بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

١ ـ في كتاب ثواب الأعمال باسناده الى أبى عبد الله عليه‌السلام قال : من قرأ سورة إبراهيم والحجر في ركعتين جميعا في كل جمعة لم يصبه فقر أبدا ولا جنون ولا بلوى.

٢ ـ في مجمع البيان أبى بن كعب عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : من قرأها أعطى من الأجر عشر حسنات بعدد المهاجرين والأنصار والمستهزئين بمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله.

٣ ـ في تفسير العياشي عن عبد الله بن عطاء المكي قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن قول الله : (رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كانُوا مُسْلِمِينَ) قال : ينادى مناد يوم القيمة يسمع الخلايق انه لا يدخل الجنة الا مسلم ، ثم يود سائر الخلق انهم كانوا مسلمين.

٤ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثني أبى عن محمد بن أبى عمير عن عمر بن أذينة عن رفاعة عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : إذا كان يوم القيمة نادى مناد من عند الله : لا يدخل الجنة الا مسلم فيومئذ (يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كانُوا مُسْلِمِينَ).

٥ ـ في مجمع البيان وروى مرفوعا عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : إذا اجتمع أهل النار في النار ومعهم من شاء الله من أهل القبلة ، قال الكفار للمسلمين : ألم تكونوا مسلمين؟ قالوا : بلى ، قالوا : فما أغنى عنكم إسلامكم وقد صرتم معنا في النار؟ قالوا : كانت لنا ذنوب فأخذنا بها فيسمع الله عزوجل ما قالوا فأمر من كان في النار من أهل الإسلام فأخرجوا منها ، فحينئذ يقول الكفار : يا ليتنا كنا مسلمين.

قال عز من قائل (ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ)

٦ ـ في أصول الكافي الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن الوشاء عن عاصم


ابن حميد عن أبي حمزة عن يحيى بن عقيل قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : انما أخاف عليكم اثنتين : اتباع الهوى وطول الأمل ، اما اتباع الهوى فانه يصد عن الحق ، وأما طول الأمل فينسى الاخرة.

٧ ـ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن عمر بن عثمان عن علي بن عيسى رفعه قال : فيما ناجى الله عزوجل موسى عليه‌السلام : يا موسى لا يطول في الدنيا أملك فيقسو قلبك ، والقاسى القلب منى بعيد.

٨ ـ في الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن علي بن النعمان عن ابن مسكان عن داود بن فرقد عن أبي شبيبة الزهري عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا استحقت ولاية الله والسعادة جاء الأجل بين العينين ، وذهب الأمل وراء الظهر ، وإذا استحقت ولاية الشيطان والشقاوة جاء الأمل بين العينين وذهب الأجل وراء الظهر ، قال : وسئل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أى المؤمنين أكيس؟ فقال أكثرهم ذكرا للموت وأشدهم له استعدادا.

٩ ـ محمد بن يحيى عن الحسين بن اسحق عن علي بن مهزيار عن فضالة عن اسمعيل ابن أبي زياد عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : ما أنزل الموت حق منزلته من عد غدا من أجله ، قال : وقال : أمير المؤمنين عليه‌السلام : ما أطال عبد الأمل الا ساء العمل ، وكان يقول : لو راى العبد أجله وسرعته اليه لابغض العمل من طلب الدنيا.

١٠ ـ في نهج البلاغة قال عليه‌السلام : واعلموا ان الأمل يسهى القلب وينسي الذكر ، فأكذبوا الأمل فأنه غرور وصاحبه مغرور.

١١ ـ في كتاب الخصال عن عبد الله بن حسن بن علي عن امه بنت الحسين عن أبيها عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ان صلاح أول هذه الامة بالزهد واليقين ، وهلاك


آخرها بالشح (١) والأمل.

١٢ ـ في كتاب المناقب لابن شهر آشوب بعد أن ذكر قوله تعالى : (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ) ثم قوله تعالى (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ) : تفسير يوسف القطان ووكيع بن الجراح واسمعيل السري وسفيان الثوري انه قال الحارث : سألت أمير المؤمنين عليه‌السلام عن هذه؟ قال : والله انا لنحن أهل الذكر ، نحن أهل العلم ، نحن معدن التأويل والتنزيل.

١٣ ـ في تفسير علي بن إبراهيم قوله : (وَلَقَدْ جَعَلْنا فِي السَّماءِ بُرُوجاً) قال : منازل الشمس والقمر وزيناها للناظرين بالكواكب.

١٤ ـ في مجمع البيان وزيناها بالكواكب النيرة عن أبي عبد الله عليه‌السلام وهي في اثنى عشر برجا.

١٥ ـ في قرب الاسناد للحميري باسناده الى موسى بن جعفر عليه‌السلام حديث طويل يذكر فيه آيات الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول فيه مخاطبا لنفر من اليهود : اما أول ذلك فانكم أنتم تقرؤن ان الجن كانوا يسترقون السمع قبل مبعثه فمنعت في أوان رسالته بالرجوم وانقضاض النجوم وبطلان الكهنة والسحرة.

١٦ ـ في تفسير العياشي عن بكر بن محمد الأزدي عن عمه عبد السلام عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال يا عبد السلام : احذر الناس ونفسك ، فقلت : بأبى أنت وأمي اما الناس فقد أقدر على أن أحذرهم ، فاما نفسي فكيف؟ قال : ان الخبيث المسترق السمع يجيئك فيسترق ثم يخرج في صورة آدمي ، فقال عبد السلام : فقلت : بأبى وأمي هذا ما لا حيلة له قال : هو ذاك (٢).

__________________

(١) الشح : البخل.

(٢) قال في البحار : الظاهران المراد به ما تلفظ به من معايب الناس وغيرها من الأمور التي يريد أخفاعها فيكون مبالغة في التقية ، ويحتمل شموله لما يخطر بالبال ، فيكون الغرض رفع الاستبعاد عما يخفيه الإنسان عن غيره ثم يسمعه من الناس وهذا كثير ، والمراد بالخبيث الشيطان.


١٧ ـ في أمالي الصدوق (ره) حدثنا على بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن أبي عبد الله البرقي قال : حدثني أبي عن جده أحمد بن أبي عبد الله عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي عن أبان بن عثمان عن أبي عبد الله الصادق عليه‌السلام قال : كان إبليس لعنه الله يخترق السموات السبع ، فلما ولد عيسى عليه‌السلام حجب من ثلث سموات وكان يخترق أربع سموات ، فلما ولد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حجب من السبع كلها ورميت الشياطين بالنجوم ، وقالت قريش : هذا قيام الساعة التي كنا نسمع أهل الكتب يذكرونه ، وقال عمرو بن امية وكان من أزجر أهل الجاهلية : أنظروا هذه النجوم التي يهتدى بها ويعرف بها أزمان الشتاء والصيف ، فان كان رمى بها فهو هلاك كل شيء ، وان كانت ثبتت ورمى بغيرها فهو أمر حدث ، وأصبحت الأصنام كلها صبيحة ولد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ليس منها صنم الا وهو منكب على وجهه ، وارتجس في تلك الليلة إيوان الكسرى وسقطت منه أربع عشرة شرفة (١) وغاضت بحيرة ساوة (٢) وخمدت نيران فارس ولم تخمد قبل ذلك بألف عام ، ورأى المؤبدان (٣) في تلك الليلة في المنام إبلا صعابا تقود خيلا عرابا ، قد قطعت دجلة وانسربت في بلادهم ، وانقصم طاق الملك الكسرى من وسطه ، وانخرقت عليه دجلة العوراء (٤) وانتشر في تلك الليلة نور من قبل الحجاز ثم استطار حتى بلغ المشرق ولم يبق سرير ملك من ملوك الدنيا الا أصبح منكوسا والملك مخرسا لا يتكلم يومه ذلك ، وانتزع علم الكهنة وبطل سحر السحرة ، ولم تبق كاهنة في العرب الا حجبت عن صاحبها ، وعظمت قريش في العرب وسموا آل الله عزوجل ، قال أبو عبد الله الصادق عليه‌السلام : انما سموا آل الله لأنهم في بيت الله الحرام

__________________

(١) الشرفة من القصر : ما أشرف من بنائه والجمع شرف.

(٢) غاض الماء : نقص وغارفى الأرض.

(٣) المؤبدان : فقيه الفرس وحاكم المجوس وهو للمجوس كقاضي القضاة للمسلمين.

(٤) قال في البحار في بيان الحديث : ان كسرى كان سكر بعض الدجلة وبنى عليها بناء ، فلعله لذلك وصفوا الدجلة بعد ذلك بالعوراء ، لأنه عور وطم بعضها فانخرقت عليه ، ورأيت في بعض المواضع بالغين المعجمة من اضافة الموصوف الى الصفة اى العميقة.


وقالت آمنة : ان إبني والله سقط فاتقى الأرض بيديه ثم رفع رأسه الى السماء فنظر إليها ثم خرج منى نور أضاء له كل شيء ، وسمعت في الضوء قائلا يقول : انك قد ولدت سيد الناس فسميه محمدا ، وأتى به عبد المطلب لينظر اليه وقد بلغه ما قالت امه فأخذه فوضعه في حجره ثم قال : الحمد لله الذي أعطانى* هذا الغلام الطيب الأردان* قد ساد في المهد على الغلمان ثم عوذة بأركان الكعبة وقال فيه أشعارا ، قال : وصاح إبليس لعنه الله في أبالسته ، فاجتمعوا اليه فقالوا : ما الذي أفزعك يا سيدنا؟ فقال لهم : ويلكم لقد أنكرت السموات والأرض منذ الليلة ، لقد حدث في الأرض حدث عظيم ما حدث مثله منذ رفع عيسى بن مريم ، فاخرجوا وانظروا ما هذا الحدث الذي قد حدث ، فافترقوا ثم اجتمعوا اليه فقالوا : ما وجدنا شيئا ، فقال إبليس لعنه الله : أنا لهذا الأمر ثم انغمس في الدنيا فجالها حتى انتهى الى الحرم ، فوجد الحرم محفوظا بالملائكة فذهب ليدخل فصاحوا به فرجع ، ثم صار مثل الصرد وهو العصفور فدخل من قبل حراء ، فقال له جبرئيل : وراك لعنك الله فقال له : حرف أسألك عنه يا جبرئيل ما هذا الحدث منذ الليلة في الأرض؟ فقال له : ولد محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : هل لي فيه نصيب؟ قال : لا ، قال : ففي أمته؟ قال : نعم ، قال : رضيت.

١٨ ـ في تفسير على بن إبراهيم : (وَحَفِظْناها مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ رَجِيمٍ إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ مُبِينٌ) فلم تزل الشياطين تصعد الى السماء وتتجسس حتى ولد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قوله : (وَالْأَرْضَ مَدَدْناها وَأَلْقَيْنا فِيها رَواسِيَ) اى جبالا (وَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ وَجَعَلْنا لَكُمْ فِيها مَعايِشَ وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرازِقِينَ) قال : لكل ضرب من الحيوان قدرنا شيئا مقدرا. وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله : (وَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ) فان الله تبارك وتعالى أنبت في الجبال الذهب والفضة والجوهر والصفر والنحاس والحديد والرصاص والكحل والزرنيخ وأشباه هذه لا يباع الا وزنا.


وقال على بن إبراهيم في قوله : (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ وَما نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ) قال : الخزانة الماء الذي ينزل من السماء فينبت لكل حزب من الحيوان ما قدر الله لها من الفداء.

١٩ ـ في روضة الواعظين للمفيد (ره) وروى جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عليه‌السلام انه قال : في العرش تمثال جميع ما خلق الله من البر والبحر ، قال : وهذا تأويل قوله : (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ).

٢٠ ـ في تفسير على بن إبراهيم قوله و (أَرْسَلْنَا الرِّياحَ لَواقِحَ) قال : التي تلقح الأشجار.

٢١ ـ في تفسير العياشي عن ابن وكيع عن رجل عن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لا تسبوا الريح فانها بشر ، وإنها نذر وإنها لواقح فاسئلوا الله من خيرها وتعوذوا من شرها.

٢٢ ـ عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه‌السلام و (لَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ) قال : هم المؤمنون من هذه الامة.

٢٣ ـ في تفسير على بن إبراهيم : (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ صَلْصالٍ) قال :

الماء المتصلصل بالطين (مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ قالَ) حمأ متغير (١).

٢٤ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن محمد بن الحسن عن النضر بن شعيب عن عبد الغفار الجازي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سمعته يقول : طينة الناصب (مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ) ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٢٥ ـ في عيون الاخبار في باب ما جاء عن الرضا عليه‌السلام في هاروت وماروت حديث طويل وفيه بعد أن مدح عليه‌السلام الملائكة وقال : معاذ الله من ذلك ان الملائكة معصومون محفوظون من الكفر والقبايح بألطاف الله تعالى ، قالا : قلنا له : فعلى هذا لم يكن إبليس أيضا ملكا؟ فقال : لا بل كان من الجن ، أما تسمعان الله يقول : (وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كانَ مِنَ الْجِنِّ) فأخبر عزوجل انه كان من الجن ، وهو الذي قال الله تعالى

__________________

(١) الحمأ : الطين الأسود.


(وَالْجَانَّ خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نارِ السَّمُومِ)

٢٦ ـ في كتاب الخصال عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : الاباء ثلثة : آدم ولد مؤمنا والجان ولد كافرا ، وإبليس ولد كافرا ، وليس فيهم نتاج انما يبيض ويفرخ ، وولده ذكور ليس فيهم إناث.

٢٧ ـ في تفسير على بن إبراهيم : (وَالْجَانَّ خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نارِ السَّمُومِ) قال : أبو إبليس وقال : الجان من ولد الجان منهم مؤمنون وكافرون ويهود ونصارى وتختلف أديانهم ، والشياطين من ولد إبليس وليس فيهم مؤمن الا واحد اسمه هام بن هيم بن لا قيس بن إبليس ، جاء الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فرآه جسيما عظيما وامرءا مهولا ، فقال له : من أنت؟ قال : انا هام بن هيم بن لاقيس بن إبليس ، كنت يوم قتل قابيل هابيل غلاما ابن أعوام أنهى عن الاعتصام وآمر بإفساد الطعام ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : بئس لعمري الشاب المؤمل ، والكهل المؤمر ، فقال : دع عنك هذا يا محمد فقد جرت توبتي على يد نوح ، ولقد كنت معه في السفينة فعاتبته على دعائه على قومه ، ولقد كنت مع إبراهيم حين القى في النار فجعلها الله عليه بردا وسلاما ، ولقد كنت مع موسى حين غرق الله فرعون ونجى بنى إسرائيل ، ولقد كنت مع هود حين دعا على قومه فعاتبته ، ولقد كنت مع صالح فعاتبته على دعائه على قومه ، ولقد قرأت الكتب تبشرني بك ويقرءونك السلام ويقولون : أنت أفضل الأنبياء وأكرمهم ، فعلمني مما أنزل الله عليك شيئا ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لأمير المؤمنين صلوات الله عليه : علمه ، فقال هام : يا محمد انا لا نطيع الا نبيا أو وصى نبي ، فمن هذا؟ قال : هذا أخى ووصيي ووزيري ووارثي علي بن أبي طالب ، قال : نعم نجد اسمه في الكتب اليا ، فعلمه أمير المؤمنين عليه‌السلام ، فلما كانت ليلة الهرير بصفين جاء الى أمير المؤمنين عليه‌السلام.

قوله : (وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ صَلْصالٍ) فقد كتبنا خبره.

٢٨ ـ في كتاب علل الشرائع عن أبي جعفر عليه‌السلام عن على أمير المؤمنين عليه‌السلام حديث طويل وفيه قال الله جل جلاله للملائكة : (إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ صَلْصالٍ


مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ* فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ) وذلك من الله عزوجل تقدمة منه الى الملائكة في آدم من قبل أن يخلقه احتجاجا منه عليهم ، قال : فاغترف تبارك وتعالى غرفة من الماء العذب الفرات وصلصلها (١) فجمدت ، ثم قال لها : منك أخلق النبيين والمرسلين وعبادي الصالحين والائمة المهتدين الدعاة الى الجنة وأتباعهم الى يوم القيمة ، ولا أبالى ولا اسئل عما أفعل وهم يسئلون ، يعنى بذلك خلقه انه يسألهم ، ثم اغترف من الماء المالح الأجاج فصلصلها فجمدت ، ثم قال لها : منك أخلق الجبارين والفراعنة والعتاة واخوان الشياطين ، والدعاة الى النار الى يوم القيامة وأتباعهم ، ولا أبالي ولا اسئل عما أفعل وهم يسألون ، قال : وشرط في ذلك البداء ولم يشرط في أصحاب اليمين البداء ، ثم خلط المائين فصلصلهما ثم ألقاهما قدام عرشه ، وهما ثلة من طين (٢) ثم أمر الملائكة الاربعة الشمال والدبور والصبا والجنوب أن جولوا على هذه الثلة الطين وأبروها (٣) وانسموها ، ثم جزوها وفصلوها واجروا الطبائع الاربعة الريح والمرة (٤) والدم والبلغم ، قال : فجاءت الملائكة عليها وهي الشمال والصبا والجنوب والدبور فأجروا فيها الطبائع الاربعة ، قال : والريح في الطبائع الاربعة في البدن من ناحية الشمال ، قال : والبلغم في الطبائع الاربعة في البدن من ناحية الصبا ، قال : والمرة في الطبائع الاربعة في البدن من ناحية الدبور ، قال : والدم في الطبائع الاربعة في البدن من ناحية الشمال ، قال : والبلغم في الطبائع الاربعة في البدن من ناحية الصبا ، قال : والمرة في الطبائع الاربعة في البدن من ناحية الدبور ، قال : والدم في الطبائع الاربعة في البدن من ناحية الجنوب ، قال : فاستقلت النسمة وكمل البدن ، قال : فلزمه من ناحية الريح حب الحيوة وطول الأمل والحرص ، ولزمه من ناحية البلغم حب الطعام

__________________

(١) الصلصال : الطين اليابس الذي لم يطبخ إذا نقربه صوت كما يصوت الفخار. وصلصل الشيء : صوت.

(٢) وفي تفسير القمى : «سلالة» بدل «ثلة». وكذا فيما يأتى.

(٣) قال المجلسي (ره) قوله : «فأبروها» يمكن أن يكون مهموزا من برأه الله اى خلقه وجاء غير المهموز أيضا بهذا المعنى ، فيكون مجازا اى اجعلوها مستعدة للخلق ، ويمكن أن يكون من البري بمعنى النحت. كناية عن التفريق أو من التأبير من قولهم أبر النخل اى أصلحه.

(٤) قال زميلنا الفاضل دامت إفاضاته في ذيل الحديث في العلل : قوله الريح والمرة الظاهران المراد بالريح هنا السوداء وبالمرة : الصفراء.


والشراب واللين والرفق ، ولزمه من ناحية المرة الغضب والسفه والشيطنة والتجبر والتمرد والعجلة ، ولزمه من ناحية الدم حب النساء واللذات وركوب المحارم والشهوات. قال عمرو : أخبرنى جابر أن أبا جعفر عليه‌السلام قال : وجدناه في كتاب من كتب على عليه‌السلام.

٢٩ ـ وباسناده الى اسحق القمى (١) عن أبي جعفر الباقر عليه‌السلام حديث طويل يقول فيه عليه‌السلام : لما كان الله منفردا بالوحدانية ابتدأ الأشياء لا من شيء ، فأجرى الماء العذب على أرض طيبة طاهرة سبعة أيام مع لياليها ، ثم نضب (٢) الماء عنها فقبض قبضة من صفاء ذلك الطين وهي طينتنا أهل البيت ، ثم قبض قبضة من أسفل ذلك الطينة وهي طينة شيعتنا ثم اصطفانا لنفسه ، فلو ان طينة شيعتنا تركت كما تركت طينتنا لما زنى أحد منهم ولا سرق ولا لاط ولا شرب المسكر ، ولا ارتكب شيئا مما ذكرت ، ولكن الله عزوجل أجرى الماء المالح على أرض ملعونة سبعة أيام ولياليها ، ثم نضب الماء عنها ، ثم قبض قبضة وهي طينة ملعونة (مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ) وهي طينة خبال (٣) وهي طينة أعدائنا ، فلو ان الله عزوجل ترك طينتهم كما أخذناها لم تروهم في خلق الآدميين ، ولم يقروا بالشهادتين ولم يصوموا ولم يصلوا ولم يزكوا ولم يحجوا البيت ، ولم تروا أحدا منهم بحسن خلق ، ولكن الله تبارك وتعالى جميع الطينتين طينتكم وطينتهم ، فخلطهما وعركهما عرك الأديم (٤) ومزجهما بالمائين ، فما رأيت من أخيك المؤمن من شر : لواط (٥) أو زنا أو شيء مما ذكرت من شرب مسكر أو غيره ، فليس من جوهريته ولا من ايمانه ، انما هو بمسحة الناصب اجترح هذه السيئات التي ذكرت ، وما رأيت من الناصب من حسن وجهه وحسن خلق أو صوم أو صلوة أو حج بيت الله أو صدقة أو معروف فليس من جوهريته ، انما تلك الأفاعيل من

__________________

(١) وقد مر نظير هذا الحديث في سورة يوسف تحت رقم ١٤١ عن كتاب العلل عن أبى ـ اسحق الليثي عن ابى جعفر (ع) وفيه زيادات وإضافات يفهم منها معنى هذا الحديث فراجع.

(٢) نضب الماء : غارفى الأرض وسفل.

(٣) الخبال : الفساد.

(٤) عرك الأديم : دلكه والأديم : الجلد المدبوغ.

(٥) وفي نسخة البحار «من شر لفظ».


مسحة الايمان اكتسبها ، وهو اكتساب مسحة الايمان.

٣٠ ـ في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن ابى عمير عن ابن أذينة عن الأحول قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الروح التي في آدم قوله (فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي) قال : هذه روح مخلوقة ، والروح التي في عيسى مخلوقة.

٣١ ـ عدة من أصحابنا عن احمد بن محمد بن خالد عن أبيه عن عبد الله بن بحر عن أبي أيوب الخزاز عن محمد بن مسلم قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عما يروون ان الله خلق آدم على صورته؟ فقال : هي صورة محدثة مخلوقة اصطفاها الله واختارها على ساير الصور المختلفة ، فأضافها الى نفسه كما أضاف الكعبة الى نفسه ، والروح الى نفسه فقال : «بيتي» (وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي).

٣٢ ـ في كتاب التوحيد باسناده الى محمد بن مسلم قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي) قال : روح اختاره الله واصطفاه وخلقه واضافه الى نفسه ، وفضله على جميع الأرواح فنفخ منه في آدم.

٣٣ ـ وباسناده الى أبي جعفر الأصم قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن الروح التي في آدم والتي في عيسى ما هما؟ قال : روحان مخلوقان اختارهما الله واصطفاهما : روح آدم وروح عيسى عليهما‌السلام.

٣٤ ـ وباسناده الى أبي بصير عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله : (وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي) قال : من قدرتي.

٣٥ ـ وباسناده الى عبد الكريم بن عمرو عن أبي عبد الله عليه‌السلام (فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي) قال : ان الله عزوجل خلق خلقا وخلق روحا ، ثم أمر ملكا فنفخ فيه فليست بالتي نقصت من قدرة الله شيئا من قدرته.

٣٦ ـ وباسناده الى عبد الحميد الطائي عن محمد بن مسلم قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي) كيف هذا النفخ؟ فقال : ان الروح


متحرك كالريح وانما سمى روحا لأنه اشتق اسمه من الريح ، وانما أخرجت على لفظة الروح لان الروح مجانس للريح ، وانما اضافه الى نفسه لأنه اصطفاه على ساير الأرواح ، كما اصطفى بيتا من البيوت فقال : «بيتي» وقال لرسول من الرسل : «خليلي» وأشباه ذلك ، وكل ذلك مخلوق مصنوع محدث مربوب مدبر. في الكافي مثل هذا الحديث الأخير سواء.

٣٧ ـ في قرب الاسناد للحميري باسناده الى مسعدة بن زياد قال : حدثني جعفر بن محمد عن أبيه أن روح آدم عليه‌السلام لما أمرت أن تدخل فكرهته ، فأمرها الله أن تدخل كرها وتخرج كرها.

٣٨ ـ في تفسير العياشي عن محمد بن مسلم عن أبى جعفر عليه‌السلام قال : سألته عن قول الله : (وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ) قال : روح خلقها الله فنفخ في آدم منها.

٣٩ ـ عن أبى بصير عن أبى عبد الله عليه‌السلام في قوله : (فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي) قال : خلق خلقا وخلق روحا ، ثم أمر الملك فنفخ وليست بالتي نقصت من الله شيئا ، هي من قدرته تبارك وتعالى عنه.

٤٠ ـ وفي رواية سماعة عنه : خلق آدم فنفخ فيه ، وسألته عن الروح؟ قال : هي من قدرته من الملكوت.

٤١ ـ في نهج البلاغة قال عليه‌السلام : ثم جمع سبحانه من حزن الأرض وسهلها (١) تربة سنها بالماء حتى خلصت ولاطها بالبلة حتى لزبت (٢) فجبل منها صورة ذات أحناء ووصول وأعضاء وفصول (٣) أجمدها حتى استمسكت وأصلدها حتى

__________________

(١) الحزن من الأرض : ما غلظ منها واشتد كالجبل ، والسهل : ما لان وفي نهج البلاغة هكذا «ثم جمع سبحانه من حزن الأرض وسهلها وعذبها وسبخها ... اه».

(٢) سنها بالماء اى خلطها ، ولاطها بالبلة اى خلطها بالرطوبة والبلة : النداوة ، ولزبت اى لصقت. واللازب : اللاصق.

(٣) جبل بمعنى خلق. والاحناء جمع حنو ، وهي الجوانب. والوصول جمع كثرة للوصل وهي المفاصل.


صلصلت (١) لوقت معدود وأجل معلوم ، ثم نفخ فيها من روحه فمثلت إنسانا ذا أذهان يجيلها وفكر يتصرف بها ، وجوارح يختدمها ، وأدوات يقلبها ، ومعرفة يفرق بها بين الأذواق والمشام والألوان والأجناس ، معجونا بطينة الألوان المختلفة والأشباه المؤتلفة ، والاضداد المتعادية ، والأخلاط المتباينة ، من الحر والبرد ، والبلة والجمود ، والمساءة والسرور ، واستأدى الله سبحانه الملائكة وديعته لديهم ، وعهد وصيته إليهم في الإذعان بالسجود له ، والخنوع لتكرمته ، فقال تعالى : (اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ) وقبيله اعترتهم الحمية ، وغلبت عليهم الشقوة ، وتعززوا بخلقة النار ، واستوهنوا خلق الصلصال ، فأعطاه النظرة استحقاقا للسخطة ، واستتماما للبلية ، وإنجازا للعدة ، فقال : (فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ).

٤٢ ـ في كتاب الخصال عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : رن (٢) إبليس أربع رنات : أوليهن يوم لعن وحين اهبط الى الأرض والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٤٣ ـ في كتاب معاني الاخبار باسناده الى عبد العظيم بن عبد الله الحسنى قال : سمعت أبا الحسن على بن محمد العسكري عليهما‌السلام يقول : معنى الرجيم انه مرجوم باللعن ، مطرود من الخير ، لا يذكره مؤمن الا لعنه ، وان في علم الله السابق إذا خرج القائم عليه‌السلام لا يبقى مؤمن في زمانه الا رجمه بالحجارة ، كما كان قبل ذلك مرجوما باللعن.

٤٤ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده الى عبد الله بن يزيد بن سلام انه قال لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وقد سأله عن الأيام : فالخميس؟ قال : هو يوم خامس من الدنيا ، وهو يوم أنيس لعن فيه إبليس ورفع فيه إدريس ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٤٥ ـ وباسناده الى يحيى بن ابى العلا الرازي عن أبى عبد الله عليه‌السلام حديث طويل يقول فيه عليه‌السلام وقد سئل عن قول الله عزوجل لإبليس : (فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ إِلى يَوْمِ

__________________

(١) أصلدها اى جعلها صلدا وهي الصلبة الملساء. وقد مر معنى الصلصل قريبا.

(٢) رن الرجل : صاح ورفع صوته بالبكاء.


الوقت المعلوم) قال عليه‌السلام : ويوم الوقت المعلوم يوم ينفخ في الصور نفخة واحدة فيموت إبليس ما بين النفخة الاولى والثانية.

٤٦ ـ في تفسير العياشي عن وهب بن جميع مولى اسحق بن عمار قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول إبليس : (فَأَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ قالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ) قال له وهب : جعلت فداك أى يوم هو؟ قال : يا وهب أتحسب أنه يوم يبعث الله فيه الناس ، ان الله أنظره الى يوم يبعث فيه قائمنا ، فاذا بعث الله قائمنا كان في مسجد الكوفة وجاء إبليس حتى يجثو بين يديه (١) على ركبتيه فيقول : يا ويله من هذا اليوم ، فيأخذنا صيته فيضرب عنقه ، فذلك اليوم الوقت المعلوم.

٤٧ ـ عن الحسن بن عطية قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : ان إبليس عبد الله في السماء الرابعة في ركعتين ستة آلاف سنة ، وكان انظار الله إياه الى يوم الوقت المعلوم بما سبق من تلك العبادة.

٤٨ ـ عن أبان قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : ان على بن الحسين إذا أتى الملتزم (٢) قال : اللهم ان عندي أفواجا من الذنوب وأفواجا من خطايا وعندك أفواج من رحمة وأفواج من مغفرة ، يا من استجاب لا بغض خلقه اليه إذ قال : (فَأَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) استجب لي وافعل بى كذا.

٤٩ ـ في نهج البلاغة قال عليه‌السلام : فلعمري لقد فوق لكم سهم الوعيد وأغرق لكم بالنزع الشديد (٣) ورماكم عن مكان قريب فقال : (رَبِّ بِما أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ

__________________

(١) جثا : جلس على ركبتيه.

(٢) الملتزم ـ بفتح الزاء ـ : دبر الكعبة ، سمى به لان الناس يعتنقونه اى يضمونه الى صدورهم والالتزام : الاعتناق.

(٣) قوله (ع): فوق لكم سهم الوعيد قال الشارح المعتزلي اى جعل له فوقا وهو موضع الوتر وهذا كناية عن التهيؤ والاستعداد ، قوله (ع): وأغرق لكم بالنزع الشديد اى استوفى مد القوس وبالغ في نزعها ليكون مر ماه أبعد ووقع سهامه أشد.


لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ) قذفا بغيب بعيد ، ورجما بظن مصيب (١) صدقه به أبناء الحمية ، وإخوان العصبية ، وفرسان الكبر والجاهلية.

قال عز من قائل : (إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ).

٥٠ ـ في كتاب معاني الاخبار حدثنا أبى رحمه‌الله قال : حدثنا سعد بن عبد الله عن أحمد بن أبى عبد الله عن أبيه قال : جاء جبرئيل الى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال له النبي : يا جبرئيل ما تفسير الإخلاص؟ قال : المخلص الذي لا يسأل الناس شيئا حتى يجد ، وإذا وجد رضى ، وإذا بقي عنده شيء أعطاه ، فان من لم يسأل المخلوق أقر لله عزوجل بالعبودية ، وإذا وجد فرضي فهو عن الله راض ، والله تبارك وتعالى عنه راض ، وإذا أعطى لله عزوجل فهو على حد الثقة بربه عزوجل، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٥١ ـ في أصول الكافي أحمد عن عبد العظيم عن هشام بن الحكم عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : هذا صراط على مستقيم.

٥٢ ـ في تفسير العياشي عن أبى جميلة عن أبى عبد الله عليه‌السلام عن أبى جعفر عن أبيه (٢) عن قوله : (هذا صِراطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ) قال : هو أمير المؤمنين عليه‌السلام.

٥٣ ـ في مجمع البيان قرأ يعقوب (هذا صِراطٌ عَلَيَّ) بالرفع وروى ذلك عن أبى عبد الله عليه‌السلام.

٥٤ ـ في كتاب معاني الاخبار باسناده الى على بن النعمان عن بعض أصحابنا رفعه الى أبى عبد الله عليه‌السلام في قوله : (إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ) قال : ليس على هذه العصابة خاصة سلطان ، قال : قلت : وكيف جعلت فداك وفيهم ما فيهم؟ قال :

__________________

(١) وفي بعض النسخ وكذا في شرح ابن أبى الحديد «ورجما بظن غير مصيب وقال : هذه الرواية أشهر بوجوه فمن شاء الوقوف عليها فليراجع ج ٣ : ٢٣٠ ط مصر.

(٢) وفي المصدر «عن عبد الله بن أبى جعفر عن أخيه» لكن الظاهر هو المختار ففي الصافي : «العياشي عن السجاد».


ليس حيث تذهب ، انما قوله : (لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ) أن يحبب إليهم الكفر ، ويبغض إليهم الايمان.

٥٥ ـ في روضة الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن محمد بن سليمان عن أبيه عن أبى عبد الله عليه‌السلام انه قال لأبى بصير : يا أبا محمد لقد ذكر كم الله في كتابه فقال : (إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ) والله ما أراد بهذا الا الائمة عليهم‌السلام وشيعتهم ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٥٦ ـ في تفسير العياشي عن جابر عن أبى جعفر عليه‌السلام قال : قلت : أرأيت قول الله : (إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ) ما تفسير هذه الاية؟ قال : قال الله : انك لا تملك أن تدخلهم جنة ولا نارا.

٥٧ ـ عن ابى بصير قال : سمعت جعفر بن محمد عليه‌السلام وهو يقول : نحن أهل الرحمة وبيت النعمة وبيت البركة ، نحن في الأرض بنيان وشيعتنا عرى الإسلام (١) وما كانت دعوة إبراهيم الا لنا ولشيعتنا ، ولقد استثنى الله الى يوم القيمة على إبليس ، فقال : (إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ)

٥٨ ـ عن أبى بصير عن أبى عبد الله عليه‌السلام انه إذا كان يوم القيمة يؤتى بإبليس في سبعين غلا ، وسبعين كبلا (٢) فينظر الاول الى زفر في عشرين ومأة كبل وعشرين ومأة غل ، فينظر إبليس فيقول : من هذا الذي أضعف الله له العذاب وانا أغويت هذا الخلق جميعا؟ فيقال : هذا زفر فيقال : بما جدد له هذا العذاب؟ فيقال ببغيه على على عليه‌السلام فيقول له إبليس : ويل لك وثبوره لك ، أما علمت ان الله أمرنى بالسجود لادم فعصيته ، وسألته ان يجعل لي سلطانا على محمد وأهل بيته وشيعته فلم يجبني الى ذلك ، وقال : (إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغاوِينَ)

__________________

(١) هذا هو الظاهر الموافق للمصدر وساير الموسوعات الكبيرة الناقلة عنه لكن في الأصل «غرس الإسلام» والعرى جمع العروة كلما يؤخذ باليد وما يوثق به ويعول عليه. وقولهم «عرى الايمانة ـ أو عرى الإسلام» على التشبيه بالعروة التي يستمسك بها ويستوثق.

(٢) الكبل : القيد.


٥٩ ـ في تفسير على بن إبراهيم قوله : و (إِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ لَها سَبْعَةُ أَبْوابٍ لِكُلِّ بابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ) قال : يدخل في كل باب أهل ملة ، وللجنة ثمانية أبواب.

٦٠ ـ وفي رواية ابى الجارود عن أبى جعفر عليه‌السلام في قوله : (وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ) وقوفهم على الصراط ، واما (لَها سَبْعَةُ أَبْوابٍ لِكُلِّ بابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ) فبلغني والله أعلم ان الله جعلها سبع درجات أعلاها الجحيم ، يقوم أهلها على الصفا منها ، تغلى أدمغتهم فيها كغلى القدور بما فيها ، والثانية (لَظى نَزَّاعَةً لِلشَّوى تَدْعُوا مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى وَجَمَعَ فَأَوْعى) والثالثة (سَقَرُ لا تُبْقِي وَلا تَذَرُ لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ) والرابعة الحطمة ومنها تثور «شرر كالقصر كأنه جمالة صفر» تدق من صار إليها مثل الكحل ، فلا تموت الروح ، كلما صاروا مثل الكحل عادوا والخامسة الهاوية فيها مالك ، يدعون يا مالك أغثنا فاذا أغاثهم جعل لهم آنية من صفر من نار فيها صديد ما يسيل من جلودهم كأنه مهل ، فاذا رفعوه ليشربوا منه تساقطت لحم وجوههم من شدة حرها ، وهو قول الله (وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغاثُوا بِماءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرابُ وَساءَتْ مُرْتَفَقاً) ومن هوى فيها هوى سبعين عاما في النار ، كلما احترق جلده بدل جلدا غيره والسادسة هي السعير فيها ثلثمائة سرادق من نار ، في كل سرادق ثلثمائة قصر من نار ، في كل قصر ثلاثمائة بيت من نار ، في كل بيت ثلثمائة لون من العذاب من غير عذاب النار ، فيها حيّات من نار ، وعقارب من نار ، وجوامع من نار ، وسلاسل من نار ، وأغلال من نار ، وهو الذي يقول الله : (إِنَّا أَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ سَلاسِلَ وَأَغْلالاً وَسَعِيراً) والسابعة جهنم وفيها الفلق ، وهو جب في جهنم إذا فتح أسعر النار سعرا ، وهو أشد النار عذابا ، واما صعود فجبل من صفر من نار وسط جهنم ، واما أثاما فهو واد من صفر مذاب يجرى حول الجبل ، فهو أشد النار عذابا.

٦١ ـ في تفسير العياشي عن أبى بصير قال : يؤتى بجهنم (لَها سَبْعَةُ أَبْوابٍ) ،


بابها الاول للظالم (١) وهو زريق ، وبابها الثاني لحبتر ، والباب الثالث للثالث ، والرابع لمعاوية ، والخامس لعبد الملك ، والسادس لعكر بن هوسر (٢) والسابع لأبي سلامة فهم أبواب لمن اتبعهم (٣).

٦٢ ـ في كتاب الخصال في سؤال بعض اليهود عليا عليه‌السلام عن الواحد الى المائة قال له اليهودي : فما السبعة؟ قال : سبعة أبواب النار متطابقات.

٦٣ ـ عن ابى عبد الله عليه‌السلام عن أبيه عن جده عليهم‌السلام قال : ان للنار سبعة أبواب يدخل منه فرعون وهامان ، وقارون وباب يدخل منه المشركون والكفار من لم يؤمن بالله طرفة عين ، وباب يدخل منه بنو امية هو لهم خاصة لا يزاحمهم فيه أحد ، وهو باب لظى وهو باب سقر وهو باب الهاوية يهوى بهم سبعين خريفا ، فكلما هوى بهم سبعين خريفا فار بهم فورة قذف بهم في أعلاها سبعين خريفا ، ثم هوى بهم هكذا سبعين خريفا ، فلا يزالون هكذا أبدا خالدين مخلدين ، وباب يدخل منه مبغضونا ومحاربونا وخاذلونا ، وانه لأعظم الأبواب وأشدها حرا ، قال محمد بن الفضيل الزرقي : فقلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : الباب الذي ذكرت عن أبيك عن جدك عليهما‌السلام انه يدخل منه بنو امية يدخله من

__________________

(١) هذا هو الظاهر الموافق للمصدر والبحار وغيره لكن في الأصل «الظالمين» على صيغة الجمع.

(٢) وفي المصدر والبحار «عسكر» بالسين ، وسيأتى من المجلسي (ره) بيان فيه.

(٣) قال المجلسي (ره) : زريق كناية عن الاول لان العرب يتشأم بزرقة العين ، والحبتر هو الثعلب ولعله انما كنى عنه لحيلته ومكره ، وفي غيره من الاخبار وقع بالعكس وهو أظهر إذا الحبتر بالأول أنسب ، ويمكن أن يكون هنا أيضا المراد ذلك ، وانما قدم الثاني لأنه أشقى وأفظ وأغلظ. وعسكر بن هو سر كناية عن بعض خلفاء بنى أمية أو بنى العباس. وكذا أبى سلامة كناية عن أبى جعفر الدوانيقي ، ويحتمل أن يكون عسكر كناية عن عائشة وساير أهل الجمل ، إذ كان اسم جمل عائشة عسكرا وروى انه كان شيطانا «انتهى». وقال في غير هذا الموضع : ويحتمل أن يكون كناية عن بعض ولاة بنى امية كأبى سلامة ، ويحتمل أن يكون ابو سلامة كناية عن ابن مسلم اشارة الى من سلطهم من بنى العباس.


مات منهم على الشرك أو ممن أدرك الإسلام منهم؟ فقال : لا أم لك ألم تسمعه يقول : وباب يدخل منه المشركون والكفار ، فهذا باب يدخل منه كل مشرك وكل كافر لا يؤمن بيوم الحساب ، وهذا الباب الآخر يدخل منه بنو امية لأنه هو لأبي سفيان ومعاوية وآل مروان خاصة ، يدخلون من ذلك الباب فتحطمهم النار فيه حطما لا يسمع لهم واعية ولا يحيون فيها ولا يموتون.

٦٤ ـ في مجمع البيان (لَها سَبْعَةُ أَبْوابٍ) فيه قولان : أحدهما ما روى عن أمير المؤمنين عليه‌السلام ان جهنم (لَها سَبْعَةُ أَبْوابٍ) أطباق بعضها فوق بعض ، ووضع احدى يديه على الاخرى فقال : هكذا ، وان الله وضع الجنان على العرض ووضع النيران بعضها فوق بعض فأسفلها جهنم ، وفوقها لظى ، وفوقها الحطمة وفوقها سقر ، وفوقها الجحيم ، وفوقها السعير ، وفوقها الهاوية ، وفي رواية الكلبي : أسفلها الهاوية وأعلاها جهنم.

٦٥ ـ في تهذيب الأحكام محمد بن على بن محبوب عن أحمد بن محمد عن ابن أبى نصر قال : سألت أبا الحسن عليه‌السلام عن رجل اوصى بجزء من ماله؟ فقال : واحد من سبعة ان الله تعالى يقول : (لَها سَبْعَةُ أَبْوابٍ لِكُلِّ بابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ)

٦٦ ـ احمد بن محمد بن عيسى عن اسمعيل بن همام الكندي عن الرضا عليه‌السلام في رجل أوصى بجزء من ماله؟ قال : الجزء من سبعة ، ان الله تعالى يقول : (لَها سَبْعَةُ أَبْوابٍ لِكُلِّ بابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ).» عنه عن ابى همام عن الرضا عليه‌السلام مثله.

٦٧ ـ في روضة الكافي خطبة لأمير المؤمنين عليه‌السلام وفيها : ألا وان التقوى مطايا ذلل حمل عليها ، وأعطوا أزمتها فأوردتهم الجنة ، وفتحت لهم أبوابها ووجدوا ريحها وطيبها ، وقيل لهم : (ادْخُلُوها بِسَلامٍ آمِنِينَ).

٦٨ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله حديث طويل يقول فيه عليه‌السلام وقد ذكر عليا وأولاده عليهم‌السلام : الا ان أولياءهم الذين يدخلون الجنة آمنين ، وتتلقيهم الملائكة بالتسليم أن طبتم فادخلوها خالدين.!


٦٩ ـ في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن جعفر بن محمد الأشعري عن ابن القداح عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال : كان على عليه‌السلام يقول : لا تغضبوا ولا تغضبوا ، أفشوا السلام وأطيبوا الكلام وصلوا بالليل والناس نيام ، تدخلوا الجنة بسلام ثم تلا عليهم قول الله عزوجل : (السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ). والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٧٠ ـ في روضة الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن محمد بن الحسن بن شمون عن عبد الله بن عبد الرحمن عن عبد الله بن القاسم عن عمرو بن ابى المقدام عن ابى عبد الله عليه‌السلام انه قال : أنتم والله الذين قال الله عزوجل : (وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ).

٧١ ـ عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن محمد بن زياد عن محمد بن سليمان عن أبيه عن ابى عبد الله عليه‌السلام انه قال لأبي بصير : يا با محمد لقد ذكركم الله في كتابه فقال : (إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ) والله ما أراد بهذا غيركم ، والحديثان طويلان أخذنا منهما موضع الحاجة.

٧٢ ـ في تفسير العياشي عن محمد بن مروان عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال : ليس منكم رجل ولا امرأة الا وملائكة الله يأتونه بالسلام ، وأنتم الذين قال الله : (وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ).

٧٣ ـ عن محمد بن القاسم عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال : ان سارة قالت لإبراهيم عليه‌السلام : قد كبرت فلو دعوت الله ان يرزقك ولدا فتقر أعيننا؟ فان الله قد اتخذك خليلا وهو مجيب دعوتك ان شاء الله ، فسأل إبراهيم ربه أن يرزقه غلاما عليما ، فأوحى الله اليه : انى واهب لك غلاما عليما ، ثم أبلوك فيه بالطاعة لي ، قال ابو عبد الله عليه‌السلام : فمكث إبراهيم بعد البشارة ثلث سنين ، ثم جائته البشارة من الله بإسماعيل مرة اخرى بعد ثلث سنين.

٧٤ ـ عن أبى بصير عن ابى جعفر عليه‌السلام قال : ان لوطا لبث في قومه ثلثين سنة يدعوهم الى الله ويحذرهم عقابه ، قال : وكانوا قوما لا يتنظفون من الغائط ولا يتطهرون من


الجنابة وكان لوط وآله يتنظفون من الغائط ويتطهرون من الجنابة ، وكان لوط ابن خالة إبراهيم وإبراهيم ابن خالة لوط وكانت امرأة إبراهيم سارة أخت لوط ، وكان إبراهيم ولوط نبيين مرسلين منذرين ، وكان لوط رجلا سخيا كريما يقري الضيف (١) إذا نزل به ويحذره قومه ، قال : فلما راى قوم لوط ذلك قالوا : انا ننهاك عن العالمين لا تقرى ضيفا ينزل بك ، فانك ان فعلت فضحنا ضيفك وأخزيناك فيه ، وكان لوط إذا نزل به الضيف كتم أمره مخافة أن يفضحه قومه ، وذلك ان لوطا كان فيهم لا عشيرة له. قال : وان لوطا وإبراهيم لا يتوقعان نزول العذاب على قوم لوط ، وكانت لإبراهيم ولوط منزلة من الله شريفة ، وان الله تبارك وتعالى كان إذا هم بعذاب قوم لوط أدركته فيهم مودة إبراهيم وخلته ومحبة لوط فيراقبهم فيه فيؤخر عذابهم ، قال ابو جعفر : فلما اشتد أسف الله على قوم لوط وقدر عذابهم وقضاه أحب أن يعوض إبراهيم من عذاب قوم لوط بغلام عليم فيسلى به مصابه بهلاك قوم لوط ، فبعث الله رسلا الى إبراهيم يبشرونه بإسماعيل ، فدخلوا عليه ليلا ففزع منهم وخاف أن يكونوا سراقا ، قال : فلما ان رأته الرسل فزعا وجلا قالوا : سلاما قال سلام (قالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ قالُوا لا تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ قالَ) ابو جعفر عليه‌السلام : والغلام العليم هو اسمعيل من هاجر فقال إبراهيم للرسل : (أَبَشَّرْتُمُونِي عَلى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ قالُوا بَشَّرْناكَ بِالْحَقِّ فَلا تَكُنْ مِنَ الْقانِطِينَ) فقال إبراهيم للرسل : فما خطبكم بعد البشارة؟ (قالُوا إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ) انهم كانوا قوما فاسقين لننذرهم عذاب رب العالمين ، قال أبو جعفر عليه‌السلام : فقال إبراهيم للرسل : (إِنَّ فِيها لُوطاً قالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيها لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ) (فَلَمَّا جاءَ آلَ لُوطٍ الْمُرْسَلُونَ قالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ قالُوا بَلْ جِئْناكَ بِما كانُوا فِيهِ يَمْتَرُونَ) يقول : من عذاب الله لننذر قومك العذاب (فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ) يا لوط إذا مضى من يومك هذا سبعة أيام ولياليها (بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُها ما أَصابَهُمْ) قال أبو جعفر عليه‌السلام فقضوا الى لوط ذلك الأمر

__________________

(١) قرى الضيف : أضافه وأجاره وأكرمه.


(أَنَّ دابِرَ هؤُلاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ) قال أبو جعفر عليه‌السلام : فلما كان يوم الثامن مع طلوع الفجر قدم الله رسلا الى إبراهيم يبشرونه بإسحاق ويعزونه بهلاك قوم لوط «الحديث» وقد كتبناه بتمامه في هود.

٧٥ ـ في كتاب الخصال عن الصباح مولى أبى عبد الله عليه‌السلام قال : كنت مع أبى عبد الله فلما مررنا بأحد قال : ترى الثقب الذي فيه؟ قلت : نعم ، قال اما انا فلست أراه. وعلامة الكبر ثلث : كلال البصر (١) وانحناء الظهر ورقة القدم.

٧٦ ـ في تفسير العياشي عن صفوان الجمال قال : صليت خلف ابى عبد الله عليه‌السلام فأطرق ثم قال : اللهم لا تقنطني من رحمتك ، ثم جهر فقال : (وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ).

٧٧ ـ في كتاب التوحيد باسناده الى معاذ بن جبل حديث طويل عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول فيه : قال الله يا ابن آدم بإحساني إليك قويت على طاعتي وبسوء ظنك بى قنطت من رحمتي.

٧٨ ـ في بصائر الدرجات حدثني السندي بن الربيع عن الحسن بن علي بن فضال عن على بن رئاب عن أبى بكر الحضرمي عن أبى جعفر عليه‌السلام قال : ليس مخلوق إلا وبين عينيه مكتوب : مؤمن أو كافر ، وذلك محجوب عنكم وليس محجوبا عن الائمة من آل محمد صلوات الله عليهم ، ثم ليس يدخل عليهم أحد الا عرفوه مؤمن أو كافر ، ثم تلا هذه الآية : ان في ذلك لآيات للمتوسمين.

٧٩ ـ احمد بن الحسن بن أحمد بن إبراهيم عن الحسن بن البرة عن على بن حسان عن عبد الكريم بن كثير عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : ويحك يا أبا سليمان! انه ليس من عبد يولد الا كتب بين عينيه مؤمن أو كافر ، قال الله عزوجل : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ) نعرف عدونا من ولينا ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٨٠ ـ في أصول الكافي احمد بن مهران عن عبد العظيم بن عبد الله الحسنى عن ابن ابى عمير قال : أخبرنى أسباط بياع الزطي قال : كنت عند ابى عبد الله عليه‌السلام فسئله

__________________

(١) كل بصره : أعيا ونبأ ولم يحقق المنظور.


رجل عن قول الله عزوجل : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ وَإِنَّها لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ) قال : نحن المتوسمون والسبيل فينا مقيم.

٨١ ـ محمد بن يحيى عن سلمة بن الخطاب عن يحيى بن إبراهيم ، قال حدثني أسباط بن سالم قال : كنت عند أبى عبد الله عليه‌السلام فدخل عليه رجل من أهل هيت (١) فقال له : أصلحك الله ما تقول في قول الله عزوجل : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ) قال : نحن المتوسمون والسبيل فينا مقيم.

٨٢ ـ محمد بن اسمعيل عن الفضل بن شاذان عن حماد بن عيسى عن ربعي بن عبد الله عن محمد بن مسلم عن ابى جعفر عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ) قال : هم الامة ، قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : اتقوا فراسة المؤمن فانه ينظر بنور الله عزوجل في قول الله (٢) عزوجل (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ).

٨٣ ـ محمد بن يحيى عن الحسن بن على الكوفي عن عبيس بن هشام عن عبد الله بن سليمان عن ابى عبد الله عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ) فقال : هم الائمة (وَإِنَّها لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ) قال : لا يخرج منا أبدا.

٨٤ ـ محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن محمد بن أسلم عن إبراهيم بن أيوب عن عمرو بن شمر عن جابر عن ابى جعفر عليه‌السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام في قوله : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ) قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله المتوسم وأنا من بعده ، والائمة من ذريتي المتوسمون وفي نسخة اخرى : أحمد بن مهران عن محمد بن على عن محمد بن أسلم عن إبراهيم بن أيوب باسناده مثله.

٨٥ ـ احمد بن إدريس ومحمد بن يحيى عن الحسن بن على الكوفي عن عبيس بن هشام عن عبد الله بن سليمان عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن الامام فوض الله اليه كما فوض الى سليمان بن داود؟ فقال : نعم وذلك ان رجلا سأله عن مسألة فأجابه فيها ، وسأله

__________________

(١) هيت : بلدة على الفرات من نواحي بغداد فوق الأنبار ذات نخل كثير وخيرات واسعة واسم قرية في نواحي دمشق أيضا.

(٢) متعلق بقوله : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله.


آخر عن تلك المسألة فأجابه بغير جواب الاول ، ثم سأله آخر فأجابه بغير جواب الأولين ثم قال : (هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ) أعط بغير حساب» وهكذا هي في قراءة على عليه‌السلام ، قال : فقلت : أصلحك الله فحين أجابهم بهذا الجواب يعرفهم الامام؟ قال : سبحان الله أما تسمع الله يقول : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ) وهم الائمة (وَإِنَّها لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ) لا تخرج منها أبدا ، ثم قال لي : نعم ان الامام إذا أبصر الى الرجل عرفه وعرف لونه ، وان سمع كلامه من خلف حائط عرفه وعرف ما هو ، ان الله يقول : (وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوانِكُمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْعالِمِينَ) وهم العلماء ، فليس يسمع شيئا من الأمر ينطق به الا عرفه ناج أو هالك ، فلذلك يجيبهم بالذي يجيبهم.

٨٦ ـ في روضة الواعظين للمفيد (ره) بعد أن ذكر الصادق عليه‌السلام وروى عنه حديثا وقال عليه‌السلام : إذا قام قائم آل محمد عليه‌السلام حكم بين الناس بحكم داود لا يحتاج الى بينة ، يلهمه الله تعالى فيحكم بعلمه. ويخبر كل قوم بما استنبطوه ، ويعرف وليه من عدوه بالتوسم قال الله عزوجل : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ وَإِنَّها لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ).

٨٧ ـ في مجمع البيان وقد صح عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله انه قال : اتقوا فراسة المؤمن فانه ينظر بنور الله ، قال : ان لله عبادا يعرفون الناس بالتوسم ، ثم قرء هذه الآية.

٨٨ ـ وروي عن أبى عبد الله عليه‌السلام انه قال : نحن المتوسمون والسبيل فينا مقيم ، والسبيل طريق الجنة ، ذكره على بن إبراهيم في تفسيره (١).

٨٩ ـ في عيون الاخبار في باب ما جاء عن الرضا عليه‌السلام في وجه دلائل الائمة والرد على الغلاة والمفوضة لعنهم الله ، حدثنا تميم بن عبد الله بن تميم القرشي رضى الله عنه قال : حدثني أبى قال : حدثنا أحمد بن على الأنصاري عن الحسن بن الجهم قال : حضرت مجلس المأمون يوما وعنده على بن موسى الرضا عليه‌السلام وقد اجتمع الفقهاء

__________________

(١) «الذي في تفسير على بن إبراهيم الرواية الاخيرة» ، وانما لم نأخذها منه لأنها فيه بلفظ «قال» كما هي عادته ، فأخذناها من مجمع البيان للتصريح باسمه فيه عليه‌السلام. «منه عفى عنه» (عن هامش بعض النسخ)


وأهل الكلام من الفرق المختلفة فسأله بعضهم فقال له : يا بن رسول الله بأي شيء تصح الامامة لمدعيها؟ قال : بالنص والدليل ، قال له : فدلالة الامام فيما هي؟ قال : في العلم واستجابة الدعوة قال فما وجه أخباركم مما يكون؟ قال ذلك بعهد معهود إلينا من رسول الله ، قال : فما وجه أخباركم مما في قلوب الناس؟ قال له : أما بلغك قول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : اتقوا فراسة المؤمن فانه ينظر بنور الله على قدر ايمانه ومبلغ استبصاره وعلمه ، وقد جمع الله للائمة منا ما فرقه في جميع المؤمنين ، وقال عزوجل في كتابه العزيز : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ) فأول المتوسمين رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثم أمير المؤمنين عليه‌السلام من بعده ، ثم الحسن والحسين والائمة من ولد الحسين الى يوم القيمة ، قال : فنظر اليه المأمون فقال له : يا أبا الحسن زدنا مما جعل الله لكم أهل البيت ، فقال الرضا عليه‌السلام : ان الله تعالى قد أيدنا بروح منه مقدسة مطهرة ، ليست بملك ، لم تكن مع أحد ممن مضى الا مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهي مع الائمة منا تسددهم وتوفقهم ، وهو عمود من نور بيننا وبين الله تعالى.

٩٠ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده الى أبان بن تغلب قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : إذا قام القائم عليه‌السلام لم يقم بين يديه أحد من خلق الرحمان الا عرفه صالح هو أم طالح ، ألا وفيه آية للمتوسمين وهو سبيل المقيم.

٩١ ـ في كتاب معاني الاخبار الهلالي أمير المدينة يقول : سألت جعفر بن محمد فقلت له : يا بن رسول الله في نفسي مسألة أريد أن أسئلك عنها ، قال : ان شئت أخبرتك بمسألتك قبل أن تسألنى ، وان شئت فاسئل ، قال : فقلت له : يا بن رسول الله وبأي شيء تعرف ما في نفسي قبل سؤالى عنه؟ قال : بالتوسم والتفرس ، أما سمعت قول الله عزوجل : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ) وقول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : اتقوا فراسة المؤمن فانه ينظر بنور الله.

٩٢ ـ في تفسير العياشي عن عبد الرحمن بن سالم الأشل رفعه في قوله : (لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ) قال : هم آل محمد الأوصياء عليهم‌السلام.


٩٣ ـ عن ابى بصير عن أبى عبد الله عليه‌السلام [ان] في الامام آية للمتوسمين ، وهو السبيل المقيم ، ينظر بنور الله وينطق عن الله ، لا يعزب عنه شيء مما أراد.

٩٤ ـ عن جابر بن يزيد الجعفي قال : قال أبو جعفر عليه‌السلام : بينما أمير المؤمنين عليه‌السلام جالس بمسجد الكوفة قد احتبى بسيفه والقى برنسه وراء ظهره (١) إذ أتته امرأة مستعدية على زوجها ، فقضى للزوج على المرأة ، فغضبت فقالت : لا والله ما هو كما قضيت ، لا والله ما تقضى ولا تعدل بالرعية ، ولا قضيتك عند الله بالمرضية ، قال : فنظر إليها أمير المؤمنين عليه‌السلام فتأملها ثم قال لها : كذبت يا جرية يا بذية أيا سلسع أيا سلفع (٢) أيا التي تحيض من حيث لا تحيض النساء ، قال : فولت هاربة وهي تولول وتقول : يا ويلي ويلي ويلي ثلثا ، قال فلحقها عمرو بن حريث (٣) فقال لها : يا امة الله أسئلك ، فقالت : ما للرجال والنساء في الطرقات؟ فقال : انك استقبلت أمير المؤمنين عليا بكلام سررتينى به ثم قرعك أمير المؤمنين بكلمة فوليت مولولة؟ فقالت : ان ابن أبى طالب والله استقبلني فأخبرنى بما هو كتمته من بعلى منذ ولى عصمتي ، لا والله ما رأيت طمثا من حيث يرينه النساء ، قال : فرجع عمرو بن حريث الى أمير المؤمنين فقال : له يا أمير المؤمنين ما نعرفك بالكهانة فقال له : وما ذلك يا ابن حريث؟ فقال له يا أمير المؤمنين ان هذه المرأة ذكرت انك أخبرتها بما هو فيها وانها لم تر طمثا قط من حيث تراه النساء ، فقال له : ويلك يا بن حريث ان الله تبارك وتعالى خلق الأرواح قبل الأبدان بألفى عام ، وركب الأرواح في الأبدان ، فكتب بين أعينها

__________________

(١) احتبى احتباء : جمع بين ظهره وساقيه بعمامة ونحوها ليستند إذ لم يكن للعرب في البوادي جدران تستند إليها في مجالسها ، والبرنس ، قلنسوة طويلة كانت تلبس في صدر ـ الإسلام. كل ثوب رأسه ملتزق به.

(٢) البذية : الفحاشة. والسلفع : السليط. وامرأة سلفع يستوي فيه المذكر والمؤنث. يقال : سليطة جريئة. ولم أجد للسلسع معنى في كتب اللغة.

(٣) عمرو بن حريث القرشي المخزومي من أعداء أمير المؤمنين عليه‌السلام وأولياء بنى امية ويظهر من هذا الحديث خبثه وزندقته وعداوته عليه‌السلام ، وقد ورد في ذمه روايات كثيرة فراجع تنقيح المقال وغيره.


كافر ومؤمن ، وما هي مبتلاة به الى يوم القيمة ، ثم أنزل بذلك قرآنا على محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ) وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله المتوسم ثم انا من بعده ، ثم الأوصياء من ذريتي من بعدي ، انى لما رأيتها تأملتها فأخبرتها بما هو فيها ولم أكذب.

٩٥ ـ في عيون الاخبار عن الرضا عليه‌السلام حديث طويل وفيه قال عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ) قال : العفو من غير عتاب.

٩٦ ـ في أمالي الصدوق (ره) باسناده عن الصادق جعفر بن محمد عن أبيه عليهما‌السلام قال قال على بن الحسين زين العابدين عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ) قال : العفو من غير عتاب.

٩٧ ـ في تهذيب الأحكام محمد بن على بن محبوب عن العباس عن محمد بن أبى عمير عن أبى أيوب عن محمد بن مسلم قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن السبع (الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ) هي الفاتحة؟ قال : نعم ، قلت : بسم الله الرحمن الرحيم من السبع المثاني؟ قال : نعم هي أفضلهن.

٩٨ ـ في تفسير العياشي ابن عبد الرحمن عمن رفعه قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ) قال : هي سورة الحمد ، وهو سبع آيات : منها (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) وانما سميت المثاني لأنها تثنى في الركعتين.

٩٩ ـ عن ابى بكر الحضرمي عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : قال : إذا كانت لك حاجة فاقرأ المثاني وسورة اخرى وصل ركعتين وادع الله. قلت : أصلحك الله وما المثاني؟ فقال : فاتحة الكتاب : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ).

١٠٠ ـ عن سورة بن كليب عن أبى جعفر عليه‌السلام قال : سمعته يقول : نحن المثاني التي أعطى نبينا.

١٠١ ـ عن يونس بن عبد الرحمن عمن رفعه قال : سألت أبا عبد الله عن قول الله : (وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ) قال : ان ظاهرها الحمد ، وباطنها


ولد الولد ، والسابع منها القائم عليه‌السلام (١).

١٠٢ ـ قال حسان : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن قول الله : (وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ) قال : ليس هكذا تنزيلها ، انما هي : (وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي) [نحن هم] والقرآن العظيم» ولد الولد.

١٠٣ ـ عن القاسم بن عروة عن ابى جعفر عليه‌السلام في قول الله : (وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ) قال : سبعة أئمة والقائم.

١٠٤ ـ عن السدي عمن سمع عليا عليه‌السلام يقول : (سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي) فاتحة الكتاب.

١٠٥ ـ عن سماعة قال : قال أبو الحسن عليه‌السلام : (وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ) قال : لم يعط الأنبياء الا محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهم السبعة الائمة الذين يدور عليهم الفلك ، «والقرآن العظيم» محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله.

١٠٦ ـ عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليه‌السلام قال : سٌّألته عن قوله : (آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ) قال : فاتحة الكتاب يثنى فيها القول.

١٠٧ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) روى عن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عن الحسين بن على عليهم‌السلام قال : قال على عليه‌السلام لبعض أحبار اليهود في أثناء كلام طويل يذكر فيه مناقب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : وزاد الله عز ذكره محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله السبع الطوال ، وفاتحة الكتاب ، وهي السبع (الْمَثانِي ، وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ).

__________________

(١) قال المحدث الكاشاني (ره) : ولعلهم انما عدوا سبعا باعتبار اسمائهم فانها سبعة ، وعلى هذا فيجوز أن يجعل المثاني من الثناء ، وأن يجعل من التثنية باعتبار تثنيتهم مع القرآن ، وأن يجعل كناية عن عددهم الاربعة عشر بأن يجعل نفسه واحدا منهم بالتغاير الاعتباري بين المعطى والمعطى له «انتهى».

وقال بعض : ان المراد بالسبع المثاني النبي والائمة وفاطمة عليهم‌السلام فهم أربعة عشر سبعة وسبعة ، لقوله : المثاني ، فكل واحد من السبعة مثنى وللعلامة المجلسي (ره) وكذا المحدث الحر العاملي قدس‌سرهما أيضا بيان في هذا الحديث وما يتلوه في التعبير فراجع البحار ج ٧ : ١١٤ وإثبات الهداة ج ٧ : ١٠٢.


١٠٨ ـ في عيون الاخبار عن الرضا عليه‌السلام حديث طويل وفي آخره : وقيل لأمير المؤمنين عليه‌السلام : يا أمير المؤمنين أخبرنا عن (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) هي من فاتحة الكتاب؟ فقال : نعم ، كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقرأها ويعدها آية منها ، ويقول : فاتحة الكتاب هي السبع المثاني.

١٠٩ ـ وباسناده الى الحسن بن على عن أبيه على بن محمد عن أبيه محمد بن على عن أبيه الرضا عن آبائه عن على عليه‌السلام انه قال : ان (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) آية من فاتحة الكتاب ، وهي سبع آيات تمامها (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) ، سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : ان الله تعالى قال لي : يا محمد (وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ) فأفرد الامتنان على بفاتحة الكتاب وجعلها بإزاء القرآن العظيم.

١١٠ ـ في كتاب التوحيد باسناده الى أبى سلام عن بعض أصحابنا عن أبى جعفر عليه‌السلام قال : نحن المثاني التي أعطاها الله نبينا ، صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ونحن وجه الله ، نتقلب في الأرض بين أظهر كم عرفنا من عرفنا ، ومن جهلنا فامامه اليقين (١).

وفى أصول الكافي مثله.

١١١ ـ في مجمع البيان السبع المثاني هي فاتحة الكتاب وهو قول على عليه‌السلام وروى ذلك عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما‌السلام.

١١٢ ـ في أصول الكافي على بن إبراهيم عن صالح بن السندي عن جعفر بن بشير عن سعد الإسكاف قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أعطيت السور الطوال مكان التوراة ، وأعطيت المئين مكان الإنجيل (٢) وأعطيت المثاني مكان الزبور.

١١٣ ـ ابو على الأشعري عن الحسن بن على بن عبد الله وحميد بن زياد عن الخشاب جميعا

__________________

(١) كذا في النسخ لكن في تفسير العياشي وتفسير على بن إبراهيم والمنقول عنهما في البحار وغيره «فامامه السعير» وهو الظاهر ويحتمل التصحيف أيضا ، ولم أظفر على الحديث في مظانه في أصول الكافي.

(٢) قد مر في المجلد الاول صفحة ٢٥٨ لهذا الحديث بيان عن الطبرسي (ره) في الذيل فراجع.


عمرو بن جميع عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ومن أوتى القرآن فظن ان أحدا من الناس أوتى أفضل مما أوتى ، فقد عظم ما حقر الله ، وحقر ما عظم الله.

١١٤ ـ على بن إبراهيم عن أبيه وعلى بن محمد القاساني جميعا عن القاسم بن محمد عن سليمان بن داود عن سفيان بن عيينة عن الزهري عن على بن الحسين عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من أعطاه الله القرآن فرأى ان رجلا اعطى أفضل مما أعطى فقد صغر عظيما ، وعظم صغيرا ، والحديثان طويلان أخذنا منهما موضع الحاجة.

١١٥ ـ في تفسير العياشي عن حماد عن بعض أصحابه عن أحدهما عليهما‌السلام قول الله : (لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ) قال : ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في نزل به ضيقة ، [فاستسلف من يهودي] (١) فقال اليهودي : والله ما لمحمد ثاغية ولا راغية (٢) فعلى ما أسلفه؟ فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : انى لامين الله في سمائه وأرضه ولو ائتمنتني على شيء لأديته إليك ، قال : فبعث بدرقة (٣) فرهنها عنده ، وأنزلت عليه : (وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا).

١١٦ ـ في تفسير على بن إبراهيم أخبرنا أحمد بن إدريس قال : حدثنا أحمد بن محمد عن محمد بن سنان عن المفضل بن عمر عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : لما نزلت هذه الآية (لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ) قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من لم يتعز بعزاء الله تقطعت نفسه على الدنيا حسرات ، ومن رمى ببصره الى ما في يدي غيره كثر همه ولم يشف غيظه ، ومن لم يعلم ان لله عليه نعمة الا في مطعم أو ملبس فقد قصر علمه ودنا عذابه ، ومن أصبح على الدنيا حزينا أصبح على الله ساخطا ، ومن شكى مصيبة نزلت به فانما يشكو ربه ، ومن دخل النار من هذه الامة ممن قرأ القرآن فهو ممن يتخذ آيات الله هزوا ، ومن أتى ذا ميسرة فتخشع له طلب ما في يديه ذهب ثلثا دينه.

__________________

(١) استسلف : اقترض.

(٢) الثاغية : الشاة ، والراغية : الناقة.

(٣) الدرقة ـ محركة ـ : الترس من الجلود. ليس فيه خشب ولا عقب.


١١٧ ـ في مجمع البيان وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لا ينظر الى ما يستحسن من الدنيا.

١١٨ ـ في تفسير على بن إبراهيم قال على بن إبراهيم في قوله : (الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ) قال : قسموا القرآن ولم يؤلفوه على ما أنزله الله ، فقال : (لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ).

١١٩ ـ في تفسير العياشي عن محمد بن مسلم عن أحدهما قال : قال في الذين أبرزوا القرآن عضين ، قال : هم قريش.

١٢٠ ـ في أصول الكافي محمد بن أبى عبد الله ومحمد بن الحسن عن سهل بن زياد ومحمد بن يحيى عن أحمد بن محمد جميعا عن الحسن بن عباس بن الحريش عن أبى جعفر الثاني عليه‌السلام قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : سئل رجل أبى فقال : يا ابن رسول الله سآتيك بمسئلة صعبة ، أخبرنى عن هذا العلم ما له لا يظهر كما كان يظهر مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله؟ قال : فضحك أبى عليه‌السلام وقال : أبى الله أن يطلع على علمه الا ممتحنا للايمان ، كما قضى على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أن يصبر على أذى قومه ولا يجاهدهم الا بامره ، فكم من اكتتام قد اكتتم به ، حتى قيل له : (فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ) وايم الله انه لو صدع قبل ذلك لكان آمنا ، ولكنه انما نظر في الطاعة وخاف الخلاف ، فلذلك كف فوددت أن عينك تكون مع مهدي هذه الامة ، والملائكة بسيوف آل داود بين السماء والأرض ، تعذب أرواح الكفرة من الأموات ، وتلحق بهم أرواح أشباههم من الأحياء ، ثم اخرج سيفا ثم قال : ها ان هذا منها قال : فقال أبى : اى والذي اصطفى محمدا على البشر ، قال : فرد الرجل اعتجاره (١) وقال : انا إلياس ، ما سألتك عن أمرك وبى منه جهالة ، غير انى أحببت أن يكون هذا الحديث قوة لأصحابك ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٢١ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده الى محمد بن على الحلبي

__________________

(١) الاعتجار : لف العمامة على رأسه. والرد هنا في مقابل الفتح المذكور في صدر الحديث في قوله : «ففتح الرجل عجيرته واستوى جالسا وتهلل وجهه ... اه» وان شئت الوقوف على تمام الحديث راجع الأصول : باب شأن (إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) الحديث الاول.


عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : اكتتم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله مختفيا خائفا خمس سنين ، ليس يظهر أمره وعلى عليه‌السلام معه وخديجة ، ثم أمره الله عزوجل أن يصدع بما أمر ، فظهر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فأظهر أمره.

١٢٢ ـ وفي خبر آخر انه عليه‌السلام كان مختفيا بمكة ثلث سنين.

١٢٣ ـ وباسناده الى عبد الله بن على الحلبي قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : مكث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بمكة بعد ما جاء الوحي عن الله تبارك وتعالى ثلثة عشر سنة ، منها ثلث سنين مختفيا خائفا لا يظهر ، حتى أمره الله عزوجل ان يصدع بما أمر ، فأظهر حينئذ الدعوة.

١٢٤ ـ في تفسير العياشي عن محمد بن على الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : اكتتم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بمكة سنين ليس يظهر وعلى معه وخديجة ، ثم أمره الله أن يصدع بما يؤمر وظهر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فجعل يعرض نفسه على قبائل العرب ، فاذا أتاهم قالوا : كذاب امض عنا.

١٢٥ ـ عن زرارة وحمران ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله : (وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها) قال : نسختها : (فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ).

١٢٦ ـ في تفسير على بن إبراهيم قوله : (فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ) فانها نزلت بمكة بعد أن نبئ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بثلث سنين ، وذلك ان النبوة نزلت على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يوم الاثنين وأسلم على يوم الثلثاء ثم أسلمت خديجة بنت خويلد زوجة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ثم دخل أبو طالب الى النبي وهو يصلى وعلى بجنبه ، وكان مع أبي طالب جعفر فقال له أبو طالب : صل جناح ابن عمك ، فوقف جعفر على يسار رسول الله فبدر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من بينهما ، فكان يصلى رسول الله وعلى عليه‌السلام وجعفر وزيد بن حارثة وخديجة ، فلما أتى لذلك ثلث سنين ، أنزل الله عليه : (فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ) وكان المستهزؤن برسول الله خمسة الوليد بن المغيرة ، والعاص بن وائل ، والأسود بن المطلب ، والأسود بن عبد يغوث ، و


الحارث بن طلاطلة الخزاعي ، فمر الوليد بن المغيرة وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله دعا عليه لما كان بلغه من أذائه واستهزائه ، فقال : اللهم أعم بصره ، واثكله بولده ، فعمي بصره وقتل ولده ببدر (١) فمر الوليد بن المغيرة برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ومعه جبرئيل عليه‌السلام ، فقال جبرئيل : يا محمد هذا الوليد بن المغيرة وهو من المستهزئين بك. قال : نعم ، وقد كان مر برجل من خزاعة وهو يريش نبالا له ، فوطئ على بعضها فأصاب أسفل عقبه قطعة من ذلك ، فدميت فلما مر بجبرئيل عليه‌السلام أشار الى ذلك ، فرجع الوليد الى منزله ونام على سريره ، وكانت ابنته نائمة أسفل منه فانفجر الموضع الذي أشار اليه جبرئيل عليه‌السلام أسفل عقبه فسال منه الدم حتى صار الى فراش ابنته ، فانتبهت ابنته فقالت : يا جارية أتحل وكاء القربة (٢)؟ قال الوليد : ما هذا وكاء القربة ولكنه دم أبيك ، فاجمعى لي ولدي وولد أخى فانى ميت فجمعتهم فقال لعبد الله بن أبي ربيعة : ان عمارة بن الوليد بأرض الحبشة بدار مضيعة ، فخذ كتابا من محمد الى النجاشي ان يرده ، ثم قال لابنه هاشم وهو أصغر ولده : يا بنى أوصيك بخمس خصال فاحفظها : أوصيك بقتل أبي دهم الدوسي فانه غلبني على امرأتى وهي بنته ، ولو تركها وبعلها كانت تلد لي ابنا مثلك ، ودمي في خزاعة وما تعمدوا قتلى ، وأخاف ان تفتنوا بعدي ، ودمي في بنى خزيمة بن عامر ودياتي (٣) في ثقيف فخذه ولا سقف نجران على مائتا دينار فاقضها ، ثم فاضت نفسه ، ومر ربيعة بن الأسود برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فأشار جبرئيل الى بصره فعمي ومات ، ومر به الأسود بن عبد يغوث ، فأشار جبرئيل الى بطنه فلم يزل يستسقى حتى شق بطنه ، ومر العاص بن وائل فأشار جبرئيل الى رجله فدخل يداه (٤) في أخمص قدميه وخرجت من ظاهره

__________________

(١) وفي المصدر بعد قوله «ببدر» هكذا : «وكذلك دعا على الأسود بن عبد يغوث والحارث بن طلاطلة الخزاعي ، فمر الوليد ... اه».

(٢) الوكاء ـ ككتاب ـ : رباط القربة.

(٣) وفي السيرة لابن هشام «ربائى». وفي المصدر «دياني».

(٤) كذا في النسخ والظاهر انه مصحف وفي المصدر والمنقول عنه في البحار وغيره «فدخل عود في أخمص قدمه اه».


ومات ، ومر ابن الطلاطلة فأشار جبرئيل الى وجهه فخرج الى جبال تهامة فأصابته السمائم (١) واستسقى حتى انشق بطنه ، وهو قول الله : (إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ) فخرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقام على الحجر فقال : يا معشر قريش ، يا معاشر العرب ادعو كم الى شهادة ان لا اله الا الله ، وانى رسول الله ، وآمر كم بخلع الأنداد والأصنام فأجيبوني تملكون بها العرب ، وتدين لكم العجم ، وتكونون ملوكا في الجنة ، فاستهزؤا منه وقالوا : جن محمد بن عبد الله ، ولم يجسروا عليه لموضع أبي طالب ، فاجتمعت قريش الى أبي طالب فقالوا : يا أبا طالب ان ابن أخيك قد سفه أحلامنا وسب آلهتنا ، وأفسد شباننا ، وفرق جماعتنا ، فان كان يحمله على ذلك الغرم جمعنا له مالا فيكون أكثر قريش مالا ، ونزوجه اى امرأة شاء من قريش ، فقال له أبو طالب : ما هذا يا ابن أخى؟ فقال : يا عم هذا دين الله الذي ارتضاه لأنبيائه ورسله ، بعثني الله رسولا الى الناس ، فقال : يا بن أخى ان قومك قد أتونى يسألوني ان أسئلك أن تكف عنهم ، فقال : يا عم انى لا أستطيع ان أخالف أمر ربي ، فكف عنه أبو طالب ، ثم اجتمعوا الى أبي طالب فقالوا : أنت سيد من ساداتنا فادفع إلينا محمدا لنقتله وتملك علينا ، فقال أبو طالب قصيدته الطويلة ، ويقول فيها : ولما رأيت القول لاود بينهم (٢) وقد قطعوا كل العرى والوسائل كذبتم وبيت الله يبزى محمد ولما نطاعن دونه ونناضل (٣) وننصره حتى نصرع حوله ونذهل عن أبنائنا والحلائل (٤)

__________________

(١) السمائم جمع السموم : الريح الحارة.

(٢) قوله : «بينهم» في المصدر «عندهم». والعرى جمع العروة : كلما يوثق به ويعول عليه.

(٣) قوله «يبزى» اى يقهر ويغلب ، قال في البحار أراد «لا يبزى» فحذف لا من جواب القسم وهي مرادة اى لا يقهر ولم نقاتل وندافع «انتهى» والصحيح كما في الغدير ج ٧ : ٣٣٨ «نبزى» اى نقهر ، وناضل عنه : حامي وجادل ودافع وتكلم عنه بعذره.

(٤) صرعة : طرحه على الأرض شديدا. وذهل عنه : نسيه. والحلائل جمع الحليلة : الزوجة.


قال : فلما اجتمعت [قريش] على قتل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وكتبوا الصحيفة القاطعة ، جمع أبو طالب بنى هاشم وحلف لهم بالبيت والركن والمقام والمشاعر في الكعبة ، لئن شاكت محمدا شوكة لاتين عليكم يا بنى هاشم فأدخله الشعب ، وكان يحرسه بالليل والنهار قائما بالسيف على رأسه أربع سنين ، فلما خرجوا من الشعب حضرت أبا طالب الوفاة ، فدخل عليه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو يجود بنفسه ، فقال : يا عم ربيت صغيرا وكفلت يتيما ، فجزاك الله عنى خيرا أعطني كلمة اشفع لك بها عند ربي ، فروى انه لم يخرج من الدنيا حتى أعطى رسول الله الرضا ، وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لو قمت المقام المحمود لشفعت لابي وأمي وعمى وأخ كان لي مواخيا في الجاهلية (١).

١٢٦ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) روى موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عن الحسين بن على عليهم‌السلام قال : ان يهوديا من يهود الشام وأحبارهم قال لأمير المؤمنين عليه‌السلام : فان هذا موسى بن عمران قد أرسله الله الى فرعون وأراه الآية الكبرى؟ قال له على عليه‌السلام : لقد كان كذلك ومحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله أرسله الله الى فراعنة شتى مثل أبي جهل بن هشام ، وعتبة بن ربيعة وشيبة وأبي البختري والنضر بن الحرث ، وأبي بن خلف ، ومنبه ونبيه إبني الحجاج ، والى المستهزئين : الوليد بن المغيرة المخزومي ، والعاص بن وائل السهمي ، والأسود بن عبد يغوث الزهري ، والأسود بن المطلب ، والحارث بن الطلاطلة فأراهم الآيات في الآفاق وفي أنفسهم حتى تبين لهم انه الحق ، قال اليهودي : لقد انتقم الله لموسى من فرعون؟ قال له علي عليه‌السلام : لقد كان كذلك ولقد انتقم الله جل اسمه لمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله من الفراعنة ، فاما المستهزؤن فقد قال الله عزوجل : (إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ) فقتل

__________________

(١) غير خفي على المحقق الخبير والمطالع البصير لأخبار أهل بيت العصمة صلوات الله عليه ان أبا طالب كان مؤمنا ينقى قومه ويستر دينه ، وعليه الشيعة الامامية ، ويعرف ذلك من سيرته وكلماته وأشعاره أيضا ، وقد أفرد العلامة الأستاذ الأميني دام ظله في كتابه الغدير لذلك بابا يذكر فيه اشعاره وأحواله ، ويدفع الشبهات الواهية المنقولة عن بعض العامة في ايمانه وإسلامه رضى الله عنه فراجع ج ٧ ـ : ٣٣٠ ـ ٤٠٩. فما في هذا الخبر اما هو مأخوذ عن العامة وأورده القمى (ره) على عقيدتهم ، أو كان منه صلى‌الله‌عليه‌وآله على ظاهر حال ابى طالب والله العالم.


الله خمستهم كل واحد منهم بغير قتلة صاحبه في يوم واحد ، فاما الوليد بن المغيرة فمر بنبل لرجل من خزاعة قد راشه ووضعه في الطريق ، فأصابه شظية منه (١) فانقطع أكحله حتى أدماه فمات ، وهو يقول قتلني رب محمد ، واما العاص بن وائل السهمي فانه خرج في حاجة له الى موضع فتدهده (٢) تحته حجر فسقط فتقطع قطعة قطعة فمات وهو يقول : قتلني رب محمد ، واما الأسود بن عبد يغوث فانه خرج يستقبل ابنة زمعة فاستظل بشجرة فأتاه جبرئيل عليه‌السلام فأخذ رأسه فنطح به الشجرة فقال لغلامه : امنع عنى هذا فقال : ما أرى أحدا يصنع بك شيئا الا نفسك فقتله ، وهو يقول : قتلني رب محمد ، واما الأسود بن الحارث فان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله دعا عليه أن يعمى بصره وان يثكله ولده ، فلما كان في ذلك اليوم خرج حتى صار الى موضع ، فأتاه جبرئيل عليه‌السلام بورقة خضراء فضرب بها وجهه فعمي ، وبقي حتى أثكله الله عزوجل ولده ، واما الحارث بن الطلاطلة فانه خرج من بيته في السموم فتحول حبشيا فرجع الى أهله فقال : أنا الحارث فغضبوا عليه فقتلوه وهو يقول : قتلني رب محمد ، وروى ان الأسود بن الحارث أكل حوتا مالحا فأصابه عليه العطش فلم يزل يشرب الماء حتى انشق بطنه فمات ، وهو يقول : قتلني رب محمد كل ذلك في ساعة واحدة ، وذلك انهم كانوا بين يدي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقالوا له : يا محمد ننتظر بك الى الظهر فان رجعت عن قولك والا قتلناك ، فدخل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله منزله فأغلق عليه بابه مغتما لقولهم ، فأتاه جبرئيل عليه‌السلام عن الله من ساعته فقال : يا محمد السلام يقرء عليك السلام وهو يقول : (فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ) يعنى أظهر أمرك لأهل مكة وادعهم الى الايمان قال : يا جبرئيل كيف أصنع بالمستهزئين وما أوعدونى؟ قال له : (إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ) قال : يا جبرئيل كانوا الساعة بين يدي! قال : قد كفيتهم فأظهر امره عند ذلك ، واما بقيتهم من الفراعنة فقتلوا يوم بدر بالسيف ، وهزم الله الجمع وولوا الأدبار ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٢٧ ـ في كتاب الخصال عن أبان الأحمر رفعه قال : المستهزؤن بالنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله

__________________

(١) الشظية : كل فلقة من شيء كفلقة العود أو القضبة.

(٢) تدهده الحجر : تدحرج.


خمسة الوليد بن المغيرة المخزومي ، والعاص بن وائل السهمي والأسود بن عبد يغوث الزهري والأسود بن المطلب ، والحارث بن عطية الثقفي.

١٢٨ ـ في أصول الكافي محمد بن الحسين وغيره عن سهل عن محمد بن عيسى ومحمد بن يحيى ومحمد بن الحسين جميعا عن محمد بن سنان عن اسمعيل بن جابر وعبد الكريم بن عمرو عن عبد الحميد بن أبي الديلم عن أبي عبد الله عليه‌السلام حديث طويل يقول فيه حاكيا عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ذكر من فضل وصيه ذكرا ، فوقع النفاق في قلوبهم فعلم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ذلك وما يقولون ، فقال الله جل ذكره : يا محمد و (لَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِما يَقُولُونَ) (فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآياتِ اللهِ يَجْحَدُونَ) لكنهم يجحدون بغير حجة لهم وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يتألفهم ويستعين ببعضهم على بعض ، ولا يزال يخرج لهم شيئا في فضل وصيه حتى نزلت هذه السورة ، فاحتج عليهم حين أعلم بموته ونعيت اليه نفسه.

١٢٩ ـ على بن إبراهيم عن أبيه وعلى بن محمد القاساني جميعا عن القاسم بن محمد الاصبهانى عن سليمان بن داود المنقري عن حفص بن غياث قال : قال لي أبو عبد الله عليه‌السلام : يا حفص ان من صبر صبر قليلا ، وان من جزع جزع قليلا ، ثم قال : عليك بالصبر في جميع أمورك ، فان الله عزوجل بعث محمدا فأمره بالصبر والرفق فصبر صلى‌الله‌عليه‌وآله حتى نالوه بالعظايم ورموه بها فضاق صدره فأنزل الله عزوجل : (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِما يَقُولُونَ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٣٠ ـ في مجمع البيان : و (كُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ) اى المصلين عن الضحاك وابن عباس قال : وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا حزنه أمر فرغ الى الصلوة (١).

__________________

(١) فرغ الى الشيء : قصد.


بسم الله الرحمن الرحيم

١ ـ في كتاب ثواب الأعمال باسناده الى أبي جعفر عليه‌السلام قال : من قرأ سورة النحل في كل شهر كفى المغرم في الدنيا ، وسبعين نوعا من أنواع البلاء أهونه الجنون والجذام والبرص ، وكان مسكنه في جنة عدن وهي وسط الجنان.

٢ ـ في مجمع البيان أبي بن كعب عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : من قرءها لم يحاسبه الله تعالى بالنعم التي أنعمها عليه في دار الدنيا ، وان مات في يوم تلاها أو ليلته أعطى من الأجر كالذي مات وأحسن الوصية.

٣ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده الى أبان بن تغلب قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : أول من يبايع القائم عليه‌السلام جبرئيل ، ينزل في صورة طير أبيض فيبايعه ثم يضع رجلا على بيت الله الحرام ورجلا على بيت المقدس ، ثم ينادى بصوت ذلق (١) تسمعه الخلايق : (أَتى أَمْرُ اللهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ).

٤ ـ عن ابن مهزيار عن القائم عليه‌السلام حديث طويل وفيه انه عليه‌السلام تلى : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ أَتاها أَمْرُنا لَيْلاً أَوْ نَهاراً فَجَعَلْناها حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ) فقلت : يا سيدي يا ابن رسول الله فما الأمر؟ قال : نحن أمر الله عزوجل وجنوده.

٥ ـ في تفسير العياشي عن هشام بن سالم عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سئلته عن قول الله : (أَتى أَمْرُ اللهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ) قال : إذا أخبر الله النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بشيء الى وقت فهو قوله : (أَتى أَمْرُ اللهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ) حتى يأتى ذلك الوقت ، وقال : ان الله إذا أخبر ان شيئا كائن فكأنه قد كان. وفيه بعد أن نقل أبان بن تغلب عن أبي عبد الله عليه‌السلام كما نقلنا عنه سابقا ، وفي

__________________

(١) الذلق : الفصيح.


رواية أخرى عن أبان عن أبي جعفر عليه‌السلام نحوه.

٦ ـ في تفسير على بن إبراهيم (أَتى أَمْرُ اللهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ) قال : نزلت لما سألت قريش رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ان ينزل عليهم (١) فأنزل الله تبارك وتعالى (أَتى أَمْرُ اللهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ).

٧ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن على بن أسباط عن الحسين بن أبي العلا عن سعد الإسكاف قال : أتى رجل أمير المؤمنين عليه‌السلام يسئله عن الروح أليس هو جبرئيل؟ فقال له أمير المؤمنين عليه‌السلام : جبرئيل من الملائكة والروح غير جبرئيل ، فكرر ذلك على الرجل ، فقال له : لقد قلت عظيما من القول ، ما أحد يزعم ان الروح غير جبرئيل ، فقال له أمير المؤمنين عليه‌السلام : انك ضال تروى عن أهل الضلال يقول الله عزوجل لنبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله : (أَتى أَمْرُ اللهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ) والروح غير الملائكة عليهم‌السلام.

٨ ـ في تفسير على بن إبراهيم وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله : (عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ) يقول : بالكتاب.

وقال على بن إبراهيم في قوله : (خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ) قال : خلقه من قطرة من ماء منتن (٢) فيكون خصيما متكلما بليغا ، وقال أبو الجارود في قوله : و (الْأَنْعامَ خَلَقَها لَكُمْ فِيها دِفْءٌ وَمَنافِعُ) والدفء : حواشي الإبل ، ويقال بل هي الادفاء (٣) من البيوت والثياب.

٩ ـ في كتاب الخصال عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عن على عليه‌السلام قال : سئل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أى المال خير؟ قال : زرع زرعه صاحبه وأدى (حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ) ، قيل : وأى مال بعد الزرع خير؟ قال : رجل في غنمه قد تبع بها مواقع القطر ، يقيم الصلوة ويؤتى الزكاة ، قيل : فأى المال بعد الغنم خير؟ قال : البقر تغدو بخير وتروح بخير

__________________

(١) وفي المصدر «أن ينزل عليهم العذاب».

(٢) وفي المصدر «من قطرة من ماء مهين».

(٣) ادفأه من الحائط وغيره كنه اى ستره.


قيل : فأى المال بعد البقر خير؟ قال : الراسيات (١) في الوحل المطعمات في المحل (٢) نعم المال النخل ، من باعه فانما ثمنه بمنزلة رماد على شاهقة (اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عاصِفٍ) ، الا أن يخلف مكانها ، قيل : يا رسول الله فأى المال بعد النخل خير؟ فسكت فقال له رجل : فأين الإبل؟ قال : فيه الشقاء والجفاء والعناء وبعد الدار ، تغدو مدبرة وتروح مدبرة لا يأتى خيرها الا من جانبها الاشأم.

١٠ ـ عن أبي عبد الله عن أبيه عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : الغنم إذا أقبلت أقبلت ، وإذا أدبرت أقبلت ، والبقر إذا أقبلت أقبلت ، وإذا أدبرت أدبرت ، والإبل أعناق الشياطين إذا أقبلت أدبرت ، وإذا أدبرت أدبرت ، ولا يجيء خيرها الا من الجانب الا شأم ، قيل : يا رسول الله فمن يتخذها بعد ذا؟ قال : فأين الأشقياء الفجرة؟.

١١ ـ عن الحارث قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : عليكم بالغنم والحرث فإنهما يروحان بخير ويغدوان بخير ، قال : فقيل له : يا رسول الله فأين الإبل؟

قال : تلك أعناق الشياطين ويأتى خيرها من الجانب الأشأم ، قيل : يا رسول الله ان سمع الناس بذلك تركوها فقال : إذا لا يعدمها الأشقياء الفجرة.

١٢ ـ عن أمير المؤمنين عليه‌السلام أفضل ما يتخذه الرجل في منزله لعياله الشاة ، فمن كان في منزلة شاة قدست عليه الملائكة مرتين في كل يوم ، وكذلك في الثلاث يقول : بورك فيكم.

١٣ ـ عن الحسن بن مصعب قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : ان لله تعالى في كل يوم وليلة ملكا ينادى مهلا مهلا عباد الله عن المعاصي فلو لا بهائم رتع وصبية رضع وشيوخ ركع لصب عليكم العذاب صبا ترضون به رضا.

١٤ ـ في تفسير على بن إبراهيم قوله : و (لَكُمْ فِيها جَمالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ) قال : حين ترجع من المرعى ، قوله : و (تَحْمِلُ أَثْقالَكُمْ إِلى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ) قال : الى مكة والمدينة وجميع البلدان.

١٥ ـ في الكافي أبو على الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان بن يحيى

__________________

(١) اى الثابتات في أماكنها لا تزول لعظمها.

(٢) المحل : الشدة والجدب وانقطاع المطر ويبس الأرض من الكلاء.


عن عبد الله بن يحيى الكاهلي قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : ويذكر الحج ، فقال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : هو أحد الجهادين ، هو جهاد الضعفاء ونحن الضعفاء ، أما انه ليس شيء أفضل من الحج الا الصلوة ، وفي الحج هاهنا صلوة ، وليس في الصلوة قبلكم حج ، لا تدع الحج وأنت تقدر عليه ، أما ترى انه يشعث رأسك ويقشف فيه جلدك (١) وتمتنع فيه من النظر الى النساء ، وانا نحن هاهنا ونحن قريب ، ولنا مياه متصلة ، ما نبلغ الحج حتى يشق علينا فكيف أنتم في بعد البلاد ، وما من ملك ولا سوقة (٢) يصل الى الحج الا بمشقة في تغيير مطعم أو مشرب أو ريح أو شمس لا يستطيع ردها ، وذلك قوله عزوجل : (وَتَحْمِلُ أَثْقالَكُمْ إِلى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ).

ـ في كتاب علل الشرائع أبي (ره) قال : حدثنا سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسين بن سعيد عن صفوان وفضالة عن القاسم الكاهلي قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يذكر الحج وذكر مثل ما نقلناه عن الكافي سواء

١٦ ـ في تفسير العياشي عن زرارة عن أحد هما عليهما‌السلام قال : سألته عن أبوال الخيل والبغال والحمير؟ قال فكرهها ، فقلت : أليس لحمها حلال؟ قال : فقال : أليس قد بين الله لكم : (وَالْأَنْعامَ خَلَقَها لَكُمْ فِيها دِفْءٌ وَمَنافِعُ وَمِنْها تَأْكُلُونَ) وقال في الخيل : (وَالْخَيْلَ وَالْبِغالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوها وَزِينَةً) فجعل الاكل من الانعام التي قص الله في الكتاب ، وجعل للركوب الخيل والبغال والحمير وليس لحومها بحرام ولكن الناس عافوها (٣)

١٧ ـ في الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن غير واحد عن أبان عن زرارة عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ان الخيل كانت وحوشا في بلاد العرب ، فصعد

__________________

(١) شعث رأسه : تفرق شعره وجلده. والقشف ـ محركة ـ : رثاثة الهيئة وسوء الحال ورجل قشف ـ ككتف ـ : لوحته الشمس أو الفقر فتغير.

(٢) السوقة الرعية يستوي فيه الواحد والجمع والمذكور والمؤنث.

(٣) عاف الرجل الطعام والشراب وغيرها عيفا : كرهه فلم يأكله أو لم يشربه.


إبراهيم واسمعيل عليهما‌السلام على جبل جياد ثم صاحا : ألا هلا (١) قال : فما بقي فرس الا أعطاهما بيده ، وأمكن من ناصيته.

١٨ ـ عنه عن على بن الحكم عن عمر بن أبان عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : الخيل معقود في نواصيها الخير الى يوم القيمة.

١٩ ـ عنه عن ابن فضال عن ثعلبة عن معمر عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : سمعته يقول : الخير كله معقود في نواصي الخيل الى يوم القيمة.

٢٠ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده الى عبدوس بن أبي عبيدة قال : سمعت الرضا عليه‌السلام يقول : أول من ركب الخيل اسمعيل ، وكانت وحشية لم تركب ، فحشرها الله عزوجل على اسمعيل من جبل منى ، وانما سميت الخيل العراب ، لان أول من ركبها اسمعيل.

٢١ ـ في كتاب الخصال عن الحسين بن زيد قال : بلغني ان الله تعالى خلق الخيل من أربعة أشياء ، من البحر الأعظم المحدق بالدنيا ، ومن النار ، ومن دموع ملك يقال له إبراهيم ، ومن بين طيبة.

٢٢ ـ في كتاب علل الشرائع وباسناده الى محمد بن يعقوب عن على بن محمد باسناده رفعه قال : قال على عليه‌السلام لبعض اليهود وقد سئله عن مسائل : أول من ركب الخيل قابيل يوم قتل أخاه هابيل ، وأول من ركب البغل ابن آدم عليه‌السلام وذلك كان له ابن يقال له معد ، وكان عشوقا للدواب ، وأول من ركب الحمار حوا.

٢٣ ـ في كتاب الخصال عن أم الدرداء قالت : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من أصبح معافى في جسده آمنا في سربه (٢) عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا ، يا ابن آدم يكفيك من الدنيا ما سد جوعتك ، ووارى عورتك ، فان يكن بيت يكنك فذاك ، وان يكن دابة تركبها فبخ بخ ، والخير وما الخير وما بعد ذلك حساب عليك

__________________

(١) جياد : جبل بمكة وقيل : ان المعروف في كتب اللغة «أجياد» وهلا : رجز للخيل اى اقربى.

(٢) السرب هنا بمعنى الحرم والعيال.


أو عذاب.

٢٤ ـ عن نافع بن عبد الحارث قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من سعادة المسلم سعة المسكن ، والجار الصالح ، والمركب الهنيء.

٢٥ ـ عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سمعت أبي يحدث عن أبيه عن جده عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : خمس لا أدعهن حتى الممات : ركوب الحمار مردفا الحديث.

٢٦ ـ وعن الامام الباقر عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : خمس لست بتاركهن حتى الممات : ركوبي الحمار موكفا (١) الحديث.

٢٧ ـ عن يعقوب بن سالم رفع الحديث الى أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لا يرتدف ثلثة على دابة فان أحدهم ملعون وهو المقدم.

٢٨ ـ عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عليهم‌السلام ان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ما خلق الله خلقا الا وقد أمر عليه آخر يغلب به ، وذلك ان الله تبارك وتعالى لما خلق البحار في السماء فخرت وزخرت وقالت : أى شيء يغلبني؟ فخلق الله تعالى الفلك فأدارها به وذللها ، ثم ان الأرض فخرت وقالت : أى شيء يغلبني؟ فخلق الله تعالى الجبال فأثبتها في ظهرها أوتادا منها من أن تميد بما عليها ، فذلت الأرض واستقرت.

٢٩ ـ في كتاب معاني الاخبار باسناده الى سفيان بن سعيد الثوري عن الصادق عليه‌السلام حديث طويل يقول فيه : واما «ق» فهو الجبل المحيط بالأرض ، وخضرة السماء منه ، وبه يمسك الله الأرض أن تميد بأهلها.

٣٠ ـ في أصول الكافي احمد بن مهران عن محمد بن على ومحمد بن يحيى عن أحمد بن محمد جميعا عن محمد بن سنان عن المفضل بن عمر عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : كان أمير المؤمنين عليه‌السلام باب الله الذي لا يؤتى الا منه ، وسبيله الذي من سلك بغيره هلك ، وكذلك يجرى لائمة الهدى واحدا بعد واحد. جعلهم الله أركان الأرض أن تميد بأهلها.

__________________

(١) اى الذي وضع عليها الاكاف وهو برذعة الحمار.


الحسين بن محمد الأشعري عن معلى بن محمد عن محمد بن جمهور العمى عن محمد بن سنان قال : حدثنا المفضل قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول وذكر كالحديث السابق سواء.

على بن محمد ومحمد بن الحسين عن سهل بن زياد عن محمد بن الوليد شباب الصيرفي قال : حدثنا سعيد الأعرج عن ابى عبد الله عليه‌السلام ثم ذكر مثله أيضا.

محمد بن يحيى وأحمد بن محمد جميعا عن محمد بن الحسن عن على بن حسان قال : حدثني أبو عبد الله الرياحي عن أبي الصامت الحلواني عن أبي جعفر عليه‌السلام ثم ذكر مثله أيضا بتغيير يسير ، وهذه الأحاديث الاربعة طوال أخذنا منها موضع الحاجة.

٣١ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده الى أبي هراسة عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : لو أن الامام رفع من الأرض ساعة لماجت بأهلها كما يموج البحر بأهله.

٣٢ ـ وباسناده الى إبراهيم بن أبي محمود قال : قال الرضا عليه‌السلام : ولا تخلو الأرض من قائم منا ظاهر أو خاف ، ولو خلت يوما بغير حجة لماجت بأهلها كما يموج البحر بأهله.

٣٣ ـ وبإسناد له آخر الى أبي هراسة عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : لو ان الامام رفع من الأرض لماجت بأهلها كما يموج البحر بأهله.

٣٤ ـ وباسناده الى سليمان بن مهران الأعمش عن الصادق جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن على عن أبيه على بن الحسين عليهم‌السلام حديث طويل يقول فيه : وبنا يمسك الأرض أن تميد بأهلها.

٣٥ ـ وباسناده الى الحسين بن على بن أبي حمزة الثمالي عن أبيه عن الصادق جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عليهم‌السلام عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله حديث طويل قال في آخره بعد ان ذكر خلفاءه الاثنى عشر صلوات الله عليه وعليهم : بهم يمسك الله عزوجل السماء ان تقع على الأرض الا باذنه ، وبهم يحفظ الأرض أن تميد بأهلها.

٣٦ ـ وقال الصدوق رضى الله عنه في هذا الكتاب : ويروى في الاخبار الصحيحة عن أئمتنا عليهم‌السلام ان من رأى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أو واحدا من الائمة عليهم‌السلام قد


دخل مدينة أو قرية في منامه فانه أمن لأهل المدينة أو القرية مما يخافون ويحذرون ، وبلوغ لما يأملون ويرجون.

٣٧ ـ في أصول الكافي الحسين بن محمد الأشعري عن معلى بن محمد عن أبي داود المسترق قال : حدثنا داود الجصاص قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : (وَعَلاماتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ) قال : النجم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، والعلامات الائمة عليهم‌السلام.

٣٨ ـ الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن الوشاء عن أسباط بن سالم قال : سأل الهيثم أبا عبد الله عليه‌السلام وأنا عنده عن قول الله عزوجل : (وَعَلاماتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ) فقال : رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله النجم ، والعلامات الائمة.

٣٩ ـ الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن الوشاء قال : سألت الرضا عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (وَعَلاماتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ) قال : نحن العلامات والنجم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله.

٤٠ ـ في كتاب المناقب لابن شهر آشوب أبو الورد عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله : (وَعَلاماتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ) قال : نحن النجم.

٤١ ـ الهيتى وداود الجصاص عن الصادق ، والوشا عن الرضا عليهما‌السلام : النجم رسول الله ، والعلامات الائمة عليهم‌السلام.

٤٢ ـ أبو المضا عن الرضا عليه‌السلام قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لعلى : أنت نجم بنى هاشم.

٤٣ ـ وعنه قال عليه‌السلام : أنت أحد العلامات.

٤٤ ـ في تفسير على بن إبراهيم قوله : (وَعَلاماتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ) فانه

حدثني أبي عن النضر بن سويد عن القاسم بن سليمان عن معلى بن خنيس عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : النجم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، والعلامات الائمة عليهم‌السلام.

٤٥ ـ حدثني أبي عن الحسين بن خالد عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام قال : قلت : (النَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدانِ) قال : النجم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقد سماه الله في غير موضع ، فقال : (وَالنَّجْمِ إِذا هَوى) وقال : (وَعَلاماتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ) فالعلامات الأوصياء ، والنجم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.


في مجمع البيان (وَعَلاماتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ) قيل : أراد به الاهتداء في القبلة قال ابن عباس : سألت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : الجدي عليه قبلتكم وبه تهتدون في بر كم وبحر كم.

٤٧ ـ وروى أبو الجارود عن ابى جعفر عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ان الله جعل النجوم أمانا لأهل السماء ، وجعل أهل بيتي أمانا لأهل الأرض. قال مؤلف هذا الكتاب عفى الله عنه : تأمل في مناسبة حديث أبي الجارود في هذا المقام وموقعه منه.

٤٨ ـ في أمالي شيخ الطائفة قدس‌سره باسناده الى أبي بصير عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهما‌السلام في قول الله عزوجل : (وَعَلاماتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ) قال : النجم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، والعلامات الائمة من بعده عليه وعليهم‌السلام.

٤٩ ـ في تفسير العياشي عن المفضل بن صالح عن بعض أصحابه عن أحدهما عليهما‌السلام في قوله : (وَعَلاماتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ) قال : هو أمير المؤمنين عليه‌السلام.

٥٠ ـ عن محمد بن الفضيل عن أبي الحسن عليه‌السلام في قول الله : (وَعَلاماتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ) قال : نحن العلامات والنجم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله.

٥١ ـ عن اسمعيل بن ابى زياد عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عن على ابن أبي طالب عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : (وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ) قال : هو الجدي لأنه نجم لا يزول ، وعليه بناء القبلة وبه يهتدون أهل البر والبحر.

٥٢ ـ عن اسمعيل بن أبي زياد عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قوله : (وَعَلاماتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ) قال : ظاهر وباطن ، الجدي عليه تبنى القبلة وبه يهتدى أهل البحر والبر ، لأنه لا يزول (١).

٥٣ ـ عن جابر عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : سألته عن هذه الآية : (وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْياءٍ وَما يَشْعُرُونَ أَيَّانَ)

__________________

(١) قال المحدث الكاشاني (ره) : يعنى معناه الظاهر الجدي والباطن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله.


يبعثون قال : (الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ) الاول والثاني والثالث ، كذبوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بقوله : والوا عليا واتبعوه ، فعادوا عليا ولم يوالوه ، ودعوا الناس الى ولاية أنفسهم ، فذلك قول الله : (وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ) قال : وأما قوله : (لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً) فانه يعنى لا يعبدون شيئا (وَهُمْ يُخْلَقُونَ) فانه يعنى وهم يعبدون ، وأما قوله : (أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْياءٍ) يعنى كفار غير مؤمنين ، واما قوله : (وَما يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ) فانه يعنى انهم لا يؤمنون ، انهم يشركون إلهكم اله أحد فانه كما قال الله واما قوله : (فَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ) فانه يعنى لا يؤمنون بالرجعة انها حق ، واما قوله : قلوبهم منكرة فانه يعنى قلوبهم كافرة واما قوله : وهم مستكبرون فانه يعنى عن ولاية على عليه‌السلام مستكبرون ، قال الله لمن فعل ذلك وعيد منه (لا جَرَمَ أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ) عن ولاية على عليه‌السلام. عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه‌السلام مثله سواء.

٥٤ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثني جعفر بن أحمد قال : حدثنا عبد الكريم بن عبد الرحيم عن محمد بن على عن محمد بن الفضيل عن أبي حمزة الثمالي قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : في قوله : (فَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ) يعنى انهم لا يؤمنون بالرجعة انها حق (قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ) يعنى انها كافرة (وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ) يعنى عن ولاية على مستكبرون (لا جَرَمَ أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ) عن ولاية على عليه‌السلام».

٥٥ ـ في تفسير العياشي عن مسعدة قال : مر الحسين بن على عليهما‌السلام لمساكين قد بسطوا كساء لهم فألقوا كسرا فقالوا : هلم يا بن رسول الله فأكل معهم (١) ثم تلا «ان الله لا يحب المستكبرين». (٢)

__________________

(١) كذا في النسخ وفي المصدر : «فثنى وركه فأكل معهم» والورك ـ ككتف ـ ما فوق الفخذ كالكتف فوق العضد.

(٢) وتمام الحديث انه عليه‌السلام بعد ما أكل معهم ، ثم قال : قد أجبتكم فأجيبونى قالوا : نعم يا ابن رسول الله ، فقاموا معه حتى أتوا منزله ، فقال للرباب : أخرجى ما كنت تدخرين.


٥٦ ـ في روضة الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن القاسم بن محمد عن سليمان بن داود المنقري عن حفص بن غياث عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال : ومن ذهب يرى ان له على الآخر فضلا فهو من المستكبرين ، فقلت : انما يرى ان له عليه فضلا بالعافية إذا رآه مرتكبا للمعاصي؟ فقال : هيهات هيهات! فلعله ان يكون قد غفر له ما أتى ، وأنت موقوف تحاسب؟ أما تلوت قصة سحرة موسى صلوات الله عليه؟ والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٥٧ ـ في تفسير العياشي عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : نزل جبرئيل عليه‌السلام هذه الآية هكذا : (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ) في على (قالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ لِيَحْمِلُوا) يعنى بنى إسرائيل.

٥٨ ـ عن جابر عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله : (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ) في على (قالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ) سجع أهل الجاهلية في جاهليتهم فذلك قوله : (أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ) واما قوله (لِيَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ كامِلَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ) فانه يعنى ليستكملوا الكفر ليوم القيمة واما قوله : (وَمِنْ أَوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ) يعنى يتحملون كفر الذين يتولونهم ، قال الله : (أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ).

٥٩ ـ عن ابى حمزة عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله : (لِيَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ كامِلَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ) يعنى ليستكملوا الكفر يوم القيمة (وَمِنْ أَوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ) يعنى كفر الذين يتولونهم قال الله : (أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ).

٦٠ ـ في تفسير على بن إبراهيم وقال على بن إبراهيم في قوله : (لِيَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ كامِلَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ وَمِنْ أَوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ) قال : يحملون آثامهم يعنى الذين غصبوا أمير المؤمنين وآثام كل من اقتدى بهم ، وهو قول الصادق عليه‌السلام والله ما أهريقت محجمة من دم ولا قرع عصا بعصا ولا غصب فرج حرام ولا أخذ مال من غير حل إلا ووزر ذلك في أعناقهم (١) من غير ان ينقص من أوزار العاملين شيء.

__________________

(١) وفي نسخة «في أعناقهما» على لفظ التثنية.


٦١ ـ حدثني أبي عن ابن ابى عمير عن جميل عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال ، خطب أمير المؤمنين صلوات الله عليه بعد ما بويع له بخمسة أيام خطبة ، فقال فيها : واعلموا ان لكل حق طالبا ، ولكل دم ثائرا ، والطالب كقيام الثائر بدمائنا ، والحاكم في حق نفسه هو العادل الذي لا يجور ، وهو الله الواحد القهار ، واعلموا ان على كل شارع بدعة وزره ووزر كل مقتديه من بعده ، من غير أن ينقص من أوزار العالمين شيء ، وسينتقم الله من الظلمة مأكل بمأكل ومشرب بمشرب ، من لقم العلقم ومشارب الصبر الأدهم (١) فليشربوا بالصلب من الراح السم المذاق ، وليلبسوا دثار الخوف دهرا طويلا ، ولهم بكل ما أتوا وعملوا من أفاريق الصبر الأدهم فوق ما أتوا وعملوا ، اما انه لم يبق الا الزمهرير شتائهم ، وما لهم من الصيف الا رقدة وتحسبهم ما زودوا وحملوا على ظهورهم من الآثام فيا مطايا الخطايا ويا زور الزور ، أوزار الآثام مع الذين ظلموا اى منقلب ينقلبون اسمعوا واعوا وتوبوا وابكوا على أنفسكم فسيعلم الذين ظلموا فاقسم ثم اقسم لتحملنها بنو امية من بعدي وليعرفنها في دارهم عما قليل فلا يبعد الله الا من ظلم وعلى البادي يعنى الاول وما سهل لهم من سبل الخطايا مثل أوزارهم ، وأوزار كل من عمل بوزرهم الى يوم القيمة (وَمِنْ أَوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ)

٦٢ ـ في مجمع البيان (وَمِنْ أَوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ) روى عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله انه قال : أيما داع دعا الى الهدى فاتبع فله مثل أجورهم من غير ان ينقص من أجورهم شيء وأيما داع دعا الى ضلالة فاتبع عليه فان عليه مثل أوزار من اتبعه من غير أن ينقص من أوزارهم.

٦٣ ـ في تفسير العياشي عن الحسن بن زياد الصيقل عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال :

سمعته يقول : (قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) ولم يعلم الذين آمنوا (فَأَتَى اللهُ بُنْيانَهُمْ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ) قال محمد بن كليب عن أبيه قال : انما شاء.

٦٤ ـ عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : (فَأَتَى اللهُ بُنْيانَهُمْ مِنَ الْقَواعِدِ) قال : كان بيت غدر يجتمعون فيه إذا أرادوا الشر.

٦٥ ـ عن ابى السفاتج عن أبي عبد الله عليه‌السلام [وعنه بيتهم] من القواعد يعنى بيت

__________________

(١) العلقم : الحنظل وكل شجر مر. والصبر : عصارة شجر مر.


مكرهم.

٦٦ ـ عن كليب عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن قول الله عزوجل : (فَأَتَى اللهُ بُنْيانَهُمْ مِنَ الْقَواعِدِ) قال : لا فأتى الله بنيانهم من القواعد ، وانما كان بيتا.

٦٧ ـ في مجمع البيان وروى عن أهل البيت عليهم‌السلام «فأتى الله بنيانهم من القواعد»

٦٨ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثني أبي عن محمد بن أبي عمير عن أبي أيوب عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله (قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللهُ بُنْيانَهُمْ مِنَ الْقَواعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَأَتاهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ) قال : بيت مكر هم اى ماتوا فألقاهم هم الله في النار ، وهو مثل لأعداء آل محمد عليهم‌السلام.

٦٩ ـ في كتاب التوحيد حديث طويل عن على عليه‌السلام يقول فيه وقد سأله رجل عما اشتبه عليه من الآيات وكذلك إتيانه بنيانهم وقال عزوجل (فَأَتَى اللهُ بُنْيانَهُمْ مِنَ الْقَواعِدِ) فاتيانهم من القواعد إرسال العذاب.

٧٠ ـ في كتاب الخصال عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال قام رجل الى أمير المؤمنين عليه‌السلام في الجامع بالكوفة فقال : يا أمير المؤمنين أخبرنى عن يوم الأربعاء والتطير منه وثقله وأى أربعاء هو؟ فقال عليه‌السلام : آخر أربعاء في الشهر وهو المحاق ، وفيه قتل قابيل هابيل أخاه ، ويوم الأربعاء القى إبراهيم في النار ، ويوم الأربعاء (فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ) (الحديث) وفي عيون الاخبار مثله سواء.

٧١ ـ في تفسير على بن إبراهيم قوله : ثم يوم القيمة (يُخْزِيهِمْ وَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ تُشَاقُّونَ فِيهِمْ قالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالسُّوءَ عَلَى الْكافِرِينَ قالَ : الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) الائمة عليهم‌السلام يقولون لأعدائهم : اين شركاؤكم ومن أطعتموهم في الدنيا.

٧٢ ـ في كتاب التوحيد حديث طويل عن على عليه‌السلام يقول فيه وقد سأله رجل عما اشتبه عليه من الآيات : واما قوله : (يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ) وقوله : (اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها) وقوله : (تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ) وقوله : (الذين


تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ) وقوله : (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمْ) فان الله تبارك وتعالى يدبر الأمور كيف يشاء ، يوكل من خلقه من يشاء بما يشاء ، اما ملك الموت فان الله يوكله بخاصته بمن يشاء من خلقه ويوكل رسله من يشاء من خاصته بمن يشاء من خلقه يدبر الأمور كيف يشاء ، وليس كل العلم يستطيع صاحب العلم أن يفسره لكل الناس ، لأن فيهم القوى والضعيف ، ولان منه ما يطاق حمله ومنه ما لا يطاق حمله ، الا لمن سهل الله له حمله وأعانه عليه من خاصة أوليائه ، وانما يكفيك ان تعلم ان الله المحيي والمميت ، وانه يتوفى الأنفس على يد من يشاء من خلقه من ملائكة وغيرهم.

٧٣ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) عن أمير المؤمنين عليه‌السلام حديث طويل يقول مجيبا لبعض الزنادقة وقد قال أجد الله تعالى يقول : (يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ) و (اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها) و (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ) وما أشبه ذلك ، فمرة يجعل الفعل لنفسه ، ومرة لملك الموت ، ومرة للملائكة ، فاما قول الله عزوجل : (اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها) وقوله : (يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ) و (تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا) و (تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ) و (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ) فهو تبارك وتعالى أجل وأعظم من أن يتولى ذلك بنفسه ، وفعل رسله وملائكته فعله ، لأنهم بأمره يعلمون ، فاصطفى جل ذكره من الملائكة رسلا وسفرة بينه وبين خلقه ، وهم الذين قال الله فيهم : (اللهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ) فمن كان من أهل الطاعة تولت قبض روحه ملائكة الرحمة ومن كان من أهل المعصية تولت قبض روحه ملائكة النقمة ، ولملك الموت أعوان من ملائكة الرحمة والنقمة ، يصدرون عن أمره ، وفعلهم وفعله وكل ما يأتونه منسوب اليه وإذا كان فعلهم فعل ملك الموت ، وفعل ملك الموت فعل الله ، لأنه يتوفى الأنفس على يد من يشاء ويعطى ويمنع ويثيب ويعاقب على يد من يشاء وان فعل امنائه فعله كما قال : (وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ).

٧٤ ـ في من لا يحضره الفقيه وسئل الصادق عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها) وعن قول الله عزوجل : (قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ) وعن قول الله عزوجل : (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ) و (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ) وعن قول الله عزوجل (تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا) وعن قوله


عزوجل (وَلَوْ تَرى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ) وقد يموت في الدنيا في الساعة الواحدة في جميع الآفاق ما لا يحصيه الا الله عزوجل فكيف هذا؟ فقال : ان الله تبارك وتعالى جعل لملك الموت أعوانا من الملائكة يقبضون الأرواح ، بمنزلة صاحب الشرطة له أعوان من الانس ، يبعثهم في حوائجه فتتوفيهم الملائكة ، ويتوفاهم ملك الموت من الملائكة مع ما يقبض هو ، ويتوفاها الله تعالى من ملك الموت.

٧٥ ـ في أمالي شيخ الطائفة قدس‌سره باسناده الى أمير المؤمنين عليه‌السلام حديث طويل يقول فيه عليه‌السلام : انه ليس من أحد من الناس تفارقه روحه جسده حتى يعلم الى اى منزلين يصير ، الى الجنة أم الى النار ، أعد وهو الله أو ولى ، فان كان وليا لله فتحت له أبواب الجنة ، وشرع طرقها ونظر الى ما أعد الله له فيها ، ففرغ من كل شغل ، ووضع عنه كل ثقل ، وان كان عدو لله فتحت له أبواب النار وشرع له طرقها ، ونظر الى ما أعد الله له فيها ، فاستقبل كل مكروه ونزل كل شرور ، كل هذا يكون عند الموت وعنده يكون بيقين ، قال الله تعالى : (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمْ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) ويقول ، (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ فَأَلْقَوُا السَّلَمَ ما كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ بَلى إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ* فَادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ) ويقول فيه عليه‌السلام أيضا ، عليكم بتقوى الله فانها تجمع الخير ولا خير غيرها ، ويدرك بها من الخير ما لا يدرك بغيرها من خير الدنيا والآخرة ، قال الله عزوجل : (وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا خَيْراً لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةٌ وَلَدارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دارُ الْمُتَّقِينَ).

٧٦ ـ في تفسير العياشي عن ابن مسكان عن أبى جعفر عليه‌السلام في قوله : (وَلَنِعْمَ دارُ الْمُتَّقِينَ) قال : الدنيا.

٧٧ ـ في تفسير على بن إبراهيم وقوله : «طيبين» قال : هم المؤمنون الذين طابت مواليدهم.


٧٨ ـ وفيه قوله : (الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ لَهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ) قال : في الحيوة الدنيا الرؤيا الحسنة يراها المؤمن ، وفي الآخرة عند الموت وهو قوله : (تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمْ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ). قال مؤلف هذا الكتاب عفى عنه قد سبق لهذه الآية قريبا بيان غير مرة فليراجع.

٧٩ ـ في تفسير العياشي عن خطاب بن مسلمة قال قال أبو جعفر عليه‌السلام : ما بعث الله نبيا قط الا بولايتنا والبراءة من عدونا ، وذلك قول الله في كتابه : (وَلَقَدْ بَعَثْنا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً) منهم (أَنِ اعْبُدُوا اللهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ) بتكذيبهم آل محمد ثم قال : (فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ) المكذبين.

٨٠ ـ عن صالح بن ميثم (١) قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن قول الله : (وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً) قال : ذلك حين يقول عليه‌السلام انا أولى الناس بهذه الآية (٢). (وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللهُ مَنْ يَمُوتُ بَلى وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) الى قوله : كاذبين.

٨١ ـ عن سيرين (٣) قال : كنت عند أبى عبد الله عليه‌السلام إذ قال : ما يقول الناس في هذه الآية (وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللهُ مَنْ يَمُوتُ)؟ قال : يقولون : لا قيامة ولا بعث ولا نشور ، فقال : كذبوا والله انما ذلك إذ قام القائم وكر معه المكرون فقال أهل خلافكم : قد ظهرت دولتكم يا معشر الشيعة وهذا من كذبكم ، يقولون رجع فلان وفلان لا والله (لا يَبْعَثُ اللهُ مَنْ يَمُوتُ) ، ألا ترى انه قال : (وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ) كانت المشركون أشد تعظيما للات والعزى من أن يقسموا بغيرها ، فقال الله : (بَلى وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ كانُوا كاذِبِينَ

__________________

(١) وفي المصدر : «عبد الله بن صالح بن ميثم» لكن الظاهر هو المختار.

(٢) وفي المصدر : «قال ذلك بهذه الاية ... اه».

(٣) واستظهرنا في هامش المصدر ان يكون مصحف السري وهو مشترك بين جمع من أصحاب الصادق (ع) من معلوم الحال وغيره.


إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ).

٨٢ ـ عن الفضيل قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : [أعلمنى] آية كتابك ، قال : اكتب بعلامة كذا وكذا ، وقل آية (١) من القرآن ، قلت لفضيل : وما تلك الآية؟ قال : ما حدثت أحدا بها غير بريد ، قال زرارة : أنا أحدثك بها : (وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ) الى آخر الآية ، قال : فسكت الفضيل ولم يقل لا ولا نعم.

٨٣ ـ في روضة الكافي سهل عن محمد عن أبيه عن أبى بصير قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام قوله : تبارك وتعالى : (وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللهُ مَنْ يَمُوتُ بَلى وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) قال : فقال لي : يا أبا بصير ما تقول في هذه الآية؟ قال : قلت : ان المشركين يزعمون ويحلفون لرسول الله : صلى‌الله‌عليه‌وآله ان الله لا يبعث الموتى ، قال : فقال : تبا لمن قال هذا ، سلهم هل كان المشركون يحلفون بالله أم باللات والعزى؟ قال : قلت : جعلت فداك فأوجدنيه ، قال : فقال : يا أبا بصير لو قد قام قائمنا بعث الله قوما من شيعتنا قباع سيوفهم (٢) على عواتقهم فيبلغ ذلك قوما من شيعتنا لم يموتوا فيقولون بعث فلان وفلان من قبورهم وهم مع القائم ، فيبلغ ذلك قوما من عدونا فيقولون يا معشر الشيعة ما أكذبتم هذه دولتكم وأنتم تقولون فيها الكذب ، لا والله ما عاش هؤلاء ولا يعيشون الى يوم القيمة ، قال : فحكى الله قولهم فقال : (وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللهُ مَنْ يَمُوتُ).

٨٤ ـ في تفسير على بن إبراهيم وقوله : (وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللهُ مَنْ يَمُوتُ بَلى وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) فانه حدثني ابى عن بعض رجاله رفعه الى أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ما يقول الناس فيها؟ قال : يقولون نزلت في الكفار ، قال : ان الكفار لا يحلفون بالله وانما نزلت في قوم من امة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله قيل لهم : ترجعون بعد الموت قبل القيامة؟ فيحلفون انهم لا يرجعون ، فرد الله عليهم فقال : (لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ كانُوا كاذِبِينَ)

__________________

(١) وفي المنقول عن نسخة البرهان «وقرء آية ... اه».

(٢) قباع السيف : ما على طرف مقبضه.


يعنى في الرجعة يردهم فيقتلهم ويشفى صدور المؤمنين منهم. قال عز من قائل : انما أمرنا (لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ).

٨٥ ـ في أمالي شيخ الطائفة قدس‌سره باسناده الى صفوان بن يحيى قال : قلت لأبى الحسن عليه‌السلام : أخبرنى عن الارادة من الله عزوجل ومن الخلق؟ فقال : الارادة من الله تعالى احداثه الفعل لا غير ذلك ، لأنه جل اسمه لا يهم ولا يتفكر.

٨٦ ـ في مجمع البيان : (لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيا حَسَنَةً) وروى عن على عليه‌السلام لنثوئنهم بالثاء : والقراءة لنبوئنهم.

٨٧ ـ في بصائر الدرجات الحسين بن سعيد عن فضالة بن أيوب عن أبان بن عثمان عن محمد بن مسلم عن أبى جعفر عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) قال : الذكر القرآن ، وآل الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله أهل الذكر وهم المسئولون.

٨٨ ـ في أصول الكافي محمد عن أحمد عن ابن فضال عن ابن بكير عن حمزة بن الطيار انه عرض على أبي عبد الله بعض خطب أبيه حتى إذا بلغ موضعا منها فقال له : كف واسكت ، ثم قال أبو عبد الله عليه‌السلام : لا يسعكم فيما ينزل بكم مما لا تعلمون الا الكف عنه وو التثبت والرد على الائمة الهدى ، حتى يحملوكم فيه على القصد ويجلو عنكم فيه العمى ، ويعرفوكم فيه الحق ، قال الله تعالى : (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ).

٨٩ ـ الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن الوشاء عن عبد الله بن عجلان عن أبى جعفر عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : الذكر أنا ، والائمة عليهم‌السلام أهل الذكر.

٩٠ ـ الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن محمد بن اورمة عن على بن حسان عن عمه عبد الرحمن بن كثير قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا ـ تَعْلَمُونَ) قال : أهل الذكر محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ونحن المسئولون.

٩١ ـ الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن الوشاء قال : سألت الرضا عليه‌السلام فقلت جعلت فداك (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) فقال : نحن أهل الذكر ونحن المسئولون ، فقلت : فأنتم المسئولون ونحن السائلون؟ قال : نعم. قلت : حقا


علينا أن نسئلكم؟ قال : نعم ، قلت : حقا عليكم ان تجيبونا ، قال : [لا] ذلك إلينا ان شئنا فعلنا وان شئنا لم نفعل ، أما تسمع قول الله تبارك وتعالى : (هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ).

٩٢ ـ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن عاصم بن حميد عن أبى بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ) فرسول الله الذكر : وأهل بيته المسئولون وهم أهل الذكر.

٩٣ ـ محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن محمد بن اسمعيل عن منصور بن يونس عن ابى بكر الحضرمي قال : كنت عند أبى جعفر عليه‌السلام ودخل عليه الورد أخو الكميت فقال : جعلني الله فداك اخترت لك سبعين مسئلة ما يحضرني منها مسئلة واحدة قال ولا واحدة يا ورد قال : بلى قد حضرني منها واحدة قال : وما هي؟ قال : قول الله تبارك وتعالى : (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) من هم؟ قال : نحن ، قال : قلت علينا ان نسألكم ، قال : نعم ، قلت : عليكم أن تجيبونا؟ قال : ذلك إلينا.

٩٤ ـ محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن صفوان بن يحيى عن العلا بن رزين عن محمد بن مسلم عن أبى جعفر عليه‌السلام قال : ان من عندنا يزعمون ان قول الله عزوجل : (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) انهم اليهود والنصارى؟ قال : إذا يدعونكم الى دينهم ثم قال بيده (١) الى صدره : ونحن أهل الذكر ، ونحن المسئولون.

٩٥ ـ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن الوشاء عن أبى الحسن الرضا عليه‌السلام قال : سمعته يقول : قال على بن الحسين : على الأئمة من الفرض ما ليس على شيعتهم ، وعلى شيعتنا ما ليس علينا ، أمرهم الله عزوجل أن يسألونا قال : (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) فأمرهم ان يسألونا وليس علينا الجواب ، ان شئنا أجبنا وان شئنا أمسكنا.

٩٦ ـ احمد بن محمد عن أحمد بن محمد بن أبى نصر قال : كتبت الى الرضا عليه‌السلام كتابا فكان في بعض ما كتبت قال الله عزوجل : (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ)

__________________

(١) اى أشار.


وقال الله عزوجل : (وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ) فقد فرضت عليهم المسئلة ولم يفرض عليكم الجواب؟ قال : قال الله تبارك وتعالى : (فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّما يَتَّبِعُونَ أَهْواءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ) (١).

٩٧ ـ محمد بن الحسين وغيره عن سهل عن محمد بن عيسى ومحمد بن يحيى ومحمد ابن الحسين جميعا عن محمد بن سنان عن اسمعيل بن جابر وعبد الكريم بن عمرو عن عبد الحميد ابن أبى الديلم عن أبى عبد الله عليه‌السلام ونقل حديثا طويلا وفيه يقول عليه‌السلام وقال الله جل ذكره : (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) قال الكتاب الذكر وأهله آل محمد عليهم‌السلام أمر الله عزوجل بسؤالهم ، ولم يؤمروا بسؤال الجهال ، وسمى الله عزوجل القرآن ذكرا فقال تبارك وتعالى : وأنزلنا عليك (الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ).

٩٨ ـ في عيون الاخبار في باب مجلس ذكر الرضا عليه‌السلام مع المأمون في الفرق بين العترة والامة حديث طويل وفيه قالت العلماء : فأخبرنا هل فسر الله تعالى الاصطفاء في الكتاب؟ فقال الرضا عليه‌السلام : فسر الاصطفاء في الظاهر سوى الباطن في اثنى عشر موطنا وموضعا ، فأول ذلك قوله عزوجل الى أن قال : واما التاسعة فنحن أهل الذكر الذين قال الله تعالى ، (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) فنحن أهل الذكر فاسئلونا ان كنتم لا تعلمون ، فقالت العلماء : انما عنى بذلك اليهود والنصارى ، فقال أبو الحسن : سبحان الله وهل يجوز ذلك إذا يدعونا الى دينهم ويقولون انه أفضل من دين الإسلام؟ فقال المأمون : فهل عندك في ذلك شرح بخلاف ما قالوا يا أبا الحسن؟ فقال : نعم الذكر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ونحن أهله ، وذلك بين في كتاب الله عزوجل حيث يقول في سورة الطلاق : (فَاتَّقُوا اللهَ يا أُولِي الْأَلْبابِ الَّذِينَ آمَنُوا قَدْ أَنْزَلَ اللهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً رَسُولاً يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِ اللهِ مُبَيِّناتٍ) فالذكر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله و

__________________

(١) قال في الوافي : ولم يفرض عليكم الجواب استفهام استبعاد ، كأنه استفهم السر فيه فأجابه الامام بالاية ، ولعل المراد انه لو كنا نجيبكم عن كل ما سئلتم فربما يكون في بعض ذلك مالا تستجيبونا فيه فتكونون من أهل هذه الآية.


نحن أهله ، فهذه التاسعة.

٩٩ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثنا محمد بن جعفر قال : حدثنا عبد الله بن محمد عن داود وسليم بن سفيان عن ثعلبة عن زرارة عن أبى جعفر عليه‌السلام في قوله : (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) من المعنون بذلك؟ فقال : نحن والله ، فقلت : فأنتم المسئولون؟ قال : نعم ، قلت : ونحن السائلون؟ قال : نعم ، قلت : فعلينا ان نسألكم؟ قال : نعم ، قلت : وعليكم أن تجيبونا؟ قال : ذلك إلينا ان شئنا فعلنا وان شئنا تركنا ، ثم قال : (هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ). (١)

١٠٠ ـ في روضة الكافي حدثني على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن فضال عن حفص المؤذن عن أبي عبد الله عليه‌السلام انه قال في رسالة طويلة الى أصحابه : واعلموا انه ليس من علم الله ولا من أمره أن يأخذ أحد من خلق الله في دينه بهوى ولا رأى ولا مقايس ، فقد أنزل الله القرآن وجعل فيه تبيان كل شيء ، وجعل للقرآن وتعلم القرآن أهلا لا يسمع أهل علم القرآن الذين آتاهم الله علمه أن يأخذوا فيه بهوى ولا رأى ولا مقايس ، أغناهم الله عن ذلك بما أتاهم من علمه ، وخصهم به ووضعه عند هم كرامة من الله ، أكرمهم بها ، وهم أهل الذكر الذين أمر الله هذه الأمة بسؤالهم وهم الذين من سألهم ، وقد سبق في علم الله أن يصدقهم ويتبع أثرهم ، أرشدوه وأعطوه من علم القرآن ما يهتدى به الى الله باذنه الى جميع سبل الحق ، وهم الذين لا يرغب عنهم وعن مسألتهم وعن علمه الذين أكرمهم الله به وجعله عندهم الا من سبق عليه في علم الله الشقاء في أصل الخلق تحت الأظلة ، فأولئك الذين يرغبون عن سؤال أهل الذكر ، والذين آتاهم الله علم القرآن ووضعه عندهم ، وامر بسؤالهم ، وأولئك الذين يأخذون بأهوائهم ومقاييسهم حتى دخلهم الشيطان ، لأنهم جعلوا أهل الأيمان في علم القرآن عند الله كافرين ، وجعلوا أهل الضلالة في علم القرآن عند الله مؤمنين ، وحتى جعلوا ما أحل الله في كثير من الأمر حراما ، وجعلوا ما حرم الله

__________________

(١) «في بصار الدرجات محمد بن الحسن عن أبى داود عن سليمان بن سعيد عن ثعلبة عن منصور عن زرارة قال : قلت لأبي جعفر (ع) : قول الله تبارك وتعالى : «فاسئلوا» وذكر مثل ما في تفسير على بن إبراهيم منه عفى عنه» (عن هامش بعض النسخ)


في كثير من الأمر حلالا ، فذلك أصل ثمرة أهوائهم.

١٠١ ـ وفيها خطبة لأمير المؤمنين عليه‌السلام وهي الخطبة الطالوتية قال فيها عليه‌السلام : إذا ذكر الأمر سألتم أهل الذكر ، فاذا أفتوكم قلتم هو العلم بعينه فكيف وقد تركتموه ونبذتموه وخالفتموه؟.

١٠٢ ـ في كتاب المناقب لابن شهر آشوب محمد بن مسلم وجابر الجعفي في قوله تعالى : (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) قال الباقر عليه‌السلام : نحن أهل الذكر.

١٠٣ ـ في تفسير العياشي عن أحمد بن محمد عن أبى الحسن الرضا عليه‌السلام قال : كتب الى انما شيعتنا من تابعنا ولم يخالفنا ، وإذا خفنا خاف ، وإذا امنا أمن ، قال الله : (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) (فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ) الآية فقد فرض عليكم المسئلة والرد إلينا ولم يفرض علينا الجواب.

١٠٤ ـ عن إبراهيم بن عمر عمن سمع أبا جعفر عليه‌السلام يقول : ان عهد نبي الله صار عند على بن الحسين عليه‌السلام ، ثم صار عند محمد بن على ، ثم يفعل الله ما يشاء ، فالزم هؤلاء فاذا خرج رجل منهم معه ثلثمائة رجل ، ومعه راية رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عامدا الى المدينة حتى يمير بالبيداء ، فيقول : هذا مكان القوم الذين خسف بهم ، وهي الآية التي قال الله : (أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللهُ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَما هُمْ بِمُعْجِزِينَ).

١٠٥ ـ عن ابن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام سئل عن قول الله : (أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللهُ بِهِمُ الْأَرْضَ) قال : هم أعداء الله ، وهم يمسخون ويقذفون ويسيخون في الأرض.

١٠٦ ـ في روضة الكافي كلام لعلى بن الحسين عليه‌السلام في الوعظ والزهد في الدنيا يقول فيه عليه‌السلام : ولا تكونوا من الغافلين المائلين الى زهرة الدنيا (الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئاتِ) فان الله يقول في محكم كتابه : (أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللهُ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَما هُمْ بِمُعْجِزِينَ أَوْ


يَأْخُذَهُمْ عَلى تَخَوُّفٍ) فاحذروا ما حذر كم الله بما فعل بالظلمة في كتابه ، ولا تأمنوا أن ينزل بكم بعض ما توعد به القوم الظالمين في الكتاب ، والله لقد وعظكم الله في كتابه بغير كم فان السعيد من وعظ بغيره.

١٠٧ ـ في تفسير على بن إبراهيم قوله : (أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئاتِ) يا محمد وهو استفهام (أَنْ يَخْسِفَ اللهُ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَما هُمْ بِمُعْجِزِينَ) قال : إذا جاؤا وذهبوا في التجارات وفي أعمالهم فيأخذهم في تلك الحالة (أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلى تَخَوُّفٍ) قال : على تيقظ (فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ) ١٠٨ ـ قوله : (أَوَلَمْ يَرَوْا إِلى ما خَلَقَ اللهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّؤُا ظِلالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمائِلِ سُجَّداً لِلَّهِ وَهُمْ داخِرُونَ) قال : تحويل كل ظل خلقه الله فهو سجود لله لأنه ليس شيء الا له ظل يتحرك بتحريكه وتحويله وسجوده.

١٠٩ ـ قوله : (وَلِلَّهِ يَسْجُدُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ مِنْ دابَّةٍ وَالْمَلائِكَةُ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ يَخافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ) قال : الملائكة ما قدر الله لهم يمرون فيه (١).

١١٠ ـ في مجمع البيان (وَلِلَّهِ يَسْجُدُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) الآية وقد صح عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله انه قال : ان لله ملائكة في السماء السابعة سجودا منذ خلقهم الى يوم القيمة ترعد فرائصهم من مخافة الله ، لا تقطر من دموعهم قطرة الا صار ملكا ، فاذا كان يوم القيامة رفعوا رؤسهم وقالوا : ما عبدناك حق عبادتك أورده الكلبي في تفسيره.

١١١ ـ في تفسير العياشي عن أبى بصير قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : و (لا تَتَّخِذُوا إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ) يعنى بذلك ولا تتخذوا إمامين انما هو امام واحد. قال عز من قائل : (وَما بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللهِ).

١١٢ ـ في تفسير على بن إبراهيم عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله حديث طويل وفيه يقول عليه‌السلام ومن لم يعلم ان لله عليه نعمة الا في مطعم أو ملبس فقد قصر عمله ودنى عذابه.

__________________

(١) وفي المصدر : «يأمرون فيه».


١١٣ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن على بن الحسين الدقاق عن عبد الله ابن محمد عن أحمد بن عمر عن زيد القتات عن أبان بن تغلب قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : ما من عبد أذنب ذنبا فندم عليه الا غفر الله له قبل أن يستغفر ، وما من عبد أنعم الله عليه نعمة فعرف انها من عند الله الا غفر الله له قبل أن يحمده.

١١٤ ـ في تفسير على بن إبراهيم (وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَناتِ سُبْحانَهُ وَلَهُمْ ما يَشْتَهُونَ) قال : قالت قريش ، ان الملائكة هم بنات الله فنسبوا ما لا يشتهون الى الله ، فقال الله تبارك وتعالى : (وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَناتِ سُبْحانَهُ وَلَهُمْ ما يَشْتَهُونَ) يعنى من البنين.

١١٥ ـ في كتاب ثواب الأعمال عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : البنات حسنات ، والبنون نعمة ، والحسنات يثاب عليها والنعمة يسئل عنها ، وقال : انه بشر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بفاطمة عليها‌السلام ، فنظر في وجوه أصحابه فرأى الكراهية فيهم ، فقال : مالكم ريحانة أشمها ورزقها على الله.

١١٦ ـ في تفسير العياشي عن انس بن مالك قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا أنس اسكب لي وضوءا (١) قال فعمدت فسكبت له وضوءا فأعلمته ، فخرج فتوضأ ثم عاد الى البيت الى مجلسه ثم رفع رأسه فقال : يا أنس أول من يدخل علينا أمير المؤمنين وسيد المسلمين وقائد الغر المحجلين ، قال انس : فقلت بيني وبين نفسي : اللهم اجعله رجلا من قومي ، قال : فاذا أنا بباب الدار يقرع ، فخرجت ففتحت فاذا على بن أبى طالب ، فدخل فتمشي فرأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حين رآه وثب على قدميه مستبشرا فلم يزل قائما وعلى يتمشى حتى دخل عليه البيت ، فاعتنقه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فرأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يمسح بكفه وجهه فيمسح به وجه على ، ويمسح عن وجه على بكفه فيمسح به وجهه يعنى وجه نفسه فقال له على : يا رسول الله لقد صنعت بى اليوم شيئا ما صنعت بى قط؟ فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وما يمنعني وأنت وصيي وخليفتي ، والذي يبين لهم الذي يختلفون فيه بعدي وتسمعهم نبوتي.

__________________

(١) سكب الماء : صبه.


١١٧ ـ في الكافي على بن إبراهيم عن النوفلي عن السكوني عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ليس أحد يغص (١) بشرب اللبن ، لان الله عزوجل يقول : (لَبَناً خالِصاً سائِغاً لِلشَّارِبِينَ).

١١٨ ـ الحسين بن محمد عن السياري عن عبد الله بن أبى عبد الله الفارسي عمن ذكره عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : قال لي رجل : انى أكلت لبنا فضرني ، قال : فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : لا والله ما يضر لبن قط ، ولكنك أكلته مع غيره فضرك الذي أكلته ، فظننت ان اللبن الذي ضرك.

١١٩ ـ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن عثمان بن عيسى عن خالد بن نجيح عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : اللبن طعام المرسلين.

١٢٠ ـ محمد بن يحيى عن سلمة بن خطاب عن عباد بن يعقوب عن عبيد بن ابن محمد عن محمد بن قيس عن ابى جعفر عليه‌السلام قال : لبن الشاة السوداء خير من لبن حمراء ولبن بقرة حمراء خير من لبن سوداوين.

١٢١ ـ على بن إبراهيم عن أبيه عن النوفلي عن السكوني عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : ألبان البقر دواء.

١٢٢ ـ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن يحيى بن إبراهيم بن أبي البلاد عن أبيه عن جده قال : شكوت الى أبي جعفر عليه‌السلام ذربا (٢) وجدته ، فقال لي : ما يمنعك من شرب ألبان البقر؟ وقال لي : أشربتها قط؟ فقلت له نعم مرارا ، فقال لي : كيف وجدتها؟ فقلت : وجدتها تدبغ المعدة وتكسو الكليتين الشحم ، وتشهي الطعام ، فقال لي : لو كانت أيامه لخرجت أنا وأنت الى ينبع (٣) حتى نشربه.

١٢٣ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن بكر بن صالح عن الجعفري قال : سمعت أبا الحسن موسى عليه‌السلام يقول : أبوال الإبل خير من ألبانها ،

__________________

(١) عض بالماء : اعترض في حلقه شيء منه فمنعه التنفس.

(٢) الذرب : فساد المعدة.

(٣) قرية كبيرة على سبع مراحل من المدينة.


ويجعل الله عزوجل الشفاء في ألبانها.

١٢٤ ـ في كتاب الخصال عن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : حسو اللبن (١) شفاء من كل داء الا الموت.

١٢٥ ـ في تفسير على بن إبراهيم قوله : (وَمِنْ ثَمَراتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً) قال : الخل (وَرِزْقاً حَسَناً) الزبيب.

١٢٦ ـ في تفسير العياشي عن سعيد بن يسار عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ان الله أمر نوحا أن يحمل في السفينة من كل زوجين اثنين ، فحمل الفحل والعجوة (٢) فكانا زوجا ، فلما نضب الماء (٣) أمر الله نوحا أن يغرس الجبلة وهي الكرم ، فأتاه إبليس فمنعه عن غرسها وأبى نوح الا أن يغرسها ، وأبى إبليس أن يدعه يغرسها وقالت ليس لك ولا لأصحابك انما هي لي ولأصحابي ، فتنازعا ما سألته ، ثم انهما اصطلحا على ان جعل نوح لإبليس سهما ولنوح ثلثة ، وقد أنزل الله لنبيه في كتابه ما قد قرأتموه (وَمِنْ ثَمَراتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً) فكان المسلمون بذلك ثم أنزل الله آية التحريم : (إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ) الى «منتهون» يا سعيد فهذه آية التحريم ، وهي نسخت الآية الاخرى (٤).

١٢٧ ـ عن محمد بن يوسف عن أبيه قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن قول الله :

__________________

(١) الحسو : طعام يعمل من الدقيق واللبن أو الماء.

(٢) الفحل : ذكر النخل. وفي المصدر «النخل» بدل «الفحل» والعجوة : ضرب من أجود التمر.

(٣) نضب الماء : غار وذهب في الأرض.

(٤) «في الكافي أبو على الأشعري عن الحسن بن على الكوفي عن حماد بن عيسى عن إبراهيم بن عمر اليماني عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ان إبليس لعنه الله نازع نوحا عليه‌السلام في الكرم ، فأتاه جبرئيل عليه‌السلام فقال : ان له حقا. فأعطاه الثلث فلم يرض إبليس لعنه الله ، ثم أعطاه النصف فلم يرض فطرح جبرئيل عليه‌السلام نارا فأحرقت الثلثين وبقي الثلث ، فقال : ما أحرقت النار فهو نصيبه وبقي فهو لك يا نوح وفيه عن أبى عبد الله عليه‌السلام حديث طويل*


(وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ) قال : الهام.

١٢٨ ـ في تفسير على بن إبراهيم قوله : (وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ) قال : وحي الهام يأخذ النحل من جميع النور (١) ثم يتخذه عسلا ، وحدثني أبي عن الحسن بن على الوشاء عن رجل عن حريز بن عبد الله عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قوله : (وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ) قال : نحن والله النحل الذي أوحى الله اليه (أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً) أمرنا أن نتخذ من العرب شيعة ومن الشجر يقول : من العجم ومما يعرشون يقول : من الموالي والذي (يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها شَرابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ) اعنى العلم الذي يخرج منا إليكم.

١٢٩ ـ في كتاب الخصال عن داود بن كثير الرقى قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : لقد أخبرنى أبي عن جدي عليه‌السلام ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله نهى عن قتل ستة : النحلة والنملة والضفدع والصرد والهدهد والخطاف ، فاما النحلة فإنها تأكل طيبا وتضع طيبا وهي التي أوحى الله إليها ليست من الجن ولا من الانس ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٣٠ ـ في عيون الاخبار في باب ما جاء عن الرضا عليه‌السلام من خبر الشامي وما سأل عنه أمير المؤمنين عليه‌السلام في جامع الكوفة حديث طويل وفيه وسأله عن شيء أوحى اليه ليس من الجن ولا من الانس؟ فقال : أوحى الله تعالى الى النحل.

١٣١ ـ في أصول الكافي أبو على الأشعري عن الحسن بن على الكوفي عن العباس بن عامر عن جابر المكفوف عن عبد الله بن أبي يعفور عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال :

__________________

* وفي آخره فقال له : اجعل لي منها نصيبا فجعل له الثلث فأبى أن يرضى ، فجعل له النصف فأبى أن يرضى ، فأبى نوح أن يزيد ، فقال جبرئيل لنوح عليه‌السلام : يا رسول الله أحسن فان منك الإحسان ، فعلم نوح عليه‌السلام انه قد جعل عليها سلطان فجعل نوح له الثلثين : فقال أبو جعفر عليه‌السلام : إذا أخذت عصير أفا طبخه حتى يذهب الثلثان فكل واشرب فذلك نصيب الشيطان (منه عفى عنه) وعن هامش بعض النسخ.

(١) النور ـ بفتح النون ـ : زهر النبات.


اتقوا على دينكم واحجبوه بالتقية ، فانه لا ايمان لمن لا تقية له ، انما أنتم في الناس كالنحل في الطير ، ولو ان الطير يعلم ما في أجواف النحلة ما بقي منها شيء الا أكلته ، ولو ان الناس علموا ما في أجوافكم انكم تحبونا أهل البيت لأكلوكم بألسنتهم ، ونحلوكم (١) في السر والعلانية ، رحم الله عبدا منكم كان على ولايتنا.

١٣٢ ـ في تفسير العياشي عن مسعدة بن صدقة عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قوله (وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ) الى» (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) فالنحل الائمة ، والجبال العرب ، والشجر الموالي عتاقه ، ومما يعرشون يعنى الأولاد والعبيد ممن لم يعتق وهو يتولى الله ورسوله والائمة ، والثمرات المختلفة ألوانه فنون العلم الذي قد يعلمهم الائمة (٢) شيعتهم ، وفيه شفاء للناس يقول في العلم شفاء للناس والشيعة هم الناس ، وغير هم الله أعلم بهم ما هم ، ولو كان كما تزعم انه العسل الذي يأكله الناس إذا ما أكل منه وما شرب ذو عاهة الا شفى ، لقول الله (فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ) ولا خلف لقول الله ، وانما الشفاء في علم القرآن لقوله : (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحْمَةٌ [لِلْمُؤْمِنِينَ) فهو شفاء ورحمة] لأهله لا شك فيه ولا مرية ، وأهله أئمة الهدى الذين قال الله : (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا).

١٣٣ ـ وفي رواية أبي الربيع الشامي عنه في قول الله (وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ) فقال : رسول الله (أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً) قال تزوج من قريش ، (وَمِنَ الشَّجَرِ) قال في العرب (وَمِمَّا يَعْرِشُونَ) قال : في الموالي (يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها شَرابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ) قال : أنواع العلم ، (فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ).

١٣٤ ـ عن سيف بن عميرة عن شيخ من أصحابنا عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : كنا عنده فسأله شيخ فقال : بى وجع وانا أشرب له النبيذ ووصفه له الشيخ ، فقال له : ما يمنعك من الماء الذي جعل الله منه (كُلَّ شَيْءٍ حَيٍ)؟ قال : لا يوافقني ، قال : فما يمنعك من العسل؟ قال الله : (فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ) قال : لا أجده قال : فما يمنعك من اللبن الذي نبت

__________________

(١) نحل فلانا : سابه.

(٢) كذا في النسخ وفي المصدر «قد يعلم الشيعة ... اه».


لحمك واشتد عظمك؟ قال : لا يوافقني ، قال له أبو عبد الله عليه‌السلام : أتريد أن آمرك بشرب الخمر؟ [لا آمرك] لا والله لا آمرك.

١٣٥ ـ في كتاب الخصال فيما علم أمير المؤمنين عليه‌السلام أصحابه : لعق العسل شفاء من كل داء قال الله تعالى : (يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها شَرابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ)

١٣٦ ـ في عيون الاخبار عن الرضا عليه‌السلام باسناده قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ان يكن في شيء شفاء ففي شرطة الحجام (١) أو في شربة عسل.

١٣٧ ـ وباسناده قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لا تردوا شربة عسل من أتاكم بها.

١٣٨ ـ وباسناده قال قال على بن أبي طالب عليه‌السلام : ثلثة يزدن في الحفظ ويذهبن بالبلغم : القرآن ، والعسل ، واللبان.

١٣٩ ـ في الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن القاسم بن يحيى عن جده الحسن بن راشد عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : لعق العسل شفاء من كل داء ، قال الله عزوجل : (يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها شَرابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ) وهو مع قراءة القرآن ومضغ اللبان يذيب البلغم.

١٤٠ ـ في محاسن البرقي عنه عن بعض أصحابنا عن عبد الرحمن بن شعيب عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : لعق العسل فيه شفاء قال الله : (يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها شَرابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ).

١٤١ ـ في تفسير العياشي عن عبد الله بن القداح عن أبي عبد الله عليه‌السلام عن أبيه قال : جاء رجل إلى أمير المؤمنين عليه‌السلام فقال : يا أمير المؤمنين بى وجع في بطني ، فقال له أمير المؤمنين : ألك زوجة؟ قال : نعم ، قال : استوهب منها [شيئا] طيبة به نفسها من مالها ، ثم اشتر به عسلا ثم اسكب (٢) عليه من ماء السماء ، ثم اشربه ، فأنى اسمع الله يقول في كتابه : (وَنَزَّلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً مُبارَكاً) وقال : (يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها شَرابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ) وقال : (فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً) فاذا

__________________

(١) شرطة الحجام بالضم : الآلة التي يحجم بها ـ على ما قيل.

(٢) سكب الماء ونحوه : صبه.


اجتمعت البركة والشفاء والهنيء والمريء شفيت إنشاء الله تعالى ففعل ذلك فشفى.

١٤٢ ـ في مجمع البيان وفي النحل والعسل وجوه من الاعتبار ، منها اختصاصه بخروج العسل من فيه ، ومنها جعل الشفاء من موضع السم ، فان النحل يلسع ، ومنها ما ركب الله من البدائع والعجائب فيه وفي طباعه ، ومن أعجبها ان جعل سبحانه لكل فئة منه يعسوبا هو أميرها يقدمها ويحامى عنها ويدبر أمرها ويسوسها ، وهي تبعه وتقتفى أثره ومتى فقدته انحل نظامها وزال قوامها ، وتفرقت شذر مذر ، والى هذا المعنى أشار على أمير المؤمنين عليه‌السلام في قوله : أنا يعسوب المؤمنين.

١٤٣ ـ في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن أبيه رفعه عن محمد بن داود الغنوي عن الأصبغ بن نباته عن أمير المؤمنين عليه‌السلام حديث طويل ستقف عليه بتمامه في سورة الواقعة إنشاء الله تعالى ، يقول فيه : ثم ذكر أصحاب الميمنة وهم المؤمنون حقا بأعيانهم ، جعل فيهم أربعة أرواح : روح الايمان ، وروح القوة وروح الشهوة وروح البدن وقال قبل ذلك : وبروح الايمان عبدوا الله ولم يشركوا به وبروح القوة جاهدوا عدوهم ، وعالجوا معاشهم وبروح الشهوة أصابوا لذيذ الطعام ونكحوا الحلال من شباب النساء ، وبروح البدن دبوا ودرجوا ، وقال عليه‌السلام : متصلا بقوله وروح البدن : فلا يزال العبد يستكمل هذه الأرواح الاربعة حتى تأتى عليه حالات ، فقال الرجل : يا أمير المؤمنين ما هذه الحالات؟ فقال : اما أولهن فهو كما قال الله عزوجل : (وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً) فهذا ينتقص منه جميع الأرواح ، وليس بالذي يخرج من دين الله ، لان الفاعل به رده الى أرذل عمره ، فهو لا يعرف للصلوة وقتا ، ولا يستطيع التهجد بالليل ولا بالنهار ، ولا القيام في الصف مع الناس فهذا نقصان من روح الايمان وليس يضره شيئا.

١٤٤ ـ في كتاب الخصال بعد ان ذكر حال الإنسان في بلوغ الأربعين والخمسين الى التسعين قال : وفي حديث آخر فاذا بلغ الى المأة فذلك أرذل العمر وقد روى ان أرذل العمر ، ان يكون عقله عقل ابن سبع سنين.


١٤٥ ـ في تفسير على بن إبراهيم قوله : و (اللهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ) الى قوله (لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً) قال : إذا كبر لا يعلم ما علمه قبل ذلك.

١٤٦ ـ في مجمع البيان وروى عن على عليه‌السلام ان أرذل العمر خمس وسبعون سنة ، وروى عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله مثل ذلك.

١٤٧ ـ في تفسير على بن إبراهيم قوله : (وَاللهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلى ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَواءٌ) قال : لا يجوز للرجل ان يخص نفسه بشيء من المأكول دون عياله.

١٤٨ ـ في جوامع الجامع ويحكى عن أبي ذر رضى الله عنه انه سمع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : انما هم إخوانكم فاكسوهم مما تكسون وأطعموهم مما تطعمون فما رؤي عبده بعد ذلك الا وردائه ردائه وإزاره إزاره من غير تفاوت.

١٤٩ ـ في تفسير على بن إبراهيم قوله : (وَاللهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً) يعنى حوا خلقت من آدم وحفدة قال : الأختان.

١٥٠ ـ في تفسير العياشي عن عبد الرحمن الأشل قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : في قول الله : (وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْواجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً) قال : الحفدة بنو البنت ، ونحن حفدة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله.

١٥١ ـ عن جميل بن دراج عن أبي عبد الله عليه‌السلام عن قوله : (وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْواجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً) قال : هم الحفدة وهم العون منهم يعنى البنين.

١٥٢ ـ في مجمع البيان وفي رواية الوالبي هم اختان الرجل على بناته وهو المروي عن أبي عبد الله عليه‌السلام.

١٥٣ ـ في الكافي محمد بن أحمد عن ابن فضال عن مفضل بن صالح عن ليث المرادي قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن العبد هل يجوز طلاقه؟ فقال : ان كان أمتك فلا ، ان الله عزوجل يقول : (عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ) وان كانت امة قوم آخرين أو حرة جاز طلاقه.

١٥٤ ـ في من لا يحضره الفقيه وروى ابن أذينة عن زرارة عن أبي جعفر و


ابى عبد الله عليهما‌السلام قالا : المملوك لا يجوز طلاقه ولا نكاحه الا بإذن سيده ، قلت : فان السيد كان زوجه بيد من الطلاق؟ قال : بيد السيد (ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ) أفشيء الطلاق؟

١٥٥ ـ في تهذيب الأحكام الحسين بن سعيد عن حماد بن عيسى عن حريز عن محمد بن مسلم قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل ينكح أمته من رجل آخر يفرق بينهما إذا شاء؟ فقال ان كان مملوكه فليفرق بينهما إذا شاء ، ان الله تعالى يقول : (عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ) فليس للعبد شيء من الأمر ، وان كان زوجها حرا فان طلاقها صفقتها.

١٥٦ ـ الحسين بن على عن الحسن بن على بن فضال عن ابن بكير عن الحسن العطار قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل أمر مملوكه أن يتمتع بالعمرة الى الحج أعليه أن يذبح عنه؟ قال : لا ان الله يقول : (عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ).

١٥٧ ـ محمد بن يعقوب عن أبي العباس محمد بن جعفر عن أيوب بن نوح عن صفوان عن سعيد بن يسار قال : سئلت أبا عبد الله عليه‌السلام عن امرأة حرة تكون تحت المملوك فتشتريه هل يبطل نكاحه؟ قال : نعم لأنه عبد مملوك لا يقدر على شيء.

١٥٨ ـ في تفسير العياشي عن أبي بصير في الرجل ينكح أمته لرجل له ان يفرق بينهما إذا شاء؟ قال : ان كان مملوكا فليفرق بينهما إذا شاء ، لان الله يقول : (عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ) فليس للعبد من الأمر شيء ، وان كان زوجها حرا فرق بينهما إذا شاء المولى.

١٥٩ ـ عن احمد بن عبد الله العلوي عن الحسن بن الحسين عن الحسين بن زيد بن (عن خ) على عن جعفر بن محمد عليه‌السلام قال : كان على بن أبي طالب عليه‌السلام يقول : (ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ) ويقول : للعبد لا طلاق ولا نكاح ، ذلك الى سيده والناس يروون خلاف ذلك ، إذا اذن السيد لعبده لا يرون له أن يفرق بينهما.

١٦٠ ـ عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : مر عليه غلام له فدعاه اليه


ثم قال : يا فتى أرد عليك وتطعمنا بدرهم ضربت؟ قال : فقلت : جعلت فداك انا نروى عندنا ان عليا عليه‌السلام أهديت له واشتريت جارية فسألها أفارغة أنت أم مشغولة؟ قالت : مشغولة ، قال : فأرسل فاشترى بعضها من زوجها بخمسمأة درهم ، فقال كذبوا على على ولم يحفظوا ، أما تسمع الى قول الله وهو يقول : (ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ).

١٦١ ـ في تفسير على بن إبراهيم (ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ) قال : لا يتزوج ولا يطلق ثم ضرب الله مثلا في الكفار ، ثم قال : و (ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً رَجُلَيْنِ أَحَدُهُما أَبْكَمُ لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلى مَوْلاهُ أَيْنَما يُوَجِّهْهُ لا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) قال : كيف يستوي هذا وهذا الذي يأمر بالعدل أمير المؤمنين والائمة صلوات الله عليهم. قال عز من قائل : و (اللهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ).

١٦٢ ـ في أصول الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن الحسن بن إبراهيم عن يونس بن يعقوب قال : كان عند أبي عبد الله عليه‌السلام جماعة من أصحابه منهم حمران بن أعين ومحمد بن أعين ومحمد بن النعمان وهشام بن سالم والطيار وجماعة فيهم هشام بن الحكم وهو شاب ، فقال أبو عبد الله : يا هشام ألا تخبرني كيف صنعت بعمرو بن عبيد وكيف سألته؟ فقال هشام : يا بن رسول الله انى أجلك وأستحييك ولا يعمل لساني بين يديك ، فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : إذا أمرتكم بشيء فافعلوا ، قال هشام : بلغني ما كان فيه عمرو بن عبيد وجلوسه في مسجد البصرة فعظم ذلك على وخرجت اليه ودخلت البصرة يوم الجمعة فأتيت مسجد البصرة فاذا أنا بحلقة كبيرة فيها عمرو بن عبيد ، وعليه شملة سوداء متزرا بها من صوف وشملة مرتديا بها والناس يسألونه ، فاستفرجت الناس فأفرجوا لي ثم قعدت في آخر القوم على ركبتي ، ثم قلت : ايها العالم انى رجل غريب تأذن لي في مسئلة؟ فقال لي : نعم ، فقلت : ألك عين؟ فقال : يا بنى أى شيء هذا من السؤال وشيء تراه كيف تسأل عنه؟ فقلت : هكذا مسئلتي ، فقال : يا بنى سل وان كانت مسئلتك حمقاء قلت :


أجبنى فيها قال لي : سل ، قلت : ألك عين؟ قال : نعم ، قلت : فما تصنع بها؟ قال : أرى بها الألوان والأشخاص ، قلت : ألك أنف؟ قال : نعم ، قلت : فما تصنع به؟ قال : أشم به الرائحة ، قلت : ألك فم؟ قال : نعم ، قلت : فما تصنع به؟ قال : أذوق به الطعم. قلت : فلك اذن؟ قال : نعم. قلت : فما تصنع بها؟ قال : أسمع بها الصوت ، قلت : ألك قلب؟ قال : نعم ، قلت : فما تصنع به؟ قال : أميز به كلما ورد على هذه الجوارح والحواس ، قلت : أوليس في هذه الجوارح والحواس غنى عن القلب؟ فقال : لا ، قلت : وكيف ذلك وهي صحيحة سليمة؟ فقال : يا بنى ان الجوارح إذا شكت في شيء شمته أو رأته أو ذاقته أو سمعته ردته الى القلب فيستبين اليقين ويبطل الشك ، قال هشام : فقلت له : فانما أقام الله القلب لشك الجوارح؟ قال : نعم ، قلت : لا بد من القلب والألم تستيقن الجوارح؟ قال : نعم.

فقلت : يا با مروان فان الله تبارك وتعالى لم يترك جوارحك حتى جعل لها إماما يصحح لها الصحيح ويتيقن به ما شككت فيه ويترك هذا الخلق كلهم في حيرتهم وشكهم واختلافهم لا يقيم لهم إماما يردون إليهم شكهم وحيرتهم ويقيم ذلك إماما لجوارحك ترد اليه حيرتك وشكك؟ قال : فسكت ولم يقل شيئا. ثم التفت الى وقال لي : أنت هشام بن الحكم؟ فقلت : لا ، فقال : من جلسائه؟ قلت : لا ، قال : فمن أين أنت؟ قال : قلت : من أهل الكوفة ، قال : فأنت إذا هو ، ثم ضمني اليه وأقعدنى في مجلسه وما زال عن مجلسه وما نطق حتى قمت ، قال : فضحك أبو عبد الله عليه‌السلام وقال : يا هشام من علمك هذا؟ قلت : شيء أخذته منك وألفته ، فقال : هذا والله مكتوب في صحف إبراهيم وموسى.

١٦٣ ـ في تفسير على بن إبراهيم وفي رواية أبي الجارود في قوله : أثاثا قال : المال ومتاعا قال : المنافع الى حين الى بلاغها وقال على بن إبراهيم في قوله : (وَاللهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلالاً) قال : ما يستظل به. قال عز من قائل : (وَجَعَلَ لَكُمْ سَرابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ).

١٦٤ ـ في روضة الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن محبوب عن مالك بن


عطية عن سليمان بن خالد قال سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الحر والبرد مما يكون؟ قال : لي يا أبا أيوب ان المريخ كوكب حار وزحل كوكب بارد ، فاذا بدء المريخ في الارتفاع انحط زحل وذلك في الربيع ، فلا يزالان كذلك كلما ارتفع المريخ درجة انحط زحل درجة ثلثة أشهر حتى ينتهى المريخ في الارتفاع وينتهى زحل في الهبوط فيجلو المريخ ، فلذلك يشتد الحر ، فاذا كان آخر الصيف وأول الخريف بدء زحل في الارتفاع وبدء المريخ في الهبوط ، فلا يزالان كذلك كلما ارتفع زحل درجة انحط المريخ درجة حتى ينتهى المريخ في الهبوط وينتهى زحل في الارتفاع ، فيجلو زحل ، وذلك في أول الشتاء وآخر الخريف ، فلذلك يشتد البرد وكلما ارتفع هذا هبط هذا ، وكلما هبط هذا ارتفع هذا فاذا كان في الصيف يوم بارد فالفعل في ذلك للقمر ، وإذا كان في الشتاء يوم حار فالفعل في ذلك للشمس هذا تقدير العزيز العليم وأنا عبد رب العالمين (١)

١٦٥ ـ في تفسير العياشي عن جعفر بن أحمد عن العمر كى عن النيسابوري عن على بن جعفر بن محمد عن أخيه موسى بن جعفر عليه‌السلام انه سئل عن هذه الآية (يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَها) قال : عرفوه ثم أنكروه.

١٦٦ ـ في تفسير على بن إبراهيم قوله : (يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَها) قال : نعمة الله هم الائمة ، والدليل على ان الائمة نعمة الله قول الله : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللهِ كُفْراً) قال الصادق عليه‌السلام : نحن والله نعمة الله التي أنعم بها على عباده ، وبنا فاز من فاز.

١٦٧ ـ في أصول الكافي الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن أحمد بن محمد عن الحسن بن محمد الهاشمي قال : حدثني أبي عن أحمد بن عيسى قال : حدثني جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عليهم‌السلام في قوله عزوجل : (يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَها) قال : لما نزلت (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ) اجتمع نفر من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في مسجد المدينة فقال بعضهم لبعض : ما تقولون

__________________

(١) قال المجلسي (ره) : لعله كان في المجلس من يذهب مذهب الغلاة أو علم (ع) ان في قلب الراوي شيئا من ذلك فنفاه وأذعن بعبودية نفسه وان الله رب العالمين.


في هذه الآية؟ فقال بعضهم : ان كفرنا بهذه الآية نكفر بسايرها وان آمنا فان هذا ذل حين يسلط علينا ابن أبي طالب ، فقالوا : قد علمنا ان محمدا صادق فيما يقول ولكنا نتولاه ولا نطيع عليا فيما أمرنا ، قال : فنزلت هذه الآية (يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَها) يعرفون يعنى ولاية على عليه‌السلام ، (وَأَكْثَرُهُمُ الْكافِرُونَ) بالولاية.

١٦٨ ـ في كتاب المناقب لابن شهر آشوب أبو حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله تعالى : (وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً) قال : نحن الشهود على هذه الامة.

١٦٩ ـ في مجمع البيان قوله : (وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً) يعنى يوم القيامة بين سبحانه انه يبعث فيه (مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً) وهم الأنبياء والعدول من كل عصر يشهدون على الناس بأعمالهم ، وقال الصادق عليه‌السلام : لكل زمان وامة امام تبعث كل امة مع امامها.

١٧٠ ـ في تفسير على بن إبراهيم قوله : (وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً) قال لكل زمان وامة امام تبعث كل امة مع امامها.

١٧١ ـ قوله : (الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ زِدْناهُمْ عَذاباً فَوْقَ الْعَذابِ) قال : كفروا بعد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وصدوا عن أمير المؤمنين عليه‌السلام (زِدْناهُمْ عَذاباً فَوْقَ الْعَذابِ بِما كانُوا يُفْسِدُونَ) ثم قال : (وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ) يعنى من الائمة ، ثم قال لنبيه : وجئنا بك يا محمد (شَهِيداً عَلى هؤُلاءِ) يعنى على الائمة فرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله شهيدا على الائمة وهم شهداء على الناس.

١٧٢ ـ في تفسير العياشي عن منصور عن حماد اللحام قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : نحن والله نعلم ما في السموات وما في الأرض وما في الجنة وما في النار وما بين ذلك ، قال فبقيت أنظر اليه فقال : يا حماد ان ذلك في كتاب الله ثلث مرات قال : ثم تلا هذه الآية : (وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنا بِكَ شَهِيداً عَلى هؤُلاءِ وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرى لِلْمُسْلِمِينَ) آية من كتاب الله فيه تبيان كل شيء.

١٧٣ ـ عن عبد الله بن الوليد قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : قال الله لموسى : (وَكَتَبْنا لَهُ


فِي الْأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ) فعلمنا انه لم يكتب لموسى الشيء كله وقال الله لعيسى : (لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ) وقال الله لمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله : (وَجِئْنا بِكَ شَهِيداً عَلى هؤُلاءِ وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ).

١٧٤ ـ عن يونس عن عدة من أصحابنا قالوا : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : انى لا علم خبر السموات وخبر الأرض وخبر ما كان وخبر ما هو كائن كأنه في كفى ، قال : من كتاب الله أعلمه ، ان الله يقول : «فيه تبيان كل شيء».

١٧٥ ـ في عيون الاخبار في باب مجلس الرضا عليه‌السلام مع أهل الأديان والمقالات في التوحيد قال الرضا عليه‌السلام في أثناء المحاورات : وكذلك أمر محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله وما جاء به وأمر كل نبي بعثه الله ، ومن آياته انه كان يتيما فقيرا راعيا أجيرا لم يتعلم كتابا ، ولم يختلف الى معلم ، ثم جاء بالقرآن الذي فيه قصص الأنبياء عليهم‌السلام وأخبار هم حرفا حرفا ، واخبار من مضى ومن بقي الى يوم القيامة.

١٧٦ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن على بن حديد عن مرازم عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ان الله تبارك وتعالى أنزل في القرآن تبيان كل شيء حتى والله ما ترك شيئا تحتاج اليه العباد حتى لا يستطيع عبد يقول لو كان هذا انزل في القرآن الا وقد أنزله الله فيه.

١٧٧ ـ على بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس عن الحسين بن منذر عن عمر بن قيس عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : سمعته يقول : ان الله تبارك وتعالى لم يدع شيئا تحتاج اليه الامة الا أنزله في كتابه وبينه لرسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وجعل لكل شيء حدا وجعل عليه دليلا يدل عليه ، وجعل على من تعدى ذلك الحد حدا.

١٧٨ ـ على عن محمد بن عيسى عن يونس عن حماد عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سمعته يقول : ما من شيء الا وفيه كتاب أو سنة.

١٧٩ ـ على بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس عن حماد عن عبد الله بن سنان عن أبي الجارود قال : قال أبو جعفر عليه‌السلام : إذا حدثتكم بشيء فاسئلونى من كتاب الله ، ثم


قال في بعض حديثه : ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله نهى عن القيل والقال ، وفساد المال وكثرة السؤال ، فقيل له : يا بن رسول الله اين هذا من كتاب الله؟ قال : ان الله عزوجل يقول : (لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ) وقال : (وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللهُ لَكُمْ قِياماً) وقال : (لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ).

١٨٠ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن فضال عن ثعلبة بن ميمون عمن حدثه عن المعلى بن خنيس قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : ما من أمر يختلف فيه اثنان إلا وله أصل في كتاب الله عزوجل ، ولكن لا تبلغه عقول الرجال.

١٨١ ـ محمد بن يحيى عن بعض أصحابه عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن صدقة عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : ايها الناس ان الله تبارك وتعالى أرسل إليكم الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله الى أن قال : فجاء هم بنسخة ما في الصحف الاولى وتصديق الذي بين يديه ، وتفصيل الحلال من ريب الحرام ، ذلك القرآن فاستنطقوه ولن ينطق لكم ، أخبركم عنه ان فيه علم ما مضى وعلم ما يأتى الى يوم القيمة ، وحكم ما بينكم وبيان ما أصبحتم فيه تختلفون ، فلو سألتمونى عنه لعلمتكم (١).

١٨٢ ـ محمد بن يحيى عن محمد بن عبد الجبار عن ابن فضال عن حماد بن عثمان عن عبد الأعلى بن أعين قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : قد ولدني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وانا أعلم كتاب الله ، وفيه بدو الخلق وما هو كائن الى يوم القيمة ، وفيه خبر السماء وخبر الأرض وخبر الجنة وخبر النار ، وخبر ما كان وخبر ما هو كائن ، أعلم ذلك كما أنظر الى كفى ، ان الله يقول : «فيه تبيان كل شيء».

١٨٣ ـ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن عيسى عن على بن النعمان عن اسمعيل بن جابر عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : كتاب الله فيه نبأ ما قبلكم وخبر ما بعدكم وفصل ما بينكم ونحن نعلمه.

١٨٤ ـ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن اسمعيل بن مهران عن سيف

__________________

(١) وفي نسخة «لأخبرتكم» والمختار هو الموافق للمصدر أيضا.


ابن عميرة عن أبي المغرا عن سماعة عن أبي الحسن موسى عليه‌السلام قال : قلت له : أكل شيء في كتاب الله وسنة نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله أو يقولون فيه؟ قال : بل كل شيء في كتاب الله وسنة نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله.

١٨٥ ـ محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن محمد بن عيسى عن أبي عبد الله المؤمن عن عبد الأعلى مولى آل سام قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : والله انى لأعلم كتاب الله من أوله الى آخره كأنه في كفي ، فيه خبر السماء وخبر الأرض ، وخبر ما كان وخبر ما هو كائن قال الله عزوجل : «فيه تبيان كل شيء».

١٨٦ ـ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن محمد بن سنان عن يونس بن يعقوب عن الحارث بن المغيرة وعدة من أصحابنا منهم عبد الأعلى وأبو عبيدة وعبد الله بن بشر الخثعمي سمعوا أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : انى لأعلم ما في السموات وما في الأرض واعلم ما في الجنة وأعلم ما في النار ، وأعلم ما كان وما يكون ، قال : ثم سكت هنيئة فرأى ان ذلك كبر على من سمعه منه فقال : علمت ذلك من كتاب الله عزوجل ان الله عزوجل يقول : «فيه تبيان كل شيء» (١).

١٨٧ ـ محمد بن يحيى الأشعري عن أحمد بن محمد عن البرقي عن النضر بن سويد عن يحيى بن عمران الحلبي عن أيوب بن الحرقال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : ان الله عز ذكره ختم بنبيكم النبيين فلا نبي بعده أبدا ، وختم بكتابكم الكتب فلا كتاب بعده أبدا ، وانزل فيه تبيان كل شيء ، وخلقكم وخلق السموات والأرض ونبأ ما قبلكم وفصل ما بينكم وخبر ما بعدكم ، وأمر الجنة والنار وما أنتم صائرون اليه.

١٨٨ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن محمد بن سنان عن عبد الأعلى قال :

سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : وانا امرء من قريش قد ولدني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وعلمت كتاب الله وفيه تبيان كل شيء به ، والخلق وأمر السماء وأمر الأرض وأمر الأولين

__________________

(١) «في بصائر الدرجات : وما يكون الى أن يقوم الساعة ، ثم سكت. ثم قال : أعلم من كتاب الله أنظر اليه هكذا ، ثم بسط كفيه ثم قال : ان الله يقول : (إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ) فيه تبيان كل شيء منه عفى عنه» (عن هامش بعض النسخ)


وأمر الآخرين وأمر ما كان وما يكون ، كأني أنظر الى ذلك نصب عيني.

١٨٩ ـ على عن أبيه عن عبد الله بن المغيرة عن سماعة بن مهران قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : ان العزيز الجبار انزل عليكم كتابه وهو الصادق البار ، فيه خبركم وخبر من قبلكم وخبر من بعد كم وخبر السماء والأرض ، ولو أتا كم من يخبر كم عن ذلك لتعجبتم.

١٩٠ ـ في نهج البلاغة في كلام له عليه‌السلام في ذم اختلاف العلماء في الفتيا : أم أنزل الله دينا ناقصا فاستعان بهم على إتمامه ، أم كانوا شركاء له؟ فلهم أن يقولوا وعليه أن يرضى ، أم أنزل دينا تاما فقصر الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله عن تبليغه وأدائه والله سبحانه يقول : (ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ) وفيه تبيان لكل شيء».

١٩١ ـ في كتاب معاني الاخبار باسناده الى عمر بن عثمان التيمي القاضي قال : خرج أمير المؤمنين عليه‌السلام على أصحابه وهم يتذاكرون المروة ، فقال : أين أنتم من كتاب الله؟ قالوا : يا أمير المؤمنين في أى موضع؟ فقال : في قوله عزوجل : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ) والعدل الإنصاف والإحسان التفضل.

١٩٢ ـ في الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن يحيى الحلبي عن بريد بن معاوية عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام في خطبة يوم الجمعة الخطبة الاولى : الحمد لله نحمده ونستعينه. وذكر خطبة طويلة وآخرها ويكون آخر كلامه ان يقول : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) ثم يقول : اللهم اجعلنا ممن يذكر فتنفعه الذكرى ثم ينزل.

١٩٣ ـ في تفسير على بن إبراهيم قوله : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ) قال : العدل شهادة ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، والإحسان أمير المؤمنين صلوات الله عليه ، والفحشاء والمنكر والبغي فلان وفلان وفلان.


١٩٤ ـ حدثنا محمد بن أبي عبد الله قال : حدثنا موسى بن عمران قال : حدثني الحسن بن يزيد عن اسمعيل بن مسلم قال : جاء رجل الى أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق عليه‌السلام وانا عنده فقال : يا بن رسول الله (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) وقوله : (أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ) فقال : نعم ليس لله في عباده امر الا العدل والإحسان ، فالدعاء من الله عام والهدى خاص ، مثل قوله : (يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) ولم يقل ويهدى جميع من دعا (إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ).

١٩٥ ـ في مجمع البيان وجاءت الرواية ان عثمان بن مظعون قال : كنت أسلمت استحياء من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لكثرة ما كان يعرض على الإسلام ولم يقر الإسلام في قلبي ، فكنت ذات يوم عنده حال تأمله فشخص بصره نحو السماء كأنه يستفهم شيئا فلما سرى عنه ، سألته عن حاله : فقال نعم بينا انا أحدثكم إذا رأيت جبرئيل في الهواء أتانى بهذه الآية (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ) وقرأها الى آخرها ، فقر الإسلام في قلبي وأتيت عمه أبا طالب فأخبرته ، فقال : يا آل قريش اتبعوا محمدا ترشدوا ، فانه لا يأمر كم الا بمكارم الأخلاق ، وأتيت الوليد بن المغيرة وقرأت عليه هذه الآية فقال : ان كان محمد قاله فنعم ما قاله ، وان قاله ربه فنعم ما قال ، فأنزل الله : (أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى وَأَعْطى قَلِيلاً) يعنى قوله نعم ما قال ، ومعنى قوله : «واكدى» انه لم يقم على ما قاله وقطعه.

١٩٦ ـ وعن عكرمة قال : ان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قرء هذه الآية على الوليد بن المغيرة فقال : يا بن أخى أعد فأعاد ، فقال : ان له حلاوة ، وان عليه لطلاوة ، وان أعلاه لمثمر ، وان أسفله لمغدق (١) وما هو قول البشر.

١٩٧ ـ في روضة الواعظين (ره) وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : جماع التقوى في قوله : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ).

__________________

(١) الطلاوة : الحسن والبهجة. والغدق من الغدق المطر الكثير ـ العلم.


١٩٨ ـ في كتاب الخصال عن السكوني عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عن على عليهم‌السلام قال : تكلم النار يوم القيمة ثلثة أميرا وقاريا وذا ثروة من المال ، تقول للأمير : يا من وهب الله له سلطانا ولم يعدل فتزدرده كما تزدرد الطير حب السمسم (١) وتقول للقاري (الحديث).

١٩٩ ـ عن جعفر بن محمد عن أبيه عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ان أسرع الخير ثوابا البر ، وان أسرع الشر عقابا البغي.

٢٠٠ ـ عن ابى مالك قال : قلت لعلى بن الحسين عليه‌السلام : أخبرني بجميع شرايع الدين ، قال : قول الحق والحكم بالعدل والوفاء بالعهد ، هذه جميع شرايع الدين

٢٠١ ـ عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : في كتاب على عليه‌السلام : ثلث خصال لا يموت صاحبهن حتى يرى وبالهن : البغي وقطيعة الرحم واليمين الكاذبة يبارز الله بها ، الحديث.

٢٠٢ ـ في كتاب التوحيد حدثنا محمد بن القاسم المفسر رضى الله عنه قال : حدثنا يوسف بن محمد بن زياد وعلى بن محمد بن سيار عن أبويهما عن الحسن بن على بن محمد بن على الرضا عن أبيه عن جده عليهم‌السلام عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله انه قال : ما عرف الله من شبهه بخلقه ، ولا وصفه بالعدل من نسب اليه ذنوب عباده.

٢٠٣ ـ في تفسير العياشي عن سعد عن أبي جعفر عليه‌السلام (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ) قال سعد : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ) وهو محمد ، «والإحسان ، «وهو على» و (إِيتاءِ ذِي الْقُرْبى) وهو قرابتنا ، أمر الله العباد بمودتنا وايتائنا ونهاهم عن الفحشاء والمنكر ، من بغى على أهل البيت ودعا الى غيرنا.

٢٠٤ ـ عن اسمعيل الحريري قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام قول الله : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ) قال : اقرء كما أقول لك يا اسمعيل : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى) حقه قال (٢) أداء امام الى امام بعد امام ، (وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ) قال ولاية

__________________

(١) ازدرد اللقمة ، ابتلعها.

(٢) وفي المصدر بعد قوله «حقه» زيادة وهي : «قلت : جعلت فداك انا لا نقرأ هكذا في قراءة زيد*


فلان وفلان.

٢٠٥ ـ عن عامر بن كثير وكان داعية الحسين بن على (١) عن موسى بن ابى الغدير عن عطاء الهمداني عن أبي جعفر عليه‌السلام في قول الله : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى) قال : العدل شهادة ان لا اله الا الله ، والإحسان ولاية أمير المؤمنين ، (وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ) ، الفحشاء الاول ، والمنكر الثاني ، البغي الثالث.

٢٠٦ ـ وفي رواية سعد الإسكاف عنه قال : يا سعد (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ) وهو محمد فمن أطاعه فقد عدل ، و «الإحسان» على ، فمن تولاه فقد أحسن والمحسن في الجنة ، و (إِيتاءِ ذِي الْقُرْبى) قرابتنا أمر الله العباد بمودتنا وايتائنا ، ونهاهم عن الفحشاء والمنكر ، من بغى علينا أهل البيت ، ودعا الى غيرنا.

٢٠٧ ـ عن زيد بن الجهم عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سمعته يقول : لما سلموا على علي عليه‌السلام بإمرة المؤمنين قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله للأول : قم فسلم على على بإمرة المؤمنين فقال : امن الله أو من رسوله قال : نعم من الله ومن رسوله؟ ثم قال لصاحبه : قم فسلم على على بامرة المؤمنين ، فقال : من الله ومن رسوله؟ (٢) قال : نعم من الله ومن رسوله ، قال : يا مقداد قم فسلم على على بامرة المؤمنين قال : فلم يقل ما قال صاحباه ، ثم قال : قم يا با ذر فسلم على على بامرة المؤمنين ،

__________________

* قال : ولكنا نقرؤها هكذا في قراءة على (ع) ، قال : فما يعنى بالعدل؟ قال شهادة ان لا اله الا الله قلت : والإحسان؟ قال : شهادة ان محمدا رسول الله ، قلت فما يعنى بتاء ذي القربى حقه؟ قال : أداء ... اه» والظاهر سقوطها من النسخ.

(١) اى الحسين بن على بن الحسن بن الحسن بن الحسن بن على بن أبي طالب (ع) صاحب فخ والخارج على بنى عباس ، وقصة خروجه وقتله مشهورة مدونة في كتب التواريخ والسير.

(٢) وفي بعض النسخ «من الله أو من رسوله» وكذا في المواضع الآتية ومثله فيما يأتى في رواية الكافي.


فقام وسلم ثم قال : يا سلمان قم وسلم على على بامرة المؤمنين فقام وسلم ، حتى إذا خرجا وهما يقولان : لا والله لا نسلم له ما قال أبدا فانزل الله تبارك وتعالى على نبيه : (وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمانَ بَعْدَ تَوْكِيدِها وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً) بقولكم من الله أو من رسوله (إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَها مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكاثاً تَتَّخِذُونَ أَيْمانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ أَنْ) يكون امة هي ازكى من امة قال : قلت : جعلت فداك انما نقرأها (أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبى مِنْ أُمَّةٍ) فقال : ويحك يا زيد وما أربى ان يكون والله أزكى من أئمتكم (١) انما يبلو كم الله به يعنى عليا (وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ ما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَلكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَلَتُسْئَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ وَلا تَتَّخِذُوا أَيْمانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِها) بعد ما سلمتم على على عليه‌السلام بامرة المؤمنين (وَتَذُوقُوا السُّوءَ بِما صَدَدْتُمْ عَنْ سَبِيلِ اللهِ) يعنى عليا (وَلَكُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ).

٢٠٨ ـ في أصول الكافي محمد بن الحسين (٢) عن محمد بن اسمعيل عن منصور ابن يونس عن زيد بن الجهم الهلالي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سمعته يقول : لما أنزلت ولاية على بن أبي طالب وكان من قول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، سلموا على على بامرة المؤمنين فكان مما أكد الله عليهما في ذلك اليوم يا زيد قول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لهما ، قوما فسلما عليه بامرة المؤمنين ، فقالا : أمن الله أو من رسوله يا رسول الله؟ فقال لهما رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من الله ومن رسوله ، فأنزل الله عزوجل : (وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمانَ بَعْدَ تَوْكِيدِها وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ) يعنى به قول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لهما وقولهما : أمن الله أو من رسوله (وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَها مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكاثاً تَتَّخِذُونَ أَيْمانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ) ازكى من أئمتكم» قال : قلت : جعلت فداك أئمة؟ قال : اى والله أئمة ، قلت : فانا نقرء أربى؟ قال : ما أربى وأومى بيده فطرحها ، (إِنَّما يَبْلُوكُمُ اللهُ بِهِ) يعنى بعلى عليه‌السلام

__________________

(١) كذا في النسخ وفي المصدر «ما اربى ان يكون والله كى ازكى من أئمتكم».

