
الفهرس
*علم
الأئمّة بالغيب ... والاعتراض عليه بالإلقاء إلى التهلكة ، والإجابات عنه عبر
التاريخ.
.............................................. السيّد
محمّدرضا الحسيني الجلالي ٧
*تشييد
المراجعات وتفنيد المكابرات (٢).
............................................... السيّد
عليّ الحسيني الميلاني ١٠٨
*نهج
البلاغة عبر القرون (٦).
.................................................. السيّد
عبدالعزيز الطباطبائي ١٥٢
* إحياء التراث .. لمحة تاريخية سريعة حول تحقيق التراث
ونشره ، وإسهام ايران في ذلك (٢).
................................................... الشيخ
عبدالجبّار الرفاعي ١٨٨
*من ذخائر التراث :
*عروض البلاء على الأولياء ـ للسيّد الخراساني.
...................................... تقديم
: السيّد محمّدرضا الحسيني الجلالي ٢١٥
*من أنباء التراث
................................................................ هيئة
التحرير ٢٤٥
* * *
________________

علم الأئمة بالغيب
والاعتراض عليه بالإلقاء إلى التهلكة
والإجابات عنه عبر التاريخ
|
|
السيد محمد رضا الحسيني الجلالي
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب
العالمين الذي بنعمته تتم الصالحات ، وترفع الدرجات ،
وأفضل السلام وأكمل الصلاة على سيد الكائنات وأشرف الموجودات ، محمد صاحب المعجزات
الباهرات ، وعلى الأئمة المعصومين من آله ذوي الكرامات والحجج البينات.
وبعد :
فإن الإسلام يمر
في هذه الأيام بظروف صعبة إذ استهدف الكفار
والملحدون قرآنه ، وكرامته ، وسنته ، وأولياءه ، وأمته ، بأنواع من التزييف
والتهجين والقذف والهتك والاتهام ، لتشويه سمعته وصورته بين شعوب العالم ،
ولزعزعة الإيمان به في قلوب معتنقيه والحاملين لاسمه ، خصوصا ذوي المعلومات
السطحية ، والدراسة القليلة ، والاطلاع المحدود ، ومن المغفلين عن حقائق العلم
والدين.
وقد استخدم أعداء
الإسلام أحدث الأساليب والأجهزة والأدوات ، في هذا الغرض الخبيث.
ومن ذلك بعث
المنبوذين ممن لجأ إلى أحضان أعداء الإسلام ، وتعمم
باليأس والقنوط من أن يصل إلى منصب أو مقام بين أمة الإسلام ، وتعهدوا له
أن ينفخوا في جلده ، ويكبروا رأسه ، ويصفوه بما يشتهي ويشتهون ، وقدموه
وكتاباته إلى أمة الإسلام وقد ملأها بالهراء والسفسطة والكتابة الهزيلة الزائفة
ضد عقائد الأمة وشريعتها ومصادر الإسلام ومقدساته ، باسم الاصلاح ، وباسم
نقد العقل ، وباسم الصياغة الجديدة ، وباسم الإعادة لدراسة المعرفة ، وباسم
التصحيح ، وباسم القراءة الجديدة!
إن كل هذه الأسماء
هي لمسمى واحد هو : (تشويه الإسلام) وإعطاء
صورة تشكيكية لفكره وشريعته ومصادره ، وبأقلام وعقول قاصرة عن درك أبسط
المعاني ، سوى التلاعب بالألفاظ ، وتسطير المصطلحات من دون وضعها في
مواقعها ، بل باستخدامها في خلاف مقاصدها.
إن الاستعمار
البغيض وأيديه العميلة ، يتصورون أن بإمكانهم زعزعة
الإيمان بالإسلام في قلوب الأمة الإسلامية ، التي فتحت عيونها في هذا القرن ،
على كل ألاعيب الأعداء وأساليب عملهم ، وخاصة باستخدام هذه العناصر البغيضة.
وقد نشرت في
الآونة الأخيرة كتابات هزيلة حول علم الأئمة عليهم
السلام بما أقدموا عليه في حياتهم ، فأصابهم على أثر ذلك القتل والسجن
وأنواع البلاء والإيذاء من الأعداء.
فرأينا أن ننشر
هذا البحث ليكون مبينا لحقيقة الأمر ، وردا حاسما على
مزاعم الزيف الواردة في تلك الكتابات ، وهو يستوعب العناوين التالية :
*أصل المشكلة.
*تحديد محاور
البحث العامة وعلم الغيب.
*صيغ الاعتراض عبر
التاريخ :
١ ـ في عصر الإمام
الرضا عليهالسلام (ت ٢٠٣ ه).
٢ ـ في عصر
الكليني رحمهالله (ت ٣٢٩ ه).
الجواب عن
الاعتراضات على الكافي.
٣ ـ في عصر الشيخ
المفيد رحمهالله (ت ٤١٣ ه).
٤ ـ في عصر الشيخ
الطوسي رحمهالله (ت ٤٦٠ ه).
٥ ـ في عصر الشيخ
ابن شهرآشوب رحمهالله (ت ٥٨٨ ه).
٦ ـ في عصر الشيخ
العلامة الحلي رحمهالله (ت ٧٢٦ ه).
٧ ـ في عصر الشيخ
المجلسي رحمهالله (ت ١١١٠ ه).
٨ ـ في عصر الشيخ
البحراني رحمهالله (ت ١١٨٦ ه).
٩ ـ مع السيد
الخراساني رحمهالله في القرن السابق (ت ١٣٦٨ ه).
١٠ ـ في هذا القرن.
*خلاصة البحث
والمرجو من الله
أن يأخذ بأيدينا إلى ما فيه رضاه ، وأن يفيض علينا من
فضله وبره وإحسانه ، إنه كريم وهاب.
|
وكتب
السيد محمد رضا الحسيني
٢٠ جمادى الآخرة ١٤١٥ ه
قم المقدسة.
|
أصل المشكلة ووجه الاعتراض
الإمامة هي خلافة
عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، في أداء المهام التي كانت على الرسول.
فلا بد أن يتميز
الإمام بكل ما يمكن من مميزات الرسول : من العصمة ،
والعلم ، والكمال ، وسائر الصفات الحميدة ، وأن يتنزه عن كل الصفات الذميمة
والمشينة.
وقيد (ما يمكن) هو
لإخراج ميزة (الرسالة والبنوة) فإنها خاصة بالرسول
المصطفى ، والمبعوث بها من الله ، والمختار لهذا المقام العظيم ، لقيام الأدلة
ـ كتابا وسنة ـ على أنه صلىاللهعليهوآلهوسلم خاتم النبيين ، وأنه لا نبي بعده.
وقد أشبع علماء
الكلام ـ في كتبهم ـ البحث والاستدلال على ما ذكرناه جملة وتفصيلا ، بما لا مزيد
عليه.
وفي بحث (العلم)
التزم الشيعة الإمامية بأن النبي لا بد أن يكون عالما
بكل ما تحتاج إليه الأمة ، لأن الجهل نقص ، ولا بد في النبي أن يكون أكمل
الرعية ، حتى يستحق الانقياد له ، واتباع أثره ، وأن يكون أسوة.
وكذا الإمام ، لا
بد أن يكون عالما ـ بنحو ذلك ـ حتى يستحق الخلافة عن النبي في الانقياد له ،
واتباع أثره ، ولكي يكون أسوة.
وبعد هذا ، وقع
البحث في دائرة (العلم الذي يجب أن يتصف به النبي والإمام).
هل هو العلم بالأحكام
فقط؟
أو يعم العلم
بالموضوعات الخارجة ، وسائر الحوادث الكونية ، بما في
ذلك المغيبات المغيبات ، الماضية والمستقبلة؟
فالتزام الإمامية
بإمكان هذا العلم بنحو مطلق ، وعدم تخصيصه أو تقييده
بشئ دون آخر من المعلومات ، في أنفسها ، إلا ما دلت الأدلة القطعية على إخراجه.
واعترض هذا
الالتزام بوجهين :
الاعتراض الأول :
أن علم الغيب خاص
بالله تعالى ذكره ، لدلالة الآيات العديدة على ذلك.
مثل قوله تعالى : (قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب
إلا الله)
الآية (٦٥) من سورة النمل (٢٧) وهي مكية.
وقوله تعالى : (فقل إنما الغيب لله ...) الآية (٢٠) من سورة يونس
(١٠) وهي مكية.
وقوله تعالى : (وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو) الآية (٥٩) من
سورة الأنعام (٦) وهي مكية.
وقد وصف الله نفسه
جل ذكره بأنه (عالم الغيب) في آيات أخرى : منها قوله تعالى : (عالم الغيب والشهادة وهو الحكيم الخبير) الآية (٧٣) من سورة الأنعام (٦) وهي مكية.
وقوله تعالى : (ثم تردون إلى عالم الغيب والشهادة) الآية (٩٤) من سورة
التوبة (٩) وهي مدنية.
وقوله تعالى : (عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال) الآية (٩) من سورة الرعد
(١٣) وهي مدنية.
وقوله تعالى : (عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا) الآية (٢٦) من سورة
الجن (٧٢) وهي مكية.
الاعتراض الثاني :
أن الرسول والإمام
إذا كان يعلمان الغيب ، فلا بد أن يعرفا ما يضرهما
ويسوءهما ، والعقل والشرع يحكمان بوجوب الاجتناب والابتعاد عما يسوء
ويضر ، بينما نجد وقوع النبي والإمام في ما أضرهما وآذاهما.
وقد جاء التصريح
بهذه الحقيقة على لسان النبي في قوله تعالى : (ولو
كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير ، وما مسني السوء ، إن أنا إلا نذير
وبشير لقوم يؤمنون) الآية (١٨٨) من سورة الأعراف وهي مكية.
ولو كان الأئمة
يعلمون الغيب ، لما أقدموا على أعمال أدت إلى قتلهم
وموتهم ، وورود السوء عليهم :
كما أقدم أمير
المؤمنين على الذهاب إلى المسجد ليلة ضربه ابن
ملجم ، فمات من ضربته.
وكما أقدم الحسين عليهالسلام على المسير إلى كربلاء ، حيث قتل
وسبيت نساؤه ، وانتهب رحله.
فإن كل ذلك ـ لو
كان مع العلم به ـ لكان من أوضح مصاديق الالقاء
للنفس في التهلكة ، الذي نهى عنه الله في قوله تعالى : (ولا تلقوا بأيديكم إلى
التهلكة ، وأحسنوا إن الله يحب المحسنين) الآية (١٩٥) من سورة البقرة .
وقد أثير هذا
الاعتراض الثاني قديما جدا ، حتى أنا نجده معروضا على الأئمة عليهمالسلام أنفسهم ، ونجده مطروحا في القرون التالية مكررا ، وقد تعددت
الإجابات عنه كذلك عبر القرون.
وقد حاولنا في هذا
البحث أن نسرد الاعتراض بصيغة المختلفة ، ونذكر الإجابات عنه كذلك.
تحديد محور البحث بين الاعتراضين
وفي البداية لا بد
من التنبيه على أمور :
الأمر الأول :
إن الاعتراض
الثاني إنما يفرض ويكون واردا وقابلا للطرح والمناقشة ،
فيما إذا التزم بالفراغ عن الاعتراض الأول ، وكان المعترض بالثاني ملتزما بأن
الرسول والإمام يعلمان الغيب ، فيكون إقدامهما على موارد الخطر إلقاء للنفس في
التهلكة.
وإلا ، فإن لم يقل
بأنهما يعلمان الغيب ، فإن الإقدام لا محذور فيه وليس
من الالقاء في التهلكة ، لأن غير العالم بالخطر معذور في الإقدام عليه.
فنفس اللجوء إلى
الاعتراض الثاني وفرض وروده دليل على ثبوت الالتزام
بفكرة العلم بالغيب لدى المعترض ، خصوصا مع عدم المناقشة بالاعتراض
الأول ، كما هو المفروض في صيغ الاعتراض الثاني منذ عصور الأئمة عليهم السلام.
وهذا يدل على أن
فكرة (علم الأئمة بالغيب) مفروضة عند السائلين ،
ولا اعتراض لهم عليها ، وإنما أرادوا الخروج من الاعتراض الثاني فقط.
أو على الأقل فرض
التسليم به ، والاعتراف به ولو جدلا ، حتى يكون
فرض الاعتراض الثاني ممكنا.
وإلا ، لكان
اللازم ذكر الاعتراض الأول ، الذي بتماميته ينتفي اعتقاد
(علم الغيب) وبذلك لا يبقي للاعتراض الثاني مجال.
الأمر الثاني :
ويظهر من الإجابات
المذكورة التي تحاول توجيه مسألة الإقدام على ما
ظاهره الخطورة والتهلكة ، هو الموافقة على أصل فكرة علم الأئمة بالغيب ،
وعدم إنكار فرضه على السائلين.
ومن المعلوم أن
التوجيه إنما يلجأ إليه عندما يكون أصل السؤال مقبولا ،
وغير منكر.
وإلا ، فإن الأولى
في الجواب هو نفي الأصل وإنكاره وعدم الموافقة على
فرض السؤال صحيحا.
وهذا الأمر واضح
اشتراطه في المحاورات والمباحثات.
الأمر الثالث :
إن الإمامة إذا
ثبتت لأحد ، فلا بد أن تتوافر فيه شروطها الأساسية ، ومن
شروطها عند الشيعة الإمامية : العصمة ، وهي تعني الامتناع عن الذنوب
والمعاصي بالاختيار ، ومنها العلم بالأحكام الشرعية تفصيلا.
فمن صحت إمامته ،
واستجمع شرائطها ، لم يتصور في حقه أن يقدم
على محرم كإلقاء النفس في التهلكة ، المنهي عنه في الآية.
وحينئذ لا بد أن
يكون ما يصدر منه مشروعا.
فلا يمكن الاستناد
إلى (حرمة الالقاء في التهلكة) لنفي علم الغيب عنه ، لأن البحث عن علمه بالغيب
إنما يكون بعد قبول إمامته ، وهي تنفي عنه الإقدام على الحرام.
وهذا يعني أن ما
يقدم عليه هو حلال مشروع ، سواء علم الغيب أم لم يعلمه!
فلا يمكن نفي علمه
بالغيب ، بفرض حرمة الالقاء في التهلكة عليه.
ومن هنا توصلنا
إلى أن الاعتراض الثاني ـ وهو (أداء الالتزام بعلم الأئمة للغيب إلى إلقائهم
بأيديهم إلى التهلكة) ـ اعتراض ـ لا يصدر ممن يعتقد بإمامة الأئمة الاثني عشر عليهمالسلام ، ويلتزم بشرائط الإمامة الحقة المسلمة الثبوت في كتب الكلام
والإمامة.
وما يوجد من صور
الاعتراض في تراثنا العلمي إنما هو افتراض بغرض
دفع شبه المخالفين ، ورد اعتراضاتهم.
الأمر الرابع :
إن بعض أدعياء
العقل ونقده ، قد انبرى للتطفل على الكتب والكتابة ،
وعلى التراث ومصادره القديمة ، بادعاء الإعادة لقراءتها ، فعرض هذا البحث
بشكل مشوه ينم عن جهل بأوليات المعرفة الإسلامية ، وقصور في فهم أبسط
نصوصه ، وعرض مشبوه لها لإقدامه على بتر المتون ، واقتصاره على الجمل
والعبارات التي توحي بغرضه على حد زعمه ، مع ارتباك في العرض واضطراب
في البحث واستخدام لأسلوب القذف والسب!
وليس كل هذا ولا
بعضه من شأن طالب للعلم ، فضلا عمن يدعي العقل
ونقده ، والمعرفة وإعادتها!
ومن الخبط الجمع
بين الالتزام بالاعتراضين في عرض واحد ، وبصورة
متزامنة ، فإن من غير المعقول أن يحاول أحد أن ينفي عن الأئمة علم الغيب زاعما
منافاة ذلك للعقل ويحاول الاستدلال بالآيات الكريمة التي ذكرنا بعضها في صدر هذا
البحث.
غافلا عن دلالة
هذه الآيات على اختصاص علم الغيب بذات الله
تعالى ، مسلمة عند جميع المسلمين ، شيعة وأهل سنة ، ولم يختلف في ذلك
اثنان ، وليس موضع بحث وجدل حتى يحتاج إلى إثبات ونقاش ، ولم يدع أحد
أن غير الله تعالى يمكنه بصورة مستقلة العلم بالغيب.
وإنما يقول الشيعة
بأن الله تعالى أوحى إلى نبيه من أنباء الغيب ، وقد
أخبر عن ذلك في قوله تعالى : (ذلك من أنباء الغيب
نوحيه إليك ...) الآية
(٤٤) من سورة آل عمران وهي مدنية.
وقد استثنى الرسول
ممن لا يظهر على الغيب ، فقال تعالى : (عالم الغيب فلا يظهر
على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول ...) الآيتان (٢٥ و ٢٦) من سورة الجن
(٧٢) وهما مكيتان.
فبالإمكان إذن
صدور الغيب الإلهي إلى غير الله تعالى ، لكن بإذنه تعالى وبوحيه وإلهامه.
وقد ثبت بطرق
مستفيضة أن الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم أخبر عليا وأهل
البيت عليهمالسلام بذلك ، وقد توارثه الأئمة عليهمالسلام ، فهو مخزون عندهم.
وقد عنون الشيخ
المفيد رحمهالله لباب في (أوائل المقالات) نصه :
(القول في علم الأئمة عليهمالسلام بالضمائر والكائنات ، وإطلاق القول
عليهم بعلم الغيب ، وكون ذلك لهم في الصفات) قال فيه :
وأقول : إن الأئمة
من آل محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم قد كانوا
يعرفون ضمائر بعض العباد ، ويعرفون ما يكون قبل كونه.
وليس ذلك بواجب في
صفاتهم ، ولا شرطا في إمامتهم ، وإنما أكرمهم
الله تعالى به ، وأعلمهم إياه للطف في طاعتهم والتمسك بإمامتهم.
وليس ذلك بواجب
عقلا ، ولكنه وجب لهم من جهة السماع.
فإما إطلاق القول
عليهم بأنهم يعلمون الغيب! فهو منكر بين الفساد ، لأن الوصف بذلك إنما يستحقه من
علم الأشياء بنفسه لا بعلم مستفاد ، وهذا لا يكون إلا لله عزوجل.
وعلى قولي هذا
جماعة أهل الإمامة إلا من شذ عنهم من المفوضة ومن
انتمى إليهم من
الغلاة .
وقد أثبت الشيخ
المفيد الروايات المنقولة بالسمع والدالة على علم
الأئمة عليهمالسلام بالمغيبات ـ والتي هي دلائل على إمامتهم واستحقاقهم
للتقديم ـ في كتاب (الإرشاد) في أحوال كل إمام ، فليراجع.
فنسبة القول بأن
الأئمة يعلمون الغيب ، بالإطلاق إلى الشيعة ، ومن دون
تفسير وتوضيح بأنه بتعليم الرسول الآخذ له من الوحي ، أو بالإلهام والإيحاء
والقذف في القلب ، والنظر بنور الله ، كما جاء في الخبر عن المؤمن أنه ينظر
بنوره تعالى ، فهي نسبة ظالمة باطلة يقصد بها تشويه سمعة هذه الطائفة المؤمنة
التي أجمعت على اختصاص علم الغيب بالله تعالى ، تبعا لدلالة الآيات
الكريمة ، والتزمت بما دلت عليه الآيات الأخرى من إيصال ذلك العلم إلى
الرسول ، وما دلت عليه الآثار والأخبار من وصول ذلك العلم إلى الأئمة.
فلم يكن في تلك
النسبة الظالمة إلا التقول على الشيعة ، مضافا إلى
كشفها عن الجهل بأفكار الطائفة وعقائدها ومبادئها.
فكيف يحق لمثل هذا
المغرض المتقول أن يتدخل في إعادة قراءة التراث الشيعي؟!
ومع أنه التزم بنفي
علم الغيب عن الرسول والأئمة :
فهو يحاول أن يورد
الاعتراض الثاني أيضا ـ في عرض الاعتراض الأول ـ بأن في أفعال الرسول والأئمة ما
هو من الالقاء في التهلكة ، وفي ما أصابهم على أثر إقدامهم كثير من السوء الذي
وقعوا فيه.
وحاول جمع ما يدل
على ذلك مما أصاب الرسول وأهل البيت طول
حياتهم ، مؤكدا على أن ذلك هو من (السوء) ومن (الهلكة).
مع أنه بعد إصراره
على نفي علم الغيب عنهم لم يكن عملهم إقداما
__________________
على الهلكة ، فيجب
أن لا يحاسبوا على الإقدام عليها ، أو ينهوا عن الالقاء
فيها ، لأن الجاهل بالشئ لا يحاسب عليه ، ولا يكلف بالاجتناب عنه ودفعه.
الأمر الخامس :
أن تسمية الفعل
الذي يقدم عليه الفاعل المختار سوء أو هلكة إنما يتبع
المفسدة الموجودة في ذلك الفعل ، فإذا خلا الفعل في نظر فاعله عن المفسدة ، أو
ترتبت عليها مصلحة أقوى وأهم في نظره من المفسدة ، لم يسم سوء ولا هلكة.
فليس لهذه
العناوين واقعا ثابتا حتى يقال : إن ما أقدم عليه الأئمة هو سوء
وهلكة ، بل هي أمور نسبية تتبع الأهداف والأغراض والنيات ، بل يراعي في
تسميتها الأهم ، فرب نفع في وقت هو ضرر في آخر ، ورب ضرر لشخص هو نفع لآخر.
قال تعالى : (وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم ، وعسى
أن تحبوا
شيئا وهو شر لكم) الآية (٢١٦) من سورة البقرة .
وقال تعالى : (فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه
خيرا كثيرا) الآية
(١٩) من سورة النساء (٤).
هذا في المنظور
الدنيوي المادي ، وأما في المنظار الإلهي والمثالي ،
وعالم المعنويات ، فالأمر أوضح من أن يذكر أو يكرر.
فهؤلاء الأبطال
الذين يقتحمون الأهوال ، ويسجلون البطولات في سبيل
أداء واجباتهم الدينية والعقيدية ، أو الوطنية والوجدانية ، أو الشرف إنما يقدمون
على ما فيه فخرهم ، مع أنهم يحتضنون (الموت) ويعتنقون (الفناء) لكنه في
نظرهم (الحياة) و (البقاء).
كما أن المجتمعات
تمجد بأبطالها وتخلد أسماءهم وذكرياتهم ، لكونهم
المضحين من أجل الأهداف السامية ، وليس هناك ما يسمي ذلك (هلاكا) أو
(سوء) إلا الساقط
عن الصعود إلى مستوى الادراك ، وفاقد الضمير والوجدان من المنبوذين.
دون الذين
استبسلوا في ميادين الجهاد في الحروب والنضالات الدامية ،
الساخنة أو الباردة ، ومن أجل إعلاء كلمة الله في الأرض ، أولئك الذين قال عنهم
الله أنهم : (... أحياء عند ربهم
يرزقون * فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم
ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون * يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله لا يضيع أجر
المؤمنين) الآيات (١٦٩ ـ ١٧١)
من سورة آل عمران .
هؤلاء الذين (قتلوا)
في سبيل الله.
ولا بد أن الشهداء
قد قصدوا الشهادة وطلبوها وأرادوها ، إذ لا يسمى من لا يريدها (شهيدا) وهيهات أن
يعطاها من يفر منها ، مهما كان مظلوما ، وكان قتله بغير حق.
إن المسلم إذا
اقتحم ميدانا بهدف إحقاق الحق أو إبطال الباطل ثم
أصابه ما لا يتحمل إلا في سبيل الله ، أو أدركه القتل ، وهو قاصد للتضحية ،
فإن ذلك ليس سوء ولا شرا ، بل هو خير وبر ، بل هو فوق كل بر ، وليس فوقه بر ،
كما نطق به الحديث الشريف عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : (إن
فوق كل بر بر حتى يقتل الرجل في سبيل الله).
فلا يدخل مثل هذا
في (التهلكة) التي نهى الله عنها في الآية ، بل هو من
(الاحسان) الذي أمر الله به في ذلك تلك الآية فقال تعالى : (ولا تلقوا بأيديكم
إلى التهلكة ، وأحسنوا إن الله يحب المحسنين) الآية (١٩٥) من سورة البقرة
(٢).
والشهادة هي إحدى
الحسنيين ـ النصر أو الشهادة ـ في قوله تعالى : (قل
هل تربصون بن إلا إحدى الحسنيين ...) الآية (٥٢) من سورة
التوبة (٩).
وإذا لم يصح إطلاق
(السوء) على ما أصاب النبي والإمام ، من البلاء ،
في سبيل الله ،
وعلى طريق الرسالة والإمامة ، ومن أجل إعلاء كلمة الله ،
والدفاع عن الحق ، ودحر الباطل ، فليس الاستدلال بقوله تعالى : (قل
لا أملك لنفي نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت
من الخير وما مسني السوء إن إنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون)
الآية (١٨٨) من
سورة الأعراف (٧) وهي مكية.
ليس الاستدلال
بهذه الآية على نفي علم الغيب عن الرسول ، وإثبات
أن السوء يمسه فهو لا يعلم به ، استدلالا صحيحا.
لفرض أن ما أصاب
الرسول ـ وكذا الأئمة ـ في مجال الدعوة والرسالة الإسلامية وأداء المهام الدينية ،
لا يعبر عنه بالسوء ، كما أوضحناه.
وأما معنى الآية
المراد منها :
فيما أن (لو) حرف
امتناع لامتناع ، فهي تدل على أن امتناع كونه عالما ، بالغيب أدى إلى امتناع
استكثاره من الخير ، وامتناع أن لم يمسه السوء ، وذلك قبل اتصال الوحي به.
فغاية ما يدل عليه
ظاهر الآية أنه كان بالإمكان أن يمسه السوء ، ولم تدل
الآية على أنه فعلا ـ وبعد نزول الوحي ، وفي المستقبل ـ لم يعلم الغيب ، ولم يستكثر
من الخير ، وسوف يمسه السوء.
فظاهر الآية أن
الامتناعين كانا في الماضي ، لكون الأفعال مستعملة
بصيغة الماضي ، وهي : (كنت) (واستكثرت) و (ما مسني).
فهو تعبير عن
إمكان ذلك في الماضي لعدم علمه بالغيب سابقا ، لا على
وقوع ذلك ، ولا على عدم علمه به مستقبلا أو امتناع حصول الغيب له في
المستقبل وبعد اتصاله بالوحي ، فلا ينافي ذلك أن يكون في المستقبل (يعلم
بالغيب) ـ من خلال الوحي طبعا ـ وأنه (يستكثر من الخير) وأنه (لا يمسه السوء).
كما دلت آيات أخرى
على حصول الأفعال له :
فقال تعالى : (ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك ...) الآية (٤٤) من سورة آل عمران .
وقال تعالى : (إنا أعطيناك الكوثر) الآية (١) من سورة الكوثر (١٠٨).
وقال تعالى : (ذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء ...) الآية (٢٤) من سورة يوسف .
مع أن ذيل الآية ـ
المستدل بها ـ وهو قوله تعالى : (... إن أنا إلا نذير وبشير
لقوم يؤمنون) يدل على المراد من صدرها :
فإن مهمة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم منحصرة بالإنذار والتبشير ،
وإنما خصصهما (لقوم مؤمنين) لاعترافهم وقناعتهم بالنبوة وإيمانهم بأنباء
الغيب الذي يأتي به وينذر به ويبشر به.
بينما غير
المؤمنين ، لا يقتنعون بهذا الغيب ، فماذا يريد النبي نفيه من
الغيب في صدر الآية؟!
إنه ينفي عن نفسه
العلم بالغيب الذي طلبوا معرفته منه بالاستقلال وبلا
وحي ، معرفة ذاتية لدنية ، فإنهم كانوا يطالبونه بالإخبار عن علم الساعة ،
كأسئلة امتحانية يريدون إبكات النبي وإفحامه بها كما صرحت بذلك الآية
السابقة على هذه والمرقمة (١٨٧) من سورة الأعراف ، فكان النفي وأراد على
(علم الغيب بالساعة) ومن غير الوحي ، ولا من خلال الرسالة ، ومن دون أن
تتعلق مشيئة الله أن يعلمه نبيه.
وإلا ، فنفس
النبوة والإنذار والتبشير ، هي من الغيب الذي جاء به ، ومدح
المؤمنين بأنهم (يؤمنون بالغيب).
فلو دل دليل على
عدم إخبار نبيه به ، مما اختص الله علمه بنفسه ، كأمر
الروح ، وعلم الساعة ، وما نص ـ من الأمور ـ على أن علمها عند الله ، فهو من العلم
المكنون الخاص بالله تعالى.
وأما أمور ـ مثل
علم النبي بموته ـ مما قامت الآثار والأخبار على أن النبي والأئمة كانوا على علم
بها ، من خلال الوحي وإخباره ، وجبرئيل ونزوله ، والكتب السماوية وأنبائها.
فليس في الالتزام
بذلك تحديا لاختصاص علم الغيب بالله جل ذكره ،
وليس ذلك منافيا لكتاب أو سنة ، أو أصل ثابت ، أو فرع ملتزم به.
الأمر السادس :
ومن جميع ما ذكرنا
ظهر عدم صحة الاستدلال على نفي علم الغيب عن
الرسول والإمام بمحدودية وجودهما الذي هو من الممكنات ، وعدم أزليتها ،
وعدم أبديتها ، مع أن الغيب لا حدود له ، والمحدود لا يستوعب غير المحدود
ـ بحكم العقل ـ ولذلك اختص (علم الغيب) بالله تعالى الذي لا يحد.
وذلك لأن محدودية
النبي والإمام أمر لا ريب فيه ، ولا شبهة تعتريه ، وكذلك اختصاص علم الغيب بالله
أمر قد أثبتناه ، ولم ينكره أحد من المسلمين ، كما ذكرناه.
لكن المدعى أن
الله تعالى أكرمهم وخصهم بأنباء من الغيب ووهبهم
علمها ، فبإذنه علموا ذلك ، وأصبح لهم (شهودا) وإن كان لغيرهم (غيبا) محجوبا.
وإنما اختصهم الله
بذلك ، لقربهم منه بالعمل الصالح ، والنية الصادقة ، وإحراز الإخلاص والتقوى ،
والجد في البذل والفداء.
ولم يعطوا ذلك
بالجبر والإكراه ، بل من جهة امتلاكهم للسمات المؤهلة
للوصول إلى الدرجات ، واستحقاق المقامات التي أثبتتها لهم الفتنة والابتلاء
والامتحان والمعاناة الطويلة التي قاسوها في مختلف مراحل وجودهم في الحياة.
إن أمر الاستبعاد
والاستهوال لعلم الأئمة بالغيب الشامل للماضي
والحاضر والمستقبل
، سوف يهون إذا عرف ليس بالاستقلال ، بل بواسطة الوحي الإلهي المنزل على قلب
الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ومن خلال الالهام لآله الأطهار.
وقد استفاضت
الأحاديث والأخبار والآثار الدالة على كثير من ذلك ،
حتى عدت من (دلائل النبوة) ومعاجز الرسالة ، وقد جمعتها كتب بهذا العنوان ،
وتناقلتها الرواة وملئت بها الصحف.
فإذا اتفقت عليه
عقول السامعين لتلك الأخبار ، وشاهدتها عيون
الشاهدين لتلك الأحداث ، واستيقنتها قلوب المؤمنين بالغيب وبالرسالة المحمدية.
فماذا على ذلك من
جحود عقل خامد؟!
وإذا بلغت
الروايات الدالة على (إنباء السماء بأنباء كربلاء) حد التواتر ،
وذاعت وانتشرت ، حتى رواها الشيعة وأهل ألسنة ، وأثبتها المؤلفون في كتب
(دلائل النبوة) كأبي نعيم والبيهقي ، حتى عد من أعظم معاجز النبوة ، وأهم ما يصدقها.
فماذا عليها من
عقل واحد أن ينكرها ، ولا يصدق بها؟!
هذا ما نقوله في
الجواب عن الاعتراض الأول.
وحاصله ثبوت علم
الغيب للنبي والإمام من خلال الوحي والإلهام ، وهو
الذي التزم به جمهور علماء الإمامية ، ولم نجد فيه مخالفا قط ، إلا ظاهر من
التزم بإثبات العلم بالإجمال ببعض الأمور دون التفصيل ، وسيأتي نقل كلامه ، ومناقشته.
ومن هنا فإن
المحور الذي سنتحدث عنه إنما هو حول الاعتراض الثاني ، وسنستعرض صيغه عبر القرون ،
ونذكر أشكال الإجابة عنه.
العامة ومسألة (علم الغيب) :
إن تفسيرنا لآيات
الغيب الواردة في القرآن الكريم ، لم تنفرد به الشيعة
الإمامية ، بل التزم به كثير من علماء العامة من أهل السنة : مفسرين ، وفقهاء ،
وعلماء كلام ، وغيرهم.
وقد ذكر العلامة
الحجة المتتبع السيد عبد الرزاق الموسوي المقرم ،
مؤلف (مقتل الحسين عليهالسلام) أقوالهم بهذا الصدد.
__________________
وإليك ما نقله
السيد المقرم بنصه ومصادره :
قال ابن حرج
الهيثمي (هو المكي صاحب الصواعق المحرقة) :
لا منافاة بين
قوله تعالى : (قل لا يعلم من في
السماوات والأرض الغيب
__________________
إلا
الله) [الآية (٦٥)
من سورة النمل (٢٧)].
وقوله : (عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا) [الآية
(٢٦) من سورة الجن (٧٢)].
وبين علم الأنبياء
والأولياء بجزئيات من الغيب.
فإن علمهم إنما هو
بإعلام من الله تعالى ، وهذا غير علمه الذي تفرد به
تعالى شأنه من صفاته القديمة الأزلية الدائمة الأبدية المنزهة عن التغيير.
وهذا العلم الذاتي
هو الذي تمدح به ، وأخبر ـ في الآيتين ـ بأنه لا يشاركه أحد فيه.
وأما من سواه ،
فإنما يعلم بجزئيات الغيب بإعلامه تعالى.
وإعلام الله
للأنبياء والأولياء ببعض الغيوب ممكن ، لا يستلزم محالا ، بوجه.
فإنكار وقوعه عناد.
ومن البين أنه لا
يؤدي إلى مشاركتهم له تعالى فيما تفرد به من العلم الذي
تمدح به واتصف به من الأزل.
وعلى هذا مشى
النووي في فتاواه .
وقال النيسابوري
صاحب التفسير :
إن امتناع الكرامة
من الأولياء : إما لأن الله ليس (معاذ الله) أهلا لأن يعطي
المؤمن ما يريد! وإما لأن المؤمن ليس أهلا لذلك!!
وكل منهما بعيد ،
فإن توفيق المؤمن لمعرفته لمن أشرف المواهب ـ منه تعالى ـ لعبده ، فإذا لم يبخل
الفياض بالأشرف ، فلأن لا يبخل بالدون أولى .
وقال ابن أبي
الحديد : إنا لا ننكر أن يكون في نوع من البشر أشخاص
__________________
يخبرون عن الغيوب
، وكله مستند إلى الباري جل شأنه ، بإقداره ، وتمكينه ، وتهيئة أسبابه .
وقال ابن أبي
الحديد ـ أيضا ـ : لا منافاة بين قوله تعالى : (وما تدري
نفس ماذا تكسب غدا) (الآية
(٣٤) من سورة لقمان (٣١)).
وبين علمه صلىاللهعليهوآلهوسلم بفتح مكة ، وما سيكون من قتال
الناكثين والقاسطين والمارقين.
فإن الآية غاية ما
تدل عليه : نفي العلم بما يكون في الغد ، وأما إذا كان
بإعلام الله عزوجل ، فلا.
فإنه يجوز أن يعلم
الله نبيه بما يكون .
وفي عنوان (آية التهلكة) قال المقرم : وقد أثنى سبحانه تعالى على المؤمنين في
إقدامهم على القتل والمجاهدة في سبيل تأييد الدعوة الإلهية (وذكر بعض آيات القتال
في سبيل الله).
ولم يتباعد عن هذه
التعاليم محمد بن الحسن الشيباني ، فينفي البأس عن رجل يحمل على الألف مع النجاة
أو النكاية ، ثم قال : (ولا بأس بمن يفقد النجاة أو النكاية إذا كان إقدامه على
الألف مما يرهب العدو ويقلق الجيش) معللا بأن هذا الإقدام أفضل من النكاية ، لأن
فيه منفعة للمسلمين .
ويقول ابن العربي
المالكي : جوز بعض العلماء أن يحمل الرجل على
الجيش العظيم طالبا للشهادة ، ولا يكون هذا من الالقاء بالتهلكة ، لأن الله تعالى
يقول : (من يشري نفسه ابتغاء
مرضاة الله ...) (الآية (٢٠٧) من سورة
البقرة (٢)).
خصوصا إذا أوجب
الإقدام تأكد عزم المسلمين حين يرون واحدا منهم
__________________
قابل الألوف .
فإذن ، لم يمنع مانع
شرعي ، ولا عقلي ، من إمكان علم البشر بالغيب
في نظر هؤلاء ، وهذا ما يقوله الشيعة الإمامية في النبي والإمام.
والدليل على (علم
النبي والإمام) بالغيب من طريق الوحي والإلهام ، هو
ما أقاموه في الكتب الكلامية على وجوب مثل ذلك العلم ، لهما ، لتصديقهما
لمقام الرسالة في الرسول ، والإمامة في الإمام ، وهذان المقامان يقتضيان العلم.
فمن أقر للأئمة
بالإمامة ، فلا موقع عنده للاعتراض بالإلقاء إلى التهلكة ،
كما أوضحنا في الأمور التي قدمناها.
وكذلك من نفى عنهم
علم الغيب ، لعدم التزامه بالإمامة لهم ، إذ على
فرض ذلك لم يصدق في حقهم (الإقدام) المحرم.
وإثبات علمهم
بالغيب ، مع نفي إمامتهم ، قول ثالث لم يقل به أحد.
نعم ، يمكن فرض
علمهم بالغيب باعتبارهم أولياء لله استحقوا ذلك لمقاماتهم الروحية ، وقرباتهم المعنوية
، وتضحياتهم في سبيل الله ، وإخلاصهم في العبادة والولاية لله ـ بقطع النظر عن
مقام الإمامة ـ وحينئذ يتساءل : كيف أقدموا على الموت والقتل ، وهم يعلمون؟!
فإن الأجوبة
التالية التي نقلناها وأثبتناها في بحثنا تكون مقنعة لمثل من
يقدم هذا السؤال ، مع التزامه بهذا الفرض!
__________________
صيغ المشكلة وجوابها عبر العصور
١ ـ عصر الإمام الرضا عليهالسلام (ت ٢٠٣ ه)
عرضت المشكلة على
الإمام أبي الحسن الرضا علي بن موسى بن جعفر ابن محمد عليهالسلام (ت ٢٠٣ ه) فيما
رواه الكليني رحمهالله في (الكافي) كتاب الحجة ، باب (أن الأئمة عليهمالسلام يعلمون متى يموتون ، وأنهم لا يموتون إلا باختيار منهم) :
الحديث
الرابع : علي بن محمد ، عن
سهل بن زياد ، عن محمد بن
عبد الحميد ، عن الحسن بن الجهم ، قال : قلت للرضا عليهالسلام : إن
أمير المؤمنين عليهالسلام قد عرف قاتله ، والليلة التي يقتل فيها ، والموضع الذي
يقتل فيه.
وقوله ـ لما سمع
صياح الإوز في الدار ـ : (صوائح تتبعها نوائح)!
وقول أم كلثوم : (لو
صليت الليلة داخل الدار ، وأمرت غيرك يصلي بالناس) فأبى عليها!
وكثر دخوله وخروجه
تلك الليلة ، بلا سلاح!
وقد عرف عليهالسلام أن ابن ملجم لعنه الله قاتله بالسيف!
كان هذا مما لم
يجز تعرضه؟!
فقال : ذلك كان ،
ولكنه خير في تلك الليلة ، لتمضي مقادير الله عز
__________________
وجل .
والمستفاد من هذا
الحديث أمور :
الأول
: إن المشكلة كانت
مطروحة منذ عهود الأئمة ، وعلى المستوى
الرفيع ، إذ عرضها واحد من كبار الرواة وهو : الحسن بن الجهم بن بكير بن
أعين ، أبو محمد الزراي الشيباني ، من خواص الإمام الرضا عليهالسلام ،
وروى عن الإمام الكاظم عليهالسلام ، وعنه جمع من أعيان الطائفة ، وقد صرح بتوثيقه ، وله كتاب
معروف رواه أصحاب الفهرستات ، وله حديث كثير في الكتب الأربعة .
وهو من كبار آل
زرارة ، البيت الشيعي المعروف بالاختصاص بالمذهب.
الثاني
: إن علم الإمام
ومعرفته بوقت مقتله ، وما ذكر في الرواية من
الأقوال والأفعال الدالة على اختياره للقتل وإقدامه على ذلك ، كلها أمور كانت
مسلمة الوقوع ، ومعروفة في عصر السائل.
الثالث
: إن الراوي إنما
سأل عن وجه إقدام الإمام على هذه الأمور ، وإنه
مع العلم بترتب قتله على ذلك ، كيف يجوز له تعريض نفسه له؟ وهو مضمون
الاعتراض الثاني.
