تراثنا

العددان الثالث والرابع [٤٣ و ٤٤]

السنة الحادية عشر

محتويات العدد

*كلمة التحرير :

*وداعاً أيها الراحل الكبير!

................................................................. هيئة التحرير ٧

*تطبيق المعايير العلمية لنقد الحديث على أحاديث المهديّ عليه السلام بكتب الفريقين.

.............................................. السيّد ثامر هاشم حبيب العميدي ١٢

*نقض رسالة الحبل الوثيق في نصرة الصدّيق للحافظ جلال الدين السيوطي

................................... السيّد حسن الحسيني آل المجدّد الشيرازي ٨٦

*تشييد المراجعات وتفنيد المكابرات (٥).

............................................... السيّد علي الحسينيّ الميلانيّ ١٤٤

*أساس نظام الحكم في الاسلام : بين الواقع والتشريع (٢).

.......................................................... صائب عبدالحميد ٢٠١

*إحياء التراث ... لمحة تاريخية سريعة حول تحقيق التراث ونشره ، وإسهام ايران في ذلك (٥).

.......................................................... عبدالجبّار الرفاعي ٢٨١


رجب ـ ذوالحجّة

١٤١٦ هـ

*من التراث الأدبي المنسي في الأحساء (١٦) :

*الشيخ أحمد الصفّار.

................................................ السيّد هاشم محمّد الشخص ٣٢٩

*مصطلحات نحوية (٤).

...................................................... السيّد علي حسن مطر ٣٤٧

*من ذخائر التراث :

*مكتبة العلّامة الكراجكي.

................................. تحقيق واستدراك : السيّد عبدالعزيز الطباطبائي ٣٦٥

*جهة القبلة ـ للشيخ بهاء الدين العاملي.

.............................................. تحقيق : الشيخ هادي القبيسي ٤٠٥

*من أنباء التراث.

................................................................ هيئة التحرير ٤٤٠

__________________

*صورة الغلاف : نموذج من مخطوطة رسالة جهة القبلة للشيخ بهاء الدين العاملي ، المنشورة في هذا العدد ، ص ٤٠٥ ـ ٤٣٩.





كلمة التحرير :

وداعا

أيها الراحل الكبير!

شوط جديد تستقبله (تراثنا) منذ الآن.

ليس فقط لاستفتاحها العقد الثاني من عمرها المبارك ، بل أيضا لغياب ألمع نجم كان يسطع في سمائها ..

لقد جاءتكم (تراثنا) هذه المرة إذن وهي تنعى فقيدها الكبير الذي أغدق عليها ، عطاء وعطفا وترشيدا ، حتى استقام عودها وصلب ساقها واتسع ظلها واستطاب الناس ثمراتها ..

وعز عليها ومض فيها أن تنعى من كانت تراه من أول من يعنى بها! وأن ترعى ذكراه ، وما فتئت تراه يرعاها! .. وحق لها أن تقف طويلا أمام هذا الصرح الشامخ الذي وسع آفاقها ظله ، والبحر الزاخر الذي ما عرف الجزر مده ..

ذلك هو العلم الذي طالما رفعته (تراثنا) عند أهم مداخلها ، والقلم الذي لم يغب نداه مرة عن ثريات صحائفها ..

ذلك هو العلامة الكبير السيد عبد العزيز الطباطبائي قدس‌سره ، الرجل الذي تسلق سلم العلم والبحث والتحقيق حتى استوى في الصف المتقدم


فيه ، ولا شك أن لهذا الصف المتقدم طلائع مبرزين ، ولقد كان فقيدنا ، بحق وجدارة ، متألقا بين هذه الطلائع العزيزة في عصرنا هذا ، بما أعطي من حافظة ثاقبة ، وصبر عظيم ، وصدق عزيمة ، وعلو همة .. وإذا كانت تلك الخصال متوفرة لا ريب لدى نظرائه من المحققين الكبار ، فلقد زان فقيدنا خصاله بخصائص قل أن تجد أخواتها عند غيره ...

فذلك الصفاء المتميز الذي كان يفيض من بين جوانحه إنما هو سيماء الصالحين من أبناء قروننا الأولى!

وذلك التواضع الذي يدهش له جليسه ، أين تجد نظيره إلا لدى من خشع قلبه لله تعالى حقا ، فلم يتسلق إلى نفسه شئ من مسحات غرور أو كبرياء ، ولا مثقال ذرة! إنه تواضع الطبع والسجية ، لا تواضع التطبع والتكلف والمداراة.

وخصلة ثالثة ، لو قلت إنك لا تجدها عند غيره ، فقد لا تعدو الصدق والأمانة ، ولا تقدح أحدا بغير حق ، تلك هي : عطاؤه الذي لا يعرف حدا إلا جهده وما يملك ، إنه العالم الذي لا يكتمك علما ينفعك ، ولا يخفي عليك فائدة وجدها ، باسط كنوزه بين أيدي طلابها والمعنيين بها ، إنه يعطيك حتى أعماله التحقيقية وبحوثه الجاهزة متى وجد لديك اهتماما تشفيه ، أو تصب فيه ، أو تلتقي معه .. يعطيكها كاملة ، فتكمل بها عملك ، وإن راقت لك اخترتها كلها لتنشرها باسمك أنت ، يعطيك وهو يعلم ذلك ، بل ربما أعطاك لأجل ذلك ، ولقد أعطى على هذه الطريقة كتبا ، وليس فوائد محدودة فقط ، ولقد حفظ عليه ذلك من حفظ فذكر له حقه أو بعض حقه في محله ، فيما تغافل وغض الطرف ، وقد نجد له عذرا أنه لو ذكر ذلك الحق كاملا فسوف لا يبقي لنفسه شيئا!!


ذلك الباحث المنقب المتبحر الذي أنجز أربعة وثلاثين كتابا ، تأليفا وتحقيقا ، وبعضها في مجلدات ، مع عشرات البحوث والمقالات مع الحواشي الكثيرة على أمهات موسوعاتنا الرجالية والحديثية ، والذي طبق صيته الآفاق ، عالما بنفائس المخطوطات الإسلامية في مكتبات الشرق والغرب ، والذي قصده المحققون والباحثون على الدوام ، صغارا وكبارا.

ذلك الأب المهيب قد رحل عن مثل ثروة العاملين الزاهدين ، لقد خلف ثروة الأغنياء بحق ، فخلف التراث الخالد ما بقي الإنسان يحيا على هذه الأرض ..

لكنه لم يترك ثروة المتورمين ، أموالا وعقارات وأسواقا وعمارات! لم يخلف تراثا فانيا يتنازعه بعده الوارثون ، بل خلف تراثا باقيا به سيفخرون ما عاشوا وما عاشت ذرياتهم ، وعسى أن يكونوا أهلا لإحيائه ، ولقد أبدوا حتى الآن في سبيل ذلك أحسن الجهد وأطيبه منذ رحيله وحتى يومهم هذا ، فكشفوا بين آثاره من كنوز مفرقة على الأوراق أو في حواشي الكتب وبطون أغلفتها.

فأصبحت هذه الآثار اليوم مزار المشتاقين والعارفين والباحثين ، ومقصد المكتبات الكبرى لتنقل بالتصوير جميع تعليقاته على ما في مكتبته الغنية من الكتب الكثيرة ، لتكون في متناول زوار المكتبات ومراجعيها ، وهذا ـ بلا ريب ـ من صلب طموحه رحمه‌الله ، ويناسب قيمة جهده العلمي الدقيق.

أما مؤسسة آل البيت عليهم‌السلام : لإحياء التراث ، والتي عنها تصدر (تراثنا) فقد بادرت بطباعة ونشر اثنين من أعماله النفيسة قبل انقضاء أربعين يوما على رحيله ، وهما : (ترجمة الإمام الحسن عليه‌السلام من القسم غير


المطبوع من (الطبقات الكبير) لابن سعد) و (مكتبة العلامة الحلي) (١).

ذلك العملاق الراحل قد كان بحق الامتداد الأصيل والأمثل لشيخيه الخالدين : الشيخ الأميني ، صاحب (الغدير) ، والشيخ الطهراني ، صاحب (الذريعة إلى تصانيف الشيعة) و (طبقات أعلام الشيعة) ، وهما العلمان اللذان لازمهما فقيدنا تمام ربع قرن إبان اشتغالهما في موسوعاتهما الضخمة ، فكان بحق الروح التي امتدت عنهما ، وقد زاده شغفه بهما تعلقا بآثارهما ، فبذل في خدمتها جهدا جبارا زانها كثيرا وألبسها حلة الكمال.

ومرة أخرى بين (تراثنا) وفقيدها الجليل ، وهي تنعى ما كان بينهما من وصل وتكامل .. فلقد كان العلامة الراحل يكرر مرارا أمنيته التي كانت تشغل باله أيام كان في النجف الأشرف ، وكان يفاتح بها كبار المهتمين بالتراث والفكر ، كان يتشوق لإصدار مجلة فصلية تعنى بتراث أهل البيت عليهم‌السلام وشيعتهم ومحبيهم ، وما زالت هذه الأمنية تراوده وتشغل باله حتى تحققت في (تراثنا) التي أصدرتها مؤسسة آل البيت عليهم‌السلام لإحياء التراث ، فوجد السيد الفقيد فيها ضالته المنشودة ومحل تحقق أمانيه ، فكان معها منذ عددها الأول بقلبه وكيانه وعطائه .. كما وجدت (تراثنا) فيه أيضا ضالتها ، فكان قطبا لامعا بين أقطابها ، وبابا ثابتا في أبوابها ، وعلما شامخا في أعلامها.

لقد تكامل الأملان ، وتساير الصاحبان عقدا من الزمن على أتم

__________________

(١) تجد تعريفا بهما في حقل (من أنباء التراث) من هذا العدد.

وتجد أيضا في حقل (من ذخائر التراث) آخر ما أتحف به العلامة المحقق السيد الطباطبائي رحمه‌الله ، نشرتنا هذه قبل وفاته بأيام قلائل ، وهي رسالة (مكتبة العلامة الكراجكي).


ما يكون الوصال والوئام ، حتى أفلت شمس ذلك العقد بانطفاء شمعة الصاحب الوفي المؤتمن ، لتبقى (تراثنا) تشق طريقها إلى أمام ، محققة أمنياته بعد رحيله ، فالمهمات كبيرة ، والدرب لم يزل مفتوحا ، والشوط طويل ، وتراثنا ما زال يدعو الباحثين والمحققين إلى البحث والتنقيب والتحقيق ، وإن كان على (تراثنا) وهي رسالة التراث ، أن تنعى علامة امتزجت ذكراه بالقلوب والأرواح ، فإنها ماضية على عهدها بإذن الله تعالى ، وبتفاؤل وأمل كبيرين ، فهذه الأمة أمة ولود ، أنجبت وستنجب ما بقيت أفذاذا فيهم كل الأمل المنشود.

ولقد حظيت (تراثنا) منذ انطلاقتها الأولى باهتمام هذه الطبقة من المحققين الكبار والباحثين الأفاضل ، الساهرين على خدمة تراث أهل البيت عليهم‌السلام وشيعتهم بقلوب لهفى لأن تتكشف أنوار هذا التراث الثر ، طريق الهدى والنور ، لأبصار السائرين وبصائرهم ، وسوف تبقى (تراثنا) الفخورة دائما باحتضانها الأسماء اللامعة وآثارهم الثرية والجديدة والنافعة فخرها بما احتضنته من تراث فقيدها وفقيدهم السيد الجليل والعلامة الكبير ، شيخ المحققين السيد عبد العزيز الطباطبائي رحمه‌الله تعالى وأسكنه فسيح جناته.

(الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون *

أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون).

هيئة التحرير


تطبيق المعايير العلمية لنقد الحديث

على ما اختلف وتعارض

من أحاديث المهدي بكتب الفريقين

السيد ثامر هاشم حبيب العميدي

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على نبينا محمد ، وعلى آله الطيبين ، وصحبه المخلصين ومن اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

وبعد :

فإن من دواعي كتابة هذا البحث هو التطاول على الحقائق الإسلامية الثابتة ببعض الكتيبات النقدية في الحديث الشريف ، لأسماء نكرة طفحت على الساحة الثقافية فجأة ، مع خلوها من أبسط المعايير العلمية لنقد الحديث ، إذ لم تتصف بشئ منها البتة ، حتى عادت تلك الكتيبات عقبة كأداء من عقبات التواصل الوحدوي على صعيد المجتمع المسلم ، بل وأشبه ما تكون بمحاولة جادة للقضاء على أي وسيلة من شأنها أن تقرب بين وجهات نظر المسلمين ، وتلم شعثهم ، وترأب صدعهم!

وذلك لابتذال المعايير العلمية في النقد ابتذالا واضحا خصوصا عند من


يمثل ثقافة تلقينية أصابها اليأس والإحباط المستمر ، مع افتقاره التام إلى معرفة الأسس والقواعد العلمية النقدية الثابتة ـ خصوصا في علم الحديث الشريف ـ التي تؤطر كل دراسة حديثية نقدية بشروط القبول.

ولا عذر لمثل هذا ، إذ لم تعد مسألة نقد الحديث ، مسألة نسبية تختلف باختلاف الناس وتباين ثقافاتهم.

ومن ثم فإن السنة المطهرة نفسها قد أرست بعض القواعد النقدية العامة ، والتي يمكن توظيفها لمواجهة الخطأ.

فالنبي الأعظم صلى‌الله‌عليه‌وسلم علمنا مكارم الأخلاق ، وهو ـ بأبي وأمي ـ لم يكن فظا غليظ القلب ، وإلا لانفضوا من حوله ، وإنما كان في مواجهته للفكر الجاهلي المتعسف على خلق عظيم بشهادة السماء.

والأمة التي استطاعت أن تواجه الخطأ بهدي سيرته صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتى استطاعت ـ وبمدة وجيزة ـ أن تقيم صرح حضارة امتدت جذورها إلى أقصى الأرض ، لقادرة على هذا أيضا.

والذي يحز في النفس ألما ، أن أمتنا قد فقدت المواجهة الصحيحة للخطأ ، وعادت رويدا رويدا إلى جاهلية من نوع آخر ، فيها من روح الابتعاد عن القرآن الكريم والسنة المطهرة الشئ الكثير ، فما أحوجنا اليوم إلى حوار صادق ، ونقد بناء ، ورجوع حثيث إلى الكتاب والسنة!

كما أننا بحاجة ماسة إلى معرفة تراثنا الحديثي ، لا فرق في ذلك بين كتب الحديث السنية أو الشيعية ، فهي كلها في نظر غير المسلم من تراث الإسلام ، وإلى كيفية تنمية المهارات العلمية والقدرات الكفوءة وتوظيفها لخدمة هذا التراث وبنقد يجيد صاحبه التعامل مع الآخرين من منطلق واع يهدف إلى تحقق غرض النقد وأهدافه ، مع التحلي بأدب الإسلام ، ونبذ التصورات الخاطئة ، وتجنب إساءة الظن وفكرة سحق الآخر!


كل هذا مع إدراك أن التغيير المطلوب نحو الأفضل لا يمكن الوصول إليه بنقد ظالم متعسف ، يرام من خلاله إيقاع الهزيمة بطرف من الأطراف والانتصار لطرف آخر!

فنقد كهذا لا شك أنه لا يصدر إلا عن نقص معرفة أو قصور ذهني في عدم التمييز بين المسائل الثابتة التي لا تقبل جدلا ، وبين المشكوكة الصحة في كل أو بعض ما تتضمن ، وبالتالي فهو لا يملأ فراغا علميا ، بل على العكس إذ يسهم بإيجاده بدعمه نمطا نقديا لا يرى من الصورة غير إطارها ، ولا من الشخص إلا اسمه ، ومع هذا قد يكون صادرا بحسن نية.

إلا أن نمطا نقديا من نوع آخر لا يمكن أن يكون كذلك ، ذلك النمط الذي يجعل ما عند الآخر متهافتا ولو كان في منتهى القوة ، ويصنف الآخرين بالصورة التي يرغبها هو ، صورة ساخرة يحاول أن يمزقها بقلمه الذي اعتاد النزول إلى الشتائم لدرجة تشعر من خلالها لذته في الشتم والسباب!

فتراه يعطي العناوين النقدية ـ لما هو صواب فعلا ـ بروزا ظاهرا وحجما مميزا ، وبشكل يبرز عقدة الاستهداف ، مع تأصيل الاستبداد النقدي بالرغبة الظاهرة في احتكار الموضوعات بثقافة شخصية تفتقر إلى التوازن النفسي باستعلائها على ذوي الاختصاص في نقد ذلك التراث الضخم بتعليم تلقيني جامد غالبا ما يؤدي إلى هيمنة التصورات التي لا محصل لها ، والافتراضات الخاطئة في نقد الآخرين.

كل هذا مع حشد الناقد الفاقد لمعايير النقد العلمية ـ سواء في الحديث الشريف أو غيره ـ لجهات أخرى في محاولة منه لإعلان حالة من التعبئة العامة لمواجهة الطرف الآخر بعقلية التحريض المضاد ، كما نلحظه اليوم في تذييل الكتابات النقدية أو تصديرها بعناوين التحذير!!

وهكذا يكون التهديد المباشر ، وبلغة بعيدة عن أخلاقيات النقد العلمي


الموضوعي الهادف على درجة عالية من الفجاجة والاستفزاز ، لأنه تأطير للعلماء بجهالة من دون ترو مطلوب ، ولا أشك في أن الطرف الآخر سوف لن يقابل الإساءة بالإحسان على هذا النحو من التشويه ، وإنما سيكون هو الآخر في حالة استنفار دائم مع التحدي المستمر ، وهذا ما يؤكد بطبيعته مسيس حاجتنا إلى الرجوع إلى منابع الإسلام الصافية ، مع ضرورة تشخيص تلك الثقافات المنحرفة ، فهي كجرثومة السرطان التي إذا ما وجدت بيئتها في عضو فليس له طب غير الاستئصال!

كيف لا؟! وهدفها المعلن هو التشكيك ببعض المسلمات والثوابت الدينية بحجة اختلافها وتعارضها .. ويأتي في مقدمة تلكم المسلمات والثوابت مسألة الاعتقاد بظهور الإمام المهدي عليه‌السلام في آخر الزمان.

نعم ، لقد تعرض لهذه المسألة بالنقد مفتقرو المعايير العلمية لنقد الحديث ، وتأثر بعضهم بمنهج البحث الاستشراقي إزاء قضايانا الإسلامية ، حتى أطلق ـ تبعا لجولدزيهر ، وفلوتن ، وولهوسن ، وغيرهم ـ خرافة فكرة الإمام المهدي وأسطوريتها!!

وهكذا طعنوا إسلامهم في الصميم ، ولم يلتفتوا إلى أن الأسطورة التي بسطت وجودها بهذا الشكل في تراثنا الإسلامي ، ومدت خيوطها في سائر العصور الإسلامية ، وانتشر الإيمان بها في كل جيل ، لا شك أنها سلبت عقول فحول علماء المسلمين ، وصنعت لأجيالهم تاريخا عقائديا مزيفا ، وتلك هي الطامة الكبرى والكارثة العظمى!

كيف لا؟! وفي تاريخ المسلمين أسطورة قد أجمعوا على صحتها!!

هذا ، مع أن التاريخ لا يعرف أمة خلقت تاريخها أسطورة ، فضلا عن كون أمة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هي من أرقى أمم العالم حضارة باعتراف المستشرقين أنفسهم ، ناهيك عن دور القرآن الكريم والسنة المطهرة في تهذيب نفوس


المسلمين ، ومحاربة البدع والخرافات والأساطير التي كانت سائدة في مجتمع ما قبل الرسالة السماوية الخالدة.

ومن هنا ، وانطلاقا من رصد المشاكل الثقافية المهمة المرتبطة ارتباطا وثيقا بواقع النقد ولد هذا البحث ، ليكون مساهمة متواضعة بحاجة إلى النقد العلمي البناء ، والإضاءة ، والتطوير ، لعله يؤدي إلى فهم إسلامي مشترك ، ويغلق منافذ التشكيك بواحدة من مهمات قضايانا الإسلامية ، وهي قضية ظهور الإمام المهدي عليه‌السلام في آخر الزمان ، وعلى طبق ما أخبرت به السنة النبوية المطهرة (*).

وسوف أستهل البحث بإثبات تواتر أحاديث المهدي ، ذاكرا من أخرجها من الأئمة الحفاظ ، ومن أسندت إليه ، ومن قال بصحتها أو اعترف بتواترها على نحو الإيجاز والاختصار ، ومن ثم إخضاع ما وقفت عليه من الأحاديث المختلفة والمتعارضة بهذا الشأن إلى الدراسة والنقد وعلى ضوء ما تعارف عليه أهل الفن من الفريقين ، راجيا من السادة العلماء ، والمشايخ الأجلاء ، والباحثين الفضلاء التماس العذر لي على ما يرونه من زلات وهفوات وهنات ، وأن يغفروا لي ذلك ، والله أولى بالمغفرة.

وهو حسبي.

ثامر هاشم حبيب العميدي

٢٨ المحرم الحرام ١٤١٦ ه

قم المشرفة

__________________

* راجع كتاب : (مقدمة في علم التفاوض الاجتماعي والسياسي) للدكتور حسن محمد وجيه ، إصدار سلسلة عالم المعرفة ، رقم ١٩٠ ، الكويت ١٤١٥ ه ، فستجد فيه نماذج راقية من أدب الحوار الهادف الذي يمكن توظيفه لخدمة الأعمال النقدية ، والحق ، أني استفدت هنا من بعض أفكاره


تواتر أحاديث المهدي عليه‌السلام

إن المشهور شهرة واسعة بين جميع المسلمين ، وعلى مر الأعصار أنه لا بد في آخر الزمان من ظهور رجل من أهل البيت ، يؤيد الدين ويظهر العدل ، وينشر الإسلام في بقاع العالم كله ، ويسمى بالإمام المهدي.

هذا باعتراف ابن خلدون (ت ٨٠٨ ه) الذي حاول مناقشة أحاديث المهدي وتضعيفها ، مع تصريحه بصحة بعضها كما نشير إليه في محله.

والحق أن دليل المسلمين على ذلك هو تواتر أحاديث المهدي والجزم بصحتها ، وليس شهرتها ، فقد أخرجها في ما وقفت عليه ببحث مستقل جماعة كثيرة من أئمة الحفاظ ، وأسندوها إلى عدد وافر من الصحابة ، وإليك الإشارة السريعة إلى كل هذا ، فنقول :

أخرج أحاديث الإمام المهدي عليه‌السلام ابن سعد (ت ٢٣٠ ه) ، وابن أبي شيبة (ت ٢٣٥ ه) ، والإمام أحمد بن حنبل (ت ٢٤١ ه) ، وأبو بكر الإسكافي (ت ٢٦٠ ه) ، وابن ماجة (ت ٢٧٣ ه) ، وأبو داود (ت ٢٧٥ ه) ، وابن قتيبة الدينوري (ت ٢٧٦ ه) ، والترمذي (ت ٢٧٩ ه) ، والبزار (ت ٢٩٢ ه) ، وأبو يعلى الموصلي (ت ٣٠٧ ه) ، والطبري (ت ٣١٠ ه) ، والعقيلي (ت ٣٢٢ ه) ، ونعيم بن حماد (ت ٣٢٨ ه) ، وابن حبان البستي (ت ٣٥٤ ه) ، والمقدسي (ت ٣٥٥ ه) ، والطبراني (ت ٣٦٠ ه) ، وأبو الحسن الآبري (ت ٣٦٣ ه) ، والدارقطني (ت ٣٨٥ ه) ، والخطابي (ت ٣٨٨ ه) ، والحاكم النيسابوري (ت ٤٠٥ ه) ، وأبو نعيم الأصبهاني (ت ٤٣٠ ه) ، وأبو عمرو الداني (ت ٤٤٤ ه) ، والبيهقي (ت ٤٥٨ ه) ، والخطيب البغدادي (ت ٤٦٣ ه) ، وابن عبد البر المالكي (ت ٤٦٣ ه) ، والديلمي (ت


٥٠٩ ه) ، والبغوي (ت ٥١٠ أو ٥١٦ ه) ، والقاضي عياض (ت ٥٤٤ ه) ، والخوارزمي الحنفي (ت ٥٦٨ ه) ، وابن عساكر (ت ٥٧١ ه) ، وابن الجوزي (ت ٥٩٧ ه) ، وابن الجزري (ت ٦٠٦ ه) ، وابن العربي (ت ٦٣٨ ه) ، ومحمد بن طلحة الشافعي (ت ٦٥٢ ه) ، والعلامة سبط ابن الجوزي (ت ٦٥٤ ه) ، وابن أبي الحديد المعتزلي الحنفي (ت ٦٥٥ ه) ، والمنذري (ت ٦٥٦ ه) ، والكنجي الشافعي (ت ٦٥٨ ه) ، والقرطبي المالكي (ت ٦٧١ ه) ، وابن خلكان (ت ٦٨١ ه) ، ومحب الدين الطبري (ت ٦٩٤ ه) ، وابن تيمية (ت ٧٢٨ ه) ، والجويني الشافعي (ت ٧٣٠ ه) ، وعلاء الدين بن بلبان (ت ٧٣٩ ه) وولي الدين التبريزي (المتوفى بعد سنة ٧٤١ ه) ، والمزي (ت ٧٤٢ ه) ، والذهبي (ت ٧٤٨ ه) ، وسراج الدين ابن الوردي (ت ٧٤٩ ه) ، والزرندي الحنفي (ت ٧٥٠ ه) ، وابن قيم الجوزية (ت ٧٥١ ه) ، وابن كثير (ت ٧٧٤ ه) ، وسعد الدين التفتازاني (ت ٧٩٣ ه) ، ونور الدين الهيثمي (ت ٨٠٧ ه).

أقول :

ذكرنا هؤلاء الأئمة الحفاظ إلى عصر المؤرخ ابن خلدون (ت ٨٠٨ ه) الذي تناول أحاديث المهدي بالدراسة والنقد ، وضعفها مصرحا بصحة القليل منها مع أنه لم يتناول من تلك الأحاديث إلا القليل جدا ، لكي يعلم عدم وجود الموافق لابن خلدون ، لا قبله ، ولا بعده أيضا ، إلا شرذمة قليلة ممن راقها زبرج الثقافة الاستشراقية (١).

هذا ، وقد أسند من ذكرنا أحاديث الإمام المهدي عليه‌السلام إلى الكثير من

__________________

(١) ناقشنا هؤلاء في كتابنا : دفاع عن الكافي ١ / ١٦٧ ـ ٦١١ ، فراجع.


الصحابة ، وأضعافهم من التابعين ، وسنذكر بعض من وقفنا عليه منهم بحسب وفياتهم مبتدئين ب :

فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (ت ١١ ه) ، ومعاذ بن جبل (ت ١٨ ه) ، وقتادة بن النعمان (ت ٢٣ ه) ، وعمر بن الخطاب (ت ٢٣ ه) ، وأبي ذر الغفاري (ت ٣٢ ه) ، وعبد الرحمن بن عوف (ت ٣٢ ه) ، وعبد الله بن مسعود (ت ٣٢ ه) ، والعباس بن عبد المطلب (ت ٣٢ ه) ، وكعب الأحبار (ت ٣٢ ه) ، وعثمان بن عفان (ت ٣٥ ه) ، وسلمان الفارسي (ت ٣٦ ه) ، وطلحة بن عبد الله (ت ٣٦ ه) ، وعمار بن ياسر (ت ٣٧ ه) ، والإمام علي عليه‌السلام (ت ٤٠ ه) ، وتميم الداري (ت ٤٠ ه) ، وزيد بن ثابت (ت ٤٥ ه) ، وحفصة بنت عمر بن الخطاب (ت ٤٥ ه) ، والأمام الحسن السبط عليه‌السلام (ت ٥٠ ه) ، وعبد الرحمن بن سمرة (ت ٥٠ ه) ، ومجمع بن جارية (ت نحو ٥٠ ه) وعمران بن حصين (ت ٥٢ ه) ، وأبي أيوب الأنصاري (ت ٥٢ ه) ، وعائشة بنت أبي بكر (ت ٥٨ ه) ، وأبي هريرة (ت ٥٩ ه) ، والإمام الحسين السبط الشهيد عليه‌السلام (ت ٦١ ه) ، وأم سلمة (ت ٦٢ ه) ، وعبد الله بن عمر بن الخطاب (ت ٦٥ ه) ، وعبد الله بن عمرو بن العاص (ت ٦٥ ه) ، وعبد الله بن عباس (ت ٦٨ ه) ، وزيد بن أرقم (ت ٦٨ ه) ، وعوف بن مالك (ت ٧٣ ه) ، وأبي سعيد الخدري (ت ٧٤ ه) ، وجابر بن سمرة (ت ٧٤ ه) ، وجابر بن عبد الله الأنصاري (ت ٧٨ ه) ، وعبد الله بن جعفر الطيار (ت ٨٠ ه) ، وأبي أمامة الباهلي (ت ٨١ ه) ، وبشر ابن المنذر بن الجارود (ت ٨٣ ه ـ وقيل : جده الجارود بن عمرو ، ت ٢٠ ه ـ) ، وعبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدي (ت ٨٦ ه) ، وسهل بن سعد الساعدي (ت ٩١ ه) ، وأنس بن مالك (ت ٩٣ ه) ، وأبي الطفيل (ت ١٠٠ ه) ، وشهر بن حوشب (ت ١٠٠ ه).


إلى غير هؤلاء ممن لم أقف على تاريخ وفياتهم ، كأم حبيبة ، وأبي الجحاف ، وأبي سلمى راعي إبل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأبي ليلى ، وأبي وائل ، وحذيفة بن أسيد ، وحذيفة بن اليمان ، والحرث بن الربيع أبي قتادة ، وزر بن عبد الله ، وزرارة بن عبد الله ، وعبد الله بن أبي أوفى ، والعلاء ، وعلقمة بن عبد الله ، وعلي الهلالي ، وقرة بن أياس.

ولا بأس هنا بإطلالة واحدة على حديث صحابي واحد فقط ممن ذكرنا من أسماء الصحابة الذين أسندت إليهم أحاديث المهدي ، لتتبين طرقه وتفرعاتها في كل طبقة من طبقات الرواة ، مع كثرة من أخرجه من الأئمة الحفاظ ، وهو حديث أبي سعيد الخدري ، وقس عليه أحاديث بقية الصحابة ، التي تعرض لبعضها أبو الفيض الغماري بتفصيل رائع ، وإليك نص ما قاله عن الحديث الذي اخترناه.

قال : (أما حديث أبي سعيد الخدري : فورد عنه من طريق : أبي نظرة ، وأبي الصديق الناجي ، والحسن بن يزيد السعدي.

أما طريق أبي نظرة : فأخرجه أبو داود ، والحاكم كلاهما من رواية عمران القطان ، عنه.

وأخرجه مسلم في صحيحه من رواية سعيد بن زيد ، ومن رواية داود ابن أبي هند كلاهما ، عنه. لكن وقع في صحيح مسلم ذكره بالوصف لا بالاسم كما سيأتي.

وأما طريق أبي الصديق الناجي ، عن أبي سعيد : فأخرجه عبد الرزاق ، والحاكم من رواية معاوية بن قرة ، عنه.

وأخرجه أحمد والترمذي وابن ماجة والحاكم من رواية زيد العمي ،


عنه.

وأخرجه أحمد والحاكم من رواية عوف بن أبي جميلة الأعرابي ، عنه.

وأخرجه الحاكم من رواية سليمان بن عبيد ، عنه.

وأخرجه أحمد والحاكم من رواية مطر بن طهمان وأبي هارون العبدي كلاهما ، عنه.

وأخرجه أحمد أيضا من رواية مطر بن طهمان وحده ، عنه.

وأخرجه أيضا من رواية العلاء بن بشير المزني ، عنه.

وأخرجه أيضا من رواية مطرف ، عنه.

وأما طريق الحسن بن يزيد : فأخرجه الطبراني في الأوسط من رواية أبي واصل عبد بن حميد ، عن أبي الصديق الناجي ، عنه. وهو من رواية المزيد في متصل الأسانيد) (٢).

وإذا ما نظرنا إلى أحاديث بقية الصحابة بهذه الصورة اتضح لنا أن أحاديث المهدي لا شبهة ولا إشكال في تواترها عند أهل السنة ، وقد صرح بهذا الكثير من أعلامهم كما سيأتي.

وأما ما يتعلق بالشيعة الإمامية ، فهو لا يكاد يخفى على أحد أن الإيمان بظهور الإمام المهدي عندهم أصل من أصول الاعتقاد ، ومن البداهة أن المسائل الاعتقادية الصحيحة لا تثبت بدون تواترها ، ولهذا فالإطالة في إيراد من أخرج أحاديث المهدي منهم مع بيان طرقهم إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأهل بيته عليهم‌السلام وصحابته الأجلاء رضي الله تعالى عنهم هي إطالة في الواضحات. مع أن البحث هو عن نقد وتحليل التعارض والاختلاف في أحاديث المهدي عند الفريقين ، إلا أن التمهيد لهذا البحث بما ذكرناه ، مع بيان رأي علماء

__________________

(٢) إبراز الوهم المكنون : ٤٣٨.


الحديث والنقاد والحفاظ المهرة من أهل السنة بهذه الرسالة بالذات ، وكشف موقفهم منها ومن أحاديثها ، يعطي للبحث طابعه الإسلامي العام ويبعده عن أي إطار مذهبي خاص.

ولما كان تصريحهم بصحة أحاديث الإمام المهدي عليه‌السلام ، مع قول الكثير منهم بتواترها ، وإفتاء الفقهاء على المذاهب الأربعة بضرورة تأديب منكرها ، وإرغامه على الرجوع إلى الحق باستتابته ، فإن رجع فهو ، وإلا أهدر دمه شرعا ، لأنه استخف بالسنة المطهرة على حد تعبيرهم ، مما لا يسعه صدر البحث ، لذا سنشير إجمالا إلى بعض من صرح بصحة أحاديث الإمام المهدي أو صرح منهم بتواترها ، مكتفين ببيان اسمه وكتابه وتعيين موضع التصريح وعلى النحو الآتي :

الترمذي (ت ٢٩٧ ه) في سننه (٣) ، والعقيلي (ت ٣٢٢ ه) في الضعفاء الكبير (٤) ، والبربهاري (ت ٣٢٩ ه) كما في الإحتجاج بالأثر (٥) ، ومحمد بن الحسين الآبري (ت ٣٦٣ ه) صرح بتواتر أحاديث المهدي كما في تذكرة القرطبي (٦) ، والحاكم (ت ٤٠٥ ه) (٧) ، والبيهقي (ت ٤٥٨ ه) كما في منار ابن القيم (٨) ، والبغوي (ت ٥١٠ أو ٥١٦ ه) (٩) ، وابن الأثير (ت ٦٠٦ ه) (١٠) ،

__________________

(٣) سنن الترمذي ٤ / ٥٠٥ ـ ٥٠٦ ح ٢٢٣٠ ـ ٢٢٣٣.

(٤) الضعفاء الكبير ٣ / ٢٥٣ ح ١٢٥٧

(٥) الإحتجاج بالأثر على من أنكر المهدي المنتظر : ٢٨.

(٦) التذكرة : ٧٠١ ، وقد نقل القول بتواتر أحاديث المهدي عن الآبري وارتضاه.

(٧) مستدرك الحاكم ٤ / ٤٢٩ و ٤٥٠ و ٤٥٧ و ٤٦٤ و ٤٦٥ و ٥٠٢ و ٥٢٠ و ٥٥٣ ٥٥٤ و ٥٥٧ و ٥٥٨.

(٨) المنار المنيف : ١٣٠ ح ٢٢٥ ، وانظر : الإعتقاد ـ للبيهقي ـ : ١٢٧.

(٩) مصابيح السنة : ٤٨٨ ح ٤١٩٩ ، وص ٤٩٢ ـ ٤٩٣ ح ٤٢١٠ و ٤٢١١ و ٤٢١٢ ٤٢١٣ و ٤٢١٥.

(١٠) النهاية في غريب الحديث ١ / ٢٩٠ ، ٢ / ١٧٢ و ٣٢٥ و ٣٨٦ ، ٤ / ٣٣ ،


والقرطبي المالكي (ت ٦٧١ ه) (١١) ، وابن منظور (ت ٧١١ ه) (١٢) ، وابن تيمية (ت ٧٢٨ ه) (١٣) ، والمزي (ت ٧٤٢ ه) (١٤) ، والذهبي (ت ٧٤٨ ه) (١٥) ، وابن القيم (ت ٧٥١ ه) (١٦) ، وابن كثير (ت ٧٧٤ ه) (١٧) ، والتفتازاني (ت ٧٩٣ ه) (١٨) ، ونور الدين الهيثمي (ت ٨٠٧ ه) (١٩) وابن خلدون (ت ٨٠٨ ه) اعترف بصحة بعض أحاديث المهدي (٢٠) ، والجزري الشافعي (ت ٨٣٣ ه) (٢١) ، وأحمد بن أبي بكر البوصيري (ت ٨٤٠ ه) (٢٢) ، وابن حجر العسقلاني (ت ٨٥٢ ه) (٢٣) ، وشمس الدين السخاوي (ت ٩٠٢ ه) (٢٤) ، والسيوطي (ت ٩١١ ه) (٢٣) ، والشعراني (ت

__________________

٥ / ٢٥٤.

(١١) التذكرة : ٧٠١ و ٧٠٤.

(١٢) لسان العرب ١٥ / ٥٩ مادة (هدي).

(١٣) منهاج السنة ٤ / ٢١١.

(١٤) تهذيب الكمال ٢٥ / ١٤٦ ـ ١٤٩ رقم ٥١٨١ في ترجمة محمد بن خالد الجندي.

(١٥) تلخيص المستدرك ٤ / ٥٥٣ و ٥٥٨.

(١٦) المنار المنيف : ١٣٠ ـ ١٣٣ ح ٣٢٦ و ٣٢٧ و ٣٢٩ و ٣٣١ ، وص ١٣٥.

(١٧) النهاية في الفتن والملاحم ١ / ٥٥ و ٥٦.

(١٨) شرح المقاصد ٥ / ٣١٢ ، وشرح عقائد النسفي : ١٦٩.

(١٩) مجمع الزوائد ٧ / ٣١٣ ـ ٣١٧.

(٢٠) تاريخ ابن خلدون ١ / ٥٦٤ و ٥٦٥ و ٥٦٨ ، الفصل ٥٢.

(٢١) أسمى المناقب في تهذيب أسنى المطالب : ١٦٣ ـ ١٦٨.

(٢٢) مصباح الزجاجة في زوائد ابن ماجة ٣ / ٢٦٣ رقم ١٤٤٢.

(٢٣) تهذيب التهذيب ٩ / ١٢٥ رقم ٢٠١ في ترجمة محمد بن خالد الجندي ، وفتح الباري ٦ / ٣٨٥.

(٢٤) كما في : نظم المتناثر من الحديث المتواتر ـ للكتاني ـ : ٢٢٦ رقم ٢٨٩ ، حكى عنه القول بتواتر أحاديث المهدي.

(٢٥) الجامع الصغير ٢ / ٦٧٢ ح ٩٢٤١ و ٩٢٤٣ و ٩٢٤٤ و ٩٢٤٥ ، و ٢ / ٤٣٨ ح


٩٧٣ ه) (٢٦) ، وابن حجر الهيتمي (ت ٩٧٤ ه) (٢٧) ، والمتقي الهندي (ت ٩٧٥ ه) وفي كتابه (البرهان) بيان لأربع فتاوي لفقهاء المذاهب الإسلامية بشأن من أنكر ظهور المهدي في آخر الزمان وكذب بالأحاديث الواردة في هذا الشأن (٢٨) ، والشيخ مرعي بن يوسف الحنبلي (ت ١٠٣٣ ه) (٢٩) ، والبرزنجي (ت ١١٠٣ ه) (٣٠) ، والزرقاني المالكي (ت ١١٢٢ ه) (٣١) ، والشيخ محمد بن قاسم بن محمد جسوس المالكي (ت ١١٨٢ ه) (٣٢) ، وأبو العلاء العراقي (ت ١١٨٣ ه) (٣٣) ، والسفاريني الحنبلي (ت ١١٨٨ ه) (٣٤) ، والزبيدي الحنفي (ت ١٢٠٥ ه) (٣٥) ، والشيخ الصبان (ت ١٢٠٦ ه) (٣٦) ، والسويدي (ت ١٢٤٦ ه) (٣٧) ، والشوكاني الزيدي (ت ١٢٥٠ ه) (٣٨) ، والشبلنجي (ت ١٢٩١ ه) (٣٩) ، وأحمد زيني دحلان

__________________

٧٤٨٩ ، وحكي عنه البلبيسي في العطر الوردي : ٤٥ أنه قال بتواترها في بعض كتبه.

(٢٦) اليواقيت والجواهر ٢ / ١٤٣.

(٢٧) الصواعق المحرقة : ١٦٢ ـ ١٦٧

(٢٨) البرهان في علامات مهدي آخر الزمان : ١٧٧ ـ ١٨٣.

(٢٩) راجع : الإمام المهدي عليه‌السلام عند أهل السنة ٢ / ٢٣.

(٣٠) الإشاعة لأشراط الساعة : ٨٧ ، وهو من القائلين بالتواتر.

(٣١) كما في : إبراز الوهم المكنون : ٤٣٤.

(٣٢) كما في : نظم المتناثر من الحديث المتواتر : ٢٢٦ ح ٢٨٩.

(٣٣) كما في : نظم المتناثر ـ أيضا ـ : ٢٢٦ ح ٢٨٩.

(٣٤) راجع : الإمام المهدي عليه‌السلام عند أهل السنة ٢ / ٢٠.

(٣٥) تاج العروس ١٠ / ٤٠٨ ـ ٤٠٩ مادة (هدى).

(٣٦) إسعاف الراغبين : ١٤٥ و ١٤٧ و ١٥٢ مصرحا بتواتر أحاديث المهدي عليه‌السلام.

(٣٧) سبائك الذهب : ٣٤٦.

(٣٨) كما في: الإذاعة: ١٢٥ و ١٢٦، وهو من القائلين بتواتر أحاديث الإمام المهدي عليه‌السلام.

(٣٩) نور الأبصار : ١٨٧ و ١٨٩ ، وهو من القائلين بالتواتر


مفتي الشافعية (ت ١٣٠٤ ه) (٤٠) ، والقنوچي البخاري (ت ١٣٠٧ ه) (٤١) ، وشهاب الدين الحلواني المصري الشافعي (ت ١٣٠٨ ه) (٤٢) ، والبلبيسي الشافعي (المتوفى في بداية القرن الرابع الهجري) (٤٣) ، والآلوسي الحنفي أبو البركات (ت ١٣١٧ ه) (٤٤) ، وأبو الطيب الآبادي (ت ١٣٢٩ ه) (٤٥) ، والكتاني المالكي (ت ١٣٤٥ ه) وقد نقل القول بتواتر أحاديث المهدي عن جمع من الحفاظ (٤٦) ، والمباركفوري (ت ١٣٥٣ ه) (٤٧) ، والشيخ منصور علي ناصف (المتوفى بعد سنة ١٣٧١ ه) (٤٨) ، والشيخ محمد الخضر حسين المصري (ت ١٣٧٧ ه) (٤٩) ، وأبو الفيض الغماري الشافعي (ت ١٣٨٠ ه) الذي أثبت تواتر أحاديث المهدي بأوضح الأدلة وأقواها (٥٠) ، والشيخ محمد بن عبد العزيز المانع (ت ١٣٨٥ ه) (٥١) ، والشيخ محمد فؤاد

__________________

(٤٠) الفتوحات الإسلامية ٢ / ٢١١ ، وهو من القائلين بالتواتر.

(٤١) الإذاعة : ١١٢ و ١١٤ و ١٢٨ ، وقد صرح بتواتر أحاديث المهدي ، ونقل عن الأئمة الحفاظ القول بتواتر ها فراجع.

(٤٢) القطر الشهدي في أوصاف المهدي : ٦٨

(٤٣) العطر الوردي : ٤٤ و ٤٥.

(٤٤) غالية المواعظ : ٧٦ ـ ٧٧.

(٤٥) عون المعبود شرح سنن أبي داود ١١ / ٣٦١.

(٤٦) نظم المتناثر : ٢٢٥ ـ ٢٢٨ ح ٢٨٩.

(٤٧) تحفة الأحوذي : في شرح الحديث رقم ٢٣٣١ ، باب ما جاء في المهدي.

(٤٨) التاج الجامع للأصول ٥ / ٣٤١.

(٤٩) نظرة في أحاديث المهدي ـ مقال نشرته مجلد (التمدن) لسنة ١٣٧٠ ه للشيخ المذكور ، في ص ٨٣١.

(٥٠) إبراز الوهم المكنون : ٤٤٣ وما بعدها ، والمهدي المنتظر : ٥ ـ ٨ ، وكلاهما لأبي الفيض.

(٥١) كما في : الإحتجاج بالأثر : ٢٩٩.


عبد الباقي (ت ١٣٨٨ ه) (٥٢).

إلى غيرهم من عشرات العلماء المعاصرين ممن لهم خبرة واسعة في علوم الحديث رواية ودراية ، كالمودودي في البيانات : ١٦٦ ، والألباني في مقال حول المهدي : ٦٤٤ منشور في مجلة التمدن الإسلامي لسنة ١٣٧١ ه العدد ٢٢ ، والشيخ صفاء الدين كما في مجلة التربية الإسلامية العراقية السنة ١٤ العدد ٧ ص ٣٠ ، والشيخ عبد المحسن العباد في محاضرته عن الإمام المهدي منشورة في مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة لسنة ١٣٨٨ ه ، وله محاضرة أخرى نشرتها المجلة نفسها سنة ١٤٠٠ ه حول الرد على من كذب بالأحاديث الصحيحة الواردة في المهدي ، والشيخ التويجري في كتابه (الإحتجاج بالأثر على من أنكر المهدي المنتظر) ، والشيخ ابن باز كما في تصديره لكتاب ((الإحتجاج بالأثر) المتقدم ، وتعقيبه على محاضرة الشيخ عبد المحسن العباد ، وغيرهم.

فاتفاق أهل السنة مع الشيعة الإمامية بشأن صحة أحاديث المهدي وتواترها مما لا مجال لإنكاره ، واتفاقهم على أن الموعود بظهوره في لسان الأحاديث اسمه (محمد) ولقبه (المهدي) مما لا شك فيه ، لشهادة جميع من ذكرنا بذلك مع صراحة الأحاديث به أيضا من طرق الفريقين.

إذن ، فما هو الاختلاف أو التعارض في تلك الأحاديث الذي حمل البعض على القول بأسطورية الفكرة وخرافتها؟!

وهل إن التعارض والاختلاف بين تلك الأحاديث تعارض واختلاف حقيقي لا يمكن إزالته بحال من الأحوال بحيث يؤدي إلى تهافت الأحاديث وتساقطها برمتها ، أم إنه بدوي في بعض ، ولا أصل له في بعض آخر؟

__________________

(٥٢) كما في محاضرة الشيخ العباد (عقيدة أهل السنة والأثر في المهدي المنتظر) نشرت في العدد ٤٦ من مجلة الجامعة الإسلامية السعودية لسنة ١٤٠٠ ه.


ثم ما هو الميزان الذي يحتكم إليه في معرفة التعارض والاختلاف الحاصلين في أحاديث المهدي؟

وهل تنسجم دعوى صحة تلكم الأحاديث وتواترها مع دعوى اختلافها وتعارضها؟

إنها أسئلة ملحة وكثيرة ، وجوابها منوط بتقسيم أحاديث المهدي إلى طوائف ، لكي يتضح من سير البحث ما اختلف منها ، وما ائتلف ، وما وضع ، أو شذ أو ضعف بحيث لا يمكن عده معارضا أو مخالفا للصحيح الثابت باعتراف علماء الفريقين.

* * *


اختلاف الأحاديث في نسب الإمام المهدي عليه‌السلام

اختلفت الأحاديث الواردة بكتب الفريقين اختلافا ظاهريا في بيان نسب الإمام المهدي عليه‌السلام ، ولكن لا يعني هذا الاختلاف ـ مع لحاظ التقييد والإطلاق ـ عدم الائتلاف فيما بينها ، إذ بالإمكان الجمع بينها بأحد الوجوه المنصوص عليها في باب تعارض الخبرين إذا سلمت أسانيدها من كل طعن وشين ، وتعادلت كفتها مع الأحاديث الأخرى المصرحة بأنه من ولد الإمام الحسين عليه‌السلام.

* والملاحظ على الأحاديث المبينة لنسب الإمام المهدي أنها تكاد تنحصر ـ من حيث الصحة ـ بأنه قرشي ، هاشمي ، علوي ، حسيني ، مع تفريعات أخرى لا تحمل تناقضا ولا تعارضا ولا اختلافا يذكر ، إذ نص بعضها على أنه من قريش.

وبعضها على أنه من بني هاشم.

وبعض آخر على أنه من أولاد عبد المطلب.

وهذه الطوائف الثلاث لا اختلاف بينها ولا تعارض أصلا ، لأن أولاد عبد المطلب هم من بني هاشم ، وبنو هاشم من قريش ، وكل واحد من أولاد عبد المطلب له أن يقول : أنا هاشمي قرشي.

ولما كانت قبيلة قريش ينتسب إليها الهاشميون وغيرهم ، وبنو هاشم أنفسهم كثر ، فيكون ذكر كون المهدي من أولاد عبد المطلب مقيدا لما قبله من إطلاق ، والمطلق يحمل على المقيد بالاتفاق ، فالنتيجة إذا : إنه من أولاد عبد المطلب.

* وبعضها نص على أنه من أولاد أبي طالب.


وفي بعض آخر أنه من أولاد العباس.

وظاهر أحاديث الطائفتين التعارض والاختلاف ، اللهم إلا أن يقال ـ من باب التسليم بصحة أحاديث الطائفتين ـ : إن أم المهدي عباسية ، وأباه من أولاد أبي طالب ، وبهذا يرتفع التعارض والاختلاف.

ولكن سيأتي ـ إن شاء الله تعالى ـ وبشكل مفصل أن جميع أحاديث كون المهدي من ولد العباس إما ضعيفة أو موضوعة ، بما لا نحتاج معها إلى عملية الجمع المتقدمة ، لأنها جمع بين الضعيف أو الموضوع من جهة ، وبين الصحيح الثابت من جهة أخرى ، وعلى هذا فيبقى المهدي من أولاد أبي طالب ـ في هذه الطائفة ـ بلا معارض.

* وفي طائفة أخرى من الأحاديث التصريح بأنه من آل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

وفي طائفة أيضا أنه من أهل بيت النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

وفي أخرى أنه من عترة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

وفي هذه الطوائف الثلاث لا يوجد أدنى تعارض أو اختلاف ، لأن (الآل) و (العترة) هم (الأهل) كما صرح به أقطاب اللغة.

قال ابن منظور : (وآل الله ، وآل رسوله ، أولياؤه ، أصلها (أهل) ثم أبدلت الهاء همزة ، فصارت في التقدير (أأل) ، فلما توالت الهمزتان أبدلوا الثانية ألفا) (٥٣).

كما صرح في لسان العرب بأن (العترة) هم (أهل البيت) مستدلا بحديث : (إني تارك فيكم الثقلين : كتاب الله ، وعترتي أهل بيتي) قال : (فجعل العترة أهل البيت) (٥٤).

__________________

(٥٣) لسان العرب ١ / ٢٥٣ مادة (أهل).

(٥٤) لسان العرب ٩ / ٣٤ مادة (عتر).


وإذا علمنا بأن عليا أمير المؤمنين عليه‌السلام هو من أهل البيت بالاتفاق ، ويؤيده حديث الكساء المشهور عند سائر المحدثين : (اللهم هؤلاء أهل بيتي) تبين لنا وبوضوح كيف أن الرسول الأعظم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد وضع النقاط على الحروف في تشخيص نسب المهدي كما صرحت به طائفة جديدة من الأحاديث.

ومفاد هذه الطائفة ، أنه من أولاد علي عليه‌السلام.

ولما كان أمير المؤمنين عليه‌السلام قد أعقب من سيدة النساء سبطي هذه الأمة ، كما أعقب من غيرها بعد وفاتها عليها‌السلام ذكورا ، لذا جاءت طائفة أخرى من الأحاديث لتبين للناس جميعا أن المهدي الموعود به في آخر الزمان إنما هو من أولاد سيدة النساء فاطمة الزهراء عليها‌السلام.

ولا شك في أن الأحاديث التي تنص على كونه من أولاد فاطمة الزهراء عليها‌السلام تقيد ما قبلها جميعا ، فتحمل عليها (٥٥).

وقد جمعت هذه الطوائف من الأحاديث في حديث واحد وهو الحديث المروي عن قتادة ، قال : قلت لسعيد بن المسيب : (المهدي حق هو؟ قال : نعم ، قال : قلت : ممن هو؟ قال : من قريش ، قلت : من أي قريش؟ قال : من بني هاشم ، قلت : من أي بني هاشم؟ قال : من بني عبد المطلب ، قلت : من أي بني عبد المطلب؟ قال : من ولد فاطمة) (٥٦).

وقد أخرج هذا الحديث ابن المنادي ، عن سعيد بن المسيب مسندا إلى أم سلمة ، عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، باختلاف يسير (٥٧).

__________________

(٥٥) في انتظار الإمام : ١٧.

(٥٦) الفتن لابن حماد ـ : ١٠١ ، نقلا عن معجم أحاديث المهدي عليه‌السلام ١ / ١٥٤ رقم ٨١.

(٥٧) الملاحم والفتن ـ لابن المنادي ـ : ٤١ ، نقلا عن معجم أحاديث المهدي عليه‌السلام


وفي فتن زكريا ـ على ما في ملاحم ابن طاووس ـ رواه مسندا عن ابن المسيب (٥٨).

ورواه في (عقد الدرر) كما في رواية ابن المنادي ، ثم قال : (أخرجه الإمام أبو الحسين أحمد بن جعفر المنادي ، وأخرجه الإمام أبو عبد الله نعيم ابن حماد (٥٩).

هذا ، وقد أخرج الحديث غير أولئك أيضا (٦٠).

على أن حديث : (المهدي حق ، وهو من ولد فاطمة) قد سجل في أربعة وثمانين مصدرا مهما من مصادر الفريقين ، أما مصادر أهل السنة وحدهم فقد وصلت إلى ستة وخمسين مصدرا ، وما تبقى من العدد المذكور فهو من مصادر الشيعة الإمامية ، كما هو مفصل في معجم أحاديث الإمام المهدي عليه‌السلام (٦١).

وقد لفت نظري أن أربعة من علماء أهل السنة الذين أخرجوا الحديث الشريف ، قد أشاروا صراحة إلى وجوده في صحيح الإمام مسلم ، وهم :

١ ـ ابن حجر الهيتمي (ت ٩٧٤ ه) في الصواعق المحرقة ، الباب ١١ ، ص ١٦٣.

٢ ـ المتقي الهندي (ت ٩٧٥ ه) في كنز العمال ١٤ / ٢٦٤ ح ٣٨٦٦٢.

٣ ـ الشيخ محمد بن علي الصبان (ت ١٢٠٦ ه) في إسعاف الراغبين ، ص ١٤٥.

__________________

١ / ١٥٤ رقم ٨١.

(٥٨) الملاحم ـ لابن طاووس ـ : ١٦٤ باب ١٩.

(٥٩) عقد الدرر : ٢٣ باب ١.

(٦٠) راجع : الحاوي للفتاوى ٢ / ٧٤ ، والبرهان في علامات مهدي آخر الزمان : ٩٥ رقم ٢٠ باب ٢.

(٦١) معجم أحاديث المهدي عليه‌السلام ١ / ١٣٦ رقم ٧٤.


ص ١٤٥.

٤ ـ الشيخ حسن العدوي الحمزاوي المالكي (ت ١٣٠٣ ه) في مشارق الأنوار ، ص ١١٢.

وللأسف الشديد أني لم أعثر على هذا الحديث في صحيح مسلم بثلاث طبعات!

ولا بأس هنا أن نسجل بعض من صرح بصحته :

منهم : البغوي في (مصابيح السنة) حيث عده في فصل الحسان (٦٢) ، وصححه القرطبي المالكي في التذكرة (٦٣) نقلا عن الحاكم النيسابوري ، وكذلك السيوطي في الحاوي للفتاوى (٦٤) ، والجامع الصغير (٦٥).

ومنهم من احتج به وقال بصحته ، كابن حجر الهيتمي في (الصواعق المحرقة) الفصل الأول من الباب الحادي عشر (٦٦).

ومنهم من قال بتواتره صراحة ، كالبرزنجي في (الإشاعة) قال : (أحاديث وجود المهدي ، وخروجه آخر الزمان ، وأنه من عترة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، من ولد فاطمة عليها‌السلام ، بلغت حد التواتر) (٦٧).

ومنهم من قطع بصحته ، كالشيخ أحمد زيني دحلان مفتي الشافعية ، قال : (المقطوع به أنه لا بد من ظهوره وأنه من ولد فاطمة) (٦٨).

وقال الشيخ الصبان في بيان المزايا التي اختص بها أهل البيت عليهم‌السلام

__________________

(٦٢) مصابيح السنة : ٤٩٢ رقم ٤٢١١.

(٦٣) التذكرة : ٧٠١.

(٦٤) الحاوي للفتاوي ٢ / ٨٥.

(٦٥) الجامع الصغير ٢ / ٦٧٢ رقم ٩٢٤١.

(٦٦) الصواعق المحرقة : ١٦٢ و ١٦٥ و ١٦٦.

(٦٧) الإشاعة في أشراط الساعة : ٨٧.

(٦٨) الفتوحات الإسلامية ٢ / ٢١١.


ـ وقد ذكر الكثير منها ـ : (ومنها : أن منهم مهدي آخر الزمان ، وأخرج مسلم ، وأبو داود ، والنسائي ، وابن ماجة ، والبيهقي ، وآخرون : (المهدي من عترتي من ولد فاطمة)» (٦٩).

فالنتيجة المتفق عليها بين أهل السنة والشيعة الإمامية ـ إلى هنا ـ هو كون الإمام المهدي عليه‌السلام من ولد فاطمة الزهراء عليها‌السلام.

إذن فلنضع أيدينا على هذه النتيجة المهمة ، ثم ندعها قليلا ونعود إليها ريثما يتم الفراغ من مناقشة بعض طوائف أحاديث المهدي الأخرى ، وعلى النحو التالي :

__________________

(٦٩) إسعاف الراغبين : ٤٥.


أحاديث المهدي من ولد العباس

عم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

نسب الإمام المهدي في مجموعة من الأحاديث إلى العباس عم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وسوف نستعرض جميع تلك الأحاديث الواردة في كتب السنة ، ليتضح أنها ليست من نمط الأحاديث المتعارضة حقيقة مع كون المهدي من ولد فاطمة الزهراء عليها‌السلام ومن ذرية السبط الشهيد عليه‌السلام.

وأنه لا يصح التمسك بها بتصريح أرباب هذا الفن من علماء أهل السنة لرد الأحاديث الصحيحة بحجة معارضتها لها ، لثبوت ضعفها عندهم ، واتهام بعض رواتها بالكذب في كتب الرجال.

وأما ما قيل عن صحة بعضها فلا يصح جعله معارضا لغيره من الصحيح الثابت ، لأن من شرط التعارض هو التساوي في كل شئ بين المتعارضين ، وليس الاكتفاء بشرط الصحة.

فقد يروى خبر ما بطريق معتبر ، ولكن تشهد قرائن خارجية عنه بمخالفته للواقع.

وقد يروى خبر آخر بطريق واحد أو طريقين ، ويروى ما تعارض معه بعشرات الطرق ، وعندها لا يصح اعتبارها من المتعارضين على فرض وثاقة رواتهما ، ذلك لأن شهرة الخبر وكثرة رواته وتعدد طرقه من المرجحات على غيره المساوي له من حيث صحة النقل ، فالتعارض في مثل هذا يكون تعارض من حيث صحة النقل لا غير ، ولا تعارض بينها من حيث الشهرة وتعدد الطرق ، ونحوهما من المرجحات الأخرى.


فكيف الأمر لو كان التعارض المدعى بين الصحيح الثابت اتفاقا وبين الضعيف ، أو الموضوع ، أو المؤول بما يتفق مع الصحيح؟!

وسوف نرى أن الأحاديث التي نسبت الإمام المهدي إلى العباس بن عبد المطلب رضي‌الله‌عنه لا ترقى إلى مستوى الأحاديث الأخرى المبينة أنه من ولد فاطمة عليها‌السلام ، ولا تصل إلى ذلك المستوى من الثبوت ، وهي :

١ ـ حديث الرايات السود :

روى أحمد في مسنده ، عن وكيع ، عن شريك ، عن علي بن زيد ، عن أبي قلابة ، عن ثوبان ، قال : (قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إذا رأيتم الرايات السود قد أقبلت من خراسان فأتوها ولو حبوا على الثلج ، فإن فيها خليفة الله المهدي) (٧٠).

وقد أخرج هذا الحديث ـ باختلاف يسير ـ البلخي في (البدء والتاريخ) (٧١) وابن ماجة في سننه من طريق آخر (٧٢).

وفيه :

أ ـ ليس في هذا الحديث ما يدل على كون (خليفة الله المهدي) هو من ولد العباس كما ظن البعض أنه المهدي العباسي! لذكر (الرايات السود) وإن كانت رايات بني العباس التي أقبلت من خراسان سودا ، ومع القول بصحة الحديث فلا دليل في المقام على حصر الرايات السود برايات بني العباس.

ب ـ لو سلمنا بصحة الحديث ، فلا دلالة فيه أيضا على أن (خليفة الله المهدي) هو المهدي العباسي (ت ١٦٩ ه) ، لأنه لم يكن في آخر الزمان ،

__________________

(٧٠) مسند أحمد ٥ / ٢٧٧.

(٧١) البدء والتاريخ ٢ / ١٧٤ الفصل السابع

(٧٢) سنن ابن ماجة ٢ / ١٣٣٦ رقم ٤٠٨٢ ـ الحديث الأول من باب خروج المهدي ـ.


ولم يحث المال حثوا ، ولم يبايع بين الركن والمقام ولم يقتل الدجال ، أو ينزل نبي الله تعالى عيسى عليه‌السلام معه ليساعده على قتل الدجال ، ولم تظهر أدنى علامة من علامات ظهور المهدي المتفق عليها بين الفريقين (٧٣).

ج ـ إن المهدي العباسي حكم من سنة ١٥٨ ه إلى سنة ١٦٩ ه وهي السنة التي مات فيها ، وفي ذلك دليل قاطع على أنه ليس المهدي الموعود الذي يأتي آخر الزمان.

__________________

(٧٣) راجع : صحيح البخاري ٤ / ٢٠٥ ـ كتاب الأنبياء ، باب ما ذكر عن بني إسرائيل ـ و ٩ / ٧٥ ـ كتاب الفتن ، باب ذكر الدجال ـ ، وقارن مع شروح صحيح البخاري التالية :

١ ـ فتح الباري ـ لابن حجر العسقلاني ـ ٦ / ٣٨٣ ـ ٣٨٥.

٢ ـ إرشاد الساري بشرح صحيح البخاري ـ للقسطلاني ـ ٥ / ٤١٩.

٣ ـ عمدة القاري شرح صحيح البخاري ـ للعيني ـ ١٦ / ٣٩ ـ ٤٠ من المجلد الثامن.

٤ ـ فيض الباري على صحيح البخاري ـ للكشميري الديوبندي ـ ٤ / ٤٤ ـ ٤٧.

٥ ـ حاشية البدر الساري إلى فيض الباري ـ لمحمد بدر ـ ٤ / ٤٤ ـ ٤٧.

وصحيح مسلم ١ / ١٣٦ رقم ٢٤٤ و ٢٤٥ ، و ١ / ١٣٧ رقم ٢٤٦ ـ باب نزول عيسى بن مريم حاكما بشريعة نبينا ـ ، وصحيح مسلم بشرح النووي ٢ / ١٨٩ بنفس عنوان الباب ، و ١٨ / ٦١ من كتاب الفتن وأشراط الساعة ، ١٨ / ٢٣ و ٥٨ و ٧٨ من الكتاب السابق ، وكذلك ١٨ / ٣٨ و ٣٩.

وقارن مع : مسند أحمد ٣ / ٨٠ ، ومصنف ابن أبي شيبة ١٥ / ١٩٦ رقم ١٩٤٨٥ و ١٩٤٨٦ ، والمستدرك ٤ / ٤٥٤ ، والحاوي للفتاوي ٢ / ٥٩ و ٦٢ و ٦٣ و ٦٤ ، والمصنف ـ لعبد الرزاق ـ ١١ / ٣٧١ رقم ٢٠٧٧٠ من باب المهدي.

وانظر كذلك : مستدرك الحاكم ٤ / ٥٢٠ ، وتلخيصه للذهبي ، وكنز العمال ١٤ / ٢٧٢ رقم ٣٨٦٩٨ ، ومسند أحمد ٣ / ٣٧ وسنن الترمذي ٤ / ٥٠٦ رقم ٢٢٣٢ ، ومجمع الزوائد ٧ / ٣١٣ ، وكتابنا : دفاع عن الكافي ١ / ٢٤٣ ـ ٢٧٥.

فستعلم علم اليقين أن ما أخرجه الشيخان البخاري ومسلم في هاتيك المواضع إنما هو في الإمام المهدي ، بل ومن علامات ظهوره الشريف اتفاقا ، وإن لم يصرحا باسمه ، أو لقبه!


وفيه أيضا أن حكم المهدي العباسي إحدى عشرة سنة ، ولا توجد لدينا رواية واحدة ـ ولو موضوعة ـ بأي من كتب الفريقين تحدد مدة حكم المهدي المنتظر بتلك المدة على الرغم من اختلافها كما سيأتي.

د ـ شهد عصر المهدي العباسي تدخلا فظيعا من قبل ربات الحجول في شؤون دولته ، فقد ذكر الطبري تدخل الخيزران زوجة المهدي العباسي بشؤون دولته ، وأنها استولت على زمام الأمور تماما في عهد ابنه الهادي (١٦٩ ـ ١٧٠ ه) (٧٤) ، ومن يكون هذا شأنه فكيف يسمى بخليفة الله في أرضه؟!

ه ـ حديث أحمد ضعفه ابن القيم في (المنار المنيف) بعلي بن زيد ، فقال : (وعلي بن زيد قد روى له مسلم متابعة ، ولكن هو ضعيف ، وله مناكير تفرد بها ، فلا يحتج بما ينفرد به) (٧٥).

كما ضعف حديث ابن ماجة أيضا بيزيد بن أبي زياد ، ثم قال : (وهذا ـ أي حديث ابن ماجة ـ والذي قبله لم يكن فيه دليل على أن المهدي الذي تولى من بني العباس هو المهدي الذي يخرج في آخر الزمان ...) (٧٦).

٢ ـ حديث نصب الرايات السود بإيلياء :

وهذا الحديث أخرجه الترمذي في سننه بسنده ، عن أبي هريرة ، أنه قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (تخرج من خراسان رايات سود ، فلا يردها شئ

__________________

(٧٤) راجع كتابنا : الشيخ الكليني البغدادي وكتابه الكافي ـ الفروع : ٤٢ ، ففيه أمثلة كثيرة من هذا النوع.

(٧٥) المنار المنيف : ١٣٧ ذيل الحديث ٣٣٨.

(٧٦) المنار المنيف : ١٣٨ ذيل الحديث ٣٣٩.


حتى تنصب بإيلياء) (٧٧).

والكلام فيه كالكلام في ما تقدم عليه ، إذ لا تصريح فيه بكون المهدي عباسيا.

وقد أجاب ابن كثير عن هذا الحديث بعد أن أورده فقال : (هذا حديث غريب ، وهذه الرايات السود ليست هي التي أقبل بها أبو مسلم الخراساني فاستلب بها دولة بني أمية في سنة اثنتين وثلاثين ومائة ، بل رايات سود أخرى تأتي بصحبة المهدي ـ إلى أن قال : ـ والمقصود أن المهدي الممدوح الموعود بوجوده في آخر الزمان يكون أصل خروجه وظهوره من ناحية المشرق ، ويبايع له عند البيت ، كما دل على ذلك نص الحديث ، وقد أفردت في ذكر المهدي جزءا على حدة ولله الحمد) (٧٨).

أقول :

إن استغلال أحاديث المهدي من قبل العباسيين ـ كما ستقف عليه ـ قد نتجت عنه آثار سلبية في تقييم بعض أحاديث المهدي عليه‌السلام لا سيما حديث الرايات ، فهذا الحديث قد روي بطرق شتى من قبل الفريقين ، وقد صحح الحاكم بعض طرقه على شرط الشيخين البخاري ومسلم (٧٩) ، وتضعيف بعض طرق الحديث لا يعني رد حديث الرايات بتمام طرقه والحكم عليه بالوضع.

ولا يبعد اتخاذ بني العباس لبس السواد شعارا لهم بهدف احتواء الأحاديث الصحيحة الواردة في توطئة حكم الإمام المهدي على أيدي أصحاب

__________________

(٧٧) سنن الترمذي ٤ / ٥٣١ رقم ٢٢٦٩.

(٧٨) النهاية في الفتن والملاحم ١ / ٥٥.

(٧٩) مستدرك الحاكم ٤ / ٥٠٢.


الرايات السود ، وهم قوم من المشرق ، تمهيدا لدعواهم في المهدي العباسي ، وإلا فمن الصعب جدا القول بضعف حديث الرايات ، لتضافر طرقه لدى الفريقين.

٣ ـ حديث : المهدي من ولد العباس عمي :

روى هذا الحديث ثلاثة نفر من الصدر الأول وهم : كعب الأحبار ، وعثمان بن عفان ، وعبد الله بن عمر.

أما حديث كعب الأحبار ، فقد رواه ابن حماد ، عن الوليد ، عن شيخ ، عن يزيد بن الوليد الخزاعي ، عن كعب ، وفيه : (المهدي من ولد العباس) (٨٠).

وأما حديث عثمان ، فقد أورده محب الدين الطبري في (ذخائر العقبى) نقلا عن أبي القاسم السهمي ، عن عثمان ، أنه قال : (سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : المهدي من ولد العباس عمي) (٨١).

وأما حديث ابن عمر ، فقد رواه ابن الوردي في (خريدة العجائب). مرسلا عن ابن عمر ولم يرفعه ، قال : (رجل يخرج من ولد العباس) (٨٢).

وفي هذه الأحاديث الثلاثة ما يأتي :

أما الأول فلا حجة فيه أصلا ، إذ روي بلفظ مبهم (عن شيخ) فسنده منقطع اتفاقا ، لأن ما اشتمل سنده على لفظ مبهم يسمى بالمنقطع اصطلاحا (٨٣) ، وقد يسمى بالمجهول أيضا ، وهو ما رواه رجل غير موثق ،

__________________

(٨٠) الملاحم والفتن : ١٠٣.

(٨١) ذخائر العقبى : ٢٠٦.

(٨٢) خريدة العجائب وفريدة الغرائب : ١٩٩.

(٨٣) مقدمة ابن الصلاح ومحاسن الاصطلاح : ١٤٤.


ولا مجروح ، ولا ممدوح ، أو غير معروف أصلا ، كقولهم : عن رجل ، أو : عن شيخ ، أو : عمن ذكره (٨٤).

وحكم الحديث المجهول ، أو المنقطع ، كحكم المرسل ، قال في الرواشح : (وفي حكم الارسال إبهام الواسطة ، كعن رجل ...) (٨٥) ، ولم تثبت حجية المرسل عند الفريقين إلا ما كان من احتجاجات الشافعي بمراسيل سعيد بن المسيب ، وقبول بعض علماء الشيعة الإمامية مراسيل ابن أبي عمير على ما هو معروف لدى المشتغلين بعلوم الحديث.

وحديث ابن حماد لا هو من مراسيل ابن المسيب ، ولا هو من مراسيل ابن أبي عمير ، فهو ساقط عن الاعتبار جزما ما لم يؤيده حديث صحيح ، وهو مفقود في المقام.

هذا زيادة على أن كعبا لم يرفعه برواية ابن حماد ، كما أن كعبا نفسه فيه قول سيئ صدر عن لسان ابن عمر نفسه (٨٦).

أما عن حديث ابن عمر ـ وهو الثالث ـ فمثل الأول في الوقف والإرسال ، ويزيد عليه بعدم التصريح بالمهدي ، إذ قد تكون فيه إشارة إلى أن هذا (الرجل) الذي سيخرج من ولد العباس إنما سيكون سفاحا لا مهديا ، والمهم أن لا دلالة فيه على ما نحن فيه.

وأما عن حديث عثمان ـ وهو الحديث الثاني ـ فقد أجمع العلماء من أهل السنة على رده! وإليك التفصيل :

__________________

(٨٤) معرفة علوم الحديث : ٢٧.

(٨٥) الرواشح السماوية : ١٧١.

(٨٦) راجع تفسير الطبري ٢٢ / ١٤٥ ففيه تكذيب ابن عمر لكعب الأحبار في مروياته التفسيرية صراحة ، وطعنه باليهودية ، إذ قال بحقه : (ما تنتكت اليهودية في قلب عبد فكادت أن تفارقه).


فقد أورده السيوطي في (الجامع الصغير) عن الدارقطني في (الإفراد) وقال : (حديث ضعيف) (٨٧) ، وقال المناوي في شرح الحديث : (رواه الدارقطني في الإفراد ، ثم قال : قال ابن الجوزي : فيه محمد بن الوليد المقري ، قال ابن عدي : يضع الحديث ، ويصله ، ويسرق ، ويقلب الأسانيد والمتون. وقال ابن أبي معشر : هو كذاب ، وقال السمهودي : ما بعده وما قبله أصح منه ، وأما هذا ففيه محمد بن الوليد وضاع ، مع أنه لو صح حمل على المهدي ثالث العباسيين) (٨٨).

كما أورده السيوطي أيضا في (الحاوي) عن (الإفراد) للدارقطني و (تاريخ دمشق) لابن عساكر ، ثم قال : (قال الدارقطني : هذا حديث غريب ، تفرد به محمد بن الوليد مولى بني هاشم) (٨٩) ، أي : مولى العباسيين.

وأورده ابن حجر الهيتمي في (الصواعق) ، وحكى عن الذهبي قوله : (تفرد به محمد بن الوليد مولى بني هاشم ، وكان يضع الحديث) (٩٠).

وأورده الصبان في (إسعاف الراغبين) ، عن ابن عدي ، وقال : (وفي إسناده وضاع ولم يسمعهم) (٩١).

ونقل الأستاذ الفضلي عن الألباني أنه قال في ابن الوليد : (قلت : وهو متهم بالكذب ، قال ابن عدي : كان يضع الحديث ، وقال أبو عروبة : كذاب ، وبهذا أعله المناوي في (الفيض) ، نقلا عن ابن الجوزي ، وبه تبين خطأ السيوطي في إيراده لهذا الحديث في الجامع الصغير) (٩٢).

__________________

(٨٧) الجامع الصغير ٢ / ٦٧٢ رقم ٩٢٤٢.

(٨٨) فيض القدير شرح الجامع الصغير ٦ / ٢٧٨ رقم ٩٢٤٢.

(٨٩) الحاوي للفتاوي ٢ / ٨٥.

(٩٠) الصواعق المحرقة : ١١٦.

(٩١) إسعاف الراغبين : ١٥١.

(٩٢) في انتظار الإمام : ٣٧.


وقال أبو الفيض الغماري الشافعي في (إبراز الوهم المكنون) ـ بعد أن أورده عن الدارقطني ـ : (وهو غريب منكر ، وقد جمع بأنه عباسي الأم ، حسني الأب ، وليس بذاك ، بل الحديث لا يصح) (٩٣).

٤ ـ حديث أم الفضل :

وهو ما رواه الخطيب البغدادي في (تاريخ بغداد) ، وابن عساكر في (تاريخ دمشق) ، بإسنادهما عن أحمد بن راشد الهلالي ، عن حنظلة ، عن طاووس ، عن ابن عباس ، عن أم الفضل بنت الحارث الهلالية ، عن سعيد بن خيثم ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وهو حديث طويل جاء فيه : (... يا عباس! إذا كانت سنة خمس وثلاثين ومائة فهي لك ولولدك ، منهم السفاح ، ومنهم المنصور ، ومنهم المهدي) (٩٤).

وفي هذا الحديث جملة من الملاحظات في سنده ومتنه ، وهي :

أ ـ قال الذهبي عن سند الحديث : (وفي السند أحمد بن راشد الهلالي ، عن سعيد بن خيثم ، بخبر باطل في ذكر بني العباس من رواية خيثم عن حنظلة ـ إلى أن قال عن أحمد بن راشد : ـ فهو الذي اختلقه بجهل) (٩٥).

ب ـ في متن الحديث علة قادحة واضحة تدل على جهل واضعه بالتاريخ ، ولعلها هي السبب في قول الذهبي : (اختلقه بجهل) ، وهي أن العباسيين قد ابتدأ حكمهم بسنة ١٣٢ ه باتفاق جميع المؤرخين ، وليس بسنة ١٣٥ ه كما هو في المتن.

ج ـ لا دلالة في هذا الحديث ـ حتى مع القول بصحته ـ على أن

__________________

(٩٣) إبراز الوهم المكنون من كلام ابن خلدون : ٥٦٣.

(٩٤) تاريخ بغداد ١ / ٦٣ ، وتاريخ دمشق ٤ / ١٧٨.

(٩٥) ميزان الاعتدال ١ / ٩٧.


المهدي الموعود به في آخر الزمان هو من ولد العباس ، بل غاية ما يفيده هو الإخبار عن المستقبل الذي يسيطر فيه ولد العباس على مقدرات الأمة ، وإن أولهم هو السفاح وثانيهم المنصور ، وثالثهم المهدي العباسي (ت ١٦٩ ه).

د ـ من أمارات وضعه ما ورد في الحديث نفسه بأن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال مخاطبا العباس : (وأنت عمي وصنو أبي ، وخير من أخلف بعدي من أهلي).

أقول :

لا أظن أن أحدا منصفا من المسلمين قرأ قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في سائر الصحاح والمسانيد وغيرها من كتب الحديث عند الفريقين بحق علي عليه‌السلام : (أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي) ثم يجرأ بعد هذا في تفضيل العباس رضي الله تعالى عنه عليه بمثل حديث أحمد بن راشد الهلالي الذي أعرضت عنه كتب الحديث.

٥ ـ حديث عبد الله بن عباس :

وهذا الحديث كحديث أم الفضل ، وفيه ، عن ابن عباس أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال عن عمه العباس : (هذا عمي ، أبو الخلفاء الأربعين ، أجود قريش كفا ، وأجملها ، من ولده : السفاح ، والمنصور ، والمهدي ، بي يا عم فتح الله هذا الأمر ، وسيختمه برجل من ولدك).

فقد أورده السيوطي في (اللآلي المصنوعة في الأحاديث الموضوعة) وقال : (موضوع ، المتهم به الغلابي) (٩٦).

وأورده ابن كثير في (البداية والنهاية) وقال : (وهذا أيضا موقوف ، وقد

__________________

(٩٦) اللآلي المصنوعة في الأحاديث الموضوعة ١ / ٤٣٤ ـ ٤٣٥.


رواه البيهقي من طريق الأعمش ، عن الضحاك ، عن ابن عباس مرفوعا : (منا السفاح ، والمنصور ، والمهدي). وهذا إسناد ضعيف ، والضحاك لم يسمع من ابن عباس شيئا على الصحيح ، فهو منقطع ، والله العالم) (٩٧).

كما أورده الحاكم ، من طريق وقع فيه إسماعيل بن إبراهيم المهاجر ، عن أبيه (٩٨) ، وقد نقل أبو الفيض الغماري الشافعي عن الذهبي : أن إسماعيل مجمع على ضعفه ، وأباه ليس بذلك (٩٩).

أقول :

ما حكم به السيوطي هو في محله ، ويشهد عليه متن الحديث نفسه ، لأن الخلفاء من بني العباس لم يكونوا أربعين خليفة ، ومن راجع (تاريخ الخلفاء) للسيوطي علم أن عددهم في العراق سبعة وثلاثون خليفة ، وفي مصر خمسة عشر ، كما أن العباس رضي الله تعالى عنه لم يكن أجود قريش كفا ، بل أجودهم بعد نبيهم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من شهد له القرآن الكريم بذلك ، إذ بات وأهله ثلاث ليال طاوين بطونهم ابتغاء مرضاة الله!

٦ ـ حديث آخر لابن عباس :

روى الخطيب البغدادي في تاريخه بسنده ، عن ابن عباس ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال لعمه العباس : (... إن الله ابتدأ بي الإسلام وسيختمه بغلام من ولدك ، وهو الذي يتقدم لعيسى بن مريم) (١٠٠).

__________________

(٩٧) البداية والنهاية ٦ / ٢٤٦.

(٩٨) مستدرك الحاكم ٤ / ٥١٤.

(٩٩) إبراز الوهم المكنون : ٥٤٣.

(١٠٠) تاريخ بغداد ٣ / ٣٢٣ ، وأخرجه من طريق آخر بسنده عن عمار بن ياسر وفي


وهذا الحديث ضعفه الذهبي وقال عنه : (رواه عن محمد بن مخلد العطار ، فهو آفته ، والعجب أن الخطيب ذكره في تاريخ ولم يضعفه ، وكأنه سكت عنه لانتهاك حاله)! (١٠١).

وأخرجه محب الدين الطبري في (ذخائر العقبى) بسنده ، تارة عن عبد الله بن عباس ، وأخرى عن أبي هريرة ، باختلاف عما في رواية الخطيب ، وكلاهما من المرسل (١٠٢) ، وقد مر رأي الفريقين في الحديث المرسل.

كما أورد القنوچي في (الإذاعة) ثلاثة أحاديث بهذا الشأن عن عمار ، وأبي هريرة ، وابن عباس. ثم نقل عن الشوكاني قوله : (قلت : ويمكن الجمع بين هذه الثلاثة أحاديث ، وبين سائر الأحاديث المتقدمة ، بأنه من ولد العباس من جهة أمه ، فإن أمكن الجمع بهذا ، وإلا فالأحاديث ، أنه من ولد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أرجح) (١٠٣).

قلت :

لا يصح مثل هذا الجمع ، وقد غفل الشوكاني عما في أحاديث كون المهدي من ولد العباس ـ ومن ضمنها هذه الأحاديث الثلاثة ـ من تفضيل صريح للعباس عم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على سائر الأمة ، وهذا ما دأب على إشاعته مثبتو أركان الخلافة العباسية ، ولهذا نرى أن أبا الفيض الغماري الشافعي قد رد مثل هذا الجمع بقوة (١٠٤).

__________________

كلاهما محمد بن مخلد العطار.

(١٠١) ميزان الاعتدال ١ / ٨٩ رقم ٣٢٨.

(١٠٢) ذخائر العقبى : ٢٠٦.

(١٠٣) الإذاعة لما كان وما يكون بين يدي الساعة : ١٣٥.

(١٠٤) إبراز الوهم المكنون : ٥٦٣.


هذا ، وقد روى الشيخ المفيد بسنده عن سيف بن عميرة أنه قال : (كنت عند أبي جعفر المنصور ، فقال لي ابتداء : يا سيف بن عميرة! لا بد من مناد ينادي من السماء باسم رجل من ولد أبي طالب.

فقلت : جعلت فداك يا أمير المؤمنين ، تروي هذا؟!

قال : إي والذي نفسي بيده ، لسماع أذني له.

فقلت : يا أمير المؤمنين! إن هذا الحديث ما سمعته قبل وقتي هذا!

فقال : يا سيف! إنه لحق ، وإذا كان فنحن أول من يجيبه. أما إن النداء إلى رجل من بني عمنا.

فقلت : رجل من ولد فاطمة؟!

فقال : نعم يا سيف ، لولا أنني سمعت من أبي جعفر محمد بن علي يحدثني به ، وحدثني به أهل الأرض كلهم ما قبلته منهم ، ولكنه محمد بن علي) (١٠٥).

ويؤيد هذا الحديث الحديث الذي أخرجه أغلب المحدثين وهو أن : (المهدي حق وهو من ولد فاطمة) حتى تكرر في أكثر من ثمانين مصدرا حديثيا مهما عند الفريقين ، وفيهم من صرح بتواتره وأنه لا معارض له بقوة ثبوته ، وقد مرت الإشارة إليه ، ومن نص على روايته في صحيح مسلم.

وفي (لوائح الأنوار) للسفاريني الحنبلي ، قال تحت عنوان : (الأحاديث في كون المهدي من ولد العباس) ما نصه :

(إن الروايات الكثيرة ، والأخبار الغزيرة ناطقة أنه من ولد فاطمة البتول ابنة النبي الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم ورضي عنها وعن أولادها الطاهرين ، وجاء في بعض الأحاديث أنه من ولد العباس ، والأول أصح ... لأن

__________________

(١٠٥) الإرشاد ٢ / ٣٧٠ ـ ٣٧١ في باب ذكر علامات القائم عليه‌السلام.


الأحاديث التي [فيها] أن المهدي من ولدها أكثر وأصح ، بل قال بعض حفاظ الأمة ، وأعيان الأئمة : إن كون المهدي من ذريته صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مما تواتر عنه ذلك ، فلا يسوغ العدول ، ولا الالتفات إلى غيره) (١٠٦).

ولهذا نجد أن الشيخ الألباني قد رد على السيد محمد رشيد رضا ، صاحب (المنار) ، الذي أعل الأحاديث الواردة في الإمام المهدي عليه‌السلام بعلة التعارض فقال : (وهذه علة مدفوعة ، لأن التعارض شرطه التساوي في قوة الثبوت ، وأما نصب التعارض بين قوي وضعيف فمما لا يسوغه عاقل منصف ، والتعارض المزعوم من هذا القبيل) (١٠٧).

* * *

__________________

(١٠٦) لوائح الأنوار البهية ، نقلا عن الإمام المهدي عليه‌السلام عند أهل السنة ٢ / ١٠ ـ وعبارة اللوائح مصورة فيه ـ.

(١٠٧) حول المهدي : ٦٤٦.


اختلاف الأحاديث في تشخيص

اسم والد المهدي عليه‌السلام

إن تشخيص اسم والد المهدي عليه‌السلام في كتب الحديث يعد من موارد الاختلاف المهمة التي يجب تسليط الضوء عليها في هذا البحث ، خصوصا وأن منكري الاعتقاد بصحة أحاديث المهدي قد تذرعوا في إنكارهم بأن الأحاديث الواردة في هذا الحقل لم تتفق على اسم معين ، بل وحتى القائلين بتواتر أحاديث المهدي من علماء الإسلام لم تتفق كلمتهم على اسم المهدي الكامل تبعا لاختلاف الموارد في بيان اسم أبيه.

فبعضها يقول : إن اسم والد المهدي (عبد الله) كاسم والد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، لحديث (اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي) ، وهو ما سيأتي مفصلا.

وبعضها ينفي ذلك ويقول : إن اسم والده هو (الحسن) وبالتحديد الإمام الحسن العسكري ابن الإمام علي الهادي عليهما‌السلام ، وقد تبنى هذا القول الشيعة الإمامية الاثني عشرية برمتهم ، ووافقهم عليه جملة من علماء أهل السنة أيضا كما ستأتي الإشارة إليه في محله.

والمهم هنا هو اعتقاد الفريقين بظهور الإمام المهدي في آخر الزمان مع قطعهم بأن مثل هذا الاختلاف لا يبرر للمسلم إنكار ما بشر به النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، لأنه من قبيل الاختلاف في تفاصيل شئ ثابت ، والقدر المشترك بين جميع أحاديث المهدي على اختلافها هو لا بدية ظهوره في آخر الزمان ، أما تعيين من هو المهدي؟ فلا شك أن الاختلاف في نسبه ، وأوصافه ، وعلامات


ظهوره ، ومدة حكمه ، واسم أبيه ، لم يصدر كله عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، شأنه بذلك كشأن اختلاف المسلمين في أمور لا مجال لإنكارها ، بل يعد منكرها كافرا بالاتفاق ، هذا مع اختلافهم في تفاصيلها.

والحق أن اختلاف المسلمين في بعض تفاصيل مسائل العقائد والأحكام واتفاقهم على أصولها لا يبرر للعاقل بقاءهم على هذه الحال ، ففي فرقتهم إذلالهم واستعبادهم ، وفي وحدتهم عزتهم وكرامتهم.

ومن هذا المنطلق فإن بحث أو إثارة ومناقشة بعض تلك التفاصيل ـ كتفاصيل قضية المهدي المتفق على أصلها ـ في جو من الإخاء الإسلامي ، وبروح علمية ، لا يسودها أي نوع من التعصب ، لا ينكره إلا من يرغب ببقاء ما عند الطرف الآخر غامضا مبهما ، أما مع فهم وتحليل تلك التفاصيل ومناقشتها نقاشا علميا هادئا ، فهو لا شك من الحكمة التي أمرنا بأخذها من أي طريق كان ، والمؤمن حقا من تكون الحكمة ضالته.

ولهذا سيكون البحث منصبا على بيان حقيقة هذا الاختلاف في اسم أب المهدي هل هو (عبد الله) أم (الحسن) ، لنرى مقدار صحة أي منها ، ودرجة ثبوته ، وقوة معارضته للآخر. ونبدأ أولا بالاسم الأول : (عبد الله) ، فنقول :

هناك عدة أحاديث مختلفة الألفاظ متحدة المعنى في تحديد اسم أب المهدي ، ألا وهو (عبد الله) كاسم أب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم. ونود الإشارة قبل بيان تلك الأحاديث إلى جملة من الأمور وهي :

١ ـ إن بعضا من تلك الأحاديث أخرجها الفريقان (الشيعة وأهل السنة) في كتبهم.

هذا ، مع اعتقاد الشيعة الإمامية ـ كما تقدم ـ بخلاف ذلك ، لأن تلك الأحاديث مخالفة لأصول مذهبهم ، فكانت روايتها من أعظم الأدلة على


أمانتهم في النقل من دون تحريف أو زيادة أو نقصان ، وهذا من فضل الإسلام الذي أدب أتباعه على الصدق والأمانة.

٢ ـ أخرج الشيعة تلك الأحاديث من كتب السنة مصرحين بالنقل عنها ، ولم يخرجوا حديثا واحدا من طرقهم.

٣ ـ في تاريخنا الإسلامي شخصيتان بارزتان ادعي لكل منها المهدوية ، وهما :

أ ـ محمد بن عبد الله بن الحسن المثنى ، الذي ثار في زمن المنصور العباسي (١٣٦ ـ ١٥٨ ه) وانتهت ثورته بقتله سنة (١٤٥ ه).

ب ـ محمد بن عبد الله المنصور ، الخليفة العباسي الملقب ب : المهدي (١٥٨ ـ ١٦٩ ه).

والأول حسني ، والثاني عباسي!

٤ ـ أشرنا إلى محاولة التفاف العباسيين حول أحاديث كون المهدي من ولد العباس عند مناقشة حديث الرايات ، وستأتي أيضا محاولة التفاف الحسنيين على أن المهدي الموعود هو من ولد الإمام الحسن عليه‌السلام.

٥ ـ لا ينبغي الشك في كون ادعاء كل فريق من العباسيين والحسنيين انطباق أحاديث المهدي على صاحبه ، وحرصهم على خلقها وإشاعتها فيه ، وبثها بين الناس لما في ذلك من أهداف ومصالح كبيرة لا تخفى على أحد ، وربما لا يمكن الوصول إليها بغير هذا الطريق الذي هو الأمل المنشود لكل المؤمنين ، خصوصا وأن كلا من هاتين الشخصيتين من ذوي النفوذ والمكانة الاجتماعية والسياسية ، فالأول قائد ثورة والثاني خليفة ، ومن يكون هكذا فهو بحاجة إلى مدد وعون يؤمن بمكانته الروحية في المجتمع.

٦ ـ سيأتي ـ وعلى طبق ما بأيدينا من أدلة (مشتركة) ـ أن الأحاديث التي شخصت اسم والد المهدي بعبد الله موضوعة على الأقوى ، وأما مع


افتراض صحتها ، فلا بد من تأويها بما يتفق مع الاسم الآخر كما صرح به أهل هذا الفن من الفريقين.

وبعد بيان هذه الأمور نستعرض ما وقفنا عليه من تلك الأحاديث وهي :

الحديث الأول :

(لا تذهب الدنيا حتى يبعث الله رجلا من أهل بيتي ، يواطئ اسمه اسمي ، واسم أبيه اسم أبي).

وأهم من أخرج هذا الحديث ابن أبي شيبة ، والطبراني ، والحاكم ، كلهم ، من طريق عاصم بن أبي النجود ، عن زر بن حبيش ، عن عبد الله بن مسعود ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (١٠٨).

كما أخرجه من الشيعة المجلسي الثاني في (بحار الأنوار) ، عن الإربلي ، ونقله الأخير عن كتاب (الأربعين) لأبي نعيم الأصبهاني (١٠٩).

الحديث الثاني :

(لا تقوم الساعة حتى يملك الناس رجل من أهل بيتي ، يواطئ اسمه اسمي ، واسم أبيه اسم أبي).

والذي أخرج هذا الحديث هو أبو عمرو الداني ، وكذلك الخطيب البغدادي ، أخرجاه من طريق عاصم بن أبي النجود بسنده عن ابن مسعود

__________________

(١٠٨) المصنف ١٥ / ١٩٨ رقم ١٩٤٩٣ ، المعجم الكبير ١٠ / ١٦٣ رقم ١٠٢١٣ و ١٠ / ١٦٦ رقم ١٠٢٢٢ ، المستدرك على الصحيحين ٤ / ٤٤٢.

(١٠٩) بحار الأنوار ٥١ / ٨٢ رقم ٢١ ، نقله عن كشف الغمة ٣ / ٢٦١ ، والأخير عن (الأربعين) لأبي نعيم الأصبهاني.


أيضا (١١٠) ، ولم يخرجه الشيعة.

الحديث الثالث :

(المهدي يواطئ اسمه اسمي ، واسم أبيه اسم أبي).

وأهم من أخرجه من أهل السنة : الخطيب البغدادي ، وابن حجر ، وقد أخرجاه من طريق عاصم أيضا بسنده عن ابن مسعود (١١١).

وأخرجه من الشيعة ابن طاووس ، نقلا عن ابن حماد (١١٢).

هذا ، وقد وقع في سند الخطيب لهذا الحديث : أبو نعيم ، والطبراني ، وابن أبي حاتم ، وابن حماد ، فهؤلاء كلهم من رواته.

وهذه الأحاديث الثلاثة هي أهم ما روي في هذا الشأن ، ومن أخرجها من العلماء ـ كما تقدم ـ أصبحوا الأساس لجميع من تأخر من العلماء الذين أوردوها عنهم ، وقلما انفرد بعضهم بطريق آخر لم يتصل بعاصم بن أبي النجود ، فهو العمدة في المقام كما صرح به الأعلام.

مناقشة أحاديث (واسم أبيه اسم أبي) :

إن مما يلحظ على الأحاديث الثلاثة المتقدمة أنها غير معروفة عند غالبية الحفاظ والمحدثين ، مع تصريحهم بأن الأكثر والأغلب على رواية :

(واسمه اسمي) فقط. من غير زيادة (واسم أبيه اسم أبي).

__________________

(١١٠) سنن أبي عمرو الداني : ٩٤ ـ ٩٥ ـ نقلنا عنه بتوسط معجم أحاديث الإمام المهدي عليه‌السلام ، تاريخ بغداد ١ / ٣٧٠.

(١١١) تاريخ بغداد ٥ / ٣٩١ ، والقول المختصر ٤ / ٤ وقد رواه مرسلا.

(١١٢) الملاحم : ٧٤ باب ١٦٢ ، نقله عن ابن حماد.


فالحديث الأول مثلا ، رواه الإمام أحمد في مسنده في عدة مواضع من غير تلك الزيادة (١١٣).

كما رواه الترمذي من غير هذه الزيادة أيضا ، وقال : (وفي الباب : عن علي ، وأبي سعيد ، وأم سلمة ، وأبي هريرة ، وهذا حديث حسن صحيح). (١١٤)

أما الطبراني ، فقد أخرج الحديث الأول بأكثر من عشرة طرق من غير هذه الزيادة ، وذلك في الأحاديث التي تحمل الأرقام التالية : ١٠٢١٤ و ١٠٢١٥ و ١٠٢١٧ و ١٠٢١٨ و ١٠٢١٩ و ١٠٢٢٠ و ١٠٢٢١ و ١٠٢٢٣ و ١٠٢٢٥ و ١٠٢٢٦ و ١٠٢٢٧ و ١٠٢٢٩ و ١٠٢٣٠ ، وهكذا فعل غيره مثل ابن أبي شيبة والحاكم وغيرهما من أقطاب المحدثين.

ومما يزيد الأمر وضوحا هو تصريح من أورد الحديث الأول بعدم وجود (واسم أبيه اسم أبي) في أكثر كتب الحفاظ ، قال المقدسي الشافعي بعد أن أورد الحديث عن أبي داود : (أخرجه جماعة من أئمة الحديث في كتبهم ، منهم الإمام أبو عيسى الترمذي في جامعه ، والإمام أبو داود في سننه ، والحافظ أبو بكر البيهقي ، والشيخ أبو عمرو الداني ، كلهم هكذا) (١١٥) ، يريد : (اسمه اسمي) فقط بدون زيادة (واسم أبيه اسم أبي).

ولا يمكن أن يكون هؤلاء الأئمة الحفاظ لا علم لهم بهذه الزيادة المروية من طريق عاصم بن أبي النجود ، مع أنهم أخرجوا تلك الأحاديث من طريق عاصم نفسه ، وهذا يدل على عدم اعتقادهم بصحة هذه الزيادة ، وإلا لما أعرضوا عن روايتها ، ولا يتهم أحدهم بأنه قد أسقطها عمدا ، خصوصا وأن

__________________

(١١٣) مسند أحمد ١ / ٣٧٦ و ٣٣٧ و ٤٣٠ و ٤٤٨.

(١١٤) سنن الترمذي ٤ / ٥٠٥ رقم ٢٢٣٠.

(١١٥) عقد الدرر : ٢٧ باب ٢.


لهذه الزيادة أهميتها في النقض على ما يدعيه الطرف الآخر من اسم والد المهدي عليه‌السلام.

ومن هنا يتبين أن عبارة (واسم أبيه اسم أبي) هي من زيادة أحد الرواة ، عن عاصم ، ترويجا لفكرة كون المهدي هو محمد بن عبد الله بن الحسن ، أو ابن المنصور الخليفة العباسي.

ومما يؤكد هذا أن في لسان الأول رتة ، وإذا بنا نجد من يضع على الصحابي أبي هريرة حديثا يشهد على نفسه بافتقاره لمخائل الصدق وهو حديث : (إن المهدي اسمه محمد بن عبد الله ، في لسانه رتة) (١١٦).

هذا ، وقد رد زيادة (واسم أبيه اسم أبي) ـ زيادة على من أعرض عن روايتها ـ بعض أعلام هذا الفن من أهل السنة ، منهم الآبري (ت ٣٦٣ ه) على ما في (البيان) للكنجي الشافعي ، إذ روى الكنجي عن كتاب أبي الحسن الآبري المسمى ب (مناقب الشافعي) ، فقال : (ذكر هذا الحديث ، وقال فيه : وزاد زائدة في روايته : لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث الله رجلا مني ، أو من أهل بيتي ، يواطئ اسمه اسمي ، واسم أبيه اسم أبي ، يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما) (١١٧).

ولما كانت الأحاديث الثلاثة المتقدمة كلها من رواية عاصم بن أبي النجود ، عن زر بن حبيش ، عن عبد الله بن مسعود ، فلا بأس ببيان ما جمعه الحافظ أبو نعيم من طرق هذا الحديث المنتهية إلى عاصم ، والتي اتفقت جميعها على روايته بلفظ : (واسمه اسمي) فقط ، ولم يرد في طريق واحد منها لفظ : (واسم أبيه اسم أبي) ، فيما صرح به الكنجي الشافعي في كتابه (البيان).

__________________

(١١٦) نقله في معجم أحاديث الإمام المهدي عليه‌السلام عن مقاتل الطالبين : ١٦٣ ـ ١٦٤.

(١١٧) البيان في أخبار صاحب الزمان : ٤٨٢.


ونود قبل نقل كلامه الإشارة السريعة إلى أن تلك الزيادة قد رواها أيضا البزار في مسنده ، والطبراني في المعجم الكبير والأوسط من طريق داود بن المحبر بن قحذم ، عن أبيه ، كما في (مجمع الزوائد) للهيثمي ، وهذا الطريق وإن اختلف عن طريق عاصم إلا أنه ضعيف بداود وأبيه كلاهما كما نص على ذلك الهيثمي (١١٨).

إذن العمدة في المقام هو حديث عاصم ، وفيه قال الكنجي الشافعي : (وجمع الحافظ أبو نعيم طرق هذا الحديث عن الجم الغفير في مناقب المهدي ، كلهم عن عاصم بن أبي النجود ، عن زر ، عن عبد الله [بن مسعود] ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم).

ثم أخذ في بيان من روى الحديث عن عاصم بلفظ : (واسمه اسمي) فقط بلا زيادة : (واسم أبيه اسم أبي) حتى أوصلهم إلى أكثر من ثلاثين راويا وهم :

١ ـ سفيان بن عيينة ، وطرقه عنه بطرق شتى.

٢ ـ فطر بن خليفة ، وطرقه عنه بطرق شتى.

٣ ـ الأعمش ، وطرقه عنه بطرق شتى.

٤ ـ أبو إسحاق سليمان بن فيروز الشيباني ، وطرقه عنه بطرق شتى.

٥ ـ حفص بن عمر.

٦ ـ سفيان الثوري ، وطرقه عنه بطرق شتى.

٧ ـ شعبة ، وطرقه عنه بطرق شتى.

٨ ـ واسط بن الحارث.

٩ ـ يزيد بن معاوية أبو شيبة ، له فيه طريقان.

__________________

(١١٨) مجمع الزوائد ٧ / ٣١٤ باب ما جاء في المهدي.


١٠ ـ سليمان بن حزم ، وطرقه عنه بطرق شتى.

١١ ـ جعفر الأحمر ، وقيس بن الربيع ، وسليمان بن حزم ، جميعهم في سند واحد.

١٢ ـ سلام بن المنذر.

١٣ ـ أبو شهاب محمد بن إبراهيم الكتاني ، وطرقه عنه بطرق شتى.

١٤ ـ عمر بن عبيد الطنافسي ، وطرقه عنه بطرق شتى.

١٥ ـ أبو بكر بن عياش ، وطرقه عنه بطرق شتى.

١٦ ـ أبو الجحاف داود بن أبي العوف ، وطرقه عنه بطرق شتى.

١٧ ـ عثمان بن شبرمة ، وطرقه عنه بطرق شتى.

١٨ ـ عبد الملك بن أبي عتبة.

١٩ ـ محمد بن عياش ، عن عمرو العامري وطرقه عنه بطرق شتى. وذكر مسندا وقال فيه : حدثنا أبو غسان ، حدثنا قيس ، ولم ينسبه.

٢٠ ـ عمرو بن قيس الملائي.

٢١ ـ عمار بن زريق.

٢٢ ـ عبد الله بن حكيم بن جبير الأسدي.

٢٣ ـ عمر بن عبد الله بن بشر.

٢٤ ـ أبو الأحوص.

٢٥ ـ سعد بن الحسن ابن أخت ثعلبة.

٢٦ ـ معاذ بن هشام ، قال : حدثني ابن أبي عاصم.

٢٧ ـ يوسف بن يونس.

٢٨ ـ غالب بن عثمان.

٢٩ ـ حمزة الزيات.


٣٠ ـ شيبان.

٣١ ـ الحكم بن هشام.

ثم قال : (ورواه غير عاصم ، عن زر ، وهو عمرو بن حرة ، عن زر ، كل هؤلاء رووا (اسمه اسمي) ، إلا ما كان من عبيد الله بن موسى ، عن زائدة ، عن عاصم ، فإنه قال فيه : (واسم أبيه اسم أبي).

ولا يرتاب اللبيب أن هذه الزيادة لا اعتبار بها ، مع اجتماع هؤلاء الأئمة على خلافها ، والله العالم) (١١٩).

وقد حاول بعض علماء الفن من الفريقين تأويل هذه الزيادة على فرض صحة صدورها ، وقد تعرض الكنجي الشافعي إلى بعض تأويلاتهم في المقام ، إلا أنه استنكرها بقوله : (وهذا تكلف في تأويل هذه الرواية ، والقول الفصل في ذلك : إن الإمام أحمد مع ضبطه وإتقانه ، روى هذا الحديث في مسنده [في] عدة مواضع : واسمه اسمي) (١٢٠).

ومن هنا يتضح : أن حديث : (واسم أبيه اسم أبي) لا يصح ـ في حسابات فن الدراية ـ أن يكون متعارضا مع أحاديث كون اسم والد المهدي هو الحسن عليهما‌السلام ، المروية بعشرات الطرق من الفريقين ، مع موافقته لحديث : (واسمه اسمي) المروي عن علي عليه‌السلام ، وابن مسعود ، وأبي سعيد ، وحذيفة ، وسلمان ، وأبي هريرة ، وابن عمر ، وأم سلمة ، وغيرهم (١٢١).

__________________

(١١٩) البيان في أخبار صاحب الزمان : ٤٨٣ ـ ٤٨٥.

(١٢٠) البيان في أخبار صاحب الزمان : ٤٨٣ ، مطالب السؤول : ٢٩٣.