(٢) كذا في النسخ وفي المصدر «محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين ... اه».


(وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ ما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَلكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَلَتُسْئَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ وَلا تَتَّخِذُوا أَيْمانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِها) يعنى بعد مقالة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في على عليه‌السلام (وَتَذُوقُوا السُّوءَ بِما صَدَدْتُمْ عَنْ سَبِيلِ اللهِ) يعنى به على عليه‌السلام (وَلَكُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ).

٢٠٩ ـ في تفسير على بن إبراهيم قال على بن إبراهيم في قوله : (وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللهِ إِذا عاهَدْتُمْ وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمانَ بَعْدَ تَوْكِيدِها وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً) فانه حدثني أبى رفعه قال : قال ابو عبد الله : لما نزلت الولاية وكان من قول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بغدير خم سلموا على علي عليه‌السلام بامرة المؤمنين فقالا : من الله ومن رسوله؟ فقال لهما : نعم حقا من الله ومن رسوله ، انه أمير المؤمنين وامام المتقين وقائد الغر المحجلين يقعده الله يوم القيمة على الصراط فيدخل أولياءه الجنة ، ويدخل أعدائه النار ، فأنزل الله عزوجل : (وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمانَ بَعْدَ تَوْكِيدِها وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ) يعنى قول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من الله ومن رسوله ، ثم ضرب لهم مثلا فقال : (وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَها مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكاثاً تَتَّخِذُونَ أَيْمانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ).

٢١٠ ـ وفي رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : التي نقضت غزلها امرأة من بنى تيم بن مرة يقال لها ريطة بنت كعب بن سعد بن تيم بن لوى بن غالب ، كانت حمقاء تغزل الشعر ، فاذا غزلته نقضته ثم عادت فغزلته ، فقال الله : (كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَها مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكاثاً تَتَّخِذُونَ أَيْمانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ) قال : ان الله تبارك وتعالى أمر بالوفاء ونهى عن نقض العهد ، فضرب لهم مثلا.

رجع الى رواية على بن إبراهيم في قوله : «ان تكون أئمة هي ازكى من أئمتكم» فقيل : يا ابن رسول الله نحن نقرأ (هِيَ أَرْبى مِنْ أُمَّةٍ) قال : ويحك وما أربى وأومى بيده بطرحها (إِنَّما يَبْلُوكُمُ اللهُ بِهِ) يعنى بعلى بن أبى طالب يختبر كم (وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ ما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ* وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً) قال على مذهب واحد وأمر واحد (وَلكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ) قال : يعذب بنقض العهد (وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ) قال : يثيب (وَلَتُسْئَلُنَ


عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ).

قوله : (وَلا تَتَّخِذُوا أَيْمانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ) قال هو : مثل لأمير المؤمنين عليه‌السلام (فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِها) يعنى بعد مقالة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فيه (وَتَذُوقُوا السُّوءَ بِما صَدَدْتُمْ عَنْ سَبِيلِ اللهِ) يعنى عن على (وَلَكُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ).

٢١١ ـ في تفسير العياشي متصلا بآخر ما سبق عنه اعنى قوله : (وَلَكُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ) عن عبد الرحمن بن سالم الأشل عنه قال : (كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَها مِنْ) قوة بعد أنكاثا» عائشة هي نكثت ايمانها.

٢١٢ ـ في مجمع البيان قال ابن عباس : ان رجلا من حضرموت يقال له عبدان ـ الاشرع قال : يا رسول الله ان امرء القيس الكندي جاورني في أرضى فاقتطع من أرضى (١) فذهب بها منى والقوم يعلمون انى لصادق لكنه أكرم عليهم منى ، فسأل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله امرء القيس عنه فقال : لا أدرى ما يقول ، فأمره أن يحلف ، فقال عبدان : انه فاجر لا يبالي أن يحلف ، فقال : ان لم يكن لك شهود فخذ يمينه ، فلما قام ليحلف أنظره فانصرفا فنزل قوله : (وَلا تَشْتَرُوا بِعَهْدِ اللهِ) الآيتان فلما قرأهما رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال امرء القيس : اما ما عندي فينفد وهو صادق فيما يقول ، لقد اقتطعت أرضه ولم أدر كم هي فليأخذ من أرضى ما شاء ومثلها معها بما أكلت من ثمرها ، فنزل فيه : (مَنْ عَمِلَ صالِحاً) الآية.

٢١٣ ـ في كتاب معاني الاخبار حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن أبى عمير عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قيل له : ان أبا الخطاب يذكر عنك انك قلت له : إذا عرفت الحق فاعمل ما شئت ، قال : لعن الله أبا الخطاب والله ما قلت هكذا ، ولكني قلت له : إذا عرفت الحق فاعمل ما شئت من خير يقبل منك ، ان الله عزوجل يقول : (مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيها بِغَيْرِ حِسابٍ) ويقول تبارك وتعالى : (مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً).

٢١٤ ـ في تفسير على بن إبراهيم قوله : (مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً)

__________________

(١) اقتطع من ماله قطعة : أخذ منه شيئا.


قال : القنوع بما رزقه الله.

٢١٥ ـ في نهج البلاغة وسئل عن قول الله تعالى : (فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً)؟ فقال : هي القناعة.

٢١٦ ـ في مجمع البيان (فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً) فيه أقوال الى قوله : «ثانيها» انها القناعة والرضا بما قسم الله تعالى وروى ذلك عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله.

٢١٧ ـ في الكافي محمد بن يحيى عن على بن الحسن بن على عن عباد بن يعقوب عن عمرو بن مصعب عن فرات بن أحنف عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : سمعته يقول : أول كل كتاب نزل من السماء (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) فاذا قرأت (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) فلا تبالي الا تستعيذ ، وإذا قرأت (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) ستر بك فيما بين السماء والأرض.

٢١٨ ـ في روضة الكافي خطبة طويلة لأمير المؤمنين عليه‌السلام يقول فيها : أستعيذ بالله من الشيطان الرجيم (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ) الى آخر السورة.

٢١٩ ـ في عوالي اللئالى وروى عن عبد الله بن مسعود قال : قرأت على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقلت : وأعوذ بالله السميع العليم فقال لي : يا ابن أم عبد قل : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم هكذا أقرأنيه جبرئيل.

٢٢٠ ـ في قرب الاسناد للحميري باسناده الى حنان بن سدير قال : صليت خلف أبي عبد الله عليه‌السلام المغرب قال : فتعوذ بإجهار : «أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم وأعوذ بالله ان يحضرون» ثم جهر ببسم الله الرحمن الرحيم.

٢٢١ ـ في تهذيب الأحكام محمد بن على بن محبوب عن عبد الصمد بن محمد عن حنان بن سدير قال : صليت خلف أبي عبد الله عليه‌السلام فتعوذ بإجهار ، ثم جهر ببسم الله الرحمن الرحيم.

٢٢٢ ـ في عيون الاخبار حديث طويل عن موسى بن جعفر عليه‌السلام وقد قال له


هارون الرشيد : كيف قلتم : انا ذرية النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله والنبي لم يعقب وانما العقب للذكر لا للأنثى : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَسُلَيْمانَ وَأَيُّوبَ) الآية.

٢٢٣ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) باسناده الى محمد بن على الباقر عليه‌السلام حديث يقول فيه حاكيا عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : فأوحى الى (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ : يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ) الآية.

٢٢٤ ـ في تفسير العياشي عن أبي عبد الله عليه‌السلام حديث طويل وفيه فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ يَحْلِفُونَ بِاللهِ ما قالُوا وَلَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ) الآية.

٢٢٥ ـ عن سماعة عن ابى عبد الله عليه‌السلام في قول الله (فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ) (١) (بِاللهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ) قلت : كيف أقول؟ قال : تقول : أستعيذ بالسميع العليم من الشيطان الرجيم ، وقال : ان الرجيم أخبث الشياطين ، قال : قلت له : لم سمى الرجيم؟ قال : لأنه يرجم ، قلت : فانفلت منها شيء (٢) قال : لا ، قلت فكيف : سمى الرجيم ولم يرجم بعد؟ قال : يكون في العلم انه رجيم.

٢٢٦ ـ عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سئلته عن التعوذ من الشيطان عند كل سورة نفتحها؟ قال : نعم ، فتعوذ بالله من الشيطان الرجيم وذكر ان الرجيم أخبث الشياطين ، فقلت له : لم سمى الرجيم؟ قال : لأنه يرجم ، فقلت : هل ينفلت شيئا إذا رجم؟ قال : لا ولكن يكون في العلم انه رجيم.

٢٢٧ ـ في كتاب معاني الاخبار باسناده الى عبد العظيم بن عبد الله الحسنى قال : سمعت أبا الحسن على بن محمد العسكري عليه‌السلام يقول : معنى الرجيم انه مرجوم باللعن ، مطرود من الخير ، لا يذكره مؤمن الا لعنه وان في علم السابق إذا خرج القائم عليه‌السلام لا يبقى مؤمن في زمانه الا رجمه بالحجارة ، كما كان قبل ذلك مرجوما باللعن.

٢٢٨ ـ في مصباح الشريعة قال الصادق عليه‌السلام في كلام طويل : فقارى القرآن

__________________

(١) وفي المصدر «أستعيذ بالله السميع العليم ... اه».

(٢) انفلت : نجا وتخلص.


يحتاج الى ثلثة أشياء : قلب خاشع ، وبدن فارغ ، وموضع خال ، فاذا خشع لله قلبه فر منه الشيطان الرجيم ، قال الله تعالى : (فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ).

٢٢٣ ـ في مجمع البيان والاستعاذة عند التلاوة مستحبة غير واجبة بلا خلاف في الصلوة وخارج الصلوة.

٢٢٤ ـ في روضة الكافي على بن محمد عن على بن العباس عن الحسن بن عبد ـ الرحمان عن منصور بن يونس عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قلت له : (فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) فقال : يا با محمد يسلط الله من المؤمن على بدنه ولا يسلط على دينه ، وقد سلط على أيوب عليه‌السلام فشوه خلقه ولم يسلط على دينه ، وقد يسلط من المؤمنين على أبدانهم ولا يسلط على دينهم ، قلت قوله عزوجل : (إِنَّما سُلْطانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ) قال : الذين هم بالله مشركون ، يسلط على أبدانهم وعلى أديانهم.

٢٢٥ ـ في تفسير العياشي عن حماد بن عيسى رفعه الى أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن قول الله : (إِنَّما سُلْطانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ) قال ليس له أن يزيلهم عن الولاية ، فاما الذنوب وأشباه ذلك فانه ينال منهم كما ينال من غيرهم.

٢٢٦ ـ في تفسير على بن إبراهيم قوله : و (إِذا بَدَّلْنا آيَةً مَكانَ آيَةٍ وَاللهُ أَعْلَمُ بِما يُنَزِّلُ قالُوا إِنَّما أَنْتَ مُفْتَرٍ) قال : كان إذا نسخت آية قالوا لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أنت مفتر فرد الله عليهم ، فقال : قل لهم يا محمد (نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِ) يعنى جبرئيل ليثبت الله (الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدىً وَبُشْرى لِلْمُسْلِمِينَ).

٢٢٧ ـ وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله : (رُوحُ الْقُدُسِ) قال : هو جبرئيل ، والقدس الطاهر (لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا) هم آل محمد (وَهُدىً وَبُشْرى لِلْمُسْلِمِينَ).


٢٢٨ ـ في تفسير العياشي عن محمد بن عرامة الصيرفي عمن أخبره عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ان الله تبارك وتعالى خلق روح القدس فلم يخلق خلقا أقرب اليه منها ، وليست بأكرم خلقه عليه ، فاذا أراد أمرا ألقاه إليها ، فألقاه الى النجوم فجرت به.

٢٢٩ ـ في تفسير على بن إبراهيم قوله (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌ) وهو لسان أبي فكيهة مولى ابن الحضرمي كان أعجمى اللسان وكان قد اتبع نبي الله وآمن به ، وكان من أهل الكتاب ، فقالت قريش : هذا والله يعلم محمدا علمه بلسانه ، يقول الله : (وَهذا لِسانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ).

٢٣٠ ـ في مجمع البيان وقال عبيد الله بن مسلم : كان غلامان في الجاهلية نصرانيان من أهل عين التمر ، اسم أحدهما يسار واسم الآخر خير (١) كانا صقلبيين يقرآن كتابا لهما بلسانهم ، وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ربما مر بهما واستمع لقرائتهما ، فقالوا : انما يتعلم منهما.

٢٣١ ـ في كتاب التوحيد باسناده الى داود بن القاسم قال : سمعت على بن موسى الرضا عليه‌السلام يقول : من شبه الله بخلقه فهو مشرك ، ومن وصفه بالمكان فهو كافر ، ومن نسب اليه ما نهى عنه فهو كاذب ، ثم تلا هذه الآية (إِنَّما يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللهِ وَأُولئِكَ هُمُ الْكاذِبُونَ).

٢٣٢ ـ في تفسير العياشي عن العباس بن هلال عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام انه ذكر رجلا كذابا ثم قال : فقال الله : (إِنَّما يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ).

٢٣٣ ـ عن معمر بن يحيى بن سالم قال : قلت لأبي جعفر عليه‌السلام ، ان أهل الكوفة يروون عن على عليه‌السلام انه قال : ستدعون الى سبى والبراءة منى ، فان دعيتم الى سبى فسبوني وان دعيتم الى البراءة منى فلا تتبرؤا منى فانى على دين محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله؟ فقال أبو جعفر عليه‌السلام : ما أكثر ما يكذبون على عليه‌السلام انما قال انكم ستدعون الى سبى والبراءة منى ، فان دعيتم الى سبى فسبوني وان دعيتم الى البراءة منى فانى على دين محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولم يقل فلا تتبرؤا منى ، قال : قلت : جعلت فداك فان أراد الرجل يمضى على القتل ولا يتبرأ؟ فقال : لا والله [الا]

__________________

(١) هذا هو الظاهر الموافق للمصدر وفي بعض النسخ «حنتر».


على الذي مضى عليه عمار ، ان الله يقول : (إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ)

٢٣٣ ـ عن ابى بكر عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال بعضنا : مد الرقاب أحب إليك أم البراءة من على؟ فقال : الرخصة أحب الى أما سمعت قول الله في عمار : (إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ).

٢٣٤ ـ عن عبد الله بن عجلان عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال سألته فقلت له : ان الضحاك (١) قد ظهر بالكوفة ويوشك ان ندعى الى البراءة من على فكيف نصنع! قال : فابرء منه ، قال : قلت : أى شيء أحب إليك؟ قال : أن يمضون على ما مضى عليه عمار بن ياسر ، أخذ بمكة فقالوا له : أبرء من رسول الله فبرأ منه ، فأنزل الله عذره (إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ).

٢٣٥ ـ في أصول الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن بكر بن صالح عن القاسم ابن يزيد : قال : حدثنا أبو عمرو الزبيري عن أبي عبد الله عليه‌السلام انه قال : فاما ما فرض الله على القلب من الايمان فالإقرار والمعرفة والعقد والرضا ، والتسليم بان لا اله الا الله وحده لا شريك له إلها واحدا لم يتخذ صاحبة ولا ولدا ، وان محمدا عبده ورسوله ، والإقرار بما جاء به من عند الله من نبي أو كتاب ، فذلك ما فرض الله على القلب من الإقرار والمعرفة وهو عمله ، وهو قول الله عزوجل : (إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ وَلكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً) وقال : (أَلا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) فذلك ما فرض الله عزوجل على القلب من الإقرار والمعرفة وهو عمله وهو رأس الايمان ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٢٣٦ ـ ابن محبوب عن خالد بن نافع البجلي عن محمد بن مروان قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : ان رجلا أتى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : يا رسول الله أوصنى فقال : لا تشرك بالله شيئا وان حرقت بالنار وعذبت ، الا وقلبك مطمئن بالايمان ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

__________________

(١) هو ضحاك بن قيس الشيباني الخارج بالكوفة سنة ١٢٧ في خلافة مروان والمقتول بكفرثوثا سنة ١٢٨ وقيل انه قتل سنة ١٢٩ ورأى رأى الخوارج والحرورية.


٢٣٧ ـ على بن إبراهيم عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن صدقة قال : قيل لأبي عبد الله عليه‌السلام ان الناس يروون ان عليا قال على منبر الكوفة : ايها الناس انكم ستدعون الى سبى فسبوني ثم تدعون الى البرائة منى فلا تتبرؤا منى؟ فقال : ما أكثر ما يكذب الناس على على عليه‌السلام ثم قال : انما قال : انكم ستدعون الى سبى فسبوني ، ثم تدعون الى البرائة مني وانى لعلى دين محمد ولم يقل : فلا تتبرؤا منى ، فقال له السائل : أرأيت ان اختار القتل دون البرائة؟ فقال : والله ما ذلك عليه وما له الا ما مضى عليه عمار بن ياسر ، حيث أكرهه أهل مكة و (قَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ) ، فأنزل الله عزوجل (إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ) فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله عندها : يا عمار ان عادوا فعد فقد أنزل الله عزوجل عذرك وأمرك أن تعودان عادوا.

٢٣٨ ـ على عن أبيه عن ابن أبي عمير عن جميل عن محمد بن مروان قال : قال لي أبو عبد الله عليه‌السلام : ما منع ميثم رحمه‌الله من التقية؟ فو الله لقد علم ان هذه الآية نزلت في عمار وأصحابه (إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ).

٢٣٩ ـ الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن أبي داود المسترق قال : حدثني عمرو بن مروان قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : رفع عن أمتي أربع خصال : خطاؤها ونسيانها وما أكرهوا عليه وما لم يطيقوا ، وذلك قول الله عزوجل : (رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا رَبَّنا وَلا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ) وقوله : (إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ).

٢٤٠ ـ في من لا يحضره الفقيه قال أمير المؤمنين عليه‌السلام في وصية لابنه محمد بن الحنفية : وفرض الله على القلب وهو أمير الجوارح الذي به تعقل وتفهم وتصدر عن أمره ورأيه فقال عزوجل : (إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ) الآية.

٢٤١ ـ في قرب الاسناد للحميري باسناده الى أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ان التقية ترس المؤمن ولا ايمان لمن لا تقية له ، قلت : جعلت فداك أرأيت قول الله تبارك وتعالى :


(إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ) قال : وهل التقية الا هذا؟

٢٤٢ ـ في مجمع البيان قيل نزل قوله : (إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ) في جماعة أكرهوا وهم عمار وياسر أبوه وامه سمية وصهيب وبلال وخباب عذبوا وقتل أبو عمار وامه ، فأعطاهم عمار بلسانه ما أرادوا منه ، ثم أخبر بذلك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال قوم : كفر عمار فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : كلا ان عمارا مليء ايمانا من قرنه الى قدمه واختلط الايمان بلحمه ودمه ، وجاء عمار الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو يبكى فقال عليه‌السلام : ما وراك؟ قال : شر يا رسول الله ما تركت حتى نلت منك ، وذكرت آلهتهم بخير ، فجعل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يمسح عينيه ويقول : ان عادوا لك فعدلهم بما قلت ، فنزلت الآية عن ابن عباس وقتادة.

٢٤٣ ـ في تفسير على بن إبراهيم قوله : (مَنْ كَفَرَ بِاللهِ مِنْ بَعْدِ إِيمانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ) فهو عمار بن ياسر أخذته قريش بمكة فعذبوه بالنار حتى أعطاهم بلسانه ما أرادوا وقلبه مقر بالايمان ، قوله : (وَلكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً) فهو عبد الله بن سعد بن أبي سرح بن الحارث بن بنى لوى يقول الله : (فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللهِ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ. ذلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَياةَ الدُّنْيا عَلَى الْآخِرَةِ وَأَنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ). ذلك بان الله ختم على سمعهم وأبصارهم وقلوبهم و (أُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ لا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْخاسِرُونَ) هكذا في قراءة ابن مسعود هذا كله في عبد الله بن سعد بن ابى سرح كان عاملا لعثمان بن عفان على مصر.

٢٤٤ ـ في تفسير العياشي عن اسحق بن عمار قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كان يدعو أصحابه فمن أراد به خيرا سمع وعرف ما يدعوه اليه ، ومن أراد به شرا طبع على قلبه فلا يسمع ولا يعقل وهو قوله : (أُولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصارِهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ).

٢٤٥ ـ في تفسير على بن إبراهيم وقال علي بن إبراهيم ثم قال أيضا في عمار : (ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هاجَرُوا مِنْ بَعْدِ ما فُتِنُوا ثُمَّ جاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) قوله : و (ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً قَرْيَةً كانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيها رِزْقُها رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللهِ فَأَذاقَهَا اللهُ لِباسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِما كانُوا


يَصْنَعُونَ) قال : نزلت في قوم كان لهم نهر يقال له البليان (١) وكانت بلادهم خصبة كثيرة الخير ، وكانوا يستنجون بالعجين ويقولون هذا ألين ، فكفروا بأنعم الله واستخفوا بنعمة الله ، فحبس الله عليهم البليان فجدبوا حتى أحوجهم الله الى ما كانوا يستنجون به حتى كانوا يتقاسمون عليه.

٢٤٦ ـ في محاسن البرقي عن أبيه عن محمد بن سنان عن أبي عيينة (٢) عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ان قوما وسع الله عليهم في أرزاقهم حتى طغوا فاستخشنوا الحجارة فعمدوا الى النقي (٣) وصنعوا منه كهيئة الأفهار فجعلوه في مذاهبهم (٤) فأخذ هم الله بالسنين فعمدوا الى أطعمتهم فجعلوها في الخزائن ، فبعث الله على ما في الخزائن ما أفسده حتى احتاجوا الى ما كان يستطيبون به في مذاهبهم ، فجعلوا يغسلونه ويأكلونه.

وفي حديث أبي بصير قال : نزلت فيهم هذه الآية : (وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً قَرْيَةً كانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً) الى آخر الآية.

٢٤٧ ـ في تفسير العياشي عن حفص بن سالم عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ان قوما في بنى إسرائيل تؤتى لهم من طعامهم حتى جعلوا منه تماثيل بمدن كانت في بلادهم يستنجون بها ، فلم يزل الله بهم حتى اضطروا الى التماثيل يبيعونها ويأكلونها ، وهو قول الله : (ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً قَرْيَةً كانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيها رِزْقُها رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللهِ فَأَذاقَهَا اللهُ لِباسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِما كانُوا يَصْنَعُونَ).

٢٤٨ ـ عن زيد الشحام عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : كان أبي يكره أن يمسح

__________________

(١) كذا في النسخ وفي المصدر «الثرثار» مكان «البليان». في الموضعين وهو الظاهر.

(٢) كذا في النسخ وفي المصدر (باب فضل الخبز ...) «عن محمد بن سنان عن عيينة».

(٣) النقي ـ بفتح النون وكسر القاف وتشديد الياء ـ : الخبز المعمول من الباب الدقيق.

(٤) الأفهار جمع الفهر : الحجر ملاء الكف. والمذاهب جمع المذهب : المتوضأ وفي بعض النسخ «مناهيهم» بدل «مذاهبهم».


يده في المنديل وفيه شيء من الطعام تعظيما له الا أن يمصها ، أو يكون الى جانبه صبي فيمصها ، قال : فانى أجد اليسير يقع من الخوان فأتفقده فيضحك الخادم ، ثم قال : ان أهل قرية ممن كان قبلكم كان الله قد وسع عليهم حتى طغوا ، فقال بعضهم لبعض : لو عمدنا الى شيء من هذا النقي فجعلناه نستنجي به كان ألين علينا من الحجارة قال عليه‌السلام : فلما فعلوا ذلك بعث الله على أرضهم دوابا أصغر من الجراد فلم تدع لهم شيئا خلقه الله الا أكلته من شجر أو غيره ، فبلغ بهم الجهد الى أن أقبلوا على الذي كانوا يستنجون به ، فأكلوه وهي القرية التي قال الله تعالى : (ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً قَرْيَةً كانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً) الى قوله : (بِما كانُوا يَصْنَعُونَ).

٢٤٩ ـ في أصول الكافي الحسين بن محمد عن على بن محمد بن سعد عن محمد بن مسلم عن اسحق بن موسى قال : حدثني أخي وعمى عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : ثلثة مجالس يمقتها الله ويرسل نقمته على أهلها فلا تقاعدوهم ولا تجالسوهم ، مجلسا فيه من يصف لسانه كذبا في فتياه ، ومجلسا ذكر أعدائنا فبه جديد وذكرنا فيه رث ، ومجلسا فيه من يصدعنا وأنت تعلم ، قال : ثم تلا أبو عبد الله عليه‌السلام : ثلث آيات من كتاب الله كأنما كن فيه أو قال كفه (وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ فَيَسُبُّوا اللهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ وَإِذا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آياتِنا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ) (وَلا تَقُولُوا لِما تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هذا حَلالٌ وَهذا حَرامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللهِ الْكَذِبَ).

٢٥٠ ـ في كتاب التوحيد محمد بن أحمد بن الحسن بن الوليد رضى الله عنه في جامعه وحدثنا به محمد بن الحسن الصفار عن العباس بن معروف قال حدثني عبد الرحمان بن أبى نجران عن حماد بن عثمان عن عبد الرحيم القصير قال : كتب أبو عبد الله عليه‌السلام على يدي عبد الملك بن أعين : إذا أتى العبد بكبيرة من كبائر المعاصي أو صغيرة من صغائر المعاصي التي نهى الله عزوجل عنها كان خارجا من الايمان ، وساقطا عنه اسم الايمان ، وثابتا عليه اسم الإسلام ، فان تاب واستغفر عاد الى الايمان ولم يخرجه الى الكفر والجحود والاستحلال ، فاذا قال للحلال هذا حرام وللحرام هذا حلال ودان بذلك ، فعندنا


يكون خارجا من الايمان والإسلام الى الكفر ، وكان بمنزلة رجل دخل الحرم ثم دخل الكعبة فأحدث في الكعبة حدثا فاخرج عن الكعبة وعن الحرم ، فضربت عنقه وصار الى النار ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٢٥١ ـ في تفسير على بن إبراهيم ثم قال عزوجل : (وَلا تَقُولُوا لِما تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هذا حَلالٌ وَهذا حَرامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللهِ الْكَذِبَ) قال : هو ما كانت اليهود تقول : (ما فِي بُطُونِ هذِهِ الْأَنْعامِ خالِصَةٌ لِذُكُورِنا وَمُحَرَّمٌ عَلى أَزْواجِنا).

٢٥٢ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده الى عبد الرحمن بن سمرة عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله حديث طويل يقول فيه : ومن فسر القرآن برأيه فقد افترى على الله الكذب.

٢٥٣ ـ في الكافي على بن إبراهيم عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن صدقة عن أبى عبد الله عليه‌السلام وقال بعده وبهذا الأسناد قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : والامة واحدة فصاعدا كما قال الله سبحانه وتعالى : (إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ) يقول : مطيعا لله ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٢٥٤ ـ في تفسير العياشي عن زرارة وحمران ومحمد بن مسلم عن أبى جعفر وأبى عبد الله عليهما‌السلام عن قول الله : (إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً) قال : شيء فضل الله به.

٢٥٥ ـ قال أبو بصير عن ابى عبد الله عليه‌السلام في قوله : (إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً) قال : سماه الله امة.

٢٥٦ ـ يونس بن ظبيان عنه (إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً) امة واحدة.

٢٥٧ ـ عن سماعة بن مهران قال : سمعت عبدا صالحا (١) يقول : لقد كانت الدنيا وما [كان] فيها الا واحد يعبد الله ، ولو كان معه غيره إذا لأضافه اليه حيث يقول : (إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) فصبر بذلك ما شاء الله ثم ان الله

__________________

(١) وفي المصدر «العبد الصالح» بدل «عبدا صالحا».


آنسه بإسماعيل واسحق فصاروا ثلثة.

٢٥٨ ـ في تفسير على بن إبراهيم وفي رواية أبى الجارود عن أبى جعفر عليه‌السلام في قوله : (إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً) وذلك انه على دين لم يكن عليه أحد غيره فكان امة واحدة ، واما قانتا فالمطيع ، واما الحنيف فالمسلم ، (وَهَداهُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) قال : الى الطريق الواضح.

٢٥٩ ـ في مصباح الشريعة قال الصادق عليه‌السلام : ولا طريق للأكياس من المؤمنين أسلم من الاقتداء ، لأنه المنهج الأوضح ، قال الله عزوجل : (ثُمَّ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً) فلو كان لدين الله تعالى سلك أقوم من الاقتداء لندب أوليائه وأنبيائه اليه.

٢٦٠ ـ في محاسن البرقي عنه عن ابن فضال عن حماد بن عثمان عن عبد الله ابن سليمان الصيرفي قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : (إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا) ثم قال : أنتم والله على دين إبراهيم ومنهاجه ، وأنتم أولى الناس ، أنتم على ديني ودين آبائي.

٢٦١ ـ عنه عن أبيه ومحمد بن عيسى عن صفوان بن يحيى عن اسحق بن عمار عن عباد ابن زياد قال : قال لي أبو عبد الله عليه‌السلام : يا عباد ما على ملة إبراهيم أحد غيركم.

٢٦٢ ـ في تفسير العياشي عن عمر بن أبي ميثم قال : سمعت الحسين بن على صلوات الله عليه يقول : ما أحد على ملة إبراهيم الا نحن وشيعتنا وساير الناس منها براء.

٢٦٣ ـ عن زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : ما أبقت الحنيفية شيئا حتى ان منها قص الشارب والأظفار ، والأخذ من الشارب والختان.

٢٦٤ ـ في الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن بكر بن صالح عن القاسم بن يزيد عن أبي عمرو الزبيري عن أبي عبد الله عليه‌السلام حديث طويل يقول فيه عليه‌السلام : فأخبر انه تبارك وتعالى أول من دعا الى نفسه ودعا الى طاعته واتباع امره ، فبدء بنفسه وقال : (وَاللهُ يَدْعُوا إِلى دارِ السَّلامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) ثم ثنى برسوله فقال : (ادْعُ إِلى سَبِيلِ


رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) يعنى بالقرآن.

٢٦٥ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثني أبي عن الحسن بن محبوب عن على بن رئاب عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال والله نحن السبيل الذي أمركم الله باتباعه. قوله : (وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) قال : بالقرآن.

٢٦٦ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) قال أبو محمد العسكري عليه‌السلام : ذكر عند الصادق عليه‌السلام الجدال في الدين وان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله والأئمة عليهم‌السلام نهوا عنه فقال الصادق عليه‌السلام : لم ينه مطلقا ولكنه نهى عن الجدال بغير التي هي أحسن أما تسمعون قوله تعالى : (ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) فالجدال بالتي هي أحسن قد قرنه العلماء بالدين ، والجدال بغير التي هي أحسن محرم حرمه الله على شيعتنا ، واما الجدال بالتي هي أحسن فهو ما امر الله تعالى به نبيه أن يجادل به من جحد البعث بعد الموت ، وإحياؤه له ، فقال الله حاكيا عنه : (وَضَرَبَ لَنا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ) فقال الله في الرد عليه : «قل ـ يا محمد ـ (يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة ، وستقف إنشاء الله على تتمة لهذا الكلام في العنكبوت عند قوله تعالى : (وَلا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ) الآية.

٢٦٧ ـ وروى عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله انه قال : نحن المجادلون في دين الله على لسان سبعين نبيا.

٢٦٨ ـ في تفسير على بن إبراهيم ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال يوم أحد : من له علم بعمى حمزة؟ فقال الحارث بن الصمت (١) : أنا أعرف موضعه فجاء حتى وقف على حمزة ، فكره أن يرجع الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فيخبره ، فقال رسول الله لأمير المؤمنين عليه‌السلام : يا على أطلب عمك فجاء على عليه‌السلام فوقف على حمزة فكره أن يرجع اليه ، فجاء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حتى وقف عليه ، فلما رأى ما فعل به بكى ثم

__________________

(١) وفي بعض الكتب «الحارث بن الصمة».


قال : ما وقفت موقفا قط أغلظ على من هذا المكان ، لئن أمكننى الله من قريش لأقتلن سبعين رجلا منهم ، فنزل عليه جبرئيل فقال : (وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ) فاصبر فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : اصبر.

٢٦٩ ـ في تفسير العياشي عن الحسين بن حمزة قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : لما رأى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ما صنع بحمزة بن عبد المطلب قال : اللهم لك الحمد وإليك المشتكى ، وانك المستعان (١) على ما أرى ، ثم قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : لئن ظفرت لأمثلن ولأمثلن ، قال : فأنزل الله : (وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ) قال : فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أصبر أصبر.

__________________

(١) وفي المصدر «وأنت المستعان ... اه».


بسم الله الرحمن الرحيم

١ ـ في كتاب ثواب الأعمال عن أبي عبد الله عليه السالم قال : من قرأ سورة بنى إسرائيل في كل ليلة جمعة لم يمت حتى يدرك القائم ويكون من أصحابه. في مجمع البيان وتفسير العياشي عن الحسين بن أبي العلا عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : من قرأ سورة بنى إسرائيل وذكر الى آخر ما في كتاب ثواب الأعمال.

٢ ـ في مجمع البيان أبي بن كعب عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله انه قال : من قرء سورة بنى إسرائيل فرق قلبه عند ذكر الوالدين أعطى في الجنة قنطارين من الأجر ، والقنطار ألف أوقية ومأتا أوقية ، والاوقية منها خير من الدنيا وما فيها.

٣ ـ في تفسير العياشي عن هشام بن الحكم قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله سبحان : فقال أنفة الله (١) وفي رواية اخرى عن هشام عنه مثله.

٤ ـ عن سالم الحناط عن رجل عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن المساجد التي لها الفضل؟ فقال : المسجد الحرام ، ومسجد الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله ، قلت : والمسجد الأقصى جعلت فداك؟ فقال : ذلك في السماء اليه اسرى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقلت : ان الناس يقولون انه بيت المقدس؟ فقال : مسجد الكوفة أفضل منه.

٥ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثني خالد عن الحسن بن محبوب عن محمد ابن سيار عن أبي مالك الأزدي عن اسمعيل الجعفي قال : كنت في المسجد قاعدا وابو جعفر عليه‌السلام في ناحية ، فرفع رأسه فنظر الى السماء مرة والى الكعبة مرة ، ثم قال

__________________

(١) قال الطريحي (ره) : وفي الحديث : سئلته عن سبحان الله؟ فقال : أنفة هو كقصبة اى تنزيه لله تعالى ، كما ان سبحان تنزيه ، قال بعض الشارحين : الانفة في الأصل الضرب على الأنف ليرجع ثم استعمل لتبعيد الأشياء ، فيكون هنا بمعنى رفع الله عن مرتبة المخلوقين بالكلية لأنه تنزيه عن صفات الرذائل والأجسام.


(سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى) وكرر ذلك ثلث مرات ، ثم التفت الى فقال : أى شيء يقولون أهل العراق في هذه الآية يا عراقي؟ قلت : يقولون : اسرى به من المسجد الحرام الى البيت المقدس ، فقال : ليس كما يقولون ، ولكنه اسرى به من هذه الى هذه وأشار بيده الى السماء ، وقال : ما بينهما حرم ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٦ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) وعن ابن عباس قال : قالت اليهود للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : موسى خير منك قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : ولم؟ قالوا : لان الله عزوجل كلمه أربعة آلاف كلمة ولم يكلمك بشيء ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : لقد أعطيت أنا أفضل من ذلك ، قالوا : وما ذاك؟ قال : قوله عزوجل : (سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ) وحملت على جناح جبرئيل عليه‌السلام حتى انتهيت الى السماء السابعة ، فجاوزت (سِدْرَةِ الْمُنْتَهى عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوى) ، حتى تعلقت بساق العرش فنوديت من ساق العرش : (إِنِّي أَنَا اللهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ) الرءوف الرحيم ، ورأيته بقلبي وما رأيته بعيني ، فهذا أفضل من ذلك ، فقالت اليهود : صدقت يا محمد وهو مكتوب في التورية ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٧ ـ في كتاب الخصال عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : عرج بالنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله مأة وعشرين مرة ، ما من مرة الا وقد أوصى الله تعالى فيها النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بالولاية لعلى والائمة من ولده عليهم‌السلام أكثر مما أوصاه بالفرايض.

٨ ـ في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن القاسم بن محمد الجوهري عن على بن أبي حمزة قال : سأل أبو بصير أبا عبد الله عليه‌السلام وانا حاضر فقال : جعلت فداك وكم عرج برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله؟ فقال : مرتين ، فأوقفه جبرئيل عليه‌السلام موقفا فقال له : مكانك يا محمد ، فلقد وقفت موقفا ما وقفه ملك قط ولا نبي ان ربك يصلى ، فقال : يا جبرئيل فكيف يصلى؟ قال : يقول


سبوح قدوس أنا رب الملائكة والروح سبقت رحمتي غضبى ، فقال : اللهم عفوك عفوك قال : وكان كما قال الله : (قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى) فقال له أبو بصير : جعلت فداك ما (قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى)؟ قال : ما بين سيتها (١) الى رأسها ، فقال : كان بينهما حجاب يتلألأ يخفق (٢) ولا أعلمه الا وقد قال زبرجد ، فنظر في مثل سم الإبرة (٣) الى ما شاء الله من نور العظمة ، فقال الله تبارك وتعالى : يا محمد ، قال : لبيك ربي قال : من لامتك من بعدك؟ قال الله أعلم قال : على بن أبي طالب أمير المؤمنين وسيد الوصيين وقائد الغر المحجلين ، قال : ثم قال أبو عبد الله عليه‌السلام لأبي بصير : يا با محمد والله ما جاءت ولاية على من الأرض ، ولكن جاءت من السماء مشافهة.

٩ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده الى على بن سالم عن أبيه عن ثابت بن دينار قال : سألت زين العابدين على بن الحسين بن على بن أبي طالب عليهم‌السلام عن الله جل جلاله هل يوصف بمكان؟ فقال : تعالى عن ذلك ، قلت : فلم اسرى نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله الى السماء؟ قال : ليريه ملكوت السموات وما فيها من عجائب صنعه وبدايع خلقه ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٠ ـ وباسناده الى أبان بن عثمان عن أبي عبد الله عليه‌السلام عن جده عليهما‌السلام حديث طويل يقول فيه : ان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله دفع الى على عليه‌السلام لما حضرته الوفاة القميص الذي اسرى به فيه.

١١ ـ في كتاب التوحيد باسناده الى يونس بن عبد الرحمن قال : قلت لأبي الحسن موسى بن جعفر عليهما‌السلام : لأى علة عرج الله عزوجل نبيه الى السماء ومنها الى سدرة المنتهى ومنها الى حجب النور وخاطبه وناجاه هناك والله لا يوصف بمكان؟ فقال عليه‌السلام : ان الله تبارك وتعالى لا يوصف بمكان ولا يجرى عليه زمان ، ولكنه عزوجل أراد أن يشرف ملائكته وسكان سمواته ويكرمهم بمشاهدته ويريد من عجائب عظمته ما يخبر به

__________________

(١) بكسر المهملة قبل المثناة التحتانية المخففة : ما عطف من طرفيها.

(٢) اى يتحرك ويضطرب.

(٣) سم الإبرة : ثقبها.


بعد هبوطه ، وليس ذلك على ما يقوله المشبهون (سُبْحانَ اللهِ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ).

١٢ ـ في روضة الكافي أبان عن عبد الله بن عطاء عن أبي جعفر عليه‌السلام قال أتى جبرئيل عليه‌السلام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بالبراق أصغر من البغل وأكبر من الحمار ، مضطرب الأذنين ، عينيه في حافره وخطاه مد بصره ، فاذا انتهى الى جبل قصرت يداه وطالت رجلاه فاذا هبط طالت يداه وقصرت رجلاه ، أهدب العرف الأيمن (١) له جناحان من خلفه.

١٣ ـ في عيون الاخبار باسناده قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ان الله تعالى سخر لي البراق وهي دابة من دواب الجنة ، ليست بالقصير ولا بالطويل ، فلو ان الله تعالى اذن لها لجالت الدنيا والآخرة في جرية واحدة ، وهي أحسن الدواب لونا.

١٤ ـ في تفسير العياشي عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : لما اسرى بالنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أتى بالبراق ومعه جبرئيل وميكائيل وإسرافيل ، قال : فأمسك له واحد بالركاب ، وأمسك الآخر باللجام ، وسوى عليه الآخر ثيابه ، فلما ركبها تضعضعت فلطمها جبرئيل عليه‌السلام فقال لها : قرى يا براق فما ركبك أحد قبله مثله ، ولا يركبك أحد مثله بعده ، الا انه تضعضعت عليه.

١٥ ـ في تفسير على بن إبراهيم وروى الصادق عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : بينا أنا راقد بالأبطح وعلى عليه‌السلام عن يميني وجعفر عن يساري ، وحمزة بين يدي ، وإذا أنا بحفيف (٢) أجنحة الملائكة وقائل يقول : الى أيهم بعثت يا جبرئيل؟ فقال : الى هذا وأشار الى ، وهو سيد ولد آدم وهذا وصيه ووزيره وخليفته في أمته ، وهذا عمه سيد الشهداء حمزة ، وهذا ابن عمه جعفر له جناحان خضيبان يطير بهما في الجنة مع الملائكة ، دعه فلتنم عيناه ولتسمع أذناه وليعى قلبه ، واضربوا له مثلا : ملك بنى دارا ، واتخذ مائدة (٣) وبعث داعيا ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : الملك الله والدار الدنيا ، والمائدة الجنة

__________________

(١) اى طويلة وكان مرسلا في جانب الأيمن.

(٢) الحفيف : الصوت.

(٣) وفي المصدر والمنقول عنه في البحار «مأدبة» مكان «مائدة» في الموضعين المأدبة : طعام صنع لدعوة أو عرس.


والداعي أنا.

قال : ثم أركبه جبرئيل البراق واسرى به الى بيت المقدس ، وعرض عليه محاريب (١) الأنبياء وآيات الأنبياء فصلى [بها] ورده من ليلته الى مكة فمر في رجوعه فرأى عيرا لقريش (٢) وإذا لهم ماء في آنية فشرب منه وصب باقي ذلك ، وقد كانوا أضلوا بعيرا لهم وكانوا يطلبونه ، فلما أصبح قال لقريش : ان الله قد اسرى بى في هذه الليلة الى بيت المقدس فعرض على محاريب الأنبياء ، وانى مررت بعير لكم في موضع كذا وكذا ، وإذا لهم ماء في آنية فشربت منه وأهرقت باقي ذلك ، وقد كانوا أضلوا بعيرا لهم ، فقال أبو جهل : قد أمكنتكم الفرصة من محمد سلوه : كم الأساطين فيها والقناديل؟ فقالوا : يا محمد ان هاهنا من دخل بيت المقدس فصف لنا أساطينه وقناديله ومحاريبه ، فجاء جبرئيل فعلق صورة بيت المقدس تجاه وجهه وجعل يخبرهم بما يسألونه ، فلما أخبرهم قالوا : حتى تجيء العير ونسئلهم عما قلت ، فقال لهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : وتصديق ذلك ان العير تطلع عليكم مع طلوع الشمس ، يقدمها جمل أحمر ، فلما أصبحوا أقبلوا ينظرون الى العقبة ويقولون : هذه الشمس تطلع الساعة ، فبينا هم كذلك إذ طلعت العير مع طلوع الشمس يقدمها جمل أحمر فسألوهم عما قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقالوا : لقد كان هذا ، ضل لنا جمل في موضع كذا وكذا ، ووضعنا ماءا وأصبحنا وقد أهريق الماء ، فلم يزدهم ذلك الا عتوا.

١٦ ـ في روضة الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن احمد عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن أبان بن عثمان عن حديد عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : لما اسرى برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أصبح فقعد فحدثهم بذلك ، فقالوا له : صف لنا بيت المقدس قال : فوصف لهم وانما دخله ليلا فاشتبه عليه النعت ، فأتاه جبرئيل عليه‌السلام فقال : انظر هاهنا فنظر الى البيت فوصفه وهو ينظر اليه ، ثم نعت لهم ما كان من عير لهم فيما بينهم وبين الشام ، ثم قال : هذه عير بنى فلان يقدم مع طلوع الشمس ، يتقدمها

__________________

(١) جمع المحراب.

(٢) العير ـ بالكسر ـ الإبل تحمل الميرة ثم غلب على كل قافلة.


جمل أورق (١) أو أحمر ، قال : وبعثت قريش رجلا على فرس ليردها ، قال وبلغ مع طلوع الشمس ، قال قرطة بن عبد عمرو : يا لهفا ان لا أكون لك جذعا (٢) حين تزعم أنك أتيت بيت المقدس ورجعت من ليلتك؟.

١٧ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثني ابى عن إبراهيم بن محمد الثقفي عن أبان بن عثمان عن أبى داود عن أبى بردة الأسلمي قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول لعلى عليه‌السلام : يا على ان الله أشهدك معى في سبع مواطن ، اما أول ذلك فليلة اسرى بى الى السماء ، قال لي جبرئيل : أين أخوك فقلت : خلفته ورائي ، قال : ادع الله فليأتك به ، فدعوت الله وإذا بمثالك معى ، وإذا الملائكة وقوف صفوف فقلت : يا جبرئيل من هؤلاء؟ قال : هم الذين يباهيهم الله بك يوم القيمة ، فدنوت فنطقت بما كان وما يكون الى يوم القيمة ، والثاني حين اسرى بى في المرة الثانية ، فقال لي جبرئيل : اين أخوك فقلت : خلفته ورائي فقال : ادع الله فليأتك به فدعوت الله فاذا مثالك معى ، فكشط لي (٣) عن سبع سموات حتى رأيت سكانها وعمارها ، وموضع كل ملك منها ، الى قوله : واما السادس لما اسرى بي الى السماء جمع الله لي النبيين ، فصليت لهم ومثالك خلفي.

١٨ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده الى عيسى بن عبيد الله الأشعري عن الصادق جعفر بن محمد قال : حدثني أبى عن جدي عن أبيه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لما اسرى بى الى السماء حملني جبرئيل على كتفه الأيمن ، فنظرت الى بقعة بأرض الجبل حمراء أحسن لونا من الزعفران ، وأطيب ريحا من المسك ، وإذا فيها شيخ على رأسه برنس (٤) ، فقلت لجبرئيل : ما هذه البقعة الحمراء التي هي أحسن لونا من الزعفران وأطيب ريحا من المسك؟ قال : بقعة

__________________

(١) الأورق من الإبل : ما في لونه بياض الى سواد ، والتردد من الراوي.

(٢) الجذع : الشابة القوية من الإبل والمعز. والظاهر ان كلامه لعنه الله هذا جاريا مجرى الاستهزاء.

(٣) كشط كشيطا : رفع شيئا عن شيء قد غطاه.

(٤) البرنس : قلنسوة طويلة كانت تلبس في صدر الإسلام.


شيعتك وشيعة وصيك على عليه‌السلام ، فقلت : من الشيخ صاحب البرنس؟ قال : إبليس ، قلت : فما يريد منهم؟ قال : يريد أن يصدهم عن ولاية أمير المؤمنين ويدعوهم الى الفسق والفجور ، قلت : يا جبرئيل اهو بنا إليهم فأهوى بنا إليهم أسرع من البرق الخاطف والبصر اللامح ، فقلت : قم يا ملعون فشارك أعداءهم في أموالهم وأولادهم ونسائهم ، فان شيعتي وشيعة علي ليس لك عليهم سلطان.

١٩ ـ في تفسير على بن إبراهيم حكى أبي عن محمد بن أبي عمير عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : جاء جبرئيل وميكائيل وإسرافيل بالبراق الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فأخذ واحد باللجام وواحد بالركاب وسوى الآخر عليه ثيابه ، فتضعضعت البراق فلطمها جبرئيل عليه‌السلام ثم قال : اسكني يا براق فما ركبك نبي قبله ، ولا يركبك بعد مثله ، قال فرقت به (١) ورفعته ارتفاعا ليس بالكثير ومعه جبرئيل يريه الآيات من السماء والأرض ، قال : فبينا أنا في مسيري إذ نادى مناد عن يميني : يا محمد فلم أجبه ولم التفت اليه ، ثم نادى عن يساري : يا محمد فلم أجبه ولم التفت اليه ، ثم استقبلتني امرأة كاشفة ذراعيها عليها من كل زينة الدنيا ، فقالت : يا محمد أنظرني حتى أكلمك فلم التفت إليها ، ثم سرت فسمعت صوتا أفزعنى فنزل بى جبرئيل عليه‌السلام فقال : صل فصليت ، فقال : تدري أين صليت؟ فقلت : لا ، فقال : صليت بطيبة وإليها مهاجرك ثم ركبت فمضينا ما شاء الله ثم قال لي : أنزل فصل ، فنزلت وصليت فقال لي : أتدري أين صليت؟ فقلت : لا ، فقال : صليت بطور سيناء حيث (كَلَّمَ اللهُ مُوسى تَكْلِيماً) ، ثم ركبت فمضينا ما شاء الله ثم قال لي : أنزل فصل ، فنزلت وصليت فقال لي أتدري أين صليت؟ فقلت : لا ، فقال : صليت ببيت لحم ، وبيت لحم بناحية بيت المقدس حيث ولد عيسى بن مريم صلوات الله عليه.

ثم ركبت فمضينا حتى انتهينا الى بيت المقدس فربطت البراق بالحلقة التي الأنبياء تربط بها ، فدخلت المسجد ومعى جبرئيل الى جنبي ، فوجدنا إبراهيم وموسى وعيسى فيمن شاء الله من أنبياء الله قد جمعوا وأقيمت الصلوة ، ولا أشك الا وجبرئيل

__________________

(١) اى صعدت البراق بالنبي (ص)


سيتقدمنا (١) فلما استووا أخذ جبرئيل بعضدي فقدّمني فأممتهم ولا فخر ، ثم أتانى الخازن بثلثة أواني ، إناء فيه لبن ، وإناء فيه ماء ، وإناء فيه خمر ، وسمعت قائلا يقول : ان أخذ الماء غرق وغرقت أمته ، وان أخذ الخمر غوى وغوت أمته ، وان أخذ اللبن هدى وهديت أمته ، قال : فأخذت اللبن وشربت منه فقال لي جبرئيل هديت وهديت أمتك ، ثم قال لي : ما ذا رأيت في مسيرك؟ فقلت : نادانى مناد عن يميني ، فقال لي : أو أجبته؟ فقلت : لا ولم التفت اليه ، فقال : ذاك داعي اليهود ولو أجبته لتهودت أمتك من بعدك ، ثم قال لي : ما ذا رأيت؟ فقلت : نادانى مناد عن يساري فقال لي : أوأجبته؟ فقلت : لا ولم التفت اليه ، فقال : ذاك داعي النصارى ولو أجبته لنصرت أمتك من بعدك ، ثم قال لي ماذا اسستقبلك؟ فقلت : لقيت امرأة كاشفة ذراعيها عليها من كل زينة الدنيا ، فقالت : يا محمد أنظرني حتى أكلمك ، فقال لي : أوكلمتها؟ فقلت : لم اكلمها ولم التفت إليها ، فقال : تلك الدنيا ولو كلمتها لاختارت أمتك الدنيا على الآخرة ، ثم سمعت صوتا أفزعني فقال لي جبرئيل : تسمع يا محمد؟ قلت : نعم ، قال : هذه صخرة قذفتها عن شفير جهنم منذ سبعين عاما ، فهذا حين استقرت قالوا : فما ضحك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حتى قبض.

قال : فصعد جبرئيل وصعدت معه الى سماء الدنيا وعليها ملك يقال له اسمعيل وهو صاحب الخطفة التي قال الله عزوجل : (إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ ثاقِبٌ) وتحته سبعون ألف ملك ، تحت كل ملك سبعون الف ملك فقال : يا جبرئيل من هذا معك؟ قال ، محمد قال : وقد بعث؟ قال : نعم ، ففتح الباب وسلمت عليه وسلم على واستغفرت له واستغفر لي ، وقال : مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح ، وتلقتني الملائكة حتى دخلت سماء الدنيا ، فما لقيني ملك الا ضاحكا مستبشرا حتى لقيني ملك من الملائكة لم أر أعظم خلقا منه ، كريه المنظر ظاهر الغضب ، فقال لي مثل ما قالوا من الدعاء الا انه لم يضحك ولم أر فيه من الاستبشار ما رأيت ممن ضحك من الملائكة ، فقلت : من هذا يا جبرئيل فانى قد فزعت [منه]؟ فقال : يجوز أن تفزع منه فكلنا نفزع منه ، ان هذا مالك خازن النار لم يضحك

__________________

(١) وفي المصدر «يستقدمنا».


قط ولم يزل منذ ولاه الله جهنم يزداد كل يوم غضبا وغيظا على أعداء الله وأهل معصيته ، فينتقم الله به منهم ، ولو ضحك الى أحد كان قبلك أو كان ضاحكا الى أحد بعدك لضحك إليك ولكنه لا يضحك ، فسلمت عليه فرد عليّ السلام وبشرنى بالجنة ، فقلت لجبرئيل ـ وجبرئيل بالمكان الذي وصفه الله (مُطاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ) : ـ الا تأمره [ان] يريني النار؟ فقال له جبرئيل : يا مالك أر محمدا النار ، فكشف عنها غطاء وفتح بابا منها فخرج منها لهب ساطع في السماء وفارت وارتفعت حتى ظننت لتناولنى مما رأيت ، فقلت : يا جبرئيل قل فليرد عليها غطائها فأمرها فقال : ارجعي فرجعت الى مكانها الذي خرجت منه. ثم مضيت فرأيت رجلا آدما (١) جسيما ، فقلت : من هذا يا جبرئيل؟ فقال : هذا أبوك آدم ، فاذا هو تعرض عليه ذريته فيقول : روح طيب وريح طيبة من جسد طيب ثم تلا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله سورة المطففين على رأس سبع عشرة آية (كَلَّا إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ وَما أَدْراكَ ما عِلِّيُّونَ كِتابٌ مَرْقُومٌ يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ) الى آخرها (٢) قال ، فسلمت على أبي آدم وسلم عليّ واستغفرت له واستغفر لي ، فقال : مرحبا بالابن الصالح والنبي الصالح والمبعوث في الزمن الصالح.

ثم مررت بملك من الملائكة جالس على مجلس وإذا جميع الدنيا بين ركبتيه وإذا بيده لوح من نور ينظر فيه ، مكتوب فيه كتاب ينظر فيه لا يلتفت يمينا ولا شمالا كهيئة الحزين فقلت : من هذا يا جبرئيل؟ فقال : هذا ملك الموت دائبا (٣) في قبض الأرواح ، فقلت : يا جبرئيل أدنني منه حتى أكلمه ، فأدنانى منه فسلمت عليه وقال له جبرئيل : هذا نبي الرحمة الذي أرسله الله الى العباد ، فرحب بى وحيانى بالسلام ، فقال : أبشر يا محمد

__________________

(١) الآدم : الأسمر ، وهو الذي لونه بين السواد والبياض ويقال له بالفارسية «گندم گون».

(٢) قال المجلسي (ره) : لعل الاستشهاد بالاية مبني على ان المراد بعتاب الأبرار في الآية أرواحهم ، لأنها محل العلوم والمعارف ، ويحتمل أن يكون ذكر الآية للمناسبة اى كما ان أعمالهم نثبت في عليين فكذا أرواحهم تصعد إليها.

(٣) دأب في عمل : استمر عليه وجد.


فانى ارى الخير كله في أمتك ، فقلت : الحمد لله المنان ذي النعم على عباده ، ذلك من فضل ربي ورحمته على ، فقال جبرئيل : هو أشد الملائكة عملا ، فقلت : أكل من مات أو هو ميت فيما بعد تقبض روحه؟ فقال : نعم ، قلت : وتراهم حيث كانوا وتشهدهم بنفسك؟ فقال : نعم ، فقال ملك الموت : ما الدنيا كلها عندي فيما سخرها الله لي ومكننى عليها الا كالدرهم في كف الرجل يقلبه كيف يشاء ، وما من دار الا وأنا أتصفحه (١) كل يوم خمس مرات وأقول : إذا بكى أهل الميت على ميتهم لا تبكوا عليه فان لي فيكم عودة وعودة حتى لا يبقى أحد منكم ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : كفى بالموت طامة (٢) يا جبرئيل ، فقال جبرئيل : ان ما بعد الموت أطم وأطم من الموت (٣).

قال : ثم مضيت فاذا أنا بأقوام بين أيديهم موائد من لحم طيب ولحم خبيث فيأكلون الخبيث ويدعون الطيب ، فقلت : من هؤلاء يا جبرئيل؟ فقال : هؤلاء الذين يأكلون الحرام ويدعون الحلال وهم من أمتك يا محمد ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ثم رأيت ملكا من الملائكة جعل الله أمره عجبا ، نصف جسده النار والنصف الآخر الثلج فلا النار تذيب الثلج ولا الثلج يطفئ النار ، وهو ينادى بصوت رفيع ويقول : سبحان الذي كف حر هذه النار فلا تذيب الثلج ، وكف برد هذا الثلج فلا تطفى حر هذه النار ، اللهم يا مؤلف بين الثلج والنار الف بين قلوب عبادك المؤمنين ، فقلت : من هذا يا جبرئيل؟ فقال : هذا ملك وكله الله بأكناف السماء وأطراف الأرض وهو أنصح ملائكة الله لأهل الأرض من عباده المؤمنين ، يدعو لهم بما تسمع منذ خلق ، وملكان يناديان في السماء أحدهما يقول : اللهم أعط كل منفق خلفا والآخر يقول : اللهم أعط كل ممسك تلفا.

ثم مضيت فاذا أنا بأقوام لهم مشافر كمشافر الإبل (٤) يقرض اللحم من جنوبهم ويلقى في أفواههم ويخرج من أدبارهم ، فقلت : من هؤلاء يا جبرئيل؟ فقال : هؤلاء الهمازون

__________________

(١) تصفح في الأمر : نظر فيه.

(٢) الطامة : الداهية تفوق ما سواها.

(٣) طم الشيء : كثر حتى علا وغلب.

(٤) المشافر جمع المشفر ـ بالكسر ـ وهو : شفة البعير.


اللمازون ، ثم مضيت فاذا أنا بأقوام ترضخ رؤسهم (١) بالصخر. فقلت : من هؤلاء يا جبرئيل فقال : هؤلاء الذين ناموا عن صلوة العشاء ، ثم مضيت فاذا أنا بأقوام تقذف النار في أفواههم وتخرج من أدبارهم ، فقلت : من هؤلاء يا جبرئيل؟ فقال : هؤلاء (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً) ، ثم مضيت فاذا أنا بأقوام يريد أحدهم أن يقوم فلا يقدر من عظم بطنه ، فقلت : من هؤلاء يا جبرئيل؟ فقال : هؤلاء (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلَّا كَما يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ مِنَ الْمَسِ) وإذا هم بسبيل آل فرعون ، يعرضون على النار غدوا وعشيا ، يقولون : ربنا متى تقوم الساعة؟ ثم مضيت فاذا أنا بنسوان معلقات بثديهن ، فقلت : من هؤلاء يا جبرئيل؟ فقال : هؤلاء اللواتي تورثن أموال أزواجهن أولاد غيرهم (٢) ثم قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : اشتد غضب الله على امرأة ادخلت على قوم في نسبهم من ليس منهم ، فاطلع على عوراتهم وأكل خزائنهم.

قال : ثم مررنا بملائكة من ملائكة الله عزوجل خلقهم الله كيف شاء ، ووضع وجوههم كيف شاء ليس شيء من أطباق أجسادهم الا وهو يسبح الله ويحمده من كل ناحية بأصوات مختلفة ، أصواتهم مرتفعة بالتحميد والبكاء من خشية الله ، فسألت جبرئيل عنهم فقال : كما ترى خلقوا ، ان الملك منهم الى جنب صاحبه ما كلمه قط ، ولا رفعوا رؤسهم الى ما فوقها ولا خفضوها الى ما تحتها خوفا لله وخشوعا ، فسلمت عليهم فردوا على إيماء برؤسهم ولا ينظرون الى من الخشوع ، فقال لهم جبرئيل : هذا محمد نبي الرحمة أرسله الله الى العباد رسولا ونبيا ، وهو خاتم النبيين وسيدهم ، أفلا يكلمونه قال : فلما سمعوا ذلك من جبرئيل أقبلوا على بالسلام وأكرموني وبشروني بالخير لي ولامتى.

قال : ثم صعدنا الى السماء الثانية فاذا فيها رجلان متشابهان ، فقلت : من هذان يا جبرئيل؟ فقال : ابنا الخالة عيسى ويحيى ، فسلمت عليهما وسلما على واستغفرت لهما واستغفرا لي ، وقالا : مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح ، وإذا

__________________

(١) الرضخ : الدق والكسر.

(٢) اى يزنين ويلحقن أولاد الزنا بالأزواج فيرثون من أزواجهن كما قاله في البحار.


فيها من الملائكة وعليهم الخشوع وقد وضع الله وجوههم كيف شاء ليس منهم ملك الا ويسبح الله ويحمده بأصوات مختلفه.

ثم صعدنا الى السماء الثالثة فاذا فيها رجل فضل حسنه على ساير الخلق كفضل القمر ليلة البدر على ساير النجوم ، فقلت : من هذا يا جبرئيل؟ فقال : هذا أخوك يوسف ، فسلمت عليه وسلم على واستغفرت له واستغفر لي ، وقال : مرحبا بالنبي الصالح والأخ الصالح والمبعوث في الزمن الصالح ، فاذا فيها ملائكة عليهم من الخشوع مثل ما وصفت في السماء الاولى والثانية ، وقال لهم جبرئيل في أمرى مثل ما قال للآخرين ، وصنعوا بى مثل ما صنع الآخرون.

ثم صعدنا الى السماء الرابعة وإذا فيها رجل فقلت : من هذا يا جبرئيل؟ فقال : هذا إدريس رفعه الله مكانا عليا ، فسلمت عليه وسلم على واستغفرت له واستغفر لي ، فاذا فيها من الملائكة عليهم من الخشوع مثل ما في السموات ، فبشروني بالخير ولامتى ، ثم رأيت ملكا جالسا على سرير وتحت يديه سبعون ألف ملك ، تحت كل ملك سبعون ألف ملك ، فوقع في نفس رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله انه هو ، فصاح به جبرئيل فقال : قم فهو قائم الى يوم القيامة.

ثم صعدنا الى السماء الخامسة فاذا فيها رجل كهل عظيم العين لم أر كهلا أعظم منه ، حوله ثلثة من أمته (١) فأعجبتنى كثرتهم ، فقلت : من هذا؟ فقال : هذا المجيب في قومه هارون بن عمران فسلمت عليه وسلم على واستغفرت له واستغفر لي ، فاذا فيها من الملائكة الخشوع (٢) مثل ما في السموات.

ثم صعدنا الى السماء السادسة فاذا فيها رجل آدم طويل كأنه من شبوة (٣)

__________________

(١) كذا في النسخ وفي المصدر «حوله ثلاثة صفوف من أمته» وفي البحار «ثلة من أمته».

(٢) قال في البحار : لعله جمع خاشع كركوع وراكع. وفي بعض النسخ من الملائكة والخشوع وهو أصوب.

(٣) شبوة : أبو قبيلة وموضع بالبادية وحصن باليمن ، وعن شرح القاموس : ان شبوة بطن من القحطانية ، وهو شبوة بن ثوبان بن عبس بن شحارة بن غالب بن عبد الله بن عك ، وعن*


ولو ان عليه قميصين لنفد شعره منها ، فسمعته يقول : يزعم بنو إسرائيل انى أكرم ولد آدم على الله ، وهذا رجل أكرم على الله منى ، فقلت : من هذا يا جبرئيل؟ فقال : هذا أخوك موسى بن عمران ، فسلمت عليه وسلم على ، واستغفرت له واستغفر لي ، وإذا فيها من الملائكة الخشوع مثل ما في السموات.

قال : ثم صعدنا الى السماء السابعة ، فما مررت بملك من الملائكة الا قالوا : يا محمد احتجم وأمر أمتك بالحجامة ، وإذا فيها رجل أشمط (١) الرأس واللحية جالس على كرسي فقلت : يا جبرئيل من هذا الذي في السماء السابعة على باب البيت المعمور في جوار الله تعالى؟ فقال : هذا يا محمد أبوك إبراهيم ، وهذا محلك ومحل من اتقى من أمتك ، ثم قرأ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : (إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ) فسلمت عليه وسلم على ، وقال : مرحبا بالنبي الصالح والابن الصالح والمبعوث في الزمن الصالح ، وإذا فيها من الملائكة الخشوع مثل ما في السموات ، فبشروني بالخير ولامتى ، قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ورأيت في السماء بحارا من نور يتلألأ يكاد تلألؤها يخطف بالأبصار ، وفيها بحار من ظلمة وبحار من ثلج ترعد فكلما فزعت ورأيت هؤلاء سألت جبرئيل فقال : أبشر يا محمد واشكر كرامة ربك واشكر الله بما صنع إليك ، قال فثبتني الله بقوته وعونه حتى كثر قولي لجبرئيل وتعجبي ، فقال جبرئيل : يا محمد أتعظم ما ترى؟ انما هذا خلق من خلق ربك فكيف بالخالق الذي خلق ما ترى؟ وما لا ترى أعظم من هذا! ان بين الله وبين خلقه تسعين ألف حجاب ، وأقرب الخلق الى الله أنا وإسرافيل ، وبيننا وبينه أربعة حجب ، حجاب من نور ، وحجاب من ظلمة ، وحجاب من الغمام ، وحجاب من الماء.

__________________

* الثعلبي انه ذكر في وصفه (ع) : كأنه من رجال أزدشنوءة ، وقال الفيروزآبادي : أز دشنوءة ـ وقد تشدد الواو ـ : قبيلة سميت لشنآن بينهم ، قال المجلسي (ره) بعد نقل الأقوال : وعلى التقادير شبهه (ص) بإحدى تلك الطوائف في لادمة وطول القامة.

(١) الشمط : بياض في الرأس يخالطه سواد.


قال : ورأيت من العجائب التي خلق الله وسخر على ما أراده ديكا رجلاه في تخوم الأرضين السابعة ، ورأسه عند العرش ، وملكا من ملائكة الله خلقه الله كما أراد ، رجلاه في تخوم الأرضين السابعة ، ثم أقبل مصعدا حتى خرج في الهواء الى السماء السابعة وانتهى فيها مصعدا حتى انتهى قرنه الى قرب العرش وهو يقول : «سبحان ربي حيث ما كنت لا تدري أين ربك من عظم شأنه» وله جناحان في منكبيه ، إذا نشرهما جاوزا المشرق والمغرب ، فاذا كان في السحر نشر ذلك الديك جناحيه وخفق بهما (١) وصرخ بالتسبيح يقول : «سبحان الملك القدوس سبحان الله الكبير المتعال لا اله الا الله الحي القيوم» فاذا قال ذلك سبحت ديكة الأرض كلها ، وخفقت بأجنحتها ، وأخذت بالصراخ ، فاذا سكت ذلك الديك في السماء سكت ديكة الأرض كلها ، ولذلك الديك زغب أخضر (٢) وريش أبيض ، كأشد بياض [ما] رأيته قط ، وله زغب أخضر أيضا تحت ريشه الأبيض كأشد خضرة رأيتها قط.

قال : ثم مضيت مع جبرئيل فدخلت البيت المعمور فصليت فيه ركعتين ومعى أناس من أصحابى ، عليهم ثياب جدد ، وآخرين عليهم ثياب خلقان ، فدخل أصحاب الجدد وحبس أصحاب الخلقان ، ثم خرجت فانقاد لي نهران ، نهر يسمى الكوثر ، ونهر يسمى الرحمة ، فشربت من الكوثر ، واغتسلت من الرحمة ، ثم انقاد الى جميعا حتى دخلت الجنة فاذا انا على حافتيها (٣) بيوتي وبيوت أزواجى (٤) وإذا ترابها كالمسك ، وإذا جارية تنغمس في أنهار الجنة ، فقلت : لمن أنت يا جارية؟ فقالت : لزيد بن حارثة فبشرته بها حين أصبحت ، وإذا بطير كالبخت (٥) وإذا رمانها مثل الدلاء (٦) العظام وإذا شجرة لو أرسل طاير في أصلها ما دارها سبعمائة سنة ، وليست

__________________

(١) خفق الطائر : طار.

(٢) الزغب ـ محركة ـ : صغار الريش.

(٣) اى على طرفيها.

(٤) وفي البحار «وبيوت أهلى».

(٥) البخت : الإبل الخراسانية.

(٦) جمع الدلو.


في الجنة منزل الا وفيها فتر (١) منها فقلت : ما هذا يا جبرئيل؟ فقال : هذه شجرة طوبى قال الله تعالى : (طُوبى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ) قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : فلما دخلت الجنة رجعت الى نفسي فسألت جبرئيل : من تلك البحار وهو لها وأعاجيبها؟ فقال : هي سرادقات الحجب التي احتجب الله تبارك وتعالى بها ولو لا تلك الحجب لتهتك نور العرش وكل شيء فيه ، وانتهيت الى سدرة المنتهى فاذا الورقة منها تظل امة من الأمم ، فكنت منها كما قال الله تعالى (قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى) فناداني : (آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ) وقد كتبنا ذلك في سورة البقرة.

فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا رب أعطيت أنبيائك فضائل فأعطنى ، فقال الله عزوجل : قد أعطيتك فيما أعطيتك كلمتين من تحت عرشي : لا حول ولا قوة الا بالله العلى العظيم ولا منجا منك الا إليك ، قال : وعلمتني الملائكة قولا أقوله إذا أصبحت وأمسيت «اللهم ان ظلمي أصبح مستجيرا بعفوك وذنبي أصبح مستجيرا بمغفرتك ، ذلي أصبح مستجيرا بعزتك وفقري أصبح مستجيرا بفناك ووجهي الفاني البالي أصبح مستجيرا بوجهك الدائم الباقي ، الذي لا يفنى» وأقول ذلك إذا أمسيت ثم سمعت الأذان ، فاذا ملك يؤذن لم ير في السماء قبل تلك الليلة ، فقال : الله أكبر ، الله أكبر ، فقال الله عزوجل : صدق عبدي انا أكبر فقال : أشهد ان لا اله الا الله ، اشهد ان لا اله الا الله ، فقال عزوجل : صدق عبدي انا الله لا اله غيري ، قال : اشهد ان محمدا رسول الله ، اشهد ان محمدا رسول الله ، فقال الله عزوجل : صدق عبدي ان محمدا عبدي ورسولي انا بعثته وانتجبته ، فقال : حي على الصلوة ، حي على الصلوة ، فقال الله عزوجل : صدق عبدي دعا الى فريضتي ، فمن مشى إليها راغبا فيها محتسبا كانت له كفارة لما مضى من ذنوبه ، فقال : حي على الفلاح ، حي على الفلاح ، فقال الله : هي الصلاح والفلاح والنجاح ، ثم أممت الملائكة في السماء كما أممت الأنبياء عليهم‌السلام في البيت المقدس ، ثم غشيتني صبابة (٢) فخررت ساجدا ، فناداني ربي : انى قد فرضت

__________________

(١) الفتر بمعنى القطع وقد مر بهذا اللفظ في سورة الرعد أيضا وفي بعض النسخ «القتر» بالقاف.

(٢) الصبابة : رقة الشوق وحرارته.


على كل نبي كان قبلك خمسين صلوة وفرضتها عليك وعلى أمتك فقم بها أنت في أمتك. فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : فانحدرت حتى مررت على إبراهيم عليه‌السلام فلم يسألني عن شيء حتى انتهيت الى موسى ، فقال : ما صنعت يا محمد؟ فقلت : قال ربي فرضت على كل بنى قبلك خمسين صلوة وفرضتها عليك وعلى أمتك ، فقال موسى : يا محمد ان أمتك آخر الأمم وأضعفها ، وان ربك لا يرد عليك شيء (١) وان أمتك لا تستطيع أن تقوم بها. فارجع الى ربك فاسئله التخفيف لامتك ، فرجعت الى ربي حتى انتهيت الى سدرة المنتهى ، فخررت ساجدا ثم قلت : فرضت على وعلى أمتي خمسين صلوة ، ولا أطيق ذلك ولا أمتي فخفف عنى ، فوضع عنى عشرا ، فرجعت الى موسى عليه‌السلام فأخبرته فقال : ارجع لا تطيق ، فرجعت الى ربي فوضع عنى عشرا ، فرجعت الى موسى فأخبرته فقال : ارجع وفي كل رجعة أرجع اليه أخر ساجدا حتى رجع الى عشر صلوات ، فرجعت الى موسى عليه‌السلام فأخبرته ، فقال : لا تطيق فرجعت الى ربي فوضع على خمسا ، فرجعت الى موسى عليه‌السلام فأخبرته فقال : لا تطيق ، فقلت : قد استحييت من ربي ولكن أصبر عليها ، فناداني مناد : كما صبرت عليها فهذه الخمس بخمسين ، كل صلوة بعشر ، ومن هم من أمتك بحسنة يعملها فعملها كتبت لها عشرا ، وان لم يعمل كتبت له واحدة ، ومن هم من أمتك بسيئة فعملها كتبت عليه واحدة ، وان لم يعلمها لم تكتب عليه.

فقال الصادق عليه‌السلام : جزى الله موسى عن هذه الامة خيرا فهذا تفسير قول الله عزوجل (سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً) الاية.

٢٠ ـ في من لا يحضره الفقيه بعد ان نقل عن الصادق عليه‌السلام حديثا وقال عليه‌السلام : ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أمره ربه بخمسين صلوة ، فمر على النبيين نبي نبي لا يسألونه عن شيء حتى انتهى الى موسى بن عمران عليه‌السلام فقال : بأى شيء أمرك ربك فقال : بخمسين صلاة ، فقال : اسئل ربك التخفيف فان أمتك لا تطيق ذلك فسأل ربك فحط عنه عشرا ، ثم مر بالنبيين نبي نبي لا يسألونه عن شيء حتى مر بموسى بن عمران

__________________

(١) وفي بعض النسخ «لا يزيده شيء» وفي بعضها «لا يؤده شيء» والظاهران الأخير مصحف.


فقال : بأى شيء أمرك ربك؟ فقال : بأربعين صلوة ، فقال : سل ربك التخفيف فان أمتك لا تطيق ذلك ، فسئل ربه عزوجلفحط عنه عشرا ، ثم مر بالنبيين نبي نبي لا يسألونه عن شيء حتى مر بموسى عليه‌السلام فقال : بأى شيء أمرك ربك؟ فقال : بثلاثين صلوة فقال : سل ربك التخفيف فأن أمتك لا تطيق ذلك فسأل ربه عزوجل فحط عنه عشرا ثم مر بالنبيين نبي نبي لا يسألونه عن شيء حتى مر بموسى فقال : بأى شيء أمرك ربك؟ فقال : بعشرين صلوة ، فقال : سل ربك التخفيف فان أمتك لا تطيق ذلك ، فسأل ربه فحط عنه عشرا ، ثم مر بالنبيين نبي نبي لا يسألونه عن شيء حتى مر بموسى عليه‌السلام فقال له : بأى شيء أمرك ربك؟ فقال : بعشر صلوة ، فقال : سل ربك التخفيف فان أمتك لا تطيق ذلك فانى جئت الى بنى إسرائيل بما افترض الله عزوجل عليهم فلم يأخذوا به ولم يقروا عليه ، فسأل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ربه عزوجل التخفيف فخفف عنه فجعلها خمسا ، ثم مر بالنبيين نبي نبي لا يسألونه عن شيء حتى مر بموسى عليه‌السلام ، فقال : بأى شيء أمرك ربك؟ فقال : بخمس صلوات ، فقال : سل ربك التخفيف عن أمتك فان أمتك لا تطيق ذلك ، فقال : انى لأستحيي ان أعود الى ربي وجاء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بخمس صلوات ، وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : جزى الله موسى بن عمران عن أمتي خيرا وقال الصادق عليه‌السلام : جزى الله موسى بن عمران عنا خيرا.

٢١ ـ وروى عن زيد بن على بن الحسين عليه‌السلام انه قال : سألت أبي سيد العابدين عليه‌السلام فقلت له : انه أخبرنى عن جدنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لما عرج به الى السماء وأمره ربه عزوجل بخمسين صلوة كيف لم يسأله التخفيف عن أمته حتى قال له موسى بن عمران : ارجع الى ربك فاسئله التخفيف فان أمتك لا تطيق ذلك؟ فقال يا بنى ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لا يقترح على ربه عزوجل (١) ولا يراجعه في شيء يأمره به ، فلما سأله موسى ذلك وصار شفيعا لامته اليه لم يجز له رد شفاعة أخيه موسى ، فرجع الى ربه عزوجل يسأله التخفيف الى ان ردها الى خمس صلوات قال : فقلت له : يا ابه فلم لم يرجع الى ربه عزوجل ولم يسأله التخفيف من خمس صلوات وقد سأله موسى أن يرجع الى ربه ويسأله التخفيف؟

__________________

(١) اقترح عليه كذا اى اختاره.


فقال : يا بنى أراد عليه‌السلام أن يحصل لامته التخفيف مع أجر خمسين صلوة ، لقول الله عزوجل : (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها) ألا ترى انه عليه‌السلام لما هبط الى الأرض نزل عليه جبرئيل عليه‌السلام فقال : يا محمد ان ربك يقرئك السلام ويقول : انها خمس بخمسين (ما يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَما أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) قال فقلت له : يا أبة أليس الله جل ذكره لا يوصف بمكان؟ فقال : بلى تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا. قلت : فما معنى قول موسى لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ارجع الى ربك؟ قال : معناه معنى قول إبراهيم : (إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي) ومعنى قول موسى عليه‌السلام (وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضى) ومعنى قوله عزوجل : (فَفِرُّوا إِلَى اللهِ) يعنى حجوا الى بيت الله ، يا بنى ان الكعبة بيت الله ، فمن حج بيت الله فقد قصد الى الله ، والمساجد بيوت الله فمن سعى إليها فقد سعى الى الله عزوجل ، وقصد اليه ، والمصلى ما دام في صلوته فهو واقف بين يدي الله تعالى ، فان لله عزوجل بقاعا في سماواته فمن عرج به الى بقعة منها فقد عرج به اليه ، الا تسمع الله عزوجل يقول : (تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ) ويقول الله عزوجل في قصة عيسى بن مريم عليهما‌السلام : (بَلْ رَفَعَهُ اللهُ إِلَيْهِ) ويقول الله عزوجل : (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ) وقد أخرجت هذا الحديث مسندا في كتاب المعارج انتهى.

٢٢ ـ في الكافي على بن محمد عن بعض أصحابنا عن على بن الحكم عن ربيع بن محمد المسلي عن عبد الله بن سليمان العامري عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : لما عرج برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله نزل بالصلوة عشر ركعات ركعتين ركعتين ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٢٣ ـ علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن ابن أذينة عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال : ما تروى هذه الناصبة؟ فقلت : جعلت فداك في ماذا؟ فقال : في أذانهم وركوعهم وسجودهم ، فقلت : انهم يقولون ان أبي بن كعب رآه في النوم ، فقال : كذبوا فان دين الله عزوجل أعز من أن يرى في النوم ، قال : فقال له سدير الصيرفي : جعلت فداك فأحدث لنا من ذلك ذكرا ، فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : ان الله عزوجل لما عرج


بنبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله الى سماواته السبع اما أوليهن فبارك عليه والثانية علمه فرضه ، فأنزل الله محملا من نور فيه أربعون نوعا من أنواع النور ، كانت محدقة بعرش الله ، تغشى أبصار الناظرين ، أما واحدا منها فأصفر ، فمن أجل ذلك اصفرت الصفرة ، وواحد منها أحمر فمن أجل ذلك احمرت الحمرة ، وواحد منها ابيض فمن أجل ذلك ابيض البياض ، والباقي على ساير عدد الخلق من النور والألوان في ذلك المحمل حلق وسلاسل من فضة ثم عرج به الى السماء فنفرت الملائكة الى أطراف السماء وخرت سجدا وقالت : سبوح قدوس ما أشبه هذا النور بنور ربنا! فقال جبرئيل عليه‌السلام : الله أكبر الله أكبر ثم فتحت أبواب السماء واجتمعت الملائكة فسلمت على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أفواجا وقالت : يا محمد كيف أخوك؟ إذا نزلت فاقرأه السلام قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : أفتعرفونه؟ قالوا : وكيف لا نعرفه وقد أخذ ميثاقك وميثاقه منا وميثاق شيعته الى يوم القيمة علينا وانا لنتصفح وجوه شيعته كل يوم وليلة خمسا يعنون في كل وقت صلوة وانا لنصلي عليك وعليه ثم زادني ربي أربعين نوعا من أنواع النور لا تشبه نور الاول وزادني حلقا وسلاسل.

وعرج بى الى السماء الثانية ، فلما قربت من باب السماء الثانية نفرت الملائكة الى أطراف السماء وخرت سجدا وقالت : سبوح قدوس رب الملائكة والروح ، ما أشبه هذا النور بنور ربنا؟ فقال جبرئيل : أشهد ان لا اله الا الله ، أشهد أن لا اله الا الله فاجتمعت الملائكة وقالت : يا جبرئيل من هذا معك؟ قال : هذا محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله قالوا : وقد بعث؟ قال : نعم ، قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : فخرجوا الى شبه المعانيق (١) فسلموا على وقالوا : اقرأ أخاك السلام فقلت : أتعرفونه؟ قالوا : وكيف لا نعرفه وقد أخذ ميثاقك وميثاقه وميثاق شيعته الى يوم القيمة علينا ، وانا لنتصفح وجوه شيعته في كل يوم وليلة خمسا يعنون في كل وقت صلوة ، قال : ثم زادني ربي أربعين نوعا من أنواع النور لا تشبه الأنوار الاولى.

ثم عرج بى الى السماء الثالثة فنفرت الملائكة وخرت سجدا وقالت سبوح

__________________

(١) المعانيق جمع المعناق : الفرس الجيد العنق ـ بفتحتين ـ وهو ضرب من السير للدابة والإبل ، وقولهم : انطلقنا الى الناس مما نيق اى مسرعين.


قدوس ربنا ورب الملائكة والروح ، ما هذا النور الذي يشبه نور ربنا؟ فقال جبرئيل : اشهد ان محمدا رسول الله ، فاجتمعت الملائكة وقالت : مرحبا بالأول ومرحبا بالآخر ، ومرحبا بالحاشر ومرحبا بالناشر ، محمد خير النبيين وعلى خير الوصيين ، قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : ثم سلموا على وسألونى من أخى؟ قلت : هو في الأرض فتعرفونه؟ قالوا : وكيف لا نعرفه وقد يحج البيت المعمور كل سنة وعليه رق (١) ابيض فيه اسم محمد واسم على والحسن والحسين عليهم‌السلام ، وشيعتهم الى يوم القيمة ، وانا لنبارك عليهم في كل يوم وليلة خمسا يعنون في وقت كل صلوة ، ويمسحون رؤسهم بأيديهم ، قال : ثم زادني ربي أربعين نوعا من أنواع النور لا تشبه تلك الأنوار الاول.

ثم عرج بى حتى انتهيت الى السماء الرابعة ، فلم تقل الملائكة شيئا ، وسمعت دويا (٢) كأنه في الصدور ، فاجتمعت الملائكة ففتحت أبواب السماء ، وخرجت الى شبه المعانيق فقال جبرئيل : حي على الصلوة حي على الصلوة ، حي على الفلاح حي على الفلاح فقالت الملائكة : صوتان مقرونان معروفان فقال جبرئيل عليه‌السلام : قد قامت الصلوة قد قامت الصلوة فقالت الملائكة : هي لشيعته الى يوم القيمة ثم اجتمعت الملائكة وقالت : كيف تركت أخاك؟ فقلت لهم : وتعرفونه؟ قالوا : نعرفه وشيعته وهم نور حول عرش الله ، وان في البيت المعمور لرقا من نور ، فيه كتاب من نور ، فيه اسم محمد وعلى والحسن والحسين والائمة وشيعتهم الى يوم القيمة ، لا يزيد فيهم رجل ولا ينقص منهم رجل ، وانه لميثاقنا وانه ليقرء علينا كل جمعة ، ثم قيل لي : ارفع رأسك يا محمد ، فرفعت رأسى ، فاذا أطباق السماء قد خرقت والحجب قد رفعت ثم قال لي : طأطئ رأسك انظر ماذا ترى فطأطأت رأسى فنظرت الى بيت مثل بيتكم هذا وحرم مثل حرم هذا البيت لو ألقيت شيئا من يدي لم يقع الا عليه فقيل لي : يا محمد ان هذا الحرم وأنت الحرام ولكل مثل ثم اوحى الله الى يا محمد اذن من صاد (٣)

__________________

(١) الرق : جلد رقيق يكتب فيه.

(٢) الدوي : الصوت.

(٣) سيأتى معناه في الحديث.


فاغسل مساجدك وطهرها وصلّ لربك فدنى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من صاد وهو ماء يسيل من ساق العرش الأيمن ، فتلقى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الماء بيده اليمنى ، فمن أجل ذلك صار الوضوء باليمين ، ثم أوحى الله عزوجل اليه : ان اغسل وجهك فانك تنظر الى عظمتي ، ثم اغسل ذراعيك اليمنى واليسرى فانك تلقى بيدك كلامي ، ثم امسح رأسك بفضل ما بقي في يدك من الماء ورجليك الى كعبيك ، فانى أبارك عليك ، وأوطيك موطئا لم يطأه أحد غيرك ، فهذا علة الأذان والوضوء ، ثم أوحى الله عزوجل اليه : يا محمد استقبل الحجر الأسود وكبرني على عدد حجبي ، فمن أجل ذلك صار التكبير سبعا ، لان الحجب سبع ، فافتتح عند انقطاع الحجب ، فمن أجل ذلك صار الافتتاح سنة ، والحجب متطابقة بينهن بحار النور ، وذلك النور الذي أنزله الله على محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فمن أجل ذلك صار الافتتاح ثلث مرات لافتتاح الحجب ثلث مرات ، فصار التكبير سبعا والافتتاح ثلاثا ، فلما فرغ من التكبير والافتتاح أوحى الله اليه سمّ باسمي ، فمن أجل ذلك جعل (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) في أول السورة ، ثم أوحى الله اليه : أن احمدني فلما قال : (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ). قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في نفسه : شكرا فأوحى الله عزوجل اليه : قطعت حمدي فسم باسمي ، فمن أجل ذلك جعل في الحمد الرحمن الرحيم مرتين ، فلما بلغ ولا الضالين قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) شكرا فأوحى الله اليه : قطعت ذكرى فسم باسمي ، فمن أجل ذلك جعل (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) في أول السورة ، ثم أوحى الله عزوجل اليه : اقرأ يا محمد نسبة ربك تبارك وتعالى (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ اللهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ) ثم أمسك عنه الوحي ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : الله الواحد الأحد الصمد ، فأوحى الله اليه (لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ) ، ثم أمسك عنه الوحي فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : كذلك الله ربي ، كذلك الله ربنا ، فلما قال ذلك ، أوحى الله اليه : اركع لربك يا محمد فركع ، فأوحى الله اليه وهو راكع قل : سبحان ربي العظيم وبحمده ، ففعل ذلك ثلثا ، ثم أوحى الله اليه : ان ارفع رأسك يا محمد ، ففعل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقام منتصبا ، فأوحى الله


عزوجل اليه : ان اسجد لربك يا محمد فخر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ساجدا ، فأوحى الله عزوجل اليه ، قل سبحان ربي الأعلى ففعل صلى‌الله‌عليه‌وآله ذلك ثلثا ثم أوحى الله اليه : استو جالسا ففعل ، فلما رفع رأسه من سجوده واستوى جالسا نظر الى عظمة تجلت له ، فخر ساجدا من تلقاء نفسه لا لأمر ربه ، فسبح الله ثلثا فأوحى الله اليه : انتصب قائما ففعل فلم ير ما كان رأى من العظمة ، فمن أجل ذلك صارت ركعة وسجدتين ثم أوحى الله عزوجل اليه : اقرأ الحمد لله ، فقرأها مثل ما قرأ اولا ، ثم أوحى الله اليه : اقرأ انا أنزلناه فانها نسبتك ونسبة أهل بيتك الى يوم القيمة ، وفعل في الركوع ما فعل في المرة الاولى ، ثم سجد سجدة واحدة ، فلما رفع رأسه تجلت له العظمة فخر ساجدا من تلقاء نفسه لا لأمر ربه فسبح أيضا ، ثم أوحى الله اليه : ارفع رأسك يا محمد ثبتك ربك ، فلما ذهب ليقوم قيل : يا محمد اجلس فجلس ، فأوحى الله اليه : يا محمد إذا ما أنعمت عليك فسم باسمي فألهم ان قال : بسم الله وبالله ولا اله الا الله والأسماء الحسنى كلها لله ، ثم أوحى الله اليه : يا محمد صل على نفسك وعلى أهل بيتك ، فقال : صلى الله عليّ وعلى أهل بيتي وقد فعل ، ثم التفت فاذا بصفوف الملائكة والمرسلين والنبيين فقيل يا محمد سلم عليهم فقال : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، فأوحى الله عزوجل اليه : ان السلام والتحية والرحمة والبركات أنت وذريتك ، ثم أوحى الله عزوجل اليه : ان لا يلتفت يسارا ، وأول آية سمعها بعد قل هو الله أحد وانا أنزلناه آية أصحاب اليمين وأصحاب الشمال ، فمن أجل ذلك كان السلام واحدة تجاه القبلة ، ومن أجل ذلك كان التكبير في السجود شكرا.

وقوله : سمع الله لمن حمده ، لان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله سمع ضجة الملائكة بالتسبيح والتحميد والتهليل فمن أجل ذلك قال : سمع الله لمن حمده ، ومن أجل ذلك صارت الركعتان الاوليان كلما أحدث فيهما حدثا كان على صاحبهما إعادتهما ، فهذا الفرض الاول في صلوة الزوال يعنى صلوة الظهر.

٢٤ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده الى ابن عباس قال : دخلت عائشة


على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو يقبل فاطمة ، فقالت له : أتحبها يا رسول الله؟ قال : أما والله لو علمت حبى لها لازددت لها حبا ، انه لما عرج بى الى السماء الرابعة أذن جبرئيل واقام ميكائيل ، ثم قيل لي : ادن يا محمد ، فقلت : أتقدم وأنت بحضرتي يا جبرئيل؟ قال : نعم ان الله عزوجل فضل أنبياءه المرسلين على ملائكته المقربين ، وفضلك أنت خاصة ، فدنوت فصليت بأهل السماء الرابعة ثم التفت عن يميني فاذا أنا بإبراهيم عليه‌السلام في روضة من رياض الجنة وقد اكتنفها جماعة من الملائكة ، ثم انى صرت الى السماء الخامسة ومنها الى السادسة فنوديت : يا محمد نعم الأب أبوك إبراهيم ، ونعم الأخ أخوك على ، فلما صرت الى الحجب أخذ جبرئيل عليه‌السلام بيدي فأدخلنى الجنة ، فاذا بشجرة من نور في أصلها ملكان يطويان الحلل والحلي ، فقلت حبيبي جبرئيل لمن هذه الشجرة؟ فقال : هذه لأخيك على بن أبي طالب عليه‌السلام وهذان الملكان يطويان له الحلي والحلل الى يوم القيمة ، ثم تقدمت امامى فاذا أنا برطب ألين من الزبد وأطيب رائحة من المسك ، وأحلى من العسل ، فأخذت رطبة فأكلتها فتحولت الرطبة نطفة في صلبي ، فلما أن هبطت الى الأرض واقعت خديجة فحملت بفاطمة ، ففاطمة حوراء انسية ، فاذا اشتقت الى الجنة شممت رائحة فاطمة عليها‌السلام.

٢٥ ـ في عيون الاخبار حدثني محمد بن إبراهيم بن اسحق الطالقاني رضى الله عنه قال : حدثنا محمد بن هاشم قال : حدثنا أحمد بن بندار قال : حدثنا احمد بن هلال عن محمد بن أبي عمير عن المفضل بن عمر عن الصادق جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عن أمير المؤمنين عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لما اسرى بى الى السماء أوحى الىّ ربي جل جلاله فقال : يا محمد انى اطلعت الى الأرض اطلاعة فاخترتك منها فجعلتك نبيا ، وشققت لك من اسمى اسما فانا المحمود وأنت محمد ثم اطلعت الثانية فاخترت منها عليا وجعلته وصيك وخليفتك وزوج ابنتك وأبا ذريتك وشققت له اسما من أسمائي فانا العلى الأعلى وهو علي وجعلت فاطمة والحسن والحسين من نور كما ثم عرضت ولايتهم على الملائكة فمن قبلها كان عندي من المقربين


يا محمد لو ان عبدا عبدني حتى ينقطع ويصير كالشن البالي (١) ثم أتانى جاحدا بولايتهم ما أسكنته جنتي ولا أظللته تحت عرشي ، يا محمد أتحب أن تراهم؟ قلت : نعم يا رب ، فقال عزوجل : ارفع رأسك ، فرفعت رأسى فاذا انا بأنوار على وفاطمة والحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمد بن على وجعفر بن محمد وموسى بن جعفر وعلى بن موسى ومحمد ابن علي وعلي بن محمد والحسن بن علي والحجة بن الحسن القائم في وسطهم كأنه كوكب دري ، قلت : يا رب من هؤلاء؟ قال : هؤلاء الائمة وهذا القائم الذي يحل حلالي ويحرم حرامي ، وبه أنتقم من أعدائى ، وهو راحة لأوليائي ، وهو الذي يشفى قلوب شيعتك من الظالمين والجاحدين والكافرين ، فيخرج اللات والعزى طريين فيحرقهما فلفتنة الناس بهما يومئذ أشد من فتنة العجل والسامري.

٢٦ ـ وباسناده الى عبد السلام بن صالح الهروي قال : قلت لعلي بن موسى الرضا عليه‌السلام : يا بن رسول الله أخبرنى عن الجنة والنار أهما اليوم مخلوقتان؟ فقال : نعم وان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قد دخل الجنة وراى النار لما عرج به الى السماء ، قال : فقلت له : ان قوما يقولون انهما اليوم مقدرتان غير مخلوقتين؟ فقال عليه‌السلام : لا هم منا ولا نحن منهم ، من أنكر خلق الجنة والنار فقد كذب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وكذبنا وليس من ولايتهم على شيء ويخلد في نار جهنم ، قال الله تعالى : (هذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ يَطُوفُونَ بَيْنَها وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ) وقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : لما عرج بى الى السماء أخذ بيدي جبرئيل عليه‌السلام فأدخلنى الجنة فناولني من رطبها فأكلته فتحول ذلك نطفة في صلبي ، فلما هبطت الى الأرض واقعت خديجة فحملت بفاطمة عليهما‌السلام ، ففاطمة حورية انسية ، فكلما اشتقت الى رائحة الجنة شممت رائحة ابنتي فاطمة عليها‌السلام.

٢٧ ـ وباسناده الى عبد العظيم بن عبد الله الحسنى عن محمد بن على الرضا عن أبيه الرضا ، عن أبيه موسى بن جعفر ، عن أبيه جعفر بن محمد ، عن أبيه محمد بن على ، عن أبيه علي بن الحسين ، عن أبيه الحسين بن علي ، عن أبيه أمير المؤمنين على بن أبي طالب

__________________

(١) الشن البالي : القربة الخلقة.


عليهم‌السلام قال : دخلت أنا وفاطمة على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فوجدته يبكى بكاء شديدا ، فقلت : فداك أبي وأمى يا رسول الله ما يبكيك؟ فقال : يا علي ليلة اسرى بى الى السماء رأيت نساء من أمتي في عذاب شديد ، فأنكرت شأنهن فبكيت لما رأيت من شدة عذابهن ورأيت امرأة معلقة بشعرة يغلي دماغ رأسها ورأيت امرأة معلقة بلسانها ، والحميم يصير في حلقها ، ورأيت امرأة معلقة بثدييها ، ورأيت امرأة تأكل جسدها والنار توقد من تحتها ، ورأيت امرأة شد رجلاها الى يديها وقد سلط عليها الحيات والعقارب ، ورأيت امرأة صماء عمياء خرساء في تابوت من نار يخرج دماغ رأسها من منخرها (١) وبدنها متقطع من الجذام والبرص ، ورأيت امرأة معلقة برجليها في تنور من نار ، ورأيت امرأة يقطع لحم جسدها من مقدمها ومؤخرها بمقاريض من نار ، ورأيت امرأة يحرق وجهها ويداها وهي تأكل أمعائها ، ورأيت امرأة رأسها رأس الخنزير وبدنها بدن الحمار وعليها ألف ألف لون من العذاب ، ورأيت امرأة على صورة الكلب والنار تدخل في دبرها وتخرج من فيها والملائكة يضربون رأسها وبدنها بمقامع من نار (٢).

قالت فاطمة عليها‌السلام : حبيبي وقرة عيني! أخبرنى ما كان عملهن وسيرتهن حتى وضع الله عليهن هذا العذاب؟ فقال : يا بنتي اما المعلقة بشعرها فانها كانت لا تغطى شعرها من الرجال ، واما المعلقة بلسانها فانها كانت تؤذي زوجها ، واما المعلقة بثدييها فانها كانت تمنع زوجها من فراشها ، واما المعلقة برجليها فانها كانت تخرج من بيتها بغير اذن زوجها ، واما التي كانت تأكل لحم جسدها فانها كانت تزين بدنها للناس ، واما التي شد يداها الى رجليها وسلط عليها الحيات والعقارب فانها كانت قذرة الوضوء ، قذرة الثياب وكانت لا تغتسل من الجنابة والحيض ، ولا تتنظف وكانت تستهين بالصلوة ، واما الصماء العمياء الخرساء فانها كانت تلد من الزنا فتعلقه في عنق زوجها ، واما التي يقرض لحمها بالمقاريض فانها كانت تعرض نفسها على الرجال ، واما التي كانت يحرق وجهها وبدنها وهي تأكل أمعائها فانها كانت قوادة ، واما التي

__________________

(١) المنخر : الأنف ـ وقيل : ثقبه.

(٢) المقامع جمع المقمعة : العمود من حديد.


كانت رأسها رأس الخنزير وبدنها بدن الحمار فانها كانت نمامة كذابة ، واما التي كانت على صورة الكلب والنار تدخل في دبرها وتخرج من فيها فانها كانت قينة (١) بوجه حاسدة (٢) ثم قال : ويل لامرأة أغضبت زوجها ، وطوبى لامرأة رضى عنها زوجها.

٢٨ ـ وباسناده الى الرضا عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لما اسرى بى الى السماء أخذ جبرئيل بيدي وأقعدنى على درنوك (٣) من درانيك الجنة ، ثم ناولني سفرجلة ، فاذا اقلبها إذا انفلقت فخرجت منها جارية حوراء لم أر أحسن منها ، فقالت : السلام عليك يا محمد قلت : من أنت؟ قالت : انا الراضية المرضية خلقني الجبار من ثلثة أصناف : أسفلى من المسك ، ووسطى من كافور ، واعلاى من عنبر ، وعجنني من ماء الحيوان ، قال الجبار : كوني فكنت خلقني لأخيك وابن عمك.

٢٩ ـ وباسناده قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لما اسرى بى الى السماء رأيت في السماء الثالثة رجلا قاعدا ، رجلا له في المشرق ورجلا له في المغرب وبيده لوح ينظر فيه ويحرك رأسه ، فقلت : يا جبرئيل من هذا؟ قال : ملك الموت عليه‌السلام.

٣٠ ـ في كتاب الخصال عن أبى الحسن الرضا عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لما اسرى بى الى السماء رأيت رحما معلقة بالعرش تشكوا رحما الى ربها ، قلت : كم بينها وبينها من أب؟ قال : يلتقي في أربعين أبا.

٣١ ـ في كتاب ثواب الأعمال عن على عليه‌السلام عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله انه قال في وصية له : يا على انى رأيت اسمك مقرونا الى اسمى في أربعة مواطن فأنست بالنظر اليه ، انى لما بلغت بيت المقدس في معراجي الى السماء وجدت على الصخرة مكتوبا : لا اله الا الله محمد رسول الله أيدته بوزيره ونصرته بوزيره ، فقلت لجبرئيل : من وزيري؟ قال : على بن أبى طالب عليه‌السلام ، فلما انتهيت الى سدرة المنتهى وجدت

__________________

(١) القينة : المغنية.

(٢) كذا في النسخ وفي المصدر «نواحة حاسدة».

(٣) الدرنوك : ماله خمل من بساط أو ثوب ، والجمع درانيك.


مكتوبا عليها : انى انا الله لا اله الا أنا وحدي ، محمد صفوتي من خلقي ، أيدته بوزيره ونصرته بوزيره ، فقلت لجبرئيل : من وزيري؟ فقال : على بن أبى طالب عليه‌السلام ، فلما جاوزت السدرة انتهيت الى عرش رب العالمين جل جلاله فوجدت مكتوبا على قوائمه : انا الله لا اله الا انا وحدي ، محمد حبيبي ، أيدته بوزيره ونصرته بوزيره ، فلما رفعت رأسى نظرت على بطنان العرش مكتوبا : انا الله لا اله الا انا محمد عبدي ورسولي ، أيدته بوزيره ونصرته بوزيره.

٣٢ ـ عن أبى صالح عن ابن عباس قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : أعطانى الله تبارك وتعالى خمسا وأعطى عليا خمسا : اسرى بى اليه وفتح له أبواب السماء حتى نظر الى ما نظرت اليه والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٣٣ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده الى وهب بن منبه رفعه عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لما عرج بى ربي جل جلاله أتانى النداء : يا محمد قلت : لبيك رب العظمة لبيك فأوحى الله الى يا محمد فيما اختصصت بالملإ الأعلى؟ فقلت : لا علم لي الهى فقال : يا محمد هل اتخذت من الآدميين وزيرا وأخا ووصيا من بعدك؟ قلت : الهى ومن أتخذ؟ تخير أنت لي يا الهى ، فأوحى الله الى : يا محمد قد اخترت لك من الآدميين على بن أبى طالب فقلت : الهى ابن عمى؟ فأوحى الله الى : يا محمد ان عليا وارثك ووارث العلم من بعدك وصاحب لوائك لواء الحمد يوم القيمة ، وصاحب حوضك يسقى من ورد عليه من مؤمني أمتك ، ثم أوحى الله الى يا محمد انى قد أقسمت على نفسي قسما حقا لا يشرب من ذلك الحوض مبغض لك ولأهل بيتك وذريتك الطيبين الطاهرين حقا حقا أقول يا محمد ، لأدخلن جميع أمتك الجنة الا من أبى من خلقي ، فقلت : الهى هل واحد يأبى من دخول الجنة؟ فأوحى الله الى : بلى ، فقلت : وكيف يأبى؟ فأوحى الله الى : يا محمد اخترتك من خلقي واخترت لك وصيا من بعدك ، وجعلته منك بمنزلة هارون من موسى الا انه لا نبي بعدك ، وألقيت محبته في قلبك ، وجعلته أبا لولدك فحقه بعدك على أمتك كحقك عليهم في حيوتك ، فمن جحد حقه جحد حقك ومن أبى أن يواليه فقد أبى أن يدخل الجنة فخررت لله عزوجل ساجدا شكرا لما أنعم على فاذا مناد ينادى : ارفع رأسك واسئلنى أعطك ،


فقلت : الهى اجمع أمتي من بعدي على ولاية على بن أبى طالب ليردوا جميعا على حوضي يوم القيمة ، فأوحى الله الى : يا محمد انى قد قضيت في عبادي قبل أن أخلقهم ، وقضائي ماض فيهم لأهلك [به] من أشاء وأهدى به من أشاء وقد آتيته علمك من بعدك وجعلته وزيرك وخليفتك من بعدك على أهلك وأمتك عزيمة منى ، لا أدخل الجنة من أبغضه وعاداه وأنكر ولايته بعدك ، فمن أبغضه أبغضك ، ومن أبغضك أبغضنى ، ومن عاداه فقد عاداك ، ومن عاداك فقد عاداني ، ومن أحبه فقد أحبك ، ومن أحبك فقد أحبنى قد جعلت له هذه الفضيلة ، وأعطيتك ان اخرج من صلبه أحد عشر مهديا كلهم من ذريتك من البكر البتول ، وآخر رجل منهم يصلى خلفه عيسى بن مريم ، يملأ الأرض عدلا كما ملئت منهم ظلما وجورا (١) أنجى به من الهلكة وأهدى به من الضلالة وأبرئ به من العمى وأشفي به المريض ، فقلت : الهى ومتى يكون ذلك؟ فأوحى الله الى عزوجل : يكون ذلك إذا رفع العلم وظهر الجهل ، وكثر الغوا (٢) وقل العمل ، وكثر القتل وقل فقهاء الهادين ، وكثر فقهاء الضلالة والخونة وكثر الشعراء واتخذ قبل قبورهم (٣) مساجد وحليت المصاحف وزخرفت المساجد ، وكثر الجور والفساد ، وظهر المنكر وأمر أمتك به ، ونهوا عن المعروف ، واكتفى الرجال بالرجال ، والنساء بالنساء وصارت أمتك الأمراء كفرة وأولياؤهم فجرة ، وأعوانهم ظلمة ، وذووا الرأى منهم فسقة ، وعند ذلك ثلاث خسوف ، خسف بالمشرق ، وخسف بالمغرب وخسف بجزيرة العرب ، وخراب البصرة بيد رجل من ذريتك يتبعه الزنوج ، وخروج رجل من ولد الحسين بن على ، وخروج الدجال يخرج بالمشرق من سجستان ، وظهور السفياني ، فقلت : الهى ومتى يكون بعدي من الفتن؟ فأوحى الله الى وأخبرني ببلاء بنى امية وفتنة ولد عمى العباس وما يكون وما هو كائن الى يوم القيمة ، فأوصيت

__________________

(١) كذا في النسخ لكن في المصدر «كما ملئت ظلما وجورا» بدون لفظة «منهم» والظاهر انها زيادة من النساخ.

(٢) كذا في النسخ وفي المصدر «وكثر القراء ... اه» والظاهر المناسب للسياق.

(٣) وفي المصدر «واتخذ أمتك قبورهم مساجد».


بذلك ابن عمى حين هبطت الأرض وأديت الرسالة والحمد لله على ذلك ، كما حمده النبيون وكما حمده كل نبي قبلي ، وما هو خالقه الى يوم القيمة.

٣٤ ـ وباسناده الى عبد السلام بن صالح الهروي عن على بن موسى الرضا عليه‌السلام عن آبائه عن على عليهم‌السلام عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله حديث طويل يقول في آخره : وانه لما عرج بى الى السماء اذن جبرئيل مثنى مثنى ، ثم قال : نقدم يا محمد ، فقلت : يا جبرئيل أتقدم عليك؟ قال : نعم ، لان الله تبارك وتعالى فضل أنبيائه على ملائكته أجمعين ، وفضلك خاصة ، فتقدمت وصليت بهم ولا فخر فلما انتهيت الى حجب النور قال لي جبرئيل : تقدم يا محمد ان هذا انتهاء حدى الذي وضعه الله لي في هذا المكان ، فان تجاوزته احترقت أجنحتى لتعدى حدود ربي جل جلاله ، فزج بى زجة (١) في النور حتى انتهيت الى حيث ما شاء الله عزوجل في ملكوته ، فنوديت : يا محمد أنت عبدي وأنا ربك فإياي فاعبد وعلى فتوكل فانك نوري في عبادي ، ورسولي الى خلقي ، وحجتي في بريتي ، لمن تبعك خلقت جنتي ، ولمن عصاك وخالفك خلقت ناري ، ولاوصيائك أوجبت كرامتي ، ولشيعتك أوجبت ثوابي ، فقلت : يا رب ومن أوصيائى؟ فنوديت يا محمد أوصيائك المكتوبون على ساق العرش فنظرت وانا بين يدي ربي الى ساق العرش فرأيت اثنى عشر نورا في كل نور سطر أخضر ، مكتوب عليه اسم كل وصى من أوصيائى ، أولهم على بن أبى طالب وآخرهم مهدي أمتي ، فقلت يا رب أهؤلاء أوصيائى من بعدي؟ فنوديت : يا محمد هؤلاء أوليائى واحبائى وأصفيائى وحججي بعدك على بريتي ، وهم أوصيائك وخلفائك وخير خلقي بعدك ، وعزتي وجلالي لأظهرن بهم ديني ولأعلين بهم كلمتي ولأطهرن الأرض بآخرهم من أعدائى ولأملكنه مشارق الأرض ومغاربها ولأسخرن له الرياح ولأذللن له الرقاب الصعاب ، ولأرقينه في الأسباب ، ولأنصرنه بجندي ، ولا مدنه بملائكتى ، حتى

__________________

(١) زج بالشيء : رمى به. وفي المصدر «زخ بى زحة» بالخاء وهو أيضا بمعناه ، قال الجزري في النهاية : في الحديث : مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من تخلف عنها زخ به في النار اى دفع ورمى.


تعلو دعوتي (١) ويجمع الخلق على توحيدي ، ثم لأديمن ملكه ولأداولن الأيام بين أوليائي الى يوم القيمة.

٣٥ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده الى هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : لما اسرى برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وحضرت الصلوة اذن جبرئيل ، وأقام الصلوة ، فقال : يا محمد تقدم ، فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : تقدم يا جبرئيل ، فقال له : انا لا نتقدم على الآدميين منذ أمرنا بالسجود لآدم.

٣٦ ـ وباسناده الى هشام بن الحكم عن أبى الحسن موسى عليه‌السلام قال : قلت : لأى علة صار التكبير في الافتتاح سبع تكبيرات أفضل؟ ولأي علة يقال في الركوع سبحان ربي العظيم وبحمده ويقال في السجود سبحان ربي الأعلى وبحمده؟ قال : يا هشام ان الله تبارك وتعالى خلق السموات سبعا ، والأرض سبعا والحجب سبعا ، فلما اسرى بالنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وكان من ربه كقاب قوسين أو أدنى ، رفع له حجاب من حجبه فكبر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وجعل يقول الكلمات التي يقال في الافتتاح فلما رفع له الثاني كبر ، فلم يزل كذلك حتى بلغ سبع حجب ، وكبر سبع تكبيرات ، فلذلك العلة يكبر للافتتاح في الصلوة سبع تكبيرات ، فلما ذكر ما راى من عظمة الله ارتعدت فرائصه (٢) فابترك على ركبتيه وأخذ يقول : سبحان ربي العظيم وبحمده ، فلما اعتدل من ركوعه قائما نظر اليه في موضع أعلى من ذلك الموضع خر على وجهه وهو يقول : سبحان ربي الأعلى وبحمده ، فلما قال سبع تكبيرات سكن ذلك الرعب ، فلذلك جرت به السنة.

٣٧ ـ وباسناده الى اسحق بن عمار قال : سألت أبا الحسن موسى بن جعفر عليه‌السلام : كيف صارت الصلوة ركعة وسجدتين؟ وكيف إذا صارت سجدتين لم تكن ركعتين؟ فقال : إذا سألت عن شيء ففرغ قلبك لتفهم ، ان أول صلوة صلاها رسول الله

__________________

(١) وفي المصدر «حتى يعلن عوتى».

(٢) الفريصة : لحمة بين الثدي والكتف ترعد عند الفزع.


صلى‌الله‌عليه‌وآله انما صلاها في السماء بين يدي الله تبارك وتعالى قدام عرشه جل جلاله ، وذلك انه لما اسرى به وصار عند عرشه تبارك وتعالى ، قال : يا محمد ادن من صاد (١) فاغسل مساجدك وطهرها وصل لربك ، فدنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الى حيث أمره الله تبارك وتعالى فتوضأ وأسبغ وضوئه (٢) ثم استقبل الجبار تبارك وتعالى قائما فأمره بافتتاح الصلوة ، ففعل فقال : يا محمد اقرأ : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) الى آخرها» ففعل ذلك ثم أمره ان يقرأ نسبة ربه تبارك وتعالى : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ اللهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ) ثم أمسك فيه القول فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ اللهُ الصَّمَدُ) فقال : قل (لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ) فأمسك عنه القول ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : كذلك الله ربي كذلك الله ربي ، كذلك الله ربي ، فلما قال ذلك قال : اركع يا محمد لربك ، فركع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال وهو راكع : سبحان ربي العظيم وبحمده ، ففعل ذلك ثلثا ، ثم قال : ارفع رأسك يا محمد ففعل رسول الله ، فقام منتصبا بين يدي الله عزوجل ، فقال : اسجد يا محمد لربك ، فخر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ساجدا فقال : قل : سبحان ربي الأعلى وبحمده ، ففعل ذلك رسول الله ثلثا ، فقال له : استو جالسا يا محمد ففعل ، فلما استوى جالسا ذكر جلال ربه جل جلاله فخر رسول الله ساجدا من تلقاء نفسه لا لأمر امره ربه عزوجل فسبح أيضا ثلثا ، فقال : انتصب قائما ففعل فلم ير ما كان رأى من عظمة ربه جل جلاله ، فقال له : اقرأ يا محمد وافعل كما فعلت في الركعة الاولى ، ففعل ذلك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ثم سجد سجدة واحدة فلما رفع رأسه ذكر جلالة ربه تبارك وتعالى الثانية ، فخر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ساجدا من تلقاء نفسه لا لأمر ربه عزوجل ، فسبح أيضا ثم قال له : ارفع رأسك ثبتك الله ، واشهد ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله ، و (أَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيها ، وَأَنَّ اللهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ) ، اللهم صل على محمد وآل محمد ، وترحم على محمد وآل محمد ، كما صليت وباركت وترحمت على إبراهيم وآل إبراهيم انك حميد مجيد ،

__________________

(١) مر في حديث الكافي معناه وانه ماء يسيل من ساق العرش ، وسيأتى في آخر الحديث أيضا.

(٢) أسبغ فلان الوضوء : أبلغه مواضعه ووفى كل عضو حقه.


اللهم تقبل شفاعته وارفع درجته ففعل ، فقال : سلم يا محمد واستقبل (١) رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ربه تبارك وتعالى مطرقا فقال : السلام ، فأجابه الجبار جل جلاله فقال : وعليك السلام يا محمد ، بنعمتي قويتك على طاعتي وبعصمتي إياك اتخذتك نبيا وحبيبا ، ثم قال أبو الحسن عليه‌السلام : وانما كانت الصلوة التي أمر بها ركعتين وسجدتين ، وهو صلى‌الله‌عليه‌وآله انما سجد سجدتين في كل ركعة عما أخبرتك من تذكره [عظمة] ربه تبارك وتعالى ، فجعله الله عزوجل فرضا ، قلت : جعلت فداك وما صاد الذي أمر ان يغتسل منه؟ فقال : عين تنفجر من ركن من أركان العرش يقال له ماء الحيوة ، وهو ما قال الله عزوجل : (ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ) انما امره أن يتوضأ ويقرء ويصلى.

٣٨ ـ أبى (ره) قال : حدثنا الحسين بن محمد العطار عن محمد بن الحسن الصفار ولم يحفظ اسناده قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لما اسرى بى الى السماء سقط من عرقي فنبت منه الورد فوقع في البحر ، فذهب السمك ليأخذها وذهب الدعموص (٢) ليأخذها ، فقالت السمكة : هي لي وقال الدعموص : هي لي ، فبعث الله عزوجل إليهما ملكا ليحكم بينهما فجعل نصفها للسمكة ، ونصفها للدعموص.

٣٩ ـ في من لا يحضره الفقيه وسأل محمد بن عمران أبا عبد الله عليه‌السلام فقال : لأي علة يجهر في صلوة الجمعة وصلوة المغرب وصلوة العشاء الآخرة وصلوة الغداة ، وساير الصلوات الظهر والعصر لا يجهر فيهما؟ ولأي علة صار التسبيح في الركعتين الأخيرتين أفضل من القراءة؟ قال : لان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لما اسرى به الى السماء كان أول صلوة فرضها الله عليه الظهر يوم الجمعة ، فأضاف الله عزوجل اليه الملائكة تصلى خلفه ، وأمر نبيه ان يجهر بالقراءة ليبين لهم فضله ، ثم فرض عليه العصر ولم يضف اليه أحدا من الملائكة ، وأمره أن يخفى القراءة ، لأنه لم يكن وراه أحد ، ثم فرض عليه المغرب وأضاف اليه الملائكة فأمره بالإجهار وكذلك العشاء الآخرة ، فلما كان قرب

__________________

(١) وفي المصدر «فقال : سلم يا محمد واستقبل فاستقبل رسول الله ... اه».

(٢) الدعموص : دويبة أو دودة سوداء تكون في الغدران إذا نشت.


الفجر نزل ففرض الله عزوجل عليه الفجر فأمره بالإجهار ليبين للناس فضله كما بين للملائكة فلهذه العلة يجهر فيها ، وصار التسبيح أفضل من القرائة في الأخيرتين لان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لما كان في الأخيرتين ذكر ما رأى من عظمة الله عزوجل فدهش ، فقال : سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله أكبر ، فلذلك صار التسبيح أفضل من القرائة.

٤٠ ـ في كتاب معاني الاخبار باسناده الى أنس قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لما عرج بى الى السماء إذا انا بأسطوانة أصلها من فضة بيضاء ووسطها من ياقوتة وزبرجد ، وأعلاها ذهبة حمراء ، فقلت : يا جبرئيل ما هذه؟ فقال : هذا دينك أبيض واضح مضى ، قلت : وما هذه وسطها؟ قال : الجهاد ، قلت : فما هذه الذهبة الحمراء؟

قال : الهجرة ، وكذلك علا ايمان على عليه‌السلام على ايمان كل مؤمن.

٤١ ـ في أصول الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن أحمد بن محمد بن أبى نصر عن حماد بن عثمان عن ابى بصير عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال : لما عرج برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله انتهى به جبرئيل الى مكان فخلى عنه ، فقال له : يا جبرئيل أتخلينى على هذه الحال؟ فقال : امضه فو الله لقد وطيت مكانا ما وطاه بشر وما مشى فيه بشر قبلك.

٤٢ ـ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن عبد العظيم بن عبد الله الحسنى عن أبى جعفر الثاني عن أبيه عن جده عليهم‌السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ان الله خلق الإسلام فجعل له عرصة ، وجعل له نورا ، وجعل له حصنا وجعل له ناصرا فاما عرصته فالقرآن واما نوره فالحكمة واما حصنه فالمعروف واما أنصاره فأنا وأهل بيتي وشيعتنا فأحبوا أهل بيتي وشيعتهم وأنصارهم فانه لما اسرى بى الى السماء الدنيا فنسبني جبرئيل عليه‌السلام لأهل السماء استودع الله حبى وحب أهل بيتي وشيعتهم وأنصارهم في قلوب الملائكة ، فهو عندهم وديعة الى يوم القيمة ثم هبط بى الى الأرض فنسبني الى أهل الأرض ، فاستودع عزوجل حبى وحب أهل بيتي وشيعتهم في قلوب مؤمني أمتي ، فمؤمنى أمتي يحفظون وديعتي الى يوم القيمة ، الا فلو ان رجلا من أمتي عبد الله عزوجل عمره أيام الدنيا ، ثم لقى الله عزوجل مبغضا لأهل بيتي وشيعتي ما فرج الله صدره الا عن نفاق.


٤٣ ـ في تفسير على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبى عمير عن عمر بن أذينة عن زرارة أو الفضيل عن أبى جعفر عليه‌السلام قال : لما اسرى برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الى السماء فبلغ البيت المعمور وحضرت الصلوة فأذن جبرئيل عليه‌السلام واقام فتقدم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فصف الملائكة والنبيون خلف محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله.

٤٤ ـ محمد بن الحسن وعلى بن محمد عن سهل بن زياد عن عمرو بن عثمان عن محمد بن عبد الله الخزاز عن هارون بن خارجة عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : قال : يا هارون بن خارجة كم بينك وبين المسجد الكوفة يكون ميلا؟ قلت : لا قال : أفتصلي فيه الصلوة كلها؟ قلت : لا ، قال : أما لو كنت بحضرته لرجوت الا تفوتني فيه صلوة ، وتدري ما فضل ذلك الموضع؟ ما من عبد صالح ولا نبي الا وقد صلى في مسجد كوفان حتى ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لما اسرى الله به قال له جبرئيل عليه‌السلام : تدري أين أنت يا رسول الله الساعة؟ أنت مقابل مسجد كوفان ، قال : فاستأذن لي ربي حتى آتيه فأصلي فيه ركعتين فاستأذن الله عزوجل فأذن له والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٤٥ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثني أبى عن أحمد بن محمد بن أبى نصر عن على بن موسى الرضا عليه‌السلام قال : قال لي : يا أحمد ما الخلاف بينكم وبين أصحاب هشام بن الحكم في التوحيد؟ فقلت : جعلت فداك قلنا نحن بالصورة للحديث الذي روى ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله راى ربه في صورة شاب ، وقال هشام بن الحكم بالنفي للجسم فقال : يا احمد ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لما اسرى به الى السماء وبلغ عند سدرة المنتهى خرق له في الحجب مثل سم الإبرة فرأى من نور العظمة ما شاء الله ان يرى ، وأردتم أنتم التشبيه؟ دع هذا يا أحمد ، لا ينفتح عليك منه أمر عظيم.

٤٦ ـ وحدثني أبى عن حماد عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لما اسرى بى الى السماء دخلت الجنة فرأيت قصرا من ياقوتة حمراء يرى داخلها من خارجها ، وخارجها من داخلها ، من ضيائها ، وفيها بيتان من در وزبرجد ، فقلت : يا جبرئيل لمن هذا القصر؟ فقال : هذا لمن أدام الصيام وأطعم الطعام وتهجد


بالليل والناس نيام ، وهذا الحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٤٧ ـ حدثني أبى عن النضر بن سويد عن يحيى الحلبي عن ابن سنان قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : أول من سبق الى بلى رسول الله ، وذلك انه كان أقرب الخلق الى الله تعالى وكان بالمكان الذي قال له جبرئيل عليه‌السلام لما اسرى به الى السماء : تقدم يا محمد لقد وطأت موطئا لم يطأه ملك مقرب ولا نبي مرسل ، ولو لا ان روحه ونفسه كانت من ذلك المكان لما قدر أن يبلغه ، وكان من الله عزوجل كما قال الله (قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى) اى بل أدنى.

٤٨ ـ حدثني أبى عن عمرو بن سعيد الراشدي عن ابن مسكان عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : لما اسرى برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فأوحى اليه في على ما أوحى من شرفه ومن عظمته عند الله ، ورد الى البيت المعمور ، وجمع له النبيين فصلوا خلفه عرض في نفس رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من عظم ما أوحى اليه في على ، فأنزل الله : (فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكَ) يعنى الأنبياء ، فقد أنزلنا إليهم في كتبهم من فضله ما أنزلنا في كتابك (لَقَدْ جاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ المُمْتَرِينَ وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللهِ فَتَكُونَ مِنَ الْخاسِرِينَ) فقال الصادق عليه‌السلام : فو الله ما شك وما سأل.

٤٩ ـ وحدثني أبى عن الحسن بن محبوب عن على بن رئاب عن أبى عبيدة عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يكثر تقبيل فاطمة عليها‌السلام ، فأنكرت ذلك عائشة ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا عائشة انى لما اسرى بى الى السماء دخلت الجنة فأدنانى جبرئيل عليه‌السلام من شجرة طوبى وناولني من ثمارها ، فأكلته فحول الله ذلك ماء في ظهري ، فلما هبطت الى الأرض واقعت خديجة فحملت بفاطمة ، فما قبلتها قط الا وجدت رائحة شجرة طوبى منها.

٥٠ ـ حدثني أبى عن الحسن بن محبوب عن أبى حمزة الثمالي عن أبى الربيع قال : حججت مع أبى جعفر عليه‌السلام في السنة التي حج فيها هشام بن عبد الملك ، وكان


معه نافع مولى عمر بن الخطاب ، فنظر نافع الى أبي جعفر عليه‌السلام في ركن البيت وقد اجتمع عليه الناس ، فقال : يا أمير المؤمنين من هذا الذي تكافأ عليه الناس؟ قال نبي أهل الكوفة محمد بن على بن الحسين بن على بن أبي طالب ، فقال : لآتينه فلا سألنه عن مسايل لا يجيبني فيها الا نبي أو وصى نبي ، قال : فاذهب اليه فاسئله لعلك تخجله فجاء نافع حتى اتكى على الناس فأشرف على أبي جعفر عليه‌السلام فقال : يا محمد بن على انى قد قرأت التوراة والإنجيل والزبور والفرقان ، وقد عرفت حلالها وحرامها ، وقد جئتك أسئلك عن مسائل لا يجيب فيها الا نبي أو وصى نبي أو ابن نبي ، فرفع أبو جعفر عليه‌السلام رأسه فقال : سل عما بدا لك فقال : كم كان بين عيسى ومحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله من سنة؟ قال : أخبرك بقولك أم بقولي؟ قال أخبرنى بالقولين جميعا ، فقال : اما في قولي فخمسمائة سنة واما في قولك فستمائة سنة ، قال : أخبرني عن قول الله عزوجل : (وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا أَجَعَلْنا مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ) من الذي سئل محمد وكان بينه وبين عيسى خمسمائة سنة؟ قال أبو جعفر عليه‌السلام : هذه الآية (سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا) كان من الآيات التي أراها الله محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله حيث اسرى به الى البيت المقدس ، انه حشر الأولين والآخرين من النبيين والمرسلين ، ثم أمر جبرئيل فاذن شفعا وأقام شفعا وقال في إقامته حي على خير العمل ثم تقدم محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله فصلى بالقوم ، فلما انصرف قال : سل يا محمد من أرسلنا قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : على ما تشهدون وما كنتم تعبدون؟ قالوا : نشهد ان لا اله الا الله وانك رسول الله ، أخذت على ذلك عهودنا ومواثيقنا ، فقال نافع : صدقت يا با جعفر ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٥١ ـ وباسناده الى أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لما اسرى بى الى السماء دخلت الجنة فرأيت قيعان يقق (١) ورأيت فيها ملائكة يبنون لبنة من

__________________

(١) القيعان جمع القاع : أرض سهلة مطمئنة قد انفرجت عنها الآكام والجبال. واليقق المتناهى في البياض وقد تكسر القاف.


فضة ولبنة من ذهب ، وربما أمسكوا فقلت لهم : ما لكم ربما بنيتم وربما أمسكتم؟ فقالوا : حتى تجيئنا النفقة ، فقلت : فما نفقتكم؟ قالوا : قول المؤمن في الدنيا سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله أكبر ، فاذا قال بنينا ، وإذا أمسك أمسكنا.

٥٢ ـ وقال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لما اسرى بى الى السماء أخذ جبرئيل بيدي فأدخلنى الجنة وأجلسنى على درنوك من درانيك الجنة (١) فناولني سفر جلة فانفلقت نصفين ، فخرجت من بينهما حوراء ، فقامت بين يدي فقالت : السلام عليك يا محمد ، السلام عليك يا أحمد ، السلام عليك يا رسول الله ، فقلت : وعليك السلام من أنت؟ قالت : انا الراضية المرضية ، خلقني الجبار من ثلثة أنواع ، أسفلى من المسك ، ووسطى من العنبر ، وأعلاى من الكافور ، وعجنت بماء الحيوان ، ثم قال جل ذكره لي : كوني ، فكنت لأخيك ووصيك على بن أبي طالب صلوات الله عليه.

٥٣ ـ في تفسير العياشي عن هشام بن الحكم عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله صلى العشاء الاخرة وصلى الفجر في الليلة التي اسرى به فيها بمكة.

٥٤ ـ عن زرارة وحمران بن أعين ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : حدث أبو سعيد الخدري ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ان جبرئيل قال لي (٢) ليلة اسرى بى وحين رجعت فقلت : يا جبرئيل هل لك من حاجة؟ فقال : حاجتي ان تقرأ على خديجة من الله ومنى السلام ، وحدثنا عند ذلك انها قالت حين لقيها نبي الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال لها الذي قال جبرئيل ، قالت : ان الله هو السلام ومنه السلام واليه السلام وعلى جبرئيل السلام. قال عز من قائل (إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ).

٥٥ ـ في أصول الكافي على بن إبراهيم عن محمد بن خالد الطيالسي عن صفوان بن يحيى عن ابن مسكان عن أبي بصير قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : لم يزل الله عزوجل ربنا والعلم ذاته ولا معلوم ، والسمع ذاته ولا مسموع ، والبصر ذاته ولا مبصر ، والقدرة

__________________

(١) الدرنوك : ماله خمل من البساط ، وقد مر.

(٢) وفي البحار «أتانى» مكان «قال لي» وهو الظاهر.


ذاته ولا مقدور ، فلما أحدث الأشياء وكان المعلوم وقع العلم منه على المعلوم ، والسمع على المسموع ، والبصر على المبصر ، والقدرة على المقدور ، قال : قلت : فلم يزل الله متحركا؟ قال فقال : تعالى الله ان الحركة صفة محدثة بالفعل ، قال : قلت : فلم يزل الله متكلما؟ قال : فقال : ان الكلام صفة محدثة ليست بأزلية ، كان الله عزوجل ولا متكلم.

٥٦ ـ في كتاب التوحيد حديث طويل عن أبي عبد الله عليه‌السلام وقد سأله بعض الزنادقة عن الله تعالى ، وفيه : قال السائل فيقول : انه سميع بصير؟ قال : وهو سميع بصير سميع بغير جارحة ، وبصير بغير آلة ، بل يسمع بنفسه ويبصر بنفسه ، ليس قولي : انه يسمع بنفسه ويبصر بنفسه انه شيء والنفس شيء آخر ، ولكن أردت عبارة عن نفسي إذ كنت مسئولا ، وإفهاما لك إذ كنت سائلا ، وأقول يسمع بكله لا ان الكل له بعض ، ولكن أردت إفهامك والتعبير عن نفسي ، وليس مرجعي في ذلك الا الى انه السميع البصير ، العالم الخبير ، بلا اختلاف الذات ولا اختلاف المعنى (١).

٥٧ ـ وفيه عن على عليه‌السلام حديث طويل وفيه كان ربا ولا مربوب : وإلها إذ لا مألوه ، عالما إذ لا معلوم وسميعا إذ لا مسموع ، سميع لا بآلة ، وبصير لا بأداة.

٥٨ ـ وعن الرضا عليه‌السلام حديث طويل يقول فيه : وسمى ربنا سميعا لا بجزء فيه يسمع به الصوت لا يبصر به ، كما ان جزأنا الذي به نسمع لا يقوى على النظر به ، ولكن أخبر أنه لا تخفى عليه الأصوات ليس على حد ما سمينا نحن ، فقد جمعنا الاسم بالسميع واختلف المعنى ، وهكذا البصر لا بجزء به أبصر كما انا نبصر بجزء منا لا ننتفع به في غيره ، ولكن الله بصير لا يجهل شخصا منظورا اليه فقد جمعنا الاسم واختلف المعنى.

٥٩ ـ وباسناده الى أبي هاشم الجعفري عن أبي جعفر الثاني عليه‌السلام ، انه قال له رجل وكيف سمى ربنا سميعا؟ قال : لأنه لا يخفى عليه ما يدرك بالأسماع ، ولا نصفه (٢) بالسمع المعقول في الرأس ، وكذلك سميناه بصيرا لأنه لا يخفى عليه ما يدرك بالأبصار من لون و

__________________

(١) «وفي أصول الكافي مثله سواء. منه عفى عنه» (عن هامش بعض النسخ)

(٢) وفي المصدر «ولم نصفه» وهو الأوفق بحسب السياق.


شخص وغير ذلك ، ولم نصفه بلحظ العين (١) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٦٠ ـ وباسناده الى محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قلت : جعلت فداك يزعم قوم من أهل العراق انه يسمع بغير الذي يبصر ، ويبصر بغير الذي يسمع؟ قال : فقال : كذبوا وألحدوا وشبهوا ، تعالى الله عن ذلك ، انه سميع بصير يسمع بما يبصر ، ويبصر بما يسمع ، قال : قلت : يزعمون انه بصير على ما يعقلونه؟ قال : فقال : تعالى الله انما يعقل ما كان بصفة المخلوق وليس الله كذلك.

٦١ ـ وباسناده الى حماد بن عيسى قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام فقلت : لم يزل الله يعلم؟ قال : انى يكون يعلم ولا معلوم ، قال : قلت : فلم يزل الله يسمع؟ قال : انى يكون ذلك ولا مسموع ، قال : قلت : فلم يزل يبصر؟ قال : اين يكون ذلك ولا مبصر ثم قال : لم يزل الله عليما سميعا بصيرا ذات علامة سميعة بصيرة.

٦٢ ـ في عيون الاخبار باسناده الى الرضا عليه‌السلام حديث طويل يقول فيه : وقلنا انه سميع لا يخفى عليه أصوات خلقه ما بين العرش الى الثرى من الذرة الى أكبر منها في برها وبحرها ، ولا تشتبه عليه لغاتها ، فقلنا عند ذلك سميع لا بأذن ، وقلنا انه بصير لا ببصر لأنه يرى أثر الذرة السمحاء (٢) في الليلة الظلماء على الصخرة السوداء ، ويرى دبيب النمل في الليلة الدجية (٣) ويرى مضارها ومنافعها واثر سفادها وفراخها ونسلها ، فقلنا عند ذلك انه بصير لا كبصر خلقه.

٦٣ ـ وباسناده الى الحسين بن خالد قال : سمعت الرضا عليه‌السلام يقول : لم يزل الله عزوجل عليما قادرا جبارا قديما سميعا بصيرا ، فقلت له : يا بن رسول الله ان أقواما يقولون لم يزل الله عالما بعلم ، وقادرا بقدرة وحيا بحيوة ، وسميعا بسمع ، وبصيرا ببصر

__________________

(١) وفي المصدر «ولم نصفه بنظر لحظ العين».

(٢) السمحاء : السوداء.

(٣) الدجية : المظلمة.


فقال عليه‌السلام : من قال ذلك ودان به فقد اتخذ مع الله آلهة اخرى ، وليس من ولايتنا على شيء ، ثم قال عليه‌السلام لم يزل الله عليما قادرا حيا قديما سميعا بصيرا لذاته ، تعالى عما يقول المشركون والمشبهون علوا كبيرا.

٦٤ ـ في نهج البلاغة قال عليه‌السلام بصيرا إذ لا منظور اليه من خلقه.

٦٥ ـ وفيه قال عليه‌السلام : وكل سميع غيره بصير عن لطيف الأصوات ، ويصمه كبيرها ويذهب عنه ما بعد منها ، وكل بصير غيره يعمى عن خفي الألوان ولطيف الأجسام.

٦٦ ـ وفيه والسميع لا بأداة والبصير لا بتفريق آلة (١).

٦٧ ـ وفيه بصير لا يوصف بالحاسة.

٦٨ ـ في تفسير على بن إبراهيم وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله : (وَجَعَلْنا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْباقِينَ) يقول : الحق والنبوة والكتاب والايمان في عقبه وليس كل من في الأرض من بنى آدم من ولد نوح ، قال الله في كتابه : (احْمِلْ فِيها مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَما آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ) وقال أيضا : (ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ).

٦٩ ـ حدثني أبي [عن ابن أبي عمير] عن أحمد بن النضر عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : كان نوح إذا أمسى وأصبح يقول : أمسيت أشهد انه ما أمسى بى من نعمة في دين أو دنيا فانها من الله وحده لا شريك له ، له الحمد على [بها] والشكر كثيرا فأنزل الله عزوجل : (إِنَّهُ كانَ عَبْداً شَكُوراً).

٧٠ ـ في من لا يحضره الفقيه وروى عنه حفص بن البختري انه قال : كان نوح عليه‌السلام يقول : إذا أصبح وأمسى : اللهم انى أشهدك انه ما أصبح وأمسى من نعمة وعافية في دين أو دنيا فمنك وحدك لا شريك لك ، لك الحمد ولك الشكر بها على حتى ترضى وبعد الرضا ، يقولها إذا أصبح عشرا ، وإذا أمسى عشرا فسمى بذلك عبدا شكورا.

٧١ ـ في أصول الكافي على بن محمد عن بعض أصحابه عن محمد بن سنان عن

__________________

(١) وفي بعض نسخ النهج «والبصير بلا تفريق آلة».


أبي سعيد المكاري عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قلت : فما عنى بقوله في نوح (إِنَّهُ كانَ عَبْداً شَكُوراً)؟ قال : كلمات بالغ فيهن ، قلت : وما هن؟ قال : كان إذا أصبح قال : أصبحت أشهدك ما أصبحت بى من نعمة أو عافية في دين أو دنيا فانها منك وحدك لا شريك لك ، فلك الحمد على ذلك ، ولك الشكر كثيرا ، كان يقولها إذا أصبح ثلثا وإذا أمسى ثلثا ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٧٢ ـ حميد بن زياد عن الحسن بن محمد بن سماعة عن وهب بن حفص عن أبي بصير عن ابى جعفر عليه‌السلام قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عند عائشة ليلتها ، فقالت : يا رسول الله لم تتعب نفسك وقد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ فقال : يا عائشة ألا أكون عبدا شكورا قال : وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقوم على أطراف أصابع رجليه فانزل الله سبحانه : (طه ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى).

٧٣ ـ عن ابن ابى عمير عن ابن رئاب عن اسمعيل بن الفضل قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : إذا أصبحت وأمسيت فقل عشر مرات : اللهم ما أصبحت بى من نعمة أو عافية في دين أو دنيا فمنك وحدك لا شريك لك ، لك الحمد ولك الشكر على يا رب حتى ترضى وبعد الرضا فانك إذا قلت ذلك كنت قد أديت شكر ما أنعم الله به عليك في ذلك اليوم وفي تلك الليلة.

٧٤ ـ في كتاب علل الشرائع حدثنا أبي رضى الله عنه قال : حدثنا سعد بن عبد الله بن أحمد بن محمد بن عيسى عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن أبان بن عثمان عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : ان نوحا انما سمى عبدا شكورا لأنه كان يقول إذا أصبح وأمسى : اللهم انى أشهدك انه ما أصبح وامسى بى من نعمة لي وعافية في دين أو دنيا فمنك وحدك لا شريك لك. لك الحمد ولك الشكر بها حتى ترضى إلهنا.

٧٥ ـ ابى (ره) قال : حدثنا سعد بن عبد الله عن يعقوب بن يزيد عن محمد بن أبي عمير عن حفص بن البختري عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (وَإِبْراهِيمَ الَّذِي وَفَّى) قال : انه كان يقول إذا أصبح وامسى : أصبحت وربي محمود ، أصبحت


لا أشرك به شيئا ولا ادعو مع الله إلها آخر ، ولا اتخذ من دونه وليا ، فسمى بذلك عبدا شكورا.

٧٦ ـ في تفسير العياشي عن جابر عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله : (كانَ عَبْداً شَكُوراً) قال : كان إذا أمسى وأصبح يقول : أمسيت أشهد انه ما أمست بى من نعمة في دين أو دنيا فانها من الله وحده لا شريك له ، له الحمد بها والشكر كثيرا.

٧٧ ـ في روضة الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن محمد بن الحسن بن شمون عن عبد الله بن عبد الرحمان عن عبد الله بن القاسم البطل عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قوله تعالى : (وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ) قال : قتل علي بن أبي طالب وطعن الحسن عليه‌السلام و (لَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً) قال : قتل الحسين عليه‌السلام (فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما) فاذا جاء نصر دم الحسين بعثنا (عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ) قوم يبعثهم الله قبل خروج القائم فلا يدعون وترا لآل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله الا قتلوه وكان وعد الله مفعولا خروج القائم عليه‌السلام (ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ) خروج الحسين عليه‌السلام في سبعين من أصحابه عليهم البيض المذهب لكل بيضة وجهان المؤدون الى الناس ان هذا الحسين قد خرج لا يشك المؤمنون فيه وانه ليس بدجال ولا شيطان ، والحجة القائم بين أظهرهم ، فاذا استقرت المعرفة في قلوب المؤمنين انه الحسين عليه‌السلام جاء الحجة الموت فيكون الذي يغسله ويكفنه ويحنطه ويلحده في حفرته الحسين بن على عليه‌السلام ، ولا يلي الوصي الا الوصي.

٧٨ ـ وفي تفسير العياشي بعد أن نقل هذا الحديث الى آخره قال : وزاد إبراهيم في حديثه : ثم يملكهم الحسين عليه‌السلام حتى يقع حاجباه على عينيه.

٧٩ ـ في مجمع البيان وقراءة علي عليه‌السلام «عبيدا لنا».

٨٠ ـ في تفسير العياشي عن حمران عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : كان يقرء :

(بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ) ثم قال : وهو القائم وأصحابه (أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ).

٨١ ـ في تفسير على بن إبراهيم وخاطب الله امة محمد فقال : (لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ) يعنى فلانا وفلانا وأصحابهما ونقضهم العهد (وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً) يعنى


ما ادعوه من الخلافة (فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما) يعنى يوم الجمل (بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ) يعنى أمير المؤمنين صلوات الله عليه وأصحابه (فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ) اى طلبوكم وقتلوكم (وَكانَ وَعْداً مَفْعُولاً) يتم ويكون (ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ) يعنى لبني امية على آل محمد (وَأَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ َفِيراً) من الحسن والحسين إبني علي عليهم‌السلام وأصحابهما وسبوا نساء آل محمد.

٨٢ ـ في تفسير العياشي عن مسعدة بن صدقة عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام في خطبته : ايها الناس سلوني قبل أن تفقدوني فان بين جوانحي علما جما فسلوني قبل أن تشغر برجلها (١) فتنة شرقية تطأ في خطامها (٢) ملعون ناعقها وموليها وقائدها وسائقها والمتحرز فيها (٣) فكم عندها من رافعة ذيلها يدعو بويلها دجلة أو حولها ، لا مأوى يكنها (٤) ولا أحد يرحمها ، فاذا استدار الفلك قلتم مات أو هلك وبأى واد سلك ، فعندها توقعوا الفرج ، وهو تأويل هذه الاية (ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً) والذي فلق الحبة وبرىء النسمة ليعيش إذ ذاك ملوك ناعمين ، ولا يخرج الرجل منهم من الدنيا حتى يولد لصلبه ألف ذكر ، آمنين من كل بدعة وآفة والتنزيل ، عاملين بكتاب الله وسنة رسوله قد اضمحلت عليهم (٥) الآفات والشبهات.

٨٣ ـ عن رفاعة بن موسى قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : ان أول من يكر

__________________

(١) اى ترفع برجلها ، قيل : كنى بشغر رجلها عن خلو تلك الفتنة من مدر ، أو هو كناية عن كثرة مداخل الفساد فيها.

(٢) الخطام ـ ككتاب ـ : كلما يجعل في أنف البعير ليقتاد به.

(٣) قال المجلسي (ره) : ولعل المعنى من يتحرز من إنكارها ورفعها لئلا يخل بدنياه «انتهى» وفي بعض النسخ «المتحرض» بالضاد ولعله الأنسب بحسب السياق ، ثم قال المجلسي (ره) : وساير الخبر كان مصحفا فتركته على ما وجدته والمقصود واضح.

(٤) اى يسترها.

(٥) وفي المصدر «عنهم الآفات ... اه».


الى الدنيا الحسين بن على عليهما‌السلام ويزيد بن معاوية وأصحابه فيقتلهم حذو القذة بالقذة (١) ثم قال أبو عبد الله عليه‌السلام : (ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً).

٨٤ ـ في عيون الاخبار باسناده الى على بن الحسين بن على بن فضال عن أبيه قال : قال الرضا عليه‌السلام في قول الله تعالى : (إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها) قال ، (إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها) رب يغفر لها ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٨٥ ـ في تفسير على بن إبراهيم متصلا بآخر تفسيره المتقدم اعنى قوله : وسبوا نساء آل محمد (إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ) «يعنى القائم صلوات الله عليه وأصحابه ليسوؤا وجوهكم» يعنى يسود وجوههم و (لِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَما دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ) يعنى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأصحابه وأمير المؤمنين صلوات الله عليه و (لِيُتَبِّرُوا ما عَلَوْا تَتْبِيراً) اى يعلو عليكم فيقتلوكم ، ثم عطف على آل محمد عليه وعليهم‌السلام فقال : (عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ) اى ينصركم على عدو كم ثم خاطب بنى امية فقال و (إِنْ عُدْتُمْ عُدْنا) يعنى ان عدتم بالسفياني عدنا بالقائم من آل محمد صلوات الله عليهم و (جَعَلْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ حَصِيراً) اى حبسا يحصرون فيها ، ثم قال عزوجل : (إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي) اى يبين (لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ) يعنى آل محمد صلوات الله عليهم (الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً).

٨٦ ـ في أصول الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن إبراهيم بن عبد الحميد عن موسى بن أكيل النميري عن العلا بن سيابة عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قوله : (إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ) قال : يهدى الى الامام.

٨٧ ـ في الكافي على بن إبراهيم عن بكر بن صالح عن القاسم بن يزيد عن

__________________

(١) القذة : ريش السهم ، وهذا القول يضرب مثلا للشيئين يستويان ولا يتفاوتان ، وقد تكرر ذكره في الحديث.


أبي عمرو الزبيري عن أبي عبد الله عليه‌السلام : حديث طويل يقول فيه عليه‌السلام : ثم ثلث بالدعاء اليه بكتابه أيضا فقال تبارك وتعالى (إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ) اى يدعو (وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ).

٨٨ ـ في نهج البلاغة قال عليه‌السلام : ايها الناس انه من استنصح الله (١) وفق ، ومن اتخذ قوله دليلا هدى (لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ).

٨٩ ـ في كتاب معاني الاخبار باسناده الى موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمد بن على عن أبيه على بن الحسين عليهم‌السلام قال : الامام منا لا يكون الا معصوما ، وليست العصمة في ظاهر الخلقة فيعرف بها ، وكذلك لا يكون الا منصوصا ، فقيل ، يا بن رسول الله فما معنى المعصوم؟ فقال : هو المعتصم بحبل الله ، وحبل الله هو القرآن ، والقرآن يهدى الى الامام ، وذلك قول الله عزوجل : (إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ).

٩٠ ـ في تفسير العياشي عن أبي اسحق : (إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ) قال : يهدى الى الولاية.

٩١ ـ في تفسير على بن إبراهيم ثم عطف على آل محمد بنى امية فقال : و (الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً) قوله : و (يَدْعُ الْإِنْسانُ بِالشَّرِّ دُعاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكانَ الْإِنْسانُ عَجُولاً) قال : يدعو على أعداءه بالشر كما يدعو لنفسه بالخير ويستعجل الله بالعذاب وهو قوله : (وَكانَ الْإِنْسانُ عَجُولاً).

٩٢ ـ في مصباح الشريعة قال الصادق عليه‌السلام : واعرف طريق نجاتك وهلاكك ، كى لا تدعو الله بشيء عسى فيه هلاكك وأنت تظن ان فيه نجاتك ، قال الله تعالى : (وَيَدْعُ الْإِنْسانُ بِالشَّرِّ دُعاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكانَ الْإِنْسانُ عَجُولاً).

٩٣ ـ في تفسير العياشي عن سلمان الفارسي قال : ان الله لما خلق آدم فكان

__________________

(١) اى من أطاع أو امره وعلم انه يهديه الى مصالحه ويرده عن مفاسده ويرشده الى ما فيه نجاته ويصرفه عما فيه عطبه ، قاله ابن ابى الحديد في شرحه.


أول ما خلق عيناه فجعل ينظر جسده كيف يخلق ، فلما حانت (١) ولم يتبالغ الخلق في رجليه فأراد القيام فلم يقدر ، وهو قول الله : «خلق الإنسان عجولا» وان الله لما خلق آدم ونفخ فيه لم يستجمع (٢) أن يتناول عنقودا فأكله.

٩٤ ـ عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : لما خلق الله آدم (نَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ) وثب ليقوم قبل أن يتم خلقه فسقط ، فقال الله عزوجل : «خلق الإنسان عجولا

٩٥ ـ عن أبي بصير (فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ) قال : هو السواد الذي في جوف القمر.

٩٦ ـ عن نصر بن قابوس عن أبي عبد الله عليه‌السلام : قال السواد الذي في القمر : محمد رسول الله.

٩٧ ـ عن أبي الطفيل قال : كنت في مسجد الكوفة فسمعت عليا عليه‌السلام وهو على المنبر وناداه ابن الكوا وهو في مؤخر المسجد ، فقال : يا أمير المؤمنين أخبرنى عن هذا السواد في القمر؟ قال : هو قول الله (فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ).

٩٨ ـ عن ابى الطفيل قال : قال على بن أبي طالب عليه‌السلام : سلوني عن كتاب الله فانه ليس من آية الا وقد عرفت بليل نزلت أم بنهار ، أو في سهل أو في جبل ، قال : فقال له ابن الكوا فما هذا السواد في القمر؟ فقال : أعمى سأل عن عمياء أما سمعت الله يقول : (فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً) فذلك محوها.

٩٩ ـ في كتاب الخصال حدثنا على بن أحمد بن موسى رضى الله عنه قال : حدثنا على بن الحسن قال : حدثنا سعد بن كثير بن عفير ، قال : حدثني ابن لهيعة وراشد بن سعد عن حريز بن عبد الله عن أبي عبد الرحمن البجلي عن عبد الله بن عمر قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في مرضه الذي توفى فيه : ادعوا لي أخى ، فأرسلوا الى على عليه‌السلام فدخل فوليا وجوههما الى الحائط وردا عليهما ثوبا فاسدى والناس محتوشوه (٣) وراء الباب فخرج على عليه‌السلام فقال رجل من الناس : أسر إليك نبي الله شيئا؟ فقال : نعم أسر الى ألف

__________________

(١) اى قربت.

(٢) كذا في النسخ وفي المصدر ونسخة البحار «لم يلبث» مكان «لم يستجمع».

(٣) أسدى بيده نحو الشيء : مدها. واحتوش القوم فلانا : اجتمعوا عليه وجعلوه في وسطهم.


باب ، في كل باب الف باب ، قال : ووعيته؟ قال : نعم وعقلته ، قال : فما السواد الذي في القمر؟ قال : ان الله عزوجل قال : (وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً) قال له الرجل : عقلت يا على ووعيت.

١٠٠ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده الى عبد الله بن يزيد بن سلام انه سأل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : ما بال الشمس والقمر لا يستويان في الضوء والنور؟ قال : لما خلقهما الله عزوجل أطاعا ولم يعصيا شيئا ، فأمر الله عزوجل جبرئيل عليه‌السلام أن يمحو ضوء القمر فمحاه ، فأثر المحو في القمر خطوطا سوداء ولو أن القمر ترك على حاله بمنزلة الشمس لم يمح لما عرف الليل من النهار ، ولا النهار من الليل ، ولا علم الصائم كم يصوم ، ولا عرف الناس عدد السنين ، وذلك قول الله عزوجل : (وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ) قال : صدقت يا محمد ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٠١ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) وروى القاسم بن معاوية عن ابى عبد الله عليه‌السلام انه قال لما خلق الله عزوجل القمر كتب عليه لا اله الا الله محمد رسول الله على أمير المؤمنين وهو السوداء الذي ترونه ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٠٢ ـ وعن الأصبغ بن نباتة قال : قال ابن الكوا لأمير المؤمنين عليه‌السلام ، أخبرنى عن المحو الذي يكون في القمر؟ فقال : الله أكبر ، الله أكبر ، رجل أعمى يسأل عن مسألة عمياء أما سمعت الله يقول : (وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً).

١٠٣ ـ في نهج البلاغة قال عليه‌السلام : وجعل شمسها آية مبصرة لنهارها. وقمرها آية ممحوة من ليلها ، وأجراهما في مناقل مجراهما ، وقدر مسير هما في مدارج درجهما ، ليميز بين الليل والنهار بهما ، وليعلم (عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ) بمقادير هما.


١٠٤ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده الى سدير الصيرفي عن ابى عبد الله عليه‌السلام حديث طويل يقول فيه : فنظرت في كتاب لجفر صبيحة هذا اليوم وهو الكتاب المشتمل على علم المنايا والبلايا ، وعلم ما كان وما يكون الى يوم القيمة الذي خص الله به محمدا والائمة من بعده عليهم‌السلام وتأملت مولد غائبنا وإبطاءه وطول عمره ، وبلوى المؤمنين في ذلك الزمان ، وتولد الشكوك في قلوبهم من طول غيبته وارتداد أكثر هم عن دينهم ، وخلعهم ربقة الإسلام (١) من أعناقهم ، التي قال الله تعالى جل ذكره و (كُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ) يعنى الولاية ، فأخذتني الرقة واستولت على الأحزان.

١٠٥ ـ في تفسير على بن إبراهيم وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله : (وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ) يقول : خيره وشره معه حيث كان لا يستطيع فراقه ، حتى يعطى كتابه يوم القيمة بما عمل.

١٠٦ ـ في تفسير العياشي عن زرارة وحمران ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما‌السلام عن قوله : (وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ) قال : قدره الذي قدر عليه.

١٠٧ ـ عن خالد بن نجيج عن ابى عبد الله عليه‌السلام في قوله : (اقْرَأْ كِتابَكَ كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ) قال : يذكر العبد جميع ما عمل وما كتب عليه ، حتى كأنه فعله تلك الساعة فلذلك «قالوا (يا وَيْلَتَنا ما لِهذَا الْكِتابِ لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصاها)

١٠٨ ـ في مجمع البيان : (وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى) وروى عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله انه قال : لا تجن يمينك عن شمالك ، وهذا مثل ضربه عليه‌السلام وفي هذا دلالة واضحة على بطلان قول من يقول : ان أطفال الكفار يعذبون مع آبائهم في النار ، انتهى.

١٠٩ ـ في تفسير العياشي عن حمران عن أبي جعفر في قول الله. (وَإِذا أَرَدْنا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنا مُتْرَفِيها) ، قال : تفسيرها أمرنا أكابرها.

__________________

(١) الربقة : العروة.


١١٠ ـ عن حمران عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله : (وَإِذا أَرَدْنا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنا مُتْرَفِيها) مشددة منصوبة (١) تفسيرها كثرنا ، وقال : لا قرأتها مخففة.

١١١ ـ في مجمع البيان وقرأ يعقوب «آمرنا» بالمد على وزن عامرنا وهو قراءة على بن أبي طالب عليه‌السلام ، وقرأ «أمرنا» بتشديد الميم محمد بن على عليهما‌السلام بخلاف.

١١٢ ـ في عيون الاخبار في باب مجلس الرضا عليه‌السلام مع سليمان المروزي بعد كلام طويل قال الرضا عليه‌السلام : ألا تخبرني عن قول الله عزوجل : (وَإِذا أَرَدْنا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنا مُتْرَفِيها فَفَسَقُوا فِيها) يعنى بذلك انه يحدث ارادة؟ قال : نعم ، قال : فاذا أحدث ارادة كان قولك ان الارادة هي هو أو شيء منه باطلا ، لأنه لا يكون أن يحدث نفسه ، ولا يتغير عن حاله تعالى الله عن ذلك؟ قال سليمان : انه لم يكن عنى بذلك انه يحدث ارادة ، قال : فما عنى به؟ قال : عنى فعل الشيء ، قال الرضا عليه‌السلام : ويلك كم تردد في هذه المسئلة وقد أخبرتك ان الارادة محدثة لان فعل الشيء محدث ، قال : فليس لها معنى؟ قال الرضا عليه‌السلام : قد وصف نفسه عندكم حتى وصفها بالإرادة بما لا معنى له فاذا لم يكن لها معنى قديم ولا حديث بطل قولكم ان الله عزوجل لم يزل مريدا قال سليمان : انما عنيت انها فعل من الله تعالى لم يزل ، قال : ألا تعلم ان ما لم يزل لا يكون مفعولا وقديما وحديثا في حالة واحدة فلم يحر جوابا (٢).

١١٣ ـ في مجمع البيان : (وَكَمْ أَهْلَكْنا مِنَ الْقُرُونِ مِنْ بَعْدِ نُوحٍ) قيل : القرن مأة سنة ، وروى ذلك مرفوعا ، وقيل : أربعون سنة ، رواه ابن سيرين مرفوعا.

١١٤ ـ (مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعاجِلَةَ عَجَّلْنا لَهُ فِيها ما نَشاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنا لَهُ جَهَنَّمَ) يصليها مذموما مدحورا وروى ابن عباس ان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : معنى الآية (مَنْ كانَ يُرِيدُ ثَوابَ الدُّنْيا) بعمله الذي افترضه الله عليه لا يريد وجه الله والدار الآخرة عجل له فيها ما يشاء الله من عرض الدنيا ، وليس له ثواب في الآخرة ، وذلك ان الله سبحانه يؤتيه

__________________

(١) وفي تفسير الصافي «مشددة ميمه» وهو الظاهر.

(٢) اى لم يرد جوابا.


ذلك ليستعين به على الطاعة فيستعمله في معصية الله فيعاقبه الله عليه. قال عز من قائل : (وَمَنْ أَرادَ الْآخِرَةَ وَسَعى لَها سَعْيَها وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ كانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً).

١١٥ ـ في روضة الواعظين للمفيد (ره) قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : (وَمَنْ أَرادَ الْآخِرَةَ) فليترك زينة الحيوة الدنيا.

١١٦ ـ في من لا يحضره الفقيه وروى معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام انه قال : تقول أحرم لك شعري وبشرى ولحمى ودمي وعظامي ومخي وعصبي من النساء والطيب ابتغى بذلك وجهك والدار الآخرة ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١١٧ ـ في الكافي على بن إبراهيم عن محمد بن عيسى بن عبيد عن أبي الحسن على بن يحيى عن أيوب بن أعين عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يؤتى يوم القيمة برجل فيقال له : احتج ، فيقول : رب خلقتني وهديتني فأوسعت علي فلم أزل أوسع على خلقك وأيسر عليهم لكي تنشر على هذا اليوم رحمتك وتيسره ، فيقول الرب جل ثناؤه وتعالى ذكره : صدق عبدي أدخلوه الجنة.

١١٨ ـ في أصول الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن جميل عن هارون بن خارجة عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : العباد ثلثة (١) قوم عبدوا الله عزوجل خوفا فتلك عبادة العبيد ، وقوم عبدوا الله تبارك وتعالى طلب الثواب فتلك عبادة الأجراء ، وقوم عبدوا الله عزوجل حبا له فتلك عبادة الأحرار وهي أفضل العبادة.

١١٩ ـ في نهج البلاغة هذا ما أمر به عبد الله على بن أبي طالب أمير المؤمنين في ما له ابتغاء وجه الله ليولجني به الجنة ويعطيني به الأمنة.

١٢٠ ـ وفيه وليس رجل فاعلم احرص على جماعة امة محمد وألفتها (٢) مني أبتغى بذلك حسن الثواب وكريم المآب.

__________________

(١) وفي بعض النسخ «العبادة ثلاث».

(٢) الالفة من التأليف ، ومرجع الضمير في «ألفتها» الامة.


١٢١ ـ في أمالي الصدوق (ره) باسناده الى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : من صام يوما تطوعا ابتغاء ثواب الله وجبت له المغفرة.

١٢٢ ـ وباسناده الى الصادق جعفر بن محمد عليه‌السلام في قوله عزوجل : «يوفون بالنذر» الآيات حديث طويل ستقف بتمامه إنشاء الله في «هل أتى» وفيه : (إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزاءً وَلا شُكُوراً) قال : والله ما قالوا هذا لهم ولكنهم أضمروه في أنفسهم فأخبر الله بإضمارهم ، يقولون لا نريد جزاء تكافوننا به ، ولا شكورا تثنون علينا به ، ولكنا انما أطعمناكم لوجه الله وطلب ثوابه. قال عز من قائل : (وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً).

١٢٣ ـ في مجمع البيان وروى أن ما بين أعلى درجات الجنة وأسفلها ما بين السماء والأرض.

١٢٤ ـ وروى العياشي بالإسناد عن أبي بصير قال قال أبو عبد الله عليه‌السلام : لا تقولن : الجنة واحدة ، ان الله يقول : (وَمِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ) ولا تقولن درجة واحدة ، ان الله يقول : «درجات بعضها فوق بعض» انما تفاضل القوم بالأعمال ، قال : وقلت له : ان المؤمنين يدخلان الجنة فيكون أحدهما أرفع مكانا من الآخر فيشتهي أن يلقى صاحبه ، قال : من كان فوقه فله أن يهبط ، ومن كان تحته لم يكن له أن يصعد ، لأنه لم يبلغ ذلك المكان ولكنهم إذا أحبوا ذلك واشتهوا التقوا على الاسرة.

١٢٥ ـ عن أنس عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : وانما يرتفع العباد غدا في الدرجات وينالون الزلفى من ربهم على قدر عقولهم.

١٢٦ ـ في كتاب جعفر بن محمد الدوريستي باسناده الى عمرو بن ميمون ان ابن مسعود حدثهم عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : يكون في النار قوم ما شاء الله أن يكونوا ، ثم يرحمهم‌الله فيكونون في أدنى الجنة فيغتسلون في نهر الحيوة يسميهم أهل الجنة الجهنميون ، لو أضاف أحدهم أهل الدنيا لاطعمهم وسقاهم وفرشهم ولحفهم وروحهم لا ينقص ذلك.


١٢٧ ـ في أصول الكافي على بن محمد بن عبد الله عن إبراهيم بن اسحق الأحمر عن محمد بن سليمان الديلمي عن أبيه قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : فلان من عبادته ودينه وفضله كذا ، فقال : كيف عقله؟ قلت : لا أدرى ، فقال : ان الثواب على قدر العقل ، ان رجلا من بنى إسرائيل كان يعبد الله في جزيرة من جزاير البحر خضراء نضرة كثيرة الشجر ، ظاهرة الماء ، وان ملكا من الملائكة مر به فقال : يا رب أرني ثواب عبدك هذا ، فأراه الله ذلك فاستقله الملك. فأوحى الله اليه : أن اصحبه فأتاه الملك في صورة انسى فقال له : من أنت؟ فقال : أنا رجل عابد بلغني مكانك وعبادتك في هذا المكان فأتيتك لا عبد الله معك فكان معه يومه ذلك ، فلما أصبح قال له الملك : ان مكانك لنزه وما يصلح الا للعبادة ، فقال له العابد : ان لمكاننا هذا عيبا فقال له : وما هو؟ قال : ليس لربنا بهيمة ، فلو كان له حمار رعيناه في هذا الموضع فان هذا الحشيش يضيع ، فقال له الملك : ما لربك حمار؟ فقال : لو كان له حمار ما كان يضيع مثل هذا الحشيش فأوحى الله الى الملك انما أثيبه على قدر عقله.

١٢٨ ـ في كتاب التوحيد باسناده الى ابن عباس عن أمير المؤمنين عليه‌السلام حديث طويل وفيه فقال الشيخ : يا أمير المؤمنين فما القضاء والقدر اللذان ساقانا وما هبطنا واديا ولا علونا تلعة (١) الا بهما فقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : الأمر من الله والحكم ، ثم تلا هذه الآية : (وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً)

١٢٩ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى وعلى بن إبراهيم عن أبيه جميعا عن الحسن بن محبوب عن أبي ولاد الحناط قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً) ما هذا الإحسان؟ فقال : الإحسان أن تحسن صحبتهما ، وأن لا تكلفهما أن يسألاك [مما يحتاجان اليه] وان كانا مستغنيين ، أليس يقول الله عزوجل : (لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ) قال : ثم قال أبو عبد الله عليه‌السلام : واما قول الله عزوجل : (إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُما أَوْ كِلاهُما فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُما)

__________________

(١) التلعة : القطعة المرتفعة من الأرض.


قال : ان أضجراك (فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ ، وَلا تَنْهَرْهُما) ان ضرباك ، قال : (وَقُلْ لَهُما قَوْلاً كَرِيماً) قال : ان ضرباك فقل لهما غفر الله لكما فذلك قول كريم قال : (وَاخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ) قال : لا تمل عينيك (١) من النظر إليهما برحمة ورقة ، ولا ترفع صوتك فوق أصواتهما ، ولا يدك فوق أيديهما ولا تقم قدامهما.

١٣٠ ـ محمد بن يحيى عن احمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن سنان عن حديد بن حكيم عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : أدنى العقوق أف ، ولو علم الله شيئا أهون منه لنهى عنه.

١٣١ ـ عنه عن يحيى بن إبراهيم بن أبي البلاد عن أبيه عن جده عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : لو علم الله شيئا أدنى من أف لنهى عنه ، وهو من أدنى العقوق ، ومن العقوق ان ينظر الرجل الى والديه فيحد النظر إليهما.

١٣٢ ـ على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن منصور بن يونس عن أبي المأمون الحارثي قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : ما حق المؤمن على المؤمن؟ قال : ان من حق المؤمن على المؤمن المودة له في صدره ، الى أن قال : وإذا قال له أف فليس بينهما ولاية.

١٣٣ ـ عن محمد بن عيسى بن عبيد عن يونس بن عبد الرحمن عن درست بن أبي منصور عن أبي الحسن موسى عليه‌السلام قال : سأل رجل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ما حق الوالد على الولد؟ قال : لا يسميه باسمه ، ولا يمشى بين يديه ولا يجلس قبله ولا يستسب له (٢)

__________________

(١) قال المجلسي (ره) : الظاهر : «لا تملأ» بالهمزة كما في مجمع البيان وتفسير العياشي واما على ما في نسخ الكتاب فلعله أبدلت الهمزة حرف علة ، ثم حذفت بالجازم فهو بفتح اللام المخففة ، ولعل الاستثناء في قوله «الا برحمة» منقطع ، والمراد بملاء العينين حدة النظر.

(٢) اى لا يفعل ما يصير سببا لسب الناس له كأن يسبهم أو آبائهم ، وقد يسب الناس والد من يفعل فعلا شنيعا قبيحا.


١٣٤ ـ في تفسير على بن إبراهيم (فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ) قال : لو علم ان شيئا أقل من أف لقاله (وَلا تَنْهَرْهُما) اى ولا تخاصمهما ، وفي حديث آخر : اى بالألف فلا تقل لهما أفا (وَقُلْ لَهُما قَوْلاً كَرِيماً) اى حسنا (وَاخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ) قال : تذلل لهما ولا تتبختر عليهما (١).

١٣٥ ـ في روضة الواعظين للمفيد (ره) قال الصادق عليه‌السلام : قوله تعالى : (وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً) قال : الوالدين محمد وعلى.

١٣٦ ـ في عيون الاخبار في باب ذكر ما كتب به الرضا عليه‌السلام الى محمد بن سنان في جواب مسائله في العلل : وحرم الله تعالى عقوق الوالدين لما فيه من الخروج عن التوقير لطاعة الله تعالى ، والتوقير للوالدين ، وتجنب كفر النعمة وابطال الشكر ، وما يدعو في ذلك الى قلة النسل وانقطاعه ، لما في العقوق من قلة توقير الوالدين والعرفان بحقهما ، وقطع الأرحام والزهد من الوالدين في الولد ، وترك التربية لعلة ترك الولد برهما.

١٣٧ ـ في كتاب الخصال فيما علم أمير المؤمنين عليه‌السلام أصحابه إذا قال المؤمن لأخيه : أف ، انقطع ما بينهما ، فان قال : أنت كافر كفر أحدهما ، وإذا اتهمه انماث (٢) الإسلام في قلبه كما ينماث الملح في الماء.

١٣٨ ـ عن موسى بن بكر الواسطي قال : قلت لأبي الحسن موسى بن جعفر عليه‌السلام : الرجل يقول لابنه أو لابنته : بأبى أنت وأمي أو بأبوى أترى بذلك بأسا؟ فقال : ان كان أبواه حيين فأرى ذلك عقوقا ، وان كانا قد ماتا فلا بأس.

١٣٩ ـ عن عبد الله بن الفضل الهاشمي قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : ثلثة من عاندهم ذل : الوالد ، والسلطان ، والغريم.

١٤٠ ـ عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يلزم الوالدين من العقوق لولدهما إذا كان الولد صالحا ، ما يلزم الولد لهما.

__________________

(١) كذا في النسخ وفي المصدر «لا تتجبر عليهما».

(٢) انماث الشيء : ذاب.


١٤١ ـ عن عنبسة بن مصعب قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام ثلثة لم يجعل الله تعالى لأحد من الناس فيهن رخصة : بر الوالدين برين كانا أو فاجرين ، والوفاء بالعهد للبر والفاجر ، وأداء الامانة للبر والفاجر.

١٤٢ ـ في من لا يحضره الفقيه في باب الحقوق المروية باسناده عن سيد العابدين عليه‌السلام : واما حق أمك أن تعلم انها حملتك حيث لا يحتمل أحد أحدا ، وأعطتك من ثمرة قلبها ما لا يعطى أحد أحدا ، ووقتك بجميع جوارحها ولم تبال أن تجوع وتطعمك ، وتعطش وتسقيك ، وتعرى وتكسوك ، وتضحى وتظلك ، وتهجر النوم لأجلك ، ووقتك الحر والبرد لتكون لها فانك لا تطيق شكرا الا بعون الله وتوفيقه واما حق أبيك ، فان تعلم انه أصلك فانك لولاه لم تكن ، فمهما رأيت من نفسك ما يحبك فاعلم ان أباك أصل النعمة عليك فيه ، فاحمد الله واشكره على قدر ذلك ولا قوة الا بالله.

١٤٣ ـ في مجمع البيان روى عن على بن موسى الرضا عليه‌السلام عن أبيه عن جده أبي عبد الله عليه‌السلام قال : لو علم الله لفظة أوجز في ترك عقوق الوالدين من أف لاتى به.

١٤٤ ـ وفي رواية اخرى عنه عليه‌السلام قال : أدنى العقوق أف ولو علم الله شيئا أيسر منه أو أهون منه لنهى عنه.

١٤٥ ـ وفي خبر آخر فليعمل العاق ما شاء ان يعمل ، فلن يدخل الجنة.

١٤٦ ـ وروى ابو أسيد الأنصاري قال : بينا نحن عند رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إذ جاءه رجل من بنى سلمة فقال : يا رسول الله هل بقي من بر أبوى شيء أبرهما به بعد موتهما؟ قال : نعم الصلوة عليهما ، والاستغفار لهما ، وإنفاذ عهد هما من بعد هما ، وإكرام صديقهما ، وصلة الرحم التي لا توصل الا بهما.

١٤٧ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن معمر ابن خلاد قال : قلت لأبى الحسن الرضا عليه‌السلام : أدعو لوالدي ان كانا لا يعرفان الحق؟ قال : أدع لهما وتصدق عنهما ، وان كانا حيين لا يعرفان الحق فدارهما ، فان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ان الله بعثني بالرحمة لا بالعقوق.


١٤٨ ـ على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : جاء رجل الى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : يا رسول الله من أبر؟ قال : أمك ، قال : ثم من؟ قال : أمك ، قال : ثم من؟ قال : أمك قال : ثم من؟ قال : أباك.

١٤٩ ـ على بن محمد عن بعض أصحابه عن آدم بن إسحاق عن عبد الرزاق بن مهران عن الحسين بن ميمون عن محمد بن سالم عن أبي جعفر عليه‌السلام حديث طويل يقول فيه عليه‌السلام : ثم بعث الله محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو بمكة عشر سنين ، فلم يمت بمكة في تلك العشر سنين أحد يشهد ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله الا أدخله الله الجنة بإقراره ، وهو ايمان التصديق ، ولم يعذب الله أحدا ممن مات وهو متبع لمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله على ذلك الا من أشرك بالرحمن ، وتصديق ذلك ان الله عزوجل انزل عليه في سورة بنى إسرائيل بمكة : (وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً) الى قوله تعالى : (إِنَّهُ كانَ بِعِبادِهِ خَبِيراً بَصِيراً) أدب وعظة وتعليم ونهى خفيف ، ولم يعد عليه ولم يتواعد على اجتراح شيء مما نهى عنه.

١٥٠ ـ في تفسير العياشي عن عبد الله بن عطاء قال : قال أبو جعفر عليه‌السلام : يا بن عطاء ترى زاغت الشمس (١) فقلت : جعلت فداك وما علمي بذلك وانا معك؟ فقال : لا لم تفعل وأوشك ، قال : فسرنا فقال : قد فعلت ، قلت : هذا المكان الأحمر؟ قال : ليس يصلى هاهنا ، هذه أودية النمال وليس يصلى ، قال : فمضينا الى أرض بيضاء قال : هذه سبخة (٢) وليس يصلى بالسباخ ، قال : فمضينا الى أرض حصباء (٣) ، فقال : هاهنا فنزل ونزلت فقال : يا ابن عطاء أتيت العراق فرأيت القوم يصلون بين تلك السواري في مسجد الكوفة؟ قال : قلت نعم ، فقال : أولئك شيعة أبي على ، هذه صلوة الأوابين ، إن الله يقول انه (كانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُوراً).

__________________

(١) زاغت الشمس : اى مالت وزالت عن أعلى درجات ارتفاعها.

(٢) السبخة واحدة السباخ : هي أرض مالحة يعلوها الملوحة ولا تكاد تنبت الا بعض الأشجار.

(٣) الحصباء. صفار الحصى.


١٥١ ـ عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام يقول في قوله : (فَإِنَّهُ كانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُوراً) قال : هم التوابون المتعبدون.

١٥٢ ـ عن ابى بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : يا با محمد عليكم بالورع والاجتهاد وأداء الامانة وصدق الحديث وحسن الصحبة ممن صحبكم ، وطول السجود ، وكان ذلك من سنن الأوابين ، قال أبو بصير : الأوابون التوابون.

١٥٣ ـ عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : من صلى أربع ركعات في كل ركعة خمسين مرة قال هو الله أحد كانت صلوة فاطمة صلوات الله عليها ، وهي صلوة الأوابين.

١٥٤ ـ عن محمد بن حفص عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : كانت صلوة الأوابين خمسين صلوة كلها بقل هو الله أحد.

١٥٥ ـ في مجمع البيان (فَإِنَّهُ كانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُوراً) الأواب التواب. الى قوله : وقيل انهم الذين يصلون بين المغرب والعشاء روى ذلك مرفوعا.

١٥٦ ـ في عيون الاخبار في باب ذكر مجلس الرضا عليه‌السلام مع المأمون في الفرق بين العترة والامة حديث طويل وفيه قالت العلماء : فأخبرنا هل فسر الله تعالى الاصطفاء في الكتاب؟ فقال الرضا عليه‌السلام : فسر الاصطفاء في الظاهر سوى الباطن في اثنى عشر موطنا وموضعا ، فأول ذلك قوله عزوجل الى ان قال عليه‌السلام : والآية الخامسة قول الله تعالى : و (آتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ) خصوصية خصهم الله العزيز الجبار بها ، واصطفاهم على الامة ، فلما نزلت هذه الآية على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ادعوا لي فاطمة ، فدعيت له فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا فاطمة ، قالت : لبيك يا رسول الله ، فقال : هذه فدك هي مما لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب ، وهي لي خاصة دون المسلمين ، فقد جعلتها لك لما أمرنى الله به ، فخذيها لك ولولدك فهذه الخامسة.

١٥٧ ـ في أصول الكافي محمد بن الحسين وغيره عن سهل عن محمد بن عيسى ومحمد بن يحيى ومحمد بن الحسين جميعا عن محمد بن سنان عن اسمعيل بن جابر وعبد الكريم بن عمرو عن عبد الحميد بن أبي الديلم عن ابى عبد الله عليه‌السلام حديث طويل يقول


فيه عليه‌السلام : ثم قال جل ذكره (وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ) وكان على عليه‌السلام وكان حقه الوصية التي جعلت له ، والاسم الأكبر وميراث العلم ، وآثار علم النبوة.

١٥٨ ـ على بن محمد بن عبد الله عن بعض أصحابنا أظنه السياري عن على بن أسباط قال : لما ورد أبو الحسن موسى على المهدي رآه يرد المظالم ، فقال : يا أمير المؤمنين ما بال مظلمتنا لا ترد؟ فقال له : وما ذاك يا أبا الحسن؟ قال : ان الله تبارك وتعالى لما فتح على نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله فدك وما والاها ، لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب (١) فأنزل الله على نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله (وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ) ولم يدر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من هم ، فراجع في ذلك جبرئيل عليه‌السلام وراجع جبرئيل ربه ، فأوحى الله اليه : ان ادفع فدك الى فاطمة عليها‌السلام ، فدعاها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال لها : يا فاطمة ان الله أمرنى أن أدفع إليك فدك ، فقالت : قد قبلت يا رسول الله من الله ومنك ، فلم يزل وكلاؤها فيها حياة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فلما ولى أبو بكر أخرج عنها وكلاءها ، فأتته فسألته ان يردها فقال لها : ايتني بأسود أو أحمر يشهد لك بذلك ، فجاءت بأمير المؤمنين عليه‌السلام وأم أيمن فشهدا لها فكتب لها بترك التعرض ، فخرجت والكتاب معها ، فلقيها عمر فقال : ما هذا معك يا بنت محمد؟ قالت : كتاب كتبه لي ابن ابى قحافة ، قال : أرينيه فأبت فانتزعه من يدها ونظر فيه ، ثم تفل فيه ومحاه وحرقة ، وقال لها : هذا لم يوجف عليه أبوك بخيل ولا ركاب فضعي الجبال (٢) في رقابنا ، فقال له المهدي : يا أبا الحسن حدها

__________________

(١) الإيجاف : السير الشديد ، وفي قوله تعالى : (فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكابٍ) قالوا : المعنى ما أوجفتم على تحصيله وتغنيمه خيلا ولا ركابا ، وانما مشيتم على أرجلكم ، فلم تحصلوا أموالهم بالغلبة والقتال ولكن الله سلط رسله عليه وحواه أموالهم.

(٢) قال المجلسي (ره) في مرآة العقول : في بعض النسخ بالحاء المهملة اى ضعى الحبال لترفعنا الى حكم ، قاله تحقيرا وتعجيزا ، وقاله تفريعا على المحال بزعمه ، اى انك إذا أعطيت ذلك ووضعت الحبل على رقابنا وجعلتنا عبيدا لك ، أو انك إذا حكمت على ما لم يوجف عليها أبوك بأنها ملكت فاحكمى على رقابنا أيضا بالملكية. وفي بعض النسخ بالمعجمة اى ان قدرت على وضع الجبال على رقابنا فضعي.


لي ، فقال : حد منها جبل أحد ، وحد منها عريش مصر ، وحد منها سيف البحر ، وحد منها دومة الجندل (١) فقال له : كل هذا؟ قال : نعم يا أمير المؤمنين هذا كله ، ان هذا [كله] مما لم يوجف على أهله رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بخيل ولا ركاب ، فقال : كثير وأنظر فيه.

١٥٩ ـ في تفسير على بن إبراهيم قوله : (وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ) يعنى قرابة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ونزلت في فاطمة ، فجعل لها فدك والمسكين من ولد فاطمة وابن السبيل من آل محمد ، وولد فاطمة.

١٦٠ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) عن على بن الحسين عليه‌السلام حديث طويل يقول فيه لبعض الشاميين : اما قرأت هذه الآية : (وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ)؟ قال : نعم ، قال عليه‌السلام : فنحن أولئك الذين أمر الله عزوجل نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله أن يؤتيهم حقهم.

١٦١ ـ في مجمع البيان وأخبرنا السيد أبو الحمد الى قوله : عن أبي سعيد الخدري قال : لما نزل : قوله : (وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ) أعطى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فاطمة فدك ، قال عبد الرحمن بن صالح : كتب المأمون الى عبيد الله بن موسى (٢) يسأله عن قصة فدك ، فكتب اليه عبيد الله بهذا الحديث ، رواه عن الفضيل بن مرزوق عن عطية ، فرد المأمون فدك على ولد فاطمة.

١٦٢ ـ في تفسير العياشي عن عبد الرحمن عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : لما أنزل الله : (وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ) قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا جبرئيل قد عرفت

__________________

(١) قال ياقوت : عريش مدينة كانت أول عمل مصر من ناحية الشام على ساحل بحر الروم في وسط الرمل. ثم ذكر بعد كلا له وجه تسميته بالعريش فراجع. وسيف البحر : ساجله. ودومة الجندل : حصن بين المدنية والشام يقرب من تبوك وهي الى الشام أقرب ، سميت بدوم بن إسماعيل بن إبراهيم (ع) ، وسميت دومة الجندل لان حصنها مبني بالجندل.

(٢) هو عبيد الله بن موسى العبسي من علماء الشيعة ومحدثيهم في القرن الثالث من الهجرة النبوية.


المسكين فمن ذوي القربى؟ قال : هم أقاربك ، فدعا حسنا وحسينا وفاطمة ، فقال : ان ربي أمرنى أن أعطيكم مما أفاء الله عليّ ، قال : أعطيتكم فدك.

١٦٣ ـ عن أبان بن تغلب قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : أكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله اعطى فاطمة فدكا؟ قال : كان وقفها ، فأنزل الله (وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ) فأعطاها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حقها ، قلت : رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أعطاها؟ قال : بل الله أعطاها.

١٦٤ ـ عن جميل بن دراج عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : أتت فاطمة أبا بكر تريد فدك ، قال : هاتي أسود أو أحمر يشهد بذلك ، قال : فأتت أم أيمن فقال لها : بم تشهدين؟ قالت : أشهد ان جبرئيل أتى محمدا فقال : ان الله يقول : (وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ) فلم يدر محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله من هم ، فقال : يا جبرئيل سل ربك من هم؟ فقال : فاطمة ذوي القربى فأعطاها فدكا ، فزعموا ان عمر محى الصحيفة وقد كان كتبها أبو بكر.

١٦٥ ـ عن أبي الطفيل عن على عليه‌السلام قال : قال يوم الشورى : أفيكم أحد تم نوره من السماء حين قال : (وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ) قالوا : لا.

١٦٦ ـ في محاسن البرقي عنه عن أبيه عن على بن حديد عن منصور بن يونس عن اسحق بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله : ولا تبذر تبذيرا قال : لا تبذر ولاية على.

١٦٧ ـ في الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن أبي عبد الله عن الحسن بن محبوب عن مالك بن عطية عن عامر بن جذاعة قال : جاء رجل الى أبي عبد الله عليه‌السلام : فقال له عليه‌السلام : اتق الله ولا تسرف ولا تقتر ، ولكن بين ذلك قواما ، ان التبذير من الإسراف ، قال الله عزوجل : (وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً).

١٦٨ ـ في تفسير العياشي عن عبد الرحمن بن الحجاج قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قوله : (وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً) قال : من أنفق شيئا في غير طاعة الله فهو مبذر. ومن أنفق في سبيل الله فهو مقتصد.

١٦٩ ـ عن ابى بصير قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام في قوله : «ولا تبذر تبذيرا» قال بذر الرجل قال : ليس له مال قال : فيكون تبذيرا في حلال؟ قال : نعم.


١٧٠ ـ عن جميل عن اسحق بن عمار في قوله : (وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً) قال : لا تبذر في ولاية على عليه‌السلام

١٧١ ـ عن بشر بن مروان قال : دخلنا على ابى عبد الله عليه‌السلام فدعى برطب فأقبل بعضهم يرمى النوى قال : فأمسك أبو عبد الله عليه‌السلام يده فقال : لا تفعل ان هذا من التبذير وان الله لا يحب الفساد.

١٧٢ ـ في مجمع البيان (وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً) وروى عن أبي عبد الله عليه‌السلام ان أمير المؤمنين عليه‌السلام : قال لعناية كن زاملة للمؤمنين فان خير المطايا أمثلها وأسلمها ظهرا ولا تكن من المبذرين.

١٧٣ ـ و (إِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ) الآية وروى ان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله كان لما نزلت هذه الآية إذا سئل ولم يكن عنده ما يعطى قال : يرزقنا الله وإياكم من فضله.

١٧٤ ـ في كتاب المناقب لابن شهر آشوب بعد ذكر فاطمة عليها‌السلام وما تلقى من الطحن.

كتاب الشيرازي : انها لما ذكرت حالها وسألت جارية بكى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : يا فاطمة والذي بعثني بالحق ان في المسجد أربعمائة رجل ما لهم طعام ولا ثياب ولو لا خشيتي خصلة لأعطيتك ما سألت يا فاطمة انى لا أريد أن ينفك عنك أجرك الى الجارية ، وانى أخاف ان يخصمك على بن أبي طالب يوم القيمة بين يدي الله عزوجل إذا طلب حقه منك ، ثم علمها صلوة التسبيح فقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : مضيت تريدين من رسول الله الدنيا فأعطانا الله ثواب الاخرة قال أبو هريرة : فلما خرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من عند فاطمة أنزل الله على رسوله (: وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوها) يعنى عن قرابتك وابنتك فاطمة «ابتغاء» يعنى طلب (رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ) يعنى طلب رزق من ربك (تَرْجُوها فَقُلْ لَهُمْ قَوْلاً مَيْسُوراً) يعنى قولا حسنا فلما نزلت هذه الآية أنفذ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إليها جارية للخدمة وسماها فضة.

١٧٥ ـ في الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن ابى عمير عن عمر بن يزيد عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْها


كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً) محسورا قال : الإحسار الفاقة.

١٧٦ ـ على بن محمد عن أحمد بن أبي عبد الله عن أبيه عن النضر بن سويد عن موسى بن بكر عن عجلان قال : كنت عند أبي عبد الله عليه‌السلام فجاء سائل فقام الى مكتل (١) فيه تمر فملأ يده فناوله ، ثم جاء آخر فسأله فقام فأخذ بيده فناوله ، ثم جاء آخر فسأله فقام فأخذ بيده فناوله ثم جاء آخر فقال : الله رازقنا وإياك. ثم قال : ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كان لا يسأله أحد من الدنيا شيئا الا أعطاه ، فأرسلت اليه امرأة ابنا لها فقال : انطلق اليه فاسئله فان قال : ليس عندنا شيء ، فقل أعطني قميصك قال ، فأخذ قميصه فرمى به اليه ، وفي نسخة اخرى فأعطاه ، فأدبه الله تبارك وتعالى على القصد فقال : (وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً).

١٧٧ ـ عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد وأحمد بن محمد عن الحسن بن محبوب عن عبد الله بن سنان في قوله تبارك وتعالى : (وَالَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً) فبسط كفه وفرق أصابعه وحناها شيئا (٢) وعن قوله تعالى ، (وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ) فبسط راحته وقال : هكذا وقال : القوام ما يخرج من بين الأصابع ويبقى في الراحة منه شيء.

١٧٨ ـ على بن إبراهيم عن أبيه عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن صدقة عن أبي عبد الله عليه‌السلام حديث طويل يقول فيه : ثم علم الله جل اسمه نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله كيف ينفق ، وذلك انه كانت عنده أوقية من الذهب فلم يكن عنده ما يعطيه ، فلامه السائل واغتم هو حيث لم يكن عنده ما يعطيه ، وكان صلى‌الله‌عليه‌وآله رحيما رقيقا ، فأدب الله عزوجل نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله بأمره فقال : (وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً) يقول : ان الناس قد يسألونك ولا يعذرونك فاذا أعطيت جميع ما عندك من المال كنت قد حسرت من المال (٣).