الرابع
: إن جواب الإمام
الرضا عليهالسلام بقوله : (ذلك كان) تصديق
بجميع ما ورد في السؤال من أخبار (علم الإمام) والأقوال والأفعال التي ذكرها السائل
، وعدم معارضته الإمام الرضا عليهالسلام لشئ ، من ذلك وعدم إنكاره ، كل ذلك دليل على موافقة الإمام
الرضا عليهالسلام على اعتقاد السائل بعلم الإمام بوقت قتله.
الخامس
: جواب الإمام
الرضا عليهالسلام عن السؤال بتوجيه إقدام
__________________
الإمام ، وعدم
الاعتراض على أصل فرض علم الغيب ، دليل على قبول هذا
الفرض ، وعدم ثبوت الاعتراض الأول.
السادس
: قول الإمام عليهالسلام في الجواب : (لكنه خير) صريح في
أن الإمام السلام أعطي الخيرة من أمر موته ، فأختار القتل لتجري الأمور
على مقاديرها المعينة في الغيب ، وليكون أدل على مطاوعته لإرادة الله وانقياده لتقديره.
وهذا أوضح المعاني
، وأنسبها بعنوان الباب.
وعلى نسخة (حين)
التي ذكرها المجلسي ، فالمعنى أن القتل قد عين
حينه ووقته ، لمقادير قدر الله أن تمضي وتتحقق ، فتكون دلالة الحديث على
ما في العنوان من مجرد ثبوت علم الإمام بوقت قتله وإقدامه ، وعدم امتناعه
وعدم دفعه عن نفسه ، وذلك يتضمن أن الإمام وافق التقدير وجرى على وفقه.
وأما نسخة (حير)
فلا معنى لها ، لأن تحير الإمام ليس له دخل في توجيه
إقدامه على القتل عالما به ، بل ذلك مناقض لهذا الفرض ، مع أنه لا يناسب
عنوان الباب.
فيكون احتمالها
مرفوضا.
ولعلها مصحفة عن (خبر)
بمعنى أعلم ، فيكون الجريان على التقدير
وإمضائه تعليلا لإخبار الإمام وإعلامه ، لكنه لا يخلو من تأمل.
فالأولى بالمعنى ،
والأنسب بالعنوان : هو (خير) كما أوضحنا.
فدلالة الحديث على
ثبوت علم الإمام بوقت موته ، واختياره في ذلك واضحة جدا.
والجواب عن
الاعتراض بالإلقاء في التهلكة : هو أن الإمام إنما اختار
الموت والقتل بالكيفية التي جرى عليها التقدير ، حتى يكشف عن منتهى طاعته
لله وانقياده لإرادته وحبه له وفنائه فيه وعشقه له ورغبته في لقائه ، كما نقل عنهم
قولهم عليهمالسلام : (رضا لرضاك ، تسليما لأمرك ، لا معبود سواك).
٢ ـ عصر الشيخ الكليني (ت ٣٢٩ ه)
المحدث الأقدم أبو
جعفر محمد بن يعقوب الكليني الرازي ، مجدد
القرن الرابع ، المتوفى سنة ٣٢٩ ه وقد عاش في عصر الغيبة الصغرى وعاصر
من الوكلاء ثلاثة ، وقد احتل بين الطائفة مكانة مرموقة ، وكانت له بين علماء
الإسلام منزلة عظيمة ، وننقل بعض ما قاله الكبراء في حقه :
قال النجاشي (ت
٤٥٠ ه) : شيخ أصحابنا في وقته بالري ووجههم ، وكان أوثق الناس في الحديث وأثبتهم.
وقال الطوسي (ت
٤٦٠ ه) : ثقة عارف بالأخبار ، جليل القدر.
وقال العامة فيه :
من فقهاء الشيعة ، ومن أئمة الإمامية وعلمائهم.
قال السيد بحر
العلوم (ت ١٢١٢ ه) : ثقة الإسلام ، وشيخ مشايخ الأعلام ، ومروج المذهب في غيبة
الإمام عليهالسلام ، ذكره أصحابنا ...
واتفقوا على فضله
وعظم منزلته .
وكتابه العظيم (الكافي)
أول الكتب الأربعة المعتمدة عند الشيعة في الحديث وأجلها وأوسعها ، والذي مجد به
كبار الطائفة وأعلامهم :
فقال المفيد (ت
٤١٣ ه) فيه : هو من أجل كتب الشيعة وأكثرها فائدة.
وقال الشهيد الأول
(ت ٧٨٦ ه) : كتاب الكافي في الحديث الذي لم
يعمل الإمامية مثله.
__________________
وقال المازندراني (ت
١٠٨١ ه) وهو شارح الكافي : كتاب الكافي أجمع
الكتب المصنفة في فنون علوم الإسلام ، وأحسنها ضبطا ، وأضبطها لفظا ، وأتقنها معنى
، وأكثرها فائدة ، وأعظمها عائدة ، حائز ميراث أهل البيت ، وقمطر علومهم.
وقال السيد بحر
العلوم (ت ١٢١٢ ه) : إنه كتاب جليل ، عظيم النفع ، عديم النظر ، فائق على جميع كتب
الحديث بحسن الترتيب ، وزيادة الضبط والتهذيب ، وجمعه للأصول والفروع ، واشتماله
على أكثر الأخبار الواردة عن الأئمة الأطهار عليهمالسلام .
لقد عقد الشيخ
الكليني في كتابه (الكافي) بابا في كتاب (الحجة)
بعنوان : (باب أن الأئمة عليهمالسلام يعلمون متى يموتون ، وأنهم لا يموتون
إلا باختيار منهم).
وأورد فيه (ثمانية)
أحاديث تدل على ما في العنوان ، ومنها الحديث
المذكور سابقا ، عن الإمام الرضا عليهالسلام.
وعقد الكليني لهذا
الباب بهذا العنوان يدل بوضوح على أن المشكلة
كانت معروضة في عصره ، وبحاجة إلى حسم ، فلذلك لجأ إلى عقده.
فلنمر بمضمون
الأحاديث ، كي نقف على مداليلها :
الحديث
الأول : بسنده عن أبي
بصير ، قال :
قال أبو عبد الله عليهالسلام : أي إمام لا يعلم ما يصيبه ، وإلى ما يصير ،
فليس ذلك بحجة لله على خلقه.
ودلالته على عنوان
الباب واضحة.
الحديث
الثاني : بسنده عمن أدخل
على موسى الكاظم عليهالسلام
__________________
فأخبر أنه قد سقي
السم وغدا يحتضر ، وبعد غد يموت.
ودلالته على علم
الإمام بوقت موته واضحة.
الحديث
الثالث : بسنده عن جعفر
الصادق عليهالسلام ، عن أبيه الباقر
عليهالسلام : أنه أتى أباه علي بن الحسين السجاد عليهالسلام ، قال له : إن
هذه الليلة يقبض فيها ، وهي الليلة التي قبض فيها رسول الله صلى الله عليه وآله
وسلم.
ودلالته على علم
الإمام بليلة وفاته واضحة.
الحديث
الرابع : وقد أوردناه في
المقطع السابق بعنوان (عصر الإمام الرضا عليهالسلام).
الحديث
الخامس : بسنده عن الإمام
أبي الحسن موسى الكاظم عليه السلام ، وفيه : أن الله غضب على الشيعة وأنه خيره
نفسه ، أو الشيعة ، وأنه وقاهم بنفسه.
ودلالته على
تخييره بين أن يصيبهم بالموت ، أو يصيبه هو ، وعلى اختياره
الموت وقاء لهم ، واضحة.
الحديث
السادس : بسنده إلى أبي
الحسن الرضا عليهالسلام ، أنه قال
لمسافر الراوي : إنه رأى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وهو يقول له :
يا علي ، ما عندنا خير لك.
ومن الواضح أن هذا
القول هو دعوة للإمام إلى ما عند رسول الله ، وهو
كناية واضحة عن الموت ، وقد مثل الإمام الرضا عليهالسلام وضوح ذلك
بوضوح وجود الحيتان في القناة التي أشار إليها في صدر الحديث.
الحديث
السابع : بسنده عن أبي عبد
الله الصادق عليهالسلام ، أن أباه
أوصاه بأشياء في غسله وفي كفنه وفي دخوله قبره ، وليس عليه أثر الموت ، فقال
الباقر عليهالسلام : يا بني ، أما سمعت علي بن الحسين عليهالسلام ينادي من
وراء الجدار : (يا محمد ، تعال ، عجل).
دلالته مثل الحديث
السابق ، في كون الدعوة إلى الدار الأخرى ،
والقرينة هنا أوضح ، حين أوصى الإمام بتجهيزه.
ودلالة هذين
الحديثين على الاختيار للإمام واضحة ، إذ أن مجرد الدعوة
ليس فيها إجبار على الامتثال ، بلى يتوقف على الإجابة الاختيارية لذلك.
الحديث
الثامن : بسنده عن عبد
الملك بن أعين ، عن أبي جعفر عليه
السلام ، قال : أنزل الله تعالى النصر على الحسين عليهالسلام حتى كان بين
السماء والأرض.
ثم خير : النصر ،
أو لقاء الله.
فاختار لقاء الله
تعالى.
ودلالته على ما في
عنوان الباب واضحة ، للتصريح فيه بالتخيير ثم اختيار الإمام لقاء الله.
ومع وضوح دلالة
جميع هذه الأحاديث على ما في عنوان الباب
كما شرحناه ، فلا يرد نقد إلى الكليني ، ولا الكافي ، ولا هذا الباب
بالخصوص ، ومن حاول التهجم على الكتاب والتشكيك في صحة نسخه ،
والمناقشة في أسانيد هذه الأحاديث ، فهو بعيد عن العلم وأساليب عمل العلماء.
والتشكيك في دلالة
الأحاديث على مدلول عنوان الباب يدل على الجهل
باللغة العربية ، ودلالتها اللفظية والبعد عن أوليات علم الكلام بشكل مكشوف
ومفضوح ، فلا نجد من اللازم التعرض لكل ما ذكر في هذا المجال ، إلا أن
محاولة التهجم على الكتاب ، وأسانيده ، لا بد من ذكرها وتفنيدها ، وهي :
أولا
: ما ذكر تبعا
لمستشرق أمريكي أثار هذه الشبهة ـ من أن نسخ كتاب
(الكافي) مختلفة ، وأن هناك فرقا بين رواية الصفواني ، ورواية النعماني ،
للكتاب ، وبين النسخة المطبوعة المتداولة.
نقول
: إن تلاميذ
الكليني الذين رووا عنه كتاب (الكافي) بالخصوص
كثيرون ، وقد صرح
علماء الرجال بروايتهم للكتاب عن مؤلفه الكليني ، وهم :
الصفواني ، والنعماني ، وأبو غالب الزراري ، وأبو الحسن الشافعي ،
وأبو الحسين الكاتب الكوفي ، والصيمري ، والتلعكبري ، وغيرهم .
وإن دلت كثرة
الرواة على شئ فإنما تدل على أهمية الكتاب والعناية به ،
والتأكد من نصه ، ولا بد أن يبذل المؤلف والرواة غاية جهدهم في تحقيق عملية
المحافظة عليه ، والتأكد من بلوغه بالطرق الموثوقة المتعارفة لتحمل الحديث وأدائه.
أما الاختلاف بين
النسخ على أثر وقوع التصحيف والسهو في الكتابة ،
وعلى طول المدة الزمنية بيننا وبين القرن الرابع على مدى عشرة قرون ، فأمر
قد مني به تراثنا العربي ، فهل يعني ذلك التشكيك في هذا التراث؟!
كلا ، فإن علماء
الحديث قد بذلوا جهودا مضنية في الحفاظ على هذا
التراث وجمع نسخه والمقارنة بينها ، والترجيح والاختيار والتحقيق والتأكد من
النص ، شأنهم في ذلك شأن العلماء في عملهم مع النصوص الأخرى ، من
دون أن يكون لمثل هذه التشكيكات أثر في حجيتها أو سلب إمكان الإفادة
منها ، ما دامت قواعد التحقيق والتأكد والتثبت ، متوفرة ، والحمد لله.
أما تهريج الجهلة
بأساليب التحقيق ، وبقواعد البحث العلمي في
انتخاب النصوص ، وإثارتهم وجود نسخ مختلفة ، فهو نتيجة واضحة للأغراض
المنبعثة من الحقد والكراهية للعلم ، وقديما قيل : (الناس أعداء ما جهلوا).
وثانيا
: مناقشة الأحاديث
المذكورة ، من حيث أسانيدها ، ووجود رجال
موسومين بالضعف فيها.
والرد
على ذلك : أن البحث الرجالي
، ونقد الأسانيد بذلك ، لا بد أن
يعتمد على منهج رجالي محدد ، يتخذه الناقد ، ويستدل عليه ، ويطبقه ، وليس
__________________
ذلك حاصلا بمجرد
تصفح الكتب الرجالية ، ووجدان اسم لرجل ، والحكم عليه بالضعف أو الثقة ، تبعا
للمؤلفين الرجاليين وتقليدا لهم ، مع عدم معرفة مناهجهم وأساليب عملهم.
وإن من المؤسف ما
أصاب هذا العلم ، إذ أصبح ملهاة للصغار من
الطلبة ، يناقشون به أسانيد الأحاديث ، مع جهلهم بالمناهج الرجالية التي أسس
مؤلفو علم الرجال كتبهم عليها ، وبنوا أحكامهم الرجالية على أساسها ، مع
أهمية ما يبتني على تلك الأحكام من إثبات ونفي ، ورد وأخذ ، لأحاديث
وروايات في الفقه والعقائد والتاريخ وغير ذلك.
كما أن معرفة
الحديث الشريف ، وأساليب تأليفه ومناهج مؤلفيه له أثر
مهم في مداولة كتبهم والاستفادة منها.
ولقد أساء من أقحم
ـ ولا يزال يقحم ـ الطلبة في وادي هذا العلم ، الصعب المسالك ، فيصرفون أوقاتهم
الغالية في مناقشات ومحاولات عقيمة ، ويبنون عليها الأحكام والنتائج الخطيرة.
كالمناقشة في
أسانيد أحاديث هذا الباب الذي نبحث عنه في كتاب
(الكافي) للشيخ الكليني ، فقد جهل المناقش أمورا من مناهج النقد الرجالي ،
ومن أسلوب عمل الكليني ، فخبط خبط عشواء في توجيه النقد إلى (الكافي).
فمن ناحية : إن
قسم الأصول من (الكافي) إنما يحتوي على أحاديث
ترتبط بقضايا عقائدية ، وأخرى موضوعات لا ترتبط بالتعبد الشرعي ، كالتواريخ
وأحوال الأئمة ومجريات حياتهم.
ومن المعلوم أن
اعتبار السند ، وحاجته إلى النقد الرجالي بتوثيق الرواة أو
جرحهم ، إنما هو لازم في مقام إثبات الحكم الشرعي ، للتعبد به ، لأن طريق
اعتبار الحديث توصلا إلى التعبد به متوقف على اعتباره سنديا ، بينما القضايا
الاعتقادية ، والموضوعات الخارجة لا يمكن التعبد بها ، لأنها ليست من
الأحكام الشرعية ، فليس المراد منها هو التعبد بمدلولها والتبعية للإمام فيها ،
وإنما المطلوب الأساسي
منها هو القناعة والالتزام القلبي واليقين ، وليس شئ
من ذلك يحصل بالخبر الواحد حتى لو صح سنده ، وقيل بحجيته واعتباره ، لأنه
على هذا التقدير لا يفيد العلم ، وإنما يعتبر للعمل فقط.
نعم ، إن حاجة
العلماء إلى نقل ما روي من الأحاديث في أبواب الأصول الاعتقادية ، لمجرد الاسترشاد
بها ، والوقوف من خلالها على أساليب الاستدلال والطرق القويمة المحكمة التي يتبعها
أئمة أهل البيت عليهمالسلام في الاقناع والتدليل على تلك الأصول.
ولا يفرق في مثل
هذا أن يكون الحديث المحتوي عليه صحيح السند
أو ضعيفة ، ما دام المحتوى وافيا بهذا الغرض وموصلا إلى الاقناع الفكري بالمضمون.
وليس التشكيك في
سند الحديث المحتوي على الاقناع مؤثرا لرفع القناعة بما احتواه من الدليل.
وكذا الموضوعات
الخارجة ، كالتواريخ وسني الأعمار وأخبار السيرة ،
ليس فيها شئ يتعبد به حتى تأتي فيه المناقشة السندية ، وإنما هي أمور ممكنة ،
يكفي في الالتزام بها ونفي احتمال غيرها ورود الخبر به.
فلو لم يمنع من
الالتزام بمحتوى الخبر الوارد أصل محكم ، أو فرع
ملتزم ، ولم تترتب على الالتزام به مخالفة واضحة ، أو لم تقم على خلافه أدلة
معارضة ، كفى الخبر الواحد في احتماله لكونه ممكنا.
وإذا غلب على الظن
وقوعه باعتبار كثرة ورود الأخبار به ، أو توافرها ، أو
صدور مثل ذلك الخبر من أهله الخاصين بعلمه ، أو ما يماثل ذلك من القرائن
والمناسبات المقارنة ، كفى ذلك مقنعا للالتزام به.
وبما أن موضوع قسم
الأصول من الكافي ، وخاصة الباب الذي أورد فيه
الأحاديث الدالة على (علم الأئمة عليهمالسلام بوقت موتهم وأن لهم الاختيار
في ذلك) هو موضوع خارج عن مجال الأحكام والتعبد بها وليس الالتزام به
منافيا لأصل من
الأصول الثابتة ، ولا لفرع من الفروع الشرعية ، ولا معارضا لآية
قرآنية ، ولا لحديث ثابت في السنة ، ولا ينفيه دليل عقلي ، وقد وردت به هذه المجموعة
من الأحاديث والآثار ـ مهما كان طريقها ـ فقد أصبح من الممكن والمحتمل والمعقول.
وإذا توافرت
الأحاديث وتكررت ، كما هو في أحاديث الباب ودلت
القرائن الأخرى المذكورة في كتب السيرة والتاريخ ، وأيدت الأحاديث المنبئة
عن تلك المضامين حصل من مجموع ذلك وثوق واطمئنان بثبوته.
ولا ينطر في مثل
ذلك إلى مفردات الأسانيد ومناقشتها رجاليا.
ومن ناحية أخرى :
فإن المنهج السائد في عرف قدماء العلماء ، وأعلام
الطائفة ، هو اللجوء إلى المناقشة الرجالية في الأسانيد ، ومعالجة اختلاف
الحديث بذلك ، في خصوص موارد التعارض والاختلاف.
وقد يستدل على هذه
السيرة وقيام العمل بها ، باعتمادهم في الفقه وغيره
على الأحاديث المرسلة المقبولة والمتداولة وإن كانت لا سند لها ، فضلا عن
المقطوعة الأسانيد ، في صورة انفرادها بالحكم في الموقف.
وللبحث عن هذا
المنهج ، وقبوله أو مناقشته ، مجال آخر.
هذا ، مع أن
الكليني لم يكن غافلا ـ قط ـ عن وجود هذه الأسماء في
أسانيد الأحاديث ، لتسجيله لها وعقد باب لها في كتابه.
كيف ، وهو من رواد
علم الرجال ، وقد ألف كتابا في هذا العلم باسم (الرجال) ؟!
أما اتهام الرواة
لهذه الأحاديث بالارتفاع والغلو ، ومحاسبة المؤلف الكليني على إيرادها ، لأنها
تحتوي على ثبوت علم الغيب للأئمة عليهم
__________________
السلام.
فهذا مبني على
الجهل بأبسط المصطلحات المتداولة بين العلماء :
فالغلو اسم يطلق على نسبة الربوبية إلى البشر ـ والعياذ بالله ـ ، بينما هذا
معنون ب (أن الأئمة يعلمون متى يموتون ...) فالباب يتحدث عن (موت
الأئمة) وهذا يناقض القول ب (الغلو) وينفيه.
فجميع رواة هذا
الباب ، يبتعدون ـ بروايتهم له ـ عن الغلو المصطلح ، قطعا.
فيكف يتهمهم
بالغلو؟!
هذا ، والكليني
نفسه ممن ألف كتابا في الرد على (القرامطة) وهم فرقة
تنسب إلى الغلاة مما يدل على استيعاب الكليني وتخصصه في أمر الفرق.
فيكف يحاسب بمثل
ذلك؟!
ثم إن قول الكليني
في عنوان الباب : (وأنهم لا يموتون إلا باختيار منهم)
يعني أن الموت الإلهي الذي قهر الله به عباده وما سواه ، بدون استثناء ، وتفرد
هو بالبقاء دونهم ، لا بد أن يشملهم ـ لا محالة ـ ولا مفر لهم منه ، وإنما امتازوا
بين سائر الخلائق بأن جعل الله اختيارهم لموتهم إليهم ، وهذا يوحي :
أولا
: أن لهم اختيار
وقت الموت ، فيختارون الآجال المعلقة ، قبل أن
تحتم ، فيكون ذلك بإرادة منهم واختيار وعلم ، رغبة منهم في سرعة لقاء الله ،
وتحقيقا للآثار العظيمة المترتبة على شهادتهم في ذلك الوقت المختار.
وهذا أنسب بكون
إقداماتهم مع كامل اختيارهم ، وعدم كونها مفروضة
عليهم ، وأنسب بكون ذلك مطابقا لقضاء الله وقدره ، فهو يعني إرادة الله منهم
__________________
لما أقدموا عليه ،
من دون حتم.
وإلا ، فإن كان
قضاءا مبرما وأجلا حتما لازما ، فكيف يكونون مختارين
فيه؟! وما معنى موافقتهم على ما ليس لهم الخروج عنه إلى غيره؟!
ثانيا
: أن لهم اختيار
نوع الموت الذي يموتون به ، من القتل بالسيف ضربة واحدة ، كما اختار الإمام أمير
المؤمنين عليهالسلام ذلك ، أو بشرب السم أو أكل المسموم كما اختاره أكثر الأئمة
عليهمالسلام ، أو بتقطيع الأوصال وفري الأوداج واحتمال النصال والسهام
وآلام الحرب ، والنضال ، وتحمل العطش والظمأ ، كما جرى على الإمام سيد الشهداء عليهالسلام.
ولا يأبى عموم لفظ
العنوان (لا يموتون إلا باختيار منهم) عن الحمل على ذلك كله.
مع أن في المعنى
الثاني بعدا اجتماعيا هاما ، وهو : أن الأئمة الأطهار
عليهمالسلام كانوا يعلمون من خلال الظروف ، والأحداث ، والمؤشرات
والمجريات ، المحيطة بهم ـ بلا حاجة إلى الاعتماد على الغيب وإخباره ـ أن الخلفاء
الظلمة ، والمتغلبين الجهلة ، على حكم العباد والبلاد ، سيقدمون على
إزهاق أرواحهم المقدسة بكل وسيلة تمكنهم ، لأنهم لا يطيقون تحمل وجود الأئمة عليهمالسلام الرافضين للحكومات الجائرة والفاسدة ، والتي تحكم وتتحكم
على الرقاب بالباطل ، وباسم الإسلام ليشوهوا سمعته الناصعة بتصرفاتهم الشوهاء.
فكان الأئمة
الأطهار تجسيدا للمعارضة الحقة الحية ، ولو كانوا في حالة
من السكوت ، وعدم مد اليد إلى الأسلحة الحديدية ، لكن وجوداتهم الشريفة
كانت قنابل قابلة للانفجار في أي وقت! وتعاليمهم كانت تمثل الصرخات
المدوية على أهل الباطل ، ودروسهم وسيرتهم كانت تمثل الشرارات ضد تلك الحكومات!
فكيف تطيق الأنظمة
الفاسدة وجود هؤلاء الأئمة ، لحظة واحدة!
فإذا كان الأئمة عليهمالسلام يعلمون أن مصيرهم ـ مع هؤلاء ـ هو الموت ، ويعرفون أن
الظلمة يكيدون لهم المكائد ، ويتربصون بهم الدوائر ، ويدبرون لقتلهم والتخلص من
وجودهم ، ويسعون في أن ينفذوا جرائمهم في السر والخفاء ، لئلا يتحملوا مسؤولية ذلك
، ولا يحاسبوا عليه أمام التاريخ! ولو تم لهم إبادة هؤلاء الأئمة سرا وبالطريقة
التي يرغبون فيها ، لكان أنفع لهم ، وأنجع لأغراضهم!
لكن الأئمة عليهمالسلام لا بد أن يحبطوا هذه المكيدة على الظلمة
القتلة ، يأخذوا بأيديهم زمام المبادرة في هذا المجال المهم الخطر ، ويختاروا
بأنفسهم أفضل أشكال الموت ، الذي يعلن مظلوميتهم ، ويصرخ بظلاماتهم ،
ويفضح قاتليهم ، ويعلن عن الإجرام والكيد الذي جرى عليهم ، ولا تضيع
نفوسهم البريئة ، ولا دماؤهم الطاهرة ، هدرا.
فلو كان الإمام
أمير المؤمنين عليهالسلام يقتل في بيته ، أو في بعض
الأزقة والطرق ، خارج المسجد.
فمن كان يفند
الدعايات الكاذبة التي بثها بنو أمية بين أهل الشام بأن
عليا عليهالسلام لا يصلي؟! فلما سمعوا أنه قتل في المسجد ، تنبهوا إلى
زيف تلك الدعايات المضللة.
وإذا كان الإمام
الحسين عليهالسلام ، يقتل في المدينة ، فمن كان يطلع
عليه قضيته؟! وحتى إذا كان يقتل في (مكة) : فمضافا إلى أنه كان يعاب عليه
أن حرمة الحرم قد هتكت بقتله! فقد كان يضيع دمه بين صخب الحجيج وضجيجهم!
بل إذا قتل الحسين
عليهالسلام في أرض غير كربلاء ، فأين؟!
وكيف؟! وما هو : تفسير كل النصوص التي تناقلتها الصحف ، والأخبار عن جده
النبي المختار حول الفرات؟ وكربلاء؟ وتربتها الحمراء؟!
وهذا الاختيار يدل
ـ مضافا إلى كل المعاني العرفانية التي نستعرضها ـ
يدل على : تدبير
حكيم ، وحنكة سياسية ، ورؤية نافذة ، وحزم محكم ، قام به
الأئمة عليهمالسلام في حياتهم السياسية تجاه الظالمين المستحوذين على
جميع المقدرات ، والذين سلبوا من الأمة كل الحريات حتى حرية انتخاب
الموت كما وكيفا ووقتا ومكانا.
فإن خروج الأئمة عليهمالسلام بتدابيرهم الحكيمة عن سلطة الحكام
في هذه المعركة ، وتجاوزهم لإراداتهم ، وأخذ زمام الاختيار بأيديهم ،
وانتخابهم للطريقة المثلى لموتهم ، يعد انتصارا باهرا ، في تلك الظروف الحرجة
القاهرة.
ولقد قلت ـ عن مثل
هذا ـ في كتابي (الحسين عليهالسلام سماته وسيرته) ما نصه :
(وهل المحافظة على
النفس ، والرغبة في عدم إراقة الدماء ، والخوف من
القتل ، أمور تمنع من أداء الواجب؟!
وتعرقل مسيرة المسؤولية الكبرى ، وهي :
المحافظة على الإسلام وحرماته؟! وإتمام الحجة على الأمة بعد دعواتها
المتتالية؟! واستنجادها المتتابع؟!
ثم هل تعقل
المحافظة على النفس ، بعد قطع تلك المراحل النضالية ،
والتي كان أقل نتائجها المنظورة : القتل؟!
إذ أن يزيد صمم
وعزم على الفتك بالإمام على السلام ، الذي كان يجده
السد الوحيد أمام استثمار جهود أبيه في سبيل الملك الأموي العضوض ، فلا بد
من أن يزيحه عن الطريق.
ويتمنى الحكم
الأموي لو أن الحسين عليهالسلام كان يقف هادئا ساكنا ـ ولو للحظة واحدة ـ حتى يركز في
استهدافه ، ويقتله!!
وحبذا لو كان قتل
الحسين عليهالسلام بصورة اغتيال ، حتى يضيع دمه ، وتهدر قضيته!!
وقد أعلن الحسين عليهالسلام عن رغبتهم في أن يقتلوه هكذا ، وأنهم
مصممون على ذلك
حتى لو وجدوه في جحر هامة!
وأشار يزيد إلى
جلاوزته أن يحاولوا قتل الحسين أينما وجدوه ، ولو كان
متعلقا بأستار الكعبة!
فلماذا لا يبادر
الإمام عليهالسلام إلى انتخاب أفضل زمان ، وفي
أفضل مكان ، وبأفضل شكل ، للقتل؟!
الزمان (عاشوراء)
المسجل في عالم الغيب ، والمثبت في الصحف
الأولى ، وما تلاها (من أنباء الغيب) التي سنستعرضها.
والمكان (كربلاء)
الأرض التي ذكر اسمها على الألسن منذ عصور
الأنبياء.
أما الشكل الذي
اختاره للقتل : فهو النضال المستميت ، الذي ظل
صداه ، وصدى بطولاته وقعقعات سيوفه ، وصرخات الحسين عليهالسلام
المعلنة عن أهدافه ومظلوميته ، مدوية في أذن التاريخ على طول مداه ، يقض
مضاجع الظالمين ، والمزورين للحقائق.
إن الإمام الحسين عليهالسلام وبمثل ما قام به من الإقدام ، أثبت خلود
ذكره ، وحديث مقتله ، على صفحات الدهر ، حتى لا تناله خيانات المحرفين ،
ولا جحود المنكرين ، ولا تزييف المزورين ، بل يخلد خلود الحق والدين) .
وأخيرا
: فإن الشيخ
الكليني وهو : (أوثق الناس في الحديث وأثبتهم)
كما شهد له النجاشي ، قد بنى تأليف كتابه على أساس محكم ، ومن شواهد
الإحكام فيه : أنه رحمهالله عقد بابا بعنوان (باب نادر في ذكر الغيب) أورد فيه
أحاديث تحل مشكلة الاعتراض الأول على (علم الأئمة للغيب) وفيها الجواب
__________________
الصريح لقول
السائل للأئمة : (أتعلمون الغيب؟) ويجعل نتيجة هذا الباب
أصلا موضوعا للأبواب التالية :
ومن تلك الأحاديث
: حديث حمران بن أعين ، قال لأبي جعفر عليه
السلام : أرأيت قوله جل ذكره : (عالم الغيب فلا يظهر
على غيبه أحدا ...) (الآية (٢٥) من سورة
الجن (٧٢))؟
فقال أبو جعفر عليهالسلام : (إلا من ارتضى من رسول
...) (الآية
(٢٦) من سورة الجن (٧٢)) وكان ـ والله ـ محمد ممن ارتضاه
.
فقد كان الكليني
يراعي ترتيب أبواب كتابه ترتيبا ، منهجيا ، برهانيا ،
حتى تؤتي نتائجها الحتمية بشكل منطقي مقبول ، فجعل في كتابه (الكافي)
للدين سدا لا يستطيع الملحدون أن يظهروه بشبههم وتشكيكاتهم ، ولا يستطيعون له نقبا.
٣ ـ عصر الشيخ المفيد رحمهالله (ت ٤١٣ ه)
الشيخ الإمام أبو
عبد الله محمد بن محمد بن النعمان ، البغدادي العكبري ، الشهير بالشيخ المفيد ، وابن
المعلم ، مجدد القرن الخامس (٣٣٦ ـ ٤١٣ ه).
قال فيه النجاشي (ت
٤٥٠ ه) : فضله أشهر من أن يوصف في الفقه ،
والكلام ، والرواية ، والثقة ، والعلم .
وقال الطوسي (ت
٤٦٠ ه) : جليل ثقة ، من جملة متكلمي الإمامية ،
انتهت إليه رئاسة الإمامية في وقته ، وكان مقدما في العلم ، وصناعة الكلام ،
__________________
وكان فقيها متقدما
فيه ، حسن الخاطر ، دقيق الفطنة ، حاضر الجواب .
قال ابن أبي طي (ت
٦٣٠ ه) : كان أوحد في جميع فنون العلم :
الأصلين ، والفقه ، والأخبار ، ومعرفة الرجال ، والتفسير ، والنحو ، والشعر ، وكان
يناظر أهل كل عقيدة ، مع العظمة في الدولة البويهية ، والرتبة الجسيمة عند
الخلفاء ، وكان قوي النفس ، كثير البر ، عظيم الخشوع ، كثير الصلاة والصوم ،
يلبس الخشن من الثياب ، وكان مديما للمطالعة والتعليم ، ومن أحفظ الناس ،
قيل : (إنه ما ترك المخالفين كتابا إلا وحفظه) وبهذا القدر على حل شبه القوم ،
وكان من أحرص الناس على التعليم ، يدور على المكاتب وحوانيت الحاكة ،
فيتلمح الصبي الفطن ، فيستأجره من أبويه ، وبذلك كثره تلاميذه .
وقال السيد بحر
العلوم (ت ١٢١٢ ه) : المفيد رحمهالله شيخ المشايخ
الجلة ، ورئيس رؤساء الملة ، فاتح أبواب التحقيق بنصب الأدلة ، والكاسر
بشقاشق بيانه الرشيق حجج الفرق المضلة ، اجتمعت فيه خلال الفضل ، وانتهت إليه
رئاسة الكل ، واتفق الجميع على علمه وفضله وفقهه وعدالته وثقته وجلالته ، وكان ـ رضياللهعنه ـ كثير المحاسن ،
جم المناقب ، حديد الخاطر ، دقيق الفطنة ، حاضر الجواب ، واسع الرواية ، خبيرا
بالرجال والأخبار والأشعار ، وكان أوثق أهل زمانه في الحديث ، وأعرفهم بالفقه
والكلام ، وكل من تأخر عنه استفاد منه .
لقد وجه هذا
الاعتراض إلى الشيخ المفيد ضمن المسائل الحاجبية
فأجاب عنها ضمن الجوابات العكبرية المطبوعة ، وإليك نص السؤال ثم الجواب :
__________________
المسألة العشرون :
قال السائل : الإمام
عندنا على أنه يعلم ما يكون :
فما بال أمير
المؤمنين عليهالسلام خرج إلى المسجد ، وهو يعلم أنه
مقتول ، وقد عرف قاتله ، والوقت والزمان؟!
وما بال الحسين عليهالسلام صار إلى أهل الكوفة ، وقد علم أنهم
يخذلونه ولا ينصرونه؟! وأنه مقتول في سفرته تلك؟!
ولم ـ لما حوصر ،
وقد علم أن الماء منه ، لو حفر ، على أذرع ـ لم
يحفر؟! ولم أعان على نفسه حتى تلف عطشا؟!
والحسن عليهالسلام وداع معاوية ، وهو يعلم أنه ينكث ، ولا يفي ، ويقتل
شيعة أبيه عليهماالسلام؟!
والجواب ـ وبالله
التوفيق ـ :
عن قوله : (إن
الإمام يعلم ما يكون بإجماعنا) : أن الأمر على خلاف ما قال ، وما أجمعت الشيعة ـ
قط ـ على هذا القول ، وإنما إجماعهم ثابت على أن الإمام يعلم الحكم في كل ما يكون
، دون أن يكون عالما بأعيان ما يحدث ويكون على التفصيل والتمييز.
وهذا يسقط الأصل
الذي بنى عليه الأسئلة بأجمعها.
فصل
(١) : لسنا نمنع أن
يعلم الإمام أعيان حوادث تكون بإعلام الله تعالى له ذلك.
فأما القول بأنه
يعلم كل ما يكون ، فلسنا نطلقه ، ولا نصوب قائله ،
لدعواه فيه من غير حجة ولا بيان.
فصل
(٢) : والقول بأن أمير المؤمنين عليهالسلام كان يعلم قاتله ،
والوقت الذي يقتله فيه ، وقد جاء الخبر متضافرا : أنه كان يعلم في الجملة أنه
مقتول ، وجاء أيضا
بأنه كان يعلم قاتله على التفصيل.
فأما علمه بوقت
قتله ، فلم يأت فيه أثر على التفصيل ، ولو جاء فيه أثر لم
يلزم ما ظنه المستضعفون ، إذ كان لا يمتنع أن يتعبده الله بالصبر على الشهادة
والاستسلام للقتل ، ليبلغه الله بذلك علو الدرجة ما لا يبلغه إلا به. ولعلمه
تعالى بأنه يطيعه ـ في ذلك ـ طاعة ، لو كلفها سواه لم يؤدها ، ويكون ـ في
المعلوم من اللطف بهذا التكليف لخلق من الناس ـ ما لا يقوم مقامه غيره.
فلا يكون أمير
المؤمنين عليهالسلام ملقيا بيده إلى التهلكة ، ولا معينا
على نفسه معونة مستقبحة في العقول.
فصل
(٣) : فأما علم الحسين عليهالسلام بأن أهل الكوفة خاذلوه :
فلسنا نقطع على ذلك ، إذ لا حجة عليه من عقل ولا سمع.
ولو كان عالما
بذلك ، لكان الجواب عنه ما قدمناه في الجواب عن علم
أمير المؤمنين عليهالسلام بوقت قتله ، والمعرفة بقاتله ، كما ذكرناه.
فصل
(٤) : أما دعواه علينا
: أنا نقول : إن الحسين عليهالسلام كان
عالما بموضع الماء ، وقادرا عليه.
فلسنا نقول ذلك ،
ولا جاء به خبر على حال ، وظاهر الحال التي كان
عليها الحسين عليهالسلام في طلب الماء والاجتهاد فيه يقضي بخلاف ذلك.
ولو ثبت أنه كان
عالما بموضع الماء ، لم يمتنع في العقول أن يكون
متعبدا بترك السعي في طلب الماء من ذلك الموضع ، ومتعبدا بالتماسه من
حيث كان ممنوعا عنه ، حسب ما ذكرناه في أمير المؤمنين عليهالسلام ، غير أن
الظاهر خلاف ذلك ، على ما قدمناه.
فصل
(٥) : والكلام في علم
الحسن عليهالسلام بعاقبة حال موادعته
معاوية ، بخلاف ما تقدم ، وقد جاء الخبر بعلمه ذلك ، وكان شاهد الحال يقضي به.
غير أنه دفع به عن
تعجيل قتله ، وتسليم أصحابه إلى معاوية وكان فيه
ذلك لطف في مقامه
إلى حال معينة ، ولطف لبقاء كثير من شيعته وأهله وولده ،
ورفع لفساد في الدين هو أعظم من الفساد الذي حصل عند هدنته.
وكان عليهالسلام أعلم بما صنع ، لما ذكرناه وبينا الوجه فيه وفصلناه .
والمستفاد من
مجموع السؤال والجواب :
إن الظاهر من
السؤال ، هو ما أكد المفيد على نفيه وهو دعوى (علم
الأئمة للغيب بلا واسطة).
وهذا أمر لم تقل
به الشيعة فضلا عن أن تجمع عليه ، لما قد ذكرنا في صدر هذه المقالة ـ من أن (علم
الغيب بهذه الصورة) خاص بالله تعالى ، ومستحيل أن يكون لغيره من الممكنات.
والممكن علمه من
الغيب بالنسبة إلى النبي والأئمة عليهمالسلام هو
الغيب بواسطة الوحي والإلهام من الله تعالى ، وهذا لم ينفه المفيد.
والمجمع عليه ـ من
هذا ـ بين الشيعة : أن الأئمة عليهمالسلام يعلمون
جميع الأحكام الشرعية بلا استثناء ، لارتباط ذلك بمقامهم في الخلافة عن
الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، كما أثبت ذلك في علم الكلام.
وأما غير الأحكام
، فالظاهر من المفيد أنه وضع ذلك في دائرة الإمكان
ووقفه على ورود الخبر والأثر به ، فما قامت عليه الآثار قبل والتزم به ، وليس
أصله مستحيلا عقلا ولا ممتنعا من جهة آية أو سنة ، أو عقل.
وهكذا قال في موضع
(علم الأئمة بمقاتلهم وما جرى عليهم) :
فالتزم بعلم أمير المؤمنين عليهالسلام بالمقدار الذي جاءت به الأخبار ،
__________________
فما كان منها
واردا بالتفصيل التزم بعلمه له بالتفصيل ، وما كان واردا بالإجمال التزم بعلمه
بالإجمال.
وقد نفى المفيد في
الفصل الثاني الاعتراض على علي عليهالسلام
(بأنه ألقى بنفسه إلى التهلكة إذا كان عالما بوقت مقتله).
بأنه عليهالسلام على ذلك يكون مأمورا بتحمل ذلك والصبر عليه والاستسلام له
، لينال ـ بهذه الطاعة وهذا التسليم ـ المقامات الربانية العالية المعدة له ،
والتي لا يبلغها إلا بذلك.
فليس المفيد ـ رحمهالله ـ في رد هذا
الاعتراض مخالفا لما التزمته الطائفة من (علم الإمام بمقتله ، وإقدامه عليه بالاختيار)
وإن ادعى أن الآثار لم تنص على التفصيل ، بل على مجرد الاجمال.
والتفصيل بتعيين
الساعة والوقت ، وإن لم يذكر في الآثار ، إلا أن المعلوم
من القرائن كون ذلك واضحا ومتوقعا للإمام عليهالسلام.
ويظهر من هذا أن
مجئ الأثر بذلك ـ لو تم ـ لكان كافيا ، ووافيا للالتزام به ، وعدم حاجة ذلك إلى
القطع به ، لما ذكرنا من أن ورود الأخبار ـ غير المعارضة ولا المنافية لأصل ثابت
أو فرع مقبول ـ يكفي للالتزام في مثل هذه المواضيع ، التي هي بحاجة إلى مقنعات
متعارفة ، دون حاجة إلى مثبتات قطعية ، أو حجج شرعية.
