الطرماح ١٦٥ واللسان (شجن ، لأى). وقد سبق فى (شجن).

(٢) لأبى ذؤيب فى ديوان الهذليين (١ : ٥٥) واللسان (لبج).

(٣) وكذا ضبط فى المجمل. ويقال «لبجة» أيضا بالتحريك.

(٤) ديوان الأعشى ١٠٤ برواية : «تشوبه بالخلق».


وصار النّاس عليه لُبَدًا ، إذا تجمَّعوا عليه. قال الله تعالى : (وَأَنَّهُ لَمَّا قامَ عَبْدُ اللهِ يَدْعُوهُ كادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً) (١) ولُبَداً أيضاً على وزن فُعَل ، من ألبَدَ بالمكان ، إذا أقام. والأسدُ ذو لِبْدة ، وذلك أنَّ قَطيفَتَه تتلبَّدُ عليه ، لَكَثْرة الدِّماء التي يَلَغُ فيها. قال الأعشى :

كَسَتْه بعَوضُ القريتين قَطيفةً

مَتَى ما تنَلْ من جلدهِ يتَلبَّدِ (٢)

ويقولون فى المثل : «هو أمنَعُ من لِبدة الأسَد». ومن الباب : ألْبَدَ بالمكان : أقام به. واللُّبَد : الرّجلُ لا يفارِقُ منزِلَه. كلُّ ذلك مقيسٌ على الكلمة الأولى. ويقال : لَبَدَ بالأرض لَبودا. وألبَدَ البعيرُ ، إذا ضرب بذنبَه على عجُزه وقد ثَلط عليه ، فيصير على عَجُزه كاللِّبدة. ويقولون : ألْبَدَت الإبلُ ، إذا تهيّأت للسِّمَن ، وكأنّه شبِّه ما ظهر من ذلك* باللِّبدة. ويقولون : إنّ اللَّبِيد : الجُوالق. يقال : ألبَدْتُ القِربةَ ، إذا صيَّرتَها فيه.

لبز اللام والباء والزاء كلمتان متقاربتا القياس. فاللبْز : ضربُ النَّاقة بجميع خُفِّها. قال:

* خبطاً بأخفافٍ ثِقالِ اللَّبْزِ (٣) *

واللَّبْز : الأكل الجيِّد.

__________________

(١) هذه هى قراءة الجمهور بكسر ففتح. وقرأ مجاهد وابن محيصن وابن عامر بخلاف عنه. «لبدا» بضم ففتح. وقرأ الحسن والجحدرى وأبو حيوة وجماعة عن أبى عمرو بضمتين. وقرأ الحسن والجحدرى أيضا بضم اللام وتشديد الباء المفتوحة. فهن أربع قراءات. تفسير أبى حيان (٨ : ٣٥٣) وإتحاف فضلا البشر ٤٢٥.

(٢) ديوان الأعشى ١٣٢ برواية : «يتزند».

(٣) لرؤبة فى ديوانه ٦٤ واللسان (لبز).


لبس اللام والباء والسين أصلٌ صحيح واحد ، يدلُّ على مخالَطَة ومداخَلة. من ذلك لَبِسْتُ الثَّوبَ ألْبَسُه ، وهو الأصل ، ومنه تتفرَّع الفروع. واللَّبْس : اختلاط الأمر ؛ يقال لَبَسْتُ عليه الأمرَ ألْبِسُه بكسرها قال الله تعالى : (وَلَلَبَسْنا عَلَيْهِمْ ما يَلْبِسُونَ). وفي الأمر لَبْسَةٌ ، أي لَيْسَ بواضح واللَّبْس : اختلاط الظَّلام ويقال : لابست الأمرَ أُلابِسْه. ومن الباب : اللِّبَاس ، وهي امرأة الرّجُل ؛ والزّوجُ لِباسُها. قال الجعدىّ :

إذا ما الضَّجيعُ ثَنَى جِيدَها

تَداعَتْ فكانت عليه لِبَاسا (١)

واللَّبُوس : كلُّ ما يُلبَس من ثيابٍ [و] دِرع. ولابَسْتُ الرّجلَ حتَّى عَرفْت باطنَه. ويستعار هذا فيقال : فيه مَلْبَسٌ ، أي مُستَمتَعٌ (٢) وبقيَّة. قال :

ألا إنَّ بعد العُدْم للمرء قُنْوةً

وبعدَ المشيب طولَ عُمرٍ وملبَسا (٣)

ولِبْسُ الهودج والكعبة : ما عليهما من لِباسٍ ، بكسر اللام. لبط اللام والباء والطاء أُصَيلٌ صحيح يدلُّ على سُقوط وصَرْع. يقال : لُبِط به ، إذا صُرِع. ولَبَطَة : اسمُ رجل من هذا. والتَبَطَ الفرسُ ، إذا جَمَع قوائمه. والتَبَط الرّجلُ في أمره وتلبَّط ، إذا تحيَّر. قال :

ذو مَناديحَ وذو مُلتَبَطٍ

ورِكابي حيثُ وَجَّهتُ ذُلُلْ

__________________

(١) فى المجمل واللسان (لبس) : «تثنت فكانت».

(٢) فى الأصل : «ومستمع» ، صوابه فى المجمل.

(٣) لامرئ القيس فى ديوانه ١٤٢. وأنشد عجزه فى المجمل واللسان (لبس) بدون نسبة.


لبق اللام والباء والقاف أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على خَلْط شيء لتطييبه. يقال لبَقْتُ الطعام ولبَّقته ، إذا ليّنتَه وطيَّبتَه. ومن الباب اللَّبِق : الحاذِق بالشيء يَعملُه. ورجلٌ لبِقٌ ولَبِيق. والمصدر اللَّبَاقة. قال الشَّاعر (١) :

* لبيقاً بتصريف القناة بنانيا (٢) *

لبك اللام والباء والكاف أصلٌ صحيح يدلُّ على خَلْط شيء بشيء يقال لَبَكتُ على فلانٍ الأمرَ ألْبِكه ، إذا خلَطْتَه عليه. وسأل رجلٌ الحسن عن شيء فلم يبيِّنْ (٣) فقال : «لبَّكت علىَّ». ويقال : [لبكت](٤) الطعام بعسل وغيره ، إذا خلطتَهما. قال :

إلى رُدُح من الشِّيزَى مِلاء

لُبابَ البُرِّ يُلبَكُ بالشِّهادِ (٥)

ومن الباب : ما ذقت عَبَكةً ولا لَبَكة. يقولون : هى اللُّقمة من الحَيْس.

لبن اللام والباء والنون أصلٌ صحيح يتفرَّع منه كلمات ، وهو اللبَن المشروب. يقال : لبنتُه أَلبِنُهُ ، إذا سقيته اللَّبن. وفلانٌ لابنٌ ، أى عِنده لبن ، كما يقال تامر. قال :

__________________

(١) هو عبد يغوث بن وقاص الحارثى ، فى المفضليات (١ : ١٥٦).

(٢) صدره : وكنت إذا ما الخيل شمسها؟

(٣) فى المجمل : «سأل رجل الحسن عن شىء ثم أعاده بغير لفظ الأول».

(٤) التكملة من المجمل.

(٥) لأمية بن أبى الصلت فى ديوانه ٢٧ واللسان (رجح ، ردح ، شيز ، لبك ، شهد). وقد سبق فى (دور ، شهد).


وغَرَرتَنِي وزعمتَ أنَّكَ لابنٌ بالصَّيفِ تامرْ (١)

والمُلْبِنُ : الكثير اللَّبَن. وناقة لَبِنة : غزيرة. وإذا نَزَلَ لبنُها في ضرعها فهي مُلْبِن ، وإن كانت ذاتَ لبن فهي لَبُون ، غزيرةً كانت أو بكيئة. ورجلٌ مَلبُون إذا سَفِه عن كثرة شُرب اللَّبَن. وأمَّا الفرس المَلْبُون فالذي يُقْفَى باللَّبَن : يُؤثَر به ويقال : كم لُبْنُ غنمِك ولِبْنُها ، أي كم ذوات الدَّرِّ منها.

ومما شذَّ عن هذا الباب [اللَّبن] : وجَع العُنق من الوِساد ، يقال رجل لَبِنٌ ، إذا كان به ذلك الوجع. ومنه اللَّبِنة من الطِّين. قال ابن السكِّيت : هو أخوه بِلِبَان أمِّه ولا يقال بلَبَن أمّه ، إنَّما اللبن الذي يُشرَب. والذي أنكَرَه ابنُ السِّكِّيتِ فغير مُنكر ؛ لأنَّ ذلك مأخوذ من اللَّبَن المشروب ، كأنَّهما تلابَنَا لِباناً ، كما يقال تقاتلا قتالا. وكان ينبغي أن يقول : هو من اللَّبَن ، ولكنّه لا يقال بلَبَن أمّه إنَّما يقال بِلِبان أمِّه.

ومما يقارب هذا اللَّبَان : الصدر ، بفتح اللام. واللُّبان : الكُندُرُ ، كأنَّه لبنُ يتحلَّب من شجرةٍ. والقياس فيه واحد. ومنه اللُّبَانة ، وهي الحاجة. وقد يمكن أن يُحمل على البابِ بضربٍ من القياس ، إلَّا أنَّه إلى الشُّذوذ أقرب.

لبأ اللام والباء والهمزة كلمتان متباينتان جدًّا. فاللَّبُؤَة : الأنثى من الأُسْد. والكلمة الأخرى اللِّبَأ : الذي يُؤَكل ، مقصور مهموز. ويقال : ألْبَأتِ الشّاةُ ولدَها : أرضعته اللِّبأ* والتبأها ولدُها. ولَبأْتُ القومَ : سقيتهم لِبَأ. وعِشارٌ مَلَابِئُ ، إذا دنا نِتاجُها.

__________________

(١) للحطيئة فى ديوانه ١٧ واللسان (لبن). وقد سبق فى (تمر).


ومما شذَّ عن هذا وهو قليل لبَّأْتُ ، مثل لبَّيْت ؛ وليس بأصل.

باب اللام والتاء وما يثلثهما

لتج اللام والتاء والجيم كلمة. يقولون : اللَّتْجان [اللَّتْحان] : الجائع وامرأةٌ لَتجَى [لَتْحَى].

لتخ اللام والتاء والخاء. قال ابن دُريد : اللَّتْخ مِثل اللَّطخ (١). والله أعلم.

لتم اللام والتاء والميم كلمة. يقال : لَتَمَها ، إذا طعنها في مَنْحَرها بشَفْرة.

لتأ اللام والتاء والهمزة كلمةٌ إنْ صحت. يقولون : لَتَأَه بسهم ، إذا رماه به. ولَتَأ المرأةَ: نَكَحها. فأمَّا التِي فمؤنث الذي. يقولون اللَّتَيَّا : الأمر العظيم ، يقال وقع في اللَّتَيا والَّتِي. وهذا مما يقال إنَّ عِلْمَه دَرَج فلا يُعرَف له قياس.

لتب اللام والتاء والباء كلمةٌ تدلُّ على ملازَمةٍ ومخالطة. يقولون : لَتَبَ ثوبَه : لَبِسه. واللاتِب : المُلازِم للشَّيء لا يفارقُه. ويقولون : لَتَبَ في سَبَلَةِ الناقة ، إذا وجأ.

__________________

(١) فى الأصل : «اللتخ واللطخ» ، وصواب النص من الجمهرة (٢ : ٧) والمجمل.


باب اللام والثاء وما يثلثهما

لثغ اللام والثاء والغين. يقولون : اللُّثْغة في اللسان أن يقلب الرّاءَ غينا والسِّين ثاء(١).

لثق اللام والثاء والقاف ، كلمةٌ تدلُّ على ترطيب الماء والمطرِ الشَّيء. من ذلك اللَّثَق ، وقد ألثَقَه المطرُ ، إذا بَلَّه.

لثم اللام والثاء والميم أُصَيل يدلُّ على مُصَاكَّةِ شيء لشيء أو مضامَّته له. من ذلك : لَثَم البعيرُ الحجارةَ بِخُفِّهِ ، إذا صَكَّها. وخفٌ مِلْثَمٌ : يصكُّ الحجارة. ومن المضامَّة اللِّثام : ما تُغطَّى به الشّفةُ من ثوبٍ. وفلانٌ حسنُ اللِّثْمة ، أي الالتثام. وخفٌ مَلْثُوم مثل مرثوم ، إذا دَمِي. ومن الباب لَثِمَ الرّجُل المرأةَ (٢) ، إذا قبَّلها.

لثي اللام والثاء والحرف المعتل كلماتٌ تدلُّ على تولُّد شيء. من ذلك اللَّثَى ، وهي صَمغةٌ. ويقال للوسخ اللَّثَى. ويقولون : اللَّثَى : وطْءُ الأخفاف إذا كان مع ذلك نَدًى من ماءٍ أو دم. قال :

* بِهِ مِن لَثَى أخفافِهنَّ نجيعُ (٣) *

__________________

(١) انظر البيان (١ : ٣٤ ، ٧١).

(٢) لثم ، هذا ، من باب سمع وضرب.

(٣) أنشد هذا العجز فى المجمل واللسان (لثى).


باب اللام والجيم وما يثلثهما

لجح اللام والجيم والحاء كلمة. يقولون : اللُّجْح : مكانٌ منخفِض في الوادي.

لجذ اللام والجيم والذال. يقولون : لَجِذَ الكلب الإناء : لَحِسَه.

لجف اللام والجيم والفاء كلمةٌ تدلُّ على هَزْمٍ في الشّيء. يقال : تلجَّفت البِثرُ ، إذا انخسَفَ أسفلُها. قال : واللَّجَف : سُرّة الوادِي ، وتشبَّه الشَّجّة لمنْفَهِقَة بذلك. قال :

* يَحجُّ مأمومةً في قَعْرِها[لَجَفٌ](١) *

لجم اللام والجيم والميم كلمةٌ ، وهي اللِّجام. يقال : ألجَمْتُ الفَرَس.

لجن اللام والجيم والنون كلمتان : اللُّجَيْن : الفضَّة. واللَّجِينُ : حشيشٌ يُضرَب بالحِجارة حتى يتلجَّن ، كأنّه تغضّن. قال :

وماء قد وردتُ لِوَصلِ أَرْوَى

عليه الطَّيرُ كالوَرَقِ اللَّجِينِ (٢)

لجأ اللام والجيم والهمزة كلمة واحدة ، وهي اللَّجَأ والملجأ : المكان يُلتجَأ إليه. يقال: لجأت والتجأت. وقال في اللَّجَأ :

__________________

(١) التكملة مما سبق فى (أم ، حج) حيث ذكر فى الحواشى نسبة البيت وتخريجه وعجزه :

فاست الطبيب فذاها كالمغاريد

(٢) البيت للشماخ فى ديوانه ٩١ واللسان (لجن).


جاءَ الشِّتاءُ وَلمَّا اتَّخِذْ لَجَأَ

يا حَرَّ كَفَّىَّ من حَفْر القراميصِ (١)

لجب اللام والجيم والباء كلمتان متباينتان جدًّا.

فالأولى اللَّجَب : الْجَلَبة. يقال جيشٌ ذو لَجَب ، وبحرٌ ذو لَجَب ، إذا سُمِع اضطرابُ أمواجه.

والكلمة الأخرى : عَنْزٌ لَجْبَة ، والجمع لِجَابٌ (٢) ، وهي التي ارتفع لبنُها. قال :

عَجِبَتْ أبناؤُنا من فِعلِنا

إذْ [نَبِيعُ] الخيل بالمِعزَى اللِّجابِ (٣)

باب اللام والحاء وما يثلثهما

لحد اللام والحاء والدال أصلٌ يدلُّ على ميلٍ عن استقامةٍ. يقال : ألْحَدَ الرّجلُ ، إذا مال عن طريقةِ الحقِ (٤) والإيمان. وسمِّي اللّحدُ لأنّه مائلٌ في أحد جانِبَيِ الجَدَث. يقال : لحَدْت الميِّتَ وألحدت. والمُلْتَحَد : الملجأ ، سمِّي بذلك لأنَّ اللاجئ يميل إليه.

لحز اللام والحاء والزاء كلمةٌ تدلُّ على ضِيقٍ في الشَّيء. من ذلك

__________________

(١) سبق البيت فى (ربض) برواية أخرى. وفى الأصل : «ما خر كفى من حفر الكراميص» ، تحريف.

(٢) ولجبات أيضا ، بالتحريك ، كما فى المجمل. وهذا الجمع الأخير غير قياسى ، والقياس إسكان الجيم فيه لأنه صفة لا اسم. واعتذر سيبوبه بأن من العرب من يقول شاة لجبة بالتحريك فجاء الجمع على قياسه. اللسان (لجب).

(٣) لمهلهل بن ربيعة ، كما فى اللسان (لجب). وأنشده فى المجمل. وانظر الاشتقاق ٢١٣.

(٤) فى الأصل : «الحد».


المَلَاحِز ، وهي المَضَايق* ويقال : تلاحَزَ القومُ في القول ، إذا تعاوصوا (١). واللَّحِز : الرَّجل الضيِّق الخُلُق. قال :

ترى اللَّحِزَ الشّحيحَ إذا أُمِرَّت

عليه لمالِهِ فيها مُهِينا (٢)

لحس اللام والحاء والسين كلمةٌ تدلُّ على أخْذِ شيءِ باللسان. يقال : لَحِسَ الشّيءَ بلسانه لَحْسًا. ويقولون : ألْحَسَتِ الأرض : أنبتت. وهذا إنما يكون في أوَّل النّبات الذي لا يمكِن السّائمةَ جَزُّه ، فكأنها تلْحسُه. ويقولون : رجل مِلْحَسٌ : يأخذ كلَّ ما قدَرَ عليه من حِرصه. وفي كلامهم : «ألدُّ ألْيَسُ مِلْحَس (٣)». ويقولون : «أسرع مِن لَحْس الكلب أنفَه». ويقولون : «تركْتُ فلاناً بمَلَاحِسِ البَقرِ أولادَها (٤)».

لحص اللام والحاء والصاد كلمةٌ تدلُّ على ضيقٍ في شيء. يقال : لَحِصَ يَلْحَصُ لَحَصاً. قال :

قد كنتُ خَرَّاجًا وَلُوجًا صَيْرَفا

لم تلتحِصني حَيْصَ بَيْصَ لَحَاصِ (٥)

أي لم أنْشَبْ فيها. ولَحَاصِ فَعَالِ منه. ويقال : التحَصَت الإبرُة ، إذا انْسَدَّ سَمُّها.

لحظ اللام والحاء والظاء كلمتان متباينتان.

__________________

(١) فى الأصل : «تغاوصوا» ، صوابه فى المجمل والقاموس. وفى اللسان : «إذا تعارضوا الكلام بينهم».

(٢) لعمرو بن كلثوم ، فى معلقته المشهورة.

(٣) هو فى حديث أبى الأسود : «عليكم فلانا فإنه أهيس أليس ألد ملحس».

(٤) فى اللسان : «هو مثل قولهم بمباحث البقر. أى بالمكان القفر بحيث لا يدرى أين هو».

(٥) لأمية بن أبى عائذ الهذلى ، كما سبق فى حواشى (بيص ، حيص).


فاللَّحْظ : لحظُ العَين ؛ ولِحَاظُها : مُؤْخِرُها عند الصُّدْغ.

والكلمة الأخرى اللِّحاظ : ما يَنْسَحِي مع الرِّيش إذا سُحِيَ مع الجَنَاح.

لحف اللام والحاء والفاء أصلٌ يدلُّ على اشتمالٍ وملازَمة. يقال : التَحَف باللِّحاف يلتحِف. ولاحَفَه : لازَمَه. وأَلْحَفَ السّائل : أَلَحَّ.

لحق اللام والحاء والقاف أصلٌ يدلُّ على إدراكِ شيءٍ وبُلوغه إلى غيره. يقال : لَحِقَ فلانٌ فلاناً فهو لاحق. وألْحَقَ بمعناه. وفي الدعاء : «إن عَذَابَكَ بالكُفَّار مُلْحِقٌ (١)». قالوا : معناه لاحق. وربما قالوا : لَحِقْتُه : اتَّبَعْتُه ، وألحقتُه : وصلت إليه. والمُلْحَق : الدعىُّ المُلصَق. واللَّحَق في التَّمرِ : [داءٌ يُصِيبُه (٢)]

لحك اللام والحاء والكاف أصلٌ يدلُّ على مُلاءَمة (٣) ومُداخَلة. يقال : لُوحِكَ فَقَار النّاقة ، فهو مُلاحَكٌ ، إذا دَخَل (٤) بعضُه في بعض. ويقال ذلك في البُنْيان أيضاً.

لحم اللام والحاء والميم أصلٌ صحيح يدلُّ على تداخُل ، كاللَّحمِ الذي هو متداخِلٌ بعضُه في بعض. من ذلك اللَّحْم. وسمِّيت الحربُ مَلْحَمةً لمعنيين : أحدهما تَلَاحُمُ الناس : تداخُلُهم بعضِهم في بعض. والآخر أنَّ القتلى كاللَّحْمِ الملْقَى.

__________________

(١) من القنوت ، وكذا الرواية فى المجمل واللسان. ويروى : «إن عذابك الجد». وانظر مجالس ثعلب ٤٧٠ والمغنى لابن قدامة (٢ : ١٥٣).

(٢) التكملة من المجمل.

(٣) فى الأصل : «ملامة».

(٤) فى المجمل : «دوخل».


واللَّحيم : القتيل. قال الهُذَلىّ (١) :

فقالوا تَركنا القومَ قد حَصِرُوا به

فلا ريب أنْ قد كان ثَمَ لَحِيمُ

ولَحْمة البازِي (٢) : ما أُطعم إذا صاد ، وهي لُحْمته. ولحمة الثَّوب بالضم ولَحمتُه أيضاً. ورجلٌ لَحِيم : كثير اللَّحم ؛ ولاحِمٌ ، إذا كان عنده لحم ، كما يقال تامِر. وألْحَمْتُك عِرضَ فُلانٍ ، إذا مكَّنتَه منه بشَتْمِه ، كأنَّك جعلتَ له لُحمةً يأكلها ويقال : لاحَمْتُ بين الشَّيئين ولاءمت بمعنًى. ورجلٌ لَحِمٌ : مشتهِي اللَّحم ؛ ومُلحِمٌ ، إذا كان مُطعِمَ اللَّحم. والشَّجَّة المُتَلَاحِمَة : التي بلغَتْ اللَّحم. ويقال للزَّرْعِ إذا خُلِق فيه القَمح : مُلْحِم. ويقال لَحَمْتُ اللّحمَ عن العظم : قشرتُه. وحَبْلٌ مُلاحَمٌ : شديدُ الفَتل.

لحن اللام والحاء والنون له بناءان يدلُّ أحدهما على إمالةِ شيء من جهته ، ويدلُّ الآخَر على الفطنة والذَّكاء.

فأمّا اللَّحْن بسكون الحاء فإمالة الكلامِ عن جهته الصحيحة في العربية. يقال لَحَن لَحْنا. وهذا عندنا من الكلام المولَّد ، لأنَ اللَّحن مُحْدَث لم يكن في العرب العاربة الذين تكلَّموا بطباعهم السَّليمة.

ومن هذا الباب قولهم : هو طيِّب اللَّحْن ، وهو يقرأ بالألحان ؛ وذلك أنَّه إذا قرأ كذلك أزال الشَّيء عن جهته الصحيحة بالزِّيادة والنُّقصان في ترنُّمه. ومنه أيضاً : اللَّحْن : فَحْوى الكلام ومعناه. قال الله تعالى : (وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ). وهذا هو الكلام المُوَرَّى به المُزَالُ عن جهة الاستقامة والظُّهور.

__________________

(١) هو ساعدة بن جؤية الهذلى ، كما سبق فى حواشى (ريب).

(٢) بضم اللام وفتحها.


والأصل الآخر اللَّحَن ، وهي الفِطنة ، يقال لَحِنَ يَلْحَنُ لَحْناً ، وهو لَحن ولَاحِن. وفي الحديث : «لَعَلَّ بعضَكم أن يكون ألْحَنَ بحُجّته من بعض».

لحي اللام والحاء والحرف المعتل أصلان صحيحان ، أحدهما عضوٌ من الأعضاء ، والآخر قِشْر شيء.

فالأولى اللَّحْي : العظم الذي تَنبت عليه اللِّحية من الإنسان وغيره ، والنِّسبة إليه لَحَوِيّ. واللِّحية : الشعر ، وجمعها لِحًى (١) ، وجمع اللَّحْي ألْحٍ (٢).

والأصل الآخر اللِّحاء ، وهو قِشْر الشجرة ، يقال لَحَيت العصا ، إذا قشرتَ لحاءَها ، وَلحَوتُها. فأمَّا في اللَّوْم فلحيت. وهو قياسُ ذاك ، كأنَّه يريد قشره. والمُلَاحَمَة كالمشاتمة. قال أوس في لَحَيْت العصا :

لَحَيْنَهم لَحْيَ العصا فطردنَهم

إلى سَنَةٍ قِرْدانُها لم تَحَلَّم (٣)

لحج اللام والحاء والجيم أصلٌ صحيح يدلُّ على تضايق ونشوب. يقال لَحِجَ بالمكان ، إذا نَشِبَ فيه ولزِمه. والمَلَاحِج المَضَايق. ومنه لَحْوَجْتُ الخبَرَ عليه ، إذا خلطتَه ولَحَّجْته مثل لَحْوجته ، وذلك أن يُظهِرَ له غير ما في نفسه ومن الباب المُلْتَحَج : الملجأ قال الهذلىّ (٤) :

[حُبَّ الضَّريكِ تلادَ المالِ زرَّمَه

فقرٌ ولم يتَّخِذْ فى الناس مُلْتَحَجا (٥)]

__________________

(١) يقال بكسر اللام وضمها.

(٢) ويقال أيضا فى جمع اللحى : لحى ولحى بكسر اللام وضمها مع كسر الحاء وتشديد الياء.

(٣) ديوان أوس ٢٧ واللسان (حلم ، لحى). وسبق فى (حلم).

(٤) فى المجمل : «فى قول الهذلى». والهذلى هذا هو ساعدة بن جؤية. ديوان الهذليين (١ : ٢٠٨).

(٥) ديوان الهذليين. وفى اللسان (لحج) بدون نسبة.


باب اللام والخاء وما يثلثهما

لخص اللام والخاء والصاد كلمةٌ واحدة ، وهي اللَّخَص ، وهو لحم الجَفْن. واللخَص: أن يكون الجَفْنُ الأعلى لَحِيماً. ورجلٌ أَلْخَصُ ، وضَرْعٌ لَخِص : كثير اللَّحم. وقولهم لَخَّصْت الشَّيء ، إذا بيّنتَه ، فهو من هذا ، كأنَّه اللحم الخالصُ إذا أُبرِز.

لخع اللام والخاء والعين كلمةٌ واحدة. قال ابن دريد : اللَّخَع : استرخاءٌ في الجِسْم(١).

لخف اللام والخاء والفاء كلمتانِ ، إحداهما اللِّخاف ، وهي حجارة بِيض رقاق ، واحدتها لَخْفَة. والأخرى قولهم : لَخَفَه بالسَّيف : ضَرَبه.

لخم اللام والخاء والميم كلمةٌ واحدة ، وهي لَخْمٌ : قبيلةٌ من اليمن. قال ابن دريد (٢) : اشتقاقُه من لَخُمَ وجهُ الرّجُل ، إذا كثُر لَحمُه وغلُظ. قال : وهو فعلٌ ممات لا يكادون يتكلَّمون به. واللُّخْم : سمكة.

لخن اللام والخاء والنون كلمة واحدةٌ ، وهي اللَّخَن ، وهو النَّتْن ، يقال : لَخِنَ السِّقاء ، إذا أنتنَ. ومنه قولهم للأَمة : لَخْناء.

لخي اللام والخاء والحرف المعتل أصلٌ صحيح يدلُّ على اعوجاجٍ

__________________

(١) الجمهرة (٢ : ٢٣٥).

(٢) الجمهرة (٢ : ٢٤٢). وفى الاشتقاق ٢٢٥ : «واشتقاق لخم من الغلظ والجفاء».


في شيء وميل. من ذلك الأَلْخَى ، هو المعوجّ. ومنه اللَّخَا : كثرة الكلام في الباطل ؛ يقال رجلٌ ألْخَى وامرأةٌ لَخْواء. وقد لَخِيَ لَخاً ، مقصور. ويقولون : اللَّخْو (١) نعت القُبُل المضطرِب. وعُقَابٌ لَخْواءُ ؛ إذا طال مِنقَارُها الأعلى الأسْفَلَ. وبعيرٌ ألخَى وناقةٌ لَخْواء ، إذا كانت إحدى ركبتيه أعظَمَ من الأخرى. ويقولون اللِّخاء (٢) : التحريش ، ويكون ذلك ميلاً عن أحد الجانبين. يقال : لَخيْتَ بي عِندَه ، إذا حرَّشَه بك فكأنَّه مال عليك. والمِلْخَى ، المُسْعُط ، يسمَّى بذلك لأنّه يكون في أحد الجانبين من الأنف (٣). [و] سمِّي غذاءُ الصبِىِ لِخاءً ، وهو الخُبْز المبلول

لخج اللام والخاء والجيم. يقولون : لَخِجَتْ عينه ، إذا التزقت. واللَّخَج : أسْوَأ الغَمَص ، وليس هذا عندي مُشْبِهاً كلام العرب.

باب اللام والدال وما يثلثهما

لدس اللام والدال والسين كلماتٌ تدلُّ على لُصوق شيء بشيء حتَّى يأخذَ منه. يقال : لَدَس المالُ النّباتَ ، أي لَحِسه. ويقال لأوَّلِ ما يَطلُع مِن النَّبات اللَّدِيس ، لأنَّ المال يلدُسه. ولُدِست النّاقةُ ، أي رميت باللَّحم ، كأنَّ السِّمَن لَمَّا لزِمَها كان كالشَّيء يَلصَق بالشَّيء. ولَدَسْتُ البعيرَ ، إذا أنعَلْتَه. ويقال

__________________

(١) ويقال أيضا «اللخى» بالفتح والقصر كما فى اللسان ، واقتصر عليه فى المجمل ، كما اقتصر هنا على «اللخو».

(٢) والملاخاة أيضا.

(٣) فى الأصل : «الفم» ، وهو سهو.


للفحولِ الشِّداد مَلَادِس ، لأنَّ كلَّ واحد منها يُلدَس بالآخر : يُعرَك (١). والله أعلم بالصَّواب.

لدغ اللام والدال والغين كلمة واحدة. يقال لُدِغ يُلْدَغ ، وهو ملدوغ ولديغ. ولدَغْتُه بكلمةٍ ، إذا نزَغْتَه (٢) بها.

لدم اللام والدال والميم أصلٌ يدلُّ على إلصاق شيءٍ بشيءٍ ، ضربا أو غيره. فاللَّدْم : ضرب الحجَر بالحجَر. قال :

ولِلفؤادِ وَجِيبٌ تحتَ أبهَرِهِ

لَدْمَ الغلامِ وراءَ الغيْب بالحجَرِ (٣)

والْتَدم النساءُ : ضرَبْنَ وجوهَهنَّ وصُدورهنَّ في المَنَاحة. واللّدْم : ضربُكَ خُبْز المَلَّة. والمَلَادِيم : المَرَاضيخُ يرضَخُ بها النَّوَى. والتدَمَتْ عليه الحُمَّى : لازمته. ولذلك يقال للحُمَّى: أمّ مِلْدَم. ويقولون : المُلَدَّم (٤) من الرِّجال : الأحمق. واللام في هذا مبدلةٌ من راء ، [كأنّه] كان متخرِّقا فرُدِّم ، أي رُقَع.

لدن اللام والدال والنون كلمةٌ واحدة. يقال للّيِّن من القضبان لَدْنٌ. ولَدُنْ بمعنى لَدَى ، أي عِندَ.

__________________

(١) فى الأصل : «يعتزل».

(٢) النزغ ، بالغين المعجمة : الطعن والنخس. وفى الأصل : «نزعته» ، تحريف.

(٣) البيت لابن مقبل ، كما فى اللسان (بهر ، لدم). وأنشده فى مجالس ثعلب ٧٤٣.

(٤) وكذا ضبط فى المجمل ، وهو ما يقتضيه الكلام بعده. وضبط فى القاموس «كمنبر» ، وكذا فى اللسان.


باب اللام والذال وما يثلثهما

لذع اللام والذال والعين يدلُّ على أصلٍ واحد ، وهو الإحراق والحرارة. من ذلك اللَّذْع : لَذْع النّار ، وهو إحراقها الشَّي ويستعار ذلك فيقال : لذَعْتُه بلسانِي ، إذا آذيتَه أذًى يسيراً. ومنه قولهم جاء فلانٌ يتلذَّع ، أي يتلفَّت يميناً وشِمالا ، كأنَّ شيئاً يُقلِقُه ويُحرِقه.

ومن الباب اللوذَعِىُ : الظَّريف ، أي كأنَّه من حركته وكَيْسِه يُلْذَع والتَذَعت القَرْحة : فاحت (١) ، لأنّها تَلتذِع وتلذَعُ صاحبَها.

لذم اللام والذال والميم كلمةٌ تدلُّ على ملازمة شيءٍ لشيء. يقال لذِمْتُ الرّجل لَذْماً : لزمته. والمُلْذَمُ (٢) : الرّجل المُولَع بالشَّيء. قال الهذلىّ (٣) :

باب اللام والزاء وما يثلثهما

لزق اللام والزاء والقاف ليس بأصلٍ ، لأنَّه من باب الإبدال. يقال لَزِق الشّيء بالشّيء يلزَق ، مثل لَصِق.

[لزك اللام والزاء والكاف (٤)] ليس هو عندي بشيء. على أنّهم

__________________

(١) فاحت : انتشرت ، أو نفحت بالدم. وفى المجمل : «تاحت» ، تحريف.

(٢) بضم الميم وفتحها.

(٣) المجمل : «وهو فى شعر الهذلى». وانظر ديوان الهذليين (١ : ٢٢٨).

(٤) تكملة ضرورية ، إذ أن الكلام بعدها إنما هو فى (لزك) لا (لزق). وهو المطابق لما فى المجمل والمعاجم المتداولة.


يقولون : لزِك (١) الجُرح ، إذا استوَى نباتُ لحمِهِ ولم (٢) يبرأْ. وهذا لا يشبهُ كلامَ العرب.

لزم اللام والزاء والميم أصلٌ واحد صحيح ، يدلُّ على مصاحَبة الشَّيء بالشىء دائماً. يقال : لَزِمه الشَّيءُ يَلْزَمُه. واللِّزَام : العذاب الملازم للكُفَّار.

لزن اللام والزاء والنون يدلُّ على ضِيقٍ في شيء أو تضايُقٍ. يقال : عَيْشٌ لَزْنٌ ، أي ضيِّق. واللَّزَن : اجتماع القوم على البئر مزدحمين. يقال : مَشْرَبٌ لزِنٌ ، إذا ازدُحِمَ عليه. والله أعلم بالصَّواب.

لزأ اللام والزاء والهمزة كلمتانِ لعلّهما أن يكونا صحيحتين. يقولون : لَزَّأَ الإبلَ تَلزِئةً ، إذا أحْسَنَ رِعْيتَها. ويقولون : لعَنَ الله أمَّا لَزَأَت به ، أي ولدَتْه.

لزب اللام والزاء والباء يدلُّ على ثبوتِ شيءٍ ولُزومه. يقال : للّازِمِ لازب. وصار هذا الشَّيءُ ضربةَ لازِبٍ ، أي لا يكاد يفارِق. قال النابغة :

ولا يَحسِبون الخيرَ لا شرَّ بعدَه

ولا يَحْسِبون الشَّرَّ ضربةَ لازِب (٣)

__________________

(١) فى الأصل : «لصق» ، تحريف ، صوابه فى المجمل واللسان.

(٢) وكذا فى اللسان. وفى المجمل : «ولما».

(٣) ديوان النابغة ٩ واللسان (لزب).


واللَّزْبة : السَّنَة الشديدة ، والجمع لَزْبات (١) كأنَّ القَحْط لَزَب ، أي ثبت فيها.

لزج اللام والزاء والجيم قريبٌ من الباب الذي قبله. يقال : لَزِجَ به ، إذا غَرِيَ به ولازَمَه. والتلزُّج : تتبُّع البقولِ والرِّعْي القليل.

باب اللام والسين وما يثلثهما

لسع اللام والسين والعين كلمةٌ واحدة. يقال : لَسَعَتْه الحيّةُ تَلْسَعُه لَسْعاً ويستعار فيقال : لسَعَه بلسانِه.

لسم اللام والسين والميم ليس بأصلٍ. يقولون في باب الإبدال : ألْسَمْتُ الرّجُل الحُجّة: ألزَمْتُه إيّاها. وألْسَمْتُه الطّريقَ : ألزمتُه إيّاه.

لسن اللام والسين والنون أصلٌ صحيح واحد ، يدلُّ على طول لطيفٍ غير بائنٍ ، في عضوٍ أو غيره. من ذلك اللِّسان ، معروف ، وهو مذكّر والجمع أَلْسُنٌ ، فإذا كثر فهي الألسنة. ويقال لَسَنْتُه ، إذا أخَذْتَه بلسانك قال طرفة :

وإذَا تَلْسُنُني ألسُنُها

إنَّني لستُ بموهون غُمُرْ (٢)

وقد يعبَّر بالرِّسالة عن اللِّسان فيؤنّث حينئذٍ. قال :

__________________

(١) ولزبات ، بالتحريك على خلاف القياس. إذ أن اللزبة صفة لا اسم. ولم يذكر فى القاموس واللسان هذا الجمع ، أى بالتحريك ، وذكر فى المجمل.

(٢) الروابة المشهورة : «بموهون فقر». الديوان ٦٥ واللسان (لسن ، وهن ، فقر).


إنِّي أتَتنِي لِسَان لا أُسَرُّ بها

من عَلْوَ لا عجبٌ فيها ولا سَخَرُ (١)

واللَّسَنُ : جَودة اللِّسان والفَصاحة. واللِّسْن : اللُّغَة ، يقال. لكلِّ قومٍ لِسْنٌ أي لغة. وقرأ ناسٌ : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ)(٢). ونعلٌ مُلَسَّنَةٌ : على صورة اللِّسان. قال كثير :

لهم أُزُرٌ حُمر الحواشِي يَطَوْنَها

بأقْدامِهِمْ في الحَضْرمىِ المَلسَّنِ (٣)

ويقولون : المَلْسُون : الكذَّاب. وهذا مشتقٌّ من اللِّسان ، لأنّه إذا عُرِف بذلك لُسِنَ ، أي تكلمت فيه الألسِنة ، كما قال :

وإذا تلسُنُنِي ألسُنُها*

والتَّلسِين : أن يُعِيرَ الرّجلُ [الرجُلَ (٤)] فصيلا لتدِرّ عليه ناقتُه ، فإذا دَرَّت نُحِّيَ الفصيلُ. ومعناه أنَّه ذاق اللَّبنَ بِلسانه.* وقَدَمٌ مُلَسَّنَةٌ ، إذا كانت فيها لَطافةٌ وطُولٌ يسير.

لسب اللام والسين والباء أصلٌ يدلُّ على إصابةِ شيءٍ لشيء بحِدَّة. يقال : لَسَبَتْه العقربُ. ولَسِبْتُ العسلَ ، إذا لَعِقْتَه. والقياس واحد ، وفرِّق بينهما بالحركات. قال أبو زيد : لَسَبَه أسواطاً : ضربه. ويقولون ، وهو من

__________________

(١) البيت لأعشى باهلة فى جمهرة أشعار العرب ١٣٥ والخزانة (١ : ٩٢) والمواهب الفتحية (٢ : ١٩) ، واللسان (لسن ، سخر).

(٢) هذه قراءة أبى السمال ، وأبى الجوزاء ، وأبى عمران الجونى. وقرأ أبو رجاء وأبو المتوكل والجحدرى : «بلُسُن» بضم اللام والسين : جمع لسان. وقرئ أيضا «بلُسْن» بالضم وسكون اللام. تفسير أبى حيان (٥ : ٤٠٥).

(٣) أنشده فى اللسان (لسن).

(٤) التكملة من المجمل.


غير هذا : إنَ اللَّسْبَ : الجَمْع (١). ويقال لَسِب بالشَّيء ، إذا لَزِق ، وهو من الكلمة الأولى.

لسد اللام والسين والدال. يقولون : لَسِدَ العَسلَ : لَعِقَه.

لسق (٢) اللام والسين والقاف ليس أصلاً ، وأصله الصاد. يقال اللَّسَق : اللَّوَى (٣). وإذا التزقت الرِّئة بالجَنْب قيل لَسِقَ لَسَقاً. والأصل لصق.

قال رؤبة :

* وبَلَّ بَردُ الماءِ أعضادَ اللّسَقْ (٤) *

باب اللام والصاد وما يثلثهما

لصغ اللام والصاد والغين ليس بشيء. على أنّهم يقولون لَصَغ الجِلد (٥) : يَبِس على العَظْم عَجَفًا (٦).

لصف اللام والصاد والفاء كلمةٌ تدل على يُبْس وبريق. يقال : لَصِفَ جلدُه لَصَفًا ، إذا لَزِق ويَبِس. ولَصَف يَلصُف ، إذا بَرَق.

__________________

(١) وكذا فى المجمل. ولم يرد هذا المعنى فى اللسان ولا فى القاموس.

(٢) كذا وردت هذه المادة ، وحقها أن تكون بعد مادة (لسع) كما فى المجمل ، ولكنى أبقيتها فى موضعها محافظة على أرقام صفحات الأصل.

(٣) اللوى : وجع فى الجوف.

(٤) ديوان رؤبة ١٠٨ واللسان (لسق). وفى الديوان : «اللزق».

(٥) ضبط فى اللسان والقاموس : «كمع» وفى المجمل بكسر الصاد.

(٦) فى الأصل : «عجيفا» ، صوابه من اللسان.


وممّا ليس من هذا اللَّصَفُ : شيءٌ ينبت في أصول الكَبَرِ ، كأنّه خِيار. ولَصَافِ : جبلٌ.

لصق اللام والصاد والقاف أصلٌ صحيح يدلُّ على ملازمةِ الشَّيء للشيء يقال لَصِق به يَلصَق لُصُوقاً (١). والمُلصق : الدّعِىّ. وفلان بلِصْقِ الحائط وبلِزْقه (٢). واللَّصَق في البعير كاللَّسَق ، وقد فسَّرناه في بيت رؤبة.

لصب اللام والصاد والباء أصلٌ صحيح يدلُّ على ضيقٍ وتضايق. فاللِّصْب : مَضِيقُ الوادي. ويقال لَصِبَ الجلدُ باللَّحمِ يَلْصَب ، إذا لَزِق به. وفلان لَحِزٌ لَصِبٌ : لا يكاد يُعطِي شيئا. ولَصِب الحاتَم في الإصبع : ضِدُّ قَلِقَ. ويقال إنَ اللَّوَاصب : الآبار الضيِّقة البعيدة القَمْر. قال كثِّير :

لواصب قد أصبحت وانطَوَتْ

وقد طَوَّل الحىّ عنها لَبَاثا (٣)

لصت اللام والصاد والتاء. يقولون : اللَّصْتُ : اللِّصّ.

باب اللام والطاء وما يثلثهما

لطع اللام والطاء والعين أصلٌ صحيح يدلُّ على انكشافِ شيء عن شيء ، وعلى كَشْفه عنه. يقال : لَطع الإنسان الشّيءَ بلسانه يلطَعُه ، إذا لَحِسَه. واللَّطَع : بياضٌ في باطِن الشَّفَة ، وذلك انكشافُ اللَّمَى عنها. وأكثر ما يعترى

__________________

(١) فى الأصل : «لصقا» ، صوابه فى اللسان. وأما اللصق بالتحريك ، فهو مثل اللسق ، وقد تقدم ذكره.

(٢) أى بجنبه. وفى الأصل : «يلصق الحائط ويلزقه» ، تحريف.

(٣) اللباث ، بالفتح : اللبث والمكث.


ذلك السُّودان. قال ابن دريد : عجوزٌ لَطْعاء تحاتَّت أسنانها. قال : واللَّطعاء : القليلة لحمِ الفَرج (١).

لطف اللام والطاء والفاء أصلٌ يدلُّ على رِفق ويدلُّ على صغَر في الشَّيء. فاللُّطف : الرِّفق في العَمل ؛ يقال : هو لطيفٌ بعباده ، أي رءوف رفيق. ومن الباب الإلطاف للبعير ، إذا لم يَهتدِ لموضع الضِّرابِ فأُلْطِفَ له.

لطم اللام والطاء والميم أصلٌ صحيح يدلُّ على ملاصقة شيءٍ لشيء ، بضربٍ أو غيره. من ذلك اللّطم : الضَّرب على الوجه بباطن الرَّاحة. ويقال لطَمَه يَلْطِمه. والتطمت الأمواج ، إذا ضَرَبَ بعضُها بعضا. واللطيم من الخيل : الذي يأخذُ البياضُ خَدَّيْه ، ويقال هو أنْ يكون البياضُ في أحدِ شِقّيْ وجهِه ، كأنَّه لُطِم بذلك البياضِ لَطْمًا. واللَّطيم : الفَصِيل ، إذا طلع سهيل أخذه الراعي وقال : أترى سُهيلاً ، والله لا تذوق عندي قَطرةً. ثمَ لطمه ونحّاه. ويقال اللَّطِيم : التاسع من سوابق الخَيل ، كأنّه لطم عن السَّبَق. والملَطَّم : الرّجُل اللّئيم ، كأنّه لُطِم حتَّى صُرِف عن المكارم. والمِلْطَم : أديم يفرش تحت العَيْبة لئلَّا يُصِيبَها التُّراب. قال :

* شقّ المعيث في أديم المِلْطَمِ (٢) *

فأمّا اللَّطيمة فيقال : السُّوق. قالوا : وهي كلُّ سوقٍ لا تكون لِميرَة. وقال آخرون : اللَّطِيمة للعِطْر. وقال بعضهم : اشتقاقُها من اللَّطْم ، وذلك أنّه يباع فيها الطيِّب الذى يسمَّى الغالِية. قال : وهى تُلطم ، لأنَّها تَضرَب عند الخلط.

__________________

(١) الجمهرة (٣ : ١٠٦).

(٢) كذا فى الأصل.


لطا اللام والطاء والحرف المعتل كلمةٌ واحدة ، وهي المِلْطاة ، في الشِّجاج ، وهي السِّمحاق التي بلغت القشرة* الرقيقة ، قال أبو عُبيد : أخبرني الواقدىّ أنّ السِّمحاق عندهم المِلطاء. قال أبو عبيد : يقال هي المِلطاة بالهاء. فإنْ كانت على هذا فهي في التقدير مقصورة. وقال تفسيرالحديث الذي جاء «انّ المِلطاةَ بدمها». : معناه حين يُشَجُّ صاحبُها يؤخذ مقدارُها تلك السّاعة ثم يقضَى فيها بالقِصاص أو الأرْش ، لا يُنظَر إلى ما يحدث فيها بعد ذلك من زيادةٍ أو نقصان. قال : وهذا قولهم ، وليس قولَ أهل العراق. واللَّطاة : دائرة تكون في جَبْهة الفَرَس.

وإذا همز قيل لَطِئتُ ألطأ (١).

لطح اللام والطاء والحاء كلمةٌ واحدة. اللَّطْح : الضَّرب بباطن الكفّ ليس بالشَّديد(٢). وفي الحديث عن ابن عباس : «فجَعَلَ يَلطَح أفخاذَنا ويقول أُبَيْنِىَ (٣) لا ترموا جَمرةَ العقبة حَتَّى تطلُع الشَّمس».

لطخ اللام والطاء والخاء أُصَيلٌ واحدٌ يدلُّ على عَرِّ شيءٍ بشيءٍ.

__________________

(١) فى الأصل : «لطئت بالطاء». على أن الفعل يقال من بابي منع وفرح.

(٢) فى الأصل : «الشديد».

(٣) كذا بالتصغير فى الأصل والمجمل. وفى اللسان : «ومنه حديث ابن عباس أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يلطح أفخاذ أغلمة بنى عبد المطلب ليلة المزدلفة ويقول : أبنى لا ترموا جمرة العقبة قبل أن تطلع الشمس» وأبينون : تصغير بنون ، قال السفاح بن بكير :

من بك لاساء فقد ساءني

ترك أبينيك إلى غير راع

وروى فى اللسان (بنى) «أُبَينَى» وتكلم فيه كلاما. فراجعه.


منه يقال : لَطَخْتُ الشَّيءَ بالشيء. وسَكرانُ مُلْطَخٌ (١) ، أي مختلط. وفي السماء لَطْخٌ من السَّحاب ، أي قليل. ولُطِخ فلانٌ بشيءٍ : عِيبَ به. قال ابن دُريد (٢) : وهو ملطوخٌ بالشّرّ وملطوخُ العِرْض. والله أعلم بالصَّواب.

باب اللام والعين وما يثلثهما

لعق اللام والعين والقاف أصلٌ يدلُّ على لَسْبِ شيء بإصبعٍ أو غيرها. يقال : لَعِقْتُ الشيء ألْعَقُهُ. ولَعَقة الدّمِ : قومٌ تحالَفُوا على حرب ثم نَحرُوا جَزُوراً فَلعِقُوا دمها. واللَّعُوق : اسمُ ما يُلعَق. واللُّعْقة : ما تأخذه المِلعقة. واللَّعْقة المرّةُ الواحدة. واللَّعْوَقة : سرعة الإنسان فيما أخَذَ (٣) فيه من عمل في خِفّة ونَزَق. ورجل لَعْوَقٌ : خفيف ، كأنّه شُبِّهَ بلَعقةٍ واحدةٍ في سُرعتها وخِفّتها. قال بعضهم : يقال ما بالأرض لَعْقَةٌ من ربيع ، ليس إلّا [في (٤)] الرُّطْب يلعقها المال. قال ويقال : لَعِقَ فلانٌ إصبَعَه ، إذا مات ، واللَّعُوقُ : أقلُّ الزاد. يقال: ما مَعَنا إلَّا لَعُوق. والمِلْعَقة : ما يُلْعَقُ به. قال الخليل : واللُّعَاق : ما بَقِيَ في فيه ، بقيَّةً مما ابتَلع.

لعن اللام والعين والنون أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على إبعادٍ وإطرادٍ. ولَعَنَ اللهُ الشيطانَ : أبعدَه عن الخير والجَنّة. ويقال للذِّئب لعين ، والرّجُل الطَّريد

__________________

(١) الصواب أن مادة هذه الكلمة هى (لخخ) ، إذ يقال ملتخ وملطخ بإبدال التاء طاء. ولكن هكذا ورد فى الأصل والمجمل.

(٢) الجمهرة (٢ : ٢٣٢).

(٣) فى الأصل «أخذوا».

(٤) التكملة من المجمل واللسان.


لعين. ورجل لُعْنة بالسُّكون : يلعنه النّاس ، [ولُعَنة (١)] : كثير اللَّعن. واللِّعان : الملاعَنَة. وقال في الطَّرِيد :

ذَعرتُ به القَطَا ونفَيتُ عنه

مَقامَ الذِّئبِ كالرّجُلِ اللّعينِ (٢)

لعو اللام والعين والحرف المعتلّ كلماتٌ غير راجعةٍ إلى قياسٍ واحد. وقد كتبت (٣) الكلبة (٤) اللّعوة : الحريصة. والرجُل اللّعْو : السيِّئُ الْخُلُق. واللُّعْوة (٥) : السَّواد حولَ حَلَمةَ الثَّدي. ويقولون : تَلَعَّى العَسَل : تعَقَّد. ويقولون للعاثر : لعاً لَكَ ، دعاء أن ينتعش. قال :

بذاتِ لَوْثٍ عَفَرْناة إذا عَثَرَتْ

فالتَّعْسُ أدنَى لها من أن أقولَ لَعا (٦)

ويقال : ما بها لَاعِي قَرْوٍ ، أي مَن يلحَس عُسًّا.

لعب اللام والعين والباء كلمتانِ منهما يتفرَّع كلمات. إحداهما اللَّعِب (٧) معروف. والتِّلْعَابة : الكثير اللَّعِب. والمَلْعب : مكان اللَّعِب. واللِّعبة : اللَّون من اللَّعب. واللَّعْبة : المرّة منها ، إلّا أنهم يقولون : لمن اللُّعْبة. ومُلاعِبُ ظِله : طائر.

__________________

(١) التكملة من المجمل.

(٢) للشماخ فى ديوانه ٩٢ واللسان (لعن).

(٣) كذا وردت هذه العبارة.

(٤) فى الأصل : «الكلمة» تحريف. وفى المجمل : «كلبة لعوة».

(٥) بضم اللام وفتحها.

(٦) للأعشى فى ديوانه ٨٣ واللسان (لعا). وقد سبق فى (عفر).

(٧) ويقال لعب أيضا ، بالكسر ، ولعب ، بالفتح.


والكلمة الأخرى اللُّعاب : ما يَسِيل من فم الصّبيّ ولعَبَ الغلامُ يَلعَب (١) : سال لُعابه. ولُعاب النَّحل : العَسَل ولُعَاب الشّمْس : السَّرَاب ، وقيل ، هو الذي كأنّه نسْج العنكبوت. وقيل : إنّ أصل الباب هو الذَّهاب على غير استقامة.

لعج اللام والعين والجيم أصلٌ واحد ، هو حَرارَةٌ في القَلْبِ. [و] منه اللَّعْج : حرارة الْحُبِّ في الفؤاد. ولَعَج يَلْعَجُ. قال أبو عبيد : لَعَجَ الضَّربُ الجِلدَ : أحرَقَه. قال الهذلىّ (٢) :

إذا تَجَرَّدَ نَوحٌ قامتَا معه

ضَرْباً ألِيماً بسِبْتٍ يَلْعَجُ الجِلِدا

ولَعَجه الأمر : اشتدَّ عليه.

لعس اللام والعين والسين كلمتانِ متباينتان : الأولى اللَّعَس ، * سوادٌ في باطن الشَّفَة. امرأةٌ لعساءُ. ونباتٌ ألْعَس : كثير ، لأنّه من رِيِّه يضرِب إلى السَّواد.

والأخرى اللَّعْوس : الأكول الحريص ، والذئب لَعْوَسٌ. قال الخليل : رجلٌ متلعِّس : شديد الأكْل.

لعص اللام والعين والصاد. يقولون : اللَّعَص : العُسْر. وفلانٌ تلَعَّص علينا : تعَسَّرَ. واللَّعَص. النَّهم في الأكْل.

لعط اللام والعين والطاء. الصَّحيح منه لونٌ من الألوان. قال ابن دريد : اللُّعْطَة : خَطٌّ بسواد (٣). ولعْطَةُ الصَّقْرِ : السُّفْعة في وجْههٍ».

__________________

(١) ويقال فى هذا المعنى لعب» بالكسر أيضاً ، والفتح أعلى. ويقال ألعب أيضاً.

(٢) هو عبد مناف بن ربع الهذلى ديوان الهذليين (٢ : ٣٩) واللسان (لعج ، جلد).

(٣) بعده فى الجمهرة : «تخطه المرأة فى خدها».


ويقال اللُّعْطة : سوادٌ في عنق الشاة. وذكر بعضهم : لَعَطَه بحقِّة : اتّقاه به (١). ومرَّ فلانٌ لاعِطاً ، أي مَرَّ معارِضاً إلى جنبِ حائط.

باب اللام والغين وما يثلثهما

لغم اللام والغين والميم كلمةٌ واحدة صحيحة ، وهي المَلَاغم : ما حَوْلَ الفم. ومنه قولهم : تلغَّمت بالطِّيب (٢) : جعلته هناك. قال ابن دريد : تلَغَّم بالطِّيب : تلطّخ (٣). فأمّا قولهم : لَغَمْتُ ألغَم لَغْماً ، إذا أخبرتَ صاحبَك بشيءِ لا يَسْتَيْقِنُهُ ، فهو من الإبدال ، إنّما هو نَغَمْتُ بالنون. قال الخليل : لَغَمَ البعيرُ لُغامَهُ : رمَى به.

لغواللام والغين والحرف المعتلّ أصلانِ صحيحان ، أحدهما يدلُّ على الشَّيءِ لا يُعتدُّ به ، والآخَر على اللهَج بالشَّيء.

فالأوَّل اللَّغْو : ما لا يُعْتَدُّ به من أولادِ الإبِل في الدِّيَة. قال الغبدىّ (٤) :

أو مائةٍ تُجعَلُ أولادها

لَغْوًا وعُرْضَ المائةِ الْجَلمدِ (٥)

يقال منه لغَا يلْغُو لَغْوًا. وذلك في لَغْو الأيمان. واللَّغا هو اللَّغو (٦) بعينهِ. قال الله تعالى : (لا يُؤاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ) ، أي ما لم تَعقِدوه بقلوبكم. والفقهاء يقولون : هو قولُ الرّجل لا والله ، وبَلى والله. وقوم يقولون : هو قولُ

__________________

(١) وكذا النص فى المجمل. وفى اللسان : «ولعطتى بحقى ، أى لوانى به ومطلنى».

(٢) فى الأصل : «بالطين» ، صوابه فى المجمل واللسان :

(٣) الجمهرة (٣ : ١٤٩).

(٤) هو المثقب العبدى ، كما سبق فى حواشى الجزء الأول ص ٥٠٧.

(٥) أنشده فى اللسان (جامد ، عرض).

(٦) فى الأصل : «واللغو» ، صوابه من المجمل.


الرّجُل لسوادٍ مُقْبِلاً : والله إنّ هذا فلانٌ ، يظنُّه إياه ، ثم لا يكون كما ظنّ. قالوا : فيمينه لغوٌ ، لأنّه لم يتعمَّد الكذِب.

والثاني قولهم : لَغِيَ بالأمر ، إذا لَهِجَ به. ويقال إنّ اشتقاق اللُّغة منه ، أي يَلْهَجُ صاحبُها بها.

لغب اللام والغين والباء أصلٌ صحيح واحد ، يدلُّ على ضعفٍ وتَعَب. تقول : رجلٌ لَغْبٌ بيِّن اللَّغابة واللُّغوبة. وقال الأصمعىّ : قال أبو عمرو : سمِعت أعرابيَّا (١) يقول : «فلانٌ لَغوبٌ جاءته كتابي فاحتَقَرها» ، فقلت : أتقول جاءته كتابي؟ فقال : أليس صحيفةً. قلت : ما اللَّغُوب؟ قال : الأحمق. وقال : تأبَّطَ شرًّا في اللَّغب :

ما ولدَتْ أمِّي من القوم عاجزاً

ولا كان رِيشِي من ذُنابَي ولا لَغْبِ (٢)

قال أبو بكر (٣) : وسهمٌ لَغْب ، إذا كان قُذَذُه بُطنانًا ، وهو ردىّ. قال شاعرٌ يصف رجلاً طلبَ أمراً فلم يَنَلْه :

* فَنجا وراشُوه بذِى لَغْبِ (٤) *

__________________

(١) فى اللسان والجمهرة (١ : ٣١٩) أنه أعرابى من أهل اليمن.

(٢) أنشده فى اللسان (لغب).

(٣) الجمهرة (١ : ٣١٨).

(٤) البيت للحارث بن الطفيل الدوسى ، كما فى الأغانى (١٢ : ٥٤) وحواشى الجمهرة (١ : ٣١٨). وصدره :

فرميت كبش القوم معتمدا


واللُّغوب : التَّعَب والإعياء والمَشَقَّة. وأتى ساغباً لاغباً ، أى جائعاً تَعِبا. قال الله تعالى : (وَما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ).

لغد اللام والغين والدال كلمةٌ واحدة. اللَّغاديد : لَحَماتٌ تكون في اللهَوات ، واحدها لُغْدُود ؛ ويقال لُغْدٌ وألغاد. وجاء فلانٌ متلغِّداً ، أي متغَيِّظاً ؛ وهذا كأنّه بلغ الغَيْظ ألغادَه.

لغز اللام والغين والزاء أصلٌ يدلُّ على التواءِ في شيء وميل. يقولون : اللُّغز : ميلُك بالشَّيء عن وَجهِه. ويقولون اللُّغَيْزَاء ، ممدود : أن يَحفِر اليربوعُ ثم يُمِيل (١) في حفره ليعمِّيَ على طالبه. والأَلْغَاز : طُرقٌ تلتوِي وتُشْكلُ على سالِكِها ، الواحد لَغَز ولغْز (٢). وأَلغَزَ فلانٌ في كلامِه. وفي حديث عمر : «نَهَى عن اللُّغَيْزَى في اليمين».

باب اللام والفاء وما يثلثهما

لفق اللام والفاء والقاف أُصَيلٌ يدلُّ على ملاءمة الأمر. يقال. لَفَقتُ الثّوبَ بالثَّوب لَفْقاً. وهذا لِفْقُ هذا ، أي يوائمه. وتَلَافَقَ أمرهم : تلاءَم.

لفك اللام والفاء والكاف. يقولون : الألْفَك : الأحْمَق.

__________________

(١) فى المجمل : «ثم يميل يميناً وشمالا».

(٢) ويقال لغز بضم ففتح أيضا.


لفم اللام والفاء والميم كلمة. يقولون : اللِّفام : ما بلَغَ طرف الأنف من اللِّثام. وتلفَّمت المرأة : ردَّت قِناعَها على فَمِها.

لفا * اللام والفاء والحرف المعتلُّ أصلٌ صحيح ، يدلُّ على انكشافِ شيءِ وكَشْفِه ، ويكون مهموزاً وغير مهموز. يقال : لفَأَتِ الرّيح السّحابَ عن وَجه السَّماء. ولَفَأْتُ اللّحمَ عن العَظْم : كَبشَطته ، ولفَوْتُه ، حكاهما أبو بكر (١). واللَّفاء : التُّراب والقُماش على وجه الأرض. يقال مثلاً : «رضِيَ من الوَفاء باللَّفاء» ، أي من وافِرِ حقِّه بالقليل. وألْفَيْتُه: لقِيته ووجدتُه ، إلفاء. وتَلَافَيْتُه : تدارَكْتُه.

لفت اللام والفاء والتاء كلمةٌ واحدة تدلُّ على اللَّيِّ وصرف الشيء عن جهتهِ المستقيمةِ. منه لَفَتُ الشّيءَ : لوَيْتُه. ولفَتُ فلاناً عن رأيه : صرفْتُه. والألْفَتُ : الرّجل الأعسَر. وهو قياس الباب : واللَّفِيتة : الغَليظة من العَصائد ، لأنّها تُلفَت ، أي تُلْوى. وامرأةٌ لَفوت : لها زوجٌ ولها ولدٌ من غيره فهي تلفتُ إلى ولدِها. ومنه الالتفات ، وهو أن تَعدِل بوجهك ، وكذا التلفّت. قال أبوبكر : ولفَتُ اللِّحاء عن الشَّجرة : قَشَرته (٢).

لفج اللام والفاء والجيم كلمةٌ واحدة. يقولون : المُلْفَج بفتح الفاء : الفقير ، وماضِي فعله ألْفَجَ. وهو من نادِرِ الكلام (٣). وأنشد :

__________________

(١) الجمهرة (٣ : ١٦٠).

(٢) الجمهرة (٢ : ٢٤).

(٣) ونظيره كلمات ثلاث أوردها ابن خالويه فى ليس من كلام العرب ، وهى أحصن فهو محصن ، وأسهب فهو مسهب ، واجر أشت الإبل فهى مجرأشة.


جارية شَبَّت شَبابًا عُسْلُجا

في حِجَر مَنْ لم يكُ عنها مُلفَجا (١)

وروي في بعض الحديث مرفوعاً : أيُدالِكُ الرّجلُ المرأةَ؟ قال : نعَمْ إذا كان مُلفَجًا». والصحيح عن الحسن (٢).

لفح اللام والفاء والحاء كلمةٌ واحدة. يقال : لفحَتْه النّار بحرِّها والسَّمومُ ، إذا أصابه حَرُّها فتغيَّرَ وجهُه [وأمّا] قولهم : لَفَحَه بالسَّيف لَفْحَةً : ضربه ضربةً خفيفة ، فإنّ الأصل فيه النون ، هو نَفَحَه.

لفظ اللام والفاء والظاء كلمةٌ صحيحة تدلُّ على طرْح الشَّيء ؛ وغالب ذلك أن يكون من الفم. تقول : لَفَظ بالكلام يَلْفِظ لَفْظا. ولفظتُ الشّيءَ من فمي. واللَّافِظَة : الدِّيك ، ويقال الرَّحَى ، والبحر. وعلى ذلك يفسَّر قوله :

فأمّا التي سَيْبُها يُرْتَجى

فأجْوَدُ جُوداً من الّلافظهْ (٣)

وهو شيءٌ ملفوظٌ ولَفِيظ.

لفع اللام والفاء والعين أُصَيلٌ صحيح يدلُّ على اشتمالِ شيء : وتلفَّعَت المرأةُ بمِرْطِها : اشتَمَلَتْ عليه ولَفَّع الشَّيبُ رأسه : شمِلَه. وتَلفع الشَّجَر (٤) : تجلَّلَ بالخُضْرة. والتفَعَت الأرضُ بالنّبات : اخضَارَّتْ ، ولَفعتُ المزادةَ : قلبتُها فجعلتُ أَطِبَّتها (٥) في وسطها.

__________________

(١) أنشده فى المجمل واللسان (لفج).

(٢) يشير إلى أنه من حديث الحسن حين سئل ذلك السؤال. انظر اللسان (لفج ، دلك).

(٣) ذكر العينى (١ : ٥٧٢) أن البيت منسوب إلى طرفة.

(٤) فى الأصل : «الرجل» ، صوابه فى المجمل.

(٥) وكذا فى اللسان والقاموس. وفى المجمل : «طبتها». والطبة بالضم والطبابة بالكسر : الجلدة التى تغطى بها الخرز ، وهى معترضة مثنية كالإصبع على موضع الخرز.


باب اللام والقاف وما يثلثهما

لقم اللام والقاف والميم أصلٌ صحيح ، يدلُّ على تناوُلِ طعامٍ باليد للفَم ، ثم يقاس عليه. ولَقِمْتُ الطّعامَ ألقَمُه ، وتلقّمته والتقَمته. ورجلٌ تِلْقَامةٌ : كثير اللَّقْم (١). ومن الباب اللَّقَم : مَنْهَج الطَّريق ، على التشبيه ، كأنّه لَقِم من مرَّ فيه ، كما ذكرناه في السِّراط ، وقد مَضى.

لقن اللام والقاف والنون كلمةٌ صحيحة تدلُّ على أخْذِ علمٍ وفَهْمِه. ولَقِن الشّيءَ لَقَناً : أخذه وفهمه. ولقَّنْتُه تلقينا : فهَّمته. وغُلامٌ لقِنٌ : سريع الفَهْم واللَّقانة.