__________________

(١) المكتل : زنبيل من خوص.

(٢) اى اعوجها يسيرا.

(٣) حسر الرجل : أعيا وكل وانقطع.


١٧٩ ـ في تفسير العياشي عن الحلبي عن بعض أصحابه عنه قال : قال أبو جعفر لأبي عبد الله عليه‌السلام : يا بنى عليك بالحسنة بين السيئتين تمحوهما ، قال : وكيف ذلك يا أبه؟ قال : مثل قوله : (وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٨٠ ـ عن ابن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قوله : (وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ) قال : فضم يده وقال : هكذا.

١٨١ ـ عن محمد بن يزيد عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : (وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً) قال : الإحسار الإقتار.

١٨٢ ـ في تفسير على بن إبراهيم وقوله عزوجل : (وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً) فانه كان سبب نزولها ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كان لا يرد أحدا يسأله شيئا عنده ، فجاء رجل فسأله فلم يحضره شيء ، فقال : يكون إنشاء الله ، فقال : يا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أعط قميصك وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لا يرد أحدا عما عنده ، فأعطاه قميصه ، فأنزل الله عزوجل : (وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ) فنهاه الله عزوجل أن يبخل ويسرف ويقعد محسورا من الثياب ، فقال الصادق عليه‌السلام : المحسور العريان.

١٨٣ ـ في تهذيب الأحكام الحسن بن محمد بن سماعة عن محمد بن زياد عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قوله عزوجل : (وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ) قال : ضم يده فقال : هكذا (وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ) قال : بسط راحته وقال : هكذا. قال عز من قائل : (إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ) الآية.

١٨٤ ـ في نهج البلاغة قال عليه‌السلام : وقدر الأرزاق فكثرها وقللها وقسمها على الضيق والسعة ، فعدل فيها ليبتلى من أراد بميسورها ومعسورها ، وليختبر بذلك


الشكر والصبر من غنيها وفقيرها.

١٨٥ ـ في أصول الكافي على بن محمد عن بعض أصحابه عن آدم بن اسحق عن عبد الرزاق بن مهران عن الحسن بن ميمون عن محمد بن صالح عن أبي جعفر عليه‌السلام حديث طويل يقول فيه عليه‌السلام : ثم بعث الله محمدا وهو بمكة عشر سنين ، فلم يمت بمكة في تلك العشر سنين أحد يشهد أن لا اله الا الله وان محمدا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الا أدخله الجنة بإقراره ، وهو ايمان التصديق ولم يعذب الله أحدا ممن مات وهو متبع لمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله على ذلك الا من أشرك بالرحمن وتصديق ذلك ان الله عزوجل أنزل في سورة بنى إسرائيل بمكة (وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً) الى قوله : (إِنَّهُ كانَ بِعِبادِهِ خَبِيراً بَصِيراً) أدب وعظة وتعليم ونهى خفيف ، ولم يعد عليه ولم يتواعد على اجتراح شيء (١) مما نهى عنه ، وأنزل نهيا عن أشياء حذر عليها ولم يغلظ فيها ولم يتواعد عليها ، وقال : (وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كانَ خِطْأً كَبِيراً وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَساءَ سَبِيلاً وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كانَ مَسْؤُلاً وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلاً وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبالَ طُولاً كُلُّ ذلِكَ كانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً ذلِكَ مِمَّا أَوْحى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ وَلا تَجْعَلْ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ فَتُلْقى فِي جَهَنَّمَ مَلُوماً مَدْحُوراً).

١٨٦ ـ في تفسير العياشي عن اسحق بن عمار عن ابى إبراهيم قال : لا يملق حاج أبدا ، قلت : وما الاملاق؟ قال : قول الله : (وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ)

١٨٧ ـ عن اسحق بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : الحاج لا يملق أبدا قال :

__________________

(١) اجترح : اكتسب.


قلت : وما الاملاق؟ قال : الإفلاس ثم قال : (وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ).

١٨٨ ـ في تفسير على بن إبراهيم وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله : (وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً) يقول : معصية ومقتا فان الله يمقته ويبغضه قال : وساء سبيلا وهو أشد الناس عذابا ، والزنا من أكبر الكبائر.

١٨٩ ـ في عيون الاخبار في باب ذكر ما كتب به الرضا عليه‌السلام الى محمد بن سنان في جواب مسائله في العلل : وحرم الزنا لما فيه من الفساد من قتل الأنفس وذهاب الأنساب وترك التربية للأطفال ، وفساد المواريث وما أشبه ذلك من وجوه الفساد.

١٩٠ ـ في كتاب الخصال عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن على بن أبي طالب عليه‌السلام عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله انه قال في وصية له : يا على في الزنا ست خصال ، ثلاث منها في الدنيا ، وثلاث في الآخرة : فاما التي في الدنيا فيذهب بالبهاء ، ويعجل الفناء ، ويقطع الرزق ، واما التي في الآخرة فسوء الحساب ، وسخط الرحمن والخلود في النار.

وعن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : للزاني ثلاث في الدنيا وثلاث في الآخرة وذكر نحوه.

عن حذيفة اليماني قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا معشر المسلمين إياكم والزنا ، فان فيه ست خصال وذكر نحوه.

١٩١ ـ أيضا عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : إذا فشت أربعة ظهرت أربعة : إذا فشت الزنا ظهرت الزلازل الحديث.

١٩٢ ـ عن على عليه‌السلام قال : أربعة لا يدخل منهن واحدة بيتا الا خرب ولم يعمر :

الخيانة والسرقة وشرب الخمر والزنا.

١٩٣ ـ عن الحلبي قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : المؤمن لا تكون سجيته الكذب ولا البخل ولا الفجور ، ولكن ربما الم من هذا بشيء فلا يدوم عليه ، قيل له :


أفيزني؟ قال : نعم هو مفتر تواب ، ولكن لا يولد له من تلك النطفة.

١٩٤ ـ عن جعفر بن محمد قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ما عجت الأرض الى ربها كعجيجها من ثلثة : من دم حرام يسفك عليها ، واغتسال من زنا ، والنوم عليها قبل طلوع الشمس.

١٩٥ ـ في من لا يحضره الفقيه روى على بن حسان الواسطي عن عمه عن عبد الرحمن بن كثير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : الكباير سبع ، فينا أنزلت ومنا استحلت ، الى قوله : واما قتل النفس التي حرم الله فقد قتلوا الحسين بن على وأصحابه.

١٩٦ ـ في تفسير العياشي عن معلى بن خنيس عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سمعته يقول : [من] قتل النفس التي حرم الله فقد قتلوا الحسين عليه‌السلام في أهل بيته.

١٩٧ ـ في الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن القاسم بن عروة عن أبي العباس وغيره عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : إذا اجتمع العدة على قتل رجل واحد حكم الوالي ان يقتل أيهم شاوا ، وليس لهم أن يقتلوا أكثر من واحد ، ان الله عزوجل يقول : (وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ).

١٩٨ ـ على بن محمد عن بعض أصحابه عن محمد بن سليمان عن سيف بن عميرة عن اسحق بن عمار قال : قلت لأبي الحسن عليه‌السلام : ان الله عزوجل يقول في كتابه : (وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً) فما هذا الإسراف الذي نهى الله عنه؟ قال : نهى أن يقتل غير قاتله ، أو يمثل بالقاتل قلت : فما معنى قوله : انه كان منصورا؟ قال : واى نصرة أعظم من أن يدفع القاتل الى أولياء المقتول فيقتله ولا تبعة تلزمه من قتله في دين ولا دنيا.

١٩٩ ـ في روضة الكافي على بن محمد عن صالح عن الحجال عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن قول الله عزوجل : (وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ) قال : نزلت في الحسين عليه‌السلام لو قتل أهل الأرض به ما كان سرفا.


٢٠٠ ـ في تفسير العياشي جابر عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : نزلت هذه الآية في الحسين عليه‌السلام : (وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ) قاتل الحسين عليه‌السلام (١) ، (إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً) قال : الحسين عليه‌السلام.

٢٠١ ـ عن سلام بن المستنير عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله : (وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً) قال : هو الحسين بن على عليه‌السلام قتل مظلوما ونحن أولياؤه ، والقائم منا إذا قام طلب بثار الحسين فيقتل حتى يقال : قد أسرف في القتل ، وقال النبي (٢) : المقتول ، الحسين عليه‌السلام ووليه القائم ، والإسراف في القتل ان يقتل غير قاتله (إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً) فانه لا يذهب من الدنيا حتى ينتصر برجل من آل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما.

٢٠٢ ـ عن ابى العباس قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجلين قتلا رجلا؟ قال : يخير وليه ان يقتل أيهما شاء ويغرم الباقي نصف الدية أعنى دية المقتول ، فيرد على ذريته وكذلك ان قتل رجل امرأة ان قبلوا دية المرأة فذلك ، وان أبي أولياؤها الا قتل قاتلها غرموا نصف دية الرجل وقتلوه ، وهو قول الله : (فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ).

عن حمران عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : وقد قال الله : (وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً) نحن أولياء الحسين بن على عليه‌السلام والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٢٠٣ ـ في من لا يحضره الفقيه روى منصور بن حازم عن هشام عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : انقطاع اليتم الاحتلام وهو أشده.

__________________

(١) هذا هو الظاهر الموافق للمصدر وللمنقول عنه في البحار وغيره ، وفي الأصل «قال الحسين (ع)» وفي نسخة «قال الحسن (ع)».

(٢) كذا في الأصل وفي نسخة «المسى» وهكذا في المصدر ، وفي تفسير البرهان «الشيء» وقد خلت نسخة البحار عن هذه اللفظة رأسا. ولما لم أهتد الى صحيح اللفظة فتركتها على ما في الأصل مع ذكر ما في غيره من النسخ.


٢٠٤ ـ وروى الحسن بن على الوشا عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : إذا بلغ الغلام أشده ، ثلاث عشرة سنة ودخل في الأربع عشرة سنة وجب عليه ما وجب في المحتلمين احتلم أو لم يحتلم ، وكتبت له الحسنات ، وجاز له كل شيء الا أن يكون ضعيفا أو سفيها. قال عز من قائل : (وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كانَ مَسْؤُلاً).

٢٠٥ ـ في كتاب الخصال عن عنبسة بن مصعب قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : ثلثة لم يجعل الله تعالى لأحد من الناس فيهن رخصة ، الى قوله عليه‌السلام : والوفاء بالعهد للبر والفاجر.

٢٠٦ ـ في تفسير على بن إبراهيم وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : القسطاس المستقيم هو الميزان ، له لسان وفيه قوله : (وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ) قال : لا ترم أحدا بما ليس لك به علم ، وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من بهت مؤمنة أقيم في طينة خبال (١) أو يخرج مما قال.

٢٠٧ ـ في من لا يحضره الفقيه وقال رجل للصادق عليه‌السلام : ان لي جيرانا ولهم جوار يتغنين ويضربن بالعود ، فربما دخلت المخرج فأطيل الجلوس استماعا منى لهن؟ فقال له الصادق عليه‌السلام : تالله أنت! أما سمعت الله يقول : (إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلاً) فقال الرجل : كأنى لم أسمع بهذه الآية من كتاب الله عزوجل من عربي ولا عجمي ، ولا جرم انى قد تركتها وانا أستغفر الله تعالى ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٢٠٨ ـ في عيون الاخبار باسناده الى عبد العظيم بن عبد الله الحسنى قال : حدثني سيدي على بن محمد بن على الرضا عن أبيه محمد بن على عن أبيه الرضا عن آبائه عن الحسين ابن على عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ان أبا بكر منى بمنزلة السمع وان عمر منى بمنزلة البصر وان عثمان منى بمنزلة الفؤاد ، فلما كان من الغدد دخلت عليه وعنده أمير المؤمنين عليه‌السلام

__________________

(١) طينة خبال : ما سال من خلود أهل النار يوم القيامة كما في الحديث.


وأبو بكر وعمر وعثمان فقلت : يا أبه سمعتك تقول في أصحابك هؤلاء قولا فما هو؟ فقال : نعم ، ثم أشار إليهم فقال : هم السمع والبصر والفؤاد ، وسيسئلون عن وصيي هذا وأشار الى على بن أبي طالب ثم قال : ان الله عزوجل يقول : (إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلاً) ثم قال : وعزة ربي ان جميع أمتي لموقوفون يوم القيمة ومسئولون عن ولايته ، وذلك قول الله عزوجل : (وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ).

٢٠٩ ـ في كتاب علل الشرائع محمد بن موسى بن المتوكل رضى الله عنه قال : حدثنا على بن الحسين السعد السعدآبادي عن احمد بن أبي عبد الله البرقي عن عبد الله البرقي عن عبد العظيم بن عبد الله الحسنى قال : حدثني على بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر عن أبيه عليه‌السلام قال : قال على بن الحسين عليه‌السلام : ليس لك أن تتكلم بما شئت ، لان الله عزوجل يقول : (وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ) ولان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : رحم الله عبدا قال خيرا فغنم ، أو صمت فسلم ، وليس لك أن تسمع ما شئت لان الله عزوجل يقول : (إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلاً) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٢١٠ ـ في أصول الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن بكر بن صالح عن القاسم بن يزيد قال : حدثنا أبو عمر والزبيري عن أبي عبد الله عليه‌السلام وذكر حديثا طويلا يقول فيه عليه‌السلام بعد ان قال : ان الله تبارك وتعالى فرض الايمان على جوارح ابن آدم وقسمه عليها ، وفرقه فيها ، ثم نظم ما فرض على القلب واللسان والبصر في آية اخرى فقال : (وَما كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصارُكُمْ وَلا جُلُودُكُمْ) يعنى بالجلود الفروج والأفخاذ ، وقال : (وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلاً) فهذا ما فرض على العينين من غض البصر عما حرم الله وهو عملها وهو من الايمان.

٢١١ ـ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن أبيه ، ومحمد بن يحيى عن احمد بن محمد بن عيسى جميعا عن البرقي عن النضر بن سويد عن يحيى بن عمران الحلبي


عن عبد الله عن الحسن بن هارون قال : قال لي أبو عبد الله عليه‌السلام : (إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلاً) قال : يسأل السمع عما سمع ، والبصر عما نظر اليه ، والفؤاد عما عقد عليه.

٢١٢ ـ في الكافي على بن إبراهيم عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن زياد قال : كنت عند أبي عبد الله عليه‌السلام فقال له رجل : بابى أنت وأمي انى أدخل كنيفا ولى جيران وعندهم جوار يتغنين وذكر الى آخر ما نقلنا عن من لا يحضره الفقيه.

في تفسير العياشي عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : كنت عند أبي عبد الله عليه‌السلام فقال له رجل : بأبى وأمي اني ادخل كنيفا ولي جيران يتغنين وذكر الى آخر ما نقلنا عنه أيضا.

٢١٣ ـ عن الحسن قال : كنت أطيل الجلوس في المخرج لأسمع غناء بعض الجيران ، قال : فدخلت على أبي عبد الله عليه‌السلام فقال لي : يا حسن (إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلاً) السمع وما وعى ، والبصر وما راى ، والفؤاد وما عقد عليه.

٢١٤ ـ عن الحسن بن هارون عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله : (إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلاً) قال : السمع عما يسمع ، والبصر عما يطرف (١) والفؤاد عما عقد عليه.

٢١٥ ـ في مصباح الشريعة قال الصادق عليه‌السلام : ومن نام بعد فراغه من أدار الفرايض والسنن والواجبات من الحقوق فذلك قوم محمود ، وانى لأعلم لأهل زماننا هذا شيئا إذا أتوا بهذه الخصال أسلم من النوم ، لان الخلق تركوا مراعاة دينهم ومراقبة أحوالهم ، وأخذوا شمال الطريق ، والعبد ان اجتهد أن لا يتكلم كيف يمكنه ان لا يسمع الا ما هو مانع له من ذلك ، وان النوم من احدى الآيات قال الله عزوجل : (إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلاً).

__________________

(١) طرفت عينه : تحركت بالنظر.


٢١٦ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثني أبي عن الحسن بن محبوب عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لا تزول قدم عبد يوم القيمة من بين يدي الله عزوجل حتى يسأله عن أربع خصال : عمرك فيما أفنيته ، وجسدك فيما أبليته ، ومالك من أين كسبته وأين وضعته ، وعن حبنا أهل البيت.

٢١٧ ـ في أصول الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن بكر بن صالح عن القاسم ابن يزيد قال : حدثنا أبو عمر والزبيري عن أبي عبد الله عليه‌السلام وذكر حديثا طويلا يقول فيه عليه‌السلام بعد أن قال : ان الله تبارك وتعالى فرض الايمان على جوارح ابن آدم وقسمه عليها ، وفرقه فيها ، وفرض على الرجلين ان لا يمشى بهما الى شيء من معاصي الله ، وفرض عليهما المشي الى ما يرضى الله عزوجل فقال : (وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبالَ طُولاً).

٢١٨ ـ في من لا يحضره الفقيه قال أمير المؤمنين عليه‌السلام لابنه محمد بن الحنفية : وفرض على الرجلين أن تنقلهما في طاعته ، وان لا تمشي بها مشية عاص ، فقال عزوجل : (وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبالَ طُولاً كُلُّ ذلِكَ كانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً).

٢١٩ ـ في عيون الاخبار في باب ذكر مجلس للرضا عليه‌السلام عند المأمون في عصمة الأنبياء عليهم‌السلام حديث طويل يقول فيه : ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قصد دار زيد بن حارثة بن شراحيل الكلبي في أمر أراده ، فرأى امرأته تغتسل فقال لها : سبحان الذي خلقك ، وانما أراد بذلك تنزيه الله تعالى عن قول من زعم ان الملائكة بنات الله ، فقال الله عزوجل : (أَفَأَصْفاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلائِكَةِ إِناثاً) لكم (لَتَقُولُونَ قَوْلاً عَظِيماً) فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لما رآها تغتسل : سبحان الذي خلقك أن يتخذ ولدا يحتاج الى هذا التطهير والاغتسال.

٢٢٠ ـ في تفسير العياشي عن على بن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه‌السلام : و (لَقَدْ صَرَّفْنا فِي هذَا الْقُرْآنِ) يعنى ولقد ذكرنا عليا في القرآن وهو الذكر فما زادهم


الا نفورا.

٢٢١ ـ في تفسير على بن إبراهيم قوله : (وَما يَزِيدُهُمْ إِلَّا نُفُوراً) قال. ذا سمعوا القرآن ينفروا عنه ويكذبوه ، ثم احتج عزوجل على الكفار الذين يعبدون الأوثان فقال : قل لهم يا محمد (لَوْ كانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَما يَقُولُونَ إِذاً لَابْتَغَوْا إِلى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلاً) قالوا : لو كانت الأصنام آلهة كما تزعمون لصعدوا الى العرش ، ثم قال أنفة (١) لذلك (سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيراً).

٢٢٢ ـ في الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن على بن أسباط عن داود الرقى عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن قول الله عزوجل : (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ) قال : تنقض الجدر تسبيحها.

٢٢٣ ـ في تفسير العياشي عن أبي الصباح عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قلت : قول الله : (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ) قال : كل شيء يسبح بحمده ، وانا لنرى أن ينقض الجدار هو تسبيحها.

٢٢٤ ـ وفي رواية الحسين بن أبي سعيد عنه (إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ) قال : كل شيء يسبح بحمده ، وقال : انا لنرى أن ينقض الجدار وهو تسبيحها.

٢٢٥ ـ عن زرارة قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن قول الله : (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ) فقال : ما ترى أن تنقض الحيطان تسبيحها.

٢٢٦ ـ عن الحسن النوفلي عن السكوني عن جعفر بن محمد عن أبيه عليه‌السلام قال : نهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عن أن توسم البهائم في وجوهها : وأن تضرب وجوهها لأنها تسبح بحمد ربها.

٢٢٧ ـ عن اسحق بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ما من طير يصاد في بر ولا بحر ، ولا شيء يصاد من الوحش الا بتضييعه التسبيح.

٢٢٨ ـ عن مسعدة بن صدقة عن جعفر بن محمد عن أبيه عليه‌السلام انه دخل عليه

__________________

(١) اى تنزيها.


رجل فقال : فداك أبي وأمي انى أجد الله يقول في كتابه : (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ) فقال له : هو كما قال ، فقال : أتسبح الشجر اليابسة؟ فقال : نعم ، أما سمعت خشب البيت كيف ينقض؟ وذلك تسبيحه فسبحان الله على كل حال.

٢٢٩ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) عن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عن الحسين بن على عليهم‌السلام قال : ان يهوديا من يهود الشام وأحبارهم قال لأمير المؤمنين عليه‌السلام : فان إبراهيم عليه‌السلام حجب عن نمرود بحجب ثلث فقال على عليه‌السلام : لقد كان كذلك ومحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله حجب عمن أراد قتله بحجب خمس الى قوله : ثم قال : (وَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجاباً مَسْتُوراً) فهذا الحجاب الرابع وستقف على تمام الكلام إنشاء الله عند قوله تعالى : (وَجَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا) الآية.

٢٣٠ ـ في مجمع البيان عند قوله تعالى : (فِي جِيدِها حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ) عن شعيب ابن المسيب ويروى عن أسماء بنت أبي بكر قالت : لما نزلت هذه السورة أقبلت العوراء أم جميل بنت حرب ولها ولولة وفي يدها فهر (١) وهي تقول : «مذمم أبينا ودينه قلينا (٢) وامره عصينا» والنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله جالس في المسجد ومعه أبو بكر ، فلما رآها أبو بكر قال : يا رسول الله قد أقبلت وأنا أخاف ان تراك ، قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : انها لا تراني ، وقرء قرآنا فاعتصم به كما قال ، وقرء : (وَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجاباً مَسْتُوراً) فوقفت على أبي بكر ولم تر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، الحديث.

٢٣١ ـ في أصول الكافي على بن محمد عن إبراهيم الأحمر عن عبد الله بن حماد عن عبد الله بن سنان عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : اقرؤا القرآن بألحان العرب وأصواتها ، وإياكم ولحون أهل الفسوق وأهل الكبائر ، فانه سيجيء من بعدي أقوام يرجعون القرآن ترجيع الغنا والنوح والرهبانية لا يجوز تراقيهم ، قلوبهم مقلوبة

__________________

(١) الفهر ـ بكسر الفاء ـ : الحجر قدر ما يدق به الجوز ، أو يملأ الكف.

(٢) من القلى بمعنى البغض.


وقلوب من يعجبه شأنهم.

٢٣٢ ـ على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عمن ذكره عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ان القرآن نزل بالحزن فاقرأوه بالحزن.

٢٣٣ ـ على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن محبوب عن على بن أبي حمزة عن أبي بصير قال : قلت لأبي جعفر عليه‌السلام : (إِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ) فرفعت به صوتي جاءني الشيطان فقال : انما ترائى بهذا أهلك والناس! قال : يا با محمد اقرأ قراءة ما بين القراءتين ، تسمع أهلك ورجع بالقرآن صوتك ، فان الله عزوجل يحب الصوت الحسن يرجع به ترجيعا.

٢٣٤ ـ على بن إبراهيم عن أبيه عن النوفلي عن السكوني عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : ان الرجل الأعجمي من أمتي ليقرء القرآن بعجميته فترفعه الملائكة على عربيته.

٢٣٥ ـ عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن محمد بن سليمان عن بعض أصحابه عن أبي الحسن عليه‌السلام قال : قلت له : جعلت فداك انا نسمع الآيات في القرآن ليس هي عندنا كما نسمعها ، ولا نحسن ان نقرأها كما بلغنا عنكم ، فهل نأثم؟ فقال : لا اقرأوا كما تعلمتم ، فسيجيئكم من يعلمكم.

٢٣٦ ـ محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن عبد الرحمن بن أبي هاشم عن سالم ابن سلمة قال : قرأ رجل على أبي عبد الله عليه‌السلام وانا أسمع ، حروفا من القرآن ليس على ما يقرؤها الناس ، فقال ابو عبد الله عليه‌السلام : كف عن هذه القراءة اقرأ كما يقرأ الناس حتى يقوم القائم عليه‌السلام ، فاذا قام القائم قرء كتاب الله عزوجل على حده ، واخرج المصحف الذي كتبه علي عليه‌السلام ، وقال : أخرجه علي عليه‌السلام الى الناس حين فرغ منه وكتبه فقال لهم : هذا كتاب الله عزوجل كما أنزله الله على محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله قد جمعته من اللوحين ، فقالوا : هو ذا عندنا مصحف جامع فيه القرآن لا حاجة لنا فيه ، فقال : اما والله ما ترونه بعد يومكم هذا أبدا ، انما كان على أن أخبركم حين جمعته لتقرءوه.


٢٣٧ ـ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن الحسن بن الجهم عن إبراهيم ابن مهزم عن رجل سمع أبا الحسن عليه‌السلام يقول : إذا خفت أمرا فاقرأ مأة آية من القرآن من حيث شئت ثم قل : اللهم اكشف عنى البلاء.

٢٣٨ ـ على بن إبراهيم عن أبيه عن القاسم بن محمد عن سليمان بن داود المنقري عن حفص قال : سمعت موسى بن جعفر عليه‌السلام يقول لرجل : أتحب البقاء في الدنيا؟ فقال : نعم ، فقال : ولم؟ قال : لقراءة (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) ، فسكت عنه فقال له بعد ساعة : يا حفص من مات من أوليائنا وشيعتنا ولم يحسن القرآن علم في قبره ليرفع الله به من درجته ، فان درجات الجنة على عدد آيات القرآن ، يقال له : اقرء وارق فيقرأ ثم يرقى ، قال حفص : فما رأيت أحدا أشد خوفا على نفسه من موسى بن جعفر ، ولا أرجا للناس منه ، وكان قراءته حزنا ، فاذا قرأ فكأنه يخاطب إنسانا.

٢٣٩ ـ على بن إبراهيم عن أبيه وعدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد وسهل بن زياد جميعا عن ابن محبوب عن مالك بن عطية عن يونس بن عمار قال : قال أبو عبد الله : ان الدواوين يوم القيمة ثلثة : ديوان فيه النعم ، وديوان فيه الحسنات ، وديوان فيه السيئات ، فيقابل بين ديوان النعم وديوان الحسنات فتستغرق عامة الحسنات ، ويبقى ديوان السيئات فيدعى بابن آدم المؤمن للحساب فيتقدم القرآن امامه في أحسن الصورة فيقول : يا رب انا القرآن وهذا عبدك المؤمن ، قد كان يتعب نفسه بتلاوتي ، ويطيل ليله بترتيلي ، وتفيض عيناه إذا تهجد فأرضه كما أرضانى ، قال : فيقول العزيز الجبار : عبدي ابسط يمينك ، فيملؤها من رضوان الله العزيز الجبار ، ويملأ شماله من رحمة الله ، ثم يقال : هذه الجنة مباحة لك اقرأ واصعد ، فاذا قرأ آية صعد درجة.

٢٤٠ ـ في كتاب الخصال عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : سبعة لا يقرءون القرآن : الراكع والساجد وفي الكنيف وفي الحمام والجنب والنفساء والحائض.

٢٤١ ـ وفي عيون الاخبار في باب ما جاء عن الرضا عليه‌السلام من خبر الشامي وما


سأل عنه أمير المؤمنين عليه‌السلام في جامع الكوفة حديث طويل وفيه : سأله كم حج آدم عليه‌السلام من حجة؟ فقال له : سبعين حجة ماشيا على قدمه ، وأول حجة حجها كان معه الصرد (١) يدله على مواضع الماء ، وخرج معه من الجنة وقد نهى عن أكل الصرد والخطاف (٢) وسأله ما باله لا يمشى؟ قال : لأنه ناح على بيت المقدس فطاف حوله أربعين عاما يبكى عليه ولم يزل يبكى مع آدم عليه‌السلام ، فمن هناك سكن البيوت ومعه آيات من كتاب الله تعالى مما كان آدم يقرأها في الجنة ، وهي معه الى يوم القيمة ، ثلاث آيات من أول الكهف وثلاث آيات من (سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى) وهي : (وَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ) وثلاث آيات من يس وهي : (وَجَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا).

٢٤٢ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه‌الله وعن أمير المؤمنين عليه‌السلام حديث طويل وفيه : ولو علم المنافقون لعنهم الله ما عليهم من ترك هذه الآيات التي بينت لك تأويلها لأسقطوها مع ما أسقطوا منه ، ولكن الله تبارك اسمه ماض حكمه بإيجاب الحجة على خلقه ، كما قال : (فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ) أغشى أبصارهم وجعل على قلوبهم أكنة عن تأمل ذلك ، فتركوه وحجبوا عن تأكيد الملتبس بابطاله فالسعداء يتنبهون عليه والأشقياء يعمهون عنه.

٢٤٣ ـ في روضة الكافي أحمد بن محمد الكوفي عن على بن الحسين بن على عن عبد الرحمن بن ابى نجران عن هارون عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال لي : كتموا «بسم الله الرحمن الرحيم» فنعم والله الأسماء كتموها كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا دخل الى منزله واجتمعت عليه قريش يجهر ب بسم الله الرحمن الرحيم ويرفع بها صوته ، فتولى قريش فرارا ، فأنزل الله عزوجل في ذلك (وَإِذا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلى أَدْبارِهِمْ نُفُوراً).

٢٤٤ ـ في مجمع البيان وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ان الله تعالى من على بفاتحة

__________________

(١) الصرد : طائر ضخم الرأس يصطاد العصافير.

(٢) الخطاف : طائر إذا راى ظله في الماء أقبل اليه ليتخطفه.


الكتاب فيها من كنز الجنة (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) ، الآية التي يقول الله تعالى : (وَإِذا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلى أَدْبارِهِمْ نُفُوراً).

٢٤٥ ـ في تفسير على بن إبراهيم وعن ابن أذينة قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) أحق ما أجهر ، وهي الآية التي قال الله عزوجل : (وَإِذا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلى أَدْبارِهِمْ نُفُوراً).

٢٤٦ ـ وفيه قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا صلى تهجد بالقرآن ويستمع له قريش لحسن صوته (١) فكان إذا قرأ (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) فروا عنه.

٢٤٧ ـ في تفسير العياشي عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم ويرفع صوته بها ، فاذا سمعها المشركون ولوا مدبرين ، فأنزل الله : (وَإِذا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلى أَدْبارِهِمْ نُفُوراً).

٢٤٨ ـ عن زيد بن على قال : دخلت على على بن جعفر فذكر (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) فقال : تدري ما نزل في (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)؟ فقلت : لا ، فقال : ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كان أحسن الناس صوتا ، وكان يصلى بفناء القبلة فرفع صوته وكان عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة وأبو جهل بن هشام وجماعة منهم يستمعون قراءته ، قال : وكان يكثر ترداد (٢) (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) فيرفع بها صوته ، قال : فيقولون ان محمدا ليردد اسم ربه تردادا انه ليحبه ، فيأمرون من يقوم فيتسمع عليه ، ويقولون : إذا جاءت (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) فأعلمنا حتى نقوم فنستمع قراءته ، فأنزل الله : (وَإِذا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ) (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) (وَلَّوْا عَلى أَدْبارِهِمْ نُفُوراً).

٢٤٩ ـ عن زرارة عن أحدهما عليهما‌السلام قال في (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) قال : هو أحق ما جهر به ، وهي الآية التي قال الله (وَإِذا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ) (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

__________________

(١) وفي المصدر «لحسن قراءته» مكان «لحسن صوته».

(٢) وفي المصدر «قراءة» مكان «ترداد».


وَلَّوْا عَلى أَدْبارِهِمْ نُفُوراً) كان المشركون يستمعون الى قراءة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فاذا قرء (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) نفروا وذهبوا ، وإذا فرغ منه عادوا وتسمعوا.

٢٥٠ ـ عن منصور بن حازم عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا صلى بالناس جهر ببسم (اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) فتخلف من خلفه من المنافقين عن الصفوف ، فاذا جازها في السورة عادوا الى مواضعهم ، وقال بعضهم لبعض : انه ليردد اسم ربه تردادا انه ليحب ربه ، فأنزل الله (وَإِذا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلى أَدْبارِهِمْ نُفُوراً).

٢٥١ ـ عن أبي حمزة الثمالي قال : قال لي أبو جعفر عليه‌السلام : يا ثمالي ان الشيطان ليأتى قرين الامام فيسأله هل ذكر ربه؟ فان قال : نعم ، اكتسع (١) فذهب ، وان قال : لا ، ركب كتفه وكان امام القوم حتى ينصرفون ، قال : قلت : جعلت فداك وما معنى قوله : ذكر ربه؟ قال : الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم.

٢٥٢ ـ عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : جاء أبي بن خلف (٢) فأخذ

__________________

(١) اكتسع الخيل بأذلها. أدخلها بين رجليه ، واللفظ كناية.

(٢) أبى بن خلف من مشركي مكة وأعداء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهو الذي قال له صلى‌الله‌عليه‌وآله يوما بمكة : ان عندي فرسا أعلفه كل يوم فرقا ـ وهو مكبال ـ من ذرة أقتلك عليه ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : بل أنا أقتلك إنشاء الله ، فكان من قصته انه خرج الى المدينة مع من خرج بحرب المسلمين في وقعة أحد ، فلما هزم المسلمون وبقي مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حربة رجل من أصحابه ـ وهو الحارث بن الصمة ـ ثم استقبله فطعنه في عنقه طعنة تحرك منها عن فرسه مرارا ، فرجع الى قريش وهو يخور كما يخور الثور وقد خدش في عنقه خدشا غير كبير ، فاحتقن الدم وقال : قتلني والله محمد ، قالوا : ذهب والله فؤادك ، والله ما بك بأس! قال : لو كانت الطعنة بربيعة ومضر لقتلهم ، أليس انه قد كان بمكة قال لي : انا أقتلك ، فو الله لو بصق بعد تلك المقالة لقتلني ، فلم يلبث الا يوما أو بعض يوم حتى مات ، فقيل : مات بسرف وهو موضع على ستة أيمال من مكة وفي ذلك يقول حسان بن ثابت الأنصاري شاعر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله :


عظما باليا من حائط ففته (١) ثم قال : يا محمد (إِذا كُنَّا عِظاماً وَرُفاتاً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً) فأنزل الله : (مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ).

٢٥٣ ـ في تفسير على بن إبراهيم وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : الخلق الذي يكبر في صدورهم الموت.

قال عز من قائل : (وَلَقَدْ فَضَّلْنا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلى بَعْضٍ).

٢٥٤ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده الى عبد الله بن صالح عن أبيه عن آبائه عن على بن أبي طالب عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ما خلق الله خلقا أفضل منى ولا أكرم منى ، قال علي عليه‌السلام : فقلت : يا رسول الله أفأنت أفضل أم جبرئيل؟ فقال عليه‌السلام : ان الله تبارك وتعالى فضل أنبياءه المرسلين على ملائكته المقربين ، وفضلني على جميع النبيين والمرسلين ، والفضل بعدي لك يا على ، وللائمة من ولدك فان الملائكة لخدامنا وخدام محبينا ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٢٥٥ ـ وباسناده الى صالح بن سهل عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ان بعض قريش قال لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : بأى شيء سبقت الأنبياء وفضلت عليهم وأنت بعثت آخرهم وخاتمهم؟ قال : انى كنت أول من أقر بربي جل جلاله وأول من أجاب حيث أخذ الله ميثاق النبيين (وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى) فكنت أول نبي قال : بلى ، فسبقتهم الى الإقرار بالله عزوجل.

٢٥٦ ـ في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن عن محمد بن يحيى

__________________

لقد ورث الضلالة من أبيه

أبى حين بارزه الرسول

أتيت اليه تحمل منه عضوا

وتوعده وأنت به جهول

وفي نسخة [أجئت محمدا عظما ميما

لتكذبه وأنت به جهول]

وقد نالت بنو النجار منكم

امية إذ يغوث يا عقيل

الى آخر الأبيات. راجع ديوانه ص : ٣٤٠ ط مصر.

(١) فت الشيء : دقه وكسره بالأصابع.


الخثعمي عن هشام عن ابن ابى يعفور قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : سادة النبيين والمرسلين خمسة ، وهم أولوا العزم من الرسل ، وعليهم دارت الرحا : نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله وعلى جميع الأنبياء.

٢٥٧ ـ في الخرائج والجرائح باسناده الى أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ان الله فضل أولى العزم من الرسل على الأنبياء بالعلم ، وفضلنا عليهم في فضلهم وعلم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ما لا يعلمون ، وعلمنا علم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فروينا لشيعتنا ، فمن قبله منهم فهو أفضلهم ، وأينما نكون فشيعتنا معنا.

٢٥٨ ـ في عيون الاخبار باسناده الى الرضا عليه‌السلام حديث طويل يقول فيه عليه‌السلام وقد ذكر نوحا وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلوات الله عليهم فهؤلاء الخمسة أولوا العزم ، وهم أفضل الأنبياء والرسل عليهم‌السلام.

٢٥٩ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن عبد الرحمن بن أبي نجران وابن فضال عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : كان يقول عند العلة : اللهم انك عيرت أقواما فقلت : (قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلا تَحْوِيلاً) فيا من لا يملك كشف ضري ولا تحويله عنى أحد غيره ، صل على محمد وآل محمد واكشف ضري وحوله الى من يدعو معك إلها آخر لا اله غيرك. قال عز من قائل و (يَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخافُونَ عَذابَهُ)

٢٦٠ ـ في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن على بن حديد عن منصور بن يونس عن الحارث بن المغيرة أو أبيه عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قلت له : ما كان في وصية لقمان؟ قال : كان فيها الأعاجيب ، وكان أعجب ما فيها ان قال لابنه : خف الله عزوجل خيفة لو جئته ببر الثقلين لعذبك ، وارج الله رجاء لو جئته بذنوب الثقلين لرحمك ثم قال أبو عبد الله عليه‌السلام : كان أبي يقول : انه ما من عبد مؤمن الا وفي قلبه نوران : نور خيفة ونور رجاء لو وزن هذا لم يزد على هذا ولو وزن هذا لم يزد على هذا.


٢٦١ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن محبوب عن الهيثم بن واقد قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : من خاف الله أخاف الله منه كل شيء ، ومن لم يخف الله أخافه الله من كل شيء.

٢٦٢ ـ عدة من أصحابنا عن أحمد بن أبي عبد الله عن أبيه عن حمزة بن عبد الله الجعفري عن جميل بن دراج عن أبي حمزة قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام من عرف الله خاف الله ، ومن خاف الله سخت نفسه (١) عن الدنيا.

٢٦٣ ـ عنه عن ابن أبي نجران عمن ذكره عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال : قلت له : قوم يعملون بالمعاصي ويقولون نرجو ، فلا يزالون كذلك حتى يأتيهم الموت؟ فقال هؤلاء قوم يترجحون في الأماني (٢) كذبوا ، ليسوا براجين من رجا شيئا طلبه ومن خاف من شيء هرب منه.

٢٦٤ ـ ورواه على بن محمد رفعه قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : ان قوما من مواليك يلمون بالمعاصي (٣) ويقولون نرجو ، فقال : كذبوا ليسوا لنا بموالي ، أولئك قوم ترجحت بهم الأماني. ومن رجا شيئا عمل له ، ومن خاف من شيء هرب منه

٢٦٥ ـ عدة من أصحابنا عن احمد بن محمد بن خالد عن بعض أصحابه عن صالح بن حمزة رفعه قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : ان حب الشرف والذكر (٤) لا يكونان في قلب الخائف الراهب.

٢٦٦ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن على بن النعمان عن حمزة بن حمران قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام قال : ان مما حفظ من خطب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله انه قال : ايها الناس ان لكم معالم فانتهوا الى معالمكم وان لكم نهاية فانتهوا الى نهايتكم ، الا ان المؤمن يعمل بين مخافتين : بين أجل قد مضى لا يدرى ما الله صانع فيه ، وبين أجل قد بقي

__________________

(١) اى تركها.

(٢) قال المحدث الكاشاني (ره) في الوافي : الترجح : الميل ، يعنى مالت بهم عن الاستقامة أمانيهم الكاذبة.

(٣) لم به والم : نزل. والم بالذنب : قارب أو باشر اللمم ، واللمم : صغار الذنوب.

(٤) اى حب إلجاء والرياسة والمدح والشهرة.


لا يدرى ما الله قاض فيه ، فليأخذ العبد المؤمن من نفسه لنفسه ، ومن دنياه لآخرته ، وفي الشيبة قبل الكبر ، وفي الحيوة قبل الممات ، فو الله الذي نفس محمد بيده ما بعد الدنيا من مستعتب (١) وما بعدها من دار الا الجنة أو النار.

٢٦٧ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن سنان عن ابن مسكان عن الحسين بن أبي سارة ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : لا يكون المؤمن مؤمنا حتى يكون خائفا راجيا ، ولا يكون راجيا حتى يكون عاملا لما يخاف ويرجو.

٢٦٨ ـ على بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس عن فضيل بن عثمان عن أبي عبيدة الحذاء عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : المؤمن بين مخافتين : ذنب قد مضى لا يدرى ما صنع الله فيه ، وعمر قد بقي لا يدرى ما يكتب فيه من المهالك ، فهو لا يصبح الا خائفا ولا يصلحه الا الخوف.

٢٦٩ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثنا أحمد بن محمد عن المعلى بن محمد عن على بن محمد عن بكر بن صالح عن جعفر بن يحيى عن على بن النضر عن أبي عبد الله عليه‌السلام وذكر حديثا طويلا يذكر فيه لقمان ووعظه لابنه وفيه : يا بنى لو استخرج قلب المؤمن فشق لوجد فيه نوران : نور للخوف ونور للرجا ، لو وزنا لما رجح أحدهما على الآخر بمثقال ذرة.

٢٧٠ ـ في من لا يحضره الفقيه وسئل عن قول الله عزوجل : (وَإِنْ مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا نَحْنُ مُهْلِكُوها قَبْلَ يَوْمِ الْقِيامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوها عَذاباً شَدِيداً) قال : هو الفناء بالموت.

٢٧١ ـ في تفسير العياشي عن محمد بن مسلم قال : سئلت أبا جعفر عليه‌السلام : (وَإِنْ مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا نَحْنُ مُهْلِكُوها قَبْلَ يَوْمِ الْقِيامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوها عَذاباً شَدِيداً) قال : انما امة محمد من الأمم ، فمن مات فقد هلك.

٢٧٢ ـ عن ابن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله : (وَإِنْ مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا نَحْنُ مُهْلِكُوها قَبْلَ يَوْمِ الْقِيامَةِ) قال : بالقتل والموت وغيره (٢).

__________________

(١) المستعتب : موضع الاستعتاب اى طلب الرضا.

(٢) وفي المصدر «قال : هو الفناء بالموت أو غيره».


٢٧٣ ـ في تفسير على بن إبراهيم وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله : (وَما مَنَعَنا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآياتِ) وذلك ان محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله سئل قومه أن يأتيهم بآية فنزل جبرئيل فقال : ان الله يقول : (وَما مَنَعَنا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآياتِ) الى قوله (إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ) وكنا إذا أرسلنا الى قرية آية فلم يؤمنوا بها أهلكناهم ، فلذلك آخرنا عن قومك الآيات.

٢٧٤ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) عن الحسن بن على عليه‌السلام حديث طويل يقول فيه عليه‌السلام لمروان بن الحكم : أما أنت يا مروان فلست انا سبيتك ولا سبيت أباك ، ولكن الله عزوجل لعنك ولعن أباك ولعن أهل بيتك وذريتك ، وما خرج من صلب أبيك الى يوم القيمة على لسان نبيه محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، والله يا مروان ما تنكر أنت ولا أحد ممن حضر هذه اللعنة من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ولأبيك من قبلك ، وما زادك الله يا مروان بما خوفك الا طغيانا كبيرا ، وصدق الله وصدق رسوله ، يقول الله تبارك وتعالى : (وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَما يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْياناً كَبِيراً) وأنت يا يا مروان وذريتك (الشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ).

٢٧٥ ـ عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وعن أمير المؤمنين عليه‌السلام حديث طويل وفيه : وجعل أهل الكتاب القائمين به والعاملين بظاهره وباطنه من شجرة (أَصْلُها ثابِتٌ وَفَرْعُها فِي السَّماءِ تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّها) ، اى يظهر مثل هذا العلم المحتملة في الوقت بعد الوقت ، وجعل اعدائها أهل الشجرة الملعونة الذين حاولوا إطفاء نور الله بأفواههم ، ويأبى الله الا ان يتم نوره ، ولو علم المنافقون لعنهم الله ما عليهم من ترك هذه الآيات التي بينت لك تأويلها لأسقطوها مع ما اسقطوا منه.

٢٧٦ ـ في تفسير العياشي عن حريز عمن سمع عن ابى جعفر عليه‌السلام : (وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ إِلَّا فِتْنَةً) لهم ليعمهوا فيها (وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ) يعنى بنى امية.

٢٧٧ ـ عن على بن سعيد قال : كنت بمكة فقدم علينا معروف بن خربوذ فقال : قال لي ابو عبد الله عليه‌السلام : ان عليا عليه‌السلام قال لعمر : يا با حفص الا أخبرك بما نزل في بنى امية؟


قال : بلى ، قال : فانه نزل فيهم : (وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ) قال : فغضب عمر ، وقال : كذبت ، بنو امية خير منك وأوصل للرحم.

٢٧٨ ـ عن الحلبي عن زرارة وحمران ومحمد بن مسلم قالوا : سألناه عن قوله : (وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ) قال : ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ارى ان رجالا على المنابر يردون الناس ضلالا زريق وزفر (١) وقوله : (وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ) قال : هم بنو امية.

٢٧٩ ـ وفي رواية اخرى عنه ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قد راى رجالا من نار على منابر من نار ، يردون الناس على أعقابهم القهقرى ولسنا نسمى أحدا.

٢٨٠ ـ وفي رواية سلام الجعفي عنه انه قال : انا لا نسمى الرجال بأسمائهم ، ولكن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله راى قوما على منبره يضلون الناس بعده عن الصراط القهقرى.

٢٨١ ـ عن عمر بن سليمان عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : أصبح رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يوما حاسرا حزينا (٢) فقيل له : مالك يا رسول الله؟ فقال : انى رأيت الليلة صبيان بنى امية يرقون على منبري هذا ، فقلت : يا رب معى؟ فقال : لا ولكن بعدك.

٢٨٢ ـ عن ابى الطفيل قال : كنت في مسجد الكوفة فسمعت عليا عليه‌السلام يقول وهو على المنبر وناداه ابن الكوا وهو في مؤخر المسجد فقال : يا أمير المؤمنين أخبرنى عن قول الله : (وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ) فقال : الأفجران من قريش ومن بنى امية.

٢٨٣ ـ عن عبد الرحيم القصير عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله : (وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ) قال : ارى رجالا من بنى تيم وعدى على المنابر يردون الناس عن الصراط القهقرى ، قلت : (وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ) قال : هم بنو امية ، يقول الله :

__________________

(١) وكناية عن الاول والثاني وقد مر أيضا في المجلد الثاني في بعض الروآيات.

(٢) حسر الرجل ـ من باب نصر ـ : أعيا ، وحسر ـ من باب علم ـ الرجل على الشيء : تلهف. وقال في البحار : قوله : حاسرا اى كاشفا عن ذراعيه أو من الحسرة والحاسر أيضا من لا مغفر له ولا درع ولا جنة.


(وَنُخَوِّفُهُمْ فَما يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْياناً كَبِيراً).

٢٨٤ ـ عن يونس بن عبد الرحمن الأشل قال : سألته عن قول الله : (وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ) الآية فقال : ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله نام فرأى بنى أمية يصدون الناس (١) كلما صعد منهم رجل رأى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الذلة والمسكنة فاستيقظ جزوعا من ذلك وكان الذين رآهم اثنى عشر رجلا من بنى امية فأتاه جبرئيل عليه‌السلام بهذه الآية ، ثم قال جبرئيل : ان بنى امية لا يملكون شيئا الا ملك أهل البيت ضعفه.

٢٨٥ ـ في مجمع البيان (وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ) الآية فيه أقوال الى قوله : وثالثها ان ذلك رؤيا رآها النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في منامه وان قرودا تصعد منبره وتنزل ، فساءه ذلك واغتم به ، رواه سهل بن سعيد عن أبيه ان النبي راى ذلك وقال : انه صلى‌الله‌عليه‌وآله لم يستجمع بعد ذلك ضاحكا حتى مات ، ورواه سعيد بن يسار أيضا وهو المروي عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما‌السلام.

٢٨٦ ـ في تفسير على بن إبراهيم وقال على بن إبراهيم في قوله : (وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ) قال : نزلت لما راى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في نومه كأن قرودا تصعد منبره فساءه ذلك وغمه غما شديدا ، فأنزل الله : (وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ إِلَّا فِتْنَةً) لهم ليعمهوا فيها والشجرة الملعونة» كذا نزلت وهم بنو امية.

٢٨٧ ـ في كتاب الخصال عن أبي جعفر عليه‌السلام عن أمير المؤمنين عليه‌السلام حديث طويل يقول فيه وقد ذكر معاوية بن حرب : ويشترط على شروطا لا يرضاها الله تعالى ورسوله ولا المسلمون ، ويشترط في بعضها أن أدفع اليه قوما من أصحاب محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله أبرارا فيهم عمار بن ياسر ، واين مثل عمار؟ والله لقد رأيتنا مع النبي وما بعد منا خمسة الا كان سادسهم ، ولا أربعة الا كان خامسهم ، اشترط دفعهم اليه ليقتلهم ويصلبهم وانتحل دم عثمان

__________________

(١) كذا في النسخ لكن الصحيح كما في المصدر والمنقول عنه في البحار والبرهان وغيره «يصعدون المنابر» مكان يصدون الناس» ويحتمل التصحيف أيضا.


ولعمر الله ما ألب على عثمان (١) ولا جمع الناس على قتله ، وأشباهه من أهل بيته أغصان (الشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ).

٢٨٨ ـ في نهج البلاغة فاحذروا عدو الله أن يعديكم (٢) بدائه وأن يستفزكم بخيله ورجله «وفيه أيضا» فلعمر الله فخر على أصلكم ووقع في حسبكم ، ودفع في نسبكم وأجلب بخيله عليكم وقصد برجله سبيلكم يقتنصونكم (٣) بكل مكان ، ويضربون منكم كل بنان ، لا يمتنعون بحيلة ، ولا يدفعون بعزيمة في حومة ذل وحلقة ضيق وعرصة موت وجولة بلاء (٤).

٢٨٩ ـ في كتاب المناقب لابن شهرآشوب ، الشيرازي روى سفيان الثوري عن واصل عن الحسن عن ابن عباس في قوله : (وَشارِكْهُمْ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ) انه جلس الحسن بن على عليهما‌السلام ويزيد بن معاوية بن أبي سفيان يأكلان الرطب فقال يزيد : يا حسن انى منذ كنت أبغضك ، قال الحسن عليه‌السلام : يا يزيد اعلم ان إبليس شارك أباك في جماعة فاختلط المائان فأورثك ذلك عداوتي لأن الله تعالى يقول : (وَشارِكْهُمْ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ) وشارك الشيطان حربا عند جماعه فولد له صخر فلذلك كان يبغض جدي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله.

٢٩٠ ـ في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن عثمان بن عيسى عن عمر بن أذينة عن أبان بن أبي عياش عن سليم بن قيس عن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ان الله حرم الجنة على كل فحاش بذي (٥) قليل الحياء لا يبالي ما قال ، ولا ما قيل له ، فان فتشته لم تجده الا لغية أو شرك شيطان ، قيل :

__________________

(١) من ألبهم ـ بتشديد اللام ـ : جمعهم.

(٢) من أعدى فلان فلانا من خلقه أو من علته وهو مجاوزته من صاحبه الى غيره. وهذا من خطبته المعروفة بالقاصعة المتضمنة ذم إبليس لعنه الله على استكباره وتركه السجود لآدم عليه‌السلام ، وانه أول مر أظهر العصبية وتبع الحمية وتحذير الناس من سلوك طريقته.

(٣) اقتنصه : اصطاده.

(٤) الحومة : «معظم الماء والحرب وغيرها ، وقول وفي حرمة ذل ... اه» موضع الجار والمجرور نصب على الحال اى يقتنصونكم في حومة ذل والجولة : الموضع الذي تجول فيه.

(٥) البذي بمعى الفحاش أيضا.


يا رسول الله وفي الناس شرك شيطان؟ فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : اما تقرء قول الله عزوجل : (وَشارِكْهُمْ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ).

٢٩١ ـ في الكافي الحسين بن محمد عن معلى بن محمد وعدة من أصحابنا عن احمد بن محمد جميعا عن الوشاء عن موسى بن بكر عن ابى بصير قال : قال ابو عبد الله عليه‌السلام : يا با محمد اى شيء يقول الرجل منكم إذا دخلت عليه امرأته؟ قلت : جعلت فداك أيستطيع الرجل ان يقول شيئا؟ فقال : الا أعلمك ما تقول؟ قلت : بلى ، قال : تقول : «بكلمات الله استحللت فرجها وفي امانة الله أخذتها ، اللهم ان قضيت لي في رحمها شيئا فاجعله بارا تقيا واجعله مسلما سويا ، ولا تجعل فيه شركا للشيطان» قلت : وبأي شيء يعرف ذلك؟ (١) قال : اما تقرأ كتاب الله عزوجل ثم ابتدأ هو : (وَشارِكْهُمْ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ) ثم قال : ان الشيطان ليجيء حتى يقعد من المرأة كما يقعد الرجل منها ، ويحدث كما يحدث ، وينكح كما ينكح ، قلت : بأى شيء يعرف ذلك؟ (٢) قال : بحبنا وبغضنا فمن أحبنا كان نطفة العبد ، ومن أبغضنا كان نطفة الشيطان. وعنه عن أبيه عن حمزة بن عبد الله عن جميل بن دراج عن أبي الوليد عن أبي بصير قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام وذكر نحوه.

٢٩٢ ـ في من لا يحضره الفقيه وقال الصادق عليه‌السلام : من لم يبال ما قال ولا ما قيل فيه فهو شرك شيطان ومن لم يبال أن يراه الناس مسيئا فهو شرك شيطان ومن اغتاب أخاه المؤمن من غير ترة بينهما فهو شرك شيطان ، ومن شغف بمحبة الحرام وشهوة الزنا فهو شرك شيطان.

٢٩٣ ـ في تفسير العياشي عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : سألته عن شرك الشيطان ، قال : قوله : (وَشارِكْهُمْ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ) فان كان من مال

__________________

(١) قال المجلسي (ره) : لعله سئل عن الدليل على انه يكون الولد شرك الشيطان ثم سئل عن العلامة التي بها يعرف ذلك ، والأظهر ان فيه تصحيفا لما سيأتى من خبر أبى بصير بسند آخر. وفيه مكانه «ويكون فيه شرك الشيطان».

(٢) اى عدم شراكته.


حرام فهو شريك الشيطان ، قال : ويكون مع الرجل حين يجامع فيكون من نطفته ونطفة الرجل إذا كان حراما.

٢٩٤ ـ عن زرارة قال : كان يوسف أبو الحجاج صديقا لعلى بن الحسين صلوات الله عليه ، وانه دخل على امرأته فأراد أن يضمها اعنى ابو الحجاج ، قال : فقالت له : أليس انما عهدك بذاك الساعة؟ قال : فأتى على بن الحسين فأخبره فأمره ان يمسك عنها ، فولدت بالحجاج وهو ابن الشيطان ذي الردهة.

٢٩٥ ـ عن عبد الملك بن أعين قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : إذا زنى الرجل ادخل الشيطان ذكره ثم عملا جميعا ، ثم تختلط النطفتان ، فيخلق الله منهما فيكون شركة الشيطان.

٢٩٦ ـ عن سليمان بن خالد قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : ما قول الله : (شارِكْهُمْ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ)؟ قال : فقال في ذلك قوله : أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم.

٢٩٧ ـ عن العلا بن رزين عن محمد عن أحدهما قال : شرك الشيطان ما كان من مال حرام ، فهو من شركه ، ويكون مع الرجل حين يجامع فتكون نطفته مع نطفته إذا كان حراما ، قال : كلتيهما جميعا تختلطان ، وقال : ربما خلق من واحدة وربما خلق منهما جميعا.

٢٩٨ ـ قال : (١) كنت عند ابى عبد الله عليه‌السلام فاستأذن عيسى بن منصور عليه ، فقال : مالك ولفلان يا عيسى اما انه ما يحبك! فقال : بأبى وأمي يقول قولنا ويتولى من نتولى ، فقال : ان فيه نحوة إبليس ، فقال : بابى وأمي أليس يقول إبليس : (خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ)؟ فقال ابو عبد الله عليه‌السلام : ويقول الله : (وَشارِكْهُمْ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ) فالشيطان يباضع ابن آدم هكذا ، وقرن بين إصبعيه.

٢٩٩ ـ عن زرارة عن ابى جعفر عليه‌السلام قال سمعته يقول : كان الحجاج ابن

__________________

(١) كذا في النسخ لكن في المصدر هكذا : «صفوان المال قال : كنت ... اه».


شيطان يباضع ذي الردهة ، ثم قال ان يوسف دخل على أم الحجاج فأراد ان يضمها ، فقالت : أليس انما عهدك بذلك الساعة فأمسك عنها فولدت الحجاج.

٣٠٠ ـ عن يونس بن ابى الربيع الشامي (١) قال : كنت عنده ليلة فذكر شرك الشيطان ، فعظمه حتى أفزعني فقلت جعلت فداك فما المخرج منها وما نصنع؟ قال : إذا أردت المجامعة فقل : بسم الله الرحمن الرحيم الذي لا اله الا هو بديع السموات والأرض اللهم ان قضيت منى في هذه الليلة خليفة فلا تجعل للشيطان فيه نصيبا ولا شركا ولا حظا واجعله عبدا صالحا خالصا مخلصا مصغيا وذريته جل ثناؤك.

٣٠١ ـ في تفسير على بن إبراهيم (وَشارِكْهُمْ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ) ما كان من مال حرام فهو شرك الشيطان ، فاذا اشترى به الإماء ونكحهن وولد له فهو شرك الشيطان كما تلد منه ويكون مع الرجل إذا جامع ، فيكون الولد من نطفته ونطفة الرجل إذا كان حراما ، وفي حديث آخر إذا جامع الرجل اهله ولم يسم شاركه الشيطان.

٣٠٢ ـ في تفسير العياشي عن جعفر بن محمد الخزاعي عن أبيه قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يذكر في حديث غدير خم ، انه لما قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لعلى عليه‌السلام ما قال واقامه للناس ، صرخ إبليس صرخة فاجتمعت له العفاريت ، فقالوا : سيدنا ما هذه الصرخة؟ فقال : ويلكم يومكم كيوم عيسى ، والله لأضلن فيه الخلق ، قال : فنزل القرآن : (وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) فقال : فصرخ إبليس صرخة فرجعت اليه العفاريت ، فقالوا : يا سيدنا ما هذه الصرخة الأخرى؟ فقال : ويحكم حكى الله والله كلامي قرآنا وانزل عليه : (وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) ثم رفع رأسه الى السماء ثم قال : وعزتك وجلالك لا لحقن الفريق بالجميع ، قال : فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) (إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ) قال : فصرخ إبليس صرخة فرجعت اليه العفاريت فقالوا :

__________________

(١) هو خالد أو خليد ـ مصغرا ـ بن أو في العنزى الشامس ، عده الشيخ (ره) في رجاله من أصحابه الباقر عليه‌السلام ، وعليه فالضمير في قوله «عنده» يرجع اليه يعنى الباقر صلوات الله عليه.


يا سيدنا ما هذه الصرخة الثالثة؟ قال : والله من أصحاب على ولكن وعزتك وجلالك لأزينن لهم المعاصي حتى أبغضهم إليك ، قال : فقال ابو عبد الله عليه‌السلام : والذي بعث بالحق محمدا للعفاريت والابالسة على المؤمن أكثر من الزنابير على اللحم ، والمؤمن أشد من الجبل ، والجبل تدنوا اليه بالفأس فتنحت (١) منه والمؤمن لا يستقل عن دينه.

٣٠٣ ـ عن عبد الرحمن بن سالم في قول الله : (إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ وَكَفى بِرَبِّكَ وَكِيلاً) قال : نزلت في على بن ابى طالب عليه‌السلام ، ونحن نرجو أن تجري لمن أحب الله من عباده. قال عز من قائل : (وَإِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ)

٣٠٤ ـ في كتاب التوحيد حدثنا محمد بن القاسم الجرجاني المفسر رحمه‌الله قال : حدثنا ابو يعقوب يوسف بن محمد بن زياد وأبو الحسن على بن محمد بن سيار وكانا من الشيعة الامامية عن أبويهما عن الحسن بن على بن محمد عليهم‌السلام في قول الله عزوجل : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) ، فقال : الله هو الذي يتأله اليه عند الحوائج والشدائد كل مخلوق عند انقطاع الرجا من كل من دونه ، وتقطع الأسباب عن جميع من سواه ، تقول بسم الله اى أستعين على أموري كلها بالله الذي لا تحق العبادة الا له المغيث إذا استغيث ، المجيب إذا دعا ، وهو ما قال رجل للصادق عليه‌السلام : يا بن رسول الله دلني على الله ما هو؟ فقد كثر عليّ المجادلون وحيروني؟ فقال له : يا عبد الله هل ركبت سفينة قط؟ قال : نعم قال : فهل كسر بك حيث لا سفينة تنجيك ولا سباحة تعينك؟ قال : نعم ، قال : فهل تعلق قلبك هنا لك ان شيئا من الأشياء قادر على ان يخلصك من ورطتك؟ قال : نعم ، قال الصادق عليه‌السلام : فذلك الشيء هو الله القادر على الإنجاء حيث لا منجى ، وعلى الاغاثة حيث لا مغيث ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٣٠٥ ـ في تفسير على بن إبراهيم وفي رواية ابى الجارود عن ابى جعفر عليه‌السلام في قوله : (قاصِفاً مِنَ الرِّيحِ) قال : هي العاصف.

__________________

(١) وفي بعض النسخ «تواليه بالفأس» وفأس ـ كفلس ـ : آلة ذات هراوة قصيرة يقطع بها الخشب وغيره وبالفارسية «تبر» ونحت الجبل : حفره.


٣٠٦ ـ في أمالي شيخ الطائفة قدس‌سره باسناده الى زيد بن على عليه‌السلام عن ابى عبد الله عليه‌السلام في قوله تعالى : (وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ) يقول : فضلنا بنى آدم على ساير الخلق (وَحَمَلْناهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ) يقول : على الرطب واليابس (وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ) يقول : من طيبات الثمار كلها وفضلناهم يقول : ليس من دابة ولا طاير الا تأكل وتشرب بفيها ، ولا ترفع بيدها الى فيها طعاما وشرابا غير ابن آدم ، فانه يرفع الى فيه بيده طعامه ، فهذا من التفضيل.

٣٠٧ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثنا جعفر بن أحمد قال : حدثنا عبد الكريم ابن عبد الرحيم قال : حدثنا محمد بن على عن محمد بن الفضيل عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر ، قال : ان الله لا يكرم روح الكافر ، ولكن كرم أرواح عليه‌السلام المؤمنين ، وانما كرامة النفس والدم بالروح والرزق الطيب هو العلم.

٣٠٨ ـ حدثني ابى عن اسحق بن الهيثم عن سعد بن طريف عن الأصبغ بن نباتة ان عليا عليه‌السلام سئل عن قول الله تبارك وتعالى : (وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) قال : السموات والأرض وما بينهما من مخلوق في جوف الكرسي ، وله اربعة أملاك يحملونه بإذن الله ، فاما ملك منهم ففي صورة الآدميين وهي أكرم الصور على الله ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٣٠٩ ـ في محاسن البرقي عنه عن بعض أصحابنا عن على بن أسباط عن عمه يعقوب أو غيره رفعه قال : كان أمير المؤمنين عليه‌السلام يقول : اللهم ان هذا من عطائك فبارك لنا فيه وسوغناه ، واخلف لنا خلفا لما أكلناه أو شربناه ، لا من حول منا ولا قوة ، ورزقت فأحسنت ، فلك الحمد ، رب اجعلنا من الشاكرين ، وإذا فرغ قال : الحمد لله الذي كفانا وأكرمنا وحملنا في البر والبحر ورزقنا من الطيبات ، وفضلنا على كثير ممن خلق تفضيلا ، الحمد لله الذي كفانا المؤنة وأسبغ علينا.

٣١٠ ـ عنه عن محمد بن عبد الله عن عمر المتطبب عن ابن يحيى الصنعاني عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : كان على بن الحسين عليه‌السلام إذا وضع الطعام بين يديه قال :


اللهم هذا [من] منك وفضلك وعطائك فبارك لنا فيه وسوغناه وارزقنا خلفا لما أكلناه ورب محتاج اليه رزقت وأحسنت ، اللهم اجعلنا من الشاكرين ، وإذا رفع الخوان قال : الحمد لله الذي حملنا في البر والبحر ، ورزقنا من الطيبات وفضلنا على كثير من خلقه أو ممن خلق تفضيلا.

٣١١ ـ في كتاب الخصال فيما علم أمير المؤمنين عليه‌السلام أصحابه : إذا نظر أحدكم في المرآة فليقل : الحمد لله الذي خلقني فأحسن خلقي ، وصورني فأحسن صورتي ، وزان منى ما شأن من غيري وأكرمني بالإسلام.

٣١٢ ـ عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : المؤمن أعظم حرمة من الكعبة.

٣١٣ ـ في عيون الاخبار باسناده الى الرضا عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ان المؤمن يعرف بالسماء كما يعرف الرجل ولده (١) ، وانه لا أكرم على الله تعالى من ملك مقرب.

٣١٤ ـ وباسناده قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا على كرامة المؤمن على الله انه لم يجعل لأجله وقتا حتى يهم ببائقة (٢) فاذا هم ببائقة قبضه الله اليه.

٣١٥ ـ في تفسير العياشي عن جابر عن أبي جعفر عليه‌السلام (وَفَضَّلْناهُمْ عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِيلاً) قال : خلق كل شيء منكبا غير الإنسان خلق منتصبا.

٣١٦ ـ في كتاب علل الشرائع أبي (ره) قال حدثنا سعد بن عبد الله عن أحمد ابن محمد بن عيسى عن على بن الحكم عن عبد الله بن سنان قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام فقلت : الملائكة أفضل أم بنو آدم؟ فقال : قال أمير المؤمنين على بن أبي طالب عليه‌السلام : ان الله عزوجل ركب في الملائكة عقلا بلا شهوة ، وركب في البهائم شهوة بلا عقل ، وركب في بنى آدم كلتيهما ، فمن غلب عقله شهوته فهو خير من الملائكة ، ومن غلبت شهوته عقله فهو شر من البهائم.

٣١٧ ـ وباسناده الى عبد السلام بن صالح الهروي عن على بن موسى الرضا عن

__________________

(١) وفي المصدر هكذا «ان المؤمن يعرف في السماء كما يعرف الرجل أهله وولده».

(٢) البائقة : الداهية. الظلم والتعدي عن الحق.


أبيه عن آبائه عن على بن أبي طالب عليهم‌السلام عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله حديث طويل يقول فيه صلى‌الله‌عليه‌وآله : فان الملائكة لخدامنا وخدام محبينا ، يا على (الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا) بولايتنا ، يا على لو لا نحن ما خلق الله آدم ولا حوا ولا الجنة ولا النار ولا السماء ولا الأرض ، وكيف لا نكون أفضل من الملائكة وقد سبقناهم الى معرفة ربنا وتسبيحه [وتهليله] وتقديسه ، ان الله تبارك وتعالى خلق آدم فأودعنا صلبه وأمر الملائكة بالسجود تعظيما لنا وإكراما ، وكان سجودهم لله عزوجل عبودية ولآدم إكراما وطاعة لكوننا في صلبه ، فكيف لا نكون أفضل من الملائكة ، وقد سجدوا لادم كلهم أجمعون.

٣١٨ ـ وقد روينا عن أبي عبد الله عليه‌السلام انه قال : ان في الملائكة من باقة (١) بقل خير [منه] والأنبياء والحجج يعلمون ذلك لهم وفيهم ما جهلناه.

٣١٩ ـ وباسناده الى ابن عباس عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله حديث طويل يقول فيه : لما عرج بى الى السماء الرابعة اذن جبرئيل وأقام ميكائيل ، ثم قيل لي : ادن يا محمد فقلت : أتقدم وأنت بحضرتي يا جبرئيل؟ قال : نعم ، ان الله عزوجل فضل أنبياءه المرسلين على ملائكته المقربين ، وفضلك أنت خاصة ، فدنوت فصليت بأهل السماء الرابعة.

٣٢٠ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن محمد بن إسماعيل عن محمد بن الفضيل عن أبي الصباح الكناني عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : ما خلق الله عزوجل خلقا أكرم على الله عزوجل من مؤمن ، لان الملائكة خدام المؤمنين ، وان جوار الله للمؤمنين ، وان الجنة للمؤمنين ، وان الحور العين للمؤمنين ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٣٢١ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه‌الله عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله حديث طويل وفيه : يا رسول الله أخبرنا عن على هو أفضل أم ملائكة الله المقربون؟ فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله :

__________________

(١) الباقة : الحزمة من الزهر أو البقل.


وهل شرفت الملائكة الا بحبها لمحمد وعلى وقبول ولايتهما ، انه لا أحد من محبي على عليه‌السلام نظف قلبه من الغش والدغل والعلل ونجاسة الذنوب الا كان أطهر وأفضل من الملائكة.

٣٢٢ ـ وفيه عن أبي عبد الله عليه‌السلام حديث طويل يقول فيه السائل : قلت : الرسول أفضل أم الملك المرسل اليه؟ قال : بل الرسول أفضل.

٣٢٣ ـ في كتاب ثواب الأعمال باسناده الى أبي هريرة وعبد الله بن عباس قالا : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في أثناء كلام طويل : أنتم أفضل من الملائكة.

٣٢٤ ـ في اعتقادات الامامية للصدوق عليه الرحمة وقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : انا أفضل من جبرئيل وميكائيل وإسرافيل وجميع الملائكة المقربين ، وانا خير البرية وسيد ولد آدم.

٣٢٥ ـ في محاسن البرقي عنه عن أبيه عن النضر بن سويد عن ابن مسكان عن يعقوب بن شعيب قال : قلت لأبى عبد الله عليه‌السلام (يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ) فقال : يدعو كل قرن من هذه الأمة بإمامهم ، قلت : فيجيء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في قرنه وعلى عليه‌السلام في قرنه والحسن عليه‌السلام في قرنه والحسين عليه‌السلام في قرنه الذي هلك بين أظهرهم؟ قال : نعم.

٣٢٦ ـ في عيون الاخبار عن الرضا عليه‌السلام وباسناده قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في قوله تعالى : (يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ) قال : يدعى كل قوم بإمام زمانهم ، وكتاب الله وسنة نبيهم.

٣٢٧ ـ في كتاب الخصال باسناده الى الأصبغ بن نباتة قال : أمرنا أمير المؤمنين عليه‌السلام بالمسير الى المدائن من الكوفة ، فسرنا يوم الأحد وتخلف عمرو بن حريث في سبعة نفر ، فخرجوا الى مكان بالحيرة يسمى الخورنق ، فقالوا نتنزه (١) فاذا كان

__________________

(١) نزه الرجل : تباعد عن كل مكروه ، يقال : خرجنا نتنزه إذا خرجوا الى البساتين والخضر والرياض.


الأربعاء خرجنا فلحقنا عليا قبل ان يجمع ، فبينا هم يتغدون إذ خرج عليهم ضب فصادوه فأخذه عمرو بن حريث فنصب كفه وقال : بايعوا هذا أمير المؤمنين ، فبايعه السبعة وعمرو ثامنهم ، وارتحلوا ليلة الأربعاء فقدموا المدائن يوم الجمعة وأمير المؤمنين عليه‌السلام يخطب ولم يفارق بعضهم بعضا وكانوا جميعا حتى نزلوا على باب المسجد ، فلما دخلوا نظر إليهم أمير المؤمنين عليه‌السلام فقال : يا ايها الناس ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أسر الى الف حديث في كل حديث الف باب ، لكل باب الف مفتاح ، وانى سمعت الله جل جلاله يقول : (يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ) وانى اقسم لكم بالله ليبعثن يوم القيمة ثمانية نفر يدعون بإمامهم وهو ضب ، ولو شئت ان اسميهم لفعلت ، قال : فلقد رأيت عمرو بن حريث سقط كما تسقط السعفة حياء ولوما.

٣٢٨ ـ في أصول الكافي على بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس بن عبد الرحمن عن حماد عن عبد الأعلى قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : السمع والطاعة أبواب الخير السامع المطيع لا حجة عليه ، والسامع العاصي لا حجة له ، وامام المسلمين تمت حجته واحتجاجه يوم يلقى الله عزوجل ، ثم قال : يقول الله تبارك وتعالى : (يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ).

٣٢٩ ـ محمد بن يحيى عن احمد بن محمد عن الحسن بن محبوب عن عبد الله غالب عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : لما نزلت هذه الآية (يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ) قال المسلمون : يا رسول الله الست امام الناس كلهم أجمعين؟ قال : فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : انا رسول الله الى الناس أجمعين ، ولكن سيكون من بعدي أئمة على الناس من الله من أهل بيتي يقومون في الناس فيكذبون وتظلمهم أئمة الكفر والضلال وأشياعهم ، فمن والاهم واتبعهم وصدقهم فهو منى ، ومعى وسيلقاني الا ومن ظلمهم وكذبهم فليس منى ولا معى وانا منه برىء.

٣٣٠ ـ على بن محمد عن سهل بن زياد عن محمد بن الحسن بن شمون عن عبد الله ابن عبد الرحمن عن عبد الله بن القاسم بن البطل عن عبد الله بن سنان قال : قلت


لابي عبد الله عليه‌السلام : (يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ) قال : امامهم الذي بين أظهر هم وهو قائم أهل زمانه.

٣٣١ ـ عدة من أصحابنا عن احمد بن محمد بن خالد عن محمد بن الحسن بن شمون عن عبد الله بن عمرو بن الأشعث عن عبد الله بن حماد الأنصاري عن يحيى بن عبد الله بن الحسن عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يجيء كل غادر بإمام يوم القيمة مائلا شدقه حتى يدخل النار.

٣٣٢ ـ في تفسير على بن إبراهيم أخبرنا احمد بن إدريس قال : حدثنا احمد بن محمد بن عيسى عن الحسين بن سعيد بن حماد بن عيسى عن ربعي بن عبد الله عن الفضيل بن يسار عن أبي جعفر عليه‌السلام في قول الله تبارك وتعالى : (يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ) قال : يجيء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في قومه وعلى في قومه ، والحسن في قومه ، والحسين في قومه ، وكل من مات بين ظهراني قوم جاؤا معه.

٣٣٣ ـ وقال على بن إبراهيم في قوله : (يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ) قال : ذلك يوم القيمة ينادى مناد : ليقم ابو بكر وشيعته وعمر وشيعته ، وعثمان وشيعته ، وعلى وشيعته.

٣٣٤ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) عن أمير المؤمنين عليه‌السلام حديث طويل يقول فيه عليه‌السلام وقد ذكر المنافقين وكذلك قوله : «سلام على آل ياسين» لان الله سمى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بهذا الاسم حيث قال : (يس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ) لعلمه انهم يسقطون لا قول «سلام على آل محمد» كما اسقطوا غيره ، وكذلك قال : (يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ) ولم يسم بأسمائهم وأسماء آبائهم وأمهاتهم.

٣٣٥ ـ في أمالي الصدوق (ره) باسناده الى أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سأل رجل يقال له بشر بن غالب أبا عبد الله الحسين عليه‌السلام فقال : يا بن رسول الله أخبرني عن قول الله عزوجل : (يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ) قال : امام دعا الى هدى فأجابوه اليه ، وامام دعا الى ضلالة فأجابوه إليها ، هؤلاء في الجنة ، وهؤلاء في النار ، وهو قوله عزوجل (فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ) والحديث طويل أخذنا موضع الحاجة.


٣٣٦ ـ في الصحيفة السجادية اللهم انك أيدت دينك في كل أوان بإمام أقمته علما لعبادك ، ومنارا في بلادك ، بعد أن وصلت حبلة بحبلك ، وجعلته الذريعة الى رضوانك ، وافترضت طاعته وحذرت معصيته ، وأمرت بامتثال أمره والانتهاء عند نهيه ، ولا يتقدمه متقدم ، ولا يتأخر عنه متأخر.

٣٣٧ ـ في مصباح الشريعة قال الصادق عليه‌السلام : قال الله تعالى : (يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ) اى من كان اقتدى بمحق قبل وزكى.

٣٣٨ ـ في الخرائج والجرائح في أعلام أبي محمد العسكري قال أبو هاشم بعد أن روى كرامة له عليه‌السلام فجعلت أفكر في نفسي عظم ما أعطى الله آل محمد ، وبكيت فنظر الى وقال : الأمر أعظم مما حدثت به في نفسك من عظم شأن آل محمد ، فاحمد الله أن يجعلك متمسكا بحبلهم ، تدعى القيمة بهم إذا دعا كل أناس بإمامهم انك على خير.

٣٣٩ ـ في كتاب الرجال للكشي (ره) فضالة بن جعفر عن أبان عن حمزة بن الطيار ان أبا عبد الله عليه‌السلام أخذ بيدي ثم عد الائمة إماما يحسبهم حتى انتهى الى أبي جعفر عليه‌السلام فكف ، فقلت : جعلني الله فداك لو فلقت رمانة فأحللت بعضها وحرمت بعضها لشهدت ان ما حرمت حرام وما أحللت حلال ، فقال : فحسبك ان تقول بقوله وما أنا الا مثلهم ، لي مالهم وعلى ما عليهم ، فان أردت أن تجيء مع الذين قال الله تعالى : (يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ) فقل بقوله.

٣٤٠ ـ في تفسير العياشي عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام انه إذا كان يوم القيمة يدعى كل بإمامة الذي مات في عصره ، فان انتبه اعطى كتابه بيمينه لقوله : (يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ) فان اوتى كتابه بيمينه (فَيَقُولُ : هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ) الاية والكتاب الامام ، فمن نبذه وراء ظهره كان كما قال نبذوه وراء ظهورهم ، ومن أنكره كان من أصحاب الشمال الذين قال الله : (ما أَصْحابُ الشِّمالِ فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ) الى آخر الاية.


٣٤١ ـ عنه عن محمد بن مسلم عن أحدهما قال : سألته عن قوله (يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ) قال : من كان يأتمون به في الدنيا ويؤتى بالشمس والقمر فيقذفان في حميم ومن يعبدهما.

٣٤٢ ـ عن جعفر بن احمد عن الفضل بن شاذان انه وجد مكتوبا بخط أبيه عن أبي بصير قال : أخذت بفخذ أبي عبد الله عليه‌السلام فقلت : أشهد انك امامى ، فقال : اما انه سيدعى كل أناس بإمامهم أصحاب الشمس بالشمس وأصحاب القمر بالقمر وأصحاب النار بالنار ، وأصحاب الحجارة بالحجارة.

٣٤٣ ـ عن عمار الساباطي عن أبي عبد الله عليه‌السلام لا تترك الأرض بغير امام يحل حلال الله ويحرم حرام الله ، وهو قول الله : (يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ) ثم قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من مات بغير امام مات ميتة جاهلية فمدوا أعناقهم وفتحوا أعينهم ، فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : أليست الجاهلية الجهلاء فلما خرجنا من عنده قال لنا سليمان : هو والله الجاهلية الجهلاء ، ولكن لما رآكم مددتم أعناقكم وفتحتم أعينكم قال لكم كذلك.

٣٤٤ ـ عن بشير الدهان عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : أنتم والله على دين الله ، ثم تلا (يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ) ثم قال : على إمامنا ورسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إمامنا ، كم من امام يجيء يوم القيمة يلعن أصحابه ويلعنونه ، ونحن ذرية محمد ، وامنا فاطمة.

٣٤٥ ـ عن اسمعيل بن همام قال : قال الرضا عليه‌السلام في قول الله : (يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ) قال : إذا كان يوم القيمة قال الله : أليس عدل من ربكم أن تولوا كل قوم من تولوا؟ قالوا : بلى ، قال : فيقول تميزوا فيتميزون.

٣٤٦ ـ عن محمد بن حمران عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ان كنتم تريدون ان تكونوا معنا يوم القيمة لا يلعن بعضنا بعضا فاتقوا الله وأطيعوا. فان الله يقول : (يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ).

٣٤٧ ـ في مجمع البيان وروى عن الصادق عليه‌السلام انه قال : ألا تمجدون الله ،


إذا كان يوم القيامة فدعى كل قوم الى من يتولون وفرغنا الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وفرغتم إلينا (١) قال : اين ترون يذهب بكم؟ الى الجنة ورب الكعبة. قالها ثلثا.

٣٤٨ ـ في أصول الكافي على بن محمد عن بعض أصحابه عن آدم بن اسحق عن عبد الرزاق بن مهران عن الحسين بن ميمون عن محمد بن سالم عن أبي جعفر عليه‌السلام حديث طويل يقول فيه عليه‌السلام : وليست تشهد الجوارح على مؤمن انما تشهد على من حقت عليه كلمة العذاب ، فأما المؤمن فيعطى كتابه بيمينه ، قال الله عزوجل : «فأما (فَمَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولئِكَ يَقْرَؤُنَ كِتابَهُمْ وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً).

٣٤٩ ـ في تفسير على بن إبراهيم (وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً) قال : الجلدة التي في ظهر النواة.

٣٥٠ ـ في عيون الاخبار في باب مجلس للرضا عليه‌السلام مع أهل الأديان والمقالات في التوحيد كلام للرضا عليه‌السلام مع عمران وفيه : إياك وقول الجهال أهل العمى والضلال ، الذين يزعمون ان الله جل وتقدس موجود في الاخرة للحساب والثواب والعقاب ، وليس بموجود في الدنيا للطاعة والرجا ولو كان في الوجود لله عزوجل نقص واهتضام (٢) لم يوجد في الاخرة أبدا ، ولكن القوم تاهوا وعموا عن الحق من حيث لا يعلمون ، وذلك قوله عزوجل : (وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى وَأَضَلُّ سَبِيلاً) يعنى أعمى عن الحقائق الموجودة.

٣٥١ ـ في كتاب الخصال عن أمير المؤمنين عليه‌السلام حديث طويل وفيه يقول عليه‌السلام : أشد العمى من عمى عن فضلنا أو ناصبنا العداوة بلا ذنب سبق اليه منا ، الا أنا دعوناه الى الحق ، ودعاه من سوانا الى الفتنة والدنيا ، فأتاهما ونصب البراءة منا والعداوة.

٣٥٢ ـ في كتاب التوحيد أبي رحمه‌الله قال : حدثنا سعد بن عبد الله قال : حدثنا

__________________

(١) فرغ اليه : قصد.

(٢) الاهتضام : الكسر والنقص.


أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن محبوب عن العلا بن رزين عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى) قال : من لم يدله خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار ودوران الفلك والشمس والقمر والآيات العجيبات على ان وراء ذلك أمر أعظم منه (فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى وَأَضَلُّ سَبِيلاً)

٣٥٣ ـ في الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن القاسم بن محمد عن على بن أبي حمزة عن أبي بصير قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله تعالى : (وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى وَأَضَلُّ سَبِيلاً) قال : ذلك الذي يسوف نفسه الحج يعنى حجة الإسلام حتى يأتيه الموت.

٣٥٤ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثني أبي عن حماد بن عيسى عن إبراهيم بن عمر اليماني عن أبي الطفيل عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : جاء رجل الى على بن الحسين فقال له : ان ابن عباس يزعم انه يعلم كل آية نزلت في القرآن في اي يوم نزلت وفيمن نزلت ، فقال أبي عليه‌السلام : سله فيمن نزلت : (وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى وَأَضَلُّ سَبِيلاً) وفيمن نزلت : (وَلا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كانَ اللهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ) وفيمن نزلت : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصابِرُوا وَرابِطُوا) فأتاه الرجل فسأله فقال : وددت ان الذي أمرك بهذا واجهنى به فأسأله عن العرش مم خلقه الله ومتى خلقه وكم هو وكيف هو؟ فانصرف الرجل الى أبي عليه‌السلام فقال أبي : فهل أجابك بالآيات؟ قال : لا ، قال أبي : لكن أجيبك فيها بعلم ونور غير المدعى ولا المنتحل ، واما قوله : (وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى وَأَضَلُّ سَبِيلاً) ففيه نزل وفي أبيه ، واما قوله : (وَلا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ) ففي أبيه نزلت ، واما قوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصابِرُوا وَرابِطُوا) الآية ففي أبيه نزلت وفينا ولم يكن الرباط الذي أمرنا به وسيكون ذلك من نسلنا المرابط ومن نسله المرابط (١) ، والحديث طويل

__________________

(١) قيل يحتمل ان يكون المراد من قوله عليه‌السلام : «نزلت الاية ... اه» يعنى انهم


ـ أخذنا منه موضع الحاجة.

٣٥٥ ـ وقال أبو عبد الله عليه‌السلام أيضا : (وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى وَأَضَلُّ سَبِيلاً) قال : نزلت فيمن يسوف الحج حتى مات ولم يحج فعمي عن فريضة من فرائض الله

٣٥٦ ـ وفيه خطبة له صلى‌الله‌عليه‌وآله وفيها : وأعمى العمى عمى الضلالة بعد الهدى ، وشر العمى عمى القلب.

٣٥٧ ـ في كتاب ثواب الأعمال رفعه الى أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : تحشر المرجئة عميانا فأقول لهم : ليسوا من امة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، انهم بدلوا فبدل بهم وغيروا فغير ما بهم.

٣٥٨ ـ وفيه باسناده الى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله انه قال : ومن قرأ القرآن ولم يعمل به حشره الله عزوجل يوم القيمة أعمى ، فيقول : (رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً قالَ كَذلِكَ أَتَتْكَ آياتُنا فَنَسِيتَها وَكَذلِكَ الْيَوْمَ تُنْسى) فيؤمر به الى النار ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٣٥٩ ـ في تفسير على بن إبراهيم و (إِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنا غَيْرَهُ) قال : يعنى أمير المؤمنين وإذا لاتخذوك خليلا اى صديقا لو أقمت غيره.

٣٦٠ ـ في عيون الاخبار في باب ذكر مجلس الرضا عليه‌السلام عند المأمون في عصمة الأنبياء عليهم‌السلام حديث طويل يقول فيه المأمون للرضا عليه‌السلام : فأخبرنى عن قول الله تعالى : (عَفَا اللهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ) قال الرضا عليه‌السلام : هذا مما نزل بإياك اعنى واسمعي يا جاره (١)

__________________

مأمورون برباطنا وصلننا وقد تركوا ولم يأتمروا وسيكون ذلك في زمان ظهور القائم عليه‌السلام فيرابطنا من بقي من نسلهم فينصرون قائمنا فيكون من نسلنا المرابط بالفتح اعنى القائم عجل الله تعالى فرجه الشريف ومن نسله المرابط بالكسر ويحتمل على هذا الوجه أيضا الكسر فيهما والفتح فتأمل.

(١) هذا مثل يضرب لمن يتكلم بكلام ويريد به شيئا غيره ، وقيل ان أول من قال ذلك سهل بن مالك الزاري ، وقصته مذكورة في كتاب مجمع الأمثال (ج ١ : ٥٠ ط مصر)


خاطب الله تعالى بذلك نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله وأراد به أمته ، وكذلك قوله عزوجل : (لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ) وقوله تعالى : و (لَوْ لا أَنْ ثَبَّتْناكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً) قال : صدقت يا بن رسول الله.

٣٦١ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن عبد الله بن محمد عن على بن الحكم عن عبد الله بن بكير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : نزل القرآن بإياك أعنى واسمعي يا جاره.

٣٦٢ ـ وفي رواية اخرى عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : معناه ما عتب الله عزوجل به على نبيه فهو يعنى به ما قد قضى في القرآن مثل قوله : (وَلَوْ لا أَنْ ثَبَّتْناكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً) عنى بذلك غيره.

٣٦٣ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) عن أمير المؤمنين عليه‌السلام مجيبا لبعض الزنادقة وقد قال : ثم خاطبه في أضعاف ما اثنى عليه في الكتاب من الإزراء (١) وانخفاض محله وغير ذلك تهجينه وتأنيبه ما لم يخاطب به أحدا من الأنبياء ، مثل قوله : و (لَوْ لا أَنْ ثَبَّتْناكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً) والذي بدأ في الكتاب من الإزراء على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله من قربه الملحدين.

٣٦٤ ـ في تفسير العياشي عن أبي يعقوب عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن قول الله : (وَلَوْ لا أَنْ ثَبَّتْناكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً) قال : لما كان يوم الفتح اخرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أصناما من المسجد وكان منها صنم على المروة ، وطلبت اليه قريش ان يتركه ، وكان مستحيا فهم بتركه ، ثم امر بكسره فنزلت هذه الآية.

٣٦٥ ـ عن ابن أبي عمير عمن حدثه عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ما عاتب الله نبيه فهو يعنى به من قد مضى في القرآن مثل قوله : (وَلَوْ لا أَنْ ثَبَّتْناكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً) عنى بذلك غيره.

٣٦٦ ـ عن عبد الله بن عثمان البجلي عن رجل ان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله اجتمعا عنده وابنتيهما فتكلموا في على وكان من النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أن يلين لهما في بعض القول ، فأنزل الله :

__________________

(١) ازرأه : عابه ووضع من حقه.


ـ (لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً إِذاً لَأَذَقْناكَ ضِعْفَ الْحَياةِ وَضِعْفَ الْمَماتِ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنا نَصِيراً) ثم لا تجد لك مثل على وليا.

٣٦٧ ـ في مجمع البيان (ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنا نَصِيراً) قيل : لما نزلت هذه الآية

قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : اللهم لا تكلني الى نفسي طرفة عين أبدا عن قتادة.

٣٦٨ ـ في تفسير العياشي عن بعض أصحابنا عن أحد هما عليه‌السلام قال : ان الله قضى الاختلاف على خلقه وكان امرا قد قضاه في حكمه كما قضى على الأمم من قبلكم ، وهي السنن والأمثال تجري على الناس فجرت علينا كما جرت على الذين من قبلنا وقول الله حق ، قال الله تبارك وتعالى لمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله : (سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنا وَلا تَجِدُ لِسُنَّتِنا تَحْوِيلاً) (فَهَلْ يَنْتَظِرُونَ إِلَّا مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِهِمْ قُلْ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ) وقال : لا تبديل لقول الله وقد قضى الله على موسى وهو مع قومه يريهم الآيات والعبر (١) ثم مروا على قوم يعبدون أصناما (قالُوا يا مُوسَى اجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ قالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ) فاستخلف موسى هارون فنصبوا (عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوارٌ فَقالُوا هذا إِلهُكُمْ وَإِلهُ مُوسى) وتركوا هارون ، فقال : (يا قَوْمِ إِنَّما فُتِنْتُمْ بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي ، قالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنا مُوسى) فضرب لكم أمثالهم وبين لكم كيف صنع بهم. وقال : ان نبي الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لم يقبض حتى أعلم الناس أمر على عليه‌السلام فقال : من كنت مولاه فعلى مولاه وقال : انه منى بمنزلة هارون من موسى غير انه لا نبي بعدي ، وكان صاحب راية رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في المواطن كلها ، وكان معه في المسجد يدخل على كل حال ، وكان أول الناس ايمانا به فلما قبض نبي الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كان الذي كان لما قضى من الاختلاف ، وعمد عمر فبايع أبا بكر ولم يدفن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بعد ، فلما راى ذلك علي عليه‌السلام وراى الناس قد بايعوا أبا بكر ، خشي ان يفتتن الناس ، ففرغ الى كتاب الله وأخذ بجمعه في مصحف ، فأرسل أبو بكر اليه ان تعال فبايع ، فقال على : لا أخرج حتى أجمع القرآن ، فأرسل اليه مرة

__________________

(١) وفي المصدر «والنذر» مكان «المعبر».


اخرى فقال : لا أخرج حتى افرغ ، فأرسل اليه الثالثة ابن عم له يقال له قنفذ فقامت فاطمة بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله تحول بينه وبين على عليه‌السلام فضربها فانطلق قبله وليس معه على عليه‌السلام فخشي ان يجمع على الناس ، فأمر بحطب فجعل حوالي بيته ثم انطلق عمر بنار فأراد أن يحرق على على بيته وعلى فاطمة والحسن والحسين صلوات الله عليهم ، فلما راى ذلك خرج فبايع كارها غير طائع.

٣٦٩ ـ عن أبي العباس عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله : (سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنا) قال : هي سنة محمد ، ومن كان قبله من الرسل وهي الإسلام.

٣٧٠ ـ في تهذيب الأحكام أحمد بن محمد بن عيسى عن حماد عن حريز عن زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : سألته عما فرض الله من الصلوة ، فقال : خمس صلوات في الليل والنهار ، فقلت : هل سماهن الله وبينهن في كتابه؟ فقال : نعم ، قال الله عزوجل لنبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله : (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ) ودلوكها زوالها ، ففي ما بين دلوك الشمس الى غسق الليل أربع صلوات سماهن وبينهن ووقتهن ، وغسق الليل انتصافه ، ثم قال : (وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً) فهذه الخامسة.

٣٧١ ـ في من لا يحضره الفقيه ، وروى بكر بن محمد عن أبي عبد الله عليه‌السلام انه قال : وأول وقت العشاء الآخرة ذهاب الحمرة ، وآخر وقتها الى غسق الليل يعنى نصف الليل.

٣٧٢ ـ في الكافي على بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس عن يزيد ابن خليفة قال : قلت لابي عبد الله عليه‌السلام : ان عمر بن حنظلة أتانا عنك بوقت ، فقال أبو عبد الله : إذا لا يكذب علينا ، قلت : ذكر انك قلت : أول صلوة افترضها الله على نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله الظهر ، وهو قول الله عزوجل : (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ) فاذا زالت الشمس لم يمنعك الا سبحتك ثم لا تزال في وقت الى أن يصير الظل قامة وهو آخر الوقت ، فاذا صار الظل قامة دخل وقت العصر فلم تزل في وقت حتى يصير الظل قامتين ، وذلك المساء ، فقال : صدق.


٣٧٣ ـ على بن محمد عن سهل بن زياد عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن عبد الرحمان بن سالم عن اسحق بن عمار قال : قلت لابي عبد الله عليه‌السلام : أخبرنى بأفضل المواقيت في صلوة الفجر ، فقال : مع طلوع الفجر ان الله يقول : (وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً) يعنى صلوة الفجر تشهده ملائكة الليل وملائكة النهار ، فاذا صلى العبد الصبح مع طلوع الفجر أثبتت له مرتين ، أثبتها ملائكة الليل وملائكة النهار.

٣٧٤ ـ على بن محمد عن بعض أصحابنا عن على بن الحكم عن ربيع بن محمد المسلي عن عبد الله بن سليمان العامري عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : لما عرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله نزل بالصلوة عشر ركعات ركعتين ركعتين فلما ولد الحسن والحسين زاد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله سبع ركعات شكرا لله ، فأجاز الله له ذلك ، وترك الفجر لم يزد فيها ، لأنه يحضرها ملائكة الليل وملائكة النهار.

٣٧٥ ـ في من لا يحضره الفقيه سئل الصادق عليه‌السلام : لم صارت المغرب ثلث ركعات وأربعا بعدها ليس فيها تقصير في حضر ولا سفر؟ فقال : ان الله تبارك وتعالى أنزل على نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله كل صلوة ركعتين ، فأضاف إليها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لكل صلوة ركعتين في الحضر ، وقصر فيها في السفر ، الا المغرب والغداة ، فلما صلى عليه‌السلام المغرب بلغه مولد فاطمة عليها‌السلام فأضاف إليها ركعة شكرا لله عزوجل ، فلما ان ولد الحسن عليه‌السلام أضاف إليها ركعتين شكرا لله عزوجل ، فلما أن ولد الحسين عليه‌السلام أضاف إليها ركعتين شكرا لله عزوجل ، فقال : (لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) فتركها على حالها في السفر والحضر.

٣٧٦ ـ في تفسير العياشي عن زرارة وحمران ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما‌السلام عن قوله : (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ) قال : جمعت الصلوات كلهن ودلوك الشمس زوالها ، وغسق الليل انتصافه ، وقال : انه ينادى مناد من السماء كل ليلة إذا انتصف الليل : من رقد عن صلوة العشاء الى هذه الساعة فلا نامت


عيناه ، (وَقُرْآنَ الْفَجْرِ) قال : صلوة الصبح ، واما قوله : (كانَ مَشْهُوداً) قال : تحضره ملائكة الليل والنهار.

٣٧٧ ـ وعن عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله : (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ) قال : ان الله افترض أربع صلوات أول وقتها من زوال الشمس الى انتصاف الليل ، منها صلوتان أول وقتها من عند زوال الشمس الى غروبها ، الا ان هذه قبل هذه ، ومنها صلوتان أول وقتها من غروب الشمس الى انتصاف الليل الا ان هذه قبل هذه.

٣٧٨ ـ عن زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام في قول الله : (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ) قال : دلوكها زوالها ، غسق الليل الى نصف الليل ، ذلك أربع صلوات وضعهن رسول الله ووقتهن للناس ، وقرآن الفجر صلوة الغداة.

٣٧٩ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده الى سعيد بن المسيب قال : سألت على ابن الحسين صلوات الله عليه فقلت له : متى فرضت الصلوة على المسلمين على ما هم اليوم عليه؟ قال : فقال : بالمدينة حين ظهرت الدعوة وقوى الإسلام ، وكتب الله عزوجل الجهاد ، زاد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في الصلوة سبع ركعات ، في الظهر ركعتين ، وفي العصر ركعتين ، وفي المغرب ركعة وفي العشاء الآخرة ركعتين ، وأقرا الفجر على ما فرضت بمكة ، لتعجيل عروج ملائكة الليل الى السماء ، ولتعجيل ملائكة النهار الى الأرض ، فكانت ملائكة النهار وملائكة الليل يشهدون مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله صلوة الفجر ، فلذلك قال عزوجل : (وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً) يشهده المسلمون ، ويشهده ملائكة النهار ، وملائكة الليل.

٣٨٠ ـ وباسناده الى أبى هاشم الخادم عن أبى الحسن الماضي عليه‌السلام حديث طويل يقول في آخره : وما بين غروب الشمس الى سقوط الشفق غسق.

٣٨١ ـ وباسناده الى الحسن بن عبد الله عن آبائه عن جده الحسن بن على بن أبي طالب عليهم‌السلام قال : جاء نفر من اليهود الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فسأله أعلمهم عن مسائل


فكان فيما سأله ان قال : أخبرنى عن الله عزوجل لأي شيء فرض هذه الخمس صلوات في خمس مواقيت على أمتك في ساعات الليل والنهار؟ فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : ان الشمس عند الزوال لها حلقة تدخل فيها ، فاذا دخلت فيها زالت الشمس فيسبح كل شيء دون العرش بحمد ربي جل جلاله ، وهي الساعة التي يصلى على فيها ربي ، ففرض الله عزوجل على وعلى أمتي فيها الصلوة وقال : (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ) وهي الساعة التي يؤتى فيها بجهنم يوم القيمة ، فما من مؤمن يوافق تلك الساعة أن يكون ساجدا أو راكعا أو قائما الا حرم الله عزوجل جسده على النار ، واما صلوة العصر فهي الساعة التي أكل آدم عليه‌السلام فيها من الشجرة ، فأخرجه الله عزوجل من الجنة فأمر الله عزوجل ذريته بهذه الصلوة الى يوم القيمة ، واختارها لامتى ، فهي من أحب الصلوات الى الله عزوجل ، وأوصانى أن أحفظها من بين الصلوات ، واما صلوة المغرب فهي الساعة التي تاب الله على آدم عليه‌السلام ، وكان ما بين ما أكل من الشجرة وبين ما تاب الله عليه عزوجل ثلاثمائة سنة من أيام ، وفي أيام الآخرة يوم كألف سنة ، ما بين العصر الى العشاء وصلى آدم ثلاث ركعات ركعة لخطيئته وركعة لخطيئة حوا وركعة لتوبته ففرض الله عزوجل هذه الركعات الثلاث على أمتي ، وهي الساعة التي يستجاب فيها الدعاء فوعدني ربي عزوجل أن يستجيب لمن دعاه فيها وهي الصلوة التي أمرنى ربي بها في قوله عزوجل (فَسُبْحانَ اللهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ) واما صلوة العشاء الآخرة فان للقبر ظلمة وليوم القيامة ظلمة ، أمرنى ربي عزوجل وأمتي بهذه الصلوة لتنور القبر ، وليعطيني وأمتي النور على الصراط ، وما من قدم مشت الى صلوة العتمة الا حرم الله عزوجل جسده على النار ، وهي الصلوة التي اختارها الله عزوجل قبلي للمرسلين ، واما صلوة الفجر فان الشمس إذا طلعت تطلع على قرن شيطان ، فأمرنى ربي عزوجل أن أصلى قبل طلوع الشمس صلوة الغداة ، وقبل ان يسجد لها الكافر لتسجد أمتي لله عزوجل وسرعتها أحب الى الله عزوجل ، وهي الصلوة التي يشهدها ملائكة الليل وملائكة النهار.


وفي من لا يحضره الفقيه مثل هذه العلل سواء.

٣٨٢ ـ في تهذيب الأحكام محمد بن أحمد بن يحيى عن الحسن بن على بن عبد الله عن ابن فضال عن مروان عن عمار الساباطي قال : كنا جلوسا عند أبي عبد الله عليه‌السلام بمنى ، فقال له رجل : ما تقول في النوافل؟ فقال : فريضة ، قال : ففزعنا وفزع الرجل فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : انما أعنى صلوة الليل على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ان الله عزوجل يقول : (وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ).

٣٨٣ ـ في كتاب الخصال فيما أوصى به النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله عليا عليه‌السلام : يا على ثلاث فرحات للمؤمن في الدنيا : لقاء الاخوان والإفطار من الصيام ، والتهجد في آخر الليل.

٣٨٤ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده الى على بن النعمان عن بعض رجاله قال : جاء رجل الى أمير المؤمنين عليه‌السلام فقال : يا أمير المؤمنين انى قد حرمت الصلوة بالليل قال : فقال أمير المؤمنين : أنت رجل قد قيدتك ذنوبك.

٣٨٥ ـ وباسناده الى الحسين بن الحسن الكندي عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : ان الرجل ليكذب الكذبة فيحرم بها صلوة الليل ، فاذا حرم صلوة الليل حرم بها الرزق.

٣٨٦ ـ وباسناده الى آدم بن اسحق عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : عليكم بصلوة الليل فانها سنة نبيكم ، ودأب الصالحين قبلكم ، ومطردة الداء عن أجسادكم.

٣٨٧ ـ وقال أبو عبد الله عليه‌السلام : صلوة الليل تبيض الوجوه ، وصلوة الليل تطيب الليل وصلوة الليل تجلب الرزق.

٣٨٨ ـ وباسناده الى اسمعيل بن موسى عن جعفر عن أخيه على بن موسى الرضا عن أبيه عن جده عليهم‌السلام قال : سئل على بن الحسين عليهما‌السلام : ما بال المتهجدين بالليل من أحسن الناس وجها؟ قال : لأنهم خلوا بالله فكساهم الله من نوره.


٣٨٩ ـ في من لا يحضره الفقيه وروى جابر بن اسمعيل عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهما‌السلام ان رجلا سأل على بن ابى طالب من قيام الليل بالقرآن ، فقال له : أبشر من صلى من الليل عشر ليلة لله مخلصا ابتغاء ثواب الله قال الله عزوجل لملائكته : اكتبوا لعبدي هذا من الحسنات عدد ما أنبت في الليل من جبة وورقة وشجرة ، وعدد كل قصبة وخوص ومرعى ، ومن صلى تسع ليلة أعطاه الله عشر دعوات مستجابات ، وأعطاه كتابه بيمينه ومن صلى ثمن ليلة أعطاه الله أجر شهيد صابر صادق النية ، وشفع في أهل بيته ومن صلى سبع ليلة خرج من قبره يوم يبعث ووجهه كالقمر ليلة البدر ، حتى يمر على الصراط مع الآمنين ومن صلى سدس ليلة كتب في الأوابين ، وغفر له ما تقدم من ذنبه ، ومن صلى خمس ليلة زاحم إبراهيم خليل الرحمن في قبته ، ومن صلى ربع ليلة كان في أول الفائزين حتى يمر على الصراط كالريح العاصف ، ويدخل الجنة بغير حساب ، ومن صلى ثلث ليلة لم يبق ملك الا غبطه بمنزلته من الله عزوجل ، وقيل له : ادخل من أى أبواب الجنان الثمانية شئت ، ومن صلى نصف ليلة فلو أعطى ملاء الأرض ذهبا سبعين ألف مرة لم يعدل جزاؤه وكان له بذلك عند الله عزوجل أفضل من سبعين رقبة يعتقها من ولد اسمعيل ، ومن صلى ثلثي ليلة كان له من الحسنات قدر رمل عالج (١) أدناها حسنة أثقل من جبل أحد عشر مرات ومن صلى ليلة تامة تاليا لكتاب الله عزوجل راكعا وساجدا وذاكرا أعطى من الثواب ما أدناه يخرج من الذنوب كما ولدته امه ، ويكتب له عدد ما خلق الله عزوجل من الحسنات ، ومثلها درجات ، ويثبت النور في قبره ، وينزع الإثم والحسد من قلبه ، ويجار من عذاب النار ويعطى برائة من النار ، ويبعث من الآمنين ، ويقول الرب تبارك وتعالى لملائكته : يا ملائكتى انظروا الى عبدي أحيى ليلة ابتغاء مرضاتي ، أسكنوه الفردوس ، وله فيها ألف مدينة في كل مدينة جميع ما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين ، ولم يخطر على بال سوى ما أعددت له من الكرامة والمزيد والقربة.

٣٩٠ ـ في كتاب التوحيد عن أمير المؤمنين عليه‌السلام حديث طويل يقول فيه عليه‌السلام وقد

__________________

(١) اى المتلاطم.


ذكر أهل المحشر : ثم يجتمعون في موطن آخر يكون فيه مقام محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو المقام المحمود ، فيثنى على الله تبارك وتعالى بما لم يثن عليه أحد قبله ، ثم يثنى على كل مؤمن ومؤمنة يبدأ بالصديقين والشهداء ، ثم بالصالحين فتحمده أهل السموات وأهل الأرض ، فذلك قوله عزوجل : (عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً) فطوبى لمن كان في ذلك اليوم له حظ ونصيب ، وويل لمن لم يكن له في ذلك اليوم حظ ولا نصيب.

٣٩١ ـ في الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبى عمير ومحمد بن اسمعيل عن الفضل بن شاذان عن صفوان وابن أبى عمير عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : إذا دخلت المدينة الى أن قال : وابعثه مقاما محمودا يغبطه به الأولون والآخرون.

٣٩٢ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثني أبى عن الحسن بن محبوب عن زرعة عن سماعة عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن شفاعة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يوم القيمة؟

فقال : يلجم الناس يوم القيمة العرق ، فيقولون : انطلقوا بنا الى آدم يشفع لنا فيأتون آدم فيقولون : اشفع لنا عند ربك ، فيقول : ان لي ذنبا وخطيئة فعليكم بنوح فيأتون نوحا فيردهم الى من يليه ، ويردهم كل نبي الى من يليه حتى ينتهوا الى عيسى ، فيقول : عليكم بمحمد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وعلى جميع الأنبياء ، فيعرضون أنفسهم عليه ، ويسألونه فيقول : انطلقوا ، فينطلق بهم الى باب الجنة ، ويستقبل باب الرحمن ويخر ساجدا ، فيمكث ما شاء الله فيقول : ارفع رأسك واشفع تشفع ، وسل تعط ، وذلك قوله تعالى : (عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً).

٣٩٣ ـ وحدثني أبى عن محمد بن أبى عمير عن معاوية وهشام عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لو قد قمت المقام المحمود لشفعت في ابى وأمي وعمى وأخ كان لي في الجاهلية.

٣٩٤ ـ حدثني ابى عن حنان بن سدير عن أبيه عن أبي جعفر عليه‌السلام ان صفية بنت عبد المطلب مات ابن لها فأقبلت فقال لها عمر : غطى قرطك (١) فان قرابتك من

__________________

(١) القرط ـ بالضم ـ : ما يعلق في شحمة الاذن من درة ونحوها.


رسول الله لا ينفعك شيئا ، فقالت له : هل رأيت لي قرطا يا بن اللخناء ، ثم دخلت على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فأخبرته وبكت ، فخرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فنادى : الصلوة جامعة فاجتمع الناس فقال : ما بال أقوام يزعمون ان قرابتي لا تنفع؟! لو قد قمت المقام المحمود لشفعت في خارجكم لا يسألني اليوم أحد من أبوه الا أخبرته ، فقام اليه رجل فقال : من أبي يا رسول الله؟ فقال : أبوك غير الذي تدعى له ، ثم قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ما بال الذي يزعم ان قرابتي لا تنفع لا يسألني عن أبيه؟ فقام اليه عمر فقال : أعوذ بالله يا رسول الله من غضب الله وغضب رسوله ، اعف عنى عفا الله عنك ، فأنزل الله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ) الاية.

٣٩٥ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) روى عن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عن الحسين بن على قال : قال علي عليه‌السلام : قد ذكر مناقب الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله ووعده المقام المحمود ، فاذا كان يوم القيمة أقعده الله تعالى على العرش الحديث.

٣٩٦ ـ في أمالي شيخ الطائفة قدس‌سره باسناده قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : سمعت النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : إذا حشر الناس يوم القيمة نادى مناد : يا رسول الله ان الله جل اسمه قد أمنك من مجاراة (١) محبيك ومحبي أهل بيتك الموالين لهم فيك والمعادين لهم فيك ، فكافهم بما شئت ، فأقول : يا رب الجنة فأنادي بوئهم منها حيث شئت ، فذلك المقام المحمود الذي وعدت به.

٣٩٧ ـ وباسناده الى أنس بن مالك ، قال : رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله مقبلا على على بن أبي طالب صلوات الله عليه وهو يتلو هذه الاية : (فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً) فقال : يا على ان ربي عزوجل ملكني بالشفاعة في أهل التوحيد من أمتي ، وحظر ذلك عمن ناصبك أو ناصب ولدك من بعدك.

٣٩٨ ـ في روضة الواعظين للمفيد (ره) قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا قمت

__________________

(١) جاراه في الحديث مجاراة : اى جرى وخاض معه في الكلام ، وفي البحار «مجازاة» بالزاء المعجمة.


المقام المحمود تشفعت في أصحاب الكبائر من أمتي فيشفعني الله فيهم ، والله لا تشفعت فيمن أذى ذريتي.

٣٩٩ ـ وفيها أيضا قال الله تعالى : (عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً) قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : المقام الذي اشفع فيه لامتى.

٤٠٠ ـ في تفسير العياشي عن خثيمة الجعفي قال : كنت عند جعفر بن محمد عليهما‌السلام أنا ومفضل بن عمر ليلة ليس عنده أحد غيرنا ، فقال له مفضل الجعفي : جعلت فداك حدثنا حديثا نسر به ، قال : نعم إذا كان يوم القيمة حشر الله الخلايق في صعيد واحد حفاة عراة غرلا (١) قال : فقلت : جعلت فداك ما الغرل؟ قال : كما خلقوا أول مرة ، فيقفون حتى يلجمهم العرق (٢) فيقولون : ليت الله يحكم بيننا ولو إلى النار ، يرون أن في النار راحة مما هم فيه ، ثم يأتون آدم فيقولون : أنت أبونا وأنت نبي فسل ربك يحكم بيننا ولو الى النار ، فيقول : لست بصاحبكم خلقني ربي بيده ، وحملني على عرشه ، وأسجد لي ملائكته ، ثم أمرنى فعصيته ، ولكني أدلكم على إبني الصديق الذي مكث في قومه ألف سنة الا خمسين عاما يدعوهم كلما كذبوا اشتد تصديقه : نوح. قال : فيأتون نوحا فيقولون : سل ربك يحكم بيننا ولوالى النار ، قال : فيقول : لست بصاحبكم انى قلت : (إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي) ولكني أدلكم الى من اتخذه الله خليلا في دار الدنيا ايتوا إبراهيم ، قال : فيأتون إبراهيم فيقول : لست بصاحبكم انى قلت : (إِنِّي سَقِيمٌ) ولكني أدلكم على من كلم الله تكليما : موسى ، قال : فيأتون موسى ، فيقولون له ، فيقول : لست بصاحبكم «انى قتلت نفسا» ولكني أدلكم على من كان يخلق بإذن الله ويبرئ الأكمه والأبرص بإذن الله : عيسى ، فيأتونه فيقول : لست بصاحبكم ولكني أدلكم على من بشرتكم به في دار الدنيا : أحمد.

__________________

(١) قال الطريحي (ره) : في الحديث يجمع الله الأولين والآخرين في صعيد واحد ، قيل : هي أرض مستوية ، والغرل ـ بضم الغين ـ : من لم يختن.

(٢) قال الجزري : فيه : يبلغ العرق منهم ما يلجمهم اى يصل الى أفواههم فيصير لهم بمنزلة اللجام يمنعهم عن الكلام يعنى في المحشر.


ثم قال أبو عبد الله عليه‌السلام : ما من نبي ، آدم الى محمد صلوات الله عليهم الا وهم تحت لواء محمد ، قال : فيأتونه ثم قال : فيقولون : يا محمد سل ربك يحكم بيننا ولو الى النار قال : فيقول نعم أنا صاحبكم ، فيأتي دار الرحمن وهي عدن وان بابها سعته بعد ما بين المشرق والمغرب ، فيحرك حلقة من الحلق ، فيقال : من هذا؟ وهو أعلم به. فيقول : انا محمد ، فيقال : افتحوا له ، قال : فيفتح لي ، قال فاذا نظرت الى ربي (١) مجدته تمجيدا لم يمجده أحد كان قبلي ولا يمجده أحد كان بعدي ، ثم أخر ساجدا فيقول : يا محمد ارفع رأسك ، وقل نسمع قولك (٢) واشفع تشفع وسل تعط ، قال : فاذا رفعت رأسى ونظرت الى ربي مجدته تمجيدا أفضل من الاول ثم أخر ساجدا فيقول : ارفع رأسك وقل نسمع قولك ، واشفع تشفع ، وسل توجه ، فاذا رفعت رأسى ونظرت الى ربي مجدته تمجيدا أفضل من الاول والثاني ، ثم أخر ساجدا فيقول : ارفع رأسك وقل نسمع قولك واشفع تشفع ، وسل توجه ، فاذا رفع رأسي ونظرت الى ربي أقول : رب احكم بين عبادك ولو الى النار فيقول : نعم يا محمد ، قال : ثم يؤتى بناقة من ياقوت أحمر وزمامها زبرجد أخضر حتى أركبها ، ثم آتى المقام المحمود حتى أقضى عليه ، وهو تل من مسك أذفر محاذ بحيال العرش ، ثم يدعى إبراهيم فيحمل على مثلها فيجيء حتى يقف عن يمين رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثم يرفع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يده يضرب على كتف على بن أبي طالب ، قال : ثم يؤتى والله بمثلها فيحمل عليها ، فيجيء حتى يقف بيني وبين أبيك إبراهيم ، ثم يخرج مناد من عند الرحمن فيقول : يا معشر الخلايق أليس العدل من ربكم أن يولى كل قوم ما كانوا يتولون في دار الدنيا؟ فيقولون : بلى واى شيء عدل غيره ، فيقوم الشيطان الذي أضل فرقة من الناس حتى زعموا ان عيسى هو الله وابن الله فيتبعونه الى النار ويقوم الشيطان الذي أضل فرقة من الناس حتى زعموا ان عزيرا ابن الله حتى يتبعونه الى النار ويقوم كل شيطان أضل فرقة فيتبعونه الى النار حتى تبقى هذه الامة

__________________

(١) قال المجلسي (ره) : اى الى عرشه ، أو الى كرامته ، أو الى نور من أنوار عظمته.

(٢) وفي المصدر «يسمع» بالياء بدل «نسمع».


ثم يخرج مناد من عند الله فيقول : يا معشر الخلايق أليس العدل من ربكم ان يولى كل فريق من كانوا يتولون في دار الدنيا؟ فيقولون : بلى ، فيقوم شيطان فيتبعه من كان يتولاه ، ثم يقوم شيطان فيتبعه من كان يتولاه ، ثم يقوم شيطان ثالث فيتبعه من كان يتولاه ، ثم يقوم معاوية فيتبعه من كان يتولاه ، ويقوم على فيتبعه من كان يتولاه ثم يقوم يزيد بن معاوية فيتبعه من كان يتولاه ، ويقوم الحسن فيتبعه من كان يتولاه ويقوم الحسين فيتبعه من كان يتولاه ، ثم يقوم مروان بن الحكم وعبد الملك فيتبعهما من كان يتولاهما ، ثم يقوم على بن الحسين فيتبعه من كان يتولاه ، ثم يقوم الوليد بن عبد الملك ويقوم محمد بن على فيتبعهما من كان يتولاهما ثم أقوم أنا فيتبعني من كان يتولاني ، وكأنى بكما معى ، ثم يؤتى بنا فنجلس على عرش ربنا (١) ويؤتى بالكتب فتوضع فنشهد على عدونا ، ونشفع لمن كان من شيعتنا مرهقا ، قال : قلت : جعلت فداك فما المرهق؟ قال : المذنب ، فاما الذين اتقوا من شيعتنا فقد نجاهم الله (بِمَفازَتِهِمْ لا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) ، قال : ثم جائته جارية له فقالت : ان فلان القرشي بالباب ، فقال : ائذنوا له ، ثم قال لنا : اسكتوا.

٤٠١ ـ عن عيص بن القاسم عن أبي عبد الله ان أناسا من بنى هاشم أتوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فسألوه أن يستعملهم على صدقات المواشي ، وقالوا : يكون لنا هذا السهم الذي جعله الله للعاملين عليها فنحن أولى بها ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا بنى عبد المطلب ان الصدقة لا تحل لي ولا لكم ، ولكني وعدت بالشفاعة ، ثم قال : والله أشهد انه قد وعدها فما ظنكم يا بنى عبد المطلب إذا أخذت بحلقة الباب أتروني مؤثرا عليكم غيركم؟.

ثم قال : ان الجن والانس يجلسون يوم القيامة في صعيد واحد ، فاذا طال بهم الموقف طلبوا الشفاعة فيقولون : الى من؟ فيأتون نوحا فيسألونه الشفاعة فيقول : هيهات قد رفعت حاجتي (٢) فيقولون الى من؟ فيقال : الى إبراهيم فيأتون الى إبراهيم فيسألونه

__________________

(١) قال المجلسي (ره) : كناية عن ظهور الحكم والأمر من عند العرش وخلق الكلام هناك.

(٢) وقال (ره) : قد رفعت حاجتي اى الى غيري والحاصل انى أيضا استشفع من غيري فلا استطبع شفاعتكم ، ويمكن أن يقرأ على بناء المفعول كناية عن رفع الرجاء اى رفع عنى طلب الحاجة لما صدر منى من ترك الاولى.


ـ الشفاعة فيقول : هيهات قد رفعت حاجتي ، فيقولون الى من؟ فيقال : ايتوا موسى فيأتونه فيسألونه الشفاعة ، فيقول : هيهات قد رفعت حاجتي فيقولون : الى من؟ فيقال : ايتوا عيسى ، فيأتونه ويسألونه الشفاعة فيقول : هيهات قد رفعت حاجتي فيقولون : الى من؟ فيقال ايتوا محمدا ، فيأتونه فيسألونه الشفاعة فيقوم مدلا حتى يأتى باب الجنة فيأخذ بحلقة الباب ثم يقرعه فيقال : من هذا؟ فيقول : احمد ، فيرحبون (١) ويفتحون الباب ، فاذا نظر الى الجنة خر ساجدا يمجد ربه ويعظمه ، فيأتيه ملك فيقول : ارفع رأسك وسل تعط ، واشفع تشفع ، فيرفع رأسه فيدخل من باب الجنة ، فيخر ساجدا ويمجد ربه ويعظمه فيأتيه ملك فيقول : ارفع رأسك وسل تعط واشفع تشفع فيقوم فما يسأل شيئا الا أعطاه إياه.

٤٠٢ ـ عن بعض أصحابنا عن أحدهما عليهما‌السلام قال في قوله : (عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً) قال : هي الشفاعة.

٤٠٣ ـ عن سماعة بن مهران عن أبي إبراهيم في قول الله : (عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً) قال : يقوم الناس يوم القيمة مقدار أربعين عاما وتؤمر الشمس فتركب على رؤس العباد ، ويلجمهم العرق ، وتؤمر الأرض لا تقبل من عرقهم شيئا فيأتون آدم فيشفعون به فيدلهم على نوح ، ويدلهم نوح على إبراهيم ، ويدلهم إبراهيم على موسى ، ويدلهم موسى الى عيسى ، ويدلهم عيسى فيقول : عليكم بمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله خاتم النبيين فيقول محمد : أنا لها (٢) فينطلق حتى يأتى باب الجنة فيدق ، فيقال : من هذا ـ والله أعلم ـ فيقول : محمد ، فيقال : افتحوا له ، فاذا فتح الباب استقبل ربه فخر ساجدا ، فلا يرفع رأسه حتى يقال له : تكلم واسئل تعط واشفع تشفع ، فيرفع رأسه فيستقبل ربه فيخر ساجدا فيقال له مثلها ، فيرفع رأسه حتى انه ليشفع من قد أحرق بالنار ، فما أحد من الناس يوم القيامة في جميع الأمم أوجه من محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهو قول الله : (عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً).

__________________

(١) وفي تفسير البرهان «فيجيئون».

(٢) وفي بعض النسخ «ايها لها».


٤٠٤ ـ في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن اسمعيل ابن مهران عن سيف بن عميرة عن أبي بصير قال قلت لابي عبد الله عليه‌السلام : هل للشكر حد إذا فعله العبد كان شاكرا؟ قال : نعم ، قلت : ما هو؟ قال : يحمد الله على كل نعمة عليه في أهل ومال ، وان كان فيما أنعم عليه في ماله حق اداه ، ومنه قوله : (رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطاناً نَصِيراً) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٤٠٥ ـ في تفسير على بن إبراهيم (وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطاناً نَصِيراً) فانها نزلت يوم فتح مكة ، لما أراد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله دخولها أنزل الله : «قل يا محمد (أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ) الآية.

٤٠٦ ـ في محاسن البرقي عنه عن ابى عبد الله عن حماد عن حريز عن إبراهيم بن نعيم عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال : إذا دخلت مدخلا تخافه فاقرأ هذه الاية (رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطاناً نَصِيراً) فاذا عاينت الذي تخافه فاقرأ آية الكرسي.

٤٠٧ ـ في روضة الكافي على بن محمد عن على بن العباس عن الحسن بن عبد الرحمن عن عاصم بن حميد عن ابى حمزة عن ابى جعفر عليه‌السلام في قوله : (وَقُلْ جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ) قال : إذا قام القائم ذهبت دولة الباطل.

٤٠٨ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) باسناده الى محمد بن على الباقر عليه‌السلام حديث طويل يذكر فيه خطبة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله يوم الغدير وفيها : معاشر الناس لا تضلوا عنه ولا تنفروا منه ، ولا تستنكفوا من ولايته ، فهو الذي يهدى الى الحق ويعمل به ، ويزهق الباطل وينهى عنه.

٤٠٩ ـ في مجمع البيان قال ابن مسعود : دخل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله مكة وحول البيت ثلثمائة وستون صنما ، فجعل يطعنها بعود في يده ، ويقول : (جاءَ الْحَقُّ وَ


زَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً).

٤١٠ ـ في الخرائج والجرائح عن حكيمة خبر طويل وفيه ولما ولد القائم عليه‌السلام كان نظيفا مفروغا منه ، وعلى ذراعه الأيمن مكتوب : (جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً).

٤١١ ـ في أمالي شيخ الطائفة قدس‌سره باسناده الى سليمان بن خالد قال : حدثنا على بن موسى عن أبيه عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه قال : دخل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يوم فتح مكة والأصنام حول الكعبة ، وكانت ثلاثمائة وستين صنما ، فجعل يطعنها بمخصرة (١) في يده ويقول : (جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً) وما يبدئ الباطل وما يعيد» فجعلت تنكب لوجهها.

٤١٢ ـ في تفسير العياشي عن مسعدة بن صدقة عن أبي عبد الله عليه‌السلام حديث طويل يقول فيه عليه‌السلام : وانما الشفاء في علم القرآن لقوله (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ) للناس ورحمة لأهله لا شك فيه ولا مرية ، وأهله أئمة الهدى الذين قال الله : (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا).

٤١٣ ـ عن مسعدة بن صدقة عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : انما الشفاء في علم القرآن لقوله : (ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ) لأهله لا شك فيه ولا مرية الى آخر ما سبق.

٤١٤ ـ عن محمد بن أبي حمزة رفعه الى أبي جعفر عليه‌السلام قال : نزل جبرئيل على محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ولا يزيد الظالمين آل محمد حقهم الا خسارا

٤١٥ ـ في كتاب طب الائمة قال أبو عبد الله عليه‌السلام : ما اشتكى أحد من المؤمنين شكاية قط وقال بإخلاص نية ـ ومسح موضع العلة ـ : (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَساراً) الا عوفي من تلك العلة أية علة كانت ومصداق ذلك في الآية حيث يقول : (شِفاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ).

٤١٦ ـ وباسناده الى عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : يا ابن سنان لا بأس

__________________

(١) المخصرة : ما يتوكأ عليه كالعصا.


بالرقية والعوذة والنشرة إذا كانت من القرآن ومن لم يشفه القرآن فلا شفاه الله وهل شيء أبلغ في هذه الأشياء من القرآن أليس الله يقول : (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ).

٤١٧ ـ في أصول الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن القاسم بن محمد عن المنقري عن سفيان بن عيينة عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : النية أفضل من العمل ، ألا وان النية هي العمل ، ثم تلا قوله عزوجل : (قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ) يعنى على نيته ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٤١٨ ـ على بن إبراهيم عن أبيه عن القاسم بن محمد عن المنقري عن أحمد بن يونس عن أبي هاشم قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : انما خلد أهل النار في النار لان نياتهم كانت في الدنيا ان لو خلدوا فيها أن يعصوا الله أبدا ، وانما خلد أهل الجنة في الجنة لان نياتهم كانت في الدنيا ان لو بقوا فيها ان يطيعوا الله أبدا ، فبالنيات خلد هؤلاء وهؤلاء ثم تلا قوله تعالى : (قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ).

٤١٩ ـ في من لا يحضره الفقيه وقال صالح بن الحكم : سئل الصادق عليه‌السلام عن الصلوة في البيع والكنايس (١)؟ فقال : صل فيها قلت : أصلي فيها وان كانوا يصلون فيها؟ قال : نعم أما تقرأ القرآن : (قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدى سَبِيلاً) صل على القبلة ودعهم.

٤٢٠ ـ في تهذيب الأحكام الحسين بن سعيد عن فضالة عن حماد الناب عن حكم ابن الحكم قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : وسئل عن الصلوة في البيع والكنائس؟

فقال : صل فيها قد رأيتها ما أنظفها ، قلت : أصلي فيها وان كانوا يصلون فيها؟ فقال : نعم اما تقرء القرآن : (قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدى سَبِيلاً) صل القبلة وغربهم.

٤٢١ ـ في تفسير على بن إبراهيم وقوله عزوجل : (قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ)

__________________

(١) البيع جمع البيعة : معبد النصارى. والكنائس جمع النيسة : متعبد اليهود.


اى على نيته (فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدى سَبِيلاً) فانه حدثني أبي عن جعفر بن إبراهيم عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام قال : إذا كان يوم القيمة أوقف المؤمن بين يديه ، فيكون هو الذي يتولى حسناته فيعرض عليه عمله ، فينظر في صحيفته ، فأول ما يرى سيئاته فيتغير لذلك لونه ، وترتعد فرائصه (١) وتفزع نفسه ، ثم يرى حسناته فتقر عينه وتسر نفسه وتفرح روحه ، ثم ينظر الى ما أعطاه الله من الثواب فيشتد فرحه ، ثم يقول الله عزوجل للملائكة : هلموا بالصحف التي فيها الأعمال التي لم يعملوها ، قال : فيقرءونها فيقولون : وعزتك انا لنعلم انا لم نعمل منها شيئا ، فيقول : صدقتم نويتموها فكتبناها لكم ، ثم يثابون عليها.

٤٢٢ ـ واما قوله : و (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي) فانه حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : هو ملك أعظم من جبرئيل وميكائيل ، وكان مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو مع الائمة عليهم‌السلام ، وفي خبر آخر هو من الملكوت.

٤٢٣ ـ في أصول الكافي على بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس عن ابن مسكان عن أبي بصير قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي) قال : خلق أعظم من جبرئيل وميكائيل ، كان مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهو مع الائمة وهو من الملكوت.

٤٢٤ ـ على عن أبيه عن ابن أبي عمير عن ابى أيوب الخزاز عن أبي بصير قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي) قال : خلق أعظم من جبرئيل وميكائيل لم يكن مع أحد ، ممن مضى غير محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهو مع الائمة يسددهم ، وليس كلما طلب وجد.

٤٢٥ ـ في تفسير العياشي عن زرارة قال سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن قول الله : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي) قال : خلق من خلق الله ، وانه يزيد

__________________

(١) الفريصة : لحمة بين الثدي والكتف ترعد عند الفزع.


في الخلق ما يشاء.

٤٢٦ ـ حمران عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما‌السلام عن قوله : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ) قالا : ان الله تبارك وتعالى أحد صمد ، والصمد الشيء الذي ليس له جوف ، فانما الروح خلق من خلقه بصر وقوة وتأييد يجعله في قلوب المؤمنين والرسل.

٤٢٧ ـ وفي رواية أبي أيوب الخزاز قال : أعظم من جبرئيل وليس كما ظننت.

٤٢٨ ـ عن ابى بصير عن أحدهما قال : سألته عن قوله : (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي) ما الروح؟ قال : التي في الدواب والناس ، قلت وما هي؟ قال : هي من الملكوت من القدرة.

٤٢٩ ـ في كتاب التوحيد باسناده الى عبد الحميد الطائي عن محمد بن مسلم قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي) كيف هذا النفخ؟ فقال : ان الروح متحرك كالريح ، وانما سمى روحا لأنه اشتق اسمه من الريح ، وانما أخرجت على لفظ الروح لان الروح مجانس للريح ، وانما اضافه الى نفسه لأنه اصطفاها على ساير الأرواح ، كما اصطفى بيتا من البيوت ، فقال : «بيتي» وقال لرسول من الرسل «خليلي» وأشباه ذلك ، وكل ذلك مخلوق مصنوع محدث مربوب مدبر. وفي الكافي مثله سواء.

٤٣٠ ـ في قرب الاسناد للحميري باسناده الى مسعدة بن زياد قال : حدثني جعفر بن محمد عن أبيه ان روح آدم لما أمرت أن تدخل فكرهته ، فأمرها أن تدخل كرها وتخرج كرها.

٤٣١ ـ في كتاب علل الشرائع أخبرنى على بن حاتم قال : أخبرنا القاسم ابن محمد قال : حدثنا حمدان بن الحسين عن الحسن بن الوليد عن عمران الحجاج عن عبد الرحمن عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قلت : لأي علة إذا خرج الروح من الجسد وجد له مسا وحيث ركبت لم يعلم به؟ قال : لأنه نما عليه البدن.

٤٣٢ ـ في نهج البلاغة قال : وخرجت الروح من جسده فصار جيفة


بين أهله.

٤٣٣ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) عن ابى عبد الله عليه‌السلام حديث طويل وفيه قال السائل : أخبرنى عن السراج إذا انطفى أين يذهب نوره؟ قال : يذهب فلا يعود ، قال : فما أنكرت أن يكون الإنسان مثل ذلك إذا مات وفارق الروح البدن لم يرجع اليه أبدا ، كما لا يرجع ضوء السراج اليه أبدا ذا انطفى ، قال : لم تصب القياس لان النار في الأجسام كامنة ، والأجساد قائمة بأعيانها كالحجر والحديد ، فاذا ضرب أحدهما بالآخر سطعت من بينهما نار مقتبس منها له ضوء ، فالنار ثابتة في أجسامها ، والضوء ذاهب ، والروح جسم رقيق قد البس قالبا كثيفا وليس بمنزلة السراج الذي ذكرت ، ان الذي خلق في الرحم جنينا من ماء صاف ، وركب فيه ضروبا مختلفة من عروق وعصب وأسنان وشعر وعظام وغير ذلك ، هو يحييه بعد موته ويعيده بعد فنائه ، قال : فأين الروح؟ قال : في بطن الأرض حيث مصرع البدن الى وقت البعث ، قال : فمن صلب أين روحه؟ قال : في كف الملك الذي قبضها حتى يودعها الأرض ، قال : فأخبرنى عن الروح أغير الدم؟ قال : نعم الروح على ما وصفت لك مادته من الدم ، ومن الدم رطوبة الجسم وصفاء اللون وحسن الصوت وكثرة الضحك ، فاذا جمد الدم فارق الروح البدن ، قال : فهل توصف بخفة وثقل ووزن؟ قال : الروح بمنزلة الريح في الزق ، إذا نفخت فيه امتلاء الزق منها ، فلا يزيد في وزن الزق ولوجها فيه ، ولا ينقصها خروجها منه كذلك الروح ليس لها ثقل ولا وزن.

٤٣٤ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة ابى ومحمد بن الحسن رضى الله عنهما قالا : حدثنا سعد بن عبد الله وعبد الله بن جعفر الحميري ومحمد بن يحيى العطار وأحمد بن إدريس جميعا قالوا : حدثنا أحمد بن ابى عبد الله البرقي قال : حدثنا أبو هاشم داود بن القاسم الجعفري عن محمد بن على الثاني عليه‌السلام قال : أقبل أمير المؤمنين عليه‌السلام ذات يوم ومعه الحسن بن على وسلمان الفارسي وأمير المؤمنين عليه‌السلام متك على يد سلمان (ره) فدخل المسجد الحرام ،


فجلس إذ أقبل رجل حسن الهيئة واللباس ، فسلم على أمير المؤمنين فرد عليه‌السلام فجلس ثم قال : يا أمير المؤمنين أسئلك عن ثلاث مسائل ان أخبرتنى بهن علمت ان القوم ركبوا من أمرك ما أقضى عليهم ، انهم ليسوا بمأمونين في دنياهم ، ولا في آخرتهم وان تكن الاخرى علمت انك وهم شرع سواء ، فقال له أمير المؤمنين عليه‌السلام : سلني عما بدا لك ، قال : أخبرنى عن الرجل إذا نام أين تذهب روحه؟ وعن الرجل كيف يذكر وينسى؟ وعن الولد كيف يشبه الأعمام والأخوال؟ فالتفت أمير المؤمنين عليه‌السلام الى أبي محمد الحسن بن على عليه‌السلام فقال : يا أبا محمد أجبه ، فقال : أما ما سألت عنه من امر الإنسان إذا نام أين تذهب روحه فان روحه معلقة بالريح ، والريح معلقة في الهوى ، الى وقت ما يتحرك صاحبها لليقظة ، فاذا اذن الله عزوجل برد تلك الروح على صاحبها جذبت تلك الروح الريح ، وجذبت تلك الريح الهوى ، فرجعت الروح فأسكنت في بدن صاحبها ، وان لم يأذن الله عزوجل برد تلك الروح على صاحبها جذب الهوى الريح وجذبت الروح فلم ترد الى صاحبها الا الى وقت ما يبعث

، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة (١).

٤٣٥ ـ في أمالي الصدوق (ره) باسناده الى النوفلي قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : ان المؤمن إذا نام خرجت من روحه حركة ممدودة الى السماء فقلت له : وتصعد روح المؤمن الى السماء؟ قال : نعم ، قلت : حتى لا يبقى منه شيء في بدنه؟ قال لا ، لو خرجت حتى لا يبقى منه شيء إذا لمات ، قلت : فكيف تخرج؟ فقال : أما ترى الشمس في السماء في موضعها وضوءها وشعاعها في الأرض ، فكذلك الروح أصلها في البدن وحركتهما ممدودة ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٤٣٦ ـ في مجمع البيان يجوز أن يكون الروح الذي سألوا عنه : جبرئيل عليه‌السلام

__________________

(١) «في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) عن أبى عبد الله عليه‌السلام حديث طويل وفيه قال السائل : فأخبرنى ما جوهر الريح؟ قال : الريح هواء إذا تحرك سمى ريحا ، فاذا سكن سمى هواء وبه قوام الدنيا ، ولو كفت الريح ثلاثة أيام لفسد كل شيء على وجه الأرض ونتن ، وذلك ان الريح بمنزلة المروحة تذب وتدفع الفساد عن كل شيء وتطيبه ، فهي بمنزلة الروح إذا خرج عن البدن نتن وتغيير تبارك الله أحسن الخالقين. منه عفى عنه» (عن هامش بعض النسخ)


على قول الحسن ، أم ملك من الملائكة له سبعون ألف وجه ، لكل وجه سبعون ألف لسان يسبح الله بجميع ذلك ، على ما روى عن على عليه‌السلام.

٤٣٧ ـ في تفسير على بن إبراهيم وقوله : (وَلَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللهِ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) وذلك ان اليهود سألوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عن الروح ، فقال : (الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً) قالوا : نحن خاصة؟ قال : بل الناس عامة ، قالوا : فكيف يجتمع هذان يا محمد تزعم انك لم تؤت من العلم الا قليلا ، ولقد أوتيت القرآن وأوتينا التورية ، وقد قرأت : (وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ) وهي التورية (فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً) فانزل الله تبارك وتعالى : (وَلَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللهِ) يقول : علم الله أكبر من ذلك وما أوتيتم كثيرا فيكم قليل عند الله.

٤٣٨ ـ في تفسير العياشي عن عمرو بن شمر عن جابر عن ابى جعفر عليه‌السلام في قول الله : (وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً) قال : تفسيرها في الباطن انه لم يؤت العلم الا أناس يسير ، فقال : (وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً) منكم.

٤٣٩ ـ في كتاب التوحيد باسناده الى حنان بن سدير عن ابى عبد الله عليه‌السلام حديث طويل يقول فيه : ووصف الذين لم يؤتوا من الله فوائد العلم فوصفوا ربهم بأدنى الأمثال ، وشبهوه بالمتشابه منهم فيما جهلوا به فلذلك قال : (وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً) فليس له شبه ولا مثل ولا عدل.

٤٤٠ ـ في عيون الاخبار في باب مجلس الرضا عليه‌السلام مع سليمان المروزي حديث طويل وفيه قال الرضا عليه‌السلام : يا جاهل فاذا علم الشيء فقد أراده ، قال سليمان : أجل قال : فاذا لم يرده لم يعلمه؟ قال سليمان : أجل ، قال : من أين قلت ذاك وما الدليل ان إرادته علمه وقد يعلم مالا يريده أبدا؟ وذلك قوله : و (لَئِنْ شِئْنا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ) فهو يعلم كيف يذهب ولا يذهب به أبدا؟ قال سليمان لأنه قد فرغ من الأمر فليس يزيد


فيه شيئا ، قال الرضا عليه‌السلام : هذا قول اليهود فكيف قال : (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ)؟ قال سليمان : انما عنى بذلك انه قادر عليه ، قال : أفيعد ما لا يفي به؟ فكيف قال : (يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ ما يَشاءُ) وقال عزوجل : (يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ) وقد فرغ من الأمر؟ فلم يحر جوابا. وفي كتاب التوحيد مثله سواء.

٤٤١ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) عن الرضا عليه‌السلام حديث طويل وفي آخره قال الأمر الى أن قال سليمان : ان الارادة هي القدرة ، قال الرضا عليه‌السلام : وهو يقدر على ما لا يريد أبدا لا بد من ذلك لأنه قال تبارك وتعالى : (وَلَئِنْ شِئْنا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ) فلو كانت الارادة هي القدرة كان قد أراد أن يذهب به بقدرته ، فانقطع سليمان وترك الكلام عند هذا الانقطاع ثم تفرق القوم.

٤٤٢ ـ في عيون الاخبار في باب ما جاء عن الرضا عليه‌السلام من الاخبار بالتوحيد حديث طويل عن على عليه‌السلام يذكر فيه تفسير حروف المعجم وفي آخره قال عليه‌السلام : ان الله تعالى نزل هذا القرآن بهذه الحروف التي يتداولها جميع العرب ثم قال : (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً).

٤٤٣ ـ وباسناده الى الرضا عليه‌السلام انه ذكر القرآن يوما فعظم الحجة فيه ، والاية المعجزة في نظمه ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٤٤٤ ـ في الخرائج والجرائح في أعلام أبي عبد الله عليه‌السلام ان ابن أبي العوجاء وثلثة نفر من الدهرية اتفقوا على ان يعارض كل واحد منهم ربع القرآن وكانوا بمكة ، وعاهدوا على أن يجيئوا بمعارضته في العام القابل ، فلما حال الحول واجتمعوا في مقام إبراهيم عليه‌السلام أيضا قال أحدهم : انى لما رأيت قوله : (يا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ وَيا سَماءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْماءُ) كففت عن المعارضة وقال الآخر : وكذا أنا لما وجدت قوله : (فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا) أيست من المعارضة ، وكانوا يسترون ذلك ، إذ مر عليهم الصادق عليه‌السلام فالتفت إليهم وقرأ عليهم : (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا


الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ) فبهتوا.

٤٤٥ ـ في أصول الكافي أحمد عن عبد العظيم عن محمد بن الفضيل عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : نزل جبرئيل عليه‌السلام بهذه الاية هكذا : (فَأَبى أَكْثَرُ النَّاسِ) بولاية على عليه‌السلام الا كفورا» والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٤٤٦ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) عن أبي محمد الحسن العسكري عليه‌السلام قال : قلت لأبي ، على بن محمد عليهما‌السلام : هل كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يناظر اليهود والمشركين إذا عاتبوه ويحاجهم؟ قال : مرارا كثيرة ، ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كان قاعدا ذات يوم بمكة بفضاء الكعبة إذ اجتمع جماعة من رؤساء قريش ، منهم الوليد بن المغيرة المخزومي ، وابو البختري بن هشام وابو جهل بن هشام والعاص بن وائل السهمي ، وعبد الله بن امية المخزومي ، وكان معهم جمع ممن يليهم كثير ، ورسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في نفر من أصحابه يقرء عليهم كتاب الله ويؤدى إليهم عن الله امره ونهيه ، فقال المشركون بعضهم لبعض : لقد استفحم أمر محمد (١) وعظم خطبه ، فتعالوا نبدأ بتقريعه وتبكيته (٢) وتوبيخه والاحتجاج عليه ، وابطال ما جاء به ليهون خطبه على أصحابه ، ويصغر قدره ، فلعله ينزع عما هو فيه من غيه وباطله وتمرده وطغيانه ، فان انتهى والا عاملناه بالسيف الباتر (٣).

قال أبو جهل : فمن الذي يلي كلامه ومجادلته؟ قال عبد الله بن امية المخزومي : انا الى ذلك ، أنما ترضاني له قرنا حسيبا ومجادلا كفيا؟ قال ابو جهل : بلى ، فأتوه بأجمعهم فابتدأ عبد الله بن امية المخزومي فقال : يا محمد لقد ادعيت دعوى عظيمة وقلت مقالا هائلا! زعمت انك رسول رب العالمين ، وما ينبغي لرب العالمين وخالق الخلق أجمعين ان يكون مثلك رسوله بشرا مثلنا يأكل كما نأكل ويمشى في الأسواق كما نمشي ، فهذا ملك الروم ، وهذا ملك الفرس ، لا يبعثان رسولا الا كثير مال

__________________

(١) استفحم الأمر : تفاقم اى عظم ولم يجر على استواء.

(٢) التقريع والتبكيت : التعنيف.

(٣) الباتر بمعنى القاطع.


عظيم حال ، له قصور ودور وفساطيط وخيام وعبيد وخدام ، ورب العالمين فوق هؤلاء كلهم فهم عبيده ولو كنت نبيا لكان معك ملك يصدقك ونشاهده ، بل لو أراد الله أن يبعث إلينا نبيا لكان انما يبعث إلينا ملكا لا بشرا مثلنا ، ما أنت يا محمد الا مسحور ولست بنبي.

فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : هل بقي من كلامك شيء؟ قال : بلى لو أراد الله أن يبعث إلينا رسولا لبعث أجل من فيما بيننا ما لا وأحسنه حالا ، فهلا نزل هذا القرآن الذي تزعم ان الله أنزله عليك وابتعثك به رسولا على رجل من القريتين عظيم : اما الوليد ابن المغيرة بمكة ، واما عروة بن مسعود الثقفي بالطائف ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : هل بقي من كلامك شيء يا عبد الله؟ فقال : بلى (لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً) بمكة هذه ، فانها ذات أحجار وعرة وجبال تكسح أرضها (١) وتحفرها ، وتجري منها العيون ، فاننا الى ذلك محتاجون أو يكون لك جنة من نخيل وعنب ، فتأكل منها وتطعمنا ، «فتفجر الأنهار خلال» تلك النخيل والأعناب (تَفْجِيراً أَوْ تُسْقِطَ السَّماءَ كَما زَعَمْتَ عَلَيْنا كِسَفاً) فانك قلت لنا : (وَإِنْ يَرَوْا كِسْفاً مِنَ السَّماءِ ساقِطاً يَقُولُوا سَحابٌ مَرْكُومٌ) فلعلنا نقول ذلك (٢) ثم قال : (أَوْ تَأْتِيَ بِاللهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلاً) تأتى به وبهم وهم لنا مقابلون ، (أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ) تعطينا منه وتعيننا به فلعلنا نطغى ، فانك قلت : (كَلَّا إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى) ثم قال : (أَوْ تَرْقى فِي السَّماءِ) اى تصعد في السماء (وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ) اى لصعودك (حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنا كِتاباً نَقْرَؤُهُ) من الله العزيز الحكيم الى عبد الله بن امية المخزومي ومن معه ، بأن آمنوا بمحمد بن عبد الله بن عبد المطلب فانه رسولي فصدقوه في مقاله ، فانه من عندي ثم لا أدري يا محمد إذا فعلت هذا كله أومن بك أو لا نؤمن بك ، بل لو رفعتنا الى السماء وفتحت أبوابها

__________________

(١) الوعر : المكان الصلب ضد السهل. وتكسح أرضها اى تكنسها عن تلك الأحجار.

(٢) قال المجلسي (ره) قوله : «فلعلنا نقول ذلك» لعل الأظهر : فلعلنا لا نقول ذلك ، ويحتمل ان يكون المعنى : افعل ذلك لعلنا نقول ذلك فيكون مصدقا لقولك وحجة علينا ، وكذلك الكلام في قوله : «فلعلنا نطغى».


وأدخلتناها لقلنا : (إِنَّما سُكِّرَتْ أَبْصارُنا) أو سحرتنا.

فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أما قولك : (لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ) الى آخر ما قلته ، فانك اقترحت (١) على محمد رسول الله أشياء : منها لو جاءك به لم يكن برهانا لنبوته ، ورسول الله يرتفع من ان يغتنم جهل الجاهلين ويحتج عليهم بما لا حجة فيه ، ومنها لو جاءك به لكان معه هلاكك ، وانما يؤتى بالحجج والبراهين ليلزم عباد الله الايمان بها لا ليهلكوا بها ، فانما اقترحت هلاكك ورب العالمين ارحم بعباده وأعلم بمصالحهم من أن يهلكهم كما يقترحون ، ومنها المحال الذي لا يصح ولا يجوز كونه ، ورسول رب العالمين يعرفك ذلك ويقطع معاذيرك ، ويضيق عليك سبيل مخالفته ، ويلجئك بحجج الله الى تصديقه حتى لا يكون لك عنه محيد ولا محيص ومنها ما قد اعترفت على نفسك انك فيه معاند متمرد لا تقبل حجة ولا تصغي الى برهان ومن كان كذلك فدواؤه عذاب النار النازل من سمائه أو في حميمه أو بسيوف أوليائه.

واما قولك يا عبد الله (لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً) بمكة هذه فانها ذات أحجار وصخور وجبال تكسح أرضها وتحفرها وتجري فيها العيون فاننا الى ذلك محتاجون ، فانك سألت هذا وأنت جاهل بدلائل الله ، يا عبد الله لو فعلت هذا كنت من أجل هذا نبيا؟ قال : لا ، قال : أرأيت الطائف التي لك فيها بساتين اما كان هناك مواضع فاسدة صعبة أصلحتها وذللتها وكسحتها وأجريت فيها عيونا استنبطتها قال : بلى ، قال : وهل لك فيها نظراء؟ قال : بلى ، قال : فصرت بذلك أنت وهم أنبياء؟ قال : لا ، قال : فكذلك لا يصير هذا حجة لمحمد لو فعلت على نبوته ، فما هو الا كقولك : لن نؤمن لك حتى تقوم وتمشي على الأرض أو حتى تأكل الطعام كما تأكل الناس.

واما قولك يا عبد الله : (أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ) أو عنب فتأكل منها وتطعمنا و (فَتُفَجِّرَ الْأَنْهارَ خِلالَها تَفْجِيراً) أو ليس لأصحابك ولك جنان من نخيل وعنب بالطائف فتاكلون وتطعمون منها وتفجرون الأنهار خلالها تفجيرا؟ أفصرتم أنبياء

__________________

(١) اقترح عليه بكذا : تحكم وسأله إياه بالعنف ومن غير روية.


بهذا؟ قال : لا قال : فما بال اقتراحكم على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أشياء لو كانت كما تقترحون لما دلت على صدقه ، بل لو تعاطاها لدل تعاطيها على كذبه لأنه يحتج بما لا حجة فيه ويختدع الضعفاء عن عقولهم وأديانهم ، ورسول رب العالمين يجل ويرتفع عن هذا.

ثم قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا عبد الله وأما قولك و (تُسْقِطَ السَّماءَ كَما زَعَمْتَ عَلَيْنا كِسَفاً) فانك قلت : (وَإِنْ يَرَوْا كِسْفاً مِنَ السَّماءِ ساقِطاً يَقُولُوا سَحابٌ مَرْكُومٌ) فان في سقوط السماء عليكم هلاككم وموتكم ، فانما تريد بهذا من رسول الله أن تهلك ورسول رب العالمين أرحم من ذلك ، لا يهلكك ولكنه يقيم عليك حجج الله وليس حجج الله لنبيه وحده على حسب اقتراح عباده ، لأن العباد جهال بما يجوز من الصلاح وما لا يجوز منه ومن الفساد ، وقد يختلف اقتراحهم ويتضاد حتى يستحيل وقوعه ، والله لا يجرى تدبيره على ما يلزمه بالمحال ، ثم قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : وهل رأيت يا عبد الله طبيبا كان دوائه للمرضى على حسب اقتراحهم ، وانما يفعل به ما يعلم صلاحه فيه ، أحبه العليل أو كرهه ، فأنتم المرضى والله طبيبكم ، فان انقدتم لدوائه شفاكم ، وان تمردتم أسقمكم ، وبعد فمتى رأيت يا عبد الله مدعى حق من قبل رجل أوجب عليه حاكم من حكامهم فيما مضى بينة على دعواه على حسب اقتراح المدعى عليه؟ إذا ما كانت تثبت لأحد على أحد دعوى ولا حق ، ولا كان بين ظالم ومظلوم ، ولا بين صادق وكاذب فرق.

ثم قال : يا عبد الله واما قولك (أَوْ تَأْتِيَ بِاللهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلاً) يقابلوننا ونعاينهم فان هذا من المحال الذي لا خفاء به ، لان ربنا عزوجل ليس كالمخلوقين يجيء ويذهب ويتحرك ويقابل ، حتى يؤتى به فقد سألتم بهذا المحال الذي دعوت اليه صفة أصنامكم الضعيفة المنقوصة ، التي لا تسمع ولا تبصر ، ولا تغني عنكم شيئا ، ولا عن أحد ، يا عبد الله أو ليس لك ضياع وجنان بالطايف وعقار بمكة وقوام عليها؟ قال : بلى قال : أفتشاهد جميع أحوالها بنفسك أو بسفراء بينك وبين معامليك؟ قال : بسفراء ، قال : أرأيت لو قال معاملوك وأكرتك وخدمك لسفرائك : لا نصدقكم في هذه السفارة الا أن تأتوا بعبد الله بن ابى امية نشاهده فنسمع منه ما تقولون عنه شفاها كنت توسعهم (١) هذا؟ أو كان

__________________

(١) وفي البحار منقولا عن المصدر «تسوغهم».


يجوز لهم عند ذلك؟ قال : لا ، قال : فما الذي يجب على سفرائك؟ أليس ان يأتوهم عنك بعلامة صحيحة تدلهم على صدقهم يجب عليهم أن يصدقهم؟ قال : بلى ، قال : يا عبد الله أرأيت سفيرك لو انه لما سمع منهم عاد إليك وقال : قم معى ، فإنهم اقترحوا على مجيئك معى ، أيكون لك أن تقول له : انما أنت رسول مبشر وآمر (١) قال : بلى ، قال : فكيف صرت تقترح على رسول رب العالمين مالا تسوغ لاكرتك ومعامليك ان يقترحوه على رسولك إليهم؟ وكيف أردت من رسول رب العالمين ان يستندم الى ربه بان يأمر عليه وينهى ، وأنت لا تسوغ مثل هذا على رسولك الى أكرتك وقوامك ، هذه حجة قاطعة لابطال ما ذكرته في كل ما اقترحته يا عبد الله.

واما قولك أو يكون ذلك بيت من زخرف وهو الذهب أما بلغك أن لعظيم مصر بيوتا من زخرف؟ قال : بلى ، قال : أفصار بذلك نبيا قال : لا قال : فكذلك لا توجب بمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله لو كانت له نبوة ، ومحمد لا يغتنم جهلك بحجج الله.

واما قولك يا عبد الله أو ترقى في السماء ثم قلت : (وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنا كِتاباً نَقْرَؤُهُ) يا عبد الله الصعود الى السماء أصعب من النزول منها ، وإذا اعترفت على نفسك انك لا تؤمن إذا صعدت فكذلك حكم النزول ، ثم قلت : (حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنا كِتاباً نَقْرَؤُهُ) من بعد ذلك ثم لا أدري أومن بك أو لا أومن ، فانك يا عبد الله مقر انك تعاند حجة الله عليك ، فلا دواء لك الا تأديبه على يد أوليائه البشر ، أو ملائكته الزبانية ، وقد أنزل الله على حكمة جامعة لبطلان كلما اقترحته ، فقال تعالى : قل يا محمد (سُبْحانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَراً رَسُولاً) ما أبعد ربي عن ان يفعل الأشياء على ما تقترحه الجهال بما يجوز وبما لا يجوز ، و (هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَراً رَسُولاً) لا يلزمني الا اقامة حجة الله التي أعطانى ، فليس لي ان آمر على ربي ولا أنهى ولا أشير ، فأكون كالرسول الذي بعثه ملك الى قوم مخالفيه فرجع اليه يأمره أن يفعل بهم ما اقترحوه عليه ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

__________________

(١) كذا في النسخ لكن في البحار هكذا : «أليس يكون لك مخالفا؟ وتقول له : انما أنت رسول لا مشير ولا آمر؟ قال ... اه» وهو الظاهر.


٤٤٧ ـ في تفسير على بن إبراهيم قوله : (وَقالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً) فانها نزلت في عبد الله ابن أبى امية أخي أم سلمة رحمة الله عليها ، وذلك انه قال هذا لرسول الله بمكة قبل الهجرة ، فلما خرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الى فتح مكة استقبله عبد الله بن أبى امية فسلم على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فلم يرد عليه‌السلام فاعرض عنه ولم يجبه بشيء وكانت أخته أم سلمة مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فدخل إليها فقال : يا أختى ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قد قبل إسلام الناس كلهم ورد عليَّ إسلامي ، فليس يقبلني كما قبل غيري؟ فلما دخل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قالت : بأبى أنت وأمي يا رسول الله سعد بك جميع الناس الا أخى من بين قريش والعرب ، رددت إسلامه وقبلت إسلام الناس كلهم الا أخى؟ فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا أم سلمة ان أخاك كذبني تكذيبا لم يكذبني أحد من الناس ، هو الذي قال : (لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهارَ خِلالَها تَفْجِيراً أَوْ تُسْقِطَ السَّماءَ كَما زَعَمْتَ عَلَيْنا كِسَفاً أَوْ تَأْتِيَ بِاللهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلاً أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقى فِي السَّماءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنا كِتاباً نَقْرَؤُهُ) قالت أم سلمة : بأبى أنت وأمي يا رسول الله ألم تقل ان الإسلام يجب ما قبله؟ قال : نعم ، فقبل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إسلامه.

٤٤٨ ـ وفي رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله عزوجل : (حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً) اى عينا ، (أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ) اى بستان (مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهارَ خِلالَها تَفْجِيراً) من تلك العيون (أَوْ تُسْقِطَ السَّماءَ كَما زَعَمْتَ عَلَيْنا كِسَفاً) وذلك ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : انه سيسقط من السماء لقوله (وَإِنْ يَرَوْا كِسْفاً مِنَ السَّماءِ ساقِطاً يَقُولُوا سَحابٌ مَرْكُومٌ) قوله : (أَوْ تَأْتِيَ بِاللهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلاً) والقبيل الكثير (أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقى فِي السَّماءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنا كِتاباً نَقْرَؤُهُ) يقول : من الله الى عبد الله بن امية ان محمدا صادق ، وانى أنا بعثته ويجيء معه أربعة من الملائكة يشهدون ان الله هو كتبه ، فأنزل الله : (قُلْ سُبْحانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَراً رَسُولاً).


٤٤٩ ـ في تفسير العياشي عن عبد الحميد بن أبى الديلم عن أبي عبد الله عليه‌السلام (قالُوا أَبَعَثَ اللهُ بَشَراً رَسُولاً) قالوا : ان الجن كانوا في الأرض قبلنا ، فبعث الله إليهم ملكا ، فلو أراد الله أن يبعث إلينا لبعث ملكا من الملائكة ، وهو قول الله : (وَما مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جاءَهُمُ الْهُدى إِلَّا أَنْ قالُوا أَبَعَثَ اللهُ بَشَراً رَسُولاً).

٤٥٠ ـ في تفسير على بن إبراهيم قوله : (وَما مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جاءَهُمُ الْهُدى إِلَّا أَنْ قالُوا أَبَعَثَ اللهُ بَشَراً رَسُولاً) قال : قال الكفار : لم لم يبعث الله إلينا الملائكة؟ فقال الله : لو بعثنا ملكا ولم يؤمنوا لهلكوا ، ولو كانت الملائكة «في الأرض (يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ مَلَكاً رَسُولاً) فانه حدثني أبى عن أحمد بن النضر عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : بينا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله جالس وعنده جبرئيل إذ حانت من جبرئيل نظرة قبل السماء ، فامتقع لونه حتى صار كأنه كركمة (١) ثم لاذ برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فنظر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الى حيث نظر جبرئيل ، فاذا شيء قد ملاء ما بين الخافقين مقبلا حتى كان كقاب من الأرض (٢) ثم قال : يا محمد انى رسول الله إليك أخيرك أن تكون ملكا رسولا أحب إليك أو تكون عبدا رسولا؟ فالتفت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الى جبرئيل وقد رجع اليه لونه ، فقال جبرئيل : بل كن عبدا رسولا ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أكون عبدا رسولا فرفع الملك رجله اليمنى فوضعها في كبد سماء الدنيا ثم رفع الاخرى فوضعها في الثانية ثم رفع اليمنى فوضعها في الثالثة ، ثم هكذا حتى انتهى الى السابعة يعد كل سماء خطوة ، وكلما ارتفع صغر حتى صار آخر ذلك مثل الصر (٣) فالتفت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الى جبرئيل فقال : قد رأيتك ذعرا ما رأيت مثله ، وما رأيت شيئا كان أذعر لي من تغير لونك؟ فقال : يا نبي الله لا تلمني ، أتدري من هذا؟ قال : لا ، قال : هذا

__________________

(١) امتقع لونه : تغير من حزن أو فزع. والكركمة : الزعفران.

(٢) كذا في النسخ وفي المصدر : «حتى كان كقاب قوسين أو أدنى من الأرض».

(٣) الصر ـ بالكسر ـ : طائر كالعصفور اصفر.


إسرافيل حاجب الرب ولم ينزل من مكانه منذ خلق الله السموات والأرض ، فلما رأيته منحطا ظننت انه جاء بقيام الساعة ، فكان الذي رأيت من تغيير لوني لذلك فلما رأيت ما اصطفاك الله به رجع الى لوني ونفسي ، أما رأيته كلما ارتفع صغر ، انه ليس شيء يدنو من الرب الأصغر لعظمته ، ان هذا حاجب الرب وأقرب خلق الله منه ، واللوح بين عينيه من ياقوتة حمراء ، فاذا تكلم الرب تبارك وتعالى بالوحي ضرب اللوح جبينه فنظر فيه ، ثم ألقاه إلينا ، فنسعى به في السموات والأرض ، انه لأدنى خلق الرحمن منه ، بينه وبينه تسعون حجابا من نور ينقطع دونها الأبصار ما لا يعدون يوصف وانى لأقرب الخلق منه وبيني وبينه مسيرة ألف عام.

٤٥١ ـ وقوله عزوجل : (وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَلى وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمًّا) قال : على جباههم (مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّما خَبَتْ زِدْناهُمْ سَعِيراً) اى كلما انطفت فانه حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن سيف بن عميرة يرفعه الى على بن الحسين صلوات الله عليهما ، قال : ان في جهنم واديا يقال له سعير إذا خبت جهنم فتح سعيرها وهو قوله : (كُلَّما خَبَتْ زِدْناهُمْ سَعِيراً).

٤٥٢ ـ في تفسير العياشي عن إبراهيم بن عمر رفعه الى أحدهما في قول الله : (وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَلى وُجُوهِهِمْ) قال : على جباههم.

٤٥٣ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده الى على بن سليمان بن راشد باسناده رفعه الى أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : تحشر المرجئة عميانا امامهم أعمى ، فيقول بعض من يراهم من غير أمتنا : ما يكون امة محمد الا عميانا ، فأقول لهم : ليسوا من امة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله لأنهم بدلوا فبدل بهم وغيروا فغير ما بهم.

٤٥٤ ـ في كتاب المناقب لابن شهر آشوب أبو ذر في خبر عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يا با ذر يؤتى بجاحد على يوم القيمة أعمى أبكم يتكبكب في ظلمات يوم القيمة ، ينادى : يا حسرتنا على ما فرطت في جنب الله ، وفي عنقه طوق من النار.

٤٥٥ ـ في مجمع البيان وروى أنس بن مالك ان رجلا قال : يا نبي الله كيف


يحشر الكافر على وجهه يوم القيمة؟ قال : ان الذي أمشاه على رجليه قادر أن يمشيه على وجهه يوم القيامة ، أورده البخاري ومسلم في الصحيح.

٤٥٦ ـ في تفسير على بن إبراهيم قوله : (قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذاً لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفاقِ وَكانَ الْإِنْسانُ قَتُوراً) قال : لو كانت الأمور بيد الناس لما أعطوا الناس شيئا مخافة الفناء (وَكانَ الْإِنْسانُ قَتُوراً) اى بخيلا واما قوله عزوجل : (وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى تِسْعَ آياتٍ بَيِّناتٍ) قال : (الطُّوفانَ وَالْجَرادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفادِعَ وَالدَّمَ) والحجر والعصا ويده والبحر.

٤٥٧ ـ في تفسير العياشي عن سلام عن أبي جعفر في قوله : (وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى تِسْعَ آياتٍ بَيِّناتٍ) قال : (الطُّوفانَ وَالْجَرادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفادِعَ وَالدَّمَ) والحجر والبحر والعصا ويده.

٤٥٨ ـ في قرب الاسناد للحميري باسناده الى موسى بن جعفر عليه‌السلام قال : سألنى نفر من اليهود عن الآيات التسع التي أوتيها موسى بن عمران عليه‌السلام؟ فقلت : العصا وإخراجه يده من جيبه بيضاء ، و (الْجَرادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفادِعَ وَالدَّمَ) ، ورفع الطور ، والمن والسلوى آية واحدة ، وفلق البحر قالوا : صدقت والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٤٥٩ ـ في كتاب الخصال عن هارون بن حمزة الغنوي الصيرفي عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن التسع آيات التي اوتى موسى ، فقال : (الْجَرادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفادِعَ وَالدَّمَ) والطوفان والبحر والحجر والعصا ويده.

٤٦٠ ـ في الكافي على بن محمد عن عبد الله بن اسحق عن الحسن بن على بن سليمان عن محمد بن عمران عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال : قدم على أمير المؤمنين عليه‌السلام يهودي من أهل يثرب قد أقر له من في يثرب من اليهود انه أعلمهم وكذلك كانت آباؤه من قبل قال : وقدم على أمير المؤمنين عليه‌السلام في عدة من أهل بيته ، فلما انتهى الى المسجد الأعظم بالكوفة أناخوا رواحلهم ، ثم وقفوا على باب المسجد وأرسلوا الى أمير المؤمنين


صلوات الله عليه انا قوم من اليهود قدمنا من الحجاز ، ولنا إليك حاجة ، فهل تخرج إلينا أم ندخل إليك؟ قال : فخرج إليهم وهو يقول : سيدخلون ويستأنفون باليمين فما حاجتكم؟ فقال عظيمهم : يا بن أبي طالب ما هذه البدعة التي أحدثت في دين محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال : وأية بدعة؟ فقال له اليهودي : زعم قوم من أهل الحجاز انك عمدت الى قوم شهدوا أن لا اله الا الله ، ولم يقروا ان محمدا رسول الله فقتلتهم بالدخان ، فقال له أمير المؤمنين صلوات الله عليه : فنشدتك بالتسع آيات التي أنزلت على موسى عليه‌السلام بطور سيناء ، وبحق الكنايس الخمس القدس ، وبحق السبت الديان (١) هل تعلم ان يوشع بن نون أتى بقوم بعد وفاة موسى شهدوا ان لا اله الا الله ولم يقروا ان موسى رسول الله فقتلهم بمثل هذه القتلة؟ فقال له اليهودي : نعم اشهد أنك ناموس موسى ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٤٦١ ـ في مجمع البيان (وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى تِسْعَ آياتٍ بَيِّناتٍ) اختلف في هذه الآيات التسع الى قوله : وقيل : انها تسع آيات من الأحكام ، روى عبد الله بن سلمة عن عنوان (٢) بن عسال ان يهوديا قال لصاحبه : تعال حتى نسأل هذا النبي ، فأتى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فسأله عن هذه الآية فقال : هو ان لا تشركوا بالله شيئا ، ولا تسرفوا ولا تزنوا ولا تقتلوا النفس التي حرم الله الا بالحق ، ولا تمشوا بالبريء الى سلطان ليقتله ولا تسحروا ولا تأكلوا الربا ، ولا تقذفوا المحصنات ، ولا تولوا للفرار يوم الزحف ، وعليكم خاصة يا يهود أن لا تعتدوا في السبت ، فقبل يده وقال : اشهد انك نبي.

٤٦٢ ـ (لَقَدْ عَلِمْتَ ما أَنْزَلَ هؤُلاءِ) وروى ان عليا عليه‌السلام قال في «علمت» والله ما علم عدو الله ، ولكن موسى هو الذي علم فقال : لقد علمت.

٤٦٣ ـ في تفسير على بن إبراهيم وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله : (فَأَرادَ أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ مِنَ الْأَرْضِ) أراد أن يخرجهم من الأرض ، وقد علم

__________________

(١) الديان : الحاكم. القاضي.

(٢) وفي المصدر «صفوان» بدل «عنوان».


فرعون وقومه ما أنزل تلك الآيات الا الله عزوجل. قال عز من قائل : (وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يا فِرْعَوْنُ مَثْبُوراً).

٤٦٤ ـ في تفسير العياشي عن العباس عن ابى الحسن الرضا عليه‌السلام ذكر قول الله : يا فرعون يا عاصي.

٤٦٥ ـ في تفسير على بن إبراهيم وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله : (فَأَرادَ أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ مِنَ الْأَرْضِ) أراد ان يخرجهم من الأرض ، وقد علم فرعون وقومه ما انزل تلك الآيات الا الله عزوجل.

٤٦٦ ـ وفي رواية على بن إبراهيم «فأراد» يعنى فرعون (أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ مِنَ الْأَرْضِ) ان يخرجهم من مصر (فَأَغْرَقْناهُ وَمَنْ مَعَهُ جَمِيعاً وَقُلْنا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنا بِكُمْ لَفِيفاً) اى من كل ناحية.

٤٦٧ ـ وفيه قبل قوله وفي رواية على بن إبراهيم متصل بقوله عزوجل : وقوله : (فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنا بِكُمْ لَفِيفاً) يقول جميعا.

٤٦٨ ـ في مجمع البيان و (قُرْآناً فَرَقْناهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ) الاية وروى عن على عليه‌السلام : «فرقناه» بالتشديد.

٤٦٩ ـ في الكافي على بن محمد باسناده قال : سئل أبو عبد الله عليه‌السلام عمن بجبهته علة لا يقدر على السجود عليها؟ قال : يضع ذقنه على الأرض ان الله عزوجل يقول : و (يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ سُجَّداً).

٤٧٠ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثني أبي عن الصباح عن اسحق بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قلت له : رجل بين عينيه قرحة لا يستطيع أن يسجد عليها؟ قال : يسجد ما بين طرف شعره ، فان لم يقدر سجد على حاجبه الأيمن ، فان لم يقدر فعلى حاجبه الأيسر ، فان لم يقدر فعلى ذقنه ، قلت : على ذقنه؟ قال : نعم اما تقرء كتاب الله عزوجل «و (يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ سُجَّداً).


٤٧١ ـ في أصول الكافي على بن محمد عن صالح بن أبي حماد عن الحسين بن يزيد عن الحسن بن على بن ابى حمزة عن إبراهيم بن عمر عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ان الله تبارك وتعالى خلق اسما بالحروف غير مصوت ، وباللفظ غير منطبق ، وبالشخص غير مجسد ، وبالتشبيه غير موصوف ، وباللون غير مصبوغ ، منفي عنه الأقطار ، مبعد عنه الحدود ، محجوب عنه حس كل متوهم ، مستتر غير مستور ، فجعله كلمة تامة على أربعة أجزاء معا ، ليس منها واحد قبل الآخر ، فأظهر منها ثلثة أسماء لفاقة الخلق إليها وحجب منها واحدا وهو الاسم المكنون المخزون ، فهذه الأسماء التي ظهرت ، فالظاهر هو الله تبارك وتعالى ، وسخر سبحانه لكل اسم من هذه الأسماء أربعة أركان ، فذلك اثنى عشر ركنا ، ثم خلق لكل ركن منها ثلاثين اسما ، فعلا منسوبا إليها فهو الرحمن الرحيم ، الملك ، القدوس ، البارئ ، الخالق ، المصور ، الحي ، القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم ، العليم ، الخبير ، السميع ، البصير ، الحكيم ، العزيز ، (البادي خ) ، المنشى البديع ، الرفيع ، الجليل ، الكريم ، الرزاق المحيي ، المميت ، الباعث ، الوارث ، فهذه الأسماء ، وما كان من الأسماء الحسنى حتى تتم ثلاثمائة وستين اسما فهي نسبة لهذه الأسماء الثلاثة وهذه الأسماء الثلاثة أركان ، وحجب الاسم الواحد المكنون المخزون بهذه الأسماء الثلاثة ، وذلك قوله تعالى : (قُلِ ادْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى).

٤٧٢ ـ احمد بن إدريس عن الحسين بن عبد الله عن محمد بن عبد الله وموسى بن عمرو الحسن بن على بن عثمان عن ابن سنان ، قال : سألت أبا الحسن الرضا عليه‌السلام هل كان الله عزوجل عارفا بنفسه قبل أن يخلق الخلق؟ قال : نعم ، قلت يراها ويسمعها؟ قال : ما كان محتاجا الى ذلك ، لأنه لم يكن يسألها ولا يطلب منها هو نفسه ونفسه هو ، قدرته نافذة ، فليس يحتاج أن يسمى نفسه ، ولكنه اختار لنفسه أسماء لغيره يدعوه بها ، لأنه إذا لم يدع باسمه لم يعرف ، فأول ما اختار لنفسه العلى العظيم ، لأنه


أعلى الأشياء كلها ، فمعناه الله واسمه العلى العظيم هو أول أسمائه ، علا على كل شيء.

٤٧٣ ـ محمد بن يحيى عن عبد الله بن جعفر عن السياري عن محمد بن بكر عن أبي الجارود عن الأصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين عليه‌السلام انه قال : والذي بعث محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله بالحق ، وأكرم أهل بيته ، ما من شيء يطلبونه من حرز من حرق أو غرق أو سرق أو إفلات دابة من صاحبها أو ضالة أو آبق الا وهو في القرآن ، فمن أراد ذلك فليسألني عنه ، قال : فقام اليه رجل فقال : يا أمير المؤمنين أخبرنى عن السرق فانه لا يزل قد يسرق لي الشيء بعد الشيء ليلا ، فقال : اقرأ إذا أويت الى فراشك : (قُلِ ادْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ) الى قوله : (وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٤٧٤ ـ في كتاب التوحيد باسناده الى الحسين بن سعيد الخزاز عن رجاله عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : الله غاية من غياه والمغيى غير الغاية ، توحد بالربوبية ، ووصف نفسه بغير محدودية ، فالذاكر الله غير الله ، والله غير أسمائه ، وكل شيء وقع عليه اسم شيء سواه فهو مخلوق ، الا ترى الى قوله : «العزة لله» «العظمة لله» وقال : (وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها) وقال : (قُلِ ادْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى) فالأسماء مضافة اليه ، وهو التوحيد الخالص.

٤٧٥ ـ في من لا يحضره الفقيه في وصية النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لعلى عليه‌السلام يا على أمان لامتى من السرق (قُلِ ادْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا) الى آخر السورة.

٤٧٦ ـ في الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن عثمان بن عيسى عن سماعة قال : سألته عن قول الله عزوجل : (وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها) قال : المخافة ما دون سمعك ، والجهر أن ترفع صوتك شديدا.

٤٧٧ ـ على بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس بن عبد الرحمن عن عبد الله بن سنان قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : أعلى الامام أن يسمع من خلفه وان كثروا قال : ليقرء قراءة وسطا يقول الله تبارك وتعالى : (وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها)


٤٧٨ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثني أبي عن الصباح عن اسحق بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قوله : (وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها) قال : الجهر بها رفع الصوت والتخافت ما لم تسمع نفسك ، واقرأ ما بين ذلك.

٤٧٩ ـ وروى أيضا عن أبي جعفر الباقر عليه‌السلام ، في قوله : (وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها) قال : الإجهار أن ترفع صوتك تسمعه من بعد عنك ولا تسمع من معك الا سرا.

٤٨٠ ـ في الاستبصار روى حريز عن زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام ، في رجل جهر فيما لا ينبغي الإجهار فيه أو أخفى فيما لا ينبغي الإخفاء فيه؟ فقال : اى ذلك فعل متعمدا فقد نقض صلوته ، وعليه الاعادة ، وان فعل ذلك ناسيا أو ساهيا أو لا يدرى فلا شيء عليه وقدمت صلوته.

٤٨١ ـ في تفسير العياشي عن زرارة وحمران ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما‌السلام يقولان : (وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها وَابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلاً) قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا كان بمكة جهر بصوته ، فيعلم بمكانه المشركون ، فكانوا يؤذونه فأنزلت هذه الآية عند ذلك.

٤٨٢ ـ عن سليمان عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله تعالى : (وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها) قال : الجهر بها رفع الصوت ، والمخافة ما لم تسمع اذناك ، «وما بين ذلك» ما تسمع أذنيك.

٤٨٣ ـ عن الحلبي عن بعض أصحابنا عنه قال : قال أبو جعفر لابي عبد الله عليه‌السلام : يا بنى عليك بالحسنة بين السيئتين تمحوهما ، قال : وكيف ذلك يا أبة؟ قال : مثل قول الله : (وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها) سيئة (وَلا تُخافِتْ بِها) سيئة (وَابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلاً).

٤٨٤ ـ عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله : (وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها) قال : نسختها (فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ).


٤٨٥ ـ عن زرارة وحمران ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله : (وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها) قال : نسختها (فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ).

٤٨٦ ـ في من لا يحضره الفقيه وسأل محمد بن عمران أبا عبد الله عليه‌السلام فقال : لأى علة يجهر في صلوة الجمعة وصلوة المغرب وصلوة العشاء الاخرة وصلوة الغداة وساير الصلوات الظهر والعصر لا يجهر فيهما؟ قال : لان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لما اسرى به الى السماء كان أول صلوة فرضها الله عليه الظهر يوم الجمعة ، فأضاف الله عزوجل اليه الملائكة تصلى خلفه ، وأمر نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله أن يجهر بالقراءة ليبين لهم فضله ، ثم فرض عليه العصر ولم يضف اليه أحدا من الملائكة وامره ان يخفى القرائة لأنه لم يكن وراءه أحد ثم فرض عليه المغرب وأضاف اليه الملائكة وأمره بالإجهار ، وكذلك العشاء الآخرة فلما كان قرب الفجر نزل ففرض الله عزوجل عليه الفجر ، فأمره بالإجهار ليبين للناس فضله ، كما بين للملائكة ، فلهذه العلة يجهر فيها والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٤٨٧ ـ في قرب الاسناد للحميري وباسناده الى على بن جعفر عن أخيه موسى ابن جعفر عليه‌السلام قال : سألته عن رجل يصلى الفريضة ما يجهر فيه بالقراءة هل عليه أن يجهر؟ قال : ان شاء جهر وان شاء لم يجهر.

٤٨٨ ـ في تفسير العياشي عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : سألته عن قول الله عزوجل : (وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها وَابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلاً) قال : تفسيرها ولا تجهر بولاية على ولا بما أكرمته به حتى آمرك بذلك (وَلا تُخافِتْ بِها) يعنى لا تكتمها عليا وأعلمه بما أكرمته.

٤٨٩ ـ عن جابر عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : سألته عن تفسير هذه الآية في قول الله : (وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها وَابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلاً) قال : لا تجهر بولاية على فهو في الصلوة ، ولا بما أكرمته به حتى آمرك به ، وذلك قوله : (وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها) فانه يقول : ولا تكتم ذلك عليا ، يقول : أعلمه بما أكرمته فأما قوله :


(وَابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلاً) يقول : تسألنى ان آذن لك أن تجهر بأمر على بولايته ، فأذن له بإظهار ذلك يوم غدير خم ، فهو قوله يومئذ : اللهم من كنت مولاه فعلى مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه (١).

٤٩٠ ـ في أصول الكافي الحسين بن محمد الأشعري عن معلى بن محمد عن الحسن بن علي الوشاء عن حماد بن عثمان عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : أتى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله رجل فقال : يا نبي الله الغالب على الدين ووسوسة الصدر ، فقال له النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : قل : توكلت على الحي الذي لا يموت و (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً) ، قال : فصبر الرجل ما شاء الله ثم مر على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فهتف به فقال : ما صنعت؟ فقال : أدمنت ما قلت لي يا رسول الله فقضى الله ديني وأذهب وسوسة صدري.

٤٩١ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن محمد بن سنان عن ابن مسكان عن الثمالي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : جاء رجل الى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : يا رسول الله لقد لقيت من وسوسة الصدر وانا رجل مدين معيل محوج (٢) فقال له : كرر هذه الكلمات : توكلت على الحي الذي لا يموت و (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً) ، فلم يلبث ان جاء فقال : اذهب الله عنى بوسوسة صدري ، وقضى عنى ديني ووسع على رزقي.

٤٩٢ ـ في روضة الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن النوفلي عن السكوني عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : فقد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله رجلا من الأنصار ، فقال : ما غيبك عنا؟

__________________

(١) «في بصائر الدرجات محمد بن الحسين عن النضر بن سويد عن خالد بن حماد ومحمد بن الفضيل عن أبى حمزة الثمالي عن أبى جعفر عليه‌السلام قال : سئلته عن قول الله عزوجل : (وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها) ، قال : يعنى لا تكتمها عليا وأعلمه ما أكرمته به ، (وَابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلاً) فانه يعنى اطلب الى وسلني ان آذن لك ان تجهر بولاية على وادع الناس إليها فاذن له يوم غدير خم. منه عفى عنه» (عن هامش بعض النسخ)

(٢) المدين ـ بفتح الميم ـ : المديون. والمعيل : ذو عيال. والمحوج : المحتاج.


فقال : الفقر يا رسول الله وطول السقم ، فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : الا أعلمك كلاما إذا قلته ذهب عنك الفقر؟ فقال : بلى يا رسول الله ، فقال : إذا أصبحت وأمسيت فقل : لا حول ولا قوة الا بالله توكلت على الحي الذي لا يموت و (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً) ، فقال الرجل : والله ما قلته الا ثلثة أيام حتى ذهب عنى الفقر والسقم.

٤٩٣ ـ في تفسير العياشي عن عبد الله بن سنان قال : شكوت الى أبي عبد الله عليه‌السلام فقال : الا أعلمك شيئا إذا قلته قضى الله دينك وأنعشك وانعش حالك (١) فقلت : ما أحوجني الى ذلك؟ فعلم هذا الدعاء ، قل في دبر صلوة الفجر : توكلت على الحي الذي لا يموت و (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً) ، اللهم انى أعوذ بك من البؤس والفقر ومن غلبة الدين والسقم ، وأسئلك ان تعينني على أداء حقك والى الناس.

٤٩٤ ـ في تهذيب الأحكام في الموثق عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : والرجل إذا قرأ (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً) ، أن يقول : الله أكبر الله أكبر الله أكبر ، قلت : فان لم يقل الرجل شيئا من هذا إذا قرأ؟ قال : ليس عليه شيء والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٤٩٥ ـ في كتاب التوحيد خطبة لأمير المؤمنين عليه‌السلام يقول فيها : الحمد لله الذي لم يولد فيكون في العز مشاركا ، ولم يلد فيكون موروثا هالكا.

٤٩٦ ـ وباسناده الى المفضل بن عمر قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : الحمد لله الذي لم يلد فيورث ولم يولد فيشارك.

٤٩٧ ـ وباسناده الى يعقوب السراج عن أبي عبد الله عليه‌السلام انه قال في حديث له : لم يلد لان الولد يشبه أباه ولم يولد فيشبه من كان قبله.

٤٩٨ ـ وباسناده الى حماد بن عمرو النصيبي قال : سألت جعفر بن محمد عليه‌السلام

__________________

(١) نعشه الله نعشا : رفعه وأقامه. تداركه من هلكة. جبره بعد فقر وسد فقره.


عن التوحيد فقال : واحد صمد أزلى صمدي لا ظل له يمسكه ، وهو يمسك الأشياء بأظلتها لم يلد فيورث ، ولم يولد فيشارك ، ولم يكن له كفوا أحد.

٤٩٩ ـ وباسناده الى ابن أبي عمير عن موسى بن جعفر عليه‌السلام انه قال : واعلم ان الله تعالى واحد أحد صمد لم يلد فيورث ، ولم يولد فيشارك.

٥٠٠ ـ في نهج البلاغة لم يلد فيكون مولودا ، ولم يولد فيصير محدودا جل عن اتخاذ الأبناء.

٥٠١ ـ في أصول الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن العباس بن عمرو الفقيمي عن هشام بن الحكم في حديث الزنديق الذي أتى أبا عبد الله عليه‌السلام وكان من قول أبي عبد الله عليه‌السلام : لا يخلو قولك انهما اثنان من ان يكونا قديمين قويين ، أو يكونا ضعيفين أو يكون أحدهما قويا والآخر ضعيفا ، فان كانا قويين فلم لا يدفع كل منهما صاحبه وينفرد بالتدبير. وان زعمت ان أحدهما قوى والآخر ضعيف ، ثبت انه واحد كما تقول للعجز الظاهر في الثاني ، فان قلت : انهما اثنان لم يخل من ان يكونا متفقين من كل جهة أو متفرقين من كل جهة فلما رأينا الخلق منتظما والفلك جاريا ، والتدبير واحدا ، والليل والنهار والشمس والقمر ، دل صحة الأمر والتدبير وائتلاف الأمر على ان المدبر واحد ، ثم يلزمك ان ادعيت اثنين فرجة ما بينهما حتى يكونا اثنين ، فصارت الفرجة ثالثا بينهما قديما معهما فيلزمك ثلاثة فان ادعيت ثلاثة لزمك ما قلت في الاثنين ، حتى يكون بينهم فرجة فيكونوا خمسة ثم يتناهى في العدد الى ما لا نهاية له في الكثرة ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٥٠٢ ـ في كتاب الاهليلجة قال الصادق عليه‌السلام في كلام طويل فعرف القلب بعقله انه لو كان معه شريك كان ضعيفا ناقصا ولو كان ناقصا ما خلق الإنسان ، ولاختلفت التدابير ، وانتقصت الأمور مع التقصير الذي به يوصف الأرباب المتفردون والشركاء المتعاينون.

٥٠٣ ـ في مصباح الزائر لابن طاوس (ره) في دعاء الحسين عليه‌السلام يوم عرفة :


(الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً) فيكون موروثا ، (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ) فيضاده فيما ابتدع ، ولاولى من الذل فيرفده فيما صنع.

٥٠٤ ـ في كتاب طب الائمة باسناده الى جابر عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : جاء رجل من خراسان الى على بن الحسين عليه‌السلام فقال : يا بن رسول الله حججت ونويت عند خروجي ان أقصدك فان بى وجع الطحال وان تدعو لي بالفرج. فقال له على بن الحسين عليه‌السلام : قد كفاك الله ذلك وله الحمد ، فاذا أحسست به فاكتب هذه الاية بزعفران وماء زمزم واشربه ، فان الله تعالى يدفع عنك ذلك الوجع : (قُلِ ادْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها وَابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلاً ، وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً).

٥٠٥ ـ في تفسير على بن إبراهيم (وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً) قال : لم يذل فيحتاج الى ولى ينصره.

٥٠٦ ـ في كتاب الخصال عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله حديث طويل يقول فيه عليه‌السلام حاكيا عن الله تبارك وتعالى : وأعطيت لك ولأمتك التكبير.

٥٠٧ ـ في أصول الكافي على بن محمد عن سهل بن زياد عن ابن محبوب عمن ذكره عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال رجل عنده : الله أكبر فقال : الله أكبر من أى شيء؟ فقال : من كل شيء ، فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : حددته ، فقال الرجل : كيف أقول؟ قال : قل : الله أكبر من أن يوصف.