والقول بأن الأئمة
يعلمون الغيب بالإجمال دون التفصيل ، قول التزم به
من الطائفة السيد المرتضى وآخرون ، وسنذكرهم أيضا.
إلا أن المستفاد
من مجموع كلام المفيد ـ والطوسي فيما سيأتي ـ أن الطائفة مجمعة على أن النبي
والأئمة يعلمون الغيب ـ من الله وبوحيه وإلهامه ـ إما بالتفصيل أو بالإجمال ، وليس
في الطائفة من ينكر علمهم هذا.
فالقول بنفي علم
الغيب عنهم ، مخالف لإجماع الطائفة ، كما أن
الالتزام بعلمهم بالغيب بالاستقلال مناف لعقائد الطائفة ، ومعارض بآيات القرآن
المطلقة الدالة
على اختصاص ذلك بالله تعالى.
وأما بالنسبة إلى
الحسين عليهالسلام :
فقد ورد في السؤال
البحث عن ثلاثة أمور :
١ ـ عن علم الإمام
عليهالسلام بأن أهل الكوفة يخذلونه ولا ينصرونه.
٢ ـ عن علمه عليهالسلام أنه مقتول في سفرته تلك.
٣ ـ عن السبب في
عدم حفره لتحصيل الماء.
والمفيد ـ رحمهالله ـ لم ينف علم
الإمام بذلك كله ، ولم يقال باستحالته وامتناعه.
بل هو لم يجب عن
السؤال ، ولعل سكوته كان من أجل ثبوته ، لتضافر
الأخبار المعلنة عن خبر مقتل الحسين عليهالسلام ومكانه ، بما لم يبق ريب
فيه للمخالفين ، حتى عدوه من دلائل النبوة وشواهدها الثابتة ، كما سيأتي بيانه.
وأما السؤال الأول
: فقد نفى الشيخ المفيد قطعه هو به ، لعدم قيام حجة
عليه عنده ، ولكنه كما عرفت ـ لم ينفه مطلقا ـ.
فيمكن أن يقال :
إن عدم ثبوت حجة عند الشيخ ، لا ينافي ثبوتها عند
غيره ، خصوصا إذا لاحظنا إرسال السائل لذلك كالمسلم.
مع أن شواهد العلم
بخذلان أهل الكوفة كانت واضحة ـ من غير طريق
علم الغيب ـ لكل ناظر إلى أحداث ذلك اليوم ومجرياته ، وقد تنبأ بذلك أكثر المروي
عنهم الكلام في هذا المقام ، وفيهم من ليس من ذوي الاهتمام بهذه الشؤون ، فكيف
بالإمام الحسين عليهالسلام الذي كان محور الأحداث تلك ومدارها؟!
ثم إن افتراض
المفيد لعلم الحسين عليهالسلام بأنه يخذل ويقتل ، والجواب عن إقدامه على ذلك بالتعبد ،
قرينة واضحة على إمكان العلم بذلك
عنده ، وأنه أمر
ليس معارضا للعقل ولا للكتاب ، وإنما لم يلتزم به لعدم ورود أثر به عنده!
فلو أثبتنا على
ورود الأثر بذلك بتواتر الآثار والأخبار ، كفى دليلا
للالتزام به ، وعدم قابلية الاعتراض الثاني للوقوف في وجهه.
وكذلك أجاب المفيد
عن الأمر الثالث بعدم قيام الحجة عليه وعدم ورود
أثر به ، مع مخالفته لمقتضى الحال وشواهده.
وبالنسبة إلى
الإمام الحسن عليهالسلام :
فقد صرح المفيد ـ رحمهالله ـ بعلمه بمستقبل
حال معاوية ، ونكثه وثيقة الصلح ، واستدل على ذلك بمجرد مجئ الخبر به ، ومطابقته
لمقتضى الحال.
فيدل على كفاية
ذلك لإثبات (علم الإمام بالغيب).
وأما الاعتراض
بالإقدام على التهلكة فقد أجاب عنه بالمصلحة واللطف ، ومقابلة ذلك بالأهم.
فقد ظهر أن الشيخ
المفيد رحمهالله لا يمنع من نسبة (علم الغيب) إلى الأئمة إذا كان من طريق
إعلام الوحي والإلهام لهم بواسطة النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
وأنه في إثبات
جزئيات ذلك بحاجة إلى ورود الأخبار والآثار بذلك.
وأن شواهد الأحوال
والسيرة تؤكد إثبات ذلك أو نفيه عند المعارضة.
وقد نقلنا فيما
سبق ـ ص ٤٧ ـ رأي الشيخ المفيد في علم الأئمة بالغيب مصرحا بثبوت ذلك لهم مستفادا
، من دون كونه صفة ذاتية لهم ، ولا وجوب عقلي له ، بل إنما هو كرامة من الله لهم ،
وأن السمع قد ورد به.
وقد نسب هذا القول
إلى (جماعة أهل الإمامة) ولم يستثن إلا شواذا من
الغلاة وأثبت في كتابه (الإرشاد) نماذج من الروايات في إخباراتهم الغيبية
سواء عن الماضيات أو المستقبلات ، وحتى عن أحوال المخاطبين وما يكنونه في أنفسهم ،
ذكر ذلك في الدلالة على إمامة كل واحد من الأئمة عليهم السلام في فصل أحواله.
فما نسب إليه ـ رحمهالله ـ من أن الحسين عليهالسلام لم يكن يعلم
بمقتله ، وأنه إنما توجه إلى الكوفة بغرض الاستيلاء على الملك ، وأنه لو كان
عالما بأنه يقتل لما ذهب ، لأنه إلقاء في التهلكة!!!.
كلها نسب باطلة
إلى الشيخ المفيد ـ رحمهالله ـ لم تدل على ذلك عبارته
المذكورة هنا التي استند إليها الناسبون ، وبتروا وقطعوا أوصالها ، لتؤدي ما
يريدون!
٤ ـ عصر الشيخ الطوسي (ت ٤٦٠ ه)
الشيخ أبو جعفر ،
محمد بن الحسن بن علي الطوسي (٣٨٥ ـ ٤٦٠ ه).
قال السيد بحر العلوم
: شيخ الطائفة المحقة ، رافع أعلام الشريعة
الحقة ، إمام الفرقة بعد الأئمة المعصومين ، وعماد الشيعة الإمامية في كل ما
يتعلق بالمذهب والدين ، محقق الأصول والفروع ، ومهذب فنون المعقول
والمسموع ، شيخ الطائفة على الاطلاق ، ورئيسها الذي تلوي إليه الأعناق ،
صنف في جميع علوم الإسلام ، وكان القدوة في كل ذلك والإمام .
__________________
وقد عرض الشيخ
الطوسي الاعتراض وأجاب عنه ، وهذا نص ما ذكره :
فإن
قيل : أليس في أصحابكم
من قال : (إن الحسين عليهالسلام كان
يعلم ما ينتهي إليه أمره ، وأنه يقتل ويخذله من راسله وكاتبه ، وإنما تعبد بالجهاد
والصبر على القتل).
أيجوز ذلك عندكم ،
أم لا؟!
وكذلك قالوا في
أمير المؤمنين عليهالسلام : (إنه كان يعمل أنه متقول).
والأخبار عنه
مستفيضة به.
وأنه كان يقول : (ما
يمنع أشقاها أن يخضب هذه من هذا) ـ ويومئ إلى لحيته ورأسه ـ.
وأنه كان يقول تلك
الليلة ـ وقد خرج وصحن الإوز في وجهه : (إنهن صوائح تتبعها نوائح).
قالوا : (وإنما
أمر بالصبر على ذلك).
فهل ذلك جائز
عندكم؟!
قيل : اختلف
أصحابنا في ذلك :
فمنهم من أجاز ذلك
وقال : لا يمتنع أن يتعبد بالصبر على مثل ذلك ،
لأن ما وقع من القتل ـ وإن كان ممن فعله قبيحا ـ فالصبر عليه حسن ، والثواب عليه
جزيل.
بل ، ربما كان
أكثر ، فإن مع العلم بحصول القتل ـ لا محالة ـ الصبر أشق منه إذا جوز الظفر وبلوغ
الغرض.
__________________
ومنهم من قال : إن
ذلك لا يجوز ، لأن دفع الضرر عن النفس واجب عقلا
وشرعا ، ولا يجوز أن يتعبد بالصبر على القبيح ، وإنما يتعبد بالصبر على
الحسن ، ولا خلاف أن ما وقع من القتل كان قبيحا ، بل من أقبح القبيح.
وتأول هذا القائل
ما روي عن أمير المؤمنين عليهالسلام ، من الأخبار
الدالة على علمه بقتله ، بأن قال : كان يعلم ذلك على سبيل الجملة ، ولم يعلم
بالوقت بعينه ، وكذلك علم الليلة التي يقتل فيها بعينها ، غير أنه لم يعلم الوقت
الذي يحدث فيه القتل.
وهذا المذهب هو
الذي اختاره المرتضى ـ رحمة الله عليه ـ في هذه المسألة.
ولي ـ في هذه
المسألة ـ نظر .
والذي يستفاد من
هذا النص سؤالا وجوابا :
١ ـ أن الطائفة لم
تختلف في أصل (أن الأئمة يعلمون متى يموتون ،
وما يجري عليهم) لكن المرتضى خالف في خصوص (الوقت المعين) للقتل ،
هل يعرفه الإمام بالتفصيل ، أو يعرفه بالإجمال؟
وأما العلم بحوادث
أخر فهو ـ أيضا مجمع عليه ، ولا خلاف فيه.
٢ ـ أن الأخبار
التي ظاهرها العلم بالتفصيل ـ حتى بوقت الموت ـ متضافرة وواردة ، وإنما القائل
بالإجمال يحاول تأويلها!
٣ ـ أن القائل
بالإجمال إنما صار إلى ذلك ، لتصوره أن أمرا مثل الإقدام على الشهادة أمر لا يمكن
التعبد به ، لأنه قتل قبيح ، ولا تعبد بالقبيح! وأن دفع الضرر واجب عقلا وشرعا ،
فلا يجوز تركه على الإمام.
__________________
لكن هذا التصور
خاطئ لوجوه :
الأول : أن كون
الفعل قبيحا صدورا من الفاعل ، لا يقتضي كونه قبيحا بالنسبة إلى الواقع عليه ،
فبالإمكان أن يفرض العمل قبيحا صدورا باعتبار حرمته على الفاعل أن يقوم به ، ولكنه
يكون بالنسبة إلى القابل ، أو الواقع عليه جائزا مباحا ، أو مرادا.
فلا مانع من أن
يكون قتل الأئمة عليهمالسلام حراما على القاتلين ،
لكونه ظلما وتعديا ، بل من أقبح صوره وأفحشها ، ولكن يكون الصبر على
ذلك من الإمام أمرا حسنا لكونه امتثالا لأمر الله ، وانقيادا لإرادته ، ورضا
بقضائه ، وتعبدا بما عبد به الإمام ، لتحقيق المصالح الدنيوية عليه ، ولبلوغ
الأئمة المقامات العالية المفروضة لهم في ظرف طواعيتهم وتحملهم لذلك.
الثاني
: أنه مع ورود النص
بثبوت علم الأئمة لا وجه للجوء إلى مثل هذا
التصور ، لأن قبح القتل ـ في موارد ـ إنما هو من جهة كونه ظلما وحراما ، وكذا الإقدام
على أن يقتل ، والإلقاء إلى التهلكة ، إنما يكون حراما إذا كان منهيا عنه ، أما
إذا تعلق به أمر إلهي ، وصار موردا للتعبد به لمصلحة ، فهو لا يكون قبيحا للمتعبد
بذلك ، والمفروض أن الأخبار قد وردت بذلك ، فلا بد من فرض جوازه وحسنه.
كما كان الإقدام
على الشهادة ، والقتل في سبيل الله ، من أفضل القرب
وأشرفها ، وأكثرها أجرا ، وتستوجب أرفع الدرجات مع الصديقين.
الثالث
: أن تحمل القتل
والصبر عليه ، في مثل هذا الفرض ، لا يصح
تسميته ضررا ، بل هو نفع ، من أنفع ما يقدم عليه عباد الله المخلصون ،
ويختارونه لكونه لقاء الله ، ومقربا إليه ، ولما يترتب على ذلك من المصالح للإسلام
وللأمة ، ولأنه محقق أروع الأمثلة للتضحية والفداء في سبيل الأهداف الإلهية
الكبيرة والجليلة.
فلا حرمة فيه شرعا
، ولا عقلا ، بل هو محبوب ، وواجب في بعض الأحيان.
٤ ـ وقد دل هذا
النص على أن المتفرد بالقول بالإجمال إنما هو السيد المرتضى ، وأن القائل بالإجمال
يعارض التعبد بالصبر على ذلك ، فظهر أن المفيد ـ الذي مر افتراضه للتعبد ـ إنما
يفترض ذلك على تقدير التفصيل ، وأن القول بالإجمال ليس بحاجة إلى افتراض ذلك.
مبيت علي عليهالسلام على فراش الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم
ليلة الهجرة.
ثم إن ما يؤكد
جواز إقدام الإمام عليهالسلام على الأخطار مع علمه بها
هو مبيت علي عليهالسلام على فراش النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ليلة
هجرته من مكة إلى المدينة فاديا له بنفسه ، حتى نزلت فيه آية (ومن الناس من
يشري نفسه ابتغاء مرضات الله ...) الآية (٢٠٧) من سورة البقرة
(٢).
وقد كان ذلك بأمر
النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فتوجه إلى الغار وأنام
عليا على فراشه وألبسه برده .
فقال علي السلام
في ذلك شعرا :
وقيت بنفسي خير
من وطئ الحصى
|
|
ومن طاف بالبيت
العتيق وبالحجر
|
وبت أراعي منهم
ما ينوبني
|
|
وقد صبرت نفسي
على القتل والأسر
|
ولم يكن يخفى على
الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ما يتهدد الإمام
عليهالسلام من الخطر ، فكيف أمره بالمبيت وأنامه على فراشه؟!
وما كان يخفى على
علي عليهالسلام خطر القتل والأسر ، فكيف تعبد
__________________
بذلك وأطاع؟!
ولو
قيل : إنهما كانا
يعلمان عدم إصابته بأذى في ذلك ، فهو إثبات
لعلم الغيب الذي يحاول إنكاره.
مع أنه قد كان
القتل محتملا كما قال الله تعالى : (وإذ يمكر بك الذين
كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك) (الآية
(٣) من سورة الأنفال (٨)) وكما
احتمله الإمام علي عليهالسلام في شعره المذكور؟!
حول شهادة الحسين عليهالسلام :
ثم إن للشيخ
الطوسي كلاما حول أعذار الحسين عليهالسلام في
مخرجه ومقتله ، ذكره في (تلخيص الشافي) وهو بعين العبارة مذكور في كتاب (تنزيه
الأنبياء) للسيد المرتضى ، فلا بد من ذكره ، سؤالا وجوابا ، لارتباطه الوثيق بهذا
المبحث :
فإن
قيل : فما أعذار الحسين
عليهالسلام؟!
لأنه خرج بأهله
وعياله إلى الكوفة ، والمستولي عليها أعداؤه والمتأمر فيها
من قبل يزيد منبسط اليد والأمر والنهي ، وقد رأى صنيع أهل الكوفة بأبيه وأخيه
عليهماالسلام ، وأنهم غادرون خوانون؟!
وكيف خالف ظنه ظن
جميع أصحابه ، لأن ابن عباس ـ رحمة الله عليه ـ أشار بالعدول عن خروجه ، وقطع على
العطب.
وابن عمر لما ودعه
بقول : أستودعك الله من قتيل.
وأخوه محمد مثل
ذلك.
إلى غير ما ذكرناه
ممن تكلم في هذا الباب؟!
ثم لما علم بقتل
مسلم بن عقيل ـ وقد أنفذه رائدا له ـ كيف لم يرجع ،
ويعلم الغدر من القوم ، وتفطن بالحيلة والمكيدة؟!
ثم كيف استجاز أن
يحارب بنفر قليل ، لجموع عظيمة خلفها مواد لها
كثيرة؟!
ثم لما عرض عليه
ابن زياد الأمان ، وأن يبايع يزيد ، كيف لم يستجب
حقنا لدمه ودماء من معه من أهله وشيعته ومواليه؟!
ولم ألقى بيده إلى
التهلكة؟!
وبدون هذا الخوف
سلم أخوه الحسن عليهالسلام الأمر إلى معاوية؟!
وقد أجابا عن جميع
ما ورد في السؤال بتفصيل ، ونحن نقسمه إلى مقاطع
لتسهيل الارجاع إليها :
قيل لهم :
١ ـ قد علمنا أن
الإمام متى غلب على ظنه أن يصل إلى حقه والقيام بما فوض إليه ـ بضرب من الفعل ـ
وجب عليه ذلك ، وإن كان فيه ضرب من المشقة يتحمل مثلها ـ تحملها.
وأبو عبد الله عليهالسلام لم يسر إلى الكوفة إلا بعد توثق من القوم وعهود
وعقود ، وبعد أن كاتبوه عليهالسلام طائعين غير مكرهين ، ومبتدئين غير مجيبين.
وقد كانت المكاتبة
من وجوه أهل الكوفة وأشرافها وقرائها ، تقدمت إليه
عليهالسلام في أيام معاوية ، وبعد الصلح الواقع بينه وبين الحسن عليه
السلام ، فدفعهم وقال في الجواب ما وجب.
ثم كاتبوه بعد
وفاة الحسن عليهالسلام ـ ومعاوية باق ـ
فوعدهم ومناهم. وكانت أيام معاوية صعبة لا يطمع في مثلها.
فلما مضى معاوية
أعادوا المكاتبة وذلك الطاعة ، وكرروا الطلب والرغبة ،
ورأى عليهالسلام من قوتهم ـ على من كان يليهم في الحال من قبل يزيد وتسلحهم
عليه وضعفه عليهم ـ ما قوى في ظنه أن المسير هو الواجب ، وتعين عليه فعله.
٢ ـ ولم يكن في
حسابه أن القوم يغدر بعضهم ، ويضعف بعضهم عن
نصرته ، ويتفق ما اتفق من الأمور الطريفة الغريبة ... إن أسباب الظفر بالعدو
كانت لائحة ، وإن الاتفاق السيئ هو الذي عكس الأمر وقلبه حتى تم فيه ما تم.
٣ ـ وقد هم أبو
عبد الله عليهالسلام لما عرف بقتل مسلم وأشير عليه
بالعود ، فوثب إليه بنو عقيل فقالوا : والله ، لا ننصرف حتى ندرك ثارنا أو نذوق
ما ذاق أخونا ، فقال عليهالسلام : (لا خير في العيش بعد هؤلاء).
٤ ـ ثم لحقه الحر
بن يزيد ومن معه من الرجال ... ومنعه من
الانصراف ، وسامه أن يقدم على ابن زياد ، نازلا على حكمه ، فامتنع ، ولما رأى
ألا سبيل إلى العود ، ولا إلى دخول الكوفة ، سلك طريق الشام سائرا نحو يزيد ،
لعلمه عليهالسلام بأنه ـ على ما به ـ أرق به من ابن زياد وأصحابه!
فسار حتى قدم عليه
عمر بن سعد في العسكر العظيم ، وكان من أمره ما قد ذكر وسطر.
فيكف يقال : إنه عليهالسلام ألقى بيده إلى التهلكة؟!
وقد روي أنه عليهالسلام قال لعمر بن سعد : اختاروا مني : إما الرجوع
إلى المكان الذي أقبلت منه ، أو أن أضع يدي على يد يزيد ـ فهو ابن عمي
يرى في رأيه ـ ، وإما أن تسيروا بي إلى ثغر من ثغور المسلمين ، فأكون رجلا
من أهله ، لي ماله ، وعلي ما عليه.
وإن عمر كتب إلى
عبيد الله بن زياد بما سأل ، فأبى عليه ، وكاتبه
بالمناجزة ، وتمثل بالبيت المعروف ، وهو :
الآن إذ علقت
مخالبنا به
|
|
يرجو النجاة
ولات حين أوان
|
فلما رأى عليهالسلام إقدام القوم ، وأن الدين منبوذ وراء ظهورهم ، وعلم أنه إن
دخل تحت حكم ابن زياد تعجل الذل والعار ، وآل أمره ـ من بعد ـ إلى القتل ، التجأ
إلى المحاربة والمدافعة لنفسه ، وكان بين إحدى الحسنيين : إما الظفر ، أو الشهادة
والميتة الكريمة.
٥ ـ وأما مخالفة
ظنه لظن جميع من أشار عليه من النصحاء ، كابن عباس
وغيره ، فالظنون إنما تغلب بحسب الأمارات ، وقد تقوى عند واحد ، وتضعف
عند آخر ، ولعل ابن عباس لم يقف على ما كوتب به عليهالسلام من الكوفة ،
وما تردد في ذلك من المكاتبات والمراسلات والعهود المواثيق ...
٦ ـ فأما محاربة
الكثير بالنفر القليل ، فقد بينا أن الضرورة دعت إليها ،
وأن الدين والحزم معا ما اقتضيا في هذه الحال إلا ما فعل ...
٧ ـ وليس يمتنع أن
يكون عليهالسلام في تلك الحال مجوزا أن يفئ
إليه قوم ممن بايعه وعاهده ثم قعد عنه ، ويحملهم ما يرون ـ من صبره وعدم
استسلامه ، وقلة ناصره ـ على الرجوع إلى الحق ، دينا أو حمية ، فقد فعل ذلك
نفر منهم حتى قتلوا بين يديه عليهالسلام شهداء.
ومثل هذا يطمع فيه
، ويتوقع في أحوال الشدة ...
٨ ـ ... والحسين عليهالسلام لما قوي في ظنه النصرة ممن كاتبه ووثق
له ، فرأى من أسباب قوة نصار الحق وضعف نصار الباطل ، ما وجب معه عليه
الطلب والخروج.
فلما انعكس ذلك ،
وظهرت أمارات الغدر فيه وسوء الاتفاق ، رام
الرجوع والمكافة والتسليم ، كما فعل أخوه عليهالسلام ، فمنع من ذلك ، وحيل
بينه وبينه .
أقول :
لا بد من تفسير ما
ورد في هذا النص ـ سؤالا وجوابا ـ من عبارة : (كيف
خالف ظنه ظن جميع أصحابه) في السؤال.
__________________
وعبارة : (غلب على
ظنه) و (قوى في ظنه) في الفقرة الأولى من الجواب ،
وعبارة (وأما مخالفة ظنه لظن جميع من أشار عليه) في الفقرة الخامسة ، وعبارة :
(لما قوى في ظنه النصرة) في الفقرة الثامنة.
حيث أضيفت كلمة (الظن)
إلى الإمام عليهالسلام ، وهي ظاهرة في
إرادة حالة الشك والتردد ، خصوصا بقرينة كلمات (غلب) و (قوى) و (قوي)
وقياسه بظنون الآخرين.
وهذا بلا شك ،
يعطي الموافقة على أن الإمام عليهالسلام لم يكن
متأكدا بصورة علمية مما يقدم عليه.
فلا بد إذن من
توجيه لهذا الاطلاق ، فأقول :
بما أن المرتضى
والطوسي استعملا في الجواب كلمة (الظن) في مورد الحكم الشرعي حيث قالا في الفقرة
الأولى : (متى غلب ظنه أنه يصل إلى حقه ... بضرب من الفعل وجب عليه ذلك) وفي
الفقرة الثامنة : (لما قوي في ظنه النصرة ... ما وجب معه عليه الطلب والخروج).
وهذا (الوجوب) حكم
شرعي.
وقد عرفنا فيما
نقله المفيد إجماع الطائفة على أن الإمام يعلم الأحكام كلها ، ولا يعتمد فيها على
مجرد (الظن) حيث قال المفيد : (وإنما إجماعهم ثابت على أن الإمام يعلم الحكم في كل
ما يكون) وكذلك قال : (وعلى ذلك جماعة أهل الإمامة) في إثبات علم الأئمة بالغيب
المستفاد من الله تعالى ، واستثنى الغلاة.
وكذلك ما حصل من
حصر الطوسي أقوال الطائفة في مسألة علم الأئمة
بالغيب بين قولين فقط ، ولم يختلفا في أصل علم الأئمة بالغيب ، وإنما اختلفا
في معرفة (وقت القتل) بين التفصيل والإجمال ، واتفقا على العلم بغير ذلك
بالتفصيل ، فإنه يقتضي أن يكون الإمام عالما بالأحكام.
كما عرفت أن
الطوسي نسب القول بالعلم الاجمالي بوقت القتل إلى
خصوص المرتضى ،
مما يقتضي ، عدم مخالفته للطائفة في التزام العلم في غير
هذا ، ومنه الأحكام.
كما أن استدلال
الكلاميين من الطائفة على ثبوت علم الإمام بالأحكام
وضرورة ذلك معروف في كتب الكلام.
ومع كل هذا ، فيكف
يمكن أن يريد الطوسي والمرتضى مجرد الشك
والاحتمال ـ ولو الاحتمال الراجح ـ من كلمة (الظن)؟!
فلا بد أن يكون
المراد بالظن ليس ما يقابل اليقين ، بل يراد به هو (اليقين).
وقد استعمل (الظن)
وأطلق على (اليقين) لغة ، وصرح علماء اللغة بذلك :
قال الجوهري :
الظن : معروف ، وقد يوضع موضع العلم.
وقال الأزهري :
الظن : يقين ، وشك.
وقال ابن سيده :
الظن : شك ، ويقين ، إلا أنه ليس بيقين عيان ، إنما هو
يقين تدبر .
فإذا كان المراد
بالظن هو اليقين ، فالمعنى : أن الإمام عليهالسلام لما
علم بأن الفعل الكذائي هو الواجب عليه حسب الظروف المعينة التي تحيط
به ، فهو عالم بما يقوم به ، في صلحه وسلمه ، وفي خروجه وحربه.
والإمام الحسين عليهالسلام كان على علم ويقين بأن حركته هي
إعلان عن حقه في قيادة المسلمين التي آلت إليه في تلك الظروف ، وأنه
بخروجه وقيامه يملأ الثغرة التي كادت الدولة الأموية أن توسعها بعد ما أحدثتها ،
والضربة القاضية التي كاد يزيد أن يوقعها بالأمة الإسلامية والدين الإلهي ، بعد
أن أنهكهما أبوه طعنا ، فكانت حركته سدا منيعا يصد الجاهلية أن تعود إلى
__________________
الحياة.
ويدل على أن مراد
المرتضى والطوسي (علم الإمام بما يجري) قولهما
في آخر الفقرة الرابعة : (فلما رأى عليهالسلام إقدام القوم ، وأن الدين منبوذ وراء
ظهورهم ، وعلم أنه إن دخل تحت حكم ابن زياد تعجل الذل ...).
فإذا كان الحسين عليهالسلام علم هذا ، فأجدر به أن يعلم غيره مما جرى!
وأما قولهما في
الفقرة الثانية : (ولم يكن في حسابه أن القوم يغدر بعضهم ...).
فمعناه
: أن احتمالات
الغدر والخيانة وطروء الظروف غير المنظورة ،
أمور لا تدخل في الحساب ، لأنها تخمينات لا يمكن الاعتماد عليها لمن يقدم
على مثل ما أقدم عليه الإمام الحسين عليهالسلام في الخطورة والأهمية ، وفي
النتائج العظيمة والوخيمة التي كانت تترتب عليه إيجابا وسلبا.
فالإمام الحسين عليهالسلام بنى حركته على أساس من علمه بوجوبها
عليه ، وعلمه بما يترتب عليها من النتائج ، وما يجب أن يتحمله من المآسي
والآلام ، فلا تمنعه الاحتمالات ولا تدخل في حسابه التخمينات ، ولم يأبه بما
يثار في هذه الطريق من الأخطار ، إذ لا ينقض اليقين بيقين أحد من الناس
العاديين ، فكيف بظنونهم واحتمالاتهم؟!
إن الحسين عليهالسلام كان يعمل ويسير من منطلق العلم بالحكم
الشرعي المحدد له في مثل ظرفه ، والواضح له من خلال تدبر مصالح الإسلام
والمسلمين ، والمعروف له من بوابة الغيب المتصلة بطرق السماء من خلال
الوحي النبوي والإلهام ، فكان يرى كل شئ رأي العين ، ويسير بثبات ويقين ،
ولم يكن ليصرفه عن واجبه الإلهي المعلوم له ، كل ما يعرفه من غدر الكوفة
وخيانة أهلها ، فكيف ينصرف باحتمال غدرهم ، وظن خيانتهم؟!
وقد شرحنا في
كتابنا (الحسين عليهالسلام سماته وسيرته) جانبا من هذه
الحقيقة ، في ذكر
مواجهة الإمام الحسين عليهالسلام لجواب الناصحين له
بعدم الخروج ، والمتنبئين بأن مصيره (القتل) فكان الجواب الحاسم :
(أن الحسين عليهالسلام إذا كان خارجا لأداء واجب الدعوة إلى الله ،
فلا يكون خروجه لغوا ، ولا يحق لأحد أن يعاتبه عليه ، لأنه إنما يؤدي بإقدامه واجبا
إلهيا ، وضعه الله على الأنبياء وعلى الأئمة من قبل الحسين عليهالسلام ، ومن بعده.
وإذا أحرز الإمام
تحقق شرط ذلك ، وتمت عنده العدة ـ ولو الظاهرية ـ
للخروج ، من خلال العهود والمواثيق ومجموعة الرسائل والكتب التي وصلت إليه.
فهو لا محالة خارج
، ولا تقف أمامه العراقيل المنظورة له والواضحة ،
فضلا عن تلك المحتملة والقائمة على الفرض والتخمين ، مثل الغدر به ، أو
قتله وهلاكه! ذلك الذي عرضه الناصحون.
فيكف لو كان
المنظور هو (الشهادة) والقتل في سبيل الله ، التي هي من أفضل النتائج المتوقعة
والتي يترقبها الإمام ، والمطلوبة لمن يدخل هذا السبيل ، ويسير في هذا الطريق
الشائك.
مع أن الشهادة
مقضية ومأمور بها ، ويحتاج إلى توفيق عظيم لنيلها ، فهي
إذن من صميم الأهداف التي كان يضعها الإمام الحسين عليهالسلام نصب
عينيه ، ويسعى لطلبها ، لا أنها موانع في طريق إقدامه!
وأما أهل العراق
وسيرتهم ، وأنهم أهل النفاق والشقاق ، وعادتهم الغدر
والخيانة ، فهي أمور لا تعرقل خطة الإمام في قيامه بواجبه ، وإن كان فيها ضرر
متصور ، فهي على حياة الإمام ، وتمس راحته ، وليس هذا مهما في مقابل أمر
القيادة الأهم ، وأداء واجب الإمامة الإلهي ، حتى يتركها من أجل ذلك.
ولذلك لم يترك
الإمام علي عليهالسلام أهل الكوفة بالرغم من إظهاره
استياءه منهم إلى حد الملل والسأم! ولكن لا يجوز له ـ شرعا ـ أن يترك موقع
القيادة ، وواجب
الإمامة من أجل أخلاقهم المؤذية.
وكذلك الواجب الذي
ألقي على عاتق الإمام الحسين عليهالسلام بدعوة
أهل العراق ، وأهل الكوفة بالخروج إليهم والقيام بقيادة أمرهم وهدايتهم إلى
الإسلام ، لم يتأد إلا بالخروج ، ولم يسقط هذا الواجب بمجرد احتمال العصيان
غير المتحقق ، في ظاهر الأمر ، فكيف يرفع اليد عنه ، وما هو عذره عن الحجة
التي تمت عليه بدعوتهم؟! ولم يبد منهم نكث وغدر به؟! فلا بد أن يمضي
الإمام في طريق أداء واجبه ، حتى تكون له الحجة عليهم ، إذا خانوا وغدروا ،
كما حدث في كربلاء ، ولو كان على حساب وجوده الشريف) .
وقلت فيه أيضا :
(وغريب أمر أولئك
الذين ينظرون إلى الموقف من زاوية المظاهر
الحاضرة ، ويحذفون من حساباتهم الأمور غير المنظورة ، ويريدون أن يحاسبوا
حركة الإمام وخروجه ، على أساس أنه إمام عالم بالمصير ، بل لا بد أن يعرف
كل شئ من خلال الغيب! فيكف يقدم على ما أقدم ، وهو عالم بكل ما يصير؟!
والغرابة في أن
الإمام الحسين عليهالسلام لو عمل طبقا لما يعلمه من الغيب ، لعاب عليه كل من يسمع
بالأخبار ، ويقرأ التاريخ : أنه ترك دعوة الأمة المتظاهرة بالولاء له ، من خلال
آلاف الكتب والعهود ـ والواصلة إليه بواسطة أمناء القوم ورؤسائهم ـ استنادا إلى
احتمالات الخيانة والتخاذل ، التي لم تظهر بوادرها إلا بالتخمين ، حسب ماضي هذه
الجماعة وأخلاقهم.
فلو علم الإمام
بعلمه بالغيب ، الذي لم يؤمن به كثير من الناس في
عصره ومن بعده ، ولم يسلمه له غير مجموعة قليلة من شيعته ، وأطاع أولئك
الناصحين له بعده الخروج ، لكان مطيعا لمن لم تجب عليه طاعتهم ، وتاركا
__________________
لنجدة من تجب عليه
نجدتهم.
كما أن طاعة أولئك
القلة من الناصحين ، لم تكن بأجدر من طاعة
الآلاف من عامة الشعب ، الذي قدموا له الدعوة ، وبإلحاح ، وقدموا له الطاعة والولاء.
وقبل هذا وبعده :
فإن الواجب الإلهي يحدوه ، ويرسم له الخطط ،
للقيام بأمر الأمة ، فإذا تمت الحجة بوجود الناصر ، فهذا هو الدافع الأول
والأساسي للإمام على الإقدام ، دون الإحجام على أساس الاحتمالات
السياسية ، والتوقعات الظاهرية ، وإنما استند إليها في نصوص من كلماته وتصريحاته ،
لإبلاغ الحجة ، وإفحام الخصوم ، وتوضيح المحجة ، لكل جاهل ومظلوم) .
إن حاصل ما ذكره
المرتضى والطوسي في أمر الحسين عليهالسلام هو :
إنه عليهالسلام علم بواجبه وتيقن بتمامية الحجة ، بدعوة أهل العراق
وتواتر كتبهم إليه ، وطلبهم له ، واستقر عليه هذا الواجب ، فنهض لأداء واجبه ،
وخرج إليهم ليتم هو الحجة عليهم ، وهو إن كان عالما بالنتيجة المعلومة له من
الغيب ـ أو من شواهد الحال ـ إلا أنه لم تقم حجة خارجية عيانا ترد الحجة التي
قدمها أهل الكوفة بدعوتهم للإمام ، إلا بعد حصر الإمام في كربلاء.
والإمام لم يكلف ـ
قبل كربلاء ـ بالعمل بواجبه الظاهر ، ولو أخبر ـ هو ـ
بما يعلمه من الغيب ، هل كان يصدقه أحد؟! خصوصا من أهل الكوفة الذين
دعوة؟! وبالأخص قبل أن يظهر منهم الغدر ، وقبل أن يحاط بالإمام في كربلاء؟!
وأما في كربلاء ،
فإن الأمر قد اختلف ، وقد تمت الحجة على أهل الكوفة
بحضور الإمام ، وبظهور الغدر والخيانة منهم!
__________________
وكان واجب الإمام
هو حفظ كرامته وحرمته ، وكرامة الإسلام وحرمته التي
ستهتك وتهدر باستسلامه.
مع أن مصيره
المعلوم كان هو القتل حتى بعد الاستسلام!
وكما قال الطوسي
والمرتضى ـ بنص العبارة ـ في الفقرة السادسة : (فإن الضرورة دعت إليها ـ أي
المحاربة ـ وإن الدين ، والحزم ـ معا ـ ما اقتضيا ـ في هذه الحال ـ إلا ما فعل).
فبعد إتمام الإمام
عليهالسلام الحجة بما قام به من الخروج والمسير إلى
أهل الكوفة ، وحتى عرضه عليهم الصلح والسلام ـ وبكل خياراته وأشكاله ـ ورفضهم لها
كلها ، تمت الحجة عليهم ، فحاربهم وقاومهم وجاهدهم ، وناضلهم ، حتى نال الشهادة.
ومن المخزي أن بعض
المتطفلين على العلم والدين ، والقلم والكتابة ،
اتبع ما تشابه من عبارات الطوسي والمرتضى والمفيد ، فاستشهد بظواهرها
ـ ومن دون بحث وتحقيق عن الأعماق والدلالات المرادة فيها ـ على ما وضعه نصب عينيه ـ
من نفي علمهم بالغيب ـ يحاول إثباته والتأكيد عليه ، بصور مختلفة :
فتارة
: بدعوى أن الحسين عليهالسلام لم يكن يعلم بما وقع عليه من
القتل والبلاء ، وإنما خرج طالبا للحكم والسلطان والملك والخلافة! ولكنه
فوجئ بجيش أقوى مما معه ، وبغدر من وعده النصر وخذلانه ، وانقلب الأمر عليه!
وبدعوى
: أنه ما كان يريد
أن يقتل ، وأنه كان في خروجه يأمل النصر
ويتوقعه ، ولذلك عرض على جيش الكوفة عروضا سلمية!
وأخرى
بدعوى : أنه لم يقم إلا
منطلقا من خلال العناوين الفقهية
العامة ، من دون أن يكون لخصوصية إمامته دخلا في خروجه وحركته!
إن هؤلاء لو جردوا
الحسين عليهالسلام عن قدسية الإمامة التي قلده الله
بها ، وسلبوا عنه
علم الإمامة بالغيب حتى الحكم الشرعي ومعرفة ما يجب عليه أن يفعل!
فلماذا جردوه
وسلبوه من التنبه لما عرفه أناس عاديون عاصروا الأحداث
ـ مثل الفرزدق ، وابن عباس ، وابن عمر ، وحتى بعض النساء ـ فأعلنوا أن ذهابه
إلى العراق يؤدي إلى قتله؟!
ولماذا فرضوا أن
الحسين عليهالسلام لم ير ما رآه أولئك برؤية
واضحة؟! وقد أبلغوه آراءهم ورؤاهم ، فهلا تنبه ـ لو فرضت له غفلة ـ؟!
إن هؤلاء ينزلون
بالحسين إلى مرتبة أقل من إنسان عادي عاصر الأحداث!
وكيف لهم أن
يعرضوا ـ بغمضة عين ـ عن عشرات الآثار والروايات والأخبار والأحاديث ، وفيها
الصحيح والمسند والمتصل ، وذات الدلالات الواضحة ، والتي ملئت بها كتب السيرة
والحديث والتاريخ ، والتي أخبرت عن (مقتل الحسين ومصرعه في كربلاء) وعلى لسان
النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم ، وعلي أمير المؤمنين عليهالسلام؟!
تلك الأخبار التي
عدت من (دلائل النبوة) و (معجزات الإمامة) والتي
احتج بها المسلمون ، وتواتر خبرها بينهم!
فأخبرت عن (قتل
الحسين في كربلاء) قبل مولده ، وعنده ، وبعده ، وقد
أحضر الرسول تربة مصرعه وشمها ، وحضر علي أرض كربلاء ، وصبر
أبا عبد الله فيها وهو في طريق صفين ذهابا وإيابا.
٥ ـ عصر الشيخ ابن شهرآشوب (ت ٥٨٨ ه)
هو الشيخ أبو جعفر
، محمد بن علي بن شهرآشوب بن أبي نصر ، السروي المازندراني ، رشيد الدين.
قال الصفدي : أحد
شيوخ الشيعة ، حفظ القرآن وله ثمان سنين.
قال ابن أبي طي
الحلبي : اشتغل بالحديث ، ولقي الرجال ، ثم تفقه
وبلغ النهاية في فقه أهل البيت ، ونبغ في الأصول ، ثم تقدم في القراءات
والقرآن ، والتفسير ، والعربية.
وكان مقبول الصورة
، مليح العرض على المعاني ، وصنف في : المتفق
والمفترق ، والمؤتلف المختلف ، والفصل والوصل ، وفرق بين رجال الخاصة
ورجال العامة ـ يعني أهل السنة والشيعة ـ.
كان كثير الخشوع ،
مات في شعبان سنة ثمان وثمانين وخمسمائة.
وقال الصفدي : بلغ
النهاية في أصول الشيعة ، كان يرحل إليه من البلاد ،
ثم تقدم في علم القرآن ، والغريب ، والنحو.
ووعظ على المنبر
أيام المقتفي ببغداد ، فأعجبه وخلع عليه ، وأثنى عليه كثيرا.
وقال الداوودي في (طبقات
المفسرين) : كان إمام عصره ، وواحد دهره ،
أحسن الجمع والتأليف ، وغلب عليه علم القرآن والحديث ، وهو عند الشيعة
كالخطيب البغدادي لأهل السنة في تصانيفه ، وتعليقات الحديث ورجاله
ومراسيله ، ومتفقه ومفترقه ، وإلى غير ذلك من أنواعه.
واسع العلم ، كثير
الفنون ، قال ابن أبي طي : ما زال الناس بحلب
لا يعرفون الفرق بين ابن بطة الحنبلي ، وابن بطة الشيعي ، حتى قدم الرشيد ،
فقال : (ابن بطة الحنبلي بالفتح ، والشيعي بالضم) .