لقي اللام والقاف والحرف المعتل أصولٌ ثلاثة : أحدها يدلُّ على عوَج ، والآخر على توافِي شيئين ، والآخر على طَرْحِ شيء.

فالأوّل اللَّقْوة : داءٌ يأخذ في الوجه يعوَجُّ منه. ورجل مَلْقُوٌّ ، ولُقِيَ الإنسانُ واللَّقْوة: الدَّلو التي إذا أرسلتَها في البِئر وارتفعت أخرى شالت معها (٢). قال :

شرُّ الدِّلاء اللَّقوة المُلازمةْ (٣) *

__________________

(١) وكذا فى المجمل. وفى اللسان : «كبير اللقم» و «عظيم». واللقم : جمع لقمة فيهما. ونحوه فى القاموس.

(٢) أى ارتفعت. وفى الأصل : «مالت معها» ، تحريف. وفى المجمل : «وارتفعت الأخرى رفعتهما معاً». وهذا المعنى لم يذكر فى المعاجم المتداولة. وفى اللسان. «ودلو لقوة : لينة لا تنبسط سريعاً للينها».

(٣) أنشده فى اللسان (لقا) وبعده : والبكرات شرهن الصائمه.

وأنشده فى المخصص (٩ : ١٦٥) شاهداً على أن الولغة : الدلو الصغيرة ، بلفظ :

شر الدلاء الولفة الملازمة

وبهذه الرواية الأخيرة ورد فى اللسان (ولغ). ونبه فى (لقا) على أنها الصحيحة.


واللَّقْوة : العُقاب ، سمِّيت بها لاعوجاجِها في منقارها. واللَّقْوة : النَّاقة السَّريعة اللِّقاح.

والأصل الآخر اللِّقاء : المُلاقاة وتَوَافِي الاثنين متقابِلَين ، ولَقِيتُه لَقْوَةً ، أي مرّة واحدة ولِقاءةً. ولقيته لُقِيًّا ولُقْياناً (١). واللُّقْيَة فُعلة من اللِّقاء ، والجمع لُقًى.

قال :

وإنِّي لأَهْوَى النّومَ من غير نَعْسَة

لعلّ لُقَاكمْ فى المنام تَكُونُ

والأصل الآخر : ألقَيْتُه : نبْذتُه* إلقاءً. والشَّىء الطَّريح لَقًى. والأصل أنّ قوماً من العرب كانوا إذا أتَوا البيتَ للطَّواف قالوا : لا نَطُوف في ثيابٍ عَصَيْنا الله فيها ، فيُلقونَها ، فيسمَّى ذلك المُلقَى لَقًى. قال ابن أحمَرَ يصِف فرخ القطاة :

تُؤْوِى لَقًى أُلقِيَ في صفصفٍ

تَصْهَرُه الشّمسُ فلا يَنْصَهِرْ (٢)

لقب اللام والقاف والباء كلمةٌ واحدة. اللَّقَب : النَّبَزُ ، واحدٌ. ولقَّبْته تلقيباً قال الله تعالى : (وَلا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ).

لقح اللام والقاف والحاء أصلٌ صحيح يدلُّ على إحبالِ ذكرٍ لأنثى ، ثم يقاس عليه ما يشبّه. منه لِقاح النَّعَم والشَّجر. أمَّا النَّعَم فتُلقِحها ذُكْرانُها ، وأمَّا الشَّجر فتُلْقِحه الرِّياح. ورياحٌ لواقح : تُلقِح السَّحابَ بالماء ، وتُلقِح الشَّجَر. والأصل في لَوَاقح مُلْقِحة لكنَّها لا تُلْقِح إلّا وهي في نفسها لَوَاقح ؛ الواحدة لاقحة ، وكذلك يقول المفسِّرون. يقال لَقِحَت النّاقةُ تَلْقَح لَقْحاً ولِقاحاً ، والناقة

__________________

(١) انظر سائر مصادره فى اللسان والقاموس.

(٢) رواية اللسان : «تروى».


لاقحٌ ولَقُوح. واللِّقْحة : الناقة تُحلَب ، والجمع لِقاحٌ ولُقُح. والمَلَاقح : الإناث في بطونها أولادُها. قال أبوبكر : والمَلاقيح (١) أيضا ولم يتكلَّموا بها بواحد ، والمَلَاقح التي هي في البطون.

ومما شذَّ عن هذا الباب : قومٌ لَقَاح ، بفتح اللام ، إذا لم يَدِينُوا لملِكٍ ، ولم يَمْلِكْهم سُلطان.

لقس اللام والقاف والسين كلمةٌ تدلُّ على نعتٍ غير مرضىّ. ولقِسَت نَفْسُه من الشَّيء : غَثَتْ. واللَّقِسُ : الرّجُل السَّيِّئُ الخُلُق ، الشَّرِه الحريص. واللَّقَس المصدر. والَّلاقِس : العَيَّاب. ولَقَسْتُ الرّجلَ ألقُسُه : عِبْتُه.

لقص اللام والقاف والصاد قريبٌ في المعنى [من] الذي قبله. ولَقِصَ لَقَصاً ، وهو لَقِصٌ ، أي ضيِّق الخلق. والتَقَص الشّيءَ : أخذَه بِحِرصٍ عليه. قال :

ومُلْتَقِصٍ ما ضَاعَ من أَهَراتِنا

لعَلَّ الذي أمْلَى له سيعاقِبُه (٢)

وربَّما قالوا : ألْقَصَه الحرُّ : أحرقَه.

لقط اللام والقاف والطاء أصلٌ صحيح يدلُّ على أخْذِ شيء من الأْرضِ قد رأيتَه بغتة ولم تُرِدْهُ ، وقد يكون عن إرادةٍ وقصدٍ أيضا. منه لَقْطُ الحَصَى وما أشبهه. واللُّقْطة : ما التقَطَه الإنسان من مالٍ ضائع. واللَّقِيط : المنبوذ يُلْقَط.

__________________

(١) فى الأصل : «والملاقح» ، وفى الجمهرة (٢ : ١٨١) يعد ذكر «الملاقح» : «وهى الملاقيح» : وفى المجمل : «والملاقيح أيضاً التى تكون فى البطون».

(٢) الأهرة ، بالتحريك : متاع البيت.


وبنو اللَّقيطة : قومٌ من العرب ، سُمُّوا بذلك لأن أمَّهم كان التقطها حذيفة بن بدرٍ في جَوارٍ قد أضرَّتْ بهنَّ السَّنَة ، فضَمَّها ، ثم أعجبَتْه فخطبها إلى أبيها وتزوّجَها. واللَّقَط ، بفتح القاف : ما التقَطْتَ من شيءٍ. والالتِقَاط : أن توافِقَ شيئاً بغتةً من كلأٍ وغيره. قال :

* ومَنْهلٍ ورَدْتُه التقاطا (١) *

ومما يشبّه بهذا اللَّقِيطة : الرّجل المَهِين. ويقولون : «لكلِّ ساقطةٍ لاقطة» ، أي لكلِّ نادرة (٢) من الكلام من يَسمَعُها ويُذِيعها. والألقاط من النَّاس : القَليلُ المتفرِّقون. وبِئر لَقيطٌ: التُقِطت التقاطاً ، أي وُقِع عليها بَغتة. واللَّقَط : قِطَعٌ من ذَهب أو فِضّة تُوجَد في المَعدِن. وتسمَّى القَطِنة (٣) لاقطَة الحصَى. ولُقَاطة الزَّرع : ما لُقِط من حَبٍّ بعد حَصَاده.

لقع اللام والقاف والعين أصلٌ صحيح يدلُّ على رَمْيِ شيءٍ بشيء وإصابتِه به. يقال : لَقَعْت الرّجُلَ [بالحصاة ، إذا رميتَه بها ، ولقعَه ببعرةٍ : رماه بها. ولقعَه بعينِه ، إذا عانَهُ. واللُّقَّاعة (٤)] : الدّاهيةُ التي يتلقَّع بالكلام ، يرمِي به من أقْصَى حَلْقِه ، وكذا التِّلِقَّاعة. وفي كلامه لُقَّاعات ، إذا تكلَّم بأقصى حَلْقِه.

__________________

(١) البيت لنقادة الأسدى ، كما فى اللسان (لقط ، قرط). وأنشده سيبويه (١ : ١٨٦) بدون نسبة.

(٢) فى المجمل : «نادة» ، وهو الأصوب.

(٣) وكذا جاء النص فى المجمل. وفى اللسان والقاموس : «لا قطعة الحصى : نانصة الطير». والقطنة ، بفتح فكسر ، وبكسر فسكون ، هى ذات الأطباق التى تكون مع النكرش. وأما القانصة فهي هنة كأنها خجير فى بطن الطائر ، وقيل هى للطير بمنزلة المصارين لغيرها.

(٤) التكملة من المجمل.


باب اللام والكاف وما يثلثهما

لكم اللام والكاف والميم كلمة واحدةٌ ، هي اللَّكْم : الضرب باليد مجموعةً. قالوا : وقياسه من الخُفِ الملَكَّم ، وهو الصَّلْب الشَّديد.

لكن اللام والكاف والنون كلمةٌ واحدة ، هي اللَّكْنَة ، وهي العِيُّ في اللِّسان. ورجلٌ ألْكَنُ وامرأةٌ لَكْناء ، وهو اللَّكَنُ (١) أيضا.

لكي اللام والكاف والحرف المعتل أو المهموز ، يدلُّ على لزوم مكانٍ وتباطؤ. ولَكِيت بفُلانٍ لَكًى مقصور ، إذا لزِمْتَه. وقال أبوبكر : لَكِيَ بالمكان ، إذا أقَامَ به ، يهمز ولا يهمز (٢). وتلَكَّأَ الرّجُل تلكُّؤًا : تباطَأَ عن الشيء ويقال : لَكأْتُ * الرجُلَ لَكأً : جلَدْتُه بالسَّوط.

لكد اللام والكاف والدال. يقولون : لكِد الشَّيءُ بالشّيء : لازَمَه ولَزِق به. ويقولون: المِلْكَد : شيءٌ يدَقَّ فيه الأشياء. واللَّكَدُ : التزاق الدّم وجُمودُه وأكلتُ الصَّمْغَ فلَكِدَ بفَمِي(٣).

وقال أبو بكر بن دريد : اللّكد : الضَّرب باليد. ومَشَى وهو يُلاكِد قَيْدَه ، إذا مَشَى فنازعَه القَيدُ خُطاه (٤).

لكع اللام والكاف والعين أصل يدل على لُؤم ودناءة. منه

__________________

(١) فى الأصل : «اللكت».

(٢) الجمهرة (٣ : ١٧١).

(٣) فى الأصل : «والكدت الصمغ فلصق بفمى».

(٤) الجمهرة (٢ : ٢٩٧).


لَكُعَ الرّجل ، إذا لَؤُم ، لَكَاعةً. وهو ألْكَع. يقال له : يا لُكَع ، وللاثنين يا ذَوَيْ لُكَع. ويقولون : بنُو اللَّكِيعة ، قالوا : وقياس ذلك اللَّكَع ، وهو الوَسَخ. واللُّكَع أيضاً : الجحش الراضع.

ومما شذَّ عن هذا الباب اللَّكْع ، وهو اللَّسْع. قال :

إذا مُسَّ دَبْرُه لَكَعا (١) *

باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوله لام

وهو قليل. من ذلك (اللهْجَم) (٢) : الطَّريق المدَيَّث ، وهي منحوتة من لهج وهجم ، كأنّه يُلهَج به حتَّى يهجُم سالكُه على الموضع الذي يَقصِدُه. وقال الخليل : هو الطَّريق الواضِح. ولعلَّ الميم فيه زائدة. وقد يُلهَج بسلوك مثله.

ومنه (اللهْذَم) : الحادَّ ، وهو مما زيدت فيه اللام من الهَذم. والهُذَام : السَّيف القاطع الحادّ (٣). والله أعلم بحقائقها.

تم كتاب اللام ، والله أعلم بالصواب

__________________

(١) البيت لذى الإصبع العدوانى ، وهو فى اللسان (خشش ، لكع) وليس فى قصيدته التى على هذا الوزن والروى فى المفضليات (١ : ١٥١) ، وقد سبق فى (خش). وهو بتمامه :

إما ترى نبله؟؟

؟ إذا مس دبره لكما

(٢) فى الأصل : «اللجم» ، صوابه فى المجمل.

(٣) فى الأصل : «الإلحاد» :



كتاب الميم

باب الميم وما بعدها في المضاعف والمطابق

من الميم والنون أصلان. أحدهما يدلُّ على قطع وانقطاع ، والآخر على اصطناع خير.

الأوّل [المنّ] : القطع ، ومنه يقال : مَنَنْتُ الحبلَ : قطعته. قال الله تعالى : (فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ). والمَنُون : المنيّة ، لأنها تنقص العدد وتقطع المدَد. والمنُ : الإعياء ، وذلك أنّ المُعْيِيَ ينقطع عن السَّير. قال :

* قلائصاً لا يشتَكِين المَنَّا*

والأصل الآخر المَنُ ، تقول (١) : مَنّ يمنّ منًّا ، إذا صنع صُنعًا جميلاً. ومن الباب المُنّة ، وهي القُوَّة التي بها قِوام الإنسان ، وربما قالوا : مَنَ بيدٍ أسداها ، إذا قَرَّع بها. وهذا يدلُّ على أنّه قطع الإحسان ، فهو من الأوّل.

مه الميم والهاء كلمتان تدلُّ إحداهما على زَجْر ، والأخرى على مَنْظَرٍ ولَذَّةٍ.

فالأولَى قولهم : مَهْ (٢). ومهمه به : زَجره بقوله له ذلك. والمَهْمَه : الخرق الأملس الواسع.

__________________

(١) فى الأصل : «المن من يقول».

(٢) فى الأصل : «مكه» تحريف. وبعدها كلام مقحم وهو «إذا زجروه ومهمه به زجروره».


والأخرى قولهم : ليس له مَهَهٌ ، إذا لم يكن جميلا. ويقولون : «كل شيء مَهَهٌ ومَهَاهٌ إلّا النِّساء وذكرَهُنّ (١)» والمَهاهُ : اللّذَّة. أنشدنا القَطّان عن ثعلب :

وليس لعيشنا هذا مَهَاهٌ

وليست دارنا الدُّنيا بدارِ (٢)

مت الميم والتاء أُصيل يدلُّ على مدٍّ ونَزْع في الشيء. يقال مَتَتُ ومدَدْتُ ومنه قولهم يَمُتّ بكذا ، إذا توصَّل بقرابةٍ وما أشبهها. ومنه المَتُ : النَّزْع من البِئر على غير بَكَرة.

مث الميم والثاء كلمتان. يقولون : مثَ يدَه : مسحها ومَثَ الشَّيءُ ، إذا كان يرشَح دَسَمًا. وقال ابن دريد (٣) : مثَ شارِبُه ، إذا أكل دَسَمًا فبقي عليه.

مج الميم والجيم كلمتانِ إحداهما تخليطٌ في شيء ، والثانية رَمْيٌ للشيء بسرعة.

فالأولى المجمجة : تخليطٌ فيما يُكتَب. ومَجمَجَ في أخباره : لم يَشْفِ ولم يُفصِح.

والأخرى مَجَ الشرابَ من فيه : رمى به. والشَّراب مُجَاج العِنَب. والمَطَر مُجَاج المُزْن. والعسل مُجاج النَّحْل. وهو هرِم ماجٌ : يمجُّ ريقَه ولا يستطيع أن يَحبسه من كِبَره. ومن باب السرعة أمَجَ في البلاد إمجاجاً : ذهب. وأمَجَ الرّجُل : أسرَعَ في عَدْوِه.

__________________

(١) أى يغار الرجل ويغضب عند ذكر حرمه ، والأصوب أن المهه هنا بمعنى اليسير الهين.

(٢) البيت لعمران بن حطان ، كما فى اللسان (مهه). والأصمعى يرويه : «مهاة».

(٣) الجمهرة (١ : ٤٨).


مح الميم والحاء ثلاثُ كلماتٍ لا تنقاس على أصلٍ واحد : الأولى مَحَ الشَّيءُ وأمَحَ ، إذا دَرَسَ وبَلِيَ. والمَحُ : الثَّوْبُ البالي.

والثانية : الرَّجل* المَحَّاح : الكذّاب الذي يُرِي بكلامه ما لا يفعله.

والثالثة المُحُ : صُفْرة البَيض. ويقال : المَاحُ بياضها (١).

مخ الميم والخاء كلمةٌ تدلُّ على خالصِ كلِّ شيء. منه مُخُ العظم ، معروف. وأمَخَّتِ الشَّاة : كثُر مخُّها. وربما سمَّوا الدماغ مُخًّا. قال :

ولا يأكلُ الكلبُ السَّرُوقُ نِعالنا

ولا يُنتَقَى المُخُ الذي في الجماجمِ (٢)

وخالصُ كلِّ شيءٍ مُخُّه.

مد الميم والدال أصلٌ واحدٌ يدلُّ على جَرِّ شيء في طول ، واتّصال شيء بشيء في استطالة. تقول : مدَدْت الشيءَ أمدُّه مَدًّا. ومَدَّ النهرُ ، ومَدَّهُ نهرٌ آخر ، أي زاد فيه ووَاصله فأطال مدّته. وأمْدَدْتُ الجيشَ بمدَدٍ. ومنه أمَدَّ الجُرْح : صارت فيه مِدَّةٌ ، وهي ما يخرج. ومنه مددت الإبل مدًّا : أسقيتها الماء بالدَّقيق أو بشيءِ تمدّه به (٣). والاسم المَدِيد. ومدُّ النهارِ : ارتفاعُه إذا امتدَّ. والمِداد : ما يكتب به ، لأنّه يُمَدُّ بالماء. ومددت الدّواةَ وأمددتها. والمَدَّة : استمدادك من الدَّواة مدَّةً بقلمك. ومن الباب المُدُّ من المكاييل ، لأنّه يمدّ المكيل بالمكيل مثله.

__________________

(١) أى بياض البيضة. والماح بتخفيف الحاء. وكذا وردت فى هذه المادة من المجمل واللسان ، والصواب أن تذكر فى مادة (ميح) ، كما فى القاموس.

(٢) البيت للنجاشى الشاعر يهجو هند بن عاصم. البيان (٣ : ١٠٩) (والخزانة ٤ : ١٤٧). وأنشده فى اللسان (مخخ ، نقا) بدون نسبة.

(٣) فى اللسان : «أن تسقيها الماء بالبزر أو الدقيق أو السمسم».


ومما شذّ عن الباب ماءٌ إمِدَّانٌ : شديد المُلوحة.

مر الميم والراء أصلانِ صحيحان ، يدلُّ أحدهما على مضىِّ شيءِ ، والآخر على خلاف الحلاوة والطِّيب.

فالأوّل مرّ الشيء يمُرّ ، إذا مضَى. ومَرُّ السَّحابِ : انسحابُه ومضيُّه. ولقيته مرّةً ومرتين إنّما هو عبارة عن زمانٍ قد مرّ. ويقولون : لقيته مرّة من المرّ ، يجمعون المرّة على المَرّ.

والأصل الآخر أمَرَّ الشَّيءُ يُمِرّ ومَرّ ، إذا صار مرًّا. ولقيت منه الأمرَّينِ ، أي شدائد غير طيِّبَة. والأمرّان : الهمّ والمرَض (١). والأمرّ : المصارين يجتمع فيها الفَرث. قال :

ولا تُهْدِي الأمَرَّ وما يليهِ

ولا تُهدِنَّ معروقَ العِظامِ (٢)

وسمِّي الأمرَّ لأنّه غير طيّب. ثم سمِّيت بعد ذلك كلُّ شدّةٍ وشديدة بهذا البناء. يقولون: أمررت الحبلَ : فتَلتُه ، وهو مُمَرّ. والمرّ : شِدّة الفَتْل. والمَرِير : الحبل المفتول. وكذلك المريرة : القُوّة منه. والمَرِيرة : عِزّة النَّفس. وكلُّ هذا قياسُه واحد. والمُرَار : شجرٌ مُرّ.

أمَّا المَرمر فضربٌ من الحجارة أبيض صافٍ. والمَرْمَرَة أيضا : نَعمة الجِسم وتَرجرُجُه. وامرأة مَرْمارة ، إذا كانت تترجرج من نَعمتها.

__________________

(١) فى المجمل : «الهرم والمرض» ، وفى أساس البلاغة «المرض والهرم» ، وفى اللسان : «الشر والأمر العظيم» ، وفى القاموس : «الفقر والهرم ، أو الصبر والثفاء» ، وهما نبتان. وفى جنى الجنتين :

«العرى والجوع».

(٢) قبله فى اللسان (مرر) :

إذا ما كنت مهدية فأعدى

من المأنات أو غدر السنام


مز الميم والزاء أصلانِ : أحدهما طعمٌ من الطعوم ، والآخر [يدلُ] على مزيّةٍ وفضل.

فالأول : المُزُّ : الشّيءُ بين الحامض والحُلْو. ويقولون : سمِّيت الخمر مُزَّاءً (١) من هذا ، وقيل بل هو من القياس الآخر.

والأصل الآخر الفضل. وله عليه مِزٌّ (٢) ، أي فَضْل. والمُزَّاء منه ؛ يقولون : هذا الشراب أمزُّ من هذا ، أي أفضل. قالوا : والمُزّاء اسم ، ولو كان نعتاً لقيل مَزَّاءُ. والتمزُّز : تمصُّص الشَّرابِ قليلاً قليلا. ويمكن أن يكون هذا من الأول.

مس الميم والسين أصلٌ صحيح واحد يدلُّ على جَسِّ الشّيء باليد. ومَسِسْتُه أَمَسُّهُ. وربَّما قالوا : مَسَسْتُ أَمُسُ. والممسُوس : الذي به مَسٌّ. كأنّ الجِنّ مسَّتْه. والمَسُوس من الماء : ما نالته الأيدي. قال :

لو كنت ماءً كنت لا

عذبَ المذاقٍ ولا مَسُوسا (٣)

مش الميم والشين أصلٌ صحيح يدلُّ على لِينٍ في الشَّيء وسهولةٍ ولُطف. منه المُشَاش ، وهي العظام اللَّيِّنة ، يقال مششتها أمُشُّها. قال :

لَحَا اللهُ صُعلوكًا إذا جَنّ ليلُهُ

مَضَى في المُشاشِ آلفًا كلَّ مَجزِرِ (٤)

__________________

(١) فى المجمل : «والمزة : الخمر اللذيذة الطعم. والمزاء اسم لها».

(٢) المز ، هذا بكسر الميم.

(٣) لذى الإصبع العدوانى ، كما فى اللسان (مسس).

(٤) البيت لعروة بن الورد ، فى ديوانه ٩٣.


والمشاش : الطِّينة اللَّيِّنة تُغرس فيها النخلة. قال :

* راسِي العُروقِ في المُشاشِ البجباجْ (١) *

وهو طيِّب المُشاش ، إذا كان بَرًّا طيّبا. ويقولون : فلانٌ يُمشُ مالَ فلانٍ ، إذا أخَذَ منه الشَّيءَ بعد الشَّيء. ومنه مَشُ اليد ، إذا مُسِحت بمنديلٍ ، لا يكون ذلك إلّا بسهولة ولين. والمَشُوش ، هو المِنديل. ومَشَشت النّاقة : حلَبتُها وتركتُ في الضَّرعِ بعضَ اللَّبن. ومَشَ الشَّيءَ : دافه في ماءٍ حتَّى يلينَ ويذوب. ويقال : مات ابنٌ لأمِّ الهَيثَم (٢) فسألناها فقالت : «ما زلت أَمُشُ له الأشْفِيَة (٣) ألدُّه تارةً وأُوجِره* أخرى ، فأبى قضاءَ الله تعالى». ومن الباب المَشَش : كلُّ ما شخَص من عظمٍ وكان له حَجْم ، ويكون ذلك من عيبٍ يُصِيب العَظْم.

مص الميم والصاد أصلٌ صحيح يدلُّ على شِبه التذوُّق للشّيء وأخْذِ خَالِصِه. من ذلك مَصِصْتُ الشيء أمَصُّه ، وامْتَصَصْته أمتصُّه. والمَصْمَصة : خلاف المَضمضة ، لأنَ المَصْمَصَة بالصاد يكون بطرف اللِّسان. ومنه مُصاص الشيء : خالصه ، وهو مقيسٌ من امْتَصَصْت الشّيء ، فهو الخالص الذي يُمتصّ. وفرس مُصامِصٌ : خالص العربية.

مض الميم والضاد أصلٌ صحيح يدلُّ على ضَغْط الشَّيء للشيء.

__________________

(١) فى الأصل : «البجاج» ، صوابه فى المجمل.

(٢) فى الأصول : «الهشيم» ، صوابه فى المجمل واللسان. وانظر بعض أحاديث أم الهيثم فى أمالى القالى (٣ : ٩٦) والمزهر (٢ : ٥٣٩ ، ٥٤٦).

(٣) وكذا فى المجمل ، وهو جمع شفاء. وفى اللسان : «الشفاء دواء معروف ، وهو ما يبرىء من السقم ، والجمع أشفية وأشاف». وبدله فى اللسان : «الأدوية».


منه مضَّنِي الشَّيءُ وأمضَّنِي : بلغ منِّي المشقّة ، كأنّه قد ضغطك. والمَضْمَضَة : تحريك الماء في الفَم وضغطه. والكحلُ يمضُ العين ، إذا كانت له حُرْقة. ومَضِيضُه : حُرقَته. ويقولون : مِضِ (١) ، وهي حكايةٌ لشيءٍ يفعله الإنسان بشفته إذا أَطمَعَ في الشيء (٢). يقولون للرّجُلِ إذا أقرَّ بحقٍّ عليه : مِضِ. ومثلٌ من أمثالهم : «إنَّ في مِضِ لطَمَعا» ، قالوا : وذلك إذا سُئِل حاجةً فكسر شفَتَيه.

مط الميم والطاء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على مدِّ الشيء. ومَطُّه : مَدُّه. والقياس فيه وفي المُطَيطاء واحدٌ ، وهو المشي بتبختُر ، لأنّه إذا فعل مَطّ أطرافَه. قال الله تعالى : (ثُمَّ ذَهَبَ إِلى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى) ، قالوا : أصله يتمطَّط ، فجعلت الطاء الثالثة ياءً للتخفيف. ومطّ حاجِبَيه : تكبَّر ، وهو منه. ومنه المَطِيطة : الماء المختلِط بالطِّين ؛ وهذا يكون إذا مدّ الماءَ مياهُ سيلٍ كدرة.

مظ الميم والظاء كلمةٌ تدلُّ على مشارَّة ومنازعة. وماظَظْتُه مماظّة ومِظاظا : شارَرتُه ونازعته. وفي الحديث : «لا تُمَاظَّ جارك فإنّه يبقى ويَذهب النّاس». ومن غير هذا المَظُّ: رمَّان البَرِّ.

مع الميم والعين كلمةٌ تدلُّ على اختلاطٍ وجلبةٍ وما أشبه ذلك. منه المَعْمعة : صوت الحريق وصوت الشُّجعان في الحرب. والمَعمعان : شدّة الحرّ.

قال ذو الرمة :

__________________

(١) مض ، بكسر الميم والضاد المشددة.

(٢) هى أن يقول الإنسان بطرف لسانه شبه لا ، وهى مع ذلك كلمة مطمعة فى الإجابة.


حَتَّى إذا مَعمعانُ الصيف هَبَّ لهُ

بأجَّةٍ نَشَّ عنها الماءُ والرُّطُبُ (١)

ومما ليس من هذا الباب «مَعَ» ، وهي كلمةُ مصاحبةٍ ، يقال : هذا مع ذاك. ويقولون في صفة النساء (٢) : «منهنَ مَعْمَع ، لها شَيْئَها أجْمَع» ، وهي التي لا تعطى أحداً شيئاً يكون معها أبداً.

مغ الميم والغين يدلُّ على شِبه ما مضى ذكره. يقولون : المغمغة : الاختلاط. قال رؤبة :

* الخُلُقِ المُمَغْمَغِ (٣) *

ويقولون : مغمغ طعامَه ، إذا روَّاه دسما.

مق الميم والقاف أصلٌ يدلُّ على طولٍ وتجاوُزِ حدّ. والطَّويل البائن أمقُ بيِّن المَقَق. والمُقَامِق من الرِّجال : الذي يتكلَّم بأقصى حَلْقه ويتشدَّق. ويقولون : مَقَقْت الطَّلعةَ : شَقَقْتُها.

مك الميم والكاف أصلٌ صحيح يدلُّ على انتقاء العَظْم ، ثم يقاس على ذلك. يقولون: تمكَّكت العظم : أخرجت مُخَّه. وامتَكَ الفصيلُ ما في ضَرع أُمِّه : شربه. والتمكّك: الاستقصاء. وفي الحديث : «لا تُمَكِّكُوا على

__________________

(١) ديوان ذى الرمة ١١ واللسان (رطب ، نشش). وصدره فى (أجج). وقد سبق فى (أج).

(٢) هو فى حديث أوفى بن دلهم ، كما فى اللسان (معع).

(٣) وكذا اقتصر على هذا القدر فى المجمل. وفى اللسان :

ما عنك خلط الحلق المغمغ

وفى الديوان ٩٧ :

ما منك خلط الكذب المغمغ


غرمائكم (١)». ويقال : سمِّيت مكّة لقلّة الماء بها ، كأنّ ماءها قد امتُكَ. وقيل سمِّيت لأنها تمُكُ مَن ظَلَمَ فيها ، أي تُهلِكه وتَقْصِمُه كما يمكُّ العظم.

وينشدون :

* يا مَكَّةُ الفَاجِرَ مُكِّي مَكَّا (٢) *

مل الميم واللام أصلانِ صحيحان ، يدلُّ أحدهما على تقليب شيء ، والآخر على غَرَضٍ (٣) من الشَّيء.

فالأوَّل مَلَلْتُ الخُبزة في النّار أمُلُّها مَلًّا ، وذلك تقليبك إيّاها فيها. والمَلَّة : الرَّماد أو التُّرابُ الحارّ. ويقال : أطعمنا خبزَ ملّةٍ وخبزةً مليلاً. والمُلْمُول : المِيل ، لأنَّه يقلّب في العين عند الكَحْل.

ومن الباب طريق مُمَلٌ : سُلِك حتَّى صار مَعْلماً. قال :

رفعناها ذَمِيلاً في

مُمَلّ مُعْمَلٍ لَحْبِ (٤)

والمَلِيلة : حُمَّى في العِظام : كأنّها تقلِّب. وباتَ يتملمَلُ على فِراشه ، أي يَقْلَق ويتضَوَّر عليه ، حتَّى كأنَّه على مَلَّة ؛ والأصل يَتَمَلَّلُ.

ومن الباب امتلَ يَعدُو ، وذلك إذا أسرَعَ* بعضَ الإسراع.

__________________

(١) فى الأصل : «لا تمكو» ، صوابه من المجمل واللسان. وفى اللسان : «يقول : لا تلحوا عليهم إلحاحا يضر بمعايشهم ، ولا تأخذوهم على عسرة ، وارفقوا بهم فى الاقتضاء والأخذ». وفى المجمل : «على غير مائكم».

(٢) بعده فى اللسان :

ولا تمكى مذحجا وعكا

(٣) الغرض ، بالتحريك : الضجر والملال.

(٤) لأبى دواد الإيادى ، كما فى المجمل واللسان (ملل).


والباب الآخَر مَلِلته أمَلُّه مَلَلاً ومَلَالةً : سئِمْتُه. وأملَلْتُ القومَ : شَقَقْتَ عليهم حَتَّى مَلُّوا ؛ وكذا أملَلْتُ عليهم.

فأمّا إملالُ الكتاب وتفسير المَلَّة فقد ذُكِرَتَا في الميم واللام والحرف المعتلّ.

باب الميم والنون وما يثلثهما

مني الميم والنون والحرف المعتلّ أصلٌ واحد صحيح ، يدلُّ على تقديرِ شيءِ ونفاذِ القَضاءِ به. منه قولهم : مَنَى له المَانِي ، أي قدَّر المقدِّر. قال الهذلىّ :

لا تأمَنَنَّ وإن أمسيْتَ في حَرَمٍ

حَتَّى تُلاقِيَ ما يَمنِي لك المَانِي (١)

والمَنَا : القَدَر. قال :

سأُعْمِلُ نَصَّ العِيسِ حتّي يكفَّني

غِنى المال يومًا أو مَنَا الحدثانِ (٢)

وماءُ الإنسان مَنِيٌ ، أي يُقَدَّر منه خِلْقَتُه. والمنيَّة : الموت لأنّها مقدَّرة على كلٍّ. وتمنِّي الإنسانِ كذا قياسه ، أملٌ يقدِّرُه (٣). قال قوم له ذلك (٤) الشّيء الذي

__________________

(١) البيت لأبى قلابة الهذلى فى ديوان الهذليين (٣ : ٣٩) واللسان (منى). على أن إنشاده فيهما :

ولا تقولن لقىء سوف أفعله

حتى تبين ما بمعنى لك المانى

وابن برى يراه ملفقاً من بيتين لسويد بن عامر المصطلقى ، وهما :

لا تأمن الموت في حل ولا حرم

إن المنايا توافى كل انسان

واسلك طؤيقك فيها غير محتصم

حتى تلاقى ما يمعنى ل المانى

(٢) البيت من أبيات لأعرابى من باهلة فى البيان (١ : ٢٣٤) والكامل ١٧٨ ليبسك وعيون الأخبار (١ : ٢٣٩).

(٣) فى الأصل : «أمل أن يقدره».

(٤) كذا ولعل وجه الكلام : «وقال قوم أن تحدثه نفسه بذلك».


يَرجُو. والأمْنِيَّة : أُفعولةٌ منه. ومِنى (١) : [مِنَى (٢)] مكّة ، قال قومٌ : سمِّي به لما قُدِّر أن يُذبَح فيه : من قولك مَنَاه الله.

ومما يَجرِي هذا المجرى المَنَا : الذي يُوزَن به ، لأنَّه تقديرٌ يُعمل عليه (٣). وقولنا : تمنَّى الكِتابَ : قرأه. قال الله تعالى : (إِلَّا إِذا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ)، أي إذا قرأ. وهو ذلك المعنى ، لأن القراءة تقديرٌ ووضع كُلِّ آية موضِعَها. قال :

تمنَّى كتابَ الله أَوَّل لَيلِهِ

وآخِرَهُ لاقى حِمام المقادرِ (٤)

ومن الباب : مانَى يُمانِي مماناةً ، إذا بارَى غيرَه. وهو في شِعر ابن الطَّثْرِيّة :

سَلِي عَنِّيَ النّدمان حين يقول لي

أخو الكأسِ مانِي القومَ في الخَيرِ أورِدِ (٥)

وهذا من التَّقدير ، لأنَّه يقدِّر فِعله بفِعل غيرِه يريد أنْ يساوِيَه. وأمّا مُنْيَةُ النّاقة ، فهي الأيام التي يُتعرَّف فيها ألاقِحٌ هي أم حامل.

__________________

(١) فى معجم البلدان أنها منونة. وفى القاموس : «ومنى كإلى قرية بمكة ، وتصرف». وفى المصباح : «والغالب عليه التذكير فينصرف».

(٢) التكملة من المجمل.

(٣) فى المصباح المنير أن المنا : الذى يكال به السمن وغيره ، وقيل الذى يوزن به ، رطلان ، والتثنية منوان ، والجمع أمناء. وفى لغة تميم من بالتشديد والجمع أمنان.

(٤) أنشده فى اللسان (منى) بدون نسبة. والبيت لحسان بن ثابت فى تفسير أبى حيان (٦ : ٣٨٢) وليس فى ديوانه. ومن مشهور ما قال فى عثمان :

ضحوا بأشمط عثوان السجود به

يقطع الليل تسبيحا وقرانا

(٥) أنشد قطعة من البيت فى المجمل.


منح الميم والنون والحاء أصلٌ صحيح يدلُّ على عَطِيّة. قال الأصمعي : يقال امتُنِحْتُ المالَ ، أي رُزِقْتُه (١). قال ذو الرُّمّة :

نَبَتْ عيناكَ عن طللٍ بِحُزْوَى

مَحته الرّيحُ وامتُنِحَ القِطارا (٢)

والمنيحة : مَنِيحة اللبن (٣) ، كالنَّاقة أو الشَّاةِ يُعطِيها الرَّجلُ آخَرَ يحتلبُها ثم يردُّها. والناقة المُمانِحُ : التي يبقى لبنُها بعد ذهابِ ألبان [الإبل (٤)] ، وهي المَنُوح أيضاً. والمَنيح : القِدْح (٥) لا حَظَّ له في القَسْم إلَّا أن يُمنحَ شيئا ، أي يُعطاه. ويقال المنيح أيضا : الذي لا يُعتدُّ به ، وقيل هو الثّامن من سِهام المَيسِر.

منع الميم والنون والعين أصلٌ واحد هو خلاف الإعطاء. ومنَعتُه الشّيءَ منعاً ، وهو مانِعٌ ومَنّاع. ومَكانٌ منيع. وهو في عِزٍّ ومَنْعَة (٦).

__________________

(١) لم يرد هذا المعنى فى اللسان ، وجاء فى القاموس. وفى القاموس أيضاً : «امتنح ـ بالبناء للفاعل فى هذا ـ : أخذ العطاء».

(٢) ديوان ذى الرمة ١٩٣ ، برواية «عفته الريح».

(٣) كذا فى الأصل. وفى المجمل واللسان : «متحة اللبن».

(٤) التكملة من اللسان والمجمل.

(٥) القدح ، بالكسر : واحد قداح الميسر. وفى الأصل : «القدر» ، صوابه فى المجمل واللسان.

(٦) المنعة تقال بالفتح وبالتحريك.


باب الميم والهاء وما يثلثهما

مهى الميم والهاء والحرف المعتلّ أصلٌ صحيح يدلُّ على إمهال وإرخاءٍ وسُهولةٍ في الشَّيء. منه أمْهَيْتُ الحَبلَ : أرخيتُه. وناسٌ يروُون بيت طرَفة :

لَعَمْرُك إنَّ الموتَ ما أخطَأَ الفَتى

لَكَالطِّوَل المُمْهَى وثِنْيَاهُ باليدِ (١)

وأمْهَيْتُ الفَرسَ إمهاءَ : أرخيتُ من عِنانه. وكلُّ شيءٍ جَرَى بسهولةٍ فهو مَهْوٌ. ولبنٌ مَهْوٌ : رقيق. وناقةٌ مِمْهاءٌ : رقيقة اللَّبَن. ونُطفةٌ مَهْوة : رقيقة. وسيفٌ مَهوٌ : رقيقُ الحدِّ ، كأنه يمرُّ في الضَّريبة مَرَّ الماء (٢). قال :

وصارمٌ أُخْلِصَتْ خَشِيبتُه

أبيضُ مَهْوٌ في مَتْنهِ رُبَدُ (٣)

ومن الباب أمهيت الحديدة : سقيتها. يريد به رقَّة الماء. والمَهَا : جمع المهاة ، وهي البِلَّوْرة ؛ سمِّيت بذلك لصفائها كأنّها ماء. قال الأعشَى :

وتَبْسِمُ عن مَهاً شَبِمٍ غَرِىٍ

إذا يعطى المقبِّلَ يستزيدُ (٤)

والجمع مَهَوات ومَهَيات. أمّا البقرة فتسمّى مَهاةً ، وأظنُّها تشبيهاً بالبِلَّورة.

__________________

(١) من معلقته ، والرواية المشهورة : «لكالطول المرخى».

(٢) فى الأصل : «فى الضرسة من الماء» ، صوابه ما أثبت.

(٣) لصخر الغى الهذلى فى ديوان الهذليين (٢ : ٦٠) وشرح السكرى للهذليين ١٢ واللسان (مها ، ربد) ، وقد سبق فى (ربد).

(٤) وكذا روايته فى المجمل ، وديوان الأعشى ٢١٥ وهو فى اللسان (مها) برواية «إذا تعطى المقبل».


ومما شذَّ عن الباب شيءٌ ذَكره الخليل ، أنّ المَهَاءَ ممدود : عيبٌ وَأوَدٌ يكون في القِدْح ويحتمل أنَّه من الباب أيضاً ؛ فإنَّ ذلك يقرب من الإرخاء ونحوِه. والثَّغر إذا ابيضَّ وكثُر ماؤه مَهاً. قال الأعشى :

وَمَهاً ترِفُّ غُروبُه

يَشفِي المتيَّم ذا الحرارهْ (١)

وفي الحديث : «جَسَدَ رجل مُمَهًّى (٢)». أي مُصَفًّى ، يشبِه المها البلّور.* وفي حديث ابن عباس لعُتْبَة بن أبي سفيان ، وكان قد أثْنَى عليه وأحسَنَ : «أمْهَيْتُ أبا الوليد». أي بالغتَ في الثَّناء واستقصيت. ويقال : أمهَى الحافِرُ وأماهَ ، أي حَفَر وأنْبَط. ولعلَّ هذا من باب القلب ، وكذلك أخواتها من الباب وربَّما سميت النُّجوم مَهًا تشبيها (٣).

مهج الميم والهاء والجيم كلمةٌ تدلُّ على شَيءِ سائل. من ذلك الأُمْهُجانُ : اللَّبَن الرَّقيق. ولبنٌ مَاهج : إذا رقَّ والمُهْجة فيما يقال : دم القلب

مهد الميم والهاء والدال كلمةٌ تدلُّ على توطئةٍ وتسهيلٍ للشَّيء. ومنه المهد ومهّدْتُ الأمرَ : وطَّأته. وتمَهَّد : تَوطَّأ والمِهاد : الوِطاء من كلِّ شيء.

وامْتَهَدَ سَنامُ البعير وغيرِه : ارتفع. قال أبو النَّجم :

* وامتَهَدَ الغاربُ فِعلَ الدُّمَّلِ (٤) *

__________________

(١) ديوان الأعشى ١١٢ واللسان (مها).

(٢) فى اللسان : «فى حديث ابن عبد العزيز أن رجلا سأل ربه أن يريه موقع الشيطان من قلب ابن آدم ، فرأى فيما يرى النائم جسد رجل ممهى».

(٣) شاهده قول أمية بن أبى الصلت :

رسخ المها فيها فأصبح لونها

في الوارسات كأنه الأثمد

 (٤) سبق فى (دمل) وكذا فى (٣ : ١٥٩) ، وأنشده فى اللسان (مهد ، دمل).


أي ارتفع وتَوَّى وصار كالمِهادِ. وجمع المهاد مُهُدٌ.

مهر الميم والهاء والراء أصلانِ يدلُّ أحدُهما على أجرٍ في شيءٍ خاص ، والآخر شَيء من الحيوان.

فالأوّل المَهْر : مَهرُ المرأةِ أجرُها ، تقول : مَهَرْتها بغير ألِفٍ ، فإذا زوَّجتَها من رجلٍ على مَهْرٍ قلت : أمْهرتُها. قال :

أُمُّكم ناكحة ضُرَيْسَا

قد أمهَرُوها أعْنُزًا وتَيسا

وامرأةٌ مَهِيرة ونساءٌ مهائر.

والأصل الآخر المُمْهِر : الفرسُ ذات المُهْر. [والمُهْر (١)] : عظم في زَوْر الفَرَس ، وهذا تشبيهٌ. قال :

* جافي اليدينِ عن مُشَاشِ المُهرِ (٢) *

مهش الميم والهاء والشين ما أحسبه أصلاً ولا فرعًا ، لكنّهم يقولون : ناقةٌ مَهْشاءُ ، أسرَعَ هُزالُها (٣). ويقولون : امتَهَشَت المرأةُ : حَلَقت وجْهَها بمُوسَى.

مهق الميم والهاء والقاف أُصَيْلٌ يدلُّ على لونٍ من الألوان. قالوا : الأمْهق : الأبيض. ويقولون : عَينٌ مَهْقَاء ، فينبغي أن تَكون الشّديدَةَ بياضٍ بياضِها. وقال ابن دريد (٤) : هو بياضٌ سمجٌ قبيح لا يخالطُه صفرةٌ ولا حُمرة ، إلّا

__________________

(١) التكملة من المجمل واللسان.

(٢) فى الأصل والمجمل : «جاء فى اليدين» ، صوابه من اللسان (مهر).

(٣) وردت الكلمة فى القاموس ، وأغفلت فى اللسان.

(٤) الجمهرة (٣ : ١٦٧).


أنّهم يقولون : المُحْمَرَّة المآقي. ويقولون : المَهَق في قول رؤبة :

* صَفَقْن أيديهِنَّ في الحَوْم المَهَقْ (١) * :

شِدَّة خُضرَة الماء.

مهك الميم والهاء والكاف ليس فيه إلّا المُمَّهِك ، وهو الطَّويل المضطرب. ويقولون للقوس اللَّيِّنة مَهُوك (٢). ويقولون للفرس الذّريع : مُمَّهِك أيضًا ، والقياسُ واحد.

مهل الميم والهاء واللام أصلانِ صحيحان ، يدلُّ أحدهما على تُؤَدة ، والآخر جنسٌ من الذائبات (٣)

فالأول التُّؤدة. تقول : مهلاً يا رجُل ، وكذلك للاثنين والجميع وإذا قال مَهْلاً قالوا : لا مَهْلَ واللهِ ، وما مَهْلٌ بمغنيةٍ عنك شيئا (٤). قال :

* وما مَهلٌ بواعظةِ الجَهُولِ (٥) *

وقال أبو عبيد : التَّمَهُّل : التقدُّم. وهذا خلاف الأوّل ، ولعلَّه أن يكون من الأضداد. وأمهَله الله : لم يُعَاجِلْه. ومشى على مُهْلته ، أي على رِسْلِه.

والأصل الآخر المُهْل ، وقالوا : هو خُثَارَة الزَّيت (٦) ، وقالوا : هو النُّحَاس الذَّائب.

__________________

(١) فى الديوان ١٠٨ : «حتى إذا ماكن» ، وفى اللسان : «حتى إذا كرعن».

(٢) وردت فى القاموس ولم ترد فى اللسان.

(٣) فى الأصل : «الذاتيات».

(٤) فى الأصل : «لا مهل ولا مهل بمغنية عنك شيئا» ، والوجه ما أثبت من المجمل. ونحوه فى اللسان.

(٥) للكميت ، كما فى اللسان (مهل). وصدره :

وكنا يا فضاه لكم فيلا

(٦) فى الأصل : «الزبد» ، صوابه فى المجمل واللسان.


مهن الميم والهاء والنون أصلٌ صحيح يدلُّ على احتقارٍ وحَقَارةٍ في الشيء. منه قولهم مَهِينٌ ، أي حقير. والمَهانة : الحَقَارَة ، وهو مَهِينٌ بيِّنُ المَهانة. ومن الباب المهْن : الخِدْمة ، والمهْنة. والماهِن : الخادم. ومَهَنْت الثّوْب : جذبته (١) وثوبٌ مَمْهُون. وربما قالوا : مَهَنْتُ الإبلَ : حلبتُها.

باب الميم والواو وما يثلثهما

موت الميم والواو والتاء أصلٌ صحيح يدلُّ على ذَهاب القُوّة من الشيء. منه المَوْتُ : خلاف الحياة. وإنما قلنا أصلُه ذَهاب القُوّة لما روِي عن النبي صلى الله عليه وسلم : «مَنْ أكلَ من هذِه الشَّجَرةِ الخبيثةِ فلا يقربَنَّ مسجِدَنا. فإنْ كنتم لابدَّ آكِليها فأمِيتُوها طَبْخاً». والمَوَتانُ : الأرض لم تُحْيَ بعدُ بزرعٍ ولا إصلاح ؛ وكذلك المَوَات. قال الأصمعىّ : يقولون اشتَرِ من المَوَتان ، ولا تشتر من الحيوان. فأما المُوتَان (٢) ، بالسكون وضم الميم ، فالموت. يقال : وقَعَ في الناس مُوتَانٌ. ويقال : ناقةٌ مُميت ومُمِيتَة للتي يموتُ ولدُها. ورجلٌ [مَوْتَانُ الفؤادِ ، وامرأةٌ (٣)] مَوْتانَة. وأُمِيتَتِ الخمرُ : طُبِخَت.* والمُسْتَمِيت للأمر : المسترسِلُ له. والمُوتَة : شِبه الجُنون يَعتَري الإنسان. والمَوْتة : الواحدةُ من المَوت. والمِيتة حالٌ من الموت ، حسنة أو قبيحة. ومَات مِيتةً جاهليَّة. والمَيْتَة : ما مات ممّا يُؤكل لحمه إذا ذُكىّ.

__________________

(١) وردت فى القاموس ولم ترد فى اللسان. وفى حواشى اللسان عن التكملة : «مهنت الثوب : مذمته». والحذم : القطع.

(٢) فى الأصل : «الموت» ، تحريف. وفى المجمل : «فأما الموتان خفيفة فالموت».

(٣) التكملة من المجمل واللسان.


موث الميم والواو والثاء كلمة ، يقولون : مُثْتُ الشيء في الماء : مَرَسْتُه بيدي ، أمُوثُه مَوثًا. ومِثْتُه أَمِيثُهُ مَيْثاً كذلك.

موج الميم والواو والجيم أصلٌ واحد يدلُّ على اضطرابٍ في الشيء. وماجَ الناسُ يَمُوجون ، إذا اضطرَبوا. وماجَ أمرُهم ومَرِج : اضطرب. والمَوْج : مَوج البحر ، سمِّي لاضطرابه. وماج يَموج مَوْجاً ومَوَجاناً. وكلُّ شيءٍ اضطربَ فقد ماج.

مور الميم والواو والراء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على تردّد. ومار الدّمُ على وَجْهِ الأرض يَمُور: انصبَّ وتردّد (١) ، وأمَرْتُ دَمَه فمَار. وفي الحديث : «أَمِرِ الدّمَ بما شئت» ويروى «أمْرِ الدّمَ». من مَرَى يَمْرِي ، وسيأتي. والمُورُ : ترابٌ تَمُور به الرِّيح. والنّاقة تمُور في سَيرِها ، وهي مَوَّارة : سريعة. قال طرفة :

صُهَابيَّةِ العُثْنُونِ مُوجَدَةِ القَرَى

بَعيدةِ وخْدِ الرِّجْلِ مَوَّارةِ اليدِ (٢)

وفَرسٌ مَوّارةُ الظَّهر. ويقولون : «لا أدري أَغَارَ أمْ مَار» ، أي لا أدري أتى غوراً أم دَارَ فرجَع إلى نجد. وانْمارت عقيقةُ الحِمار : سقطت عنه أيّام الربيع ، وكلُّ قطعةٍ منها مُوَارة. قال :

وانمارَ عنهنَ مُوَارات العِقَقْ (٣) *

__________________

(١) فى الأصل : «أنصبت وترددت».

(٢) البيت من معلقته المشهورة.

(٣) لرؤبة فى ديوانه ١٠٥ وروايته فيه :

طير عنها؟ حولى؟

؟ عنهن موارات المزق


وسمِّيت بها لأنها إذا سقطت مَارت. والمَوْر : الطريق ، لأنّ الناس يَمُورُون فيه ، أي يتردَّدون. والمَوْر : الموج. وقولهم : «فلانٌ لا يَدْرِي ما سائرٌ من مَائر» فالمائر : السَّيْف القاطع الذي يَمُور في الضَّريبة ، والسائر : الشِّعر المروىّ.

موس الميم والواو والسين. يقولون : المَوْس : حَلْقُ الرَّأس. [ويقال في النِّسبة إلى موسى موسَوِيّ. وقال الكسائي : ينسب إلى موسى وعيسى وما أشههما مما فيه الياء زائدة موسِيٌ وعيسيٌ (١)] ، وذلك أنّ الياء فيه زائدة. كذا قال الكسائىّ.

موص الميم والواو والصاد كلمةٌ واحدة ، هو المَوْص : غَسْل الثَّوْب. يقال مُصْتُه أمُوصُه. والمُوَاصَة : الغُسالة. قال امرؤ القيس :

بِأَسودَ ملتفِّ الغدائِرِ واردِ

وذي أُشَرٍ تَشُوصُه وتَمُوصُ (٢)

موع الميم والواو والعين. ماعَ الصُّفْرُ والفِضَّة في النار يُموع ويَميعُ : ذابَ.

موق الميم والواو والقاف كلمتانِ لا يرجعان إلى أصلٍ واحد. والمُوق : حُمقٌ في غَباوة. ويقولون : ماقَ البَيعُ يَمُوق : رَخُصَ.

مول الميم والواو واللام كلمة واحدة ، هي تَمَوَّلَ الرّجُل : اتخذَ مالاً. ومَالَ يَمَالُ : كثُر مالُه. ويقولون في قول القائل :

__________________

(١) التكملة من المجمل.

(٢) البيت ليس فى ديوانه المطبوع.


* مَلْأَى من الماءِ كَعَيْنِ المُولَهْ (١) *

إنّ المُولَة : العَنكبوت ؛ وفيه نظر.

موم الميم والواو والميم كلمتانِ متباينتان جدًّا. المُوم : البِرْسَام. ومِيمَ الرّجُل فهو مَمُومٌ ، والمَوْمَاة : المفَازة الواسعة الملساء ، جمعها مَوَامٍ.

مون الميم والواو والنون كلمةٌ واحدة وهي المَوْن : أن تَمُونَ عيالَك (٢) ، أي تَقوم بكفايتهم وتتحمل مَؤُونتهم. و [أمّا] المؤونة فمن المَوْن والأصل فيها مَوونة بغير همزة.

موه الميم والواو والهاء أصلٌ صحيح واحد ، ومنه يتفرّع كَلِمُه ، وهي المَوَه أصل بناء الماء ، وتصغيرهُ مُوَيْه ، قالوا : وهذا دليلٌ على أنّ الهمزة في الماء بدل من هاء. ويقال : مَوَّهْتُ الشّيءَ ، كأنّك سقيته الماء. ومَوَّهت الشّيءَ : طَلَيْتُه بفِضَّةٍ أو ذهب ، كأنَّهم يجعلون ذلك بمنزلةِ ما يُسقَاه. وقالوا : ما أحسَنَ مُوهَةَ وجهِه ، أي تَرقرُقَ ماءِ الشَّباب فيه.

ومن الباب الماوِيّة : حجر البِلَّور ، وكذلك الماوية : [المِرآة]. قال طرَفة :

وعينانِ كالماويَّتينِ استكنَّتا

بكهفَىْ حَجاجَيْ صخرةٍ قَلْتِ مَوْرِدِ (٣)

__________________

(١) أنشده فى اللسان (مول ، وله) والأرجح أن تكون من (وله) ، ويقال امرأة ولهى ، وواله ، ووالهة ، وموله ، وميلاه. وقبل البيت :

حاملة دلوك لا محموله

(٢) فى الأصل : «أن تموت بعيالك».

(٣) البيت من معلقته المشهورة.


يقال مَاهت السّفينةُ تَمُوه وتَمَاه. دَخَل فيها الماء. وأماهَتِ الأرضُ : ظهَرَ فيها نَزٌّ. وأمَاهَ الفحلُ : ألقَى ماءَه في رَحِم الأُنْثى. ورجلٌ ماهُ القَلب (١) ، أي كثير ماءِ القلب. قال الراجز :

* إنّك يا جَهضَمُ ماهُ القَلْبِ (٢) *

قالوا : ويكون صاحب ذلك بليداً ، أُخرِج ماهٌ مُخْرَج مال. وأمَهتُ السِّكّين وأمْهَيْتُه: سقيته. ويقال في النسبة إلى ماه ماهِيٌ ومائيٌ ، وإلى ماءٍ مائيٌ * وماوِيٌ.

[باب الميم والياء وما يثلثهما]

ميث الميم والياء والثاء كلمةٌ تدلُّ على سهولةٍ في شَيء. يقال مِثْتُ الشَّيء في الماءِ مَيْثاً ، إذا دُفْته (٣). والمَيثاء : الأرض السَّهلة.

ميح الميم والياء والحاء أصلٌ صحيح يدلُّ على إعطاء. وأصله في الاستسقاء. وماح يَميحُ : انحدَرَ في الرَّكىِّ فملأ الدَّلْو. قال :

* يأيُّها المائحُ دَلوِي دُونَكا (٤) *

ومِحتُه ميحا : أعطيته.

وقولهم : تَمايَحَ السّكرانُ : تَمَايل ، والعودُ أيضاً وكذا الغُصْن ـ ليس من الباب (٥).

__________________

(١) ويقال أيضاً : «ما هى القلب» ، ومعناهما الجبان أو البليد.

(٢) يروى «ماه القلب» و «ما هى القلب» ، كما فى اللسان (موه).

(٣) الدوف : الخلط والبل بالماء. وفى الأصل : «ذقته» ، تحريف.

(٤) أنشده فى اللسان (ميح).

(٥) يعنى أنها من باب الإبدال ، أى أصلها «تمايل».


ميد الميم والياء والدال أصلانِ صحيحان : أحدُهما يدلُّ على حركةٍ في شيء ، والآخَر على نفعٍ وعطاء.

فالأوّل المَيْد : التحرُّك. وماد يَميدُ. ومادت الأغصان تَمِيد : تمايلَتْ. والمَيْدان على فَعْلان : العيش النّاعم الريّان. قال ابنُ أحمر :

 ......... وصادَفَتْ

نَعِيماً وميداناً من العيشِ أخْضَرا (١)

والأصل الآخر المَيْد. ومادَ يَمِيدُ : أطْعَمَ [و] نَفَع. ومادَنِي يَميدُني : نَعَشَنِي. قالوا : وسمِّيت المائدة منه ، وكذا المَائد (٢) من هذا القياس. قال :

* وكُنت للمنتجعِينَ مائدا (٣) *

قال أبوبكر (٤) : وأصابه مَيْد ، أي دُوَارٌ عن ركوب البَحر. ومِدْتُه : أعطيتُه وأمَدْتُه بخيرٍ. وامْتَدْتُهُ (٥) : طلبت خَيره. وذهب بعضُ المحقِّقين [أنّ] أصل مَيْد الحركة. والمائدة : الخِوان لأنّها تميد بما عليها ، أي تحرِّكه وتُزحِله عن نَضَدِه (٦). ومادَهم : أطعَمهُم على المائدة. وأمّا قوله صلى الله عليه وآله وسلم : «مَيْدَ أَنَّا أُوتِينا الكتابَ مِن بعدهم (٧)». أي غير أنّا ، أو على أنّا ، فهو لغة في بَيْد أنَّا.

__________________

(١) وكذا ورد الاستشهاد بهذه القطعة فى المجمل واللسان (ميد).

(٢) فى الأصل : «وكذا المائدة».

(٣) ضبط فى المجمل بضم التاء من «كنت».

(٤) الجمهرة (٢ : ٣٠٣).

(٥) فى الأصل : «أمددته».

(٦) فى الأصل : «أى يحركه ويزمله عن نصده».

(٧) أوله كما فى اللسان : «نحن الآخرون السابقون» وحديث آخر مشهور : «أنا أفصح العرب ميد أنى من قريش ، ونشأت فى بنى سعد بن بكر».


مير الميم والياء والراء أصلٌ صحيح ، هو الميْر ، ومِرْت مَيْراً. والمِيرَة : الطعام له إلى بلده (١). وقالوا : ما عنده خَيْرٌ ولا مَيْر.

ميز الميم والياء والزاء أصلٌ صحيح يدلُّ على تزيُّلِ شيءٍ من شيء وتَزييله. وميَّزته تمييزاً ومِزْتُه مَيْزا. وامتازُوا : تميَّزَ بعضهم من بعض. ويكاد يَتَمَيَّز غيظا ، أي يتقَطَّع. وانمازَ الشّيء : انفَصَل عن الشيء. قال يصف حيّة :

قَرَى السُّمَّ حتَّى انمازَ فروةُ رأسِهِ

عن العَظْمِ صِلٌّ فاتِكُ اللَّسْعِ مارِدُ

ميس الميم والياء والسين كلمةٌ تدلُّ على مَيَلان. ومَاسَ مَيَسانًا (٢) : تبختر. وماس الغصن أيضاً. والمَيْس : شجرٌ يقال إنّه أجودُ خَشَب.

ميش الميم والياء والشين أصلٌ يدلُّ على خلطِ شيءٍ بشيء ونَفْشه. وماشَتِ المرأةُ القُطنَ بيدِها بعد الحلج. ومنه قولهم للرّجُل إذا أخبر ببعض الحديث وكتَمَ بعضا : قد ماش يَميش. وهو مأخوذٌ من مَيْش النّاقة ، أن يَحلُب بعضَ ما في الضرع ويَدَعَ بعضا ؛ فإذا جاوز الحَلب النِّصف فليس بمَيش.

ميط الميم والياء والطاء كلمةٌ صحيحة تدلُّ على دفع ومدافَعة. ومَاطَه عنه : دَفَعه. ومِطتُ الأذَى عن الطريق. يقال أَمَاطه إماطَةً. ولذلك يقال : «هم في هِياطٍ ومِياط». الهِيَاط : الصِّياح ، والمِياط : الدَّفْع. وقال الفرّاء :

__________________

(١) كذا. ولعله : «تنقله إلى بلده» أو «تجلبه».

(٢) يقال ماس ميسا ، وميسانا.


تمايَطُوا : تباعدوا وفَسَدَ ما بينهم ، تَمَايُطاً.

ميع الميم والياء والعين كلمةٌ صحيحة تدلُّ على جريانِ شيءٍ واضطرابِ شيء وحركتِه. وماعَ الشّيء يَمِيع : جَرَى على وجه الأرض. والمائع كلُّ شيءٍ ذائب (١). ومنه المَيْعة والنشاط ، وذلك للحركة. والمَيْعة : أوّل الشَّباب ، وذلك إذا ترعرعَ وتحرَّك.

ميل الميم والياء واللام كلمةٌ صحيحة تدلُّ على انحرافٍ في الشيء إلى جانب منه. مال يَميل مَيْلا. فإنْ كان خِلقةً في الشَّيء فَمَيَلٌ. يقال مال يميل مَيَلا. والمَيْلاء من الرَّمل : عقدة ضخمة تعتزل وتميل ناحيةً. والمَيْلاء : الشَّجرة الكثيرة الفروع ، وهي من قياس الباب. والأمْيَل من الرِّجال ، يقال إنَّه الذي لا يثبت على الفرس. وإن كان كذا فلأنّه يَمِيل عَن سَرْجِه. ويقال الذي لا رُمْح معه. وإن كان كذا فشاذٌّ عن الباب. وجمع الأَمْيَلِ مِيل.* قال :

غَيْرُ مِيلٍ ولا عَواوِيرَ في الهَيْ

جا ولا عُزّل ولا أكفالِ (٢)

مين الميم والياء والنون كلمةٌ واحدة ، هي المَيْن : الكَذِب. ومانَ يَمِين. قال :

وزعمتَ أنَّكَ قد قَتَلْ

تَ سَرَاتَنا كذِباً ومَيْنا (٣)

__________________

(١) فى الأصل : «ذائب منه».

(٢) للأعشى فى ديوانه ١١. وقد سبق فى (كفل) مع تخريجه.

(٣) لعبيد بن الأبرص فى ديوانه ٢٧ ومختارات ابن الشجرى ٩٠ برواية «أزعمت» فيهما.


باب الميم والهمزة وما يثلثهما

مأد الميم والهمزة والدال كلمةٌ تدل على حُسنِ حال ورِىٍّ في الشيء. المَأْد في الأغصان : الرَّيَّان الليِّن الناعم الميَّال. ومَئِدَ العرفجُ : اهتزَّ رِيًّا. ومن القياس امْتَأَد خَيرًا : كَسَبَهُ. ويَمْؤُود : مكان.

مأر الميم والهمزة والراء كلمةٌ تدلُّ على عَداوةٍ وشِدّة. منه المِئْرة : العداوة. وماءَرتُه مماءَرةً على فاعلته ، من ذلك. وأمرٌ مَئِرٌ : شديد (١).

مأق الميم والهمزة والقاف أصلٌ يدلُّ على صِفةٍ تعتري بعد البُكاء ، [و] على أنَفَة.

فالأوّل المَأق : ما يعتري الإنسانَ بعد البكاء. تقول : مَئق يَمْأَقُ ، فهو مَئِقٌ. ويقال إنّ المَأْقة : شِدّة البُكاء.

والآخَر قولهم : أمْأَقَ : إذا دَخَل في المَأْقة ، وهي الأنَفة. وفي الحديث : «ما لم تُضْمرُوا الإمَاق (٢)». أي لم تُضمِروا أنفةً مما يلزمكم من صَدَقةٍ.

مأل الميم والهمزة واللام. قد ذكروا فيها كلماتٍ ما أحسبها صحيحة ، لكنَّني كتبتُها للمعرفة. يقولون : مَألتُ للأمر : استعددت. ويقولون : امرأةٌ مَأْلَةٌ : سمينة. ويقولون : المَأْلة : الرَّوضة ، والجمع مِئال. وفي كلِّ ذلك نظر.

__________________

(١) ويقال «مئير» أيضاً ، بالمد.

(٢) فى اللسان : «وفى كتاب النبى صلى الله عليه وسلم لبعض الوفود من اليمانيين : ما لم تضمروا الإماق ، وتأكلوا الرماق. ترك الهمز من الإماق ليوازن به الرماق».


مأن الميم والهمزة والنون كلمتانِ متباينتان جِدًّا.

فالأولى المَأْنَة : الطِّفْطِفة ، والجمع مَأْنَات. قال :

إذا ما كنتِ مَهْديةً فأهدِى

من المَأَناتِ أو قِطَع السَّنامِ (١)

قال ابن دريد (٢) : مأنتُ الرّجلَ : أصبت مَأنَتَه. وقولهم : ما مأنْتُ مأنَهُ ، أي لم أشعُر به. قال الأصمعىّ : ماءَنْتُ في الأمر ، مثل ماعنت ، أي رَوَّأْتُ. أمَّا ما جاء في الحديث : «مَئِنّةٌ من فِقْه الرّجل». فمن باب إنّ ، وقد ذكر فيه.

مأي الميم والهمزة والياء كلمةٌ. يقال : المَأْي : النَّميمة والإفساد بين القوم. يقال مأيْتُ بينهم. قال :

* ومأى بينهم أخُو نُكُراتٍ (٣) *

وإما المائة فيقولون : أمْأَيْتُ الدّراهِم : جعلتُها مائة.

مأج الميم والهمزة والجيم كلمةٌ واحدة. المَأْج : المِلْح. يقال مَؤُجَ يَمؤُجُ فهو مَأجٌ بيِّن المؤُوجَة. قال :

* نأَت عنها المُؤُوجة والبحرُ (٤) *

__________________

(١) أنشده فى اللسان (مأن) والاشتقاق ١٥.

(٢) فى الجمهرة (١ : ١٦).