(١٢١) مسند أحمد ١ / ٣٧٦ و ٣٧٧ ، سنن الترمذي ٤ / ٥٠٥ رقم ٢٢٣٠ و ٢٢٣١ ، سنن أبي داود ٤ / ١٠٧ رقم ٤٢٨٢ ، المعجم الكبير ١٠ / ١٦٤ رقم ١٠٢١٨ و ١٠٢١٩ وص ١٦٥ رقم ١٠٢٢٠ وص ١٦٨ رقم ١٠٢٢٩ و ١٠٢٣٠ ، ذكر أخبار أصبهان ١ / ١٢٩ ، مسند أبي يعلى الموصلي ٢ / ٣٦٧ رقم ١١٢٨ ، صحيح ابن حبان ٨ / ٢٩١ رقم ٦٧٨٦ و ٦٧٨٧ ، البدء والتاريخ ٢ / ٨٠ ، تذكرة الخواص : ٣٦٣


هذا ، زيادة على إطباق كلمة أهل البيت عليهم‌السلام من لدن الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب إلى الإمام الحسن العسكري عليهم‌السلام على ذلك ، مضافا إلى تأييد مائة وثمانية وعشرين عالما ومحدثا ومؤرخا من أهل السنة إلى أحاديث كون المهدي من ولد الإمام الحسن العسكري ، وقد فصلنا الكلام عنهم وعن أسمائهم وأقوالهم ، ورتبناهم بحسب القرون ابتداء من القرن الرابع الهجري وانتهاء بالقرن الرابع عشر الهجري (١٢٢).

وهذا ما يجعل حديث : (واسم أبيه اسم أبي) على فرض صحته ليس بقوة ثبوت الحديث الآخر ، مما يجب طرحه أو تأويله ، وسيأتي عند الحديث عن كون المهدي من أولاد الحسن أو الحسين عليهم‌السلام ما له علاقة وطيدة ببيان الاسم الصحيح لوالد الإمام المهدي عليه‌السلام.

__________________

، المنار المنيف : ١٤٨ رقم ٣٢٩ فصل ٥٠٠ ، القول المختصر ٧ / ٣٧ باب ١ ، فرائد السمطين ٢ / ٣٢٥ رقم ٥٧٥ ، منهاج السنة ٤ / ٢١١ ، ينابيع المودة : ٤٩٢.

(١٢٢) دفاع عن الكافي ١ / ٥٦٩ ـ ٥٩٢.


حديث : المهدي من ولد الإمام الحسن عليهما‌السلام

لا يخفى أن هذا الحديث يؤيد النتيجة المتفق عليها بين أهل الإسلام ، وهي كون المهدي الموعود بظهوره في آخر الزمان هو من ولد فاطمة عليها‌السلام كما تقدم في أول البحث ، وهو مقيد لما في تلك النتيجة من إطلاق ، لأن من ينتسب بالبنوة إلى الإمام الحسين عليه‌السلام مباشرة كالإمام زين العابدين عليه‌السلام ، أو بواحد أو أكثر من الآباء ، كما هو حال الأئمة الطاهرين من ذريته عليهم‌السلام ، لا شك أنهم كلهم من أولاد فاطمة عليها‌السلام.

ففي الحديث إذن تأييد وتقييد للنتيجة ، وليس فيه اختلاف أو تعارض معها ، بل التعارض الظاهر فيه إنما هو لأحاديث كون المهدي من ولد السبط الشهيد الإمام أبي عبد الله الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما‌السلام ، المؤيدة لنفس النتيجة والمقيدة لها أيضا. ولهذا عقدنا هذا العنوان ، لبيان أمرين :

أحدهما : واقع هذا الحديث ، إذ تمسك به بعضهم للرد على من يقول بأن المهدي من ولد الإمام الحسين عليه‌السلام.

الآخر : حقيقة التعارض الظاهر فيه ، إذ اتخذ هذا التعارض ذريعة عند بعض الجهلاء لإنكار أصل القضية ، فنقول :

قال أبو داود في سننه : (حدثت عن هارون بن المغيرة ، قال : حدثنا عمر بن أبي قيس ، عن شعيب بن خالد ، عن أبي إسحاق ، قال : قال علي رضي‌الله‌عنه ـ ونظر إلى ابنه الحسن ـ فقال : إن ابني هذا سيد كما سماه النبي (ص) ، وسيخرج من صلبه رجل يسمى باسم نبيكم ، يشبهه في الخلق ، ولا يشبهه في الخلق ، ثم ذكر قصة : يملأ الأرض عدلا) (١٢٣) انتهى الحديث

__________________

(١٢٣) سنن أبي داود ٤ / ١٠٨ رقم ٤٢٩٠ باب المهدي.


بعين لفظه.

وهذا الحديث ـ على فرض صحته ـ فهو صريح بكون المهدي الموعود هو من ذرية الإمام الحسن السبط المجتبى عليه‌السلام ، وهو يعارض حديث كونه من ذرية الإمام السبط الشهيد الحسين عليه‌السلام المروي في كتب أهل السنة بعشرات الطرق (١٢٤) وعليه فلا بد من دراسة حديث أبي داود دراسة علمية موضوعية مفصلة ، لكي يستبان أمره بجلاء ، وهل حقا يصح أن يكون معارضا للحديث الآخر أو لا؟! وأول ما يلحظ عليه :

١ ـ إنه لم يخرجه أحد من المحدثين غير أبي داود ، لا قبله ولا بعده ، وكل من أورده من المتأخرين عن عصر أبي داود فهو قد نقله عنه.

٢ ـ اختلاف النقل عن أبي داود في هذا الحديث ، فقد قال الجزري الشافعي (ت ٨٣٣ ه) في كتابه (أسمى المناقب) ـ بعد أن ذكر ما يخص كون المهدي من ذرية الإمام الحسن عليه‌السلام ـ ما هذا نصه :

(والأصح أنه من ذرية الحسين بن علي لنص أمير المؤمنين علي على ذلك في ما أخبرنا به شيخنا المسند رحلة زمانه عمر بن الحسن الرقي قراءة

__________________

(١٢٤) أنظر : المنار المنيف : ١٤٨ رقم ٣٢٩ فصل ٥٠ عن (المعجم الأوسط) للطبراني ، عقد الدرر : ٢٤ باب ١ عن كتاب (الأربعين) لأبي نعيم الأصبهاني ، ذخائر العقبى : ١٣٦ وقد جعل حديث المهدي من ولد الإمام الحسين عليهما‌السلام مقيدا لما أطلق قبله ، فرائد السمطين ٢ / ٣٢٥ رقم ٥٧٥ باب ٦١ ، القول المختصر : ٧ / ٣٧ باب ١ ، فرائد فوائد الفكر : ٢ باب ١ ، السيرة الحلبية ١ / ١٩٣ ، مقتل الحسين عليه‌السلام ـ للخوارزمي الحنفي ـ ١ / ١٩٦ ، ينابيع المودة : ٢٢٤ باب ٥٦ و ٤٩٢ ، كشف الغمة ٣ / ٢٥٩ ، كشف اليقين : ١١٧ ، إثبات الهداة ٣ / ٦١٧ رقم ١٧٤ باب ٣٢ ، حلية الأبرار ٢ / ٧٠١ رقم ٥٤ باب ٤١ ، غاية المرام : ٦٩٤ رقم ١٧ باب ١٤١ ، منتخب الأثر : ١٥٤ رقم ٤٠ باب ١ وفيه أحاديث كثيرة جدا من طرق أهل السنة تثبت كون الإمام المهدي من ولد الحسين وإن أباه هو الحسن العسكري عليهم‌السلام.


عليه ، قال : أنبأنا أبو الحسن البخاري ، أنبأنا عمر بن محمد الدارقزي ، أنبأنا أبو البدر الكرخي ، أنبأنا أبو بكر الخطيب ، أنبأنا أبو عمر الهاشمي ، أنبأنا أبو علي اللؤلؤي ، أنبأنا أبو داود الحافظ ، قال :

حدثت عن هارون بن المغيرة ، قال : حدثنا عمر بن أبي قيس ، عن شعيب بن خالد ، عن أبي إسحاق ، قال :

قال علي عليه‌السلام ـ ونظر إلى ابنه الحسين ـ فقال : إن ابني هذا سيد كما سماه النبي (ص) ، وسيخرج من صلبه رجل يسمى باسم نبيكم ، يشبهه في الخلق ، ولا يشبهه في الخلق.

ثم ذكر قصة يملأ الأرض عدلا.

هكذا رواه أبو داود في سننه وسكت عنه) (١٢٥) انتهى بعين لفظه.

وفي (عقد الدرر) للمقدسي نقل حديث أبي داود من سننه ، وفيه أن عليا عليه‌السلام نظر إلى ابنه الحسين لا الحسن عليهما‌السلام ، كما سيأتي في كلام السيد صدر الدين الصدر.

٣ ـ الحديث منقطع ، ولا حجة في المنقطع ، لأن من رواه عن علي عليه‌السلام هو أبو إسحاق ، والمراد منه السبيعي ، وهو ممن لم تثبت له رواية واحدة سماعا عن أمير المؤمنين علي عليه‌السلام ، لأنه رأي عليا عليه‌السلام رؤية كما نص عليه المنذري في شرح حديث أبي داود (١٢٦) ، وكان عمر السبيعي عند شهادة أمير المؤمنين عليه‌السلام سنة ٤٠ ه سبع سنين ، لأنه ولد ـ كما في قول ابن حجر ـ لسنتين بقيتا من خلافة عثمان (١٢٧).

٤ ـ الحديث بالإضافة إلى انقطاعه ، فقد رواه أبو داود عن مجهول لم

__________________

(١٢٥) أسمى المناقب في تهذيب أسنى المطالب : ١٦٥ ـ ١٦٨ رقم ٦١.

(١٢٦) مختصر سنن أبي داود ٦ / ١٦٢ رقم ٤١٢١.

(١٢٧) تهذيب التهذيب ٨ / ٥٦ رقم ١٠٠.


يسمه ، حيث قال ـ كما مر ـ : (حدثت عن هارون) ثم ساق الحديث ، وهذا وحده يكفي لإبطاله.

على أن السيد صدر الدين الصدر قد ناقش هذا الحديث ورده بستة وجوه ، فقال ما نصه :

(أقول : بحسب القواعد المقررة في أصول الفقه لا يصح الاستناد إلى رواية أبي داود المذكورة لأمور :

الأول : اختلاف النقل عن أبي داود ، فإن في عقد الدرر ، نقلها عن أبي داود في سننه ، وفيها : أن عليا نظر إلى ابنه الحسين.

الثاني : إن جماعة من الحفاظ نقلوا هذه القصة بعينها ، وفيها : أن عليا نظر إلى ابنه الحسين ، كالترمذي ، والنسائي ، والبيهقي كما في عقد الدرر.

الثالث : احتمال التصحيف فيها ، فإن لفظ (الحسين) و (الحسن) في الكتابة ، وقوع الاشتباه فيه قريب جدا سيما في الخط الكوفي.

الرابع : إنها مخالفة لما عليه المشهور من علمائهم كما نص عليه بعضهم.

الخامس : إنها معارضة بأخبار كثيرة أصح سندا وأظهر دلالة.

السادس : إن احتمال الوضع وكونها صنيعة الدرهم والدينار قريب جدا ، تقربا إلى محمد بن عبد الله المعروف بالنفس الزكية) (١٢٨).

أقول :

لو سلمنا بصحة الحديث على الرغم مما فيه ، فيمكن والحال هذه رفع تعارضه مع أحاديث كون المهدي الموعود هو من أولاد الإمام الحسين عليه‌السلام ،

__________________

(١٢٨) المهدي : ٥٩.


إذ ليس التعارض فيه على نحو التدافع من كل وجه ، ذلك لأن أحاديث كون المهدي من أولاد الحسين متضمنة لمعنى كونه من أولاد الحسن عليهما‌السلام أيضا.

وبمعنى آخر : إن عملية الجمع بينهما ممكنة ، وهذا يتم على تقدير أن المهدي الموعود إنما هو الإمام محمد بن الحسن بن علي بن محمد بن علي ابن موسى بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم‌السلام ، وفيما يعنيه هذا النسب الطاهر أن المهدي الموعود هو من ذرية السبطين الحسن والحسين حقيقة ، لأن أم الإمام محمد الباقر زوجة الإمام علي بن الحسين عليهما‌السلام هي فاطمة بنت الإمام الحسن عليه‌السلام ، فالباقر إذن حسيني الأب حسني الأم ، وهو أول ثمرة مباركة من علويين ، وعقبه من هذه الشجرة الطيبة ومهدي هذه الأمة هو غصنها الندي الرطيب.

وكما إن عيسى عليه‌السلام ألحق بذراري الأنبياء عليهم‌السلام من جهة الأم وهي مريم عليها‌السلام ، لقوله تعالى : (ووهبنا له إسحاق كلا هدينا ونوحا هدينا من قبل ومن ذريته داود وسليمان وأيوب ويوسف وهارون وكذلك نجزي المحسنين وزكريا ويحيى وعيسى وإلياس كل من الصالحين) (١٢٩).

فكذلك ألحقت ذرية الإمام الباقر بذرية الإمام الحسن من جهة الأم ، كما ألحقت ذرية الزهراء البتول برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

ولله در القائل :

نسب عليه من شمس الضحى

نور ، ومن فلق الصباح عمود

* * *

__________________

(١٢٩) سورة الأنعام ٦ : ٨٤ ـ ٨٥.


حديث : كون المهدي هو عيسى بن مريم عليهما‌السلام!!

وهذا الحديث هو مما قد يتمسك به دعاة الاستشراق على نفي ظهور مهدي هذه الأمة عليه‌السلام المبشر به على لسان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وقد يظن البعض معارضته للأحاديث الصحيحة ، وتعادله معها في كل شئ ، بحيث لا مجال للحكم سوى التسقيط.

وقبل بيان حقيقة هذا الحديث والتعامل معه وفق المعايير النقدية الثابتة لدى علماء الإسلام ، نؤكد أن من أخرجه ـ وهو ابن ماجة في سننه ـ قد أخرج حديث : (المهدي حق وهو من ولد فاطمة) (١٣٠) الذي تقدمت الإشارة إلى مصادره الإسلامية الجمة ، كما تقدمت الإشارة إلى من قال بصحته وتواتره على نحو الاجمال ...

نعم .. روى ابن ماجة بسنده عن أنس ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال : (لا يزداد الأمر إلا شدة ، ولا الدنيا إلا إدبارا ، ولا الناس إلا شحا ، ولا تقوم الساعة إلا على شرار الناس ، ولا مهدي إلا عيسى بن مريم) (١٣١).

وهذا الحديث قد ضعفه جميع من أورده من أهل السنة ، وقد سئل عنه ابن القيم في ما حكاه هو في (المنار المنيف) ، قال : (وسئلت عن حديث : لا مهدي إلا عيسى بن مريم ، فكيف يأتلف هذا مع أحاديث المهدي وخروجه؟ وما وجه الجمع فيها؟ وهل في المهدي حديث ، أم لا؟) (١٣٢).

فقال في جواب هذا السؤال : (فأما حديث : (لا مهدي إلا عيسى بن

__________________

(١٣٠) سنن ابن ماجة ٢ / ١٣٦٨ رقم ٤٠٨٦.

(١٣١) سنن ابن ماجة ٢ / ١٣٤٠ رقم ٤٠٣٩.

(١٣٢) المنار المنيف : ١٢٩ رقم ٣٢٥.


مريم) فرواه ابن ماجة في سننه ، عن يونس بن عبد الأعلى ، عن الشافعي ، عن محمد بن خالد الجندي ، عن أبان بن صالح ، عن الحسن ، عن أنس بن مالك ، عن النبي (ص). وهو ما تفرد به محمد بن خالد.

قال أبو الحسين محمد بن الحسين الآبري في كتاب (مناقب الشافعي) : محمد بن خالد هذا غير معروف عند أهل الصناعة من أهل العلم والنقل ..

وقال البيهقي : تفرد به محمد بن خالد.

هذا ، وقد قال الحاكم أبو عبد الله : مجهول وقد اختلف عليه في إسناده ، فروي عنه ، عن أبان بن أبي عياش ، عن الحسن ـ مرسلا ـ عن النبي (ص). قال : فرجع الحديث إلى رواية محمد بن خالد وهو ـ مجهول ـ ، عن أبان بن أبي عياش ـ وهو متروك ـ ، عن الحسن ، عن النبي (ص) ، وهو منقطع.

والأحاديث على خروج المهدي أصح إسنادا) (١٣٣).

وقد روى الحاكم هذا الحديث في مستدركه أيضا ، ولم يتركه على علاته ، إذ صرح بأنه أورده في مستدركه تعجبا لا محتجا به على الشيخين : البخاري ومسلم (١٣٤) ، علما بأنه روى الحديث المذكور بطريق آخر ، عن أبي أمامة على النحو المذكور في سنن ابن ماجة ، ولكن ليس فيه عبارة : (ولا مهدي إلا عيسى بن مريم) ، وقال عنه : (هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه) (١٣٥).

وكذلك الحال مع الطبراني في المعجم الكبير ، فقد أخرج الحديث

__________________

(١٣٣) المنار المنيف : ١٣٠ رقم ٣٢٥.

(١٣٤) مستدرك الحاكم ٤ / ٤٤١.

(١٣٥) مستدرك الحاكم ٤ / ٤٤٠.


بسنده عن أبي أمامة وليس فيه العبارة المتقدمة (١٣٦).

ولما كان في سند ابن ماجة مجهول ، ومتروك ، وحديثه منقطع إذن ، تعين مصدر تلك الزيادة في حديث ابن ماجة ، والظاهر من تراجم رجال سند الحديث أن مصدر هذه الزيادة هو محمد بن خالد الجندي الذي يبدو من ترجمته في (تهذيب التهذيب) أنه كان وضاعا لمثل هذه الزيادات ، كزيادته عبارة : (ومسجد الجند) في ما رواه هو من حديث : (تعمل الرحال إلى أربعة مساجد : مسجد الحرام ، ومسجدي ، ومسجد الأقصى ، ومسجد الجند) كما أشار إليه ابن حجر في (التهذيب) ذاكرا حديثه هذا ومن طعن به وبحديثه كالبيهقي ، والحاكم ، وأبي عمرو ، وأبي الفتح الأزدي ، وغيرهم (١٣٧).

وقال عنه الذهبي في (ميزان الاعتدال) : (قال الأزدي : منكر الحديث ، وقال أبو عبد الله الحاكم : مجهول ، قلت : حديثه (لا مهدي إلا عيسى بن مريم) وهو خبر منكر أخرجه ابن ماجة) (١٣٨).

وقال القرطبي : (فقوله : (ولا مهدي إلا عيسى) يعارض أحاديث هذا الباب ـ ثم نقل ما قيل في محمد بن خالد الجندي من سيئ القول ، وقال : ـ والأحاديث عن النبي (ص) في التنصيص على خروج المهدي من عترته من ولد فاطمة ثابتة أصح من هذا الحديث ، فالحكم لها دونه) (١٣٩).

وقال ابن حجر ـ صاحب الصواعق ـ عن حديث ابن ماجة : (وقال البيهقي : تفرد به محمد بن خالد ، وقال الحاكم : إنه مجهول ، واختلف عنه في إسناده ، وصرح النسائي بأنه منكر ، وجزم غيره من الحفاظ بأن الأحاديث

__________________

(١٣٦) المعجم الكبير ٨ / ٢١٤ رقم ٧٧٥٧.

(١٣٧) تهذيب التهذيب ٩ / ١٢٥ رقم ٢٠٢.

(١٣٨) ميزان الاعتدال ٣ / ٥٣٥ رقم ٧٤٧٩.

(١٣٩) التذكرة ٢ / ٧١٠.


التي قبله ـ أي الناصة على أن المهدي من ولد فاطمة ـ أصح إسنادا) (١٤٠).

كما وصف أبو نعيم في (الحلية) حديث ابن ماجة بالغرابة ، وقال : لم نكتبه إلا من حديث الشافعي) (١٤١).

هذا ، وقد ناقش أبو الفيض الغماري الشافعي حديث ابن ماجة وأثبت بطلانه بثمانية من الوجوه ، وهي في غاية الجودة والمتانة (١٤٢).

وأطرف ما في الأمر في رد حديث ابن ماجة الذي رواه بسنده عن الشافعي ، عن محمد بن خالد الجندي ، هو ما ذكره ابن كثير ، وهو أن أحد أتباع الإمام الشافعي قد رأى الإمام الشافعي في المنام وهو يقول : (كذب علي يونس بن عبد الأعلى ، ليس هذا من حديثي) (١٤٣).

* * *

__________________

(١٤٠) الصواعق المحرقة : ١٦٤.

(١٤١) حلية الأولياء ٩ / ٦١.

(١٤٢) إبراز الوهم المكنون من كلام ابن خلدون : ٥٣٨.

(١٤٣) النهاية في الفتن والملاحم : ٣٢.


اختلاف الأحاديث في

بيان مدة حكم الإمام المهدي عليه‌السلام

اختلفت الأحاديث الواردة في بيان حكم الإمام المهدي عليه‌السلام بعد ظهوره.

وبالنظر إلى كون الاختلاف المذكور اختلافا جزئيا في تفرعات قضية الإمام المهدي وتفاصيلها ، مما لا يؤثر على أصل القضية وجوهرها ، مع إمكان الجمع بين مدلولاتها بسهولة مع افتراض صحتها جميعا ، لذا سوف لن نتعرض إلى دراسة تلك الأحاديث سندا ، بل الاكتفاء ببيان دلالتها لأجل الاختصار ، فنقول :

إن الأحاديث الواردة في بيان مدة حكم الإمام المهدي عليه‌السلام بعد ظهوره ، بعضها ينص على الخمس سنين ، وبعضها على السبع ، وبعضها على التسعة عشر سنة ، وبعضها على عشرين سنة ، وبعضها على أربعين.

وهذا الاختلاف يمكن تفسيره على أساس تفاوت ملك الإمام المهدي عليه‌السلام في دولته الكريمة من حيث القوة والظهور ، لأن سلطة الإنسان في هذه الدنيا لا تكون على درجة واحدة من القوة ، سواء كان الحاكم نبيا أو إماما أو خليفة أو ملكا ، والتاريخ العالمي والإسلامي ملئ بالشواهد الدالة على صدق هذا التفاوت.

وإذا عدنا إلى لسان الأحاديث النبوية الشريفة المعترف بصحتها ، بل وبتواترها أيضا من لدن أهل الفن من الفريقين ، نجد فيها التصريح بعبارة : (يملأ الأرض قسطا وعدلا ، بعد ما ملئت ظلما وجورا) ، بل وفي كثير من


الأحاديث التصريح بأن دين محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (دين الإسلام) سيكون هو الدين الوحيد على الأرض في دولة الإمام المهدي عليه‌السلام ، وأنه لن يبق مشرك على الأرض في دولته الكريمة.

وقد جاء القرآن الكريم مؤيدا لتلك الأحاديث ، إذ شهد عزوجل في كتابه العزيز على أن دين الحق لا بد وأن يظهره على الدين كله ولو كره المشركون ، وذلك في أكثر من آية واحدة مباركة (١٤٤) ، وكفى بالله شهيدا ، مع أن هذا الظهور الذي وعد به تعالى لم يتحقق إلى الآن ، ولا بد أن يذعن المؤمن بكتاب الله وسنة رسوله إلى صدق هذه الحقيقة التي لا بد من تحققها في آخر الزمان ، وعلى طبق ما أخبرت به السنة المطهرة المعترف بصحة نقلها من قبل الفريقين.

إذن حكم الإمام المهدي عليه‌السلام لا يكون على فئة من الناس ، ولا على قطر من الأقطار ، بل هو حكم على أهل الأرض جميعا ، أسودهم وأبيضهم ، وتصور خضوع العالم بأسره لسلطانه ـ مع ما فيه من شذوذ وانحراف وعداء للإسلام وللمسلمين ـ لا يتم بين ليلة وضحاها ، دون مقاومة تذكر ، وقد تكون هذه المقاومة إسلامية مخدوعة ، أو كافرة ملحدة ، ومن راجع أحاديث الصحيحين (البخاري ومسلم) وشروحهما علم علم اليقين أن أحاديث خروج الدجال لا يراد بها إلا الانحراف الداخلي الإسلامي والخارجي العالمي الذي سوف يستأصله رجل من هذه الأمة بمساعدة عيسى بن مريم عليهما‌السلام (١٤٥).

__________________

(١٤٤) سورة التوبة ٩ : ٣٣ ، سورة الفتح ٤٨ : ٢٨ ، سورة الصف ٦١ : ٩.

(١٤٥) راجع صحيح البخاري ٤ / ٢٠٥ كتاب الأنبياء ، باب ما ذكر عن بني إسرائيل ، و ٤ / ٢٠٤ باب نزول عيسى عليه‌السلام ، و ٩ / ٧٥ كتاب الفتن ، باب ذكر الدجال ، وقارن بشروح البخاري :

أ ـ فتح الباري ٦ / ٣٨٣ ـ ٣٨٥.

ب ـ إرشاد الساري ٥ / ٤١٩.


وهذا الرجل لا يمكن أن يكون غير المهدي باعتراف خمسة من شراح صحيح البخاري كما أشرنا إليه قبل قليل.

ومن هنا تتضح سهولة الجمع بين تلك الأحاديث المختلفة في بيان مدة حكم الإمام المهدي عليه‌السلام ، وذلك بتقريب أن أحاديث الأربعين سنة هي باعتبار جملة ملكه بما فيه من مقاومة أو تمرد مثلا ، وأما الخمس أو السبع سنين فهي باعتبار غاية الظهور والقوة والسيطرة التامة على العالم بأسره ، وأما عن أحاديث العشرين سنة ، فهي باعتبار الأمر الوسط.

وبهذا الجمع يرتفع التناقض والاختلاف بين تلك الأحاديث على فرض صحتها جميعا ، وإلا فمن المسلم به أنها من غير هذا الجمع لا تصل إلى دور التسقيط لعدم فقدان المرجحات بينها على فرض صحتها.

فمنها من لم يشتهر بطرقه.

ومنها من ضعف ببعض رواته.

ومنها ما اشتهر بين الرواة المحدثين ودون في أغلب كتب الحديث بخلاف الأحاديث الأخرى ، كحديث السبع سنين كما صرح بذلك ابن حجر الهيتمي في ما نقله عنه الشيخ الصبان وغيره (١٤٦).

هذا ، وهناك بعض الاختلافات التي نقلتها كتب الحديث عند الشيعة الإمامية ، ولا بأس من التعرض لها لغرض إتمام الفائدة من هذه الدراسة ، لئلا

__________________

ج ـ عمدة القاري ١٦ / ٣٩ ـ ٤٠ من المجلد الثامن.

د ـ الفيض الباري ٤ / ٤٤ ـ ٤٧.

ه ـ حاشية البدر الساري ٤ / ٤٤ ـ ٤٧ مطبوع بهامش الفيض الباري.

وراجع أيضا : صحيح مسلم ١ / ١٣٥ ـ ١٣٧ رقم ٢٤٢ و ٢٤٤ و ٢٤٥ و ٢٤٦ و ٢٤٧ ، وبشرح النووي ١٨ / ٢٣ وص ٥٨ ـ ٧٨ كتاب الفتن وأشراط الساعة.

(١٤٦) إسعاف الراغبين : ١٥٣ ، وانظر هامش الصواعق المحرقة ص ١٦٧.


تستخدم تلك الأحاديث في رد الصحيح الثابت عند سائر المسلمين بحجة اختلافها وتعارضها في مرويات الشيعة الإمامية ، وهي :

حول اختلاف أحاديث الشيعة الإمامية في المهدي :

اختلفت الأحاديث الواردة بكتب الشيعة في خصوص تسمية أم الإمام المهدي عليه‌السلام بين عدة أسماء ، وأشهرها ثلاثة ، وهي : بحسب شهرتها :

١ ـ نرجس.

٢ ـ صقيل.

٣ ـ سوسن.

وقد استخدم هذا الاختلاف عند بعض المسلمين لإنكار ولادة الإمام المهدي عليه‌السلام. خصوصا مع ورود بعض الأحاديث المختلفة في تحديد زمن الولادة ، هذا ، مع وجود حديث يبين شهادة جعفر ابن الإمام الهادي عليه‌السلام على أن أخاه الإمام العسكري عليه‌السلام مات ولم يعقب ولدا ، وإذا انضاف إلى هذا الاختلاف الاختلاف الحاصل في تحديد زمان الغيبة ـ كما في اليسير من الأحاديث ـ فقد يتصور منها عدم اتفاق كتب الشيعة على شئ معين!!

ولهذا فمن الضروري التعرض لهذه الأمور في مثل هذه الدراسة ما دامت القضية المبحوثة إسلامية في الصميم كما أثبتتها الصفحات المتقدمة ، على أننا سنقتصر بالكلام على بيان دلالتها للاختصار أيضا ، فنقول :

إن الاختلاف في تحديد اسم أم الإمام المهدي مع الاختلافات الأخرى في زمن الولادة ، أو شهادة جعفر على عدمها ، أو الاختلاف في وقت الغيبة ، كلها اختلافات جانبية غير متكافئة ولا متساوية بنفي الولادة إطلاقا بل على العكس من ذلك تماما ، إذ يمكن أن تعد هذه الاختلافات نفسها دليلا مضادا لما يتمسك به المستشرقون على نفي وجود المهدي وعدهم مسألة ظهوره في


آخر الزمان من أساطير المسلمين وخرافاتهم!!

ذلك لأنها من قبيل الاختلاف الحاصل في تحديد صفات شئ موجود ، وليس من قبيل الاختلافات في نفي وجود ذلك الشئ نفسه.

أما عن الاختلاف الحاصل في تحديد اسم الأم ، فلا يمكن عقلا وشرعا التذرع به على نفي وجود الإمام المهدي ، لحصول مثل هذا الاختلاف مع غيره في كتب الشيعة أيضا ، وهو مما لا يسع العاقل إنكاره ، فالإمام الكاظم عليه‌السلام ابن الإمام جعفر الصادق عليه‌السلام اختلفت الأحاديث في تسمية أمه بين (حميدة) وبين (نباتة) ، ولا أحد يستطيع القول بأن الإمام موسى الكاظم عليه‌السلام لم يولد لهذا الاختلاف البسيط ، والذي يمكن رفعه على طبق ما هو معمول به عند تعارض الأخبار واختلافها. ومنها الأخذ بالأشهر وترك الشاذ النادر.

على أن الأشهر في سائر كتب الحديث الشيعية أن اسم أم الإمام الكاظم هو (حميدة).

كما أن المشهور شهرة واسعة في أحاديثهم أيضا أن اسم أم الإمام المهدي هو (نرجس) ، والأخذ بالمشهور في مقابل الشاذ هو المعمول به بلا خلاف عند الفريقين.

أما عن الاختلاف الحاصل في تحديد زمن الولادة ، فلا يصح أيضا كدليل على نفي الولادة ، ولو صح مثل هذا على هذا لما بقي من أئمة المسلمين وعظماء الإسلام أحد إلا وقد تطرق الشك إلى ولادته ، وهل هو قد ولد حقا؟ أو أن ولادته قصة حبكت ولم يضبط حبكها جيدا؟!

ألم ينص المؤرخون على الاختلاف في زمن ولادة نبينا الأعظم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من شهر ربيع الأول؟!

ألم تختلف الأحاديث في بيان زمان ولادة سيدة النساء فاطمة الزهراء


البتول عليها‌السلام اختلافا شاسعا في أكثر كتب الحديث والتاريخ معا؟! فقد أوصل عمرها بعض المؤرخين إلى ثمان وثلاثين سنة بينما استقر بعضهم على نصف هذا العدد من السنين.

وكذلك الحال في اختلاف الأحاديث في زمن ولادة أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب عليه‌السلام بين اليوم الثالث عشر من رجب ، وبين اليوم الثالث والعشرين منه.

وكذلك مع الإمام الحسن عليه‌السلام ، فالمشهور في ولادته أنها كانت بالمدينة المنورة يوم الثلاثاء منتصف شهر رمضان سنة اثنتين من الهجرة ، ولكن الشيخ المفيد رحمه‌الله يرى أنها في سنة ثلاث من الهجرة.

وكذلك مع الإمام السبط الشهيد عليه‌السلام ففي بعض الأحاديث أنه ولد عليه‌السلام بالمدينة آخر شهر ربيع الأول سنة ثلاث من الهجرة ، وقيل يوم الخميس ثالث عشر شهر رمضان ، وقال الشيخ المفيد : إنه عليه‌السلام ولد لخمس خلون من شعبان سنة أربع (١٤٧).

ومن هنا يتضح أن مثل هذا الاختلاف قد حصل في ولادة أصحاب الكساء عليهم‌السلام ، بما في ذلك ولادة نبينا محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فهل لعاقل بعد هذا يصح عنده أن يكون الاختلاف في زمن الولادة دليلا على نفي وقوعها؟!

هذا ، والمشهور في ولادة الإمام المهدي عليه‌السلام بكتب الحديث هو في الخامس عشر من شعبان سنة ٢٥٥ ه ، وهي الرواية المعتمدة لا عند الشيعة فحسب ، إنما عند أكثر المؤرخين من أهل السنة أيضا كما بيناه مفصلا في كتابنا (دفاع عن الكافي) (١٤٨).

__________________

(١٤٧) الايقاد في وفيات النبي والزهراء والأئمة أجمعين عليهم‌السلام : ٢٥ و ٥١ و ٥٩ و ١٩٩ و ٢٠٦ و ٢١٨ ، والمحبر : ٨.

(١٤٨) دفاع عن الكافي ١ / ٥٢٦ ـ ٥٩٢.


وأما حديث شهادة جعفر فيكفي في بطلانه رواية الشيعة له ، وقد ناقشنا هذا الحديث مفصلا أيضا وأثبتنا بطلان قول جعفر على لسان سائر العلماء من أهل السنة الذين صرحوا بولادة الإمام المهدي عليه‌السلام ، وقد رتبنا أسماء المصرحين منهم بولادة المهدي بحسب القرون فكانت تلك التصريحات متصلة الأزمان بحيث لا تتعذر معاصرة صاحب التصريح اللاحق لصاحب التصريح السابق ، وذلك ابتداء من عصر الغيبة الصغرى وإلى وقتنا الحاضر ، وقد ذكرت منهم مائة وثمانية وعشرين عالما ، فراجع (١٤٩).

وأما عن الاختلاف في زمن الغيبة في لسان الأحاديث ، فالمشهور منها أنها وقعت في سنة ٢٦٠ ه بعد وفاة الإمام الحسن العسكري عليه‌السلام ، وأما غيرها فلا عبرة به حتى مع القول بصحة سنده لعدم تكافئه وتساويه مع تلك الأحاديث الكثيرة المؤيدة بتصريحات علماء الإسلام (١٥٠).

على أنا لم نتعرض لموارد تلك الأحاديث بكتب الشيعة روما للاختصار ولإمكان رفع التعارض والاختلاف فيها بسهولة كما هو الحال بالرجوع إلى المشهور منها كما بيناه.

وبهذا نكون قد انتهينا من مناقشة الاختلاف والتعارض الواردين بشأن أحاديث المهدي عليه‌السلام لكتب الحديث لدى الفريقين ، وعلى ضوء المعايير العلمية لنقد الحديث المعمول بها لدى أهل هذا الفن في حالات معالجة اختلاف الأخبار وتعارضها ، وقد رأينا من خلال عرض الأحاديث ومناقشتها

__________________

(١٤٩) دفاع عن الكافي ١ / ٥٦٨ ـ ٥٩٢.

(١٥٠) راجع : الكامل ٧ / ٢٧٤ في حوادث سنة ٢٦٠ ، تذكرة الخواص : ٣٦٠ ، ينابيع المودة ٣ / ١٤١ باب ٨٧ ، اليواقيت والجواهر ٢ / ١٤٣ ، مطالب السؤول ٢ / ٧٩ باب ١٢ ، البيان : ٥٢١ باب ٢٥ ، الأئمة الاثنا عشر : ١١٧ و ١١٨ ، الصواعق المحرقة : ٢٠٧ ط ١ ، وص ١٢٤ ط ٢ ، وص ٣١٣ ـ ٣١٤ ط ٣. وغيرها.


أن معظمها لا تتصف بالتعارض بمعنى التنافي بين دليلين على نحو التدافع ، كما لو كان الحكم في أحدهما ينص على حلية شئ ، والآخر على حرمته. ولا على نحو التناقض ـ في معظمها ـ كما لو دل دليل على الأمر بفعل شئ ، ودل الآخر على النهي عن ذلك الشئ نفسه ، مع تعذر معرفة المتأخر من الدليلين ـ مثلا ـ حتى يعد ناسخا لما قبله.

وقد تبين أن هذا النوع من التعارض لا يمكن حصوله قطعا في مسألة الإمام المهدي عليه‌السلام ، لأن دليلها دليل قطعي ، وهو الأحاديث الكثيرة المتواترة عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأهل بيته عليهم‌السلام ، والتعارض لا يحصل بين دليلين قطعيين ، لأن حصوله يعني القطع بحصول التنافي في كلام النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وهو كما ترى!

وأما ما حصل من تعارض سواء كان مستقرا أو بدويا فهو لا يمت بصلة إلى أصل المسألة ، وإنما ارتبط بتفاصيلها في معظمه ، إلا ما كان من حديث (ولا مهدي إلا عيسى بن مريم) وقد تقدم ما فيه.

على أنه قد تبين أيضا أن اختلاف وتعارض بعض تفاصيل هذه المسألة أمكن إزالتها بسهولة ، وذلك بإرجاع بعض الأحاديث إلى بعض ، كإرجاع عامها إلى خاصها ، ومطلقها إلى مقيدها ، أو الجمع بين مدلولاتها على معنى واحد لا اختلاف أو تعارض فيه.

كما بين البحث أن كثيرا من تلك الأحاديث التي يظن فيها التعارض للصحيح الثابت ، لم يتوفر فيها شرط التعارض وهو التعادل ، كتعادلها مثلا في الشهرة وعدالة الرواة ونحوهما ، بما لم نجد في جميع تلك الأحاديث حديثا واحدا قد تعادل مع مثبتات وجود الإمام المهدي عليه‌السلام ، وظهوره في آخر الزمان في كل شئ ، وعجز العلماء عن إيجاد مزية لأحدهما على الآخر ، وفقدت الصفات المرجحة لأحدهما تماما.


وقد تبين أيضا أن عدم التساوي في تلك الأخبار هو الصفة السائدة لها قياسا مع الصحيح الثابت المعترف بصحته وتواتره من لدن أعلام الفريقين.

ومع عدم التساوي ـ على فرض صحة الخبرين المتعارضين أو المختلفين ـ فالترجيح هو المقرر بين جميع أهل الفن ، وتلاحظ في الترجيح أمور كثيرة ، منها ما يتعلق بسند الحديث ومنها ما يرتبط بمتنه.

وقد رأينا أن تلك الأحاديث التي نصبت عن جهل للتعارض ، بأي طرف مسكنا فالترجيح معنا على سلامة أحاديث الإمام المهدي عليه‌السلام من أدنى اختلاف أو تعارض.

هذا ، مع أن معارضها كان موضوعا باعتراف علماء الدراية والرجال أنفسهم.

نسأل الله عزوجل أن يجعلنا من أنصار الإمام المهدي عليه‌السلام ، وأن تكون هذه الدراسة خالصة لوجهه تعالى ، وعسى أن تسهم بقدر ما في إيجاد الفهم الإسلامي الصحيح المشترك لما اختلف وتعارض من أخبار في تراثنا الإسلامي.

والحمد لله تعالى أولا وآخرا

والصلاة والسلام على نبينا محمد

وعلى آله الأطهار الميامين

وصحبه الأخيار المخلصين

ومن اتبعهم بإحسان ،

من الآن إلى قيام يوم الدين.


فهرس المصادر والمراجع

١ ـ القرآن الكريم.

٢ ـ الأئمة الاثنا عشر : شمس الدين محمد بن طولون (ت ٩٥٣ ه) ، تحقيق د. صلاح الدين المنجد ، منشورات الرضي ـ قم.

٣ ـ إبراز الوهم المكنون من كلام ابن خلدون : أبو الفيض الغماري الشافعي المغربي (ت ١٣٨ ه) ، مطبعة الترقي ـ دمشق / ١٣٤٧ ه.

٤ ـ إثبات الهداة : الشيخ محمد بن الحسن الحر العاملي (ت ١١٠٤ ه) ، المطبعة العلمية ، قم.

٥ ـ الإحتجاج بالأثر على من أنكر المهدي المنتظر : الشيخ محمود بن عبد الله ابن حمود التويجري ، ط ٢ ، مكتبة دار العليان الحديثة ـ بريدة ، الرياض ١٤٠٦ ه.

٦ ـ الإذاعة لما كان وما يكون بين يدي الساعة : السيد محمد صديق حسن القنوجي البخاري (ت ١٣٠٧ ه) ، مطبعة المدني ، المؤسسة السعودية بمصر / ١٣٧٩ ه.

٧ ـ الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد : الشيخ المفيد (ت ٤١٣ ه) ، تحقيق مؤسسة آل البيت عليهم‌السلام لإحياء التراث، ط ١، مطبعة مهر، قم/ ١٤٣١ ه.

٨ ـ إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري : القسطلاني (ت ٩٢٣ ه) ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت.

٩ ـ إسعاف الراغبين : الصبان (ت ١٢٠٦ ه) ، دار الفكر ، بيروت ، (مطبوع بهامش نور الأبصار للشبلنجي).

١٠ ـ أسمى المناقب في تهذيب أسنى المطالب في مناقب الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام : الجزري الشافعي (ت ٨٣٣ ه) ، تحقيق الشيخ محمد باقر المحمودي ، ١٤٠٣ ه / ١٩٨٣ م.

١١ ـ الإشاعة لأشراط الساعة : البرزنجي (ت ١١٠٣ ه) ، ط ١ ، ملتزم الطبع عبد الحميد أحمد حنفي ، مصر.


١٢ ـ الاعتقاد على مذهب السلف : البيهقي (ت ٤٥٨ ه) ، ط ٢ ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، ١٤٠٦ ه / ١٩٨٦ م.

١٣ ـ الإمام المهدي عند أهل السنة : الشيخ مهدي فقيه إيماني ، ط ٢ ، دار التعارف ، بيروت / ١٤٠٢ ه.

١٤ ـ الإيقاد في وفيات النبي والزهراء والأئمة أجمعين : محمد علي شاه (ت / ١٣٣٤ ه) تحقيق محمد جواد الرضوي ، ط ١ ، مطبعة أمير ، قم / ١٤١١ ه.

١٥ ـ بحار الأنوار : المجلسي (ت ١١١١ ه) ، ط ١ ، دار إحياء التراث العربي بيروت / ١٤٠٣ ه.

١٦ ـ البداية والنهاية : ابن كثير (ت ٧٧٤ ه) ، دار الفكر ، بيروت / ١٤٠٢ ه.

١٧ ـ البدء والتاريخ : البلخي (ت ٣٢٢ أو ٣٤٠ ه) ، باريس / ١٨٩٩ م.

١٨ ـ البرهان في علامات مهدي آخر الزمان : المتقي الهندي (ت ٩٧٥ ه) ، تحقيق علي أكبر الغفاري ، مطبعة الخيام ، قم / ١٣٩٩ ه.

١٩ ـ التاج الجامع للأصول في أحاديث الرسول : منصور علي ناصف (ت بعد سنة ١٣٧١ ه) ط ٤ ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت / ١٤٠٦ ه.

٢٠ ـ تاج العروس من جواهر القاموس : الزبيدي الحنفي (ت ٤٦٣ ه) ، المكتبة السلفية ، المدينة المنورة.

٢١ ـ تاريخ ابن خلدون : ابن خلدون (ت ٨٠٨ ه) ، دار الكتاب اللبناني ، والدار الإفريقية العربية.

٢٢ ـ تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي : المباركفوري (ت ١٣٥٣ ه) ، دار الفكر ، بيروت.

٢٣ ـ تذكرة الخواص : سبط بن الجوزي (ت ٦٥٤ ه) ط ٢ ، إصدار مكتبة نينوى الحديثة ، طهران.

٢٤ ـ التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة : القرطبي المالكي (ت ٦٧١ ه) ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، ١٤٠٥ ه / ١٩٨٥ م.

٢٥ ـ تفسير الطبري (جامع البيان في تأويل آي القرآن) : الطبري (ت ٣١٠ ه) ، ط ٢ ، دار المعرفة ، بيروت ، ١٣٩٢ ه / ١٩٧٢ م ، (معادة بالأفست عن طبعة بولاق).


٢٦ ـ تلخيص المستدرك : الذهبي (ت ٧٤٨ ه) ، دار الفكر ، بيروت ، ١٣٩٨ ه / ١٩٧٨ م ، مطبوع بهامش المستدرك على الصحيحين للحاكم النيسابوري.

٢٧ ـ تهذيب التهذيب : ابن حجر العسقلاني (ت ٨٥٢ ه) ، ط ١ ، دار الفكر بيروت / ١٤٠٤ ه.

٢٨ ـ تهذيب الكمال في أسماء الرجال : جمال الدين المزي (ت ٧٤٢ ه) ، تحقيق د. بشير عواد ، ط ١ ، مؤسسة الرسالة ، بيروت ، ١٤١٣ ه / ١٩٩٢ م.

٢٩ ـ الجامع الصغير في أحاديث البشير النذير : السيوطي (ت ٩١١ ه) ، ط ١ دار الفكر ، بيروت ، ١٤٠١ ه / ١٩٨١ م.

٣٠ ـ حاشية البدر الساري إلى فيض الباري : محمد بدر ، دار المعرفة ، بيروت.

٣١ ـ الحاوي للفتاوي : للسيوطي (ت ٩١١ ه) ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، ١٤٠٣ ه / ١٩٨٣ م.

٣٢ ـ حلية الأبرار : السيد هاشم البحراني (ت ١١٠٧ أو ١١٠٩ ه) ، مؤسسة الأعلمي ، بيروت ، ١٤١٣ ه.

٣٣ ـ حلية الأولياء : أبو نعيم الأصبهاني (ت ٤٣٠ ه) ، ط ٥ ، دار الكتاب العربي ، بيروت / ١٤٠٧ ه.

٣٤ ـ حول المهدي : مقال للشيخ ناصر الدين الألباني ، مطبوع في مجلة التمدن الإسلامي ، السنة ٢٢ ـ دمشق ، ذي القعدة ١٣٧١ ه.

٣٥ ـ خريدة العجائب وفريدة الغرائب : ابن الوردي (ت ٧٤٩ ه) ، المكتبة الشعبية ، بيروت.

٣٦ ـ دفاع عن الكافي : ثامر هاشم حبيب العميدي ، ط ١ ، نشر مركز الغدير للدراسات الإسلامية ، قم ، ١٤١٥ ه / ١٩٩٥ م.

٣٧ ـ ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى : محب الدين الطبري (ت ٦٩٤ ه) ، نشر مكتبة القدسي ، القاهرة ، ١٣٥٦ ه.

٣٨ ـ ذكر أخبار أصبهان : أبو نعيم الأصبهاني (ت ٤٣٠ ه) ، مطبعة بريل ، ليدن / هولندا ، ١٩٣١ م.

٣٩ ـ الرواشح السماوية : المحقق الداماد (ت ١٠٤١ ه) ، منشورات المكتبة


المرعشية ، قم ، ١٤٠٥ ه.

٤٠ ـ سبائك الذهب : السويدي (ت ١٢٤٦ ه) ، دار الكتب العلمية ، بيروت / ١٤٠٦ ه.

٤١ ـ سنن الترمذي ، أو الجامع الصحيح : الترمذي (ت ٢٩٧ ه) ، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت ، ١٣٧٧ ه.

٤٢ ـ سنن أبي داود : أبو داود السجستاني (ت ٢٧٥ ه) ، مراجعة وتعليق محمد محيي الدين عبد الحميد ، نشر دار إحياء السنة النبوية.

٤٣ ـ السنن الواردة في الفتن : أبو عمرو الداني (ت ٤٤٤ ه) ـ مخطوط ، نقلنا عنه بواسطة (معجم أحاديث الإمام المهدي عليه‌السلام) الآتي.

٤٤ ـ سنن ابن ماجة : ابن ماجة القزويني (ت ٢٧٥ ه) ، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي ، دار إحياء الكتب العربية ، مطبعة عيسى البابي الحلبي وشركاه ، مصر.

٤٥ ـ السيرة الحلبية : ابن برهان الدين الشافعي (ت ١٠٤٤ ه) ، نشر المكتبة الإسلامية ، بيروت.

٤٦ ـ شرح العقائد النسفية : التفتازاني (ت ٧٩٣ ه) : شركت صحافيه عثمانيه ، مطبعة سي جنبرلي طاش جوارنده / ١٣٢٦ ه.

٤٧ ـ شرح المقاصد : التفتازاني (ت ٧٩٣ ه) ، تحقيق د. عبد الرحمن عمارة ، ط ١ ، منشورات الشريف الرضي ، قم ، ١٤٠٩ ه / ١٩٨٩ م.

٤٨ ـ الشيخ الكليني البغدادي وكتابه الكافي ـ الفروع : ثامر هاشم حبيب العميدي ، ط ١ ، مطبعة مكتب الإعلام الإسلامي ، قم ، ١٤١٤ ه.

٤٩ ـ صحيح البخاري : محمد بن إسماعيل البخاري (ت ٢٥٦ ه) ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت.

٥٠ ـ صحيح مسلم : مسلم بن الحجاج النيسابوري (ت ٢٦١ ه) ، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي ، ط ٢ ، دار الفكر ـ بيروت ، ١٣٩٨ ه / ١٩٧٨ م.

٥١ ـ صحيح مسلم بشرح النووي : النووي الشافعي (ت ٦٧٦ ه) ، دار الكتاب العربي ، بيروت ، ١٤٠٧ ه.

٥٢ ـ الصواعق المحرقة في الرد على أهل البدع والزندقة : ابن حجر الهيتمي


(ت ٩٧٤ ه) ، ط ١ ، القاهرة ، ١٣٨٥ ه / ١٩٦٥ م.

٥٣ ـ الضعفاء الكبير : العقيلي (ت ٣٢٢ ه) ، تحقيق د. عبد المعطي أمين قلعچي ، ط ١ ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، ١٤٠٤ ه / ١٩٨٤ م.

٥٤ ـ العطر الوردي شرح القطر الشهدي (شرح لمنظومة القطر الشهدي في أوصاف المهدي) : البلبيسي الشافعي من علماء أوائل القرن الرابع عشر ، مطبعة بولاق ، مصر ، ١٣٠٨ ه).

٥٥ ـ عقد الدرر في أخبار المنتظر : يوسف بن يحيى الشافعي (من علماء القرن السابع) ، مكتبة عالم الفكر ، القاهرة.

٥٦ ـ عقيدة أهل السنة والأثر في المهدي المنتظر : محاضرة للشيخ عبد المحسن بن حمد العباد عضو هيئة التدريس في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة ، منشورة في مجلة الجامعة ، العدد ٣ ، السنة الأولى ـ ذي القعدة ١٣٨٨ ه.

٥٧ ـ عمدة القاري في شرح صحيح البخاري : العيني (ت ٨٥٥ ه) ، دار الفكر / ١٣٩٩ ه.

٥٨ ـ عون المعبود شرح سنن أبي داود : الآبادي (ت ١٣٢٩ ه) ، تحقيق عبد الرحمن محمد عثمان ، المكتبة السلفية ، السعودية.

٥٩ ـ غالية المواعظ ومصباح المتعظ وقبس الواعظ : خير الدين أبو البركات نعمان بن محمود الآلوسي (ت ١٣١٧ ه) ، دار المعرفة ، بيروت.

٦٠ ـ غاية المرام وحجة الخصام : السيد هاشم البحراني (ت ١١٠٧ أو ١١٠٩ ه) هيئة نشر المعارف الإسلامية ، إيران.

٦١ ـ فتح الباري بشرح صحيح البخاري : ابن حجر العسقلاني (ت ٨٥٢ ه) ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت.

٦٢ ـ الفتن : أبو عبد الله نعيم بن حماد المروزي (ت ٢٢٨ ه) مخطوط ، نقلنا عنه بواسطة (معجم أحاديث الإمام المهدي عليه‌السلام) الآتي.

٦٣ ـ الفتوحات الإسلامية : أحمد زيني دحلان الشافعي (ت ١٣٠٤ ه) ، ط ١ مصر ، ١٣٢٣ ه.

٦٤ ـ فرائد السمطين : الجويني الشافعي (ت ٧٣٠ ه) ، تحقيق الشيخ محمد


باقر المحمودي ، ط ١ ، مؤسسة المحمودي للطباعة والنشر ، بيروت ، ١٤٠٠ ه / ١٩٨٠ م.

٦٥ ـ فرائد فوائد الفكر في الإمام المهدي المنتظر : الشيخ مرعي بن يوسف الكرمي (ت ١٠٣٣ ه) ، نقلنا عنه بواسطة «معجم أحاديث الإمام المهدي عليه‌السلام» الآتي

٦٦ ـ في انتظار الإمام : د. عبد الهادي الفضلي ، ط ١ ، مطبعة مهر ، قم / ١٩٧٩ م.

٦٧ ـ فيض الباري على صحيح البخاري : الكشميري الديوبندي (ت ١٣٥٢ ه) ، دار المعرفة ، بيروت.

٦٨ ـ فيض القدير شرح الجامع الصغير ـ للسيوطي ـ : عبد الرؤوف المناوي الشافعي (ت ١٠٣١ ه) ، ط ٢ ، دار الفكر ، بيروت ، ١٣٩١ ه / ١٩٧٢ م.

٦٩ ـ القطر الشهدي في أوصاف المهدي : الحلواني الشافعي (ت ١٣٠٨ ه) ، مطبعة المعاهد ، مصر ، ١٣٤٥ (ملحق بكتاب فتح رب الأرباب).

٧٠ ـ القول المختصر في علامات المهدي المنتظر : ابن حجر العسقلاني (ت ٩٧ ه ، نسخة مصورة عن نسخة مكتبة الإمام أمير المؤمنين عليه‌السلام العامة في النجف الأشرف ، نقلنا عنه بواسطة (معجم أحاديث الإمام المهدي عليه‌السلام) الآتي.

٧١ ـ الكامل في التاريخ : ابن الأثير (ت ٦٣٠ ه) ، دار صادر ، بيروت / ١٣٩٩ ه.

٧٢ ـ كشف الغمة في معرفة الأئمة : الإربلي ، تبريز ، ١٣٨٠ ه.

٧٣ ـ كشف اليقين في فضائل أمير المؤمنين عليه‌السلام : العلامة الحلي (ت ٧٢٦ ه) ، دار الكتب التجارية ، النجف الأشرف.

٧٤ ـ كنز العمال : المتقي الهندي (ت ٩٧٥ ه) ، ط ٥ ، مؤسسة الرسالة ، بيروت ، ١٤٠٥ ه.

٧٥ ـ اللآلئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة : السيوطي (ت ٩١١ ه) ، دار المعرفة ، بيروت ، ١٤٠٣ ه.

٧٦ ـ لسان العرب : ابن منظور (ت ٧١١ ه) ، ط ١ ، دار إحياء التراث العربي بيروت ، ١٤٠٨ ه.


٧٧ ـ لوائح الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية ـ لشرح الدرة المضية في عقدة الفرقة المرضية : السفاريني الحنبلي (ت ١١٨٨ ه) ، مطبعة المنار ، مصر ١٣٢٤ ه ٧٨ ـ مجمع الزوائد ومنبع الفوائد : نور الدين الهيثمي (ت ٨٠٧ ه) ، ط ٣ ، دار الكتاب العربي ، بيروت ، ١٤٠٧ ه.

٧٩ ـ المحبر : أبو جعفر محمد بن حبيب (ت ٢٤٥ ه) ، منشورات دار الآفاق الجديدة ، بيروت.

٨٠ ـ مختصر سنن أبي داود : المنذري (ت ٦٥٦ ه) ، تحقيق أحمد شاكر ومحمد حامد الفقي ، دار المعرفة ، بيروت.

٨١ ـ المستدرك على الصحيحين : الحاكم النيسابوري (ت ٤٠٥ ه) ، دار الفكر ، بيروت ، ١٣٩٨ ه / ١٩٧٨ م.

٨٢ ـ مسند الإمام أحمد بن حنبل : (ت ٢٤٠ ه) ، دار الفكر ، بيروت.

٨٣ ـ مسند أبي يعلى الموصلي : أحمد بن علي بن المثنى التميمي (ت ٣٠٧ ه) ، تحقيق حسين سليم ، ط ١ ، دار المأمون للتراث ، دمشق ـ بيروت ، ١٤٠٤ ه / ١٩٨٤ م.

٨٤ ـ مصابيح السنة : البغوي (ت ٥١٠ أو ٥١٦ ه) ، دار المعرفة ، بيروت / ١٤٠٧ ه.

٨٥ ـ مصباح الزجاجة في زوائد ابن ماجة : البوصيري (ت ٨٤٠ ه) تحقيق موسى محمد علي ، والدكتور عزت علي عطية ، ط ١ ، دار التوفيق النموذجية ، ١٤٠٥ ه / ١٩٨٥ م.

٨٦ ـ المصنف : ابن أبي شيبة (ت ٢٣٥ ه) ، تحقيق عامر الأعظمي ، سلسلة مطبوعات الدار السلفية ، بومباي ، الهند.

٨٧ ـ المصنف : أبو بكر عبد الرزاق الصنعاني (ت ٢١١ ه) ، تحقيق حبيب الرحمن الأعظمي ، منشورات المجلس العلمي.

٨٨ ـ مطالب السؤول عن مناقب آل الرسول : ابن طلحة الشافعي (ت ٦٥٢ ه) ، منشورات دار الكتب التجارية ، النجف الأشرف.

٨٩ ـ معجم أحاديث الإمام المهدي عليه‌السلام : تأليف الهيئة العلمية في مؤسسة


المعارف الإسلامية ، إشراف الشيخ علي الكوراني ، نشر مؤسسة المعارف الإسلامية ، ط ١ ، مطبعة بهمن ، قم ، ١٤١١ ه.

٩٠ ـ المعجم الكبير : الطبراني (ت ٣٦٠ ه) ، تحقيق حمدي عبد المجيد السلفي ، نشر مكتبة ابن تيمية ، القاهرة ـ دار إحياء التراث العربي.

٩١ ـ معرفة علوم الحديث : الحاكم النيسابوري (ت ٤٠٥ ه) ، ط ٢ ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، ١٣٩٧ ه / ١٩٧٧ م.

٩٢ ـ مقتل الحسين عليه‌السلام : الخوارزمي الحنفي (ت ٥٦٨ ه) ، تحقيق الشيخ محمد السماوي ، منشورات مكتبة المفيد ، قم (معادة بالأفسيت عن طبعة النجف الأشرف لسنة ١٣٦٧ ه).

٩٣ ـ مقدمة ابن الصلاح ومحاسن الاصطلاح : تحقيق الدكتورة عائشة عبد الرحمن ، زوجة الأستاذ أمين الخولي ، المعروفة ب (بنت الشاطئ) ، مطبعة دار الكتب المصرية ، ١٩٧٤ م.

٩٤ ـ الملاحم والفتن في ظهور الغائب المنتظر : السيد ابن طاووس (ت ٦٦٤ ه) ، منشورات مؤسسة الأعلمي ، بيروت.

٩٥ ـ الملاحم والفتن : ابن المنادي ـ مخطوط ـ نقلنا عنه بواسطة (معجم أحاديث الإمام المهدي عليه‌السلام) المتقدم.

٩٦ ـ المنار المنيف في الصحيح والضعيف : ابن قيم الجوزية (ت ٧٥١ ه) ، تحقيق أحمد عبد الشافي ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، ١٤٠٨ ه / ١٩٨٨ م.

٩٧ ـ منتخب الأثر في الإمام الثاني عشر عليه‌السلام : لطف الله الصافي ، مكتبة الصدر ، طهران.

٩٨ ـ منهاج السنة النبوية : ابن تيمية الحراني (ت ٧٢٨ ه) ، دار الكتب العلمية ، بيروت.

٩٩ ـ المهدي : صدر الدين الصدر ، مطبعة (عالي) ، طهران.

١٠٠ ـ ميزان الاعتدال : الذهبي (ت ٧٤٨ ه) ، تحقيق علي محمد البجاوي ، دار الفكر ، بيروت ، ١٣٨٢ ه / ١٩٦٣ م.

١٠١ ـ نظرة في أحاديث المهدي : مقال للشيخ محمد الخضر حسين المصري


(ت ١٣٧٧ ه) منشور في مجلة التمدن الإسلامي ـ دمشق ، ١٣٧٠ ه / ١٩٥٠ م.

١٠٢ ـ نظم المتناثر من الحديث المتواتر : أبو عبد الله محمد بن جعفر الكتاني (ت ١٣٤٥ ه) ، ط ٣ ، دار الكتب السلفية، سلسلة (من هدي الحديث النبوي) رقم ١ ، مصر.

١٠٣ ـ النهاية في غريب الحديث : ابن الأثير الجزري (ت ٦٠٦ ه) ، تحقيق محمود محمد الطناحي ، نشر المكتبة الإسلامية ، القاهرة ، ١٣٨٣ ه.

١٠٤ ـ النهاية في الفتن والملاحم : ابن كثير (ت ٧٧٤ ه) ، تحقيق محمد أحمد عبد العزيز ، المكتب الثقافي ، القاهرة (تاريخ مقدمة التحقيق / ١٩٨٠ م).

١٠٥ ـ نور الأبصار في مناقب آل النبي الأطهار : الشبلنجي (ت ١٢٩١ ه) ، دار الفكر ، بيروت.

١٠٦ ـ ينابيع المودة : القندوزي الحنفي (ت ١٢٧٠ ه) ، مؤسسة الأعلمي المطبوعات ، بيروت (طبعة معادة بالأفست عن طبعة إستنبول).

١٠٧ ـ اليواقيت والجواهر في بيان عقائد الأكابر : عبد الوهاب الشعراني (ت ٩٧٣ ه) ، مطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر ، ١٣٧٨ ه / ١٩٥٩ م.

* * *


نقض رسالة

(الحبل الوثيق في نصرة الصديق)

للحافظ جلال الدين السيوطي

السيد حسن الحسيني

آل المجدد الشيرازي

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي يحق الحق بكلماته ويقطع دابر الكافرين ، وصلى الله وسلم وبارك على سيد الأولين والآخرين ، نبينا محمد وعلى آله الغر الكرام الطاهرين ، وخيرة صحبه والتابعين ، المقتفين لسنته غير محدثين ولا مغيرين.

أما بعد :

فإن من مكائد القوم المخالفين أنهم لما لم يسعهم إنكار ما نزل من آيات الكتاب العزيز في فضل سيدنا وإمامنا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه الصلاة والسلام وجحده ، لكثرته واشتهاره بين أهل الإسلام كافة (١)

__________________

(١) أخرج ابن عساكر عن ابن عباس رضي‌الله‌عنه ، قال : ما نزل في أحد من كتاب الله تعالى ما نزل في علي.

وأخرج عنه أيضا ، قال : نزلت في علي ثلاثمائة آية.

أنظر : تاريخ الخلفاء ـ للسيوطي ـ : ١٧١ ـ ١٧٢.


عمدوا إلى اختلاق ما يضاهيه في شأن أبي بكر بن أبي قحافة!

فمما زعموا نزوله فيه قوله عز من قائل : (وسيجنبها الأتقى * الذي يؤتي ماله يتزكى) (٢) الآيات ، وأن المراد بالأتقى أبو بكر خاصة! واحتجوا بذلك على أفضليته على سائر الخلق بعد النبيين صلى الله تعالى وسلم عليهم أجمعين!

وقد صنف الحافظ شيخ الإسلام جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي الشافعي في ذلك رسالة وسمها ب : (الحبل الوثيق في نصرة الصديق) (٣) ، فنظرنا فيها فإذا هي مبنية على أسس العناد واللجاج ، حائدة عن سنن المناظرة والاحتجاج ، وفيها من التقول الصريح على الله ورسوله (ص) ما لا يكاد يخفى على أولي الألباب .. (ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين * ثم لقطعنا منه الوتين) (٤).

فلم أر بدا من التنبيه على سقطاته ، وإيقاف بغاة الحق على غلطاته ، ونقض عرى حبلها الخلق عروة عروة ، مستعينا بالله ذي الحول والقوة ، في هذه الألوكة الموسومة ب : انبلاج الفلق بانفصام عرى الحبل الخلق ، وإياه أسأل الهداية للحق والصواب ، إنه هو الكريم الوهاب.

* * *

__________________

(٢) سورة الليل ٩٢ : ١٧ و ١٨.

(٣) وهي مطبوعة ضمن كتابه (الحاوي للفتاوي) ، وقد اشتهر عند العامة تلقيب أبي بكر بالصديق ، وبنته عائشة بالصديقة ، وعمر بالفاروق ، وعثمان بذي النورين ، ولنا رسالة حافلة في تزييف هذه الدعاوى الباطلة.

(٤) سورة الحاقة ٦٩ : ٤٤ ـ ٤٦.


تمهيد

إعلم أن السيوطي عمل رسالته المذكورة في رد كلام الشيخ شمس الدين الجوجري ، الذي ادعى أن الآية وإن نزلت في أبي بكر فإنها عامة المعنى ، إذ العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ، فلذلك أخذ في النيل منه والحط عليه بما لا ينبغي سطره هنا!

وقد ذكر في الوجه الثالث من الوجوه الثلاثة الجدلية : أنه ما كان يليق بالجوجري في مثل هذه الواقعة (٥) أن يفتي بأن الآية ليست خاصة بأبي بكر ولا دالة على أفضليته ، فيؤيد مقالة الرافضي ويثبته على معتقده ، ويدحض حجة قررها أئمة ، كل فرد منهم أعلم بالتفسير والكلام وأصول الفقه من مائة ألف من مثل الجوجري!

ثم ازداد في تعنته وشططه إيغالا فقال : والله لو كان هذا القول في الآية هو المرجوح ، لكان اللائق في مثل هذه الواقعة أن يفتي به ، فكيف وهو الراجح؟! انتهى.

نسأل الله العافية والسلامة من الخذلان.

فانظر إلى قلة إنصاف الرجل في محاجته مع خصومه (٦) واعجب!

__________________

(٥) وهي التي ذكرها في مقدمة رسالته بقوله : إن الأمير أزدمر حاجب الحجاب والأمير خاير بك وقع بينهما تنازع في أبي بكر ، هل هو أفضل الصحابة؟ وإن خاير بك قائل بذلك ، وإن أزدمر ينكر ذلك ، وإنه طالب خاير بك بدليل من القرآن على أن أبا بكر أفضل ، وإن خاير بك استدل عليه بقوله تعالى : (وسيجنبها الأتقى) فإنها نزلت في حق أبي بكر ، وقد قال الله تعالى : (إن أكرمكم عند الله أتقاكم) إلى آخره!

(٦) لا يخفى أن مما دعا السيوطي إلى التشنيع على الجوجري أنه كان من أصحاب الحافظ السخاوي ، الذي جرت بينه وبين السيوطي من فظائع الأقوال وشنائع


فها هو يوبخ الجوجري على إيثاره الحق ، ونطقه بالصدق والصواب ، ويحمله على التفوه بمقالة فاسدة ، وكأنه ما درى أن (الحق ينطق منصفا وعنيدا) وأنه أحق أن يتبع ، والله تبارك وتعالى يقول : (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا) (٧).

وليس ينقضي العجب ممن يدعي الاجتهاد المطلق! ويزعم تجديده لأمر الدين على رأس المائة التاسعة أن يتكلم بهذا الباطل! وكل بني آدم يعرفون قبح العصبية وحمية الجاهلية ، قال (ص) : ليس منا من دعا إلى عصبية ، وليس منا من قاتل على عصبية ، وليس منا من مات على عصبية (٨).

فكيف يؤمن هذا ـ وأضرابه من المتشدقين بالعلم ـ على دين الله؟! ولسانه دالع بما حكيناه!

وإذا كان هذا شأن إمام كبير من أئمتهم! فما ظنك بالسوقة والرعية منهم وهم يتأسون بساداتهم وكبرائهم؟! والخطب الفادح أن يسنوا لهم ذلك ، ويفتحوا هذا الباب على مصراعيه.

والمسلمون بمنظر وبمسمع

لا منكر منهم ولا متفجع

ولله در من قال :

أيا علماء السوء يا ملح البلد

ما يصلح الزاد إذا الملح فسد؟!

وقد أخذ الله على العلماء الأمانة وتبليغ الحق إلى الخلق ، فما هذا الاغراء بالجهل والقبيح ، والإرغام على هجر المذهب الصحيح ، المعتضد بالنص الصريح؟!

__________________

الأحوال ما يصك الأسماع وينفر الطباع! فراجع كتب التراجم لتقف على ما كان بينهما من التنافر والتهاجم.

(٧) سورة الأحزاب ٣٣ : ٧٠.

(٨) أخرجه مسلم وأبو داود والنسائي.


وي! وي! على العلم والتحقيق العفا إن كان تقرير الأدلة وترجيح الأقوال بهذا النمط!

هذا ، وإننا لنشهد بالمروءة والإنصاف لكثير من علماء القوم ممن اتقى الله وخشيه ، فلم تأخذه فيه لومة لائم ، ولم يؤثر دنياه على أخراه ، فكان حقيقا بالاتباع ، وجديرا بالاقتفاء .. (أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده) (٩).

إذا تمهد هذا فينبغي الشروع في رد كلام السيوطي ونقضه ، وبيان وهنه ودحضه ، والله المستعان في الأمور كلها ، دقها وجلها ، وهو المرشد للحق والهادي للصواب.

* * *

__________________

(٩) سورة الأنعام ٦ : ٩٠.


قال :

الفصل الأول : في تقرير أنها (١٠) نزلت في حق أبي بكر .. قال البزار في مسنده : حدثنا بعض أصحابنا ، عن بشر بن السري ، ثنا مصعب بن ثابت ، عن عامر بن عبد الله بن الزبير ، عن أبيه ، قال : نزلت هذه الآية (وسيجنبها الأتقى الذي يؤتي ماله يتزكى) إلى آخر السورة ، في أبي بكر الصديق. انتهى.

أقول :

هذا خبر آحاد معلق ، والواسطة مجهولة ، وهو كاف في سقوطه وعدم اعتباره ، فكيف إذا اشتمل إسناده على من لا يحتج به؟!

فأما بشر بن السري ، فقد قال أحمد : سمعنا منه ، ثم ذكر حديث : (ناضرة إلى ربها ناظرة) (١١) فقال : ما أدري ما هذا؟! أيش هذا؟! فوثب به الحميدي وأهل مكة فاعتذر ، فلم يقبل منه وزهد الناس فيه ، فلما قدمت مكة المرة الثانية كان يجئ إلينا فلا نكتب عنه.

وقال ابن عدي : له غرائب عن الثوري ومسعر وغيرهما ، قال : ويقع في أحاديثه من النكرة ، لأنه يروي عن كل شيخ محتمل ـ كما بترجمته في تهذيب التهذيب (١٢) ـ.

وكان يرمى برأي جهم ، وهو نفي صفات الله تعالى والقول بخلق القرآن.

__________________

(١٠) يعني قوله تعالى : (وسيجنبها الأتقى * الذي يؤتي ماله يتزكى) الآيات.

(١١) سورة القيامة ٧٥ : ٢٢ ـ ٢٣.

(١٢) تهذيب التهذيب ١ / ٢٨٤.


وأما مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير ، فإن عبد الله بن أحمد حكى عن أبيه أنه قال : أراه ضعيف الحديث ، لم أر الناس يحمدون حديثه.

وقال عثمان الدارمي عن ابن معين : ضعيف.

وقال معاوية بن صالح عن ابن معين : ليس بشئ.

وقال أبو حاتم : كثير الغلط ، ليس بالقوي.

وقال النسائي : مصعب بن ثابت ليس بالقوي في الحديث.

وقال ابن حبان في (الضعفاء) : انفرد بالمناكير عن المشاهير ، فلما كثر ذلك فيه استحق مجانبة حديثه.

وقال ابن سعد : كان كثير الحديث ، يستضعف.

وقال الدارقطني : ليس بالقوي (١٣).

وقال الهيثمي : فيه ضعف (١٤).

وأما عبد الله بن الزبير ، وما أدراك من ابن الزبير؟! فإنه كان يبغض عليا عليه‌السلام وينال منه وينتقصه! وقد قال رسول الله (ص) : لا يحب عليا منافق ، ولا يبغضه مؤمن (١٥) .. وقال (ص) : من سب عليا فقد سبني ، ومن سبني فقد سب الله (١٦).

__________________

(١٣) تهذيب التهذيب ٥ / ٤٤٧ ـ ٤٤٨ ، الترغيب والترهيب ـ للمنذري ـ ٤ / ٥٧٨

(١٤) مجمع الزوائد ومنبع الفوائد ٩ / ٥١.

(١٥) أخرجه الترمذي عن أم سلمة ، وفي كتاب الإيمان من صحيح مسلم عن علي عليه‌السلام قال : والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ، إنه لعهد النبي الأمي إلي أن لا يحبني إلا مؤمن ، ولا يبغضني إلا منافق.

ورواه خلق آخرون ، فراجع كتاب (فضائل الخمسة من الصحاح الستة) ٢ / ٢٣٠ ـ ٢٣٤.

(١٦) أخرجه الإمام أحمد في مسنده والحاكم في المستدرك عن أم سلمة رضي الله تعالى عنها ، ورمز السيوطي في (الجامع الصغير) لصحته.


وروى عمر بن شبة وابن الكلبي والواقدي وغيرهم من رواة السير ، أنه مكث أيام ادعائه الخلافة أربعين جمعة لا يصلي فيها على النبي (ص) وقال : لا يمنعني من ذكره إلا أن تشمخ رجال بآنافها!

وفي رواية محمد بن حبيب وأبي عبيدة معمر بن المثنى : أن له أهيل سوء ينغضون رؤوسهم عند ذكره! (١٧).

وروى سعيد بن جبير أن عبد الله بن الزبير قال لعبد الله بن عباس :

ما حديث أسمعه عنك؟!

قال : ما هو؟

قال : تأنيبي وذمي!

فقال : إني سمعت رسول الله (ص) يقول : بئس المرء يشبع ويجوع جاره.

فقال ابن الزبير : إني لأكتم بغضكم أهل البيت منذ أربعين سنة (١٨).

وفي نهج البلاغة : ما زال الزبير رجلا منا أهل البيت حتى نشأ ابنه المشؤوم عبد الله (١٩).

وقال علي بن زيد الجدعاني : كان بخيلا ضيق العطاء ، سيئ الخلق ، حسودا ، كثير الخلاف ، أخرج محمد بن الحنفية ، ونفى عبد الله بن عباس إلى الطائف (٢٠).

وذكر المسعودي في (مروج الذهب) (٢١) أنه جمع بني هاشم كلهم في

__________________

(١٧) شرح نهج البلاغة ـ لابن أبي الحديد ـ ٤ / ٦٢ و ٢٠ / ١٢٧.

(١٨) شرح نهج البلاغة ـ لابن أبي الحديد ـ ٤ / ٦٢ و ٢٠ / ١٤٨.

(١٩) وذكره ابن عبد البر بترجمته من الإستيعاب ٢ / ٣٠٢ المطبوع بهامش الإصابة

(٢٠) الإستيعاب ٢ / ٣٠٢.

(٢١) مروج الذهب ٣ / ٨٥ ـ ط مطبعة السعادة ، شرح نهج البلاغة ـ لابن أبي الحديد


سجن عارم ، وأراد أن يحرقهم بالنار ، وجعل في فم الشعب حطبا كثيرا فأرسل المختار أبا عبد الله الجدلي في أربعة آلاف فهزموا ابن الزبير.

قال ابن أبي الحديد (٢٢) : وعبد الله هو الذي حمل الزبير على الحرب ، وهو الذي زين لعائشة مسيرها إلى البصرة ، وكان سبابا فاحشا يبغض بني هاشم ويلعن ويسب علي بن أبي طالب عليه‌السلام. انتهى.

فهل يحسن من ذي ديانة أن يركن إلى هذا الناصبي في رواياته وأخباره ، لا سيما ما يتعلق منها بشأن نزول آيات الكتاب العزيز؟! كلا ورب الراقصات إلى منى! كيف؟! وإن أولي الألباب ليعلمون أن هذا العلج متهم في نقله هذا ، فإن أبا بكر جده ، فلم يبق للناصبة متشبث بإفكه البين ، ولله الحمد.

هذا ، مع غرابة الخبر! إذ انفرد بشر بن السري بروايته عن مصعب بن ثابت ، ولم يتابعه عليه أحد ، كما يشهد لذلك الطرق الثلاثة الأخرى التي حكاها السيوطي عن تفسيري ابن جرير الطبري وابن المنذر وعن الآجري في (الشريعة).

مضافا إلى أن عبد الله لم يشهد شيئا مما حكى ، لأن عتق الرقاب كان بمكة ، وهو قد ولد بالمدينة! فلا يعلم عمن أرسل ذلك!

قال :

وقال ابن أبي حاتم في تفسيره : ثنا أبي ، ثنا محمد بن أبي عمر العدني ، ثنا سفيان ، ثنا هشام بن عروة ، عن أبيه ، أن أبا بكر الصديق أعتق

__________________

٢٠ / ١٤٦.

(٢٢) شرح نهج البلاغة ٤ / ٧٩.


سبعة كلهم يعذب في الله ، منهم بلال وعامر بن فهيرة ، وفيه نزلت : (وسيجنبها الأتقى) إلى آخر السورة. انتهى.

أقول :

عروة بن الزبير تابعي ولد في آخر خلافة عمر ، فخبره هذا مرسل وهو مردود عند الشافعي ـ إمام السيوطي ـ وكذا القاضي الباقلاني ، واختاره الغزالي في (المستصفى) (٢٣).

فإن قيل :

إن مثله لا يروي إلا عن صحابي ، فينبغي قبول مرسله.

قلنا :

كلا! فإن مثل هؤلاء التابعين قد يروون عن غير الصحابي من الأعراب الذين لا صحبة لهم ، كما اتفق لعروة هذا فيما أرسله عن بسرة حيث قال : حدثني به بعض الحرس.

وقال الزهري ـ بعد الارسال ـ : حدثني به رجل على باب عبد الملك (٢٤).

هذا ، مع ما حكي من سوء حاله ، إذ كان يعذر أخاه عبد الله في حصر بني هاشم في الشعب وجمعه الحطب ليحرقهم ويقول (٢٥) : إنما أراد بذلك أن لا تنتشر الكلمة ، ولا يختلف المسلمون ، وأن يدخلوا في الطاعة فتكون

__________________

(٢٣) المستصفى من علم الأصول ١ / ١٦٩.

(٢٤) المستصفى ١ / ١٧١.

(٢٥) مروج الذهب ٣ / ٨٦.


الكلمة واحدة!!

(كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا).

وذكر أبو جعفر الإسكافي : أن معاوية وضع قوما من الصحابة وقوما من التابعين على رواية أخبار قبيحة في علي عليه‌السلام تقتضي الطعن فيه والبراءة منه ، وجعل لهم على ذلك جعلا يرغب في مثله! فاختلقوا ما أرضاه ، منهم : أبو هريرة وعمرو بن العاص والمغيرة بن شعبة ، ومن التابعين عروة بن الزبير.

روى الزهري أن عروة بن الزبير حدثه ، قال : حدثتني عائشة ، قالت : كنت عند رسول الله (ص) إذ أقبل العباس وعلي ، فقال : يا عائشة! إن هذين يموتان على غير ملتي ـ أو قال : ديني ـ!!

وروى عبد الرزاق عن معمر ، قال : كان عند الزهري حديثان عن عروة عن عائشة في علي عليه‌السلام ، فسألته يوما ، فقال : ما تصنع بهما وبحديثهما؟! الله أعلم بهما! إني لأتهمهما في بني هاشم!

قال : فأما الحديث الأول فقد ذكرناه ، وأما الحديث الثاني فهو أن عروة زعم أن عائشة حدثته قالت : كنت عند رسول الله (ص) إذ أقبل العباس وعلي ، فقال : يا عائشة! إن سرك أن تنظري إلى رجلين من أهل النار فانظري إلى هذين قد طلعا ، فنظرت فإذا العباس وعلي بن أبي طالب! (٢٦).

وقال أبو جعفر أيضا : قد تظاهرت الرواية عن عروة بن الزبير أنه كان يأخذه الزمع (٢٧) عند ذكر علي! فيسبه ويضرب بإحدى يديه على الأخرى ويقول : وما يغني أنه لم يخالف إلى ما نهي عنه وقد أراق من دماء المسلمين

__________________

(٢٦) شرح نهج البلاغة ٤ / ٦٣ ـ ٦٤.

(٢٧) أي : الرعدة.


ما أراق؟! (٢٨)

وروى جرير بن عبد الحميد عن محمد بن شيبة ، قال : شهدت مسجد المدينة فإذا الزهري وعروة بن الزبير جالسان يذكران عليا عليه‌السلام فنالا منه ، فبلغ ذلك علي بن الحسين عليهما‌السلام ، فجاء حتى وقف عليهما فقال : أما أنت يا عروة ، فإن أبي حاكم أباك إلى الله فحكم لأبي على أبيك ، وأما أنت يا زهري ، فلو كنت بمكة لأريتك كير أبيك!

وروى عاصم بن أبي عامر البجلي ، عن يحيى بن عروة ، قال : كان أبي إذا ذكر عليا نال منه! (٢٩).

وصدق الله العلي العظيم حيث يقول : (والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه والذي خبث لا يخرج إلا نكدا) (٣٠) .. (ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار) (٣١).

فوالذي لا إله إلا هو لقد أوغل آل الزبير في طغيانهم ، ولج أولئك المنافقون في عدوانهم ، فلم يزالوا ينالون من آل الرسول (ص) ويقعون فيهم على ريق لم يبلعوه ، ونفس لم يقطعوه ، ولم يألوا جهدا في ابتغاء الفتنة حتى خرجوا بعائشة باغين على علي أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام ، وقلبوا الأمور حتى جاء الحق وظهر أمر الله وهم كارهون (وخسر هنالك المبطلون) (٣٢).

ولو شئنا أن نسرد لك من فضائح هؤلاء الشرذمة ومخازي ذرار

__________________

(٢٨) شرح نهج البلاغة ٤ / ٦٩.

(٢٩) شرح نهج البلاغة ٤ / ١٠٢.

(٣٠) سورة الأعراف ٧ : ٥٨.

(٣١) سورة إبراهيم ١٤ : ٢٦.

(٣٢) سورة غافر ٤٠ : ٧٨.


ومكاشفتهم لآل محمد صلى الله عليه وعليهم وسلم في النصب والعداوة لأملينا عليك كراريس من ذلك! لكن فيما ذكرنا كفاية للمتدبر.

وبالجملة : فالرجل متهم كأخيه في مثل هذه الأخبار والآثار ، فلا ينبغي لذي تحصيل أن يعير لها أذنا صاغية.

وأما ولده هشام ، فمدلس كما حكى شيخ الإسلام الحافظ ابن حجر (٣٣) عن يعقوب بن شيبة ، أنه قال : كان تساهله ـ يعني هشاما ـ أنه أرسل عن أبيه ما كان يسمعه من غير أبيه عن أبيه.

قال ابن حجر : هذا هو التدليس ، وأما قول ابن خراش : كان مالك لا يرضاه ، فقد حكي عن مالك أشد من هذا. انتهى.

قلت :

هو ما حكاه الخطيب في (تاريخ بغداد) (٣٤) ، والحافظ الذهبي في (الكاشف) عن مالك ، أنه قال : هشام بن عروة كذاب. انتهى.

وأما سفيان بن عيينة الهلالي ، فقد كان مدلسا أيضا ـ كما نص عليه الذهبي في ميزان الاعتدال وتذكرة الحفاظ (٣٥) ـ.

وأما محمد بن يحيى بن أبي عمر العدني ، فإن ابن أبي حاتم حكى عن أبيه أنه كان به غفلة ، قال أبو حاتم : ورأيت عنده حديثا موضوعا حدث به عن ابن عيينة ـ كما بترجمته في تهذيب التهذيب (٣٦) ـ.

__________________

(٣٣) تهذيب التهذيب ٦ / ٣٥ ، هدي الساري : ٤٧١.

(٣٤) تاريخ بغداد ١ / ٢٢٣.

(٣٥) ميزان الاعتدال ٢ / ١٧٠ رقم ٣٣٢٧ ، تذكرة الحفاظ ١ / ٢٦٤.

(٣٦) تهذيب التهذيب ٥ / ٣٣٢.


قال :

وقال ابن جرير : حدثنا ابن عبد الأعلى ، ثنا ابن نور ، عن معمر ، قال : أخبرني سعيد ، عن قتادة ، في قوله : (وما لأحد عنده من نعمة تجزى) (٣٧) قال : نزلت في أبي بكر ، أعتق ناسا لم يلتمس منهم جزاء ولا شكورا ، ستة أو سبعة ، منهم : بلال وعامر بن فهيرة. انتهى (٣٨).

أقول :

هذا الحديث مرسل أيضا ، وفي إسناده معمر بن راشد ، وهو هنا روى عن سعيد بن بشير الأزدي ـ ويقال : البصري ـ وقد قال ابن أبي خيثمة : سمعت يحيى بن معين يقول : إذا حدثك معمر عن العراقيين فخالفه إلا عن الزهري وابن طاووس ، فإن حديثه عنهما مستقيم ، فأما أهل الكوفة وأهل البصرة فلا.

قال يحيى : وحديث معمر عن ثابت وعاصم بن أبي النجود وهشام بن عروة وهذا الضرب ، مضطرب كثير الأوهام (٣٩).

وكان من تدليسه على الضعفاء ، ما حكاه ابن الأعرابي عن أبي داود ، أنه قال : كان معمر إذا حدث أهل البصرة قال لهم : عمرو بن عبد الله ، وإذا حدث أهل اليمن لا يسميه ـ كما بترجمة عمرو بن عبد الله بن الأسوار اليماني

__________________

(٣٧) سورة الليل ٩٢ : ١٩.

(٣٨) صححنا الحديث من تفسير ابن جرير الطبري ٣٠ / ١٤٦ ، لأنه مشوش في نسخة (الحبل الوثيق) التي بأيدينا ، فليعلم ذلك.

(٣٩) تهذيب التهذيب ٥ / ٥٠٢.


من (تهذيب التهذيب) (٤٠).

وفي إسناده أيضا : سعيد بن بشير.

قال يعقوب بن سفيان : سألت أبا مسهر عنه فقال : لم يكن في جندنا أحفظ منه ، وهو ضعيف منكر الحديث.

وقال سعيد بن عبد العزيز : كان حاطب ليل.

وقال عمرو بن علي ومحمد بن المثنى : حدث عنه ابن مهدي ثم تركه.

وكذا قال أبو داود عن أحمد.

وقال الميموني : رأيت أبا عبد الله يضعف أمره.

وقال الدوري وغيره عن ابن معين : ليس بشئ.

وقال عثمان الدارمي وغيره عن ابن معين : ضعيف.

وكذا قال النسائي وأبو داود.

وقال علي بن المديني : كان ضعيفا.

وقال محمد بن عبد الله بن نمير : منكر الحديث ، ليس بشئ ، ليس بقوي الحديث ، يروي عن قتادة المنكرات.

وقال الحاكم أبو أحمد : ليس بالقوي عندهم.

وقال الساجي : حدث عن قتادة بمناكير.

وقال ابن حبان : كان ردئ الحفظ ، فاحش الخطأ ، يروي عن قتادة ما لا يتابع عليه ، وعن عمرو بن دينار ما ليس يعرف من حديثه (٤١).

وأما قتادة بن دعامة السدوسي البصري ، فقد كان رأسا في بدعة القدر ،

__________________

(٤٠) تهذيب التهذيب ٤ / ٣٥٥.

(٤١) تهذيب التهذيب ٢ / ٢٩١ ـ ٢٩٢.


قال علي بن المديني : قلت ليحيى بن سعيد : إن عبد الرحمن يقول : اترك من كان رأسا في بدعة يدعو إليها ، قال : كيف تصنع بقتادة وابن أبي داود وعمر بن ذر؟! وذكر قوما.

وقال معتمر بن سليمان عن أبي عمرو بن العلاء : كان قتادة وعمرو بن شعيب لا يغث عليهما شئ ، يأخذان عن كل أحد.

وقال ابن حبان : كان مدلسا على قدر فيه (٤٢).

وقال الحافظ الذهبي في (التذكرة) (٤٣) : كان قتادة معروفا بالتدليس.

وقال أبو داود : حدث قتادة عن ثلاثين رجلا لم يسمع منهم ـ كما بترجمته في (تهذيب التهذيب) (٤٤) ـ.

هذا ، وقد ذكر أبو جعفر الإسكافي في (نقض العثمانية) (٤٥) : أن بلالا وعامر بن فهيرة إنما أعتقهما رسول الله (ص) ، روى ذلك الواقدي وابن إسحاق وغيرهما.

قال أبو جعفر : وأما باقي مواليهم الأربعة ، فإن سامحناكم في دعواكم لم يبلغ ثمنهم في تلك الحال ـ لشدة بغض مواليهم لهم ـ إلا مائة درهم أو نحوها ، فأي فخر في هذا؟! انتهى.

قال :

وقال ابن إسحاق : حدثني محمد بن أبي عتيق ، عن عامر بن عبد الله ، عن أبيه ، قال :

__________________

(٤٢) تهذيب التهذيب ٤ / ٥٤١ ـ ٥٤٢.

(٤٣) تذكرة الحفاظ ١ / ١٢٣.

(٤٤) تهذيب التهذيب ٤ / ٥٤٣.

(٤٥) كما في شرح نهج البلاغة ـ لابن أبي الحديد ـ ١٣ / ٢٧٣.


قال أبو قحافة لأبي بكر : أراك تعتق رقابا ضعافا ، فلو أنك إذ فعلت ما فعلت أعتقت رجالا جلدا يمنعونك ويقومون دونك؟

فقال : يا أبت إني إنما أريد ما أريد!

ثم نزلت هذه الآيات فيه : (وسيجنبها الأتقى الذي يؤتي ماله يتزكى وما لأحد عنده من نعمة تجزى * إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى ولسوف يرضى) (٤٦).

أخرجه الحاكم في (المستدرك) من طريق زياد البكائي عن ابن إسحاق ، وقال : صحيح على شرط مسلم. انتهى.

أقول :

يقع الكلام على هذا الخبر تارة في إسناده ، وأخرى في متنه.

أما إسناده ففيه محمد بن إسحاق بن يسار ـ صاحب (السيرة) ـ وقد تكلموا فيه ، قال مالك : دجال من الدجاجلة ، وقال ابن معين : ليس بحجة ، وقال أيضا : ليس بذاك ، ضعيف ، وقال مرة : ليس بالقوي ، وكذلك قال النسائي (٤٧).

وقال يحيى القطان : أشهد أنه كذاب ، وقال هشام بن عروة : كذاب ـ كما في (ميزان الاعتدال) (٤٨) ـ.

وقال أحمد : يدلس ، وسأله أيوب بن إسحاق فقال : تقبله إذا انفرد؟ قال : لا والله!

__________________

(٤٦) سورة الليل ٩٢ : ١٧ ـ ٢١.

(٤٧) تهذيب التهذيب ٥ / ٢٩ ـ ٣١.

(٤٨) ميزان الاعتدال ٣ / ٤٦٩.


وقال الذهبي في (تذكرة الحفاظ) (٤٩) ليس بذاك المتقن ، فانحط حديثه عن رتبة الصحة.

وقال الدارقطني : لا يحتج به ، وقال وهيب : سألت مالكا عنه فاتهمه ، وقال عبد الرحمن بن مهدي : كان يحيى بن سعيد الأنصاري ومالك يجرحان ابن إسحاق (٥٠).

هذا ، واعلم أن عتق الرقاب ـ على تقدير تسليمه ـ إنما وقع بمكة ، وعبد الله بن الزبير ولد بالمدينة في السنة الأولى من الهجرة ـ أو بعد عشرين شهرا ـ فلم يسمع من أبي قحافة ما حكاه عنه ، وإنما أرسله رأسا ولم يسنده إلى من أخذه عنه ، فتنبه!

وأما زياد بن عبد الله بن الطفيل البكائي ، فقد قال فيه ابن معين : ليس بشئ ، وقال أيضا : كان ضعيفا ، وكذا قال ابن سعد.

وقال عبد الله بن علي بن المديني : سألت أبي عنه فضعفه ، وقال النسائي : ضعيف ، وقال في موضع آخر : ليس بالقوي ، وقال أبو حاتم : لا يحتج به ، وقال ابن حبان : كان فاحش الخطأ ، كثير الوهم ، لا يجوز الاحتجاج بخبره إذا انفرد (٥١). انتهى.

ولا يذهب عليك أنه لا عبرة بتصحيح الحاكم ، فإن تساهله أعدم النفع بكتابه ـ كما قال الحافظ ابن حجر ـ ، ولخص الذهبي ما ورد من الموضوعات في (المستدرك) فبلغ مائة حديث (٥٢).

__________________

(٤٩) تذكرة الحفاظ ١ / ١٧٣.

(٥٠) الترغيب والترهيب ٤ / ٥٧٧.

(٥١) تهذيب التهذيب ٢ / ٢٢٠.

(٥٢) راجع مقدمة عبد الوهاب عبد اللطيف لكتاب (تنزيه الشريعة) لابن عراق الكناني ، ج ١ ص (م).


ثم إن متن هذا الخبر ظاهر النكارة ، إذ قد ذكر أصحاب التواريخ أنه لم يكن لأبي بكر ثروة سالفة ولا رئاسة متقدمة ، ولا لأبيه ولا جده ، وكان في الجاهلية يعلم الناس ويأخذ الأجرة على تعليمه ، ثم صار في الإسلام خياطا ، وليس هذا صنيع الموسرين ، وكان أبوه شديد الفقر والمسكنة ، حتى أنه كان يؤجر نفسه للناس في أمور خسيسة! فكان ينادي على مائدة عبد الله بن جدعان ويطرد عنها الذبان (٥٣) بأجر طفيف ، وفي ذلك يقول أمية ابن أبي الصلت في مرثية ابن جدعان :

له داع بمكة مشمعل

وآخر فوق دارته ينادي

إلى ردح من الشيزى ملاء

لباب البر يلبك بالشهاد (٥٤)

فمن أين انتقل الغنى إلى أبي بكر؟! ومن أين اجتمع له ذلك المال؟! ولو كان غنيا لكفى أباه آكل الذبان! (٥٥).

وحسبك في معرفة ضيق عيش أبي بكر وصاحبه ما أخرجه مسلم في صحيحه (٥٦) عن أبي هريرة ، قال : خرج رسول الله (ص) ذات يوم أو ليلة فإذا هو بأبي بكر وعمر ، فقال : ما أخرجكما من بيوتكما هذه الساعة؟ قالا :

__________________

(٥٣) شرح نهج البلاغة ١٣ / ٢٧٥.

(٥٤) تاج العروس من جواهر القاموس ٥ / ٢٩٦.

(٥٦) كأن أبا قحافة كان مشهورا بذلك ، فقد أخرج الدولابي في الكنى والأسماء ١ / ٢٠٢ أن أبا طالب عم النبي (ص) بعث إلى رسول الله (ص) فقال : أطعمني من عنب جنتك؟ وأبو بكر جالس عند رسول الله (ص) ، فقال أبو بكر : حرمها الله الكافرين ، فقال أبو طالب : فلأبي قحافة آكل الذبان تدخرها؟! انتهى.

وقال السيد الحميري رحمه‌الله :

أترى صهاكا وابنها وابن ابنها

وأبا قحافة آكل الذبان

كانوا يرون ، وفي الأمور عجائب

يأتي بهن تصرف الأزمان

أن الخلافة في ذؤابة هاشم

فيهم تصير وهيبة السلطان

(٥٦) صحيح مسلم ـ كتاب الأشربة ـ باب جواز استتباعه غيره ... إلى آخره.


الجوع يا رسول الله! ـ وساق الحديث إلى قوله : ـ فلما أن شبعوا ورووا قال رسول الله (ص) لأبي بكر وعمر : والذي نفسي بيده ، لتسألن عن هذا النعيم يوم القيامة ، أخرجكم من بيوتكم الجوع ثم لم ترجعوا حتى أصابكم هذا النعيم.

فإذا كان هذا حال أبي بكر بالمدينة ـ وقد فتح الله تعالى على المسلمين من الفتوح والغنائم ما استغنوا به ـ فما ظنك به إذ كان بمكة؟!

على أنك لو تأملت وأنصفت لأذعنت بانتفاء النسبة بين من أعتق نفرا من العذاب الدنيوي ـ على تقدير ثبوته ـ وبين من أعتق من لا يحصي عددهم إلا الله من العذاب الأبدي ، فهذا القسم الأخير حلية أمير المؤمنين عليه‌السلام ، الواضحة براهينها ، اللائح يقينها دون أبي بكر وغيره ممن قصر عن مجده الشامخ ، وشرفه الباذخ ، الذي تعدى ذرى الأفلاك ، وزاحم شرف الأملاك (٥٧).

قال :

وقال ابن جرير : حدثني هارون بن إدريس الأصم ، ثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي ، ثنا محمد بن إسحاق ، عن محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق ، عن عامر بن عبد الله بن الزبير ، قال : كان أبو بكر الصديق يعتق على الإسلام بمكة ، فكان يعتق نساء إذا أسلمن ، فقال له أبوه : أي بني! أراك تعتق أناسا ضعفاء ، فلو أنك أعتقت رجالا جلدا يقومون معك ويمنعونك ويدفعون عنك؟! فقال : أي أبت إنما أريد ما عند الله.

قال : فحدثني بعض أهل بيتي أن هذه الآية نزلت فيه : (فأما من

__________________

(٥٧) بناء المقالة الفاطمية في نقض الرسالة العثمانية : ٩٢.


أعطى واتقى وصدق بالحسني) إلى قوله : (وما لأحد عنده من نعمة تجزى إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى) (٥٨). انتهى.

أقول :

هذا هو حديث ابن إسحاق المتقدم ، وقد قضينا الوطر من الكلام عليه ، ورواه عبد الرحمن بن محمد بن زياد المحاربي هنا عنه.

قال أبو حاتم : صدوق إذا حدث عن الثقات (٥٩) ، ويروي عن المجهولين أحاديث منكرة فيفسد حديثه.

وقال عثمان الدارمي : ليس بذاك.

وقال العجلي : كان يدلس.

وقال عبد الله بن أحمد عن أبيه : بلغنا أنه كان يدلس (٦٠).

قال :

وقال ابن أبي حاتم : ثنا أبي ، ثنا منصور بن أبي مزاحم ، ثنا ابن أبي الوضاح ، عن يونس بن أبي إسحاق ، عن أبي إسحاق ، عن عبد الله بن مسعود : أن أبا بكر الصديق اشترى بلالا من أمية بن خلف وأبي بن خلف ببردة وعشرة أواق فأعتقه لله ، فأنزل الله : (والليل إذا يغشى) إلى آخرها في أبي بكر وأمية بن خلف. انتهى.

__________________

(٥٨) سورة الليل ٩٢ : ٥ ـ ٢٠.

(٥٩) وهنا حدث عن ابن إسحاق ـ كما ترى ـ.

(٦٠) تهذيب التهذيب ٣ / ٤١٦ ـ ٤١٧.


أقول

إسناد هذا الحديث مشتمل على من لا يحتج به.

فأما منصور بن أبي مزاحم بشير التركي ، فإن أحمد بن أبي يحيى حكى عن ابن معين : أنه ليس به بأس إذا حدث عن الثقات (٦١) ، لكنه هنا حدث عن أبي سعيد المؤدب محمد بن مسلم بن أبي الوضاح ، وقد قال البخاري : فيه نظر (٦٢).

وأما يونس بن أبي إسحاق السبيعي ، فكان الإمام أحمد يضعف حديثه عن أبيه ـ كما هنا ـ.

وحكى عنه ابنه عبد الله : أن حديثه مضطرب ، وقال أبو حاتم : لا يحتج به ـ كما بترجمته في تهذيب التهذيب (٦٣) ـ.

وأما أبو إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي الكوفي ، فإنه لم يسمع عبد الله بن مسعود البتة ، لأن ابن مسعود توفي سنة اثنتين وثلاثين ، وأبو إسحاق ولد فيها ـ على ما في (الكاشف) للذهبي ـ وفي اللباب : أنه ولد سنة تسع وعشرين! وأنت خبير بأنه لا يتحقق سماع حينئذ ، فحديثه عن ابن مسعود مرسل بلا ريب.

هذا ، مع ما ذكروا في حقه من كونه مدلسا ، وقال ابن المديني في (العلل) : قال شعبة : سمعت أبا إسحاق يحدث عن الحارث بن الأزمع بحديث فقلت له : سمعت منه؟ فقال : حدثني مجالد عن الشعبي عنه.

قال شعبة : وكان أبو إسحاق إذا أخبرني عن رجل قلت له : هذا أكبر

__________________

(٦١) كما بترجمته من تهذيب التهذيب ٥ / ٥٤٣.

(٦٢) تهذيب التهذيب ٥ / ٢٨٩.

(٦٣) تهذيب التهذيب ٦ / ٢٧٤.


منك؟ فإن قال : نعم ، علمت أنه لقي ، وإن قال : أنا أكبر منه ، تركته.

وقال معن : أفسد حديث أهل الكوفة الأعمش وأبو إسحاق ـ يعني للتدليس ـ (٦٤).

وروى عن عمر بن سعد قاتل الحسين عليه‌السلام وشمر بن ذي الجوشن لعنه الله تعالى (٦٥) ، قال ابن معين : كيف يكون من قتل الحسين عليه‌السلام ثقة (٦٦).

هذا ، واعلم أن جميع ما ذكرناه هنا يأتي بحذافيره في الحديث الذي أورده السيوطي بعد هذا ، فلم نر وجها للتطويل بإعادته ، والله المستعان.

قال :

وفي تفسير البغوي : قال سعيد بن المسيب : بلغني أن أمية بن خلف قال لأبي بكر الصديق في بلال حين قال : أتبيعنيه؟ قال : نعم أبيعه بقسطاس ـ عبد لأبي بكر ـ صاحب عشرة آلاف دينار وغلمان وجوار ومواش ، وكان مشركا يأبى الإسلام ، فاشتراه أبو بكر به ، فقال المشركون : ما فعل ذلك أبو بكر ببلال إلا ليد كانت لبلال عنده ، فأنزل الله : (وما لأحد عنده من نعمة تجزى). انتهى.

أقول :

لسنا نعلم عمن بلغ ابن المسيب هذا البلاغ لننظر في شأنه!

__________________

(٦٤) تهذيب التهذيب ٤ / ٣٥٨ ـ ٣٥٩.

(٦٥) ميزان الاعتدال ٢ / ٣١١.

(٦٦) الكاشف ـ للذهبي ـ ٢ / ٣١١.


فإن قال قائل :

إن الشافعي احتج بمراسيله.

قلنا :

مع أن ذلك لو ثبت لم يكن حجة على غيره ، فإن البلقيني حكى في (محاسن الاصطلاح) عن الماوردي في (الحاوي) أن الشافعي اختلف قوله في مراسيل سعيد ، فكان في القديم يحتج بها بانفرادها ، ومذهبه في الجديد أنه كغيره (٦٧). انتهى.

ثم ليعلم أن الحديثين المتقدمين الصريحين في شراء أبي بكر بلالا ، وكذا بلاغ ابن المسيب ، يدفعها ما رواه ابن عبد البر في (الإستيعاب) (٦٨) بترجمة بلال بن رباح الحبشي مؤذن رسول الله (ص) ، قال : حدثنا أبو محمد عبد الله بن محمد ، قال : نا محمد بن بكر ، قال : نا أبو داود ، قال : قرئ على سلمة بن شبيب ـ وأنا شاهد ـ قال : نا عبد الرزاق ، قال : نا معمر ، عن عطاء الخراساني ، قال : كنت عند سعيد بن المسيب فذكر بلالا ، فقال : كان شحيحا على دينه ، فإذا أراد المشركون أن يقاربهم قال : الله الله! فلقي النبي (ص) أبا بكر فقال : لو كان عندنا مال اشترينا بلالا.

قال : فلقي أبو بكر العباس بن عبد المطلب فقال لسيدته : هل لك أن تبيعيني عبدك هذا قبل أن يفوتك خيره وتحرمي ثمنه؟ قالت : وما تصنع به؟!

__________________

(٦٧) حاشية العطار على شرح (جمع الجوامع) للجلال المحلي ٢ / ٢٠٣ ـ ٢٠٤.

(٦٨) الإستيعاب ١ / ١٤٣ ـ ١٤٤ ، أسد الغابة ١ / ٢٤٣.


إنه خبيث وأنه .. قال : ثم لقيها فقال مثل مقالته ، فاشتراه العباس ، فبعث به إلى أبي بكر فأعتقه ... إلى آخره.

فتبين بهذا أن غاية ما هنالك أن أبا بكر تولى عتق بلال فحسب ، وأن الذي دفع ثمنه إنما هو العباس رضي الله تعالى ، ويؤيد ذلك ما مر ويأتي من ضيق عيش أبي بكر ، وقلة ذات يده ، وشدة فقره ومسكنته ، وكذا ما في هذا الأثر من رجوعه إلى عم النبي (ص) في شراء بلال ، فليس في مثل هذا الإعتاق فضل فضلا عن أن ينزل فيه قرآن يتلى إلى يوم القيامة!

قال :

وفي تفسير القرطبي : روى عطاء والضحاك عن ابن عباس ، قال : عذب المشركون بلالا فاشتراه أبو بكر برطل من ذهب من أمية بن خلف وأعتقه ، فقال المشركون : ما أعتقه أبو بكر إلا ليد كانت عنده ، فنزلت : (وما لأحد عنده من نعمة تجزى). انتهى.

أقول :

إن الضحاك بن مزاحم لم يثبت له سماع من أحد من الصحابة ـ كما قيل ـ ، وأنكر جماعة أن يكون لقي ابن عباس وسمع منه ، منهم مشاش السلمي وعبد الملك بن ميسرة وشعبة.

وقال أبو أسامة ، عن المعلى ، عن شعبة ، عن عبد الملك ، قلت للضحاك : سمعت من ابن عباس؟ قال : لا ، قلت : فهذا الذي تحدثه عمن أخذته؟! قال : عن ذا وعن ذا (٦٩).

__________________

(٦٩) تهذيب التهذيب ٢ / ٥٧٢.


وأما عطاء ، فإن كان روى عنه هذا فقد روي عنه غيره!

أخرج الثعلبي في تفسيره بسنده عن عطاء ، قال : كان لرجل من الأنصار نخلة ، وكان يسقط من نخلها في دار جاره ، وكان صبيانه يتناولونه ، فشكا ذلك إلى النبي (ص) ، فقال له النبي (ص) : بعنيها بنخلة في الجنة ، فأبى!