وقد تعرض للمشكلة
في ذيل آية : (... ولا أعلم الغيب
...) من
الآية (٣١) من سورة هود (١١) وهي مكية ، فقال :
__________________
النبي والإمام يجب
أن يعلما علوم الدين والشريعة.
ولا يجب أن يعلما
الغيب ، وما كان ، وما يكون.
لأن ذلك يؤدي إلى
أنهما مشاركان للقديم تعالى في جميع معلوماته ،
ومعلوماته لا تتناهى ، وإنما يجب أن يكونا عالمين لأنفسهما ، وقد ثبت أنهما
عالمان بعلم محدث.
والعلم لا يتعلق ـ
على التفصيل ـ إلا بمعلوم واحد ، ولو علما ما لا يتناهى ، لوجب أن يعلما وجود ما
لا يتناهى من المعلومات ، وذلك محال.
ويجوز أن يعلما
الغائبات والكائنات الماضيات ، والمستقبلات ، بإعلام
الله تعالى لهما شيئا منها.
وما روي أن أمير
المؤمنين عليهالسلام كان يعلم أنه مقتول ، وأن قاتله
ابن ملجم : فلا يجوز أن يكون عالما بالوقت الذي يقتله فيه على التمييز ، لأنه
لو علم ذلك لوجب عليه أن يدفعه عن نفسه ، ولا يلقي بيده إلى التهلكة!
وإن هذا ـ في علم الجملة ـ غير واجب .
إن ما أثبته الشيخ
ابن شهرآشوب موافق لما سبق ذكره سوى نقطة واحدة :
فما ذكره من نفي (علم
الغيب بالاستقلال) عن الأئمة مجمع عليه بين المسلمين : وذلك لما ذكرنا في صدر هذا
البحث من دلالة الآيات الكريمة على اختصاص ذلك بالله تعالى.
مضافا إلى ما ذكره
ابن شهرآشوب من الاستدلال العقلي بأن النبي
والإمام محدود متناه ، والغيب لا حد له ، ولا يمكن أن يحيط المحدود باللا منتهي.
__________________
ثم ما ذكره من
إمكان علم الغيب بإعلام الله تعالى :
هو أيضا مما أجمعت
عليه الطائفة ، ودلت عليه الآيات الكريمة التي
ذكرناها في صدر البحث.
وأما التفرقة بين
علم الإمام بالحوادث ، وخصوصا ما يرتبط بقتله ، من
الالتزام بالتفصيل في غير وقت القتل ، والالتزام بالإجمال فيه.
فهذا أيضا قد سبق
قول المرتضى فيه ، والتزامه.
وقد أضاف ابن
شهرآشوب تصريحا بأن على فرض علم الإمام بوقت قتله
بالعلم الاجمالي ، فلا يرد عليه اعتراض الالقاء في التهلكة ، لأن الدفع حينئذ
غير واجب لفرض الاجمال فيه وعدم معرفته الأمر بالتفصيل.
وإنما اختص ابن
شهرآشوب بالتزامه بالاعتراض على تقدير علم الإمام
بوقت قتله تفصيلا ، فقال : (فلا يجوز أن يكون عالما بالوقت الذي يقتله فيه على
التمييز ، لأنه ـ لو علم ذلك ـ لوجب عليه أن يدفعه عن نفسه ، ولا يلقي بيده إلى
التهلكة).
وهذه هي النقطة
التي خالف فيها ابن شهرآشوب من سبقه ، لأن المفيد
الذي أشار إلى مسألة علم الجملة ، قال بإمكان القول بالتفصيل ، ومنع كون
ذلك من الالقاء في التهلكة ، لإمكان التعبد بالصبر على القتل للإمام.
وحتى المرتضى ـ
الذي التزم بالجملة ، ونفى التعبد ـ لم يصرح بالتزامه اعتراض الالقاء في التهلكة
على تقدير التفصيل ، فلعله دفعه بأحد الوجوه الكثيرة المتصورة ، والتي يكون تحمل
القتل بها أمرا حسنا أيضا ولو بغير التعبد!
ولعل ابن شهرآشوب
عد فقدان الإمام ضررا وتهلكة فحكم فيه بوجوب الدفع ، وعدم الالقاء ، محافظة على
وجوده الشريف لأداء مهمات الإمامة.
لكن إطلاق لفظ (الضرر)
ولفظ (التهلكة) على ما جرى على الإمام
ممنوع ، مطلقا :
فإنه إذا علم
الإمام إرادة الله تعالى لما يجري عليه ، مع أنه يعلم ما فيه
من المصلحة للدين
والأمة ، والمصلحة لنفسه الشريفة بالفوز بالشهادة ورفع
الدرجات والكرامة الإلهية ، بانقياده المطلق لأوامر الله تعالى ، وتسليمه المطلق
لله ، ورضاه بما يرضاه تعالى ، فلا ريب ، أن لا يكون في ما يقدم عليه أي
ضرر ، ولا يمكن أن يسمى ذلك تهلكة بأي وجه ، إلا في المنظار المادي ، والدنيوي.
ونظرة إلى قصة
إبراهيم ، وولده الذبيح إسماعيل ، عليهماالسلام ، التي
جاءت في القرآن الكريم ، حين أمر الله إبراهيم بذبح ابنه ، فقال تعالى في نهايتها
: (فلما أسلما وتله
للجبين وناديناه أن يا إبراهيم * قد صدقت الرؤيا إنا كذلك نجزي المحسنين إن هذا
لهو البلاء المبين) الآيات (١٠٣ ـ ١٠٦) من سورة الصافات
(٣٧) ... فقد سمى الله
ذلك تسليما ، وتصديقا ، وإحسانا ، وجعه (بلاء مبينا) مع أنه لم يتحقق فيه ذبح ، بل
فدي إسماعيل بذبح عظيم.
فإذا لم يكن ما
جرى على إسماعيل إلقاء في التهلكة وكان شرعيا؟!
فلماذا لا يكون ما
جرى على أهل البيت عليهمالسلام من القتل
ـ بأنواعه ـ أمرا شرعيا متعبدا به ، وقد تعبد به إبراهيم من قبل؟!
ولماذا لا يكون ما
فعلوه تسليما ، وتصديقا لقضاء الله ، وإحسانا؟! وقد
تحملوه في سبيل الله ، وأهداف الدين السامية؟
وأما (البلاء) هنا
فهو (أبين) لأنه قد تحقق ، وأريقت دماء آل بيت الرسول
عليهم الصلاة والسلام ، ولم يفد عنهم بشئ!
مع أن عمل الإمام
، لم يكن امتحانا خاصا وفرديا ، بل هو عمل أعظم
وأهم ، لكونه إحياء للإسلام ولرسالة الله الخالدة.
فإذا علم الإمام
بتفصيل أسباب ما يجري عليه من الحوادث ، ونتائجه
الباهرة ، فهو أحرى أن ينقاد لامتثال ذلك والإطاعة لإرادة الله ، وعمل في مثل
هذه العظمة والأهمية ، لا يكون الموت من أجله (تهلكة).
كل هذا مع عدم
وجود (جبر) ولا إكراه للإمام على شئ ، وإنما الأمور
هي تحت اختياره ، وبهذا يكون إقدامه أبلغ في الكشف عن عظمته وحبه لله
والانقياد له تعالى ، لما يختار لقاء الله تعالى على النصر الدنيوي.
وقد جاد هذا
المعنى الأخير في بعض روايات الباب.
فإذا لم يكن
إقدامهم على ما أصابهم أمرا (مضرا) ولا يصح تسميته
(تهلكة) ولا مانع من أن يكونوا عالمين به ، وعارفين له ، فكيف يجعل إقدامهم
عليه دليلا على نفي علمهم به؟!
٦ ـ عصر الشيخ العلامة الحلي (ت ٧٢٦ ه)
هو الإمام الشيخ
جمال الدين الحسن بن يوسف بن المطهر ، أبو منصور ، الشهير بالعلامة الحلي.
قال ابن داود :
شيخ الطائفة ، وعلامة وقته ، وصاحب التحقيق والتدقيق ،
كثير التصانيف ، انتهت رئاسة الإمامية إليه في المعقول والمنقول.
وقال ابن حجر :
ابن المطهر عالم الشيعة وإمامهم ومصنفهم ، وكان آية
في الذكاء ... واشتهرت تصانيفه في حياته ... وكان مشتهر الذكر حسن
الأخلاق ، ولما بلغه بعض كتاب ابن تيمية قال :
(لو كان يفهم ما أقول أجبته)
ومات في المحرم
سنة ٧٢٦ ه عن ٨٠ سنة .
وأما السيد السائل
:
فهو السيد المهنا
بن سنان بن عبد الوهاب بن نميلة ، من آل يحيى النسابة
__________________
ابن جعفر الحجة بن
عبيد الله الأعرج بن الحسين الأصغر بن الإمام زين العابدين
علي السجاد عليهالسلام.
فهو حسيني ،
عبيدلي ، أعرجي ، مدني.
قال ابن حجر في
الدرر الكامنة ٤ / ٣١٨ : الحسيني ، الإمامي ،
المدني ، قاضي المدينة ، اشتغل كثيرا ، وكان حسن الفهم ، جيد النظم ،
ولأمراء المدينة فيه اعتقاد ، وكانوا لا يقطعون أمرا دونه ، وكان كثير النفقة ،
متحببا إلى المجاورين ، ويحضر مواعيد الحديث ... من فقهاء الإمامية ، مع
تحقق المعرفة ، وحسن المحاضرة ، ومات سنة ٧٥٤.
ووصفه العلامة في
أول جوابه عن مسائله بقوله : السيد الكبير ، النقيب
الحسيب النسيب ، المعظم المرتضى ، عز السادة ، زين السيادة ، معدن المجد
والفخار ، الحكم والآثار ، الجامع للقسط الأوفى من فضائل الأخلاق ، والفائز
بالسهم المعلى من طيب الأعراق ، مزين ديوان القضاء ، بإظهار الحق على
المحجة البيضاء عند ترافع الخصم ، نجم الحق والملة والدين.
وانظر الحقائق
الراهنة في أعلام المائة الثامنة ، ص ٢٢٤ ، من طبقات
أعلام الشيعة لشيخنا آقا بزرك الطهراني رحمهالله .
ذكر السيد المهنا
بن سنان الحسيني المدني في المسائل الثالثة
التي وجهها إلى العلامة الحلي ، المسألة ١٥ منها سؤالا هذا نصه :
ما يقول سيدنا ،
فيما نقل أن مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه
السلام كان يعرف الليلة التي يقتل فيها ويخبر بها؟!
فيكف خرج عليهالسلام في تلك الليلة ، ملقيا بيده إلى التهلكة؟!
وإن فعله عليهالسلام هو الحجة ، لكن نطلب وجها نجيب عن الشبهة ،
__________________
فقد سأل المملوك
عنها شخص بدمشق.
فأوضح لنا ذلك ،
أحسن الله إليك.
ويبدون أن الشبهة
كانت مثارة من قبل غير السائل ، بل الإثارة كانت من
بعض المخالفين من أهل دمشق.
وفي هذا السؤال
فائدة جيدة ، حيث ورد فيه التنبيه إلى أن فعل الإمام
لو كان حجة ، فلا معنى للاعتراض عليه ، وذلك لأن من ثبتت إمامته ، وقامت
الحجج على كونه إماما مفترض الطاعة ، فهو لا شك في كونه عالما بأحكام الله
تعالى ، وكل ما يصدر منه هو طاعة لله ، ولا تصدر منه المعصية ، لأن الإمام
عندنا يشترط فيه العصمة عن الذنوب ، وكذلك يشترط فيه العلم بأحكام
الشريعة بالإجماع.
فإذا ثبتت إمامته
، لم يحاسب على شئ من إقدامه فعلا أو تركا ، فيكف
يتصور أن يكون ملقيا بنفسه إلى التهلكة ، حتى مع فرض علمه بما يجري
عليه.
ففرض الالقاء في
التهلكة مناف لأصل ثبوت إمامته ، فهو منتف في حقه ،
قبل أن يبحث عن كونه عالما بالغيب وبما يجري عليه تفصيلا ... فلا يبتني نفي
علمه بالغيب على فرض حرمة الالقاء للنفس إلى التهلكة.
وقد شرحنا هذا
الأمر في صدر البحث.
وقد أجاب العلامة
الحلي على هذا السؤال بقوله :
يحتمل أن يكون عليهالسلام أخبر بوقوع القتل في تلك الليلة ، ولم يعلم
أنه في أي وقت من تلك الليلة!
أو أنه لم يعلم في
أي مكان يقتل!
أو أن تكليفه عليهالسلام مغاير لتكليفنا ، فجاز أن يكلف ببذل مهجته
الشريفة ـ صلوات الله عليه ـ في ذات الله تعالى ، كما يجب على المجاهد
الثبات ، وإن أدى
ثباته إلى القتل ، فلا يعذل في ذلك .
والظاهر أن
العلامة إنما أخذ في الاعتبار في جوابه فرض السائل أن إلقاء
الشبهة ليس من قبل من يعتقد بالإمامة ومستلزماتها ، بل من رجل من
المخالفين لا يعتقد إمامة الإمام ، ولا يلتزم بشرائطها المعروفة من العصمة والعلم
وغير ذلك.
وعلى ذلك ، فلو
أريد إلزامه بعلم الإمام وتصديق الأخبار الدالة على
معرفته بمقتله ـ والتي وردت ولم تنكر ـ فلا بد من الخروج بأحد الوجود التي ذكرها
العلامة :
إما بالالتزام
بتحديد الخبر الواصل إليه ، وأنه عن أصل القتل وشخص
القاتل ، دون زمانه المحدد.
أو بالالتزام
بتحديد الخبر بما دون مكان معين.
وعلى هذين الفرضين
فلا ينافي إقدام الإمام حتى على قتله ، لأنه لم
يخبر بالزمان والمكان الخاصين ، حتى يكلف باجتنابهما ، فلا يرد اعتراض أنه أقدم
على الهلكة.
وأما الجواب
الثالث ، فهو مناسب حتى للسائل المعتقد بالإمامة ، وهو أن
يكون الإمام متعبدا بتكليف خاص ، وهو مثل المجاهد المأمور والمكلف بالجهاد حتى
الشهادة.
فالإمام كالمجاهد
الذي يستشهد ـ لا يعاتب ولا يعذل ، لأن فعله طاعة ،
وليس حراما ولا معصية ، ولا يقال في حقه : إنه ألقى بيده إلى التهلكة.
__________________
٧ ـ في عصر العلامة المجلسي (ت ١١١٠ ه)
الشيخ محمد باقر
بن محمد تقي بن المقصود علي الأصفهاني المجلسي (ت ١١١٠ ه).
قال القمي : هو
شيخ الإسلام والمسلمين ، ومروج المذهب والدين ،
الإمام ، العلامة ، المحقق المدقق.
كان إماما في
الجمعة والجماعة ، وهو الذي روج الحديث ونشره ، سيما
في بلاد العجم ، وترجم لهم الأحاديث بأنواعها ، مضافا إلى تصلبه في الأمر
بالمعروف والنهي عن المنكر ، وقمع المعتدين والمخالفين من أهل الأهواء
والبدع سيما الصوفية والمبدعين ... .
وقد شرح الكتب
الأربعة ـ الأصول الحديثية ـ بملاذ الأخيار في شرح
تهذيب الأخبار ، ومرآة العقول في شرح الكافي ، وحاول جمل شتات كتب
الحديث والأخبار في أكبر موسوعة حديثية وهي (بحار الأنوار).
وقد بحث في
المشكلة التي نبحث فيها في كتابة (مرأة العقول) الذي
شرح في أحاديث (الكافي) التي وردت في (باب أن الأئمة عليهمالسلام
يعلمون متى يموتون ...) ونقل فيه كلمات المفيد في الرسالة العكبرية ،
والعلامة الحلي في جوابات المسائل المهنائية ، ومما قاله :
منشأ الاعتراض أن حفظ النفس واجب عقلا وشرعا ، ولا يجوز إلقاؤها إلى التهلكة.
وقال في شرح جواب
الإمام في بعض أحاديث الباب : هو مبني على منع
كون حفظ النفس واجبا مطلقا ، ولعله كان من خصائصهم عدم وجوب ذلك عند
__________________
اختيارهم الموت.
وحكم العقل في ذلك
غير متبع.
مع أن حكم العقل
بالوجوب في مثل ذلك غير مسلم .
وقد أجاب عن
الاعتراض بوجوه ثلاثة :
الأول : أن حفظ
النفس ليس بواجب مطلقا.
وذلك لما ذكرنا
سابقا من أن هذا الواجب يسقط إذا زاحمه واجب آخر
أهم متوقف على التضحية بالنفس ، مثل حفظ الدين والإسلام ، فلا بد من
تقديم الأهم ، ويسقط غيره ، فيجب التضحية بالنفس.
وقد احتمل المجلسي
أن يكون عدم وجوب حفظ النفس خاصا بالأئمة
عليهمالسلام عند اختيارهم الموت.
وهذا الجواب مبني
على فرض ثبوت إمامته ، وثبوت الاختيار له في
انتخاب الموت.
ومن الواضح أنه مع
هذا الفرض ، لا يصح الاعتراض ، كما أسلفناه في
الأمر الثالث مما قدمناه في صدر البحث.
إذ أن فعل الإمام ـ
حينئذ ـ حجة في نفسه ، ودليل على جواز إقدامه ، من
دون احتمال كونه إلقاء محرما إلى التهلكة المنهي عنه.
الثاني : أن حكم
العقل بوجوب حفظ النفس غير مسموع ولا متبع.
إذ مع إقدام
الإمام على فعل ، وحسب المصلحة والهدف الصالح الأهم
الذي ارتآه ، فلا أثر لحكم العقل واستهجانه ، لأنه إنما يدرك المنافع العاجلة
الظاهرية ، لكن المتشرع إنما يصبوا إلى النعيم الأخروي والأهداف السامية ،
__________________
غير المرئية للعقل
، ولا المطلوبة له.
الثالث : عدم
تسليم وجود حكم للعقل بوجوب حفظ النفس في مثل هذا المقام :
لأن العقل إنما
يدرك الكليات ، دون الأمور الخاصة ، فلو فرضنا أن إلقاء
النفس إلى التهلكة كان أمرا قبيحا عند العقل ، فهو بمعناه الكلي أمر يدركه
العقل العملي ، وبصورته المجردة عن أية ملاحظة أو غرض يتدارك به ذلك القبح.
فلو ترتبت على
الالقاء مصلحة ، أوجبت حسنة ، لم يكن للعقل أن
يعارض ذلك ، بل لا بد له أن يوازن بين ما يراه من القبح وما فيه من الحسن.
وبعبارة أخرى ليس
ما يدركه العقل هنا وفي صورة المعارضة للأغراض ،
واجب الإطاعة والاتباع ، وإنما المتبع هو الراجح من مصلحة الغرض أو مفسدة
ما يراه العقل ، كالعكس فيما يدرك العقل حسنه ولكن الأغراض تبعده
والشهوات تأباه!
والحاصل
: أن درك العقل
للحسن والقبح الذاتيين وإن كان مسلما ، إلا
أن اتباعه ليس واجبا ، والعمل عليه ليس متعينا إذ أحرز الإنسان مصلحته في
مخالفته ، بعادة أو عرف أو شرع.
وإذا علمنا بأن
الأئمة عليهمالسلام إنما أقدموا على القتل وتحمل المصائب لأغراض لهم ـ وهي
الوجوه التي عرضنا بعضها وسنعرض بعضها الآخر ـ فلا أثر لحكم العقل في موردهم بقبح
الفعل ، ولا بوجوب حفظ النفس ، بل قد يحكم بوجوب الالقاء ، وحرمة المحافظة على
النفس ، نظرا للأخطار العامة ، والكبرى المترتبة على حفظ النفس ، ولفوات الآثار
المهمة بذلك.
وهذان الأمران ـ
الثاني والثالث ـ إنما طرحهما الشيخ المجلسي على أثر
الافراط في
الاستناد إلى العقل وحكمه ، إلى حد الاعتراض به على مسلمات
دينية وشرعية وتاريخية ، اعتمادا على فرضيات واحتمالات نظرية بحتة ، لم
يؤخذ فيها بالنظر مسائل التوفيقات الشرعية ولا الآثار الواردة.
وهذا نظير ما
اعتاد أن يلهج به صغار الطلبة من استخدام كلمة العقل
ونقده ، والفكر وصياغته وتجديده ، والفلسفة والتبجح بها ، على حساب الدين
والشرع والتاريخ ، والعقيدة ومسلماتها وأصولها ، والغريب أن ذلك يتم باسم
الدين ، وعلي يد من يتزيى بزي أهل العلم والدين!
وقد ذكر الشيخ المجلسي في (بحار الأنوار) أجوبة المفيد والعلامة الحلي بنصها ،
أيضا .
٨ ـ في عصر الشيخ البحراني (ت ١١٨٦ ه)
المحدث الشيخ يوسف
بن أحمد بن إبراهيم آل عصفور الدرازي البحراني.
قال أبو علي
الحائري في (منتهى المقال) :
عالم فاضل ، متبحر
ماهر متتبع ، محدث ورع ، عابد صدوق ، من أجلة مشايخنا وأفاضل علمائنا المتبحرين.
وقال الشيخ
التستري في (مقابس الأنوار) : العالم العامل ، المحقق الكامل ، المحدث الفقيه ،
المتكلم الوجيه ، خلاصة الأفاضل الكرام ، وعمدة الأماثل العظام ، الحاوي ، من
الورع والتقوى أقصاهما ، ومن الزهد والعبادة أسناهما ، ومن الفضل والسعادة أعلاهما
، ومن المكارم والمزايا أغلاهما ، الزكي النقي التقي ...
__________________
وقال المولى شفيع
في (الروضة البهية) : من أجلاء هذه الطائفة ، كثير
العلم ، حسن التصانيف ، نقي الكلام ، بصير بالأخبار المروية عن الأئمة
المعصومين صلوات الله عليهم أجمعين ... وكان ثقة ورعا عابدا زاهدا ... من فحول
العلماء الأجلة.
وقال هو عن كتابه (الدرر
النجفية) : كتاب لم يعمل مثله في فنه ، مشتمل
على تحقيقات رائقة ، وأبحاث فائقة.
وقال الحائري في (منتهى
المقال) : كتاب جيد جدا ، مشتمل على علوم
ومسائل ، وفوائد ورسائل ، جامع لتحقيقات شريفة ، وتدقيقات لطيفة .
فقد أورد في كتابه
(الدرر النجفية) هذا الاعتراض ، وأجاب عنه
بالتفصيل ، نورد ما يناسب ذكره هنا ، قال :
درة نجفية :
قد كثر السؤال من
جملة من الاخلاء الأعلام ، والأجلاء الكرام عن الوجه
في رضا الأئمة عليهم الصلاة والسلام ، وإعطائهم بأيديهم لما أوقعه بهم
مخالفوهم من القتل بالسيف أو السم؟
حيث إنهم عالمون
بذلك ، لما استفاضت به الأخبار من أن الإمام عليه
السلام يعلم انقضاء أجله ، وأنه هل يموت بموت حتف أنفه ، أو بالقتل أو بالسم!
وحينئذ ، فقبوله
ذلك ، وعدم تحرزه من الامتناع ، يستلزم الالقاء باليد إلى
التهلكة ، مع أن الالقاء باليد إلى التهلكة محرم نصا ، قرآنا ، وسنة!
وقد أكثر
المسؤولون من الأجوبة في هذا الباب ، بل ربما أطنبوا فيه أي
__________________
إطناب بوجوه لا
يخلو أكثرها من الايراد ، ولا تنطبق على المقصود والمراد.
وحيث إن بعض
الأخوان العظام ، والخلان الكرام سألني عن ذلك في
هذه الأيام ، رأيت أن أكتب في المقام ما استفدته من أخبارهم عليهم الصلاة والسلام.
فأقول
: ـ وبالله الثقة لإدراك المأمول وبلوغ كل مسؤول ـ :
يجب أن يعلم :
أولا
: أن التحليل
والتحريم توقيفية من الشارع عز شأنه ، فما وافق أمره
ورضاه فهو حلال ، وما خالفهما فهو حرام.
وليس للعقل ـ فضلا
عن الوهم ـ مسرح في ذلك القمام.
وثانيا
: أن مجرد الالقاء
باليد إلى التهلكة ـ على إطلاقه ـ غير محرم ، وإن أشعر ظاهر الآية بذلك ، إلا أنه
يجب تقييده وتخصيصه بما قام الدليل على جوازه.
وذلك : فإن الجهاد
متضمن للإلقاء باليد إلى التهلكة ، مع أنه واجب ، نصا وإجماعا.
وكذلك الدفاع عن
النفس ، والأهل ، والمال.
ومثله ـ أيضا ـ
وجوب الاعطاء باليد إلى القصاص ، وإقامة الحد عليه ، متى استوجبه.
وثالثا
: إنهم صلوات الله
عليهم في جميع أحوالهم وما يتعلق بمبدئهم
ومآلهم يجرون على ما اختارته لهم الأقدار السبحانية ، ورضيته لهم الأقضية الربانية.
فكل ما علموا أنه
مختار له تعالى بالنسبة إليهم ـ وإن اشتمل على غاية الضرر والبؤس ـ ترشفوه ـ ولو
ببذل المهج والنفوس ـ.
إذا تقررت هذه
المقدمات الثلاث ، فنقول : إن رضاهم صلوات الله عليهم بما ينزل بهم ، من القتل
بالسيف والسم ، وكذا ما يقع بهم من الهوان
والظلم على أيدي
أعدائهم ، مع كونهم عالمين به ، وقادرين على دفعه ، إنما
هو لما علموه من كونه مرضيا له سبحانه وتعالى ، ومختارا له بالنسبة إليهم ،
وموجبا للقرب من حضرة قدسه ، والجلوس على بساط أنسه.
وحينئذ ، فلا يكون
من قبيل الالقاء باليد إلى التهلكة ، الذي حرمته
الآية ، إذ هو ما اقترن بالنهي من الشارع نهي تحريم ، وهذا مما علم رضاه به
واختياره له ، فهو على النقيض من ذلك.
ألا ترى أنه ربما
نزل بهم شئ من تلك المحذورات قبل الوقت
المعد ، والأجل المحدد ، فلا يصل إليهم منه شئ من الضرر ، ولا يتعقبه
المحذور والخطر؟! فربما امتنعوا منه ظاهرا ، وربما احتجبوا منه باطنا ، وربما
دعوا الله سبحانه في رفعه فيرفعه عنهم ، وذلك لما علموا أنه غير مراد له سبحانه
في حقهم ، ولا مقدر لهم.
وبالجملة
: فإنهم صلوات الله
عليهم يدورون مدار ما علموه من الأقضية
والأقدار ، وما اختاره لهم القادر المختار.
ولا بأس بإيراد
بعض الأخبار الواردة في هذا المضمار ليندفع بها الاستبعاد ، ويثبت بها المطلوب
والمراد :
فمن
ذلك ما رواه ثقة
الإسلام ـ عطر الله مرقده ـ في (الكافي) بسنده عن الحسن بن الجهم ، قال : قلت
للرضا عليهالسلام : إن أمير المؤمنين عليه السلام قد عرف قاتله ، والليلة
التي يقتل فيها ، والموضع الذي يقتل فيه (إلى آخر الحديث الذي نقلناه سابقا) وأضاف بعده :
وحاصل سؤال السائل
المذكور :
أنه مع علمه عليهالسلام بوقوع القتل ، فلا يجوز له أن يعرض نفسه له ،
__________________
لأنه من قبيل
الالقاء باليد إلى التهلكة ، الذي حرمه الشارع؟!
فأجاب عليهالسلام بما هذا تفصيله وبيانه :
أنه ـ وإن كان
الأمر كما ذكرت من علمه عليهالسلام بذلك ـ لكنه ليس
من قبيل الالقاء باليد إلى التهلكة الذي هو محرم ، لأنه عليهالسلام خير في
تلك الليلة بين لقاء الله تعالى على تلك الحال ، أو البقاء في الدنيا ، فاختار
عليه
السلام اللقاء على الوجه المذكور ، لما علم أنه مختار ، ومرضي له ، عند ذي الجلال.
كما يدل عليه قوله
عليهالسلام ، لما ضربه اللعين ابن ملجم ـ الملجم
بلجام جهنم وعليه ما يستحقه ـ : (فزت ورب الكعبة).
وهذا معنى قوله : (لتمضي
مقادير الله تعالى) يعني : أنه سبحانه قدر وقضى في الأزل أنه عليهالسلام لا يخرج من الدنيا إلا على هذه الحال ، باختياره ورضاه بها.
ومن
ذلك ما رواه في
الكتاب المذكور عن عبد الملك بن أعين ، عن
أبي جعفر عليهالسلام (وذكر الحديث
الثامن الذي رواه الكليني ).
ومن
ذلك ما رواه ـ أيضا ـ
عن أبي جعفر عليهالسلام في حديث قال فيه :
فقال له حمران :
جعلت فداك ، أرأيت ما كان من أمر قيام علي بن
أبي طالب والحسن والحسين عليهمالسلام ، وخروجهم ، وقيامهم بدين الله عز
ذكره ، وما أصيبوا من قتل الطواغيت إياهم ، والظفر بهم حتى قتلوا وغلبوا؟!
فقال أبو جعفر عليهالسلام : يا حمران ، إن الله تبارك وتعالى قد كان قدر
ذلك عليهم ، وقضاه وأمضاه ، وحتمه ، على سبيل الاختيار ، ثم أجراه.
فبتقدم علمه إليهم
من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قام علي
__________________
والحسن والحسين ،
وبعلم صمت من صمت منا.
ولو أنهم ـ يا
حمران ـ حيث نزل بهم من أمر الله تعالى ، وإظهار الطواغيت عليهم سألوا الله تعالى
أن يدفع عنهم ذلك ، وألحوا عليه في طلب إزالة تلك الطواغيت ، وذهاب ملكهم ، إذا
لأجابهم ، ودفع ذلك عنهم.
ثم كان انقضاء مدة
الطواغيت وذهاب ملكهم ، أسرع من سلك منظوم انقطع فتبدد.
وما كان ذلك الذي
أصابهم ـ يا حمران ـ لذنب اقترفوه ، ولا لعقوبة معصية خالفوا الله فيها ، ولكن
لمنازل ، وكرامة من الله أراد أن يبلغوها!
فلا تذهبن بك
المذاهب فيهم .
أقول
: وهو صريح في
المطلوب ، على الوجه المحبوب .
ثم روى عدة أحاديث
تدل على أنهم عليهمالسلام امتنعوا من فعل
ما يؤدي إلى قتلهم ، لكون ذلك في غير الأجل المحدد لموتهم ، ولم يختاروا
ذلك إلا في الوقت المقدر ، حتى يكون اختيارهم موافقا للقضاء ورضا به.
ويبدو من المقدمة (الأولى)
والمقدمة (الثانية) مما قدمهما على الجواب ، أنه يوافق المجلسي ـ رحمهالله ـ في كليهما.
ولعل لجوءه إلى
هذه الأسلوب من جهة ميله إلى استبعاد تحكيم العقل في مثل هذه القضايا التي هي أمور
خاصة ، وليست كليات وثوابت عامة حتى يمكن للعقل التدخل فيها ، كما أن ما ثبت من
الشرع فيه حكم ، وجاء منه توقيف ، فليس للعقل إلا التسليم وترجيح المصلحة الشرعية
على مدركاته.
وهذا ـ كما أشرنا
سابقا ـ نتيجة لرد الفعل الذي استحوذ على علمائنا الأخباريين من التطرف الذي انغمر
فيه بعض العقلانيين ، ممن قصرت يده عن
__________________
علوم الشريعة
ونصوصها ، فراح يجول ويصول في علوم الشريعة بجناح العقل
وأدلته ، وبنى الدين أصولا وفروعا وموضوعات خارجية وأمورا واقعة ، وأحداثا
تاريخية ، على مدركاته العقلية.
مع أن من الواضح :
أن الأمور التعبدية ، وكذا الموضوعات الخارجية ،
وكل الأمور والحوادث ، والحقائق الشخصية ، وصفات الأئمة عليهمالسلام ،
وما صدر منهم ... إلى غير ذلك من الأمور الخاصة ليست مسرحا للعقل ،
وإنما طريقها الإثبات بالنقل.
والعقل النظري
إنما يدرك المعقولات العامة التي ترتبط بالحقائق الكونية
الثابتة ولذلك يجب أن تكون مدركة لجميع العقلاء ، ومقبولة لديهم ، لا خاصة
بعقل طائفة دون أخرى ، ولا مبتنية على قضية دون أخرى.
أما العملي فهو
يدرك حسن أمر أو قبح آخر ، ولا يستتبع عملا ، وإنما
للعامل أن يراعي مصلحته ويوازن فيه ما يخصه بين ما يمسه وبين ما يدركه
العقل ، فيرجح ما يناسبه.
فالانسحاب وراء
الخيالات الخاصة بعنوان العقل ، كما يفعله أدعياء
العقل ونقده ـ في عصرنا الحاضر ـ جهل بأبسط المسائل العقلية ، وهو مجال علمه.
٩ ـ في القرن الماضي
مع السيد الإمام الخراساني (ت ١٣٦٨ ه)
هو المجتهد الكبير
، والعلامة النحرير ، فريد دهره ، ووحيد عصره ، قدوة العلماء المتبحرين ، سيد
الفقهاء والمجتهدين ، عمدة العلماء العاملين ، ونخبة الأفاضل والمجتهدين ، ملاذ
الأنام ، وثقة الإسلام ، سيدنا الأعظم ، سماحة آية الله العظمى السيد ميرزا محمد
الهادي الحسيني الخراساني الحائري ،
قدس الله سره .
وقال الشيخ محمد
حسن كبة في إجازته له : السيد السند ، والمولى
الجليل المعتمد ، فخر المحققين ، وافتخار المدققين ، صفوة العلماء الكرام ،
وعماد الفقهاء الأجلة الفخام ، التقي النقي ، الطاهر الزكي ، نتيجة الشرف
الأقدم ، وسلالة سيد الأمم صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وقال شيخ الشريعة
الأصفهاني (ت ١٣٣٩ ه) في إجازته له : العالم
العامل ، الفاضل الكامل ، أبا الفضائل والفواضل ، صاحب القريحة القويمة ،
والسليقة المستقيمة ، والحدس الصائب ، والنظر الثاقب ، المستعد لإفاضة
نتائج المطالب من الكريم الفياض الواهب ، عمدة العلماء المحققين ، وزبدة
الفضلاء المدققين ، العالم العلم العيلم ، الثقة الورع ، التقي النقي ، العدل الصفي.
وقال السيد مهدي
الأصفهاني الكاظمي (من تلامذته) : كان ـ رحمه الله ـ من أعاظم علماء الفقه والأصول
، وأكابر فضلاء المعقول والمنقول ، وكان عارفا بالرجال ، والتاريخ ، والحديث ،
والتفسير ، والعربية ، ماهرا في الفنون العقلية والنقلية.
وقال الكاظمي في (أحسن
الأثر) ص ٣٦ : وأما مناظراته : فإنه إذا صادف خارج ملة أو مذهب ، فهو يفحمهم
ويلقمهم الحجر ـ لا محالة ـ لما عليه من عظيم المقدرة في علم المناظرة ، وزيادة
إلمام بكل العلوم معقولها ومنقولها.
أما في المعقول :
فإن له اليد الطولى في علم المنطق والحكمة والهيئة والرياضيات والكلام والفلسفة.
وأما في المنقول :
فلقد برع فيه ، واجتهد ، وحاز السبق بها على
__________________
معاصريه .
وفي عصر السيد
الخراساني في القرن الهجري الماضي (القرن
الرابع عشر الهجري) خيم شيح الاستعمار الغربي الملحد على البلاد
الإسلامية ودنس الغربيون أرض الشرق الطاهرة بأرجلهم الدنسة ، وبدأوا بنفث
سموم الفسق والإلحاد ، وبذر الشقاق والفساد ، في كل قطر وبين كل العباد ،
وحالوا التفرقة بين أجزاء الوطن الإسلامي ، وقطع أوصال الأمة الإسلامية ،
على أساس من الطائفية البشعة والعنصرية القذرة ، والنزاعات المفتعلة ، ونصبوا بينهم
العداء ليأكل بعضهم بعضا ، فلا تكون لهم وحدة متشكلة ، ولئلا تكون أمة قوية متراصة.
وحالوا تأجيج شرر
التفرقة بين المذاهب الإسلامية الفقهية ، وتوسيع
رقعة الخلاف بينها مهما أمكن ، وتوسيع الخلافات الصغيرة ، وتأجيج النزاعات
الحقيرة والقديمة ، كما حاولوا تأسيس مذاهب فقهية جديدة ، وإبراز فقهاء جدد ومجددين!
وسعوا في إثارة
النزاعات والخلافات بين أهل المذهب الواحد ، لتتسع
رقعة الخلاف على راقعها ، ولقد جنوا على البشرية عامة ، وعلى المسلمين
خاصة ، بهذه الأعمال جناية كبرى ، لكنهم جنوا من أفعالهم تلك أنهم استولوا على العباد
والبلاد وخيراتها وتراثها وجمالها وحتى عقولها ، وذهبوا بكل ذلك إلى بلادهم في
شمال العالم الأرضي لتعيش بها شعوبهم ـ قرنا من الزمان ـ في رفاه من العيش ورغد ،
وأمن واستقرار ، وهدوء وقانون ، على حساب عذاب ملايين من أفراد البشر في سائر
أقطار العالم الجنوبية.
وقد وجدوا في
المذهب الشيعي الاثني عشري طائفة متماسكة مؤمنة
بمبادئ الإسلام الحقة ، لأنها تعتمد على القرآن وأهل البيت ، الثقلين ، اللذين
__________________
خلفهما الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، لبني أمته ، ووعد أنها لا تضل
ما تمسكت بهما ، وأنهما لا يفترقان ـ أبدا ـ إلى يوم القيامة.
فكان الشيعة أقوى
مذاهب الأمة يدا ، وأكثرها صبرا وجلدا ، وأوفاها
للإسلام ، وأشدها دفاعا عن القرآن ، وأعلاها نداءا بالوحدة الإسلامية ، وأكثرها
سعيا للتقرب بين المسلمين.
فلم يجد الاستعمار
الغربي البغيض وأيديه العميلة إلا السعي في تشويه سمعة هذه الطائفة بين المسلمين
من جهة ، والسعي في تشتيت وحدة الشيعة من جهة أخرى.
وقد أثاروا الشبه
بين عوام الشيعة ، والتشكيكات في المذهب أصولا
وفروعا ، ونبشوا التاريخ ليجدوا مثل هذه المشكلة (الاعتراض على علم الأئمة
بالغيب) فأثاروها ، رغبة في أن توجد شقاقا في الطائفة الشيعية ، بالرغم من
كونها شبهة بائدة قديمة ، وقد أجاب عنها علماء الشيعة منذ عصور الأئمة وإلى
اليوم بأجوبة سديدة قويمة.
إلا أن الغربيين
الحمقى ، لا يهمهم ذلك ، وليس همهم إلا التشبث بكل
ذريعة ووسيلة ـ ولو وهمية ـ لإيقاع الفرقة.
فانبرى السيد
الخراساني (ت ١٩٤٨ م) للتصدي لهذه الشبهة في رسالة
(عروض البلاء على الأولياء).
وقد ذكر فيها (عشرين
وجها) من بنات أفكاره ، ومبدعات تحقيقاته ، من
دون مراجعة أو إرجاع إلى مصدر أو كتاب.
ونجد بعض الوجوه
منها قد وردت في الأجوبة المذكورة في ما سبق من
العصور ، وخاصة في الأحاديث الشريفة.
ومن المطمأن به أن
ذلك كان في مخزون فكر السيد على أثر مراجعته
الواسعة للمصادر ، وخاصة كتب الحديث الشريف.
وقد يكون بعضها من
توارد الأفكار ، لأن تلك الوجوه كلها ، وخصوصا
ما ورد في الأثر
منها ، وجوه توافق الفطرة السليمة ويقف عليها صاحب السليقة
المستقيمة ، كما أنه يوافق كثيرا من الحقائق الراهنة في حياة الأئمة الأطهار
عليهمالسلام وسيرتهم الكريمة.
والسيد الخراساني
هو من عرفناه ابن هذه السلالة ، وسائر على نهجهم ،
ومتعمق بالغور في علومهم ، وممتلئ مشبع بأفكارهم ومالك لأزمة تراثهم.
فلا غرو أن يكون
ما توصل إليه موافقا لما ذكروه في النتيجة!
والوجوه التي
ذكرها هي :
الأول
: الفناء المحض في
ذات الله ، وإثبات كمال العبودية له.
الثاني
: الرضا والتسليم
لمشيئة الله ، والسير بمقتضى تقديره.
وهذا وارد في
الحديث الشريف عن الإمام الرضا عليهالسلام ، والإمام الباقر عليهالسلام.
الثالث
: العلم بعموم قدرة
الله تعالى وكمال حكمته.
الرابع
: إظهار عظمة الله
تعالى ، وأنه مستحق لكل تعظيم وتسليم من العبد.
الخامس
: ظهور مقام العبد
وسمو مرتبة هذه العبادة.
السادس
: حتى يهون الخطب
على سائر العباد.
السابع
: حتى لا يعترض
الخلق ، ويسلموا لأمر الله تعالى ، وترضى خواطرهم.