(٣) عجزه فى اللسان :

لم يزل ذا نيمة ماء

(٤) لذى الرمة فى ديوانه ٢١١ واللسان (عذا ، مأج) وقد سبق فى (عذى) وهو بتمامه :

بأرض هجان الترب وسمية الثرى

عذاة تأت منها المؤوجة والبحر


باب الميم والتاء وما يثلثهما

متح الميم والتاء والحاء أُصَيلٌ يدلُّ على مَدِّ الشّيءِ وإطالته. ومَتَح النّهارُ : امتدَّ. وليلٌ مَتَّاح : طويل. ومنه المَتْح وهو الاستقاء ؛ مَتَح يمتَح مَتْحا ، وهو ماتح ومَتُوحٌ. وإنما قيل ذلك لمدِّ الرشاء. وبِئر مَتوحٌ : قريبةُ المَنزَع.

متر الميم والتاء والراء. يقولون ، وما أدري ما هو : مَتَرْتُ الشَّيءَ : قطعته ؛ ولعله من الإبدال. وقال ابن دريد (١) : مَتَرْتُه مَتْراً. وامْتَرَّ الحبلُ : امتدَّ.

متس الميم والتاء والسين فيه كلمةٌ حكاها ابن دريد (٢) ، هي مَتَسه يَمْتِسُه مَتْسًا : أراغَه لينتزِعَه من بيتٍ أو غيره.

متع الميم والتاء والعين أصلٌ صحيح يدلُّ على منفعة وامتدادِ مُدّةٍ في خيرٍ. منه استمتعت بالشَّيء. والمُتْعة والمَتَاع : المنفعة في قوله تعالى : (بُيُوتاً غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيها مَتاعٌ لَكُمْ). ومتَّعت المطلَّقة بالشَّيء ، لأنَّها تنتفع به. ويقال أمْتَعْتُ بمالِي ، بمعنى تمتَّعت. قال:

خليطَينِ من شعبيْنِ شَتَّى تجاورَا

قديماً وكانا للتفرُّقِ أمتَعَا (٣)

ورواه الأصمعى : «بالتفرّق». يقول : لم تكن متعة أحدِهما لصاحبه إلّا الفِراق. ويقولون : لئن اشتريتَ هذا الغلامَ لَتَمْتَعَنَ منه بغلامٍ صالح (٤). ويقولون : حبل

__________________

(١) الجمهرة (١ : ١٣).

(٢) فى الجمهرة (٢ : ١٧).

(٣) للراعى كما فى اللسان (متع) ، وهو فى مجالس ثعلب ٣٦٧.

(٤) بعده فى المجمل واللسان : «أى لتذهبن».


ماتِعٌ : جيِّد ، ومعناهُ أنَّ المدَّة تمتدّ به. ويقولون : مَتَع النَّهارُ : طال. ومَتَع النّباتُ مُتُوعا. فأمّا قول النابغة.

إلى خير دينٍ نُسكه قد علمته

وميزانُه في سُورة البِرِّ[ماتعُ (١)]

فقالوا : معناه راجحٌ زائد. ومَتَع السّرابُ : طالَ في أوَّل النهار مُتوعاً* أيضاً. قال أبوبكر : والمتعة : ما تمتعت [به (٢)]. ونِكاح المُتْعة التي كُرِهتْ أحسَبها من هذا (٣). والمتاع من أمتعة البيت : ما يستمتع به الإِنسانُ في حوائجه. ومتَّع الله به فلاناً تمتيعاً ، وأمتَعَه به إمتاعاً بمعنًى واحد ، أي أبقاه ليستمتع به فيما أحب من السرور والمنافع.

وذهب مِن أهلِ التَّحقيق بعضُهم إلى أنَّ الأصل في الباب التلذُّذ. ومَتَع النَّهارُ لأنهُ يُتَمتَّع بضيائه. ومَتَع السّرابُ مشبَّه بتمتُّع النهار. والمتاع : الانتفاع بما فيه لذَّةٌ عاجلة. وذهبَ منهم آخَرُ إلى أنَّ الأصلَ الامتدادُ والارتفاع ، والمتاع انتفاعٌ ممتدُّ الوقت. وشراب ماتعٌ : أحمر ، أي به يُتمتَّع لجودته.

متك الميم والتاء والكاف. يقولون : المُتْك : الأُترُجّ ، ويقال الزُّماوَرْد. ويقال : المتْك(٤) : ما تُبقِيه الخاتِنة.

متل الميم والتاء واللام. يقولون : مَتَله مَتْلاً : زعزَعَه.

متن الميم والتاء والنون أصلٌ صحيح واحد يدلُّ على صلابةٍ في الشَّيء مع امتدادٍ وطول. منه المَتْن : ما صَلُب من الأرض وارتفَعَ وانقاد ، والجمع

__________________

(١) التكملة من المجمل واللسان (متع). وليس فى ديوان النابغة.

(٢) التكملة من الجمهرة (٢ : ٢٢).

(٣) فى الجمهرة : «ونكاح المتعة الذى ذكر أحسبه من هذا».

(٤) بفتح الميم وضمها.


مِتانٌ. ورأيته بذلك المَتْن. ومنه شبِّه المتنانِ من الإنسان : مُكتنِفا الصُّلْب من عَصَبٍ ولحم. ومَتَنْتُه : ضربت مَتْنَه. ويقولون : مَتْنَةٌ ، يذهبون إلى اللَّحمة.

قال امرؤُ القيس :

لها مَتْنَتَانِ خَظَاتَا كَمَا

أكبَّ على ساعِدَيه النَّمِرْ (١)

ومتَنَ قوسَه : وَتَّرها بعَقَب من عَقَب المَتْن. ومَتَن يومَه : سارَهُ أجمَعَ ، وهو على جهة الاستعارة. ومَتَنْتُه بالسَّوط أمْتِنُه : ضربتُه. وعندنا أن يكون ضرباً على المَتْن. والمُماتَنة : المباعَدة في الغاية. وسارَ سيراً مُماتِناً : شديداً بعيدا. وماتنه : ماطله. ومن الباب مُماتَنَة الشَّاعرَين ، إذا قال هذا بيتاً وذلك بيتا ، كأنَّهما يمتدَّان إلى غايةٍ يريدانِها.

ومما شذَّ عن الباب متَنْتُ الدّابةَ : شققت صَفْنَه واستخرجتُ بيضَتَه.

مته الميم والتاء والهاء. يقولون : التمتُّه : الذَّهاب في البَطَالة والغَوَاية. وهو عندنا من باب الإبدال ، الهاء من الحاء ، كأنَّه التمتُّح ، وقد ذكرناه. ومَتَهت الدّلْوَ : متحتُها.

متى الميم والتاء والحرف فيه ثلاث كلمات :

إحداها يُستفهَم بها عن زمانٍ. تقول : متى يخرُجُ زيد؟

والكلمة الأخرى من بابِ الإبدال. يقولون : تَمتَّى في نَزْع القَوس ، وهو من تَمَطَّى وتمطَّطَ ، وقد ذُكِر. قال امرؤ القيس :

__________________

(١) ديوان امرئ القيس ١٤ واللسان (متن ، خظا).


فأتَتْه الوحشُ واردةً

فتَمتَّى النَّزْعَ في يَسَرِهْ (١)

والثالثة كلمةٌ هذليَّة ، يقولون : جعلته متى كُمِّي ، أي في وسط كُمِّي. قال أبو ذؤيب:

شربنَ بماءِ البحرِ ثم ترفَّعَتْ

متى لُججٍ خُضْرٍ لهنَّ نئيجُ (٢)

باب الميم والثاء وما يثلثهما

مثع الميم والثاء والعين كلمة واحدة. يقولون : المَثْعاء : مِشْيةٌ قبيحة (٣). يقال : مَثَعَت الضّبُع تَمثَع. قال الرّاجز (٤) :

* كالضَّبُعِ المثعَاءِ عَنّاها السُّدُمْ (٥) *

مثل الميم والثاء واللام أصلٌ صحيح يدلُّ على مناظرَة الشّيء للشيء. وهذا مِثْل هذا ، أي نَظِيرُه. والمِثْل والمِثال في معنًى واحد. وربَّما قالوا مَثِيل كشبيه. تقول العرب : أمثَلَ السُّلطانُ فلاناً : قتَلَه قَوَداً ، والمعنى أنَّه فعل به مِثلَ ما كان فَعَلَه. والمَثَل : المِثْل أيضاً ، كشَبَه وشِبْه. والمثَلُ المضروبُ مأخوذٌ من هذا ، لأنَّه يُذكَر مورًّى به عن مِثلِه في المعنى. وقولهم : مَثَّل به ، إذا نَكَّل ، هو من هذا أيضاً ، لأنَّ المعنى فيه أنَّه إذا نُكِّل بِهِ جُعِل ذلك مِثالاً لكلِّ مَن صنَعَ

__________________

(١) ديوان امرئ القيس ١٥٢ واللسان (متى ، يسر). ويسره ، أى حذاء وجهه ، وأصله التسكين وحرك السين للشعر. ويروى : «يسره» بضم ففتح : جمع يسرى ، وكذلك «يسره» بضمتين جمع يسار.

(٢) ديوان الهذليين (١ : ٥٢) ، واللسان (متى).

(٣) اعترض صاحب القاموس على «المثعاء» ثم قال : «أو هذه سقطة من ابن فارس».

(٤) هو المعنى ، كما فى اللسان (مثع).

(٥) أنشده فى اللسان شاهداً على أن المثعاء : الضبع المنتنة. وأنشد بعده :

نحفره عن جانب وينهدم


ذلك الصَّنيعَ أو أرادَ صُنْعَه. ويقولون : مَثَل (١) بالفَتيل : جَدَعه. والمَثُلات من هذا أيضاً. قال الله تعالى : (وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلاتُ) أي العقوبات التي تَزجُر عن مثل ما وقعت لأجلِه ، وواحدها مَثُلَةٌ كسَمُرَة وصَدُقَة. ويحتمل أنَّها التي تَنزِل بالإنسان فتُجعَل مِثالاً يَنزجِرُ به ويرتدع غيرُه. ومَثَلَ * الرّجُلُ قائماً : انتصب ، والمعنى ذاك ، لأنَّه كأنَّه مِثالٌ نُصِب. وجمع المِثال أمثِلةٌ. والمِثالُ : الفِراش والجمع مُثُل ، وهو شيء يُماثِلُ ما تحتَه أو فوقَه. وفلانٌ أمْثَلُ بني فلانٍ : أدناهم للخير ، أي إنَّه مماثِلٌ لأهل الصَّلاح والخير. وهؤلاء أماثل القوم ، أي خِيارُهم.

باب الميم والجيم وما يثلثهما

مجد الميم والجيم والدال أصلٌ صحيح ، يدلُّ على بلوغ النِّهاية ، ولا يكون إلّا في محمود. منه المَجْد : بلوغ النِّهاية في الكَرَم. والله الماجد والمجيد ، لا كَرَمَ فوق كرَمه. وتقول العرب : ماجَدَ فلانٌ فلاناً : فاخَرَه. ويقولون مثلا : «فى كلِّ شَجرٍ نارٌ ، واستَمْجَدَ المَرْخُ والعَفَار» ، أي استكثَرَا من النار وأخذا منها ما هو حَسبُهما ، فهما قد تناهَيَا في ذلك ، حتَّى إنّهُ يُقْبَس منهما. وأمَّا قولهم : مَجَدتِ الإبلُ مُجوداً ، فقالوا : معناه أنَّها نالت قريباً من شِبَعها (٢) من الرُّطْبِ وغَيره. وقال قومٌ : أَمْجَدْتُ الدَّابَّة : علَفْتُها ما كَفَاها. وهذا أشْبَه بقياس الباب

مجر الميم والجيم والراء ثلاثُ كلماتٍ لا تنقاس.

فالأولى المَجْر ، وهو الدَّهْم ، الكَثِير.

__________________

(١) يقال بتخفيف الثاء وتشديدها.

(٢) فى الأصل : «من شعبها» ، تحريف.


والثانية المَجْر : أن يُبَاعَ الشّيءُ بما في بَطْنِ الناقة. ونهى رسولُ الله صلى الله عليه وآله عن المَجْر. وكانت [العرب] في الجاهلية تفعله.

والثالثة المَجَر بفتح الجيم ، وهو ما يكون في بطون الإِبل والشّاء من داءِ. وشاةٌ مُمْجِرٌ ومِمجارٌ ، إذا حملت فُهزِلت فلم تستطع القيام إلَّا بمن يُقِيمها ، وقَلَّمَا تسلُم منه قال رجلٌ من العرب : «الضأنُ مالُ صِدْق إذا أفلتَتْ من المجَر».

مجس الميم والجيم والسين كلمةٌ ما نَعرِفُ لها قياساً ، وأظنُّها فارسيَّة ، وهي قولنا هؤلاء المجوس. يقال : تَمَجَّسَ الرّجُل ، إذا صارَ منهم.

مجع الميم والجيم والعين كلمتان متباينتان.

فالأولى المَجْع : أكْل التَّمر باللَّبَن ، وذلك هو المَجِيع. والمَجَّاعة (١) : المُكْثِر منه. ومجَاعَة التَّمر واللَّبن : بقِيَّتُه (٢). وشَرِبَ المجَاعَة.

والأخرى تدلُّ على رداءةِ الشَّيء وقلة خيره. يقال لكلِّ شيءٍ رديءِ مِجْع. وربما قالوا للماجن مَجِعٌ. وامرأةٌ مَجِعَةٌ : تَكَلّمُ بالفُحْش. وفي نِساءِ بني فلانٍ مَجَاعةٌ ، وهي أن يصرِّحْن بما يُكنَى عنه من الرَّفَث.

مجل الميم والجيم واللام كلمةٌ واحدة ، وهي مَجِلَتْ يدُه تَمْجَلُ ومَجَلَتْ تَمجُلُ : تنفّطت. ويقولون : جاءَت الإبلُ كأنَّها المَجْل ، أي ممتلئة كامتلاء المَجْل. وتَمَجَّلَ قَيحاً : امتلأ.

__________________

(١) ويقال أيضاً «مجاع» بدون هاء وكذلك «مجاعة» هذه بضم الميم وتخفيف الجيم.

(٢) فى الأصل : «بعينه» ، تحريف. و «المجاعة» هذه وردت فى اللسان ولم ترد فى القاموس ، وضبطت فى اللسان بفتح الميم ، والقياس ضمها ، كما هو وزن بقايا الأشياء.


وغَلط ابنُ دريدٍ في هذا البناء في موضعين (١) : ذكر أنَ المَاجِلَ : مستنقَعُ الماء ، وهذا من باب (أجل) ، وذكر أنّ المجلة : الصَّحيفة ، هو من (جَلّ).

مجن الميم والجيم والنون كلمةٌ واحدة ، هي مجن ، يقال : إنّ المُجونَ : ألَّا يُبَالِيَ الإنسانُ ما صَنَع. قالوا : وقياسه مِنَ (٢) النَّاقة المُماجِن ، وهي التي يَنْزُو عليها غيرُ واحدٍ من الفُحُولة ، فلا تكاد تلقح. والمَجَّان ، هو عَطِيّة الرّجل شيئاً بلا ثمن.

باب الميم والحاء وما يثلثهما

محز الميم والحاء والزاء ليس بشيء ، على أنهم يقولون : المَحْز : النِّكاح ، ومَحَزَها مَحْزا.

محش الميم والحاء والشين أصلٌ صحيح يدلُّ على إحراق النّار شيئًا حتى ينسحِجَ جِلدُه. يقال : مَحَشَت النارُ الشيءَ تَمْحَشُه. وامتَحَشَ الخبزُ : احتَرق. وروى ابنُ السِّكِّيت : أمْحَشَهُ الحَرُّ. ويقال : امتَحَشَ ، إذا غَضِب ؛ ومعناه أنّ الغضبَ لحرارته بَلَغَ ذلك المبلغ ، كأنّه أحرَق. ويقال للسّنَة الجدْب : قد أَمْحَشَت كلَّ شيء. فأمَّا قولُ النابغة :

جَمِّع مِحَاشَكَ يا يزيدُ فإنّني

أعددت يربوعاً لكم وتميما (٣)

__________________

(١) انظر الجمهرة (٢ : ١١١) :

(٢) فى الأصل : «بين».

(٣) ديوان النابغة ٧٠ واللسان (محش). ويزيد هذا هو يزيد بن أبى حارثة بن سنان ، ابن أخى هرم بن سنان. وكان قد تزوج بنت النابغة ثم طلقها. وتميم هذه هى تميم بن ضبة بن عذرة بن سعد بن ذبيان ، وليست تميم بن مر. شرح ديوان النابغة للبطليوسى.


فقالوا : معناه جَمِّعْ هذه القبائل ، وكانوا قبائلَ تحالَفُوا بالنّار.

ومما قِيس على هذا مَحَشَ وجهَه بالسّيف مَحشَةً : ضربَه فقَشَرَ الجلد (١). ومرَّتْ غِرَارَةٌ فمَحَشَتْنِي ، أي سَحَجَتْنِى.

محص الميم والحاءُ والصَّاد أصلٌ واحد صحيح يدلُّ على تخليصِ* شيء وتنقيته. ومَحَصَه مَحْصاً : خلَّصَه من كل عيبٍ. [و] مَحَصَ الله العبدَ من الذَّنْب : طهَّرَه منه ونقّاه ، ومَحَّصَهُ (٢). قال الله تعالى : (وَلِيُمَحِّصَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا). ومَحّصْتُ الذّهبَ بالنّار : خلّصته من الشَّوب. وقولهم : فرسٌ مُمَحَّص يقولون : إنّه الشديد الخَلْق وقياسُه عندنا أنّه البرِيء من العيوب. وكذلك المَحِص من الحِبال والأوتار (٣) : ما مُحِص حتى ذهب زئبِرهُ ولانَ. قال الهُذَلي (٤) :

لها مَحِصٌ غيرُ جافِي القوَى

إذا مُطْيَ حنّ بِوَرْكِ حُدَالِ (٥)

محض الميم والحاء والضاد كلمةٌ تدلُّ على خُلوص الشّيء. منه اللبن المَحْض : الخالص ؛ وعربىٌ محض. والمَحْض يشتقُّ منه مَحَضْتُهُمْ : سقيتُهم

__________________

(١) فى الأصل : «قشعر الجلد» ، صوابه فى المجمل.

(٢) أى يقال بتخفيف الحاء وتشديدها أيضاً.

(٣) فى الأصل : «الجبال والأوتاد».

(٤) هو أمية بن أبى عائذ الهذلى. ديوان الهذليين (٢ : ١٨٥). وأنشده فى اللسان (ورك ، حدل) بدون نسبة.

(٥) روايته فى اللسان (حدل) : «من الثور حن» ، وقال : «أى من عقب الثور». و «مطى» هى أيضاً رواية المجمل واللسان (ورك) ، قال فى اللسان : «أراد مطى فأسكن الحركة». ورواية الديوان : «إذا مط».


ذلك. وامتَحَضْتُ أنا : شرِبت المَحْض. وأمحضْتُك الحديثَ : صَدَقْتُكَه. وكذا النصيحة [و] الوُدّ. قال :

قُلْ لِلْغَواني أما فيكُنَّ فاتكةٌ

تَعلُو الّلئيم بضربٍ فيه إمحاضُ (١)

محق الميم والحاء والقاف كلماتٌ تدلُّ على نُقصان. ومَحَقَه : نَقصه. وكلُّ شيءٍ نَقَصَ وُصِف بهذا. والمحَاق (٢) : آخِر الشَّهر إذا تمحَّق الهِلال. ومَحَقه الله : ذهَب ببَركتِه (٣). وقال قوم : أمْحَقَه ؛ وهو رديء. وقال أبو عمرو : الإمحاق أن يَهلِك كمحاقِ الهلال. وقولهم : ماحِقُ الصَّيف : شِدّة حَرِّه ، أي إنّه بشدَّة الحرِّ يَمحَق النّبات ، أي يُوبِسُه ، ويذهبُ به. وقال ابن دريد (٤) ، في قول القائل (٥) :

يقلّب صعدةً جرداءَ فيها

نَقيع السّمّ أو قَرْنٌ مَحيقُ

إنّه ليس من المحق ، إنَّما هو مفعول من حُقْت أَحُوق وحِقت أَحيق ، أي دَلكت وملَّست.

محك الميم والحاء والكاف كلمةٌ واحدة. المَحْكُ : التَّمادي واللَّجاج. وتماحَكَ الخصمانِ : تلاجَّا. وهو مَحِكٌ.

__________________

(١) وكذا أنشده فى المجمل والجمهرة (٢ : ١٦٩) بدون نسبة.

(٢) المحاق ، بتثليث الميم.

(٣) فى الأصل : «بتركته».

(٤) الجمهرة (٢ : ١٨٢).

(٥) هو المفضل النكرى ، كما فى اللسان (محق) والأصمعيات ٥٤. والبيت فى المجمل والجمهرة بدون نسبة. ورواية الأصمعيات :

بهزهز صعدة جرداء فيها

سنان الموت أو قن محيق


محل الميم والحاء واللام أصلٌ صحيح له معنيانِ : أحدهما قِلّة الخير ، والآخَر الوِشاية والسِّعاية.

فالمَحْل : انقطاع المطر ويُبْس الأرضِ من الكلأ. يقال : أرضٌ مُحُول ، على فُعول بالجمع. قال الخليل : يحمل ذلك على المواضع. وأمْحَلَت فهي مُمْحِل. وأمْحَل القوم. وزمانٌ ماحِل.

والمعنى الآخَر مَحَل به ، إذا سعَى به. وفي الدعاء : «لا تجعل القرآنَ بنا ماحلا». أي لا تجعله يَشهد عندك علينا بتركنا اتِّباعَه ، أي اجعَلْنا ممّن يتبع القرآن ويَعمَل به.

ومما يُبايِن هذه المعنيين : لبنٌ مُمَحَّل ، محَّله القوم ، أي حَقَنوه.

محن الميم والحاء والنون كلماتٌ ثلاثٌ على غير قياس.

الأولى المَحْن : الاختبار. ومَحَنَه وامتحنه.

والثانية : أتيتُه فما مَحَنني شيئًا ، أي ما أعطانيه.

والثالثة مَحَنَه سَوطاً : ضربَه.

محو الميم والحاء والحرف المعتل أصلٌ صحيح يدلُّ على الذَّهاب بالشيء. ومَحَتِ الرِّيحُ السحابَ : ذهبَتْ به. وتسمَّى الشّمالُ مَحْوَةَ ، لأَنها تَمحو السَّحاب. ومَحَوْت الكتابَ(١) أَمْحُوه مَحْواً. وامَّحَى الشّيءُ : ذهب أثرُه ، كذلك امْتَحَى.

__________________

(١) فى الأصل : «ومحوت الكتاب أثره».


محت الميم والحاء والتاء ليس بأصل ، إنّما هو مقلوب. يقولون : المَحْت : الشَّديد من كلِّ شيء. ويومٌ مَحْتٌ : شديدُ الحر. والأصل الحَمْتُ.

محج الميم والحاء والجيم. يقولون : مَحَجت الأرضَ الرِّيحُ : مسحت التُّرابَ عنها. ومَحَجْتُ اللَّحمَ : قشَرته. قال الخليل : والمَحْج : مسحُ شيءٍ عن شيء. قال ابن دريد (١) : ومَحَجت الأديمَ والحبْلَ ، إذا دلكته لِيَلين. قال : وماحَجْتُه مُماحجةً ومِحاجاً ، إذا ما طَلته. وإن صحَّ الباب فأصله المَسْح.

باب الميم والخاء وما يثلثهما

مخر الميم والخاء والراء أصلٌ يدل على شَقٍّ وفَتْح. يقال مَخَرت السّفينةُ الماءَ مخراً : شَقَّته. قال الراجز في نساء يختصمن ويستعنَّ بأيديهنّ ، كما يفعل السَّابح :

* مقدِّمات أيدِىَ المَوَاخِرِ (٢) *

ويقال : مَخَرْتُ الأرضَ ، إذا أرسلْتَ فيها الماء. ويقال استمخَرْتُ الرِّيحَ ، إذا استقبلتَها بأنفِك. وقياسُه صحيح ، كأنَّك تشقُّ الرِّيح بأنفك. وقولهم : امتخَرْتُ القومَ ، إذا انتقَيْتَ خِيارَهم ، كأنَّه شقَّ النّاس إليه حتَّى انتخَبَه. قال :

* من نُخْبةِ النّاسِ التي كان* امتخَرْ (٣) *

ومما شذَّ عن هذا الباب اليَمخُور : الرَّجل الطَّويل. فأما بناتُ مخْرٍ فهي

__________________

(١) الجمهرة (٢ : ٥٩).

(٢) أنشده فى اللسان (مخر).

(٣) للعجاج فى ديوانه ١٩ واللسان (مخر) برواية : «من مخة الناس».


سحابٌ تنشأ في الصَّيف ، وليس من الباب ، لأنَّه من الإبدال والأصل الباء «بَخْرٌ» ، وقد مرَّ.

مخض الميم والخاء والضاد أصلٌ صحيح يدلُّ على اضطرابِ شيء في وِعائه مائعٍ ، ثم يستعار. ومَخَضت اللَّبَن أمخضه مَخْضا. والمَخْض : هدر البَعير ، وهو على التَّشبيه ، كأنّه يمخض في شِقْشِقته شيئاً. والماخِض : الحامل إذا ضَرَبها الطَّلْق. وهذا أيضاً على معنى التَّشبيه ، كأنَّ الذي في جوفها شيءٌ مائع يتمخَّض. والمَخَاض : النُّوق الحوامل ، واحدتها خَلِفة. ويقال لولد النَّاقة إذا أُرسِل الفحلُ في الإبل التي فيها أمُّه : ابنُ مَخَاضٍ ، لَقِحت أُمُّه أمْ لا.

مخط الميم والخاء والطاء أُصَيلٌ ، يدلُّ على بُروزِ شيءٍ من كِنِّه ، صحيحٌ. وامتَخَط السَّيفَ : انتضاه. وأمْخَطَ السَّهمَ (١) : أنفَذَه إمخاطًا. وربَّما قالوا : امتخَطَ ما في يده : اختَلَسه.

مخن الميم والخاء والنون يقولون : المَخْن : الرَّجُل الطَّويل (٢).

مخي الميم والخاء والحرف المعتلّ. يقولون : تمخَّى من الشَّيء وامَّخى منه : تبرَّأ منه وتحرَّج. قال :

ولم تُراقِبْ مأثَماً فتَمَّخِهْ

من ظُلْمِ شيخٍ آضَ من تَشَيُّخِهْ (٣)

__________________

(١) فى الأصل : «السيف» ، صوابه فى المجمل واللسان.

(٢) يقال للطويل وللقصير أيضاً ، فهو من الأضداد.

(٣) بعده فى اللسان (مخا) :

أشهب مثل الفسر بين أفرحه


مخج الميم والخاء والجيم كلمةٌ واحدة. يقولون : مَخَج البئرَ ، إذا خَضْخَضَها. قال :

* يَزيدُها مَخْجُ الدِّلا جُموما (١) *

ويَكنون به عن البِضاع ، فيقال : مَخَجَها. والله أعلم بالصَّواب.

باب الميم والدال وما يثلثهما

مدر الميم والدال والراء أصل صحيح يدلُّ على طينٍ متحبِّب ، ثم يشبَّه [به]. فالمَدَر معروف ، والواحدة مَدَرَةٌ ، وربَّما قالوا : سمِّيت البلدة مَدَرَة. قال :

* لَيْلاً وما نَادَى أذِين المَدَرَه (٢) *

والمَدْر : تطيينُك وجهَ الحَوض بالطِّين ، وهو المَدَر المبلول بَلًّا بالماء (٣). ومكان ذلك الطِّين مَمْدَرةٌ. والأمْدَر من الضِّباع ، لونُه لونُ المَدَرِ (٤). ويقال : رجلٌ أمدَرُ : عظيم الجَنْبَين ، وأظنُّه من تَراكُم اللَّحم عليه ، كأنَّه مَدَرٌ.

__________________

(١) فى الأصل : «الداء اجموها» ، صوابه مما سبق فى (جم). والرجز فى اللسان (جمم ، مخخ ، قلذم).

(٢) للحصين بن بكير الربعى ،؟؟ ف حمار وحش. اللسان (أذن). وقبله فى اللسان (مدر ، أذن) :

شد على أمر الورود متزره

(٣) فى الأصل : «لبلا الماء».

(٤) فى المجمل : «والأمدر من الضباع لون له».


مدس الميم والدال والسين. ذكر ابن دريد (١) : المَدْس : الدَّلْك والفَرْك. ومَدَسْتُ الأديمَ مَدْساً.

مدش الميم والدال والشين. يقولون مَدْشاء : لا لحمَ على يدَيْها (٢). وقال أبو بكرٍ(٣) : مَدِشَتْ عينُه : أظلَمَتْ ، والرجُل مَدِشٌ.

مدق الميم والدال والقاف كلمةٌ واحدة حكاها أبوبكر : مَدَقْتُ الصَّخرَ (٤) وغيره : كسرته.

مدل الميم والدال واللام من كلمات أبي بكر أيضاً (٥) : المِدْل : اللَّبَن الخاثر.

مدن الميم والدال والنون ليس فيه إلّا مدينة ، إن كانت على فعيلة ، ويجمعونها مُدُنًا. ومدَّنْتُ مَدينةً.

مده الميم والدال والهاء ليس بأصل ، لأنَّ هاءه عن حاء : التَّمَدُّح والتَّمَدُّه. ومَدَهته. قال :

__________________

(١) فى الجمهرة (٢ : ٢٦٦).

(٢) بعده فى الأصل : «مدشت الصخرة وغيره كسرته. مدل الميم والدال واللام من كلمات أبى بكر» ، تحريف وإقحام لما سيأتى من الكلام.

(٣) الجمهرة (٢ : ٢٦٩).

(٤) فى الأصل : «الصخرة». على أن نص الجمهرة (٢ : ٢٩٤) : «ومدقت الصخرة ، إذا كسرتها».

(٥) فى الجمهرة (٢ : ٢٩٩).


* لِلَّهِ دَرُّ الغَانياتِ المُدَّهِ (١) *

قال الخليل : المَدْه يضارع المدح (٢) ، إلّا أنّ المَدْه في نعت الجَمَال والهيئة ، والمدح عامٌّ في كلِّ شيء.

مدي الميم والدال والحرف المعتلّ أصلٌ صحيح يدلُّ على امتدادٍ في شيء وإمداد (٣). منه المَدَى : الغاية. والمَدِيُ فيما يقال : الماء المجتمع ، والحوضُ الذي يُمِدُّ ماؤه بعضُه بعضا ، والجمع أمدِيةَ. قال :

* إذا أُمِيلَ في المَدِيِ فاضا (٤) *

والمُدْي : مِكيال (٥).

ومما شذَّ عن هذا الباب المدْية (٦) : الشَّفرة ، وجمعها مُدًى. ويحتمل أنّها من الباب أيضاً ، فإنه إذا ذُبِحت الذَّبيحة بها كان ذلك مَداهَا. وإلى هذا أشار أبو علي (٧).

__________________

(١) لرؤبة فى ديوانه ١٦٥ واللسان (مده) والجمهرة (٢ : ٣٠٢) وفيها : «ومن روى المزه ، أراد المزح».

(٢) وكذا روايته عن الخليل فى؟؟؟. والذى فى اللسان : «وقال الخليل بن أحمد : مدهته فى وجهه ، ومدحته إذا كان غائباً».

(٣) فى الأصل : «وامتداد».

(٤) أنشده فى المجمل واللسان (مدى).

(٥) هو مكيال لأهل الشام يسع خمسة وأربعين رطلا ، وقيل غير ذلك.

(٦) المدية ، مثلثة الميم.

(٧) كذا ، ولعلها أبو عبيد.


مدح الميم والدال والحاء أصلٌ صحيح يدل على وصفِ محاسنَ بكلامٍ جميل. ومَدَحَه يَمْدَحه مَدْحًا : أحسَنَ عليه الثَّناء. والأُمْدُوحة : المَدْح. ويقال المَنْقَبة أُمْدُوحةٌ أيضا. قال :

لو كان مِدحةُ حىٍّ مُنْشِراً أحداً

أحْيَا أبا كُنَّ يا ليلى* الأماديحُ (١)

مدخ الميم والدال والخاء. يقولون : المَدْخ : العظمة. والتَّمادُخ : البَغْي. قال :

تمادَخُ بالحِمَى جَهْلاً علينا

فهَلَّا بالقَنَانِ تُمادِخِينا (٢)

وحكى ابنُ دريد (٣) : تمدَّخَت النّاقة : تلوَّتْ في سَيرِها. وتمدَّخَت : امتلأَتْ شَحما.

باب الميم والذال وما يثلثهما

مذر الميم والذال والراء يدلُّ على فسادٍ في شيء. ومَذِرت البيضة : فسدَت. وأمْذَرَتْها الدَّجاجة. والتمذُّر : خُبْث النَّفس. ومَذِرَتْ له نفسي. ومَذِرت مَعِدتُه : فَسَدت. والأمْذَر : الكثير الاختلاف إلى الخَلاء ، وهو ذلك المعنى.

__________________

(١) لأبى ذؤيب الهذلى فى ديوان الهذليين (١ : ١١٣). وأنشده فى اللسان ، ونبه ابن برى أن الرواية الصحيحة ما رواه الأصمعى ، وهى :

لو أن مدحه حى أنشرت أحدا

أحيا أبونك الشم الأماديح

(٢) كذا روايته فى المجمل. والقنان : موضع. وفى الأصل : «بالفتان» ، وفى اللسان (مدخ) : «بالقيان».

(٣) الجمهرة (٢ : ٢٠٢).


ويجوز أن يقال : إنّ من الباب قولَهم تفرَّقُوا شَذَرَ مَذَرَ.

مذع الميم والذال والعين. يقولون فيه المذَّاع : الكذَّاب ، والذي لا يكتُم السِّرَّ أيضًا. ومَذَع ببَوْلِه : رمى ببوله.

مذق الميم والذال والقاف أصلٌ يدلُّ على خلطِ شيء لا عَلَى جهة النَّصاحة.

من ذلك مَذَق اللّبَنَ بالماء ، وإنَّما يراد بذلك تكثيره. واشتُقَّ منه المذَّاق : الذي يَمذق الوُدّ بملَلٍ يكون فيه. والمَذْق : اللَّبَن الممزوج أيضًا ، وكذا المَذِيق.

مذل الميم والذال واللام أصلٌ صحيح يدلُّ على استرخاء وقلّةِ تشدُّدٍ في الشَّيء. منه الامذِلال : الفَتْرة في النَّفس. قال ذُو الرُّمَّة :

[وذكِرُ البَينِ يَصدعُ في فؤادي

ويُعقِبُ في مفاصِلِيَ]امذِلالاً (١)

والمَذِيلُ : المريضُ (٢) الذي لا يتَقَارُّ. وقد يكون من هذا القياسِ المَذِلُ لما عِندَه من مالٍ وسِرٍّ ، إذا لم يَقدِرْ على ضبطِ نَفْسِه. ومَذِل من كلامه : قَلِق.

مذي الميم والذال والحرف المعتلّ يدلُّ على سهولةٍ في جريانِ شيءٍ مائع. منه المَذْي ، وهو أرَقُّ ما يكون من النُّطفة ، والفِعل منه مَذَيْتُ وَأمْذَيْتُ ، [و] فيه الوضوء.

__________________

(١) لم يرد فى الأصل إلا هذه الكلمة ، ولم يرو فى المجمل واللسان (مذل). وتكملة البيت من ديوان ذى الرمة ٤٣٠.

(٢) فى الأصل : «والمذبل المرض».


ومن هذا القياس المِذَاء : أن يجمع الرّجلُ بين نساء ورجال يُخَلِّيهم يُماذي بعضُهم بعضاً : وفي الحديث : «الغَيْرَة من الإيمان ، والمِذَاء من النِّفاق». ويقولون : إنَ ماذِيَ العسل أبيَضُهُ. وقياس الباب أنَ الماذِيَ السَّهلُ الجِرْية اللَّيِّن. وكذا الدُّروعُ (١) الماذِيَّة : السَّلِسَة. والخَمْر ماذِيَّة ، إذا سُهلت في حَلْقِ شارِبِها.

مذح الميم والذال والحاء. يقولون : المَذَح : أن يمشِيَ الرّجلُ فتسحج إحدى [رجليه] الأخرى.

باب الميم والراء وما يثلثهما

مرز الميم والراء والزاء أصلٌ يدلُّ على تقطيع شيءٍ وخَدْشه. ومرَزَتِ المرأةُ العجينَ : قطّعته ، وكلُّ قطعةٍ مَرْزَةٌ. ويقولون في القياس على هذا : امتَرزَ عِرْضَه ، إذا نال منه. ومرز جلدَه : خَدَشَه.

مرس الميم والراء والسين أصلٌ صحيح يدلُّ على مُضامَّةِ شيءٍ لشيءٍ بشِدّةٍ وقُوّة.

منه المَرَس : الحَبْل ، سمِّيَ لتمرُّسِ قُواهُ بعضِها ببعض ، والجمع أَمْراس ومَرِسَ الحبلُ يَمرَسُ مَرَسًا : وقع بين الخُطّاف والبَكْرة ، فأنت تُعالِجُه أن تُخرِجَه. ورجلٌ مَرِسٌ : ذو جَلَد. وفحل مَرّاسٌ : ذو مِرَاسٍ شديد. يقال : امتَرَستِ الألسُنُ

__________________

(١) فى الأصل : «الدرماع».


في الخصومات : أخَذَ بعضها بعضا. ومنه الامتراس : اللُّزوق بالشَّيءِ وملازمتُه.

قال :

فَنكِرْنَه فنَفَرن وامتَرَستْ به

هَوْجاءُ هادِيةٌ وهادٍ جُرْشُعُ (١)

ومنه تمرَّسَ فلانٌ بالشَّيء : احتَكَّ به (٢). والمَرْمريس : الدَّاهية.

مرش الميم والراء والشين. يقولون : المَرْش : خَرْق الجِلد بأطراف الأظافير. والمَرْش أيضًا : الخَدْش الخفيف. والمَرْشُ : الأرض تَسيلُ من أدنَى مطر.

مرص الميم والراء والصاد. يقولون : المَرْص مثل المَرْش. وتمرَّصَ عن السُّلْتِ قِشرُه : طار. وهذا عندنا كلام.

مرض الميم* والراء والضاد أصلٌ صحيح يدلُّ على ما يخرج به الإنسان عن حدِّ الصّحَّة في أىِّ شيءٍ كان. منه العِلَّة. مَرِض و... يَمْرَض. وجمع المريضِ مَرْضَى. وأمْرَضَه : أعلَّه. ومرَّضَه : أحسَنَ القيامَ عليه في مرَضِه. وشمسٌ مريضة ، إذا لم تكن مُشرِقة ، ويكون ذلك لهَبْوَةٍ في وجهها. والنِّفاق مرضٌ في قوله تعالى : (فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) وقال : (فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ) ، قالوا : أراد القهْر. وقد قلنا : المرضُ : كلُّ شيءٍ خرَجَ به الإنسان عن حدِّ الصحَّة. وقياسُه مطَّرد.

وقالوا : مَرَّضَ في الحاجة : قَصَّر ولم يصِحَّ عزْمُه فيها.

__________________

(١) لأبى ذؤيب الهذلى فى ديوان الهذليين (١ : ٨) ، واللسان (مرس ، جرشع).

(٢) فى الأصل : «اختل به» ، صوابه فى اللسان.


وقد شذَّتْ عن هذا القياسِ كلمةٌ ، وهي من المشكل عندنا ، يقولون : أمرضَ إذا قارَبَ إصابة حاجَتِه. قال :

ولكنْ تحت ذاكَ الشَّيبِ حزمٌ

إذا ما ظَنَ أمْرَضَ أو أصابا (١)

مرط الميم والراء والطاء أصلٌ صحيح يدلُّ على تحاتِّ الشيءِ أو حَتِّه. وتمرَّط الشَّعر : تحاتَّ ، ومَرَطتُه. والأمرط من السِّهام : الساقط قُذَذُه. والأمْرَط : الفرس لا شَعرَ على أشاعِرِه. والمُرَيْطاء : ما بين الصَّدر إلى العانة من البَطْن ، وهي أقَلُّ من ذلك شَعراً. والمَرَطَى : سُرعة العَدْو ، كأنَّه من سُرعتِه يتمرَّط عنه شَعرُه. وناقة مِمْرَطةٌ (٢) : سريعة.

مرع الميم والراء والعين أصلٌ صحيح يدلُّ على خِصْب وخَير. ومَرَعَ المكانُ. وأمْرَعَ القومُ : أصابوه مَرِيعاً. وأمْرَعَ الوادِي : أكلَأَ.

مرغ الميم والراء والغين أصلٌ صحيح يدلُّ على سَيَلانِ شيءٍ أو إسالة شيء. والمَرْغ : اللُّعاب. وأمْرَغ الإنسانُ : سال لعابُه. ومَرَّغْتُ الشَّيءَ : أشبعتُه دُهْنًا. والإمراغ في العَجين : أن يكثَّرَ ماؤُه. ويقولون : أمرَغَ : أكثَرَ الكلامَ في غيرِ صواب ، كأنَّه يُسِيلهُ إسالة. ويقال أمْرَغَ عِرْضَه ومَرَّغه ، كأنه لَطَخه وأسال عليه قيحاً.

وقريبٌ من هذا القياس مرَّغتُه في التُّراب فتمرّغ ، أي قلَّبته فتقلَّبَ.

__________________

(١) البيت لكثير عزة ، كما فى البيان (٤ : ٦٧) ، وهو فى اللسان (مرض) بدون نسبة.

(٢) فى الأصل : «مرطة» ، صوابه فى المجمل واللسان. وما أثبت هو ضبط اللسان ، وضبط فى المجمل بضم أوله وفتح ثانية وتشديد ثالثه مع الفتح. والذى فى القاموس : «وهى ممرط وممراط» الأولى كمحسن ، والثانية كمهذار.


مرق الميم والراء والقاف أصلٌ صحيح يدلُّ على خروج شيءٍ من شيء. منه المَرَق لأنَّه شيءٌ يَمرُق من اللَّحم. وأمْرَقْتُ القِدرَ ومَرَقْتُها (١). والمُروق : الخروج من الشيء. ومرق السهمُ من الرَّمِيَّة : نفذ. ومرقت الإهاب (٢) ، إذا حلقْتَ عنه صُوفَه ، وهو قياسٌ صحيح لأنَّك كأنَّك أبرزتَ الجلدَ عن شعره. وإذا عُطِنَ الإهابُ حَتَّى يُنتِنَ فهو مَرْقٌ. ويقال إن المُرَاقَةَ : الكَلأُ اليسير ، ومعناه أنَّ الأرضَ كأنَّها تجرَّدت ومَرِقَت.

مرن الميم والراء والنون أصلٌ صحيح يدلُّ على لِينِ شيءٍ وسُهولة. ومَرَنَ الشيء يَمْرُنُ مُرُوناً : لانَ. والمارنُ : ما لانَ من الأنفِ وفَضَل عن القَصَبَة. وأمْرَانُ الذراع : عَصَبٌ تكون فيها ، سُمِّيَت لُمُرونها ، أي لِينِها. والمَرِن (٣) : الحال والعادة. يقال : ما زال ذاك مَرِنَه ، أي حالَه. وهو في شعر الكميت ، وهو الأمرُ يَمرُنُ عليه الإنسان ، إذا اعتاده والمَرْن ، فيما يقال : الفِراء ؛ إن (٤) كان صحيحًا ، وهي (٥) ليِّنة. قال النَّمر :

* كأنَّ جُلودَهُنَّ ثِيابُ مَرْنِ (٦) *

ومما شذَّ عن هذا الأصل مارَنَت النّاقةُ : انقطَعَ لبنُها. والمرَانَةُ : ناقةُ ابنِ مُقْبِل. قال :

__________________

(١) أى أكثرت مرقها ، وهذا من باب نصر ، وضرب.

(٢) بعده فى الأصل : «قال : كأن جلودهن ثياب مرن» ، وإنما هذا الاستشهاد من شواهد المادة التالية ، وسيأتى فى موضعه.

(٣) ضبط فى الأصل بفتح الراء ، والصواب كسرها كما فى المجمل واللسان والقاموس.

(٤) فى الأصل : «فإن».

(٥) فى الأصل : «أى».

(٦) صدره فى اللسان (مرن) : خفيفات الشخوس وهن خوص.


يا دارَ سلمَى خلاءً لا أُكَلِّفُها

إلَّا المَرَانَةَ حتى تعرِفَ الدِّينا (١)

مره الميم والراء والهاء كلمةٌ تدلُّ على بياضٍ في شيء. سَرَابٌ أو شَرَابٌ (٢) أمْرَه ، أي أبيض. والمرأة لا تتعهَّد الكُحلَ مَرْهاء.

مري الميم والراء والحرف المعتل أصلانِ صحيحان يدلُّ [أحدُهما] على مسحِ شيءٍ واستِدرار ، والآخر على صلابةٍ في شيء.

فالأوَّل المَرْيُ : مَرْيُ الناقة ، وذلك إذا مُسِحَتْ للحَلْب ، يقال مَرَيْتُها أمْرِيها مَرْياً. ومما يشبَّه بهذا : مَرَى الفرسُ بيدِهِ ، إذا حرَّكها على الأرض كالعابث ، وكأنَّه يشبَّه بمنْ يَمرِي الضَّرْعَ بيدِه. والمَرايا : العُروق التي تمتلئ وتَدِرَّ باللبن. قال ابن دريد (٣) : مُرْيَةُ النّاقة : أن تُستدرَّ بالمَرْيِ ، بضمّ الميم هي الفصيحة ، وقد يقال بالكسر (٤).

والأصل الآخر* المَرْو : جمع مَرْوَة ، وهي حجارةٌ تبرُق. قال :

حتَّى كأنِّي للحوادِثِ مَروةٌ

بصَفَا المشَرَّقِ كلَّ حينٍ تقرَعُ (٥)

وعندنا أنَ المِراءَ ممَّا يتمارَى فيه الرّجُلانِ من هذا ، لأنَّه كلامٌ فيه بعضُ الشدّة. ويقال: ما رَاهُ مِراءً ومُماراةً.

__________________

(١) لابن مقبل ، كما سبق تخريجه فى (دين) وانظر تعليق الجرجانى على هذا البيت فى الوساطة ٣١١.

(٢) فى الأصل : «سراب أو سراب».

(٣) الجمهرة (٢ : ٤١٩ ـ ٤٢٠).

(٤) فى المجمل : «هذا قول ابن دريد. فأما أهل العلم باللغة بعد فإنهم يقولون : مرية» ، أى بالكسر.

(٥) لأبى ذؤيب الهذلى ، فى ديوان الهذليين (١ : ٣) والمفضليات (٢ : ٢٢٢). وهذه الرواية تطابق ما فيهما. والمشرق : مسجد الخفيف بمنى. وروى : «المشقر» ، وهو جبل لهذيل. كما فى معجم البلدان عند إنشاده.


ومما شذَّ منهما المِرْية : الشَّكّ.

مرأ الميم والراء والهمزة. وإذا هُمِز خَرَج عن القياس وصارت فيه كلماتٌ لا تنقاس. يقال امْرُؤٌ وامرآنِ ، وقوم امرئٍ. وامرأةٌ تأنيث امرئٍ. والمُرُوَّة : كمال الرُّجُوليّة ، وهي مهموزة مشدَّدة ، ولا يُبنَى منه فِعل. والمَرَاءَة : مصدرُ الشيء المَريء الذي يُستَمرَأ ، ويقال مَرَأني الطَّعامُ وأمرأَني. والمَرِيء : رأس المَعِدَة والكَرِش اللازقُ بالْحُلقوم.

مرت الميم والراء والتاء كلمةٌ واحدة ، هي المَرْتُ : الفلاةُ القَفْر. ومكانٌ مَرْتٌ : بيِّنُ المُروتةِ ، إذا لم يكن فيه خَير. وجَمعُ مَرتٍ أمراتٌ ومُرُوت. وبلَغَنا أنَّ اشتِقاق مَارُوتَ منه. ويقال المَرْت : أرضٌ لا يجفُّ ثَرَاها ولا ينبتُ مَرعاها.

مرث الميم والراء والثاء كلمةٌ ليست بأصل ، بل هي من الإبدال. ومَرَثَ الدواء يَمْرِثُه مثل مَرَسه يَمرُسُه. ومنه رجل مِمْرَث : صبورٌ على الخُصومات ؛ والجمع مَمَارِث ، والأصل السين وقد ذُكِرَتَا.

مرج الميم والراء والجيم أصلٌ صحيح يدلُّ على مجيء وذَهابٍ واضطراب.

ومَرِج الخاتَم في الإصبع : قَلِقَ. وقياس البابِ كلِّه منه. ومَرِجَت أماناتُ القوم وعُهودُهم : اضطربت واختلطت. والمَرْج : أصلُه (١) أرضٌ ذاتُ نباتٍ تَمْرُجُ فيها الدّوابُّ. [و] قولُه تعالى : (مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ) ، كأنَّه جلّ

__________________

(١) فى الأصل : «أصل».


ثناؤه أرسَلَهما فَمرِجا. وقال : (هُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ).

مرح الميم والراء والحاء أصلٌ يدلُّ على مَسَرَّةٍ لا يكاد يستقرُّ معها طرباً. ومَرِحَ يَمْرَحُ. وفرسٌ مِمْرَاحٌ ومَرُوح. قال الله تعالى : (وَبِما كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ). ومنه المِراح ، وقد ذكرناه. قال :

يقولُ العاذِلاتُ علاكَ شيبٌ

أهذا الشَّيب يمنعني مِرَاحِي

وقوسٌ مَرُوحٌ : يمرَح مَن رآها عجبًا بها ، ويقال بل التي كأنَّ بها مَرَحاً من حسن إرسالها السَّهم. ويقولون : عينٌ مِمْرَاحٌ : غزيرةُ الدَّمع. وهذا بعضُ قياس الباب ، لأنَّهم ذهبوا فيه إلى ما قلناه من قِلّهِ الاستقرار. وكذلك مرَّحْتُ المَزَادةَ : ملأتها لتتسرَّبَ وتسيل. ومَرِحَت العَينُ مَرَحاناً (١). قال :

كأنَّ قَذًى في العَين قد مَرِحَتْ بهِ

وما حاجةُ الأُخرى إلى المَرَحَانِ (٢)

ومَرْحَى : كلمةُ تعجُّبٍ وإعجاب. يقال للرَّامي إذا أصابَ : مَرْحَى له.

وقال ابنُ دريد (٣) : وإذا أخطأ قالوا بَرْحَى. قال :

مَرْحَى وأَيْحَى إذا ما يُوالِى (٤) *

__________________

(١) بعده فى المجمل : «إذا نظرت من وراء اليد إلى الشىء». وفى اللسان : «إذا اشتد سيلانها».

(٢) أنشده فى اللسان (مرح) منسوبا إلى النابغة الجعدى ، وفى أساس البلاغة (مرح) إلى كثير عزة ، وقال : «وكان أعور».

(٣) الجمهرة (٢ : ١٤٥).

(٤) لأمية بن أبى عائذ الهذلى فى ديوان الهذليين (٢ : ١٨٦) واللسان (مرح). وهو بتمامه :

يصيب الفريص وصدفا يقو

ل مرحى وابحى إذا ما يوالى


مرخ الميم والراء والخاء كلمةٌ صحيحة تدلُّ على تليينٍ في شيء. ومَرَخْتُ (١) الجِلْدَ بالدُّهْن وأمرَخْتُه. وأمْرَخْتُ العجينَ : أكثرتُ ماءَه حتى يسترخىَ. والمَرْخ : شجرٌ سريع الوَرْى. قال :

أَمَرْخٌ خيامُهُمْ أم عُشَرْ

أم القلبُ في إثرهم مُنحدِرْ (٢)

ومما شذَّ عن هذا الباب المِرِّيخ : سهمٌ طويل يُقتَدَرُ به الغِلاء (٣) ، له أربع قُذَذ ؛ وهو نجمٌ أيضاً.

مرد الميم والراء والدال أصلٌ صحيح يدلُّ على تَجريدِ الشَّيء من قِشْرِه أو ما يعلوه من شَعَرِه. والأمرد : الشّابُّ لم تَبدُ لحِيتُه. ومَرِدَ يَمْرَدُ. ومرَّدَ الغُصن تمريداً : ألقَى عنه لِحاءه فتركَهُ أمْرَد ، ومنه شجرةٌ مَرْداء. والمَرْداء : رملةٌ منبطِحةٌ لا نَبْتَ فيها ، والجمع مَرادَى (٤). والمارد : العاتي ، وكذا المَرِيد ، كأنَّه تجرّد من الخير. والأمْرد من الخيل : الذي لا شَعر على ثُنَّتِه. والمُمَرَّد : البناء الطَّويل ، وهو قياسُ الباب ، لأنَّه كأنَّه مجرّد يشبه الشَّجرةَ المَرداء. ويقولون : المَرَاد : العُنق ، وهو القياس إن صحّ. وتمرَّد فلانٌ زماناً : بقي أمرد. وقولهم : مَرَدَ الطَّعامَ يَمرُدُه مرداً : ماثَهُ حتَّى يَلِين ، هو من الإبدال ، والأصل مَرَسَ ؛ فأُقِيمت الدال مقامَ السِّين. وكذا* مَرَدَ الصَّبِىُّ ثديَ أمِّه يَمْرُدُهُ. وكذا المَرِيد : التَّمر يُنقَع في اللَّبَن ، كلّ ذلك معناه واحدٌ ، والأصل السين.

__________________

(١) يقال بتخفيف الراء وتشديدها.

(٢) لامرئ القيس فى ديوانه ٦.

(٣) الغلاء : المغالاة بالسهم ليعرف كم مدى ذهابه. وفى الأصل : «الغلاء» ، تحريف.

(٤) كذا ضبطت فى المجمل ، وهو نحو عذراء وعذارى. وفى اللسان «مراد».


باب الميم والزاء وما يثلثهما

مزع الميم والزاء والعين أصلٌ صحيح يدلُّ على قطع وتَقطُّع. والقِطعَة من اللحم مُزْعة ، وقد تكسر الميم. والمُزْعة : الجُرعة في الإناء من الماء. وفلان يتمزَّعُ من الغَيظ ، أي يكاد يتقطّع. ومنه مَزَع الظّبْي مَزْعاً : أسرع ، كأنَّه ينقدّ من شدة عَدْوِه ؛ وقد يقال للفَرَس.

مزق الميم والزاء والقاف أصلٌ صحيح يدلُّ على تخرُّقٍ في شَيء ومَزَقه يَمْزِقُه ، ومزَّقَه يمزِّقه. والمِزَق : قطاع الثّوب الممزوق. وناقةٌ مِزَاقٌ : سريعةٌ جدًّا يكاد يتمزَّق عنها جِلدُها. ومَزَق الطَّائرُ بذَرْقِهِ : رمى به. ومزَّقت القومَ : فرّقتهم فتمزَّقُوا.

مزن الميم والزاء والنون أصلٌ صحيح فيه ثلاث كلمات متباينةِ القياس : فالأولى : المُزْن : السَّحاب ، والقطعة مُزْنَة. ويقال في قول القائل وأظنُّه مصنوعاً :

كأنَّ ابن مُزْنتها جانِجاً

فَسِيط لدى الأُفق من خِنْصرِ (١)

إنّ ابن المُزْنة : الهِلال.

والثانية المازن : بَيض النَّمل.

والثالثة : مَزَنَ قِربَته : مَلأَها. وهو يتمزَّنُ على أصحابه ، أي يتفضّل

__________________

(١) لعمرو بن قميئة فى اللسان (مزن ، فسط). وانظر شروح سقط الزند ٦٥٧ ، ١١٣٢.


عليهم ، كأنّه يتشبَّه بالمَزنِ سَخاءً. ولعل المُزْن هو الأصل في الباب ، وما سواه فمفرَّعٌ عليه.

مزي الميم والزاء والياء. يقولون : المزِيَّة في كلِّ شيء : التمام والكمال. ولك عندي مزِيَّةٌ. ولا يُبنَى منه فِعل.

مزج الميم والزاء والجيم أصلٌ صحيح يدلُّ على خَلْطِ الشيء بغيره. ومزَجَ الشّرابَ يَمْزُجُه مَزْجاً. وكأنَّ العَسَلَ يسمَّى المِزْج قالوا : لأنَّه كانَ يُمزَج به كلُّ شراب. قال أبو ذؤيب :

فجاءَ بِمَزْجٍ لم يَرَ الناسُ مِثلَه

هو الضَّحْكُ إلّا أنّه عملُ النّحلِ (١)

وكلُّ نوعٍ من شيئينِ مِزاجٌ لصاحبِه.

مزح الميم والزاء والحاء كلمة واحدة. يقولون : مَزَح مَزْحاً ومُزَاحَة (٢) : داعَبَ ؛ وهي الممازَحَة.

مزر الميم والزاء والراء كلمتان : الأولى المَزِير : الرّجُل القوِيّ. قال :

تَرَى الرّجُلَ النَّحِيفَ فتزدريهِ

وفي أثوابِهِ أسدٌ مَزيرُ (٣)

والثانية المَزْر : الذوق والشُّرْب القليل ، وكذا التمزُّر. وقال :

تكون بَعدَ الحَسْوِ والتمزُّرِ

في فمِهِ مثلَ عصير السُّكّرِ (٤)

ويقولون : المِزْر : نَبيذ الشَّعير. وإن صحَّ فهو من الباب.

__________________

(١) ديوان الهذليين (١ : ٤٢) واللسان (مزج ، ضحك) ، وقد سبق فى (ضحك).

(٢) كذا ضبط بالضم فى المجمل والقاموس ، وضبطه فى المصباح بفتح الميم. ومثله المزاح بضم الميم وكسرها.

(٣) للعباس بن مرداس ، فى الحماسة (٢ : ٢٠) واللسان (مزر).

(٤) الرجز فى اللسان (مزر ، سكر).


باب الميم والسين وما يثلثهما

مسط الميم والسين والطاء أصلٌ صحيح يدلُّ على خَرْط شيءٍ رطْبٍ (١) ، وعلى امتدادهِ من تِلقاءِ نَفْسه.

يقال إنَ المَسيطَةَ (٢) : ما يبقى في الحوض من الماء بكُدورةٍ قليلة. قال الأصمعىّ بئر ضَغِيط ، وهو الرَّكِىُّ إلى جَنْبِهِ ركىٌّ آخر فيَحمأُ فيُنْتن فيسيلُ في الماء العذب فلا يُشرب ، فالبئر ضَغيط ، وذلك الماء مَسِيط. قال :

يَشْرَبْنَ ماءَ الآجِنِ الضَّغيطِ

ولا يَعَفْنَ كَدَر المَسِيط (٣)

ومن الباب المَسْط : أن تَخرِطَ في السِّقاء من لبنٍ خاثرٍ بأصابعك ليخثُر

مسك الميم والسين والكاف أصلٌ واحد صحيح يدلُّ على حَبْس الشيء أو تحبُّسه. والبَخِيل مُمسِكٌ. والإمساك : البُخْل ؛ وكذا المَسَاك والمِسَاك (٤) والمَسِيك (٥) : البخيلُ أيضاً ورجل مُسَكةٌ ، إذا كان لا يَعلَق بشيءٍ فيتخلَّص منه. والمَسَك : السِّوار من الذَّبْل ، لاستمساكِهِ باليدِ ، الواحدةُ مَسَكة : قال :

__________________

(١) يقال خرط الدلو فى البئر : ألقاها وحدرها. وخرط البازى : أرسله. والخرط ، بالتحريك : ضرب من الفساد يصيب اللبن ونحوه ، كأن يخرج اللبن منعقدا كقطع الأوتار ومعه ماء أصفر.

(٢) وكذا «المسيط» يطرح الهاء.

(٣) أنشده فى اللسان (ضغط ، مسط).

(٤) وكذا المساكة والمساكة بالهاء فيهما ، كما فى القاموس. واقتصر فى اللسان على «المساكة» بفتح الميم.

(٥) ويقال أيضا «مسيك» كسكير.


ترى العَبَسَ الحولىَّ جَوناً بكُوعِها

لها مَسَكاً من غير عاج ولا ذَبْلِ (١)

والمَسَكَة من البِئر : المكان الصُّلب الذي لا يحتاج إلى طَىّ. وهو القياس ، لأنَّه متماسِك. والمَسْك : الإهاب ، لأنَّهُ يُمسَك فيه الشَّيءُ إذا جُعِل سِقَاء.

ومما شذَّ عنه المِسْك من الطيب.

مسل الميم والسين واللام. يقولون : المَسَل ، والجمع مُسْلَانٌ : خدٌّ في الأرض ينقاد ويستطيل. وأمّا المسيل فالميم [فيه زائدة ، وهو (٢)] من باب السين. [ومُسَالا الرّجُل : جانبا لَحييه ، الواحد مُسَال ، يكون هذا مِن أُسِيلَ فهو مُسَالٌ. فإِن كان كذا فمكانُه غير هذا (٣)]. قال :

* فلو كان في الحىِّ النَّجِىِّ سوَادُهُ

لما مَسَحَت تلك المُسَالاتِ عامرُ (٤)

مسي الميم والسين والحرف المعتلّ كلمتانِ متباينتان جدا.

الأولى زمانٌ من الأزمنة ، وهو خلاف الإصباح. يقال أصبَحْنا وأمسَيْنا ، وأتانا لمُسْيِ خامسةٍ ومِسْي خامسة. والمَسَاء : خِلاف الصَّباح.

والكلمة الأخرى المَسْي : أن يُدخِل الرّاعِي يَدَه في رَحِم النّاقة يَمسُطُ ماءَ الفَحل من رحِمِها كراهَةَ أن يَحمِل. ويقال إن المَاسِيَ : الماجِن ، وهذا من باب

__________________

(١) لجرير ، كما سبق فى (عبس). وهو فى ديوانه ٤٦٣ واللسان (عبس ، مسك ، ذبل).

(٢) الكلمتان الأوليان فى هذه التكملة من المجمل.

(٣) هذه التكملة من المجمل.

(٤) أنشده فى المجمل (مسل) واللسان (سيل).


المهموز ، يقال مَسَأ ، إذا مَجَنَ. وقال ابن دريد (١) مَسَأَ الرّجلُ : مَرَن على الشَّيء.

مسح الميم والسين والحاء أصلٌ صحيح ، وهو إمرارُ الشَّيءِ على الشيء بسطًا. ومَسَحْته بيدي مسحًا. ثم يستعار فيقولون : مَسَحَها : جَامَعَها. والمَسِيح : الذي أحَدُ شِقَّيْ وجهِه ممسوحٌ ، لا عينَ له ولا حاجبَ. ومنه سُمِّي الدَّجّال مَسيحاً ، لأنه مَمسوحُ العين. والمَسيح : العَرق ، وإنَّما سُمي به لأنه يُمْسَح. والمَسِيح : الدِّرهم الأطلَس ، كأنَّ نَقْشَه قد مُسِح. والأمْسَح : المكانُ المستوِي كأنَّه قد مُسِح. والمَسْح يكون بالسَّيف أيضاً على جهة الاستعارة. ومَسَحَ يَدَه بالسَّيف : قَطَعها.

ومن الاستعارة : مَسَحت الإبلُ يومَها : سارت. والمَسْحاء : المرأة الرَّسحاء ، كأنَّها مُسِح اللحمُ عنها. وعلى فلان مَسْحةٌ من جمال ، كأنَّ وجهه مُسِح بالجمال مَسْحًا. ولذلك سمِّي المسيحُ عليه السلام مسيحاً ، كأنَّ عليه مَسحةً من جمال ، ويقولون : كأنَّ عليه مَسحةَ مَلَك. والمسائح : الذَّوائِب ، واحدتها مَسِيحة ، لأنّها تُمسَح بالدُّهن. فأمَّا القِسىُّ فهي المسائح ، واحدتها مسيحة ، لأنَّها [تُمسَح] عند التَّليين. قال :

له مسائِحُ زُورٌ ، في مَراكِضِها

لينٌ ، وليس بها وهْىٌ ولا رَقَقُ (٢)

__________________

(١) فى الجمهرة (٣ : ٢٨٨).

(٢) لأبى الهيثم الثعلبى ، فى اللسان (مسح ، رفق). وكذا ورد إنشاده فى المجمل ، وفى اللسان : «لها مسائح» ، ونبه فى (مسح) أن صواب الرواية «لنا».


ومما شذَّ عن الباب قولهم : رجل تِمْسَحٌ : مارِدٌ خبيث. وممكن أن يكون هذا تشبيهاً بالذي يسمَّى التِّمساح.

مسخ الميم والسين والخاء كلمتانِ : إحداهما المَسخ ، وهو يدلُّ على تشويهٍ وقِلّة طَعْم الشَّيء ومَسَخَه الله : شوَّهَ خَلْقَه من صورةٍ حسنةٍ إلى قبيحة. ورجل مَسيخٌ : لا ملاحةَ له. وطعامٌ مَسيخٌ : لا مِلح له ولا طَعم. قال :

وأنت مسيخٌ كلَحْم الحُوارِ

فَلَا أنتَ حُلوٌ ولا أنتَ مُرّ (١)

ويقولون : مَسَخْتُ النّاقَة ، إذا أدبَرْتَها بالإنعاب.

والكلمة الأخرى : القِسِىُ الماسِخيّة ، تنسب إلى ماسِخةَ : رجلٍ من الأَسْد. قال :

فقرَّبَّتُ مُبْراةً تخالُ ضُلوعَها

مِن الماسخيّاتِ القِسِىَّ المُوَتَّرا (٢)

مسد الميم والسين والدال أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على جَدْل شَيء وطَيِّه. فالمَسَد : لِيفٌ يُتَّخذ من جريد النَّخل. والمَسَدُ : حبلٌ يتَّخذ من أوبار الإبل. قال :

* ومَسَدٍ أُمِرَّ من أيَانِقِ (٣) *

وامرأةٌ ممسودةٌ : مجدولة الخَلق ، كالحبل الممسود ، غير مسترخية. وعبارةُ بعضهم فى أصله أنَّه الفَتْل. والمَسَد : اللِّيف ، لأنَّ من شأنه أن يفتَلَ للحَبْل.

__________________

(١) للأشعر الرقبان الأسدى ، كما فى اللسان والتاج والصحاح (مسخ) ونوادر أبى زيد ٧٣.

وانظر مجالس ثعلب ٢٣٩.

(٢) للشماخ ، كما سبق فى حواشى (بروى).

(٣) لعمارة بن طارق ، أو عقهة الهجيمى ، كما فى اللسان (مسد). وقبله :

فاعجل بغرب مثل فرب طارق


باب الميم والشين وما يثلثهما

مشط الميم والشين والطاء كلمةٌ واحدة وهي المُشْط. ومَشَط شَعره مَشْطا. والمُشَاطة: ما سقَط من الشعر إذا مُشِط. ويقال على معنى التَّشبيه لسُلَامَيات ظهرِ القدم : مُشْط.

مشظ الميم والشين والظاء كلمةٌ واحدة. مَشِظَت يدُه : دخلت فيها شَظِيَّةٌ من قَصَبة.