٥٠٨ ـ ورواه عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن مروك بن عبيد عن جميع بن عمير قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : أى شيء الله أكبر؟ فقلت : الله أكبر من كل شيء ، فقال : وكان ثم شيء فيكون أكبر منه؟ فقلت : فما هو؟ قال : أكبر من أن يوصف.


٥٠٩ ـ في من لا يحضره الفقيه باسناده الى سليمان بن مهران قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : فكيف صار التكبير يذهب بالضغاط هناك (١) قال : لان قول العبد : الله أكبر معناه الله أكبر من أن يكون مثل الأصنام المنحوتة والآلهة المعبودة دونه.

٥١٠ ـ في كتاب مقتل الحسين عليه‌السلام لأبي مخنف أن يزيد لعنه الله قال للمؤذن : قم يا مؤذن فأذن ، فقال : الله أكبر الله أكبر فقال زين العابدين عليه‌السلام : صدقت ، الله أكبر من كل شيء.

٥١١ ـ في مجمع البيان وروى ان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله كان يعلم أهله هذه الآية وما قبلها عن ابن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير.

__________________

(١) الضغاط : المزاحمة. وقوله : «هناك» اى عند باب بنى شيبة في الحرم ، والحديث بتمامه مذكور في الفقيه في باب نكت في حجج الأنبياء والمرسلين صلوات الله عليهم أجمعين.


بسم الله الرحمن الرحيم

١ ـ في كتاب ثواب الأعمال باسناده الى أبي عبد الله عليه‌السلام قال : من قرء سورة الكهف في كل ليلة جمعة لم يمت الا شهيدا ، ويبعثه الله من الشهداء ، ووقف يوم القيامة مع الشهداء.

٢ ـ في الكافي الحسين بن محمد عن عبد الله بن عامر عن على بن مهزيار عن أيوب بن نوح عن محمد بن أبي حمزة قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : من قرء سورة الكهف في كل ليلة جمعة كانت كفارة ما بين الجمعة الى الجمعة ، قال : وروى غيره أيضا فيمن قرأها يوم الجمعة بعد الظهر والعصر مثل ذلك.

٣ ـ في مجمع البيان أبي بن كعب عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : من قرأها فهو معصوم ثمانية أيام من كل فتنة ، فان خرج الدجال في الثمانية أيام عصمه الله من فتنة الدجال.

٤ ـ سمرة بن جندب عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : من قرء عشر آيات من سورة الكهف لم يضره فتنة الدجال ، ومن قرء السورة كلها دخل الجنة.

٥ ـ وعن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : الا أدلكم على سورة شيعها سبعون ألف ملك حين نزلت ، ملاءت عظمتها ما بين السماء والأرض؟ قالوا : بلى ، قال : سورة أصحاب الكهف من قرأها يوم الجمعة غفر الله له الى الجمعة الاخرى وزيادة ثلثة أيام ، واعطى


نورا يبلغ السماء ووقى فتنة الدجال.

٦ ـ وروى الواحدي باسناده عن أبى الدرداء عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : من حفظ عشر آيات من سورة الكهف كانت له نورا يوم القيامة.

٧ ـ وروى أيضا باسناده عن سعيد بن محمد الجرمي عن أبيه عن جده عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : من قرء الكهف يوم الجمعة فهو معصوم الى سنة من كل فتنة تكون فان خرج الدجال عصم منه.

٨ ـ في عيون الاخبار في باب ما جاء عن الرضا عليه‌السلام من خبر الشامي وما سئل عنه أمير المؤمنين عليه‌السلام في جامع الكوفة حديث طويل وفيه وسأله كم حج آدم من حجة؟ فقال له : سبعين حجة ماشية على قدمه ، وأول حجة حجها كان معه الصرد يدله على مواضع الماء ، وخرج معه من الجنة وقد نهى عن أكل الصرد والخطاف ، وسأله : ما باله لا يمشى؟ فقال : لأنه ناح على بيت المقدس فطاف حوله أربعين عاما يبكى عليه ، ولم يزل يبكى مع آدم عليه‌السلام ، فمن هناك سكن البيوت ، ومعه تسع آيات من كتاب الله تعالى مما كان آدم يقرأ بها في الجنة ، وهي معه الى يوم القيمة ، ثلاث آيات من أول الكهف ، وثلاث آيات من سبحان ، (فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ) وثلاث آيات من يس (وَجَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا).

٩ ـ في تفسير على بن إبراهيم (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلى عَبْدِهِ الْكِتابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً ، قَيِّماً) قال : هذا مقدم ومؤخر ، لان معناه (الَّذِي أَنْزَلَ عَلى عَبْدِهِ الْكِتابَ) قيما (وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً) ، فقد قدم حرف ، على حرف.

١٠ ـ في تفسير العياشي عن البرقي عمن رواه رفعه عن أبى بصير عن أبي جعفر عليه‌السلام (لِيُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِنْ لَدُنْهُ) قال : البأس الشديد على وهو لدن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، قاتل معه عدوه ، فذلك قوله (لِيُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِنْ لَدُنْهُ).

١١ ـ عن الحسن بن صالح قال : قال لي أبو جعفر عليه‌السلام : لا تقرأ يبشر ، انما


ـ البشر بشر الأديم ، قال : فصليت بعد ذلك خلف الحسن فقرأ تبشر.

١٢ ـ في تفسير على بن إبراهيم و (يُنْذِرَ الَّذِينَ قالُوا اتَّخَذَ اللهُ وَلَداً ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ) قال : قالت قريش حين زعموا ان الملائكة بنات الله عزوجل وما قالت اليهود والنصارى في قولهم عزير ابن الله والمسيح ابن الله ، فرد الله عزوجل عليهم فقال : (ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلا لِآبائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْواهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِباً).

١٣ ـ وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله عزوجل : (فَلَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ) يقول : قاتل (نَفْسَكَ عَلى آثارِهِمْ).

١٤ ـ في روضة الكافي كلام لعلى بن الحسين عليه‌السلام في الوعظ والزهد في الدنيا يقول فيه عليه‌السلام : واعلموا ان الله لم يحب زهرة الدنيا وعاجلها لأحد من أوليائه ، ولم يرغبهم فيها وفي عاجل زهرتها وظاهر بهجتها ، وانما خلق الدنيا وخلق أهلها ليبلوهم فيها أيهم أحسن عملا لآخرته.

١٥ ـ في الخرائج والجرائح عن المنهال بن عمرو قال : والله أنا رأيت رأس الحسين عليه‌السلام حين حمل وأنا بدمشق ، وبين يديه رجل يقرأ الكهف حتى بلغ قوله : (أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَباً) فأنطق الله تعالى الرأس بلسان ذرب طلق قال : أعجب من أصحاب الكهف حملي وقتلى.

١٦ ـ في كتاب المناقب لابن شهر آشوب وروى ابو مخنف عن الشعبي انه صلب رأس الحسين بالصياف في الكوفة فتنحنح الرأس وقرء سورة الكهف الى قوله : (إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْناهُمْ هُدىً) وسمع أيضا يقرأ : (أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَباً).

١٧ ـ في أصول الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن هشام ابن سالم عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ان مثل أبي طالب مثل أصحاب الكهف ، أسروا الايمان وأظهروا الشرك ، فآتاهم الله أجرهم مرتين.


١٨ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن الحسن بن على عن درست الواسطي قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : ما بلغت تقية أحد تقية أصحاب الكهف ، إذ كانوا يشهدون الأعياد ويشدون الزنانير (١) فأعطاهم الله أجرهم مرتين.

١٩ ـ في تفسير العياشي عن عبيد الله بن يحيى عن أبي عبد الله عليه‌السلام انه ذكر أصحاب الكهف فقال : لو كلفكم قومكم ما كلفهم قومهم؟ فقيل له : وما كلفهم قومهم؟ فقال : كلفوهم الشرك بالله العظيم فأظهر والهم الشرك ، وأسروا الايمان حتى جاءهم الفرج.

٢٠ ـ عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ان أصحاب الكهف أسروا الايمان وأظهروا الكفر فآجرهم الله.

٢١ ـ عن محمد عن أحمد بن على عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قوله : (أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَباً) قال : هم قوم فروا وكتب ملك ذلك الزمان بأسمائهم وأسماء آبائهم وعشائرهم في صحف من رصاص ، فهو قوله : (أَصْحابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ).

٢٢ ـ عن أبي بكر الحضرمي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : خرج أصحاب الكهف على غير معرفة ولا ميعاد ، فلما صاروا في الصحراء أخذ بعضهم على بعض العهود والمواثيق ، يأخذ هذا على هذا وهذا على هذا ، ثم قالوا : أظهروا أمركم فاظهروه فاذا هم على أمر واحد.

٢٣ ـ عن الكاهلي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ان أصحاب الكهف أسروا الايمان وأظهروا الكفر ، وكانوا على جهار الكفر أعظم أجرا منهم على الأسرار بالايمان.

٢٤ ـ عن سليمان بن جعفر النهدي قال : قال جعفر بن محمد : يا سليمان من الفتى؟ قال : قلت : جعلت فداك الفتى عندنا الشاب ، قال لي : أما علمت ان أصحاب الكهف كانوا كلهم كهولا فسماهم الله فتية بايمانهم ، يا سليمان من آمن بالله واتقى

__________________

(١) جمع الزنار.


ـ هو الفتى.

٢٥ ـ في روضة الكافي على بن إبراهيم رفعه قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام لرجل : ما الفتى عندكم؟ فقال له : الشاب ، فقال : لا ، الفتى المؤمن ، ان أصحاب الكهف كانوا شيوخا فسما هم الله عزوجل فتية بايمانهم.

٢٦ ـ في من لا يحضره الفقيه وروى عن سدير الصيرفي قال : قلت لأبي جعفر عليه‌السلام : حديث بلغني عن الحسن البصري فان حقا فإنا لله وانا اليه راجعون ، قال : وما هو؟ قلت : بلغني ان الحسن كان يقول : لو غلى دماغه من حر الشمس ما استظل بحائط صيرفي ولو تفرثت كبده (١) عطشا لم يستسق من دار صيرفي ماءا وهو عملي وتجارتي ، وعليه نبت لحمى ودمي ومنه حجتي وعمرتي قال : فجلس عليه‌السلام ثم قال : كذب الحسن خذ سواء وأعط سواء ، وإذا حضرت الصلوة فدع ما بيدك وانهض الى الصلوة ، أما علمت ان أصحاب الكهف كانوا صيارفة يعنى صيارفة الكلام ، ولم يعن صيارفة الدراهم (٢).

__________________

(١) تفرث : تفرق.

(٢) أقول : الصرف هو بيع النقود كبيع الذهب بالفضة أو الدينار بالدرهم وصيارفة جمع الصير في وهو النقاد والهاء للنسبة ، ثم ان المشهور كراهية بيع الصرف لأنه يفضي الى المحرم أو المكروه غالبا ، ولعل هذا الخبر انما ورد ردا على من برى إباحته متمسكا بعمل أصحاب الكهف.

وقال المجلسي (ره) بعد نقل هذا الخبر : لعله عليه‌السلام انما ذكر ذلك إلزاما عليهم حيث ظنوا انهم كانوا صيارفة الدراهم «انتهى» قد رواه الصدوق (ره) في الفقيه وليس فيما رواه قوله : «يعنى صيارفة كلام ... اه» كما ان الظاهر انه من كلام الراوي أو الكليني (ره) نعم ورد في بعضها التصريح بأنهم صيارفة الكلام كما في حديث العياشي ثم قال الصدوق (ره) بعد نقل الحديث : يعنى صيارفة الكلام ولم يعن صيارفة الدراهم «انتهى» وذكر المجلسي (ره) في وجه حمل الصدوق (ره) الخبر على هذا المعنى وجوها يطول المقام بذكرها ، وعلى الطالب أن يراجع البحار.

وعن بعض شراح الحديث : ان المعنى كأن الامام عليه‌السلام قال لسدير : مالك ولقول*


٢٧ ـ في تفسير العياشي عن درست عن أبي عبد الله عليه‌السلام انه ذكر أصحاب الكهف فقال : كانوا صيارفة كلام ، ولم يكونوا صيارفة دراهم.

٢٨ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده الى محمد بن اسمعيل القرشي عمن حدثه عن اسمعيل بن أعبل عن أبيه عن أبي رافع عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله حديث طويل قال فيه بعد ان ذكر عيسى ، ثم يحيى بن زكريا ، ثم العزيز ثم دانيال ، ثم مكيخا ابن دانيال عليهم‌السلام وملوك زمانهم ، فعند ذلك ملك سابور بن هرمز اثنين وسبعين سنة ، وهو أول من عقد التاج ولبسه ، وولى أمر الله عزوجل يومئذ وهو الشواء بن مكيخا ، وملك بعد أردشير أخو شابور سنتين ، وفي زمانه بعث الله الفتية أصحاب الكهف والرقيم ، وولى أمر الله في الأرض يومئذ دستجا بن لشوا بن مكيخا.

٢٩ ـ في تفسير على بن إبراهيم وقوله : عزوجل : (أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَباً) يقول : قد اتيناك من الآيات ما هو أعجب منه ، وهم فتية كانوا في الفترة بين عيسى بن مريم عليهما‌السلام ومحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، واما الرقيم فهما لوحان من نحاس مرقوم مكتوب فيهما أمر الفتية وأمر إسلامهم ، وما أراد منهم دقيانوس الملك ، وكيف كان أمرهم وحالهم وقال على بن إبراهيم فحدثني أبي عن ابن أبي عمير عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : كان سبب نزول سورة الكهف ان قريشا بعثوا ثلثة نفر الى نجران : النضر بن الحارث بن كلدة ، وعقبة بن أبي معيط ، والعاص بن وائل السهمي ، ليتعلموا من اليهود والنصارى مسائل يسألونها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فخرجوا الى نجران الى علماء اليهود ، فسألوهم فقالوا : اسألوه عن ثلثة مسائل ، فان أجابكم فيها

__________________

* الحسن البصري؟ أما علمت ان أصحاب الكهف كانوا صيارفة الكلام ونقدة الأقاويل ، فانتقدوا ما قرع أسماعهم فاتبعوا الحق ورفضوا الباطل ولم يسمعوا أمانى أهل الضلال وأكاذيب رهط النفاهة ، فأنت أيضا كن صيرفيا لما يبلغك من الأقاويل فانتقده آخذا بالحق رافضا للباطل وليس المراد انهم كانوا صيارفة الدراهم كما هو المتبادر الى بعض الأوهام ، لأنهم كانوا فتية من أشراف الروم مع عظم شأنهم وكبر خطرهم.


على ما عندنا فهو صادق ، ثم سلوه عن مسئلة واحدة ، فان ادعى علمها فهو كاذب قالوا : وما هذه المسائل؟ قالوا : اسألوه عن فتية كانوا في الزمن الأول فخرجوا وغابوا وناموا كم بقوا في نومهم؟ حتى انتبهوا ، وكم كان عددهم ، وأى شيء كان معهم من غيرهم وما كان قصتهم؟ واسئلوه عن موسى عليه‌السلام حين أمره الله عزوجل أن يتبع العالم ويتعلم منه من هو ، وكيف تبعه وما كان قصته معه؟ واسئلوه عن طائف طاف مغرب الشمس ومطلعها حتى بلغ سد يأجوج ومأجوج من هو؟ وكيف كان قصته؟ ثم أملوا عليهم أخبار هذه الثلث المسائل ، وقالوا لهم : ان أجابكم بما قد أملينا عليكم فهو صادق ، وان أخبركم بخلاف ذلك فلا تصدقوه ، قالوا : فما المسئلة الرابعة؟ قالوا : سلوه متى تقوم الساعة؟ فان ادعى علمها فهو كاذب ، فان قيام الساعة لا يعلمها الا الله تبارك وتعالى. فرجعوا الى مكة واجتمعوا الى أبي طالب رضى الله عنه فقالوا : يا با طالب ان ابن أخيك يزعم ان خبر السماء يأتيه ونحن نسأله عن مسائل فان أجابنا عنها علمنا انه صادق وان لم يخبرنا علمنا انه كاذب ، فقال أبو طالب : سلوه عما بدا لكم ، فسألوه عن الثلث المسائل ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : غدا أخبركم ولم يستثن ، فاحتبس الوحي عليه أربعين يوما ، حتى اغتم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وشك أصحابه الذين كانوا آمنوا به ، وفرحت قريش واستهزؤا وآذوا وحزن أبو طالب ، فلما كان بعد أربعين يوما نزل عليه سورة الكهف فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا جبرئيل لقد أبطأت! فقال : انا لا نقدر ان ننزل الا بإذن الله تعالى ، فأنزل الله عزوجل : «أم حبست» يا محمد (أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَباً) ثم قص قصتهم فقال : (إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقالُوا رَبَّنا آتِنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنا مِنْ أَمْرِنا رَشَداً).

فقال الصادق عليه‌السلام : (أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كانُوا) في زمن ملك جبار عات وكان يدعو أهل مملكته الى عبادة الأصنام فمن لم يجبه قتله ، وكانوا هؤلاء قوما مؤمنين يعبدون الله عزوجل ، ووكل الملك بباب المدينة وكلاء ولم يدع أحدا يخرج حتى


يسجد للأصنام ، فخر جوا هؤلاء بعلة الصيد وذلك انهم مروا براع في طريقهم فدعوه الى أمرهم فلم يجبهم وكان مع الراعي كلب ، فأجابهم الكلب وخرج معهم ، فقال الصادق عليه‌السلام : لا يدخل الجنة من البهائم الا ثلثة حمار بلعم بن باعور ، وذئب يوسف عليه‌السلام وكلب أصحاب الكهف.

فخرج أصحاب الكهف من المدينة بعلة الصيد هربا من دين ذلك الملك ، فلما أمسوا دخلوا الى ذلك الكهف ، والكلب معهم ، فألقى الله عزوجل عليهم النعاس ، كما قال الله تبارك وتعالى : (فَضَرَبْنا عَلَى آذانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً) فناموا حتى أهلك الله عزوجل الملك وأهل مملكته وذهب ذلك الزمان ، وجاء زمان آخر وقوم آخرون ثم انتبهوا ، فقال بعضهم لبعض : كم نمنا هاهنا فنظروا الى الشمس قد ارتفعت فقالوا : نمنا يوما أو بعض يوم ، ثم قالوا لواحد منهم : خذ هذه الورق وادخل في المدينة متنكرا لا يعرفوك ، فاشتر لنا فإنهم ان علموا بنا وعرفونا قتلونا أو ردونا في دينهم ، فجاء ذلك الرجل فرأى المدينة بخلاف الذي عهدها ، وراى قوما بخلاف أولئك لم يعرفهم ولم يعرفوا لغته ، ولم يعرف لغتهم ، فقالوا له : من أنت ومن اين جئت فأخبرهم فخرج ملك تلك المدينة مع أصحابه والرجل معهم حتى وقفوا على باب الكهف ، فأقبلوا يتطلعون فيه فقال بعضهم : هؤلاء ثلثة ورابعهم كلبهم ، وقال بعضهم : هم خمسة وسادسهم كلبهم ، وقال بعضهم : هم سبعة وثامنهم كلبهم وحجبهم الله عزوجل بحجاب من الرعب فلم يكن أحد يقدم بالدخول عليهم غير صاحبهم ، فانه لما دخل عليهم وجدهم خائفين أن يكون أصحاب دقيانوس شعروا بهم ، فأخبرهم صاحبهم انهم كانوا نائمين هذا الزمن الطويل ، وأنهم آية للناس ، فبكوا وسئلوا الله تعالى ان يعيدهم الى مضاجعهم نائمين كما كانوا ، ثم قال الملك : ينبغي ان يبنى هاهنا مسجد ونزوره فان هؤلاء قوم مؤمنون ، فلهم في كل سنة نقلة نقلتان ينامون ستة أشهر على جنوبهم الأيمن وستة أشهر على جنوبهم الأيسر ، والكلب معهم قد بسط ذراعيه بفناء الكهف (١).

__________________

(١) «في كتاب سعد السعود لابن طاوس (ره) نقلا عن تفسير أبى اسحق إبراهيم بن محمّد*


٣٠ ـ في مجمع البيان وقيل : أصحاب الرقيم هم النفر الثلاثة الذين دخلوا في غار ، فانسد عليهم فقالوا : ليدع الله تعالى كل واحد منا بعمله حتى يفرج الله عنا ففعلوا فنجاهم الله رواه النعمان بن بشير مرفوعا.

٣١ ـ في محاسن البرقي عنه عن عبد الرحمن بن أبي نجران عن المفضل بن صالح عن جابر الجعفي يرفعه قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : خرج ثلثة نفر يسيحون في الأرض ، فبينما هم يعبدون الله في كهف في قلة جبل حتى بدت صخرة من أعلى الجبل حتى التقمت باب الكهف ، فقال بعضهم لبعض : عباد الله والله ما ينجيكم مما وقعتم الا أن تصدقوا الله ، فهلم ما عملتم لله خالصا ، فانما أسلمتم بالذنوب ، فقال أحدهم : اللهم ان كنت تعلم انى طلبت امرأة لحسنها وجمالها فأعطيت فيها ما لا ضخما ، حتى إذا قدرت عليها وجلست منها مجلس الرجل من المرأة وذكرت النار ، فقمت عنها فرقا منك ، اللهم فارفع عنا هذه الصخرة ، فانصدعت حتى نظروا الى الصدع ثم قال الآخر : اللهم ان كنت تعلم انى استأجرت قوما يحرثون كل رجل منهم بنصف درهم ، فلما فرغوا أعطيتهم أجورهم ، فقال أحدهم : قد علمت عمل اثنين والله لا آخذ الا درهما واحدا وترك ماله عندي فبذرت بذلك النصف الدرهم في الأرض فأخرج الله من ذلك رزقا ، وجاء صاحب النصف

__________________

* القزويني باسناده الى انس بن مالك قال : أهدى لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بساط من قرية يقال لها بهندف ، فقعد عليه على وأبو بكر وعمر وعثمان والزبير وعبد الرحمن بن عوف وسعد ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لعلى : يا على قل يا ريح احمل بنا ، فقال على : يا ريح احمل بنا فحمل بهم حتى أتوا أصحاب الكهف ، فسلم أبو بكر وعمر فلم يردوا عليهم‌السلام ، ثم قال على عليه‌السلام فسلم فردوا عليه‌السلام ، فقال أبو بكر : يا على ما بالهم ردوا عليك ولم يردوا علينا ،؟ فقال لهم على عليه‌السلام فقالوا : انا لا نرد بعد الموت الا على نبي أو وصى نبي ثم قال على : يا ريح حملينا لملتنا ، ثم قال : يا ريح ضعينا فوضعنا ، فركز برجله الأرض فتوضأ على وتوضأنا ثم قال : يا ريح احملينا فحملتنا ، فوافينا المدينة والنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في صلوة الغداة وهو يقرأ : (أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَباً) فلما قضى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله الصلوة قال : يا على أخبرونى عن مسيركم أم تحبون أن أخبركم؟ قالوا : بل تخبرنا يا رسول الله قال انس بن مالك : فقص القصة كأن معنا. منه عفى عنه» (عن هامش بعض النسخ)


الدرهم فأراده فدفعت اليه ثمن عشرة آلاف ، فان كنت تعلم انما فعلته مخافة منك فارفع عنا هذه الصخرة ، قال : فانفرجت منهم حتى نظر بعضهم الى بعض ، ثم ان الآخر قال : اللهم ان كنت تعلم ان أبي وأمي كانا نائمين فأتيتهما بقعب من لبن (١) فخفت ان أضعه أن تمج فيه هامة ، وكرهت أن أوقظهما من نومهما ، فيشق ذلك عليهما فلم أزل كذلك حتى استيقظا وشربا ، اللهم فان كنت تعلم انى فعلت ذلك ابتغاء وجهك فارفع عنا هذه الصخرة ، فانفرج لهم حتى سهل لهم طريقهم ، ثم قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : من صدق الله نجا.

قال مؤلف هذا الكتاب عفى عنه قوله عزوجل : (فَضَرَبْنا عَلَى آذانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً) قد سبق له بيان في حديث على بن إبراهيم.

٣٢ ـ في كتاب طب الأئمة عوذة للصبي إذا كثر بكائه ولمن يفزع بالليل ، وللمرأة إذا سهرت من وجع (فَضَرَبْنا عَلَى آذانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً ثُمَّ بَعَثْناهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصى لِما لَبِثُوا أَمَداً) حدثنا أبو المغر الواسطي قال : حدثنا محمد بن سليمان عن مروان بن الجهم عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام مأثورة عن أمير المؤمنين عليه‌السلام انه قال ذلك.

٣٣ ـ في أصول الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن بكر بن صالح عن القاسم بن يزيد قال : حدثنا أبو عمرو الزبيري عن أبي عبد الله عليه‌السلام وذكر حديثا طويلا وفيه بعد ان قال عليه‌السلام : ان الله تبارك وتعالى فرض الايمان على جوارح ابن آدم وقسمه عليها ، وفرقه فيها وبين ذلك ، قلت : قد فهمت نقصان الايمان وتمامه فمن أين جاءت زيادته؟ فقال : قول الله عزوجل : (وَإِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زادَتْهُ هذِهِ إِيماناً فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزادَتْهُمْ إِيماناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ) وقال : (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْناهُمْ هُدىً) ولو كان كله واحدا لا زيادة فيه ولا نقصان ، لم يكن لأحد منهم فضل على الآخر ، ولاستوت النعم ، ولا استوى الناس وبطل التفضيل ، ولكن بتمام

__________________

(١) القعب : القدح الضخم الغليظ.


الايمان دخل المؤمنون الجنة ، وبالزيادة في الايمان تفاضل المؤمنون بالدرجات عند الله وبالنقصان دخل المفرطون النار.

٣٤ ـ في تفسير على بن إبراهيم وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله عزوجل : (لَنْ نَدْعُوَا مِنْ دُونِهِ إِلهاً لَقَدْ قُلْنا إِذاً شَطَطاً) يعنى جورا على الله تعالى ان قلنا ان له شريكا.

٣٥ ـ في كتاب التوحيد حدثنا على بن عبد الله الوراق ومحمد بن على السناني وعلى بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق رضى الله عنه قالوا حدثنا أبو العباس أحمد بن يحيى بن زكريا القطان ، قال : حدثنا بكر بن عبد الله بن حبيب قال : حدثنا تميم بن بهلول عن أبيه عن جعفر بن سليمان النضري عن عبد الله بن الفضل الهاشمي قال : سألت أبا عبد الله جعفر بن محمد عليهم‌السلام عن قول الله عزوجل : (مَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِداً) فقال : ان الله تبارك وتعالى يضل الظالمين يوم القيمة عن دار كرامته ، ويهدى أهل الايمان والعمل الصالح الى جنته كما قال الله عزوجل : (وَيُضِلُّ اللهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللهُ ما يَشاءُ) وقال الله عزوجل : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ).

قال مؤلف هذا الكتاب قوله عزوجل : (وَنُقَلِّبُهُمْ ذاتَ الْيَمِينِ وَذاتَ الشِّمالِ) وقوله عزوجل : (وَكَلْبُهُمْ باسِطٌ ذِراعَيْهِ بِالْوَصِيدِ) قد سبق لهما بيان في حديث على ابن إبراهيم.

٣٦ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثني أبي عن الحسين بن خالد عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام انه قال : لا يدخل الجنة من البهائم الا ثلثة : حمارة بلعم ، وكلب أصحاب الكهف والذئب ، وكان سبب الذئب انه بعث ملك ظالم رجلا شرطيا ليحشر قوما من المؤمنين ويعذبهم ، وكان للشرطي ابن يحبه ، فجاء ذئب فأكل ابنه فحزن الشرطي عليه ، فأدخل الله ذلك الذئب الجنة لما احزن الشرطي.

٣٧ ـ في تفسير العياشي عن محمد بن سنان البطيخي (١)

__________________

(١) وفي المصدر «عن محمد بن سنان عن البطيخي».


عن أبي جعفر عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِراراً وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً) قال : ان ذلك لم يعن به النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله انما عنى به المؤمنون بعضهم لبعض لكنه حالهم التي هم عليها.

قال مؤلف هذا الكتاب عفى عنه : قوله عزوجل : (قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قالُوا لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِما لَبِثْتُمْ فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّها أَزْكى طَعاماً فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَداً) قد سبق له بيان في حديث على بن إبراهيم.

٣٨ ـ في محاسن البرقي عن إبراهيم بن عقبة عن محمد بن ميسر عن أبيه عن أبي جعفر أو عن أبي عبد الله عليهما‌السلام في قول الله : (فَلْيَنْظُرْ أَيُّها أَزْكى طَعاماً فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ) قال : أزكى طعاما التمر.

قال مؤلف هذا الكتاب عفى عنه : قوله عزوجل : (إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ) قد سبق له بيان في حديث على بن إبراهيم.

٣٩ ـ في كتاب الاحتجاج الطبرسي (ره) عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، حديث طويل يقول فيه عليه‌السلام : وقد رجع الى الدنيا ممن مات خلق كثير ، منهم أصحاب الكهف أماتهم الله ثلاثمائة عام ، ثم بعثهم في زمان قوم أنكروا البعث ليقطع حجتهم ، وليريهم قدرته وليعلموا أن البعث حق.

قال مؤلف هذا الكتاب عفى عنه : (لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِداً سَيَقُولُونَ) ثلثة رابعهم كلبهم الى قوله عزوجل : وثامنهم كلبهم قد سبق له بيان في حديث على بن إبراهيم.

٤٠ ـ في روضة الواعظين للمفيد رحمه‌الله قال الصادق عليه‌السلام : يخرج مع القائم عليه‌السلام من ظهر الكعبة سبعة وعشرون رجلا ، خمسة عشر من قوم موسى عليه‌السلام ، الذين كانوا يهدون بالحق وبه يعدلون ، وسبعة من أهل الكهف ، ويوشع بن نون وأبا دجانة الأنصاري ، ومقداد ومالك الأشتر ، فيكونون بين يديه أنصارا وحكاما. قال عز من قائل : فلا تمار فيهم الأمراء ظاهرا.

٤١ ـ في أصول الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن هارون بن مسلم عن مسعدة


ابن صدقة عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : إياكم والمراء والخصومة فإنهما يمرضان القلوب على الاخوان وينبت عليهما النفاق.

٤٢ ـ وباسناده قال : قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : ثلاث من لقى الله عزوجل بهن دخل الجنة من اى باب شاء : من حسن خلقه وخشي الله في المغيب والمحضر ، وترك المراء وان كان محقا.

٤٣ ـ وباسناده الى عمار بن مروان قال قال ابو عبد الله عليه‌السلام : لا تمارين حليما ولا سفيها ، فان الحليم يغلبك (١) والسفيه يؤذيك.

٤٤ ـ في كتاب التوحيد باسناده الى اسمعيل بن أبي زياد عن جعفر بن محمد عن آبائه عليهم‌السلام ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : انا زعيم (٢) ببيت في أعلى الجنة ، وبيت في وسط الجنة ، وبيت في رياض الجنة لمن ترك المراء وان كان محقا.

٤٥ ـ في كتاب الخصال عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : من يضمن أربعة بأربعة أبيات في الجنة : من أنفق ولم يخف فقرا ، الى قوله عليه‌السلام : وترك المراء وان كان محقا.

٤٦ ـ عن جعفر بن محمد عن أبيه ، عليهما‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أربع خصال تميت القلب : الذنب على الذنب وكثرة منافثة النساء يعنى محادثتهن ، ومماراة الأحمق تقول ويقول ولا يرجع الى خير أبدا ، الحديث.

٤٧ ـ في أصول الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن مرازم ابن حكيم قال مر أبو عبد الله عليه‌السلام بكتاب في حاجة ، فكتب ثم عرض عليه ولم يكن فيه استثناء ، فقال : كيف رجوتم ان يتم هذا وليس فيه استثناء؟ انظروا كل موضع لا يكون فيه استثناء فاستثنوا فيه.

٤٨ ـ في الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن على بن الحكم عن أبي جميلة عن المفضل بن صالح عن محمد الحلبي وزرارة عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر و

__________________

(١) وفي النسخ «يقليك» ويوافقه المصدر أيضا وهو من القلى بمعنى البغض.

(٢) الزعيم : الكفيل.


أبي عبد الله عليهما‌السلام ، في قول الله عزوجل : (وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ) قال : إذا حلف الرجل فنسي أن يستثني فليستثن.

٤٩ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد وعلى بن إبراهيم عن أبيه جميعا عن ابن محبوب عن أبي جعفر الأحول عن سلام بن المستنير عن أبي جعفر عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً) قال : فقال : ان الله عزوجل لما قال لآدم : ادخل الجنة قال له : يا آدم لا تقرب هذه الشجرة ، قال : وأراه إياها؟ فقال آدم لربه : كيف أقربها وقد نهيتني عنها أنا وزوجتي؟ قال : فقال لهما : لا تقرباها يعنى لا تأكلا منها ، فقال آدم وزوجته : نعم يا ربنا لم نقربها ولم نأكل منها ولم يستثنيا في قولهما نعم ، فوكلهما الله في ذلك الى أنفسهما والى ذكرهما ، قال : وقد قال الله عزوجل لنبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله في الكتاب : (وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ) ان لا أفعله فتسبق مشية الله في ان لا افعله ، فلا أقدر على أن أفعله ، فلذلك قال الله عزوجل : (وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ) أى استثن مشية الله في فعلك.

٥٠ ـ عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد ومحمد بن يحيى عن أحمد بن محمد جميعا عن ابن محبوب عن ابن رئاب عن حمزة بن حمران قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ) قال : ذلك في اليمين ، إذا قلت : والله لا أفعل كذا وكذا ، فاذا ذكرت انك لم تستثن فقل إنشاء الله.

٥١ ـ عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن جعفر بن محمد الأشعرى عن ابن القداح عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : الاستثناء في اليمين متى ما ذكر وان كان بعد أربعين صباحا ، ثم تلا هذه الآية : (وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ).

٥٢ ـ احمد بن محمد عن على بن الحسن عن على بن أسباط عن الحسن بن زرارة قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ) فقال : إذا حلفت على يمين ونسيت أن تستثنى فاستثن إذا ذكرت.

٥٣ ـ في من لا يحضره الفقيه وروى حماد بن عيسى عن عبد الله بن ميمون عن


أبي عبد الله عليه‌السلام قال : للعبد أن يستثني ما بينه وبين أربعين يوما إذا نسي ، ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أتاه أناس من اليهود فسألوه عن أشياء ، فقال لهم : تعالوا غدا أحدثكم ولم يستثن فاحتبس جبرئيل عليه‌السلام عنه أربعين يوما ثم أتاه فقال : (وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ).

٥٤ ـ في تهذيب الأحكام باسناده الى على بن حديد عن مرازم قال : دخل أبو عبد الله عليه‌السلام يوما الى منزل معتب وهو يريد العمرة ، فتناول لوحا فيه تسمية أرزاق العيال وما يخرج لهم ، فاذا فيه لفلان وفلان وفلان وليس فيه استثناء ، فقال : من كتب هذا الكتاب ولم يستثن فيه كيف ظن انه يتم؟ ثم دعا بالدواة فقال : الحق فيه إنشاء الله ، فالحق فيه في كل اسم إنشاء الله.

٥٥ ـ في تفسير العياشي عن عبد الله بن ميمون عن أبي عبد الله عليه‌السلام عن أبيه عن على ابن أبي طالب صلوات الله عليهم قال : إذا حلف الرجل بالله فله ثنيا (١) الى أربعين يوما ، وذلك ان قوما من اليهود سئلوا النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله عن شيء فقال : ائتوني (٢) غدا ولم يستثن حتى أخبركم فاحتبس عنه جبرئيل عليه‌السلام أربعين يوما ، ثم أتى وقال : (وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ).

٥٦ ـ عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه‌السلام ذكر ان آدم لما أسكنه الله الجنة فقال له : يا آدم لا تقرب هذه الشجرة فقال : نعم ولم يستثن فأمر الله نبيه فقال : (وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ) ولو بعد سنة.

٥٧ ـ وفي رواية عبد الله بن ميمون عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قوله : (وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ) أن تقول الا من بعد الأربعين فللعبد الاستثناء في اليمين ما بينه وبين أربعين يوما إذا نسي.

٥٨ ـ عن زرارة ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما‌السلام في قول الله : (وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ) فقال : إذا حلف الرجل فنسي أن يستثني فليستثن إذا ذكر.

__________________

(١) الثنيا ـ بالضم مع القصر ـ : الاسم من الاستثناء ، وفي المصدر «ثنياها».

(٢) وفي بعض النسخ «ألقونى» مكان «ائتوني».


٥٩ ـ عن حمزة بن حمران قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله : (وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ) فقال : ان تستثنى ثم ذكرت بعد فاستثن حين تذكر.

قال مؤلف هذا الكتاب عفى عنه وقد سبق لهذه الاية بيان في حديث على ابن إبراهيم.

٦٠ ـ في مجمع البيان وقوله : (وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ) فيه وجهان أحدهما انه كلام متصل بما قبله ، ثم اختلف في ذلك فقيل : معناه (وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ) الاستثناء ثم تذكرت فقل ان شاء الله ، وان كان بعد يوم أو شهر أو سنة عن ابن عباس وقد روى ذلك عن أئمتنا عليهم‌السلام ، ويمكن ان يكون الوجه فيه انه إذا استثنى بعد النسيان فانه يحصل ثواب المستثنى من غير أن يؤثر الاستثناء بعد انفصال الكلام في الكلام وابطال الحنث وسقوط الكفارة في اليمين ، وهو الأشبه بمراد ابن عباس في قوله.

٦١ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) عن أبي عبد الله عليه‌السلام حديث طويل يقول فيه عليه‌السلام : وقد رجع الى الدنيا ممن مات خلق كثير منهم أصحاب الكهف ، أماتهم الله ثلاثمائة عام وتسعة ، وبعثهم في زمان قوم أنكروا البعث ليقطع حجتهم وليريهم قدرته وليعلموا ان البعث حق.

٦٢ ـ في مجمع البيان وروى ان يهوديا سئل على بن أبي طالب عليه‌السلام عن مدة لبثهم فأخبر بما في القرآن ، فقال : انا نجد في كتابنا ثلاثماة فقال عليه‌السلام : ذاك بسنى الشمس وهذا بسنى القمر.

٦٣ ـ في كتاب طب الائمة باسناده الى سالم بن محمد قال : شكوت الى الصادق عليه‌السلام وجع الساقين ، وانه قد أقعدنى عن أمر ربي وأسبابي ، فقال : عوذها ، قلت : بماذا يا بن رسول الله؟ قال : بهذه الآية سبع مرات فانك تعافى بإذن الله ، (وَاتْلُ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتابِ رَبِّكَ لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً) قال : فعوذتها سبعا كما أمرني ، فرفع الوجع عنى رفعا حتى لم أحس بعد ذلك بشيء منه.


٦٣ ـ في كتاب الخصال عن محمد بن مسلم رفعه الى أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : قال عثمان بن عفان : يا رسول الله ما تفسير أبجد؟ فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : تعلموا تفسير ابجد فان فيه الأعاجيب كلها وهل للعالم جهل تفسيره فقال : يا رسول الله ما تفسير أبجد؟ قال : ما الالف فآلاء الله الى قوله عليه‌السلام : واما كلمن فالكاف كلام الله (لا تَبْدِيلَ لِكَلِماتِ اللهِ وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً).

٦٤ ـ عن عبد الله بن الصامت عن أبي ذر رحمه‌الله قال : أوصانى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بسبع أوصاف بحب المساكين والدنو منهم ، وأوصاني ان أقول الحق وان كان مرا الحديث.

٦٥ ـ في تفسير على بن إبراهيم واما قوله عزوجل (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْناكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا) فهذه نزلت في سلمان الفارسي رضى الله عنه ، كان عليه كساء يكون فيه طعامه وهو دثاره ورداؤه ، وكان كساء من صوف ، فدخل عيينة بن حصين على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلمان (ره) عنده فتأذى عيينة بريح كساء سلمان ، وقد كان عرق فيه وكان يوما شديد الحر ، فعرق في الكساء فقال : يا رسول الله إذا نحن دخلنا عليك فاخرج هذا واصرفه من عندك ، فاذا نحن خرجنا فادخل من شئت فأنزل الله عزوجل : (وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا) وهو عيينة بن حصين بن حذيفة بن بدر الفزاري.

٦٦ ـ في مجمع البيان عند قوله : (وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ) الى قوله : أليس الله بأعلم بالشاكرين عن ابن مسعود حديث طويل وهناك : وقال سلمان وخباب : فينا نزلت هذه الاية ، جاء الأقرع بن حابس التميمي وعيينة بن حصين الفزاري وذووهم من المؤلفة ، فوجدوا النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قاعدا مع بلال وصهيب وعثمان وخباب في ناس من ضعفاء المؤمنين ، فحقروهم فقالوا : يا رسول الله لو نحيت هؤلاء عنك حتى نخلو بك؟ الى قوله : فكنا نقعد معه فاذا أراد ان يقوم قام وتركنا فانزل الله عزوجل : (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ) الآية قال : فكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقعد معنا ويدنو حتى كادت ركبتنا تمس ركبته فاذا بلغ الساعة التي يقوم فيها قمنا وتركناه حتى يقوم.


٦٧ ـ وفيه هنا نزلت الاية في سلمان وأبي ذر وصهيب وخباب وغيرهم من فقراء أصحاب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وذلك ان المؤلفة قلوبهم جاؤا الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : عيينة بن حصين والأقرع بن حابس وذووهم فقالوا : يا رسول الله ان جلست في صدر المجلس ونحيت عنا هؤلاء وروائح صنانهم (١) ـ وكانت عليهم جبات الصوف ـ جلسنا نحن إليك وأخذنا عنك فلا يمنعنا من الدخول عليك الا هؤلاء ، فلما نزلت الآية قام النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يلتمسهم ، فأصابهم في مؤخر المسجد يذكرون الله عزوجل فقال : الحمد لله الذي لم يمتني حتى أمرنى أن أصبر نفسي مع رجال من أمتي ، معكم المحيي ومعكم الممات.

٦٨ ـ في تفسير العياشي عن زرارة وحمران عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما‌السلام في قوله : (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ) قال : انما عنى بها الصلوة.

٦٩ ـ عن عاصم الكورى عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سمعته يقول في قول الله : (فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ) قال : وعيد.

٧٠ ـ في أصول الكافي ـ أحمد بن عبد العظيم عن محمد بن الفضيل عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : نزل جبرئيل عليه‌السلام بهذه الآية هكذا : (وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ) ولاية على عليه‌السلام (فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنا لِلظَّالِمِينَ) آل محمد نارا».

٧١ ـ في تفسير على بن إبراهيم قال أبو عبد الله عليه‌السلام : نزلت هذه الآية هكذا : (وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ) يعنى ولاية على (فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنا لِلظَّالِمِينَ) آل محمد عليه‌السلام حقهم (ناراً أَحاطَ بِهِمْ سُرادِقُها وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغاثُوا بِماءٍ كَالْمُهْلِ) قال : المهل الذي يبقى في أصل الزيت المغلى ، (يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرابُ وَساءَتْ مُرْتَفَقاً).

٧٢ ـ في تهذيب الأحكام ابن أبي عمير عن بشير عن ابن أبي يعفور قال : كنت

__________________

(١) الصنان : نتن الإبط.


عند أبي عبد الله عليه‌السلام إذ دخل عليه رجل من أصحابنا فقال له : أصلحك الله انه ربما أصاب الرجل منا الضيق والشدة ، فيدعى الى البناء يبنيه أو النهر يكريه أو المسناة يصلحها (١) فما تقول في ذلك؟ فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : ما أحب انى عقدت لهم عقدة ، أو وكيت لهم وكاء وان لي ما بين لابتيها (٢) لا ولا مدة بقلم ، ان أعوان الظلمة يوم القيمة في سرادق من نار حتى يحكم الله بين العباد.

٧٣ ـ محمد بن يعقوب عن الحسين بن الحسن الهاشمي عن صالح بن أبي حماد عن محمد بن خالد عن زياد بن سلمة قال : دخلت على أبي الحسن موسى عليه‌السلام فقال لي : يا زياد انك تعمل عمل السلطان؟ قال : قلت : أجل ، قال لي : ولم؟ قلت : أنا رجل لي مروة ، وعلى عيال ، وليس وراء ظهري شيء ، فقال لي : يا زياد لئن أسقط من حالق (٣) فأتقطع قطعة قطعة أحب الى من أن أتولى لأحد منهم عملا ، وأطأ بساط رجل منهم الا لماذا؟ قلت : لا أدرى ، قال : الا لتفريج كربة عن مؤمن ، أوفك أسره ، أو قضاء دينه ، يا زياد ان أهون ما يصنع الله عزوجل بمن تولى لهم عملا ان يضرب عليه سرادق من نار الى أن يفرغ الله عزوجل من حساب الخلايق.

٧٤ ـ في تفسير العياشي عن سعد بن طريف عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : الظلم ثلثة : ظلم لا يغفره الله ، وظلم يغفره الله ، وظلم لا يدعه ، فالظلم الذي لا يغفره الله الشرك ، واما الظلم الذي يغفره فظلم الرجل نفسه ، واما الظلم الذي لا يدعه فالذنب بين العباد.

٧٥ ـ في مجمع البيان «كالمهل» قيل العكر الزيت إذا قرب اليه سقطت فروة رأسه (٤) روى ذلك مرفوعا.

__________________

(١) كرى الأرض : حفرها. والمسناة : العرم وهو ما يبنى في وجه السيل.

(٢) وكى القربة : شدها بالوكاء وهو رباط القربة. واللابة : الحرة وهي ارض ذات حجارة سود كأنها أحرقت بالنار ، وقوله عليه‌السلام «لابتيها» اى لابتي المدينة ، لأنها ما بين حرتين عظميتين تكتنفانها.

(٣) الحالق : الجبل المنيف العالي ، لا يكون الا مع عدم نبات كأنه حلق.

(٤) فروة الرأس : جلده.


٧٦ ـ وفيه عند قوله : (فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ) وقد روى ان الله تعالى يجوعهم حتى ينسوا عذاب النار من شدة الجوع ، فيصرخون الى مالك ، فيحملهم الى تلك الشجرة وفيهم أبو جهل ، فيأكلون منها فتغلى بطونهم ، فيسقون شربة من الماء الحار الذي بلغ نهايته في الحرارة فاذا قربوها من وجوههم شوت وجوههم ، فذلك قوله : يشوى الوجوه.

٧٧ ـ وروى ابو أمامة عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في قوله : (وَيُسْقى مِنْ ماءٍ صَدِيدٍ) قال : يقرب اليه فيتكرهه فاذا ادنى منه شوى وجهه ووقع فروة رأسه ، فاذا شرب قطع أمعاءه حتى يخرج من دبره ، يقول الله عزوجل : (وَسُقُوا ماءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعاءَهُمْ) ويقول : (وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغاثُوا بِماءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ).

٧٨ ـ في الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن أبي عبد الله عن أبيه عن القاسم بن عروة عن عبد الله بن بكير عن زرارة قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ) قال : تبدل خبزة يأكل الناس منها حتى يفرغوا من الحساب ، فقال له قائل : انهم لفي شغل يومئذ عن الأكل والشرب؟ فقال له : ان ابن آدم خلق أجوف لا بد له من طعام وشراب ، أهم أشد شغلا أم في النار؟ فقد استغاثوا والله عزوجل يقول : (وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغاثُوا بِماءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرابُ).

٧٩ ـ في تفسير العياشي عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله : «يوم تبدل غير الأرض» قال تبدل خبزة نقية يأكل الناس منها حتى يفرغ من الحساب ، فقال له القائل : انهم يؤمئذ في شغل عن الاكل والشرب؟ فقال له : ان ابن آدم خلق أجوف لا بد له من الطعام والشراب أهم أشد شغلا أم هم في النار فقد استغاثوا (وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغاثُوا بِماءٍ كَالْمُهْلِ).

٨٠ ـ عن مسعدة بن صدقة عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عليهم‌السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام ان أهل النار لما غلى الزقوم والضريع في بطونهم كغلى الحميم سألوا الشراب ، فأتوا بشراب غساق و (صَدِيدٍ يَتَجَرَّعُهُ وَلا يَكادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِ


مَكانٍ ، وَما هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرائِهِ عَذابٌ غَلِيظٌ) ، وحميم يغلي به جهنم منذ خلقت ، (كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرابُ وَساءَتْ مُرْتَفَقاً).

٨١ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثني أبي عن بعض أصحابه رفعه قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لما دخلت الجنة رأيت في الجنة شجرة طوبى أصلها في دار على ، وما في الجنة قصر ولا منزل الا وفيها فتر منها أعلاها أسفاط (١) حلل من سندس وإستبرق ، يكون للعبد المؤمن ألف ألف سفط ، في كل سفط مأة حلة ، ما فيها حلة تشبه الأخرى على ألوان مختلفة ، وهو ثياب أهل الجنة والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٨٢ ـ وقوله عزوجل : (وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً رَجُلَيْنِ جَعَلْنا لِأَحَدِهِما جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنابٍ وَحَفَفْناهُما بِنَخْلٍ وَجَعَلْنا بَيْنَهُما زَرْعاً) قال : نزلت في رجل كان له بستانان كبيران عظيمان كثيرا الثمار ، كما حكى الله عزوجل ، وفيهما نخل وزرع وماء وكان له جار فقير فافتخر الغنى على ذلك الفقير.

٨٣ ـ في كتاب ثواب الأعمال عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ما من رجل دعا فختم بقول : ما شاء الله لا حول ولا قوة الا بالله الا أجيب حاجته.

٨٤ ـ في تهذيب الأحكام باسناده الى الحسن بن على بن عبد الملك الزيات عن رجل عن كرام عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : اربع لأربع الى قوله : والثالثة للحرق والغرق (ما شاءَ اللهُ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ) ، وذلك انه يقول : و (لَوْ لا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ ما شاءَ اللهُ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ).

٨٥ ـ في محاسن البرقي عنه عن عدة من أصحابنا عن على بن أسباط عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام قال : قال لي : إذا خرجت من منزلك في سفر أو حضر فقل : بسم الله آمنت بالله ، توكلت على الله ، ما شاء الله لا حول ولا قوة الا بالله ، فتلقاه الشياطين فتضرب الملائكة وجوهها وتقول : ما سبيلكم عليه وقد سمى الله وآمن به وتوكل على الله ، وقال :

__________________

(١) الفتر : القطع ، وفي بعض النسخ «القتر» بالقاف. والأسفاط جمع السفط : ما يعبأ فيه الطيب وما أشبهه من أدوات النساء. وعاء كالقفة أو الجوالق.


ما شاء الله لا قوة الا بالله.

٨٦ ـ عنه عن بكر بن صالح عن سليمان بن جعفر عن أبي الحسن موسى بن جعفر عليه‌السلام قال : من خرج وحده في السفر فليقل ما شاء الله لا قوة الا بالله ، اللهم آنس وحشتى وأعنى على وحدتى وأد غيبتي (١).

٨٧ ـ في كتاب التوحيد باسناده الى جابر بن يزيد الجعفي عن أبي جعفر محمد بن على الباقر عليه‌السلام قال : سألته عن معنى لا حول ولا قوة الا بالله ، فقال : معناه لا حول لنا عن معصية الله الا بعون الله ، ولا قوة لنا على طاعة الله الا بتوفيق الله عزوجل.

٨٨ ـ في كتاب الخصال عن الصادق جعفر بن محمد عليه‌السلام قال : عجبت لمن يفزع من اربع كيف لا يفزع الى اربع؟ الى ان قال : وعجبت لمن أراد الدنيا وزينتها كيف لا يفزع الى قوله تعالى : (ما شاءَ اللهُ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ) فانى سمعت الله يقول بعقبها : (إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مالاً وَوَلَداً فَعَسى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْراً مِنْ جَنَّتِكَ) وعسى موجبة.

٨٩ ـ في مجمع البيان : واحيط بثمره وفي الخبر ان الله عزوجل أرسل عليها نارا وغار ماؤها (٢).

٩٠ ـ في أصول الكافي الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن محمد بن أورمة ومحمد بن عبد الله عن على بن حسان عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن قوله عزوجل : هنا لك الولاية لله الحق قال : ولاية أمير المؤمنين عليه‌السلام.

٩١ ـ الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن محمد بن أورمة عن على بن حسان عن عبد الرحمن بن كثير قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قوله تعالى : (هُنالِكَ الْوَلايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ) قال : ولاية أمير المؤمنين.

٩٢ ـ في روضة الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى وعلى بن

__________________

(١) وفي بعض النسخ «ورد غيبتي» والمختار موافق للمصدر.

(٢) غار الماء : ذهب في الأرض.


إبراهيم عن أبيه جميعا عن الحسن بن محبوب عن مالك بن عطية عن أبي حمزة عن على بن الحسين عليه‌السلام حديث طويل في الزهد في الدنيا وفيه يقول عليه‌السلام : فهي كروضة اعتم مرعاها (١) وأعجبت من يراها عذب شربها طيب تربتها تمج عروقها الثرى وينطف فروعها الندى حتى إذا بلغ العشب ابانه (٢) واستوى بنانه هاجت ريح تحت الورق وتفرق ما اتسق ، فأصبحت كما قال الله : (هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّياحُ وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً).

٩٣ ـ في نهج البلاغة أما بعد فانى أحذركم الدنيا الى أن قال : لا تعدوا إذا تناهت الى أمنية أهل الرغبة فيها ، والرضاء بها أن تكون كما قال الله سبحانه : (كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّياحُ وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً).

٩٤ ـ في كتاب معاني الاخبار باسناده الى سعيد بن النثر عن جعفر بن محمد عليه‌السلام قال : (الْمالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَياةِ الدُّنْيا) وثمان ركعات آخر الليل والوتر زينة الاخرة ، وقد يجمعهما الله عزوجل لأقوام.

٩٥ ـ في نهج البلاغة قال عليه‌السلام : ان المال والبنين حرث الدنيا ، والعمل الصالح حرث الاخرة ، وقد يجمعهما الله لأقوام.

٩٦ ـ في تهذيب الأحكام محمد بن أحمد بن يحيى عن عمر بن على بن عمر عمن حدثه عن أبي عبد الله عليه‌السلام انه قال : ان كان الله عزوجل قال : (الْمالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَياةِ الدُّنْيا) ان الثمانية ركعات يصليها العبد آخر الليل زينة الاخرة.

٩٧ ـ في مجمع البيان وروى أنس بن مالك عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله انه قال لجلسائه : خذوا جنتكم ، قالوا : حضر عدونا؟ قال : خذوا جنتكم من النار ، قولوا : سبحان الله

__________________

(١) اعتم النبت : تم طوله وظهر نوره.

(٢) مج الرجل الماء من فيه : رمى به. والثرى ـ كحصا : ندى الأرض ونطف الماء : إذا قطر قليل قليل ، والعشب : الكلاء الرطب ، وأبان الشيء : حينه أو أوله.


والحمد لله ولا اله الا الله والله أكبر ، فإنهن المقدمات ، وهن المنجيات ، وهن المعقبات ، وهن الباقيات الصالحات.

٩٨ ـ وروى عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله انه قال : ان عجزتم عن الليل أن تكابدوه ، وعن العدو أن تجاهدوه ، فلا تضجروا عن قول : سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله أكبر فإنهن من الباقيات الصالحات فقولوها.

٩٩ ـ وقيل هي الصلوات الخمس وروى ذلك عن أبي عبد الله عليه‌السلام.

١٠٠ ـ وروى عنه أيضا : ان من الباقيات الصالحات القيام بالليل لصلوة الليل.

١٠١ ـ في كتاب ابن عقدة ان أبا عبد الله عليه‌السلام قال للحصين بن عبد الرحمن : يا حصين لا تستصغر مودتنا ، فانها من الباقيات الصالحات ، قال : يا بن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ما أستصغرها ولكن أحمد الله عليها.

١٠٢ ـ في تفسير العياشي عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : خذوا جنتكم ، قالوا : يا رسول الله حضر عدو؟ فقال : لا ولكن خذوا جنتكم من النار ، فقالوا : فيمن نأخذ جنتنا يا رسول الله؟ قال : سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله أكبر ، فإنهن يأتين يوم القيمة ولهن مقدمات ومؤخرات وهي الباقيات الصالحات (١) ثم قال أبو عبد الله عليه‌السلام (وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ) قال : ذكر الله عند ما أحل أو حرم وشبه هذا هو مؤخرات.

١٠٣ ـ في كتاب معاني الاخبار باسناده الى الحسن بن محبوب عمن ذكره عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لأصحابه ذات يوم : أتدرون لو جمعتم ما عندكم من الانية والمتاع أكنتم ترونه تبلغ السماء؟ قالوا : لا يا رسول الله ، قال : الا أدلكم على شيء أصله في الأرض وفرعه في السماء؟ قالوا : بلى يا رسول الله ، قال : يقول أحدكم إذا فرغ من صلوته الفريضة : سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله

__________________

(١) في المصدر «ولهن مقدمات ومؤخرات ومنجيات ومعقبات وهن الباقيات الصالحات ... اه».


أكبر ثلثين مرة ، فان أصلهن في الأرض وفرعهن في السماء ، وهن يدفعن الحرق والغرق والهدم والتردي في البئر ، وميتة السوء ، وهن الباقيات الصالحات.

١٠٤ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن احمد ابن محبوب عن مالك بن عطية عن ضريس الكناسي عن أبي جعفر قال : مر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله برجل يغرس غرسا في حائط له ، فوقف له وقال : ألا ادلك على غرس اثبت أصلا ، وأسرع إيناعا (١) وأطيب ثمرا وأبقى؟ قال : بلى فدلني يا رسول الله فقال : إذا أصبحت وأمسيت فقل : سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله أكبر فان لك ان قلته بكل تسبيحة عشر شجرات في الجنة من أنواع الفاكهة ، وهن من الباقيات الصالحات ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٠٥ ـ في كتاب ثواب الأعمال عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : أكثروا من سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله أكبر ، فإنهن يأتين يوم القيمة لهن مقدمات ومؤخرات ومعقبات ، وهن الباقيات الصالحات.

١٠٦ ـ في كتاب جعفر بن محمد الدوريستي باسناده الى ابن عباس قال : لما نزلت هذه الآية على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : (وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً) غشي عليه وحمل الى حجرة أم سلمة ، فانتظره أصحابه وقت الصلوة فلم يخرج ، فاجتمع المسلمون فقالوا : ما لنبي الله؟ قالت أم سلمة : ان نبي الله عنكم مشغول ، ثم خرج بعد ذلك فرقى المنبر فقال : ايها الناس انكم تحشرون يوم القيمة كما خلقتم حفاة عراة ، ثم قرأ على أصحابه : (وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً) ثم قرأ (كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنا إِنَّا كُنَّا فاعِلِينَ).

١٠٧ ـ في روضة الواعظين للمفيد (ره) قال عبد الله بن سلام : يا محمد أخبرنى عن وسط الدنيا؟ قال : بيت المقدس ، قال : ولم ذلك؟ قال : لان فيها المحشر والمنشر ، ومنه ارتفع العرش ، وفيه الصراط والميزان ، قال : صدقت يا محمد.

__________________

(١) ينع الثمر : أدرك وطاب وحان قطافه ، وأينع بمعنى ينع أيضا.


١٠٨ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي عن أبي جعفر عليه‌السلام حديث طويل وفيه : يحشر الناس على مثل قرصة النقي (١) فيها أنهار متفجرة يأكلون ويشربون حتى يفرغوا من الحساب.

١٠٩ ـ في تفسير على بن إبراهيم ان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وقف على حمزة يوم أحد ، وقال : لولا انى أحذر نساء بنى عبد المطلب لتركته للعاوية والسباع ، حتى يحشر يوم القيمة من بطون السباع والطير.

١١٠ ـ حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن حماد عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ما يقول الناس في هذه الاية (وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً) قلت : يقولون انها في القيمة ، قال : ليس كما يقولون انها في الرجعة ، يحشر الله في القيمة من كل امة ويدع الباقين ، انما آية القيمة : (وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً).

١١١ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) عن أبي عبد الله عليه‌السلام حديث طويل وفيه قال السائل : أخبرنى عن الناس يحشرون يوم القيمة عراة؟ قال : بل يحشرون في أكفانهم ، قال : انى لهم بالأكفان وقد بليت؟ قال : ان الذي أحيا أبدانهم جدد أكفانهم ، قال : فمن مات بلا كفن؟ قال : يستر الله عورته بما يشاء من عنده ، قال : أفيعرضون صفوفا؟ قال : نعم هم يومئذ عشرون ومائة ألف صف في عرض الأرض.

١١٢ ـ في كتاب الخصال باسناده الى أبان الأحمر عن الصادق جعفر بن محمد عليه‌السلام انه جاء اليه رجل فقال : بأبى أنت وأمي عظني موعظة ، فقال عليه‌السلام : ان كان العرض على الله عزوجل حقا فالمكر لماذا؟ والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١١٣ ـ في مجمع البيان عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : يحشر الناس من قبورهم يوم القيمة حفاة عراة غرلا (٢) فقالت عائشة : يا رسول الله أما يستحيي بعضهم من بعض؟ فقال : (لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ).

__________________

(١) النقي : الخبز الحوارى ، وهو الدقيق الأبيض وهو لباب الدقيق.

(٢) الغرل جمع الأغرل : من لم يختن.


قال مؤلف هذا الكتاب عفى عنه قد سبق في الانعام عند قوله : (كَما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ) ما يصلح ان يكون مزيد بيان لقوله عزوجل : (وَعُرِضُوا عَلى رَبِّكَ صَفًّا) الاية.

١١٤ ـ في تفسير العياشي عن خالد بن نجيح عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : إذا كان يوم القيمة رفع الإنسان كتابه ثم قيل له : اقرءه ، قلت : فيعرف ما فيه؟ فقال : انه يذكره ، فما من لحظة ولا كلمة ولا نقل قدم الا ذكره كان فعله تلك الساعة ، فلذلك قالوا (يا وَيْلَتَنا ما لِهذَا الْكِتابِ لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصاها).

١١٥ ـ عن خالد بن نجيح عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : يذكر العبد جميع ما عمل وما كتب عليه كأنه فعله تلك الساعة ، فلذلك (يَقُولُونَ يا وَيْلَتَنا ما لِهذَا الْكِتابِ لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصاها).

١١٦ ـ في تفسير على بن إبراهيم قال : و (وُضِعَ الْكِتابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ) الى قوله : (وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً) قال : يجدون ما عملوا كله مكتوبا.

١١٧ ـ في عيون الاخبار في باب ما جاء عن الرضا عليه‌السلام في هاروت وماروت وفيه بعد ان مدح عليه‌السلام الملائكة وقال : معاذ الله من ذلك ، ان الملائكة معصومون محفوظون من الكفر والقبايح بألطاف الله تعالى ، قالا : قلنا له : فعلى هذا لم يكن إبليس أيضا ملكا؟ فقال : لا ، بل كان من الجن ، أما تسمعان الله تعالى يقول : (وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كانَ مِنَ الْجِنِ) فأخبر عزوجل انه كان من الجن ، وهو الذي قال الله تعالى : (وَالْجَانَّ خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نارِ السَّمُومِ).

١١٨ ـ في أصول الكافي عنه (١) عن أبيه عن فضالة عن داود بن فرقد عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ان الملائكة كانوا يحسبون ان إبليس منهم ، وكان في علم الله انه ليس منهم فاستخرج ما في نفسه بالحمية والغضب ، فقال : (خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ).

١١٩ ـ في تفسير العياشي عن جميل بن دراج عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن إبليس كان من الملائكة وهل كان يلي من أمر السماء شيئا؟ قال : لم يكن من الملائكة ولم يكن يلي من السماء شيئا ، كان من الجن وكان مع الملائكة ، وكانت

__________________

(١) قبله : عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد. «منه عفى عنه».


الملائكة تراه انه منها ، وكان الله يعلم انه ليس منها ، فلما أمر بالسجود كان منه الذي كان.

١٢٠ ـ عن محمد بن مروان عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله : (ما أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً) قال : ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : اللهم أعز الإسلام بعمر بن خطاب أو بابى جهل بن هشام فأنزل الله : (وَما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً) يعنيهما.

١٢١ ـ عن محمد بن مروان عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قلت له : جعلت فداك قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أعز الإسلام بابى جهل بن هشام أو بعمر بن الخطاب فقال يا محمد قد والله قال ذلك ، ـ وكان أشد على من ضرب العنق ـ ثم اقبل على فقال : هل تدري ما أنزل الله يا محمد؟ قلت : أنت أعلم جعلت فداك ، قال : ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كان في دار الأرقم ، فقال : اللهم أعز الإسلام بأبى جهل بن هشام أو بعمر بن الخطاب ، فأنزل الله : (ما أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً).

١٢٢ ـ في أمالي شيخ الطائفة قدس‌سره باسناده الى جبلة بن سحيم عن أبيه قال : لما بويع أمير المؤمنين على بن أبي طالب بلغه ان معاوية قد توقف عن إظهار البيعة له ، وقال : ان أقرنى على الشام أو الأعمال التي ولانيها عثمان بايعته ، فجاء المغيرة الى أمير المؤمنين عليه‌السلام فقال له : يا أمير المؤمنين ان معاوية من قد عرفت ، وقد ولاه الشام من كان قبلك ، فوله أنت كيما يتسق عرى الأمور ثم اعزله ان بدا لك ، فقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : أتضمن لي عمرى يا مغيرة فيما بين توليته الى خلعه؟ قال : لا ، قال : لا يسألني الله عزوجل عن توليته على رجلين من المسلمين ليلة سوداء أبدا (وَما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٢٣ ـ في كتاب مقتل الحسين عليه‌السلام لأبي مخنف ان الحسين عليه‌السلام قام يتمشى الى عبيد الله بن الحر الجعفي وهو في فسطاطه حتى دخل عليه وسلم عليه ، فقام اليه ابن الحر


وأخلى له المجلس ، فجلس ودعاه الى نصرته فقال عبيد الله بن الحر : والله ما خرجت من الكوفة الا مخافة أن تدخلها ، ولا أقاتل معك ، ولو قاتلت لكنت أول مقتول ، ولكن هذا سيفي وفرسي فخذهما ، فأعرض عنه بوجهه فقال : إذا بخلت علينا بنفسك فلا حاجة لنا في مالك (وَما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً).

١٢٤ ـ في كتاب الخصال عن جابر الجعفي عن أبي جعفر عليه‌السلام عن أمير المؤمنين عليه‌السلام حديث طويل يقول فيه عليه‌السلام وقد ذكر معاوية بن حرب : وأعجب العجب انه لما راى ربي تبارك وتعالى قد رد الى حقي في معدنه ، وانقطع طمعه في أن يصير في دين الله رابعا وفي امانة حملناها حاكما كر على العاص بن العاص فاستماله فمال اليه ثم أقبل به بعد أن أطمعه مصر ، وحرام عليه أن يأخذ من الفيء دون قسمته درهما ، وحرام على الراعي إيصال درهم اليه فوق حقه ، فأقبل يحبط البلاد بالظلم ، ويطأهم بالغشم (١) فمن تابعه أرضاه ، ومن خالفه ناواه ، ثم توجه الىّ ناكثا علينا ، مغيرا في البلاد شرقا وغربا ويمينا وشمالا ، والأنباء تأتينى ، والاخبار ترد على بذلك ، فأتانى أعور ثقيف فأشار على ان أوليه البلاد التي هو بها لأداريه بما اوليه منها ، وفي الذي أشار به الرأى في أمر الدنيا لو وجدت عند الله عزوجل في توليه لي مخرجا ، أو أصبت لنفسي في ذلك عذرا ، فأعملت الرأى في ذلك ، وشاورت من أثق بنصيحته لله عزوجل ولرسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله ولى وللمؤمنين ، فكان رأيه في ابن آكلة الأكباد رأى ينهاني عن توليته ، ويحذرني أن أدخل في أمر المسلمين يده ، ولم يكن الله ليراني ان اتخذ المضلين عضدا.

١٢٥ ـ في كتاب التوحيد حديث طويل عن على عليه‌السلام يقول فيه وقد سأله رجل عما اشتبه عليه من الآيات : واما قوله (وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُواقِعُوها) يعنى أيقنوا انهم داخلوها.

١٢٦ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) عن أمير المؤمنين عليه‌السلام حديث

__________________

(١) الغشم : الظلم.


طويل يقول فيه عليه‌السلام : وقد يكون بعض ظن الكافرين يقينا ، وذلك قوله : (وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُواقِعُوها) اى أيقنوا انهم مواقعوها.

١٢٧ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده الى ابن عباس قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : افتحوا عيونكم عند الوضوء لعلها لا ترى نار جهنم.

١٢٨ ـ في تفسير على بن إبراهيم فلما أخبر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قريشا بخبر أصحاب الكهف قالوا : أخبرنا عن العالم الذي أمر الله عزوجل موسى أن يتبعه وما قصته؟ فأنزل الله عزوجل : (وَإِذْ قالَ مُوسى لِفَتاهُ لا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً) قال : وكان سبب ذلك انه كلم الله موسى تكليما ، وأنزل عليه الألواح وفيها كما قال الله عزوجل : (وَكَتَبْنا لَهُ فِي الْأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ) رجع موسى عليه‌السلام الى بنى إسرائيل فصعد المنبر ، فأخبرهم ان الله عزوجل قد أنزل عليه التوراة وكلمه ، وقال في نفسه ما خلق الله تعالى خلقا أعلم منى ، فأوحى الله عزوجل الى جبرئيل عليه‌السلام : أدرك موسى قد هلك ، وأعلمه ان عند ملتقى البحرين عند الصخرة رجل اعلم منك ، فصر اليه وتعلم من علمه ، فنزل جبرئيل عليه‌السلام على موسى عليه‌السلام وأخبره فذل موسى في نفسه وعلم انه اخطأ ودخله الرعب ، وقال لوصيه يوشع : ان الله عزوجل قد أمرني ان اتبع رجلا عند ملتقى البحرين وأتعلم منه ، فتزود يوشع حوتا مملوحا ، فلما خرجا وبلغا ذلك المكان وجدا رجلا مستلقيا على قفاه فلم يعرفاه ، فأخرج موسى عليه‌السلام الحوت وغسله الماء ووضعه على الصخرة ومضيا ونسيا الحوت ، وكان ذلك الماء ماء الحيوان ، فحيي الحوت ودخل في الماء ، فمضى موسى عليه‌السلام ويوشع معه حتى عييا ، فقال لوصيه : (آتِنا غَداءَنا لَقَدْ لَقِينا مِنْ سَفَرِنا هذا نَصَباً) اى عناء فذكر وصيه السمكة ، فقال لموسى عليه‌السلام : انى نسيت الحوت على الصخرة فقال موسى عليه‌السلام : ذلك الرجل الذي رأينا عند الصخرة هو الذي نريده فرجعا (عَلى آثارِهِما قَصَصاً) ، اى عند الرجل وهو في صلوته ، فقعد موسى عليه‌السلام حتى فرغ من صلوته فسلم عليهما.

فحدثني محمد بن على بن بلال عن يونس قال : اختلف يونس وهشام ابن إبراهيم


في العالم الذي أتاه موسى عليه‌السلام أيهما كان أعلم ، وهل يجوز أن يكون على موسى حجة في وقته وهو حجة الله عزوجل على خلقه؟ فقال قاسم الصيقل : فكتبوا الى أبي الحسن الرضا عليه‌السلام يسألونه عن ذلك ، فكتب في الجواب أتى موسى العالم فأصابه في جزيرة من جزاير البحر ، فاما جالسا واما متكيا فسلم عليه موسى عليه‌السلام ، فأنكر السلام إذ كان بأرض ليس فيها سلام ، قال : من أنت؟ قال : أنا موسى بن عمران ، قال : أنت موسى بن عمران الذي كلمه الله تكليما؟ قال : نعم ، قال : فما حاجتك؟ قال : جئت لتعلمني مما علمت رشدا ، قال : انى وكلت بأمر لا تطيقه ، ووكلت بأمر لا أطيقه ، ثم حدثه العالم بما يصيب آل محمد صلوات الله عليهم من البلاء حتى اشتد بكاؤهما ثم حدثه عن فضل آل محمد صلوات الله عليهم حتى جعل موسى يقول : يا ليتني كنت من آل محمد صلوات الله عليهم حتى ذكر فلانا وفلانا ومبعث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الى قومه ، وما يلقى منهم ومن تكذيبهم إياه ، وذكر له تأويل هذه الاية (وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصارَهُمْ كَما لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ) حين أخذ الميثاق عليهم ، فقال (لَهُ مُوسى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً) فقال الخضر : (إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلى ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً) فقال موسى عليه‌السلام : (سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ صابِراً وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْراً) قال الخضر (فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْئَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً) يقول : (فَلا تَسْئَلْنِي عَنْ شَيْءٍ) أفعله ولا تنكره على حتى أخبرك أنا بخبره ، قال : نعم.

١٢٩ ـ في تفسير العياشي عن زرارة وحمران ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما‌السلام قال : انه لما كان من أمر موسى عليه‌السلام الذي كان ، أعطى مكتل (١) فيه حوت مملح ، قيل له : هذا يدلك على صاحبك عند عين عند مجمع البحرين ، لا يصيب منها شيء ميتا الا حيي يقال له الحيوة ، فانطلقا حتى (٢) بلغا الصخرة وانطلق الفتى يغسل الحوت في العين ، فاضطرب في يده حتى خدشه وانفلت (٣)

__________________

(١) المكتل ـ كمنبر ـ : الزنبيل.

(٢) وفي بعض النسخ «فانظر الى» مكان «فانطلقا».

(٣) انفلت : تخلص.


منه ونسيه الفتى ، «فلما جاوزا» الوقت الذي وقت فيه أعنى موسى (قالَ لِفَتاهُ آتِنا غَداءَنا لَقَدْ لَقِينا مِنْ سَفَرِنا هذا نَصَباً قالَ أَرَأَيْتَ) الى قوله : (عَلى آثارِهِما قَصَصاً) فلما أتاها وجد الحوت قد خر في البحر فاقتصا الأثر حتى أتيا صاحبهما في جزيرة من جزائر البحر اما متكيا واما جالسا في كساء له ، فسلم عليه موسى فعجب من السلام وهو في أرض ليس فيها سلام فقال : من أنت؟ قال : انا موسى ، قال : أنت موسى بن عمران الذي كلمه الله تكليما؟ قال : نعم ، قال : فما حاجتك؟ «قال : (أَتَّبِعُكَ عَلى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً) قال : انى وكلت بأمر لا تطيقه ووكلت بأمر لا أطيقه وقد قال له : (إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلى ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً) فحدثه عن آل محمد وعما يصيبهم حتى اشتد بكاؤهما ، ثم حدثه عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وعن أمير المؤمنين وعن ولد فاطمة وذكر له من فضلهم وما أعطوا حتى جعل يقول : يا ليتني من آل محمد ، وعن مبعث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الى قومه وما يلقى منهم ومن تكذيبهم إياه وتلا هذه الاية (وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصارَهُمْ كَما لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ) فانه أخذ عليهم الميثاق.

١٣٠ ـ عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : كان وصى موسى بن عمران يوشع ابن نون ، وهو فتاه الذي ذكر الله في كتابه. وفي كتاب كمال الدين وتمام النعمة مثل هذا الأخير سواء.

١٣١ ـ في عيون الاخبار عن الرضا عليه‌السلام قال : قال علي عليه‌السلام ـ وقد سأله بعض اليهود عن مسائل ـ : وأنتم تقولون ان أول عين نبعت على وجه الأرض العين التي ببيت المقدس وكذبتم ، هي عين الحيوة التي غسل يوشع بن نون السمكة ، وهي العين التي شرب منها الخضر صلوات الله عليه ، وليس يشرب منها أحد الا حيي؟ قال : صدقت والله انه لبخط هارون وإملاء موسى.

١٣٢ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده الى أبي الطفيل عامر بن واثلة عن على عليه‌السلام حديث طويل يقول فيه لبعض اليهود وقد سأله عن مسائل : واما أول عين نبعت على وجه الأرض فان اليهود يزعمون انها العين التي تحت صخرة بيت المقدس وكذبوا ، ولكنها عين الحيوان التي نسي عندها صاحب موسى السمكة المالحة ، فلما


أصابها ماء العين عاشت وشربت ، فاتبعها موسى عليه‌السلام وصاحبه الخضر ، بلغنا قال اليهودي : اشهد بالله لقد صدقت.

١٣٤ ـ وباسناده الى إبراهيم بن يحيى المدائني عن أبي عبد الله عليه‌السلام حديث طويل يقول فيه عليه‌السلام : ان عليا عليه‌السلام قال لبعض اليهود وقد سأله عن مسائل : واما قولك أول عين نبعت على وجه الأرض فان اليهود يزعمون انها العين التي ببيت المقدس تحت الحجر وكذبوا ، وهي عين الحيوة التي انتهى موسى وفتاه فغسل فيها السمكة المالحة فحييت ، وليس من ميت يصيبه ذلك الماء الا حيي ، وكان الخضر على مقدمة ذي القرنين يطلب عين الحيوة ، فوجدها الخضر عليه‌السلام وشرب منها ولم يجدها ذو القرنين.

١٣٥ ـ وباسناده الى الحكم بن مسكين عن صالح عن جعفر بن محمد عليهما‌السلام حديث طويل يقول فيه : ان عليا عليه‌السلام قال لبعض اليهود وقد سأله عن مسائل : وأنتم تقولون ان أول عين نبعت على وجه الأرض العين التي ببيت المقدس وكذبتم ، هي عين الحيوة التي غسل يوشع بن نون فيها السمكة التي شرب منها الخضر ، وليس يشرب منها أحد إلا حيي ، قال : صدقت والله انه لبخط هارون وإملاء موسى.

١٣٦ ـ في مجمع البيان وقد ذكر موسى والخضر عليه‌السلام وروى مرفوعا انه قعد على فروة بيضاء فاهتزت تحته خضراء.

١٣٧ ـ في تفسير العياشي عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : كان موسى أعلم من الخضر.

١٣٨ ـ عن بريد عن أحمدها قال : قلت له : ما منزلتكم في الماضين أو من تشبهون بهم؟ (١) قال : الخضر وذو القرنين كانا عالمين ولم يكونا نبيين.

١٣٩ ـ عن إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : انما مثل على ومثلنا من بعده من هذه الامة كمثل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله والعالم حين لقيه واستنطقه وسأله الصحبة ، فكان من أمرهما ما اقتصه الله لنبيه في كتابه ، وذلك ان الله قال لموسى : (إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسالاتِي وَبِكَلامِي فَخُذْ ما آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ) ثم قال : (وَكَتَبْنا لَهُ فِي الْأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ)

__________________

(١) وفي المصدر «وبمن تشبهون منهم ... اه».


وقد كان عند العالم علم لم يكتب لموسى في الألواح وكان موسى يظن أن جميع الأشياء التي يحتاج إليها في تابوته ، وجميع العلم قد كتب له في الألواح كما يظن هؤلاء الذين يدعون انهم فقهاء وعلماء وانهم قد اثبتوا جميع العلم والفقه في الدين مما يحتاج هذه الامة اليه ، وصح لهم عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وعلموه وليس كل علم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله علموه ولا صار إليهم عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ولا عرفوه ، وذلك ان الشيء من الحلال والحرام والأحكام يرد عليهم فيسئلون عنه ، ولا يكون عندهم فيه أثر عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ويستحيون أن ينسبهم الناس الى الجهل ، ويكرهون أن يسألوا فلا يجيبوا ، فيطلب الناس العلم من معدنه ، فلذلك استعملوا الرأى والقياس في دين الله ، وتركوا الآثار ودانوا الله بالبدع ، وقد قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : كل بدعة ضلالة فلو انهم إذا سئلوا عن شيء من دين الله فلم يكن عندهم منه أثر عن رسول الله ردوه الى الله والرسول ، واولى الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم من آل محمد عليهم‌السلام ، والذي منعهم من طلب العلم العداوة والحسد لنا ، ولا والله ما حسد موسى العالم وموسى نبي الله يوحى اليه ، حيث لقيه واستنطقه وعرفه بالعلم ، ولم يحسده كما حسدتنا هذه الامة بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله علمنا وما ورثنا عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولم يرغبوا إلينا في علمنا كما رغب موسى الى العالم ، وسأله ليتعلم منه العلم ويرشده.

فلما ان سأل العالم ذلك علم العالم ان موسى لا يستطيع صحبته ولا يحتمل عليه ولا يصير معه ، فعند ذلك قال العالم فكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا فقال موسى وهو خاضع له يستنطقه على نفسه كى يقبله : ستجدني إنشاء الله صابرا ولا أعصى لك أمرا وقد كان العالم يعلم ان موسى لا يصبر على علمه ، فكذلك والله يا اسحق بن عمار حال قضاة هؤلاء وفقهائهم وجماعتهم اليوم ، لا يحتملون والله علمنا ولا يصبرون عليه ، كما لم يصبر موسى على علم العالم حين صحبه وراى ما راى من علمه ، وكان ذلك عند موسى مكروها ، وكان عند الله رضا وهو الحق ، وكذلك علمنا عند الجهلة مكروه لا يؤخذ


وهو عند الله الحق.

١٤٠ ـ عن عبد الله بن ميمون القداح عن أبي عبد الله عن أبيه عليه‌السلام قال : بينما موسى قاعد في ملأ من بنى إسرائيل قال له رجل : ما أرى أحدا اعلم بالله منك ، قال موسى : ما أرى ، فأوحى الله اليه بل عبدي الخضر ، فسأل السبيل اليه فكان له آية الحوت ان افتقده وكان من شأنه ما قص الله.

١٤١ ـ عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : كان سليمان أعلم من آصف وكان موسى أعلم من الذي اتبعه.

١٤٢ ـ في أصول الكافي أحمد بن محمد ومحمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن إبراهيم بن اسحق الأحمر عن عبد الله بن حماد عن سيف التمار ، قال : كنا مع أبي عبد الله عليه‌السلام جماعة من الشيعة في الحجر ، فقال : علينا عين ، فالتفتنا يمنة ويسرة فلم نر أحدا ، فقلنا : ليس علينا عين ، فقال : ورب الكعبة ورب البيت ثلاث مرات لو كنت بين موسى وخضر لأخبرتهما أنى أعلم منهما وأنبأتهما بما ليس في أيديهما لأن موسى والخضر عليهما‌السلام أعطيا علم ما كان ، ولم يعطيا علم ما يكون وما هو كائن حتى تقوم الساعة وقد ورثناه من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وراثة.

١٤٣ ـ ابو على الأشعرى عن عبد الجبار عن صفوان بن يحيى عن حمران بن أعين قال : قلت لأبى جعفر عليه‌السلام : ما موضع العلماء؟ قال : مثل ذي القرنين وصاحب موسى.

١٤٤ ـ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن حماد بن عيسى عن الحسين بن المختار عن الحارث بن المغيرة ، قال : قال أبو جعفر عليه‌السلام : ان عليا عليه‌السلام كان محدثا ، فقلت : فيقول نبي ، قال : فحرك بيده هكذا ثم قال : أو كصاحب سليمان أو كصاحب موسى ، أو كذي القرنين ، أو ما بلغكم انه قال : وفيكم مثله.

١٤٥ ـ على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أذينة عن بريد بن معاوية عن أبي جعفر


وأبي عبد الله عليهما‌السلام قال : قلت له : ما منزلتكم ومن تشهون ممن مضى؟ قال : صاحب موسى وذو القرنين كانا عالمين ولم يكونا نبيين.

١٤٦ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن الحسين عن حماد بن عيسى عن الحسين بن المختار عن حارث بن المغيرة عن حمران بن أعين قال : قال أبو جعفر عليه‌السلام : ان عليا عليه‌السلام كان محدثا ، فخرجت الى أصحابى فقلت : جئتكم بعجيبة ، فقالوا : وما هي؟ قلت : سمعت أبا جعفر يقول : كان على عليه‌السلام محدثا ، فقالوا : ما صنعت شيئا ألا سألته من كان يحدثه؟ فرحت اليه فقلت : انى حدثت أصحابى بما حدثني ، فقالوا : ما صنعت شيئا ألا سألته من كان يحدثه؟ فقال لي : يحدثه ملك ، قلت : تقول انه نبي؟ فحرك يده هكذا أو كصاحب سليمان أو كصاحب موسى ، أو كذي القرنين أو ما بلغكم انه قال : وفيكم مثله.

١٤٧ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده الى جعفر بن محمد بن عمارة عن أبيه عن جعفر بن محمد عليه‌السلام انه قال : ان الخضر كان نبيا مرسلا بعثه الله تبارك وتعالى الى قومه ، فدعاهم الى توحيده والإقرار بأنبيائه ورسله وكتبه ، وكانت آيته انه كان لا يجلس على خشبة يابسة ، ولا أرض بيضاء الا أزهرت خضرا ، وانما سمى خضرا لذلك وكان اسمه تاليا بن ملكان بن عامر بن أرفخش د بن سام بن نوح عليه‌السلام.

١٤٨ ـ في تفسير العياشي عن حفص بن البختري عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول موسى لفتاه : «آتنا غدائنا» وقوله : (رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ) فقال : انما عنى الطعام ، فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : ان موسى لذو جوعات.

١٤٩ ـ عن ليث بن سليم عن أبي جعفر عليه‌السلام شكى موسى الى ربه الجوع في ثلثة مواضع : (آتِنا غَداءَنا لَقَدْ لَقِينا مِنْ سَفَرِنا هذا نَصَباً ، لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً) (، رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ) فقال : انما عنى الطعام.

١٥٠ ـ في عيون الاخبار باسناده الى محمد بن أبي عباد قال : سمعت الرضا عليه‌السلام يقول يوما : يا غلام آتنا الغداء ، فكأني أنكرت ذلك ، فبين الإنكار في فقرأ


(قالَ لِفَتاهُ آتِنا غَداءَنا) فقلت : الأمير أعلم الناس وأفضلهم.

١٥١ ـ في تفسير العياشي عن عبد الرحمن بن سيابة عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ان موسى صعد المنبر وكان منبره ثلث مراق (١) فحدث نفسه ان الله لم يخلق خلقا أعلم منه ، فأتاه جبرئيل فقال له : انك قد ابتليت وأنزله فان في الأرض من هو أعلم منك فأطلبه ، فأرسل الى يوشع انى قد ابتليت فاصنع لنا زادا وانطلق بنا واشترى حوتا من حيتان الحية فأخرج بآذربيجان ثم شواه ، ثم حمله في مكتل ، ثم انطلقا يمشيان فانتهيا الى شيخ مستلق معه عصاه ، موضوعة الى جانبه وعليه كساء إذا قنع رأسه خرجت رجلاه ، وإذا غطى رجليه خرج رأسه ، قال : فقام موسى يصلى وقال ليوشع : احفظ على ، قال : فقطرت قطرة من الماء (٢) في المكتل ، فاضطرب الحوت ، ثم جعل يثب من المكتل ، قال : وهو قوله : (وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ) سربا قال : ثم انه جاء طير فوقع على ساحل البحر ثم أدخل منقاره ، فقال : يا موسى ما أخذت من علم ربك ما حمل ظهر منقاري من جميع البحر ، قال : ثم قام يمشى فتبعه يوشع.

قال موسى وقد نسي الزبيل (٣) يوشع ، وانما أعيى حيث جاوز الوقت فيه ، فقال : (آتِنا غَداءَنا لَقَدْ لَقِينا مِنْ سَفَرِنا هذا نَصَباً) الى قوله : (فِي الْبَحْرِ عَجَباً) قال فرجع موسى يقص أثره حتى انتهى اليه وهو على حاله مستلق فقال له موسى : السلام عليك فقال السلام عليك يا عالم بنى إسرائيل ، قال : ثم وثب فأخذ عصاه بيده ، قال : فقال له موسى : انى قد أمرت «ان (أَتَّبِعُكَ عَلى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً) فقال كما قص عليكم : (إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً) قال : فانطلقا حتى انتهيا الى معبر (٤) فلما نظر إليهم أهل المعبر قالوا : والله لا نأخذ من هؤلاء أجرا اليوم ، فحمل عليهم فلما ذهبت السفينة كثرت الماء خرقها قال له موسى كما أخبرتم ، ثم قال : (أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً قالَ لا تُؤاخِذْنِي بِما نَسِيتُ وَلا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْراً).

__________________

(١) مراق جمع المرقاة ـ بفتح الميم وكسرها ـ : الدرجة.

(٢) وفي المصدر «من السماء» بدل «من الماء».

(٣) الزبيل : الزنبيل.

(٤) المعبر : ما عبر به النهر والمراد هنا السفينة.


قال : وخرجا على ساحل البحر فاذا غلام يلعب مع غلمان عليه قميص حرير أخضر ، في أذنيه درتان فتوركه العالم (١) فذبحه قال له موسى : (أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً) قال (فَانْطَلَقا حَتَّى إِذا أَتَيا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَما أَهْلَها فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُما فَوَجَدا فِيها جِداراً يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقامَهُ قالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً) خبزا نأكله فقد جعنا ، قال : وهي قرية على ساحل يقال له ناصرة ، وبها سمى النصارى نصارى فلم يضيفوهما ولم يضيفوا بعد هما أحدا حتى تقوم الساعة ، وكان مثل السفينة فيكم وفينا ترك الحسين البيعة لمعاوية ، وكان مثل الغلام فيكم قول الحسن بن على لعبد الله ابن على : لعنك الله من كافر ، فقال له : قد قتلته يا با محمد ، وكان مثل الجدار فيكم على والحسن والحسين (٢)

__________________

(١) اى جعله على وركه معتمدا عليها.

(٢) قال المجلسي (ره) في بيان الحديث : اما كون ترك الحسين عليه‌السلام البيعة لمعاوية لعنه الله شبيها بخرق السفينة لأنه عليه‌السلام بترك البيعة مهد لنفسه المقدسة الشهادة ، وبها انكسرت سفينة أهل البيت صلوات الله عليهم وكان فيها مصالح عظيمة. منه : ظهور كفر بنى امية وجورهم على الناس. وخروج الخلق عن طاعتهم. ومنها : ظهور حقيقة أهل البيت عليهم‌السلام وإمامتهم إذ لو بايعه الحسين عليه‌السلام أيضا لظن أكثر الناس وجوب متابعة خلفاء الجور وعدم كونهم عليهم‌السلام ولاة الأمر. ومنها : ان بسبب ذلك صار من بعده من الائمة عليهم‌السلام آمنين مطمئنين ينشرون العلم بين الناس الى غير ذلك من المصالح التي لا يعلمها غيرهم ، ولو كان ما ذكره المورخون من بيعته عليه‌السلام له أخيرا حقا كان المراد ترك البيعة ابتداء ، ولا يبعد أن يكون في الأصل يزيد بن معاوية فسقط السقاط الملعون هو وأبوه ، واما ما تضمن من قول الحسن عليه‌السلام لعبد الله بن على فيشكل توجيهه لأنه كان من السعداء الذين استشهدوا مع الحسين صلوات الله عليه على ما ذكره المفيد وغيره ، والقول بأنه عليه‌السلام علم انه لو بقي بعد ذلك ولم يستشهد مع الحسين عليه‌السلام ردا على المفيد ، وذكر صاحب المقاتل وغيره انه صار الى المختار ، فسئل ان يدعو اليه ويجعل الأمر له فلم*


١٥٢ ـ في مجمع البيان سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : أخبرنى أبي بن كعب قال : خطبنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : ان موسى قام خطيبا في بنى إسرائيل فسئل أى الناس أعلم؟ قال : أنا فعتب الله عليه إذ لم يرد العلم اليه ، فأوحى الله اليه ان لي عبدا ، بمجمع البحرين هو أعلم منك ، قال موسى : يا رب فكيف لي به؟ قال : تأخذ معك حوتا فتجعله في مكتل ، ثم انطلق وانطلق معه فتاه يوشع بن نون حتى إذا أتيا الصخرة وضعا رؤسهما فناما ، واضطرب الحوت في المكتل فخرج منه ، فسقط في البحر (فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَباً) وأمسك الله عن الحوت جرية الماء ، فصار عليه مثل الطاق ، فلما استيقظ نسي صاحبه أن يخبر بالحوت ، فانطلقا بقية يومهما وليلتهما حتى إذا كان من الغد ، قال موسى لفتاه آتنا غدائنا (لَقَدْ لَقِينا مِنْ سَفَرِنا هذا نَصَباً ، قالَ) : ولم يجد موسى النصب حتى جاوز المكان الذي أمر الله تعالى به فقال فتاه : (أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنا إِلَى الصَّخْرَةِ) الاية قال : وكان للحوت سربا ، ولموسى وفتيه عجبا ، فقال موسى : «ذلك ما كنا نبغى» الاية قال : رجعا يقصان الأثر حتى انتهيا الى الصخرة ، فوجدا رجلا مسجى بثوب ، فسلم عليه موسى فقال الخضر : وأنى بأرضك السلام ، قال : أنا موسى ، قال : موسى بنى إسرائيل؟ قال نعم أتيتك «لتعلمني (مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً قالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً) يا موسى انى على علم من الله لا تعلمه علمنيه ، وأنت على علم من الله علمك لا أعلمه أنا ، فقال له موسى : (سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ صابِراً وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْراً) فقال الخضر : (فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْئَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً فَانْطَلَقا) يمشيان على

__________________

* يفعل ، فخرج ولحق بمصعب بن الزبير فقتل في الوقعة وهو لا يعرف. قوله : «فقال له» اى أمير المؤمنين عليه‌السلام «قد قتلته» اى سيقتل بسبب لعنك أو هذا اخبار بأنه سيقتل كما قتل الخضر الغلام لكفره واما مثل الجدار فلعل المراد ان الله تعالى كما حفظ العلم تحت الجدار للغلامين بصلاح أبيهما فكذلك حفظ العلم لصلاح على والحسن والحسين عليهم‌السلام في أولادهم الى أن يظهره القائم للخلق أو حفظ الله علم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بأمير المؤمنين للحسنين صلوات الله عليهم فأقام عليا عليه‌السلام للخلافة بعد أن أصابه ما اصابه من المخالفين والله يعلم.


ساحل البحر فمرت سفينة وكلموهم أن يحملوهم ، فعرفوا الخضر فحملوه بغير قول.

فلما (رَكِبا فِي السَّفِينَةِ) لم يفجأ الا والخضر قد قلع لوحا من ألواح السفينة بالقدوم (١) فقال له موسى : قوم حملونا بغير قول ، عمدت الى سفينتهم «فخرقتها (لِتُغْرِقَ أَهْلَها لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً قالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً قالَ لا تُؤاخِذْنِي بِما نَسِيتُ وَلا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْراً) قال : وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : كانت الاولى من موسى نسيانا ، قال : وجاء عصفور فوقع على جوف السفينة فنقر في البحر نقرة ، فقال له الخضر : ما علمي وعلمك من علم الله الا مثل ما نقص هذا العصفور من هذا البحر.

ثم خرجا من السفينة فبينا هما يمشيان على الساحل إذ ابصر الخضر غلاما يلعب بين الغلمان ، فأخذ الخضر رأسه بيده فاقتطعه فقتله ، فقال له موسى : (أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً قالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً) قال : وهذا أشد من الاول (قالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَها فَلا تُصاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ) الى قوله : (يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ) كان مايلا ، فقال الخضر (٢) بيده فأقامه ، فقال موسى : قوم قد اتيناهم ولم يضيفونا ، «فلو (شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً قالَ هذا فِراقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ) فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : وددنا ان موسى كان صبر حتى يقص علينا من خبرهما.

١٥٣ ـ في مصباح الشريعة قال الصادق عليه‌السلام : والصبر ما أوله مر وآخره حلو فمن دخله من أواخره فقد دخل ، ومن دخله من أوائله فقد خرج ، ومن عرف قدر الصبر لا يصبر عما منه الصبر ، قال الله تعالى في قصة موسى والخضر عليهما‌السلام و (كَيْفَ تَصْبِرُ عَلى ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً).

١٥٤ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده الى جعفر بن محمد بن عمارة عن أبيه عن جعفر بن محمد عليهما‌السلام انه قال : ان موسى بن عمران ، لما كلمه الله تكليما وأنزل عليه التورية ، وكتب (لَهُ فِي الْأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ) ، وجعل

__________________

(١) القدوم : آلة النجر والنحت.

(٢) اى أشار.


آيته في يده وعصاه ، وفي الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم وفلق البحر وغرق الله عزوجل فرعون وجنوده وعملت البشرية فيه حتى قال في نفسه ما أرى ان الله عزوجل خلق خلقا أعلم منى ، فأوحى الله عزوجل الى جبرئيل يا جبرئيل أدرك عبدي موسى قبل أن يهلك ، وقل له : ان عند ملتقى البحرين رجلا عابدا فاتبعه وتعلم منه ، فهبط جبرئيل على موسى بما أمر الله به ربه عزوجل ، فعلم موسى ان ذلك لما حدثت به نفسه ، فمضى هو وفتاه يوشع بن نون عليهما‌السلام ، حتى انتهيا الى ملتقى البحرين ، فوجدا هنالك الخضر عليه‌السلام يتعبد الله عزوجل ، كما قال الله عزوجل في كتابه : (فَوَجَدا عَبْداً مِنْ عِبادِنا آتَيْناهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً قالَ لَهُ مُوسى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً قالَ) له الخضر عليه‌السلام : (إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً) لأني وكلت بعلم لا تطيقه ، ووكلت بعلم لا أطيقه ، قال موسى : بل أستطيع معك صبرا ، فقال له الخضر : ان القياس لا يحال له في علم الله وأمره (وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلى ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً) قال موسى (سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ صابِراً وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْراً) فلما استثنى المشية قبله (قالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْئَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً) فقال موسى : لك ذلك علىّ (فَانْطَلَقا حَتَّى إِذا رَكِبا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَها) الخضر عليه‌السلام فقال له موسى عليه‌السلام : (أَخَرَقْتَها لِتُغْرِقَ أَهْلَها لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً قالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً) قال موسى لا (تُؤاخِذْنِي بِما نَسِيتُ وَلا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْراً فَانْطَلَقا حَتَّى إِذا لَقِيا غُلاماً فَقَتَلَهُ) الخضر عليه‌السلام فغضب موسى وأخذ بتلبيبه (١) وقال له : (أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً قالَ) له الخضر : ان العقول لا تحكم على أمر الله تعالى ذكره ، بل أمر الله يحكم عليها ، فسلم لما ترى منى واصبر عليه فقد كنت علمت (إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً قالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَها فَلا تُصاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْراً فَانْطَلَقا حَتَّى إِذا أَتَيا أَهْلَ قَرْيَةٍ) وهي الناصرة وإليها تنسب النصارى (اسْتَطْعَما أَهْلَها فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُما فَوَجَدا فِيها جِداراً يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَ) فوضع الخضر عليه‌السلام يده فأقامه فقال له موسى (لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً).

__________________

(١) التبيب : ما في موضع اللبب وهو المنجر من الثوب ويعرف بالطوق.


١٥٥ ـ في مجمع البيان (فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُما) روى أبي بن كعب عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : كانوا أهل قرية لئام. وفي الشواذ قراءة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله (يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ) بضم الياء وقراءة على بن أبي طالب «ينقاص» بالصاد غير معجمة وبالألف.

١٥٦ ـ في تفسير العياشي عن ليث بن سليم عن أبي جعفر عليه‌السلام شكى موسى الى ربه الجوع في ثلثة مواضع (آتِنا غَداءَنا لَقَدْ لَقِينا مِنْ سَفَرِنا هذا نَصَباً لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً) «رب لما (أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ).

١٥٧ ـ في مجمع البيان (إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ) الآية وروى ان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله تلا هذه الآية فقال : استحيا نبي الله موسى ولو صبر لراى ألفا من العجائب.

١٥٨ ـ في تفسير على بن إبراهيم متصلا بما نقلنا عنه سابقا من قصة الخضر وموسى ويوشع عليهم‌السلام فمروا ثلاثتهم حتى انتهوا الى ساحل البحر وقد شحنت سفينة (١) وهي تريد أن تعبر ، فقال أرباب السفينة : نحمل هؤلاء الثلاثة نفر ، فإنهم قوم صالحون فحملوهم ، فلما جنحت السفينة في البحر قام الخضر عليه‌السلام الى جوانب السفينة فكسرها وحشاها بالخرق والطين ، فغضب موسى عليه‌السلام غضبا شديدا وقال للخضر عليه‌السلام : (أَخَرَقْتَها لِتُغْرِقَ أَهْلَها لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً) فقال له الخضر عليه‌السلام : (أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً) قال موسى (لا تُؤاخِذْنِي بِما نَسِيتُ وَلا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْراً) فخرجوا من السفينة فنظر الخضر عليه‌السلام الى غلام يلعب بين الصبيان حسن الوجه كأنه قطعة قمر وفي أذنيه درتان فتأمله الخضر عليه‌السلام ثم اخذه فقتله فوثب موسى على الخضر عليهما‌السلام وجلد به الأرض «فقال (أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً) فقال الخضر عليه‌السلام : (أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً) قال موسى (إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَها فَلا تُصاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْراً فَانْطَلَقا حَتَّى) «قال» (إِذا أَتَيا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَما أَهْلَها) وكان وقت العشى والقرية تسمى الناصرة وإليها ينسب النصارى ولم يضيفوا أحدا قط ولم يطعموا غريبا فاستطعموهم فلم يطعموهم ، ولم

__________________

(١) شحنت السفينة : ملأها.


يضيفوهم ، فنظر الخضر عليه‌السلام الى حائط قد زال لينهدم فوضع الخضر عليه‌السلام يده عليه وقال : قم بإذن الله فقام ، فقال موسى عليه‌السلام : لم ينبغ أن تضم الجدار حتى يطعمونا ويأوونا ، وهو قوله عزوجل : (لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً) فقال له الخضر عليه‌السلام : (هذا فِراقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ ما لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً أَمَّا السَّفِينَةُ) التي فعلت بها ما فعلت فانها كانت لقوم مساكين (يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَها وَكانَ وَراءَهُمْ) ، اى وراء السفينة (مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ) صالحة غصبا هكذا نزلت وإذا كانت السفينة معيوبة لم يأخذ منها شيئا و (أَمَّا الْغُلامُ فَكانَ أَبَواهُ مُؤْمِنَيْنِ) وهو طبع كافرا كذا نزلت ، فنظرت الى جبينه وعليه مكتوب طبع كافرا (فَخَشِينا أَنْ يُرْهِقَهُما طُغْياناً وَكُفْراً فَأَرَدْنا أَنْ يُبْدِلَهُما رَبُّهُما خَيْراً مِنْهُ زَكاةً وَأَقْرَبَ رُحْماً) فأبدل الله عزوجل والديه بنتا ولدت سبعين نبيا ، واما الجدار الذي اقمنه (فَكانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ ، وَكانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما ، وَكانَ أَبُوهُما صالِحاً فَأَرادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغا أَشُدَّهُما) الى قوله تعالى : (ذلِكَ تَأْوِيلُ ما لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً).

١٥٩ ـ حدثني أبي عن محمد بن أبي عمير عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : كان ذلك الكنز لوح من ذهب مكتوب : بسم الله الرحمن الرحيم لا اله الا الله محمد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عجبت لمن يعلم أن الموت حق كيف يفرح وعجبت لمن يؤمن بالقدر كيف يفرق (١) وعجبت لمن يذكر النار كيف يضحك ، وعجبت لمن يرى الدنيا وتصرف أهلها حالا بعد حال كيف يطمئن إليها.

١٦٠ ـ في كتاب علل الشرائع متصل بآخر ما نقلنا اعنى قوله : (لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً) قال له الخضر (هذا فِراقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ ما لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً) فقال : (أَمَّا السَّفِينَةُ فَكانَتْ لِمَساكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَها وَكانَ وَراءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ) صالحة غصبا» فأردت بما فعلت أن تبقى لهم ولا يغصبهم الملك عليها فنسب الانانية في هذا الفعل الى نفسه لعلة ذكر التعبيب لأنه (٢) أراد ان

__________________

(١) اى يخاف.

(٢) اى انما لم ينسب الفعل اليه تعالى رعاية للأدب ، لان نسبة التعبيب اليه تعالى غير*


يعيبها عند الملك إذا شاهدها فلا يغصب المساكين عليها ، وأراد الله عزوجل صلاحهم بما أمره به من ذلك ، ثم قال : و (أَمَّا الْغُلامُ فَكانَ أَبَواهُ مُؤْمِنَيْنِ) وطبع كافرا وعلم الله تعالى ذكره انه ان بقي كفر أبواه وافتتنا به ، وضلا بإضلاله إياهما ، فأمرني الله تعالى ذكره بقتله ، وأراد بذلك نقلهم الى محل كرامته في العاقبة ، فاشترك بالانانية بقوله : (فَخَشِينا أَنْ يُرْهِقَهُما طُغْياناً وَكُفْراً) فأراد (أَنْ يُبْدِلَهُما رَبُّهُما خَيْراً مِنْهُ زَكاةً وَأَقْرَبَ رُحْماً) وانما اشترك في الانانية لأنه خشي والله لا يخشى ، لأنه لا يفوته شيء ولا يمتنع عليه أحد أراده. وانما خشي الخضر من ان يحال بينه وبين ما أمر فيه فلا يدرك ثواب الإمضاء فيه ووقع في نفسه ان الله تعالى ذكره جعله سببا لرحمة أبوى الغلام ، فعمل فيه وسط الأمرين من البشرية مثل ما كان عمل في موسى عليه‌السلام لأنه صار في الوقت مخبرا ، وكليم الله موسى عليه‌السلام مخبرا (١) ولم يكن ذلك باستحقاق للخضر للرتبة على موسى عليهما‌السلام وهو أفضل من الخضر ، بل كان لاستحقاق موسى للتبيين.

ثم قال : و (أَمَّا الْجِدارُ فَكانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما) ولم يكن ذلك الكنز بذهب ولا فضة ، ولكن كان لوحا من ذهب فيه مكتوب : عجبت لمن أيقن بالموت كيف يفرح؟ عجبت لمن أيقن بالقدر كيف يحزن؟ ، عجبت لمن أيقن ان البعث حق كيف يظلم؟ عجبت لمن يرى الدنيا وتصرف أهلها حالا بعد حال كيف يطمئن إليها؟ و (كانَ أَبُوهُما صالِحاً) كان بينهما وبين هذا الأب الصالح سبعون أبا فحفظهما الله بصلاحه ، ثم قال : (فَأَرادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغا أَشُدَّهُما وَيَسْتَخْرِجا كَنزَهُما) فتبرء من الأنانية في آخر القصص ، ونسب الارادة كلها الى الله تعالى ذكره في ذلك ، لأنه لم يكن بقي شيء مما فعله فيخبر به بعد ، ويصير موسى عليه‌السلام به مخبرا ومصغيا الى كلامه تابعا له ، فتجرد من الأنانية ، والارادة تجرد العبد المخلص ثم صار متنصلا (٢) مما

__________________

* مناسب ، واما ما يناسب أن ينسب اليه تعالى فهو ارادة صلاحهم بهذا التعييب.

(١) بكسر الاول وفتح الثاني.

(٢) من تنصل الى فلان من الجناية إذا اعتذر وتبرء عنده منها.


أتاه من نسبة الأنانية في أول القصة ، ومن ادعاء الاشتراك في ثانى القصة فقال : (رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَما فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذلِكَ تَأْوِيلُ ما لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً).

١٦١ ـ في تفسير العياشي عن حريز عن أبي عبد الله عليه‌السلام انه كان يقرء (وَكانَ وَراءَهُمْ مَلِكٌ) يعنى امامهم (يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ) صالحة غصبا».

١٦٢ ـ في مجمع البيان وروى أصحابنا عن أبي عبد الله عليه‌السلام انه كان يقرأ «كل سفينة صالحة غصبا» وروى ذلك أيضا عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : وهي قراءة أمير المؤمنين عليه‌السلام.

١٦٣ ـ في كتاب تلخيص الأقوال في تحقيق أحوال الرجال في ترجمة زرارة ابن أعين روى في الصحيح أن أبا عبد الله عليه‌السلام أرسل اليه انما أعيبك دفاعا منى عنك ، فان الناس والعدو يسارعون الى كل من قربناه وحمدنا مكانه ، لادخال الأذى فيمن نحبه ونقربه ، ويذمونه لمحبتنا له وقربه ودنوه منا ، ويرون إدخال الأذى عليه وقتله ، ويحمدون كل من عبناه ، فانما أعيبك لأنك رجل اشتهرت بنا وبميلك إلينا ، وأنت في ذلك مذموم عند الناس ، فيكون ذلك دافع شرهم عنك ، لقول الله عزوجل : «واما (السَّفِينَةُ فَكانَتْ لِمَساكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَها وَكانَ وَراءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً) هذا الرسل من عند الله صالحة لا والله ما عابها الا لكي تسلم من الملك ، فإنهم المثل يرحمك الله فانك والله أحب الناس الى ، وأحب أصحاب أبي الى حيا وميتا ، فانك أفضل سفن ذلك البحر القمقام ، وان من ورائك لملكا ظلوما غصوبا يرقب عبور كل سفينة صالحة ترد من بحر الهدى ليغصبها وأهلها ، فرحمة الله عليك حيا ، ورحمته ورضوانه عليك ميتا.

١٦٤ ـ في مجمع البيان وروى عن أبي وابن عباس انهما كانا يقرآن «اما الغلام فكان كافرا وأبواه مؤمنين» وروى ذلك عن أبي عبد الله عليه‌السلام.

١٦٥ ـ في تفسير العياشي عن حريز عمن ذكره عن أحدهما انه قرء «وكان أبواه مؤمنين فطبع كافرا».


١٦٦ ـ عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام ان نجدة الحروري كتب الى ابن عباس يسأله عن سبى الذراري؟ فكتب اليه : اما الذراري فلم يكن رسول الله يقتلهم ، وكان الخضر يقتل كافرهم ويترك مؤمنهم ، فان كنت تعلم ما يعلم الخضر فاقتلهم.

١٦٧ ـ عن اسحق بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سمعته يقول : بينما العالم يمشى مع موسى إذ هم بغلام يلعب [فاقله] (١) قال فوكزه العالم فقتله ، قال له موسى (أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً) قال : فادخل العالم يده فاقتلع كتفه فاذا عليه مكتوب : كافر مطبوع.

١٦٨ ـ عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قوله : «فخشينا» خشي ان أدرك الغلام أن يدعو أبويه الى الكفر فيجيبانه.

١٦٩ ـ عن عبد الله بن خلف رفعه قال : كان في كتف الغلام الذي قتله العالم مكتوب : كافر.

١٧٠ ـ عن عثمان عن رجل عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله (فَأَرَدْنا أَنْ يُبْدِلَهُما رَبُّهُما خَيْراً مِنْهُ زَكاةً وَأَقْرَبَ رُحْماً) قال : أبدلوا جارية فولدت غلاما وكان نبيا.

١٧١ ـ عن أبي يحيى الواسطي رفعه الى أحدهما في قول الله : (وَأَمَّا الْغُلامُ فَكانَ أَبَواهُ مُؤْمِنَيْنِ) الى قوله : (وَأَقْرَبَ رُحْماً) قال : أبدلهما مكان الابن بنتا ، فولدت سبعين نبيا

١٧٢ ـ في من لا يحضره الفقيه وقال : في قول الله عزوجل : (وَأَمَّا الْغُلامُ فَكانَ أَبَواهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينا أَنْ يُرْهِقَهُما طُغْياناً وَكُفْراً فَأَرَدْنا أَنْ يُبْدِلَهُما رَبُّهُما خَيْراً مِنْهُ زَكاةً وَأَقْرَبَ رُحْماً) قال : أبدلهما الله عزوجل مكان الابن ابنة ، فولد منها سبعون نبيا.

١٧٣ ـ في مجمع البيان وروى انها الغلام المقتول جارية ، فولدت سبعين نبيا عن أبي عبد الله عليه‌السلام.

١٧٤ ـ في الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن عدة من أصحابه

__________________

(١) كذا في النسخ وما بين المعقفتين غير موجود في المصدر والمنقول عنه في البحار.


عن الحسن بن على بن يوسف عن الحسن بن سعيد اللخمي قال : ولد لرجل من أصحابنا جارية فدخل على أبي عبد الله عليه‌السلام فرآه مسخطا ، فقال له أبو عبد الله عليه‌السلام : أرأيت لو ان الله تبارك وتعالى أوحى إليك ان اختار لك أو تختار لنفسك ما كنت تقول؟ قال : كنت أقول يا رب تختار لي ، قال : فان الله عزوجل قد اختار لك ، ثم قال : ان الغلام الذي قتله العالم الذي كان مع موسى عليه‌السلام في قوله الله عزوجل (فَأَرَدْنا أَنْ يُبْدِلَهُما رَبُّهُما خَيْراً مِنْهُ زَكاةً وَأَقْرَبَ رُحْماً) أبدلهما الله به جارية ولدت سبعين نبيا.

١٧٥ ـ في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن أحمد ابن محمد بن أبي نصر عن صفوان الجمال ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (وَأَمَّا الْجِدارُ فَكانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما) فقال : اما انه ما كان ذهبا ولا فضة ، وانما كان أربع كلمات : لا اله الا انا ، من أيقن بالموت لم تضحك سنه ، ومن أيقن بالحساب لم يفرح قلبه ، ومن أيقن بالقدر لم يخش الا الله.

١٧٦ ـ الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن على بن أسباط قال : سمعت أبا الحسن الرضا عليه‌السلام يقول : كان في الكنز الذي قال الله عزوجل : (وَكانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما) كان فيه بسم الله الرحمن الرحيم عجبت لمن أيقن بالموت كيف يضحك ، وعجبت لمن أيقن بالقدر كيف يحزن ، وعجبت لمن رأى الدنيا وتقلبها بأهلها كيف يركن إليها ، وينبغي لمن عقل عن الله ان لا يتهم الله في قضائه ولا يستبطيه في رزقه ، فقلت : جعلت فداك أريد أن أكتبه ، قال : فضرب والله يده الى الدواة ليضعها بين يدي ، فتناولت يده فقبلتها وأخذت الدواة فكتبته.

١٧٧ ـ في عوالي اللئالى روى الفضل بن أبي قرة عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : لما أقام العالم الجدار أوحى الله تعالى الى موسى عليه‌السلام انى مجازي الأبناء بسعى الآباء ان خيرا فخير وان شرا فشر لا تزنوا فتزني نساؤكم ، من وطأ فراش امرء مسلم وطئ فراشه كما تدين تدان.


١٧٨ ـ في قرب الاسناد للحميري عن أحمد بن محمد بن عيسى عن احمد بن محمد بن أبي نصر قال : سمعت الرضا عليه‌السلام يقول : وكان في الكنز الذي قال : و (كانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما) لوح من ذهب فيه بسم الله الرحمن الرحيم لا اله الا الله ، محمد رسول الله ، عجبت لمن أيقن بالموت كيف يفرح ، وعجبا لمن أيقن بالقدر كيف يحزن ، وعجبا لمن راى الدنيا وفعلها بأهلها كيف يركن إليها ، وينبغي لمن عقل عن الله ان لا يهتم الله تبارك وتعالى في قضائه ، ولا يستبطيه في رزقه.

١٧٩ ـ في تهذيب الأحكام في دعاء مروي عنهم عليهم‌السلام اللهم انك حفظت الغلامين بصلاح أبويهما.

١٨٠ ـ في أمالي شيخ الطائفة قدس‌سره باسناده الى جعفر بن حبيب النهدي انه سمع جعفر بن محمد يقول : احفظوا فينا ما حفظ العبد الصالح في اليتيمين ، وكان ابو هما صالحا.

١٨١ ـ وباسناده الى أبي بصير عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : كم من إنسان له حق ، لا يعلم به ، قلت : وما ذاك أصلحك الله؟ قال : ان صاحبي الجدار كان لهما كنز تحته لا يعلمان به ، اما انه لم يكن بذهب ولا فضة. قلت : فما كان؟ قال : كان علما ، قلت فأيهما أحق به؟ قال : الكبير كذلك نقول نحن.

١٨٢ ـ في كتاب الخصال عن أبي جعفر عليه‌السلام في قول الله تعالى : (وَكانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما) قال : والله ما كان من ذهب ولا فضة ، وما كان الا لوح فيه كلمات أربع ، انى انا الله لا اله الا انا ومحمد رسولي ، عجبت لمن أيقن بالموت كيف يفرح قلبه ، وعجبت لمن أيقن بالحساب كيف يضحك سنه ، وعجبت لمن أيقن بالقدر كيف يستبطى الله في رزقه ، وعجبت لمن يرى النشأة الاولى كيف ينكر النشأة الاخرة؟

١٨٣ ـ في كتاب معاني الاخبار حدثنا محمد بن الحسن رحمه‌الله قال : حدثنا محمد بن يحيى العطار عن محمد بن أحمد قال : حدثنا الحسن بن على رفعه الى عمرو بن جميع رفعه الى على عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (وَكانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما) قال : كان


ذلك الكنز لوحا من ذهب فيه مكتوب بسم الله لا اله الا الله محمد رسول الله ، عجبت لمن يعلم ان الموت حق كيف يفرح ، عجبت لمن يؤمن بالقدر كيف يحزن ، عجبت لمن يذكر النار كيف يضحك ، عجبت لمن يرى الدنيا وتصرف أهلها حالا بعد حال كيف يطمئن إليها؟

١٨٤ ـ في مجمع البيان (وَكانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما) قيل : كان كنزا من الذهب والفضة ورواه ابو الدرداء عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله.

١٨٥ ـ وقيل : كان لوحا من ذهب وفيه مكتوب : عجبا لمن يؤمن بالقدر كيف يحزن ، عجبا لمن أيقن بالرزق كيف يتعب ، عجبا لمن أيقن بالموت كيف يفرح ، عجبا لمن يؤمن بالحساب كيف يعتل ، عجبا لمن رأى الدنيا وتقلبها بأهلها كيف يطمئن إليها؟ لا اله الا الله محمد رسول الله ، وروى ذلك عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، وفي بعض الروايات زيادة ونقصان.

١٨٦ ـ (وَكانَ أَبُوهُما صالِحاً) روى عن أبي عبد الله عليه‌السلام انه كان بينهما وبين ذلك الأب الصالح سبعة آباء.

١٨٧ ـ في تفسير العياشي عن محمد بن عمر عن رجل عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ان الله ليحفظ ولد المؤمن الى ألف سنة ، وان الغلامين كان بينهما وبين أبويهما سبعمائة سنة.

١٨٨ ـ عن اسحق بن عمار قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : ان الله ليصلح بصلاح الرجل المؤمن ولده وولد ولده ، ويحفظه في دويرته ودويرات حوله ، فلا يزالون في حفظ الله لكرامته على الله ، ثم ذكر الغلامين فقال : (وَكانَ أَبُوهُما صالِحاً) ألم تر ان الله شكر صلاح أبويهما لهما.

١٨٩ ـ عن بريد بن رويان قال : قال الحسين عليه‌السلام لنافع بن الأزرق : يا بن الأزرق انى أخبرت أنك تكفر أبي وأخى وتكفرني؟ قال له نافع : لئن قلت ذلك لقد كنتم الحكام ومعالم الإسلام ، فلما بدلتم استبدلنا بكم ، فقال له الحسين : يا بن الأزرق أسئلك عن مسئلة فأجبنى عن قول الله لا اله الا هو : (وَأَمَّا الْجِدارُ فَكانَ لِغُلامَيْنِ


يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما) الى قوله : «كنزهما» من حفظ فيهما؟ قال : فأيهما أفضل ، أبويهما أم رسول الله وفاطمة؟ قال : لا بل رسول الله وفاطمة بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال : فما حفظهما حتى خلى بينهما وبين الكفر؟ فنهض ثم نفض ثوبه ثم قال : نبأنا الله عنكم معشر قريش أنتم قوم خصمون ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٩٠ ـ عن زرارة وحمران عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما‌السلام قالا : يحفظ الله الأطفال باعمال آبائهم ، كما حفظ الله الغلامين بصلاح أبيهما.

١٩١ ـ عن مسعدة بن صدقة عن جعفر بن محمد عن آبائه عليهم‌السلام ، ان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ان الله ليخلف العبد الصالح من بعد موته في أهله وماله ، وان كان أهله أهل السوء ثم قرء هذه الاية الى آخرها : (وَكانَ أَبُوهُما صالِحاً).

١٩٢ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده الى أبي سعيد عقيصا قال : قلت للحسن ابن على بن أبي طالب ، يا بن رسول الله لم داهنت معاوية وصالحته وقد علمت ان الحق لك دونه وان معاوية ضال باغ؟ فقال : يا با سعيد ألست حجة الله تعالى ذكره على خلقه وإماما عليهم بعد أبي عليه‌السلام؟ قلت : بلى ، قال : ألست الذي قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لي ولأخي الحسين : إمامان قاما أو قعدا؟ قلت : بلى ، قال : انا فاذن امام لو قمت ، وانا امام إذا قعدت ، يا با سعيد علة مصالحتي لمعاوية علة مصالحة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لبني ضمرة وبنى أشجع ولأهل مكة حين انصرف من الحديبية ، أولئك كفار بالتنزيل ، ومعاوية وأصحابه كفار بالتأويل ، يا با سعيد إذا كنت إماما من قبل الله تعالى ذكره لم يجب أن يسفه رأيى فيما أتيته من مهادنة أو محاربة ، وان كان وجه الحكمة فيما أتيته ملتبسا الا ترى الى الخضر عليه‌السلام ، لما أخرق السفينة وقتل الغلام وأقام الجدار سخط موسى عليه‌السلام فعله لاشتباه وجه الحكمة عليه حتى أخبره فرضي ، هكذا انا سخطتم على بجهلكم بوجه الحكمة فيه ، ولو لا ما أتيت لما ترك من شيعتنا على وجه الأرض أحد الا قتل.

١٩٣ ـ وباسناده الى عبد الله بن الفضل الهاشمي قال : سمعت الصادق جعفر بن محمد


عليهما‌السلام يقول : ان لصاحب هذا الأمر غيبة لا بد منها ، يرتاب فيها كل مبطل ، فقلت له : ولم جعلت فداك؟ قال : لأمر لم يأذن في كشفه لكم ، قلت : فما وجه الحكمة في غيبته؟ قال : وجه الحكمة في غيبات من تقدمه من حجج الله تعالى ذكره ، ان وجه الحكمة في ذلك لا ينكشف الا بعد ظهوره ، كما لا ينكشف وجه الحكمة لما أتاه الخضر عليه‌السلام من خرق السفينة وقتل الغلام واقامة الجدار لموسى عليه‌السلام ، الا وقت افتراقهما ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٩٤ ـ وباسناده الى اسحق الليثي عن الباقر عليه‌السلام حديث طويل يقول فيه عليه‌السلام أنكر موسى على الخضر واستفضع أفعاله حتى قال له الخضر : يا موسى ما فعلته عن أمري انما فعلته عن أمر الله عزوجل.

١٩٥ ـ في أصول الكافي محمد بن عيسى عن يونس عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال موسى للخضر عليه‌السلام : قد تحرمت بصحبتك فأوصنى ، قال : الزم ما لا يضرك معه شيء كما لا ينفعك مع غيره شيء.

١٩٦ ـ في أمالي الصدوق (ره) باسناده الى الصادق عليه‌السلام ، قال : ان موسى ابن عمران عليه‌السلام ، حين أراد أن يفارق الخضر عليه‌السلام قال : أوصني فكان مما أوصاه أن قال له إياك واللجاجة ، وان تمشي في غير حاجة ، أو أن تضحك من غير عجب ، واذكر خطيئتك وإياك وخطايا الناس.

١٩٧ ـ في كتاب الخصال عن الزهري عن على بن الحسين عليه‌السلام قال : كان آخر ما أوصى به الخضر ، موسى بن عمران عليهما‌السلام ان قال : لا تعير أحدا بذنب ، وان أحب الأمور الى الله تعالى ثلثة : القصد في الشدة ، والعفو في القدرة ، والرفق بعباد الله وما رفق أحد بأحد في الدنيا الا رفق الله تعالى به يوم القيمة ، ورأس الحكمة مخافة الله تبارك الله وتعالى.

١٩٨ ـ في تفسير على بن إبراهيم : حدثني أبي عن يوسف بن أبي حماد عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : لما اسرى برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الى السماء وجد ريحا مثل ريح المسك الأذفر ،


فسأل جبرئيل عنها فأخبره جبرئيل عليه‌السلام انها تخرج من بيت عذب فيه قوم في الله حتى ماتوا ، ثم قال له : ان الخضر عليه‌السلام كان من أبناء الملوك فآمن بالله. وتخلى في بيت دار أبيه يعبد الله عزوجل ولم يكن لأبيه ولد غيره فأشاروا على أبيه أن يزوجه ، فلعل الله أن يرزقه ولدا فيكون الملك فيه وفي عقبه فخطب له امرأة بكرا وأدخلها عليه ، فلم يلتفت الخضر إليها فلما كان في اليوم الثاني قال لها : تكتمين على أمرى؟ فقالت : نعم قال لها : ان سئلك أبي هل كان منى إليك ما يكون من الرجال الى النساء فقولي : نعم فقالت : أفعل ، فسألها الملك عن ذلك فقالت : نعم وأشار عليه الناس ان يأمر النساء أن يفتشنها ، فأمر وكانت على حالتها فقالوا : أيها الملك زوجت العز من العزة زوجه امرأة ثيبا ، فزوجه فلما أدخلت عليه سألها الخضر أن تكتم عليه أمره فقالت : نعم ، فلما ان الملك سألها قالت : أيها الملك ان ابنك امرأة فهل تلد المرأة من المرأة؟ فغضب عليه وأمر بردم الباب عليه فردم فلما كان يوم الثالث حركته رقة الاباء ، فأمر بفتح الباب ففتح فلم يجدوه فيه ، وأعطاه الله عزوجل من القوة أن يتصور كيف يشاء ثم كان على مقدمة ذي القرنين وشرب من الماء الذي من شرب منه بقي الى الصيحة.

قال : فخرج من مدينة أبيه رجلان في تجارة في البحر حتى وقعا الى جزيرة من جزائر البحر ، فوجدا فيها الخضر عليه‌السلام قائما يصلى فلما انفتل دعا هما فسألهما عن خبرهما فأخبراه فقال لهما : هل يكتمان على أمرى ان أنا رددتكما في يومكما هذا الى منازلكما؟ فقالا : نعم ، فنوى أحدهما أن يكتم أمره ونوى الآخر ان رده الى منازله أخبر أباه بخبره ، فدعا الخضر سحابة وقال : احملي هذين الى منازلهما ، فحملتهما السحابة حتى وضعتهما في بلدهما من يومهما ، فكتم أحد هما أمره ، وذهب الآخر الى الملك فأخبره بخبره ، فقال له الملك : من يشهد لك بذلك؟ قال : فلان التاجر فدل على صاحبه ، فبعث الملك اليه فلما أحضره أنكره وأنكر معرفة صاحبه ، فقال له الاول : ايها الملك ابعث معى خيلا الى هذه الجزيرة واحبس هذا حتى آتيك بابنك فبعث معه


خيلا فلم يجده فأطلق عن الرجل الذي كتم عليه ، ثم ان القوم عملوا بالمعاصي فأهلكهم الله عزوجل وجعل مدينتهم عاليها سافلها وابتدرت الجارية التي كتمت عليه أمره والرجل الذي كتم عليه كل واحد منهما ناحية من المدينة فلما أصبحا التقيا فأخبر كل واحد منهما صاحبه بخبره ، فقالا : ما نجونا الا بذلك ، فآمنا برب الخضر عليه‌السلام وحسن إيمانهما ، وتزوج بها الرجل ووقعا الى مملكة ملك آخر ، ودخلت المرأة الى بيت الملك وكانت تزين بنت الملك ، فبينما هي تمشطها يوما إذ سقط من يدها المشط ، فقالت : لا حول ولا قوة الا بالله ، فقالت لها بنت الملك : ما هذه الكلمة؟ فقالت لها : ان لي إلها تجري الأمور كلها بحوله وقوته ، فقالت لها بنت الملك : ألك اله غير أبي؟

قالت : نعم وهو إلهك واله أبيك. فدخلت بنت الملك الى أبيها فأخبرت أباها بما سمعت من هذه المرئة ، فدعاها الملك فسألها عن خبرها فأخبرته ، فقال لها : من على دينك؟ قالت : زوجي وولدي فدعاهما الملك فأمرهما بالرجوع عن التوحيد فأبوا عن ذلك ، فدعا بمرجل (١) من ماء فاسخنه وألقاهم فيه ، فأدخلهم بيتا وهدم عليهم البيت ، فقال جبرئيل عليه‌السلام لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : فهذه الرائحة التي شممتها من ذلك البيت.

١٩٩ ـ في قرب الاسناد للحميري باسناده الى موسى بن جعفر عليه‌السلام حديث طويل يذكر فيه آيات النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وفيه : ومن ذلك ان نفرا من اليهود أتوه فقالوا لأبي الحسن جدي : استأذن لنا على ابن عمك نسأله ، قال : فدخل على فأعلمه ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : وما يريدون منى؟ فانى عبد من عبيد الله لا أعلم الا ما علمني ربي ، ثم قال : ائذن لهم فدخلوا ، فقال : اسئلونى عما جئتم له أم أنبئكم؟ قالوا : نبئنا ، قال : جئتم تسئلونى عن ذي القرنين؟ قالوا : نعم ، قال كان غلاما من أهل الروم ، ثم ملك وأتى مطلع الشمس ومغربها ، ثم بنى السد فيها ، قالوا : نشهد ان هذا كذا وكذا.

__________________

(١) المرجل : القدر من الحجارة والنحاس.


٢٠٠ ـ في أصول الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن ابن أذينة عن بريد بن معاوية عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما‌السلام قال : قلت : له ما منزلتكم ومن تشبهون ممن مضى؟ قال : صاحب موسى وذو القرنين ، كانا عالمين ولم يكونا نبيين.

٢٠١ ـ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن حماد بن عيسى عن الحسين بن المختار عن الحارث بن مغيرة قال : قال أبو جعفر عليه‌السلام : ان عليا عليه‌السلام كان محدثا ، فقلت : فيقول نبي؟ فحرك بيده هكذا ثم قال أو كصاحب سليمان ، أو كصاحب موسى ، أو كذي القرنين ، أو ما بلغكم انه قال : وفيكم مثله.

٢٠٢ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده الى أبي بصير عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : ان ذي القرنين لم يكن نبيا ولكنه كان عبدا صالحا أحب الله فأحبه ، وناصح لله فناصحه ، أمر قومه بتقوى الله فضربوه على قرنه ، فغاب عنهم زمانا ثم رجع إليهم ، فضربوه على قرنه الآخر ، وفيكم من هو على سنته.

٢٠٣ ـ وباسناده الى الأصبغ بن نباته قال : قام ابن الكوا الى على بن أبي طالب عليه‌السلام وهو على المنبر فقال : يا أمير المؤمنين أخبرنى عن ذي القرنين أنبيا كان أو ملكا؟ وأخبرنى عن قرنيه أذهب أو فضة؟ فقال عليه‌السلام : لم يكن نبيا ولا ملكا ، ولا قرناه من ذهب ولا فضة ، ولكنه كان عبدا أحب الله فأحبه ، ونصح لله فنصحه الله ، وانما سمى ذا القرنين لأنه دعا قومه فضربوه على قرنه ، فغاب عنهم حينا ، ثم عاد إليهم فضرب على قرنه الآخر وفيكم مثله.

٢٠٤ ـ وباسناده الى جابر بن عبد الله الأنصارى قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : ان ذا القرنين كان عبدا صالحا جعله الله عزوجل حجة على عباده ، فدعا قومه الى الله وأمرهم بتقواه ، فضربوه على قرنه فغاب عنهم زمانا حتى قيل مات أو هلك ، بأى واد سلك ، ثم ظهر ورجع الى قومه فضربوه على قرنه الآخر ، وفيكم من هو على سنته ، وان الله عزوجل مكن لذي القرنين في الأرض ، وجعل له من كل شيء سببا ، وبلغ


المغرب والمشرق ، وان الله عزوجل سيجرى سنته في القائم من ولدي ، فيبلغه مشرق الأرض وغربها حتى لا يبقى منها ولا موضعا منها من سهل أو جبل وطاه ذو القرنين الا وطاه ويظهر الله له عزوجل كنوز الأرض ومعادنها ، وينصره بالرعب ، ويملأ الأرض به عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما.

٢٠٥ ـ في تفسير العياشي عن أبي الطفيل قال : سمعت عليا عليه‌السلام يقول : ان ذا القرنين لم يكن نبيا ولا رسولا كان عبدا أحب الله فأحبه ، وناصح الله فنصحه ، دعا قومه فضربوه على أحد قرنيه فقتلوه ، ثم بعثه الله فضربوه على قرنه الآخر فقتلوه.

٢٠٦ ـ عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : ان الله لم يبعث أنبياء ملوكا في الأرض الا أربعة بعد نوح ، أولهم ذو القرنين واسمه عياش ، وداود وسليمان ويوسف ، فأما عياش فملك ما بين المشرق والمغرب ، واما داود فملك ما بين الشامات الى بلاد إصطخر ، وكذلك كان ملك سليمان ، واما يوسف فملك مصر وبراريها لم يجاوزها الى غيرها ، وفي كتاب الخصال مثله.

٢٠٧ ـ في كتاب الخصال عن محمد بن خالد باسناده رفعه قال : ملك الأرض كلها أربعة ، مؤمنان وكافران ، فاما المؤمنان فسليمان بن داود وذو القرنين ، واما الكافران نمرود وبخت نصر ، واسم ذي القرنين عبد الله بن ضحاك بن معد.

٢٠٨ ـ في أمالي شيخ الطائفة قدس‌سره باسناده الى أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر محمد بن على عليهما‌السلام قال : أول اثنين تصافحا على وجه الأرض ذو القرنين وإبراهيم الخليل عليه‌السلام استقبله إبراهيم فصافحه.

٢٠٩ ـ في تفسير العياشي بعد ان ذكر أبا عبد الله عليه‌السلام ونقل عنه حديثا طويلا قال : وفي خبر آخر عنه جاء يعقوب الى نمرود في حاجة ، فلما وثب عليه وكان أشبه الناس بإبراهيم ، قال له : أنت إبراهيم خليل الرحمن؟ قال : لا.

٢١٠ ـ في عيون الاخبار عن الرضا عليه‌السلام عن أبيه عن آبائه عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لكل امة صديق وفاروق ، وصديق هذه


الامة وفاروقها على بن أبي طالب ان عليا سفينة نجاتها وباب حطتها ، انه يوشعها وشمعونها وذو قرنيها.

٢١١ ـ في الخرائج والجرائح قال الحسن العسكري : وسئل على عليه‌السلام عن ذي القرنين كيف استطاع أن يبلغ المشرق والمغرب؟ فقال : سخر الله السحاب ويسر له الأسباب وبسط له النور وكان الليل والنهار على سواء ، وانه رأى في المنام كأنه دنا من الشمس حتى أخذ بقرنها في شرقها وغربها ، فلما قص رؤياه على قومه عرفهم وسموه ذا القرنين فدعاهم الى الله فأسلموا ، ثم أمرهم ان يبنوا له مسجدا فأجابوه اليه ، فامر أن يجعلوا طوله اربعمأة ذراع ، وعرضه مأتى ذراع وعلوه الى السماء مأة ذراع ، فقالوا : كيف لك بخشبات تبلغ ما بين الحائطين؟ قال : إذا فرغتم من بنيان الحائطين فاكبسوه بالتراب (١) حتى يستوي مع حيطان المسجد ، فاذا فرغتم من ذلك أخذتم من الذهب والفضة على قدره ، ثم قطعتموه مثل قلامة الظفر ثم خلطتموه مع ذلك الكبس وعملتم له خشبا من نحاس وصفائح من نحاس تذوبون ذلك ، وأنتم متمكنون من العمل كيف شئتم ، وأنتم على الأرض مستوية فاذا فرغتم من ذلك دعوتم المساكين لنقل ذلك التراب ، فيسارعون فيه لأجل ما فيه من الذهب والفضة فبنوا المسجد واخرج المساكين ذلك التراب وقد استقل السقف واستغنى المساكين فجندهم اربعة أجناد ، في كل جند عشرة آلاف ، ونشرهم في البلاد.

٢١٢ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده الى سماك بن حرب عن رجل من بنى أسد قال : سأل رجل عليا عليه‌السلام أرأيت ذا القرنين كيف استطاع ان بلغ الشرق والغرب؟ قال : سخر له السحاب ومد له في الأسباب ، وبسط له النور فكان الليل والنهار عليه سواء.

٢١٣ ـ في تفسير العياشي عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : ان ذا القرنين خير بين السحاب الصعب والسحاب الذلول فاختار الذلول ، فركب الذلول ، فكان إذا انتهى الى قوم كان رسول نفسه إليهم لكي لا يكذب الرسل.

__________________

(١) كبس البئر : طمها بالتراب اى سواها ودفنها.


٢١٤ ـ عن حارث بن حبيب قال : أتى رجل عليا عليه‌السلام فقال له : يا أمير المؤمنين أخبرنى عن ذي القرنين ، فقال : سخر له الحساب وقربت له الأسباب ، وبسط له في النور ، فقال له الرجل : كيف بسط له في النور؟ فقال علي عليه‌السلام : كان يضيء بالليل كما يضيء بالنهار (١) ثم قال على عليه‌السلام للرجل : أزيدك فيه فسكت.

٢١٥ ـ عن الأصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : سأل عن ذي القرنين؟ قال : كان عبدا صالحا واسمه عياش ، اختاره الله وابتعثه الى قرن من القرون الاولى في ناحية المغرب وذلك بعد طوفان نوح ، فضربوه على قرن رأسه الأيمن فمات منها ، ثم أحياه الله بعد مأة عام ، ثم بعثه الله الى قرن من القرون الاولى في ناحية المشرق ، فكذبوه وضربوه ضربة على قرن رأسه الأيسر فمات منها ، ثم أحياه الله بعد مأة عام وعوضه من الضربتين اللتين على رأسه قرنين في موضع الضربتين ، أجوفين وجعل عين ملكه وآية نبوته في قرنيه.

ثم رفعه إلى السماء الدنيا فكشط له (٢) عن الأرض كلها جبالها وسهولها وفجاجها ، حتى أبصر ما بين المشرق والمغرب ، وآتاه الله من كل شيء يعرف به الحق والباطل ، وأيده في قرنيه بكشف من السماء فيه ظلمات ورعد وبرق ، ثم اهبط الى الأرض وأوحى اليه : أن سر في ناحية غربي الأرض وشرقيها ، فقد طويت لك البلاد ، وذللت لك العباد فأرهبتهم منك فسار ذو القرنين الى ناحية المغرب ، فكان إذا مر بقرية زأر فيها كما يزأر الأسد المغضب (٣) فينبعث من قرنه ظلمات ورعد وبرق وصواعق تهلك من ناواه وخالفه فلم يبلغ مغرب الشمس حتى دان له أهل المشرق والمغرب ، قال : وذلك قول الله (إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْناهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً فَأَتْبَعَ سَبَباً حَتَّى إِذا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَها تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ)

__________________

(١) في المصدر «يبصر» بدل «يضيء» في الموضعين.

(٢) كشط عن الشيء : كشف عنه.

(٣) زأر الأسد : صات من صدره.


الى قوله : اما من ظلم ولم يؤمن بربه فسوف يعذبه في الدنيا بعذاب الدنيا (ثُمَّ يُرَدُّ إِلى رَبِّهِ) في مرجعه (فَيُعَذِّبُهُ عَذاباً نُكْراً) الى قوله (وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنا يُسْراً ثُمَّ أَتْبَعَ) ذو القرنين من الشمس «سببا».

ثم قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : ان ذا القرنين لما انتهى مع الشمس الى العين الحامية وجد الشمس تغرب فيها ومعها سبعون ألف ملك يجرونها بسلاسل الحديد والكلاليب يجرونها من قعر البحر في قطر الأرض الأيمن ، كما تجري السفينة على ظهر الماء فلما انتهى معها الى مطلع الشمس سببا (وَجَدَها تَطْلُعُ عَلى قَوْمٍ) الى قوله «بما لديه خيرا» فقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : ان ذا القرنين ورد على قوم قد أحرقتهم الشمس وغيرت أجسادهم وألوانهم حتى صيرتهم كالظلمة ثم اتبع ذو القرنين سببا في ناحية الظلمة (حَتَّى إِذا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِما قَوْماً لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلاً قالُوا يا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ) خلف هذين الجبلين وهم يفسدون في الأرض ، إذا كان إبان (١) زروعنا وثمارنا خرجوا علينا من هذين السدين فرعوا من ثمارنا وزروعنا حتى لا يبقون منها شيئا (فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً) نؤديه إليك في كل عام (عَلى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا) الى قوله (زُبَرَ الْحَدِيدِ) قال : فاحتفر له جبل حديد فقلعوا له أمثال اللبن ، فطرح بعضهم على بعض فيما بين الصدفين ، وكان ذو القرنين هو أول من بنى ردما على الأرض ثم جعل عليه الحطب وألهب فيه النار ، ووضع عليه المنافخ فنفخوا عليه ، فلما داب قال : ايتوني بقطر وهو المس الأحمر قال : فاحتفروا له جبلا من مس فطرحوه على الحديد فذاب معه واختلط به ، قال : (فَمَا اسْطاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطاعُوا لَهُ نَقْباً) يعنى يأجوج ومأجوج ، (قالَ هذا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذا جاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا) الى هنا رواية على بن الحسين ورواية محمد بن نضر.

وزاد جبرئيل بن أحمد في حديثه عن الأصبغ بن نباتة عن على بن أبي طالب صلوات الله عليه (وَتَرَكْنا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ) يعنى يوم القيمة ، وكان ذو القرنين

__________________

(١) أبان الشيء : حينه وأوله.


عبدا صالحا ، كان من الله بمكان نصح الله فنصح له ، وأحب الله فأحبه ، وكان قد سبب له في البلاد ومكن له فيها حتى ملك ما بين المشرق والمغرب ، وكان له خليل من الملائكة يقال له رقائيل ينزل اليه فيحدثه ويناجيه فبينا هو ذات يوم عنده إذ قال له ذو القرنين : يا رقائيل كيف عبادة أهل السماء وأين هي من عبادة أهل الأرض؟ فقال : اما عبادة أهل السماء ما في السموات موضع قدم الا وعليه ملك قائم لا يقعد أبدا أو راكع لا يسجد أبدا ، أو ساجد لا يرفع رأسه أبدا ، فبكى ذو القرنين بكاء شديدا وقال : يا رقائيل انى أحب ان أعيش حتى أبلغ من عبادة ربي وحق طاعته بما هو أهله فقال له رقائيل : يا ذا القرنين ان لله في الأرض عينا تدعى عين الحيوة ، فيها عزيمة من الله انه من يشرب منها لم يمت حتى يكون هو يسئل الله الموت ، فان ظفرت بها تعيش ما شئت قال : وأين ذلك العين وهل تعرفها؟ قال : لا ، غير انا نجد في السماء ان لله في الأرض ظلمة لم يطأها انس ولا جان فقال ذو القرنين : واين تلك الظلمة؟ قال رقائيل ما أدري ثم صعد رقائيل فدخل ذا القرنين حزن طويل من قول رقائيل ومما أخبره عن العين والظلمة ولم يخبره بعلم ينتفع به منهما.

فجمع ذو القرنين فقهاء أهل مملكته وعلمائهم وأهل دراسة الكتب وآثار النبوة ، فلما اجتمعوا عنده قال ذو القرنين : يا معشر الفقهاء وأهل الكتب وآثار النبوة هل وجدتم فيما قرأتم من كتب الله أو من كتب من كان قبلكم من الملوك ان لله عينا تدعى عين الحيوة ، فيها من الله عزيمة انه من يشرب منها لم يمت حتى يكون هو الذي يسئل الله الموت؟ قالوا : لا يا أيها الملك قال : فهل وجدتم فيما قرأتم من الكتب ان لله في الأرض ظلمة لم يطأها انس ولا جان؟ قالوا : لا أيها الملك فحزن عليه ذو القرنين حزنا شديدا وبكى إذ لم يخبر عن العين والظلمة بما يحب ، وكان فيمن حضره غلام من الغلمان من أولاد الأوصياء أوصياء الأنبياء وكان ساكتا لا يتكلم ، حتى إذا أيس ذو القرنين منهم قال له الغلام : ايها الملك انك تسئل هؤلاء عن أمر ليس لهم به علم ، وعلم ما تريد عندي ، ففرح ذو القرنين فرحا شديدا حتى نزل عن فراشه وقال له : ادن


منى ، فدنا منه فقال : أخبرنى قال : نعم أيها الملك انى وجدت في كتاب آدم الذي كتب يوم سمى له ما في الأرض من عين أو شجر ، فوجدت فيه ان لله عينا تدعى عين الحيوة فيها من الله عزيمة انه من يشرب منها لم يمت حتى يكون هو الذي يسئل الله الموت ، بظلمة لم يطأها انس ولا جان ففرح ذو القرنين وقال : ادن منى يا ايها الغلام تدري أين موضعها؟ قال : نعم ، وجدت في كتاب آدم انها على قرن الشمس يعنى مطلعها.

ففرح ذو القرنين وبعث الى أهل مملكته فجمع أشرافهم وفقهاءهم وعلماءهم وأهل الحكم منهم ، فاجتمع اليه ألف حكيم وعالم وفقيه فلما اجتمعوا اليه تهيأ للسير وتأهب له بأعد العدة وأقوى القوة ، فسار بهم يريد مطلع الشمس يخوض البحار ويقطع الجبال والفيافي (١) والأرضين والمفاوز فسار اثنى عشر سنة حتى انتهى الى طرف الظلمة ، فاذا هي ليست بظلمة الليل ولا دخان ولكنها هواء يفور فسد ما بين الأفقين فنزل بطرفها وعسكر عليها وجمع علماء أهل عسكره وفقهائهم وأهل الفضل منهم ، فقال : يا معشر الفقهاء والعلماء انى أريد أن أسلك هذه الظلمة فخروا له سجدا وقالوا : يا ايها الملك انك لتطلب امرا ما طلبه ولا سلكه أحد كان قبلك من النبيين والمرسلين ، ولا من الملوك؟ قال : انه لا بد لي من طلبها ، قالوا : ايها الملك انا لنعلم انك إذا سلكتها ظفرت بحاجتك منها بغير عنت عليك لأمرنا ولكنا نخاف أن يعلق بك منها أمر يكون فيه هلاك ملكك وزوال سلطانك وفساد من في الأرض ، فقال : لا بد من أن أسلكها ، فخروا سجدا وقالوا : انا نتبرأ إليك مما يريد ذو القرنين.

فقال ذو القرنين : يا معشر العلماء أخبرونى بأبصر الدواب؟ قالوا : الخيل الإناث البكارة أبصر الدواب ، فانتخب من عسكره فأصاب ستة آلاف فرس إناثا أبكارا ، وانتخب من أهل العلم والفضل والحكمة ستة آلاف رجل فدفع الى كل رجل وعقد لأفسحر وهو الخضر على ألف فرس ، فجعلهم على مقدمته وأمرهم أن يدخلوا الظلمة ، وسار ذو القرنين في أربعة آلاف وأمر أهل عسكره أن يلزموا معسكره اثنى عشر سنة ، فان

__________________

(١) خاض الماء : دخله. والفيافي كصحارى لفظا ومعنى.


رجع هو إليهم الى ذلك الوقت والا تفرقوا في البلاد ولحقوا ببلادهم أو حيث شاؤا ، فقال الخضر : ايها الملك انا نسلك في الظلمة لا يرى بعضنا بعضا كيف نصنع بالضلال إذا أصابنا؟ فأعطاه ذو القرنين خرزة حمراء (١) كأنها مشعل لها ضوء ، فقال : خذ هذه الخرزة فاذا أصاب بكم الضلال فارم بها الى الأرض فانها تصيح ، فاذا صاحت رجع أهل الضلال الى صوتها ، فأخذها الخضر ومضى في الظلمة ، وكان الخضر يرتحل وينزل ذو القرنين ، فبينا الخضر يسير ذات يوم إذ عرض له واد في الظلمة فقال لأصحابه : قفوا هذا الموضع لا يتحركن أحد منكم عن موضعه ، ونزل عن فرسه فتناول الخرزة فرمى بها في الوادي فابطأت عنها بالإجابة حتى ساء ظنه وخاف أن لا يجيبه ثم أجابته ، فخرج الى صوتها فاذا هي العين بقعرها ، وإذا ماؤها أشد بياضا من اللبن وأصفى من الياقوت ، وأحلى من العسل ، فشرب منه ثم خلع ثيابه فاغتسل منها ، ثم لبس ثيابه ثم رمى بالخرزة نحو أصحابه فأجابته فخرج الى أصحابه وركب وأمرهم بالمسير ، فساروا.

ومر ذو القرنين بعده فاخطأ الوادي فسلكوا تلك الظلمة بأربعين يوما وأربعين ليلة ثم خرجوا بضوء ليس بضوء نهار ولا شمس ولا قمر ولكنه نور ، فخرجوا الى أرض حمراء رملة خشخاشة فركة (٢) كان حصاها اللؤلؤ فاذا هو بقصر مبني على طوله فرسخ ، فجاء ذو القرنين الى الباب فعسكر عليه ثم توجه بوجهه وحده الى القصر ، فاذا طائر وإذا حديدة طويلة قد وضع طرفاها على جانبي القصر. والطير اسود معلق بأنفه في تلك الحديدة بين السماء والأرض مزموم كأنه الخطاف أو صورة الخطاف أو شبيه بالخطاف أو هو خطاف ، فلما سمع خشخشة ذي القرنين قال : من هذا؟ قال : انا ذو القرنين ، قال : اما كفاك ما وراك حتى وصلت الى حد بابى هذا؟ ففرق ذو القرنين فرقا شديدا (٣) فقال : يا ذا القرنين لا تخف وأخبرنى ،

__________________

(١) الخرزة ـ واحد الخرز محركة ـ : الحب المثقوب من الزجاج ونحوه تنظم منه المسابح والقائد ونحوها. فصوص من حجارةكالماس والياقوت.

(٢) قال في البحار : الخشخشة : صوت السلاح وكل شيء يابس إذا حل بعضه ببعض والدخول في الشيء «انتهى» وقوله عليه‌السلام «فركة» اى كانت لينة بحيث كان يمكن فركها باليد.

(٣) فرق ـ كعلم ـ : فزع.


قال : سل ، قال : هل كثر بنيان الآجر والجص؟ قال : نعم ، قال : فانتفض الطير وامتلأ حتى ملأ من الحديدة ثلثها ففرق ذو القرنين فقال : لا تخف وأخبرنى ، قال : سل ، قال : هل كثرت المعازف؟ (١) قال : نعم قال : فانتفض الطير وامتلاء حتى ملاء من الحديدة ثلثيها ، ففرق ذو القرنين ، فقال : لا تخف وأخبرنى ، قال : سل ، قال : هل ارتكب الناس شهادة الزور في الأرض؟ قال : نعم ، فانتفض انتفاضة وانتفخ فسد ما بين جداري القصر قال : فامتلأ ذو القرنين فرقا منه فقال له : لا تخف وأخبرنى ، قال : سل ، قال : هل ترك الناس شهادة ان لا اله الا الله؟ قال : لا ، فانضم ثلثه ، ثم قال : يا ذا القرنين لا تخف وأخبرنى ، قال : سل ، قال : هل ترك الناس الصلاة المفروضة؟ قال : لا قال : فانضم ثلث آخر ثم قال : يا ذا القرنين لا تخف وأخبرنى ، قال : سل ، قال : هل ترك الناس الغسل من الجنابة؟ قال : لا ، قال : فانضم حتى عاد الى حاله الاول.

وإذا هو بدرجة مدرجة الى أعلى القصر ، قال : فقال الطير : يا ذا القرنين اسلك هذه الدرجة فسلكها وهو خائف لا يدرى ما هو عليه حتى استوى على ظهرها ، فاذا هو بسطح ممدود البصر ، وإذا رجل شاب ابيض مضيء الوجه عليه ثياب بيض حتى كأنه رجل أو في صورة رجل أو شبيه بالرجل أو هو رجل ، وإذا هو رافع رأسه ينظر الى السماء ينظر إليها واضع يده على فيه ، فلما سمع خشخشة ذي القرنين ، قال : من هذا؟ قال : أنا ذو القرنين ، قال : يا ذا القرنين أما كفاك ما وراك حتى وصلت الى؟ قال ذو القرنين : ما لي أراك واضعا يدك على فيك؟ قال : يا ذا القرنين انا صاحب الصور ، وان الساعة قد اقتربت وانا انتظر أن أومر بالنفخ فانفخ ، ثم ضرب بيده فتناول حجرا فرمى به الى ذي القرنين كأنه حجر أو شبه حجر أو هو حجر ، فقال : يا ذا القرنين خذ هذا ، فان جاع جعت وان شبع شبعت فارجع فرجع ذو القرنين بذلك الحجر حتى خرج به الى أصحابه فأخبرهم بالطير وما سأله عنه وما قال له ، وما كان من أمره ، وأخبرهم بصاحب السطح وما قال له وما أعطاه ، ثم قال لهم :

__________________

(١) المعازف : الملاهي كالعود والطنبور.


انه أعطانى هذا الحجر وقال لي : ان جاع جعت ، وان شبع شبعت ـ وقال : أخبرونى بأمر هذا الحجر فوضع الحجر في احدى الكفتين ، ووضع حجرا مثله في الكفة الاخرى ثم رفع الميزان فاذا الحجر الذي جاء به أرجح بمثل الآخر ، فوضعوا آخر فمال به حتى وضعوا ألف حجر كلها مثله ، ثم رفعوا الميزان فمال بها ولم يستمل به الألف حجر فقالوا : يا أيها الملك لا علم لنا بهذا.

فقال له الخضر : ايها الملك انك تسئل هؤلاء عما لا علم لهم به ، وقد أوتيت علم هذا الحجر ، فقال ذو القرنين : فأخبرنا وبينه لنا ، فتناول الخضر الميزان فوضع الحجر الذي جاء به ذو القرنين في كفة الميزان ، ثم وضع حجرا آخر في كفة اخرى ، ثم وضع كف تراب على حجر ذي القرنين يزيده ثقلا ، ثم رفع الميزان فاعتدل وعجبوا وخروا سجدا لله وقالوا : ايها الملك هذا امر لم يبلغه علمنا ، وانا لنعلم ان الخضر ليس بساحر فكيف هذا وقد وضعنا معه ألف حجر كلها مثله ، فمال بها وهذا قد اعتدل به وزاده ترابا؟ قال ذو القرنين : بين يا خضر لنا أمر هذا الحجر ، فقال الخضر : ايها الملك ان أمر الله نافذ في عباده ، وسلطانه قاهر ، وحكمه فاصل ، وان الله ابتلى عباده بعضهم ببعض ، وابتلى العالم بالعالم ، والجاهل بالجاهل ، والعالم بالجاهل ، والجاهل بالعالم ، وانه ابتلاني بك وابتلاك بى ، فقال : يرحمك الله يا خضر انما تقول : ابتلاني بك حين جعلت أعلم منى ، وجعلت تحت يدي ، أخبرنى يرحمك الله عن أمر هذا الحجر؟ فقال الخضر : أيها الملك ان هذا الحجر مثل ضربه لك صاحب الصور ، يقول : ان مثل بنى آدم مثل هذا الحجر الذي وضع ووضع معه ألف حجر فمال بها ، ثم إذا وضع عليه التراب شبع وعاد حجرا مثله ، فيقول : كذلك مثلك أعطاك الله من الملك ما أعطاك فلم ترض به حتى طلبت أمرا لم يطلبه أحد كان قبلك (١) ودخلت مدخلا لم يدخله انس ولا جان ، يقول : كذلك ابن آدم لا يشبع حتى يحثى عليه التراب.

قال : فبكى ذو القرنين بكاء شديدا وقال : صدقت يا خضر ، ضرب لي هذا

__________________

(١) وفي نسخة كنسخة البحار ـ : «أبدا من كان قبلك ... اه».


المثل : لا جرم انى لا أطلب أثرا في البلاد بعد مسلكي هذا ، ثم انصرف راجعا في الظلمة ، فبيناهم كذلك يسيرون إذ سمعوا خشخشة تحت سنابك (١) خيلهم فقالوا : ايها الملك ما هذا؟ فقال : خذوا منه ، فمن أخذ منه ندم ومن تركه ندم ، فأخذ بعض وترك بعض ، فلما خرجوا من الظلمة إذا هم بالزبرجد ، فندم الآخذ والتارك ، ورجع ذو القرنين الى دومة الجندل (٢) وكان بها منزله فلم يزل بها حتى قبضه الله.

قال : وكان صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا حدث بهذا الحديث قال : رحم الله أخى ذا القرنين ما كان مخطئا إذ سلك ما سلك وطلب ما طلب ، ولو ظفر بوادي الزبرجد في مذهبه لما ترك فيه سنة الزهاد الا أخرجه للناس ، لأنه كان راغبا ولكنه ظفر به بعد ما رجع فقد زهد.

٢١٦ ـ جبرئيل بن أحمد عن موسى بن جعفر رفعه الى أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ان ذا القرنين عمل صندوقا من قوارير ثم حمل في مسيره ما شاء الله ، ثم ركب البحر فلما انتهى الى موضع منه ، قال لأصحابه : دلوني فاذا حركت الحبل فأخرجونى فان لم أحرك الحبل فأرسلونى الى آخره ، فأرسلوا الحبل مسيرة أربعين يوما ، فاذا ضارب يضرب خشب الصندوق ويقول : يا ذا القرنين أين تريد؟ قال : أريد ان أنظر الى ملكوت ربي في البحر كما رأيته في البر ، فقال : يا ذا القرنين ان هذا الموضع الذي أنت فيه مر فيه نوح زمان الطوفان ، فسقط منه قدوم (٣) فهو يهوى في قعر البحر الى الساعة لم يبلغ قعره ، فلما سمع ذو القرنين ذلك حرك الحبل وخرج.

٢١٧ ـ عن جميل بن دراج عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن الزلزلة؟ فقال : أخبرنى أبي عن أبيه عن آبائه قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ان ذا القرنين

__________________

(١) السنابك جمع السنبك ـ بالضم ـ طرف الحافر.

(٢) دومة الجندل : موضع على سبع مراحل من دمشق بينها وبين مدينة الرسول (ص) يقرب من تبوك ، وهي أحد حدود فدك ، قيل : سميت بدوم بن إسماعيل ، وسميت دومة الجندل لان حصنها مبني بالجندل.

(٣) القدوم : آلة للنحت والنجر.


لما انتهى الى السد جاوزه فدخل الظلمة ، فاذا بملك قائم طوله خمسمائة ذراع ، فقال له الملك : يا ذا القرنين أما كان خلفك مسلك؟ فقال له ذو القرنين : ومن أنت؟ قال انا ملك من ملائكة الرحمن موكل بهذا الجبل ، وليس من جبل خلقه الله الا وله عرق الى هذا الجبل ، فاذا أراد الله ان يزلزل مدينة أوحى الى فزلزلتها.

٢١٨ ـ عن ابن هشام عن أبيه عمن حدثه عن بعض آل محمد عليه وعليهم‌السلام قال : ان ذا القرنين كان عبدا صالحا طويت له الأسباب ، ومكن له في البلاد ، وكان قد وصفت له عين الحيوة ، وقيل له : من يشرب منها شربة لم يمت حتى يسمع الصوت ، وانه خرج في طلبها حتى أتى موضعها ، وكان في ذلك الموضع ثلاثمائة وستون عينا ، وكان الخضر على مقدمته ، وكان من أشد أصحابه عنده. فدعاه وأعطاه وأعطى قوما من أصحابه كل رجل منهم حوتا مملحا فقال : انطلقوا الى هذه المواضع فليغسل كل رجل منكم حوته عند عين ، ولا يغسل معه أحد ، فانطلقوا فلزم كل رجل منهم فغسل فيها حوته ، وان الخضر انتهى الى عين من تلك العيون فلما غمس الحوت ووجد الحوت ريح الماء حيي فانساب في الماء (١) فلما رأى ذلك الخضر رمى بثيابه وسقط وجعل يرتمس في الماء ويشرب ويجتهد أن يصيبه ، فلما رأى ذلك رجع فرجع أصحابه وأمر ذو القرنين بقبض السمك. فقال : انظروا فقد تخلفت سمكة فقالوا : الخضر صاحبها ، قال : فدعاه فقال : ما خلف سمكتك؟ قال : فأخبره الخبر فقال له : فصنعت ماذا؟ قال : سقطت عليها فجعلت أغوص واطلبها فلم أجدها ، قال : فشربت من الماء؟ قال : نعم ، قال : فطلب ذو القرنين العين فلم يجدها ، فقال للخضر : أنت صاحبها.

٢١٩ ـ عن جابر عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه : تغرب الشمس في عين حمئة في بحر دون المدينة التي مما يلي المغرب يعنى جابلقا (٢).

٢٢٠ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) عن أبي عبد الله عليه‌السلام حديث طويل

__________________

(١) اى دخل فيه.

(٢) وفي نسخة «باجلقا».


وفيه قال السائل : أخبرنى عن الشمس أين تغيب؟ قال : ان بعض العلماء قال : إذا انحدرت أسفل القبة دار بها الفلك الى بطن السماء صاعدة أبدا الى أن تنحط الى موضع مطلعها ، يعنى انها تغيب في عين حمئة ثم تخرق الأرض راجعة الى موضع مطلعها ، فتحير تحت العرش حتى يؤذن لها بطلوع ، ويسلب نورها كل يوم ويتجلل نورا أحمر.

٢٢١ ـ في كتاب التوحيد حديث طويل عن أبي ذر (ره) عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : كنت آخذا بيد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ونحن نتماشى جميعا ، فما زلنا ننظر الى الشمس حتى غابت فقلت : يا رسول الله أين تغيب؟ قال : في السماء ثم ترفع من سماء الى سماء حتى ترفع الى السماء السابعة ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٢٢٢ ـ في تفسير العياشي عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِها سِتْراً كَذلِكَ) قال : لم يعلموا صنعة البيوت.

٢٢٣ ـ في تفسير على بن إبراهيم قال : لم يعلموا صنعة الثياب.

٢٢٤ ـ في كتاب الخصال في سؤال بعض اليهود عليا عليه‌السلام عن الواحد الى المأة ، قال له اليهودي : فالشمس من أين تطلع؟ قال له : من بين قرني شيطان ، قال : فأين تغرب؟ قال : في عين حامية. قال مؤلف هذا الكتاب عفى عنه : سبق في تفسير العياشي عن أمير المؤمنين عليه‌السلام بيان لقوله عزوجل (تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ).

٢٢٥ ـ في الكافي أبو على الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان بن يحيى عن العلا بن رزين عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : يصلى على الجنازة في كل ساعة انها ليست بصلوة ركوع ولا سجود وانما تكره الصلوة عند طلوع الشمس وعند غروبها التي فيها الخشوع والركوع والسجود ، لأنها تغرب بين قرني شيطان وتطلع بين قرني شيطان.

٢٢٦ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده الى محمد بن جعفر الأسدي رضى الله عنه قال : كان فيما يورد على من الشيخ أبي جعفر محمد بن عثمان


العمرى قدس الله روحه في جواب مسائلي الى صاحب الزمان : واما سألت عنه من الصلوة عند طلوع الشمس وعند غروبها ، ولئن كان كما يقولون ان الشمس تطلع بين قرني الشيطان وتغيب بين قرني الشيطان ، فلا شيء أفضل من الصلوة وأرغم أنف الشيطان.

قال مؤلف هذا الكتاب عفى عنه : قوله عزوجل (حَتَّى إِذا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ) الى قوله : (وَكانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا) قد سبق في تفسير العياشي له بيان.

٢٢٧ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده الى سهل بن زياد عن عبد العظيم الحسنى عن على بن محمد العسكري عليه‌السلام حديث طويل يذكر فيه نوحا عليه‌السلام وأولاده ساما وحاما ويافثا حين سارت بهم السفينة : ودعا نوح عليه‌السلام أن يغير الله ماء صلب حام ويافث ، وقد كتبناه بتمامه عند قوله تعالى : (وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبالِ) وفيه يقول عليه‌السلام : جميع الترك والصقالب ويأجوج ومأجوج والصين من يافث حيث كانوا.

٢٢٨ ـ في روضة الكافي الحسين بن محمد الأشعري عن معلى بن محمد عن أحمد بن محمد بن عبد الله عن العباس بن العلا عن مجاهد عن ابن عباس قال : سئل أمير المؤمنين عليه‌السلام عن الخلق ، فقال : خلق الله ألفا ومأتين في البر وألفا ومأتين في البحر ، وأجناس بنى آدم سبعون جنسا ، والناس ولد آدم ما خلا يأجوج ومأجوج.

٢٢٩ ـ في تفسير على بن إبراهيم قال أبو عبد الله عليه‌السلام : ليس منهم رجل يموت حتى يولد له من صلبه ألف ولد ذكر ، ثم قال : هم أكثر خلق خلقوا بعد الملائكة.

٢٣٠ ـ في كتاب الخصال عن الصادق عليه‌السلام قال : الدنيا سبعة أقاليم ، يأجوج ومأجوج ، والروم ، والصين ، والزنج وقوم موسى وإقليم بابل.

٢٣١ ـ في مجمع البيان ورد في خبر الحذيفة قال : سألت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عن يأجوج ومأجوج ، فقال : يأجوج امة ، ومأجوج أمة كل أمة أربعمائة امة لا يموت الرجل منهم حتى ينظر الى الف ذكر من صلبه كل قد حمل السلاح قلت : يا رسول الله صفهم لنا ، قال : هم ثلثة أصناف ، منهم أمثال الأرز ، قلت : يا رسول الله وما الأرز؟ قال : شجر بالشام طويل وصنف منهم طولهم وعرضهم سواء ، وهؤلاء الذين لا يقوم لهم جبل ولا حديد وصنف منهم


يفترش أحدهم احدى أذنيه ويلتحف بالأخرى ، ولا يمرون بعين ولا وحش ولا جمل ولا خنزير الا أكلوه ومن مات منهم أكلوه ، مقدمتهم بالشام وساقتهم بخراسان ، يشربون أنهار المشرق وبحيرة طبرية.

٢٣٢ ـ في تفسير العياشي عن المفضل قال : سألت الصادق عليه‌السلام عن قوله اجعل بينكم وبينهم ردما قال : التقية (فَمَا اسْطاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطاعُوا لَهُ نَقْباً) إذا عملت بالتقية لم يقدروا لك على حيلة وهو الحصن الحصين ، وصار بينك وبين أعداء الله سدا لا يستطيعون له نقبا.

٢٣٣ ـ عن جابر عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال : (أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ) سدا (فَمَا اسْطاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطاعُوا لَهُ نَقْباً) قال : هو التقية.

٢٣٤ ـ في الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن صدقة عن أبي عبد الله عليه‌السلام حديث طويل يقول فيه عليه‌السلام لا قوام يظهرون الزهد ويدعون الناس أن يكونوا معهم على مثل الذي هم عليه من التقشف (١) أخبرونى اين أنتم عن سليمان بن داود ثم ذو القرنين عليه‌السلام عبد أحب الله فأحبه الله طوى له الأسباب ، وملكه مشارق الأرض ومغاربها ، وكان يقول الحق ويعمل به ثم لم نجد أحدا عاب ذلك عليه.

٢٣٥ ـ في تفسير العياشي عن المفضل قال : سألت الصادق عليه‌السلام عن قوله الى قوله قال : وسألته عن قوله : (فَإِذا جاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ) قال : رفع التقية عند الكشف ، فانتقم من أعداء الله.

٢٣٦ ـ في تفسير على بن إبراهيم (فَإِذا جاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا) قال : إذ كان قبل يوم القيامة في آخر الزمان انهدم ذلك السد وخرج يأجوج ومأجوج الى الدنيا وأكلوا الناس.

__________________

(١) قشف الرجل وتقشف : قذر جلده ولم يتعهد النظافة وان كان مع ذلك يطهر نفسه بالماء والاغتسال.


٢٣٧ ـ في مجمع البيان وجاء في الحديث انهم يدأبون في حفره نهارهم حتى إذا أمسوا ، وكادوا يبصرون شعاع الشمس ، قالوا : نرجع غدا ونفتحه ولا يستثنون فيعودون من الغد وقد استوى كما كان ، حتى إذا جاء وعد الله. قالوا : غدا نفتح ونخرج إنشاء الله ، فيعودون اليه وهو كهيئته حين تركوه بالأمس ، فيحفرونه (١) فيخرجون على الناس ، فينشفون المياه ويتحصن الناس في حصونهم منهم ، فيرمون سهامهم الى السماء فترجع وفيها كهيئة الدماء ، فيقولون : قد قهرنا أهل الأرض وعلونا أهل السماء فيبعث الله عليهم نغفا (٢) في أقفائهم فيدخل في آذانهم فيهلكون بها ، قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : والذي نفس محمد بيده ان دواب الأرض لتسمن وتسكر من لحومهم سكرا.

٢٣٨ ـ في أمالي شيخ الطائفة قدس‌سره باسناده الى حذيفة بن اليمان عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله عن أهل يأجوج ومأجوج قال : ان القوم لينقرون بمعاولهم (٣) دائبين فاذا كان الليل قالوا : غدا نفرغ ، فيصبحون وهو أقوى منه بالأمس ، حتى يسلم منهم رجل حين يريد الله ان يبلغ أمره ، فيقول المؤمن : غدا نفتحه ان شاء الله ، فيصبحون ثم يغدون عليه فيفتحه الله ، فو الذي نفسي بيده ليمرن الرجل منهم على شاطئ الوادي الذي بكوفان وقد شربوه حتى نزحوه ، فيقول : والله لقد رأيت هذا الوادي مرة ، وان الماء ليجرى في عرضه ، قيل : يا رسول الله ومتى هذا؟ قال : حين لا يبقى من الدنيا الا مثل صبابة الإناء.

٢٣٩ ـ في كتاب الخصال عن ابى الطفيل عامر بن واثلة عن حذيفة بن أسيد الغفاري قال : كنا جلوسا في المدينة في ظل حائط ، قال : وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في غرفة ، فاطلع إلينا فقال : فيم أنتم؟ قلنا : نتحدث ، قال : عماذا؟ قلنا : عن الساعة ، فقال : انكم لا ترون الساعة حتى تروا قبلها عشر آيات : طلوع الشمس من مغربها ، والدجال ، ودابة الأرض ، وثلثة خسوف

__________________

(١) وفي المصدر «فيخرقونه».

(٢) النغف ـ محركة ـ : دود في انوف الإبل والغنم.

(٣) معاول جمع المعول : الفاس العظيمة ينقر بها الصخر.


يكون في الأرض خسف بالمشرق ، وخسف بالمغرب ، وخسف بجزيرة العرب وخروج عيسى بن مريم وخروج يأجوج ومأجوج ، ويكون في آخر الزمان نار تخرج من اليمن من قعر الأرض ، لا تدع خلفها أحدا الا تسوق الناس الى المحشر ، كلما قاموا قامت ، ثم تسوقهم الى المحشر.

٢٤٠ ـ عن حذيفة بن أسيد قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : عشر آيات بين يدي الساعة : خمس بالمشرق ، وخمس بالمغرب ، فذكر الدابة والدجال ، وطلوع الشمس من مغربها ، وعيسى بن مريم ، ويأجوج ومأجوج ، وانه يغلبهم ويغرقهم في البحر ولم يذكر تمام الآيات.

٢٤١ ـ في تفسير العياشي عن الأصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين عليه‌السلام ، و (تَرَكْنا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ) يعنى يوم القيمة.

٢٤٢ ـ عن محمد بن حكيم قال : كتبت رقعة الى ابى عبد الله عليه‌السلام ، فيها : أتستطيع النفس المعرفة؟ قال فقال : لا ، فقلت : يقول الله : (الَّذِينَ كانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطاءٍ عَنْ ذِكْرِي وَكانُوا لا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً) قال : هو كقوله : «و (ما كانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَما كانُوا يُبْصِرُونَ) قلت : فعابهم؟ قال : لم يعتبهم بما صنع هو بهم ، ولكن عابهم بما صنعوا ، ولو لم يتكلفوا لم يكن عليهم شيء.

٢٤٣ ـ في عيون الاخبار في باب ما جاء عن الرضا عليه‌السلام من الاخبار في التوحيد حدثنا تميم بن عبد الله بن تميم القرشي ، قال : حدثنا ابى عن أحمد بن على الأنصاري عن أبي الصلت عن عبد الله بن صالح الهروي قال : سأل المأمون أبا الحسن على بن موسى الرضا عليه‌السلام عن قول الله تعالى : (الَّذِينَ كانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطاءٍ عَنْ ذِكْرِي وَكانُوا لا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً) فقال : ان غطاء العين لا يمنع من الذكر ، والذكر لا يرى بالعين ، ولكن الله عزوجل شبه الكافرين بولاية على بن أبي طالب بالعميان ، لأنهم كانوا يستثقلون قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فيه «و (لا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً) فقال المأمون : فرجت عنى فرج الله عنك والحديث طويل


أخذنا منه موضع الحاجة.

٢٤٤ ـ في تفسير على بن إبراهيم قال : كانوا لا ينظرون الى ما خلق الله من الآيات والسموات والأرض.

٢٤٥ ـ وباسناده الى أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام حديث طويل وفيه قلت : قوله عزوجل : (الَّذِينَ كانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطاءٍ عَنْ ذِكْرِي) قال : يعنى بالذكر ولاية أمير المؤمنين عليه‌السلام ، وهو قوله «ذكرى» قلت : قوله عزوجل : «لا يستطيعون سمعا» قال : كانوا لا يستطيعون إذا ذكر على صلوات الله عليه عندهم أن يسمعوا ذكره ، لشدة بغض له وعداوة منهم ، له ولأهل بيته ، قلت : قوله عزوجل : أفحسب (الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا عِبادِي مِنْ دُونِي أَوْلِياءَ إِنَّا أَعْتَدْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ نُزُلاً) قال : يعنيهما وأشياعهما الذين اتخذوهما من دون الله أولياء ، وكانوا يرون انهم بحبهم إياهما ينجيانهم من عذاب الله عزوجل ، وكانوا بحبهما كافرين ، قلت قوله عزوجل : (إِنَّا أَعْتَدْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ نُزُلاً) اى منزلا وهي لهما ولأشياعهما معدة عند الله تعالى ، قلت : قوله عزوجل : «نزلا» قال : مأوى ومنزلا.

٢٤٦ ـ في مجمع البيان قرء أبو بكر في رواية الأعشى والبرجمي عنه ، وزيد عن يعقوب : «أفحسب الذين كفروا» برفع الباء وسكون السين ، وهو قراءة أمير المؤمنين عليه‌السلام.

٢٤٧ ـ في عوالي اللئالى وروى محمد بن الفضل عن الكاظم عليه‌السلام في قوله تعالى : (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالاً) انهم الذين يتمادون بحج الإسلام ويسوفونه.

٢٤٨ ـ في عيون الاخبار في باب ما كتبه الرضا عليه‌السلام للمأمون من محض الإسلام وشرايع الدين والبرائة من أهل الاستيشار ومن أبي موسى الأشعري وأهل ولايته (الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ) بولاية أمير المؤمنين عليه‌السلام ولقائه كفروا بأن لقوا الله بغير إمامته (فَحَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ) القيمة وزنا فهم كلاب أهل النار.


٢٤٩ ـ في أصول الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن على بن أسباط عن احمد بن عمر الحلال عن على بن سويد عن أبي الحسن عليه‌السلام قال : سألته عن العجب الذي يفسد العمل؟ فقال : العجب درجات ، منها ان يزين للعبد سوء عمله فيراه حسنا ، ويحسب انه يحسن صنعا ، ومنها ان يؤمن العبد بربه فيمنّ على الله عزوجل ، ولله عليه فيه المنة.

٢٥٠ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) عن الأصبغ بن نباتة قال : قال ابن الكوا لأمير المؤمنين عليه‌السلام : أخبرني عن قول الله عزوجل : (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالاً) الآية قال : كفرة أهل الكتاب اليهود والنصارى ، وقد كانوا على الحق فابتدعوا في أديانهم (وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً).

٢٥١ ـ في تفسير العياشي عن امام بن ربعي قال : قام ابن الكوا الى أمير المؤمنين عليه‌السلام وقال أخبرني عن قول الله : (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالاً الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً) قال : أولئك أهل الكتاب كفروا بربهم ، وابتدعوا في دينهم ، فحبطت أعمالهم وما أهل النهر منهم ببعيد.

في مجمع البيان وروى العياشي باسناده قال : قام ابن الكوا الى أمير المؤمنين وذكر الى آخر ما سبق وزاد بعد قوله ببعيد ، يعنى الخوارج.

٢٥٢ ـ وفيه (فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَزْناً) وروى في الصحيح ان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : انه ليأتى الرجل السمين يوم القيامة لا يزن جناح بعوضة.

٢٥٣ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي عن أمير المؤمنين عليه‌السلام حديث طويل يذكر فيه أهل الموقف وأحوالهم وفيه : ومنهم أئمة الكفر وقادة الضلالة فأولئك لا يقيم لهم يوم القيمة وزنا ولا يعبأ بهم ، لأنهم لم يعبئوا بامره ونهيه يوم القيمة فهم في جهنم خالدون ، تلفح وجوهم النار وهم فيها كالحون.

٢٥٤ ـ في تفسير على بن إبراهيم وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله عزوجل : (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالاً الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً) قال : هم النصارى والقسيسون والرهبان وأهل الشبهات و


الأهواء من أهل القبلة والحرورية وأهل البدع.

٢٥٥ ـ وقال على بن إبراهيم رحمه‌الله : نزلت في اليهود وجرت في الخوارج ، وقوله عزوجل (أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ وَلِقائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَزْناً) قال : اى حسنة (ذلِكَ جَزاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِما كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آياتِي وَرُسُلِي هُزُواً) يعنى بالآيات الأوصياء التي اتخذوها هزوا.

٢٥٦ ـ حدثنا محمد بن احمد (١) عن عبد الله بن موسى عن الحسن بن على بن أبي حمزة عن أبيه عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قوله عزوجل : (خالِدِينَ فِيها لا يَبْغُونَ عَنْها حِوَلاً) قال : خالدين فيها لا يخرجون منها «و (لا يَبْغُونَ عَنْها حِوَلاً) قال : لا يريدون بها بدلا ، قلت قوله عزوجل : (قُلْ لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً لِكَلِماتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِماتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنا بِمِثْلِهِ مَدَداً) قال : قد أخبرك ان كلام الله عزوجل ليس له آخر ولا غاية ولا ينقطع أبدا ، قلت : قوله عزوجل : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ كانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً) قال : هذه نزلت في أبي ذر والمقداد وسلمان الفارسي وعمار بن ياسر ، جعل الله عزوجل (لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً) ، اى مأوى ومنزلا.

٢٥٧ ـ في مجمع البيان (كانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً) وروى عن عبادة بن صامت عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : الجنة مأة درجة ، ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض الفردوس.

٢٥٨ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثنا جعفر بن أحمد عن عبد الله بن موسى عن الحسن بن على بن أبي حمزة عن أبيه والحسين بن أبي العلا وعبد الله بن وضاح وشعيب العقرقوفي جميعهم عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قوله عزوجل : (إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ) قال يعنى في الخلق انه مثلهم مخلوق (يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً) قال : لا يتخذ مع ولاية آل

__________________

(١) وفي المصدر «جعفر بن أحمد» مكان «محمد بن احمد».


محمد صلوات الله عليهم غيرهم ، وولايتهم العمل الصالح. فمن أشرك بعبادة ربه فقد أشرك بولايتنا وكفر بها ، وجحد أمير المؤمنين صلوات الله عليه حقه وولايته.

٢٥٩ ـ وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : سئل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عن تفسير قوله عزوجل : «من كان يرجو لقاء ربه» الآية فقال : من صلى مراياة الناس فهو مشرك ، ومن زكى مراياة الناس فهو مشرك ، ومن صام مراياة الناس فهو مشرك ومن حج مراياة الناس فهو مشرك ، ومن عمل عملا بما امره الله عزوجل مراياة الناس فهو مشرك ، ولا يقبل الله عزوجل عمل مراء.

٢٦٠ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) وعن أبي محمد الحسن العسكري عليه‌السلام قال : قلت لأبي على بن محمد عليهما‌السلام : هل كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يناظر اليهود والمشركين إذا عاتبوه ويحاجهم؟ قال : مرارا كثيرة ، ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كان قاعدا ذات يوم بمكة بفناء الكعبة إذا ابتدأ عبد الله بن أبي امية المخزومي فقال : يا محمد لقد ادعيت دعوى عظيمة ، وقلت مقالا هائلا ، زعمت انك رسول رب العالمين ، وما ينبغي لرب العالمين وخالق الخلق أجمعين أن يكون مثلك رسوله بشرا مثلنا تأكل كما نأكل ، وتمشي في الأسواق كما نمشي ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : اللهم أنت السامع لكل صوت ، والعالم بكل شيء ، تعلم ما قاله عبادك ، فأنزل الله عليه يا محمد : (وَقالُوا ما لِهذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْواقِ) الى قوله : (رَجُلاً مَسْحُوراً) ثم انزل عليه يا محمد : (قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ) يعنى آكل الطعام (مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ) يعنى قل لهم انا في البشرية مثلكم ، ولكن ربي خصنى بالنبوة دونكم ، كما يخص بعض البشر بالغنى والصحة والجمال دون بعض من البشر ، فلا تنكروا ان يخصني أيضا بالنبوة ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٢٦١ ـ في كتاب ثواب الأعمال باسناده الى أمير المؤمنين صلوات الله عليه يقول : ما من عبد يقرأ (قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ) الى آخر السورة الا كان له نور من مضجعه الى بيت الله الحرام ، وان من كان له نور في بيت الله الحرام كان له نور


الى بيت المقدس.

٢٦٢ ـ في كتاب التوحيد عن على عليه‌السلام حديث طويل يقول فيه وقد سأله رجل عما اشتبه عليه من الآيات : فاما قوله (بَلْ هُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ كافِرُونَ) يعنى بالبعث ، فسماه الله عزوجل لقاه ، وكذلك ذكر المؤمنين (الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ) يعنى انهم يؤمنون انهم يبعثون ويحشرون ويجزون بالثواب والعقاب والظن هنا اليقين وكذلك قوله : (فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً) وقوله : «من كان يرجو (لِقاءَ اللهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللهِ لَآتٍ) يعنى بقوله (مَنْ كانَ يُؤْمِنُ) بأنه مبعوث ، فان وعد الله لآت ، من الثواب والعقاب فاللقاء هاهنا ليس بالرؤية ، واللقاء هو البعث ، فافهم جميع ما في كتاب الله من لقائه ، فانه يعنى بذلك البعث.

٢٦٣ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده الى شهاب بن عبد ربه عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : كان أمير المؤمنين عليه‌السلام إذا توضأ لم يدع أحدا يصب عليه الماء ، قال : لا أحب أن أشرك في صلوتى أحدا.

٢٦٤ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن القاسم بن سليمان عن جراح المداينى عن أبي جعفر عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً) قال : الرجل يعمل شيئا من الثواب لا يطلب به وجه الله انما يطلب تزكية الناس يشتهي أن تسمع به الناس ، فهذا الذي أشرك بعبادة ربه ، ثم قال : ما من عبد أسر خيرا فذهبت الأيام أبدا حتى يظهر الله له خيرا ، وما من عبد يسر شرا فذهبت الأيام حتى يظهر الله له شرا.

٢٦٥ ـ على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن جميل بن دراج عن زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : سألته عن الرجل يعمل الشيء من الخير فيراه إنسان فيسره ذلك؟ قال : لا بأس ، ما من أحد الا ويحب ان يظهر له في الناس الخير ، إذا لم يصنع ذلك لذلك.

٢٦٦ ـ احمد بن محمد بن احمد عن محمد بن احمد النهدي عن محمد بن


الوليد عن أبان عن عامر بن عبد الله بن خزاعة عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ما من عبد يقرء آخر الكهف الا تيقظ في الساعة التي يريد.

٢٦٧ ـ في الكافي على بن محمد بن عبد الله عن إبراهيم بن اسحق الأحمر عن الحسن بن على الوشاء قال : دخلت على الرضا عليه‌السلام وبين يديه إبريق يريد أن يتهيأ للصلوة ، فدنوت منه لأصب عليه فأبى ذلك ، وقال : مه يا حسن فقلت له : لم تنهاني أن أصب عليك تكره أن أوجر؟ قال : توجر أنت وأوزارنا ، قلت له : وكيف ذلك؟ قال ، أما سمعت الله عزوجل يقول : «فمن كان يرجو (لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً) وها انا ذا أتوضأ للصلوة وهي العبادة ، فأكره ان يشركني فيها أحد

٢٦٨ ـ في من لا يحضره الفقيه وقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : من قرء هذه الآية عند منامه : (قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ) الى آخرها سطع له نور من المسجد الحرام ، حشو ذلك النور ملائكة يستغفرون له حتى يصبح.

٢٦٩ ـ في مجمع البيان (فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ) الآية عن سعيد بن جبير قال مجاهد : جاء رجل الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : انى أتصدق وأصل الرحم ولا اصنع ذلك الا لله فيذكر ذلك منى واحمد عليه فيسرني ذلك وأعجب به؟ فسكت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ولم يقل شيئا فنزلت الآية.

٢٧٠ ـ وروى عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله انه قال : قال الله عزوجل : انا اغنى الشركاء عن الشرك فمن عمل عملا أشرك فيه غيري فانا منه برىء ، فهو للذي أشرك. أورده مسلم في الصحيح.

٢٧١ ـ وروى عن عبادة بن الصامت وشداد بن أوس قالا : سمعنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : من صلى صلوة يرائى بها فقد أشرك ، ومن صام صوما يرائى به فقد أشرك ، ثم قرء هذه الآية.

٢٧٢ ـ وروى ان أبا الحسن الرضا عليه‌السلام دخل يوما على المأمون فرآه يتوضأ للصلوة والغلام يصب على يده الماء ، فقال : لا تشرك بعبادة ربك أحدا ، فصرف المأمون


الغلام ، وتولى إتمام وضوئه بنفسه.

٢٧٣ ـ أبي بن كعب عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : وان قرء الآية التي في آخرها (قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ) حين يأخذ مضجعه ، كان له نور يتلألأ الى الكعبة حشو ذلك النور ملائكة يصلون عليه حتى يقوم من مضجعه ، فان كان في مكة تلاها كان له نورا يتلألأ الى البيت المعمور ، حشو ذلك النور ملائكة يصلون عليه حتى يستيقظ.