الثامن
: حتى يستحق الأئمة
المثوبات والأجور العظيمة فيكونون الأولين بمقام الخلافة والإمامة.
وهذا الوجه ورد في
جواب للإمام الباقر عليهالسلام ، وقد ذكره البحراني.
وقد استطرد السيد
الخراساني ـ في هذا المورد ـ إلى ذكر :
(الإشكال في فائدة
الصلاة على النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله
وسلم).
و (أن الفائدة
تعود إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أو إلى المصلي عليه؟).
التاسع
: أن التوجه إلى
الله تعالى ـ مع البلاء ـ يكون أكمل.
العاشر
: أن الفرج بعد
الشدة ، فيه لذة عظيمة.
الحادي
عشر : أن الضغط العارض
على النفس مثل الزناد القادح ،
فالتنورات القلبية والأشعة الروحية ، لا تعقل فعليتها إلا بتلك الآلام والمصائب.
الثاني
عشر : أن تمييز الخبيث
من الطيب ، متوقف على الابتلاء.
وفي ضمنه أجاب عن
: (فائدة فعلية معرفة الخبيث).
الثالث
عشر : أن العبد إذا علم
أن البلاء إنما جاءه من جهة القرب من
الله وحبه له ، سيستبشر بالبلاء ، ويشكر الله عليه.
الرابع
عشر : أن مصائب الأئمة عليهمالسلام ـ والحسين عليهالسلام خاصة ـ لها منافع
عظيمة لجميع الخلق.
وفيه حديث عن
الشعائر والمجالس الحسينية وأهميتها ، ومدى اهتمام
الأعداء بإزالتها ومحاربتها.
الخامس
عشر : أن بقاء الشريعة
الإسلامية إنما تم بمظلومية الأئمة
عليهمالسلام وصبرهم.
السادس
عشر : أن ما جرى على
الأئمة يثبت صحة النبوة والرسالة ، ببيان انفرد بذكره المصنف.
السابع
عشر : أن في وقوع
البلاء على أهل بيت الرسول ، تصديقا لأخبار
النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بها ، وذلك من أعظم (دلائل النبوة) وهي من
المعاجز التي تحققت بعد وفاته صلىاللهعليهوآلهوسلم.
الثامن
عشر : رضا الأئمة عليهمالسلام وتسليمهم لهذه المصائب دليل
على كمال إيمانهم
، وصحة أعمالهم ، وقوة نياتهم ، وذلك دليل على
استحقاقهم للإمامة.
التاسع
عشر : أن مظلومية
الأئمة عليهمالسلام دليل على لزوم وجود
(المعاد) ببيان فريد ذكره المصنف.
متم
العشرين : أن تحمل الأئمة عليهمالسلام للبلايا والمصائب لطف
من جهة دلالته على دناءة الدنيا وحقارتها.
وقد ذكر السيد في
نهاية هذا الوجه نكتة عرفانية مهمة ، حاصلها : (أن من فدى روحه في (الحج) بدل
الأضحية ، شوقا إلى لقاء الله ، فهو في أعلى مراتب القرب والقبول).
أقول
: ولذلك جعل الله
لمن مات مهاجرا إلى الله ورسوله ـ في الحج ـ أجرا وقع على الله تعالى.
هذا إذا مات بغير
اختياره ، فيكف إذا مات باختياره للموت؟!
ويلاحظ أن الوجوه
التي ذكرها السيد الخراساني قد وضعت بشكل فني
من حيث تفاعل المؤمن بالإسلام معها ، لأنها تعتمد على ربط الجوابات بالعقيدة :
ففيها ما يرتبط
بعقيدة التوحيد وصفات الله تعالى.
وأنه في منتهى
العظمة واستحقاقها ، وأنه قادر ، حكيم ، وأنه قدر الأمور
بحكمته ، ومولويته البالغة :
وفيها ما يرتبط
بالنبوة وصدق النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم :
وأن دعوة الإسلام صحيحة ، لأن فداءها والواقفين في مقدم صفوف
المدافعين عنها هم أهل بيت النبي ، ولو كان دينا مزيفا لوقف هؤلاء في المواقع
الخلفية حتى يستلذوا من دنياهم ومما زيفوا ، ولكنهم أثبتوا بتضحياتهم ، أن الدين
حق ، وأنهم لم يجيئوا به ، ولم يحملوا رايته إلا أداء لواجب الرسالة والإمامة
وحقها.
وهذا مما انفرد
بذكره السيد الخراساني.
وكذلك تصديق النبي
صلىاللهعليهوآلهوسلم الذي أخبر متواترا بما
يجري فيما بعده على أهل بيته ، فكان كما قال.
وفيها ما يرتبط
بالإمامة :
وأن الأئمة أثبتوا
إخلاصهم لله وللنبي ولهذا الدين وحقانيته ، وأنهم لم يطلبوا بالإمامة دنيا فانية ،
وإنما هو الحق الذي أرادوا تحقيقه ، ولذلك ضحوا بأنفسهم في سبيله.
وفيها ما يرتبط
بالعدل والمعاد :
إذ إن المظالم
التي جرت على أهل البيت الطاهر لا بد أن يكون لهم
بها مقابل وأجر ، والذين قاموا بهذه المظالم ووطدوا بها حكمهم في الخلافة ،
والتذوا بالحكم في دنياهم ، لا بد أن يحاسبوا ويجازوا على ظلمهم ، وقد ماتوا
وهم مالكو أرائكها ، أين يجدون جزاء ما جنوا بعد هذه الدنيا؟!
إن العدل والوجدان ، يقتضيان أن تقام محكمة تأخذ الحق وتحاكم
العدوان وتنزل القصاص ، وتوصل المجرمين إلى الهوان ، وتعطي المظلومين حقوقهم.
وقد ملئت رسالة
السيد الخراساني بالمعاني الدقيقة والفوائد الجليلة ، والإفادات الروحية
والعرفانية الرفيعة ، مما يزيد من روعتها وعظمتها العلمية والروحية.
وقد رأيت خلال
سعيي للكتابة عن هذا البحث أن أحقق هذه الرسالة ،
وأقدمها لمحبي العلم والمعرفة ، بعون الله.
١٠ ـ وفي هذا العصر :
في مطلع القرن
الخامس عشر الهجري ، وفي العقد الأخير من القرن
العشرين ، حين هبت
رياح النصر الإلهي للأمة الإسلامية ، من خلال حركة
دينية قادها زعيم عظيم من سادة أهل البيت ، السيد الورع التقي ، المجتهد
المجاهد ، الإمام الخميني ، فجدد للإسلام رسمه واسمه وقوته ، وأعاد إلى
المسلمين ثقتهم بأنفسهم ، وصدقوا بقدرتهم ، ووجدوا ذاتهم العظيمة بعد تياه
ويأس وبؤس وشقاء ، فرضتها عليهم إيحاءات الغربيين بالتخلف والضعف
والعجز ، والاستخفاف بالشرق ودينه وعرفه وذوقه وتراثه!
فنفث الإمام
الخميني في الأمة روح القوة والوحدة والألفة والمجد والعزة ، وأيده الله تعالى بجنود
لم يرها المستعمرون الملحدون ، من بين شباب الأمة ومستضعفيها ، ومن لم يحسب لهم
الطواغيت حسابا ، فانتصروا بأيد خالية من السلاح ـ سوى الإيمان ـ على أكبر دول
المنطقة عمالة وغطرسة ، وأوسعها مساحة وإمكانيات ، وهي دولة (إيران) الشاه العميل
، والمرتمي في أحضان أمريكا ، والذي جعل من بلده ترسانة لأنواع الأسلحة
الاستراتيجية.
كان هذا الانتصار
العظيم ، بعد قرن من سيطرة الغرب الكافر على أرض الإسلام ، من حدوده الشرقية إلى
سواحله الغربية ـ وبعد عمل دقيق ودؤوب وماكر ـ بالاستيلاء على كل مرافق الحياة
الحساسة ، وقد سلط عليها ـ من بعد ـ عملاءه.
لكن الأمة
الإسلامية ، أصبحت من الرشد والوعي ، وبفضل أجهزة الإعلام الحديثة ، بحيث لا يخفى
عليها ما يجري في أنحاء العالم كله ، وفي العالم الإسلامي بالذات.
فلا يخفى عليها
دجل تلك الدعايات الكاذبة التي تروجها الوهابية
السعودية ، والسلفية الممقوتة ، والعلمانية الملحدة ، وكل الذين وضعوا أيديهم
أمس ـ أو يضعونها اليوم ، أو غدا ـ في أيدي الصهيونية الحاقدة على الإسلام والمسلمين!
إن الصحوة
الإسلامية المجيدة ، والعودة الحميدة إلى الإسلام ، التي
عمت البلاد
الإسلامية من الشرق إلى الغرب ، إنما هي ثمرة يانعة من ثمار
حركة الإمام الخميني المقدسة ، وإن الوعي الإسلامي العظيم لن تنطلي عليه
أساليب الاستعمار وذيوله الماكرة ، والتي بليت وتهرأت في سبيل تشتيت كلمة
المسلمين وتفتيت قواهم ، وإثارة الفتن والقلاقل ـ بالكذب والبهتان والتكفير ـ فيما
بينهم.
لقد استخدموا هذه
المرة ـ وفي هذه الأيام بالذات ـ عناصر من داخل الإطار الشيعي ، ببعث بعض
المنبوذين من المنتمين بالاسم أو المواطنة أو العائلة ، إلى الإسلام ، ودفعهم إلى الكتابة
باسم الشيعة ، ضد الثورة الإسلامية.
ومن ذلك ما صدر
أخيرا من إثارات تشكيكية ضد عقائد المذهب وتراثه ومصادره وتاريخه.
عادوا إلى بث بذور
النفاق والشقاق بين الطائفة الشيعية ـ العمود الفقري للحركة الإسلامية الجديدة ـ
ليقصموا بذلك ظهرها ، ويخنقوها في مهدها! وذلك بإثارة الشبه والدعايات المغرضة ،
ومما أثاروه هذه الشبهة البائدة القديمة ، وقد تولى كبرها وإثارتها من يدعي (العقل
ونقده) سارقا لمجموعة من النصوص من هذا الكتاب وذاك ، ومراوغا في الكلمات والجمل
والفصول ، زاعما أنه اهتدى إلى هذه (المشكلة وحلها) وأنه يقوم بقراءة جديدة للفكر الإسلامي
والعقل الشيعي! أو يصوغهما صياغة جديدة!
إن الشبهة هذه قد
أكل الدهر عليها وشرب ، وقد أرهقها علماؤنا منذ القدم
وفي مختلف العصور ردا وتفنيدا! فلم يكن في إثارتها في هذه الظروف ، إلا لغرض سياسي
مشؤوم ولزلزلة التزام المؤمنين العقيدي ، وفصل عرى الوحدة الإيمانية بينهم.
ولقد وفقني الله ـ
حماية للعقيدة ، ودفاعا عن الفكر الإسلامي ، وانتصارا لحركة الإسلام الجديدة ،
وتزييفا لمثل تلك المحاولات اللئيمة ، وتحصينا
لمعتقدات المؤمنين
ـ أن أقوام بهذا الجهد المتمثل في البحث عن أصول المشكلة ، وتحديد محل البحث منها ،
وعرض الأجوبة الموروثة منذ عصر الأئمة عليهمالسلام وحتى اليوم.
والهدف ـ بعد نسف
تلك الدعوى التي أثارتها أجهزة الكفر ، وإبطال ما توهموه حلا لها ، والذي هو الهدف
من إثارتها ، وهو نفي علم الأئمة بالغيب! ـ
هو إشباع المسألة بحثا وتنقيبا حتى يقف المسلم على حقيقة الأمر وجليته ، بكل أبعاده.
وقد توصلنا من
خلال ذلك إلى نتائج مهمة ، نلخصها فيما يأتي من صفحات :
خلاصة البحث :
١ ـ تعتقد الشيعة
الإمامية أن علم الغيب ، بالاستقلال خاص بالله
تعالى ، بنص القرآن الكريم.
٢ ـ وتعتقد أن
الله تعالى يطلع النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم على
الغيب بوسيلة الوحي أو الالهام ، وهذا أيضا منصوص عليه في القرآن الكريم ،
ومذكور في الحديث الشريف.
وكذا الإمام يعلم
ذلك بواسطة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم.
٣ ـ أجمعت الطائفة
الإمامية على أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم والإمام يعلمان ـ
بإعلام الله واطلاعه ـ الغيب ، سواء في الأحكام ، أو في الموضوعات ، ويدخل في ذلك
علمهم بأسباب موتهم والمصائب الجارية عليهم ، وما يرتبط بذلك من الزمان والمكان
والفاعل ، علما تفصيليا.
إلا أن أفرادا
خالفوا في خصوص (وقت القتل) فاعتقدوا فيه بالعلم
الاجمالي ، وعدم التحديد التفصيلي ، حذرا من ورود الاعتراض التالي عليهم.
ويترتب على القول
بالتفصيل كونهم عليهمالسلام مختارين في انتخاب
الموت لأنفسهم.
وقد دلت على ذلك
الأحاديث والآثار المنقولة.
٤ ـ لقد اعترض
المنحرفون والخارجون عن المذهب على الشيعة في
أصل (علم الأئمة بالغيب).
واستدلوا على ذلك
بالآيات ، وبدليل العقل بمحدودية المخلوقين
فلا يمكنهم الإحاطة بالغيب الذي هو غير محدود.
ورد هذا الاعتراض
: بأن الله تعالى نص في القرآن بأنه يطلع من يشاء
من الرسل على الغيب.
وأما العقل ، فبأن
ما ذكر من اللازم ، إنما يلزم على تقدير ادعاء أن غير
الله يعلم بالغيب
بالاستقلال وبنفسه ، وقد عرفت أن ذلك خاص بالله تعالى ،
ولا يشركه فيه أحد من المخلوقات بشرا أو ملائكة أو غيرهما.
وإنما نقول في
مسألة علم النبي ـ ويتبعه الإمام ـ بما يطلعهما الله تبارك
وتعالى عليه من مخزون علمه ، وبإرادته.
وقد استأثر الله
لنفسه بكثير من العلوم كعلم الساعة ووقتها ، وأمر الروح.
ولكنه بفضله على
أوليائه من الرسل والأئمة عليهمالسلام يلهمهم علوما
اختصهم بذلك دون البشر ، كرامة لهم وإعظاما لشأنهم.
وقد استثنى الله
تعالى ذلك مما دل على حصر الغيب بنفسه ، في القرآن الكريم.
فليس اعتقاد ذلك
منافيا لمدلول تلك الآيات التي هي حق.
٥ ـ ومع اعتقادنا
بأن النبي والإمام يعلمان الغيب بإعلام الله ويطلعان عليه
بالوحي والإلهام ، فإن علمها لا بد أن يكون محددا بحدود الوحي والإلهام
والإعلام الإلهي واطلاعه جل وعز لهما على ما يشاء من الغيب.
وقد دلت الأحاديث
والآثار والنقول ـ المتواترة بالمعنى ـ على حصول علم الغيب لهم عليهمالسلام في بعض القضايا والأمور الماضية والمستقبلة.
وهذا في نفسه كاف
لإبطال ما أقيم من الشبه ـ في وجه هذا المعتقد ـ باسم الأدلة العقلية ، فلو تحقق
علمهم بالغيب بنحو الموجبة الجزئية انقضى الدليل على سلب ذلك كليا ، ونفيه بشكل
عام.
لكن ذلك لا يستلزم
الإثبات الكلي إلا إذا دل الدليل عليه ، كما وردت
به الروايات والآثار العديدة.
وحيث لا مانع ـ
شرعي ولا عقلي ـ من الالتزام بها ، بعد كونها ممكنة ، فلا نرى في الالتزام
بمداليلها ومضامينها محذورا.
٦ ـ وقد أثيرت في
وجه الالتزام بهذه الروايات والآثار ، والاعتقاد بعلم
الغيب للنبي والأئمة عليهمالسلام (شبه) من قبيل
الحوادث التاريخية المنقولة
في سيرتهم عليهمالسلام والتي تتضمن قضايا ظاهرها عدم علم النبي صلى الله
عليه وآله وسلم والأئمة عليهمالسلام بالنتائج المترتبة عليها.
مثل ما في قضية (خالد)
وفعلته المنكرة في إحدى قبائل العرب ، التي قتل
فيها جماعة من المسلمين ، ولما اطلع الرسول على فعله تبرأ منه وبعث من فداهم.
فلو كان الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم علم ما سيفعله خالد لما
أرسله ، ولمنعه ولا بد له بغيره؟!
وكذلك تأمير
الإمام علي عليهالسلام زياد ابن أبيه ، الذي أدى بعد ميله
إلى معاوية إلى فتكه بالشيعة.
فلو كان الإمام
يعلم بعاقبة أمره ، لما ولاه ، ولما اعتمد عليه؟!
وقضايا أخرى
ظاهرها أن النبي والإمام كانا يظهران أسفهما على ما صدر
منهما ، مما يدل على عدم علمهما بالنتائج!
أقول
: إن هذه القضايا
التاريخية لا يمكن الاعتماد عليها في بحث علم
الغيب ، لكونها قضايا مبتورة لم تنقل بتفاصيلها الواضحة ، بل لا يعتمد على ناقليها
الذين ليسوا إلا من كتاب الأجهزة الحكومية ومؤرخي السلطات ، والذين يسعون إلى
إخفاء حقائق كثيرة من كل ما يروونه ، فلم نعرف عنها تفصيلا لكل جزئياتها
وخصوصياتها ، ومع ذلك لا يمكن الحكم من خلالها على الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ولا الإمام عليهالسلام بشئ ما لم نعرف كل ظروفها ومجرياتها.
ثم إن النبي
والإمام عليهماالسلام لم يكن بإمكانهما إبداء كل ما يعلمان ، والتصريح بكل شئ
إلى من حولهما من الناس ، لاختلاف مقاماتهم في العقيدة والإيمان والالتزام والتصديق
، وقابلية الادراك والتعقل ، وسعة المعرفة ، وبعد النظر ، والتقوى ، والزهد في
الشهوات ، ولذلك تجد اختلافا في الخطابات الصادرة إليهم حسب مستوياتهم ، فليس
بإمكان النبي والإمام
التصريح بكل
الحقائق لكل السامعين ، وليس من المفروض أن يقبل جميع
السامعين ما يسمعون ، وكذلك ليس كل الناقلين أمناء في ما ينقلون.
ومع هذه الحقائق
لم يبق اعتماد على مثل هذه القضايا المبتورة بحيث
يرد به الأخبار والآثار المتضافرة الواردة عن علم الأئمة عليهمالسلام بالغيب.
وإن صحت ، فالنبي
والإمام عليهماالسلام مكلفون أن يتصرفوا
ويتعاملوا مع الآخرين حسب ظواهر الأمور والأسباب الطبيعية ، لا على أساس
ما يعلمونه من الغيب.
إن من الغريب أن
يحاول المغرضون مواجهة ما ورد من روايات علم
الغيب بالإشكالات السندية ، ومعارضتها بمثل هذه القضايا التي لم تثبت حتى
بسند ضعيف ، وإنما هي أخبار تاريخية ، لا يعتمد على ناقليها في مجال
القصص ، فضلا عن مجال الأحكام والعقائد!
٧ ـ وقد اعترضوا
على علم الأئمة عليهمالسلام بالغيب أنه يستلزم أن
يكونوا قد أقدموا على إلقاء أنفسهم إلى التهلكة ، لأن خروجهم إلى موارد الخطر
ـ مع علمهم بذلك ـ يلزم منه ما ذكر.
والإلقاء إلى
التهلكة حرام شرعا بنص القرآن الكريم ، وحرام عقلا لأنه
إضرار بالنفس ، وهو قبيح.
مع أنه لا ريب في
قبح ما أجراه الظالم على أهل البيت عليهمالسلام ،
بل هو من أقبح القبيح ، فيكف يقدم الأئمة العالمون بقبحه عليه؟!
وقد أجيب عن ذلك
بوجوه :
الجواب
الأول : أن هذا الاعتراض إنما
يتصور ويفرض بعد الاعتقاد
بعلم الأئمة للغيب ، أما لو أنكر ذلك ، ولم يعتقد بعلمهم به ، فلا يرد
الاعتراض ، لأنه مع عدم العلم لا يكون الإقدام إلا على ما يجوز ، وليس إلقاء
إلى التهلكة ، فلا يكون الاجتناب عليه واجبا ، لعدم التكليف بما لا يعلم ورفعه
عمن لا يعلم ، فلا يكون الاعتراض واردا.
ومن ذلك يعلم أن
الجمع بين الاعتراضين في الأسئلة التي وردت في
هذا المجال ، وكذا الكتب الباحثة عنه ، إنما هو مبني على الجهل والغرض الباطل.
وكذلك نعلم أن
الأسئلة إنما يوجهها غير الشيعة ويعترضون بها على
الشيعة بفرض اعتقادهم في الأئمة بعلم الغيب ، وأنه على هذا التقدير يأتي
الاعتراض بالإلقاء إلى التهلكة.
ولكن إذا ثبت أو
فرض علم الأئمة بالغيب ، فالجواب عن الاعتراض بما
سيأتي من الوجوه الأخر.
الجواب
الثاني : أن الأئمة إذا
ثبتت إمامتهم بالأدلة القطعية الواردة في
كتب الإمامة ، فلا بد أن تتوفر فيهم شروطها التي منها (العصمة) و (العلم
بالأحكام الشرعية) لاقتضاء مقام خلافة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ذلك.
وحينئذ فالمعتقد
بالإمامة يسلم بأن الإمام لا يقدم على فعل الحرام ، فلا يكون إقدامهم على ذلك من
الالقاء المحرم ، ولا بد من الالتزام بأحد التوجيهات الآتية.
وأما غير المعتقد
بالإمامة فلا يرى لزوما لأصل الاعتقاد بعلم الأئمة ، فلا وجه في اعتراضه! لأنه لا
يراهم مقدمين على ما يعلمون! فهذا الاعتراض على كلا الفرضين غير وارد.
الجواب
الثالث : إن درك العقل
لقبح صدور ذلك من الظالمين لا ينكر ،
لكنه لا يستلزم قبحا على المظلومين ، لعده رضاهم بذلك ، وعدم تمكينهم ،
وإنما قاموا بما يلزمهم القيام به ، حسب وظائفهم وما يراد منهم ، وهو حكم
عليهم من قبل الله تعالى ، فلا يكون إقدامهم على الأمور الحسنة أو المباحة ،
قبيحا بإرادة الظالم وفعله ، وكل من الظالم والمظلوم مكلف ومحاسب بما يقوم
به حسب وظيفته ونيته ، وعلى ما صدر منه ، فالأعمال بالنيات ، ولك امرئ
ما نوى.
الجواب
الرابع : إن شمول (الالقاء
المحرم) لإقدام الأئمة عليهمالسلام
غير صحيح ، لا شرعا ، ولا عقلا.
أما
شرعا ، فإن الالقاء
إنما يكون حراما إذا كان إلى التهلكة ، وليس
(الموت) في سبيل الله (تهلكة) وإنما هو عين (الفوز) و (النجاة) و (السعادة)
و (الحياة) في نظر الأئمة عليهمالسلام وشيعتهم.
كما قال أمير
المؤمنين عليهالسلام ـ لما ضرب بالسيف
على رأسه ـ :
(فزت ورب الكعبة).
وكما قال الحسين عليهالسلام : (إني لا أرى الموت إلا سعادة ، والحياة
مع الظالمين إلا برما).
وأما
عقلا : فلما مر من أن
الحكم بحرمة الالقاء إلى التهلكة ليس مطلقا ،
بل إنما هو ـ على فرض وروده ـ خاليا عن مصلحة وأدرك العقل قبحه ، ولا يكون حراما
إذا كان فيه نفع أهم وأعم ، وكان في صالح الإنسان المقدم عليه نفسه ، أو في صالح
أمته أو دينه ، أو وطنه ، لأن العقل حينئذ يقدم مصلحة الفعل على مفسدة القبح
المدرك ، فلا يحكم بحرمته ، ولا يعاقب المقدم عليه ، بل يثاب.
وعلى فرض وروده ،
وإطلاق حكمه ، فهو ليس إلزاميا إذا عارضته أحكام
دينية وأغراض شرعية ومصالح عامة إلهية ، وإنما هو مجرد إدراك وجداني
يصادمه إدراك ضرورة وجدانية باتباع الأحكام الدينية والإرادة الإلهية.
وأما
المصالح التي ذكروها في الإقدام على الأخطار ، وعروضها على
الأئمة الأطهار ، فهي الوجوه التالية :
الأول
: العمل بمقتضى
القضاء الإلهي والقدر الرباني ، والانصياع
للإرادة المولوية ، التي يعلمها الأئمة عليهمالسلام.
وقد ورد هذا الوجه
في حديث للإمام الباقر عليهالسلام وللأمام الرضا
عليهالسلام ، وذكره عدة من العلماء الأبرار.
الثاني
: اختيار لقاء الله
تعالى على البقاء في الدنيا الفانية.
وقد ورد في الحديث
الشريف أيضا.
الثالث
: التعبد بأوامر
الله تعالى بأن يقدموا أنفسهم قرابين في سبيل
الدين ، ويضحوا بأرواحهم الطاهرة من أجل إعلاء كلمة الدين.
ذكره الشيخ المفيد
، ونسبه الطوسي إلى جمهور الطائفة ، وذكره جمع من
بعده كالعلامة الحلي وغيره.
الرابع
: أن ما ترتب على
ذلك من المصالح الدنيوية والمقامات الدائمة
الأخروية ، يتدارك بها ما فيها من الآلام الزائلة.
وهناك وجوه أخر ،
ومصالح دقيقة عرفانية ، مستنبطة من سائر أحوالهم
وأقوالهم ، جمعها سماحة آية الله العظمى الإمام الخراساني في كتابه (عروض
البلاء على الأولياء) ذكرناها مجملا ، ولا نطيل هذا الملخص بإعادتها.
وسوف يقرؤها
العلماء في النص المحقق لكتابه .
وقد وفقني الله
تبارك وتعالى ، لإعداد هذا البحث في هذه الفترة العصيبة من تاريخ الإسلام والمذهب
، حيث يستهدف الكفر العالمي الحضارة الإسلامية بأعنف الحملات الطائشة.
وكان دوري ـ بعد
التجميع لنصوص الإجابات المعروضة في طول التاريخ ـ أني وضعتها في إطار قراءات تحليلية
يمكن من خلالها الوقوف على الأبعاد الدلالية والعقيدية غير المنظورة.
وأسأل الله أن
يتقبل هذه الخدمة للحق ، وأن يثيبنا في الدنيا بالتوفيق للعلم والعمل الصالح ، وفي
الآخرة بالمغفرة والجنة ، وأن يلحقنا بالصالحين والحمد لله رب العالمين.
__________________
المصادر والمراجع
١ ـ أجوبة المسائل
المهنائية ، للعلامة الحلي
، الحسن بن يوسف بن المطهر
(ت ٧٢٦ ه) مطبعة الخيام ـ قم ١٤٠١ ه.
٢ ـ أوائل المقالات في
المذاهب المختارات ، للشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان (ت ٤١٣ ه) طبعة مؤتمر الشيخ المفيد ـ
قم ١٤١٣ ه ، وطبعة مكتبة الداوري ـ قم.
٣ ـ بحار الأنوار ، للعلامة المحدث المجلسي محمد باقر بن محمد تقي الأصفهاني
(ت ١١١٠ ه) دار إحياء التراث العربي ـ بيروت ١٠٤٣ ه ، الجزء ٤٢.
٤ ـ تفسير الحبري ، للحسين بن الحكم بن مسلم الحبري الكوفي (ت ٢٨٢) تحقيق السيد
محمد رضا الحسيني الجلالي ، بيروت ١٤٠٨ ه.
٥ ـ الحدائق الناضرة في
أحكام العترة الطاهرة ، للمحدث الفقيه الشيخ يوسف بن
أحمد آل عصفور البحراني الدرازي (ت ١١٨٦ ه) ، دار الكتب الإسلامية ـ النجف ١٣٧٦ ه.
٦ ـ الحسين عليهالسلام سماته
وسيرته ، للسيد محمد رضا
الحسيني الجلالي ـ مخطوط.
٧ ـ الدرر النجفية ، للمحدث الفقيه الشيخ يوسف بن أحمد آل عصفور البحراني
الدرازي (ت ١١٨٦ ه) مؤسسة آل البيت عليهمالسلام لإحياء التراث ـ قم.
٨ ـ رجال السيد بحر
العلوم ، للسيد الإمام
محمد مهدي بحر العلوم النجفي
(ت ١٢١٢ ه) تحقيق السيد محمد صادق بحر العلوم ، نشر مكتبة العلمين ـ النجف ،
أعادته مطبعة الصادق ـ طهران.
٩ ـ رجال الطوسي ، لشيخ الطائفة الفقيه المحدث الشيخ محمد بن الحسن الطوسي (ت
٤٦٠ ه) تحقيق السيد محمد صادق بحر العلوم ـ المطبعة الحيدرية ـ النجف ١٣٨٠ ه.
١٠ ـ رجال العلامة الحلي ، للإمام العلامة الشيخ حسن بن يوسف بن المطهر الحلي
(ت ٧٢٦ ه) تحقيق السيد محمد صادق بحر العلوم ـ المطبعة الحيدرية ـ النجف
١٣٨١ ه.
١١ ـ رجال النجاشي ، للشيخ الرجالي الأقدم أحمد بن علي أبي العباس النجاشي
البغدادي (ت ٤٥٠ ه) تحقيق السيد موسى الشبيري الزنجاني ، طبعة جماعة المدرسين ـ
قم.
١٢ ـ السبطان في موقفيهما ، للسيد علي نقي النقوي اللكهنوي الهندي
(ت ١٠٤٩ ه) مكتبة الداوري ـ قم.
١٣ ـ سيرة آية الله
الخراساني (ت ١٣٦٨ ه) ، تأليف لجنة التأبين ، تمهيدا له بمناسبة مرور
نصف قرن على وفاته ، مطبعة باقري ـ قم ١٤١٥ ه.
١٤ ـ الشيخ الكليني
البغدادي وكتابه الكافي (الفروع) ، للسيد ثامر هاشم حبيب
العميدي ، مركز النشر في مكتب الإعلام الإسلامي ـ قم ١٤١٤ ه.
١٥ ـ عروض البلاء على
الأولياء ، للسيد آية الله
العظمى الإمام السيد محمد هادي
الحسيني الخراساني الحائري (ت ١٣٦٨ ه) تحقيق السيد محمد رضا الحسيني الجلالي
ـ نشر في مجلة (تراثنا) العدد ٣٧.
١٦ ـ الفهرست ، لشيخ الطائفة الفقيه المحدث الشيخ محمد بن الحسن الطوسي
(ت ٤٦٠ ه) تحقيق السيد محمد صادق بحر العلوم ، المطبعة الحيدرية ـ النجف.
١٧ ـ الكافي (قسم الأصول) ، للشيخ ثقة الإسلام المحدث الأقدم أبي جعفر محمد
ابن يعقوب الكليني الرازي البغدادي (ت ٣٢٩ ه) صححه وعلق عليه علي أكبر الغفاري ، دار
الأضواء ـ بيروت ١٤٠٥ ه.
١٨ ـ الكنى والألقاب ، للإمام اللغوي محمد بن مكرم ابن منظور الأنصاري الإفريقي
(ت ...) دار المعارف ـ مصر.
٢٠ ـ متشابه القرآن
ومختلفه ، للشيخ الإمام
الفقيه المحقق محمد بن علي بن
شهرآشوب المازندراني السروي (ت ٥٨٨ ه) صححه الشيخ حسن المصطفوي ـ مكتبة
بيدار ـ قم ١٤١٠ ه.
٢١ ـ مرآة العقول في شرح
أخبار آل الرسول ، للعلامة المحدث الشيخ المجلسي
محمد باقر بن محمد
تقي الأصفهاني (ت ١١١٠ ه) إخراج ومقابلة وتصحيح السيد هاشم الرسولي ، دار الكتب
الإسلامية ـ طهران ١٤٠٢ ه.
٢٢ ـ المستدرك على
الصحيحين ، للحاكم
النيسابوري محمد بن عبد الله بن البيع
(ت ٤٠٥ ه) طبع حيدر آباد في ٤ أجزاء. ٢٣ ـ معالم العلماء ، لابن شهرآشوب السروي (ت
٥٨٨ ه) تحقيق السيد محمد صادق بحر العلوم ـ المطبعة الحيدرية ـ النجف ١٣٨١ ه.
٢٤ ـ معجم الأعلام من آل
زرارة الكرام ، للسيد محمد رضا
الحسيني الجلالي ، طبع
مع رسالة أبي غالب الزراري ، مركز الأبحاث والدراسات الإسلامية التابع لمكتب
الإعلام
المركزي ـ قم ١٤١١ ه.
٢٥ ـ مقتل الحسين عليهالسلام ، للسيد عبد الرزاق الموسوي المقرم ، دار الثقافة ـ
قم ١٤١١ ه.
تشييد المراجعات
وتفنيد المكابرات
(٢)
|
|
السيد علي الحسيني الميلاني
قد فرغنا من البحث
حول كلام السيد شرف الدين ـ طاب ثراه ـ في مقدمة (المراجعات).
وكتاب المراجعات
يحتوي على مبحثين :
الأول
: في إمامة المذهب.
والثاني
: في الإمامة ، وهي
الخلافة عن رسول الله صلىاللهعليهوآله وسلم.
ويشتمل كل منهما
على مراجعات ...
ولا بد قبل الورود
فيها من مقدمات :
إن (التشيع) مذهب
كسائر المذاهب ، له أصوله وقواعده في الأصول والفروع ، والشيعة الإمامية الاثنا
عشرية غير محتاجة ـ في إثبات حقية ما تذهب إليه ـ إلى روايات الآخرين وأخبارهم ،
ولا إلى ما قاله علماء الفرق الأخرى في كتبهم وأسفارهم ... فلا يتوهمن أحد أنهم ـ
لاستدلالهم بشئ خارج عن نطاق أدلتهم وحججهم ـ يفقدون في ذلك المورد المستدل عليه
الدليل المتقن على رأيهم ، فيلجأون إلى قول من غيرهم ، أو إلى خبر من غير طرقهم
...
إلا أنهم لما
كانوا واقعيين في بحوثهم ، منصفين في مناظراتهم مع أتباع
كل فرقة من الفرق
، يستندون إلى ما جاء في كتب تلك الفرقة وعلى لسان
علمائها المعتمدين فيها ، وهذا ما تفرضه طبيعة المناظرة ، وتقتضيه آدابها وقواعدها
المقررة.
فاستشهاد الشيعة
بخبر من كتاب ... أو استدلالهم بكلام عالم ... لفرقة من الفرق ... لا يعني القبول
بكل ما جاء في ذلك الكتاب ، أو على لسان
ذاك العالم ... وإنما هو احتجاج على الطرف الآخر بما لا مناص له من الالتزام
به ، بعد الاقرار بذلك الكتاب ، وبكون ذلك العالم من علماء مذهبه ...
ويكفي للاحتجاج أن
يكون ذلك الخبر المستدل به مقبولا لدى رواته ،
وفي نظر المحدث الذي أورده في كتابه ، ولا يشترط أن يكون معتبرا عند جميع
علماء تلك الطائفة ، وذلك :
لأن الغرض إثبات
أن الذي تذهب إليه الشيعة مروي من طرق الخصم
وموجود في كتبه ، وأن الراوي له موثوق به عنده ولو على بعض الآراء ، فيكون
الخبر متفقا عليه ، والمتفق عليه بين الطرفين ـ في مقام المناظرة ـ لا ريب فيه.
ولان الخبر أو
الراوي المقبول المعتبر لدى كل علماء تلك الطائفة نادر جدا.
نعم ، إذا كان
ضعيفا عند أكثرهم لم يتم الاستدلال والاحتجاج به عليهم.
وعلى
الجملة ، فإنه يكفي لصحة
الاستدلال بكتاب أو بخبر أو بكلام
عالم ... ألا يكون معرضا عنه لدى أكثر أئمة الفرقة المقابلة ، وأما أن يرد الاحتجاج
ـ بما رواه الراوي الموثق من قبل بعضهم ـ بجرح البعض ... فهذا مما لا يسمع ، وإلا
يلزم سقوط أخبار حتى مثل (البخاري) و (مسلم) في كتابيهما المعروفين ب (الصحيحين)
لوجود الطعن فيهما وفي كتابيهما ، من غير
واحد من كبار
الأئمة الحفاظ .
فقد ذكر كبار
الحفاظ امتناع الإمامين الجليلين : أبي زرعة وأبي حاتم
الرازيين عن الرواية عن (محمد بن إسماعيل البخاري) لأجل انحرافه في
العقيدة في نظرهما ، وقال الحافظ عبد الرحمن بن أبي حاتم : كان أبو زرعة ترك
الرواية عن البخاري من أجل ما كان منه في المحنة.
ولأجل هذا ، فقد
أورد ابن أبي حاتم الرازي البخاري في كتابه في (الجرح والتعديل) .
ولأجل تكلم أبي
زرعة وأبي حاتم ، وما صنعه ابن أبي حاتم ... فقد أورد
الحافظ الذهبي البخاري في كتابه (المغني في الضعفاء) فقال : (حجة إمام ،
ولا عبرة بترك أبي زرعة وأبي حاتم له من أجل اللفظ) .
وأضاف الحافظ
الذهبي بترجمة البخاري تكلم الإمام الكبير محمد بن
يحيى الذهلي فيه ، وأنه كان يقول : (من ذهب بعد هذا إلى محمد بن إسماعيل
البخاري فاتهموه ، فإنه لا يحضر مجلسه إلا من كان على مثل مذهبه) .
بل ذكر الذهبي أن
الإمام الذهلي أخرج البخاري ومسلما من مدينة
نيسابور .
وقال بترجمة
الذهلي : (كان الذهلي شديد التمسك بالسنة ، قام على
محمد بن إسماعيل ، لكونه أشار في مسألة خلق أفعال العباد إلى أن تلفظ
__________________
القاري بالقرآن
مخلوق ... وسافر ابن إسماعيل مختفيا من نيسابور وتألم من
فعل محمد بن يحيى.
وقد تألم غير واحد
من أعلام القوم من موقف الذهبي من البخاري حين
أورده في كتاب (الضعفاء).
قال السبكي : (ومما
ينبغي أن يتفقد عند الجرح : حال العقائد واختلافها
بالنسبة إلى الجارح والمجروح في العقيدة فجرحه بذلك.
وإليه أشار
الرافعي بقوله : وينبغي أن يكون المزكون برآء من الشحناء
والعصبية في المذهب ، خوفا من أن يحملهم على جرح عدل أو تزكية فاسق ، وقد وقع هذا
لكثير من الأئمة ، جرحوا بناء على معتقدهم ، وهم المخطئون والمجروح مصيب.
وقد أشار شيخ
الإسلام ، سيد المتأخرين : تقي الدين ابن دقيق العيد في
كتابه (الاقتراح) إلى هذا وقال : أعراض المسلمين حفرة من حفر النار ، وقف
على شفيرها طائفتان من الناس : المحدثون والحكام.
قلت : ومن أمثلته
: قول بعضهم في البخاري : تركه أبو زرعة وأبو حاتم ،
من أجل مسألة اللفظ.
فيا لله والمسلمين!
أيجوز لأحد أن يقول : البخاري متروك؟! وهو حامل
لواء الصناعة ، ومقدم أهل السنة والجماعة) .
فهذه عبارة السبكي
، ولم يصرح باسم القائل بذلك وهو الذهبي ، لكن
المناوي صرح باسمه ، واتهمه بالغض والغرض من أهل السنة ، وكأنه ليس
الذهبي من أهل السنة!! فقال بترجمة البخاري :
(زين الأمة ،
افتخار الأئمة ، صاحب أصح الكتب بعد القرآن ، ساحب
__________________
ذيل الفضل على مر
الزمان ، الذي قال فيه إمام الأئمة ابن خزيمة : ما تحت
أديم السماء أعلم منه. وقال بعضهم : إنه آية من آيات الله يمشي على وجه الأرض.
قال الذهبي : كان
من أفراد العالم ، مع الدين والورع والمتانة. هذا
كلامه في الكاشف.
ومع ذلك غلب عليه
الغض من أهل السنة فقال في (كتاب الضعفاء
والمتروكين) : ما سلم من الكلام لأجل مسألة اللفظ ، تركه لأجلها الرازيان.
هذه عبارته ،
وأستغفر الله تعالى. نسأل الله السلامة ، ونعوذ به من
الخذلان) .
ونستفيد من هذه
القضية أمورا :
١ ـ ما ذكرناه
سابقا من أنه لو اشترط ـ في صحة استدلالاتنا بأخبار القوم
وأقوالهم ـ كون الخبر معتبرا عند جميعهم ، أو كون رواية موثقا عند كلهم ...
لانسد باب البحث ،
لعدم وجود هكذا خبر أو راو فيما بينهم.
٢ ـ إن البخاري
ومسلما مجروحان عند جماعة من الأئمة ، فتكون رواياتهما في كتابيهما ـ كسائر الكتب
والروايات ـ خاضعة لموازين الجرح والتعديل ... إن لم نقل بأن مقتضى الطعن المذكور
فيهما سقوط رواياتهما عن الاعتبار رأسا ... وهناك أحاديث كثيرة في الكتابين قد نص
العلماء المحققون الكبار على بطلانها ، يطول بنا المقام لو أردنا ذكرها ، فراجع
بعض مؤلفاتنا .