مشع الميم والشين والعين فيه كلماتٌ على غير قياس. يقولون المَشْع : ضربٌ من الأكل ، كأكلِكَ القِثَّاءَ إذا مضغتَها. ويقولون التمشُّع : الاستنجاء. وذكروا حديثا : «لا تَمَشَّعْ بروثٍ ولا عَظْم». أي لا تَستَنج بهما. وحُكِي عن ابن الأعرابىّ : امتَشَع الرّجُل ثوبَ صاحِبِه واختَلَسه. وذئب مَشُوعٌ. ويقولون مَشَعْتُ الغَنَم : حَلَبْتُها. ومَشَع : كَسَب وجَمَع.

مشغ الميم والشين والغين كلمةٌ واحدة ، مَشَّغه بالقبيح : لطّخه.

قال :

أعلُو وعِرضي ليس بالممشَّغِ (١) *

مشق الميم والشين والقاف أصلٌ صحيح يدلُّ على سُرعة وخِفّة. يقولون : مَشَق ، إذا أسرَعَ الكتابة. ومَشَق : طَعَن طَعْنًا بسرعة. ومَشَق في

__________________

(١) لرؤبة فى ديوانه ٩٨ ، وروايته فى الديوان والمجمل مطابقة لهذه ، لكن فى اللسان (مشغ) : «أغدو وعرضى».


أكله : أسْرَع واشتدّ. والمَشْق : جَذْب الشّيء ليمتدَّ ويطول. والوتر يُمشَق حتَّى يَلِين وامتشقتُ الشّيءَ : اقتطعتُه بسرعة. ومشَقْت الثّوْبَ : مزَّقته. وفَرسٌ مَشِيقٌ وممشوق : طويل مُنجرِد خفيف. وجاريةٌ ممشوقة : حسنة القَوَام (١). والأصل في الجميع واحد. ومَشِق الرَّجل يَمْشَق : اصطكَّت أليتاه حَتَّى تَسحَّجا (٢). ومما شذَّ عن الباب المَشْق : المَغْرة. وثوب مُمشَّقٌ : صبغ بها.

مشن الميم والشين والنون أصلٌ يدلُّ على تناوُل الشّيءِ بضربٍ واستلالٍ وما أشبَهَ ذلك. فالمَشْن : الضَّرب بالسَّوط ، ومَشَنه. وامتشَنَ السَّيفَ : استلَّه. وامتشَنَ الشَّيء : اقتَطَعه. ومشَنَ الجِلدَ : سلخه. وممَّا يحمل على هذا مَشَّنَت النّاقةُ : دَرَّتْ كارهةً.

مشي الميم والشين والحرف المعتل أصلانِ صحيحان ، أحدهما يدلُّ على حركة الإنسان وغيره ، والآخَر النَّماء والزيادة.

والأوّل مَشَى يمشِي مَشْيا. وشرِبْتُ مَشُوًّا ومَشِيًّا ، وهو الدَّواء الذي يُمْشِي.

والآخر المَشَاء ، وهو النِّتاج الكثير ، وبه سمِّيت الماشية. وامرأةٌ ماشية : كثُر ولدُها. وأمْشَى الرّجُل : كثُرت ماشيتُه.

__________________

(١) فى الأصل : «القيام» ، صوابه فى المجمل واللسان.

(٢) فى الأصل : «تستحجا» ، وفى اللسان : «تشحجا» ، كلاهما محرف عما أثبت. وفى المجمل : «تسحجا».


مشج الميم والشين والجيم أصلٌ صحيح ، وهو الخَلْط. ونُطفةٌ أمشاجٌ ، وذلك اختلاط الماء والدّم. ويقال إن الواحد مَشْجٌ ومَشِج (١) ومَشيج. قال الشاعر (٢) :

كأنَّ النَّصلَ والفُوقَينِ منه

خلافَ الصَّدر سِيطَ به مشيجُ (٣)

مشر الميم والشين والراء أصلٌ صحيح يدلُّ على تشعُّبٍ في شيء وتفرُّق. يقال : المَشْرة : شبيه خوصةٍ تخرج في العِضاهِ أيّامَ الخريف لها ورقٌ وأغصان. يقال : أمْشَرَتِ العِضاهُ. ومَشَرتِ (٤) الأرض : أخرجَتْ نَباتَها. ومَشَّرْتُ الشّيءَ. فرَّقتُه. قال :

فقلتُ أشِيعَا مَشِّرَا القِدر حَولَنا

وأىَّ زمانٍ قدرُنا لم تمَشّرِ (٥)

وتَمشَّر فُلانٌ ، إذا رُئِي (٦) عليه أثر الغِنى ، وهو على معنى التّشبيه ، كأنّه أوْرَقَ.

__________________

(١) هو كسبب وكنف ، كما فى القاموس واللسان.

(٢) هو عمرو بن الداخل الهذلى ، أو هو زهير بن حرام الهذلى ، الذى يقال له «الداخل». ديوان الهذليين (٣ : ١٠٤) ، واللسان (مسج) ، ونسب أبو الحسن البيت فى حواشى الكامل ٤٩٦ إلى الشماخ. وليس فى ديوانه.

(٣) وكذا جاءت روايته فى المجمل ، ويروى : «كأن المتن والشرخين منه خلال النصل» كما فى الكامل وإحدى روايتى اللسان. وفى الديوان :

كأن الريش والفولين منه

خلاف النصل سبط به مشيح

(٤) كذا ورد هنا والذى فى المجمل واللسان والقاموس : «أمشرت» ، لكن ورد فى اللسان : «أرض ماشرة ، وهى التى اهتز نباتها واستوت ورويت من المطر».

(٥) للمرار بن سعيد الفقعسى ، كما فى اللسان (مشر). وأنشده فى (شيع) بدون نسبة.

(٦) فى الأصل : «رأى». وفى المجمل : «إذا ظهر».


باب الميم والصاد وما يثلثهما

مصع الميم والصاد والعين أصلٌ صحيح يدلُّ على معنيين : أحدهما لَمعٌ في الشَّيء وحركة ، والآخر ذَهاب الشيء وتولِّيه.

فالأوَّل مَصَعَ البرقُ : أومَضَ. ثم يقال : مَصَعَ الرّجل : ضَرَب بالسَّيف. ومنه المُماصَعة : المجالدة. ويُقاس عليه ، فيقال رجل مَصِعٌ : شديد. ومَصَعَ ضَرع النّاقةِ بالماء : ضَربَه. ومَصَعَتِ الأمُّ بالولد : رمت به. ويقال : إنَ المَصْعَ : المشْي. قال :

يَمْصَعُ في قِطعةِ طيلسانْ

مَصعاً كمصع ذَكَر الوِرْلانْ (١)

والآخر مَصَعَ الشَّيء : ولَّى وذَهَب ، وذلك في كلِّ شيء ، فهو ماصعٌ. ومَصَعَتِ الإبلُ : نَقَصَتْ ألبانُها.

ومما شذَّ عن هذين المعنيين المُصَع : ثَمر العَوسج.

مصل الميم والصاد واللام أصلٌ صحيح يدلُّ على تحلُّب شيء وقَطْره. منه المَصْل : ماء الأقِط. وشاةٌ مُمْصِل ، وذلك إذا تزَيَّلَ لبنُها في العُلبة قبل أن يُحقن : وهي مِمصالٌ أيضاً. ومَصَل الجرحُ : سال منه شيءٌ يسير. ويستعار فيقال أعطاه عطاءً ماصِلاً : قليلا. والمُمْصِل : المرأة تُلقِي ولدَها وهو مُضْغة. يقال : أمصلَتْ. وأمصَلَ الرّاعي الغَنَم : حَلَبها فاستوعَبَ ما فيها. وأمْصَل بِضاعَتَه : أهلكَها وصَرَفها فيما لا خيرَ فيه. أنشد ابن السِّكِّيت:

__________________

(١) أنشده فى المجمل واللسان (مصع) ، وهكذا جاء رويه مقيدا فى المجمل ، وأطلق فى اللسان بالكسر.


* أمْصَلت مالي كلَّه ونَقَصْته (١) *

والمُصَالة : قُطارة الحُبِ (٢).

مصو الميم والصاد والحرف المعتلّ كلمةٌ واحدة. المَصْواء : المرأة لا لحمَ على فَخِذَيها(٣).

مصت الميم والصاد والتاء. ذكر ابنُ دريدٍ (٤) المصت مثل المَصْد : الجِماع ، سواء.

مصح الميم والصاد والحاء أصلٌ صحيح يدلُّ على ذَهاب الشّيء. تقول : مَصَحَ الشيءُ يَمصَح مُصُوحاً : رسَخَ في الثَّرى* وغيره. والدَّار تَمصَح ، أي تدرُس وتذهَب. ومَصَحَ الظِّلُّ : قَصُر. ومَصَح النَّبات : ولّى وذهب لونُ زهره.

__________________

(١) فى المجمل : «مصلت» ، وبافى روايته فيه مطابقة لما هنا. والذى فى إصلاح المنطق لابن السكيت ٣١٠ :

لقد أمصك هفراء مالى كله

وماسست من شيء غربك ما حقه

وفى اللسان بدون عزو إلى ابن السكيت :

لعمرى لقد أمصك مالى كله

وماسست من شيء غربك ما حقه

(٢) الحب بالضم : الجرة الضخمة ، والخابية. قال ابن دريد : فارسى معرب. قال أبو حاتم : أصله «حنب» فعرب. قلت : صوابه «خنب» بالخاء ، كما فى معجم استينجاس ٤٧٦ وفسره بقوله :

«retaw roeniw gnidloh rof lessevn eht raenA»

أى وعاء من الخزف يحفظ فيه الخمر أو الماء.

(٣) وكذا فى اللسان والقاموس. وفى المجمل : «خديها» ، تحريف ، وهو من تصرف مصلح نسخة المجمل.

(٤) الجمهرة (٢ : ٢٧٥).


مصخ الميم والصاد والخاء كلمةٌ ، وهي الأُمصوخ : واحد الأماصيخ ، وهي أنابيب الثّمام. وتَمصَّخْتها : أخَذتها. قال أبوبكر (١) : والمَصخ لغة في المسخ

مصد الميم والصاد والدال أصلٌ صحيح فيه كلتان غيرُ متقايستين.

فالأولى المَصْد ، يقال هو الرَّضاع ، ويقال هو الجِماع ، مَصَدَها مَصْداً. والأخرى المُصْدان : أعالي الجِبال ، الواحد مَصَاد. قال :

* مَصَادٌ لمن يأوِي إليهم ومَعقِلُ (٢) *

قال ابن دريد : والمَصْد : البرد. وأصابَتْنا العامَ مَصْدةٌ (٣) ، أي مطر.

مصر الميم والصاد والراء أصلٌ صحيح له ثلاثة معان.

الأوّل جنسٌ من الحَلْب ، والثاني تحديدٌ في شيء ، والثالث عُضوٌ من الأعضاء.

فالأوّل : المَصْر : الْحَلْب بأطراف الأصابع. وناقةٌ مَصورٌ : لبنُها بطيء الخروج لا تُحلَب إلّا مَصْراً.

قال ابن السكِّيت : المَصْر : حلب ما في الضَّرع. ويقال التمصُّر : حلب بقايَا

__________________

(١) الجمهرة (٢ : ٢٢٧).

(٢) صدره كما فى اللسان (مصد) :

إذا أبرز المروع الكتاب فإنهم

(٣) الذى فى الجمهرة (٢ : ٢٧٥) : «ما أصابنا العام مصدة».


اللَّبَن في الضّرع. وبقيّةُ اللبن : المَصْر (١). ومصَّرت عليه الشَّيءَ : أعطيتُه إيّاه قليلاً قليلا.

والثاني : المِصْر ، وهو الحدُّ ؛ يقال إنّ أهل هَجَرَ يكتُبون في شُروطهم : «اشترى فلانُ الدَّارَ بمُصورها» ، أي حدودها. قال عدي (٢) :

وجاعل الشَّمس مِصراً لا خفاء به

بين النَّهار وبين اللَّيل قد فَصَلا (٣)

والمِصْر : كلُّ كُورةٍ يقسم فيها الفَيء والصَّدَقات.

والثالث المَصِير ، وهو المِعَى ، والجمع مُصْران ثم مصارين. ومُصْران الفأرة : ضربٌ من ردىّ التَّمر.

باب الميم والضاد وما يثلثهما

مضغ الميم والضاد والغين أصلٌ صحيح ، وهو المضغ للطعام. ومضَغَه يمضغه (٤). والمَضَاغ : الطعام يُمضَغ. والمُضَاغة : ما يبقى في الفم مما يُمضَغ. والمَضْغة : قطعةُ لحم ، لأنَّها كالقطعة التي تُؤخذ فتُمضغ. والماضغان : [ما (٥)] انضمَّ من الشِّدقَين.

ومما شذَّ عن هذه المضائغ : العَقَبات الَّلواتي على أطراف سِيَتي القوس ، الواحدة مَضِيغة.

__________________

(١) هذا مما فات المعاجم المتداولة. وفى اللسان : «والمصر : قلة اللبن».

(٢) وكذا فى المجمل ، وصححه ابن برى. ويروى لأمية بن أبى الصلت ، كما فى اللسان. وليس فى ديوانه.

(٣) فى الأصل : «وجاعل الليل» ، صوابه من المجمل واللسان. ونبه فى اللسان على أن صواب روايته : «وجعل الشمس». وقبله :

والأرض سوى ساطا ثم قدرها

تحت السماء سواء مثل ما نقلا

(٤) بابه منع ونصر.

(٥) التكملة من المجمل.


مضي الميم والضاد والحرف المعتلّ أصلٌ صحيح يدلُّ على نَفاذٍ ومُرورٍ. ومَضَى يَمضِي مُضِيًّا. والمَضَاء : النَّفاذ في الأمر. والمُضَوَاء : التقدُّم.

قال القَطامي :

* فإذا خَنَسْنَ مَضَى على مُضَوائِهِ (١) *

مضح الميم والضاد والحاء كلمةٌ واحدة ، هي مَضَح عِرضَه يمضَحُه مَضْحًا : عابَهُ وطعن فيه ؛ وأمضَحَه أيضًا.

مضر الميم والضاد والراء أصلٌ صحيح قليلُ الفروع. فالمَضْر بناء قولِك لبن مَضِرٌ وماضِر : شديد الحُموضة. ويقال : اشتقاق مُضَرَ منه. والتمضُّر : التعصُّب لِمضر. وقولهم : ذهب دَمُه خِضْرًا مِضْراً ، أي باطلاً ، إتْباعٌ وليسَ من الباب.

باب الميم والطاء وما يثلثهما

مطل الميم والطاء واللام أصلٌ صحيح يدلُّ على مدِّ الشّيء وإطالته. ومَطَلْتُ الحديدةَ أمْطَلها مَطْلاً : مددتُها. والمَطْل في الحاجة والمماطَلَة في الحربِ مِنْه.

مطو الميم والطاء والحرف المعتلّ أصلٌ صحيح يدلُّ على مدٍّ في الشّيء وامتداد. ومطَوْتُ بالقوم أمْطُو مَطْوًا : مددت بهم في السَّير. قال امرؤ القيس :

__________________

(١) عجزه كما فى ديوان القطامى ١٨ واللسان (مضى) :

وإذا لحقن به أصبن طعانا


مَطَوْتُ بهم حَتَّى تَكِلَ مَطيُّهمْ

وحَتَّى الجيادُ ما يُقَدنَ بأرْسَانِ (١)

والمطيّة من ذلك القياس ، ويقال بل سمِّيت لأنه يُركَب مَطَاها ، أي ظَهرها. وسمِّي الظّهر المَطَا للامتداد الذي فيه. والمِطْو : الصَّاحب ، لأنّه يمطو معك. قال :

ناديت مِطْوِى وقد مالَ النَّهارُ بهم

وَعَبْرَةُ العينِ جارٍ دَمْعُها سَجِمُ (٢)

قال ابنُ الأعرابىّ (٣) : اشتقاقُه من امتَطَيْتُ (٤) البعير. ومما يجوز أن يقاس على هذا المِطْو (٥) : عذْق النخلة ، لامتداده.

مطح الميم والطاء والحاء كلمةٌ واحدة ، حكاها* ابنُ دريد (٦) ، هي المَطْح : الضَّرب باليد ، وربما كُنِيَ به عن الجماع.

مطخ الميم والطاء والخاء ليس هو بالباب الموثوق بصحته ، لكنهم يقولون : مَطَخَ عرضَه ، مثل لَطَخَه. ومَطَخ : لَعِق : والمَطْخ : تتابُع السَّقْي.

مطر الميم والطاء والراء أصلٌ صحيحٌ فيه معنيان : أحدهما الغَيث النّازل من السَّماء ، والآخر جِنْسٌ من العَدْو.

فالأوّل المطَر ، ومُطِرْنا مَطراً. وقال ناسٌ : لا يقال أُمْطِرَ إلّا في العَذاب.

__________________

(١) فى الأصل : «مطيت» ، صوابه فى ديوان امرئ القيس ١٢٩ واللسان (مطا).

(٢) أنشده فى المجمل واللسان (مطا). وضبط «سجم» فى المجمل بضم السين والجيم ، وبفتحها مع كسر الجيم. وفى اللسان بفتح السين وإهمال ضبط الجيم.

(٣) فى الأصل : «لكن الأعرابى».

(٤) فى الأصل : «مطيت» ، صوابه من المجمل.

(٥) بفتح الميم وكسرها.

(٦) الجمهرة (٢ : ١٧٣).


قال الله تعالى : (أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ). وتَمَطَّرَ (١) الرَّجُل : تعرَّض للمطَر. ومنه المستمطِر : طالب الخير.

والثاني قولُهم : تمطَّرَ الرَّجُل في الأرض ، إذا ذَهَب. والمتمطِّر : الرّاكب الفرس يجري به. وتمطَّرَتْ به فرسُه : جَرَتْ.

مطع (٢) الميم والطاء والعين. قال : هو مَطَعَ (٣) في الأرض مَطْعاً ومُطُوعاً ، إذا ذهب فلم يُوجَدْ ذِكْرُه.

مطق الميم والطاء والقاف. التمطُّق : أن يُلصِق الإنسانُ لِسانَه بالغَارِ الأعلى فتَسمع له صوتاً ، وذلك إذا استطابَ ما يأكل. قال الأعشى :

تُرِيكَ القَذَى من دونها وهي دُونَه

إذا ذاقَها مَن ذاقَها يتمطَّق (٤)

والله أعلم بالصواب.

باب الميم والظاء وما يثلثهما

مظع الميم والظاء والعين فيه معنًى واحد. مَظَّعت القَضيب : تركت عليه لحاءَه حتى يتشرَّب ماءَه ، فيكون أصلَبَ له. ومظّعت الأديم الدُّهنَ (٥) : سقَيته. ثم يُتَوسَّع فيه فيقال : مَظَّعَ الرجلُ الوَتَر تمظيعاً : مَلّسَه. ويقال : إن المُظْعة

__________________

(١) فى الأصل : «مطر» ، صوابه فى المجمل واللسان.

(٢) كان من حق هذه المادة وتاليتها أن تردا فى أول الباب كما فى المجمل ، ولكنى أبقيت ترتيبها حرصا على أرقام الأصل.

(٣) فى الأصل : «هو مطعك».

(٤) ديوان الأعشى ١٤٧. وأنشد عجزه بدون نسبة فى اللسان (مطق).

(٥) كذا فى الأصل والمجمل. وفى القاموس : «والتمظيع : التمصيع وتسقية الأديم الدهن».


بقيَّة اللّبن. قال الخليل : ولقد تَمَظَّعَ ما عندك ، أي تَلَحَّسَه كلَّه. والمُظْعة : [بقيَّةٌ (١)] من الكلأ. قال : والرِّيح تمظَع الخشبَ (٢) حتى تَستخرِج نُدُوَّتَه. فعلى هذا يمكن أنَّ أصلَ الباب النَّشف والتشرُّب. قال الخليل : ومَظَع الوَتَر مَظْعاً.

باب الميم والعين وما يثلثهما

معق الميم والعين والقاف ليس بأصلٍ وإنما هو من باب القلب. وأرضٌ مَعِيقة كعميقة. والأماعق : أطراف المَفَازة. ويقال : المَعْق : الأرض لا نَبَاتَ بها. وتمعَّقَ الرجُل : ساء خُلُقه.

معك الميم والعين والكاف أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على دَلْك الشيء وَليِّه. ومَعَكْتُ الأديم مَعْكاً. ثم يسمّون المِطَالَ واللَّىَ مَعْكا ، والرّجُلَ المَطول مَعِكاً. قال زهير :

 .................. لا

تَمعَكْ بعرضك إنَّ الغادِرَ المَعِكُ (٣)

قال الخليل : رجل مَعْكٌ : شديد الخُصومة. وقولهم : وقَعَ في معكوكاء شيء ، يجوز أن يكون الإبدال والأصل بعكوكاء.

معل الميم والعين واللام أصلٌ صحيح فيه كلماتٌ تدلُّ على اختلاصِ شيء وسرعةٍ فيه. ومَعَل الشَّيءَ : اختلَسَه. ثمَّ يقولون : مَعَل خُصْيَتَي الفَحل : استلَّهما. ومَعَل : سار سيراً سريعاً.

__________________

(١) التكملة من اللسان :

(٢) فى الأصل : «الخشبة».

(٣) وكذا ورد الاستشهاد به فى اللسان (معك) ، وهو بتمامه ، كما فى الديوان ١٨٠ :

؟ سارا ولا؟ على ولا

تهمك بعرضك إن الغادر المعك


معن الميم والعين والنون أصلٌ يدلُّ على سهولةٍ في جريان أو جري أو غير ذلك. ومَعَن الماءُ : جَرَى. وماءٌ معينٌ. ومجارِي الماء في الوادي مُعْنانٌ ، كذا قال أبو بكر (١). والمَعْنة : ماءٌ قليل يجري. ومن الباب أمعَنَ الفرسُ في عَدْوِه. وأمْعَنَ بحقِّي : ذهَبَ به. ورجل مَعْنٌ في حاجته : سَهْل. وأمعنت الأرضُ : رَوِيَتْ. وكلأ مَمْعونٌ : جَرَى فيه الماء. وقول النَّمْر :

ولا ضيّعْتُه فأُلَامَ فيه

فإنَّ ضَيَاعَ مالِكَ غيرُ مَعْنِ (٢)

معناه غير سهل. ويقولون : «ما له سَعْنَةٌ ولا مَعْنَةٌ» وهو من الإتباع ، ويجوز أن يكون من الباب ، أي ماله كثيرٌ ولا قليل يسهل خَطَره. وقولهم للمنزل مَعَانٌ ، وزنه فعَال ، وجمعه مُعُنٌ. ومَعَن الوادي : كثُر فيه الماء المَعين.

معو الميم والعين والحرف المعتل ثلاثُ كلماتٍ ليس قياسها واحداً. الأولى : المَعْوُ : الرُّطَب قد أرطب جَميعُه. وقال ابن دريد (٣) : هو إذا دخله بعضُ اليُبْس*. وأمْعَى النَّخْل : صار كذلك.

والثانية : مِعَى البطن ، والجمع أمعاء.

والثالثة المِعَى : المِذْنَب من مَذَانب الأرض.

معت الميم والعين والتاء. قال أبو بكر (٤) : المَعْت : الدَّلْك ومَعتُ الأديمَ : دلكتُه. وهو عند الخليل مُهمَل.

__________________

(١) الجمهرة (٣ : ١٤٢).

(٢) المجمل واللسان (معن) ومجالس ثعلب ٢٠٣ والمخصص (٩ : ١٤٨).

(٣) الجمهرة (٣ : ١٤٣).

(٤) الجمهرة (٢ : ٢٢).


معج الميم والعين والجيم أصلٌ صحيح يدلُّ على تقلُّبٍ وسُرعة في شيء. ومعج الحِمارُ مَعْجاً : تقلَّب في جريه. ويقولون قياساً على هذا : مَعَجَ الفَصِيلُ ضَرعَ أمِّه : ضربه برأسه عند الرَّضاع.

معد الميم والعين والدال أصلٌ صحيح يدلُّ على غِلَظ في الشّيء قال ابن دريد (١) المَعْد : الغِلَظ. قال : ومنه المَعِدَة. وتَمَعْدَدَ الصّبِىُّ : غَلُظَ.

ويكون في هذا الباب المَعْدُ دَالًّا على جَذْب الشَّيءِ وانجذاب. ومَعَدت الشَّيءَ : جذبتُه. قال :

هل يُرْوِيَنْ ذَوْدَك نَزعٌ مَعْدُ (٢) *

ومما شذَّ عن الباب المَعْد ، يقولون : الغَضُّ من التَّمْر.

معر الميم والعين والراء أصلٌ يدلُّ على مَلاسة وحَصٍّ وانجراد. فالأمْعَر والمَعِر : الأمْعَط الذي لا شَعْرَ عليه. ومنه أَمْعَرَ الرّجلُ : افتَقَر ، كأنه تجرَّدَ من ماله. [و] مَعَرَ الظُّفْر: نصل وتمعَّر لَونُه عند غَضَبِه ، وذلك أن يتطايَرَ الدّمُ عنه وتَعلُوه صُفرة. قال الخليل : وهو أمْعَر الشَّعر ، وبه مُعْرَةٌ ، وهو لونٌ يَضرِب إلى الحُمرة والصُّفرة ، وهو أقْبَحُ الألوان. وأمْعَرَتِ الأرض : لم يكنْ فيها نَبات

__________________

(١) الجمهرة (٢ : ٢٨٢).

(٢) لأحمر بن جندل السعدى كما فى اللسان (معد). وورد محرفا فيه باسم «أحمد بن جندل». انظر صوابه فى المؤتلف للآمدى ٣٦.


معز الميم والعين والزاء أصلٌ صحيح يدلُّ على شِدَّةٍ في الشَّيء وصلابَة. منه الأمْعَز والمَعْزاء : الحَزْن الغَلِيظ من الأماكن قال أبو بكر (١) : رجلٌ مَاعِزٌ : شَدِيد عَصْبِ الخَلْق ومنه المَعْز المعروف ، والمَعِيز : جماعةٌ كضَئِين (٢) ، وذلك لشدّةٍ وصَلابةٍ فيها لا تكون في الضَّأْن. ويقال لجماعةِ الأوعال والثَّياتِل مُعُوزٌ.

قال أبو بكر (٣) : استمْعَزَ الرّجُل في أمرِه : جَدَّ.

معس الميم والعين والسين أُصَيْلٌ يدلُّ على دَلْك شيءِ. ومَعَسْتُ الأديم في دِباغِهِ أمْعَسُه : أدَرْتُه فيه ودلَكتُه. وربَّما قالوا : مَعَسَ ، إذا طَعَنَ ومنه رجلٌ مَعَّاسٌ في الحرب : مِقدام.

معص الميم والعين والصاد ليس بشيءٍ ، إلّا أنّ ناساً ذكروا مَعَصَ الرّجُل : حَجَل في مِشْيته. وقال ابنُ دُريد (٤) : المَعَص : وجعٌ يصيب الإنسان في عَصَبِه من كَثْرة المَشْي.

معض الميم والعين والضاد كلمةٌ. مَعِضَ من الأمر : شَقَّ عليه وأوجَعه.

معط الميم والعين والطاء أصلٌ يدلُّ على تجرُّدِ الشَّيء وتجريده ومَعِطَ

__________________

(١) الجمهرة (٣ : ٨).

(٢) أى فى جمع ضأن ، ومثله كليب فى جمع كلب.

(٣) الجمهرة (٣ : ٨).

(٤) الجمهرة (٣ : ٨٧).


تمرَّطَ شَعره. ومَعَطْت السَّيفَ من قِرابِهِ : جَرَّدتُه. ويكون من الباب مَعَطَ في القَوس : نَزَع.

باب الميم والغين وما يثلثهما

مغث (١) الميم والغين والثاء أصلٌ صحيح يدلُّ على مَرْسِ شيء ومَرثِهِ. يقولون : مَغَثْت الدَّواءَ في الماء : مَرَثْته. ومَغَثَ بنو فلانٍ فلاناً ، إذا ضربوه ضرباً ليس بالشَّديد. ورجل مَغِثٌ (٢) : مُصارِعٌ شديد العلاج. ومُغِثَتْ أعراضُهم : مُضِغت (٣). قال :

* مَمغوثةٌ أعراضُهم مُمَرْطلَهْ (٤) *

وكلأ مَمْغُوث ومَغِيثٌ : أصابه المَطرُ وصَرَعه ، والميم أصليّة.

مغد الميم والغين والدال ، يقولون إنّه أصلٌ يدلُّ على نَعْمةٍ في الشَّيء. يقولون : المَغْد : الشَّابُّ الناعم. قال :

* وكان قد شَبَّ شَباباً مَغْدا (٥) *

__________________

(١) وردت مادة (مغل) فى نهاية هذا الباب ، وحقها أن تكون فى صدره. وأبقيتها فى ترتيبها حرصا على أرقام الأصل.

(٢) كذا فى المجمل والقاموس. وفى الأصل : «مغيث» ، تحريف. وفى اللسان : «مغث» بفتح الميم وسكون الغين.

(٣) فى الأصل : «ومغضت أعراضهم مغضت» ، تحريف. وفى المجمل : «ومغث عرضه : مضغ».

(٤) الرجز لصخر بن عمير كما فى اللسان (مغث ، مرطل ، ثمل).

(٥) لإياس الخيبرى ، فى اللسان (سمغد ، مغد). وقبله :

حتى رأيت العزب السغدا


وأمْغَدَ الرّجُل : أطالَ الشَّرابَ إمغاداً. ومَغَدَ الفصيلُ الضّرعَ مغداً : تناوَلَه ليشربَ اللَّبَن. واللَّبَنُ أنعَمُ ما يكون من الغِذاء وأليَنُه. والمَغْد في غُرَّةِ الخيل كأنَّها وارمة ، وذلك أنّ الشعر يُنتَف ثم يَنبُتُ فيكون ليِّناً ناعمًا. ويقولون المَغْد : الباذَنْجَان.

مغر الميم والغين والراء* أصلٌ يدلُّ على حُمرةٍ في شَيء ، وأصلٌ آخر يدلُّ على ضَربٍ من السَّير.

فالأوَّل المَغْرَة : الطِّين الأحمر. والأمْغَر : الرّجُل الأحمر الشَّعر والجِلد. والأمْغَر في الخيل : الأشقر ومنه أمْغَرَت الشَّاةُ ، إذا حُلِبَت فخرَجَ مع لبنها دمٌ ، فإن كانت تلك عادتَها فهي مِمْغار.

والأخرى روَى ابنُ السِّكِّيت : مَغَر في البلاد : ذَهَبَ وأسْرع. ورأيته يَمْغَرُ به بعيرُه.

ومما شذَّ من البابين قولهم : مَغَرَتْ في الأرضِ مَغْرَةٌ ، وهي مَطْرة صالحة وقولُ عبدِ الملك لجرير : «مغِّرْنا (١) يا جرير». أي أنشِدْنا كَلِمَةَ ابنِ مَغْراء ، أحدِ شعراءٍ مضر (٢). ومَغْراء : تأنيثُ أمْغَر.

مغص الميم والغين والصاد كلمتان متباينتانِ جدًّا.

فالأولَى المَغَصُ : تقطيعٌ في المِعَى ووَجَع. والأخرى المَغْصَ يقال هو الخِيار من الإبل. قال :

__________________

(١) وكذا فى القاموس. وفى اللسان : «مغر لنا».

(٢) هو أوس بن مغراء. الشعر والشعراء ٦٦٨ وابن سلام ٢٧ ، ١١١ ، ١٢٠ والاشتقاق ١٥٦ والأغانى (٤ : ١٣٠ ـ ١٣١) واللآلئ ٧٩٥ ـ ٧٩٦. وهو من الشعراء المخضرمين ، كما فى الإصابة.


أنت وهبتَ هَجْمةً جُرْجُورا

أُدْماً وحُمْراً مَغَصاً خُبورا (١)

قال ابنُ دُريد : إبلٌ أَمْغاصٌ وأمْعَاص (٢) ، وهي خيار الإبل ، لا واحد لها ويقال فلان مَغِصٌ ، إذا كان ثقيلاً بغيضا ؛ وهو من الأوَّل.

مغط الميم والغين والطاء أصلٌ صحيح يدلُّ على امتدادٍ وطُول. والمَغْطُ : المَدّ. ومَغَطْتُه فامتغط. والتَّمغُّط في عَدْو الفَرَس : أن يَمدَّ ضَبْعَيه. وانمَغَط النَّهارُ : ارتفعَ والمُمَّغِطْ : الطَّويل المضطرِب. ومَغَطَ الرَّامِي في قوسه : نَزَع فيها فأغرقَ النَّزْع.

مغل الميم والغين واللام أصلانِ صحيحان ، أحدهما يدلُّ على داءٍ وفساد ، والآخَر ضربٌ من النِّتاج.

الأوَّل المَغَل : وجعُ البطن ، ويكون في الدَّوابِّ عن أَكلِ التُّراب وأمْغَلُوا : أصابَ إبلَهم ذلك الدّاء.

ومن الباب الإمغال : إفسادٌ بين النّاس ، والوِشاية ؛ وهو المَغْل أيضا. ويقال إنَّه صاحب مَغَالَةٍ ، إذا فَعَل ذلك.

والأصل الآخَر الإمغال في الغنم وغيرِها ، وهو أن تُنتَج في السَّنة مرّتين. يقال : عَنْزٌ مَغْلة من ذلك ، وغَنَم مِغال. ويقال المُمْغِل من النِّساء : التي تَحمل قبلَ فِطام الصَّبي. والله أعلَم بالصَّواب.

__________________

(١) أنشده فى المجمل واللسان (مغص).

(٢) إذ يقال فى واحدها مغص ومعص ، بالمعجمة والمهملة. الجمهرة (٣ : ٨٠).


باب الميم والقاف وما يثلثهما

مقل الميم والقاف واللام ثلاثُ كلماتٍ غيرِ مُنقاسة. قالوا : مُقْلة العَين ، وهي ناظِرُها. ومَقَلْتُه : نظرتُ إليها.

والكلمة الأُخْرى المَقْلة : الحصاة تُلقِيها في الماء تعرِف قَدْرَه. قال :

قَذَفُوا سَيِّدَهُمْ في ورطةٍ

قذْفَكَ المَقْلةَ وَسْطَ المُعْتَرَكْ (١)

ويقال : هي الحصاة التي يُقْسَم عليها الماءُ في المَفَاوز. ومَقَلهُ في الماء : غَوَّصَه فيه.

وتماقَلَا : تغَاوَصا.

والكلمة الأخرى المُقْل : حَمْل الدَّوْم.

مقه الميم والقاف والهاء كلمةٌ تدل على لون. يقولون : المَقَهُ : بياضٌ في زرقة. وامرأة مَقهاءُ وشرَابٌ أمْقَهُ. قال :

إذا خفَقَت بأمْقَه صَحصحانٍ

رءُوسُ القَوم والتَزَموا الرِّحالا (٢)

مقو الميم والقاف والحرف المعتلّ. يقال فيه : امْقُ هذا مَقْوكَ مالَك ، أي صُنْه صِيانَتَك مالَك. ومَقَوْتُ السَّيف : جَلَوْتُه ، وكذا المِرْآة. قال ابن دريد : جاء بهما يُونس وأبو الخَطَّاب (٣).

مقت الميم والقاف والتاء كلمةٌ واحدةٌ تدل على شَناءَةٍ وقُبْح.

__________________

(١) ليزيد بن طعمة الخطمى ، فى اللسان (مقل) وشروح سقط الزند ١٤٧٣.

(٢) لذى الرمة فى ديوانه ٤٣٩ واللسان (مقه).

(٣) الذى فى الجمهرة (٣ : ١٦٦) : «جاء به يونس وأبو الخطاب وغيرهما».


ومَقَته مَقْتًا فهو مَقِيتٌ وممقوت. ونِكاح المَقْت كان في الجاهليّة أن يتزوَّح الرَّجُل امرأة أبِيه.

مقد الميم والقاف والدال لا نَعرِف فيه شيئاً ، إلّا أنَ المَقدِّىَ : شرابٌ منسوبٌ إلى قريةٍ بالشَّام ، يتَّخَذُ من العَسَل.

مقر الميم والقاف والراء كلمةٌ واحدة ، هي المَقِر (١) : شِبْه الصَّبِر. وأمْقَرَ الشَّيءُ : أمَرَّ. واللَّبنُ الحامضُ مُمْقِر. ومن هذا قولهم : سَمَكٌ مَمْقُورٌ. والمَقْر : إنْقاع (٢) السَّمَك المالح في الماء. وقال ابن دريد (٣) : أمقرتُ لفلانٍ الشَّرَابَ : أمْررتُه له.

مقس الميم والقاف والسين كلمةٌ واحدة. يقال مَقِسَتْ نفسُه : غَثَت وتمقَّستْ * أيضاً. قال :

* نَفْسِي تَمقَّسُ عن سُمَانَى الأقْبُرِ (٤) *

مقط الميم والقاف والطاء كلماتٌ لا تَرجِع إلى قياسٍ واحد ، بل هي متباينةٌ حِدًّا. فالمِقَاط : حبلٌ شديد الإغارة. والمَقْط : ضَربُك بالكُرة على الأرض ثم تأخذُها إذا نَزَلتْ. قال :

__________________

(١) المقر بقتح فكسر ، وربما قيل بالفتح.

(٢) فى الأصل : «إيقاع» ، تحريف.

(٣) الجمهرة (٢ : ٤٠٧).

(٤) فى اللسان : «قال أبو زيد : صاد أعرايى هامة فأكلها فقال ما هذا؟ فقيل سمانى. فغثت نفسه فقال ...». وأنشد الشعر.


* بكفّى مَاقِطٍ في صاعِ (١) *

ومَقَطْتُ صاحبي أمْقُطُه ، إذا غِظتَه. والماقِط : الحازِي (٢) الذي يتكهّن ويطرُق بالحَصَى.

مقع الميم والقاف والعين كلمةٌ تدلُّ على نوعٍ من الضَّربِ والرَّمْي. ومُقِع فلانٌ بالشَّيءِ رُمِيَ به. والمَقْع : أشدُّ الشُّرب. والفصيل يمقَع أُمَّه ، إذا رَضِعها. ومن الباب : امتُقِع لونُه : تغيَّر ، كأنَّه ضُرِب بشيء حَتَّى يتغيَّر ؛ وكذا انتُقِعَ ، وسيأتي. والله أعلم.

باب الميم والكاف وما يثلثهما

مكل الميم والكاف واللام كلمةٌ تدل على اجتماعِ ماء. ومَكَلَت البئرُ : اجتمعَ ماؤُها في وَسَطها. ومجتمع الماء مَكْلَة. وبئر مَكُول ، والجمع مُكُل.

مكن الميم والكاف والنون كلمةٌ واحدة. المَكْن : بَيض الضَّبّ. وضَبٌ مَكُونٌ. [قال] :

ومَكْنُ الضِّباب طَعامُ العُرَيبِ

ولا تَشتهيهِ نفوسُ العَجَمْ (٣)

__________________

(١) لمسيب بن علس فى المفضليات (١ : ٦٠). وهو بتمامه فيها :

مرحت يداها للنجاة كأنما

تكرو ويكفى ماقط في ضاع

(٢) فى الأصل : «الجارى» ، تحريف.

(٣) لأبى الهندى ، واسمه عبد المؤمن بن عبد القدوس. اللسان (مكن) وهو من أبيات فى الحيوان (٦ : ٨٨ ـ ٨٩) رعيون الأخبار (٣ : ٢١٠) ومحاضرات الراغب (٢ : ٣٠٣) والفصول والغايات للمعرى ٤٧١. وانظر المخصص (١٦ : ٨٣ / ١٧ : ١٠).


والمكُنات : أوكار الطّير ، ويقال مَكِنات (١).

مكا الميم والكاف والحرف المعتل أصلٌ صحيح يدلُّ على معان ثلاثة : أحدها شيءٌ من الأصوات ، والآخَر خشونة في الشيء ، والآخَر ضربٌ من الغَسْل.

فالأوَّل مكا يمكو : صَفَر في يَدِه وقد جَمَعها ، مُكَاءً (٢). قال عنترة :

* تمكُو فَريصتُه كشِدق الأعلم (٣) *

يصف طعنةً [تسمع] لها صوتًا حين تنفرِج وتنضمّ (٤). والمُكَّاء : طائرٌ ، سمِّي لأنه يَمْكُو. قال :

إذا غَرَّدَ المُكَّاءُ في غيرِ روضةٍ

فوَيلٌ لأهل الشَّاءِ والحُمُراتِ (٥)

ويقولون : مَكَتِ اسْتُه تمكُو ، إذا حَبَق. وأمَّا المَكَا والمَكْو فمجثِم الأرنب. قال الطِرمّاح :

* كم بِهِ من مَكْوِ وحشِيَّةٍ (٦) *

__________________

(١) ضبطت فى اللسان والقاموس بفتح فضم ، ثم بفتح فكسر. وأثبت هذين الضطين من المجمل.

(٢) فى اللسان : «مكا يمكو مكوا ومكاء : صفر بفيه. قال بعضهم : هو أن يجمع بين أصابع يديه ثم يدخلها فى فيه ثم يصفر فيها».

(٣) من معلقته. وصدره :

وحليل غانية تركت مجدلا

(٤) فى المجمل : «يصف الطعنة حين يسمع صوتها تنفرج وتنضم».

(٥) البيت بدون نسبة فى اللسان (مكا) وأمالى القالى (٢ : ٣٢) والمخصص (١٦ : ٣٩) والصاحبى ٢١٠ والاقتضاب ٣٥٤. وقد سبق بدون نسبة فى (حمر).

(٦) استشهد بهذا الصدر فى اللسان (مكا). وعجزه كما فى ديوان الطرماح ٩٦ :

فيض في منتشل أو شيام


والأخرى قولهم : مَكِيَتْ يدُه تَمْكَى مَكًى : غلُظت وخَشُنت.

والثالثة تمكَّى ، إذا توضّأ. قال :

* كالمتمَكِّي بدمِ القتيل (١) *

وأصله قولهم تمكّى الفَرَس : حكَّ عينَه بركبَتِه (٢).

مكث الميم والكاف والثاء كلمةٌ تدلُّ على توقف وانتظار. ومَكَثَ مَكْثًا ومُكْثًا ورجل مَكِيث : رزينٌ غير عجول. ومَكَثَر مَكُثَ. والتمكُّث : الانتظار.

مكد الميم والكاف والدال كلمةٌ تدلُّ على ثباتٍ. ومَكَدَ بالمكان : أقام. قال أبو عبيد : وهو من قولهم : ناقَةٌ مَكُودٌ ، إذا ثَبَت غُزْرُها. ويقال إنَّ البئر المَاكدة : التي ثبت ماؤُها على قَرْنٍ واحد لا يتغيَّر. والقَرْن قَرْن القامة.

مكر الميم والكاف والراء كلمتانِ متباينتان : إحداهما المَكْر : الاحتيال والخِداع. ومَكَرَ به يمكُر. والأخرى المَكْر : خَدَالة السَّاق. وامرأةٌ ممكورة السَّاقَين.

مكس الميم والكاف والسين كلمةٌ تدلُّ على جَبْىِ مالٍ وانتقاصٍ من الشيء. ومَكَس ، إذا جَبَى. والمَكْسُ : الجِباية قال زُهير (٣) :

__________________

(١) لعنترة الطائى فى اللسان (مكا). وصدره :

إنك؟ على سبيل

(٢) فى الأصل : «عنه بركبتيه» ، صوابه فى المجمل واللسان.

(٣) كذا. والصواب أنه جابر بن حنى الثعلبى ، كما فى اللسان (مكس). وقصيدته فى المفضليات (٢ : ٨ ـ ١٢).


وفي كلِّ أسواقِ العراقِ إتاوةٌ

وفي كلِّ ما باعَ امرؤٌ مَكْسُ دِرهم (١)

والله أعلمُ بالصَّواب.

باب الميم واللام وما يثلثهما

ملي (٢) الميم واللام والحرف المعتل. كلمة واحدةٌ هي الزَّمن (٣) الطّويل. وأقامَ ملِيًّا ، أي دهراً طويلا. وتَملَّيْتُ الشّيءَ ، إذا أَقامَ (٤) معك زماناً طويلا. والمَلَوانِ : طرَفا اللَّيل والنهار. والمُلاوة : الحِين.

وإذا هُمِز دلَّ على المساواة والكمال في الشَّيء. وملَأْتُ الشّيءَ أملَؤُه مَلْئاً. والْمِلء : الاسم للمِقدار الذي يُملَأ ؛ وسمِّي لأنّه مساوٍ لوِعائه في قَدْره. ويقال : أعطِنِي مِلْأَه ومِلْأَيْهِ وثلاثة أمْلائِه. ومنه أمْلَأَ النَّزْعَ في القَوس ، إذا بالَغَ. ومنه* المَلأ : الأشْراف من الناس ، لأنَّهم ملِئُوا كرمًا. فأمّا قولُ الشَّاعر (٥) :

تنادَوْا يالَ بُهْثَةَ إذا لَقُونا

فقُلْنا أحسنى مَلَأً جُهَينا (٦)

فقال قوم : أراد به الخُلُق. وجاء في الحديث : «أَحْسِنُوا أملاءكم». والمعنى فيه أنَّ حسن الخُلُق من سجايا المَلأ ، وهم الشِّراف الكِرام.

__________________

(١) رواية اللسان : «أفى كل».

(٢) هذا الموضع موضع مادة (مله) ، ولكن هكذا ورد فى الأصل فآثرت إبقاء الترتيب حرصا على أرفام الأصل.

(٣) فى الأصل : «الدم».

(٤) فى الأصل : «قام».

(٥) هو الجهنى اللسان (ملأ) وإصلاح المنطق ٤٢٣ وهو عبد الشارق بن عبد العزى ، كما فى الحماسة.

(٦) فى اللسان وإصلاح المنطق : «إذ روأنا».


مله (١) الميم واللام والهاء. يقولون : هو مُمْتَلَه العقلِ : ذاهبُه.

ملث الميم واللام والثاء كلمة. يقال أتيتُه مَلَثَ الظَّلامِ ، كما يقال مَلَسَ الظلامِ ، وهو احتلاطُه

ملج الميم واللام والجيم كلمة. يقال : مَلَجَ الصِبىُّ : تناولَ الثَّدي للِرَّضاع بأدنى فمه. وفي الحديث : «لا تُحرِّم الإملاجةُ والإملاجَتانِ». وهي أن تُمِصَّه لَبَنَهَا مرَّةً أو مرّتين.

ملح الميم واللام والحاء أصلٌ صحيح له فروع تتقاربُ في المعنى وإن كان في ظاهرها (٢) بعضُ التَّفاوت.

فالأصل البَياض ، منه المِلح المعروف ، وسمِّي لبياضه. قال :

أحْفِزُها عنَّي بذي رونقٍ

أبْيضَ مِثلِ المِلح قَطَّاعِ (٣)

ويقال ماء مِلحٌ ، وقد قالوا مالح ، ذكره ابنُ الأعرابىِّ واحتجَّ بقوله :

صَبَّحنَ قَوًّا والحَمَامُ واقِعُ (٤)

وماءُ قَوٍّ مالحٌ وناقِعُ (٥)

وملح الماءُ (٦). وسَمكٌ مملوحٌ ومَليح. وأملَحْنا : أصبنا ماءً مالحا. وأملَحَ الماءُ أيضاً. قال نُصَيب :

__________________

(١) فى الأصل : «مثل» ، تحريف. وقد سبق التنبيه على أن حق هذه المادة أن تنصدر الباب.

(٢) فى الأصل : «فى ظهرها».

(٣) البيت لأبى قيس بن الأسلت الأنصارى فى المفضليات (٢ : ٨٤).

(٤) الرجز لأبى زياد الكلابى فى اللسان (ملح). وضبطت «الحمام» فى اللسان بكسر الحاء ، والصواب فتحها كما فى المجمل ، أى والحمام فى مجثمه فى أواخر الليل قبل أن يطير.

(٥) فى الأصل : «نافع» ، صوابه فى المجمل واللسان.

(٦) يقال ملح يملح ملوحة وملاحة ، مثل سهل يسهل سهولة ، وملح يملح ملوحا ، بفتح لامى الفعلين وضم ميم المصدر.


وقد عاد عَذبُ الماءِ مِلحاً فزادنى

على مَرضى أنْ أَملَحَ المشرَبُ العذبُ

ومَلَحْتُ القدر : ألقَيْت مِلحَها بقَدَر. وأملَحتُها : أفسَدْتُها بالمِلح. ويقال مَلَّحت النّاقةَ تمليحاً ، إذا لم تَلقَح فعولِجَتْ داخِلَتُها بشيءٍ مالح. ومَلُح الشَّيءُ مَلاحةً ومِلْحا. والمُمَالَحة : المُواكلة. ثم يستعار المِلْح فيسمَّى الرَّضاع مِلْحًا. وقالت هَوَازِنُ لرسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم : «لو كُنَّا مَلَحْنا للحارث بن أبي شَمِر أو للنُّعمان بن المُنذِر لحَفِظ ذلك فينا». أرادوا أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان مُسترضَعًا فيهم.

ويستعيرون ذلك للشَّحم يسمُّونه المِلْح. يقال أملَحْت القِدرَ : جعلتُ فيها شيئاً من شَحم. وعليه فُسِّر قوله :

لا تلُمْها إنَّها من نِسْوةٍ

مِلحُها موضوعةٌ فوقَ الرُّكَبْ (١)

هَمُّها السِّمَن والشّحم. والمُلْحة في الألوان : بياضٌ ، وربَّما خالَطَه سواد. ويقال كبشٌ أملَحُ. ويقال لبعضِ شُهور الشِّتاء مَلْحان ، لبياض ثلجه. والمَلْحاء : كَتيبةٌ كانت لآل المنذر.

والمَلّاح : صاحبُ السفينة ، قياسُه عندنا هذا ، لأنَّ ماءَ البَحرِ ملحٌ وقال ناسٌ : اشتقاقُهُ من المَلْحِ : سُرعة خَفَقان الطَّيرِ بجَناحَيه. قال :

__________________

(١) البيت لمسكين الدارمى فى اللسان (ملح ٤٣٩) والمخصص (١٧ : ٨). وورد بدون نسبة فيه (٤ : ١٤١ / ١٣ : ١٢٥). قال ابن سيده : «أنث ، فإما أن يكون جمع ملحة ، وإما أن يكون التأنيث فى الملح لغة». وقد اختلف اللغويون فى تفسير هذا البيت ، فقال بعضهم : إنه يقال للرجل الحديد الطبع : ملحه على ركبتيه. وقال : الأصمعى : هذه زنجبة ، والملح شحمها هنا ، وسمى الزنج فى أفخاذها. وقال ابن الأعرابى : هذه قليلة الوفاء ، والملح ها هنا يعنى الملح ـ أى الملح المعروف ـ يقال فلان ملحه على ركبتيه ، إذا كان قليل الوفاء.


* مَلْحَ الصُّقورِ تحت دجن مُغْيِنِ (١) *

ومما شذَّ عن الباب المُلَّاح من نَبات الحَمْض ، إلَّا أن يكون في طَعمِهِ مُلوحة. والمَلْحاء : ما انحدر (٢) عن الكاهل والصُّلب. والملَح : ورمٌ في عُرقوب الفَرَس.

ملخ الميم واللام والخاء أصلٌ صحيح يدلُّ على إخراج شيء من وعائه أو من غيره. وامتَلَخَت العُقَاب عينه : أخرجَتْها. وامتلَخْتُ اللِّجامَ من رأس الدابَّة. والمليخ : اللَّحمُ لا طَعمَ له. و [المَلَّاخ : الملّاق (٣)] لأنَّه يستخرج الإنسان أو ما عنده بملَفِه. قال رؤبة :

* ملّاخُ المَلَقْ (٤) *

و [منه] قول الحسن : «يَمْلَخُ في الباطل».

ملد الميم واللام والدال كلمةٌ تدلُّ على نَعْمةٍ ولِين وملاسةٍ. وشاب أَمْلَدُ : ناعِمٌ. والمَلد المصدر. وامرأةٌ مَلْداء : معتدلة الخَلْق حَسنة. وغصنٌ أُمْلُودٌ : ناعم. وملّدتُ الأديم : مَرَّنتُه. والإمليد من الصَّحارى كإمليس : الصَّحصَح (٥). [و] منه المَلَدان

ملذ الميم واللام والذال ذكروا فيه كلمتين أيضاً. الملْذ : أن يكون يمُدُّ الفرس ضَبْعَيْه في عَدْوه حتَّى لا يجد مزيداً. ومَلَذَه بالرُّمح : طعَنَه به. قال

__________________

(١) الرجز فى اللسان (ملح) والمخصص (٨ : ١٣٨).

(٢) فى الأصل : «ماء انحدر» ، صوابه فى المجمل واللسان.

(٣) التكملة من المجمل.

(٤) ديوان رؤبة ١٠٦ واللسان (ملخ ، ملق). وفى الديوان :

إذا تتلاهن صلصال الصعق

معتزم انتجليح ملاخ الملق

(٥) الصحصح : المستوية الجرداء : المستوية الجرداء. وفى الأصل : «الصحيح» وليس به.


أبو بكر (١) : المَلْذ : السُّرعة في المجيء والذهاب. وذئبٌ مَلَّاذٌ.

ملس الميم واللام والسين أصلٌ صحيح يدلُّ على تجرُّدٍ في شيءٍ ، وألّا يعْلَقَ به شيء ، فهو أملَسُ. ويقال للرّجُل الذي لا يَلْصَق به ذمٌّ : هو* أملَسُ الجِلد قال :

* فَمُوتَنْ بها حُرًّا وجلدُك أمْلَسُ (٢) *

وأرضٌ أمالِيسُ : لا نباتَ بها. ويقال في البيع : «المَلَسَى لا عُهْدَةَ له» ، أي لا متعلَّق له. وقد سبق ذكره ومن الباب المَلْس : سَلُّ الخُصيةِ بعروقها. وكبش مملوسٌ. ومنه المَلْس : السَّوق الشَّديد ، أي إنَّه يمضي حتى لا يمكن أن يُتعلَّقَ به. وقولهم : أتيتُه مَلَسَ الظَّلام من باب الثاء ، وقد فسَّرْناه ورُمَّانٌ إملِيسيٌ.

ملص الميم واللام والصاد قريبٌ من ملس ، وهو يدلُّ على إفلات الشَّيء بسرعة. وامَّلَص الشيءُ من يدي : أفلَتَ ، امِّلاصاً. ومَلِصَ الرِّشاء من اليد يَمْلَص. قال :

فرَّ وأعطانِي رِشَاءً مَلِصا (٣) *

ومنه أَمْلَصَت المرأةُ : رمَت بولدها إملاصاً ؛ والولد مَلِيص. ومنه سير إمليص : سريع.

ملط الميم واللام والطاء أُصيلٌ يدلُّ على تسويةِ شيءٍ وتسطيحه

__________________

(١) الجمهرة (٢ : ٣١٨).

(٢) البيت للمتلمس فى ديوانه ٥ نسخة الشنقيطى ، والحماسة (١ : ٢٦٨). وصدره :

فلا تقبلن ضيما مخافة ميتة

(٣) أنشده فى اللسان (ملص).


وملَّطت الحائطَ بالمِلاط أُملِّطه تمليطاً : طيَّنته وسوّيْتُه والمِلاطان : الجَنْبان ، كأنَّهما مُلِطا مَلْطًا. وابنا مِلَاطٍ : العضدان. والأمْلَط : الذي لا شَعْرَ عليه. ويقاس على هذا فيُقال للرّجُل القليل الخيرِ المتمرِّد : ملْطٌ. قال أبو بكر (١) : وكلُّ شيء ملّطته فهو مِلاطٌ.

ملع الميم واللام والعين أُصَيْلٌ يدلُّ على سرعةٍ وخِفّةٍ. ومَلَعْت النّاقةُ في سَيرها وناقةٌ مَيْلَع فَيْعَلٌ منه. والمَلْع : السُّرْعة في المرور والاختطاف. ومن الباب المَلِيع : الأرضُ لا نباتَ بها.

ملغ الميم واللام والغين كلمةٌ. يقولون : المِلْغ : الأحمق. والتملّغ : التحمُّق.

ملق الميم واللام والقاف أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على [تجرُّد] في الشيء ولين. قال ابن السكِّيت : المَلَق من التملُّق ، وأصله التَّليين. والمَلَقَة : الصَّفاة المَلْسَاء. ويقال الإملاق : إتلافُ المال حَتَّى يُحوِج. والقياس واحد ، كأنَّه تجرَّدَ عن المال. وانْمَلَقَ ساعدُ الرجل : انسحَجَ من حَمْل الأحمال. قال :

وحَوْفَلٌ ساعدُه قد انْمَلَقْ

يقول قَطْبًا ونعِمَّا إن سَلَق (٢)

والمَلَقَة : الأرض لا يكاد يَبِين فيها أثر ، والجمع المَلَق والمَلَقَات. ومَلَقْتُ الثوب : غَسَلتُه ، لأنَّك تجرِّده عن الوسَخ.

ملك الميم واللام والكاف أصلٌ صحيح يدلُّ على قوّةٍ في الشيء

__________________

(١) الجمهرة (٣ : ١١٦).

(٢) أنشده فى اللسان (ملق).


وصحّة. يقال : أملَكَ عجِينَه : قوَّى عَجنَه (١) وشَدَّه. وملّكتُ الشَّيءَ : قوّيته قال :

فملّكَ باللِّيط الذي فوق قِشرها

كَغِرقئِ بيض كنَّه القيضُ من عَلِ (٢)

والأصل هذا. ثم قيلَ مَلَك الإنسانُ الشَّيء يملِكُه مَلْكا. والاسم الملْك ؛ لأنَّ يدَه فيه قويّةٌ صحيحة. فالمِلْك : ما مُلِك من مالٍ. والمملوك : العبْد. وفلانٌ حسَن المَلَكة ، أي حسن الصَّنيع إلى مماليكه. وعبدُ مَمْلكة : سُبِيَ ولم يُملَك أبواه. وما لفلانٍ مولى مَلَاكةٍ دونَ الله تعالى ، أي لم يملكْه إلّا هو. وَكَنّا [في](٣) إملاكِ فلانٍ ، أي أملكناه امرأتَه. وأملكناه مثل ملّكناه. والمَلَك : الماء يكون مع المسافر ، لأنَّه إذا كان معه مَلَك أمرَه.

ملو الميم واللام والحرف المعتلّ أصل صحيح يدلُّ على امتدادٍ في شيءٍ زمانٍ أو غيره. وأملَيت القيدَ للبعير إملاءً ، إذا وسَّعته. وتملّيت عُمْرِي ، إذا استمتَعت به. والمَلَوانِ : اللّيل والنهار. والملاوة (٤) : ملاوة العيش ، أي قد أُملِيَ له. ومن الباب إملاء الكتاب.

والله أعلم بالصَّواب.

باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوله ميم

.... (٥).

تم كتاب الميم والله أعلم بالصواب

__________________

(١) فى الأصل : «عجينة».

(٢) لأوس بن حجر فى ديوانه ١٩ واللسان (ملك ، ليط).

(٣) التكملة من المجمل.

(٤) هذه مثلثة الميم.

(٥) كذا ورد هذا العنوان بدون كلام بعده. ومكانه فى المجمل : «مهيم معناها ما حالك وما شأنك».


كتاب النون

باب النون وما بعدها في المضاعف والمطابق

نه النون والهاء كلمةٌ واحدة. يقال : نَهْنه فلانٌ فلاناً : كفُّه وزَجَره.

نأ النون والهمزة أصلٌ يدلُّ على ضَعف في الشّيء. فالنَّأنأة : الضَّعف. ورجلٌ نَأنَاءٌ ، إذا كان ضعيفًا. قال امرؤ القيس :

لعمركَ ما سعدٌ بِخُلَّة آثمٍ

ولا نأْنأٍ عِند الحفاظِ ولا حَصِرْ (١)

قال أبو زيد في كتاب الهمز (٢) : نَأْنَأْتُ رأيي نَأْنَأَةً ، إذا خلَّطت فيه (٣).

نب النون والباء كلمتان. نَبَ التَّيس نبيباً : صوَّتَ عند السِّفاد. والأُنبوب : ما بين كل عُقدتينِ من رُمحِ وغيرِه.

نث النون والثاء أصلٌ صحيح يدلُّ على نَشْر شيءٍ وانتشاره. ونثُ

__________________

(١) ديوان امرئ القيس ١٣٨ واللسان (١١) ، يمدح به سعد بن الضباب الإيادى.

(٢) كتاب الهمز لأبى زيد ٥ ـ ٦.

(٣) فى كتاب الهمز : «إذا خلطت فيه تخليطا فلم تبرمه».




فالأوَّل نَسَ إبلَه ينُسُّها نَسًّا : ساقها.

والثاني قولهم : نسَّت القطاةُ : عَطِشت. ويقال لمَكَّة النّاسَّة ، لقلّة الماءِ بها. ونَسَّتِ الخُبْزةُ نَسًّا : يبست. ونسّت الجُمَّة : تشعَّثَت (١) ، وذلك لقِلّة الدُّهن فيها. ويقال للبلَل الذي يكون برأس العود إذا أُوقِدَ : النَّسِيسة ، وبه تُشَبَّهُ بقيّةُ النّفْس. قال : ويقال له النَّسيس.

نش النون والشين ليس بشَيء ، وإنَّما يُحكَى به صوتٌ. منه النَّشِيش : صوت الماء وغيرِه إذا غُلِيَ. ومنه أرضٌ نَشِيشَة (٢) ، * إذا كانت مِلحة لا تُنبت ، وأرض نَشَّاشة (٣). ومنه نَشَ الغديرُ : أخَذَ ماؤُه في النُّضوب.

نص النون والصاد أصلٌ صحيح يدلُّ على رَفعٍ وارتفاعٍ وانتهاء في الشّيء. منه قولُهم نَصَ الحديث إلى فلان : رفَعَه إليه. والنَّصُ في السَّير أرفَعُه. يقال : نَصْنَصْتُ نافتي (٤). وسيرٌ نصٌ ونَصِيص. ومِنَصَّة العروس منه أيضاً. وبات فلانٌ منتَصًّا على بعيره ، أي مُنْتَصِبا. ونصُ كلِّ شيءٍ : مُنتهاه. وفي حديث علىٍّ عليه السلام : «إذا بلَغَ النساء نَصَ الحِقاق (٥)». أي إذا بلَغْنَ غايةَ الصِّغر وصِرنَ في حدِّ البُلوغ. والحِقَاقُ : مصدر المُحاقَّة ، وهي أن يقول بعضُ

__________________

(١) فى الأصل : «الحمة تشقت» ، صوابه فى المجمل.

(٢) فى الأصل : «نشنشة» ، تحريف ، صوابه من القاموس.

(٣) وكذا فى المجمل ، ويقال «نشناشة» أيضا.

(٤) النصنصة : التحريك والقلقلة ، وأكثر ما تستعمل فى البعير لازمة ، يقال نصنص البعير ونصنص الرجل. والمألوف أن يقال نصصت البعير ، بالمضاعف لا المطابق.

(٥) تمام الحديث : «فالعصبة أولى» ، أى أولى بها من الأم.


الأولياء : أنا أحقُّ بها ، وبعضُهم : أنا أحقّ. ونَصَصْت الرّجُل : استقصيتُ مسألتَه عن الشَّيء حتَّى تَستخرِجَ ما عنده وهو القياس ، لأنَّك تبتغي بلوغَ النِّهاية. ومن هذه الكلمة [النَّصنصة] : إثبات البعير رُكبتَيه في الأرض إذا هَمَّ بالنُّهوض. والنَّصنصة : التَّحريك. والنُّصَّة : القُصَّة من شَعر الرّأس ، وهي على موضعٍ رفيع

نض النون والضاد أصلانِ صحيحان أحدُهما يدلُّ على تيسيرِ الشَّيء وظُهورِه ، والثاني على جنسٍ من الحركة.

الأوّل : قولُ العرب : خذ ما نضَ لك من دَينٍ ، أي تَيَّسر. وفلانٌ يستنضُ مال فلانٍ ، أي يأخذه كما تيَّسر. والنَّضيض من الماء : القَليل. فأمَّا النَّاضُ من المال فيقال : هو ما له مادَّةٌ وبقاء ، ويقال بل هو ما كان عَيناً. وإلى هذا يذهب الفُقهاءُ في النضّ.

نط النون والطاء. يقولون النّطانِط من الرِّجال : الطِّوال ، الواحد نَطْنَاط. ونطنطت الشَّيء : مددتُه.

نع النون والعين أصلٌ صحيح يدلُّ على مَيلٍ واضطراب. ويقال للشَّيء إذا مالَ واضطرب : تنَعنَع. والنُّعنُع : الهَنُ المسترخى. والنُّعنُعِ : الطَّويل من الرِّجال المضطرِب الخَلْق. ويقولون : تَنَعنَعَ منّا ، أي تباعَدَ. قال ذو الرُّمة :

النازحُ المتنعنِعُ (١) *

__________________

(١) البيت بتمامه كما فى الديوان ٣٥١ واللسان (نعع) :

على مثلها يدنو البعيد وببعد

قريب ويطوى النازح بالتصنع




نفسَه عن طلبِها. والنَّهْي والنِّهْي : الغدير ، لأنَّ الماء ينتهي إليه. وتَنهِيَةُ الوادي : حيثُ يَنتهي إليه السُّيول. ويقال إنَ نِهاءَ النَّهار : ارتِفاعُه. فإنْ كان هذا صحيحاً فلأنَّ تلك غايةُ ارتفاعِه

ومما شذَّ عن هذا الباب إن صح يقولون النُّهاء (١) : القوارير ، وليس كذلك عندنا. وينشدون :

تَرُضُّ الحصَى أخفافُهنَّ كأنّما

يُكسَّر قَيْضٌ بيْنها ونِهاءُ (٢)

نهأ النون والهاء والهمزة. إذا همز ففيه كلمةٌ واحدة ، وهي من الإبدال ، يقول : أنهأْتُ اللَّحم ، إذا لم تُنضِجْه. وهذا عندنا في الأصل : أنيأْته (٣) من النّيء ، فقلبت الياء هاء (٤).

نهب النون والهاء والباء أصلٌ صحيح يدلُّ على توزع شيءٍ في اختلاسٍ لا عن مساواة. منه انتهابُ المالِ وغيرِه. والنُّهْبى : اسم ما اتُهِب. ومنه المُناهَبة : أنْ يتبارى الفَرَسانِ في حُضْرِهما. يقال : ناهب الفَرسُ [الفرسَ (٥)] ، كأنهما يتناهبان الحُضْر والسَّبَق ويقال نَهَبَ النّاسُ فلاناً بكلامهم : تناوَلُوه به والقياسُ واحد.