فخرج فلقيه أبو الدحداح فقال له : هل لك أن تبيعنيها بحبس ـ يعني حائطا ـ؟ فقال : هي لك!

فأتى النبي (ص) فقال : يا رسول الله ، أتشتريها مني بنخلة في الجنة؟

قال : نعم ، هي لك ، فدعا النبي (ص) جار الأنصاري فقال : خذها.

فأنزل الله تعالى : (والليل إذا يغشى) إلى قوله : (إن سعيكم لشتى) أبو الدحداح والأنصاري صاحب النخلة ، (فأما من أعطى واتقى) أبو الدحداح (وصدق بالحسنى) يعني : الثواب ، وأن (الأشقى) صاحب النخلة ، قال : (وسيجنبها الأتقى) يعني : أبا الدحداح (الذي يؤتي ماله يتزكى) أبو الدحداح (وما لأحد عنده من نعمة تجزى) يكافئه بها ، يعني : أبا الدحداح.

فكان النبي (ص) يمر بذلك الحبس وعذوقه دانية فيقول : عذوق وأي عذوق لأبي الدحداح في الجنة! انتهى.

ومثل هذا لا يقال من قبل الرأي ، وإنما يكون عن رواية ، وقد أرسل الإمام الطبرسي رحمه‌الله ، في (مجمع البيان) (٧٠) عن عطاء أن اسم الرجل أبو الدحداح.

وروى نحوه الواحدي في (أسباب النزول) والسيوطي في (لباب

__________________

(٧٠) مجمع البيان ٥ / ٥٠١ ، زاد المسير ٩ / ١٤٧ و ١٤٨.


النقول) عن ابن عباس رضي‌الله‌عنه ، قال : إن رجلا كانت له نخلة فرعها في دار رجل ـ وساق القصة إلى قوله : ـ ثم ذهب الرجل فلقي رجلا هو ابن الدحداح (٧٢) كان يسمع الكلام من رسول الله (ص) فقال : يا رسول الله ، أتعطيني ما أعطيت الرجل نخلة في الجنة إن أنا أخذتها؟ قال : نعم ، فذهب الرجل فلقي صاحب النخلة فساومها منه.

قال : ثم ذهب إلى النبي (ص) فقال : يا رسول الله ، إن النخلة قد صارت في ملكي فهي لك.

فذهب رسول الله (ص) إلى صاحب الدار فقال : إن النخلة لك ولعيالك ، فأنزل الله تبارك وتعالى : (والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى وما خلق الذكر والأنثى * إن سعيكم لشتى). انتهى.

وروى ابن أبي حاتم عن ابن عباس نحوه مطولا مبهما فيه : أبو الدحداح (٧٣).

وأرسل الرازي في تفسيره الكبير ٣١ / ٢٠٢ في قوله تعالى : (لا يصلاها إلا الأشقى) (٧٤) قال : نزلت في أمية بن خلف وأمثاله الذين كذبوا محمدا (ص) والأنبياء قبله. انتهى.

فلم يذكر شيئا مما ذكروه من عتق العبيد بمكة ، ولو كان لذكره.

وقال الحافظ ابن حجر في ترجمة أبي الدحداح الأنصاري من (الإصابة) (٧٥) : روى أحمد (٧٦) والبغوي والحاكم من طريق حماد بن سلمة ،

__________________

(٧١) أسباب النزول : ٢٥٤ ـ ط البابي الحلبي ، لباب النقول في أسباب النزول : ٢١١.

(٧٢) كذا ، والمشهور (أبو الدحداح) كما تقدم ويأتي.

(٧٣) الدر المنثور في التفسير بالمأثور ٦ / ٣٥٧.

(٧٤) سورة الليل ٩٢ : ١٥.

(٧٥) الإصابة في تمييز الصحابة ٤ / ٥٩.

(٧٦) مسند أحمد ٣ / ١٤٦.


عن ثابت ، عن أنس : أن رجلا قال : يا رسول الله ، إن لفلان نخلة وأنا أقيم حائطي بها ، فأمره أن يعطيني حتى أقيم حائطي بها ، فقال له النبي (ص) : أعطه إياها بنخلة في الجنة ، فأبى!

قال : فأتاه أبو الدحداح فقال : بعني نخلتك بحائطي ، قال : ففعل ، فأتى النبي (ص) فقال : يا رسول الله! ابتعت النخلة بحائطي ، فاجعلها له فقد أعطيتكها ، فقال : كم من عذق رداح لأبي الدحداح في الجنة ـ قالها مرارا ـ.

قال : فأتى امرأته فقال : يا أم الدحداح! أخرجي من الحائط ، فإني قد بعته بنخلة في الجنة ، فقالت : ربح البيع ـ أو كلمة تشبهها ـ. انتهى.

وقال ابن عبد البر بترجمة أبي الدحداح في (الإستيعاب) (٧٧) : روى عقيل عن ابن شهاب ، أن يتيما خاصم أبا لبابة في نخلة ، فقضى بها رسول الله (ص) لأبي لبابة ، فبكى الغلام ، فقال رسول الله (ص) لأبي لبابة : اعطه نخلتك ، فقال : لا ، فقال : اعطه إياها ولك بها عذق في الجنة ، فقال : لا ، فسمع بذلك أبو الدحداح فقال لأبي لبابة : أتبيع عذقك ذلك بحديقتي هذه؟ قال : نعم ، فجاء أبو الدحداح رسول الله (ص) فقال : يا رسول الله! النخلة التي سألت لليتيم إن أعطيته إياها ألي بها عذق في الجنة؟ قال : نعم. انتهى.

وحكى الشهابان الخفاجي والآلوسي (٧٨) عن السدي : أن سورة الليل نزلت في أبي الدحداح الأنصاري ، وذلك أنه كان في دار منافق نخلة يقع منها في دار يتامى في جواره بعض بلح فيأخذه منهم ، فقال له (ص) : دعها لهم ولك بدلها نخل في الجنة ، فأبى! فاشتراها أبو الدحداح بحائطها وقال

__________________

(٧٧) الإستيعاب ٤ / ٦١.

(٧٨) عناية القاضي وكفاية الراضي (حاشية البيضاوي) ٨ / ٣٦٧ ، روح المعاني ٣٠ / ١٤٧.


للنبي (ص) : أهبها لهم بالنخلة التي في الجنة؟ فقال (ص) : افعل ، فوهبها ، فنزلت. انتهى.

قلت :

مجموع هذه النقول ـ على اختلاف خصوصياتها ـ تدل على أن للقصة أصلا أصيلا وأنها سبب النزول ، ويؤخذ من ذلك أن سورة الليل مدنية ، فحينئذ لا يمكن التعلق بها في قصة عتق العبيد بمكة ، ولا الاحتجاج بها على أفضلية أبي بكر.

وقد اختلفوا في مكيتها ومدنيتها ، فالجمهور على أنها مكية ، وقال علي بن أبي طلحة : مدنية (٧٩) ، وقيل : بعضها مكي وبعضها مدني (٨٠) ، وقال صاحب الميزان رحمه‌الله : إن السورة تحتمل المكية والمدنية بحسب سياقها (٨١)

فظهر بذلك أن دعوى السيوطي : توارد خلائق من المفسرين لا يحصون على أنها نزلت في أبي بكر ، وكذا أصحاب الكتب المؤلفة في المبهمات ، وزعم الآلوسي أن ذلك روي بأسانيد صحيحة (٨٢) .. بل تجرؤ أبي الفرج ابن الجوزي البكري في (زاد المسير) (٨٣) على إرسال دعوى إجماع المفسرين على أن المراد بالأتقى في الآية أبو بكر إرسال المسلمات .. مما لا يقام له وزن البتة ، لما عرفت من أن دعواهم معارضة بمثلها ، مضافا إلى اتفاق الشيعة ـ وهم شطر الأمة ـ على نزولها في أبي الدحداح الأنصاري ،

__________________

(٧٩) الإتقان ١ / ٤٤.

(٨٠) روح المعاني ٣٠ / ١٤٧.

(٨١) الميزان في تفسير القرآن ٢٠ / ٣٠٢.

(٨٢) روح المعاني ٣٠ / ١٤٧.

(٨٤) زاد المسير في علم التفسير ٩ / ١٥٢.


فلا ينعقد إجماع على تلك الدعوى ـ مع اختلاف العامة أنفسهم فيها ـ إلا من شرذمة النواصب ، وليس يعتد بشئ من أباطيلهم.

على أن ابن الجوزي حاطب ليل لا يدري ما يخرج من رأسه! وقد كثر اعتراض الناس عليه (٨٤) لكثرة أغاليطه في تصانيفه ، فكان يصنف الكتاب ولا يعتبره ، وينقل من المصنفات من غير أن يكون متقنا لذلك العلم من جهة الشيوخ والبحث ، ولهذا نقل عنه أنه قال : أنا مرتب ولست بمصنف (٨٥).

ثم إنك لو تأملت سياق الآيات لتحققت أنها بقصة أبي الدحداح أشبه ، إذ لا يقال لمن يؤذي عبده كأمية بن خلف إنه بخيل ولا إنه كذب وتولى ، وإنما البخيل ذاك الذي بخل بنخلته فلم يبعها بنخلة في الجنة وكذب بعدة الرسول (ص) وتولى عنه ، وهو صاحب النخلة ـ كما مر ـ فهو المعني بالأشقى في قوله تعالى : (لا يصلاها إلا الأشقى) فتنبه (٨٦).

* * *

__________________

(٨٤) فتح الملك العلي : ١٦٠.

(٨٥) راجع مقدمة (تنزيه الشريعة المرفوعة) ج ١ ص (م) نقلا عن ذيل طبقات ابن أبي يعلى ، وانظر : تذكرة الحفاظ ٤ / ١٣٤٧.

(٨٦) الصوارم المهرقة : ٣٠٣.


تتمة

أخرج الحميري في (قرب الإسناد) (٨٧) عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، قال : سمعت الرضا عليه‌السلام يقول في تفسير (والليل إذا يغشى) : إن رجلا من الأنصار كان لرجل في حائطه نخلة ، وكان يضر به ، فشكا ذلك إلى رسول الله (ص) ، فدعاه فقال : أعطني نخلتك بنخلة في الجنة ، فأبى! فبلغ ذلك رجلا من الأنصار يكنى أبا الدحداح ، فجاء إلى صاحب النخلة فقال : بعني نخلتك بحائطي فباعه ، فجاء إلى رسول الله (ص) فقال : يا رسول الله ، قد اشتريت نخلة فلان بحائطي ، قال : فقال رسول الله (ص) : فلك بدلها نخلة في الجنة .. الحديث.

ورواه القمي في تفسيره مرسلا مضمرا.

وقد تبين أن نزول سورة الليل في أبي الدحداح مروي من طرق الفريقين ، فينبغي الأخذ به والتعويل عليه ، لأنه مما وقع عليه الاتفاق دون غيره ، والله الموفق والمستعان.

* * *

__________________

(٨٧) قرب الإسناد : ٣٥٥ ـ ٣٥٦.


ثم إن السيوطي عقد فصلا آخر لتضعيف ما أفتى به الجوجري ، وذكر فيه أربعة وجوه ، ثلاثة منها جدلية ينبغي أن تطوى ولا تروى! وأما الوجه الرابع الذي رد به عليه من جهة التحقيق ـ كما قال ـ فهو ما ذكره بقوله :

قال البغوي في (معالم التنزيل) : يريد ب : (الأتقى الذي يؤتي ماله يتزكى) يطلب أن يكون عند الله زكيا ، لا رياء ولا سمعة ـ يعني أبا بكر الصديق في قول الجميع ـ ، وقال ابن الخازن في تفسيره : (الأتقى) هنا أبو بكر الصديق في قول جميع المفسرين ، وقال الإمام فخر الدين الرازي في تفسيره : أجمع المفسرون منا على أن المراد ب : (الأتقى) أبو بكر ، وذهبت الشيعة إلى أن المراد به علي ، فانظر إلى نقل هؤلاء الأئمة الثلاثة إجماع المفسرين على أن المراد ب : (الأتقى) أبو بكر ، لا كل تقي. انتهى.

أقول :

لا نقيم لإجماعهم وزنا ، لما انكشف من حال الأحاديث والآثار التي ليس لها من الحقيقة مسيس ، ولا من القوة والمتانة رسيس ، فلا ينعقد على دعواهم إجماع إلا إجماعا هو أوهن من بيت العنكبوت.

وأما عزو الرازي إلى الشيعة بأسرهم نزول الآية في حق علي بن أبي طالب عليه الصلاة والسلام فافتراء ظاهر ، وقد عرفت قولهم في ذلك.

نعم ، حكى هو في تفسيره (٨٨) عن بعض الشيعة الاستدلال على ذلك بقوله تعالى : (ويؤتون الزكاة وهم راكعون) (٨٩) ، بتقريب أن قوله عز من

__________________

(٨٨) التفسير الكبير ٣١ / ٢٠٤.

(٨٩) سورة المائدة ٥ : ٥٥.


قائل : (الأتقى الذي يؤتي ماله يتزكى) إشارة إلى ما في تلك الآية.

لكن ليس هذا قولا لهم قاطبة ، وإنما هو شئ احتمله بعضهم ، وكأنه مأخوذ مما رواه البرقي عن إسماعيل بن مهران ، عن أيمن بن محرز ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ـ من حديث ـ قال :

وأما قوله تعالى : (وسيجنبها الأتقى) قال : رسول الله (ص) ومن تبعه ، و (الذي يؤتي ماله يتزكى) قال : ذاك أمير المؤمنين عليه‌السلام وهو قوله : (ويؤتون الزكاة وهم راكعون) وقوله : (وما لأحد عنده من نعمة تجزى) فهو رسول الله (ص) الذي ليس لأحد عنده نعمة تجزى ، ونعمته جارية على جميع الخلق صلوات الله عليه. انتهى.

قلت :

أيمن بن محرز مجهول الحال ، فالرواية ضعيفة ، وهي من قبيل الجري والتطبيق دون التفسير ـ كما قال صاحب الميزان رحمه‌الله (٩٠) ـ.

ونحو ذلك الاستئناس بقوله تعالى : (ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا) (٩١) الوارد في حق علي عليه‌السلام ، فقد يقال : إنه يناسب قوله : (وما لأحد عنده من نعمة تجزى إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى) لكن لا ينمى ذلك إلى الشيعة طرا ، فافهم.

هذا ، وقد حكى الفخر الرازي في تفسيره (٩٢) عنهم أن قوله تعالى في

__________________

(٩٠) الميزان في تفسير القرآن ٢٠ / ٣٠٨.

(٩١) سورة الإنسان ٧٦ : ٨ و ٩.

(٩٢) التفسير الكبير ٣١ / ١٤٦.


سورة الأعلى : (ويتجنبها الأشقى الذي يصلى النار الكبرى) (٩٣) نزل في الوليد وعتبة وأبي.

قال : وأنت تعلم أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب. انتهى.

قلت :

هذا الكلام جار بعينه فيما نحن فيه ، ويستفاد منه أن (الأتقى) في الآية ليس أفعل تفضيل ، وإلا لما صدق الوصف على الثلاثة ، لأن (أفعل) التي للتفضيل موضوعة لتفرد الموصوف بالصفة وأنه لا مساوي له فيها ـ كما قال السيوطي أيضا ـ فهي كقوله تعالى : (أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا وأحسن مقيلا) (٩٤) ، وعلى فرض إرادة خصوص (الأتقى) و (الأشقى) فإن الاتقائية والإشقائية نسبية ، فأبو بكر مثلا أتقى بالنسبة إلى أمية بن خلف ، لا أنه كذلك مطلقا ، وإلا لزم أن يكون (الأشقى) في سورتي الليل والأعلى واحدا .. وليس كذلك.

هذا ، مع أن ابن أبي الحديد المعتزلي ـ وليس هو ممن يتهم في أبي بكر ـ حكى عن بعضهم أن السورة نزلت في مصعب بن عمير (٩٥) ، فمع احتمال هذا القول ـ على الأقل ـ وكذا ما سلف من القول بنزولها في أبي الدحداح لا يتأتى الجزم بنزولها في أبي بكر ، فتأمل جيدا.

قال :

وقال الأصبهاني في تفسيره : خص الصلي بالأشقى والتجنب بالأتقى

__________________

(٩٣) سورة الأعلى ٨٧ : ١١ و ١٢.

(٩٤) سورة الفرقان ٢٥ : ٢٤.

(٩٥) شرح نهج البلاغة ١٣ / ٢٧٣.


ـ وقد علم أن كل شقي يصلاها ، وكل تقي يجنبها ، لا يختص بالصلي أشقى الأشقياء ، ولا بالنجاة أتقى الأتقياء ـ لأن الآية واردة في الموازنة بين حالتي عظيم من المشركين وعظيم من المؤمنين ، فأريد أن يبالغ في صفتيهما المتناقضتين ، فقيل : الأشقى ، وجعل مختصا بالصلي ، كأن النار لم تخلق إلا له ، وقيل : الأتقى ، وجعل مختصا بالنجاة ، كأن الجنة لم تخلق إلا له. انتهى.

قال السيوطي :

وهذا صريح في أن المراد ب : (الأتقى) أتقى الأتقياء على الاطلاق لا مطلق التقي ، وأتقى الأتقياء على الاطلاق بعد النبيين أبو بكر الصديق! انتهى.

أقول :

دل كلام الأصبهاني على أن صيغة (أفعل) هنا ليست على ظاهرها من التفضيل ، بل (الأشقى) هنا بمعنى الشقي ، و (الأتقى) بمعنى التقي لمكان التعليل المذكور في كلامه خلافا لما أصر عليه السيوطي ومن تابعه على ذلك.

وأما قول الأصبهاني : (لأن الآية واردة في الموازنة ...) فيرد عليه أن الموازنة المذكورة متوقفة على كون (أفعل) هنا للتفضيل ، وقد دل قوله : (وقد علم أن كل شقي يصلاها ...) وقوله : (فأريد أن يبالغ في صفتيهما المتناقضتين ، فقيل : الأشقى ... وقيل : الأتقى ...) على أن (أفعل) هنا ليست للتفضيل ـ كما ذكرنا آنفا ـ.

هذا ، مع أن كون (أفعل) هنا للتفضيل متوقف على ثبوت إرادة


الموازنة بين حالتي عظيم من المشركين وعظيم من المؤمنين ، ودونه خرط القتاد ، لما عرفت في شأن نزول الآيات ، وما أرسله الإمام الرازي عن ابن عباس رضي‌الله‌عنه ـ كما مر ـ فالاستدلال لكل من الأمرين دوري.

ومما ذكرنا يظهر لك ما في كلام السيوطي ، حيث أخذ من تقرير الأصبهاني أن (أفعل) هنا للتفضيل ، وأن المراد ب (الأتقى) أتقى الأتقياء على الاطلاق وتطبيق ذلك على أبي بكر.

وقد يقال : لا يخلو إما أن يراد ب (الأتقى) أتقى الأتقياء على الاطلاق ، أو من هو أتقى من بعض المؤمنين.

فأما الأول ، فلا ريب أن ذاك لم يكن ولا يكن إلا رسول الله (ص) بإجماع أهل الإسلام.

وأما الثاني ، فإنا لا نسلم دخول علي عليه الصلاة والسلام في ذلك البعض حتى يكون أبو بكر أفضل منه! بل نقطع بخروجه عليه‌السلام ـ على تقدير كون المراد ب (الأتقى) ابن أبي قحافة ـ لأنه نفس النبي (ص) كما دل عليه قوله عز سلطانه في آية المباهلة : (وأنفسنا وأنفسكم) (٩٦) فيخرج عليه‌السلام كما خرج (ص) من ذلك البعض.

ومعلوم بالضرورة أن الأكرم عند الله تعالى على الاطلاق هو الذي يكون أتقى من جميع المؤمنين لا من بعضهم ، وإذا تطرق التخصيص إلى (الأتقى) سقط الاستدلال ـ كما قال قاضي القضاة التستري رحمه‌الله ، (٩٧) ـ.

وأيضا : فإن صحة السؤال عن كون أبي بكر أتقى المؤمنين جميعا أو بعضهم ، ومن كل الوجوه أو من بعضها ، دليل على عدم دلالة الآية على أنه أتقى الخلق وأفضلهم بعد النبيين صلى الله وسلم عليهم أجمعين ، فتنبه!

__________________

(٩٦) سورة آل عمران ٣ : ٦١.

(٩٧) الصوارم المهرقة : ٣٠٤.


قال :

وقال النسفي في تفسيره : (الأتقى) الأكمل تقوى ، وهو صفة أبي بكر الصديق.

قال : ودل على فضله على جميع الأمة ، قوله تعالى : (إن أكرمكم عند الله أتقاكم) (٩٨).

وقال القرطبي في تفسيره : قال ابن عباس : (الأتقى) أبو بكر الصديق ، وقال بعض أهل المعاني : أراد ب : (الأشقى) و (الأتقى) الشقي والتقي ، كقول طرفة :

تمنى رجال أن أموت وإن أمت

فتلك سبيل لست فيها بأوحد

أي : واحد ووحيد ، فوضع (أفعل) موضع (فعيل). انتهى.

قال السيوطي : وهذا الذي نقله عن بعض أهل المعاني هو الذي أفتى به الجوجري عادلا عن قول جميع المفسرين إلى قول بعض أهل النحو. انتهى.

أقول :

كلام النسفي مصادره ظاهرة ودعوى بلا بينة ، ولله شرف الدين البوصيري حيث يقول :

والدعاوى ما لم تقيموا عليها

بينات أبناؤها أدعياء

فلا ينبغي الاصغاء إليه ، ولا التعريج عليه.

وأما ما حكاه القرطبي عن ابن عباس ، فقد تقدم عن حبر الأمة

__________________

(٩٨) سورة الحجرات ٤٩ : ١٣.


ما يدفعه ، فراجع ثمة إن شئت.

وفي (تنوير المقباس في تفسير ابن عباس) (٩٩) : (الأشقى) الشقي ، و (الأتقى) التقي.

وأما ما نقله عن بعض أهل المعاني ، فسيأتي بيان شواهده إن شاء الله تعالى ، وكونه المتعين في المقام.

وأما تهجم السيوطي على الجوجري ورميه بالعدول عن قول جميع المفسرين إلى قول بعض أهل النحو.

فيقال عليه : إنه لم يتفق المفسرون من أهل نحلته ـ فضلا عن غيرهم ـ على رأي واحد ، بل ذهب إلى كل من القولين فريق ، وكم منهم من اختار القول الآخر ، كالسيوطي المعترض في (تفسير الجلالين) (١٠٠) حيث قال : (لا يصلاها) يدخلها (إلا الأشقى) بمعنى الشقي ، قال : (وسيجنبها) يبعد عنها (الأتقى) بمعنى التقي.

وقال في تفسير سورة الأعلى (١٠١) : (الأشقى) بمعنى الشقي ، أي : الكافر. انتهى.

وما أصدق المثل السائر في حقه : (رمتني بدائها وانسلت)!

قال :

وكذا نقل ابن جرير في تفسيره هذه المقالة عن بعض أهل العربية ، ثم قال : والصحيح الذي جاءت به الآثار عن أهل التأويل أنها في أبي بكر ، بعتقه من أعتق من المماليك ابتغاء وجه الله.

__________________

(٩٩) تنوير المقباس ـ المطبوع بهامش الدر المنثور ـ ٦ / ٣١٢ و ٣١٤.

(١٠٠) تفسير الجلالين ٢ / ٥٦٣.

(١٠١) تفسير الجلالين ٢ / ٥٥٤.


قال السيوطي :

فأنت ترى هذه النقول تنادي على أن الذي أفتى به الجوجري مقالة في الآية لبعض النحويين ، مشى عليها بعض المصنفين في التفسير ، وأن الذي وردت به الآثار وقاله المفسرون من السلف وصححه الخلف اختصاصها بأبي بكر إبقاء للصيغة على بابها ، هذا بيان رجحان ذلك من حيث التفسير. انتهى.

أقول :

اختلط على السيوطي كلام ابن جرير الطبري في (جامع البيان) ونحن ننقل لك عبارته لتقف على حقيقة ما ذهب إليه.

قال ـ بعدما حكى عن بعض أهل العربية قولا في قوله تعالى : (الذي كذب وتولى) وقوله : (وسيجنبها الأتقى) (١٠٢) : يقول ـ يعني الحق سبحانه ـ : وسيوقى صلي النار التي تلظى التقي ، ووضع (أفعل) موضع (فعيل) كما قال طرفة :

تمنى رجال أن أموت وإن أمت

فتلك سبيل لست فيها بأوحد

انتهى.

وهذا صريح في أن ذلك مختاره ، وأنه لم ينقله عن بعض أهل العربية!

وإذا كان هذا مذهب إمام مفسريهم ومقدمهم ـ في ذا الشأن ـ من دون مدافع ولا نكير ، فكيف تسنى للسيوطي أن يعزو الاجماع إلى المفسرين وهم

__________________

(١٠٢) جامع البيان في تفسير القرآن ٣٠ / ١٤٥.


مختلفون في ذلك؟! (إن هذا إلا اختلاق).

وأما قوله : وكذا نقل ابن جرير في تفسيره هذه المقالة عن بعض أهل العربية ، ثم قال : والصحيح الذي جاءت به الآثار ...

فإن ذلك مما يقوي الريب في نقول السيوطي ، إذ ربط بين شيئين لا تعلق بينهما! وابتدع عبارة تعضد مذهبه ، وينبغي حكاية كلام ابن جرير لتطلع على تلبيسه ..

قال ـ بعد أن نقل عن بعض أهل العربية قولا في تأويل قوله عز من قائل : (وما لأحد عنده من نعمة تجزى) ـ (١٠٣) : وهذا الذي قاله الذي حكينا قوله من أهل العربية ، وزعم أنه مما يجوز هو الصحيح الذي جاءت به الآثار عن أهل التأويل ، وقالوا : نزلت في أبي بكر بعتقه من أعتق. انتهى.

ثم طفق يذكر من قال ذلك ، وأين هذا من العبارة التي لفقها الرجل؟! فإن كلام ابن جرير هنا صريح في تعين ما حكاه من قول بعض أهل العربية في هذا المقام وأنه هو الصحيح ، فانظر واعجب لا سيما من مثل هذا المجدد الذي أرعد وأبرق وادعى الدعاوي الطويلة العريضة!! وهذا طرف من شطحاته وزلاته ـ كما ترى ـ .. نسأل الله السلامة.

قال :

وأما من حيث أصول الفقه والعربية فأقول : قول الجوجري : (إن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب) فرع أن يكون في اللفظ عموم حتى يكون العبرة به ، والآية لا عموم فيها أصلا ورأسا ، بل هي نص في الخصوص. انتهى.

__________________

(١٠٣) جامع البيان ٣٠ / ١٤٦.


أقول :

سيأتي منا تحقيق الكلام في أن الآية هل فيها عموم أم لا؟ وهناك يحصحص الحق ويسفر عن محضه إن شاء الله ، لكن ينبغي أن يعلم أن جماعة ممن تقدموا السيوطي وممن تأخروا عنه ادعوا العموم في الآية.

* قال القفال : نزلت هذه السورة في أبي بكر وإنفاقه على المسلمين ، وفي أمية بن خلف وبخله وكفره بالله ، إلا أنها وإن كانت كذلك لكن معانيها عامة للناس ، ألا ترى أن الله تعالى قال : (إن سعيكم لشتى) (١٠٤) وقال : (فأنذرتكم نارا تلظى) (١٠٥).

قال : ويروى عن علي عليه‌السلام أنه قال : خرجنا مع رسول الله (ص) في جنازة ، فقعد رسول الله (ص) وقعدنا حوله فقال : ما منكم نفس منفوسة إلا وقد علم الله مكانها من الجنة والنار ، فقلنا : يا رسول الله! أفلا نتكل؟

فقال : اعملوا ، فكل ميسر لما خلق له (فأما من أعطى واتقى * وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى) (١٠٦) ، فبان بهذا الحديث عموم هذه السورة. انتهى (١٠٧).

* وقال النيسابوري في (غرائب القرآن) (١٠٨) : إن كان المراد ب (الأشقى) هو أبو سفيان أو أمية ، وب (الأتقى) هو أبو بكر ، فلا إشكال ،

__________________

(١٠٤) سورة الليل ٩٢ : ٤.

(١٠٥) سورة الليل ٩٢ : ١٤.

(١٠٦) سورة الليل ٩٢ : ٥ ـ ٧.

(١٠٧) تفسير الفخر الرازي ٣١ / ١٩٧.

(١٠٨) غرائب القرآن ورغائب الفرقان (تفسير النيسابوري) ٣٠ / ١٠٤ المطبوع بهامش تفسير الطبري.


وتتناول الآية غيرهما من الأشقياء والأتقياء بالتبعية ، إذ لا عبرة بخصوص السبب. انتهى.

وقال ابن كثير في تفسيره (١٠٩) : لا شك أنه ـ يعني أبا بكر ـ داخل فيها ـ أي الآيات ـ وأولى الأمة بعمومها ، فإن لفظها لفظ العموم وهو قوله تعالى : (وسيجنبها الأتقى الذي يؤتي ماله يتزكى * وما لأحد عنده من نعمة تجزى). انتهى.

* وقال الشهاب الخفاجي في (عناية القاضي) (١١٠) : وخصوص السبب لا ينافي عموم الحكم واللفظ ـ كما توهمه الجوجري هنا ـ.

نعم ، يقتضي الدخول فيه دخولا أوليا. انتهى.

* وقال أبو الثناء شهاب الدين الآلوسي في (روح المعاني) (١١١) : المراد ب (من أعطى) إلى آخره .. وب (من بخل) إلى آخره .. المتصف بعنوان الصلة مطلقا وإن كان السبب خاصا ، إذ العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب. انتهى.

فأنت ترى أن الجوجري له سلف في ذلك ولم ينفرد بمقالته! فما كان ينبغي للسيوطي أن يعنفه ويعذله بنحو قوله : هذا شأن من يلقي نفسه في كل واد ، وغير ذلك من ضروب العتب والملام ، كأن الرجل أحدث في الإسلام حدثا ، أو أورد فيه فتقا ـ والعياذ بالله ـ.

قال :

وبيان ذلك من وجهين :

__________________

(١٠٩) تفسير ابن كثير ٣٠ / ٥٥٦.

(١١٠) عناية القاضي وكفاية الراضي ٨ / ٣٦٩.

(١١١) روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني ٣٠ / ١٤٩.


أحدهما : أن العموم إنما يستفاد في مثل هذه الصيغة من (أل) الموصولة أو التعريفية ، وليست (أل) هذه موصولة قطعا ، لأن (الأتقى) أفعل تفضيل ، و (أل) الموصولة لا توصل بأفعل التفضيل بإجماع النحاة ، وإنما توصل باسم الفاعل والمفعول ، وفي الصفة المشبهة خلاف ، وأما أفعل التفضيل فلا توصل به بلا خلاف.

وأما التعريفية فإنما تفيد العموم إذا دخلت على الجمع ، فإن دخلت على مفرد لم تفده ـ كما اختار الإمام فخر الدين ـ ، ومن قال : إنها تفيده فيه قيده بأن لا يكون هناك عهد ، فإن كان لم تفده قطعا.

هذا هو المقرر في علم الأصول ، و (الأتقى) مفرد لا جمع ، والعهد فيه موجود ، فلا عموم فيه قطعا ، فعلم بذلك أنه لا عموم في (الأتقى) فتأمل ، فإنه نفيس فتح الله به علي تأييدا للجناب الصديقي. انتهى.

أقول :

تأملنا كلامه فوجدناه قد أسس بنيانه على شفى جرف هار ، وذلك أنه ظن أن (أفعل) هنا للتفضيل اغترارا بالصيغة! ونحن نبين لك زلته في ذلك ، لتعرف أنه لم يمحص المسألة كما كان ينبغي له ، وإنما عول فيها على من أحسن الظن به من أصحاب الكتب المصنفة في التفسير والكلام.

إعلم : أن (أفعل) قد تستعمل في موضع (فاعل) و (فعيل) ولا يراد بها التفضيل.

حكى محمد بن أبي بكر بن عبد القادر الرازي (١١٢) عن أبي عبيدة ، أنه قال : إن (الأشقى) هنا ـ يعني في سورة الليل ـ بمعنى الشقي ، والمراد به

__________________

(١١٢) مسائل الرازي وأجوبتها من غرائب آي التنزيل : ٣٧٤.


الكافر ، والعرب تستعمل (أفعل) في موضع (فاعل) ولا تريد به التفضيل. انتهى.

قلت : ويجري الكلام بعينه في (الأتقى).

وقال أيضا في قوله تعالى : (وهو أهون عليه) (١١٣) (١١٤) : معناه وهو هين عليه ، وقد جاء في كلام العرب (أفعل) من غير تفضيل ، ومنه قولهم في الأذان : (الله أكبر) أي : الله كبير في قول بعضهم ، وقال الفرزدق :

إن الذي سمك السماء بنى لنا

بيتا دعائمه أعز وأطول

أي : عزيزة طويلة.

وقال معن بن أوس المزني :

لعمرك ما أدري وإني لأوجل

على أينا تعدو المنية أول

أي : وإني لوجل.

وقال آخر :

أصبحت أمنحك الصدود وإنني

قسما إليك مع الصدود لأميل

أي : لمائل.

وقال آخر :

تمنى رجال أن أموت وإن أمت

فتلك سبيل لست فيها بأوحد

أي : بواحد. انتهى.

وذكر الطبري نحو ذلك في تفسير قوله تعالى : (وهو أهون عليه) (١١٥).

__________________

(١١٣) سورة الروم ٣٠ : ٢٧.

(١١٤) مسائل الرازي وأجوبتها من غرائب آي التنزيل : ٢٦٨ ـ ٢٦٩.

(١١٥) جامع البيان ٢١ / ٢٤ ـ ٢٥.


وجوز أبو العباس شهاب الدين الفيومي في خاتمة (المصباح المنير) (١١٦) : أن يكون (أفعل) بمعنى اسم الفاعل ، فينفرد بذلك الوصف من غير مشارك فيه.

قال ابن الدهان : ويجوز استعمال (أفعل) عاريا عن اللام والإضافة و (من) ، مجردا عن معنى التفضيل ، مؤولا باسم الفاعل أو الصفة المشبهة ، قياسا عند المبرد سماعا عند غيره ، قال :

قبحتم يا آل زيد نفرا

ألام قوم أصغرا وأكبرا

أي : صغيرا وكبيرا.

ومنه قولهم : نصيب أشعر الحبشة ، أي : شاعرهم ، إذ لا شاعر فيهم غيره ، ومنه ـ عند جماعة ـ قوله تعالى : (وهو أهون عليه) أي : هين ، وزيد الأحسن والأفضل ، أي : الحسن والفاضل ، ويقال لأخوين مثلا : زيد الأصغر وعمرو الأكبر ، أي : الصغير والكبير ، وعلى هذا المعنى (يوسف أحسن إخوته) أي : حسنهم. انتهى.

وقد تبين من جميع ما مر أن (أفعل) هنا ليست للتفضيل ، وأن الآيات عامة في الأتقياء والأشقياء ، غير مختصة بأبي بكر وأمية بن خلف أو أبي سفيان بن حرب ـ كما زعموا ـ.

وظهر أيضا الجواب عن قول السيوطي : بأن من جنح من أهل العربية إلى أنها ـ يعني صيغة (أفعل) هنا ـ للعموم احتاج إلى تأويل (الأتقى) بالتقي ، وهذا مجاز قطعا ، وهو خلاف الأصل ، فلا يصار إليه إلا بدليل ولا دليل يساعده ، بل الدليل يعارضه ، وهو الأحاديث الواردة في سبب النزول وإجماع المفسرين. انتهى.

__________________

(١١٦) المصباح المنير : ٧٠٩.


فإنا قد بينا تعين هذا التأويل في المقام حذرا من ترتب المحذورات الباطلة واللوازم الفاسدة على إجراء (أفعل) على ظاهره من التفضيل.

وأما الأحاديث المفتراة فقد زيفناها ، والإجماع المزعوم أبطلناه ، ولم نبق لهم مسكة على دعواهم.

ومما قررنا تعرف أن (أل) هنا تعريفية دخلت على مفرد ، وقد اختلفوا في أن المفرد المحلى بها هل يفيد العموم أم لا؟ كما اختلف المثبتون في أن ذلك بالوضع أم بالإطلاق بمقتضى مقدمات الحكمة.

والحق : إفادته العموم ، وهو اختيار الغزالي والآمدي وحكاه عن الشافعي والأكثر ، ونقله الفخر الرازي عن الفقهاء والمبرد والجبائي ، ونقله العضد في شرح المختصر عن المحققين من دون إشعار بخلاف فيه بينهم.

وقال نجم الأئمة المحقق الرضي رضي‌الله‌عنه في (شرح الكافية) (١١٧) : كل اسم دخله اللام لا يكون فيه علامة كونه بعضا من كل ، فينظر ذلك الاسم ، فإن لم تكن معه قرينة حالية ولا مقالية دالة على أنه بعض مجهول من كل فهي اللام التي جئ بها للتعريف اللفظي والاسم المحلى بها لاستغراق الجنس. انتهى.

وقال السعد التفتازاني في (المطول) (١١٨) : اللفظ إذا دل على الحقيقة باعتبار وجودها في الخارج ، فإما أن يكون لجميع الأفراد أو لبعضها ، إذ لا واسطة بينهما في الخارج ، فإذا لم يكن للبعضية ـ لعدم دليلها ـ وجب أن يكون للجميع ، وإلى هذا ينظر صاحب (الكشاف) حيث يطلق لام الجنس على ما يفيد الاستغراق كما ذكره في قوله تعالى : (إن الإنسان لفي

__________________

(١١٧) شرح الكافية ٢ / ١٢٩.

(١١٨) المطول : ٨١ ـ ط إسطنبول سنة ١٣٣٠ ه.


خسر) (١١٩) أنه للجنس ، وقال في قوله تعالى : (إن الله يحب المحسنين) (١٢٠) : إن اللام للجنس فيتناول كل محسن. انتهى.

وأما قول السيوطي : إن من قال إنها تفيده فيه قيده بأن لا يكون هناك عهد ، فإن كان لم تفده قطعا ، فهو حق ، بيد أنك دريت أن شيئا من تلك الأحاديث والإجماعات لم يثبت ، فلا يستقر عهد ليمنع من انعقاد العموم.

على أن عهده منقوض بعهد آخر ، أعني قصة أبي الدحداح مع صاحب النخلة ـ كما أخرجها في (لباب النقول) ـ.

ومما ذكرنا يظهر وجه اندفاع كلامه في الوجه الثاني بحذافيره ، لابتنائه على القول بأن (أفعل) هنا للتفضيل ، وقد أوقفناك على بطلانه وفساده ، والله المستعان.

قال :

وقد قرر الإمام فخر الدين اختصاص الآية بأبي بكر والاستدلال بها على أفضليته بطريق آخر ، فقال :

أجمع المفسرون منا على أن المراد ب (الأتقى) : أبو بكر ، وذهب الشيعة إلى أن المراد به علي عليه‌السلام ، والدلالة النقلية ترد ذلك وتؤيد الأول

وبيان ذلك : أن المراد من هذا (الأتقى) أفضل الخلق ، لقوله تعالى : (إن أكرمكم عند الله أتقاكم) والأكرم هو الأفضل ، فالأتقى المذكور هنا هو أفضل الخلق عند الله ، والأمة مجمعة على أن أفضل الخلق بعد رسول الله (ص) إما أبو بكر وإما علي عليه‌السلام ، ولا يمكن حمل الآية على

__________________

(١١٩) سورة العصر ١٠٣ : ٢.

(١٢٠) سورة البقرة ٢ : ١٩٥ ، وسورة المائدة ٥ : ١٣.


علي عليه‌السلام ، فتعين حملها على أبي بكر.

وإنما لم يمكن حملها على علي عليه‌السلام ، لأنه قال عقيب صفة هذا الأتقى : (وما لأحد عنده من نعمة تجزى) وهذا الوصف لا يصدق على علي عليه‌السلام ، لأنه كان في تربية النبي (ص) ، لأنه أخذه من أبيه فكان يطعمه ويسقيه ويكسوه ويربيه ، فكان الرسول (ص) منعما عليه نعمة يجب جزاؤها.

أما أبو بكر فلم يكن للنبي (ص) عليه نعمة دنيوية ، بل أبو بكر كان ينفق على الرسول (ص) ، وإنما كان للرسول (ص) نعمة الهداية والإرشاد إلى الدين ، وهذه نعمة لا تجزى لقوله تعالى : (لا أسألكم عليه أجرا) (١٢١) والمذكور ها هنا مطلق النعمة ، بل نعمة تجزى ، فعلم أن هذه الآية لا تصلح لعلي عليه‌السلام.

وإذا ثبت أن المراد بهذه الآية من كان أفضل الخلق ، وثبت أن ذلك الأفضل من الآية إما أبو بكر وإما علي عليه‌السلام ، وثبت أن الآية غير صالحة لعلي عليه‌السلام ، تعين حملها على أبي بكر ، وثبت دلالة الآية أيضا على أن أبا بكر أفضل الأمة. انتهى.

أقول :

لا يخفى أن الرازي بنى برهانه على مقدمات فاسدة ، ومعلوم بالضرورة أن ما يبنى على الفاسد فاسد لا محالة ، ولذا قال الآلوسي (١٢٢) : إنه أتى بما لا يخلو عن قيل وقال.

__________________

(١٢١) سورة الأنعام ٦ : ٩٠ ، سورة هود ١١ : ٥١ ، سورة الشورى ٤٢ : ٢٣.

(١٢٢) روح المعاني ٣٠ / ١٥٣.


فأما قوله : (ذهب الشيعة ...).

فقد بينا لك زيفه فيما سلف (١٢٣).

وأما قوله : (إن المراد من هذا الأتقى أفضل الخلق ...).

فإنا ذكرنا فيما مضى أن (أفعل) هنا ليست للتفضيل ، ولا بأس أن نورد في هذا المقام كلام سيدنا الشريف العلامة الطباطبائي رحمه‌الله ، في رد شبهة الرازي ومن قلده في ذلك ، ليسفر الصبح لذي عينين ، وينكشف عن قلبك الرين ، وإنه والله لنفيس ، فاشدد به يديك ، وعض عليه بناجذيك.

قال ـ أجزل الله مثوبته ـ (١٢٤) : المراد ب (الأتقى) من هو أتقى من غيره ممن يتقي المخاطر ، فهناك من يتقي ضيعة النفوس كالموت والقتل ، ومن يتقي فساد الأموال ، ومن يتقي العدم والفقر فيمسك عن بذل المال وهكذا ، ومنهم من يتقي الله فيبذل المال ، وأتقى هؤلاء الطوائف من يتقي الله فيبذل المال لوجهه ، وإن شئت فقل : يتقي خسران الآخرة فيتزكى بالإعطاء.

فالمفضل عليه للأتقى هو من لا يتقي بإعطاء المال وإن اتقى سائر المخاطر الدنيوية أو اتقى الله بسائر الأعمال الصالحة ، فالآية عامة بحسب مدلولها غير خاصة ، ويدل عليه توصيف (الأتقى) بقوله : (الذي يؤتي ماله) إلى آخره ، هو وصف عام ، وكذا ما يتلوه ، ولا ينافي ذلك كون الآيات أو جميع السورة نازلة لسبب خاص كما ورد في أسباب النزول.

قال رحمه‌الله : وأما إطلاق المفضل عليه بحيث يشمل جميع الناس من طالح أو صالح ، ولازمه انحصار المفضل في واحد مطلقا أو واحد في كل عصر ، ويكون المعنى : وسيجنبها من هو أتقى الناس كلهم ، وكذا المعنى في نظيره :

__________________

(١٢٣) أنظر صفحة ١١٧ و ١٢٣.

(١٢٤) الميزان في تفسير القرآن ٢٠ / ٣٠٦.


لا يصلاها إلا أشقى الناس كلهم ، فلا يساعد عليه سياق آيات صدر السورة ، وكذا الانذار العام الذي في قوله : (فأنذرتكم نارا تلظى) فلا معنى لأن يقال : أنذرتكم جميعا نارا لا يخلد فيها إلا واحد منكم جميعا ، ولا ينجو منها إلا واحد منكم جميعا. انتهى.

وأما قوله : (وهذا الوصف لا يصدق على علي عليه‌السلام ، لأنه كان في تربية النبي (ص) ...).

فيقال عليه : إن توهمه العموم في الآية حمله على التفوه بذلك ، حيث ظن أن المراد بقوله عز من قائل : (وما لأحد عنده من نعمة تجزى) أن لا يكون عنده نعمة يكافئ عليها أعم من أن يكون ذلك الأحد من الذين آتاهم النعمة أم لا ، وهذا خلاف الظاهر ، إذ لم يكن أبو بكر نفسه كذلك قطعا ، كيف؟! وقد كان في حجر تربية والديه كما كان علي عليه‌السلام في تربية النبي (ص) ، وكان (ص) في حجر تربية عمه أبي طالب رضي‌الله‌عنه ، بل لا يكاد يوجد على وجه البسيطة من لا يكون لأحد في حقه حق نعمة من طعام أو شراب ونحوهما ، فليس المقصود في الآية ـ والله أعلم ـ نفي خصوص نعمة النبي (ص) ، بل نفي نعمة كل من آتاه النعمة ، أي لا يكون عنده لأحد من الذين آتاهم النعمة نعمة تجزى (١٢٥) ـ كما هو ظاهر ـ.

وأما قوله : (بل كان أبو بكر ينفق على الرسول (ص) ...).

فهو بيت القصيد ، وعليه تدور رحى استدلال الفخر الرازي التيمي البكري بالآية على أفضلية أبي بكر بن أبي قحافة!

وينبغي بسط المقال في هذا المجال ، لتنكشف لك حقيقة الحال وتعرف الرجال بالحق لا الحق بالرجال ، فنقول :

__________________

(١٢٥) الصوارم المهرقة ٣٠٥ ـ ٣٠٦.


قد مر عليك آنفا أن أبا بكر لم يكن موسرا ذا ثروة ، وكيف يدعى له الإنفاق الجليل؟! وقد باع من رسول الله (ص) بعيرين عند خروجه إلى يثرب وأخذ منه الثمن في مثل تلك الحال الشديدة! (١٢٦) ، فمن لم تسمح نفسه بثمن بعيرين ، لا يظن به أن ينفق على رسول الله (ص) وينعم عليه البتة!

أم كيف يجوز أن يدعى لأبي بكر بذل المال؟! وقد أشفق أن يقدم بين يدي نجواه صدقة يسيرة! وترك أهل المحاويج بلا شئ يوم الهجرة ، وأخذ ماله معه وكان خمسة آلاف أو ستة آلاف درهم! كما رواه أحمد عن أسماء بنت أبي بكر (١٢٧) ، ورواه الحاكم وصححه على شرط مسلم (١٢٨).

وأين كان عن ابنته أسماء إذ زوجها من الزبير ، وكان فقيرا لا يملك غير فرسه؟! فكانت تخدم البيت وتسوس الفرس وتدق النوى لناضحه وتعلفه وتستقي الماء ، وكانت تنقل النوى على رأسها من أرض الزبير التي أقطعها إياه رسول الله (ص) وهي على ثلثي فرسخ من منزلها! كما رواه أحمد والبخاري ومسلم (١٢٩).

هذا ، مع أن أصل دعوى الإنفاق عليه (ص) يكذبها قوله تعالى في سورة الضحى ـ وهي مكية ـ (ووجدك عائلا فأغنى) (١٣٠).

__________________

(١٢٦) شرح نهج البلاغة ـ لابن أبي الحديد ـ ١٣ / ٢٧٤ ، صحيح البخاري : باب هجرة النبي (ص) إلى المدينة ، الكامل في التأريخ ٢ / ٤٩ ، تاريخ الطبري ٢ / ١٠٢ و ١٠٤.

(١٢٧) مسند أحمد ٦ / ٣٥٠.

(١٢٨) المستدرك على الصحيحين ٣ / ٥.

(١٢٩) مسند أحمد ٦ / ٣٤٧ ، صحيح البخاري : باب الغيرة من كتاب النكاح ، صحيح مسلم : كتاب النكاح ـ باب جواز إرداف المرأة الأجنبية إذا أعيت في الطريق ، دلائل الصدق ٢ / ١٣٠ وص ٣٩٩ ـ ٤٠٠.

(١٣٠) سورة الضحى ٩٣ : ٨.


ثم يقال لهم : خبرونا عن هذا الإنفاق أين كان؟! بمكة أم بالمدينة؟!

فإن قالوا : كان في مكة.

قيل لهم : إنه (ص) كان إذ ذاك غنيا بمال أم المؤمنين خديجة رضي الله تعالى عنها ، التي تضرب بكثرة مالها الأمثال ، وكان ينفق منه على من شاء في أول النبوة.

وإن قالوا : كان ذلك بالمدينة.

قيل لهم : إن الله سبحانه وتعالى قد أغناه بما فتح عليه من الفتوح والغنائم ، ففي أي الوقتين احتاج إلى مال ابن أبي قحافة يا أولي الألباب؟!

ولأولياء أبي بكر أحاديث في هذا الباب يروونها ، وضرورة العقل تشهد ببطلانها ، فلا نطيل بذكرها ، وفيما ذكرناه غنية وكفاية لمن أخذت بيده العناية.

وأما قوله : (وهذه النعمة لا تجزى لقوله تعالى : (لا أسألكم عليه أجرا) ...).

فهو واضح البطلان ، بين الفساد ، كيف؟! وإن قوله تعالى : (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) (١٣١) نص صريح في ثبوت المطالبة بالأجر والجزاء ـ أعني مودة ذوي القربى ـ وهو استثناء من عموم نفي سؤال الأجر على تبليغ الرسالة ، فثبتت المطالبة بالجزاء موجبة جزئية ، فكيف يقال إن نعمة الهداية والإرشاد إلى الدين لا تجزى؟!

* * *

__________________

(١٣١) سورة الشورى ٤٢ : ٢٣.


تنبيه

استدل الفخر الرازي في تفسيره الكبير (١٣٢) بقوله تعالى : (وما أسألكم عليه من أجر) (١٣٣) وأنت خبير بأن هذه الآية مخصصة بآية المودة في القربى ، فتنبه.

هذا ، وقد تبين لك أن السيوطي لم يبذل وسعه وجهده في تحقيق المسألة ، وكان الأولى له قبل الكتابة أن ينظر كتب التفسير وغيرها مما يحتاج إليه في هذا الشأن ، ويتعب كل التعب ، ويجد كل الجد ، ويعتزل الراحة والشغل ، ولا يسأم ولا يضجر ، ويدع الفتيا تمكث عنده الشهر والشهرين والعام والعامين ، فإذا وقف على متفرقات كلام الناس في المسألة ، ونظر وحقق ، وأورد على نفسه كل إشكال ، وأعد له الجواب المقبول ، حطم حينئذ على الكتابة ، وحكم بين الأمراء ، وفصل بين العلماء! وأما الاستعجال في الجواب والكتابة بمجرد ما يخطر بباله ، أو يظهر في بادئ الرأي مع الراحة والاتكال على الشهرة فإنه لا يليق!

وليته التزم بذلك إذ عذل به الجوجري ونسي نفسه ، والله تعالى يقول : (أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم) (١٣٤) وقال عز من قائل عظيم : (يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون) (١٣٥) فما أحراه بقول أبي الأسود الدؤلي رحمه‌الله :

__________________

(١٣٢) التفسير الكبير ٣١ / ٢٠٤.

(١٣٣) سورة الشعراء ٢٦ : ١٠٩ و ١٢٧ و ١٤٥ و ١٦٤ و ١٨٠.

(١٣٤) سورة البقرة ٢ : ٤٤.

(١٣٥) سورة الصف ٦١ : ٢ و ٣.


يا أيها الرجل المعلم غيره

هلا لنفسك كان ذا التعليم

تصف الدواء من السقام لذي الردى

ومن الردى قد كنت أنت سقيم

لا تنه عن خلق وتأتي مثله

عار عليك إذا فعلت عظيم

وابدأ بنفسك فانهها عن غيها

فإذا انتهت عنه فأنت حليم

فهناك يقبل ما تقول ويقتدى

بالقول منك وينفع التعليم

نسأل الله العافية.

وإذ بطل الاحتجاج بالآية على أفضلية أبي بكر بن أبي قحافة ، فاعلم أن آيات الكتاب المجيد والفرقان الحميد دلت على أفضلية سيدنا ومولانا وإمامنا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه الصلاة والسلام.

وقد جمع الحاكم الحسكاني جملة صالحة منها في كتاب (شواهد التنزيل لقواعد التفضيل) وكذا أصحابنا ـ رحمهم‌الله ورضي عنهم ـ في مطولات زبرهم الكلامية ومختصراتها ، فمن شاء فليرجع إليها وليقف عليها.

والحمد لله على هدايته لدينه ، والتوفيق لما دعا إليه من سبيله ، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله الناهلين الرحيق المختوم من سلسبيله.

* * *


المصادر

١ ـ الإتقان في علوم القرآن ، للحافظ جلال الدين السيوطي ، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم.

٢ ـ أسباب النزول ، لعلي بن أحمد الواحدي النيسابوري ، ط البابي الحلبي ، مصر.

٣ ـ الإستيعاب في معرفة الأصحاب ، لابن عبد البر النمري القرطبي ـ المطبوع بهامش الإصابة ـ الطبعة الأولى سنة ١٣٢٨ ه.

٤ ـ أسد الغابة في معرفة الصحابة ، لعز الدين ابن الأثير الجزري ، ط دار الشعب ، مصر سنة ١٣٩٣ ه.

٥ ـ الإصابة في تمييز الصحابة ، للحافظ ابن حجر العسقلاني ، الطبعة الأولى سنة ١٣٢٨ ه.

٦ ـ بناء المقالة الفاطمية في نقض الرسالة العثمانية ، للشريف العلامة أحمد بن موسى بن طاووس ، تحقيق السيد علي العدناني الغريفي ، ط مؤسسة آل البيت : لإحياء التراث ، سنة ١٤١١ ه.

٧ ـ تاج العروس من جواهر القاموس ، لمرتضى الزبيدي ، ط المطبعة الخيرية بمصر سنة ١٣٠٧ ه.

٨ ـ تاريخ بغداد ، للخطيب البغدادي ، ط مطبعة السعادة بمصر سنة ١٣٤٩ ه.

٩ ـ تاريخ الخلفاء ، للحافظ جلال الدين السيوطي ، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد ، ط مطبعة السعادة سنة ١٣٧١ ه.

١٠ ـ تاريخ الطبري ، لمحمد بن جرير الطبري ، ط مصر.

١١ ـ تذكرة الحفاظ ، للحافظ شمس الدين الذهبي ـ ط حيدر آباد سنة ١٣٧٧ ه.

١٢ ـ الترغيب والترهيب ، للحافظ زكي الدين المنذري ، تحقيق


مصطفى محمد عمارة ، ط مصطفى البابي الحلبي ، مصر.

١٣ ـ تفسير الجلالين ، لجلال الدين المحلي وجلال الدين السيوطي ـ بهامش أنوار التنزيل للبيضاوي ـ ط مصطفى البابي الحلبي ، مصر سنة ١٣٨٨ ه.

١٤ ـ تنوير المقباس في تفسير ابن عباس ، لمحمد بن يعقوب الفيروزآبادي ـ بهامش الدر المنثور ـ ط المطبعة الميمنية بمصر سنة ١٣١٤ ه.

١٥ ـ تهذيب التهذيب ، للحافظ ابن حجر العسقلاني ، ط دار إحياء التراث العربي سنة ١٤١٢ ه.

١٦ ـ جامع البيان في تفسير القرآن (تفسير الطبري) ، لمحمد بن جرير الطبري ، ط المطبعة الأميرية ببولاق سنة ١٣٣٠ ه.

١٧ ـ حاشية العطار على شرح الجلال المحلي على جمع الجوامع ، ط دار الكتب العلمية ، بيروت.

١٨ ـ الدر المنثور في التفسير بالمأثور ، للحافظ جلال الدين السيوطي ، ط الميمنية سنة ١٣١٤ ه.

١٩ ـ دلائل الصدق ، للعلامة الشيخ محمد حسن المظفر ، أفسيت منشورات بصيرتي ـ قم.

٢٠ ـ روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني (تفسير الآلوسي) ، لشهاب الدين محمود بن عبد الله الآلوسي ، ط دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.

٢١ ـ زاد المسير في علم التفسير ، لأبي الفرج ابن الجوزي ـ الطبعة الأولى سنة ١٣٨٨ ه ـ ط المكتب الإسلامي للطباعة والنشر.

٢٢ ـ شرح الكافية ، لنجم الأئمة الحسن بن محمد الأسترآبادي ، ط الآستانة (شركة الصحافة العثمانية) سنة ١٣١٠ ه.

٢٣ ـ شرح نهج البلاغة ، لابن أبي الحديد المعتزلي ، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم ، ط سنة ١٣٨٥ ه.

٢٤ ـ صحيح البخاري ، لمحمد بن إسماعيل البخاري.

٢٥ ـ صحيح مسلم ، لمسلم بن الحجاج النيسابوري.


٢٦ ـ الصوارم المهرقة في جواب الصواعق المحرقة ، للقاضي الشهيد نور الله التستري ، تحقيق جلال الدين الأرموي ، ط مطبعة النهضة ، طهران سنة ١٣٦٧ ه.

٢٧ ـ عناية القاضي وكفاية الراضي ، لشهاب الدين الخفاجي (حاشية البيضاوي) ط دار الطباعة العامرة ببولاق ، مصر سنة ١٢٨٣ ه.

٢٨ ـ غرائب القرآن ورغائب الفرقان (تفسير النيسابوري) المطبوع بهامش تفسير الطبري ، للحسن بن محمد النيسابوري ، ط المطبعة الأميرية بمصر سنة ١٣٢٨ ه.

٢٩ ـ فتح الملك العلي بصحة حديث باب مدينة العلم علي عليه‌السلام ، للحافظ أحمد بن الصديق المغربي ، ط النجف ، تحقيق محمد هادي الأميني.

٣٠ ـ فضائل الخمسة من الصحاح الستة ، للعلامة الفيروزآبادي ، ط مؤسسة الأعلمي ، بيروت سنة ١٤٠٢ ه.

٣١ ـ قرب الإسناد ، للشيخ الجليل أبي العباس عبد الله بن جعفر الحميري ، ط مؤسسة آل البيت عليهم‌السلام لإحياء التراث ، قم سنة ١٤١٣ ه.

٣٢ ـ الكاشف في معرفة من له رواية في الكتب الستة ، للحافظ شمس الدين الذهبي ـ ط.

٣٣ ـ لباب النقول في أسباب النزول ، للحافظ جلال الدين السيوطي ، ط مصطفى البابي الحلبي ـ مصر.

٣٤ ـ مجمع البيان في تفسير القرآن ، للإمام أبي علي الفضل بن الحسن الطبرسي ، أفسيت المكتبة العلمية الإسلامية ـ طهران.

٣٥ ـ مجمع الزوائد ومنبع الفوائد ، للحافظ نور الدين الهيثمي ، ط مطبعة القدسي سنة ١٣٥٢ ه.

٣٦ ـ مروج الذهب ، لأبي الحسن علي بن الحسين المسعودي ، ط مطبعة السعادة سنة ١٩٤٨ م.

٣٧ ـ مسائل الرازي وأجوبتها من غرائب آي التنزيل ، لمحمد بن أبي بكر بن عبد القادر الرازي ، تحقيق إبراهيم عطوة عوض ، ط مطبعة مصطفى


البابي سنة ١٣٨١ ه.

٣٨ ـ المستصفى من علم الأصول ، لأبي حامد الغزالي ، ط المطبعة الأميرية بمصر سنة ١٣٢٥ ه.

٣٩ ـ مسند الإمام أحمد بن حنبل ، ط الميمنية سنة ١٣١٣ ه.

٤٠ ـ المصباح المنير في غريب الشرح الكبير ، لأحمد بن محمد الفيومي ، أفسيت منشورات دار الهجرة ـ قم.

٤١ ـ المطول في شرح تلخيص المفتاح ، لسعد الدين التفتازاني ، ط إسطنبول سنة ١٣٣٠ ه.

٤٢ ـ مفاتح الغيب (التفسير الكبير) ، لفخر الدين الرازي ، ط المطبعة البهية ـ مصر.

٤٣ ـ ميزان الاعتدال في نقد الرجال ، للحافظ شمس الدين الذهبي ، ط مطبعة عيسى البابي الحلبي سنة ١٣٨٢ ه.

٤٤ ـ الميزان في تفسير القرآن ، للعلامة السيد محمد حسين الطباطبائي ، ط مؤسسة الأعلمي ، بيروت.

٤٥ ـ هدي الساري ـ مقدمة فتح الباري ، للحافظ ابن حجر العسقلاني ، ط دار الريان للتراث ، مصر سنة ١٤٠٧ ه.

* * *


تشييد المراجعات.

وتفنيد المكابرات.

(٥)

السيد علي الحسيني الميلاني

المراجعة ـ ١٢

حجج الكتاب

قيل

(لا بد قبل التعرض لاستشهاد المؤلف بالآيات على ما ذهب إليه من كلمة موجزة في منهج الشيعة في تفسير القرآن الكريم :

إن الدارس للفرق والمذاهب التي نشأت بعد حركة الفتح الإسلامي واستقرار الإسلام بدولته المترامية ، لا بد وأنه يلاحظ أولا أن هذه الفرق اتخذت القرآن الكريم وسيلة للاستدلال على آرائها ، ولكن الفرق بين أصحاب الآراء الصحيحة التي لا تخالف الأصول الإسلامية وبين غيرهم من أصحاب المذاهب المبتدعة : أن الأوائل كانوا تابعين لما تدل عليه معاني القرآن الكريم ، موضحين لدلالات ألفاظه كما فهمها سلف الأمة وعلماؤها ، وكما فسرها الرسول صلى الله عليه [وآله] وسلم وأصحابه والتابعون لهم بإحسان ، فكانوا


ضمن دائرة التمسك بالكتاب والسنة ، لم يشذوا عنها.

أما أصحاب البدع والأهواء ، فقد رأوا آراء ، واعتقدوا اعتقادات أرادوا أن يروجوها على الناس ، فأعوزتهم الأدلة ، فالتفتوا إلى القرآن الكريم ... وهم كما قال ابن تيمية ...

أمثلة من مواقف الشيعة في التفسير : يقول ملا محسن الكاشي في مقدمة كتابه : (الصافي في تفسير القرآن الكريم) ...

وملا محسن الكاشي ممن يرى أن القرآن قد حرف ... ولا يتورع هذا الرافضي المفتري من الطعن على كبار الصحابة الكرام ، ويرميهم بكل نقيصة ، ويجردهم من كل مكرمة ، هكذا فعل مع عثمان في تفسير الآيتين ٨٤ و ٨٥ من سورة البقرة ، وهكذا فعل مع أبي بكر في تفسير الآية ٤٠ من سورة التوبة ، وكذلك طعن في أبي بكر وعمر وعائشة وحفصة عند تفسيره أول سورة التحريم (يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك ...)

ويعتقد عبد الله بن محمد رضا العلوي ـ الشهير بشبر ـ المتوفى سنة ١٢٤٢ أن القرآن قد حرف ... وعند تفسيره لقوله تعالى في الآية ٤٠ من سورة التوبة (ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها ...) الآية نجده يعرض عن تعيين هذا الذي صحب النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم في هجرته وهو أبو بكر ، ثم يصرح أو يلمح بما ينقص من قدره أو يذهب بفضله المنسوب إليه والمنوه به في القرآن الكريم ، فيقول ...).

أقول

لا بد قبل التعرض لاستدلال السيد ـ رحمه‌الله ـ بآيات الكتاب الكريم على ولاية أهل البيت عليهم‌السلام على ضوء الأخبار المتفق عليها بين


علماء الفريقين ، من ذكر الأمور التالية بإيجاز :

١ ـ إنه كما لغير الشيعة الإمامية الاثني عشرية من الفرق الإسلامية منهج في تفسير القرآن الكريم ، وفهم حقائقه وأحكامه ، وأسباب نزول آياته ... كذلك الشيعة ، وإن منهجهم يتلخص في الرجوع إلى القرآن وما ورد عن العترة المعصومين بالأسانيد المعتبرة ... وهذا أمر واضح ، وللتحقيق فيه مجال آخر.

٢ ـ إلا أن منهج البحث في كتب المناظرة يختلف ... فإن من الأصول التي يجب على الباحث المناظر الالتزام بها هو : الاستدلال بالروايات الواردة عن طريق رجال المذهب الذي يعتنقه الطرف المقابل ، وكلمات العلماء المحققين المعروفين من أبناء الطائفة التي ينتمي إليها.

فهذا مما يجب الالتزام به في كل بحث يتعلق بالفرق والمذاهب ، وإلا فإن كل فرقة ترى الحق في كتبها ورواياتها ، وتقول ببطلان ما ذهب إليه وقال به غيرها ، فتكون المناقشة بلا معنى والمناظرة بلا جدوى.

وعلى هذه القاعدة مشى السيد ـ رحمه‌الله ـ في (مراجعاته) مع شيخ الأزهر (الشيخ البشري) ...

وفي (حجج الكتاب) ... حيث يشير إلى المصادر السنية المقبولة لدى (الشيخ) ...

فكان القول بنزول الآية المباركة في أمير المؤمنين أو أهل البيت عليهم السلام قولا متفقا عليه بين الطرفين ، والحديث الوارد في ذلك سنة ثابتة يجب اتباعها والتمسك بها على كلا الفريقين.

وقد كانت هذه طريقة علمائنا المتقدمين ...

٣ ـ ولم نجد الالتزام بهذه الطريقة التي تفرضها طبيعة البحث والحوار في كلمات أكثر علماء أهل السنة ...

ومن أراد التأكد من هذا الذي نقوله فلينظر ـ مثلا ـ إلى كتاب (منهاج


الكرامة في إثبات الإمامة) للعلامة الحلي ، وما قاله ابن تيمية في (منهاجه) في الرد عليه ، وليقارن بين المنهاجين ، خصوصا في فصل الاستدلال بالكتاب ، فبدلا من أن يلتزم ابن تيمية بالقواعد والآداب أخذ يسب العلامة ويشتمه ويتهمه بأنواع التهم ، ثم يضطر إلى اتهام كبار أئمة السنة في التفسير والحديث ـ الذين نقل عنهم العلامة القول بنزول الآيات في أهل البيت ، كالثعلبي والواحدي والبغوي ونظرائهم ـ بنقل الموضوعات ورواية المكذوبات ، وأمثال ذلك من الاتهامات ، وسنتعرض لذلك في خلال البحث عن الآيات.

ثم إن ابن تيمية أصبح ـ وللأسف ـ قدوة للذين يجدون في أنفسهم حرجا مما قضى الله ورسوله ، فلووا رؤوسهم واستكبروا استكبارا ، أما الشيخ البشري وأمثاله ، فأذعنوا للحق واتبعوه ، فمنهم من أخفى ذلك ومنهم من أجهر به إجهارا ...

٤ ـ وفضائل الإمام علي وأهل البيت عليهم‌السلام في القرآن الكريم ، وما نزل فيهم من آياته الكريمة ، كثيرة جدا ، حتى أن جماعة من أعلام السنة أفردوا ذلك بالتأليف ...

هذا ، بالرغم من الحصار الشديد المضروب على رواية هذا النوع من الأحاديث ورواته.

أما غير أهل البيت ، فلم يدع ـ حتى في كتب القوم ـ نزول شئ من الآيات في حقهم ...!

أنظر إلى كلام القاضي عضد الدين الإيجي ـ المتوفى سنة ٧٥٦ ه ـ في كتابه (المواقف في علم الكلام) الذي هو من أجل متونهم في علم الكلام ، يقول :

(المقصد الرابع : في الإمام الحق بعد رسول الله صلى الله عليه [وآله]


وسلم ، وهو عندنا أبو بكر ، وعند الشيعة علي ، رضي‌الله‌عنهما. لنا وجهان : الأول : إن طريقه إما النص أو الاجماع. أما النص فلم يوجد ...) (١)

نعم ذكر في المقصد الخامس ، في أفضل الناس بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : (هو عندنا وأكثر قدماء المعتزلة أبو بكر ـ رضي‌الله‌عنه ـ ، وعند الشيعة وأكثر متأخري المعتزلة علي. لنا وجوه : الأول : قوله تعالى : (وسيجنبها الأتقى الذي يؤتي ماله يتزكى) (٢). قال أكثر المفسرين ـ واعتمد عليه العلماء ـ أنها نزلت في أبي بكر. الثاني : قوله عليه‌السلام ...) (٣).

فلم يستدل من الكتاب إلا بآية واحدة ، نسب إلى أكثر المفسرين نزولها في أبي بكر.

فهذه آية واحدة فقط!

وهناك آية ثانية ، وهي آية الغار ، جعلوها فضيلة لأبي بكر ، واستدلوا بها في الكتب.

أما آية الغار فممن تكلم في الاستدلال بها : المأمون العباسي ، الذي وصفه الحافظ السيوطي في كتابه (تاريخ الخلفاء وأمراء المؤمنين) فقال : (قرأ العلم في صغره وسمع الحديث من : أبيه ، وهشيم ، وعباد بن العوام ، ويوسف ابن عطية ، وأبي معاوية الضرير ، وإسماعيل بن علية ، وحجاج الأعور ، وطبقتهم. وأدبه اليزيدي ، وجمع الفقهاء من الآفاق ، وبرع في الفئة والعربية وأيام الناس ، ولما كبر عني بالفلسفة وعلوم الأوائل ومهر فيها ، فجره ذلك إلى القول بخلق القرآن.

__________________

(١) المواقف في علم الكلام ـ بشرح الجرجاني ـ ٨ / ٣٥٤.

(٢) سورة الليل ٩٢ : ١٧ و ١٨.

(٣) المواقف في علم الكلام ـ بشرح الجرجاني ـ ٨ / ٣٦٥.


روى عنه : ولده الفضل ، ويحيى بن أكثم ، وجعفر بن أبي عثمان الطيالسي ، والأمير عبد الله بن طاهر ، وأحمد بن الحارث الشيعي ، ودعبل الخزاعي ، وآخرون.

وكان أفضل رجال بني العباس حزما وعزما وحلما وعلما ورأيا ودهاء وهيبة وشجاعة وسؤددا وسماحة ، وله محاسن وسيرة طويلة ، لولا ما أتاه من محنة الناس في القول بخلق القرآن ، ولم يل الخلافة من بني العباس أعلم منه ، وكان فصيحا مفوها ...) (٤).

تكلم المأمون في آية الغار ، في مجلس ضم قاضي القضاة يحيى بن أكثم وأئمة العصر في الفقه والحديث ، في مسائل كثيرة من أبواب الفضائل والمناقب ، فكان أن قال لمخاطبه ـ وهو : إسحاق بن إبراهيم بن إسماعيل بن حماد بن زيد والراوي إسحاق نفسه ـ :

(... فما فضله الذي قصدت له الساعة؟ قلت : قول الله عزوجل : (ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا) (٥) فنسبه إلى صحبته.

قال : يا إسحاق ، أما إني لا أحملك على الوعر من طريقك ، إني وجدت الله تعالى نسب إلى صحبة من رضيه ورضي عنه كافرا وهو قوله : (قال له صاحبه وهو يحاوره أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سواك رجلا لكنا هو الله ربي ولا أشرك بربي أحدا) (٦).

قلت : إن ذلك كان صاحبا كافرا ، وأبو بكر مؤمن.

قال : فإذا جاز أن ينسب إلى صحبة من رضيه كافرا جاز أن ينسب

__________________

(٤) تاريخ الخلفاء : ٣٠٦.

(٥) سورة التوبة ٩ : ٤٠

(٦) سورة الكهف ١٨ : ٣٧ و ٣٨


إلى صحبة نبيه مؤمنا ، وليس بأفضل المؤمنين ولا الثاني ولا الثالث.

قلت : يا أمير المؤمنين ، إن قدر الآية عظيم. إن الله يقول (ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا)

قال : يا إسحاق ، تأبى الآن إلا أن أخرجك إلى الاستقصاء عليك ، أخبرني عن حزن أبي بكر ، أكان رضا أم سخطا؟

قلت : إن أبا بكر إنما حزن من أجل رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم خوفا عليه وغما أن يصل إلى رسول الله شئ من المكروه.

قال : ليس هذا جوابي. إنما كان جوابي أن تقول رضا أم سخط.

قلت : بل كان رضا لله.

قال : وكان الله جل ذكره بعث إلينا رسولا ينهى عن رضا الله عزوجل وعن طاعته؟!

قلت : أعوذ بالله.

قال : أوليس قد زعمت أن حزن أبي بكر رضا لله؟!

قلت : بلى.

قال : أولم تجد أن القرآن يشهد أن رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم قال : لا تحزن. نهيا له عن الحزن؟!

قلت : أعوذ بالله!

قال : يا إسحاق ، إن مذهبي الرفق بك ، لعل الله يردك إلى الحق ويعدل بك عن الباطل ، لكثرة ما تستعيذ به.

وحدثني عن قول الله : (فأنزل الله سكينته عليه) من عني بذلك ، رسول الله أم أبو بكر؟

قلت : بل رسول الله.

قال : صدقت.


قال : فحدثني عن قول الله عزوجل : (ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم) ـ إلى قوله : (ثم أنزل سكينته على رسوله وعلى المؤمنين) (٧) أتعلم من المؤمنين الذين أراد الله في هذا الموضع؟

قلت : لا أدري يا أمير المؤمنين.

قال : الناس جميعا انهزموا يوم حنين ، فلم يبق مع رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم إلا سبعة نفر من بني هاشم ، علي يضرب بسيفه بين يدي رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم ، والعباس آخذ بلجام بغلة رسول الله ، والخمسة محدقون به خوفا من أن يناله من جراح القوم شئ ، حتى أعطى الله لرسوله الظفر ، فالمؤمنون في هذا الموضع علي خاصة ثم من حضره من بني هاشم.

قال : فمن أفضل؟ من كان مع رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم في ذلك الوقت أم من انهزم عنه ولم يره الله موضعا لينزلها عليه؟

قلت : بل من أنزلت عليه السكينة.

قال : يا إسحاق ، من أفضل؟ من كان معه في الغار ، أم من نام على فراشه ووقاه بنفسه حتى تم لرسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم ما أراد من الهجرة؟

إن الله تبارك وتعالى أمر رسوله أن يأمر عليا بالنوم على فراشه وأن يقي رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم بنفسه. فأمره رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم بذلك ، فبكى علي ـ رضي‌الله‌عنه ـ ، فقال له رسول الله : ما يبكيك يا علي؟! ، أجزعا من الموت؟

قال : لا ، والذي بعثك بالحق يا رسول الله ، ولكن خوفا عليك ،

__________________

(٧) سورة التوبة ٩ : ٢٥ و ٢٦


أفتسلم يا رسول الله؟

قال : نعم ،

قال : سمعا وطاعة وطيبة نفسي بالفداء لك يا رسول الله.

ثم أتى مضجعه واضطجع وتسجى بثوبه. وجاء المشركون من قريش فحفوا به لا يشكون أنه رسول الله ، وقد أجمعوا أن يضربه من كل بطن من بطون قريش ضربة بالسيف لئلا يطلب الهاشميون من البطون بطنا بدمه ، وعلي يسمع ما القوم فيه من تلاف نفسه ، ولم يدعه ذلك إلى الجزع كما جزع صاحبه في الغار.

ولم يزل علي صابرا محتسبا فبعث الله ملائكته فمنعته من مشركي قريش ، حتى أصبح ، فلما أصبح قام ، فنظر القوم إليه ، فقالوا : أين محمد؟ قال : وما علمي بمحمد أين هو؟ قالوا : فلا نراك إلا مغرورا بنفسك منذ ليلتنا.

فلم يزل علي أفضل ، ما بدا به يزيد ولا ينقص ، حتى قبضه الله إليه) (٨).

وأما الآية الأخرى ، فقد ذكرنا في تعليقة (المواقف) في الجواب عن الاستدلال بها وجوها :

الأول : إن نزولها في أبي بكر غير متفق عليه بين المفسرين من أهل السنة ، وحتى كونه قول أكثر المفسرين غير ثابت ، وإن جاء ذلك في شرح المواقف (٩).

ومن المفسرين من حمل الآية على العموم ، ومنهم من قال بنزولها في

__________________

(٨) العقد الفريد ٥ / ٣٤٩.

(٩) شرح المواقف ٨ / ٣٦٦.


قصة أبي الدحداح وصاحب النخلة ، كما ذكر السيوطي (١٠).

والثاني : إن رواة نزولها في حق أبي بكر ما هم إلا آل الزبير ، وهؤلاء قوم منحرفون عن أمير المؤمنين الإمام علي عليه‌السلام ومعروفون بذلك.

والثالث : إن سند خبر نزولها في أبي بكر غير معتبر. قال الحافظ الهيثمي :

(وعن عبد الله بن الزبير قال : نزلت في أبي بكر الصديق ، (وما لأحد عنده من نعمة تجزى إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى * ولسوف يرضى) (١١)

رواة الطبراني وفيه : مصعب بن ثابت. وفيه ضعف) (١٢).

قلت :

وهذا الرجل هو : مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير ، ولاحظ الكلمات في تضعيفه بترجمته (١٣).

هذا بالنسبة إلى أبي بكر.

وأما عمر وعثمان ، فلم يزعموا نزول شئ فيهما من القرآن ...

٥ ـ بل لو تتبعت كتبهم في مختلف العلوم لوجدت للقوم مثالب في القرآن الكريم ، ونحن الآن في غنى عن التعرض لمثل هذه الأمور ، غير أنا نشير إلى أن نزول قوله تعالى : (يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضات أزواجك والله غفور رحيم * قد فرض الله لكم تحلة

__________________

(١٠) الدر المنثور ٦ / ٣٥٨.

(١١) سورة الليل ٩٢ : ١٩ ـ ٢١.

(١٢) مجمع الزوائد ٩ / ٥٠.

(١٣) تهذيب التهذيب ١٠ / ١٤٤.


أيمانكم والله مولاكم وهو العليم الحكيم * وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثا فلما نبأت به وأظهره الله عليه عرف بعضه وأعرض عن بعض فلما نبأها به قالت من أنبأك هذا قال نبأني العليم الخبير * إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير * عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن مسلمات مؤمنات ...) (١٤) في عائشة وحفصة مذكور في أشهر كتب القوم من الصحاح وغيرها ، فراجع إن شئت :

مسند أحمد بن حنبل ١ / ٣٣.

صحيح البخاري : كتاب النكاح ، باب في موعظة الرجل ابنته.

صحيح البخاري : كتاب التفسير ، بتفسير الآية : (تبتغي مرضات أزواجك).

صحيح مسلم : كتاب الرضاع ، باب في الايلاء واعتزال النساء.

صحيح الترمذي : ٢ / ٢٣١.

صحيح النسائي : ٢ / ١٤٠.

وفي هذا القدر كفاية ، لتعلم أن القصة التي أوردها الشيخ محسن الكاشاني مذكورة في كتبهم ، ولتعرف من المتقول المفتري!!

وبعد المقدمة ، وقبل الورود في (تشييد المراجعات) نقول :

لقد كان ابن تيمية ـ كما أشرنا من قبل ـ قدوة للمكابرين من بعده ، فهم متى ما أعوزهم الدليل ، وعجزوا عن المناقشة ، لجأوا إلى كلماته المضطربة المتهافتة ، التي لا علاقة لها بالمطلب ولا أساس لها من الصحة ، ... ومن ذلك هذا المورد ، وبيان ذلك بإيجاز هو :

__________________

(١٤) سورة التحريم ٦٦ : ١ ـ ٥


إن المقام ليس مقام البحث عن المناهج التفسيرية عند هذه الفرقة أو تلك ، وإنما المقصود ذكر الأخبار والأقوال الواردة في كتب أهل السنة المعروفة في طائفة من آيات الكتاب النازلة في حق أمير المؤمنين وأهل البيت عليهم‌السلام ... فهذا هو المقصود ،

وأما أن منهج الشيعة في التفسير ما هو؟ ومنهج غيرهم ما هو؟ وأي منهما هو الصحيح؟ فتلك بحوث تطرح في محلها.

ثم إن للشيعي أن يقول نفس هذا الكلام الذي قاله القائل ، فيقول : (إن الدارس للفرق والمذاهب ... ولكن الفرق بين أصحاب الآراء الصحيحة التي لا تخالف الأصول الإسلامية ، وبين غيرهم من أصحاب المذاهب المبتدعة ...).

لكن من هم (أصحاب الآراء الصحيحة)؟! ومن هم (أصحاب المذاهب المبتدعة)؟!

فنحن نقول : إن (أصحاب الآراء الصحيحة) في فهم القرآن الكريم ، هم أتباع الأئمة الطاهرين من أهل البيت ، كالإمامين الباقر والصادق عليهما السلام ...

وإن (أصحاب المذاهب المبتدعة) هم : عكرمة البربري ... وأمثاله.

وسنفصل الكلام في التعريف بعكرمة وأمثاله على ضوء كلمات أهل السنة.

وعلى الجملة : فإن السيد ، ـ رحمه‌الله ـ لم يستدل في بحوثه هذه بالآيات الكريمة على (منهج الشيعة في التفسير) ، وإنما استدل بروايات أهل السنة وأقوال مفسريهم المشاهير على ما هو (منهج البحث والمناظرة).

وتعرض هذا القائل هنا لمسألة (تحريف القرآن) .. وهذه أيضا لا علاقة


لها بالبحث ، وإنما الغرض من ذكرها هنا تشويش ذهن القارئ وتشويه مذهب الشيعة ، ونحن نحيل القارئ المنصف إلى كتابنا المطبوع المنتشر في الموضوع وهو : (التحقيق في نفي التحريف عن القرآن الشريف) (١٥) ليظهر له رأينا في المسألة ، ويتبين له من القائل بالتحريف!

فلنشرع في (تشييد المراجعات) : في (حجج الكتاب) :

__________________

(١٥) نشر أولا في حلقات في مجلة تراثنا ، في الأعداد ٦ ـ ١٤ ثم نشرته مؤسسة دار القرآن الكريم في ٣٧١ صفحة ، ولعلة خير كتاب أخرج للناس في موضوعه.


آية التطهير

قال السيد :

مخاطبا الشيخ سليم البشري :

(إنكم ـ بحمد الله ـ ممن وسعوا الكتاب علما ، وأحاطوا بجليه وخفيه خبرا ، فهل نزل من آياته الباهرة في أحد ما نزل في العترة الطاهرة؟! هل حكمت محكماته بذهاب الرجس عن غيرهم؟ وهل لأحد من العالمين كآية تطهيرهم؟!).

أقول :

هذه الآية المباركة هي قوله تعالى : (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) (١٦).

وقد استدل بها أصحابنا ـ تبعا لأئمة العترة الطاهرة ـ على عصمة (أهل البيت) ومن ثم فهي من أدلة إمامة أمير المؤمنين عليه‌السلام والأئمة الطاهرين بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

وقد كابر بشأنها الخوارج ، والنواصب ، والمخالفون ل (أهل البيت) منذ اليوم الأول ، وإلى يومنا هذا ... ولذا كانت هذه الآية موضع البحث والتحقيق والأخذ والرد ، وكتبت حولها الكتب والدراسات الكثيرة (١٧).

__________________

(١٦) سورة الأحزاب ٣٣ : ٣٣.

(١٧) ولنا فيها كتاب ردا على كتيب للدكتور علي أحمد السالوس أسماه : (آية التطهير بين أمهات المؤمنين وأهل الكساء) وهو تحت الطبع وسيصدر قريبا بإذن الله ... وهناك التفصيل الأكثر.


ونحن نذكر وجه الاستدلال ، ولينظر الناظرون هل هو (ضمن دائرة التمسك بالكتاب والسنة). أو ، لا؟!

وهذه هي الأقوال في المسألة نقلا عن أحد المتعصبين ضد الشيعة الإمامية :

(وفي المراد بأهل البيت ها هنا ثلاثة أقوال :

أحدهما : أنهم نساء رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم ، لأنهن في بيته. رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس. وبه قال عكرمة وابن السائب ومقاتل. ويؤكد هذا القول أن ما قبله وما بعده متعلق بأزواج رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم. وعلى أرباب هذا القول اعتراض وهو : إن جمع المؤنث بالنون فكيف قيل (عنكم) و (يطهركم)؟ فالجواب : إن رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم فيهن فغلب المذكر.

والثاني : إنه خاص في : رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم وعلي ، وفاطمة والحسن ، والحسين. قاله أبو سعيد الخدري ، وروي عن : أنس وعائشة وأم سلمة نحو ذلك.

والثالث : إنهم أهل رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم وأزواجه ، قاله الضحاك) (١٨).

فهذه عبارة الحافظ ابن الجوزي ...

فالقائل باختصاص الآية بالرسول وبضعته ووصيه وسبطيه ـ عليهم الصلاة والسلام ، هم جماعة من الصحابة ، وعلى رأسهم : أم سلمة وعائشة ... من زوجاته ...

__________________

(١٨) زاد المسير في علم التفسير ـ للحافظ ابن الجوزي ، المتوفى سنة ٥٩٧ ـ ٦ / ٣٨١ ـ ٣٨٢.


وعلى رأس القائلين بكونها خاصة بالأزواج : عكرمة البربري ... لما سيأتي من أن ابن عباس من القائلين بالقول الثاني.

أما القول الثالث فلم يحكه إلا عن الضحاك :

فمن هم (أصحاب الآراء الصحيحة)؟! ومن هم (أصحاب البدع والأهواء)؟!

ولماذا أعرض الذين ادعوا أنهم (كانوا تابعين لما تدل عليه معاني القرآن الكريم ، موضحين لدلالات ألفاظه كما فهمها سلف الأمة وعلماؤها ، وكما فسرها الرسول صلى الله عليه [وآله] وسلم وأصحابه والتابعون لهم بإحسان) عن قول أم سلمة وعائشة وجماعة من كبار الصحابة ومشاهيرهم ـ كما سيجئ ، وأخذوا بقول (عكرمة) الذي ستعرفه وأمثاله؟!

وأما تفضيل المطلب ، ففي فصول :


الفصل الأول

في تعيين النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قولا وفعلا

المراد من (أهل البيت)

فقد أخرج جماعة من كبار الأئمة والحفاظ والأئمة حديث الكساء الصريح في اختصاص الآية المباركة بالرسول وأهل بيته الطاهرين عليهم الصلاة والسلام ، عن عشرات من الصحابة :

من الصحابة الرواة لحديث الكساء :

ونحن نذكر عدة منهم فقط :

١ ـ عائشة بنت أبي بكر.

٢ ـ أم سلمة زوجة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

٣ ـ عبد الله بن العباس.

٤ ـ سعد بن أبي وقاص.

٥ ـ أبو الدرداء.

٦ ـ أنس بن مالك.

٧ ـ أبو سعيد الخدري.

٨ ـ واثلة بن الأسقع.

٩ ـ جابر بن عبد الله الأنصاري.

١٠ ـ زيد بن أرقم.

١١ ـ محمد بن أبي سلمة.


١٢ ـ ثوبان مولى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

من الأئمة الرواة لحديث الكساء.

ونكتفي بذكر أشهر المشاهير منهم :

١ ـ أحمد بن حنبل ، المتوفى سنة : ٢٤١.

٢ ـ عبد بن حميد الكشي ، المتوفى سنة : ٢٤٩.

٣ ـ مسلم بن الحجاج ، صاحب الصحيح ، المتوفى سنة ٢٦١.

٤ ـ أبو حاتم محمد بن إدريس الرازي ، المتوفى سنة : ٢٧٧.

٥ ـ أحمد بن عبد الخالق البزار ، المتوفى سنة : ٢٩٢.

٦ ـ محمد بن عيسى الترمذي ، المتوفى سنة ٢٩٧.

٧ ـ أحمد بن شعيب النسائي المتوفى سنة ٣٠٣.

٨ ـ أبو عبد الله محمد بن علي الحكيم الترمذي.

٩ ـ أبو جعفر محمد بن جرير الطبري ، المتوفى سنة : ٣١٠.

١٠ ـ عبد الرحمن بن محمد بن إدريس الرازي ، الشهير بابن أبي حاتم ، المتوفى سنة ٣٢٧.

١١ ـ سليمان بن أحمد الطبراني ، المتوفى سنة : ٣٦٠.

١٢ ـ أبو عبد الله الحاكم النيسابوري ، المتوفى سنة : ٤٠٥.

١٣ ـ أبو نعيم أحمد بن عبد الله الأصفهاني ، المتوفى سنة ٤٣٠.

١٤ ـ أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي ، المتوفى سنة ٤٥٨.

١٥ ـ أبو بكر أحمد بن علي ، المعروف بالخطيب البغدادي ، المتوفى سنة ٤٦٣.

١٦ ـ أبو السعادات المبارك بن محمد ، المعروف بابن الأثير ، المتوفى


سنة ٦٠٦.

١٧ ـ شمس الدين محمد بن أحمد الذهبي ، المتوفى سنة ٧٤٨.

١٨ ـ جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي ، المتوفى سنة ٩١١.

من ألفاظ الحديث في الصحاح والمسانيد وغيرها :

وهذه نبذة من ألفاظ الحديث بأسانيدها (١٩) :

ففي المسند : (حدثنا عبد الله ، حدثني أبي ، ثنا عبد الله بن نمير قال : ثنا عبد الملك ـ يعني ابن أبي سليمان ـ عن عطاء بن أبي رباح قال : حدثني من سمع أم سلمة تذكر أن النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم كان في بيتها ، فأتته فاطمة ببرمة فيها خزيرة ، فدخلت بها عليه ، فقال لها : ادعي زوجك وابنيك.

قالت : فجاء علي والحسين والحسن فدخلوا عليه فجلسوا يأكلون من تلك الخزيرة وهو على منامة له على دكان تحته كساء خيبري.

قالت وأنا أصلي في الحجرة ، فأنزل الله عزوجل هذه الآية : (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا)

قالت : فأخذ فضل الكساء فغشاهم به ، ثم أخرج يده فألوى بها إلى السماء ثم قال : اللهم هؤلاء أهل بيتي وخاصتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا.

قالت : فأدخلت رأسي البيت فقلت : وأنا معكم يا رسول الله؟

__________________

(١٩) نعم ، هذه نبذة من الروايات ، إذ لم نورد كل ما في المسند أو المستدرك أو غيرهما ، بل لم نورد شيئا من تفسير الطبري وقد أخرجه من أربعة عشر طريقا ، ولا من كثير من المصادر المعتبرة في التفسير والحديث وتراجم الصحابة وغيرها.


قال : إنك إلى خير ، إنك إلى خير.

قال عبد الملك : وحدثني أبو ليلى عن أم سلمة مثل حديث عطاء سواء.

قال عبد الملك : وحدثني داود بن أبي عوف الجحاف ، عن (٢٠) حوشب ، عن أم سلمة بمثله سواء) (٢١).

وفي المسند : (حدثنا عبد الله ، حدثني أبي ، ثنا عفان ، ثنا حماد بن سلمة قال : ثنا علي بن زيد ، عن شهر بن حوشب ، عن أم سلمة : أن رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم قال لفاطمة: ائتيني بزوجك وابنيك ، فجاءت بهم ، فألقى عليهم كساء فدكيا.

قال : ثم وضع يده عليهم ثم قال : اللهم إن هؤلاء آل محمد ، فاجعل صلواتك وبركاتك على محمد وعلى آل محمد ، إنك حميد مجيد.

قالت أم سلمة : فرفعت الكساء لأدخل معهم ، فجذبه من يدي وقال : إنك على خير) (٢٢).

وفي المسند : (حدثنا عبد الله ، حدثني أبي ، ثنا يحيى بن حماد ، ثنا أبو عوانة ، ثنا أبو بلج ، ثنا عمرو بن ميمون ، قال : إني لجالس إلى ابن عباس إذ أتاه تسعة رهط فقالوا : يا ابن عباس. إما أن تقوم معنا وإما أن تخلونا هؤلاء.

قال : فقال ابن عباس : بل أقوم معكم.

قال : وهو يومئذ صحيح قبل أن يعمى. قال : فاتندوا فتحدثوا ، فلا ندري ما قالوا.

__________________

(٢٠) كذا.

(٢١) مسند أحمد ٦ / ٢٩٢.

(٢٢) مسند أحمد ٦ / ٣٢٣.


قال : فجاء ينفض ثوبه ويقول : أف وتف ، وقعوا في رجل له عشر ، وقعوا في رجل قال له النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم (فذكر مناقب لعلي ، منها :) (وأخذ رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم ثوبه فوضعه على علي وفاطمة وحسن وحسين فقال : (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا)» (٢٣)

وفي صحيح مسلم : (حدثنا أبو بكر ابن أبي شيبة ومحمد بن عبد الله ابن نمير ـ واللفظ لأبي بكر ـ قالا : حدثنا محمد بن بشر ، عن زكريا ، عن مصعب بن شيبة ، عن صفية بنت شيبة ، قالت : قالت عائشة : خرج النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم غداة وعليه مرط مرجل من شعر أسود ، فجاء الحسن بن علي فأدخله ، ثم جاء الحسين فدخل معه ، ثم جاءت فاطمة فأدخلها ، ثم جاء علي فأدخله ، ثم قال : (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) (٢٤).

وفي جامع الأصول : (٦٦٨٩ ت أم سلمة ـ رضي‌الله‌عنها ـ قالت : إن هذه الآية نزلت في بيتي (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) قالت : وأنا جالسة عند الباب فقلت : يا رسول الله ، ألست من أهل البيت؟ فقال : إنك إلى خير ، أنت من أزواج رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم.

قالت : وفي البيت : رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم وعلي وفاطمة وحسن وحسين ، فجللهم بكسائه وقال : اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا.

وفي رواية : إن النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم جلل على الحسن

__________________

(٢٣) مسند أحمد ١ / ٣٣٠.

(٢٤) صحيح مسلم ٧ / ١٣٠.


والحسين وعلي وفاطمة ثم قال : اللهم هؤلاء أهل بيتي وحامتي ، أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا.

قالت أم سلمة : وأنا معهم يا رسول الله؟ قال : إنك إلى خير.

أخرج الترمذي الرواية الآخرة ، والأولى ذكرها رزين. ٦٦٩٠ ت عمر بن أبي سلمة ـ رضي‌الله‌عنه ـ قال : نزلت هذه الآية على النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم : (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) في بيت أم سلمة ، فدعا النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم فاطمة وحسنا وحسينا ، فجللهم بكساء وعلي خلف ظهره ، ثم قال : اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا.

قالت أم سلمة : وأنا معهم يا نبي الله؟ ،

قال : أنت على مكانك ، وأنت على خير.

أخرجه الترمذي.

٦٦٩١ ت أنس بن مالك ـ رضي‌الله‌عنه ـ إن رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم كان يمر بباب فاطمة إذا خرج إلى الصلاة حين نزلت هذه الآية ، قريبا من ستة أشهر ـ يقول : الصلاة أهل البيت (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا).

أخرجه الترمذي.

٦٦٩٢ م ، عائشة ـ رضي‌الله‌عنها ـ قالت : خرج النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم وعليه مرط مرجل أسود ، فجاءه الحسن فأدخله ، ثم جاءه الحسين فأدخله ، ثم جاءت فاطمة فأدخلها ، ثم جاء علي فأدخله ، ثم قال : (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس) الآية.


أخرجه مسلم) (٢٥).

وفي الخصائص : (أخبرنا محمد بن المثنى قال : أخبرنا أبو بكر الحنفي قال : حدثنا بكر بن مسمار قال : سمعت عامر بن سعد يقول : قال معاوية لسعد بن أبي وقاص :

ما يمنعك أن تسب ابن أبي طالب؟!

قال : لا أسبه ما ذكرت ثلاثا قالهن رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم ، لئن يكون لي واحدة منهن أحب إلي من حمر النعم :

لا أسبه ما ذكرت حين نزل الوحي عليه ، فأخذ عليا وابنيه وفاطمة فأدخلهم تحت ثوبه ثم قال : رب هؤلاء أهل بيتي وأهلي.

ولا أسبه ما ذكرت حين خلفه في غزوة غزاها ...

ولا أسبه ما ذكرت يوم خيبر ...) (٢٦).

وفي الخصائص : (أخبرنا قتيبة بن سعيد البلخي وهشام بن عمار الدمشقي قالا : حدثنا حاتم ، عن بكير بن مسمار ، عن عامر بن سعد بن أبي وقاص قال : أمر معاوية سعدا فقال : ما يمنعك أن تسب أبا تراب؟! فقال : أنا إن ذكرت ثلاثا قالهن رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم فلن أسبه ، لئن يكون لي واحدة منها أحب إلي من حمر النعم :

سمعت رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم يقول له ـ وخلفه في بعض مغازيه ...

وسمعته يقول يوم خيبر : ...

ولما نزلت (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت

__________________

(٢٥) جامع الأصول ١٠ / ١٠٠ ـ ١٠١.

(٢٦) خصائص علي : ٨١ طبعة النجف الأشرف.


ويطهركم تطهيرا) دعا رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم عليا وفاطمة وحسنا وحسينا فقال : اللهم هؤلاء أهل بيتي) (٢٧).

أقول :

أخرجه ابن حجر العسقلاني باللفظ الأول في (فتح الباري) بشرح حديث : (أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون ...) فقال :

(ووقع في رواية عامر بن سعد بن أبي وقاص عند مسلم والترمذي قال : قال معاوية لسعد : ما منعك أن تسب أبا تراب؟!

قال : أما ما ذكرت ثلاثا قالهن له رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم فلن أسبه ، فذكر هذا الحديث ،

وقوله : لأعطين الراية رجلا يحبه الله ورسوله.

وقوله : لما نزلت (فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم) دعا عليا وفاطمة والحسن والحسين ، فقال : اللهم هؤلاء أهل بيتي) (٢٩).

وهذا تحريف للحديث! ، إذ أسقط أولا : (فأدخلهم تحت ثوبه) ثم جعلت الآية النازلة هي آية المباهلة لا آية التطهير! فتأمل.

وفي الخصائص : أخرج حديث عمرو بن ميمون عن ابن عباس ، المتقدم عن المسند (٣٠).

وفي المستدرك : (حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، ثنا العباس بن محمد الدوري ، ثنا عثمان بن عمر ، ثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار ، ثنا

__________________

(٢٧) خصائص علي : ٤٩.

(٢٨) سورة آل عمران ٣ : ٦١.

(٢٩) فتح الباري ـ شرح صحيح البخاري ٧ / ٦٠.

(٣٠) خصائص علي : ٦٢.


شريك بن أبي نمر ، عن عطاء بن يسار ، عن أم سلمة ـ رضي‌الله‌عنها ـ أنها قالت :

في بيتي نزلت هذه الآية (أنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت) قالت : فأرسل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى علي وفاطمة والحسن والحسين ـ رضوان الله عليهم أجمعين ـ فقال : اللهم هؤلاء أهل بيتي.

قالت أم سلمة : يا رسول الله ، وأنا من أهل البيت؟

قال : إنك أهلي خير (٣١) وهؤلاء أهل بيتي. اللهم أهلي أحق.

هذا حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه.

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، أنبأ العباس بن الوليد بن مزيد : أخبرني أبي قال : سمعت الأوزاعي يقول : حدثني أبو عمار قال : حدثني واثلة بن الأسقع ـ رضي‌الله‌عنه ـ قال : جئت عليا ـ رضي‌الله‌عنه ـ فلم أجده. فقالت فاطمة ـ رضي‌الله‌عنها ـ : انطلق إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يدعوه فاجلس ، فجاء مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فدخل ودخلت معهما. قال : فدعا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حسنا وحسينا فأجلس كل واحد منهما على فخذه وأدنى فاطمة من حجره وزوجها ثم لف عليهم ثوبه وأنا شاهد فقال : (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) اللهم هؤلاء أهل بيتي.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه) (٣٢).

وفي تلخيص المستدرك : وافق الحاكم على التصحيح (٣٣).

__________________

(٣١) كذا.

(٣٢) المستدرك على الصحيحين ٢ / ٤١٦ كتاب التفسير.

(٣٣) تلخيص المستدرك ٢ / ٤١٦.


ورواه الذهبي بإسناد له عن شهر بن حوشب عن أم سلمة وفيه : (قالت : فأدخلت رأسي فقلت : يا رسول الله وأنا معكم؟

قال : أنت إلى خير ـ مرتين ـ).

ثم قال : (رواه الترمذي مختصرا وصححه من طريق الثوري ، عن زبيد ، عن شهر بن حوشب) (٣٤).

وفي الصواعق المحرقة : (الآية الأولى : قال الله تعالى : (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) أكثر المفسرين على أنها نزلت في علي وفاطمة والحسن والحسين. لتذكير ضمير (عنكم) وما بعده) (٣٥).

ممن نص على صحة الحديث :

هذا ، وقد قال جماعة من الأئمة بصحة الحديث الدال على اختصاص الآية الكريمة بأهل البيت عليهم‌السلام : إذ أخرجوه في الصحيح أو نصوا على صحته ، ومن هؤلاء :

١ ـ أحمد بن حنبل. بناء على التزامه بالصحة في (المسند).

٢ ـ مسلم بن الحجاج ، إذ أخرجه في (صحيحه).

٣ ـ ابن حبان ، إذ أخرجه في (صحيحه).

٤ ـ الحاكم النيسابوري ، إذ صححه في (المستدرك).

٥ ـ الذهبي ، إذ صححه في (تلخيص المستدرك) تبعا للحاكم.

٦ ـ ابن تيمية ، إذ قال : (فصل ـ وأما حديث الكساء فهو صحيح ، رواه

__________________

(٣٤) سير أعلام النبلاء ١٠ / ٣٤٦.

(٣٥) الصواعق المحرقة : ٨٥.


أحمد والترمذي من حديث أم سلمة ، ورواه مسلم في صحيحه من حديث عائشة ...) (٣٦).

ما دلت عليه الأحاديث :

وهذه الأحاديث الواردة في الصحاح والمسانيد ومعاجم الحديث ، بأسانيد صحيحة متكاثرة جدا ، أفادت نقطتين :

أولا : إن المراد ب (أهل البيت) في الآية المباركة هم : النبي وعلي وفاطمة والحسن والحسين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ، لا يشركهم أحد لا من الأزواج ولا من غيرهن مطلقا ،

أما الأزواج فلأن الأحاديث نصت على أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وسلم لم يأذن بدخول واحدة منهن تحت الكساء ،

وأما غيرهن ، فلأن النبي إنما أمر فاطمة بأن تجئ بزوجها وولديها فحسب ، فلو أراد أحدا غيرهم ـ حتى من الأسرة النبوية ـ. لأمر بإحضاره.

وثانيا : إن الآية المباركة نزلت في واقعة معينة وقضية خاصة ، ولا علاقة لها بما قبلها وما بعدها ... ولا ينافيه وضعها بين الآيات المتعلقة بنساء النبي ، إذ ما أكثر الآيات المدنية بين الآيات المكية وبالعكس ، ويشهد بذلك :

١ ـ مجئ الضمير : (عنكم) و (يطهركم) دون : عنكن ويطهركن.

٢ ـ اتصال الآيات التي بعد آية التطهير بالتي قبلها ، بحيث لو رفعت آية التطهير لم يختل الكلام أصلا ... فليست عجزا لآية ولا صدرا لأخرى ... كما لا يخفى.

__________________

(٣٦) منهاج السنة ٥ / ١٣.


ثم ما ألطف ما جاء في الحديث جوابا لقول أم سلمة : (ألست من أهل البيت؟) قال : (أنت من أزواج رسول الله)!! فإنه يعطي التفصيل مفهوما ومصداقا بين العنوانين : عنوان (أهل البيت) وعنوان (الأزواج) أو (نساء النبي).

فتكون الآيات المبدوءة ـ في سورة الأحزاب ـ ب (يا نساء النبي) (٣٧) خاصة ب (الأزواج) والآية (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت) خاصة بالعترة الطاهرة.

وحديث مروره صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بباب فاطمة وقوله : الصلاة أهل البيت (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) .. رواه كثيرون كذلك لا نطيل بذكر رواياته.

__________________

(٣٧) سورة الأحزاب ٣٣ : ٣٢.


الفصل الثاني

في سقوط القولين الآخرين

وبهذه الأحاديث الصحيحة المتفق عليها بين المسلمين يسقط القولان الآخران ، لأن المفروض أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فسر بنفسه ـ قولا وفعلا ـ الآية المباركة ، وعين من نزلت فيه ، فلا يسمع ـ والحال هذه ـ ما يخالف تفسيره كائنا من كان القائل ، فكيف والقائل بالقول الأول هو (عكرمة)؟!

وقد كان هذا الرجل أشد الناس مخالفة لنزول الآية في العترة الطاهرة فقط.

فقد حكي عنه أنه كان ينادي في الأسواق بنزولها في زوجات النبي فقط (٣٨) وأنه كان يقول : (من شاء باهلته أنها نزلت في نساء النبي خاصة) (٣٩).

وقد كان القول بنزولها في العترة هو الرأي الذي عليه المسلمون ، كما يبدو من هذه الكلمات ، بل جاء التصريح به في كلامه حيث قال : (ليس بالذي تذهبون إليه إنما هو نساء النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) (٤٠).

إلا أن من غير الجائز الأخذ بقول عكرمة في هذا المقام وأمثاله :

__________________

(٣٨) تفسير الطبري ، تفسير ابن كثير ٣ / ٤١٥ ، أسباب النزول : ٢٦٨.

(٣٩) الدر المنثور ٥ / ١٩٨ ، تفسير ابن كثير ٣ / ٤١٥.

(٤٠) الدر المنثور ٥ / ١٩٨.


ترجمة عكرمة :

فإن عكرمة البربري من أشهر الزنادقة الذين وضعوا الأحاديث للطعن في الإسلام ، وإليك طرفا من تراجمه في الكتب المعتبرة المشهورة (٤١) :

١ ـ طعنه في الدين :

لقد ذكروا أن هذا الرجل كان طاعنا في الإسلام ، مستهزئا بالدين ، من أعلام الضلالة ودعاة السوء ،

فقد نقلوا عنه أن قال : إنما أنزل الله متشابه القرآن ليضل به!