٣ ـ إن الذهبي ـ
وهو من أكابر أئمة القوم في الجرح والتعديل ـ له مجازفات في تعديلاته وتجريحاته
... فليس كل ما يقوله الذهبي في حق الرجال حقا ، وإلا كان ما قاله وفعله في حق (البخاري)
صحيحا مقبولا ، وقد قال
__________________
المناوي بعد نقله
: (نسأل الله السلامة ونعوذ به من الخذلان).
٤ ـ إنه ينبغي أن
يتفقد حال العقائد واختلافها بالنسبة إلى الجارح
والمجروح ، وأن يكون المزكون والجارحون برآء من الشحناء والعصبية في
المذهب. وهذا ما أكده الحافظ ابن حجر العسقلاني أيضا ، حين قال :
(وممن ينبغي أن يتوقف في قبول قوله في الجرح : من كان بينه وبين من
جرحه عداوة سببها الاختلاف في الاعتقاد ، فإن الحاذق إذا تأمل ثلب
أبي إسحاق الجوزجاني لأهل الكوفة رأى العجب ، وذلك لشدة انحرافه في
النصب وشهرة أهلها بالتشيع ، فتراه لا يتوقف في جرح من ذكره منهم ، بلسان
ذلقة وعبارة طلقة ، حتى أنه أخذ يلين مثل الأعمش وأبي نعيم وعبيد الله بن
موسى وأساطين الحديث وأركان الرواية. فهذا إذا عارضه مثله أو أكبر منه فوثق
رجلا ضعفه قبل التوثيق ...) .
وقد تبع الجوزجاني
بعض من كان على مسلكه من المتأخرين ،
فأخذوا يطعنون في الرواي بمجرد روايته ما يدل على فضيلة لعلي وأهل البيت
عليهمالسلام ، أو ما يدل على قدح في واحد من مناوئيهم ، ويقولون عنه
(شيعي) (رافضي) ونحو ذلك ، والحال أن التشيع ـ كما يقول الحافظ ابن
حجر ـ : (محبة علي وتقديمه على الصحابة) .
والذين يقدمون
عليا عليهالسلام على غيره من الصحابة كثيرون حتى
في الصحابة ... قال الحافظ ابن عبد البر : (وروي عن سلمان وأبي ذر والمقداد
وخباب وجابر وأبي سعيد الخدري وزيد بن أرقم : إن علي بن أبي طالب
ـ رضياللهعنه ـ أول من أسلم.
وفضله هؤلاء على غيره) .
فالتشيع لا يضر
بالوثاقة عندهم ولا يمنع من الاعتماد. قال ابن حجر
__________________
بترجمته (خالد بن
مخلد القطواني الكوفي) وهو من رجال البخاري :
(من كبار شيوخ
البخاري ، روى عنه وروى عن واحد عنه. قال
العجلي : ثقة وفيه تشيع. وقال ابن سعد : كان متشيعا مفرطا. وقال صالح
جزرة : ثقة إلا أنه يتشيع. وقال أبو حاتم ، يكتب حديثه ولا يحتج.
قلت : أما التشيع
فقد قدمنا أنه إذا كان ثبت الأخذ والأداء لا يضره ، سيما
ولم يكن داعية إلى رأيه) .
وقال ابن حجر
بترجمة (عباد بن يعقوب الرواجني) من رجال البخاري :
(رافضي مشهور ،
إلا أنه كان صدوقا ، وثقه أبو حاتم ، وقال الحاكم : كان
ابن خزيمة إذا حدث عنه يقول : حدثنا الثقة في روايته المتهم في رأيه : عباد
ابن يعقوب. وقال ابن حبان : كان رافضيا داعية. وقال صالح بن محمد : كان
يشتم عثمان رضياللهعنه.
قلت : روى عنه
البخاري في كتاب التوحيد حديثا واحدا مقرونا ، وهو حديث ابن مسعود : أي العمل أفضل؟
وله عند البخاري طريق أخرى من رواية غيره) .
وقال الذهبي
بترجمة (أبان بن تغلب) :
(شيعي جلد ، لكنه
صدوق ، فلنا صدقه وعليه بدعته ، وقد وثقه أحمد بن
حنبل وابن معين وأبو حاتم. وأورده ابن عدي وقال : كان غاليا في التشيع. وقال
السعدي : زائغ مجاهر.
فلقائل أن يقول :
كيف ساغ توثيق مبتدع ، وحد الثقة العدالة والإتقان؟!
فيكف يكون عدلا من هو صاحب بدعة؟!
وجوابه : إن
البدعة على ضربين ، فبدعة صغرى ، كغلو التشيع ، أو
__________________
كالتشيع بلا غلو
وتحرق ، فهذا كثير في التابعين وتابعيهم ، مع الدين والورع
والصدق ، فلو رد حديث هؤلاء لذهب جملة من الآثار النبوية ، وهذه مفسدة بينة) .
أقول :
وعلى هذا الأساس
أيضا تسقط مناقشات بعض الكتاب في أسانيد
الأحاديث التي يستدل بها الشيعة الاثنا عشرية من كتب أهل السنة ... لكن
بعض المتعصبين يقدح في الرجل إذا كان شيعيا ـ أي يفضل عليا عليهالسلام
على غيره من الصحابة ـ ويكره الرواية عنه ، حتى وإن كان من الصحابة ، مع
أن المشهور فيما بين أهل السنة عدالة الصحابة أجمعين! قال الحافظ ابن حجر
بترجمة (عامر بن واثلة أبو الطفيل الليثي المكي) :
(قال ابن عدي :
كان الخوارج يرمونه باتصاله بعلي وقوله بفضله وفضل
أهل بيته ، وليس بحديثه بأس. وقال ابن المديني : قلت لجرير : أكان المغيرة
يكره الرواية عن أبي الطفيل؟ قال : نعم. وقال صالح بن أحمد بن حنبل عن
أبيه : مكي ثقة. وكذا قال ابن سعد وزاد : كان متشيعا.
قلت : أساء أبو
محمد بن حزم فضعف أحاديث أبي الطفيل وقال : كان
صاحب راية المختار الكذاب. وأبو الطفيل صحابي لا شك فيه ، ولا يؤثر فيه
قول أحد ، ولا سيما بالعصبية والهوى) .
قلت
:
فالحمد لله الذي
أجرى على لسان مثل ابن حجر العسقلاني أن ابن حزم
__________________
يتكلم (بالعصبية
والهوى) وقد حط على هذا الرجل أبو بكر ابن العربي.
وقال أبو العباس
ابن العريف الصالح الزاهد : (لسان ابن حزم وسيف
الحجاج شقيقان).
وقال مؤرخ الأندلس
أبو مروان ابن حبان : (ومما يزيد في بغض الناس له
تعصبه لبني أمية ، ماضيهم وباقيهم ، واعتقاده بصحة إمامتهم ، حتى نسب إلى
النصب).
وقال ابن خلكان : (كان
كثير الوقوع في العلماء المتقدمين ، لا يكاد
يسلم أحد من لسانه. قال ابن العريف : كان لسان ابن حزم وسيف الحجاج
شقيقين. قاله لكثرة وقوعه في الأئمة ، فنفرت منه القلوب ، واستهدف لفقهاء
وقته ، فتمالؤا على بغضه ، وردوا قوله ، واجتمعوا على تضليله ...).
ووصفه الآلوسي عند
ذكره ب (الضال المضل).
انظر : لسان
الميزان ٤ / ١٨٩ ، وفيات الأعيان ٣ / ٣٢٥ ، تفسير الآلوسي ٢١ / ٧٦.
قلت
:
ومما يشهد بنصبه
قوله في المحلى ١٠ / ٤٨٢ : (ولا خلاف بين أحد من
الأمة في أن عبد الرحمن بن ملجم لم يقتل عليا رضياللهعنه إلا متأولا مجتهدا مقدرا على أنه صواب ، وفي ذلك يقول
عمران بن حطان شاعر الصفرية ...).
وقد كان على شاكلة
ابن حزم في القول بالعصبية والهوى :
أبو الفرج عبد
الرحمن ابن الجوزي ، فقد أفرط هذا الرجل في كتبه لا سيما في كتابيه (العلل
المتناهية) و (الموضوعات) حتى رد عليه كبار المحققين ، فنصوا على بطلان كثير من
أقواله وآرائه.
قال الحافظ النووي
: (وقد أكثر جامع الموضوعات في نحو مجلدين ،
أعني أبا الفرج
ابن الجوزي ، فذكر كثيرا مما لا دليل على وضعه ...).
وقال الحافظ
السيوطي : (فذكر في كتابه كثيرا مما لا دليل على وضعه ، بل هو ضعيف ، بل وفيه
الحسن والصحيح ، وأغرب من ذلك : أن فيها حديثا من صحيح مسلم كما سأبينه.
قال الذهبي : ربما
ذكر ابن الجوزي في الموضوعات أحاديث حسانا قوية.
قال : ونقلت من خط
السيد أحمد بن أبي المجد قال : صنف ابن
الجوزي كتاب (الموضوعات) فأصاب في ذكره أحاديث شنيعة مخالفة للنقل
والعقل ما لم يصب فيه إطلاقه بالوضع على أحاديث ، بكلام بعض الناس في
أحد رواتها ، كقوله : فلان ضعيف أو : ليس بالقوي أو : لين ، وليس ذلك
الحديث مما يشهد القلب ببطلانه ، ولا فيه مخالفة ولا معارضة لكتاب ولا سنة ولا
إجماع ، ولا حجة بأنه موضوع سوى كلام ذلك الرجل في رواية. وهذا عدوان ومجازفة) .
وقال ابن عراق : (وللإمام
الحافظ أبي الفرج ابن الجوزي فيها كتاب
جامع ، إلا أن عليه مؤاخذات ومناقشات ...) .
وقد أورد ابن
الجوزي في كتابه (العلل المتناهية في الأحاديث الواهية)
حديث : (إني تارك فيكم الثقلين : كتاب الله وعترتي أهل بيتي) فاعترضه بشدة
كبار المحدثين المتأخرين عنه.
قال السخاوي : (وتعجبت
من إيراد ابن الجوزي له في (العلل المتناهية)
بل أعجب من ذلك قوله : إنه حديث لا يصح. مع ما سيأتي من طرقه التي
بعضها في صحيح مسلم) .
__________________
وقال السمهودي : (ومن
العجيب ذكر ابن الجوزي له في (العلل
المتناهية) فإياك أن تغتر به. وكأنه لم يستحضره حينئذ) .
وقال المناوي : (ووهم
من زعم ضعفه كابن الجوزي)
بل هناك كلمات
كثيرة في الحط على ابن الجوزي) نفسه :
قال ابن الأثير : (وفي
هذه السنة ـ في شهر رمضان ـ توفي أبو الفرج
عبد الرحمن بن علي بن الجوزي الحنبلي ، الواعظ ببغداد ، وتصانيفه
مشهورة ، وكان كثير الوقيعة في الناس ، لا سيما في العلماء المخالفين لمذهبه) .
وقال أبو الفداء :
(كان كثير الوقيعة في العلماء) .
وقال الذهبي : (له
وهم كثير في تواليفه ، يدخل عليه الداخل من العجلة والتحول إلى مصنف آخر ، ومن أن جل
علمه من كتب وصحف ما مارس فيه أرباب العلم كما ينبغي) .
وقال ابن حجر : (...
دلت هذه القصة على أن ابن الجوزي حاطب
ليل لا ينتقد ما يحدث به) .
وقال السيوطي : (قال
الذهبي في التاريخ الكبير : لا يوصف ابن الجوزي
بالحفظ عندنا باعتبار الصنعة ، بل باعتبار كثرة اطلاعه وجمعه) .
وقال اليافعي : (وفيها
أخرج ابن الجوزي من سجن واسط وتلقاه الناس ،
__________________
وبقي في المطمورة
خمس سنين ، كذا ذكره الذهبي ...) .
وأحمد بن عبد
الحليم بن تيمية الحراني ، فقد طعن في كثير من الرجال
وفي كثير من الأحاديث والأخبار ، وفي كثير من مصنفات أهل السنة لروايتها ما
يتمسك به الإمامية ... ولقد تمادى هذا الرجل في غيه حتى انبرى كبار علماء
أهل السنة من أهل المذاهب الأربعة للفتوى ضده ، ثم أمر بأن ينادى بالحط
عليه والمنع من اتباعه ، ثم حبس ، حتى مات في الحبس.
وشمس الدين الذهبي
، صاحب المؤلفات الكثيرة ، وتلميذ ابن تيمية
الحراني والملازم له فقد حكم على كثير من الأحاديث الصحيحة بالوضع ،
وطعن في كثير من الرجال وأسقط رواياتهم عن درجة الاعتبار ... وقد فعل ذلك بالنسبة
إلى كثير من أئمة أهل السنة ومحدثيهم المشاهير في كتابيه (ميزان الاعتدال) و (المغني
في الضعفاء) حتى أدرج في الثاني (محمد بن إسماعيل البخاري) كما تقدم.
وقال السبكي
بترجمته : (كان شديد الميل إلى آراء الحنابلة ، كثير الازدراء بأهل السنة ، الذين
إذا حضروا كان أبو الحسن الأشعري فيهم مقدم القافلة ، فلذلك لا ينصفهم في التراجم
، ولا يصفهم بخير إلا وقد رغم منه أنف الراغم. صنف (التاريخ الكبير) وما أحسنه لولا
تعصب فيه ، وأكمله لولا نقص فيه وأي نقص يعتريه) .
وقال : (وأما
تاريخ شيخنا الذهبي غفر الله له ، فإنه ـ على حسنه وجمعه ـ
مشحون بالتعصب المفرط ، لا واخذه الله. فلقد أكثر الوقيعة في أهل الدين ،
أعني الفقراء الذين هم صفوة الخلق ، واستطال بلسانه على أئمة الشافعيين
__________________
والحنفيين ، ومال
فأفرط على الأشاعرة ، ومدح فزاد في المجسمة. هذا وهو
الحافظ المدره ، والإمام المبجل ، فما ظنك بعوام المؤرخين) .
وعن تلميذه صلاح
الدين العلائي : (الشيخ الحافظ شمس الدين
الذهبي ، لا أشك في دينه وورعه وتحريه فيما يقوله الناس ، ولكنه غلب عليه
مذهب الإثبات ، ومنافرة التأويل ، والغفلة عن التنزيه ، حتى أثر ذلك في طبعه
انحرافا شديدا عن أهل التنزيه ، وميلا قويا إلى أهل الإثبات. فإذا ترجم لواحد
منهم يطنب في وصفه بجميع ما قيل فيه من المحاسن ، ويبالغ في وصفه ،
ويتغافل عن غلطاته ويتأول له ما أمكن ، وإذا ذكر أحدا من الطرف الآخر كإمام
الحرمين والغزالي ونحوهما لا يبالغ في وصفه ، ويكثر من قول من طعن فيه ،
ويعيد ذلك ويبديه ، ويعتقده دينا وهو لا يشعر ، ويعرض عن محاسنهم الطافحة
فلا يستوعبها ، وإذا ظفر لأحد منهم بغلطة ذكرها ...) .
قال السبكي : (والذي
أدركنا عليه المشايخ : النهي عن النظر في كلامه
وعدم اعتبار قوله ، ولم يكن يستجرئ أن يظهر كتبه التاريخية إلا لمن يغلب على
ظنه أنه لا ينقل عنه ما يعاب عليه) .
قال : (كان يغضب
عند ترجمته لواحد من علماء الحنفية والمالكية
والشافعية غضبا شديدا ، ثم يقرطم الكلام ويمزقه ، ثم هو مع ذلك غير خبير
بمدلولات الألفاظ كما ينبغي ، فربما ذكر لفظة من الذم لو عقل معناها لما نطق بها) .
__________________
أقول
:
عجيب! ابن الجوزي
سجن ، ابن تيمية سجن حتى مات في السجن ،
ابن حزم مزقت كتبه وأحرقت ونفي حتى مات في المنفى ، والذهبي ينهى عن النظر في
كلامه ، ولا يعتمد قوله ، ويلاقي الأذى ... وقد أصبحوا أئمة.
هذا حال هؤلاء في
أهل السنة .... وقد أصبحوا أئمة يقتدي بهم
المتأخرون من الكتاب ويستندون إلى أقوالهم!!
وأيضا إذا كان
هؤلاء مشهورين بالتعصب وبالوقيعة في العلماء ـ إذا لم يكونوا على مذاهبهم ـ في
أقوالهم في السير والتواريخ وغيرها ، فكيف يرتجى منهم الإنصاف والإقرار بالحق مع
الشيعة وأئمتهم ورجالهم ....؟!!
المبحث الأول
في إمامة المذهب
المراجعة ـ ٤
قال
السيد رحمة الله تعالى عليه :
١ ـ إن تعبدنا في
الأصول بغير المذهب الأشعري ، وفي الفروع بغير
المذاهب الأربعة لم يكن لتحزب أو تعصب ، ولا للريب في اجتهاد أئمة تلك
المذاهب ، ولا لعدم عدالتهم وأمانتهم ونزاهتهم وجلالتهم علما وعملا. لكن
الأدلة الشرعية أخذت بأعناقنا إلى الأخذ بمذهب الأئمة من أهل بيت النبوة ،
وموضع الرسالة ، ومختلف الملائكة ، ومهبط الوحي والتنزيل.
أقول
:
الأشعري هو : أبو
الحسن علي بن إسماعيل ... من ذرية أبي بردة ابن أبي موسى الأشعري. قال الذهبي : (مات
ببغداد سنة ٣٢٤. حط عليه جماعة من الحنابلة والعلماء ، وكل أحد فيؤخذ من قوله
ويترك ، إلا من عصم الله تعالى. اللهم اهدنا وارحمنا) .
قال : (وقد ألف
الأهوازي جزءا في مثالب ابن أبي بشر ، فيه أكاذيب ،
وجمع أبو القاسم في مناقبه فوائد بعضها أيضا غير صحيح) .
__________________
قال : (فقيل : إن
الأشعري لما قدم بغداد جاء إلى أبي محمد البربهاري
فجعل يقول : رددت على الجبائي ، رددت على المجوس ، وعلى النصارى.
فقال أبو محمد :
لا أدري ما تقول ، ولا تعرف لا ما قاله الإمام أحمد. فخرج
وصنف الإبانة ، فلم يقبل منه) .
والأدلة الشرعية
من الكتاب والسنة مذكورة في كتبنا المعدة لهذا
الشأن ، وسيأتي ذكر بعض ما هو المتفق عليه منها ، إن شاء الله تعالى. فإن مفادها
وجوب اتباع الأئمة من أهل البيت في جميع الشؤون ، والمنع عن أتباع غيرهم مطلقا.
كما أن وصف الأئمة
عليهمالسلام بالأوصاف التي وصفوا بها في عبارة
السيد موجود في كتبنا ، وفي كتب القوم. وسنذكر الحديث الوارد من طرقهم في ذلك.
قيل
:
كلامه في هذه
المراجعة يوحي بأن أئمة المذاهب الأربعة يناصبون أئمة
أهل البيت العداء ، ويسيرون على غير مذهبهم ، ويشير إلى أن أهل السنة قد
خالفوا الأئمة من آل محمد.
أقول
:
أما أن كلام السيد
يوحي بأن (أئمة المذاهب الأربعة) يناصبون العداء
لأئمة أهل البيت. فإن كان المراد خصوص (الأئمة الأربعة) فكلام السيد لا
يوحي بذلك ، وإن كان مالك بن أنس معدودا في الخوارج ـ كما في بعض
المصادر ـ ، وهم أعداء
أمير المؤمنين عليهالسلام. وإن كان المراد سائر
__________________
أئمة المذاهب
الأربعة فقد كان بينهم من يناصب العداء لآل الرسول صلى الله
عليه وآله وسلم.
وأما أن كلامه
يوحي بأن (الأئمة الأربعة) يسيرون على غير مذهب أئمة
أهل البيت عليهمالسلام ، وأنه يشير إلى أن أهل السنة قد خالفوا الأئمة ... فهذا
واضح جدا ولا سبيل إلى إنكاره. لأن أئمة المذاهب يدعون لأنفسهم
الاجتهاد في الدين ، فيفتون ويعملون بما يرتأون ، فهم يسيرون على مذاهبهم ،
وهي مغايرة لمذهب أهل البيت في كثير من المسائل ، ويتبعهم جمهور أهل
السنة لكونهم ـ في الأغلب ـ مقلدين لهم ...
قال ابن تيمية : (وأما
الكتاب المنقول عن علي ففيه أشياء لم يأخذ بها
أحد من العلماء) .
قال : (وقد جمع
الشافعي ومحمد بن نصر المرزوي كتابا كبيرا في ما لم
يأخذ به المسلمون من قول علي ، لكون قول غيره من الصحابة أتبع للكتاب
والسنة!!) .
وقال السبكي
بترجمة المرزوي نقلا عن أبي إسحاق الشيرازي : (وصنف
كتابا في ما خالف فيه أبو حنيفة عليا وعبد الله رضياللهعنهما) .
فهذا بالنسبة إلى
مخالفة الأئمة وأتباعهم لأهل البيت عليهمالسلام.
لكن في القوم من
بقايا بني أمية وأشياعهم من يتفوه بأشياء واضحة الدلالة
على النصب والعداء ، (قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر) .
وإلا فما معنى قول
أحدهم :
__________________
(إن الغاية من
الخلافة هي إصلاح الأمة وهدايتها ، وخلافة المرتضى لم
تحقق هذه الغاية ، ولم يكن من واجب الأئمة أن تناضل تحت رايته كما كانت
مأمورة بذلك في عصر من سبقه ، ولقد وجدنا ـ كما دلت الأحاديث ـ انقطاع
العناية الربانية عن الأمة في عصره بعد استمرارها في عصرهم ...)!!
(وإن من أعظم
أنواع الورع ترك المقاتلات بين المسلمين كما كان من
الشيخين ، بخلاف المرتضى)!!
(وإن النبي إنما
شرف المرتضى بشرف الأخوة ، لحزنه ، وبكائه ، لا
لشئ آخر)!! .
وما معنى قول
الآخر في سيد شباب أهل الجنة الإمام الحسين السبط
الشهيد عليهالسلام :
(قتل بسيف جده)!!
قال العلامة
المناوي : (وقد غلب على ابن العربي الغض من أهل البيت
حتى قال : قتل بسيف جده) .
وما معنى قول ثالث
في الإمام أبي عبد الله الصادق عليهالسلام :
(في نفسي منه شئ)!!
.
وما معنى قول رابع
في الإمام موسى بن جعفر عليهالسلام :
(يحتج بحديثه من
غير رواية أولاده عنه) .
وما معنى قوله في
الإمام أبي الحسن الرضا عليهالسلام :
(يروي عن أبيه
العجائب) .
__________________
وما معنى قول خامس
في الإمام الحسن العسكري عليهالسلام :
(ليس بشئ) .
ففي القوم من يقول
ـ أو يرتضي أن يقال ـ مثل هذه الأشياء في أئمة أهل البيت عليهمالسلام ، ومع ذلك يدعي بعضهم أنهم هم المقتدون بأهل البيت والمتمسكون
بحبل ودادهم.
لكنهم إذا ما نقل
الشيعي عن تاريخ ابن خلكان وغيره : أن مالكا ـ أحد
الأئمة الأربعة ـ بقي في بطن أمه ثلاث سنين ... قالوا : لماذا نقل هذا؟! وماذا
قصد؟! وإذا كان الناقلون لهذه القضية : قاضي القضاة ابن خلكان الشافعي ،
وحافظ المغرب ابن عبد البر المالكي ، والمؤرخ الشهير ابن قتيبة ... وأمثالهم ، فما
ذنب الشيعي إذا نقلها عنهم؟! بل لقد حكى الحافظ الذهبي ذلك ولم يتعقبه بشئ ، قال :
(قال معن والواقدي
ومحمد بن الضحاك : حملت أم مالك بمالك ثلاث
سنين. وعن الواقدي قال : حملت به سنتين) .
وقال : (قال معن
القزاز وجماعة : حملت بمالك أمه ثلاث سنين) .
وقال الحافظ
المالكي القاضي عياض في كتابه المؤلف في فضائل مالك
وعلماء مذهبه : (باب في مولد مالك ـ رحمهالله تعالى ـ والحمل به ومدة حياته
ووقت وفاته) : (واختلف في حمل أمه به ، فقال ابن نافع الصائغ والواقدي ومعن
ومحمد بن الضحاك : حملت به أمه ثلاث سنين. وقال نحوه بكار بن عبد الله
الزبيري وقال : أنضجته ـ والله ـ الرحم. وأنشد الطرماح :
تضن بحملنا
الأرحام حتى
|
|
تنضجنا بطون
الحاملات
|
__________________
قال ابن المنذر :
وهو المعروف.
وروي عن الواقدي
أيضا : (إن حمل أمه بن سنتان. قال عطاف بن خالد) .
هذه كلمات أئمة
القوم ، وفيهم رؤساء أتباع مالك ، كالقاضي عياض وابن عبد البر.
والسيد رحمهالله لم يقل إلا : (ذكر ابن خلكان في أحوال مالك من
وفيات الأعيان : إن مالكا بقي جنينا في بطن أمه ثلاث سنوات. ونص على ذلك
ابن قتيبة حيث ذكر مالكا في أصحاب الرأي من كتابه (المعارف) ص ١٧٠ ،
وحيث أورد جماعة زعم أنهم قد حملت بهم أماتهم أكثر من وقت الحمل ،
صفحة ١٩٨ من (المعارف) أيضا).
فقيل
:
(ليس في وفيات
الأعيان في ترجمة مالك ما ادعى المؤلف ، بل فيه :
وقال ابن السمعاني في كتاب الأنساب في ترجمة الأصبحي : إنه ولد في سنة
ثلاث أو أربع وتسعين. والله أعلم بالصواب).
أقول
:
جاء في (وفيات
الأعيان) بترجمة مالك : (وكانت ولادته في سنة خمس
وتسعين للهجرة ، وحمل به ثلاث سنين.
وتوفي في شهر ربيع
الأول سنة تسع وسبعين ومائة ، رضياللهعنه ،
فعاش أربعا وثمانين سنة. قال الواقدي : مات وله تسعون سنة. وقال ابن
الفرات في تاريخه المرتب على السنين : وتوفي مالك بن أنس الأصبحي لعشر
__________________
مضين من شهر ربيع
الأول سنة تسع وسبعين ومائة. وقيل : إنه توفي سنة ثمان
وسبعين ومائة. وقيل : إن مولده سنة تسعين للهجرة. وقال السمعاني في كتاب
(الأنساب) في ترجمة الأصبحي : إنه ولد في سنة ثلاث أو أربع وتسعين.
والله أعلم
بالصواب) .
فلماذا التكذيب
والإنكار؟!
قال السيد رحمهالله :
٢ ـ على أنه لا
دليل للجمهور على رجحان شئ من مذاهبهم فضلا عن
وجوبها ... وما أظن أحدا يجرؤ على القول بتفضيلهم ـ في علم أو عمل ـ على أئمتنا ،
وهم أئمة العترة الطاهرة ...
أقول
:
مضافا إلى :
١ ـ أن الأئمة
الأربعة تنتهي علومهم إلى أئمة العترة.
٢ ـ أن تفضيلهم
على غيرهم من أئمة المذاهب السنية غير معلوم.
٣ ـ أنه وقد وقع
الكلام فيما بين أهل السنة أنفسهم حول الأئمة الأربعة
علما وعملا.
قال السيد :
٣ ـ على أن أهل
القرون الثلاثة مطلقا لم يدينوا بشئ من تلك المذاهب
أصلا ... والشيعة يدينون بمذهب الأئمة من أهل البيت ـ وأهل البيت أدرى بالذي فيه ـ
وغير الشيعة يعملون بمذاهب العلماء من الصحابة والتابعين ...
__________________
قيل
:
(قوله : وأهل
البيت أدرى بالذي فيه حجر على عباد الله وتضييق عليهم
أن يعلموا ...)
أقول
:
أما أن أهل البيت
أدرى بالذي فيه ، فلا يمتري فيه أحد ، لأنه مقتضى كونهم (أهل البيت). ومقتضى كونهم
(أدرى) أن يكونوا الأولى بالاقتداء والاتباع لمن يريد الوصول إلى (الذي فيه) وإلا
لزم ترجيح المفضول ، وهو قبيح عند ذوي الألباب والعقول.
وقد نص الأئمة
الشارحون للحديث على هذا المعنى ، ونكتفي بعبارة
القاري إذ قال في شرحه في (المرقاة في شرح المشكاة) : (الأظهر هو أن
أهل البيت غالبا يكونون أعرف بصاحب البيت وأحواله ...) وستأتي عبارته كاملة.
وأما أن غير
الشيعة يعملون بمذاهب العلماء من الصحابة والتابعين ،
فهذا ما لا يخفى على من راجع سير الصحابة والتابعين وأخبارهم ، ولاحظ كتب
غير الشيعة وأسفارهم ... وقد أورد السيد ـ رحمهالله ـ موارد كثيرة من
تلك
المذاهب ، وبين كيفية مخالفتها للنصوص الشرعية الواجب العمل بها ... في
كتابه (النص والاجتهاد) المطبوع غير مرة ، المنتشر في سائر البلاد ...
قال
السيد :
٤ ـ وما الذي أرتج
باب الاجتهاد في وجوه المسلمين بعد أن كان في
القرون الثلاثة مفتوحا على مصراعيه ...؟!
قيل
:
(نرى المؤلف في
هذه الفقرة قد خرج عن القضية الأساسية في النقاش ،
وأثار قضايا فرعية مثل قضية فتح باب الاجتهاد ، وهي قضية خلافية ليس بين
السنة والشيعة ، بل بين أهل السنة أنفسهم ...)
أقول
:
لم يجب الرجل عن
سؤال السيد! أما أن أهل السنة عادوا في هذه
العصور يدعون إلى فتح باب الاجتهاد فذاك رد قطعي على أئمتهم السابقين
الذين غلقوه ، وإن كان في القرون الماضية فيهم من يرد على سد باب الاجتهاد
بشدة ، حتى ألف الحافظ السيوطي رسالة : (الرد على من أخلد إلى الأرض
وجهل أن الاجتهاد في كل عصر فرض).
هذا ، وقد ثبت
تاريخيا أن الحكم في القرن السابع بسد باب الاجتهاد
وانحصار المذاهب في الأربعة المعروفة إنما كان استجابة لأمر الحكام الذين
ارتأوا ذلك لأغراض سياسية ، وللتفصيل في هذه القضية مجال آخر.
قال
السيد :
٥ ـ هلم بنا إلى
المهمة التي نبهتنا إليها من لم شعث المسلمين ...
أقول
:
ذكر السيد في جواب
الشيخ نقطتين مهمتين للوصول إلى تلك المهمة :
الأولى
: إن لم شعث
المسلمين ليس موقوفا على عدول الشيعة عن مذهبهم ، ولا على عدول السنة عن مذهبهم.
وفي هذا رد على
بعض الكتاب المعاصرين من أهل السنة ، وقول
بعضهم بأن المهمة
لا تتحقق إلا بعدول الشيعة عن مذهبهم ، وقول البعض الآخر : بأن الشيعة يريدون من
أهل السنة العدول عن مذهبهم بحجة تحقيق لم شعث المسلمين.
والثانية
: إن تكليف الشيخ
وغيره الشيعة بالأخذ بمذاهب الجمهور ،
وعدولهم عن مذهبهم ـ لو دار الأمر بين عدولهم وعدول الجمهور ـ في غير محله ، لأن
توجيه التكليف بذلك ـ في الفرض المذكور ـ إلى أحدهما دون الآخر يحتاج إلى مرجح ،
وتكليف الشيعة دون غيرهم ترجيح بلا مرجح ، بل ترجيح للمرجوح ، بل تكليف بغير
المقدور.
نعم ، لا ريب في
أن أهل السنة أكثر عددا من الشيعة ، ولكن الأكثرية
العددية لا تكون دليلا على الحقية فضلا عن الأحقية ، وإلا لزم أن يكون الحق
مع غير المسلمين ، لأنهم أكثر عددا منهم في العالم ، وهذا باطل ، مضافا إلى
الأدلة والشواهد من الكتاب والسنة.
قيل
:
(ولم لا تكون
المقابلة كاملة ، فيكون تكليف أهل السنة بذلك ترجيح)
بلا مرجح ، بل ترجيح للمرجوح).
أقول
:
وهذا كلام في غير
محله ، لأن الهدف هو لم شعث المسلمين ، وقد قال
السيد : (الذي أراه أن ذلك ليس موقوفا على عدول الشيعة عن مذهبهم ، ولا
على عدول أهل السنة عن مذهبهم) فهلا لا يكلفهم بالعدول لتحقق لم الشعث
حتى يكون ترجيحا بلا مرجح أو مع المرجح. لكن الشيخ هو الذي كلف
__________________
الشيعة بالعدول عن
مذهبهم ، فأجاب السيد بما أوضحناه.
على أن تكليف أهل
السنة بالعدول عن مذهبهم ترجيح مع المرجح ،
وذلك للأدلة التي سيقيمها السيد بالتفضيل. وخلاصة الكلام في ذلك : أنه لو
دار الأمر بين اتباع أحد المذاهب الأربعة واتباع مذهب أهل البيت فلا يشك
المسلم ، بل العاقل الخبير ، في تقدم مذهب أهل البيت على المذاهب الأربعة
المشكوك في تقدمها على سائر مذاهب السنية.
قال
السيد :
(نعم يلم الشعث
وينتظم عقد الاجتماع بتحريركم مذهب أهل البيت ،
واعتباركم إياه أحد مذاهبكم ، حتى يكون نظر كل من الشافعية والحنفية
والمالكية والحنبلية ، إلى شيعة آل محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم كنظر
بعضهم إلى بعض. وبهذا يجتمع شمل المسلمين فينتظم عقد اجتماعهم).
قيل
:
(بعد السب والشتم)
: (وإن من أبسط ما يرد به عليه : إن الأئمة الذين يزري بهم وبأتباعهم كل منهم يجل
الآخر ، ويعترف بعلمه وفضله ، فالشافعي أخذ عن مالك ، وأخذ عن محمد بن الحسن تلميذ
أبي حنيفة ، وأحمد أخذ عن الشافعي. ولم يزل المسلمون يأخذون بعضهم عن بعض ،
المالكي عن الشافعي ، والحنفي عن المالكي ، والحنبلي عن الشافعي. وكل منهم عن الآخر
، فهل نظرة هذا المفتري وأمثاله إلى هؤلاء وأتباعهم هي نظرة بعضهم إلى بعض؟).
أقول
:
كأن الرجل لا يفهم
مراد السيد! أو لا يريد أن يفهمه! إن السيد يقول :
لينظر كل من أصحاب
المذاهب الأربعة إلى شيعة آل محمد صلى الله عليه
وآله وسلم كنظر بعضهم إلى بعض. أي : فكما يرى الشافعية أن مذهب الحنفية
مذهب من مذاهب المسلمين ، ويرى الحنفية المالكية كذلك ... وهكذا ... فلينظروا إلى
مذهب شيعة آل محمد كذلك ، فإذا نظروا إليهم بهذه النظرة ،
وكانت المذاهب كلها من دين الإسلام ، اجتمع شمل المسلمين وانتظم عقد
اجتماعهم ، لأنه حين يرى شيعة آل محمد أن أرباب المذاهب الأربعة ينظرون
إليهم كنظر بعضهم إلى بعض ، فإنهم أيضا سينظرون إليهم تلك النظرة.
وقد أوضح السيد ـ رحمهالله ـ مقصوده من (النظر)
في عباراته اللاحقة
فقال فيها : (فإذا جاز أن تكون المذاهب أربعة ، فلماذا لا يجوز أن تكون خمسة؟!).
وتلخص : أن تحقق (المهمة)
ليس موقوفا على عدول أحد الجانبين إلى
الآخر ، بل يكفي لتحققها قبول أهل السنة لأن تكون المذاهب الخمسة.
وحينئذ ، فلو
تباحث في هذا الظرف شيعي وسني على أصل من الأصول ، أو فرع من الفروع ، فاقتنع أحدهم
بما يقوله الآخر وانتقل إلى مذهبه ، كان كانتقال الحنفي إلى الشافعية أو بالعكس ،
وهكذا ... وما أكثره في تراجم الرجال وكتب السير .
__________________
وأما قوله : (إن
الأئمة الذين يزري بهم وبأتباعهم كل يجل الآخر ويعترف
بعلمه وفضله) ففيه :
أولا
: إنا لم نجد كلمات
السيد إزراء بأحد.
وثانيا
: إن ما في كتب
تراجم علمائهم وسير رجالهم مما يكذب دعوى (كل يجل الآخر ..) كثير ... ولو شئت أن
أذكر لذكرت ، لكن يطول بنا المقام ، ويكفيك أن تعلم أن مالكا كان يتكلم في أبي
حنيفة كما ذكره الحافظ الخطيب في عداد من كان يتكلم فيه ويرد عليه (تاريخ بغداد ١٣
/ ٣٧١) وأن مالكا نفسه تكلم فيه أحمد بن حنبل (العلل ومعرفة الرجال ١ / ١٧٩)
وآخرون أيضا (كما في تاريخ بغداد ١٠ / ٢٢٤ وجامع بيان العلم ـ للحافظ ابن عبد البر
__________________
المالكي ٢ / ١٥٧ ـ
١٥٨) وكان من الفقهاء من يتكلم في الحنابلة ويبالغ في
ذمهم ، فدس الحنابلة عليه سما ، فمات هو وزوجته وولده له صغير!! (المنتظم
في تاريخ الأمم ١٠ / ٢٣٩) ومنهم من كان يقول : لو كان لي أمر لأخذت
الجزية من الشافعية (لسان الميزان ٥ / ٤٠٢).
قال
السيد :
في آخر المراجعة
مخاطبا الشيخ : (ما هكذا الظن بكم ولا المعروف من
مودتكم في القربى).
قيل
:
(ثم إن قوله : ما
هكذا الظن بكم ولا المعروف من مودتكم في القربى)
تناقض منه ، فإذا كان أهل السنة يحفظون المودة في القربى ، فلماذا يجهد الشيعة في
اتهام أهل السنة بأنهم لم يودوا ذوي القربى ، بل ظلموهم وغصبوهم حقهم؟).
أقول
:
لقد لمس السيد من
الشيخ ـ لدى اجتماعه به ـ كما نص عليه في (بغية
الراغبين) وكذا في مقدمة (المراجعات) المودة في القربى ، فهذا الخطاب للشيخ لا لكل
أهل السنة ، فأين التناقض؟! أما أهل السنة فإن كثيرين منهم لم يحفظوا المودة في
القربى ، وقد أوردنا فيما تقدم كلمات بعضهم في حق ذوي القربى ، تلك الكلمات التي
أورثت جراحات لا تقل ألما وأثرا عن جراحات السيوف والأسنة لأسلافهم في ذوي القربى
وأشياعهم ، على مدى القرون المتمادية ...
المراجعة ـ ٦
قال
السيد :
١ ـ ولذا قرنهم
بمحكم الكتاب وجعلهم قدوة ...
أقول
:
هذا إشارة إلى عدة
من الأحاديث النبوية الآمرة باتباع العترة والتمسك بهم
والأخذ عنهم ، والناهية عن تعليمهم والتقدم عليهم والتخلف عنهم ...
وسيتعرض لها
بالتفصيل.
قال رحمهالله :
٢ ـ وقد قال أمير
المؤمنين عليهالسلام : (فأين تذهبون! وأنى تؤفكون! ...).
وقال عليهالسلام : (انظروا أهل بيت نبيكم فالزموا سمتهم ...).
وقال عليهالسلام : (عترته خير العتر ...).
وقال عليهالسلام : (نحن الشعار والأصحاب ...).
وقال عليهالسلام : (واعلموا أنكم لن تعرفوا الرشد ...)
وقال عليهالسلام : (بنا اهتديتم في الظلماء ...).
أقول
:
هذه نصوص روايات
واردة عن أمير المؤمنين الإمام علي عليهالسلام في كتاب (نهج البلاغة) فهنا مطالب :
١ ـ إن هذه
الأوصاف التي نقلها السيد عن نهج البلاغة عن أمير المؤمنين
عليهالسلام لا يشك مسلم في كونها حقا وحقيقة واقعة ، سواء كانت أسانيد
هذه الكلمات معتبرة أو لا ، وسواء كانت في (نهج البلاغة) أو غيره من الكتب ، وسواء
كان (نهج البلاغة) للشريف الرضي أو لأخيه أو غيرهما ... وبالجملة فإن متونها تشهد
بصدقها!
فهل تشكون ـ أيها
المسلمون ـ في أن أهل بيت النبوة (لن يخرجوكم من هدى ولن يعيدوكم في ردى)؟! وأنهم
يصلحون لأن يكونوا قدوة لكم (فإن لبدوا فالبدوا ، وإن نهضوا فانهضوا ، ولا تسبقوهم
فتضلوا ، ولا تتأخروا عنهم فتهلكوا)؟!
وهل يشك عاقل فاهم
في جلالة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وأن
(عترته خير العتر ، وأسرته خير الأسر ، وشجرته خير الشجر ...)؟! فإن لم
يكونوا كذلك ، فأي عترة خير العتر؟ وأي أسرة خير الأسر؟ وأي شجرة خير
الشجر؟! آل فلان؟! أم فلان؟! أم بنو أمية؟!