__________________

(١) كذا ورد فى الأصل واللسان بضم النون فى التفسير والشاهد بعده ، فقيل إن هذا لا واحد له من لفظه ، وقيل واحدته نهاءة. وفى المجمل بكسر النون فى الموضعين.

(٢) البيت مجهول القائل فى المجمل واللسان. ويروى أيضا : «نهاء» بالفتح ، كما فى المجمل ، وقال ابن برى فى هذا : إنه جمع نهاة جمع الجنس ومده لضرورة الشعر. ويروى أيضا «نهاء» بالكسر جمع نهاة بالفتح.

(٣) هذه هى صورته قبل الإعلال ، وإنما يقال أنأته إناءة ، إذا لم تنضجه.

(٤) فى الأصل : «همزة» ، تحريف.

(٥) التكملة من المجمل.


نهت النون والهاء والتاء كلمةٌ تدلُّ على حكايةِ صوت. فالنهِيتُ : دُونَ الزَّئير. وأسَدٌ نَهَّات. ونَهت الرجُل : زحَرَ وحِمارٌ نهّات.

نهج النون والهاء والجيم أصلانِ متباينان :

الأوَّل النَّهْج ، الطّريق. ونَهَج لي الأمْرَ : أوضَحَه. وهو مُستقيم المِنْهاج والمَنْهج : الطَّريق أيضا ، والجمع المناهج.

والآخر الانقطاع. وأتانَا فلانٌ يَنْهَج (١) ، إذ أتى مبهوراً منْقطِع النَّفس وضربت فلاناً حتى أُنْهِج ، أي سقط.

ومن الباب نَهجَ الثّوبُ (٢) وأنْهَجَ : أخلق ولمّا ينشَقّ. وأنهجَه البِلَى. قال أبو عُبيدٍ : لا يقال نَهج (٣)

نهد النون والهاء والدال أصلٌ صحيح يدلُّ على إشراف شيءٍ وارتفاعِه. وفرَسٌ نَهْدٌ : مُشْرِفٌ جَسِيم. ونَهَدَ ثَديُ المرأة : أشرَفَ وكَعَب ؛ وهي ناهد. ويقولون للزُّبدة الضّخمةِ نَهِيدة.

ومن الباب المناهَدةُ في الحروب ، كالمناهَضَة ، لأنّ كلًّا ينْهَد إلى كلّ قالوا : غير أنَّ الهوضَ يكون عَنْ قعود (٤) ، والنهود كيف كان. ورجلٌ نَهْدٌ : كريمٌ يَنْهَد إلى معالى الأمور. والنّهْداء : رملة كريمة تُنبت كِرامَ البَقْل. ويقال أنْهَدْتُ

__________________

(١) ماضيه نهج بكسر الهاء. ويقال فى معناه أيضا أنهج إنهاجا.

(٢) هذا مثلث الهاء.

(٣) كذا ضبطت فى المجمل. وفى اللسان بدون عزو إلى أبى عبيد : «ولا يقال نهج الثوب أى بفتح الهاء ـ ولكن نهج ـ أى بكسر الهاء».

(٤) فى الأصل : «على قعود» ، وفى اللسان «قيام غير قعود» ، صوابهما فى المجمل.




الطائر الذي وَفَرَ جناحاهُ وتهيَّأ للنّهُوضِ والطَّيَران. ونِهاضُ الطّرُق (١) : صُعُدها وعَتَبها ، الواحدة نهضة. وأنْهُض البَعيرِ (٢) : ما بين كَتِفِهِ إلى صُلْبه.

نهط النون والهاء والطاء زعم ابنُ دريد (٣) النَّهْط الطَّعْن. ونَهَطه بالرُّمح : طعنَه به

نهع النون والهاء والعين ليس بشيء. على أنهم يقولون : نَهَعَ ، إذا تَهَوَّعَ من غير قَلْسٍ

نهق النون والهاء والقاف أصلٌ صحيح يدلُّ على صوتٍ من الأصوات. فالنّهيق والنُّهاق : صوت الحمار. ونَوَاهِقُه : مخارج نَهاقِهِ من حَلْقِه ونَوَاهق الدّابة : عروقٌ اكتنفتْ خياشيمَه ، الواحدة ناهقة.

نهك النون والهاءِ والكاف أصلٌ صحيح يدلُّ على إبلاغٍ في عقوبة وأذى. ونَهَكَتْهُ الْحُمَّى : نَقَصَتْ لحمه. وأنْهَكهُ السُّلطانُ عقوبةً : بالَغَ.

ومن الباب انتهاكُ الحرمة تنَاوُلُها بما لا يحِلّ. والنّهِيك : الأسد والشّجاع ، لأنّهما يَنْهَكان الأفران.

نهل النون والهاء واللام أصلٌ صحيح يدلُّ على ضَرْبٍ من الشُّرْبِ. ونَهِلَ : شرِبَ في أوّل الوِرد. وأنْهلْتُ الدّوابّ. والمَنْهل (٤) : المورِد. والنّاهل :

__________________

(١) فى الأصل : «الطير» ، صوابه فى المجمل. ومفرده نهض بالفتح.

(٢) جمع نهض بالفتح أيضا. وأنشدوا فى الجمع لهميان بن فخافة :

وقربوا كل جمال عنه

أبقى السناف أثرا بأنهصه

(٣) الجمهرة (٣ : ١١٩).

(٤) فى الأصل : «والنهيل» ، صوابه فى المجمل واللسان وغيرهما.


الريّان. وربما قالوا للعطشان (١) ناهل. وهذا لعلَّه أن يكون على معنَى الفأل. قال :

* ينهَلُ منه الأسَلُ النّاهلُ (٢) *

أي تَروى منه الرِّماح العِطاش

نهم النون والهاء والميم أصلانِ صحيحان ، أحدُهما صوتٌ من الأصوات والآخر وَلُوع بشيء.

فالأوّل النَّهيم : صوت الأسد. والنّهيم : زَجْرُك الإبل إذا صِحْتَ بها. تقول : تَهَمْتُها ، إذا صِحْتَ بها لتَمضي. قال :

ألَا انهَمَاها إنَّهَا مَناهيم

وإنما ينْهِمَها القَومُ الهِيمْ (٣)

ويقال للحَذْف بالعَصَا والحذف بالحَصَى نَهْمٌ ؛ ولا بدَّ من أن يكون لِمَا يُحْذَف به أدنى صوت. قال :

* يَنْهَمْنَ بالدّارِ الحَصَى المنهوما (٤) *

فأمّا الآخر فالنَّهْمة : بلوغ الهِمّة في الشَّيء. وهو منهومٌ بكذا : مُولَعٌ به. ويقال منه نُهمَ يُنْهَمُ.

ومما شذَّ عن البابين النِّهَامِي : الْحَدَّاد (٥).

__________________

(١) فى الأصل : «العطشان».

(٢) البيت للنابغة ، كما فى اللسان (نهل). وكذا وردت روايته فى المجمل والمخصص (١٣ : ٢٦٠). وفى اللسان والأضداد ٩٩ : «ينهل منها». وصدره فيهما :

؟ الطعنة يوم لوغى

(٣) الرجز فى اللسان (نهم).

(٤) لرؤبة فى ملحقات ديوانه ١٨٤ واللسان (نهم).

(٥) ويقال أيضا للراهب ، وهو بهذا المعنى الأخير مقيس ، قال فى اللسان : «لأنه ينهم ، أى يدعو».




نوخ النون والواو والخاء كلمةٌ واحدة ، وهي أنَخْتُ الجَمَل. فأمَّا فِعل المطاوَعة منه فقالوا : أنَخْتُه فبَرَك ، وقال آخرون : استناخ. وجاء في الحديث : «وإن أُنيخَ على صخرةٍ استناخ». وقال الأصمعىّ أنختُه فتَنَوَّخ.

نور النون والواو والراء أصلٌ صحيح يدلُّ على إضاءةٍ واضطراب وقِلّة ثبات. منه النور والنار ، سمِّيا بذلك من طريقة الإضاءة ، ولأنَّ ذلك يكون مضطرِباً سريعَ الحركة. وتنوَّرْتُ النّار : تبصَّرتُها. قال امرؤ القيس :

تنوَّرتُها من أذرعات وأهلُها

بيثربَ أدنى دارِها نظرٌ عالِى (١)

ومنه النَّور : نَور الشَّجر ونوّاهُ. وأنارت الشَّجرةُ : أخرجَتْ النَّوْر. والمَنَارة : مَفعلة من الاستنارة ، والأصل مَنْوَرة. ومنه مَنَار الأرض : حُدودها وأعلامها ، سمِّيت لبَيَانِها وظُهورها.

والذي قُلناه في قِلّه الثبات امرأةٌ نَوَارٌ ، أي عفيفة تنُورُ ، أي تَنفِر من القَبيح ، والجمع نُورٌ. ونارت : نَفَرت نَوْراً (٢). قال :

أنَوْرًا سَرْعَ ماذا يا فَروق (٣) *

ونُرْت فلاناً : نَفَّرته. والنَّوار : النِّفار.

__________________

(١) ديوان امرئ القيس ٥٦ واللسان (نور) وأذرعات يروى بالكسر مع التنوين وعدمه وبالفتح مع منع الصرف.

(٢) ويقال فى المصدر «النوار» أيضا بالفتح ، والاسم بالكسر ، نوار.

(٣) صدر بيت لزغبة الباهلى ، أو لمالك بن زغبة الباهلى ، أو لأبى شقيق الباهلى ، فى اللسان (نور ، حذق) وإصلاح المنطق ٤١ ، ١٤٢. وعجزه :

رحبل الوصل منتكث حذيق


ومما شذَّ عن هذا الأصل النَّؤُور : دُخَانُ الفَتيلة يتّخذُهُ كُحلا وَوشْمًا. ونَوَّرْت اللِّثة(١) :غَرَزْتها بإبرةٍ ثم جعلت في الغَرز الإثمد.

نوس النون والواو والسين أصلٌ يدلُّ على اضطرابٍ وتذبذُب. وناسَ الشَّيءُ : تذَبْذَب ، ينُوس. وسمِّي أبو نُوَاسٍ لذُؤَابتينِ له كانَتَا تنوسانِ. ويقولون : نُسْت الإبلَ : سُقْتُها.

نوش النون والواو والشين أصلٌ صحيح يدلُّ على تناوُل الشيء. ونُشْتُه نَوْشًا. وتناوَشْتُ : تَناوَلْت. قال الله تعالى : (وَأَنَّى لَهُمُ التَّناوُشُ منْ مَكانٍ بَعِيدٍ) : وربَّما عَدَّوْه بغير ألفٍ فقالوا : نُشْتُه خيراً ، إذا أنَلْتَه خيراً.

وقول القائل (٢) :

* باتت تَنُوش العَنَق انتياشا (٣) *

نوص النون والواو والصاد أصلٌ صحيح يدلُّ على تردُّدٍ ومجيء وذهاب*. وناص عن قرنه يَنُوص نَوْصًا. والمَنَاص المصدر ، والمَلْجأ أيضًا. قال سبحانه : (وَلاتَ حِينَ مَناصٍ). ويقولون : النَّوْص : الحِمار الوحشىّ لا يزالُ نائصًا : رافعًا رأسَه ، يتردَّد كالجامح. وناوصَ الجَرَّة : مارَسَها. ومرّ تفسيرُه في باب الجيم (٤).

__________________

(١) فى الأصل : «إليه».

(٢) كذا. وفى المجمل قبل إنشاد البيت التالى : «وناشت الإبل تنوش ، إذا أسرعت النهض. قال».

(٣) أنشده فى اللسان (نوش).

(٤) فى الجزء الأول ص ٤١٣.


نوض النون والواو والضاد فيه كلماتٌ متباينة.

الأولى النّوض : وُصْلةٌ ما بين العَجُز والمَتْن. والثانية قولهم : ناض في البِلاد : ذهب. والثالثة الأنواض : الأودية ، واحدها نَوْض.

نوط النون والواو والطاء أصلٌ صحيح يدلُّ على تعليق شيءٍ بشيء. ونُطْتُه به : علَّقته به. والنَّوْط : ما يَتعلَّق به أيضًا ، والجمع أنواط. وفي المثل : «عاطٍ بغير أنواط» أي إنَّه يعطو يتناول الشَّيء وليس له ما يتعلق به. والنِّيَاط : عِرقٌ علّق به القلب ، والجمع أنْوطة (١) ، وهو النائط أيضًا. قال :

* قَطْعَ الطَّبيب نائطَ المصفورِ (٢) *

ونِياطُ المَفازة : بُعدها ، سمِّي به لأنَّه كأنّه من بُعدِهِ نِيط أبداً بغيره. والأرنَب مقطِّعة النِّياط ، لأنَّها تقطع البعيد. والتُّنَوِّط (٣) : طائر ؛ وهو قياسُه لأنَّه يَنُوط كالخيوط من الشَّجرة يجعلها وكراً. ونِيطَ فُلانٌ : أصابته نَوْطة ، وهي وَرَمٌ في الصَّدر. وهو عِندنا من نِياط القَلْب ، كأنَّ الوجعَ أصابَ نِياطَه. ويقولون : نَوْطةٌ من طَلْح ، كما يقال عِيصٌ من سِدْر. وسمِّيت لتعلُّق بعضِها ببعض. وبئر نَيِّطٌ ، إذا كانت قَدْرَ قامة.

نوع النون والواو والعين كلمتانِ ، إحداهما تدلُّ على طائفةٍ من الشيء مماثلةٍ له ، والثانية ضربٌ من الْحَرَكة.

__________________

(١) ونوط ، أيضا بالضم.

(٢) للعجاج فى ديوانه ٣٠ واللسان (نوط ، صفر).

(٣) ويقال تنوط بفتح التاء والنون وتشديد الواو المضمومة.


الأوّل النَّوع من الشيء : الضَّرْب منه. وليس هذا من نَوْعِ ذاك.

والثاني : قولهم : ناعَ الغُصن يَنوعُ ، إذا تمايَلَ ، فهو نائع. وقال بعضهم : لذلك يقال جائع نائع ، أي مضطرب من شِدَّة جُوعه مُتمايِل. ويَدْعُون على الإنسان فيقولون : جُوعًا له ونُوعًا له.

نوف النون والواو والفاء أصلٌ صحيح يدلُّ على علوٍّ وارتفاع. ونافَ يَنُوف : طالَ وارتفع. والنَّوْف : السَّنام (١) ، وجمعه أنواف. وممكنٌ أن يكون قولهم : مائةٌ ونَيِّف (٢) من هذا ، وقد ذكرناه في نيف للَفْظِه.

نوق النون والواو والقاف أصلٌ يدل على سموٍّ وارتفاع. وأرْفَعُ موضعٍ في الجبل نِيقٌ ، والأصل الواو ، وحوّلت ياءً للكسرة التي قبلها. وممكنٌ أن يكون النَّاقةُ من هذا القياس ، لارتفاع خَلْقِها. وناقةٌ ونُوق (٣). و «استَنْوَق الجملُ» تشبيهٌ بها ، ويضرب مثلاً لمن ذَلَّ بعد عِزّ. والنَّاقة : كواكبُ على هيئة النّاقة (٤). وقولهم : تنوَّقَ في الأمر ، إذا بالَغَ فيه ، فعندنا أنَّه منه ، وهم يشبِّهون الشيءَ بما يستحسنونه ، وكأنَ تنوَّق مقيسٌ على اسم الناقة ، وهي عندهم من أحْسَنِ أموالهم. ومن قال تنَوَّق خطأٌ فقد غَلِط (٥) ، وقياسه ما ذكرناه. والنِّيقة

__________________

(١) قيده فى اللسان بأنه السنام العالى.

(٢) ويقال نيف أيضا بالتخفيف ، وقيل التخفيف لحن أو لغة رديئة.

(٣) ويقال فى جمعه أيضا ناق ونياق وأنواق وأينق وأنوق وأنؤق وأونق. وجمع الجمع أيانق وانياقات.

(٤) ذكرت فى القاموس. وانظر الأزمنة والأمكنة للمرزوقى (٢ : ٣٧٦).

(٥) فى اللسان : «وتنوق فى الأمر ، أى تأنق فيه. وبعضهم لا يقول تنوق». وشاهده قول ذى الرمة :

كأن عليها سحق لفق تنوقت

به حضرميات الأكف الحوائك


لا تكون إلّا من تَنوّق. يقولون مثلاً : «خَرْقاءُ ذات نِيقَة» ، يُضرَب للجاهل بالشَّيء يدَّعى المعرفة به.

نوك النون والواو والكاف كلمةٌ واحدة ، هي النَّوَاكة والنُّوك (١) وهي الحُمْق. ورجلٌ أنْوَك ومُسْتنوِكٌ ، وهم نَوْكَى (٢).

نول النون والواو واللام أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على إعطاء. ونَوَّلته : أعطيته. والنَّوال : العَطاء. ونُلْتُه نَولاً مثل أنلته. وقولك : ما نَوْلُكَ أن تفعل كذا ؛ فمنه أيضاً ، أي ليس ينبغي أن يكون ما تُعطِيناهُ مِنْ نوالِك هذا. وقولُ لبيد :

وقفتُ بهنَّ حتَّى قال صحْبى

جَزِعتَ وليس ذلك بالنَّوالِ (٣)

قالوا : النّوال : الصَّواب ، وتلخيصه : ليس ذلك بالعطاء الذي [إن] أعطيتَناه كنتَ فيه مصيباً. وكذا قوله :

فدَعِي الملامةَ ويْبَ غيرِكِ إنَّه

ليس النّوال بلوم كلِّ كريم (٤)

والقياس في كلِّه واحد.

ومما شذَّ عن الباب المِنْوال : الخَشَبة* يلُفُّ عليها النَّاسِج الثَّوب.

نوم النون والواو والميم أصلٌ صحيح يدلُّ على جُمودٍ وسكونِ حركة. منه النَّوم. نامَ ينام نَوْماً ومَناما. وهو نَؤُومٌ ونُوَمَة (٥) : كثير النَّوم.

__________________

(١) بضم النون وفتحها أيضا ، كما فى القاموس.

(٢) ونوك أيضا.

(٣) ديوان لبيد ص ١١٠ طبع ١٨٨٠ واللسان (نول).

(٤) كذا على الصواب فى الأصل وديوان لبيد ٨٤. وفى المجمل : «بنول كل كريم».

(٥) ويقال نوم أيضا كصرد.


ورجل نومةٌ (١) : خاملٌ لا يُؤبَه له. ومنه استَنامَ لي فلانٌ ، إذا اطمأنَّ إليه وسكَنَ. والمَنَامة : القطيفة ، لأنَّه يُنامُ فيها.

ويستعيرون منه : نامت السُّوق : كَسَدت. ونامَ الثَّوبُ : أخْلَقَ.

نون النون والواو والنون كلمةٌ واحدة. والنُّون : الحُوت. و [ذو (٢)] النُّون : سيفٌ لبعض العرب (٣) ، كأنَّه شُبِّه بالنون.

نوه النون والواو والهاء كلمةٌ تدلُّ على سُموٍّ وارتفاع. وناه النَّبات (٤) : ارتفع. وناهَت النّاقةُ : رفعَتْ رأسَها وصاحت. ومنه نُهْتُ بالشَّيء ونوَّهتُ : رفعت ذِكْرَه. ويقولون: ناهَتْ نَفْسُه : قوِيَتْ.

باب النون والياء وما يثلثهما

نيح النون والياء والحاء كلمة صحيحة تدل على خَيْرٍ وخيرِ حال. ونَيَّحه الله بخَيرٍ : أعطاه إيّاه. وقال الخليل : النَّيْح : اشتداد العَظْم بعد رُطوبَتِه. ونَاح يَنِيح نَيْحا. ونَيَّح اللهُ عِظامَه ، تدعو له. وذُكِرت كلمةٌ أخرى إنْ صحَّتْ

__________________

(١) بالضم ، وبضم ففتح.

(٢) التكملة من المجمل واللسان والقاموس.

(٣) كان لمالك بن زهير فقتله حمل بن بدر فأخذه منه ، تم قتل الحارث بن زهير حمل بن بدر واستولى منه على ذى النون اللسان (نون). وفى القاموس أن «ذو النونين» سيف معقل ابن خويلد.

(٤) فى الأصل : «النياه» ، تحريف صوابه فى المجمل واللسان.


فهي قريبةٌ من هذا الباب ، قالوا : ناحَ الغصنُ يَنيح نَيْحًا : تمايَلَ. حكاه أبو بكر عن أبى مالك (١).

نير النون والياء والراء كلمة تدلُّ على وضوحِ شيءٍ وبُروزه. يقال لاخدود الطَّريقِ الواضحِ منه نِير. قال :

* إلى كلِّ ذِي نِيرَيْنِ بادي الشَّواكلِ*

ثم قيس على هذا نِيرُ الثّوب : عَلَمُه ، سمِّي به لبُروزه ووضوحه. ومن هذا القياس النِّير: الخَشبَة على عُنُق الفَدَّانِ بأداتها ، والجمع نِيرانٌ وأنْيار. ورجل ذُو نِيرَين ، أي شِدَّته ضِعْفُ شِدّة غيرِه. والنِّير : جَبَل (٢).

وما ننكر أن يكون أصل هذا كلِّه الواو فيرجعَ إلى ما ذكرناه في باب النُّور والنار.

نيط النون والياء والطاء. يقولون النَّيْط : المَوت. قال الأموىُّ : رَمَاه الله بالنَّيْط.

نيف النون والياء والفاء. قد ذكرنا في باب النون والواو والفاء أنَّه يدلُّ على الارتفاع والزِّيادة. ويجوز أن يكون هذا البابُ راجعاً إلى ذلك الأصل. يقولون : مائة ونيِّف. وأنافت الدَّراهمُ على المائة. قال أبو زيد : كلُّ ما بين العَقْدَينِ نَيِّف. ومما يدلُّ على أنَّ هذا كذا قولُ القائل (٣) :

__________________

(١) الجمهرة (٢ : ١٩٨).

(٢) جبل لبنى غاضرة. أنشد الأصمعى :

أقبطن من غير ومن سواج

بالقوم قد ملوا من الإدلاج

(٣) هو عدى بن الرقاع ، كما فى اللسان (نوف).


ورَدْتُ برابيةٍ ، رأسُها

على كلِّ رابيةٍ نيّفُ (١)

وناقة نِيافٌ وجملٌ نيافٌ : طويلٌ في ارتفاع. قال أبو بكر (٢) : ونيَّفَ على السبعين : زادَ عليها.

نيم النون والياء والميم ثلاثُ كلمات ليست قياساً واحدا.

فالأولى النِّيم (٣) ، وهو الفَرْو. والثانية النِّيم ، وهو شجرٌ. قال ساعدة بن جُؤيَّة الهُذَلي:

ثم ينوش إذا آدَ النَّهارُ له

بعد التَّرقُّبِ من نِيم ومن كَتَمِ (٤)

والكَتَم : شجرٌ أيضاً.

والثالثة النِّيم : الدَّرَج في الرَّمْل إذا جَرَت فيه الرِّيح. قال :

حَتَّى انجلَى اللَّيلُ عنَّا في مُلمَّعةٍ

مثلِ الأديم لها في هَبْوةٍ نِيمُ (٥)

نيأ النون والياء والهمزة كلمةٌ هي النِّيُ (٦) من اللحم : الذي لم ينضج وقد أنأْتُه أنا. والأصل أنيَأْتُهُ (٧). والله أعلم بالصواب.

__________________

(١) كذا على الصواب فى الأصل والمجمل. وفى اللسان : «ولدت ترابية» ، تحريف.

(٢) الجمهرة (٣ : ١٦١).

(٣) الحق أن الكلمة معربة من الفارسية «نيم» بمعنى نصف ، أى نصف فرو ، كما فى اللسان والمعرب ٣٣٩. وفى الألفاظ الفارسية ١٥٦ أنه معرب «نيمة» وهو مركب من «نيم» ، أى نصف ومن هاء التخصيص ، وهو أيضا : amen بالسنسكريتية.

(٤) ديوان الهذليين (١ : ١٩٦) واللسان (آود ، نوم ، كتم).

(٥) لذى الرمة فى ديوانه ٥٧٦ واللسان (نوم).

(٦) يقال نئ بالكسر والهمزة فى آخره ، ونى بالكسر مع تسهيل الهمزة.

(٧) انظر ما سبق فى (نهأ).


باب النون والهمزة وما يثلثهما

نأت النون والهمزة والتاء كلمةٌ تدلُّ على حكايةِ صوت. يقال : نَأَت الرّجُل نَئيتًا ، مثل نَهَتَ ، إذا أنَّ. ورجلٌ نَئَّاتٌ مثل نهّات.

نأج النون والهمزة والجيم أصلٌ يدلُّ على صوت. ونَأَجَ إلى الله : تضَرَّع في الدعاء. ونائجاتُ الهَامِ : صوائحها. والنَّؤُوج والنَّئَّاجة : الرِّيح تَنْئجُ (١) في هبوبها ، أي تصوِّت. قال ذو الرُّمَّة :

وصَوْحَ البقلَ* نَئَّاجٌ تجيء [بِهِ]

هَيْفٌ يمانِيَةٌ في مرِّها نَكبُ (٢)

ونأج الثَّور : صاح. وفي الحديث : «ادع لنا ربَّك بأَنْأَجِ ما تقدر». أي بأضرَعِ ما يمكنُ من الدُّعاء.

نأد النون والهمزة والدال كلمةٌ واحدة. يقولون : النّآدُ والنّآدَى : الدَّاهية. قال الكميت :

وإيّاكم وداهيةً نَآدَى

أظلَّتكم بعارِضِها المُخِيلِ (٣)

نأش النون والهمزة والشين كلمةٌ تدلُّ على أخْذ وبطش. ورجلٌ نَؤُوشٌ (٤) : ذو بَطْش.

__________________

(١) يقال نأج ينئج وينأج.

(٢) ديوان ذى الرمة ١١. والتكملة منه.

(٣) المجمل واللسان (نأد).

(٤) وردت فى القاموس ولم ترد فى اللسان.


وقد ذكرت كلمةٌ إنْ صحَّتْ فليست من قياس الأُولى ، يقولون لمن جاءَ في أواخر النَّاس : جاء نَئِيشاً. قال :

تمَنَّى نئيشاً أن يكون أطاعَنِي

وقد حدثَتْ بعد الأُمورِ أمورُ (١)

والذي سمعناه : «تمنَّى أخيراً».

نأف النون والهمزة والفاء. يقولون : نَئِف ينأف ، إذا أكَلَ.

نأل النون والهمزة واللام ، ليس فيه إلَّا النَّأَلان : المَشْي السريع ينهض الماشي برأسه إلى فوق. ورجُلٌ نَؤُول ، وضَبُع نَؤُول ، إذا فعَلْت ذلك.

نأم النون والهمزة والميم أُصَيلٌ يدلُّ على صوت. النئيم : [صوتٌ (٢)] فيه ضعفٌ كالأنين. ونَأَم الأسدُ يَنْئِمُ (٣). وسمعتُ له نَأْمةً واحدة. ونأمت القوس نئيما.

نأي النون والهمزة والياء كلمتان : النؤْي والنَّأي. فالنُّؤْي : حَفِيرةٌ حول الخباء ، يدفَع ماءَ المطر عن الخباء. يقال أنأيتُ (٤) نُؤْياً. والمُنْتأَى (٥) : موضعه. وأنشد الخليل في هذا الموضع (٦) :

__________________

(١) لنهشل بن حرى ، كما فى اللسان (نأش).

(٢) التكملة من المجمل.

(٣) فى المجمل : «ينأم» ، وهما لغتان.

(٤) فى الأصل هنا : «انتاءت» ، صوابه من المجمل ، وهو ما يقتضيه الاستشهاد بعد. على أن هناك لغة أخرى «انتأيت» ، وليست مرادة هنا.

(٥) فى الأصل : «المستنأى» ، صوابه من المجمل واللسان (نأى ١٧١ س ١٧).

(٦) وكذا العبارة فى المجمل ، وهو شاهد لكلمة «أنأيت» ، انظر الحاشية الرابعة.


إذا ما التقَيْنا سالَ من عَبَراتنا

شآبيبَ يُنأَى سَيْلُها بالأصابع (١)

وأمّا النّأْي فالبُعْد ، يقال نأَى ينأى نأْياً ؛ وانتأى : افتعَلَ منه. والمُنتأَى : الموضعُ البعيد. قال :

فإنَّك كاللَّيل الذي هُوَ مُدرِكِي

وإنْ خِلتُ أنَ المُنْتَأَى عنكَ واسعُ (٢)

وربَّما أخّروا الهمزة فقالوا ناء ، وإنَّما هو نأى. قال :

مَن إنْ رآك غنيًّا لانَ جانِبُه

وإن رآك فقيراً ناءَ واغتربا (٣)

والله أعلَمُ بالصَّواب.

باب النون والباء وما يثلثهما

نبت النون والباء والتاء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على نماءٍ في مزروع ، ثم يستعار. فالنَّبت معروفٌ ، يقال نَبَت. وأنْبَتَتِ الأرض. ونَبَّتُ الشَّجرَ : غَرستُه. ويقال : إنَّ [في (٤)] بني فلانٍ لَنابِتَةَ شرّ. ونبَتَتْ لبني فلانٍ نابتةٌ ، إذا نشَأ لهم نَشْءٌ صِغار من الوَلَد. والنَّبيت : حىٌّ من اليمن. وما أحسَنَ نِبتةَ هذا الشَّجر. وهو في مَنبِتِ صدقٍ ، أي أصلٍ كريم.

__________________

(١) أنشده فى المجمل واللسان (نأى).

(٢) للنابغة فى ديوانه ٥٥ واللسان (نأى).

(٣) البيت لسهم بن حنظلة الغنوى ، فى اللسان (نيأ). وقصيدته فى الأصمعيات ٤٦ ـ ٥٠ طبع المعارف. ورواية الأصمعيات :

إذا افتقرت نأى واشتد جانب

وإن رآک غنيا لان واقتربا

(٤) التكملة فى المجمل.


نبث النون والباء والثاء أصلٌ يدلُّ على إبراز شيء. ونَبَثَ التُّرابَ : أخرَجَه من البِئرِ والنَّهر ، وذلك المُستخْرَج نَبِيثةٌ ، والجمع نبائث. والنَّابث : الحافر. وقولهم : خبيثٌ نبيث ، إنّما هو إتباع.

نبج النون والباء والجيم. يقولون : النَّبّاج : الرَّفيع [الصَّوت (١)] ، وهي كلمةٌ واحدة.

نبح النون والباء والحاء كلمةٌ واحدة ، وهي نُبَاح الكَلْب ونَبِيحه. وربَّما [قالوا] للظَّبْي نَبَح. قال أبو دُواد :

وقُصْرَى شَنِجِ الأنْسَا

ءِ نبّاح من الشُّعْبِ (٢)

وفي الحديث : «اقْعُدْ منبوحاً». أي مشتوماً.

نبخ النون والباء والخاء أصلٌ يدلُّ على عِظَمٍ وتعظُّم. وأصل النَّبْخ ما نَفخ (٣) من اليد فخرَجَ شِبْهَ قَرْح ممتلئ (٤) ماءً. ويقال للمتعظِّم في نفسه : نابخة. قال الشاعر :

يَخْشَى عليهم من الأملاك نَابِخةً

من النَّوابِخِ مثل الحادر الرُّزَمِ (٥)

__________________

(١) التكملة من المجمل. وفى اللسان : «الشديد الصوت».

(٢) اللسان (قصر ، شنج ، نبح ، شعب) والحيوان (١ : ٣٤٩ / ٥ : ٢١٤). وقد سبق فى (شعب).

(٣) نفخ ، بكسر الفاء ، بمعنى انتفخ. وفى المجمل واللسان : «نفط».

(٤) فى الأصل : «بمثلى» ، صوابه فى المجمل واللسان.

(٥) هو ساعدة بن جؤية الهذلى. ديوان الهذليين (١ : ٢٠٢) واللسان (نبخ ، رزم). والحادر ، كذا وردت هنا بالحاء المهملة كما فى اللسان. وفى المجمل والديوان : «الخادر» بالخاء المعجمة ، وقد سبق بهذه الرواية فى (رزم) ولكل وجه. فالخادر : الغليظ ، أراد به الفيل. والحادر : الأسد فى خدره ، أى عرينه.


والنَّبْخاء : الأكَمة ، سمِّيت لارتفاعها.

نبذ النون والباء والذال أصلٌ صحيح يدلُّ على طرحٍ وإلقاء. ونَبَذْتُ الشَّيءَ أَنبِذُه نبذاً : ألقيتُه من يدي. والنَّبِيذُ : التَّمر يُلقَى في الآنيةِ ويُصَبُّ عليه الماء. يقال : نبذتُ أَنْبِذُ. والصَّبي المنبوذ : الذي تُلقِيه أمُّه. ويقال : بأرضِ كذا نَبْذٌ من مالٍ ، أي شيءٌ يسير. وفي رأسه نَبْذٌ من الشَّيب ، أي يسير ، كأنّه الذي يُنْبَذُ لقِلّته وصِغَره. وكذلك النَّبْذُ من المَطَر.

نبر النون والباء والراء أصلٌ صحيح يدلُّ على رَفْع وعُلُوّ. ونَبَر الغلامُ : صاحَ* أول ما يترعرع. ورجلٌ نَبَّارٌ : فصيحٌ جهير (١). وسمِّي المنبرُ لأنَّه مرتفع ويُرفَع الصَّوتُ عليه. والنَّبْرُ في الكلامِ : الهَمْزُ أو قريبٌ منه. وكلُّ مَن رفع شيئاً فقد نَبَره. ومما يقاس على هذا النِّبْر: دُوَيْبَّة ، والجمع أنبار ، لأنَّه إذا دبَّ على الإبل تورَّمت جلودُها وارتفَعت. قال :

كأنّها مِنْ سِمَنٍ واستِيقَارْ

دَبَّتْ عليها ذَرِبَاتُ الأنبارْ (٢)

نبس النون والباء والسين كلمةٌ واحدة. يقال : ما نَبَسَ بكلمةٍ ، أي ما تكلَّم. وما سمعت لهم نَبْسًا ولا نَبْسَة.

نبش النون والباء والشين أصلٌ وكلمةٌ واحدة تدلُّ على إبرازِ شيءٍ مستور. ونَبَشَ القَبْرَ ، وهو نَبَّاشٌ يَنْبُشُه (٣). ومن قياسه أنابِيش الكَلَأ :

__________________

(١) فى المجمل : «فصيح بليغ».

(٢) الرجز فى اللسان (ذرب ، نبر ، بدن) مع نسبته إلى شبيب بن البرصاء. وأنشده فى (وقر) بدون نسبة وكذا فى إصلاح المنطق ١٨.

(٣) فى الأصل : «نيشة» ، تحريف.


القطاع (١) المتفرِّقة تبرُزُ على وجه الأرض.

نبص النون والباء والصاد. يقولون : نَبَص الغلامُ بالكَلْبِ. ونَبَص الطائر : صَوَّت.

نبض النون والباء والضاد أُصَيْلٌ يدلُّ على حركةٍ أو تحريك. ونَبَضَ العِرْقُ يَنْبِض ، وتلك حركتُه. وما به حَبَضٌ ولا نَبَض. وأنْبَضْتُ عَن (٢) القوس إنباضاً من هذا. ونَبَضْتُ أيضاً. ويقولون : فؤاد نَبِضٌ (٣) ، كأنَّه من شهامته يَنْبِض ، أي يتحرّك. قال :

وإذا أطفْتَ بها أطفْتَ بكلكلٍ

نَبِض الفَرائصِ مُجْفَرِ الأضلاعِ (٤)

نبط النون والباء والطاء كلمةٌ تدلُّ على استخراج شيء واستنبَطْتُ الماءَ : استخرجتُه ، والماء نَفْسُه إذا استُخرِجَ نَبَط. ويقال : إنَ النَّبَط سُمُّوا به لاستنباطهم المِياه. ومن المحمول على هذا النُّبْطة : بياضٌ يكون تحت إبط الفرس. وفرسُ أنْبَطُ ، كأنَّ ذلك البياضَ مشبَّه بماءٍ نبط.

نبع النون والباء والعين كلمتان :

إحداهما نُبوع الماء ، والموضع الذي يَنْبُع (٥) منه يَنْبُوع. والنَّوابع من البعير : المواضع التي يَسيل منها عرقُه. ومنابع الماء : مَخَارِجُه من الأرض.

والأخرى النَّبْع : شَجَر.

__________________

(١) القطاع : جمع قطع بالكسر ، وهو القطعة.

(٢) فى الأصل : «من» ، صوابه فى المجمل على أنه يقال أنبض القوس ، وأنبض بالوتر.

(٣) فى القاموس «نبض» بالفتح ، والتحريك ، وككتف وهذا الوصف ممافات صاحب اللسان.

(٤) للمسيب بن علس فى المفضليات (١ : ٦٠).

(٥) يقال بتثليث الباء.


نبغ النون والباء والغين كلمةٌ تدلُّ على بُرُوزٍ وظُهُور. ونَبغَ الشيءُ ظَهَرَ. والنَّبْغ (١) : ما تطايَرَ من الدَّقيق إذا طُحِن أو نُخل. ونَبَغ الرَّجُل (٢) ، إذا لم يكنْ في إرث الشِّعر (٣) ثم قال وأجاد. وكذلك سمِّي النّابغةُ الشَّاعر. قال (٤) :

وحَلّت في بني قيس بن جَسْرٍ

وقد نبغَتْ لنا منهمْ شئونُ

نبق النون والباء والقاف كلمةٌ تدلُّ على تسويةٍ وتهذيب. والنخل إذا كان غِرَاسُه على استواءٍ منبَّق (٥). وقد نَبَّقه صاحبُه. وكذلك كلُّ شيءٍ مستوٍ مهذَّب. قال :

وحدِّثْ بأنْ زالت بلَيلٍ حُمولُهمْ

كنخلٍ من الأعراض غير منبَّقِ (٦)

ولعل النَّبق (٧) ، وهو حَمْلُ السِّدْر من هذا. ويقال ـ وهو شاذٌّ عن هذا : أَنبَقَ الرّجُلُ ، إذا حَصَمَ (٨) بها غيرَ شديدةٍ.

نبك النون والباء والكاف كلمةٌ تدلُّ على ارتفاعٍ وهبوطٍ في الأرض. يقال نَبَكَةٌ ، والجمع نِبَاكٌ.

__________________

(١) ورد فى القاموس ، ولم يرد فى اللسان :

(٢) مضارعه مثلث الباء.

(٣) وكذا فى المجمل. وفى اللسان : «إذا لم يكن فى إرثه الشعر».

(٤) أى النابغة ، انظر المزهر (٢ : ٣٤٦) واللسان (نبغ) ، وصواب ما فى اللسان : «سمى به زياد بن معاوية لقوله». وفى الأصل هنا : «النابغة قال الشاعر».

(٥) يقال بفتح المشددة وكسرها.

(٦) لامرئ القيس فى ديوانه برواية الطوسى (مخطوطة دار الكتب) واللسان (نبق).

(٧) بفتح النون وكسرها ، وككتف ، وبالتحريك ، أربع لغات.

(٨) حصم ، أى ضرط. وفى الأصل : «خصم» ، صوابه فى المجمل.


نبل النون والباء واللام أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على فَضْل وكِبَر ، ثم يستعار منه الْحِذْق في العمل ، فيقال للفَضْل في الإنسان نُبْل. والنَّبَل : عِظام المَدَر (١) والحِجارة. ويقال : نَبَلٌ ونُبَلٌ. وفي الحديث : «أعِدُّوا النَّبَل». ويقولون : إنَ النَّبَل هاهنا الصِّغار ، وإنّها من الأضداد. ونبِّلْني أحجاراً للاستنجاء : أَعْطِنِيها. ونبِّلْنِي عَرْقًا : أعطِنِيه. وحُجَّة أنّها الصِّغار قول القائل (٢) :

أفَرْحُ أن أُرزَأَ الكِرامَ وأن

أُورَثَ ذَوداً شَصَائصا نَبَلا

وإذا كانت من الأضداد كان الوجه الأقلُّ خارجاً عن القياس.

والمعنى في الْحِذْق قولُهم إنّ النّابِل : الحاذقُ بالأمر ، والفِعل النَّبَالة. وفلان أنْبَلُ النّاسِ بالإبل ، أي أعلمهم بما يُصلحها. قال :

تَدلَّى عليها بالحِبالِ مُوَثَّقًا

شديَدُ الوَصاةِ نابلٌ وابنُ نابلِ (٣)

وفي الباب قياسٌ آخر يدلُّ على رَمْيِ الشّيءِ ونَبْذِه وخِفّةِ أمره. منه النَّبْل : السِّهام العربية والنَّابل : صاحب النَّبْل ، * والنَّبَّال : الذي يعملُه. ونبلْتُهُ : رمَيْتُه بالنَّبْل. ومن هذا القياس : تَنَبَّل البعيرُ : مات : والنَّبِيلة : الْجِيفة ، وسمِّيت بها لأنّها ترمَى.

ومن القياس الذي يقارب هذا : نَبَلَ الإبلَ يَنْبُلُها : ساقَها سوقًا شديداً. قال :

__________________

(١) فى الأصل : «المطر» ، صوابه فى المجمل واللسان.

(٢) هو حضرمى بن عامر. البيان (٣ : ٣١٥) وأمالى القالى (١ : ٦٧) واللسان (جزأ ، شصص ، نبل). وانظر الأضداد لابن الأنبارى ٧٨.

(٣) لأبى ذؤيب فى ديوان الهذليين (١ : ١٤٢) واللسان (نبل). وضبطت فى اللسان بفتح ثاء «موثقا» ، وفى الديوان بكسرها ، وفى شرح الديوان : «موثق : قد أوثق حبله بأعلى شىء مرتفع» و «شديد» فى الديوان بالنصب ، وفى اللسان مرة بالنصب وأخرى بالرفع.


* لا تأويَا للعِيسِ وانبُلاها (١) *

نبه النون والباء والهاء أصلٌ صحيح يدلُّ على ارتفاع وسمُوّ. ومنه النُّبْه والانتباه ، وهو اليَقَظة والارتفاع من النَّوم. ونَبَّهْته وأنْبهتُه. ومنه رجلٌ نَبِيه ، أي شَرِيف. وقولهم : إنَ النَّبَه من الأضداد ، يقال للضَّائع نَبَهٌ وللموجود نَبَه ، فهو عندنا صحيحٌ ؛ لأنَّه إذا ضاع انتُبِه له وإذا وُجِد انتُبِه له (٢). قال أهلُ اللُّغة : النَّبَه : الضَّالَّة تُوجَد عن غفلة. تقول : وجدتُ هذا الشَّيءَ نَبَهاً وأضلَلْتُه نَبَها ، إذا (٣) لم يعلم متى ضلّ. والقياس في الباب ما ذكرناه. قال :

كأنَّه دُمْلُجٌ من فِضَّةٍ نَبَه

في مَلْعَبٍ من عَذَارَى الحىِّ مفصوم (٤)

نبو النون والباء والحرف المعتلُّ أصلٌ صحيح يدلُّ على ارتفاعٍ في الشيء عن غَيره أو تَنحٍّ عنه. [نبا بصرُه عن الشيء (٥)] ينبو. ونبا السيف عن الضّريبة : تجافَى ولم يَمضِ فيها. ونبا به مَنزِلُه : لم يوافِقْه ، وكذا فِراشه. ويقال نَبَا جنْبُه عن الفِراش. قال :

إنَّ جَنْبِي عن الفراشِ لَنَابِ

كتَجافِي الأسَرِّ فوقَ الظِّرابِ (٦)

__________________

(١) لزفر بن الخيار المحاربى فى اللسان (نبل).

(٢) فى الأصل : «انتبه له وإذا وجد انبة له».

(٣) كذا على الصواب فى المجمل. وفى الأصل : «أى».

(٤) لذى الرمة فى ديوانه ٥٧٢ واللسان (نبه ، فصم). وقد سبق فى (فصم).

(٥) التكملة من المجمل.

(٦) لمعديكرب المعروف بغلفاء. اللسان (سرر ، ظرب).


ويقال إنّ النبيَ صلى الله عليه وآله وسلم اسمُه من النَّبْوة ، وهو الارتفاع ، كأنَّه مفضّل على سائر الناس برَفْع منزلته. ويقولون : النَّبِيّ : الطريق. قال :

لأصْبَحَ رتماً دُقاقَ الحَصَى

مكانَ النَّبِيّ من الكاثِبِ (١)

نبأ النون والباء والهمزة قياسه الإتيانُ من مكانٍ إلى مكان. يقال للذى يَنْبأ من أرض إلى أرضٍ نابئٌ. وسيلٌ نابئ : أتَى من بلدٍ إلى بلد ورجل نابئ مثله. قال :

ولكن قَذَاها كلُّ أشعَثَ نابئٍ

أتَتْنا به الأقدار من حيث لا ندرِي (٢)

ومن هذا القياس النَّبَأ : الخبر ، لأنّه يأتي من مكانٍ إلى مكان. والمُنبئ : المُخْبِر. وأنبأته ونَبّأته. ورَمَى الرّامِي فأنَبأ ، إذا لم يَشْرِمْ (٣) ، كأنَّ سَهَمه عَدَل عن الخَدْشِ وسَقَط مكاناً آخَرَ. والنَّبْأة : الصَّوت. وهذا هو القياس ، لأنَّ الصوتَ يجيءُ من مكانٍ إلى مكان. قال ذو الرمة :

وقد توحَّس رِكزاً مُقْفِرٌ نَدُسٌ

بنبْأةِ الصوتِ ما في سمعِهِ كذبُ (٤)

ومن هَمَز النبيَ فلأنه أنبأ عن الله تعالى. والله أعلم بالصواب.

__________________

(١) لأوس بن حجر فى ديوانه ٣ واللسان (رتم ، نبا ، كثب). وسبق فى (كثب).

(٢) للأخطل فى اللسان (قذا ، نبأ) ، وروايته فى الموضع الأول : «ولكن قذاها زائر لا نحبه».

(٣) فى المجمل : «إذا لم يخدش». وفى اللسان : «أى لم يشرم ولم يخدش».

(٤) ديوان ذى الرمة ٢١ واللسان (نبأ).


باب النون والتاء وما يثلثهما

نتج النون والتاء والجيم كلمةٌ واحدة ، هي النّتاج (١). ونُتِجت النّاقةُ ؛ ونَتَجها أهلُها. وفرسٌ نَتُوجٌ : استبانَ نتاجها.

نتح النون والتاء والحاء. ونَتَحَ العَرَقُ : رشَح. ومَنَاتح العَرَق : مخارجه. ونَتَح النِّحْيُ : رشَح أيضاً.

نتخ النون والتاء والخاء كلمةٌ تدلُّ على استخراج الشَّيء من الشّيء. ونتخ الشَّوكَةَ مِنَ الرِّجل بالمِنْتاخ ، أي المنقاش. ونَتَخ البازِي اللحمَ بمِنْسرِه ، ونَتَخَ ضِرسَه : انتزعَه. قال زُهير :

تَتركُ أفلاءَها فى كلِّ مَنزِلةٍ

تَنْتَخُ أعْيُنَها العِقبانُ والرَّخَمُ (٢)

ويقولون : المتَنَتِّخُ (٣) : المتفلِّي. والبِساط المنتوخ بالذَّهب : المنسوج به. والنَّتْخ : النَّسْج ، عن ابن الأعرابىّ.

نتر النون والتاء والراء كلمةٌ تدلُّ على جَذْب شيءٍ. والنَّتْر : جذْبٌ فيه جَفْوة. والطَّعْنُ النَّتْر ، مثل الخَلْس. والنَّواتِر : القِسِيّ. وقولهم : إنَ النَّتَر : الفَساد والضَّياع ، وإنشادهم :

__________________

(١) هو بالفتح المصدر ، وبالكسر الاسم لما يوضع.

(٢) ديوان زهير ١٥٤ واللسان (نتخ ، فلا) والحيوان (٦ : ٣٤١) والرواية فيما عدا المقاييس : «تنبذ أفلاءها» ، وفى إحدى روايتى الديوان : «تنقر أعينها» ، وفى اللسان : «تبقر أعينها».

(٣) وردت فى القاموس ، ولم ترد فى اللسان.


* أمْرَكَ هذا فاحتفِظْ فيه النَّتَرْ (١) *

فالأصل فيه ما ذكرناه ، كأنّه أمرٌ جُذِبَ عن الصِّحَّة.

نتغ النون والتاء والغين ليس بشيءٍ غير حكاية. يقولون : أنتَغَ الرّجُل ، إذا ضَحِكَ* ضَحِكَ المستهزئ. ويقالَ : نَتَغْتُه ، إذا عبتَه وذكَرْتَه بما ليس فيه. قال أبو بكر : رجل مِنْتَغٌ فَعّالٌ لذلك (٢).

نتف النون والتاء والفاء : أصلٌ يدلُّ على مَرْطِ شَيءٍ. ونَتَفَ الشَّعْرَ وغيرَه يَنْتِفُه. والمِنْتاف : المِنْقاش. والنُّتَافَة : ما سَقَط من الشَّيء إذا نُتِف. والنُّتْفَة : ما نَتفْتَه بأصابِعك من نبتٍ أو غيرِه. ورجلٌ نُتَفَةٌ : ينتِف من العلم شيئاً ولا يستقصيه.

نتق النون والتاء والقاف أصلٌ يدلُّ على جَذْب شيءٍ وزَعزَعَتِه وقَلْعِه من أصله. تقول العرب : نَتَقْتُ الغَرْبَ من البِئر : جَذَبْتُه. والبعير إذا تَزَعْزَع حِملُه نتَقَ عُرَى حِبالِه ، وذلك جَذْبُه إيّاها فتَسترخِي. وامرأةٌ ناتقٌ : كثُرَ أولادُها. وهذا قياس الباب ، كأنَّهم نُتِقُوا مِنْها نتقًا. قال (٣) :

لم يُحرَموا حُسْنَ الغِذاءِ وأمُّهُمْ

دَحَقَتْ عليك بناتقٍ مذكارِ (٤)

__________________

(١) للعجاج فى ديوانه ١٩ بالرواية نفسها. وفى المجمل : «فاحتفظ منه» ، وفى اللسان : «فاجتنب منه». وقبله :

فأعلم بأن ذا الجلال قد قدر

في الكتب الأولى التي كان سطر

(٢) فى الجمهرة (٢ : ٢٣) : «إذا كان فعالا لذلك». وفى الأصل ها : «فقال لذلك».

(٣) فى الأصل : «كأنهم نتقوا منها قال نتقا».

(٤) للنابغة فى ديوانه ٣٧ واللسان (دحق ، نتق). وفى الديوان والموضع الثانى من اللسان : «طفحت عليك».


وفي الحديث : «علَيكم بالأبكار فإنَّهنَ أنْتَقُ أرحاماً». وزَنْدٌ ناتقٌ : وارٍ ؛ وهو القياس.

نتك النون والتاء والكاف. النَّتْك (١)] ، هي من يمانيَّات أبي بكر (٢). قال : وهي شَبِيهٌ بالنَّتْف.

نتل النون والتاء واللام أصلٌ صحيح يدلُّ على تقدُّم وسَبْق. يقال استَنْتَل الرّجلُ : تقدَّمَ أصحابَه. وسمِّي الرَّجلُ به نَاتلا. ونَتَلته : جذبْتُه إلى قُدُم. وتَنَاتَلَ النّبتُ : لم يستقِمْ نباتُه وكان بعضُه أطوَلَ مِن بعض ، كأنَّ الأطولَ تقدَّمَ ما هو أقصَرُ منه فسَبَق. وقولهم : النَّتَلُ العَبْد الضَّخم ، تفسيره أنَّه يقوى من التقدُّم [على] ما يعجِزُ عنه غيرُه. ألا ترى إلى قول الرّاجز (٣) :

* يَطُفْنَ حولَ نَتَلٍ وَزْوازِ*

فوصَفَه بوَزْوازٍ ، وهو الخفيف.

نتأ النون والتاء والهمزة أصلٌ صحيح يدلُّ على خروج شيء عن موضعه من غير بَينُونة. يقولون : نتأ الشَّيء ، إذا خَرَجَ عن موضعِه من غير أن يَبِين ، يَنْتأ. ونَتَأَت الجِلْدة(٤). ويتوسَّعون في هذا حتَّى يقولوا : نَتأْت على

__________________

(١) تكملة يقتضيها الكلام. ولم ترد هذه المادة فى المجمل.

(٢) أى من لغة أهل اليمن. الجمهرة (٢ : ٢٨).

(٣) هو أبو النجم ، كما فى المجمل واللسان (فتل).

(٤) بدله فى المجمل : «ونتأت الفرحة : ورمت».


القَومِ : طلَعْتُ عليهم. ونَتَأت الجاريةُ : بَلَغَتْ. وذكر بعضهم نَتَأ (١) لي فلانٌ بالشرِّ ، إذا استعدّ. وهو ذلك القياس ، كأنَّه نهض من مَقرِّه. وفي أمثالهم : «تَحْقِرُه ويَنْتأ لك» ، أي تزدريه لسكونه وهو ينهَضُ إليك مجاذبًا (٢).

نتب النون والتاء والباء ليس بشيء ، لأنَّ الباء فيه زائدة. يقولون : نَتَب الشَّيءُ ، مثل نَهَد. قال :

أشرَفَ ثدياها على التَّريب (٣)

لم يَعْدُوَا التَّفليكَ في النُّتوبِ

إنّما أراد النتُوَّ فزاد للقافية. والله أعلم.

باب النون والثاء وما يثلثهما

نثر النون والثاء والراء أصلٌ صحيح يدلُّ على إلْقاء شيءٍ متفرِّق. ونَثَر الدّراهِمَ وغيرَها. ونَثَرت الشّاةُ : طرحت من أنْفِها (٤) الأذَى. وسمِّي الأنْف النَّثْرةَ من هذا ، لأنه يَنْثُر ما فيه من الأذى. وجاء في الحديث : «إذا توضَّأْت فانْتَثِرْ» أو «فانْثِرْ (٥)». معناه اجعَل الماءَ في نَثْرتك. [و] النَّثْرة : نجمٌ

__________________

(١) فى الأصل : «إنتاء» ، صوابه فى المجمل.

(٢) فى المجمل : «وهو يجاذبك».

(٣) الرجز للأغلب العجلى ، كما فى اللسان (ترب) ، وأنشده فى (نتب) بدون نسبة فى الأصل : «الترتيب» ، صوابه فى المجمل واللسان.

(٤) فى الأصل : «فى أنفها» ، صوابه فى المجمل.

(٥) ويروى أيضا «فأنثر» بقطع الهمزة ، والثاء فيهما مكسورة لا غير.


يقال إنَّه أنف الأسَد يَنْزِلُه القَمر. وطَعَنه فأنْثَرَه : ألقاه على خَيْشُومِه. وهذا هو القياس. قال:

إنَّ عليها فارساً كعَشَرهْ

إذا رأى فارِسَ قومٍ أنْثَرَه (١)

[ويقال : أنثَره (٢)] : أرْعَفَه الدَّم. والنَّثْرة : الدِّرع ، وهذا ممكنٌ أن يكون شاذًّا من الأصل الذي ذكرنا.

نثل النون والثاء واللام أصلٌ يدلُّ على استخراج شيءٍ من شيء أو خروجه منه. منه نثَلْتُ كِنانَتي : أخرَجْتُ ما فيها من نَبْلٍ نَثْلا. ونثَلتُ البِئر : استخرجت تُرابَها. والنَّثِيل : الرَّوْث. والنَّثيلة : تُراب البِئر ، والقياس واحد.

نثا النون والثاء والحرف المعتل كلمةٌ. يقال نَثَا الكلام يَنثُو : أظهَرَه. والنَّثا* يقولون : أنْ يُذكَر الإنسانُ بغير جميل.

باب النون والجيم وما يثلثهما

نجح النون والجيم والحاء أصلٌ يدلُّ على ظَفَرٍ وصِدْق وخيرٍ. منه النَّجاح في الحوائج : الظَّفَر بها. وسَيْرٌ نَجِيحٌ : وشيك. ورأىٌ نجيح : صواب. وتناجَحَتْ أحلامهم : تتابَعتْ بصدق. وأنجَحَ الله طَلِبَتَك : أسعَفَك بإدراكها.

__________________

(١) الرجز فى اللسان (نثر) والأزمنة والأمكنة للمرزوقى (٢ : ٢٧٨).

(٢) التكملة من المجمل بعد الإنشاد المتقدم.


نجخ النون والجيم والخاء كلمةٌ تدل على حكايةِ صوت. يقال : سمعت نَجِيخَ الماء وناجِخَتَه : صَوْتَه. والنُّجَاخ (١) : صوت السَّاعل. ومنْجِخ (٢) : موضع.

نجد النون والجيم والدال أصلٌ واحدٌ يدلُّ على اعتلاءٍ وقوّة وإشراف. منه النَّجْد : الرجُل الشُّجاع. ونَجُدَ الرَّجُل يَنْجُد نَجْدَةً ، إذا صار شُجاعاً. وهو نَجْد ونَجُدٌ وَنَجِدٌ ونَجِيد. والشَّجاعة نَجدةٌ. والمُناجِد : المُقاتِل. ولاقَى فلانٌ نَجدةً ، أي شدّة ، أمراً عاكه (٣). قال طَرَفة :

تَحسَبُ الطّرفَ عليها نَجدةً

يا لقومِي للشَّبابِ المسبكِرّ (٤)

أي ينظر النّاظرُ إليها فتلحقُها لذلك شِدّة ، كأنَّه أراد نَعْمةَ جِسمها ورِقّته.

ومن الباب النَّجَد : العرق. ونَجِد نَجَداً : عَرِقَ من عملٍ أو كرب. قال :

يَظلُّ مِن خَوفِهِ الملّاحُ معتصِماً

بالخيزُ رانةِ بعد الأينِ والنَّجَدِ (٥)

وربَّما قالوا في هذا : نُجِدَ فهو منجودٌ. قال :

صادياً يستغيثُ غيرَ مُغاثٍ

ولقد كان عُصْرةَ المنجودِ (٦)

__________________

(١) وردت فى القاموس ولم ترد فى اللسان.

(٢) بضم الميم وكسرها مع كسر الجيم فيهما ، كما فى اللسان ، وذكر أنه جبل من جبال الدهناء. وضبطه فى معجم البلدان بوزن اسم المفعول. وأورد ياقوت قبله «منجح» بالحاء المهملة فى آخره بوزن اسم الفاعل ، وذكر أنه من جبال الدهناء.

(٣) كذا وردت فى الأصل. ولعلها : «فى أمرعاجه».

(٤) ديوان طرفة ٦٤ واللسان (نجد). وقد سبق فى (رسل).

(٥) للنابغة فى ديوانه ٢٦ واللسان (نجد ، خزر). وقد سبق فى (عصم).

(٦) لأبى زبيد الطائى ، كما أسلفت فى حواشى (عصر).


ويقال : استنجَدْتُه فأنْجَدَني ، أي استغثْتُه فأغاثني. وفي ذلك الباب استعلاءٌ على الخَصم.

ومن الباب النَّجود : المشْرِفة (١) من حمر الوَحش. واستنجد فلانٌ : قوِيَ بعدَ ضَعْف. ونَجَدْتُ الرّجُل أنْجُدُه : غلبته. حكاه ابنُ السكِّيت. والنَّجْد : ما عَلَا من الأرض. وأنْجَدَ : علا من غَورٍ إلى نجد.

ومن الباب : هو نجدٌ (٢) في الحاجة ، أي خفيفٌ فيها. والنِّجَاد : حمائل السَّيف ، لأنه يعلو العانِق. والنَّجْد : ما نُجِّد به البيتُ من متاع. والتَّنجيد : التزيين والنَّجْد : الطَّريق العالي. والمنَجَّد : الذي نَجَّده الدّهر إذا عَرَف وجَرَّب ، كأنّه شجَّعه وقوّاه. وقياس كلّ واحد.

نجذ النون والجيم والذال كلمةٌ واحدة. النّاجِذ ، وهو السِّنُّ بين الناب والأضراس. ثم يستعار فيقال للرّجُل : المنجَّذ ، وهو المجرَّب. وبدت نواجِذُه في ضحكه. ويقولون : إنّ الأضراس كلَّها نواجذ. وهذا عندنا هو الصَّحيح ، لقول الشَّماخ :

* نواجِذُهنَ كالحِدَأ الوَقيعِ (٣) *

ولأنَّهم يقولون : ضَحِكَ حتَّى بدا ناجذُه ، فلو كان السِّنَّ الذي بين النّاب والأضراس لم يُقَلْ فيه هذا ، لأنَّ ذاك بادٍ من أدنى ضَحِك.

__________________

(١) فى الأصل : «المترفة» ، صوابه فى المجمل.

(٢) يقال باللغات الأربع التى سبقت.

(٣) صدره كما فى ديوان الشماخ ٥٦ واللسان (حدأ ، نجذ ، قنع ، وقع) :

يبادرن العضاء بمقنعات


نجر النون والجيم والراء أصلان : أحدهما تسويةُ الشّيء وإصلاحُ قَدرِه ، والآخر جِنسٌ من الأدواء.

الأوّل نَجْر الخشبِ ، ونَجَره نَجْرًا ، وفاعله النَّجَّار ، وهو منه ، كأنّه شيء سُوِّي (١). نَجَره نجراً. وكذا النَّجْر : الطَّبْع. ويقولون ـ وما أدري كيف صِحّته ـ : إنَ نَجْران البابِ : الخشَبة الذي يدور فيها.

والأصل الآخر النَّجَر ، قالوا : نَجِرَت الإبلُ : عَطِشَت ، ويقال مَجرت (٢) ، هو أن تَشرَب فلا تَرْوَى ، وذلك يكون من أكل الحِبَّة. وحكى الخليلُ النّجْران : العَطشان. قالوا : وشهرُ ناجرٍ من هذا ، لأنَّ الإبل تَنْجَر فيه. قال ابنُ السِّكِّيت : النَّجَر : أن يشرَبَ الإنسانُ اللّبَنَ الحامِضَ فلا يَرْوَى من الماء.

نجز النون والجيم والزاء أصلٌ صحيح يدلُّ على كمالِ شيءٍ في عَجلةٍ من غير بُطْء. يقال : نَجَزَ الوعدُ يَنْجُز (٣). وأنجزْتُه أنا : أعجلتُه. وأعطيته ما عِندي حتَّى نَجَزَ آخِرُه ، أي وصل إليه آخرُه. وبِعْهُ ناجزاً بناجز ، كقولهم يداً بيد : تعجيلاً بتعجيل. والمناجَزَة في الحرب: أن يتبارَزَ الفارسان ، أي يُعجِّلانِ القتالَ لا يتوقفان (٤).

نجس النون والجيم والسين أصلٌ صحيح يدلُّ على خلاف الطّهارة. وشيء نَجِسٌ ونَجَسٌ : قذِر. والنَّجَس : القذَر. وليس ببعيد أن يكون

__________________

(١) فى الأصل : «سمى».

(٢) فى الأصل : «نجرت». انظر اللسان (نجر ٦٧).

(٣) يقال أيضا من باب (فرح).

(٤) فى الأصل : «لا يتوقعان».


منه قولهم : النَّاجس : الداء لا دَواءً له. قال ساعدةُ الهذلىّ :

والشيب داءٌ نَجِيسٌ لا دواءَ له

للمرءِ كان صحيحاً صائبَ القُحَمِ (١)

كأنّه إذا طال بالإنسان نَجِسَه [أو نَجَّسَه (٢)] ، أي قَذِره أو قذَّره. أمّا التَّنجيس فشيءٌ كانت العرب تفعله ، كانوا يعلِّقون على الصِبىِّ شيئاً يعوِّذونه من الجنّ ، ولعلَّ ذلك عَظْمٌ أو ما أشبَهَه ، فلذلك سُمِّي تنجيساً. قال :

وعلق أنجاساً عليَ المنجِّسُ (٣) *

نجش النون والجيم والشين أصلٌ صحيح يدلُّ على إثارة شيء. منه النَّجْش : أن تُزايِد فى المبيع بثمنٍ كثير لينظر إليك الناظرُ فيقعَ فيه ، وهو الذى جاء في الحديث : «لا تَناجَشُوا». كأنَ النَّاجشَ استَثارَ تلك الزيادة. والناجش : الذي يُثِير (٤) الصَّيد. ونجَشْتُ الصَّيد : استثرته. وكذا نَجَشَ الإبلَ بنجُشها : جمعها بعد تَفرُّق. قال :

* غَيرَ السُّرى والسَّائِق النَّجَّاشِ (٥) *

ومن الباب النِّجَاشة : سُرعة المشي. ومرَّ يَنْجُشُ نجيشا (٦). وكأنّه يراد به يُثِير التُّراب في مَشيِه. ويقال إنّ اسمَ النَّجاشِيَ مشتقٌّ منه.

__________________

(١) ديوان الهذليين (١ : ١٩١) والمجمل (نجس).

(٢) تكملة يقتضيها التفسير بعده و «نجيس» من الأول بمعنى الفاعل ، ومن الثانى بمعنى المفعول.

(٣) وكذا أنشد هذا العجز فى اللسان (نحس). وصدره كما فى تاج العروس :

وكان لدى كاهنان وحارث

(٤) فى الأصل : «ينثر».

(٥) فى المجمل واللسان (نجش ، نفش) والمخصص (٧ : ١١١) : «وسائق نجاش». وفى الأصل هنا : «بعد السرى» ، صوابه فى المراجع المذكورة.

(٦) لم ترد فى المجمل. وفى اللسان والقاموس «النجش» بدون ياء.


نجع النون والجيم والعين أصلٌ صحيح يدلُّ على منفعةِ طعامٍ أو دواءٍ في الجِسم ، ثمّ يُتوسَّع فيه فيقاس عليه. ونَجَع الطّعامُ : هَنَأَ آكِلَه. وماءٌ نَجوعٌ كنَمِيرٍ ، وهو النامي في الجِسم. قال ابن السِّكِّيت : نَجَع فيه الدّواء ، ونَجَع في الدابة العَلف ، ولا يقال أنْجَعَ.

وممَّا قِيسَ على هذا النُّجْعة : طلبُ الكلأ ، لأنّه مَطلبُ ما يَنْجَع. وانتَجَعَه : طلب خَيره ومنه النَّجِيع : الخَبَطُ يُضرَب بالدَّقيق والماءِ يُوجَر الجملَ (١) ونَجَعَ في فلانٍ قولُك : أخَذَ فيه.

ومما شذّ عن الباب : النَّجيع : دمُ الجَوفِ يَضرِب إلى السَّواد.

نجف النون والجيم والفاء أصلانِ صحيحان : أحدُهما يدلُّ على تبسُّطٍ في شَيءٍ مكانٍ أو غيره ، والآخَر يدلُّ على استخراج شيء.