٢٧٤ ـ وروى الشيخ ابو جعفر بن بابويه رضى الله عنه باسناده عن عيسى بن عبد الله عن أبيه عن جده عن على عليه‌السلام قال : ما من عبد يقرأ (قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ) الى آخره الا كان له نورا في مضجعه الى بيت الله الحرام ، فان كان من أهل بيت الله الحرام كان له نورا الى بيت المقدس.

٢٧٥ ـ في تفسير العياشي عن العلا بن الفضيل عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن تفسير هذه الآية : (فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً) قال : من صلى أو صام أو أعتق أو حج يريد محمدة الناس فقد أشرك في عمله ، فهو مشرك مغفور (١).

٢٧٦ ـ عن على بن سالم عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال الله تبارك وتعالى : انا خير شريك : من أشرك في عمله لن أقبله الا ما كان لي خالصا.

٢٧٧ ـ وفي رواية اخرى قال : ان الله يقول : انا خير شريك من عمل لي ولغيري فهو لمن عمل له دوني.

٢٧٨ ـ عن زرارة وحمران عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما‌السلام قالا : لو ان عبدا عمل عملا يطلب به رحمة الله والدار الآخرة ، ثم ادخل فيه رضا أحد من الناس كان مشركا.

٢٧٩ ـ عن سماعة بن مهران قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله (فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً) قال : العمل الصالح المعرفة بالأئمة

__________________

(١) قال الفيض (ره) : يعنى انه ليس من الشرك الذي قال الله تعالى : (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ) لان المراد بذلك ، الشرك الجلي ، وهذا هو الشرك الخفي.


(وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً) التسليم لعلى لا يشرك معه في الخلافة من ليس ذلك له ، ولا هو من اهله (١).

__________________

(١) هذا آخر الجزء الثاني على حسب تجزئة المؤلف (قده) : وهذا صورة خطه (ره) على ما في هامش بعض النسخ : تم الجزء الثاني من التفسير المسمى بنور الثقلين على يد مؤلفه البعد المقصر الجاني غريق بحار الذنوب عبد على بن جمعة العروسى نسبا والحويزي بلدا ببلدة شيراز صانها الله عن الإعواز عصر يوم الاثنين الرابع والشعرين من شهر رمضان المبارك أحد شهور السنة السادسة بعد الستين والف من هجرة سيد الأولين والآخرين صلوات الله عليه وآله أجمعين.


بسم الله الرحمن الرحيم

١ ـ في كتاب ثواب الأعمال باسناده عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : من أدمن قراءة سورة مريم لم يمت حتى يصيبه ما يغنيه في نفسه وما له وولده ، وكان في الاخرة من أصحاب عيسى بن مريم عليهما‌السلام ، واعطى من الأجر مثل ملك سليمان بن داود في الدنيا.

٢ ـ في مجمع البيان أبي بن كعب عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : من قرأها اعطى من الأجر بعدد من صدق بزكريا وكذب به ، ويحيى ومريم وموسى وعيسى وهارون وإبراهيم واسحق ويعقوب واسمعيل عشر حسنات ، وبعدد من ادعى لله ولدا ، وبعدد من لم يدع له ولدا.

٣ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده الى سعد بن عبد الله القمى عن الحجة القائم عليه‌السلام حديث طويل وفيه : قلت : فأخبرنى يا بن رسول الله عن تأويل كهيعص قال : هذه الحروف من أنباء الغيب ، اطلع الله عبده زكريا عليها ، ثم قصها على محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وذلك ان زكريا عليه‌السلام سأل ربه ان يعلمه أسماء الخمسة ، فأهبط الله عليه جبرئيل عليه‌السلام فعلمه إياها ، فكان زكريا إذا ذكر محمدا وعليا وفاطمة والحسن سرى عنه همه (١) وانجلى كربه ، وإذا ذكر الحسين عليه‌السلام خنقته العبرة ووقعت عليه البهرة (٢) فقال ذات يوم : الهى ما بالي إذا ذكرت أربعا منهم عليهم‌السلام تسليت بأسمائهم من همومي ، وإذا ذكرت الحسين عليه‌السلام تدمع عيني وتثور زفرتي؟ (٣) فأنبأه تبارك و

__________________

(١) سرى عنه الشيء : كشف عنه ما يجده من الهم والغضب.

(٢) خنقته العبرة اى غص بالبكاء حتى كأن الدموع أخذت بمخنقته وهو الحلق. والبهر : تتابع النفس.

(٣) الزفرة : استيعاب النفس من شدة الهم والحزن.


تعالى عن قصته ، فقال : «كهيعص» فالكاف اسم كربلاء ، والهاء هلاك العترة ، والياء يزيد لعنه الله وهو ظالم الحسين ، والعين عطشه ، والصاد صبره ، فلما سمع بذلك زكريا عليه‌السلام لم يفارق مسجده ثلثة أيام ، ومنع فيها الناس من الدخول عليه ، وأقبل على البكاء والنحيب ، وكانت ندبته : الهى أتفجع خير خلقك بولده؟ أتنزل بلوى هذه الرزية بفناءه؟ أتلبس عليا وفاطمة ثياب هذه المصيبة؟ الهى أتحل كربة هذه الفجيعة بساحتهما؟ ثم كان يقول : الهى ارزقني ولدا تقر به عيني عند الكبر ، واجعله وارثا ووصيا ، واجعل محله منى محل الحسين عليه‌السلام فاذا رزقتنيه فافتنى بحبه وبه أفجعنى به كما تفجع محمدا حبيبك صلى‌الله‌عليه‌وآله بولده ، فرزقه الله يحيى عليه‌السلام وفجعه به ، وكان حمل يحيى ستة أشهر ، وحمل الحسين عليه‌السلام كذلك.

في كتاب المناقب لابن شهر آشوب عن اسحق الأحمري عن الحجة القائم عليه‌السلام مثل ما في كتاب كمال الدين وتمام النعمة سواء.

٤ ـ في كتاب معاني الاخبار باسناده الى سفيان بن سعيد الثوري عن الصادق عليه‌السلام حديث طويل يقول فيه عليه‌السلام : «وكهيعص» معناه أنا الكافي الهادي الولي العالم الصادق الوعد.

٥ ـ وباسناده الى محمد بن عمارة قال : حضرت عند جعفر بن محمد عليهما‌السلام فدخل عليه رجل فسأله عن «كهيعص»! فقال عليه‌السلام : «كاف» كاف بشيعتنا ، «ها» هاد لهم ، «يا» ولى لهم ، «عين» عالم بأهل طاعتنا ، «صاد» صادق لهم وعد حتى يبلغ بهم المنزلة التي وعدهم إياها في بطن القرآن.

٦ ـ في مجمع البيان وروى عن أمير المؤمنين عليه‌السلام انه قال في دعائه : أسألك يا كهيعص.

٧ ـ في تفسير على بن إبراهيم «كهيعص» جعفر بن أحمد عن عبيد عن الحسن ابن على عن أبيه عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : هذه أسماء الله مقطعة ، واما قوله : «كهيعص» قال : الله هو الكافي الهادي العالم الصادق ذو الأيادي العظام ،


وهو كما وصف نفسه تبارك وتعالى.

٨ ـ وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله : ذكر رحمة ربك عبده زكريا يقول : ذكر ربك زكريا فرحمه.

٩ ـ في مجمع البيان : (إِذْ نادى رَبَّهُ نِداءً خَفِيًّا) وفي الحديث : خير الدعاء الخفي : وخير الرزق ما يكفى.

١٠ ـ في تفسير على بن إبراهيم : (قالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي) يقول : ضعف.

قال عز من قائل : (وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً).

١١ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده الى حفص بن البختري عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : كان الناس لا يشيبون ، فأبصر إبراهيم عليه‌السلام شيبا في لحيته فقال : يا رب ما هذا؟ فقال : هذا وقار ، فقال : يا رب زدني وقارا.

١٢ ـ وباسناده الى الحسين بن عمار عن نعيم عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : أصبح إبراهيم فرأى في لحيته شيبا شعرة بيضاء ، فقال : الحمد لله الذي بلغني هذا المبلغ ولم أعص الله طرفة عيني.

١٣ ـ وباسناده الى خالد بن إسماعيل عن أيوب المخزومي عن جعفر بن محمد عليه‌السلام انه سمع أبا الطفيل يحدث أن عليا عليه‌السلام يقول : كان الرجل يموت وقد بلغ الهرم ولم يشب فكان الرجل يأتى النادي (١) فيه الرجل وبنوه ، فلا يعرف الأب من الابن فقال : أيكم أبوكم؟ فلما كان زمان إبراهيم عليه‌السلام ، قال : اللهم اجعل لي شيبا أعرف به ، فقال : فشاب وابيض رأسه ولحيته.

١٤ ـ في كتاب المناقب لابن شهر آشوب وفي العقدان مروان بن الحكم قال للحسن بن على عليهما‌السلام بين يدي معاوية : أسرع الشيب الى شاربك يا حسن ويقال : ان ذلك من الخرق؟ (٢) فقال عليه‌السلام : ليس كما بلغك ولكنا معشر بنى هاشم طيبة

__________________

(١) النادي : مجلس القوم ومتحدثهم نهارا ، وقيل : المجلس ما داموا مجتمعين فيه ، فاذا تفرقوا زال عنه هذا الاسم.

(٢) الخرق : الكذب.


أفواهنا ، عذبة شفاهنا ، فنساؤنا يقبلن علينا بأنفاسهن ، وأنتم معشر بنى امية فيكم بخر شديد (١) فنساؤكم يصرفن أفواههن وأنفاسهن الى أصداغكم (٢) فانما يشيب منكم موضع العذار.

١٥ ـ محاسن البرقي قال عمرو بن العاص للحسين عليه‌السلام : ما بال الشيب الى شواربنا أسرع منه الى شواربكم؟ فقال عليه‌السلام : ان نسائكم بخرة فاذا دنا أحدكم من امرأته نكهته في وجهه (٣) فشاب منه شاربه.

١٦ ـ في كتاب الخصال عن الرضا عن أبيه عن آبائه عن على عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : الشيب في مقدم الرأس يمن ، وفي العارضين وفي الذوائب شجاعة ، وفي القفا شؤم.

١٧ ـ وفيما علم أمير المؤمنين عليه‌السلام أصحابه : لا تنتفوا الشيب فانه نور المسلم ، ومن شاب شيبة في الإسلام كانت له نورا يوم القيامة.

١٨ ـ عن أبي بصير قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : ثلثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب اليم : الناتف شيبة ، والناكح نفسه ، والمنكوح في دبره.

١٩ ـ في تفسير على بن إبراهيم : ولم أكن بدعائك رب شقيا يقول : لم يكن دعائى خائبا عندك.

٢٠ ـ في تفسير العياشي ابو إسماعيل الجعفي عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : ان امرأة عمران لما نذرت ما في بطنها محررا قال : والمحرر للمسجد إذا وضعته ، أو دخل المسجد فلم يخرج من المسجد أبدا ، فلما ولدت مريم (قالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُها أُنْثى وَاللهُ أَعْلَمُ بِما وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثى وَإِنِّي سَمَّيْتُها مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُها بِكَ وَذُرِّيَّتَها مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ)

__________________

(١) بخر الفم : أنتن ريحه.

(٢) أصداغ جمع الصدغ ـ بالضم ـ : ما بين العين والاذن والشعر المتدلى على هذا الموضع.

(٣) قوله عليه‌السلام «بخرة» اى نتنة. والنكهة ريح الفم.


فساهم عليها البتول (١) فأصاب القرعة زكريا ، وهو زوج أختها وكفلها وأدخلها المسجد ، فلما بلغت ما تبلغ النساء من الطمث وكانت أجمل النساء وكانت تصلى فيضيء المحراب لنورها ، فدخل عليها زكريا فاذا عندها فاكهة الشتاء في الصيف ، وفاكهة الصيف في الشتاء ، فقال : (أَنَّى لَكِ هذا قالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ هُنالِكَ دَعا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قالَ) (إِنِّي خِفْتُ الْمَوالِيَ مِنْ وَرائِي) الى ما ذكر الله من قصة زكريا ويحيى

٢١ ـ في مجمع البيان : و (إِنِّي خِفْتُ الْمَوالِيَ) قيل : هم العمومة وبنو العم عن أبي جعفر عليه‌السلام.

٢٢ ـ وقرأ على بن الحسين ومحمد بن على الباقر عليهم‌السلام : (وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوالِيَ) بفتح الخاء وتشديد الفاء وكسر التاء.

٢٣ ـ في تفسير على بن إبراهيم (وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوالِيَ مِنْ وَرائِي) يقول : خفت الورثة من بعدي (وَكانَتِ امْرَأَتِي عاقِراً) ولم يكن يومئذ لزكريا ولد يقوم مقامه ويرثه وكانت هدايا بنى إسرائيل ونذورهم للأحبار ، وكان زكريا رئيس الأحبار وكانت امرأة زكريا أخت مريم بنت عمران بن ماثان ، ويعقوب بن ماثان وبنو ماثان إذ ذاك رؤساء بنى إسرائيل وبنو ملوكهم من ولد سليمان بن داود ، فقال زكريا : (فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا).

٢٤ ـ في بصائر الدرجات على بن إسماعيل عن محمد بن عمر الزيات عن ابن بابا قال : دخلت على أبي الحسن الرضا عليه‌السلام وقد ولد له أبو جعفر عليه‌السلام فقال : ان الله قد وهب لي من يرثني ويرث آل داود.

٢٥ ـ في الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن شريف بن سابق عن الفضل بن أبي قرة عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : مر عيسى ابن مريم عليهما‌السلام بقبر يعذب صاحبه ، ثم مر به من قابل فاذا هو لا يعذب؟ فقال : يا رب مررت بهذا القبر عام أول فكان يعذب ومررت به العام فاذا هو ليس يعذب

__________________

(١) المساهمة : المقارعة.


فأوحى الله عزوجل اليه : انه أدرك له ولد صالح فأصلح طريقا وآوى يتيما ، فلهذا غفرت بما عمل ابنه ، ثم قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ميراث الله عزوجل من عبده المؤمن ولد يعبده من بعده ، ثم تلا أبو عبد الله عليه‌السلام آية زكريا (فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا).

٢٦ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه‌الله وروى عبد الله بن الحسن باسناده عن آبائه عليهم‌السلام انه لما أجمع أبو بكر على منع فاطمة فدك ، وبلغها ذلك ، جاءت اليه وقالت له : يا ابن أبي قحافة أفي كتاب الله أن ترث أباك ولا أرث أبي؟ لقد جئت شيئا فريا؟ أفعلى عمد تركتم كتاب الله ونبذتموه وراء ظهوركم ، إذ يقول فيما اقتص من خبر يحيى بن زكريا عليه‌السلام : إذ قال رب (فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٢٧ ـ في مجمع البيان وقرأ على بن أبي طالب وجعفر بن محمد عليهم‌السلام (يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا) قال ابو عبد الله عليه‌السلام : وكذلك الحسين عليه‌السلام لم يكن له من قبل سمى ولم تبك السماء الا عليهما أربعين صباحا ، قيل له : وما كان بكاؤها؟ قال : كانت تطلع حمراء وتغيب حمراء ، وكان قاتل يحيى ولد زنا وقاتل الحسين ولد زنا.

٢٨ ـ في إرشاد المفيد رحمه‌الله وروى سفيان بن عيينة عن على بن يزيد عن على بن الحسين عليهما‌السلام قال : خرجنا مع الحسين بن على عليهما‌السلام فما نزل منزلا ولا رحل منه الا ذكر يحيى بن زكريا وقتله ، وقال : ومن هوان الدنيا على الله ان رأس يحيى بن زكريا أهدى الى بغى من بغايا بنى إسرائيل. وفي مجمع البيان مثله الا ان فيه وقال يوما : ومن هو ان الدنيا «إلخ».

٢٩ ـ في تفسير على بن إبراهيم : (يا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا) يقول : لم يسم باسم يحيى أحد قبله ، (قالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَكانَتِ امْرَأَتِي عاقِراً وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا) فهو اليبس (قالَ كَذلِكَ قالَ


رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئاً قالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَ لَيالٍ سَوِيًّا) صحيح من غير مرض.

قال مؤلف هذا الكتاب عفى عنه : ما نقلنا من تفسير على بن إبراهيم ، متفرقا من قوله (كهيعص) جعفر بن احمد الى هنا متصل فيه وفيه بعد قوله : من غير مرض : من هاهنا عن على بن إبراهيم قال : ثم قص الله قصة مريم وهو ظاهر في ان جميع ذلك رواية.

٣٠ ـ في روضة الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن على بن أسباط عنهم عليهم‌السلام قال : فيما وعظ الله عزوجل به عيسى : ونظيرك يحيى من خلقي وهبته لامه بعد الكبر من غير قوة بها ، أردت بذلك أن يظهر لها سلطاني وتظهر فيك قدرتي.

٣١ ـ في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن محبوب عن هشام بن سالم عن بريد الكناسي عن أبي جعفر عليه‌السلام في حديث طويل يقول فيه عليه‌السلام : مات زكريا فورثه ابنه يحيى الكتاب والحكمة وهو صبي صغير ، أما تسمع لقوله عزوجل : (يا يَحْيى خُذِ الْكِتابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا) فلما بلغ عيسى عليه‌السلام سبع سنين تكلم بالنبوة والرسالة حين أوحى الله اليه ، فكان عيسى الحجة على يحيى وعلى الناس أجمعين.

٣٢ ـ الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن على بن أسباط قال : رأيت أبا جعفر عليه‌السلام وقد خرج على فأجدت النظر اليه وجعلت انظر الى رأسه ورجليه لأصف قامته لأصحابنا بمصر ، فبينا انا كذلك حتى قعد فقال : يا على ان الله احتج في الامامة بمثل ما احتج به في النبوة ، فقال : (وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا) ولما بلغ أشده وبلغ أربعين سنة» فقد يجوز أن يؤتى الحكمة وهو صبي ، ويجوز أن يؤتى الحكمة وهو ابن أربعين سنة.

٣٣ ـ في مجمع البيان وعن معمر قال : ان الصبيان قالوا ليحيي : اذهب بنا نلعب ، قال : ما للعب خلقنا فأنزل الله تعالى : (وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا) وروى ذلك عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام.

٣٤ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه‌الله وروى عن موسى بن جعفر


عن أبيه عن آبائه عن الحسين بن على عليهم‌السلام قال : ان يهوديا من يهود الشام وأحبارهم قال لأمير المؤمنين عليه‌السلام : فهذا يحيى بن زكريا يقال : انه اوتى الحكم صبيا والحلم والفهم ، وأنه كان يبكى من غير ذنب وكان يواصل الصوم؟ قال له على عليه‌السلام لقد كان كذلك ومحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله أعطى أفضل من هذا ، ان يحيى بن زكريا كان في عصر لا أوثان فيه ولا جاهلية ، ومحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله اوتى الحكم والفهم صبيا بين عبدة الأوثان وحزب الشيطان ، فلم يرغب لهم في صنم قط ولم ينشط لأعيادهم ، ولم ير منه كذب قط صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وكان أمينا صدوقا حليما ، وكان يواصل صوم الأسبوع والأقل والأكثر فيقال له في ذلك فيقول : انى لست كأحدكم ، انى أظل عند ربي فيطعمني ويسقين ، وكان يبكى صلى‌الله‌عليه‌وآله حتى يبتل مصلاه خشية من الله عزوجل من غير جرم ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٣٥ ـ في كتاب المناقب لابن شهر آشوب (ره) محمد بن اسحق بالإسناد جاء أبو سفيان الى على عليه‌السلام فقال : يا أبا الحسن جئتك في حاجة ، قال : وفيم جئتني؟ قال : تمشي معى الى ابن عمك محمد فنسأله أن يعقد لنا عقدا ، ويكتب لنا كتابا ، فقال : يا أبا سفيان لقد عقد لك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عقدا لا يرجع عنه أبدا ، وكانت فاطمة عليها‌السلام من وراء الستر ، والحسن يدرج بين يديها ، وهو طفل من أبناء أربعة عشر شهرا ، فقال لها : يا بنت محمد قولي لهذا الطفل يكلم لي جده فيسود بكلامه العرب والعجم ، فأقبل الحسن عليه‌السلام الى أبي سفيان وضرب احدى يديه على أنفه ، والاخرى على لحيته ، ثم أنطقه الله عزوجل بأن قال : يا أبا سفيان قل : لا اله الا الله محمد رسول الله حتى أكون شفيعا فقال عليه‌السلام : الحمد لله الذي جعل من ذرية محمد المصطفى نظير يحيى بن زكريا (آتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا).

٣٦ ـ في محاسن البرقي وفي رواية أبي بصير قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : قوله في كتابه (حَناناً مِنْ لَدُنَّا) قال : انه كان يحيى إذا قال في دعائه يا رب يا الله ، ناداه الله من السماء لبيك يا يحيى سل حاجتك.


٣٧ ـ في أصول الكافي على بن محمد عن بعض أصحابه عن محمد بن سنان عن أبي سعيد المكاري عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قلت : فما عنى بقوله في يحيى : (وَحَناناً مِنْ لَدُنَّا وَزَكاةً) قال : تحنن الله ، قلت : فما بلغ من تحنن الله عليه؟ قال : كان إذا قال : يا رب ، قال الله عزوجل : لبيك يا يحيى ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٣٨ ـ في عيون الاخبار باسناده الى ياسر الخادم قال : سمعت أبا الحسن الرضا عليه‌السلام يقول : ان أوحش ما يكون هذا الخلق في ثلثة مواطن : يوم يولد ويخرج من بطن امه فيرى الدنيا ، ويوم يموت فيعاين الاخرة وأهلها ، ويوم يبعث فيرى احكاما لم يرها في دار الدنيا وقد سلم الله عزوجل على يحيى في هذه الثلاثة المواطن وآمن روعته فقال : و (سَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا) وقد سلم عيسى بن مريم على نفسه في هذه الثلاثة المواطن فقال : (وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا).

٣٩ ـ في أصول الكافي احمد بن مهران وعلى بن إبراهيم جميعا عن محمد بن على عن الحسن بن راشد عن يعقوب بن جعفر بن إبراهيم عن أبي الحسن موسى عليه‌السلام انه قال لرجل نصراني سأله عن مسائل فأجابه عليه‌السلام فيها : أعجلك أيضا خبرا لا يعرفه الا قليل ممن قرأ الكتب أخبرني ما اسم أم مريم واي يوم نفخت فيه مريم ، ولكم ساعة من النهار ، واى يوم وضعت مريم فيه عيسى ، ولكم ساعة من النهار؟ فقال النصراني ، لا أدري ، فقال ابو إبراهيم عليه‌السلام : اما أم مريم فاسمها مرتا وهي وهيبة بالعربية ، واما اليوم الذي حملت فيه مريم فهو يوم الجمعة للزوال ، وهو اليوم الذي هبط فيه الروح الأمين وليس للمسلمين عيد كان اولى منه ، عظمه الله تبارك وتعالى وعظمه محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فأمر ان يجعله عيدا فهو يوم الجمعة ، واما اليوم الذي ولدت فيه مريم فهو يوم الثلثاء لأربع ساعات ونصف من النهار ، والنهر الذي ولدت عليه مريم عيسى هل تعرفه؟ قال : لا ، قال : هو الفرات ، وعليه شجر النخل والكرم ، وليس


يساوى بالفرات شيء للكروم والنخل ، فأما اليوم الذي حجبت فيه لسانها ونادى قيدوس (١) ولده وأشياعه فأعانوه ، واخرجوا آل عمران لينظروا الى مريم ، فقالوا لها ما قص الله عليك في كتابه وعلينا في كتابه فهل فهمته؟ وقرأته اليوم الأحدث ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٤٠ ـ في تهذيب الأحكام محمد بن احمد بن داود عن محمد بن همام قال : حدثنا جعفر بن محمد بن مالك قال : حدثنا سعد بن عمرو الزهري قال : حدثني بكر بن سالم عن أبيه عن أبي حمزة الثمالي عن على بن الحسين عليهما‌السلام في قوله تعالى : (فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكاناً قَصِيًّا) قال : خرجت من دمشق حتى أتت كربلا ، فوضعت في موضع قبر الحسين عليه‌السلام ثم رجعت من ليلتها.

٤١ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده الى عبد الرحمن بن المثنى الهاشمي عن أبي عبد الله عليه‌السلام حديث طويل يقول فيه عليه‌السلام وقد ذكر فاطمة عليها‌السلام : فعلقت وحملت بالحسين عليه‌السلام ، فحملت ستة أشهر ، ثم وضعت ولم يعش ولد قط لستة أشهر غير الحسين بن على عليهما‌السلام وعيسى بن مريم عليه‌السلام.

٤٢ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن على بن اسمعيل عن محمد بن عمرو الزيات عن رجل من أصحابنا عن أبي عبد الله عليه‌السلام حديث طويل يقول فيه عليه‌السلام : ولم يولد لستة أشهر الا عيسى بن مريم والحسين بن على عليهم‌السلام.

٤٣ ـ في مجمع البيان وروى عن الباقر عليه‌السلام انه تناول جيب مدرعتها (٢) فنفخ فيه نفخة فكمل الولد في الرحم من ساعته ، كما يكمل الولد في أرحام النساء تسعة أشهر ، فخرجت من المستحم (٣) وهي حامل فحج مثقل ، فنظرت إليها خالتها فأنكرتها ومضت مريم على وجهها مستحية من خالتها ومن زكريا ، وقيل : كانت مدة حملها تسع ساعات ، وهذا مروي عن أبي عبد الله عليه‌السلام.

__________________

(١) قيدوس : اسم رجل من بنى إسرائيل.

(٢) المدرعة : جبة مشقوقة المقدم.

(٣) المستحم : موضع الاستحمام.


٤٤ ـ في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن الحسين بن الحسن بن يزيد عن بدر عن أبيه قال : حدثني سلام ابو على الخراساني عن سلام بن سعيد المخزومي قال : بينا أنا جالس عند أبي عبد الله عليه‌السلام إذ دخل عليه عباد بن كثير عابد أهل البصرة ، وابن شريح فقيه أهل مكة وعند أبي عبد الله ميمون القداح مولى أبي جعفر عليه‌السلام ، فسأله عباد بن كثير فقال : يا أبا عبد الله في كم ثوب كفن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله؟ قال : في ثلثة أثواب ، ثوبين صحاريين وثوب حبرة (١) وكان في البرد قلة ، فكأنما ازور (٢) عباد بن كثير من ذلك ، فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : ان نخلة مريم انما كانت عجوة (٣) ونزلت من السماء فما نبت من أصلها كان عجوة ، وما كان من لقاط (٤) فهو لون ، فلما خرجوا من عنده قال عباد بن كثير لابن شريح : والله ما أدرى ما هذا المثل الذي ضربه لي أبو عبد الله عليه‌السلام ، فقال ابن شريح : هذا الغلام يخبرك فانه منهم ـ يعنى ميمون ـ فسأله ، فقال ميمون : أما تعلم ما قال لك؟ قال : لا والله ، قال : انه ضرب لك مثل نفسه فأخبرك انه ولد من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وعلم رسول الله عندهم ، فما جاء من عندهم فهو صواب ، وما جاء من عند غيرهم فهو لقاط.

٤٥ ـ في كتاب طب الائمة عليهم‌السلام باسناده الى جابر بن يزيد الجعفي ان رجلا أتى أبا جعفر محمد بن على الباقر عليهما‌السلام فقال : يا ابن رسول الله أغثنى ، قال : وما ذاك؟ قال : امرأتى قد أشرفت على الموت من شدة الطلق (٥) قال : اذهب واقرأ عليها : (فَأَجاءَهَا الْمَخاضُ إِلى جِذْعِ النَّخْلَةِ قالَتْ يا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هذا وَكُنْتُ نَسْياً مَنْسِيًّا فَناداها مِنْ تَحْتِها أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا)

__________________

(١) حبرة ـ كعنبة ـ : ثوب يصبغ باليمن طن أو كتان مخطط.

(٢) اى انحرف.

(٣) العجوة : نوع من التمر.

(٤) قيل : اللقاط بالكسر جمع لقط ـ بالتحريك ـ : ما يلتقط من هاهنا وهاهنا من النوى ونحوه بالضم : الساق الردى.

(٥) الطلق : وجع الو لادة.


ثم ارفع صوتك بهذه الاية : (وَاللهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ) قليلا ما تشكرون» كذلك اخرج ايها الطلق فاخرج بإذن الله ، فانها تبرأ من ساعتها بإذن الله تعالى.

٤٦ ـ في مجمع البيان (يا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هذا) انما تمنت عليها‌السلام الموت استحياء من الناس ان يظنوا بها سوءا عن السدي ، وروى عن الصادق عليه‌السلام لأنها لم تر في قومها رشيدا ذا فراسة ينزهها من السوء.

٤٧ ـ في تهذيب الأحكام على بن الحسن عن محمد بن عبد الله بن زرارة عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن أبان بن عثمان الأحمر عن كثير النوا عن أبي جعفر عليه‌السلام انه قال : وقد ذكر يوم عاشورا وهذا اليوم الذي ولد فيه عيسى بن مريم عليهما‌السلام، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٤٨ ـ في من لا يحضره الفقيه وروى الحسن بن على الوشا عن الرضا عليه‌السلام قال : ليلة خمس وعشرين من ذي القعدة ولد فيها إبراهيم عليه‌السلام ، وولد فيها عيسى بن مريم عليهما‌السلام، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٤٩ ـ في مجمع البيان (قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا) قيل : ضرب جبرئيل برجله ، فظهر ماء عذب يجرى وهو المروي عن أبي جعفر عليه‌السلام.

٥٠ ـ في كتاب الخصال فيما علم أمير المؤمنين عليه‌السلام أصحابه من الاربعمأة باب مما يصلح للمسلم في دينه ودنياه ، ما تأكل الحامل من شيء ولا تتداوى به أفضل من الرطب ، قال الله تعالى لمريم : (وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً).

٥١ ـ في الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن عدة من أصحابه عن على بن أسباط عن عمه يعقوب بن سالم رفعه الى أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ليكن أول ما تأكل النفساء الرطب ، فان الله عزوجل قال لمريم عليها‌السلام : (وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا) قيل : يا رسول الله


ـ فان لم يكن إبان الرطب؟ (١) قال : سبع تمرات من تمر المدينة ، فان لم يكن فسبع تمرات من تمر أمصاركم ، فان الله عزوجل يقول : وعزتي وجلالي وعظمتي وارتفاع مكاني لا تأكل النفساء يوم تلد الرطب فيكون غلاما الا كان حليما ، وان كانت جارية كانت حليمة.

٥٢ ـ في روضة الكافي على بن إبراهيم عن أبيه وعلى بن محمد جميعا عن القاسم بن محمد عن سليمان بن داود المنقري عن حفص قال : رأيت أبا عبد الله عليه‌السلام يتخلل بساتين الكوفة فانتهى الى نخلة فتوضى عندها ثم ركع وسجد ، فأحصيت في سجدة خمسمائة تسبيحة ، ثم استند الى النخلة ، فدعا بدعوات ثم قال : يا حفص انها والله النخلة التي قال الله جل ذكره لمريم عليها‌السلام : (وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا).

٥٣ ـ في مجمع البيان وقال الباقر عليه‌السلام : لم تستشف النفساء بمثل الرطب ، ان الله أطعمه مريم.

٥٤ ـ وروى انه لم يكن للجذع رأس فضربتها برجلها فأورقت وأثمرت ، وانتشر عليها الرطب.

٥٥ ـ في كتاب المناقب لابن شهر آشوب عبد الله بن كثير قال : نزل أبو جعفر عليه‌السلام بواد فضرب خباه فيه ثم خرج يمشى حتى انتهى الى نخلة يابسة ، فحمد الله عندها ثم تكلم بكلام لم اسمع بمثله ثم قال : أيتها النخلة أطعمينا ما جعل الله فيك ، فتساقطت رطبا أحمر وأصفر فأكل ومعه أبو أمية الأنصاري ، فقال : يا با امية هذه الاية فينا كالآية في مريم ان هزت إليها النخلة فتساقطت رطبا جنيا.

٥٦ ـ في بصائر الدرجات أحمد بن محمد بن يحيى عن سليمان بن خالد عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : وكان أبو عبد الله البلخي معه فانتهى الى نخلة خاوية فقال : أيتها النخلة السامعة الطيبة المطيعة لربها أطعمينا مما جعل الله فيك ، قال : فتساقط علينا رطبا

__________________

(١) أبان الشيء : حينه.


مختلفا ألوانه فأكلنا حتى تضلعنا (١) فقال : إليكم سنة كسنة مريم عليها‌السلام.

٥٧ ـ الهيثم النهدي عن اسمعيل بن مهران عن عبد الله الكناسي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : خرج الحسن بن على بن أبي طالب عليهم‌السلام في بعض عمره ومعه رجل من ولد الزبير كان يقول بإمامته ، قال : فنزلوا في منزل من تلك المنازل تحت نخل يابس قد يبس من العطش ، قال : ففرش للحسن تحت نخلة وللزبيري بحذاه تحت نخلة اخرى قال : فقال الزبيري ورفع رأسه : لو كان في هذا النخل رطب لأكلنا منه؟ فقال الحسن عليه‌السلام : وانك لتشتهي الرطب؟ قال : نعم ، فرفع الحسن عليه‌السلام يده الى السماء ودعا بكلام لم يفهمه الزبيري ، فاخضرت النخلة ثم صارت الى حالها فأورقت وحملت رطبا ، قال : فقال الجمال الذي اكتروا منه : سحر والله! فقال الحسن عليه‌السلام : ويلك ليس بسحر ولكن دعوة ابن نبي مجاب ، قال : فصعدوا الى النخلة حتى تصرموا (٢) ما كان فيها فأكفاهم.

٥٨ ـ في الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن القاسم بن سليمان عن جراح المداينى عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ان الصيام ليس من الطعام والشراب وحده ، ثم قال : قالت مريم : (إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً) اى صوما صمتا ـ وفي نسخة اخرى اى صمتا ـ فاذا صمتم فاحفظوا ألسنتكم ، وغضوا أبصاركم ، ولا تنازعوا ولا تحاسدوا ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٥٩ ـ في من لا يحضره الفقيه وروى أبو بصير عن الصادق عليه‌السلام انه قال : ان الصوم ليس من الطعام والشراب وحده ، ان مريم قالت (إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً) اى صمتا فاحفظوا ألسنتكم وغضوا أبصاركم ولا تحاسدوا ولا تنازعوا ، فان الحسد يأكل الايمان كما يأكل النار الحطب.

٦٠ ـ في كتاب المناقب لابن شهر آشوب في مناقب أبي جعفر الباقر عليه‌السلام

__________________

(١) تضلع الرجل : امتلأ شبعا وريا.

(٢) صرم الشيء : قطعه.


وسأل طاوس اليماني أبا جعفر عليه‌السلام عن صوم لا يحجز عن أكل وشرب؟ فقال عليه‌السلام : الصوم من قوله تعالى : (إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً)

٦١ ـ في محاسن البرقي وعنه عن أبيه عن محمد بن سليمان الديلمي عن أبيه عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ستة كرهها الله لي فكرهتها للائمة من ذريتي ، وليكرهها الائمة أتباعهم الى قوله : قلت وما الرفث في الصيام؟ قال : ما كره الله لمريم في قوله : (إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا) قال : قلت من أى شيء؟ قال : من الكذب.

٦٢ ـ في مجمع البيان يا أخت هرون قيل فيه أقوال : «أحدها» أن هارون هذا كان رجلا صالحا في بنى إسرائيل ينسب اليه كل من عرف بالصلاح عن ابن عباس وقتادة وكعب وابن زيد والمغيرة بن شعبة يرفعه الى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله.

٦٣ ـ في كتاب سعد السعود لابن طاوس رحمه‌الله من كتاب عبد الرحمن بن محمد الأزدي وحدثني سماك بن حرب عن المغيرة بن شعبة ان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بعثه الى نجران فقالوا : ألستم تقرؤن «يا أخت هرون» وبينهما كذا وكذا؟ فذكر ذلك للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : ألا قلت لهم : انهم كانوا يسمون بأنبيائهم والصالحين منهم.

٦٤ ـ في كتاب معاني الاخبار باسناده الى عبد الله بن جبلة عن رجل عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله عزوجل : وجعلني مباركا أينما كنت قال : نفاعا. وفي أصول الكافي مثله سواء.

٦٥ ـ في روضة الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن على بن أسباط عنهم عليهم‌السلام قال : فيما وعظ الله عزوجل به عيسى عليه‌السلام : يا عيسى الى قوله : فبوركت كبيرا وبوركت صغيرا حيث ما كنت ، أشهد انك عبدي ابن أمتي.

٦٦ ـ في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن محبوب عن هشام بن سالم عن بريد الكناسي قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام أكان عيسى ابن مريم حين يكلم في المهد حجة الله على أهل زمانه؟ فقال : كان يومئذ نبيا حجة الله


غير مرسل ، أما تسمع لقوله حين (قالَ : إِنِّي عَبْدُ اللهِ آتانِيَ الْكِتابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا وَجَعَلَنِي مُبارَكاً) أينما كنت وأوصاني بالصلوة والزكاة ما دمت حيا؟ قلت : فكان يومئذ حجة لله على زكريا في تلك الحال وهو في المهد؟ فقال : كان عيسى في تلك الحال آية لله ورحمة من الله لمريم حين يكلم فعبر عنها ، وكان نبيا حجة على من سمع كلامه في تلك الحال ، ثم صمت فلم يتكلم حتى مضت له سنتان ، وكان زكريا الحجة لله عزوجل بعد صمت عيسى بسنتين ، ثم مات زكريا فورثه ابنه يحيى الكتاب والحكمة وهو صبي صغير ، اما تسمع لقوله عزوجل : (يا يَحْيى خُذِ الْكِتابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا) فلما بلغ عليه‌السلام سبع سنين تكلم بالنبوة والرسالة حين أوحى الله اليه ، فكان عيسى الحجة على يحيى وعلى الناس أجمعين ، وليس تبقى الأرض يا با خالد يوما واحدا بغير حجة لله على الناس منذ يوم خلق الله آدم عليه‌السلام ، وأسكنه الأرض ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٦٧ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن صفوان بن يحيى قال : قلت للرضا عليه‌السلام قد كنا نسألك قبل أن يهب الله لك أبا جعفر فكنت تقول : يهب الله لي غلاما ، فقد وهب الله لك فقر عيوننا فلا أرانا الله يومك فان كان كون فالى من؟ فأشار بيده الى أبي جعفر وهو قائم بين يديه فقلت : جعلت فداك هذا ابن ثلث سنين! قال وما يضره من ذلك شيء قد قام عيسى عليه‌السلام بالحجة وهو ابن ثلث سنين.

٦٨ ـ الحسين بن محمد الخيراني عن أبيه قال : كنت واقفا بين يدي أبي الحسن عليه‌السلام بخراسان فقال له قائل : يا سيدي ان كان كون فالى من؟ قال : الى أبي جعفر إبني فكأن القائل استصغر سن أبي جعفر عليه‌السلام فقال ابو الحسن : ان الله تبارك وتعالى بعث عيسى ابن مريم رسولا نبيا صاحب شريعة مبتداة في أصغر من السن الذي فيه أبو جعفر عليه‌السلام.

٦٩ ـ في الكافي حدثني محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن محبوب عن معاوية بن وهب قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن أفضل ما يتقرب به العباد الى ربهم ، وأحب ذلك الى الله عزوجل ما هو؟ فقال : ما أعلم شيئا بعد المعرفة أفضل


من هذه الصلوة ، الا ترى ان العبد الصالح عيسى بن مريم عليهما‌السلام قال : وأوصاني بالصلوة والزكاة ما دمت حيا.

٧٠ ـ في تفسير على بن إبراهيم قال الصادق عليه‌السلام في قوله : (وَأَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ) قال : زكوة الرؤس لان كل الناس ليست لهم أموال ، وانما الفطرة على الفقير والغنى والصغير والكبير.

٧١ ـ في عيون الاخبار باسناده عن الصادق عليه‌السلام حديث طويل في تعداد الكبائر يقول فيه عليه‌السلام : ومنها عقوق الوالدين ، لان الله عزوجل جعل العاق جبارا شقيا في قوله تعالى حكاية عن عيسى عليه‌السلام : (وَبَرًّا بِوالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيًّا).

٧٢ ـ في كتاب الخصال عن سماعة بن مهران عن الصادق عليه‌السلام حديث طويل وفيه يقول عليه‌السلام : وبرا الوالدين وضده العقوق.

٧٣ ـ في أصول الكافي باسناده الى الحكم بن مسكين عن محمد بن مروان قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : ما يمنع الرجل ان يبر والديه حيين أو ميتين يصلى عنهما ، ويتصدق عنهما ، ويحج عنهما ويصوم عنهما ، فيكون الذي صنع لهما وله مثل ذلك ، فيزيده الله جل وعز بره وصلته كثيرا.

٧٤ ـ في كتاب الخصال عن أبي عبد الله عليه‌السلام : بروا آباءكم يبركم أبناءكم ، وعفوا عن نساء الناس تعف نسائكم.

٧٥ ـ في عيون الاخبار باسناده الى ياسر الخادم قال : سمعت أبا الحسن الرضا عليه‌السلام يقول : ان أوحش ما يكون هذا الخلق في ثلث مواطن : يوم يولد ويخرج من بطن امه فيرى الدنيا ، ويوم يموت فيعاين الاخرة ، ويوم يبعث فيرى أحكاما لم يرها في دار الدنيا : وقد سلم الله عزوجل على يحيى في هذه الثلاثة المواطن وأمن روعته فقال : (وَسَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا) وقد سلم عيسى بن مريم في هذه الثلاثة المواطن فقال : (وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا).


٧٦ ـ في كتاب علل الشرائع عن وهب اليماني قال : ان يهوديا سأل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : يا محمد كنت في أم الكتاب نبيا قبل أن يخلق آدم؟ قال : نعم قال وهؤلاء أصحابك المؤمنون مثبتون معك قبل أن يخلقوا؟ قال : نعم ، قال : فما شأنك لم تتكلم بالحكمة حين خرجت من بطن أمك كما تكلم عيسى بن مريم على زعمك وقد كنت قبل ذلك نبيا؟ فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : انه ليس أمرى كأمر عيسى بن مريم ، ان عيسى بن مريم خلقه الله عزوجل من أم ليس له أب كما خلق آدم من غير أب ولا أم ، ولو ان عيسى حين خرج من امه لم ينطق بالحكمة لم يكن لامه عذر عند الناس ، وقد أتت به من غير أب وكانوا يأخذونها كما يؤخذ به مثلها من المحصنات ، فجعل الله عزوجل منطقه عذرا لامه.

٧٧ ـ في أصول الكافي الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن أحمد بن محمد بن عبد الله عن أبي مسعود عن عبد الله بن إبراهيم الجعفري قال : سمعت اسحق ابن جعفر يقول : الأوصياء إذا حملت بهم أمهاتهم الى قوله : فاذا كان الليلة التي تلد فيها ظهر لها في البيت نور تراه ولا يراه غيرها الا أبوه ، فاذا ولدته ولدته قاعدا وتفسحت له حتى يخرج متربعا ثم يستدير بعد وقوعه الى الأرض فلا يخطى القبلة حيث كانت بوجهه ، ثم يعطس ثلثا يشير بإصبعه بالتحميد ، ويقع مسرورا (١) مختونا ورباعيتاه من فوق وأسفل وناباه وضاحكاه ، ومن بين يديه مثل سبيكة الذهب نور ، ويقيم يومه وليلته تسيل يداه ذهبا ، وكذلك الأنبياء إذا ولدوا وانما الأوصياء أعلاق من الأنبياء.

٧٨ ـ في أمالي الصدوق رحمه‌الله باسناده الى أبي الجارود زياد بن المنذر عن أبي جعفر محمد بن على الباقر عليهما‌السلام قال : لما ولد عيسى بن مريم عليه‌السلام كان ابن يوم كأنه ابن شهرين ، فلما كان ابن سبعة أشهر أخذته والدته وجاءت به الى الكتاب وأقعدته بين يدي المؤدب ، فقال له المؤدب : قل : بسم الله الرحمن الرحيم ، فقال عيسى عليه‌السلام : بسم الله الرحمن الرحيم ، فقال له المؤدب : قل أبجد فرفع عيسى عليه‌السلام

__________________

(١) اى مقطوع السرة.


رأسه فقال : وهل تدري ما أبجد؟ فعلاه بالدرة (١) ليضربه فقال : يا مؤدب لا تضربني ان كنت تدري والا فسلني حتى أفسر لك ، قال : فسر لي ، فقال عيسى عليه‌السلام : الالف آلاء الله ، والباء بهجة الله ، والجيم جمال الله ، والدال دين الله ، «هوز» ها هول جهنم ، والواو ويل لأهل النار ، والزاء زفير جهنم «حطي» حطت الخطايا عن المستغفرين «كلمن» كلام الله لا مبدل لكلماته «سعفص» صاع بصاع والجزا بالجزا «قرشت» قرشهم (٢) فحشرهم فقال المؤدب : أيتها المرأة خذي بيد ابنك فقد علم ولا حاجة له في المؤدب.

٧٩ ـ في أصول الكافي على بن محمد عن بعض أصحابه عن آدم بن اسحق عن عبد الرزاق بن مهران عن الحسين بن ميمون عن محمد بن سالم عن أبي جعفر عليه‌السلام حديث طويل يقول فيه عليه‌السلام : وأنزل في الكيل (وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ) ولم يجعل الويل لأحد حتى يسميه كافرا ، قال الله عزوجل : (فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ).

٨٠ ـ في كتاب معاني الاخبار أبي رحمه‌الله قال : حدثنا سعد بن عبد الله عن القاسم بن محمد الاصفهانى عن داود عن حفص بن غياث عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : يوم الحسرة يوم يؤتى بالموت فيذبح.

٨١ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثني أبي عن الحسن بن محبوب عن أبي ولاد الحناط عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سئل عن قوله : (وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ) قال : ينادى مناد من عند الله عزوجل وذلك بعد ما صار أهل الجنة في الجنة ، وأهل النار في النار : يا أهل الجنة ويا أهل النار هل تعرفون الموت في صورة من الصور؟ فيقولون : لا ، فيؤتى بالموت في صورة كبش أملح (٣) فيوقف بين الجنة والنار ثم ، ينادون جميعا أشرفوا وانظروا الى الموت ، فيشرفون ثم يأمر الله عزوجل به فيذبح ، ثم يقال : يا أهل الجنة خلود فلا موت أبدا ، ويا أهل النار خلود فلا موت أبدا ، وهو قوله عزوجل

__________________

(١) الدرة : السوط.

(٢) قرش الشيء : جمعه من هنا ومن هنا وضم بعضه الى بعض.

(٣) يقال كبش أملح : إذا كان اسود شعره بياض. أو يخالط بياضه سواد.


(وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ) اى قضى على أهل الجنة بالخلود فيها ، وقضى على أهل النار بالخلود فيها.

٨٢ ـ في مجمع البيان وروى مسلم في الصحيح بالإسناد عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا دخل أهل الجنة الجنة ، وأهل النار النار قيل : يا أهل الجنة فيشرفون وينظرون ، وقيل : يا أهل النار فيشرفون وينظرون. فيجاء بالموت كأنه كبش أملح فيقال لهم : تعرفون الموت؟ فيقولون : هذا هذا وكل قد عرفه ، قال : فيقدم فيذبح ، ثم يقال : يا أهل الجنة خلود فلا موت ، ويا أهل النار خلود فلا موت ، قال : فذلك قوله : (وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ) الآية ورواه أصحابنا عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما‌السلام ، ثم جاء في آخره فيفرح أهل الجنة فرحا لو كان أحد يومئذ ميتا لماتوا فرحا ، ويشهق أهل النار شهقة لو كان أحد ميتا لماتوا.

٨٣ ـ في تفسير على بن إبراهيم وقوله عزوجل : (إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْها) قال : كل شيء خلقه الله يرثه الله يوم القيمة.

٨٤ ـ في مجمع البيان : (يا أَبَتِ إِنِّي أَخافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذابٌ مِنَ الرَّحْمنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطانِ وَلِيًّا) وقد بينا في ما مضى ان الذي يقوله أصحابنا ان هذا الخطاب من إبراهيم عليه‌السلام انما توجه الى من سماه الله أبا له ، لأنه كان جد إبراهيم لامه ، وان أباه الذي ولده كان اسمه تارخ ، لإجماع الطائفة على أن آباء الأنبياء الى آدم عليه‌السلام مسلمون موحدون ، وبما روى عنه عليه‌السلام انه قال : لم يزل ينقلني الله سبحانه من أصلاب الطاهرين الى أرحام الطاهرات حتى أخرجنى في عالمكم هذا ، والكافر غير موصوف بالطهارة لقوله تعالى : (إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ).

٨٥ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده الى ابن مسعود قال : احتجوا في مسجد الكوفة فقالوا : ما بال أمير المؤمنين عليه‌السلام لم ينازع الثلاثة كما نازع طلحة والزبير وعائشة ومعاوية؟ فبلغ ذلك عليا عليه‌السلام فأمر أن ينادى : الصلوة الجامعة


فلما اجتمعوا صعد المنبر فحمد الله واثنى عليه ثم قال : معاشر الناس انه بلغني عنكم كذا وكذا؟ قالوا : صدق أمير المؤمنين قد قلنا ذلك. قال ان لي بستة من الأنبياء أسوة في ما فعلت ، قال الله تعالى في محكم كتابه : (لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) قالوا : ومن هم يا أمير المؤمنين؟ قال : أولهم إبراهيم عليه‌السلام إذ قال لقومه : (وَأَعْتَزِلُكُمْ وَما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ) فان قلتم : ان إبراهيم اعتزل قومه لغير مكروه أصابه منهم فقد كفرتم ، وان قلتم : اعتزلهم لمكروه رآه منهم فالوصى أعذر ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٨٦ ـ في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن جعفر بن محمد الأشعري عن ابن القداح عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : رحم الله عبدا طلب من الله عزوجل حاجة فألح في الدعاء استجيب له أولم يستجب ، وتلا هذه الاية (وَأَدْعُوا رَبِّي عَسى أَلَّا أَكُونَ بِدُعاءِ رَبِّي شَقِيًّا).

٨٧ ـ في تفسير على بن إبراهيم فلما اعتزلهم يعنى إبراهيم عليه‌السلام (وَما يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلًّا جَعَلْنا نَبِيًّا وَوَهَبْنا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنا) يعنى لإبراهيم واسحق ويعقوب من رحمتنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله (وَجَعَلْنا لَهُمْ لِسانَ صِدْقٍ عَلِيًّا) يعنى أمير المؤمنين صلوات الله عليه حدثني بذلك أبي عن الحسن بن على العسكري عليه‌السلام.

٨٨ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن يحيى عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : لسان الصدق للمرء يجعله الله في الناس خيرا من المال يأكله ويورثه ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٨٩ ـ في نهج البلاغة قال عليه‌السلام : أو ان اللسان الصالح يجعله الله للمرء في الناس خير له من المال يورثه من لا يحمده.

٩٠ ـ في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن ثعلبة بن ميمون عن زرارة قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن قول الله عزوجل :


(وَكانَ رَسُولاً نَبِيًّا) : ما الرسول وما النبي؟ قال : النبي الذي يرى في منامه ويسمع الصوت ولا يعاين الملك ، والرسول الذي يسمع الصوت ويرى في المنام ويعاين الملك ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة. قال عز من قائل : وقربناه نجيا.

٩١ ـ في بصائر الدرجات أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن فضالة بن أيوب عن عمرو بن أبان عن أديم أخى أيوب عن حمران قال : قلت لابي عبد الله عليه‌السلام : جعلت فداك بلغني ان الله تبارك وتعالى ناجى عليا عليه‌السلام؟ قال : أجل قد كان بينهما مناجاة بالطائف نزل بينهما جبرئيل.

٩٢ ـ إبراهيم بن هشام عن يحيى بن عمران عن يونس عن حماد بن عثمان عن محمد بن مسلم قال : قلت لابي عبد الله عليه‌السلام : ان سلمة بن كهيل يروى في على أشياء قال : ما هي؟ قلت : حدثني ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كان محاصر أهل الطائف وانه خلا بعلى يوما فقال رجل من أصحابه : عجبا لما نحن فيه من الشدة وانه يناجي هذا الغلام مثل اليوم؟ فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ما أنا بمناج له انما يناجي ربه ، فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : هذه أشياء يعرف بعضها من بعض.

٩٣ ـ محمد بن عيسى عن القاسم بن عروة عن عاصم عن معاوية عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله قال : لما كان يوم الطائف ناجى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عليا فقال ابو بكر وعمر : انتجيته دوننا؟ فقال : ما انتجيته ، بل الله ناجاه.

٩٤ ـ على بن محمد قال : حدثني حمدان بن سليمان قال : حدثني عبد الله بن محمد اليماني عن منيع عن يونس عن على بن أعين عن أبي رافع قال : لما دعا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عليا يوم خيبر فتفل في عينيه ثم قال له : إذا أنت فتحتها فقف بين الناس فان الله أمرنى بذلك ، قال أبو رافع : فمضى على وانا معه ، فلما أصبح بخيبر وقف بين الناس وأطال الوقوف ، فقال الناس : ان عليا يناجي ربه ، فلما مكث امر بانتهاب المدينة التي افتتحها ، قال أبو رافع فأتيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقلت : ان عليا وقف بين الناس كما أمرته ، فقال قوم :


الله ناجاه؟ فقال : نعم يا با رافع ، ان الله ناجاه يوم الطائف ويوم عقبة تبوك ويوم خيبر.

٩٥ ـ وعنه بهذا الاسناد عن منيع عن يونس عن على بن أعين قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لأهل الطائف : لأبعثن إليكم رجلا كنفسي يفتح الله به الخيبر ، سوطه سيفه ، فتشرف الناس لها ، فلما أصبح دعا عليا فقال : اذهب الى الطائف ثم أمر الله النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ان يدخل إليها بعد أن دخله على ، فلما صار إليها كان على رأس الجبل فقال له رسول الله : اثبت فثبت ، فسمعنا مثل صرير الرحا فقيل : ما هذا يا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله؟ قال ان الله يناجي عليا عليه‌السلام. قال عز من قائل : (وَوَهَبْنا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنا أَخاهُ هارُونَ نَبِيًّا)

٩٦ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة حدثنا محمد بن إبراهيم بن اسحق رضى الله عنه قال : أخبرنا أحمد بن محمد الهمداني قال : حدثنا على بن الحسن بن على بن فضال عن أبيه عن هشام بن سالم قال : قلت للصادق جعفر بن محمد عليهما‌السلام : الحسن أفضل أم الحسين عليه‌السلام؟ فقال : الحسن أفضل من الحسين. قلت : فكيف صارت الامامة من بعد الحسين في عقبه دون ولد الحسن؟ فقال : ان الله تبارك وتعالى لم يرد بذلك الا أن يجعل سنة موسى وهارون جارية في الحسن والحسين عليهما‌السلام ، الا ترى انهما كانا شريكين في النبوة كما كان الحسن والحسين شريكين في الامامة ، وان الله عزوجل جعل النبوة في ولد هارون ولم يجعلها في ولد موسى وان كان موسى أفضل من هارون عليهما‌السلام.

٩٧ ـ وباسناده الى محمد بن جعفر عن أبيه عن جده عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : عاش موسى عليه‌السلام مأة وستة وعشرين سنة ، وعاش هارون عليه‌السلام مأة وثلاثة وثلثين سنة

٩٨ ـ في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن بعض أصحابه عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ثلاث من كن فيه كان منافقا وان صام وصلى وزعم انه مسلم : من إذا اؤتمن خان ، وإذا حدث كذب ، وإذا وعد أخلف ، ان الله عزوجل يقول في كتابه : (إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْخائِنِينَ) وقال :


(أَنَّ لَعْنَتَ اللهِ عَلَيْهِ إِنْ كانَ مِنَ الْكاذِبِينَ) وفي قوله تعالى : (وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِسْماعِيلَ إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ وَكانَ رَسُولاً نَبِيًّا).

٩٩ ـ ابن أبي عمير عن منصور بن حازم عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : انما سمى اسمعيل صادق الوعد لأنه وعد رجلا في مكان فانتظره سنة ، فسماه الله عزوجل صادق الوعد ، ثم ان الرجل أتاه بعد ذلك فقال له اسمعيل : ما زلت منتظرا لك.

١٠٠ ـ في عيون الاخبار باسناده الى سليمان الجعفري عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام قال : أتدري لم سمى اسمعيل صادق الوعد؟ قال : قلت : لا أدرى ، قال : وعد رجلا فجلس له حولا ينتظره.

١٠١ ـ في كتاب علل الشرائع في باب العلة التي من أجلها سمى اسمعيل بن حزقيل صادق الوعد ، حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضى الله عنه قال : حدثنا محمد بن الحسن الصفار ، عن يعقوب بن يزيد عن محمد بن أبي عمير ومحمد ابن سنان عمن ذكره عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ان اسمعيل الذي قال الله عزوجل في كتابه : (وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِسْماعِيلَ إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ وَكانَ رَسُولاً نَبِيًّا) لم يكن اسمعيل بن إبراهيم ، بل كان نبيا من الأنبياء بعثه الله عزوجل الى قومه ، فأخذوه فسلخوا فروة رأسه (١) ووجهه ، فأتاه ملك فقال : ان الله جل جلاله بعثني إليك فمرني بما شئت ، فقال : لي أسوة بما يصنع بالأنبياء عليهم‌السلام.

١٠٢ ـ وباسناده الى أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام ان اسمعيل كان رسولا نبيا سلط عليه قومه فقشروا جلدة وجهه وفروة رأسه ، فأتاه رسول من رب العالمين فقال له : ربك يقرئك السلام ويقول قد رأيت ما صنع بك وقد أمرني بطاعتك فمرني بما شئت فقال : يكون لي بالحسين بن على عليهما‌السلام أسوة.

١٠٣ ـ في تفسير على بن إبراهيم (وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِسْماعِيلَ إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ) قال : وعد وعدا فانتظر صاحبه سنة ، وهو اسمعيل بن حزقيل عليه‌السلام.

__________________

(١) الفروة : جلدة الرأس بشعرها.


١٠٤ ـ في مجمع البيان (وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ) الذي هو القرآن «اسمعيل» بن إبراهيم (إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ) وكان إذا وعد بشيء وفي ولم يخلف «وكان» مع ذلك (رَسُولاً نَبِيًّا) الى جرهم وقد مضى معناه ، قال ابن عباس انه واعد رجلا أن ينتظره في مكان ونسي الرجل ، فانتظره سنة حتى أتاه الرجل ، وروى ذلك عن أبي عبد الله عليه‌السلام.

١٠٥ ـ وقيل : إن اسمعيل بن إبراهيم مات قبل أبيه ، وان هذا هو اسمعيل بن حزقيل بعثه الله الى قوله ، ورواه أصحابنا عن أبي عبد الله عليه‌السلام. وذكر نحوه ما ذكرنا عن كتاب علل الشرائع.

١٠٦ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده الى جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : عاش اسمعيل بن إبراهيم عليه‌السلام مأة وعشرين سنة.

١٠٧ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده الى إبراهيم بن أبي البلاد عن أبيه عن أبي جعفر محمد بن على الباقر عليهم‌السلام قال : كان بدو نبوة إدريس عليه‌السلام انه كان في زمانه ملك جبار ، وانه ركب ذات يوم في بعض نزهه فمر بأرض خضرة نضرة لعبد مؤمن من الرافضة (١) فأعجبته فسأل وزرائه لمن هذه الأرض؟ قالوا : لعبد مؤمن من عبيد الملك فلان الرافضي ، فدعا به فقال له : أمتعني بأرضك هذه ، فقال له : عيالي أحوج إليها منك ، قال : فسمني بها اثمن لك (٢) قال : لا أمتعك بها ولا أسومك دع عنك ذكرها فغضب الملك عند ذلك وأسف وانصرف الى أهله وهو مغموم متفكر في أمره ، وكانت له امرأة من الازارقة (٣) وكان بها معجبا يشاورها في الأمر إذا نزل به ، فلما استقر في

__________________

(١) قال المسعودي في إثبات الوصية (ص : ١٢ ط طهران) : وكان من يتبعه على كفره ويرفضه يسمى رافضيا «انتهى» وقال بعض : انه عليه‌السلام عبر بذلك لئلا يتهم أصحابه مما ينابزهم العامة بهذا اللقب ، ويعلموا ان ذلك كان ديدن أهل الدنيا سلفا وخلفا وعادتهم.

(٢) اى بعنى أعطيك الثمن.

(٣) الازارقة من الخوارج أصحاب نافع بن الأزرق كفروا عليا عليه‌السلام وأصحابه وجوزوا


مجلسه بعث إليها يشاورها في أمر صاحب الأرض ، فخرجت اليه فرأت في وجهه الغضب فقالت : ايها الملك ما الذي دهاك (١) حتى بدا الغضب في وجهك قبل فعلك؟ فأخبرها بخبر الأرض وما كان من قوله لصاحبها ومن قول صاحبها له ، فقالت : ايها الملك انما يغتم ويهتم ويأسف من لا يقدر على التغيير والانتقام ، فان كنت تكره ان تقتله بغير حجة فانا أكفيك امره وأصير أرضه إليك بحجة ، لك فيها العذر عند أهل مملكتك ، قال : وما هي؟ قالت : أبعث اليه أقواما من أصحابى أزارقة حتى يأتوك به ، فيشهدون عليه عندك انه قد برأ من دينك ، فيجوز لك قتله وأخذ أرضه. قال : فافعلي.

قال : وكان لها أصحاب من الازارقة على دينها يرون قتل الرافضة من المؤمنين ، فبعثت الى قوم من الازارقة فأتوها فأمرتهم أن يشهدوا على فلان الرافضي عند الملك انه قد برأ من دين الملك فشهدوا عليه انه قد برىء من دين الملك فقتله واستخلص أرضه ، فغضب الله تعالى للمؤمن عند ذلك ، فأوحى الى إدريس : أن ائت عبدي هذا الجبار فقل له : أما رضيت أن قتلت عبدي المؤمن ظلما حتى استخلصت أرضه خالصة لك ، فاحوجت عياله من بعده وأجعتهم؟ أما وعزتي لأنتقمن له منك في الآجل ، ولأسلبنك ملكك في العاجل ، ولأخربن مدينتك ولأذلن عزك ، ولأطعمن الكلاب لحم امرأتك ، فقد غرك يا مبتلى حلمي عنك؟ فأتاه إدريس عليه‌السلام برسالة ربه وهو في مجلسه وحوله أصحابه ، فقال : أيها الجبار انى رسول الله إليك وهو يقول لك : أما رضيت ان قتلت عبدي المؤمن حتى استخلصت أرضه خالصة لك ، وأحوجت عياله من بعده وأجعتهم؟ أما وعزتي لأنتقمن له منك في الآجل ، ولأسلبنك ملكك في العاجل ولأخربن مدينتك ولأذلن عزك ولأطعمن الكلاب لحم امرأتك ، فقال الجبار : اخرج

__________________

قتل مخالفيهم وسبى نسائهم فقيل : ان المراد في الحديث ان المرأة كانت بصفة الازارقة فكما ان الازارقة يرون غير أهل نحلتهم مشركا ويستحلون دمه وأمواله فكذلك هذه المرأة.

(١) دهى فلانا : أصابه بداهية والداهية : الأمر العظيم.


ـ عنى يا إدريس فلن تسبقني بنفسك (١) ثم أرسل الى امرأته فأخبرها بما جاء به إدريس فقالت : لا يهولنك رسالة اله إدريس انا أكفيك أمر إدريس ، انا أرسل اليه من يقتله فتبطل رسالة إلهه وكلما جاء به ، قال : فافعلي قال : وكان لإدريس أصحاب من الروافض مؤمنون يجتمعون اليه في مجلس له فيأنسون به ويأنس بهم ، فأخبرهم إدريس بما كان من وحي الله عزوجل اليه ورسالته الى الجبار وما كان من تبليغه رسالة الله عزوجل الى الجبار ، فأشفقوا على إدريس وأصحابه وخافوا عليه القتل وبعثت امرأة الجبار اليه أربعين رجلا من الازارقة ليقتلوه. فأتوه في مجلسه الذي كان يجتمع اليه فيه أصحابه فلم يجدوه ، فانصرفوا وقد رآهم أصحاب إدريس فحسبوا أنهم أتوا إدريس ليقتلوه فتفرقوا في طلبه فلقوه فقالوا له : خذ حذرك يا إدريس فان الجبار قاتلك ، قد بعث اليوم أربعين رجلا من الازارقة ليقتلوك فاخرج من هذه القرية.

فتنحى إدريس عن القرية من يومه ذلك ، ومعه نفر من أصحابه ، فلما كان في السحر ناجى إدريس ربه فقال : يا رب بعثتني الى جبار فبلغت رسالتك وقد توعدني هذا الجبار بالقتل بل هو قاتلي ان ظفر بى؟ فأوحى الله عزوجل اليه : أن تنح عنه واخرج من قريته ، وخلنى وإياه فو عزتي لأنفذن فيه أمرى ، ولأصدقن قولك فيه ، وما أرسلتك به اليه ، فقال إدريس : يا رب ان لي حاجة ، قال الله عزوجل : سل تعطها.

قال : اسألك ان لا تمطر السماء على هذه القرية وما حولها وما حوت عليه حتى اسألك ذلك ، قال الله عزوجل : يا إدريس إذا تخرب القرية ويشتد جهد أهلها ويجوعون! قال إدريس : وان خربت وجهدوا وجاعوا؟ قال الله عزوجل : قد أعطيتك ما سألت ولن أمطر السماء عليهم حتى تسألنى ذلك ، وأنا أحق من وفى بوعده.

فأخبر إدريس أصحابه بما سأل الله من حبس المطر عنهم وبما أوحى الله اليه ووعده

__________________

(١) قال المجلسي (ره) : فلن تسبقني بنفسك هو تهديد بالقتل ، اى لا يمكنك الفرار بنفسك والتقدم بحيث لا يمكنني اللحوق بك لاهلاكها ، أو لا تغلبني في أمر نفسك بأن تتخلصها منى ويحتمل أن يكون المراد : لا تغلبني متفردا بنفسك من غير معاون فلم تتعرض لي.


أن لا يمطر السماء على قريتهم حتى يسأله ذلك فاخرجوا أيها المؤمنون من هذه القرية الى غيرها من القرى ، فخرجوا منها وعدّتهم يومئذ عشرون رجلا ، فتفرقوا في القرى وشاع خبر إدريس في القرى بما سأل ربه ، وتنحى إدريس الى كهف من الجبل شاهق (١) فلجأ اليه ووكل الله عزوجل به ملكا يأتيه بطعامه عند كل مساء وكان يصوم النهار فيأتيه الملك بطعامه عند كل مساء ، وسلب الله عزوجل عند ذلك ملك الجبار وقتله وأخرب مدينته وأطعم الكلاب لحم امرأته غضبا للمؤمن ، فظهر في المدينة جبار آخر عاص ، فمكثوا بذلك بعد خروج إدريس من القرية عشرين سنة لم تمطر السماء عليهم قطرة من مائها فجهد القوم واشتدت حالهم وصاروا يمتارون الاطعمة (٢) من القرى من بعد ، فلما جهدوا مشى بعضهم الى بعض ، فقالوا : ان الذي نزل بنا مما ترون لسؤال إدريس ربه أن لا يمطر السماء علينا حتى يسأله هو ، وقد تنحى إدريس عنا ولا علم لنا بموضعه والله أرحم بنا منه ، فأجمع أمرهم على ان يتوبوا الى الله ويدعوه ويفزعوا اليه ويسألوه أن يمطر السماء عليهم وعلى ما حوت قريتهم ، فقاموا على الرماد ولبسوا المسوح وحثوا على رؤسهم التراب (٣) وعجوا الى الله بالتوبة والاستغفار والبكاء والتضرع اليه.

فأوحى الله عزوجل الى إدريس : يا إدريس ان أهل قريتك قد عجوا الى بالتوبة والاستغفار والبكاء والتضرع ، وانا الله الرحمن الرحيم اقبل التوبة وأعفو عن السيئة وقد رحمتهم ولم يمنعني من اجابتهم الى ما سألونى من المطر الا مناظرتك فيما سألتنى أن لا أمطر السماء عليهم حتى تسألنى ، فاسألنى يا إدريس حتى أغيثهم وأمطر السماء عليهم. قال إدريس : اللهم انى لا أسئلك ذلك. قال الله عزوجل : ألم تسألنى يا إدريس

__________________

(١) الشاهق : المرتفع من الجبال.

(٢) اى يجمعونها.

(٣) المسوح جمع المسح : الكساء من شعر كثوب الرهبان ، ومنه يقال من نسيج الشعر على البدن تقشفا وقهرا للجسد مسح. وحثا التراب : صبه.


فأجبتك الى ما سألت ، وأنا اسألك ان تسألنى فلم لا يجيب مسألتى؟ قال إدريس : اللهم لا اسألك ، قال : فأوحى الله عزوجل الى الملك الذي أمره أن يأتى إدريس بطعامه كل مساء أن احبس عن إدريس طعامه ولا تأته به ، فلما أمسى إدريس في ليلة يومه ذلك فلم يؤت بطعامه حزن وجاع ، فصبر فلما كان في ليلة اليوم الثاني فلم يؤت بطعامه اشتد حزنه وجوعه ، فلما كانت الليلة من اليوم الثالث فلم يؤت بطعامه اشتد جهده وجوعه وحزنه وقل صبره ، فنادى ربه : يا رب حبست عنى رزقي من قبل أن تقبض روحي؟ فأوحى الله عزوجل اليه : يا إدريس جزعت ان حبست عنك طعامك ثلثة أيام ولياليها ، ولم تجزع وتذكر جوع أهل قريتك وجهدهم منذ عشرين سنة ، ثم سألتك عند جهدهم ورحمتي إياهم ان تسألنى فأمطر السماء عليهم فلم تسألنى وبخلت عليهم بمسألتك إياي! فأدبتك بالجوع ، فقل عند ذلك صبرك وظهر جزعك فاهبط من موضعك فاطلب المعاش لنفسك فقد وكلتك في طلبه الى جبلتك.

فهبط إدريس عليه‌السلام من موضعه الى قرية يطلب أكله من جوع ، فلما دخل القرية نظر الى دخان في بعض منازلها فأقبل نحوه ، فهجم على عجوز كبيرة وهي ترفق قرصتين لها على مقلاة (١) فقال لها : أيتها المرأة أطعمينى فانى مجهود من الجوع ، فقالت له : يا عبد الله ما تركت لنا دعوة إدريس فضلا نطعمه أحدا ـ وحلفت انها ما تملك غيره شيئا ـ فاطلب المعاش من غير أهل هذه القرية ، فقال لها : أطعميني ما أمسك به روحي وتحملني به رجلي الى أن أطلب ، قالت : انهما قرصتان واحدة لي والاخرى لابني فان أطعمتك قوتي مت ، وان أطعمتك قوت إبني مات ، وما هاهنا فضل أطعمك ، فقال لها : ان ابنك صغير يجزيه نصف قرصة فيحيا به ، ويجزيني النصف الاخر فأحيى به وفي ذلك بلغة لي وله ، فأكلت المرئة قرصتها وكسرت الاخرى بين إدريس وبين ابنها ، فلما راى ابنها إدريس يأكل من قرصته اضطرب حتى مات ، قالت امه : يا عبد الله قتلت على إبني جزعا على قوته ، فقال لها إدريس : فأنا أحييه

__________________

(١) المقلاة : وعاء يقلى فيه الطعام.


بإذن الله فلا تجزعي ، ثم أخذ إدريس بعضدي الصبى ثم قال : أيتها الروح الخارجة عن بدن هذا الغلام بأمر الله ارجعي الى بدنه بإذن الله وأنا إدريس النبي ، فرجعت روح الغلام اليه بإذن الله ، فلما سمعت امه كلام إدريس وقوله : أنا إدريس ، ونظرت الى ابنها قد عاش بعد الموت ، قالت : اشهد انك إدريس النبي وخرجت تنادي بأعلى صوتها في القرية : أبشروا بالفرج قد دخل إدريس في قريتكم ، ومضى إدريس حتى جلس على موضع مدينة الجبار الاول فوجدها وهي تل ، فاجتمع اليه أناس من أهل قريته فقالوا له : يا إدريس أما رحمتنا في هذه العشرين سنة التي جهدنا فيها ومسنا الجوع والجهد فيها؟ فادع الله ان يمطر السماء علينا. قال : لا ، حتى يأتيني جباركم هذا وجميع أهل قريتكم مشاة حفاة فيسألوني ذلك ، فبلغ الجبار قوله ، فبعث اليه أربعين رجلا يأتوه بإدريس فأتوه فقالوا له : ان الجبار بعثنا إليك لنذهب بك اليه فدعا عليهم فماتوا ، فبلغ ذلك الجبار فبعث اليه خمسمائة رجل ليأتوه به فأتوه فقالوا له : يا إدريس ان الجبار بعثنا إليك لنذهب بك اليه ، فقال لهم إدريس : انظروا الى مصارع أصحابكم فقالوا له : يا إدريس قتلتنا بالجوع منذ عشرين سنة ثم تريد أن تدعو علينا بالموت؟ أما لك رحمة؟ فقال : ما أنا بذاهب اليه وما انا بسائل الله أن يمطر السماء عليكم حتى يأتيني جباركم ماشيا حافيا وأهل قريتكم ، فانطلقوا الى الجبار فأخبروه بقول إدريس وسألوه أن يمضى معهم وجميع أهل قريتهم الى إدريس مشاة حفاة ، فأتوه حتى وقفوا بين يديه خاضعين له طالبين اليه أن يسأل الله عزوجل أن يمطر السماء عليهم ، فقال لهم إدريس : اما الآن فنعم فسأل الله عزوجل إدريس عند ذلك ان يمطر السماء عليهم وعلى قريتهم ونواحيها ، فأظلتهم سحابة من السماء وأرعدت وأبرقت وهطلت عليهم من ساعتهم (١) حتى ظنوا انه الغرق ، فما رجعوا الى منازلهم حتى أهمتهم أنفسهم من الماء (٢)

__________________

(١) هطل المطر : نزل متتابعا متفرقا عظيم القطر.

(٢) قال في البحار : اى خوف أنفسهم أوقعهم في الهموم ، أو لم يهتمهم الأهم أنفسهم وطلب خلاصها. ثم اعلم ان الظاهر ان أمره تعالى إدريس عليه‌السلام بالدعاء لهم لم يكن على سبيل الحتم


١٠٨ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده الى عبد الله بن يزيد بن سلام انه قال لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وقد سأله عن الأيام : فالخميس؟ قال : هو يوم خامس من الدنيا وهو يوم أنيس لعن فيه إبليس ورفع فيه إدريس ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٠٩ ـ في الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن عمرو بن عثمان عن مفضل بن صالح عن جابر عن ابى جعفر عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أخبرنى جبرئيل ان ملكا من الملائكة كانت له عند الله منزلة عظيمة فتعتب عليه فأهبطه من السماء الى الأرض ، فأتى إدريس عليه‌السلام فقال له : ان لك من الله منزلة فاشفع لي عند ربك ، فصلى ثلاث ليال لا يفتر وصام (١) أيامها لا يفطر ، ثم طلب الى الله عزوجل في السحر في الملك ، فقال الملك : انك قد أعطيت سؤلك وقد أطلق الله لي جناحي وانا أحب ان أكافيك فاطلب الى حاجة ، فقال تريني ملك الموت لعلى آنس به فانه ليس يهنينى مع ذكره شيء. فبسط جناحه ثم قال : اركب ، فصعد به يطلب ملك الموت في السماء الدنيا ، فقيل له : اصعد فاستقبله بين السماء الرابعة والخامسة ، فقال الملك : يا ملك الموت ما لي أراك قاطبا؟ (٢) قال : العجب انى تحت ظل العرش حيث أمرت ان أقبض روح آدمي بين السماء الرابعة والخامسة؟ فسمع إدريس عليه‌السلام فامتعض (٣) فخر من جناح الملك فقبض روحه مكانه وقال الله عزوجل : (وَرَفَعْناهُ مَكاناً عَلِيًّا).

١١٠ ـ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن أحمد بن أبي داود عن عبد الله بن أبان عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال في حديث طويل يذكر فيه مسجد السهلة : أما علمت انه

__________________

والوجوب بل على الندب والاستحباب ، وكان غرضه عليه‌السلام في الأخير وفي طلب القوم أن يأتوا ، متذللين تنبيههم وزجرهم عن الطغيان والفساد لئلا يخالفوا ربهم بعدد هو له بينهم ، وان أولياء الله يغضبون لربهم أكثر من سخطه تعالى لنفسه لسعة رحمته وعظم حلمه تعالى شأنه.

(١) فتر فلان عن عمله قصر فيه.

(٢) قطب : زوي ما بين عينيه وكلح.

(٣) امتعض منه : غضب وشق عليه.


موضع بيت إدريس النبي عليه‌السلام الذي كان يخيط فيه؟

١١١ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثني ابى عن محمد بن ابى عمير عمن حدثه عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ان الله تبارك وتعالى غضب على ملك من الملائكة فقطع جناحه وألقاه في جزيرة من جزائر البحر ، فبقي ما شاء الله عزوجل في ذلك البحر ، فلما بعث الله عزوجل إدريس عليه‌السلام جاء ذلك الملك اليه فقال : يا نبي الله ادع الله أن يرضى عنى ويرد جناحي ، قال : نعم فدعا إدريس فرد الله عزوجل عليه جناحه ورضى عنه ، قال الملك لإدريس : ألك حاجة؟ قال : نعم أحب ان ترفعني الى السماء حتى انظر الى ملك الموت فانه لا عيش لي مع ذكره ، فأخذه الملك على جناحه حتى انتهى به الى السماء الرابعة فاذا ملك الموت يحرك رأسه تعجبا ، فسلم إدريس عليه‌السلام على ملك الموت ، فقال له : مالك تحرك رأسك؟

قال : ان رب العزة أمرنى ان أقبض روحك بين السماء الرابعة والخامسة ، فقلت : يا رب وكيف يكون هذا وغلظ السماء الرابعة مسيرة خمسمائة عام ، ومن السماء الرابعة الى السماء الثالثة مسيرة خمسمائة عام ، وكل سمائين وما بينهما كذلك فكيف يكون هذا؟ ثم قبض روحه بين السماء الرابعة والخامسة ، وهو قوله عزوجل : (وَرَفَعْناهُ مَكاناً عَلِيًّا) وسمى إدريس لكثرة دراسته الكتب.

١١٢ ـ وفيه عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله حديث طويل ذكرناه أول الإسراء وفيه : ثم صعدنا الى السماء الرابعة وإذا فيها رجل فقلت : من هذا يا جبرئيل؟ فقال : هذا إدريس رفعه الله مكانا عليا ، فسلمت عليه وسلم على واستغفرت له واستغفر لي.

١١٣ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه‌الله روى عن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عن الحسين بن على عليهم‌السلام قال : ان يهوديا من يهود الشام وأحبارهم قال لعلى عليه‌السلام في كلام طويل : هذا إدريس عليه‌السلام أعطاه الله عزوجل «مكانا عليا» قال له علي عليه‌السلام : لقد كان كذلك ومحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله اعطى ما هو أفضل من هذا. ان الله جل ثناؤه قال فيه : (وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ) فكفى بهذا من الله رفعة.


١١٤ ـ في كتاب المناقب لابن شهر آشوب في مناقب زين العابدين عليه‌السلام قال عليه‌السلام في قوله تعالى : (وَمِمَّنْ هَدَيْنا وَاجْتَبَيْنا) : نحن عنينا بها.

١١٥ ـ في الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن فضالة بن أيوب عن داود بن فرقد قال : قلت لابي عبد الله عليه‌السلام قوله تعالى : (إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً) قال : كتابا ثابتا ، وليس ان عجلت قليلا أو أخرت قليلا بالذي يضرك ما لم تضيع تلك الاضاعة. فان الله عزوجل يقول لقوم : (أَضاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَواتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا).

١١٦ ـ في مجمع البيان وقيل : أضاعوها بتأخيرها عن مواقيتها من غير أن تركوها أصلا. وهو المروي عن أبي عبد الله عليه‌السلام.

١١٧ ـ في جوامع الجامع (وَاتَّبَعُوا الشَّهَواتِ) رووا عن على عليه‌السلام : من بنى الشديد وركب المنظور ولبس المشهور.

١١٨ ـ في كتاب الخصال عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من سلم من أمتي من أربع خصال فله الجنة : من الدخول في الدنيا ، واتباع الهوى ، وشهوة البطن ، وشهوة الفرج.

١١٩ ـ في تفسير على بن إبراهيم قوله : (لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً) يعنى في الجنة (إِلَّا سَلاماً وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيها بُكْرَةً وَعَشِيًّا) قال : ذلك في جنات الدنيا قبل القيمة ، والدليل على ذلك قوله تعالى : (بُكْرَةً وَعَشِيًّا) فالبكرة والعشى لا يكون في الاخرة في جنات الخلد وانما يكون الغدو والعشى في جنات الدنيا التي تنتقل إليها أرواح المؤمنين وتطلع فيها الشمس والقمر.

١٢٠ ـ في محاسن البرقي عنه عن النضر بن سويد عن على بن صامت عن ابن أخى شهاب بن عبد ربه قال : شكوت الى أبي عبد الله عليه‌السلام ما ألقى من الأوجاع والتخم ، فقال : تغد وتعش ولا تأكل بينهما شيئا فان فيه فساد البدن ، أما سمعت قول الله عزوجل يقول : (لَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيها بُكْرَةً وَعَشِيًّا).


١٢١ ـ في كتاب طب الائمة عليهم‌السلام محمد بن عبد الله العسقلاني قال : حدثنا النضر بن سويد عن على بن أبي الصلت عن أخى شهاب بن عبد ربه قال : كأنى شكوت الى أبي عبد الله عليه‌السلام ما القى من الأوجاع والتخم وذكر الى آخر ما في كتاب المحاسن. قال عز من قائل : (تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبادِنا مَنْ كانَ تَقِيًّا)

١٢٢ ـ في تهذيب الأحكام في ادعية نوافل شهر رمضان : سبحان من خلق الجنة لمحمد وآل محمد ، سبحان من يورثها محمدا وآل محمد وشيعتهم.

١٢٣ ـ في مجمع البيان وقال ابن عباس : ان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال لجبرئيل : ما منعك ان تزورنا أكثر مما تزورنا؟ فنزل (وَما نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ) الآية.

١٢٤ ـ في عيون الاخبار عن الرضا عليه‌السلام حديث وفيه يقول عليه‌السلام : ان الله تعالى لا يسهو ولا ينسى وانما ينسى ويسهو المخلوق والمحدث ، الا تسمعه عزوجل يقول : (وَما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا).

١٢٥ ـ في كتاب التوحيد عن أمير المؤمنين عليه‌السلام حديث طويل يقول فيه لرجل سأله عما اشتبه عليه من آيات الكتاب : واما قوله : (وَما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا) فان ربنا تبارك وتعالى علوا كبيرا ليس بالذي ينسى ، ولا يغفل بل هو الحفيظ العليم.

ويقول فيه عليه‌السلام للسائل أيضا : واما قوله : (هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا) فان تأويله : هل يعلم أحد اسمه الله غير الله تبارك وتعالى ، فإياك ان تفسر القرآن برأيك حتى تفقه عن العلماء ، فانه رب تنزيل يشبه بكلام البشر وهو كلام الله وتأويله لا يشبه كلام البشر ، كما ليس شيء من خلقه يشبهه كذلك لا يشبه فعله تبارك وتعالى شيئا من أفعال البشر ، ولا يشبه شيء من كلامه بكلام البشر ، فكلام الله تبارك وتعالى صفته ، وكلام البشر أفعالهم ، فلا تشبه كلام الله بكلام البشر فتهلك وتضل.

١٢٦ ـ في أصول الكافي أحمد بن مهران عن عبد العظيم بن عبد الله الحسنى عن على بن أسباط عن خلف بن حماد عن ابن مسكان عن مالك الجهني قال : سألت (١)

__________________

(١) اى انها يأتى لتهيئة منزل الموت ولاعلام الناس بنزوله ، لان الرائد من هو يأتى قبل المسافر في طلب الكلاء.


أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : أو لم ير (الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً) قال : فقال : لا مقدرا ولا مكونا.

١٢٧ ـ في محاسن البرقي عنه عن أبيه عن اسمعيل بن إبراهيم ومحمد بن أبي عمير عن عبد الله بن بكير عن زرارة عن حمران قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قوله : (أَوَلا يَذْكُرُ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً) قال : لم يكن شيئا في كتاب ولا علم.

١٢٨ ـ في تفسير على بن إبراهيم (أَوَلا يَذْكُرُ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً) اى لم يكن ذكره ، ثم أقسم عزوجل بنفسه فقال : «فو ربك يا محمد (لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّياطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا) قال : على ركبهم وقوله عزوجل :

(وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها كانَ عَلى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيًّا ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيها جِثِيًّا) يعنى في البحار إذا تحولت نيرانا يوم القيمة.

١٢٩ ـ وفي حديث آخر : هي منسوخة بقوله عزوجل : (إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ).

١٣٠ ـ أخبرنا أحمد بن إدريس قال : حدثنا احمد بن محمد بن عيسى عن على بن الحكم عن الحسين بن ابى العلا عن ابى عبد الله عليه‌السلام في قوله عزوجل : (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها) قال : أما تسمع الرجل يقول : وردنا بنى فلان فهو الورود ولم يدخله.

١٣١ ـ في مجمع البيان قال السدي : سألت مرة الهمداني عن هذه الآية فحدثني ان عبد الله بن مسعود حدثهم عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : يرد الناس النار ثم يصدرون بأعمالهم ، فأولهم كلمع البرق ، ثم كمر الريح ثم كحضر الفرس ، ثم كالراكب ثم كشد الرجل ، ثم كمشيه.

١٣٢ ـ وروى أبو صالح غالب بن سليمان عن كثير بن زياد عن أبي سمية قال : اختلفنا في الورود ، فقال قوم : لا يدخلها مؤمن ، وقال آخرون : يدخلونها جميعا ثم ينجى الله الذين اتقوا ، فلقيت جابر بن عبد الله فسألته فأومى بإصبعيه الى أذنيه وقال : صمتا ان لم أكن سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : الورود الدخول ، لا يبقى برولا


فاجر الا يدخلها ، فيكون على المؤمنين بردا وسلاما كما كانت على إبراهيم حتى ان للنار ـ أو قال لجهنم : ـ ضجيجا من بردها ، ثم ينجى الله الذين اتقوا ويذر الظالمين فيها جثيا.

١٣٣ ـ وروى مرفوعا عن يعلى بن منبه عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : تقول النار للمؤمن يوم القيامة : جزيا مؤمن فقد اطفأ نورك لهبى.

١٣٤ ـ وروى عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه سئل عن المعنى فقال : ان الله تعالى يجعل النار كالسمن الجامد ، ويجمع عليها الخلق ثم ينادى المنادي : أن خذي أصحابك وذرى أصحابي فو الذي نفسي بيده لهي أعرف بأصحابها من الوالدة بولدها.

١٣٥ ـ في اعتقادات الامامية للصدوق رحمه‌الله وروى انه لا يصيب أحدا من أهل التوحيد الم في النار إذا دخلوها ، وانما يصيبهم الا لم عند الخروج منها ، فتكون تلك الآلام جزاء بما كسبت أيديهم وما الله بظلام للعبيد.

١٣٦ ـ في مجمع البيان متصل بقوله : من الوالدة بولدها وقيل : ان الفائدة في ذلك ما روى في بعض الاخبار ان الله تعالى لا يدخل أحدا الجنة حتى يطلعه على النار وما فيها من العذاب ، ليعلم تمام فضل الله عليه وكمال لطفه وإحسانه اليه ، فيزداد لذلك فرحا وسرورا بالجنة ونعيمها ، ولا يدخل أحدا النار حتى يطلعه على الجنة وما فيها من أنواع النعيم والثواب ليكون ذلك زيادة عقوبة له وحسرة على ما فاته من الجنة ونعيمها ، وقد ورد في الخبر أن الحمى من قيح جهنم.

١٣٧ ـ وروى ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عاد مريضا فقال : أبشر ان الله عزوجل يقول : الحمى هي ناري أسلطها على عبدي المؤمن في الدنيا لتكون حظه من النار.

١٣٨ ـ في الكافي محمد عن أحمد بن محمد عن محمد بن اسمعيل عن سعدان عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سمعته يقول : الحمى رائد الموت (١)

__________________

(١) اى انها يأتى لتهيئة منزل الموت ولاعلام الناس بنزوله ، لان الرائد من هو يأتى قبل المسافر في طلب الكلاء.


وهي سجن المؤمن في الأرض ، وهي حظ المؤمن من النار.

١٣٩ ـ محمد بن يحيى عن موسى بن الحسن عن الهيثم بن أبي مسروق عن شيخ من أصحابنا يكنى بابى عبد الله عن رجل عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : الحمى رائد الموت ، وسجن الله تعالى في أرضه ، وفورها من جهنم ، وهي حظ كل مؤمن من النار.

١٤٠ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن سلمة بن الخطاب عن الحسن ابن عبد الرحمن عن على بن أبي حمزة عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقاماً وَأَحْسَنُ نَدِيًّا) قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله دعا قريشا الى ولايتنا فتنفروا وأنكروا «فقال الذين كفروا» من قريش «للذين آمنوا» الذين أقروا لأمير المؤمنين ولنا أهل البيت : (أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقاماً وَأَحْسَنُ نَدِيًّا) تعييرا منهم ، فقال الله ردا عليهم : (وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ) من الأمم السابقة (هُمْ أَحْسَنُ أَثاثاً وَرِءْياً).

١٤١ ـ في تفسير على بن إبراهيم وقال على بن إبراهيم رحمه‌الله في قوله عزوجل : (وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثاثاً وَرِءْياً) قال : عنى به الثياب والاكل والشراب وفي رواية أبي الجارود عن ابى جعفر عليه‌السلام قال : الأثاث المتاع ، واما رئيا فالجمال والمنظر الحسن.

١٤٢ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن سلمة بن الخطاب عن الحسن بن عبد الرحمن عن على بن أبي حمزة عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قلت : قوله (مَنْ كانَ فِي الضَّلالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمنُ مَدًّا) قال : كلهم كانوا في ضلالة لا يؤمنون بولاية أمير المؤمنين عليه‌السلام ولا بولايتنا ، فكانوا ضالين مضلين فليمد لهم في ضلالتهم وطغيانهم حتى يموتوا. فيصيرهم الله شرا مكانا وأضعف جندا ، قلت : قوله : (حَتَّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكاناً وَأَضْعَفُ جُنْداً) قال : اما قوله : (حَتَّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ) فهو خروج القائم وهو الساعة ، فسيعلمون


ذلك اليوم وما نزل بهم من الله على يدي قائمه. فذلك قوله : (مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكاناً) يعنى عند القائم عليه‌السلام (وَأَضْعَفُ جُنْداً) قلت : قوله : (وَيَزِيدُ اللهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدىً) قال : يزيدهم ذلك اليوم هدى على هدى باتباعهم القائم عليه‌السلام ، حيث لا يجحدونه ولا ينكرونه.

١٤٣ ـ في تفسير على بن إبراهيم وقوله : (وَالْباقِياتُ الصَّالِحاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَواباً وَخَيْرٌ مَرَدًّا) قال : الباقيات هو قول المؤمن : سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله أكبر.

١٤٤ ـ وحدثني أبي عن محمد بن أبي عمير عن جميل عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال :

قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لما اسرى بى الى السماء دخلت الجنة فرأيت فيها قيعانا يققا (١) ورأيت فيها ملئكة يبنون لبنة من ذهب ولبنة من فضة ، وربما أمسكوا ، فقلت لهم : ما لكم ربما بنيتم وربما أمسكتم؟ فقالوا : حتى تجيئنا النفقة ، فقلت لهم : وما نفقتكم؟ قالوا : قول المؤمن في الدنيا : سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله أكبر. فاذا قال بنينا وإذا أمسك أمسكنا.

قال مؤلف هذا الكتاب عفي عنه : وفي بعض النسخ دخلت الجنة فرأيت فيها ملئكة يبنون إلخ وقد نقلنا في تفسير «الباقيات الصالحات» في سورة الكهف جملة شافية من الاخبار فراجع.

١٤٥ ـ في تفسير على بن إبراهيم وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله عزوجل : (أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآياتِنا وَقالَ لَأُوتَيَنَّ مالاً وَوَلَداً) ان العاص بن وائل بن هشام القرشي ثم السهمي وهو أحد المستهزئين وكان لخباب بن الأرت على العاص بن وائل حق ، فأتاه يتقاضاه ، فقال له العاص : ألستم تزعمون ان في الجنة الذهب والفضة والحرير؟ قال : بلى ، قال : فموعد ما بيني وبينك الجنة فو الله لأوتين فيها خيرا مما أوتيت في الدنيا ، يقول الله عزوجل :

__________________

(١) القيعان جمع القاع : الأرض السهلة المطمئنة قد انفرجت عنها الآكام والجبال. ويقق : شديد البياض.


(أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً كَلَّا سَنَكْتُبُ ما يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذابِ مَدًّا وَنَرِثُهُ ما يَقُولُ وَيَأْتِينا فَرْداً وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا) والضد القرين الذي يقرن به.

١٤٦ ـ حدثنا جعفر بن احمد قال : حدثنا عبيد الله بن موسى قال : حدثنا الحسين ابن على بن أبي حمزة عن أبيه عن ابى بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قوله : (وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا) يوم القيامة اى يكون هؤلاء الذين اتخذوهم آلهة من دون الله ضدا يوم القيمة ويتبرءون منهم ومن عبادتهم الى يوم القيمة ، ثم قال : ليس العبادة هي السجود ولا الركوع وانما هي طاعة الرجال ، من أطاع مخلوقا في معصية الخالق فقد عبده ، وقوله عزوجل : (أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّياطِينَ عَلَى الْكافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا) قال : لما طغوا فيها وفي فتنتها وفي طاعتهم ومد لهم في طغيانهم وضلالتهم أرسل عليهم شياطين الانس والجن (تَؤُزُّهُمْ أَزًّا) اى تنخسهم نخسا ، وتحضهم على طاعتهم وعبادتهم ، فقال الله عزوجل : (فَلا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّما نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا) اى في طغيانهم وفتنتهم وكفرهم.

١٤٧ ـ وفي تفسيره متصل بقوله «وإذا أمسك أمسكنا» عند قوله : «والباقيات الصالحات» وقوله : (أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّياطِينَ عَلَى الْكافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا) قال : نزلت في مانعي الزكاة والمعروف ، يبعث الله عليهم سلطانا أو شيطانا فينفق ما يجب عليه من الزكاة في غير طاعة الله ويعذبه على ذلك ، وقوله تبارك وتعالى : (فَلا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّما نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا) فقال لي : ما هو عندك؟ قلت : عندي عدد الأيام ، قال : لا ، ان الاباء والأمهات ليحصون ذلك ولكن عدد الأنفاس.

١٤٨ ـ في الكافي محمد بن يحيى عن الحسين بن اسحق عن على بن مهزيار عن على بن اسمعيل الميثمي عن عبد الأعلى مولى آل سام قال : قلت لابي عبد الله عليه‌السلام : قول الله عزوجل : (إِنَّما نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا) قال : ما هو عندك؟ قلت : عدد الأيام ، قال : ان الاباء والأمهات يحصون ذلك ولكنه عدد الأنفاس.


١٤٩ ـ في نهج البلاغة من كلامه عليه‌السلام : نفس المرء خطاه الى أجله.

١٥٠ ـ وقال عليه‌السلام : كل معدود متنقص وكل متوقع آت.

١٥١ ـ في عيون الاخبار حدثنا أبو على محمد بن أحمد بن يحيى المعاذي قال : حدثنا أبو عمر محمد بن عبد الله الحكمي الحاكم بنوقان ، قال : خرج علينا رجلان من الري برسالة بعض السلاطين بها الى الأمر نصر بن أحمد ببخارا وكان أحدهما من أهل الري والاخر من أهل قم ، وكان القمى على المذهب الذي كان قديما بقم في النصب وكان الرازي متشيعا ، فلما بلغا نيسابور قال الرازي للقمي : ألا نبدأ بزيارة الرضا عليه‌السلام ثم نتوجه الى بخارا؟ فقال القمى : قد بعثنا سلطاننا برسالة الى الحضرة ببخارا فلا يجوز لنا أن نشتغل بغيرها حتى نفرغ منها ، فقصدا بخارا وأديا ورجعا حتى حاذيا طوى ، فقال الرازي للقمي : الا نزور الرضا عليه‌السلام؟ فقال : خرجت من قم مرجئا ولا أرجع إليها رافضيا ، قال : فسلم الرازي أمتعته ودوابه اليه وركب حمارا وقصد مشهد الرضا عليه‌السلام وقال لخدام المشهد : خلوا الى المشهد هذه الليلة ، وادفعوا الى مفتاحه ففعلوا ذلك ، قال : فدخلت المشهد وغلقت الباب وزرت الرضا عليه‌السلام ثم قمت عند رأسه وصليت ما شاء الله تعالى ، وابتدأت في قراءة القرآن من أوله قال : فكنت أسمع صوتا بالقرآن كما أقرأ ، فقطعت صلوتى ودرت المشهد كله وطلبت نواحيه فلم أر أحدا ، فعدت الى مكاني وأخذت في القرائة من أول القرآن فكنت أسمع مثل ما اقرأ حتى بلغت آخر مريم فقرأت : (يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْداً) فسمعت الصوت من القبر : «يوم يحشر المتقون الى الرحمن وفدا ويساق المجرمون الى جهنم وردا» حتى ختمت القرآن وختم ، فلما أصبحت رجعت الى نوقان فسألت من بها من المقرئين عن هذه القرائة ، فقالوا هذا في اللفظ والمعنى مستقيم لكنا لا نعرف في قراءة أحد قال فرجعت الى نيسابور فسئلت من المقرئين عن هذه القرائة فلم يعرفها أحد منهم حتى رجعت الى الري فسئلت بعض المقرئين عن هذه القرائة فقلت : من قرء «يوم يحشر المتقون الى الرحمن وفدا ويساق المجرمون الى جهنم وردا»؟ فقالوا لي : اين جئت بهذا؟ فقلت : وقع لي احتياج الى معرفتها في أمر


حدث ، فقال : هذه قراءة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من رواية أهل البيت عليهم‌السلام ثم استحكاني السبب الذي من أجله سألت عن هذه القرائة فقصيت عليه القصة وصحت لي القرائة.

١٥٢ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد ابن سنان عن أبي الجارود قال : قال أبو جعفر عليه‌السلام : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أنا أول وافد على العزيز الجبار يوم القيامة وكتابه وأهل بيتي ثم أمتي ثم أسألهم ما فعلتم بكتاب الله وأهل بيتي؟.

١٥٣ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثني أبي عن محمد بن أبي عمير عن عبد الله بن شريك العامري عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سأل على صلوات الله عليه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عن تفسير قوله عزوجل : (يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْداً) قال : يا على الوفد لا يكون الا ركبانا ، أولئك رجال اتقوا الله عزوجل فأحبهم ، واختصهم ورضى أعمالهم ، فسماهم الله متقين ، ثم قال : يا على أما والذي فلق الحبة وبرىء النسمة انهم ليخرجون من قبورهم وبياض وجوههم كبياض الثلج ، عليهم ثياب بياضها كبياض اللبن ، عليهم نعال الذهب شراكها من لؤلؤ يتلالأ.

١٥٤ ـ وفي حديث آخر قال : ان الملائكة لتستقبلهم بنوق من نوق الجنة ، عليها رحائل الذهب مكللة بالدر والياقوت ، وجلالها (١) الإستبرق والسندس وخطامها جذل الأرجوان (٢) وأزمتهم من زبرجد ، فتطير بهم الى المحشر ، مع كل رجل منهم ألف ملك من قدامه وعن يمينه وعن شماله ، يزفونهم (٣) حتى ينتهوا بهم الى باب الجنة الأعظم ، وعلى باب الجنة شجرة ، الورقة منها يستظل تحتها مأة ألف

__________________

(١) جلال ـ ككتاب ـ جمع الجل وهو للدابة كالثوب للإنسان تصان به.

(٢) الجذل : أصل الشجر الخشبي والأرجوان : شجرة صغيرة الحجم من فصيلة القرنيات زهرها وردي يظهر في مطلع الربيع قبل الأوراق.

(٣) زف العروس الى زوجها : أهداها ، قال المجلسي (ره) في مرآة العقول اى يذهبون بهم على غاية الكرامة كما يزف العروس الى زوجها.


من الناس ، وعن يمين الشجرة عين مطهرة مكوكبة (١) قال : فيسقون منها شربة فيطهر الله عزوجل قلوبهم من الحسد ويسقط عن أبشارهم الشعر. وذلك قوله عزوجل : (وَسَقاهُمْ رَبُّهُمْ شَراباً طَهُوراً) من تلك العين المطهرة ، ثم يرجعون الى عين اخرى عن يسار الشجرة فيغتسلون منها ، وهي عين الحيوة ، فلا يموتون أبدا.

ثم قال : يوقف بهم قدام العرش وقد سلموا من الآفات والأسقام والحر والبرد ، قال فيقول الجبار جل ذكره للملائكة الذين معهم : احشروا أوليائى الى الجنة ولا تقفوهم مع الخلائق ، قد سبق رضائى عنهم ووجبت لهم رحمتي ، فكيف أريد أن أوقفهم مع أصحاب الحسنات والسيئات ، فتسوقهم الملائكة الى الجنة ، فاذا انتهوا الى باب الجنة الأعظم ضربوا الملائكة الحلقة ضربة فتصر صريرا (٢) فيبلغ صوت صريرها كل حوراء خلقها الله عزوجل وأعدها لأوليائه ، فيتباشروا إذ سمعوا صوت صرير الحلقة ويقول بعضهم لبعض : قد جاءنا أولياء الله فيفتح لهم الباب ، فيدخلون الجنة ويشرف عليهم أزواجهم من الحور العين والآدميين ، فيقلن : مرحبا بكم فما كان أشد شوقنا إليكم ، ويقول لهم أولياء الله مثل ذلك ، فقال على صلوات الله عليه : من هؤلاء يا رسول الله؟ فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا على هؤلاء شيعتك المخلصون في ولايتك ، وأنت امامهم وهو قول الله عزوجل : (يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْداً) على الرحائل ، (وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلى جَهَنَّمَ وِرْداً).

في روضة الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن محبوب عن محمد بن اسحق المدني عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله سئل عن قول الله عزوجل : (يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْداً) فقال : يا على ان الوفد لا يكونون الا ركبانا ، وذكر نحو ما في تفسير على بن إبراهيم الى قوله : ويقول لهن أولياء الله مثل ذلك.

__________________

(١) كذا في النسخ لكن في المصدر وكتاب الروضة والمنقول عنهما في البحار «مزكية» وهو الظاهر.

(٢) صر صريرا : صوت وصاح شديدا.


١٥٥ ـ في محاسن البرقي عنه عن يعقوب بن يزيد عن ابن أبي عمير عن حماد بن عثمان وغيره عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْداً) قال : يحشرون على النجائب.

١٥٦ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثنا جعفر بن أحمد عن عبد الله بن موسى عن الحسن بن على بن أبي حمزة عن أبيه عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قوله عزوجل : (لا يَمْلِكُونَ الشَّفاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ) الرحمان عهدا قال : لا يشفع ولا يشفع لهم ولا يشفعون (إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً) الا من أذن له بولاية أمير المؤمنين والائمة من بعده صلوات الله عليه وعليهم فهو العهد عند الله.

١٥٧ ـ حدثني أبي عن الحسن بن محبوب عن سليمان بن جعفر عن أبي عبد الله عليه‌السلام عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من لم يحسن وصيته عند موته كان نقصا في مروته ، قلت : يا رسول الله وكيف يوصى عند الموت؟ قال : إذا حضرته الوفاة واجتمع الناس اليه قال : اللهم فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم ، انى أعهد إليك في دار الدنيا انى أشهد أن لا اله الا أنت وحدك لا شريك لك ، وان محمدا عبدك ورسولك ، وان الجنة حق وان النار حق وان البعث حق والحساب حق والقدر والميزان حق ، وان الدين كما وصفت وان السلام كما شرعت ، وان القول كما حدثت وان القرآن كما أنزلت ، وانك أنت الله الحق المبين ، جزى الله محمدا خير الجزاء وحيا الله محمدا وآل محمد بالسلام ، اللهم يا عدتي عند كربتي ويا صاحبي عند شدتي ويا وليي في نعمتي : الهى وآله آبائي لا تكلني الى نفسي طرفة عين ، فانك ان تكلني الى نفسي أقرب من الشر وأبعد من الخير ، فآنس في القبر وحشتي ، واجعل لي عهدا يوم ألقاك منشورا ، ثم يوصى بحاجته وتصديق هذه الوصية في سورة مريم عليها‌السلام في قوله عزوجل : (لا يَمْلِكُونَ الشَّفاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً) فهذا عهد الميت والوصية حق على كل مسلم أن يحفظ هذه الوصية ويتعلمها ، وقال علي عليه‌السلام : علمنيها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقال : علمنيها جبرئيل عليه‌السلام.


وفي الكافي وتهذيب الأحكام مثل هذه الوصية سواء.

١٥٨ ـ في جوامع الجامع وعن ابن مسعود أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال لأصحابه ذات يوم أيعجز أحد كم ان يتخذ عند كل صباح ومساء عند الله عهدا؟ قالوا : وكيف ذاك؟ قال : يقول : اللهم فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة انى أعهد إليك بأنى اشهد أن لا اله الا أنت وحدك لا شريك لك ، وأن محمدا عبدك ورسولك ، وانك ان تكلني الى نفسي تقربني من الشر وتباعدني من الخير ، وانى لا أثق الا برحمتك فاجعل لي عندك عهدا توفينيه يوم القيمة ، انك لا تخلف الميعاد ، فاذا قال ذلك طبع عليه بطابع ووضع تحت العرش ، فاذا كان يوم القيامة نادى مناد : اين الذين لهم عند الله عهد؟ فيدخلون الجنة.

١٥٩ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن سلمة بن الخطاب عن الحسن بن عبد الرحمن عن على بن أبي حمزة عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قلت : قوله : (لا يَمْلِكُونَ الشَّفاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً) قال : الا من دان الله بولاية أمير المؤمنين والائمة من بعده ، فهو العهد عند الله.

١٦٠ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثنا جعفر بن أحمد عن عبد الله بن موسى عن الحسن بن أبي حمزة عن أبيه عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قلت : قوله : عزوجل : (وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً) قال هذا حيث قالت قريش : ان لله عزوجل ولدا ، وان الملائكة إناث ، فقال الله تبارك وتعالى ردا عليهم : (لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدًّا) اى عظيما تكاد السموات يتفطرن منه يعنى مما قالوه ومما رموه به و (تَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا) مما قالوه ومما رموه به (أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمنِ وَلَداً) فقال الله تبارك وتعالى : (وَما يَنْبَغِي لِلرَّحْمنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمنِ عَبْداً لَقَدْ أَحْصاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَرْداً) واحدا واحدا.

١٦١ ـ حدثني أبي عن اسحق بن الهيثم عن سعد بن طريف عن الأصبغ بن نباتة عن على عليه‌السلام انه قال : ان الشجر لم يزل حصيدا كله حتى دعا للرحمن ولد ، عز الرحمن وجل أن يكون له ولد ، وكادت (السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ


الْجِبالُ هَدًّا) ، فعند ذلك اقشعر الشجر وصار له شوك حذارا أن ينزل به العذاب وهذا الحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٦٢ ـ وفيه متصلا بقوله : واحدا واحدا ، قلت : قوله عزوجل : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا) قال : ولاية أمير المؤمنين عليه‌السلام هي الود الذي ذكره الله عزوجل.

١٦٣ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن سلمة بن الخطاب عن الحسن بن عبد الرحمن عن على بن أبي حمزة عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قلت : قوله : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا) قال : ولاية أمير المؤمنين هي الود الذي قال الله.

١٦٤ ـ في تفسير العياشي عن عمار بن سويد قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول في هذه الاية : (فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ ما يُوحى إِلَيْكَ) وذكر حديثا طويلا وفي آخره : ودعا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لأمير المؤمنين عليه‌السلام في آخر صلوته رافعا بها صوته يسمع الناس يقول : اللهم هب لعلى المودة في صدور المؤمنين ، والهيبة والعظمة في صدور المنافقين فأنزل الله : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُدًّا) بنى امية ، فقال : ركع (١) والله لصاع من تمر في شن بال (٢) أحب الى مما سأل محمد ربه ، أفلا سأله ملكا يعضده ، أو كنزا يستظهر به على فاقته؟ فأنزل الله فيه عشر آيات من هود أولها : (فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ ما يُوحى إِلَيْكَ) الاية.

١٦٥ ـ في مجمع البيان (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا) قيل فيه أقوال : أحدها انها خاصة في على عليه‌السلام ، فما من مؤمن الا وفي قلبه محبة لعلى عليه‌السلام عن ابن عباس ، و

في تفسير أبي حمزة الثمالي حدثني أبو جعفر الباقر عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لعلى : قل اللهم اجعل لي عندك عهدا ، واجعل لي في قلوب

__________________

(١) كناية عن أحدهما وقد مر أيضا في سورة هو دو في المصدر «رمع» وهي كلمة مقلوبة.

(٢) الشن. القربة الصغيرة.


المؤمنين ودا ، فقالهما فنزلت هذه الاية وروى نحوه عن جابر بن عبد الله الى قوله.

١٦٦ ـ ويؤيد القول الاول ما صح عن أمير المؤمنين عليه‌السلام انه قال : لو ضربت خيشوم (١) المؤمن بسيفي هذا على أن يبغضني ما أبغضنى ، ولو صببت الدنيا بجملتها على المنافق على أن يحبني ما أحبنى ، وذلك انه قضى فانقضى على لسان النبي الأمي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال : لا يبغضك مؤمن ولا يحبك منافق.

١٦٧ ـ في تفسير على بن إبراهيم واما قوله : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا) فانه قال الصادق عليه‌السلام كان سبب نزول هذه الاية ان أمير المؤمنين كان جالسا بين يدي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال له : قل يا على : اللهم اجعل لي في قلوب المؤمنين ودا ، فأنزل الله : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا) ثم خاطب الله نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : (فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ) يعنى القرآن لتبشر به المتقين وتنذر قوما لدا قال : أصحاب الكلام والخصومة.

١٦٨ ـ في روضة الواعظين للمفيد رحمه‌الله قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا) هو على و (فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُدًّا) قال : انما يسره الله على لسانه حين أقام أمير المؤمنين عليه‌السلام علما فبشر به المؤمنين وأنذر به الكافرين ، وهم الذين ذكرهم الله في كتابه «لدا» اى كفارا.

١٦٩ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثنا جعفر بن أحمد عن عبد الله بن موسى عن الحسن بن على بن أبي حمزة عن أبيه عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قلت : قوله تبارك وتعالى : (فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُدًّا) قال : انما يسره الله عزوجل على لسان نبينا صلى‌الله‌عليه‌وآله حين أقام أمير المؤمنين صلوات الله عليه علما فبشر به المؤمنين ، وانذر به الكافرين ، وهم الذين ذكرهم الله تعالى : «قوما لدا» اى كفارا قلت : قوله عزوجل : (وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً) قال : أهلك الله عزوجل من الأمم ما لا تحصون

__________________

(١) الخيشوم أقصى الأنف.


فقال : يا محمد (هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً) اى ذكرا والحمد لله.

١٧٠ ـ في روضة الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن على بن أسباط عنهم عليهم‌السلام قال : فيما وعظ الله عزوجل به عيسى عليه‌السلام : وطأ رسوم منازل من قبلك وأدعهم وناجهم (هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ) ، وخذ موعظتك منهم ، واعلم أنك ستلحقهم في اللاحقين.


بسم الله الرحمن الرحيم

١ ـ في كتاب ثواب الأعمال عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : لا تدعوا قراءة سورة طه فان الله يحبها ويحب من قرأها ، ومن أد من قراءتها أعطاه الله يوم القيامة كتابه بيمينه ولم يحاسبه بما عمل في الإسلام ، واعطى في الاخرة من الأجر حتى يرضى.

٢ ـ في مجمع البيان أبي بن كعب عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : من قرأها اعطى يوم القيمة ثواب المهاجرين والأنصار.

٣ ـ أبو هريرة عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ان الله تعالى قرأ طه ويس قبل أن يخلق آدم بألفى عام ، فلما سمعت الملائكة القرآن قالوا : طوبى لامة ينزل هذا عليها ، وطوبى لاجواف تحمل هذا ، وطوبى لالسن تكلم بهذا.

٤ ـ وعن الحسن قال : قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : لا يقرء أهل الجنة من القرآن الا يس وطه.

٥ ـ وقد روى ان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله كان برفع احدى رجليه في الصلوة ليزيد تعبه ، فأنزل الله تعالى : (طه ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى) فوضعها وروى ذلك عن أبي عبد الله عليه‌السلام.

٦ ـ في كتاب مقتل الحسين عليه‌السلام لأبي مخنف رحمه‌الله ان على بن الحسين عليهما‌السلام قال لمجمع بن يزيد لعنه الله : أنا ابن من أشرقت عليه شجرة طوبى وأنا ابن من هو : (طه ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى).

٧ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثني أبي عن القاسم بن محمد عن على عن أبي بصير عن أبي عبد الله وأبي جعفر عليهما‌السلام قالا : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا صلى قام على أصابع رجليه حتى تورم فأنزل الله تبارك وتعالى : «طه» بلغة طي يا محمد (ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ


الْقُرْآنَ لِتَشْقى إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشى).

٨ ـ في كتاب معاني الاخبار باسناده الى سفيان بن سعيد الثوري عن الصادق عليه‌السلام حديث طويل يقول فيه عليه‌السلام : واما «طه» فاسم من أسماء النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ومعناه : يا طالب الحق الهادي اليه (ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى) بل لتسعد.

٩ ـ في أصول الكافي حميد بن زياد عن الحسن بن محمد بن سماعة عن وهب ابن حفص عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عند عائشة ليلتها ، فقالت : يا رسول الله لم تتعب نفسك وقد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟

فقال : يا عائشة ألا أكون عبدا شكورا؟ قال : وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقوم على أطراف أصابع رجليه فأنزل الله سبحانه : (طه ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى).

١٠ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه‌الله روى عن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عن الحسين بن على عليه‌السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : ولقد قام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عشر سنين على أطراف أصابعه حتى تورمت قدماه واصفر وجهه ، يقوم الليل اجمع حتى عوتب في ذلك ، فقال الله عزوجل : (طه ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى) بل لتسعد به

والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١١ ـ في أمالي شيخ الطائفة قدس‌سره باسناده الى ابن عباس قال : كنا جلوسا مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله إذ هبط عليه الأمين جبرئيل عليه‌السلام ، ومعه جام من البلور الأحمر مملو مسكا وعنبرا ، وكان الى جنب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله على بن أبي طالب وولده الحسن والحسين عليهم‌السلام ، فقال له : السلام عليك ، الله يقرء عليك السلام ويحييك بعده التحية ، ويأمرك أن تحيى عليا وولديه ، قال ابن عباس : فلما صارت في كف رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله هلل ثلاثا وكبر ثلاثا ، ثم قال بلسان ذرب (١) طلق يعنى الجام : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ طه ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى) والحديث طويل أخذنا منه هذه الكرامة.

١٢ ـ في كتاب التوحيد عن أبي عبد الله عليه‌السلام حديث طويل وفيه قال السائل :

__________________

(١) لسان ذرب : فصيح.


فقوله : (الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى) قال أبو عبد الله عليه‌السلام : بذلك وصف نفسه وكذلك هو مستول على العرش ، باين من خلقه من غير أن يكون العرش حاملا له ، ولا أن يكون العرش حاويا له ، ولا أن يكون العرش ممتازا له ، ولكنا نقول : هو حامل العرش وممسك العرش ، ونقول من ذلك ما قال : (وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) فثبتنا من العرش والكرسي ما ثبته ، ونفينا أن يكون العرش أو الكرسي حاويا وأن يكون عزوجل محتاجا الى مكان أو الى شيء مما خلق ، بل خلقه محتاجون اليه.

١٣ ـ وفيه خطبة عجيبة لأمير المؤمنين عليه‌السلام وفيها : والمستوى على العرش بلا زوال.

١٤ ـ وفيه عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله حديث طويل يذكر فيه عظمة الله جل جلاله يقول فيه صلى‌الله‌عليه‌وآله بعد ان ذكر الأرضين السبع ، ثم السموات السبع ، والبحر المكفوف ، وجبال البرد ، وحجب النور والهواء الذي تحار فيه القلوب : وهذه السبع والبحر المكفوف ، وجبال البرد والهواء والحجب والكرسي عند العرش كحلقة في فلاة قي (١) ثم تلا هذه الاية : (الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى) ما تحمله الاملاك الا بقول لا اله الا الله ولا حول ولا قوة الا بالله ، في روضة الكافي محمد بن يحيى عن احمد بن محمد عن عبد الرحمن بن أبي نجران عن صفوان عن خلف بن حماد عن الحسين بن زيد الهاشم عن أبي عبد الله عليه‌السلام عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله مثله الى قوله : استوى.

١٥ ـ في كتاب التوحيد باسناده الى محمد بن مازن ان أبا عبد الله عليه‌السلام سئل عن قول الله عزوجل : (الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى) «فقال استوى من كل شيء فليس شيء أقرب اليه من شيء. وفي تفسير على بن إبراهيم مثله.

١٦ ـ أبي رحمه‌الله قال : حدثنا سعد بن عبد الله عن محمد بن الحسن عن صفوان ابن يحيى عن عبد الرحمن بن الحجاج قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى) فقال : استوى من كل شيء. فليس شيء أقرب اليه

__________________

(١) القى ـ بكسر القاف ـ : قفر الأرض والخلاء.


من شيء ، لم يبعد منه بعيد ولم يقرب منه قريب ، استوى من كل شيء وفي الكافي مثله سواء.

١٧ ـ وباسناده الى زادان عن سلمان الفارسي حديث طويل يذكر فيه قدوم الجاثليق المدينة مع مأة من النصارى بعد قبض رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وسؤاله أبا بكر عن مسائل لم يجبه عنها ، ثم أرشد الى أمير المؤمنين عليه‌السلام فسأله عنها فأجابه ، فكان فيما سأله أن قال له : أخبرنى عن ربك أيحمل أو يتحمل؟ فقال على عليه‌السلام : ان ربنا جل جلاله يحمل ولا يحمل قال النصراني : وكيف ذلك ونحن نجد في الإنجيل : (وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ) فقال على عليه‌السلام : ان الملائكة تحمل العرش وليس العرش كما تظن كهيئة السرير ، ولكنه شيء محدود مخلوق مدبر وربك عزوجل مالكه ، لا أنه عليه ككون الشيء على الشيء ، وأمر الملائكة بحمله ، فهم يحملون العرش بما أقدرهم عليه ، قال النصراني : صدقت يرحمك الله.

١٨ ـ وباسناده الى الحسن بن موسى الخشاب عن بعض رجاله رفعه عن أبي عبد الله عليه‌السلام انه سئل عن قول الله عزوجل : (الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى) فقال : استوى من كل شيء ، فليس شيء أقرب اليه من شيء.

١٩ ـ وباسناده الى أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : من زعم ان الله عزوجل من شيء أو في شيء أو على شيء فقد كفر ، قلت : فسر لي : قال : اعنى بالحواية من الشيء له أو بإمساكه له أو من شيء سبقه.

٢٠ ـ وفي رواية اخرى قال : من زعم ان الله من شيء فقد جعله محدثا ، ومن زعم ان الله في شيء فقد جعله محصورا ، ومن زعم انه على شيء فقد جعله محمولا.

٢١ ـ وباسناده الى مقاتل بن سليمان قال : سألت جعفر بن محمد عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى) فقال استوى من كل شيء فليس شيء أقرب اليه من شيء.

٢٢ ـ وباسناده الى الحسن بن محبوب عن حماد قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام :


كذب من زعم ان الله عزوجل من شيء أو في شيء أو على شيء.

٢٣ ـ وباسناده الى محمد بن سنان عن المفضل بن عمر عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : من زعم ان الله من شيء أو في شيء أو على شيء فقد أشرك ، ثم قال : من زعم ان الله من شيء فقد جعله محدثا ، ومن زعم انه في شيء فقد زعم انه محصور ، ومن زعم انه على شيء فقد جعله محمولا.

٢٤ ـ وباسناده الى حنان بن سدير قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن العرش والكرسي فقال : ان للعرش صفات كثيرة مختلفة ، له في كل سبب وضع في القرآن صفة على حدة ، فقوله : (رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ) يقول : الملك العظيم ، وقوله : (الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى) يقول : على الملك احتوى ، وهذا ملك الكيفوفية في الأشياء ، ثم العرش في الوصل منفرد من الكرسي لأنهما بابان من أكبر أبواب الغيوب ، وهما جميعا غيبان ، وهما في الغيب مقرونان ، لان الكرسي هو الباب الظاهر من الغيب الذي منه يطلع البدع ، ومنه الأشياء كلها ، والعرش هو الباب الباطن الذي يوجد فيه علم الكيف والكون والقدر والحد والأين والمشية ، وصفة الارادة وعلم الألفاظ والحركات ، والترك وعلم العود والبدا ، فهما في العلم بابان مقرونان ، لان ملك العرش سوى ملك الكرسي ، وعلمه أغيب من علم الكرسي ، فمن ذلك قال : (رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ) اى صفته أعظم من صفة الكرسي ، وهما في ذلك مقرونان.

٢٥ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده الى الحسن بن عبد الله عن آبائه عن جده الحسن بن على بن أبي طالب عليهم‌السلام قال : جاء نفر من اليهود الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فسألوه عن أشياء فكان فيما سألوه عنه ان قال له أحدهم : لم صار البيت المعمور مربعا؟ قال : لأنه بحذاء العرش ، فقيل له : ولم صار العرش مربعا؟ قال لان الكلمات التي بنى عليها أربع : سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله أكبر والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٢٦ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه‌الله عن أمير المؤمنين عليه‌السلام حديث طويل وفيه قوله : (الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى) يعنى استوى تدبيره وعلا أمره.


٢٧ ـ وعن الحسن بن راشد قال : سئل أبو الحسن موسى عليه‌السلام عن قول الله : (الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى) فقال : استولى على ما دق وجل.

٢٨ ـ في أصول الكافي خطبة مروية عن أمير المؤمنين عليه‌السلام وفيها : والمستوى على العرش بغير زوال.

٢٩ ـ في كتاب الخصال في سؤال بعض اليهود عليا عليه‌السلام عن الواحد الى المأة قال له اليهودي : فربك يحمل أو يحمل؟ قال : ان ربي يحمل كل شيء بقدرته ، ولا يحمله شيء ، قال : فكيف قوله عزوجل : (وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ)؟ قال : يا يهودي ألم تعلم أن لله ما في السموات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى فكل شيء على الثرى والثرى على القدرة ، والقدرة تحمل كل شيء.

٣٠ ـ في كتاب التوحيد حديث طويل عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يذكر فيه عظمة الله جل جلاله وفيه يقول عليه‌السلام بعد ان ذكر الأرضين السبع وما فيهن وما عليهن : والسبع ومن فيهن ومن عليهن ، على ظهر الديك كحلقة في فلاة قي ، والديك له جناح بالمشرق وجناح بالمغرب ، ورجلاه بالتخوم والسبع ، والديك بمن فيه ومن عليه على الصخرة كحلقة في فلاة قي ، والسبع والديك والصخرة بمن فيها ومن عليها على ظهر الحوت كحلقة في فلاة قي ، والسبع والديك والصخرة والحوت عند البحر المظلم كحلقة في فلاة قي ، والسبع والديك والصخرة والحوت والبحر المظلم عند الهواء كحلقة في فلاة قي ، والسبع والديك والصخرة والحوت والبحر المظلم والهواء عند الثرى كحلقة في فلاة قي ، ثم تلا هذه الاية : (لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَما تَحْتَ الثَّرى) ثم انقطع الخبر.

في روضة الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن عبد الرحمن بن أبي نجران عن صفوان عن خلف بن حماد عن الحسين بن زيد الهاشمي عن أبي عبد الله عليه‌السلام عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله مثله.

٣١ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده الى محمد بن يعقوب عن على بن محمد باسناده رفعه قال : قال على عليه‌السلام ليهودى وقد سأله عن مسائل : اما قرار هذه الأرض


لا يكون الا على عاتق ملك ، وقدما ذلك الملك على صخرة. والصخرة على قرن ثور والثور قوائمه على ظهر الحوت ، والحوت في اليم الأسفل ، واليم على الظلمة ، والظلمة على العقيم ، والعقيم على الثرى ، وما يعلم تحت الثرى الا الله تعالى ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٣٢ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثني أبي عن على بن مهزيار عن العلاء المكفوف عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سئل عن الأرض على اى شيء هي؟ قال : على الحوت ، قيل له : فالحوت على أى شيء هو؟ قال : على الماء ، فقيل له : الماء على اى شيء هو؟ قال : على الثرى قيل له : فالثرى على اى شيء هو؟ قال : عند ذلك انقضى علم العلماء.

٣٣ ـ محمد بن أبي عبد الله عن سهل عن الحسن بن محبوب عن جميل بن صالح عن أبان بن تغلب قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الأرض على أى شيء هي؟ قال : على الحوت : قلت : فالحوت على اى شيء هو؟ قال : على الماء ، قلت : فالماء على أى شيء هو؟ قال : على الصخرة ، قلت : فعلى أى شيء الصخرة؟ قال : على قرن ثور أملس ، قلت فعلى اى شيء الثور؟ قال : على الثرى؟ قلت : فعلى اى شيء الثرى؟ قال : هيهات هيهات عند ذلك ضل علم العلماء.

في روضة الكافي محمد بن أحمد عن ابن محبوب عن جميل بن صالح عن أبان بن تغلب عن أبي عبد الله عليه‌السلام مثله.

٣٤ ـ في بصائر الدرجات أحمد بن محمد وعبد الله بن عامر عن محمد بن سنان عن محمد الجعفي قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول ـ وقد ذكر أئمة الهدى عليهم‌السلام ـ : جعلهم الله أركان الأرض أن تميد بأهلها ، والحجة البالغة على من في الأرض ومن تحت الثرى.

٣٥ ـ في أصول الكافي باسناده الى المفضل بن عمر عن أبي عبد الله عليه‌السلام حديث طويل يذكر فيه الائمة عليهم‌السلام وفيه : جعلهم الله أركان الأرض أن تميد بأهلها ، وحجته البالغة على من فوق الأرض ومن تحت الثرى.

٣٦ ـ وباسناده الى سعيد الأعرج عن أبي عبد الله عليه‌السلام حديث طويل يذكر فيه حال الائمة عليهم‌السلام وفيه : جعلهم الله أركان الأرض أن تميد بهم ، والحجة البالغة


على من فوق الأرض ومن تحت الثرى.

٣٧ ـ في كتاب معاني الاخبار حدثنا محمد بن على ما جيلويه رضى الله عنه قال : حدثني عمى محمد بن أبي القاسم عن محمد بن على الكوفي قال : حدثني موسى بن سعدان الحناط عن عبد الله بن القاسم عن عبد الله بن مسكان عن محمد بن مسلم قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : يعلم السر وأخفى قال : السر ما أكننته (١) في نفسك وأخفى ما خطر ببالك ثم أنسيته.

٣٨ ـ في مجمع البيان وروى عن السيدين الباقر والصادق عليهما‌السلام : السر ما أخفيته في نفسك ، وأخفى ما خطر ببالك ثم أنسيته.

٣٩ ـ له الأسماء الحسنى روى عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله انه قال : ان لله سبحانه تسعة وتسعين اسما من أحصاها دخل الجنة.

٤٠ ـ في تفسير على بن إبراهيم وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله : (آتِيكُمْ مِنْها بِقَبَسٍ) يقول : آتيكم بقبس من النار تصطلون من البرد (أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدىً) كان قد اخطأ الطريق يقول : (أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ) طريقا.

٤١ ـ وفيه وقوله عزوجل : فاخلع نعليك قال : كانتا من جلد حمار ميت.

٤٢ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده الى سعد بن عبد الله القمى عن الحجة القائم عليه‌السلام حديث طويل وفيه : قلت فأخبرنى يا بن رسول الله عن أمر الله لنبيه موسى : (فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ) فان فقهاء الفريقين يزعمون انها كانت من إهاب الميتة؟ قال صلوات الله عليه : من قال ذلك فقد افترى على موسى عليه‌السلام ، واستجهله في نبوته ، لأنه ما خلا الأمر فيها من خطيئتين : اما ان تكون صلوة موسى فيها جائزة أو غير جائزة ، فان كانت صلوته جائزة جاز له لبسها في تلك البقعة إذا لم تكن مقدسة ، وان كانت مقدسة مطهرة فليست بأقدس وأطهر من الصلوة ، وان كانت صلوته غير جائزة فيها فقد أوجب على موسى عليه‌السلام انه لم يعرف

__________________

(١) وفي نسخة «ما أسكنته» مكان «أكننته».


الحلال من الحرام ، وعلم ما جاز فيه الصلوة وما لم يجز وهذا كفر ، قلت : فأخبرنى يا مولاي عن التأويل فيها ، قال صلوات الله عليه : ان موسى ناجى ربه بالواد المقدس فقال : يا رب انى قد أخلصت لك المحبة منى ، وغسلت قلبي عمن سواك ، وكان شديد الحب لأهله ، فقال الله تعالى : «اخلع نعليك» اى انزع حب أهلك من قلبك ان كانت محبتك لي خالصة ، وقلبك من الميل الى من سواي مغسول.

٤٣ ـ وروى انه أمر بخلعهما لأنهما كانا من جلد حمار ميت.

٤٤ ـ وروى في قوله عزوجل : (فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ) اى خوفيك : خوفك من ضياع أهلك ، وخوفك من فرعون (١).

٤٥ ـ وروى عن الصادق عليه‌السلام انه قال لبعض أصحابه : كن لما لا ترجو أرجى منك لما ترجو ، فان موسى بن عمران خرج ليقبس لأهله نارا ، فرجع إليهم وهو رسول نبي.

٤٦ ـ في مجمع البيان وقال الصادق عليه‌السلام حدثني أبي عن جدي عن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : كن لما لا ترجو أرجى منك لما ترجو ، فان موسى بن عمران خرج يقتبس لأهله نارا ، فكلمه الله عزوجل فرجع نبيا ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٤٧ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده الى عبد الله بن يزيد بن سلام انه سأل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : أخبرنى عن الوادي المقدس؟ فقال : لأنه قدست فيه الأرواح واصطفيت فيه الملائكة ، وكلم الله عزوجل موسى تكليما ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٤٨ ـ في من لا يحضره الفقيه وسئل الصادق عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً) قال : كانتا من جلد حمار ميت.

٤٩ ـ في الخرائج والجرائح قال على بن أبي حمزة : كنت مع موسى عليه‌السلام بمنى ثم مضى الى دار بمكة فأتيته وقد صلى المغرب ، فدخلت عليه فقال : (فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ)

__________________

(١) «روى في كتاب العلل هذين الحديثين اعنى : كونهما من جلد حمار ميت ، وقوله : اى خوفيك الى آخره مسندين عن الصادق عليه‌السلام الا انه في كتاب العلل : يعنى ارفع خوفيك يعنى خوفه من ضياع أهله فقد خلفها بمخض ، وخوفه من فرعونه ـ منه (ره)» (عن هامش بعض النسخ)


فخلعت نعلى وجلست معه والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٥٠ ـ في الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد ومحمد ابن خالد جميعا عن القاسم بن عروة عن عبيد بن زرارة عن أبيه عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : إذا فاتتك صلوة فذكرتها في وقت أخرى فان كنت تعلم انك إذا صليت التي فاتتك كنت من الاخرى في وقت فابدأ بالتي فاتتك ، فان الله عزوجل : يقول : أقم الصلوة لذكرى وان كنت تعلم انك إذا صليت التي فاتتك ، التي بعدها فابدأ بالتي أنت في وقتها ، فصلها ثم أقم الاخرى.

٥١ ـ في مجمع البيان وقيل : معناه أقم الصلوة متى ذكرت ان عليك صلوة كنت في وقتها أم لم تكن عن أكثر المفسرين وهو المروي عن أبي جعفر عليه‌السلام ويعضده ما رواه انس عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : من نسي صلوة فليصلها إذا ذكرها لا كفارة لها غير ذلك ، وقرأ : أقم الصلوة لذكرى رواه مسلم في الصحيح.

٥٢ ـ في تفسير على بن إبراهيم (وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي) قال : إذا نسيتها ثم ذكرتها فصلها.

٥٣ ـ وفيه وقال على بن إبراهيم في قوله : (إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكادُ أُخْفِيها) قال : من نفسي ، هكذا نزلت ، قلت : كيف يخفيها من نفسه؟ قال : جعلها من غير وقت.

٥٤ ـ في مجمع البيان وروى عن ابن عباس «أكاد أخفيها من نفسي» وهي كذلك في قراءة أبي وروى ذلك عن الصادق عليه‌السلام.

٥٥ ـ في جوامع الجامع وفي مصحف أبي «أكاد أخفيها من نفسي» وروى ذلك عن الصادق عليه‌السلام.

٥٦ ـ في كتاب طب الائمة عليهم‌السلام باسناده الى جابر الجعفي عن الباقر عليه‌السلام قال : وقال الله عزوجل : في قصة موسى عليه‌السلام (أَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ) يعنى من غير مرض والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة ، وذكرناه هنا وان كانت آية القصص لتفسير من غير سوء وسنذكرها فيها إنشاء الله تعالى.


٥٧ ـ في جوامع الجامع روى انه كان عليه‌السلام آدم ، فأخرج يده من مدرعته بيضاء لها شعاع كشعاع الشمس يغشى البصر.

٥٨ ـ في مجمع البيان عن ابن عباس عن أبي ذر الغفاري قال : صليت مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يوما من الأيام صلوة الظهر ، فسأل سائل في المسجد فلم يعطه أحد فرفع السائل يده الى السماء وقال : اللهم انى سألت في مسجد رسول الله فلم يعطني أحد شيئا ، وكان على عليه‌السلام راكعا فأومى بخنصره اليمنى اليه ، وكان يتختم فيها ، فأقبل السائل حتى أخذ الخاتم من خنصره ، وذلك بعين النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فلما فرغ النبي من صلوته رفع رأسه الى السماء وقال : اللهم ان أخى موسى سألك فقال : (رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي هارُونَ أَخِي اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي) فأنزلت عليه قرآنا ناطقا : (سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُما سُلْطاناً فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُما) اللهم وأنا محمد نبيك وصفيك اللهم فاشرح صدري ، ويسر لي أمرى ، واجعل لي وزيرا من أهلى ، عليا اشدد به ظهري ، قال أبو ذر : فو الله ما استتم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الكلمة حتى نزل عليه جبرئيل من عند الله ، فقال : يا محمد اقرأ ، قال : وما اقرأ؟ قال : اقرأ : (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ) الاية.

٥٩ ـ في قرب الاسناد للحميري باسناده الى جعفر بن محمد عن أبيه عليهما‌السلام قال : وقف النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بمعرج ثم قال : اللهم ان عبدك دعاك فاستجبت له ، وألقيت عليه محبة منك ، وطلب منك أن تشرح له صدره وتيسر له أمره وتجعل له وزيرا من أهله وتحل العقدة من لسانه ، وأنا اسألك بما سألك به عبدك موسى ان تشرح به صدري وتيسر لي أمرى ، وتجعل لي وزيرا من أهلى عليا أخى.

٦٠ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده الى هشام بن سالم قال : قلت للصادق جعفر بن محمد عليهما‌السلام : الحسن أفضل أم الحسين؟ فقال : الحسن أفضل من الحسين. قلت : فكيف صارت الامامة من بعد الحسين في عقبه


دون ولد الحسن؟ فقال : ان الله تبارك وتعالى لم يرد بذلك الا أن يجعل سنة موسى وهارون جارية في الحسن والحسين عليهما‌السلام ، ألا ترى انهما كانا شريكين في النبوة كما كان الحسن والحسين شريكين في الامامة وان الله عزوجل جعل النبوة في ولد هارون ولم تجعلها في ولد موسى ، وان كان موسى أفضل من هارون عليهما‌السلام.

في جوامع الجامع وعن ابن عباس كان في لسان موسى عليه‌السلام رتة لما (١) روى من حديث الجمرة.

٦١ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثني أبي عن الحسن بن محبوب عن العلاء بن رزين عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : وكان فرعون يقتل أولاد بنى إسرائيل كلما يلدون ويربى موسى ويكرمه ، ولا يعلم أن هلاكه على يده ، فلما درج موسى كان يوما عند فرعون فعطس موسى فقال : الحمد لله رب العالمين فأنكر فرعون ذلك عليه وقال : ما هذا الذي تقول؟ فوثب موسى على لحيته وكان طويل اللحية ، فهلبها اى قلعها فألمه ألما شديدا ، فهم فرعون بقتله فقالت له امرأته : هذا غلام حدث لا يدرى ما يقول وقد لطمته بلطمتك إياه ، فقال فرعون : بل يدرى ، فقالت له : ضع بين يديه تمرا وجمرا فان ميز بينهما فهو الذي تقول ، فوضع بين يديه تمرا وجمرا وقال له : كل ، فمد يده الى التمر فجاء جبرئيل عليه‌السلام فصرفها الى الجمر فأخذ الجمر في فيه فاحترق لسانه وصاح وبكى ، فقالت آسية لفرعون : ألم أقل لك انه لم يعقل فعفا عنه.

قال الراوي : فقلت لأبي جعفر عليه‌السلام : وكان هارون أخا موسى للام وأبيه؟ قال : نعم ، أما تسمع قول الله تعالى : (يَا بْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي)؟ فقلت : فأيهما كان أكبر سنا؟ قال : هارون ، قلت : وكان الوحي ينزل عليهما جميعا؟ قال : كان الوحي ينزل على موسى وموسى يوحيه الى هارون. فقلت له : أخبرنى عن الأحكام

__________________

(١) الرتة ـ بالضم ـ : العقدة في اللسان والعجمة في الكلام ، وقيل : الرتة كالريح تمنع منه أول الكلام فاذا جاء منه انصل.


والقضايا والأمر والنهى كان ذلك إليهما؟ قال : كان الذي يناجي ربه ويكتب العلم ويقضى بين بنى إسرائيل موسى ، وهارون يخلفه إذا غاب من قومه للمناجاة ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة ، وستقف عليه بتمامه في القصص إنشاء الله تعالى.

٦٢ ـ في إرشاد المفيد رحمه‌الله أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لما أراد الخروج الى غزوة تبوك استخلف أمير المؤمنين عليه‌السلام في أهله وولده وأزواجه ومهاجره فقال له : يا على ان المدينة لا تصلح الا بى أو بك ، فحسده أهل النفاق وعظم عليهم مقامه فيها بعد خروج النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وعلموا أنها تتحرس به ولا يكون للعدو فيها مطمع ، فساء هم ذلك لما يرجونه من وقوع الفساد والاختلاف عند خروج النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله عنها فأرجفوا به عليه‌السلام وقالوا : لم يستخلفه رسول الله إكراما له ولا إجلالا ومودة وانما استخلفه استثقالا له ، فلما بلغ أمير المؤمنين عليه‌السلام إرجاف المنافقين به أراد تكذيبهم وفضيحتهم ، فلحق بالنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : يا رسول الله ان المنافقين يزعمون انك انما خلفتني استثقالا ومقتا فقال رسول الله : ارجع يا أخى الى مكانك فان المدينة لا تصلح الا بى أو بك فأنت خليفتي في أهلى ودار هجرتي وقومي ، أما ترضى أن تكون منى بمنزلة هارون من موسى الا أنه لا نبي بعدي؟

٦٣ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثني أبي عن الحسن بن محبوب عن العلاء بن رزين عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : لما حملت به امه لم يظهر حملها الا عند وضعها له ، وكان فرعون قد وكل بنساء بنى إسرائيل نساء من القبط يحفظوهن وذلك لما كان بلغه عن بنى إسرائيل انهم يقولون : انه يولد فينا رجل يقال له : موسى بن عمران ، يكون هلاك فرعون وأصحابه على يده ، فقال فرعون عند ذلك : لأقتلن ذكور أولادهم حتى لا يكون ما يريدون ، وفرق بين الرجال والنساء وحبس الرجال في المحابس ، فلما وضعت أم موسى بموسى عليه‌السلام نظرت اليه وحزنت عليه واغتمت وبكت ، وقالت : تذبح الساعة ، فعطف الله الموكلة بها عليه ، فقالت لام موسى : مالك قد اصفر لونك؟ فقالت : أخاف أن يذبح ولدي ، فقالت : لا تخافي وكان موسى لا يراه


أحد الا أحبه ، وهو قول الله : (وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي) فأحبته القبطية الموكلة بها.

٦٤ ـ في تفسير العياشي عن المفضل قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قوله (فالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوى) قال : الحب المؤمن ، وذلك قوله : (وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي) والنوى : الكافر الذي نأى عن الحق فلم يقبله.

٦٥ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه‌الله روى موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عن الحسين بن على عليهم‌السلام قال : ان يهوديا من يهود الشام وأحبارهم قال لأمير المؤمنين عليه‌السلام : فلقد ألقى الله على موسى عليه‌السلام محبة منه؟ قال له على عليه‌السلام : لقد كان كذلك ولقد أعطى الله محمدا ما هو أفضل منه ، لقد ألقى الله عزوجل عليه محبة منه فمن هذا الذي يشركه في هذا الاسم إذ تم من الله عزوجل به الشهادة ، فلا تتم الشهادة الا أن يقال : أشهد ان لا اله الا الله وأشهد أن محمدا رسول الله ، ينادى به على المنابر فلا يرفع صوت بذكر الله عزوجل الا رفع بذكر محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله معه.

٦٦ ـ في تفسير على بن إبراهيم متصل بقوله : الموكلة بها : وأنزل الله على أم موسى التابوت ونوديت امه : ضعيه في التابوت فاقذفيه في اليم وهو البحر ، ولا تخافي ولا تحزني انا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين فوضعته في التابوت وأطبقته عليه وألقته في النيل ، وكان لفرعون قصور على شط النيل منزهات ، فنظر من قصره ومعه آسية امرأته الى سواد في النيل ترفعه الأمواج والرياح تضربه حتى جاءت به الى باب قصر فرعون فأمر فرعون بأخذه ، فأخذ التابوت ورفع اليه ، فلما فتحه وجد فيه صبيا فقال : هذا اسرائيلى فألقى الله عزوجل في قلب فرعون لموسى محبة شديدة وكذلك في قلب آسية ، وأراد فرعون أن يقتله ، فقالت آسية : لا تقتله (عَسى أَنْ يَنْفَعَنا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) أنه موسى ولم يكن لفرعون ولد فقال : أعطوه امرأة تربيه ، فجاؤا بعدة نساء قد قتل أولادهن فلم يشرب لبن أحد من النساء الى قوله عليه‌السلام : فلما لم يفعل موسى يأخذ ثدي أحد من النساء اغتم فرعون غما شديدا ، فقالت أخته : (هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ ناصِحُونَ)؟ فقال : نعم ، فجاءت بامه فلما أخذته في حجرها وألقمته ثديها التقمته


وشرب ، ففرح فرعون وأهله وأكرموا امه ، فقالوا لها : ربيه لنا ولك من الكرامة ما تختارين ، والى قوله : قال الراوي : فقلت لابي جعفر عليه‌السلام : فكم مكث موسى غائبا من امه حتى رده الله عليها؟ قال : ثلثة أيام.

٦٧ ـ في مجمع البيان و (قَتَلْتَ نَفْساً فَنَجَّيْناكَ مِنَ الْغَمِ) قال : كان قتل قبطيا كافرا ، عن ابن عباس وروى عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال : رحم الله أخى موسى قتل رجلا خطئا وكان ابن اثنتى عشرة سنة.

قال عز من قائل : (فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِي أَهْلِ مَدْيَنَ).

٦٨ ـ في تفسير على بن إبراهيم عند قوله : (أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلا عُدْوانَ عَلَيَّ) قال : قلت للصادق عليه‌السلام : أى الأجلين قضى؟ قال : أتمها عشر حجج.

٦٩ ـ في كتاب علل الشرائع حدثنا الحاكم أبو محمد جعفر بن نعيم بن شاذان النيسابوري رضى الله عنه عن عمه أبي عبد الله محمد بن شاذان قال : حدثنا الفضل بن شاذان عن محمد بن أبي عمير قال : قلت : لموسى بن جعفر عليه‌السلام : أخبرنى عن قول الله عزوجل لموسى : (اذْهَبا إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى) فقال : اما قوله : (فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً) اى كنياه وقولا له يا با مصعب ، وكان كنية فرعون أبا مصعب الوليد بن مصعب ، اما قوله : (لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى) فانما قال ليكون أحرص لموسى على الذهاب وقد علم الله عزوجل ان فرعون لا يتذكر ولا يخشى الا عند رؤية البأس ، ألا تسمع الله عزوجل يقول : (حَتَّى إِذا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ) فلم يقبل الله ايمانه وقال : (آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ).

٧٠ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثني هارون بن مسلم عن مسعدة بن صدقة قال : حدثني رجل من ولد عدى بن حاتم عن أبيه عن جده عدى بن حاتم وكان مع أمير المؤمنين عليه‌السلام في بعض حروبه ان عليا عليه‌السلام قال ليلة الهرير بصفين حين التقى مع معاوية رافعا صوته يسمع أصحابه : لأقتلن معاوية وأصحابه ، ثم قال في آخر قوله : ان


شاء الله يخفض به صوته وكنت منه قريبا فقلت : يا أمير المؤمنين انك حلفت على ما قلت ثم استثنيت فما أردت بذلك؟ فقال : ان الحرب خدعة وانا عند أصحابى صدوق ، فأردت ان أطمع أصحابى في قولي كيلا يفشلوا ولا يفروا فافهم ، فانك تنفع بهذا بعد اليوم ان شاء الله تعالى.

٧١ ـ في الكافي مثل ما نقلنا عن تفسير على بن إبراهيم من حديث هارون بن مسلم وفي آخره بعد قوله : ان شاء الله تعالى : واعلم ان الله جل ثناؤه قال لموسى عليه‌السلام حين أرسله الى فرعون (فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى) وقد علم انه لا يتذكر ولا يخشى ، ولكن ليكون ذلك أحرص لموسى عليه‌السلام على الذهاب.

٧٢ ـ في أصول الكافي باسناده الى عبد الله بن إبراهيم الجعفري قال : كتب أبو الحسن موسى بن جعفر عليه‌السلام الى يحيى بن عبد الله بن الحسن : اما بعد فانى أحذرك ونفسي وأعدك أليم عذابه وشديد عقابه ، وتكامل نقماته وأوصيك ونفسي بتقوى الله فانها زين الكلام ، وتثبيت النعم الى قوله : أحذرك معصية الخليفة وأحثك على بره وطاعته ، وان تطلب لنفسك أمانا قبل أن تأخذك الأظفار ويلزمك الخناف من كل مكان ، فتروح الى النفس من كل مكان ، ولا تجده حتى يمن الله عليك بمنه وفضله ورقة الخليفة أبقاه الله فيؤمنك ويرحمك ، ويحفظ فيك أرحام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله (وَالسَّلامُ عَلى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدى إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنا أَنَّ الْعَذابَ عَلى مَنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى).

٧٣ ـ في الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن على بن الحكم عن سيف بن عميرة عن إبراهيم بن ميمون عن محمد بن مسلم قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى قالَ) : ليس شيء من خلق الله الا وهو يعرف من شكله الذكر من الأنثى قلت : ما يعنى ثم هدى؟ قال : هداه للنكاح والسفاح من شكله.

٧٤ ـ في أصول الكافي عنه (١) عن اسمعيل بن مهران عن سيف بن عميرة عن

__________________

(١) «قبله عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن عثمان بن عيس. مناره» (عن هامش بعض النسخ)


سليمان بن عمرو النخعي قال : وحدثني الحسين بن سيف عن أخيه على عن سليمان عمن ذكره عن أبي جعفر عليه‌السلام ثم قال : وباسناده عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : إن خياركم أولوا النهى قيل : يا رسول الله ومن أولوا النهى؟ قال : هم أولوا الأخلاق الحسنة والأحلام الرزينة (١) وصلة الأرحام ، والبررة بالأمهات والاباء ، والمتعاهدين للفقراء والجيران ، ويطعمون الطعام ، ويفشون السلام في العالم ، ويصلون والناس نيام غافلون.

٧٥ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثني أبي عن الحسن بن محبوب عن على بن رئاب عن مروان عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن قول الله عزوجل : ان في ذلك لآيات لاولى النهى قال : نحن والله أولوا النهى قلت : ما معنى اولى النهى؟ قال : ما أخبر الله به رسوله مما يكون بعده من ادعاء أبي فلان الخلافة والقيام بها ، والاخر من بعده ، والثالث من بعدهما ، وبنى أمية ، فأخبر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وكان كما أخبر الله به نبيه وكما أخبر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عليا وكما انتهى إلينا من على فيما يكون من بعده من الملك في بنى امية وغيرهم ، فهذه الاية التي ذكرها الله في الكتاب : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِأُولِي النُّهى) الذي انتهى إلينا علم ذلك كله ، فصبرنا لأمر الله عزوجل ، فنحن قوام الله على خلقه وخزانه على دينه ، نخزنه ونستره ونكتم به من عدونا كما كتم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حتى أذن الله له في الهجرة ، وجاهد المشركين فنحن على منهاج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حتى يأذن لنا في إظهار دينه بالسيف ، وندعو الناس اليه فنصيرهم عليه عودا كما صيرهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بدوا.

٧٦ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده الى عبد الرحمن بن حماد قال : سألت أبا إبراهيم عليه‌السلام عن الميت لم يغسل غسل الجنابة؟ قال : ان الله تبارك وتعالى أعلى وأخلص من أن يبعث الأشياء بيده ، ان لله تبارك وتعالى ملكين خلاقين فاذا أراد أن يخلق خلقا أمر أولئك الخلاقين ، فأخذوا من التربة التي قال الله عزوجل في كتابه :

__________________

(١) الرزينة : الاصيلة.


(مِنْها خَلَقْناكُمْ وَفِيها نُعِيدُكُمْ وَمِنْها نُخْرِجُكُمْ تارَةً أُخْرى) فعجنوها بالنطفة المسكنة في الرحم ، فاذا عجنت النطفة بالتربة قالا : يا رب ما نخلق؟ قال : فيوحى الله تبارك وتعالى ما يريد من ذلك : ذكرا أو أنثى مؤمنا أو كافرا ، اسود أو ابيض ، شقيا أو سعيدا ، فان مات سالت منه تلك النطفة بعينها لا غيرها ، فمن ثم صار الميت يغسل غسل الجنابة.

٧٧ ـ وباسناده الى أبي عبد الله القزويني قال : سألت أبا جعفر محمد بن على عليهما‌السلام لأي علة يولد الإنسان هاهنا ويموت في موضع آخر؟ قال : لان الله تبارك وتعالى لما خلق خلقه خلقهم من أديم الأرض فمرجع كل إنسان الى تربته.

٧٨ ـ وباسناده الى أحمد بن على الراهب قال : قال رجل لأمير المؤمنين عليه‌السلام : يا ابن عم خير خلق الله ما يعنى السجدة الاولى؟ فقال : تأويله : اللهم إنك منها خلقتني يعنى من الأرض ، ورفع رأسك ومنها أخرجتنا ، والسجدة الثانية وإليها تعيدنا ورفع رأسك من الثانية ومنها تخرجنا تارة اخرى.

٧٩ ـ في الكافي على بن محمد بن عبد الله عن إبراهيم بن اسحق عن محمد بن سليمان الديلمي عن أبيه عن ابى عبد الله عن أبي جعفر عليهما‌السلام قال : ان الله عزوجل خلق خلاقين ، فاذا أراد أن يخلق خلقا أمرهم فأخذوا من التربة التي قال في كتابه : (مِنْها خَلَقْناكُمْ وَفِيها نُعِيدُكُمْ وَمِنْها نُخْرِجُكُمْ تارَةً أُخْرى) فعجن النطفة بتلك التربة التي يخلق منها بعد ان أسكنها الرحم أربعين ليلة ، فاذا تمت له أربعة أشهر قالوا : يا رب نخلق ماذا؟ فيأمرهم بما يريد من ذكر أو أنثى أبيض أو أسود ، فاذا خرجت الروح من البدن خرجت هذه النطفة بعينها منه كائنا ما كان ، صغيرا أو كبيرا ذكرا أو أنثى ، فلذلك يغسل الميت غسل الجنابة والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٨٠ ـ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن مسكان عن محمد ابن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام قال : من خلق من تربة دفن فيها.


٨١ ـ عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن الحجال عن ابن بكير عن أبي منهال عن الحارث بن المغيرة قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : ان النطفة إذا وقعت في الرحم بعث الله عزوجل ملكا فأخذ من التربة التي يدفن فيها ، فماثها في النطفة فلا يزال قلبه يحن إليها (١) حتى يدفن فيها.

٨٢ ـ في نهج البلاغة قال عليه‌السلام : لم يوجس موسى خيفة على نفسه أشفق من غلبة الجهال ودول الضلال.

٨٣ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه‌الله وعن معمر بن راشد قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ان موسى عليه‌السلام لما القى عصاه وأوجس في نفسه خيفة قال : اللهم انى اسألك بحق محمد وآل محمد لما امنتنى قال الله عزوجل : (لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلى) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

قال عز من قائل : (فَأُولئِكَ لَهُمُ الدَّرَجاتُ الْعُلى)

٨٤ ـ في أصول الكافي عن عمار الساباطي قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قوله تعالى : (أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَ اللهِ كَمَنْ باءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللهِ وَمَأْواهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ هُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ اللهِ) فقال : الذين اتبعوا رضوان الله هم الائمة ، وهم والله يا عمار درجات المؤمنين ، وبولايتهم ومعرفتهم إيانا يضاعف لهم أعمالهم ، ويرفع الله لهم الدرجات العلى. في تفسير العياشي عن عمار بن مروان عن أبي عبد الله عليه‌السلام نحوه.

٨٥ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه‌الله روى عن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عن الحسين بن على عليهم‌السلام قال : ان يهوديا من يهود الشام وأحبارهم قال لأمير المؤمنين عليه‌السلام في أثناء كلام طويل : فان موسى عليه‌السلام قد ضرب له في البحر طريق فهل فعل لمحمد شيء من هذا؟ فقال له على عليه‌السلام : لقد كان كذلك ومحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله أعطى ما هو أفضل من هذا ، خرجنا معه الى حنين فاذا نحن بواد يشخب (٢) فقدرناه فاذا هو

__________________

(١) ماث الشيء بالشيء : خلطه ـ وحن اليه : اشتاق.

(٢) اى يسيل.


اربع عشرة قائمة فقالوا يا رسول الله العدو من ورائنا والوادي أمامنا كما قال أصحاب موسى (إِنَّا لَمُدْرَكُونَ) فنزل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ثم قال : اللهم انك جعلت لكل مرسل دلالة فأرنى قدرتك وركب صلوات الله عليه فرسه ، فعبرت الخيل لا تندى (١) حوافرها والإبل لا تندى أخفافها ، فرجعنا فكان فتحنا (٢).

٨٦ ـ في كتاب طب الائمة عليهم‌السلام على بن عروة الأهوازي قال : حدثنا الديلمي عن داود الرقى عن موسى بن جعفر عليهما‌السلام قال : من كان في سفر فخاف اللصوص والسبع فليكتب على عرف دابته (٣) (لا تَخافُ دَرَكاً وَلا تَخْشى) فانه يأمن بإذن الله عزوجل ، قال داود الرقى : فحججت فلما كنا بالبادية جاء قوم من الاعراب فقطعوا على القافلة وأنا فيهم ، فكتبت على عرف حملي : (لا تَخافُ دَرَكاً وَلا تَخْشى) فو الذي بعث محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله بالنبوة وخصه بالرسالة ، وشرف أمير المؤمنين بالامامة ، ما نازعنى أحد منهم ، أعماهم الله عنى.

٨٧ ـ في كتاب سعد السعود لابن طاوس رحمه‌الله نقلا عن تفسير الكلبي محمد عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس ان جبرئيل قال لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ونقل حديثا طويلا في حال فرعون وقومه وفيه وانما قال لقومه : (أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى) حين انتهى فرآه قد يبست فيه الطريق ، فقال لقومه : ترون البحر قد يبس من فرقى فصدقوه لما رأوا ذلك ، فذلك قوله : (وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَما هَدى).

٨٨ ـ في بصائر الدرجات عبد الله بن محمد عن موسى بن القاسم عن جعفر بن محمد عن سماعة عن عبد الله بن مسكان عن الحكم بن الصلت عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : خذوا بحجزة هذا الأنزع يعنى عليا فانه الصديق الأكبر ، وهو الفاروق يفرق بين الحق والباطل ، من أحبه هداه الله ، ومن أبغضه أضله الله ، ومن

__________________

(١) اى لا تبتل.

(٢) وفي البحار «فكان فتحنا فتحا».

(٣) العرف ـ بالضم ـ : الشعر النابت في محدب رقبة الفرس.


تخلف عنه محقه الله ، منه سبطاي الحسن والحسين وهما ابناي. ومن الحسين الائمة الهداة ، أعطاهم الله فهمي وعلمي ، فأحبوهم وتولوهم ولا تتخذوا وليجة من دونهم ، فيحل عليكم غضب من ربكم ، ومن يحلل عليه غضب من ربه فقد هوى ، (وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا مَتاعُ الْغُرُورِ).

٨٩ ـ في كتاب التوحيد باسناده الى حمزة بن الربيع عمن ذكره قال : كنت في مجلس أبي جعفر عليه‌السلام إذ دخل عليه عمرو بن عبيد فقال له : جعلت فداك قول الله تبارك وتعالى : (وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوى) ما ذلك الغضب؟ فقال أبو جعفر عليه‌السلام : هو العقاب يا عمرو انه من زعم ان الله عزوجل زال من شيء الى شيء فقد وصفه صفة مخلوق ، ان الله عزوجل لا يستفزه شيء ولا يغيره.

٩٠ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه‌الله روى ان عمرو بن عبيد وفد على محمد بن على الباقر عليهما‌السلام لامتحانه بالسؤال عنه ، فقال له : جعلت فداك أخبرني عن قوله تعالى : (وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوى) ما غضب الله؟ فقال : أبو جعفر عليه‌السلام : غضب الله تعالى عقابه ، يا عمرو من ظن ان الله يغيره شيء فقد كفر.

٩١ ـ في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن أبيه عمن ذكره عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبيه عن أبي عبد الله عليه‌السلام انه قال : ان الله تبارك وتعالى لا يقبل الا العمل الصالح ، ولا يقبل الله الا الوفاء بالشروط والعهود ، فمن وفى لله عزوجل بشرطه واستعمل ما وصف في عهده نال ما عنده ، واستكمل وعده ، ان الله تبارك وتعالى أخبر العباد بطرق الهدى وشرع لهم فيها المنار ، وأخبرهم كيف يسلكون ، فقال : (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى) وقال : (إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) فمن اتقى الله فيما أمره لقى الله مؤمنا بما جاء به محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله.

٩٢ ـ على بن إبراهيم عن صالح بن السندي عن جعفر بن بشير ومحمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن فضال جميعا عن أبي جميلة عن خالد بن عمار عن


سدير قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام وهو داخل وأنا خارج وأخذ بيدي ، ثم استقبل البيت فقال : يا سدير انما أمر الناس ان يأتوا هذه الأحجار فيطوفوا بها ، ثم يأتونا فيعلمونا ولايتهم لنا ، وهو قول الله : (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى) ثم أومى بيده الى صدره : الى ولايتنا ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٩٣ ـ في تفسير على بن إبراهيم وقوله : (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى) قال : الى الولاية.

حدثنا أحمد بن على قال : حدثنا الحسين بن عبيد الله عن السندي بن محمد عن أبان عن الحارث بن عمر عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله : (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى) قال : ألا ترى كيف اشترط ولم ينفعه التوبة والايمان والعمل الصالح حتى اهتدى ، والله لو جهد أن يعمل ما قبل منه حتى يهتدى ، قال : قلت : الى من؟ جعلني الله فداك قال : إلينا.

٩٤ ـ في أمالي الصدوق رحمه‌الله باسناده الى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله حديث طويل وفيه يقول لعلى عليه‌السلام : ولقد ضل من ضل عنك ، ولن يهتدى الى الله من لم يهتد إليك والى ولايتك ، وهو قول ربي عزوجل : (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى) يعنى الى ولايته.

٩٥ ـ في مجمع البيان وقال أبو جعفر عليه‌السلام ثم «اهتدى» الى ولايتنا أهل البيت ، فو الله لو ان رجلا عبد الله عمره ما بين الركن والمقام ثم مات ولم يجيء بولايتنا لأكبه الله في النار على وجهه. رواه الحاكم ابو القاسم الحسكاني باسناده ، وأورده العياشي في تفسير بعدة طرق.

٩٦ ـ في تفسير العياشي عن أبي عمرو الزبيري عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله : (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى) قال لهذه الاية تفسير يدل ذلك التفسير على ان الله لا يقبل من أحد عملا الا ممن لقيه بالوفاء منه بذلك التفسير ،


وما اشترط فيه على المؤمنين ، قال : (إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهالَةٍ) يعنى كل ذنب عمله العبد ، وان كان به عالما فهو جاهل حين خاطر بنفسه في معصية ربه.

٩٧ ـ في كتاب المناقب لابن شهر آشوب أبو الجارود وأبو الصباح الكناني عن الصادق عليه‌السلام وأبو حمزة عن السجاد عليه‌السلام في قوله : «ثم اهتدى» إلينا أهل البيت.

٩٨ ـ في محاسن البرقي عنه عن أبيه عن حماد بن عيسى فيما اعلم عن يعقوب ابن شعيب قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (إِلَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً) ثم اهتدى» قال : الى ولايتنا والله ، أما ترى كيف اشترط عزوجل؟.

٩٩ ـ في مصباح الشريعة قال الصادق عليه‌السلام : المشتاق لا يشتهي طعاما ولا يلتذ شرابا ، ولا يستطيب رقادا ، ولا يأنس حميما ، ولا يأوى دارا ، ولا يسكن عمرانا ، ولا يلبس لباسا ، ولا يقر قرارا ، ويعبد الله ليلا ونهارا ، راجيا بأن يصل الى ما يشتاق اليه ويناجيه بلسان شوقه معبرا عما في سريرته ، كما أخبر الله عن موسى بن عمران عليه‌السلام في ميعاد ربه بقوله : (وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضى) وفسر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله عن حاله انه ما أكل ولا شرب ولا نام ولا اشتهى شيئا من ذلك في ذهابه ومجيئه أربعين يوما شوقا الى ربه.

١٠٠ ـ في محاسن البرقي عنه عن محمد بن سنان عن عبد الله بن مسكان واسحق ابن عمار عن عبيد الله بن الوليد الوصافي عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : ان فيما ناجى الله به موسى أن قال : يا رب هذا السامري صنع العجل ، الخوار من صنعه؟ فأوحى الله تبارك وتعالى اليه : ان تلك فتنتي فلا تفحص عنها.

١٠١ ـ في مجمع البيان عند قوله تعالى : ويذرك وآلهتك وروى انه كان يأمرهم أيضا بعبادة البقر ، ولذلك اخرج السامري (لَهُمْ عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوارٌ) وقال : (هذا إِلهُكُمْ وَإِلهُ مُوسى).

١٠٢ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثني أبي عن اسحق بن الهيثم عن سعد بن


طريف عن الأصبغ بن نباتة ان عليا عليه‌السلام سئل عن قول الله تبارك وتعالى : (وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) قال : السماوات والأرض وما بينهما من مخلوق في جوف الكرسي وله أربعة أملاك يحملونه بإذن الله ، فأما ملك منهم ففي صورة الآدميين ، الى أن قال عليه‌السلام : والملك الرابع في صورة الأسد وهو سيد السباع ، وهو يرغب الى الله ويتضرع اليه ويطلب الشفاعة والرزق لجميع السباع ، ولم يكن من هذه الصور أحسن من الثور ، ولا أشد انتصابا منه حتى اتخذ الملاء من بنى إسرائيل العجل ، فلما عكفوا عليه وعبدوه من دون الله خفض الملك الذي في صورة الثور رأسه استحياء من الله أن عبد من دون الله شيء يشبهه ، وتخوف أن ينزل به العذاب ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٠٣ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده الى على بن سالم عن أبيه عن أبي عبد الله عليه‌السلام حديث طويل وفيه قال قلت : فلم أخذ برأسه يجره اليه وبلحيته ولم يكن له في اتخاذهم العجل وعبادتهم له ذنب؟ فقال : انما فعل ذلك به لأنه لم يفارقهم لما فعلوا ذلك ، ولم يلحق لموسى وكان إذا فارقهم ينزل بهم العذاب ، ألا ترى انه قال لهارون : (ما مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا أَلَّا تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي) قال هارون : لو فعلت ذلك لتفرقوا و (إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي).

١٠٤ ـ في تفسير على بن إبراهيم وقوله : (فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ) قال : اختبرنا هم من بعدك وأضلهم السامري قال : بالعجل الذي عبدوه ، وكان سبب ذلك ان موسى لما وعده الله أن ينزل عليه التوراة والألواح الى ثلاثين يوما أخبر بنى إسرائيل بذلك وذهب الى الميقات ، وخلف أخاه على قومه ، فلما جاء الثلاثون يوما ولم يرجع موسى إليهم عصوا وأرادوا أن يقتلوا هارون قالوا : ان موسى كذب وهرب منا ، فجاء هم إبليس في صورة رجل فقال لهم : ان موسى قد هرب منكم ولا يرجع إليكم أبدا فأجمعوا لي حليكم حتى أتخذ لكم إلها تعبدونه ، وكان السامري على مقدمة قوم موسى يوم أغرق الله فرعون وأصحابه ، فنظر الى جبرئيل وكان على


حيوان في صورة رمكة (١) وكانت كلما وضعت حافرها (٢) على موضع من الأرض تحرك ذلك الموضع ، فنظر اليه السامري وكان من خيار أصحاب موسى ، فأخذ التراب من حافر رمكة جبرئيل ، وكان يتحرك فصره في صرة وكان عنده يفتخر به على بنى إسرائيل ، فلما جاء هم إبليس واتخذوا العجل قال للسامري : هات التراب الذي معك ، فجاء به السامري فألقاه في جوف العجل ، فلما وقع التراب في جوفه تحرك وخار ونبت عليه الوبر والشعر ، فسجد له بنو إسرائيل ، وكان عدد الذين سجدوا له سبعين ألفا من بنى إسرائيل ، فقال لهم هارون كما حكى الله : (يا قَوْمِ إِنَّما فُتِنْتُمْ بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي قالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنا مُوسى) فهموا بهارون فهرب منهم وبقوا في ذلك حتى تم ميقات موسى أربعين ليلة ، فلما كان يوم عشرة من ذي الحجة أنزل الله علم الألواح فيها التوراة وما يحتاج اليه من أحكام السير والقصص.

فأوحى الله الى موسى : (فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُ) وعبدوا العجل وله خوار فقال عليه‌السلام : يا رب العجل من السامري فالخوار ممن؟ فقال : منى يا موسى ، انى لما رأيتهم قد ولوا عنى الى العجل أحببت أن أزيدهم فتنة ، فرجع موسى ـ كما حكى الله ـ (إِلى قَوْمِهِ غَضْبانَ أَسِفاً قالَ : يا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْداً حَسَناً أَفَطالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي) ثم رمى بالالواح وأخذ بلحية أخيه ورأسه يجره اليه ، فقال : (ما مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا أَلَّا تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي) فقال هارون كما حكى الله : (يَا بْنَ أُمَّ لا َأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي) فقال له بنو إسرائيل : ما أخلفنا موعدك بملكنا قال : ما خالفناك ولكنا حملنا أوزارا من زينة القوم يعنى من حليهم فقذفناها قال : التراب الذي جاء به السامري طرحناه في جوفه ثم اخرج السامري العجل وله

__________________

(١) الرمكة : الفرس تتخذ للنسل.

(٢) الحافر للدابة بمنزلة القدم للإنسان.


خوار ، فقال له موسى : (فَما خَطْبُكَ يا سامِرِيُ)؟ قال السامري : (بَصُرْتُ بِما لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ) يعنى من تحت حافر رمكة جبرئيل في البحر فبذتها اى أمسكتها وكذلك سولت لي نفسي اى زينت فأخرج موسى العجل فأحرقه بالنار وألقاه في البحر ، ثم قال موسى للسامري : (فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَياةِ أَنْ تَقُولَ لا مِساسَ) يعنى ما دمت حيا وعقبك هذه العلامة فيكم قائمة. ان تقول : لا مساس حتى يعرفوا انكم سامرية فلا يغتروا بكم الناس ، فهم الى الساعة بمصر والشام معروفين لا مساس ، ثم هم موسى بقتل السامري فأوحى الله اليه : لا تقتله يا موسى فانه سخي ، فقال له موسى : (انْظُرْ إِلى إِلهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عاكِفاً لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفاً إِنَّما إِلهُكُمُ اللهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً).

١٠٥ ـ حدثني أبي عن الحسين بن سعيد عن على بن أبي حمزة عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ما بعث الله رسولا الا وفي وقته شيطانان يؤذيانه ويضلان الناس من بعده فأما الخمسة أولوا العزم من الرسل نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فأما صاحبا نوح فقنطيفوس وخوام ، واما صاحبا إبراهيم عليه‌السلام فكميل وردام ، واما صاحبا موسى عليه‌السلام فالسامري ومرعقيبا ، واما صاحبا عيسى عليه‌السلام فبولس ومربسون ، واما صاحبا محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله فحبتر وزريق (١).

١٠٦ ـ في كتاب الخصال قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : ان في التابوت الأسفل من النار اثنى عشر ستة من الأولين وستة من الآخرين ، فأما الستة من الأولين فابن آدم قاتل أخيه ، وفرعون الفراعنة والسامري ، الحديث.

١٠٧ ـ عن أبي ذر عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : شر الأولين والآخرين اثنا عشر : ستة من الأولين وستة من الآخرين ، ثم سمى الستة من الأولين ابن آدم الذي قتل أخاه ، وفرعون وهامان وقارون والسامري والدجال اسمه في الأولين ويخرج في الآخرين ، و

__________________

(١) قد مر ان حبتر وزريق كناية عن الاول والثاني وقد مر أيضا وجه تسميتهما بهذين الاسمين في سورة الحجر عند قوله تعالى (لَها سَبْعَةُ أَبْوابٍ) في المجلد الثاني.


اما الستة من الآخرين فالعجل وهو نعثل ، وفرعون وهو معاوية ، وهامان هذه الامة زياد وقارونها وهو سعيد ، والسامري وهو أبو موسى عبد الله بن قيس ، لأنه قال كما قال سامرى قوم موسى : «لا مساس» اى لا قتال ، والأبتر وهو عمرو بن العاص.

١٠٨ ـ في كتاب ثواب الأعمال باسناده الى اسحق بن عمار الصيرفي عن ابى الحسن الماضي عليه‌السلام قال : قلت : جعلت فداك حدثني فيهما بحديث ، فقد سمعت عن أبيك فيهما أحاديث عدة. قال : فقال لي : يا اسحق! الاول بمنزلة العجل ، والثاني بمنزلة السامري ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٠٩ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه‌الله وعن ابى يحيى الواسطي قال : لما افتتح أمير المؤمنين عليه‌السلام البصرة اجتمع الناس عليه وفيهم الحسن البصري ومعه الألواح فكان كلما لفظ أمير المؤمنين عليه‌السلام بكلمة كتبها فقال له أمير المؤمنين عليه‌السلام بأعلى صوته : ما تصنع؟ قال : أكتب آثاركم لنحدث بها بعدكم ، فقال أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : أما ان لكل قوم سامريا وهذا سامرى هذه الأمة ، الا انه لا يقول : «لا مساس» ولكنه يقول : لا قتال.

١١٠ ـ في تفسير على بن إبراهيم قوله عزوجل : (وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقاً) تكون أعينهم مزرقة لا يقدرون أن يطرفوها ، وقوله عزوجل : يتخافتون بينهم قال : يوم القيامة يشير بعضهم الى بعض انهم لم يلبثوا الا عشرا قال الله عزوجل : (نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَقُولُونَ إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً) قال : أعلمهم وأصلحهم يقولون : (إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا يَوْماً).

١١١ ـ في عيون الاخبار باسناده الى على بن النعمان عن ابى الحسن على بن موسى الرضا عليهما‌السلام قال : قلت له : جعلت فداك أن بى ثآليل كثيرة (١) وقد اغتممت بأمرها فأسئلك أن تعلمني شيئا أنتفع به ، فقال عليه‌السلام : خذ لكل ثؤلول سبع شعيرات ، واقرأ على كل شعيرة سبع مرات : (إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ) الى قوله : (فَكانَتْ هَباءً مُنْبَثًّا)

__________________

(١) ثآليل جمع الثؤلول : خراج ناتئ صلب مستدبر.


وقوله عزوجل : (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْجِبالِ فَقُلْ يَنْسِفُها رَبِّي نَسْفاً فَيَذَرُها قاعاً صَفْصَفاً لا تَرى فِيها عِوَجاً وَلا أَمْتاً) ثم تأخذ الشعير شعيرة شعيرة فامسح بها على كل ثالول ، ثم صيرها في خرقة جديدة واربط على الخرقة حجرا وألقها في كنيف قال : ففعلت فنظرت إليها يوم السابع فاذا هي مثل راحتي وينبغي أن يفعل ذلك في محاق الشهر.

١١٢ ـ في مجمع البيان وقيل : ان رجلا من ثقيف سأل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله كيف يكون الجبال مع عظمها يوم القيمة؟ فقال : ان الله يسوقها بأن يجعلها كالرمال ثم يرسل عليها الرياح فتفرقها.

١١٣ ـ وفيه روى أبو هريرة عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : تبدل الأرض غير الأرض والسموات فيبسطها ويمدها مد الأديم العكاظي (١) (لا تَرى فِيها عِوَجاً وَلا أَمْتاً).

١١٤ ـ في مصباح شيخ الطائفة قدس‌سره في دعاء مروي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : وأسألك باسمك الذي وضعته على الجبال فنسفت.

١١٥ ـ في تفسير على بن إبراهيم ثم خاطب الله عزوجل نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْجِبالِ فَقُلْ يَنْسِفُها رَبِّي نَسْفاً فَيَذَرُها قاعاً صَفْصَفاً لا تَرى فِيها عِوَجاً وَلا أَمْتاً) قال : الأمت الارتفاع والعوج الحزون والذكوات.

١١٦ ـ وفيه وقوله عزوجل : قاعا صفصفا القاع الذي لا تراب فيه ، والصفصف الذي لا نبات له ، وقوله : (يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لا عِوَجَ لَهُ) قال : مناد من عند الله عزوجل (وَخَشَعَتِ الْأَصْواتُ لِلرَّحْمنِ فَلا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْساً) فانه حدثني أبي عن الحسن بن محبوب عن أبي محمد الوابشي عن ابى الورد عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : إذا كان يوم القيمة جمع الله عزوجل الناس في صعيد واحد حفاة عراة ، فيوقفون في المحشر حتى يعرقوا عرقا

__________________

(١) الأديم : الجلد المدبوغ وعكاظ : سوق من أسواق العرب ، وكانت قبائل العرب تجتمع بها كل سنة ويتفاخرون بها ويحضرها الشعراء فيتناشدون ما أحدثوا من الشمر ثم يتفرقون ، وأديم عكاظي : منسوب إليها وهو مما حمل الى عكاظ فبيع بها.


شديدا وتشتد أنفاسهم فيمكثون في ذلك مقدار خمسين عاما ، وهو قول الله : (وَخَشَعَتِ الْأَصْواتُ لِلرَّحْمنِ فَلا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْساً) قال : ثم ينادى مناد من تلقاء العرش : أين النبي الأمي؟ فيقول الناس : قد أسمعت فسم باسمه ، فينادى : اين نبي الرحمة اين محمد ابن عبد الله الأمي؟ فيتقدم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله امام الناس كلهم حتى ينتهى الى حوض طوله ما بين ايلة وصنعاء (١) فيقف عليه ، فينادى بصاحبكم فيتقدم على امام الناس ، فيقف معه ثم يؤذن للناس فيمرون فبين وارد الحوض يومئذ وبين مصروف عنه ، فاذا رأى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من يصرف عنه من محبينا بكى ، فيقول : يا رب شيعة على أراهم قد صرفوا تلقاء أصحاب النار ، ومنعوا ورود حوضي؟ قال : قال : فيبعث الله اليه ملكا فيقول : ما يبكيك يا محمد؟ فيقول : لا ناس من شيعة على ، فيقول له الملك : ان الله يقول لك : يا محمد ان شيعة علي قد وهبتهم لك يا محمد ، وصفحت لهم عن ذنوبهم بحبهم لك ولعترتك ، وألحقتهم بك وبمن كانوا يقولون به ، وجعلناهم في زمرتك ، فأوردهم حوضك ، قال أبو جعفر عليه‌السلام : فكم من باك يومئذ وباكية ينادون : يا محمد إذا رأوا ذلك ، ولا يبقى أحد يومئذ يتولانا ويحبنا ويتبرأ من عدونا ويبغضهم الا كانوا في حزبنا ومعنا ، ويردوا حوضنا.

١١٧ ـ في كتاب التوحيد حديث طويل عن على عليه‌السلام يقول فيه وقد سأله رجل عما اشتبه عليه من الآيات : وأما قوله : (يَوْمَئِذٍ لا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً) لا يحيط الخلائق بالله عزوجل علما ، إذ هو تبارك وتعالى جعل على أبصار القلوب الغطاء ، فلا فهم يناله بالكيف ، ولا قلب يثبته بالحدود ، فلا تصفه الا كما وصف نفسه : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) الاول والاخر والظاهر والباطن الخالق البارئ المصور خلق الأشياء فليس من الأشياء شيء مثله تبارك وتعالى.

١١٨ ـ في أصول الكافي احمد بن إدريس عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان

__________________

(١) ايلة : بلد بين ينبع ومصر. وصنعاء : بلد باليمن.


ابن يحيى قال : سألنى أبو قرة المحدث أن ادخله الى أبي الحسن الرضا عليه‌السلام فاستأذنته في ذلك فاذن لي ، فدخل عليه فسأله عن الحلال والحرام والأحكام حتى بلغ سؤاله الى التوحيد ، فقال أبو قرة : انا روينا ان الله قسم الرؤية والكلام بين نبيين ، فقسم الكلام لموسى ولمحمد الرؤية؟ فقال أبو الحسن عليه‌السلام : فمن المبلغ عن الله الى الثقلين من الجن والانس (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ) (وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً) «وليس كمثله شيء» أليس محمد؟ قال : بلى ، قال : كيف يجيء رجل الى الخلق جميعا فيخبرهم انه جاء من عند الله وانه يدعوهم الى الله بأمر الله فيقول : (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً) وليس كمثله شيء»؟ ثم يقول : انا رأيته بعيني وأحطت به علما؟ وهو على صورة البشر أما تستحيون؟ ما قدرت الزنادقة ان ترميه بهذا ، ان يكون يأتى من عند الله بشيء ثم يأتى بخلافه من وجه آخر ، الى قوله عليه‌السلام : وقد قال الله : (وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً) فاذا رأته الأبصار فقد أحاطت به العلم ، ووقعت المعرفة ، فقال أبو قرة : فتكذب بالروايات فقال أبو الحسن عليه‌السلام ، إذا كانت الروايات مخالفة للقرآن كذبتها ، وما أجمع المسلمون عليه انه لا يحاط به علما ، ولا تدركه الأبصار وليس كمثله شيء.

١١٩ ـ في كتاب التوحيد خطبة عن على عليه‌السلام وفيها : قد يئست عن استنباط الاحاطة به طوامح العقول (١) وتحيرت الأوهام عن احاطة ذكر أزليته.

١٢٠ ـ في تفسير على بن إبراهيم وقوله : (يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً) قال : (ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ) ما مضى من أخبار الأنبياء ، و (ما خَلْفَهُمْ) ، من أخبار القائم صلوات الله عليه ، وقوله عزوجل : (وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ) اى ذلت.

١٢١ ـ في كتاب التوحيد خطبة لعلى عليه‌السلام وفيها : وعنت الوجوه من مخافته.

١٢٢ ـ في نهج البلاغة وتعنو الوجوه لعظمته.

١٢٣ ـ في تفسير على بن إبراهيم وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه‌السلام في

__________________

(١) طوامح جمع الطامح : المرتفع من كل شيء.


قوله : (فَلا يَخافُ ظُلْماً وَلا هَضْماً) يقول : لا ينقص من علمه شيء ، وأما «ظلما» يقول يذهب به قوله : (أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً) يعنى ما يحدث من أمر القائم والسفياني.

١٢٤ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه‌الله وروى عن صفوان بن يحيى قال : قال أبو الحسن الرضا عليه‌السلام لأبي قرة صاحب شبرمة : التوراة والإنجيل والزبور والفرقان وكل كتاب انزل كان كلام الله ، أنزل للعالمين نورا وهدى ، كلها محدثة وهي غير الله ، حيث يقول : (أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً).

قال مؤلف هذا الكتاب عفى عنه : وستسمع ان شاء الله لهذا الكلام تتمة في أول الأنبياء.

قال عز من قائل : (فَتَعالَى اللهُ الْمَلِكُ الْحَقُ).

١٢٥ ـ في أصول الكافي خطبة مروية عن أمير المؤمنين عليه‌السلام وفيها : والمتعالي على الخلق بلا تباعد منهم ولا ملامسة منه لهم.

١٢٦ ـ في تفسير على بن إبراهيم وقوله : (وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً) قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا نزل عليه القرآن بادر بقرائته قبل تمام نزول الاية والمعنى ، فأنزل الله (وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضى إِلَيْكَ وَحْيُهُ) اى يفرغ من قراءته (وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً).

١٢٧ ـ في أصول الكافي على بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس عن مهزم وبعض أصحابنا عن محمد بن على عن محمد بن اسحق الكاهلي وأبو على الأشعري عن الحسن بن على الكوفي عن العباس بن عامر عن ربيع بن محمد جميعا عن مهزم الأسدي قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : انا مدينة العلم وعلى الباب ، وكذب من زعم انه يدخل المدينة لا من قبل الباب ، وكذب من زعم انه يحبني ويبغض عليا عليه‌السلام. والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٢٨ ـ وباسناده الى أبي يحيى الصنعاني عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال لي : يا با يحيى ان لنا في ليالي الجمعة لشأنا من الشأن ، قال : قلت : جعلت فداك و


ما ذاك؟ قال : يؤذن لأرواح الأنبياء الموتى ، وأرواح الأوصياء الموتى ، وروح الوصي الذي بين أظهر كم ، يعرج بها الى السماء حتى توافي عرش ربها ، فتطوف به أسبوعا ، وتصلى عند كل قائمة من قوائم العرش ركعتين ، ثم ترد الى الأبدان التي كانت فيها ، فتصبح الأنبياء والأوصياء قد ملئوا سرورا ، ويصبح الوصي الذي بين ظهرانيكم وقد زيد في علمه مثل جم الغفير.

١٢٩ ـ وباسناده الى الفضل قال : قال لي أبو عبد الله عليه‌السلام ذات يوم وكان لا يكنيني قبل ذلك : يا با عبد الله ، قلت : لبيك ، قال : ان لنا في كل جمعة سرورا ، قال : قلت : زادك الله وما ذاك؟ قال : إذا كان ليلة الجمعة وافى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله العرش ، ووافى الائمة عليهم‌السلام ووافينا معهم ، فلا ترد أرواحنا بأبداننا الا بعلم مستفاد ، ولو لا ذلك لا نفدنا.

وباسناده الى يونس أو المفضل عن أبي عبد الله عليه‌السلام نحوه بتغيير يسير.

١٣٠ ـ وباسناده الى صفوان بن يحيى قال : سمعت أبا الحسن عليه‌السلام يقول : كان جعفر بن محمد عليهما‌السلام يقول : لو لا انا نزداد لأنفدنا.

١٣١ ـ وباسناده الى ذريح المحاربي قال : قال لي أبو عبد الله عليه‌السلام : يا ذريح لو لا انا نزداد لأنفدنا.

١٣٢ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن أبي نصر عن ثعلبة عن زرارة قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : لو لا انا نزداد لأنفدنا ، قال : قلت : تزدادون شيئا لا يعلمه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله؟ قال : اما انه إذا كان ذلك عرض على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ثم على الائمة ثم انتهى الأمر إلينا.

١٣٣ ـ على بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس بن عبد الرحمن عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ليس يخرج شيء من عند الله عزوجل حتى يبدأ برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثم بأمير المؤمنين عليه‌السلام ثم بواحد بعد واحد ، لكيلا يكون آخرنا أعلم من أولنا.


١٣٤ ـ في من لا يحضره الفقيه وروى المعلى بن محمد البصري عن أحمد ابن محمد بن عبد الله عن عمرو بن زياد عن مدرك بن عبد الرحمن عن أبي عبد الله الصادق جعفر بن محمد عليهما‌السلام قال : إذا كان يوم القيمة جمع الله عزوجل الناس في صعيد واحد ، ووضعت الموازين دماء الشهداء مع مداد العلماء ، فيرجح مداد العلماء على دماء الشهداء.

١٣٥ ـ في مجمع البيان روت عائشة عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله انه قال : إذا أتى على يوم لا أزداد فيه علما يقربني الى الله ، فلا بارك الله لي في طلوع شمسه.

١٣٦ ـ في بصائر الدرجات عمران بن موسى عن موسى بن جعفر عن عمرو بن سعيد المداينى عن عيسى بن حمزة الثقفي قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : انا نسألك أحيانا فتسرع بالجواب ، وأحيانا فتطرق (١) ثم تجيبنا؟ قال : نعم انه ينكت في آذاننا وقلوبنا ، فاذا نكت نطقنا ، وإذا أمسك عنا أمسكنا.

١٣٧ ـ في عوالي اللئالى وقال عليه‌السلام : علمت علوم الأولين والآخرين.