وقال في وقت الموسم : وددت أني اليوم بالموسم وبيدي حربة فأعترض بها من شهد الموسم يمينا وشمالا!.

وأنه وقف على باب مسجد النبي وقال : ما فيه إلا كافر!

وذكروا أنه كان لا يصلي ، وأنه كان في يده خاتم من الذهب ، وأنه كان يلعب بالنرد ، وأنه كان يستمع الغناء.

٢ ـ كان من دعاة الخوارج :

وأنه إنما أخذ أهل إفريقية رأي الصفرية ـ وهم من غلاة الخوارج ـ منه ، وقد ذكروا أنه نحل ذلك الرأي إلى ابن عباس.

وعن يحيى بن معين : إنما لم يذكر مالك عكرمة ، لأن عكرمة كان

__________________

(٤١) طبقات ابن سعد ٥ / ٢٨٧ ، الضعفاء الكبير ٣ / ٣٧٣ ، تهذيب الكمال ٢٠ / ٢٦٤ ، وفيات الأعيان ١ / ٣١٩ ، ميزان الاعتدال ٣ / ٩٣ المغني في الضعفاء ٢ / ٨٤ ، سير أعلام النبلاء ٥ / ٩ ، تهذيب التهذيب ٧ / ٢٦٣ ـ ٢٧٣.


ينتحل رأي الصفرية.

وقال الذهبي : قد تكلم الناس في عكرمة ، لأنه كان يرى رأي الخوارج.

٣ ـ كان كذابا :

كذب على سيده ابن عباس حتى أوثقه علي بن عبد الله بن عباس على باب كنيف الدار. فقيل له : أتفعلون هذا بمولاكم؟! قال : إن هذا يكذب على أبي.

وعن سعيد بن المسيب ، أنه قال لمولاه : يا برد ، إياك أن تكذب علي كما يكذب عكرمة على ابن عباس.

وعن ابن عمر ، أنه قال لمولاه : إتق الله ، ويحك يا نافع ، لا تكذب علي كما كذب عكرمة على ابن عباس.

وعن القاسم : إن عكرمة كذاب.

وعن ابن سيرين ويحيى بن معين ومالك : كذاب.

وعن أين ذويب : كان غير ثقة.

وحرم مالك الرواية عنه.

وأعرض عنه مسلم بن الحجاج.

وقال محمد بن سعد : ليس يحتج بحديثه.

٤ ـ ترك الناس جنازته :

ولهذه الأمور وغيرها ترك الناس جنازته ، قيل : فما حمله أحد ، حتى اكتروا له أربعة رجال من السودان.

* * *


ترجمة مقاتل :

ومقاتل حاله كحال عكرمة ، فقد أدرجه كل من : الدارقطني ، والعقيلي ، وابن الجوزي ، والذهبي في (الضعفاء) ... وتكفينا كلمة الذهبي : (أجمعوا على تركه) (٤٢)

ترجمة الضحاك :

وأما القول الآخر فقد عزاه ابن الجوزي إلى الضحاك بن مزاحم فقط : وهذا الرجل أدرجه ابن الجوزي نفسه كالعقيلي في (الضعفاء) وتبعهما الذهبي فأدرجه في (المغني في الضعفاء) ... ونفوا أن يكون لقي ابن عباس بل ذكر بعضهم أنه لم يشافه أحدا من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وسلم.

وعن يحيى بن سعيد : كان الضحاك عندنا ضعيفا.

قالوا : وكانت أمة حاملا به سنتين! (٤٣)

هذا ، ولكن في نسبة هذا القول ـ كنسبة القول الأول إلى ابن السائب الكلبي ـ كلام ، فقد نسب إليهما القول باختصاص الآية بالخمسة الأطهار في المصادر وهو الصحيح ، كما حققنا ذلك في الرد على السالوس.

* * *

__________________

(٤٢) سير أعلام النبلاء ٧ / ٢٠١.

(٤٣) تهذيب الكمال ١٣ / ٢٩١ ، ميزان الاعتدال ٢ / ٣٢٥ ، المغني في الضعفاء ١ / ٣١٢.


الفصل الثالث

في دلالة الآية المباركة على عصمة أهل البيت

وكما أشرنا من قبل ، فإن أصحابنا يستدلون بالآية المباركة ـ بعد تعيين المراد بأهل البيت فيها بالأحاديث المتواترة بين الفريقين ـ على عصمة أهل البيت ... وقد جاء ذكر وجه الاستدلال لذلك مشروحا في كتبهم في العقائد والإمامة وفي تفاسيرهم بذيل الآية المباركة ، ويتلخص في النقاط التالية :

١ ـ (إنما) تفيد الحصر ، فالله سبحانه حصر إرادة إذهاب الرجس عنهم.

٢ ـ (الإرادة) في الآية الكريمة تكوينية ، من قبيل الإرادة في قوله تعالى : (إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون) (٤٤) لا تشريعية من قبيل الإرادة في قوله تعالى : (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) (٤٥) ، لأن التشريعية تتنافى مع نص الآية بالحصر ، إذ لا خصوصية لأهل البيت في تشريع الأحكام لهم.

وتتنافى مع الأحاديث ، إذ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم طبق الآية عليهم دون غيرهم.

٣ ـ (الرجس) في الآية هو (الذنوب).

وتبقى شبهة : إن الإرادة التكوينية تدل على العصمة ، لأن تخلف المراد عن إرادته عزوجل محال ، لكن هذا يعني الالتزام بالجبر وهو ما لا تقول

__________________

(٤٤) سورة يس ٣٦ : ٨٢.

(٤٥) سورة البقرة ٢ : ١٨٥


الإمامية به.

وقد أجاب علماؤنا عن هذه الشبهة ـ بناء على نظرية : لا جبر ولا تفويض بل أمر بين الأمرين ـ بما حاصله :

إن مفاد الآية أن الله سبحانه لما علم أن إرادة أهل البيت تجري دائما على وفق ما شرعه لهم من التشريعات ، لما هم عليه من الحالات المعنوية العالية ، صح له تعالى أن يخبر عن ذاته المقدسة أنه لا يريد لهم بإرادته التكوينية إلا إذهاب الذنوب عنهم ، لأنه لا يوجد من أفعالهم ولا يقدرهم إلا على هكذا أفعال يقومون بها بإرادتهم لغرض إذهاب الرجس عن أنفسهم ...

ثم إنه لولا دلالة الآية المباركة على هذه المنزلة العظيمة لأهل البيت لما حاول أعداؤهم من الخوارج والنواصب إنكارها ، بل ونسبتها إلى غيرهم ، مع أن أحدا لم يدع ذلك لنفسه سواهم.

* * *


الفصل الرابع

في تناقضات علماء السنة تجاه معنى الآية

وجاء العلماء ... وهم يعلمون بمدلول الآية المباركة ومفاد الأحاديث الصحيحة الواردة بشأنها ... وهم من جهة لا يريدون الاعتراف ، لأنه في الحقيقة نسف لعقائدهم في الأصول والفروع ... ومن جهة أخرى ينسبون أنفسهم إلى (السنة) ويدعون الأخذ بها والاتباع لها ... فوقعوا في اضطراب وتناقضت كلماتهم فيما بينهم ، بل تناقضت كلمات الواحد منهم ...

فمنهم من وافق الإمامية ، بل ـ في الحقيقة ـ تبع السنة النبوية الثابتة في المقام وأخذ بها.

ومنهم من وافق عكرمة الخارجي ومقاتل المجمع على تركه.

ومنهم من أخذ بقول الضحاك الضعيف ، خلافا لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وكبار الصحابة.

فهم على طوائف ثلاث :

ونحن نذكر من كل طائفة واحدا أو اثنين :

فمن الطائفة الأولى :

أبو جعفر الطحاوي (٤٦) قال : (باب بيان مشكل ما روي عن

__________________

(٤٦) أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة المصري الحنفي ـ المتوفى سنة : ٣٢١ ه ـ توجد ترجمته مع الثناء البالغ في : طبقات أبي إسحاق الشيرازي : ١٤٢ ، والمنتظم ٦ / ٢٥٠ ، ووفيات الأعيان ١ / ٧١ ، وتذكرة الحفاظ ٣ / ٨٠٨ ،


رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في المراد بقوله تعالى : (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) من هم؟

حدثنا الربيع المرادي ، حدثنا أسد بن موسى ، حدثنا حاتم بن إسماعيل ، حدثنا بكير بن مسمار ، عن عامر بن سعد ، عن أبيه قال : لما نزلت هذه الآية دعا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عليا وفاطمة وحسنا وحسينا : وقال : اللهم هؤلاء أهل بيتي.

فكان في هذا الحديث أن المراد بما في هذه الآية هم : رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وعلي وفاطمة وحسن وحسين.

حدثنا فهد ، ثنا عثمان بن أبي شيبة ، ثنا جرير بن عبد الحميد ، عن الأعمش ، عن جعفر ، عن عبد الرحمن البجلي ، عن حكيم بن سعيد ، عن أم سلمة ، قالت : نزلت هذه الآية في رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعلي وفاطمة وحسن وحسين عليهم‌السلام : (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا).

ففي هذا الحديث الذي في الأول.

ثم أنه أخرج بأسانيد عديدة هذا الحديث عن أم سلمة وفيها الدلالة الصريحة على اختصاص الآية بأهل البيت الطاهرين ، وهي الأحاديث التي جاء فيها أن أم سلمة سألت : (وأنا معهم) فقال : رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله

__________________

والجواهر المضية في طبقات الحنفية ١ / ١٠٢ وغاية النهاية في طبقات القراء ١ / ١١٦ ، وحسن المحاضرة وطبقات الحفاظ : ٣٣٧ وغيرها.

وقد عنونه الحافظ الذهبي بقوله : (الطحاوي الإمام العلامة الحافظ الكبير محدث الديار المصرية وفقيهها) قال : (ذكره أبو سعيد ابن يونس فقال : عداده في حجر الأزد ، وكان ثقة ثبتا فقيها عاقلا لم يخلف مثله) قال الذهبي : (قلت : من نظر في تواليف هذا الإمام علم محله من العلم وسعة معارفه ...) سير أعلام النبلاء ١٥ / ٢٧ ـ ٣٢.


وسلم : (أنت من أزواج النبي ، وأنت على خير ـ أو : إلى خير ـ).

وقالت : (فقلت : يا رسول الله ، أنا من أهل البيت؟ فقال : إن لك عند الله خيرا. فوددت أنه قال نعم ، فكان أحب إلي مما تطلع عليه الشمس وتغرب).

وقالت : (فرفعت الكساء لأدخل معهم ، فجذبه رسول الله وقال : إنك على خير).

قال الطحاوي : (فدل ما روينا من هذه الآثار ـ مما كان من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى أم سلمة ـ مما ذكرنا فيها لم يرد به أنها كانت مما أريد به مما في الآية المتلوة في هذا الباب ، وأن المراد بما فيها هم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعلي وفاطمة والحسن والحسين دون من سواهم ـ يدل على مراد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بقوله لأم سلمة في هذه الآثار من قوله لها : (أنت من أهلي) :

ما قد حدثنا محمد بن الحجاج الحضرمي وسليمان الكيساني قالا : حدثنا بشر بن بكر ، عن الأوزاعي ، أخبرني أبو عمار ، حدثني واثلة ... فقلت : يا رسول الله : وأنا من أهلك؟ فقال : وأنت من أهلي.

قال واثلة : فإنها من أرجى ما أرجو!.

وواثلة أبعد منه عليه‌السلام من أم سلمة منه ، لأنه إنما هو رجل من بني ليث ، ليس من قريش. وأم سلمة موضعها من قريش موضعها الذي هي به منه ،

فكان قوله لواثلة : أنت من أهلي ، على معنى : لاتباعك إياي وإيمانك بي ، فدخلت بذلك في جملتي.

وقد وجدنا الله تعالى قد ذكر في كتابه ما يدل على هذا المعنى بقوله :


(ونادى نوح ربه فقال رب إن ابني من أهلي) (٤٧) فأجابه في ذلك بأن قال : (إنه ليس من أهلك) (٤٨) إنه يدخل في أهله من يوافقه على دينه وإن لم يكن من ذوي نسبه.

فمثل ذلك أيضا ما كان من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جوابا لأم سلمة : (أنت من أهلي) يحتمل أن يكون على هذا المعنى أيضا ، وأن يكون قوله ذلك كقوله مثله لواثلة.

وحديث سعد وما ذكرناه معه من الأحاديث في أول الباب معقول بها من أهل الآية المتلوة فيها ، لأنا قد أحطنا علما أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لما دعا من أهله عند نزولها لم يبق من أهلها المرادين فيها أحد سواهم ، وإذ كان ذلك كذلك استحال أن يدخل معهم فيما أريد به سواهم. وفيما ذكرنا من ذلك بيان ما وصفنا.

فإن قال قائل : فإن كتاب الله تعالى يدل على أن أزواج النبي هم المقصودون بتلك الآية ، لأنه قال قبلها في السورة التي هي فيها : (يا أيها النبي قل لأزواجك ...) (٤٩) فكان ذلك كله يؤذن به ، لأنه على خطاب النساء لا على خطاب الرجال ثم قال : (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس) الآية.

فكان جوابنا له : إن الذي تلاه إلى آخر ما قبل قوله (إنما يريد الله) الآية .. خطاب لأزواجه ، ثم أعقب ذلك بخطاب لأهله بقوله تعالى : (إنما يريد الله) الآية ، فجاء به على خطاب الرجال ، لأنه قال فيه (ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم) وهكذا خطاب الرجال وما قبله فجاء

__________________

(٤٧) سورة هود ١١ : ٤٥.

(٤٨) سورة هود ١١ : ٤٦.

(٤٩) سورة الأحزاب ٣٣ : ٢٨.


به بالنون وكذلك خطاب النساء.

فعقلنا أن قوله : (إنما يريد الله) الآية ، خطاب لمن أراده من الرجال بذلك ، ليعلمهم تشريفه لهم ورفعه لمقدارهم أن جعل نساءهم ممن قد وصفه لما وصفه به مما في الآيات المتلوة قبل الذي خاطبهم به تعالى.

ومما دل على ذلك أيضا ما حدثنا ... عن أنس : أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا خرج إلى صلاة الفجر يقول : الصلاة يا أهل البيت (إنما يريد الله) الآية.

وما قد حدثنا ... حدثني أبو الحمراء قال : صحبت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ...

وفي هذا أيضا دليل على أن هذه الآية فيهم. وبالله التوفيق) (٥٠).

ومن الطائفة الثانية :

ابن الجوزي (٥١) والذهبي (٥٢) ... فإنهما تبعا عكرمة البربري الخارجي ، ومقاتل بن سليمان ، على ما هو مقتضى تعصبهما وعنادهما لأهل البيت عليهم‌السلام!

ومن الطائفة الثالثة :

ابن كثير ... فإنه بعد أن ذكر فرية عكرمة قال : (فإن كان المراد أنهن كن سبب النزول دون غيرهن ، فصحيح ، وإن أريد أنهن المراد فقط

__________________

(٥٠) مشكل الآثار ١ / ٣٣٢ ـ ٣٣٩.

(٥١) وهذا ظاهر كلامه في زاد المسير ٦ / ٣٨١ ، حيث ذكر هذا القول أولا وجعل يدافع عنه.

(٥٢) سير أعلام النبلاء ٢ / ٢٠٧.


دون غيرهن ، ففي هذا نظر. فإنه قد وردت أحاديث تدل على أن المراد أعم من ذلك).

ثم أورد عدة كثيرة من تلك الأحاديث التي هي نص في اختصاص الآية بالرسول والوصي والحسنين والصديقة الطاهرة عليهم الصلاة والسلام ، وأن قول عكرمة مخالف للكتاب والسنة ...

غير أن تعصبه لم يسمح له بالإذعان لذلك ، حتى قال بدخول الزوجات في المراد بالآية! متشبثا بالسياق ، فقال : (ثم الذي لا يشك فيه من تدبر القرآن أن نساء النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم داخلات في قوله تعالى : (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا). فإن سياق الكلام معهن ...) (٥٣).

اعتراف ابن تيمية بصحة الحديث :

والعجب أن ابن تيمية لا يقول بهذا ولا بذاك! بل يذعن بصحة الحديث كما استدل العلامة الحلي ـ رحمه‌الله ـ ، قال العلامة :

(ونحن نذكر هنا شيئا يسيرا مما هو صحيح عندهم ، ونقلوه في المعتمد من قولهم وكتبهم ، ليكون حجة عليهم يوم القيامة ، فمن ذلك :

ما رواه أبو الحسن الأندلسي (٥٤) في (الجمع بين الصحاح الستة) :

__________________

(٥٣) تفسير القرآن العظيم ٣ / ٤١٥.

(٥٤) وهو : رزين بن معاوية العبدري ، صاحب (تجريد الصحاح) المتوفى سنة ٥٣٥ كما في سير أعلام النبلاء ٢٠ / ٢٠٤ حيث ترجم له ووصفه ب : الإمام المحدث الشهير ، وحكي عن ابن عساكر : (كان إمام المالكيين بالحرم). وترجم له أيضا في : تذكرة الحفاظ ٤ / ١٢٨١ ، والعقد الثمين في تاريخ البلد الأمين ٤ / ٣٩٨ ، والنجوم الزاهرة ٥ / ٢٦٧ ، ومرآة الجنان ٣ / ٢٦٣ ، وغيرها.


موطأ مالك ، وصحيحي البخاري ومسلم ، وسنن أبي داود ، وصحيح الترمذي ، وصحيح النسائي : عن أم سلمة ـ زوج النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وسلم ـ أن قوله تعالى : (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) أنزل في بيتها : وأنا جالسة عند الباب ، فقلت : يا رسول الله ، ألست من أهل البيت؟ فقال : إنك على خير ، إنك من أزواج النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

قالت : وفي البيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعلي وفاطمة والحسن والحسين. فجللهم بكساء وقال : اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا).

فقال ابن تيمية :

(فصل ـ وأما حديث الكساء فهو صحيح ، رواه أحمد والترمذي من حديث أم سلمة ، ورواه مسلم في صحيحه من حديث عائشة قال : خرج النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم ذات غداة وعليه مرط مرجل من شعر أسود ، فجاء الحسن بن علي فأدخله ، ثم جاء الحسين فأدخله معه ، ثم جاءت فاطمة فأدخلها ، ثم جاء علي فأدخله ، ثم قال : (إنما يريد الله ليذهب عنكم أهل البيت ويطهركم تطهيرا).

وهذا الحديث قد شركه فيه فاطمة وحسن وحسين ـ رضي‌الله‌عنهم ـ فليس هو من خصائصه ، ومعلوم أن المرأة لا تصلح للإمامة ، فعلم أن هذه الفضيلة لا تختص بالأئمة ، بل يشركهم فيها غيرهم.

ثم إن مضمون هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم دعا لهم بأن يذهب عنهم الرجس ويطهرهم تطهيرا.

وغاية ذلك أن يكون دعا لهم بأن يكونوا من المتقين الذين أذهب الله


عنهم الرجس وطهرهم ، واجتناب الرجس واجب على المؤمنين والطهارة مأمور بها كل مؤمن ..

قال الله تعالى : (ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم) (٥٥) : وقال : (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها) (٥٦) وقال تعالى : (إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين) (٥٧).

فغاية هذا أن يكون هذا دعاء لهم بفعل المأمور وترك المحظور ، والصديق ـ رضي‌الله‌عنه ـ قد أخبر الله عنه بأنه (الأتقى الذي يؤتي ماله يتزكى وما لأحد عنده من نعمة تجزى إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى ولسوف يرضى) (٥٨).

وأيضا : فإن السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان (رضي‌الله‌عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم) لا بد أن يكونوا قد فعلوا المأمور وتركوا المحظور ، فإن هذا الرضوان وهذا الجزاء إنما ينال بذلك ، وحينئذ فيكون ذهاب الرجس عنهم وتطهيرهم من الذنوب بعض صفاتهم.

فما دعا به النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم لأهل الكساء هو بعض ما وصف الله به السابقين الأولين.

والنبي دعا لأقوام كثيرين بالجنة والمغفرة وغير ذلك ، مما هو أعظم من

__________________

(٥٥) سورة المائدة ٥ : ٦ ،

(٥٦) سورة التوبة ٩ : ١٠٣.

(٥٧) سورة البقرة ٢ : ٢٢٢.

(٥٨) سورة الليل ٩٢ : ١٧ ـ ٢١.

(٥٩) سورة التوبة ٩ : ١٠٠


الدعاء بذلك ، ولم يلزم أن يكون من دعا له بذلك أفضل من السابقين الأولين ، ولكن أهل الكساء لما كان قد أوجب عليهم اجتناب الرجس وفعل التطهير دعا لهم النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم بأن يعينهم على فعل ما أمرهم به ، لئلا يكونوا مستحقين للذم والعقاب ، ولينالوا المدح والثواب) (٦٠)

هذا نص كلام ابن تيمية ، وأنت ترى فيه :

١ ـ الاعتراف بصحة الحديث الدال على نزول الآية المباركة في أهل الكساء دون غيرهم.

٢ ـ الاعتراف بأنه فضيلة.

٣ ـ الاعتراف بعدم شمول الفضيلة لغير علي وفاطمة والحسن والحسين : عليهم‌السلام.

فأين قول عكرمة؟! وأين السياق؟! وأين ما ذهب إليه ابن كثير؟!

سقوط كلمات ابن تيمية :

وتبقى كلمات ابن تيمية ، فإنه بعد أن أعرض عن قول عكرمة وعن قول من قال بالجمع ، واعترف بالاختصاص بالعترة ، أجاب عن الاستدلال بالآية المباركة بوجوه واضحة البطلان :

* فأول شئ قاله هو : (هذا الحديث قد شركه فيه فاطمة ...).

وفيه : إن العلامة الحلي لم يدع كون الحديث من خصائص علي عليه السلام ، بل الآية المباركة والحديث يدلان على عصمة (أهل البيت) وهم : النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعلي وفاطمة والحسن والحسين ..

__________________

(٦٠) منهاج السنة ٥ / ١٣ ـ ١٥.


والمعصوم هو المتعين للإمامة بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، غير أن المرأة لا تصلح للإمامة.

* ثم قال : (ثم إن مضمون هذا الحديث أن النبي دعا لهم ... بأن يكونوا من المتقين الذين أذهب الله عنهم الرجس ... فغاية هذا أن يكون هذا دعاء لهم بفعل المأمور وترك المحظور).

وهذا من قلة فهمه أو شدة تعصبه :

أما أولا : فلأنه ينافي صريح الآية المباركة ، لأن (إنما) دالة على الحصر ، وكلامه دال على عدم الحصر ، فما ذكره رد على الله والرسول.

أما ثانيا : فلأن في كثير من (الصحاح) أن الآية نزلت ، فدعا رسول الله عليا وفاطمة وحسنا وحسينا فجللهم بكساء وقال : اللهم هؤلاء أهل بيتي ...

فالله عزوجل يقول : (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ...) والنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يعين (أهل البيت) وأنهم هؤلاء دون غيرهم.

وأما ثالثا : فلأنه لو كان المراد هو مجرد الدعاء لهم بأن يكونوا (من المتقين) و (الطهارة مأمور بها كل مؤمن) (فغاية هذا أن يكون دعاء لهم بفعل المأمور وترك المحظور) فلا فضيلة في الحديث ، وهذا يناقض قوله من قبل (فعلم أن هذه الفضيلة ...).!!

وأما رابعا : فلأنه لو كان (غاية ذلك أن يكون دعاء لهم بفعل المأمور وترك المحظور) فلماذا لم يأذن لأم سلمة بالدخول معهم؟!

أكانت (من المتقين الذين أذهب الله عنهم الرجس ...) فلا حاجة لها إلى الدعاء؟! أو لم يكن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يريد منها أن تكون (من المتقين ...)؟!

وأما خامسا : فلو سلمنا أن (غاية هذا أن يكون دعاء لهم ...) لكن إذا


كان الله سبحانه (يريد) والرسول (يدعو) ـ ودعاؤه مستجاب قطعا ـ كان (أهل البيت) متصفين بالفعل بما دلت عليه الآية والحديث.

* فقال : (والصديق قد أخبر الله عنه ...).

وحاصله : إن غاية ما كان في حق (أهل البيت) هو (الدعاء) وليس في الآية ولا الحديث إشارة إلى (استجابة) هذا الدعاء ، فقد يكون وقد لا يكون ، وأما ما كان في حق (أبي بكر) فهو (الإخبار) فهو كائن ، فهو أفضل من (أهل البيت)!!

وفيه :

أولا : في (أهل البيت) في الآية شخص النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وسلم ، ولا ريب في أفضليته المطلقة.

وثانيا : في (أهل البيت) في الآية فاطمة الزهراء ، وقد اعترف غير واحد من أعلام القوم بأفضليتها من أبي بكر :

فقد ذكر العلامة المناوي بشرح الحديث المتفق عليه بين المسلمين : (فاطمة بضعة مني فمن أغضبها أغضبني) : (استدل به السهيلي (٦١) على أن من سبها كفر ، لأنه يغضبه ، وأنها أفضل من الشيخين).

وقال : (قال الشريف السمهودي : ومعلوم أن أولادها بضعة منها ، فيكونون بواسطتها بضعة منه ، ومن ثم لما رأت أم الفضل في النوم أن بضعة منه وضعت في حجرها أولها رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم بأن تلد

__________________

(٦١) عبد الرحمن بن عبد الله ، العلامة الأندلسي ، الحافظ العلم ، صاحب التصانيف ، برع في العربية واللغات والأخبار والأثر ، وتصدر للإفادة ، من أشهر مؤلفاته : الروض الأنف ـ شرح (السيرة النبوية) لابن هشام ـ توفي سنة : ٥٨١ ، له ترجمة في : مرآة الجنان ٣ / ٤٢٢ ، النجوم الزاهرة ٦ / ١٠١ ، العبر ٣ / ٨٢ ، الكامل في التاريخ ٩ / ١٧٢.


فاطمة غلاما فيوضع في حجرها ، فولدت الحسن فوضع في حجرها. فكل من يشاهد الآن من ذريتها بضعة من تلك البضعة وإن تعددت الوسائط ، ومن تأمل ذلك انبعث من قلبه داعي الاجلال لهم وتجنب بغضهم على أي حال كانوا عليه.

قال ابن حجر : وفيه تحريم أذى من يتأذى المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم بتأذيه ، فكل من وقع منه في حق فاطمة شئ فتأذت به فالنبي صلى الله عليها وآله وسلم يتأذى بشهادة هذا الخبر ، ولا شئ أعظم من إدخال الأذى عليها من قبل ولدها ، ولهذا عرف بالاستقراء معاجلة من تعاطى ذلك بالعقوبة في الدنيا (ولعذاب الآخرة أشد) (٦٢)) (٦٣).

وثالثا : في (أهل البيت) في الآية : الحسن والحسين ، وإن نفس الدليل الذي أقامه الحافظ السهيلي وغيره على تفضيل الزهراء دليل على أفضلية الحسنين ، بالإضافة إلى الأدلة الأخرى ، ومنها (آية التطهير) و (حديث الثقلين) الدالين على (العصمة) ، ولا ريب في أفضلية المعصوم من غيره.

ورابعا : في (أهل البيت) في الآية أمير المؤمنين عليه‌السلام ، وهي ـ مع أدلة غيرها لا تحصى ـ تدل على أفضليته من جميع الخلائق بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

وخامسا : كون المراد من الآية : (الأتقى ...) (أبو بكر) هو قول انفرد القوم به ، فلا يجوز أنه يعارض به القول المتفق عليه.

وسادسا : كون المراد بها (أبو بكر) أول الكلام ، وقد تقدم الكلام على ذلك.

__________________

(٦٢) سورة طه ٢٠ : ١٢٧.

(٦٣) فيض القدير ـ شرح الجامع الصغير ٤ / ٤٢١.


* قال : (وأيضا : فإن السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار ... فما دعا به النبي ...).

وحاصله : أفضلية (السابقين الأولين ...) من (أهل البيت) المذكورين.

ويرد عليه : ما ورد على كلامه السابق ، فإن هذا فرع أن يكون الواقع من النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هو صرف (الدعاء) ... وقد عرفت أن الآية تدل على أن الإرادة الإلهية تعلقت بإذهاب الرجس عن أهل البيت وتطهيرهم تطهيرا ، فهي دالة على عصمة (أهل البيت) وقد قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وسلم وأعلن للأمة الإسلامية أنهم : هو وعلي وفاطمة والحسن والحسين.

ثم إن الآية (والسابقون الأولون ...) المراد فيها أمير المؤمنين عليه‌السلام ، ويشهد بذلك تفسير قوله تعالى : (والسابقون السابقون أولئك المقربون) (٦٥) بعلي عليه‌السلام.

فعن ابن عباس عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : (السبق ثلاثة ، السابق إلى موسى : يوشع بن نون ، والسابق إلى عيسى : صاحب ياسين ، والسابق إلى محمد صلى الله عليه [وآله] وسلم علي بن أبي طالب).

قال الهيثمي : (رواه الطبراني ، وفيه : حسين بن حسن الأشقر ، وثقه ابن حبان ، وضعفه الجمهور ، وبقية رجاله حديثهم حسن أو صحيح) (٦٦).

قلت :

(الحسين بن حسن الأشقر) من رجال النسائي في (صحيحه) وقد

__________________

(٦٤) سورة التوبة ٩ : ١٠٠.

(٦٥) سورة الواقعة ٥٦ : ١٠ و ١١.

(٦٦) مجمع الزوائد ٩ / ١٠٢.


ذكروا أن للنسائي شرطا في صحيحه أشد من شرط الشيخين (٦٧) ... وقد روى عنه كبار الأئمة الأعلام : كأحمد بن حنبل ، وابن معين ، والفلاس ، وابن سعد ، وأمثالهم (٦٨).

وقد حكى الحافظ بترجمته عن العقيلي عن أحمد بن محمد بن هانئ قال : قلت لأبي عبد الله ـ يعني ابن حنبل ـ تحدث عن حسين الأشقر؟ قال : لم يكن عندي ممن يكذب ،

وذكر عنه التشيع فقال له العباس بن عبد العظيم : أنه يحدث في أبي بكر وعمر. وقلت أنا : يا أبا عبد الله : إنه صنف بابا في معايبهما. فقال : ليس هذا بأهل أن يحدث عنه) (٦٩)

وكأن هذا هو السبب في تضعيف غير أحمد ، وعن الجوزجاني : غال ، من الشتامين للخيرة (٧٠). ولذا يقولون : له مناكير ، وأمثال هذه الكلمة مما يدل على طعنهم في أحاديث الرجل في فضل علي أو الحط من مناوئيه ، وليس لهم طعن في الرجل نفسه ، ولذا قال ابن معين : كان من الشيعة الغالية. فقيل له : فكيف حديثه؟! قال : لا بأس به. قيل : صدوق؟ قال : نعم كتبت عنه (٧١).

ومن هنا قال الحافظ : (الحسين بن حسن الأشقر ، الفزاري ، الكوفي ، صدوق ، يهم ويغلو في التشيع ، من العاشرة ، مات سنة ٢٠٨ ، س) (٧٢).

وأما أبو بكر ... فلم يكن من السابقين الأولين :

__________________

(٦٧) تذكرة الحفاظ ٢ / ٧٠٠.

(٦٨) تهذيب التهذيب ٢ / ٢٩١.

(٦٩) تهذيب التهذيب ٢ / ٢٩١ ـ ٢٩٢.

(٧٠) تهذيب التهذيب ٢ / ٢٩١ ـ ٢٩٢.

(٧١) تهذيب التهذيب ٢ / ٢٩١ ـ ٢٩٢.

(٧٢) تقريب التهذيب ١ / ١٧٥.


قال أبو جعفر الطبري : (وقال آخرون : أسلم قبل أبي بكر جماعة. ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن حميد ، قال حدثنا كنانة بن جبلة ، عن إبراهيم بن طهمان ، عن الحجاج بن الحجاج ، عن قتادة ، عن سالم بن أبي الجعد ، عن محمد بن سعد قال : قلت لأبي :

أكان أبو بكر أولكم إسلاما؟

فقال : لا. ولقد أسلم قبله أكثر من خمسين. ولكن كان أفضلنا إسلاما) (٧٣).

تناقض ابن تيمية :

ثم إن ابن تيمية تعرض لآية التطهير في موضع آخر ، ولكنه هذه المرة لم ينص على صحة الحديث ولم يعترف بمفاده! بل ادعى كون الأزواج من أهل البيت ، وهو القول الثالث الذي نسبه ابن الجوزي إلى الضحاك بن مزاحم ، وهذه هي عبارته :

(وأما آية الطهارة فليس فيها إخبار بطهارة أهل البيت وذهاب الرجس عنهم ، وإنما فيها الأمر لهم بما يوجب طهارتهم وذهاب الرجس عنهم ، فإن قوله : (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) وقوله تعالى :(ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم) وقوله :(يريد الله ليبين لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم ويتوب عليكم والله عليم حكيم والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا) (٧٤).

__________________

(٧٣) تاريخ الطبري ٢ / ٣١٦ تحقيق : محمد أبو الفضل إبراهيم.

(٧٤) سورة النساء ٤ : ٢٦ ـ ٢٨.


فالإرادة هنا متضمنة للأمر والمحبة والرضا ، وليست هي المشيئة المستلزمة لوقوع المراد ، فإنه لو كان كذلك لكان قد طهر كل من أراد طهارته. وهذا على قول هؤلاء القدرية الشيعة أوجه ، فإن عندهم أن الله يريد ما لا يكون! ويكون ما لا يريد!.

فقوله : (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) إذا كان هذا بفعل المأمور وترك المحظور كان ذلك متعلقا بإرادتهم وأفعالهم ، فإن فعلوا ما أمروا به طهروا وإلا فلا.

وهم يقولون : إن الله لا يخلق أفعالهم ولا يقدر على تطهيرهم وإذهاب الرجس عنهم ، وأما المثبتون للقدر فيقولون : إن الله قادر على ذلك ، فإذا ألهمهم فعل ما أمر وترك ما حظر حصلت الطهارة وذهاب الرجس.

ومما يبين أن هذا مما أمروا به لا مما أخبروا بوقوعه : ما ثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم أدار الكساء على علي وفاطمة وحسن وحسين ثم قال : اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا. وهذا الحديث رواه مسلم في صحيحه عن عائشة ، ورواه أهل السنن عن أم سلمة.

وهو يدل على ضد قول الرافضة من وجهين :

أحدهما : أنه دعا لهم بذلك. وهذا دليل على أن الآية لم تخبر بوقوع ذلك ، فإنه لو كان قد وقع لكان يثني على الله بوقوعه ويشكره على ذلك ، ولا يقتصر على مجرد الدعاء به.

الثاني : إن هذا يدل على أن الله قادر على إذهاب الرجس عنهم وتطهيرهم ، وذلك يدل على أنه خالق أفعال العباد.

ومما يبين أن الآية متضمنة للأمر والنهي قوله في سياق الكلام : (يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة ... إنما يريد الله ليذهب ...


واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة إن الله كان لطيفا خبيرا).

وهذا السياق يدل على أن ذلك أمر ونهي.

ويدل على أن أزواج النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم من أهل بيته ، فإن السياق إنما هو في مخاطبتهن.

ويدل على أن قوله (ليذهب عنكم الرجس أهل البيت) عم غير أزواجه ، كعلي وفاطمة وحسن وحسين رضي‌الله‌عنهم ، لأنه ذكره بصيغة التذكير لما اجتمع المذكر والمؤنث. وهؤلاء خصوا بكونهم من أهل البيت من أزواجه ، فلهذا خصهم بالدعاء لما أدخلهم في الكساء ، كما أن مسجد قباء أسس على التقوى ، ومسجده صلى الله عليه [وآله] وسلم أيضا أسس على التقوى وهو أكمل في ذلك. فلما نزل قوله تعالى : (لمسجد أسس على التقوى من أول يوم ...) (٧٥) بسبب مسجد قباء تناول اللفظ لمسجد قباء ولمسجده بطريق الأولى.

وقد تنازع العلماء : هل أزواجه من آله؟ على قولين ، هما روايتان عن أحمد ، أصحهما أنهن من آله وأهل بيته ، كما دل على ذلك ما في الصحيحين من قوله : اللهم صل على محمد وعلى أزواجه وذريته. وهذا مبسوط في موضع آخر) (٧٦).

أقول :

لقد حاول ابن تيمية التهرب من الالتزام بمفاد الآية المباركة والسنة

__________________

(٧٥) سورة التوبة ٩ : ١٠٨.

(٧٦) منهاج السنة ٤ / ٢١ ـ ٢٤.


النبوية الثابتة الصحيحة الواردة بشأنها ـ كما اعترف هو أيضا ـ بشبهات واهية وكلمات متهافتة ، ومن راجع كتب الأصحاب في بيان الاستدلال بالآية المباركة ـ على ضوء السنة المتفق عليها ـ عرف موارد النظر ومواضع التعصب في كلامه ...

وقد ذكرنا نحن أيضا طائفة من الأحاديث المشتملة على وقوع إذهاب الرجس عن أهل البيت وتطهيرهم عنه من الله سبحانه بإرادته التكوينية غير المنافية لمذهب أهل البيت في مسألة الجبر والاختيار.

فالنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد عين المراد من (أهل البيت) عليهم السلام : في الآية المباركة بعد نزول الآية المباركة ودعا لهم أيضا ولا ريب في أن دعاءه مستجاب.

كما علمنا من الخصوصيات الموجودة في نفس الآية ، ومن الأحاديث الصحيحة الواردة في معناها أن الآية خاصة بأهل البيت ـ وهذا ما اعترف به جماعة من أئمة الحديث كالطحاوي وابن حبان تبعا لأزواج النبي وأعلام الصحابة ـ وأنها نازلة في قضية خاصة ، غير أنها وضعت ضمن آيات نساء النبي ، وكم له من نظير ، حيث وضعت الآية المكية ضمن آيات مدنية أو المدنية ضمن آيات مكية.

وقد دلت الآية المباركة والأحاديث المذكورة وغيرها على أن عنوان (أهل البيت) ـ أي : أهل بيت النبي ـ لا يعم أزواجه ، بل لا يعم أحدا من عشيرته وأسرته إلا بقرينة.

هذا ، وفي صحيح مسلم في ذيل حديث الثقلين عن زيد بن أرقم أنه سئل : هل نساؤه من أهل بيته؟ قال : (لا وأيم الله إن المرأة تكون مع الرجل العصر من الدهر ثم يطلقها فترجع إلى أبيها وقومها) ...

وهذا هو الذي دلت عليه الأحاديث.


وأما ما رووه عنه من أن : (أهل بيته من حرم الصدقة من بعده) فيرد تطبيقه على ما نحن فيه الأحاديث المتواترة المذكورة بعضها ، ومن الواضح عدم جواز رفع اليد عن مفادها بقول زيد هذا.

* * *


خلاصة البحث :

وتلخص : أن الآية المباركة لم تنزل إلا في العترة الطاهرة ، وهذا ما أشار إليه السيد ـ رحمه‌الله ـ ، بقوله : (هل حكمت محكماته بذهاب الرجس عن غيرهم؟! وهل لأحد من العالمين كآية تطهيرهم؟!).

فقيل :

(هذه الآية لم تنزل في آل البيت ـ كما يفهم المؤلف ـ بل نزلت في نساء النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم ، وأن كان معناها متضمنا لآل البيت بالمفهوم الضيق الذي يفهمه الشيعة ، وهم أبناء علي وفاطمة.

وليس فيها إخبار بذهاب الرجس وبالطهارة ، وإنما فيها الأمر بما يوجب طهارتهم وذهاب الرجس عنهم ، وذلك كقوله تعالى (المائدة : ٦) : ٢ (ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم) وكقوله تعالى : (النساء : ٢٦) : (يريد الله ليبين لكم ويهديكم) وكقوله (النساء : ٢٨) : (يريد الله أن يخفف عنكم) ...

ومما يبين أن ذلك مما أمروا به لا مما أخبر بوقوعه : أن النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم أدار الكساء على علي وفاطمة والحسن والحسين ثم قال : اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا. رواه مسلم من عليه [وآله] وسلم في الآيات السابقة). تعالى قادر على إذهاب الرجس والتطهير.

ومما يبين أن الآية متضمنة للأمر والنهي قوله في سياق الكلام


(الأحزاب : ٣٠ ـ ٣٠) : (يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة) إلى قوله (ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا وأذكرن ما يتلى في بيوتكن ...).

فهذا السياق يدل على أن ذلك أمر ونهي ، وأن الزوجات من أهل البيت ، فإن السياق إنما هو في مخاطبتهن. ويدل الضمير المذكر على أنه عم غير زوجاته كعلي وفاطمة وابنيهما ، كما أن مسجد قبا أسس على التقوى ، ومسجده أيضا أسس على التقوى وهو أكمل في ذلك ، فلما نزلت (التوبة : ١٠٨) : (لمسجد أسس على التقوى) تناول اللفظ مسجد قبا ولمسجده بطريق الأولى.

وفي صحيح مسلم من حديث زيد بن أسلم (٧٧) : (... وأهل بيتي ، أذكركم الله في أهل بيتي. ثلاثا).

فقال الحصين : ومن أهل بيته يا زيد؟ أليس نساؤه من أهل بيته؟! قال : نساؤه من أهل بيته ولكن أهل بيته من حرم الصدقة بعده.

قال : ومن هم؟

قال : آل علي ، وآل عقيل ، وآل جعفر ، وآل عباس.

قال : كل هؤلاء حرم الصدقة؟!

قال : نعم. (مسلم ٧ / ١٢٢ ـ ١٢٣).

وفي الصحيحين : اللهم صل على محمد وعلى أزواجه وذريته. (المنتقى : ١٦٩).

وعلى هذا ، فإن كلام المؤلف عن هذه بأنها قد حكمت بذهاب الرجس

__________________

(٧٧) كذا.


عنهم وتطهيرهم كلام تنقصه الدقة ، بل فيها حكم بإرادة الله ذهاب الرجس عنهم وتطهيرهم ، وذلك إذا فعلوا ما سبق أن خوطبت به نساء النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم في الآيات السابقة).

أقول :

وهذا الكلام هو كلام ابن تيمية ، وقد ذكرنا غير مرة أن هؤلاء المتأخرين ، المناوئين لأهل البيت الطاهرين يلجأون إلى كلمات ابن تيمية متى ما أعوزهم الدليل ، وقد عرفت التهافت والتناقض في كلمات ابن تيمية حول آية التطهير.

لكن هذا الرجل اختار هذا الكلام دون كلامه السابق ، لخلو هذا من التصريح بصحة الحديث وكونه فضيلة خاصة بأهل البيت عليهم‌السلام!!

على أن نفس هذا الكلام أيضا متهافت ـ كما لا يخفى على أهل النظر والتدقيق ـ لأنه يقول أولا : (هذه الآية لم تنزل في آل البيت كما يفهم المؤلف) ففي من نزلت؟!

يقول : (بل نزلت في نساء النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم).

وهذا قول عكرمة الخارجي.

لكنه يستدرك قائلا : (وإن كان معناها متضمنا لآل البيت ...).

وهذا عدول عن رأي عكرمة وقبول للقول الآخر.

ثم يناقض نفسه فيقول : (ويدل الضمير المذكر على أنه عم غير زوجاته كعلي وفاطمة وابنيهما) لأن ظاهر قوله : (كان معناها متضمنا ...) نزول الآية في النساء فقط وهو قول عكرمة ، وقوله : (ويدل الضمير المذكر ...) صريح في شمول الآية لغير النساء!! ...

لكن قوله ـ تبعا لابن تيمية ـ : (كعلي ...) خروج عما ذهب إليه


المسلمون قاطبة ...

وعلى كل حال ، فإنها محاولات يائسة ... للتملص عما جاءت به السنة النبوية الشريفة الثابتة لدى المسلمين ...

وما كل هذه التمحلات والمكابرات وأمثالها من الكتاب المتأخرين ـ كالدكتور السالوس ، كما في كتابنا : مع الدكتور السالوس في آية التطهير ـ إلا لعلم القوم بما تنطوي عليه الآية المباركة والأحاديث الواردة في معناها من دلالات ...

والله هو العاصم وهو ولي التوفيق.

للبحث صلة ...


أساس نظام الحكم في الإسلام

بين الواقع والتشريع

رؤية في التراث الفكري

(٢)

صائب عبد الحميد

معالم المسار كما صاغها التشريع

لم يكن الرجوع إلى النص الشرعي في تحديد معالم المسار الإسلامي بعد الرسول من مختصات الشيعة وحدهم ، لقد شركهم فيه غيرهم ..

لقد أحس الكثير من المتكلمين وأصحاب الحديث بالحاجة إلى النص في تعيين أول الخلفاء على الأقل ، لتتخذ الأدوار اللاحقة له شرعيتها من شرعيته.

فجزم ابن حزم بالنص على أبي بكر صراحة ، فتابعه البعض ، فيما اقتنع آخرون بأن في هذه النصوص إشارة كافية على وجوب تقديم أبي بكر ، لكن دون التصريح بذلك ، وربما رأوا في هذا مذهبا وسطا بين الشورى والنص الصريح ، كما رأوا فيه تثبيتا لمبدأ الشورى ، لا نقضا ، حين وفقوا بين نتائج الشورى وبين إشارة النص.

وليس غريبا أن تتعدد أوجه الاستدلال بتعدد المتكلمين وتعدد أساليبهم ، وتعدد النصوص التي يعتمدونها ، وكثيرا ما يتعلق المتكلمون بما يشفع لمذاهبهم وإن كانوا يلمحون فيه علامات الوضع!


لقد عرض المتكلمون في تثبيت خلافة أبي بكر نصوصا من القرآن ونصوصا من السنة ، نستعرض أهمها بتركيز وإيجاز مبتدئين بنصوص السنة لكونها أكثر تصريحا ، ولأن النصوص القرآنية اعتمدت في تصحيح خلافته لا في إثبات النص عليه.

أولا ـ نصوص من السنة :

النص الأول : قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في مرضه الذي توفي فيه : (مروا أبا بكر فليصل بالناس).

فرأى بعضهم في هذا الحديث نصا صريحا على الخلافة ، لعدم الفصل بين إمامة الصلاة والإمامة العامة.

واستدلوا لذلك بقول بعض الصحابة لأبي بكر : ارتضاك رسول الله لديننا ، أفلا نرضاك لدنيانا؟! وأهم شئ في هذا القول الأخير أن ينسب إلى علي بن أبي طالب!! (١).

غير أن جملة من الإثارات تحيط بهذا النص وبهذه الواقعة ، قد تبتلع كل ما يبنى عليهما من استنتاجات :

الإثارة الأولى :

إن القول بعدم الفصل بين إمامة الصلاة والإمامة العامة قول غريب ، وأغرب منه قول الجرجاني : (لا قائل بالفصل)! (٢).

* فابن حزم يقطع بأن هذا قياسا باطلا ، ويقول : (أما من ادعى أنه إنما

__________________

(١) شرح المواقف ٨ / ٣٦٥.

(٢) شرح المواقف ٨ / ٣٦٥.


قدم قياسا على تقديمه إلى الصلاة ، فباطل بيقين ، لأنه ليس كل من استحق الإمامة في الصلاة يستحق الإمامة في الخلافة ، إذ يستحق الإمامة في الصلاة أقرأ القوم وإن كان أعجميا أو عربيا ، ولا يستحق الخلافة إلا قرشي ، فكيف والقياس كله باطل؟!) (٣).

* والشيخ أبو زهرة ينتقد هذا النوع من القياس ووجه الاستدلال به ، فيقول : اتخذ بعض الناس من هذا ـ النص ـ إشارة إلى إمامة أبي بكر العامة للمسلمين ، وقال قائلهم : (لقد رضيه (ع) لديننا ، أفلا نرضاه لدنيانا) ولكنه لزوم ما ليس بلازم ، لأن سياسة الدنيا غير شؤون العبادة ، فلا تكون الإشارة واضحة .. وفوق ذلك فإنه لم يحدث في اجتماع السقيفة ، الذي تنافس فيه المهاجرون والأنصار في شأن القبيل الذي يكون منه الخليفة ، أن احتج أحد المجتمعين بهذه الحجة ، ويظهر أنهم لم يعقدوا تلازما بين إمامة الصلاة وإمرة المسلمين (٤).

والذي يستشف من كلامه استبعاد صحة نسبة هذا الكلام إلى الإمام علي (ع) ، فهذه النسبة لا تحتمل الصحة ، لما ثبت في الصحاح من أن عليا (ع) لم يبايع إلا بعد ستة أشهر (٥) ، كما أن الصحيح المشهور عن علي (ع) خلاف ذلك ، فجوابه كان حين بلغه احتجاج المهاجرين بأن قريشا هم قوم النبي وأولى الناس به ، قال : (احتجوا بالشجرة وأضاعوا الثمرة)! (٦).

__________________

(٣) الفصل ٤ / ١٠٩.

(٤) المذاهب الإسلامية : ٣٧.

(٥) صحيح البخاري ـ باب غزوة خيبر / ح ٣٩٩٨ ، صحيح مسلم ـ كتاب الجهاد والسير ٣ / ١٣٨٠ ح ٥٢ ، السنن الكبرى ـ للبيهقي ـ ٦ / ٣٠٠.

ورواه أصحاب التاريخ أيضا : الطبري ٣ / ٢٠٢ ، ابن الأثير / الكامل في التاريخ ٢ / ٣٣١ ، ابن أبي الحديد / شرح نهج البلاغة ٦ / ٤٦.

(٦) نهج البلاغة : ٩٧ الخطبة ٦٧ ، وانظر : الإمامة والسياسة ـ لابن قتيبة ـ : ١١.


الإثارة الثانية :

إن إمامة الصلاة وفقا لفقه هذه المدرسة لا يترتب عليها أي فائدة في التفضيل والتقديم ، فالفقه هنا يجيز مطلقا إمامة المفضول على الفاضل ، بل يجيز إمامة الفاسق والجائر لأهل التقوى والصلاح ، وكثيرا ما نرى الاستدلال لذلك بصلاة بعض الصحابة خلف الوليد بن عقبة وهو سكران ، وصلاتهم خلف أمراء بني أمية ممن لم تكن له فضيلة تذكر!

الإثارة الثالثة :

أخرج أحمد ومسلم وأبو داود وابن ماجة والنسائي : أن عبد الرحمن ابن عوف قد صلى إماما بالمسلمين وكان فيهم رسول الله (ص) (٧). وهذه الرواية أثبت مما ورد في تقديم أبي بكر ـ كما سيأتي ـ فالحجة فيها إذن لعبد الرحمن بن عوف أظهر ، فتقديمه أولى وفقا لذلك القياس (٨).

الإثارة الرابعة :

في صحيح البخاري : كان سالم مولى أبي حذيفة يؤم المهاجرين الأولين وأصحاب النبي (ص) في مسجد قباء ، وفيهم : أبو بكر ، وعمر ، وأبو سلمة ، وعامر بن ربيعة (٩).

__________________

(٧) مسند أحمد ٤ / ٢٤٨ و ٢٥٠ و ٢٥١ ، صحيح مسلم : الطهارة ـ باب المسح على الناصية والعمامة ، سنن أبي داود : المسح على الخفين ح ١٤٩ و ١٥٢ ، سنن ابن ماجة : ح ١٢٣٦ ، سنن النسائي : الطهارة ح ١١٢.

(٨) أنظر : ابن الجوزي / آفة أصحاب الحديث : ٩٩.

(٩) صحيح البخاري : كتاب الأحكام ح ٦٧٥٤.


وكان عمرو بن العاص أميرا على جيش ذات السلاسل ، وكان يؤمهم في الصلاة حتى صلى بهم بعض صلواته وهو جنب ، وفيهم : أبو بكر ، وعمر ، وأبو عبيدة (١٠)

فهل يستدل من هذا أن سالما وعمرو بن العاص أفضل من أبي بكر وعمر وأبي عبيدة ، وأولى بالخلافة منهم؟!

الإثارة الخامسة : نتابعها في النقاط التالية :

أ ـ ثبت في جميع طرق هذا الحديث بروايته التامة أنه بعد أن افتتح أبو بكر الصلاة ، خرج النبي (ص) يتهادى بين رجلين ـ علي والفضل ابن العباس ـ فصلى بهم إماما وتأخر أبو بكر عن موضعه مؤتما بالنبي (ص) عن يمينه.

أثبت ذلك تحقيقا أبو الفرج ابن الجوزي في كتاب صنفه لهذا الغرض ، فقسمه إلى ثلاثة أبواب : فجعل الباب الأول في إثبات خروج النبي (ص) إلى تلك الصلاة وتأخيره أبا بكر عن إمامتها ، وخصص الباب الثاني في بيان إجماع الفقهاء على ذلك ، فذكر منهم : أبا حنيفة ، ومالك ، والشافعي ، وأحمد ، وأثبت في الباب الثالث وهن الأخبار التي وردت بتقدم أبي بكر في تلك الصلاة ، ووصف القائلين بها بالعناد واتباع الهوى! (١١).

وقال العسقلاني : تضافرت الروايات عن عائشة بالجزم بما يدل على أن النبي (ص) كان هو الإمام في تلك الصلاة (١٢).

ومن هنا قال بعضهم : متى نظرنا إلى آخر الحديث احتجنا إلى أن نطلب

__________________

(١٠) سيرة ابن هشام ٤ / ٢٧٢ ، البداية والنهاية ٤ / ٣١٢.

(١١) أبو الفرج ابن الجوزي / آفة أصحاب الحديث ـ الباب الأول ، والثاني ، والثالث.

(١٢) فتح الباري بشرح صحيح البخاري ٢ / ١٢٣.


للحديث مخرجا من النقص والتقصير ، وذلك أن آخره : أن رسول الله (ص) لما وجد إفاقة وأحس بقوة خرج حتى أتى المسجد وتقدم فنحى أبا بكر عن مقامه وقام في موضعه. فلو كانت إمامة أبي بكر بأمره (ص) لتركه على إمامته وصلى خلفه ، كما صلى خلف عبد الرحمن بن عوف (١٣).

ب ـ مما يعزز القول المتقدم ما ورد عن ابن عباس من أنه قبل أن يؤذن بلال لتلك الصلاة قال النبي (ص) : (ادعوا عليا). فقالت عائشة : لو دعوت أبا بكر! وقالت حفصة : لو دعوت عمر! وقالت أم الفضل : لو دعوت العباس! فلما اجتمعوا رفع رسول الله (ص) رأسه فلم ير عليا!! (١٤).

ج ـ ويشهد لذلك كله ما ثبت عن علي (ع) من أنه كان يقول : إن عائشة هي التي أمرت بلالا أن يأمر أباها ليصل بالناس ، لأن رسول الله (ص) قال : (ليصل بهم أحدهم) ولم يعين!! وكان علي (ع) يذكر هذا لأصحابه في خلواته كثيرا ، ويقول : إنه (ص) لم يقل : (إنكن لصويحبات يوسف) إلا إنكارا لهذه الحال ، وغضبا منها لأنها وحفصة تبادرتا إلى تعيين أبويهما ، وأنه (ص) استدركها بخروجه وصرفه عن المحراب (١٥).

فهذه صور منسجمة ومتماسكة لا تبقي أثرا للاستفادة من هذا النص أو تلك الواقعة ، ويمكن أن يضاف إليها ملاحظات أخر ذات قيمة لا يستهان بها :

منها : الاختلاف الشديد والتعارض بين روايات هذه الواقعة ، وقد صرح بهذا ابن حجر العسقلاني ، ثم حاول التوفيق بينها بعد جهد (١٦).

__________________

(١٣) ابن الإسكافي / المعيار والموازنة ٤١ ـ ٤٢.

(١٤) مسند أحمد ١ / ٣٥٦ ، وأخرجه الطبري في تاريخه ٣ / ١٩٦ ولم يذكر فيه قول أم الفضل.

(١٥) ابن أبي الحديد / شرح نهج البلاغة ٩ / ١٩٧.

(١٦) فتح الباري بشرح صحيح البخاري ٢ / ١٢٢ ـ ١٢٣.


ومنها : ملاحظة بعض نقاد الحديث أن هذا الحديث لم يصح إلا من طريق عائشة ، لذا لم تقم حجته (١٧).

ومنها : أن ابن عباس قد طعن هذا الحديث طعنا عبقريا لم يتنبه له الرواة ، إذ كانت عائشة تقول في روايتها لهذا الحديث : (خرج النبي يتهادى بين رجلين ، أحدهما الفضل بن العباس) ولا تذكر الرجل الآخر ، فلما عرض أحدهم حديثها على عبد الله بن عباس ، قال له ابن عباس : فهل تدري من الرجل الذي لم تسم عائشة؟

قال : لا.

قال ابن عباس : هو علي بن أبي طالب ، ولكن عائشة لا تطيب نفسا له بخير! (١٨).

الإثارة السادسة :

أثبت كثير من أصحاب التاريخ والسير أن أبا بكر كان أيام مرض رسول الله (ص) الأخير هذا ، كان مأمورا بالخروج في جيش أسامة ، وكان النبي (ص) يشدد كثيرا بين الآونة والأخرى على التعجيل في إنفاذ هذا الجيش .. فكيف ينسجم هذا مع الأمر بتقديمه في الصلاة؟! ناهيك عن قصد الإشارة إلى استخلافه!

لقد أدرك ابن تيمية ما بين الأمرين من منافاة وتعارض صريحين ، فنفى نفيا قاطعا كون أبي بكر ممن سمي في بعثة أسامة!! (١٩).

__________________

(١٧) المعيار والموازنة : ٤١.

(١٨) عبد الرزاق / المصنف ٥ / ٤٢٩ ـ ٤٣٠ ، فتح الباري بشرح صحيح البخاري ٢ / ١٢٣.

(١٩) ابن تيمية / منهاج السنة ٣ / ٢١٣.


لكن مثل هذا النفي لا ينقذ الموقف ، خصوصا وأن ابن تيمية لم يقدم برهانا ولا شبهة في إثبات دعواه ، فيما جاء ذكر أبي بكر في من سمي في ذلك الجيش في مصادر عديدة وهامة ، أصحابها جميعا من القائلين بصحة تقدم أبي بكر! (٢٠).

أما نفي ذلك ، أو تحرج بعض المؤرخين عن ذكره ، فإنما مرجعه إلى الاختيار الشخصي في مساندة المذهب ، لا غير ، حين أدركوا بيقين أن شيئا مما استدلوا به على إمامته سوف لا يتم لو كان أبو بكر في من سمي في جيش أسامة ، إذ هو مأمور بمغادرة المدينة المنورة أيام وفاة رسول الله (ص) ، تحت إمرة أسامة بن زيد الشاب ابن الثماني عشرة سنة! (٢١).

نصوص أخر :

لم يقف القائلون بالنص عند النص المتقدم ، بل رجعوا إلى ما رأوا فيه نصا جليا على الخلافة ، لكنها في الحقيقة نصوص تثير على نفسها بنفسها شكوكا كثيرة لا تبقي احتمالا لصحتها ، شكوكا تثيرها الأسانيد والمتون معا .. وأهم هذه النصوص :

١ ـ أن امرأة سألت رسول الله (ص) شيئا ، فأمرها أن ترجع إليه ، فقالت : يا رسول الله ، أرأيت إن جئت فلم أجدك؟ ـ كأنها تريد الموت ـ

__________________

(٢٠) الطبقات الكبرى ٤ / ٦٦ ، تهذيب تاريخ دمشق ٢ / ٣٩٥ و ٣ / ٢١٨ ، مختصر تاريخ دمشق ٤ / ٢٤٨ رقم ٢٣٧ و ٥ / ١٢٩ رقم ٥٦ ترجمة أسامة بن زيد وأيوب ابن هلال ، تاريخ اليعقوبي ٢ / ٧٧ ، تاريخ الخميس ٢ / ١٧٢ ، شرح نهج البلاغة ١ / ١٥٩ و ٢٢٠ و ٩ / ١٩٧.

(٢١) الطبقات الكبرى ٤ / ٦٦.


فقال : (فإن لم تجديني فأتي أبا بكر) (٢٢).

وهذا الحديث متحد عند الشيخين في سلسلة واحدة ، وهي : إبراهيم ابن سعد ، عن أبيه ، عن محمد بن جبير بن مطعم ، عن أبيه جبير بن مطعم : أن امرأة سألت رسول الله (ص) ...

فلم يروه من الصحابة إلا جبير بن مطعم ، ولم يروه عن جبير إلا ولده محمد ، ولم يروه عن محمد غير سعد (وهو ابن إبراهيم بن عبد الرحمن ابن عوف) ولم يروه عن سعد غير ولده إبراهيم! ثم أخذه الرواة عن إبراهيم ابن سعد!

السند : نظرة واحدة في هذا الإسناد ، بعيدا عن التقليد ، تحبط الآمال التي يمكن أن تعقد عليه :

* فجبير بن مطعم : من الطلقاء ، وهو صاحب أبي بكر ، تعلم منه الأنساب وأخبار قريش (٢٣) ، وكانت عائشة تسمى له وتذكر له قبل أن يتزوجها النبي (ص) (٢٤) ، وذكره بعضهم في المؤلفة قلوبهم وفي من حسن إسلامه منهم (٢٥).

وكان شريفا في قومه بني نوفل وهم حلفاء بني أمية في الجاهلية

__________________

(٢٢) أخرجه البخاري ومسلم في باب فضائل أبي بكر ، فتح الباري بشرح صحيح البخاري ٧ / ١٤ ـ ١٥ ، صحيح مسلم بشرح النووي ٨ / ١٥٤. وانظر : تثبيت الإمامة وترتيب الخلافة : ٩٠ رقم ٥٦.

(٢٣) ترجمة جبير بن مطعم في : سير أعلام النبلاء ٣ / ٩٥ رقم ١٨ ، الإصابة ١ / ٢٢٦ رقم ١٠٩٢.

(٢٤) ابن أبي الحديد / شرح نهج البلاغة ١٤ / ٢٢.

(٢٥) الإستيعاب ـ بهامش الإصابة ـ ١ / ٢٣١ ، مختصر تاريخ دمشق ٦ / ٧ ، وهؤلاء الذين حسن إسلامهم معدود فيهم مع جبير : أبو سفيان ومعاوية ، كما في المعارف ـ لابن قتيبة ـ : ٣٤٢.


والإسلام. وهو أحد الخمسة الذين اقترحهم عمرو بن العاص على أبي موسى الأشعري للمشورة في التحكيم ـ وهم : جبير بن مطعم ، وعبد الله بن الزبير ، وعبد الله بن عمرو بن العاص ، وأبو الجهم بن حذيفة ، وعبد الرحمن بن الحرث بن هشام بن المغيرة ـ وكلهم مائل عن علي (ع) ، فابن الزبير وعبد الرحمن بن الحرث كانا في أصحاب الجمل الذين قاتلوا عليا في البصرة ، وعبد الله بن عمرو مع أبيه عمرو بن العاص في أصحاب معاوية ، وجبير وأبو الجهم من مسلمة الفتح هواهما مع بني أمية! (٢٦).

وجبير بن مطعم هو سيد الغلام الحبشي وحشي ، وهو الذي قال له يوم أحد : إن قتلت محمدا فأنت حر ، وإن قتلت عليا فأنت حر ، وإن قتلت حمزة فأنت حر! (٢٧).

وروي لابن عباس معه حديث هام! كان ابن عباس يحدث عن رسول الله (ص) في المتعة ، فقال جبير بن مطعم : كان عمر ينهى عنها. فقال له ابن عباس : يا عدي نفسه ، من هنا ضللتم! أحدثكم عن رسول الله ، وتحدثني عن عمر!! (٢٨).

* محمد بن جبير بن مطعم : وهو القائل لعبد الملك بن مروان وقد سأله : هل كنا نحن وأنتم ـ يعني أمية ونوفل ـ في حلف الفضول (٢٩)؟ فقال له

__________________

(٢٦) راجع تراجمهم في : الإستيعاب ، وأسد الغابة ، والإصابة ، ومختصر تاريخ دمشق ، وسير أعلام النبلاء.

(٢٧) راجع أخبار غزوة أحد في تاريخ الطبري ، تاريخ اليعقوبي ، الكامل في التاريخ ، البداية والنهاية.

وراجع ترجمة حمزة في الإستيعاب وأسد الغابة والإصابة ، وغيرها.

(٢٨) ابن أبي الحديد / شرح نهج البلاغة ٢٠ / ٢٥. وروى مثله أحمد في عروة بن الزبير بدلا من جبير بن مطعم.

(٢٩) حلف الفضول : حلف جمع بني هاشم وزهرة وتيم ، اجتمعوا عند عبد الرحمن


محمد بن جبير بن مطعم : لا والله يا أمير المؤمنين ، لقد خرجنا نحن وأنتم منه ، ولم تكن يدنا ويدكم إلا جميعا في الجاهلية والإسلام! (٣٠).

وقد اعتزل محمد عليا والحسن (ع) في حربهما مع معاوية ، فلما تم الصلح كان محمد ممثلا في وفد المدينة إلى معاوية للبيعة (٣١).

* وأما سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف : فقد كان قاضيا لبعض ملوك بني أمية على المدينة (٣٢) ، وفي دولة بني العباس انتقل إلى بغداد فعمل قاضيا لهارون الرشيد على واسط ، ثم ولي قضاء عسكر المهدي ببغداد (٣٣).

* وأما ولده إبراهيم بن سعد : فهو صاحب العود والغناء ، كان يعزف ويغني ، جاءه أحد أصحاب الحديث ليأخذ عنه ، فوجده يغني ، فتركه وانصرف ، فأقسم إبراهيم ألا يحدث بحديث إلا غنى قبله! وعمل واليا على بيت المال ببغداد لهارون الرشيد (٣٤).

وخطوة أخرى إلى الإمام في التحقيق تضعنا أمام صورة أكثر وضوحا ، حيث ترينا كيف حل هذا الحديث محل الحديث الصحيح الوارد في علي (ع) بعين هذا المتن!

لما حضر رسول الله (ص) قالت صفية أم المؤمنين : يا رسول الله ، لكل امرأة من نسائك أهل تلجأ إليهم ، وإنك أجليت أهلي ، فإن حدث حدث

__________________

ابن جدعان فتحالفوا جميعا على دفع الظلم واسترداد الحق من الظالم وإعادته إلى صاحبه المظلوم.

(٣٠) الأغاني ١٧ / ٢٩٥.

(٣١) أنظر : فتح الباري بشرح صحيح البخاري ١٣ / ٩٨.

(٣٢) تاريخ بغداد ٦ / ٨٣ ، الأغاني ١٥ / ٣٢٩.

(٣٣) تاريخ بغداد ٧ / ١٢٣ ـ ١٢٤.

(٣٤) تاريخ بغداد ٦ / ٨١ ـ ٨٦ ، الأعلام ١ / ٤٠.


فإلى من؟

قال : (إلى علي بن أبي طالب). أخرجه الطبراني ورجاله رجال الصحيح (٣٥).

فإذا لم نكن قد نسينا ما قرأناه في (هوية التاريخ) (٣٦) فإن نظرة واحدة في هذه السلسلة الواحدة لهذا الحديث تكشف لنا الكثير عن حقيقته ، وربما مصدره أيضا حين نرى أن رأس هذه السلسلة ـ جبير بن مطعم ـ قد عاش نحو سبع عشرة سنة في خلافة معاوية على أغلب الأقوال ، لم يفرقهما شئ في جاهلية ولا في إسلام ..

والمفترض أن يكون جبير أبعد أفراد هذه السلسلة عن تهمة الوضع في الحديث (٣٧).

__________________

(٣٥) مجمع الزوائد ٩ / ١١٣.

(٣٦) راجع : مقال (هوية التاريخ) المنشور في (تراثنا) العددين ٣٨ ـ ٣٩ ، ص ٤٣ ٤٥.

(٣٧) ثمة رواية تنسب إلى الإمام جعفر الصادق (ص) ، تقول : (ارتد الناس بعد الحسين (ع) إلا ثلاثة : أبو خالد الكابلي ، ويحيى بن أم الطويل ، وجبير بن مطعم ، ثم إن الناس لحقوا وكثروا) غير أن في هذه الرواية أكثر من مشكلة تقف دون اعتمادها :

أ ـ فمن الناحية السندية : وردت في مصدرين ، الأول : رجال الكشي ـ ترجمة يحيى بن أم الطويل ـ وفي إسنادها مجهول ، والثاني : كتاب (الإختصاص) ولا يعرف مؤلفه على وجه التحديد ، ونسبته إلى الشيخ المفيد موضع خلاف.

ب ـ الثابت أن جبير بن مطعم قد توفي قبل استشهاد الحسين (ع) بنحو أربع سنين على الأقل!

وفي بعض طرق هذه الرواية ما يحل الإشكال الثاني ، إذ ورد فيها : (محمد بن جبير) لكن حتى هذا لم يثبت ، إذ كشف المحقق التستري رحمه‌الله ، أن هذا محرف عن حكيم بن جبير بن مطعم! أنظر : قاموس الرجال / ترجمة محمد بن جبير بن مطعم.


كما تجيبنا قراءتنا في (هوية التاريخ) عن أهم ما يعترضنا هنا ، وهو : كيف أصبح هؤلاء جميعا في عداد رجال الشيخين ـ البخاري ومسلم ـ فيما أقصي آخرون لا يقاس هؤلاء بهم ، كالإمام جعفر الصادق (ع) ، الذي كان ينبغي أن يكون حديثه أكثر اعتمادا ، إذ لا يفصله عن البخاري سوى واسطة أو واسطتين ، توفي الصادق (ع) سنة ١٤٨ ه ، وولد البخاري سنة ١٩٤ ه!

هذا النص ، الذي جاء بهذه السلسلة الوحيدة ، هو الذي رأى فيه ابن حزم وغيره نصا جليا على خلافة أبي بكر! (٣٨) غير أن الجرجاني والتفتازاني لم يذكراه ، فيما ذكرا نصوصا كثيرة أضعف منه سندا ، وأقل منه دلالة! (٣٩).

٢ ـ قالت عائشة : قال لي رسول الله (ص) في مرضه : (ادعي لي أبا بكر أباك ، حتى أكتب كتابا ، فإني أخاف أن يتمنى متمن ويقول قائل : أنا أولى ، ويأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر) (٤٠).

أسند مسلم هذا الحديث كما يلي : عبيد الله بن سعيد ، عن يزيد بن هارون ، عن إبراهيم بن سعد ، عن صالح بن كيسان ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة.

__________________

والحق أن هذه الرواية فيها أكثر مما تقدم ، فهي تذكر بعد هؤلاء جماعة ، منهم : سعيد بن المسيب ، وتقول إنه نجا من الأمويين لأنه كان آخر أصحاب رسول الله! وهذا لا يصح ، لأن سعيد بن المسيب تابعي وليس صحابي! وهذا أيضا وقف عليه المحقق التستري في ترجمة سعيد بن المسيب من (قاموس الرجال).

(٣٨) الفصل ٤ / ١٠٨. وانظر أيضا : تثبيت الإمامة وترتيب الخلافة : ٩٠ ـ ٩١ رقم ٥٦ ، نظام الخلافة بين أهل السنة والشيعة : ٣٩.

(٣٩) أنظر : الجرجاني / شرح المواقف ٨ / ٣٦٤ ـ ٣٦٥ ، التفتازاني / شرح المقاصد ٥ / ٢٦٣ ـ ٣٦٧.

(٤٠) صحيح البخاري ـ كتاب الأحكام ـ باب الاستخلاف ج ٦ ح ٦٧٩١ ، صحيح مسلم ـ باب فضائل أبي بكر ج ٥ ح ٢٣٨٧ والنص منه.


فقد ظهر إبراهيم بن سعد في هذا الحديث أيضا ، وهو صاحب الحديث المتقدم ، صاحب العود والغناء ، صاحب هارون الرشيد.

أما الزهري وعروة وعائشة فقد عرفنا بدقة موقفهم من الخلافة ومن علي (ع) خاصة وبني هاشم عامة.

وأورده البخاري من طريق آخر ينتهي أيضا إلى عائشة ، فهي وحدها رأس هذا الحديث في جميع طرقه!

ولعل أقوى ما يثار هنا : أن هذه الأحاديث قد رواها الشيخان ، فكيف يمكن الشك فيها والطعن عليها؟!

وما أيسر الجواب لمن تجرد للحقيقة دون سواها ، فقبل قليل فقط قرأنا تفسير ذلك على ألسنة الكبار ممن حقق في طبيعة هذا الأمر وتطوره :

* قرأنا عن نفطويه : أن أكثر الأحاديث الموضوعة في فضائل الصحابة اختلقت في أيام بني أمية تقربا إليهم في ما يظنون أنهم يرغمون به أنوف بني هاشم!

* وقرأنا عن المدائني قوله : فرويت أخبار كثيرة في مناقب الصحابة مفتعلة ، لا حقيقة لها ... حتى انتقلت تلك الأخبار والأحاديث إلى الديانين الذين لا يستحلون الكذب والبهتان ، فقبلوها ورووها وهم يظنون أنها حق ، ولو علموا أنها باطلة ما رووها ولا تدينوا بها!

* وقرأنا عن الإمام الباقر (ع) قوله : حتى صار الرجل الذي يذكر بالخير ، ولعله يكون ورعا صدوقا ، يحدث بأحاديث عظيمة عجيبة من تفضيل بعض من قد سلف من الولاة ، ولم يخلق الله تعالى شيئا منها ، ولا كانت وقعت ، وهو يحسب أنها حق لكثرة من رواها ممن لم يعرف بالكذب ولا بقلة ورع!

فليس بمستنكر إذن أن تنفذ هذه الأخبار إلى الصحيحين وغيرهما ...


فمن أين يأتي الاستنكار وهم ما رووها إلا وهم يعتقدون صحتها؟!

وهذا الحديث بالذات مما شهد المعتزلة بأن البكرية وضعته في مقابل الحديث المروي عنه (ص) في مرضه : (ائتوني بدواة وبياض أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده أبدا) فاختلفوا عنده ، وقال قوم منهم : لقد غلبه الوجع ، حسبنا كتاب الله! (٤١).

ومما يشهد لهذا القول ، بل يجعله يقينا لا شك فيه ، ما ثبت عن ابن عباس في وصف اختلافهم عند النبي الذي حال دون كتابة ذلك الكتاب ، فقد كان ابن عباس يصف هذا الحدث بأنه (الرزية ، كل الرزية) ويذكره فيقول : (يوم الخميس ، وما يوم الخميس!) ويبكي حتى يبل دمعه الحصى (٤٢) فلو كان الأمر كما وصفه الحديث المنسوب إلى عائشة (يأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر) لم تكن ثمة رزية يبكي لها ابن عباس كل هذا البكاء ويتوجع كل هذا التوجع.

إن بكاء ابن عباس وتوجعه الشديد لهذا الحديث لهو دليل لا شئ أوضح منه على أن الذي أراده النبي (ص) من ذلك الكتاب لم يتحقق ، بل تحقق شئ آخر غيره لم يكن النبي (ص) أراده ولا أشار إليه أدنى إشارة.

وتزداد هذه الحقيقة رسوخا حين ندرك أن ابن عباس هو واحد من سادة بني هاشم الذين لم يبايعوا لأبي بكر إلا بعد ستة أشهر! (٤٣).

فمع هذه الثوابت لا يبقى احتمال لصحة الحديث المنسوب إلى عائشة!

__________________

(٤١) ابن أبي الحديد / شرح نهج البلاغة ١١ / ٤٩.

(٤٢) صحيح البخاري ـ كتاب المرضى ـ باب ١٧ ح ٥٣٤٥ ، صحيح مسلم ـ كتاب الوصية ح ١٥ و ٢١ و ٢٢ ، مسند أحمد ١ / ٣٢٤ ، السيرة النبوية ـ للذهبي ـ : ٣٨٤ ، البداية والنهاية ٥ / ٢٤٨.

(٤٣) السنن الكبرى ٦ / ٣٠٠ ، تاريخ الطبري ٣ / ٢٠٨ ، مروج الذهب ٢ / ٣١٦ ، الكامل في التاريخ ٢ / ٣٣١ ، جامع الأصول ٤ / ٤٨٢.


٣ ـ حديث : (اقتدوا باللذين من بعدي ، أبي بكر وعمر).

أخرجه الترمذي وابن ماجة (٤٤) ، واعتمده كثيرون في إثبات النص على أبي بكر وعمر ، أو في إثبات صحة خلافتهما (٤٥).

لكن ابن حزم استهجن كثيرا الاستدلال بهذه الرواية ، وعده عيبا يترصد أمثاله الخصوم ، فقال ما نصه : (ولو أننا نستجيز التدليس والأمر الذي لو ظفر به خصومنا طاروا به فرحا ، أو أبلسوا أسفا ، لاحتججنا بما روي (اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر) ولكنه لا يصح ، ويعيذنا الله من الاحتجاج بما لا يصح (٤٦).

٤ ـ نصوص أخر نسبت إلى علي (ع) ، إمعانا في سد الثغرات ، وقطع الطريق على الخصم ، استبعد المحب الطبري صحة شئ منها لتخلف علي عن بيعة أبي بكر ستة أشهر ، ونسبته إلى نسيان الحديث في مثل هذه المدة بعيد (٤٧).

وهذا حق يؤيده ما اشتهر عن علي (ع) من ذكر حقه في الخلافة (٤٨).

هذه جملة ما اعتمدوه من النصوص الحديثية في النص على أبي بكر وتقديمه.

ثانيا ـ نصوص من القرآن الكريم :

١ ـ قوله تعالى : (وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات

__________________

(٤٤) سنن الترمذي ـ مناقب أبي بكر ج ٥ ح ٣٦٦٢ ، سنن ابن ماجة ١ / ٩٧.

(٤٥) شرح المواقف ٨ / ٣٦٤ ، شرح المقاصد ٥ / ٢٦٦ ، تثبيت الإمامة : ٩٢ رقم ٥٩.

(٤٦) الفصل ٤ / ١٠٨.

(٤٧) الرياض النضرة ٤٨ ـ ٤٩.

(٤٨) سيأتي في هذا البحث.


ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم) (٤٩).

قالوا : الخطاب هنا للصحابة ، فوجب أن يوجد في جماعة منهم خلافة يتمكن بها الدين ، ولم يوجد على هذه الصفة إلا خلافة الخلفاء الأربعة ، فهي التي وعد الله بها (٥٠). حتى صرح بعضهم بأن الآية نازلة فيهم ، أو في أبي بكر وعمر خاصة! (٥١).

وهذا الاستدلال ضعفه المفسرون بأمرين :

الأول : ما ذهبوا إليه من أن المراد في هذه الآية هو (الوعد لجميع الأمة في ملك الأرض كلها تحت كلمة الإسلام ، كما قال عليه الصلاة والسلام : (زويت لي الأرض ، فرأيت مشارقها ومغاربها ، وسيبلغ ملك أمتي ما زوي لي منها)). وأن (الصحيح في هذه الآية أنها في استخلاف الجمهور ، واستخلافهم هو أن يملكهم البلاد ويجعلهم أهلها.

وأن هذه الحال ـ التي تصفها الآية ـ لم تختص بالخلفاء حتى يخصوا بها من عموم الآية ، بل شاركهم في ذلك جميع المهاجرين ، بل وغيرهم.

ألا ترى إلى إغزاء قريش المسلمين في أحد وغيرها ، وخاصة الخندق ، حتى أخبر الله تعالى عن جميعهم فقال : (إذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا * هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالا شديدا) (٥٢).

ثم إن الله رد الكافرين لم ينالوا خيرا ، وأمن المؤمنين وأورثهم أرضهم

__________________

(٤٩) سورة النور ٢٤ : ٥٥.

(٥٠) شرح المواقف ٨ / ٣٦٤ ، شرح المقاصد ٥ / ٢٦٥.

(٥١) تفسير القرطبي ١٢ / ١٩٥.

(٥٢) سورة الأحزاب ٣٣ : ١٠ و ١١.


وديارهم وأموالهم ، وهو المراد بقوله : (ليستخلفنهم في الأرض). وقوله : (كما استخلف الذين من قبلهم) يعني بني إسرائيل ، إذ أهلك الله الجبابرة بمصر ، وأورثهم أرضهم وديارهم ، فقال : (وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها) (٥٣). وهكذا كان الصحابة مستضعفين خائفين ، ثم إن الله تعالى أمنهم ومكنهم وملكهم ، فصح أن الآية عامة لأمة محمد (ص) غير مخصوصة ، إذ التخصيص لا يكون إلا بخبر ممن يجب له التسليم ، ومن الأصل المعلوم التمسك بالعموم) (٥٤).

وهذا يعني بوضوح أن الخطاب غير محصور بالصحابة رضي‌الله‌عنهم ، بل هو عام لكل أمة محمد في كل زمان (٥٥).

والثاني : ما ذكروه في سبب نزول الآية ، فإنه منطبق تماما على ما ذكر آنفا ، لا يساعد على تخصيصها في الخلفاء الراشدين أو بعضهم ، وإن كان فيه ما يفيد تخصيصها بالنبي (ص) وأصحابه (٥٦).

ففي رواية البراء ، قال : فينا نزلت ونحن في خوف شديد.

وفي رواية أبي العالية ، يصف حال أصحاب الرسول وهم خائفون ، يمسون في السلاح ويصبحون في السلاح ، فشكوا ذلك إلى النبي (ص) فأنزل الله الآية ، فأظهر الله نبيه على جزيرة العرب ، فأمنوا ووضعوا السلاح.

__________________

(٥٣) سورة الأعراف ٧ : ١٣٧.

(٥٤) تفسير القرطبي ١٢ / ١٩٦ ـ ١٩٧. وانظر أيضا : الميزان في تفسير القرآن ١٥ / ١٦٧ ، الإفصاح في الإمامة ـ للشيخ المفيد ـ : ٩١ ـ ١٠٠ ، فتح القدير (تفسير الشوكاني) ٤ / ٤٧.

(٥٥) فتح القدير ٤ / ٤٧.

(٥٦) كما تقدم في آخر الكلام المنقول عن القرطبي ، وهو ما ذهب إليه محمد جواد مغنية في تفسيره الكاشف ٥ / ٤٣٦.


ومثلها رواية أبي بن كعب ، وقوله في رواية ثانية عنه : لما نزلت على النبي (ص) (وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات) الآية ، بشر هذه الأمة بالسنا والرفعة والدين والنصر والتمكين في الأرض ، فمن عمل منهم عمل الآخرة للدنيا لم يكن له في الآخرة من نصيب (٥٧).

أما رواية عبد بن حميد عن عطية ففيها تخصيص آخر مخالف للتخصيص المذكور في الخلفاء الراشدين ، إذ قال عطية : هم أهل بيت هاهنا! وأشار بيده إلى القبلة (٥٨).

وفي هذا عطف على ما ذهب إليه بعض مفسري الشيعة من أن الآية في المهدي الموعود (ع) الذي تواترت الأخبار على أنه سيظهر فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا ، وأن المراد بالذين آمنوا وعملوا الصالحات هنا : النبي (ص) والأئمة من أهل بيته (ع) (٥٩).

هذه هي الآية الأولى ، ومع ظهور ما تقدم من إفادتها العموم ، لا يبقى وجه للتمسك بها هنا ، وهي أيضا عند المتمسكين بها دليل على صحة الخلافة ، وليست نصا في الاستخلاف ، وكذا مع الآية الثانية.

٢ ـ قوله تعالى : (قل للمخلفين من الأعراب ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد تقاتلونهم أو يسلمون فإن تطيعوا يؤتكم الله أجرا حسنا) (٦٠).

فقد جعل الداعي مفترض الطاعة ، والمراد به أبو بكر وعمر وعثمان ، فوجبت طاعتهم بنص القرآن ، وإذ قد وجبت طاعتهم فرضا فقد صحت

__________________

(٥٧) الدر المنثور ٦ / ٢١٥ ـ ٢١٦.

(٥٨) الدر المنثور ٦ / ٢١٦.

(٥٩) مجمع البيان ٤ / ١٥٢ ، الميزان ١٥ / ١٦٦ ـ ١٦٧ ، الإفصاح في الإمامة : ١٠٢.

(٦٠) سورة الفتح ٤٨ : ١٦.


إمامتهم وخلافتهم (٦١).

والصحيح الذي يوافق تاريخ نزول الآية الكريمة ، ويوافق الوقائع ، هو ما ذكره الرازي من أن الداعي هو النبي (ص) (٦٢) ، إذ كانت الآية المذكورة نازلة في الحديبية بلا خلاف ، وهي في سنة ست للهجرة ، وبعدها غزا النبي هوازن وثقيف وهم أولو بأس شديد ، في وقعة حنين الشهيرة وذلك بعد فتح مكة في السنة الثامنة للهجرة ، وفتح مكة هو الآخر دعوة إلى قتال قوم أولي بأس شديد قاتلوا الإسلام وأهله حتى أظهره الله عليهم في الفتح ، ثم كانت غزوة مؤتة الشديدة ، ثم غزوة تبوك وهي المعروفة بجيش العسرة ، التي استهدفت محاربة الروم على مشارف الشام ، ثم دعاهم مرة أخرى لقتال الروم في جيش أسامة الذي جهزه وأمر بإنفاذه وشدد على ذلك في مرضه الذي توفي فيه.

فكيف يقال إن النبي (ص) لم يدعهم إلى قتال بعد نزول الآية؟!

ولأجل الفرار من هذا المأزق ذهبوا إلى آية سورة التوبة النازلة في المخلفين : (فإن رجعك الله إلى طائفة منهم فاستأذنوك للخروج فقل لن تخرجوا معي أبدا ولن تقاتلوا معي عدوا) (٦٣).

قال ابن حزم بعد أن ذكر هذه الآية ما نصه : وكان نزول سورة براءة التي فيها هذا الحكم بعد غزوة تبوك بلا شك التي تخلف فيها الثلاثة المعذورون الذين تاب الله عليهم في سورة براءة ، ولم يغز (ع) بعد غزوة تبوك إلى أن مات (ص). وقال تعالى أيضا : (سيقول المخلفون إذا انطلقتم إلى مغانم لتأخذوها ذرونا نتبعكم يريدون أن يبدلوا كلام الله قل لن تتبعونا كذلكم

__________________

(٦١) الفصل ٤ / ١٠٩ ـ ١١٠ ، شرح المواقف ٨ / ٣٦٤ ، شرح المقاصد ٥ / ٢٦٦.

(٦٢) تفسير الرازي ٢٨ / ٩٢ ـ ٩٣.

(٦٣) سورة التوبة ٩ : ٨٣.


قال الله من قبل) (٦٤) فبين أن العرب لا يغزون مع رسول الله (ص) بعد تبوك! (٦٥).

وهذا أول التهافت! فالآية الثانية ، آية سورة الفتح ، نزلت في الحديبية سنة ست للهجرة بلا خلاف ، أي قبل تبوك بثلاث سنين! ويتضح التهافت جليا حين يواصل القول مباشرة : (ثم عطف سبحانه وتعالى عليهم إثر منعه إياهم من الغزو مع رسول الله (ص) وغلق باب التوبة فقال تعالى : (قل للمخلفين من الأعراب ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد تقاتلونهم أو يسلمون) فأخبر تعالى أنهم سيدعوهم غير النبي (ص) إلى قوم يقاتلونهم أو يسلمون) (٦٦).

وهكذا قلب ترتيب الآيات ، فقدم آية التوبة النازلة بعد تبوك سنة تسع ، وأخر آية الفتح النازلة في الحديبية سنة ست ، ليتفق له ما يريد!!

وهذا هو الخطأ الأول ، فكيف يكون ما نزل سنة تسع من الهجرة مقدما على ما نزل سنة ست؟!

وأما الخطأ الثاني فليس بأقل ظهورا من الأول : فآية سورة الفتح النازلة في الحديبية في السنة السادسة قد جاء فيها الأخبار عن وقوع الدعوة ، وتعليق الثواب والعقاب بالطاعة والعصيان منهم ، فنص الآية يقول : (ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد ...) وقد وقعت الدعوة منه (ص) حقا في حنين ومؤتة وتبوك.

أما آية سورة التوبة في المخلفين المنافقين فقد أغلقت عليهم طريق التوبة ومنعت خروجهم مع النبي ومع غيره أيضا ، إذ كيف يدعوهم أبو بكر أو

__________________

(٦٤) سورة الفتح ٤٨ : ١٥.

(٦٥) الفصل ٤ / ١٠٩.

(٦٦) الفصل ٤ / ١٠٩.


عمر إلى جهاد الكفار وهم قد شهد عليهم الله ورسوله بالكفر والموت على الضلال؟! فقال تعالى في تلك الآية نفسها : (فإن رجعك الله إلى طائفة منهم فاستأذنوك للخروج فقل لن تخرجوا معي أبدا ولن تقاتلوا معي عدوا إنكم رضيتم بالقعود أول مرة فاقعدوا مع الخالفين ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره إنهم كفروا بالله ورسوله وماتوا وهم فاسقون).

وهذا صريح في حكم الله تعالى عليهم بالكفر وقت نزول الآيات ، وأنهم يموتون على الكفر والضلال ، وأكد ذلك بقوله في الآية التالية مباشرة : (ولا تعجبك أموالهم وأولادهم إنما يريد الله أن يعذبهم بها في الدنيا وتزهق أنفسهم وهم كافرون) (٦٧).

فهؤلاء إذن المقطوع بكفرهم وموتهم على الكفر ، غير أولئك الذين ذكرتهم سورة الفتح ووعدتهم بالثواب إن هم استجابوا للداعي!

وهذه المفارقات الظاهرة لا تخفى على كبار المتكلمين لولا التقليد والإصرار على نصرة المذهب! وهذه العلة هي التي أوقعت الكثير من كبار المتكلمين في العقائد بمثل هذه التناقضات والمفارقات الغريبة التي لا تخفى على البسطاء ، لكنها بلا شك محل اعتصام المقلدين الذين يعجبهم كل ما من شأنه نصرة المذهب! وهذه ظاهرة عامة ، فلا فرق بين مقلد متعصب ، وآخر مثله!

* ثمة التفاتة لم أجد من أشار إليها مع أنها داخلة في صلب هذا الموضوع إلى حد الحسم في تحديد غايته! وهي : أنه في ذات الواقعة التي نزلت فيها الآية الأولى : (قل للمخلفين من الأعراب ستدعون إلى قوم

__________________

(٦٧) سورة التوبة : ٩ : ٨٣ ـ ٨٥.


أولي بأس شديد تقاتلونهم أو يسلمون فإن تطيعوا يؤتكم الله أجرا حسنا ...) أي في الحديبية ذاتها ، قال النبي (ص) لوفد قريش : (يا معشر قريش ، لتنتهن أو ليبعثن الله عليكم من يضرب رقابكم بالسيف على الدين ، قد امتحن قلبه على الإيمان) قالوا : من هو يا رسول الله؟ فقال أبو بكر : من هو يا رسول الله؟ وقال عمر : من هو يا رسول الله؟ قال : (خاصف النعل) وكان قد أعطى عليا نعلا يخصفها.

أخرجه الترمذي والنسائي وابن أبي شيبة بأسانيد صحيحة (٦٨).

ونحو هذا تماما قاله النبي (ص) لوفد ثقيف ، قال : (لتسلمن أو لأبعثن عليكم رجلا مني ـ أو قال : مثل نفسي ـ ليضربن أعناقكم ، وليسبين ذراريكم ، وليأخذن أموالكم) قال عمر : فوالله ما تمنيت الإمارة إلا يومئذ ، فجعلت أنصب صدري رجاء أن يقول : هو هذا. فالتفت إلى علي فأخذ بيده وقال : (هو هذا ، هو هذا) (٦٩).

ونحوه ما أخبر به النبي (ص) أنه واقع بعده ، فقال : (إن منكم من يقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله) فاستشرف له القوم ، وفيهم أبو بكر وعمر ، فقال أبو بكر : أنا هو؟ قال : (لا). قال عمر : أنا هو؟ قال : (لا ، ولكن خاصف النعل) وكان علي يخصف نعل النبي (ص) (٧٠).

__________________

(٦٨) سنن الترمذي ج ٥ ح ٣٧١٥ ، سنن النسائي ج ٥ ح ٨٤١٦ ، كتاب الخصائص بتخريج الأثري : ح ٣٠ ، المصنف / ابن أبي شيبة ـ فضائل علي ـ ج ٧ ح ١٨.

(٦٩) أخرجه : عبد الرزاق / المصنف ١١ / ٢٢٦ ح ٢٠٣٨٩ ، المصنف / ابن أبي شيبة ج ٧ ـ فضائل علي ـ ح ٢٣ و ٣٠ ، النسائي / السنن ـ كتاب الخصائص ح ٨٤٥٧ ، ابن عبد البر / الإستيعاب ٣ / ٤٦.

(٧٠) مسند أحمد ٣ / ٨٢ ، الاحسان بترتيب صحيح ابن حبان ٩ / ٤٦ رقم ٦٨٩٨ ، المصنف / ابن أبي شيبة ج ٧ ـ فضائل علي ـ ح ١٩ ، المستدرك ٣ / ١٢٣ ، البداية والنهاية ٧ / ٣٩٨.


وهذه نصوص اجتمعت صراحة على نفي وإثبات :

* نفت صراحة أن يكون الداعي أبو بكر أو عمر ..

* وأثبتت صراحة إن كان داع بعد الرسول فهو علي!

وبعد وجود هذه النصوص الموثقة المتضافرة فلا مسوغ للرجوع إلى مداخلات المتكلمين.

إثارة في الختام :

إن هذا المضي وراء تبرير الأمر الواقع ليمنح المرء حقا في التساؤل ، ولا حرج ، ما دام للتساؤل موضوع ، وما دام فرض المحال ليس بمحال.

* فماذا يقال إزاء النص الوحيد الذي ظهر يوم السقيفة على لسان عمر حين قال لأبي عبيدة : أبسط يدك لأبايعك فأنت أمين هذه الأمة (٧١)؟! بل الذي نقله الطبري وابن الأثير أن أبا بكر هو الذي قال ذلك لأبي عبيدة (٧٢)!

هذا هو النص الوحيد الذي تناقلته أخبار السقيفة بعد نص (الأئمة من قريش) ، فصاحب هذا النص أولى بالخلافة إذن ، ولو بسط يده وبايعوه لكان هو أفضل الصحابة بلا جدال! ولأصبح هذا النص (أمين الأمة) هو النص الذي يتصدر جميع بحوثنا الكلامية في الإمامة ، ولما وجدنا للنصوص التي يذكرها المتكلمون في أبي بكر عينا ولا أثرا!

* وماذا لو قدر أن تتم الخلافة لعمرو بن العاص أولا؟!

عندئذ سوف تنتقل كل تلك البراهين والنصوص باتجاه عمرو ، بلا أدنى

__________________

(٧١) الطبقات الكبرى ٣ / ١٨١ ، تاريخ الإسلام ٣ / ٩.

(٧٢) تاريخ الطبري ٣ / ٢٠٢ ، الكامل في التاريخ ٢ / ٣٢٥.


شك! وله بذلك حجة ظاهرة :

* فقد نصبه النبي (ص) أميرا على جيش فيه أبو بكر وعمر وأبو عبيدة جميعا ، في ذات السلاسل! وكانوا مأمورين بطاعته وملازمته!

* وكان أثناء ذلك كله يؤمهم في الصلاة (٧٣) ، حتى أمهم في بعض صلواته جنبا! (٧٤).

فهاتان خصلتان كبيرتان تقدم فيهما على المهاجرين الثلاثة الذين شهدوا السقيفة ، أبي بكر وعمر وأبي عبيدة ، إمارة عليهم جميعا ، وإمامة الصلاة عليهم جميعا!

وله بعد ذلك منقبة لم تكن لواحد منهم ، فقد بعثه النبي (ص) أميرا على سرية إلى عمان ، فآمن أهلها على يديه (٧٥).

ثم هو قرشي أيضا يصدق عليه الحديث (الأئمة من قريش)! وقد أسلم قبل الفتح وهاجر إلى المدينة! (٧٦).

وسوف يدعم ذلك كله برهان طالما اعتمدوه في إثبات شرعية الخلافة ، وهو أنه لو كانت الإمامة لغيره وقدمته الأمة لكانت هي شر أمة لانتزاعها الإمامة من صاحبها والأحق بها ثم منحها لمن هو دونه ، ولكنها خير أمة كما أخبر القرآن الكريم (٧٧).

__________________

(٧٣) الكامل في التاريخ ٢ / ٢٣٢.

(٧٤) البداية والنهاية ٤ / ٣١٢.

(٧٥) الكامل في التاريخ ٢ / ٢٣٢.

(٧٦) الكامل في التاريخ ٢ / ٢٣٠.

(٧٧) أنظر هذا البرهان ونحوه في إثبات شرعية خلافة أبي بكر في : شرح المواقف ٨ / ٣٦٤ ، الفصل ٤ / ١٠٨ ، شرح المقاصد ٥ / ٢٦٦ ـ ٢٦٧.


بعد هذا كله تتجلى الحقيقة التي تقول : إن الرجوع إلى النص ، لم يحدث إلا في وقت متأخر ، فحينما قال الشيعة بولاية علي ونص النبي عليه ، التمس أهل السنة من إشارات النص ما ينبئ بخلافة أبي بكر (٧٨).

لكن لما كانت هذه النظرية قائمة أساسا على تبرير الأمر الواقع الذي تحقق بعد الرسول (ص) فهي لم تبحث عن النصوص بحثا موضوعيا لغرض الوقوف على النصوص الصحيحة قطعا والتي تفيد فائدة حقيقية في تعيين خلفاء الرسول ، وإنما ذهبت تفتش عن نصوص تسند ذلك الواقع التاريخي ، وتضفي عليه سمة الشرعية! فحين لم تجد ما يسعفها في ذلك راحت تتلمس غايتها وراء النصوص ، بغض النظر عن سلامة أسانيدها وضعف دلالاتها!

ومهما كان ، فإن هذه المحاولات تصطدم مرة أخرى بعقبة كؤود :

فلم يثبت عن أحد من الصحابة أنه ادعى النص على أبي بكر ، بل الثابت عنهم هو العكس تماما ، كما ثبت عن عمر حتى آخر حياته ، وكما ثبت حتى عن عائشة التي نسبوا إليها بعض النصوص المتقدمة ، فقد نقلوا عنها شهادتها بأن النبي (ص) لم يستخلف! فقالوا لها : من كان رسول الله مستخلفا لو استخلف؟ فقالت : أبا بكر. قالوا : ثم من؟ قالت : عمر. قالوا : ثم من؟ قالت : أبا عبيدة (٧٩).

ولا يخفى أيضا أن هذا الترتيب هو الترتيب الذي أفرزته السقيفة ، وتتابع عهود الخلافة : أبو بكر ، ثم عمر ، ثم تمني عمر لو كان أبو عبيدة حيا

__________________

(٧٨) د. أحمد محمود صبحي / نظرية الإمامة : ٣٧ ، د. مصطفى حلمي / نظام الخلافة : ٣٩ ، البيومي / الإمامة وأهل البيت ١ / ١٧١ عن الجويني / الغياث : ٢٩ ـ ٣٠.

(٧٩) صحيح مسلم ـ فضائل الصحابة ح ٩.


ليستخلفه .. وليس هو الترتيب الذي تفرزه سيرة الصحابة حول الرسول ، ولا هو الترتيب المتبع في التفضيل عند أهل السنة!

ورغم ذلك فإن ابن حزم ينسب عمر وعائشة إلى الغفلة عن ذلك ، وأنه قد خفي عليهما النص كما خفي عليهما كثير من أمر رسول الله!! (٨٠).

وهذا تبرير لا يرتضيه أحد ، ولا يقوم إلا على الظن ، بل لو كان ثمة نص على أبي بكر وأمكن أن يخفى ، لخفي على الجميع إلا عمر وعائشة اللذين كانا أكثر الناس اجتهادا في تثبيت خلافته!

وأيضا فإن ثمة ما يشبه الاجماع عند أهل السنة على عدم النص!

وشذت طائفة من المعتزلة عن قول أسلافها فزعمت أن النبي (ص) نص على صفة الإمام ونعته ، ولم ينص على اسمه ونسبه ، وهذا قول أحدثوه قريبا ، وكذلك قالت جماعة من أهل الحديث ، هربت حين عضها إجماع الإمامية ، ولجأت إلى أن النبي (ص) نص على أبي بكر ، وتركت مذهب أسلافها! (٨١).

النصوص الصحيحة الحاكمة :

نصوص أيقن بها طائفة من الصحابة ، على رأسهم علي ، يقينا لا يسمح أن يتسرب إلى مدلولها شك .. يقينا دفع عليا (ع) أن يرد بدهشة على من دعاه لتعجيل البيعة بعد وفاة الرسول (ص) ، قائلا : (ومن يطلب هذا الأمر غيرنا؟!) (٨٢).

__________________

(٨٠) الفصل ٤ / ١٠٨ ـ ١٠٩.

(٨١) النوبختي / فرق الشيعة : ٨.

(٨٢) الإمامة والسياسة : ١٢.


لكن تسارع الأحداث تلك الأثناء ، وإحكام القبضة ، لم يتركا لشئ من تلك النصوص موقعا يرتجى ، أما حين تحققت بارقة أمل يوم اجتماع الأصحاب الستة للشورى ولم يبت في الأمر بعد ، فلم يتوان علي (ع) عن التذكير بطائفة منها (٨٣).

وبعد أن تمت له البيعة كانت الأذهان أكثر استعدادا للإصغاء ، وأوسع فسحة للتأمل .. فبالغ في التذكير ببعضها ، نصا أو دلالة ، حتى امتلأت بها خطبه الطوال والقصار ، وكان لا يخلو تذكيره أحيانا من تقريع ، ظاهر .. أو خفي!

وبواحد من مواقفه نستهل هذه الطائفة من النصوص :

١ ـ (من كنت مولاه فعلي مولاه) :

خطب علي (ع) في الناس ، فقال : أنشد الله من سمع رسول الله (ص) يقول يوم غدير خم : (من كنت مولاه فعلي مولاه) لما قام فشهد! فقام اثنا عشر بدريا ، فقالوا : نشهد أنا سمعنا رسول الله (ص) يقول يوم غدير خم : (ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟) قلنا : بلى ، يا رسول الله.

قال : (فمن كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه) (٨٤).

وحديث غدير خم لم يرد في مسند أحمد أكثر منه طرقا إلا حديثا

__________________

(٨٣) أنظر : الإستيعاب / بحاشية الإصابة ٣ / ٣٥ ، شرح نهج البلاغة ٦ / ١٦٧ ـ ١٦٨.

(٨٤) مسند أحمد ١ / ٨٤ و ٨٨ و ١١٨ و ١١٩ ـ مرتان ـ ، سنن النسائي ـ كتاب الخصائص ح ٨٥٤٢ ، البداية والنهاية ٥ / ٢٢٩ ـ ٢٣٢ و ٧ / ٣٨٣ ـ ٣٨٥ من نحو عشرين طريقا.


واحدا! (٨٥).

أما في كتاب (السنة) لابن أبي عاصم (٢٨٧ ه) وتاريخ ابن كثير ، فلا يضاهيه حديث!! (٨٦).

ورواه غيرهم بأسانيد صحيحة ، كالترمذي وابن ماجة ، والنسائي ، وابن أبي شيبة ، والحاكم (٨٧).

ونص الذهبي على تواتره (٨٨).

لكن بعد هذا جاء دور المتكلمين ، فبذلوا جهودا مضنية في تأويله وصرفه عن معناه ، بل تجريده من كل معنى!! فحين رأوا أن الاقرار بدلالته على الولاية العامة يفضي إلى إدانة التاريخ وتخطئة كثير من الصحابة ، ذهبوا إلى تأويله بمجرد النصرة والمحبة ، فيكون معنى الحديث : يا معشر المؤمنين ، إنكم تحبونني أكثر من أنفسكم ، فمن يحبني يحب عليا ، اللهم أحب من أحبه ، وعاد من عاداه! (٨٩).

__________________

(٨٥) أخرج أحمد حديث الغدير من تسع عشرة طريقا ، المسند ١ / ٨٤ و ٨٨ و ١١٨ ـ ثلاث مرات ـ و ١١٩ ـ مرتان ـ و ١٥٢ و ٣٣١ ، و ٤ / ٢٨١ و ٣٦٨ و ٣٧٠ و ٣٧٢ ـ مرتان ـ و ٥ / ٣٤٧ و ٣٥٨ و ٣٦١ و ٣٦٢ و ٤١٩.

ولا يضاهيه إلا حديث (من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار) فقد خرجه من نحو ٢٥ طريقا.

(٨٦) أنظر : البداية والنهاية ٥ / ٢٢٨ ـ ٢٣٣ ، و ٧ / ٣٨٣ ـ ٣٨٦ ، فقد خرجه من نحو ٤٠ طريقا ، بما فيها طرق حديث المناشدة المتقدمة.

(٨٧) سنن الترمذي ج ٥ ح ٣٧١٣ ، سنن ابن ماجة ج ١ ح ١١٦ و ١٢١ ، الخصائص ـ للنسائي ، بتخريج الأثري ـ : ح ٨٠ و ٨٢ ـ ٨٥ و ٩٠ و ٩٥ و ١٥٣ ، المصنف / ابن أبي شيبة ـ باب فضائل علي ـ ج ٧ ح ٩ و ١٠ و ٢٩ و ٥٥ ، المستدرك ٣ / ١٠٩ ـ ١١٠.

(٨٨) أنظر : البداية والنهاية ٥ / ٢٣٣.

(٨٩) الآلوسي / روح المعاني ٦ / ١٩٥ وما بعدها.


وحين رأوا أن جماعة من الصحابة قد عادوه وحاربوه ، ومنهم : عائشة وطلحة والزبير ، وأن آخرين قد أسسوا دينهم ودنياهم على بغضه ، ومنهم : معاوية وعمرو بن العاص والمغيرة ومروان .. ذهبوا إلى حق هؤلاء في الاجتهاد مقابل ذلك النص ، فهم معذورون وإن أخطأوا ، بل مأجورون أجرا واحدا لأجل اجتهادهم!! (٩٠).