فالأوَّل النَّجَف : مكانٌ مستطيل منقادٌ ولا يعلوه الماءُ ، والجمع نِجَاف. ويقال هي بطونٌ من الأرض في أسافِلِها سُهولةٌ تنقاد في الأرض ، لها أوديةٌ تنصبُّ إلى لينٍ من الأرض. ويقال لإبِطِ الكثيب : نَجَفَةُ الكَثِيب.

ومن الباب النَّجِيف [من (٢)] السِّهام : العَرِيض. ونَجَفْتُ السَّهمَ : بَرَيْتُه كذلك وأصلحتُه ، وسهمٌ منجوفٌ ونَجيف. وغارٌ منجوفٌ : واسع.

والثاني : تيسٌ منجوف ، وهو أن يُعَصَّبَ قضيبُه ولا يقدِرَ على السِّفاد ، وكأنَّه قد قُطِع عنه ماءٌ واسْتُخْرِج. والانتجاف : استخراجُ ما في الضَّرعِ من اللبن.

__________________

(١) فى المجمل : «يوجره الجمل».

(٢) التكملة من المجمل.


والمَنجوف : المنْقَطع عن النِّكاح. وانتَجَفَت الرِّيحُ السَّحَابَ : مَرتْه واستَفرغَتْه.

نجل النون والجيم واللام أصلان صحيحان : أحدهما يدلُّ على رَمْيِ الشيء ، والآخَر على سعةٍ في الشَّيء.

فالأوّل النَّجْل : رمْيُك الشّيءُ. يقال : نَجَل نَجْلا. والناقة تَنْجُل الحصى بِمنَاسِمها نَجْلاً ، أي تَرْمِي به. ومنه نَجَلْتُ الرّجُلَ نَجْلَةً ، إذا ضربته بمقدَّمِ رِجلكَ فتَدحْرَجَ. وقولهم : «مَنْ نَجَلَ النَّاسَ نَجَلُوه» ، أي مَن شارَّهم شارُّوه ، ومن رَماهم رمَوْه. ومن الباب النَّجْل ، وهو النَّسل ، لأنَّ الوالدةَ كأنَّها تَرْمِي به. وفحلٌ ناجِلٌ : كريم النَّجْل ويقولون : قَبَح اللهُ ناجِلَيه ، أي والديه. ومنه النَّجْل : النّزُّ ، كأنّه ندًى تَقْلِسُهُ الأرض وترمِي به.

والأصل الآخر النّجَل : سَعَةُ العين في حُسْن ؛ والنَّجْل : جمع أنْجَل. والأسَدَ أنْجَلُ. وطعنةٌ نَجْلَاء : واسعة. ورُمْحٌ مِنْجَلٌ : واسع الطَّعْن. ونَجَلْتُ الإهاب : شقَقْتُه عن عُرقوبَيهِ جميعًا ، كما تُسلَخ الجُلود. وإهابٌ مَنْجُولٌ. ويقال : الإنجيلُ عربىٌّ مشتقٌّ من نَجَلت الشيءَ: استخرجْتُه ، كأنّه أمرٌ أُبرِزَ وأُظهِرَ بما فيه.

ومما شذّ عن هذين البابين. النّجِيل : ضربٌ من وَرَق الشَّجَر من الْحَمْض (١) وأنْجَلَت الأرضُ : اخضرَّتْ.

نجم النون والجيم والميم أصلٌ صحيح يدلُّ على طُلُوعٍ وظهور. * ونَجَمَ النَّجمُ : طَلَعَ. ونَجَمَ السِّنُّ والقَرْنُ : طَلَعَا. والنّجم : الثُّرَيَّا ، اسمٌ لها

__________________

(١) فى اللسان : «ما تكسر من ورق الهرم ، وهو من ضرب الحمض» ، وفى عبارة أخرى : «ضرب من دق الحمض».


وإذا قالوا : طَلَعَ النَّجْم ، فإنَّهم يريدونها. وليس لهذا الحديثِ نَجْمٌ ، أي أصلٌ ومَطْلِع. والنَّجم من النَّبات : ما لم يكن له ساقٌ ، مِن نَجَمَ ، إذا طَلَعَ. والمِنْجَم فى المِيزان : الحديدة المعترِضة التى فيها اللِّسان ؛ وهو ذلك القياس.

نجه النون والجيم والهاء. كلمةٌ تدلُّ على كراهةٍ فى شىء. يقال : نجَهْتُه ، إذا استقبَلْتَه بما يكرهُه ويَقْدَعُه عنك. ورجلٌ ناجِهٌ ، إذا دَخَلَ البلدَ فاسْتَنْكَرَه وكَرِهَه.

نجو النون والجيم والحرف المعتلّ أصلانِ ، يدلُّ أحدُهما على كَشْطٍ وكشف ، والآخَر على سَترٍ وإخفاء.

فالأوّل : نَجَوْتُ الجِلدَ أنْجُوه ـ والجلد نَجًا ـ إذا كشَطْتَه. وقال :

فقلتُ انجُوَا عنها نَجَا الجِلْدِ إنَّه

سيُرْضِيكما منها سَنامٌ وغاربُه (١)

ويقولون : هو في أرضٍ نَجَاةٍ : يُسْتَنْجَى من شجرها العِصِىُّ. يقال للغُصُون النَّجَا ، الواحدة نَجَاة ، وأنْجِنِي عَصًا (٢). ونَجَا الإنسانُ ينجو نَجاةً ، ونَجاءً في السُّرعة (٣) ؛ وهو معنى الذَّهاب والانكشاف من المكان. وناقةٌ ناجِية ونَجَاةٌ : سريعة. ومن الباب وهو محمولٌ على ما ذكرناه من النّجاء : النَّجاة والنَّجْوة من الأرض ، وهي التي لا يَعْلُوها سَيْل. قال :

__________________

(١) البيت لأبى الغمر الكلابى كما فى الخزانة (٢ : ٢٢٧) والعينى (٣ : ٣٧٣). ونسب فى الخزانة أيضا إلى عبد الرحمن بن حسان بن ثابت. وهو فى المجمل واللسان (نجا) وإصلاح المنطق ١٠٧ والمخصص (٧ : ١٧٥ / ١٥ : ٨١ ، ١٤٣) بدون نسبة.

(٢) فى اللسان : «أنجنى غصنا من هذه الشجرة».

(٣) فى المجمل : «ونجا الإنسان ينجو نجاة ، ومن السرعة نجاء».


فَمنْ بِنَجوتِهِ كمن بعَقْوَتِه

والمستكنُّ كمَنْ يمشي بِقرْواحِ (١)

وإنّما قُلنا إنّه محمولٌ عليه لأنّه لمَّا نَجَا من السَّيل فكأنَّه الشيء الذي يَنجو من شيءٍ بذَهابٍ عنه. فهذا معنى المحمول.

وقولهم : بيني وبينهم نَجَاوَةٌ (٢) من الأرض ، أي سعة ، من الباب ؛ لأنَّه مكان يُسرَعُ فيه ويُنْجَى. وفي الحديث : «إذا سافرتم في الجَدْبِ فاسْتَنْجُوا». يريد لا تُبطِئُوا في السير ، ولكن انكَشِفُوا ومُرُّوا.

ومن الباب النَّجْو : السَّحاب ، والجمع النِّجاء ؛ وهو من انكشافِه لأنَّه لا يثبت.

قال ابن السكّيت : أنْجَت السّحابةُ : ولّتْ. وقولهم : استَنْجَى فلانٌ ، قالوا هو من النَّجْوَة ، كأنَّ الإنسانَ إذا أرادَ قضاءَ حاجته أتى نَجوةً من الأرض تستره ، فقيل لمن أرادَ ذلك استنجى ، كما قالوا : تغوَّطَ ، أي أتى غائطاً.

ومن الباب نجَوْتُ فلاناً : استَنْكَهْتُه ، كأنّكَ أردتَ استكشافَ حالِ فيه.

قال :

نجَوْتُ مُجَالِدًا فوجدت فيه

كريح الكَلْبِ ماتَ حديثَ عَهْدِ (٣)

__________________

(١) لعبيد بن الأبرص فى ديوانه ٨٦ واللسان (نجا) ومختارات ابن الشجرى ١٠١. ويروى أيضا لأوس بن حجر فى ديوانه ٤ والأغانى (١٠ : ٦).

(٢) وردت فى المجمل والقاموس ، ولم ترد فى اللسان.

(٣) للحكم بن عبدل الأسدى ، كما فى الحيوان (١ : ٢٥١). وقصيدة البيت فى معجم الأدباء (١٠ : ٢٣٢) وورد بدون نسبة فى اللسان (جلد ، نكه ، نجا) والمخصص (١١ : ٢٠٩). ويروى : «نكهت مجالدا».


والأصل الآخر النَّجْو والنَّجْوَى : السِّرُّ بين اثنين. وناجَيْتُه ، وتناجَوْا ، وانتَجَوْا. وهو نَجِيُ فلانٍ ، والجمع أنْجِيَة. قال :

* إذا ما القومُ كانوا أنْجِيَهْ (١) *

يقول : نامَ القومُ وحَلُمُوا في نَومهم فكأَنَّهُم يناجُون أهلِيهم في النَّوْمِ ونَجَوْتُه : ناجَيْتُه. وانتجَيْتُه : اختصصته بمناجاتي. قال :

فبِتُ أَنْجُو بها نَفْسًا تكلِّفُنِي

ما لا يهُمُّ بِهِ الجَثّامَةُ الوَرَعُ (٢)

نجب النون والجيم والباء أَصلانِ : أحدهما يدلُّ على خُلوص شيءٍ وكَرم ، والآخر على ضَعف.

الأوَّل النَّجَابة : مصدر الرّجُل النجيب ، أي الكريم. وانْتَجَب فلانًا : استخلَصَه واصطفاه. ورجل مُنْجِبٌ : له ولد نجيبٌ. وامرأةٌ مُنْجِبةٌ ومِنجابٌ ورجلٌ نَجْبٌ (٣) : سخِيٌّ كريم.

والآخر المِنْجاب : الرّجُل الضّعيف ، والجمع مَناجيب. قال :

* إذْ آثَرَ النّومَ والدِّفءً المَنَاجِيبُ (٤) *

__________________

(١) لسحيم بن وثيل اليربوعى فى اللسان (نجا). وتمام إنشاده : «إنى إذا». على أنه روى أيضا فى اللسان (نحا) : «أنحيه» بالحاء المهملة ، وفسره بقوله : «أى انتحوا عن عمل يعملونه».

(٢) أنشده فى اللسان (نحا).

(٣) ورد فى المجمل والقاموس ، ولم يرد فى اللسان. وضبط فى المجمل بضم أوله.

(٤) لأبى خراش الهذلى. ديوان الهذليين (٢ : ١٦٠). وفى اللسان (نجب) أنه لعروة بن مرة الهذلى ، وليس بصحيح. وليس لعروة بن مرة إلا قصيدتان إحدهما دالية وتنسب أيضا إلى أبى ذؤيب ، والأخرى رائية وتنسب أيضا إلى أبى خراش. انظر شرح أشعار الهذليين للسكرى ٢٩١ ـ ٢٩٢. وصدره :

بعثته في سواد الليل يرقيي


ومن الباب المِنْجَاب : النَّصْل يُبْرَى ولم يُرَش. والنَّجَبُ : ما فوق اللِّحاء من قِشرة الشّجرة ، والنَّجْبُ أخْذُه.

نجث النون والجيم والثاء أُصَيلٌ يدلُّ على إبراز شيءٍ وسَوءَةٍ (١). منه النَّجيثة : ما أُخرِجَ من تُراب البِئر. ويقال : بَدا نَجِيثُ القَوم ، أي ما كانوا يخفونه من سَوءة. والنَّجيث : الهَدَف. قال الخليل : سمِّي نجيثًا لانتصابه. وهو يَنْجُثُ بني فلان ، إذا استعْواهم مستغيثًا بهم، ومعناه أنّه يسألهم البُروزَ لنُصْرته. والاستنجاث : التَّصدِّي للشّيء ، والقياس في كلِّه واحد ، والله أعلم.

باب النون والحاء وما يثلثهما

* نحر النون والحاء والراء. كلمة واحدة يتفرّعُ منها كلماتُ الباب. هي النَّحْر للإنسانِ وغيره ، والجمع نُحور. والنَّحْر : البَزْل (٢) في النَّحْر. ونَحَرتُ البعيرَ نَحْرًا والنَّاحِران : عِرْقان في صَدر الفَرَس ودائرة النَّاحر تكون في الجران إلى أسفَلَ من ذلك. وانتَحَروا على الشَّيء : تشاحُّوا عليه حِرصًا ، كأنَّ كلَّ واحدٍ منهم يريد نَحرَ صاحبِه. ويقال : النَّحيرة : آخرُ يومٍ من الشَّهر ، لأنّه ينحر الذي يدخل (٣) ، وأظن معنى يَنحره يَلِي نَحْرَه. والعالم بالشّيء المجرِّب نِحْرِير ، وهو إن كان من القياس الذي ذكرناه ، بمعنى أنّه ينحر العلمَ نحراً ، كقولك : قَتلتُ هذا الشَّيءَ عِلْما.

__________________

(١) فى الأصل : «وسموه».

(٢) النزل : الشق. وفى الأصل : «النزل».

(٣) فى اللسان : «لأنها تنحر الذى يدخل بعدها أى ، تصير فى نحره فهى ناحرة».


نحز النون والحاء والزاء أصلانِ صحيحان ، يدلُّ أحدهما على معنَى النَّخس والدّقّ ، والآخر على امتدادٍ في شيء.

فالأول النَّحْز : النَّخْس. ونَحَزه نَحْزًا. والراكب يَنْحَزُ بصدره واسِطةَ الرَّحْل. ونحَزْتُ النّاقةَ برِجلي : ركلتُها. والنَّاحز : أن يصيب المِرفَقُ كركرةَ البعير ، يقال به ناحِز. والنُّحَاز : داءٌ يأخذ الإبل في رِئاتها. والقياس فيهما واحد.

ومن الباب نَحَز الشَّيءَ : دقَّه. والمِنحاز : شيءٌ يُدَقُّ فيه الأشياء.

والأصل الآخر : النَّحِيزة : طِبَّةٌ تكونُ في الأرض ممتدة كالفَرسَخ. والنّحائز : نَسائِجُ كالحُزُم والشُّقَق العريضة ، تكون للرِّحال. ويقولون : النَّحيزة : طبيعة الإنسان. والذي نقوله (١) أنَ النَّحيزة على معنى التَّشبيه ، وإنَّما يُراد بها الحال التي كأنّه نُسِجَ عليها ، فيقولون : هو ضعيفُ النَّحيزة ، أي هذه الحالُ منه ضعيفة.

نحس النون والحاء والسين أصلٌ واحد يدلُّ على خِلاف السَّعد ونُحِسَ هو فهو مَنحوس. والنُّحَاس : الدُّخَان لا لَهبَ فيه. قال :

* شياطين يُرمَى بالنُّحاسِ رَجيمُها*

والنُّحَاس من هذه الجواهرِ كأنه لمَّا خالف الجواهرَ الشَّريفَةَ كالذَّهب والفِضّة سُمِّي نُحاسا. هذا على وجه الاحتمال. ويقال : يومٌ نَحْسٌ ويومٌ نَحِسٌ. وقرئ : (فِي أَيَّامٍ نَحِساتٍ)، ونَحْسات (٢). ويحتمل أنَ النُّحاس : الأصل ،

__________________

(١) فى الأصل : «يقوله».

(٢) من الآية ١٦ فى سورة فصلت. وقراءة «نَحْسات» بفتح فسكون هى قراءة الحرميين وأبى عمرو والنخعى وعيسى والأعرج. تفسير أبى حيان (٧ : ٤٩٠). والحرميان هما نافع وابن كثير. غيث النفع للصفاقسى ١٨.


على ما ذكره بعضهم ، ولمَّا كان أصلاً لكثيرٍ من الجواهر قيل لمبلغ أصلِ الشَّيء نُحلس.

نحص النون والحاء والصاد كلمةٌ واحدة ، هي النَّحُوص : الأتَان الحائل في شعر امرئ القيس. قال :

أرَنَّ عليه قاربًا وانتحَتْ له

طُوَالةُ أرساغِ اليدين نَحوصُ (١)

نحض النون والحاء والضاد كلمةٌ واحدة ، وهي اللَّحْم. يقال لِلَّحْم نَحْض. وامرأةٌ نَحِيضة : كثيرة اللَّحم ، فإذا ذَهَب لحمها فَمنحوضَة ، من قولهم : نحضْتُ العَظْم : أخذْتُ ما عليه من لَحم ويقولون : نحَضْت السِّنانَ : رقّقته ، كأنَّك لما رقَّقته أخذت عنه نَحضَه.

نحط النون والحاء والطاء كلمةٌ تدلُّ على حكايةِ صوت. من ذلك النَّحِيط كالزَّفير. والنَّحَّاط : الرَّجل المتكبِّر ينحطُ من الغَيظ. والنَّحْطة : داءٌ يأخذ الإبل في صَدرها تَنحَطُ منه فلا تكاد تَسلم مَعَه

نحف النون والحاء والفاء كلمةٌ تدلُّ على دِقّة وذُبول. نحو (٢) نَحُف الرّجُل نحافةً فهو نحيف ، إذا قلَّ لحمُه وهُزِل. وهُم نِحافٌ.

نحل النون والحاء واللام كلماتٌ ثلاث : الأولى تدلُّ على دِقّةٍ وهُزال ، والأُخرى على عطاء ، والثالثة على ادِّعاء.

__________________

(١) ديوان امرئ القيس برواية الطوسى (مخطوطة دار الكتب) ، وفيه : «أرن عليها».

(٢) كذا وردت هذه الكلمة ، وأراها مقحمة.


فالأولى نَحَلَ جِسمُه نُحولاً فهو ناحل ، إذا دقَّ ، وأنْحلَه الهمُّ. والنَّواحل : السُّيوف التي رَقَّت ظُباتُها من كثرة الضَّرْب بها.

والثانية : نَحلْتُه كذا ، أي أعطيتُه. والاسم النُّحْل. قال أبو بكر (١) : سمِّي الشّيء المُعطَى النَّحْلان. ويقولون : النُّحْل : أن تُعطِيَ شيئاً بلا استِعْواض. ونَحَلْتُ المرأةَ مَهْرَها نِحلةً ، أي عن طِيب نَفْسٍ من غير مطالَبة. كذا قال المفسِّرون في قوله تعالى : (وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَ نِحْلَةً).

والثالثة قولهم : انْتحَلَ كذا ، إذا تعاطاه وادَّعاه. وقال قوم : انتحلَه ، إذا ادّعاه مُحِقّا ؛ وتَنَحَّله ، إذا ادَّعاه مُبطِلا. وليس هذا عندنا بشيء ومعنى انتحل وتَنحَّل عندنا سواء. والدليل على ذلك قولُ الأعشى :

فكيف أنا وانتحالِي القوَا

فِ بعدَ المشيبِ كفى ذاك عارا (٢)

نحو النون والحاء والواو كلمةٌ تدلُّ على قصد. ونحوْتُ نَحْوَها. ولذلك سمِّي نَحْوُ الكلام ، لأنه يَقصِد أصول الكلام فيتكَلَّمُ على حَسَب ما كان العرب تتكلَّم به. ويقال إنَّ بني نَحْوٍ : قومٌ من العرب (٣). وأمّا [أهل (٤)] المَنْحَاةِ فقد قيل : القَوم البُعَداء غيرُ الأقارب.

ومن الباب : انتحَى فلانٌ لفلانٍ : قَصَدَه وعَرَض له.

__________________

(١) الجمهرة (٢ : ١٩٢).

(٢) ديوان الأعشى ٤١ واللسان (تحل). والقواف ، هى القوافى ، مثل ما جاء فى قول الله : (وَجِفانٍ كَالْجَوابِ) ، أى كالجوابى. وفى الديوان : فما أنا أم ما انتحالى القواف.

(٣) فى اللسان : «بطن من الأزد». وهم فى الاشتقاق ٣٠٠ بنو نحو بن شمس.

(٤) التكملة من المجمل واللسان.


نحي النون والحاء والياء كلمةٌ واحدة ، هي النِّحْي : سِقاء السَّمْن.

نحب النون والحاء والباء أصلانِ : أحدهما يدلُّ على نَذْرٍ وما أشبَهَه من خَطَر أو إخطار شيء ، والآخر على صوتٍ من الأصوات.

فالأوّل : النَّحْب : النَّذْر. وسار فلانٌ على نَحْبٍ ، إذا جهد ، فكأنَّه خاطَرَ على شيءٍ فَجدَّ. قال :

* كما سار عن إحدى يديه المُنَحِّبُ (١) *

أي المُخاطِر. وقد كان التَّنْحِيب (٢) في العرب ، وهو كالمخاطَرة ، تقول : إن كان كذا فلك علىَّ كذا وإلَّا فلي عليك. وجاء الإسلامُ بالنَّهْي عنه. ومنه ناحَبْتُه إلى فلانٍ ، إذا حاكمتَه. والقياسُ فيهما واحد. وكذا النَّحْب : الموت ، كأنَّه نذْرٌ ينِذُرُهُ الإنسان يَلزَمُه الوفاءُ به ، ولا بُدَّ له منه.

والأصل الآخر النَّحيب : [نحيبُ] الباكِى ، وهو بكاؤُه مع صوتٍ وإعوال. ومنه النُّحَاب : سُعال الإبل. ونَحَب البعيرُ يَنْحَب.

نحت النون والحاء والتاء كلمة تدل عَلَى بحرِ شيءٍ وتسويتِه بحديدة. ونَحَتَ النَّجَّار الخشبةَ ينحَتُها نحتاً. والنَّحيتة : الطَّبيعة ، يريدون الحالةَ التي نُحِت عليها الإنسان ، كالغريزة التي غُرِز عليها الإنسان. وما سقط من المنحوت نُحاتَةٌ.

__________________

(١) للكميت ، كما في اللسان (نحب). وروايته فيه : «كما صار». وصدره :

يخدن بنا عرض الفلاة وطولها

(٢) فى الأصل : «النحيب».


باب النون والخاء وما يثلثهما

نخر النون والخاء والراء أصلٌ صحيح يدلُّ عَلَى صوتٍ من الأصوات ثم يفرَّع منه. النخير : صوتٌ يخرج من المَنْخِرين ، وسمِّي المَنخِران من جهة النَّخير الخارجِ منهما. وفُرِّع منه فقيل لخَرقَيِ الأنف النُّخرتان. والنَّخُور : الناقة لا تدرُّ حتَّى تُدخِل الإصبع في مَنْخِرها. ويقولون : النُّخْرة : الأنف نفسُه. ويقولون لهُبوب الرِّيح : نُخْرة. فأمَّا الشَّجَرة النَّخِرةُ والعظم النَّخر فمن هذا أيضاً ؛ لأن ذلك يتجوَّف فتدخلُه الرِّيح ، ويكون لها عند ذلك نُخْرةٌ ، أي صوت. ويقولون : النَّخِر : البالي. والناحر : الذي تدخل فيه الريح وتخرج منه ولها نَخِير. والقياس في كلِّه واحدٌ عندنا. وما بها ناخِرٌ ، أي أحد ، يراد بها مصوِّت.

وممَّا يقارب هذا : النَّخْوَريّ : الواسع الإحليل ، وذلك كأنَّه شيء يدخله الرِّيحُ بنُخْرة.

نخس النون والخاء والسين كلمةٌ تدلُّ على بَزْل (١) شيءٍ بشيءٍ حادٍّ. ونَخَسَه بعُودٍ أو حديدةٍ نَخْسًا. ومنه النَّخَّاس. والنَّاخِس : جَرَبٌ يكون عند ذَنَب البعير أو صدرِه ، كأنّه نُخِس به وبعيرٌ منخوس.

ومما شَذَّ عنه النخيسة (٢).

نخش النون والخاء والشين. يقولون : نُخِشَ فهو منخوشٌ ، أي هُزِلَ

__________________

(١) فى الأصل : «نزل».

(٢) النخيسة : لبن المعز والضأن يخلط بينهما ، وهى الزبدة أيضاً.


نخط النون والخاء والطاء يقولون : انتَخَط من أنْفه رمَي به ، وكأنّه من الإبدال والأصل الميم. قال :

* نَخَطْن بذِبَّانِ المَصِيف الأزارِقِ (١) *

وما أدرِي أيُ النّخْط هو (٢) ، منه ، أي أيّ من انتَخَط.

نخع النون والخاء والعين أُصَيلٌ يدلُّ على خالِصِ الشَّيء ولُبِّه. منه النُّخاع : عِرقٌ أبيض ضخمٌ مستبطِنٌ فَقَارَ العُنُق. ثم يفرَّع منه فيقال : نَخَعه ، إذا جاز بالذَّبح إلى النُّخاع.* ودابّةً منخوعة. وفي الحديث : «إنّ أنخَعَ الأسماء عند الله أن يتسمَّى الرّجُلُ باسمِ مَلِك الأملاك». أي أقْتَلُها لصاحبه. والمَنْخَع : مفْصِل الفَهقةِ (٣) بين العُنُق والرأسِ من باطن. وهو من النُّخاع أيضاً ، لأنّه يَجرِي فيه. وقولهم : النّاخع : العالم إن صحّ فهو منه أيضاً ، كأنَّه وصل إلى الخالص الباطن من العلم وينشدون :

إنَّ الذي ربَّضَها أمرَهُ

سِرًّا وقد بَيَّن للنَّاخِعِ (٤)

ومنه أيضاً نَخِعَ العودُ (٥) : جَرَى فيه الماء ، كأنَّه بلغ نُخاعَه. ونخَع النَّصيحةَ : أخلصها (٦). والنُّخَاعة : النُّخامة. وقولهم : انْتَخَعَ الرّجلُ عن أرضه

__________________

(١) لذى الرمة فى ديوانه ٤٠٧ واللسان (نخط). وصدره :

وأجمال إذ يقربن بعد ما

(٢) بعده فى المجمل : «بالضم والفتح».

(٣) فى الأصل : «الفقهة» ، صوابه فى المجمل واللسان.

(٤) وكذا ورد مضبوطا فى المجمل.

(٥) مما ورد فى القاموس ولم يرد فى اللسان.

(٦) وكذا فى المجمل. واللفظ فيه : «ونخع فلان النصيحة : أخلصها». وفى اللسان : «ونخعته النصيحة والود : أخلصتهما».


تَباعَدَ ، هو عندنا منه ، كأنَّه بلغ نُخاعَه في سفره ، كما يبلغ النَّاخعُ للشاة الغايةَ في الذَّبْح.

وممَّا يَجرِي مجرى الإبدال شيءٌ رواه ابنُ الأعرابىِّ : نَخعَ لي فلانٌ بحقِّي ، مثل بَخَع (١) ، إذا أقَرَّ.

نخف النون والخاء والفاء كلمة. يقولون : نَخَفَتِ العَنْزُ بأنفها. مثل نَفَطت. ويقولون النَّخْف : النَّفَس العالي.

نخل النون والخاء واللام : كلمةٌ تدلُّ على انتقاء الشَّيء واختياره. وانتخلته : استقصيت حَتّى أخذتُ أفضلَه. وعندنا أنَ النَّخلَ سمِّي به لأنَّه أشرف كلِّ شجرٍ ذي ساق ، الواحدة نَخْلة ، والنَّخْل : نَخلك الدَّقيق بالمُنْخُل ، وما سقَطَ منه فهو نُخَالة (٢). والنَّخْل : ضربٌ من الحَلْي على صورة النَّخْل. قال :

* قد اكتَسَتْ من أرنَبٍ ونَخْلِ (٣) *

نخم النون والخاء والميم كلمة. يقولون : النُّخَامة : النُّخاعة. وتَنَخَّم ، إذا نَخَع. قال ابنُ دُريد (٤) : وسمِعتُ نَخْمَةَ الرّجُل ، إذا سمِعتَ حِسَّسه.

__________________

(١) فى الأصل : «نخع» ، صوابه فى المجمل واللسان.

(٢) فى الأصل : «نخال» ، تحريف.

(٣) الأرنب كذلك ضرب من الحلى. والرجز لرؤبة فى ديوانه ١٣٠ واللسان (رنب). وروايتهما : وعلقت من أرنب ونخل وقبله :

لما اكنت من شرب كل شكل

صفرا وخضرا كا خضرار البقل

(٤) الجمهرة (٢ : ٢٤٣).


نخب النون والخاء والباء كلمةٌ تدلُّ على تَعظُّم (١) يقال أحدهما على خيار شيء ، والآخَر على ثَقْبٍ وهَزْم في شيء.

فالأوَّل النُّخْبة : خيارُ الشَّيء ونُخَبتُه. وانتخبته ، وهو مُنتَخَبٌ أي مختار. قال أبو زيد : النَّخبة (٢) : الشَّربة العظيمة.

والأصل الآخر النُّخبة : خَرق الثَّفْر (٣). ومنه نَخَبها : باضَعَها. واستَنْخَبَت المرأةُ ، إذا أرادت البِضاع. والرَّجلُ النَّخْب : الذي لا فؤادَ له. والنَّخِيب : الذاهب العقل. وهذا محتملٌ أن يكون من الأوَّل ، كأنّه حُرِم النُّخبة ، أي خيار ما في الإنسان.

نخج النون والخاء والجيم كلمةٌ واحدة. يقولون : النَّخْج : السَّيْل [ينخج (٤)] في سَنَد الوادي حتّى يَجرُف. ويُقاس على هذا فيقال : ناخَجَها ، إذا جامَعَها.

باب النون والدال وما يثلثهما

ندر النون والدال والراء أصلٌ صحيح يدلُّ على سُقوط شيء أو إسقاطه. ونَدَر الشّيءُ : سقط. قال الهُذَلي (٥) :

__________________

(١) كذا ، والوجه : «النون والخاء والباء يدل على معنيين».

(٢) لم ترد فى اللسان. وجاءت فى المجمل بضم النون. والذى فى القاموس «النخب» بالفتح وبدون هاء ، وقال : «وهى بالفارسية : دوستكانى».

(٣) وكذا فى المجمل. وفى اللسان : «خوق الثفر».

(٤) التكملة من المجمل بهذا الضبط. وضبط فى اللسان بكسر الخاء. وصنيع القاموس يقتضى ضم الخاء.

(٥) هو أبو كبير الهذلى. ديوان الهذليين (٢ : ١٠٨) واللسان (ندر).


وإذا الكُماةُ تَنادَرُوا طعنَ الكُلَى

نَدْرَ البِكَارةِ في الجزاء المُضْعَفِ (١)

أي أُهدِرت دماؤُهم كما تُنْدَر البِكارة في الدِّية.

وأنا ألقى فلاناً في النَّدْرة والنَّدَرة (٢) ، إذا كنت تلقاه في الأيام ، فكأنَّ تلك اللقاءة كانت ندرت ، أي سقطتْ. وضَربَه على رأْسه فندَرَتْ عينُه ، أي خرجَتْ من موضِعها. وقولهم : الأندريّ ، ما نُراه عربيًّا ، لكنَّهم يقولون : الأندْرَون : الفتيان يجتمعون من مَواضِعَ شتّى. ويُنشِدون قولَ عمرو :

* ولا تُبقِي خُمورَ الأندرينا (٣) *

وقال قوم : الأندرِين : قرية. ويقولون : الأندرِيّ : الحَبْل (٤). وأنشد :

* كأنَّه أندريٌ مسَّهُ بللُ*

والأندر : البَيدر ، قاله الخليل.

ندس النون والدال والسين أصلٌ صحيح يدلُّ على مِثل النَّزْك (٥) والطَّعن. يقولون : المُنادَسَة بالرماح : المطاعَنَة. والنَّدْس : الطَّعن.

قال الكميت :

__________________

(١) فى الديوان : «تعاوروا».

(٢) وكذا فى المجمل واللسان. واقتصر القاموس على لغة الفتح.

(٣) أول بيت فى معلقة عمرو بن كلثوم. وصدره :

ألا هي بصحتك فاصبحينا

(٤) فى الأصل : «الخبل» ، وفى المجمل «الجبل» ، صوابهما ما أثبت من اللسان والقاموس وفيهما : «الأندرى : الحبل الغليظ ،. وأنشد صاحب اللسان للبيد :

سمر كسكر الأندرى شقيم

(٥) النزك : الطعن بالنيزك ، وهو الرمح الصغير.


ونحنُ صبَحْنا آلَ نجران غارةً

تميمَ بنَ مرٍّ والرِّماحَ النَّوادسا (١)

ومن الباب النَّدُس : الرّجُل الفَطِن ، وكذلك السَّريع السَّمْع للصوت الخفِىّ. والقياس في هذه الكلمات قريب. وكذلك نَدَسْتُ به الأرضَ ، إذا صرعتَه. ونَدَسْتُ* الشّيءَ عن الطريق : نحَّيتُه. وإلا وقد ضربته (٢).

ندص النون والدال والصاد كلمةٌ إن صحّت. يقولون : نَدَصَتْ عَينُه : جَحَظت ونَدَرت.

ندغ النون والدال والغين كلمةٌ إنْ صحّت فإنها تدلُّ على شِبْه الطَّعن والنَّخس. يقال: ندَغَه : طعنه. وندَغْتُ الصبىَّ : دغْدَغْته. ويقولون : النُّدْغَة : البياض في آخِر الظّفر ، وكأنَّه شيءٌ أثَّر في شيء.

ندف النون والدال والفاء كلمةٌ صحيحة ، وهي شِبهُ النَّفْش للشَّيء بآلة. وندفتُ القُطنَ بالمِندف. ويُحمل عليها فيقال : ندفتِ الدّابَّةُ في سيرِها ندفًا ، وهو سرعةُ رَجْعِ يديها. والنَّدْف في الحَلب : أن تفطُرَ (٣) الضَّرَّةَ بإِصبعك. ونَدفَت السّماء بمطرٍ مثل نَطَفت. والنُّدفة : القليل من اللَّبَن ، كأنَّه قُطنةٌ قد نُدِفَت.

ندل النون والدال واللام أصلٌ صحيح يدلُّ على نَقْلٍ واضطراب. يقولون : نَدَلتُ الشيءَ ندلاً ، إذا نَقلتَه. قالوا : واشتقاق المِنديل منه. ويقولون : النَّدْل : الاختلاس. قال :

__________________

(١) أنشده فى المجمل واللسان (ندس).

(٢) كذا. وفى المجمل : «وندست به الأرض ، إذا صرعته».

(٣) يقال فطر الناقة يفطرها : حلبها بالسبابة والإبهام. فى الأصل : «تنظر». وفى المجمل : «تقطر» ، صوابهما من القاموس. ولم يرد الندف بهذا المعنى فى اللسان.


* فَنَدْلاً زُرَيْقُ المالَ ندلَ الثَّعالبِ (١) *

والمُنَوْدِل : الشيخ الكبير ، سمِّي بذلك لاضطرابه. ونَوْدَلَتْ خُصياه : استرخَتا.

ومما شذَّ عن الباب إن صحَّ : النَّدْل ، يقال إنَّه الوسَخ : ولا يُبنَى منه فِعل.

ندم النون والدال والميم كلمةٌ تدلُّ على تَفَكُّنٍ لشيءٍ قد كان (٢) يقال : ندِم عليه نَدَمًا ونَدامةً. وشَرِيبُ الرّجلِ : مُنادِمُهُ ونديمُه (٣). وقال : ناسٌ : المنادمة مقلوب المدامنة ، وذلك إدمان الشَّراب. وفيه نظر. وناسٌ يقولون : كان الشَّرِيبانِ يكونُ من أحدهما بعضُ ما يُنْدَم عليه ، فلذلك سمِّيا نديمين

نده النون والدال والهاء كلمةٌ تدلُّ على زَجْر ومنع. يقال : نَدَهْتُ البعيرَ عن الحوض ، أي زجَرتُه. ونَدَهتُ الإبلَ : سُقْتُها مجتمعة. ويقولون للمطَلَّقة : اذهَبِي فلا أنْدَهُ سَرْبَكِ(٤).

وشذَّ عنه النُّدْهة (٥) : كثرة المال. قال :

* ولا مالُهم ذو نَدْهَة فَيَدُونِي (٦) *

ندي النون والدال والحرف المعتل يدلُّ على تجمُّع ، وقد يدلُّ على بللٍ في الشَّيء.

__________________

(١) البيت لأعشى همدان ، وقيل لجرير. العينى (٢ : ٤٦). وصدره :

على حين ألهى الناس جل أمورهم

(٢) التفكن : التندم والتأسف.

(٣) فى الأصل : «وشربت الرجل منادمه ونديمة» ، تحريف.

(٤) لا أنده سربك ، أى لا أحفظ عليك مالك ولا أرد إبلك عن مذهبها.

(٥) بفتح النون وضمها.

(٦) البيت لجميل فى اللسان (نده). وصدره :

فكيف ولا توفى شماؤهم دمى


فالأوّل النَّادي والنّدِيّ : المجلس يَنْدُو القومُ حوالَيْه ؛ وإذا تفرَّقوا فليس بِنَدِيّ. ومنه دار النَّدْوةِ بمكّة ، لأنَّهم كانوا يَنْدُون فيها ، أي يجتمعونَ ونادَيتُه : جالَستُه في الندِيّ. قال:

فتًى لو يُنادِي الشّمسَ ألقت قِناعَها

أو القَمَر السَّارِي لألقَى المقالدا (١)

ونَدوة الإبل : أن تندُوَ من المشرب إلى المرعى القريبِ منه ثم تعودَ إلى الماء من يَومها أو غَدِها. وكذلك تَندُو من الحَمْضِ إلى الخَلَّة. وأندى إبلَه ، من هذا.

والأصل الآخَر النَّدَى من البلل ، معروف. يقال ندى وأنداء ، وجاء أندِيةٌ ، وهي شاذَّة. وربَّما عبَّروا عن الشَّحم بالنَّدَى. وهو أنْدَى من فلانٍ ، أي أكثر خيراً منه. وما نَدِيَتْ كفِّي لفلانٍ بشيءٍ يكرهه. قال النَّابغة :

ما إن نَدِيتُ بشيء أنت تكرهُه

إذنْ فلا رفَعتْ سوطِي إلىَّ يدِي (٢)

وهو يتندَّى على أصحابه ، أي يتَسخَّى (٣).

ومن الباب نَدَى الصَّوتِ : بُعْدُ مذهبِه. وهو أندى صوتاً منه ، أي أبعد. قال :

فقلت ادعِي وأدْعُ فإنَ أندَى

لصوتٍ أن ينادِيَ داعيانِ (٤)

__________________

(١) للأعشى فى ديوانه ٤٩ واللسان (ندى).

(٢) ديوان النابغة ٢٥ واللسان (ندى). ورواية الديوان :

ما قلت من سي مما أتيت به

(٣) فى الأصل : «يتنحى» ، صوابه فى المجمل واللسان.

(٤) البيت لدثار بن شيبان النمرى كما فى اللسان (ندى) وتنبيه البكرى ١٠٠. وجاء اسمه محرفا فى اللسان «مدثار». ونسبه القالى فى (٢ : ٩٠) إلى الفرزدق ، وهو خطأ. ونسب أيضاً إلى الحطيئة وليس فى ديوانه. ونسب فى المفصل ٢٤٨ لربيعة بن جشم ، والصواب أنه لدثار. وانظر مجالس ثعلب ٥٢٤.


إذا هُمِز تغيَّر إلى شيءٍ يدلُّ على طرائقَ وآثار. والنُّدْأة : طريقةٌ من الشَّحم مخالفةٌ لِلَوْن اللَّحم. والنُّدْأة : قوس قُزَح ، والحمرة التي تكون في الغَيم نحو الشَّفَق. ونَدَأْت اللَّحمَ في المَلَّة : دفنتُه حتَّى يَنضَج. قال أبو بكر (١) : وهو النَّدِيء مثل الطَّبيخ.

ندب النون والدال والباء ثلاثُ كلماتٍ : إحداها الأثَر ، والثانية الْخَطَر ، والثالثة تدلُّ على خفّةٍ* في شيء.

فالأوّل النَّدَب : أثَر الجُرْح ، والجمع أنداب ، وذلك إذا لم يرتفع عن الجلد.

والثاني : النَّدَب : الخَطَر. وأنْدَبَ نَفْسَه : خاطَرَ بها. قال :

 ... ولم أَقُمْ

على نَدَبٍ يوماً ولي نفس مُخْطِرِ (٢)

والأصل الثالث رجلٌ نَدْبٌ : خفيف. والنَّدْب : الفَرَس الماضي. وعندنا أنَ النَّدْبَ في الأمر قريبٌ من هذا ؛ لأنَّ الفقهاء يقولون : إنّ النَّدْب ما ليس بفرض. وإن كان هذا صحيحاً فلأن الحال فيه خفيفة.

ومما ليس من هذا الباب نَدْبُ النّادِبةِ الميتَ بحُسْن الثَّناء عليه. والنَّدْبُ : أن تدعُوَ القومَ إلى الأمر ، فانتَدَبوا هم.

ندح النون والدال والحاء كلمةٌ تدلُّ على سَعَةٍ في الشَّيء. من ذلك النَّدْح : الأرض الواسعة ، والجمع أنداح. ومنها قولهم : لك عنه مندوحةٌ ، أي

__________________

(١) الجمهرة (٣ : ٢٩٠).

(٢) وكذا ورد الاستشهاد بهذا القدر فى المجمل. وتمامه «أيهلك معتم وزيد». والبيت لعروة ابن الورد فى ديوانه ٩٣ واللسان (ندب). ومعتم وزيد : بطنان من بطونهم.


سَعَة وفُسْحة. قال الخليل : وأرض مندوحة : بعيدةٌ واسعة. وإنَّه لفي نُدْحَةٍ (١) من الأرض ، أي سَعَة وفُسْحَة. والله أعلم بالصواب.

باب النون والذال وما يثلثهما

نذر النون والذال والراء كلمةٌ تدل على تخويف أو تخوُّف. منه الإنذار : الإبلاغ ؛ ولا يكاد يكون إلَّا في التَّخويف. وتناذَرُوا : خَوَّفَ بعضُهم بعضاً. ومنه النَّذْر ، وهو أنّه يَخافُ إذا أخَلَفَ. قال ثعلب : نَذِرْتُ بهم فاستعدَدت لهم وحَذِرتُ منهم. والنّذِير : المُنْذِر ، والجمع النُّذُر. والنَّذْر (٢) أيضًا : ما يجب ، كأنّه نُذِر ، أي أُوجِب. ونَذْر المُوضِحة في الحديث منه (٣).

نذل النون والذال واللام كلمةٌ تدلُّ على خَساسةٍ في الشيء. يقال نَذْلٌ.

باب النون والراء وما يثلثهما

نرب النون والراء والباء لا يأتلفان ، وقد يكون بينهما دخيل. فمن ذلك النَّيرَب : النَّميمة ، وهو نَيرَبٌ أي نَمَّام ، كأنّه ذو نَيرب. والله أعلم بالصواب.

__________________

(١) بضم النون وفتحها.

(٢) فى الأصل : «والنذير».

(٣) هو حديث ابن المسيب «أن عمر وعثمان رضى الله عنهما قضيا فى الملطاة بنصف نذر الموضحة».


باب النون والزاء وما يثلثهما

نزع النون والزاء والعين أصلٌ صحيح يدلُّ على قَلْع شيءٍ. ونَزَعْت الشّيءَ من مكانِه نَزْعًا. والمِنْزَع : الشَّديد النَّزْع. والمِنْزعة كالمِلعقة يكون مع مُشْتَارِ العَسل. ونَزَع عن الأمر نُزُوعاً : تركَه. وشرابٌ طيِّبُ المَنْزَعة ، أي طيِّب مَقْطَع الشَّرب. والنَّزَعة : الموضع من رأس الأنزع ، وهو الذي انحسر شَعْرَه عن جانبَىْ جبْهته ، وهما النَّزَعتان. ولا يقال امرأة نزْعاء ولكن زَعْراء (١). وبئرٌ نَزُوعٌ : قريبة القَعْر يُنزَع منها باليد. وعادَ الأمرُ إلى النَّزَعة ، أي رجَعَ إلى الحقّ ؛ وأراد بالنَّزَعة جمع نازع ، وهو الذي يَنزِع في القَوْس : يَجْذِبُ وتَرَه بالسَّهم (٢). وفلانٌ قريب المَنْزَعة ، أي قريب الهِمَّة. ومَنْزَعة الرّجلِ : رأيُه. ونازَعَت النَّفْسُ إلى الأمرِ نِزاعاً ، ونَزَعَت إليه ، إذا اشتَهتْه. ونَزَع إلى أبيه في الشَّبَه. ونَزَع عن الأمر نُزُوعاً ، إذا تركَه. وبعيرٌ نازعٌ ، إذا حَنَّ إلى مرعاه أو وطنِه. قال :

فقلتُ لهم لا تَعذُلوني وانظُرُوا

إلى النازع المقصور كيف يكون (٣)

وأنزَعُوا ، أي نَزَعَت إبلُهم إلى أوطانها. والنَّزَائع من الخيل : التي نَزَعَت إلى أعراق ، ويقال : بل هي التي انتُزِعَتْ من قومٍ آخَرين. والنَّزوع : الجمل الذي يُنزَع عليه الماءُ وحدَه. والنَّزائع من النساء : اللَّواتي بُزَوَّجْن في غير عشائرهن ؛ وكلُّ غريبٍ نَزيع.

__________________

(١) فى اللسان : «وامرأة نزعاء. وقيل لا يقال امرأة نزعاء ولكن يقال زعراء».

(٢) القوس يذكر ويؤنث.

(٣) البيت لجميل ، فى اللسان (نزع).


نزغ النون والزاء والغين كلمةٌ تدلُّ على إفسادٍ بين اثنين. ونَزَغَ بينَ القَوم : أفسَدَ ذاتَ بَيْنهِم

نزف النون والزاء والفاء أصلٌ يدلُّ على نَفاد شيءٍ وانقطاع. ونُزِفَ دمُه : خَرَج كلُّه. والسَّكرانُ* نَزِيفٌ ، أي نُزِفَ عَقلُه. قال :

وإذ هي تمشِي كمشي النَّزي

فِ يَصْرَعهُ بالكَثيب البَهَرْ (١)

والنَّزْف : نزحُ الماء من البئر شيئًا بعد شيء. وأنْزَفُوا : ذهَبَ ماءُ بئرهم. وأنْزَفُوا : انقطَعَ شرابُهم. قال الله سبحانه : (لا يُصَدَّعُونَ عَنْها وَلا يُنْزِفُونَ) (٢). والنُّزْفة : الغُرفة. وهو بحرٌ لا يُنزَف. ونُزِف الرجلُ في الخُصومة : انقطعت حجته.

نزق النون والزاء والقاف كلمةٌ تدلُّ على عَجَلة. من ذلك النَّزَق : الخِفّة والعَجَل. ونَزَّقْت الفَرَسَ فنَزِق. ويقولون : أنْزَقَ فلانٌ بالضّحِك.

نزك النون والزاء والكاف أصيلٌ يدل على طَعن أو شبيه به. منه النّزْك : الطَّعْن بالنَّيزك ، وهو الرُّمح القصير. والنَّزك : سُوء الفِعْلِ والقول في الإنسان ، والطَّعنُ عليه. وفي الحديث : «إنّ شَهْرًا نَزَكُوهُ». أي طعَنوا عليه ، يراد شَهْرُ بنُ حَوْشَب. ومما يشبَّه بهذا قولُهم لذكر الضَّبِّ : نِزْك. قال :

سِبَحْلٌ لَهُ نِزْكانِ كانا فضيلةً

على كلِّ حافٍ في البلاد وناعلِ (٣)

__________________

(١) لامرئ القيس فى ديوانه ٨.

(٢) هذه قراءة ابن أبى إسحاق ، وعبد الله ، والسلمى ، والجحدرى ، والأعمش ، وطلحة ، وعيسى. وقرأ ابن أبى إسحاق أيضا : «يَنْزِفون» بفتح الياء وكسر الزاى. وقرأ الجمهور : «يُنْزَفون» بضم الياء وفتح الزاى. تفسير أبى حيان (٨ : ٢٠٦).

(٣) البيت لأبى العجاج ، أو لحمران بن ذى الغصة.


نزل النون والزاء واللام كلمةٌ صحيحة تدلُّ على هُبوط شيء ووُقوعه. ونَزَل عن دابَّتِه نُزُولاً. ونَزَل المطرُ من السَّماءُ نُزولاً. والنَّازلة : الشَّديدة من شدائد الدهر تَنزِل. والنِّزَال في الحرب : أن يتنازل الفَريقان. ونَزَالِ : كلمةٌ توضَعُ موضِعَ انزِلْ. ومكان نَزِلٌ : يُنْزَل فيه كثيرا. ووجدت القومَ على نَزَلاتهم ، أى منازلهم. قاله ابنُ الأعرابىّ. والنُّزُل : ما يُهيّأ للنَّزيل. وطعام ذو نُزْل ونَزَل ، أي ذو فضل. ويعبِّرون عن الحجِ بالنّزُول. ونَزَل ، إذا حجّ. قال :

أنازلةٌ أسماءُ أم غير نازلَهْ

أبِينِي لنا يا أسْمَ ما أنتِ فاعلَهْ (١)

وقال :

ولما نزلنا قَرّت العينُ وانتهَتْ

أمانىُّ كانت قبلُ في الدَّهرِ تُسأَلُ (٢)

قال : نَزَلْنا : أتينا مِنًى. والنُّزَالة : ماء الرَّجُل. والنَّزيل : الضيف. قال :

نزِيل القومِ أعظمُهم حقوقا

وحقُّ الله في حقِ النَّزيلِ (٣)

والتنزيل : ترتيب الشَّيء ووضعُه منزِلَه.

نزه النون والراء والهاء كلمةٌ تدلُّ على بُعدٍ في مكانٍ وغيرِه. ورجلٌ نَزِيه الخُلُق : بعيدٌ من المطامع الدّنيّة. قال ابن دريد (٤) : ونَزِهُ النَّفس

__________________

(١) البيت لعامرين الطفيل. ملحقات ديوانه ١٥٨ والخزانة (٣ : ٤٤) والنقائض ٢٨٤.

(٢) أنشده فى المجمل أيضا.

(٣) أنشده فى المجمل واللسان (نزل).

(٤) الجمهرة (٣ : ٢٢).


ونازِهُ النَّفس : ظلِفُها عن المَدَانِس. قال ابن السكِّيت : خرجنا نتنزَّه ، إذا تباعَدُوا عن الماء والرِّيف. ومكان نَزِيهٌ : خلاء ليس به أحد.

نزو النون والزاء والحرف المعتلّ أصلٌ صحيح يرجِع إلى معنى واحد ، هو الوَثَبانُ والارتفاع والسمُوّ. من ذلك النَّزْو. نَزَا ينزُو : وثَبَ. ونُزَاءُ الذَّكرِ على أنثاه. وهو يَنزو إلى كذا ، إذا نازَع إلَيْه ، كأنّه سَمَا له. والتَّنَزِّي مثلُ النَّزو.

ومن المهموز : نزَأْت بينَهم : حرَّشْتُ بينهم. قال ابنُ الأعرابي : يقال ما نَزأَك على كذا : ما حملك عليه. ورجلٌ منزوءٌ بكذا : مولَع.

نزب النون والزاء والباء كلمةٌ. يقال : نَزَبَ الظَّبْي نَزِيباً ، وهو صوتُه عند السِّفاد.

نزح النون والزاء والحاء كلمةٌ تدلُّ على بُعد. ونَزَحت الدّار نُزُوحاً : بَعُدت. وبلدٌ نازح. ومنه نَزْحُ الماء ، كأنَّه يُباعَد به عن قَعر البئر. يقال : نَزَحتُ البِئر : استقَيتُ ماءَها كلَّه. وبئر نَزُوحٌ : قليلةُ الماء. وآبارٌ نُزُح.

نزر النون والزاء والراء أُصَيلٌ يدلُّ على قِلَّةٍ في الشيء. ونَزُرَ الشيءُ نَزارةً. وشيءٌ نَزْرٌ: قليل. وعَطاءٌ منزور : مقلَّل. وامرأةٌ نَزورٌ : قليلة الولَد. قال :


بُغاثُ الطّيرِ أكثرها فِراخاً

وأمُّ الصَّقرِ مقلاتٌ نَزور (١)

وقولهم : نَزَرْتُ الرّجلَ : ألححت عليه ، وقولهم : لا يُعطِي حتَّى يُنْزَر ، أي يلحَّ عليه ، فهو شاذٌّ عن الأصل الذي ذكرناه ، وله قياسٌ آخر.

باب النون والسين وما يثلثهما

نسع النون والسين والعين كلمةٌ تدلُّ على جَدْل الشَّيء. فالنِّسْع : سَير مضفورٌ كهيئة أعِنَّة البِغال. ويقال للعُنق الطَّويلِ ناسِعٌ ، كأنّه طُوِّل وجُدِلَ جَدْلا. والمِنسعة : الأرض السريعة النَّبتِ بطُول نَبْتِها وبَقْلها.

نسغ النون والسين والغين أصلٌ يدلُّ على غَرْزِ شيء بشيء ونَسغَ الخُبْزةَ : غرزَها بريش الطّائر : وهي المِنْسَغة. ونَسغَت الواشمةُ : غرزَتِ اليدَ بالإبرة. ثم يقولون : نسَغْت الدّابّةَ برِجلي ليثُور. ويتوسَّعون فيه فيقولون : نسَغْتُ اللَّبَن بالماء : مَذَقْتُه. ونَسَغَه بالعصا : ضَرَبه.

نسف النون والسين والفاء أصلٌ صحيح يدلُّ على كَشْف شيء. وانتسفَت الرِّيحُ الشَّيءَ مثلَ التُّراب والعَصْف ، كأنّها كشفَتْه عن وجه الأرض وسلبته. ونَسْفُ البِناءِ : استِئْصالُه قَطعاً. ويقال للرُّغوة : النُّسَافة (٢) ، لأنّها تُنْتَسَف عن وجه اللَّبَن. وقولهم انتُسِفَ لونُه من ذلك. وبَعيرٌ نَسوفٌ : يقلع

__________________

(١) للعباس بن مرداس ، كما فى الحماسة (٢ : ٢١) واللسان (بغث) ، ويروى لكثير ، كما فى اللسان (قلت ، نزر).

(٢) ذكرت بهذا المعنى فى القاموس ، ولم تذكر فى اللسان.


النَّباتَ عن الأرض بمقدَّم فيه : وحكى ناسٌ : هما يتناسفان ، أي يتسارَّان. والقياسُ واحد. كأنَّ هذا يَنسِف ما عند ذاك. وذاك ما عندَ هذا.

نسق النون والسين والقاف أصلٌ صحيح يدلُّ على تتابُعٍ في الشَّيء. وكلامٌ نَسَقٌ : جاءَ على نظامٍ واحد قد عُطِف بعضُه على بعض. وأصله قولهم : ثَغْرٌ نَسَق ، إذا كانت الأسنانُ متناسقةً متساوية. وخَرَزٌ نَسَق : منظَّم قال أبو زُبَيد :

بجيدِ رِيَمٍ كريمٍ زانَهُ نَسَقٌ

يكاد يُلهِبُه الياقوتُ إلهابا (١)

نسك النون والسين والكاف أصلٌ صحيح يدلُّ على عِبادةٍ وتقرُّب إلى الله تعالى. ورجلٌ ناسك. والذَّبيحة التي تَتَقرَّب بها إلى الله نَسِيكة. والمَنْسَك : الموضع يذبَح فيه النَّسائِك ، ولا يكون ذلك إلّا في القُرْبان. وزعم ناسٌ أنَ المَنْسَك (٢) : المكان يألفه. وفيه نظر.

نسل النون والسين واللام أصلٌ صحيح يدلُّ على سَلِّ شيءٍ وانسلاله. والنَّسْل : الولَد. لأنّه يُنْسل من والدته. وتناسَلُوا : ولد بعضُهم من بعض (٣). ومنه النَّسَلان : مِشية الذِّئب إذا أعْنَقَ وأسْرَع. والماشي يَنْسِلُ ، إذا أسرع.

__________________

(١) أنشده فى المجمل واللسان. و «ريم» بفتح الراء فى اللسان ، وكسرها فى المجمل. وهو بفتح الراء فى مادة (ريم) ياؤه أصيلة ، وبكسر الراء تخفيف «الرئم» بكسر الراء.

(٢) فى الأصل : «النسك».

(٣) فى الأصل : «بعد بعض» ، صوابه من اللسان. وفى المجمل : «وقد تناسلوا ، إذا توالدوا». وفى القاموس : «تناسلوا : أنسل بعضهم بعضا».


قال الله عزّ وعلا : (وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ). والنُّسَالة : شَعر الدابّة إذا سقَطَ عن جَسدِه قِطَعا. ونُسَال الطَّير : ما تحاتَّ من أَرياشها. قال :

* وتجلو سَبِيخَ جُفالِ النُّسالِ (١) *

وقد أنسَلتِ الإبلُ : حانَ لها أن تُنْسِلَ وبَرَها. ونَسلَ الثَّوبُ عن الرّجل : سَقَط. ويقولون : النّسيل : العسلُ إذا ذابَ ، كأنّه نَسلَ عن شَمَعِه وفارَقَه. وأنسلْتُ القَوم : تقدَّمتُهم.

نسم النون والسين والميم أصلٌ صحيح يدلُّ على خروج نَفَس ، أو ريحٍ غير شديدةٍ الهبوب. ونَفَس الإنسان نَسيم. وكذا الرِّيح الليِّنة الهُبوب. ويقولون : من أين مَنْسِمُكَ ، أي من [أين] وِجْهتُك. والقياس واحدٌ ، لأنّه إذا أقبلَ أقبلَ نَسِيمُه. ولذلك سمِّيت النَّفْس نَسَمة.

وشذّ عنه المَنْسم : خُفّ البعير ، ويمكن أنّه محمولٌ على الباب ، لأنّ خُفّه هو ما يحمل نَسَمتَه.

نسي النون والسين والياء أصلانِ صحيحان : يدلُّ أحدهما على إغفال الشيء ، والثاني على تَرْك شيء.

فالأوّل نسِيتُ الشَّيءَ ، إذا لم تذكُره ، نِسيانًا. وممكنٌ أن يكونَ النِّسْي منه. والنِّسْيُ: ما سَقَط من منازل المرتحلين ، من رُذَال أمتعتهم ، فيقولون : تتبَّعوا أنساءَكم. قال الشَّنفري:

__________________

(١) لأمية بن أبى عائذ الهذلى. ديوان الهذليين (٢ : ١٨٢). وصدره :

تجيل الحباب بأنفاسها


كأنَّ لها في الأرض نِسياً تقُصُّه

على أَمِّها وإنْ تكلِّمْك تَبْلَتِ (١)

وعلى ذلك يفسَّر قولُه تعالى : (نَسُوا اللهَ فَنَسِيَهُمْ)، وكذلك قوله سبحانه : (وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً) ، أراد والله أعلمُ : فتركَ العَهد.

ومما شذَّ عن الأصلين النَّسَا : عِرقٌ ، والجمع أنساء ، والاثنان* نَسَيَانِ ويقولون : هو النَّسَا ، وهو عِرقُ النَّسا ، كلُّ ذلك يقال. قال :

فأحذَيْتُه لما أتاني بقربة

كعرق النَّسَا لم يُعط بطناً ولا ظَهْرا (٢)

وقال بعضهم : الأصل في الباب النِّسيان ، وهو عُزوب الشّيء عن النَّفْس بعد حضوره لها. والنَّسَا : عِرق في الفَخِذ ، لأنّه متأخِّر عن أعالي البدن إلى الفخِذ ، مشبَّه بالمنسىِّ الذي أُخِّر وتُرِك.

* * *

وإذا هُمِز تغيَّر المعنى إلى تأخير الشَّيء. ونُسِئت المرأةُ : تأخَّر حيضُها (٣) عن وقته فرُجِىَ أنَّها حُبْلَى. والنَّسِيئة : بيعُك الشَّيءَ نَسَاءً ، وهو التَّأخير. تقول : أنسأتُ. ونَسأَ الله في أجلِك وأنسأ أجلَك : أخَّره وأبعده. وانتسؤوا (٤) تأخَّروا وتباعَدُوا. ونَسأْتُهم أنا : أخَّرتهم. ونَسأْتُ ناقتي ، قال قوم : رفَقت بها في السَّير. ونَسأْتها : ضربتها بالمِنْسأة : العَصَا. وهذا أَقْيَسُ ، لأنَّ العصا كأنّه يُبعَد بها الشّيءُ ويُدفَع.

__________________

(١) المفضليات (١ : ١٠٧) واللسان (بلت ، نسى). ومجالس ثعلب ٤٢١. وسبق عجزه فى (بلت).

(٢) بقربة ، كذا وردت فى الأصل.

(٣) فى الأصل : «تأخرت حملها» ، صوابه فى المجمل واللسان.

(٤) فى الأصل : «وتنساءوا». وفى المجمل : «وانتسأ القوم».


والنَّسْء : ما نَبَت من وبَرَ النّاقةِ بعد تساقُطِ وَبرِها. والقياس واحد. كأنّ هذا الثاني تأخّر. قال أبو زيد : نَسَأْتُ الإبلَ في ظِمْئِها ، إذا زدتها في ظِمئها يومًا أو يومين. وَالنَّسيء في كتاب الله : التَّأخير ، كانُوا إذا صَدَروا عن مِنًى (١) يقوم رجلٌ من كنانة فيقول : أنا الذي لا يُرَدُّ لي قضاء. فيقولون : أنسِئْنا (٢) شهراً ، أي أخر عَنَّا حُرمةَ المحرَّم (٣) فاجعَلْها في صَفَر. وذلك أنَّهم كانوا يكرهون أن يتوالَى عليهم ثلاثةُ أشهرٍ لا يُغيرون فيها ، لأنَّ معاشهم كان من الإغارة ، فأُحِلَّ لهم المحرَّم. فقال الله تعالى : (إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيادَةٌ فِي الْكُفْرِ).

ومما شذَّ عن الباب النَّسْء : بَدء السِّمَنِ في الدّوابِّ. قال أبو ذؤيب :

بها أبَلَتْ شهرَىْ ربيعٍ كِلَيهما

فقَدْ مارَ فيها نَسؤُها واقترارُها (٤)

والنَّسِيء : الحليب يُصبُّ عليه الماء. تقول منه : نَسَأْتُ ، وهو النَّسْءُ أيضا في شعر عروة :

سَقَوني النَّسْءَ ثم تكنَّفُوني

عُداةُ الله من كَذِبٍ وزُورِ (٥)

نسب النون والسين والباء كلمةٌ واحدة قياسُها اتِّصال شيء بشيء. منه النّسَب ، سمِّي لاتِّصاله وللاتِّصالِ به. تقول : نَسَبْتُ أنْسِبُ. وهو نَسِيبُ فلانٍ. ومنه النَّسيبُ في الشِّعر إلى المرأةُ ، كأنّه ذِكْرٌ يتَّصِل بها ؛ ولا يكون إلَّا

__________________

(١) فى الأصل : «عن شىء» ، صوابه فى المجمل واللسان.

(٢) فى الأصل : «أنسئها» صوابه فى المجمل واللسان.

(٣) فى الأصل : «عنها محرمة المحرم» ، صوابه فى المجمل واللسان.

(٤) ديوان الهذليين (١ : ٢٣) واللسان (أبل ، نسأ ، قرر). وانظر مجالس ثعلب ٤١٧.

(٥) ديوان عروة بن الورد ٩٠ واللسان (نسأ). وتروى قصيدته للنمر بن تولب.


في النِّساءِ. تقول منه : نَسَبْتُ أنْسِبُ. والنّسيبُ : الطريق [المستقيم (١)] ، لاتِّصال بعضِه من بعض.

نسج النون والسين والجيم أصلٌ واحدٌ يدلُّ على وَصلِ شيءٍ بشيء في أدنى عرض. ونَسَج الثَّوب يَنْسِجُه. وضربت الرِّيح الماءَ فانتسجت له الطرائِق (٢). والشاعر ينسُج الشّعر. وقال قوم : بل قياس الباب الاضطراب دون ما ذكرناه. والنَّاقة النّسُوج : [التي (٣)] يضطرب حِمْلُها عليها. وكذلك اشتُقّ مِنسج الفرس (٤) ، لأنه يتحرَّك أَبدا. والمِنسج : كاثبِة الفَرَس.

ومن الباب : هو نسيجُ وحدِه ، لانفراده بخصاله. قال ابن قتيبة : وذلك أنّ الثَّوب الرّفيع النفيسَ لا يُنسَج على مِنْواله غيرُه ، وإذا لم يكن رفيعا عُمِل على منواله سَدَى عِدّةِ أثواب.

نسخ النون والسين والخاء أصلٌ واحد ، إلّا أنّه مختلفٌ في قياسِه. قال قوم : قياسُه رفْعُ شيءٍ وإثباتُ غيرِه مكانَه. وقال آخرون : قياسُه تحويلُ شيءٍ إلى شيءٍ. قالوا : النَّسْخ : نَسْخ الكِتاب. والنَّسْخ : أمرٌ كان يُعمَل به من قبلُ ثم يُنسَخ بحادثٍ غيرِه ، كالآية ينزل فيها أمرٌ ثم تُنسَخ بآيةٍ أخرى. وكلُّ شيءٍ خَلَفَ شيئاً فقد انتَسخَه. وانتسخت الشَّمسُ الظِّلّ ، والشّيبُ الشبابَ. وتناسُخُ الورَثةِ : أن يموتَ ورثةٌ بعد ورثةٍ وأصلُ الإرث قائم لم يُقَسَّم. ومنه

__________________

(١) التكملة من المجمل. وفى اللسان : «الطريق المستقيم الواضح».

(٢) فى الأصل : «الطريق». وفى المجمل واللسان : «طرائق».

(٣) التكملة من المجمل.

(٤) يقال بوزن منزل ومنبر.


تناسُخُ الأزمنة والقُرون. قال السجستانىّ (١) النَّسْخ : أن تحوّل ما في الخليَّة من العَسَل والنَّحْل في أُخرى. قال : ومنه نَسْخُ الكتاب.

نسر النون والسين والراء أصلٌ صحيح يدلُّ على اختلاسٍ* واستلاب. منه النَّسْر : تناوُلُ شيءٍ من طعام. ونَسَرَهُ ، كأنَّه شيءٌ يسيرٌ استلبَه. ومنه النَّسْر ، كأنّه ينسُرُ الشَّيء. والمِنْسَر (٢) : خيل ما بين المائة إلى المائتين وهو القياس ، كأنه إنما جاء لينِسُرَ شيئًا ، أي يختطفَه ويَستلبَه. ويقال : بَلِ المِنْسَر لا يمرُّ بشيءٍ إلا قَلَعه.

ومن التَّشبيه النَّسْر : كواكبُ في السماء : النَّسْر الطائر ، والنَّسْر الواقع. ومنه نَسْر الحافِر : ما في بطنه كأنّهُ النَّوَى والحصى.