أليس أهل بيته (شجرة
النبوة ، ومحط الرسالة ، ومختلف
الملائكة ...)؟!
ومن ينكر قوله : (ناظرنا
ومحبنا ينتظر الرحمة ، وعدونا ومبغضنا ينتظر
السطوة) إلا العدو والمبغض؟!
ومن المخالف في أن
المخالفين لأهل البيت (آثروا عاجلا وأخروا
آجلا ...)؟!
وتلخص : أن هذه
حقائق ثابتة ، لا شك فيها كي تحتاج إلى سند أو
برهان ...
٢ ـ على أن السيد ـ
رحمهالله ـ إنما استدل بما
جاء في (نهج البلاغة) باعتبار أن هذا الكتاب من الكتب المتفق عليها ، لأن الكثيرين
من العلماء المحققين من غير الشيعة الإمامية تلقوه بالقبول ، وتناولوه بالشرح
والتفسير والتعليق.
وعلى الجملة ، فإن
أحدا لم يشك في أن ما في (نهج البلاغة) من كلام
الإمام علي عليهالسلام.
نعم ، قال بعضهم :
(أكثره) من كلامه ... لوجود (الخطبة الشقشقية)
فيه ، كما سنشير.
ولولا صحة إسناد
الكتاب إلى الإمام علي عليهالسلام لما تكلم بعضهم
في جامعه ، كابن خلكان حين شكك في أنه الرضي أو المرتضى ، وكالذهبي
حين اختلف كلامه ... كما سيأتي.
ولولا صحة إسناده
لما شكك آخرون استنادا إلى شبهات واهية كاشتمال
الكتاب على (دقة الوصف) و (التنميق اللفظي) ونحو ذلك ... مما ستأتي
الإشارة إليه.
ومن هنا :
قيل
:
(والعجب كل العجب
من الشيخ محمد محيي الدين عبد الحميد ، فإنه لما ساق حجج المشككين في نسبة نهج
البلاغة إلى علي ـ رضياللهعنه ـ لم يتعرض لقضية
السند أبدا ، مع أنه كان ينبغي أن يتعرض لهذه القضية أولا ، فإذا صح السند نظرنا
في المتن).
أقول
:
كأن هذا القائل لم
ير بعينه كلمة هذا الشيخ الصريحة في أن أحدا لم
يشك في أن أكثر ما تضمنه نهج البلاغة من كلام أمير المؤمنين عليهالسلام ... وستأتي عبارته ، مع التنبيه على السبب في تعبيره ب (الأكثر).
وعلى كل حال ، فإن
ذكر هذا الشيخ وغيره الأوهام المشككة في (نهج
البلاغة) من تلك الجهات ، هو من خير الأدلة على ثبوت الكتاب وصحة نسبته ،
لأنهم يعلمون أن
التطرق إلى هذه الأمور إنما يكون بعد الفراغ من البحث السندي.
٣ ـ وإن ما حواه
كتاب (نهج البلاغة) قد ثبت وتحقق وجوده في كتب
العلماء المتقدمين على مؤلفه ، من شيعة وسنة .
٤ ـ نعم ، يصعب
عليهم قبول (الخطبة الشقشقية) ... والظن الغالب أنه
لولا وجودها في (نهج البلاغة) لما شكك المتشككون منهم في نسبة شئ من
الخطب والكتب الكلمات المروية فيه إلى أمير المؤمنين عليهالسلام ...
قيل
:
(ومن قرأ خطبته
المعروفة بالشقشقية جزم أنه لا يمكن لمن هو في مثل مقام علي ـ رضياللهعنه ـ أن يقول ذلك ،
فإن هذا مما يتعارض مع ما صح عنه من أكثر من طريق من تفضيل أبي بكر وعمر ـ رضياللهعنهما ـ والثناء عليهما.
وهذه الخطبة المنسوبة زورا وبهتانا إليه ـ رضياللهعنه ـ تنطوي على أسوأ
الازراء بكبار الصحابة الكرام : أبي بكر وعمر وعثمان ، وباقي العشرة ، بل فيها سب
صراح ، واتهام بخيانة الأمة ، وسخرية لا تصدر إلا عن أمثال الرافضة الذين يجل علي
ويسمو عن مثل ما يقولون :
ففي الصحيحين : عن
ابن عباس ، قال : وضع عمر على سريره ، فتكنفه
الناس يدعون ويثنون ، ويصلون عليه قبل أن يرفع ، وأنا فيهم ، فلم يرعني إلا
رجل قد أخذ بمنكبي من ورائي ، فالتفت فإذا هو علي ، وترحم على عمر ،
وقال : ما خلفت أحدا أحب أن ألقى الله عزوجل بعمله منك ، وأيم الله إن كنت
لأظن أن يجعلك الله مع صاحبيك ، وذلك أني كنت كثيرا ما أسمع النبي
صلى الله عليه (وآله) وسلم يقول : جئت أنا وأبو بكر وعمر ... ودخلت أنا
__________________
وأبو بكر وعمر ...
وخرجت أنا وأبو بكر وعمر ... فإن كنت لأرجو أو أظن أن يجعلك الله معهما.
البخاري ٤ / ١٩٧ ،
ومسلم ٢ / ١٨٥٨).
أقول
:
ولعل وجود هذه
الخطبة في (نهج البلاغة) هو السبب في قول بعضهم
بأن أكثره من كلام الإمام عليهالسلام ، فهم من جهة لا يتمكنون من إنكار أصل
الكتاب ، ومن جهة أخرى لا يتمكنون من تصديق الخطبة الشقشقية ، لأنها ـ في
الحقيقة ـ تهدم أساس المذهب الذي هم عليه :
يقول الشيخ محمد
محيي الدين عبد الحميد : (وليس من شك عند أحد
من أدباء هذا العصر ، ولا عند أحد ممن تقدمهم ، في أن أكثر ما تضمنه نهج البلاغة
من كلام أمير المؤمنين عليهالسلام. نعم ليس من شك عند أحد في ذلك ...) .
لكن الدليل على
كونها من كلامه هو التعرض لها أو ذكرها في كلمات
العلماء السابقين على الشريف الرضي والمتأخرين عنه ، من إمامية ومعتزلة
وسنة ، وإن شئت التفصيل فراجع .
وأما أنها تتناقض
وما رواه القوم عن الإمام عليهالسلام في الثناء على
الشيخين وغيرهما ، فالجواب عن ذلك :
أولا
: إن الخطبة مروية
عند الشيعة وغيرهم ، فهي متفق عليها ، وما رووه
عن أمير المؤمنين عليهالسلام من الثناء عليهم متفردون بروايته ، ولا تعارض بين
المتفرد به والمتفق عليه.
__________________
وثانيا
: إن شرط التعارض
هو الحجية في طرفي التعارض كليهما ،
وحجية الخطبة ثابتة دون أخبارهم المشار إليها ، كما لا يخفى على من نظر في أسانيدها.
وثالثا : إن عمدة
أخبارهم في ثناء الإمام عليهالسلام على القوم هو الخبر
الذي أورده عن كتابي البخاري ومسلم المعروفين بالصحيحين. لكنك إذا
لاحظت سنده ـ بغض النظر عن البخاري ومسلم ، المجروحين لدى كبار أئمة القوم من
السابقين واللاحقين ـ رأيته ينتهي في جميع طرقه إلى (ابن أبي مليكة) :
وهو رجل لا يجوز
الاعتماد على روايته مطلقا ، ولا سيما في مثل هذه
الأمور! لأنه تيمي من عشيرة أبي بكر ، ولأنه كان من مناوئي أمير المؤمنين عليه
السلام ، ولأنه كان قاضي عبد الله بن الزبير في مكة! ولأنه كان مؤذن عبد الله بن
الزبير!
وله قوادح غير ما
ذكر ، فراجع ترجمته .
على أنا نكذب كل
خبر جاء فيه أسماء الخلفاء الأربعة على ترتيب
الخلافة ، وقد حققت ذلك في رسالة مفردة .
شبهات حول نهج
البلاغة :
٥ ـ وبقيت شبهات
ذكرها المعترض ، وهي : إن في نهج البلاغة :
أ ـ التعريض
بالصحابة.
ب ـ التنميق
اللفظي.
ج ـ دقة الوصف.
__________________
د ـ عبارات يستشم
منها ريح ادعاء صاحبها علم الغيب.
أقول :
لكن الشبهات أكثر
من هذه الأربعة ... ولعل المعترض ملتفت إلى
سقوط البقية فلم يتعرض لها ، لكنها مذكورة في كلمات غيره.
وقد أوردها كلها
مؤلف كتاب (مصادر نهج البلاغة وأسانيده) تحت
عنوان : (شبهات حول النهج) وأجاب عنها بالتفصيل ، فراجعه.
٦ ـ وأما أن (نهج
البلاغة) هو للسيد الشريف الرضي ، فهذا هو الثابت
الواقع ، بالأدلة المتينة والشواهد القويمة ، وباعتراف السابقين واللاحقين من
العلماء من مختلف فرق المسلمين.
وأول من شكك في
المقام هو : قاضي القضاة ابن خلكان ، صاحب
(وفيات الأعيان) وتبعه بعض المتأخرين عنه ، كالذهبي والصفدي وأمثالهما.
قيل
:
(وأما المتهم ـ
عند المحدثين ـ بوضع النهج فهو أخوه علي.
قال في الميزان :
علي بن الحسين العلوي الشريف المرتضى المتكلم الرافضي المعتزلي ، صاحب التصانيف ،
حدث عن سهل الديباجي والمرزباني وغيرهما. وولي نقابة العلوية. ومات سنة ٤٣٦ عن ٨١
سنة ، وهو المتهم بوضع نهج البلاغة ، وله مشاركة قوية في العلوم. ومن طالع كتابه
نهج البلاغة جزم بأنه مكذوب على أمير المؤمنين علي رضياللهعنه ، ففيه السب الصراح والحط على السيدين : أبي وعمر ، رضياللهعنهما. وفيه من التناقض والأشياء الركيكة والعبارات التي من له
معرفة بنفس القرشيين الصحابة ، وبنفس غيرهم ممن بعدهم من المتأخرين ، جزم بأن
الكتاب أكثره باطل. رياض الجنة لمقبل الوادعي ١٦٢ ـ ١٦٣).
أقول
:
أما مقبل الوادعي
فلا أعرفه ، وما أدري لماذا نقل عبارة الميزان بواسطته.
و (الميزان) هو : (ميزان
الاعتدال في نقد الرجال) للحافظ الذهبي ، والعبارة موجودة فيه ج ٣ / ١٢٤.
لكن في (العبر)
للحافظ الذهبي ، أثنى على الشريف المرتضى ، ولم
يتعرض لكتاب نهج البلاغة ، فقال فيمن توفي سنة ٤٣٦ ه : (والشريف
المرتضى نقيب الطالبيين وشيخ الشيعة ورئيسهم بالعراق ، أبو طالب : علي بن الحسين
بن موسى الحسيني الموسوي ، وله ٨١ سنة ، وكان إماما في التشيع والكلام والشعر
والبلاغة ، كثير التصانيف متبحرا في فنون العلم. أخذ عن الشيخ المفيد ، وروى
الحديث عن سهل الديباجي الكذاب ، وولي النقابة بعده ابن أخيه عدنان ابن الشريف
الرضي) .
وفي (سير أعلام
النبلاء) للحافظ الذهبي أيضا ، ترجم له فقال : (هو
جامع كتاب نهج البلاغة) ثم قال : (وقيل : بل جمع أخيه الشريف الرضي)
فعلق عليه الناشرون له : (وهذا هو المشهور) .
وهذه الاضطرابات
في التشكيكات تكشف عن أن الغاية منها ليس إلا
تضعيف الكتاب بكل وسيلة ، وليس إلا لأنهم منزعجون من الخطبة
الشقشقية ... ولذا تراه يقول في (الميزان) موضحا علة الجزم بكون الكتاب
مكذوبا : (ففيه السب الصراح ...) ويقول في (سير أعلام النبلاء) : (المنسوبة
ألفاظه إلى الإمام علي رضياللهعنه ، ولا أسانيد لذلك ، وبعضها باطل ، وفيه
حق ، ولكن فيه موضوعات حاشا الإمام من النطق بها).
__________________
ولا يخفى الفرق
بين العبارتين في الكتابين حول الكتاب ، وهذا دليل آخر
على الاضطراب.
وعلى كل حال ، فقد
حقق هذه القضية غير واحد من المحققين ، وجزموا
بكون الكتاب للشريف الرضي محمد بن الحسين.
وقال الشيخ محمد
عبده : (ذلك الكتاب الجليل هو جملة ما اختاره السيد الشريف الرضي ـ رحمهالله ـ من كلام سيدنا
ومولانا أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب ، كرم الله وجهه ، جمع متفرقة وسماه هذا
الاسم : نهج البلاغة ...) .
وقال الأستاذ محمد
كرد علي ، في مقال نشرته مجلة المجمع العلمي
السوري : (ونهج البلاغة الذي جمعه الشريف الرضي من كلامه ...) .
وقال الشيخ محمد
محيي الدين عبد الحميد : (نهج البلاغة هو ما اختاره
الشريف الرضي ...) .
وإن شئت الوقوف
على حقيقة كتاب (نهج البلاغة) ومصادره ، وما قيل
فيه ، ونصوص العلماء والمحققين على أنه خطب وكتب وكلمات أمير المؤمنين عليهالسلام ، وأنه من تآليف الشريف الرضي ، فراجع كتاب (مصادر نهج البلاغة
وأسانيده).
قال
السيد :
وقوله عليهالسلام : (نحن شجرة النبوة ، ومحط الرسالة ، ومختلف
الملائكة ، ومعدن العلم ، وينابيع الحكم ...).
__________________
وأضاف في الهامش :
(وقال ابن عباس : نحن أهل البيت ، شجرة النبوة ،
ومختلف الملائكة ، وأهل بيت الرسالة ، وأهل بيت الرحمة ، ومعدن العلم)
(قال) : نقل هذه الكلمة عنه جماعة من أثبات السنة ، وهي موجودة في آخر باب
خصوصياتهم صفحة ١٤٢ من الصواعق المحرقة لابن حجر).
أقول
:
وأخرج الحافظ أبو
القاسم الطبراني بإسناده عن جابر بن عبد الله وعبد الله ابن عباس في خبر هبوط ملك
الموت لقبض روح النبي صلىاللهعليهوآله وسلم : أنه وقف
بالباب فقال : (السلام عليكم يا أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة ومختلف الملائكة ...
.
وروى الحموئي عن
طريق الحافظ أبي نعيم ، عن الحافظ الطبراني ،
بإسناده عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم : (نحن أهل البيت مفاتيح الرحمة ، وموضع الرسالة ، ومختلف
الملائكة ، ومعدن العلم ...) .
وقد ذكرنا من قبل
: أن مضمون هذا الكلام حقيقة لا تحتاج إلى إثبات ،
وهو بالإضافة إلى كونه مرويا عن ملك الموت مخاطبا النبي صلىاللهعليهوآله
وسلم وأهل بيته ، كما في رواية الطبراني وغيره ، وعن أمير المؤمنين عليه
السلام ، كما في (النهج) مروي عن ابن عباس كما ذكر السيد في الهامش.
قيل
:
(لم يبين لنا
المؤلف من هم الأثبات الذين نقلوا هذه العبارة؟ ومعه أنه
__________________
نقلها عن الصواعق
لكن أمانته دفعته إلى أن يتغاضى عن قول ابن حجر الهيتمي
عندما نقلها فقال : وجاء عن ابن عباس بسند ضعيف أنه قال : نحن ...
وقول ابن عباس ـ
على فرض صحته ـ يدل على خلاف ما تذهب إليه الرافضة من أن أهل البيت هم : علي وفاطمة
وأبناؤهما فقط. لكن أهل السنة عمدتهم في تحديد من هم أهل البيت على الكتاب والسنة
الصحيحة ، لا على أقوال ضعيفة أو موضوعة).
أقول
:
يقول السيد : (نقل
هذه الكلمة عنه جماعة من أثبات السنة) وهذا هو
محل الاستدلال ، إذ المقصود ـ كما قلنا سابقا ـ رواية أثبات أهل السنة في
كتبهم المعروفة ، لما يدل على ما تذهب إليه الشيعة ، فيكون المطلب متفقا
عليه ، أما أن أولئك الأثبات يروون الأخبار الضعيفة والموضوعات مع علمهم
بكونها كذلك فيكونون من الكاذبين فما ذنب الشيعة؟!
ومن رواته : ابن
الأثير ، حيث رواه بسند له يشتمل على بعض الحفاظ
المشاهير ، قائلا : (أخبرنا أبو ياسر بن أبي حبة وغير واحد ـ إجازة ـ قالوا :
أخبرنا
أبو القاسم إسماعيل بن أحمد ، أخبرنا أبو الحسين ابن النقور ، أخبرنا المخلص ،
حدثنا يحيى بن محمد بن صاعد ، حدثنا يوسف بن محمد بن سابق ، حدثنا أبو مالك الجنبي
، عن جويبر ، عن الضحاك ، عن ابن عباس ، قال : نحن أهل البيت شجرة النبوة ، ومختلف
الملائكة ، وأهل بيت الرسالة ، وأهل بيت الرحمة ، ومعدن العلم) .
وأما الاستدلال
بخصوص (الصواعق المحرقة) فلأن هذا الكتاب إنما
__________________
ألف للرد على
الشيعة والصد عن انتشار التشيع ، يقول ابن حجر في خطبته :
(سئلت قديما في
تأليف كتاب يبين حقية خلافة الصديق وإمارة ابن
الخطاب ، فأجبت إلى ذلك مسارعة في خدمة هذا الجناب ... ثم سئلت في
إقرائه في رمضان سنة ٩٥٠ بالمسجد الحرام ، لكثرة الشيعة والرافضة ونحوهما
الآن بمكة المكرمة ، أشرف بلاد الإسلام ، فأجبت إلى ذلك ، رجاء لهداية
بعض من زل به قدمه عن أوضح المسالك).
وبما ذكرنا يظهر
الوجه في عدم الاعتناء بتضعيفه.
على أنه إذا كان
ابن حجر ممن يعتمد على آرائه ، كان تصحيحه أيضا
معتبرا ، لكن هذا القائل لا يعتني به متى صحح حديثا من أحاديث الفضائل
ويقول بأن ابن حجر ليس من علماء الحديث. والحال أنه من كبار أئمة الفقه والحديث.
بل السبب في توهين
ابن حجر ، هو كونه ممن أفتى بصراحة بضلالة ابن
تيمية الذي هو شيخ إسلام نواصب هذا العصر ...!!
وأما أن (أهل
البيت) في (آية التطهير) و (أحاديث الثقلين) ونحوها هم (علي وفاطمة والحسنان)
فسيأتي توضيحه على أساس الكتاب والسنة الصحيحة ، فانتظر.
قال
السيد :
(وقوله عليهالسلام : نحن النجباء ، وأفراطنا أفراط الأنبياء ، وحزبنا حزب
الله عزوجل ، والفئة الباغية حزب الشيطان ، ومن سوى بيننا وبين عدونا
فليس منا).
قال في الهامش : (نقل
هذه الكلمة عنه جماعة كثيرون ، أحدهم ابن حجر ، في آخر باب خصوصياتهم من آخر
الصواعق ، صفحة ١٤٢ وقد أرجف فأجحف).
أقول
:
جاء هذا في كتاب (فضائل
الصحابة) وهذا نصه :
(وفيما كتب إلينا
محمد بن عبيد الله بن سليمان يذكر أن موسى بن زياد
حدثهم ، قال : ثنا يحيى بن يعلى ، عن بسام الصيرفي ، عن الحسن بن عمر
الفقيمي ، عن رشيد بن أبي راشد ، عن حبة ـ وهو العرني ـ ، عن علي ، قال :
نحن النجباء ،
وأفراطنا أفراط الأنبياء ، وحزبنا حزب الله ، وحزب الفئة
الباغية حزب الشيطان ، ومن سوى بيننا وبين عدونا فليس منا) .
وأخرجه الحافظ ابن
عساكر بترجمة أمير المؤمنين عليهالسلام ، قال :
(أخبرنا أبو
القاسم السمرقندي ، أنبأنا أبو الحسين ابن النقور ، أنبأنا
أبو طاهر المخلص ، أنبأنا أحمد بن عبد الله بن يوسف ، أنبأنا عمر بن شبة ،
أنبأنا أبو أحمد الزبيري ، أنبأنا الحسن بن صالح ، عن الحسن بن عمر ، عن
رشيد ، عن حبة ، قال :
سمعت عليا يقول :
نحن النجباء ، وأفراطنا أفراط الأنبياء ، وحزبنا حزب
الله ، والفئة الباغية حزب الشيطان ، ومن سوى بيننا وبين عدونا فليس منا) .
وأخرجه الحافظ
السخاوي في (استجلاب ارتقاء الغرف).
وابن حجر المكي في
(الصواعق المحرقة) في باب (خصوصياتهم الدالة على أعظم كراماتهم).
هذا ، ولا يخفى
اعتبار سند هذا الحديث ، وصحة الاحتجاج به ، لأن
رواته أئمة في الحديث ، وفطاحل ثقات ، لا يظن بهم أن يتعمدوا رواية خبر
مكذوب وهم يعلمون!
__________________
أنظر إلى سنده في (تاريخ
دمشق) :
فابن عساكر حافظ
ثقة جليل ، غني عن التعريف.
وأبو القاسم
السمرقندي ، قال الذهبي : (الشيخ الإمام المحدث ،
المفيد المسند ، أبو القاسم إسماعيل بن أحمد ...) ثم نقل ثقته عن غير
واحد ، وأرخ وفاته بسنة ٥٣٦ ه .
وأبو الحسين ابن
النقور ، قال الذهبي : (الشيخ الجليل الصدوق ،
مسند العراق ، أبو الحسين أحمد بن محمد بن أحمد ...) ثم نقل ثقته عن
جماعة ، وأرخ وفاته بسنة ٤٠٧ ه .
وأبو طاهر المخلص
، قال الذهبي : (الشيخ المحدث المعمر ، الصدوق ، أبو طاهر محمد بن عبد الرحمن ...)
ثم نقل ثقته عن جماعة ، وأرخ وفاته بسنة ٣٩٣ ه .
والحسن بن صالح ،
قال الذهبي : (الإمام الكبير ، أحد الأعلام ،
أبو عبد الله الهمداني الثوري الكوفي ، الفقيه العابد ...) ثم أطنب في
ترجمته ، ونقل الكلمات في حقه ، وأرخ وفاته بسنة ١٦٩ ه . وقال ابن
حجر : (ثقة ، فقيه عابد ، رمي بالتشيع) .
والحسن بن عمر
الفقيمي ، قال ابن حجر : (ثقة ثبت ، من السادسة ،
مات سنة ١٤٢) وجعل عليه علامة رواية : البخاري وأبي داود والنسائي وابن
__________________
ماجة عنه .
رشيد ، وهو الهجري
، من أصحاب أمير المؤمنين علي عليهالسلام ،
يكفي لوثاقته رواية هؤلاء الأئمة لهذا الحديث عنه ، إلا أنهم نقموا عليه تشيعه
للإمام عليهالسلام ، وروايته لفضائله ومناقبه كما لا يخفى على من نظر في
ترجمته في (لسان الميزان) وغيره ، فهم لا ينفون وثاقته ولا يرمونه بالكذب ، إلا
أنهم يقولون ـ كما في (الأنساب) ـ : (كان يؤمن بالرجعة) وينقلون عن يحيى
ابن معين ـ مثلا ـ أنه قال في جواب من سأله عنه : (ليس برشيد ولا أبوه).
وحبة العرني ، قال
ابن حجر : (صدوق) له أغلاط ، وكان غاليا في
التشيع ، من الثانية ، وأخطأ من زعم أن له صحبة) .
أقول
:
وقد قصدنا بيان
اعتبار سند هذا الحديث الشريف ـ على أساس كتب القوم ـ أمورا :
الأول
: إن هذا الحديث معتبر
سندا على ضوء كتبهم وآراء علمائهم ،
وحينئذ يكون هذا الكلام القول الفصل ، وإن على الذين يدعون التمسك بالسنة الكريمة
، والسير على هدي الإسلام ، والاتباع للأحاديث الصحيحة ... الالتزام بهذا الحديث
وبلوازمه ...
والثاني
: إن السيد ـ رحمهالله ـ يذكر بعض المصادر
ويشير إلى سائرها بقوله : (رواه جماعة) اختصارا ، فلو كان أراد التفصيل لأورد
أسماء رواته ودلل على اعتبار سنده وصحة الاحتجاج به ، لكن الشيخ البشري ـ وهو
المخاطب له أولا وبالذات ـ مطلع على ما يقوله السيد ، فتكفي الإشارة.
__________________
والثالث
: إن الحق مع السيد
في قوله عن ابن حجر المكي : (وقد أرجف
فأجحف) لأنه قال : (وجاء عن ابن عباس بسند ضعيف ...) إذ قد عرفت
اعتبار السند وصحة الاحتجاج لنا به.
للبحث صلة ...
نهج البلاغة عبر القرون
(٦)
|
|
شروحه حسب التسلسل الزمني
السيد عبد العزيز الطباطبائي
(٢)
شرح نهج البلاغة للوبري
قال البيهقي في (معارج
نهج البلاغة) الذي ألفه سنة ٥٥٢ ه ، في
ص ٤ : ولم يشرح قبلي من الفضلاء السابقين هذا الكتاب! ....
إلى أن قال في ص
٣٧ : وممن سمعت خبره وعاينت أثره ولم أره الإمام
أحمد بن محمد الوبري الخوارزمي ، الملقب بالشيخ الجليل ، فقد شرح من
طريق الكلام مشكلات (نهج البلاغة) شرحا أنا أورده وأنسبه إليه وأثني عليه ...
وقد نقل البيهقي
في (معارج نهج البلاغة) من (شرح نهج البلاغة)
للوبري في أكثر من سبعين موردا.
وكذلك معاصره قطب
الدين الكيدري نقل من (شرح نهج البلاغة)
للوبري في شرحه على نهج البلاغة : (حدائق الحقائق) في بضع وخمسين موردا.
وكذلك السيد علي
بن ناصر وابن العتايقي ينقلان في شرحيهما على
(نهج البلاغة) من
شرح الوبري عليه.
وكان الوبري
متكلما ، شرح (نهج البلاغة) من الناحية الكلامية شرحا
موجزا مقتصرا على حل مشكله وتوضيح غامضه ، وأفاد منه من بعده كما ذكرنا ،
ويبدو أنه بقي إلى القرن الثامن حيث اعتمده ابن العتايقي في شرحه.
الإمام الوبري :
والوبري أحمد بن
محمد الخوارزمي هذا ـ فيما أظن ـ هو : أبو نصر أحمد بن محمد بن مسعود الوبري
الحنفي ، الموصوف بالإمام الكبير ، شارح مختصر الطحاوي.
المترجم في
الجواهر المضيئة ١ / ٣٦ رقم ٢ وج ٤ / ٣٣٩ ، وفي تاج التراجم ٥٢ رقم ٥٦ ، وفي
الطبقات السنية ٢ / ٩٠ رقم ٣٦١ .
كما وأظن أن أباه
: إما محمد بن أبي بكر زين الأئمة ، المعروف بخمير
الوبري الحنفي الخوارزمي ، الذي ذكره الزبيدي في تاج العروس (خمر) وقال : كان
عالما مناظرا متكلما ...
وإما أبو عبد الله
محمد بن إبراهيم بن محمد الوبري الخوارزمي ، المتوفى ٢٥ رجب سنة ٤٨٣ ه.
__________________
(٣)
شرح نهج البلاغة
المسمى
(معارج نهج البلاغة)
لظهير الدين
البيهقي ، فريد خراسان ، ابن فندق ، أبي الحسن علي بن
زيد ، الأنصاري الأوسي (٤٩٣ ـ ٥٦٥ ه) كان علامة مشاركا في جملة من
العلوم ، متضلعا بها ، متمكنا منها ، مصنفا فيها ، كاللغة العربية وآدابها وعلوم
القرآن والفقه والفلسفة والكلام والتاريخ والرياضيات والفلك والتنجيم وعلم
الأنساب ونحوها ، وله في كل منها عدة مؤلفات.
مولده ووفاته :
قال المؤلف في
مشارب التجارب : مولدي في يوم السبت سابع عشرين
شعبان سنة ٤٩٩ .
وهذا ينافي قوله
الآخر في تاريخ بيهق ، ص ١٣٢ ، ما معربه : (وقتل
فخر الملك (ابن نظام الملك الوزير) في يوم عاشوراء من سنة ٥٠٠ ، أنا أتذكر
ذلك ، وكنت آنذاك في نيسابور صبيا أختلف إلى الكتاب ...) .
__________________
فلا أقل من أن
يكون في ذلك الوقت ابن سبع سنين فتكون ولادته سنة
٤٩٣ ه ، فصحفت إلى سنة ٤٩٩ ه.
وهذا هو الصواب
كما حققه الأستاذ السيد محمد المشكاة في رسالة
أفردها عن حياة البيهقي ، وتوصل بمراجعة تقويم وستنفلد إلى أن السنة التي
يصادف ٢٧ شعبانها يوم السبت هما سنتي ٤٨٨ و ٤٩٣ فلا تخرج ولادته من أن
تكون في إحدى هاتين السنتين ، ورجح الثانية لأنها أقرب شبها ب ٤٩٩ فتكون
مصحفة عنها.
وأما مكان ولادته
ففي ما حكاه ياقوت في معجم الأدباء ٥ / ٢٠٨ عنه أنه قال : (ومولدي يوم السبت ...
في قصبة السابزوار من ناحية بيهق ...).
وقال في ص ٢٠٩ : (ثم
عدت إلى مسقط الرأس وزيارة الوالدة ببيهق ...).
وقال في تاريخ
بيهق ، ص ٧٤ ، في كلامه على قرية ششتمذ : (وبها كان مولدي!).
وربما يوجه بأنه
ولد في ششتمذ من قرى سبزوار من نواحي بيهق.
وأما وفاته فكانت
في سنة ٥٦٥ ه بالاتفاق ، ذكرها ياقوت والذهبي
الصفدي ومن بعدهم ، ولم يذكر أحد منهم يوم الوفاة والشهر!
نعم ، ذكر بروكلمن وآهلورث أنه توفي سنة ٥٧٠ ه ، ولا أدري من أين لهم ذلك؟!
ألقابه :
١ ـ حجة الدين :
جاء في مقدمة
كتابيه (جوامع أحكام النجوم) و (معارج نهج البلاغة)
ففيه في ص ٢ : (قال الشيخ الإمام السيد ، حجة الدين ، فريد خراسان ،
أبو الحسن ...).
وذكره الذهبي بهذا
اللقب في سير أعلام النبلاء ٢٠ / ٥٨٥.
٢ ـ ظهير الدين :
وجاء هذا اللقب في
مقدمة كتابه (تتمة صوان الحكمة) المطبوع باسم :
تاريخ حكماء الإسلام ، وفيه : (قال الشيخ الإمام ظهير الدين أبو
الحسن ...).
وذكره الشهرزوري من
مؤلفي القرن السابع بهذا اللقب في كتابه (تاريخ
الحكماء) المسمى : نزهة الأرواح ٢ / ٨١ في ترجمة محمد بن الحارثان
السرخسي ، قال : (قال الظهير : وقد جرى بيني وبينه كلام ...) فنقل كلامه
الموجود في ترجمته في تاريخ حكماء الإسلام ، ص ١٦٠ ، واشتهر البيهقي بهذا
اللقب وثبت له على ظهر كتبه المطبوعة كتاريخ حكماء الإسلام وتاريخ بيهق.
وهل كان يلقب شرف
الدين؟
كما لقبت به في
خريدة القصر ومعجم الأدباء ووفيات الأعيان وسير أعلام
النبلاء!
والتحقيق
: أن البيهقي
الملقب بشرف الدين هو رجل آخر يشترك معه
في عصره وبلده ونسبته ، وفي اسمه وكنيته ، وهو : ظهير الملك أبو الحسن علي
ابن الحسن شرف الدين البيهقي ، المتوفى سنة ٥٣٦ ه.
ترجم له البيهقي
فريد خراسان في تاريخ بيهق ، ص ٣٨٩ ، وترجم لأبيه
وأسرته ، وذكره في تاريخ الحكماء ، ص ١٠٥ ، قال : (وكان شرف الدين
ظهير الملك علي بن الحسن البيهقي عامل هراة مدة ...).
أقول : وهو الذي
تقلب في مناصب الإمارة والوزارة ، وكان جواد بذولا ،
مدحه شعراء العرب
والفرس ، ومنهم الشاعر البغدادي حيص بيص ، مدحه بعدة
قصائد مثبتة في ديوانه في ص ٢٠١ و ٢٢٦ و ٢٤٢ و ٣٢٧ ، ففي ص ٢٠١ : (وقال
يمدح شرف الدين علي بن الحسن البيهقي وهو يومئذ أمير الأمراء بخراسان) أولها :
أقول لقلب هاجه
لاعج الهوى
|
|
بصحراء مرو
واستشاطت بلابله
|
ووهم فيه محققا
الديوان ، وحسباه علي بن زيد البيهقي فريد خراسان
شارح النهج.
وأول من خلط
بينهما هو العماد الكاتب ، فقد ترجم له في الخريدة وقال :
(شرف الدين أبو الحسن علي بن الحسن البيهقي ، من أفاضل خراسان ،
وأماثل الزمان ، وأعيان الأنام ، وأعوان الكرام ... حدثني والدي أنه لما مضى
إلى الري ... أصبح ذات يوم وشرف الدين البيهقي قد قصده في موكبه وهو
حينئذ والي الري ... وكان يترشح حينئذ لوزارة السلطان سنجر ، وهو كبير الشأن).
ثم خلط بينه وبين
صاحبنا البيهقي علي بن زيد فقال : (وكان يثني أبدا
والدي على فضله ويقول : إنه لم ينظر قط إلى نظيره ، ولا مثلت لعينه
عين مثله ، وقد صنف أيضا كتابا في شعراء عصره سماه : وشاح دمية القصر! ...).
فالبيهقي الوزير
لم يوصف بالعلم والفضل والتأليف ، وقد مات قبل
البيهقي صاحبنا بنحو ثلاثين سنة ، و (وشاح دمية القصر) تأليف البيهقي علي بن
زيد ، وقد حكى ياقوت كلام العماد في الخريدة وتنبه للتضارب بينه وبين
كلام البيهقي عن نفسه ، ولم ينتبه للحل وأنهما اثنان حصل الخلط
بينهما!
كما خلط الذهبي
بينهما خلطا فاحشا ، فترجم للبيهقي صاحبنا في سير
أعلام النبلاء ٢٠ / ٥٨٥ وقال : (البيهقي الوزير ، العلامة ذو التصانيف ،
شرف الدين وحجة
الدين أبو الحسن علي بن أبي القاسم زيد ...).
قال أبو النضر
الفامي : صدر السيف والقلم! وأخبار سؤدده كنار في العلم
نادرة الدهر ، افتتح ولاية هراة خمس عشرة سنة وإليه الحل والعقد ، قلت :
مدحه الحيص بيص ...).
أقول
: وأول من نبه على
هذا الخلط هو صاحبنا العلامة المغفور له
السيد جلال الدين المحدث الأرموي في تعاليقه على ديوان القوامي الرازي ،
من شعراء الفرس في القرن السادس ، ممن مدح شرف الدين البيهقي.
مشايخه :
أ ـ فمن أساتذته
في اللغة العربية والعلوم الأدبية :
١ ـ أبو جعفر أحمد
بن علي المقري البيهقي ، المقيم بنيشابور ، المتوفى
سنة ٥٤٤ ه ، المشتهر ب : بوجعفرك ، مؤلف : ينابيع اللغة ، وتاج المصادر ،
والمحيط بلغات القرآن.
حضر عليه سنة ٥١٤
ه ، وقرأ عليه نحو ابن فضال ، وفصلا من كتاب
(المقتصد في النحو) وكتاب (الأمثال) لأبي عبيد ، و (الأمثال) لأبي الفضل الميكالي.
٢ ـ أحمد بن محمد
الميداني النيشابوري ، المتوفى سنة ٥١٨ ه ، مؤلف
(مجمع الأمثال) حضر عليه سنة ٥١٦ ه ، صحح عليه كتابه (السامي في
الأسامي) في اللغة ، وكان قد حفظه ، وقرأ عليه كتاب (المصادر) في اللغة
للزوزني ، وكان حفظه ، وكتاب (المنتحل) و (غريب الحديث) لأبي عبيد ،
و (إصلاح المنطق) وكان قد حفظه ، و (مجمع الأمثال) تأليفه ، و (صحاح اللغة).
٣ ـ الحسن بن
يعقوب بن أحمد القاري النيشابوري ، المتوفى سنة ٥١٧ أو ٥١٩ ه.
قرأ عليه سنة ٥١٦
ه كتاب نهج البلاغة ورواه عنه ، وقال عنه في شرحه :
(هو وأبوه في فلك الأدب قمران ، وفي حدائق الورع ثمران).
ب ـ ومن مشايخه في
الحديث :
٤ ـ أبو عبد الله
محمد بن الفضل بن أحمد الصاعدي الفراوي
النيسابوري ، المتوفى سنة ٥٣٠ ه.
٥ ـ الإمام محمد
الفزاري.
قرأ عليه غريب
الحديث للخطابي ، ولعله الفراوي السابق صحف في
معجم الأدباء ٥ / ٢٠٩ إلى الفزاري.
٦ ـ السيد الأجل ،
كمال الدين ، شيخ آل رسول الله صلىاللهعليهوآله
وسلم ، أبو الغنائم حمزة بن هبة الله الحسيني ، المتوفى سنة ٥٢٥ ه.
هكذا وصفه في لباب
الأنساب : ٣٢٠ ، و ٦٠٣ ، وقال : (لي منه سماع
الأحاديث الكثيرة ، منها : كتاب الصحيحين ومسند أبي عوانة ومسند الجوزقي ،
ولي منه إجازة جميع مسموعاته بخطه).
٧ ـ العالم الواعظ
السيد حسين بن أبي المعالي محمد بن أبي القاسم
حمزة الحسيني الموسوي الخراساني الطوسي.
قال في اللباب ، ص
٧٠٥ : (حضرت مجلسه في نوقان طوس سنة ٥٢٢).
٨ ـ علي بن محمود
النصر آبادي : روى عنه في المعارج : ٣٠٥ ، وفي اللباب : ١٨٧ و ٢١٤ ، وقال فيها : (وحدثني
الإمام ...).
٩ ـ شيخ القضاة
إسماعيل بن أحمد بن الحسين البيهقي ، المتوفى سنة ٥٠٧ ه.
قال في تاريخ بيهق
: (وكان قاضي خوارزم ، وقد رأيته وسمعت منه الحديث حين عاد إلى بيهق في شهور سنة
٥٠٦).
١٠ ـ الشيخ الإمام
علي بن أبي صالح الصالحي الخواري النيشابوري ،
مؤلف : تاريخ بيهق
.
ج ـ ومن أساتذته
في الفقه :
١١ ـ تاج القضاة
أبو سعد يحيى بن عبد الملك بن عبيد الله بن صاعد
المرزوي ، قرأ عليه في مرو سنة ٥١٩ ه.
قال عنه : (وكان
ملكا في صورة إنسان! وعلقت من لفظه كتاب الزكاة
والمسائل الخلافية ثم سائر المسائل على غير الترتيب).
د ـ ومن أساتذته
في علم الكلام.
قال في معارج نهج
البلاغة ، ص ٣٥ : (وقد لقيت في زماني من
المتكلمين من له السنام الأضخم ، والمقام الأكرم ، يتصرف في الأدلة
والحجج ، تصرف الرياح في اللجج ...).
منهم :
١٢ ـ أبوه أبو
القاسم زيد بن محمد ، المتوفى سنة ٥١٧ ه.
عده في المعارج :
٣٥ أول مشايخه في الكلام ، قال : (ومن تأمل تصنيفه
المعنون ب : لباب الألباب ، وحدائق الحقائق ، ومفتاح باب الأصول ، عرف أنه
في هذا الفن سباق غايات وصاحب آيات).
١٣ ـ إبراهيم بن
محمد الخزاز. ١٤ ـ علي بن عبد الله بن محمد بن الهيصم النيسابوري.
ذكره في اللباب :
٢١٧ ، وفي المعارج : ٣٦ وقال : (هو إمام ، لسانه
فصيح ، بيانه صريح ، وبرهانه صحيح ، لفظه لؤلؤ منثور ...).
ه ـ ومن أساتذته
في الفلسفة والحكمة :
١٥ ـ قطب الدين
محمد النصيري الطبسي المرزوي ، نزيل سرخس ،
رحل إليه سنة ٥٣٠ ه ، وبقي بها إلى ٢٧ شوال سنة ٥٣٢ ه يقرأ عليه
__________________
الفلسفة إلى أن
أتقنها ومهر فيها).
١٦ ـ الفيلسوف
المشهور عمر بن سهلان الساوي.
ترجم له في تاريخ
حكماء الإسلام ، ص ١٣٢ ، وقال : (كان من ساوة ، وارتحل إلى نيسابور ، وتوطن بها
... وكنت أختلف إليه غارقا من بحره أمواجا من العلوم! ...).
١٧ ـ عثمان بن
جادوكار.
قال في (مشارب
التجارب) عن فترة قضاها في الري : (وكنت في تلك
المدة أنظر في الحساب والجبر والمقابلة ، وطرفا من الأحكام ، فلما رجعت إلى
خراسان أتممت تلك الصناعة على الحكيم أستاذ خراسان عثمان بن جادوكار).