وهكذا أصبح الخروج على نصوص الشريعة حتى في مثل تلك الطرق السافرة ، اجتهادا يثاب صاحبه ، وليس بينه وبين الآخر الذي تمسك بالشريعة وقاتل دونها إلا فرق الأجر! فالذي قاتل الشريعة له نصف أجر الذي قاتل دونها!!

لقد كان الأولى بهم أن يتابعوا سنة الرسول ، ويوقروا نصه الشريف الثابت عنه ، بدلا من إفراطهم في متابعة الأمر الواقع الذي ظهر فيه اختلاف كثير .. ثم إذا أرادوا بعد ذلك أن يعذروا الصحابة ، فما أوسع أبواب الأعذار ، ولقد أجاد ابن تيمية خاصة في إعذارهم في ما ثبت عنهم من فتاوى أو أفعال تخالف السنة الثابتة (٩١).

فالحق أن هذا نص صريح في ولاية علي (ع) ، لا يحتمل شيئا من تلك التأويلات التي ما كانت لتظهر لولا الانحياز للأمر الواقع ومناصرته.

ومما يزيد في ظهور هذا النص وامتناع صحة شئ مما قيل في تأويله : أنه لم يأت يتيما ، فاقدا لما يشهد لمضمونه ، بل في السنة ما ينصره ويفسره ، وأهمها :

__________________

(٩٠) أنظر : الفصل في الملل والنحل ٤ / ١٦١ و ١٦٣ ، البداية والنهاية ٧ / ٢٩٠ ، الباعث الحثيث : ١٨٢.

(٩١) أنظر كتابه : رفع الملام عن الأئمة الأعلام.


٢ ـ قوله (ص) : (إن عليا مني وأنا منه ، وهو ولي كل مؤمن بعدي).

حديث صحيح (٩٢).

* ومثله قوله (ص) في علي : (إنه مني وأنا منه ، وهو وليكم بعدي ..

إنه مني وأنا منه وهو وليكم بعدي) يكررها (٩٣).

* ومثله قوله (ص) لعلي : (أنت وليي في كل مؤمن بعدي).

أو : (أنت ولي كل مؤمن بعدي ومؤمنة) (٩٤).

وبعد اليقين بصحة هذه الأحاديث ، لا يمكن أن تفسر بحسب ظاهرها فتدين الواقع التاريخي!.

فلما أرادوا تفسير الولاية هنا أيضا بالنصرة والمحبة ، نظير ما في قوله تعالى : (المؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض) (٩٥) ، صدمهم قوله : (بعدي) الذي لا يمكن أن يتشابه معناه!

ولما كانت قدسية الرجال أعظم من قدسية النص ، رغم ثبوت صحته عندهم ، شهروا سيف التكذيب ، فقالوا : إسناده صحيح مع نكارة في متنه لشذوذ كلمة (بعدي)!

ولما أرادوا البرهان على هذه النكارة والشذوذ فمن اليسير جدا أن يرموا بها (شيعيا) ورد في إسناد بعضها! (٩٦).

__________________

(٩٢) مسند أحمد ٤ / ٤٣٧ ـ ٤٣٨ ، سنن الترمذي ج ٥ ح ٣٧١٢ ، الخصائص ـ للنسائي بتخريج الأثري ـ : ح ٦٥ و ٨٦ ، المصنف / ابن أبي شيبة ـ فضائل علي ـ ج ٧ ح ٥٨ ، الاحسان بترتيب صحيح ابن حبان ٩ / ٤١ ح ٦٨٩٠.

(٩٣) مسند أحمد ٥ / ٣٥٦ ، الخصائص / بتخريج الأثري : ح ٨٧.

(٩٤) مسند أحمد ١ / ٣٣١ ، الخصائص / بتخريج الأثري : ح ٢٣ ، المستدرك ٣ / ١٣٤.

(٩٥) سورة التوبة ٩ : ٧١.

(٩٦) علما أن التشيع في مصطلحهم : هو تفضيل علي على عثمان ، لا غير ، والطعن


لكن من البديهي أن مثل هذا البرهان الأخير يحتاج إلى توثيق ، خصوصا إزاء حديث يرد بأسانيد صحيحة متعددة ، فكيف وثقوه؟!

ليتهم لم يوثقوه ، ليتهم تركوه مجازفة كمجازفات الكثير من أصحاب الأذواق!!

قالوا في توثيقه : يؤيده أن الإمام أحمد روى هذا الحديث من عدة طرق ليست في واحدة منها هذه الزيادة (٩٧)!

إنها مقالة من لا يخشى فضيحة التحقيق!!

فالنصوص الثلاثة التي ذكرناها لهذا الحديث ، وفي جميعها كلمة (بعدي) جميعها في مسند أحمد (٩٨)!

وأغرب من هذا أن المحقق الذي ينقل قولهم المتقدم ويعتمده ، يخرج بعضها على مسند أحمد نفسه!! (٩٩).

ومرة أخرى ينهار ذلك البرهان وتوثيقه أمام الحديث الذي رواه أحمد في مسنده ، وفيه : (أنت وليي في كل مؤمن بعدي) (١٠٠) ، وليس في إسناده واحد من أولئك (الشيعة) الذين اتهموا به! بل اتفق على صحته الحاكم والذهبي والألباني (١٠١)!

إن هذه الدلائل ليست فقط تثبت صحة قوله (بعدي) ، إنما تثبت أيضا

__________________

على ملوك بني أمية!

(٩٧) أنظر : أبا إسحاق الأثري ، في تخريجه الحديث ٦٠ من كتاب (الخصائص).

(٩٨) مسند أحمد ١ / ٣٣١ ، ٤ / ٤٣٨ ، ٥ / ٣٥٦. وقد ذكرناها في تخريج النصوص كل في محله.

(٩٩) الأثري / كتاب (الخصائص) للنسائي ، ح ٨٧.

(١٠٠) مسند أحمد ١ / ٣٣١ من حديث ابن عباس.

(١٠١) المستدرك ٣ / ١٣٣ ـ ١٣٤ وتلخيصه / للذهبي في الصفحة ذاتها ، كتاب السنة ابن أبي عاصم ـ بتخريج الألباني ـ : ٥٥٢.


ـ مع المعرفة بحقائق التاريخ وموقف الرواة من فضائل علي ـ أن الرواية التي وردت في مسند أحمد أو غيره وليس فيها كلمة (بعدي) إنما قام (بتهذيبها) أنصار التاريخ الذين نصروه حتى في أوج انحرافه عن السنة ..

كيف لا؟! وهي إدانة صريحة لمساره المنحرف الذي صار عقيدة يتدينون بها ، ويضللون من خالفهم فيها!

٣ ـ الحديث الذي غاب عن (السنن) وأظهره أصحاب التاريخ والتفسير :

(إن هذا أخي ، ووصيي ، وخليفتي فيكم ، فاسمعوا له وأطيعوا) (١٠٢).

فإذا كان الذي دهش قريشا في جاهليتها هو أن يؤمر أبو طالب بأن يسمع لابنه ويطيع (١٠٣) ، فقد دهشها بعد الإسلام أن يؤمر كل الصحابة بذلك!

ولعل الذي صرف عنه أصحاب السنن هو من نحو ما ذكره ابن كثير في تعليقه على الحديث ، قائلا : ذكروا فيه عبد الغفار بن القاسم ، وهو كذاب ، شيعي ، اتهمه علي بن المديني بوضع الحديث ، وضعفه الباقون (١٠٤).

لكن أبو مريم ، عبد الغفار بن القاسم ، قد حفظ له التاريخ غير ما ذكر ابن كثير!

__________________

(١٠٢) تاريخ الطبري ٢ / ٢١٧ ، الكامل في التاريخ ٢ / ٦٢ ـ ٦٤ ، السيرة الحلبية ١ / ٤٦١ ، شرح نهج البلاغة ١٣ / ٢١٠ و ٢٤٤ وصححه ، مختصر تاريخ دمشق ـ لابن عساكر ـ ، ابن منظور ١٧ / ٣١٠ ـ ٣١١ ، تفسير البغوي (معالم التنزيل) ٤ / ٢٧٨ ، تفسير الخازن ٣ / ٣٧١ ـ ٣٧٢ نقلا عن سيرة ابن إسحاق ، المنتخب من كنز العمال ـ بهامش مسند أحمد ـ ٥ / ٤١ ـ ٤٢.

(١٠٣) حين قال النبي (ص) ذلك لعلي ، قام الناس يضحكون ويقولون لأبي طالب : قد أمرك أن تسمع لابنك وتطيع!

(١٠٤) البداية والنهاية ٣ / ٣٨ ـ ٣٩.


حفظ لنا خلاصة سيرته ، وصلته بالحديث ، ومنزلته فيه ، ثم حفظ علة تركهم حديثه :

قال ابن حجر العسقلاني : (كان ـ أبو مريم ـ ذا اعتناء بالعلم وبالرجال .. وقال شعبة : لم أر أحفظ منه .. وقال ابن عدي : سمعت ابن عقدة يثني على أبي مريم ويطريه ، ويجاوز الحد في مدحه ، حتى قال : لو ظهر على أبي مريم ما اجتمع الناس إلى شعبة)!! (١٠٥).

إذن لأمر ما لم يظهر على أبي مريم! قال البخاري : عبد الغفار بن القاسم ليس بالقوي عندهم .. حدث بحديث بريدة (علي مولى من كنت مولاه)! (١٠٦).

لكن حديث بريدة هذا قد أخرجه ابن كثير نفسه من طريق آخر وصفه بأنه إسناد جيد قوي ، رجاله كلهم ثقات! (١٠٧).

ذلك هو أبو مريم!

٤ ـ خلاصة وصية النبي لأمته في حفظ رسالته :

(ألا أيها الناس ، إنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب ، وأنا تارك فيكم الثقلين :

أولهما كتاب الله ، فيه الهدى والنور ، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به ..

وأهل بيتي ، أذكركم الله في أهل بيتي ، أذكركم الله في أهل بيتي ، أذكركم الله في أهل بيتي) (١٠٨).

__________________

(١٠٥) لسان الميزان ٤ / ٤٢ رقم ١٢٣.

(١٠٦)

(١٠٧) البداية والنهاية ٥ / ٢٢٨.

(١٠٨) صحيح مسلم ج ٤ ح ٢٤٠٨ من عدة طرق.


(إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي : كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، وعترتي أهل بيتي ، ولن يفترقا حتى يردا علي الحوض .. فانظروا كيف تخلفوني فيهما) (١٠٩).

(إني تارك فيكم خليفتين : كتاب الله ، وأهل بيتي ...) (١١٠).

تلك خلاصة رسالة السماء ... ومفتاح المسار الصحيح الذي أراده النبي لشريعته.

وهذا كلام لا يختلف في فهمه عامي وبليغ .. فمن أين يأتيه التأويل؟!

إنه لو قدر أن تتحقق الخلافة لعلي أولا ، لما ارتاب أحد في هذا النص الصريح الصحيح .. لكن اختلاف المسار الجديد عنه ، وتقديس الرجال ، هما وراء كل ما نراه من ارتياب وتجاهل لنص لا شئ أدل منه على تعيين أئمة المسلمين ، خلفاء الرسول!!

إن أغرب ما جاء في (تعطيل) هذا النص قول متهافت ابتدعه ابن تيمية حين رأى أنه ليس فيه إلا الوصية باتباع الكتاب ، وهو لم يأمر باتباع العترة ، ولكن قال : أذكركم الله في أهل بيتي)! (١١١).

فقط وفقط ، ولا كلمة واحدة!!

ولهذا القول المتهافت مقلدون ، والمقلد لا يقدح في ذهنه ما يقدح في أذهان البسطاء حتى ليعيد على شيخه السؤال : أين الثقل الثاني إذن؟! أين الخليفة الثاني إذن؟! من هذان اللذان لن يفترقا حتى يردا الحوض معا؟!

وليست هذه الأسئلة من شأن المقلد ، كما لم تكن من شأن المتأول ،

__________________

(١٠٩) سنن الترمذي ج ٥ ح ٣٧٨٨ ، مسند أحمد ٣ / ١٧.

(١١٠) مسند أحمد ٥ / ١٨٢ و ١٨٩.

(١١٢) منهاج السنة ٤ / ٨٥ ، الفرقان بين الحق والباطل : ١٣٩.


لأن شأنهما أن يستترا وراء التأويل ، عن لمعان النص ودويه!

(كتاب الله) و (عترتي أهل بيتي) إنهما المحوران اللذان سيمثلان محل القطب في مسار الإسلام الأصيل غدا بعد وفاة الرسول (ص).

وليس بعد هذا الحديث ، وحديث غدير خم ، ما يستدعي البحث عن نصوص أخر لمن شاء أن يؤمن بالنصوص ..

الخطاب الجامع .. مفترق الطرق :

في حديث صحيح ، جمع الخطاب وأوجز :

قال الصحابي زيد بن أرقم : لما دفع النبي (ص) من حجة الوداع ونزل غدير خم ، أمر بدوحات فقممن (١١٢) ، ثم قال : (كأني دعيت فأجبت ، وإني تارك فيكم الثقلين ، أحدهما أكبر من الآخر : كتاب الله ، وعترتي أهل بيتي. فانظروا كيف تخلفوني فيهما! فإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض).

ثم قال : (إن الله مولاي ، وأنا ولي كل مؤمن) ثم أخذ بيد علي رضي‌الله‌عنه ، فقال : (من كنت وليه فهذا وليه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه).

قال أبو الطفيل : قلت لزيد : سمعته من رسول الله (ص)؟!

قال : نعم ، وإنه ما كان في الدوحات أحد إلا رآه بعينيه وسمعه بأذنيه (١١٣).

__________________

(١١٢) أي : كنسن.

(١١٣) أخرجه : النسائي / السنن ج ٥ ح ٨٤٦٤ ، الأثري / تخريج خصائص علي (ع) ح ٧٦ وذكر له عدة مصادر ، منها : مسند أحمد ١ / ١١٨ ، البزار : ح ٢٥٣٨ ـ ٢٥٣٩ ، وابن أبي عاصم : ١٣٦٥ ، والحاكم / المستدرك ٣ / ١٠٩ ، وأخرجه ابن كثير / البداية والنهاية ٥ / ٢٢٨ وقال : قال شيخنا الذهبي : هذا حديث صحيح ، وأخرجه اليعقوبي / التاريخ ٢ / ١١٢.


هذا الخطاب ، على نحو مائة ألف من المسلمين شهدوا حجة الوداع ، وعند مفترق طرقهم إلى مدائنهم ، لم يعش النبي (ص) بعده إلا نحو ثمانين يوما (١١٤) ، ليكون هذا الخطاب ذاته بعد اليوم الثمانين مفترق الطرق بين المسلمين ، وحتى اليوم!!

ثمانون يوما لا تكفي لنسيانه!!

ودواعي الذكرى التي أحاطت به لا تسمح بتناسيه!!

لكن لم يحدثنا التاريخ أن أحدا قد ذكره في تلك الأيام الحاسمة التي ينبغي ألا تعيد الأذهان إلى شئ قبله ، فهو النص الذي يملأ ذلك الفراغ ، ويسكن له ذلك الهيجان ، وتنقطع دونه الأماني ، أو فرص الاجتهاد ..

(إني يوشك أن أدعى فأجيب ..

وإني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي : كتاب الله ، وعترتي أهل بيتي ..

من كنت مولاه فعلي مولاه ..).

والعهد ، بعد ، قريب ، جد قريب ..

فإذا وجدنا اليوم من لم يؤمن بالنص على خليفة النبي ، فليس لأن النبي لم يقله ، بل لأن الناس يومئذ لم يذكروه!!

٥ ـ (أنت مني بمنزلة هارون من موسى ، إلا أنه لا نبي بعدي).

حديث متواتر لا خلاف فيه (١١٥) ، لكن الكلام في تأويله ، وما أغنانا

__________________

(١١٤) كانت خطبة الرسول (ص) في غدير خم يوم ١٨ ذي الحجة سنة ١٠ ه ، ووفاته (ص) يوم ٢ أو ١٢ ربيع الأول من سنة ١١ ه ، حسب اليعقوبي والطبري ، والكليني ، أو ٢٨ صفر ، حسب الطبرسي.

(١١٥) مسند أحمد ١ / ١٧٣ و ١٧٥ و ١٨٢ و ١٨٤ و ٣٣١ ، صحيح البخاري ـ فضائل


عن التأويل الذي ما أبقى من النص إلا حروفه!!

غريب جدا ما ذهب إليه المتأولون من أن النبي (ص) لم يقله إلا تطييبا لخاطر علي وترغيبا له في البقاء في المدينة لما أرجف به المنافقون وقالوا : خلفك مع النساء والصبيان! وليس فيه من تشابه المنزلتين إلا القرابة! (١١٦).

* غريب في نسبة هذه الأغراض إلى حديث نبوي ظاهر ، إلى حديث النبي الذي لا يقول إلا حقا ، ومع علي بالذات ، ربيب النبي وبطل الملاحم!!

* وغريب في تناسي القرآن ، وكأن القرآن لم يذكر شيئا من منزلة هارون من موسى!!

* وغريب في الغفلة عما يضفيه هذا التأويل إلى علي وسعد وابن عباس ، على الأقل ، من سذاجة في التفكير وقصور في الفهم!!

ألم يكن علي يعرف قرابته من رسول الله قبل ذلك اليوم؟!

أم كان سعد لم يتمن إلا هذه القرابة وهو يقول : سمعت رسول الله (ص) يقول في علي ثلاث خصال لئن يكون لي واحدة منهن أحب إلي من حمر النعم ، سمعته يقول : (إنه مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي ...) (١١٧)؟! فهل فهم منه القرابة ، لا غير؟!

أم كان ابن عباس لا يريد إلا القرابة حين يذكر لعلي عشر خصال ليست لأحد من الناس ، فيعد فيها هذا الحديث؟! (١١٨).

__________________

علي ح ٣٥٠٣ ، صحيح مسلم ـ فضائل علي ـ ح ٢٤٠٤ ، مصنف ابن أبي شيبة ـ فضائل علي ـ ٧ / ٤٩٦ ح ١١ ـ ١٥.

(١١٦) ابن حزم / الفصل ٤ / ٩٤ ، ابن تيمية / منهاج السنة ٤ / ٨٧ ـ ٨٨.

(١١٧) صحيح مسلم ـ فضائل علي ح ٣٢ ، الخصائص ـ بتخريج الأثري ـ : ح ٩ و ١٠. و ٤٣ و ٥٢ ، المصنف / ابن أبي شيبة ـ فضائل علي ح ١٥.

(١١٨) مسند أحمد ١ / ٣٣١ ، الخصائص ـ بتخريج الأثري ـ : ح ٢٣ ، المستدرك ٣ / ١٣٢ ـ ١٣٣. ويأتي لاحقا.


هذا ، وإن لابن عباس من قرابة النبي مثل ما لعلي (ع) فكلاهما ابن عمه (ص)!! ويساويهما في هذه القرابة كل أولاد أبي طالب وأولاد العباس وأولاد أبي لهب!

* ولا يخفى أيضا أن قرابة علي (ع) للرسول ليست كقرابة هارون لموسى ، فليست هي المعنية في النص قطعا ..

* وغريب أن يخفى على هؤلاء ما هو ظاهر لمن هو دونهم .. فقوله : (أنت مني بمنزلة هارون من موسى) ظاهر في عمومه واستيعابه جميع مصاديق تلك المنزلة ، ومن هنا استثنى النبوة ، فقال : (إلا أنه لا نبي بعدي) فلما استثنى النبوة فقد نص على ثبات المصاديق الأخر ، وهي : الوزارة والخلافة.

فلو لم يرد النص إلا في غزوة تبوك ، لما أفاد ذلك تخصيصه بتلك الغزوة ما دام الحديث نصا في العموم.

ومع هذا فقد ورد هذا النص في غير تلك الواقعة أيضا ، كما رواه ابن حبان وغيره في خبر المؤاخاة (١١٩).

٦ ـ (يكون بعدي اثنا عشر خليفة ، كلهم من قريش).

متواتر ، لا نزاع فيه! (١٢٠).

__________________

(١١٩) السيرة النبوية / لابن حبان : ١٤٩ ، وصححه سبط ابن الجوزي / تذكرة الخواص : ٢٣ نقله عن الإمام أحمد في المناقب ، وقال : رجاله ثقات.

(١٢٠) صحيح البخاري ـ الأحكام ح ٨٤٦١ ، صحيح مسلم ـ الإمارة ـ ح ١٨٢١ و ١٨٢٢ ، مسند أحمد ١ / ٣٩٨ و ٤٠٦ ، سنن أبي داود ح ٤٢٨٠ ، سنن الترمذي ـ كتاب الفتن : ج ٤ ح ٢٢٢٣ ، مصابيح السنة : ٤ ح ٤٦٨٠. لذا فإن قول الدكتور النشار / نشأة الفكر الفلسفي في الإسلام ١ / ٤٤٨ و ٢ / ٢١٨ : (إن فكرة ١٢ خليفة لا وجود لها في الإسلام) إنما هي كبوة فارس!


أهل البيت أولا :

يقول ابن تيمية : إن بني هاشم أفضل قريش ، وقريش أفضل العرب ، والعرب أفضل بني آدم ، كما صح عن النبي (ص) قوله في الحديث الصحيح : (إن الله اصطفى بني إسماعيل ، واصطفى كنانة من بني إسماعيل ، واصطفى قريشا من كنانة ، واصطفى بني هاشم من قريش) ..

* وفي السنن أنه شكا إليه العباس أن بعض قريش يحقرونهم ، فقال : (والذي نفسي بيده ، لا يدخلون الجنة حتى يحبوكم لله ولقرابتي) ..

* ثم قال : وإذا كانوا أفضل الخلائق فلا ريب أن أعمالهم أفضل الأعمال (١٢١).

ولا ريب أن أهل البيت أفضل بني هاشم :

يقول ابن تيمية في الموضع ذاته : وفي صحيح مسلم عنه (ص) أنه قال يوم غدير خم : (أذكركم الله في أهل بيتي ، أذكركم الله في أهل بيتي ، أذكركم الله في أهل بيتي).

وظاهر أن ابن تيمية لا يريد أن يذكر مقدمة الحديث : (إني تارك فيكم الثقلين : كتاب الله ... وأهل بيتي) لأنه لا يريد أن يرى الأمر جليا بوجوب التمسك بأهل البيت!

ويمكن أن يضاف إلى هذا كثير :

* (اللهم هؤلاء أهل بيتي ، فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا) علي وفاطمة والحسن والحسين ، ولا أحد سواهم (١٢٢) .. (إنما يريد الله ليذهب

__________________

(١٢١) ابن تيمية / رأس الحسين : ٢٠٠ ـ ٢٠١.

(١٢٢) صحيح مسلم ـ فضائل الصحابة ـ : ح ٢٤٢٤ ، سنن الترمذي : ح ٣٢٠٥ و ٣٧٨٧ و ٣٨٧١ ، مسند أحمد ٤ / ١٠٧ و ٦ / ٢٩٢ و ٣٠٤ ، مصابيح السنة ٤ / ١٨٣


عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) (١٢٣).

* (نحن بنو عبد المطلب سادة أهل الجنة : أنا ، وحمزة ، وعلي ، وجعفر ، والحسن ، والحسين ، والمهدي) (١٢٤).

* (الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة) (١٢٥).

* (المهدي من عترتي ، من ولد فاطمة) (١٢٦).

فلم يبق في الأمر أدنى غموض ، بعد تقديم بني هاشم الصريح ، وتقديم أهل البيت خاصة على سائر بني هاشم ، وصراحة النصوص المتقدمة ، لا سيما الغدير والولاية والثقلين ، وببساطة كبساطة هذا الدين الحنيف ، وبعيدا عن شطط التأويل بعد هذا الدين عن التعقيد والتنطع ، تبدو عندئذ كم هي ظاهرة إمامة اثني عشر سيدا من سادة أهل البيت .. وتحديدا : أولهم علي ، فالحسن ، فالحسين ، وآخرهم المهدي.

ومن لحظ الاضطراب الشديد والتهافت الذي وقع فيه شراح الصحاح عند حديث الخلفاء الاثني عشر (١٢٧) ، ازداد يقينا في اختصاص سادة أهل البيت بهذا الحديث ، دون سواهم.

وقد اهتدى إلى هذا المعنى بعض من شرح الله صدره للإسلام من أهل الكتاب لما رأوا في أسفارهم الخبر عن اثني عشر إماما يكونون

__________________

ح ٤٧٩٦ ، أسباب النزول : ٢٠٠.

(١٢٣) سورة الأحزاب ٣٣ : ٣٣.

(١٢٤) سنن ابن ماجة ج ٢ ح ٤٠٨٧.

(١٢٥) مسند أحمد ٣ / ٣ و ٦٢ و ٦٤ و ٨٠ و ٨٢.

(١٢٦) سنن أبي داود : ح ٤٢٨٤ ، تاريخ البخاري ٣ / ٣٤٦ ، مصابيح السنة : ح ٤٢١١.

(١٢٧) أنظر : فتح الباري بشرح صحيح البخاري ١٣ / ١٨٠ ـ ١٨٣ ، إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري ١٥ / ٢١٢ ـ ٢١٣ ، صحيح مسلم بشرح النووي ١٢ / ٢٠١ ـ ٢٠٣ ، البداية والنهاية ٦ / ٢٧٨ ـ ٢٨١.


بعد النبي العظيم من ولد إسماعيل (١٢٨) ، فناقضهم ابن كثير ، نقلا عن شيخه ابن تيمية ، ليجعل هؤلاء العظماء هم الخلفاء الذين يعدون فيهم معاوية ويزيد ومروان وعبد الملك وهشام ، أو الذين لا يدرون من هم!! (١٢٩).

وأهل البيت أولا :

لو لم يكن ثمة نص في الإمامة ، وكان للأمة أن ترشح لها أهلها ، وبعد ما تقدم في تفضيل بني هاشم ، وأهل البيت خاصة ، فهم الأولى بالإمامة بلا منازع.

وأهل البيت أولا :

لو كانت الخلافة محصورة في قريش ، إما لنص النبي (ص) ، أو لقول المهاجرين في السقيفة ، (أن قريشا أولياؤه وعشيرته) ، (وقومه أولى به) ، (وهيهات أن يجتمع سيفان في غمد) ، (ولا تمتنع العرب أن تولي أمرها من كانت النبوة فيهم) ..

وأخيرا : (فمن ينازعنا سلطان محمد ونحن أولياؤه وعشيرته ، إلا مدل بباطل ، أو متجانف لإثم ، أو متورط في هلكة؟!) (١٣٠).

فإن هذا كله لا يرشح أحدا قبل بني هاشم ، فإذا كان قومه أولى به فلا ينازعهم إلا ظالم ، فما من أحد أولى به من بني هاشم ، ثم أهل البيت خاصة!

__________________

(١٢٨) العهد القديم ـ سفر التكوين ـ إصحاح ١٧ : آية ٢٠.

(١٢٩) أنظر : البداية والنهاية ٦ / ٢٨٠.

(١٣٠) أنظر : الإمامة والسياسة : ١٢ ـ ١٦ ، الكامل في التاريخ ٢ / ٣٢٩ ـ ٣٣٠.


فبنو هاشم ، دون سواهم من بطون قريش ، هم المعنيون بآية الانذار في بدء الدعوة النبوية : (وأنذر عشيرتك الأقربين) (١٣١).

وبنو هاشم هم المعنيون بالمحاصرة في شعب أبي طالب ثلاث سنين ، وليس معهم إلا بني المطلب ، أما بطون قريش الأخر ، تيم وعدي وأمية ومخزوم وزهرة وغيرها ، فهم الذين تحالفوا على محاصرة عشيرة محمد الأقربين ، بني هاشم وبني المطلب!!

فهل خفي هذا على أحد ، لو خفيت عليه النصوص؟!

فالذي جادل في النصوص ودفعها بأنها لو صحت ، أو لو أفادت الخلافة ، لما خفيت على عظماء الصحابة وجمهورهم .. عليه أن يقف أمام هذه الحقيقة ، كيف خفيت عليهم؟!

سلوك النبي في ترشيح علي :

عمليا كان النبي (ص) يمارس إعداد علي لخلافته ، ومنذ بدء الدعوة ، ويظهر لصحبه وللناس أنه يرشحه لذلك ، عملا مشفوعا بالقول أحيانا (١٣٢) ..

* منذ البدء ، نشأ علي في بيت النبي يتبعه اتباع الظل ، حتى بعث (ص) فكان علي أول من آمن به مع زوجته خديجة (١٣٣) ..

* وكان النبي (ص) يخرج إلى البيت الحرام ليصلي فيه ، فيصحبه علي وخديجة فيصليان خلفه ، على مرأى من الناس ، ولم يكن على الأرض من

__________________

(١٣١) سورة الشعراء ٢٦ : ٢١٤.

(١٣٢) إلى هنا ستثير هذه الكلمة الكثيرين ، ولكن مهلا حتى ينظروا في ما بعدها!

(١٣٣) الطبقات الكبرى ٣ / ٢١ ، سيرة ابن هشام ١ / ٢٢٨ ، كتاب الأوائل : ٩١ ـ ٩٣ البدء والتاريخ ٤ / ١٤٥ ، السيرة النبوية / ابن حبان : ٦٧ ، جوامع السيرة / ابن حزم : ٤٥ ، السيرة النبوية / الذهبي : ٧٠ ، الإصابة ٤ / ٢٦٩.


يصلي تلك الصلاة غيرهم (١٣٤) ..

* وكان علي يصف أيامه تلك ، فيقول : (وقد علمتم موضعي من رسول الله (ص) بالقرابة القريبة والمنزلة الخصيصة ، وضعني في حجره وأنا ولد ، يضمني إلى صدره ... وكان يمضغ الشئ ثم يلقمنيه ، وما وجد لي كذبة في قول ، ولا خطلة في فعل ... ولقد كنت أتبعه اتباع الفصيل أثر أمه ، يرفع لي في كل يوم من أخلاقه علما ويأمرني بالاقتداء به ، ولقد كان يجاور في كل سنة بحراء فأراه ولا يراه غيري ، ولم يجمع بيت واحد يومئذ في الإسلام غير رسول الله (ص) وخديجة وأنا ثالثهما ، أرى نور الوحي والرسالة ، وأشم ريح النبوة ..) (١٣٥).

* ويوم أنذر عشيرته الأقربين ، رفع شأن علي عليهم جميعا ، وخصه بمنزلة لا يشركه فيها غيره.

* ويوم هجرته إلى المدينة ، اختار عليا يبيت في فراشه ، ثم يؤدي ما كان عند النبي من أمانات ، ثم يهاجر بمن بقي من نساء بني هاشم.

* ثم اختصه بمصاهرته في خير بناته سيدة نساء العالمين (١٣٦) ، بعد أن تقدم لخطبتها أبو بكر ثم عمر فردهما (ص)! (١٣٧) وقال لها : (زوجتك أقدم أمتي سلما ، وأكثرهم علما ، وأعظمهم حلما) (١٣٨).

* وآخى بين المهاجرين والأنصار ، ثم اصطفى عليا لنفسه فقال له :

__________________

(١٣٤) مسند أحمد ١ / ٢٠٩ ، المستدرك ٣ / ١٨٣ وتلخيصه للذهبي ، الخصائص ـ بتخريج الأثري ـ : ح ٢ و ٣ ، تاريخ الطبري ٢ / ٣١١ ، مجمع الزوائد ٩ / ١٠٣.

(١٣٥) نهج البلاغة ـ شرح صبحي الصالح ـ : ٣٠٠ ـ ٣٠١ خطبة ١٩٢.

(١٣٦) الخصائص ـ بتخريج الأثري ـ : ح ١٢٧ و ١٢٨ و ١٢٩.

(١٣٧) الخصائص ـ بتخريج الأثري ـ : ح ١٢٠.

(١٣٨) مسند أحمد ٥ / ٢٦.


(أنت أخي في الدنيا والآخرة) ، أو : (أنت أخي وأنا أخوك) (١٣٩). فكان رسول الله (ص) سيد المرسلين وإمام المتقين ورسول رب العالمين الذي ليس له خطير ولا نظير من العباد ، وعلي بن أبي طالب ، أخوين (١٤٠).

* وفي سائر حروبه كان لواؤه (ص) أو راية المهاجرين بيد علي (ع) (١٤١).

* وفي خيبر بعث أبا بكر براية ، فرجع ولم يصنع شيئا ، فبعث بها عمر ، فرجع ولم يصنع شيئا ، فقال : (لأعطين الراية رجلا يحب الله ورسوله ، ويحبه الله ورسوله ، لا يخزيه الله أبدا ، ولا يرجع حتى يفتح عليه) فدعا عليا ودفع إليه الراية ودعا له ، فكان الفتح على يديه (١٤٢).

وفي عبارة بعضهم : بعث أبا بكر فسار بالناس فانهزم حتى رجع إليه ، وبعث عمر فانهزم بالناس حتى انتهى إليه (١٤٣) .. وفي عبارة بعضهم : فعاد يجبن أصحابه ويجبنونه! (١٤٤).

* ويقول لأصحابه : (إن منكم من يقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله) فيستشرفون له ، كل يقول : أنا هو؟ وفيهم أبو بكر وعمر ،

__________________

(١٣٩) مسند أحمد ١ / ٢٣٠ ، سنن الترمذي ج ٥ ح ٣٧٢٠ ، مصابيح السنة ج ٤ ح ٤٧٦٩ ، الطبقات الكبرى ٣ / ٢٢ ، البداية والنهاية ٧ / ٣٧١ ، دلائل النبوة ـ للبيهقي ـ ٤ / ٢٠٩.

(١٤٠) سيرة ابن هشام ٢ / ١٠٩.

(١٤١) الإصابة ٢ / ٣٠ ترجمة سعد بن عبادة.

(١٤٢) المصنف ـ لابن أبي شيبة ـ : ج ٧ فضائل علي ح ١٧ ، سنن النسائي ج ٥ ح ٨٤٠٢ ، الخصائص ـ بتخريج الأثري ـ : ح ١٤ وصححه ، المستدرك ٣ / ٣٧ وصححه ووافقه الذهبي ، سيرة ابن هشام ٣ / ٢١٦ ، تاريخ الطبري ٣ / ١٢ ، الكامل في التاريخ ٢ / ٢١٩ ، البداية والنهاية ٧ / ٣٧٣.

(١٤٣) ابن أبي شيبة / المصنف ٧ / ٤٩٧ ح ١٧ فضائل علي.

(١٤٤) الحاكم والذهبي / المستدرك ٣ / ٣٧ وتلخيصه.


فيقول : (لا ، لا ، لكنه علي) (١٤٥).

* ويبعث أبا بكر بسورة براءة أميرا على الحج ، ثم يبعث خلفه عليا فيأخذها منه ، فيعود أبو بكر إلى النبي (ص) فيقول : أحدث في شئ ، يا رسول الله؟!

فيقول (ص) : (لا ، ولكني أمرت ألا يبلغ عني إلا أنا أو رجل مني)! (١٤٦).

* وكان لبعض الأصحاب أبواب شارعة في المسجد ، فقال لهم : (سدوا هذه الأبواب ، إلا باب علي) (١٤٧).

* وكان الصحابة عنده في المسجد ، فدخل علي ، فلما دخل خرجوا ، فلما خرجوا تلاوموا! فرجعوا ، فقال لهم (ص) : (والله ما أنا أدخلته وأخرجتكم ، بل الله أدخله وأخرجكم) (١٤٨).

* ودعاه يوم الطائف يناجيه ، فقال بعضهم : لقد طال نجواه مع ابن عمه!!

فقال لهم (ص) : (ما أنا انتجيته ، ولكن الله انتجاه) (١٤٩).

__________________

(١٤٥) مسند أحمد ٣ / ٨٢ ، صحيح ابن حبان ٩ / ٤٦ ح ٦٨٩٨ ، المصنف ـ لابن أبي شيبة ـ ج ٧ ـ فضائل علي ـ ح ١٩ ، البداية والنهاية ٧ / ٣٩٨.

(١٤٦) مسند أحمد ١ / ٣ و ٣٣١ ، و ٣ / ٢١٢ و ٢٨٣ ، و ٤ / ١٦٤ و ١٦٥ ، سنن الترمذي ج ٥ ح ٣٧١٩ ، سنن النسائي ج ٥ ح ٨٤٦١ ، الخصائص ـ بتخريج الأثري ـ : ح ٢٣ و ٧٢ و ٧٣ وصححها جميعا ، البداية والنهاية ٧ / ٣٧٤ و ٣٩٤ ، تفسير الطبري ١٠ / ٤٦.

(١٤٧) مسند أحمد ١ / ٣٣١ ، سنن الترمذي ج ٥ ح ٣٧٢٢ ، الخصائص ـ بتخريج الأثري ـ : ح ٢٣ و ٤١ ، البداية والنهاية ٧ / ٣٧٤ و ٣٧٩ ، فتح الباري ٧ / ١٣ ، الإصابة ٤ / ٢٧٠.

(١٤٨) الخصائص ـ بتخريج الأثري ـ : ح ٣٨.

(١٤٩) سنن الترمذي ج ٥ ح ٣٧٢٦ ، مصابيح السنة ج ٤ ح ٤٧٧٣ ، جامع الأصول ج ٩


* في حجة الوداع أشركه في هديه ، دون غيره من أصحابه أو ذوي قرباه (١٥٠).

* وفيها خطب خطبته الشهيرة في علي في طريق عودته من حجة الوداع ، وهو آخذ بيده يرفعها حتى يراها الجمع الكبير : (إنما أنا بشر يوشك أن أدعى فأجيب ، وإني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا : كتاب الله ، وعترتي أهل بيتي) .. (ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟! فمن كنت مولاه فعلي مولاه) (١٥١).

* وخصه النبي (ص) مدة حياته الشريفة بمنزلة ليست لأحد! خصه بساعة من السحر يأتيه فيها كل ليلة (١٥٢).

* وإذ نزل قوله تعالى : (وأمر أهلك بالصلاة) (١٥٣) كان النبي (ص) يأتي باب علي صلاة الغداة كل يوم ، ويقول : (الصلاة ، رحمكم الله ، إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) (١٥٤).

* وحين يتوفى رسول الله (ص) يخص عليا بميراثه دون عمه العباس ، فسئل ولد العباس عن ذلك فقالوا : إن عليا كان أولنا به لحوقا ، وأشدنا به لصوقا (١٥٥).

__________________

ح ٦٤٩٣ ، البداية والنهاية ٧ / ٣٦٩.

(١٥٠) الكامل في التاريخ ٢ / ٣٠٢.

(١٥١) الخصائص ـ بتخريج الأثري ـ : ح ٧٦ ، المستدرك وتلخيصه ٣ / ١٠٩ ، البداية والنهاية ٥ / ٢٢٨. وقد تقدم.

(١٥٢) الخصائص ـ بتخريج الأثري ـ :ح ١١٢ و ١١٣، وخرجه على النسائي وابن ماجة وابن خزيمة من وجوه.

(١٥٣) سورة طه ٢٠ : ١٣٢.

(١٥٤) تفسير القرطبي ١١ / ١٧٤ ، تفسير الرازي ٢٢ / ١٣٧ ، روح المعاني ١٦ / ٢٨٤ والنص عنه.

(١٥٥) السنن الكبرى ٥ / ١٣٩ ح ٨٤٩٣ و ٨٤٩٤.


وغير هذا كثير ، وقد عرفه الصحابة في حياة الرسول ..

الصحابة والمعرفة بالترشيح :

سمع الصحابة وشهدوا نصوص النبي وسلوكه في ترشيح علي وتعيينه لخلافته مباشرة ، فأدركوا ذلك ووعوه ، حتى ظهر في أقوال بعضهم ، وظهر عند آخرين قولا وعملا.

* فاشتهر عن بعضهم تمنيه أن لو كانت له واحدة من تلك الخصال التي خص بها علي (ع) ، كما عرف ذلك عن : عمر بن الخطاب ، وسعد بن أبي وقاص ، وعبد الله بن عمر (١٥٦).

* واشتهر عن آخرين متابعتهم له حتى عرفوا في ذلك العهد بشيعة علي ، منهم : أبو ذر ، وعمار ، وسلمان ، والمقداد (١٥٧).

* بل كان عامة المهاجرين والأنصار لا يشكون في علي (١٥٨).

* وأبو بكر سمع بنفسه قول ابنته عائشة لرسول الله بصوت عال : (والله لقد علمت أن عليا أحب إليك من أبي)! فأهوى إليها ليلطمها ، وقال : يا ابنة فلانة ، أراك ترفعين صوتك على رسول الله (١٥٩).

* قال معاوية بن أبي سفيان في رسالته إلى محمد بن أبي بكر ، وهي الرسالة التي أشار إليها الطبري ثم قال : كرهت ذكرها لأمور لا تحتملها

__________________

(١٥٦) منهاج السنة ٣ / ١١ ـ ١٢ ، المستدرك ٣ / ١٢٥ ، مجمع الزوائد ٩ / ١٣٠ ، الصواعق المحرقة : ١٢٧ باب ٩ فصل ١ ، تاريخ الخلفاء : ١٦١.

(١٥٧) أبو حاتم الرازي / كتاب الزينة : ٢٥٩ تحقيق عبد الله سلوم السامرائي ، محمد كرد علي / خطط الشام ، تاريخ ابن خلدون ٣ / ٢١٤ ـ ٢١٥.

(١٥٨) الإستيعاب ٣ / ٥٥ ، تاريخ اليعقوبي ٢ / ١٢٤ ، تاريخ الطبري ٣ / ٢٠٢ ، الكامل في التاريخ ٢ / ٣٣٥ ، شرح نهج البلاغة ٦ / ٢١.

(١٥٩) أخرجه النسائي بإسناد صحيح في السنن الكبرى ٥ / ١٣٩ ح ٨٤٩٥.


العامة! (١٦٠) ، قال فيها معاوية مخاطبا محمد بن أبي بكر : (قد كنا وأبوك معنا في حياة نبينا نرى حق ابن أبي طالب لازما لنا ، وفضله مبرزا علينا) (١٦١).

* وشهيرة كلمة عمر بن الخطاب يوم غدير خم : (هنيئا لك يا بن أبي طالب ، أصبحت مولى كل مؤمن ومؤمنة) (١٦٢).

علما أن هذه الكلمة (مولى) و (ولي) لم تعرف لأحد من الصحابة إلا لعلي (ع) في جملة من الأحاديث النبوية :

(من كنت مولاه فعلي مولاه).

(وهو وليكم بعدي).

(أنت ولي كل مؤمن ومؤمنة بعدي).

بل في القرآن أيضا : (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون) (١٦٣).

قال الآلوسي : غالب الأخباريين على أنها نزلت في علي بن أبي طالب (١٦٤) ، وعليه شبه إجماع لدى المفسرين (١٦٥) ، وطائفة من أصحاب

__________________

(١٦٠) راجع صفحة من بحث (هوية التاريخ).

(١٦١) مروج الذهب ٣ / ٢١ ، وقعة صفين : ١١٨ ـ ١٢٠ ، شرح نهج البلاغة ٣ / ١٨٨. وللرسالة تتمة تأتي في محلها من بحث لاحق.

(١٦٢) مسند أحمد ٤ / ٢٨١ ، تفسير الرازي ١٢ / ٤٩ ـ ٥٠ ، سبط ابن الجوزي / تذكرة الخواص : ٢٩ ـ ٣٠.

(١٦٣) سورة المائدة ٥ : ٥٥.

(١٦٤) روح المعاني ٦ / ١٦٧.

(١٦٥) معالم التنزيل ـ للبغوي ـ ٢ / ٢٧٢ ، الكشاف ١ / ٦٤٩ ، تفسير الرازي ١٢ / ٢٦ تفسير أبي السعود ٢ / ٥٢ ، تفسير النسفي ١ / ٤٢٠ ، تفسير البيضاوي ١ / ٢٧٢ ، فتح القدير ـ للشوكاني ـ ٢ / ٥٣ ، أسباب النزول ـ للواحدي ـ : ١٤ ، لباب النقول ـ للسيوطي ـ : ٩٣.


الحديث (١٦٦).

وهذا كله كان يعرفه الصحابة من المهاجرين والأنصار خاصة لقربهم من النبي (ص).

* ومن قول محمد بن أبي بكر في رسالته إلى معاوية ، يصف عليا (ع) : (وهو وارث رسول الله (ص) ووصيه ، وأبو ولده ، أول الناس له اتباعا ، وأقربهم به عهدا ، يخبره بسره ، ويطلعه على أمره) (١٦٧).

* وعبد الله بن عباس ، حبر الأمة ، يصفه أيضا لمعاوية ، فيسميه (سيد الأوصياء) (١٦٨).

* وأبو ذر الغفاري : (وعلي بن أبي طالب وصي محمد ووارث علمه) (١٦٩).

* وحذيفة بن اليمان : (إلحقوا بأمير المؤمنين ، ووصي سيد المرسلين) (١٧٠).

* وعمرو بن الحمق الخزاعي ، الصحابي الذي دعا له النبي أن يمتع بشبابه ، فبقي إلى آخر عمره يتمتع بكل سيماء الشباب ، يقول لعلي : أحببتك بخصال خمس : إنك ابن عم رسول الله ، ووصيه .. (١٧١).

* والحسن السبط (ع) خطب خطبته الأولى بعد وفاة أبيه فذكر : عليا

__________________

(١٦٦) أخرجه : عبد الرزاق ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وأبو الشيخ ، وابن مردويه ، والخطيب في (المتفق والمفترق). أنظر : فتح القدير ـ للشوكاني ـ ٢ / ٥٣.

(١٦٧) مروج الذهب ٣ / ٢١ ، وقعة صفين : ١١٨ ، شرح نهج البلاغة ٣ / ١٨٨.

(١٦٨) مروج الذهب ٣ / ٨.

(١٦٩) تاريخ اليعقوبي ٢ / ١٧١.

(١٧٠) شرح نهج البلاغة ـ لابن أبي الحديد ـ ٢ / ١٨٨.

(١٧١) وقعة صفين : ١٠٣ ـ ١٠٤ ، شرح نهج البلاغة ٣ / ٨١ ـ ٨٢.


خاتم الأوصياء (١٧٢).

* وخزيمة بن ثابت ، ذو الشهادتين ، يصفه إلى لعائشة ، فيقول :

وصي رسول الله من دون أهله

وأنت على ما كان من ذاك شاهده (١٧٣)

* وحجر بن عدي ، حجر الخير ، الصحابي الذي بكاه أهل السماء يصفه في أرجوزة له يقول في آخرها :

واحفظه ربي واحفظ النبيا

فيه فقد كان له وليا

ثم ارتضاه بعده وصيا (١٧٤)

* والنقيب البدري أبو الهيثم بن التيهان ، يقول فيه :

إن الوصي إمامنا وولينا

برح الخفاء وباحت الأسرار (١٧٥)

* فكما عرفوه (وليا) عرفوه (وصيا) أيضا ، وذو الشهادتين حين أدلى في حديثه المتقدم ، بشهادتيه على أن عليا وصي النبي ، لم يقف عند هذا الحد ، بل ألزم عائشة أيضا الشهادة على ذلك.

إذن لم يكن لقب (الوصي) محدثا كما صوره بعض الدارسين الذين أغفلوا شهادة التاريخ ثم أسقطوا نزعاتهم الشخصية على المفاهيم ، وعلى التاريخ كله ، فصوروا (الوصي) وكأنه من صنع اليهود ، ومنهم انتقل إلى

__________________

(١٧٢) مجمع الزوائد ٩ / ١٤٦.

(١٧٣) شرح نهج البلاغة ١ / ١٤٣ ـ ١٥٠ فصل (ما ورد في وصاية علي من الشعر) أورد فيه أربعا وعشرين مقطوعة للصحابة والتابعين ، ثم قال : والأشعار التي تتضمن هذه اللفظة كثيرة جدا ، تجل عن الحصر ، وتعظم عن الاحصاء والعد.

وانظر أيضا : الكامل ـ للمبرد ـ ٢ / ١٧٠ ـ ١٧١ في رثاء علي بن أبي طالب.

(١٧٤) شرح نهج البلاغة ١ / ١٤٣ ـ ١٥٠.

(١٧٥) شرح نهج البلاغة ١ / ١٤٣ ـ ١٥٠.


المسلمين (١٧٦) ، عن طريق عبد الله بن سبأ المزعوم أو غيره (١٧٧) ، أو هو من صنع الشيعة ابتدعه هشام بن الحكم (١٩١ ه) ولم يكن معروفا قبله لا من ابن سبأ ولا من غيره! (١٧٨) ، فالأشعار المتقدمة المحفوظة عن الصحابة سبقت ميلاد هشام بن الحكم بنحو ثمانين سنة!

كلا ، بل ذاك مما عرفه الصحابة أو بعضهم لعلي ، وحفظه تاريخهم، لهم أو عليهم!

ربما يقال إن في تلك المصادر نزعة شيعية ، والشيعة ليس من حقهم أن يساهموا في كتابة التاريخ ، بل ليس من حقهم أن يكتبوا تاريخهم الخاص أيضا!

لكن هل يقال هذا في ابن حجر العسقلاني؟!

في شرحه لصحيح البخاري يثبت ابن حجر أن (الشيعة) كانوا يتداولون أحاديث الوصية ، فنهضت السيدة عائشة في مواجهة ذلك التيار بحديثها الذي أثبته البخاري ، تقول فيه إن النبي (ص) لما نزل به الموت ورأسه على فخذي غشي عليه ثم أفاق ، فقال : (اللهم الرفيق الأعلى) فكانت آخر كلمة تكلم بها (اللهم الرفيق الأعلى).

قال العسقلاني نقلا عن الزهري في ما يرويه عن جماعة من أهل العلم فيهم عروة بن الزبير : كأن عائشة أشارت إلى ما أشاعته الرافضة أن النبي (ص) أوصى إلى علي بالخلافة وأن يوفي ديونه! (١٧٩).

لكن لا العسقلاني ولا الزهري ولا جماعة أهل العلم يشاءون أن

__________________

(١٧٦) د. مصطفى حلمي / نظام الخلافة : ١٥٧.

(١٧٧) كما نقله الكشي في رجاله / ترجمة عبد الله بن سبأ.

(١٧٨) د. محمد عمارة / الخلافة ونشأة الأحزاب الإسلامية : ١٥٥.

(١٧٩) فتح الباري في شرح صحيح البخاري ٨ / ١٢٢.


يتقدموا في التحقيق خطوة واحدة إلى الإمام ، لأن الخطوة اللاحقة سوف تنفض أيديهم مما وضعه فيها حديث عائشة!

فالسيدة أم سلمة أقسمت على كذب الحديث المروي عن عائشة ، حين أقسمت أن آخر الناس عهدا بالنبي هو علي بن أبي طالب! قالت : (والذي أحلف به ، إن كان علي لأقرب الناس عهدا برسول الله (ص) ، عدنا رسول الله (ص) غداة بعد غداة يقول : جاء علي؟ مرارا ، فجاء بعد ، فخرجنا من البيت فقعدنا عند الباب وكنت من أدناهم إلى الباب ، فأكب عليه علي ، فجعل يساره ويناجيه ، ثم قبض (ص) من يومه ذاك وكان أقرب الناس به عهدا) (١٨٠).

فالصحابة كانوا يعرفون ذلك وإن أنكرته عائشة ، فدخل حديثها صحيح البخاري دون حديث أم سلمة الذي كان رجاله من رجال الصحيح!

* في محاورة السيدة أم سلمة للسيدة عائشة وقد أغضبتها البيعة لعلي فعزمت على المسير إلى البصرة ، أعادت عليها أشياء كثيرة تذكرها ما تعلمه من حق علي (ع) ، ومن ذلك : (قالت أم سلمة : يوم كنت أنا وأنت مع رسول الله (ص) في بعض أسفاره ، فأقبل أبوك وعمر فاستأذنا ، فقمنا إلى الحجاب ، فدخلا ثم قالا : يا رسول الله ، إنا والله ما ندري ما قدر ما تصحبنا ، أفلا تعلمنا خليفتك فينا فيكون مفزعنا إليه؟

فقال (ص) : أما إني قد أرى مكانه ، ولو فعلت لنفرتم عنه كما نفرت بنو إسرائيل عن هارون بن عمران!

فلما خرجا خرجت أنا وأنت فقلت له ـ وكنت جريئة عليه ـ : يا رسول الله ، من كنت مستخلفا عليهم؟

__________________

(١٨٠) مسند أحمد ٦ / ٣٠٠ ، وصححه الهيثمي في مجمع الزوائد ٩ / ١١٢.


فقال : خاصف النعل.

فنظرت إلى علي فقلت : ما أرى إلا علي بن أبي طالب!

فقال : هو ذاك .. أتذكرين هذا؟!

قالت : نعم).

هذا الحوار نقلته مصادر مهمة (١٨١).

* والحوارات التي أدارها عمر بن الخطاب مع ابن عباس هي الأخرى حوارات كاشفة عن هذا المعنى :

* ففي أحدها : يكشف عمر عن معرفته بذلك فيقول : (لقد كان النبي يربع في أمره وقتا ما ، ولقد أراد في مرضه أن يصرح باسمه ، فمنعت من ذلك ، إشفاقا وحيطة على الإسلام! ورب هذه البنية لا تجتمع عليه قريش أبدا.

أما ابن عباس فيؤكد له أن النبي (ص) قد نص على علي ، وأنه سمع ذلك من علي والعباس (١٨٢).

* وفي أخرى : يؤكد عمر إرادة قريش ، فيقول : كرهت قريش أن تجتمع فيكم النبوة والخلافة فتجخفوا جخفا (١٨٣) ، فنظرت قريش لنفسها فاختارت!!

لكن ابن عباس يحمل على هذه الحجة حملا عنيفا ، متسلحا بآي القرآن هذه المرة ، فيقول : (أما قولك : كرهت قريش! فإن الله تعالى قال لقوم :

__________________

(١٨١) ابن أعثم / الفتوح ١ / ٤٥٦ ، ابن الإسكاف / المعيار والموازنة : ٢٧ ـ ٢٩ ، ابن أبي الحديد / شرح نهج البلاغة ٦ / ٢١٧ ـ ٢١٨ ، عمر رضا كحالة / أعلام النساء ٣ / ٣٨.

(١٨٢) شرح نهج البلاغة ١٢ / ٢١ عن أحمد بن أبي طاهر في (تاريخ بغداد).

(١٨٣) الجخف : التكبر.


(ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم) (١٨٤).

وأما قولك : إنا كنا نجخف! فلو جخفنا بالخلافة جخفنا بالقرابة ، لكنا قوم أخلاقنا مشتقة من أخلاق رسول الله (ص) الذي قال له الله تعالى : (وإنك لعلى خلق عظيم) (١٨٥) وقال له : (واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين) (١٨٦).

وأما قولك : فإن قريشا اختارت! فإن الله تعالى يقول : (وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة) (١٨٧).

وقد علمت يا أمير المؤمنين أن الله اختار من خلقه لذلك من اختار! فلو نظرت قريش من حيث نظر الله لها لوفقت وأصابت!!

ولهذا الحوار مصادره المهمة أيضا (١٨٨).

وهذه هي نظرية النص في إطارها التام : (وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة) ، وإن الله اختار من خلقه لهذا الأمر من اختار .. النظرية التي أصبحت من مقولات الشيعة ومن خصائص التشيع وأعمدته (١٨٩) ، ومن لا يحب أن يكون شيعيا فعليه أن يخالف فيها ولو بمجرد الإعراض عنها!

* وأخرى : إن ابن عمك قد أجهد نفسه في العبادة ، يرشح نفسه بين

__________________

(١٨٤) سورة محمد (ص) ٤٧ : ٩.

(١٨٥) سورة القلم ٦٨ : ٤.

(١٨٦) سورة الشعراء ٢٦ : ٢١٥.

(١٨٧) سورة القصص ٢٨ : ٦٨.

(١٨٨) تاريخ الطبري ٤ / ٢٢٣ ، الكامل في التاريخ ٣ / ٦٣ ـ ٦٥ ، شرح نهج البلاغة ١٢ / ٥٣ ـ ٥٤.

(١٨٩) أنظر : ابن المطهر الحلي / الألفين : ٣٦ ، آل كاشف الغطاء / أصل الشيعة وأصولها : ٩٨.


الناس للخلافة؟!

قال ابن عباس : وما يصنع بالترشيح؟! قد رشحه لها رسول الله (ص) فصرفت عنه! (١٩٠).

* والحوار الطويل الذي أداره عثمان أيام خلافته مع ابن عباس ، يكشف عن وضوح تام لهذه القضية ، إذ يختم عثمان حديثه بقوله : (ولقد علمت أن الأمر لكم ، ولكن قومكم دفعوكم عنه ، واختزلوه دونكم)!

فأكد ابن عباس هذا المعنى في جوابه ، وذكر العلة فيه كما يراها ، ويرى أنها لم تكن خفية أيضا على عثمان ، فيقول : (أما صرف قومنا عنا الأمر فعن حسد قد والله عرفته ...) (١٩١).

هذا كله وكثير غيره عرفه الصحابة ، وحفظه التاريخ ، لهم أو عليهم! فحق إذن لقائل أن يقول : إن غالبية المسلمين حين توفي النبي (ص) كانوا مع الاتجاه الذي يمثله علي بن أبي طالب وأصحابه ، لأن النبي كان زعيم هذا الاتجاه (١٩٢).

لقد كان عامة المهاجرين والأنصار لا يشكون في علي (١٩٣).

__________________

(١٩٠) شرح نهج البلاغة ١٢ / ٨٠ ، عن أمالي أبي جعفر محمد بن حبيب ، صاحب (المحبر) ، من علماء بغداد باللغة والشعر والأخبار والأنساب. ترجمته في معجم الأدباء ١٨ / ١١٢.

(١٩١) أخرجه الزبير بن بكار في (الموفقيات) ، وعنه ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة ٩ / ٩.

(١٩٢) أحمد عباس صالح / مجلة (الكاتب) القاهرية ـ يناير ١٩٦٥ ، وعنه محمد جواد مغنية / الشيعة في الميزان : ٤٣١.

(١٩٣) الإستيعاب ٣ / ٥٥٠ ترجمة النعمان بن العجلان ، تاريخ اليعقوبي ٢ / ١٢٤ ، شرح نهج البلاغة ـ لابن أبي الحديد ـ ٦ / ٢١.


النص والترشيح في حديث علي :

واضح جدا في قراءة تلك الحقبة من التاريخ أن عليا (ع) هو أكثر من تبنى إظهار النصوص والإشارات الدالة على ترشيحه لخلافة الرسول ، أو النص عليه بالاسم.

فكلماته دالة على إيمانه بحقه في الخلافة بعد الرسول بلا فصل ، وبترشيح من الرسول أو نص ، وأن انتقال الخلافة إلى غيره كان بغير حق ، بل استئثار وغلبة ، بل كلماته نصوص صريحة في هذه المعاني كما سنرى هنا.

أما سلوكه مع الخلفاء فهو دال على أنه (ع) بعد بيعته لهم لم يكن يرى بطلان رئاستهم بطلانا يتبعه بطلان جميع العقود التي تتم في أيامهم ، لا عقود الزواج فحسب ، بل عقود الأموال والإدارات أيضا.

في حقه خاصة :

علي (ع) هو الذي أعاد إلى الأذهان أحاديث نبوية تبرز حقه بالخلافة بلا منازع ، لم يكن مأذونا بها أيام الخلفاء ، إذ منعوا من الحديث إلا ما كان في فريضة ، يريدون بها الأحكام وفروع العبادات :

١ ـ فقد جمع الناس أيام خلافته فخطبهم خطبته المنقولة بالتواتر ، يناشد فيها أصحاب رسول الله من سمع منهم رسول الله بغدير خم يخطب فيقول : (من كنت مولاه فعلي مولاه) إلا قام فشهد (١٩٤).

٢ ـ وعلي هو الذي أعاد نشر حديث آخر يرشحه على أبي بكر وعمر خاصة ، إذ أخبر النبي أن من أصحابه من يقاتل بعده على تأويل القرآن كما

__________________

(١٩٤) تقدم مع مصادره ، راجع صفحة ٢٢٨.


قاتل هو (ص) على تنزيله ، فتمنى أبو بكر أن يكون هو ذلك الرجل ، فلم يصدق النبي أمنيته ، بل قال له (لا)! فتمنى ذلك عمر لنفسه فلم يكن أحسن حظا من أبي بكر ، ثم قطع النبي الأماني كلها حين أخبرهم أنه علي ، لا غير! (١٩٥).

هذه الأحاديث وغيرها وإن رويت عن غيره إلا أن روايتها عنه امتازت بكونها خطبا على جمهور الناس ، لا حديثا لواحد أو لبضعة نفر ، وهذا أبلغ في التأكيد على حقه الذي أيقن به ، وأيقن بأن كثيرا من الصحابة كانوا يعرفونه ولا يجهلونه!

٣ ـ وقد ذكر عنه أكثر من هذا بكثير في يوم الشورى أو بعدها ، لكن اختلفوا في تفصيله وفي إسناده أيضا ، وإن كان قد ثبت عندهم ذلك بالجملة ، وأقل ما ذكر من مناشدته تلك ما أخرجه ابن عبد البر : قال علي لأصحاب الشورى : (أنشدكم الله ، هل فيكم أحد آخى رسول الله بينه وبينه إذ آخى بين المسلمين غيري؟).

وقال ابن عبد البر بعده : رويناه من وجوه عن علي (ع) أنه كان يقول : (أنا عبد الله وأخو رسول الله ، لا يقولها أحد غيري إلا كذاب) (١٩٦).

ورواها في (كنز العمال) حديثا طويلا عن أبي الطفيل أنه سمع عليا يوم الشورى يقول .. الحديث (١٩٧) ، وما أخرجه ابن عبد البر قطعة منه ، لكن إسناد (كنز العمال) فيه جهالة (١٩٨) ، وقد دار حوله جدل ، فقيل : رواه زافر عن

__________________

(١٩٥) سنن الترمذي ج ٥ ح ٣٧١٥ ، السنن الكبرى ـ للنسائي ـ ج ٥ ح ٨٤١٦. وقد تقدم.

(١٩٦) الإستيعاب ٣ / ٣٥.

(١٩٧) كنز العمال ج ٥ ح ١٤٢٤٣.

(١٩٨) زافر ، عن رجل ، عن الحارث بن محمد ، عن أبي الطفيل.


رجل ، فالرجل مجهول ، وزافر لم يتابع عليه ، وأنكره بعضهم لأجل متنه.

ولا يعتد بهذا الانكار لأنه مبني على فهم لا أصل له يصور البيعة لأبي بكر على أنها كانت إجماعا أو شبه إجماع ، وما خالف هذا التصور فهو عنده منكر ، وهذا فرط خيال كما هو ثابت.

وأما الإسناد فقد توبع عليه زافر كما في الإسناد الذي أورده ابن عبد البر في (الإستيعاب) (١٩٩) ، وقد قال ابن حجر العسقلاني : إن زافرا لم يتهم بكذب ، وأنه إذا توبع على حديث كان حسنا (٢٠٠).

وفي أول هذا الحديث ، قال أبو الطفيل : كنت على الباب يوم الشورى فارتفعت الأصوات بينهم ، فسمعت عليا يقول : (بايع الناس لأبي بكر وأنا والله أولى بالأمر منه ، وأحق به منه ، فسمعت وأطعت مخافة أن يرجع الناس كفارا يضرب بعضهم رقاب بعض بالسيف ، ثم بايع الناس عمر وأنا والله أولى بالأمر منه ، وأحق به منه ، فسمعت وأطعت مخافة أن يرجع الناس كفارا يضرب بعضهم رقاب بعض بالسيف ، ثم أنتم تريدون أن تبايعوا عثمان! إذا أسمع وأطيع) ثم ذكر أمر الشورى وشرع يحصي عليهم من فضائله وخصائصه التي امتاز بها عليهم ، وكانت أولاها القطعة التي رواها ابن عبد البر في المؤاخاة (٢٠١).

ولهذا الكلام ما يشهد له أيضا مما سيأتي في فقرات لاحقة.

__________________

(١٩٩) عبد الوارث ، حدثنا قاسم ، حدثنا أحمد بن زهير ، حدثنا عمرو بن حماد القتاد ، حدثنا إسحاق بن إبراهيم الأزدي ، عن زياد بن المنذر عن سعيد بن محمد الأزدي ، عن أبي الطفيل.

(٢٠٠) أنظر : كنز العمال ٥ / ٧٢٦.

(٢٠١) وقريب منه أخرجه الموفق الخوازمي بالإسناد إلى أبي ذر ، وفيه أن المناشدة حصلت بعد الشورى وعزمهم على مبايعة عثمان. المناقب ـ للخوارزمي ـ : ٢١٣.


٤ ـ وعلي جدد التذكير أيضا بما يبرز حقه فوق أبي بكر خاصة ، حين ذكر الناس بقصة أخذه سورة براءة من أبي بكر! روى النسائي بإسناد صحيح عن علي (ع) : أن رسول الله (ص) بعث ببراءة إلى أهل مكة مع أبي بكر ، ثم أتبعه بعلي فقال له : (خذ الكتاب فامض به إلى أهل مكة) قال : فلحقته فأخذت الكتاب منه ، فانصرف أبو بكر وهو كئيب ، فقال : يا رسول الله ، أنزل في شئ؟! قال : (لا ، إني أمرت أن أبلغه أنا أو رجل من أهل بيتي) (٢٠٢).

وفي كل واحد من هذه الأحاديث رد على من يقول إن عليا لم يذكر شيئا يدل على أحقيته في الخلافة! هذا ولما ندخل بعد رحاب (نهج البلاغة).

٥ ـ ومن أشهر أقواله : قوله بعد أن بلغه خبر السقيفة ومبايعة الناس لأبي بكر :

(ماذا قالت قريش؟).

قالوا : احتجت بأنها شجرة الرسول (ص).

فقال : (احتجوا بالشجرة وأضاعوا الثمرة!) (٢٠٣).

٦ ـ وفي احتجاجه المشهور على نتائج السقيفة أيضا ، قوله :

فإن كنت بالشورى ملكت أمورهم

فكيف بهذا والمشيرون غيب؟!

وإن كنت بالقربى حججت خصيمهم

فغيرك أولى بالنبي وأقرب! (٢٠٤)

٧ ـ خطبته الشقشقية التي حظيت دائما بمزيد من التوثيق (٢٠٥) ، وهي

__________________

(٢٠٢) سنن النسائي ٥ / ١٢٨ ح ٨٤٦١.

(٢٠٣) نهج البلاغة : ٩٧ ـ الخطبة ٦٧.

(٢٠٤) نهج البلاغة : ٥٠٢ ـ قسم الحكم / ١٩٠.

(٢٠٥) نقل ابن أبي الحديد عن بعض مشايخه قوله : والله لقد وقفت على هذه الخطبة في كتب صنفت قبل أن يخلق الرضي بمائتي سنة! ثم قال : وقد وجدت أنا


من أكثر كلماته المشهورة وضوحا ودلالة وتفصيلا :

(أما والله لقد تقمصها فلان ، وإنه ليعلم أن محلي منها محل القطب من الرحى ، ينحدر عني السيل ، ولا يرقى إلي الطير ..

فسدلت دونها ثوبا ، وطويت عنها كشحا ، وطفقت أرتأي بين : أن أصول بيد جذاء ، أو أصبر على طخية عمياء! ... فرأيت أن الصبر على هاتا أحجى ، فصبرت وفي العين قذى ، وفي الحلق شجا ، أرى تراثي نهبا!

حتى مضى الأول لسبيله ، فأدلى بها إلى فلان بعده ..

فيا عجبا! بينا هو يستقيلها (٢٠٦) في حياته ، إذ عقدها لآخر بعد وفاته!!

لشدما تشطرا ضرعيها! ..

فصبرت على طول المدة ، وشدة المحنة .. حتى إذا مضى لسبيله جعلها في جماعة زعم أني أحدهم! فيا لله وللشورى! متى اعترض الريب في مع الأول منهم حتى صرت أقرن إلى هذه النظائر؟! ...) (٢٠٧).

إذن أبو بكر أيضا كان يعلم أن محل علي من الخلافة محل القطب من الرحى!

__________________

كثيرا من هذه الخطبة في تصانيف شيخنا أبي القاسم البلخي إمام البغداديين من المعتزلة [مولده سنة ٢٧٩ ه ووفاته سنة ٣١٧ ، علما أن الشريف الرضي ولد سنة ٣٦٠ ه]. شرح نهج البلاغة ١ / ٦٩.

ونقلها سبط ابن الجوزي من مصادر غير التي اعتمدها الشريف الرضي ، فقال : خطبة أخرى وتعرف بالشقشقية ، ذكر بعضها صاحب (نهج البلاغة) وأخل بالبعض ، وقد أتيت بها مستوفاة ، أخبرنا بها شيخنا أبو القاسم النفيس الأنباري بإسناده عن ابن عباس .. تذكرة الخواص : ١٢٤.

وأسندها الراوندي (٥٧٣ ه) في شرحه إلى الحافظ ابن مردويه ، عن الطبراني ، بإسناده إلى ابن عباس. منهاج البراعة ١ / ١٣١ ـ ١٣٢.

(٢٠٦) إشارة إلى قول أبي بكر : أقيلوني ، أقيلوني.

(٢٠٧) نهج البلاغة : الخطبة ٣.


وقد يبدو هذا في منتهى الغرابة لمن ألف التصور القدسي لتعاقب الخلافة ، ذاك التصور الذي صنعه التاريخ وفق المنهج الذي قرأناه في البحوث المتقدمة ، ومن هنا استنكروه ، كما استنكروا سائر كلامه في الخلافة ، وقبله استنكروا جملة من الحديث النبوي الشريف الذي يصدم تلك القداسة!

لكن الحقيقة ، كل الحقيقة ، أنك لو تلمست لذلك التصور القدسي شاهدا من الواقع مصدقا له لعدت بلا شئ.

لم يألف التاريخ الاصغاء لعلي!!

التاريخ الذي أثبت ، بما لا يدع مجالا لشبهة ، أن عليا لم يبايع لأبي بكر إلا بعد ستة أشهر ، صم أذانه عن سماع أي حجة لعلي في هذا التأخر!

تناقض لم يستوقف أحدا من قارئي التأريخ!

وكيف يستوقفهم على عيوب نفسه ، وهو وحده الذي صاغ تصوراتهم وثقافتهم؟!

٨ ـ من كلام له بعد الشورى ، وقد عزموا على البيعة لعثمان :

(لقد علمتم أني أحق بها من غيري ، ووالله لأسلمن ما سلمت أمور المسلمين ولم يكن فيها جور إلا علي خاصة ، التماسا لأجر ذلك وفضله ، وزهدا في ما تنافستموه من زخرفه وزبرجه) (٢٠٨).

وجد ابن أبي الحديد أن هذه الكلمة هي آخر ما قاله علي (ع) آنذاك في كلام نقله هنا بعد أن أزاح عنه كل شك في صحته ، فقال : نحن نذكر في هذا الموضع ما استفاض في الروايات من مناشدته أصحاب الشورى ، وقد روى الناس ذلك فأكثروا ، والذي صح عندنا أنه لم يكن الأمر كما روي من

__________________

(٢٠٨) نهج البلاغة : ١٠٢ الخطبة ٧٤.


تلك التعديدات الطويلة ، ولكنه قال لهم بعد أن بايعوا عثمان وتلكأ هو (ع) عن البيعة : (إن لنا حقا إن نعطه نأخذه ، وإن نمنعه نركب أعجاز الإبل وإن طال السرى) في كلام قد ذكره أهل السيرة ..

ثم قال لهم : أنشدكم الله ، أفيكم أحد آخى رسول الله (ص) بينه وبين نفسه غيري؟! قالوا : لا.

قال : أفيكم أحد قال له رسول الله (ص) : (من كنت مولاه فهذا مولاه) غيري؟! قالوا : لا.

قال : أفيكم أحد قال له رسول الله (ص) : (أنت مني بمنزلة هارون من موسى) غيري؟! قالوا : لا.

قال : أفيكم من اؤتمن على سورة براءة وقال له رسول الله (ص) : (إنه لا يؤدي عني إلا أنا أو رجل مني) غيري؟! قالوا : لا.

قال : ألا تعلمون أن أصحاب رسول الله (ص) فروا عنه في مأقط الحرب (٢٠٩) في غير موطن ، وما فررت قط؟! قالوا : بلى.

قال : ألا تعلمون أني أول الناس إسلاما؟! قالوا : بلى.

قال : فأينا أقرب إلى رسول الله (ص) نسبا؟! قالوا : أنت.

فقطع عليه عبد الرحمن بن عوف كلامه ، وقال : يا علي ، قد أبى الناس إلا عثمان! فلا تجعلن على نفسك سبيلا!

ثم توجه عبد الرحمن إلى أبي طلحة الأنصاري (٢١٠) ، فقال له : يا أبا طلحة ، ما الذي أمرك عمر؟

قال : أن أقتل من شق عصا الجماعة!

__________________

(٢٠٩) أي موضع القتال.

(٢١٠) الرجل الذي أمره عمر على خمسين من حملة السيوف يوم الشورى ليقتلوا من خالف الفئة التي فيها عبد الرحمن!


فقال عبد الرحمن لعلي : بايع إذن ، وإلا كنت متبعا غير سبيل المؤمنين!! وأنفذنا فيك ما أمرنا به!!

فقال علي (ع) كلمته هذه : (لقد علمتم أني أحق بها من غيري ، ووالله لأسلمن ما سلمت أمور المسلمين ولم يكن فيها جور إلا علي خاصة ...) (٢١١).

٩ ـ (وقد قال قائل : إنك على هذا الأمر يا بن أبي طالب لحريص.

فقلت : بل أنتم والله لأحرص وأبعد ، وأنا أخص وأقرب ، وإنما طلبت حقا لي ، وأنتم تحولون بيني وبينه ، وتضربون وجهي دونه!

فلما قرعته بالحجة في الملأ الحاضرين هب كأنه بهت لا يدري ما يجيبني به!!) (٢١٢).

والقائل إما سعد بن أبي وقاص يوم الشورى على قول أهل السنة ، أو أبو عبيدة بعد يوم السقيفة على قول الشيعة ، وأيا كان فهذا الكلام مشهور يرويه الناس كافة كما يقول المعتزلي السني ابن أبي الحديد (٢١٣).

١٠ ـ (اللهم إني أستعديك على قريش ومن أعانهم ، فإنهم قطعوا رحمي ، وصغروا عظيم منزلتي ، وأجمعوا على منازعتي أمرا هو لي ، ثم قالوا : ألا إن في الحق أن تأخذه وفي الحق أن تتركه!) (٢١٤).

١١ ـ (أما بعد .. فإنه لما قبض الله نبيه (ص) قلنا : نحن أهله وورثته وعترته وأولياؤه دون الناس ، لا ينازعنا سلطانه أحد ، ولا يطمع في حقنا طامع ، إذ انبرى لنا قومنا فغصبونا سلطان نبينا ، فصارت الإمرة لغيرنا ...).

__________________

(٢١١) ابن أبي الحديد / شرح نهج البلاغة ٦ / ١٦٧ ـ ١٦٨.

(٢١٢) نهج البلاغة : ٢٤٦ الخطبة ١٧٢.

(٢١٣) شرح نهج البلاغة ـ لابن أبي الحديد ـ ٩ / ٣٠٥.

(٢١٤) نهج البلاغة : ٢٤٦ الخطبة ١٧٢.


هذه هي مقدمة خطبته في المدينة المنورة في أول إمارته ولما يمض على إمارته أكثر من شهر! (٢١٥).

١٢ ـ (أما الاستبداد علينا بهذا المقام ... فإنها كانت أثرة شحت عليها نفوس قوم ، وسخت عنها نفوس آخرين ، والحكم الله ، والمعود إليه القيامة).

قاله في جواب سائل سأله : كيف دفعكم قومكم عن هذا المقام وأنتم أحق به؟!

ثم يصل جوابه بما ينقله إلى ما هو أولى بالاستنكار ، فيقول :

ودع عنك نهبا صيح في حجراته

ولكن حديثا ما حديث الرواحل

وهلم الخطب في ابن أبي سفيان ، فلقد أضحكني الدهر بعد إبكائه ...) (٢١٦).

في أهل البيت :

مثل ما ظهر هناك من وضوح وتركيز في استعراض حقه خاصة ، يظهر هنا في شأن أهل البيت في جملة من كلماته :

١ ـ (لا يقاس بآل محمد (ص) من هذه الأمة أحد ..

هم أساس الدين ، وعماد اليقين ..

ولهم خصائص حق الولاية ، وفيهم الوصية والوراثة ..) (٢١٧).

فبعد ذكر حق الولاية ، هذا واحد من مواضع يذكر فيها الوصية تصريحا أو تلميحا (٢١٨) ، ثم هو الموضع الأكثر صراحة في نسبة الوصية إلى نفسه

__________________

(٢١٥) شرح نهج البلاغة ـ لابن أبي الحديد ـ ١ / ٣٠٧ عن المدائني.

(٢١٦) نهج البلاغة : ٢٣١ الخطبة ١٦٢.

(٢١٧) نهج البلاغة : ٤٧ الخطبة ٢.

(٢١٨) أنظر : نهج البلاغة : الخطبة ٨٨ و ١٨٢.


وأهل البيت ، مع هذا فهو الموضع الذي أهمله الدكتور محمد عمارة وهو يستقصي هذه المفردة في كلام علي ، أو غفل عنه ، لأجل أن يقول : إننا لا نجد في خطب علي وكلامه ومراسلاته ـ التي ضمها نهج البلاغة ـ وصفه بهذا اللفظ!

هذا كله لأجل أن يدعم مقالة حلق فيها بدءا حين نسب كلمة (وصي) في الحديث النبوي (أنت أخي ووصيي) إلى صنع الشيعة الذين وضعوها بدلا من كلمة (وزيري)! (٢١٩) مع أن الرواية السنية للحديث لم تعرف غير كلمة (وصيي)! (٢٢٠).

٢ ـ (إن الأئمة من قريش ، غرسوا في هذا البطن من هاشم ، لا تصلح على سواهم ، ولا تصلح الولاة من غيرهم) (٢٢١).

وقد وقفنا قبل على طائفة من النصوص الصحيحة التي اصطفت بني هاشم من قريش وقدمتهم عليهم ، وطائفة من الوقائع وأحداث السيرة التي قدمت بني هاشم على سواهم ، فلا تحتج قريش بحجة إلا وكان بنو هاشم أولى بها.

٣ ـ (أين تذهبون؟! وأنى تؤفكون؟! والأعلام قائمة ، والآيات واضحة ، والمنار منصوبة ، فأين يتاه بكم؟!

وكيف تعمهون وبينكم عترة نبيكم وهم أزمة الحق ، وأعلام الدين ، وألسنة الصدق؟!

فأنزلوهم بأحسن منازل القرآن ، وردوهم ورود الهيم العطاش.

__________________

(٢١٩) د. محمد عمارة / الخلافة ونشأة المذاهب الإسلامية : ٣٣ و ١٥٧ ـ ١٥٨.

(٢٢٠) معالم التنزيل ـ للبغوي ـ ٤ / ٢٧٨ ، الكامل في التاريخ ـ لابن الأثير ـ ٢ / ٦٤ ، وقد تقدم مع مزيد من التوثيق في ص ١١٨.

(٢٢١) نهج البلاغة ـ تحقيق د. صبحي الصالح ـ : ٢٠١ الخطبة ١٤٤.


أيها الناس ، خذوها عن خاتم النبيين (ص) : إنه يموت من مات منا وليس بميت ، ويبلى من بلي منا وليس ببال) (٢٢٢).

استنكار لاذع ، وأسف على هؤلاء الناس الذين تركوا عترة نبيهم ، رغم وضوح الدلائل على لزوم اتباعهم!

٤ ـ (إنا سنخ أصلاب أصحاب السفينة ، وكما نجا في هاتيك من نجا ، ينجو في هذه من ينجو ، ويل رهين لمن تخلف عنهم .. وإني فيكم كالكهف لأهل الكهف ، وإني فيكم باب حطة ، من دخل منه نجا ومن تخلف عنه هلك ، حجة من ذي الحجة في حجة الوداع : (إني تركت بين أظهركم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدا : كتاب الله وعترتي أهل بيتي)) (٢٢٣).

٥ ـ (انظروا أهل بيت نبيكم ، فالزموا سمتهم ، واتبعوا أثرهم ، فلن يخرجوكم من هدى ، ولن يعيدوكم في ردى .. فإن لبدوا فالبدوا ، وإن نهضوا فانهضوا .. ولا تسبقوهم فتضلوا ، ولا تتأخروا عنهم فتهلكوا) (٢٢٤).

٦ ـ (.. ألم أعمل فيكم بالثقل الأكبر ، وأترك فيكم الثقل الأصغر؟!) (٢٢٥).

الثقل الأكبر : القرآن الكريم ، والثقل الأصغر : الحسن والحسين (ع).

٧ ـ (المهدي منا أهل البيت ، يصلحه الله في ليلة) ، مسند أحمد ، عن علي (ع) (٢٢٦).

__________________

(٢٢٢) نهج البلاغة ـ تحقيق د. صبحي الصالح ـ : ١١٩ الخطبة ٨٧.

(٢٢٣) تاريخ اليعقوبي ٢ / ٢١١ ـ ٢١٢.

(٢٢٤) نهج البلاغة : ١٤٣ الخطبة.

(٢٢٥) نهج البلاغة : ١١٩ الخطبة ٨٧.

(٢٢٦) مسند أحمد ١ / ٨٤.


(المهدي منا ، من ولد فاطمة) ، السيوطي عن علي (ع) (٢٢٧).

وهكذا تقسمت كلمات علي هذه بين حديث نبوي بحرفه أو بمضمونه ، وبين وصف أو تقييم لحدث تاريخي حاسم ، وليس في هذا كله على الاطلاق ما يشذ عن وقائع التاريخ في صغيرة ولا كبيرة.

خلاصة يقين علي بحقه :

أيقن علي (ع) بحقه في الخلافة يقينا من موقعه الممتاز عند الرسول (ص) ومن حياته الخالصة في الإسلام ، فلقد كان في حياة الرسول يقول : (إن الله يقول : (أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم) (٢٢٨) والله لا ننقلب على أعقابنا بعد إذ هدانا الله ، والله لئن مات أو قتل لأقاتلن على ما قاتل عليه حتى أموت ، والله إني لأخوه ووليه وابن عمه ووارث علمه ، فمن أحق به مني؟!) (٢٢٩).

لكنه (أراده حقا يطلبه الناس ، ولا يسبقهم إلى طلبه) (٢٣٠).

أثر الواقع الجديد في الموقف من هذه النصوص :

لقد آمن أهل السنة بلا شك بالكثير من فضائل أهل البيت (ع) ، وعلى تفاوت بينهم في مدى هذا الإيمان ، لكنه مهما ترقى في درجاته فهو دائما

__________________

(٢٢٧) السيوطي / مسند فاطمة : ٩٤ ح ٢٢٤. المطبعة العزيزية ـ حيدر آباد ـ الهند ـ ط ١ ـ ١٤٠٦ ه / ١٩٨٦ م ، تصحيح الحافظ عزيز بيك مدير لجنة أنوار المعارف بحيدر آباد.

(٢٢٨) سورة آل عمران ٣ : ١٤٤.

(٢٢٩) المستدرك ٣ / ١٢٦ ، مجمع الزوائد ٩ / ١٣٤ وقال : رجاله رجال الصحيح.

(٢٣٠) العقاد / فاطمة الزهراء والفاطميون.


الإيمان الذي لا يناقض الواقع الجديد المتمثل ببيعة الخلفاء الراشدين .. فكل نص عندهم محكوم لهذا الواقع ، فما خالفه فينبغي تأويله ، وما لا يمكن تأويله بوجه من الوجوه فينبغي رده!

ومن هنا أنكر متكلموهم صحة نسبة (نهج البلاغة) إلى الإمام علي لأجل احتوائه على تلك النصوص وأمثالها ، فيما اكتفى المدافعون عن (نهج البلاغة) من شراحه خاصة بشرح غريبه فقط دون الوقوف عند مفاهيم كلماته ومدلولاتها .. وكلا الموقفين ينطوي على الفرار من مواجهة التناقض الذي يبدو حاسما في مواضع كثيرة بين نصوص (نهج البلاغة) وذلك الواقع الجديد.

فلم تقف هذه النصوص عند نقد وسيلة اختيار الخلفاء ، كما صورها الدكتور صبحي ملتمسا ذلك من بعض تعليقات ابن أبي الحديد (٢٣١).

بل في تعليقات ابن أبي الحديد ما يشير بوضوح إلى أن في كلامه (ع) ما يفيد تعيينه (ع) خليفة بالنص ، الأمر الذي استنكروا بعض لوازمه ، فاستنكروه لذلك! فيما حاول المعتزلة أن يتخذوا منه موقفا وسطا : قال ابن أبي الحديد : وأصحابنا يحملون ذلك كله على ادعائه الأمر بالأفضلية والأحقية ، وهو الحق والصواب ، فإن حمله على الاستحقاق بالنص تكفير أو تفسيق لوجوه المهاجرين والأنصار!

قال : ولكن الإمامية والزيدية حملوا هذه الأقوال على ظواهرها ، وارتكبوا بها مركبا صعبا!

ثم قال : ولعمري إن هذه الألفاظ موهمة مغلبة على الظن ما يقوله القوم ـ أي الإمامية والزيدية ـ لكن تصفح الأحوال يبطل ذلك الظن ، ويدرأ ذلك

__________________

(٢٣١) أحمد محمود صبحي / نظرية الإمامة : ٨٧.


الوهم ، فوجب أن يجري مجرى الآيات المتشابهات الموهمة ما لا يجوز على الباري! (٢٣٢).

ومرة أخرى يرى ابن أبي الحديد أن بعض كلمات عمر دالة صراحة على وجود النص على علي (ع) ، لكنه يستبعد من الصحابة رد النص.

يقول : سألت النقيب أبا جعفر يحيى بن محمد بن أبي زيد ، وقد قرأت عليه طائفة من الأخبار المروية عن عمر ، فقلت له : ما أراها إلا تكاد تكون دالة على النص ، ولكن أستبعد أن يجتمع الصحابة على دفع نص رسول الله (ص) على شخص بعينه!! فقال لي رحمه‌الله ، أبيت إلا ميلا إلى المعتزلة! (٢٣٣).

كيف يقال إذن : غاية رأي علي في كيفية نصب الإمام أنه نقد وسيلة اختيار الخلفاء قبله ولكنه لم ينقد الاختيار عامة كوسيلة مؤدية إلى نصب الإمام؟!

إنه استقراء ناقص ، لكنه بلا شك أقرب إلى الموضوعية كثيرا من نفي أي نقد يمس وسيلة اختيار الخلفاء!

إن المعتزلة لو استطاعوا أن يدفعوا شبهة التكفير أو التفسيق المترتبة ظاهرا على ما تفيده ظواهر كلمات الإمام علي (ع) من استحقاقه الخلافة بالنص ، لآمنوا بها كما هي دون اللجوء إلى هذا التأويل بالذات!

بل لو استطاع الأشاعرة وأصحاب الحديث وغيرهم من أنصار مدرسة الخلفاء دفع هذه الشبهة لما اضطروا إلى التكذيب بهذه الكلمات كلها أو جلها!

لكن لماذا لم يدفعوا هذه الشبهة بناء على تصفح الأحوال؟!

__________________

(٢٣٢) شرح نهج البلاغة ٩ / ٣٠٧.

(٢٣٣) شرح نهج البلاغة ١٢ / ٨٢.


لماذا لا يكون تصفح الأحوال قرينة على دفع شبهة التكفير أو التفسيق ، مع الابقاء على ما تفيده ظواهر كلماته المتعددة المتعاضدة من استحقاقه الإمامة بالنص؟! خصوصا مع وفرة ما يؤيدها من نصوص نبوية متفق عليها؟!

إنهم لو فعلوا ذلك لأصابوا حقيقة لا يضطربون بعدها ، ولا يفرطون بهذا الكم الكبير من الأحاديث الهادية ـ أحاديث النبي وعلي ـ نفيا ، أو تأويلا يشبه التعطيل ..

ولو فعلوا ذلك لأتلفوا من بعد اختلاف ، ولعادت الطوائف التي تعددت أمة واحدة كأن لم تختلف قط ، ولعاد الاختلاف الذي عقب وفاة النبي (ص) درسا من دروس التاريخ لا يستهوي أحدا أبدا ..

ولو فعلوا ذلك لارتفعوا كثيرا فوق مواطن الاضطراب التي تكشف عن ضعف وهزيمة ورغبة مذهلة في غلق ذلك الملف ..

إن الشيعة الذين تمسكوا بهذه النصوص من دون تأويل ، لم يلزموا أنفسهم تكفير أحد بناء على هذه النصوص ، بل استبعدوه كثيرا .. (٢٣٤).

لكن المعتزلة حين ابتكروا مقولتهم التي تميزوا بها ، مقولة المنزلة بين المنزلتين ، فمرتكب الكبيرة عندهم ليس بكافر ، لكنه أيضا ليس بمؤمن ، إنما هو فاسق! فحينئذ وجدوا أنفسهم مضطرين إلى القول بفسق عدد كبير من الصحابة لو أنهم أخذوا بظاهر تلك النصوص! فلم يذهبوا إذا إلى تعديل مقولتهم عملا بالنصوص وموافقة لتصفح الأحوال ، بل ذهبوا إلى تأويل النصوص حفظا لسلامة مقولتهم!

وهذا هو الخطر الكبير الذي يرتكبه التقليد المذهبي ، فمقولة المذهب

__________________

(٢٣٤) أنظر : محمد حسين آل كاشف الغطاء / أصل الشيعة وأصولها : ٩٤ ، محمد جواد مغنية / الشيعة في الميزان : ١٥ ، الدكتور أحمد الوائلي / هوية التشيع : ٣٨ ـ ٣٩ ، جعفر السبحاني / مع الشيعة الإمامية في عقائدهم : ١٨١ ـ ١٨٣.


دائما مقدمة على نصوص الشريعة! وتقدم قولنا أن أبا الحسن الكرخي إنما كان يحكي عن لسان حال المذهبية حين قال : (الأصل أن كل آية تخالف قول أصحابنا فإنها تحمل على النسخ ، أو الترجيح ، والأولى أن تحمل على التأويل من جهة التوفيق ، وكذا الحال مع الحديث)! (٢٣٥).

وإذا قدرنا أن كل مذهب من المذاهب الإسلامية المتعددة سوف يفعل مثل هذا إزاء كل نص يصطدم مع مقولاته ، فسوف نقترب من إدراك مدى الانحرافات الطارئة على مسار الإسلام فكرا وعقيدة!

لقد كان حريا بهم أن يوفقوا بين تلك النصوص وبين الثابت من أحوال صاحب النصوص وحقائق التاريخ ، ليخرجوا بالحكم الموضوعي المتماسك ، لكنهم أدخلوا إلى عناصر الحكم مصدرا آخر ، وهو مقدماتهم الاعتقادية التي ارتكزت عليها مذاهبهم وتميزت بها ، وهذا العنصر الأخير هو الأصل الثابت دائما وفق الرؤية المذهبية ، فلا يخرج عنه فهم لشئ من نصوص الشريعة ، أو استنباط شئ من أحكامها ، أو تفسير ظاهرة ما!

هذا الذي صرف المعتزلة إذن عن هذه النصوص.

غير أن لبعض طوائف المعتزلة كلاما قد يكون أقرب إلى التوفيق بين النص وأحوال صاحب النص ، منه إلى التأويل .. أبو القاسم البلخي وأصحابه قالوا : لو أن عليا نازع عقيب وفاة رسول الله (ص) وسل سيفه ، لحكمنا بهلاك كل من خالفه وتقدم عليه ، كما حكمنا بهلاك من نازعه حين أظهر نفسه ، ولكنه مالك الأمر وصاحب الخلافة ، إذا طلبها وجب علينا القول بتفسيق من ينازعه فيها ، وإذا أمسك عنها وجب علينا القول بعدالة من أغضى له عليها ، وحكمه في ذلك حكم رسول الله (ص) ، لأنه قد ثبت عنه في

__________________

(٢٣٥) أبو الحسن الكرخي / الأصول التي عليها مدار فروغ الحنفية : ٤ ، د. محمد أديب صالح / مصادر التشريع الإسلامي : ٢٨٧.


الأخبار الصحيحة أنه قال : (علي مع الحق والحق مع علي ، يدور معه حيث ما دار) .. وقال له غير مرة : (حربك حربي ، وسلمك سلمي).

عندئذ قال ابن أبي الحديد : هذا المذهب هو أعدل المذاهب عندي ، وبه أقول! (٢٣٦).

وغني عن التذكير أن إغضاء صاحب الحق عن حقه لا يعني دائما الاقرار بعدالة خصمه.

لقد رأينا كثيرا من الأساتذة المعاصرين من أهل السنة قد أعجب بالفكر المعتزلي وثرائه ، لكن دون أن يذهبوا معهم إلى القول بأن عليا (مالك الأمر ، وصاحب الخلافة) الذي هو أقرب شئ إلى القول بالنص!

أما الذي صرف عنها الجمهور فقياسهم الأشياء ، نصوصا ووقائع ، على أساس التسليم بصحة وشرعية نظام الخلافة الذي تحقق بعد الرسول ، وكل نص أو حال لا ينسجم مع هذا فهو عندهم مرفوض أو مؤول.

وتبرز هنا مساحة أكبر للتنكر لوقائع التاريخ أو الاغضاء عنها! تمشيا مع مبدأ ، عرف فيما بعد بمبدأ (عدالة الصحابة) الذي أصبح حاكما على النص وعلى وقائع التاريخ أيضا ، علما أن هذه النصوص والوقائع قد حفظت غالبا في دواوينهم الحديثية والتاريخية ، على تفاوت في الكم والتفصيل ، حتى بلغ الكثير والأهم منها حد التواتر في مجموع تلك الدواوين : كحديث (من كنت مولاه فعلي مولاه) ، وحديث الثقلين (كتاب الله وعترتي) فيما لم ترد الرواية الأخرى (كتاب الله وسنتي) إلا مرسلة في مصدر واحد من مصادرهم المهمة (موطأ مالك) (٢٣٧) ، وقد وصل إسنادها بعدها ابن عبد البر فكان إسنادا واهيا

__________________

(٢٣٦) شرح نهج البلاغة ٢ / ٢٩٦ ـ ٢٩٧.

(٢٣٧) الموطأ ـ كتاب القدر ـ : ح ٣.


عرف مصدره بالوضع والكذب! (٢٣٨) ، ورغم ذلك فقد اعتمدها أهل السنة في بحوثهم ومجادلاتهم وتعليم أجيالهم ، وأغفلوا الأخرى الصحيحة المتواترة!

كل ذلك لأنها لا تحفظ لهم سلامة الواقع الجديد بعد النبي (ص) ، وربما مست مبدأ عدالة الصحابة أيضا!

وآخرون أدركوا حقا أن التمسك برواية (وسنتي) لا تغني وحدها في الخلاص من تبعة الرواية الأصح والأشهر (كتاب الله وعترتي) فذهبوا إلى تأويل الأخيرة تأويلا عجيبا ، ومبتدع هذا التأويل هو ابن تيمية ، حيث يقول : الحديث الذي في مسلم إذا كان النبي (ص) قد قاله فليس فيه إلا الوصية باتباع الكتاب ، وهو لم يأمر باتباع العترة ، ولكن قال : (أذكركم الله في أهل بيتي)! (٢٣٩).

ورغم أن تأويل ابن تيمية هذا كان مكابرة صارخة بوجه النص ، قد تكون أيضا مدعاة للسخرية ، إلا أن هناك من يأنس به ويطمئن به مهربا من إلزام النص!

ما العمل إذا كان الناس يأنسون ويستمتعون انتصارا لمذاهبهم ولو بمثل هذا التصرف المتهافت؟!

ولعل (منهاج السنة) لابن تيمية هو أكبر موسوعة سنية في تأويل الأحاديث الخاصة في علي وأهل البيت (ع) : وفي التنكر للوقائع الهامة التي قدمتهم على غيرهم تقديما لا يبقى معه أي مسوغ لصرف الخلافة عنهم (٢٤٠).

__________________

(٢٣٨) في إسناده : كثير بن عبد الله ، عن أبيه ، عن جده .. وهو متروك ومن أركان الكذب ، ونسخته عن أبيه عن جده موضوعة! ميزان الاعتدال ٣ / ٤٠٦ ـ ٤٠٧.

(٢٣٩) منهاج السنة ٤ / ٨٥ ، الفرقان بين الحق والباطل : ١٣٩.

(٢٤٠) لقد عرضنا نماذج هامة منه وبينا مواقع التهافت فيها ، في كتابنا / ابن تيمية .. حياته ، عقائده : ٢٩١ ـ ٤٢٨.


ويلحظ المتتبع لتأويلات ابن تيمية في هذا القسم من الحديث أنه قد تأثر كثيرا بطريقة القاضي عبد الجبار المعتزلي في كتابه (المغني) وأخذ عنه كثيرا من تأويلاته .. لكن الفارق يبقى كبيرا بين الطرفين ، فمنزلة علي عند المعتزلة هي أسمى منها بكثير عند ابن تيمية!

فحين لا يريد ابن تيمية لحديث (من كنت مولاه فعلي مولاه) أن يتجاوز حدود المحبة التي يشاركه فيها جميع المسلمين ، فلا مزية فيه لعلي على أحد! (٢٤١) .. يرى فيه المعتزلة لعلي منزلة لا يشاركه فيها أحد ، فإذا أوجب النبي (ص) موالاته (ع) ولم يقيده بوقت فيجب أن يكون باطنه كظاهره في سائر الأوقات ، وهذه منزلة عظيمة تفوق منزلة الإمامة (٢٤٢) ، ويختص بها هو دون غيره (٢٤٣).

ويبالغ ابن تيمية فينكر الشطر الثاني من الحديث (اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه) (٢٤٤) لأنها قادحة بلا شك بمبدأ (عدالة الصحابة)! ولأنها ستلزمه قطعا البراءة من رجال دخلوا في عداد الصحابة لم يتورعوا في إظهار بغضهم لعلي وعدائهم له ومحاربتهم إياه ، فيما لم يتردد المعتزلة في القول بهلاك هؤلاء! (٢٤٥).

__________________

(٢٤١) منهاج السنة ٤ / ٨٧ ـ ٨٨ ،

(٢٤٢) لأن الإمامة عندهم منزلة سياسية يجوز فيها تقدم المفضول على الفاضل.

(٢٤٣) المغني ٢٠ / ق ١ : ١٤٦ ، عنه : الشافي ٢ / ٢٨٣.

(٢٤٤) منهاج السنة ٤ / ٨٧. لكن الذهبي يقر لهذا الشطر بقوة الإسناد كما في البداية والنهاية ٥ / ٢٣٣ ، وهي في سنن ابن ماجة ١ / ٤٣ رقم ١١٦ ، وسنن النسائي في ثمان طرق : ج ٥ ح ٨٤٧٣ و ٨٤٧٨ و ٨٤٧٩ و ٨٤٨٠ و ٨٤٨١ و ٨٤٨٣ و ٨٤٨٤ و ٨٥٤٢ ، ومسند أحمد في سبع طرق ١ / ١١٩ ثلاث مرات و ١٥٢ ، و ٤ / ٢٨١ و ٣٧٠ و ٣٧٢ مرتان.

(٢٤٥) تقدم آنفا عن البلخي وابن أبي الحديد ، راجع صفحة ٢٧٢ ـ ٢٧٣.


وجدير بالتذكير أن ابن تيمية الذي كان من أوسع الناس تأويلا لهذا الباب من الحديث ، حفظا للمذهب ، هو من أشد الناس طعنا في التأويل وأكثرهم تمسكا حرفيا بظواهر مفردات النص ، في باب الصفات خاصة ، حفظا لمذهبه في التجسيم!

وأخرى :

النص المعارض كان يخوض المعركة جنبا إلى جنب مع تأويل النص وتكذيب الحدث ..

فلما كان الحديث الصحيح حديث السيدة صفية ، تسأل النبي (ص) قبيل وفاته : إن حدث بك حدث فإلى من؟ فيقول : (إلى علي بن أبي طالب) (٢٤٦).

جاء الحديث المعارض (إن لم تجديني فأت أبا بكر) عن سلسلة من الرواة ذوي الأهواء الأموية (٢٤٧) ، جاء ليذاع ويشتهر فيكتسح الحديث الأول ، حتى أتى الشيخان فوجداه مألوفا على ألسن الرواة ومنهم من لا يتهم بكذب ، فأدخلاه في المختار من صحيحيهما ..

ولما كان حديث عائشة في تكذيب أحاديث الوصية ، هو المنسجم مع العهد الجديد دون حديث السيدة أم سلمة ، فكان لا بد أن يذاع بواسطة عروة ابن الزبير والزهري وأصحابهما ، إلى صدور الحفاظ وبطون الدواوين ، حتى يجده الشيخان أولى بالنقل من غيره (٢٤٨).

__________________

(٢٤٦) مسند أحمد ٦ / ٣٠٠.

(٢٤٧) راجع ص ٢٠٩ ـ ٢١١ من هذا البحث.

(٢٤٨) راجع ص ٢٥٢ من هذا البحث.


ثم يأتي المتأخرون فيعضون بالنواجذ على كل ما أورده الشيخان ويسقطون من الاعتبار كل ما خالفها ، ليكون الأول دينا يدان به بحجة اختيار الشيخين أو اتفاقهما .. وما انتخبه الشيخان حتى وجداه دينا يدان به .. وهذا حق .. ولكن خطوة واحدة إلى الأمام ستفتح العينين على كل الحق ..

إن الحق كل الحق أن الشيخان ما وجداه دينا إلا بفضل كفاح دؤوب واصله حراس العهد الجديد مئتا عام حتى جاء الشيخان!!

مئتا عام ، قبل مجئ الشيخين وتدوين أوسع دواوين الحديث ، قضاها خصوم علي وبنيه في كفاح دؤوب لإقصاء ما لا يروق لهم ونشر ما يريدون ، بكل ما عرفوه من فنون الإقصاء والنشر! (٢٤٩).

مئتا عام والتيار هادر ، لم يسكن إلا أياما لا تكفي حتى لمراجعة الذاكرة! (٢٥٠).

فكم بين نصيب أحاديث تجري بعكس اتجاه ذاك التيار ، ونصيب أحاديث حملها ذاك التيار على ظهره؟!

هذا ما لم يلتفت إليه المتأخرون .. لأن لفتة واحدة إليه ستعني الكثير .. ستعني إدانة التاريخ الذي عشقوه حتى أشربت قلوبهم حبة.

جديد :

حاول بعض المعاصرين أن يكتشف طريقا جديدا يأخذ به بعيدا عن أسر كلمات علي (ع) ، فراح يبرهن على أن أهل البيت لم يذكروا ما يدل على

__________________

(٢٤٩) راجع ص ٢١٤ من هذا البحث.

(٢٥٠) ربما سكن أيام عمر بن عبد العزيز الذي حكم عامين فقط ، وبعضا من أيام المأمون.


اختصاصهم بنص أو وصية ، من خلال ما وجدوه من كلمات منقولة عن السبطين (ع) وليس فيها تصريح بهذا .. (٢٥١).

وهكذا ببساطة يعرضون عن كل ما أثر عن علي (ع)!

وأكثر من هذا ، حاولوا حين حرفوا شرط الإمام الحسن (ع) على معاوية في بنود الصلح الذي تم بينهما ، فقالوا : إن الحسن (ع) كتب في شروطه على معاوية : (وليس لمعاوية بن أبي سفيان أن يعهد إلى أحد من بعده عهدا ، بل يكون الأمر من بعده شورى بين المسلمين)!

إذن أقر الحسن (ع) مبدأ الشورى ، ولم يدع مجالا لدعوى النص حتى على علي (ع) خاصة! (٢٥٢).

لقد ارتضوا من هذا العهد نصه المحرف ، لا غير ، نصرة للمذهب ، دون تحقيق!

ونص هذا العهد ينقله : ابن قتيبة ، وابن الأثير ، وابن كثير ، وابن حجر العسقلاني ، وغيرهم ، وفيه : (أن لمعاوية الإمامة ما دام حيا ، فإذا مات فالأمر للحسن من بعده) (٢٥٣).

فليس لمعاوية إذن أن يعهد لأحد من بعده ، لأن الخلافة بعده للحسن (ع) ، ولا شئ وراء ذلك!

__________________

(٢٥١) أنظر : د. أحمد محمود صبحي / نظرية الإمامة : ٨٦ ، د. مصطفى حلمي / نظام الخلافة : ١٦٢.

(٢٥٢) أنظر : د. مصطفى حلمي / نظام الخلافة : ١٨٠ ، د. محمد عمارة / المعتزلة وأصول الحكم : ٤٧.

(٢٥٣) الإمامة والسياسة : ١٤٠ ، أسد الغابة ـ ترجمة الحسن (ع) ـ ٢ / ١٤ ، البداية والنهاية ٨ / ٤٥ ، الإصابة ١ / ٣٣٠ ـ ٣٣١ ، ذخائر العقبى ـ للمحب الطبري ـ : ١٣٩.


الدكتور محمد عمارة أدرك هذا التحريف ، لكنه لا يريد أن يفرط بذاك النص المحرف ، لأنه كان عمدته في ما أراد ، فلفق بين النصين باعتماد الأصل المحرف أساسا للعهد ، فقال : كتب الحسن في العهد : (ليس لمعاوية أن يعهد لأحد من بعده ـ أي من بعد الحسن ـ وأن يكون الأمر شورى) (٢٥٤).

فأدخل عبارة (أي من بعد الحسن) لكي لا يقع في لائمة ترك النص الصحيح .. وارتضى هذا النوع من تدليس الأخبار على ما فيه من بعد ونكارة لا ترتضيها لغة العرب!

والأكثر غرابة أن نرى هذا النص المحرف (ليس لمعاوية أن يعهد لأحد من بعده ، بل يكون الأمر بعده شورى) يتسرب إلى مصادر شيعية معاصرة!

لقد تناقله كتاب جيدون لهم منازل مرموقة في البحث والمعرفة ، لكني لا أشك في أنهم نقلوه غفلة ، عن حسن قصد وحسن ظن حين رأوا كثرة من تناوله من كتاب معاصرين خاصة ، ومن هؤلاء السادة : الشيخ محمد جواد مغنية ، والدكتور حسن عباس حسن ، ولجنة التأليف في مؤسسة البلاغ (٢٥٥).