١٣٨ ـ في كتاب الخصال عن سليم بن قيس الهلالي قال : سمعت عليا عليه‌السلام يقول لأبي الطفيل عامر بن واثلة الكناني : يا أبا الطفيل العلم علمان : علم لا يسع الناس الا النظر فيه وهو صبغة الإسلام ، وعلم يسع الناس ترك النظر فيه ، وهو قدرة الله تعالى.

١٣٩ ـ عن محمد بن خالد البرقي عن عدة من أصحابنا يرفعونه الى ابى عبد الله عليه‌السلام أنه قال : منهومان لا يشبعان : منهوم علم ومنهوم مال.

١٤٠ ـ عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سئل أمير المؤمنين من أعلم الناس؟ قال : من جمع علم الناس الى علمه.

١٤١ ـ عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عن على عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : فضل العلم أحب الى الله من فضل العبادة ، وأفضل دينكم الورع.

__________________

(١) أطرق الرجل : سكت ولم يتكلم.


١٤٢ ـ عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : أربعة لا يشبعن من أربعة : الأرض من المطر ، والعين من النظر ، والأنثى من الذكر ، والعالم من العلم. عن الحسين بن على عليهما‌السلام قال : قال أمير المؤمنين للسائل الشامي الذي سأله عن المسائل في جامع الكوفة : أربعة لا يشبعن وذكر مثله سواء.

١٤٣ ـ عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهما‌السلام قال : جاء رجل الى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال له : يا رسول الله ما العلم؟ قال : الإنصات له ، قال : ثم ما؟ قال : الاستماع له ، قال : ثم ما؟ قال : الحفظ له ، قال : ثم ما؟ قال : العمل ، قال : ثم ما؟ قال : نشره.

١٤٤ ـ في كتاب التوحيد باسناده الى ابن عباس قال : جاء أعرابي الى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : يا رسول الله علمني من غرائب العلم ، قال : ما صنعت في رأس العلم حتى تسأل عن غرائبه؟ قال الرجل : ما رأس العلم يا رسول الله؟ قال : معرفة الله حق معرفته. قال الأعرابي : وما معرفة الله حق معرفته؟ قال : تعرفه بلا مثل ولا شبه ولا ند وانه واحد أحد ظاهر باطن ، أول آخر ، لا كفو له ولا نظير له ، فذلك حق معرفته.

١٤٥ ـ وباسناده الى أبي أحمد العامري قال : حدثنا على بن موسى الرضا عن أبيه عن آبائه عن علي عليهم‌السلام انه قال : الدنيا كلها جهل الا مواضع العلم ، والعلم كله حجة الا ما عمل به ، والعمل كله رياء الا ما كان مخلصا ، والإخلاص على خطر حتى ينظر العبد بما يختم له.

١٤٦ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده الى أبي الدرداء قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : ان الله عزوجل يجمع العلماء يوم القيامة ويقول لهم : لم أضع نوري وحكمتى في صدوركم الا وانا أريد بكم خير الدنيا والاخرة ، اذهبوا فقد غفرت لكم على ما كان منكم.

١٤٧ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة حدثنا محمد بن إبراهيم بن اسحق رضى الله عنه قال : حدثنا أحمد بن محمد الهمداني قال : حدثنا على بن الحسن بن


على بن فضال عن أبيه عن محمد بن الفضل عن ابى حمزة الثمالي عن أبي جعفر محمد ابن على الباقر عليهما‌السلام قال : ان الله تبارك وتعالى عهد الى آدم عليه‌السلام ان لا يقرب الشجرة ، فلما بلغ الوقت الذي كان في علم الله تبارك وتعالى ان يأكل منها نسي فأكل منها ، وهو قول الله تبارك وتعالى : (وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٤٨ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده الى ابن أبي عمير عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سمى الإنسان إنسانا لأنه ينسى ، وقال الله عزوجل : (وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ).

١٤٩ ـ أبي رحمه‌الله عن سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد بن عيسى عن على بن الحكم عن المفضل بن صالح عن جابر بن يزيد عن أبي جعفر عليه‌السلام في قول الله : (وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً) قال : عهد اليه في محمد والائمة من بعده فترك ، ولم يكن له عزم فيهم انه هكذا ، وانما سموا اولى العزم لأنهم عهد إليهم في محمد والأوصياء من بعده والمهدي وسيرته ، فأجمع عزمهم ان ذلك كذلك والإقرار به ، في أصول الكافي سواء.

في بصائر الدرجات أبو جعفر أحمد بن محمد عن على بن الحكم عن مفضل ابن صالح عن جابر عن أبي جعفر عليه‌السلام مثله أيضا.

١٥٠ ـ في أصول الكافي الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن جعفر بن محمد بن عبيد الله عن محمد بن عيسى القمى عن محمد بن سليمان عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قوله : (وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ) كلمات في محمد وعلى وفاطمة والحسن والحسين والائمة عليهم‌السلام من ذريتهم فنسي» هكذا والله أنزلت على محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله.

١٥١ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن على بن الحكم عن داود العجلي عن زرارة عن حمران عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : ان الله تبارك وتعالى حيث خلق الخلق خلق


ماءا عذبا وماءا مالحا أجاجا (١) فامتزج الماءان فأخذ طينا من أديم الأرض فعركه عركا شديدا (٢) فقال لأصحاب اليمين وهم كالذر يدبون : الى الجنة بسلام وقال لأصحاب الشمال : الى النار ولا أبالي ، ثم قال : (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى شَهِدْنا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافِلِينَ) ثم أخذ الميثاق على النبيين فقال : ألست بربكم وان هذا محمد رسولي وان هذا على أمير المؤمنين؟ فقالوا : بلى ، فثبتت لهم النبوة ، وأخذ الميثاق على اولى العزم اننى ربكم ومحمد رسولي وعلى أمير المؤمنين ، وأوصيائه من بعده ولاة أمري وخزان علمي عليهم‌السلام ، وان المهدي انتصر به لديني وأظهر به دولتي. وأنتقم به من أعدائى وأعبد به طوعا وكرها؟ قالوا : أقررنا يا رب وشهدنا ولم يجحد آدم ولم يقر ، فثبتت العزيمة لهؤلاء الخمسة في المهدي ولم يكن لادم عزم على الإقرار به ، وهو قوله عزوجل : (وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً) قال : انما هو فترك ، ثم أمر نارا فأججت فقال لأصحاب الشمال : ادخلوها فهابوها ، وقال لأصحاب اليمين : ادخلوها فدخلوها فكانت عليهم بردا وسلاما فقال أصحاب الشمال : يا رب أقلنا فقال : قد أقلتكم اذهبوا فادخلوها ، فهابوها فثم ثبتت الطاعة والولاية والمعصية.

١٥٢ ـ في تفسير على بن إبراهيم وقوله : (وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً) قال : فيما نهاه عنه من أكل الشجرة.

١٥٣ ـ في الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد وعلى بن إبراهيم عن أبيه جميعا عن ابن محبوب عن أبي جعفر الأحول عن سلام بن المستنير عن أبي جعفر عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً) قال : فقال : ان الله عزوجل لما قال لادم : (اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ) قال له : يا آدم لا تقرب هذه الشجرة ، قال : وأراه إياها فقال آدم لربه : كيف أقربها وقد نهيتني عنها أنا وزوجتي؟ قال : فقال لهما : لا تقرباها ، يعنى لا تأكلا منها فقال آدم وزوجته : نعم يا ربنا

__________________

(١) الأجاج : الشديد الملوحة من الماء.

(٢) أديم الأرض : وجهها. وعرك الأديم : دلكه.


لا نقربها ولا نأكل منها ، ولم يستثنيا في قولهما : نعم ، فوكلهما الله في ذلك الى أنفسهما والى ذكرهما.

١٥٤ ـ في روضة الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن الحسن بن محبوب عن محمد ابن الفضل عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : ان الله تبارك وتعالى عهد الى آدم عليه‌السلام أن لا يقرب هذه الشجرة. فلما بلغ الوقت الذي كان في علم الله أن يأكل منها نسي فأكل منها ، وهو قول الله تعالى : (وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٥٥ ـ في مصباح الشريعة قال الصادق عليه‌السلام : والصادق حقا هو الذي يصدق كل كاذب بحقيقة صدق ما لديه ، وهو المعنى الذي لا يسع معه سواه أو ضده ، مثل آدم عليه‌السلام صدق إبليس في كذبه حين أقسم له كاذبا لعدم ما به الكذب ، في آدم عليه‌السلام قال الله عزوجل : (وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً) ولان إبليس كان أول من ابتدأ بالكذب ، وهو غير معهود وأظهره وهو غير مشروع ، ولا يعرف عند أهل السماوات والأرض ظاهرا وباطنا فحشر هو بكذبه على معنى لم ينتفع به من صدق آدم عليه‌السلام على بقاء الأبد ، وأفاد آدم بتصديق كذبه شهادة الله عزوجل بنفي عزمه عما يضاد عهده في الحقيقة ، على معنى لم ينتقض من اصطفائه بكذبه شيئا.

١٥٦ ـ في تفسير العياشي عن موسى بن محمد بن على عن أخيه أبي الحسن الثالث عليه‌السلام قال : الشجرة التي نهى آدم وزوجته أن يأكلا منها شجرة الحسد. عهد إليهما ، ان لا ينظرا الى من فضله الله عليه وعلى خلائقه بعين الحسد ولم يجد له عزما.

١٥٧ ـ عن جميل بن دراج عن بعض أصحابنا عن أحدهما عليهما‌السلام قال : سألته كيف أخذ الله آدم بالنسيان؟ فقال : انه لم ينس وكيف ينسى وهو يذكره ويقول له إبليس : (ما نَهاكُما رَبُّكُما عَنْ هذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونا مِنَ الْخالِدِينَ).

١٥٨ ـ في كتاب المناقب لابن شهر آشوب : الباقر عليه‌السلام في قوله (وَلَقَدْ عَهِدْنا


إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ) كلمات في محمد وعلى وفاطمة والحسن والحسين والائمة من ذريتهم» كذا نزلت على محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله.

١٥٩ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده الى الحسين بن أبي العلا عن أبي عبد الله عليه‌السلام عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله حديث طويل يقول فيه صلى‌الله‌عليه‌وآله : لما ان وسوس الشيطان الى آدم دنا من الشجرة ونظر إليها ذهب ماء وجهه ، ثم قام ومشى إليها وهي أول قدم مشت الى الخطيئة ، ثم تناول بيده مما عليها فأكل فطار الحلي والحلل عن جسده.

١٦٠ ـ في عيون الاخبار باسناده الى على بن محمد بن الجهم قال : حضرت مجلس المأمون وعنده الرضا عليه‌السلام فقال له المأمون : يا بن رسول الله أليس من قولك ان الأنبياء معصومون؟ قال : بلى قال فما معنى قول الله عزوجل : (وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى)؟ قال عليه‌السلام : ان الله تعالى قال لادم : (اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلا مِنْها رَغَداً حَيْثُ شِئْتُما وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ) وأشار لهما الى شجرة الحنطة (فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ) ولم يقل : ولا تأكلا من هذه الشجرة ولا مما كان من جنسها ، فلم يقربا من تلك الشجرة وانما أكلا من غيرها لما أن وسوس الشيطان إليهما ، وقال : (ما نَهاكُما رَبُّكُما عَنْ هذِهِ الشَّجَرَةِ) وانما نهاكما ان تقربا غيرها ولم ينهكما عن الاكل منها (إِلَّا أَنْ تَكُونا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونا مِنَ الْخالِدِينَ وَقاسَمَهُما إِنِّي لَكُما لَمِنَ النَّاصِحِينَ) ولم يكن آدم وحوا شاهدا قبل ذلك من يحلف بالله كاذبا «فدليهما بغرور فأكلا منها» ثقة بيمينه بالله وكان ذلك من آدم قبل النبوة ، ولم يكن بذنب كبير استحق به دخول النار ، وانما كان من الصغائر الموهوبة التي تجوز على الأنبياء قبل نزول الوحي عليهم ، فلما اجتباه الله تعالى وجعله نبيا كان معصوما لا يذنب صغيرة ولا كبيرة ، قال الله تعالى : (وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى ثُمَّ اجْتَباهُ رَبُّهُ فَتابَ عَلَيْهِ وَهَدى) وقال عزوجل : (إِنَّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ).

١٦١ ـ وفيه في باب ما كتبه الرضا عليه‌السلام للمأمون من محض الإسلام وشرايع الدين : ان ذنوب الأنبياء عليهم‌السلام صغائر موهوبة.


١٦٢ ـ وباسناده الى أبي الصلت الهروي قال : لما جمع المأمون لعلى بن موسى الرضا عليه‌السلام أهل المقالات من أهل الإسلام والديانات من اليهود والنصارى والمجوس والصابئين وساير المقالات ، فلم يقم أحد الا وقد ألزمه حجته كأنه ألقم حجرا قام اليه على بن جهم فقال له : يا ابن رسول الله أتقول بعصمة الأنبياء؟ فقال : نعم قال : فما تعمل في قول الله عزوجل : (وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى)؟ فقال عليه‌السلام : ان الله عزوجل خلق آدم حجته في أرضه وخليفته في بلاده ، لم يخلقه للجنة ، وكانت المعصية من آدم في الجنة لا في الأرض لتتم مقادير الله عزوجل ، فلما اهبط الى الأرض وجعل حجة وخليفة عصم بقوله عزوجل : (إِنَّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ).

١٦٣ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه‌الله عن أمير المؤمنين حديث طويل يقول فيه عليه‌السلام مجيبا لبعض الزنادقة وقد قال ذلك الزنديق : وأجده قد شهر هفوات أنبيائه بقوله : (وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى) : واما هفوات الأنبياء عليهم‌السلام وما بينه الله في كتابه فان ذلك من أدل الدلائل على حكمة الله عزوجل الباهرة وقدرته القاهرة وعزته الظاهرة ، لأنه علم ان براهين الأنبياء عليهم‌السلام تكبر في صدور أممهم ، وان منهم يتخذ بعضهم إلها ، كالذي كان من النصارى في ابن مريم ، فذكرها دلالة على تخلفهم عن الكمال الذي انفرد به عزوجل.

١٦٤ ـ عن داود بن قبيصة عن الرضا عن أبيه عليهما‌السلام انه قال : واما ما سئلت هل نهى عما أراد فلا يجوز ذلك ولو جاز ذلك لكان حيث نهى آدم عن أكل الشجرة ، أراد منه أكلها ولو أراد منه أكلها ما نادى عليه صبيان الكتائب (وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٦٥ ـ في تهذيب الأحكام الحسين بن سعيد عن ابن أبي عمير عن ابن أذينة عن زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام انه قال وقد ذكر النوافل اليومية : وانما هذا كله تطوع وليس بمفروض ان تارك الفريضة كافر وان تارك هذا ليس بكافر ولكنها معصية ، لأنه يستحب


إذا عمل الرجل عملا من الخيران يدوم عليه.

١٦٦ ـ في أصول الكافي الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن السياري عن على بن عبد الله قال : سأله رجل عن قوله تعالى : (فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقى) قال : من قال بالأئمة واتبع أمرهم ولم يجز طاعتهم. قال عز من قائل : و (مَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي).

١٦٧ ـ في روضة الكافي خطبة لأمير المؤمنين عليه‌السلام وهي خطبة الوسيلة يقول فيها عليه‌السلام : ولئن تقمصها دوني الأشقيان ، ونازعاني فيما ليس لهما بحق ، وركباها ضلالة واعتقداها جهالة ، فلبئس ما عليه وردا ، ولبئس ما لأنفسهما مهدا ، يتلاعنان في دورهما ، ويتبرأ كل منهما من صاحبه ، يقول لقرينه إذا التقيا : (يا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ) فيجيبه الأشقى على رثونة : «يا ليتني لم أتخذك خليلا لقد أضللتني (عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جاءَنِي وَكانَ الشَّيْطانُ لِلْإِنْسانِ خَذُولاً) فأنا الذي عنه ضل.

١٦٨ ـ في تفسير على بن إبراهيم أخبرنا أحمد بن إدريس قال : حدثنا أحمد بن محمد عن عمر بن عبد العزيز عن إبراهيم بن المستنير عن معاوية بن عمار قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : قول الله : (فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً) قال : هي والله للنصاب ، قال : قلت : جعلت فداك قد تراهم دهر هم الأطول في كفاية حتى ماتوا؟ قال : ذاك والله في الرجعة يأكلون العذرة.

١٦٩ ـ في مجمع البيان (فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً) اى عيشا ضيقا الى قوله : وقيل هو عذاب القبر عن ابن مسعود وأبي سعيد الخدري والسدي ، ورواه أبو هريرة مرفوعا.

١٧٠ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن سلمة بن الخطاب عن الحسين بن عبد الرحمن عن على بن أبي حمزة عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً) قال : يعنى ولاية أمير المؤمنين عليه‌السلام قلت : (وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى)؟ قال : يعنى أعمى البصر في الاخرة أعمى القلب في الدنيا عن ولاية أمير المؤمنين عليه‌السلام ، قال : وهو متحير في القيمة يقول : (لِمَ حَشَرْتَنِي


أَعْمى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً قالَ كَذلِكَ أَتَتْكَ آياتُنا فَنَسِيتَها) قال الآيات الائمة (وَكَذلِكَ الْيَوْمَ تُنْسى) يعنى تركتها وكذلك اليوم تترك في النار كما تركت الائمة عليهم‌السلام ، فلم تطع أمرهم ولم تسمع قولهم.

١٧١ ـ في من لا يحضره الفقيه وروى عن معاوية بن عمار قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل لم يحج قط وله مال؟ فقال : هو ممن قال الله عزوجل : (وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى) فقلت : سبحان الله أعمى! فقال : أعماه الله عن طريق الخير.

١٧٢ ـ في الكافي حميد بن زياد عن الحسن بن محمد بن سماعة عن أحمد بن الحسن الميثمي عن أبان بن عثمان عن أبي بصير قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : من مات وهو صحيح موسر لم يحج فهو ممن قال الله عزوجل : (وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى) قال : قلت : سبحان الله أعمى! قال : نعم أعماه الله عن طريق الحق.

١٧٣ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن فضالة عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن رجل لم يحج قط وله مال؟ قال :

هو ممن قال الله : (وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى) قلت : سبحان الله أعمى! قال : أعماه الله عن طريق الجنة.

١٧٤ ـ في أصول الكافي متصل بقوله عليه‌السلام سابقا ولم تسمع قولهم قلت : و (كَذلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآياتِ رَبِّهِ وَلَعَذابُ) الاخرة أشد وأبقى قال : يعنى من أشرك بولاية أمير المؤمنين غيره ، ولم يؤمن بآيات ربه ترك الائمة معاندة ، فلم يتبع آثارهم ولم يتولهم ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٧٥ ـ في تفسير على بن إبراهيم وقوله عزوجل : أولم يهد لهم يقول : يبين لهم قوله : ان في ذلك لآيات لاولى النهى قال : نحن أولوا النهى ، وقوله : (وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكانَ لِزاماً وَأَجَلٌ مُسَمًّى) قال : كان ينزل بهم العذاب ، ولكن قد أخرهم الى أجل مسمى.

١٧٦ ـ وفيه أيضا وقوله : لكان لزاما قال : اللزام الهلاك.


١٧٧ ـ في كتاب الخصال عن إسماعيل بن الفضل قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله : (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِها) فقال : فريضة على كل مسلم أن يقول قبل طلوع الشمس عشر مرات وقبل غروبها عشر مرات : لا اله الا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحكم يحيى ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شيء قدير قال : فقلت : لا اله الا الله وحده لا شريك له الملك وله الحمد يحيى ويميت ويميت ويحيى ، فقال : يا هذا لا شك في ان الله يحيى ويميت ويميت ويحيى ، ولكن قل كما قلت.

١٧٨ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده الى الحسن بن عبد الله عن آبائه عن جده الحسن بن على بن أبي طالب عليهم‌السلام عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وقد سأله بعض اليهود عن مسائل : وأما صلوة الفجر فان الشمس إذا طلعت تطلع على قرني شيطان ، فأمرنى الله عزوجل ان أصلى صلوة الغداة قبل طلوع الشمس وقبل أن يسجد لها الكافر فتسجد أمتي لله عزوجل.

١٧٩ ـ وباسناده الى سليمان بن جعفر الجعفري عن الرضا عليه‌السلام حديث طويل يقول فيه : لا ينبغي لأحد أن يصلى إذا طلعت الشمس لأنها تطلع بقرني شيطان.

١٨٠ ـ في تفسير على بن إبراهيم قوله و (مِنْ آناءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرافَ النَّهارِ) قال : بالغداة والعشى.

١٨١ ـ في الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن حماد بن عيسى عن حريز عن زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قلت له : (وَأَطْرافَ النَّهارِ لَعَلَّكَ تَرْضى) قال : يعنى تطوع بالنهار.

١٨٢ ـ في تهذيب الأحكام الحسين بن سعيد عن صفوان عن ابن بكير عن زرارة عن أبي عبد الله عليه‌السلام حديث طويل وفيه بعد ان ذكر عليه‌السلام ما جرت به السنة في الصلوة فقال أبو الخطاب : أفرأيت ان قوى فزاد؟ قال : فجلس وكان متكيا فقال : ان قويت فصلها كما كانت تصلى وكما ليست في ساعة من النهار فليست في ساعة


من الليل ان الله عزوجل يقول : (وَمِنْ آناءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ) (١).

١٨٣ ـ في تفسير على بن إبراهيم وقوله : (وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقى) قال ابو عبد الله عليه‌السلام : لما نزلت هذه الاية استوى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله جالسا ثم قال : من لم يتعز بعزاء الله تقطعت نفسه على الدنيا حسرات ، ومن أتبع بصره ما في أيدى الناس طال همه ولم يشف غيظه ، ومن لم يعرف ان الله عليه نعمة لا في مطعم ولا في مشرب قصر أجله ودنا عذابه.

١٨٤ ـ في روضة الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن عيسى عن على بن الحكم عن أبي المغرا عن زيد الشحام عن عمرو بن سعيد بن هلال عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال : إياك وان تطمح نفسك الى من فوقك وكفى بما قال الله عزوجل لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : (فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ) وقال الله عزوجل لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : (وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٨٥ ـ في عوالي اللئالى وروى عن الباقر عليه‌السلام في قوله تعالى : وأمر أهلك بالصلوة واصطبر عليها قال : امر الله نبيه ان يخص أهل بيته وأهله دون الناس ، ليعلم الناس ان لأهله عند الله منزلة ليست لغيرهم ، فأمرهم مع الناس عامة ثم أمرهم خاصة.

١٨٦ ـ في عيون الاخبار في باب ذكر مجلس الرضا عليه‌السلام مع المأمون في الفرق بين العترة والامة حديث طويل وفيه : قالت العلماء : فسرنا هل فسر الله تعالى الاصطفاء في الكتاب؟ فقال الرضا عليه‌السلام : فسر الاصطفاء في الظاهر سوى الباطن في اثنى عشر

__________________

(١) قال المحدث الكاشاني (ره) : يعنى ان كانت لك زيادة قوة فاصرفها في كيفية الصلوة من الإقبال عليها والخشوع فيها ثم المداومة عليها ثم تفريق صلوة الليل على آناته كتفريق صلوة النهار على ساعاته كما كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يفعله ، ومراده عليه‌السلام تنبيهه على انه لن يقدر على الإتيان بهذا العدد أيضا كما ينبغي ، ثم نبه عليه‌السلام على تفريق صلوة الليل بما معناه انه كما ان الصلوة ليست مختصة بساعة من النهار بل مفرقة على أجزاء النهار فكذلك ليست مختصة بساعة من الليل بل مفرقة على اجزائها ، وآناء الليل ساعاته ، وأبو الخطاب هذا هو محمد بن مقلاص الغالي الملعون.


موطنا وموضعا ، فأول ذلك الى أن قال : وأما الثاني عشر فقوله عزوجل : (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْها) فخصنا الله تعالى بهذه الخصوصية إذ أمرنا مع الامة بإقامة الصلوة ، ثم خصنا من دون الامة فكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يجيء الى باب على وفاطمة عليهما‌السلام بعد نزول هذه الاية تسعة أشهر كل يوم عند حضور كل صلوة خمس مرات فيقول : الصلوة رحمكم الله ، وما أكرم الله أحدا من ذراري الأنبياء عليهم‌السلام بمثل هذه الكرامة التي أكرمنا بها ، وخصنا من دون جميع أهل بيتهم ، فقال المأمون والعلماء : جزاكم الله أهل بيت نبيكم عن الامة خيرا ، فما نجد الشرح والبيان فيما اشتبه علينا الا عندكم.

١٨٧ ـ في الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن بعض أصحابه عن أبي حمزة عن عقيل الخزاعي ان أمير المؤمنين صلوات الله عليه كان إذا حضر الحرب وصى المسلمين بكلمات : يقول : تعاهدوا الصلوة وحافظوا عليها وتقربوا بها الى أن قال عليه‌السلام : وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله منصبا لنفسه بعد البشرى له بالجنة من ربه فقال عزوجل : (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْها) الاية فكان يأمر بها أهله ويصبر عليها نفسه والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٨٨ ـ في تفسير على بن إبراهيم وقوله : (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْها) فان الله أمره أن يخص اهله دون الناس ليعلم الناس ان لأهل محمد عند الله منزلة خاصة ليست للناس إذ أمرهم مع الناس ، ثم أمرهم خاصة ، فلما أنزل الله هذه الاية كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يجيء كل يوم عند صلوة الفجر حتى يأتى باب على وفاطمة ، فيقول : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، فيقول على وفاطمة والحسن والحسين عليهم‌السلام : وعليك السلام يا رسول الله ورحمة الله وبركاته ، ثم يأخذ بعضادتي الباب فيقول : الصلوة الصلوة يرحمكم الله ، (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) ، فلم يزل يفعل ذلك كل يوم إذا شهد المدينة حتى فارق الدنيا ، وقال أبو حمراء خادم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : أنا شهدته يفعل ذلك.


١٨٩ ـ وفيه أيضا (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ) اى أمتك (وَاصْطَبِرْ عَلَيْها لا نَسْئَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعاقِبَةُ لِلتَّقْوى) قال : للمتقين.

١٩٠ ـ في نهج البلاغة كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله نصبا (١) بالصلوة بعد التبشير له بالجنة ، لقول الله سبحانه وأمر أهلك بالصلوة واصطبر عليها فكان يأمر بها ويصبر عليها نفسه.

١٩١ ـ في مجمع البيان روى أبو سعيد الخدري قال : لما نزلت هذه الاية كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يأتى باب فاطمة وعلى عليهما‌السلام تسعة أشهر عند كل صلوة فيقول : الصلوة رحمكم الله ، (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) رواه ابن عقدة باسناده من طرق كثيرة عن أهل البيت وعن غيرهم مثل أبي بردة وأبي رافع.

١٩٢ ـ في أمالي شيخ الطائفة قدس‌سره باسناده الى أبي الحميراء قال : شهدت النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أربعين صباحا يجيء الى باب على وفاطمة فيأخذ بعضادتي الباب ثم يقول : السلام عليكم أهل البيت ورحمة الله وبركاته ، الصلوة يرحمكم الله ، (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً).

قال عز من قائل : (لا نَسْئَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعاقِبَةُ لِلتَّقْوى).

١٩٣ ـ في كتاب الخصال عن أبي هريرة عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ان أول ما يدخل به النار أمتي الأجوفان ، قالوا : يا رسول الله وما الأجوفان؟ قال : الفرج والفم ، وأكثر ما يدخل به الجنة تقوى الله وحسن الخلق.

١٩٤ ـ في كتاب التوحيد باسناده الى الأصبغ بن نباته قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : قال الله تبارك وتعالى لموسى عليه‌السلام : يا موسى احفظ وصيتي لك بأربعة الى أن قال : والثانية ما دمت لا ترى كنوزي قد نفدت فلا تغتم بسبب رزقك.

١٩٥ ـ وباسناده الى الأصبغ بن نباتة قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : أما بعد فان الاهتمام بالدنيا غير زائد في الموظوف ، وفيه تضييع الزاد. والإقبال على

__________________

(١) اى تعبا.


الاخرة غير ناقص في المقدور ، وفيه إحراز المعاد وانشد يقول :

لو كان في صخرة في البحر راسية

صماء ملموسة ملس نواحيها (١)

رزق لنفس يراها الله لانفلقت

عنه فأدت كل ما فيها

أو كان بين طباق السبع مجمعة

يسهل الله في المرقى مراقيها

حتى يوفى الذي في اللوح خط له

ان هي أتته والا فهو آتيها

١٩٦ ـ في كشف المحجة لابن طاوس رحمه‌الله حديث طويل عن أمير المؤمنين عليه‌السلام وفيه قيل : فمن الولي يا رسول الله؟ قال : وليكم في هذا الزمان أنا ، ومن بعدي وصيي ، ومن بعد وصيي لكل زمان حجج الله ، لكيلا يقولون كما قال الضلال من قبلكم فارقهم نبيهم (رَبَّنا لَوْ لا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آياتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزى) وانما كان تمام ضلالتهم جهالتهم بالآيات ، وهم الأوصياء ، فأجابهم الله : (قُلْ كُلٌّ مُتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُوا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحابُ الصِّراطِ السَّوِيِّ وَمَنِ اهْتَدى) وانما كان تربصهم ان قالوا : نحن في سعة في معرفة الأوصياء حتى يعلن امام علمه.

١٩٧ ـ في تفسير على بن إبراهيم واما قوله : (قُلْ كُلٌّ مُتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُوا) اى انتظروا امرا (فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحابُ الصِّراطِ السَّوِيِّ وَمَنِ اهْتَدى) فانه حدثني أبي عن الحسن بن محبوب عن على بن رئاب عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال : والله نحن السبيل الذي أمركم الله باتباعه ، ونحن والله الصراط المستقيم ، ونحن والله الذين أمر الله بطاعتهم ، فمن شاء فليأخذ هنا ، ومن شاء فليأخذ هنا لا تجدون والله عنا محيصا.

__________________

(١) الصخرة الصماء الغليظة الشديدة.


بسم الله الرحمن الرحيم

١ ـ في كتاب ثواب الأعمال باسناده الى أبي عبد الله عليه‌السلام قال : من قرأ سورة الأنبياء حبا لها كان كمن رافق النبيين أجمعين في جنات النعيم ، وكان مهيبا في أعين الناس حيوة الدنيا.

٢ ـ في مجمع البيان أبي بن كعب عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : من قرأ سورة الأنبياء حاسبه الله حسابا يسيرا ، وصافحه وسلم عليه كل نبي ذكر اسمه في القرآن.

٣ ـ في تفسير على بن إبراهيم (اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ) قال : قربت القيمة والساعة والحساب.

٤ ـ في مجمع البيان وانما وصف بالقرب لان أحد أشراط الساعة مبعث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقد قال : بعثت أنا والساعة كهاتين.

٥ ـ في جوامع الجامع وفي كلام أمير المؤمنين صلوات الله عليه : ان الدنيا قد ولت حذاء (١) ولم يبق منها الا صبابة كصبابة الإناء.

٦ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه‌الله وروى عن صفوان بن يحيى قال :قال أبو الحسن الرضا عليه‌السلام لأبي قرة صاحب شبرمة : التوراة والإنجيل والزبور والفرقان وكل كتاب انزل كان كلام الله أنزله للعالمين نورا وهدى ، وهي كلها محدثة ، وهي غير الله حيث يقول : (أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً) وقال : و (ما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ) والله أحدث الكتب كلها الذي أنزلها ، فقال أبو قرة : فهل يفنى؟ فقال أبو الحسن عليه‌السلام : أجمع المسلمون على ان ما سوى الله فعل الله ، والتوراة والإنجيل والزبور والفرقان فعل الله ، ألم تسمع الناس يقولون : رب القرآن ، وأن

__________________

(١) الحذاء : السريعة.


القرآن يقول يوم القيامة : يا رب هذا فلان وهو اعرف به منه ، قد أظمأت نهاره وأسهرت ليله ، فشفعني فيه وكذلك التوراة والإنجيل والزبور كلها محدثه مربوبة أحدثها من ليس كمثله شيء هدى لقوم يعقلون ، فمن زعم انهن لم يزلن فقد أظهر ان الله ليس بأول قديم ولا واحد وأن الكلام لم يزل معه وليس له بدو ، وليس باله ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٧ ـ في تفسير على بن إبراهيم لاهية قلوبهم قال : من التلهي.

٨ ـ في روضة الكافي على بن محمد عن على بن العباس عن على بن حماد عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : وقال : (إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) يقول : بما ألقوه في صدورهم من العداوة لأهل بيتك والظلم بعدك ، وهو قول الله عزوجل : (وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٩ ـ في تفسير على بن إبراهيم ما آمنت قبلهم قرية أهلكناها أفهم يؤمنون قال : كيف يؤمنون ولم يؤمن من كان قبلهم بالآيات حتى هلكوا.

١٠ ـ حدثنا محمد بن جعفر قال : حدثنا عبد الله بن محمد عن أبي داود سليمان بن سفيان عن ثعلبة عن زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله : (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) من المعنون بذلك؟ قال : نحن ، قلت فأنتم المسئولون؟ قال : نعم قلت : ونحن السائلون؟ قال : نعم ، قلت : فعلينا أن نسألكم؟ قال : نعم ، قلت : وعليكم أن تجيبونا؟ قال : لا ذاك إلينا ان شئنا فعلنا وان شئنا تركنا ، ثم قال : (هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ).

قال مؤلف هذا الكتاب عفى عنه : قد بسطنا الأحاديث في تفسير هذه الاية في النحل فلتراجع ثمة.

١١ ـ في مجمع البيان وفي تفسير أهل البيت عليهم‌السلام بالإسناد عن زرارة ومحمد بن مسلم وحمران بن أعين عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما‌السلام قالا : تبدل بالأرض


خبزة نقية يأكل الناس منها حتى يفرغ من الحساب ، قال الله تعالى : (وَما جَعَلْناهُمْ جَسَداً لا يَأْكُلُونَ الطَّعامَ).

١٢ ـ في تفسير العياشي زرارة عن أبي جعفر قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن قول الله : (يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ) يعنى تبدل خبزة نقية يأكل الناس منها حتى يفرغ من الحساب؟ قال الله : (وَما جَعَلْناهُمْ جَسَداً لا يَأْكُلُونَ الطَّعامَ).

١٣ ـ في روضة الكافي كلام لعلى بن الحسين عليهما‌السلام في الوعظ والزهد في الدنيا يقول فيه عليه‌السلام : ولقد أسمعكم الله في كتابه ما قد فعل بالقوم الظالمين من أهل القرى قبلكم حيث قال : (وَكَمْ قَصَمْنا مِنْ قَرْيَةٍ كانَتْ ظالِمَةً) وانما عنى بالقرية أهلها حيث يقول : (وَأَنْشَأْنا بَعْدَها قَوْماً آخَرِينَ) فقال عزوجل : (فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنا إِذا هُمْ مِنْها يَرْكُضُونَ) يعنى يهربون قال : (لا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلى ما أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَساكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ) فلما أتاهم العذاب (قالُوا يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ فَما زالَتْ تِلْكَ دَعْواهُمْ حَتَّى جَعَلْناهُمْ حَصِيداً خامِدِينَ) وأيم الله ان هذه عظة لكم وتخويف ان اتعظتم وخفتم.

١٤ ـ على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن فضال عن ثعلبة بن ميمون عن بدر بن الخليل الأسدي قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : في قول الله عزوجل : (فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنا إِذا هُمْ مِنْها يَرْكُضُونَ لا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلى ما أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَساكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ) قال : إذا قام القائم وبعث الى بنى امية بالشام هربوا الى الروم ، فتقول لهم الروم : لا ندخلكم حتى تنتصروا فيعلقون في أعناقهم الصلبان فيدخلونهم ، فاذا نزل بحضرتهم أصحاب القائم طلبوا الامان والصلح ، فيقول أصحاب القائم : لا نفعل حتى تدفعوا إلينا من قبلكم منا فيدفعونهم إليهم ، فذلك قوله : (لا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلى ما أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَساكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ) قال : يسألهم الكنوز وهو أعلم بها ، قال : فيقولون : (يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ فَما زالَتْ تِلْكَ دَعْواهُمْ حَتَّى جَعَلْناهُمْ حَصِيداً خامِدِينَ) بالسيف وهو سعيد بن عبد الملك الأموي صاحب نهر سعيد بالرحبة.


١٥ ـ في تفسير على بن إبراهيم وقال على بن إبراهيم في قوله عزوجل : (وَكَمْ قَصَمْنا مِنْ قَرْيَةٍ كانَتْ) يعنى أهل قرية كانت (ظالِمَةً وَأَنْشَأْنا بَعْدَها قَوْماً آخَرِينَ فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنا) يعنى بنى أمية إذا أحسوا بالقائم من آل محمد صلوات الله عليه (إِذا هُمْ مِنْها يَرْكُضُونَ لا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلى ما أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَساكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ) يعنى الكنوز التي كنزوها ، قال : فيدخل بنو امية الى الروم إذا طلبهم القائم عليه‌السلام ، ثم يخرجهم من الروم ويطالبهم بالكنوز التي كنزوها ، فيقولون كما حكى الله عزوجل : (يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ فَما زالَتْ تِلْكَ دَعْواهُمْ حَتَّى) جعلنا هم حصيدا خامدين» قال : بالسيف وتحت ظلال السيوف ، وهذا كله مما لفظه ماض ومعناه مستقبل ، وهو مما ذكرناه مما تأويله بعد تنزيله (١).

١٦ ـ في الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن فضال عن يونس ابن يعقوب عن عبد الأعلى قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الغنا وقلت : انهم يزعمون

__________________

(١) في هامش بعض النسخ هكذا : «في كتاب الرجعة لبعض المعاصرين حديث طويل عن أمير المؤمنين عليه‌السلام يذكر فيه أيام ظهور القائم عليه‌السلام وفيه : ويخرج رجل من أهل نجران راهب مستجيب للإمام فيكون أهل النصارى أنصاري احابة ويهدم بيعته ويذر صليبها ويخرج من الموالي الى موضعها الناس والخيل فيسيرون الى النخلة باعلام هذا فيكون مجتمع الناس جميعا من الأرض كلها بالفاروق وهي محجة أمير المؤمنين عليه‌السلام وهو ما بين البرس والفرات فيقتل يومئذ ما بين المشرق والمغرب ثلاثة آلاف من اليهود والنصارى يقتل بعضهم بعضا ، فيومئذ تأويل هذه الاية : «فما زالت تلك دعوتهم (حَتَّى جَعَلْناهُمْ حَصِيداً خامِدِينَ) بالسيف وتحت ظل السيف ويختلف من بنى الأشهل الزاجر اللحظ في أناس من غير أبيه هرابا حتى يأتون سبطرى عوذا بالشجر فيومئذ تأويل هذه الاية : «فلما أحسوا بأسنا إذا هم (مِنْها يَرْكُضُونَ لا تَرْكُضُوا) وارجعوا (إِلى ما أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَساكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ») ومساكنهم الكنوز التي غلبوا من أموال المسلمين. «منه عفى عنه» أقول : ولا يخلو مواضع من هذا الحديث من التصحيف لكن لم أظفر على المنقول منه فتركتها على حالها.


ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله رخص في ان يقال : جيناكم جيناكم جيئونا جيئونا ، فقال : كذبوا ان الله عزوجل يقول : وما خلقنا السموات (وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما لاعِبِينَ لَوْ أَرَدْنا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْواً لَاتَّخَذْناهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فاعِلِينَ بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْباطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذا هُوَ زاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ) ثم قال : ويل لفلان مما يصف ، رجل لم يحضر المجلس.

١٧ ـ في محاسن البرقي عنه عن أبيه عن يونس بن عبد الرحمن رفعه قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : ليس من باطل يقوم بإزاء حق الأغلب الحق الباطل ، وذلك قول الله : (بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْباطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذا هُوَ زاهِقٌ).

١٨ ـ عنه عن يعقوب بن يزيد عن رجل عن الحكم بن مسكين عن أيوب بن الحر بياع الهروي قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : يا أيوب ما من أحد الا وقد يرد عليه الحق حتى يصدع قلبه ، قبله أم تركه ، وذلك ان الله يقول في كتابه : (بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْباطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذا هُوَ زاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ).

١٩ ـ في عيون الاخبار في باب ما جاء عن الرضا عليه‌السلام في هاروت وماروت حديث طويل وفيه يقول عليه‌السلام : ان الملائكة معصومون محفوظون من الكفر والقبائح بألطاف الله تعالى ، قال الله تعالى فيهم : (لا يَعْصُونَ اللهَ ما أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ) وقال عزوجل : وله من في السموات والأرض ومن عنده يعنى الملائكة (لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ وَلا يَسْتَحْسِرُونَ يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لا يَفْتُرُونَ).

٢٠ ـ في كتاب التوحيد عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله انه قال : إن لله تبارك وتعالى ملائكة ليس شيء من طباق أجسادهم الا وهو يسبح الله عزوجل ويحمده من ناحيته بأصوات مختلفة ، لا يرفعون رؤسهم الى السماء ، ولا يخفضونها الى أقدامهم من البكاء والخشية لله عزوجل.

٢١ ـ وعن على بن الحسين عليهما‌السلام حديث طويل في صفة خلق العرش يقول فيه : له ثمانية أركان ، على كل ركن منها من الملائكة ما لا يحصى عددهم


الا الله عزوجل ، (يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لا يَفْتُرُونَ).

٢٢ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده الى داود بن فرقد العطار عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه سئل عن الملائكة أينامون؟ فقال : ما من حي الا وهو ينام خلا الله وحده ، والملائكة ينامون ، فقلت : يقول الله عزوجل : (يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لا يَفْتُرُونَ) قال : أنفاسهم تسبح.

٢٣ ـ في تفسير على بن إبراهيم حديث طويل عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في ذكر ما راى في المعراج وفيه قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : ثم مررنا بملائكة من ملائكة الله عزوجل خلقهم الله كيف شاء ، ووضع وجوههم كيف شاء ، ليس شيء من أطباق أجسادهم الا وهو يسبح الله ويحمده من كل ناحية بأصوات مختلفة ، أصواتهم مرتفعة بالتحميد والبكاء من خشية الله ، فسألت جبرئيل عنهم فقال : كما ترى خلقوا ، ان الملك منهم الى جنب صاحبه ما كلمه قط ، ولا رفعوا رؤسهم الى ما فوقها ، ولا حفظوها! الى ما تحتها خوفا وخشوعا ، فسلمت عليهم فردوا على إيماء برؤسهم ، ولا ينظرون الى من الخشوع ، فقال لهم جبرئيل : هذا محمد نبي الرحمة أرسله الله الى العباد رسولا ونبيا ، وهو خاتم النبيين وسيدهم أفلا تكلموه؟ قال : فلما سمعوا ذلك من جبرئيل أقبلوا على بالسلام وأكرمونى وبشروني بالخير لي ولامتى.

٢٤ ـ في نهج البلاغة قال عليه‌السلام في وصف الملائكة : ومسبحون لا يسأمون ولا يغشاهم نوم العيون ولا سهو العقول ، ولا فترة الأبدان ولا غفلة النسيان.

٢٥ ـ وفيه أيضا يقول فيهم عليه‌السلام : ولم تجر الفترات فيهم على طول دؤبهم (١).

٢٦ ـ في كتاب التوحيد باسناده الى هشام بن الحكم في حديث الزنديق الذي أتى أبا عبد الله عليه‌السلام وكان من قول أبي عبد الله له : لا يخلو قولك : إنهما اثنان من أن يكونا قديمين قويين أو يكونا ضعيفين أو يكون أحدهما قويا والاخر ضعيفا ، فان

__________________

(١) الدؤوب : الجد والاجتهاد.


كانا قويين فلم لا يدفع كل واحد منهما صاحبه وينفرد بالتدبير ، وان زعمت ان أحدهما قوى والاخر ضعيف ثبت انه واحد كما تقول ، للعجز الظاهر في الثاني ، وان قلت : انهما اثنان لا يخلو من أن يكونا متفقين من كل جهة أو متفرقين من كل جهة ، فلما رأينا الخلق منتظما ، والفلك جاريا واختلاف الليل والنهار والشمس والقمر دل صحة الأمر والتدبير وايتلاف الأمر أن المدبر واحد ، ثم يلزمك ان ادعيت اثنين فلا بد من فرجة بينهما حتى يكونا اثنين ، فصارت الفرجة ثالثا بينهما قديما معهما ، فيلزمك ثلاثة ، فان ادعيت ثلاثة لزمك ما قلنا في الاثنين حتى يكون بينهما فرجتان فيكون خمسا ، ثم يتناهى في العدد الى ما لا نهاية في الكثرة.

٢٧ ـ حدثنا محمد بن الحسن بن احمد بن الوليد رضى الله عنه قال : حدثنا محمد بن الحسن الصفار عن أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن أبي عمير عن هشام بن الحكم قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : ما الدليل على أن الله واحد؟ قال : اتصال التدبير وتمام الصنع كما قال عزوجل : (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا).

٢٨ ـ وباسناده الى الفتح بن يزيد الجرجاني عن أبي الحسن عليه‌السلام حديث طويل وفي آخره قلت : جعلت فداك بقيت مسئلة ، قال : هات لله أبوك ، قلت : يعلم القديم الشيء الذي لم يكن ان لو كان كيف كان يكون؟ قال : ويحك ان مسائلك لصعبة أما سمعت الله يقول : (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا) وقوله : (لَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ) وقال يحكى قول أهل النار : «ارجعنا (نَعْمَلْ صالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ) وقال : (وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ) فقد علم الشيء الذي لم يكن ان لو كان كيف كان يكون.

٢٩ ـ في تفسير على بن إبراهيم : واما الرد على الثنوية فقوله : (مَا اتَّخَذَ اللهُ مِنْ وَلَدٍ) الاية قال : لو كان الهين لطلب كل واحد منهما العلو ، وإذا شاء واحد أن يخلق إنسانا شاء الاخر أن يخالفه فيخلق بهيمة ، فيكون الخلق منهما على مشيتهما ، واختلاف ارادتهما إنسانا وبهيمة في حالة واحدة ، فهذا من أعظم المحال غير موجود ،


وإذا بطل هذا ولم يكن بينهما اختلاف بطل الاثنان وكان واحدا ، فهذا التدبير واتصاله وقوام بعضه ببعض واختلاف الأهواء والإرادات والمشيات يدل على صانع واحد ، وهو قول الله عزوجل : (مَا اتَّخَذَ اللهُ مِنْ وَلَدٍ وَما كانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ) وقوله : (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا).

٣٠ ـ في كتاب الاهليلجة قال الصادق عليه‌السلام : وانه لو كان معه اله لذهب كل اله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض ، ولا فسد كل واحد منهما على صاحبه.

٣١ ـ في كتاب مصباح الزائر لابن طاوس رحمه‌الله في دعاء الحسين عليه‌السلام يوم عرفة (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا) وتفطرتا.

٣٢ ـ في كتاب التوحيد باسناده الى ابن أذينة عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قلت له : جعلت فداك ما تقول في القضاء والقدر؟ قال : أقول : ان الله تبارك وتعالى إذا جمع العباد يوم القيامة سألهم عما عهد إليهم ولم يسألهم عما قضى عليهم.

٣٣ ـ وباسناده الى عمرو بن شمر عن جابر بن يزيد الجعفي قال : قلت لأبي جعفر محمد بن على الباقر عليهما‌السلام : يا بن رسول الله انا نرى الأطفال منهم من يولد ميتا ومنهم من يسقط غير تام ، ومنهم من يولد أعمى وأخرى وأصم ، ومنهم من يموت من ساعته إذا سقط الى الأرض ، ومنهم من يبقى الى الاحتلام ، ومنهم من يعمر حتى يصير شيخا ، فكيف ذلك وما وجهه؟ فقال عليه‌السلام : ان الله تبارك وتعالى أولى بما يدبره من أمر خلقه منهم ، وهو الخالق والمالك لهم فمن منعه التعمير فانما منعه ما ليس له ومن عمره فانما أعطاه ما ليس له ، فهو المتفضل بما أعطى ، وعادل فيما منع ، ولا يسأل عما يفعل وهم يسألون قال جابر : فقلت له : يا ابن رسول الله وكيف لا يسأل عما يفعل؟ قال : لأنه لا يفعل الا ما كان حكمة وصوابا ، وهو المتكبر الجبار والواحد القهار فمن وجد في نفسه حرجا في شيء مما قضى كفر ، ومن أنكر شيئا من أفعاله جحد.

٣٤ ـ عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام قال : قال الله تبارك وتعالى : يا بن آدم بمشيتي كنت أنت الذي تشاء لنفسك ما تشاء ، وبقوتي أديت الى فرائضي ، وبنعمتي قويت


على معصيتي جعلتك سميعا بصيرا قويا (ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللهِ ، وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ) ، وذلك أنى أولى بحسناتك منك ، وأنت أولى بسيئاتك منى ، وذلك انى لا اسأل عما أفعل وهم يسألون.

٣٥ ـ في عيون الاخبار باسناده الى محمد بن أبي يعقوب البلخي قال : سألت أبا الحسن الرضا عليه‌السلام فقلت : لأي علة صارت الامامة في ولد الحسين دون ولد الحسن؟ فقال : لان الله تعالى جعلها في ولد الحسين ولم يجعلها في ولد الحسن ، والله لا يسأل عما يفعل.

٣٦ ـ في كتاب الخصال عن المفضل بن عمر عن الصادق جعفر بن محمد عليهما‌السلام حديث طويل وفيه : قال : فقلت له : يا بن رسول الله كيف صارت الامامة في ولد الحسين دون ولد الحسن وهما جميعا ولدا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وسبطاه وسيدا شباب أهل الجنة؟ فقال عليه‌السلام : ان موسى وهارون كانا نبيين مرسلين أخوين ، فجعل الله النبوة في صلب هارون دون صلب موسى ، ولم يكن لأحد أن يقول : لم فعل الله ذلك ، فان الامامة خلافة الله عزوجل ليس لأحد أن يقول : لم جعلها في صلب الحسين دون صلب الحسن ، لان الله هو الحكيم في أفعاله (لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْئَلُونَ).

٣٧ ـ في كتاب علل الشرائع عن على عليه‌السلام حديث طويل يقول فيه في أثنائه وقد ذكر خلقة آدم فاغترف تبارك وتعالى غرفة من الماء العذب الفرات ، فصلصلها فجمدت ثم قال لها : منك أخلق النبيين والمرسلين وعبادي الصالحين ، والائمة المهتدين الدعاة الى الجنة وأتباعهم الى يوم القيامة ، ولا أبالى ولا اسأل عما افعل وهم يسألون ، يعنى بذلك خلقه انهم يسألهم.

٣٨ ـ في إرشاد المفيد قال رحمه‌الله وقد ذكر أبا عبد الله جعفر بن محمد عليهما‌السلام : ومما حفظ عنه عليه‌السلام من موجز القول في العدل قوله لزرارة بن أعين : يا زرارة أعطيك جملة في القضاء والقدر؟ قال له زرارة : نعم جلت فداك ، قال : إذا كان يوم القيامة ، وجمع الله الخلائق سألهم عما عهد إليهم ولم يسألهم عما قضى عليهم.


٣٩ ـ في مجمع البيان (هذا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي) قال ابو عبد الله عليه‌السلام : يعنى بذكر من معى ما هو كائن ، وبذكر من قبلي ما قد كان.

٤٠ ـ في تفسير على بن إبراهيم وقوله عزوجل : (وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً سُبْحانَهُ بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ) قال : هو ما قالت النصارى ان المسيح ابن الله ، وما قالت اليهود عزير بن الله ، وقالوا في الائمة ما قالوا ، فقال الله عزوجل : سبحانه انفة له (١) بل عباد مكرمون ، يعنى هؤلاء الذين زعموا انهم ولد الله ، وجواب هؤلاء الذين زعموا ذلك في سورة الزمر في قوله عزوجل : (لَوْ أَرادَ اللهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً لَاصْطَفى مِمَّا يَخْلُقُ ما يَشاءُ).

٤١ ـ في عيون الاخبار في الزيارة الجامعة للائمة عليهم‌السلام المنقولة عن الجواد عليه‌السلام : السلام على الدعاة الى الله الى قوله : والمظهرين لأمر الله ونهيه ، وعباده المكرمين الذين (لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ).

٤٢ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه‌الله عن أمير المؤمنين عليه‌السلام حديث طويل : وفيه والزمهم الحجة بان خاطبهم خطابا يدل على انفراده وتوحيده وبأن لهم أولياء تجري أفعالهم وأحكامهم مجرى فعله ، فهم العباد المكرمون (لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ) ، قال السائل : من هؤلاء الحجج؟ قال : هم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ومن حل محله أصفياء الله الذين قال : (فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ) الذين قرنهم الله بنفسه وبرسوله ، وفرض على العباد من طاعتهم مثل الذي فرض عليهم منها لنفسه.

٤٣ ـ في الخرائج والجرائح في أعلام أمير المؤمنين عليه‌السلام في روايات الخاصة اختصم رجل وامرأة اليه ، فعلا صوت الرجل على المرئة ، فقال له على عليه‌السلام : اخسأ وكان خارجيا ، فاذا رأسه رأس الكلب ، فقال له رجل : يا أمير المؤمنين صحت بهذا الخارجي فصار رأسه رأس الكلب فما يمنعك عن معاوية؟ فقال : ويحك لو أشاء أن آتى بمعاوية الى هاهنا على سريره لدعوت الله حتى فعل ، ولكن لله خزان لا على

__________________

(١) أنفة له اى تنزيه.


ذهب ولا فضة ولا انكار على اسرار ، هذا تدبير الله أما تقرأ : (بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ).

٤٤ ـ وروى الأصبغ بن نباتة قال : كنا نمشي خلف على عليه‌السلام ومعنا رجل من قريش فقال : يا أمير المؤمنين قد قتلت الرجال وأيتمت الأطفال وفعلت وفعلت؟ فالتفت اليه عليه‌السلام وقال : اخسأ فاذا هو كلب اسود فجعل يلوذ به ويبصبص (١) فرآه عليه‌السلام فرحمه فحرك شفتيه فاذا هو رجل كما كان ، فقال رجل من القوم : يا أمير المؤمنين أنت تقدر على مثل هذا ويناويك معاوية (٢) فقال : نحن عباد مكرمون لا نسبقه بالقول ونحن بأمره عاملون.

٤٥ ـ في تفسير على بن إبراهيم قال الصادق عليه‌السلام : ما أتى جبرئيل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الا كئيبا حزينا ، ولم يزل كذلك منذ أهلك الله فرعون ، فلما أمره الله بنزول هذه الآية : (آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ) نزل عليه وهو ضاحك مستبشر فقال رسول الله : ما أتيتني يا جبرئيل الا وتبينت الحزن في وجهك حتى الساعة قال : نعم يا محمد لما غرق الله فرعون قال : (آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ) فأخذت حمأة (٣) فوضعتها في فيه ، ثم قلت له : (آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ) وعملت ذلك من غير أمر الله خفت ان تلحقه الرحمة من الله ويعذبني الله على ما فعلت ، فلما كان الآن وأمرني الله ان أؤدي إليك ما قلته أنا لفرعون امنت وعلمت ان ذلك كان لله رضى.

٤٦ ـ في مصباح شيخ الطائفة قدس‌سره في خطبة مروية عن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : وان الله اختص لنفسه بعد نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله من بريته خاصة علاهم بتعليته ، وسما بهم الى رتبته ، وجعلهم الدعاة بالحق اليه والأدلاء بالرشاد عليه لقرن قرن ، و

__________________

(١) بصبص الكلب : تحرك بذنبه.

(٢) ناواه : عاداه.

(٣) الحمأة : الطين الأسود.


زمن زمن ، انشأهم في القدم قبل كل مذرو ومبرو أنوارا أنطقها بتمجيده بتحميده ، وألهمها شكره وتمجيده ، وجعلها الحجج على كل معترف له بملكة الربوبية وسلطان العبودية ، واستنطق بها الخرسات بأنواع اللغات بخوعا له بأنه فاطر الأرضين والسموات ، وأشهدهم خلقه ، وولاهم ما شاء من أمره ، جعلهم تراجمة مشيته وألسن إرادته ، عبيدا (لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ).

٤٧ ـ في تهذيب الأحكام باسناده الى أبي الحسن الثالث عليه‌السلام زيارة لأمير المؤمنين عليه‌السلام وفيها يقول الزائر : يا ولى الله ان لي ذنوبا كثيرة فاشفع لي الى ربك عزوجل ، فان لك عند الله مقاما محمودا ، وان لك عند الله جاها وشفاعة ، وقال الله : (لا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى). وفي الكافي مثله سواء.

٤٨ ـ في عيون الاخبار باسناده الى الحسين بن خالد عن على بن موسى الرضا عن أبيه عن آبائه عن أمير المؤمنين صلوات الله عليهم قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من لم يؤمن بحوضي فلا أورده الله حوضي ، ومن لم يؤمن بشفاعتي فلا أنا له الله شفاعتي ، ثم قال عليه‌السلام : انما شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي ، فأما المحسنون فما عليهم من سبيل. قال الحسين بن خالد : فقلت للرضا عليه‌السلام : يا ابن رسول الله فما معنى قول الله عزوجل : (وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى)؟ قال : (لا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى) الله دينه.

٤٩ ـ في كتاب الخصال عن الأعمش عن جعفر بن محمد عليهما‌السلام : قال : هذه شرائع الدين الى أن قال : وأصحاب الحدود فساق لا مؤمنون ولا كافرون ، لا يخلدون في النار ، ويخرجون منها يوما والشفاعة جائزة لهم وللمستضعفين ، إذا ارتضى الله دينهم.

٥٠ ـ في كتاب التوحيد حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضى الله عنه قال : حدثنا إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن محمد بن أبي عمير عن موسى بن جعفر عليه‌السلام حديث طويل وفيه قلت له : يا ابن رسول الله فالشفاعة لمن تجب من المذنبين؟


فقال : حدثني أبي عن آبائه عن على عليهم‌السلام قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : انما شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي ، فأما المحسنون منهم فما عليهم من سبيل ، قال ابن أبي عمير : فقلت له : يا ابن رسول الله كيف يكون الشفاعة لأهل الكبائر والله تعالى يقول : (وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى) ومن يرتكب الكبيرة لا يكون مرتضى؟ فقال : يا با محمد ما من مؤمن يرتكب ذنبا الا ساءه ذلك وندم عليه ، وقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : كفى بالندم توبة ، وقال عليه‌السلام : من سرته حسنته وسائته سيئته فهو مؤمن ، فمن لم يندم على ذنب يرتكبه فليس بمؤمن ، ولم تجب له الشفاعة ، وكان ظالما والله تعالى ذكره يقول : (ما لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطاعُ) فقلت له : يا ابن رسول الله وكيف لا يكون مؤمنا من لم يندم على ذنب يرتكبه؟ فقال : يا با أحمد ما من أحد يرتكب كبيرة من المعاصي وهو يعلم انه سيعاقب عليها الا ندم على ما ارتكب ، ومتى ندم كان تائبا مستحقا للشفاعة ، ومتى لم يندم عليها كان مصرا والمصر لا يغفر له ، لأنه غير مؤمن بعقوبة ما ارتكب ، ولو كان مؤمنا بالعقوبة لندم ، وقد قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : لا كبيرة مع الاستغفار ، ولا صغيرة مع الإصرار ، واما قول الله عزوجل : (وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى) فإنهم (لا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى) الله دينه ، والدين الإقرار بالجزاء على الحسنات والسيئات ، فمن ارتضى الله دينه ندم على ما ارتكبه من الذنوب لمعرفته بعاقبته في القيامة.

٥١ ـ في تفسير على بن إبراهيم : قوله : (وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلهٌ مِنْ دُونِهِ فَذلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ) قال : من زعم انه امام وليس بإمام.

٥٢ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه‌الله وروى ان عمرو بن عبيد وفد على محمد بن على الباقر عليهما‌السلام لامتحانه بالسؤال عنه ، فقال له : جعلت فداك ما معنى قول الله تعالى (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما) ما هذا الرتق والفتق؟ فقال أبو جعفر عليه‌السلام : كانت السماء رتقا لا ينزل القطر ، وكانت الأرض رتقا لا يخرج النبات ففتق الله السماء بالقطر ، وفتق الأرض بالنبات فانقطع


عمرو ولم يجد اعتراضا ومضى.

٥٣ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثني أبي عن على بن الحكم عن سيف بن عميرة عن أبي بكر الحضرمي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : خرج هشام بن عبد الملك حاجا ومعه الأبرش الكلبي ، فلقيا أبا عبد الله عليه‌السلام في المسجد الحرام فقال : هشام للأبرش : تعرف هذا؟ قال : لا ، قال : هذا الذي تزعم الشيعة انه نبي من كثرة علمه فقال : الأبرش ، لاسألنه عن مسئلة لا يجيبني فيها نبي أو وصى نبي ، فقال هشام : وددت انك فعلت ذلك ، فلقي الأبرش أبا عبد الله عليه‌السلام فقال : يا با عبد الله أخبرني عن قول الله : (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما) فما كان رتقهما وما كان فتقهما؟ فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : يا أبرش هو كما وصف نفسه ، (كانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ) ، والماء على الهواء ، والهواء لا يحد ، ولم يكن يومئذ خلق غيرهما ، والماء يومئذ عذب فرات ، فلما أراد الله أن يخلق الأرض أمر الرياح فضربت الماء حتى صار موجا ثم أزبد فصار زبدا واحدا ، فجمعه في موضع البيت ، ثم جعله جبلا من زبد ، ثم دحى الأرض من تحته فقال الله تبارك وتعالى : (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً) ثم مكث الرب تبارك وتعالى ما شاء ، فلما أراد أن يخلق السماء أمر الرياح فضربت البحور حتى أزبدتها ، فخرج من ذلك الموج والزبد من وسطه دخان ساطع من غير نار ، فخلق منه السماء وجعل فيها البروج والنجوم ومنازل الشمس والقمر و، وأجراها في الفلك ، وكانت السماء خضراء على لون الماء الأخضر ، وكانت الأرض غبراء على لون الماء العذب ، وكانتا مرتوقتين ليس لهما أبواب ، ولم يكن للأرض أبواب وهو النبت ، ولم تمطر السماء عليها فتنبت ، ففتق السماء بالمطر ، وفتق الأرض بالنبات وذلك قوله (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما) فقال الأبرش : والله ما حدثني بمثل هذا الحديث أحد قط أعده على ، فأعاد عليه وكان الأبرش ملحدا ، فقال : وانا أشهد انك ابن نبي ثلاث مرات.

٥٤ ـ في روضة الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن الحسين بن


سعيد عن محمد بن داود عن محمد بن عطية قال : قال رجل من أهل الشام لأبي جعفر عليه‌السلام يا با جعفر قول الله عزوجل : (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما) فقال له أبو جعفر عليه‌السلام فلعلك تزعم انهما كانتا رتقا ملتزقتان ملتصقتان ففتقت إحداهما من الاخرى؟ فقال : نعم ، فقال أبو جعفر عليه‌السلام : استغفر ربك فان قول الله عزوجل : (كانَتا رَتْقاً) يقول : كانت السماء رتقا لا تنزل المطر ، وكانت الأرض رتقا لا تنبت الحب ، فلما خلق الله تبارك وتعالى الخلق وبث فيها من كل دابة ، فتق السماء بالمطر ، والأرض بنبات الحب ، فقال الشامي : اشهد انك من ولد الأنبياء ، وان علمك علمهم ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٥٥ ـ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن الحسن بن محبوب عن أبي حمزة ثابت بن دينار الثمالي وأبو منصور عن أبي الربيع قال حججنا مع أبي جعفر عليه‌السلام في السنة التي كان حج فيها هشام بن عبد الملك ، وكان معه نافع مولى عمر بن الخطاب ، فقال : يا با جعفر فأخبرنى عن قول الله عزوجل : (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما) قال : ان الله تبارك وتعالى اهبط آدم الى الأرض وكانت السماء رتقا لا تمطر شيئا ، وكانت الأرض رتقا لا تنبت شيئا ، فلما تاب الله عزوجل على آدم صلى الله عليه أمر السماء فتفطرت بالغمام ، ثم أمرها فأرخت عزاليها (١) ثم أمر الأرض فأنبتت الأشجار وأثمرت الثمار ، وتفيهت بالأنهار (٢) فكان ذلك رتقها وهذا فتقها ، فقال نافع : صدقت يا ابن رسول الله ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

__________________

(١) أرخى الستر : أسد له. أرسله والعزالى جمع العزلاء : مصب الماء من الراوية وأرخى السماء عزاليها كناية عن شدة وقع المطر على التشبيه بنزوله من أفواه القرب.

(٢) اى فتحت أفوامها والقياس «تفوهت» بالواو ويحتمل كونه «تفتقت» فصحف ، وفي روضة الكافي «تفهقت» من فهق الإناء : امتلأ.


٥٦ ـ في نهج البلاغة قال عليه‌السلام : وفتق بعد الارتتاق صوامت أبوابها.

٥٧ ـ في كتاب طب الائمة عليهم‌السلام عبد الله بن بسطام قال : حدثنا ابن اسحق ابن إبراهيم عن أبي الحسن العسكري عليه‌السلام قال : حضرته يوما وقد شكى اليه بعض ، إخواننا ، فقال : يا ابن رسول الله ان أهلى كثيرا يصيبهم هذا الوجع الملعون ، قال : وما هو؟ قال : وجع الرأس ، قال ، خذ قدحا من ماء واقرأ عليه : (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ) ثم اشربه فانه لا يضره إنشاء الله تعالى.

٥٨ ـ وباسناده الى حماد بن عيسى يرفعه الى أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : إذا شكى أحدكم وجع الفخذين فليجلس في تور كبير وطست ، في الماء المسخن ، وليضع يده عليه وليقرأ : (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ).

٥٩ ـ في تفسير على بن إبراهيم قوله : (وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ) قال : نسب كل شيء الى الماء ولم ينسب الماء الى غيره.

٦٠ ـ في تفسير العياشي عن شيخ من أصحابنا عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال كنا عنده فسأله شيخ فقال : لي وجع وأنا أشرب له النبيذ ووصفه له الشيخ ، فقال له : ما يمنعك من الماء «الذي جعل الله من كل شيء حي» قال : لا يوافقني ، الحديث وقد كتب في النحل عند قوله تعالى : (فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ).

٦١ ـ في مجمع البيان وروى العياشي باسناده الى الحسين بن علوان قال : سئل أبو عبد الله عليه‌السلام عن طعم الماء؟ فقال : سل تفقها ولا تسأل تعنتا ، طعم الماء طعم الحيوة ، قال الله سبحانه : (وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ).

٦٢ ـ في قرب الاسناد للحميري باسناده الى الحسين بن علوان عن جعفر عليه‌السلام قال : كنت عنده جالسا إذ جاءه رجل فسأله عن طعم الماء وكانوا يظنون انه زنديق


فأقبل أبو عبد الله عليه‌السلام يضرب فيه ويصعد ثم قال له : ويلك طعم الماء طعم الحيوة ، ان الله عزوجل يقول : (وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ).

٦٣ ـ في مصباح الشريعة قال الصادق عليه‌السلام : وقال الله عزوجل : (وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ) فلما أحيى به كل شيء من نعيم الدنيا كذلك بفضله ورحمته حيوة القلوب والطاعات.

٦٤ ـ في نهج البلاغة قال عليه‌السلام ، بعد ذكره السماوات السبع : جعل سفلاهن موجا مكفوفا ، وعليا هن سقفا محفوظا وسمكا مرفوعا.

٦٥ ـ في تفسير على بن إبراهيم قوله : (وَجَعَلْنَا السَّماءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً) يعنى من الشياطين اى لا يسترقون السمع واما قوله عزوجل : (وَما جَعَلْنا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ) فانه لما أخبر الله عزوجل نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله بما يصيب أهل بيته بعده صلوات الله عليهم ، وادعاء من ادعى الخلافة دونهم ، اغتم رسول الله فأنزل الله عزوجل : (وَما جَعَلْنا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَلْخَيْرِ فِتْنَةً) اى نختبر كم (وَإِلَيْنا تُرْجَعُونَ) فأعلم ذلك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله انه لا بدان تموت كل نفس.

٦٦ ـ وقال أمير المؤمنين صلوات الله عليه يوما وقد تبع جنازة فسمع رجلا يضحك فقال : كأن الموت فيها على غيرنا كتب ، وكأن الحق فيها على غيرنا وجب ، وكأن الذي نسمع من الأموات سفر عما قليل إلينا راجعون نريهم أجداثهم ، ونأكل تراثهم كأنا مخلدون بعد هم ، قد نسينا كل واعظة ورمينا بكل جائحة (١).

٦٧ ـ في تفسير العياشي عن زرارة قال : كرهت أن أسأل أبا جعفر عليه‌السلام عن الرجعة واستخفيت ذلك ، قلت : لا سألن مسئلة لطيفة أبلغ فيها حاجتي ، فقلت : أخبرني عمن قتل أمات؟ قال : لا ، الموت موت والقتل قتل ، قلت : ما أحد يقتل الا وقد مات فقال : قول الله اصدق من قولك فرق بينهما في القرآن قال : (أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ) وقال :

__________________

(١) الجائحة : النازلة. الشدة.


ـ (لَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللهِ تُحْشَرُونَ) وليس كما قلت يا زرارة الموت موت والقتل قتل قلت : فان الله يقول : (كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ) قال : من قتل لم يذق الموت ، ثم قال : لا بد من ان يرجع حتى يذوق الموت.

٦٨ ـ في مجمع البيان وروى عن أبي عبد الله عليه‌السلام ان أمير المؤمنين عليه‌السلام مرض فعاده إخوانه ، فقالوا : كيف نجدك يا أمير المؤمنين؟ قال : بشر ، قالوا : ما هذا كلام مثلك؟ قال : ان الله تعالى يقول : ونبلوكم بالخير والشر فتنة فالخير الصحة والغنى ، والشر المرض والفقر.

٦٩ ـ في تفسير على بن إبراهيم وقوله : (خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ) قال : لما أجرى في آدم الروح من قدميه فبلغت الى ركبتيه أراد أن يقوم فلم يقدر ، فقال الله عزوجل : (خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ).

٧٠ ـ في مجمع البيان قيل في «عجل» ثلاثة تأويلات : منها أن آدم لما خلق وجعلت الروح في أكثر جسده وثب عجلان مبادرا الى ثمار الجنة ، وقيل : هم بالوثوب فهذا معنى قوله : «من عجل» وروى ذلك عن أبي عبد الله عليه‌السلام.

٧١ ـ في نهج البلاغة قال عليه‌السلام إياك والعجلة بالأمور قبل أوانها والتساقط فيها عند إمكانها ، أو اللجاجة فيها إذا تنكرت ، أو الوهن عنها إذا استوضعت ، فضع كل أمر موضعه ، وأوقع كل عمل موقعه.

٧٢ ـ في كتاب الخصال عن أبان بن تغلب قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : مع التثبت يكون السلامة ، ومع العجلة يكون الندامة ، ومن ابتدأ العمل في غير وقته كان بلوغه في غير حينه.

٧٣ ـ وعن على عليه‌السلام قال في كلام طويل : لا تعاجلوا الأمر قبل بلوغه فتندموا

٧٤ ـ في مجمع البيان (أَفَلا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها) وقيل بموت العلماء ، وروى ذلك عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : نقصانها ذهاب عالمها.

٧٥ ـ في روضة الكافي كلام لعلى بن الحسين عليهما‌السلام في الوعظ والزهد


في الدنيا ذكرنا في هذه السورة بعضه عند قوله تعالى : (وَكَمْ قَصَمْنا مِنْ قَرْيَةٍ) الاية ويتصل به قوله عليه‌السلام ثم رجع القول من الله في الكتاب على أهل المعاصي والذنوب ، فقال عزوجل : (وَلَئِنْ مَسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِنْ عَذابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ) فان قلتم أيها الناس ان الله عزوجل انما عنى بهذا أهل الشرك فكيف ذلك وهو يقول : (وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ كانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنا بِها وَكَفى بِنا حاسِبِينَ) اعلموا عباد الله ان أهل الشرك لا تنصب لهم الموازين ولا تنصب لهم الدواوين ، وانما يحشرون الى جهنم. وانما نصب الموازين ونشر الدواوين لأهل الإسلام فاتقوا الله عباد الله.

٧٦ ـ في كتاب التوحيد حديث طويل عن على عليه‌السلام يقول فيه وقد سأله رجل عما اشتبه عليه من الآيات : واما قوله تبارك وتعالى : (وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً) فهو ميزان العدل يؤخذ به الخلائق يوم القيمة ، يدين الله تبارك وتعالى الخلق بعضهم من بعض بالموازين ، وفي غير هذا الحديث : الموازين هم الأنبياء والأوصياء عليهم‌السلام ، وقوله عزوجل : (فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَزْناً) فان ذلك خاصة.

٧٧ ـ في كتاب معاني الاخبار باسناده الى هشام قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً) قال : هم الأنبياء والأوصياء.

٧٨ ـ في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن إبراهيم الهمداني يرفعه الى أبي عبد الله عليه‌السلام في قوله تعالى : (وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ) قال : الأنبياء والأوصياء عليهم‌السلام.

٧٩ ـ في تفسير على بن إبراهيم قوله : (وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ) قال : المجازاة (وَإِنْ كانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنا بِها) اى جازينا بها ، وهي ممدودة أتينا بها ، ثم حكى عزوجل قول إبراهيم لقومه وأبيه : فقال و (لَقَدْ آتَيْنا إِبْراهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ) الى قوله : (بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ) قال : فلما نهاهم إبراهيم عليه‌السلام واحتج


عليهم في عبادتهم الأصنام فلم ينتهوا ، فحضر عيد لهم فخرج نمرود وجميع أهل مملكته الى عيد لهم وكره أن يخرج إبراهيم معه ، فوكله ببيت الأصنام ، فلما ذهبوا به عمد إبراهيم عليه‌السلام الى طعام فأدخله بيت أصنامهم ، فكان يدنو من صنم صنم فيقول له : كل فاذا لم يجبه أخذ القدوم (١) فكسر يده ورجله حتى فعل ذلك بجميع الأصنام ثم علق القدوم في عنق الكبير منهم الذي كان في الصدر ، فلما رجع الملك ومن معه من العيد نظروا الى الأصنام مكسرة فقالوا : (مَنْ فَعَلَ هذا بِآلِهَتِنا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ قالُوا سَمِعْنا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقالُ لَهُ إِبْراهِيمُ) وهو ابن آزر فجاؤا به الى نمرود ، فقال نمرود لآزر : خنتني وكتمت هذا الولد عنى؟ فقال : ايها الملك هذا عمل امه وذكرت انها تقوم بحجته ، فدعا نمرود أم إبراهيم فقال : ما حملك على ما كتمت أمر هذا الغلام حتى فعل بآلهتنا ما فعل؟ فقالت : ايها الملك نظرا منى لرعيتك ، قال : وكيف ذلك؟ قالت : رأيتك تقتل أولاد رعيتك فكان يذهب النسل ، فقلت : ان كان هذا الذي تطلبه دفعته اليه ليقتله وتكف عن قتل أولاد الناس ، وان لم يكن ذلك بقي لنا ولدنا وقد ظفرت به فشأنك فكف عن أولاد الناس وصوب رأيها ، ثم قال لإبراهيم : (مَنْ فَعَلَ هذا بِآلِهَتِنا) يا إبراهيم قال إبراهيم : فعله كبير هم هذا فاسئلوهم ان كانوا ينطقون فقال الصادق عليه‌السلام : والله ما فعله كبير هم وما كذب إبراهيم ، فقيل : فكيف ذلك؟ فقال : انما قال : فعله كبير هم هذا ان نطق ، وان لم ينطق فلم يفعل كبير هم هذا شيئا ، فاستشار قومه في إبراهيم فقالوا (حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ) فقال الصادق عليه‌السلام : كان فرعون إبراهيم لغير رشده وأصحابه لغير رشدهم فإنهم قالوا لنمرود : (حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ) وكان فرعون موسى وأصحابه لرشدهم فانه لما استشار أصحابه في موسى عليه‌السلام : (قالُوا أَرْجِهْ وَأَخاهُ وَأَرْسِلْ فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ يَأْتُوكَ بِكُلِّ ساحِرٍ عَلِيمٍ).

فحبس إبراهيم وجمع له الحطب حتى إذا كان اليوم الذي ألقى فيه نمرود إبراهيم

__________________

(١) القدوم : آلة النجر والبحت.


في النار برز نمرود وجنوده وقد كان بنى لنمرود بناء ينظر منه الى إبراهيم عليه‌السلام كيف تأخذه النار ، فجاء إبليس واتخذ لهم المنجنيق لأنه لم يقدر أحد أن يتقارب من النار ، وكان الطائر إذا مر في الهواء يحترق ، فوضع إبراهيم في المنجنيق وجاء أبوه فلطمه لطمة وقال له : ارجع عما أنت عليه ، وأنزل الرب تبارك وتعالى ملئكة الى السماء الدنيا ولم يبق شيء الا طلب الى ربه ، وقالت الأرض : يا رب ليس على ظهري أحد يعبدك غيره فيحرق؟ وقال الملائكة : يا رب خليلك إبراهيم يحرق؟ فقال الله عزوجل : انه ان دعاني كفيته ، وقال جبرئيل : يا رب خليلك إبراهيم ليس في الأرض أحد يعبدك غيره سلطت عليه عدوه يحرقه بالنار؟ فقال : اسكت انما يقول هذا عبد مثلك يخاف الفوت ، هو عبدي آخذه إذا شئت ، فان دعاني أجبته فدعا إبراهيم عليه‌السلام ربه بسورة الإخلاص : يا الله يا واحد يا أحد يا صمد يا من لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد نجني من النار برحمتك ، قال : فالتقى معه جبرئيل في الهواء وقد وضع في المنجنيق ، فقال : يا إبراهيم هل لك الى من حاجة؟ فقال إبراهيم عليه‌السلام : اما إليك فلا ، واما الى رب العالمين فنعم ، فدفع اليه خاتما عليه مكتوب لا اله الا الله محمد رسول الله ألجأت ظهري الى الله ، وأسندت أمرى الى الله ، وفوضت أمري الى الله ، فأوحى الله عزوجل الى النار : كوني بردا فاضطربت أسنان إبراهيم من البرد حتى قال : وسلاما على إبراهيم وانحط جبرئيل عليه‌السلام وجلس معه يحدثه في النار ونظر نمرود فقال : من اتخذ إلها فليتخذ مثل اله إبراهيم ، فقال عظيم من عظماء أصحاب نمرود : انى عزمت على النار ان لا تحرقه ، فخرج عمود من النار نحو الرجل فأحرقه فآمن له لوط ، فخرج مهاجرا الى الشام ، ونظر نمرود الى إبراهيم عليه‌السلام في روضة خضراء في النار مع شيخ يحدثه فقال لآزر : يا آزر ما أكرم ابنك على ربه قال : وكان الوزغ ينفخ في نار إبراهيم ، وكان الضفدع (١) يذهب بالماء ليطفئ به النار ، قال : ولما قال الله عزوجل للنار (كُونِي بَرْداً وَسَلاماً) ، لم تعمل

__________________

(١) الضفدع : دابة مائية دقيقة العظام وهي كثيرة الأنواع وبالفارسية «غوك».


النار في الدنيا ثلاثة أيام ، ثم قال الله عزوجل : (وَأَرادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْناهُمُ الْأَخْسَرِينَ) فقال الله عزوجل : (وَنَجَّيْناهُ وَلُوطاً إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بارَكْنا فِيها لِلْعالَمِينَ) الى الشام وسواد الكوفة.

٨٠ ـ في مجمع البيان وروى العياشي بالإسناد عن الأصبغ بن نباتة ان عليا عليه‌السلام مر بقوم يلعبون بالشطرنج ، فقال : (ما هذِهِ التَّماثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَها عاكِفُونَ)؟.

٨١ ـ في عوالي اللئالى وانه صلى‌الله‌عليه‌وآله مر بقوم يلعبون بالشطرنج فقال : (ما هذِهِ التَّماثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَها عاكِفُونَ)؟.

٨٢ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه‌الله روى عن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عن الحسين بن على عليهم‌السلام قال : ان يهوديا من يهود الشام وأحبارهم قال لأمير المؤمنين : فان هذا إبراهيم حد أصنام قومه غضبا لله عزوجل قال له على عليه‌السلام : لقد كان كذلك ومحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله قد نكس عن الكعبة ثلاثمائة وستين صنما ، ونفاها من جزيرة العرب ، وأذل من عبدها بالسيف ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٨٣ ـ في عيون الاخبار في باب جمل من أخبار موسى بن جعفر عليهما‌السلام مع هارون الرشيد ومع موسى المهدي حديث طويل وفيه قال (ع) لما قال له هارون : كيف تكون ذرية رسول الله وأنتم أولاد ابنته؟ بعد ما نقل عليه‌السلام آية المباهلة ، واحتج بها على ان العلماء قد اجمعوا على ان جبرئيل قال يوم أحد : يا محمد ان هذه لهي المواساة من على ، قال : لأنه منى وانا منه ، فقال جبرئيل وانا منكما يا رسول الله ثم قال : لا فتى الا على لا سيف الا ذو الفقار ، فكان كما مدح الله عزوجل خليله عليه‌السلام إذ يقول : (فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقالُ لَهُ إِبْراهِيمُ) انا معشر بنى عمك نفتخر بقول جبرئيل انه منا.

٨٤ ـ في كتاب معاني الاخبار باسناده الى صالح بن سعيد عن رجل من أصحابنا عن أبي عبد الله عليه‌السلام ثم قال : سألته عن قول الله عزوجل في قصة إبراهيم : (قالَ بَلْ فَعَلَهُ


كَبِيرُهُمْ هذا فَسْئَلُوهُمْ إِنْ كانُوا يَنْطِقُونَ) قال : ما فعله كبير هم وما كذب إبراهيم عليه‌السلام فقلت : وكيف ذاك؟ قال : انما قال إبراهيم : (فَسْئَلُوهُمْ إِنْ كانُوا يَنْطِقُونَ) فكبيرهم فعل ، وان لم ينطقوا فلم يفعل كبير هم شيئا فما نطقوا وما كذب إبراهيم عليه‌السلاموالحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٨٥ ـ في أصول الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن أحمد بن محمد عن أبي نصر عن حماد بن عثمان عن الحسن الصيقل قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : انا قد روينا عن أبي جعفر عليه‌السلام في قول يوسف : (أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ) فقال : والله ما سرقوا وما كذب ، وقال إبراهيم : (بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا فَسْئَلُوهُمْ إِنْ كانُوا يَنْطِقُونَ) فقال : والله ما فعلوا وما كذب ، قال فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : ما عند كم يا صيقل؟ قال : قلت : ما عندنا فيها الا التسليم ، قال : فقال : ان الله أحب اثنين وأبغض اثنين : أحب الخطو فيما بين الصفين ، وأحب الكذب في الإصلاح ، وأبغض الخطو في الطرقات ، وأبغض الكذب في غير الإصلاح ان إبراهيم عليه‌السلام انما قال : (بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا) ارادة الإصلاح ، ودلالة على انهم لا يفعلون ، وقال يوسف ارادة الإصلاح.

٨٦ ـ أبو على الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن الحجال عن ثعلبة عن معمر ابن عمرو عن عطاء عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لا كذب على مصلح ثم تلا : (أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ) قال : والله ما سرقوا وما كذب ، ثم تلا : (بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا فَسْئَلُوهُمْ إِنْ كانُوا يَنْطِقُونَ) ثم قال : والله ما فعلوه وما كذب.

٨٧ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن أبي يحيى الواسطي عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : الكلام ثلاثة : صدق وكذب وإصلاح بين الناس.

٨٨ ـ في روضة الكافي الحسين بن محمد الأشعري عن معلى بن محمد عن الوشاء عن أبان بن عثمان عن أبي بصير قال : قيل لابي جعفر عليه‌السلام وانا عنده : ان سالم بن أبي حفصة وأصحابه يروون عنك انك تكلم على سبعين وجها لك منها المخرج؟


فقال : ما يريد سالم منى؟ أيريد ان أجيء بالملائكة ، والله ما جاءت بهذا النبيون ، ولقد قال إبراهيم عليه‌السلام : (بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا) وما فعله وما كذب.

٨٩ ـ وفي حديث أبي حمزة الثمالي انه دخل عبد الله بن عمر على زين العابدين عليه‌السلام وقال : يا ابن الحسين أنت الذي تقول : ان يونس بن متى انما لقى من الحوت ما لقى لأنه عرضت عليه ولاية جدي فتوقف عندها؟ قال : بلى ثكلتك أمك ، قال : فأرنى آية ذلك ان كنت من الصادقين؟ فأمر بشد عينيه بعصابة وعيني بعصابة ، ثم أمر بعد ساعة بفتح أعيننا ، فاذا نحن على شاطئ البحر تضرب أمواجه ، فقال ابن عمر : يا سيدي دمي في رقبتك الله الله في نفسي! فقال : هنيئة وأريه ان كنت من الصادقين؟ ثم قال : يا أيتها الحوت ، قال : فاطلع الحوت رأسه من البحر مثل الجبل العظيم وهو يقول : لبيك لبيك يا ولى الله ، فقال : من أنت؟ قال : حوت يونس يا سيدي ، قال : ايتنا بالخبر ، قال : يا سيدي ان الله تعالى لم يبعث نبيا من آدم الى ان صار جدك محمد الا وقد عرض عليه ولايتكم أهل البيت ، فمن قبلها من الأنبياء سلم وتخلص ، ومن توقف عنها وتتعتع في حملها لقى ما لقى آدم من المصيبة ، وما لقى نوح من الغرق ، وما لقى إبراهيم من النار ، وما لقى يوسف من الجب ، وما لقى أيوب من البلاء ، وما لقى داود من الخطيئة ، الى ان بعث الله يونس ، فأوحى الله اليه : أن يا يونس تول أمير المؤمنين.

٩٠ ـ في عيون الاخبار عن الرضا عليه‌السلام حديث طويل وفيه قال عليه‌السلام وان إبراهيم عليه‌السلام لما وضع في المنجنيق غضب جبرئيل ، فأوحى الله تعالى اليه : ما يبغضك يا جبرئيل؟ فقال : خليلك ليس من يعبدك على وجه الأرض غيره سلطت عليه عدوك وعدوه؟ فأوحى الله عزوجل : اسكت انما يعجل الذي يخاف الفوت مثلك فاما انا فانه عبدي آخذه إذا شئت ، قال : فطابت نفس جبرئيل فالتفت الى إبراهيم عليه‌السلام فقال : هل لك من حاجة؟ قال : اما إليك فلا ، فأهبط الله عزوجل عندها خاتما فيه ستة أحرف : لا اله الا الله محمد رسول الله لا حول ولا قوة الا بالله العلى العظيم ، فوضت


أمرى الى الله أسندت ظهري الى الله حسبي الله ، فأوحى الله جل جلاله اليه : أن تختم بهذا الخاتم فانى أجعل النار عليك بردا وسلاما.

في كتاب الخصال عن الحسين بن خالد عن أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما‌السلام مثله سواء.

٩١ ـ في عيون الاخبار في باب ما جاء عن الرضا عليه‌السلام من خبر الشامي وما سأل عنه أمير المؤمنين عليه‌السلام في جامع الكوفة حديث طويل وفيه : فقال : يا أمير المؤمنين أخبرنى عن يوم الأربعاء والتطير منه وثقله وأى أربعاء هو؟ فقال عليه‌السلام : آخر أربعاء في الشهر وهو المحاق ، وفيه قتل قابيل هابيل ويوم الأربعاء القى إبراهيم عليه‌السلام في النار ويوم الأربعاء وضعوه في المنجنيق.

٩٢ ـ في كتاب الخصال عن داود بن كثير عن أبي عبد الله عليه‌السلام ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله نهى عن قتل ستة : النخلة والنحلة والضفدع والصرد والهدهد والخطاف ، الى أن قال عليه‌السلام : واما الضفدع فانه لما أضرمت النار على إبراهيم شكت هوام الأرض الى الله تعالى ، واستأذنته ان تصب عليها الماء ، فلم يأذن الله لشيء منها الا الضفدع ، فاحترق ثلثاه وبقي الثلث ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٩٣ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده الى أبان بن تغلب عن ابى عبد الله عليه‌السلام حديث طويل يذكر فيه القائم عليه‌السلام وفيه : فاذا نشر راية رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله انحط عليه ثلاثة عشر ألف ملك ، وثلاثة عشر ملكا ، كلهم ينظرون القائم عليه‌السلام ، وهم الذين كانوا مع نوح عليه‌السلام في السفينة ، والذين كانوا مع إبراهيم عليه‌السلام حيث ألقى في النار.

٩٤ ـ وباسناده الى مفضل بن عمر عن أبي عبد الله الصادق عليه‌السلام قال : سمعته يقول أتدري ما كان قميص يوسف عليه‌السلام؟ قال : قلت : لا ، قال : ان إبراهيم عليه‌السلام لما أوقدت له النار نزل اليه جبرئيل بالقميص ، وألبسه إياه ، فلم يضر معه حر ولا برد ، والحديث ، طويل أخذنا منه موضع الحاجة.


٩٥ ـ في مجمع البيان وروى الواحدي بالإسناد مرفوعا الى أنس بن مالك عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ان نمرود الجبار لما القى إبراهيم في النار نزل اليه جبرئيل بقميص من الجنة وطنفسة من الجنة (١) فألبسه القميص ، وأقعده على الطنفسة وقعد معه يحدثه.

٩٦ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده الى عبد الله بن هلال قال قال ابو عبد الله عليه‌السلام : لما القى إبراهيم عليه‌السلام في النار تلقاه جبرئيل في الهواء وهو يهوى ، فقال : يا إبراهيم ألك حاجة؟ فقال : اما إليك فلا.

٩٧ ـ وباسناده الى محمد بن اورمة عن الحسن بن على عن بعض أصحابنا عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال : لما القى إبراهيم في النار اوحى الله عزوجل إليها : وعزتي وجلالي لئن آذيته لأعذبنك ، وقال : لما قال الله عزوجل : (يا نارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ) ما انتفع أحد بها ثلثة أيام وما سخنت ماءهم.

٩٨ ـ في أصول الكافي اسحق قال : حدثني الحسن بن ظريف قال : اختلج في صدري مسئلتان أردت الكتاب فيهما الى ابى محمد عليه‌السلام فكتبت اسأله عن القائم إذا قام بما يقضى واين مجلسه الذي يقضى فيه بين الناس؟ وأردت ان أسأله عن شيء لحمى الربع فأغفلت خبر الحمى ، فجاء الجواب : سألت عن القائم إذا قام ، قضى بين الناس بعلمه كقضاء داود عليه‌السلام. لا يسأل البينة ، وكنت أردت ان تسأل الحمى الربع فأنسيت فاكتب في ورقة وعلقه على المحموم فانه يبرأ بإذن الله ان شاء الله : (يا نارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ) فعلقنا عليه ما ذكر ابو محمد عليه‌السلام فأفاق.

٩٩ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه‌الله عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله حديث طويل يقول فيه عليه‌السلام : قولنا ان إبراهيم خليل الله فانما هو مشتق من الخلة ، والخلة انما معناها الفقر والفاقة ، وقد كان خليلا الى ربه فقيرا واليه منقطعا ، وعن غيره متعففا معرضا مستغنيا ، وذلك لما أريد قذفه في النار فرمى به في المنجنيق ، فبعث الله عزوجل الى جبرئيل عليه‌السلام وقال له : أدرك عبدي ، فجاءه فلقيه في الهواء فقال

__________________

(١) الطنفسة : البساط.


: كلفنى ما بدا لك فقد بعثني الله لنصرتك فقال : بل حبسي الله ونعم الوكيل انى لا اسأل غيره ، ولا حاجة الا اليه فسمى خليله اى فقيره ومحتاجه ، والمنقطع اليه عمن سواه.

١٠٠ ـ وعن معمر بن راشد قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ان إبراهيم عليه‌السلام لما القى في النار قال : اللهم انى أسألك بحق محمد وآل محمد لما أنجيتنى منها ، فجعلها الله عليه بردا وسلاما ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٠١ ـ وروى عن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عن الحسين بن على عليهم‌السلام قال : ان يهوديا من يهود الشام وأحبار هم قال لأمير المؤمنين عليه‌السلام : فان إبراهيم قد أسلمه قومه على الحريق فصبر فجعل الله عزوجل النار عليه بردا وسلاما فهل فعل بمحمد شيئا من ذلك؟ قال له على عليه‌السلام : لقد كان كذلك ومحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله لما نزل بخيبر سمته الخيبرية ، فصير الله السم في جوفه بردا وسلاما الى منتهى أجله ، فالسم يحرق إذا استقر في الجوف ، كما ان النار تحرق فهذا من قدرته لا تنكره (١).

١٠٢ ـ في روضة الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن أبان بن عثمان عن حجر عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال : خالف إبراهيم صلى الله عليه قومه وعاب آلهتهم ، الى قوله : فلما تولوا عنه مدبرين الى عيد لهم ، دخل إبراهيم صلى الله عليه الى آلهتهم بقدوم فكسرها الا كبيرا لهم ، ووضع القدوم في عنقه ، فرجعوا الى آلهتهم فنظروا الى ما صنع بها ، فقالوا : لا والله ما اجترى عليها ولا كسرها الا الفتى الذي

__________________

(١) «في كتاب الرجعة لبعض المعاصرين عن جابر عن أبى جعفر عليه‌السلام قال : قال الحسين بن على بن أبي طالب عليه‌السلام لأصحابه قبل أن يقتل : قال : ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال لي : يا بنى انك ستساق الى العراق وهي أرض قد التقى فيها النبيون وأوصياء النبيين ، وهي أرض تدعى غمروا ، وانك تستشهد معك جماعة من أصحابك لا يجدون الم مس الحديد ، وتلا (يا نارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً) يكون الحرب عليك وعليهم بردا وسلاما والحديث طويل أحذنا منه موضع الحاجة.» منه (ره)


كان يعيبها ويبرأ منها ، فلم يجدوا له قتلة أعظم من النار ، فجمع له الحطب واستجادوه حتى إذا كان اليوم الذي يحرق فيه برز له نمرود وجنوده وقد بنى له بناء لينظر اليه كيف تأخذه النار. ووضع إبراهيم عليه‌السلام في منجنيق وقالت الأرض : يا رب ليس على ظهري أحد يعبدك غيره يحرق بالنار؟ قال الرب : ان دعاني كفيته.

فذكر أبان عن محمد بن مروان عمن رواه عن أبي جعفر عليه‌السلام أن دعاء إبراهيم صلى الله عليه يومئذ كان : يا أحد يا أحد يا صمد يا صمد ، يا من لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد ثم قال : توكلت على الله ، فقال الرب تبارك وتعالى : كفيت ، فقال للنار : (كُونِي بَرْداً) قال : فاضطربت أسنان إبراهيم صلى الله عليه من البرد حتى قال الله عزوجل : (وَسَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ) وانحط جبرئيل عليه‌السلام فاذا هو جالس مع إبراهيم يحدثه في النار ، قال نمرود : من اتخذ إلها فليتخذ مثل اله إبراهيم ، قال : فقال عظيم من عظمائهم : انى عزمت على النار ان لا تحرقه ، فأخذ عنق من النار نحوه حتى أحرقه ، قال : فآمن له لوط فخرج مهاجرا الى الشام هو وسارة ولوط.

١٠٣ ـ على بن إبراهيم عن أبيه وعدة من أصحابنا عن سهل بن زياد جميعا عن الحسن بن محبوب عن إبراهيم بن ابى زياد الكرخي قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : ان إبراهيم صلى الله عليه لما كسر أصنام نمرود أمر به نمرود ، فأوثق وعمل له حيرا (١) وجمع له فيه الحطب وألهب فيه النار ، ثم قذف إبراهيم صلى الله عليه في النار لتحرقه ، ثم اعتزلوها حتى خمدت النار ، ثم أشرفوا على الحير فاذا هم بإبراهيم عليه‌السلام سليما مطلقا من وثاقه ، فأخبر نمرود خبره فأمر أن ينفوا إبراهيم من بلاده وان يمنعوه من الخروج بماشيته وماله ، فحاجهم إبراهيم عند ذلك ، فقال : ان أخذتم ماشيتي ومالي فحقى عليكم أن تردوا على ما ذهب من عمرى في بلادكم ، واختصموا الى قاضى نمرود وقضى على إبراهيم ان يسلم إليهم جميع ما أصاب في بلادهم ، وقضى على أصحاب نمرود ان يردوا على إبراهيم صلى الله عليه ما ذهب من عمره في بلادهم ، فأخبر بذلك نمرود فأمر هم ان يخلوا سبيله و

__________________

(١) الحير : شبه الحظيرة.


سبيل ماشيته وماله وأن يخرجوه ، وقال : انه ان بقي في بلاد كم أفسد دينكم وأضر بآلهتكم ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٠٤ ـ في كتاب معاني الاخبار أبي رحمه‌الله قال : حدثنا أحمد بن إدريس عن أحمد بن محمد عن عيسى بن محمد عن على بن مهزيار عن أحمد بن محمد البزنطي عن يحيى بن عمران عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله عزوجل : ووهبنا له اسحق ويعقوب نافلة قال : ولد الولد نافلة.

١٠٥ ـ في عيون الاخبار عن الرضا عليه‌السلام حديث طويل في وصف الامامة والامام وذكر فضل الامام يقول فيه عليه‌السلام : ثم أكرمه الله عزوجل بأن جعلها في ذريته وأهل الصفوة والطهارة فقال عزوجل : (وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ نافِلَةً وَكُلًّا جَعَلْنا صالِحِينَ وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْراتِ وَإِقامَ الصَّلاةِ وَإِيتاءَ الزَّكاةِ وَكانُوا لَنا عابِدِينَ) فلم تزل في ذريته يرثها بعض عن بعض قرنا قرنا حتى ورثها النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال الله جل جلاله : (إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ) فكانت خاصة ، فقلدها صلى‌الله‌عليه‌وآله عليا عليه‌السلام بأمر الله عزوجل على رسم ما فرض الله تعالى ، فصارت في ذريته الأصفياء الذين آتاهم الله العلم والايمان ، بقوله تعالى : (قالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتابِ اللهِ إِلى يَوْمِ الْبَعْثِ) فهي في ولد على بن ابى طالب عليه‌السلام خاصة الى يوم القيامة إذ لا نبي بعد محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله.

في أصول الكافي مثله سواء.

١٠٦ ـ في كتاب سعد السعود لابن طاوس رحمه‌الله نقلا عن تفسير أبي العباس ابن عقدة عثمان بن عيسى عن المفضل عن جابر قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام ما الصبر الجميل؟ قال : ذاك صبر ليس شكوى الى الناس ، ان إبراهيم بعث يعقوب الى راهب من الرهبان عابد من العباد في حاجة ، فلما رآه الراهب حسبه إبراهيم فوثب اليه فاعتنقه وقال : مرحبا بك يا خليل الرحمن ، فقال يعقوب : لست بإبراهيم ولكني


يعقوب بن اسحق بن إبراهيم ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة هنا.

١٠٧ ـ وفي كتاب المناقب لابن شهر آشوب عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله حديث طويل في فضل على وفاطمة عليهما‌السلام وفيه قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : وارزقهما ذرية طاهرة طيبة مباركة واجعل في ذريتهما البركة ، واجعلهم أئمة يهدون بأمرك الى طاعتك ويأمران بما يرضيك.

١٠٨ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن احمد بن محمد ومحمد بن الحسين عن محمد بن يحيى عن طلحة بن زيد عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال قال : ان الائمة في كتاب الله عزوجل إمامان : قال الله تبارك وتعالى : (وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا) لا بأمر الناس ، يقدمون ما امر الله قبل أمرهم وحكم الله قبل حكمهم ، قال : (وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ) يقدمون أمرهم قبل امر الله وحكمهم قبل حكم الله ويأخذون بأهوائهم خلاف ما في كتاب الله.

١٠٩ ـ في تفسير على بن إبراهيم وقوله : ونجيناه يعنى لوطا من القرية التي كانت تعمل الخبائث قال : كانوا ينكحون الرجال.

١١٠ ـ في الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن بعض أصحابنا عن المعلى أبي عثمان عن أبي بصير قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (وَداوُدَ وَسُلَيْمانَ إِذْ يَحْكُمانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ) فقال : لا يكون النفش الا بالليل ، ان على صاحب الحرث ان يحفظ الحرث بالنهار ، وليس على صاحب الماشية حفظها بالنهار ، انما رعاها بالنهار وأرزاقها ، فما أفسدت فليس عليها ، وعلى صاحب الماشية حفظ الماشية بالليل عن حرث الناس ، فما أفسدت بالليل فقد ضمنوا وهو النفش ، وان داود عليه‌السلام حكم للذي أصاب زرعه رقاب الغنم وحكم سليمان عليه‌السلام الرسل والثلاثة وهو اللبن والصوف في ذلك العام.

١١١ ـ احمد بن محمد بن عيسى عن الحسين بن سعيد عن عبد الله بن بحر عن ابن مسكان عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قلت له قول الله عزوجل :


(وَداوُدَ وَسُلَيْمانَ إِذْ يَحْكُمانِ فِي الْحَرْثِ) قلت : حين حكما في الحرث كان قضية واحدة؟ فقال : انه كان أوحى الله عزوجل الى النبيين قبل داود الى أن بعث الله داود : اى غنم نفشت في الحرث فلصاحب الحرث رقاب الغنم ، ولا يكون النقش الا بالليل ، فان على صاحب الزرع أن يحفظ بالنهار ، وعلى صاحب الغنم حفظ الغنم بالليل ، فحكم داود بما حكمت به الأنبياء عليهم‌السلام من قبله ، وأوحى الله عزوجل الى سليمان (ع): واى غنم نفشت في زرع فليس لصاحب الزرع الا ما خرج من بطونها ، وكذلك جرت السنة بعد سليمان (ع) وهو قول الله عزوجل : (وَكُلًّا آتَيْنا حُكْماً وَعِلْماً) فحكم كل واحد منهما بحكم الله عزوجل.

١١٢ ـ محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن يزيد بن اسحق شعر عن هارون ابن حمزة قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن البقر والإبل والغنم يكون في الرعي فتفسد شيئا هل عليها ضمان؟ فقال : ان أفسدت نهارا فليس عليها ضمان من أجل ان أصحابه يحفظونه ، وان أفسدت ليلا فانه عليها ضمان.

١١٣ ـ في أصول الكافي الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن محمد بن جمهور عن حماد بن عيسى عن منهال عن عمرو بن صالح عن محمد بن سليمان عن عيثم بن أسلم عن معاوية بن عمار عن ابى عبد الله (ع) قال : ان الامامة عهد من الله عزوجل معهود لرجال مسمين ، ليس للإمام ان يزويها عن الذي يكون من بعده ، ان الله تبارك وتعالى اوحى الى داود (ع) ان اتخذ وصيا من أهلك ، فانه قد سبق في علمي أن لا ابعث نبيا الا وله وصى من اهله ، وكان لداود عليه‌السلام أولاد عدة ، وفيهم غلام كانت امه عند داود وكان لها محبا ، فدخل داود حين أتاه الوحي فقال لها : ان الله عزوجل اوحى الى يأمرني ان أتخذ وصيا من أهلي ، فقالت له امرأته : فليكن إبني ، قال : ذاك أريد وكان السابق في علم الله المحتوم عنده انه سليمان ، فأوحى الله تبارك وتعالى الى داود : ان لا تجعل دون أن يأتيك أمري ، فلم يلبث داود ان ورد عليه رجلان يختصمان في الغنم والكرم ، فأوحى الله عزوجل الى داود : ان أجمع ولدك فمن قضى بهذه القضية فأصاب


فهو وصيك من بعدك ، فجمع داود عليه‌السلام ولده فلما ان قص الخصمان قال سليمان عليه‌السلام : يا صاحب الكرم متى دخلت غنم هذا الرجل كرمك؟ قال : دخلته ليلا ، قال : قد قضيت عليك يا صاحب الغنم بأولاد غنمك وأصوافها في عامك هذا ، ثم قال له داود : فكيف لم تقض برقاب الغنم وقد قوم ذلك علماء بنى إسرائيل فكان ثمن الكرم قيمة الغنم؟ فقال سليمان : ان الكرم لم تجتث من أصله وانما أكل حمله (١) وهو عائد في قابل ، فأوحى الله عزوجل الى داود : ان القضاء في هذه القضية ما قضى سليمان به. يا داود أردت امرا وأردنا امرا غيره ، فدخل داود على امرأته فقال : أردنا أمرا وأراد الله أمرا غيره ، ولم يكن الا ما أراد الله عزوجل ، فقد رضينا بأمر الله عزوجل وسلمنا ، وكذلك الأوصياء ليس لهم ان يتعدوا بهذا الأمر فيجاوزن صاحبه الى غيره.

١١٤ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثني أبي عن عبد الله بن يحيى عن ابن مسكان عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : كان في بنى إسرائيل رجل وكان له كرم ونفشت فيه الغنم بالليل وقضمته (٢) وأفسدته ، فجاء صاحب الكرم الى داود فاستعدى على صاحب الغنم. فقال داود عليه‌السلام : اذهبا الى سليمان عليه‌السلام ليحكم بينكما ، فذهبا اليه فقال سليمان عليه‌السلام : ان كان الغنم أكلت الأصل والفرع فعلى صاحب الغنم ان يدفع الى صاحب الكرم الغنم وما في بطنها ، وان كانت ذهبت بالفرع ولم تذهب بالأصل فانه يدفع ولدها الى صاحب الكرم ، وكان هذا حكم داود ، وانما أراد ان يعرف بنى إسرائيل ان سليمان وصيه بعده ولم يختلفا في الحكم ، ولو اختلف حكمهما لقال : كنا لحكمهما شاهدين.

١١٥ ـ في من لا يحضره الفقيه روى جميل بن دراج عن زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (وَداوُدَ وَسُلَيْمانَ إِذْ يَحْكُمانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ) قال لم يحكما انما كانا يتناظران ففهمها سليمان.

١١٦ ـ وروى الوشاء عن احمد بن عمر الحلبي قال : سألت أبا الحسن

__________________

(١) الجث : انتزاع لشجرة من أصله والحمل ـ بالكسر ـ ما يحمله الشجر من الثمرة.

(٢) اى أكلته.


عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (وَداوُدَ وَسُلَيْمانَ إِذْ يَحْكُمانِ فِي الْحَرْثِ) قال : كان حكم داود رقاب الغنم ، والذي فهم الله عزوجل سليمان ان الحكم لصاحب الحرث باللبن والصوف ذلك العام كله.

١١٧ ـ في مجمع البيان واختلف في الحكم الذي حكما به ، فقيل انه كان كرما قد بدت عناقيده (١) فحكم داود بالغنم لصاحب الكرم ، فقال سليمان عن هذا يا نبي الله أرفق (٢) قال : وما ذاك؟ قال : تدفع الكرم الى صاحب الغنم فيقوم عليه حتى يعود كما كان ، وتدفع الغنم الى صاحب الكرم فيصيب منها حتى إذا عاد الكرم كما كان ، ثم دفع كل واحد منهما الى صاحبه ماله وروى ذلك عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما‌السلام.

١١٨ ـ وروى عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ان سليمان قضى بحفظ المواشي على أربابها ليلا وقضى بحفظ الحرث على أربابه نهارا. قال عز من قائل : (وَسَخَّرْنا مَعَ داوُدَ الْجِبالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فاعِلِينَ وَعَلَّمْناهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شاكِرُونَ).

١١٩ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده الى هشام بن سالم عن الصادق عليه‌السلام انه قال في حديث يذكر فيه قصة داود عليه‌السلام انه خرج يقرء الزبور ، وكان إذا قرأ الزبور لا يبقى جبل ولا حجر ولا طائر الا جاوبه.

١٢٠ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه‌الله روى عن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عن الحسين بن على عليهم‌السلام قال : ان يهوديا من يهود الشام وأحبارهم قال لأمير المؤمنين عليه‌السلام : فان هذا داود بكى على خطيئته حتى سارت الجبال معه لخوفه؟ قال له على عليه‌السلام : لقد كان كذلك ومحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله أعطى ما هو أفضل من

__________________

(١) العناقيد جمع العنقود وهو من العنب وغيره : ما تعقد وتراكم من حبه في عرق واحد وبالفارسية «خوشه».

(٢) كذا في النسخ وفي المصدر «فقال سليمان : غير هذا يا نبي الله».


هذا ، انه كان إذا قام الى الصلوة سمع لصدره وجوفه أزيز كأزيز المرجل على الأثافي (١) من شدة البكاء ، وقد امنه الله عزوجل من عذابه ، فأراد ان يتخشع لربه ببكائه ويكون إماما لمن اقتدى به ، ولئن سارت الجبال وسبحت معه لقد عمل لمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ما هو أفضل من هذا ، إذ كنا معه على جبل حراء إذ تحرك له الجبل فقال له : قر فليس عليك الا نبي أو صديق شهيد ، فقر الجبل مجيبا لأمره ، منتهيا الى طاعته ولقد مررنا معه بجبل ، وإذا الدموع تخرج من بعضه ، فقال له : ما يبكيك يا جبل؟ فقال : يا رسول الله كان المسيح مر بى وهو يخوف الناس بنار وقودها الناس والحجارة فأنا أخاف ان أكون من تلك الحجارة ، قال : لا تخف تلك الحجارة الكبريت ، فقر الجبل وسكن وهدأ (٢) وأجاب لقوله.

١٢١ ـ في كتاب المناقب لابن شهر آشوب كتاب الإرشاد للزهري قال سعيد ابن المسيب : كان الناس لا يخرجون الى مكة حتى يخرج على بن الحسين عليه‌السلام فخرج وخرجت معه فنزل في بعض المنازل فصلى ركعتين فسبح في سجوده ، فلم يبق شجر ولا مدر الا سبحوا معه ، ففزعت منه فرفع رأسه فقال : يا سعيد أفزعت؟ قلت : نعم يا ابن رسول الله ، فقال : هذا التسبيح الأعظم.

وفي رواية سعيد بن المسيب قال : كان القراء لا يحجون حتى يحج زين العابدين عليه‌السلام ، وكان يتخذ لهم السويق الحلو والحامض ، ويمنع نفسه ، فسبق يوما الى الرحل فألفيته وهو ساجد ، فو الذي نفس سعيد بيده لقد رأيت الشجر والمدر والرحل والراحلة يردون عليه مثل كلامه.

١٢٢ ـ في الكافي احمد بن أبي عبد الله عن شريف بن سابق عن الفضل بن أبي

__________________

(١) قال الجزري وفيه «انه كان يصلى ولجوفه أزيز كأريز المرجل من البكاء» اى خنين من الجوف بالخاء المعجمة وهو صوت البكاء وقيل هو ان يجيش جوفه ويغلي بالبكاء «انتهى» والمرجل ـ كمنبر ـ : القدر. والأثافي : الأحجار التي يوضع عليها القدر.

(٢) هدأ بمعنى سكن أيضا.


قرة عن أبي عبد الله عليه‌السلام ان أمير المؤمنين صلى الله عليه قال : اوحى الله عزوجل الى داود عليه‌السلام انك نعم العبد لو لا انك تأكل من بيت المال ، ولا تعمل بيدك شيئا قال : فبكى داود عليه‌السلام أربعين صباحا فأوحى الله عزوجل الى الحديد ان : لن لعبدي داود ، فالان الله عزوجل له الحديد فكان يعمل في كل يوم درعا فيبيعها بألف درهم ، فعمل ثلاثمائة وستين درعا فباعها بثلاثمأة وستين ألفا ، واستغنى عن بيت المال.

١٢٣ ـ في تفسير على بن إبراهيم وقوله عزوجل : (وَلِسُلَيْمانَ الرِّيحَ عاصِفَةً) قال : تجري من كل جانب الى الأرض التي باركنا فيها قال : الى بيت المقدس والشام.

١٢٤ ـ في كتاب الخصال عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قام رجل الى أمير المؤمنين عليه‌السلام في الجامع بالكوفة فقال : يا أمير المؤمنين أخبرنى عن يوم الأربعاء والتطير منه وثقله وأى أربعاء هو؟ فقال عليه‌السلام : آخر أربعاء في الشهر وهو المحاق ، وفيه قتل قابيل هابيل أخاه ، ويوم الأربعاء القى إبراهيم في النار ، ويوم الأربعاء ابتلى أيوب عليه‌السلام بذهاب ما له وولده.

١٢٥ ـ عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ابتلى أيوب سبع سنين بلا ذنب.

١٢٦ ـ عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهما‌السلام قال : ان أيوب عليه‌السلام ابتلى بغير ذنب ، وان الأنبياء معصومون لا يذنبون ولا يزيغون ولا يرتكبون ذنبا صغيرا ولا كبيرا وقال عليه‌السلام : ان أيوب مع جميع ما ابتلى به لم تنتن له رائحة ، ولا قبحت له صورة ولا خرجت منه مدة من دم ولا قيح ، ولا استقذره أحد رآه ، ولا استوحش منه أحد شاهده ولا تدود شيء من جسده ، وهكذا يصنع الله عزوجل بجميع من يبليه من أنبيائه وأوليائه المكرمين عليه وانما اجتنبه الناس لفقره وضعفه في ظاهر أمره ، لجهلهم بما له عند ربه تعالى ذكره من التأييد والفرح ، وقد قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : أعظم الناس بلاء الأنبياء ، ثم الأمثل فالأمثل ، وانما ابتلاه الله بالبلاء العظيم الذي يهون معه على جميع الناس ، لئلا يدعوا له معه الربوبية إذا شاهدوا ما أراد الله تعالى ذكره ان يوصله


اليه من عظائم نعمه متى شاهدوه ، ليستدلوا بذلك على ان الثواب من الله تعالى على ضربين : استحقاق واختصاص ، ولئلا يحقروا ضعيفا لضعفه ، ولا فقيرا لفقره ، ولا مريضا لمرضه ، وليعلموا انه يسقم من يشاء ويشفى من يشاء ، متى شاء كيف شاء بأى شيء شاء ، ويجعل ذلك عبرة لمن يشاء ، وشقاوة لمن يشاء ، وهو عزوجل في جميع ذلك عدل في قضاءه ، وحكيم في أفعاله ، لا يفعل بعباده الا الأصلح لهم ولا قوة الا بالله.

١٢٧ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده الى أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : انما كانت بلية أيوب التي ابتلى بها في الدنيا لنعمة أنعم الله بها عليه فأدى شكرها ، وكان إبليس في ذلك الزمان لا يحجب دون العرش ، فلما صعد عمل أيوب بأداء شكر النعمة حسده إبليس ، فقال : يا رب ان أيوب لم يؤد شكر هذه النعمة الا بما أعطيته من الدنيا فلو حلت بينه وبين دنياه ما أدى إليك شكر نعمة ، فقال : قد سلطتك على دنياه ، فلم يدع له دنيا ولا ولدا الا أهلك كل شيء له ، وهو يحمد الله عزوجل ثم رجع اليه فقال : يا رب ان أيوب يعلم أنك سترد اليه دنياه التي أخذتها منه ، فسلطني على بدنه تعلم انه لا يؤدى شكر نعمة ، قال الله عزوجل : قد سلطتك على بدنه ما عدا عينه وقلبه ولسانه وسمعه ، فقال أبو بصير : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : فانقض مبادرا خشية أن تدركه رحمة الله عزوجل فتحول بينه وبينه ، فنفخ في منخريه من نار السموم فصار جسده نقطا نقطا.

١٢٨ ـ حدثنا أبي رضى الله عنه قال : حدثنا سعد بن عبد الله عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي عن أبيه عن عبد الله بن يحيى البصري عن عبد الله بن مسكان عن أبي بصير قال : سألت أبا الحسن الماضي عليه‌السلام عن بلية أيوب التي ابتلى بها في الدنيا لأي علة كانت؟ قال : لنعمة أنعم الله عليه بها فأدى شكرها ، وذكر كالسابق الى قوله : فتحول بينه وبينه ، ويتصل بذلك فلما اشتد به البلاء وكان في آخر بليته جاءه أصحابه فقالوا : يا أيوب ما نعلم أحدا ابتلى بمثل هذه البلية الا لسريرة سوء ، فلعلك أسررت سوءا في الذي تبدي لنا قال : فعند ذلك ناجى أيوب ربه عزوجل : رب ابتليتني بهذه البلية وأنت تعلم


انه لم يعرض لي أمران قط الا لزمت أخشنهما على بدني ولم آكل أكلة قط الا وعلى لإخوانى يتيم ، فلو ان لي منك مقعد الخصم لا دليت بحجتي (١) قال : فعرضت سحابة فنطق فيها ناطق فقال : يا أيوب أدل بحجتك ، قال : فشد عليه مزره وجثا على ركبتيه وقال : ابتليتني وأنت تعلم انه لم يعرض لي أمران قط الا ألزمت أخشنهما على بدني ، ولم آكل أكلة من طعام الا وعلى لإخوانى يتيم. قال : فقيل له : يا أيوب من حبب إليك الطاعة؟ قال : فأخذ كفا من تراب فوضعه في فيه ثم قال : أنت يا رب.

١٢٩ ـ وباسناده الى الحسن الربيع عمن ذكره عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ان الله تبارك وتعالى ابتلى أيوب عليه‌السلام بلا ذنب فصبر حتى عير ، وان الأنبياء لا يصبرون على التعيير.

١٣٠ ـ في الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن محمد بن سنان عن عثمان النوا عمن ذكره عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ان الله عزوجل يبتلى المؤمن بكل بلية ، ويميته بكل ميتة ، ولا يبتليه بذهاب عقله أما ترى أيوب عليه‌السلام كيف سلط إبليس على ماله وعلى أهله ، وكل شيء منه ، ولم يسلط على عقله ، ترك له يوحد الله عزوجل به.

١٣١ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثنا محمد بن جعفر قال : حدثنا محمد ابن عيسى بن زياد عن الحسن بن على بن فضال عن عبد الله بن بكير وغيره عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (وَآتَيْناهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ) قال : أحيى الله عزوجل له أهله الذين كانوا قبل البلية ، وأحيى له الذين ماتوا وهو في البلية.

١٣٢ ـ في روضة الكافي يحيى بن عمران عن هارون بن خارجة عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (وَآتَيْناهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ) قلت : ولده كيف أوتى مثلهم معهم؟ قال : أحيى الله له من ولده الذين كانوا ماتوا قبل ذلك بآجالهم مثل الذين هلكوا يومئذ.

١٣٣ ـ على بن محمد عن على بن العباس عن الحسن بن عبد الرحمن عن منصور ابن يونس عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قلت له :

__________________

(١) أدلى بحجته : أصغرها واحتج بها.


(فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) فقال : يا با محمد يسلط والله من المؤمن على بدنه ، ولا يسلط على دينه ، قد سلط على أيوب عليه‌السلام فشوه خلقه ، ولم يسلط على دينه ، وقد يسلط من المؤمنين على أبدانهم ولا يسلط على دينهم.

١٣٤ ـ في إرشاد المفيد رحمه‌الله عن أمير المؤمنين حديث طويل يقول فيه عليه‌السلام : انا سيد الشيب ، وفي سنة من أيوب.

١٣٥ ـ في كتاب المناقب لابن شهر آشوب في حديث أبي حمزة الثمالي ان على بن الحسين عليهما‌السلام دعا حوت يونس بن متى ، فاطلع الحوت رأسه من البحر مثل الجبل العظيم ، وهو يقول : لبيك لبيك يا ولى الله ، فقال : من أنت؟ قال : حوت يونس يا سيدي ، قال : ايتنا بالخبر ، قال : يا سيدي ان الله تعالى لم يبعث نبيا من آدم الى ان صار جدك محمد ، الا وقد عرض عليه ولايتكم أهل البيت ، فمن قبلها من الأنبياء سلم وتخلص ، ومن توقف عنها وتتعتع في حملها لقى ما لقى آدم من المصيبة ، وما لقى نوح من الغرق ، وما لقى إبراهيم من النار ، وما لقى يوسف من الجب ، وما لقى أيوب من البلاء ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٣٦ ـ في عيون الاخبار في باب ذكر مجلس الرضا عليه‌السلام عند المأمون مع أهل الملل والمقالات وما أجاب به على بن جهم في عصمة الأنبياء باسناده الى أبي الصلت الهروي قال : لما جمع المأمون لعلى بن موسى الرضا عليه‌السلام الى أن حكى قوله عليه‌السلام : واما قوله : (وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ) انما طن بمعنى استيقن ان الله لن يضيق عليه رزقه ، ألا تسمع قول الله عزوجل : (وَأَمَّا إِذا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ) اى ضيق عليه رزقه ، ولو ظن ان الله لا يقدر عليه لكان قد كفر.

١٣٧ ـ وباسناده الى على بن محمد الجهم قال : حضرت مجلس المأمون وعنده الرضا عليه‌السلام فقال له المأمون : يا ابن رسول الله أليس من قولك ان الأنبياء معصومون؟ قال : بلى ، قال فما معنى قول الله عزوجل : (وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً


فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ)؟ فقال الرضا عليه‌السلام ، ذاك يونس بن متى عليه‌السلام ، ذهب مغاضبا لقومه فظن بمعنى استيقن (أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ) اى لن نضيق عليه رزقه ومنه قول الله عزوجل : (وَأَمَّا إِذا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ) اى ضيق عليه وقتر (فَنادى فِي الظُّلُماتِ) : ظلمة الليلة وظلمة البحر ، وظلمة بطن الحوت (أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ) بتركى مثل هذه لعبادة التي فرغتني لها في بطن الحوت ، فاستجاب الله وقال عزوجل : (فَلَوْ لا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) فقال المأمون : لله درك يا أبا الحسن.

١٣٨ ـ في الكافي أحمد بن محمد العاصمي عن على بن الحسن التيملي عن عمرو بن عثمان عن أبي جميلة عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال له رجل من أهل خراسان بالربذة : جعلت فداك لم أرزق ولدا ، فقال له : إذا رجعت الى بلادك فأردت ان تأتى أهلك فاقرأ إذا أردت ذلك : (وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنادى فِي الظُّلُماتِ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ) الى ثلاث آيات فانك سترزق ولدا إنشاء الله.

١٣٩ ـ في تفسير على بن إبراهيم وقوله : (فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ) قال : أنزله الله على أشد الأمرين ، وظن به أشد الظن وقال : ان جبرئيل استثنى في هلاك قوم يونس ولم يسمعه يونس ، قلت : ما كان حال يونس لما ظن ان الله لن يقدر عليه؟ قال : كان من أمر شديد ، قلت : وما كان سببه حتى ظن ان الله لن يقدر عليه؟ قال : وكله الله الى نفسه طرفة عين.

١٤٠ ـ قال : وحدثني أبي عن ابن أبي عمير عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في بيت أم سلمة في ليلتها ففقدته من الفراش ، فدخلها من ذلك ما يدخل النساء ، فقامت تطلبه في جوانب البيت حتى انتهت اليه وهو في جانب من البيت قائم ، رافع يديه يبكى وهو يقول : اللهم لا تنزع منى صالح ما أعطيتنى أبدا ، اللهم لا تشمت بى عدوى ولا حاسدا أبدا ، اللهم لا تردني في سوء استنقذتني منه


أبدا ، اللهم ولا تكلني الى نفسي طرفة عين أبدا ، قال : وانصرفت أم سلمة تبكي حتى انصرف رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لبكائها ، فقال لها : ما يبكيك يا أم سلمة؟ قالت بأبى أنت وأمي يا رسول الله ولم لا أبكى وأنت بالمكان الذي أنت به من الله ، وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ، تسأله ان لا يشمت بك عدوا أبدا ، وان لا يردك في سوء استنقذك منه أبدا ، وان لا ينزع منك صالح ما أعطاك أبدا ، وان لا يكلك الى نفسك طرفة عين أبدا؟ فقال : يا أم سلمة وما يؤمنني وانما وكل الله يونس بن متى الى نفسه طرفة عين ، فكان منه ما كان.

١٤١ ـ وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله : و (ذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً) يقول : من اعمال قومه (فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ) يقول : ظن أن لن يعاقب بما صنع.

١٤٢ ـ حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن جميل قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : ما رد الله العذاب الا عن قوم يونس ، فكان يونس يدعوهم الى الإسلام فيأبون ذلك ، فهم أن يدعو عليهم وكان فيهم رجلان : عابد وعالم ، وكان اسم أحدهما مليخا والاخر اسمه روبيل ، وكان العابد يشير على يونس بالدعاء عليهم ، وكان العالم ينهاه ويقول : لا تدعن عليهم فان الله يستجيب لك ، ولا يحب هلاك عباده فتقبل قول العابد ولم يقبل من العالم ، فدعا عليهم فأوحى الله اليه : يأتيهم العذاب في سنة كذا في شهر كذا في يوم كذا ، فلما قرب الوقت خرج يونس من بينهم مع العابد وبقي العالم فيها ، فلما كان اليوم الذي نزل العذاب قال العالم لهم : يا قوم أفزعوا الى الله فلعله يرحمكم فيرد العذاب عنكم ، فقالوا : كيف نصنع؟ فقال : اجتمعوا واخرجوا الى المفازة وفرقوا بين النساء والأولاد ، وبين الإبل وأولادها ، وبين البقر وأولادها ، وبين الغنم وأولادها ، ثم ابكوا وادعوا ، فذهبوا وفعلوا ذلك وضجوا وبكوا ، فرحمهم‌الله وصرف عنهم العذاب وفرق العذاب على الجبال ، وقد كان نزل وقرب منهم ، فأقبل يونس لينظر كيف أهلكهم الله فرأى الزارعين يزرعون في أرضهم فقال لهم : ما فعل قوم يونس؟ قالوا ـ ولم يعرفوه ـ : ان يونس دعا عليهم


فاستجاب الله له ونزل العذاب عليهم فاجتمعوا وبكوا ودعوا فرحمهم‌الله وصرف ذلك عنهم ، وفرق العذاب على الجبال ، فهم إذا يطلبون يونس ليؤمنوا به ، فغضب ومر على وجهه مغاضبا لله كما حكى الله عنه والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٤٣ ـ وفيه أيضا وسئل بعض اليهود أمير المؤمنين صلوات الله عليه عن سجن طاف أقطار الأرض بصاحبه فقال : يا يهودي أما السجن الذي طاف أقطار الأرض بصاحبه فانه الحوت الذي حبس يونس في بطنه ، فدخل في بحر القلزم ، ثم خرج الى بحر مصر ثم دخل بحر طبرستان ، ثم خرج في دجلة الغور ، قال : ثم مرت به تحت الأرض حتى لحقت بقارون ، وكان قارون هلك في أيام موسى ، ووكل الله به ملكا يدخله في الأرض كل يوم قامة ، وكان يونس في بطن الحوت يسبح الله ويستغفره ، فسمع قارون صوته فقال للملك الموكل به : أنظرنى فانى اسمع كلام آدمي ، فأوحى الله الى الملك : أنظره فأنظره ، ثم قال قارون : من أنت؟ قال : أنا المذنب العاصي الخاطئ يونس بن متى ، قال : فما فعل الشديد الغضب لله موسى بن عمران؟ قال : هيهات هلك ، قال : فما فعل الرءوف الرحيم على قومه هارون بن عمران؟ قال : هلك ، قال : فما فعلت كلثم بنت عمران التي كانت سميت لي؟ قال : هيهات ما بقي من آل عمران أحد ، فقال قارون : وا أسفا على آل عمران ، فشكر الله له ذلك فأمر الملك الموكل به أن يرفع عنه العذاب أيام الدنيا ، فرفع عنه ، فلما راى يونس ذلك نادى في الظلمات (أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ) فاستجاب الله له ، وأمر الحوت أن يلفظه (١) ، فلفظه على ساحل البحر ، وقد ذهب جلده ولحمه وأنبت الله (عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ) ، وهي الدباء فأظلته من الشمس فسكن.

١٤٤ ـ وفيه أيضا وفي رواية أبى الجارود عن أبى جعفر عليه‌السلام قال : لبث يونس في بطن الحوت ثلاثة أيام ، ونادى في الظلمات ظلمة بطن الحوت ، وظلمة الليل ، وظلمة البحر ، (أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ) فاستجاب له ربه ،

__________________

(١) لفظ فلان الشيء من فيه : رمى به.


فأخرجته الحوت الى الساحل ، ثم قذفه فألقاه بالساحل ، وأنبت الله عليه شجرة من يقطين وهو القرع. والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٤٥ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه‌الله عن أمير المؤمنين حديث طويل يقول فيه عليه‌السلام مجيبا لبعض الزنادقة وقد قال : وأجده قد شهر هفوات أنبياءه بحبسه يونس في بطن الحوت ، حيث ذهب مغاضبا مذنبا : وأما هفوات الأنبياء عليهم‌السلام وما بينه الله في كتابه ، فان ذلك من أدل الدلائل على حكمة الله عزوجل الباهرة ، وقدرته القاهرة ، وعزته الظاهرة ، لأنه علم ان براهين الأنبياء عليهم‌السلام تكبر في صدور أممهم ، وان يتخذ بعضهم إلها كالذي كان من النصارى في ابن مريم ، فذكرها دلالة على تخلفهم عن الكمال الذي انفرد به عزوجل.

١٤٦ ـ في تفسير العياشي عن أبى عبيدة الحذاء عن أبى جعفر عليه‌السلام كتب أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : حدثني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ان جبرئيل حدثه ان يونس بن متى عليه‌السلام بعثه الله الى قومه ، وذكر حديثا طويلا يذكر فيه ما فعل قوم يونس وخروج يونس وتنوخا العابد من بينهم ، ونزول العذاب عليهم وكشفه عنهم وفيه : فلما راى قوم يونس ان العذاب قد صرف عنهم هبطوا الى منازلهم من رؤس الجبال ، وضموا إليهم نساءهم وأولادهم وأموالهم ، وحمدوا الله على ما صرف عنهم ، وأصبح يونس وتنوخا يوم الخميس في موضعهما الذي كانا فيه ، لا يشكان ان العذاب قد نزل بهم وأهلكهم جميعا ، لما خفيت أصواتهم عنهما ، فأقبلا ناحية القرية يوم الخميس مع الشمس ينظران الى ما صار اليه القوم ، فلما دنوا من القوم واستقبلتهم الحطابون والحمارة والرعاة بأعناقهم ، ونظرا الى أهل القرية مطمئنين ، قال يونس لتنوخا : يا تنوخا كذبني الوحي وكذبت وعدي لقومي ، لا وعزة ربي لا يرون لي وجها أبدا بعد ما كذبني الوحي ، فانطلق يونس هاربا على وجهه مغاضبا لربه ناحية بحرايلة (١) مستنكرا فرارا من أن يراه أحد من قومه ، فيقول له : يا كذاب! فلذلك قال :

__________________

(١) مر في الجزء الثاني صفحة ٣٢٦ بيان للحديث وشرح بعض اللغات فراجع.


(وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ) الاية ورجع تنوخا الى القرية.

١٤٧ ـ عن الثمالي عن أبى جعفر عليه‌السلام قال : ان يونس لما آذاه قومه دعا الله عليهم فأصبحوا أول يوم ، ووجوههم صفر ، وأصبحوا اليوم الثاني ووجوههم سود ، قال وكان الله وأعدهم ان يأتيهم العذاب حتى نالوه برماحهم ، ففرقوا بين النساء وأولادهن والبقر وأولادها ، ولبسوا المسوح (١) والصوف ووضعوا الحبال في أعناقهم ، والرماد على رؤسهم ، وضجوا ضجة واحدة الى ربهم ، وقالوا : آمنا باله يونس ، قال : فصرف الله عنهم العذاب الى جبال آمد (٢) قال : وأصبح يونس وهو يظن انهم هلكوا ، فوجدهم في عافية فغضب وحرج كما قال الله : (مُغاضِباً) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٤٨ ـ عن معمر قال : قال أبو الحسن الرضا عليه‌السلام : ان يونس لما أمره الله عزوجل بما أمره فأعلم قومه فأظلهم العذاب ففرقوا بينهم وبين أولادهم ، وبين البهائم وأولادها ثم عجوا الى الله وضجوا ، فكف الله العذاب عنهم ، فذهب يونس مغاضبا والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٤٩ ـ في كتاب المناقب لابن شهر آشوب وفي حديث أبى حمزة الثمالي انه دخل عبد الله بن عمر على زين العابدين عليه‌السلام وقال له : يا ابن الحسين أنت الذي تقول : ان يونس بن متى انما لقى من الحوت ما لقى لأنه عرضت عليه ولاية جدي فتوقف عندها؟ قال : بلى ثكلتك أمك ، قال : فأرنى آية ذلك ان كنت من الصادقين ، فأمر بشد عينه بعصابة وعيني بعصابة ، ثم أمر بعد ساعة بفتح أعيننا ، فاذا نحن على شاطئ يضرب أمواجه بها ، فقال ابن عمر : يا سيدي دمي في رقبتك الله الله في نفسي ، قال هنيئة وأريه ان كنت من الصادقين ، ثم قال : يا أيتها الحوت قال : فاطلع الحوت رأسه من البحر مثل الجبل العظيم ، وهو يقول : لبيك لبيك يا ولى الله ، فقال : من أنت؟ قال : حوت يونس يا

__________________

(١) المسوح جمع المسح ـ بالكسر ـ : الكساء من شعر.

(٢) قال الحموي : آمد ـ بكسر الميم ـ أعظم ديار بكر.


سيدي ، قال : ايتنا بالخبر ، قال : يا سيدي ان الله تعالى لم يبعث نبيا من آدم الى أن صار جدك محمد الا وقد عرض عليه ولايتكم أهل البيت ، فمن قبلها من الأنبياء سلم وتخلص ، ومن توقف عنها وتتعتع في حملها لقى ما لقى آدم من المصيبة ، وما لقى نوح من الغرق ، وما لقى إبراهيم من النار ، وما لقى يوسف من الجب ، وما لقى أيوب من البلاء ، وما لقى داود من الخطيئة ، الى ان بعث الله يونس فأوحى الله اليه أن يا يونس : تول أمير المؤمنين عليا والائمة الراشدين من صلبه في كلام له.

قال : فكيف أتولى من لم أره ولم أعرفه؟ وذهب مغتاظا فأوحى الله تعالى الى : ان التقمي يونس ولا توهني له عظما ، فمكث في بطني أربعين صباحا يطوف معى في البحار في ظلمات ثلاث ، ينادى انه لا اله الا أنت سبحانك انى كنت من الظالمين ، قد قبلت ولاية على بن أبي طالب والائمة الراشدين من ولده عليهم‌السلام ، فلما ان آمن بولايتكم أمرني ربي فقذفته على ساحل البحر ، فقال زين العابدين عليه‌السلام : ارجع ايها الحوت الى وكرك (١) فرجع الحوت واستوى الماء.

١٥٠ ـ في مصباح شيخ الطائفة قدس‌سره في دعاء يوم الأربعاء : يا من سمع الهمس من ذي النون في بطن الحوت في الظلمات الثلاث : ظلمة الليل ، وظلمة قعر البحر وظلمة بطن الحوت.

١٥١ ـ في تهذيب الأحكام باسناده الى الحسن بن على بن عبد الملك الزيات عن رجل عن كرام عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : أربع لأربع ، الى قوله : والرابعة للغم واللهم (لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ) قال الله سبحانه : (فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَنَجَّيْناهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ).

١٥٢ ـ في كتاب الخصال عن الصادق جعفر بن محمد عليهما‌السلام قال : عجبت لمن يفزع من اربع كيف لا يفزع الى اربع ، الى قوله عليه‌السلام وعجبت لمن اغتم كيف لا يفزع الى قوله تعالى : (لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ) فانى سمعت

__________________

(١) الوكر : عش الطائر.


الله يقول بعقبها : (فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَنَجَّيْناهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ).

١٥٣ ـ في أمالي شيخ الطائفة قدس‌سره باسناده الى على بن محمد الصيمري الكاتب قال : تزوجت ابنة جعفر بن محمد الكاتب فأحببتها حبا لم يحب أحد أحدا مثله ، وابطأ على الولد فصرت الى أبى الحسن على بن محمد بن الرضا (ع) فذكرت ذلك له فتبسم ، وقال : اتخذ خاتما فضة فيروزج واكتب عليه : (رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنْتَ خَيْرُ الْوارِثِينَ) قال : ففعلت فما أتى على حول حتى رزقت منها ولدا ذكرا.

١٥٤ ـ في عوالي اللئالى روى عن سيد العابدين عليه‌السلام انه قال لبعض أصحابه : قل لطلب الولد : (رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنْتَ خَيْرُ الْوارِثِينَ) واجعل لي من لدنك وليا يرثني» في حيوتى ويستغفر لي بعد وفاتي واجعله خلقا سويا ولا تجعل للشيطان فيه نصيبا اللهم انى أستغفرك وأتوب إليك انك أنت التواب الرحيم سبعين مرة.

١٥٥ ـ في الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن على بن الحكم عن رجل عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : من أراد أن يحبل له فليصل ركعتين بعد الجمعة يطيل فيهما الركوع والسجود ، ثم يقول : اللهم انى أسئلك بما سئلك به زكريا إذ قال : (رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنْتَ خَيْرُ الْوارِثِينَ) ، اللهم هب لي ذرية طيبة انك سميع الدعاء اللهم باسمك استحللتها ، وفي أمانتك أخذتها ، فان قضيت في رحمها ولدا فاجعله غلاما مباركا زكيا ، ولا تجعل للشيطان فيه نصيبا ولا شركا.

١٥٦ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن على بن الحكم عن سيف بن عميرة عن أبى بكر الحضرمي عن الحارث النضري قال قلت لابي عبد الله عليه‌السلام : انى من أهل بيت قد انقرضوا وليس لي ولد؟ فقال : ادع وأنت ساجد : رب هب لي من لدنك وليا (رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنْتَ خَيْرُ الْوارِثِينَ) قال : ففعلت فولد لي على والحسين.

١٥٧ ـ في تفسير على بن إبراهيم وفي رواية على بن إبراهيم في قوله : (وَزَكَرِيَّا إِذْ نادى رَبَّهُ رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنْتَ خَيْرُ الْوارِثِينَ فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَوَهَبْنا لَهُ يَحْيى وَأَصْلَحْنا لَهُ زَوْجَهُ) قال : كانت لا تحيض فحاضت.


١٥٨ ـ في كتاب الخصال عن يونس بن ظبيان قال : قال الصادق جعفر بن محمد عليهما‌السلام : ان الناس يعبدون الله تعالى على ثلثة أوجه ، فطبقة يعبدونه رغبة في ثوابه فتلك عبادة الحرصاء وهي الطمع ، وآخرون يعبدونه فرقا من النار فتلك عبادة العبيد وهي الرهبة ، ولكني أعبده حبا له فتلك عبادة الكرام.

١٥٩ ـ في كتاب معاني الاخبار باسناده الى على بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر عليهما‌السلام قال : الرغبة ان تستقبل براحتيك السماء وتستقبل بهما وجهك والرهبة أن تلقى كفيك وترفعهما الى الوجه.

١٦٠ ـ في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن إسماعيل بن مهران عن سيف بن عميرة عن أبى إسحاق عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : الرغبة ان تستقبل ببطن كفيك الى السماء ، والرهبة ان تجعل ظهر كفيك الى السماء.

١٦١ ـ وباسناده الى مروك بياع اللؤلؤ عمن ذكره عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ذكر الرغبة وأبرز باطن راحتيه الى السماء ، وهكذا الرهبة وجعل ظهر كفيه الى السماء.

١٦٢ ـ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن أبيه عن فضالة عن العلا عن محمد بن مسلم قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : مر بى رجل وانا ادعو في صلوتى بيساري فقال : يا عبد الله بيمينك! فقلت : يا عبد الله ان الله تبارك وتعالى حقه على هذه كحقه على هذه ، وقال : الرغبة تبسط يديك وتظهر باطنهما والرهبة تظهر ظهرهما والأحاديث الثلاث طوال أخذنا منها موضع الحاجة.

١٦٣ ـ في تفسير على بن إبراهيم : (وَيَدْعُونَنا رَغَباً وَرَهَباً) قال : راغبين راهبين ، وقوله : (الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَها) قال : مريم لم ينظر إليها شيء وقوله : (فَنَفَخْنا فِيها مِنْ رُوحِنا) قال : روح مخلوقة يعنى من أمرنا.

١٦٤ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه‌الله عن أمير المؤمنين عليه‌السلام حديث أجاب فيه بعض الزنادقة وقد قال معترضا : وأجده يقول : (وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ وَهُوَ


مُؤْمِنٌ) فلا كفران لسعيه ويقول : (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى) اعلم في الاية الاولى ان الأعمال الصالحة لا تكفر ، واعلم في الثانية ان الايمان والأعمال الصالحة لا تنفع الا بعد الاهتداء قال عليه‌السلام : واما قوله : (وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ) فلا كفران لسعيه» وقوله : (إِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى) فان ذلك كله لا يغني الا مع الاهتداء وليس كل من وقع عليه اسم الايمان كان حقيقا بالنجاة مما هلك به الغواة ولو كان ذلك كذلك لنجت اليهود مع اعترافها بالتوحيد وإقرارها بالله ، ونجى ساير المقرين بالوحدانية من إبليس فمن دونه في الكفر ، وقد بين الله ذلك بقوله : (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ) وبقوله : (الَّذِينَ قالُوا آمَنَّا بِأَفْواهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ).

١٦٥ ـ في مجمع البيان و (حَرامٌ عَلى قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ) وروى محمد بن مسلم عن أبى جعفر عليه‌السلام انه قال : كل قرية أهلكها الله بعذاب فإنهم لا يرجعون.

١٦٦ ـ في تفسير على بن إبراهيم وقوله عزوجل : (وَحَرامٌ عَلى قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ) فانه حدثني أبي عن ابن أبى عمير عن ابن سنان عن أبى بصير عن محمد بن مسلم عن أبى عبد الله وأبى جعفر عليهما‌السلام قالا : كل قرية أهلك الله عزوجل أهلها بالعذاب لا يرجعون في الرجعة ، فهذه الاية من أعظم الدلالة في الرجعة لان أحدا من أهل الإسلام لا ينكران الناس كلهم يرجعون الى القيامة ، من هلك ومن لم يهلك «انتهى كلامه».

١٦٧ ـ وفيه أيضا قال الصادق عليه‌السلام : كل قرية أهلك الله أهلها بالعذاب لا يرجعون في الرجعة ، فاما الى القيامة فيرجعون ومحضوا الايمان محضا وغيرهم ممن لم يهلكوا بالعذاب ومحضوا الكفر محضا يرجعون. وقوله عزوجل : (حَتَّى إِذا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ) قال : إذا كان في آخر الزمان خرج يأجوج ومأجوج الى الدنيا ويأكلون ثم احتج عزوجل على عبدة الأوثان فقال : (إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ حَصَبُ


جَهَنَّمَ) الى قوله : (وَهُمْ فِيها لا يَسْمَعُونَ).

١٦٩ ـ وفي رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : لما نزلت هذه الاية وجد منها أهل مكة وجدا شديدا ، فدخل عليهم عبد الله بن الزبعرى وكفار قريش يخوضون في هذه الاية فقال ابن الزبعرى : أمحمد تكلم بهذه الاية؟ فقالوا : نعم ، قال ابن الزبعرى : لئن اعترف بها لأخصمنه فجمع بينهما فقال : يا محمد أرأيت الاية التي قرأت آنفا ، فينا وفي آلهتنا خاصة أم الأمم وآلهتهم؟ فقال : بل فيكم وفي آلهتكم وفي الأمم وفي آلهتهم ، الا من استثنى الله فقال ابن الزبعرى : خصمتك والله ألست تثنى على عيسى خيرا وقد عرفت ان النصارى يعبدون عيسى وامه ، وان طائفة من الناس يعبدون الملائكة؟ أفليس هؤلاء مع الآلهة في النار؟ فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لا ، فضحت قريش وضحكوا ، قالت قريش : خصمك ابن الزبعرى ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : قلتم الباطل اما قلت : الا من استثنى الله وهو قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَها وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خالِدُونَ) وقوله : (حَصَبُ جَهَنَّمَ) يقول : يقذفون فيها قذفا وقوله : (أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ) يعنى الملائكة وعيسى بن مريم عليهما‌السلام.

١٧٠ ـ في مجمع البيان وقراءة على عليه‌السلام «حطب» بالطاء.

١٧١ ـ في كتاب علل الشرائع أبي رحمه‌الله قال : حدثنا سعد بن عبد الله عن إبراهيم بن مهزيار عن أخيه عن أحمد بن محمد عن حماد بن عيسى عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : إذا كان يوم القيمة أتى بالشمس والقمر في صورة ثورين عقيرين (١) فيقذفان بهما وبمن يعبدهما في النار ، وذلك انهما عبدا فرضيا.

١٧٢ ـ في قرب الاسناد للحميري باسناده الى أبي عبد الله عليه‌السلام عن أبيه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ان الله تبارك وتعالى يأتى يوم القيامة بكل شيء يعبد من دونه من شمس أو قمر أو غير ذلك ، ثم يسأل كل إنسان عما كان يعبد ، فيقول كل من عبد غير

__________________

(١) العقير : المقطوع القوائم.


الله : ربنا انا كنا نعبدها لتقربنا إليك زلفى ، قال : فيقول الله تبارك وتعالى للملائكة : اذهبوا بهم وبما كانوا يعبدون الى النار ما خلا من استثنيت ، فأولئك عنها مبعدون.

١٧٣ ـ في محاسن البرقي وروى ابن أبي يعفور عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ان الله يأتى بكل شيء يعبد من دونه شمس أو قمر أو تمثال أو صورة؟ فيقال : اذهبوا بهم وبما كانوا يعبدون الى النار.

١٧٤ ـ عنه عن أبيه عن حمزة بن عبد الله الجعفري الدهني أو عن جميل بن دراج عن أبان بن تغلب قال : قال : ان الله يبعث بشيعتنا يوم القيامة على ما فيهم من الذنوب أو غيره مبيضة وجوههم ، مستورة عوراتهم ، آمنة روعتهم ، قد سهلت لهم الموارد ، وذهبت عنهم الشدائد ، يركبون نوقا من ياقوت ، فلا يزالون يدورون خلال الجنة عليهم شرك من نور يتلالأ ، توضع لهم الموائد فلا يزالون يطعمون والناس في الحساب وهو قول الله تبارك وتعالى : (إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَها وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خالِدُونَ).

١٧٥ ـ في أمالي الصدوق رحمه‌الله عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله حديث طويل وفيه يقول لعلى عليه‌السلام : يا على أنت وشيعتك على الحوض تسقون من أحببتم وتمنعون من كرهتم ، وأنتم الآمنون يوم الفزع الأكبر في ظل العرش ، يفزع الناس ولا تفزعون ويحزن الناس ولا تحزنون. فيكم نزلت هذه الاية : (إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ) وفيكم نزلت : (لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هذا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ).

١٧٦ ـ في نهج البلاغة فبادروا بأعمالكم تكونوا مع جيران الله في داره رافق بهم رسله ، وأزارهم ملائكته ، وأكرم أسماعهم عن أن تسمع حسيس نار أبدا ، وصان أجسادهم ان تلقى لغوبا ونصبا ، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.

١٧٧ ـ في تفسير على بن إبراهيم وقوله : (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها كانَ عَلى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيًّا ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيها جِثِيًّا) يعنى في البحار إذا


تحولت نيرانا يوم القيامة ، وفي حديث آخر قال : هي منسوخة بقوله : (إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ).

١٧٨ ـ حدثني أبي عن محمد بن أبي عمير عن منصور بن يونس عن عمر بن شيبة عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : سمعته يقول ابتداء منه : ان الله إذا بدا له ان يبين خلقه ويجمعهم لما لا بد منه امر مناديا فنادى فاجتمع الانس والجن في أسرع من طرفة عين ، ثم اذن لسماء الدنيا فتنزل وكان من وراء الناس ، واذن للسماء الثانية فتنزل وهي ضعف التي تليها ، فاذا رآها أهل سماء الدنيا قالوا : جاء ربنا؟ قالوا : لا وهو آت يعنى امره ، حتى تنزل كل سماء يكون كل واحدة منها من وراء الاخرى وهي ضعف التي تليها ، ثم ينزل امر الله في ظلل من الغمام والملائكة وقضى الأمر والى ربكم ترجع الأمور ، ثم يأمر الله مناديا ينادى (يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطارِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطانٍ) قال : وبكى حتى إذا سكت قلت : جعلني الله فداك يا با جعفر وأين رسول الله وأمير المؤمنين صلوات الله عليهما وشيعته؟ فقال ابو جعفر : رسول الله وشيعته على كثبان (١) من المسك الأذفر على منابر من نور ، يحزن الناس ولا يحزنون ، ويفزع الناس ولا يفزعون ، ثم تلا هذه الاية : (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ) فالحسنة والله ولاية على ، ثم قال : (لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هذا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ).

١٧٩ ـ في مجمع البيان وروى ابو سعيد الخدري عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ثلاثة على كثبان مسك (لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ) ولا يكترثون للحساب : رجل قرأ القرآن محتسبا ثم أم به قوما محتسبا ، ورجل أذن محتسبا ، ومملوك ادى حق الله عزوجل وحق مواليه.

١٨٠ ـ في إرشاد المفيد رحمه‌الله ولما عاد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من تبوك الى المدينة قدم عليه عمرو بن معديكرب الزبيدي فقال له النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : أسلم يا عمرو يؤمنك الله من

__________________

(١) الكثبان جمع الكثيب : التل من الرمل.


الفزع الأكبر ، فقال : يا محمد وما الفزع الأكبر فانى لا أفزع؟ فقال : انه ليس كما تظن وتحسب ، ان الناس يصاح بهم صيحة واحدة فلا يبقى ميت الا نشر ، ولا حي الا مات الا ما شاء الله ، ثم يصاح بهم صيحة اخرى فينشر من مات ، ويصفون جميعا وتنشق السماء وتهد الأرض وتخر الجبال وتزفر النار بمثل الجبال شررا ، فلا يبقى ذو روح الا انخلع قلبه وطاش لبه ، وذكر ذنبه وشغل بنفسه الا ما شاء الله ، فأين أنت يا عمرو من هذا؟ قال : ألا انى أسمع أمرا عظيما ، فآمن بالله ورسوله وآمن معه من قومه ناس ، ورجعوا الى قومهم ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٨١ ـ في من لا يحضره الفقيه باسناده الى أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ومن خرج من الدنيا لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة ، ثم تلا هذه الاية :

(إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ) من شيعتك ومحبيك يا على قال أمير المؤمنين عليه‌السلام فقلت : يا رسول الله هذا لشيعتي؟ قال : اى وربي انه لشيعتك وانهم ليخرجون من قبورهم ، وهم يقولون : لا اله الا الله محمد رسول الله على بن أبي طالب حجة الله فيؤتون بحلل خضر من الجنة ، وتيجان من الجنة ، ونجائب من الجنة فيلبس كل واحد منهم حلة خضراء ، ويوضع على رأسه تاج الملك ، وإكليل الكرامة ، ثم يركبون النجائب فتطير بهم الى الجنة ، (لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ ، وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هذا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ).

١٨٢ ـ في الكافي محمد بن يحيى عن احمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن إسماعيل عن أبي إسماعيل السراج عن هارون بن خارجة قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : من دفن في الحرام امن من الفزع الأكبر ، فقلت له : من بر الناس وفاجرهم؟ قال : من بر الناس وفاجرهم.

١٨٣ ـ في أصول الكافي باسناده الى أبي خالد الكابلي عن أبي جعفر عليه‌السلام حديث طويل وفيه : والله يا با خالد لا يحبنا عبد ويتولانا حتى يطهر الله قلبه ، ولا يطهر الله قلب عبد حتى يسلم لنا ويكون سلما لنا ، فاذا كان سلما لنا سلمه الله من شديد


الحساب ، وآمنه من فزع يوم القيمة الأكبر.

١٨٤ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن عمر بن عبد العزيز عن جميل بن دراج عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : من كسا أخاه كسوة شتاء أو صيف كان حقا على الله أن يكسوه من ثياب الجنة ، وأن يهون عليه من سكرات الموت ، وأن يوسع عليه في قبره ، وان تلقى الملائكة إذا خرج من قبره بالبشرى ، وهو قول الله عزوجل في كتابه : (وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هذا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ).

١٨٥ ـ في تفسير على بن إبراهيم واما قوله : (يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ) قال : السجل اسم الملك الذي يطوى الكتب ، ومعنى يطويها يفنيها فتتحول دخانا والأرض نيرانا.

١٨٦ ـ في كتاب جعفر بن محمد الدوريستي باسناده الى ابن عباس قال : لما نزلت هذه الاية على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : (وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً) غشي عليه وحمل الى حجرة أم سلمة فانتظره أصحابه وقت الصلوة فلم يخرج ، فاجتمع المسلمون فقالوا : ما لنبي الله؟ فقالت أم سلمة : ان نبي الله عنكم مشغول ثم خرج بعد ذلك فرقى المنبر ، فقال : ايها الناس انكم تحشرون الى الله كما خلقتم حفاة عراة ، ثم قرأ على أصحابه : (وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً) ثم قرأ : (كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنا إِنَّا كُنَّا فاعِلِينَ).

١٨٧ ـ في نهج البلاغة استبدلوا بظهر الأرض بطنا ، وبالسعة ضيقا وبالأهل غربة ، وبالنور ظلمة ، فجاءوها كما فارقوها حفاة عراة ، قد ظعنوا عنها بأعمالهم الى الحيوة الدائمة ، والدار الباقية كما قال سبحانه : (كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنا إِنَّا كُنَّا فاعِلِينَ).

١٨٨ ـ في مجمع البيان وروى عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله انه قال : تحشرون يوم القيامة عراة حفاة غرلا (١) (كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنا إِنَّا كُنَّا فاعِلِينَ).

__________________

(١) الغرل جمع الأغرل : الأقلف وهو الذي لم يختن.


١٨٩ ـ في تفسير على بن إبراهيم وقوله : و (لَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ) قال : الكتب كلها ذكر (أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ) قال : القائم وأصحابه قال : والزبور فيه ملاحم وتحميد وتمجيد ودعاء.

١٩٠ ـ وفيه قال : أعطى الله داود وسليمان عليهما‌السلام ما لم يعط أحد من أنبياء الله من الآيات علمهما منطق الطير ، وألان الله لهما الحديد ، والصفر من غير نار وجعلت الجبال يسبحن مع داود عليه‌السلام ، فأنزل الله عزوجل اليه الزبور فيه توحيد وتمجيد ودعاء ، واخبار رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأمير المؤمنين والائمة صلوات الله عليهم من ذريتهما عليهما‌السلام ، واخبار الرجعة وذكر القائم صلوات الله عليه.

١٩١ ـ في تفسير العياشي عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه‌السلام حديث طويل وفيه يقول عليه‌السلام : فلما دنى عمر آدم هبط عليه ملك الموت ليقبض روحه فقال له آدم : يا ملك الموت قد بقي من عمرى ثلاثون سنة ، فقال له ملك الموت : الم تجعلها لابنك داود النبي وطرحتها من عمرك حيث عرض عليك أسماء الأنبياء من ذريتك وعرض عليك أعمارهم وأنت يومئذ بوادي دخنا؟ فقال آدم : يا ملك الموت ما اذكر هذا ، فقال له ملك الموت : يا آدم لا تجهل ألم تسأل الله أن يثبتها لداود في الزبور ومحاها من عمرك من الذكر؟

١٩٢ ـ في أصول الكافي محمد عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام انه سأله عن قول الله عزوجل : (وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ) ما الزبور وما الذكر؟ قال : الذكر عند الله والزبور الذي انزل على داود وكل كتاب نزل فهو عند أهل العلم ونحن هم.

١٩٣ ـ في مجمع البيان (أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ) وقال أبو جعفر عليه‌السلام : هم أصحاب المهدي في آخر الزمان ، ويدل على ذلك ما رواه الخاص والعام عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله انه قال : لو لم يبق من الدنيا الا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث رجلا من أهل بيتي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا ، وقد أورد


الامام أبو بكر احمد بن الحسين البيهقي في كتاب البعث والنشور أخبارا كثيرة في هذا المعنى حدثنا بجميعها عنه حافده أبو الحسن عبيد الله بن محمد بن أحمد في شهور سنة ثماني عشرة وخمسمائة ، ثم قال في آخر الباب : فأما الحديث الذي أخبرنا به ابو عبد الله الحافظ بالإسناد عن محمد بن خالد الجندي عن أبان بن صالح عن الحسن عن انس ابن مالك ان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : لا يزداد الأمر الا شدة ، ولا الناس الا شحا ، ولا الدنيا الا إدبارا ، ولا تقوم الساعة الا على شرار الناس ، ولا مهدي الا عيسى بن مريم ، فهذا حديث تفرد به محمد بن خالد الجندي ، قال أبو عبد الله الحافظ : ومحمد بن خالد رجل مجهول ، واختلف عليه في اسناده فرواه مرة عن أبان بن صالح عن الحسن عن أنس ابن مالك عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله مرة ، ومرة عن أبان بن أبي عياش وهو متروك عن الحسن عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو منقطع ، والأحاديث في التنصيص على خروج المهدي أصلح اسنادا ، وفيها بيان كونه من عترة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله. هذا لفظه.

١٩٤ ـ ومن جملتها ما حدثنا أبو الحسن حافده عنه قال : أخبرنا ابو على الرودبارى قال : أخبرنا ابو بكر بن داسة قال : حدثنا ابو داود السجستاني في كتاب السنن عن طرق كثيرة ذكرها ثم قال : كلهم عن عاصم المقري عن زر (١) عن عبد الله عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : لو لم يبق من الدنيا الا يوم لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث فيه رجلا منى أو من أهل بيتي وفي بعضها يواطي اسمه اسمى يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا.

١٩٥ ـ وبالإسناد قال : حدثنا أبو داود قال : حدثنا أحمد بن إبراهيم قال حدثنا عبد الله بن جعفر الرقى قال : حدثني أبو المليح الحسن بن عمر عن زياد بن بيان عن على بن ثقيل عن سعيد بن المسيب عن أم سلمة قالت : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : المهدي من عترتي من ولد فاطمة.

١٩٦ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه‌الله عن أمير المؤمنين حديث طويل وفيه يقول عليه‌السلام مجيبا لبعض الزنادقة : واما قوله لنبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله : (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ)

__________________

(١) وفي المصدر «زيد» بدل «زر».


وانك ترى أهل الملل المخالفة للايمان ومن يجرى مجراهم من الكفار مقيمين على كفرهم الى هذه الغاية ، وانه لو كان رحمة عليهم لاهتدوا جميعا ونجوا من عذاب السعير ، فان الله تبارك اسمه انما عنى بذلك انه جعله سبيلا لانظار أهل هذه الدار ، لان الأنبياء قبله بعثوا بالتصريح لا بالتعريض ، وكان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله منهم إذا صدع بأمر الله وأجابه قومه سلموا وسلم أهل دارهم من ساير الخليقة ، وان خالفوه هلكوا وهلك أهل دارهم بالآفة التي كانت بينهم يتوعدهم بها ويخوفهم حلولها ونزولها بساحتهم ، من خسف أو قذف أو رجف أو ريح أو زلزلة وغير ذلك من أصناف العذاب الذي هلكت به الأمم الخالية ، ان الله علم من نبينا ومن الحجج في الأرض الصبر على ما لم يطق من تقدمهم من الأنبياء الصبر على مثله ، فبعثه الله بالتعريض لا بالتصريح ، وأثبت حجة الله تعريضا لا تصريحا بقوله في وصيه : من كنت مولاه فهذا مولاه وهو منى بمنزلة هارون من موسى الا انه لا نبي بعدي ، وليس من خليقة النبي ولا من شيمته ان يقول قولا لا معنى له ، فلزم الامة ان تعلم انه لما كانت النبوة والاخوة موجودتين في خليفة هارون وموسى معدومتين في من جعله النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بمنزلته انه قد استخلفه على أمته ، كما استخلف موسى هارون حيث قال : اخلفني في قومي ، ولو قال لهم : لا تقلدوا الامامة الا فلانا بعينه والا نزل بكم العذاب لأتاهم العذاب ، وزال باب الانظار والامهال.

١٩٧ ـ في مجمع البيان وروى ان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال لجبرئيل لما نزلت هذه الآية : هل أصابك من هذه الرحمة شيء؟ قال : نعم انى كنت أخشى عاقبة الأمر فآمنت بك لما أثنى الله على بقوله : (ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ) وقد قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : انما أنا رحمة مهداة.

١٩٨ ـ في الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن بعض أصحابنا عن أبي الحسن الاول عليه‌السلام قال : بعث الله عزوجل محمدا رحمة للعالمين في سبع وعشرين من رجب ، فمن صام ذلك اليوم كتب الله له صيام ستين شهرا.

١٩٩ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده الى عبد الرحمن القصير قال قال


لي أبو جعفر عليه‌السلام : اما لو قام قائمنا ردت الحميراء حتى يجلدها الحد ، وحتى ينتقم لابنة محمد فاطمة عليها‌السلام منها ، قلت : جعلت فداك ولم يجلدها؟ قال : لفريتها على أم إبراهيم ، قلت : فكيف أخره الله للقائم؟ فقال : لان الله تبارك وتعالى بعث محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله رحمة وبعث القائم عليه‌السلام نقمة.

٢٠٠ ـ في كتاب المناقب لابن شهرآشوب أبو بصير عن الصادق عليه‌السلام في قوله تعالى : (قُلْ إِنَّما يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَهَلْ أَنْتُمْ) مسلمون الوصية بعدي نزلت مشددة.

٢٠١ ـ في عيون الاخبار في باب جمل من أخبار موسى بن جعفر عليه‌السلام مع هارون الرشيد ومع موسى بن المهدي حديث طويل يقول فيه عليه‌السلام : رأيت النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ليلة الأربعاء في النوم فقال لي : يا موسى أنت محبوس مظلوم؟ فقلت : نعم يا رسول الله محبوس مظلوم ، فكرر ذلك على ثلاثا ثم قال : و (إِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ).

٢٠٢ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه‌الله وروى انه لما قدم معاوية الى الكوفة قيل له : ان الحسن بن على عليهما‌السلام يرتفع على أنفس الناس فلو أمرته أن يقوم دون مقامك على المنبر فتدركه الحداثة والعي فيسقط من أعين الناس ، فأبى عليهم وأبوا عليه الا أن يأمره بذلك ، فأمره فقام دون مقامه في المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : اما بعد فانكم لو طلبتم ما بين كذا وكذا لتجدوا رجلا جده نبي لم تجدوه غيري وغير أخى ، وانا أعطينا صفقتنا هذه الطاغية وأشار بيده الى أعلى المنبر الى معاوية وهو في مقام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ورأينا حقن دماء المسلمين أفضل من إهراقها (وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ) وأشار بيده الى معاوية ، فقال له معاوية : ما أردت بقولك هذا؟ فقال : أردت به ما أراد الله عزوجل.

٢٠٣ ـ في كتاب المناقب لابن شهر آشوب وروى انه قال الحسن عليه‌السلام في صلح معاوية : ايها الناس لو طلبتم ما بين جابلق وجابرس رجلا جده رسول الله


ما وجدتموه غيري وغير أخى ، وان معاوية نازعنى حقا هو لي فتركته لصلاح الامة وحقن دمائها ، وقد بايعتموني على أن تسالموا من سالمت ، وقد رأيت ان أسالمه وان يكون ما صنعته حجة على من كان يتمنى هذا الأمر (وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ).

٢٠٤ ـ في تفسير على بن إبراهيم وقوله : (قالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِ) قال : معناه لا تدع للكفار الحق الانتقام من الظالمين ، ومثله في سورة آل عمران (لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظالِمُونَ).


بسم الله الرحمن الرحيم

١ ـ في كتاب ثواب الأعمال باسناده الى أبي عبد الله عليه‌السلام قال : من قرأ سورة الحج في كل ثلاثة أيام لم تخرج سنة حتى يخرج الى بيت الله الحرام وان مات في سفره دخل الجنة قلت : فان كان مخالفا؟ قال : يخفف عنه بعض ما هو فيه.

٢ ـ في مجمع البيان أبي بن كعب قال : قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : من قرأ سورة الحج أعطى من الأجر كحجة حجها وعمرة اعتمرها بعدد من حج واعتمر فيما مضى وفيما بقي.

٣ ـ وفيه قال عمران بن الحصين وأبو سعيد الخدري : نزلت الآيتان من أول السورة ليلا في غزاة بنى المصطلق وهم حي من خزاعة ، والناس يسيرون فنادى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فحثوا المطى حتى كانوا حول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقرأها عليهم فلم ير أكثر باكيا من تلك الليلة ، فلما أصبحوا لم يحطوا السرج عن الدواب ولم يضربوا الخيام والناس بين باك أو جالس حزين متفكر ، فقال لهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أتدرون اى يوم ذاك؟ قالوا : الله ورسوله اعلم ، قال : ذلك يوم يقول الله لادم : ابعث بعث النار من ولدك ، فيقول آدم : من كم كم؟ فيقول عزوجل : من كل الف تسعمأة وتسعة وتسعين الى النار وواحدا الى الجنة ، فكبر ذلك على المسلمين وبكوا فقالوا : فمن ينجو يا رسول الله؟ فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : أبشروا فان معكم خليقتين : يأجوج ومأجوج ما كانتا في شيء الا كثرتاه ، ما أنتم في الناس الا كشعرة بيضاء في الثور الأسود ، أو كرقم في ذراع البكر ، أو كشامة في جنب البعير ، ثم قال : انى لأرجو ان تكونوا ربع أهل الجنة فكبروا ، ثم قال : انى لأرجو ان تكونوا ثلث أهل الجنة ثم قال : انى لأرجو ان تكونوا ثلثي أهل الجنة فان أهل الجنة مأة وعشرون صفا ثمانون منها أمتي ثم قال : ويدخل من أمتي سبعون ألفا الجنة بغير حساب ، وفي بعض الروايات ان عمر بن


الخطاب قال : يا رسول الله سبعون ألفا؟ قال : نعم ومع كل واحد سبعون ألفا ، فقام عكاشة بن محصن فقال : يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم ، فقال : اللهم اجعله منهم ، فقام رجل من الأنصار فقال : ادع الله ان يجعلني منهم ، فقال عليه‌السلام سبقك بها عكاشة ، قال ابن عباس : كان الأنصاري منافقا فلذلك لم يدع له.

٤ ـ في تفسير على بن إبراهيم (يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ) قال : مخاطبة للناس عامة وقوله : (وَتَضَعُ كُلُّ ذاتِ حَمْلٍ حَمْلَها) قال : كل امرأة تموت حاملة عند زلزلة الساعة تضع حملها يوم القيامة.

٥ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه‌الله عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله حديث طويل وفيه معاشر الناس. التقوى التقوى احذروا الساعة كما قال الله عزوجل (إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ).

٦ ـ في كتاب التوحيد باسناده الى عبد الله بن سلام مولى رسول الله عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله حديث طويل وفيه يقول صلى‌الله‌عليه‌وآله : فيأمر الله عزوجل نارا يقال لها الفلق أشد شيء في جهنم عذابا ، فتخرج من مكانها سوداء مظلمة بالسلاسل والأغلال ، فيأمر الله عزوجل أن تنفخ في وجوه الخلائق نفخة ، فمن شدة نفختها تنقطع السماء وتنطمس النجوم وتخمد البحار ، وتزول الجبال وتظلم الأبصار ، وتضع الحوامل حملها ، ويشيب الولدان من هولها يوم القيامة.

٧ ـ في تفسير على بن إبراهيم قوله : وترى الناس سكارى قال : يعنى ذاهبة عقولهم من الحزن والفزع متحيرين.

٨ ـ في كتاب طب الائمة عليهم‌السلام باسناده الى سليم بن قيس الهلالي عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه قال : انى لأعرف آيتين من كتاب الله المنزل تكتبان للمرأة إذا عسر عليها ، تكتبان في ورق ظبي وتعلقه عليها في حقويها (١) : بسم الله وبالله ان مع العسر يسرا سبع مرات (يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ

__________________

(١) الحقو : الخصر.


يَوْمَ تَرَوْنَها تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذاتِ حَمْلٍ حَمْلَها وَتَرَى النَّاسَ سُكارى وَما هُمْ بِسُكارى وَلكِنَّ عَذابَ اللهِ شَدِيدٌ) مرة واحدة.

٩ ـ في تفسير على بن إبراهيم وقوله عزوجل : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ) اى يخاصم (وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطانٍ مَرِيدٍ) قال : المريد الخبيث ، ثم خاطب الله عزوجل الدهرية واحتج عليهم فقال : (يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ) اى في شك (فَإِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ) قال : المخلقة إذا صارت تاما ، وغير مخلقة قال : السقط.

١٠ ـ وقال في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه‌السلام لنبين لكم انكم كنتم كذلك في الأرحام ونقر في الأرحام ما نشاء فلا يخرج سقطا.

١١ ـ في الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد وعلى بن إبراهيم عن أبيه جميعا عن الحسن بن محبوب عن محمد بن النعمان عن سلام بن المستنير قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ) قال : المخلقة هم الذر الذين خلقهم الله في صلب آدم صلى الله عليه ، أخذ عليهم الميثاق ثم أجراهم في أصلاب الرجال وأرحام النساء ، وهم الذين يخرجون الى الدنيا حتى يسألوا عن الميثاق ، واما قوله : «وغير مخلقة» فهم كل نسمة لم يخلقهم الله عزوجل في صلب آدم حين خلق الذر ، وأخذ عليهم الميثاق وهم النطف من العزل والسقط قبل أن ينفخ فيه الروح والحياة والبقاء.

١٢ ـ في قرب الاسناد للحميري أحمد بن محمد عن أحمد بن أبي نصر عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام قال : سألته ان يدعو الله عزوجل لامرأة من أهلنا لها حمل ، فقال : قال أبو جعفر عليه‌السلام : الدعا ما لم تمض أربعة أشهر فقلت له : انما لها أقل من هذا فدعا لها ثم قال : ان النطفة تكون في الرحم ثلاثين يوما ، ويكون علقة ثلاثين يوما ، ويكون مضغة ثلاثين يوما ، ويكون (مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ) ثلاثين يوما ، فاذا تمت الاربعة الأشهر بعث الله تبارك وتعالى إليها ملكين خلاقين يصورانه ويكتبان رزقه وأجله وشقيا أو سعيدا.


١٣ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثنا محمد بن جعفر قال حدثنا محمد بن أحمد عن العباس عن ابن أبى نجران عن محمد بن أبى القاسم عن على بن المغيرة عن أبي عبد الله عن أبيه صلوات الله عليهما قال : إذا بلغ العبد مأة سنة فذلك أرذل العمر.

قال مؤلف هذا الكتاب عفى عنه : قد ذكرنا طرفا من الاخبار في النحل عند قوله عزوجل : «أرذل العمر» فمن أراد الوقوف عليها فليطلبها ثمة.

١٤ ـ في قرب الاسناد للحميري باسناده الى صفوان عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لجبرئيل : يا جبرئيل أرنى كيف يبعث الله تبارك وتعالى العباد يوم القيامة ، قال : نعم فخرج الى مقبرة بنى ساعدة فأتى قبرا فقال له : اخرج بإذن الله فخرج رجل ينفض رأسه من التراب وهو يقول : وا لهفاه ، واللهف هو الثبور ثم قال : ادخل فدخل ، ثم قصد به الى قبر آخر فقال : اخرج بإذن الله ، فخرج شاب ينفض رأسه من التراب وهو يقول : أشهد أن لا اله الا الله وحده لا شريك له وأشهد ان محمدا عبده ورسوله ، وأشهد (أَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيها وَأَنَّ اللهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ) ثم قال : هكذا يبعثون يوم القيمة يا محمد.

١٥ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثني أبى عن ابن أبى عمير عن جميل بن دراج عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : إذا أراد الله ان يبعث الخلق أمطر السماء على الأرض أربعين صباحا فاجتمعت الأوصال ونبتت اللحوم. وفي أمالى الصدوق رحمه‌الله مثله سواء.

١٦ ـ في مصباح الشريعة قال الصادق عليه‌السلام : ومن خاصم الخلق في غير ما يؤمر فقد نازع الخالقية والربوبية ، قال الله تعالى : و (مِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدىً وَلا كِتابٍ مُنِيرٍ) وليس أحد أشد عقابا ممن لبس قميص النسك بالدعوى بلا حقيقة ولا معنى.

١٧ ـ في تفسير على بن إبراهيم (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدىً وَلا كِتابٍ مُنِيرٍ) قال : نزلت هذه الاية في أبى جهل ثانى عطفه قال :


تولى عن الحق ليضل عن سبيل الله قال : عن طريق الله عزوجل بالايمان.

١٨ ـ في أصول الكافي على بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس بن بكير عن ضريس عن أبى عبد الله عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللهَ عَلى حَرْفٍ) قال : ان الاية تنزل في الرجل ، ثم يكون في أتباعه ، ثم قلت : كل من نصب دونكم شيئا فهو ممن عبد الله على حرف؟ فقال : نعم وقد يكون محضا.

١٩ ـ على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبى عمير عن عمر بن أذينة عن الفضيل وزرارة عن أبى جعفر عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللهَ عَلى حَرْفٍ فَإِنْ أَصابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيا وَالْآخِرَةَ) قال زرارة : سألت عنها أبا جعفر عليه‌السلام فقال هؤلاء قوم عبدوا الله وخلعوا عبادة من يعبد من دون الله وشكوا في محمد وما جاء به ، فتكلموا بالإسلام وشهدوا أن لا اله الا الله وان محمدا رسول الله ، وأقروا بالقرآن وهم في ذلك شاكون في محمد وما جاء به ، وليسوا شكاكا في الله قال الله عزوجل : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللهَ عَلى حَرْفٍ) يعنى على شك في محمد وما جاء به فان أصابه خير يعنى عافية في نفسه وماله وولده اطمأن به ورضى به وان اصابته فتنة بلاء في جسده أو ماله تطير وكره المقام على الإقرار بالنبي ، فرجع الى الوقف والشك فنصب العداوة لله ولرسوله والجحود بالنبي وما جاء به.

٢٠ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن على بن الحكم عن موسى بن بكر عن زرارة عن أبى جعفر عليه‌السلام قال : سألته عن قول الله عزوجل : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللهَ عَلى حَرْفٍ) قال : هم قوم وحدوا الله وخلعوا عبادة من يعبد من دون الله ، فخرجوا من الشرك ولم يعرفوا ان محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله رسول الله ، فهم يعبدون الله على شك في محمد وما جاء به ، فأتوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وقالوا : ننظر فان كثرت أموالنا وعوفينا في أنفسنا وأولادنا علمنا انه صادق وانه رسول الله ، وان كان غير ذلك نظرنا ، قال الله عزوجل : (فَإِنْ أَصابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ) يعنى عافية في الدنيا (وَإِنْ أَصابَتْهُ فِتْنَةٌ)


يعنى بلاء في نفسه (انْقَلَبَ عَلى وَجْهِهِ) انقلب على شكه الى الشرك خسر الدنيا والاخرة (ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَضُرُّهُ وَما لا يَنْفَعُهُ) قال ينقلب مشركا يدعو غير الله ويعبد غيره ، فمنهم من يعرف فيدخل الايمان قلبه فيؤمن ويصدق ويزول عن منزلته من الشك الى الايمان ، ومنهم من يثبت على شكه ومنهم من ينقلب الى الشرك. على بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس عن رجل عن زرارة مثله.

٢١ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه‌الله عن الرضا عليه‌السلام حديث طويل يقول فيه عليه‌السلام : فان في الناس من خسر الدنيا والاخرة بترك الدنيا للدنيا ، ويرى ان لذة الرياسة الباطلة أفضل من لذة الأموال والنعم المباحة المحللة فيترك ذلك أجمع طلبا للرياسة الباطلة.

٢٢ ـ في مصباح الشريعة قال الصادق عليه‌السلام في كلام طويل : واما السائر في مفاوز الاعتداء ، والخائض في مراتع الغى وترك الحيا باستحباب السمعة والريا والشهوة والتصنع الى الخلق المتزيي بزي الصالحين ، المظهر بكلامه عمارة باطنه وهو في الحقيقة خال عنها ، قد غمرتها وحشة حب المحمدة وغشيتها ظلمة الطمع فما افتنه بهواه ، وأضل الناس بمقالته ، قال الله عزوجل : (لَبِئْسَ الْمَوْلى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ).

٢٣ ـ في تفسير على بن إبراهيم واما قوله عزوجل : (مَنْ كانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ) فان الظن في كتاب الله عزوجل على وجهين : ظن يقين علم وظن شك فهذا ظن شك قال : من شك ان الله عزوجل لن يثيبه في الدنيا ولا في الاخرة فليمدد بسبب الى السماء اى يجعل بينه وبين الله دليلا ، والدليل على ان السبب هو الدليل قول الله عزوجل في سورة الكهف : (وَآتَيْناهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً فَأَتْبَعَ سَبَباً) اى دليلا وقال : ثم ليقطع اى تميز والدليل على ان القطع هو التميز قوله تعالى : (وَقَطَّعْناهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ) امما أسباطا» اى ميزنا هم فقوله عزوجل : (ثُمَّ لْيَقْطَعْ) اى يميز (فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ ما يَغِيظُ) اى حيلته والدليل على ان الكيد هو الحيلة قوله


تعالى : (كَذلِكَ كِدْنا لِيُوسُفَ) اى احتلنا له حتى حبس أخاه وقوله تعالى يحكى قول فرعون : (فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ) اى حيلتكم قال : فاذا وضع لنفسه سببا ومميزا دله على الحق ، واما العامة فإنهم رووا في ذلك انه من لم يصدق بما قال الله عزوجل فليلق حبلا الى سقف البيت فليختنق. قال عز من قائل : ان الذين آمنوا الى قوله : والمجوس.

٢٤ ـ في كتاب التوحيد باسناده الى الأصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين عليه‌السلام حديث طويل وفيه قال عليه‌السلام : سلوني قبل أن تفقدوني ، فقام اليه الأشعث بن قيس فقال : يا أمير المؤمنين كيف تؤخذ من المجوس الجزية ولم ينزل إليهم كتاب ولم يبعث إليهم نبي؟ قال : بلى يا أشعث قد أنزل الله إليهم كتابا وبعث إليهم رسولا حتى كان لهم ملك سكر ذات ليلة ، فدعا بابنته الى فراشه فارتكبها ، فلما أصبح تسامع به قومه فاجتمعوا الى بابه فقالوا : ايها الملك دنست علينا ديننا وأهلكته فاخرج نطهرك ونقيم عليك الحد ، فقال لهم : اجتمعوا واسمعوا قولي فان يكن لي مخرج مما ارتكبت والا فشأنكم ، فاجتمعوا فقال لهم : هل علمتم ان الله لم يخلق خلقا أكرم عليه من أبينا آدم وامنا حوا؟

قالوا : صدقت أيها الملك قال : أو ليس قد زوج بنيه بناته وبناته من بنيه؟ قالوا : صدقت هذا هو الدين ، فتعاقدوا على ذلك فمحا الله ما في صدورهم من العلم ، ورفع عنهم الكتاب فهم الكفرة يدخلون النار بلا حساب والمنافقون أشد حالا منهم قال الأشعث : والله ما سمعت بمثل هذا الجواب والله لاعدت الى مثلها أبدا.

٢٥ ـ في روضة الكافي على بن إبراهيم وعدة من أصحابنا عن سهل بن زياد جميعا عن محمد بن عيسى عن يونس عن أبى الصباح الكناني عن الأصبغ بن نباته قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : ان للشمس ثلاثمائة وستين برجا كل برج منها مثل جزيرة من جزائر العرب ، وتنزل كل يوم على برج منها ، فاذا غابت انتهت الى حد بطنان العرش ، فلم تزل ساجدة الى الغد ثم ترد الى موضع مطلعها ، ومعها ملكان معها! وان وجهها لأهل السماء وقفا ها لأهل الأرض ، ولو كان وجهها لأهل الأرض لاحترقت الأرض ومن


عليها من شدة حرها ، ومعنى سجودها ما قال سبحانه وتعالى : (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبالُ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ).

٢٦ ـ في كتاب التوحيد باسناده الى عبد الله بن ميمون القداح عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهما‌السلام قال : قيل لعلى عليه‌السلام : ان رجلا يتكلم في المشية ، فقال : ادعه لي ، قال : فدعاه له فقال له : يا عبد الله خلقك الله لما شاء أو لما شئت؟ قال : لما شاء قال : فيمرضك إذا شاء أو إذا شئت قال : إذا شاء. قال : فيشفيك إذا شاء أو إذا شئت قال : إذا شاء قال : فيدخلك حيث يشاء أو حيث شئت؟ قال : حيث يشاء قال : فقال له علي عليه‌السلام : لو قلت غير هذا لضربت الذي فيه عيناك.

٢٧ ـ وباسناده الى سليمان بن جعفر الجعفري قال : قال الرضا عليه‌السلام : المشية من صفات الأفعال ، فمن زعم ان الله لم يزل مريدا شائيا فليس بموحد. قال مؤلف هذا الكتاب عفى عنه : استقصاء الكلام في تحقيق المشية والارادة يحتاج الى بسط وبيان ، والشافي في ذلك الكافي.

٢٨ ـ في كتاب الخصال عن النضر بن مالك قال : قلت للحسين بن على عليهما‌السلام : يا با عبد الله حدثني عن قوله تعالى : (هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ) فقال : نحن وبنو امية اختصمنا في الله تعالى قلنا صدق الله وقالوا كذب ، فنحن الخصمان يوم القيامة.

٢٩ ـ في أصول الكافي على بن إبراهيم عن احمد بن محمد البرقي عن أبيه عن محمد بن الفضيل عن ابن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله تعالى : (هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا) بولاية على عليه‌السلام (قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيابٌ مِنْ نارٍ).

٣٠ ـ في مجمع البيان قيل : نزلت الاية (هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا) في ستة نفر من المؤمنين والكفار تبادروا يوم بدر ، وهم حمزة بن عبد المطلب قتل عتبة بن ربيعة ، وعلى بن أبي طالب قتل الوليد بن عتبة وعبيدة بن الحارث بن عبد المطلب قتل شيبة بن ربيعة عن أبي ذر الغفاري وعطاء وكان أبو ذر يقسم بالله تعالى انها نزلت فيهم ، ورواه البخاري في الصحيح.


٣١ ـ في تفسير على بن إبراهيم وقوله عزوجل : (هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ) قال : نحن وبنو امية ، نحن قلنا : صدق الله ورسوله ، وقالت بنو امية : كذب الله ورسوله فالذين كفروا يعنى بنى امية قطعت لهم ثياب من النار الى قوله تعالى حديد وقال : تشوية النار فتسترخى شفته حتى تبلغ سرته ، وتتقلص شفته العليا حتى تبلغ وسط رأسه (وَلَهُمْ مَقامِعُ مِنْ حَدِيدٍ) قال : الاعمدة التي يضربون بها.

٣٢ ـ وقوله عزوجل : (كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيها) ضربا بتلك الاعمدة (وَذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ) فانه حدثني أبي عن محمد بن أبي عمير عن أبى بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قلت له : يا ابن رسول الله خوفني فان قلبي قد قسى ، فقال : يا با محمد استعد للحيوة الطويلة فان جبرئيل جاء الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو قاطب (١) وقد كان قبل ذلك يجيء متبسما ، فقال رسول الله : يا جبرئيل جئتني اليوم قاطبا فقال : يا محمد قد وضعت منافخ النار ، فقال : وما منافخ النار يا جبرئيل؟ فقال : يا محمد ان الله عزوجل أمر بالنار فنفخ عليها ألف عام حتى ابيضت ، ثم نفخ عليها ألف عام حتى احمرت ، ثم نفخ عليها ألف عام حتى اسودت ، فهي سوداء مظلمة لو أن قطرة من الضريع قطرت في شراب أهل الدنيا لمات أهلها من نتنها ، ولو ان حلقة واحدة من السلسلة التي طولها سبعون ذراعا وضعت على الدنيا لذابت الدنيا من حرها ، ولو ان سربالا من سرابيل أهل النار علق بين السماء والأرض لمات أهل الأرض من ريحه ووهجه (٢) قال : فبكى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وبكى جبرئيل فبعث الله إليهما ملكا فقال لهما : ان ربكما يقرئكما السلام ويقول : قد امنتكما ان تذنبا ذنبا أعذبكما عليه ، فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : فما رأى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله متبسما بعد ذلك ثم قال : ان أهل النار يعظمون النار ، وان أهل الجنة يعظمون الجنة والنعيم ، وان جهنم إذا دخلوها هووا فيها مسيرة سبعين عاما ، فاذا بلغوا أعلاها قمعوا بمقامع الحديد ، وأعيدوا في دركها ، هذه حالهم وهو قول الله عزوجل : (كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيها وَذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ)

__________________

(١) قطب : زوي ما بين عينيه وعبس.

(٢) الوهج ـ متحركة ـ : حر النار.


ثم تبدل جلودهم غير الجلود التي كانت عليهم فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : حسبك يا با محمد؟ قلت : حسبي حسبي.

٣٣ ـ في مجمع البيان وقد روى ان الله تعالى يجوعهم حتى ينسوا عذاب النار من شدة الجوع ، فيصرخون الى مالك فيحملهم الى تلك الشجرة وفيهم أبو جهل فيأكلون منها فتغلى بطونهم كغلى الحميم ، فيسقون شربة من الماء الحار الذي بلغ نهايته في الحرارة ، فاذا قربوها من وجوههم شوت وجوههم ، فذلك قوله ، (يَشْوِي الْوُجُوهَ) فاذا وصل الى بطونهم صهر ما في بطونهم كما قال سبحانه (يُصْهَرُ بِهِ ما فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ) وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من شرب الخمر لم يقبل له صلوة أربعين يوما. فان مات وفي بطنه شيء من ذلك كان حقا على الله عزوجل أن يسقيه من طينة خبال وهو صديد أهل النار ، وما يخرج من فروج الزناة ، فتجتمع ذلك في قدور جهنم فيشربه أهل النار ، فيصهر به ما في بطونهم والجلود ، رواه شبيب بن واقد عن الحسين بن زيد عن الصادق عن آبائه عليهم‌السلام عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله.

٣٤ ـ وروى ابو سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : (وَلَهُمْ مَقامِعُ مِنْ حَدِيدٍ) لو وضع مقمع (١) من حديد في الأرض ثم اجتمع عليه الثقلان ما اقلوه في الأرض.

٣٥ ـ وعن العلا بن سيابة عن أبي عبد الله عليه‌السلام قلت له : ان الناس يتعجبون منا إذا قلنا : يخرج قوم من النار فيدخلون الجنة ، فيقولون لنا فيكونون مع أولياء الله في الجنة فقال : يا علا ان الله يقول : (وَمِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ) لا والله ما يكونون مع أولياء الله ، قلت : كانوا كافرين؟ قال : لا والله لو كانوا كافرين ما دخلوا الجنة ، قلت : كانوا مؤمنين؟ قال : لا والله لو كانوا مؤمنين ما دخلوا النار ، ولكن بين ذلك ، وتأويل هذا لو صح الخبر : انهم لم يكونوا من أفاضل المؤمنين وخيارهم «انتهى».