باب النون والشين وما يثلثهما

نشص النون والشين والصاد : أصلٌ يدلُّ على ارتفاعٍ في شيء وسموّ. ونَشَصَ السحابُ : ارتفَع. والسَّحابة المرتفِعة البيضاء : النَّشَاصة (٣) ، وجمعها نَشَاص (٤). قال امرؤ القيس :

__________________

(١) بدله فى المجمل : «قال أبو حاتم» ، وهى كنيته.

(٢) يقال كمنبر وكمجلس أيضا.

(٣) وكذا فى المجمل. وذكر فى اللسان : «النشاص» فقط بفتح النون ، فهو اسم جنس جمعى للنشاصة. وذكر فى القاموس «النشاص» فقط أيضا ، ولكن ضبطه بفتح النون وكسرها. (٤) فى الأصل : «أنشاص» ، والوجه ما أثبت. وفى التنبيه السابق أنه يقال بفتح النون وكسرها.

ويجمع التشاصى على «نشص» بضمتين ، كما فى اللسان.


أضدَّ نَشَاصَ ذي القرنين حَتَّى

تَوَلى عَارِضُ الملِكِ الهمامِ (١)

ونَشَص الوبرُ : ارتفَع. ونَشَصْنا من بلدٍ إلى بلدٍ : ارتفَعْنا. ونَشَصت المرأةُ مثل نَشَزَت. ونَشَصت ثَنِيَّتُه : تحرَّكت وارتفَعتْ من موضعها.

نشط النون والشين والطاء : أصلٌ صحيح يدلُّ على اهتزازٍ وحركة. منه النّشاط معروفٌ وهو لما فيه من الحركة والاهتزاز والتَّفتُّح. يقال نَشِطَ ينشَط. وأنْشَط القومُ : كانت دوابُّهُم نَشِيطة. والثَّور ناشط ، لأنّهُ يَنْشِطُ من بلدٍ إلى بلد. قال ذو الرُّمَّة :

أذاكَ أم نَمِشٌ بالوَشْي أكرُعُه

مسفَّعُ الخَدِّ هادٍ ناشِطٌ شَبَبُ (٢)

ونَشَطْتُ الشَّيءَ : قشرتُه ، كأنَّهُ لما قُشِرَ أُخرِجَ من جِلده. وطريقٌ ناشط : يَنْشِطُ في الطَّريق الأعظم يَمنةً [ويَسْرَة (٣)]. ونَشَطت (٤) النّاقةُ في سيرها ، إذا شَدَّت. والأُنْشُوطة : العُقدة مثل عُقدة السَّراويل ونَشَطْتُه بأُنشوطة. وأنْشَطتُ العِقال : مَدَدْت أُنشوطتَه فانحلَّت. وقال قوم : الإنشاط : الْحَلُّ ، والتَّنشيط : العَقْد. وبئر أنشاط : قَريبة القَعر يَخرُج دلوُها بجَذْبَةٍ. ونَشَطْتُ الدَّلْوَ من البئرِ بغير قامة. والنَّشِيطة من الإبل : أن تُوجَد فتُسَاقَ(٥) من غير أنْ يُعْمَدَ لها. وقال قوم : هو الذي يصيبه القومُ قبل أن يَصِلوا إلى الحىِّ الذي يريدون الإغارة عليه ، فيَنْشِطُه الرّئيسُ من بين أيديهم. قال :

__________________

(١) ديوان امرى القيس ١٦٨. ونبه الوزير أبو بكر إلى أنه يروى أيضا «أشذ».

(٢) ديوان ذى الرمة ١٧ واللسان (نمش ، نشط). وقد سبق فى (شب).

(٣) التكملة من المجمل واللسان والقاموس.

(٤) فى المجمل : «تنشطت» ، وكلاهما يقال.

(٥) فى المجمل : «الإبل يجدها الجيش فتساق».


لك المِرباعُ منها والصَّفايا

وحُكمُك والنَّشِيطةُ والفُضُولُ (١)

نشع النون والشين والعين كلمةٌ واحدة. نشَعتُ الصبىَّ الوَجُورَ نشعاً فانتشَعَه ، أى جَرِعَه. والمصدر النُّشوع. قال :

* نُشِعْتُ المحد في أنفي نُشُوعَا (٢) *

نشغ النون والشين والغين ثلاثُ كلماتٍ متباينةٍ ، ليس قياسها واحداً.

الأولى النَّشغ ، كالشَّهِيق عند الشَّوق.

الثانية الناشغ : الذي يَحيا بعد جَهْد.

الثالثة النَّواشِغ : أعالي الوادي ، الواحدة ناشغة.

نشف النون والشين والفاء : أصلٌ صحيح يدلُّ على ولوج ندًى في شيءٍ يأخذه. منه النَّشْف : دخولُ الماءِ في الثَّوب والأرضِ حتى ينتَشِفاهُ. والنَّشْفة : حجرٌ ، سمِّيت لانتشافها الوسَخ عن مواضعه (٣). والجمع النِّشَف. [ويقال : إنَ النَّشْف (٤)] في الحياض كالنَّزْح في الرّكايا. والنّاقةُ تُدِرُّ قبل نِتاجها ثم تذهب دِرّتُها. مِنْشَافٌ ونَشُوف.

__________________

(١) لعبد الله بن عنمة الضبى ، كما فى اللسان (ربع ، صفا ، نشط ، فضل). ومقطوعته فى الحماسة (١ : ٤٢٠). وقد سبق فى (ربع ، صفو).

(٢) البيت للمرار ، كما فى إصلاح المنطق ٣٦٨ واللسان (نشع). وصدره :

إليكم بالثام الناس أتى

(٣) فى اللسان : «والنشفة ، والنشفة : الحجر الذى يتدلك به ، سمى بذلك لانتشافه الوسخ فى الحمامات».

(٤) التكملة من المجمل.


نشق النون والشين والقاف أصلٌ صحيح يدلُّ على نُشوب شيء. ونَشِقَ الظَّبْيُ في الحِبالةِ : عَلِق فيها والنَّشقة : حبلٌ يُجعَل في أعناق البَهْم ، ويقال هي النُّشْقة (١). ورجل نَشِقٌ ، إذا وقَعَ في أمرٍ لا يكاد يخلُص منه.

ومن الباب : أنشَقْتُ الصبِىَّ الدَّوَاءَ : صببتُه في أنْفِه. والنَّشُوق : اسمٌ لكلِّ دواء يُنْشَق. ومنه استنشقت الرِّيح : تشمَّمتُها. وهذه ريحٌ مكروهة النَّشَق ، أي الشَّمّ. والمتوضِّئ يستنشق الماء ، عند استنثاره.

نشل النون والشين واللام كلمةٌ تدلُّ على رفْع بِضْعةٍ من قدْرٍ. ونَشَلَ اللَّحْمَ من القِدْرِ بالمِنْشَل ، وهو النَّشِيل (٢). وفخذٌ ناشلة : قليلةُ اللَّحم ؛ والمِنْشَل والمِنْشال : ما يُنْشَلُ به*. ويقولون ، وما أدرِي كيف صحّته : المَنْشَلة : موضع الخاتَم من الخِنصَر.

نشم النون والشين والميم يدلُّ على نُشُوبٍ شيء. ونَشَّمُوا في الأمر : أخَذُوا فيه. ويقال لا يكون ذلك إلَّا في الشَّرّ. وفي الحديث : «لما نَشَّمَ النّاسُ في أمر عثمان». أي أخَذُوا فيه ونالوا منه. ونَشَّمَ اللَّحمُ (٣) تنشيماً ، أي ابتدأت فيه رائحة.

وشذَّ عنه النَّشَم : شجرٌ يُتَّخَذ منه القِسِىّ.

نشأ النون والشين والهمزة أصلٌ صحيح يدلُّ على ارتفاعٍ في شيءٍ

__________________

(١) ذكر فى المجمل لغة فتح النون. وفى اللسان والقاموس لغة الضم.

(٢) وهو النشيل ، وردت فى الأصل بعد كلمة «اللحم» التالية ، ورددتها إلى موضعها الطبيعى.

(٣) فى الأصل : «ومن اللحم».


وسموّ. ونَشَأَ السَّحابُ : ارتفع. وأنْشَأَه الله : رفَعه. ومنه : (إِنَ ناشِئَةَ اللَّيْلِ) ، يراد بها والله أعلمُ القيامُ والانتصابُ للصَّلاة.

ومن الباب : النَّشْءُ والنَّشَأ (١) : أحداث النّاس. ونشأَ فلانٌ في بني فلانٍ. والنَّاشئ : الشَّابُّ الذي نشأ وارتفَعَ وعلا. وأنشأ فلانٌ حديثاً ، وأنشأَ ينشِد ويقول ، كلُّ هذا قياسُه واحد.

ومن الباب : استنشأْت الريح : تشمَّمتها ، وذلك لأنّكَ كأنّك ترفعُها إلى أنفِك.

نشج النون والشين والجيم كلمة تدلُّ على حكايةِ صوتٍ. ونَشَج الباكي : غَصَّ بالبُكاءِ في حَلْقِه من غير انتحاب. ونَشَجَ الحمار بصَوته نَشْجًا. ويقال للطَّعنة إذا خرج منها الدَّمُ فسُمِع له حِسٌّ : قد نَشَجَت. وكذا القِدر تَنْشِجُ عند الغَلَيَان. ويحتمل أن يكون الأَنْشَاجُ من هذا ، وهي مَجَاري الماء ، الواحد نَشَج ، كأنها سمِّيَت بها لقَسِيب الماء.

نشح النون والشين والحاء : أصلٌ صحيحٌ ، إلّا أنَّه مختلَفٌ في تفسيره على التَّضادّ ، فقال قوم : نَشَحَ الشَّاربُ ، إذا شرِب حتَّى امتلأ. وسِقَاءٌ نَشَّاحٌ : ممتلِئ. وقال آخرون : النُّشوحُ : شربٌ دون الرِّىّ.

نشد النون والشين والدال أصلٌ صحيح يدلُّ على ذِكر شيء وتنويهٍ. ونَشَدَ فلانٌ فلاناً قال : نَشَدْتُك اللهَ ، أي سألتك بالله. وتلخيصه :

__________________

(١) فى الأصل : «والنشوء» ، تحريف.


ذكَّرتك اللهَ تعالى. ومنه إنشاد الشَّاعر وهو ذِكرهُ والتَّنويه به. فأمَّا أنشَدْتُ الضَّالَّة فمعناه عرَّفتها ؛ وهو ذلك القياس. وفي الحديث : «لا تَحِلُّ لُقْطَتُها إلّا لِمُنْشِدِ». أي معرِّف. وأما نَشَدْتُ الضَّالَّة ، يعنى طلبتها ، فلرَفْع صوتِه.

نشر النون والشين والراء أصلٌ صحيح يدلُّ على فَتْحِ شيء وتشعُّبِه. ونَشَرت الخشبةَ بالمنشار نَشْرًا. والنَّشْر : الرِّيح الطيِّبة. واكتَسَى البازِي ريشاً نَشَرًا ، أي منتشِرا واسعاً طويلا. ومنه نَشَرتُ الكِتاب. خِلاف طويتُه. ونَشَر الله الموتَى فَنَشَروا. وأنْشَرَ الله الموتَى أيضاً. قال تعالى : (ثُمَّ إِذا شاءَ أَنْشَرَهُ) ، ثمّ قال الأعشَى :

حَتَّى يقولُ الناسُ لمَّا رأوا

يا عَجَبا للميِّت الناشرِ (١)

ونَشَرت الأرضُ : أصابها الرَّبيعُ فأنبتت ، وهي ناشرة ، وذلك النَّباتُ النَّشْر ، ويقال إنّه للرَّاعيةِ ردىّ ويقال : بل النَّشْر : الكلأَ يَيْبَس ثم يصيبُه المطرُ فيخرجُ منه شيءٌ كهيئة الحَلَم. وهو داءٌ. وعروقُ باطنِ الذِّراع : النَّواشر ، سمِّيت لانتشارها. والانتشار : انتفاخ عَصَب الدّابّةِ من تَعَب. والنّشَر : أنْ تنتشر الغنمُ باللّيل فتَرعَى ، ولذلك يقال لمن جمع أمرَه: «قد ضَمَ نَشَرَه».

نشز النون والشين والزاء أصلٌ صحيح يدلُّ على ارتفاعٍ وعُلوّ. والنّشَز : المكان العالي المرتفِع. والنّشْز والنُّشُوز : الارتفاع ، ثم

__________________

(١) ديوان الأعشى ١٠٥ واللسان (نشر). والرواية : «مما رأوا».


استعير فقيل نَشَزَت المرأةُ : استَصعَبتْ على بَعلِها ، وكذلك نَشَزَ بعلُها : جفاها وضرَبَها.

نشس النون والشين والسين كلمةٌ من الإبدال ، يقال نَشَسَت ، مثل نَشَزَت.

باب النون والصاد وما يثلثهما

نصع النون والصاد والعين أصلٌ يدلُّ على خلوص ولين في الشَّيء. منه النَّاصع : الحَسَن اللَّون الشَّديد* البَياض. والنِّصْع : ضربٌ من الثِّياب شديد البَيَاض. ونَصَع الحقُّ : وضَح.

ومن بابِ السُّهولة واللِّين ، وهو القياس الذى ذكرناه ، أنْصَعَت النَّاقةُ للفَحل : أقرَّتْ له. ويقال : قَبَحَ اللهُ أُمَّا نَصَعَتْ [به (١)] ، أي ولدَتْه ، حكاه ابنُ السِّكِّيت. والمَنَاصِع : المجالس : سمِّيت بها لأنَّها في أسهل المواضع وأمْكَنِها.

وشذَّ عن هذا قولُهم : أنْصَعَ : اقشعرَّ. قال :

* حتَّى اقشعَرَّ جِلْدُه وأنْصَعا (٢) *

نصف النون والصاد والفاء أصلانِ صحيحان : أحدهما يدلُّ على شَطْر الشَّيء ، والأخرى على جنسٍ من الخِدمة والاستعمال.

__________________

(١) التكملة من المجمل واللسان.

(٢) لرؤبة فى ديوانه ٩٠ واللسان (نصع). ورواية الديوان : «وأزمعا».


فالأوَّل نِصْفُ الشيء ونَصِيفُه : شَطْرُه. وفي الحديث : «ما بَلَغَ مُدَّ أحدِهم ولا نَصِيفَه(١)». وذلك كثُمن وثَمِين. قال :

لم يَغْذُها مُدٌّ ولا نَصِيفُ

ولا تُمَيراتٌ ولا تعجيفُ (٢)

ويقال : إناءٌ نَصْفانُ : بَلَغ الماءُ نِصْفَه. والنَّصَف : بين المُسِنَّة والحَدَثة ، أي بلَغتْ نِصَف عُمرها. والإنصافُ في المعاملة ، كأنّه الرِّضا بالنِّصف. والنِّصْف : الإنصاف أيضا. ونَصَفَ النهارُ يَنْصُفُ : انتصَفَ. قال :

نَصَفَ النّهارُ الماءُ غامِرُه

ورفيقُه بالغَيبِ لا يدرى (٣)

ونصَفَ الإزارُ ساقَه : بلَغَ نِصْفَها يَنْصُفُها. قال :

ترى سيفَه لا يَنْصُف السَّاقَ نَعْلُه

أجَلْ لَا وإن كانت طِوالاً مَحامِلُه (٤)

نصل النون والصاد واللام أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على بُروز الشَّيء من كِنّ وسترٍ أو مَركَب.

ونَصَلَ الحافرُ : خرَجَ من موضِعِه. ونَصَل الخِضابُ. ومنه تَنَصَّلَ من ذَنْبه : تبرَّأ ، كأنّه خَرَج منه. والنَّصْل : نَصْل السَّيف والسَّهم ، سمِّي به لبُروزه

__________________

(١) فى اللسان : «وفى حديث النبى صلى الله عليه وسلم : لا تسبوا أصحابى ، فإن أحدكم لو أنفق ما فى الأرض جميعا ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه».

(٢) الرجز لسلمة بن الأكوع ، كما سبق فى حواشى (نصف). وأنشده فى اللسان (عجف ، نصف خرف ، قرص ، صرف).

(٣) للمسيب بن علس فى اللسان (نصف). ونسب فى الخزانة (١ : ٥٤٤) إلى الأعشي. وذكر العلامة الميمنى أنها فى نسخة رامبور من ديوان الأعشى.

(٤) لابن ميادة ، كما فى اللسان (نصف).


وصفائه وجَلائه. يقال في تصريف هذه الكلمة : أنْصَلْتُ الرُّمحَ : نَزَعةُ نَصْله. ونَصلتُه : جعَلت له نَصلا. والمُنْصُلَ : السَّيف. قال في أنْصَلْتُ (١) :

تَدارَكَهُ في مُنصِل الأَلِّ بعد ما

مَضَى غَيرَ دَأداءٍ وقد كادَ يعطَبُ (٢)

أراد : رجَب ، كانَ يسمَّى مُنْصِلَ الأَسِنَّة ، لأنَّهم كانوا لا يحاربون فيه. وقال في المُنْصُلَ :

إنِّي امرؤٌ من خير عَبسٍ مَنْصِباً

شَطْرِى وأحمى سائِرِى بالمُنصَلِ (٣)

ومما حُمِل على التَّشبيه : النَّصِيل : ما بين العُنُق والرّأسِ من باطنٍ تحتَ اللَّحيين.

نصا النون والصاد والحرف المعتلّ ـ وهذا المعتلّ أكثرُه واو ـ أصلٌ صحيح يدلُّ على تَخَيُّرٍ وخَطَر في الشّيء وعُلوّ. ومنه النَّصِيَّة من القَوم ومن كلِّ شيءٍ : الخيار. ويقال انتصَيْتُ الشَّيءَ : اخترتُه. وهذه نَصيَّتي : خِيَرتي. ومنه النَّاصية : سمِّيت لارتفاع مَنْبتها. والناصيةُ : قُصَاص الشَّعْر.

وفي تصريف هذه الكلمة : نَصَوْت فلاناً : قبَضْتُ على ناصِيَته. وناصَيْتُهُ : أخَذَ كلٌّ منا بناصيةِ صاحِبه. وَمفازةٌ تُناصِي أخرى ، من هذا ، كأنّها تتَّصل بها كالقابضةِ (٤) على ناصيتها. وهو تشبيه. وانْتَصَى الشّعرُ : طال. وقول عائشة :

__________________

(١) فى الأصل : «فى الصلب» ، تحريف.

(٢) للأعشى فى ديوانه ١٣٨ واللسان (نصل ، ألل ، دأدأ).

(٣) البيت لعنترة فى ديوانه ١٧٨.

(٤) فى الأصل : «بها فى كالقابضة».


«ما لكم تَنْصُون ميّتكم». فإنّها أرادت تمدُّون ناصيتَه ، كأنّها كَرِهَتْ تسريح رأسِ الميّت.

نصب النون والصاد والباء أصلٌ صحيح يدلُّ على إقامةِ شيءٍ وإهدافٍ (١) في استواء. يقال : نصَبتُ الرُّمحَ وغيرَه أنصِبهُ نصباً. وتيسٌ أنْصَبُ ، وعنزٌ نصباءُ ، إذا انتصب قرناها وناقَةٌ نَصْباء : مرتفعة الصَّدر. والنَّصْب : حجرٌ كانَ يُنصَب فيُعبَد ، ويقال هو النُّصُب ، وهو حجرٌ يُنصَب بين يدى الصَّنَم تصبُّ عليه دماءُ الذّبائح للأصنام. والنَّصائب : حجارةٌ تنصَبُ حوالَىْ شَفِير البئر فتجعلُ عضائد.

ومن الباب النَّصَبُ : العَناء ، ومعناه أنَّ الإنسان لا يزال منتصباً حَتَّى يُعييَ. وغبارٌ منتصب : مرتفع. والنَّصيب : الحوض يُنصَب من الحجارة. فأمَّا نِصاب الشّيء فهو أصلُه ؛ وسمِّي نِصاباً لأنَّ نصله إليه يُرفَع ، وفيه يُنصَب ويركّب ، كنصاب* السِّكِّينِ وغيره. والنَّصيب : الحظُّ من الشّيء ، يقال : هذا نَصيبِي ، أي حظِّي. وهو من هذا ، كأنّه الشيءُ الذي رُفِعَ لك وأهْدَف. والنَّصْب : جنسٌ من الغِناء ، ولعلَّه مما يُنصَب ، أي يعلَّى به الصَّوت. وبَلغَ المالُ النِّصاب الذي تجِب فيه الزَّكاة ، كأنّه بلغَ ذلك المبلغَ وارتفعَ إليه. ويقول أهلُ العربيّة في الفتح هو النَّصْب ، كأنّ الكلمة تنتصِب في الفم انتصابا.

نصت النون والصاد والتاء كلمةٌ واحدة تدلُّ على السُّكوت. وأَنصَتَ لاستماعِ الحديث ، ونَصَتَ يَنْصِت. وفي كتاب الله تعالى : (وَأَنْصِتُوا).

__________________

(١) الإهداف : الانتصاب : وفى الأصل : «وإهدام». وانظر ما سيأتى فى س ١٣.


نصح النون والصاد والحاء أصلٌ يدلُّ على ملاءمةٍ بين شيئين وإصلاح لهما. أصلُ ذلك النَّاصح : الخَيّاط. والنِّصاح : الخَيطُ يُخاط به ، والجمع نِصاحات ، وبها شبِّهت الجلود التي تُمدُّ في الدِّباغ على الأرض. قال :

فتَرَى القومَ نَشاوَى كلُّهُمْ

مِثلمَا مُدَّتْ نِصاحاتُ الرُّبَحْ (١)

ومنه النُّصح والنَّصيحة : خِلاف الغِشّ. ونَصَحْتُه أنْصَحُه. وهو ناصح الجيْب لمَثلٍ ، إذا وُصِف بخُلوص العمل والتَّوبة النَّصُوح منه ، كأنّها صحيحةٌ ليس فيها خَرْقٌ ولا ثُلْمَة. ويقال : أنْصَحْتُ الإبلَ ، إذا أرويتَها فنَصَحَت ، أي رَوِيت. وهو من القياس الذي ذكرناه. وناصِحُ العَسَل : ماذِيُّه ، كأنّه الخالص الذي لا يتخلَّله ما يشوبُه. ونصحت له ونَصَحْتُهُ بمعنًى. وقميصٌ مَنصوح : مَخِيط.

نصر النون والصاد والراء أصلٌ صحيح يدلُّ على إتيان خَيرٍ وإيتائه. ونَصَر اللهُ المسلمين : آتاهُم الظّفرَ على عدوِّهم ، ينصرهم نَصْرًا. وانتصر : انتقم ، وهو منه. وأمَّا الإتيانُ فالعرب تقول : نصرت بلَدَ كذا ، إذا أتيتَه. قال الشَّاعر (٢) :

إذا دخَلَ الشّهر الحرامُ فودِّعِي

بلادَ تميم وانصرِي أرض عامرِ

ولذلك يسمى المطرُ نَصْرًا. ونُصِرت الأرضُ ، فهي منصورة. والنَّصْر : العَطاء. قال:

__________________

(١) للأعشى فى ديوانه ١٦٣ واللسان (نصح ، ربح). وقد سبق فى (ربح).

(٢) هو الراعى يخاطب خيلا ، كما فى اللسان (نصر).


إنِّي وأسطارٍ سُطِرْنَ سَطْرَا

لَقَائلٌ يا نصرُ نَصْرًا نَصْرَا (١)

باب النون والضاد وما يثلثهما

نضل النون والضاد واللام : أُصَيلٌ يدلُّ على رمْي ومُراماة. ونَضَلَ فلانًا : راماه بالنِّضال فغَلَبه في ذلك. وهو يُناضِل عن فلانٍ : يتكلَّم عنه بعُذرِه ، كأنَّه يُرامِي دونَه. وانتضَلْتُ سهماً من الكنانة. ويقال استعارةً : انتضَلْتُ رجلاً من القَوم : اخترتُ منهم. وانتضال الإبل : رَمْيُها بأيديها في السَّير. وانتضلوا وتَناضَلوا : رمَوا بالسَّبق. وانتضَلْنا بالكلام والأحاديث ، استعارةٌ من نِضال السَّهم. قال لبيد :

فانتضلنا وابنُ سَلْمَى قاعدٌ

كعَتِيق الطير يُغْضِى ويُجَلّ (٢)

نضا النون والضاد والحرف المعتلّ وأكثره الواو : أصلٌ صحيح يدلُّ على سَرْيِ الشَّيء(٣) وتدقِيقه وتجريده. منه نَضَا السَّيفَ من غِمْده. ونَضَا السّهمُ : مضى. ونَضَا الفرسُ الخيلَ : سبَقَها ، كأنَّه انجرد ممَّا بينها. ونضا الحِنَّاءُ عن اليد : ذهب. ونَضَوْتُ ثوبِي: ألقيتُه عَنِّي. قال امرؤ القيس :

فجِئتُ وقد نَضَتْ لنومٍ ثيابَها

لدى السِّتْر إلَّا لِبْسةَ المتفضِّلِ

__________________

(١) لرؤبة بن العجاج فى ملحقات ديوانه ١٧٤ واللسان والصحاح (نصر) وسيبويه (١ : ٣٠٤) والخزانة (١ : ٣٢٥). وقال صاحبا العباب والقاموس : صواب روايته : «يا نضر» بالضاد المعجمة ، وهو حاجب نصر بن سيار.

(٢) ديوان لبيد ص ١٦ طبع ١٨٨١ والبيان (١ : ٢٦٦).

(٣) السرى : الكشف ، يقال سرى عنه الثوب سريا : كشفه ، والواو أعلى.


والنِّضْو من الإبل : الذي أنضَتْه الأسفار : كأنّه برَتْه وجرَّدَتْه من اللحم. وأنْضَى الرّجُل : أصبَحَ بعيرُه نِضْوًا. ومنه أنْضَيتُ الشَّيء : أخلَقْته. ونِضْوُ اللِّجام : حدائده بلا سُيور. ونَضِيُ السَّهم : قِدْحُه ، وهو ما جاوز الرِّيشَ إلى النَّصْل ، وذلك لأنّه بُرِىَ حتَّى صار نِضْوًا. ونَضِيُ الرُّمح : ما فوق المَقْبِض من صدره. والنَّضِيُ : مُنْتَصَب العُنُق ، وهو على معنى التَّشبيه ، والجمع أنضِيَة. قال :

* وطُولِ أنْضِيَة الأعناقِ واللِّمَمِ (١) *

نضب النون والضاد والباء كلمةٌ تدلُّ على انكشاف شيء* وذهابه. ونضب الماءُ : بَعُدَ ، نضوباً. ونَضَبت المفازةُ ، كأنَّها انجردت. وخَرْقٌ ناضب : بعيد.

وشذَّ عنه التَّنْضَب : شَجَر.

نضج النون والضاد والجيم أصلٌ يدلُّ على بلوغ النهاية في طَبخِ الشَّيء ، ثم يستعار في كلِّ شيءٍ بلَغَ مدى الإحكام. ونَضِجَ التَّمْر واللَّحمُ نُضْجًا ، وأنضَجْتُه أنا. وأنضَجَتْه الشَّمسُ إنضاجاً. ويستعار هذا فيقال : هو نَضِيج الرَّأْي : مُحكَمُه. والنَّاقة إذا جاوزَتْ وقتَ وِلادِها ولم تَلِد نَضَّجَت ، وهي مَنَضّجٌ ، وهنّ مُنَضِّجات. قال :

__________________

(١) لليلى الأخيلية ، ويروى للشمردل بن شريك اليربوعى. اللسان (نضى) والحيوان (٣ : ٩١) والكامل ٣٥ وأمالى القالى (١ : ٢٣٨) والعقد (٦ : ٢٢٨). وصدره :

يشبهون ملوكا في تجلتهم


هو ابنُ مُنَضِّجات كُنَّ قِدْمًا

يَزِدْنَ على العديد قُرابَ شَهْرِ (١)

نضح النون والضاد والحاء أصلٌ يدلُّ على شيءٍ يُندَّى ، وماء يُرشّ. فالنَّضْح : رشُّ الماء. ونَضَحتُه. قال أهلُ اللُّغة : يقال لكلِّ مارقَّ : نضْحٌ. وهذا هو القياس الذي ذكرناه ، لأنَّ الرَّشَّ رقيق. يقال : نَضَحت البيتَ بالماء. ونَضَح جِلدُه بالعَرَق. والسَّانية ناضحٌ. ونَضَحوهم بالنَّبْل ، وهذا على جهة التَّشبيه. ونَضَح عن نفسه ، كأنَّه رامَى عنها بالحُجّة. وفي الحديث : «انْضَحُوا عَنَّا الخَيل لا نُؤْتَى مِن خَلْفِنا». أي ارمُوهم بالنُّشّاب. والنَّضيح والنَّضَح : الحوض ، لأنّه يُنضَح بالماء. ونَضَحَ الغضا : تَفَطَّر ، وكأنَّ سُقوطَ نَورِه يشبَّه بنَضْح الماء. قال أبو طالب :

بُورِك الميِّت الغريب كما بو

رِكَ نَضْحُ الرُّمّان والزَّيتونُ (٢)

قال ابنُ الأعرابىِّ : سمِّي الحوضُ نضيحاً لأنّه يَنضَح عطَشَ الإبل ، أي يبُلُّه. قال الخليل : والرّجُل يُقرَف بأمرٍ فيَنْتَضحُ منه ، إذا أظهَرَ البراءَةَ وبرَّأَ نفسَه منه جَهْدَه.

نضخ النون والضاد والخاء قريبٌ من الذي قبله ، إلّا أنّه أكثر منه (٣). يقولون : النَّضْخ كاللّطْخ من الشّيء يبقى له أثَر. ونَضَخ ثوبَه بالطِّيب. وغَيثٌ نضّاخٌ : غزير. وعينٌ نضّاخة : كثيرة الماء.

__________________

(١) للراعى كما فى اللسان (نضج) ، وأنشده فى المجمل.

(٢) ديوان أبى طالب ٧ مخطوطة الشنقيطى واللسان (نضج). وروى القصيدة مرفوع ، وضبط فى اللسان بالكسر حطأ.

(٣) فى الأصل : «من الذى».


نضد النون والضاء والدال أصلٌ صحيح يدلُّ على ضَمّ شيءٍ إلى شيءٍ في اتِّساقٍ وجمعٍ ، منتصبًا أو عريضا. ونَضَدْتُ الشيءَ بعضَه إلى بعضٍ متَّسقًا أو مِن فَوق. والنَّضَد : المنضود من الثِّياب. قال النابغة :

خَلَّتْ سبيلَ أَتِىٍّ كان يحبسُه

ورفَّعْته إلى السَّجْفَينِ فالنَّضَدِ (١)

والنَّضَد : السَّرِيرُ يُنضَد عليه المتاع. وأنْضاد الجِبال : جنادلُ بعضُها فوق بعض. والنَّضَد من السَّحاب كالصَّبير ، يكون بعضُه إلى بعض ، والجمع أنضاد. وأنضادُ القوم : جماعاتهم وعَدَدُهم. ونَضَدُ الرَّجُلِ : أعمامُه وأخوالُه الذين يتجمَّعون لنُصرته. والنَّضَد : الشَّرَف. ونَضائد الدِّيباج : جمع نَضِيدة ، وهي الوِسادةُ وما حُشِىَ من المَتَاع. قال ابن دريد(٢) : وما نُضِد بعضُه على بعضٍ فهو نَضِيد.

نضر النون والضاد والراء أصلٌ صحيح يدلُّ على حُسنٍ وجمالٍ وخُلوص. منه النَّضْرة: حُسْن اللَّون ، ونَضِرَ يَنْضُر. ونَضَّر اللهُ وجهَه : حسَّنَه ونوَّره. وفي الحديث : «نضَّر الله امرأً سمِعَ مقالتى فوعاها». وأخْضَرُ ناضرٌ. ويقال هذا في [كُلِ] مشرقٍ حَسَن. قال الله تعالى : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ). والنَّضير : الذَّهب ، لحُسنِه وخلوصه. قال :

إذا جُرِّدَت يومًا حسِبْتَ خَمِيصةً

عليها وجِريانَ النَّضير الدُّلامِصا (٣)

وقَدَحٌ نُضَارٌ : اتُّخِذ من أثْلٍ يكون بالغَوْر ، ولعلَّه أن يكون حَسَنًا.

__________________

(١) ديوان النابغة ١٧ واللسان (نضد).

(٢) الجمهرة (٢ : ٢٧٧).

(٣) للأعشى فى ديوانه ١٠٨ واللسان (نضر).


باب النون والطاء وما يثلثهما

نطع النون والطاء والعين أصلٌ يدلُّ على بَسطٍ في شيء ومَلَاسَة. منه النِّطْع ، ويقال له النَّطْع (١) ، وهو مبسوطٌ أملس. والنَّطع (٢) : ما ظهر من غار الفَمِ الأعلى. وهو كذلك. والتنطُّع في الكلام : التعمُّق ، وهو قياسُه لأنّه يتبسَّط فيه. ويُستعار فيقال : تنَطّع الصانعُ في صنعته : أظهَرَ حِذْقَه.

نطف النون والطاء والفاء أصلان* أحدهما جنسٌ من الحَلْي ، والآخَر نُدُوَّة وبَلَل ، ثم يستعار ويُتوسَّع فيه.

فالأوَّل : النَّطَف. يقال هو اللُّؤلؤ ، الواحدة نَطَفة (٣). ويقال : بل النَّطَفَ : القِرَطَة.

والأصل الآخر النُّطْفة : الماء الصافي. وليلةٌ نَطوفٌ : مَطَرَتْ حتَّى الصبَّاح. والنِّطَاف: العرَق. ثم يستعار هذا فيقال النَّطَف : التّلطُّخ. ولا يكاد يُقال إلا في القبيح والعَيب. ويقال نَطِفٌ ، أي مَعِيب. ونَطِفَ الشَّيء : فَسَد.

نطق النون والطاء والقاف أصلانِ صحيحان : أحدهما كلام أو ما أشبهه ، والآخَر جنسٌ من اللِّباس.

__________________

(١) كذا ضبطت الكلمتان فى الأصل والمجمل. لكن فيها أربع لعات ، يضاف إلى هاتين اللغتين : النطع ، بالتحريك ، والنطع كعنب ، كما فى اللسان والقاموس.

(٢) وهذا أيضاً فيه لغات سابقه.

(٣) ويقال أيضاً «نطفة» كهمزة ، ويجمع هذا على نطف كغرف.


الأوَّل المَنْطِق ، ونَطَق يَنطِق نُطْقًا. ويكون هذا لما لا نفهمه نحن. قال الله تعالى في قِصّة سليمان : (عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ).

والآخَر النِّطاق : إزارٌ فيه تِكَّة. وتسمَّى الخاصرة : الناطقة ، لأنَّها بموضع النِّطاق. ويقال للشَّاة التي يُعْلَمُ عليها في موضِع النِّطاق بحُمْرَة : منَطَّقة. وذات النِّطاق : أكَمَةٌ لهم. والمِنْطَق : كلُّ ما شَدَدتَ به وَسَطك. والمِنْطَقة : اسمٌ لشيء بعينه. وجاء فلانٌ منتطِقًا فرسَه ، إذا جانَبَه ولم يركبْه ، كأنّه عِندَ النِّطاق منه ، إذْ كان بجَنْبه. فأمَّا قولُه :

أبْرَحُ ما أدَامَ اللهُ قَومي

على الأعداءِ منتطقًا مُجِيدا (١)

فقد قال قومٌ : أراد به هذا ، وأنَّه لا يزال يَجنُبُ فرساً جوادا. ويقال هو من الباب الأوَّل ، أي منتطقٌ قائلٌ مَنْطِقًا في الثَّناء على قومى.

ويقولون ـ وهو من الثَّانى ـ «منْ يَطُلْ ذَيلُ أبيه ينتطِقْ به (٢)». وهو مثلٌ ، أي من كَثُر بنو أبيه أعانُوه.

نطل النون والطاء واللام كلمةٌ واحدة. يقولون : النَّاطِل : مكيالُ من مَكاييل الخمر. ويقال : بل النَّاطِل : الفَضْلةُ تَبقَى في الإناء من الشَّراب. وهو أشْبَهُ بقوله :

__________________

(١) كذا ورد البيت بالخرم فى الأصل ، وأنشده تاما فى المجمل : «وأبرح». وهو لخداش بن زهير ، كما سبق فى حواشى (برح).

(٢) وكذا ورد بهذه الكناية فى المجمل. وفى اللسان : «أير أبيه» ، مع نسبة المثل إلى على بن أبى طالب. وعند الميدانى : «هن أبيه». وروى الميدانى أيضاً : «من يطل ذيله ينتطق به».


ولو أنَّ ما عندَ ابن بُجْرَةَ عندها

من الخمر لم تَبْلُلْ لَهَاتِى بناطلِ (١)

ويقولون إن كان صحيحًا : إن النَّيْطَل : الدَّلو ، والدَّاهية.

نطي النون والطاء والحرف المعتلّ كلمةٌ تدلُّ على تباعُدٍ في الشَّيء وتطاوُل. وأرضٌ نَطِيَّةٌ : بعيدة. قال امرؤ القيس :

تَرَوَّحَ من أرضٍ لأرضٍ نَطيّة

لذكرةِ قَيض حولَ بيض مُفَلَّقِ (٢)

وأنْطَاه ، إذا أعطاه. ومَن أعطى أحداً شيئًا فقد جَعلَ الشّيءَ عن نفسه بعيداً. ويحتمل أنّه من باب الإبدال ، من الإعطاء.

وممّا حُمِل على هذا : لا تُنَاطِ الرِّجَال ، أي لا تَمَرَّسْ بهم وتطاوِلْهُم العداوَةَ.

نطح النون والطاء والحاء أصلٌ واحد. وهو نَطَح. يقال : نَطَح الكبشُ يَنْطِحُ : ويحمَل عليه فيقال للوحشىِّ إذا أتاكَ مستقبلاً لك : نطيحٌ وناطِح. ويقولون : إنّه لا يُتَبرَّك به ، ولذلك يقال للمشئوم : نَطِيح. وفرسٌ نَطيحٌ : يأخذُ فودَىْ رأسِه بياض.

ومن الباب نَوَاطِحُ لدَّهر ، أي شدائده. وأصابَهُ ناطحٌ : أمر شديد. وقياس كلّ واحد. ويقال للشَّرَطَينِ : النَّطْحُ والنّاطح. وقولهم :

* الليلُ داجٍ والكباشُ تَنْتطِحْ (٣) *

أي ينطَح بعضُها بعضا. وهذا عبارةٌ عن اقتتال الأبطال ، واصطِدام الكُماة. وتناطَحت الأمواج والسُّيولُ والرِّجالُ في الحرب.

__________________

(١) لأبى ذؤيب الهذلى فى ديوان الهذليين (١ : ١٤٤) ، واللسان (نطل). وأنشد فى المجمل كذلك.

(٢) ديوان امرئ القيس برواية الطوسى وخرابنداذ ، نسختى دار الكتب.

(٣) أنشده فى اللسان (نطح).


نطس النون والطاء والسين كلمتانِ متباينتان لا يرجعانِ إلى قياسٍ واحد. التَّنطُّس ، وهو التقذُّر والتقزُّز. ومنه حديث عمر لما خَرجَ من الخلاء ، قيل له : ألا تتوضّأ؟ فقال : «لو لا التَّنَطُّس ما باليتُ ألّا أَغْسِلَ يَدىَّ».

والكلمةُ الأخرى النَّطِيس (١) والنِّطاسيّ : العالم. وتَنَطَّسْتُ الأخبار : تجَسَّستُها.

نطش النون والطاء والشين أصلٌ يدلُّ على حركةٍ وقُوّة. يقولون : النَّطْش : شِدَّة الْجَبْلَة. وما به نَطِيشٌ ، أي قُوّة. قال ابنُ دريد (٢) : قولهم : عَطْشانُ نَطْشان ، من قولهم : ما به نَطِيش ، أي حَرَكة.

باب النون والظاء وما يثلثهما

نظف النون والظاء والفاء كلمة واحدة ، وهي قولهم : شيءٌ نظيف : نقىٌّ ، بيِّن النظافة. وقد* نَظُف ينظُف. واستنظَفْتُ ما عند فلانٍ : استوفيتُه وأخذتُه كلَّه. ونظَّفتُه : نقّيته ، تنظيفًا.

نظم النون والظاء والميم : أصلٌ يدلُّ على تأليف شيءٍ وتأليفه (٣). ونَظَمْتُ الخرَزَ نَظْمًا ، ونَظَمْتُ الشِّعْرَ وغيره. والنِّظام : الخَيط يَجمَع الخَرَز. والنِّظامانِ من الضَّبِّ : كُشْيَتَانِ من جَنبيه ، منظومانِ من أصل الذَّنَب إلى الأُذُن.

__________________

(١) ويقال نطيس كسكيت أيضا.

(٢) الجمهرة (٣ : ٤٢٩) فى (باب جمهرة من الإتباع).

(٣) كذا وردت هذه الكلمة ، ولعلها «وتكثيفه».


وأنْظَمَتِ الدّجاجةُ : صار في جَوفها بَيض. ويقال لكواكب الجوزاء : نَظمٌ. وجاءنا نظْمٌ من جَرادٍ : أي كَثير.

نظر النون والظاء والراء أصلٌ صحيح يرجع فروعُه إلى معنًى واحد وهو تأمُّلُ الشّيْءِ ومعاينتُه ، ثم يُستعار ويُتَّسَع فيه. فيقال : نظرت إلى الشّيءِ أنظُر إليه ، إذا عاينْتَه. وحَىٌّ حِلَالٌ نَظَرٌ : متجاوِرون ينظُرُ بعضُهم إلى بعض. ويقولون : نَظَرتُه ، أي انتظرته. وهو ذلك القياس ، كأنّه ينظر إلى الوقت الذي يأتي فيه. قال :

فإنّكُما إن تَنْظُرَانِي ليلةً

من الدَّهر ينفَعْني لدى أمِّ جُندَبِ (١)

ومن باب المجاز والاتِّساع قولُهم : نظَرَتِ الأرضُ : أرَتْ نَباتَها (٢). وهذا هو [القياس. و] يقولون : نَظَرَت بعَينٍ. ومنه نَظرَ الدهرُ إلى بني فلانٍ فأهلكَهم. [و] هذا نظيرُ هذا ، من هذا القياس ؛ أي إنّه إذا نُظِرَ إليه وإلى نَظِيرِهِ كانا سواءً. وبه نَظْرَةٌ ، أي شُحوب ، كأنّه شيءٌ نُظِرَ إليه فشَحَب لونُه. والله أعلمُ بالصَّواب.

باب النون والعين وما يثلثهما

نعف النون والعين والفاء كلمةٌ تدلُّ على ارتفاعٍ فى شيءٍ. منه النَّعْف : مكانٌ مرتفع في اعتراض. والنَّعْفة : ذُؤابة الرَّحْل ، سمِّيت لأنها سامية.

__________________

(١) لامرئ القيس فى ديوانه ٧٣ ، ويروى : ساعة من الدهر تنفعني أى ينفعنى الانتظار.

(٢) فى المجمل : «إذا أرت العين نباتها».


وانتَعَفَ الرَّجُل الشيءَ ، إذا تركهُ إلى غيرِه ، كأنّه سَمَا بنفسه عنه.

ومن الكلمة الأولى ناعَفْتُ (١) الرّجُل : عارضتُه. وتَنَعَّفَ (٢) الرّجُلُ : ارتقَى نَعْفا.

نعق النون والعين والقاف كلمةٌ تدلُّ على صَوت. ونعَق الراعى بالغَنَم يَنْعَق ويَنْعِق ، إذا صاح بهِ زجراً ، نعيقا.

نعل النون والعين واللام أُصَيلٌ يدلُّ على اطمئنانٍ فى الشيء وتسفُّل. منه النَّعْل المعروفة ، لأنها في أسفل القَدَم. ورجلٌ ناعل ذو نعل ، ومُنْتَعِلٌ أيضًا. وأنْعَلْتُ الدّابّة. ولا يقال نَعَلْتُ. وحِمار الوحشِ ناعلٌ لصَلابةِ حافرِه. والنَّعْلُ للسَّيفِ : ما يكون أسفَلَ قِرَابِهِ (٣) من حديدٍ ، أو فِضّة. [قال] :

ترى سَيفَه لا يَنصُفُ السّاقَ نعلُهُ

أجَلْ [لا] وإنْ كانت طِوالاً مَحامِلُه (٤)

وفرسٌ مُنْعَلٌ : بياضُه في أسفل رُسْغِه على الأشْعَر لا يَعدُوه. والنَّعْل : عَقَبٌ يُلْبَسُ ظَهْرَ السِّيَةِ من القوس. والنَّعل من الأرض : موضعٌ ، يقال هي الْحَرَّة ، ويقال إنّه لا يُنبِتُ شيئًا. قال الخليل : والنَّعل : الذّليل من الرِّجال الذي يُوطَأ كما يُوطَأ النَّعل.

__________________

(١) فى الأصل : «اعفته» ، صوابه فى المجمل.

(٢) الذى فى اللسان والقاموس : «انتعف».

(٣) فى الأصل : «أسفل أو قرابه» ، تحريف.

(٤) روى لابن ميادة فى اللسان (نصف) ، ولذى الرمة فى ديوانه ٤٧٥ واللسان (نعل) يمدح المهاجر بن عبد الله الكلابى والى اليمامة. وقد سبق فى (نصف).


نعم النون والعين والميم فروعُه كثيرة ، وعندنا أنّها على كثرتها راجعةٌ إلى أصلٍ واحدٍ يدلُّ على ترفُّهٍ وطِيب عيش وصلاح. منه النِّعمة : ما يُنعِم الله تعالى على عبدِه به من مالٍ وعيش. يقال : للهِ تعالى عليه نِعمة. والنِّعمة : المِنَّة ، وكذا النَّعْماء. والنَّعْمة : التنعُّمُ وطيبُ العيش. قال الله تعالى : (وَنَعْمَةٍ كانُوا فِيها فاكِهِينَ). والنُّعامَى : الرِّيح اللَّيِّنة. والنَّعَم : الإبل ، لما فيه من الخَيْر والنِّعمة. قال الفرّاء : النَّعم ذَكَرٌ لا يؤنَّثُ فيقولون : هذا نَعَمٌ وارِدٌ ؛ وتُجمَع أنعامًا. والأنعام : البهائم ، وهو ذلك القياس. والنَّعامة معروفة. لنَعْمةِ رِيشِها. وعلى معنى التَّشبيه النَّعامة ، وهي كالظُّلَّة تُجعَل على رءوس الجبل ، يستظلُّ بها. قال:

لا شَيءَ في رَيدِها إلَّا نَعامَتُها

منها هزيمٌ ومنها قائمٌ باقِ (١)

ويقولون : نَعَمْ ونُعْمَى عَينٍ ، ونُعْمَةَ عين (٢) ، أي قُرّةَ عين. ونَعِم الشَّيءُ من النَّعْمَة.* وقد نَعَّم فلانٌ أولادَه : تَرَّفهم. ويقولون : ابنُ النَّعامة : صَدْرُ القَدَم. قال :

* فَيكُونُ مَركبُكَ القَعودَ ورَحْلَهُ

وابن النَّعامةِ يوم ذلكِ مَركِبى (٣)

وسمِّي به لأنَّه مكانٌ ليِّن ناعم. وتنعَّمَ الرّجلُ : مشَى حافيًا. ويعبَّر عن الجماعة بالنَّعامة فيقال. شَالَتْ نعامتُهم ، إذا تفرقوا (٤). وهذا على معنى التَّشبيه ، أي كما تطير النّعامةُ فقد تفرَّقوا هؤلاء. ويقولون. أتيتُ أرضَ بني فُلانٍ فَتَنَعَّمَتْنِي

__________________

(١) وكذا ورد فى اللسان (نعم) بدون نسبة. والبيت لتأبط شرا فى المفضليات (١ : ٢٨).

(٢) فيه لغات أخرى كثيرة ذكرت فى اللسان والقاموس.

(٣) لعنترة فى ديوانه واللسان (نعم).

(٤) فى الأصل : «إذا مروا» ، صوابه من المجمل ومما سيأتى بعد.


إذا وافَقَتْهُ. ونِعْمَ : ضدُّ بئْسَ. ويقولون : إنْ فعلت ذاكَ فَبِها ونِعْمَتْ ، أي نِعْمَت الْخَصْلة هي.

ومن الباب قولهم : نَعَمْ ، جواب الواجب ، ضدُّ لا ، وهي أيضاً من النّعمة. وعلى معنى التَّشبيه النَّعائم : كوكب. والنَّعائم ، خَشَبات يُنصَبْنَ على الرَّكِىّ تُعلَّق إليهنَّ القَامةُ ، إذا لم تكنْ للرَّكِىِّ زَرَانيق. ويقال : إنَّ شقائق النُّعمان حماه ابنُ المنذِر فنُسِبَ إليه. ويقال : بل النّعمان هاهنا : الدَّم. والأوَّلُ أشبه. قال ابن دريد (١) : «تنعَّمْتُ زيداً : طلبتُه» ، كأنّه أراد : أَعْمَلَ إليه نَعامَتَه ، وهي باطن قَدمِهِ. ويقولون : نَعِمَ اللهُ بك عيناً ، [ونَعِمَكَ عيناً(٢)]، بمعنى.

نعي النون والعين والحرف المعتلّ : أصلٌ صحيح يدلُّ على إشاعةِ شيء. منه النَّعِيُ : خبَرُ الموت (٣) ، وكذا الآتى بخَبرِ المَوْت يقال له نَعِيٌ أيضًا. ويقال : نَعَاءِ فلانًا ، أي انْعَه. قال :

نَعَاء جُذامًا غير موتٍ ولا قَتْلِ

ولكنْ فراقًا للدَّعائمِ والأصلِ (٤)

ومن الباب : هو يَنْعَى على فلانٍ ، إذا وبَّخَه ، كأنَّه يُشِيعُ عليه ذنوبَه. وهو يستَنْعي الظِّباء : يدعوها ، يتقدَّمُها فَتَتْبعُه. واستنعَيتُ القوم ، إذا تقدّمتَهم ليتْبَعوك ، وهذا على إشاعة الصَّوت بالدُّعاء. ويقال : شاعَ ذِكرُ فلانٍ واستَنْعَى بمعنًى. قال الأصمعىّ : استَنْعَى ، بفلانٍ الشَّرّ ، أي تَتابَعَ به الشّرّ. واستَنْعَى به

__________________

(١) الجمهرة (٣ : ٤٥٤) فى (باب من النوادر).

(٢) التكملة من المجمل.

(٣) ويقال فيه النعى أيضاً سكون العين.

(٤) للكميت فى إصلاح المنطق ٢٠١ واللسان (نعا). وفى إصلاح المنطق : «غير هلك».


[حُبُ] الخَمْر (١) : تمادَى به. ومعنى هذا أنَّ الخمر كأنَّها دعَتْه وصوَّتَتْ به فتبِعَها.

نعب النون والعين والباء : أصلان صحيحان : أحدُهما يدلُّ على صوتٍ ، والآخرُ على حركةٍ من الحركات.

فالأوَّل نَعَبَ الغراب : صَوَّتَ ، نَعْبًا ونَعيبًا ونَعَبَانًا.

والآخر فَرسٌ مِنْعَبٌ : جواد. وناقة نَعّابة : سريعة. ويقال : النَّعْب : أن تحرِّكَ رأسَها في مَشيها إلى قُدّامِها. وهي ناقَةٌ نَعُوب.

نعت النون والعين والتاء : كلمةٌ واحدة ، وهي النَّعْت ، وهو وَصْفُك الشيءَ بما فيه من حُسْن. كذا قاله الخليل ، إلَّا أن يتكلَّفَ متكلِّف فيقول : ذا نَعْتُ سَوءٍ. قال : وكلُّ شيءٍ جيِّدٍ بالغٍ نعتٌ. وناعِتُونَ : مكانٌ (٢).

نعج النون والعين والجيم : أصلٌ صحيح يدلُّ على لونٍ من الألوان. منه النَّعَج : البَياضُ الخالص. وجَملٌ ناعج ؛ حسنُ اللَّون كريم. ومنه النَّعْجة من الضَّأن ، ويكون من بَقَر الوحش ومِن شاءِ الجَبَل. يقال لإناثِ هذه الأجناس نِعَاج. ونعاجُ الرّمْلِ : البَقَر. ونَعِجَ الرَّجُل : أكل لحمَ نعجةٍ فأُتْخِمَ عنه. قال :

كأنَّ القَومَ عُشّوا لحمَ ضانٍ

فهُمْ نَعِجُون قد مالت طُلاهمْ (٣)

وأنعَجُوا : سمِنَت نِعاجُهم. أمّا نَوَاعج الإبل ، فيقال هي السِّراع. وعندنا

__________________

(١) فى الأصل : «الخير» ، وتصحيحه والتكملة قبله من المجمل.

(٢) منه قول عوف بن الخرع :

يحمران أو بقفا ناهتين

أو المستوى إذ علون الستارا

(٣) فى الأصل : «عجوا نعج» تحريف. والبيت لذى الرمة كما فى اللسان (نعج). وانظر الحيوان (٤ : ٣٠١ / ٥ : ٤٧٩) والمخصص (٥ : ٨٠) وفقه اللغة ١٣٩.


أنَّها الكرائم ، لما ذكرناه من القياس. وامرأةٌ ناعجة : حسنة اللَّون. والنَّاعجة من الأرض : السَّهلة المستوِية ، وهي مَكْرُمَة للنَّبات ، تُنبِت الرِّمث وأطَايبَ العُشْب.

نعر النون والعين والراء : أصلانِ مُتقارِبان : أحدهما صوتٌ من الأصوات ، والآخر حركةٌ من الحركات.

فالأوَّل نَعَرَ الرّجُل ، وهو صَوتٌ من الخيشوم. وجُرْحٌ نَعَّارٌ ونَعور ، إذا صَوَّتَ دمُه عِند خُروجِه منه. والنَّاعور : ضربٌ من الدِّلاء يُستقَى به ، سمِّي لصوته.

والثاني نَعَرَ في الفِتنة : سعَى وجاءَ وذهبَ. وهو نَعَّارٌ في الفِتَن : سَعَّاء. ونَعَر في البلاد : ذهب. وهو نَعِير الهَمِّ : بَعيدُه. وإنَّ في رأسه نُعْرَةً (١) ، أي نَخوةً وتكبُّرا ، ورُكوبَ رأسٍ ، يمضي به على جَهله. والنُّعَرة : ذبابٌ يقعُ* في أُنوف البَعير والخيل ويمكن أنّها سمِّيت لنَعيرِها ، أي صوتِها. ونَعِرَ الخمارُ ، وهو نَعِرٌ. وأمّا قولُه :

* والشَّدَنيّات يُساقِطْن النُّعَرْ (٢) *

فإنَّه شبَّه أجِنَّتَها في أرحامها بذلك الذُّباب. وأنْعَرَ الأراكُ : أثْمر ، وكأنَ

__________________

(١) ويقال : «نعرة» أيضا بالتحريك.

(٢) للعجاج فى ديوانه ١٧ واللسان (نعر) وإصلاح المنطق ٤٣١ والمخصص (١ : ٢٠ ، ٥٥ ، ١٠٢).


ثمرَه شُبِّه بالنُّعَر. ويمكن أنَّ الأصلَ في جميعها الأوّل. والنَّعَّار في الفِتَن يَسعَى فيها ويُصوِّت بالنَّاس.

نعس النون والعين والسين أُصَيلٌ يدلّ على وَسَن. ونَعَس يَنْعَسُ (١) نُعاسًا. وناقةٌ نَعُوسٌ ، تُوصَف بالسَّماحة بالدّرّ ، لأنَّها إذا دَرَّت نَعَست. قال :

نَعوسٌ إذا درّت جَروزٌ إذا شَتَتْ

بُويزلُ عامٍ أو سديسٌ كبازِلِ (٢)

نعش النون والعين والشين أصلٌ صحيح يدلُّ على رَفعٍ وارتفاع. قال الخليل : النَّعْش: سَرير الميّت ، كذا تعرفه العرب. وميِّتٌ منعوشٌ : محمولٌ على النَّعش. وانتَعَش الطّائر : نهض عن عَثرته. يقال : نَعَشَه اللهُ وأنعَشَه. قال ابن السِّكِّيت : لا يقال أنْعَشَه. وبناتُ نعشٍ : كواكب. وهذا تشبيه. قال : أبو بكر (٣) : النَّعش شبه مِحَفَّةٍ يُحمَل عليه المَلِك إذا مَرِض ، ليس بنَعْشِ الميّت.

وأَنْشَد :

ألَمْ ترَ خيرَ النَّاسِ أصبَحَ نعشُه

على فِتيةٍ قد جاوَزَ الحىَّ سائرا (٤)

__________________

(١) من باب قتل ، كما فى المصباح ، والبصائر لصاحب القاموس ، ومن باب منع كما فى القاموس. وضبط فى اللسان بضم عين المضارع.

(٢) فى الأصل : «جزور» ، تحريف. صوابه فى المجمل واللسان والبيت للراعى كما فى اللسان (نعس).

(٣) فى الجمهرة (٢ : ٦٢).

(٤) للنابغة الذبيانى. ديوانه ٣٩ واللسان والجمهرة (نعش).


ثمَّ يقول :

* ونحن لديه نسألُ اللهَ خُلْدَه (١) *

فهذل يدلُّ على أنَّه ليس بميِّت.

نعض النون والعين والضاد. يقولون : النُّعْض : نبت (٢).

نعط النون والعين والطاء. يقولون : ناعِط : حىٌّ من هَمْدان.

نعظ النون والعين والظاء. يقولون : نَعَظَ الرّجلُ يَنْعَظُ نَعْظًا ونُعوظًا (٣) : تحرَّك ما عِندَه.

باب النون والغين وما يثلثهما

نغق النون والغين والقاف. ليس فيه إلَّا نَغَقَ الغُرابُ نَغِيقًا. وحكى بعضُهم : ناقةٌ نَغِيقٌ ، وهي التي تَبْغِمُ بُعَيداتِ بَين ، أي مَرَّةً بعد مرّة.

نغل النون والغين واللام كلمةٌ تدلُّ على فسادٍ وإفساد. النَّغِل : الأديم الفاسد. يقولون: «وقد يُرْقَع النَّغِل». يقال إن النَّغَل (٤) : الإفساد بين القوم والنَّميمةُ.

__________________

(١) عجزه فى المراجع المتقدمة :

يرد لنا ملكا وللأرض عامرا

(٢) زاد فى المجمل : «ينبت بالحجاز» ، ونحوه فى اللسان.

(٣) ومثله أنعظ إنعاظا. وقد اقتصر على هذا الأخير فى المجمل.

(٤) بفتح الغين ، كما فى المجمل واللسان.


نغم النون والغين والميم ليس إلَّا النَّغْمة : جَرْس الكَلام وحُسْن الصَّوت بالقِراءةِ وغيرها. وهو النَّغْم (١). وتَنَغّم الإنسانُ بالغِناء ونحوِه.

نغي النون والغين والحرف المعتلّ كلمةٌ تدلُّ على كلامٍ طيّب. يقولون : هو ينَاغِي الصّبِىَّ : يكلِّمهُ بما يسرُّه ويُجْذِلُه من الكلام. ومنه : كلَّمته فَمَا نَغَى بحرف. وسمِعْت نَغْية. قال :

* لما أتانِي نَغْيةٌ كالشُّهدِ (٢) *

ومنه جبلٌ يناغِي السَّماء ، كأنَّه داناها فهو يكلِّمها. والمُناغاة المُغازَلة.

نغب النون والغين والباء كلمةٌ واحدة ، هي النُّغْبة : الجُرْعة. ونَغَبت ، إذا جَرَعْتَ ، والجمع نُغَب. قال ذو الرّمّة يصف حميراً وردت ماءً فلم تَرْوَ :

حَتَّى إذا زَلَجَتْ عن كلِّ حنجرةٍ

إلى الغَليل ولم يَقْصَعْنَهُ نُغَبُ (٣)

نغر النون والغين والراء أصلٌ يدلُّ على غَلَيانٍ واغتياظ. ونَغِرَت القدرُ (٤) : غَلَتْ. ونَغِر الرّجلُ : اغتاظ. ومنه قول المرأة في حديث علىٍ

__________________

(١) ويقال النغم أيضا بالتحريك.

(٢) لأبى نخيلة ، كما فى المجمل واللسان (نغى) وإصلاح المنطق ٦٤٤ برواية «لما أتتنى». فى جميعها. وفى اللسان : «يعنى ولاية بعض ولد عبد الملك بن مروان. قال ابن سيده : أظنه هشاما».

(٣) ديوان ذى الرمة ١٦ واللسان (نغب).

(٤) بابه فرح ، وضرب ، ومنع ، فى جميع معانيه.


عليه السلام : «رُدُّونى إلى أهلي غَيْرَ نَغِرة». ونَغَرت النّاقةُ : ضَمَّت مُؤَخَّرها ومضَتْ ، كأنّها اغتاظت من شيء فمضَتْ لوجهها وهو يتنغَّر علينا ، أي يتنكَّر (١). وهو من الأوّل. وفِراخُ العصافير يقال لها النَّغَر ولعلَّ ذلك لصوتها المتدارِك ، الواحدة نُغَرة ، والذّكَر نُغَر ، والجمع نُغْران. قال :

يَحْمِلنَ أوعيةَ المُدامِ كأنما

يحمِلْنَها بأكارع النُّغْرانِ (٢)

يصف عناقيدَ العِنب.

نغش النون والغين والشين كلمةٌ تدلُّ على اضطرابٍ وحركة. منه النَّغَشان : الاضطراب. ويقال : دارٌ تَنْتَغِشُ ، لكثرة مَن فيها. ويقال النُّغاشِيُ (٣) : الرّجلُ القَصير.

نغص النون والغين والصاد كلمةٌ تدل على القطع عن المُرادِ. ونَغِصَ الرجل : لم يتمَّ له مراده ، ونُغِّص عليه. والنَّغَصْ يقولون : هو أن تورد إبلَكَ الحوض فإذا شرِبَتْ صرفْتَها وأورَدْتَ مكانها غيرها. وعندنا أنَ النَّغَص ألا تُتْرَكَ* تتمِّم الشُّرب.

نغض النون والغين والضاد أصلٌ صحيح يدلُّ على هَزٍّ وتحريك.

__________________

(١) فى القاموس : «تنكر أو تذمر» ، وفى اللسان : «يتذمر». والتذمر : التنكر. لكن فى المجمل : «تتنغر علينا ، أى تتكبر».

(٢) فى اللسان : «أزقاق المدام» ، و «بأظافر النقران».

(٣) والنغاش أيضا ، كغراب.


من ذلك النَّغَضان : تحرُّك الأسنان. والإنغاض : تحريك الإنسان [رأسه (١)] نحو صاحبه كالمتعجّب (٢) منه. قال الله سبحانه : (فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُسَهُمْ). والنَّغِض : الظليمُ ؛ لاضطراب رأسِه عند مَشْيِه. قال :

* والنَّغْضُ مثل الأجرب المدجَّلِ (٣) *

والنَّاغض والنَّغْض : غرضوف (٤) الكَتِف ، سمِّي لاضطرابه ، ويكون للأُذُن أيضاً. والنَّغُوض : النّاقة العظيمة السَّنام ، وإذا عَظُم اضطَرَب. ونَغَض الغَيمُ : سار.

باب النون والفاء وما يثلثهما

نفق النون والفاء والقاف أصلانِ صحيحان ، يدلُّ أحدُهما على انقطاعِ شيءٍ وذَهابه ، والآخر على إخفاءِ شيءٍ وإغماضِه. ومَتَى حُصِّل الكلامُ فيهما تقارَبا.

فالأوّل : نَفَقَت الدّابةُ نُفوقًا : ماتت. ونَفَق السِّعر نَفَاقًا ، وذلك أنَّه يمضي فلا يَكْسُد ولا يَقِف. وأنْفَقُوا : نَفَقت سُوقُهم. والنَّفَقة لأنَّها تمضي لوجهها. ونَفَق الشيءُ : فني يقال قد نَفِقَتْ نفقةُ القوم. وأنْفَق الرّجُل : افتَقَر ، أي ذهب ما عِندَه.

__________________

(١) التكملة من المجمل.

(٢) فى الأصل : «كالمتحرك» ، صوابه من المجمل.

(٣) لأبى النجم العجلى فى أرجوزته المنشورة بمجلة المجمع العلمى العربى بدمشق سنة ١٣٤٧.

(٤) كذا فى الأصل ، والقاموس وفى المجمل : «غضروف» ، وهما لغتان.


قال ابنُ الأعرابى : ومنه قوله تعالى : (إِذاً لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفاقِ). وفرسٌ نَفِقُ الجرْي ، أي سريعُ انقطاع الجري.

والأصل الآخر النَّفَق : سَرَبٌ في الأرض له مَخْلَصٌ إلى مكان. والنّافقاء : موضعٌ يرقِّقه اليَربوعُ من جُحْرِه فإذا أُتِيَ من قِبَل القاصعاء ضَرَب النّافقاءَ برأسه فانتَفَق ، أي خرج. ومنه اشتقاق النِّفاق ، لأن صاحبَه يكتُم خلافَ ما يُظهِر ، فكأن الإيمان يَخرُج منه ، أو يخرج هو من الإيمانِ في خفاء. ويمكن أنَّ الأصلَ في الباب واحد ، وهو الخُرُوجُ. والنَّفَق : المَسلك النَّافذ الذي يُمكن الخروجُ منه.

أمَّا نَيْفَق السَّراويل فقد قال أبو بكر (١) : هو فارسىٌّ معرَّب.

نفل النون والفاء واللام أصلٌ صحيح يدلُّ على عَطاء وإعطاء. منه النَّافلة : عَطِيَّة الطَّوْعِ من حيثُ لا تَجِب. ومنه نافلة الصَّلاة. والنَّوْفل : الرّجُل الكثيرُ العطاء. قال :

* يأبَى الظُّلامةَ منه النَّوفلُ الزُّفَر (٢) *

ومن الباب النفَل : الغُنْم. والجمع أنفال ، وذلك أن الإمام ينفِّل المحارِبِين ،

__________________

(١) الجمهرة (٣ : ١٥٥) ، ونصها : «ونئفق القميص مهمرز مكسور الفاء فارسى معرب».

(٢) لأعشى باهلة فى اللسان (زفر) من قصيدة يرثى بها المنتشر بن وهب الباهلى. انظر الأصمعيات ٨٩ طبع المعارف وجمهرة أشعار العرب ١٣٥ ومختارات ابن الشجرى ١٠ وأمالى المرتضى (٣ : ١٠٥ ـ ١١٣) والخزانة (١ : ٧٩ ـ ٩٧). وقد سبق فى (زفر).