كما وردت عند بعضهم زيادة أخرى على النص لم نعثر لها على مصدر أسبق من النسابة ابن عنبة الحسني (٨٢٨ ه) جعل الشرط فيه : أن للحسن ولاية الأمر بعد معاوية ، فإن حدث به حدث فللحسين (٢٥٦).

وهذا ليس مما يستنكر ، لكنه صح أو لم يصح ليس فيه مزيد أثر على ما نحن فيه.

__________________

(٢٥٤) د. محمد عمارة / المعتزلة وأصول الحكم : ٤٧.

(٢٥٥) محمد جواد مغنية / الشيعة والحاكمون : ٧٠ ـ ٧١ ، د. حسن عباس حسن / الفكر السياسي الشيعي : ٣٣٧ ، مؤسسة البلاغ / سيرة رسول الله وأهل بيته ٢ / ٣٤.

(٢٥٦) عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب : ٦٧.


بعد هذه الجولة اليسيرة جدا في موضوع طويل كهذا نستطيع أن نشخص أمهات المشاكل التي حجبت الحقيقة الواحدة عن الناس جيلا بعد جيل ..

رأينا كيف ساهم : التاريخ السياسي ، والرؤى المذهبية ، والغفلة أحيانا ، في إضفاء الغموض ومزيد من الغموض على قضية حاسمة في معرفة الوجهة الأصح في مسار الإسلام كله.

* * *


إحياء التراث

لمحة تاريخية سريعة حول تحقيق التراث ونشره

وإسهام إيران في ذلك

(٥)

عبد الجبار الرفاعي

٦١٣ ـ فرائد السمطين في فضائل المرتضى والبتول والسبطين.

إبراهيم بن محمد بن مؤيد الحمويني الشافعي.

تحقيق : محمد مهدي الآصفي.

النجف : مطبعة النعمان ، ١٣٨٣ ه ، ج ١.

٦١٤ ـ الفرائد الطريفة في شرح الصحيفة الشريفة

محمد باقر المجلسي (ت ١١١٠ ه).

تحقيق : مهدي الرجائي.

أصفهان : مكتبة العلامة المجلسي ، ٣٤٢ ص.

٦١٥ ـ فروق اللغة.

نور الدين الجزائري (ت ١١٥٨ ه).

تحقيق : أسد الله إسماعيليان.

النجف : مطبعة النجف ، ١٣٨٠ ه ، ٣٣٥ ص.

٦١٦ ـ فصل فيما هي صناعة المنطق وفي ماذا ينتفع بها.

مجهول المؤلف.

باهتمام : مهدي محقق.

طهران : منشورات جامعة طهران ، ١٣٧٠ ش (مع : منطق ومباحث ألفاظ ، ص ١ ـ ١٠).

٦١٧ ـ فصل القضا في الكتاب المشتهر بفقه الرضا.

حسن الصدر.

إعداد : رضا أستادي.

قم : ١٣٥٥ ش (آشنائي با چند نسخه


خطي ، ص ٣٨٩ ـ ٤٤٢).

٦١٨ ـ الفصول الأربعة في عدم سقوط دعوى المدعي بيمين المنكر.

محمد إسماعيل المازندراني الخاجوئي (ت ١١٧٣ ه).

تحقيق : مهدي الرجائي

قم : دار الكتاب الإسلامي ، ط ١ ، ١٤١١ ه (الرسائل الفقهية ١ / ٣٥١ ـ ٤٠٣).

٦١٩ ـ الفصول الأربعة في من دخل عليه الوقت وهو مسافر فحضر وبالعكس والوقت باق.

محمد إسماعيل المازندراني الخاجوئي (ت ١١٧٣ ه).

تحقيق : مهدي الرجائي.

قم : دار الكتاب الإسلامي ، ط ١ ، ١٤١١ ه (الرسائل الفقهية ٢ / ٤٢٧ ـ ٤٤٥).

٦٢٠ ـ الفصول العشرة في الغيبة.

الشيخ المفيد (ت ٤١٣ ه).

تحقيق : فارس الحسون.

قم : المؤتمر العالمي لألفية الشيخ المفيد ، ط ١ ، ١٤١٣ ه ، ١٤٤ ص

(مصنفات الشيخ المفيد ، ٣).

٦٢١ ـ فضائل الأشهر الثلاثة : رجب ، شعبان ، رمضان.

محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي (ت ٣٨١ ه).

عناية : غلام رضا عرفانيان.

النجف : مطبعة الآداب ، ١٩٧٦ م ، ١٦٠ ص.

٦٢٢ ـ فضائل الأنام من رسائل حجة الإسلام.

أبو حامد الغزالي.

تصحيح : عباس إقبال الآشتياني.

طهران : ١٣٣٣ ش ، ١١٧ ص.

٦٢٣ ـ فضائل شهر رجب.

عبيد الله بن عبد الله الحذاء الحنفي النيسابوري ، المعروف بالحاكم الحسكاني (ق ٥ ه).

تحقيق : محمد باقر المحمودي.

طهران : مجمع الثقافة الإسلامية

ومؤسسة الطبع والنشر التابعة لوزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي ، ١٤١١ ه.




٦٢٤ ـ فضائل الشيعة.

الشيخ الصدوق (ت ٣٨١ ه).

قم : مدرسة الإمام المهدي (ع) ، ١٤١٠ ه (تحقيق : مدرسة الإمام المهدي (ع) ، مع : صفات الشيعة ، ومصادقة الإخوان ، للمؤلف).

بيروت : دار الشرق الأوسط للطباعة (تحقيق : محمد تقي الذاكري).

٦٢٥ ـ فضل زيارة الحسين.

أبو عبد الله محمد بن علي بن الحسن العلوي الشجري (٣٦٧ ـ ٤٤٥ ه).

إعداد : أحمد الحسيني.

باهتمام : محمود المرعشي.

قم : مكتبة السيد المرعشي ، ١٤٠٣ ه ، ١٢٢ ص (من مخطوطات مكتبة آية الله المرعشي العامة ، ٦).

٦٢٦ ـ الفقه المنسوب للإمام الرضا (ع).

تحقيق : مؤسسة آل البيت (ع) : لإحياء التراث ـ قم.

مشهد : المؤتمر العالمي للإمام الرضا (ع) ، ١٤٠٦ ه.

٦٢٧ ـ فقه القرآن.

قطب الدين سعيد بن هبة الله الراوندي.

تحقيق : أحمد الحسيني.

قم : مكتبة السيد المرعشي ، ١٣٩٩ ه ، ٢ ج.

قم : مكتبة السيد المرعشي ، ١٤٠٤ ه ، ٢ ج ، ٢٤ سم.

٦٢٨ ـ فلسفة الإنسان.

علي أكبر هزار جريبي حائري زاده.

تصحيح : محمد إبراهيم الشيرازي.

طهران : دار الخلافة ، ١٣٣٣ ش ، ١١٥ ص ، ٢٠ سم.

٦٢٩ ـ كتاب الفهرست.

محمد بن إسحاق ابن النديم.

تحقيق : رضا تجدد.

طهران : ١٩٧٢ م ، ٤٢٥ + ١٧٠ ص فهارس.

٦٣٠ ـ فهرست أسماء علماء الشيعة ومصنفيهم.

منتجب الدين علي بن عبيد الله بن بابويه الرازي (ق ٥ ه).


قم : مجمع الذخائر الإسلامية ، ١٤٠٤ ه ، ٢٤٦ ص (تحقيق : عبد العزيز الطباطبائي).

قم : مكتبة السيد المرعشي ، ١٣٦٦ ش ، ٥٧٠ ص (تحقيق : جلال الدين المحدث الأرموي ، أشرف على طبعه وتنظيم فهارسه : محمد السمامي الحائري).

٦٣١ ـ فهرسة الكتب والرسائل.

إسماعيل الأجين ، المعروف بالمجدوع (ق ١٢ ه).

تحقيق : علي نقي منزوي.

طهران : مكتبة الأسدي ، ط ١ ، ١٩٦٦ م ، ٤١٩ ص ، ٢٤ سم.

٦٣٢ ـ فهرست آل بابويه وعلماء البحرين.

(ثلاث رسائل ، هي :

* فهرست آل بابويه.

* رسالة في علماء البحرين.

* جواهر البحرين في علماء البحرين).

سليمان الماحوزي البحراني (١٠٧٥ ـ ١١٢١ ه).

إعداد : أحمد الحسيني.

قم : مكتبة السيد المرعشي ، ١٤٠٤ ه ،

١٢١ ص ، ٢٤ سم (من مخطوطات مكتبة السيد المرعشي العامة ، ٨).

٦٣٣ ـ فوائد الأصول.

محمد كاظم الآخوند الخراساني (ت ١٣٢٩ ه).

تصحيح وتعليق : مهدي شمس الدين.

طهران : وزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي.

٦٣٤ ـ الفوائد الرجالية.

محمد إسماعيل بن حسين الخواجوئي (ت ١١٧٣ ه).

تحقيق : مهدي الرجائي.

مشهد : مجمع البحوث الإسلامية ، ١٣٧٢ ه ، ٣٥٨ ص ، ٢٤ سم.

٦٣٥ ـ الفوائد في فضل تعظيم الفاطميين.

محمد إسماعيل المازندراني الخواجوئي (ت ١١٧٣ ه).

تحقيق : مهدي الرجائي.

قم : دار الكتاب الإسلامي ، ط ١ ، ١٤١١ ه (الرسائل الاعتقادية ١ / ٣٠٧ ـ ٣٧٣).


٦٣٦ ـ الفوائد المنظومة.

أو : الأرجوزة في المنطق.

محمد رضا الحسيني الأعرج.

باهتمام : محمد رضا مشائي.

طهران : منشورات جامعة طهران ، ١٣٧٠ ش (مع : منطق ومباحث ألفاظ ، ص ٣٢١ ـ ٣٥٥).

٦٣٧ ـ في الإلهيات بالمعنى الأخص من كتاب : شرح غرر الفرائد ، أو : شرح منظومة الحكمة.

ملا هادي السبزواري.

باهتمام : مهدي محقق.

طهران : منشورات جامعة طهران ، ١٩٩٠ م ، ٣٩٧ ص ، (مع حواشي وتعليقات : السبزواري ، والهيدجي ، والآملي).

٦٣٨ ـ كتاب في قوارع القرآن وما يستحب أن لا يخل بقراءته كل يوم وليلة.

أبو عمرو محمد بن يحيى بن الحسن (ت ٤٢٧ ه).

تحقيق : قاسم النوري.

مشهد : مجمع البحوث الإسلامية

ط ١ ، ١٤١٠ ه ، ١٠٧ ص ، ٢٤ سم.

٦٣٩ ـ قادتنا ، كيف نعرفهم؟.

محمد هادي الحسيني الميلاني (١٣١٣ ـ ١٣٩٥ ه).

تحقيق : محمد علي الميلاني.

بيروت : مؤسسة الوفاء ، ٧ ج.

٦٤٠ ـ قاعدة لا حرج.

أحمد بن محمد مهدي بن أبي ذر الكاشاني النراقي (١١٨٥ ـ ١٢٤٥ ه).

تحقيق : أبو الفضل مير محمدي.

قم : مؤسسة النشر الإسلامي ١٤١٠ ه (مع ثلاث دراسات في الفقه والمشتبه).

٦٤١ ـ قاعدة لا ضرر ولا ضرار.

فتح الله بن محمد جواد النمازي الشيرازي ، المعروف بشيخ الشريعة الأصفهاني (١٢٦٦ ـ ١٣٣٩ ه).

تحقيق : مؤسسة آل البيت (ص) لإحياء التراث ـ قم.

بيروت : دار الأضواء ، ١٤٠٦ ه.

قم : مؤسسة النشر الإسلامي ، ١٤٠٦ ه (أفسيت على الطبعة السابقة).


٦٤٢ ـ قاموس الرجال.

محمد تقي التستري.

تحقيق : جماعة المدرسين في الحوزة العلمية.

قم : جماعة المدرسين في الحوزة العلمية ، ١٤١٠ ـ ١٤١٣ ه ، ٥ ج.

٦٤٣ ـ القبسات.

محمد بن محمد ، المدعو بباقر الداماد الحسيني (ت ١٠٤١ ه).

تحقيق : مهدي محقق.

طهران : معهد الدراسات الإسلامية ، في مونتريال بجامعة ماكجيل ، ١٩٧٧ م ، ٥٩١ ص.

٦٤٤ ـ قبس من تفسير القرآن الكريم.

علي سماكة الحلي.

تحقيق : أحمد الحسيني.

النجف : مطبعة النعمان ، ١٣٩١ ه ، ١٠٢ ص ، (منشورات مكتبة الإمام المنتظر العامة ، ١).

٦٤٥ ـ قبس من كتاب غياث سلطان الورى.

علي بن موسى بن طاووس.

تحقيق : مدرسة الإمام المهدي (ع).

قم : مدرسة الإمام المهدي (ع) ، ط ١ ، ١٤٠٨ ه ، ١٢ ص ، ٢٤ سم (مع كتاب : نزهة الناظر وتنبيه الخاطر ، للحلواني).

٦٤٦ ـ قرب الإسناد.

عبد الله بن جعفر الحميري (ق ٣ ه).

تحقيق : مؤسسة آل البيت : لإحياء التراث.

قم : مؤسسة آل البيت : لإحياء التراث ، ١٤١٣ ه.

٦٤٧ ـ قرة العيون.

ملا محمد مهدي النراقي.

تصحيح : جلال الدين الآشتياني.

مشهد : منشورات أنجمن فلسفه ، ١٩٧٨ م (منتخباتي أز آثار حكماي إلهي إيران ٤ / ٣٤٥ ـ ٥٣٦).

٦٤٨ ـ قصص الأنبياء.

قطب الدين سعيد بن هبة الله الراوندي (ت ٥٧٣ ه).

تحقيق : غلام رضا عرفانيان.

مشهد : مجمع البحوث الإسلامية ،


١٤٠٩ ه ، ٣٧٤ ص ، ٢٤ سم.

٦٤٩ ـ قصة الغربة الغربية.

شهاب الدين يحيى السهروردي.

تصحيح : هنري كوربن.

طهران : أنجمن حكمت وفلسفه ، ١٣٥٥ ش (مجموعة مصنفات شيخ إشراق ١ / ٢٧٣ ـ ٢٩٧).

٦٥٠ ـ القصيدة الغراء في إيمان أبي طالب شيخ البطحاء.

أحمد خيري.

تحقيق : علي بن الحسين الهاشمي.

طهران : ١٣٨٢ ه.

٦٥١ ـ كتاب القضاء.

ميرزا حبيب الله الرشتي (١٢٣٤ ـ ١٣١٢ ه).

تحقيق : أحمد الحسيني.

قم : دار القرآن الكريم ، ١٤٠١ ه ، ٢ ج ، ٣٧٥ + ٣١٩ ص.

٦٥٢ ـ كتاب قضاء حقوق المؤمنين.

الحسن بن طاهر الصوري (ق ٦ ه).

تحقيق : حامد الخفاف.

تراثنا (قم) ، س ١ ، ع ٣ ، ١٤٠٦ ه ،

ص ١٧١ ـ ٢٠٥.

٦٥٣ ـ قلائد الغيد.

علي بن باليل الحسيني الجزائري الدورقي.

تصحيح : هادي بن ياسين الحسيني.

طهران : ١٣٥٨ ش ، ١٠٤ ص.

٦٥٤ ـ القواعد الجلية في شرح الشمسية.

العلامة الحلي (٦٤٨ ـ ٧٢٦ ه).

تحقيق : فارس الحسون.

قم : مؤسسة النشر الإسلامي.

٦٥٥ ـ قواعد العقائد.

نصير الدين الطوسي (٥٩٧ ـ ٦٧٢ ه).

باهتمام : عبد الله نوراني.

طهران : مؤسسة مطالعات إسلامي جامعة مك گيل وجامعة طهران ، ١٩٨٠ م (مع : (تلخيص المحصل) وغيره للمؤلف ، ص ٤٣٥ ـ ٤٦٨).

٦٥٦ ـ قواعد المرام في علم الكلام.

ميثم بن علي بن ميثم البحراني (ت ٦٩٩ ه).


تصحيح : أحمد الحسيني.

قم : مكتبة السيد المرعشي ، ١٣٩٨ ه / ١٩٧٧ م ، ٢٩٩ ص.

٦٥٧ ـ القول المبين عن وجوب مسح الرجلين.

محمد بن علي بن عثمان الكراجكي (ت ٤٩٩ ه).

تحقيق : علي موسى الكعبي.

تراثنا (قم) ، س ٥ : ع ٢ [١٩] ، ١٤١٠ ه ، ص ١٨٥ ـ ٢٢٠.

٦٥٨ ـ قول النبي : نية المؤمن خير من عمله.

الشريف المرتضى علي بن الحسين (٣٥٥ ـ ٤٣٦ ه).

إعداد : مهدي الرجائي.

قم : دار القرآن الكريم ، ١٤٠٥ ه (رسائل الشريف المرتضى ٣ / ٢٣٣ ـ ٢٣٩).

٦٥٩ ـ الكافي في الفقه.

أبو الصلاح الحلبي.

تحقيق : رضا الاستادي.

أصفهان : مكتبة الإمام أمير المؤمنين عليه‌السلام ، ١٤٠٠ ه.

قم : ١٤٠٣ ه.

٦٦٠ ـ كامل الزيارات.

جعفر بن محمد بن قولويه (ت ٣٦٧ ه).

تصحيح وتعليق : عبد الحسين الأميني.

تقديم : محمد علي الأوردبادي.

النجف : المطبعة المرتضوية ، ١٣٥٦ ه ، ٣٣٥ ص.

٦٦١ ـ كتاب الليل والنهار.

ابن فارس ، أحمد بن فارس بن زكريا ابن محمد بن حبيب القزويني الرازي (ت نحو ٣٩٥ ه).

تحقيق : حامد الخفاف.

تراثنا (قم) ، س ٤ ، ع ١ [١٤] ، ١٤٠٩ ه ، ص ١٧٣ ـ ١٩٩.

٦٦٢ ـ كتاب النجاة.

ابن سينا (ت ٤٢٧ ه).

تحقيق : محمد تقي دانش پژوه.

طهران : ١٤٠٦ ه.

٦٦٣ ـ كسر أصنام الجاهلية.

محمد بن إبراهيم صدر الدين الشيرازي (ت ١٠٥٠ ه).


تحقيق : محمد تقي دانش پژوه.

طهران : جامعة طهران ، كلية المعقول والمنقول ، ١٣٤٠ ش ، ١٣٢ و ١٤٥ ص ، ٢٥ سم.

٦٦٤ ـ كشف الأستار عن وجه الغائب عن الأبصار.

حسين النوري الطبرسي (١٢٥٤ ـ ١٣٢٠ ه).

تحقيق : علي الميلاني.

طهران : مكتبة نينوى ، ١٤٠١ ه.

٦٦٥ ـ كشف الأستار عن وجه الكتب والأسفار.

أحمد بن محمد رضا الحسيني

الأعرجي الصفائي الخوانساري (١٢٩١ ـ ١٣٥٩ ه).

تحقيق : مؤسسة آل البيت : لإحياء التراث.

قم : مؤسسة آل البيت : لإحياء التراث ، ١٤٠٩ ه ، ٣ ج ، ٢٤ سم.

٦٦٦ ـ كشف الأسرار في شرح الاستبصار.

نعمة الله بن عبد الله الموسوي الجزائري (١٠٥٠ ـ ١١١٢ ه).

تحقيق : طيب الجزائري.

قم : دار الكتاب ، ١٣٦٩ ش ، ج ١ ، ٥٦٤ ص.

٦٦٧ ـ كشف الأسرار ورفع الأستار.

عبد الرحيم بن عبد الرحمن الجليلي الكرمانشاهي (١٢٢٣ ـ ١٣٠٥ ه).

تعليق : عبد الجليل الجليلي.

كرمانشاه : المكتبة العامة لحسينية آية الله الجليلي ، ١٤٠٩ ه ، ج ١.

٦٦٨ ـ كشف الرموز في شرح المختصر النافع في الفقه.

الحسن بن أبي طالب اليوسفي الآبي (ق ٧ ه).

تحقيق : علي پناه الاشتهاردي ، وحسين اليزدي الأصفهاني.

قم : مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين في الحوزة العلمية ، ١٤٠٩ ه ، ٣ ج.

٦٦٩ ـ كشف الريبة في أحكام الغيبة.

الشهيد الثاني ، زين الدين الجبعي العاملي ، المستشهد سنة ٩٦٥ ه.

النجف : مطبعة النعمان ، ١٣٨٢ ه / ١٩٦٣ م ، ٨٨ ص (تقديم وإشراف :


أحمد الحسيني ، منشورات مكتبة الإمام صاحب الزمان (ع) العامة ، الكاظمية ، ٢).

بيروت : دار الأضواء ، ١٤٠٨ ه (تحقيق : علي الخراساني).

٦٧٠ ـ كشف المحجة لثمرة المهجة.

رضي الدين علي بن موسى بن جعفر ابن محمد بن طاووس (ت ٦٦٤ ه).

تحقيق : محمد الحسون.

قم : مكتب الإعلام الإسلامي ، ١٤١٢ ه.

٦٧١ ـ كشف المحجوب.

أبو يعقوب السجستاني.

تحقيق وتقديم : هنري كوربان

طهران : ١٩٤٩ م (مع مقدمة بالفرنسية للمحقق).

٦٧٢ ـ كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد.

العلامة الحلي (ت ٧٢٦ ه).

تحقيق : حسن حسن زاده الآملي.

قم : مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين في الحوزة العلمية.

٦٧٣ ـ كشف المهم في طريق خبر غدير خم.

هاشم بن سليمان البحراني (ت ١١٠٧ ه).

تحقيق : مؤسسة إحياء تراث السيد هاشم البحراني.

قم : مؤسسة إحياء تراث السيد هاشم البحراني ، ١٤١٢ ه.

٦٧٤ ـ الكشف والتبيين في غرور الخلق أجمعين.

محمد بن محمد الغزالي.

تحقيق : جميل إبراهيم حبيب.

طهران : إحسان ، ط ١ ، ١٣٦٨ ش ، ٤٠ ص ، ٢١ سم.

٦٧٥ ـ كشف اليقين في فضائل أمير المؤمنين (ع).

العلامة الحلي (٦٤٨ ـ ٧٢٦ ه).

طهران : مؤسسة الطبع والنشر التابعة لوزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي ، ١٤١١ ه (تحقيق : حسين الدرگاهي).

قم : مجمع إحياء الثقافة الإسلامية ، ١٤١٣ ه (تحقيق : علي آل كوثر).


٦٧٦ ـ كفاية الأثر في النص على الأئمة الاثني عشر.

علي بن محمد الخزاز الرازي (ق ٤ ه).

تحقيق : عبد اللطيف الحسيني الكوه كمري.

قم : بيدار ، ١٤٠١ ه ، ٣٤٢ ص ، ٢٤ سم.

٦٧٧ ـ كفاية الأصول.

محمد كاظم الآخوند الخراساني (ت ١٢٣٩ ه).

تحقيق : مؤسسة آل البيت : لإحياء التراث.

قم : مؤسسة آل البيت : لإحياء التراث ، ١٤٠٩ ه ، ٥٨٨ ص.

٦٧٨ ـ كفاية الطالب في مناقب علي بن أبي طالب (ع).

محمد بن يوسف الكنجي الشافعي.

تقديم وتحقيق : محمد هادي الأميني.

النجف : المطبعة الحيدرية ، ١٩٧٠ م ، ٥٨١ ص (يليه : البيان في أخبار صاحب الزمان ، للمؤلف).

٦٧٩ ـ كفاية المحتاج إلى مناسك الحاج.

أحمد بن محمد بن فهد الحلي (٧٥٧ ـ ٨٤١ ه).

تحقيق : مهدي الرجائي.

إشراف : محمود المرعشي.

قم : مكتبة السيد المرعشي ، ط ١ ، ١٤٠٩ ه (الرسائل العشر : ٣١٧ ـ ٣٢٩).

٦٨٠ ـ كلمات على ساحل البحر.

أو : حواشي الروضات.

محمد باقر النجفي الأصفهاني ، المعروف ب : ألفت (١٣٠١ ـ ١٣٨٤ ه).

تحقيق : أحمد الروضاتي.

طهران : مكتب القرآن ، ١٤١٢ ه (مع : نفحات الروضات ، للمؤلف).

٦٨١ ـ كلمات مكنونة من أهل الحكمة والمعرفة.

الفيض الكاشاني (ت ١٠٩١ ه).

تصحيح : عزيز الله العطاردي.

طهران : فراهاني ، ١٣٤٢ ش ، ي + ٢٥٥ ص.


٦٨٢ ـ كلمة التصوف.

شهاب الدين السهروردي.

تصحيح : نجف قلي حبيبي.

طهران : ١٣٩٧ ه (ثلاث رسائل لشيخ الاشراق : ٧٩ ـ ١٣٠).

٦٨٣ ـ الكلم والحكم : مقامات أدبية.

صدر الأفاضل.

نشرها : حسين علي محفوظ.

طهران : ١٩٥٣ م.

٦٨٤ ـ كمال الدين وتمام النعمة.

الشيخ الصدوق ، محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي (ت ٣٨١ ه).

تصحيح : علي أكبر الغفاري.

طهران : دار الكتب الإسلامية ، ١٣٩٥ ه.

٦٨٥ ـ كنز العرفان في فقه القرآن.

المقداد بن عبد الله السيوري (ت ٨٢٦ ه).

تصحيح : محمد باقر البهبودي.

طهران : المكتبة المرتضوية لإحياء الآثار الجعفرية ، ١٣٨٤ ه ، ٢ ج.

٦٨٦ ـ الكواكب الدرية في مدح خير البرية ، وهي المعروفة ب : بردة البوصيري.

شرف الدين أبو عبد الله محمد بن سعيد بن حماد بن محسن بن عبد الله بن منهاج بن هلال الصنهاجي ، المعروف بالبوصيري.

تصحيح : علي محدث.

طهران : وزارة الثقافة والتعليم العالي ، مركز نشر العلم والثقافة ، ١٣٦١ ش = ١٤٠٢ ه ، ١٤٣ ص.

٦٨٧ ـ اللب اللباب في غريب اللغة والحديث والكتاب.

محمد رضا الغراوي (١٣٠٣ ـ ١٣٨٥ ه).

تحقيق : أحمد الحسيني.

النجف : مطبعة الآداب ، ط ١ ، ١٣٨٨ ه ـ ١٩٨٦ م ، ج ١ ، ٥٠ + ٢٨٤ ص.

٦٨٨ ـ لباب الإشارات.

فخر الدين محمد بن عمر الرازي.

باهتمام : محمود الشهابي.

طهران : جامعة طهران ١٣٣٩ ش ،


٢٤ سم (مع : (الإشارات والتبيهات) لابن سينا).

٦٨٩ ـ لباب الأنساب والألقاب والأعقاب.

أبو الحسن علي بن زيد البيهقي ، الشهير بابن فندق (ت ٥٦٥ ه).

تقديم : السيد المرعشي النجفي.

تحقيق : مهدي الرجائي.

إشراف : محمود المرعشي.

قم : مكتبة السيد المرعشي ، ١٣٦٩ ش = ١٩٩٠ م، ٢ ج، ٢٤ سم.

٦٩٠ ـ لطائف الحكمة.

سراج الدين محمود بن أبي بكر الأرموي (٥٩٤ ـ ٦٨٢ ه).

تصحيح : غلام حسين يوسفي.

طهران : بنياد فرهنگ إيران ، ١٣٥١ ش ، ٥٩ ، ٥٦٦ ص.

٦٩١ ـ اللمعات.

شهاب الدين السهروردي.

تصحيح : نجف قلي حبيبي.

طهران : ١٣٩٧ ه (ثلاث رسائل لشيخ الاشراق ، ص ١٣١ ـ ١٧٥).

٦٩٢ ـ اللمعة الجلية في معرفة النية.

أحمد بن محمد بن فهد الحلي (٧٥٧ ـ ٨٤١ ه).

تراثنا (قم) ، س ٢ ، ع ٤ [٩] ، ١٤٠٧ ه ، ص ١٧١ ـ ٢٢٢ (تحقيق : عبد الحسين الحسون).

قم : مكتبة السيد المرعشي ، ١٤٠٩ ه (تحقيق : مهدي الرجائي ، إشراف : محمود المرعشي ، الرسائل العشر ص ٢٢٩ ـ ٢٧٥).

٦٩٣ ـ اللمعة الدمشقية.

الشهيد الأول.

طهران : ١٤٠٦ ه (تحقيق : علي أصغر مرواريد).

٦٩٤ ـ المائة منقبة.

محمد بن أحمد بن علي بن الحسن ابن شاذان القمي ، كان حيا سنة ٤١٢ ه.

تحقيق : مدرسة الإمام المهدي (ع).

قم : مدرسة الإمام المهدي (ع).

٦٩٥ ـ الماتعية.

في أصول الدين.

نجم الدين جعفر بن سعيد الحلي


(٦٠٢ ـ ٦٧٦ ه).

تصحيح : رضا أستادي.

كلام (قم) ، ع ٢ (١٣٧١ ش) ص ١٦ ـ ٢٣.

٦٩٦ ـ ما نزل من القرآن في أهل البيت (ع).

الحسين بن الحكم الحبري الكوفي (ق ٣ ه).

تحقيق : أحمد الحسيني.

قم : مطبعة مهر استوار ، ١٣٩٥ ه = ١٩٧٥ م ، ١١١ ص (المختار من التراث ، ١).

ملاحظة : حقق هذا الكتاب السيد محمد رضا الجلالي ، ونشره بعنوان : تفسير الحبري ، كما تقدم ذكر ذلك.

٦٩٧ ـ مبادئ الوصول إلى علم الأصول.

العلامة الحلي (ت ٧٢٦ ه).

تحقيق : عبد الحسين محمد علي بقال.

النجف : مطبعة الآداب ، ١٩٧١ م ، ٢٧٩ ص.

٦٩٨ ـ المبدأ والمعاد.

ابن سينا.

باهتمام : عبد الله النوراني.

طهران : مؤسسة مطالعات جامعة مك گيل ، ط ١ ، ١٣٦٣ ش ، ١٢٨ ص ، ٢٤ سم.

٦٩٩ ـ المبدأ والمعاد.

صدر الدين الشيرازي (ت ١٠٥٠ ه).

تحقيق : جلال الدين آشتياني.

طهران : أنجمن حكمت وفلسفه إيران ، ١٣٥٤ ش.

٧٠٠ ـ المبسوط في فقه الإمامية.

الشيخ الطوسي محمد بن الحسن (ت ٤٦٠ ه).

تصحيح : محمد تقي الكشفي ، ومحمد باقر البهبودي.

طهران : المكتبة المرتضوية لإحياء الآثار الجعفرية ، ١٣٨٧ ـ ١٣٩٢ ه ، ٨ ج.

٧٠١ ـ متشابهات القرآن.

صدر الدين الشيرازي (ت ١٠٥٠ ه).

تصحيح : جلال الدين الآشتياني.

مشهد : جامعة مشهد ، كلية الإلهيات


والمعارف الإسلامية ، ١٣٩٢ ه (رسائل فلسفي ، ص ٧٣ ـ ١٢١).

٧٠٢ ـ متن سفينة النجاة في أصول الدين والفقه : متن سفينة الصلاة.

سالم بن سمير الحضرمي.

تحقيق : عبد الله بن عمر الحضرمي.

طهران : جعفري تبريزي ، ط ١ ، ١٣٦٦ ش ، ٣٢ ص ، ٢١ سم.

٧٠٣ ـ مثير الأحزان ومنير سبل الأشجان في مقتل سيد الشهداء الإمام الحسين (ع).

جعفر بن نجيب الدين محمد بن جعفر بن أبي البقاء هبة الله بن نما الحلي (ت ٦٤٥ ه).

تحقيق : مدرسة الإمام المهدي (ع).

قم : مدرسة الإمام المهدي (ع) ، ١٤٠٦ ه.

٧٠٤ ـ مجد البيان في تفسير القرآن المعروف ب (تفسير الأصفهاني).

محمد حسين بن محمد باقر

الأصفهاني (١٢٦٦ ـ ١٣٠٨ ه).

تحقيق : محمد پاكتچي.

طهران : مؤسسة البعثة ، ١٤٠٨ ه ،

٦٦٨ ص.

٧٠٥ ـ المجدي في أنساب الطالبيين.

لعلي بن أبي الغنائم العمري ، الشهير بابن الصوفي (ق ٥ ه).

تحقيق : أحمد المهدوي الدامغاني.

تقديم : السيد شهاب الدين المرعشي النجفي.

قم : مكتبة السيد المرعشي ، ط ١ ، ١٣٦٨ ش ، ٦٠٠ ص ، ٢٤ سم.

٧٠٦ ـ مجمع البحرين.

فخر الدين الطريحي (ت ١٠٨٥ ه).

تحقيق : أحمد الحسيني.

النجف : مطبعة الآداب ، ١٣٧٨ ـ ١٣٨٦ ه ، ٦ ج.

٧٠٧ ـ مجمع البيان في تفسير القرآن.

الفضل بن الحسن الطبرسي.

تصحيح : هاشم الرسولي ، وفضل الله الطباطبائي.

بيروت : دار إحياء التراث العربي.

٧٠٨ ـ مجمع الرجال.

علي القهپائي.

تصحيح وتعليق : ضياء الدين


الأصفهاني.

قم : مؤسسة إسماعيليان ، ج ١ : ٣٠٤ ص ، ج ٢ : ٢٩٧ ص ، ج ٣ : ٢٨٧ ص ، ج ٤ : ٣١٢ ص ، ج ٥ : ٢٩٦ ص ، ج ٦ : ٣٠٤ ص ، ج ٧ : ٣١٣ ص ، ٢٤ سم.

٧٠٩ ـ مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان.

المقدس الأردبيلي (ت ٩٩٣ ه).

تصحيح وتعليق : مجتبى العراقي ، وعلي پناه الاشتهاردي ، وحسين اليزدي الأصفهاني.

قم : جماعة المدرسين في الحوزة العلمية.

٧١٠ ـ مجموعة رسائل فقهية وأصولية.

مرتضى الأنصاري ، وآخرون.

تحقيق : عباس الحاجياني.

قم : مكتبة المفيد ، ط ١ ، ١٤٠٤ ه ، ٢٠٥ ص ، ٢٤ سم.

٧١١ ـ مجموع الغرائب وموضوع الرغائب.

تقي الدين إبراهيم بن علي العاملي الكفعمي.

تحقيق : مهدي الرجائي.

طهران : مؤسسة أنصار الحسين (ع) الثقافية ، ١٤١٢ ه.

٧١٢ ـ محاسبة النفس.

تقي الدين إبراهيم بن علي العاملي الكفعمي (ق ٩ ه).

تحقيق : فارس الحسون.

قم : مؤسسة قائم آل محمد ، ١٤١٢ ه.

٧١٣ ـ المحاسن.

أحمد بن محمد بن خالد البرقي (ت ٢٧٤ أو ٢٨٠ ه).

قم : دار الكتب الإسلامية ، ١٣٧١ ه ، ٦٥٢ ص ، (تحقيق : جلال الدين الحسيني المحدث).

قم : المجمع العالمي لأهل البيت (ع) ١٤١٣ ه ، (تحقيق : مهدي الرجائي).

٧١٤ ـ المحاكمات والمقاومات على شرح رسالة العلم للشيخ أحمد البحراني.

ملا هادي السبزواري.

تصحيح : جلال الدين آشتياني.

(إيران) : سازمان أوقاف وأمور خيرية ،


١٣٧٠ ش (رسائل حكيم سبزاوري ، ص ٥٧٩ ـ ٦٠١).

٧١٥ ـ المحجة البيضاء في تهذيب الإحياء.

الفيض الكاشاني.

تصحيح : علي أكبر الغفاري.

طهران : ١٣٣٩ ـ ١٣٤٠ ش ، ٨ ج.

٧١٦ ـ المحجة في ما نزل في القائم الحجة.

هاشم البحراني (ت ١١٠٧ ه).

تحقيق : محمد منير الميلاني.

بيروت : مؤسسة الوفاء.

٧١٧ ـ المحرر في الفتوى.

أحمد بن محمد بن فهد الحلي (٧٥٧ ـ ٨٤١ ه).

تحقيق : مهدي الرجائي.

إشراف : محمود المرعشي.

قم : مكتبة السيد المرعشي ، ط ١ ، ١٤٠٩ ه (الرسائل العشر ، ص ١٣٢ ـ ٢٢٧).

٧١٨ ـ مختصر إثبات الرجعة.

الفضل بن شاذان (ت ٢٦٠ ه).

تحقيق : باسم الموسوي.

تراثنا (قم) ، س ٤ ، ع ٢ [١٥] ، ١٤٠٩ ه ، ص ١٩٣ ـ ٢٢٢.

٧١٩ ـ مختصر التبيان.

محمد بن منصور بن أحمد بن إدريس الحلي (ت ٥٩٨ ه).

تحقيق : مهدي الرجائي.

قم : مكتبة السيد المرعشي ، ١٤٠٩ ه.

٧٢٠ ـ المختصر النافع.

أو : النافع في مختصر الشرائع.

المحقق الحلي ، نجم الدين جعفر بن الحسن الهذلي (٦٠٢ ـ ٦٧٦ ه).

تحقيق : قسم الدراسات الإسلامية ـ مؤسسة البعثة ، قم.

قم : مؤسسة البعثة ، ١٤١٣ ه ، ٥٠٣ ص.

٧٢١ ـ مختلف الشيعة في أحكام الشريعة.

العلامة الحلي (٦٤٨ ـ ٧٢٦ ه).

تحقيق : جماعة المدرسين في الحوزة العلمية.

قم : مؤسسة النشر الإسلامي التابعة


لجماعة المدرسين في الحوزة العلمية ، ١٤١٢ ـ ١٤١٣ ه ، ج ١ ـ ٤.

٧٢٢ ـ مدارك الأحكام في شرح شرائع الإسلام.

محمد بن علي الحسين الموسوي العاملي (ت ١٠٠٩ ه).

تحقيق : مؤسسة آل البيت (ع) لإحياء التراث.

قم : مؤسسة آل البيت (ع) لإحياء التراث ، ١٤١٠ ه ، ٨ ج.

٧٢٣ ـ مرآة الرشاد في الوصية إلى الأحبة والأولاد.

عبد الله المامقاني.

تحقيق وتعليق : محيي الدين المامقاني.

النجف : مطبعة النجف ، ١٣٨٥ ه ، ١٧٦ ص.

٧٢٤ ـ مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول.

محمد باقر المجلسي (ت ١١١٠ ه).

تصحيح : محسن الحسيني الأميني.

طهران : دار الكتب الإسلامية ، ١٤٠٠ ـ ١٤١٢ ه ، ٢٤ ج.

٧٢٥ ـ مرآة الكمال لمن رام إدراك مصالح الأعمال.

عبد الله بن محمد حسن المامقاني (١٢٩٠ ـ ١٣٥١ ه).

تحقيق وتعليق : محيي الدين المامقاني.

النجف : مطبعة النجف ، ١٣٨٦ ه.

قم : ١٤١٣ ه ، ٣ ج.

٧٢٦ ـ المراسم في الفقه الإمامي.

سلار الديلمي ، حمزة بن عبد العزيز (ت ٤٦٣ ه).

النجف : جمعية منتدى النشر ، ١٩٨٠ م ، ٢٧٢ ص ، ٢٤ سم.

(تحقيق : محمود البستاني).

قم : المجمع العالمي لأهل البيت ، ١٤١٣ ه ، (تحقيق : محسن الحسيني الأميني).

٧٢٧ ـ المزار.

الشيخ المفيد.

تحقيق : مدرسة الإمام المهدي (ع).

إشراف : محمد باقر الأبطحي.

قم : المؤتمر العالمي لألفية الشيخ المفيد ، ط ١ ، ١٤١٣ ه ، ٢٤٨ ص


(مصنفات الشيخ المفيد ، ٥).

٧٢٨ ـ المزار.

الشهيد الأول ، محمد بن مكي الجزيني العاملي، المستشهد سنة ٧٨٦ ه.

تحقيق : مدرسة الإمام المهدي (ع).

إشراف : محمد باقر الأبطحي.

قم : مدرسة الإمام المهدي (ع) ، ١٤١٠ ه ، ٢٩٢ ص.

٧٢٩ ـ مزية اللسان الفارسي على سائر الألسنة ما عدا العربية.

ابن كمال باشا.

تحقيق : حسين علي محفوظ.

طهران : ١٩٥٣ م ، ٤٦ ص ، ٢٤ سم.

٧٣٠ ـ مسألة أخرى في النص على علي (ع).

الشيخ المفيد.

تحقيق : محمد رضا الأنصاري.

قم : المؤتمر العالمي لألفية الشيخ المفيد ، ط ١ ، ١٤١٣ ه ، ٣٢ ص (مصنفات الشيخ المفيد ، ٧).

٧٣١ ـ مسألة في الاجماع.

الشريف المرتضى.

إعداد : مهدي الرجائي.

قم : دار القرآن ، الكريم ، ١٤٠٥ ه (رسائل الشريف المرتضى ٣ / ١٩٩ ـ ٢٠٥).

٧٣٢ ـ مسألة في إرث الأولاد.

الشريف المرتضى.

إعداد : مهدي الرجائي.

قم : دار القرآن الكريم ، ١٤٠٥ ه (رسائل الشريف المرتضى ٣ / ٢٥٥ ـ ٢٦٥).

٧٣٣ ـ مسألة في الاستثناء.

الشريف المرتضى.

إعداد : مهدي الرجائي.

قم : دار القرآن الكريم ، ١٤٠٥ ه (رسائل الشريف المرتضى ٢ / ٧٩ ـ ٨٣).

٧٣٤ ـ مسألة في استلام الحجر.

الشريف المرتضى.

إعداد : مهدي الرجائي.

قم : دار القرآن الكريم ، ١٤٠٥ ه


(رسائل الشريف المرتضى ٣ / ٢٧٣ ـ ٢٧٧).

٧٣٥ ـ مسألة في بيع من له نصف الدار.

(بحث فقهي استدلالي).

تأليف : مرتضى الأنصاري.

تقرير : حسين الحلي.

إخراج : عبد الحسين البقال.

طهران : مكتبة چهل ستون ، ١٤٠١ ه = ١٩٨١ م ، ٦٤ ص ، ١٧ سم.

٧٣٦ ـ مسألة في توارد الأدلة.

الشريف المرتضى.

إعداد : مهدي الرجائي.

قم : دار القرآن الكريم ، ١٤٠٥ ه (رسائل الشريف المرتضى ٢ / ١٤٧ ـ ١٥٣).

٧٣٧ ـ مسألة في الجواب عن الشبهات الواردة لخبر الغدير.

الشريف المرتضى

إعداد : مهدي الرجائي.

قم : دار القرآن الكريم ، ١٤٠٥ ه (رسائل الشريف المرتضى ٣ / ٢٥١ ـ ٢٥٤).

٧٣٨ ـ مسألة في الحسن والقبح والعقلي.

الشريف المرتضى.

إعداد : مهدي الرجائي.

قم : دار القرآن الكريم ، ١٤٠٥ ه (رسائل الشريف المرتضى ٣ / ١٧٥ ـ ١٧٩).

٧٣٩ ـ مسألة في خلق الأعمال.

الشريف المرتضى.

إعداد : مهدي الرجائي.

قم : دار القرآن الكريم ، ١٤٠٥ ه (رسائل الشريف المرتضى ٣ / ١٨٧ ـ ١٩٧).

٧٤٠ ـ مسألة في الرد على المنجمين.

الشريف المرتضى.

إعداد : مهدي الرجائي.

قم : دار القرآن الكريم ، ١٤٠٥ ه (رسائل الشريف المرتضى ٢ / ٣٠٢ ـ ٣١٤).

٧٤١ ـ مسألة في العصمة.

الشريف المرتضى.

إعداد : مهدي الرجائي.

قم : دار القرآن الكريم ، ١٤٠٥ ه


(رسائل الشريف المرتضى ٣ / ٣٢٣ ـ ٣٢٧).

٧٤٢ ـ مسألة في علة امتناع علي (ع) عن محاربة الغاصبين لحقه بعد الرسول (ص).

الشريف المرتضى.

إعداد : مهدي الرجائي.

قم : دار القرآن الكريم ، ١٤٠٥ ه (رسائل الشريف المرتضى ٣ / ٣١٥ ـ ٣٢١).

٧٤٣ ـ مسألة في علة مبايعة أمير المؤمنين (ع) أبا بكر.

الشريف المرتضى.

إعداد : مهدي الرجائي.

قم : دار القرآن الكريم ، ١٤٠٥ ه (رسائل الشريف المرتضى ٣ / ٢٤١ ـ ٢٤٧).

٧٤٤ ـ مسألة في العمل مع السلطان.

الشريف المرتضى.

إعداد : مهدي الرجائي.

قم: دار القرآن الكريم ، ١٤٠٥ ه (رسائل الشريف المرتضى ٢/ ٨٩ ـ ٩٨).

٧٤٥ ـ مسألة في المسح على الخفين.

الشريف المرتضى.

إعداد : مهدي الرجائي.

قم : دار القرآن الكريم ، ١٤٠٥ ه (رسائل الشريف المرتضى ٣ / ١٨١ ـ ١٨٥).

٧٤٦ ـ مسألة في معجزات الأنبياء (ع).

الشريف المرتضى.

إعداد : أحمد الحسيني.

قم : دار القرآن الكريم ، ١٤١٠ ه (رسائل الشريف المرتضى ٤ / ٢٧٧ ـ ٢٩٩).

٧٤٧ ـ مسألة في المنامات.

الشريف المرتضى.

إعداد : مهدي الرجائي.

قم : دار القرآن الكريم ، ١٤٠٥ ه (رسائل الشريف المرتضى ٢ / ٩ ـ ١٦).

٧٤٨ ـ مسألة في من يتولى غسل الإمام.

الشريف المرتضى.

إعداد : مهدي الرجائي.

قم : دار القرآن الكريم ، ١٤٠٥ ه (رسائل الشريف المرتضى ٣ / ١٥٣ ـ


١٥٧).

٧٤٩ ـ مسألة في النص على علي.

الشيخ المفيد.

تحقيق : محمد مهدي نجف.

قم : المؤتمر العالمي لألفية الشيخ المفيد ، ط ١ ، ١٤١٣ ه ، ١٦ ص (مصنفات الشيخ المفيد ، ٧).

٧٥٠ ـ مسألة في نفي الرؤية.

الشريف المرتضى.

إعداد : مهدي الرجائي.

قم : دار القرآن الكريم ، ١٤٠٥ ه (رسائل الشريف المرتضى ٣ / ٢٧٩ ـ ٢٨٣).

٧٥١ ـ مسألة في نكاح المتعة.

الشريف المرتضى.

إعداد : أحمد الحسيني.

قم : دار القرآن الكريم ، ١٤١٠ ه (رسائل الشريف المرتضى ٤ / ٣٠٠ ـ ٣٠٦).

٧٥٢ ـ المسألة الكافئة في إبطال توبة الخاطئة.

الشيخ المفيد.

تحقيق : علي أكبر زماني نژاد.

قم : المؤتمر العالمي لألفية الشيخ المفيد ، ط ١ ، ١٤١٣ ه ، ٦٣ ص (مصنفات الشيخ المفيد ، ٦).

٧٥٣ ـ المسائل البغدادية.

المحقق الحلي ، نجم الدين جعفر بن الحسن (٦٠٢ ـ ٦٧٦ ه).

تحقيق : رضا الاستادي.

قم : مكتبة السيد المرعشي ، ط ١ ، ١٤١٣ ه (الرسائل التسع : ٢٣٣ ـ ٢٦٥).

٧٥٤ ـ المسائل التي سألها الشيخ الطوسي للشيخ المفيد.

الشيخ المفيد.

تحقيق : أبو الحسن العلوي.

قم : المؤتمر العالمي لألفية الشيخ المفيد ، ط ١ ، ١٤١٣ ه ، ١٦ ص (مصنفات الشيخ المفيد ، ٣).

٧٥٥ ـ المسائل الجارودية.

الشيخ المفيد.

تحقيق: محمد كاظم مدير شانه چي.

قم : المؤتمر العالمي لألفية الشيخ المفيد ، ط ١ ، ١٤١٣ ه ، ٤٨ ص


(مصنفات الشيخ المفيد ، ٧).

٧٥٦ ـ المسائل الحائريات.

الشيخ الطوسي (ت ٤٦٠ ه).

تصحيح : رضا الاستادي.

قم : مؤسسة النشر الإسلامي (الرسائل العشر : ٢٨٢ ـ ٣٣٦).

٧٥٧ ـ المسائل الخمس.

محمد إسماعيل المازندراني الخاجوئي (ت ١١٧٣ ه).

تحقيق : مهدي الرجائي.

قم : دار الكتاب الإسلامي ، ط ١ ، ١٤١١ ه (الرسائل الاعتقادية ٢ / ٤٥٣ ـ ٤٦٥).

٧٥٨ ـ المسائل الخمسة عشر.

المحقق الحلي ، نجم الدين جعفر بن الحسن (٦٠٢ ـ ٦٧٦ ه).

تحقيق : رضا الاستادي.

قم : مكتبة السيد المرعشي ، ط ١ ، ١٤١٣ ه (الرسائل التسع : ٢٦٧ ـ ٢٨٢).

٧٥٩ ـ المسائل الرملية.

الشريف المرتضى.

إعداد : أحمد الحسيني.

قم : دار القرآن الكريم ، ١٤١٠ ه (رسائل الشريف المرتضى ٤ / ٤٥ ـ ٥٠).

٧٦٠ ـ المسائل السروية.

الشيخ المفيد.

تحقيق : صائب عبد الحميد.

قم : المؤتمر العالمي لألفية الشيخ المفيد ، ط ١ ، ١٤١٣ ه ، ١١٢ ص (مصنفات الشيخ المفيد ، ٧).

٧٦١ ـ مسائل شتى كلامية وفقهية وغيرها.

الشريف المرتضى.

إعداد : أحمد الحسيني.

قم : دار القرآن الكريم ، ١٤١٠ ه (رسائل الشريف المرتضى ٤ / ٣١٧ ـ ٣٥٥).

٧٦٢ ـ المسائل الصاغانية.

الشيخ المفيد.

تحقيق : محمد القاضي.

قم : المؤتمر العالمي لألفية الشيخ المفيد ، ط ١ ، ١٤١٣ ه ، ١٧٦ ص (مصنفات الشيخ المفيد ، ٣).


٧٦٣ ـ المسائل الطبرية.

المحقق الحلي ، نجم الدين جعفر بن الحسن (٦٠٢ ـ ٦٧٦ ه).

تحقيق : رضا الاستادي.

قم : مكتبة السيد المرعشي ، ط ١ ، ١٤١٣ ه (الرسائل التسع : ٣٠١ ـ ٣٢٤).

٧٦٤ ـ المسائل العزية.

المحقق الحلي ، نجم الدين جعفر بن الحسن (٦٠٢ ـ ٦٧٦ ه).

تحقيق : رضا الاستادي.

قم : مكتبة السيد المرعشي ، ط ١ ، ١٤١٣ ه (الرسائل التسع : ٤٩ ـ ١٧٨).

٧٦٥ ـ المسائل العزية الثانية.

المحقق الحلي ، نجم الدين جعفر بن الحسن (٦٠٢ ـ ٦٧٦ ه).

تحقيق : رضا الاستادي.

قم : مكتبة السيد المرعشي ، ط ١ ، ١٤١٣ ه (الرسائل التسع : ١٧٩ ـ ١٩٢).

٧٦٦ ـ المسائل العكبرية.

الشيخ المفيد.

تحقيق : علي أكبر إلهي الخراساني.

قم : المؤتمر العالمي لألفية الشيخ المفيد ، ط ١ ، ١٤١٣ ه ، ١٣٥ ص (مصنفات الشيخ المفيد ، ٦).

٧٦٧ ـ مسائل علي بن جعفر ومستدركها.

تحقيق : مؤسسة آل البيت (ع) لإحياء التراث.

مشهد : المؤتمر العالمي للإمام الرضا (ع) ، ط ١ ، ١٤٠٩ ه ، ٤٥٧ ص ، ٢٤٠ سم.

٧٦٨ ـ مسائل العويص.

الشيخ المفيد.

تحقيق : محسن أحمدي.

قم : المؤتمر العالمي لألفية الشيخ المفيد ، ط ١ ، ١٤١٣ ه ، ٦٤ ص (مصنفات الشيخ المفيد ، ٦).

٧٦٩ ـ مسائل الفاضل المقداد وأجوبة الشهيد.

وهي سبع وعشرون مسألة سألها الفاضل ابن عبد الله السيوري من أستاذه


الشهيد.

تحقيق : عباس الحسون.

تراثنا (قم) ، س ٢ ، ع ٢ ـ ٣ [٧ ـ ٨] ، ١٤٠٧ ه ، ص ٣٦٠ ـ ٣٥٨.

٧٧٠ ـ المسائل القدسية.

صدر الدين الشيرازي (ت ١٠٥٠ ه).

تصحيح : جلال الدين الآشتياني.

مشهد : جامعة مشهد ، كلية الإلهيات والمعارف الإسلامية ، ١٣٩٢ ه (رسائل فلسفي : ١ ـ ٧٢).

٧٧١ ـ مسائل كلامية.

الشيخ الطوسي.

تصحيح : محمد علي الروضاتي.

قم : مؤسسة النشر الإسلامي (الرسائل العشر : ٩١ ـ ١٠٠).

٧٧٢ ـ المسائل الكمالية.

المحقق الحلي ، نجم الدين جعفر بن الحسن (٦٠٢ ـ ٦٧٦ ه).

تحقيق : رضا الاستادي.

قم : مكتبة السيد المرعشي ، ط ١ ، ١٤١٣ ه (الرسائل التسع : ٢٨٣ ـ ٢٩٩).

٧٧٣ ـ المسائل المصرية.

المحقق الحلي ، نجم الدين جعفر بن الحسن (٦٠٢ ـ ٦٧٦ ه).

تحقيق : رضا الاستادي.

قم : مكتبة السيد المرعشي ، ط ١ ، ١٤١٣ ه (الرسائل التسع : ١٩٥ ـ ٢٣١).

٧٧٤ ـ مسار الشيعة.

الشيخ المفيد.

تحقيق : محمد مهدي نجف.

قم : المؤتمر العالمي لألفية الشيخ المفيد ، ط ١ ، ١٤١٣ ه ، ٦٤ ص (مصنفات الشيخ المفيد ، ٧).

٧٧٥ ـ مسالك الأفهام إلى آيات الأحكام.

الفاضل الجواد الكاظمي (ق ١١ ه).

علق عليه وخرج أحاديثه : محمد باقر شريف زاده.

أشرف على تصحيحه : محمد تقي الكشفي.

طهران : المرتضوية ، (د. ت) ، ٢ ج في ١ مج.

٧٧٦ ـ المستخلص في ترجمان القرآن.

محمد بن محمد بن نصر البخاري


(ت ٧٥٧ ه).

صححه وعلق عليه : محمد العلوي.

قدم له : رضا أشرف زاده.

طهران : مركز نشر فرهنگ رجاء ، ط ١ ، ١٣٦٥ ش ، ٣٧٢ ص.

٧٧٧ ـ مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل.

الميرزا حسين النوري الطبرسي (ت ١٣٢٠ ه).

تحقيق : مؤسسة آل البيت (ع) لإحياء التراث.

قم : مؤسسة آل البيت (ع) لإحياء التراث ، ١٤٠٨ ـ ١٤١٠ ه ، ١٨ ج ، ٢٤ سم.

٧٧٨ ـ مستطرفات السرائر.

محمد بن أحمد بن إدريس الحلي (ت ٥٩٨ ه).

تحقيق : مدرسة الإمام المهدي (ع) ، ط ١ ، ١٤٠٨ ه ، ١٠٨ ص ، ٢٤ سم.

٧٧٩ ـ المسح على الخفين.

الشريف المرتضى.

إعداد : مهدي الرجائي.

قم : دار القرآن الكريم ، ١٤٠٥ ه

(بضمن رسائل الشريف المرتضى).

٧٨٠ ـ المسح على الرجلين.

الشيخ المفيد.

تحقيق : محمد مهدي نجف.

قم : المؤتمر العالمي لألفية الشيخ المفيد ، ط ١ ، ١٤١٣ ه ، ٣٢ ص (مصنفات الشيخ المفيد ، ٩).

٧٨١ ـ مسكن الفؤاد عند فقد الأحبة والأولاد.

الشهيد الثاني ، زين الدين بن علي بن أحمد العاملي ، المستشهد سنة ٩٦٥ ه.

تحقيق : مؤسسة آل البيت (ع) لإحياء التراث ـ قم.

قم : مؤسسة آل البيت : لإحياء التراث ، ١٦٠ ص ، ٢٤ سم.

٧٨٢ ـ مسند الإمام موسى بن جعفر (ع).

موسى بن إبراهيم المروزي (ق ٣ ه).

نشره : محمد حسين الجلالي.

طهران : ط ١ ، ١٩٧٤ م ، ٤٢ ص.

٧٨٣ ـ مسند الحبري.

استخراج وتقديم وتوثيق : محمد رضا


الحسيني الجلالي.

تراثنا (قم) ، س ٨ ، ع ٣ ـ ٤ [٣٢ ـ ٣٣] ، ١٤١٣ ه ، ص ٢٧٥ ـ ٣٨٦.

٧٨٤ ـ كتاب المشارع والمطارحات.

شهاب الدين يحيى السهروردي.

تصحيح : هنري كوربن.

طهران : أنجمن حكمت وفلسفة ، ١٣٥٥ ش (مجموعة مصنفات شيخ إشراق ١ / ١٩٣ ـ ٥٠٦).

٧٨٥ ـ المشاعر.

ملا صدرا ، محمد بن إبراهيم الشيرازي.

نشره : هنري كوربان.

طهران : ١٩٦٤ م (النص عربي ، مع ترجمة فارسية قام بها بديع الملك ميرزا عمار الدولة ، مع ترجمة ومقدمة فرنسية لكوربان).

٧٨٦ ـ مشكلات العلوم.

مهدي بن أبي ذر النراقي (ت ١٢٠٩ ه).

باهتمام : حسن النراقي.

طهران : وزارة الثقافة والتعليم العالي ، مؤسسة المطالعات والتحقيقات الثقافية ، ط ١ ، ١٣٦٧ ش ، ٣٧٦ ص ، ٢٤ سم.

٧٨٧ ـ المصادر.

حسين بن أحمد الزوزني.

إعداد : تقي بينش.

مشهد : باستان ، ١٣٣٩ ـ ١٣٤٥ ش ، ٢ ج.

٧٨٨ ـ مصادقة الإخوان.

الشيخ الصدوق (ت ٣٨١ ه).

طهران : ١٣٢٥ ش ، ١٨ + ٥٥ ص.

(باهتمام : محمد المشكاة).

قم : مدرسة الإمام المهدي (ع) ، ١٤١٠ ه ، (تحقيق : مدرسة الإمام المهدي (ع) ، مع : فضائل الشيعة ، وصفات الشيعة ، للمؤلف).

٧٨٩ ـ مصارع المصارع.

نصير الدين الطوسي (٥٩٧ ـ ٦٧٢ ه).

تحقيق : حسن المعزي الطهراني.

اهتمام : محمود المرعشي.

قم : مكتبة السيد المرعشي ، ١٤٠٥ ه.

٧٩٠ ـ المصباح في التصوف.

سعد الدين حمويه (٥٨٦ ـ


٦٤٩ ه).

تصحيح وتعليق : نجيب مايل الهروي.

طهران : مولى ، ١٣٦٢ ش ، ٢٢٢ ص.

٧٩١ ـ مصباح المبتدي وهداية المقتدي.

أحمد بن محمد بن فهد الحلي (٧٥٧ ـ ٨٤١ ه).

تراثنا (قم) ، س ٤ ، ع ٣ [١٦] ، ١٤٠٩ ه ، ص ١٦٥ ـ ٢٢٢ (تحقيق : محمد عبد الرزاق).

قم : مكتبة السيد المرعشي ، ١٤٠٩ ه (تحقيق : مهدي الرجائي ، (الرسائل العشر : ٢٧٧ ـ ٣٠٧).

٧٩٢ ـ مصباح المتهجد.

محمد بن الحسن الطوسي (٣٨٥ ـ ٤٦٠ ه).

تحقيق : مؤسسة فقه الشيعة.

بيروت : مؤسسة فقه الشيعة ، ١٤١١ ه.

٧٩٣ ـ مصباح الهداية ومفتاح الكفاية.

عز الدين محمود بن علي الكاشاني.

تصحيح : جلال الدين همايي.

(إيران) : ١٣٦٧ ش ، ٥٨٤ ص ، ٢٤ سم.

٧٩٤ ـ مصفى المقال في مصنفي علم الرجال.

آقا بزرگ الطهراني.

عني بتصحيحه ونشره : أحمد منزوي.

طهران : چاپخانه دولتي إيران ، ١٩٥٩ م ، و+ ٦٢٦ ص ، ٢٤ سم.

٧٩٥ ـ مطارحات منطقية بين نجم الدين دبيران الكاتبي القزويني ونصير الدين الطوسي.

باهتمام : عبد الله نوراني.

طهران : منشورات جامعة طهران ، ١٣٧٠ ش (مع : منطق ومباحث ألفاظ ص ٢٧٩ ـ ٢٨٦).

٧٩٦ ـ مطلوب كل طالب من كلام الإمام علي بن أبي طالب (ع).

رشيد الدين محمد بن محمد بن عبد الجليل ، المعروف بالوطواط (ت ٥٧٨ ه).

تحقيق : محمود عابدي.

طهران : مؤسسة نهج البلاغة ، ١٤٠٨ ه.


٧٩٧ ـ المظاهر الإلهية.

لملا صدرا.

حققه وقدم له وعلق عليه : جلال الدين آشتياني.

مشهد : ١٣٤٠ ش ، ١٦ ، ١٢٨ ص.

٧٩٨ ـ معارج الأصول.

المحقق الحلي (ت ٦٧٦ ه).

إعداد : محمد حسين الرضوي.

قم : مؤسسة آل البيت (ع) لإحياء التراث ، ١٤٠٣ ه.

٧٩٩ ـ معارج نهج البلاغة.

علي بن زيد البيهقي ، المشتهر بابن فندق (ت ٥٦٥ ه).

تحقيق : محمد تقي دانش پژوه.

إشراف : محمود المرعشي.

قم: مكتبة السيد المرعشي، ١٤٠٩ ه، ٧١ + ٤٦٦ ص، ٢٤ سم.

٨٠٠ ـ معالم الدين وملاذ المجتهدين.

ابن الشهيد الثاني ، جمال الدين الحسن بن زين الدين العاملي.

النجف : مطبعة الآداب ، ١٩٧١ م ، ٤٧١ ص (تحقيق : عبد الحسين محمد

علي البقال).

طهران : مؤسسة مطالعات إسلامي جامعة مك گيل وجامعة طهران (تحقيق : مهدي محقق).

٨٠١ ـ معالم العلماء.

في فهرست كتب الشيعة وأسماء المصنفين منهم.

محمد بن علي بن شهرآشوب (ت ٥٨٨ ه).

باعتناء : عباس الخليلي.

طهران : ١٣٥٣ ه ، ١٤٢ ص.

٨٠٢ ـ معاني الأخبار.

محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي (ت ٣٨١ ه).

تحقيق : علي أكبر الغفاري.

طهران : مكتبة الصدوق ، ٥٣٤ ص.

٨٠٣ ـ المعتبر في الفقه.

المحقق الحلي (ت ٦٧٦ ه).

تحقيق : مدرسة الإمام أمير المؤمنين عليه‌السلام.

قم : مؤسسة سيد الشهداء (ع) ، ١٤٠٧ ه ، ٢ مج.


٨٠٤ ـ معدن الجواهر ورياضة الخواطر.

أبو الفتح محمد بن علي الكراجكي.

تحقيق : أحمد الحسيني.

طهران : المكتبة المرتضوية ، ط ٢ ، ١٣٩٤ ه ، ٨٤ ص.

٨٠٥ ـ معراج أهل الكمال إلى معرفة الرجال.

سليمان بن عبد الله الماحوزي ، المعروف بالمحقق البحراني.

تحقيق : مهدي الرجائي.

قم : مطبعة سيد الشهداء ، ١٤١٢ ه ، ٣١٦ ص (معه : بلغة المحدثين ، للمؤلف).

٨٠٦ ـ المعيار والموازنة.

أبو جعفر الإسكافي ، محمد بن عبد الله المعتزلي (ت ٢٤٠ ه).

تحقيق : محمد باقر المحمودي. بيروت.

٨٠٧ ـ المعين في تفسير الكتاب المبين.

نور الدين محمد بن مرتضى بن محمد ، الشهير بنور الدين الأخباري.

تحقيق : حسين الدرگاهي.

قم : مكتبة السيد المرعشي ، ١٤١٢ ه ، ٣ ج.

٨٠٨ ـ المفاضلة بين الرضي والهروي.

لم يعلم المؤلف.

تحقيق : أحمد الحسيني.

تراثنا (قم) ، س ١ ، ع ٥ ، ١٤٠٦ ه ، ص ١٧٦ ـ ١٩٥.

٨٠٩ ـ مفتاح الباب.

(في شرح الباب الحادي عشر).

أبو الفتح بن مخدوم الخادم الحسيني العربشاهي.

تحقيق : مهدي محقق.

طهران : ١٣٦٥ ش ، ٢٩٢ ص ، ٢٤ سم (مع : النافع يوم الحشر في شرح الباب الحادي عشر).

٨١٠ ـ مفتاح المعاملات.

أبو جعفر محمد بن أيوب الحاسب الطبري.

تصحيح : محمد أمين رياحي.

طهران : بنياد فرهنگ إيران ، ١٣٤٩ ش ، ٢٨٨ ص.


٨١١ ـ المفردات في غريب القرآن.

الراغب الأصفهاني ، الحسين بن محمد ابن المفضل (ت ٥٠٢ ه).

طهران : المكتبة المرتضوية ، ١٩٦٤ م ، ٥٥٤ ص.

٨١٢ ـ المفصح في الإمامة.

الشيخ الطوسي.

تصحيح : رضا الاستادي.

قم : مؤسسة النشر الإسلامي (رسائل العشر : ١١٥ ـ ١٣٨).

٨١٣ ـ المقالات والفرق.

سعد بن عبد الله الأشعري القمي (ت ٣٠١ ه).

تحقيق : محمد جواد مشكور.

طهران : مؤسسة مطبوعاتي عطائي ، ط ١ ، ١٩٦٣ م ، ٢٨٠ ص.

٨١٤ ـ مقالة الألف الصغرى.

أرسطاليس الحكيم.

ترجمة : إسحاق بن حنين.

تفسير : يحيى بن عدي ، وابن رشد.

قدم له بالفارسية : محمد المشكاة.

طهران : مكتبة الأسدي ، د. ت.

٨١٥ ـ المقام الأسنى في تفسير الأسماء الحسنى.

تقي الدين إبراهيم بن علي الكفعمي (ق ٩ ه).

تحقيق : فارس الحسون.

تراثنا (قم) ، س ٥ ، ع ٣ [٢٠] ، ١٤١٠ ه ، ص ١٢٥ ـ ٢٢٥.

٨١٦ ـ كتاب المقاومات.

شهاب الدين السهروردي.

تصحيح : هنري كوربن.

طهران : أنجمن حكمت وفلسفة ، ١٣٥٥ ش (مجموعة مصنفات شيخ إشراق ١ / ١٢٣ ـ ١٩٢).

٨١٧ ـ مقباس الهداية في علم الدراية.

عبد الله بن محمد حسن المامقاني النجفي (١٢٩٠ ـ ١٣٥١ ه).

تحقيق : محمد رضا المامقاني.

قم : مؤسسة آل البيت (ع) لإحياء التراث ، ١٤١١ ه ، ٣ ج.

٨١٨ ـ المقتصر من شرح المختصر.

ابن فهد الحلي ، أحمد بن محمد بن فهد الأسدي الحلي (ت ٨٤١ ه).


تحقيق : مهدي الرجائي.

مشهد : مجمع البحوث الإسلامية ، ١٤١٠ ه.

٨١٩ ـ مقتل أمير المؤمنين (ع).

ابن أبي الدنيا (٢٠٨ ـ ٢٨١ ه).

تراثنا (قم) ، س ٣ ، ع ٣ [١٥] ، ١٤٠٨ ه ، ص ٧٩ ـ ١٣٣ (تحقيق : عبد العزير الطباطبائي).

طهران : وزارة الإرشاد الإسلامي ، ١٤١١ ه ، ١٢٣ ص (تحقيق : محمد باقر المحمودي).

٨٢٠ ـ المقدمات من كتاب نص النصوص في شرح فصوص الحكم لمحيي الدين بن عربي.

حيدر الآملي.

تصحيح وتقديم : هنري كوربان ، وعثمان يحيى.

طهران : ١٩٧٤ م ، ج ١ (المتن ومقدمتان).

٨٢١ ـ المقدمة في المدخل إلى صناعة علم الكلام.

الشيخ الطوسي.

تصحيح : دانش پژوه.

قم : مؤسسة النشر الإسلامي ، (الرسائل العشر : ٦٣ ـ ٩٠).

٨٢٢ ـ مقدمة المجالس الفاخرة في مأتم العترة الطاهرة.

عبد الحسين شرف الدين العاملي.

تصحيح وتعليق : نور الدين الميلاني.

طهران : ذكر ، ١٣٦٩ ش ، ١٤١ ص.

٨٢٣ ـ مقدمة الواجب.

ماجد بن هاشم البحراني (ت ١٢٠٨ ه).

تحقيق : محمد عيسى الديهي البحراني.

قم : دار التراث البحراني ، ١٤١١ ه.

٨٢٤ ـ المقصود من الجمل والعقود (مختصر (الجمل والعقود) للشيخ الطوسي).

المحقق الحلي ، نجم الدين جعفر بن الحسن (٦٠٢ ـ ٦٧٦ ه).

تحقيق : رضا الاستادي.

قم : مكتبة السيد المرعشي ، ط ١ ، ١٤١٣ ه (الرسائل التسع : ٣٣٣ ـ ٣٩١).


٨٢٥ ـ المقنع في الإمامة.

عبيد الله بن عبد الله السدآبادي (ق ٥ ه).

تحقيق : شاكر شبع.

قم : مؤسسة النشر الإسلامي ، ١٤١٣ ه.

٨٢٦ ـ المقنع في الغيبة ، والزيادة المكملة له.

الشريف المرتضى ، علي بن الحسين الموسوي (٣٥٥ ـ ٤٣٦ ه).

تحقيق : محمد علي الحكيم.

تراثنا (قم) ، س ٧ ، ع ٢ [٢٧] ، ١٤١٢ ه ، ص ١٥٥ ـ ٢٣٨.

٨٢٧ ـ المقنعة.

الشيخ المفيد.

تحقيق : جماعة المدرسين في الحوزة.

قم : مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين في الحوزة ، ١٤١٠ ه ، ٨٦٨ ص.

٨٢٨ ـ المقنعة في أول الواجبات.

نصير الدين الطوسي (٥٩٧ ـ ٦٧٢ ه).

باهتمام : عبد الله نوراني.

طهران : مؤسسة مطالعات إسلامي جامعة مك گيل وجامعة طهران ، ١٩٨٠ م (مع (تلخيص المحصل) وغيره ، للمؤلف ، ص ٤٧٣ ـ ٤٧٤).

٨٢٩ ـ مكارم الأخلاق.

الحسن بن الفضل الطبرسي (ق ٦ ه).

تحقيق : علاء آل جعفر.

قم : مؤسسة النشر الإسلامي.

٨٣٠ ـ كتاب المكاسب.

مرتضى الأنصاري.

تحقيق : محمد كلانتر.

النجف : ١٣٩٢ ـ ١٤٠٠ ه ، ١٢ ج.

٨٣١ ـ ملاذ الأخبار في فهم تهذيب الأخبار.

محمد باقر بن محمد تقي المجلسي (ت ١١١٠ ه).

تحقيق : مهدي الرجائي.

قم : مكتبة السيد المرعشي ، ١٤٠٧ ه ، ١٦ ج.


٨٣٢ ـ كتاب الملل والنحل.

من أجزاء كتاب (البحر الزخار الجامع لمذاهب علماء الأمصار).

المهدي لدين الله أحمد بن يحيى المرتضى اليمني (ت ٨٤٠ ه).

صححه وعلق عليه : محمد جواد مشكور.

تبريز : مطبعة شفق ، ١٣٣٨ ش ، ٣٠ ص ، ٢٤ سم.

٨٣٣ ـ مناسك الحج.

الإمام زيد بن علي.

نشره : هبة الدين الشهرستاني.

بغداد : مطبعة الفرات ، ١٣٤٢ ه ، ٢٤ ص.

٨٣٤ ـ من أدب التشيع بخوارزم.

أبو بكر الخوارزمي ، محمد بن العباس الطبري الآملي (ت ٣٨٣ ه أو ٣٩٣ ه).

تحقيق : صادق آئينه وند.

طهران : مؤسسة اطلاعات ، ١٤١٠ ه (طبعه المحقق في بيروت عام ١٤٠٦ ه بعنوان : شرح رسالة أبي بكر الخوارزمي إلى جماعة الشيعة بنيسابور).

٨٣٥ ـ مناظرة الخصوم وكيفية الاستدلال عليهم.

الشريف المرتضى.

إعداد : مهدي الرجائي.

قم : دار القرآن الكريم ، ١٤٠٥ ه (رسائل الشريف المرتضى ٢ / ١١٧ ـ ١٣١).

٨٣٦ ـ مناظرة والد الشيخ البهائي مع أحد علماء العامة في حلب.

تحقيق : شاكر شبع.

قم : مؤسسة قائم آل محمد ، ١٤١٢ ه.

٨٣٧ ـ المناقب.

محمد بن أحمد المكي الخوارزمي ، المعروف ب : أخطب خوارزم (٤٨٤ ـ ٥٦٨ ه).

تحقيق : مالك المحمودي.

قم : مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين في الحوزة العلمية ، ١٤١١ ه.

٨٣٨ ـ مناقب الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع).

محمد بن سليمان الكوفي


(ق ٣ ه).

تحقيق : محمد باقر المحمودي.

قم : مجمع الثقافة الإسلامية ، ١٤١٢ ه ، ٣ ج.

٨٣٩ ـ منتخب الأنوار المضيئة.

(الأنوار المضيئة ، للسيد علم الدين المرتضى علي بن جلال الدين عبد الحميد النسابة الحائري ، من أعلام القرن الثامن).

تحقيق: عبد اللطيف الكوهكمري.

قم : مجمع الذخائر الإسلامية ، (المختار من التراث ، ٥).

٨٤٠ ـ المنتخب من تفسير القرآن (منتخب التبيان).

محمد بن إدريس الحلي.

تحقيق : مهدي الرجائي.

قم : مكتبة السيد المرعشي ، ١٤٠٩ ه ، ٣ ج ، ٢٤ سم.

٨٤١ ـ منتقى الجمان في الأحاديث الصحاح والحسان.

جمال الدين الحسن بن زين الدين الجبعي العاملي.

تصحيح وتعليق : علي أكبر الغفاري.

قم : جماعة المدرسين في الحوزة العلمية ، ١٣٦٢ ش ، ٣ ج ، ٥٤٢ + ٥٧٥ + ٤٨٦ ص ، ٢٤ سم.

٨٤٢ ـ المنتقى النفيس من درر القواميس.

(انتخاب وعرض منهجي لما في كتاب (قواميس الرجال والدراية) للفاضل الدربندي ـ ت ١٢٨٦ ه ـ من الفوائد الرجالية).

تقديم وعرض : محمد رضا الحسيني الجلالي.

تراثنا (قم) ، س ٦ ، ع ٣ [٢٤] ، ١٤١١ ه ، ص ١٥٥ ـ ٢٣٧.

٨٤٣ ـ المنطق.

ابن المقفع.

تصحيح : محمد تقي دانش پژوه.

طهران : أنجمن فلسفه إيران ، ١٩٧٨ م ، ٩٣ ص (معه : حدود المنطق ، لابن بهريز).

٨٤٤ ـ منطق التلويحات.

شهاب الدين يحيى بن حبش السهروردي.

تحقيق : علي أكبر الفياض.

طهران : ١٣٣٤ ش ، ٩٧ ص ، ٢١


سم (منشورات جامعة طهران ، ٢٧٠).

٨٤٥ ـ منطق ومباحث ألفاظ.

(مجموعة متون ومقالات تحقيقي).

ابن سينا ، وآخرون.

باهتمام : مهدي محقق ، وتوشي هيكو إيزوتسو.

طهران : منشورات جامعة طهران ، ١٣٧٠ ش ، ٤٩٩ + ١٠٥ (لاتيني).

٨٤٦ ـ المنطقيات.

الفارابي.

تحقيق : محمد تقي دانش پژوه.

إشراف : محمود المرعشي.

قم : مكتبة السيد المرعشي ، ١٤١٠ ه ، ٣ ج ، ٥٢٤ + ٥٨٤ + ٤٣٦ ص ، ٢٤ سم.

٨٤٧ ـ منظومة ابن الأعسم في المأكل والمشرب.

محمد علي بن الشيخ حسين الزبيدي النجفي.

تصحيح وتعليق : محمد رضا عبد الأمير الأنصاري.

مشهد : مجمع البحوث الإسلامية ، ١٣٦٩ ش ، ٤٣ ص ، ٢١ سم.

٨٤٨ ـ منظومة غاية التقريب.

ضياء الدين محمد حسين الشهرستاني المرعشي (١٢٥٥ ـ ١٣١٥ ه).

تحقيق : هيئة تحرير مجلة (تراثنا).

تراثنا (قم) ، س ١ ، ع ٣ ، ١٤٠٦ ه ، ص ١٥٧ ـ ١٧٠.

٨٤٩ ـ المنع من تفضيل الملائكة على الأنبياء.

الشريف المرتضى.

إعداد : مهدي الرجائي.

قم : دار القرآن الكريم ، ١٤٠٥ ه (رسائل الشريف المرتضى ٢ / ١٦٩ ـ ١٧٦).

٨٥٠ ـ المنقذ من التقليد والمرشد إلى التوحيد.

محمود بن الحسن الحمصي ، المتوفى أوائل القرن السابع الهجري.

تحقيق : محمد هادي اليوسفي.

قم : مؤسسة النشر الإسلامي ، ١٤١٢ ـ ١٤١٣ ه ، ٢ ج.


٨٥١ ـ منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة.

القطب الراوندي ، سعيد بن هبة الله الراوندي الكاشاني (ت ٥٧٣ ه).

حيدرآباد : ١٤٠٤ ه ، ٣ ج (تحقيق : عزيز الله العطاردي).

قم : مكتبة السيد المرعشي ، ١٤٠٧ ه ، ٣ ج (تحقيق : عبد اللطيف الكوهكمري).

٨٥٢ ـ منهاج النجاة.

الفيض الكاشاني (ت ١٠٩١ ه).

تحقيق : قسم الدراسات الإسلامية في مؤسسة البعثة.

طهران : مؤسسة البعثة.

٨٥٣ ـ منهج الرشاد لمن أراد السداد.

جعفر بن خضر الجناجي النجفي ، المعروف بكاشف الغطاء (١١٥٦ ـ ١٢٢٨ ه).

تحقيق : مهدي الرجائي.

قم : المجمع العالمي لأهل البيت (ع) ، ١٤١٣ ه.

٨٥٤ ـ منية المريد في أدب المفيد والمستفيد.

الشهيد الثاني (٩١١ ـ ٩٦٥ ه).

قم : مجمع الذخائر الإسلامية ، ١٤٠٢ ه (تحقيق : أحمد الحسيني).

قم : مكتب الإعلام الإسلامي ، ١٤٠٩ ه (تحقيق : رضا المختاري).

٨٥٥ ـ المهذب البارع في شرح المختصر النافع.

أحمد بن محمد بن فهد الحلي (٧٥٧ ـ ٨٤١ ه).

تحقيق : مجتبى العراقي

قم : مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين في الحوزة العلمية.

٨٥٦ ـ المهذب في الفقه.

ابن البراج (ت ٤٨١ ه).

تحقيق : مؤسسة الإمام الصادق (ع).

قم : مؤسسة النشر الإسلامي ، ١٤٠٦ ه ، ٢ مج.

٨٥٧ ـ المؤتلف من المختلف بين أئمة السلف.

الفضل بن الحسن الطبرسي


(ت ٥٤٨ ه).

تحقيق : جمع من أساتذة كلية الإلهيات في مشهد.

مراجعة : مهدي الرجائي.

مشهد : مجمع البحوث الإسلامية ، ١٤١٠ ه.

٨٥٨ ـ الموجز الحاوي لتحرير الفتاوي.

أحمد بن محمد بن فهد الحلي (٧٥٧ ـ ٨٤١ ه).

تحقيق : مهدي الرجائي.

إشراف : محمود المرعشي.

قم : مكتبة السيد المرعشي ، ط ١ ، ١٤٠٩ ه (الرسائل العشر : ٣٣ ـ ١٣٠).

٨٥٩ ـ مؤلفو الشيعة في صدر الإسلام.

عبد الحسين شرف الدين.

تقديم وإشراف : أحمد الحسيني.

النجف : مطبعة النعمان ، ١٩٦٥ ، ١٠٥ ص.

٨٦٠ ـ الناسخ والمنسوخ.

ابن متوج.

شرح: عبد الجليل الحسيني القاري.

تصحيح وتعليق : محمد جعفر

إسلامي.

طهران : محمدي ، ١٣٤٤ ش ، ٢١٤ + ٣٢٩ ص ، ٢٤ سم.

٨٦١ ـ نبذة الباغي فيما لا بد من آداب الداعي.

أحمد بن محمد بن فهد الحلي (٧٥٧ ـ ٨٤١ ه).

تحقيق : مهدي الرجائي.

إشراف : محمود المرعشي.

قم : مكتبة السيد المرعشي ، ط ١ ، ١٤٠٩ ه (الرسائل العشر : ٤٢٩ ـ ٤٤٤).

٨٦٢ ـ نجاح الساعي.

أحمد بن فهد الحلي.

صححه وعلق عليه : أحمد الموحدي القمي.

قم : دار الكتاب الإسلامي

١٣٦٩ ش = ١٩٩٠ م ، ٣٤٤ ص.

٨٦٣ ـ نخبة سميعي : منتخب آثار حسين سميعي.

نشره : حسين علي محفوظ.

طهران : ١٩٥٤ م (بالفارسية والعربية).


٨٦٤ ـ نزهة الناظر في الجمع بين الأشباه والنظائر.

يحيى بن سعيد الحلي.

تحقيق : أحمد الحسيني ، ونور الدين الواعظي.

النجف : مطبعة الآداب ، ١٣٨٦ ه ، ١٦٨ ص (المكتبة الفقهية ، ١).

٨٦٥ ـ نزهة الناظر وتنبيه الخاطر.

الحسين بن محمد بن الحسن بن نصر الحلواني (ق ٥ ه).

تحقيق : مدرسة الإمام المهدي (ع) في قم.

قم : مدرسة الإمام المهدي (ع) ، ط ١ ، ١٤٠٨ ه ، ١٥٦ ص ، ٢٤ سم.

٨٦٦ ـ النص والاجتهاد.

عبد الحسين شرف الدين الموسوي.

تحقيق وتعليق : أبو مجتبى.

قم : مطبعة سيد الشهداء ، ط ١ ، ١٤٠٤ ه ، ٦٥٣ ص ، ٢٤ سم.

٨٦٧ ـ النصوص في تحقيق الطور المخصوص.

(في التصوف).

صدر الدين القونوي (ت ٦٧٢ ه).

تحقيق : جلال الدين الآشتياني.

مشهد.

٨٦٨ ـ نضد القواعد الفقهية.

المقداد بن عبد الله السيوري.

تحقيق : عبد اللطيف الكوهكمري.

قم : مكتبة السيد المرعشي ، ١٤٠٣ ه.

٨٦٩ ـ نظم درر السمطين في فضائل المصطفى والمرتضى والبتول والسبطين.

محمد الزرندي الحنفي (ت ٧٥٠ ه).

تحقيق : محمد هادي الأميني.

النجف : مطبعة القضاء ، ١٩٥٨ م ، ٢٤٨ ص.

٨٧٠ ـ نفحات الإعجاز.

السيد أبو القاسم الخوئي (١٣١٧ ـ ١٤١٣ ه).

تحقيق : محمد علي الحكيم.

قم : ١٤٠٩ ه.

بيروت : ١٤١١ ه.


٨٧١ ـ نفحات الروضات.

محمد باقر النجفي الأصفهاني ،

المعروف ب : ألفت (١٣٠١ ـ ١٣٨٤ ه).

تحقيق : أحمد الروضاتي.

طهران : مكتب القرآن ، ١٤١٢ ه (مع : حواشي الروضات ، للمؤلف).

٨٧٢ ـ نفس الرحمن في فضائل سلمان.

حسين النوري الطبرسي ، (ت ١٣٢٠ ه).

تحقيق : جواد القيومي الأصفهاني.

طهران : مؤسسة الآفاق ، ١٤١١ ه.

٨٧٣ ـ نفس المهموم في مقتل سيدنا الإمام الحسين (ع).

عباس القمي (ت ١٣٥٩ ه).

تحقيق : رضا الاستادي.

قم : مكتبة بصيرتي.

٨٧٤ ـ النفلية.

(في الصلوات المستحبة).

الشهيد الأول.

تصحيح : غلام حسين البروجردي.

طهران : ١٣٠٨ ه ، ٢١ سم ،

حجرية.

٨٧٥ ـ النفوس الأرضية.

نصير الدين الطوسي (٥٩٧ ـ ٦٧٢ ه).

باهتمام : عبد الله نوراني.

طهران : مؤسسة مطالعات إسلامي

جامعة مك گيل وجامعة طهران ، ١٩٨٠ م (مع (تلخيص المحصل) وغيره ، للمؤلف ، ص ٤٩٧ ـ ٥٠٠).

٨٧٦ ـ نفي الحكم لعدم الدليل عليه.

الشريف المرتضى.

قم : دار القرآن الكريم ، ١٤٠٥ ه (رسائل الشريف المرتضى ٢ / ١٠١ ـ ١٠٥).

٨٧٧ ـ نقاوة الإصابة في من أجمعت عليه العصابة.

(نظما ، وهو شرح أرجوزة بحر العلوم العلامة الطباطبائي ، التي بدئت بقوله : قد أجمع الكل على تصحيح ما يصح عن جماعة فليعلما).

ميرزا أبو الفضل الطهراني.

تصحيح وتحشية : مير جلال الدين الحسيني ، المشتهر بالمحدث.


طهران : ١٣٧٩ ه ، ٤٤ ص ، ٢١ سم.

٨٧٨ ـ نقد النصوص في شرح نقش الفصوص.

عبد الرحمن بن أحمد جامي.

تصحيح : ويليام چيتيك.

تقديم : جلال الدين آشتياني.

طهران : ١٩٧٧ م ، ٩٤ ص (مقدمة بالفارسية) + ٥١٩ ص + XII (لاتيني).

٨٧٩ ـ نقد النيسابوري في تقسيمه الأعراض.

الشريف المرتضى.

إعداد : أحمد الحسيني.

قم : دار القرآن الكريم ، ١٤١٠ ه (رسائل الشريف المرتضى ٤ / ٣٠٧ ـ ٣١٥).

٨٨٠ ـ النكت الاعتقادية.

الشيخ المفيد (ت ٤١٣ ه).

بغداد : المطبعة العصرية ، ١٣٤٣ ه ، ٦٤ ص (تحقيق : هبة الدين الشهرستاني).

قم : المؤتمر العالمي لألفية الشيخ المفيد ، ١٤١٣ ه ، ٤٨ ص (تحقيق :

رضا المختاري ، مصنفات الشيخ المفيد ، ١٠).

٨٨١ ـ النكت في مقدمات الأصول.

الشيخ المفيد (ت ٤١٣ ه).

تحقيق : محمد رضا الحسيني الجلالي.

تراثنا (قم) ، س ٨ ، ع ١ ـ ٢ [٣٠ ـ ٣١] ، ١٤١٣ ه ، ص ٤٤٥ ـ ٥٠٩.

قم : المؤتمر العالمي لألفية الشيخ المفيد ، ط ١ ، ١٤١٣ ه ، ٨٠ ص (مصنفات الشيخ المفيد ، ١٠).

٨٨٢ ـ نهاية الإحكام في معرفة الأحكام.

العلامة الحلي (ت ٧٢٦ ه).

تحقيق : مهدي الرجائي.

بيروت : دار الأضواء ، ١٤٠٦ ه ، ٢ مج.

٨٨٣ ـ نهاية الدراية في شرح الكفاية.

محمد حسين الغروي النائيني (ت ١٣٦١ ه).

تحقيق : مؤسسة آل البيت (ع) لإحياء التراث ـ قم.

قم : مؤسسة آل البيت (ع) لإحياء التراث ، ج ٣ ـ ٦.


٨٨٤ ـ النهاية في غريب الحديث والأثر.

مجد الدين المبارك بن محمد أبو السعادات (ت ٦٠٦ ه).

تصحيح : ملا نصر طهراني.

طهران : مطبعة كريده ، ١٢٦٩ ه / ١٨٥٣ م ، ٣٩٨ ص ، طبع على الحجر.

٨٨٥ ـ نهاية المرام في شرح مختصر شرائع الإسلام.

محمد بن علي بن الحسين الموسوي العاملي (ت ١٠٠٩ ه).

تحقيق : مجتبى العراقي ، وعلي پناه الاشتهاردي ، وحسين اليزدي.

قم : مؤسسة النشر الإسلامي ، ١٤١٢ ه ، ج ١.

٨٨٦ ـ نهج البلاغة.

(نسخة المعجم المفهرس).

للإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع).

تحقيق وتصحيح : محمد دشتي.

قم : مكتب النشر الإسلامي ، ١٤٠٩ ه ، ٢٣١ ص ، ٢٤ سم.

٨٨٧ ـ نهج البيان عن كشف معاني القرآن.

محمد بن الحسن الشيباني (ق ٧ ه).

تحقيق : حسين الدرگاهي.

طهران : مؤسسة دائرة المعارف الإسلامية ، ١٤١٣ ه ، ج ١ ، ٣٦٤ ص.

٨٨٨ ـ نهج الحق وكشف الصدق.

العلامة الحلي (ت ٧٢٦ ه).

تحقيق : عين الله الحسني الأرومي.

إشراف : رضا الصدر.

قم : دار الهجرة ، ١٤٠٨ ه ، ٦٠٨ ص.

٨٨٩ ـ نهج الخاص.

أبو منصور الأصفهاني ، معمر بن أحمد ابن محمد بن زياد الأصفهاني (ت ٤١٨ ه).

تصحيح : نصر الله پور جوادي.

تحقيقات إسلامي (طهران) ، س ٣، ع ١ ـ ٢، ١٣٦٧ ش، ص ٩٤ ـ ١٤٩.

٨٩٠ ـ نهج المسترشدين في أصول الدين.

العلامة الحلي (٦٤٨ ـ ٧٢٦ ه).


تحقيق : أحمد الحسيني ، وهادي اليوسفي.

قم : مجمع الذخائر الإسلامية ، ١٩٧٦ م ، ١٠٠ ص (المختار من التراث ، ٢).

٨٩١ ـ كتاب النوادر.

أحمد بن محمد بن عيسى الأشعري القمي (ق ٣ ه).

تحقيق : مدرسة الإمام المهدي (ع).

قم : مدرسة الإمام المهدي (ع) ، ط ١ ، ١٤٠٨ ه ، ١٨٤ ص ، ٢٤ سم.

٨٩٢ ـ نوادر الأخبار في ما يتعلق بأصول الدين.

الفيض الكاشاني.

تحقيق : مهدي الأنصاري القمي.

طهران : مؤسسة المطالعات والتحقيقات الثقافية ، ١٣٧٠ ش ، ٤٩٤ ص.

٨٩٣ ـ نوادر المعجزات في مناقب الأئمة الهداة (ع).

محمد بن جرير بن رستم الطبري الآملي (ق ٥ ه).

تحقيق : مدرسة الإمام المهدي (ع).

قم : مدرسة الإمام المهدي (ع) ، ١٤١٠ ه ، ٢٢٠ ص ، ٢٤ سم.

٨٩٤ ـ نور الثقلين.

عبد علي بن جمعة الحويزي (ت ١١١٢ ه).

تصحيح وتعليق : هاشم الرسولي المحلاتي.

قم : المطبعة العلمية ، د. ت ، ٥ ج.

٨٩٥ ـ نور الحقيقة ونور الحديقة.

الحسين بن عبد الصمد الحارثي العاملي (٩١٨ ـ ٩٨٤ ه).

تحقيق : محمد جواد الحسيني الجلالي.

قم.

٨٩٦ ـ هداية الأبرار إلى طريق الأئمة الأطهار.

حسين بن شهاب الدين الكركي العاملي (ت ١٠٧٦ ه).

تصحيح وتقديم : رؤوف جمال الدين.

(إيران) : ٣١٩ ص ، ٢٤ سم.


٨٩٧ ـ هداية الأمة إلى أحكام الأئمة.

محمد بن الحسن الحر العاملي (١٠٣٣ ـ ١١٠٤ ه).

تحقيق : مجمع البحوث الإسلامية.

مشهد : مجمع البحوث الإسلامية ، ١٤١٢ ه ، ٤ ج.

٨٩٨ ـ هداية التصديق إلى أحكام الحريق.

(حريق مسجد الرسول (ص) سنة ٦٨٨ ه).

فضل الله بن روزبهان الأصفهاني.

نشره : محمد تقي دانش پژوه.

(طهران) : يادنامه إيران مينورسكي ، ١٩٦٩ م ، ص ٧٧ ـ ١١٣ (منشورات جامعة طهران ، ١٢٤١).

٨٩٩ ـ هداية الفؤاد إلى نبذ من أحوال المعاد.

محمد إسماعيل المازندراني

الخاجوئي (ت ١١٧٣ ه).

تحقيق : مهدي الرجائي.

قم : دار الكتاب الإسلامي ، ط ١ ، ١٤١١ ه (الرسائل الاعتقادية ٢ / ٢٧٠ ـ ٢٨٣).

٩٠٠ ـ هداية المحدثين إلى طريقة المحمدين ، المعروف بمشتركات الكاظمي.

محمد أمين بن محمد علي الكاظمي (ق ١١ ه).

تحقيق : مهدي الرجائي.

قم : مكتبة السيد المرعشي ، ١٤٠٥ ه ، ٤٢٠ ص ، ٢٤ سم.

٩٠١ ـ هدية أحمدية.

في علم الباري تعالى.

أحمد الآشتياني (ت ١٣٩٥ ه).

تصحيح : رضا الاستادي.

نور علم (قم) ، ع ٩ ، ١٤٠٥ ه ، ص ١٣٥ ـ ١٤٢.

٩٠٢ ـ هياكل النور.

شهاب الدين السهروردي.

تحقيق : أحمد تويسركاني.

مشهد : مجمع البحوث الإسلامية ، ١٤١١ ه (ثلاث رسائل ، لجلال الدين الدواني ، ص ٧٧ ـ ٩٧).


٩٠٣ ـ هياكل النور وشواكل الحور في شرح هياكل النور.

جلال الدين محمد بن أسعد الدواني (٨٣٠ ـ ٩٠٨ ه).

تحقيق : أحمد التويسركاني.

مشهد : مجمع البحوث الإسلامية ، ١٤١١ ه (مع رسائل أخرى للمؤلف).

٩٠٤ ـ الهيئة والإسلام.

هبة الدين الحسيني الشهرستاني.

تقديم وإشراف : أحمد الحسيني.

النجف : مطبعة الآداب ، ١٣٨١ ه.

٩٠٥ ـ كتاب الوافي.

في جمع أحاديث الكتب الأربعة : الكافي ، من لا يحضره الفقيه ، التهذيب ، الإستبصار.

محمد محسن ، المشتهر بالفيض الكاشاني.

تحقيق : ضياء الدين الحسيني العلامة الأصفهاني.

أصفهان : مكتبة الإمام أمير المؤمنين عليه‌السلام ، ط ١ ، ١٤٠٦ ـ ١٤١٢ ه ، ١٨ مج.

٩٠٦ ـ الوافية.

عبد الله بن محمد البشروي

الخراساني ، المعروف بالفاضل التوني (ت ١٧٠١ ه).

تحقيق : محمد حسين الرضوي.

قم : مجمع الفكر الإسلامي ، ١٤١٢ ه.

٩٠٧ ـ وجه التكرار في الآيتين.

الشريف المرتضى.

إعداد : مهدي الرجائي.

قم : دار القرآن الكريم ، ١٤٠٥ ه (رسائل الشريف المرتضى ٢ / ٧٥ ـ ٧٧).

٩٠٨ ـ وجه العلم بتناول الوعيد كافة الكفار.

الشريف المرتضى.

إعداد : مهدي الرجائي.

قم : دار القرآن الكريم ، ١٤٠٥ ه (رسائل الشريف المرتضى ٢ / ٨٥ ـ ٨٧).

٩٠٩ ـ الوجوه والنظائر في القرآن.

الحسين بن محمد الدامغاني.


تصحيح : أكبر بهروز.

تبريز : جامعة تبريز ، ط ١ ، ١٣٦٦ ش ، ٨٨٩ ص ، ٢٤ سم.

٩١٠ ـ الوجيز في تفسير القرآن العزيز.

علي بن الحسين بن محيي الدين بن أبي جامع العاملي الحارثي الهمداني (١٠٧٠ ـ ١١٣٥ ه).

تحقيق : مالك المحمودي.

قم : دار القرآن الكريم ، ١٤١٣ ه.

٩١١ ـ وجيزة في بعض مسائل العدة.

حسن المدرس.

تحقيق : أبو الفضل شكوري.

(إيران) : لجنة تكريم الذكرى السنوية الخمسين لشهادة آية الله السيد حسن المدرس ، ط ١ ، ١٤٠٨ ه (الرسائل الفقهية : ١١٧ ـ ١١٩).

٩١٢ ـ الوجيزة في الدراية.

الشيخ البهائي.

تحقيق : ماجد الغرباوي.

تراثنا (قم) ، س ٨ ، ع ٣ ـ ٤ [٣٢ ـ ٣٣] ، ١٤١٣ ه ، ص ٣٨٧ ـ ٣٩٩.

٩١٣ ـ وجيزة في ضمان الغاصب المغصوب الفائت.

حسن المدرس.

تحقيق : أبو الفضل شكوري.

(إيران) : لجنة تكريم الذكرى السنوية الخمسين لشهادة آية الله السيد حسن المدرس ، ط ١ ، ١٤٠٨ ه (الرسائل الفقهية : ١٠٥ ـ ١١٤).

٩١٤ ـ وسائل الشيعة ومستدركاتها.

محمد بن الحسن الحر العاملي (ت ١١٠٤ ه).

نشره : مرتضى الرضوي.

القاهرة : ط ١ ، ١٩٥٧ ـ ١٩٦٢ م ، ٥ ج.

٩١٥ ـ الوسيلة إلى نيل الفضيلة.

عماد الدين محمد بن علي بن حمزة الطوسي المشهدي (ق ٦ ه).

تحقيق : محمد الحسون.

قم : مكتبة السيد المرعشي.

٩١٦ ـ وصول الأخيار إلى أصول الأخبار.

الحسين بن عبد الصمد الحارثي


العاملي (٩١٨ ـ ٩٨٤ ه).

تحقيق : عبد اللطيف الكوهكمري.

قم : مجمع الذخائر الإسلامية (المختار من التراث ، ٨).

٩١٧ ـ وصية نافعة.

الشهيد الثاني (٩١١ ـ ٩٦٥ ه).

تحقيق : رضا المختاري.

تراثنا (قم) ، س ٤ ، ع ١ [١٤] ، ١٤٠٩ ه ، ص ٢٠٠ ـ ٢٢٤.

٩١٨ ـ وظيفة الأنام في زمن غيبة الإمام.

محمد تقي الموسوي الأصفهاني (ت ١٣٤٨ ه).

بيروت : دار القارئ ، ١٤٠٧ ه (ترجمه من اللغة الفارسية وحققه : محمد منير الحسيني الميلاني).

قم : مدرسة الإمام المهدي (ع) (ترجمه وحققه : باسم الموسوي).

٩١٩ ـ وقاية الأذهان والألباب في أصول السنة والكتاب.

محمد رضا بن محمد حسين النجفي الأصفهاني (١٢٨٧ ـ ١٣٦٢ ه).

تحقيق : مؤسسة آل البيت (ع) لإحياء التراث.

قم : مؤسسة آل البيت (ع) لإحياء التراث.

٩٢٠ ـ وقعة الطف.

لوط بن يحيى بن سعيد الأزدي الغامدي الكوفي (ت ١٥٨ ه).

تحقيق : محمد هادي اليوسفي.

قم : مؤسسة النشر الإسلامي ، ١٣٦٧ ش.

٩٢١ ـ الياقوت.

إبراهيم بن نوبخت (ق ٢ ه).

تحقيق : علي أكبر الضيائي.

قم : مكتبة السيد المرعشي ، ١٤١٣ ه.

٩٢٢ ـ اليقين باختصاص مولانا على بإمرة المؤمنين.

رضي الدين علي بن موسى بن جعفر.

ابن طاووس الحسني الحلي (٥٨٩ ـ ٦٦٤ ه).

تحقيق : الأنصاري.

بيروت : مؤسسة الثقلين لإحياء التراث الإسلامي ، ١٤١٠ ه (معه : التحصين لأسرار ما زاد من أخبار اليقين ، للمؤلف).


٩٢٣ ـ يواقيت العلوم ودراري النجوم.

مجهول المؤلف.

تصحيح : محمد تقي دانش پژوه.

طهران : بنياد فرهنگ إيران ، ١٣٤٥ ش ، ١٦ + ٣٢٥ ص.

* * *


من التراث الأدبي المنسي في الأحساء (١٦) :

الشيخ أحمد الصفار

(... ـ بعد ١٢٦٥ ه)

السيد هاشم محمد الشخص

هو الشيخ أحمد بن محمد بن مال الله الصفار الأحسائي الخطي.

علامة فقيه مجتهد ، جليل القدر ، وأديب شاعر.

مولده ونشأته :

ولد في (القطيف) وبها نشأ وترعرع ، ولا نعلم سنة مولده.

سيرته :

هاجر من وطنه الأصلي (القطيف) إلى الأحساء واستوطنها منذ بداية أمره ، وكان سكناه فيها في مدينة (الهفوف) بمحلة (الكوت).

وتلقى في (الأحساء) جزءا مهما من تحصيله العلمي ، كما درس ـ ظاهرا ـ في أحد المراكز العلمية خارج البلاد ، لكن معلوماتنا عن ذلك محدودة.

وعرفنا من أساتذته اثنين فقط ، هما :

١ ـ الشيخ عبد المحسن ابن الشيخ محمد اللويمي الأحسائي ـ وهو من


كبار علمائنا ـ المتوفى سنة ١٢٤٥ ه ، وله أيضا الرواية عنه.

٢ ـ والشيخ علي ابن الشيخ محمد الرمضان الشهيد الأحسائي ، المتوفى سنة ١٢٦٥ ه.

وكان بينه وبين أستاذه الشيخ علي الرمضان مودة وصحبة أكيدة ، عبر عنها كل من الأستاذ والتلميذ في رسائلهما المتبادلة وأشعارهما الرائعة ـ التي سجل بعضها في (ديوان الشيخ علي الرمضان) المخطوط ـ ، ومن تلك الأشعار ما قاله الشيخ علي الرمضان في رسالة بعثها إلى تلميذه من (شيراز) حيث قال :

إلى حبيبي دون كل الملا

سلام صب بالنوى مبتلى

يغشاك ما يشتاق قلبي إلى

مرآك أو أولاك محض الولا

أما صاحب الترجمة فله في رثاء أستاذه الرمضان قصيدة رائعة مؤلمة ، قالها حين بلغه نبأ استشهاده بصورة وحشية على أيدي الوهابيين المتعصبين.

وفي سنة ١٢٤٠ ه كان المترجم له أحد الوافدين إلى (إيران) لزيارة الإمام الرضا عليه‌السلام في (خراسان) بصحبة عدد من العلماء ، هم : الشيخ علي بن الشيخ مبارك آل حميدان الجارودي الأحسائي ، والشيخ سليمان ابن الشيخ أحمد آل عبد الجبار القطيفي ، والشيخ عبد الحسين بن ناصر الأحسائي القاري ، والشيخ محمد بن مشاري الجفري الأحسائي ، فمروا في طريقهم بمدينة (سيرجان) ـ قرب (كرمان) ـ ونزلوا ضيوفا على العلامة الشيخ عبد المحسن اللويمي ـ المتقدم ذكره ـ الذي كان يقيم هناك.

وبطلب من المترجم له والمشايخ المذكورين كتب الشيخ اللويمي (الإجازة الكبيرة) لهم جميعا ، وذلك بتأريخ ٢٥ شهر رمضان ١٢٤٠ ه).

وقد تتلمذ على يدي المترجم عدد من العلماء وأهل الفضل ، كان أبرزهم المرجع الديني الكبير السيد هاشم ابن السيد أحمد الموسوي


الأحسائي ـ المتوفى سنة ١٣٠٩ ه ـ حيث حضر لدى المترجم برهة من الزمن في (الأحساء) قبل أن يهاجر إلى (النجف) (١). وكانت الأحساء ذلك الحين تزخر بكثير من العلماء الأجلاء.

وفي (الهفوف) ـ وطن المترجم ـ كانت هناك حوزة علمية نشيطة يشرف عليها المرجع الديني في عصره الشيخ محمد ابن الشيخ حسين أبو خمسين ـ المولود ١٢١٠ ه ، والمتوفى سنة ١٣١٦ ه ـ ، والمظنون قويا أن المترجم له كان أحد الأساتذة البارزين في هذه الحوزة وفيها تخرج عليه السيد هاشم الأحسائي وغيره.