٣٦ ـ في تفسير على بن إبراهيم ثم ذكر سبحانه ما أعده للمؤمنين فقال جل ذكره :

__________________

(١) المقمع : العمود من حديد.


(إِنَّ اللهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) الى قوله تعالى (وَلِباسُهُمْ فِيها حَرِيرٌ) حدثني أبى عن ابن أبى عمير عن أبى بصير قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : جعلت فداك شوقني فقال : يا با محمد ان من أدنى نعيم الجنة أن يوجد ريحها من مسيرة ألف عام من مسافة الدنيا ، وأن ادنى أهل الجنة منزلا لو نزل به الثقلان الجن والانس لوسعهم طعاما وشرابا ، ولا ينقص مما عنده شيئا ، وان أيسر أهل الجنة منزلة من يدخل الجنة فيرفع له ثلاث حدائق ، فاذا دخل أدناهن راى فيها من الأزواج والخدم والأنهار والثمار ما شاء الله مما يملأ عينه قرة وقلبه مسرة ، فاذا شكر الله وحمده قيل له : ارفع رأسك الى الحديقة الثانية ففيها ما ليس في الاولى ، فيقول : يا رب أعطني هذه ، فيقول الله تعالى : ان أعطيتكها سألتنى غيرها ، فيقول : رب هذه هذه فاذا هو دخلها شكر الله وحمده ، قال : فيقال : افتحوا له بابا الى الجنة ويقال له : ارفع رأسك فاذا قد فتح له باب من الخلد ويرى أضعاف ما كان فيما قبل فيقول عند مضاعف مسراته : رب لك الحمد الذي لا يحصى إذ مننت على بالجنان ، وأنجيتنى من النيران ، قال أبو بصير : فبكيت وقلت له : جعلت فداك زدني قال : يا با محمد ان في الجنة نهرا في حافتيه جوارنا بتات ، إذا مر المؤمن بجارية أعجبته قلعها وأنبت الله عزوجل مكانها اخرى ، قلت : جعلت فداك زدني قال : يا با محمد المؤمن يزوج ثمانمأة عذراء ، واربعة آلاف ثيب ، وزوجتين من الحور العين ، قلت : جعلت فداك من اى شيء خلقن الحور العين؟ قال : من تربة الجنة النورانية ويرى مخ ساقها من وراء سبعين حلة كبدها مراته وكبده مراتها ، قلت : جعلت فداك ألهن كلام يتكلمن به في الجنة قال : نعم كلام لم يسمع الخلايق اعذب منه ، قلت : ما هو؟ قال يقلن بأصوات رحيمة : نحن الخالدات فلا نموت ، ونحن الناعمات فلا نبؤس ، ونحن المقيمات فلا نظعن ، ونحن الراضيات فلا نسخط ، طوبى لمن خلق لنا ، وطوبى لمن خلقنا له ، ونحن اللواتي لو أن قرن أحد بنا ، علق في جو السماء لأغشى نوره الأبصار ، فهاتان الآيتان وتفسيرهما رد على من أنكر خلق الجنة والنار.


قوله عزوجل : (وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ) قال : التوحيد والإخلاص (وَهُدُوا إِلى صِراطِ الْحَمِيدِ) قال : الولاية.

٣٧ ـ في محاسن البرقي عنه عن أبيه عمن ذكره عن حنان أبي على عن ضريس الكناسي قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن قول الله : و (هُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلى صِراطِ الْحَمِيدِ) فقال : هو والله هذا الأمر الذي أنتم عليه.

٣٨ ـ في أصول الكافي الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن محمد بن اورمة عن على بن حسان عن عبد الرحمن بن كثير عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قوله : (وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلى صِراطِ الْحَمِيدِ) قال : ذاك حمزة وجعفر وعبيدة وسلمان وأبو ذر والمقداد بن الأسود وعمار ، هدوا الى أمير المؤمنين عليه‌السلام.

٣٩ ـ في مجمع البيان وروى عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله انه قال : ما أحد أحب اليه الحمد من الله عز ذكره.

٤٠ ـ في تفسير على بن إبراهيم وقوله : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ الَّذِي جَعَلْناهُ سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَالْبادِ) قال : نزلت في قريش حين صدوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عن مكة وقوله : (سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَالْبادِ) قال : أهل مكة ومن جاء من البلدان ، فهم سواء لا يمنع من النزول ودخول الحرم.

٤١ ـ في نهج البلاغة من كتبه الى قثم بن العباس رحمهما‌الله وهو عامله على مكة وأمر أهل مكة ان لا يأخذوا من ساكن أجرا ، فان الله سبحانه يقول : (سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَالْبادِ) والعاكف المقيم به ، والبادي الذي يحج اليه من غير أهله.

٤٢ ـ في قرب الاسناد للحميري باسناده الى أبى جعفر عن أبيه عن على عليهم‌السلام كره إجارة بيوت مكة ، وقرء (سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَالْبادِ).

٤٣ ـ في تهذيب الأحكام موسى بن القاسم عن صفوان بن يحيى عن حسين بن أبى العلا قال : ذكر أبو عبد الله عليه‌السلام هذه الاية (سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَالْبادِ) فقال : كانت مكة ليس على شيء منها باب ، وكان أول من علق على بابه المصراعين معاوية بن


أبى سفيان ، وليس ينبغي لأحد أن يمنع الحاج شيئا من الدور ومنازلها.

٤٤ ـ في كتاب علل الشرائع حدثنا أبى رضى الله عنه قال : حدثنا سعد بن عبد الله عن أحمد وعبد الله إبني محمد بن عيسى عن محمد بن أبي عمير عن حماد بن عثمان الناب عن عبد الله بن على الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن قول الله عزوجل : (سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَالْبادِ) فقال : لم يكن ينبغي أن يصنع على دور مكة أبواب ، لان للحاج أن ينزلوا معهم في دورهم في ساحة الدار حتى يقضوا مناسكهم ، وان أول من جعل لدور مكة أبوابا معاوية.

٤٥ ـ في الكافي عدة من أصحابنا عن احمد بن محمد عن على بن الحكم عن الحسين بن أبي العلا قال : قال ابو عبد الله عليه‌السلام : ان معاوية أول من علق على بابه مصراعين بمكة ، فمنع حاج بيت الله ما قال الله عزوجل : (سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَالْبادِ) وكان الناس إذا قدموا مكة نزل البادي على الحاضر حتى يقضى حجه ، وكان معاوية صاحب السلسلة التي قال الله عزوجل : (فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُها سَبْعُونَ ذِراعاً فَاسْلُكُوهُ إِنَّهُ كانَ لا يُؤْمِنُ بِاللهِ الْعَظِيمِ) وكان فرعون هذه الامة.

٤٦ ـ في تهذيب الأحكام موسى بن القاسم عن ابن أبي عمير الى ان قال : وعنه عن عبد الرحمن عن حماد عن حريز قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الطواف يعنى لأهل مكة ممن جاور بها أفضل أو الصلوة؟ فقال : الطواف للمجاورين أفضل ، والصلوة لأهل مكة والقاطنين بها أفضل من الطواف.

٤٧ ـ وعنه عن عبد الرحمن عن ابن أبي عمير عن حفص بن البختري وحماد وهشام عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : إذا اقام الرجل بمكة سنة فالطواف أفضل. وإذا اقام سنتين خلط من هذا وهذا ، فاذا أقام ثلاث سنين فالصلاة أفضل.

٤٨ ـ موسى بن القاسم حدثنا عبد الرحمن عن حماد بن عيسى عن حريز عن زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : من أقام بمكة سنتين فهو من أهل مكة لا متعة له ، فقلت لأبي جعفر عليه‌السلام : أرأيت ان كان له أهل بالعراق وأهل بمكة؟ قال : فلينظر أيهما


الغالب عليه فهو من اهله.

٤٩ ـ وعنه عن محمد بن عذافر عن عمر بن يزيد قال قال ابو عبد الله عليه‌السلام : المجاور بمكة يتمتع بالعمرة الى الحج الى سنتين فاذا جاوز سنتين كان قاطنا وليس له ان يتمتع.

٥٠ ـ وعنه عن ابن أبي عمير عن حماد عن الحلبي قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام : لأهل مكة ان يتمتعوا؟ فقال : لا ، ليس لأهل مكة أن يتمتعوا ، قال : قلت : فالقاطنون بها؟ قال : إذا أقاموا سنة أو سنتين صنعوا كما يصنع أهل مكة ، فاذا أقاموا شهرا فان لهم ان يتمتعوا ، قلت : من اين؟ قال : يخرجون من الحرم ، قلت : من اين يهلون بالحج؟ قال : من مكة نحوا مما يقول الناس.

٥١ ـ في تفسير على بن إبراهيم قوله : (وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ) قال : نزلت فيمن يلحد في أمير المؤمنين عليه‌السلام ويظلمه.

٥٢ ـ في كتاب علل الشرائع أبي رحمه‌الله قال : حدثنا احمد بن إدريس قال : حدثنا احمد بن محمد بن عيسى عن الحسين بن سعيد عن محمد بن الفضيل عن أبي الصباح الكناني قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ) كل ظلم يظلم به الرجل نفسه بمكة من سرقة أو ظلم أحد أو شيء من الظلم فانى أراه إلحادا ، ولذلك كان ينهى ان يسكن الحرم.

٥٣ ـ حدثنا محمد بن الحسن قال : حدثنا الحسين بن الحسن بن أبان عن الحسين بن سعيد عن ابن أبي عمير عن حماد بن عثمان ومعاوية بن حفص عن منصور جميعا عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : كان أبو عبد الله في المسجد الحرام فقيل له : ان سبعا من سباع الطير على الكعبة لا يمر به شيء من حمام الحرم الا ضربه؟ فقال : انصبوا له واقتلوه فانه قد الحد في الحرم.

٥٤ ـ في أصول الكافي الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن محمد بن اورمة وعلى بن عبد الله عن على بن حسان عن عبد الرحمن بن كثير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (وَمَنْ


يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ) قال : نزلت فيهم حيث دخلوا الكعبة فتعاهدوا وتعاقدوا على كفرهم وجحودهم بما نزل في أمير المؤمنين عليه‌السلام ، فألحدوا في البيت بظلمهم الرسول ووليه فبعدا للقوم الظالمين.

٥٥ ـ في الكافي ابن أبي عمير عن معاوية قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ) قال : كل ظلم إلحاد ، وضرب الخادم في غير ذنب من ذلك الإلحاد.

٥٦ ـ محمد بن يحيى عن احمد بن محمد عن محمد بن إسماعيل عن محمد بن الفضيل عن أبي الصباح الكناني قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ) قال : كل ظلم الحاد وضرب الخادم في غير ذنب.

٥٧ ـ في روضة الكافي ابن محبوب عن أبي ولاد وغيره من أصحابنا عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله عز ذكره : (وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ) فقال : من عبد فيه غير الله عزوجل ، أو تولى فيه غير أولياء الله فهو ملحد بظلم ، وعلى الله تبارك وتعالى ان يذيقه من عذاب اليم.

٥٨ ـ في أصول الكافي على بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس عن أبان عن حكيم قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن ادنى الإلحاد؟ فقال : ان الكبر أدناه.

٥٩ ـ في تهذيب الأحكام روى موسى بن القاسم عن صفوان بن يحيى عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام وذكر حديثا طويلا ثم قال : وعنه عن ابن أبي عمير عن حماد عن الحلبي قال سئلت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ) قال : كل الظلم فيه الحاد حتى لو ضربت خادمك ظلما خشيت أن يكون إلحادا.

٦٠ ـ في الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن محمد بن إسماعيل عن محمد بن الفضيل عن أبي الصباح الكناني قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قوله عزوجل : (وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ) فقال : كل ظلم يظلم الرجل


نفسه بمكة من سرقة أو ظلم أحد أو شيء من الظلم فانى أراه إلحادا ، ولذلك كان يتقى ان يسكن الحرم.

٦١ ـ على بن إبراهيم عن أبيه عن حماد بن عيسى عن الحسين بن المختار قال : حدثني إسماعيل بن جابر قال : كنت فيما بين مكة والمدينة انا وصاحب لي فتذاكرنا الأنصار فقال أحدنا : هم نزاع من قبائل ، وقال أحدنا : هم من أهل اليمن قال : فانتهينا الى أبي عبد الله عليه‌السلام وهو جالس في ظل شجرة ، فابتدأ الحديث ولم نسأله فقال : ان تبعا لما أن جاء من قبل العراق وجاء معه العلماء وأبناء الأنبياء ، فلما انتهى الى هذا الوادي لهذيل أتاه ناس من بعض القبائل فقالوا : انك تأتى أهل بلدة قد لعبوا بالناس زمانا طويلا حتى اتخذوا بلادهم حرما ، ونبيهم ربا أو ربة ، فقال : ان كان كما يقولون قتلت مقاتليهم وسبيت ذريتهم ، وهدمت بنيتهم ، قال : فسالت عيناه حتى وقعتا على خديه قال : فدعا العلماء وأبناء الأنبياء فقال : انظرونى أخبروني لما أصابنى هذا؟ قال : فأبوا ان يخبروه حتى عزم عليهم قالوا : حدثنا بأى شيء حدثت نفسك؟ قال : حدثت نفسي أن أقتل مقاتليهم وأسبى ذريتهم وأهدم بنيتهم ، فقالوا : انا لا ندري الذي أصابك الا لذلك ، قال : ولم هذا؟ قالوا : لان البلد حرم الله والبيت بيت الله وسكانه ذرية إبراهيم خليل الرحمن ، فقال : صدقتم فما مخرجي مما وقعت فيه؟ قالوا : تحدث نفسك بغير ذلك فعسى الله أن يرد عليك قال : فحدث نفسه بخير فرجعت حدقتاه حتى ثبتتا مكانهما ، قال : فدعا بالقوم الذين أشاروا عليه بهدمها فقتلهم ، ثم أتى البيت وكساه وأطعم الطعام ثلاثين يوما كل يوم مأة جزور (١) حتى حملت الجفان الى السباع في رؤس الجبال ، ونثرت الأعلاف في الاودية للوحش ، ثم انصرف من مكة الى المدينة فانزل بها قوما من أهل اليمن من غسان وهم الأنصار ، وفي رواية اخرى كساه النطاع وطيبه.

٦٢ ـ حميد بن زياد عن ابن سماعة عن غير واحد عن أبان بن عثمان عن محمد

__________________

(١) الجزور : الناقة التي تنحر.


الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ان الله تعالى يقول في كتابه : و (طَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ) (وَالْعاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ) فينبغي للعبد أن لا يدخل مكة الا وهو طاهر ، وقد غسل عرقه والأذى وتطهر.

٦٣ ـ على بن إبراهيم عن أبيه ومحمد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان جميعا عن ابن أبي عمير عن معاوية عن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ان لله تبارك وتعالى حول الكعبة عشرين ومأة رحمة ، منها ستون للطائفين ، وأربعون للمصلين ، وعشرون للناظرين.

٦٤ ـ في تهذيب الأحكام روى الحسين بن سعيد عن حماد بن عيسى عن عمران الحلبي قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام أتغتسل النساء إذا أتين البيت؟ قال : نعم ان الله تعالى يقول : (وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ) (وَالْعاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ) وينبغي للعبد ان لا يدخل الا وهو طاهر ، قد غسل عنه العرق والأذى وتطهر.

٦٥ ـ في كتاب التوحيد باسناده الى محمد بن مسلم قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عما يروون ان الله عزوجل خلق آدم على صورته فقال : هي صورة محدثة مخلوقة.

اصطفاها الله واختارها على ساير الصور المختلفة ، فأضافها الى نفسه كما أضاف الكعبة الى نفسه ، والروح الى نفسه ، فقال : «بيتي» وقال : (وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي).

٦٦ ـ في الكافي على بن إبراهيم عن أبيه والحسين بن محمد عن عبد الله بن عامر ومحمد بن يحيى عن احمد بن محمد جميعا عن احمد بن محمد بن أبي نصر عن أبان بن عثمان عن عقبة بن بشير عن أحدهما عليهما‌السلام قال : ان الله تعالى امر إبراهيم ببناء الكعبة وان يرفع قواعدها ويرى الناس مناسكهم ، فبنى إبراهيم واسمعيل البيت كل يوم ساقا حتى انتهى الى موضع الحجر الأسود ، قال ابو جعفر عليه‌السلام : فنادى ابو قبيس إبراهيم ان لك عندي وديعة فأعطاه الحجر فوضعه موضعه ، ثم ان إبراهيم عليه‌السلام اذن في الناس بالحج ، فقال : ايها الناس انى إبراهيم خليل الله ، ان الله أمركم ان تحجوا هذا البيت فحجوه ، فأجابه من يحج الى يوم القيامة ، فكان أول من أجابه من أهل اليمن.


٦٧ ـ في كتاب علل الشرائع أبي رحمه‌الله قال : حدثنا سعد بن عبد الله قال : حدثنا أحمد وعلى ابنا الحسن بن على بن فضال عن عمرو بن سعيد المدائني عن موسى بن قيس بن أخى عمار بن موسى الساباطي عن مصدق عن عمار بن موسى عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : لما أوحى الله عزوجل الى إبراهيم ان اذن في الناس بالحج أخذ الحجر الذي فيه أثر قدميه وهو المقام ، فوضعه بحذاء البيت ، لاصقا بالبيت بحيال الموضع الذي هو فيه اليوم ثم قام عليه فنادى بأعلى صوته بما امره الله عزوجل به ، فلما تكلم بالكلام لم يحتمله الحجر فغرقت رجلاه فيه ، فقلع إبراهيم عليه‌السلام رجله من الحجر قلعا ، فلما كثر الناس وصاروا الى الشر والبلاء ان ازدحموا عليه فرأوا ان يضعوه في هذا الموضع الذي هو فيه ليخلو الطواف لمن يطوف بالبيت ، فلما بعث الله عزوجل محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله رده الى الموضع الذي وضعه فيه إبراهيم عليه‌السلام فما زال فيه حتى قبض رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وفي زمن أبي بكر وأول ولاية عمر ، ثم قال عمر : قد ازدحم الناس على هذا المقام فأيكم يعرف موضعه في الجاهلية؟ فقال رجل : انا أخذت قدره بقدر ، قال : والقدر عندك؟ قال : نعم قال : فأت به فجاء به فامر بالمقام فحمل ورد الى الموضع الذي هو فيه الساعة.

٦٨ ـ وباسناده الى الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سألته لم جعلت التلبية؟ فقال : ان الله عزوجل اوحى الى إبراهيم عليه‌السلام : (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجالاً) فنادى فأجيب (مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ).

٦٩ ـ أبي رضى الله عنه قال حدثنا سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن على بن فضال عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : لما أمر الله عزوجل إبراهيم وإسماعيل ببناء البيت وتم بناؤه وامره ان يصعد ركنا ثم ينادى في الناس : الا هلم الحج ، الا هلم الحج فلو نادى هلموا الى الحج لم يحج الا من كان يومئذ أنسيا مخلوقا ، ولكن نادى هلم الحج فلبى الناس في أصلاب الرجال : لبيك داعي الله ، لبيك داعي الله ، فمن لبى عشرا حج عشرا ومن لبى خمسا حج خمسا ، ومن لبى أكثر فبعدد ذلك ومن لبى واحدة حج واحدة ، ومن لم يلب لم يحج.


٧٠ ـ وباسناده الى غالب بن عثمان عن رجل من أصحابنا عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : ان الله جل جلاله لما أمر إبراهيم عليه‌السلام ينادى في الناس بالحج ، قام على المقام فارتفع به حتى صار بإزاء أبي قبيس ، فنادى في الناس في الحج ، فاسمع من في أصلاب الرجال وأرحام النساء الى ان تقوم الساعة.

٧١ ـ في الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن ابن فضال عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : لما امر إبراهيم واسمعيل ببناء البيت وتم بناؤه. قعد إبراهيم على ركن ثم نادى : هلم الحج ، فلو نادى : هلموا ، وذكر مثل ما نقلنا عن كتاب العلل.

٧٢ ـ على بن إبراهيم عن أبيه ومحمد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان جميعا عن ابن أبي عمير عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أقام بالمدينة عشر سنين لم يحج ، ثم أنزل الله تعالى عليه : (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجالاً وَعَلى كُلِّ ضامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ) فأمر المؤذنين ان يؤذنوا بأعلى أصواتهم بان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يحج في عامه هذا ، فعلم به من حضر في المدينة وأهل العوالي (١) والا عراب ، واجتمعوا لحج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وانما كانوا تابعين ينظرون ما يؤمرون ويتبعونه ، أو يصنع شيئا فيصنعونه ، فخرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في أربع بقين من ذي قعدة ، فلما انتهى الى ذي الحليفة زالت الشمس فاغتسل ثم خرج حتى أتى المسجد الذي عند الشجرة ، فصلى فيه الظهر ، وعزم بالحج مفردا ، وخرج حتى انتهى الى البيداء عند الميل الاول ، فصف الناس سماطين (٢) فلبى بالحج مفردا ، وساق الهدى ستا وستين أو أربعا وستين ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٧٣ ـ في عوالي اللئالى وروى عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله انه قال : انما الحاج الشعث (٣) الغبر

__________________

(١) العوالي : قرى بظاهر المدينة.

(٢) اى صفين.

(٣) الشعث ـ ككتف ـ : المنتف الشعر. الحاف الذي لم يدهن المغبر الرأس.


يقول الله لملائكته : انظروا الى زوار بيتي قد جاؤنى شعثاء غبراء (مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ).

٧٤ ـ في تفسير على بن إبراهيم واما قوله : (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجالاً وَعَلى كُلِّ ضامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ) يقول : الإبل المهزولة ، وقرأ : «يأتون من كل فج عميق» قال : ولما فرغ إبراهيم من بناء البيت امره الله ان يؤذن في الناس بالحج ، فقال : يا رب ما يبلغ صوتي فقال الله اذن ، عليك الأذان وعلى البلاغ ، وارتفع على المقام وهو يومئذ ملصق بالبيت ، فارتفع به المقام حتى كان أطول من الجبال ، فنادى وادخل إصبعه في اذنه واقبل بوجهه شرقا وغربا يقول : ايها الناس كتب عليكم الحج الى البيت العتيق فأجيبوا ربكم ، فأجابوه من تحت البحور السبع ومن بين المشرق والمغرب ، الى منقطع التراب من أطراف الأرض كلها ومن أصلاب الرجال ، ومن أرحام النساء بالتلبية : لبيك اللهم لبيك ، اولا ترونهم يأتون يلبون؟ فمن حج من يومئذ الى يوم القيامة فهم ممن استجاب الله وذلك قوله : (فِيهِ آياتٌ بَيِّناتٌ مَقامُ إِبْراهِيمَ) يعنى نداء إبراهيم على المقام.

٧٥ ـ في مجمع البيان وفي الشواذ قراءة ابن عباس رجالا بالتشديد والضم ، وهو المروي عن أبي عبد الله عليه‌السلام.

٧٦ ـ وروى عن أبي عبد الله عليه‌السلام انه قرأ : تأتون.

٧٧ ـ في الكافي محمد بن يحيى عن احمد بن محمد عن محمد بن إسماعيل عن محمد بن الفضيل عن الربيع بن خثيم قال : شهدت أبا عبد الله عليه‌السلام وهو يطاف به حول الكعبة في محمل وهو شديد المرض ، فكان كلما بلغ الركن اليماني أمرهم فوضعوه بالأرض ، فأخرج يده من كوة المحمل حتى يجرها على الأرض ثم يقول : ارفعوني فلما فعل ذلك مرارا في كل شوط قلت له : جعلت فداك يا ابن رسول الله ان هذا يشق عليك! فقال : انى سمعت الله عزوجل يقول : (لِيَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُمْ) فقلت : منافع الدنيا أو منافع الاخرة؟ فقال : الكل.

٧٨ ـ ابو على الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان عن أبي المغراء


عن سلمة بن محرز قال : كنت عند أبي عبد الله عليه‌السلام إذ جاءه رجل يقال له : ابو الورد ، فقال لأبي عبد الله : رحمك الله انك لو كنت أرحت بدنك من المحمل؟ فقال ابو عبد الله عليه‌السلام : يا أبا الورد انى أحب ان اشهد المنافع التي قال الله عزوجل : (لِيَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُمْ) انه لا يشهدها أحد الا نفعه الله ، اما أنتم فترجعون مغفورا لكم ، واما غيركم فيحفظون في أهاليهم وأموالهم.

٧٩ ـ في مجمع البيان (لِيَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُمْ) وقيل : منافع الاخرة وهي العلو والمغفرة وهو المروي عن أبي عبد الله عليه‌السلام.

٨٠ ـ في عيون الاخبار في باب ذكر ما كتب به الرضا عليه‌السلام الى محمد بن سنان في جواب مسائله في العلل : وعلة الحج الوفادة الى الله عزوجل ، وطلب الزيادة والخروج من كل ما اقترف ، وليكون تائبا مما مضى مستأنفا لما يستقبل ، وما فيه من استخراج الأموال وتعب الأبدان ، وحظرها عن الشهوات واللذات ، والتقرب بالعبادة الى الله عزوجل ، والخضوع والاستكانة والذل ، شاخصا في الحر والبرد والأمن والخوف ، دائبا في ذلك دائما ، وما في ذلك لجميع الخلق من المنافع والرغبة والرهبة الى الله تعالى ، ومنه ترك قساوة القلب وجسأة الأنفس ونسيان الذكر وانقطاع الرجاء والأمل ، وتجديد الحقوق وحظر النفس عن الفساد ، ومنفعة من في شرق الأرض وغربها ، ومن في البر والبحر ممن يحج ومن لا يحج من تاجر وجالب وبايع ومشتر وكاسب ومسكين ، وقضاء حوائج أهل الأطراف والمواضع الممكن لهم الاجتماع فيها ، كذلك (لِيَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُمْ).

٨١ ـ وفي باب العلل التي ذكر الفضل بن شاذان في آخرها انه سمعها من الرضا عليه‌السلام مرة بعد مرة وشيئا بعد شيء : فان قال : فلم أمر بالحج؟ قيل : لعلة الوفادة الى الله تعالى وطلب الزيادة وذكر كما ذكر محمد بن سنان وزاد بعد قوله في المواضع الممكن لهم الاجتماع فيها ، مع ما فيه من التفقه ونقل أخبار الائمة عليهم‌السلام الى كل صقع (١) وناحية كما قال الله عزوجل :

__________________

(١) الصقع بمعنى الناحية أيضا.


(فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ) يرجعون وليشهدوا منافع لهم».

٨٢ ـ في عوالي اللئالى وروى عن الصادق عليه‌السلام ان الذكر في قوله : (وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ) هو التكبير عقيب خمس عشرة صلوة أولها ظهر العيد ، وروى عن الباقر عليه‌السلام مثله.

٨٣ ـ في كتاب معاني الاخبار حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمه‌الله قال : حدثنا الحسين بن الحسن بن أبان عن الحسين بن سعيد عن حماد بن عيسى عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال سمعته يقول : قال على عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُوماتٍ) : قال : أيام العشر.

٨٤ ـ وبهذا الاسناد عن الحسين بن سعيد عن محمد بن الفضيل عن أبي الصباح الكناني عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُوماتٍ) قال : هي أيام التشريق.

٨٥ ـ أبي رحمه‌الله قال : حدثنا محمد بن أحمد بن على الصلت عن يونس بن عبد الرحمن عن المفضل بن صالح عن زيد الشحام عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله تبارك وتعالى : «واذكروا اسم الله في أيام معدودات» قال : المعلومات والمعدودات واحدة وهن أيام التشريق.

٨٦ ـ في تهذيب الأحكام موسى بن القاسم عن عبد الرحمن عن حماد بن عيسى قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : قال أبي عليه‌السلام : «اذكروا الله في أيام معلومات» قال : عشر ذي الحجة ، وأما معدودات قال : أيام التشريق.

٨٧ ـ العباس وعلى بن السندي جميعا عن حماد بن عيسى عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سمعته يقول : قال على عليه‌السلام في قول الله : «واذكروا الله في أيام معلومات» قال : أيام العشر ، وقوله : «واذكروا اسم الله في أيام معدودات» قال : أيام التشريق.

٨٨ ـ في مجمع البيان واختلف في هذه الأيام قيل هي أيام التشريق يوم النحر


وثلاثة أيام بعده ، والمعدودات أيام العشر ، وهو المروي عن أبي جعفر عليه‌السلام.

٨٩ ـ في الكافي على بن إبراهيم عن أحمد بن محمد عن محمد بن خالد عن عبد الله بن يحيى عن عبد الله بن مسكان عن أبي بصير قال : قلت لابي عبد الله عليه‌السلام قول الله عزوجل : (إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ) قال : الفقير الذي لا يسأل الناس ، والمسكين أجهد منه ، والبائس أجهدهم والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٩٠ ـ على بن إبراهيم عن أبيه عن النوفلي عن السكوني عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (وَأَطْعِمُوا الْبائِسَ الْفَقِيرَ) قال : هو الزمن الذي لا يستطيع ان يخرج لزمانته.

٩١ ـ في الكافي باسناده الى معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام حديث طويل وستقف عليه مسندا عند قوله تعالى : (وَأَطْعِمُوا الْقانِعَ وَالْمُعْتَرَّ) إنشاء الله تعالى وفيه : والبائس هو الفقير.

٩٢ ـ في تهذيب الأحكام روى موسى بن القاسم عن النخعي عن صفوان بن يحيى عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام انه قال في حديث طويل ستقف عليه عند قوله : (وَأَطْعِمُوا الْقانِعَ وَالْمُعْتَرَّ) والبائس الفقير.

٩٣ ـ في أصول الكافي الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن على بن أسباط عن داود بن النعمان عن أبي عبيدة قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول وراى الناس بمكة وما يعملون قال : فقال : فعال كفعال الجاهلية ، أما والله ما أمروا بهذا وما أمروا الا أن يقضوا (تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ) ، فيمروا بنا فيخبرونا بولايتهم ، ويعرضوا علينا نصرتهم.

٩٤ ـ في الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير ومحمد بن اسمعيل عن الفضل بن شاذان عن صفوان بن يحيى وابن أبي عمير جميعا عن معاوية بن عمار قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : إذا أحرمت فعليك بتقوى الله ، الى ان قال : وقال : اتق المفاخرة وعليك بورع يحجزك عن معاصي الله ، فان الله تعالى يقول : (ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ) قال أبو عبد الله عليه‌السلام : من التفث أن تتكلم في


في إحرامك بكلام قبيح ، فاذا دخلت مكة وطفت بالبيت تكلمت بكلام طيب ، فكان ذلك كفارة.

٩٥ ـ أحمد بن محمد بن أبي نصر قال : قلت لأبي الحسن عليه‌السلام : انى حين نفرنا من منى أقمنا أياما ثم حلقت رأسى طلب التلذذ ، فدخلني من ذلك شيء ، فقال : كان ابو الحسن صلوات الله عليه إذا خرج من مكة فأتى بثيابه حلق رأسه قال : وقال في قول الله تعالى : (ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ) قال : التفث تقليم الأظفار ، وطرح الوسخ وطرح الإحرام.

٩٦ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن محمد بن اسمعيل عن محمد بن الفضيل عن أبي الصباح الكناني قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل نسي أن يقصر من شعره وهو حاج حتى ارتحل من منى؟ قال : ما يعجبني ان يلقى شعر رأسه الا بمنى ، وقال في قول الله تعالى : (ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ) قال : هو الحلق وما في جلد الإنسان.

٩٧ ـ عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن على بن سليمان عن زياد القندي عن عبد الله بن سنان عن ذريح المحاربي قال قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : ان الله أمرني في كتابه بأمر فأحب ان أعمله قال : وما ذاك؟ قلت : قول الله تعالى : (ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ) قال : ليقضوا تفثهم لقاء الامام ، وليوفوا نذورهم تلك المناسك ، قال عبد الله بن سنان : فأتيت أبا عبد الله عليه‌السلام فقلت : جعلت فداك قول الله تعالى : (ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ)؟ قال : أخذ الشارب وقص الأظفار وما أشبه ذلك ، قال : قلت : جعلت فداك ان ذريح المحاربي حدثني عنك بأنك قلت : (ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ) لقاء الامام (وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ) تلك المناسك؟ فقال : صدق وصدقت ، ان للقرآن ظاهرا وباطنا ومن يحتمل ما يحتمل ذريح؟.

٩٨ ـ حميد بن زياد عن ابن سماعة عن غير واحد عن أبان عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله جل ثناؤه : (ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ) قال : هو ما يكون من الرجل في إحرامه ، فاذا دخل مكة فتكلم بكلام طيب كان ذلك كفارة لذلك


الذي كان منه.

٩٩ ـ في من لا يحضره الفقيه وروى حمران عن أبي جعفر عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ) قال : التفث حقوق الرجل من الطيب ، فاذا قضى نسكه حل له الطيب.

١٠٠ ـ وروى ربعي عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام في قول الله عزوجل :

(ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ) فقال : قص الشارب والأظفار.

١٠١ ـ وفي رواية النضر عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام ان التفث هو الحلق وما في جلد الإنسان.

١٠٢ ـ وفي رواية البزنطي عن الرضا عليه‌السلام قال : التفث تقليم الأظفار وطرح الوسخ وطرح الإحرام عنه.

١٠٣ ـ في قرب الاسناد للحميري أحمد بن محمد عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال : سألت الرضا عليه‌السلام عن قول الله تبارك وتعالى : (لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ) قال : تقليم الأظفار وطرح الوسخ عنك ، والخروج من الإحرام (وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ) طواف الفريضة.

١٠٤ ـ في تهذيب الأحكام محمد بن يعقوب عن عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن أحمد بن محمد قال : قال أبو الحسن عليه‌السلام في قول الله عز شأنه : (وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ) قال : طواف الفريضة طواف النساء.

١٠٥ ـ وروى محمد بن أحمد بن يحيى عن على بن اسمعيل عن محمد بن يحيى الصيرفي عن حماد الناب قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ) قال : هو طواف النساء.

١٠٦ ـ في عيون الاخبار في باب ما جاء عن الرضا عليه‌السلام في قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : انا ابن الذبيحين حديث طويل وفي آخره : وكانت لعبد المطلب خمس سنن أجراها الله في الإسلام ، حرم نساء الاباء على الأبناء : الى قوله : وكان يطوف


بالبيت سبعة أشواط.

١٠٧ ـ في كتاب الخصال عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عن على بن أبي طالب عليهم‌السلام عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله انه قال في وصيته له : يا على ان عبد المطلب سن في الجاهلية خمس سنن أجراها الله له في الإسلام. حرم نساء الاباء على الأبناء الى قوله : ولم يكن للطواف عدد عند قريش فسن فيهم عبد المطلب سبعة أشواط ، فأجرى الله ذلك في الإسلام.

١٠٨ ـ في عيون الاخبار في باب ذكر ما كتب به الرضا عليه‌السلام الى محمد بن سنان في جواب مسائله في العلل : وعلة الطواف بالبيت ان الله عزوجل قال للملائكة : (إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قالُوا أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ) فردوا على الله عزوجل هذا الجواب ، فندموا فلاذوا بالعرش واستغفروا ، فأحب الله عزوجل ان يتعبد بمثل ذلك العباد ، فوضع في السماء الرابعة بيتا بحذاء العرش يسمى الصراح ، ثم وضع في السماء الدنيا بيتا يسمى المعمور بحذاء الصراح ، ثم وضع هذا البيت بحذاء البيت المعمور ، ثم أمر آدم عليه‌السلام فطاف به فتاب الله عزوجل عليه ، فجرى ذلك في ولده الى يوم القيامة.

١٠٩ ـ في الكافي محمد بن يحيى عن محمد بن أحمد عن الحسين بن على بن مروان عن عدة من أصحابنا عن أبي حمزة الثمالي قال : قلت لأبي جعفر عليه‌السلام في المسجد الحرام : لأي شيء سما الله العتيق؟ فقال : انه ليس من بيت وضعه الله على وجه الأرض الا له رب وسكان يسكنونه غير هذا البيت ، فانه لا رب له الا الله وهو الحر (١) ثم قال : ان الله تعالى خلقه قبل الأرض (٢) ثم خلق الأرض من بعده فدحاها من تحته.

١١٠ ـ على بن إبراهيم عن أبيه عن حماد بن عيسى عن أبان بن عثمان عمن

__________________

(١) وفي نسخة «وهو الحق» لكن الظاهر الموافق للمصدر ما اخترناه وهو الحر.

(٢) قال الفيض (ره) في الوافي : هذا وجه آخر لتسميته بالعتيق إذا العتيق يقال للقديم.


ـ أخبره عن أبي جعفر عليه‌السلام قال قلت : لم سمى الله البيت العتيق؟ قال : هو بيت حر عتيق من الناس لم يملكه أحد.

١١١ ـ في محاسن البرقي عنه عن أبيه ومحمد بن على عن على بن النعمان عن سعيد الأعرج عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : انما سمى البيت العتيق لأنه أعتق من الغرق عتق الحرم معه كف عنه الماء.

١١٢ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثني أبي عن صفوان بن يحيى عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : لما أراد الله هلاك قوم نوح وذكر حديثا طويلا وفيه يقول عليه‌السلام : وانما سمى البيت العتيق لأنه أعتق من الغرق.

١١٣ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده الى أبي خديجة عن أبي عبد الله عليه‌السلام حديث طويل يقول عليه‌السلام في آخره : وانما سمى البيت العتيق لأنه أعتق من الغرق.

١١٤ ـ وباسناده الى ذريح بن يزيد المحاربي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ان الله عزوجل أغرق الأرض كلها يوم نوح الا البيت ، فيومئذ سمى العتيق لأنه أعتق يومئذ من الغرق ، فقلت له : أصعد الى السماء؟ فقال : لا لم يصل اليه الماء ورفع عنه.

١١٥ ـ في كتاب معاني الاخبار حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد قال : حدثنا محمد بن الحسن الصفار عن إبراهيم بن هاشم عن عبد الله بن المغيرة عن يحيى بن عبادة عن أبي عبد الله عليه‌السلام انه سمعه يقول : (الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ) الشطرنج ، وقول الزور الغناء ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١١٦ ـ حدثنا أبي رحمه‌الله قال : حدثنا سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن يحيى الخزاز عن حماد بن عثمان عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن قول الزور؟ قال : منه قول الرجل للذي يغني : أحسنت.

١١٧ ـ في الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن يحيى بن المبارك عن عبد الله بن جبلة عن سماعة بن مهران عن أبي بصير قال : سألت أبا عبد الله عن قول الله عزوجل : (فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ) قال الغناء.


١١٨ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن محمد بن خالد والحسين بن سعيد جميعا عن النضر بن سويد عن درست عن زيد الشحام قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ) قال : الرجس من الأوثان الشطرنج ، وقول الزور ، الغنا.

١١٩ ـ على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال في قول الله عزوجل : (فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ) قال : (الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ) الشطرنج ، وقول الزور الغنا.

١٢٠ ـ في مجمع البيان (فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ) وروى أصحابنا ان اللعب بالشطرنج والنرد وساير أنواع القمار من ذلك (وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ) وروى أصحابنا انه يدخل فيه الغنا وساير الأقوال الملهية.

١٢١ ـ وروى أيمن بن خزيم عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله انه قال : خطبنا فقال : ايها الناس عدلت شهادة الزور بالشرك بالله «ثم قرأ (فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ).

١٢٢ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن هشام عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : (الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ) الشطرنج ، وقول الزور الغنا وقوله : حنفاء لله اى طاهرين.

١٢٣ ـ في كتاب التوحيد باسناده الى زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : سألته عن قول الله عزوجل : (حُنَفاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ) وعن الحنيفية؟ فقال : هي الفطرة (الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها ، لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ) قال : فطرهم على المعرفة.

١٢٤ ـ في الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن الحسن بن على عن بعض رجاله عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : انما يكون الجزاء يضاعف في ما دون البدنة حتى تبلغ البدنة فاذا بلغ البدنة فلا يضاعف لأنه أعظم ما يكون ، قال الله عزوجل : (وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللهِ فَإِنَّها مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ).


١٢٥ ـ في تفسير على بن إبراهيم قوله تعالى : (ذلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللهِ فَإِنَّها مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ) قال : تعظيم البدن وجودتها قوله عزوجل : (لَكُمْ فِيها مَنافِعُ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) قال : البدن يركبها المحرم من موضعه الذي يحرم فيه غير مضربها ولا معنف عليها ، وان كان لها لبن يشرب من لبنها الى يوم النحر.

١٢٦ ـ في الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن محمد بن إسماعيل عن محمد بن الفضيل عن أبي الصباح الكناني عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (لَكُمْ فِيها مَنافِعُ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) قال : ان احتاج الى ظهرها ركبها من غير عنف عليها ، وان كان لها لبن حلبها حلابا لا ينهكها (١).

١٢٧ ـ في من لا يحضره الفقيه وروى أبو بصير عنه في قول الله عزوجل : (لَكُمْ فِيها مَنافِعُ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) قال : ان احتاج الى ظهرها ركبها من غير أن يعنف عليها ، وان كان لها لبن حلبها حلابا لا ينهكها.

١٢٨ ـ في مجمع البيان «لكم فيها» اى في الشعائر «منافع» فمن تأول ان الشعائر الهدى قال : ان منافعها ركوب ظهرها وشرب لبنها إذا احتيج إليها وهو المروي عن أبي جعفر عليه‌السلام.

١٢٩ ـ في تفسير على بن إبراهيم ـ قوله عزوجل : (فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ) قال : العابدين.

١٣٠ ـ قوله عزوجل : (فَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْها صَوافَ) قال : تنحر قائمة.

١٣١ ـ في الكافي ابو على الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان بن يحيى عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله تعالى : (فَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْها صَوافَّ) قال : ذلك حين تصف للنحر ، تربط يديها ما بين الخف الى الركبة ، ووجوب جنوبها إذا وقعت على الأرض.

١٣٢ ـ في مجمع البيان وقيل : هو ان تنحر وهي صافة اى قائمة ، ربطت يداها

__________________

(١) نهك الضرع : استوفى ، جميع ما فيه.


ما بين الرسغ (١) أو الخف الى الركبة عن أبي عبد الله عليه‌السلام.

١٣٣ ـ وقرأ ابو جعفر عليه‌السلام «صوافن» بالنون.

١٣٤ ـ في الكافي حميد بن زياد عن ابن سماعة عن غير واحد عن أبان بن عثمان عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله ، فاذا وجبت جنوبها قال : إذا وقعت على الأرض (فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْقانِعَ وَالْمُعْتَرَّ) قال : القانع الذي يرضى بما أعطيته ولا يسخط ولا يكلح ولا يلوى شدقه غضبا (٢) والمعتر المار بك لتطعمه.

١٣٥ ـ على بن إبراهيم عن أبيه ومحمد بن اسمعيل عن الفضل بن شاذان عن صفوان ابن يحيى عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله تعالى : (فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْقانِعَ وَالْمُعْتَرَّ) قال : القانع الذي يقنع بما أعطيته ، والمعتر الذي يعتريك ، والسائل الذي يسألك في يديه ، والبائس هو الفقير.

١٣٦ ـ عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن على بن أسباط عن مولى لابي عبد الله عليه‌السلام قال : رأيت أبا الحسن عليه‌السلام دعا ببدنة فنحرها ، فلما ضرب الجزارون عراقيبها (٣) فوقعت الى الأرض وكشفوا شيئا عن سنامها (٤) قال : اقطعوا وكلوا منها فان الله تعالى يقول : (فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا).

١٣٧ ـ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن الحسن بن على الوشا عن عبد الله ابن مسكان عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : لا تصرم بالليل ولا تحصد بالليل ولا تصلح بالليل ولا تبذر بالليل ، فانك ان تفعل لم يأتك القانع والمعتر ، فقلت : ما

__________________

(١) الرسغ ـ بالضم ـ : مفصل ما بين الساق والقدم والساعد والكف من كل دابة.

(٢) كلح في وجهه : عبس والوى شدقه : أعرض به. والدق : جانب الفم.

(٣) العراقيب مع العرقوب : عصب غليظ فوق عقب الإنسان ومن الدابة في رجلها بمنزلة الركبة في بدها.

(٤) السنام : حدبة في ظهر البعير. وبالفارسية «كوهان».


القانع والمعتر؟ قال : القانع الذي يقنع بما أعطيته ، والمعتر الذي يمر بك فيسألك ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٣٨ ـ في تهذيب الأحكام روى موسى بن القاسم عن النخعي عن صفوان بن يحيى عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : إذا ذبحت أو نحرت فكل وأطعم ، كما قال الله تعالى : (فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْقانِعَ وَالْمُعْتَرَّ) فقال : القانع الذي يقنع بما أعطيته ، والمعتر الذي يعتريك ، والسائل الذي يسئلك في يده ، والبائس الفقير.

١٣٩ ـ في كتاب علل الشرائع أبي رحمه‌الله ومحمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضى الله عنه قال : حدثنا محمد بن يحيى العطار عن محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الأشعري عن على بن اسمعيل عن صفوان بن يحيى الأزرق قال : قلت لأبي إبراهيم عليه‌السلام : الرجل يعطى الضحية من يسلخها بجلدها ، قال : لا بأس به ، انما قال الله عزوجل : (فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا) والجلد لا يؤكل ولا يطعم.

١٤٠ ـ في كتاب معاني الاخبار حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد قال : حدثنا محمد بن الحسن الصفار عن العباس بن معروف عن على بن مهزيار عن فضالة عن أبان بن عثمان عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها) قال : وقعت على الأرض (فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْقانِعَ وَالْمُعْتَرَّ) قال : القانع الذي يرضى بما أعطيته ولا يسخط ولا يكلح ولا يرتد شدقه غضبا والمعتر المار بك تطعمه.

١٤١ ـ وبهذا الاسناد على بن مهزيار عن الحسين بن سعيد عن صفوان عن سيف التمار قال قال أبو عبد الله عليه‌السلام : ان سعيد بن عبد الملك قدم حاجا فلقي أبي عليه‌السلام فقال : انى سقت هديا فكيف أصنع؟ فقال : أطعم أهلك ثلثا ، وأطعم القانع ثلثا ، وأطعم المسكين ثلثا ، قلت : المسكين هو السائل؟ قال : نعم والقانع يقنع بما أرسلت اليه من البضعة فما فوقها ، والمعتر يعتريك لا يسألك.

١٤٢ ـ في عوالي اللئالى وروى معاوية بن عمار عن الصادق عليه‌السلام قال : إذا


ذبحت أو نحرت فكل واطعم ، كما قال الله : (فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْقانِعَ وَالْمُعْتَرَّ).

١٤٣ ـ في قرب الاسناد للحميري أحمد بن محمد عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام قال : سألته عن القانع والمعتر؟ قال : القانع الذي يقنع بما أعطيته ، والمعتر الذي يعتريك.

١٤٤ ـ في تفسير على بن إبراهيم (فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْقانِعَ وَالْمُعْتَرَّ) قال :

القانع الذي يسأل فتعطيه ، والمعتر الذي يعتريك ولا يسأل.

١٤٥ ـ في مجمع البيان وفي رواية الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : القانع الذي يسأل فيرضى بما أعطى ، والمعتر الذي يعترى رحلك ممن لا يسأل.

١٤٦ ـ وقال ابو جعفر وابو عبد الله عليهما‌السلام : القانع الذي يقنع بما أعطيته ولا يسخط ولا يلوى شدقه غضبا ، والمعتر المار بك لتطعمه.

١٤٧ ـ وروى عنهم عليهم‌السلام انه ينبغي ان يطعم ثلثه ، ويعطى القانع والمعتر ثلثه ، ويهدى لاصدقائه الثلث الباقي.

١٤٨ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده الى أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قلت له : ما علة الاضحية؟ قال : انه يغفر لصاحبها عند أول قطرة تقطر من دمها الى الأرض ، وليعلم الله عزوجل من يتقيه بالغيب قال الله عزوجل : (لَنْ يَنالَ اللهَ لُحُومُها وَلا دِماؤُها وَلكِنْ يَنالُهُ التَّقْوى مِنْكُمْ) ثم قال : انظر كيف قبل الله قربان هابيل ورد قربان قابيل؟.

١٤٩ ـ في جوامع الجامع وروى ان الجاهلية كانوا إذا نحروا لطخوا البيت بالدم ، فلما حج المسلمون أرادوا مثل ذلك فنزلت.

١٥٠ ـ في تفسير على بن إبراهيم قوله عزوجل : (لِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلى ما هَداكُمْ) قال : التكبير أيام التشريق في الصلوات بمنى في عقيب خمس عشرة صلوة ، وفي الأمصار عقيب عشر صلوات.

١٥١ ـ قوله عزوجل (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ)


قال : نزلت في على وجعفر وحمزة صلوات الله عليه وعليهما ثم حرف.

١٥٢ ـ حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن ابن مسكان عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قوله عزوجل : (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ) قال : ان العامة يقولون : نزلت في رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لما أخرجته قريش من مكة ، وانما هو القائم صلوات الله عليه إذا خرج يطلب بدم الحسين صلوات الله عليه ، وهو يقول : نحن أولياء الدم وطلاب الترة.

١٥٣ ـ في مجمع البيان وروى عن الباقر عليه‌السلام انه قال : لم يؤمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بقتال ولا اذن له فيه ، حتى نزل جبرئيل بهذه الاية : (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا) وقلده سيفا.

١٥٤ ـ وفيه أيضا وكان المشركون يؤذون المسلمين لا يزال يجيء مشجوج ومضروب الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ويشكون ذلك الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فيقول لهم : اصبروا فانى لم أومر بالقتال حتى هاجر ، فأنزل الله عليه هذه الاية بالمدينة وهي أول آية نزلت في القتال.

١٥٥ ـ في روضة الكافي ابن محبوب عن أبي جعفر الأحول عن سلام بن المستنير عن أبي جعفر عليه‌السلام في قول الله تبارك وتعالى : (الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللهُ) قال نزلت في رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وعلى وحمزة وجعفر ، وجرت في الحسين عليهم‌السلام أجمعين.

١٥٦ ـ في تفسير على بن إبراهيم وقوله عزوجل : (الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ) قال : الحسين صلوات الله عليه وعلى جده وأبيه وامه وأخيه وذريته وبنيه ، حين طلبه يزيد ليحمله الى الشام فهرب الى الكوفة وقتل بالطف.

١٥٧ ـ في كتاب المناقب لابن شهر آشوب محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام (الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ) قال : نحن ، نزلت فينا.

١٥٨ ـ في مجمع البيان وقال أبو جعفر عليه‌السلام نزلت في المهاجرين وجرت


في آل محمد : (الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ) وأخيفوا.

١٥٩ ـ في الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن بكر بن صالح عن القاسم بن بريد عن أبي عمرو الزبيري عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قلت له : أخبرنى عن الدعاء الى الله والجهاد في سبيله أهو لقوم لا يحل الا لهم ولا يقوم به الا من كان منهم أم هو مباح لكل من وحد الله عزوجل وآمن برسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ومن كان كذا فله أن يدعو الى الله عزوجل والى طاعته وأن يجاهد في سبيله؟ فقال : ذلك قوم لا يحل الا لهم ولا يقوم بذلك الا من كان منهم ، قلت : من أولئك؟ قال ، من قام بشرائط الله تعالى في القتال والجهاد على المجاهدين فهو مأذون له في الدعاء الى الله تعالى ، ومن لم يكن قائما بشرائط الله في الجهاد على المجاهدين فليس بمأذون له في الجهاد ولا الدعاء الى الله حتى يحكم في نفسه ما أخذ الله عليه من شرائط الجهاد ، قلت : فبين لي رحمك الله.

قال : ان الله تعالى أخبر في كتابه الدعاء اليه ووصف الدعاة اليه ، فجعل ذلك لهم درجات يعرف بعضها بعضا ، ويستدل ببعضها على بعض الى ان قال عليه‌السلام : ثم أخبر تبارك وتعالى انه لم يؤمر بالقتال الا أصحاب هذه الشروط ، فقال سبحانه وتعالى : (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللهُ) وذلك ان جميع ما بين السماء والأرض لله عزوجل ولرسوله ولاتباعهم من المؤمنين من أهل هذه الصفة ، فما كان من الدنيا في أيدي المشركين والكفار والظلمة والفجار من أهل الخلاف لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله والمولى عن طاعتهما مما كان في أيديهم ظلموا فيه المؤمنين من أهل هذه الصفات ، وغلبوهم عليه ما أفاء الله (١) على رسوله فهو حقهم أفاء الله عليهم ورده إليهم وانما معنى الفيء كلما صار الى المشركين ثم رجع مما كان غلب عليه أو فيه فما رجع الى مكانه من قول أو فعل فقد فاء ، مثل قول الله عزوجل (فَإِنْ فاؤُ فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) اى رجعوا ثم قال : (وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) وقال : (وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللهِ)

__________________

(١) وفي المصدر (مِمَّا أَفاءَ اللهُ) وفي الوافي «فما أفاء الله».


اى ترجع «فان فاءت» اى رجعت (فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) يعنى بقوله : تفيء ترجع ، فذلك الدليل على ان الفيء كل راجع الى مكان قد كان عليه أو فيه ، ويقال للشمس إذا زالت قد فاءت الشمس حين يفيء الفيء عند رجوع الشمس الى زوالها ، وكذلك ما أفاء الله على المؤمنين من الكفار ، فانما هي حقوق المؤمنين رجعت إليهم بعد ظلم الكفار إياهم فذلك قوله : (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا) ما كان المؤمنون أحق به منهم.

وانما اذن للمؤمنين الذين قاموا بشرايط الايمان التي وصفناها ، وذلك انه لا يكون مأذونا له في القتال حتى يكون مظلوما ، ولا يكون مظلوما حتى يكون مؤمنا ، ولا يكون مؤمنا حتى يكون قائما بشرائط الايمان التي اشترط الله تعالى على المؤمنين والمجاهدين ، فاذا تكاملت فيه شرائط الله تعالى كان مؤمنا ، وإذا كان مؤمنا كان مظلوما ، وإذا كان مظلوما كان مأذونا له في الجهاد ، لقوله عزوجل : (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ) وان لم يكن مستكملا لشرائط الايمان فهو ظالم ممن يبغى ويجب جهاده حتى يتوب ، وليس مأذونا له في الجهاد والدعاء الى الله عزوجل ، لأنه ليس من المؤمنين المظلومين الذين اذن لهم في القرآن في القتال ، فلما نزلت هذه الاية (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا) في المهاجرين الذين أخرجهم أهل مكة من ديارهم وأموالهم أحل لهم جهادهم بظلمهم إياهم واذن لهم في القتال.

فقلت : فهذه نزلت في المهاجرين بظلم مشركي أهل مكة لهم فما بالهم في قتال كسرى وقيصر ومن دونهم من مشركي قبائل العرب؟ فقال : لو كان انما اذن لهم في قتال من ظلمهم من أهل مكة فقط لم يكن لهم الى قتال جموع كسرى وقيصر وغير أهل مكة من قبائل العرب سبيل ، لان الذين ظلموهم غيرهم وانما اذن لهم في قتال من ظلمهم من أهل مكة لإخراجهم إياهم من ديارهم وأموالهم بغير حق ، ولو كانت الاية انما عنت المهاجرين الذين ظلمهم أهل مكة كانت الاية مرتفعة الفرض عمن بعدهم ، إذ لم يبق من


الظالمين والمظلومين أحد ، وكان فرضها مرفوعا عن الناس بعدهم إذا لم يبق من الظالمين والمظلومين أحد ، وليس كما ظننت ولا كما ذكرت ، ولكن المهاجرين ظلموا من جهتين ظلمهم أهل مكة بإخراجهم من ديارهم وأموالهم ، فقاتلوهم بإذن الله لهم في ذلك ، وظلمهم كسرى وقيصر ومن كان دونهم من قبائل العرب والعجم بما كان في أيديهم مما كان المؤمنون أحق به منهم ، فقد قاتلوهم بإذن الله تعالى لهم في ذلك (١).

وبحجة هذه الاية يقاتل مؤمنوا كل زمان وانما اذن الله للمؤمنين الذين قاموا بما وصف الله تعالى من الشرائط التي شرطها الله على المؤمنين في الايمان والجهاد ، ومن كان قائما بتلك الشرائط فهو مؤمن وهو مظلوم ومأذون له في الجهاد بذلك المعنى ، ومن كان على خلاف ذلك فهو ظالم وليس من المظلومين وليس بمأذون له في القتال ولا بالنهي عن المنكر والأمر بالمعروف ، لأنه ليس من أهل ذلك ولا مأذون له في الدعاء الى الله تعالى ، لأنه ليس يجاهد مثله ، وأمر بدعائه الى الله ولا يكون مجاهدا من قد أمر المؤمنون (٢) بجهاده وحضر الجهاد عليه ومنعه منه ولا يكون داعيا الى الله تعالى من أمر بدعاء مثله الى التوبة ، والحق والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ، ولا يأمر بالمعروف من قد أمر أن يؤمر به ، ولا ينهى عن المنكر من قد أمر أن ينهى عنه. فمن كانت قد تمت فيه شرائط الله تعالى التي وصف بها أهلها من أصحاب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو مظلوم ، فهو مأذون له في الجهاد ، كما اذن لهم (٣) في الجهاد ، لان حكم الله تعالى في الأولين والآخرين وفرائضه عليهم سواء الا من علة أو حادث

__________________

(١) قال المجلسي (ره) : حاصل الجواب انا قد ذكرنا ان جميع ما في أيدي المشركين كان من أموال المسلمين ، فجميع المسلمين مظلومون من هذه الجهة والمهاجرون ظلموا من هذه الجهة ، ومن جهة إخراجهم من خصوص مكة.

(٢) وفي بعض النسخ «أمر المؤمنين» ولعله الأوفق بالسياق لقوله «ومنعه منه».

(٣) اى لأصحاب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله.


يكون ، والأولون والآخرون أيضا في منع الحوادث شركاء ، والفرائض عليهم واحدة ، يسأل الآخرون عن أداء الفرائض عما يسأل عنه الأولون ، ويحاسبون عما به يحاسبون.

ومن لم يكن على صفة من أذن الله له في الجهاد من المؤمنين فليس من أهل الجهاد وليس بمأذون له فيه حتى يفيء بما شرط الله تعالى عليه ، فاذا تكاملت فيه شرائط الله تعالى على المؤمنين والمجاهدين فهو من المأذون لهم في الجهاد ، فليتق الله تعالى عبد ولا يغتر بالأماني التي نهى الله تعالى عنها من هذه الأحاديث الكاذبة على الله ، التي يكذبها القرآن ويتبرأ منها ، ومن حملتها ورواتها ، ولا يقدم على الله بشبهة لا يعذر بها فانه ليس وراء المعترض للقتل في سبيل الله منزلة يؤتى الله من قبلها ، وهي غاية الأعمال في عظم قدرها ، فليحكم امرء لنفسه وليرها كتاب الله تعالى ويعرضها عليه ، فانه لا أحد أعرف بالمرء من نفسه ، فان وجدها قائمة بما شرط الله عليه في الجهاد فليقدم على الجهاد ، وان علم تقصيرا فليصلحها وليقمها على ما فرض الله عليها من الجهاد ، ثم ليقدم بها وهي طاهرة مطهرة من كل دنس يحول بينها وبين جهادها ، ولسنا نقول لمن أراد الجهاد وهو على خلاف ما وصفنا من شرائط الله عزوجل على المؤمنين والمجاهدين لا تجاهدوا ، ولكن نقول : قد علمنا كم ما شرط الله تعالى على أهل الجهاد الذين بايعهم واشترى منهم أنفسهم وأموالهم بالجنان ، فليصلح امرء ما علم من نفسه من تقصير عن ذلك وليعرضها على شرائط الله ، فان راى انه قد وفى بها وتكاملت فيه فانه ممن أذن الله تعالى له في الجهاد ، وان أبى ان لا يكون مجاهدا على ما فيه من الإصرار على المعاصي والمحارم والاقدام على الجهاد بالتخبيط والعمى والقدوم على الله عزوجل بالجهل والروايات الكاذبة ، فلقد لعمري جاء الأثر فيمن فعل هذا الفعل ان الله تعالى ينصر هذا الدين بأقوام لا خلاق لهم فليتق الله امرء وليحذر ان يكون منهم فقد بين لكم ولا عذر لكم بعد البيان في الجهل ، ولا قوة الا بالله وحسبنا الله عليه توكلنا واليه المصير.

١٦٠ ـ في مجمع البيان وقرء جعفر بن محمد عليهما‌السلام : «وصلوات» بضم الصاد واللام.


١٦١ ـ في تفسير على بن إبراهيم ثم ذكر عبادة الائمة صلوات الله عليهم وسيرتهم فقال : الذين ان مكناهم في الأرض أقاموا الصلوة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر والى الله عاقبة الأمور وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله : (الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ) فهذه لال محمد الى آخر الاية ، والمهدي وأصحابه يملكهم الله مشارق الأرض ومغاربها ، ويظهر الدين ويميت الله به وبأصحابه البدع والباطل كما أمات الشقاة الحق حتى لا يرى اين الظلم ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر.

١٦٢ ـ في كتاب المناقب لابن شهر آشوب موسى بن جعفر والحسين بن على (ع) في قوله تعالى : (الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ) قال : هذه فينا أهل البيت.

١٦٣ ـ في مجمع البيان (وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ) وقال ابو جعفر عليه‌السلام : نحن هم.

١٦٤ ـ وفي تفسير أهل البيت عليهم‌السلام في قوله : وبئر معطلة اى وكم من عالم لا يرجع اليه ولا ينتفع بعلمه.

١٦٥ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده الى أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ) قال : البئر المعطلة الامام الصامت ، والقصر المشيد الامام الناطق.

١٦٦ ـ في كتاب معاني الاخبار باسناده الى إبراهيم بن زياد قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ) قال : البئر المعطلة الامام الصامت ، والقصر المشيد الامام الناطق.

١٦٧ ـ حدثنا أبي رحمه‌الله قال : حدثنا أحمد بن إدريس عن محمد بن أحمد بن يحيى عن على بن السندي عن محمد بن عمرو عن بعض أصحابنا عن نصر بن قابوس قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ) قال : البئر المعطلة الامام الصامت ، والقصر المشيد الامام الناطق.


١٦٨ ـ وباسناده الى عبد الله بن القاسم البطل عن صالح بن سهل انه قال : أمير المؤمنين عليه‌السلام هو القصر المشيد ، والبئر المعطلة فاطمة وولدها معطلين من الملك.

١٦٩ ـ في أصول الكافي محمد بن الحسن وعلى بن محمد عن سهل بن زياد عن موسى بن القاسم البجلي عن على بن جعفر عن أخيه موسى عليه‌السلام في قوله تعالى : (وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ) قال : البئر المعطلة الامام الصامت ، والقصر المشيد الامام الناطق ورواه محمد بن يحيى عن العمركي عن على بن جعفر عن أبي الحسن مثله.

١٧٠ ـ في تفسير على بن إبراهيم واما قوله عزوجل : (وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ) قال : هو مثل لال محمد صلوات الله عليهم قوله : (وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ) هو الذي لا يستقى منها وهو الامام الذي قد غاب فلا يقتبس منه العلم الى وقت ظهوره «والقصر المشيد» هو المرتفع ، وهو مثل لأمير المؤمنين والائمة منه صلوات الله عليهم ، وفضائلهم المنتشرة في العالمين المشرفة على الدنيا وهو قوله : (لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ) وقال الشاعر في ذلك : بئر معطلة وقصر مشرف مثل لال محمد متطرف فالقصر مجدهم الذي لا يرتقى والبئر علمهم الذي لا ينزف.

١٧١ ـ في كتاب الخصال وسئل الصادق عليه‌السلام عن قول الله تعالى : (أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ) قال : معناه : أو لم ينظروا في القرآن.

١٧٢ ـ في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن أبيه عمن ذكره عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبيه عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : انه قال : تاه (١) من جهل ، واهتدى من أبصر وعقل ، ان الله عزوجل يقول : (فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ) وكيف يهتدى من لم يبصر وكيف يبصر من لم يتدبر ، اتبعوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأهل بيته ، وأقروا بما نزل من عند الله ، واتبعوا آثار الهدى ، فإنهم علامات الامانة والتقى والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٧٣ ـ في كتاب الخصال عن على بن الحسين عليهما‌السلام حديث طويل يقول

__________________

(١) تاه : هلك وذهب.


فيه : ان للعبد أربع أعين : عينان يبصر بهما أمر دينه ودنياه وعينان يبصر بهما امر آخرته ، فاذا أراد الله بعبد خيرا فتح له العينين اللتين في قلبه ، فأبصر بهما العيب ، وامر آخرته ، وإذا أراد به غير ذلك ترك القلب بما فيه.

١٧٤ ـ في كتاب التوحيد عن الزهري عن على بن الحسين عليهما‌السلام مثل ما في الخصال سواء وزاد في آخره ثم التفت الى السائل عن القدر فقال : هذا منه هذا منه.

١٧٥ ـ في تفسير على بن إبراهيم خطبة له صلى‌الله‌عليه‌وآله وفيها : وأعمى العمى الضلالة بعد الهدى ، وشر العمى عمى القلب.

١٧٦ ـ في روضة الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن محمد بن الحسن ابن شمون عن عبد الله بن عبد الرحمن عن عبد الله بن القاسم عن عمرو بن أبي المقدام عن أبي عبد الله عليه‌السلام انه قال : انما شيعتنا أصحاب الاربعة الأعين : عينان في الرأس ، وعينان في القلب ، الا وان الخلايق كلهم كذلك ، الا ان الله عزوجل فتح أبصاركم وأعمى أبصارهم.

١٧٧ ـ حميد بن زياد عن الحسن بن محمد الكندي عن احمد بن عديس عن أبان ابن عثمان عن أبي الصباح عن أبي عبد الله عليه‌السلام عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله انه قال : وأعمى العمى عمى القلب ، والحديثان طويلان أخذنا منهما موضع الحاجة.

١٧٨ ـ في من لا يحضره الفقيه وقال أبو جعفر عليه‌السلام : انما الأعمى عمى القلب (فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ).

١٧٩ ـ في مصباح الشريعة قال الصادق عليه‌السلام : ولا يصح الاعتبار الا لأهل الصفا والبصيرة ، قال الله تعالى : (فَاعْتَبِرُوا يا أُولِي الْأَبْصارِ) وقال عز من قائل : (فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ) فمن فتح الله عين قلبه وبصر عينه بالاعتبار فقد أعطاه منزلة رفيعة وملكا عظيما.

١٨٠ ـ في عوالي اللئالى وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا أراد الله بعبد خيرا فتح عيني قلبه


فيشاهد بها ما كان غائبا عنه.

١٨١ ـ في تفسير على بن إبراهيم وقوله عزوجل : ويستعجلونك بالعذاب وذلك ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أخبرهم ان العذاب قد أتاهم فقالوا : فأين العذاب؟ فاستعجلوه فقال الله عزوجل : (وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ).

١٨٢ ـ في كتاب معاني الاخبار أبي رحمه‌الله قال : حدثنا سعد بن عبد الله عن يعقوب بن يزيد عن جعفر بن محمد بن عقبة عن زرارة عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (لابِثِينَ فِيها أَحْقاباً) قال : الاحقاب ثمانية أحقاب ، والحقب ثمانون سنة ، والسنة ثلاثمأة وستون يوما ، واليوم (كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ).

١٨٣ ـ في إرشاد المفيد رحمه‌الله عن أبي جعفر عليه‌السلام حديث طويل وفيه قال عليه‌السلام : إذا قام القائم عليه‌السلام سار الى الكوفة فهدم فيها أربع مساجد ، ولم يبق مسجد على وجه الأرض له شرف الا هدمها ، وجعلها جماء (١) ووسع الطريق الأعظم ، وكسر كل جناح خارج في الطريق ، وأبطل الكنف (٢) والميازيب الى الطرقات ، ولا ترك بدعة الا أزالها ، ولا سنة الا أقامها ، ويفتح قسطنطنية والصين وجبال الديلم (٣) فيمكث على ذلك سبع سنين مقدار كل سنة عشر سنين من سنيكم ، ثم يفعل الله ما يشاء ، قال : قلت : جعلت فداك فكيف تطول السنون؟ قال : يأمر الله تعالى الفلك باللبوث وقلة الحركة ، فتطول الأيام لذلك والسنون ، قال له : انهم يقولون : ان تغير فسد؟ قال : ذاك قول الزنادقة ، فأما المسلمون فلا سبيل لهم الى ذلك ، وقد شق الله القمر لنبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله ورد الشمس من قبله ليوشع بن نون ، وأخبر بطول يوم القيامة وانه كألف سنة مما تعدون.

١٨٤ ـ في روضة الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن على بن أسباط عنهم عليهم

__________________

(١) جماء اى ملساء.

(٢) الكنف : بناء فوق باب الدار.

(٣) وهي جبال في نواحي طالقان.


السلام قال : فيما وعظ الله عيسى صلى الله عليه : واعبدني ليوم كألف سنة مما تعدون فيه أجزى بالحسنة أضعافها.

١٨٥ ـ في أمالي شيخ الطائفة قدس‌سره باسناده الى أبي عبد الله عليه‌السلام انه قال في كلام طويل : فان في القيامة خمسين موقفا ، كل موقف مثل ألف سنة مما تعدون ، ثم تلا هذه الاية (فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ).

١٨٦ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن أبي يحيى الواسطي عن هشام بن سالم ودرست بن أبي منصور عنه قال قال أبو عبد الله عليه‌السلام : الأنبياء والمرسلون على أربع طبقات ، فنبي منبأ في نفسه لا يعدو غيرها ، ونبي يرى في النوم ويسمع الصوت ولا يعاينه في اليقظة ، ولم يبعث الى أحد وعليه امام مثل ما كان إبراهيم على لوط عليهما‌السلام ، ونبي يرى في منامه ويسمع الصوت ويعاين الملك وقد أرسل الى طائفة قلوا أو كثروا كيونس ، قال الله ليونس : (وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ) قال : يزيدون ثلثين ألفا وعليه امام ، والذي يرى في منامه ويسمع الصوت ويعاين في اليقظة وهو امام مثل أولى العزم ، وقد كان إبراهيم عليه‌السلام نبيا وليس بإمام حتى قال الله : (إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً قالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي)؟ فقال الله : (لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) من عبد صنما أو وثنا لا يكون إماما.

١٨٧ ـ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن ثعلبة بن ميمون عن زرارة قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (وَكانَ رَسُولاً نَبِيًّا) ما الرسول وما النبي؟ فقال : النبي الذي يرى في منامه ويسمع الصوت ولا يعاين الملك ، والرسول الذي يسمع الصوت ويرى في المنام ويعاين الملك ، قلت : الامام ما منزلته؟ قال : يسمع الصوت ولا يرى ولا يعاين الملك ، ثم تلا هذه الاية : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍ) ولا محدث.

١٨٨ ـ على بن إبراهيم عن أبيه عن اسمعيل بن مرار قال : كتب الحسن بن العباس المعروفي الى الرضا عليه‌السلام : جعلت فداك أخبرنى ما الفرق بين الرسول والنبي


والامام؟ قال : فكتب ـ أو قال ـ : الفرق بين الرسول والنبي والامام ، ان الرسول الذي ينزل عليه جبرئيل عليه‌السلام فيراه ويسمع كلامه وينزل عليه الوحي ، وربما راى في منامه نحو رؤيا إبراهيم عليه‌السلام ، والنبي ربما سمع الكلام وربما راى الشخص ولم يسمع ، والامام هو الذي يسمع الكلام ولا يرى الشخص.

١٨٩ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن الحسن بن محبوب عن الأحول قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن الرسول والنبي والمحدث؟ قال : الرسول الذي يأتيه جبرئيل قبلا (١) فيراه ويكلمه فهذا الرسول ، واما النبي فهو الذي يرى في منامه نحو رؤيا إبراهيم ، ونحو ما كان رأى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من أسباب النبوة قبل الوحي حتى أتاه جبرئيل عليه‌السلام من عند الله بالرسالة ، وكان محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله حين جمع له النبوة وجاءته الرسالة من عند الله يخبر بها جبرئيل عليه‌السلام ويكلمه بها قبلا ، ومن الأنبياء من جمع له النبوة ويرى في منامه ويأتيه الروح ويكلمه ويحدثه من غير أن يكون يرى في اليقظة ، واما المحدث فهو الذي يحدث فيسمع ولا يعاين ولا يرى في منامه.

١٩٠ ـ أحمد بن محمد ومحمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن على بن حسان عن ابن فضال عن على بن يعقوب الهاشمي عن مروان بن مسلم عن بريد عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما‌السلام في قوله عزوجل : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍ) ولا محدث» قلت : جعلت فداك ليست هذه قراءتنا فما الرسول والنبي والمحدث؟ قال : الرسول الذي يظهر له الملك فيكلمه ، والنبي هو الذي يرى في منامه ، وربما اجتمعت النبوة والرسالة لواحد ، والمحدث الذي سمع الصوت ولا يرى الصورة. قال : قلت : أصلحك الله كيف يعلم ان الذي رأى في النوم حق وانه من الملك؟ قال : يوفق لذلك حتى يعرفه ، لقد ختم الله بكتابكم الكتب وختم بنبيكم الأنبياء.

١٩١ ـ محمد بن الحسن عمن ذكره عن محمد بن خالد عن محمد بن سنان عن زيد الشحام قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : ان الله تبارك وتعالى اتخذ إبراهيم عليه‌السلام عبدا قبل أن يتخذه

__________________

(١) اى عيانا ومقابلة.


نبيا ، وان الله اتخذه نبيا قبل ان يتخذه رسولا ، وان الله اتخذه رسولا قبل أن يتخذه خليلا ، وان الله اتخذه خليلا قبل أن يتخذه إماما.

١٩٢ ـ على بن محمد عن سهل بن زياد عن محمد بن الحسين عن اسحق بن عبد ـ العزيز أبي السفاتج عن جابر عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : سمعته يقول : ان الله اتخذ إبراهيم عليه‌السلام عبدا قبل أن يتخذه نبيا ، واتخذه نبيا قبل ان يتخذه رسولا ، واتخذه رسولا قبل أن يتخذه خليلا ، واتخذه خليلا قبل أن يتخذه إماما ، وهذان الحديثان طويلان أخذنا منهما موضع الحاجة.

١٩٣ ـ محمد عن أحمد بن محمد عن ابن محبوب عن جميل بن صالح عن زياد ابن سوقة عن الحكم بن عيينة قال : دخلت على على بن الحسين عليهما‌السلام يوما فقال : يا حكم هل تدري الاية التي كان على بن أبي طالب عليه‌السلام يعرف قاتله بها ، ويعرف بها الأمور العظام التي كان يحدث بها الناس؟ قال الحكم : فقلت في نفسي : قد وقعت على علم من علم على بن الحسين ، أعلم بذلك تلك الأمور العظام قال : فقلت : لا والله لا اعلم ، قال : ثم قلت : الاية تخبرني بها يا ابن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله؟ قال : هو والله قول الله عز ذكره : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍ) ولا محدث» وكان على بن أبي طالب محدثا ، فقال له رجل يقال له : عبد الله بن زيد كان أخا على لامه : سبحان الله محدثا! ـ كأنه ينكر ذلك ـ فأقبل عليه أبو جعفر فقال : اما والله ان ابن أمك بعد قد كان يعرف ذلك ، قال : فلما قال له ذلك سكت الرجل ، فقال : هي التي هلك فيها أبو الخطاب (١) فلم يدر ما تأويل المحدث والنبي.

١٩٤ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن على بن الحكم عن عبد الرحمان ابن كثير عن أبي جعفر عليه‌السلام قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ان أول وصى كان على وجه الأرض

__________________

(١) وهو محمد بن مقلاص الأسدي الكوفي من الغلاة الملعونين ، كان يقول : ان الائمة الأنبياء لما سمع انهم محدثون ولم يفرق بين المحدث والنبي ، ثم عدل عنه وكان يقول : انهم آلهة.


هبة الله ابن آدم ، وما من نبي مضى الا وله وصى ، وكان جميع الأنبياء مأة ألف نبي ، وعشرين الف نبي منهم خمسة أولوا العزم : نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وان على بن أبي طالب كان هبة الله لمحمد عليهما‌السلام ، وورث علم الأوصياء وعلم من كان قبله ، أما ان محمدا ورث علم من كان قبله من الأنبياء والمرسلين ، على قائمة العرش مكتوب : حمزة أسد الله وأسد رسوله ، وسيد الشهداء ، وفي رواية العرش : على أمير المؤمنين فهذه حجتنا على من أنكر حقنا ، وجحد ميراثنا ، وما منعنا من الكلام وإمامنا اليقين ، فأى حجة يكون أبلغ من هذا؟.

١٩٥ ـ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن محمد بن يحيى الخثعمي عن هشام عن ابن أبي يعفور قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : سادة النبيين والمرسلين خمسة ، وهم أولوا العزم من الرسل ، وعليهم دارت الرحى : (نُوحٍ وَإِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسَى) ومحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله وعلى جميع الأنبياء.

١٩٦ ـ في تهذيب الأحكام باسناده الى أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : من أحب أن يصافحه مأتا ألف نبي وعشرون ألف نبي فليزر قبر حسين بن على عليهما‌السلام في النصف من شعبان ، فان أرواح النبيين تستأذن الله في زيارة قبره فيؤذن لهم.

١٩٧ ـ في كتاب الخصال عن عتبة بن عمير الليثي عن أبي ذر رحمه‌الله قال : دخلت على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو في المسجد جالس وحده ، فاغتنمت خلوته الى أن قال قلت : يا رسول الله كم النبيون؟ قال : مأة ألف وأربعة وعشرون ألف نبي ، قلت : كم المرسلون منهم؟ قال : ثلاثمأة وثلاثة عشر جما غفيرا (١) قلت : من كان أول الأنبياء؟ قال : آدم ، قلت : من الأنبياء مرسلا؟ قال : نعم خلقه الله بيده و (نَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ) ثم قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا با ذر أربعة من الأنبياء سريانيون : آدم وشيث وأخنوخ وهو إدريس وهو أول من خط بالقلم ، ونوح عليه‌السلام ، وأربعة من الأنبياء من العرب : هود وصالح وشعيب وانا وأول نبي من بنى إسرائيل موسى وآخرهم عيسى وستمائة نبي.

__________________

(١) اى مجتمعين كثيرين.


١٩٨ ـ وباسناده الى أمير المؤمنين على بن أبي طالب عليه‌السلام عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : خلق الله عزوجل مأة ألف نبي واربعة وعشرين ألف نبي أنا أكرمهم على الله ولا فخر ، وخلق الله مأة ألف وصى وأربعة وعشرين ألف وصى ، فعلى أكرمهم وأفضلهم. وبإسناد آخر الى أمير المؤمنين على بن أبي طالب عليه‌السلام عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله نحوه.

١٩٩ ـ في عيون الاخبار في باب ما جاء عن الرضا عليه‌السلام من خبر الشامي وما سأل عنه أمير المؤمنين عليه‌السلام في جامع الكوفة حديث طويل وفيه : وسأله عن ستة من الأنبياء لهم اسمان؟ فقال : يوشع بن نون وهو ذو الكفل (١) ويعقوب وهو إسرائيل ، والخضر وهو حليفا ، ويونس وهو ذو النون ، وعيسى وهو المسيح ، ومحمد وهو أحمد صلوات الله عليهم. وسأله عن خمسة من الأنبياء تكلموا بالعربية؟ فقال : هو دو شعيب وصالح واسمعيل ومحمد صلوات الله عليهم ، وسأله من خلق الله تعالى من الأنبياء مختونا؟ فقال : خلق الله آدم مختونا ، وولد شيث مختونا ، وإدريس ونوح وسام بن نوح وإبراهيم وداود وسليمان ولوط واسمعيل وموسى وعيسى ومحمد صلوات الله عليهم أجمعين.

٢٠٠ ـ في بصائر الدرجات على بن اسمعيل عن محمد بن عمرو عن يونس بن يعقوب عن أبي بصير قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : ما من نبي ولا رسول الا أرسل بولايتنا وبفضلنا على من سوانا.

٢٠١ ـ على بن اسمعيل عن صفوان بن يحيى عن الحارث بن المغيرة عن حمران قال : حدثنا الحكم بن عتيبة عن على بن الحسين عليهما‌السلام انه قال : ان علم على في آية من القرآن ، قال : وكتمنا الاية ، قال : فكنا نجتمع فنتدارس القرآن ولا نعرف الاية ، قال : فدخلت على أبي جعفر عليه‌السلام فقلت له : ان الحكم بن عتيبة حدثنا عن على ابن الحسين عليهما‌السلام ان علم على في آية من القرآن وكتمنا الاية ، قال : اقرأ

__________________

(١) كون ذي الكفل هو يوشع عليه‌السلام أحد الأقوال فيه ، وقيل انه : زكريا ، وقيل الياس ، وقيل : حزقيل ، وقيل : انه وصى اليسع بن اخطوب.


يا حمران ، «وما أرسلنا من رسول ولا نبي» قال فقال أبو جعفر عليه‌السلام : «وما أرسلنا من رسول ولا نبي ولا محدث» قال : كان على محدثا ، قالوا : ما صنعت شيئا الا كنت تسأله من يحدثه؟ قال : قلت : من يحدثه؟ قال : ملك يحدثه ، قلت : أقول : انه نبي أو رسول؟ قال : لا ولكن قل : مثله مثل صاحب سليمان ومثل صاحب موسى ومثله مثل ذي القرنين.

٢٠٢ ـ العباس بن معروف عن القاسم بن عروة عن بريد العجلي قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الرسول والنبي والمحدث؟ قال : الرسول الذي يأتيه الملائكة فتبلغه عن الله تبارك وتعالى ، والنبي الذي يرى في منامه فما راى فهو كما رأى ، والمحدث الذي يسمع كلام الملائكة وينقر في اذنه ، وينكت في اذنه (١).

٢٠٣ ـ محمد بن الحسين عن احمد بن محمد بن أبي نصر عن حماد بن عثمان عن زرارة قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن النبي والرسول والمحدث؟ قال : الرسول يأتيه جبرئيل فيكلمه فيراه كما يرى الرجل صاحبه الذي يكلمه ، فهذا الرسول ، والنبي الذي يؤتى في منامه نحو رؤيا إبراهيم ، ونحو ما كان يأتى رسول الله من السبات (٢) إذا أتاه جبرئيل هكذا النبي ، ومنهم من يجمع له الرسالة والنبوة ، وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله نبيا يأتيه جبرئيل قبلا فيكلمه فيراه فيأتيه في النوم ، والنبي الذي يسمع كلام الملك غير معاينة فيحدثه ، واما المحدث فهو الذي يسمع ولا يعاين ولا يؤتى في المنام.

٢٠٤ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه‌الله عن أمير المؤمنين عليه‌السلام حديث طويل فيه : فيذكر جل ذكره لنبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله ما يحدثه عدوه في كتابه من بعده بقوله : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلَّا إِذا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللهُ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللهُ آياتِهِ) يعنى انه ما من نبي تمنى مفارقة ما يعاينه من نفاق قومه وعقوقهم والانتقال عنهم الى دار الاقامة الا القى الشيطان المعرض بعداوته

__________________

(١) نكت الشيء بقضب أو بإصبع : ضربه به فأثر فيه.

(٢) السبات ـ بالضم ـ : النوم ، وقيل خفنه ، وقيل : ابتداؤه في الرأس حتى يبلغ القلب.


عند فقده في الكتاب الذي عليه ذمه والقدح فيه ، والطعن عليه ، فينسخ الله ذلك من قلوب المؤمنين ، فلا تقبله ولا يصغي اليه غير قلوب المنافقين والجاهلين ، ويحكم الله آياته بان يحمى أوليائه من الضلال والعدوان ، ومشايعة أهل الكفر والطغيان الذين لم يرض الله أن يجعلهم كالأنعام حيث قال : (بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً).

٢٠٥ ـ في مجمع البيان وروى عن ابن عباس وغيره ان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لما تلا سورة والنجم وبلغ الى قوله : (أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى وَمَناةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرى) القى الشيطان في تلاوته : وتلك الغرانيق العلى وان شفاعتهن لترتجى. فسر بذلك المشركون فلما انتهى الى السجدة سجد المسلمون وسجد المشركون لما سمعوا من ذكر آلهتهم ما أعجبهم ، وهذا الخبر ان صح محمول على انه كان يتكرر فلما بلغ الى هذا الموضع ذكر أسماء آلهتهم ، وقد علموا من عادته عليه‌السلام انه يعيبها ، قال بعض الحاضرين من الكافرين : تلك الغرانيق العلى والقى ذلك في تلاوته ، فوهم ان ذلك من القرآن ، فأضافه سبحانه الى الشيطان ، لأنه انما حصل بإغوائه ووسوسته ، وهذا أورده المرتضى قدس الله روحه في كتابه التنزيه ، وهو قول الناصر للحق من أئمة الزيدية وهو وجه حسن في تأويله ، وقيل : ان المراد بالغرانيق الملائكة وقد جاء ذلك في بعض الحديث ، وقيل انه كان عليه‌السلام إذا تلا القرآن على قريش توقف في فصول الآيات وأتى بكلام على سبيل الحجاج لهم ، فلما تلى الآيات قال تلك الغرانيق العلى على سبيل الإنكار عليهم ، وعلى ان الأمر بخلاف ما قالوه وظنوه ، وليس يمتنع ان يكون هذا في الصلوة ، ولان الكلام في الصلوة حينئذ كان مباحا وانما نسخ من بعد.

٢٠٦ ـ في تفسير على بن إبراهيم واما قوله عزوجل : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ) الى قوله : (وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) فان العامة رووا ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كان في الصلوة ، فقرأ سورة النجم في المسجد الحرام وقريش يسمعون لقرائته ، فلما انتهى الى هذه الآية : (أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى وَمَناةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرى) اجرى إبليس على لسانه فانها الغرانيق العلى وان شفاعتهن لترتجى ،


ففرحن قريش وسجدوا وكان في القوم الوليد بن المغيرة المخزومي وهو شيخ كبير فأخذ كفا من حصى فسجد عليه وهو قاعد ، فقالت قريش : قد أقر محمد بشفاعة اللات والعزى ، قال : فنزل جبرئيل عليه‌السلام فقال له : قرأت ما لم أنزل عليك وانزل عليه : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلَّا إِذا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللهُ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ) واما الخاصة فانه روى عن أبي عبد الله عليه‌السلام ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أصابه خصاصة ، فجاء الى رجل من الأنصار فقال له : هل عندك من طعام؟ قال : نعم يا رسول الله ، وذبح له عناقا وشواه ، فلما أدناه منه تمنى رسول الله أن يكون معه على وفاطمة والحسن والحسين صلوات الله عليهم ، فجاء ابو بكر وعمر ثم جاء على بعدهما ، فأنزل الله عزوجل في ذلك : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍ) ولا محدث (إِلَّا إِذا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ) يعنى أبا بكر وعمر (فَيَنْسَخُ اللهُ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ) يعنى لما جاء على صلوات الله عليه بعد هما (ثُمَّ يُحْكِمُ اللهُ آياتِهِ) للناس» يعنى ينصر الله أمير المؤمنين صلوات الله عليه ثم قال : (لِيَجْعَلَ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ فِتْنَةً) يعنى فلانا وفلانا (لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ) يعنى الى الامام المستقيم ثم قال : (وَلا يَزالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ) اى في شك من أمير المؤمنين صلوات الله عليه حتى يأتيهم الساعة بغتة أو يأتيهم عذاب يوم عقيم قال : العقيم : الذي له في الأيام ثم قال : (الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا) قال : ولم يؤمنوا بولاية أمير المؤمنين والائمة صلوات الله عليهم فأولئك لهم عذاب مهين ثم ذكر المؤمنين والمهاجرين من أصحاب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال جل ذكره : (وَالَّذِينَ هاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ ماتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللهُ رِزْقاً حَسَناً) الى قوله تعالى : (لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ).

٢٠٧ ـ في جوامع الجامع (الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ) الى قوله : (وَإِنَّ اللهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ) وروى انهم قالوا : يا رسول الله هؤلاء الذين قتلوا قد علمنا ما أعطاهم الله من الخير ، ونحن نجاهد معك كما جاهدوا ، فما لنا ان متنا معك؟ فأنزل الله هاتين الآيتين.


٢٠٨ ـ في مجمع البيان و (مَنْ عاقَبَ بِمِثْلِ ما عُوقِبَ بِهِ) الآية روى ان الاية نزلت في قوم من مشركي مكة لقوا قوما من المسلمين لليلتين بقيتا من المحرم ، فقالوا : ان أصحاب محمد لا يقاتلون في هذا الشهر فحملوا عليهم ، فناشدهم المسلمون ان لا يقاتلوهم في الشهر الحرام فأبوا فأظفر الله المسلمين بهم.

٢٠٩ ـ في تفسير على بن إبراهيم واما قوله عزوجل : (ذلِكَ وَمَنْ عاقَبَ بِمِثْلِ ما عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللهُ) فهو رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لما أخرجته قريش من مكة ، وهرب منهم الى الغار وطلبوه ليقتلوه ، فعاقبهم الله تعالى يوم بدر وقتل عتبة وشيبة والوليد وأبو جهل وحنظلة بن أبي سفيان وغيرهم ، فلما قبض رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله طلب يزيد بدمائهم فقتل الحسين وآل محمد صلوات الله عليهم بغيا وعدوانا وظلما ، وهو قول يزيد حين تمثل بهذا الشعر :

ليت أشياخى ببدر شهدوا

جزع الخزرج من وقع الأسل

لأهلوا واستهلوا فرحا

ثم قالوا : يا يزيد لا تشل

لست من خندف ان لم أنتقم

من بنى أحمد ما كان فعل

قد قتلنا القرم من ساداتهم

وعدلناه ببدر فاعتدل

وكذاك الشيخ أوصانى به

فاتبعت الشيخ فيما قد سأل

وقال يزيد لعنه الله (وقال الشاعر في مثل ذلك خ ل) :

يقول والرأس مطروح يقلبه

يا ليت أشياخنا الماضون بالحضر

حتى يقيسوا قتالا لو يقاس به

أيام بدر لكان الوزن بالقدر

فقال الله تبارك وتعالى : «ومن عاقب» يعنى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله (بِمِثْلِ ما عُوقِبَ بِهِ) يعنى الحسين صلوات الله عليه أرادوا أن يقتلوه (ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللهُ) يعنى بالقائم صلوات الله عليه من ولده.

٢١٠ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده الى أبي حمزة الثمالي عن الصادق جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عليهم‌السلام عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله حديث طويل


يذكر فيه الاثنى عشر صلوات الله عليهم بأسمائهم وفي آخره يقول صلى‌الله‌عليه‌وآله : ومن أنكرهم أو أنكر واحدا منهم فقد أنكرنى ، بهم يمسك الله عزوجل السماء أن تقع على الأرض الا بإذنه وبهم يحفظ الأرض أن تميد بأهلها (١).

٢١١ ـ وباسناده الى سليمان بن مهران الأعمش عن الصادق جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن على عن أبيه على بن الحسين عليهم‌السلام حديث طويل يقول فيه : بنا (يُمْسِكُ السَّماءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ) ، وبنا يمسك الأرض أن تميد بأهلها.

٢١٢ ـ في كتاب علل الشرائع حدثنا أحمد بن محمد عن أبيه عن محمد بن أحمد عن الهيثم النهدي عن بعض أصحابنا باسناده رفعه قال : كان أمير المؤمنين صلوات الله عليه يقرأ : (إِنَّ اللهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولا وَلَئِنْ زالَتا إِنْ أَمْسَكَهُما مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً) يقولها عند الزلزلة ويقول : (وَيُمْسِكُ السَّماءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ).

٢١٣ ـ في تفسير على بن إبراهيم قوله عزوجل : (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنا مَنْسَكاً) هم ناسكوه اى مذهبا يذهبون به.

٢١٤ ـ في جوامع الجامع (فَلا يُنازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ) روى ان بديل بن ورقاء وغيره من كفار خزاعة قالوا للمسلمين : ما لكم تأكلون ما قتلتم ولا تأكلون ما قتله الله؟ يعنون الميتة.

٢١٥ ـ في الكافي محمد بن يحيى عن بعض أصحابه عن العباس بن عامر عن أحمد بن رزق الغمشاني عن عبد الرحمن بن الأشل بياع الأنماط عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : كانت قريش يلطخ الأصنام التي كانت حول الكعبة بالمسك والعنبر ، وكان يغوث قبال الباب ويعوق عن يمين الكعبة ، وكان نسر عن يسارها ، وكانوا إذا دخلوا خروا سجدا ليغوث ولا ينحنون ثم يستدبرون بحيالهم الى يعوق ، ثم يستدبرون عن يسارها بحيالهم الى نسر ، ثم يلبون فيقولون : لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك الا شريك

__________________

(١) ماد الشيء : تحرك واضطرب.


هو لك تملكه وما ملك ، قال : فبعث الله ذبابا أخضر له أربعة أجنحة ، فلم يبق من ذلك المسك والعنبر شيئا الا أكله ، وأنزل الله عزوجل : (يا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُباباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبابُ شَيْئاً لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ).

٢١٦ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه‌الله عن على عليه‌السلام حديث طويل وفيه : فاصطفى جل ذكره من الملائكة رسلا وسفرة بينه وبين خلقه ، وهم الذين قال الله فيهم : ان (اللهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ).

٢١٧ ـ في تفسير على بن إبراهيم وقوله عزوجل : (اللهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً) اى يختار ، وهم جبرئيل وميكائيل وإسرافيل وعزرائيل عليه‌السلام «ومن الناس» الأنبياء والأوصياء ، ومن الأنبياء نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله وعليهم ، ومن هؤلاء الخمسة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ومن الأوصياء أمير المؤمنين والائمة صلوات الله عليهم وفيه تأويل غير هذا.

٢١٨ ـ في من لا يحضره الفقيه قال أمير المؤمنين عليه‌السلام في وصيته لابنه محمد بن الحنفية رضى الله عنه : يا بنى لا تقل ما لا تعلم ، بل لا تقل كلما تعلم ، فان الله تبارك وتعالى قد فرض على جوارحك كلها فرائض الى قوله : ثم استعبدها بطاعته فقال عزوجل : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) فهذه فريضة جامعة واجبة على الجوارح.

٢١٩ ـ في جوامع الجامع وعن عقبة بن عامر قال : قلت : يا رسول الله في سورة الحج سجدتان؟ قال : نعم ان لم تسجدهما فلا تقرأهما.

٢٢٠ ـ في أصول الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن بكر بن صالح عن القاسم بن بريد قال : حدثنا أبو عمرو الزبيري عن أبي عبد الله عليه‌السلام وذكر حديثا طويلا يقول فيه عليه‌السلام بعد أن قال : ان الله تبارك وتعالى فرض الايمان على جوارح ابن آدم وقسمه عليها وفرقه فيها : وفرض على الوجه السجود له بالليل والنهار في مواقيت الصلوة ، فقال :


(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) وهذه فريضة جامعة على الوجه واليدين والرجلين ، وقال في موضع آخر : (وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَداً).

٢٢١ ـ على بن إبراهيم عن أبيه ومحمد بن على القاساني جميعا عن لقاسم بن محمد عن سليمان بن داود المنقري عن حفص بن غياث عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سمعته يقول : جعل الخير كله في بيت ، وجعل مفتاحه الزهد في الدنيا.

٢٢٢ ـ محمد بن يحيى عن احمد بن محمد عن محمد بن سنان عن أبي الجارود قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : من هم بشيء من الخير فليعجله فان كل شيء فيه تأخير فان للشيطان فيه نظرة.

٢٢٣ ـ في عيون الاخبار باسناده قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : اصطنعوا الخير الى من هو أهله ، والى من هو ليس من اهله ، فان لم تصب من هو أهله فأنت أهله.

٢٢٤ ـ وباسناده قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : رأس العقل بعد الايمان التودد الى الناس واصطناع الخير الى كل بر وفاجر.

٢٢٥ ـ في أصول الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن محمد بن أبي عمير عن ابن أذينة عن بريد العجلي قال : قلت لأبي جعفر عليه‌السلام قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ وَجاهِدُوا فِي اللهِ حَقَّ جِهادِهِ هُوَ اجْتَباكُمْ) قال : إيانا عنى ونحن المجتبون ، ولم يجعل الله تبارك وتعالى في الدين من حرج ، فالحرج أشد من الضيق ملة أبيكم إبراهيم إيانا عنى خاصة هو سماكم المسلمين الله عزوجل سمانا المسلمين من قبل في الكتب التي مضت وفي هذا القرآن ليكون الرسول عليكم شهيدا وتكونوا شهداء على الناس فرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الشهيد علينا بما بلغنا عن الله تبارك وتعالى ، ونحن الشهداء على الناس يوم القيامة ، فمن صدق يوم القيامة صدقناه ومن كذب كذبناه.

٢٢٦ ـ الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن الحسن بن على الوشاء عن أحمد


ابن عائذ عن عمر بن أذينة عن بريد العجلي قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام قال الله عزوجل : (مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ) قال : إيانا عنى خاصة (هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ) في الكتب التي مضت «وفي هذا» القرآن «ليكون الرسول عليكم شهيدا» فرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الشهيد علينا بما بلغنا عن الله عزوجل ، ونحن الشهداء على الناس ، فمن صدق صدقناه يوم القيامة ، ومن كذب يوم القيامة كذبناه.

٢٢٧ ـ في عيون الاخبار باسناده الى ابن أبى عبدون عن أبيه قال : لما حمل زيد بن موسى بن جعفر الى المأمون وقد كان خرج بالبصرة وأحرق دور ولد العباس ، وهب المأمون جرمه لأخيه على بن موسى الرضا ، وقال له : يا أبا الحسن لئن خرج أخوك وفعل ما فعل لقد خرج زيد بن على فقتل ، ولولا مكانك منى لقتلته فليس ما أتاه بصغير؟

فقال الرضا عليه‌السلام : يا أمير المؤمنين لا تقس أخى زيدا الى زيد بن على عليه‌السلام ، فانه كان من علماء آل محمد ، غضب الله تعالى فجاهد أعداءه حتى قتل في سبيله ، ولقد حدثني أبى موسى بن جعفر عليه‌السلام انه سمع أباه جعفر بن محمد عليهما‌السلام يقول : رحم الله عمى زيدا انه دعا الى الرضا من آل محمد ، ولو ظفر لوفى بما دعا اليه ، ولقد استشارني في خروجه فقلت له : يا عمى ان رضيت ان تكون المصلوب بكناسة فشأنك؟ فلما ولى قال جعفر بن محمد عليه‌السلام : ويل لمن سمع واعيته فلم يجبه ، فقال المأمون : يا أبا الحسن أليس قد جاء فيمن ادعى الامامة بغير حقها ما جاء؟ فقال الرضا عليه‌السلام ان زيد بن على عليه‌السلام لم يدع ما ليس له بحق ، وانه كان اتقى لله تعالى من ذلك ، انه قال : أدعوكم الى الرضا من آل محمد ، وانما جاء ما جاء فيمن يدعى ان الله تعالى نص عليه ثم يدعو الى غير دين الله ويضل عن سبيله بغير علم ، وكان زيد والله ممن خوطب بهذه الاية : (وَجاهِدُوا فِي اللهِ حَقَّ جِهادِهِ هُوَ اجْتَباكُمْ).

٢٢٨ ـ في كتاب الخصال عن أمير المؤمنين عليه‌السلام الحج جهاد كل ضعيف ، جهاد المرئة حسن التبعل ، لا يخرج المؤمن الى الجهاد وهو مع من لا يؤمن في الحكم ولا


ينفذ في الفيء (١) امر الله تعالى من مات في ذلك كان معينا لعدونا في حبس حقوقنا ، والاساطة بدمائنا وميتته ميتة جاهلية.

٢٢٩ ـ عن الأصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين عليه‌السلام حديث طويل يقول فيه : والجهاد على أربع شعب : على الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ، والصدق في المواطن وشنئان الفاسقين ، فمن أمر بالمعروف شد ظهر المؤمن ومن نهى عن المنكر أرغم أنف الشيطان ، ومن صدق في المواطن قضى الذي عليه ومن غضب لله تعالى غضب الله له.

٢٣٠ ـ عن فضيل بن عياض عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن الجهاد أسنة هو أم فريضة؟ فقال : الجهاد على اربعة أوجه : فجهادان فرض ، وجهاد سنة لا يقام الا مع فرض وجهاد سنة فأما أحد الفرضين فمجاهدة الرجل نفسه عن معاصي الله ، وهو من أعظم الجهاد ، ومجاهدة الذين يلونكم من الكفار فرض ، واما الجهاد الذي هو سنة لا يقام الا مع فرض فان مجاهدة العدو فرض على جميع الامة ، ولو تركوا الجهاد لأتاهم العذاب وهذا هو من عذاب الامة وهو سنة على الامام ان يأتى العدو مع الامة فيجاهدهم ، واما الجهاد الذي هو سنة فكل سنة أقامها الرجل وجاهد في إقامتها وبلوغها وإحيائها فالعمل والسعي فيها من أفضل الأعمال ، لأنه احياء سنة ، قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله. من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها من غير أن ينقص من أجورهم شيء.

٢٣١ ـ في محاسن البرقي عنه عن ابن محبوب عن على بن أبي حمزة عن أبى بصير عن أبى جعفر عليه‌السلام في قول الله عزوجل (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ وَجاهِدُوا فِي اللهِ حَقَّ جِهادِهِ هُوَ اجْتَباكُمْ وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) في الصلوة والزكاة والصوم والخير ، إذا تولوا الله ورسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله واولى الأمر منا أهل البيت قبل الله أعمالهم.

٢٣٢ ـ في جوامع الجامع وفي الحديث ان أمتي امة مرحومة.

__________________

(١) وفي نسخة «ولا ينفد في الغى» ولم اظفر على الحديث في الخصال.


٢٣٣ ـ في الاستبصار باسناده الى أبى بصير عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن الجنب يجعل الزكاة أو التور فيدخل إصبعه فيه قال : ان كانت يده قذرة فأهرقه ، وان كانت لم يصبها قذر فليغتسل منه ، هذا مما قال الله تعالى : (ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ).

٢٣٤ ـ وباسناده الى أبى بصير قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : انا نسافر فربما بلينا بالغدير من المطر يكون الى جانب القرية فيكون فيه العذرة ، ويبول فيه الصبى ، ويبول فيه الدواب وتروث؟ فقال : ان عرض في قلبك منه شيء فقل هكذا ، يعنى افرج الماء بيدك ، ثم توضأ فان الدين ليس بمضيق ، فان الله عزوجل يقول : (ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ).

٢٣٥ ـ في تهذيب الأحكام أحمد بن محمد عن ابن محبوب عن على بن الحسن بن رباط عن عبد الأعلى مولى آل سام قال قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : عثرت فانقطع ظفري فجعلت على إصبعي مرارة كيف أصنع بالوضوء؟ قال : يعرف هذا وأشباهه من كتاب الله عزوجل ، قال الله : (ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) امسح عليه.

٢٣٦ ـ في الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن عبد الله بن المغيرة عن ابن مسكان قال : حدثني محمد بن ميسر قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الرجل الجنب ينتهى الى الماء القليل في الطريق ، ويريد أن يغتسل منه وليس معه إناء يغرف به ويداه قذرتان؟ قال : يضع يده ثم يتوضأ ثم يغتسل ، هذا مما قال الله عزوجل : (ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ).

عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن ابن محبوب عن على بن الحسن بن رباط عن عبد الأعلى مولى آل سام قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : عثرت فانقطع ظفري ، ونقل كما نقلنا عن التهذيب سواء.

٢٣٧ ـ في قرب الاسناد للحميري باسناده الى أبي عبد الله عليه‌السلام عن أبيه عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : مما اعطى الله أمتي وفضلهم به على ساير الأمم أعطاهم ثلاث خصال لم يعطها


الا نبي ، وذلك ان الله تبارك وتعالى كان إذا بعث نبيا قال له : اجتهد في دينك ولا حرج عليك ، وان الله تبارك وتعالى اعطى أمتي ذلك حيث يقول : (وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) يقول : من ضيق ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٢٣٨ ـ في الكافي على بن إبراهيم عن أبيه ومحمد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان جميعا عن ابن أبي عمير عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال في حديث طويل : ونزل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بمكة بالبطحاء هو وأصحابه ولم ينزلوا الدور ، فلما كان يوم التروية عند زوال الشمس أمر الناس أن يغتسلوا ويهلوا بالحج ، وهو قول الله تعالى الذي انزل على نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله : «فاتبعوا (مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ) فخرج النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وأصحابه مهلين بالحج حتى أتى منى فصلى الظهر والعصر والمغرب والعشاء الاخرة والفجر ، ثم غدا والناس معه وكانت قريش تفيض من المزدلفة وهي جمع (١) ويمنعون الناس أن يفيضوا منها ، فأقبل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وقريش ترجو أن تكون إفاضته من حيث كانوا يفيضون ، فأنزل الله تعالى عليه : (ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللهَ) يعنى إبراهيم واسمعيل واسحق في إفاضتهم منهما ، ومن كان بعدهم ، فلما رأت قريش أن قبة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قد مضت كأنه دخل في أنفسهم شيء للذي كانوا يرجون من الافاضة من مكانهم ، حتى انتهى الى نمرة وهي بطن عرنة (٢) بحيال الأراك وضربت الناس أخبيتهم عندها.

٢٣٩ ـ في أصول الكافي على بن محمد عن بعض أصحابنا عن ابن محبوب عن محمد بن الفضيل عن أبي الحسن الماضي عليه‌السلام انه قال : ليس على ملة إبراهيم غيرنا ، وسائر الناس منها براء ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٢٤٠ ـ في قرب الاسناد للحميري باسناده الى أبي عبد الله عليه‌السلام عن أبيه عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : مما أعطى الله أمتي وفضلهم به على سائر الأمم أعطاههم ثلاث خصال

__________________

(١) من أسماء مزدلفة وسميت بذلك لاجتماع الناس بها.

(٢) عرنة ـ بضم العين وفتح الراء كهمزة : موضع معرفات وليس من الموقف.


يعطها الا نبي ، وذلك ان الله تبارك وتعالى كان إذا بعث نبيا جعله شهيدا على قومه ، وان الله تبارك وتعالى جعل أمتي شهيدا على الخلق حيث يقول : (لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٢٤١ ـ في كتاب المناقب لابن شهر آشوب وفي خبران قوله تعالى : (هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ) فدعوة إبراهيم واسمعيل لال محمد عليهم‌السلام ، فانه لمن لزم الحرم من قريش حتى جاء النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ثم اتبعه وآمن به ، واما قوله تعالى : (لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ) النبي يكون على آل محمد شهيدا ويكونون شهداء على الناس.

٢٤٢ ـ عبد الله بن الحسن عن زين العابدين عليه‌السلام في قوله تعالى : (لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ) قال : نحن هم.

٢٤٣ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده الى إبراهيم بن أبي محمود عن الرضا عليه‌السلام حديث طويل وفيه : نحن حجج الله في خلقه ونحن شهداء الله وأعلامه في بريته.

٢٤٤ ـ وباسناده الى سليم بن قيس الهلالي عن أمير المؤمنين عليه‌السلام انه قال في جمع من المهاجرين والأنصار بالمسجد أيام خلافة عثمان : انشد كم الله أتعلمون ان الله عزوجل أنزل في سورة الحج : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ) الى آخر السورة فقام سلمان فقال : يا رسول الله من هؤلاء الذين أنت عليهم شهيد وهم شهداء على الناس الذين اجتباهم الله ولم يجعل عليهم في الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم؟ فقال عليه‌السلام : عنى بذلك ثلاثة عشر رجلا خاصة دون هذه الامة ، قال سلمان : بينهم لنا يا رسول الله! قال : أنا وأخى وأحد عشر من ولدي؟ قالوا اللهم نعم ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٢٤٥ ـ في مجمع البيان ، فأقيموا الصلوة وآتوا الزكاة وروى عبد الله ابن عمر عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : لا تقبل الصلوة الا بالزكوة.


بسم الله الرحمن الرحيم

١ ـ في كتاب ثواب الأعمال باسناده عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : من قرأ سورة المؤمنين ختم الله له بالسعادة ، إذا كان يد من قراءتها في كل جمعة ، وكان منزله في الفردوس الأعلى مع النبيين والمرسلين.

٢ ـ في مجمع البيان أبي بن كعب عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : من قرأ سورة المؤمنين بشرته الملائكة يوم القيامة بالروح والريحان وما تقر به عينه عند نزول ملك الموت.

٣ ـ في تفسير على بن إبراهيم قال الصادق عليه‌السلام لما خلق الله عزوجل الجنة قال لها : تكلمي فقالت : (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ).

٤ ـ في عيون الاخبار عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : ان الله تعالى اعطى المؤمن ثلاث خصال : العزة في الدنيا ، والفلاح في الاخرة ، والمهابة في قلوب الظالمين ثم قرأ : (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ) وقرأ (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ) الى قوله (هُمْ فِيها خالِدُونَ).

٥ ـ عن عبد المؤمن الأنصاري عن أبي جعفر عليه‌السلام قال ان الله عزوجل اعطى المؤمن ثلاث خصال : العز في الدنيا في دينه ، والفلاح في الاخرة ، والمهابة في صدور العالمين.

٦ ـ في أصول الكافي باسناده الى كامل التمار قال قال أبو جعفر عليه‌السلام : (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ) أتدري من هم؟ قلت أنت أعلم ، قال (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ) المسلمون ان المسلمين هم النجباء ، فالمؤمن غريب فطوبى للغرباء.

٧ ـ في محاسن البرقي عنه عن أبيه عن على بن النعمان عن عبد الله بن مسكان عن كامل التمار قال : قال أبو جعفر عليه‌السلام : يا كامل المؤمن غريب ، المؤمن غريب ، ثم


قال : أتدري ما قول الله : (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ)؟ قلت : قد أفلحوا فازوا ودخلوا الجنة ، فقال : (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ) المسلمون ، ان المسلمين هم النجباء.

٨ ـ في الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن حماد عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : إذا كنت في صلوتك فعليك بالخشوع والإقبال على صلوتك ، فان الله تعالى يقول : (الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ).

٩ ـ في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن محمد بن الحسن ابن شمون عن عبد الله بن عبد الرحمن عن مسمع بن عبد الملك عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ما زاد خشوع الجسد على ما في القلب فهو عندنا نفاق.

١٠ ـ في تفسير على بن إبراهيم وقوله : (الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ) قال : غضبك بصرك في صلوتك وإقبالك عليها.

١١ ـ في مجمع البيان (هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ) روى أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله راى رجلا يعبث بلحيته في صلوته فقال : اما انه لو خشع قلبه لخشعت جوارحه.

١٢ ـ وروى ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كان يرفع بصره الى السماء في صلوته ، فلما نزلت الاية طأطأ رأسه ورمى ببصره الى الأرض.

١٣ ـ في كتاب الخصال عن أمير المؤمنين عليه‌السلام : ليخشع الرجل في صلوته فانه من خشع قلبه لله عزوجل ، خشعت جوارحه فلا يعبث بشيء.

١٤ ـ في أصول الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن بكر بن صالح عن القاسم ابن بريد قال : حدثنا أبو عمرو الزبيري عن أبي عبد الله عليه‌السلام وذكر حديثا طويلا يقول فيه عليه‌السلام بعد أن قال : فان الله تبارك وتعالى فرض الايمان على جوارح ابن آدم وقسمه عليها ، وفرقه فيها ، وفرض الله على السمع أن يتنزه عن الاستماع الى ما حرم الله ، وأن يعرض عما لا يحل له مما نهى الله عزوجل عنه ، والإصغاء الى ما أسخط الله عزوجل ، فقال في ذلك : (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ أَنْ إِذا سَمِعْتُمْ آياتِ اللهِ يُكْفَرُ بِها وَيُسْتَهْزَأُ بِها فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ) ثم استثنى الله عزوجل موضع النسيان فقال :


(وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) وقال : (فَبَشِّرْ عِبادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولئِكَ الَّذِينَ هَداهُمُ اللهُ وَأُولئِكَ هُمْ أُولُوا الْأَلْبابِ) وقال عزوجل : (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكاةِ فاعِلُونَ) وقال : (وَإِذا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ) وقال : (وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً) فهذا ما فرض الله عزوجل على السمع من الايمان ان لا يصغي الى ما لا يحل له وهو عمله وهو من الايمان.

١٥ ـ في إرشاد المفيد كلام طويل لأمير المؤمنين عليه‌السلام وفيه يقول عليه‌السلام : كل قول ليس فيه لله ذكر فهو لغو.

١٦ ـ في مجمع البيان (وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ) روى عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال ان يتقول الرجل عليك بالباطل أو يأتيك بما ليس فيك فتعرض عنه لله.

١٧ ـ وفي رواية اخرى : انه الغناء والملاهي.

١٨ ـ في اعتقادات الامامية للصدوق (ره) وسئل عليه‌السلام عن القصاص أيحل الاستماع لهم؟ فقال : لا.

١٩ ـ في عيون الاخبار باسناده الى محمد بن أبي عباد وكان مشتهرا بالسماع وشرب النبيذ ، قال : سئلت الرضا عليه‌السلام عن السماع؟ فقال : لأهل الحجاز رأى فيه وهو في حيز الباطل واللهو ، اما سمعت الله عزوجل يقول : (وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً).

٢٠ ـ في تفسير على بن إبراهيم : (وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ) يعنى عن الغنا والملاهي.

٢١ ـ والذين هم للزكوة فاعلون قال الصادق صلوات الله عليه : من منع قيراطا من الزكاة فليس هو بمؤمن ولا مسلم ولا كرامة (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ) يعنى الإماء (فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ) والمتعة حدها حد الإماء.


٢٢ ـ في مجمع البيان وملك اليمين في الاية المراد به الإماء ، لان الذكور من المماليك لا خلاف في وجوب حفظ الفرج منهم.

٢٣ ـ في أصول الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن بكر بن صالح عن القاسم ابن بريد قال : حدثنا أبو عمرو الزبيري عن أبي عبد الله عليه‌السلام وذكر حديثا طويلا يقول فيه عليه‌السلام بعد أن قال : وفرض على البصر ان لا ينظر الى ما حرم الله وأن يعرض عما نهى الله عنه مما لا يحل له وهو عمله وهو من الايمان وذكر قوله تعالى : (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ) الى قوله : «ويحفظن فروجهن» وفسرها : وكل شيء في القرآن من حفظ الفرج فهو من الزنا الا هذه الاية فانها من النظر.

٢٤ ـ في كتاب الخصال عن مسعدة بن زياد قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : يحرم من الإماء عشرة : لا يجمع بين الام والبنت ، ولا بين الأختين ، ولا أمتك وهي أختك من الرضاعة ، ولا أمتك وهي حامل من غيرك حتى تضع ، ولا أمتك ولها زوج ، ولا أمتك وهي عمتك من الرضاعة ، ولا أمتك وهي خالتك من الرضاعة ، ولا أمتك وهي حائض حتى تطهر ولا أمتك وهي رضيعتك ، ولا أمتك ولك فيها شريك.

٢٥ ـ عن أمير المؤمنين عليه‌السلام أبعد ما يكون العبد من الله إذا كان همه فرجه وبطنه.

٢٦ ـ عن نجم عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قال لي : يا نجم كلكم في الجنة معنا الا انه ما أقبح بالرجل منكم أن يدخل الجنة قد هتك ستره وبدت عورته ، قال : قلت له : جعلت فداك وان ذلك لكائن؟ قال : نعم ان لم يحفظ فرجه وبطنه.

٢٧ ـ عن أبي هريرة عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ان أول ما يدخل به النار من أمتي الأجوفان ، قالوا : يا رسول الله وما الأجوفان؟ قال : الفرج والفم ، وأكثر ما يدخل به الجنة تقوى الله وحسن الخلق.

٢٨ ـ عن الحسن بن المختار باسناده يرفعه قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ملعون ملعون من نكح بهيمة.


٢٩ ـ عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من سلم من أمتي من أربع خصال فله الجنة : عن الدخول في الدنيا واتباع الهوى ، وشهوة البطن ، وشهوة الفرج.

٣٠ ـ عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : تحل الفروج بثلاثة وجوه : نكاح بميراث ، ونكاح بلا ميراث. ونكاح بملك يمين.

٣١ ـ في الكافي عن أحمد بن محمد عن العباس بن موسى عن اسحق بن أبي ـ سارة قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عنها يعنى المتعة فقال لي : حلال فلا تتزوج الا عفيفة ، ان الله عزوجل يقول : (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ) فلا تضع فرجك حيث لا تأمن على درهمك.

٣٢ ـ في تفسير على بن إبراهيم : (فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ) قال : من جاوز ذلك (وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلَواتِهِمْ يُحافِظُونَ) قال : على أوقاتها وحدودها.

٣٣ ـ في الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن حماد ومحمد بن يحيى عن أحمد عن حماد بن عيسى عن حريز عن الفضيل بن يسار قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (الَّذِينَ هُمْ عَلى صَلَواتِهِمْ يُحافِظُونَ) قال : هي الفريضة قلت : (الَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ دائِمُونَ)؟ قال : هي النافلة.

٣٤ ـ في عيون الاخبار باسناده عن على عليه‌السلام قال في قوله تعالى : (أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيها خالِدُونَ) : في نزلت.

٣٥ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثني أبي عن عثمان بن عيسى عن سماعة عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ما خلق الله خلقا الا جعل له في الجنة منزلا ، وفي النار منزلا ، فاذا سكن أهل الجنة الجنة وأهل النار النار نادى مناد : يا أهل الجنة أشرفوا فيشرفون على أهل النار ، وترفع لهم منازلهم فيها ثم يقال لهم : هذه منازلكم التي في النار لو عصيتم


الله لدخلتموها ، قال : فلو أن أحدا مات فرحا لمات أهل الجنة في ذلك اليوم فرحا لما صرف عنهم من العذاب ، ثم ينادى مناد : يا أهل النار ارفعوا رؤسكم ، فيرفعون رؤسهم فينظرون الى منازلهم في الجنة وما فيها من النعيم فيقال لهم : هذه منازلكم التي لو أطعتم ربكم لدخلتموها ، قال : فلو أن أحدا مات حزنا لمات أهل النار حزنا ، فيورث هؤلاء منازل هؤلاء ، ويورث هؤلاء منازل هؤلاء ، وذلك قول الله : (أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيها خالِدُونَ).

٣٦ ـ في مجمع البيان روى عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله انه قال : ما منكم من أحد الا له منزلان : منزل في الجنة ومنزل في النار ، فان مات ودخل النار ورث أهل الجنة منزله.

٣٧ ـ في من لا يحضره الفقيه في خبر بلال عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله الذي يذكر فيه صفة الجنة ، قال الراوي : فقلت لبلال : هل فيها غيرها؟ قال : نعم جنة الفردوس ، قلت : وكيف سورها؟ قال : سورها نور ، قلت : الغرف التي هي فيها؟ قال : هي من نور رب العالمين.

٣٨ ـ في كتاب علل الشرائع أبي رحمه‌الله قال : حدثني محمد بن يحيى العطار عن أحمد بن أبي عبد الله عن أبيه عن ابن أبي عمير عن غير واحد عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سهام المواريث من ستة أسهم لا يزيد عليها فقيل له : يا ابن رسول الله ولم صارت ستة أسهم؟ قال : لان الإنسان خلق من ستة أشياء ، وهو قول الله عزوجل : (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ ثُمَّ جَعَلْناهُ نُطْفَةً فِي قَرارٍ مَكِينٍ ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظاماً فَكَسَوْنَا الْعِظامَ لَحْماً).

٣٩ ـ وباسناده الى الحسين بن خالد قال : قلت للرضا عليه‌السلام : انا روينا عن النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ان من شرب الخمر لم تحسب صلوته أربعين صباحا؟ فقال : صدقوا ، فقلت : وكيف لا تحسب صلوته أربعين صباحا لا أقل من ذلك ولا أكثر؟ قال : لان الله تبارك وتعالى قدر خلق الإنسان النطفة أربعين يوما ، ثم نقلها فصيرها علقة أربعين يوما ثم نقلها فصيرها مضغة أربعين يوما ، وهذا إذا شرب الخمر بقيت في مثانته على قدر ما خلق منه


وكذلك يجتمع غذاؤه واكله وشربه تبقى في مثانته أربعين يوما.

٤٠ ـ في كتاب الخصال عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : كان فيما وعظ لقمان ابنه انه قال : يا بنى ليعتبر من قصر يقينه ، وضعفت نيته في طلب الرزق ـ الى قوله عليه‌السلام ـ : اما أول ذلك فانه كان في بطن امه يرزقه هناك في قرار مكين حيث لا يؤذيه حر ولا برد ، ثم أخرجه من ذلك «الحديث».

٤١ ـ في كتاب مصباح الزائر لابن طاوس رحمه‌الله في دعاء الحسين بن على عليهما‌السلام يوم عرفة : ابتدأتنى بنعمتك قبل ان أكون شيئا مذكورا ، وخلقتني من التراب ، وأسكنتني الأرحام ، آمنا لريب المنون واختلاف الدهور ، فلم أزل ظاعنا من صلب الى رحم في تقادم الأيام الماضية ، والقرون الخالية ، لم تخرجني لرأفتك بى وإحسانك الى في دولة أيام الكفرة ، الذين نقضوا عهدك وكذبوا رسلك ، لكنك أخرجتني رأفة منك وتحننا على للذي سبق لي من الهدى الذي يسرتني ، وفيه انشأتنى ومن قبل ذلك رؤفت لي بجميع صنعك وسوابغ نعمك ، وابتدعت خلقي من منى يمنى ، ثم أسكنتني في ظلمات ثلاث بين لحم وجلد ودم ، لم تشهرني بخلقي ولم تجعل الى شيئا من أمري ثم أخرجتني الى الدنيا تاما سويا.

٤٢ ـ في الصحيفة السجادية في دعائه عليه‌السلام بعد الفراغ من صلوة الليل : اللهم وأنت حدرتنى (١) ماءا مهينا من صلب متضايق العظام حرج المسالك (٢) الى رحم ضيقة سترتها بالحجب ، تصرفني حالا عن حال حتى انتهيت بى الى تمام الصورة واثبت في الجوارح كما نعت في كتابك نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم عظاما ثم كسوت العظام لحما ثم انشأتنى خلقا آخر كما شئت ، حتى إذا احتجت الى رزقك ولم استغن عن غياث فضلك جعلت لي قوتا من فضل طعام وشراب أجريته لامتك التي أسكنتني جوفها ، وأودعتنى قرار رحمها ، ولو تكلني يا رب في تلك الحالات الى حولي وتضطرني الى قوتي

__________________

(١) حدر الشيء : أنزله من علو الى أسفل.

(٢) الحرج : المكان الضيق.


لكان الحول عنى معتزلا ، ولكانت القوة منى بعيدة فغذوتنى بفضلك غذاء البر اللطيف تفعل بى ذلك تطولا على الى غايتي هذه.

٤٣ ـ في الكافي ابن محبوب عن رفاعة قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : ان النطفة إذا وقعت في الرحم تصير الى علقة ، ثم الى مضغة ، ثم الى ما شاء الله ، وان النطفة إذا وقعت في غير الرحم لم يخلق منه شيء ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٤٤ ـ عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن الحجال عن ابن بكير عن أبي منهال عن الحارث بن المغيرة قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : ان النطفة (١) إذا وقعت في الرحم بعث الله عزوجل ملكا فأخذ من التربة التي يدفن فيها ، فماثها في النطفة فلا يزال قلبه يحن إليها.

٤٥ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن فضال عن الحسن بن الجهم قال : سمعت أبا الحسن الرضا عليه‌السلام يقول : قال أبو جعفر عليه‌السلام : ان النطفة تكون في الرحم أربعين يوما ، ثم تصير علقة أربعين يوما ثم تصير مضغة أربعين يوما ، فاذا كمل أربعة أشهر بعث الله ملكين خلاقين فيقولان : يا رب ما نخلق ، ذكرا أو أنثى؟ فيؤمران فيقولان : يا رب شقي أو سعيد؟ فيؤمران فيقولان : يا رب ما أجله وما رزقه وكل شيء من حاله ، وعدد من ذلك أشياء ، ويكتبان الميثاق بين عينيه (٢) فاذا كمل الأجل بعث الله اليه ملكا فزجره زجرة فيخرج وقد نسي الميثاق ، فقال الحسن بن الجهم أفيجوز أن يدعو الله فيحول الأنثى ذكرا أو الذكر أنثى؟ فقال : ان الله يفعل ما يشاء.

٤٦ ـ محمد بن يحيى عن احمد بن محمد وعلى بن إبراهيم عن أبيه جميعا عن ابن

__________________

(١) ماث الشيء في الماء : أذابه فيه. وبالشيء : خلطه به.

(٢) قال الفيض (ره) : وكتابة الميثاق بين عينيه كناية عن مفطوريته على التوحيد وشهادته بلسان عجزه وافتقاره على عبوديته ويؤتيه معبوده كما أشار اليه في الحديث النبوي : كل مولود يولد على الفطرة وانما أبواه يهود انه وينصر انه ويمجسانه وانما ينسى الميثاق بالزجرة والخروج لدخوله بها في عالم الأسباب الحائله بينه وبين مسببها المانعة له عن إدراكه.


محبوب عن ابن رئاب عن زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : ان الله عزوجل إذا أراد ان يخلق النطفة (١) التي مما أخذ عليها الميثاق في صلب آدم أو ما يبدو له فيه (٢) ويجعلها في الرحم حرك الرجل للجماع وأوحى الى الرحم ان افتحي بابك حتى يلج فيك خلقي وقضائي النافذ وقدري ، فتفتح الرحم بابها فتصل النطفة الى الرحم فتردد (٣) فيه أربعين صباحا ثم تصير علقة أربعين يوما ، ثم تصير مضغة أربعين يوما ، ثم تصير لحما تجري فيه عروق مشتبكة ثم يبعث الله ملكين خلاقين يخلقان في الأرحام ما يشاء الله فيقتحمان (٤) في بطن المرئة من فم المرئة فيصلان الى الرحم ، وفيها الروح القديمة المنقولة في أصلاب الرجال وأرحام النساء (٥) فينفخان فيها روح الحيوة والبقاء ، ويشقان له السمع والبصر وجميع الجوارح وجميع ما في البطن بإذن الله ، ثم يوحى الله الى الملكين : اكتبا عليه قضائي وقدري ونافذ أمرى واشترطا له البداء فيما تكتبان ، فيقولان : يا رب ما نكتب؟ قال : فيوحى الله عزوجل إليهما : ارفعا رؤسكما الى رأس امه ، فيرفعان رؤسهما فاذا اللوح يقرع جبهة امه ، فينظران فيه فيجدان في اللوح صورته ورؤيته وأجله وميثاقه شقيا أو سعيدا وجميع شأنه ، قال : فيملى أحدهما على صاحبه فيكتبان جميع ما في اللوح ويشترطان البداء فيما يكتبان (٦) ثم يختمان الكتاب

__________________

(١) اى بخلقها بشرا تاما.

(٢) اى يبدو له في خلقه فلا يتم خلقه بان يجعله سقطا فاله المجلسي (ره)

(٣) اى تتحول من حال الى حال.

(٤) اى يدخلان من غير استرضاء واختيار لها.

(٥) قال المجلسي (ره) : اى الروح المخلوقة في الزمان المنقادم قبل خلق جسده وكثيرا ما يطلق القديم على هذا المعنى في اللغة والعرف كما لا يخفى على من تتبع كتب اللغة وموارد الاستعمالات ، والمراد بها النفس النباتية أو الحيوانية أو الانسانية ، وقيل : عطف البقاء على الحياة دال على ان النفس الحيوانية باقية في تلك النشأة وانها مجردة عن المادة وان النفس النباتية بمجردها لا تبقى.

(٦) وللفيض (ره) هنا كلام طويل فراجع الوافي ج ٣ أبواب الولادات باب (١ ـ)


ويجعلانه بين عينيه ، ثم يقيمانه قائما في بطن امه قال : وربما عتى (١) فانقلب ولا يكون ذلك الا في كل عات أو مارد ، فاذا بلغ أو ان خروج الولد تاما أو غير تام اوحى الله عزوجل الى الرحم ان افتحي بابك حتى يخرج خلقي الى أرضى وينفذ فيه أمرى فقد بلغ أوان خروجه ، قال : فتفتح الرحم باب الولد فيبعث الله عزوجل اليه ملكا يقال له : زاجر فيزجره زجرة فيفزع منها الولد ، فينقلب فيصير رجلاه فوق رأسه ورأسه في أسفل البطن ، ليسهل الله على المرأة وعلى الولد الخروج ، قال : فاذا احتبس زجره الملك زجرة اخرى فيفزع منها فيسقط الولد الى الأرض باكيا فزعا من الزجرة.

٤٧ ـ محمد عن أحمد عن الحسين بن سعيد عن محمد بن الفضيل عن أبي حمزة قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن الخلق فقال : ان الله تبارك وتعالى لما خلق الخلق من طين أفاض بها كافاضة القداح (٢) فأخرج المسلم فجعله سعيدا ، وجعل الكافر شقيا ، فاذا وقعت النطفة تلقتها الملائكة فصوروها ثم قالوا : يا رب أذكر أو أنثى فيقول الرب جل جلاله أى ذلك شاء ، فيقولان : تبارك الله أحسن الخالقين ، ثم توضع في بطنها فتردد تسعة أيام في كل عرق ويفصل منها ، وللرحم ثلثة أقفال : قفل في أعلاها مما يلي أعلى السرة من الجانب الأيمن ، والقفل الاخر وسطها ، والقفل الاخر أسفل الرحم ، فيوضع بعد تسعة أيام في القفل الأعلى فيمكث فيه ثلاثة أشهر فعند ذلك يصيب المرأة خبث النفس والتهوع ، ثم ينزل الى القفل الأوسط فيمكث فيه ثلاثة أشهر وصرة الصبى (٣) فيها مجمع العروق وعروق المرأة كلها منها يدخل

__________________

(١) عتا عتوا : استكبر وجاوز الحد.

(٢) افاضة القداح : الضرب بها ، والقداح جمع القدح ـ بالكسر ـ وهو السهم قبل ان يراش أو ينصل كأنهم كانوا يخلطونها ويقرعون بها بعد ما يكتبون عليها اسمائهم ، قال المحدث الكاشاني (ره) : وفي التشبيه اشارة لطيفة الى اشتباه خير بني آدم بشرهم الى ان يميز الخبيث من الطيب.

(٣) كذا في النسخ وفي الوافي «سرة» بالسين في المواضع وهو الصحيح ولعله من تصرفات النساخ.


طعامه وشرابه من تلك العروق ، ثم ينزل الى القفل الأسفل فيمكث فيه ثلاثة أشهر ، فذلك تسعة أشهر ، ثم تطلق المرأة فكلما طلقت انقطع عرق من صرة الصبى فأصابها ذلك الوجع ، ويده على صرته حتى يقع على الأرض ويده مبسوطة ، فيكون رزقه حينئذ من فيه.

٤٨ ـ محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن محمد بن إسماعيل أو غيره قال قلت لأبي جعفر عليه‌السلام : جعلت فداك الرجل يدعو للحبلى أن يجعل الله ما في بطنها ذكرا سويا؟ فقال : يدعو ما بينه وبين أربعة أشهر ، فانه أربعين ليلة نطفة وأربعين ليلة علقة ، وأربعين ليلة مضغة ، فذلك تمام أربعة أشهر ، ثم يبعث الله ملكين خلاقين فيقولان : يا رب ما نخلق ذكرا أو أنثى شقيا أو سعيدا؟ فيقال ذلك فيقولان : يا رب ما رزقه وما أجله وما مدته؟ فيقال ذلك وميثاقه بين عينيه ينظر اليه ، فلا يزال منتصبا في بطن امه حتى إذا دنى خروجه بعث الله اليه ملكا فزجره زجرة فيخرج وينسى الميثاق.

٤٩ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد وعلى بن إبراهيم عن أبيه عن ابن محبوب عن ابن رئاب عن زرارة قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : إذا وقعت النطفة في الرحم استقرت فيها أربعين يوما ، ويكون علقة أربعين يوما ، ويكون مضغة أربعين يوما ، ثم يبعث الله ملكين خلاقين فيقال لهما : اخلقا كما أراد الله تعالى ذكرا أو أنثى ، صوراه واكتبا أجله ورزقه ومنيته (١) وشقيا أو سعيدا ، واكتبا لله الميثاق الذي أخذه عليه في الذر بين عينيه ، فاذا دنى خروجه من بطن امه بعث الله اليه ملكا يقال له زاجر فيزجره فيفزع فزعا ، فينسى الميثاق ويقع على الأرض يبكى من زجرة الملك.

٥٠ ـ في تفسير على بن إبراهيم وقوله عزوجل : (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ) قال : السلالة الصفوة من الطعام والشراب الذي يصير نطفة ، والنطفة أصلها من السلالة ، والسلالة هو من صفو الطعام والشراب ، والطعام من أصل الطين ،

__________________

(١) المنية : الموت.


فهذا معنى قوله جل ذكره : (مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ ثُمَّ جَعَلْناهُ نُطْفَةً فِي قَرارٍ مَكِينٍ) يعنى في الأنثيين ثم في الرحم (ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظاماً فَكَسَوْنَا الْعِظامَ لَحْماً ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ) وهذه استحالة من أمر الى أمر ، فحد النطفة إذا وقعت في الرحم أربعين يوما ثم تصير علقة ، وزعمت المعتزلة انا نخلق أفعالنا واحتجوا بقوله عزوجل : أحسن الخالقين وزعموا ان هاهنا خالقين غير الله عزوجل ، ومعنى الخلق هاهنا التقدير مثل ذلك قول الله عزوجل لعيسى عليه‌السلام (١) ليس ذلك كما ذهبت اليه المعتزلة انهم خالقون لأفعالهم وقوله عزوجل : (خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ ثُمَّ جَعَلْناهُ نُطْفَةً فِي قَرارٍ مَكِينٍ) الى قوله عزوجل : (ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ) فهي ستة أجزاء وستة استحالات ، وفي كل جزء واستحالة دية محدودة : ففي النطفة عشرون دينارا ، وفي العلقة أربعون دينارا ، وفي المضغة ستون دينارا ، وفي العظم ثمانون دينارا ، وإذا كسي لحما فمائة دينار حتى يستهل (٢) فاذا استهل فالدية كاملة.

فحدثني أبي بذلك عن سليمان بن خالد عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال ، قلت : يا ابن رسول الله فان خرج في النطفة قطرة دم؟ قال : في القطرة عشر النطفة ، ففيها اثنان وعشرون دينارا ، قلت : فقطرتان؟ قال : أربعة وعشرون دينارا ، قلت : فثلاث ، قال : ستة وعشرون دينارا ، قلت : فأربعة؟ قال ثمانية وعشرون دينارا ، قلت : فخمس؟ قال : ثلاثون دينارا ، وما زاد على النصف فهو على هذا الحساب حتى تصير علقة ، فيكون فيها أربعون دينارا ، قلت : فان خرجت متخضخضة بالدم؟ (٣) قال

__________________

(١) اشارة الى قوله تعالى : (وإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيها فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِي) سورة المائدة ، الاية (١١٠)

(٢) استهل الصبى : رفع صوته بالبكاء عند الولادة ، وكذا كل متكلم رفع صوته أو خفضه فقد أهل واستهل.

(٣) خضخض الماء ونحو : حركه. وفي رواية الكليني (ره) في الكافي «متحصحصة»


قد علقت ان كان ماءا صافيا فيها أربعون دينارا ، وان كان دما اسود فذلك من الجوف فلا شيء عليه الا التعزير ، لأنه ما كان من دم صاف فذلك للولد ، وما كان من دم أسود فهو من الجوف ، قال : فقال أبو شبل : فان العلقة صارت فيها شبه العروق واللحم؟ قال : اثنان وأربعون دينارا العشر ، قلت ان عشر الأربعين دينارا أربعة دنانير؟ قال : لا انما هو عشر المضغة ، لأنه انما ذهب عشرها ، فكلما ازدادت زيد حتى تبلغ الستين ، قلت : فان رأيت في المضغة مثل العقدة عظم يابس؟ قال : ان ذلك عظم أول ما يبتدأ ففيه أربعة دنانير ، فان زاد فزاد أربعة دنانير حتى يبلغ الثمانين ، قلت : فان كسي العظم لحما؟ قال : كذلك الى مأة ، قلت : فان وكزها (١) فسقط الصبى لا يدرى حيا كان أو ميتا؟ قال هيهات يا أبا شبل إذا بلغ اربعة أشهر فقد صارت فيه الحيوة وقد استوجب الدية.

٥١ ـ في الكافي أيضا بعد أن قال : عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن محمد بن الحسن بن شمون عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصم عن مسمع عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قضى أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : وبهذا الاسناد عن أمير المؤمنين قال : جعل دية الجنين مأة دينار ، وجعل منى الرجل الى أن يكون جنينا خمسة أجزاء ، فاذا كان جنينا قبل أن تلجها الروح مأة دينار ، وذلك ان الله عزوجل خلق الإنسان من سلالة وهي النطفة ، فهذا جزء ثم علقة فهو جزءان ، ثم مضغة ثلاثة أجزاء ، ثم عظما فهو أربعة أجزاء ، ثم يكسى لحما فحينئذ تم جنينا فكملت له خمسة أجزاء مأة دينار ، والمأة دينار خمسة أجزاء ، فجعل للنطفة خمس المأة عشرين دينارا ، وللعلقة خمسي المأة أربعين دينارا ، وللمضغة ثلاثة أخماس المأة ستين دينارا ، وللعظم اربعة أخماس المأة ثمانين دينارا ، فاذا كسي اللحم كانت له مأة كاملة ، فاذا نشأ فيه خلق آخر وهو

__________________

بالحاء والصاد المهملتين ، والحصحصة : تحريك الشيء في الشيء حتى يستمكن ويستقر فيه ، وتحصحص : لزق بالأرض واستوى.

(١) كز فلانا : ضربه بجمع الكف.


الروح فهو حينئذ نفس ألف دينار كاملة إذا كان ذكرا وان كان أنثى فخمسمائة دينار.

٥٢ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن محبوب عن أبي أيوب الخزاز عن محمد بن مسلم قال : قلت لأبي جعفر عليه‌السلام : ما صفة النطفة التي تعرف بها؟

فقال : النطفة تكون بيضاء مثل النخامة الغليظة فتمكث في الرحم إذا صارت فيه أربعين يوما ثم تصير الى علقة قلت : فما صفة خلقة العلقة التي تعرف بها؟ قال : هي علقة كعلقة دم المحجمة الجامدة ، تمكث في الرحم بعد تحويلها عن النطفة أربعين يوما ثم تصير مضغة ، قلت : فما صفة المضغة وخلقتها التي تعرف بها؟ قال : هي مضغة لحم حمراء فيها عروق خضر مشتبكة ، ثم تصير الى عظم ، قلت : فما صفة خلقته إذا كان عظما قال : إذا كان عظما شق السمع والبصر ورتبت جوارحه ، فاذا كان كذلك فان فيه الدية كاملة.

٥٣ ـ على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن محبوب عن عبد الله بن غالب عن أبيه عن سعيد بن المسيب قال : سألت على بن الحسين عليهما‌السلام عن رجل ضرب امرأة حاملا برجله فطرحت ما في بطنها ميتا؟ فقال : ان كان نطفة ، فعليه عشرون دينارا ، قلت فما حد النطفة؟ قال : هي إذا وقعت في الرحم فاستقرت فيه أربعين يوما وان طرحته وهو علقة فان عليه أربعين دينارا ، قلت فما حد العلقة؟ قال : هي التي إذا وقعت في الرحم فاستقرت فيه ثمانين يوما قال : وان طرحته وهو مضغة فان عليه ستين دينارا ، قلت : فما حد المضغة؟ فقال : هي التي إذا وقعت في الرحم فاستقرت فيه مأة وعشرين يوما قال وان طرحته وهو نسمة مخلقة له عظم ولحم مزيل الجوارح (١) قد نفخ فيه روح العقل فان عليه دية كاملة ، قلت له : أرأيت تحوله في بطنها الى حال أبروح كان ذلك أو بغير روح؟ قال : بروح عدا الحيوة القديم المنقول في أصلاب الرجال وأرحام النساء ولولا انه كان فيه روح عدا الحيوة ما تحول عن حال بعد حال في الرحم ، وما كان

__________________

(١) اى امتازت وافترقت جوارحه. وفي الوافي «مرمل الجوارح» والترميل بالمهملة : «التزيين ، وفي التهذيب ، مرتب» بدل «مرمل».


إذا على من يقتله دية وهو في تلك الحال.

٥٤ ـ محمد بن يحيى وغيره عن أحمد بن محمد بن عيسى عن أحمد بن محمد ابن أبي نصر عن اسمعيل بن عمرو عن شعيب العقرقوفي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ان للرحم أربعة سبل ، في اى سبيل سلك فيه الماء كان منه الولد ، واحد واثنين وثلاثة وأربعة لا يكون الى سبيل أكثر من واحد.

٥٥ ـ أحمد بن محمد رفعه عن محمد بن حمران عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ان الله عزوجل خلق للرحم أربعة أوعية ، فما كان في الاول فللأب ، وما كان في الثاني فللأم ، وما كان في الثالث فللعمومة ، وما كان في الرابع فللخئولة.

٥٦ ـ في تفسير على بن إبراهيم وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله تعالى : (ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ) فهو نفخ الروح فيه.

٥٧ ـ في تهذيب الأحكام محمد بن الحسن الصفار عن أحمد بن محمد بن عيسى عن العباس بن موسى الوراق عن يونس بن عبد الرحمن عن أبي جرير القمى قال : سألت العبد الصالح عليه‌السلام عن النطفة ما فيها من الدية وما في العلقة وما في المضغة المخلقة وما يقر في الأرحام؟ قال : انه يخلق في بطن امه خلقا بعد خلق يكون نطفة أربعين يوما ، ثم يكون علقة أربعين يوما ، ثم مضغة أربعين يوما ، ففي النطفة أربعون دينارا ، وفي العلقة ستون دينارا ، وفي المضغة ثمانون دينارا ، فاذا كسي العظام لحما ففيه مأة دينار ، قال الله عزوجل : (ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ) فان كان ذكرا ففيه الدية ، وان كان أنثى ففيها ديتها.

٥٨ ـ في كتاب التوحيد باسناده الى الفتح بن يزيد الجرجاني عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام حديث طويل وفيه : قلت : جعلت فداك وغير الخالق الجليل خالق؟ قال : ان الله تبارك وتعالى يقول : (فَتَبارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ) فقد أخبر أن في عباده خالقين وغير خالقين ، منهم عيسى بن مريم صلى الله عليه خلق من الطين كهيئة الطير بإذن الله فنفخ فيه فصار طائرا بإذن الله والسامري أخرج لهم عجلا جسدا له خوار.


٥٩ ـ في كتاب الخصال عن زيد بن وهب قال سئل أمير المؤمنين على بن أبي طالب عليه‌السلام عن قدرة الله عزوجل فقام خطيبا فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : ان لله تبارك وتعالى ملائكة لو ان ملكا منهم هبط الى الأرض ما وسعته لعظم خلقته وكثرة أجنحته ، ومنهم من لو كلفت الجن والانس أن يصفوه ما وصفوه لبعد ما بين مفاصله وحسن تركيب صورته ، وكيف يوصف من ملائكته من سبعمائة عام ما بين منكبيه وشحمة أذنيه ، ومنهم من يسد الأفق بجناح من أجنحته دون عظم بدنه ، ومنهم من السموات الى حجزته ، ومنهم من لو القى في نقرة إبهامه جميع المياه لوسعتها ، ومنهم من لو ألقيت السفن في دموع عينيه لجرت دهر الداهرين ، (فَتَبارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ). وفي كتاب التوحيد مثله ٦٠ ـ وفي كتاب الخصال أيضا عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : خمسة خلقوا ناريين الطويل الذاهب ، والقصير القمى (١) والأزرق بخضرة ، والزائد والناقص.

٦١ ـ في مجمع البيان وروى ان عبد الله بن سعد بن أبي سرح كان يكتب لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فلما بلغ الى قوله «خلقا آخر» خطر بباله (فَتَبارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ) فلما املاها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كذلك قال عبد الله : ان كان محمد نبيا يوحى اليه فأنا نبي يوحى الى ، فلحق بمكة مرتدا ، ولو صح هذا فان هذا القدر لا يكون معجزا ، ولا يمتنع ان يتفق ذلك من الواحد منا لكن هذا الشقي انما اشتبه عليه أو شبه على نفسه لما كان في صدره من الكفر والحسد للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله «انتهى».

٦٢ ـ في تفسير على بن إبراهيم وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله : (وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ) فهي الأنهار والعيون والآبار (٢).

٦٣ ـ في الكافي عنه عن أحمد بن محمد عن العباس بن معروف عن النوفلي

__________________

(١) القمى ـ بضم القاف وفتح الميم ـ : السمن ، وفي المصدر «العمى» بالعين وليس له معنى يناسب لمقام.

(٢) الآبار جمع البئر.


عن اليعقوبي عن عيسى بن عبد الله عن سليمان بن جعفر قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام في قول ـ الله عزوجل : (وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّا عَلى ذَهابٍ بِهِ لَقادِرُونَ) قال : يعنى ماء العتيق.

٦٤ ـ في مجمع البيان روى مقاتل عن عكرمة عن ابن عباس عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ان الله تعالى انزل من الجنة خمسة أنهار ، سيحون وهو نهر الهند ، وجيحون وهو نهر بلخ ، ودجلة والفرات وهما نهرا العراق ، والنيل وهو نهر مصر ، أنزلها الله من عين واحدة ، وأجراها في الأرض ، وجعل فيها منافع للناس في أصناف معايشهم ، فذلك قوله : (وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ) الاية.

٦٥ ـ في تفسير على بن إبراهيم وقوله عزوجل : (وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْناءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ) للاكلين قال : شجرة الزيتون وهو مثل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأمير المؤمنين صلوات الله عليه ، فالطور الجبل وسينا الشجرة.

٦٦ ـ في مجمع البيان (تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ) وقد روى عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله انه قال : الزيت شجرة مباركة ، فائتدموا منه وادهنوا.

٦٧ ـ في تهذيب الأحكام باسناده الى الثمالي عن أبي جعفر عليه‌السلام انه كان في وصية أمير المؤمنين عليه‌السلام ان أخرجونى الى الظهر ، فاذا تصوبت أقدامكم واستقبلتكم ريح فادفنوني ، فهو أول طور سينا ، ففعلوا ذلك.

٦٨ ـ وباسناده الى أبي عبد الله عليه‌السلام حديث طويل يقول فيه وقد ذكر أمير المؤمنين عليه‌السلام والغري وهي قطعة من الجبل الذي كلم الله عليه موسى تكليما ، وقدس عليه عيسى تقديسا ، واتخذ عليه إبراهيم خليلا ، واتخذ محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله حبيبا وجعله للنبيين مسكنا ، فو الله ما سكن بعد أبويه الطيبين آدم ونوح أكرم من أمير المؤمنين عليه‌السلام.

٦٩ ـ في جوامع الجامع (فَإِذا جاءَ أَمْرُنا وَفارَ التَّنُّورُ) الاية روى انه قيل لنوح عليه‌السلام : إذا رأيت الماء يفور من التنور فاركب أنت ومن معك في السفينة : فلما


نبع الماء من التنور أخبرته امرأته فركب.

٧٠ ـ في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن اسمعيل بن مهران عن سيف بن عميرة عن أبي بصير قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : هل للشكر حد إذا فعله العبد كان شاكرا؟ قال : نعم قلت : ما هو؟ قال : يحمد الله على كل نعمة عليه في أهل ومال ، وان كان فيما أنعم الله عليه في ماله حق اداه ومنه قوله تعالى (أَنْزِلْنِي مُنْزَلاً مُبارَكاً وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٧١ ـ في من لا يحضره الفقيه قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لعلى عليه‌السلام : يا على إذا نزلت منزلا فقل : اللهم (أَنْزِلْنِي مُنْزَلاً مُبارَكاً وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ) ، ترزق خيره ويدفع عنك شره.

٧٢ ـ في كتاب الخصال فيما علم أمير المؤمنين عليه‌السلام أصحابه من الاربعمأة باب فيما يصلح للمسلم في دينه ودنياه : وإذا نزلتم منزلا فقولوا : اللهم أنزلنا (مُنْزَلاً مُبارَكاً وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ).

٧٣ ـ في نهج البلاغة ايها الناس ان الله قد أعاذكم من أن يجور عليكم ولم يعذبكم من أن يبتليكم ، وقد قال جل من قائل : ان في ذلك لآيات وان كنا لمبتلين.

٧٤ ـ في تفسير على بن إبراهيم وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله : فجعلناهم غثاء الغثاء اليابس الهامد من نبات الأرض (١).

٧٥ ـ وقال على بن إبراهيم رحمه‌الله في قوله عزوجل : (وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً) الى قوله ومعين قال : الربوة الحيرة ، وذات قرار ومعين الكوفة.

٧٦ ـ في مجمع البيان (وَآوَيْناهُما إِلى رَبْوَةٍ ذاتِ قَرارٍ وَمَعِينٍ) وقيل : حيرة الكوفة وسوادها. والقرار مسجد الكوفة والمعين الفرات عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما‌السلام. وفي جوامع الجامع مثله.

٧٧ ـ وفي مجمع البيان (يا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ) وروى عن النبي

__________________

(١) الهامد : اليابس من النبات والشجر.


صلى‌الله‌عليه‌وآله ان الله طيب لا يقبل الا طيبا ، وانه أمر المؤمنين بما امر به المرسلين ، فقال : (يا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ) وقال : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ).

٧٧ ـ في تفسير على بن إبراهيم امة واحدة قال : على مذهب واحد.

٧٨ ـ وقوله عزوجل : (كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ) قال : كل من اختار لنفسه دينا فهو فرح به.

٧٩ ـ في نهج البلاغة فلو رخص الله في الكبر لأحد لرخص لأنبيائه ورسله ، ولكنه سبحانه كره لهم التكابر ورضى لهم التواضع ، فالصقوا بالأرض خدودهم ، وعفروا في التراب وجوههم ، وخفضوا أجنحتهم للمؤمنين ، فكونوا قوما مستضعفين قد اختبرهم الله بالمخمصة ، وابتلاهم بالمجهدة ، وامتحنهم بالمخاوف ومحصهم بالمكاره ، فلا تعتبروا الرضا والسخط بالمال والولد جهلا بمواقع الفتنة والاختبار في موضع الغنا والإقتار ، فقد قال سبحانه : (أَيَحْسَبُونَ أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مالٍ وَبَنِينَ نُسارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْراتِ بَلْ لا يَشْعُرُونَ) فان الله سبحانه يختبر عباده المستكبرين في أنفسهم بأوليائه المستضعفين في أعينهم.

٨٠ ـ في مجمع البيان (أَيَحْسَبُونَ أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مالٍ وَبَنِينَ نُسارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْراتِ بَلْ لا يَشْعُرُونَ) وروى السكوني عن أبي عبد الله عن أبيه عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ان الله تعالى يقول : يحزن عبدي المؤمن إذا قترت عليه شيئا من الدنيا ، وذلك أقرب له منى ، ويفرح إذا بسطت له الدنيا ، وذلك أبعد له منى ، ثم تلا هذه الاية الى قوله : «بل لا يشعرون» ثم قال : ان ذلك فتنة لهم.

٨١ ـ في أصول الكافي على بن إبراهيم عن أبيه وعلى بن محمد القاساني جميعا عن القاسم بن محمد عن سليمان المنقري عن حفص بن غياث قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : ان قدرت أن لا تعرف فافعل ، وما عليك ان لا يثنى عليك الناس ، وما عليك ان تكون مذموما عند الناس إذا كنت محمودا عند الله ، ثم قال :


انى (١) على بن أبي طالب لا خير في العيش الا لرجلين ، رجل يزداد كل يوم خيرا ، ورجل يتدارك منيته بالتوبة ، وأنى له بالتوبة ، والله لو سجد حتى ينقطع عنقه ما قبل الله تبارك وتعالى منه الا بولايتنا أهل البيت ، ألا ومن عرف حقنا ورجا الثواب فينا ورضى بقوته نصف مد في كل يوم وما ستر عورته وما أكن رأسه وهم والله في ذلك خائفون وجلون ودوا انه حظهم من الدنيا ، وكذلك وصفهم الله عزوجل فقال : (وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلى رَبِّهِمْ راجِعُونَ) ثم قال : ما الذي آتوا ، أتوا والله مع الطاعة والمحبة والولاية وهم في ذلك خائفون ، ليس خوفهم خوف شك ولكنهم خافوا أن يكونوا مقصرين في محبتنا وطاعتنا.

٨٢ ـ في تفسير على بن إبراهيم ثم ذكر عزوجل من يريد بهم الخير فقال : (إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ) الى قوله : (يُؤْتُونَ ما آتَوْا) قال : من العبادة والطاعة.

٨٣ ـ في روضة الكافي وهيب عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن قول الله عزوجل : (وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ) قال : هي شفاعتهم ورجاؤهم يخافون أن ترد عليهم أعمالهم ان لم يطيعوا الله عز ذكره ويرجون ان يقبل منهم.

٨٤ ـ في مجمع البيان (وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ) وقال أبو عبد الله عليه‌السلام : معناه خائفة ان لا يقبل منهم وفي رواية اخرى أتى وهو خائف راج.

٨٥ ـ في محاسن البرقي عنه عن الحسن بن على بن فضال عن أبي جميلة عن محمد الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله : (الَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلى رَبِّهِمْ راجِعُونَ) قال : يعملون ما عملوا وهم يعلمون انهم يثابون عليه.

٨٦ ـ وروى عثمان بن عيسى عن سماعة عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : يعملون ويعلمون انهم سيثابون عليه.

٨٧ ـ عنه عن أبيه عن ابن سنان عن ابن بكير عن زرارة عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : لو ان العباد وصفوا الحق وعملوا به ولم تعقد قلوبهم على انه الحق

__________________

(١) كذا في النسخ ولم أظفر على الحديث في مظانه في كتاب الكافي.


ما انتفعوا.

٨٨ ـ في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن على بن حديد عن منصور بن يونس عن حارث بن المغيرة أو أبيه عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال قلت له : ما كان في وصية لقمان؟ قال : كان فيها الأعاجيب وكان أعجب ما كان فيها ان قال : خف الله جل وعز خيفة لو جئته ببر الثقلين لعذبك ، وارج الله رجاء لو جئته بذنوب الثقلين لرحمك.

٨٩ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن على بن النعمان عن حمزة بن حمران قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : ان مما حفظ من خطب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله انه قال : الا ان المؤمن يعمل بين مخافتين ، بين أجل قد مضى لا يدرى ما الله صانع فيه وبين أجل قد بقي لا يدرى ما الله عزوجل قاض فيه. والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٩٠ ـ في تفسير على بن إبراهيم وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله : (أُولئِكَ يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَهُمْ لَها سابِقُونَ) يقول : هو على بن أبي طالب صلوات الله عليه لم يسبقه أحد.

٩١ ـ في كتاب المناقب لابن شهر آشوب في مناقب زين العابدين عليه‌السلام وكان إذا دخل شهر رمضان يكتب على غلمانه ذنوبهم حتى إذا كان آخر ليلة دعاهم ثم أظهر الكتاب وقال : يا فلان فعلت كذا وكذا ولم أؤد بك؟ فيقرون اجمع فيقوم وسطهم ويقول لهم : ارفعوا أصواتكم وقولوا : يا على بن الحسين ربك قد أحصى عليك ما عملت كما أحصيت علينا ولديه كتاب ينطق بالحق لا يغادر صغيرة ولا كبيرة الا أحصاها فاذكر ذل مقامك بين يدي ربك الذي لا يظلم مثقال ذرة وكفى بالله شهيدا ، فاعف واصفح يعف عنك المليك لقوله تعالى : (وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَكُمْ) ويبكى وينوح.

٩٢ ـ في جوامع الجامع (حَتَّى إِذا أَخَذْنا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذابِ) والعذاب قتلهم يوم بدر ، أو الجوع حين دعا عليهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : اللهم اشدد ووطأتك على مضر


واجعلها عليهم سنين كسنى يوسف (١) فابتلاهم الله بالقحط حتى أكلوا الجيف والكلاب والعظام المحترقة والقد (٢) والأولاد. وفي مجمع البيان ذكر نحو الثاني ونقله قولا عن الضحاك.

٩٣ ـ وفي جوامع الجامع ـ أم جاء هم ما لم يأت آبائهم الأولين حيث خافوا الله فآمنوا به وأطاعوه ، وآباءهم اسمعيل وأعقابه وعن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : لا تسبوا مضر ولا ربيعة فإنهما كانا مسلمين ، ولا تسبوا الحارث بن كعب ولا أسد بن خزيمة ولا تميم بن مر فإنهم كانوا على الإسلام ، وما شككتم فيه من شيء فلا تشكوا في ان تبعا كان مسلما.

٩٤ ـ في تفسير على بن إبراهيم ـ ولو اتبع الحق أهوائهم لفسدت السموات والأرض ومن فيهن قال : الحق رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأمير المؤمنين عليه‌السلام.

٩٥ ـ وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله : (أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجاً فَخَراجُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) يقول : أم تسألهم أجرا فأجر ربك خير وقوله : (وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) قال : الى ولاية أمير المؤمنين.

٩٦ ـ في أمالي شيخ الطائفة قدس‌سره باسناده الى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله حديث طويل يقول فيه صلى‌الله‌عليه‌وآله لعلى عليه‌السلام ، من أحبك لدينك وأخذ بسبيلك فهو ممن هدى الى صراط مستقيم ، ومن رغب عن هواك وأبغضك وانجلاك لقى الله يوم القيامة لا خلاق له.

٩٧ ـ في تفسير على بن إبراهيم قال : (وَإِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّراطِ لَناكِبُونَ) قال : عن الامام لحادون.

__________________

(١) قال الجزري : الوطأة في الأصل : الدوس بالقدم ، فسمى به لغزو والقتل ، لان من يطأ الشيء برجله فقد استقصى في إهلاكه واهانته ومنه الحديث اللهم اشدد ووطأتك على مضر اى خذهم أخذا شديدا ، وقال : السنة : الجدب.

(٢) القد : الإناء من جلد. والنعل لم يجرد من الشعر. وفي بعضي النسخ «القدر» لكن المختار هو الموافق للمصدر أيضا.


٩٨ ـ في أصول الكافي الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن محمد بن جمهور عن عبد الله بن عبد الرحمن عن الهيثم بن واقد عن صفوان قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : ان الله تبارك وتعالى لو شاء لعرف العباد نفسه ، ولكن جعلنا أبوابه وصراطه وسبيله والوجه الذي يؤتى منه ، فمن عدل عن ولايتنا أو فضل علينا غيرنا فإنهم (عَنِ الصِّراطِ لَناكِبُونَ) ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٩٩ ـ في روضة الكافي خطبة مسندة لأمير المؤمنين عليه‌السلام : وهي خطبة الوسيلة يقول فيها عليه‌السلام وقد ذكر الاشقيين : يقول لقرينه إذا التقيا : (يا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ) فيجيبه الأشقى على رثوثة : (يا وَيْلَتى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جاءَنِي وَكانَ الشَّيْطانُ لِلْإِنْسانِ خَذُولاً) فأنا الذكر الذي عنه ضل ، والسبيل الذي عنه مال ، والايمان الذي به كفر ، والقرآن الذي إياه هجر ، والدين الذي به كذب ، والصراط الذي عنه نكب.

١٠٠ ـ في جوامع الجامع ـ (وَلَوْ رَحِمْناهُمْ وَكَشَفْنا ما بِهِمْ مِنْ ضُرٍّ لَلَجُّوا فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ) ولما أسلم ثمامة بن أثال الحنفي ولحق باليمامة ومنع الميرة من أهل مكة وأخذهم الله بالسنين حتى أكلوا العلهز وهو دم القراد مع الصوف ، جاء ابو سفيان بن حرب الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال له : أنشدك الله والرحم ، ألست تزعم انك بعثت رحمة للعالمين؟ فقال : بلى ، فقال له : قتلت الاباء بالسيف والأبناء بالجوع.

١٠١ ـ في أصول الكافي على بن إبراهيم عن ابن أبي عمير عن أبي أيوب عن محمد بن مسلم قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن قول الله عزوجل ، (فَمَا اسْتَكانُوا لِرَبِّهِمْ وَما يَتَضَرَّعُونَ) فقال : الاستكانة هو الخضوع ، والتضرع هو رفع اليدين والتضرع بهما.

١٠٢ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن محبوب عن أبي أيوب عن محمد بن مسلم قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (فَمَا اسْتَكانُوا لِرَبِّهِمْ وَما يَتَضَرَّعُونَ) قال : الاستكانة هي الخضوع ، والتضرع رفع اليدين والتضرع بهما.


١٠٣ ـ في مجمع البيان وروى عن مقاتل بن حيان عن الأصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : رفع الأيدي من الاستكانة ، قلت : وما الاستكانة؟ قال : الا تقرء هذه الاية : (فَمَا اسْتَكانُوا لِرَبِّهِمْ وَما يَتَضَرَّعُونَ) أورده الثعلبي والواحدي في تفسيريهما.

١٠٤ ـ وقال ابو عبد الله عليه‌السلام : الاستكانة الدعاء ، والتضرع رفع اليدين في الصلوة.

١٠٥ ـ (حَتَّى إِذا فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً ذا عَذابٍ شَدِيدٍ) وذلك حين دعا النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله عليهم فقال : اللهم اجعلها عليهم سنين كسنى يوسف فجاعوا حتى أكلوا العلهز وهو الوبر بالدم ، وقال أبو جعفر عليه‌السلام : هو في الرجعة. قال عز من قائل : و (هُوَ الَّذِي أَنْشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ) الاية.

١٠٦ ـ في نهج البلاغة قال عليه‌السلام : اعجبوا لهذا الإنسان ينظر بشحم ويتكلم بلحم ويسمع بعظم ويتنفس من خرم (١).

١٠٧ ـ في تفسير على بن إبراهيم ثم رد الله عزوجل على الثنوية الذين قالوا بالهين فقال : (مَا اتَّخَذَ اللهُ مِنْ وَلَدٍ وَما كانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ) قال : لو كانا الهين كما زعمتم لطلب كل واحد منهما العلو ، وإذا شاء واحد أن يخلق إنسانا شاء الاخر أن يخالفه فيخلق بهيمة ، فيكون الخلق منهما على مشيتهما واختلاف ارادتهما إنسانا وبهيمة في حالة واحدة ، فهذا من أعظم المحال غير موجود ، وإذا بطل هذا ولم يكن بينهما اختلاف بطل الاثنان ، وكان واحدا ، فهذا التدبير واتصاله وقوام بعضه ببعض يدل على صانع واحد ، وهو قول الله عزوجل : (مَا اتَّخَذَ اللهُ مِنْ وَلَدٍ وَما كانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ) وقوله : (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا).

١٠٨ ـ في كتاب التوحيد باسناده الى الفتح بن يزيد الجرجاني عن أبي الحسن

__________________

(١) الخرم : الثقب والشق.


عليه‌السلام حديث طويل وفي آخره قلت : جعلت فداك بقيت مسئلة قال : هات لله أبوك ، قلت : يعلم القديم الشيء الذي لم يكن ان لو كان كيف كان يكون؟ قال : ويحك ان مسائلك لصعبة ، أما سمعت الله يقول : (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا) وقوله : (وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ) وقال يحكى قول أهل النار : (أَخْرِجْنا نَعْمَلْ صالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ) وقال : (وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ) فقد علم الشيء الذي لم يكن ان لو كان كيف كان يكون.

١٠٩ ـ في كتاب معاني الاخبار باسناده الى ثعلبة بن ميمون عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ) فقال : عالم الغيب ما لم يكن ، والشهادة ما قد كان.

١١٠ ـ في مجمع البيان وروى الحاكم أبو القاسم الحسكاني باسناده عن أبي صالح عن ابن عباس وجابر بن عبد الله انهما سمعا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول في حجة الوداع وهو بمنى : لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض ، وايم الله لئن فعلتموها لتعرفني في كتيبة يضاربونكم قال : فغمز من خلفه منكبه الأيسر فالتفت فقال : أو على فنزل : (قُلْ رَبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي) الآيات.

١١١ ـ في الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن ابن محبوب عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : بعث أمير المؤمنين عليه‌السلام الى بشر بن عطارد التيمي في كلام بلغه فمر به رسول أمير المؤمنين عليه‌السلام في بنى أسد وأخذه ، فقام اليه نعيم بن دجاجة الأسدي فأفلته (١) فبعث اليه أمير المؤمنين عليه‌السلام فأتوه به وامر به أن يضرب فقال نعيم : أما والله ان المقام معك لذل وان فراقك لكفر؟ قال : فلما سمع ذلك منه قال له : قد عفونا عنك ان الله عزوجل يقول : (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ) اما قولك : ان المقام معك لذل فسيئة اكتسبتها ، واما قولك : وان فراقك لكفر فحسنة اكتسبتها فهذه بهذه فأمر ان يخلى عنه.

١١٢ ـ في محاسن البرقي عنه عن أبيه عن حماد بن عيسى عن حريز عمن أخبره

__________________

(١) اى خلصه من يده.


عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله تعالى : (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ) قال : التي هي أحسن التقية ، (فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ).

١١٣ ـ في تفسير على بن إبراهيم وقوله : و (قُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزاتِ الشَّياطِينِ) قال : ما يقع في قلبك من وسوسة الشياطين.

١١٤ ـ في كتاب ثواب الأعمال وذكر أحمد بن أبي عبد الله ان في رواية أبي بصير قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : من منع الزكاة سأل الرجعة عند الموت ، وهو قول الله عزوجل : (حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ).

١١٥ ـ في الكافي يونس عن على بن أبي حمزة عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : من منع قيراطا من الزكاة فليس بمؤمن ولا مسلم ، وهو قوله تعالى : (رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ).

١١٦ ـ أحمد بن محمد عن على بن الحسين عن وهيب بن حفص عن أبي بصير قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : من منع الزكاة سأل الرجعة عند الموت ، وهو قول الله تعالى : (رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ).

١١٧ ـ في من لا يحضره الفقيه في وصية النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لعلى عليه‌السلام : يا على تارك الزكاة يسأل الرجعة الى الدنيا ، وذلك قول الله عزوجل : (حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ رَبِّ ارْجِعُونِ) الاية.

١١٨ ـ في أمالي الصدوق رحمه‌الله عن الصادق عليه‌السلام حديث طويل وفيه يقول عليه‌السلام : إذا مات الكافر شيعه سبعون ألفا من الزبانية الى قبره ، وانه ليناشد حامليه بصوت يسمعه كل شيء الا الثقلان ويقول : (لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) ويقول : (رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ) فتجيبه الزبانية (كَلَّا إِنَّها كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها)

١١٩ ـ في مجمع البيان وروى العياشي باسناده عن الفتح بن يزيد الجرجاني قال قلت لأبي الحسن الرضا عليه‌السلام : جعلت فداك يعرف القديم سبحانه الشيء الذي لم


يكن ان لو كان كيف كان يكون؟ قال : ويحك ان مسألتك لصعبة ، أما قرأت قوله عزوجل الى قوله : وقال ـ يحكى قول الأشقياء ـ : (رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّها كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها) فقد علم الشيء الذي لم يكن ان لو كان كيف كان يكون.

١٢٠ ـ في تفسير على بن إبراهيم قوله عزوجل : (وَمِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) قال : البرزخ هو امر بين أمرين وهو الثواب والعقاب بين الدنيا والاخرة وهو قول الصادق عليه‌السلام : والله ما أخاف عليكم الا البرزخ ، واما إذا صار الأمر إلينا فنحن أولى بكم.

١٢١ ـ وقال على بن الحسين عليهما‌السلام : ان القبر اما روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار.

١٢٢ ـ وفيه أيضا وقوله : (وَمِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) فقال الصادق عليه‌السلام : البرزخ القبر وهو الثواب والعقاب بين الدنيا والاخرة ، والدليل على ذلك قول العالم عليه‌السلام : والله ما نخاف عليكم الا البرزخ.

١٢٣ ـ في كتاب الخصال عن الزهري قال قال على بن الحسين بن على بن أبي طالب عليهم‌السلام : أشد ساعات ابن آدم ثلاث ساعات : الساعة التي يعاين فيها ملك الموت ، والساعة التي يقوم فيها من قبره ، والساعة التي يقوم فيها بين يدي الله ، فاما الى الجنة واما الى النار ، ثم قال : ان نجوت يا ابن آدم عند الموت فأنت أنت والا هلكت ، وان نجوت يا بن آدم حين توضع في قبرك فأنت أنت والا هلكت ، وان نجوت حين تحمل الناس على الصراط فأنت أنت والا هلكت ، وان نجوت يا ابن آدم حين تقوم لرب العالمين فأنت أنت والا هلكت ، ثم تلا : (وَمِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) وقال : هو القبر ، وان لهم فيها لمعيشة ضنكا ، والله ان القبر لروضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار.

١٢٤ ـ في الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن أحمد بن


محمد عن عبد الرحمان بن حماد عن عمر بن يزيد قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : انى سمعتك وأنت تقول : كل شيعتنا في الجنة على ما كان فيهم؟ قال : صدقتك كلهم والله في الجنة ، قال : قلت : جعلت فداك ان الذنوب كثيرة كبار؟ فقال : اما في القيامة فكلكم في الجنة بشفاعة النبي المطاع أو وصى النبي ، ولكني والله أتخوف عليكم في البرزخ ، قلت : وما البرزخ؟ فقال : القبر منذ حين موته الى يوم القيامة.

١٢٥ ـ في نهج البلاغة قال عليه‌السلام : سلكوا في بطون البرزخ سبيلا سلطت الأرض عليهم فيه ، فأكلت لحومهم وشربت من دمائهم فأصبحوا في فجوات قبورهم جمادا لا ينمون وضمارا لا يوجدون ، لا يفزعهم ورود الأهوال ولا يحزنهم تنكر الأحوال ، ولا يحفلون بالرواجف ، ولا يأذنون للقواصف ، غيبا لا ينتظرون ، وشهودا لا يحضرون وانما كانوا جميعا فتشتتوا ، وآلافا فافترقوا ، وما عن طول عهدهم ولا بعد محلهم عميت أخبارهم وصمت ديارهم ، ولكنهم سقوا كأسا بدلتهم بالنطق خرسا وبالسمع صمما ، وبالحركات سكونا فكأنهم في ارتجال الصفة صرعى سبات ، جيران لا يتآنسون وأحباء لا يتزاورون ، بليت بينهم عرى التعارف ، وانقطعت منهم أسباب الإخاء فكلهم وحيد وهم جميع ، وبجانب الهجر وهم أخلاء لا يتعارفون لليل صباحا ولا لنهار مساء أى الجديدين ظعنوا فيه كان عليهم سرمدا شاهدوا من أخطار دارهم أفظع مما خافوا ورأوا من آياتها أعظم مما قد روا ، فكلا الغايتين مدت لهم الى مباءة ، فأتت مبالغ الخوف والرجاء فلو كانوا ينطقون بها لعيوا بصفة ما شاهدوا وما عاينوا (١)

__________________

(١) قوله عليه‌السلام : «في فجوات» هي جمع فجوة : وهي الفرجة المتسعة بين الشيئين. «وجمادا لا ينمون» قال الشارح المغزلى اى خرجوا عن صورة الحيوانية الى صورة الجماد الذي لا ينمى ولا يزيد ، ويروى لا ينمون بتشديد الميم من النميمة وهي الهمس والحركة ومنه قولهم اسكت الله نامته في قوله من شدد ولم يهمز «وضمارا» يقال لكل ما لا يرجى من الدين والوعد ، وكل ما لا تكون منه على ثقة ضمار «لا يحفلون بالرواجف» اى لا يكترثون بالزلازل «ولا يأذنون للقواصف» اى لا يسمعون الأصوات الشديدة ، أذنت لكذا اى سمعته ، وجمع لغائب


١٢٦ ـ في الكافي على بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس عن خالد بن عمارة عن أبي بصير : قال أبو عبد الله عليه‌السلام إذا حيل بينه (١) وبين الكلام أتاه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ومن شاء الله (٢) فجلس رسول الله عن يمينه والاخر عن يساره ، فيقول له رسول الله : اما ما كنت ترجو فهو ذا أمامك ، وأما ما كنت تخاف منه فقد أمنت منه ، ثم يفتح له بابا الى الجنة فيقول : هذا منزلك من الجنة ، فان شئت رددناك الى الدنيا ولك فيها ذهب وفضة ، فيقول : لا حجة لي في الدنيا ، فعند ذلك بيض لونه ويرشح جبينه وتقلص شفتاه (٣) وتنتشر منخراه وتدمع عينه اليسرى ، فأى هذه العلامات رأيت فاكتف بها فاذا خرجت النفس من الجسد فيعرض عليها كما يعرض عليه وهي في الجسد ، فتختار الاخرة فيغسله فيمن يغسله ، ويقلبه فيمن يقلبه فاذا أدرج في أكفانه ووضع على سريره خرجت روحه تمشي بين أيدى القوم قدما ، تلقاه أرواح المؤمنين يسلمون عليه ويبشرونه بما أعد الله له جل ثناؤه من النعيم ، فاذا وضع في قبره رد اليه الروح الى وركيه (٤) ثم يسأل عما يعلم ، فاذا جاء بما يعلم فتح له ذلك الباب الذي أراه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فيدخل عليه من نورها وبردها وطيب ريحها ، قال : قلت : جعلت فداك فأين ضغطة القبر؟ فقال : هيهات ما على المؤمنين شيء والله ان هذه الأرض لتفتخر على هذه فتقول وطأ على ظهري مؤمن ولم يطأ على ظهرك مؤمن ، وتقول له الأرض : والله لقد كنت أحبك وأنت تمشي على ظهري ، فاما إذا وليتك فستعلم ماذا أصنع بك فتفسح له مد بصره

__________________

غيب وغيب وكلاهما مروي هاهنا ، وآلاف جمع ألف ، ككفار جمع كافر. وقوله عليه‌السلام : «فكأنهم في ارتجال الصفة» اى إذا وصفهم الواصف مرتجلا غير مترو في الصفة ولا متهيئ ، للقول والسبات : النوم والمباءة : المنزل.

(١) اى المحتضر.

(٢) كنى بمن شاء الله عن أمير المؤمنين عليه‌السلام ، وانما لم يصرح به كتمانا على المخالفين المنكرين.

(٣) قلص الشفتين : انزوائهما.

(٤) الورك ـ ككتف ـ : ما فوق الفخذ كالكتف فوق العضد.


١٢٧ ـ عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن ابن محبوب عن عبد العزيز العبدي عن ابن أبي يعفور قال : كان خطاب الجهني خليطا لنا وكان شديد النصب لال محمد وكان يصحب نجدة الحروري (١) قال : فدخلت عليه أعوده للخلطة والتقية ، فاذا هو مغمى عليه في حد الموت ، فسمعته يقول : ما لي ولك يا على عليه‌السلام؟! فأخبرت بذلك أبا عبد الله عليه‌السلام ، فقال أبو عبد الله : رآه ورب الكعبة رآه ورب الكعبة.

١٢٨ ـ على بن إبراهيم عن أبيه عن حماد بن عيسى عن حريز عن زرارة قال : قلت لأبي جعفر عليه‌السلام : أرأيت الميت إذا مات لم يجعل معه الجريدة؟ قال : تجافى عنه العذاب والحساب ما دام العود رطبا قال : والعذاب كله في يوم واحد في ساعة واحدة قدر ما يدخل القبر ويرجع القوم ، وانما جعلت السعفتان (٢) لذلك فلا يصيبه عذاب ولا حساب بعد جفوفهما ان شاء الله.

١٢٩ ـ محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن عبد الرحمان بن أبي هاشم عن سالم عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ما من موضع قبر الا وهو ينطق كل يوم ثلاث مرات : أنا بيت التراب ، انا بيت البلى ، انا بيت الدود ، قال : فاذا دخله عبد مؤمن قال : مرحبا وأهلا ، أما والله لقد كنت أحبك وأنت تمشي على ظهري فكيف إذا دخلت بطني فسترى ذلك؟ قال فيفسح له مد البصر ويفتح له باب يرى مقعده من الجنة ، قال : ويخرج من ذلك رجل لم تر عيناه شيئا أحسن منه ، فيقول : يا عبد الله ما رأيت شيئا قط أحسن منك؟ فيقول : انا رأيك الحسن الذي كنت عليه وعملك الصالح الذي كنت تعمله ، قال : ثم تؤخذ روحه فيوضع في الجنة حيث رأى منزله ، ثم يقال له : نم قرير العين فلا يزال نفحة من الجنة تصيب جسده ، ويجد لذتها وطيبها حتى يبعث. قال : وإذا دخل الكافر قالت له : لا مرحبا بك ولا أهلا ، اما والله لقد كنت أبغضك وأنت تمشي على ظهري فكيف إذا دخلت بطني سترى ذلك ، قال : فتضم

__________________

(١) الحرورية : طائفة من الخوارج منسوبة الى حروراء وهي قرية بالكوفة رئيسهم نجدة.

(٢) السعفة : الجريدة من البخل.


عليه فتجعله رميما ويعاد كما كان ، ويفتح له باب الى النار فيرى مقعده من النار ، ثم قال : ثم انه يخرج منه رجل أقبح من راى قط قال : فيقول له : يا عبد الله من أنت ما رأيت شيئا أقبح منك؟ قال : فيقول : أنا عملك السيئ الذي كنت تعمله ورأيك الخبيث ، قال : ثم تؤخذ روحه فتوضع حيث راى مقعده من النار ، ثم لم تزل نفخة من النار تصيب جسده فيجد ألمها وحرها في جسده الى يوم يبعث ، ويسلط الله على روحه تسعة وتسعين تنينا تنهشه (١) ليس فيها تنين ينفخ على وجه الأرض فتنبت شيئا.

١٣٠ ـ عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن الحسن بن على عن غالب بن عثمان عن بشير الدهان عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ان للقبر كلاما كل يوم يقول : انا بيت الغربة أنا بيت الوحشة ، انا بيت الدود ، انا القبر ، أنا روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار.

١٣١ ـ على بن محمد عن على بن الحسن عن حسين بن راشد عن المرتجل بن معمر عن ذريح المحاربي عن عبادة الأسدي عن حبة العرني قال : خرجت مع أمير المؤمنين عليه‌السلام الى الظهر (٢) فوقف بواد السلام كأنه مخاطب لا قوام ، فقمت لقيامه حتى أعييت ثم جلست حتى مللت ، ثم قمت حتى نالني مثل ما نالني اولا ، ثم جلست حتى مللت ثم قمت وجمعت ردائي ، فقلت : يا أمير المؤمنين انى قد أشفقت عليك من طول القيام فراحة ساعة؟ ثم طرحت الرداء ليجلس عليه فقال لي : يا حبة ان هو إلا محادثة مؤمن أو مؤانسة ، قال : قلت : يا أمير المؤمنين وانهم لكذلك؟ قال : نعم ولو كشف لك لرأيتهم حلقا حلقا محتبين (٣) يتحادثون ، فقلت : أجسام أم أرواح؟ فقال : أرواح ، وما من مؤمن يموت في بقعة من بقاع الأرض الا قيل لروحه : الحقي بوادي السلام وانها لبقعة من جنة عدن.

__________________

(١) التنين ، الحية العظيمة.

(٢) اى الى ظهر الكوفة.

(٣) من احتبى بالثوب : اشتمل به. وقيل : جمع بين ظهر. وساقيه بعمامة ونحوها ليستند ، إذ لم يكن للعرب في البوادي جدران تستند إليها في مجالسها.


١٣٢ ـ عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن الحسن بن على عن أحمد بن عمر رفعه الى أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قلت له : ان أخى ببغداد وأخاف أن يموت بها؟ فقال : ما يبالي حيث ما مات ، اما انه لا يبقى مؤمن في شرق الأرض وغربها الا حشر الله روحه الى وادي السلام ، قلت له : وأين وادي السلام؟ قال : ظهر الكوفة ، أما انى كأنى بهم حلق حلق قعود يتحدثون.

١٣٣ ـ على بن إبراهيم عن أبيه عن الحسن بن محبوب عن أبي ولاد الحناط عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قلت له : جعلت فداك يروون ان أرواح المؤمنين في حواصل طيور (١) خضر حول العرش ، فقال : لا ، المؤمن أكرم على الله من أن يجعل روحه في حوصلة طير ، لكن في أبدان كأبدانهم.

١٣٤ ـ عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن عبد الرحمان بن أبي نجران عن مثنى الحناط عن أبي بصير قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : ان أرواح المؤمنين لفي شجرة من الجنة يأكلون من طعامها ويشربون من شرابها ، ويقولون : ربنا أقم الساعة لنا وأنجز لنا ما وعدتنا وألحق آخرنا بأولنا.

١٣٥ ـ سهل بن زياد عن اسمعيل بن مهران عن درست بن أبي منصور عن ابن مسكان عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ان الأرواح في صفة الأجساد في شجرة في الجنة ، تتعارف وتتسائل ، فاذا قدمت الروح على الأرواح تقول : دعوها فانها قد أقبلت من هول عظيم ، ثم يسألونها : ما فعل فلان وما فعل فلان؟ فان قالت لهم : تركته حيا ارتجوه ، وان قالت لهم : قد هلك قالوا : قد هوى هوى (٢).

١٣٦ ـ على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن محمد بن عثمان عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن أرواح المؤمنين؟ فقال : في حجرات في الجنة يأكلون من طعامها ويشربون من شرابها ، ويقولون : ربنا أقم لنا الساعة و

__________________

(١) الحواصل جمع الحوصلة وهي من الطير بمنزلة المعدة للإنسان.

(٢) قال المجلسي (ره) : اى سقط الى دركات الجحيم ، إذ لو كان من السعداء لكان يلحق بنا.


أنجز لنا ما وعدتنا والحق آخرنا بأولنا.

١٣٧ ـ على عن أبيه عن محسن بن أحمد عن محمد بن حماد عن يونس بن يعقوب عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : إذا مات الميت اجتمعوا عنده يسألونه عمن مضى وعمن بقي فان كان مات ولم يرد عليهم قالوا : قد هوى هوى ، ويقول بعضهم لبعض : دعوه حتى يسكن مما مر عليه من الموت.

١٣٨ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن خالد عن القاسم بن محمد عن الحسين بن أحمد عن يونس بن ظبيان قال : كنت عند أبي عبد الله عليه‌السلام فقال : ما يقول الناس في أرواح المؤمنين؟ فقلت : يقولون : تكون في حواصل طيور خضر في قناديل تحت العرش ، فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : سبحان الله المؤمن أكرم على الله من أن يجعل روحه في حوصلة طير ، يا يونس إذا كان ذلك أتاه محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله وعلى وفاطمة والحسن والحسين والملائكة المقربون عليهم‌السلام فاذا قبضه الله عزوجل صير تلك الروح في قالب كقالبه في الدنيا فيأكلون ويشربون ، فاذا قدم عليهم القادم عرفوه بتلك الصورة التي كانت في الدنيا.

١٣٩ ـ محمد عن أحمد عن الحسين بن سعيد عن أخيه الحسن عن زرعة عن أبي بصير قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : انا نتحدث عن أرواح المؤمنين انها في حواصل طيور خضر ترعى في الجنة وتأوى الى قناديل تحت العرش؟ فقال : لا ، اذن ما هي في حواصل طير. قلت : فأين هي؟ قال : في روضة كهيئة الأجساد في الجنة.

١٤٠ ـ على عن أبيه عن ابن أبي عمير عن محمد بن عثمان عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن أرواح المشركين فقال : في النار يعذبون يقولون : ربنا لا تقم لنا الساعة ولا تنجز لنا ما وعدتنا ولا تلحق آخرنا بأولنا.

١٤١ ـ عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن عبد الرحمان بن أبي نجران عن مثنى عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ان أرواح الكفار في نار جهنم يعرضون عليها يقولون : ربنا لا تقم لنا الساعة ولا تنجز لنا ما وعدتنا ولا تلحق آخرنا بأولنا.


١٤٢ ـ محمد بن يحيى عن محمد بن أحمد بإسناد له قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : شر بئر في النار برهوت الذي فيه أرواح الكفار.

١٤٣ ـ عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد وعلى بن إبراهيم عن أبيه جميعا عن جعفر بن محمد الأشعري عن القداح عن أبي عبد الله عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : شر ماء على وجه الأرض ماء برهوت ، وهو الذي بحضرموت ترده هام الكفار. (١)

١٤٤ ـ عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن عبد الرحمن بن أبي نجران عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : انما يسأل في قبره من محض الايمان محضا أو محض الكفر محضا ، وما سوى ذلك فيلهى عنه. (٢)

١٤٥ ـ أبو على الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن الحجال عن ثعلبة عن أبي بكر الحضرمي قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : لا يسأل في القبر الا من محض الايمان محضا أو محض الكفر محضا ، والآخرون يلهون عنهم.

١٤٦ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن يحيى الحلبي عن بريد بن معاوية عن محمد بن مسلم قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : لا يسأل في القبر الا من محض الايمان محضا أو محض الكفر محضا.

١٤٧ ـ عن احمد بن محمد عن الحسين عن النضر بن سويد عن يحيى الحلبي عن

__________________

(١) هام جمع هامة وهي الصدى ورئيس القوم ، والصدى الرجل اللطيف الجسد ، والجسد من الأدمي بعد موته ، وطائر يخرج من رأس المقتول إذا بلى بزعم الجاهلية ، وكانوا يزعمون ان عظام الميت تصير هامة فتطير على قبره والمراد بالهامة هنا أرواح الكفار وأبدانهم المثالية ، قاله المحدث الكاشاني (ره)

(٢) قوله عليه‌السلام «محض الايمان ..» محض على صبغة الفعل اى أخلص وقوله عليه‌السلام : «فيلهى» ليس على معناه الحقيقي بل هو كناية عن عدم التعرض لهم في سئوال ما دون الايمان والكفر ، كذا في هامش المصدر.


هارون بن خارجة عن أبي بصير قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : يسأل وهو مضغوط.