وصدره :

أخو رغائب يعطيها ويسألها


أي يُعطِيهم ما غَنِموه. يقال : نفَّلتُك : أعطيتُك نَفَلا. وقولهم : انتَفَلَ من الشَّيء انتفى منه ، فمن الإبدال ، واللام بدل من الياء. قال المتلمِّس :

أَمُنْتِفلاً من نَصْر بُهْثة خِلْتَني

أَلَا إنَّني منهم وإن كنتُ أيْنَما (١)

نفه النون والفاء والهاء أصلٌ واحد يدلُّ على إعياءٍ وضعف. منه نَفِهت النَّفسُ : أَعْيَتْ وكَلَّت : وهو نافِهٌ ونُفَّهٌ. قال :

* بنا حَرَاجِيجُ المَهَارِىَ النُّفَّهِ (٢) *

وهو مُنَفَّهٌ ومَنْفُوهٌ : ضعيفٌ جَبان.

نفي النون والفاء والحرف المعتلّ أُصَيلٌ يدلُّ على تعْرِية (٣) شيء من شيءٍ وإبعاده منه. ونَفَيتُ الشّيءَ أُنفيه نفيًا ، وانتفى هو انتفاء. والنُّفَاية : الرَّدِىُ يُنفَى. ونَفِيُ الرِّيحِ: ما تَنفيه من التُّرابِ حتى يصيرَ في أُصولِ الحِيطان. ونَفِيُ المطر : ما تنفيه الرِّيحُ أو ترُشُّه. ونَفِيُ الماء : ما تطاير من الرِّشاءِ على ظهر المائح. قال :

* على تِلك الجِفَارِ من النّفيِ *

* * *

والمهموز منه كلمةٌ واحدة ، هي النُّفأُ : قطعٌ من الكلأ متفرّقة من (٤) عُظْم الكلأ ، الواحدة نُفَأَة. قال :

__________________

(١) ديوان المتلمس الورقة ١ ومخطوطة الشنقيطى ، واللسان (نفل).

(٢) لرؤبة فى ديوانه ١٦٧ واللسان (نفه). وقبله :

به تمطت غول كل مليه

(٣) فى الأصل : «تغرية».

(٤) فى الأصل : «عن» ، صوابه فى المجمل واللسان.


جَادَتْ سوارِيه وآزَرَ نَبتَهُ

نُفَأٌ من الصَّفراءِ والزُّبَّادِ (١)

نفت النون والفاء والتاء. يقولون : نَفَتَت القِدرُ : غَلَتْ ويَبِسَ مَرَقُها عليها. قال :

وصاحبٍ لِصدرِهِ كَتِيتُ

علىَّ مثَل المِرْجَلِ النَّفُوتِ

ونفت صَدْرُه بالعَداوة : غَلَا.

نفث النون والفاء والثاء أصلٌ صحيح يدلُّ على خروج شيءٍ من فمٍ أو غيره بأدنَى جَرْس. منه نَفَثَ الرّاقِي رِيقَه ، وهو أقلُّ من التَّفْل. والساحرة تَنْفُثُ السمّ. و «لا بدَّ للمصدور أن يَنْفُث (٢)» مثَل. و «لو سألني نُفَاثَةَ سِوَاكٍ ما أعطيته» ، وهو ما بقي في أسنانه فنفَثَه. ودمٌ نفيثٌ : نَفَثَهُ الجُرحُ ، أي أظهَرَه.

نفج النون والفاء والجيم : أصلٌ يدلُّ على ثُؤُورِ شيءٍ وارتفاعِه. ونفجَ اليَربوعُ : ثار. وأنْفَجَه صائدُه. ونَفَجَت الفَرُّوجة من بَيضها : خرجَتْ. وانْتَفَجَ جَنْبَا البعيرِ : ارتفعا. والنَّوَافج : مؤخَّرات الضُّلوع ، واحدتها نافجة (٣). والنَّفّاج : المفتخر بما ليس عنده. ونَفَجَتِ الرِّيح : جاءت بقُوَّة. والنَّفِيجة : الشّطبية من النَّبْع تُتَّخذ قوساً ، كأنّها تنتفج على الشّجرة.

__________________

(١) للأسود بن يعفر فى المفضليات (٢ : ١٩) واللسان (نفأ).

(٢) انظر البيان (٢ : ٩٧ / ٤ : ٤٦). وأنشد فى المختار من شعر بشار وحواشيه ١٤٦ :

لابد المصدور في ينفثا

والذي في الصدر أن يبعثا

(٣) ونافج أيضا.


نفح النون والفاء والحاء : أصلٌ يدلُّ على اندفاعِ الشَّيء أو رَفْعِه. ونَفَحتْ رائحةُ الطِّيب نَفحاً : انتشرَتْ واندفعت. ولهذا الطِّيب نَفحةٌ طيِّبة. ثم قيس عليه فقيل : نَفَح بالمال نَفحاً ، كأنّه أرسله من يده إرسالا. ولا تزالُ لفلانٍ نَفَحاتٌ من معروف. ونَفَحت الرِّيحُ : هبَّت. وقوسٌ نَفُوحٌ : بعيدة الدَّفع للسَّهم. ونَفَحت الدّابّةُ : رمَتْ بحافرها فضربَتْ به. وكذلك نَفَحَه بالسَّيف : تناوَلَه به. والنَّفوح من النُّوق : ما يخرُج لبنُها من أحاليها من غير حَلْب.

نفخ النون والفاء والخاء : أصلٌ صحيح يدلُّ على انتفاخٍ وعلوّ. منه انتفَخَ الشّيءُ انتفاخاً. ويقال انتفَخَ النَّهار : علا. ونَفْخَة الرَّبيع : إعْشابه (١) ؛ لأنَّ الأرضَ تربو فيه وتنتفِخ. والمنْفُوخ : الرَّجل السَّمين. والنَّفْخاء من الأرض مثلُ النَّبْخاء ؛ وقد مَضَى.

نفد النون والفاء والدال : أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على انقطاعِ شيء وفَنائِه. ونفِدَ الشّيءُ يَنفَد نَفاداً : وأنفَدُوا : فَنِيَ زادُهم. ويقال للخَصْم مُنافِدٌ ، وذلك أن يَتخاصمَ الرَّجُلانِ يريد كلٌّ منهما إنفادَ حجَّةِ صاحِبه. وفي الحديث : «إنْ نافَدْتَهم نافَدُوك». أي إنْ قلتَ لهم قالوا لك.

نفذ النون والفاء والذال : أصلٌ صحيح يدلُّ على مَضاء في أمْرٍ وغيرِه. ونَفذ السَّهمُ الرمية نَفاذاً (٢). وأنْفذْتُه أنا. وهو نافذٌ : ماضٍ في أمره.

__________________

(١) بدله فى المجمل واللسان : «حين أعشب».

(٢) يقال : نفذ السهم الرمية ، ونفذ فيها أيضا.


نفر النون والفاء والراء : أصلٌ صحيح يدلُّ على تجافٍ وتباعد. منه نَفر الدّابّةُ وغيرُه نِفاراً ، وذلك تَجافِيهِ وتباعُدُه عن مكانِه ومَقرِّه. ونَفَر جلدُه : وَرِمَ. وفي الحديث : «أنَّ رجلاً تخلَّلَ بالقَصَب فنَفَرَ فَمُه». أي وَرم. قال أبو عبيد : وإنّما هو من نِفَار الشّيءِ عن الشّيءِ وتَجافِيهِ عنه ؛ لأنّ الجلد يَنفِر عن اللَّحم للدَّاء الحادِثِ بينهما. ويَوم النَّفْر : يومَ يَنفِر النّاسُ عن مِنًى. ويقولون : لقيته قبل صَيحٍ ونَفْرٍ ، أي قبلَ كلِّ صائح ونافر. والمنافرة : المحاكمة إلى القاضي بين اثنَين ، قالوا : معناه أنَّ المُبتغَى تفضيلُ نَفرٍ عَلَى نفرٍ (١). وأنفرت أحدَهما على الآخر. والنَّفَر أيضاً من قياس الباب لأنَّهم يَنفِرون للنُّصْرة. والنَّفير : النَّفَر ، وكذا النَّفْر والنَّفْرة ، كلُّ ذلك قياسُه واحد. وأنشَدَ الفرّاء في النَّفْرة :

حَيَّتْكَ ثُمَّتَ قالتْ إنَ نَفْرَتَنا

اليومَ كلّهُمُ يا عُرْوَ مشتَغِلُ (٢)

وتقول العرب : نَفَّرْتُ عن الصَّبىِّ ، أي لقَّبتُه لَقَبا ، كأنَّه عِندهم تنفيرٌ للجِنّ عنه وللعَيْن. قال أعرابىّ : قيل لأبِي لما وُلِدْت : نَفِّرْ عن ابنك! فسمَّاني قُنفُذا ، وكَنَّاني أبا العَدّاء.

نفز النون والفاء والزاء أُصَيْلٌ يدلُّ على الوُثوب وشِبْه الوُثوب. ونَفَزَ الظَّبي : وثَبَ في عَدْوِه. والمرأة تنفِّز ولدها : ترقِّصه. وأنْفَزتُ السَّهمَ على ظهر يدي : أدَرْتُه. قال :

__________________

(١) فى الأصل : «عن نفر». وفى المجمل : «كأن معناها تفضيل أحد الرجلين على الآخر».

(٢) فى الأصل : «ياعز» ، صوابه فى اللسان (نفر).


يَخُرْنَ إذا أُنْفزْن في ساقِط النَّدَى

وإن كانَ يومًا ذَا أهاضيبَ مُخْضِلا (١)

نفس النون والفاء والسين أصلٌ واحد يدلُّ على خُروج النَّسيم كيف كان ، من ريح أو غيرها ، وإليه يرجعُ فروعه. منه التَّنَفُّس : خُروج النَّسِيم من الجوف. ونَفَّسَ الله كُربَته ، وذلك أنَّ في خُروج النَّسيم رَوْحاً وراحة*. والنَّفَس : كلُّ شيءٍ يفرَّجُ به عن مكروب. وفي الحديث : «لا تَسُبُّوا الرِّيح فإنَّها من نَفَس الرَّحمن». يعني أنَّها رَوحٌ يتنفَّس به عن المكروبين. وجاء في ذكر الأنصار : «أَجِدُ نَفَس رَبِّكم من قِبَلِ اليَمَن». يراد أن بالأنصار نُفِّسَ عن الذين كانوا يؤذَوْن من المؤمنين بمكَّة (٢). ويقال للعَيْن نَفَسٌ. وأصابت فلاناً نَفْسٌ. والنَّفْس : الدَّم ، وهو صحيح ، وذلك أنَّه إذا فُقِد الدّمُ من بَدَنِ الإنسان فَقَدَ نَفْسَه. والحائض تسمَّى النُّفساءَ (٣) لخرُوج دَمِها. والنِّفاس : وِلادُ المرأة ، فإذا وَضَعت فهي نُفَساء. ويقال : ورِثْتُ هذا قبل أن يُنْفَسَ فلانٌ ، أي يولَد. والولدُ منفوس. والنِّفاس أيضاً : جمع نُفَساء. ويقال : كَرَع فى الإناء نَفَساً أو نَفَسَيْن. ويقال : للماء نَفَسٌ ، وهذا على تسميته الشَّيء باسم غيرِه ، ولأنَّ قِوام النَّفس به. والنَّفْسُ قِوامُها بالنَّفَس. قال :

__________________

(١) لأوس بن حجر فى ديوانه ٢٢ والمجمل (نفز) واللسان (نفز ، خور). وفى الأصل : «وإن كان مابوذا أهاديب» ، صوابه فى المراجع السابقة. وبعده :

خوار الطايل اللمعة الشوى

وأطلائها صادفن عرنان مبتلا

 (٢) والأنصار يمانون ، لأنهم من الأزد. اللسان (نفس).

(٣) فى اللسان : «ثعلب : النفساء : الوالدة ، والحامل ، والحائض».


تَبِيت الثَّلاثُ السُّودُ وهي مناخةٌ

على نَفَسٍ من [ماءِ] ماوِيّةَ العَذْبِ (١)

ومن الاستعارة : تنفّسَت القَوسُ : انشقَّت. وشيءٌ نفيس ، أي ذو نفس وخَطَرُ يتنافَسُ به. والتّنافُس : أن يُبرِزَ كلُّ واحد من المتبارزَين قوَّةَ نَفْسه. وقولُهم في الدِّباغ نَفس (٢) ، هذا هو القياس ، أي يَسيرٌ منه ، قَدرُ ما يُدبَغ به الإهاب مَرَّة ، شبّهه في قلَّته بنَفَس يُتَنفَّس. وقياس الباب في هذا وفيما معناه واحد (٣)

نفش النون والفاء والشين أصلٌ صحيح يدلُّ على انتشار. من ذلك نَفْش الصُّوف ، وهو أن يُطْرَق حَتَّى يتنفّش. ونَفَش الطّائرُ جناحَيه. ونَفَشَت الإبلُ : تردَّدَتْ وانتشرَتْ بلا راع. وفِعْلُها النَّفْش ؛ وإبلٌ نُفّاشٌ ونَوافش.

نفص النون والفاء والصاد كلماتٌ يتقارب قِياسُها ، وهي تدلُّ على إخْراج شيء من البدن أو إلقائِهِ بقُوّة. منه أنفَصَ فلانٌ في ضَحِكه : استَغْربَ. وأنفَصَ ببَولِه مثل أوْزَعَ. ويقال إنّ النُّفَص : أنضاحُ الدّم ، الواحدة نُفْصَة.

قال :

* تَرَى الدِّماءَ على أكتافها نُفَصا (٤) *

__________________

(١) أنشده فى المجمل ، وكذا أنشده ياقوت فى معجم البلدان (رسم ماوية).

(٢) كذا ضبط فى الأصل والمجمل ، وهو ما يقتضيه التعليل بعده. لكن ضبط فى اللسان والقاموس بسكون الفاء. وأنشد فى اللسان :

أتجعل النفس التي تدير

في جلد شاة ثم لا تسير

(٣) كذا وردت هذه العبارة.

(٤) أنشده فى المجمل واللسان (نفص).


قال ابن دريد (١) : والنُّفَاص : داءٌ يصيب الغَنَم فيبول حتى يموت.

نفض النون والفاء والضاد أصلٌ صحيح يدل على تحريكِ شيء لتنظيفه من غبارٍ أو نحوه ، ثم يُستَعار. ونَفَضت الثّوبَ وغيرَه نَفْضا. والنَّفَض : ما نفضَتْه الشّجرةُ من ثَمَرِها. وامرأةٌ نَفوضٌ : نَفَضَتْ بطنَها عن وَلدها. والنَّافض : الحُمَّى ذات الرِّعْدة ، لأنَّها تَنفُض البَدنَ نَفْضًا. وأنْفَضوا : فَنِيَ زادُهم ، أي لمَّا نفِدَ زادُهم وَفَنِيَ نَفَضُوا أوعيتَهم. وتقول العربُ مثلاً : «النُّفاض (٢) يُقطِّرُ الجَلَب» ، إذا أنْفَضُوا وقلَّ ما عِندهم جَلَبوا إبلَهم للبيْع.

ويُستعار من الباب قولهم : نَفَضْتُ الأرضَ ، إذا بَعَثْتَ مَن ينظر أبِها عدوٌّ أم لا. ونَفَضْتُ اللّيلَ ، إذا عَسَسْتَ لتنفُض عن أهل الرِّيبة. والنَّفِيضة والنَّفَضَة : القومُ يفعلون ذلك. قال :

يَرِدُ المياهَ حضيرَةً ونَفِيضةً

وِرْدَ القطاةِ إذا اسْمَألَّ التُّبَّعُ (٣)

وتقول العرب : «إذا تكلَّمتَ ليلاً فاخفِضْ ، وإذا تكلَّمت النّهارَ فانْفُض». تقول : انظر حَوالَيْك ، فلعلَّ ثَمَّ مَن لا يَصلُح أن يَسمَع كلامَك. والنِّفاض : إزار الصِّبْيان. ويمكن أن يكون من الباب. قال :

* جارية بيضاء في نِفَاضِ (٤) *

__________________

(١) فى الجمهرة (٣ : ٨٣).

(٢) يقال بضم النون وفتحها.

(٣) لسعدى بنت الشمردل الجهنية ، من قصيدة فى الأصمعيات ٤١ ـ ٤٣. وسبق إنشاده فى (تبع).

(٤) بعده فى اللسان (نفض) :

؟ نهض فيه أيما انتهاش


نفط النون والفاء والطاء : ثلاثُ كلماتٍ : النِّفط معروف ، مكسور النون. والنَّفَط: قَرْحٌ يخرج في اليَدِ من العمل. ونَفَطَ الصَّبِيُ نَفِيطًا : صَوّت. وما له عافطَةٌ ولا نافطة. فالنّافطة : الشاة تَنْفِط من أنْفها.

نفع النون والفاء والعين : كلمة تدلُّ على خلاف الضَّرّ. ونَفَعَه ينفَعُه نَفْعًا ومَنفَعة. وانتَفَعَ بكذا. والله أعلَمُ بالصَّواب.

باب النون والقاف وما يثلثهما

نقل النون والقاف واللام : أصلٌ صحيح يدلُّ على تحويل شيءٍ من مكانٍ إلى مكان ، ثم يفرَّع ذلك. يقال : نقَلْتُه أنْقُله نَقْلاً. ونقَلَ الفرس قوائِمَه نَقْلاً. [وفرسٌ (١)] مِنْقَل : سريعُ نَقْل القَوائم. والمُنقِّلَة من الشِّجاج : التي يُنقَل منها فَرَاش العِظام. والنُّقْل : ما يَأكُله الشّارب على شرابه. وكان ابنُ دريد يقول (٢) : هو بالفتح ولا يُضَمّ ، والنّاس يقولونه بالضّم. والنَّقَل بفتح القاف : ما بقي من صِغار الحجارة إذا قلِعَت ، لأنَّها تنقَل. والنَّقِيل : الطَّريق ، لأنَّه لا يسلُكه إلّا مُنتقِل. والمَنْقَلة : المَرْحلة. وضَربٌ من السَّير يقال له نَقِيل ، وهو ذلك القياس ، وكَأنّه (٣) المداومةُ على السَّيْر. والمُنَقَّل : الخُفُّ الخَلَق ، لأنَّ عليه ينتقل الماشي حَتَّى ينخرق. وكذلك النَّقَل في البَعير : داءٌ يصيب خُفَّه فينخرق والرِّقاع التي يُرقع بها خُفُّه : النَّقائِل.

__________________

(١) التكملة من المجمل.

(٢) فى الجمهرة (٣ : ١٦٤).

(٣) فى الأصل : «وكأن».


ومن الباب المُنَاقَلَة : مُراجَعة الحديث أو الإنشاد ، كأنَّك نقلتَ حديثَك إليه ونَقَلَ حديثَه إليك. والنِّقَال : أن تشرب الإبل ثم تَترك ثم تعود إلى الماء فتشربَ ، ولا يُفعَل ذلك بها بل تفعله هي. ويقولون : إن النَّقْلةَ : القَناة. وينشدون :

يُقَلْقِلُ نَقْلةً جَرْدَاء فيها

نَقيع السُّمِّ أو قَرنٌ مَحِيقُ (١)

والمشهور : «بقُلقل صَعْدة (٢)».

نقم النون والقاف والميم أُصَيلٌ يدلُّ على إنكارِ شيء وعَيبه. ونَقَمْتُ عليه أَنْقِمُ : أنكرتُ عليه فِعلَه. والنِّقْمة من العذاب والانتقام ، كأنَّه أنَكَر عليه فعاقَبَه. وقولهم للنَّفس نقيمة ، وهو ميمون النَّقيمة ، إنما هي من الإبدال ، والأصل نَقِيبَة.

نقه النون والقاف والهاء كلمةٌ تدلُّ على البُرْء من المرض ، ثم يستعار. ونَقَهَ من المَرَض نُقُوهاً : أفاق ، فهو نَاقِهٌ. ويقولون : نَقِهَ الحديثَ مثل فهم ، بكسر القاف ، فرقا بينه وبين الأوّل. والقياس واحد ، لأنَّه إذا نَقِهَه فقد برِئَ من الشّكِّ فيه. قال اللِّحياني : يقال : أنْقِهْ لي سَمْعكَ ، أي أرْعِنِيهِ ، كأنَّه يقول : حتّى تفْهمَ ما أقول. وبَلَغنا أنّ أهل المدينة يسمُّون الاستفهام : الاستِنْقاه.

نقي النون والقاف والحرف المعتلّ أصلٌ يدلُّ على نظافةٍ وخلوص.

__________________

(١) البيت للمفضل النكرى ، كما فى اللساق (محق) الأصمعيات ٥٤ ، وهو فى المجمل (محق ، نقل) بدون نسبة. وقد سبق فى (محق).

(٢) فيما سبق : «يقلب صعدة».


منه نَقَّيْتُ الشّيءَ : خلّصتُه ممّا يشوبُه تنقيةً. وكذلك يقال : انتقَيت الشيءَ. كأنَّك أخَذتَ أفضلَه وأخلَصَه. والنُّقاوة : أفضَلُ ما انتقَيْت من شيء. والنَّقَاة : الرّدىُّ فيما يقال ، كأنَّه الذي انتُقِيَ فطُرِح وقال بعضهم : نَقاة كلِّ شيء : ردِيُّه إلا التَّمْر ، فإنَ نَقَاتَه خِيارُه.

وفي الباب النِّقْيُ : مُخُّ العظام ، سمِّىَ لخُلوصه ونظافته. ويقال لشَحْمة العَين من الشَّاة السَّمينة وغيرِها : النِّقْي. وناقةٌ لا تُنْقِي. قال :

حاموا على أضيافهم فشوَوْا لهم

من لحم مُنْقيةٍ ومن أكبادِ

وأمَّا الفرّاء فزعَم أنّ الأنقاء : كلُّ عظمٍ ذي مُخّ. وهذا إنْ صحَّ فهو على تسمية العرب الشَّيءَ باسم غيرِه إذا كان مُجاوراً له.

نقب النون والقاف والباء أصلٌ صحيح يدلُّ على فَتح فى شيء. ونَقَب الحائطَ ينقُبه نَقْبًا. والبَيطارُ ينقُبُ سُرَّةَ الدّابّة ليخرج منها ماء. وتلك الحديدة مِنْقب. وكلبٌ نقيبٌ : نُقِبَتْ (١) غَلْصَمتُه ليضعُفَ صوته ، يَفعلُه اللِّئامُ لئلّا يَسمَع صوتَه الصَّيْف (٢). والنَّاقِبة : قَرْحةٌ تخرج بالجَنْب تهجم على الجَوف (٣). ونَقِبَ خُفُّ البعير : تخَرَّق نَقَبًا. والنُّقْبة : أوّل الجَرَب يبدو. والجمع نُقَب.

قال :

__________________

(١) فى الأصل : «ونقيب» ، صوابها من المجمل.

(٢) فى الأصل : «الضعيف» ، تحريف. وفى المجمل : «يفعله اللئام لئلا يدل عليهم الأضياف بصوته».

(٣) فى الأصل : «الخوف» ، صوابه فى المجمل واللسان وزاد فى اللسان : «ورأسها من داخل».


مُتَبَذِّلاً تبدو محاسِنه

يَضَع الهِناءَ مواضع النّقْبِ (١)

وقياسُه صحيح ، لأنّه شيءٌ يثقب الجِلْد. ومن الباب : النِّقاب : العالم بالأمور ، كأنّه نَقَّب عليها فاستَنْبَطَها ، أو العالم بها المُنقِّب عنها. قال :

مليحٌ نجيحٌ أخو مأْقِطٍ

نِقابٌ * يحدِّث بالغائبِ (٢)

والنَّقب والمَنْقَبة : الطَّريق في الجَبَل ، والكلُّ قياسٌ واحد. و (فَنَقَّبُوا فِي الْبِلادِ) : سارُوا. وأصله السَّير في النُّقوب : الطُّرق. والنَّقيب : نقيب القَوم : شاهِدُهم وضَمِينُهم (٣). ومعناه ومعنى النِّقاب العالِم واحد ، لأنّه ينقِّب عن أمورهم ، أو ينقب كما ينقُب عن الأسرار. والمَنْقَبَة : الفَعْلة الكريمة ، وقياسُها صحيح ، لأنَّها شيءٌ حسن قد شُهِر ، كأنّه نُقِّب عنه.

ومما شذَّ عن هذا الأصل نِقاب المرأة. وناقَبْتُ فلاناً : لقيتُه فَجْأة. والنُّقْبة : ثوبٌ كالإزار فيه تِكّة ، وليس بالنِّطاق.

أمَّا اللَّوْن فيقال له النُّقْبة (٤) ، وهو حسن النُّقْبة ، أي اللّوْن. وممكن أن يكون من الأوّل ، كأنّه شيءٌ نقب عنه شيء ظَهَر.

نقث النون والقاف والثاء كلمةٌ صحيحة تدلُّ على خَلْطِ شيءٍ بشيء ونَقْلِه. ونَقَثَ ما في منزلي أجْمَع : نقلَه كلّه. ونَقّثوا حديثَهم : خلَطوه ، كما ينقّث

__________________

(١) لدريد بن الصمة ، فى اللسان (نقب) وأمالى القالى (٢ : ١٦١) والبيان (١ : ١٠٧) والأغانى (١٣ : ١٣٠).

(٢) لأوس بن حجر فى ديوانه ٣ واللسان (نقب ، أقط).

(٣) فى الأصل : «ومعينهم» ، صوابه فى المجمل واللسان.

(٤) فى الأصل : «النقب».


الطَّعام. وخرج ينقِّث : يُسرع في نقل قوائمه. ونَقَثت العظمَ أنْقُثُه : استخرجتُ ما فيه من لُخّ؟.

نقح النون والقاف والحاء أصلٌ صحيح يدلُّ على تَنحِيَتِك شيئًا عن شيء. ونَقَّحت العصا (١) : شَذَّبتُ عنها أُبَنَهَا. ومنه شِعرٌ مُنَقَّحٌ ، أي مفتَّشٌ مُلقًى عنه ما لا يصلُح فيه. ونَقَحت (٢) العَظم : استخرجتُ مُخَّه.

نقخ النون والقاف والخاء كلمةٌ تدلُّ على قَرْع شيء. وماءٌ نُقَاخٌ : بارد عذب ، كأنَّه ينقَخ العطشَ ببَردِه ، أي يقرَعُه. والنَّقْخ : نَقْب الرَّأْس عن الدِّماغ.

نقد النون والقاف والدال أصلٌ صحيح يدلُّ على إبراز شيء وبُروزه. من ذلك : النَّقَد في الحافر ، وهو تقشُّرُهُ. حافرٌ نَقِدٌ : متقشِّر. والنَّقَد في الضِّرس : تكسُّره ، وذلك يكون بتكشُّف لِيطِه عنه.

ومن الباب : نَقْد الدِّرهم ، وذلك أن يُكشَف عن حالِهِ في جَودته أو غير ذلك. ودرهمٌ نَقْدٌ : وازِنٌ جيّد ، كأنَّه قد كُشِف عن حاله فعُلم. ويقال للقُنفُذ الأنْقد. يقولون : «باتَ فلانٌ بلَيْلَةِ أنْقد» ، إذا باتَ يسرِي [لَيلَه (٣)] كلَّه. وهو ذلك القياس. لأنَّه كأنّه يَسرِي حَتَّى يَسْرُ وَعنه الظَّلامَ. ويقولون : إنَ

__________________

(١) فى الأصل : «نقحت عن العصا».

(٢) فى الأصل : «وتنقح» تحريف ، وأثبت ما فى المجمل.

(٣) التكملة من المجمل.


الشَّيْهَمَ لا يرقُد اللَّيلَ كلَّه. وتقول العرب : ما زالَ فلانٌ يَنْقُد الشّيء ، إذا لم يزَلْ ينظُر إليه.

ومما شذَّ عن الباب : النَّقَد : صِغار الغَنَم ، وبها يشبَّه الصبىُّ القمِىُّ الذي لا يكاد يَشِبّ.

نقذ النون والقاف والذال أصلٌ صحيح يدلُّ على استخلاصِ شيءٍ. وأنقذتُه منه : خَلَّصته. وفرسٌ نقيذٌ : أُخِذ من قومٍ آخَرين ، وأفراسٌ نقائذ. وكلُّ ما أنقَذْتَه فهو نَقَذٌ.

نقر النون والقاف والراء أصلٌ صحيح يدلُّ على قَرعِ شيءٍ حَتَّى تُهْزَم فيه هَزْمَةٌ ، ثم يتوسَّع فيه.

[منه] منقار الطَّائر ، لأنّه يَنقُر به الشّيءَ حتَّى يؤثِّر فيه. ونَقَرت الرَّحَى بالمنقار ، وهي تلك الحديدة.

ومن الباب نقَّرتُ عن الأمر حَتَّى علِمتُه ، وذلك بَحْثُك عنه ، كأنَّ عِلمَك به نَقْرٌ فيه. ونقرت الرّجلَ : عِبْتُه (١) ، كأنَّك قرعتَ بشيءٍ فأثّرتَ فيه. وقالت امرأةٌ لبعلِها : «مُرَّ بي على بَنِي نَظَرَى ولا تمرَّ بي على بَناتِ نَقَرَى» ، أي مُرَّ بي على الرِّجال الذين ينظُرونني ، ولا تمرَّ بي على النِّساء اللواتي يغتَبْنَنِي. والنُّقرة : موضعٌ يبقَى فيه ماءُ السَّيل ، كأنَّه قد نُقِر نَقْرًا فهُزِم. وواحِد المناقِرِ منْقر (٢) ،

__________________

(١) فى المجمل : «اغتبته وعبته».

(٢) منقر ، كمنبر ، ومنقر أيضا بضم الميم والقاف.


وهي آبارٌ صغار ضيّقة الرءوس ، كأنّها قد نُقِرت في الأرض نَقْرا. ونُقْرة القَفَا : الوَقْبة فيه. والنَّقير : نُكتة في ظَهر النَّواة. والنَّقير : أصلُ شجرةٍ يُنقَر ويُنْبَذُ فيه. وهو الذي حاءَ النَّهْيُ فيه. وفلانٌ كريم النَّقِير ، أي الأصل ، كأنّه المكانُ الذى نُقِر عنه حَتَّى خَرَج منه. وقولهم : دَعَاهُم النَّقَرَى : أن يَدعُوَ جماعة ويدعَ آخَرين من لُؤمِه. وهو قياسٌ صحيح ، لأنّه لا يُنادِيهِمْ أجمع ، لكنْ يأتي* المَحفِلَ فيُوحِي إلى واحدٍ كأنّه ينقُره ، أو ينقُره بيده ليقومَ معه. والنَّاقور : الصُّور الذي يَنفُخ فيه المَلَكُ يومَ القيامة ، وهو يَنقُر العالَمِينَ بقَرْعِهِ. ومن الباب : نقَّرت عن الأمر ، إذا بحثْتَ عنه.

ومما شذَّ عن الأصل قولهم : أنْقَرَ عن الشّيء إنقاراً : أقْلَعَ. وفي الحديث : «ما كان الله لِيُنْقِرَ عن قاتِلِ المؤمن». كأنَّه لا يُقلِع عن تعذيبه. قال :

* وما أنا عن أعداءِ قومي بمُنْقرِ (١) *

نقز النون والقاف والزاء أُصَيلٌ يدلُّ على دقة (٢) وخفّة وصِغَر. منه النَّقْز : الوَثْب. ونواقز الظَّبْي : قوائِمُه. ونَقَزُ النّاسِ : أرذالُهم. والنَّقَز : الرَّجُل الرَّدِىّ والنُّقَاز : داءٌ يأخذ الغنم فيَقْلَقُ عنه ولا يستقِرّ. والنُّقَّاز : صِغار العَصافِير.

__________________

(١) لذؤيب بن زثيم الطهوى ، فى اللسان (نقر) وإصلاح المنطق ٢٥٩ ، ٤٨٠ ونوادر أبى زيد ١١٩. وصدره:

لعمرك ما ونيت وو؟

ورواية النوادر : عن شيء هناني

(٢) فى الأصل : «رق».


نقس النون والقاف والسين أُصَيلٌ يدلُّ على لَطْخ شيءٍ بشيءٍ غير حَسَن. ونَقَسته : عِبْته ، كأنّك لطَخْتَه بشيءٍ قبيح. وأصلُه نِقْس المِداد ، والجمع أنقاس.

نقش النون والقاف والشين أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على استخراج شيء واستيعابِه حَتَّى لا يُتركَ منه شيء ؛ ثم يقاس ما يقاربه. منه نَقْش الشَّعَرْ بالمِنقاش وهو نَتْفُه. ومنه المناقَشة : الاستقصاء في الحساب حَتَّى لا يُتركَ منه شيء. وفي الحديث : «مَن نُوقِشَ في الحساب عُذِّبَ». ويقال : شَجَّةٌ متقوشةٌ : تنقش منها العظام ، أي تُستَخرَج. ويقال : نقَشْتُ مَرْبِضَ الغَنَم : نقَّيْته من الشَّوْك. والنَّقيش : المتاع المتفرِّق ، كأنّه انتُقِشَ بعضُه من بعض ، أي فارق بعضُه بعضاً. ومن الباب : نقْشُ الشَّيء : تحسينه ، كأنّه ينقُشُه ، أي يَنفِي عنه معايِبَه ويحسِّنُه.

ثم يستعار هذا فيقال : نقشت العِذْق (١). وهو أنْ تَضرِبَه بالشَّوك حتى يُرْطِبَ. ويقولون : جادَ ما انتَقَشْتَ هذا ، أي ما اختَرْتَه. وهذا نَقِيشُ هذا ، أي مثلُه. وما لِلَّهِ (٢) ضِدٌّ ولا نَقِيش ، أي ما له مَن يماثِلُه في صورتِه ونَقشِه.

نقص النون والقاف والصاد كلمةٌ واحدة ، هي النَّقْص : خِلاف الزيادة. ونَقَصَ الشيءُ ، ونَقَصْتُه أنا ، وهو مَنْقوص والنَّقيصَة : العَيب ؛ يقال ما به [نقيصةٌ ، أي] شيء ينقُص. ومَرجِعُ البابِ كلِّه إلى هذا.

نقض النون والقاف والضاد أصلٌ صحيح يدلُّ على نَكْثِ شَيءِ ،

__________________

(١) فى الأصل : «الغدق».

(٢) فى الأصل : «ماله» ، صوابه من المجمل.


وربما دلَّ على معنًى من المعانى على جنسٍ من الصَّوت. ونَقَضْتُ الحبلَ والبِناء. والنَّقيض : المنقوض ، ولذلك يقال للبعير المهزول نِقْضٌ ، كأنَّ الأسفارَ نَقَضَتْه ؛ وجمعه أنقاض. والمنَاقَضَة في الشِّعر من هذا ، كَأنَّه يريد أن ينقُضَ ما أَرَّبَهُ صاحبُه. ونَقْضُ العَهدِ منه أيضا. والنِّقْض : مُنْتَقَضُ الكمأة من الأرض (١) إذا أردتَ أن تُخرِجَها. نَقضْتُها نقضاً. وانتقضت القَرْحة ، كأنَّها كانت تلاءمت ثم انتقَضَت. أمَّا الصَّوت فيقال لصوتِ المَفاصل نَقِيضها ؛ وهو قريبٌ من الأوّل ، لأنَّها كأنّها تَنْتَقِض فيسمع لها صوتٌ عند ذلك. وأنقَضَت الدَّجاجة: صوَّتت. والإنقاض : زجر القَعود. قال :

ربَّ عجوزٍ من أُناسٍ شَهْبَرَهْ (٢)

عَلَّمْتُها الإنقاضَ بَعْدَ القَرْقَرَهْ (٣)

يقول : سَرَقتُ بعيرَها التى كانت تُقرقِر به وتركتُ لها بَكْراً تُنْقِضُ به.

نقط النون والقاف والطاء أُصيلٌ يدلُّ على نُكتةٍ لطيفةٍ في الشيء. يقال للقِطعة من النَّخْل : نُقْطة. ويقال : إنَّه تشبيهٌ في القِلَّة بالنُّطفة.

نقع النون والقاف والعين أصلانِ صحيحان : أحدهما يدلُّ على استقرارِ شيء كالمائِع في قراره ، والآخر على صوتٍ من الأصوات.

فالأول نَقَع في الماء في مَنْقعه : استقرّ. واستَنْقع الشيء في الماء. والنَّقُوع : ما نُقِع

__________________

(١) وكذا فى المجمل. وفى اللسان : «منتقض الأرض من الكمأة».

(٢) الرجز لشظاظ الضبى اللص ، كما فى اللسان (نقض). ورواية اللسان : «عجوز من نمير» ، ورواية الأصل تطابق رواية المجمل.

(٣) فى الأصل : «الانقاض والقرقرة» ، صوابه فى المجمل واللسان.


في الماء ، كدواءٍ (١) أو نبيذ. والمِنْقَع ذلك الإناء. والمِنْقَع (٢) كالقُدَرة للصَّبىّ يُطرح فيه اللَّبن ويُطعَمه. ويقال له مِنْقَع البُرَم ، ويكون من حجارة. والنَّقيع : شراب يتَّخَذ من زَبيب ، كأنَّ الزَّبيب يُنقَع له. والنَّقِيع : الحَوْض يُنقَع فيه التَّمر. والنَّقِيع والنَّقْع : الماء الناقع. وماءٌ ناقعٌ كالنّاجع ، كأنَّه استقرَّ قرارَه فكَسَر الغُلَّة. وكذلك النَّقُوع. والنَّقيع : البئر الكثيرة الماء. ونَقْع البئر الذي جاء في الحديث : ماؤها ، كأنها قرارٌ له. والأُنقوعة : وَقْبَةُ الثَّرِيد. وقولهم : «هو شَرَّابٌ بِأَنْقُعٍ» ، أي مُعَاوِدٌ للأمر مرةً بعد مرة. كذا يقولون ، ووجهه عندنا أنّ الطَّائر الحَذِر لا يَرِدُ المَشارِعَ حذَراً على نَفْسه ، لكنَّه يأتي المناقع يَشْرَبُ ليَسْلَم ؛ وكذلك الرّجُل الكيِّس الْحَذِر ، لا يتقحَّمُ إلّا مواضعَ السّلامةِ في أُموره. والنَّقيعة : المحض من اللَّبن. فأمَّا النقيعة فقال قومٌ : ما يُحْرَزُ من النَّهْب قبل القَسْم. قال الشاعر :

إنَّا لنضرِبُ بالسُّيوف رؤوسَهُمْ

ضَرْبُ القُدَارِ نَقِيعَةَ القُدَّامِ (٣)

ويقال : بل النَّقيعة : الطَّعام يُتَّخَذ للقادم من السفر ، كأَنّه إذا أُعِدّ له فقد نقع أي أُقِرّ. وهذان الوجهان أحسَنُ ما قيل في ذلك ، لأنّهما أقْيَس. ويقولون : النَّقيعة : الجَزُور تُنقَع عَن عدّة إبل ، كالفَرَعةِ تُذبَح عن غَنَم.

وأمَّا الأصل الآخر فالنَّقيع : الصّرَاخ ، وهو النَّقْع أيضاً. ونَقَع الصوتُ : ارتفَعَ. قال:

__________________

(١) فى الأصل : «لدواء» ، وأثبت ما فى المجمل.

(٢) ويقال منقعة أيضا ، كما فى المجمل واللسان.

(٣) لمهلهل فى اللسان (قدر ، نقع ، قدم) ، كما سبق فى حواشى (قدم) حيث أنشد البيت من قبل.


فمتَى يَنْقَعْ صُرَاخٌ صادقٌ

يَحلِبُوها ذاتَ جَرسٍ وزَجَلْ (١)

ويقال : النَّقع : صوت النّعامة. والنّقَّاع : الرَّجُل بَتَكثَّر بما ليس عنده ، كأَنه يَصيح به.

وأمَّا قوم : انتُقعَ لونُه ، فهو من الإبدال ، والأصل امْتُقعَ ، وقد ذَكَر [نا] هُ.

باب النون والكاف وما يثلثهما

نكل النون والكاف واللام أصلٌ يدلُّ صحيح على مَنعٍ وامتناع ، وإليه يرجع فروعه. ونَكَل عنه نُكولاً يَنكِل. وأصل ذلك النِّكْل : القَيْد ، وجمعه أنكال ، لأنَّه يَنْكُل : أى يَمنَع. والنِّكْل : حديدة اللِّجام. وهو ناكلٌ عن الأمور : ضعيفٌ عنها. وقال ابن دُريد : رماه [اللهُ بنُكْلِهِ وبِنُكلَةٍ ، أي رماه بما (٢)] ينكِّله.

ومن الباب نَكَّلْت به تنكيلاً ، ونَكَّلت به نَكالاً ، وهو ذلك القياس ، ومعناه أنه فَعَل به ما يَمنعُه من المعاودة ويمنع غيرَه من إتيانِ مثلِ صَنيعِه. وهذا أجْوَدُ الوجهين. ويقال : المَنْكَل : الشّيء الذي ينكِّل بالإنسان. قال :

* وارْمِ عَلَى أقفائِهِمْ بمَنْكَلِ (٣) *

__________________

(١) للبيد فى ديوانه ١٥ طبع ١٨٨١ واللسان (نقع).

(٢) التكملة من المجمل. والذى فى الجمهرة (٣ : ١٧٠) «والنكلة ، من قولهم نكل به نكلة قبيحة ، كأنه رماه بما ينكله».

(٣) الرجز لرياح الهذلى ، كما فى بقية أشعار الهذليين ٧١ وحواشى الجمهرة (٣ : ١٧٠). وأنشده فى المجمل واللسان (نكل) بدون نسبة. وصواب روايته : «فارم» كما فى البقية واللسان ، لأن قبله :

وبعده :

يا رب أشقاني بنو مؤمل

بصخرة أو عرض جيض جحفل


فأمَّا الحديث : «إنّ الله تعالى يحبُ النَّكَلَ على النَّكَل». فإنَّ تفسيره في الحديث أنَّه الرّجل القوىُّ المجرَّب ، على الفرس القوىّ المجرَّب. وهذا للتَّفسير الذي جاء فيه ، وليس هو من الأصل الذي ذكرناه.

نكه النون والكاف والهاء كلمةٌ واحدة ، وهي نَكْلَة الإنسان. واستَنكهْتُه : تشمَّمْتُ رِيحَ فمِه. ويقولون وما أدري كيف هو : إنّ النُّكَّهَ من الإبل : التي ذهبَتْ أصواتها من الضَّعف. قال :

بعد اهتضامِ الراغِياتِ النُّكَّهِ (١)

نكب النون والكاف والباء أصلٌ صحيح يدلُّ على مَيْل أو مَيَلٍ في الشَّيء. ونَكَب عن الشَّيء يَنكُبُ. قال الله تعالى : (عَنِ الصِّراطِ لَناكِبُونَ) (٢). والنَّكباء : كلُّ ريح عَدلَتْ عن مَهبِّ الرِّياح الأربع. قال :

لا تَعدِلَنّ أتَاوِيِّين تَضربُهُمْ

نَكباءُ صِرٌّ بأصحاب المُحِلّاتِ (٣)

والأنكَب : الذي كأنَّه يمشي في شِقّ. والمَنْكِبُ : مجتَمَع ما بين العَضُد والكَتِف ، وهما مَنكِبان ، لأنَّهما في الجانبين. والنَّكَبُ : داءٌ يأخذ الإبلَ في مناكبها فتَظلَعُ منه. والمَنْكِب : عَون العَرِيف ، مشبَّه بمنكب الإنسان ، كأنَّه يقوِّي أمرَ العَرِيف كما يتقوَّى بمَنكِبِه الإنسان.

__________________

(١) لرؤبة فى ديوانه ١٦٦ والمجمل واللسان (نكه).

(٢) فى الأصل : «وهم عن الصراط لناكبون» ، تحريف وهى الآية ٧٤ من سورة المؤمنين ، وهى : (وَإِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّراطِ لَناكِبُونَ).

(٣) سبق أنشاده فى (أتى). وانظر الحيوان (٥ : ٩٧) والبيان (٣ : ٤٣) واللسان (حسن ، أتو).


نكت النون والكاف والتاء أصلٌ واحد يدلُّ على تأثيرٍ يسيرٍ في الشيء* كالنُّكتة ونحوِها ونكت في الأرض بقَضِيبِهِ ينكُت ، إذا أثَّر فيها. وكلُّ نُقطةٍ نُكْتَة.

ومن الباب رُطَبةٌ مَنكِّتة : بدأ الإرطاب فيها ، كأنَّ ذلك كالنُّقَط. والنّاكِت بالبَعير : شِبه الحازِّ ، وهو أنْ ينكُت مِرْفَقُه حرفَ كِركِرته.

ومما يقاس على هذا قولهم : نكَتُّه ، إذا ألقيتَه على رأسه فانتكَتَ ، ولعل ذاك من أثرٍ يؤثِّره في الأرض.

نكث النون والكاف والثاء أصلٌ صحيح يدلُّ على نقض شيء. ونكثَ العهد ينكُثُه نَكْثاً. وانتَكَثَ الشّيء : انتَقَض. وقال قولاً لا نَكِيثَةَ فيه ، أي لا خُلْف. ومنه : طَلَب حاجةً ثم انتكثَ لِأُخْرَى ، كأنّه نقض عَزْمَه الأوّل. والنِّكْث : أن تُنقَضَ أخلاقُ الأكسية وتُغْزَلَ ثانية ، وبها سمِّي الرَّجلُ نِكْثا. والنَّكيثَةُ : خُطَّةٌ صَعبة يَنكُثُ فيها القَومُ. قال طرفة :

مَتَى يَكُ أمرٌ للنَّكيثةِ أَشْهَدِ (١)

نكح النون والكاف والحاء أصلٌ واحد ، وهو البِضاع. ونَكَحَ يَنْكِحُ. وامرأةٌ ناكِحٌ في بني فلان ، أي ذات زَوجٍ منهم. النِّكاح يكون العَقدَ دونَ الوطء. يقال نَكَحْتُ : تَزَوّجْتُ. وأنكَحْتُ غَيرِي.

نكد النون والكاف والدال أُصَيل يدلُّ على خُروجِ الشَّيء إلى

__________________

(١) من معلقة طرفه. وصدره :

وقربت بالقربى وجدك إنه


طالِبِه بِشدّة. وهذا مَطلَبٌ نَكِدٌ. ورجلٌ نَكِدٌ ونَكَدٌ (١). ويقال : نَكَدَ الغُرابُ (٢) : استَقْصَى في شَحِيجِه ، كأنّه بَقِيء. وناقةٌ نَكْدَاء : لا لَبَن فيها.

نكر النون والكاف والراء أصلٌ صحيح يدلُّ على خلاف المعرفة التي يَسكُن إليها القَلب. ونَكِرَ الشَّيء وأنكَره : لم يَقْبَلْه قلبُه ولم يعترِفْ به لسانُه : قال :

وأنكرَتْنِي وما كانَ الَّذِي نَكِرَتْ

مِنَ الحوادثِ إلَّا الشَّيبَ والصَّلَعا (٣)

والباب كلُّه راجعٌ إلى هذا. فالنُّكْر : الدَّهْي. والنَّكْراء : الأمر الصعب الشَّديد. ونَكُرَ الأمرُ نَكَارةً. والإنكار : خِلاف الاعتراف. والتنكر : التَّنقُّل من حالٍ تَسُرُّ (٤) إلى أخرى تُكْرَه. ويقولون لما يخرج من الحُوَلاءِ (٥) [من (٦)] دمٍ وما أشبهه : نَكِرَة.

نكز النون والكاف والزاء أُصَيلٌ يدلُّ على غرْزِ شيء ممدَّد في شي. يقال : نكَزْتُه بالحديد أنكُزُه وذلك كالغَرْز. ونَكَزَت الحيّةُ بأنْفِها. ومنه : نكزَ الماءُ : غاضَ ، كأنَّه كالشَّيء يدخُل في الأرض. وبئرٌ ناكزٌ : غارَ

__________________

(١) ويقال نكد أيضا ، بالفتح ، وأنكد.

(٢) ذكر فى القاموس ، ولم يذكر فى اللسان.

(٣) للأعشى فى ديوانه ٧٢ واللسان (نكر).

(٤) فى الأصل : «تستر».

(٥) الحولاء ، بضم الحاء وكسرها مع فتح الواو ، هى من الناقة كالمشيمة للمرأة ، وهى جلدة ماؤها أخضر تخرج مع الولد. وفى الأصل : «من الجولا» ، صوابه فى المجمل واللسان.

(٦) التكملة من المجمل واللسان.


ماؤُها. وأنكَزَها أصحابُها وهذا على المعنى ، كأنَّهم لمّا استقَوْا ماءها ظُنَّ أنَّ ماءها غارَ ونكَزَ في الأرض. قال ذو الرُّمّة :

على حِمْيَرِيّاتٍ كأنَّ عيونَها

ذِمام الرَّكايا أنكزَتْها المواتحُ (١)

نكس النون والكاف والسين أصلٌ يدلُّ على قَلْب الشّيء. منه النَّكْس : قلبُك شيئاً على رأسه. والوِلاد المنكوس : أن يَخرُج رجلاهُ قَبْلَ رأسِه. والنِّكْسُ : السَّهم الذي ينكسر فُوقُه ، فيُجعلُ أعلاه أسفَله. ويقال للمائق : إنَّه لنِكْسٌ ، تشبيهاً بذلك. والمُنَكِّس من الخيل : الذي إذا جرى لم يَسْمُ برأسِه ولا هادِيهِ من ضَعفه.

نكش النون والكاف والشين كلمةٌ تدلُّ على الأَتْىِ على الشَّيء. يقال : أتَوا على عُشب فنكَشُوه. ويقولون : هو بحرٌ لا يُنكَش ، كما يقولون : لا يُنزَف

نكص النون والكاف والصاد كلمةٌ. يقال : نكَصَ في عقِبَيه ، إذا أحجَمَ عن الشَّيء خوفاً وجُبنا. قال ابن دريد (٢) : (نَكَصَ عَلى عَقِبَيْهِ) : رجَع عمَّا كان عليه من خَير ، لا يقال ذلك إلّا في الرُّجوع عن الخَير

نكظ النون والكاف والظاء كلمة واحدة. يقال النَّكظ : الدَّفع والعَجَلة. قال :

__________________

(١) ديوان ذى الرمة ١٠٣ واللسان (نكز ، ذمم).

(٢) الجمهرة (٣ : ٨٦).


[قد] تجاوزتُها على نَكَظِ المَي

طِ إذا خَبَّ لامعاتُ الآلِ (١)

قال ابن دريد : أنكَظَته (٢) إنكاظاً ، ونَكَظْتُه نكظا ، إذا أعجلتَه.

نكع النون والكاف والعين أصلانِ : أحدهما يدلُّ على لونٍ من الألوان ، والآخر على* حَبْسٍ وردّ.

فالأوّل : الأنكع : الأحمر المتقشِّر الأنف. يقال منه نَكِع. ونَكَعَة الطُّرْثُوت من أعلاه إلى قدر إصبع ، عليه قِشره حمراء. وشَفَة (٣) نَكِعة : شديدة الحمرة.

ومن الأصل الآخر : نكعَهُ حَقَّه ، إذا حَبَسه (٤) عنه. ونكَعه عنه : دَفَعه. ونكعتُه بالسَّيف وغيره : دفعتُه. ونكَعْتُه عن حاجته رددتُه عنها. ومنه نكعته الشيء مثل نَقَصْتُه ، كأنَّك دفعتَه عن إكماله أكلاً وشُرْباً.

ومن الباب النَّكُوع : المرأة القصيرة ، والجمع نُكُع ، كأنَّها حُبِست عن أن تطول. ورجلٌ هُكعَة نُكعَة : يثبت مكانَه لا يبرح ، وهو من الحَبْس أيضاً.

نكف النون والكاف والفاء أصلان : أحدُهما يدلُّ على قطع شيء وتنحيته ، والآخر على عضوٍ من الأعضاء ، ثم يقاس عليه.

فالأوّل النَّكْف : تنحِيتُك الدُّموعَ عن خدِّكَ بإصبعك. ويقولون : رأينا غيثاً ما نكَفَه أحدٌ سار يوماً ولا يومين. يقول : ما قَطَعه. وبَحرٌ لا يُنْكَف ،

__________________

(١) للأعشى فى ديوانه ٦ والمجمل واللسان (نكظ). والتكملة فى أول البيت من هذه المراجع.

(٢) فى الأصل : «أنكظه» ، صوابه من الجمهرة (٣ : ١٢٤).

(٣) فى الأصل : «وشفعة» ، صوابه فى المجمل واللسان.

(٤) فى الأصل : «تحبسه» ، صوابه فى المجمل.


مثل لا يُنزَح. والانتكاف : خُروجٌ من أرضٍ ، إلى أرض ، أو أمرٍ إلى أمر تقول : أراد هذا وانتكَفَ فأراد هذا ، كأنَّه قطع عزْمَه الأوّل وانتكف الأثرَ وجَدَه.

والأصل الآخر النَّكَف : جمع نَكفَة ، وهي غُدّةٌ في أصل اللَّحْى. يقال : إبلٌ مُنكِّفة: ظهرت نَكَفاتُها.

ثم قِيسَ على هذا فقيل : نِكَف من الأمر (١) واستنكف ، إذا أنِفَ منه. معنى القِياس في هذا أنَّه لما أنِفَ أَعْرَضَ عنه وأراهُ أصل لَحْيِه ؛ كما يقال أعْرضَ إذا ولَّاه عارِضَه وتركَ مواجَهَتَه. والأَنِفُ من هذا ، كأنَّه شَمَخَ بأنْفِه دُونَه. والقياس في جميع هذا واحد. والله أعلمُ بالصَّواب.

باب النون والميم وما يثلثهما

نمي النون والميم والحرف المعتلّ أصلٌ واحدٌ يدلُّ على ارتفاع وزِيادة. ونمَى المالُ ينمِي: زاد. ونَمَى الخِضَابُ يَنْمِي ويَنمُو ، إذا زاد حمرةً وسوادًا وتنمَّى (٢) الشّيء : ارتفعَ من مكانٍ إلى مكان. قال :

يا حُبَّ ليلَى لا ينيَّرْ وازدَدِ

وانمِ كما يَنْمِي الخضابُ في اليَدِ (٣)

__________________

(١) يقال نكف من الأمر ، وعن الأمر أيضا.

(٢) فى الأصل : «تمنى» ، صوابه فى المجمل واللسان. وشاهده قول القطامى :

فأصبح سيل ذلك قد تنمى

إلى من كان منزله يفاعا

(٣) هذه هى الرواية المشهورة كما نص ابن سيده. انظر اللسان. ويروى : «وانم كما ينمو».


وانتمَى فلانٌ إلى حَسبِهِ : انتسَب. ونَمَّيْتُ الحديثَ : أشَعتُه ، ونَمَيْتُه بالتخفيف ، والقياس فيهما واحد. والنَّاميَة : الخَلْق ، لأنَّهم يَنْمُون ، أي يزيدون : وفي الحديث : «لا تَمْثُلُوا بنامِيَةِ الله». ويقال : نمَّيتُ النار. إذا ألقيتَ عليها شَيُوعاً. ويقال : نَمَتِ الرّمِيّةُ ، إذا ارتفعَتْ وغابت ثم ماتت ، وأنماها صاحِبُها.

قال :

فهي لا تَنْمِي رمِيَّتُه

ما لَه لا عُدَّ من نَفرِهْ (١)

وفي الحديث : «كل ما أصْمَيْتَ ودع ما أنميت».

نمر النون والميم والراء أصلانِ : أحدهما لونٌ من الألوان ، والآخر يدلُّ على نُجوعِ شراب فالأوَّل النَّمِر ، معروف ، من اختلاط السَّواد والبياض في لونِه ، غير أنّ البياضَ أكثر. ومن النّمر اشتُقَّ لون السَّحاب النُّمْر ، وكذلك النَّعَم النُّمْر فيها سواد وبياض. وكذلك النَّمِرَة ، إنما هي كساءٌ ملوَّن مخطَّط. وتنمَّر لي فلانٌ : تهدَّدني. وتحقيقُه لَبِس لي جلد النَّمِر.

والأصل الآخر النَّمير ، وهو الماء العَذْبُ النّامِي في الجسدِ الناجعُ. ثم يستعار فيقال [حَسَبٌ (٢)] نَمِيرٌ ، أي زاكٍ.

نمس النون والميم والسين ثلاثُ كلمات : إحداها تدلُّ على سَتْرٍ شيء ، والأُخرى على لونٍ من الألوان ، والثالثة على فسادِ شيء من الأشياء.

فالأولى النَّاموس : وهو صاحب سِرِّ الإنسان. ونَمَسَ : قال : حديثاً في سِرّ

__________________

(١) لامرئ القيس فى ديوانه ١٥٣ واللسان (نمى) ، والرواية فيهما : «فهو لا تنمى».

(٢) التكملة من المجمل واللسان.


وستر. والنَّاموس : قُتْرَة الصَّائد. وفي مُصَنَّف الغريب : النَّاموس جَبْرَئِيل عليه السلام. والأصل كلُّه واحد. ونامَسْتُ فلاناً منامسةً : سارَرْته وجعلتُه موضعاً لسِرِّي. قال ابن دُرَيد : وكلُّ شيءٍ سترتَ به (١) شيئاً فهو ناموسٌ له.

والثالثة* النَّمَس : الكَدَر (٢) في اللَّون. يقال القطا النُّمْس ، لأنَّ في لونها كُدْرة. والنَّمَس : فسادُ السَّمْنِ والغالية وكلِّ طِيب. والنِّمْس : دُوَيْبَّة ، سمِّيت للونها. فأمّا قول حميد(٣) :

* كتَواهُقِ النِّمْسِ *

فيقال : إنّه أراد هذه الدّوابّ. ورواه أبو سَعِيد : «النُّمْس» ، قال : وهي القَطَا جمع أنْمَس.

نمش النون والميم والشين أصلٌ يدلُّ على تخطيطٍ في شيء. منه النَّمَش ، وهي خُطوط النُّقوش ، والنَّعت نَمِشٌ. ومن الباب النَّمْش كما يفعله العابثُ (٤) إذا التقط شيئاً وخَطَّط بأصابعه. قال :

* قلتُ لها وأُولِعَتْ بالنَّمْشِ (٥) *

ونَمَشَ الجرادُ الأرضَ : جَرَدَها.

نمص النون والميم والصاد أُصَيلٌ يدلُّ على رِقّة شَعْرٍ أو نتف له. فالنَّمَص : رِقَّة الشَّعر. والمِنْماص : المِنْقاش. وشعرٌ نميصٌ ، ونبتٌ نميصٌ : نتفَتْه الماشيةُ بأفواهها.

__________________

(١) فى الجمهرة (٣ : ٥٢) : «فيه».

(٢) فى الأصل : «والكدر».

(٣) فى المجمل : «جميل».

(٤) فى الأصل : «العائب» ، صوابه فى المجمل.

(٥) وكذا ورد إنشاده فى المجمل. وفى اللسان : «قال لها».


نمط النون والميم والطاء كلمةٌ تدلُّ على اجتماع. والنَّمَط : جماعةٌ من الناس. وفي الحديث (١) : «خير هذه الأمَّة النَّمَط الأوسط ، يَلْحَقُ بهم (٢) التَّالي ويرجع إليهم الغالي».

نمغ النون والميم والغين كلمةٌ تدلُّ على أعلى شيء. ونَمغَة الجبل : أعلاه. والنَّمَغة : ما تحرَّكَ من يافوخ الصَّبِىّ أوّلَ ما يُولَد.

نمق النون والميم والقاف أُصَيْلٌ يدلُّ على تحسينِ شيءٍ وتجويده. ونَمَقْتُ الكتاب ونَمَّقْتُه : نقَشتُه وصَوَّرْتُه. قال :

كأنَّ مَجَرَّ الرّامساتِ ذيولَها

عليه قَضيمٌ نمَّقته الصَّوَانعُ (٣)

نمل النون والميم واللام كلماتُه تدل على تجمُّعٍ في شيءٍ وصِغَرٍ وخِفّة. منه النَّمل : جمع نَمْلة. وطعامٌ منمولٌ : أصابه النَّمل. وفرسٌ نَمِلُ القَوائِمِ : خفيفُها ، كأنَّها شُبِّهَتْ بالنَّمْل. والنَّمْلة : قَرْحَهٌ تخرُج في الجَنْبِ ، كأنّها سمِّيَت بها لتفشِّيها وانتشارها ، شبِّهت بالنَّملةِ ودَبِيِها. والأَنْمُلَة : واحدة الأنامل ، وهي أطراف الأصابع.

ويقولون وليس من هذا : إنَ النَّمْلَة : شَقٌّ يكون في حافر الفرس من الأشْعَر إلى المَقَطّ.

ومما شذّ عن الباب النُّمْلة بالضم في النون والسكون في الميم (٤) هي النَّميمة. ويقال : نَمَل ، إذا نَمَّ.

__________________

(١) هو من كلام على بن أبى طالب رضى الله عنه ، كما فى اللسان.

(٢) فى الأصل : «بها» ، وأثبت نص المجمل واللسان.

(٣) للنابغة الذبيانى فى ديوانه ٥٠ واللسان (نمق ، قضم) وقد سبق فى (قضم).

(٤) هى مثلثة النون ، ويقال فى لغة رابعة «النميلة» كالنميمة وزنا ومعنى.


باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوّله نون

من ذلك (النّهْشَل) : الذِّئب ، ويقال الصَّقْر. وهو منحوتٌ من كلمتين : نَشَل ونَهَش ، كأنَّه ينشل اللّحم ويَنْهَشه ، وقد فُسِّرا جميعاً.

ومن ذلك (النَّهابِر) : المَهَالِك. وهو منحوت من نَهَبَ ونَهَر. والنَّهْبُ من الانتهاب. ونَهَرَ من نهر الفَتْق ، كأنَّه شيءٌ نهَب ونَهَر وضَيَّع : وقد فسّرناه.

و (نَهْبَر) الرَّجلُ في كلامه : أتَى به على غير جهته ، وهو من نهب ، كأنّه ينتهب الكلامَ ، ومن نَهَر ، كأَنَّه يتوسَّع فيه.

ومنه (النَّهْبلَة) النَّاقة الضخمة. والنَّهْبَلة : العجوز. والنَّهبَل : الشَّيخ. وهذه مما زيدت فيه النون ، والأصل هاء وباء ولام. يقولون للشَّيخ هِبِلّ ، وللعجوز هبلَّة.

ومنه (النَّقرشة (١)) : الحِسُّ الخفِىّ ، كحِسِّ الفارة واليَربوع. قال :

* يأيُّها ذَا الجُرَذُ المُنَقْرِشُ (٢) *

وهي منحوتة من نقر وقرش ونَقَش ، لأنَّه كأنه ينقُر شيئاً ، ويَقْرِشُه : يجمعه ، وينقُشه كما يُنقَش الشّيءُ بالمِنقاش.

ومنه (النِّقْرِس) : الدَّاهية من الأدِلَّاء. ودليلٌ نِقرِس ، وطبيب نِقْرِس ونِقريسٌ : حاذق. وهذا ممَّا زيدت فيه السين ، وأصله من النَّقْر ، كأنّه ينقر عن الأشياء ، أى يبحث عنها.

__________________

(١) وكذا فى المجمل. ولم أجد مادة هذه الكلمة فى المعاجم المتداولة.

(٢) وكذا أنشده فى المجمل ، ولم أعثر له على مرجع آخر.


ومنه (النَّقثَلة) : مِشْيَةٌ يُثِير فيها الرَّجُلُ التُّرابَ إذا مَشَى. قال :

* وتارةً أنبُثُ نَبْثَ النَّقْثَلَه (١) *

وهو منحوتٌ من كلمتين : نَقَثَ من النَّقْث : الإسراع في المَشْي ، ومن نَقَل ، مِن نَقْل القوائم. وقد فسَّرناهما فيما مضى.

ومنه (النُّمْرِقَة) : الوِسادة. وهذا مما زيدت فيه القاف ، إنَّما هي من النَّمِرَة وهي الكساء المخطَّط ، وقد فسَّرناها ، والله أعلم بالصواب.

* تم كتاب النون

تم الجزء الخامس من مقاييس اللغة بتقسيم محققه

ويليه الجزء السادس وأوله كتاب الهاء

__________________

(١) لصخر بن عمير ، كما فى اللسان (نقثل) ، وأنشده فى المجمل بدون نسبة أيضا. وقبله :

قاربت أمشى القعولى والفتجله


مراجع التحقيق والضبط

يضاف إلى المراجع المثبتة في نهايات الأجزاء السابقة :

أراجيز العرب ، للبكرى. طبع سنة ١٣١٣ القاهرة.

إعجاز القرآن ، للباقلانى. طبع السلفية ١٣٤٩ القاهرة.

بلوغ الأرب ، للآلوسى. طبع الرحمانية ١٣٤٣ القاهرة.

حياة الحيوان ، للدميرى. طبع صبيح القاهرة.

ديوان امرئ القيس. برواية الطوسى (مخطوط دار الكتب المصرية).

ديوان امرئ القيس. برواية خرابنداذ (مخطوط دار الكتب المصرية).

ديوان الزفيان. ملحق بديوان العجاج. طبع ليبسك ١٩٠٣ م.

ديوان أبى طالب. مخطوط الشنقيطى بدار الكتب المصرية.

ديوان عمر بن أبى ربيعة. طبع پول شوارز ١٣١٨ ليبسك.

ديوان النابغة الذبيانى. مخطوط مكتبة أحمد الثالث بتركيا.

الرسالة ، للشافعى. تحقيق الشيخ أحمد شاكر. طبع الحلبى ١٣٥٨.

سمط اللآلئ ، للراجكوتى والبكرى. طبع لجنة التأليف ١٣٥٤.

شرح الألفية ، للأشمونى. طبع بولاق ١٢٨٧.

غيث النفع ، للصفاقسى. طبع العامرة الشرفية ١٣٠٤ القاهرة.

الفصول والغايات ، للمعرى. طبع حجازى ١٣٥٦ القاهرة.

كتاب الهمز ، لأبى زيد الأنصارى. طبع الكاثوليكية ١٩١١ م بيروت.

المداخل ، لغلام ثعلب. مخطوطة دار الكتب المصرية.


معجم ما استعجم ، للبكرى. تحقيق الأستاذ السقا. طبع لجنة التأليف ١٣٦٤.

المغنى ، لابن قدامة. طبع أنصار السنة ١٣٦٧ القاهرة.

من نسب إلى أمه من الشعراء. (فى المجموعة الأولى من نوادر المخطوطات).

المواهب الفتحية ، للشيخ حمزة فتح الله. طبع مطبعة المدارس ١٣٢٦.

النقائض. لأبى عبيدة. طبع ليدن ١٩٠٥ م.

النقود العربية وعلم النميات ، للأب أنستاس. المطبعة العصرية ١٩٣٩ م القاهرة.

نوادر المخطوطات ، تحقيق عبد السلام هارون. (مجموعات متتالية. تطبع ابتداء من سنة ١٣٧٠).

معجم مقاييس اللغة - ٥

المؤلف:
الصفحات: 486