وتجدر الإشارة هنا إلى أن المترجم له ـ رغم ما له من المقام والشأن الرفيع ـ كان يعتمد في تأمين معاشه على عمله وكد يمينه ، والمعروف أنه كان يعمل صفارا ـ أي يصلح الأواني المصنوعة من النحاس ـ ولذلك لقب ب : (الصفار) ، ولعل امتهانه لهذا العمل إنما كان في أوائل أمره.

وفاته :

كان في (الأحساء) سنة ١٢٦٥ ه حيث أنشأ في رثاء أستاذه الشيخ علي الرمضان قصيدة في التأريخ المذكور كما مرت الإشارة ، ومن ذلك يظهر أن وفاته كانت بعد سنة ١٢٦٥ ه.

هذا ، وللمترجم له ذرية في (الأحساء) لا تزال معروفة إلى اليوم ، ويقال لهم (آل حاجي محمد) ، كذا حدثنا الأديب المؤرخ جواد آل الشيخ علي الرمضان.

ومن ذرية المترجم له المعاصرين : الخطيب الفاضل الشيخ محمد بن عبد الله الحاجي محمد ، المولود في الأحساء سنة ١٣٨٠ ه ، والمقيم حاليا

__________________

(١) دائرة المعارف الإسلامية الشيعية ٣ / ١٠٠ مادة (أحساء).


في مدينة (قم المقدسة) لتحصيل العلوم الدينية.

علمه وفضله :

قال في شأنه أستاذه العلامة الكبير الشيخ عبد المحسن اللويمي الأحسائي في (الإجازة الكبيرة) ـ الصادرة له ولعدد من العلماء ـ :

(فضممتهم إلى جناحي ، ورضعتهم بالعلم صباحي ورواحي ، فنالوا حظا وافرا من المعقول ، ونصيبا متكاثرا من المنقول ... الشيخ الأواه ، والأخ في الله ، الجليل النبيل ، التقي النقي ، أحمد ابن الموفق المسدد الحاج محمد ابن مال الله الخطي ... ـ إلى أن يقول : ـ فأفادوا أكثر مما استفادوا ، بحيث ظهر جدهم واجتهادهم ، وقابليتهم واستعدادهم ، وإعراضهم عن مزخرفات الأهوا ، وتمسكهم بالسبب الأقوى ، واختيارهم ما هو أقرب للتقوى ، وأهليتهم لنقل الحديث وروايته ، بل نقده ودرايته ...) (٢).

وقال عنه الحجة الشيخ محمد ابن الشيخ حسين أبو خمسين الأحسائي في مقدمة كتابه (هداية المسترشدين) ـ الذي ألفه بطلب من المترجم له ـ :

(جناب العالم الفاضل ، والحبر الكامل ، والرجل الواصل ، الشيخ الجليل ، والفحل النبيل ، شيخنا ومولانا الشيخ أحمد ابن المبرور المرحوم الحاجي محمد قدس‌سره ، لا زال ملحوظا بعين العناية ، محفوظا عن الضلالة والغواية ، ومتوجها إلى عالم اللا نهاية ...) (٣).

وقد عثر في (الأحساء) على كتاب خطي لأحد العلماء المعاصرين للمترجم اسمه : (نور الأبصار في دحض حجة أحمد الصفار) ـ يعني الشيخ

__________________

(٢) منتظم الدرين ، ج ١. مخطوط.

(٣) هداية المسترشدين في معرفة ورود النصوص النورانية عن الأئمة الطاهرين. مخطوط ، نسخة منه في الأحساء عند الحاج جواد الرمضان.


أحمد صاحب الترجمة ـ ولم نعرف اسم مؤلف الكتاب ، ومن ذلك يعلم أن المترجم له كان من ذوي الفضل والعلم والمعرفة ، وكانت له كتب واحتجاجات معروفة في حينها أدت إلى أن يرد عليه بعض العلماء في كتاب مستقل.

مؤلفاته :

عثرنا له في (الأحساء) على بعض الرسائل الخطية بحوزة العلامة المعاصر الشيخ حسين ابن الشيخ محمد الخليفة ، وهي هذه :

١ ـ الإفاضة الرحمانية في جواب المسائل الأرجانية : وهي ست مسائل وردت من الآخوند ملا محمد علي الأرجاني ، فرغ منها في ٢٢ ذو الحجة سنة ١٢٥٦ ه.

والمسائل وردت أساسا لأستاذ المترجم له الشيخ عبد المحسن اللويمي ، لكنها لم تصل إلا وقد ارتحل الأستاذ إلى الرفيق الأعلى ، فأجاب عن الأسئلة كل من الشيخ علي ابن الشيخ عبد المحسن اللويمي ـ الآتي ذكره ـ وصاحب الترجمة في كتابين مستقلين ، كلاهما بحوزة العلامة الشيخ حسين الخليفة المذكور.

قال المترجم له في مقدمة الكتاب : (... وبعد : فيقول المتعطش إلى فيض رحمة ربه الغفار ، أحمد بن محمد بن مال الله الصفار ، هذا جواب مسائل للرجل الأكرم المكرم الآخنذ ملا محمد علي الأرجاني ، أرسلها لجناب مولانا الأكرم ، وشيخنا الأعظم ، شيخنا الأجل الأمجد ، والمعتمد الأنبل الأوحد ، وحيد عصره ، وفريد دهره ، الشيخ عبد المحسن بن محمد الأحسائي اللويمي ، وحيث إنها لم تصل إلى دار إقامته (سرجان) ، إلا بعد أن اختاره الكريم المنان ، ونقله إلى روض الجنان ، إلى جوار الحور والولدان ،


أجاب عنها الشيخ العلي ، جناب الشيخ علي ، ابن المرحوم المبرور ، الشيخ المذكور.

وقد التمس مني جناب السيد السند الكريم ، السيد محمد ابن السيد إبراهيم ، أن أجيب عن ذلك جوابا شافيا ... والتزامي بما عزمت عليه ، لأن الشيخ المشار إليه ـ الشيخ عبد المحسن ـ شيخي وأستاذي ، وقد قرأت عليه حظا وافرا من المعقول والمنقول ، وفهمني الله بسببه جملة من الفروع والأصول ، وسميتها ب : (الإفاضة الرحمانية في جواب المسائل الأرجانية) ...) (٤)

٢ ـ أربع أراجيز فقهية استدلالية مختصرة : اثنتان منها في الخمس ، والثالثة في الاجتهاد ، والرابعة في صلاة الجمعة ، وسيأتي ذكرها جميعا في آخر هذه الترجمة.

٣ ـ البرهان على وجوب وجود المجتهد في كل الأوقات والأزمان : فرغ منه سنة ١٢٤٢ ه ، والنسخة بقلم تلميذه السيد محمد ابن السيد إبراهيم الموسوي الأحسائي ، تاريخها ٧ / ٧ / ١٢٥٠ ه.

٤ ـ رسالة في القبلة : فرغ منها سنة ١٢٤٣ ه.

٥ ـ شرح حديث (من عرف نفسه فقد عرف ربه) : فرغ منه يوم الخميس ١٠ / ٣ / ١٢٤٢ ه ، والنسخة بقلم السيد محمد بن إبراهيم بن عبد النبي الموسوي الأحسائي ، فرغ من كتابتها في قرية (القارة) بالأحساء يوم الثلاثاء ٣ / ٣ / ١٢٥٦ ه.

٦ ـ مسألتان فقهيتان : الأولى في الوصية للعبد ، والثانية في كفارة النذر

__________________

(١) وقد شرح هذه الرسالة تلميذ المترجم له المذكور ، السيد محمد ابن السيد إبراهيم بن عبد النبي الموسوي الأحسائي القاري ، في كتاب مستقل فرغ منه في ربيع الأول ١٢٥٧ ه ، وسيأتي ذكر التلميذ في محله إن شاء الله تعالى.


والعهد ، كلاهما على نحو الاستدلال والمناقشة ، فرغ من المسألة الثانية ليلة الثلاثاء ٨ / ١٠ / ١٢٥٢ ه.

أراجيزه الفقهية :

ذكرنا له في الجزء الأول من (أعلام هجر) قصيدة في رثاء أستاذه الشيخ الشهيد علي الرمضان ، ونثبت له هنا أربع أراجيز فقهية عثرنا عليها في (الأحساء) ضمن مجموعة خطية بحوزة العلامة الحجة الشيخ حسين الخليفة المعاصر ، وهي هذه :


(١)

في مصرف الخمس

في مصرف الخمس اختلاف اشتهر

حال اختفا إمامنا الثاني عشر

ولاختلاف النص فيه اختلفوا

فلن يكادوا قط أن يأتلفوا

ففي روايات أتت معتبره

من الصحاح قد روتها الخيره

الأمر بالإخراج والصرف إلى

من ذكر الخمس إليهم كملا

في آية الأنفال ، والروايه

قد بينت من ذكروا في الآيه

وقد أتى التوبيخ والتشديد

عن الذي عن صرفه يحيد

من غير تخصيص بوقت من حضر

فيشمل الأمر لوقت المنتظر

لكن أتى تحليله لذي الولا

لطيب ميلاد لهم معللا

وهكذا منكحهم ، وما أتى

بذاك نص عند من تثبتا

فبعضهم حلله وأطلقا

إذ أورد التحليل عنهم مطلقا

وعنده التوبيخ والتشديد

على الذي عن ديننا يحيد

وبعضهم حلل نصف المنتظر

ويصرف الباقي إلى من قد حضر

وبعضهم أودع نصف الغائب

وبعضهم يدفعه للنائب

وها هنا مذاهب عديده

عن الصواب عندنا بعيده

ومقتضى القواعد المقرره

عن الهداة الطيبين البرره


ترجيح ما يوافق القرآنا

وطرح ما يخالف الفرقانا

وهكذا ما فعله للحائطه

موافق فإن ذاك ضابطه

ومثله ما قاله الكثير

وهو لدى أصحابنا شهير

وكل ذا يرجح القول بأن

يصرف كل الخمس في هذا الزمن

للسادة النصف ونصف الغائب

يدفع في غيبته للنائب

لأنه نائبه والأولى

من غيره ففعل ذاك أولى

ويدفع النائب ذا النصف إلى

من كان محتاجا فقيرا ذا ولا

من غير فرق فيه بين السيد

وغيره في مذهب معتمد

حجتنا : أن مقام النائب

يعم قبض كل ما للغائب

لا يعرفن صاحبه أو حصلت

موانع عن الوصول اتصلت

وهذه من ذاك إذ لم يمكن

إيصاله إليه في ذا الزمن

ودفنه أو جعله أمانه

يخل بالإيمان والديانه

لان ذين يوجبان التلفا

فكان أولى ها هنا أن يصرفا

وذاك إحسان وبالدليل

ليس على المحسن من سبيل

وما على التحليل دل يطرح

إذ ما على التشديد دل أصرح

إذ حله مخصص بمن حضر

محتمل أو بل يعم المنتظر

أو كله محلل أو بعض

كما بكل قال منا البعض

مع اعتضاد ما على التشديد

بالآي والأحوط والتأييد

وحل ما في يدنا قد يصل

من مال من خالفنا محتمل


لأن ذاك خمسه لم يخرج

فخمسه محلل للحرج

لأنه لا يمكن المؤالف

أن يتركن أموال من يخالف

لكثرة اختلاطهم بالشيعه

فحلل الخمس لذي الذريعه

وذا الذي أختاره ، ويعلم

أحكامنا ربي فهو أعلم

ويطلب الغفران يا غفار

ويا كريم (أحمد الصفار)

بالمصطفى محمد والآل

في هذه الدنيا وفي المآل

صلى عليهم ربهم ما سطرت

أسماؤهم وما سماء مطرت

(٢)

في مستحق الخمس

اختلف الأصحاب في من انتسب

لهاشم لأمه ليس لأب

هل يستحق الخمس أو لا يستحق

فقال قوم إن هذا مستحق

لأنه من ولده والخمس

لولده ليس بذاك لبس

والآي في تحقيق ذاك نص

وهكذا أثبت ذاك النص

فليس مانع عن القول به

للآي مع أخبارنا فانتبه

والمذهب المشهور بين العلما

نسبته بالأب شرط فاعلما

لأن ولد البنت عند العرب

لجدهم لأمهم لم تنسب

والآي والأخبار مما وردا

نسبته فهو مجازا طردا


ويصرف الخطاب في الشرع إلى

حقائق الألفاظ قطعا أولا

ثم إلى المجاز إن لم يمكن

وليس ذا ممتنعا فليفطن

وكون ذاك شائعا مستعملا

لا يوجب الصرف إليه أولا

إلا إذا كان هنا قرينه

توجب للتعميم أو تعيينه

قرينة خارجة أو داخله (٥)

كآية النساء والمباهله

وما أتى عن خيرة الرحمن

من قوله : أبنائي السبطان

وليس في خصم الخصوم حجه

بمثل ذا ولا به محجه

لأنه إذا أريد معنى

مستعملا يكون ذاك المعنى

غير خفي عند من يستمع

للفظ مع قرينة يتبع

فيخصم الخصم بذي المحجه

وتدحضن ما له من حجه

وقيل للنبي : هذان هما

إبناك أم لا؟ قال : لا إنهما

__________________

(٥) أي أن اللفظ لا ينصرف إلى غير معناه الحقيقي إلا مع وجود قرينة توجب تخصيصه أو تعميمه ، أي تخرج بعض أفراد المعنى فتخصص أو توسع المعنى المستعمل فيه اللفظ فتدخل فيه ما ليس داخلا بالأصل.

والأول : كقوله تعالى : (يا نساء النبي لستن ... ـ إلى قوله : ـ إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت) الأحزاب ٣٣ : ٣١ ـ ٣٣ ، فهنا لولا القرينة ـ وهي تبدل الخطاب من المؤنث إلى المذكر ، والروايات الكثيرة المخصصة ـ لكان يفترض شمول آية التطهير لنساء النبي (ص) ، فبالقرينة أخرج نساء النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن شمول الخطاب لهن.

والثاني : كقوله تعالى ـ في آية المباهلة ـ : (فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم) آل عمران ٣ : ٦١ ، فإن دخول الإمام علي عليه‌السلام في قوله : (وأنفسنا) ـ حيث دعاه النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مع فاطمة والحسنين للمباهلة ـ إنما كان لوجود القرينة.


أبناء بنتي ، فنفى الحقيقه

لا ما سواها فافهمن تحقيقه

وما روى الأصحاب عن حماد

وقوله (أدعوهم) ينادي

بقولنا فليس عنه معدل

وغيره عليه لا يعول

وما يقال : ما روى حماد

مرسلة ليس به اعتماد

يجاب عنه أنه مجبور

لأنه ما بيننا مشهور

وما له النزول في الآية لن

ينافي استدلالنا فاستخبرن

وزبدة القولين ما ذكرنا

وعمدة الدليل ما سطرنا

أما الذي إليه في ذا نذهب

فهو الذي الجل إليه ذهبوا

من قوة القول بأن المنتسب

لهاشم بأمه ليس بأب

ابن له حقيقة في الشرع

لكنه في العرف غير مرعي

وهكذا لم يعتبر عند العرب

كما هو الظاهر عند ذي الأدب

من فتش الآثار والأخبارا

وطالع السيرة والأشعارا

وحاصل الآي مع النصوص

على الذي نقول بالخصوص

لكن ذاك عندنا يخص

بما روى حماد فهو نص

وليس في الباب سواها ، وارتضى

مضمونها الأصحاب غير (المرتضى)

فكان إجماع على الروايه

كذاك إجماع ذوي الدرايه

و (المرتضى) خلافه لا يقدح

فالمرتضى خلافه والأوضح

ومن يقل بقوله تأخرا

عن الوفاق فهو لن يعتبرا

والاحتياط عندهم والتقوى

لذلك اخترناه فهو الأقوى


والقول في الزكاة من ذا يعلم

فالحكم أن يعطى إذا لا يحرم

والعلم عند الله ثم المصطفى

وآله أهل المعالي والوفا

و (أحمد الصفار) يرجو المغفره

من ربه في هذه والآخره

بالمصطفى المختار والكرار

وفاطم والعترة الأطهار

صلى عليهم ربنا ما قبلت

أعمالنا بحبهم واتصلت

(٣)

في الاجتهاد والتجزي

في الاجتهاد اختلف الأصحاب

وعندهم قد حصل اضطراب

في أنه هل يقبل التجزي

وأنه في الاجتزاء يجزي

وظاهر الدليل فيه مختلف

من أجل ذا كلامهم لم يأتلف

وينبغي قبل الكلام ذكر ما

أراد من هذا الكلام العلما

ومقتضى كلامهم أمران

هما : حصول الحفظ والإتقان

ثانيهما حصول أصل الملكه

والقوة القدسية المباركه

فإن أريد الحفظ والضبط لما

قد جاءنا وما يقول العلما

فذا يقينا يقبل التجزي

لكن هذا عندنا لا يجزي

ما لم يكن مع قوة قدسيه

لأخذه المسائل الفرعيه

من الأصول حسبما قد ذكروا

في كتبهم في ضمن ما قد سطروا


وزبدة القول هنا التجزي

في الضبط والحفظ وهذا يجزي

ويجتزي صاحبه ويرجع

إليه في الأمور فهو مرجع

وما من الأخبار مشعر به

معناه ما نقوله فانتبه

إذ لا يحيط أحد من البشر

بكل ما قد جاءنا من الغرر

وعمدة الأمر هنا الدرايه

لا ضبطه وحفظه الروايه

إذ رب راو حامل الروايه

لغيره ممن له الدرايه

والفقه قد يحمله شخص إلى

أفقه منه وهو منه قد خلا

وإن أريد (٦) القوة القدسيه

وما به المسائل الفرعيه

تستنبطن من أصلها المتين

فذاك لا يقبل باليقين

إذ كل ما في الاجتهاد شرط

فإنه يلزم فيه الضبط

وكلما تفرض من مسألة

يلزم فيها الأخذ بالأدلة

والأخذ واستنباطها لا يعلم

إلا لشخص بالجميع يعلم

وكل من كان بتلك ضابطا

يمكنه لا شك أن يستنبطا

ما يعرضن عليه من مسألة

من أصلها مراعي الأدلة

وليس ذا بالفعل شرطا فيه

بل التهيؤ عندنا يكفيه

__________________

(٦) قوله : (وإن أريد) عطف على قوله : (فإن أريد الحفظ ...) في البيت رقم ٧ من هذه المقطوعة المار في الصفحة السابقة ، وقوله في البيت الآتي : (فذاك لا يقبل) جواب للشرط (وإن ...) ، والمعنى : أنه إن أريد بالتجزي التجزي في ملكة الاستنباط ـ (القوة القدسية ...) ـ فذاك لا يقبل التجزي باليقين ، أي أن الملكة لا تقبل التجزي يقينا.


والاشتكال وكذا التردد

في الاجتهاد مطلقا لا يرد

لأن ذا منشؤه العوارض

وهذه الذاتي لا تعارض

فليس معنى لتجز أبدا

فخذ بذا ولا تقلد أحدا

وذا الذي التوقيع والمقبوله

دلا عليه فافهمن دليله

إذ الرواة للأحاديث النظر

شرط عليهم فاعتبر يا من نظر

وذا الذي أفهمه ، ويعلم

حقائق الأمور ربي العالم

والمصطفى وآله الأطهار

فإنهم صفوته الأبرار

و (أحمد الصفار) ذو الذنوب

لا زال يرجو الستر للعيوب

بالمصطفى وآله الكرام

صلى عليهم خالق الأنام

ما عسعس الليل كذا النهار

وما بهم محصت الأوزار

(٤)

في وجوب صلاة الجمعة عينا

في الجمعة الخلف فشا هل تجب

في زمن الغيبة أو بل تندب

أو الصلاة أربعا مندوب

وجمعة عن فعلها مرغوب

أو الصلاة أربعا محتم

وجمعة ممتنع محرم

ثم على الجواز هل يلتزم

في من يؤم الفقه أو لا يلزم

بل سائر الشروط مهما تحصل

من غير مانع هناك تفعل


أما الذي أختاره ويقوى

لدي في ذاك وفيه التقوى

فهو الوجوب بالفقيه عينا

إن كان عدلا مؤمنا أمينا

والظهر من بعد فرادى أحوط

وذاك مع غير الفقيه أضبط

حجتنا على الذي أختار :

نص الكتاب وكذا الأخبار

وما أتى (٧) : لم تك ركعتين

وقبلها يؤتى بخطبتين

إلا لأجل الفقه والتقوى لمن

يؤمها فافهم هديت واعلمن

والاحتياط ها هنا من أجل من

خالف في الكل وإن كان وهن

وظاهر الآية والروايه

مقيد عند ذوي الدرايه

بما نقول فافهمن المأخذا

واترك فضولا ما هناك وانبذا

وشبهة القائل بالتحريم

يردها كل فتى عليم

لأنها كانت من الإجماع

المدعى وليس من إجماع

كما سمعت فالخلاف قد وقع

فليس إجماع هنا كي يتبع

وإنما الاجماع حقا واقع

حال الحضور ما له من دافع

__________________

(٧) قوله : (وما أتى) عطف على قوله : (نص الكتاب وكذا ...) ، والمعنى : أن لنا على ما نقوله دليلان ، الأول : نص الكتاب والأخبار الدالة على أصل وجوب الجمعة ، والثاني : ما أتى في الأحاديث الشريفة من أن صلاة الجمعة إنما اكتفي فيها بركعتين مسبوقة بخطبتين لأجل مكانة الإمام وفقاهته وتقواه (عن الرضا عليه‌السلام قال : إنما صارت صلاة الجمعة إذا كان مع الإمام ركعتين ، وإذا كان بغير الإمام ركعتين وركعتين ، لأن الناس يتخطون إلى الجمعة من بعد ... ولأن الصلاة مع الإمام أتم وأكمل ، لعلمه وفقهه وفضله وعدله ...) وسائل الشيعة ٥ / ١٥ ، وهذا يشعر بأن الفقاهة والاجتهاد في الإمام شرط لتجب الجمعة عينا.


على اشتراطهم إمام الأصل

أو الذي يأمره بالفعل

على الخصوص أو على العموم

كما به صرح جل القوم

ولفظة (العادل) في النصوص

ليس لذي العصمة بالخصوص

فإنها قد وردت في الخبر

للعدل أيضا فافهمن واعتبر

وذاك في (التهذيب) للمقدس

معنعنا معتبرا عن (يونس)

عن صادق القول (الإمام جعفر)

فللكتاب فتشن واعتبر

وذاك في باب الأذان واقع

في من أتى الإمام وهو راكع

وما يقال أن فرض الجمعة

مما به قد خص أهل العصمة

مسلم لكن أتانا النص

بالإذن للنائب في ما خصوا

كالحكم والقضاء والحدود

وكل أمر حادث جديد

والفعل للجمعة ليس أعظما

وها هنا القياس ليس لازما

إذ إذنهم في الكل للعموم

لا يخرجن عن حكمه المعلوم

إلا الذي يخرج بالدليل

وليس للإخراج من دليل

والقول بالتخيير وهي أفضل

أو أن فعل الظهر منها أكمل

أو أحد منها بلا تفضيل

ليس أرى للكل من دليل

هذا ولا عذر لنا في ترك ما

قد أمر الله به وألزما

إذ قال في كتابه : إسعوا لها

وبيعكم ذروه واقضوا فعلها

لعلنا نرحمكم لتفلحوا

واللهو بالدنيا اتركوا لتنجحوا

وعن رسوله أتى التأكيد

في فعلها ، وتركها الوعيد


وقد أتى : أن لا صلاة تنفع

مع تركها ولا زكاة تنجع

وما أتى من عمل فضائع

وإن بها أتيت فهو نافع

والأمر والحث من الأطهار

يقطع أعذار ذوي الأعذار

بلغ ربي (أحمدا) ويسرا

لفعلها من غير مانع يرى

وما على (الصفار) من أوزار

يرجو له العفو من الغفار

بأحمد وآله الأمجاد

صلى عليهم خالق العباد

ما اشترطت طاعتهم بالطاعه

لكلهم لتحصل الشفاعه

* * *


مصطلحات نحوية

(٤)

السيد علي حسن مطر

سادسا ـ مصطلح الكلام

١ ـ الكلام لغة :

استعمل الكلام في أربعة معان لغوية :

(أحدها : الحدث الذي هو التكليم ، تقول : أعجبني كلامك زيدا ، أي : تكليمك إياه ...

والثاني : ما في النفس مما يعبر عنه باللفظ المفيد ، وذلك كأن يقوم بنفسك معنى (قام زيد) ... فيسمى ذلك الذي تخيلته كلاما ...

والثالث : ما تحصل به الفائدة سواء كان لفظا أو خطا أو إشارة ، أو ما نطق به لسان الحال). (١)

والرابع : (اللفظ المركب أفاد أم لم يفد) (٢)

__________________

(١) شرح شذور الذهب ، ابن هشام ، تحقيق محيي الدين عبد الحميد ، ص ٢٧ ـ ٢٩.

(٢) أ ـ همع الهوامع ، السيوطي ، تحقيق عبد السلام هارون وعبد العال مكرم ١ / ٢٩ ب ـ شرح ألفية ابن مالك ، ابن عقيل ، تحقيق محيي الدين عبد الحميد ١ / ١٤.


٢ ـ الكلام اصطلاحا :

وأما النحاة فقد استعملوا (الكلام) أولا في مطلق ما يتكلم به من الألفاظ الدالة على معنى ، ثم أرادوا به بعد ذلك خصوص ما تحصل به الفائدة من الألفاظ.

والكلام من المصطلحات التي ولدت بولادة النحو ، فقد جاء في الروايات أن الإمام عليا (ع) ألقى إلى أبي الأسود الدؤلي صحيفة جاء فيها : (الكلام كله : اسم وفعل وحرف) (٣).

وأول تعريف اصطلاحي وجدته للكلام هو قول الرماني (ت ٣٨٤ ه) : (الكلام ما كان من الحروف دالا بتأليفه على معنى) (٤) وواضح أنه غير مانع من دخول الكلمة والتراكيب الناقصة كالمضاف والمضاف إليه ، والصفة والموصوف.

وعرفه ابن جني (ت ٣٩٢ ه) بقوله : (الكلام كل لفظ مستقل بنفسه ، مفيد لمعناه ، وهو الذي يسميه النحويون الجمل) (٥) ، وتابعه عليه ابن يعيش (ت ٦٤٣ ه) (٦)

ويريد بالمستقل (ما كان من الألفاظ قائما برأسه ، غير محتاج [في

__________________

(٣) أ ـ إنباه الرواة على أنباه النحاة ، القفطي ، تحقيق محمد أبي الفضل إبراهيم ١ / ٣٩.

ب ـ معجم الأدباء ، ياقوت ١٤ / ٤٩.

ج ـ الأشباه والنظائر في النحو ، السيوطي ، تحقيق عبد العال مكرم ١ / ١٢ ـ ١٣.

(٤) الحدود في النحو ، الرماني ، ضمن كتاب (رسائل في النحو واللغة) تحقيق مصطفى جواد ويوسف مسكوني ، ص ٤٢.

(٥) الخصائص ، ابن جني ، تحقيق محمد علي النجار ١ / ١٧.

(٦) شرح المفصل ، ابن يعيش ١ / ٢٠.


الدلالة على معناه] إلى متمم له) (٧) ويريد بالمفيد التام في مقابل المفردات والمركبات الناقصة ، (فالتام هو المفيد ، أعني الجملة وما كان في معناها من نحو : صه وإيه ، والناقص ما كان بضد ذلك ، نحو : زيد ... وكان أخوك) (٨).

إذا أريد ب (كان) الناقصة.

وكأن ابن جني لاحظ أن قوله (مفيد) ـ بالمعنى الذي بينه ـ مغن عن تقييد اللفظ بكونه مستقلا ، فعاد إلى تعريف الكلام بأنه ، أصوات تامة مفيدة (٩).

ويلاحظ عليه :

أولا : أن الصوت (جنس بعيد ، لانطلاقه على ذي الحروف وغيرها). (١٠)

ثانيا : أن (التامة) و (المفيدة بمعنى واحد ، فكان ينبغي الاقتصار على إحداهما.

وقال الحريري (ت ٥١٦ ه) : (الكلام عبارة عما يحسن السكوت عليه ، وتتم الفائدة به) (١١) ، وتابعه عليه السرمدي (ت ٧٧٦ ه) (١٢) ومراده ب (ما) اللفظ ، وكان الأولى التصريح به ، وقوله (وتتم الفائدة به) تفسير لما قبله ، فيحسن الاكتفاء بأحدهما عن الآخر.

وقال في شرحه : (ولا يأتلف [الكلام] من أقل من كلمتين ، فأما

__________________

(٧) الخصائص ، ١ / ٢١.

(٨) الخصائص ، ابن جني ١ / ١٨.

(٩) الخصائص ، ابن جني ١ / ١٨.

(١٠) شرح الأزهرية في علم العربية ، خالد الأزهري ، ص ١١.

(١١) شرح على متن ملحة الإعراب ، الحريري ، ص ٢.

(١٢) شرح اللؤلؤة ، السرمري ، مخطوط مصورته لدي ٥ / ب.


قولك : صه ، بمعنى اسكت ، ومه ، بمعنى اكفف ، ففي كل منهما ضمير مستتر للمخاطب ، والضمير المستتر يجري مجرى الاسم ظاهرا) (١٣) وعرفه الزمخشري (ت ٥٣٨ ه) بقوله : (الكلام هو المركب من كلمتين أسندت إحداهما إلى الأخرى) (١٤).

وقال ابن يعيش في شرحه : إن مراده (بالمركب اللفظ المركب ، فحذف المركب لظهور معناه ، وقوله : (من كلمتين) فصل احترز به عما يتألف من الحروف ، نحو الأسماء المفردة ... وقوله : (أسندت إحداهما إلى الأخرى) فصل ثان احترز به عن مثل معدي كرب وحضر موت ، وذلك أن التركيب على ضربين : تركيب إفراد ... [وهو] أن تأتي بكلمتين فتركبهما وتجعلهما كلمة واحدة بإزاء حقيقة واحدة ... ولا تفيد هذه الكلم بعد التركيب ... وتركيب الإسناد أن تركب كلمة مع كلمة تنسب إحداهما إلى الأخرى ... على السبيل الذي به يحسن موقع الخبر وتمام الفائدة) (١٥).

وإنما عبر بالإسناد دون الإخبار ، لأن الإسناد أعم ، إذ يشمل النسبة التي في الكلام الخبري والطلبي والإنشائي (١٦).

وقام ابن الحاجب (ت ٦٤٦ ه) باختزال تعريف الزمخشري ، فقال : (الكلام ما تضمن كلمتين بالإسناد) (١٧).

وجرى أبو حيان (ت ٧٤٥ ه) مجراهما في التعريف ، فقال : (الكلام

__________________

(١٣) شرح على متن ملحة الإعراب ، ص ٢.

(١٤) المفصل في علم العربية ، الزمخشري ، ص ٦.

(١٥) شرح المفصل ، ابن يعيش ١ / ٢٠.

(١٦) أ ـ شرح الرضي على الكافية ، تحقيق يوسف حسن عمر ١ / ٣٣.

ب ـ شرح المفصل ، ابن يعيش ١ / ٢٠.

(١٧) شرح الرضي على الكافية ١ / ٣١.


قول دال على نسبة إسنادية) (١٨) ، وإن كان يفضلهما من حيث إنه لم يذكر تركب الإسناد من كلمتين ، مما قد يوهم ـ رغم صحته ـ عدم جواز تركب الكلام من أكثر من كلمتين.

وقد لاحظ عليه ابن هشام أن (مقتضاه أن الكلام لا يختص بالمفيد ، لأن الحد صادق على كل من جملتي الشرط والجزاء ، والجملة الواقعة صلة ، مع أن كلا من ذلك غير مفيد) (١٩).

وعرفه ابن الأنباري (ت ٥٧٧ ه) بقوله : الكلام (ما كان من الحروف دالا بتأليفه على معنى يحسن السكوت عليه) (٢٠).

وهو اصطلاح لتعريف الرماني المتقدم ، بنحو يجعله مانعا من دخول الكلمة والمركبات الناقصة ، إلا أنه ـ كالحريري ـ أطال في مقدمته ، وكان بوسعه الاستغناء عن عبارة (ما كان من الحروف دالا بتأليفه) بقوله : (اللفظ الدال) ، وهذا ما فعله ابن الناظم (ت ٦٨٦ ه) إذ قال : (الكلام ... هو اللفظ الدال على معنى يحسن السكوت عليه) (٢١).

وعرفه الشلوبيني (ت ٦٤٥ ه) بأنه (لفظ مركب وجودا أو نية ، مفيد بالوضع ... والمركب نية كقولك : قم واقعد) (٢٢) ، وتابعه عليه ابن عصفور (ت ٦٦٩ ه) (٢٣).

ويلاحظ عليه أن تقسيمه التركيب إلى وجودي وتقديري ، ليس قيدا

__________________

(١٨) أ ـ شرح اللمحة البدرية ، ابن هشام ، تحقيق هادي نهر ١ / ٢٢٩.

ب ـ غاية الاحسان في علم اللسان ، أبو حيان ، مخطوط مصورته لدي ، ٢ / أ.

(١٩) شرح اللمحة البدرية ، ابن هشام ، ١ / ٢٢٩ ـ ٢٣٠.

(٢٠) أسرار العربية ، ابن الأنباري ، تحقيق محمد بهجة البيطار ، ص ٣.

(٢١) شرح ابن الناظم على الألفية ، ص ٣.

(٢٢) التوطئة ، الشلوبيني ، تحقيق يوسف أحمد المطوع ، ص ١١٢.

(٢٣) المقرب ، ابن عصفور ، تحقيق أحمد الجواري وعبد الله الجبوري ١ / ٤٥.


احترازيا ، وإنما هو مجرد إيضاح لنوعي المركب ، فكان يحسن إدراجه في شرح التعريف كما فعل الحريري في تعريفه المتقدم ، ولعله لأجل ذلك عمد ابن معطي (ت ٦٦٨ ه) إلى إجراء بعض التعديل على الحد ، فقال : (الكلام هو اللفظ المركب المفيد بالوضع) (٢٤).

ومراده بالوضع (أن يدل [اللفظ] على معنى عينه الواضع بإزائه) (٢٥).

وتشير بعض المصادر إلى أن أول من أدخل قيد (الوضع) في حد الكلام هو أبو موسى الجزولي (ت ٦٠٧ ه) (٢٦) ، وتابعه على ذلك تلميذه ابن معطي والشلوبيني وابن عصفور.

ولم ير بعض النحاة ضرورة لإثبات قيد (الوضع) ، (لأن الصحيح اختصاصه بالمفردات ، والكلام خاص بالمركبات ، ودلالتها غير وضعية على الأصح) (٢٧) ، بل قد يقال بعدم الاحتياج له حتى لو كانت دلالة المركبات بالوضع ، لأنه ليس ذاتيا للكلام ليدخل في حده ، ولأنه ليس قيدا احترازيا عن شئ ما دام الكلام على اللغة وليست دلالتها إلا بالوضع.

وطرح ابن مالك (ت ٦٧٢ ه) تعريفين للكلام :

أولهما : (الكلام ما تضمن من الكلم إسنادا مفيدا مقصودا لذاته) (٢٨).

ومما قاله السلسيلي في شرحه : (قوله : (مفيدا) احترز به من المتضمن إسنادا ، لكنه غير مفيد ، نحو قولهم : النار حارة والسماء فوق الأرض ، قوله :

__________________

(٢٤) الفصول الخمسون ، ابن معطي ، تحقيق محمود الطناحي ، ص ١٤٩.

(٢٥) حاشية الشيخ ياسين على شرح التصريح ١ / ٢٠.

(٢٦) المحصول ١ / ب ، شرح الفصول ١ / أنقلا عن مقدمة محقق كتاب الفصول الخمسون ، ص ١١٣.

(٢٧) شرح الأزهرية في علم العربية ، خالد الأزهري ، ص ١٥.

(٢٨) تسهيل الفوائد وتكميل المقاصد ، ابن مالك ، تحقيق محمد كامل بركات ، ص ٣.


(مقصودا) احترز به من حديث النائم ، ومحاكاة بعض الطيور للإنسان ، قوله : (لذاته) احترز به من المقصود لغيره ، كالجملة الموصول بها والمضاف إليها) (٢٩).

وواضح من كلامه أنه يشترط لكون الكلام مفيدا ، مضافا لدلالته على معنى يحسن السكوت عليه ، أن يزود السامع بعلم جديد ، بأن لا يكون مضمونه معلوم الثبوت أو الانتفاء بالضرورة ، وقد وافقه على هذا كل من الأشموني (ت ٩٠٠ ه) (٣٠) والأزهري (ت ٩٠٥ ه) (٣١) ، وهو شرط لا يمكن قبوله ، لأن تضمن الكلام لعلم جديد على السامع ليس داخلا في حقيقته (وإلا لكان الشئ الواحد ، كلاما وغير كلام ، إذا خوطب به من يجهله فاستفاد مضمونه ، ثم خوطب به ثانيا) (٣٢) ، أو خوطب به شخصان أحدهما يجهل مضمونه والآخر يعلمه.

ولا ضرورة أيضا للتقييد بكون الكلام (مقصودا) لإخراج حديث النائم ومحاكاة الطيور ، أما حديث النائم فهو داخل في الكلام إن تضمن معنى يصح السكوت عليه ، وأما محاكاة الطيور ، فلا تتبادر إلى الذهن من تعريف الكلام ليحترز منها.

وأما التعريف الثاني ، فهو ما ذكره في أرجوزته الألفية من قوله : (كلامنا لفظ مفيد ، كاستقم).

وقد اختلف شراحه في قوله : (كاستقم) ، فقال بعض إنه مثال بعد تمام

__________________

(٢٩) شفاء العليل في إيضاح التسهيل ، السلسيلي ، تحقيق عبد الله البركاتي ١ / ٩٦ ـ ٩٧.

(٣٠) شرح الأشموني على الألفية ، تحقيق محيي الدين عبد الحميد ١ / ٨.

(٣١) شرح الأزهرية في علم العربية ، الأزهري ، ص ١٣.

(٣٢) همع الهوامع ، السيوطي ١ / ٣٠.


الحد ، وذهب بعض آخر إلى أنه تتميم للحد ، ومنشأ الخلاف هو تحديد المراد من قوله : (مفيد) ، لأن هذه الكلمة قد استعملت من قبل النحاة في ثلاثة معان :

أولها : ما دل على معنى مطلقا ، سواء صح السكوت عليه أم لا ، ومن شواهد ذلك تقييد بعضهم له بما يدل على إرادة خصوص التام ، كقول الحريري : (وتتم به الفائدة) (٣٣) ، وقول ابن الخشاب : (فائدة يحسن السكوت عليها) (٣٤) ، وقول العكبري : (الكلام عبارة عن الجملة المفيدة فائدة تامة) (٣٥).

والثاني : ما دل على خصوص المعنى الذي يحسن السكوت عليه ، وقد تقدم استعمال ابن جني له بهذا المعنى ، ومن شواهده قول ابن الأنباري بعد تعريفه الكلام بما كان من الحروف دالا بتأليفه على معنى يحسن السكوت عليه : الفرق بين الكلم والكلام (أن الكلم ينطلق على المفيد وغير المفيد ، أما الكلام فلا ينطلق إلا على المفيد خاصة) (٣٦).

والثالث : ما دل على معنى يحسن السكوت عليه ، ولم يكن معناه ضروري الثبوت والانتفاء ، وقد مر بيانه عند الكلام على التعريف الأول لابن مالك.

وقد ذهب أغلب شراح الألفية إلى إرادة المعنى الأول للإفادة ، وأن قوله : (كاستقم) تتميم للحد ، ومن هؤلاء ابن الناظم (٣٧) ، والمكودي (٣٨) ،

__________________

(٣٣) شرح على متن ملحة الإعراب ، الحريري ، ص ٢.

(٣٤) المرتجل ، ابن الخشاب ، تحقيق علي حيدر ، ص ٣٤٠.

(٣٥) مسائل خلافية في النحو ، أبو البقاء العكبري ، تحقيق محمد خير الحلواني ، ص ٣١.

(٣٦) أسرار العربية ، ابن الأنباري ، ص ٣.

(٣٧) شرح الألفية ، ابن الناظم ، ص ٣.


والأشموني (٣٩).

وذهب المرادي إلى إرادة المعنى الثاني ، وحمل (استقم) على التمثيل بعد تمام الحد (٤٠).

وقال الملوي بهذا الشأن : (قال شيخنا : الخلاف لفظي ، فمن حمل المفيد على المفيد مطلقا ، قال : تتميم ، ومن حمله على الفائدة التامة جعله تمثيلا بعد تمام الحد) (٤١).

والذي اتضح مما عرضناه أن الخلاف بينهم معنوي وليس لفظيا ، لأنه يدور حول تحديد المعنى المراد بلفظ (الإفادة) ، وليس اختلافا في الألفاظ المعبر بها عن معنى واحد.

ومما قيل في شرح التعريف الثاني : (وعلم من تفسير المفيد بما ذكر أنه لا يحتاج إلى قولهم : (المركب) ، لأن المفيد الفائدة المذكورة يستلزم التركيب ، ولا إلى قولهم : (المقصود) ، لأن حسن سكوت المتكلم يستدعي أن يكون قاصدا لما تكلم به) (٤٢).

وحصل حد الكلام على يد ابن هشام (ت ٧٦١ ه) على أفضل صيغة وأحضرها ، إذ عرفه بأنه (القول المفيد) (٤٣) ، وأراد بالقول اللفظ الدال على معنى ، وبالمفيد ما دل على معنى يحسن السكوت عليه.

وكأنه لاحظ أن قوله : (مفيد) يغني عن أخذ الدلالة على المعنى في

__________________

(٣٨) شرح الألفية ، المكودي ، ص ٦.

(٣٩) شرح الألفية ، الأشموني ، ١ / ٨.

(٤٠) شرح الألفية ، المكودي ، ص ٦.

(٤١) حاشية الملوي على شرح المكودي ، ص ٦.

(٤٢) أ ـ شرح الأشموني على الألفية : ص ٨.

ب ـ شرح التصريح على التوضيح ، الأزهري ١ / ٢٠ ـ ٢١.

(٤٣) شرح شذور الذهب ، ابن هشام ، تحقيق محيي الدين عبد الحميد ، ص ٢٧.


جنس الحد ، فعاد إلى تعريف الكلام بأنه : (اللفظ المفيد) (٤٤) ، (والمراد باللفظ الصوت المشتمل على بعض الحروف تحقيقا أو تقديرا) (٤٥).

__________________

(٤٤) أ ـ الإعراب عن قواعد الإعراب ، ابن هشام ، تحقيق رشيد العبيدي ، ص ٦٠.

ب ـ أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك ، ابن هشام ، تحقيق محيي الدين عبد الحميد ١ / ١١.

(٤٥) أوضح المسالك ، ابن هشام ١ / ١١.


سابعا ـ مصطلح الكلم

١ ـ الكلم لغة :

الكلم في اللغة جمع كلمة ، قال ابن منظور : (والكلم لا يكون أقل من ثلاث كلمات ، لأنه جمع كلمة) (٤٦). وقال ابن جني : (الكلم ... جمع كلمة ، بمنزلة سلمة وسلم ، ونبقة ونبق) (٤٧).

٢ ـ الكلم اصطلاحا :

استعمل النحاة (الكلم) بمعنى مشابه لمعناه اللغوي ، قال سيبويه (ت ١٨٠ ه) : (هذا باب علم ما الكلم من العربية) (٤٨) ، فاختار الكلم على الكلام ... وذلك أنه أراد تفسير ثلاثة أشياء مخصوصة ، وهي الاسم والفعل والحرف ، فجاء بما يخص الجمع وهو الكلم) (٤٩).

وقال الحريري : (ت ٥١٦ ه) : (فإن قلت : (إن قام زيد) ، سمي ذلك كلما ، لكونه ثلاث كلمات ، ولا يسمى كلاما ، لأنه لا يحسن السكوت عليه ، فإن وصلته بقولك : (قمت) ، سمي كلاما ، لحسن السكوت عليه ، وسمي أيضا كلما ، لكونه من أربعة ألفاظ) (٥٠).

وقال ابن معطي (ت ٦٢٨ ه) : الكلم (المركب مفيدا كان أو غير

__________________

(٤٦) لسان العرب ، ابن منظور ، مادة (كلم).

(٤٧) الخصائص ، ابن جني ، تحقيق محمد علي النجار ، ١ / ٢٥.

(٤٨) الكتاب ، سيبويه ، تحقيق عبد السلام هارون ، ١ / ١٢.

(٤٩) الخصائص ، ابن جني ، ١ / ٢٥.

(٥٠) شرح على متن ملحة الإعراب ، القاسم بن علي الحريري ، ص ٢ ـ ٣.


مفيد) (٥١).

ويؤخذ عليه أنه شامل لما تركب من كلمتين ، نحو : (قام زيد) و (إن قام) مع أنه ليس كلما في الاصطلاح.

وقال ابن يعيش (ت ٦٤٣ ه) : (وأما الكلم ... فهو يقع على ما كان جمعا ، مفيدا كان أو غير مفيد ، فإن قلت : (قام زيد) ... فهو كلام ، لحصول الفائدة منه ، ولا يقال له كلم ، لأنه ليس بجمع ، إذ كان من جزءين ، وأقل الجمع ثلاثة ، ولو قلت : (إن زيدا قائم) ... كان كلاما من جهة إفادته ، ويسمى كلما لأنه جمع) (٥٢). (فالكلم أعم من جهة المعنى ، لانطلاقه على المفيد وغيره ، وأخص من جهة اللفظ ، لكونه لا ينطلق على المركب من كلمتين) (٥٣).

والصياغة النهائية التي اتفقوا عليها في تعريف الكلم اصطلاحا هي : ما تركب من ثلاث كلمات فأكثر ، أفاد أم لم يفد (٥٤).

__________________

(٥١) الفصول الخمسون ، ابن معطي ، تحقيق محمود الطناحي ، ص ١٤٩.

(٥٢) شرح المفصل ، ابن يعيش ، ١ / ٢١.

(٥٣) أ ـ أوضح المسالك في شرح ألفية ابن مالك ، ابن هشام ، تحقيق محيي الدين عبد الحميد ١ / ١٢.

ب ـ شرح ابن الناظم على الألفية ، ص ٤.

(٥٤) أ ـ شرح ابن عقيل على الألفية ، تحقيق محيي الدين عبد الحميد ، ١ / ١٤ ـ ١٥

ب ـ شرح الأشموني على الألفية ، تحقيق محيي الدين عبد الحميد ، ١ / ٢٢.

ج ـ همع الهوامع ، السيوطي ، تحقيق عبد السلام هارون وعبد العال مكرم ، ١ / ٣٥.


ثامنا ـ مصطلح الجملة

١ ـ الجملة لغة :

والجملة في اللغة : جماعة الشئ ، وأجمل الشئ جمعه بعد تفرقه ، وأجمل له الحساب كذلك) (٥٥).

٢ ـ الجملة اصطلاحا :

استعملت (الجملة) من قبل النحاة بمعنى اصطلاحي مرادف للكلام في القرن الثالث الهجري ، ولعل المبرد (ت ٢٨٥ ه) أول من استعملها كذلك في مواضع متفرقة من كتابه (المقتضب) ، قال : (وإنما كان الفاعل رفعا ، لأنه هو والفعل جملة يحسن السكوت عليها وتجب بها الفائدة) (٥٦).

وقال الفارسي (ت ٣٧٧ ه) : (ما ائتلف من هذه الألفاظ الثلاثة [الاسم والفعل والحرف] كان كلاما ، وهو الذي يسميه أهل العربية : الجمل) (٥٧).

وربما كان الرماني (ت ٣٨٤ ه) أول من عرفها بقوله : (الجملة هي المبنية من موضوع ومحمول للفائدة) (٥٨) ، وهو تعريف يمنحها مضمونا مماثلا لمضمون الكلام اصطلاحا.

وقال ابن جني (ت ٣٩٢ ه) : (أما الكلام : فكل لفظ مستقل بنفسه

__________________

(٥٥) لسان العرب ، ابن منظور ، مادة (جمل).

(٥٦) المقتضب ، المبرد ، تحقيق محمد عبد الخالق عضيمة ١ / ٨.

(٥٧) المسائل العسكريات أبو علي الفارسي ، تحقيق على جابر المنصوري ، ص ٨٣.

(٥٨) الحدود في النحو ، الرماني ، ضمن كتاب (رسائل في النحو واللغة) تحقيق مصطفى جواد ويوسف مسكوني ، ص ٣٩.


مفيد لمعناه ، وهو الذي يسميه النحويون : الجمل) (٥٩).

وقد درج على استعمالها بهذا المعنى جمع من النحاة كالجرجاني (ت ٤٧١ ه) (٦٠) والحريري (ت ٥١٦ ه) (٦١) ، والزمخشري (ت ٥٣٨ ه) (٦٢) ، وابن الخشاب (ت ٥٦٧ ه) (٦٣) ، وأبي البقاء العكبري (ت ٦١٦ ه) (٦٤) ، وابن يعيش (ت ٦٤٣ ه) (٦٥).

وجاء ابن مالك (ت ٦٧٢ ه) فصرح بالفرق بين الجملة والكلام ، إذ عرف الكلام بقوله : (الكلام ما تضمن من الكلم إسنادا مفيدا مقصودا لذاته) (٦٦) ، وقد أراد بقيد (لذاته) إخراج ما هو مقصود لغيره كجملة الصلة (٦٧) ، نحو : جاء أبوه ، من قولنا : جاء الذي قام أبوه ، فهي جملة وليست كلاما ، لأن الإسناد فيها (ليس مقصودا لذاته ، بل لتعيين الموصول وتوضيحه ، ومثلها الجملة الخبرية والحالية والنعتية) (٦٨) ، إذ لم تقصد لذاتها ، بل لغيرها ،

__________________

(٥٩) أ ـ الخصائص ، ابن جني ، تحقيق محمد علي النجار ١ / ١٧.

ب ـ اللمع في العربية ، ابن جني ، تحقيق فائز فارس ، ص ٢٦.

(٦٠) المقتصد في شرح الإيضاح ، عبد القاهر الجرجاني ، تحقيق كاظم بحر المرجان ١ / ٦٨.

(٦١) شرح على متن ملحة الإعراب ، الحريري ، ص ٣.

(٦٢) المفصل في علم العربية ، الزمخشري ، ص ٦.

(٦٣) المرتجل ، ابن الخشاب ، تحقيق علي حيدر ، ص ٢٨ و ٣٤٠.

(٦٤) مسائل خلافية في النحو ، أبو البقاء العكبري ، تحقيق محمد خير الحلواني ، ص ٣١

(٦٥) شرح المفصل ، ابن يعيش ، ١ / ٢١.

(٦٦) تسهيل الفوائد وتكميل المقاصد ، ابن مالك ، تحقيق محمد كامل بركات ، ص ٣.

(٦٧) أ ـ شرح الأشموني على الألفية ، تحقيق محيي الدين عبد الحميد ١ / ٢١.

ب ـ البهجة المرضية ، السيوطي ١ / ٨.

(٦٨) حاشية الصبان على شرح الأشموني ١ / ٢١.


فليست كلاما ، بل جزء كلام (٦٩).

وذهب الرضي (ت ٦٨٦ ه) هذا المذهب أيضا فقال : (والفرق بين الجملة والكلام : أن الجملة ما تضمن الإسناد الأصلي ، سواء كانت مقصودة لذاتها أو لا ... فكل كلام جملة ولا ينعكس). (٧٠)

وتابعهما على ذلك ابن هشام (ت ٧٦١ ه) ، فقد قال بعد تعريف كل من الكلام والجملة : إنهما (ليسا مترادفين ... [إذ] إنها أعم منه ، إذ شرطه الإفادة بخلافها) (٧١) ، (فكل كلام جملة ولا ينعكس ، ألا ترى أن نحو (إن قام زيد) من قولك : (إن قام زيد قام عمرو) يسمى جملة ولا يسمى كلاما) (٧٢).

وتابعهم السيوطي (ت ٩١١ ه) قائلا : (وعلى هذا فحد الجملة : القول المركب ، كما أفصح شيخنا العلامة الكافيچي) ثم واصل كلامه مشيرا إلى أن الكافيچي (ت ٨٧٩ ه) قد عدل عن هذا (واختار (الترادف) ، قال : لأنا نعلم بالضرورة أن كل مركب لا يطلق عليه الجملة ، وسبقه إلى اختيار ذلك ناظر الجيش وقال : إنه الذي يقتضيه كلام النحاة ، قال : وأما إطلاق الجملة على ما ذكر من الواقعة شرطا أو جوابا أو صلة ، فإطلاق مجازي ، لأن كلا منها كان جملة قبل ، فأطلقت الجملة عليه باعتبار ما كان ، كإطلاق اليتامى على البالغين ، نظرا إلى أنهم كانوا كذلك) (٧٣).

__________________

(٦٩) شفاء العليل في شرح التسهيل ، السلسيلي ، تحقيق عبد الله البركاتي ، ١ / ٩٧.

(٧٠) شرح الرضي على الكافية ، تحقيق يوسف حسن عمر ١ / ٣٣.

(٧١) مغني اللبيب عن كتب الأعاريب ، ابن هشام ، تحقيق مازن المبارك ومحمد علي حمد الله ، ص ٤٩٠.

(٧٢) الإعراب عن قواعد الإعراب ، ابن هشام ، تحقيق رشيد العبيدي ، ص ٦٠.

(٧٣) همع الهوامع ، السيوطي ، تحقيق عبد السلام هارون وعبد العال سالم مكرم ١ / ٣٧.







العلامة الكراجكي

حياته ، فهرست كتبه

هو أبو الفتح محمد بن علي بن عثمان الكراجكي ، المتوفى سنة ٤٤٩.

الكراجكي :

حكى السمعاني في (الأنساب) عن شيخه إسماعيل بن محمد الأصبهاني الحافظ أن (كراجك) قرية على باب واسط ، وعليه عول ياقوت في (معجم البلدان) ، وغيره ، وقيل أيضا قرية من قرى حلب.

ومهما كان فليس الكراجكي منسوبا إلى إحداهما ، وإنما هو منسوب إلى (الكراجك) وهو الخيمة ، قال الذهبي في (تاريخ الإسلام) : والكراجكي هو الخيمي ، وقال في العبر ٣ / ٢٢٠ : وأبو الفتح الكراجكي ـ والكراجكي : الخيمي ـ رأس الشيعة ...

وفي لسان الميزان ٥ / ٣٠٠ : محمد بن علي الكراجكي ـ بفتح الكاف


وتخفيف الراء وكسر الجيم ثم كاف ـ نسبة إلى عمل الخيم ، وهي الكراجك ، بالغ ابن أبي طي في الثناء عليه ...

وفي شذرات الذهب ٣ / ٢٨٣ : أبو الفتح الكراجكي ـ أي الخيمي ـ رأس الشيعة وصاحب التصانيف ...

مولده ووفاته :

لم يشر التاريخ إلى شئ عن مولده ، لا عن زمانه ومتى كان؟! ولا عن مكانه وبأي بلد كان؟! إلا أنهم قالوا عنه : نزيل الرملة ـ وهي في فلسطين ـ فيبدو أنه ليس منها وإنما هو نزيلها ، فأين بلده ومولده ومنشؤه؟ لا ندري! رحل في طلب العلم ، وتجول في البلاد ، ولقي المشايخ ، وأدرك الكبار كالشيخ المفيد والمرتضى وغيرهما ، فقد رحل إلى بغداد ولبث بها فترة ، كما رحل إلى القاهرة ولبث بها ، وحج بيت الله الحرام وزار الحرمين الشريفين ودخل الطبرية وحلب وطرابلس ـ ويبدو أنه أقام بها ردحا من الزمن وألف بها جملة من كتبه ـ ودخل صيدا وصور وبها توفي في يوم الجمعة ثاني (ثامن) ربيع الآخر سنة ٤٤٩.

مكانته العلمية والاجتماعية :

كانت للكراجكي شخصية علمية متفوقة ومشاركة في علوم عصره ، ومكانة اجتماعية مرموقة ، وصفوه بشيخ الشيعة وفقيه الأصحاب ، ونحو ذلك.

وقد ترجم له كثير من المؤرخين وأصحاب المعاجم والتراجم من المخالف والمؤالف ، وأطروه بكل جميل وأثنوا على علمه وثقافته.


أما الفريق الأول :

فمنهم الذهبي ، قال عنه في تاريخ الإسلام : (أبو الفتح الكراجكي شيخ الشيعة .. وكان من فحول الرافضة ، بارع في فقههم وأصولهم ، نحوي ، لغوي ، منجم ، طبيب ، رحل إلى العراق ولقي الكبار كالمرتضى ...).

وقال في سير أعلام النبلاء : (شيخ الرافضة وعالمهم ، أبو الفتح محمد ابن علي ، صاحب التصانيف ...).

وقال في العبر : (أبو الفتح الكراجكي .. رأس الشيعة وصاحب التصانيف .. وكان نحويا ، لغويا ، منجما ، طبيبا ، متكلما ، متفننا ، من كبار أصحاب الشريف المرتضى ...).

وقال في تذكرة الحفاظ : (شيخ الرفض أبو الفتح محمد بن علي الكراجكي).

وقال عنه الصفدي في الوافي بالوفيات : (شيخ الشيعة .. وكان من فحول الرافضة ، بارعا في فقههم ، لقي الكبار مثل المرتضى ...).

ووصفه اليافعي في (مرآة الجنان) بقوله : (رأس الشيعة ، صاحب التصانيف ، كان نحويا ، لغويا ، منجما ، طبيبا ، متكلما ، من كبار أصحاب الشريف المرتضى).

وأما الفريق الثاني :

فمنهم الشيخ منتجب الدين ابن بابويه في (الفهرست) ، قال : (الشيخ العالم الثقة .. فقيه الأصحاب ...).

وأثنى عليه المحدث الحر العاملي في (أمل الآمل) بقوله : (عالم


فاضل ، متكلم ، فقيه ، محدث ، ثقة ، جليل القدر ..) (١).

وقال العلامة المجلسي رحمه‌الله ، في بحار الأنوار ١ / ٣٥ : (وأما الكراجكي فهو من أجلة العلماء والفقهاء والمتكلمين ، وأسند إليه جميع أرباب الإجازات ، وكتابه كنز الفوائد من الكتب المشهورة التي أخذ عنه جل من أتى بعده ، وسائر كتبه في غاية المتانة) (٢).

وأطراه المحدث القمي في (الفوائد الرضوية) بقوله : (الشيخ الأجل الأقدم الأعلم الفاضل ، المتكلم ، الفقيه ، المحدث ، الثقة ، الجليل القدر ، شيخ مشايخ الطائفة ...).

ووصفه السيد الأمين في أعيان الشيعة ٤٦ / ١٦٠ ب : (الفقيه المتكلم والحكيم الرياضي ، وقد صنف في الكل ...).

وقال العلامة المامقاني : (ومن لاحظ كتابه [كنز الفوائد] ظهر له غاية فضله وتحقيقه وتدقيقه وكمال اطلاعه على المذاهب والأخبار ، وعليك بمطالعته تماما إن شاء الله تعالى فإنه من نفائس الكتب).

وقال عنه المحقق التستري في مقابس الأنوار : (الشيخ المحدث ، الفقيه ، المتكلم ، المتبحر ، الرفيع الشأن والمنزلة ، القاضي أبي الفتح .. وكان من أكابر تلامذة المرتضى والشيخ [الطوسي] والديلمي ، والواسطي ، وروى عن المفيد ...).

وقال الشيخ عبد الله نعمة في مقدمة طبع كنز الفوائد : (وكان أبو الفتح الكراجكي من أبرز من تحملوا المسؤولية في هذا السبيل ، وكان الدور الذي قام بأعبائه مهما وخطيرا ، فقد قدر له أن يعيش في هذا الثغر الشامي وفي الساحل اللبناني ، ليقوم بترسيخ العقيدة الإسلامية ، والحد من النزعة

__________________

(١) ومثله في رياض العلماء ولؤلؤة البحرين وروضات الجنات وفي سفينة البحار

(٢) ومثله في سفينة البحار.


الإسماعيلية ، يوم كانت فلسطين ولبنان واقعة تحت نفوذ الدولة الفاطمية ، وحين كانت الفكرة الإسماعيلية الفاطمية تعيش في أكثر بقاعها.

وقد اختار الكراجكي مدينة طرابلس اللبنانية قاعدة لانطلاقه وعمله ، حين كان أمراء بني عمار الشيعة يتولون حكمها ، ويسيطرون عليها.

ومن هذه القاعدة ـ طرابلس ـ انطلق الشيخ الكراجكي يناظر ويجادل ويعلم ، بكل ما يملك من طاقة علمية وفكرية ، وصمد في وجه الموجة الإسماعيلية العارمة ، واستطاع أن يحد من نشاطها ، حتى انحسرت عن أكثر هذه المنطقة ، وحلت مكانها الفكرة الشيعية الإمامية ، وأصبحت مذهب الأكثرية لسكان المناطق الساحلية في ذلك العهد.

وشمل في نشاطه مقاومة سائر المخالفين ، كالمعتزلة والأشاعرة ، وأهل الديانات الأخرى ، كاليهود والنصارى والبراهمة وسواهم ، كما يبدو ذلك من كتبه والفصول التي أدرجها في كتابه (كنز الفوائد).

كل ذلك بفضل جهوده المتواصلة ، وبما كان يملكه من شدة المعارضة وروح الجدل ، ووفور : العلم ، وعمق الملاحظة ، وتنوع الثقافة ، وقوة الحجة ، وبما كان يتمتع به من وعي وإدراك ، ومن حيوية وحركة وصبر وعمل دائب.

مشايخه في الفقه والكلام والحديث وغيرها :

١ ـ أبو العباس أحمد بن إسماعيل بن عنان الحلبي.

٢ ـ الشريف أبو منصور أحمد بن حمزة الحسيني العريضي.

٣ ـ أبو سعيد أحمد بن محمد بن أحمد الماليني الهروي.

ترجم له الخطيب في تاريخ بغداد ٤ / ٣٧١ وأرخ وفاته سنة ٤١٢ ، قال : (وكان ثقة صدوقا متقنا خيرا صالحا).

٤ ـ القاضي أبو الحسن أسد بن إبراهيم بن كليب السلمي الحراني ،


نزيل بغداد ، مترجم في بغية الطلب : ١٥٥١.

٥ ـ أبو الصلاح الحلبي تقي الدين بن نجم.

٦ ـ أبو عبد الله الحسين بن عبد الله بن كامل الطرابلسي.

٧ ـ أبو عبد الله الحسين بن عبيد الله بن علي ابن الواسطي.

ترجم له في لسان الميزان ٢ / ٢٩٨ ، قال : (من رؤوس الشيعة ، يشارك المفيد في شيوخه ، ومات قبل ٤٢٠).

٨ ـ أبو عبد الله الحسين بن محمد بن أحمد القمي.

٩ ـ أبو عبد الله الحسين بن محمد بن علي الصيرفي البغدادي.

١٠ ـ أبو يعلى سلار بن عبد العزيز الديلمي.

١١ ـ الشريف أبو الحسن طاهر بن موسى بن جعفر الحسيني.

١٢ ـ أبو محمد عبد الله بن عثمان بن حماس.

١٣ ـ أبو الحسن علي بن أحمد اللغوي ، المعروف بابن زكار.

١٤ ـ أبو الحسن علي بن الحسن بن منده.

١٥ ـ الشريف المرتضى علم الهدى أبو القاسم علي بن الحسين الموسوي البغدادي.

١٦ ـ الشريف أبو الحسن علي بن عبد الله بن حمزة.

١٧ ـ أبو الحسن علي بن محمد السباط البغدادي.

١٨ ـ أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي بن الحسن ابن شاذان القمي.

١٩ ـ شيخ الطائفة أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي.

٢٠ ـ أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن بن طلحة الصيداوي.

٢١ ـ الشريف أبو عبد الله محمد بن عبيد الله الحسين بن طاهر


الحسيني.

٢٢ ـ أبو المرجى محمد بن علي بن أبي طالب البلدي.

٢٣ ـ القاضي أبو الحسن محمد بن علي بن محمد بن صخر الأزدي البصري الضرير ، المتوفى سنة ٤٤٣.

٢٤ ـ معلم الأمة أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان الشيخ المفيد البغدادي.

٢٥ ـ أبو القاسم هبة الله بن إبراهيم بن عمر الصواف.

٢٦ ـ الشريف يحيى بن أحمد بن إبراهيم طباطبا الحسني.

تلامذته :

لم تشر مصادر التراجم إلا إلى قلة من تلامذته ، وهم :

١ ـ أبو جعفر محمد بن علي بن المحسن الحلبي.

٢ ـ الشيخ عبد العزيز ابن البراج.

٣ ـ ريحان بن عبد الله الحبشي.

٤ ـ شمس الإسلام الحسن بن الحسين بن بابويه حسكا القمي.

٥ ـ ظفر بن الداعي مهدي العلوي الأسترآبادي.

٦ ـ المفيد عبد الرحمن بن أحمد بن الحسين الخزاعي النيسابوري.

٧ ـ الحسين بن هبة الله بن رطبة.

الجدول الزمني لتجوله ونشاطاته :

سنة ٣٩٩ (٣) كان بمياقين في شمال العراق ويبدو أنه كان في طريقه إلى

__________________

(٣) كنز الفوائد ١ / ٣٣٣.


بغداد.

سنة ٤٠٧ (٤) كان بمصر.

سنة ٤١٠ (٥) كان بالرملة.

سنة ٤١٢ (٦) في جمادى الآخرة كان بالرملة.

سنة ٤١٢ (٧) كان بمكة المكرمة.

سنة ٤١٦ (٨) كان بالرملة.

سنة ٤١٨ (٩) كان بصور.

سنة ٤٢٤ (١٠) كان بالقاهرة.

سنة ٤٢٦ (١١) كان بمصر.

سنة ٤٣٦ (١٢) كان بطرابلس.

سنة ٤٤١ (١٣) كان في صيدا.

* * *

__________________

(٤) كنز الفوائد ١ / ٣٣٢ ، التعريف : ٢١ و ٢٧.

(٥) كنز الفوائد ٢ / ١٣٤ ، التعريف : ٧.

(٦) كنز الفوائد ٢ / ١٢٠.

(٧) التعريف : ١٦.

(٨) كنز الفوائد ١ / ٣٨٥.

(٩)

(١٠) كنز الفوائد ١ / ٣٥٣.

(١١) كنز الفوائد ١ / ٣٣٢.

(١٢) التعريف : ٨.

(١٣)


بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة في فهرست مصنفات الشيخ أبي الفتح محمد بن علي بن عثمان الكراجكي الخيمي ، المتوفى ٤٤٩ ، عملها بعض تلامذته من أولاد العلماء المعاصرين له ، وجدتها ضمن مجموعة برقم ٦٩٥٥ ، من مخطوطات المكتبة المركزية في جامعة طهران ، فاستنسخت عليها لنفسي في غرة جمادى الأولى سنة ١٤٠٣ ، وهي :



[بسم الله الرحمن الرحيم]

فهرست الكتب التي صنفها الشيخ الفقيه أبو الفتح محمد بن علي بن عثمان بن علي الكراجكي رضي الله تعالى عنه وأرضاه : الحمد لله ، وصلاته على سيدنا محمد رسوله وعلى الطاهرين من آله وسلامه.

[الكتب الفقهية]

١ ـ كتاب الصلوات (الصلاة) وهو : روضة العابدين ونزهة الزاهدين.

ثلاثة أجزاء ، فالجزء الأول في ذكر الفرائض ، والثاني في ذكر السنن ، والثالث في ذكر التطوع الذي ليس بمسنون ، وما ورد في الجميع من علم وعمل ، يشتمل على ثلاثمائة ورقة ، عمله لولده (١٤).

__________________

(١٤) جاء في الذريعة ١١ / ٢٩٨ : إنه صنفه لولده موسى.


٢ ـ الرسالة الناصرية في عمل ليلة الجمعة ويومها.

عملها للأمير ناصر الدولة رضي‌الله‌عنه بدمشق ، جزء واحد ، خمسون ورقة ، يشتمل على ذكر المفروض والمسنون والمستحب (١٥).

٣ ـ كتاب التلقين لأولاد المؤمنين.

صنفه بطرابلس ، جزء لطيف ، كراستان.

٤ ـ كتاب التهذيب.

متصل بالتلقين ، صنفه بطرابلس ، يشتمل على ذكر العبادات الشرعية بقسم (بتقسيم) يقرب فهمه ويسهل ضبطه ، كثير الفوائد ، جزء واحد ، سبعون ورقة.

٥ ـ كتاب في المواريث ، وهو : معونة الفارض على استخراج سهام الفرائض.

فيه ذكر ما يستحقه طبقات الوراث والسبيل إلى استخراج سهامهم من

__________________

(١٥) الأمير المظفر ناصر الدولة ذو المجدين أبو محمد الحسن بن الحسين بن حمدان ، ولي دمشق في سنة ٤٣٣.

في تهذيب تاريخ ابن عساكر ٤ / ١٧٠ : الحسن بن الحسين بن عبد الله بن الحسين بن عبد الله بن حمدان بن حمدون التغلبي ، الأمير ، المعروف بناصر الدولة وسيفها ، تولى إمرة دمشق في أيام الملقب بالمستنصر بعد أمير الجيوش الدزبري سنة ٤٣٣ فلم يزل واليا بها إلى أن قبض عليه وسير إلى مصر أول رجب سنة ٤٤٠.

كان عند السيد ابن طاووس وينقل عنه في كتابه (جمال الأسبوع) باسم : عمل يوم الجمعة.


غير انكسار ، كتاب مفيد ، صنفه بطرابلس لبعض الإخوان ، جزء واحد ، ستون ورقة (١٦).

٦ ـ كتاب المنهاج إلى معرفة مناسك الحاج.

وهو منسك كامل يشتمل على فقه وعمل وزيارات ، جزء واحد يزيد على مائة ورقة ، صنفه للأمير صارم الدولة رحمه‌الله ، يحج به.

٧ ـ كتاب المقنع للحاج والزائر.

سأله القائد أبو البقاء فور بن نزال ، جزء لطيف.

٨ ـ المنسك العصي.

أمره بعمله الأمير صارم الدولة وعصره ذو الفخرين بطبرية ، قد ذاع في الأرض نسخه.

٩ ـ منسك لطيف في مناسك النسوان.

أمر بعمله الأمير صارم الدولة ، حرس الله مدته.

١٠ ـ كتاب نهج البيان في مناسك النسوان.

أمر بعمله الشيخ الجليل أبو الكتائب أحمد بن محمد بن عمار ، رفع الله

__________________

(١٦) مخطوطتان من كتاب المعونة في الإرث في مكتبة المسجد الأعظم في قم ، في المجموعة ٦٢٧ والمجموعة ٦٣١ ، ذكرتا في فهرسها ص ٤٦٤ و ٤٦٥ ، وهو إما هذا الكتاب ، أو هو تأليف سالم بن بدران المصري ، فإنه أيضا له كتاب (المعونة في الفرائض) مذكور في الذريعة.


درجته ، فصنفه بطرابلس ، وهو خمسون ورقة.

١١ ـ كتاب الاستطراف ، في ذكر ما ورد في الفقه في الأنصاف.

وهو معنى غريب لم يسبق إلى مثله ، يتضمن ما اختص بذكر النصف في الفقه ، صنفه للقاضي أبي الفتح عبد الحاكم.

١٢ ـ مختصر كتاب الدعائم للقاضي النعمان.

وهو من جملة فقهاء الحضرة!

١٣ ـ كتاب الاختيار من الأخبار.

وهو اختصار كتاب (الأخبار) للقاضي النعمان ، يجري مجرى اختصار الدعائم (١٧).

١٤ ـ كتاب ردع الجاهل وتنبيه الغافل.

وهو نقض كلام أبي المحاسن المعري الذي طعن به على الشريف المرتضى رحمه‌الله ، في المسح على الرجلين ، عمل بطرابلس (١٨).

__________________

(١٧) (الأخبار) للقاضي نعمان المصري ، المتوفى سنة ٣٦٣ ، طبع في قم في ثلاث مجلدات سنة ١٤٠٩ باسم : شرح الأخبار.

(١٨) القاضي أبو المحاسن المفضل بن محمد بن مسعر التنوخي المعري المعتزلي الحنفي ، المتوفى سنة ٤٤٢ ، له رسالة في غسل الرجلين ووجوبه! ناب في القضاء بدمشق وولي قضاء بعلبك.

مختصر تاريخ دمشق ٢٥ / ١٩٢ ، الجواهر المضيئة ٣ / ٤٩٥.


١٥ ـ البستان في الفقه.

وهو معنى لم يطرق ، وسبيل لم تسلك ، قسم فيه أبوابا من الفقه ، وفرع كل فرع (فن) منها حتى حصل كل باب شجرة كاملة ، يكون نيفا وثلاثين شجرة ، صنفه للقاضي الجليل أبي طالب عبد الله بن محمد بن عمار ، أدام الله سلطانه ، وكبت شانئيه وأعداءه.

١٦ ـ كتاب الكافي في الاستدلال على صحة القول برؤية الهلال.

عمله بمصر ، نحوا من مائة ورقة.

ومن الكتب الكلامية

١٧ ـ نقض رسالة فردان بعد (١٩) المروذي في الجزء.

أربعون ورقة.

١٨ ـ كتاب غاية الإنصاف في مسائل الخلاف.

يتضمن النقض على أبي الصلاح الحلبي رحمه‌الله (٢٠) في مسائل خالف (خلف) بينه وبين المرتضى ، نصر فيها رأي المرتضى ، ونصر والدي رحمه‌الله ،

__________________

(١٩) كذا.

(٢٠) أبو الصلاح تقي الدين بن نجم الحلبي ، من أعيان فقهاء الشيعة ومتكلميهم في القرن الخامس ، له كتاب (الكافي في الفقه) طبع في قم سنة ١٤٠٣.


وأبي (٢١) المستفيد رضي‌الله‌عنهم.

١٩ ـ كتاب حجة العالم في هيئة العالم.

هذا كتاب يتضمن الدلالة على أن شكل السماوات والأرض كشكل الكرة ، وإبطال مقال من خالف في ذلك ، جزء لطيف.

٢٠ ـ كتاب ذكر الأسباب الصادة عن معرفة الصواب.

جزء لطيف.

٢١ ـ رسالة نعتها ب : دامغة النصارى.

وهي نقض كلام أبي الهيثم النصراني في ما رام تثبيته من الثالوث والاتحاد ، جزء واحد.

٢٢ ـ كتاب الغاية في الأصول.

نجز منه القول في حدوث العالم وإثبات محدثه.

٢٣ ـ كتاب رياضة العقول في مقدمات الأصول.

جزء لطيف ، لم يتم.

__________________

(٢١) كذا.


٢٤ ـ كتاب المراشد ، المنتخب من غرر الفوائد.

يتضمن تفسير آيات من القرآن ، مائتا ورقة (٢٢).

٢٥ ـ جواب رسالة الأخوان (الأخوين).

يتضمن الرد على الأشعرية وإفساد أقوالهم وطعنهم على الشيعة ، ستون ورقة.

ومن الكتب في الإمامة

٢٦ ـ كتاب عدة البصير في حج يوم الغدير.

هذا كتاب مفيد يختص بتثبيت إمامة أمير المؤمنين صلوات الله عليه من النص عليه في يوم الغدير ، جزء واحد ، مائتا ورقة ، بلغ الغاية فيه حتى حصل في الإمامة كافيا للشيعة في هذه المسألة ، عمله بطرابلس للشيخ الجليل أبي الكتائب عمار ، أطال الله بقاءه.

٢٧ ـ كتاب التعجب في الإمامة من أغلاط العامة.

هذا كتاب جمع فيه بين أقوالهم المتناقضة الشاهدة بمذاهبهم الفاسدة ، نحو من المائة ورقة (٢٣).

__________________

(٢٢) غرر الفوائد ودرر القلائد هو أمالي المرتضى علم الهدى قدس الله نفسه.

(٢٣) نسخة منه في المكتب الهندي في لندن ، ضمن المجموعة ٤٧١ ، كتبت سنة ١١٥٤.


٢٨ ـ كتاب الإستبصار في النص على الأئمة الأطهار.

هذا كتاب يتضمن ما ورد من طريقي الخاصة والعامة من النص على أعداد الأئمة صلوات الله عليهم ، جزء لطيف (٢٤).

٢٩ ـ كتاب معارضة الأضداد باتفاق الأعداد.

في فن من الإمامة ، جزء لطيف.

٣٠ ـ المسألة القيسرانية.

في تزويج النبي (ص) عائشة وحفصة ، جزء لطيف.

__________________

وأخرى في مكتبة المجلس بطهران ، رقم ١٢٩٥ ، ذكرت في فهرسها ٤ / ١٣٣.

وفي مكتبة ملك في طهران ، في المجموعة رقم ١٢٣٦ / ٩ ، وبأول المجموعة ١٥٣٥ ، ذكرتا في فهرسها ٥ / ٢٥٠ و ٢٨٥.

وفي مكتبة تربيت في تبريز ، رقم ٦٤.

وفي مكتبة الإمام الرضا (ع) ، برقم ٨٢٨٤ ، كتبت سنة ٩٨٦ ، وأخرى فيها في المجموعة ١٣٥٥٩.

وفي مكتبة المرعشي ، في المجموعة ٦٧.

ومكتبة الوزيري في يزد ، في المجموعة ١٦٢٨.

وفي جامعة طهران في المجموعة ٦١٨ ، وأخرى فيها في المجموعة ٣٢٠٥ كتبت سنة ١٠١٥ ، ذكرتا في فهرسها ١١ / ٢١٦٠.

وطبع طبعة حجرية ملحقا بكتاب كنز الفوائد سنة ١٣٢٢.

(٢٤) منه مخطوطة في مكتبة المجلس في طهران ، في المجموعة ٤٥٦٦ ، كتبت سنة ٩٦٠.

وفي مكتبة المرعشي ، في المجموعة ٣٦٩٤.

وطبع في النجف سنة ١٣٤٦ باسم : الاستنصار ، وطبع بها مرة ثانية سنة ١٣٥٦ مع (مقتضب الأثر) للجوهري.


٣١ ـ المسألة التبانية.

في فضل أمير المؤمنين صلى الله عليه على جميع البرية سوى سيدنا رسول الله (ص) (٢٥).

٣٢ ـ مختصر كتاب (التنزيه) تصنيف المرتضى رحمه‌الله.

نجز منه ذكر الأنبياء وبقي ذكر الأئمة صلوات الله عليهم (٢٦).

٣٣ ـ كتاب الانتقام ممن غدر بأمير المؤمنين (ع).

وهو النقض على ابن شاذان الأشعري في ما أورده في آية الغار ، لم يسبق إلى مثله (٢٧).

٣٤ ـ كتاب الفاضح.

في ذكر معاصي المتغلبين على مقام أمير المؤمنين صلوات الله عليه ، لم يتم.

__________________

(٢٥) لعله التفضيل كما يأتي ، وفي الذريعة ١١ / ٢٢٧ : النباتية.

(٢٦) كتاب (تنزيه الأنبياء والأئمة) للشريف المرتضى علم الهدى علي بن الحسين الموسوي ، المتوفى سنة ٤٣٦ ، شيخ أبي الفتح الكراجكي ، مطبوع.

(٢٧) ابن شاذان الأشعري ، هو أبو علي الحسن بن أحمد ، من أعلام بغداد (٣٣٧ ـ ٤٢٦) ، وللشيخ الطوسي أيضا النقض عليه في مسألة الغار ، ولعل الكراجكي كان أسبقهما تأليفا ، ولذا قيل : لم يسبق إلى مثله.


ومن الكتب النجومية وما يتعلق بها

٣٥ ـ كتاب مزيل اللبس ومكمل الإنس.

٣٦ ـ كتاب نظم الدرر في مبنى الكواكب والصور.

وهو كتاب لم يسبق إلى مثله ، يتضمن ذكر أسماء الكواكب المسماة على ما نطقت به العرب وأهل الرصد.

٣٧ ـ كتاب إيضاح السبيل إلى علم أوقات الليل.

هذا الكتاب يتضمن ذكر المنازل الثمانية والعشرين وكواكبها ، ومواقع بعضها من بعض ، وصورها ، والإرشاد إلى معرفتها ، والاستدلال على أوقات الليل بها ، وهو كثير المنفعة ، جزء واحد ، مائتا ورقة.

٣٨ ـ كتاب في الحساب الهندي وأبوابه ، وعمل الجذور والمكعبات المفتوحة والصم.

ومن الكتب المختلفة

٣٩ ـ العيون في الآداب.


٤٠ ـ كتاب معدن الجواهر ورياضة الخواطر.

يتضمن من الآداب والحكم ومما يروى عن رسول الله (ص) (٢٨).

٤١ ـ رياض الحكم.

وهو كتاب عارض به ابن المقفع.

٤٢ ـ كتاب موعظة العقل (العقلاء) للنفس.

عملها لنفسه ، نحو من الكراستين.

٤٣ ـ كتاب التعريف بوجوب حق الوالدين.

عملها لولده ، كراسة واحدة (٢٩).

__________________

(٢٨) مخطوطتان منه في مكتبة المرعشي ، في المجموعة رقم ١١٢٦ ، كتبت سنة ٩٠٢ ، ورقم ٥٦٨١ ، تاريخها سنة ١١٠٠.

ومخطوطتان منه في مكتبة الإمام الرضا (ع) في مشهد ، في المجموعة رقم ٨٢٨٥ ، كتبت سنة ٩٨٦ ، من الورقة ١٣٦ ـ ١٩٣ ، ورقم ٢١٥٢ ، تاريخها سنة ١٠٨٢.

ونشره صديقنا العلامة السيد أحمد الحسيني في مجلة (الهادي) الصادرة في قم ، وطبعه بمفرده في قم سنة ١٣٩٤.

وترجمه المحدث الجليل الشيخ عباس القمي رحمه‌الله ، إلى الفارسية باسم : نزهة النواظر ، وطبع سنة ١٣٣٩ و ١٣٥٧ و ١٣٦٧.

(٢٩) مخطوطة منه في المكتبة المركزية بجامعة طهران ، بأول المجموعة رقم ٢١٢٥.

وأخرى في مكتبة المرعشي العامة في قم ، في المجموعة ٣٦٩٤ ، كتبت سنة ١٠٦٥.

وأخرى في مكتبة مدرسة المطهري في طهران ، رقم ٣٨٨١ / ٦ ، كتبت سنة


٤٤ ـ كتاب إدكار الإخوان بوجوب (حق) حقوق الإيمان.

أنفذها إلى الشيخ الأجل أبي الفرج البابلي ، كراسة.

٤٥ ـ نصيحة الإخوان.

أنفذها إلى الشيخ أبي اليقظان أدام الله تعالى تأييده.

٤٦ ـ كتاب التحفة في الخواتيم.

جزء لطيف.

٤٧ ـ الرسالة العلوية.

في فضل أمير المؤمنين صلى الله عليه على سائر البرية سوى سيدنا رسول الله صلى الله عليه (وآله) ، عملها للشريف أبي طالب ، جزء لطيف (٣٠).

٤٨ ـ كتاب الجليس.

هذا كتاب لم يسبق إلى مثله ، عمله كالروضة المنثورة ، ضمنه من سير الملوك وآدابهم ، وتحف الحكماء وطرفهم ، ومن ملح الأشعار والآداب ، ما يستغنى به عن المجموعات وغيرها ، لم يصنف مثله ، بالجملة يكون

__________________

٩٩٠ ، ذكرت في فهرسها ٣ / ٢٤٨ باسم : بر الوالدين.

حققه المحدث الأرموي وطبعه في طهران سنة ١٣٧٠ باسم : حقوق الوالدين ، وطبع سنة ١٣٧١ في طهران مع كتاب (قرة العين) ترجمته الفارسية للشيخ ذبيح الله المحلاتي.

(٣٠) لعل هذا هو كتاب (التفضيل) المطبوع.


خمسة أجزاء خمسمائة ورقة.

٤٩ ـ كتاب انتفاع المؤمنين بما في أيدي السلاطين.

حدا على عمله الإخوان ـ حرسهم الله ـ بصيدا.

٥٠ ـ كتاب الأنيس.

يكون نحوا من ألفي ورقة ، جعله مبوبا في كل فن ، لم يسبق إلى مثله ، مات رحمه‌الله ، ولم يبلغ غرضه من تصنيفه.

ومن الأنساب

٥١ ـ مختصر كتاب ابن خداع للشريف رحمه‌الله.

في ذكر المعقبين من ولد الحسن والحسين صلوات الله عليهما (٣١).

__________________

(٣١) ابن خداع النسابة الحسيني ، هو الشريف أبو القاسم الحسين بن جعفر بن الحسين ابن جعفر بن أحمد بن محمد بن إسماعيل بن محمد بن عبد الله الباهر ابن الإمام زين العابدين (ع) ، نسابة مصر في القرن الرابع ، ولد سنة ٣١٠ ، وكان حيا سنة ٣٧٣.

وخداع اسم امرأة ربت جده الحسين بن جعفر بالحجاز ، فغلب عليه اسمها ، وأول من هاجر إلى مصر جده الحسين أو أبو جده جعفر بن أحمد ، كما في لباب الأنساب : ٦١٢.

له كتاب : المعقبين ـ أو ذكر المعقبين ـ من ولد الحسن والحسين ، وهو الذي لخصه الكراجكي ، وله : أخبار آل أبي طالب ، أرخ أخبارهم إلى سنة ٣٧٣ ، وله : المبسوط.

ذكره النسابة العمري في (المجدي) ص ١٤٦ وقال : وكان أبو القاسم النسابة ذا فضل ، وجمع من الحديث قطعة جيدة ، وبرع في النسب ، وكان ثقة.

وله ترجمة في (تاريخ مدينة دمشق) لابن عساكر ، وأعيان الشيعة ٥ / ٤٦٦ ، ومنية الراغبين في طبقات النسابين ـ للسيد عبد الرزاق كمونة النجفي ، المتوفى سنة ١٣٩٠ ـ : ٢٠٣ ، ومنه أخذنا مادة هذه الترجمة.


٥٢ ـ تشجير.

في ذكر المعقبين من ولد الحسن والحسين صلوات الله عليهما ، لم يسبق إلى مثله (٣٢).

٥٣ ـ كتاب الزاهر في آداب الملوك.

عمله للأمير صارم الدولة ذي الفضيلتين أدام الله علوه ، لم يسبق إلى مثله ، جزء لطيف (٣٣).

٥٤ ـ كتاب كنز الفوائد.

خمسة أجزاء ، عمله لابن عمه ، يتضمن أصولا من الأدلة ، وكلاما في فنون مختلفة ، وتفاسير آيات كثيرة ، ومختصرات عملها عدة ، وأخبارا سمعها مروية من الآداب نظما ونثرا ، ونكتا مستحسنة ، تسلية الرؤساء ، عملها للأمير ناصر الدولة رضي‌الله‌عنه ، جزء لطيف (٣٤).

٥٥ ـ كتاب التأديب.

عمله لولده ، جزء لطيف.

__________________

(٣٢) وسماه ابن شهرآشوب في معالم العلماء : المشجر.

(٣٣) في الذريعة ١٢ / ١٢ : الزاهد.

(٣٤) طبع على الحجر في إيران سنة ١٣٢٢ ، وطبع في بيروت بتحقيق الشيخ عبد الله نعمة في جزءين وحذف منه! وفيه عدة رسائل مختصرة للمؤلف تأتي أسماؤها.


٥٦ ـ المجالس في مقدمات صناعة الكلام.

أمر بعملها الأمير صارم الدولة ذو الفضيلتين ـ حرس الله عمره ـ لما آثر الاطلاع في هذا العلم ، نجز منها ثمانية مجالس ولم يتم ، ولم يسبق إلى مثل ترتيبه.

٥٧ ـ كتاب الإقناع عند تعذر الإجماع.

في مقدمات الكلام ، لم يتم.

٥٨ ـ كتاب الكفاية في الهداية.

في مقدمات أصول الكلام ، لم يتم.

٥٩ ـ كتاب الأصول في مذهب آل الرسول (ع).

يتضمن الأخبار بالمذهب من غير أدلة ، عملها للإخوان بصور في سنة ٤٨١ ، جزء لطيف.

٦٠ ـ مختصر البيان عن دلالة شهر رمضان.

يتضمن القول بالعدد في معرفة العامل (٣٥) الشهور ، وهو الكتاب المنقوض ، عمله بالرملة لقاضي القضاة ، جزء لطيف (٣٦).

__________________

(٣٥) كذا.

(٣٦) حدث في القرن الرابع بين أصحابنا رحمه‌الله في أن شهر رمضان هل يلحقه النقص ، فربما كان ٢٩ يوما أو هو ثلاثون يوما دائما ، فالفريق الأول يقال لهم : أصحاب الرؤية ، والفريق الثاني يسمون أصحاب العدد ، وكان الكراجكي يقول بالعدد ، وألف كتابه هذا لنصرة هذا الرأي ، ثم عدل كغيره إلى القول بالرؤية ، وألف كتاب وله ترجمة في (تاريخ مدينة دمشق) لابن عساكر ، وأعيان الشيعة ٥ / ٤٦٦ ، ومنية الراغبين في طبقات النسابين ـ للسيد عبد الرزاق كمونة النجفي ، المتوفى سنة ١٣٩٠ ـ : ٢٠٣ ، ومنه أخذنا مادة هذه الترجمة.


٦١ ـ جواب الرسالة الحازمية.

في إبطال العدد وتثبيت الرؤية ، وهي الرد على أبي الحسن ابن أبي حازم المصري ، تلميذ شيخي رحمة الله عليه ، عقيب انتقالي (٣٧) عن العدد ، أربعون ورقة.

٦٢ ـ القول في معرفة النبي (ص) بالكتابة وسائر اللغات.

عمل بالقاهرة لأبي اليقظان ، كراسة (٣٨).

٦٣ ـ الرسالة العامرية.

في الجواب عن مسألة سألت عنها الغلاة ، أمر بعملها الأمير قوام الدولة وإنفاذها إلى العامري القاضي ، جزء لطيف ، عملت بالقاهرة ، مختصرة.

٦٤ ـ مختصر طبقات الوراث.

عمل للمبتدئين بطرابلس ، لطيف.

__________________

(٣٧) كذا.

(٣٨) سماه ابن شهرآشوب في (معالم العلماء) : مسألة في كتابة النبي (ص).


٦٥ ـ الجدول المدهش.

سأله في عمله سائل (٣٩).

٦٦ ـ الرسالة الصوفية.

وهي في خبر مظلوم ومراد ، سأل في عملها بعض الإخوان.

٦٧ ـ كتاب الإيضاح عن أحكام النكاح.

أمر بعمله الأمير ذخر الدولة بصيدا في سنة ٤٤١ ، يخرج في جزء واحد فيه الخلاف بين الإمامية والإسماعيلية.

٦٨ ـ رسالة التنبيه على أغلاط أبي الحسين البصري.

في (فصل في ذكر الإمامة) ، لطيف (٤٠).

٦٩ ـ الكتاب الباهر في الأخبار.

لم يتم.

__________________

(٣٩) جعل شيخنا صاحب الذريعة رحمه‌الله ، كلمة (الجدول) من تتمة الكتاب السابق ، فقال في ٥ / ٩١ : الجدول في طبقات الإرث ، للعلامة الكراجكي ، المتوفى سنة ٤٤٩ ، عبر عنه في فهرس تصانيفه بمختصر طبقات الإرث.

وقال في ٢٠ / ٢٠٠ : مختصر طبقات الإرث لطيف الجدول! للعلامة الشيخ أبي الفتح محمد بن علي بن عثمان الكراجكي ...

وذكر في ٢٠ / ٢٥٠ : المدهش ، للعلامة الكراجكي.

(٤٠) أبو الحسين البصري محمد بن علي بن الطيب ، شيخ الاعتزال ، المتوفى سنة ٤٣٦ ، له : كتاب المعتمد ، وتصفح الأدلة ، وشرح الأصول الخمسة ، وغيرها.


٧٠ ـ نصيحة الشيعة.

لم يتم.

٧١ ـ مسألة العدل في المحاكمة إلى العقل.

٧٢ ـ كتاب هداية المسترشد.

لم يتم.

ويشتمل (كنز الفوائد) على مختصرات عدة :

٧٣ ـ منها : الذخر للمعاد في صحيح الاعتقاد.

٧٤ ـ منها : الإعلام بحقيقة إسلام أمير المؤمنين (ع) [وأولاده الكرام] (٤١).

٧٥ ـ منها : رسالة في وجوب الإمامة (٤٢).

٧٦ ـ منها : التذكرة بأصول الفقه (٤٣).

٧٧ ـ منها : البرهان على طول عمر صاحب الزمان (ع) (٤٤).

__________________

(٤١) مدرج في (كنز الفوائد) مطبوع فيه في ١ / ٢٥٧ ، وقد طبع في العدد ٢١ من مجلة (تراثنا).

(٤٢) مطبوع في كنز الفوائد ١ / ٣٢١.

(٤٣) مطبوع في كنز الفوائد ٢ / ١٥.

(٤٤) مطبوع في كنز الفوائد ٢ / ١١٤ ، وطبع مستقلا في بيروت بتحقيق السيد حسن التبريزي.


٧٨ ـ منها : رسالة في مسح الرجلين في الوضوء (٤٥).

٧٩ ـ منها : التنبيه على حقيقة البلاغة.

٨٠ ـ منها : الإيضاح بين طريقي الزيدية والإمامية.

٨١ ـ ومجلس الكر والفر.

٨٢ ـ ومنها : الكلام في الخلا والملأ.

٨٣ ـ منها : الرد على الغلاة (٤٦).

٨٤ ـ منها : الرد على المنجمين (٤٧).

٨٥ ـ منها : تفضيل الأنبياء على الملائكة (ع).

والحمد لله أولا وآخرا ، وصلاته على خيرته من خلقه محمد وعلى الأئمة الطاهرين من عترته.

* * *

تم الفهرس ،

وهو تأليف بعض تلاميذ الكراجكي المختصين به

المطلعين على خصوصيات أحواله.

__________________

(٤٥) أظنه (القول المبين) المطبوع في كنز الفوائد ١ / ١٥١ ، وقد طبع في العدد ١٩ من مجلة (تراثنا).

(٤٦) لعله (الرسالة العامرية) المتقدمة برقم ٦٣.

(٤٧) لعله (حجة العالم) المتقدم برقم ١٩.


إستدراك

وللكراجكي كتب لم يرد ذكرها في هذا الفهرست ، فلعله ألفها بعد هذا الفهرست ، وهي :

١ ـ الإبانة عن المماثلة ، في الاستدلال لإثبات النبوة والإمامة (٤٨).

٢ ـ كتاب التفضيل (٤٩).

__________________

(٤٨) مذكور في أمل الآمل ورياض العلماء والمصادر المتأخرة عنهما ، وفي الذريعة ١ / ٥٧ رقم ٢٨٩ : كتاب حسن لطيف ، لم يسبق إليه ، أثبت فيه تساوي طريقي إثبات الإمامة الخاصة والنبوة الخاصة على منكريهما ، فيفرض مجلسا فيه إمامي ومعتزلي ويهودي ، ويذكر الاحتجاج للنبوة على اليهودي ، ومثله للإمامة على المعتزلي. وذكره في ١ / ٥٠١ باسم : إيضاح المماثلة ...

أقول : منه مخطوطتان في المكتبة المركزية بجامعة طهران ، بأول المجموعة رقم ٣٢٠٥ ، كتبت سنة ١٠١٦ ، ذكرت في فهرسها ١١ / ٢١٦٠.

وبأول المجموعة ٧١٧٢ ، من مخطوطات القرن الثالث عشر ، ذكرت في فهرسها ١٦ / ٤٧٣.

ومنه نسخة ضمن المجموعة رقم ٥٩٤ ، في المكتبة المركزية بجامعة طهران.

ومخطوطة في مكتبة البرلمان الإيراني السابق ، رقم ١٣٥٩ (١٢٥٩) ، كتبت سنة ١٠٩٨ ، ذكرت في فهرسها ٤ / ١٢٠.

(٤٩) مذكور في لؤلؤة البحرين وأمل الآمل ورياض العلماء وروضات الجنات ، وذكر في الذريعة ٤ / ٣٥٩ باسم : تفضيل أمير المؤمنين (ع) ، وطبعه المحدث الأرموي رحمه‌الله ، في طهران سنة ١٣٧٠ بهذا الاسم.

أوله : (الحمد لله الذي عم خلقه امتنانا ، وشملهم إحسانا ، وصلواته على سيدنا محمد رسوله ...).

وهو في تفضيل أمير المؤمنين (ع) على غيره من سائر البرية ما عدا رسول الله (ص) ، أثبت ذلك بأدلة من الكتاب والسنة ، ولم يذكر له المتقدمون


٣ ـ الجواب عن ثلاث آيات (٥٠).

٤ ـ البيان عن اعتقاد أهل الإيمان (٥١).

__________________

كتابا بهذا الاسم ، وإنما له بهذا الصدد كتابان بغير هذا الاسم :

أحدهما : المسألة التبانية في فضل أمير المؤمنين صلى الله عليه على جميع البرية سوى سيدنا رسول الله (ص) ، المتقدم في الفهرست برقم ٣١.

ثانيهما : الرسالة العلوية في فضل أمير المؤمنين (ع) على سائر البرية سوى سيدنا رسول الله (ص) ، المذكورة في الفهرست برقم ٤٧.

وأظن (التفضيل) هو هذا الكتاب الثاني ، أي (الرسالة العلوية) ، لأنه جاء في الفهرست أن (الرسالة العلوية) عملها للشريف أبي طالب ، وفي خطبة (التفضيل) أو عز إليه بعمل هذه الرسالة بقوله : سيدنا الشريف الجليل نقيب الطالبيين أطال الله بقاءه ... خدمت حضرته.

وكذا في نهايته ، قال : قد أوردت أطال الله بقاء سيدنا الشريف الجليل نقيب الطالبيين.

فظهر أن (التفضيل) هو (الرسالة العلوية) ، و (الرسالة العلوية) قد طبعت باسم (التفضيل).

ومن مخطوطاته نسخة في مكتبة مدرسة السيد الگلپايگاني ، في قم ، رقم ١٧٥١ ، كتبها العلامة السيد محمد بن محمد بن الحسن الحسيني ، الشهير بابن قاسم العاملي العيناثي سنة ١٠٥٧ ، على نسخة كانت بخط الشهيد الثاني ـ قدس الله نفسه ـ المستشهد سنة ٩٦٥.

وهي المخطوطة التي كانت في مكتبة المحدث الأرموي باسم (المعتمد) واعتمدها في طبع الكتاب ، ثم انتقلت إلى مكتبة السيد الگلپايگاني.

وقد رآها شيخنا صاحب الذريعة ـ قدس الله نفسه ـ عند المحدث الأرموي وذكره في الذريعة ٢١ / ٢١٣ باسم (المعتمد في الإمامة) للكراجكي ، اعتمادا على ما جاء على ظهر المخطوطة ، ثم بعد أن طبع كتاب (التفضيل) ظهر أنه ليس للكراجكي كتاب باسم (المعتمد) وإنما هو (الرسالة العلوية) المطبوع باسم (التفضيل).

(٥٠) هو تفسير ثلاث آيات سئل عنها فأجاب ، وأدرجه في كنز الفوائد في ١ / ٢٨٦

وحيث بدأه ببسم الله وخطبته علمنا أنه من رسائله المستقلة المدرجة في (الكنز).

(٥١) مدرج في كنز الفوائد ١ / ٢٤٠.


٥ ـ دليل النص بخبر الغدير (٥٢).

٦ ـ شرح الإستبصار في النص على الأئمة الأطهار (٥٣).

٧ ـ شرح (جمل العلم والعمل) للشريف المرتضى علم الهدى.

٨ ـ كتاب الوزيري.

٩ ـ المزار.

١٠ ـ مختصر زيارة إبراهيم الخليل (ع).

١١ ـ أخبار الآحاد.

١٢ ـ مسألة في كتابة النبي (ع).

١٣ ـ النوادر (٥٤).

١٤ ـ رسالة في جواب سؤال عن وجوب الحج وبعض علله ومناسكه (٥٥).

١٥ ـ روضة العابدين (٥٦).

١٦ ـ تهذيب المسترشدين (٥٧).

__________________

(٥٢) مدرج في كنز الفوائد ٢ / ٨٤ ، ونشر في مجلة (تراثنا) ، العدد ٢١ ، الخاص بالغدير.

(٥٣) كانت مخطوطة منه في القرن الثاني عشر ، قال صاحب رياض العلماء في تعليقته على أمل الآمل ، ص ٢٨٨ : (عندي منه نسخة) ، ومن هذا الكتاب إلى مسألة في كتابة النبي (ص) ذكرها له ابن شهرآشوب في معالم العلماء.

(٥٤) ذكره له الشيخ منتجب الدين ابن بابويه في فهرسته.

(٥٥) مذكور في روضات الجنات.

(٥٦) ذكر في رياض العلماء ٥ / ١٤١ عن الكفعمي في المصباح.

(٥٧) ذكر في رياض العلماء ٥ / ١٤١ عن الشهيد الثاني في كتابه في صلاة الجمعة ، وأظنه (هداية المسترشد) المتقدم برقم ٧٣ ، أو هو المتقدم في الفهرست برقم ٤ باسم : التهذيب.


١٧ ـ كتاب الفهرست (٥٨).

١٨ ـ كتاب المنازل (٥٩).

١٩ ـ كتاب المؤمن (٦٠).

* * *

__________________

(٥٨) كان عند السيد ابن طاووس ونقل عنه في الدروع الواقية ، قال في ص ٢٤٨ : (وهذا جعفر بن أحمد [القمي] عظيم الشأن من الأعيان ، ذكر الكراجكي في كتاب (الفهرست) أنه صنف مائتين وعشرين كتابا بقم والري) وذكره شيخنا ، في الذريعة ١٦ / ٣٩٣.

(٥٩) ذكره الذهبي في تاريخ الإسلام ، والصفدي في الوافي بالوفيات ، كلاهما في ترجمة الكراجكي.

(٦٠) ذكره الذهبي في تاريخ الإسلام ، والصفدي في الوافي بالوفيات ، كلاهما في ترجمة الكراجكي.


وهناك كتب للكراجكي نسبت إليه بغير أسمائها

وهي :

١ ـ مسألة في العدد ، وعدم نقص شهر رمضان ، الذريعة ٢٠ / ٣٨٩.

هو الذي تقدم برقم ٦٠ بعنوان (مختصر البيان عن دلالة شهر رمضان) ، يتضمن القول بالعدد ...

٢ ـ كتاب النجوم ، الذريعة ٢٤ / ٧٨.

وللكراجكي عدة كتب في النجوم : (مزيل اللبس) ، (نظم الدرر) (إيضاح السبيل) تقدمت بالأرقام ٣٥ ، ٣٦ ، ٣٧ ، وله كتاب (الرد على المنجمين) ضمن (كنز الفوائد) تقدم برقم ٨٤.

٣ ـ النصوص ، بحار الأنوار ١ / ١٨ ، الذريعة ٢٤ / ١٧٩.

وهو كتاب (الإستبصار) المطبوع ، المتقدم برقم ٢٨ ، كما نبه عليه في (الذريعة) عند ذكره.

٤ ـ نصيحة الشيعة ، الذريعة ٢٤ / ١٨٢.

أظنه كتاب (نصيحة الإخوان) المتقدم برقم ٤٥ ، أو هو (إدكار الإخوان بوجوب حقوق الإيمان) المتقدم برقم ٤٤ ، أو هو (موعظة العقل للنفس) المتقدم برقم ٤٢.

٥ ـ الوصية ، الذريعة ٢٥ / ١٠٣.

لعله هو كتاب (التعريف بحقوق الوالدين) المتقدم برقم ٤٣ وأنه عمله لولده ، كما نبه عليه في الذريعة ، فقد كتبه يوصي به ابنه ، بدأه بقوله :

إعلم أيها الولد الحبيب البار ... وختمه بقوله : أن أجعل لك تذكرة ،


ولمن سواك تبصرة ...

أو هو كتاب (التأديب) المتقدم برقم ٥٥ وأنه عمله لولده.

٦ ـ رسالته إلى ولده ، كما عبر عنه العلامة المجلسي في بحار الأنوار ١ / ١٨.

وهذا أيضا لعله (التعريف) أو (التأديب) المتقدمين.

* * *


مصادر ترجمته

١ ـ معالم العلماء ـ لابن شهرآشوب ـ : ١١٨.

٢ ـ الفهرست ـ لمنتجب الدين ابن بابويه ـ برقم ٣٥٥.

٣ ـ تاريخ الإسلام ـ للذهبي ـ : وفيات سنة ٤٤٩ ، ص ٢٣٦.

٤ ـ سير أعلام النبلاء ١٨ / ١٢١.

٥ ـ العبر ٣ / ٢٢.

٦ ـ تذكرة الحفاظ ٣ / ١١٢٧.

٧ ـ الوافي بالوفيات ـ للصفدي ـ ٤ / ١٣٠.

٨ ـ مرآة الجنان ـ لليافعي ـ ٣ / ٧٠.

٩ ـ لسان الميزان ـ لابن حجر ـ ٥ / ٣٠٠.

١٠ ـ شذرات الذهب ـ لابن العماد ـ ٣ / ٢٨٣.

١١ ـ جامع الرواة ٢ / ١٥٦.

١٢ ـ أمل الآمل ٢ / ٢٨٧ رقم ٨٥٧.

١٣ ـ تعليقة أمل الآمل ـ لصاحب (رياض العلماء) ـ : ٢٨٧.

١٤ ـ رياض العلماء ـ لميرزا عبد الله أفندي ـ ٥ / ١٣٩.

١٥ ـ مقابس الأنوار ـ للتستري ـ : ٩.

١٦ ـ لؤلؤة البحرين : ٣٣٧.

١٧ ـ رجال السيد بحر العلوم ٣ / ٣٠٢.

١٨ ـ روضات الجنات ٦ / ٢٠٩.

١٩ ـ خاتمة مستدرك الوسائل : ٤٩٧.


٢٠ ـ هدية العارفين ـ لإسماعيل باشا ـ ٢ / ٧٠.

٢١ ـ الكنى والألقاب ـ للمحدث القمي ـ ٣ / ١٠٨.