١٤٨ ـ عدة من أصحابنا عن احمد بن محمد بن خالد عن عثمان بن عيسى عن على بن أبي حمزة عن أبي بصير قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : أيفلت (١) من ضغطة القبر أحد؟ قال : فقال : نعوذ بالله منها ، ما أقل من يفلت من ضغطة القبر ، وهذا الحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٤٩ ـ عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن محمد بن الحسن بن شمون عن عبد الله بن عبد الرحمان عن عبد الله بن القاسم عن أبي بكر الحضرمي قال : قلت لأبي جعفر عليه‌السلام : أصلحك الله من المسئولون في قبورهم؟ قال : من محض الايمان ومن محض الكفر ، قال : قلت فبقية هذا الخلق؟ قال : يلهو والله عنهم ما يعبأ بهم قال : قلت : وعم يسألون؟ قال : عن الحجة القائمة بين أظهركم فيقال للمؤمن : ما تقول في فلان بن فلان ، فيقول : ذاك امامى ، فيقال : نم أنام الله عينك ، ويفتح له باب من الجنة فلا يزال يتحفه من روحها الى يوم القيامة ، ويقال للكافر : ما تقول في فلان بن فلان؟ قال : فيقول : قد سمعت به وما أدرى ما هو؟ قال : فيقال له : لا دريت ، قال : ويفتح له باب من النار فلا يزال ينفحه (٢) من حرها الى يوم القيامة.

١٥٠ ـ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد وسهل بن زياد وعلى بن إبراهيم عن أبيه جميعا عن ابن محبوب عن على بن رئاب عن ضريس الكناسي قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام ان الناس يذكرون ان فراتنا يخرج من الجنة فكيف وهو يقبل من المغرب وتصب فيه العيون والاودية؟ قال : فقال أبو جعفر عليه‌السلام وانا اسمع : ان لله جنة خلقها الله في المغرب ، وماء فراتكم يخرج منها وإليها تخرج أرواح المؤمنين من حفرهم عند كل مساء ، فتسقط على ثمارها وتأكل منها وتتنعم فيها وتتلاقى وتتعارف ، فاذا طلع الفجر هاجت من الجنة فكانت في الهواء فيهما بين السماء والأرض تطير ذاهبة و

__________________

(١) من الإفلات اى يخلص.

(٢) من نفح الريح : هبت وفي المصدر «يتحفه» وهو الأظهر بقرينة صدر الحديث.


جائية ، وتعهد حفرها إذا طلعت الشمس وتتلاقى في الهواء وتتعارف ، قال : وان لله نارا في المشرق خلقها ليسكنها أرواح الكفار ويأكلون من زقومها ويشربون من حميمها ليلهم ، فاذا طلع الفجر هاجت الى واد باليمن يقال له : برهوت أشد حرا من نيران الدنيا ، كانوا فيه يتلاقون ويتعارفون ، فاذا كان المساء عادوا الى النار ، فهم كذلك الى يوم القيامة ، قال : قلت : أصلحك الله فما حال الموحدين المقرين بنبوة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله من المسلمين المذنبين الذين يموتون وليس لهم امام ولا يعرفون ولايتكم؟ فقال : أما هؤلاء فإنهم في حفرهم لا يخرجون منها فمن كان منهم له عمل صالح ولم يظهر له عداوة فانه يخد له خد الى الجنة التي خلقها الله في المغرب فيدخل عليه منها الروح في حفرته الى يوم القيامة ، فيلقى الله فيحاسبه بحسناته وسيئاته ، فاما الى النار واما الى الجنة ، فهؤلاء موقوفون لأمر الله قال وكذلك يفعل بالمستضعفين والبله والأطفال وأولاد المسلمين الذين لم يبلغوا الحلم ، فاما النصاب من أهل القبلة فإنهم يخد لهم خد الى النار التي خلقها الله عزوجل في المشرق فيدخل عليهم منها اللهب والشرور والدخان وفورة الحميم الى يوم القيامة ، ثم مصيرهم الى الحميم (ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ) تدعون من دون الله» أين إمامكم الذي اتخذتموه دون الامام الذي جعله الله للناس إماما.

١٥١ ـ في عيون الاخبار في باب قول الرضا عليه‌السلام لأخيه زيد بن موسى حين افتخر على من في مجلسه باسناده الى إبراهيم بن محمد الثقفي قال : سمعت الرضا عليه‌السلام يقول : من أحب عاصيا فهو عاص ، ومن أحب مطيعا فهو مطيع ، ومن أعان ظالما فهو ظالم ، ومن خذل ظالما فهو عادل ، انه ليس بين الله وبين أحد قرابة ولا ينال أحد ولاية الله الا بالطاعة ولقد قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لبني عبد المطلب : ايتوني بأعمالكم لا بأحسابكم وأنسابكم قال الله تبارك وتعالى : (فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ) ولا يتساءلون (فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَمَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خالِدُونَ).


١٥٢ ـ في تفسير على بن إبراهيم قال الصادق عليه‌السلام : لا يتقدم يوم القيامة أحد الا بالأعمال ، والدليل على ذلك قول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ايها الناس ان العربية ليست بأب والد (١) وانما هو لسان ناطق فمن تكلم به فهو عربي ، الا انكم ولد آدم وآدم من تراب وأكرمكم عند الله أتقاكم والدليل على ذلك قول الله : (فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَساءَلُونَ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ) قال : بالأعمال الحسنة (فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَمَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ) قال : من تلك الأعمال الحسنة (فَأُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خالِدُونَ).

١٥٣ ـ وفيه أيضا حدثني أبي عن حنان بن سدير عن أبيه عن أبي جعفر عليه‌السلام ان صفية بنت عبد المطلب مات ابن لها فأقبلت فقال لها عمر : غطى قرطك فان قرابتك من رسول الله لا تنفعك شيئا ، فقالت له : هل رأيت لي قرطا يا بن اللخناء ، ثم دخلت على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فأخبرته بذلك وبكت فخرج رسول الله فنادى : الصلوة فاجتمع الناس فقال : ما بال أقوام يزعمون ان قرابتي لا تنفع ، لو قد قمت المقام المحمود لشفعت في خارجكم والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٥٤ ـ في مجمع البيان وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : كل حسب ونسب منقطع الا حسبي ونسبي.

١٥٥ ـ في كتاب المناقب لابن شهر آشوب في مناقب زين العابدين عليه‌السلام : طاوس الفقيه : رأيته يطوف من العشاء الى السحر ويتعبد ، فلما لم ير أحدا رمق الى السماء بطرفه (٢) وقال : الهى غارت نجوم سماواتك ، وهجعت (٣) عيون أنامك وأبوابك مفتحات للسائلين ، جئتك لتغفر لي وترحمني وتريني وجه محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله في عرصات القيامة ثم بكى وقال : وعزتك وجلالك ما أردت بمعصيتي مخالفتك ، وما عصيتك إذ عصيتك و

__________________

(١) وفي المصدر «ليست باب وجد».

(٢) رمقه : أطال النظر اليه.

(٣) هجع : نام.


أنا بك شاك ، ولا بنكالك جاهل ، ولا لعقوبتك متعرض ولكن سولت لي نفسي وأعاننى على ذلك سترك المرخى به على ، فأنا الآن من عذابك من يستنقذني؟ وبحبل من أعتصم ان قطعت حبلك عنى ، فوا سوأتاه غدا من الوقوف بين يديك إذا قيل للمخفين : جوزوا وللمثقلين حطوا أم مع المخفين أجوز؟ أم مع المثقلين أحط؟ ويلي كلما طال عمرى كثرت خطاياي ولم أتب ، أما آن لي أن أستحى من ربي ، ثم بكى وأنشأ يقول :

أتحرقنى بالنار يا غاية المنى

فأين رجائي ثم أين محبتي

أتيت بأعمال قباح ردية

وما في الورى خلق جنى كجنايتي

ثم بكى وقال : سبحانك تعصى كأنك لا ترى ، وتحلم كأنك لم تعص ، تتودد الى خلقك بحسن الصنيع كأن لك الحاجة إليهم ، وأنت يا سيدي الغنى عنهم ، ثم خر الى الأرض ساجدا قال : فدنوت منه وشلت رأسه (١) فوضعته على ركبتي وبكيت حتى جرت دموعي على خده ، فاستوى جالسا وقال : من الذي أشغلنى عن ذكر ربي؟ فقلت له : أنا طاوس يا ابن رسول الله ما هذا الجزع والفزع؟ ونحن يلزمنا أن نفعل مثل هذا ونحن عاصون جافون؟ أبوك الحسين بن على وأمك فاطمة الزهراء وجدك رسول الله! قال : فالتفت الى وقال : هيهات هيهات يا طاوس دع عنى حديث أبي وأمي وجدي ، خلق الله الجنة لمن أطاع وأحسن ولو كان عبدا حبشيا ، وخلق النار لمن عصاه ولو كان ولدا قرشيا ، أما سمعت قول الله تعالى : (فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَساءَلُونَ) والله لا ينفعك غدا الا تقدمة تقدمها من عمل صالح.

١٥٦ ـ في أصول الكافي حديث طويل عن أمير المؤمنين عليه‌السلام جواب لرسالة طلحة والزبير اليه عليه‌السلام وفيه : زعمتما انكما أخواى في الدين وابنا عمى في النسب ، فاما النسب ، فلا أنكره وان كان النسب مقطوعا الا ما وصله الله بالسلام.

١٥٧ ـ في كتاب مقتل الحسين عليه‌السلام لأبي مخنف رحمه‌الله من كلامه عليه‌السلام في موقف كربلا : أما انا ابن بنت نبيكم صلوات الله عليه وآله؟ فو الله ما بين المشرق

__________________

(١) شال الشيء : نام.


والمغرب لكم ابن بنت نبي غيري ، ومن اشعاره عليه‌السلام فيه أيضا :

انا ابن على الحر من آل هاشم

كفاني بهذا مفخر حين أفخر

وفاطم أمي ثم جدي محمد

وعمى يدعى ذا الجناحين جعفر

ونحن ولاة الحوض نسقي محبنا

بكأس رسول الله ما ليس ينكر

إذا ما أتى يوم القيامة ظامئا

الى الحوض يسقيه بكفيه حيدر

ومن أشعاره عليه‌السلام أيضا :

خيرة الله من الخلق أبي

بعد جدي فانا ابن الخيرتين

أمي الزهراء حقا وأبي

وارث العلم ومولى الثقلين

فضة قد صفيت من ذهب

فانا الفضة وابن الذهبين

والدي شمس وأمي قمر

فانا الكوكب وابن القمرين

عبد الله غلاما يافعا

وقريش يعبدون الوثنين (١)

من له جد كجدي في الورى؟

أو كأمى من جميع المشرقين؟

خصه الله بفضل وتقى

فأنا الأزهر وابن الازهرين

جوهر من فضة مكنونة

فانا الجوهر وابن الدرتين

جدي المرسل مصباح الدجى

وأبي الموفى له بالبيعتين

والذي خاتمه جاد به

حين وافى رأسه للركعتين

أيده الله بطهر طاهر

صاحب الأمر ببدر وحنين

ذاك والله على المرتضى

ساد بالفضل على أهل الحرمين

١٥٨ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه‌الله عن أمير المؤمنين عليه‌السلام حديث طويل يذكر فيه أحوال القيامة وفيه : ومنهم أئمة الكفر وقادة الضلالة ، فأولئك لا يقيم لهم يوم القيامة وزنا ولا يعبؤ بهم ، لأنهم لم يعبأوا بأمره ونهيه يوم القيمة ، فهم (فِي جَهَنَّمَ خالِدُونَ ، تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيها كالِحُونَ).

__________________

(١) يفع الغلام ، راهق العشرين ، وقيل : ترعرع وناهز البلوغ.


١٥٩ ـ في تفسير على بن إبراهيم وقوله عزوجل : (تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ) قال : تلهب عليهم فتحرقهم (وَهُمْ فِيها كالِحُونَ) اى مفتوحي الفم متربدى الوجوه.

١٦٠ ـ في كتاب التوحيد باسناده الى على بن أبي حمزة عن أبي بصير عن أبي ـ عبد الله عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (رَبَّنا غَلَبَتْ عَلَيْنا شِقْوَتُنا) قال : بأعمالهم شقوا.

١٦١ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه‌الله عن أمير المؤمنين عليه‌السلام حديث طويل يذكر فيه أحوال المحشر يقول فيه وقد ذكر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : ويشهد على منافقي قومه وأمته وكفارهم بالحادهم وعنادهم ونقضهم عهوده ، وتغييرهم سنته واعتدائهم على أهل بيته ، وانقلابهم على أعقابهم وارتدادهم على أدبارهم ، واحتذائهم في ذلك سنة من تقدمهم من الأمم الظالمة الخائنة لانبيائها ، فيقولون بأجمعهم : (رَبَّنا غَلَبَتْ عَلَيْنا شِقْوَتُنا).

١٦٢ ـ في تفسير على بن إبراهيم ـ قالوا (رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْها فَإِنْ عُدْنا فَإِنَّا ظالِمُونَ قالَ) اخسئوا فيها ولا تكلمون فبلغني والله أعلم انهم تداكوا بعضهم على بعض سبعين عاما حتى انتهوا الى قعر جهنم.

١٦٣ ـ في إرشاد المفيد رحمه‌الله باسناده الى أم سلمة قالت : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : ان عليا وشيعته هم الفائزون.

١٦٤ ـ في كتاب ثواب الأعمال باسناده عن سعد بن طريف عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من قرأ عشر آيات في ليلة لم يكتب من الغافلين الى أن قال : ومن قرأ مأة آية كتب من الفائزين.

١٦٥ ـ في تفسير على بن إبراهيم وقوله : (قالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ قالُوا لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَسْئَلِ الْعادِّينَ) قال : سئل الملائكة الذين يعدون علينا الأيام ويكتبون ساعاتنا وأعمالنا التي اكتسبنا فيها.

١٦٦ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده الى جعفر بن محمد بن عمارة عن أبيه قال : سألت الصادق جعفر بن محمد عليهما‌السلام فقلت له : لم خلق الله الخلق؟ فقال :


ان الله تبارك وتعالى لم يخلق خلقه عبثا ولم يتركهم سدى ، بل خلقهم لإظهار قدرته ، وليكلفهم طاعته ، فيستوجبوا بذلك رضوانه ، وما خلقهم ليجلب منهم منفعة ولا ليدفع بهم مضرة بل خلقهم لينفعهم ويوصلهم الى نعيم.

١٦٧ ـ وباسناده الى مسعدة بن زياد قال : قال رجل لجعفر بن محمد عليهما‌السلام : يا با عبد الله انا خلقنا للعجب؟ قال : وما ذلك لله أنت؟ قال : خلقنا للفناء؟ فقال : مه يا ابن (١) خلقنا للبقاء ، وكيف [تفنى] جنة لا تبيد (٢) ونار لا تخمد ، ولكن انما نتحول من دار الى دار.

__________________

(١) كذا في النسخ بياض بعد لفظة «يا ابن» لكن في المصدر هكذا «يا ابن أخ ... اه».

(٢) لا تبيد : اى لا نهلك.


بسم الله الرحمن الرحيم

١ ـ في كتاب ثواب الأعمال باسناده الى أبي عبد الله عليه‌السلام قال : حصنوا أموالكم وفروجكم بتلاوة سورة النور ، وحصنوا بها نسائكم ، فان من أدمن قراءتها في كل يوم أو في كل ليلة لم يزن أحد (١) من أهل بيته أبدا حتى يموت ، فاذا مات شيعه الى قبره سبعون ألف ملك ، كلهم يدعون ويستغفرون له حتى يدخل في قبره.

٢ ـ في مجمع البيان أبي بن كعب عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : من قرأ سورة النور أعطى من الأجر عشر حسنات ، بعدد كل مؤمنة ومؤمن فيما مضى وفيما بقي.

٣ ـ في الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن النوفلي عن السكوني عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لا تنزلوا النساء الغرف ، ولا تعلموهن الكتابة وعلموهن المغزل وسورة النور.

٤ ـ عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن على بن أسباط عن عمه يعقوب بن سالم رفعه قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : لا تعلموا نساءكم سورة يوسف ، ولا تقرؤهن إياها ، فان فيها الفتن وعلموهن سورة النور فان فيها المواعظ.

٥ ـ في أصول الكافي على بن محمد عن بعض أصحابه عن آدم بن اسحق عن عبد الرزاق بن مهران عن الحسين بن ميمون عن محمد بن سالم عن أبي جعفر عليه‌السلام حديث طويل يقول فيه عليه‌السلام : وسورة النور أنزلت بعد سورة النساء ، وتصديق ذلك ان الله عزوجل أنزل عليه في سورة النساء : (وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ مِنْ نِسائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلاً) والسبيل الذي قال الله عزوجل : (سُورَةٌ أَنْزَلْناها وَفَرَضْناها وَأَنْزَلْنا فِيها آياتٍ بَيِّناتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذابَهُما طائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ).

__________________

(١) هذا هو الظاهر الموافق للمصدر وفي بعض النسخ و «لم بزر أحدا».


٦ ـ في تهذيب الأحكام يونس بن عبد الرحمن عن سماعة عن أبي بصير قال قال أبو عبد الله عليه‌السلام : لا يرجم الرجل والمرأة حتى يشهد عليهما أربعة شهداء ، على الجماع والإيلاج والإدخال كالميل في المكحلة.

٧ ـ يونس بن عبد الرحمن عن سماعة عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : الحر والحرة إذا زنيا جلد كل واحد منهما مأة جلدة ، فأما المحصن والمحصنة فعليهما الرجم.

٨ ـ عنه عن عبد الله بن سنان قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : الرجم في القرآن قوله تعالى الشيخ والشيخة فارجموهما البتة فانها قضيا الشهوة.

٩ ـ عنه عن زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : المحصن يرجم والذي قد أملك ولم يدخل بها يجلد مأة جلدة ونفى سنة.

١٠ ـ على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي نجران عن عاصم بن حميد عن محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قضى أمير المؤمنين عليه‌السلام في الشيخ والشيخة ان يجلدا مأة وقضى للمحصن الرجم ، وقضى في البكر والبكرة إذا زنيا جلد مأة ، ونفى سنة في غير مصرهما ، وهما اللذان قد أملكا ولم يدخل بها.

١١ ـ محمد بن يحيى عن إبراهيم عن صالح بن سعيد عن محمد بن حفص عن عبد الله بن طلحة عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : إذا زنى الشيخ والعجوز جلدا ثم رجما عقوبة لهما ، وإذا زنى النصف من الرجال رجم ولم يجلد إذا كان قد أحصن ، وإذا زنى الشاب الحدث السن جلد ونفى سنة من مصره.

١٢ ـ على بن إبراهيم عن أبيه عن عمرو بن عثمان عن إبراهيم بن الفضل عن أبان بن تغلب قال : قال ابو عبد الله عليه‌السلام : إذا زنى المجنون أو المعتوه (١) جلد الحد وان كان محصنا رجم قلت : وما الفرق بين المجنون والمجنونة والمعتوه والمعتوهة؟

__________________

(١) عته عتها : نقص عقله من غير جنون.


فقال : المرأة انما تؤتى والرجل يأتى وانما يأتى إذا عقل كيف يأتى اللذة والمرأة انما تستكره ويفعل بها وهي لا تعقل ما يفعل بها.

١٣ ـ في تفسير على بن إبراهيم والزنا على وجوه والحد فيه على وجوه ، فمن ذلك انه أحضر عمر بن الخطاب ستة نفر أخذوا بالزنا ، فأمر ان يقام على كل واحد منهم الحد وكان أمير المؤمنين صلوات الله عليه جالسا عند عمر ، فقال : يا عمر ليس هذا حكمهم ، قال : فأقم أنت عليهم الحد ، فقدم واحدا منهم فضرب عنقه ، وقدم الثاني فرجمه ، وقدم الثالث فضربه الحد ، وقدم الرابع فضربه نصف الحد ، وقدم الخامس فعزره ، وأطلق السادس ، فتعجب عمر وتحير الناس! فقال عمر : يا أبا الحسن ستة نفر في قضية واحدة أقمت عليهم خمس عقوبات وأطلقت واحدا ليس منها حكم يشبه الاخر؟ فقال : نعم اما الاول فكان ذميا زنى بمسلمة فخرج عن ذمته فالحكم فيه بالسيف ، واما الثاني فرجل محصن زنى فرجمناه ، واما الثالث فغير محصن حددناه واما الرابع فرق زنى ضربناه نصف الحد ، واما الخامس فكان منه ذلك الفعل بالشبهة فعزرناه وادبناه ، واما السادس مجنون مغلوب على عقله سقط منه التكليف.

١٤ ـ في الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن على بن الحكم عن أبان عن زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : يضرب الرجل الحد قائما ، والمرئة قاعدة ، ويضرب كل عضو وترك الرأس والمذاكير.

١٥ ـ على بن إبراهيم عن محمد بن عيسى بن عبيد عن يونس عن اسحق بن عمار قال : سألت أبا إبراهيم عليه‌السلام عن الزاني كيف يجلد؟ قال : أشد الجلد قلت : فمن فوق ثيابه؟ قال : بل يخلع ثيابه ، قلت : فالمفتري؟ قال : يضرب بين الضربين جسده كله فوق ثيابه.

١٦ ـ أبو على الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان عن إسحاق بن عمار قال : سألت أبا إبراهيم عليه‌السلام عن الزاني كيف يجلد؟ قال : أشد الجلد ، فقلت : فوق الثياب؟ فقال : بل يجرد.


١٧ ـ في تفسير على بن إبراهيم وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله : وليشهد عذابهما يقول : ضربهما طائفة من المؤمنين يجمع لهما الناس إذا جلدوا.

١٨ ـ في تهذيب الأحكام الحسين بن سعيد عن ابن محبوب عن حماد بن زياد عن سليمان بن خالد وذكر حديثا طويلا ثم قال : عنه عن محمد بن يحيى عن غياث بن إبراهيم عن جعفر عن أبيه عن أمير المؤمنين عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللهِ) قال : في اقامة الحدود وفي قوله تعالى : (وَلْيَشْهَدْ عَذابَهُما طائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) قال : الطائفة واحد.

١٩ ـ في عوالي اللئالى وعن الباقر عليه‌السلام أن أقل الطائفة الحاضرة للحد هي الواحد.

قال مؤلف هذا الكتاب عفى عنه : لحد الزنا شروط وتفاصيل واحكام ولذلك مدارك ، وهي مذكورة في محالها فلتطلب من هناك.

٢٠ ـ في أصول الكافي على بن محمد عن بعض أصحابه عن آدم بن إسحاق عن عبد الرزاق بن مهران عن الحسين بن ميمون عن محمد بن سالم عن أبي جعفر عليه‌السلام حديث طويل يقول فيه عليه‌السلام : وانزل بالمدينة : (الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُها إِلَّا زانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) فلم يسم الله الزاني مؤمنا ، ولا الزانية مؤمنة ، وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ليس يمترى فيه أهل العلم انه قال : لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن ، فانه إذا فعل ذلك خلع عنه الايمان كخلع القميص.

٢١ ـ في الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن أحمد بن محمد بن أبي ـ نصر عن داود بن سرحان عن زرارة قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً) قال : هن نساء مشهورات بالزنا ، ورجال مشهورون بالزنا ، شهروا به وعرفوا به والناس اليوم بذلك المنزل ، فمن أقيم عليه حد الزنا أو


متهم بالزنا لم ينبغ لأحد أن يناكحه حتى يعرف منه التوبة.

٢٢ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن محمد بن اسمعيل عن محمد بن الفضيل عن أبى الصباح الكناني قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً) فقال : كن نسوة مشهورات بالزنا ، ورجال مشهورون بالزنا ، قد عرفوا بذلك والناس اليوم بتلك المنزلة ، فمن أقيم عليه حد زنى أو شهر به لم ينبغ لأحد أن يناكحه حتى يعرف منه التوبة.

٢٣ ـ الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن الحسن بن على عن أبان بن عثمان عن محمد بن سالم عن أبي جعفر عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً) قال : هم رجال ونساء كانوا على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله مشهورين بالزنا ، فنهى الله عن أولئك الرجال والنساء والناس اليوم على تلك المنزلة ، من شهر شيئا من ذلك أو أقيم عليه الحد فلا تزوجوه حتى تعرف توبته.

٢٤ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن على بن الحكم عن معاوية بن وهب قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل تزوج امرأة فعلم بعد ما تزوجها انها كانت زنت ، قال : ان شاء زوجها أن يأخذ الصداق ممن زوجها ، ولها الصداق بما استحل من فرجها وان شاء تركها.

٢٥ ـ حميد بن زياد عن الحسن بن محمد بن سماعة عن أحمد بن الحسن الميثمي عن أبان عن حكم بن حكيم عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُها إِلَّا زانٍ أَوْ مُشْرِكٌ) قال : انما ذلك في الجهر ، ثم قال : لو ان إنسانا زنى ثم تاب تزوج حيث شاء.

٢٦ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن محمد بن إسماعيل قال : سأل رجل أبا الحسن الرضا عليه‌السلام وانا أسمع : عن رجل تزوج المرأة متعة ويشترط عليها الا يطلب ولدها ، فتأتى بعد ذلك بولد فشدد في انكار الولد ، وقال : أتجحده إعظاما لذلك؟ فقال الرجل : فان اتهمها؟ فقال : لا ينبغي لك أن تتزوج الا مؤمنة أو مسلمة ،


فان الله عزوجل يقول : (الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُها إِلَّا زانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ). ورواه في الاستبصار كذلك الا ان فيه : لا ينبغي لك ان تتزوج الا مأمونة ان الله تعالى يقول ... إلخ.

٢٧ ـ في أصول الكافي على بن محمد عن بعض أصحابه عن آدم بن إسحاق عن عبد الرزاق بن مهران عن الحسين بن ميمون عن محمد بن سالم عن أبي جعفر عليه‌السلام حديث طويل بقول فيه عليه‌السلام : ونزل بالمدينة : (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً وَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) فبرأه الله ما كان مقيما على الفرية من أن يسمى بالايمان ، قال الله عزوجل : (أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ) وجعله الله منافقا فقال الله عزوجل : (إِنَّ الْمُنافِقِينَ هُمُ الْفاسِقُونَ) وجعله الله عزوجل من أولياء إبليس قال : (إِلَّا إِبْلِيسَ كانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ) وجعله ملعونا فقال : (إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ الْغافِلاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) وليست تشهد الجوارح على مؤمن انما تشهد على من حقت عليه كلمة العذاب ، فاما المؤمن فيعطى كتابه بيمينه ، قال الله عزوجل : (فَمَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولئِكَ يَقْرَؤُنَ كِتابَهُمْ وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً).

٢٨ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثني أبي عن حماد عن حريز عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : القاذف يجلد ثمانين جلدة ولا يقبل له شهادة أبدا الا بعد التوبة أو يكذب نفسه.

٢٩ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده الى على بن أشيم عمن رواه من أصحابنا عن أبي عبد الله عليه‌السلام انه قيل له : لم جعل في الزنا أربعة من الشهود وفي القتل شاهدان؟ فقال : ان الله عزوجل أحل لكم المتعة ، وعلم انها ستنكر عليكم ، فجعل الاربعة


الشهود احتياطا لكم لولا ذلك لاتى عليكم ، وقل ما يجتمع أربعة شهادة بأمر واحد.

٣٠ ـ حدثنا محمد بن الحسن رحمه‌الله قال : حدثنا محمد بن الحسن الصفار عن العباس بن معروف عن على بن مهزيار عن على بن أحمد بن محمد عن أبيه عن إسماعيل بن حماد عن أبي حنيفة قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : أيهما أشد الزنا أم القتل؟ قال : فقال : القتل ، قال : فقلت : فما بال القتل جاز فيه شاهدان ولا يجوز في الزنا اربعة؟ فقال لي : ما عندكم فيه يا با حنيفة؟ قال قلت : ما عندنا فيه الا حديث عمران الله أجرى في الشهادة كلمتين على العباد قال ليس كذلك يا با حنيفة ولكن الزنا فيه حدان ولا يجوز أن يشهد كل اثنين على واحد ، لان الرجل والمرئة جميعا عليهما الحد ، والقتل انما يقام الحد على القاتل ، ويدفع عن المقتول.

٣١ ـ في الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن جميل بن دراج عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن رجل افترى على قوم جماعة قال : ان أتوا به مجتمعين ضرب حدا واحدا ، وان أتوا به متفرقين ضرب لكل واحد منهم حد.

٣٢ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن على بن الحكم عن أبان بن عثمان عن الحسن العطار قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام رجل قذف قوما؟ قال : قال : بكلمة واحدة؟ قلت : نعم قال : يضرب حدا واحدا ، فان فرق بينهم بالقذف ضرب لكل واحد منهم حدا.

٣٣ ـ على بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس عن محمد بن حمران عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن رجل افترى على قوم جماعة؟ قال : فقال : ان أتوا به مجتمعين ضرب حدا واحدا ، وان أتوا به متفرقين ضرب لكل رجل حدا ـ عنه عن سماعة عن أبي عبد الله عليه‌السلام مثله.

٣٤ ـ أبو على الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان عن اسحق بن عمار عن أبي الحسن عليه‌السلام قال : يجلد المفترى ضربا بين الضربين يضرب جسده كله.

٣٥ ـ على بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس عن زرعة عن سماعة قال : سألته


عن شهود الزور قال : فقال : يجلدون حدا ليس له وقت ، وذلك الى الامام ويطاف بهم حتى يعرفهم الناس ، واما قول الله عزوجل : (وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً) الا الذين تابوا قال : قلت : كيف تعرف توبته؟ قال : يكذب نفسه على رؤس الخلايق حتى يضرب ويستغفر ربه ، وإذا فعل فقد ظهرت توبته.

٣٦ ـ أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد وحماد عن القاسم ابن سليمان قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الرجل يقذف الرجل فيجلد حدا ثم يتوب ولا يعلم منه الا خيرا أتجوز شهادته؟ قال : نعم ، ما يقال عندكم؟ قلت : يقولون : توبته فيما بينه وبين الله ، ولا تقبل شهادته أبدا فقال : بئس ما قالوا كان أبي يقول : إذا تاب ولم يعلم منه الا خير جازت شهادته.

٣٧ ـ في تهذيب الأحكام سهل بن زياد عن ابن محبوب عن نعيم بن إبراهيم عن عباد البصري عن جعفر بن محمد عليهما‌السلام قال : إذا قذف الرجل الرجل فقال : انه ليعمل عمل قوم لوط ينكح الرجال؟ قال : يجلد حد القاذف ثمانين جلدة.

٣٨ ـ الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن القاسم بن سليمان عن أبي مريم الأنصاري قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن الغلام لم يحتلم يقذف الرجل هل يجلد؟ قال : لا وذاك لو أن رجلا قذف الغلام لم يجلد.

٣٩ ـ سهل بن زياد عن أبي نصر عن عاصم بن حميد عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام في الرجل يقذف الصبية يجلد؟ قال : لا حتى تبلغ.

٤٠ ـ الحسن بن محبوب عن عبد العزيز العبدي عن عبيد بن زرارة قال سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : لو أتيت برجل قذف عبدا مسلما بالزنا لا يعلم منه الا خيرا لضربته الحد حد الحر الا سوطا.

٤١ ـ على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن حماد عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : إذا قذف العبد الحر جلد ثمانين ، وقال : هذا من حقوق الناس.

٤٢ ـ احمد بن محمد عن عثمان بن عيسى عن سماعة قال : سئلته عن المملوك يفتري


على الحر؟ قال : عليه ثمانون قلت : فاذا زنى؟ قال : يجلد خمسين.

٤٣ ـ يونس بن عبد الرحمن عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام انه نهى عن قذف من ليس على الإسلام الا أن يطلع على ذلك منهم ، وقال : أيسر ما يكون ان يكون قد كذب.

٤٤ ـ محمد بن الحسن الصفار عن الحسين بن على عن يونس بن عبد الرحمان عن أبي بكر الحضرمي عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قلت : جعلت فداك ما تقول في الرجل يقذف بعض جاهلية العرب؟ قال : يضرب الحد ان ذلك يدخل على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله.

٤٥ ـ في عيون الاخبار في باب ما كتب به الرضا عليه‌السلام الى محمد بن سنان في جواب مسائله في العلل : وعلة ضرب القاذف وشارب الخمر ثمانين جلدة لان في القذف نفى الولد وقطع النسل ، وذهاب النسب ، وكذلك شارب الخمر لأنه إذا شرب هذى ، وإذا هذى افترى فوجب حد المفترى.

٤٦ ـ في الاستبصار عن إسماعيل بن زياد عن الصادق والباقر عليهما‌السلام ان عليا عليه‌السلام قال : ليس بين خمس نساء وأزواجهن ملاعنة ، الى قوله : والمجلود في الفرية ، لان الله تعالى يقول : (وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً).

٤٧ ـ في مجمع البيان (وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً وَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ إِلَّا الَّذِينَ تابُوا) واختلف في هذا الاستثناء الى ماذا يرجع؟ على قولين : أحدهما انه يرجع الى الفسق خاصة دون قوله : (وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً) فيزول عنه اسم الفسق بالتوبة ، ولا تقبل شهادته الى قوله : والاخر أن الاستثناء يرجع الى الأمرين ، فاذا تاب قبلت شهادته حد أو لم يحد عن ابن عباس الى قوله : وقول أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما‌السلام. قال مؤلف هذا الكتاب عفى عنه : لحد القذف شروط وأحكام كثيرة ومدارك تطلب من محالها.

٤٨ ـ في الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن أحمد بن محمد بن أبي ـ نصر عن المثنى عن زرارة قال : سئل أبو عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (وَالَّذِينَ


يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَداءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ) قال : هو القاذف الذي يقذف امرأته فاذا قذفها ثم أقر أنه كذب عليها جلد الحد ، وردت اليه امرأته ، وان أبى الا أن يمضى فليشهد عليها (أَرْبَعُ شَهاداتٍ بِاللهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ ، وَالْخامِسَةُ) يلعن فيها نفسه (إِنْ كانَ مِنَ الْكاذِبِينَ) ، وان أرادت ان تدرء عن نفسها العذاب والعذاب هو الرجم ـ شهدت (أَرْبَعَ شَهاداتٍ بِاللهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكاذِبِينَ ، وَالْخامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللهِ عَلَيْها إِنْ كانَ مِنَ الصَّادِقِينَ) ، فان لم تفعل رجمت وان فعلت درأت عن نفسها الحد ، ثم لا تحل له الى يوم القيامة ، قلت : أرأيت ان فرق بينهما ولهما ولد فمات؟ قال ترثه امه ، وان ماتت امه ورثه أخواله ، ومن قال : انه ولد زنا جلد الحد ، قلت : يرد اليه الولد إذا أقر به؟ قال : لا ولا كرامة ولا يرث الابن ويرثه الابن.

٤٩ ـ على بن إبراهيم عن أبيه عن الحسين بن سيف عن محمد بن سليمان عن أبي جعفر الثاني عليه‌السلام قال : قلت له : كيف صار الزوج إذا قذف امرأته كانت شهادته أربع شهادات بالله؟ وكيف لا يجوز ذلك لغيره وصار إذا قذفها غير الزوج جلد الحد ولو كان ولدا أو أخا؟ فقال : قد سئل جعفر عليه‌السلام عن هذا فقال : الا ترى انه إذا قذف الزوج امرأته قيل له : وكيف علمت انها فاعلة؟ فان قال : رأيت ذلك منها بعيني كانت شهادته أربع شهادات بالله ، وذلك انه قد يجوز للرجل أن يدخل المدخل في الخلوة التي لا يصلح لغيره أن يدخلها ، ولا يشهدها ولد ولا والد في الليل والنهار ، فلذلك صارت شهادته أربع شهادات إذا قال : رأيت ذلك بعيني ، وإذا قال : انى لم أعاين صار قاذفا وضرب الحد الا أن يقيم عليها البينة وان زعم غير الزوج إذا قذف وادعى انه رآه بعينه قيل له : وكيف رأيت ذلك وما أدخلك ذلك المدخل الذي رأيت فيه هذا وحدك؟ أنت متهم في دعواك ، فان كنت صادقا فأنت في حد التهمة ، فلا بد من أدبك بالحد الذي أوجبه الله عليك ، قال : وانما صارت شهادة الزوج اربع شهادات لمكان الاربعة شهداء مكان كل شاهد يمين.

٥٠ ـ في عوالي اللئالى روى في الحديث ان هلال بن امية قذف زوجته بشريك


ابن السحماء فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : البينة والأحد في ظهرك ، فقال : والذي بعثك بالحق اننى لصادق وسينزل الله ما يبرئ ظهري من الجلد ، فنزل قوله تعالى : (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ) الاية.

٥١ ـ في الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن محبوب عن عبد الرحمن ابن الحجاج قال : ان عباد البصري سئل أبا عبد الله عليه‌السلام وانا حاضر : كيف يلاعن الرجل المرئة فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : ان رجلا من المسلمين أتى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : يا رسول الله أرأيت لو أن رجلا دخل منزله فوجد مع امرأته رجلا يجامعها ما كان يصنع؟ قال : فأعرض عنه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فانصرف الرجل وكان ذلك الرجل هو الذي ابتلى بذلك من امرأته ، قال : فنزل الوحي من عند الله عزوجل بالحكم فيهما فأرسل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الى ذلك الرجل فدعاه فقال : أنت الذي رأيت مع امرأتك رجلا؟ فقال : نعم فقال له : انطلق فأتنى بامرأتك ، فان الله قد انزل الحكم فيك وفيها ، قال : فأحضرها زوجها فأوقفهما رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ثم قال للزوج : اشهد أربع شهادات بالله انك لمن الصادقين فيما رميتها ، قال : فشهد ثم قال له : اتق الله فان لعنة الله شديدة ، ثم قال له : اشهد الخامسة ان لعنة الله عليك ان كنت من الكاذبين ، قال : فشهد قال : فأمر به فنحى ثم قال للمرأة : اشهدي اربع شهادات بالله ان زوجك لمن الكاذبين فيما رماك به قال : فشهدت ثم قال لها : أمسكى فوعظها وقال لها : اتقى الله فان غضب الله شديد ثم قال لها : اشهدي (الْخامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللهِ) عليك ان كان زوجك من الصادقين فيما رماك به ، قال : فشهدت ففرق بينهما وقال لهما : لا تجتمعا بنكاح أبدا بعد ما تلاعنتما.

٥٢ ـ الحسن بن محبوب عن عباد بن صهيب عن أبي عبد الله عليه‌السلام في رجل أوقفه الامام للعان فشهد شهادتين ثم نكل فأكذب نفسه قبل أن يفرغ من اللعان ، قال : يجلد حد القاذف ولا يفرق بينه وبين امرأته.

٥٣ ـ على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن حماد عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : إذا قذف الرجل امرأته فانه لا يلاعنها حتى يقول : رأيت بين رجليها رجلا


ـ يزني بها ، قال : وسئل عن الرجل يقذف امرأته؟ قال ، يلاعنها ثم يفرق بينهما فلا تحل له أبدا ، فاذا أقر على نفسه قبل الملاعنة جلد حدا وهي امرأته ، قال : وسألته عن المرئة الحرة يقذفها زوجها وهو مملوك؟ قال : يلاعنها ، قال : وسألته عن الحر تحته امة فيقذفها قال : يلاعنها قال : وسئلته عن الملاعنة التي يرميها زوجها وينتفى من ولدها ويلاعنها ويفارقها ثم يقول بعد ذلك : الولد ولدي ويكذب نفسه؟ فقال : اما المرئة فلا ترجع اليه أبدا ، واما الولد فانى أرده اليه إذا ادعاه ولا أدع ولده وليس له ميراث ويرث الابن الأب ولا يرث الأب الابن ويكون ميراثه لأخواله ، فان لم يدعه أبوه فان أخواله يرثونه ولا يرثهم ، وان دعاه أحد ابن الزانية جلد الحد.

٥٤ ـ الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن الحسن بن على عن أبان عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : لا يكون الملاعنة ولا إيلاء الا بعد الدخول.

٥٥ ـ على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن جميل بن دراج عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن الحر بينه وبين المملوكة لعان؟ فقال : نعم وبين المملوك والحرة وبين العبد والامة وبين المسلم واليهودية والنصرانية ولا يتوارثان ولا يتوارث الحر والمملوكة.

٥٦ ـ على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن حماد عن الحلبي ومحمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه‌السلام في رجل قذف امرأته وهي خرساء قال : يفرق بينهما.

٥٧ ـ محمد بن يحيى عن العمركي بن على عن على بن جعفر عن أخيه أبي الحسن عليه‌السلام قال : سألته عن رجل لاعن امرأته فحلف أربع شهادات بالله ثم نكل في الخامسة قال : ان نكل في الخامسة فيه امرأته وجلد ، وان نكلت المرئة عن ذلك إذا كانت اليمين عليها فعليها مثل ذلك ، قال : وسألته عن الملاعنة قائما يلاعن أو قاعدا قال : الملاعنة وما أشبهها من قيام.

٥٨ ـ في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن بعض أصحابه عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ثلاث من كن فيه كان


منافقا وان صام وصلى وزعم انه مسلم ، من إذا اؤتمن خان ، وان حدث كذب ، وإذا وعد اخلف ، ان الله عزوجل قال في كتابه : (إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْخائِنِينَ) وقال : ان لعنة الله عليه ان كان من الكاذبين وفي قوله تعالى : (وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِسْماعِيلَ إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ وَكانَ رَسُولاً نَبِيًّا).

٥٩ ـ في تفسير على بن إبراهيم واما قوله عزوجل : (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ) الى قوله تعالى : (إِنْ كانَ مِنَ الصَّادِقِينَ) فانها نزلت في اللعان ، وكان سبب ذلك انه لما رجع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من غزوة تبوك جاء اليه عويمر بن ساعدة العجلاني وكان من الأنصار فقال : يا رسول الله ان امرأتى زنى بها شريك بن السمحاء وهي منه حامل ، فأعرض عنه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فأعاد عليه القول فاعرض عنه حتى فعل ذلك أربع مرات ، فدخل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله منزله فنزل عليه آية اللعان ، فخرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وصلى بالناس العصر وقال لعويمر : ايتني بأهلك فقد أنزل الله عزوجل فيكما قرآنا ، فجاء إليها فقال لها : رسول الله يدعوك وكانت في شرف من قومها فجاء معها جماعة فلما دخلت المسجد قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لعويمر : تقدم الى المنبر والتعنا. فقال : كيف اصنع؟ فقال : تقدم وقل : اشهد بالله انى لمن الصادقين فيما رميتها به ، فتقدم وقالها ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أعدها فأعادها حتى فعل ذلك أربع مرات ، فقال له في الخامسة : عليك لعنة الله ان كنت من الكاذبين فيما رميتها به ، فقال له في الخامسة : (أَنَّ لَعْنَتَ اللهِ عَلَيْهِ إِنْ كانَ مِنَ الْكاذِبِينَ) فيما رماها به (١) ثم قال رسول الله : ان اللعنة موجبة ان كنت كاذبا.

ثم قال له : تنح فتنحى ثم قال لزوجته : تشهدين كما شهد والا أقمت عليك حد الله فنظرت في وجوه قومها فقالت : لا اسود هذه الوجوه في هذه العشية فتقدمت الى المنبر وقالت : اشهد بالله ان عويمر بن ساعدة من الكاذبين فيما رمانى ، فقال لها رسول الله : أعيديها فاعادتها حتى إعادتها اربع مرات فقال لها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : العني نفسك في

__________________

(١) كذا في النسخ وفي المصدر هكذا : «فقال له في الخامسة : عليك لعنة الله ان كنت من الكاذبين فيما رميتها به ، فقال : والخامسة ان لعنة الله ... اه».


الخامسة ان كان من الصادقين فيما رماك به فقالت في (الْخامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللهِ عَلَيْها إِنْ كانَ مِنَ الصَّادِقِينَ) فيما رمانى به ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ويلك انها موجبة ان كنت كاذبة ثم قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لزوجها : اذهب فلا تحل لك أبدا قال : يا رسول الله فما لي الذي أعطيتها؟ قال : ان كنت كاذبا فهو أبعد لك منه ، وان كنت صادقا فهو لها بما استحللت من فرجها ثم قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ان جاءت بالولد أحمش الساقين أخفش العينين جعد قطط (١) فهو للأمر السيئ وان جاءت به أشهل اصهب (٢) فهو لأبيه فيقال انها جاءت به على الأمر السيئ فهذه لا تحل لزوجها وان جاءت بولد لا يرثه أبوه وميراثه لامه وان لم يكن له أم فلأخواله ، وان قذفه أحد جلد حد القاذف.

قال مؤلف هذا الكتاب عفى عنه : لتحقق اللعان شروط وله مسائل وأحكام ومدارك ، فمن أرادها فليطلبها من محالها.

٦٠ ـ في تفسير على بن إبراهيم واما قوله عزوجل : (إِنَّ الَّذِينَ جاؤُ بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ) فان لعلة روت انها نزلت في عائشة وما رميت به في غزوة بنى المصطلق من خزاعة ، واما الخاصة فإنهم رووا انها نزلت في مارية القبطية وما رمتها به عائشة حدثنا محمد بن جعفر قال : حدثنا محمد بن عيسى عن الحسن بن على بن فضال قال : حدثني عبد الله بن بكير عن زرارة قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : لما هلك إبراهيم بن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حزن عليه حزنا شديدا فقالت عائشة : ما الذي يحزنك عليه؟ ما هو الا ابن جريح ، فبعث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عليا صلوات الله عليه وامره بقتله ، فذهب على صلوات الله عليه ومعه السيف وكان جريح القبطي في حائط ، فضرب على باب البستان فأقبل جريح له ليفتح الباب ، فلما راى عليا صلوات الله عليه عرف في وجهه الغضب فأدبر راجعا ولم يفتح باب البستان ، فوثب على عليه‌السلام على الحائط ونزل الى

__________________

(١) الاحمش : الدقيق الساقين. والخفش : صغر العين وضعف البصر خلقة. والجعد من الشعر : ما فيه النواء وتقبض أو القصير منه. والقطط القصير الجعد من الشعر.

(٢) الشهل : ان يشوب سواد العين زرقة ، والأصهب : ما يخلط بياض شعره حمرة.


البستان واتبعه وولى جريح مدبرا ، فلما خشي ان يرهقه (١) صعد في نخلة وصعد على في اثره فلما دنى منه رمى بنفسه من فوق النخلة فبدت عورته ، فاذا ليس له ما للرجال ولا له ما للنساء ، فانصرف على عليه‌السلام الى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال له : يا رسول الله إذا بعثتني في الأمر أكون كالمسمار المحمى في الوبر أم اثبت ، قال : لا بل تثبت ، قال : والذي بعثك بالحق ما له ما للرجال وما له ما للنساء ، فقال : الحمد لله الذي صرف عنا السوء أهل البيت.

٦١ ـ في مصباح الشريعة قال الصادق عليه‌السلام : لا تدع اليقين بالشك ، والمكشوف بالخفي ، ولا تحكم على ما لم تره بما يروى لك عنه ، وقد عظم الله عزوجل امر الغيبة وسوء الظن بإخوانك من المؤمنين ، فكيف بالجرأة على اطلاق قول واعتقاد بزور وبهتان في أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال الله تعالى : (إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْواهِكُمْ ما لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِنْدَ اللهِ عَظِيمٌ).

٦٢ ـ في كتاب ثواب الأعمال باسناده الى محمد بن الفضيل عن أبي الحسن موسى بن جعفر عليه‌السلام قال : قلت له : جعلت فداك الرجل من إخواني بلغني عنه الشيء الذي أكرهه فأسأله عنه فينكر ذلك وقد أخبرنى عنه قوم ثقات؟ فقال لي : يا محمد كذب سمعك وبصرك عن أخيك ، وان شهد عندك خمسون قسامة وقال لك قول فصدقه وكذبهم ، ولا تذيعن عليه شيئا تشينه به ، وتهدم به مروته ، فتكون من الذين قال الله عزوجل : (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ).

في روضة الكافي سهل بن زياد عن يحيى بن المبارك عن عبد الله بن جبلة عن محمد ابن الفضيل عن أبي الحسن الاول عليه‌السلام مثل ما في كتاب ثواب الأعمال.

٦٣ ـ في أصول الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : من قال في مؤمن ما رأته عيناه وسمعته أذناه فهو من

__________________

(١) ارهقه : أدركه.


الذين قال الله عزوجل : (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ).

٦٤ ـ وباسناده الى اسحق بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من أذاع فاحشة كان كمبتديها.

٦٥ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن هشام عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : من قال في مؤمن ما لا رأته ولا سمعت أذناه كان من الذين قال الله عزوجل : (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ).

٦٦ ـ في أمالي الصدوق رحمه‌الله حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضى الله عنه قال : حدثنا محمد بن الحسن الصفار قال : حدثنا أيوب بن نوح قال : حدثنا محمد بن أبي عمير قال : حدثني محمد بن حمران عن الصادق جعفر بن محمد عليهما‌السلام قال : من قال في أخيه المؤمن ما رأته عيناه وسمعته أذناه فهو ممن قال جل جلاله : (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ).

٦٧ ـ في مجمع البيان ـ (لا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ) وروى عن على عليه‌السلام خطئات بالهمز.

٦٨ ـ في تفسير على بن إبراهيم وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله : (وَلا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ) أو (يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبى) وهم قرابة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله واليتامى و (الْمَساكِينَ وَالْمُهاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا) يقول : يعفو بعضكم عن بعض ، ويصفح بعضكم بعضا ، فاذا فعلتم كانت رحمة من الله لكم يقول الله عزوجل : (أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ).

٦٩ ـ في مجمع البيان وروى عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : «ولتعفوا ولتصفحوا» بالتاء كما روى بالياء أيضا.

٧٠ ـ في نهج البلاغة من كلام له عليه‌السلام على سبيل الوصية : ان أبق فانا ولى


دمي ، وان أفن فالفناء ميعادي وان أعف فالعفو لي قربة ولكم حسنة فاعفوا (أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَكُمْ).

٧١ ـ في كتاب المناقب لابن شهر آشوب في مناقب زين العابدين عليه‌السلام وكان إذا دخل شهر رمضان يكتب على غلمانه ذنوبهم حتى إذا كان آخر ليلة دعاهم ، ثم أظهر الكتاب وقال : يا فلان فعلت كذا ولم أؤدبك؟ فيقرون أجمع فيقوم وسطهم ويقول لهم : ارفعوا أصواتكم وقولوا : يا على بن الحسين ربك قد أحصى عليك ما عملت كما أحصيت علينا ولديه كتاب ينطق بالحق لا يغادر صغيرة ولا كبيرة ، فاذكر ذل مقامك بين يدي ربك الذي لا يظلم مثقال ذرة وكفى بالله شهيدا ، فاعف واصفح يعف عنك المليك لقوله تعالى : (وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَكُمْ) ويبكى وينوح.

٧٢ ـ في أصول الكافي على بن محمد عن بعض أصحابه عن آدم بن اسحق عن عبد الرزاق بن مهران عن الحسن بن ميمون عن محمد بن سالم عن أبي جعفر عليه‌السلام حديث طويل يقول فيه : ونزل بالمدينة : (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً وَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) فبرأه الله ما كان مقيما على الفرية من أن يسمى بالايمان ، قال الله عزوجل : (أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ) وجعله الله عزوجل من أولياء إبليس قال : (إِلَّا إِبْلِيسَ كانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ) وجعله ملعونا فقال : (إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ الْغافِلاتِ الْمُؤْمِناتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) وليست تشهد الجوارح على مؤمن انما تشهد على من حقت عليه كلمة العذاب ، فأما المؤمن فيعطى كتابه بيمينه قال الله عزوجل : (فَمَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولئِكَ يَقْرَؤُنَ كِتابَهُمْ وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً).

٧٣ ـ في مصباح الشريعة قال الصادق عليه‌السلام في كلام طويل : واجعل ذهابك ومجيئك في طاعة الله ، والسعي في رضاه ، فان حركاتك كلها مكتوبة في صحيفتك ،


قال الله عزوجل : (يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ).

٧٤ ـ في روضة الكافي أحمد بن محمد عن على بن الحسن الميثمي عن محمد ابن عبد الله عن زرارة عن محمد بن الفضيل عن أبي حمزة قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول لرجل من الشيعة : أنتم الطيبون ونساؤكم الطيبات ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٧٥ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه‌الله عن الحسن بن على عليهما‌السلام حديث طويل يقول فيه ـ وقد قام من مجلس معاوية وأصحابه بعد ان القمهم الحجر ـ : (الْخَبِيثاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثاتِ) هم والله يا معاوية أنت وأصحابك هؤلاء وشيعتك (وَالطَّيِّباتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّباتِ أُولئِكَ مُبَرَّؤُنَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ) هم على بن أبي طالب وأصحابه وشيعته.

٧٦ ـ في مجمع البيان قيل في معناه أقوال الى قوله الثالث : الخبيثات من النساء للخبيثين من الرجال والخبيثون من الرجال للخبيثات من النساء ، والطيبات من النساء للطيبين من الرجال والطيبون من الرجال للطيبات من النساء ، عن أبي مسلم والجبائي وهو المروي عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما‌السلام قال : هي مثل قوله : (الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً) الا ان أناسا هموا أن يتزوجوا منهن فنها هم الله عن ذلك وكره ذلك لهم.

٧٧ ـ في كتاب الخصال عن عبد الله بن عمر وأبي هريرة قالا : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا طاب قلب المرء طاب جسده ، وإذا خبث القلب خبث الجسد.

٧٨ ـ في كتاب معاني الاخبار حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد مرفوعا عن عبد الرحمان بن أبي عبد الله قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلى أَهْلِها) قال الاستيناس وقع النعل والتسليم.

٧٩ ـ في مجمع البيان عن أبي أيوب الأنصاري قال : قلنا : يا رسول الله ما الاستيناس؟ قال : يتكلم الرجل بالتسبيحة والتحميدة والتكبيرة يتنحنح على أهل البيت


٨٠ ـ وعن سهل بن سعيد قال : اطلع رجل في حجرة من حجر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال رسول الله ومعه مدرى (١) يحك رأسه : لو أعلم انك تنظر لطعنت به في عينيك ، انما الاستيذان من النظر.

٨١ ـ وروى ان رجلا قال للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : أستأذن على أمي؟ فقال : نعم ، قال :

انها ليس لها خادم غيري أفأستاذن عليها كلما دخلت؟ قال : أتحب أن تراها عريانة؟ قال الرجل : لا ، قال : فاستأذن عليها.

٨٢ ـ وروى ان رجلا استأذن على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فتنحنح فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله لامرأة يقال لها روضة : قومي الى هذا فعلميه وقولي له : قل : السلام عليكم أأدخل؟ فسمعها الرجل فقالها ، فقال : ادخل.

٨٣ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثني على بن الحسين قال : حدثني احمد بن أبي عبد الله عن أبيه عن أبان عن عبد الرحمان بن أبي عبد الله عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : الاستيناس وقع النعل والتسليم.

٨٤ ـ في الكافي عدة من أصحابنا عن احمد بن أبي عبد الله عن أبيه عن هارون ابن الجهم عن جعفر بن عمر عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : نهى رسول الله ان يدخل الرجل على النساء الا بإذن أوليائهن.

٨٥ ـ عدة من أصحابنا عن احمد بن محمد عن ابن محبوب عن أبي أيوب الخزاز عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : يستأذن الرجل إذا دخل على أبيه ولا يستأذن الأب على الابن ، قال : ويستأذن الرجل على ابنته وأخته إذا كانتا متزوجتين.

٨٦ ـ أحمد بن محمد عن ابن فضال عن أبي جميلة عن محمد بن على الحلبي قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : الرجل يستأذن على أبيه؟ فقال : نعم ، قد كنت استأذن على أبي وليست أمي عنده ، وانما هي امرأة انى توفيت أمي وانا غلام وقد يكون من خلوتهما ما لا أحب ان أفجأهما عليه ، ولا يحبان ذلك منى ، والسلام أصوب وأحسن.

__________________

(١) المدري : المشط.


٨٧ ـ عدة من أصحابنا عن احمد بن أبي عبد الله عن إسماعيل بن مهران عن عبيد بن معاوية بن شريح عن سيف بن عميرة عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر عليه‌السلام عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال : خرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يريد فاطمة عليها‌السلام وانا معه : فلما انتهيت الى الباب وضع يده فدفعه ثم قال : السلام عليكم ، فقالت فاطمة عليها‌السلام : عليك السلام يا رسول الله ، قال : أدخل؟ قالت : ادخل يا رسول الله ، قال : ادخل ومن معى؟ قالت : يا رسول الله ليس على قناع ، فقال : يا فاطمة خذي فضل ملحفتك فقنعي به رأسك ففعلت ، ثم قال : السلام عليكم ، فقالت : وعليك السلام يا رسول الله ، قال : أدخل؟ قالت : نعم يا رسول الله ، قال : أنا ومن معى؟ قالت : ومن معك ، قال جابر : فدخل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ودخلت فاذا فاطمة عليها‌السلام أصفر كأنه وجه جرادة ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ما لي أرى وجهك أصفر؟ قالت : يا رسول الله الجوع فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله اللهم مشبع الجوعة ودافع الضيعة أشبع فاطمة بنت محمد ، قال جابر : فو الله لنظرت الى الدم ينحدر من قصصها حتى عاد وجهها أحمر ، فما جاعت بعد ذلك اليوم.

٨٨ ـ في من لا يحضره الفقيه وروى عن جراح المداينى قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن دار فيها ثلاثة أبيات وليس لهن حجر؟ قال : انما الاذن على البيوت ، ليس على الدار اذن.

٨٩ ـ في تفسير على بن إبراهيم ثم أدب الله عزوجل خلقه فقال : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ) الى قوله : (فَلا تَدْخُلُوها حَتَّى يُؤْذَنَ) قال : معناه وان لم تجدوا فيها أحدا يأذن لكم فلا تدخلوها حتى يؤذن لكم.

٩٠ ـ وفيه ثم رخص الله تعالى فقال : (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيها مَتاعٌ لَكُمْ) قال الصادق عليه‌السلام : هي الحمامات والخانات والارحية تدخلها بغير اذن ، وقوله : (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ) فانه حدثني أبي عن محمد ابن أبي عمير عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : كل آية


في القرآن في ذكر الفروج فهي من الزنا الا هذه الاية فانها من النظر.

٩١ ـ في أصول الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن بكر بن صالح عن القاسم ابن بريد قال : حدثنا ابو عمر والزبيري عن أبي عبد الله عليه‌السلام وذكر حديثا طويلا قال فيه عليه‌السلام بعد ان قال : ان الله تبارك وتعالى فرض الايمان على جوارح ابن آدم وقسمه عليها وفرقه فيها : وفرض على البصر ان لا ينظر الى ما حرم الله عليه ، وان يعرض عما نهى الله عنه مما لا يحل له ، وهو عمله وهو من الايمان ، فقال تبارك وتعالى : (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ) فنهاهم أن ينظروا الى عوراتهم ، وان ينظر المرء الى فرج أخيه ، ويحفظ فرجه أن ينظر اليه ، وقال : (وَقُلْ لِلْمُؤْمِناتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَ) من أن ينظر إحداهن الى فرج أختها ، ويحفظ فرجها من ان ينظر إليها وقال : كل شيء في القرآن من حفظ الفرج فهو من الزنا الا هذه الاية فانها من النظر.

٩٢ ـ في جوامع الجامع وعن أم سلمة رضى الله عنها قالت : كنت عند النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وعنده ميمونة فأقبل ابن أم مكتوم وذلك بعد ان أمرنا بالحجاب فقال : احتجبا فقلنا : يا رسول الله أليس أعمى لا يبصرنا؟ فقال : أفعمياوان أنتما ، ألستما تبصرانه؟.

٩٣ ـ في الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن على بن الحكم عن سيف بن عميرة عن سعد الإسكاف عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : استقبل شاب من الأنصار امرأة بالمدينة وكان النساء يتقنعن خلف آذانهن ، فنظر إليها وهي مقبلة ، فلما جازت نظر إليها ودخل في زقاق (١) قد سماه يعنى فلان ، فجعل ينظر خلفها واعترض وجهه عظم في الحائط أو زجاجة فشق وجهه ، فلما مضت المرئة نظر فاذا الدماء تسيل على ثوبه وصدره ، فقال : والله لاتين رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ولأخبرنه ، قال : فأتاه فلما رآه رسول الله قال له : ما هذا؟ فأخبره ، فهبط جبرئيل عليه‌السلام بهذه الاية : (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذلِكَ أَزْكى لَهُمْ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِما يَصْنَعُونَ).

__________________

(١) الزقاق : السكة.


٩٤ ـ في من لا يحضره الفقيه قال أمير المؤمنين عليه‌السلام في وصيته لابنه محمد ابن الحنفية : وفرض على البصر أن لا ينظر الى ما حرم الله عزوجل عليه ، فقال عز من قائل : (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ) محرم أن ينظر أحد الى فرج غيره.

٩٥ ـ في كتاب الخصال عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قلت له :

ما للرجل ان يرى من المرأة إذا لم تكن له بمحرم؟ قال : الوجه والكفين والقدمين.

٩٦ ـ وفيه وقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لأمير المؤمنين عليه‌السلام : يا على أول نظرة لك والثانية عليك لا لك.

٩٧ ـ وفيه أيضا فيما علم أمير المؤمنين عليه‌السلام أصحابه : ليس في البدن شيء أقل شكرا من العين ، فلا تعطوها سؤلها فتشغلكم عن ذكر الله إذا تعرى الرجل نظر الشيطان وطمع فيه فاستتروا ، ليس للرجل ان يكشف ثيابه عن فخذيه ويجلس بين قوم ، لكم أول نظرة الى المرئة فلا تتبعوها بنظرة اخرى واحذروا الفتنة ، إذا رأى أحدكم امرأة تعجبه فليأت أهله فان عند أهله مثل ما رأى ، ولا يجعلن للشيطان على قلبه سبيلا ليصرف بصره عنها ، فاذا لم تكن له زوجة فليصل ركعتين ويحمد الله كثيرا ، ويصلى على النبي وآله ثم يسأل الله من فضله فانه يبيح له برحمته ما يغنيه.

٩٨ ـ عن جعفر بن محمد عن أبيه قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : كل عين باكية يوم القيامة الا ثلاثة أعين : عين بكت من خشية الله ، وعين غضت من محارم الله ، وعين باتت ساهرة في سبيل الله.

٩٩ ـ عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : أربعة لا يشبعن من أربعة : الأرض من المطر والعين من النظر ، الحديث.

على بن الحسين بن على قال : قال أمير المؤمنين عليهم‌السلام للشامي الذي سأله عن المسائل في جامع الكوفة : أربعة لا يشبعن من اربعة وذكر كالسابق.


١٠٠ ـ عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من سلم من نساء أمتي من أربع خصال فلها الجنة ، إذا حفظت ما بين رجليها ، وأطاعت زوجها ، وصلت خمسها ، وصامت شهرها.

١٠١ ـ في قرب الاسناد للحميري أحمد بن محمد بن أبي نصر قال : سألت الرضا عليه‌السلام عن الرجل أيحل له أن ينظر الى شعر أخت امرأته؟ فقال : لا الا ان تكون من القواعد ، قلت له : أخت امرأته والعربية سواء؟ قال : نعم ، قلت : فما لي النظر اليه منها فقال : شعرها وذراعها ، وقال : ان أبا جعفر مر بامرأة محرمة وقد استترت بمروحة على وجهها فأماط المروحة (١) بقضيبه عن وجهها.

١٠٢ ـ وباسناده الى على بن جعفر عن أخيه موسى عليه‌السلام قال : سألته عن الرجل ما يصلح له ان ينظر اليه من المرئة التي لا تحل له؟ قال : الوجه والكف وموضع السوار.

١٠٣ ـ في الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن على بن الحكم عن على بن سويد قال : قلت لأبي الحسن عليه‌السلام : انى مبتلى بالنظر الى المرئة الجميلة يعجبني النظر إليها؟ فقال لي : يا على لا بأس إذا عرف الله من نيتك الصدق ، وإياك والزنا فانه يمحق البركة ويهلك الدين.

١٠٤ ـ على بن إبراهيم عن أبيه عن النوفلي عن السكوني عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لا حرمة لنساء أهل الذمة ان ينظر الى شعورهن وأيديهن.

١٠٥ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن مروك بن عبيد عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قلت له : ما يحل للرجل أن يرى من المرأة إذا لم يكن محرما؟ قال : الوجه والكفان والقدمان.

١٠٦ ـ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن محبوب عن عباد ابن صهيب قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : لا بأس بالنظر الى رؤس أهل تهامة و

__________________

(١) أماط عنه الشيء ، أبعده.


الاعراب وأهل السواد والعلوج ، لأنهم إذا نهوا لا ينتهون (١) قال : والمجنونة والمغلوبة على عقلها ، ولا بأس بالنظر الى شعرها وجسدها ما لم يتعمد ذلك.

١٠٧ ـ على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن أبي أيوب الخزاز عن محمد بن مسلم قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن الرجل يريد أن يتزوج المرأة أينظر إليها؟ قال : نعم يشتريها بأعلى الثمن.

١٠٨ ـ على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم وحماد بن عثمان وحفص بن البختري كلهم عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : لا بأس بأن ينظر الرجل الى وجهها ومعاصمها (٢) إذا أراد أن يتزوجها.

١٠٩ ـ ابو على الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان عن ابن مسكان عن الحسن بن على السري قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : الرجل يريد أن يتزوج المرأة يتأملها وينظر الى خلفها والى وجهها؟ قال : لا بأس بأن ينظر الرجل الى المرأة إذا أراد أن يتزوجها ينظر الى خلفها والى وجهها.

١١٠ ـ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن أبيه عن عبد الله بن الفضل عن أبيه عن رجل عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قلت له : أينظر الرجل الى المرأة يريد تزويجها فينظر الى شعرها ومحاسنها؟ قال : لا بأس بذلك إذا لم يكن متلذذا.

١١١ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد وعبد الله إبني محمد عن على بن الحكم عن أبان بن عثمان عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن المملوك يرى شعر مولاته؟ قال : لا بأس.

١١٢ ـ على بن إبراهيم عن أبيه ومحمد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان عن ابن أبي عمير عن معاوية بن عمار قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام المملوك يرى شعر مولاته

__________________

(١) قال في مرآة العقول : لعل إرجاع ضمير المذكر للتجوز أو التغليب أو المراد ان رجالهن إذا نهوا عن كشفهن وأمروا بستر هن لا ينتهون ولا يتأمرون.

(٢) المعاصم جمع المعصم : موضع السوار من الساعد.


وساقها؟ قال : لا بأس.

١١٣ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن محبوب عن يونس بن عمار ويونس بن يعقوب جميعا عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : لا يحل للمرأة ان ينظر عبدها الى شيء من جسدها الا الى شعرها غير متعمد لذلك.

١١٤ ـ وفي رواية اخرى : لا بأس ان ينظر الى شعرها إذا كان مأمونا.

١١٥ ـ أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن خالد والحسين بن سعيد عن القاسم ابن عروة عن عبد الله بن بكير عن زرارة عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله تبارك وتعالى : الا ما ظهر منها قال : الزينة الظاهرة الكحل والخاتم.

١١٦ ـ الحسين بن محمد عن أحمد بن اسحق عن سعدان بن مسلم عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن قول الله تعالى : (وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا ما ظَهَرَ مِنْها) قال : الخاتم والمسكة وهي القلب (١).

١١٧ ـ في جوامع الجامع فالظاهرة لا يجب سترها وهي الثياب الى قوله : وعنهم عليهم‌السلام الكفان والأصابع.

١١٨ ـ في مجمع البيان وفي تفسير على بن إبراهيم الكفان والأصابع.

١١٩ ـ في تفسير على بن إبراهيم وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله : (وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا ما ظَهَرَ مِنْها) فهي الثياب والكحل والخاتم ، وخضاب الكف والسوار ، والزينة ثلاث : زينة للناس ، وزينة للمحرم ، وزينة للزوج ، فاما زينة الناس فقد ذكرناها ، واما زينة المحرم فوضع القلادة فما فوقها ، والدملج وما دونه ، والخلخال وما أسفل منه ، واما زينة الزوج فالجسد كله.

١٢٠ ـ في الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن ابن محبوب عن جميل عن الفضيل قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الذراعين من المرأة هما من

__________________

(١) المسك ـ بالتحريك ـ : الذبل والاسورة والخلاخيل من القرون والعاج. والقلب ـ بالضم ـ السوار.


الزينة التي قال الله تعالى : (وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ)؟ قال : نعم وما دون الخمار من الزينة ، وما دون السوارين.

١٢١ ـ في مجمع البيان الا لبعولتهن اى أزواجهن يبدين مواضع زينتهن لهم ، استدعاء لميلهم وتحريكا لشهوتهم ، فقد روى ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لعن السلتاء من النساء والمرهاء ، فالسلتاء التي لا تخضب ، والمرهاء التي لا تكتحل ، ولعن عليه‌السلام المسوفة والمفسلة ، فالمسوفة التي إذا دعاها زوجها الى المباشرة قالت : سوف أفعل ، والمفسلة هي التي إذا دعاها قالت : أنا حائض وهي غير حائض.

١٢٢ ـ في مجمع البيان أو نسائهن يعنى النساء المؤمنات ، ولا يحل لها أن تتجرد ليهودية أو نصرانية أو مجوسية الا إذا كانت امة ، وهو معنى قوله : (أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَ) اى من الإماء عن ابن جريج والمجاهد والحسن وسعيد المسيب قالوا : ولا يحل للعبد أن ينظر الى شعر مولاته ، وقيل : معناه العبيد والإماء ، وروى ذلك عن أبي عبد الله عليه‌السلام.

١٢٣ ـ في من لا يحضره الفقيه وروى حفص بن البختري عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : لا ينبغي للمرأة أن تنكشف بين يدي اليهودية والنصرانية ، فإنهن يصفن ذلك لأزواجهن.

١٢٤ ـ في الكافي محمد بن اسمعيل عن الفضل بن شاذان وأبو على الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان بن يحيى عن ابن مسكان عن زرارة قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجالِ) الى آخر الاية قال : الأحمق الذي لا يأتى النساء.

١٢٥ ـ حميد بن زياد عن الحسن بن محمد عن غير واحد عن أبان بن عثمان عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال : سألته عن (أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجالِ)؟ قال : الأحمق المولى عليه الذي لا يأتى النساء.

١٢٦ ـ الحسين بن محمد عن معلى بن محمد وعلى بن إبراهيم عن أبيه جميعا عن


جعفر بن محمد الأشعري عن عبد الله بن ميمون القداح عن أبي عبد الله عن أبيه عن آبائه عليهم‌السلام قال : كان بالمدينة رجلان يسمى أحدهما هيت (١) والاخر مانع ، فقالا لرجل ـ ورسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يسمع ـ : إذا فتحتم الطائف ان شاء الله فعليكم بابنة غيلان الثقفية فانها شموع بخلاء مبتلة هيفاء شنباء إذا جلست تثنت وإذا تكلمت غنت تقبل بأربع وتدبر بثمان (٢) بين رجليها مثل القدح ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : لا أراكما من أولى الاربة من الرجال ، فأمر بهما رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فغرب بهما الى مكان يقال له العرايا ، فكانا يتسوفان في كل جمعة.

١٢٧ ـ في تفسير على بن إبراهيم واما قوله عزوجل : (أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجالِ) فهو الشيخ الفاني الذي لا حاجة له في النساء.

١٢٨ ـ في مجمع البيان (أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجالِ) اختلف في معناه فقيل : التابع الذي يتبعك لينال من طعامك شيئا ، ولا حاجة له في النساء وهو الأبله المولى عليه عن ابن عباس وقتادة وسعيد بن جبير وهو المروي عن أبي عبد الله عليه‌السلام

__________________

(١) هيت ـ بالمثناة التحتانية اولا والفوقانية ثانيا على ما ضبطه أهل الحديث : مخنث نفاه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من المدينة.

(٢) في هامش المصدر : الشموع كصبور : المزاح. والميتلة ـ كمعظمة ـ : الجميلة التامة الخلق ، والتي لم يركب بعض لحمها بعضا ، ولا يوصف به الرجل. والهيف ـ بالتحريك ـ : ضمر البطن ورقة الخاصرة. والشب ـ محركة ـ : عذوبة في الأسنان. وفي بعض النسخ «شيناء» بالمثناة التحتانية اولا والنون ثانيا وهو كما في القاموس : الحسناء ، والنثى : رد بعض الشيء على بعض ، وفي بعض النسخ «تبنت» بالمثناة الفوقانية اولا والياء الموحدة ثانيا والنون أخيرا : وهو تباعد ما بين الفخذين ، والمراد بالأربع اليدان والرجلان وبالثمان هي مع الكتفين والأليتين وإقبالها بأربع كناية عن سرعتها في الإتيان وقبولها الدعوة ، وادبارها بثمان كناية عن بطؤها ويأسها من حاجتها فيها ، وفي بعض النسخ «فعزب» بالعين المعجمة والزاى اى بعد.


١٢٩ ـ (وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) وفي الحديث انه عليه‌السلام قال : يا ايها الناس توبوا الى ربكم فانى أتوب الى الله تعالى في كل يوم مأة مرة أورده مسلم في الصحيح.

١٣٠ ـ في الكافي باسناده الى عاصم بن حميد قال : كنت عند أبي عبد الله عليه‌السلام فأتاه رجل فشكا اليه الحاجة ، فأمره بالتزويج قال : فاشتدت به الحاجة فأتى أبا عبد الله عليه‌السلام فسأله عن حاله ، فقال له : اشتدت بى الحاجة ، قال : ففارق ثم أتاه فسأله عن حاله قال : اثريت وحسن حالي (١) فقال ابو عبد الله عليه‌السلام : انى امرتك بأمرين امر الله بهما ، قال الله عزوجل : (وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ) الى قوله (وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ) وقال : (إِنْ يَتَفَرَّقا يُغْنِ اللهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ).

١٣١ ـ عدة من أصحابنا عن أحمد بن أبي عبد الله عن أبي عبد الله الجاموراني عن الحسن بن على بن أبي حمزة عن عبد المؤمن عن إسحاق بن عمار قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : الحديث الذي يرويه الناس ان رجلا أتى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فشكا اليه الحاجة فأمره بالتزويج ففعل ، ثم أتاه فشكا اليه الحاجة فأمره بالتزويج حتى أمره ثلاث مرات؟ فقال ابو عبد الله عليه‌السلام : هو حق ثم قال : الرزق مع النساء والعيال.

١٣٢ ـ عنه عن الجاموراني عن الحسن بن على بن أبي حمزة عن محمد بن يوسف التميمي عن محمد بن جعفر عن أبيه عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من ترك التزويج مخافة العيلة (٢) فقد أساء ظنه بالله عزوجل ، ان الله عزوجل يقول : (إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ).

١٣٣ ـ على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن أبان بن عثمان عن جرير عن وليد بن صبيح عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : من ترك التزويج مخافة العيلة فقد أساء الظن بالله.

__________________

(١) اثرى فلان : كثر ماله واستغنى.

(٢) العيلة ، الفقر.


١٣٤ ـ محمد بن يحيى عن أحمد وعبد الله إبني محمد بن عيسى عن على بن الحكم عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : جاء رجل الى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وشكى اليه الحاجة فقال : تزوج ، فتزوج فوسع عليه.

١٣٥ ـ على بن إبراهيم عن صالح بن السندي عن جعفر بن بشير عن على بن أبي حمزة عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : أتى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله شاب من الأنصار فشكا اليه الحاجة ، فقال له : تزوج فقال الشاب : انى لأستحيي ان أعود الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فلحقه رجل من الأنصار فقال : ان لي بنتا وسيمة (١) فزوجها إياه قال : فوسع الله عليه فأتى الشاب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فأخبره ، فقال رسول الله : يا معشر الشباب عليكم بالباه (٢).

١٣٦ ـ عدة من أصحابنا عن احمد بن محمد عن ابن فضال عن ابن القداح قال قال أبو عبد الله عليه‌السلام : ركعتان يصليهما المتزوج أفضل من سبعين ركعة يصليها الأعزب. عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن جعفر بن محمد الأشعري عن ابن القداح عن أبي عبد الله عليه‌السلام مثله.

١٣٧ ـ على بن محمد بن بندار عن أحمد بن محمد بن خالد عن الجاموراني عن الحسن بن على بن أبي حمزة عن كليب بن معاوية الأسدي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من تزوج أحرز نصف دينه ، وفي حديث آخر : فليتق الله في النصف الاخر أو الباقي.

١٣٨ ـ وعنه عن محمد بن على عن محمد بن خالد عن محمد الأصم عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : رذال موتاكم العزاب.

١٣٩ ـ على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمار عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : لما لقى يوسف عليه‌السلام أخاه قال : يا أخي كيف استطعت ان تتزوج

__________________

(١) الوسيمة : الحسنة الوجه.

(٢) الباء : النكاح.


النساء بعدي؟ قال : ان أبي أمرني قال : ان استطعت ان يكون لك ذرية تثقل الأرض بالتسبيح فافعل.

١٤٠ ـ على بن محمد بن بندار وغيره عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي عن ابن فضال وجعفر بن محمد عن ابن القداح عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : جاء رجل الى أبي عبد الله عليه‌السلام فقال : هل لك من زوجة؟ فقال : لا فقال أبي : وما أحب ان لي الدنيا وما فيها وانى بت ليلة وليست لي زوجة ، ثم قال : لركعتان يصليهما رجل متزوج أفضل من رجل أعزب يقوم ليله ويصوم نهاره ، ثم أعطاه أبي سبعة دنانير ثم قال : تزوج بهذه ، ثم قال أبي : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : اتخذوا الأهل فانه أرزق لكم.

١٤١ ـ في من لا يحضره الفقيه وروى عن محمد بن أبي عمير عن حريز عن الوليد قال : قال أبو عبد الله : من ترك التزويج مخافة الفقر فقد أساء الظن بالله عزوجل ان الله عزوجل يقول : (إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ).

١٤٢ ـ في الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن الحسن بن على بن فضال عن ثعلبة بن ميمون عن عمر بن أبي بكار عن أبي بكر الحضرمي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله زوج المقداد بن الأسود ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب ، وانما زوجه لتتضع المناكح ، وليتأسوا برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وليعلموا ان أكرمهم عند الله أتقاهم.

١٤٣ ـ عدة من أصحابنا عن احمد بن محمد بن عيسى عن على بن الحكم عن هشام بن سالم عن رجل عن أبي عبد الله عليه‌السلام ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله زوج المقداد بن الأسود ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب ثم قال : انما زوجها المقداد لتتضع المناكح ، وليتأسوا برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وليعلموا (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ) ، وكان الزبير أخا عبد الله وأبي طالب لأبيهما وأمهما.

١٤٤ ـ في تهذيب الأحكام على بن الحسن بن فضال عن محمد بن عبد الله عن محمد بن أبي عمير عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ان رسول الله زوج


ضبيعة بنت الزبير بن عبد المطلب من مقداد بن الأسود ، فتكلمت في ذلك بنو هاشم فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : انى انما أردت أن تتضع المناكح.

١٤٥ ـ في كتاب معاني الاخبار باسناده الى محمد بن طلحة الصيرفي قال : سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد عليهما‌السلام يقول : سمعت أبي يحدث عن أبيه عن جده عليهم‌السلام ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : إياكم وخضراء الدمن (١) قيل : يا رسول الله وما خضراء الدمن؟ قال : المرأة الحسناء في منبت السوء.

١٤٦ ـ حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رحمه‌الله قال : حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن محبوب عن إبراهيم الكرخي قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : ان صاحبتي هلكت وكانت لي موافقة وقد هممت أن أتزوج ، فقال : انظر اين تضع نفسك ، ومن تشرك في مالك وتطلعه على دينك وسترك وأمانتك ، فان كنت لا بد فاعلا فبكرا تنسب الى الخير ، والى حسن الخلق.

واعلم ان النساء خلقن شتى

فمنهن الغنيمة والغرام (٢)

ومنهن الهلال إذا تجلى

لصاحبه ومنهن الظلام

فمن يظفر بصالحهن يسعد

ومن يغبن فليس له انتقام

وهن ثلاث : فامرأة ولود ودود تعين زوجها على دهره لدنياه وآخرته ، ولا تعين الدهر عليه ، وامرأة عقيم لا ذات جمال ولا خلق ، ولا تعين زوجها على خير ، وامرأة صخابة ولاجة همازة (٣) تستقل الكثير ولا تقبل اليسير.

١٤٧ ـ في عيون الاخبار في باب ما جاء عن الرضا عليه‌السلام من أخبار هذه المجموعة

__________________

(١) قال الجزري : فيه إياكم وخضراء الدمن : الدمن جمع دمنة وهي ما تدمنه الإبل والغنم بأبوالها وأبعارها ، اى تبلده في مرابضها ، فربما نبت فيها النبات الحسن النضير.

(٢) كذا في النسخ ، وفي المصدر «الآن النساء ... اه».

(٣) الصخابة ، شديدة الصياح ، والولاجة : كثيرة الدخول والخروج. والهمازة : العيابة الطعانة.


ـ وباسناده قال : قال على بن أبي طالب عليه‌السلام : للمرأة عشر عورات ، فاذا زوجت استتر لها عورة ، وإذا ماتت تستر عوراتها كلها.

١٤٨ ـ في كتاب الخصال عن على بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر عليهما‌السلام عليه‌السلام قال : ثلاثة يستظلون بظل عرش الله يوم القيامة يوم لا ظل الا ظله : رجل زوج أخاه المسلم أو أخدمه أو كتم له سرا.

١٤٩ ـ عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : أربعة ينظر الله تعالى إليهم يوم القيامة : من أقال نادما ، أو أغاث لهفان ، أو أعتق نسمة ، أو زوج عزبا.

١٥٠ ـ عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عن على عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : النساء أربع : جامع مجمع ، وربيع مربع ، وكرب مقمع ، وغل قمل (١).

١٥١ ـ عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عن على عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أربع من سنن المرسلين : العطر والنساء والسواك والحنا.

١٥٢ ـ وباسناده الى زيد بن ثابت قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا زيد تزوجت؟ قال : قلت : لا ، قال : تزوج تستعف مع عفتك ولا تتزوجن خمسا قال زيد : ما هن يا رسول الله؟ فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : لا تتزوجن شهبرة ولا لهبرة ولا نهبرة ولا هيدرة ولا لفوتا قال زيد : يا رسول الله ما عرفت مما قلت شيئا وانى بأمرهن لجاهل ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ألستم عربا؟ اما الشهبرة فالزرقاء البذية ، واما اللهبرة فالطويلة المهزولة واما النهبرة فالقصيرة الدميمة ، واما الهيدرة فالعجوز المدبرة ، واما اللفوت فذات الولد من غيرك.

__________________

(١) قال الصدوق (ره) بعد ذكر الحديث : جامع مجمع اى كثيرة الخير مخصبة ، وربيع مربع التي في حجرها ولد وفي بطنها آخر ، وكرب مقمع اى سيئة الخلق مع زوجها ، وغل قمل اى هي عند زوجها كالغل القمل ، وهو غل من جلد يقع فيه القمل فيأكله ، فلا يتهيأ له أن يحك منه شيء وهو مثل للعرب.


١٥٣ ـ في كتاب التوحيد باسناده الى عبد الأعلى مولى آل سام عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال قال رسول الله : تزوجوا الأبكار فإنهن أطيب شيء أفواها ، وأدر شيء أخلافا وأفتح شيء أرحاما ، أما علمتم انى أباهي بكم الأمم يوم القيامة حتى بالسقط ، يظل محبنطئا على باب الجنة (١) فيقول الله عزوجل له : ادخل فيقول : لا حتى يدخل أبواى قبلي. فيقول الله عزوجل لملك من الملائكة : ايتني بابويه فيأمر بهما الى الجنة فيقول : هذا بفضل رحمتي لك.

١٥٤ ـ في الكافي ابو على الأشعري عن بعض أصحابه عن صفوان بن يحيى عن معاوية بن وهب عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ) قال : يتزوجوا (حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ).

١٥٥ ـ في من لا يحضره الفقيه روى العلا عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (فَكاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً) قال : الخير أن يشهد أن لا اله الا الله وان محمدا رسول الله ، ويكون بيده عمل يكتسب به أو يكون له حرفة.

١٥٦ ـ في تهذيب الأحكام الحسين بن سعيد عن ابن أبي عمير عن حماد عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله عزوجل (فَكاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً) قال : كاتبوهم ان علمتم لهم مالا.

١٥٧ ـ في الكافي أبو على الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان عن ابن مسكان عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً) قال : ان علمتم دينا ومالا.

١٥٨ ـ وباسناده عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام قال : سألته عن

__________________

(١) قال الجزري : في حديث السقط : يظل محبنطئا على باب الجنة ، المحبنطئ بالهمز وتركه : المتغضب المستبطئ للشيء ، وقيل : هو الممتنع امتناع طلبة ، لا امتناع إباء «انتهى» وقال ابن منظور في اللسان : المحبنطئ : الممتلى غضبا ، والنون والهمزة والالف والباء زوائد للإلحاق الى ان قال : والمحبنطئ : اللازق بالأرض.


ـ قوله : (فَكاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً) قال : الخير ان علمت ان عنده مالا.

١٥٩ ـ على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن حماد عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (فَكاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً) قال : كاتبوهم ان علمتم لهم مالا.

١٦٠ ـ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسين بن سعيد عن أخيه الحسن عن زرعة عن سماعة قال : سألته عليه‌السلام عن العبد يكاتبه مولاه وهو يعلم انه ليس له قليل ولا كثير ، قال : يكاتبه وان كان يسأل الناس ، ولا يمنعه المكاتبة من أجل أن ليس له مال ، فان الله يرزق العباد بعضهم من بعض والمؤمن معان ويقال : المحسن معان.

١٦١ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن محمد بن سنان عن العلا بن الفضيل عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال في قوله عزوجل : (فَكاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً وَآتُوهُمْ مِنْ مالِ اللهِ الَّذِي آتاكُمْ) قال : تضع عنه من نجومه التي لم تكن تريد ان تنقصه ولا تزيد فوق ما في نفسك ، فقلت : كم؟ فقال : وضع أبو جعفر عليه‌السلام عن مملوك ألفا من ستة آلاف.

١٦٢ ـ وباسناده عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام قال : سألته عن قول الله عزوجل : (وَآتُوهُمْ مِنْ مالِ اللهِ الَّذِي آتاكُمْ) قال : الذي ان تكاتبه عليه لا تقول : أكاتبه بخمسة آلاف وأترك له ألفا ، ولكن انظر الى الذي أضمرت عليه فأعطه.

١٦٣ ـ في من لا يحضره الفقيه وروى عن القاسم بن سليمان عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن قول الله عزوجل : (وَآتُوهُمْ مِنْ مالِ اللهِ الَّذِي آتاكُمْ) قال : سمعت أبي يقول : لا يكاتبه على الذي أراد أن يكاتبه ، ثم يزيد عليه ثم يضع عنه ، ولكنه يضع عنه مما نوى ان يكاتبه عليه.

١٦٤ ـ في تفسير على بن إبراهيم ومعنى قوله : (وَآتُوهُمْ مِنْ مالِ اللهِ الَّذِي آتاكُمْ) قال : إذا كاتبتهم تجعل لهم من ذلك شيئا.


١٦٥ ـ في مجمع البيان (وَآتُوهُمْ مِنْ مالِ اللهِ الَّذِي آتاكُمْ) من قال انه خطاب للسادة اختلفوا في قدر ما يجب فقيل يتقدر بربع المال عن الثوري وروى ذلك عن على عليه‌السلام.

١٦٦ ـ في تفسير على بن إبراهيم وقوله عزوجل : (وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً) قال : كانت العرب وقريش يشترون الإماء ويضعون عليهم الضريبة الثقيلة ويقولون : اذهبوا وازنوا واكتسبوا ، فنهاهم الله عزوجل عن ذلك فقال : (وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ) الى قوله تعالى : (غَفُورٌ رَحِيمٌ) اى لا يؤاخذهن الله تعالى بذلك إذا اكرهن عليه ، وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : هذه الاية منسوخة نسختها (فَإِنْ أَتَيْنَ بِفاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ ما عَلَى الْمُحْصَناتِ مِنَ الْعَذابِ).

١٦٧ ـ في مجمع البيان في الشواذ قراءة ابن عباس وسعيد بن جبير (مِنْ بَعْدِ إِكْراهِهِنَ) لهن غفور رحيم» وروى ذلك عن أبي عبد الله عليه‌السلام.

١٦٨ ـ لتبتغوا عرض الحيوة الدنيا قيل : ان عبد الله بن أبي كانت له ست جواري يكرههن على الكسب بالزنا ، فلما نزل تحريم الزنا أتين رسول الله عليه‌السلام فشكون اليه فنزلت الاية.

١٦٩ ـ في أصول الكافي على بن محمد ومحمد بن الحسن عن سهل بن زياد عن محمد بن الحسن بن شمون عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصم عن عبد الله بن القاسم عن صالح بن سهل الهمداني قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ) فاطمة عليها‌السلام فيها مصباح الحسن المصباح في زجاجة الحسين الزجاجة كأنها كوكب دري فاطمة كوكب دري بين نساء أهل الدنيا توقد من شجرة مباركة إبراهيم (ع) زيتونة لا شرقية ولا غربية لا يهودية ولا نصرانية (يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ نُورٌ عَلى نُورٍ) امام منها بعد امام (يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ) يهدى الله للائمة عليهم‌السلام (مَنْ يَشاءُ وَيَضْرِبُ اللهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ) والحديث طويل أخذنا هنا منه موضع الحاجة وستسمع تتمته عند قوله تعالى :


«أو كظلمات» إلخ ان شاء الله تعالى.

١٧٠ ـ وباسناده الى يعقوب بن سالم عن رجل عن أبي جعفر عليه‌السلام حديث طويل وفيه ان الله تعالى بعث الى أهل البيت عليهم‌السلام بعد وفاة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله من يعزيهم فسمعوا صوته ولم يروا شخصه ، فكان في تعزيته : جعلكم أهل بيت نبيه واستودعكم علمه وأورثكم كتابه ، وجعلكم تابوت علمه وعصى عزه ، وضرب لكم مثلا من نوره.

١٧١ ـ في كتاب التوحيد حدثنا أبي رضى الله عنه قال : حدثنا سعد بن عبد الله عن يعقوب بن يزيد عن العباس بن هلال قال : سألت الرضا عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) فقال : هادي لأهل السموات وهادي لأهل الأرض ، وفي رواية البرقي : هدى من في السموات وهدى من في الأرض.

١٧٢ ـ وقد روى عن الصادق عليه‌السلام انه سئل عن قول الله عزوجل : (اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ) فقال : هو مثل ضربه الله لنا ، فالنبي والائمة صلوات الله عليهم من دلالات الله وآياته التي يهتدى بها الى التوحيد ، ومصالح الدين وشرايع الإسلام والسنن والفرائض ، ولا قوة الا بالله العلى العظيم.

١٧٣ ـ وتصديق ذلك ما حدثنا به إبراهيم بن هارون الهيثى بمدينة السلام قال : حدثنا محمد بن أحمد بن أبي الثلج قال : حدثنا الحسين بن أيوب عن محمد بن غالب عن على بن الحسين بن أيوب عن الحسين بن سليمان عن محمد بن مروان الذهلي عن الفضيل ابن يسار قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : (اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) قال كذلك الله عزوجل ، قال : قلت : (مَثَلُ نُورِهِ) قال : محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله قلت : (كَمِشْكاةٍ) قال : صدر محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، قلت : (فِيها مِصْباحٌ) قال : فيه نور العلم يعنى النبوة ، قلت : (الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ) قال : علم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الى قلب على عليه‌السلام ، قلت : (كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ) قال : لاي شيء تقرأ كأنها؟ قلت : فكيف جعلت فداك؟ قال : «كأنه» قلت : (يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ) قال : ذاك أمير المؤمنين على بن أبي طالب عليه‌السلام لا يهودي ولا نصراني ، قلت : (يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ) قال :


يكاد العلم يخرج من فم العالم من آل محمد من قبل أن ينطق به ، قلت (نُورٌ عَلى نُورٍ) قال : الامام في اثر الامام.

١٧٤ ـ وباسناده الى عيسى بن راشد عن محمد بن على بن الحسين عليهم‌السلام في قوله عزوجل : (كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ) قال : المشكوة نور العلم في صدر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله (الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ) الزجاجة صدر على عليه‌السلام صار علم النبي الى صدر على ، علم النبي عليا عليه‌السلام (الزُّجاجَةُ كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ) قال : نور العلم (لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ) قال : لا يهودية ولا نصرانية (يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ) قال : يكاد العالم من آل محمد يتكلم بالعلم قبل أن يسأل (نُورٌ عَلى نُورٍ) يعنى إماما مؤيدا بنور العلم والحكمة في اثر الامام من آل محمد ، وذلك من لدن آدم الى ان تقوم الساعة ، فهؤلاء الأوصياء الذين جعلهم الله عزوجل خلفاء في أرضه وحججه على خلقه لا تخلو الأرض في كل عصر من واحد منهم.

١٧٥ ـ وباسناده الى جابر بن يزيد عن أبي جعفر عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ) فالمشكاة صدر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله (فِيها مِصْباحٌ) والمصباح هو العلم (فِي زُجاجَةٍ) والزجاجة أمير المؤمنين عليه‌السلام وعلم نبي الله عنده.

١٧٦ ـ في الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن على بن الحكم عن اسحق بن جرير قال سألتنى امرأة ان أدخلها على أبي عبد الله عليه‌السلام فاستأذنت لها ، فاذن لها فدخلت ومعها مولاة لها ، فقالت له : يا أبا عبد الله قول الله : (زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ) ما عنى بهذا؟ فقال لها : أيتها المرأة ان الله لم يضرب الأمثال للشجر انما ضرب الأمثال لبني آدم. محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن على بن الحكم عن اسحق بن جرير مثله والحديثان طويلان أخذنا منهما موضع الحاجة.

١٧٨ ـ في روضة الكافي على بن محمد عن على بن العباس عن على بن حماد عن


عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر عليه‌السلام قال في حديث طويل : ثم ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وضع العلم الذي كان عنده عند الوصي وهو قول الله عزوجل : (اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) يقول : انا هادي السموات والأرض مثل العلم الذي أعطيته ونوري الذي يهتدى به «مثل المشكوة فيها المصباح» فالمشكاة قلب محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله والمصباح النور الذي فيه العلم وقوله : (الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ) يقول : انى أريد ان أقبضك فاجعل الذي عندك عند الوصي كما يجعل المصباح في الزجاجة (كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ) فأعلمهم فضل الوصي (يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ) فأصل الشجرة المباركة إبراهيم صلى الله عليه وهو قول الله عزوجل : (رَحْمَتُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ) وهو قول الله عزوجل : (إِنَّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ) يقول : لستم بيهود فتصلوا قبل المغرب ، ولا نصارى فتصلوا قبل المشرق ، وأنتم على ملة إبراهيم صلى الله عليه وقد قال الله عزوجل : (ما كانَ إِبْراهِيمُ يَهُودِيًّا وَلا نَصْرانِيًّا وَلكِنْ كانَ حَنِيفاً مُسْلِماً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) وقوله : (يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ نُورٌ عَلى نُورٍ يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ) يقول : مثل أولادكم الذين يولدون مثل الزيت الذي يعصر من الزيتون (يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ نُورٌ عَلى نُورٍ يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ) يكادون ان يتكلموا بالنبوة وان لم ينزل عليهم ملك.

١٧٨ ـ في أمالي الصدوق رحمه‌الله باسناده الى الصادق عليه‌السلام حديث طويل يقول فيه : انا فرع من فروع الزيتونة ، وقنديل من قناديل بيت النبوة ، وأديب السفرة وربيب الكرام البررة ، ومصباح من مصابيح المشكوة التي فيها نور النور ، وصفو الكلمة الباقية في عقب المصطفين الى يوم الحشر.

١٧٩ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثنا حميد بن زياد عن محمد بن الحسين عن محمد بن يحيى عن طلحة بن زيد عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهما‌السلام في هذه الاية : (اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) قال : بدأ بنور نفسه (مَثَلُ نُورِهِ) مثل هداه في قلب المؤمن


(كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ) والمشكوة جوف المؤمن والقنديل قلبه والمصباح النور الذي جعله الله في قلبه (يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ) قال : الشجرة المؤمن (زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ) قال : على سواد الجبل لا غربية اى لا شرق لها ولا شرقية اى لا غرب لها ، إذا طلعت الشمس طلعت عليها ، وإذا غربت غربت عليها (يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ) يكاد النور الذي جعله الله في قلبه يضيء وان لم يتكلم (نُورٌ عَلى نُورٍ) فريضة على فريضة وسنة على سنة (يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ) يهدى الله لفرائضه وسننه من يشاء (وَيَضْرِبُ اللهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ) فهذا مثل ضربه الله للمؤمن ثم قال : فالمؤمن يتقلب في خمسة من النور ، مدخله نور ، ومخرجه نور وعلمه نور ، وكلامه نور ، ومصيره يوم القيامة الى الجنة نور ، قلت لجعفر عليه‌السلام : انهم يقولون مثل نور الرب؟ قال : سبحان الله ليس لله مثل ، قال الله : (فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثالَ).

١٨٠ ـ قال على بن إبراهيم رحمه‌الله في قول الله عزوجل : (اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) الى قوله تعالى : (وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) فانه حدثني أبي عن عبد الله بن جندب قال : كتبت الى أبي الحسن الرضا صلوات الله عليه أسأله عن تفسير هذه الاية؟ فكتب الى الجواب : أما بعد فان محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله كان أمين الله في خلقه ، فلما قبض النبي كنا أهل البيت ورثته ، فنحن أمناء الله في أرضه عندنا علم المنايا والبلايا وأنساب العرب ومولد الإسلام ، وما من فئة تضل مأة وتهدى مأة الا ونحن نعرف سائقها وقائدها وناعقها ، وانا لنعرف الرجل إذا رأيناه بحقيقة الايمان وحقيقة النفاق ، وان شيعتنا لمكتوبون بأسمائهم وأسماء آبائهم ، أخذ الله عزوجل علينا وعليهم الميثاق ، يردون موردنا ويدخلون مدخلنا ليس على ملة الإسلام (١) غيرنا وغيرهم الى يوم القيامة ، نحن الآخذون بحجزة نبينا ونبينا الآخذ بحجرة ربنا ، والحجزة النور وشيعتنا آخذون بحجزتنا ، من فارقنا هلك ومن تبعنا نجى ، والمفارق لنا والجاحد لولايتنا كافر ، ومتبعنا وتابع أوليائنا مؤمن

__________________

(١) هذا هو الظاهر الموافق للمصدر وفي نسخة «جملة» وفي اخرى «حملة» مكان «ملة» ولا تخلو النسخ عن التصحيف.


لا يحبنا كافر ولا يبغضنا مؤمن ، فمن مات وهو يحبنا كان حقا على الله ان يبعثه معنا ، نحن نور لمن تبعنا وهدى لمن اهتدى بنا ، ومن لم يكن منا فليس من الإسلام في شيء ، بنا فتح الله الدين وبنا يختمه ، وبنا أطعمكم الله عشب الأرض (١) وبنا انزل الله قطر السماء ، وبنا آمنكم الله عزوجل من الغرق في بحركم ، ومن الخسف في بركم ، وبنا نفعكم الله في حيوتكم وفي قبوركم وفي محشركم وعند الصراط وعند الميزان وعند دخولكم الجنان ، مثلنا في كتاب الله عزوجل «كمثل مشكاة» المشكوة في القنديل فنحن المشكوة (فِيها مِصْباحٌ) المصباح محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله (الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ) من عنصره (الزُّجاجَةُ كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ) لا دعية ولا منكرة (يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ) القرآن (نُورٌ عَلى نُورٍ) امام بعد امام (يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ وَيَضْرِبُ اللهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) فالنور على صلوات الله عليه ، يهدى لولايتنا من أحب وحق على الله أن يبعث ولينا مشرقا وجهه ، منيرا برهانه ، ظاهرة عند الله حجته ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٨١ ـ حدثنا محمد بن همام قال : حدثنا جعفر بن محمد بن مالك قال : حدثنا القاسم بن الربيع عن محمد بن سنان عن عمار بن مروان عن منخل عن جابر عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله عزوجل : (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ) قال : هي بيوت الأنبياء وبيت على منها.

١٨٢ ـ في كتاب المناقب لابن شهر آشوب أبو حمزة الثمالي في خبر لما كانت السنة التي حج فيها أبو جعفر محمد بن على ولقيه هشام بن عبد الملك أقبل الناس يتساءلون عليه فقال عكرمة : من هذا؟ عليه سيماء زهرة العلم لأخزينه ، فلما مثل بين يديه ارتعدت فرائصه وأسقط في أيدى أبي جعفر عليه‌السلام ، وقال : يا بن رسول الله

__________________

(١) العشب ـ بالضم ـ : الكلاء الرطب في أول الربيع ، ولا يقال له حشيش حتى يهيج ويدخل فيه أحرار البقول وذكورها.


لقد جلست مجالس كثيرة بين يدي ابن عباس وغيره ، فما أدركني ما أدركنى آنفا ، فقال له أبو جعفر عليه‌السلام : ويلك يا عبيد أهل الشام انك بين يدي بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه.

١٨٣ ـ في عيون الاخبار في الزيارة الجامعة لجميع الائمة عليهم‌السلام المنقولة عن الجواد عليه‌السلام : خلقكم الله أنوارا فجعلكم بعرشه محدقين حتى من علينا بكم فجعلكم الله (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ).

١٨٤ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة في باب اتصال الوصية من لدن آدم عليه‌السلام باسناده الى محمد بن الفضيل عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر محمد بن على الباقر عليهما‌السلام حديث طويل وفيه يقول عليه‌السلام : انما الحجة في آل إبراهيم لقول الله عزوجل : (فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً) والحجة الأنبياء وأهل بيوتات الأنبياء حتى تقوم الساعة لان كتاب الله ينطق بذلك ، ووصية الله جرت بذلك في العقب ، من البيوت التي رفعها الله تبارك وتعالى على الناس ، فقال : (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ) وهي بيوتات الأنبياء والرسل والحكماء وأئمة الهدى.

١٨٥ ـ في روضة الكافي أبان عن أبي بصير قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ) قال : هي بيوت النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله.

١٨٦ ـ في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن أبيه عمن ذكره عن محمد بن عبد الرحمان بن أبي ليلى عن أبيه عن أبي عبد الله عليه‌السلام انه قال : وصل الله طاعة ولي أمره بطاعة رسوله ، وطاعة رسوله بطاعته ، فمن ترك طاعة ولاة الأمر لم يطع الله ولا رسوله ، وهو الإقرار بما انزل من عند الله عزوجل : (خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ) والتمسوا البيوت التي اذن لله أن ترفع ويذكر فيها اسمه ، فانه أخبركم انهم (رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَإِقامِ الصَّلاةِ وَإِيتاءِ الزَّكاةِ يَخافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصارُ) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.


١٨٧ ـ في الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن بعض أصحابه عن أبي حمزة عن عقيل الخزاعي ان أمير المؤمنين صلوات الله عليه كان إذا حضر الحرب يوصى المسلمين بكلمات : يقول : تعاهدوا الصلوة وحافظوا عليها واستكثروا منها ، وقد عرف حقها من طرقها (١) وأكرم بها من المؤمنين الذين لا يشغلهم عنها زين متاع ولا قرة عين من مال ولا ولد ، يقول الله تعالى : (رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَإِقامِ الصَّلاةِ) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٨٨ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن على بن الحكم عن أسباط بن سالم قال : دخلت على أبي عبد الله عليه‌السلام فسألنا عن عمير بن مسلم ما فعل؟ فقلت : صالح ولكنه قد ترك التجارة ، فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : عمل الشيطان ثلاثا ، أما علم ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله اشترى عيرا أتت من الشام فاستفضل فيها ما قضى دينه وقسم في قرابته ، يقول الله عزوجل : (رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ) الى آخر الاية يقول القصاص : ان القوم لم يكونوا يتجرون ، كذبوا ولكنهم لم يكونوا يدعون الصلوة في ميقاتها وهو أفضل من حضر الصلوة ولم يتجر.

١٨٩ ـ عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن الحسين بن بشار عن رجل رفعه في قول الله عزوجل : (رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ) قال : هم التجار الذين لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله ، إذا دخل مواقيت الصلوة أدوا الى الله حقه فيها.

١٩٠ ـ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن محمد بن على عن محمد بن الفضيل عن أبي حمزة الثمالي قال : قال أبو جعفر عليه‌السلام لقتادة : من أنت؟ قال : انا قتادة ابن دعامة البصري فقال له أبو جعفر عليه‌السلام : أنت فقيه أهل البصرة؟ قال : نعم ، فقال له أبو جعفر : ويحك يا قتادة ان الله خلق خلقا من خلقه فجعلهم حججا على خلقه ، فهم أوتاد في

__________________

(١) قال المجلسي (ره) اى أتى بها ليلا ، من الطروق بمعنى الإتيان بالليل ، اى واظب عليها في الليالي ، وقيل : جعلها دأبه وصنعه.


أرضه قوام بأمره نجباء في علمه اصطفاهم قبل خلقه ، أظلة عن يمين عرشه قال : فسكت قتادة طويلا ثم قال : أصلحك الله والله لقد جلست بين يدي الفقهاء وقدام (١) فما اضطرب قلبي قدام واحد منهم ما اضطرب قدامك ، فقال له أبو جعفر عليه‌السلام : أتدري أين أنت؟ بين يدي (بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَإِقامِ) الصلوة وإيتاء الزكاة» فأنت ثم ونحن أولئك فقال له قتادة : صدقت والله جعلني الله فداك والله ما هي بيوت حجارة ولا طين

، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٩١ ـ في نهج البلاغة قال عليه‌السلام بعد ان ذكر الصلوة وحث عليها : من المؤمنين الذين لا يشغلهم عنها زينة متاع ولا قرة عين من ولد ولا مال ، يقول الله سبحانه : (رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَإِقامِ الصَّلاةِ وَإِيتاءِ الزَّكاةِ).

١٩٢ ـ وفيه أيضا من كلام له عليه‌السلام عند تلاوته : (رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ) وان للذكر لأهلا أخذوه من الدنيا بدلا ، فلم يشغلهم تجارة ولا بيع عنه يقطعون به أيام الحيوة ، ويهتفون بالزواجر عن محارم الله في أسماع الغافلين ، ويأمرون بالقسط ويأتمرون به ، وينهون عن المنكر ويتناهون عنه ، كأنما قطعوا الدنيا الى الاخرة وهم فيها ، فشاهدوا ما وراء ذلك ، فكأنما اطلعوا غيوب أهل البرزخ في طول الاقامة فيه ، وحققت القيامة عليهم عذابها ، فكشفوا غطاء ذلك لأهل الدنيا حتى كأنهم يرون ما لا يرى الناس ، ويسمعون ما لا يسمعون.

١٩٣ ـ في من لا يحضره الفقيه وروى عن روح بن عبد الرحيم عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ) قال : كانوا أصحاب تجارة فاذا حضرت الصلوة تركوا التجارة وانطلقوا الى الصلوة وهم أعظم أجرا ممن لا يتجر.

١٩٤ ـ في مجمع البيان «في بيوت» الاية وقيل : هي بيوت الأنبياء وروى ذلك مرفوعا انه سئل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لما قرأ الاية : أى بيوت هذه؟ فقال : بيوت الأنبياء ، فقام

__________________

(١) كذا في النسخ والظاهر «قدامهم».


أبو بكر فقال : يا رسول الله هذا البيت منها؟ ـ لبيت على وفاطمة ـ قال : نعم من أفاضلها.

١٩٥ ـ وروى عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما‌السلام انهم قوم إذا حضرت الصلوة تركوا التجارة ، وانطلقوا الى الصلوة ، وهم أعظم أجرا ممن لم يتجر والله سريع الحساب وسئل أمير المؤمنين عليه‌السلام : كيف يحاسبهم في حالة واحدة؟ فقال : كما يرزقهم في حالة واحدة.

١٩٦ ـ في أصول الكافي على بن محمد ومحمد بن الحسن عن سهل بن زياد عن محمد بن الحسن بن شمون عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصم عن عبد الله بن القاسم عن صالح بن سهل الهمداني قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) الى قوله : قلت : أو كظلمات قال : الاول وصاحبه يغشاه موج الثالث من فوقه موج ظلمات الثاني بعضها فوق بعض معاوية لعنه الله وفتن بنى امية إذا اخرج يده المؤمن في ظلمة فتنتهم لم يكد يراها ومن لم يجعل الله له نورا إماما من ولد فاطمة عليها‌السلام فما له من نور امام يوم القيامة.

١٩٧ ـ محمد بن يحيى عن عبد الله بن جعفر عن السياري عن محمد بن بكر عن أبي الجارود عن الأصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين عليه‌السلام انه قال : والذي بعث محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله بالحق وأكرم أهل بيته ما من شيء يطلبونه من حرز من حرق أو غرق أو سرق أو إفلات دابة من صاحبها أو ضالة أو آبق الا وهو في القرآن ، فمن أراد ذلك فليسألني عنه قال : فقام اليه رجل فقال : يا أمير المؤمنين أخبرنى عن الآبق؟ فقال : اقرأ : (أَوْ كَظُلُماتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ) الى قوله : «فمن (لَمْ يَجْعَلِ اللهُ لَهُ نُوراً فَما لَهُ مِنْ نُورٍ) فقرأ الرجل فرجع اليه الآبق ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٩٨ ـ في من لا يحضره الفقيه وروى عن أبي جميلة عن عبد الله بن أبي يعفور عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : اكتب للآبق في ورقة أو في قرطاس : بسم الله الرحمان الرحيم يد فلان مغلولة الى عنقه إذا أخرجها لم يكد يراها ومن لم يجعل الله له نورا فما له من


نور ، ثم لفها واجعلها بين عودين ، ثم ألقها في كوة بيت مظلم في الموضع الذي كان يأوى فيه.

١٩٩ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثنا محمد بن همام عن جعفر بن محمد بن مالك عن محمد بن الحسين الصائغ عن الحسن بن على عن صالح بن سهل قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول في قول الله عزوجل : «أو كظلمات» فلان وفلان (فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشاهُ مَوْجٌ) يعنى نعثل (١) (مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ) طلحة والزبير (ظُلُماتٌ بَعْضُها فَوْقَ بَعْضٍ) معاوية ويزيد وفتن بني امية (إِذا أَخْرَجَ يَدَهُ) في ظلمة فتنتهم (لَمْ يَكَدْ يَراها وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللهُ لَهُ نُوراً) يعنى إماما من ولد فاطمة عليها‌السلام (فَما لَهُ مِنْ نُورٍ) فما له من امام يوم القيامة يمشى بنوره كما في قوله تعالى : (يَسْعى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ) قال : انما المؤمنون يوم القيامة (نُورُهُمْ يَسْعى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ) حتى ينزلوا منازلهم من الجنان.

٢٠٠ ـ حدثني أبى عن بعض أصحابه يرفعه الى الأصبغ بن نباتة قال : قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه : ان لله ملكا في صورة الديك الأملح الأشهب ، براثنه (٢) في الأرضين السابعة ، وعرفه (٣) تحت العرش له جناحان : جناح بالمشرق وجناح بالمغرب ، فأما الجناح الذي في المشرق فمن ثلج ، واما الجناح الذي في المغرب فمن نار ، فكلما حضر وقت الصلوة قام على براثنه ورفع عرفه تحت العرش ، ثم أمال أحد جناحيه في الاخر يصفق بهما كما يصفق الديك في منازلكم ، فلا الذي من الثلج يطفى النار ولا الذي من النار يذيب الثلج ، ثم ينادى بأعلى صوته : أشهد ان لا اله الا الله واشهد ان محمدا عبده ورسوله خاتم النبيين وان وصيه خير الوصيين سبوح قدوس رب الملائكة و

__________________

(١) نعثل : اسم رجل كان طويل اللحية ، وكان عثمان إذا نيل منه وعيب شبه بذلك ، قاله الجزري في النهاية والجوهري وغيرهما.

(٢) براثن جمع البرثن وهو من السباع والطير بمنزلة الاصباع من الإنسان.

(٣) العرف : لحمة مستطيلة في أعلى رأس الديك.


الروح ، فلا يبقى في الأرض ديك الا أجابه ، وذلك قوله عزوجل : (وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ).

٢٠١ ـ وباسناده الى اسحق بن عمار عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : ما من طير يصاد في بر ولا بحر ولا يصاد شيء من الوحش الا بتضييعه التسبيح.

٢٠٢ ـ في كتاب التوحيد باسناده الى الأصبغ بن نباتة قال : جاء ابن الكوا الى أمير المؤمنين عليه‌السلام فقال : يا أمير المؤمنين والله ان في كتاب الله آية قد أفسدت على قلبي وشككتني في ديني؟ فقال له علي عليه‌السلام ، ثكلتك أمك وعدمتك وما تلك الاية؟ قال : قول الله عزوجل : (وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ) فقال له أمير المؤمنين عليه‌السلام : يا ابن الكوا ان الله تبارك وتعالى خلق الملائكة في صور شتى ، الا ان الله تعالى ملكا في صورة ديك أبلج أشهب ، براثنه في الأرضين السابعة السفلى وعرفه مثنى تحت العرش ، له جناحان : جناح في المشرق وجناح في المغرب ، واحد من نار والاخر من ثلج ، فاذا حضر وقت الصلوة قام على براثنه ثم رفع عنقه من تحت العرش ، ثم صفق بجناحيه كما تصفق الديوك في منازلكم فلا الذي من النار يذيب الثلج ، ولا الذي من الثلج يطفى النار فينادى أشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا سيد النبيين ، وان وصيه سيد الوصيين ، وان الله سبوح قدوس رب الملائكة والروح ؛ قال : فتخفق الديكة بأجنحتها في منازلكم فتجيبه عن قوله ، وهو قوله عزوجل : (وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ) من الديكة في الأرض.

٢٠٣ ـ في من لا يحضره الفقيه وقال ابو جعفر عليه‌السلام : ان الله عزوجل ملكا على صورة ديك أبيض رأسه تحت العرش ورجلاه في تخوم الأرض السابعة ، له جناح في المشرق وجناح في المغرب ، لا تصيح الديوك حتى يصيح ، فاذا صاح خفق بجناحيه ، ثم قال : سبحان الله سبحان الله سبحان الله العظيم الذي ليس كمثله شيء ، قال : فيجيبه الله عزوجل فيقول : لا يحلف بى كاذبا من يعرف ما تقول ، وروى ان فيه نزلت : (وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ).


٢٠٤ ـ في كتاب الاهليلجة قال الصادق عليه‌السلام في كلام طويل يذكر فيه الرياح : وبها يتألف المفترق ، وبها يفترق الغمام المطبق حتى ينبسط في السماء كيف يشاء مدبره ، فيجعله كسفا فترى الودق يخرج من خلاله بقدر معلوم لمعاش مفهوم ، وأرزاق مقسومة وآجال مكتوبة.

٢٠٥ ـ في كتاب التوحيد حديث طويل عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يذكر فيه عظمة الله جل ـ جلاله قال عليه‌السلام بعد ان ذكر الأرضين السبع : والديك والصخرة والحوت والبحر المظلم والهواء والثرى بمن فيه ومن عليه عند السماء كحلقة في فلاة قي (١) وهذا وسماء الدنيا ومن فيها ومن عليها عند التي فوقها كحلقة في فلاة قي ، وهذا وهاتان السماء ان عند الثالثة كحلقة في فلاة قي ، وهذه الثلاث ومن فيهن ومن عليهن عند الرابعة كحلقة في فلاة قي حتى انتهى الى السابعة ، وهذه السبع ومن فيهن ومن عليهن عند البحر المكفوف عن أهل الأرض كحلقة في فلاة قي ، وهذه السبع والبحر المكفوف عند جبال البرد كحلقة في فلاة قي ، ثم تلا هذه الاية : (وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ مِنْ جِبالٍ فِيها مِنْ بَرَدٍ). في روضة الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن عبد الرحمان بن ابى ـ نجران عن صفوان عن خلف بن حماد عن الحسين بن زيد الهاشمي عن أبى عبد الله عليه‌السلام عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله مثله.

٢٠٦ ـ وفيها أيضا على بن إبراهيم عن هارون بن مسلمة عن مسعدة بن صدقة قال : حدثني أبو عبد الله عليه‌السلام قال : قال لي أبى عليه‌السلام قال أمير المؤمنين : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ان الله عزوجل جعل السحاب غرابيل للمطر ، هي تذيب البرد حتى يصير ماءا لكي لا يضر شيئا يصيبه ، والذي ترون فيه من البرد والصواعق نقمة من الله عزوجل يصيب بها من يشاء من عباده. والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٢٠٧ ـ في الكافي محمد بن يحيى عن عمران بن موسى عن على بن أسباط عن أبيه عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : البرد لا يؤكل لان الله عزوجل يقول : (فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشاءُ).

__________________

(١) القى : القفر من الأرض.


٢٠٨ ـ في تفسير على بن إبراهيم وقوله عزوجل : (وَاللهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ ماءٍ) اى من منى (فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللهُ ما يَشاءُ إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) قال : على رجلين الناس وعلى بطنه الحيات ؛ وعلى أربع البهائم ، وقال أبو عبد الله عليه‌السلام : ومنهم من يمشى على أكثر من ذلك.

٢٠٩ ـ في مجمع البيان قال البلخي : ان الفلاسفة تقول : كل ماله قوائم كثيرة فان اعتماده إذا سعى على اربعة قوائم فقط ، وقال ابو جعفر عليه‌السلام : ومنهم من يمشى على أكثر من ذلك.

٢١٠ ـ في تفسير على بن إبراهيم وقوله عزوجل : (وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنا) الى قوله : وما أولئك بالمؤمنين فانه حدثني ابى عن ابن ابى عمير عن ابن سنان عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال : نزلت هذه الاية في أمير المؤمنين عليه‌السلام وعثمان ، وذلك انه كان بينهما منازعة في حديقة فقال أمير المؤمنين صلوات الله عليه : نرضى برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال عبد الرحمن بن عوف : لا تحاكمه الى رسول الله فانه يحكم له عليك ، ولكن حاكمه الى ابن شيبة اليهودي ، فقال عثمان لأمير المؤمنين عليه‌السلام : لا نرضى الا بابن شيبة اليهودي ، فقال ابن شيبة لعثمان : تأمنوا رسول الله على وحي السماء وتتهموه في الأحكام؟ فأنزل عزوجل على رسوله : (وَإِذا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ) الى قوله : (أُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) ثم ذكر أمير المؤمنين صلوات الله عليه فقال : (إِنَّما كانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا) الى قوله تعالى : (فَأُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ).

٢١١ ـ في مجمع البيان وحكى البلخي انه كانت بين على عليه‌السلام وعثمان منازعة في أرض اشتراها من على عليه‌السلام ، فخرجت فيها أحجار فأراد ردها بالعيب فلم يأخذها ، فقال : بيني وبينك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال الحكم بن ابى العاص : ان حاكمته الى ابن عمه حكم له فلا تحاكمه اليه ونزلت الآيات وهو المروي عن ابى جعفر عليه‌السلام


أو قريب منه.

٢١٢ ـ وروى عن على عليه‌السلام انه قرأ «قول المؤمنين» بالرفع (وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) اى الفائزون بالثواب الظافرون بالمراد ، وروى عن ابى جعفر عليه‌السلام ان المعنى بالاية أمير المؤمنين عليه‌السلام.

٢١٣ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده الى عبد الله بن عجلان قال : ذكرنا خروج القائم عليه‌السلام عند ابى عبد الله فقلت له : وكيف لنا نعلم ذلك؟ فقال : يصبح أحدكم وتحت رأسه صحيفة عليها مكتوب : طاعة معروفة.

٢١٤ ـ في تفسير على بن إبراهيم وقوله عزوجل : (قُلْ أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَيْهِ ما حُمِّلَ) قال : ما حمل النبي (ص) من النبوة وعليكم ما حملتم من الطاعة.

٢١٥ ـ في أصول الكافي باسناده الى ابى عبد الله عليه‌السلام خطبة طويلة في وصف النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وفيها : وادى ما حمل من أثقال النبوة.

٢١٦ ـ ابو على الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن ابن ابى نجران عن ابى ـ جميلة عن جابر عن ابى جعفر عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا معاشر قراء القرآن اتقوا الله عزوجل فيما حملكم من كتابه فانى مسئول وانكم مسئولون ، انى مسئول عن تبليغ الرسالة ، واما أنتم فتسألون عما حملتم من كتاب الله وسنتي.

٢١٧ ـ الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن الوشاء عن عبد الله بن سنان قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله جل جلاله : (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) قال : هم الائمة.

٢١٨ ـ وباسناده الى ابى جعفر عليه‌السلام قال : ولقد قال الله عزوجل في كتابه لولاة الأمر من بعد محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله خاصة : (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) الى قوله : (فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ)


يقول : استخلفكم لعلمي وديني وعبادتي بعد نبيكم كما استخلف وصاة آدم من بعده حتى يبعث النبي الذي يليه يعبدونني لا يشركون بى شيئا يقول : يعبدونني بإيمان لا نبي بعد محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله فمن قال غير ذلك فأولئك هم الفاسقون فقد مكن ولاة الأمر بعد محمد بالعلم ونحن هم ، فاسألونا فان صدقناكم فأقروا وما أنتم بفاعلين ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٢١٩ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده الى سدير الصيرفي عن أبى عبد الله عليه‌السلام حديث طويل وفيه يقول عليه‌السلام : واما إبطاء نوح عليه‌السلام : فانه لما استنزل العقوبة على قومه من السماء بعث الله تبارك وتعالى جبرئيل روح الأمين معه سبع نوايات فقال : يا نبي الله ان الله تبارك وتعالى يقول لك : ان هؤلاء خلائقي وعبادي لست أبيدهم (١) بصاعقة من صواعقي الا بعد تأكيد الوعدة والزام الحجة ؛ فعاود اجتهادك في الدعوة لقومك ، فانى مثيبك عليه واغرس هذا النوى فان لك في نباتها وبلوغها وإدراكها إذا أثمرت ، الفرح والخلاص فبشر بذلك من اتبعك من المؤمنين ، فلما نبتت الأشجار وتأزرت وتسوقت وتغصنت وزهى الثمر (٢) على ما كان بعد زمان طويل استنجز من الله العدة ، فأمر الله تبارك وتعالى أن يغرس نوى تلك الأشجار ويعاود الصبر والاجتهاد ، ويؤكد الحجة على قومه ، فأمر بذلك الطوائف التي آمنت به فارتد منهم ثلاثمأة رجل ، وقالوا : لو كان ما يدعيه نوح حقا لما وقع في وعد ربه خلف ، ثم ان الله تبارك وتعالى لم ـ يزل يأمره عند كل مرة بان يغرسها مرة بعد اخرى الى أن غرسها سبع مرات ، فما زالت تلك الطوائف من المؤمنين ترتد منهم طائفة بعد طائفة الى أن عاد الى نيف وسبعين رجلا ، فأوحى الله تبارك وتعالى عند ذلك اليه وقال : يا نوح الآن أسفر الصبح عن الليل بعينك! عن صرح الحق محضه ، وصفا الكدر بارتداد كل من كانت طينته خبيثة فلو انى أهلكت

__________________

(١) أباده : أهلكه.

(٢) المؤازرة : أن يقوى الزرع بعضه بعضا فيلتف ، والتأزير : التغطية والتقوية. وتسوقت : اى قوى ساقها وتغصفت اى كثرت وقويت أغصانها وزهو الثمرة : احمرارها واصفرارها.


الكفار وأبقيت من قد ارتد من الطوائف التي كانت آمنت بك لما كنت صدقت وعدي السابق للمؤمنين الذين أخلصوا التوحيد من قومك ، واعتصموا بحبل نبوتك. فانى استخلفهم في الأرض وأمكن لهم دينهم وأبدل خوفهم بالأمن لكي تخلص العبادة لي بذهاب الشرك من قلوبهم ، وكيف يكون الاستخلاف والتمكين وبدل الأمر منى لهم مع ما كنت اعلم من ضعف يقين الذين ارتدوا وخبث طينتهم وسوء سرائرهم التي كانت نتائج النفاق وشبوح الضلالة (١) فلو انهم تنسموا من الملك الذي أرى المؤمنين (٢) وقت الاستخلاف إذا أهلكت أعدائهم [لنشقوا] (٣) روائح صفائه ولاستحكمت سرائر نفاقهم وثارت خبال ملالة قلوبهم (٤) ولكاشفوا إخوانهم بالعداوة ، وحاربوهم على طلب الرياسة ، والتفرد بالأمر والنهى ، وكيف يكون التمكين في الدين وانتشار الأمر في المؤمنين مع اثارة الفتن وإيقاع الحروب ، كلا (وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنا وَوَحْيِنا) قال الصادق عليه‌السلام : وكذلك القائم فانه تمتد أيام غيبته فيصرح الحق عن محضه ويصفو الايمان من الكدر بارتداد كل من كانت طينته خبيثة من الشيعة الذين يختص عليهم النفاق إذا أحسوا بالاستخلاف والتمكين ، والأمر المنتشر في عهد القائم ، قال الفضل : فقلت : يا ابن رسول الله فان هذه النواصب تزعم ان هذه الاية نزلت في ابى بكر

__________________

(١) شبوح جمع شبح ـ بالتحريك ـ : الشخص. وفي بعض النسخ «شيوخ الضلالة» قال المجلسي (ره) أو بالسين المهملة والنون بمعنى الظهور ، أو بالخاء المعجمة جمع سنخ بالكسر بمعنى الأصل أو بمعنى الرسوخ وعلى التقادير لا يخلو من تكلف

(٢) كذا في النسخ وفي البحار «فلو انهم تنسموا منى الملك الذي اوتى ... اه». وتنسم النسيم : تشممه ، واحتمل بعض المحشين ان يكون مصحف تسنم اى ركب الملاك وعلاه.

(٣) نشقه : شمه.

(٤) الخبال : الجنون والفساد ، قال في البحار : والحاصل ان هذه الفتن لتخليص المؤمنين عن المنافقين وظهور ما كتموه من الشرك والفساد لكي لا يفسدوا في الأرض بعد ظهور دولة الحق باختلاطهم بالمؤمنين.


وعمر وعثمان وعلى عليه‌السلام؟ فقال : لا يهدى الله قلوب الناصبة ، متى كان الدين الذي ارتضاه الله ورسوله متمكنا بانتشار الأمر في الامة وذهاب الخوف من قلوبها ، وارتفاع الشك من صدورها في عهد واحد من هؤلاء ، وفي عهد على عليه‌السلام مع ارتداد المسلمين ، والفتن التي كانت تثور في ايامهم ، والحروب التي كانت تنسب إليهم بين الكفار وبينهم.

٢٢٠ ـ في تفسير على بن إبراهيم وقوله : (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً) نزلت في القائم من آل محمد عليه وعلى آبائه السلام.

٢٢١ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه‌الله عن أمير المؤمنين عليه‌السلام حديث طويل وفيه يقول بعد ذكر معايب الثلاثة وامهال الله إياهم : كل ذلك لتتم النظرة التي أوجبها الله تبارك وتعالى لعدوه إبليس الى أن يبلغ الكتاب أجله ، ويحق القول على الكافرين ، ويقترب الوعد الحق الذي بينه الله في كتابه ، بقوله : (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) وذلك إذا لم يبق من الإسلام الا اسمه ، ومن القرآن الا رسمه ، وغاب صاحب الأمر بإيضاح العذر له في ذلك لاشتمال الفتنة على القلوب حتى يكون أقرب الناس اليه أشد عداوة له ، وعند ذلك يؤيده الله بجنود لم تروها ، ويظهر دين نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله على يديه على الدين كله ولو كره المشركون.

٢٢٢ ـ في كشف المحجة لابن طاووس رحمه‌الله عن أمير المؤمنين عليه‌السلام حديث طويل وفيه فاما الآيات اللواتي في قريش فهي قوله الى قوله : والثانية : (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) الى قوله : (هُمُ الْفاسِقُونَ).

٢٢٣ ـ في مصباح شيخ الطائفة قدس‌سره زيارة للحسين عليه‌السلام مروية عن أبى ـ عبد الله عليه‌السلام وفيها : اللهم وضاعف صلواتك ورحمتك وبركاتك على عترة نبيك العترة


الضائعة الخائفة المستذلة ، بقية الشجرة الطيبة الزاكية المباركة ، وأعل اللهم كلمتهم وأفلج حجتهم واكشف البلاء واللأواء وحنادس الأباطيل (١) والغم عنهم ، وثبت قلوب شيعتهم وحزبك على طاعتهم ونصرتهم وموالاتهم ، وأعنهم وامنحهم الصبر على الأذى فيك ، واجعل لهم أياما مشهودة وأوقاتا محمودة مسعودة توشك منها فرجهم ، توجب فيها تمكينهم ونصرتهم ، كما ضمنت لأوليائك في كتابك المنزل فانك قلت وقولك الحق : (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً).

٢٢٤ ـ في مجمع البيان (وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً) قيل : معناه : وليبدلنهم من بعد خوفهم في الدنيا أمنا في الاخرة ، ويعضده ما روى عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله انه قال حاكيا عن الله سبحانه : انى لا اجمع على عبد واحد بين خوفين ولا بين أمنين ، ان خافني في الدنيا أمنته في الاخرة ، وان أمنني في الدنيا أخفته في الاخرة.

٢٢٥ ـ واختلف في الاية ، والمروي عن أهل البيت عليهم‌السلام انها في المهدي من آل محمد.

٢٢٦ ـ وروى العياشي باسناده عن على بن الحسين عليهما‌السلام انه قرأ الاية وقال : هم والله شيعتنا أهل البيت يفعل ذلك بهم على يدي رجل منا وهو مهدي هذه الامة ، وهو الذي قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لو لم يبق من الدنيا الا يوم لطول الله ذلك اليوم حتى يلي رجل من عترتي اسمه اسمى يملأ الأرض عدلا وقسطا كما ملئت ظلما وجورا ، وروى مثل ذلك عن ابى جعفر وابى عبد الله عليهما‌السلام. فعلى هذا يكون المراد بالذين آمنوا وعملوا الصالحات ، النبي وأهل بيته.

٢٢٧ ـ في جوامع الجامع قال عليه‌السلام : زويت لي الأرض (٢) فأريت مشارقها

__________________

(١) اللأواء : الشدة والبلاء. والحنادس جمع الحندس : الليل المظلم.

(٢) زوي الشيء : جمعه.


ومغاربها ، وسيبلغ ملك أمتي ما زوي لي منها ، وروى المقداد عنه عليه‌السلام انه قال : لا يبقى على الأرض بيت مدر ولاوبر الا أدخله الله كلمة الإسلام بعز عزيز أو ذل ذليل ، اما ان يعزهم الله فيجعلهم من أهلها ، واما أن يذلهم فيدينون بها.

٢٢٨ ـ في تفسير على بن إبراهيم واما قوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) الى قوله : (ثَلاثُ عَوْراتٍ لَكُمْ) قال : ان الله تبارك وتعالى نهى أن يدخل أحد في هذه الثلاثة الأوقات على أحد ، لا أب ولا أخت ولا أم ولا خادم الا بأذن ، والأوقات بعد طلوع الفجر ونصف النهار وبعد العشاء الاخرة ، ثم أطلق بعد هذه الثلاثة الأوقات فقال : (لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلا عَلَيْهِمْ جُناحٌ بَعْدَهُنَ) يعنى بعد هذه الثلاثة الأوقات طوافون عليكم بعضكم من بعض.

٢٢٩ ـ في الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن أبى عبد الله عن أبيه ومحمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسين بن سعيد جميعا عن النضر بن سويد عن القاسم بن سليمان عن جراح المداينى عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : «يستأذن (الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ) كما أمركم الله عزوجل ومن بلغ الحلم فلا يلج على امه ولا على أخته ولا على خالته ، ولا على ما سوى ذلك الا بإذن ، فلا يأذنوا حتى يسلموا ، والسلام طاعة لله عزوجل ، وقال أبو عبد الله عليه‌السلام : ليستأذن عليك خادمك إذا بلغ الحلم في ثلاث عورات إذا دخل في شيء منهن ولو كان بيته في بيتك ، قال : وليستأذن عليك بعد العشاء التي تسمى العتمة وحين يصبح وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة انما امر الله عزوجل بذلك للخلوة ، فانها ساعة عزة وخلوة.

٢٣٠ ـ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن ابن فضال عن أبى جميلة عن محمد الحلبي عن زرارة عن أبى عبد الله عليه‌السلام في قول الله عزوجل : ملكت ايمانكم قال : هي خاصة في الرجال دون النساء ، قلت : فالنساء يستأذن في هذه الثلاث ساعات قال : لا ولكن يدخلن ويخرجن والذين لم يبلغوا الحلم منكم قال : من أنفسكم قال : عليكم استيذان كاستيذان من قد بلغ في هذه الثلاث ساعات.


٢٣١ ـ محمد بن يحيى عن محمد بن أحمد وعدة من أصحابنا عن أحمد بن أبى ـ عبد الله جميعا عن محمد بن عيسى عن يوسف بن عقيل عن محمد بن قيس عن ابى جعفر عليه‌السلام قال : «ليستأذن (الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشاءِ ثَلاثُ عَوْراتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلا عَلَيْهِمْ جُناحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ) ومن بلغ الحلم منكم فلا يلج على امه ولا على أخته ولا على ابنته ولا على من سوى ذلك الا بإذن ، ولا يأذن لأحد حتى يسلم فان السلام طاعة الرحمن.

٢٣٢ ـ عدة من أصحابنا عن أحمد بن أبى عبد الله عن أبيه عن خلف بن حماد عن ربعي بن عبد الله عن الفضيل بن يسار عن ابى عبد الله عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ) قيل : من هم؟ فقال : المملوكون من الرجال والنساء والصبيان الذين لم يبلغوا يستأذنون عليكم عند هذه الثلاث عورات ، من بعد صلوة العشاء وهي العتمة ، (وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ ، وَمِنْ) قبل صلوة الفجر ، ويدخل مملوككم وغلمانكم من بعد هذه الثلاث عورات بغير اذن ان شاؤا.

٢٣٣ ـ في أمالي شيخ الطائفة قدس‌سره باسناده الى الزهري انه سمع سهل بن سعد الساعدي يقول : اطلع رجل في حجرة من حجر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ومعه مدرى يحك بها رأسه ، فقال : لو انى اعلم ان تنظر لطعنت به في عينك انما جعل الاستيذان من أجل النظر.

٢٣٤ ـ في عيون الاخبار في باب ما ذكر ما كتب به الرضا عليه‌السلام الى محمد بن سنان في جواب مسائله في العلل : وحرم النظر الى شعور النساء المحجوبات بالأزواج الى غيرهن من النساء ، لما فيه من تهييج الرجال وما يدعو التهييج اليه من الفساد والدخول فيما لا يحل ، وكذلك ما أشبه الشعور الا الذي قال الله عزوجل : (وَالْقَواعِدُ مِنَ النِّساءِ اللَّاتِي لا يَرْجُونَ نِكاحاً فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُناحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيابَهُنَّ غَيْرَ) الجلباب فلا بأس بالنظر الى شعور مثلهن.


٢٣٥ ـ في تفسير على بن إبراهيم وقوله : (وَالْقَواعِدُ مِنَ النِّساءِ اللَّاتِي لا يَرْجُونَ نِكاحاً فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُناحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجاتٍ بِزِينَةٍ) قال : نزلت في العجائز اللاتي يئسن من المحيض والتزويج أن يضعن النقاب ثم قال : (وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ) اى لا يظهرن للرجال.

٢٣٦ ـ في الكافي عدة من أصحابنا عن احمد بن أبى عبد الله عن الجاموراني عن الحسن بن على بن ابى حمزة عن عمرو بن جبير العرزمي عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال : جاءت امرأة الى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فسألته عن حق الزوج على المرأة فخبرها ثم قالت : فما حقها عليه؟ قال : يكسوها من العرى ويطعمها من الجوع ، وإذا أذنبت غفر لها فقالت فليس لها شيء غير هذا؟ قال : لا ، قالت : لا والله لا تزوجت أبدا ثم ولت فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : ارجعي فرجعت فقال : ان الله عزوجل يقول : (وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ).

٢٣٧ ـ على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن ابى عمير عن حماد عن الحلبي عن ابى عبد الله عليه‌السلام انه قرأ (أَنْ يَضَعْنَ ثِيابَهُنَّ) قال : الخمار والجلباب ، قلت : بين يدي من كان؟ قال : بين يدي من كان ، غير متبرجة بزينة ، فان لم تفعل فهو خير لها ، والزينة التي يبدين لهن شيء في الاية الاخرى.

٢٣٨ ـ على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن ابى عمير عن محمد بن ابى حمزة عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال : (الْقَواعِدُ مِنَ النِّساءِ) ليس (عَلَيْهِنَّ جُناحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيابَهُنَّ) قال : تضع الجلباب وحده.

٢٣٩ ـ عدة من أصحابنا عن احمد بن محمد عن ابن محبوب عن العلا بن رزين عن محمد بن مسلم عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال في قول الله عزوجل : (وَالْقَواعِدُ مِنَ النِّساءِ اللَّاتِي لا يَرْجُونَ نِكاحاً) ما الذي يصلح لهن أن يضعن من ثيابهن؟ قال : الجلباب

٢٤٠ ـ على بن إبراهيم عن أبيه عن حماد بن عيسى عن حريز بن عبد الله عن ابى ـ عبد الله عليه‌السلام انه قرأ «ان يضعن من ثيابهن» قال : الجلباب والخمار إذا كانت المرأة مسنة.


٢٤١ ـ في مجمع البيان (غَيْرَ مُتَبَرِّجاتٍ بِزِينَةٍ) وقد روى عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله انه قال : للزوج ما تحت الدرع ، وللابن والأخ ما فوق الدرع ، ولغير ذي محرم اربعة أثواب : درع وخمار وجلباب وإزار.

٢٤٢ ـ في تفسير على بن إبراهيم وفي رواية عن ابى جعفر عليه‌السلام في قوله عزوجل : (لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ) وذلك ان أهل المدينة قبل أن يسلموا كانوا يعزلون الأعمى والأعرج والمريض ان يأكلوا معهم ، كانوا لا يأكلون معهم وكان الأنصار فيهم تيه (١) وتكرم فقالوا : ان الأعمى لا يبصر الطعام ، والأعرج لا يستطيع الزحام على الطعام ، والمريض لا يأكل كما يأكل الصحيح فعزلوا لهم طعامهم على ناحية ، وكانوا يرون عليهم في مؤاكلتهم جناح ، وكان الأعمى والأعرج والمريض يقولون : لعلنا نؤذيهم إذا أكلنا معهم ، فاعتزلوا من مؤاكلتهم ، فلما قدم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله سألوه عن ذلك فأنزل الله عزوجل : (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعاً أَوْ أَشْتاتاً).

٢٤٣ ـ وقال على بن إبراهيم في قوله تعالى : (أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَواتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خالاتِكُمْ أَوْ ما مَلَكْتُمْ مَفاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعاً أَوْ أَشْتاتاً) فانها نزلت لما هاجر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الى المدينة ، وآخى بين المسلمين من المهاجرين والأنصار ، وآخى بين أبى بكر وعمر وبين عثمان وعبد الرحمن بن عوف ، وبين طلحة والزبير ، وبين سلمان وأبى ذر ، وبين المقداد وعمار ، وترك أمير المؤمنين صلوات الله عليه فاغتم من ذلك غما شديدا ، وقال : يا رسول الله بأبى أنت وأمي لا تواخى بيني وبين أحد؟ فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا على ما حبستك الا لنفسي ، أما ترضى ان تكون أخى وانا أخوك؟ أنت أخى في الدنيا والاخرة ، وأنت وصيي ووزيري وخليفتي في أمتي ، تقضى ديني وتنجز عداتي

__________________

(١) التيه : التكبر.


وتتولى غسلي ولا يليه غيرك ، وأنت منى بمنزلة هارون من موسى الا انه لا نبي بعدي ، فاستبشر أمير المؤمنين صلوات الله عليه بذلك ، فكان بعد ذلك إذا بعث رسول الله أحدا من أصحابه في غزاة أو سرية يدفع الرجل مفتاح بيته الى أخيه في الدين ، ويقول له : خذ ما شئت وكل ما شئت ، فكانوا يمتنعون من ذلك حتى ربما فسد الطعام في البيت ، فأنزل الله : (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعاً أَوْ أَشْتاتاً) يعنى ان حضر صاحبه أو لم يحضر إذا ملكتم مفاتحه.

٢٤٤ ـ في الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن حماد عن حريز عن محمد بن مسلم عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن رجل لابنه مال فيحتاج الأب؟ قال : يأكل منه فاما الام فلا تأكل منه الا قرضا على نفسها.

٢٤٥ ـ عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن على بن أسباط عن على بن جعفر عن ابى إبراهيم عليه‌السلام قال : سألته عن الرجل يأكل من مال ولده قال : لا الا ان يضطر اليه فيأكل بالمعروف ، ولا يصلح للولد ان يأخذ من مال والده شيئا الا بإذن والده.

٢٤٦ ـ سهل بن زياد عن ابن محبوب عن أبى حمزة الثمالي عن أبى جعفر صلوات الله عليه قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لرجل : أنت ومالك لأبيك ثم قال أبو جعفر عليه‌السلام : وما أحب له أن يأخذ من مال ابنه الا ما احتاج اليه مما لا بد له منه ان الله لا يحب الفساد.

٢٤٧ ـ ابو على الأشعري عن الحسن بن على الكوفي عن عبيس بن هشام عن عبد الكريم عن ابن أبى يعفور عن أبى عبد الله عليه‌السلام في الرجل يكون لولده مال فأحب أن يأخذ منه قال : فليأخذ فان كانت امه حية فما أحب أن تأخذ منه شيئا الا قرضا على نفسها.

٢٤٨ ـ سهل بن زياد عن ابن محبوب عن العلا بن رزين عن محمد بن مسلم عن أبى ـ جعفر عليه‌السلام قال : سألته عن الرجل يحتاج الى مال ابنه قال : يأكل منه ما شاء من غير سرف ، وقال : في كتاب على صلوات الله عليه : ان الولد لا يأخذ من مال والده شيئا الا بأذنه ،


والوالد يأخذ من مال ابنه ما شاء ، وله أن يقع على جارية ابنه إذا لم يكن الابن وقع عليها ، وذكر ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال لرجل : أنت ومالك لأبيك.

٢٤٩ ـ محمد بن يحيى عن عبد الله بن محمد عن على بن الحكم عن الحسين بن أبى العلا قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : ما يحل للرجل من مال ولده قال : قوت لغير سرف إذا اضطر اليه ، قال : فقلت له : فقول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله للرجل الذي أتاه فقدم أباه فقال له : أنت ومالك لأبيك؟ فقال : انما جاء بأبيه الى النبي فقال : يا رسول الله هذا أبى وقد ظلمني ميراثي من أمي فأخبره الأب انه قد أنفقه عليه وعلى نفسه ، فقال : أنت ومالك لأبيك ، ولم يكن عند الرجل شيء أو كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يحبس الأب للابن؟.

٢٥٠ ـ أبو على الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان بن يحيى عن عبد الله بن مسكان عن محمد بن الحلبي قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن هذه الاية : (وَلا عَلى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبائِكُمْ) الى آخر الاية قلت : ما يعنى بقوله : «أو صديقكم» قال : هو والله الرجل يدخل بيت صديقه فيأكل بغير اذنه.

٢٥١ ـ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن أبيه عن صفوان عن موسى بن بكر عن زرارة عن أبى عبد الله عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (أَوْ ما مَلَكْتُمْ مَفاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ) قال : هؤلاء الذين سمى الله عزوجل في هذه الاية يأكل بغير إذنهم من التمر والمأدوم ، وكذلك تطعم المرأة من منزل زوجها بغير اذنه ، فاما ما خلا ذلك من الطعام فلا.

٢٥٢ ـ عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن أحمد بن محمد بن أبى نصر عن جميل ابن دراج عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : للمرئة ان تأكل وان تصدق وللصديق ان يأكل من منزل أخيه ويتصدق.

٢٥٣ ـ في جوامع الجامع وعن الصادق عليه‌السلام من عظم حرمة الصديق ان جعله


من الانس والثقة ، والانبساط وطرح الحشمة ، بمنزلة النفس والأب والأخ والابن.

٢٥٤ ـ في الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن محمد بن خالد عن القاسم بن عروة عن عبد الله بن بكير عن زرارة قال : سألت أحدهما عليهما‌السلام عن هذه الاية : (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبائِكُمْ) الاية قال : ليس عليكم جناح فيما أطعمت أو أكلت مما ملكت مفاتحه ما لم تفسده.

٢٥٥ ـ على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبى عمير عمن ذكره عن أبى عبد الله عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (أَوْ ما مَلَكْتُمْ مَفاتِحَهُ) قال : الرجل يكون له وكيل يقوم في ما له فيأكل بغير اذنه.

٢٥٦ ـ في مجمع البيان (أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ) وقيل : معناه من بيوت أولادكم ، ويدل عليه قوله عليه‌السلام : أنت ومالك لأبيك ، وقوله عليه‌السلام : ان أطيب ما يأكل المرء من كسبه وان ولده من كسبه.

٢٥٧ ـ في محاسن البرقي عنه عن أبيه عن حماد بن عيسى عن حسين بن مختار عن أبى اسامة عن أبى عبد الله عليه‌السلام في قوله عزوجل : (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ) الاية قال : بإذن وبغير اذن.

٢٥٨ ـ في كتاب معاني الاخبار أبى رحمه‌الله قال : حدثنا سعد بن عبد الله عن محمد بن الحسين عن محمد بن الفضيل عن أبى الصباح قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (فَإِذا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ) الاية فقال : هو تسليم الرجل على أهل البيت حين يدخل ، ثم يردون عليه فهو سلامكم على أنفسكم.

٢٥٩ ـ في تفسير على بن إبراهيم وفي رواية أبى الجارود عن أبى جعفر عليه‌السلام قال : يقول : إذا دخل الرجل منكم بيته فان كان فيه أحد يسلم عليهم ، وان لم يكن فيه أحد فليقل : السلام علينا من عند ربنا ، يقول الله عزوجل : (تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللهِ مُبارَكَةً طَيِّبَةً) وقيل : إذا لم ير الداخل بيتا أحدا فيه يقول : السلام عليكم ورحمة الله يقصد به الملكين الذين عليه شهود.


٢٦٠ ـ في جوامع الجامع وصفها بالبركة والطيب لأنها دعوة مؤمن لمؤمن يرجو بها من الله زيادة الخير وطيب الرزق ومنه قوله عليه‌السلام : سلم على أهل بيتك يكثر خير بيتك.

٢٦١ ـ في كتاب الخصال فيما علم أمير المؤمنين عليه‌السلام أصحابه من الاربعمأة باب : إذا دخل أحدكم منزلا فليسلم على أهله يقول : السلام عليكم فان لم يكن أهل فليقل : السلام علينا من ربنا ، وليقرء قل هو الله أحد حين يدخل منزله فانه ينفى الفقر.

٢٦٢ ـ في تفسير على بن إبراهيم وقال على بن إبراهيم رحمه‌الله في قوله عزوجل : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ) الى قوله (حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ) فانها نزلت في قوم كانوا إذا جمعهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لأمر من الأمور في بعث يبعثه أو حرب قد حضرت يتفرقون بغير اذنه فنهاهم الله عزوجل عن ذلك.

٢٦٣ ـ قوله عزوجل : (فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ) قال : نزلت في حنظلة بن أبى عياش ، وذلك انه تزوج في الليلة التي كان في صبيحتها حرب أحد فاستأذن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أن يقيم عند أهله فأنزل الله عزوجل هذه الاية (فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ) فأقام عند أهله ثم أصبح وهو جنب فحضر القتال واستشهد ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : رأيت الملئكة تغسل حنظلة بماء المزن في صحائف فضة بين السماء والأرض فكان يسمى غسيل الملائكة.

٢٦٤ ـ وقوله عزوجل : (لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً) قال : لا تدعوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كما يدعو بعضكم بعضا. وفي رواية أبى الجارود عن أبى جعفر عليه‌السلام في قوله عزوجل : (لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً) يقول : لا تقولوا : يا محمد ولا يا أبا القاسم ، لكن قولوا : يا نبي الله ويا رسول الله.

٢٦٥ ـ في كتاب المناقب لابن شهر آشوب ، القاضي أبو محمد الكرخي في كتابه عن الصادق عليه‌السلام قالت فاطمة عليها‌السلام : لما نزلت : (لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ


بَيْنَكُمْ كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً) هبت رسول الله ان أقول له : يا أبة ، فكنت أقول : يا رسول الله فأعرض عنى مرة أو ثنتين أو ثلاثا ، ثم أقبل على فقال : يا فاطمة انها لم تنزل فيك ولا في أهلك ولا في نسلك ، أنت منى وانا منك ، انما نزلت في أهل الجفاء والغلظة من قريش ، أصحاب البذخ والكبر قولي : يا أبة فانها أحيى للقلب وأرضى للرب.

٢٦٦ ـ في الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن محبوب عن حسين بن عمر بن يزيد عن أبيه قال : اشتريت إبلا وأنا بالمدينة مقيم ، فأعجبتنى إعجابا شديدا فدخلت على ابى الحسن الاول عليه‌السلام فذكرتها له فقال : ما لك وللإبل أما علمت انها كثيرة المصائب؟ قال : فمن إعجابي بها أكريتها وبعثت بها مع غلمان لي الى الكوفة قال : فسقطت كلها فدخلت عليه فأخبرته فقال : (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ).

٢٦٧ ـ في تفسير على بن إبراهيم ثم قال جل ذكره : (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ) يعنى بلية (أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) قال : القتل ، وفيه أيضا قال الله تبارك وتعالى : (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ) اى يعصون امره (أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ)

٢٦٨ ـ في جوامع الجامع وعن جعفر بن محمد عليهما‌السلام : يسلط عليهم سلطان جائر أو عذاب اليم في الاخرة.

قد تم الجزء الثالث حسب تجزئتنا والله الموفق والمعين وقد فرغت

من تصحيحه والتعليق عليه في السادس من شهر صفر المظفر من

شهور سنة ١٣٨٤ من الهجرة النبوية وانا العبد الفاني السيد

هاشم بن السيد حسين الحسيني المحلاتى المشتهر

برسولي عفى عنه وعن والديه بحق محمد وآله

الطاهرين. وآخر دعوانا ان الحمد لله

رب العالمين


الفهرست

الآية

رقمها

الصفحة

سورة الحجر وفيها ١٣٠ حديثا

قوله تعالى : (رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا (الى) يَعْلَمُونَ) (٢ ـ ٣)......................... ٢

قوله تعالى : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ) اه (٩)........................................ ٤

قوله تعالى : (وَلَقَدْ جَعَلْنا فِي السَّماءِ بُرُوجاً) اه (١٦).............................. ٥

قوله تعالى : (وَحَفِظْناها مِنْ كُلِ (الى) بِرازِقِينَ) (١٧ ـ ٢٠).......................... ٦

قوله تعالى : (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا (الى) حَمَإٍ مَسْنُونٍ) (٢١ ـ ٢٦)..................... ٧

قوله تعالى : (وَالْجَانَّ خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ (الى) مَسْنُونٍ) (٢٧ ـ ٢٨).................... ٨

قوله تعالى : (فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي) (٢٩).......................... ١٠

قوله تعالى : (قالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ) (٢٨).............. ١٣

قوله تعالى : (قالَ رَبِّ بِما أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَ (الى) مِنَ الْغاوِينَ) (٢٩ ـ ٣٢).......... ١٤

قوله تعالى : (وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ) (٤٣).............................. ١٧

قوله تعالى : (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ (الى) آمِنِينَ) (٤٥ ـ ٤٦)..................... ١٩

قوله تعالى : (وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍ) اه (٤٧)........................... ٢٠

قوله تعالى : (وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ) اه (٥١)............................... ٢١

قوله تعالى : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ) (٧٥)............................. ٢٢

قوله تعالى : (وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ (الى) وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ) (٨٥ ـ ٨٧)................. ٢٧

قوله تعالى : (لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا) اه (٨٨)............................ ٣٠

قوله تعالى : (الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ (الى) الْمُشْرِكِينَ) (٩١ ـ ٩٤)............. ٣١

قوله تعالى : (إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ) اه (٩٥).................................. ٣٢

قوله تعالى : (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ (الى) السَّاجِدِينَ) (٩٧ ـ ٩٨).......... ٣٧

سورة النحل وفيها ٢٦٩ حديثا ـ في فضلها..................................... ٣٨

قوله تعالى : (أَتى أَمْرُ اللهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ) اه (١)................................ ٣٨

قوله تعالى : (يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ (الى) تَأْكُلُونَ) (٢ ـ ٥)............... ٣٩

قوله تعالى : (وَلَكُمْ فِيها جَمالٌ (الى) لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ) (٦ ـ ٧)....................... ٤٠


الآية

رقمها

الصفحة

قوله تعالى : (وَالْخَيْلَ وَالْبِغالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوها) اه (٨).......................... ٤١

قوله تعالى : (وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ (الى) تَشْكُرُونَ) (١٢ ـ ١٤)............... ٤٣

قوله تعالى : (وَعَلاماتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ) (١٦)............................. ٤٥

قوله تعالى : (وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ (الى) الْمُسْتَكْبِرِينَ) (٢٠ ـ ٢٣).......... ٤٦

قوله تعالى : (لِيَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ كامِلَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ) اه (٢٥)........................ ٤٨

قوله تعالى : (قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) اه (٢٦)................................ ٤٩

قوله تعالى : (ثُمَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ يُخْزِيهِمْ) اه (٢٧).................................. ٥٠

قوله تعالى : (الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ) اه (٢٨).................................. ٥١

قوله تعالى : (وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ) اه (٣٠)........................ ٥٢

قوله تعالى : (وَلَقَدْ بَعَثْنا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً (الى) كاذِبِينَ) (٣٦ ـ ٣٩).............. ٥٣

قوله تعالى : (إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ (الى) لا تَعْلَمُونَ) (٤٠ ـ ٤٣)............ ٥٥

قوله تعالى : (وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ) اه (٤٤)........................... ٥٧

قوله تعالى : (أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئاتِ) اه (٤٥)............................. ٥٩

قوله تعالى : (أَوَلَمْ يَرَوْا إِلى ما خَلَقَ اللهُ (الى) ما يُؤْمَرُونَ) (٤٨ ـ ٥٠)............. ٦٠

قوله تعالى : (وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَناتِ سُبْحانَهُ وَلَهُمْ ما يَشْتَهُونَ) (٥٧)............... ٦١

قوله تعالى : (وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ لَعِبْرَةً) اه (٦٦)............................... ٦٢

قوله تعالى : (وَمِنْ ثَمَراتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنابِ) اه (٦٧)............................ ٦٣

قوله تعالى : (وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبالِ) اه (٦٨)............. ٦٤

قوله تعالى : (يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها شَرابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ) اه (٦٩)................... ٦٥

قوله تعالى : (وَاللهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ) اه (٧٠).......... ٦٧

قوله تعالى : (وَاللهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ (الى) لا يَعْلَمُونَ) (٧١ ـ ٧٥)......... ٦٨

قوله تعالى : (وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً رَجُلَيْنِ (الى) تَشْكُرُونَ) (٧٦ ـ ٧٨)................. ٧٠

قوله تعالى : (وَاللهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ (الى) تُسْلِمُونَ) (٨٠ ـ ٨١).............. ٧١

قوله تعالى : (يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَها) اه (٨٣)........................... ٧٢

قوله تعالى : (وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً) اه (٨٤)........................... ٧٣

قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ) اه (٩٠)........................... ٧٧


الآية

رقمها

الصفحة

قوله تعالى : (وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمانَ بَعْدَ (الى) عَظِيمٌ) (٩١ ـ ٩٤)................... ٨٨

قوله تعالى : (وَلا تَشْتَرُوا بِعَهْدِ اللهِ ثَمَناً قَلِيلاً (الى) يَعْمَلُونَ) (٩٥ ـ ٩٧)........... ٨٣

قوله تعالى : (فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ) اه (٩٨)........................... ٨٤

قوله تعالى : (إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ (الى) هُمُ الْكاذِبُونَ) (٩٩ ـ ١٠٥)............... ٨٧

قوله تعالى : (مَنْ كَفَرَ بِاللهِ مِنْ بَعْدِ إِيمانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ) اه (١٠٦)................. ٨٨

قوله تعالى : (أُولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ (الى) يَصْنَعُونَ) (١٠٨ ـ ١١٢).... ٩٠

قوله تعالى : (وَلا تَقُولُوا لِما تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ) اه (١١٦).................. ٩٢

قوله تعالى : (إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ) اه (١٢٠)............................ ٩٣

قوله تعالى : (شاكِراً لِأَنْعُمِهِ اجْتَباهُ (الى) الْمُشْرِكِينَ) (١٢١ ـ ١٢٣)............... ٩٤

قوله تعالى : (ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ) اه (١٢٥)................. ٩٥

قوله تعالى : (وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ) اه (١٢٦)...................... ٩٦

سورة الإسراء وفيها ٥١١ حديثا ؛ فى فضلها.................................... ٩٧

قوله تعالى : (سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً) اه (١)............................. ٩٨

قوله تعالى : (ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كانَ عَبْداً شَكُوراً) (٣)................. ١٣٦

قوله تعالى : (وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ (الى) نَفِيراً) (٤ ـ ٦)........... ١٣٨

قوله تعالى : (إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ (الى) أَجْراً كَبِيراً) (٧ ـ ٩)........... ١٤٠

قوله تعالى : (وَأَنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ (الى) عَجُولاً) (١٠ ـ ١١)............ ١٤١

قوله تعالى : (وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ) اه (١٢)............. ١٤٢

قوله تعالى : (وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ (الى) تَدْمِيراً) (١٣ ـ ١٦)........ ١٤٤

قوله تعالى : (وَكَمْ أَهْلَكْنا مِنَ الْقُرُونِ مِنْ بَعْدِ نُوحٍ (الى) مَدْحُوراً) (٧ ـ ١٨)....... ١٤٥

قوله تعالى : (وَمَنْ أَرادَ الْآخِرَةَ وَسَعى لَها سَعْيَها وَهُوَ مُؤْمِنٌ) اه (١٩)............ ١٤٦

قوله تعالى : (انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ) اه (٢١).................... ١٤٧

قوله تعالى : (وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ) اه (٢٣)......................... ١٤٨

قوله تعالى : (وَاخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ) اه (٢٤).................... ١٤٩

قوله تعالى : (رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِما فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صالِحِينَ) اه (٢٥).......... ١٥٢


الآية

رقمها

الصفحة

قوله تعالى : (وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ) اه (٢٦)........................ ١٥٣

قوله تعالى : (وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ) اه (٢٨)................. ١٥٧

قوله تعالى : (وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ) اه (٢٩)....................... ١٥٨

قوله تعالى : (وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ) اه (٣١)........................ ١٦٠

قوله تعالى : (وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً) اه (٣٢)........................ ١٦١

قوله تعالى : (وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ) اه (٣٣)....................... ١٦٢

قوله تعالى : (وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ) اه (٣٦)........................... ١٦٥

قوله تعالى : (وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً (الى) نُفُوراً) (٣٧ ـ ٤١)................ ١٦٧

قوله تعالى : (قُلْ لَوْ كانَ مَعَهُ آلِهَةٌ (الى) غَفُوراً) (٤٢ ـ ٤٤)..................... ١٦٨

قوله تعالى : (وَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنا بَيْنَكَ) اه (٤٥)......................... ١٦٩

قوله تعالى : (وَإِذا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ) اه (٤٦)...................... ١٧٢

قوله تعالى : (وَقالُوا أَإِذا كُنَّا عِظاماً (الى) زَبُوراً) (٤٩ ـ ٥٥)..................... ١٧٥

وله تعالى : (قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ) اه (٥٦)......................... ١٧٦

قوله تعالى : (وَإِنْ مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا نَحْنُ مُهْلِكُوها) اه (٥٨)......................... ١٧٨

قوله تعالى : (وَما مَنَعَنا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآياتِ (الى) كَبِيراً) (٥٩ ـ ٦٠)............... ١٧٩

قوله تعالى : (وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ) اه (٦٤).................... ١٨٢

قوله تعالى : (إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ) اه (٦٥)...................... ١٨٦

قوله تعالى : (وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْناهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ) اه (٧٠)........... ١٨٧

قوله تعالى : (يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ) اه (٧١)............................ ١٩٠

قوله تعالى : (وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ) اه (٧٢)................. ١٩٥

قوله تعالى : (وَإِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنا) اه (٧٣).................... ١٩٧

قوله تعالى : (وَلَوْ لا أَنْ ثَبَّتْناكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ) اه (٧٤).................. ١٩٨

قوله تعالى : (إِذاً لَأَذَقْناكَ ضِعْفَ الْحَياةِ (الى) تَحْوِيلاً) (٧٥ ـ ٧٧).............. ١٩٩

قوله تعالى : (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ) اه (٧٨).............. ٢٠٠

قوله تعالى : (وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ) اه (٧٩)......................... ٢٠٤

قوله تعالى : (وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ (الى) زَهُوقاً) (٨٠ ـ ٨١)........... ٢١٢


الآية

رقمها

الصفحة

قوله تعالى : (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحْمَةٌ) اه (٨٢)................... ٢١٣

قوله تعالى : (قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ) اه (٨٤).................. ٢١٤

قوله تعالى : (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي) اه (٨٥).............. ٢١٥

قوله تعالى : (وَلَئِنْ شِئْنا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ) اه (٨٧).................... ٢١٩

قوله تعالى : (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُ) اه (٨٨)......................... ٢٢٠

قوله تعالى : (وَقالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا) اه (٩٠)...................... ٢٢١

قوله تعالى : (أَوْ تُسْقِطَ السَّماءَ كَما زَعَمْتَ) اه (٩٢).......................... ٢٢٤

قوله تعالى : (أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ) اه (٩٣).......................... ٢٢٥

قوله تعالى : (وَما مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا) اه (٩٤).............................. ٢٢٧

قوله تعالى : (وَمَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ) اه (٩٧).................... ٢٢٨

قوله تعالى : (قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي) اه (١٠٠)................. ٢٢٩

قوله تعالى : (وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى تِسْعَ آياتٍ بَيِّناتٍ) اه (١٠١)................... ٢٣٠

قوله تعالى : (قالَ لَقَدْ عَلِمْتَ ما أَنْزَلَ (الى) تَنْزِيلاً) (١٠٢ ـ ١٠٦).............. ٢٣١

قوله تعالى : (قُلِ ادْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ) اه (١١٠)....................... ٢٣٢

قوله تعالى : (وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ) اه (١١١)....................... ٢٣٦

سورة الكهف وفيها ٢٧٩ حديثا ـ في فضلها.................................. ٢٤١

قوله تعالى : (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلى عَبْدِهِ الْكِتابَ) اه (١)................. ٢٤٢

قوله تعالى : (وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قالُوا اتَّخَذَ اللهُ وَلَداً (الى) عَجَباً) (٣ ـ ٩)............. ٢٤٣

قوله تعالى : (إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقالُوا) اه (١٠)....................... ٢٤٧

قوله تعالى : (فَضَرَبْنا عَلَى آذانِهِمْ فِي الْكَهْفِ (الى) هُدىً) (١١ ـ ١٣)........... ٢٥٠

قوله تعالى : (وَرَبَطْنا عَلى قُلُوبِهِمْ إِذْ قامُوا (الى) رَغَباً) (١٤ ـ ١٨)............... ٢٥١

قوله تعالى : (وَكَذلِكَ بَعَثْناهُمْ لِيَتَساءَلُوا (الى) أَحَداً) (١٩ ـ ٢٢)................. ٢٥٢

قوله تعالى : (وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فاعِلٌ) اه (٢٤)............................. ٢٥٤

قوله تعالى : (وَاتْلُ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتابِ رَبِّكَ) اه (٢٧)..................... ٢٥٦

قوله تعالى : (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ) اه (٢٨)........................ ٢٥٧

قوله تعالى : (وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ) اه (٢٩)................................... ٢٥٨


الآية

رقمها

الصفحة

قوله تعالى : (وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً رَجُلَيْنِ (الى) وَلَداً) (٣٢ ـ ٣٩).................. ٢٦١

قوله تعالى : (وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَياةِ الدُّنْيا (الى) أَمَلاً) (٤٥ ـ ٤٦)............. ٢٦٣

قوله تعالى : (وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبالَ وَتَرَى الْأَرْضَ) اه (٤٧)....................... ٢٦٥

قوله تعالى : (وَعُرِضُوا عَلى رَبِّكَ صَفًّا (الى) بَدَلاً) (٤٨ ـ ٥٠)................... ٢٦٧

قوله تعالى : (ما أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) اه (٥١)................... ٢٦٨

قوله تعالى : (وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ) اه (٥٣)....................... ٢٦٩

قوله تعالى : (وَإِذْ قالَ مُوسى لِفَتاهُ لا أَبْرَحُ) اه (٦٠).......................... ٢٧٠

قوله تعالى : (قالَ لَهُ مُوسى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلى أَنْ تُعَلِّمَنِ) اه (٦٦)................. ٢٧١

قوله تعالى : (وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلى ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً) اه (٦٨)................... ٢٧٤

قوله تعالى : (فَانْطَلَقا حَتَّى إِذا لَقِيا غُلاماً فَقَتَلَهُ) اه (٧٤)....................... ٢٨١

قوله تعالى : (قالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً) (٧٧)......................... ٢٨٢

قوله تعالى : (وَأَمَّا الْغُلامُ فَكانَ أَبَواهُ مُؤْمِنَيْنِ (الى) صَبْراً) (٨١ ـ ٨٢)............ ٢٨٤

قوله تعالى : (وَكانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما) اه (٨٢)................................... ٢٨٨

قوله تعالى : (وَيَسْئَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ) اه (٨٣)............................ ٢٩٣

قوله تعالى : (إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْناهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ) اه (٨٤).............. ٢٩٧

قوله تعالى : (حَتَّى إِذا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ) اه (٩٠)........................... ٣٠٦

قوله تعالى : (قالُوا يا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ) اه (٩٤)................... ٣٠٧

قوله تعالى : (آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذا ساوى (الى) حَقًّا) (٩٦ ـ ٩٨)......... ٣٠٨

قوله تعالى : (وَتَرَكْنا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ (الى) سَمْعاً) (٩٩ ـ ١٠١)............. ٣١٠

قوله تعالى : (أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا (الى) وَزْناً) (١٠٢ ـ ١٠٥)........ ٣١١

قوله تعالى : (ذلِكَ جَزاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِما كَفَرُوا (الى) مَدَداً) (١٠٦ ـ ١٠٩)......... ٣١٣

قوله تعالى : (قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَ) اه (١١٠)..................... ٣١٤

سورة مريم وفيها ١٧٠ حديثا ـ في فضلها..................................... ٣١٩

قوله تعالى : (كهيعص) اه (١)............................................... ٣١٩

قوله تعالى : (ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا (الى) شَقِيًّا) (٢ ـ ٤)................. ٣٢١

قوله تعالى : (وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوالِيَ مِنْ وَرائِي (الى) رَضِيًّا) (٥ ـ ٦)................ ٣٢٣


الآية

رقمها

الصفحة

قوله تعالى : (يا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيى) اه (٧)...................... ٣٢٤

قوله تعالى : (يا يَحْيى خُذِ الْكِتابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ) اه (١٢)................ ٣٢٥

قوله تعالى : (وَحَناناً مِنْ لَدُنَّا وَزَكاةً وَكانَ تَقِيًّا) (١٣)........................... ٣٢٦

قوله تعالى : (وَسَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ) اه (١٥)....................... ٣٢٧

قوله تعالى : (فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكاناً قَصِيًّا) اه (٢٢)........................ ٣٢٨

قوله تعالى : (فَأَجاءَهَا الْمَخاضُ إِلى جِذْعِ النَّخْلَةِ) اه (٢٣)..................... ٣٢٩

قوله تعالى : (وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُساقِطْ عَلَيْكِ) اه (٢٥)................. ٣٣٠

قوله تعالى : (فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً) اه (٢٦).............................. ٣٣٢

قوله تعالى : (يا أُخْتَ هارُونَ ما كانَ أَبُوكِ (الى) حَيًّا) (٢٨ ـ ٣١)................ ٣٣٣

قوله تعالى : (وَبَرًّا بِوالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً (الى) حَيًّا.) (٣٢ ـ ٣٣)........... ٣٣٥

قوله تعالى : (فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ مِنْ بَيْنِهِمْ (الى) لا يُؤْمِنُونَ) (٣٧ ـ ٣٩).......... ٣٣٧

قوله تعالى : (إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْها (الى) وَلِيًّا) (٤٠ ـ ٤٥)............ ٣٣٨

قوله تعالى : (وَأَعْتَزِلُكُمْ وَما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ (الى) عَلِيًّا) (٤٨ ـ ٥٠).......... ٣٣٩

قوله تعالى : (وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ مُوسى (الى) نَجِيًّا) (٥١ ـ ٥٢)................. ٣٤٠

قوله تعالى : (وَوَهَبْنا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنا أَخاهُ) اه (٥٣).............................. ٣٤١

قوله تعالى : (وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِسْماعِيلَ إِنَّهُ كانَ صادِقَ) اه (٥٤).............. ٣٤٢

قوله تعالى : (وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِدْرِيسَ) اه (٥٦).............................. ٣٤٣

قوله تعالى : (وَرَفَعْناهُ مَكاناً عَلِيًّا) اه (٥٧).................................... ٣٤٩

قوله تعالى : (أُولئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ (الى) عَشِيًّا) (٥٨ ـ ٦٢)............. ٣٥١

قوله تعالى : (تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ (الى) سَمِيًّا) (٦٣ ـ ٦٥)................... ٣٥٢

قوله تعالى : (أَوَلا يَذْكُرُ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ (الى) جِثِيًّا) (٦٧ ـ ٦٨).............. ٣٥٣

قوله تعالى : (وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ (الى) جُنْداً) (٧٣ ـ ٧٥)............. ٣٥٥

قوله تعالى : (وَيَزِيدُ اللهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدىً (الى) وَلَداً) (٧٦ ـ ٧٧).............. ٣٥٦

قوله تعالى : (أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ (الى) عَدًّا) (٧٨ ـ ٨٣).......... ٣٥٧

قوله تعالى : (يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْداً) اه (٨٥)................... ٣٥٨

قوله تعالى : (لا يَمْلِكُونَ الشَّفاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ) اه (٨٧)....................... ٣٦١

قوله تعالى : (وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً (الى) فَرْداً) (٨٨ ـ ٩٥)................. ٣٦٢


الآية

رقمها

الصفحة

قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) اه (٩٦)...................... ٣٦٣

قوله تعالى : (فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ (الى) رِكْزاً) (٩٧ ـ ٩٨)..................... ٣٦٤

سورة طه وفيها ١٩٧ حديثا ـ في فضلها....................................... ٣٦٦

قوله تعالى : (طه ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى) اه (١)......................... ٣٦٦

قوله تعالى : (الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى) اه (٥)............................. ٣٦٨

قوله تعالى : (لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما) اه (٦)............ ٣٧١

قوله تعالى : (وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ (الى) طُوىً) (٧ ـ ١٢)........... ٣٧٣

قوله تعالى : (إِنَّنِي أَنَا اللهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا (الى) بِما تَسْعى) (١٤ ـ ١٥)............. ٣٧٥

قوله تعالى : (قالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي (الى) أَمْرِي) (٢٥ ـ ٣٢)................ ٣٧٦

قوله تعالى : (أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِ) اه (٣٩).................. ٣٧٩

قوله تعالى : (إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ) اه (٤٠)...................... ٣٨٠

قوله تعالى : (قالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ) اه (٥٠).................... ٣٨١

قوله تعالى : (كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعامَكُمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ) اه (٥٤)................. ٣٨٢

قوله تعالى : (مِنْها خَلَقْناكُمْ وَفِيها نُعِيدُكُمْ) اه (٥٥)............................ ٣٨٣

قوله تعالى : (قُلْنا لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ (الى) الدَّرَجاتُ الْعُلى) (٦٨ ـ ٧٥)......... ٣٨٤

قوله تعالى : (وَلَقَدْ أَوْحَيْنا إِلى مُوسى (الى) وَما هَدى) (٧٧ ـ ٧٩)............... ٣٨٥

قوله تعالى : (وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي (الى) ثُمَّ اهْتَدى) (٨١ ـ ٨٢).............. ٣٨٦

قوله تعالى : (قالَ هُمْ أُولاءِ عَلى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ) اه (٨٤).................. ٣٨٧

قوله تعالى : (قالَ يا هارُونُ ما مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ) اه (٩٢)....................... ٣٨٩

قوله تعالى : (قالَ فَما خَطْبُكَ يا سامِرِيُ (الى) عِلْماً) (٩٥ ـ ٩٨)................ ٣٩١

قوله تعالى : (يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ (الى) يَوْماً) (١٠٢ ـ ١٠٤)........... ٣٩٢

قوله تعالى : (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْجِبالِ (الى) هَمْساً) (١٠٥ ـ ١٠٨)............... ٣٩٣

قوله تعالى : (يَوْمَئِذٍ لا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ إِلَّا) اه (١٠٩)........................... ٣٩٤

قوله تعالى : (وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خابَ) اه (١١١)................. ٣٩٥

قوله تعالى : (وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ (الى) زِدْنِي عِلْماً) (١١٢ ـ ١١٤)........ ٣٩٦

قوله تعالى : (وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ) اه (١١٥)................... ٤٠٠


الآية

رقمها

الصفحة

قوله تعالى : (فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ فَلا يَضِلُ (الى) أَعْمى) (١٢٣ ـ ١٢٤)............ ٤٠٥

قوله تعالى : (قالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمى (الى) مُسَمًّى) (١٢٥ ـ ١٢٩).......... ٤٠٦

قوله تعالى : (فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ) اه (١٣٠).............. ٤٠٧

قوله تعالى : (وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا (الى) لِلتَّقْوى) (١٣١ ـ ١٣٢)....... ٤٠٨

قوله تعالى : (رَبَّنا لَوْ لا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولاً) اه (١٣٤)......................... ٤١١

سورة الأنبياء وفيها ٢٠٤ أحاديث ـ في فضلها................................. ٤١٢

قوله تعالى : (اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسابُهُمْ (الى) يَلْعَبُونَ) (١ ـ ٢)..................... ٤١٢

قوله تعالى : (لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى (الى) لا تَعْلَمُونَ) (٣ ـ ٧)........... ٤١٣

قوله تعالى : (وَما جَعَلْناهُمْ جَسَداً لا يَأْكُلُونَ (الى) خامِدِينَ) (٨ ـ ١٥)........... ٤١٤

قوله تعالى : (وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ (الى) لا يَفْتُرُونَ) (١٦ ـ ٢٠)........... ٤١٤

قوله تعالى : (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا) اه (٢٢)....................... ٤١٥

قوله تعالى : (لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْئَلُونَ) (٢٣).......................... ٤١٨

قوله تعالى : (هذا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي (الى) يَعْمَلُونَ) (٢٤ ـ ٢٧)....... ٤٢١

قوله تعالى : (وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلهٌ مِنْ دُونِهِ) اه. (٢٩) ٤٢٤................. ٤٢٥

قوله تعالى : (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) اه (٣٠).............. ٤٢٨

قوله تعالى : (وَجَعَلْنَا السَّماءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً (الى) الْخالِدُونَ) (٣٢ ـ ٣٤)......... ٤٢٩

قوله تعالى : (كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ (الى) الْغالِبُونَ) (٣٥ ـ ٤٤)................ ٤٢٩

قوله تعالى : (وَلَئِنْ مَسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِنْ عَذابِ رَبِّكَ (الى) عالِمِينَ) (٤٦ ـ ٥٣)...... ٤٣٠

قوله تعالى : (قالُوا مَنْ فَعَلَ هذا بِآلِهَتِنا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ) (٥٩)................. ٤٣٣

قوله تعالى : (قالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا فَسْئَلُوهُمْ) اه (٦٣)...................... ٤٣٨

قوله تعالى : (قُلْنا يا نارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ) (٦٩)................. ٤٤٠

قوله تعالى : (وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ نافِلَةً) اه (٧٢)........................ ٤٤١

قوله تعالى : (وَلُوطاً آتَيْناهُ حُكْماً وَعِلْماً (الى) أَجْمَعِينَ) (٧٤ ـ ٧٧)............. ٤٤١

قوله تعالى : (وَداوُدَ وَسُلَيْمانَ إِذْ يَحْكُمانِ فِي الْحَرْثِ) اه (٧٨)................. ٤٤٢

قوله تعالى : (فَفَهَّمْناها سُلَيْمانَ وَكُلًّا آتَيْنا حُكْماً وَعِلْماً) (٧٩).................. ٤٤٤

قوله تعالى : (وَلِسُلَيْمانَ الرِّيحَ عاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ) (٨١)...................... ٤٤٦

قوله تعالى : (وَأَيُّوبَ إِذْ نادى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ) اه (٨٣).................... ٤٤٧


الآية

رقمها

الصفحة

قوله تعالى : (وَآتَيْناهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا) اه (٨٤)............... ٤٤٨

قوله تعالى : (وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ) اه (٨٧)............. ٤٤٩

قوله تعالى : (وَزَكَرِيَّا إِذْ نادى رَبَّهُ رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً) اه (٨٩)................... ٤٥٦

قوله تعالى : (وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَها فَنَفَخْنا فِيها مِنْ رُوحِنا) اه (٩١)............. ٤٥٧

قوله تعالى : (فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ (الى) يَنْسِلُونَ) (٩٤ ـ ٩٦)... ٤٥٨

قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى (الى) خالِدُونَ) (١٠١ ـ ١٠٢)... ٤٥٩

قوله تعالى : (لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ) اه (١٠٣)............ ٤٦٠

قوله تعالى : (يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ كَطَيِّ السِّجِلِ) اه (١٠٤)...................... ٤٦٣

قوله تعالى : (وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ) اه (١٠٥).................... ٤٦٤

قوله تعالى : (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ) (١٠٧)......................... ٤٦٥

قوله تعالى : (قُلْ إِنَّما يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ (الى) حِينٍ) (١٠٨ ـ ١١١). ٤٦٧

قوله تعالى : (قالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ وَرَبُّنَا الرَّحْمنُ) اه (١١٢)................... ٤٦٨

سورة الحجّ وفيها ٢٥٤ حديثا ـ في فضلها.................................... ٤٦٩

قوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ) اه (١)........................ ٤٧٠

قوله تعالى : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللهِ (الى) بَهِيجٍ) (٣ ـ ٥)................ ٤٧١

قوله تعالى : (وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيها (الى) الْحَرِيقِ) (٧ ـ ٩)............... ٤٧٢

قوله تعالى : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللهَ عَلى حَرْفٍ) اه (١١)..................... ٤٧٣

قوله تعالى : (يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَضُرُّهُ (الى) ما يَغِيظُ) (١٣ ـ ١٥).......... ٤٧٤

قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالصَّابِئِينَ) اه (١٧).................. ٤٧٥

قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يَسْجُدُ لَهُ (الى) الْحَمِيمُ) (١٨ ـ ١٩)................ ٤٧٦

قوله تعالى : (كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها مِنْ غَمٍ) اه (٢٢).................... ٤٧٧

قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا) اه (٢٣).............................. ٤٧٩

قوله تعالى : (وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ (الى) أَلِيمٍ) (٢٤ ـ ٢٥)............... ٤٨٠

قوله تعالى : (وَإِذْ بَوَّأْنا لِإِبْراهِيمَ مَكانَ الْبَيْتِ) اه (٢٦)......................... ٤٨٥

قوله تعالى : (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجالاً) اه (٢٧)..................... ٤٨٧

قوله تعالى : (لِيَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ) اه (٢٨).................... ٤٨٨


الآية

رقمها

الصفحة

قوله تعالى : (ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ) اه (٢٩)....................... ٤٩١

قوله تعالى : (ذلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُماتِ اللهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ) اه (٣٠)................ ٤٩٥

قوله تعالى : (ذلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللهِ فَإِنَّها) اه (٣٢)........................ ٤٩٦

قوله تعالى : (لَكُمْ فِيها مَنافِعُ إِلى أَجَلٍ (الى) تَشْكُرُونَ) (٣٣ ـ ٣٦).............. ٤٩٧

قوله تعالى : (لَنْ يَنالَ اللهَ لُحُومُها وَلا دِماؤُها (الى) لَقَدِيرٌ) (٣٧ ـ ٣٩)........... ٥٠٠

قوله تعالى : (الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍ) اه (٤٠)...................... ٥٠١

قوله تعالى : (الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ (الى) مَشِيدٍ) (٤١ ـ ٤٥)............. ٥٠٦

قوله تعالى : (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ) اه (٤٦)..................... ٥٠٧

قوله تعالى : (وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ وَلَنْ يُخْلِفَ اللهُ) اه (٤٧).................. ٥٠٩

قوله تعالى : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍ) اه (٥٢)................. ٥١٠

قوله تعالى : (لِيَجْعَلَ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ فِتْنَةً (الى) حَلِيمٌ) (٥٣ ـ ٥٩)............. ٥١٧

قوله تعالى : (ذلِكَ وَمَنْ عاقَبَ بِمِثْلِ ما عُوقِبَ بِهِ) اه (٦٠)..................... ٥١٨

قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ (الى) مُسْتَقِيمٍ) (٦٥ ـ ٦٧).. ٥١٩

قوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا (الى) تُفْلِحُونَ) (٧٣ ـ ٧٧)...... ٥٢٠

قوله تعالى : (وَجاهِدُوا فِي اللهِ حَقَّ جِهادِهِ هُوَ اجْتَباكُمْ) اه (٧٨)................. ٥٢١

سورة المؤمنون وفيها ١٦٧ حديثا ـ في فضلها................................. ٥٢٧

قوله تعالى : (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ) (١)........................................ ٥٢٧

قوله تعالى : (الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ) (٢)............................ ٥٢٨

قوله تعالى : (وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (الى) غَيْرُ مَلُومِينَ) (٣ ـ ٦).......... ٥٢٩

قوله تعالى : (فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ (الى) خالِدُونَ) (٧ ـ ١١)................... ٥٣١

قوله تعالى : (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ (الى) الْخالِقِينَ) (١٢ ـ ١٤)......... ٥٣٢

قوله تعالى : (وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ) اه (١٨)............................ ٥٤٢

قوله تعالى : (وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْناءَ) اه (٢٠).......................... ٥٤٣

قوله تعالى : (فَأَوْحَيْنا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ (الى) وَمَعِينٍ) (٢٧ ـ ٥٠)............. ٥٤٤

قوله تعالى : (فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُراً (الى) لا يَشْعُرُونَ) (٥٣ ـ ٥٦)........... ٥٤٥

قوله تعالى : (وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ) اه (٦٠).................... ٥٤٦


الآية

رقمها

الصفحة

قوله تعالى : (أُولئِكَ يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ (الى) يَجْأَرُونَ) (٦١ ـ ٦٤).......... ٥٤٧

قوله تعالى : (أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ (الى) لَناكِبُونَ) (٦٨ ـ ٧٤)..................... ٥٤٨

قوله تعالى : (وَلَوْ رَحِمْناهُمْ وَكَشَفْنا ما بِهِمْ مِنْ ضُرٍّ (الى) يَتَضَرَّعُونَ) (٧٥ ـ ٧٦).. ٥٤٩

قوله تعالى : (حَتَّى إِذا فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً (الى) عَمَّا يَصِفُونَ) (٧٧ ـ ٩١).......... ٥٥٠

قوله تعالى : (عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ (الى) بِما يَصِفُونَ) (٩٣ ـ ٩٦).............. ٥٥١

قوله تعالى : (وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزاتِ (الى) يُبْعَثُونَ) (٩٧ ـ ١٠٠)......... ٥٥٢

قوله تعالى : (فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ) اه (١٠١)................. ٥٦٢

قوله تعالى : (تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ (الى) تَعْلَمُونَ) (١٠٤ ـ ١١٤)................ ٥٦٦

سورة النور وفيها ٢٦٨ حديثا ـ في فضلها..................................... ٥٦٨

قوله تعالى : (سُورَةٌ أَنْزَلْناها وَفَرَضْناها) اه (١)................................. ٥٦٨

قوله تعالى : (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ) اه (٢)......................... ٥٦٩

قوله تعالى : (الزَّانِي لا يَنْكِحُ ، إِلَّا زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً) اه (٣)..................... ٥٧١

قوله تعالى : (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ (الى) رَحِيمٌ) (٤ ـ ٥)................... ٥٧٣

قوله تعالى : (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ) اه (٦)..................... ٥٧٧

قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ جاؤُ بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ) اه (١١)........................... ٥٨١

قوله تعالى : (إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ (الى) لا تَعْلَمُونَ) (١٥ ـ ١٩)................. ٥٨٢

قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ) اه (٢١)........... ٥٨٣

قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ الْغافِلاتِ) اه (٢٣).................. ٥٨٤

قوله تعالى : (الْخَبِيثاتُ لِلْخَبِيثِينَ (الى) تَذَكَّرُونَ) (٢١ ـ ٢٧).................... ٥٨٥

قوله تعالى : (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَدْخُلُوا (الى) يَصْنَعُونَ) (٢٩ ـ ٣٠).......... ٥٨٧

قوله تعالى : (وَقُلْ لِلْمُؤْمِناتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصارِهِنَ) اه (٣١)................... ٥٨٨

قوله تعالى : (وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ) اه (٣٢)........... ٥٩٥

قوله تعالى : (وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكاحاً) اه (٣٣)..................... ٦٠٠

قوله تعالى : (اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) اه (٣٥)............................ ٦٠٢

قوله تعالى : (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ) اه (٣٦)............................. ٦٠٧

قوله تعالى : (رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ) اه (٣٧)......................... ٦٠٨


الآية

رقمها

الصفحة

قوله تعالى : (أَوْ كَظُلُماتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ) اه (٤٠)...... ٦١١

قوله تعالى : (يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ) اه (٤١)...... ٦١٣

قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يُزْجِي سَحاباً ثُمَّ يُؤَلِّفُ) اه (٤٤)................... ٦١٤

قوله تعالى : (وَاللهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ ماءٍ (الى) هُمُ الْفائِزُونَ) (٤٥ ـ ٥٢).......... ٦١٥

قوله تعالى : (وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ (الى) هُمُ الْفاسِقُونَ) (٥٣ ـ ٥٥)........ ٦١٦

قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ) اه (٥٨).................... ٦٢١

قوله تعالى : (وَالْقَواعِدُ مِنَ النِّساءِ اللَّاتِي لا يَرْجُونَ) اه (٦٠)................... ٦٢٢

قوله تعالى : (لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ) اه (٦١).......... ٦٢٤

قوله تعالى : (فَإِذا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ) اه (٦١)................. ٦٢٧

قوله تعالى : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا (الى) أَلِيمٌ) (٦٢ ـ ٦٣)................. ٦٢٨

تفسير نور الثقلين - ٣

المؤلف:
الصفحات: 642