٢٢ ـ الفوائد الرضوية ـ له ـ : ٥٧١ ـ ٥٧٤.

٢٣ ـ سفينة البحار ـ له ـ ٢ / ٤٠٩.

٢٤ ـ تنقيح المقال ـ للعلامة المامقاني ـ ٣ / ١٥٩ و ١٤٩ رقم ١١١٣٤ و ١١٠٥٢.

٢٥ ـ طبقات أعلام الشيعة ـ أعلام القرن الخامس ـ : ١٧٧.

٢٦ ـ ريحانة الأدب ٥ / ٣٩.

٢٧ ـ أعيان الشيعة ـ للسيد الأمين ـ ٩ / ٤٠٠ و ٤٦ / ١٦٠ من الطبعة الأولى.

٢٨ ـ فهرست المكتبة المركزية لجامعة طهران ٣ / ٢١٦٢ ـ ٢١٦٦.

٢٩ ـ مستدركات علم الرجال ـ للنمازي ـ ٧ / ٢٣٨.

٣٠ ـ معجم رجال الحديث ـ للإمام الخوئي ـ ١٧ / ٣٥٧.

٣١ ـ مفاخر إسلام ٣ / ٣٢٧ ـ ٣٤٦.

٣٢ ـ فلاسفة الشيعة : ٤٩٦.

٣٣ ـ مقدمة (كنز الفوائد) للشيخ عبد الله نعمة.

٣٤ ـ موسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي ـ لعمر عبد السلام التدمري ـ ٤ / ٢٩٣ ـ ٣٠٥.

٣٥ ـ الحياة الثقافية في طرابلس الشام ـ لعمر عبد السلام التدمري ـ : ٣٢٩.

٣٦ ـ الغدير في التراث الإسلامي (تأليفي) : ٩٤ ـ ٩٨.

٣٧ ـ قاموس الرجال ـ للتستري ـ ٨ / ٣٠٠ من الطبعة الأولى.


٣٨ ـ بروكلمن ـ الأصل ـ ١ / ٣٥٤ والذيل ١ / ٤٣٤.

٣٩ ـ الأعلام ـ للزركلي ـ ٦ / ٢٧٦.

٤٠ ـ معجم المؤلفين ٨ / ٤٩ و ١١ / ٢٧.

٤١ ـ مصفى المقال : ٣٧٤.

* * *




بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي عرفنا نفسه ، وألهمنا شكره ، ووفقنا لطاعته ، وهدانا إلى قبلته ، والصلاة والسلام على خاتم رسله والأئمة من آله ، المنقذين من الضلال ، والهادين إلى الحق.

وبعد :

قال الإمام أبو جعفر الباقر (ع) : بني الإسلام على خمس : على الصلاة ، والزكاة ، والحج ، والصوم ، والولاية ، الحديث (١).

وقال عليه‌السلام لسلمان بن خالد : ألا أخبرك بالإسلام ، أصله وفرعه وذروة سنامه؟ قال : بلى جعلت فداك ، قال : أما أصله فالصلاة ، وفرعه الزكاة ، وذروة سنامه الجهاد (٢).

وقال أمير المؤمنين علي (ع) في وصيته للحسن (ع) : الله الله في خير

__________________

(١) الوسائل ١ / ١٣ باب ١ من أبواب مقدمات العبادات ح ١.

(٢) الوسائل ١ / ١٤ باب ١ من أبواب مقدمات العبادات ح ٣.


العمل فإنها عمود دينكم (٣).

فأول الأعمال وخيرها وأساسها الصلاة التي تشكل العامل الأساسي في رقي الروح ، وصفاء النفس ، وطهارة السريرة ، وعلو الدرجات ، كما قال النبي الأكرم (ص) :

(من حبس نفسه في صلاة فريضة فأتم ركوعها وسجودها وخشوعها ثم مجد الله عزوجل ، وعظمه ، وحمده ، حتى يدخل وقت صلاة أخرى لم يلغ بينهما ، كتب الله له كأجر الحاج المعتمر ، وكان من أهل عليين) (٤).

فالصلاة من أجلى مصاديق تجسيد العبودية المتمحضة للمولى جل وعلا ، فكل فعل من أفعال الصلاة يعطي معنى من معاني العبدوية ، فالسجود من أعظم مراتب الخضوع وأحسن درجات الخشوع والاستكانة ، والركوع يظهر تواضع العبد واعترافه بعلو مرتبة ربه ، والقيام أيضا يذكر بالقيام بين يدي الله عزوجل ، وأنه أمام ملك جبار.

وكذا الحال في التوجه إلى القبلة ، فإنه في الحقيقة توجه إلى الله ، فلا بد أن يكون العبد متأدبا أمامه ، لأن التوجه بالبدن يهيئ القلب إلى الانقطاع لله تعالى ، لأنا إن لم نتوجه بقلوبنا وأبداننا يصرف الله وجه رحمته عنا.

ويؤيده قول الصادق (ع) : (إذا استقبلت القبلة فآيس من الدنيا وما فيها ، والخلق وما هم فيه ، واستفرغ قلبك عن كل شاغل يشغلك عن الله تعالى ، وعاين بسرك عظمة الله تعالى ، واذكر وقوفك بين يديه (يوم تبلو كل نفس ما أسلفت وردوا إلى الله مولاهم الحق) ، وقف على قدم الخوف والرجاء) (٥).

__________________

(٣) الفقيه ٤ / ١٩٠ باب رسم الوصية ح ٥٤٣٣.

(٤) الفقيه ١ / ٢١١ باب فضل الصلاة ح ٦٤٢.

(٥) مصباح الشريعة : ٩١.


ثم أنه وقع الخلاف بين علماء الإسلام في كيفية التوجه إلى القبلة ، وفي العلامات المؤدية إلى جهتها.

فهده الرسالة معقودة لبيان هذا الغرض المهم.

وفي كل حقبة من الزمن تبرز شخصيات فذة عظيمة الشأن يشار إليها بالبنان ، قد تجلت فيها المواهب الحميدة ، والطبائع الكريمة ، والهمم العالية ، والنفوس الزاكية ، فعاشت برهة من الزمن وغابت أشخاصها عنا ، إلا أنها لا زالت تعيش في قلوبنا وأفكارنا ، في محافلنا وأقلامنا العلمية ، بل في كل كتاب وقرطاس ، وكأنها خلقت لأكثر من زمانها التي عاشت فيه.

وليس ببعيد هذا ، لأنها كرست كل جهودها وطاقاتها لخدمة المذهب الشريف والدين الحنيف ، فقد أنارت الدرب وخطت لنا نهجا نسير عليه ، وحقا يقال : إنها عاشت لغيرها أكثر مما عاشت لنفسها.

ومن هؤلاء الأفذاذ شيخنا المترجم ، العالم الأوحد ، علم الأئمة الأعلام ، عضد الإسلام والمسلمين ، الشيخ حسين بن عبد الصمد بن محمد الجبعي العاملي الهمداني ، نور الله مرقده.

ولا يسعنا المجال بهذا المختصر ذكر إنجازاته وخدماته في الحقول العلمية والعملية ، بل نحيل القارئ الكريم إلى المصادر المعقودة لهذا الغرض.

وكما سيأتي أن مصنفاته كثيرة وفي كل فنون الإسلام.

فمن جملة مصنفاته هذه الرسالة التي بين يديك عزيزي القارئ.


ترجمة المؤلف

المترجمون لشيخنا الجليل كثيرون ، ولا أريد أن أستوعب حياته الفذة ، لئلا يطول بنا المقام ، وإنما أذكرها على سبيل الاختصار ، وقد وقفت قليلا على بعض النقاط المهمة في حياته قدس‌سره.

اسمه ونسبه :

هو الشيخ الجليل بهاء الدين ، محمد بن الحسين بن عبد الصمد بن محمد بن علي بن الحسين بن محمد بن صالح الحارثي الهمداني الجبعي العاملي ، نسبة إلى الحارث الهمداني ، من خواص أمير المؤمنين الإمام علي ابن أبي طالب (ع) (٦).

ولادته ونشأته :

ولد في بعلبك ـ وقال أبو المعالي الطالوي : إنه ولد بقزوين ـ عند غروب الشمس يوم الأربعاء ، لثلاث بقين من ذي الحجة الحرام سنة ثلاث وخمسين وتسعمائة (٧).

ثم انتقل به والده وهو صغير إلى بلاد العجم ، فنشأ في حجره بتلك

__________________

(٦) أمل الآمل ١ / ١٥٥ ، سلافة العصر : ٢٨٩ ـ ٣٠٢ ، لؤلؤة البحرين : ١٦ ، روضات الجنات ٧ / ٥٦ ، الأعلام ٦ / ١٠٢ ، أعيان الشيعة ٩ / ٢٣٤ ، رياض العلماء ٥ / ٨٨.

(٧) يقول الميرزا الأفندي رحمه‌الله ، في رياض العلماء ٥ / ٩٧ : ورأيت بخط بعض الأفاضل ـ نقلا عن خط البهائي ـ أن مولده سنة ٩٥١.


الأقطار المحمية ، وأخذ عن والده وغيره من الجهابذة ، حتى أذعن له كل مناضل ومنابذ ، فلما اشتد كاهله ، وصفت له من العلم مناهله ، ولي بها شيخ الإسلام ، وفوضت إليه أمور الشريعة الغراء ، على صاحبها وآله الصلاة والسلام.

ثم رغب في الفقر والسياحة ، واستهب من مهاب التوفيق رياحه ، فترك تلك المناصب ، ومال لما هو لحاله مناسب ، فقصد بيت الله الحرام ، وزيارة النبي وأهل بيته الكرام ، عليهم أفضل الصلاة والتحية والسلام ، ثم أخذ بالسياحة ، فساح ثلاثين عاما .. فإلى القدس مرورا بمصر ، وإلى الحجاز ثم حلب ، وإلى قزوين وغيرها من بلاد إيران ، ثم رجع إلى أصفهان محتداه ، وأوتي في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة ، واجتمع في أثناء ذلك بكثير من أرباب الفضل والحال ، ونال من فيض صحبتهم ما تعذر على غيره واستحال ، ثم عاد إلى مسكنه أصبهان ، وهناك همى غيث فضله وانسجم ، فألف وصنف ، وقرط المسامع وشنف (٨).

أسرته :

عاش شيخنا البهائي وسط أسرة علمية ، شريفة ، كريمة ، عريقة ، حافلة بالمفاخر.

فوالده :

الشيخ عز الدين ، الحسين بن عبد الصمد بن محمد الحارثي الهمداني

__________________

(٨) سلافة العصر : ٢٨٩ ـ ٣٠٢ ، أمل الآمل ١ / ١٥٧ ـ ١٥٨ ، روضات الجنات ٧ / ٦٢ ، لؤلؤة البحرين : ٢٢ ، أعيان الشيعة ٩ / ٢٣٩ ، رياض العلماء ٥ / ٩١ ، الأعلام ٦ / ١٠٢.


الجبعي العاملي ، كان عالما ماهرا ، محققا ، مدققا ، متبحرا ، جامعا ، أديبا ، منشئا ، شاعرا ، عظيم الشأن ، جليل القدر ، ثقة ثقة ، من فضلاء تلامذة شيخنا الشهيد الثاني رحمه‌الله ، له مناضرة لطيفة مع فضلاء حلب (٩).

وجده :

الشيخ عبد الصمد بن محمد بن علي الجبعي العاملي ، كان فاضلا عالما ، وقد عبر عنه الحر في ترجمة ولده الحسين ب : الشيخ الصالح ، العالم العامل ، المتقي المتفنن ، خلاصة الأخيار (١٠).

وجد أبيه :

وهو الشيخ شمس الدين محمد بن علي بن الحسين بن صالح الجبعي العاملي ، فاضل ، جد الشيخ حسين بن عبد الصمد العاملي ، وقد أثنى عليه الشهيد الثاني رحمه‌الله في إجازته لابن ابنه (١١).

وعمه :

الشيخ نور الدين أبو القاسم علي بن الشيخ عبد الصمد بن الشيخ شمس الدين محمد الجبعي العاملي ، فاضل ، عالم ، جليل ، فقيه شاعر ، من تلامذة الشهيد الثاني قدس‌سره ، له رسالة (الدرة الصفية في نظم الألفية)

__________________

(٩) أمل الآمل ١ / ٧٤ ، الأعلام ٢ / ٢٤٠ ، روضات الجنات ٢ / ٣٣٨ ، وقد طبعت في قم سنة ١٤١٢ ه ، بتحقيق شاكر شبع ، ضمن منشورات مؤسسة قائم آل محمد ، عجل الله تعالى فرجه الشريف.

(١٠) أمل الآمل ١ / ١٠٩ ، رياض العلماء ٣ / ١٢٨ ، أعيان الشيعة ٨ / ١٧.

(١١) أمل الآمل ١ / ١٣٨ ، رياض العلماء ٥ / ٤٨ ، تكملة أمل الآمل : ٣٥٦.


للشهيد الثاني ، التي ذكر فيها أنه من تلاميذه (١٢).

وأخوه :

الشيخ عبد الصمد بن الحسين بن عبد الصمد العاملي ، كان فاضلا جليلا ، وقد صنف أخوه لأجله (الصمدية) (١٣).

وزوجته :

الشيخة بنت الشيخ علي المنشار العاملي ، كانت عالمة ، فاضلة ، فقيهة ، كان في جهازها يوم زفت إلى الشيخ البهائي كتب تامة في فنون العلم ، وهي أربعة آلاف مجلد.

وكان أبوها شيخ الإسلام بأصبهان أيام السلطان شاه طهماسب الصفوي ، وكان قد جاء من الهند في سفره الذي سافر بكتب كثيرة ، ولم يكن له غير هذه البنت ، ولما مات انتقل كل ما كان عنده من الكتب والأملاك والعقار إليها (١٤).

وأولاده :

المشهور أنه لم يعقب أولادا ، وقيل : أعقب بنتا ، يقول صاحب (الرياض) : وكان لها حفدة معاصرين لنا (١٥). والبعض يقول : إنه كان

__________________

(١٢) رياض العلماء ٤ / ١١٤ ، أعيان الشيعة ٨ / ٢٦٢ ، تكملة أمل الآمل : ٣٠٢.

(١٣) أمل الآمل ١ / ١٠٩ ، رياض العلماء ٣ / ١٢٣ ، أعيان الشيعة ٨ / ١٦.

(١٤) رياض العلماء ٥ / ٤٠٧ ، أعيان الشيعة ٢ / ٢٧٥.

(١٥) رياض العلماء ٥ / ٩٤.


عقيما (١٦).

أقوال العلماء فيه :

قال السيد علي خان المدني في (سلافة العصر) : علم الأئمة الأعلام ، وسيد علماء الإسلام ، وبحر العلم المتلاطمة بالفضائل أمواجه ، وفحل الفضل الناتجة لديه أفراده وأزواجه ، وطود المعارف الراسخ ، وفضاؤها الذي لا تحد له فراسخ ، وجوادها الذي يؤمل له لحاق ... إليه انتهت رئاسة المذهب والملة ، وبه قامت قواطع البرهان ، فما من فن إلا وله فيه القدح المعلى ، والمورد العذب المحلى ، إن قال لم يدع قولا لقائل ، أو طال لم يأت غيره بطائل ... (١٧).

وقال الشهيد الثاني في إجازته له : ثم إن الأخ في الله ، المصطفى في الأخوة ، المختار في الدين ، المرتقي عن حضيض التقليد إلى أوج اليقين ، الشيخ العالم الأوحد ، ذا النفس الطاهرة الزكية ، والهمة الباهرة العلية ، والأخلاق الزاهرة الإنسية ، عضد الإسلام والمسلمين ، عز الدنيا والدين ، حسين بن الشيخ الصالح العالم العامل التقي ، خلاصة الإخوان ، الشيخ عبد الصمد بن الشيخ الإمام شمس الدين محمد ، المشتهر بالجبعي العاملي الهمداني ، أسعد الله جده ، وكبت عدوه وضده ... (١٨).

وقال السيد مصطفى التفريشي : جليل القدر ، عظيم المنزلة ، رفيع الشأن ، كثير الحفظ ، ما رأيت بكثرة علومه ووفور فضله ، وعلو مرتبته أحدا

__________________

(١٦) أعيان الشيعة ٩ / ٢٤٢ ، تكملة أمل الآمل : ٤٤٧.

(١٧) سلافة العصر : ٢٨٩ ـ ٣٠٣ ، عنه في أعيان الشيعة ٩ / ٢٣٤.

(١٨) لؤلؤة البحرين : ٢٤ ، أعيان الشيعة ٩ / ٢٣٤.


في كل فنون الإسلام كمن كان له فن واحد (١٩).

وقد أطراه جملة من العلماء الأعلام ، وقد أعرضنا عن ذكر مديحهم لئلا يطول المقام.

أساتذته ومشايخه :

وهم كثيرون ، نذكر منهم :

١ ـ والده الشيخ حسين بن عبد الصمد العاملي.

٢ ـ الشيخ عبد العالي الكركي ، وهو ابن المحقق الكركي.

٣ ـ الشيخ عبد الله اليزدي ، وهو صاحب الحاشية في المنطق.

٤ ـ الشيخ محمد بن محمد بن أبي اللطيف المقدسي الشافعي.

٥ ـ علي المذهب المدرس ، أستاذه في العلوم العقلية والرياضية.

تلامذته والرواة عنه :

كثيرون أيضا ، نخص منهم بالذكر :

١ ـ السيد نظام الدين أحمد بن زين العابدين العلوي العاملي.

٢ ـ السيد حسين بن حيدر ابن السيد عز الدين الكركي.

٣ ـ السيد عبد الحسيب بن زين العابدين العلوي العاملي.

٤ ـ السيد نور الدين علي بن علي بن أبي الحسن الموسوي.

٥ ـ الشيخ جعفر بن لطف الله العاملي.

__________________

(١٩) نقد الرجال : ٣٠٣.


وفاته ومدفنه :

توفي سنة ١٠٣٠ ه بأصفهان وصلى عليه تلميذه المجلسي الأول بحشد من الفضلاء والناس ، ونقل إلى خراسان ، ودفن في المشهد الرضوي في بيته الذي كان عند رجلي الضريح المقدس (٢٠).

وقال في سلافة العصر : إنه توفي سنة ١٠٣١ (٢١) ، وقيل : إنه توفي سنة ١٠٣٥ ه.

تصانيفه (٢٢) :

وهي كثيرة جدا نذكر بعضها على نحو الاستعراض :

الحديث :

١ ـ شرح الأربعين حديثا.

الفقه :

١ ـ الحبل المتين.

٢ ـ رسالة في ذبائح أهل الكتاب.

__________________

(٢٠) رياض العلماء ٥ / ٩٧ ، روضات الجنات ٧ / ٥٩ ، أعيان الشيعة ٩ / ٢٣٤ ، الأعلام ٦ / ١٠٢.

(٢١) سلافة العصر : ٢٨٩ ـ ٣٠٢.

(٢٢) أمل الآمل ١ / ١٥٥ ـ ١٥٧ ، الأعلام ٦ / ١٠٢ ، رياض العلماء ٥ / ٨٨ ـ ٩٠ ، روضات الجنات ٧ / ٦٠ ـ ٦١ ، لؤلؤة البحرين : ٢٠ ـ ٢٢ ، أعيان الشيعة ٩ / ١٤٤.


٣ ـ رسالة في الطهارة.

٤ ـ الرسالة الاثنا عشرية في الصلاة.

٥ ـ رسالة في الصوم.

٦ ـ رسالة في الزكاة.

٧ ـ رسالة في الحج.

٨ ـ رسالة في الكر.

الأصول :

١ ـ حاشية شرح العضدي على مختصر الأصول.

٢ ـ الزبدة في الأصول.

٣ ـ لغز الزبدة.

الدراية :

١ ـ رسالة في الدراية.

الرجال :

١ ـ حاشية الخلاصة في الرجال.

العقائد :

١ ـ رسالة مختصرة في إثبات وجود صاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف.

٢ ـ رسالة في تحقيق عقائد الشيعة في الفروع والأصول ، مفصلا على


اختصار.

التفسير :

١ ـ حاشية البيضاوي.

٢ ـ رسالة في شرح قول البيضاوي في تفسير قوله تعالى : (فسحقا لأصحاب السعير).

الأدعية :

١ ـ مفتاح الفلاح.

٢ ـ الحديقة الهلالية.

٣ ـ شرح الصحيفة السجادية ، الموسوم ب : حدائق الصالحين.

البلاغة والنحو والأدب :

١ ـ الكشكول ، كبير.

٢ ـ المخلاة.

٣ ـ الصمدية.

٤ ـ حاشية المطول.

٥ ـ سوانح الحجاز ، في شعره وإنشائه.

الفلك والهيئة والرياضيات :

١ ـ رسالة في أن أنوار سائر الكواكب مستفادة من الشمس.

٢ ـ رسالة الأصطرلاب ، سماها : الصحيفة.


٣ ـ خلاصة الحساب.

٤ ـ رسالة في حل إشكالي عطارد والقمر.

٥ ـ جهة القبلة.

نحن والرسالة :

وهي رسالة هيوية فقهية ، تبحث عن أهم الموضوعات الفقهية التي يتوقف عليها عمل المكلف ، وهو جهة القبلة ، طبق القواعد الهيوية ، مرفقة بشكل هندسي دقيق ذو زوايا قوائم وحواد ومنفرجات ، حاول فيها المصنف إثبات الجهة بطريقة علمية متقنة ، مع استعراض لآراء فطاحل العلماء ، وإيراد الملاحظات على تعريفاتهم ، وإثبات مدعاه بقوة علمية كما سترى.

ثم إن كل من تعرض من العلماء لترجمة شيخنا رحمه‌الله ، عد هذه الرسالة من مصنفاته (٢٣).

يقول العلامة البحاثة الشيخ آقا بزرگ الطهراني رحمه‌الله :

جهة القبلة رسالة متوسطة ، تقرب من مائة وخمسين بيتا ، في بيان المراد من الجهة وما فسرت به من السمت ، للشيخ البهائي ، المتوفى سنة ١٠٣١ ، أوله :

أما بعد الحمد والصلاة ، فيقول أقل العباد محمد ، المشتهر ... إن تحقيق حقيقة جهة القبلة التي يجب على البعيد تحصيلها والتوجه إليها ، من المهمات (٢٤).

__________________

(٢٣) رياض العلماء ٥ / ٩٠ ، روضات الجنات ٧ / ٦١ ، أعيان الشيعة ٩ / ٢٤٤.

(٢٤) الذريعة ٥ / ٣٠١.


نسخ الرسالة :

١ ـ نسخة في مكتبة آية الله السيد المرعشي النجفي قدس‌سره ، ضمن مجموعة رقم ١٠٤ ، كتبت سنة ١٠١٨.

٢ ـ نسخة في مكتبة البرلمان الإيراني السابق ، ضمن مجموعة رقم ٣٢٨٠ ، كتبت سنة ١١١٧ ، ذكرت في فهرسها ١٠ / ٨٩٨.

٣ ـ نسخة في مكتبة البرلمان الإيراني السابق ، ضمن مجموعة رقم ٣٣٤٧ ، كتبت سنة ١٠٩٠ ، ذكرت في فهرسها ١٠ / ١١٤٧.

٤ ـ نسخة في مكتبة البرلمان الإيراني السابق ، ضمن مجموعة رقم ١٨٠٥ ، ذكرت في فهرسها ٩ / ٣٦١.

٥ ـ نسخة في مكتبة البرلمان الإيراني السابق ، ضمن مجموعة رقم ٢٧٦١ ، ذكرت في فهرسها ٩ / ١٦٣.

٦ ـ نسخة في مكتبة البرلمان الإيراني السابق ، ضمن مجموعة رقم ٤٤٧١ ، كتبت سنة ١٠٧٩ ، ذكرت في فهرسها ١٢ / ١٥١.

٧ ـ نسخة في مكتبة البرلمان الإيراني السابق ، ضمن مجموعة رقم ٤٩٠٠ ، كتبت سنة ١٠٧٩ ، ذكرت في فهرسها ١٤ / ٧٧.

٨ ـ نسخة في مكتبة فاضل في خوانسار ، رقم ١٤٧ ، كتبت سنة ١٠٦٢.

٩ ـ نسخة في المكتبة المركزية لجامعة طهران ، ضمن مجموعة باسم الدستور ، رقم ٢١٤٤ ، كتبت سنة ١٠٧٩.

النسخ المعتمدة في التحقيق :

اعتمدت في عملي على نسختين :


١ ـ نسخة محفوظة في مكتبة البرلمان الإيراني السابق ، ضمن مجموعة ٤٤٧١ ، رقم الرسالة ١٦ ، مذكورة في فهرست المكتبة ١٢ / ١٥١ ، وفي نهايتها كتب : تمت في ١٧ شعبان ١٠٧٩ هجرية ، تقع هذه النسخة في ثلاث صفحات ، كل صفحة تحتوي على ٢٥ سطرا ، بقياس X ١٧ ٢٥ سم ، وقد رمزنا لها ب (م).

٢ ـ نسخة محفوظة في المكتبة المركزية لجامعة طهران ، ضمن مجموعة كبيرة ، باسم : الدستور ، برقم ٢١٤٤ ، والرسالة في الورقة ٩٧ منها ، مذكورة في فهرست المكتبة ٩ / ٤٠٨ ، وعلى هامشها تعليقة من المصنف أثبتناها في موضعها ، وعلى هامشها في موضعين كلمة (بلغ) التي تدل على مقابلتها والعناية بها ، وكتب في نهايتها : تمت في ١٧ شعبان ١٠٧٩ ، والملاحظ أن هذا الانهاء يوافق إنهاء النسخة السابقة ، وهي في صفحتين ، كل صفحة تحتوي على ٥٥ سطرا ، وقد رمزنا لها ب (ج).

منهجية التحقيق :

اعتمدت عملية التلفيق بين النسختين مشيرا إلى الاختلاف في الهامش ، فكان عملي كالتالي :

١ ـ مقابلة النسختين والإشارة إلى الاختلاف في الهامش.

٢ ـ تقويم النص وتقطيعه إلى فقرات.

٣ ـ تخريج الأحاديث الواردة من مصادرها الرئيسية.

٤ ـ تخريج الأقوال الفقهية التي نقلها المصنف من مصادرها.

وفي الختام :

أقدم جزيل شكري إلى كل من آزرني وساعدني على إخراج هذه


الرسالة بحلة لائقة ، وأخص بالذكر مؤسسة آل البيت (ع) لإحياء التراث.

والحمد لله أولا وآخرا ، وصلى الله على محمد وآله الطاهرين.

هادي الشيخ حسن القبيسي العاملي

قم المقدسة

١٤١٤ ه





بسم الله الرحمن الرحيم

أما بعد الحمد والصلاة ،

فيقول أقل العباد محمد ، المشتهر ب : بهاء الدين العاملي ، عفا الله عنه : إن تحقيق حقيقة جهة القبلة ، التي يجب على البعيد تحصيلها ، والتوجه إليها ، من المهمات ، ليكون المتوجه عارفا ـ في الجملة ـ بحقيقة ما يتوجه إليه ويستقبله.

وقد اختلف كلام فقهائنا ـ قدس الله أرواحهم ـ في الكشف عنها ، وبيان ماهيتها ، مع أنه لا مرية لأحد في أنها : (ما يكون العامل بالعلامات المقررة متوجها إليها).

لكن ، لما لم يكن هذا القدر كافيا في شرح حقيقتها ـ لكونه من قبيل تعريفها ب : (ما يجب استقباله في الصلاة) وهو كالرد إلى الجهالة ـ لأن الغرض شرح حقيقة ذلك الشئ الذي يجب استقباله ، فلهذا لم يعول الفقهاء ـ رحمهم‌الله ـ على تعريفها بذلك ، وأوردوا ما يشرح ماهيتها في الجملة :


[١] فعرفها العلامة ـ طاب ثراه ـ في المنتهي : ب (السمت الذي فيه الكعبة) (٢٥).

وقد يفسر السمت هنا : بامتداد (٢٦) معترض في أحد جوانب الأفق.

[٢] وعرفها في التذكرة بأنها : (ما يظن أنه الكعبة حتى لو ظن خروجه عنها (٢٧) لم تصح).

والظاهر أنه أراد (بما يظن أنه الكعبة) ما يظن اشتماله عليها ، ويؤيده قوله : (حتى لو ظن خروجه عنها).

[٣] وعرفها شيخنا ـ قدس الله روحه ـ في الذكرى : ب (السمت الذي يظن كون الكعبة فيه) (٢٨).

[٤] وقال شيخنا المحقق علي ـ أعلى الله قدره (٢٩) ـ في شرح القواعد : (الذي ما زال يختلج بخاطري أن جهة القبلة هي : المقدار الذي شأن البعيد أن يجوز على كل بعض منه أن يكون هو الكعبة ، بحيث يقطع بعدم خروجها عن مجموعة) (٣٠).

[٥] وعرفها شيخنا الشهيد الثاني ـ نور الله مرقده ـ في شرح الشرائع : ب (القدر الذي يجوز على كل بعض (٣١) منه كون الكعبة فيه ، ويقطع بعدم

__________________

(٢٥) منتهى المطلب ١ / ٢١٨.

(٢٦) في هامش (ج) تعليقة من المصنف رحمه‌الله ، هذا نصها : الظاهر أن المراد بالامتداد خط مستقيم ، فإنه هو المتبادر عند الاطلاق. (منه).

(٢٧) تذكرة الفقهاء ٣ / ٧ ، وعنه في مفتاح الكرامة ٢ / ٧٥.

(٢٨) ذكرى الشيعة : ١٦٢ ، وعنه في مفتاح الكرامة ٢ / ٧٥.

(٢٩) في (م) : مقامه.

(٣٠) جامع المقاصد ٢ / ٤٩.

(٣١) في المصدر : كل جزء.


خروجها عنه ، لأمارة يجوز التعويل عليها شرعا) (٣٢).

[٦] وعرفها بعضهم بأنها : (قوس من الأفق يجوز على كل خط خارج من جهة الساجد (٣٣) ، منتهيا إليه أن يمر بالكعبة).

فهذه تعريفات (٣٤) ستة للجهة.

وظني أنه لا يسلم شئ منها من خلل ، كما ستحيط به خبرا.

[٧] ولو عرفت بأنها (أعظم سمت يشتمل على الكعبة قطعا أو ظنا ، بحيث تتساوى نسبة أجزائه إلى هذا الاشتمال من غير ترجيح) لكان أقرب إلى السلامة ، كما ستعرفه إن شاء الله تعالى.

تمثيل (٣٥) :

لنفرض دائرة أفقا من الآفاق العراقية ، كالكوفة ، والمصلي على مركزها وهو نقطة (د).

وقد أدته الدلائل أو الأمارات إلى أن قبلة الكوفة في جانب الجنوب ..

إما بالسفر منها إلى مكة وتدبر الطريق.

أو للعمل (٣٦) بالأمارات المعروفة لأهل العراق ، كجعل الجدي على المنكب الأيمن ، والمغرب والمشرق (٣٧) على اليمين واليسار ، ولنفرضه قاطعا أو ظانا وقوع الكعبة في امتداد (ب ـ ج) (٣٨) بحيث يجوز على كل جزء منه

__________________

(٣٢) مسالك الأفهام ١ / ٢٢١.

(٣٣) في (م) : المساجد.

(٣٤) في (م) : تفريعات.

(٣٥) في (م) كلمة غير مقروءة.

(٣٦) في (م) : العمل.

(٣٧) في (م) : والمشرق والمغرب.

(٣٨) في (م) : ب ـ ح.


أن يكون فيه الكعبة ، ويقطع بعدم خروجها عن مجموعه (٣٩).

فخط (ب ـ ج) هو السمت الذي هو عبارة عن جهة القبلة على التعريفات الخمسة الأول ، والسابع.

فإذا استقبل المصلي أي جزء من أجزائه كان مستقبلا للقبلة ، سواء كان الخط الخارج من موضع سجوده منتهيا إليه ، مقاطعا له على قوائم كخط (د ـ ه) أو حواد ومنفرجات كخطي (د ـ ب) ، (د ـ ج).

ومن ثم حكموا باتساع الجهة واغتفار يسير الانحراف ، وربما نزلوا ما يتراءى من التخالف بين علامات قبلة العراق ، على ذلك.

وأما على التعريف السادس : فسمت القبلة ـ أعني جهتها ـ هو : قوس (ط ـ ي) ووجه عدم حمل الجهة في التعريفات الأول على هذا القوس ، ظاهر ، لظهور أن الكعبة غير واقعة على محيط الأفق الحقيقي ولا الحسي.

ولو أريد بالأفق ما ينصف الأرض فقط ، لم يلزم وقوعها على محيطه أيضا ، وإنما يتحقق ذلك في بلد يكون غاية ميل أفقه عن أفق مكة بقدر ربع الدور.

ثم لا يخفى أن مرور الخط المذكور في التعريف السادس بالكعبة إنما يتحقق في موضع تكون الكعبة واقعة فوق أفقه ، فلا تغفل.

* * *

__________________

(٣٩) لفظ (عن مجموعه) لم يرد في (م).


فصل

اعترض شيخنا المحقق الشيخ علي ـ أعلى الله قدره ـ في (شرح القواعد) على تعريف (التذكرة) بأن البعيد لا يشترط في صحة صلاته ظن محاذاة الكعبة ، وبأن الصف المستطيل يحكم بخروج بعضهم عنها ، فيلزم بطلان صلاتهم ، وأظهر منه من يصلي بعيدا عن محراب النبي (ص) بأزيد من مقدار الكعبة (٤٠).

ثم إنه رحمه‌الله ، أرجع تعريف (الذكرى) إلى تعريف (التذكرة) (٤١) ، وظاهر كلامه أنه حمل (السمت) فيه على الخط المتوهم امتداده من المستقبل في الصوب الذي يستقبله.

وهو كما ترى.

والظاهر أن مراد العلامة ما ذكرناه قبيل هذا ، وأن المراد بالسمت في تعريف (الذكرى) : هو الامتداد المعترض ، لا الطولي.

وكيف يظن بهذين الشيخين ـ طاب ثراهما ـ القول بأن عين الكعبة قبلة للبعيد؟! مع أنهما مصرحان في كتبهما بخلافه ، بل لم يذهب أحد من علمائنا إلى ذلك ، وإنما هو مذهب بعض العامة (٤٢).

__________________

(٤٠) جامع المقاصد ٢ / ٤٨ باختلاف يسير.

(٤١) حيث قال : (وما ذكره لا يكاد يخرج عن كلام التذكرة) أنظر : تذكرة الفقهاء ٢ / ٤٩.

(٤٢) وهم : الجرجاني من الحنفيين وأحد قولي الشافعي.

أنظر : المجموع ٣ / ٢٠٧ و ٢٠٨ ، فتح العزيز ٣ / ٢٤٢ ، شرح فتح القدير ١ / ٢٣٥ ، الكفاية ١ / ٢٣٥ ، شرح العناية ١ / ٢٣٥ ، عمدة القاري ٤ / ١٢٦ ، المغني ١ / ٤٩١ ـ ٤٩٢ و ٥١٩ ، نيل الأوطار ٢ / ١٨٠.


توضيح :

الباعث على اشتراط الشيخين ـ أعلى الله قدرهما ـ أن يجوز على كل بعض من ذلك المقدار (٤٣) أن يكون هو الكعبة ، المحافظة على طرد التعريف ، لصدقه بدونه على مقدار يقطع أو يظن عدم وقوع الكعبة في بعض أجزائه ، كمجموع خط (ز ـ ح) فإنه يقطع بعدم خروج الكعبة عن مجموعه ، مع أنه ليس هو بمجموعه الجهة ، وإنما الجهة بعضه ، أعني خط (ب ـ ج) (٤٤) (فلا يجوز استقبال شئ من أجزاء خط (ز ـ ب) (٤٥) ، ولا خط (ج ـ ح) ، وهذا ظاهر.

وأما سبب تقييدهما بالقطع بعدم خروج الكعبة عن مجموع ذلك المقدار ، فلأنه لولا هذا القيد لصدق التعريف على خط (ه ـ ج) (٤٦) مثلا ، فإنه يجوز على كل جزء منه أن يكون هو الكعبة ، مع أنه بعض الجهة لا نفسها ، فإن الجهة تبطل الصلاة بالخروج عنها ، وليس خط (ه ـ ج) كذلك.

ومن هذا يظهر عدم مانعية التعريف السادس ، لصدقه على قوس (ك ـ ي) مثلا.

ونحن لما اعتبرنا في التعريف الأخير (أعظم سمت) سلم طرده من هذا الخدش.

* * *

__________________

(٤٣) في (م) : المقدر.

(٤٤) في (م) : ز ـ ب.

(٤٥) ما بين القوسين لم يرد في (م).

(٤٦) في (م) : ه ـ ح.


تتمة :

ثمرة تقييد شيخنا الشهيد الثاني رحمه‌الله بقوله : (لأمارة يجوز التعويل عليها شرعا) إخراج الجهات الأربع للمتحير.

وقد صرح ـ طاب ثراه ـ بذلك حيث قال : (احترزنا بالقيد الأخير عن فاقد الأمارات ، بحيث يكون فرضه الصلاة إلى أربع جهات ، فإنه يجوز على كل جزء من الجهات الأربع كون الكعبة فيه ، ويقطع بعدم خروجها عنه ، لكن لا لأمارة شرعية) (٤٧). انتهى.

ومراده رحمه‌الله بالقطع المذكور : القطع بعدم خروج الكعبة عن مجموع أجزاء الجهات الأربع ، لا ما يعطيه ظاهر العبارة.

فإن قلت : كل واحدة من الجهات الأربع جهة القبلة في حق المتحير ، فكان الواجب إدراجها في التعريف لا إخراجها.

قلت : لعله لما لم تبرأ الذمة بالتوجه إلى واحدة بعينها لم يجعلوها جهة ، فإن الجهة ما تبرأ الذمة من الاستقبال بالتوجه إليها.

هذا ، وأنت خبير بأن زيادته رحمه‌الله هذا القيد على تعريف المحقق الشيخ علي ـ أعلى الله قدره ـ كالتصريح بعدم سلامة طرده بدونه.

وظني أنه ـ أعلى الله قدره ـ أراد بالمقدار : السمت ، على ما مر تفسيره ، فلم يحتج إلى ذلك القيد ، إذ لا قطع للمتحير بعدم خروج الكعبة عنه.

* * *

__________________

(٤٧) المسالك ١ / ٢٢١.


فصل

إذا حصل القطع بعدم خروج الكعبة عن سمت معين كسمت ز ـ ح مثلا ، وجوز على كل بعض من أبعاضه ـ كخطوط ز ـ ب ، ب ـ ج ، ج ـ ح ، اشتماله عليها.

فلا يخلو :

إما أن يكون جميع تلك الأبعاض متساوية الأقدام في احتمال هذا الاشتمال من غير ترجيح؟

أو يكون اشتمال بعضها ـ كامتداد (ب ـ ج) مثلا ـ أرجح في ظنه عن سائر الأجزاء؟

وعلى الأول : لا ريب في أن مجموع ذلك السمت هو الجهة في حقه ، وأن ذمته تبرأ بالاستقبال أي بعض من الأبعاض شاء.

وأما على الثاني ، فوجهان :

أحدهما : أن يكون حكمه كالأول من غير تحتم استقبال الأجزاء الراجحة الاشتمال.

والثاني : أن يجب عليه تخصيص الاستقبال بتلك الأجزاء ، فلا تصح صلاته إلى الأجزاء المرجوحة الاشتمال.

وهذا هو الأصح ، لقبح التعويل على المرجوح مع التمكن من الراجح ، ولقول الصادق (ع) في موثقة سماعة : (تعمد القبلة جهدك) (٤٨).

__________________

(١) الوسائل ٤ / ٣٠٨ باب ٦ من أبواب القبلة ح ٢ و ٣ ، الكافي ٣ / ٢٨٤ ح ١ ،


ومن ثم ، حكموا بوجوب رجوع من فرضه التقليد ـ في القبلة أو غيرها ـ إلى أعلم المجتهدين وأوثقهما (٤٩).

وأنت خبير بأن المستفاد من تعريفي الشيخين في الشرحين هو الوجه الأول ، وللبحث فيه مجال واسع ، فلا تغفل.

إشارة (٥٠) :

إشتراط (٥١) الشيخين ـ طاب ثراهما ـ في الشرحين القطع بعدم خروج الكعبة عن ذلك المقدار ، موضع نظر.

فإنه يعطي أن : من لم يقدر على تحصيل القطع المذكور ، بل جوز على كل واحد من المقادير الأربعة في جوانب الأفق أن يكون فيه الكعبة ، لكن كان وقوعها في واحد معين منها أرجح في نظره من وقوعها (٥٢) فيما عداه ، لم يكن (٥٣) ذلك المقدار المظنون ـ وقوع الكعبة فيه ـ جهة في حقه (٥٤) : لأنه غير قاطع بعدم خروج الكعبة عنه.

وهو كما ترى.

والحق : أن كونه جهة (٥٥) في حقه مما لا ينبغي الامتراء

__________________

التهذيب ٢ / ٤٦ ح ١٤٧ ، و ٢ / ٢٥٥ ح ١٠٠٩ ، والاستبصار ١ / ٢٩٥ ح ١٠٨٩.

(٤٩) في (م) : وأوثقها.

(٥٠) في (م) كلمة غير مقروءة.

(٥١) في (م) : إشارة الشيخين.

(٥٢) في (م) : وقوعهما.

(٥٣) (لم يكن) جزاء (من لم يقدر).

(٥٤) في (م) : جهة في جهة.

(٥٥) في (م) : حجة.


فيه (٥٦).

إيضاح :

قد ذكر علماؤنا ـ رضي‌الله‌عنهم ـ : أنه إنما يجوز التعويل في تحصيل جهة القبلة على الظن ، مع العجز عن العلم.

أما من كان قادرا على تحصيل العلم بالجهة ، من غير مشقة شديدة ، عادة ، فلا يجوز له التعويل على الظن ، وقد دلت على ذلك صحيحة زرارة ، عن الباقر (ع) ، قال : (يجزي المتحير (٥٧) أبدا أينما توجه (٥٨) إذا لم يعلم أين وجه القبلة) (٥٩).

فإنها تعطي بمفهومها الشرطي (٦٠) أن التحري ـ أعني : الاجتهاد ـ إنما يجزي إذا لم يكن للمكلف طريق إلى العلم.

وبهذا يظهر أن تعريف (المنتهى) أقرب إلى الصواب من تعريفي (٦١) (التذكرة) و (الذكرى) ، لشموله ما فيه الكعبة قطعا ، وما هي فيه ظنا لا غير ، واختصاصهما (٦٢) بالظن ، فيختل عكسهما بالجهة المقطوع كون الكعبة فيها.

__________________

(٥٦) كتب في هامش (ج) هنا : (بلغ).

(٥٧) في (ج) : التحري.

(٥٨) لفظ (أينما توجه) لم يرد في (ج).

(٥٩) الوسائل ٤ / ٣١١ باب ٨ من أبواب القبلة ح ٢ ، الفقيه ١ / ١٧٩ ح ٨٤٥.

(٦٠) في (م) : بمفهومها الشرعي.

(٦١) في (م) : تعريف.

(٦٢) في (م) : واختصاصها.


تنبيه :

يظهر مما تلونا عليك سابقا : أن التعريفات الثلاثة ـ أعني تعريف (٦٣) : المنتهى ، والتذكرة ، والذكرى ـ منتقضة الطرد بالسمت الذي يقطع بخروج الكعبة عن بعض أجزائه ، إذا قطع أو ظن اشتمال الأجزاء الأخر عليها.

كما أن الثاني والثالث منها (٦٤) منتقضا العكس بالجهة المقطوع كون الكعبة فيها.

وأما تعريفا الشيخين في الشرحين (٦٥) : فقد لوحنا إليك قبيل هذا بما يشير إلى اختلالهما أيضا طردا ، وعكسا.

أما (٦٦) الطرد : فبالسمت المقطوع عدم خروج الكعبة عنه ، إذا ترجح وقوعها في بعض أجزائه على الوقوع في البواقي ، فإن الجهة إنما هي الأجزاء المظنونة الاشتمال عليها ، لا غير.

وأما العكس : فبالسمت الذي يظن عدم خروج الكعبة عنه مع العجز عن تحصيل القطع بذلك.

وأما التعريف السادس : فهو وإن سلم طرده مما انتقض به طرد التعريفات الثلاثة ، الأول : من السمت المقطوع بخروج الكعبة عن بعضه ، كما سلم عكسه مما انتقض به عكس الثاني والثالث من الجهة المقطوع كون الكعبة فيها ، لكنه لم يسلم طرده من الانتقاض ببعض أجزاء الجهة ، وبما انتقض به

__________________

(٦٣) في (م) : تعريفات.

(٦٤) في (ج) : منهما.

(٦٥) وهما : الشهيد الثاني في شرح الشرائع ، والكركي في شرح القواعد.

(٦٦) في (م) : وأما.


طرد تعريفي الشيخين ـ قدس الله روحهما ـ.

تبصرة :

قد استبان لك عدم سلامة شئ من التعريفات الستة من اختلال في الطرد ، أو العكس ، أو فيهما معا.

فلنعد إلى التعريف السابع ، الذي اخترناه ، فنقول : إنما اعتبرنا فيه (أعظم سمت) لئلا ينتقض طرده ببعض أجزاء الجهة.

ولم نقتصر (٦٧) على الظن ـ كما في تعريفي التذكرة والذكرى ـ لئلا ينتقض عكسه بالسمت الذي يقطع بعدم خروج الكعبة عنه.

ولا على القطع ـ كما في تعريفي الشيخين (٦٨) ـ لئلا ينتقض بالجهة المظنون كون الكعبة فيها ، عند العجز عن تحصيل القطع بذلك.

وأما قيد الحيثية ، فلإخراج سمت يكون اشتمال بعض أجزائه على الكعبة أرجح ، إذ الحق : أن الجهة ـ حينئذ ـ ليست مجموع ذلك السمت ، بل بعضه ، أعني : الأجزاء التي يترجح اشتمالها على الكعبة ، بشرط تساوي نسبة الرجحان إلى جميعها ، فلا يجوز للمصلي استقبال الأجزاء المرجوحة الاشتمال عليها ، خلافا للمستفاد من تعريفي الشرحين.

والله سبحانه أعلم (٦٩) بحقائق الأمور.

هذا ما خطر بالبال ، الكثير الاختلال ، مع ضيق المجال ، وتراكم الأشغال ، والحمد لله أولا وآخرا ، وباطنا وظاهرا (٧٠).

__________________

(٦٧) في (م) : يقتصر.

(٦٨) في (ج) : الشرحين.

(٦٩) في (م) : عليم.

(٧٠) ورد في نهاية (م) و (ج) : تمت في ١٧ شعبان تسع وسبعين وألف.


مصادر التحقيق

١ ـ أعيان الشيعة : للسيد محسن الأمين ، دار التعارف ، بيروت.

٢ ـ الإستبصار : للشيخ الطوسي ، دار الأضواء ، بيروت.

٣ ـ الأعلام : لخير الدين الزركلي ، دار العلم للملايين ، بيروت.

٤ ـ أمل الآمل : للحر العاملي ، مكتبة الأندلس ـ بغداد ، أفسيت منشورات المكتبة العامة للمرعشي النجفي ، قم.

٥ ـ تذكرة الفقهاء : للعلامة الحلي ، مؤسسة آل البيت (ع) لإحياء التراث ، قم.

٦ ـ تكملة أمل الآمل : للسيد حسن الصدر ، منشورات المكتبة العامة للمرعشي النجفي ، قم.

٧ ـ تهذيب الأحكام : للشيخ الطوسي ، دار الأضواء ، بيروت.

٨ ـ جامع المقاصد : للمحقق الكركي ، مؤسسة آل البيت (ع) لإحياء التراث ، قم.

٩ ـ الذريعة : لاقا بزرگ الطهراني ، دار الأضواء ، بيروت.

١٠ ـ الذكرى : للشهيد الأول ، مكتبة بصيرتي ، قم.

١١ ـ روضات الجنات : للميرزا باقر الخوانساري ، مؤسسة إسماعيليان ، قم.

١٢ ـ رياض العلماء : للميرزا الأفندي ، مكتبة المرعشي النجفي ، قم.

١٣ ـ سلافة العصر : للسيد علي خان المدني ، المكتبة المرتضوية ، طهران.

١٤ ـ شرح العناية : لمحمد بن محمود البابرتي ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت.

١٥ ـ شرح فتح القدير : لكمال الدين محمد بن عبد الواحد ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت.


١٦ ـ عمدة القاري : لبدر الدين أبي محمد محمود بن أحمد العيني ، دار الفكر ، بيروت.

١٧ ـ فتح العزيز : لأبي القاسم عبد الكريم بن محمد الرافعي ، دار الفكر ، بيروت.

١٨ ـ الكافي : للكليني ، دار الأضواء ، بيروت.

١٩ ـ الكفاية : لجلال الدين الخوارزمي الكرلاني ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت.

٢٠ ـ لؤلؤة البحرين : للشيخ يوسف البحراني ، مؤسسة آل البيت (ع) لإحياء التراث ، قم.

٢١ ـ المجموع : لأبي زكريا محيي الدين بن شرف النووي ، دار الفكر ، بيروت.

٢٢ ـ مسالك الأفهام : للشهيد الثاني ، مؤسسة البلاغ ، بيروت.

٢٣ ـ المغني : لموفق الدين وشمس الدين ابني أبي قدامة ، دار الفكر ، بيروت.

٢٤ ـ منتهى المطلب : للعلامة الحلي ، إيران.

٢٥ ـ من لا يحضره الفقيه : للشيخ الصدوق ، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين ، قم.

٢٦ ـ نقد الرجال: للسيد مير مصطفى التفريشي، انتشارات الرسول المصطفى ، قم.

٢٧ ـ نيل الأوطار : لمحمد بن علي بن محمد الشوكاني ، دار الجيل ، بيروت.

٢٨ ـ وسائل الشيعة : للحر العاملي ، مؤسسة آل البيت (ع) لإحياء التراث ، قم.

* * *


من أنباء التراث

كتب صدرت محققة

* منتهى المقال في أحوال الرجال ج ١ و ٢.

تأليف : أبي علي الحائري ، الشيخ محمد بن إسماعيل المازندراني (١١٥٩ ـ ١٢١٦ ه).

من الكتب الرجالية المهمة ، مقسم إلى مقدمة وأصل وخاتمة ، ضمت المقدمة ٥ مقدمات فرعية ، والخاتمة ٥ فوائد رجالية ، أما الأصل فيذكر فيه المصنف أسماء الرجال مرتبة حسب الحروف الهجائية ، ذاكرا في كل ترجمة ملخص ما ذكره الميرزا محمد الأسترآبادي ـ المتوفى سنة ١٠٢٨ ه ـ في كتابه (منهج المقال) وملخص ما ذكره الشيخ محمد باقر بن محمد أكمل الوحيد البهبهاني ـ المتوفى

سنة ١٢٠٥ ه ـ في تعليقته على (منهج المقال) ثم ما يضيفه من كلام أو تعليق ، ويختم بما ذكره الشيخ محمد أمين الكاظمي في كتابه (هداية المحدثين) المعبر عنه ب : المشتركات.

مع إضافة بعض التراجم التي لم تذكر في (المنهج) ولا في (التعليقة).

تم التحقيق اعتمادا على ٣ نسخ مخطوطة ومطبوعة ، وهي :

الأولى محفوظة في خزانة مكتبة جامعة طهران ، ويحتمل أن يكون تاريخ كتابتها سنة ١١٩٤ ه.

والثانية محفوظة في مكتبة السيد المرعشي العامة في قم ، وهي بخط ولد المصنف ، تاريخ كتابتها سنة ١٢٤٥ ه.

والثالثة مطبوعة حجريا لم يذكر عليها




سنة الطبع ولا مكانها.

اشتمل الجزء الأول على المقدمة وبداية حرف الألف، فيما ضم الجزء الثاني تكملة حرف الألف ولغاية حرف الحاء، ومن المؤمل أن يصدر في ٩ أجزاء.

تحقيق ونشر : مؤسسة آل البيت عليهم‌السلام لإحياء التراث ـ قم / ١٤١٦ ه.

* الإنتصار.

تأليف : الشريف المرتضى ، علم الهدى علي بن الحسين بن موسى الموسوي (٣٥٥ ـ ٤٣٦ ه).

من الآثار الجليلة في بيان الأحكام الشرعية للمسائل الفقهية في جميع أبواب الفقه المعتمدة لدى الشيعة الإمامية ، المنفردة بها عن باقي المذاهب الإسلامية ، والتي كانت سببا لتشنيع المخالفين لهم في كونها خارجة عن الاجماع وتفتقد الدليل والبرهان ، وبين آراء وفتاوى علماء الطائفة الخاصة بهذه المسائل ، وأثبت لبعضها ما يوافقها من أقوال فقهاء سائر المذاهب ، وأوضح للبعض الآخر حجتهم القاطعة وأدلتهم المعتمدة على الكتاب والسنة.

سبق وأن طبع الكتاب أكثر من مرة.

تم تحقيقه اعتمادا على أربع نسخ مخطوطة ، ذكرت مواصفاتها في مقدمة

التحقيق.

تحقيق ونشر : مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين في الحوزة العلمية ـ قم / ١٤١٥ ه.

* خاتمة مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل ، ج ١٩ و ٢٠.

تأليف : الميرزا الشيخ حسين النوري الطبرسي (١٢٥٤ ـ ١٣٢٠ ه).

تحتوي خاتمة هذه الموسوعة الحديثية الجامعة ـ الصادرة في ١٨ جزءا ـ على ١٢ فائدة رجالية ، شاملة الكثير من البحوث الرجالية العالية ، والمباحث المرتبطة بعلم الحديث ، مع مناقشة المباني العلمية للتوثيقات الرجالية العامة وبيان أحوال بعض رواة الحديث الشريف ، كما شملت تحقيقات حول الكتب المعتمدة في التأليف.

تم تحقيق (الخاتمة) اعتمادا على ٣ نسخ مخطوطة ، أولاها شاملة للفوائد ١ ـ ٣ ، محفوظة في مكتبة فخر الدين النصيري بطهران ، وأخرى شاملة للفوائد ٦ ـ ١٢ وهي بخط المصنف رحمه‌الله ، تاريخها سنة ١٣١٩ ، محفوظة في مكتبة الإمام الرضا عليه‌السلام في مشهد ، والأخيرة مطبوعة على الحجر ، محفوظة في مكتبة


العلامة المحقق السيد عبد العزيز الطباطبائي قدس‌سره.

ضم الجزء ١٩ الفائدة الأولى المخصصة لبيان مصادر (المستدرك) ، والثانية لدراسة هذه المصادر دراسة تفصيلية مبينا منزلة ووثاقة مؤلفيها ، فيما احتوى الجزء ٢٠ على الفائدة الثالثة الخاصة بذكر طرق المؤلف إلى مشايخه ، أصحاب المصادر المتقدمة ، وغيرهم.

ومن المؤمل أن تصدر في ٩ أجزاء.

تحقيق ونشر : مؤسسة آل البيت عليهم‌السلام لإحياء التراث ـ قم / ١٤١٥ ه.

* مجمع البحرين ، ج ٢.

تأليف : الشيخ فخر الدين الطريحي (٩٧٩ ـ ١٠٨٥ ه).

معجم لغوي ، وضعه المؤلف رحمه‌الله أصلا لتفسير غريب القرآن والحديث المنسوب إلى أهل البيت عليهم‌السلام ، ثم أضاف إليه كثيرا من المفردات والمعاني المستخدمة في الكلام والواردة في أمهات مصادر اللغة ، مع فوائد متعددة ومختلفة ألحقها في نهاية كتابه.

وكان منهجه في ترتيب المواد هو اعتماد الحرف الأخير من الكلمة ، وتقسيم المعجم إلى كتب بعدد أحرف الهجاء ،

وكل كتاب إلى أبواب باعتماد الحرف الأول للكلمة.

طبع سابقا في العراق وإيران ، أما في هذه الطبعة فقد أعيد ترتيب مواد المعجم وفق الطريقة المعروفة المتداولة ، وهي اعتماد الحرف الأول من المادة ثم الثاني والثالث .. إلى آخره.

تم تحقيقه اعتمادا على نسخة مخطوطة وثلاث نسخ مطبوعة ، ذكرت مواصفاتها في مقدمة التحقيق.

يبدأ هذا الجزء من أول حرف (الراء) إلى آخر حرف (الغين).

تحقيق ونشر : قسم الدراسات الإسلامية في مؤسسة البعثة ـ قم / ١٤١٥ ه.

* كتاب الحجر.

تأليف : الشيخ محمد حسن آل ياسين (١٢٢٠ ـ ١٣٠٨ ه).

بحث فقهي استدلالي في (الحجر) شاملا لأبوابه ومقاصده ، والكتاب جزء من موسوعة فقهية شاملة لأبواب الشريعة

بعنوان (أسرار الفقاهة) للمؤلف رحمه‌الله والتي ما تزال مخطوطة لحد الآن.

تحقيق وتخريج : الشيخ محمد آل صاحب الجواهر.


صدر الكتاب في العراق مؤخرا.

* التشريف بالمنن في التعريف بالفتن. أو : الملاحم والفتن.

تأليف : ابن طاووس ، السيد رضي الدين علي بن موسى بن جعفر الحلي (٥٨٩ ـ ٦٦٤ ه).

كتاب واسع ، أورد فيه المصنف رحمه‌الله ما روي عن الرسول الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وسلم والأئمة الأطهار عليهم‌السلام المخبرة عن وقوع الفتن ، فقد تعرض للفتن التي وقعت بعد وفاة النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وفي زمن الخلفاء ، وفي أيام بني أمية وبني العباس ، وما بعدها ، ثم يذكر علامات خروج صاحب الأمر والزمان الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف ، وما يتعلق بها من مجريات وأحداث.

جعل المصنف رحمه‌الله كتابه هذا في أربعة أقسام، الثلاثة الأولى منها لما ذكره من كتب (الفتن) لنعيم بن حماد المروزي (ت ٢٢٨ ه) وأبي صالح السليلي (من أعلام القرن الرابع الهجري) وزكريا بن يحيى النيشابوري (ت ٢٩٨ ه) ، أما القسم الرابع فهو من مصادر شتى متعددة.

سبق وأن طبع الكتاب ـ بدون تحقيق ـ ٩ مرات في العراق ولبنان وإيران اعتمادا

على الطبعة الأولى المقابلة مع النسخة الأصلية.

وقد تم تحقيق الكتاب اعتمادا على نسخة أصلية فريدة بخط المؤلف ، مضافا إليها نسخة مخطوطة لكتاب (الفتن) لابن حماد ، ذكرت مواصفاتهما في مقدمة التحقيق.

تحقيق ونشر : مؤسسة صاحب الأمر عجل الله تعالى فرجه الشريف ـ قم / ١٤١٦ ه.

* مفتاح الفلاح في عمل اليوم والليلة.

تأليف : الشيخ بهاء الدين محمد بن الحسين الحارثي الهمداني العاملي ، المعروف ب : الشيخ البهائي (٩٥٣ ـ ١٠٣٠ ه).

مع تعليقة الشيخ محمد إسماعيل المازندراني الخواجوئي (من أعلام القرن الثاني عشر).

أثر قيم ضمنه المؤلف رحمه‌الله عبادات كل يوم وليلة ، الواجبة والمندوبة والمستحبة ، والآداب المحمودة ، والأدعية المأثورة لكل وقت ومقام وهيئة ، والكتاب مقسم إلى ستة أبواب تبعا لتقسيمه لليوم والليلة : من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس إلى الزوال ، إلى الغروب ، إلى وقت النوم ، ثم


إلى انتصاف الليل وما بعده.

أما التعليقة فهي تفسيرات وإشارات ودلالات لبعض العبادات الواردة في المتن.

تم تحقيق الكتاب اعتمادا على ٩ نسخ مخطوطة وواحدة مطبوعة ، وحققت التعليقة اعتمادا على نسختين مخطوطتين ، ذكرت مواصفاتهما في مقدمة التحقيق.

تحقيق : السيد مهدي الرجائي.

نشر : مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين في الحوزة العلمية ـ قم / ١٤١٥ ه.

* البرهان في تفسير القرآن ، ج ٢.

تأليف : السيد هاشم الحسيني البحراني ، المتوفى سنة ١١٠٧ ه.

يعد الكتاب من أجمع ما ألفه علماء الشيعة الإمامية في مجال التفسير الروائي ، إذ إنه جمع ما ورد عن أهل البيت عليهم‌السلام من روايات وأحاديث في تفسير آيات القرآن الكريم ، وبدون تمييز وتصنيف بين الصحيح والضعيف والموضوع ، وقد اعتمد المؤلف رحمه‌الله على عدد كبير من المصادر الروائية المتخصصة بالتفسير وغيره ، ذكرها في مقدمة الكتاب التي جعلها في سبعة عشر بابا متضمنة لعدة

بحوث في مواضيع متعددة ومتنوعة تختص بالقرآن وتفسيره.

وقد أضيف إلى أصل الكتاب في نهاية كل سورة مستدركات للآيات التي تركها المؤلف لعدم عثوره على روايات في تفسيرها.

ضم هذا الجزء من تفسير أول سورة النساء إلى تفسير سورة التوبة.

تحقيق ونشر : قسم الدراسات الإسلامية في مؤسسة البعثة ـ قم / ١٤١٥ ه.

* كنز الفوائد في حل مشكلات القواعد ، ج ١.

تأليف : السيد عبد المطلب بن محمد الأعرج (٦٨١ ـ ٧٥٤ ه).

شرح لما ورد في كتاب (قواعد الأحكام في معرفة الحلال والحرام) للعلامة الحلي ، الحسن بن يوسف بن المطهر الأسدي (٦٤٨ ـ ٧٢٦ ه) ، من مسائل فقهية فيها إشكال ، أو نظر ، أو تحتاج إلى بحث وبيان.

ضم هذا الجزء من كتاب الطهارة إلى كتاب الغصب وتوابعه.

تم التحقيق اعتمادا على ٧ نسخ مخطوطة ، ذكرت مواصفاتها في مقدمة


التحقيق.

تحقيق ونشر : مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين في الحوزة العلمية ـ قم / ١٤١٦ ه.

* الأربعون.

تأليف : الشيخ بهاء الدين محمد بن الحسين الحارثي الهمداني العاملي ، المعروف ب : الشيخ البهائي (٩٥٣ ـ ١٠٣٠ ه).

كتاب جمع فيه المؤلف رحمه‌الله أربعين حديثا مرويا عن الرسول الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والأئمة المعصومين عليهم‌السلام ، في أبواب مختلفة وأغراض متعددة شملت بعض الأحكام الشرعية والوصايا والمواعظ والأدعية ، مع شرح وبيان لما احتاج إلى البيان من كل حديث ، وبحوثا مختصرة للأحكام والمعاني الواردة في بعض الأحاديث.

تصحيح : الشيخ عبد الرحيم العقيقي البخشايشي.

نشر : دفتر نويد إسلام ـ قم / ١٤١٦ ه.

* مصباح الفقيه ، ج ١٣ و ١٤.

تأليف : الشيخ رضا بن محمد هادي

الهمداني ، المتوفى سنة ١٣٢٢ ه.

شرح لكتاب (شرائع الإسلام في مسائل الحلال والحرام) للمحقق الحلي ، الشيخ نجم الدين أبو القاسم جعفر بن الحسن الهذلي (٦٠٢ ـ ٦٧٦ ه) ، وهو أحد المتون الفقهية المهمة الكاملة ، الجامعة للفروع ، التي تدرس في الحوزات العلمية لحد الآن، امتاز الشرح بالأسلوب السهل والبيان المتين.

اشتمل الجزء ١٣ على كتاب الزكاة ، فيما اشتمل الجزء ١٤ على كتب : الخمس ، والصوم ، والرهن.

تحقيق : الشيخ نور علي النوري والشيخ محمد الباقري والشيخ محمد الميرزائي.

نشر : مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين في الحوزة العلمية ـ قم / ١٤١٦ ه.

* الرسالة الوجيزة.

* ورسائل في عدة مسائل.

تأليف : الشيخ عبد الحسين آل ياسين (١٢٧٧ ـ ١٣٥١ ه).

رسالتان للمصنف في مجلد واحد :

الأولى في رؤوس مسائل العبادات ، شملت آراءه المعتمدة على الأسس الفقهية


والأصولية المعروفة ، في أبواب الطهارة والصلاة مع كتاب الصوم ، وهي من الرسائل التي تنشر لأول مرة.

أما الثانية فهي بيان لمسائل مهمة في صلاة الاحتياط ، وعقد النكاح ، وفي الإتيان بصلاة أثناء صلاة أخرى ، وبحثها بحثا فقهيا استدلاليا بشكل موسع بإحاطة كاملة بجميع جوانب كل مسألة من المسائل ، وقد سبق أن طبعت في العمارة بالعراق سنة ١٣٤٨ ه.

صدر الكتاب في العراق مؤخرا.

* إقبال الأعمال.

تأليف : السيد ابن طاووس ، رضي الدين علي بن موسى جعفر الحلي (٥٨٩ ـ ٦٦٤ ه).

مجلد يشتمل على مؤلفين ، هما : المضمار السباق واللحاق بصوم إطلاق الأرزاق وعتاق الأعناق ، والإقبال بالأعمال الحسنة في ما نذكره مما يعمل ميقاتا واحدا كل سنة.

يتناول المؤلف في كتابه الأول أعمال شهر رمضان وأدعية أيامه ولياليه وكيفية تعامل العبد مع الله سبحانه في هذا الشهر ، مع ذكر فوائد هذا الشهر وما يختص بليلة عيد الفطر ووظائف يوم العيد.

فيما ذكر في الكتاب الثاني أعمال سائر الأشهر الأخرى.

تم تحقيق الكتاب اعتمادا على عدة نسخ ذكرت مواصفاتها في مقدمة التحقيق.

تحقيق : جواد القيومي الأصفهاني.

نشر : مكتب الإعلام الإسلامي ـ قم / ١٤١٤ ه.

* مستند الشيعة في أحكام الشريعة ، ج ٤ و ٥.

تأليف : العلامة الشيخ أحمد ابن محمد مهدي النراقي (١١٨٥ ـ ١٢٤٥ ه).

واحد من أهم تصانيف الفقه الاستدلالي لواحد من كبار علماء الإمامية ، اشتمل على أمهات المسائل الفقهية ، وأهم الأحكام الفرعية ، بذكر أدلة كل مسألة ثم إيراد الإشكال والرد على المخالف منها ، مع بيان تعارض الآراء والأقوال المختلفة للعلماء فيها.

كما تميز الكتاب بالدقة البالغة والأسلوب العميق ، وكثرة التفريعات لكل مسألة بعد تحقيق أصلها وإثبات حجيتها عند المصنف رحمه‌الله.

تم تحقيق الكتاب بالاعتماد على ٨ نسخ مخطوطة لأبواب الكتاب المختلفة ،


منها نسخة بخط المصنف ، من أول كتاب المطاعم والمشارب إلى آخر كتاب النكاح تاريخها سنة ١٢٤٥ ه ، وأخرى نسخت عن الأصل في عهده رحمه‌الله سنة ١٢٣٥ ه ، واثنتين أخريين لم يدون عليها تاريخ النسخ ، احتوت إحداهما على قرائن تفيد أنها نسخت في عهد المؤلف ، أما باقي النسخ فقد كتبت في السنين ١٢٤٨ ، ١٢٥٣ ، ١٢٥٨ ، ١٢٦٤ ه.

واعتمد أيضا في التحقيق على نسختين مطبوعتين على الحجر ، طبعت الأولى سنة ١٢٧٣ ه على نسخة المصنف، والثانية مصححة في سنة ١٣٣٥ ه.

ضم الجزء ٤ الأبواب الخمسة للمقصد الأول من كتاب الصلاة ـ المقسم إلى ٥ مقاصد ، فيما شمل الجزء ٥ بابين من الأبواب الأربعة للمقصد الثاني، ومن المؤمل أن يصدر الكتاب في ١٨ جزءا.

تحقيق : مؤسسة آل البيت عليهم‌السلام لإحياء التراث ـ مشهد.

نشر: مؤسسة آل البيت عليهم‌السلام لإحياء التراث ـ قم / ١٤١٥ ه.

* كفاية الأصول ، ج ١.

تأليف : الشيخ الآخوند محمد كاظم

الخراساني (١٢٥٥ ـ ١٣٢٩ ه).

من الكتب الأصولية المهمة ، ومدار البحث في الحوزات العلمية ، استوعب المباحث الأصولية وأبرز الآراء المطروحة فيها ، مع مناقشتها وإعطاء الرأي المختار فيها ، وقد أدخل فيه المؤلف رحمه‌الله المسائل الفلسفية في علم الأصول أكثر ممن سبقوه ، وعلى الكتاب حواش كثيرة وضعها تلاميذ المصنف.

ومن هذه الحواشي حاشية للشيخ أبو الحسن المشكيني ، والتي تم تحقيقها مع هذا الكتاب.

كان قد طبع الكتاب مع حاشيته عدة مرات سابقا.

تم تحقيق المتن والحاشية اعتمادا على عدة نسخ ، ذكرت مواصفاتها في مقدمة التحقيق.

تحقيق : الشيخ سامي الخفاجي.

نشر : دار الحكمة ـ قم / ١٤١٣ ه.

* كاشفة الحال عن أحوال الاستدلال.

تأليف : الشيخ محمد بن علي بن أبي جمهور الأحسائي، المتوفى أوائل القرن العاشر.

رسالة مبسوطة في أصول الفقه ، في


كيفية الاستدلال على التكاليف الشرعية والمطالب الفقهية ، وكيفية أخذها من الأصول الدينية ، متعرضة للغرض من الاستدلال والحاجة إليه ، ومبينة للقدر المحتاج إليه من العلوم التي لا بد منها في الاستدلال ، ولما يقع فيه الاجتهاد ، ولشرائط المستدل (المفتي) والمستفتي ، مع ممارسة عملية للاستدلال ، وفضائل ومواعظ لطالب العلم.

تم تحقيق الكتاب ـ الذي ينشر لأول مرة ـ اعتمادا على ٣ نسخ مخطوطة ، ذكرت مواصفاتها في مقدمة التحقيق.

تحقيق : أحمد الكناني.

نشر : مؤسسة أم القرى للتحقيق والنشر ـ قم / ١٤١٦ ه.

* مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان ، ج ١٣ و ١٤.

تأليف : الشيخ أحمد المقدس الأردبيلي ، المتوفى سنة ٩٩٣ ه.

شرح لكتاب (إرشاد الأذهان إلى أحكام الإيمان) للعلامة الحلي الشيخ الحسن بن يوسف بن المطهر الأسدي (٦٤٨ ـ ٧٢٦ ه) وهو من أحسن شروحه وأجمعها فوائد.

اشتمل الجزء ١٣ على كتاب

الحدود بمقاصده التسعة ومقصد واحد من كتاب الجنايات ، فيما ضم الجزء ١٤ المقصدين الثاني والثالث من كتاب الجنايات مع كتاب الديات بمقاصده الستة.

تحقيق : الشيخ مجتبى العراقي والشيخ علي پناه الاشتهاردي والشيخ حسين اليزدي الأصفهاني.

نشر : مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين في الحوزة العلمية ـ قم / ١٤١٦ ه.

* شرائع الإسلام في مسائل الحلال والحرام.

تأليف : المحقق الحلي ، أبي القاسم نجم الدين جعفر بن الحسن (٦٠٢ ـ ٧٢٦ ه).

من المتون الفقهية المهمة الكاملة ، الجامعة للفروع ، يمتاز بالأسلوب البسيط والدقة والإيجاز في اللفظ ، والأمانة الموضوعية في عرض ونقل الآراء ، والمنهجية في البحث.

وقد عني به العلماء والفقهاء درسا وتدريسا وشرحا وتعليقا منذ عصر تأليفه إلى الآن. وعليه شروح وحواش كثيرة لعدد كبير من أجلة العلماء والفقهاء ، وقد


ترجم إلى عدة لغات وطبع مرارا ، مستقلا تارة وضمن شروحه أخرى في بيروت والنجف وبغداد وطهران وقم.

تم التحقيق اعتمادا على مخطوطة فريدة مقروءة على المصنف نفسه رحمه‌الله، ذكرت مواصفاتها في المقدمة.

تحقيق : عبد الحسين محمد علي البقال.

نشر : مؤسسة المعارف الإسلامية ـ قم / ١٤١٥ ه.

طبعات جديدة

لمطبوعات سابقة

* ترجمة الإمام الحسن عليه‌السلام.

تأليف : ابن سعد ، أبي عبد الله محمد ابن سعد بن منيع البصري (١٦٨ ـ ٢٣٠ ه).

عرض تاريخي لسيرة وحياة الإمام

المجتبى السبط الحسن بن علي بن أبي طالب عليهم‌السلام منذ ولادته وحتى استشهاده مسموما بأمر معاوية بن أبي سفيان.

وهذا الكتاب هو جزء من القسم غير المطبوع من كتاب (الطبقات الكبير) لابن سعد ، وكان قد نشر على صفحات العدد

١١ من نشرتنا هذه (تراثنا) الصادر في ربيع الآخر عام ١٤٠٨ ه ، بتحقيق السيد عبد العزيز الطباطبائي قدس‌سره ، معتمدا على نسخة مخطوطة محفوظة في خزانة السلطان أحمد الثالث في مكتبة طوپ قپو سراي في إسلامبول ، برقم ٢٨٣٥.

وأعادت طبعه بالتصوير مؤسسة آل البيت عليهم‌السلام لإحياء التراث ـ قم / ١٤١٦ ه ، وصدر ضمن : سلسلة ذخائر تراثنا ، برقم ٢.

* عقد الدرر في أخبار المنتظر.

تأليف : يوسف بن يحيى بن علي المقدسي الشافعي السلمي ، من أعلام القرن السابع الهجري.

كتاب جمع فيه مؤلفه ما روي من الأحاديث النبوية الشريفة والآثار والأخبار والأقوال الواردة في الإمام المهدي عليه‌السلام ، وبيان منزلته ومكانته وعلامات ظهوره ، والأحداث المرافقة له ، ودولته وكراماته ، مما نقله أعلام أهل السنة برواياتهم المسندة ، في الصحاح الستة ، وفي أهم الكتب الحديثية والتفسيرية المعتمدة عندهم.

تم تحقيق الكتاب اعتمادا على ٤ نسخ مخطوطة ، ذكرت مواصفاتها في مقدمة


التحقيق.

تحقيق : الدكتور عبد الفتاح محمد الحلو.

طبع الكتاب لأول مرة في القاهرة سنة ١٣٩٩ ه من منشورات مكتبة عالم الفكر ، وأعيد طبعه في قم ـ بالتصوير ـ على هذه الطبعة.

وأعيدت هذه الطبعة بصف جديد مع تعليقات الشيخ علي نظري منفرد على بعض موارد الكتاب.

نشر : منشورات نصايح ـ قم / ١٤١٦ ه.

* دليل النص بخبر الغدير على إمامة أمير المؤمنين عليه‌السلام.

أو : خبر الغدير.

تأليف : العلامة الكراجكي ، الشيخ أبي الفتح محمد بن علي ، المتوفى سنة ٤٤٩ ه.

رسالة مختصرة اعتمدت واقعة غدير خم ، وخطبة الرسول الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وسلم فيه ـ بعد رجوعه من حجة الوداع ـ لإثبات إمامة وخلافة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، وفند فيها المؤلف التأويلات الباطلة لمفردة (المولى) الواردة في الخطبة ، وأثبت بالدليل أن المراد بها

هو : الخليفة والأولى بالتصدي لإمامة المسلمين بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

سبق وأن صدرت مدرجة ضمن كتاب المصنف (كنز الفوائد) من قبل دار الأضواء في بيروت ، بتحقيق الشيخ عبد الله نعمة ، معتمدا على الطبعة الحجرية ، المطبوعة سنة ١٣٢٢ ه.

كما كانت الرسالة قد نشرت مستقلة على صفحات نشرتنا هذه (تراثنا) في العدد ٢١ في شوال ١٤١٠ ه ، بتحقيق علاء آل جعفر ، معتمدا مخطوطة نفيسة بالإضافة إلى المطبوعة المحققة.

وأعادت طبعه بالتصوير مستقلا مؤسسة آل البيت عليهم‌السلام لإحياء التراث ـ قم / ١٤١٦ ه ، وصدر ضمن : سلسلة ذخائر تراثنا ، برقم ٣ ، بعد إضافات وتعديلات أجراها المحقق.

* حديث الثقلين.

تأليف : الشيخ قوام الدين الوشنوي.

رسالة موجزة تستعرض الروايات الكثيرة للحديث النبوي الشريف المتواتر المعروف ب (حديث الثقلين) ، مع ذكر أسماء رواته ، وأسماء علماء الجمهور الذين أوردوا الحديث في مصنفاتهم بلفظ (كتاب الله وعترتي أهل بيتي).


كما ألحق بالكتاب ـ في هذه الطبعة ـ بحث للشيخ محمد واعظ الخراساني يتناول أهمية هذا الحديث ودلالته على وجوب التمسك بقول وعمل العترة باعتباره حجة على الأمة ، كحجية كتاب الله تعالى عليها.

سبق وأن طبعت الرسالة في القاهرة سنة ١٣٧٤ ه.

أعاد طبعها بصف جديد المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية ـ قم / ١٤١٦ ه.

* أدب الحسين عليه‌السلام وحماسته.

تأليف : الشيخ أحمد صابري الهمداني.

كتاب يجمع ما روي ونسب إلى الإمام السبط الشهيد أبي عبد الله الحسين عليه‌السلام ، من أشعاره وتمثلاته المتفرقة وبعض خطبه وكلماته ووصاياه ، الموضحة لأفكاره وأهدافه السامية ، والمتضمنة لمعاني الشجاعة والمسؤولية الإسلامية ، والإنكار على الظلمة ، وإيقاظ الأمة وتنوير أفكارها ، وإصلاح المجتمع الإسلامي.

كما يضم الكتاب خطب وأشعار أهل بيته عليهم‌السلام وحماسة وأراجيز أصحابه رضوان الله عليهم.

سبق وأن طبع الكتاب عامي ١٣٩٥ ه

و ١٤٠٤ ه.

أعادت طبعه ـ بالتصوير على الطبعة السابقة ـ مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين في الحوزة العلمية ـ قم / ١٤١٥ ه.

* المقنع في الغيبة.

تأليف : الشريف المرتضى ، علم الهدى ، السيد أبي القاسم علي بن الحسين الموسوي (٣٥٥ ـ ٤٣٦ ه).

كتاب صغير في حجمه ، كبير في محتواه ، يعد من خيرة ما كتب في موضوع الغيبة ، إذ تعرض فيه المصنف قدس‌سره لكثير من التساؤلات والشبهات المطروحة حول غيبة الإمام المهدي المنتظر عليه‌السلام ، مجيبا عن ذلك بأسلوب قوي واستدلال متين ، وأثبت غيبته عليه‌السلام وعللها وأسبابها والحكمة الإلهية التي اقتضتها.

ثم أتبعه بكتاب آخر مكمل لمطالبه ، بحث فيه عن علاقة الإمام الغائب عليه‌السلام بأوليائه أثناء غيبته وكيفية تعامل شيعته معه أثناءها.

سبق وأن نشر الكتاب محققا على صفحات نشرتنا هذه (تراثنا) في العدد ٢٧ في ربيع الآخر ١٤١٢ ه ، بتحقيق السيد


محمد علي الحكيم ، معتمدا ٤ نسخ مخطوطة.

وأعادت طبعه بالتصوير مستقلا مؤسسة آل البيت عليهم‌السلام لإحياء التراث ـ قم / ١٤١٦ ه ، وصدر ضمن : سلسلة ذخائر تراثنا ، برقم ٤ ، بعد إضافات وتعديلات أجراها المحقق.

* الكلمة الغراء في تفضيل الزهراء.

تأليف : الإمام السيد عبد الحسين شرف الدين الموسوي العاملي (١٢٩٠ ـ ١٣٧٧ ه).

رسالة مختصرة في بيان فضل الصديقة الكبرى، بضعة المصطفى صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء البتول عليها‌السلام ، وتفضيلها على سائر الأمة، مستدلا بأربع آيات فقط من الكتاب الكريم ، وهي آيات : المباهلة ، والتطهير ، والمودة في القربى ، والأبرار ، وب ١٢ حديثا صحيحا فقط من السنة النبوية الشريفة ، المروية بطرق أهل السنة وفي صحاحهم.

وقد ألحقت بها رسالة مختصرة أخرى للمؤلف بعنوان (عقيلة الوحي) تناول فيها جانب من سيرة عقيلة بني هاشم السيدة الحوراء زينب بنت أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب عليهما‌السلام ، نسبها

الشريف، صفاتها وعلمها وفصاحتها ، مواقفها مع أهل الكوفة وأهل الشام بعد واقعة الطف واستشهاد أخيها الإمام الحسين عليه‌السلام وأهل بيته وأصحابه عليهم‌السلام.

سبق وأن طبعت الرسالة الأولى ملحقة بكتاب المؤلف (الفصول المهمة) المطبوع في النجف الأشرف ، ومستقلة مع الرسالة الثانية في طهران.

أعادت طبعهما ـ بصف جديد ـ دار الإمام ـ بيروت / ١٤١٦ ه.

* معالم الفتن ، ج ٢.

دراسة علمية تحليلية ، لأحداث ومواقف وصور عديدة من تاريخ المسلمين عقيب وفاة رسول الله ، وما بعده ، وخلال حكم الأمويين ، وكذا دراسة حركة الأمة الإسلامية ومسير المسلمين على أرض الواقع في تلك الحقبة الزمنية ، والتي لم تعبر عن الإسلام الصحيح كرسالة ربانية قائمة على شخص الرسول الأكرم ، وأقواله وأفعاله وتقريراته ، وكانت أساسا لفتن ظلماء عمياء سببت افتراق المسلمين واختلاف مذاهبهم ، إلى وقتنا الحاضر.

ضم هذا الجزء عرضا وتحليلا لمعارك أمير المؤمنين الإمام علي عليه‌السلام مع الناكثين


والقاسطين والمارقين ، وبيعة الإمام الحسن المجتبى عليه‌السلام وحربه ، ومقتل الإمام الحسين الشهيد عليه‌السلام ، مع بحوث أخرى لأحداث عديدة في ذلك العصر.

اعتمدت الدراسة على النصوص القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة الواردة في المصادر الحديثية والتاريخية المعروفة.

سبق وأن طبع الكتاب في بيروت ، ثم أعاد طبعه ـ بالتصوير ـ مجمع إحياء الثقافة الإسلامية ـ قم / ١٤١٦ ه.

* الخدعة.

أو : رحلتي من السنة إلى الشيعة.

تأليف : صالح الورداني.

حالة أخرى من حالات التمسك بمذهب أهل البيت عليهم‌السلام ، ورحلة شك وحيرة أوصلت صاحبها إلى معرفة الحق وأهله ، انتصارا للعقل ـ بعد إعماله وتحكيمه ـ على عواطف النشوء وقوالب التقليد المفروضة ، من خلال عرض لواقع ، وتفنيد لحجج ، وكشف لحقائق غائبة عن المسلمين.

تضمنت الرحلة هذه مناقشات عميقة لمعاني ودلالات الأخبار والروايات والأحاديث المتناقضة الواصلة إلينا ،

والواردة في كتب الحديث والتاريخ والسير ، انتهت بإثبات الوضع والاختلاق لكثير منها ، وخطأ التأويل والتبرير لبعض آخر ، الذي جاء دعما للوضع الحاكم الذي ساد واقع المسلمين في عصر ما بعد الرسول الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وتعتيما وإخفاءا للحق المتمثل بأهل البيت عليهم‌السلام ومدرستهم ومذهبهم.

سبق وأن قامت بنشر الكتاب دار النخيل ـ بيروت / ١٤١٦ ه.

ثم أعادت طبعه بالتصوير مؤسسة عاشوراء ـ إيران / ١٤١٦ ه.

* السجود على التربة الحسينية عند الشيعة.

تأليف : الشيخ باقر شريف القرشي.

بحث مختصر ، يتعرض للسجود بشكل عام ، وأهميته ، وشروط صحته ، وبيان الأمكنة التي يكره أو يستحب فيها السجود ، ثم تناول مسألة السجود على التربة الحسينية عند الشيعة من خلال عرض الأحاديث المروية في فضل تربة كربلاء وفضل مرقد أبي الأحرار الإمام أبي عبد الله الحسين عليه‌السلام.

صدرت الطبعة الثانية هذه في قم سنة ١٤١٦ ه.


* الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية ، ج ١ ـ ٣.

تأليف : الشهيد الثاني ، الشيخ زين الدين بن علي بن أحمد العاملي ، المستشهد سنة ٩٦٥ ه.

شرح مزجي مفصل شامل لواحد من المتون الفقهية المعروفة المتداولة الكاملة ـ من الطهارة إلى الديات ـ للشهيد الأول الشيخ محمد بن مكي العاملي ، المستشهد سنة ٧٨٦ ه ، والذي طبع مستقلا ، ومع شروحه وحواشيه الكثيرة مرارا.

ولأهمية وشمولية الشرح هذا ، فقد اعتمدته الحوزات العلمية في التدريس وإلى الآن.

أعادت طبعه بصف جديد مؤسسة إسماعيليان ـ قم / ١٤١٥ ه.

* كميل بن زياد النخعي.

تأليف : السيد علي بن الحسين الهاشمي الخطيب ، المتوفى سنة ١٣٩٦ ه.

بحث ودراسة لسيرة وحياة صاحب أمير المؤمنين الإمام علي عليه‌السلام ، وحامل سره ، حافظ الدعاء المنسوب إليه ، كميل

ابن زياد بن بهيل النخعي ، وعرض لمناقبه ومواقفه الجريئة واستشهاده ، رضوان الله تعالى عليه.

سبق وأن طبع الكتاب لأول مرة في النجف الأشرف سنة ١٣٨١ ه ، وأعيد طبعه بصف جديد من قبل دار المفيد ـ بيروت / ١٤١١ ه.

* الإسلام وشبهات المستشرقين.

تأليف : الشيخ فؤاد كاظم المقدادي.

دراسة تتعرض لحقيقة وواقع المستشرقين ، وطبيعة بحوثهم ودراساتهم وأهدافهم ، ومدى تأثيرهم في مسيرة الأحداث ، كما بينت كثيرا من الشبهات التي أثارها أعداء الإسلام من هؤلاء المستشرقين ، والرد عليها وتزييفها.

كما تناولت الدراسة نشأة الاستشراق وهويته ، ومراحل وأدوار الحركة الاستشراقية ، ومدارسها المشهورة ، وعرضت كذلك نماذج للموضوعات المستهدفة التي أثيرت حولها الشبهات ، وأمثلة لكبار المستشرقين ونماذج للدس والتشويه في الانتاج الموسوعي للمستشرقين.

سبق وأن نشرت هذه البحوث على شكل حلقات في مجلة (رسالة الثقلين) ،


ثم أعاد طبعها ـ بصف جديد ـ المجمع العالمي لأهل البيت عليهم‌السلام ـ قم / ١٤١٦ ه.

كتب صدرت حديثا

* مكتبة العلامة الحلي.

تأليف : العلامة المحقق ، السيد عبد العزيز الطباطبائي (١٣٤٨ ـ ١٤١٦ ه).

هو فهرس شامل لمؤلفات واحد من أفذاذ علماء الإمامية ، وهو : العلامة الحلي الحسن بن يوسف بن المطهر الأسدي (٦٤٨ ـ ٧٢٦ ه) والتي صنفها في مختلف العلوم والفنون والمعارف الإسلامية.

فاستقصى فيه المؤلف رحمه‌الله وأحصى مخطوطات ١٢٠ كتاب منسوب للعلامة الحلي قدس‌سره مع بيان أماكن وجودها ، وتعيين أرقامها في مكتبات الشرق والغرب ، وذكر مواصفاتها وتاريخ كتابتها إلى نهاية القرن العاشر الهجري.

وألحق بالكتاب تعليقات مهمة بشأن كل كتاب ، وضعها الشيخ فارس الحسون ، فيها توثيق ومناقشة صحة نسبة عدد منها إلى العلامة الحلي رحمه‌الله ، معتمدا في ذلك

على رأي السيد الطباطبائي رحمه‌الله في مؤلفاته الأخرى.

إعداد ونشر: مؤسسة آل البيت عليهم‌السلام لإحياء التراث ـ قم/ ١٤١٦ ه.

* شبهة الغلو عند الشيعة.

تأليف : الدكتور عبد الرسول الغفار.

دراسة لظاهرة (الغلو) ونشأته وأسبابه وتاريخه، وعرض لآراء ومعتقدات الغلاة الفاسدة ، في الجبر والتفويض والتشبيه وغيرها من العقائد، وإظهار بطلانها وفسادها.

كما يعرض مواقف الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأئمة أهل البيت عليهم‌السلام من مدعي الألوهية والنبوة فيهم وفي غيرهم ، كما عرضت الدراسة للرأي القائل بأن نفي السهو عن النبي يعد غلوا ، وإيراد الأدلة النقلية والعقلية لإثبات عدم سهوه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأن هذا النفي خارج عن حد الغلو.

نشر : دار الرسول الأكرم ودار المحجة البيضاء ـ بيروت / ١٤١٥ ه.

* المنتخب من الشعر الحسيني.

جمع لعدد كبير من القصائد الطويلة والمقطوعات القصيرة في مدح ورثاء أهل البيت عليهم‌السلام وأصحابهم ، وقصائد عامة


أخرى ، لعدد من الشعراء ، منهم القديم ومنهم المعاصر.

إعداد : السيد علي أصغر المدرسي.

نشر : انتشارات عاشوراء ـ قم.

* العلامة السيد هاشم البحراني .. حياته ، كتبه ، مكتبته.

تأليف : الشيخ فارس تبريزيان.

دراسة عن واحد من كبار علماء الطائفة الإمامية وعلم من أعلامها ، وهو السيد هاشم بن سليمان الموسوي التوبلي الكتكاني البحراني ، المتوفى سنة ١١٠٧ أو ١١٠٩ ه ، شملت الدراسة عدة جوانب من حياة السيد قدس‌سره تناولت : موطنه وأسرته ، نشأته العلمية واهتمامه بالحديث ، طرقه إلى مشايخه ، رئاسته البلد ، أسفاره ، ووفاته ، كما تناولت الدراسة مؤلفاته ومكتبته (مصادره) التي اعتمد عليها في التأليف.

نشر : دار المعروف ـ قم / ١٤١٦ ه.

* التاج الجامع للأصول في أحاديث الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ودرر التاج ، ج ١.

كتابان في مجلد واحد :

الأول للشيخ منصور علي ناصف ، جمع فيه الأحاديث النبوية الشريفة الواردة

في صحاح العامة المشهورة ، والتي تخص تشريع الأحكام والعبادات والمعاملات والفضائل والجهاد والأخلاق ، مرتبة وملخصة ومبوبة وفق الأبواب الفقهية المعروفة.

أما (درر التاج) فهو للسيد علي الحسيني الأشكوري ، جمع فيه أحاديث الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المروية بطرق أئمة أهل البيت عليهم‌السلام ، المقارنة لما جاء في (التاج) ، وعلى نفس ترتيبه وتبويبه وتضمن نفس مواضيعه ، مع توضيح أكثر وعرض أوسع لكل موضوع.

ضم هذا الجزء من بداية كتاب الإسلام والإيمان إلى نهاية التيمم من كتاب الطهارة.

نشر : المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية ـ قم / ١٤١٦ ه.

* المرأة والأسرة في الإسلام.

تأليف : عبد الجبار الرفاعي.

معجم ودليل تفصيلي للباحثين والدارسين في قضايا المرأة والأسرة والمجتمع العائلي في الإسلام ، ودور المرأة في نشر الدين الإسلامي ، يضم المعجم ٣٥٠٢ عنوانا تم تصنيفها تحت ٥٣٣ رأس موضوع ، ويشمل : الكتب ،


الرسائل الجامعية ، الأبحاث المقدمة في الندوات والحلقات والمؤتمرات ، الدراسات والمقالات المنشورة في الدوريات ، وبعض الكتابات الصادرة من غير المسلمين.

نشر : مركز المخطوطات والتراث والوثائق ـ الكويت / ١٤١٤ ه.

* المهر في الشريعة الإسلامية.

تأليف : السيد محمد صادق محمد رضا الموسوي الخرسان.

بحث يبين موضوع المهر ويوضح رأي الشريعة المقدسة وفق رأي أهل البيت عليهم‌السلام ، مع التعرض للجانب اللغوي والتاريخي ومقارنا في بعض مسائله لما هو متفق عليه في المذاهب الإسلامية الأربعة الأخرى.

صدر في قم سنة ١٤١٤ ه.

* عقيلة بني هاشم ، السيدة زينب بنت الإمام علي عليهما‌السلام.

تأليف : السيد علي بن الحسين الهاشمي الخطيب ، المتوفى سنة ١٣٩٦ ه.

عرض موجز لحياة وسيرة عقيلة

الهاشميين : السيدة زينب عليها‌السلام بنت الإمام

أمير المؤمنين وأخت الإمامين السبطين الحسن والحسين سلام الله عليهم جميعا وجهادها ودورها في ثورة أخيها عليه‌السلام وواقعة الطف وما بعدها من أحداث ، بالإضافة إلى دراسة مختصرة حول مشهدها الشريف ، مع عدة قصائد قيلت في حقها عليه‌السلام.

نشر : مؤسسة المفيد ـ بيروت / ١٤١٣ ه.

* الشيخ الأنصاري وتطور البحث الأصولي.

يقع الكتاب في قسمين :

الأول : بحث وعرض للمسيرة العلمية لفقه وأصول الشيعة الإمامية منذ وفاة الرسول الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لغاية القرن الثالث عشر ، وزعامة الشيخ الأعظم الأنصاري للنهضة العلمية الحديثة لهذه المسيرة.

والثاني : بحث ودراسة موسعة لتطور البحث الأصولي في مدرسة الشيخ الأعظم في الدليل والحجة.

صدر بمناسبة الذكرى المئوية الثانية لولادة الشيخ الأنصاري رحمه‌الله.

إعداد ونشر : مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين في الحوزة العلمية ـ قم / ١٤١٥ ه.


* أم البنين رمز التضحية والفداء.

تأليف : عبد الأمير محمد رضا الأنصاري.

عرض لسيرة زوجة أمير المؤمنين الإمام علي عليه‌السلام ، سيدة نساء العرب ، أم العباس عليها‌السلام ، أم البنين ، فاطمة بنت حزام الكلابية ، ولادتها ، نسبها ، زوجها ، أبنائها ، مواقفها مع الإمام الحسين عليه‌السلام قبل استشهاده وبعده.

نشر : مجمع البحوث الإسلامية ـ بيروت / ١٤١٤ ه.

* الإمام الحسن بن علي عليه‌السلام ، خلافته وشهادته.

تأليف : الشيخ علي بن محمد آل سيف الخطي.

عرض موجز لجانب من سيرة الإمام المجتبى عليه‌السلام ، يتناول خلافته ، حربه ، صلحه ، استشهاده ، صفاته ، وأزواجه وأولاده.

نشر : دار الكرام للطباعة والنشر ـ بيروت / ١٤١٣ ه.

* نجاة الأمة.

تأليف : السيد محمد رضا الحسيني

الحائري.

رسالة وجيزة ، في بيان فضل واستحباب البكاء وإقامة مجالس العزاء على الأئمة الأطهار عليهم‌السلام وسيد الشهداء أبي عبد الله الحسين عليه‌السلام ، واستذكار مصائبهم والأحداث التي جرت عليهم ، وبيان صحة ما تقوم به الشيعة من المواكب الحسينية والمراسم العزائية في شهر محرم الحرام ، بالإضافة إلى عدة فوائد وملحقات.

وألحقت بالكتاب عدة رسائل في مواضيع شتى ، هي : رسالة في حكم الجهر في أوليي الظهر من يوم الجمعة ، ورسالة في حكم مفطرية الدخان للصائم ، ومسألة في تعين الجلوس في نافلة العشاء.

صدر الكتاب في قم سنة ١٤١٣ ه.

* الميسر في علوم القرآن.

تأليف : الدكتور عبد الرسول الغفار.

دراسة لعلوم القرآن والموضوعات المتعلقة بها ، لفهم الآيات القرآنية وإدراك معاني مفرداتها ، والتي يجب الإحاطة بها كمقدمة للخوض في علم التفسير والتمكن من التفسير الصحيح لكلام الله المجيد.

شملت الدراسة بحوثا عديدة منها في :


أسماء القرآن ، والاهتمام به ، والتدبر فيه ، وشفاعته ، التفسير ومدارسه ، الوحي وبدء نزوله ومدته وكتابه ، ترتيب آيات سور القرآن (مكية ومدنية) ، جمع القرآن وأول من جمعه ، معرفة أسباب النزول ، والناسخ والمنسوخ وأقسام النسخ وقواعده وشروطه ، ومسألة تحريف القرآن وإثبات عدمه.

نشر : دار المحجة البيضاء ودار الرسول الأكرم ـ بيروت / ١٤١٥ ه.

* مخالفة الوهابية للقرآن والسنة.

تأليف : عمر عبد السلام.

دراسة مختصرة حول هذه الفرقة ، تبين ضلالها وانحرافها عن القرآن والسنة النبوية المطهرة ، كما تعرض الدراسة الفتاوى الباطلة لعلماء هذه الفرقة بإثبات ما يقابلها من القرآن والأحاديث النبوية الشريفة الواردة في الصحاح.

نشر : دار الهداية ـ بيروت / ١٤١٦ ه.

* معجم الاختراق الثقافي.

تأليف : عبد الجبار الرفاعي.

معجم بيبلوغرافي تحليلي ، لما يخص موضوعات الاختراق الثقافي العقائدي والمواجهة الحضارية بين الإسلام

والغرب ، وقد شمل المعجم نتاجات الكتاب ـ مسلمين وغير مسلمين ـ حتى عام ١٤١٠ ه / ١٩٩٠ م ، في مواضيع الحركة الصليبية والتنصير ، والاستشراق ، والتغريب ، والمذاهب الهدامة ، والاتجاهات الفكرية الحديثة في المجتمعات الإسلامية ، وقد أحصي فيه ٦٣٨٠ عنوانا ، صنفت تحت أكثر من ٨٥٠ رأس موضوع.

نشر : مركز الأبحاث والدراسات الإسلامية ـ قم / ١٤١٦ ه.

* دفاع عن الكافي ، ج ٢.

تأليف : السيد ثامر هاشم حبيب العميدي.

دراسة مقارنة لأهم الشبهات والطعون والانتقادات ـ التي بلغت زهاء ال ٥٠ ـ الموجهة إلى كتاب (الكافي) لثقة الإسلام الشيخ أبي جعفر محمد بن يعقوب بن إسحاق الكليني ، المتوفى سنة ٣٢٩ ه ، والذي يعد أهم الكتب الأربعة الجامعة للحديث عند الإمامية ، وذلك من خلال البحث عن نظائر أحاديث (الكافي) المنتقدة وبيان ثبوتها في أصح كتب الحديث عند أهل السنة.

شملت هذه الشبهات الأحاديث


الواردة في أربعة مواضيع ، تهدف جميعها إلى الطعن بعقيدة الشيعة الإمامية في مسألة الإمامة والخلافة ، فجاء الرد عليها في أربعة أبواب ، هي : الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه ، التقية ، البداء ، وشبهة تحريف القرآن الكريم.

اشتمل هذا الجزء على البحث في البابين الثالث والرابع : البداء ، وشبهة تحريف القرآن الكريم.

وكان الجزء الأول قد صدر مشتملا على البحث في البابين الأوليين ، كما تضمنت مقدمة الكتاب تعريفا وافيا بكتاب (الكافي) ومؤلفه قدس‌سره ، وبحوثا تمهيدية في مسألة الإمامة والخلافة.

نشر : مركز الغدير للدراسات الإسلامية ـ قم / ١٤١٦ ه.

* زيد بن علي.

تأليف : الشيخ نوري حاتم.

دراسة جديدة لثورة زيد بن الإمام علي ابن الحسين السجاد عليهم‌السلام، وبيان دوافعها وأهدافها ، بعد استعراض طبيعة وخصائص الحكم الأموي الظالم في عصر الثورة ، ثم عرض لوقائعها ومناقشة عوامل فشلها ، وتقييمها.

كما تناولت الدراسة موقف الإمام

الصادق عليه‌السلام من ثورة عمه زيد رضوان الله عليه ، ورأي أئمة أهل البيت عليهم‌السلام في مسألة تولي السلطة وشرعية الوسائل الموصلة إليها.

نشر : مركز الغدير للدراسات الإسلامية ـ قم / ١٤١٦ ه.

كتب قيد التحقيق

* شرح شواهد مجمع البيان.

تأليف : محمد حسين بن محمد طاهر القزويني ، المتوفى سنة ١١١٢ ه.

موسوعة كبيرة فصل المؤلف فيها الكلام على شواهد (مجمع البيان) التفسير المعروف ، المرتب أحسن ترتيب ، وهي شواهد كثيرة تبلغ نحو ثلاثة آلاف بيت شعر. فدل على الشاعر ، وبين اختلاف روايات البيت المستشهد به وسبب نظمه ، وذكر معاني كلمات البيت ، وأعربه ، وأوضح معناه المجمل ، وبين المناسبة التي استشهد فيها الطبرسي بالبيت ، فعقد لكل من الأمور عنوانا ، وأتبع البيت في كثير من الأحيان بالمقطوعة التي هو منها ، أو بالقصيدة ، أو بما قبل البيت وما بعده. فجمع في هذا الشرح بين ضالة النحوي وطلبة المفسر وبغية اللغوي ، ففتح مغالق


شواهد هذا التفسير الكبير.

يقوم بتحقيقه : أسعد الطيب ، معتمدا في تحقيقه على عدة نسخ مخطوطة ، منها مخطوطة المؤلف ومخطوطات من المكتبة الرضوية بمشهد ومكتبة جامعة طهران والمكتبة المرعشية بقم والمكتب الهندي بلندن.

* إرشاد القلوب إلى الصواب المنجي من عمل به أليم العقاب.

تأليف : الحسن بن أبي الحسن محمد الديلمي.

كتاب في جزءين ، الأول في الأخلاق ، محاسنها ومساوئها ، والجزء الثاني في مناقب الإمام علي بن أبي طالب عليه‌السلام وفضائله وغزواته وعجائب أحكامه واحتجاجاته مع جميع الفرق.

يقوم بتحقيقه : السيد هاشم الميلاني ، معتمدا في عمله على نسختين مخطوطتين وأخرى مطبوعة ، هي :

١ ـ نسخة من القرن التاسع ، محفوظة في مكتبة الإمام الرضا عليه‌السلام في مشهد، برقم ١٤٣٧٢.

٢ ـ نسخة من القرن الحادي عشر ، محفوظة في مكتبة مدرسة الشهيد المطهري (سپه سالار) بطهران ، برقم

٥٢٨٦.

٣ ـ النسخة المطبوعة المتداولة ، المطبوعة على نسخة من القرن الثالث عشر.

* الرواشح السماوية في شرح الأحاديث الإمامية.

تأليف : المحقق محمد باقر الحسيني المرعشي ، المشتهر بالداماد ، المتوفى سنة ١٠٤١ ه.

وهو شرح لأحاديث كتاب (الكافي) لثقة الإسلام الشيخ أبي جعفر محمد بن يعقوب بن إسحاق الكليني ، المتوفى سنة ٣٢٩ ه.

يقوم بتحقيقه : مصطفى محمد الجعفري والسيد ثامر هاشم العميدي ، بالاعتماد على عدة نسخ مخطوطة ، هي :

١ ـ نسخة محفوظة في مكتبة الإمام الرضا عليه‌السلام في مشهد ، برقم ١٢٨٩٩.

٢ ـ نسخة أخرى محفوظة في مكتبة الإمام الرضا عليه‌السلام في مشهد ، برقم ٣٤٣٦ ، تاريخ الوقف سنة ١٠٦٧.

٣ ـ ونسخة ثالثة من مخطوطات مكتبة الإمام الرضا عليه‌السلام أيضا ، برقم ٣٦٣٥ ، تاريخ وقف النسخة سنة ١٣١١ ه ش.


دعوة

تكريماً للذكرى السنوية الاُولى لرحيل اُستاذ المحقّقين آية الله العلّامة السيّد عبدالعزيز الطباطبائي قدّس سرّه الذي كان بحقّ وطيلة حياته المباركة معيناً عذباً لا ينضب ، وعطاءً ثرّاً لا يتوقّف في خدمة التراث الإسلامي الهائل لمدرسة أهل البيت عليهم السلام تدعو

اللجنة التحضيرية لإحياء الذكرى

السنوية الاُولى لرحيل المحقّق الطباطبائي قدّس سرّه

المهتمّين بهذه المناسبة من الأساتذة والباحثين والمحقّقين إلى المساهمة في إحيائها من خلال المبادرة بالكتابة وإعداد الدراسات والبحوث في ضوء ما تتضمّنه العناوين المقترحة ، علماً بأنّ محاور الدراسات هذه تتيح للباحث الكريم المجال بالتعرّض لبعض جوانب سيرة المحقّق الراحل قدّس سرّه والمرتبطة بهذه المواضيع ، وللاطّلاع على تفاصيل العناوين المقترحة تتمّ المراسلة على العنوانين التاليين :

*مكتبة المحقّق السيّد عبدالعزيز الطباطبائي قدّس سرّه / قم ـ خيابان صفائية ـ كوچه بگدلي ـ چهارراه أوّل سمت راست ـ انتهاي كوچه معتمد ـ پلاک ٢ ـ ص. ب ٥٥٦ / ٣٧١٨٥ ـ هاتف : ٧٤٤٠٨١.

*مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث / مجلّة تراثنا.

قم ـ خيابان دورشهر ـ كوچه ٩ ـ پلاک ٥ ـ ص. ب ٩٩٦ / ٣٧١٨٥.

اللجنة التحضيرية

١ ذي الحجّة ١٤١٦ هـ

تراثنا - ٤٣-٤٤

المؤلف:
الصفحات: 462