١٨ ـ أحمد بن حامد
النيسابوري.
ترجم له البيهقي
في تاريخ حكماء الإسلام ، ص ١٥٦ ، وقال : (كان
ممن رسا طوده في الرياضيات ، وقد رأيته في آخر عمره واستفدت منه ...).
و ـ ومن أساتذته
في العلوم الرياضية :
١٩ ـ السيد القاضي
الصابر الونكي أبو القاسم علي بن محمد بن نصر
ابن مهدي الحسيني.
قال في اللباب ، ص
٦٣١ : (كان جاري في الري ، واستفدت منه هذا
العلم).
ز ـ علم الأنساب :
٢٠ ـ نسابة الري
السيد الإمام مجد الدين أبو هاشم المجتبى بن حمزة
ابن زيد بن مهدي الحسيني الرازي.
قال في اللباب ٢ /
٦٣٥ : (رأيته بالري ، وحضرت مجلسه ، وكان يجري
__________________
بينا مذاكرة في
علم الأنساب في شهور سنة ٥٢٦).
وعلى أثر مكانته
الاجتماعية وصلاته البيتية وشهرته العلمية كانت له
لقاءات واجتماعات مع كبار علماء عصره أينما حل وارتحل ، وكانت تجري بينه
وبينهم مذاكرات ومفاوضات ومطارحات علمية فيستفيد ويفيد.
قال في شرح نهج
البلاغة ـ بعد عد شيوخه ـ : (وأما الذين عاشرتهم
فمنهم الفقيه إسماعيل المقيم بمرو ... .
ومنهم الإمام رشيد
الدين عبد الجليل الرازي الذي هو متكلم ، بيانه
سحر حلال ، وطبعه ماء زلال ، أبو الكلام وابن بجدته ... ومن أراد أن يعرف
كماله في صناعته تأمل تصانيفه ...
ومنهم الإمام
محمود الملاحمي الخوارزمي .
ومنهم علي بن شاهك
القصاري ، الفيلسوف البيهقي).
ترجم له في تاريخ
حكماء الإسلام ، ص ١٧١ ، وقال : (وبيني وبين
ظهير الدين مباحثات مذكورة في كتاب (عرائس النفائس) من تصنيفي).
والصاحب ابن محمد
البخاري.
ترجم له في حكماء
الإسلام ، ص ١٤٩ ، وقال : (وقد ذكرت كمال
فضائله في مسألة الوجود الذي تكلمنا فيه في كتابي المعنون بعرائس النفائس ، وله
إلي رسائل وفوائد منها استفدت ... ومن الفوائد التي جرت بيننا وكتبتها إليه ...).
وناصر الهرمزدي
الماسور آبادي.
ترجم له في حكماء
الإسلام ، ص ١٥٩ ، وقال : (وقد اختلف مدة إلي
__________________
ثم إلى قطب الزمان
، ومات حتف أنفه).
ومحمد الحارثان
السرخسي.
ترجم له في حكماء
الإسلام ، ص ١٦٠ ، وقال : (وقد جرى بيني وبينه
كلام في أنه يجب أن يتقدم على التصديق تصوران أو ثلاث تصورات ... وقد
ذكرت ذلك في شرح النجاة في تصنيفي).
وكانت هذه
الاحتكاكات واللقاءات العلمية تحدث مقصودة وغير مقصودة
منذ صباه وحتى آخر أيام حياته ، فمن غرائب هذه المطارحات ما حديث له في
صباه مما يدل على نبوغه وتفوقه ومواهبه ، يقول في ترجمة عمر الخيام في تاريخ
حكماء الإسلام ، ص ١٢٢ : (وقد دخلت على الإمام (عمر الخيام) في خدمة
والدي رحمهالله في سنة سبع وخمسمائة فسألني عن بيت في الحماسة وهو :
ولا يرعون أكناف
الهوينا
|
|
إذا حلوا ولا
أرض الهدونا
|
فقلت : الهوينا
تصغير لا تكبير له كالثريا والحميا ، والشاعر يشير إلى عز
هؤلاء ومنعتهم ، يعني لا يسفون إذا حلوا مكانا إلى التقصير ، ولا إلى الأمر
الحقير ، بل يقصدون الأسد فالأسد من معالي الأمور.
ثم سألني عن أنواع
الخطوط القوسية؟ فقلت : أنواع الخطوط القوسية
أربعة ، منها : محيط دائرة ، ومنها : قوس نصف دائرة ، ومنها : قوس أقل من
نصف دائرة ، ومنها : قوس أعظم من نصف دائرة.
فقال لوالدي : (شنشنة
أعرفها من أخزم).
أجل ، من كانت له
محفوظات هائلة منذ الصغر أمكنه أن يجيب على ما
يسأل عنه وهو ابن ١٤ سنة ، فمن محفوظاته التي ذكرها في كتابه (مشارب
التجارب) أنه حفظها في صباه هي :
١ ـ الهادي للشادي
، في الصرف ، ، للميداني.
٢ ـ السامي في
الأسامي ، له أيضا ، وهو كتاب لغة عربي فارسي.
٣ ـ المصادر ،
للزوزني ، لغة.
٤ ـ غريب القرآن ،
للعزيزي.
٥ ـ إصلاح المنطق
، لابن السكيت.
٦ ـ الحماسة ،
لأبي تمام.
٧ ـ السبعيات.
٨ ـ تاج المصادر ،
لبوجعفرك ، لغة.
٩ ـ المجمل في
اللغة ، لابن فارس.
١٠ ـ والمنتحل ،
للميكالي.
١١ ـ وشعر المتنبي.
١٢ ـ والمعلقات.
١٣ ـ والتلخيص في
النحو.
مؤلفاته :
وللبيهقي نتاج
كثير طيب ، وكتب ممتعة نحو الثمانين كتابا في شتى ألوان
المعرفة ، كعلوم القرآن والفقه والكلام والتاريخ واللغة العربية وآدابها والطب
والفلك والتنجيم والحساب و...
فأول ما نبدأ منها
ب :
١ ـ معارج نهج
البلاغة :
أوله : (الحمد لله
الذي حمده يفيض شعاب العرفان ... ولم يشرح قبلي
من الفضلاء السابقين هذا الكتاب ... وأنا المتقدم في شرح هذا الكتاب ... وقد دعاني
بعض الأفاضل من أصدقائي إلى شرح ألفاظ نهج البلاغة ... ومن
قبل التمس مني الإمام السعيد جمال المحققين أبو القاسم علي بن الحسن
الحولعي (الجوبقي. ظ) النيسابوري رحمهالله ، أن أشرح كتاب نهج البلاغة شرحا ... وبعده فاضل من أفاضل
الزمان ... في أثناء المحاورة حرك بسبب إتمام هذا الكتاب
حوار خاطري ...
وبعض الأفاضل من بيهق ظن بسبب إعراض الفضلاء عن
شرح هذا الكلام (أنه) غير مقدور لواحد من الأنام ... وخدمت بهذا الكتاب خزانة كتب
الصدر الأجل ... أبي الحسن علي بن محمد بن يحيى بن هبة الله الحسيني ...).
وجعله جزءين ، فرغ
من أولهما في التاسع من ربيع الآخر سنة ٥٥٢ ه ،
ومن ثانيهما ١٣ جمادى الأولى سنة ٥٥٢ ه.
وقد اعتمد في هذا
الشرح على شرح الإمام الوبري ، ونقل عنه في أكثر
من سبعين موردا ، كما أن قطب الدين الكيدري اعتمد في شرحه لنهج البلاغة
المسمى : (حدائق الحقائق في فسر دقائق أفصح الخلائق) على شرحي البيهقي وقطب الدين
الراوندي الآتي ، ويرمز إليهما ب ج ، ع. قال : (مستمدا ـ بعد توفيق الله تعالى ـ
من كتابي المعارج والمنهاج ، غائصا على جواهر دررهما في أعماق بحرهما المواج ...).
مخطوطه :
منه مخطوطة فريدة
في مكتبة الإمام الرضا عليهالسلام ، في مشهد ، رقم
٢٠٥٢ ، ذكرت في فهرسها ٥ / ١٧١ ، كتبها التاج الكرماني وفرغ منها ١٤ صفر
سنة ٧٠٥ ه كما جاء في نهاية الجزء الأول.
ولكن المخطوطة
فيما يبدو أجد من هذا ، وربما كتبت في القرن التاسع أو العاشر على نسخة التاج
الكرماني ، وهذا التاريخ للمنتسخ منه ، وهي نسخة خالية عن الاعجام صعبة القراءة.
طبعاته :
طبع حتى الآن طبعة
واحدة سنة ١٤٠٩ ه من منشورات مكتبة المرعشي
في قم ، بتحقيق الأستاذ محمد تقي دانش پژوه ، الخبير الماهر في هذا الفن ،
والله يعلم ما
قاسى في قراءته وتصحيحه حتى بلغ به إلى هذه المرحلة ، ولولاه لم ينشر الكتاب ، فكم
أقدموا على تحقيقه وأحجموا ، وقد بقي الكتاب بحاجة إلى جهد مستأنف لتصحيح أخطاؤه
ويكمل تحقيقه ، قيض الله في العاملين من يقوم به ، إنه ولي التوفيق.
٢ ـ لباب الأنساب
والألقاب والأعقاب :
في أنساب الذرية
الطاهرة من آل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
أوله : (الحمد لله
الذي خلق الخلائق من بسائط متباينة الأقسام ...).
قال المؤلف في
وصفه ، في ص ٤٧٣ : (ولما كان كتابي هذا على جبهة
كتب الأنساب عصابة ، وعلى قمم المشجرات تاجا ، جعلته بين مصنفاتي بحرا مواجا).
ألفه في بيهق
بإيعاز من نقيبها وهو السيد عماد الدين أبو الحسن علي بن
محمد بن يحيى آل زيارة الحسيني .
ألفه في ثلاثة
أشهر ، بدأ بتصنيفه في أواخر جمادى الآخرة سنة ٥٥٨ ه ،
وفرغ من المجلد الأول في شهر رمضان منها ، وذكره المؤلف في (تاريخ بيهق)
كما ذكر فيه (تاريخ بيهق).
والذي وصلنا منه
هو المجلد الأول ، ولا ندري هل صنف المجلد الثاني
وأتم الكتاب أم لا؟ على أنا نراه قال في ص ٦٢٤ : (وتحقيق هذا النسب مذكور
في المجلد الثاني) فمخطوطاته الموجودة كلها للمجلد الأول وحده ، وهي :
__________________
١ ـ مخطوطه في
مكتبة الإمام الرضا عليهالسلام ، برقم ٥٧٤٠ ، ربما
كتب في القرن التاسع ، وعنها مصورة في جامعة طهران ، رقم الفيلم ٩٢٨.
٢ ـ مخطوطة مكتبة
سبهسالار العامة في طهران ، رقم ٢٦٩٥ ، ذكرت في
فهرسها ٥ / ٤٦٩.
٣ ـ مخطوطة في
مكتبة الإيرواني الوقفية ، المنقولة حاليا من تبريز إلى
طهران ، كتبت سنة ١٣٣٣ ه.
٤ ـ مخطوطة في
مكتبة المحدث الأرموي الخاصة في طهران.
٥ ـ مخطوطة في
مكتبة ملك العامة في طهران ، رقم ٣٦٥٦ ، كتبت سنة
١٢٩٣ ه ، ذكرت في فهرسها ١ / ٦١٣.
٦ ـ نسخة في مكتبة
المرعشي العامة في قم ، منتسخة سنة ١٣٧٦ ه عن
مخطوطة مكتبة الإيرواني المتقدمة.
٧ ـ مخطوطة في
المتحف البريطاني ، رقم or ١٤٠٦.
طبعاته :
طبع في قم سنة
١٤١٠ ه لأول مرة من مطبوعات مكتبة المرعشي في
جزءين ، طبعة سقيمة مشوهة ملؤها أخطاء ، والذنب للناسخين السابقين ، فقد
كانوا بعيدين عن علم الأنساب ، جاهلين بمصطلحاته ، فحرفوا وصحفوا ، قيض
الله محققا عالما بالأنساب ، خبيرا بمصطلحاته ، عارفا باللغة العربية وكناياتها
ومجازاتها ، أديبا بارعا يجيد التحقيق ، يحيي هذا الكتاب وينقذه مما مني به طول
هذه المدة.
٣ ـ تتمة صوان
الحكمة :
المطبوع باسم :
تاريخ حكماء الإسلام.
صوان الحكمة في
تراجم الفلاسفة ، لأبي سليمان محمد بن طاهر بن
بهرام المنطقي
السجزي (السجستاني) المتوفى حدود سنة ٣٨٠ ه ، مطبوع.
وذيل عليه البيهقي
بهذه التتمة فترجم فيه لمائة وأحد عشر فيلسوفا ، منهم
السجزي هذا ، ترجم له فيه ص ٨٢.
أوله : (الحمد لله
المنعم الذي له نعم أبت أوضاحها (أوصافها) إلا
امتدادا ، وأمدادها إلا ازديادا ...).
مخطوطاته :
١ ـ مخطوطة كتبت
في خوارزم سنة ٦٩٧ ه ، في معهد أبي ريحان
البيروني للدراسات الشرقية في طاشقند ، رقم ١٤٤٨ ، رآها الأستاذ دانش پژوه
في رحلته إلى روسيا ، وذكرها في نشرة المكتبة المركزية لجامعة طهران ٩ / ١٢٩.
٢ ـ مخطوطة بدون
تاريخ ، في مكتبة الإمام الرضا عليهالسلام ، في
مشهد ، رقم ٤٠٩٦ ، ذكرت في فهرسها ٣ / ٨.
٣ ـ نسخة في مكتبة
بشر آقا ، في إستانبول ، رقم ٤٩٤.
٤ ـ نسخة في مكتبة
مراد ملا ، في إستانبول ، رقم ١٤٣١.
٥ ـ نسخة في برلين
، رقم ١٠٠٧٢ ، ذكرها آهلورث في فهرسته ٩ / ٤٥٧.
٦ ـ نسخة في مكتبة
كوپرلي ، في إستانبول ، في المجموعة رقم ٩٠٢ ،
من مخطوطات القرن السابع ، بخط نسخي ، من ١٢٤ ـ أ ـ ١٧٢ / أو عليها بلاغ
المقابلة والتصحيح ، ذكرت في فهرسها ١ / ٤٤٥.
وله مختصر يوجد في
ليدن ، ذكره دوزي في فهرسته ٢ / ٢٩٤.
وله تتمة توجد في
كوپرلي ، في إستانبول ، من مخطوطات القرن السابع ،
بآخر المجموعة المتقدمة رقم ٩٠٢ ، من ١٧٢ ـ ٢٠٤ ، كما في فهرسها ١ / ٤٤٦ باسم :
إتمام التتمة لصوان الحكمة.
طبعاته :
١ ـ طبع في الهند
سنة ١٣٥١ ه.
٢ ـ وحققه الأستاذ
محمد كرد علي على مخطوطة برلين ، وطبعه في
دمشق من مطبوعات مجمع اللغة العربية سنة ١٣٦٥ ه.
٣ ـ وأعاد المجمع
طبعه في دمشق سنة ١٣٩٦ ه.
ترجمته :
وترجمه ناصر الدين
بن خواجة منتجب الدين عمدة الملك المنشي ،
اليزدي الأصل ، الكرماني ، في القرن السابع إلى الفارسية وسماه : درة الأخبار
ولمعة الأنوار ، وطبع من منشورات جامعة پنجاب في لاهور سنة ١٣٥٨ ه
وطبع في طهران سنة ١٣٥٨ ه أيضا.
٤ ـ تاريخ بيهق :
بيهق كورة كبيرة
بين قومس ونيسابور ، قال في معجم البلدان : (وقد
أخرجت هذه الكورة من لا يحصى من الفضلاء والعلماء والفقهاء والأدباء ، ومع
ذلك فغالب على أهلها مذهب الرافضية ...).
وكان قصبتها
سبزوار ، وخسر وجرد ، والآن بقي منها سبزوار مدينة كبيرة
وخسروجرد ، قرية من قراها باقية إلى الآن بهذا الاسم ، ولعلي بن أبي صالح
الخواري البيهقي كتاب (تاريخ بيهق) ذكره البيهقي في (تاريخ بيهق) وأفاد منه الكثير.
و (تاريخ بيهق)
ألفه البيهقي بالفارسية وفرغ منه في قرية ششتمذ في ٤
شوال سنة ٥٦٣ ه ، فهو آخر مؤلفاته ومن أحسنها ، فيه معلومات قيمة وتراجم كثيرة.
مخطوطاته :
١ ـ مخطوطة في
المتحف البريطاني ، كتبت سنة ٣٨٥ ه ، رقم
or ٣٥٨٧ ، وصفها ريو في فهرست المتحف ، ص ٦٠ ـ
٦١.
٢ ـ نسخة في معهد
أبي ريحان البيروني للدراسات الشرقية ، في
طاشقند ، رقم ١٥٢٤ ، كتبت سنة ١٠٥٧ ه ، عن نسخة كان تاريخها سنة ٨٨٨ ه.
٣ ـ مخطوطة في
برلين ، رقم ٧٣٧ مخطوطات شرقية ، كتبت في لكهنو سنة ١٢٦٥ ه عن نسخة مكتوبة سنة ٨٨٨
ه ، ذكرها پرچ في فهرسها ، ص ٥١٦ ، برقم ٥٣٥.
طبعاته :
١ ـ حققه الدكتور
السيد كليم الله الحسيني القاري الهندي الحيدر آبادي ، وطبعه في حيدر آباد سنة
١٣٨٨ ه.
٢ ـ وحققه الأستاذ
أحمد بهمنيار ، وطبعه في طهران سنة ١٣٥٧ ه.
٣ ـ وأعيد طبعه في
طهران سنة ١٣٨٥ ه ، بتحقيق الأستاذ بهمنيار.
٤ ـ وطبع في طهران
بالتصوير على الطبعة المتقدمة.
وأما ما لم يطبع
من كتبه ، فمنها :
٥ ـ غرر الأمثال
ودرر الأقوال :
في أمثال العرب ،
رتبه على الحروف ، في مجلدين ، المجلد الأول إلى
حرف الطاء ، كل حرف في فصل ، وفي نهاية كل فصل يذكر أمثال المولدين ،
وربما قال : (ما جاء على أفعل).
قال في كشف الظنون
: ١٢٠٠ : (رتب الأمثال على الحروف ، وذكر لكل منها السبب والضرب ، ثم شرحها إعرابا
ومعاني ، وذكر حلها أيضا ، وهو مأخذ الميداني!!
صدره بأسم الصدر
الأجل يمين الدولة مجد الدين أبي علي أحمد بن إسماعيل.
مخطوطة منه في
ليدن في مكتبة معهد لوكدونو باتاويا warn ١٠٤٤
،
بخط نسخي ، في ٢٥٥ ورقة ، ناقص الطرفين.
وعنها مصورة في
المكتبة المركزية بجامعة طهران ، رقم الفيلم ٨١٤ ،
والمكبر ١٦١٠ ـ ١٦١٥ ، ذكر في فهرس مصوراتها ١ / ٢٨٦.
٦ ـ وشاح دمية
القصر ولقاح روضة العصر :
مجلد ضخم ، ذيل به
على (دمية القصر في شعراء العصر) للباخرزي ،
المتوفى سنة ٤٧٤ ه.
بدأ به المؤلف في
غرة جمادى الأولى سنة ٥٢٨ ه ، وكان يشتغل فيه إلى
سنة ٥٣٧ ه ، إذ فيه تاريخ وفاة الشريف ابن أبي الضوء الحسن بن محمد العلوي ،
نقيب الكاظمية ، المتوفى سنة ٥٣٧ ه ، ولعله استمر يزيد فيه بعد هذا التاريخ أيضا.
رأيت مخطوطة منه
من القرن السابع ، ناقصة الطرفين ، في مكتبة حسين
چلپي ، في بورسه من بلاد تركيا ، رقم ٨٧٠ في ٢٥٣ ورقة.
وعنها مصورة في
معهد المخطوطات بالقاهرة كما في فهرس المخطوطات المصورة ، تاريخ ١ / ٥٤٥ و ٢ / ١٧٥.
وعنها مصورة أيضا
في جامعة طهران ، رقم الفيلم ٣٥٥ و ٢٦٠٨ ، ذكرا
في فهرس مصوراتها ١ / ٣٩٦.
٧ ـ أزاهير الرياض
المريعة (المونقة) وتفاسير ألفاظ المحاورة والشريعة.
١ ـ منه مخطوطة في
المكتبة المركزية لجامعة إستانبول ، رقم ٣٣٣١.
٢ ـ ومخطوطة في
دار الكتب المصرية ، من كتب التيمورية.
٨ ـ جوامع أحكام
النجوم :
وعد في هدية
العارفين ١ / ٦٩٩ من مؤلفاته : جوامع الأحكام وتوابع
الابهام ، وأظنه هو هذا.
والبيهقي وإن أتقن
هذا العلم ومهر فيه وصنف فيه أحكام القرانات ،
وأمثلة الأعمال النجومية ، إلا أنه كان من معارضيه ومناهضيه ، ملأ في (معارج
نهج البلاغة) أربع صفحات في ذم هذا العلم وتهجينه ، من ص ١٥٠ ـ ١٥٤.
وألف هذا الكتاب
بطلب من المنجمين بعد أن نصحهم وذم هذا العلم ،
فقالوا : لا بد لنا منه ، فإن السلطان يراجعنا ويطلب منا التنجيم ، ونحن ملجؤون
إلى تعاطيه ، فألف لهم هذا الكتاب بالفارسية وجمعه من ٢٧٥ كتابا في
التنجيم ، ورتبه على عشرة فصول ، أوله : (الحمد لله رب العالمين ، والصلاة
على من امتطى غوارب الرسالة ، واعتلى مناكب الهداية من الضلالة ...).
ومخطوطاته :
شائعة متوفرة ، له
في إيران وحدها نحو ثلاثين مخطوطة ، ونقتصر هنا على أهمها :
١ ـ مخطوطة القرن
الثامن ، في كلية الإلهيات في مشهد ، رقم ١١٨ ، ذكرت في فهرسها ١ / ٧٦.
٢ ـ ٤ ـ ثلاث نسخ
في مكتبة ملك العامة في طهران ، بالأرقام ٣٢٣١
و ٣٦٢٠ و ٣٣٦٨ ، وهذه الأخيرة من القرن التاسع ، ذكرت في فهرسها ٢ / ١٩١.
٥ ـ مخطوطة سنة
٨٩٠ ه ، في مكتبة الإمام الرضا عليهالسلام ، في
مشهد ، رقم ٥٤٨٥.
٦ ـ وأخرى فيها
رقم ١٢٢٦٤ ، كتبت سنة ٩٤٩ ه ، وفيها ثلاث نسخ أخرى
ذكرت في فهرسها ٩ / ٤٤ و ٤٥ و ١٢٤.
هذه ثمانية كتب
وصلت إلينا من مؤلفاته ، طبع منها أربعة وبقيت أربعة ،
وأما ما لم يصلنا فعرفناه من ذكره له في كتابه (مشارب التجارب) وهو من آخر
مؤلفاته ، فقد سرد فيه بضعا وسبعين من كتبه ، وأوردها ياقوت في ترجمته من
معجم الأدباء ، وسردها الصفدي أيضا في ترجمته في الوافي بالوفيات ، وأظنه
أخذها من ياقوت ، وسردها أيضا إسماعيل باشا في هدية العارفين ، وذكر جبلي
بعضها في كشف الظنون ، وذكرها شيخنا ـ رحمهالله ـ في الذريعة كلا
في
محله أخذا من ياقوت ، ونحن نسردها هنا حسب الحروف ، وهي :
٩ ـ آداب السفر.
وفي هدية العارفين
١ / ٦٩٩ : آداب الشعر.
١٠ ـ أحكام
القرانات.
١١ ـ الإراحة عن
شدائد المساحة.
١٢ ـ أزهار أشجار
الأشعار.
١٣ ـ أسئلة القرآن
مع الأجوبة.
١٤ ـ أسامي
الأدوية وخواصها ومنافعها = تفاسير العقاقير ، مجلد ضخم.
١٥ ـ أسرار
الاعتذار.
١٦ ـ أسرار الحكم.
١٧ ـ كتاب أشعاره.
١٨ ـ أصول الفقه.
١٩ ـ أطعمة المرضى.
٢٠ ـ إظهار
الأزهار على أشجار الأسرار ، نقل عن (غرر الأمثال) للمؤلف.
٢١ ـ الاعتبار
بالإقبال والإدبار.
ذكره في (معارج
نهج البلاغة) في الصفحات ١٠٣ ، ١٩٥ ، ١٩٧.
٢٢ ـ إعجاز القرآن.
٢٣ ـ الإفادة في
إثبات الحشر والإعادة.
٢٤ ـ الإفادة في
كلمة الشهادة.
وفي معالم العلماء
، ص ٥٢ : الإفادة للشهادة.
٢٥ ـ الأمارات في شرح الإشارات.
٢٦ ـ أمثلة
الأعمال النجومية.
٢٧ ـ الانتصار على
الأشرار .
٢٨ ـ إيضاح
البراهين في الأصول. (أصول الدين).
٢٩ ـ بساتين الأنس
ودساتير الحدس في براهين النفس.
٣٠ ـ البلاغة
الخفية.
٣١ ـ التحرير في
التذكير ، مجلدتان.
٣٢ ـ تحفة السادة (منشآته).
٣٣ ـ تعليقات فصول
بقراط.
تفاسير العقاقير =
أسامي الأدوية.
٣٤ ـ تفضيل
التطفيل.
٣٥ ـ تنبيه
العلماء على تمويه المتشبهين بالعلماء ، مجلدين.
٣٦ ـ تلخيص مسائل
الذريعة.
لخص فيه كتاب (الذريعة
في أصول الفقه) للشريف المرتضى ، ذكره
__________________
ابن شهرآشوب في
معالم العلماء ، ص ٥٢.
٣٧ ـ جلاء صدأ
الشك في الأصول.
٣٨ ـ جواب يوسف
اليهودي العراقي ، معالم العلماء ، ص ٥٢.
٣٩ ـ الحجج في
الأصول. (أصول الدين).
٤٠ ـ كتاب في
الحساب.
٤١ ـ حصص الأصفياء
في قصص الأنبياء على طريق البلغاء. بالفارسية.
٤٢ ـ خلاصة
الزيجات (الزيجة).
٤٣ ـ درة الوشاح.
مجلد خفيف ، هو
تتمة وشاح دمية القصر ، له كما ذكره المؤلف في تاريخ
الحكماء ص ١٧٠.
ديوانه = وقد ذكره
ياقوت والصفدي باسم كتاب أشعاره ، وتقدم برقم ١٧ ، وذكره الذهبي في سير أعلام
النبلاء باسم : (ديوانه) وقال عنه في السير : وشعره كثير سائر.
٤٤ ـ درر السخاب
ودرر السحاب ، في الرسائل.
٤٥ ـ ذخائر الحكم.
ذكره المؤلف في (جوامع
أحكام النجوم) وفي مقدمة (تاريخ بيهق).
٤٦ ـ ربيع
العارفين (العارف).
٤٧ ـ رسائله
المتفرقة.
كذا عند ياقوت
والصفدي ، وذكر له الصفدي بعده :
٤٨ ـ الرسائل ،
بالفارسي ، مما يبدو أن له مجموعتين عربية وفارسية ،
وذكر هو في كتابه جوامع أحكام النجوم : (رسائل ومختصرات كثيرة).
٤٩ ـ الرسالة
العطارة في مدح بني زيارة.
٥٠ ـ رياحين
العقول.
٥١ ـ كتاب السموم.
٥٢ ـ شرح الحماسة.
٥٣ ـ شرح رسالة
الطير.
٥٤ ـ شرح شعر
البحتري وأبي تمام.
٥٥ ـ شرح شهاب
الأخبار.
٥٦ ـ شرح (مشكل
المقامات) للحريري.
٥٧ ـ شرح الموجز
المعجز.
٥٨ ـ طرائق
الوسائل إلى حدائق الرسائل ، أو : حدائق الوسائل إلى طرق
الرسائل ، بالفارسية ، ذكر في هدية العارفين كليهما.
مختار منه في
مكتبة جستربيتي ، في المجموعة ٣٩٦٨.
٥٩ ـ عرائس
النفائس.
ذكره المؤلف في
معارج نهج البلاغة : ٢١٠ ، وفي تاريخ الحكماء :
١٧١ ، وفي غرر الأمثال.
٦٠ ـ كتاب العروض.
٦١ ـ عقود المضاحك
، بالفارسية.
٦٢ ـ غرر الأقيسة.
٦٣ ـ الفرائض ،
بالجداول.
٦٤ ـ قرائن آيات
القرآن.
٦٥ ـ قضايا
التشبيهات على خفايا المختلطات ، بالجداول ، مجلد.
٦٦ ـ قوام علوم
الطب.
قال في معارج نهج
البلاغة ، ص ١٥٧ : وأما التشريح وتركيب
الإنسان ... فذكر في كتاب الطب.
٦٧ ـ رسالة في
الكبيسة.
ذكرها المؤلف في
كتابه تاريخ حكماء الإسلام ، ص ١٧٢.
٦٨ ـ كنز الحجج في
الأصول ، أصول الدين ، ومر له : الحجج في
الأصول.
٦٩ ـ مجامع
الأمثال وبدائع الأقوال ، أربع مجلدات.
قال المؤلف في
معارج نهج البلاغة ، ص ٩٠ : (وقد ذكرت في مجامع
الأمثال من تصنيفي : قول العرب ...) وفي ص ١٠٦ : (ذكرت مشاهير أيام العرب).
٧٠ ـ المختصر (مختصر)
في الفرائض.
٧١ ـ مشارب
التجارب وغوارب الغرائب.
باللغة العربية ،
أربع مجلدات ذيل به على تاريخ اليميني المنتهي إلى
سنة ٤١٠ ه ، سجل فيه تاريخ إيران وحوادثها لفترة ١٥٠ سنة ، من سنة ٤١٠ إلى حدود
سنة ٥٦٠ ه ، فيه تواريخ الغزنويين والسلاجقة والخوارزمشاهية ، وهو من آخر تصانيفه
، ذكره في تاريخ بيهق ، ص ٣١ ، اعتمده كل من ابن الأثير وياقوت وابن أبي أصيبعة
والجويني في (جهانگشاي) وعده حمد الله المستوفي من مصادر كتابه (تاريخ گزيده) مما
يدل على وجوده إلى منتصف القرن الثامن.
٧٢ ـ المشتهر في
نقض المعتبر.
المعتبر في
الفلسفة لمعاصره أبي البركات هبة الله بن علي ابن ملكا ،
الطبيب اليهودي ، المتوفى سنة ٥٧٤ ه ، ترجم له المؤلف في تاريخ حكماء
الإسلام ، ص ١٥٢ ، والمعتبر مطبوع بالهند في ٣ مجلدات.
٧٣ ـ المعالجات
الاعتبارية.
٧٤ ـ معرفة ذات
الحلق والكرة والأسطرلاب.
٧٥ ـ ملح البلاغة.
٧٦ ـ مناهج
الدرجات في شرح كتاب النجاة.
في ثلاث مجلدات ،
والنجاة في الفلسفة لابن سينا.
٧٧ ـ مؤامرات الأعمال
النجومية.
وفي هدية العارفين
: مرموزات.
٧٨ ـ نصائح
الكبراء ، فارسي.
٧٩ ـ نهج الرشاد
في الأصول.
٨٠ ـ الوقيعة في
منكر الشريعة.
٨١ ـ نار الحطاحب.
ذكره المؤلف في
معارج نهج البلاغة ، ص ١٥١ ، قال : (وذكرت في نار
الحطاحب من إنشائي) ولا شك أن الاسم مصحف ، ولم يتمكن محقق
المعارج من قراءة المخطوطة ، ولم أهتد إلى وجه الصواب فيه فذكرته كما هو.
مجالسه للإملاء
والوعظ والتذكير :
وكان يعقد له
مجالس الواعظ في مرو في مدرستها وفي جامعها ، وكان بها
من سنة ٥١٨ ـ ٥٢١ ه.
وفي نيشابور كان
له في أسبوع ثلاثة مجالس : مجلس في جامعها
القديم في أيام الجمعة ، وهو وراثة له من أبيه ، وفي مسجد المربع في أيام
الأربعاء ، وفي مسجد الحاج في أيام الاثنين.
أسرته :
وبيته بيت عريق في
العلم والفقه ، والقضاء والإفتاء ، والتقدم والوجاهة ،
وقد كان أجداده من الطرفين فيهم القضاء والإفتاء والمناصب الدينية ، تحدث
عنهم البيهقي في (تاريخ بيهق) في نحو عشرين صفحة ، من ١٧٤ ـ ١٩٤.
وكان آباؤه من أهل
سيوار من نواحي والشتان من أعمال بست ، وأول من
هاجر منهم إلى نيشابور هو جد جده الحاكم أبو سليمان فندق بن أيوب ، ففوض
إليه السلطان محمود الغزنوي القضاء والإفتاء ، وتوفي ٩ شوال سنة ٤١٩ ه ،
فولي القضاء ابنه فخر القضاة أبو علي الحسين ـ المولود سنة ٣٩٩ ، والمتوفى
سنة ٤٨٠ ه تولى
القضاء والإفتاء ، فترة بنيشابور وأخرى ببيهق.
ولما عزم على الحج
كتب السلطان طغرل بك السلجوقي إلى الخليفة
ببغداد ووزيره يعرفهما به ويأمرهما بإكرامه ، وفيه : وهذا الحاكم الإمام أبو علي
ابن أبي سليمان ، أدام الله إفضاله ، ممن له البيت القديم والمحتد
الصميم ... وأوجبنا على من يجتاز به ويحل بجانبه أن يوطئ له كنفا وسيعا ،
وينزله منزلا مباركا مريعا ، ويعينه بالإنعام عليه ، وخفير إن احتاج إليه ...
في أواخر جمادى
الآخرة سنة ٤٥٥.
وجد البيهقي هو
الحاكم الإمام شيخ الإسلام أمير محمد بن الحسين
ابن فندق ، ولد بنيشابور سنة ٤٢٠ ه ، كانت إليه الخطابة بها نيابة عن إسماعيل
الصابوني ثم أصالة بأمر الخليفة القادر بالله ، وكان له مجلس وعظ في كل جمعة
بعد صلاة العصر في الجامع القديم بمرسوم من قبل الخلفاء والسلاطين ، وتولى قضاء
نيشابور فترة نيابة وأخرى أصالة ، وتولى قضاء بيهق عشر سنين ، وتوفي سنة ٥٠١ ه.
أبوه :
أبو شمس الإسلام
أبو القاسم زيد بن محمد بن الحسين ، ولد يوم الفطر
سنة ٤٤٧ ه ، وتوفي يوم الخميس ٢٧ جمادى الآخرة سنة ٥١٧ ه.
رحل إلى بخارى
وأقام بها بضعا وعشرين سنة ، وحصل من مختلف
العلوم على الشئ الكثير ، ومن مشايخه محمد بن أحمد بن الفضل الفارسي ،
وأبو عبد الله الحسين بن أبي الحسن الكاشغري ، وشمس الأئمة السرخسي ،
وأبو بكر محمد بن علي بن حيدر الجعفري ، ومن شركاء درسه ... برهان الدين
عبد العزيز ابن مازه ، وعمي في سنة ٥٠٣ ه.
ترجم له عبد
الغافر في السياق ، وعلي بن أبي صالح الخواري في تاريخ
بيهق ، وابنه فريد خراسان في تاريخ بيهق ص ١٨٣ ، وفي معارج نهج البلاغة
ص ٣٥ عده من مشايخه في الكلام من كبار المتكلمين وذكر من مؤلفاته في علم
الكلام : لباب
الألباب ، وحدائق الحقائق ، ومفتاح باب الأصول ، قال : (ومن
تأمل كتبه عرف أنه سباق غايات وصاحب آيات).
ولفخر العلماء أبي
عبد الله محمد بن المظفر البيهقي في مدح
أبي القاسم زيد هذا ، قوله :
ورث الإمامة زيد
بن محمد
|
|
عن جده وأبيه
بالإسناد
|
أضحى كمثل أبيه
أوحد عصره
|
|
وكجده فردا من
الأفراد
|
ومما قرأ البيهقي
على أبيه : كتاب نهج البلاغة ، قال في مقدمة شرحه
على نهج البلاغة : (والكتاب بأسره سماع لي عن والدي الإمام أبي القاسم ... وله
إجازة عن الشيخ جعفر الدوريستي ...).
ومن تلامذته في
الفقه : فخر الزمان مسعود بن علي بن أحمد الصوابي
البيهقي ، المتوفى سنة ٥٤٤ ه .
وترجم له ابن
شهرآشوب في معالم العلماء ، ص ٥١ ، وعد من كتبه حلية
الأشراف.
وله ترجمة في
طبقات أعلام الشيعة في القرن السادس ، ص ١١٣ ، وفي
أعيان الشيعة ٧ / ٩٧.
أمه :
أمه بنت الرئيس
العالم أبي القاسم علي بن الحسين البيهقي ، المولود
في رابع المحرم سنة ٤٣٣ ه ، والمتوفى سنة ٤٨٣ ه .
وكانت حافظة
للقرآن ، عالمة بوجوه تفاسيره ، وتوفيت في بيهق سنة ٥٤٩ .
__________________
وكان أخوها وجيه
العلماء أبو نصر أحمد بن علي بن الحسين البيهقي
ـ المتوفى سنة ٥٢١ ه أديبا حافظا لكتاب الله تعالى ، عالما بعلوم القرآن .
ولأجداده لأمه عرق
إلى الميكاليين أمراء خراسان ، وعرق إلى أبي
بكر الخوارزمي وهو ابن أخت الطبري المؤرخ.
شعره :
كان البيهقي قويا
في اللغة والأدب والبلاغة ، كثير المحفوظ كما تقدم ،
تخرج على أساتذة هم من كبار علماء اللغة والأدب ومشاهيرهم ، كالميداني
وبوجعفرك المقري ونحوهما ممن تقدم ذكرهم ، وكان يتعاطى الشعر وينظم في
شتى الأغراض ، وجمع شعره بنفسه فأصبح ديوانا ، ذكره في كتابه (مشارب
التجارب) في عداد مؤلفاته باسم : كتاب أشعاره ، كما حكاه عنه ياقوت ، وذكره
الذهبي في مؤلفاته في السير باسم الديوان.
ولكن شعره شعر
العلماء ، والتكلف باد عليه! ومن أحسن ما نظم وأشهره قوله :
يا خالق العرش
حملت الورى
|
|
لما طغى الماء
على الجارية
|
وعبدك اليوم طغى
ماؤه!
|
|
فاحمله يا رب
على جارية
|
واستجاب الله
دعاؤه وصاهر شهاب الدين محمد بن مسعود المختار ،
والي الري ومشرف المملكة ، ولما رحل إلى الري سنة ٥٢٦ ه قال : (والوالي
بها شهاب الدين صهري ، فتلقاني أكابرها وقضاتها وسائر الأجلاء).
ومن أجود شعره :
ضجيعي في ليلي
جوى ونحيب
|
|
وإلفي في نومي
ضني ولغوب
|
__________________
دجى ليل آمالي
وأبطأ صبحه
|
|
وللمنذرات السود
فيه نعيب
|
وتلسعني الأيام فهي
أراقم
|
|
وتخدعني الآمال
فهي كذوب
|
ألا ليت شعري هل
أبيتن ليلة
|
|
وباعي في ظل
الوصال رحيب
|
خليلي لا تركن
إلى الدهر آمنا
|
|
فإحسانه
بالسيئات مشوب
|
راجع ترجمته في
معجم الأدباء فقد أورد له عدة مقاطع شعرية نقلها من
كتابه (وشاح دمية القصر).
مذهبه :
لم يظهر بوضوح من
كتبه المعدودة الواصلة إلينا انتماؤه المذهبي إلا
بصيص من نور يؤيد ما هو المشهور عنه من تشيعه.
فاهتمامه هو وأبوه
بنهج البلاغة قراءة ورواية ، وإطراؤه الكثير عليه
وشرحه له ، مما يؤيد هذه الشهرة.
ثم تعبيره عن أمير
المؤمنين عليهالسلام تعبير شيعي ، فلا تراه يذكره إلا
بقوله : (أمير المؤمنين عليهالسلام) ولم يقل مرة واحدة : (علي رضياللهعنه).
وأوضح من ذلك كله
قوله في مقدمة معارج نهج البلاغة ، ص ٣ :
(ولا شك أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام كان باب مدينة
العلوم ، فما نقول في سقط انفض من زند خاطره الواري ، وغيض بدا من فيض
نهره الجاري ، لا بل في شعلة من سراجه الوهاج ، وغرفة من بحره المواج ،
وقطرة من سحاب علمه الغزير؟! ولا ينبئك مثل خبير ...).
وقوله في أهل
البيت عليهمالسلام وعصمتهم بنص الكتاب العزيز في
لباب الأنساب ١ / ١٧٧ : (ورذائل صور أفعالهم بصيقل التنزيل مجلوة ، وسور مناقبهم
من اللوح المحفوظ متلوة ، ونهضوا من بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه ...).
ولكن فريد خراسان
بحكم معايشته لمجتمع عصره عصر السلاجقة ،
ولمكانته
الاجتماعية ، ومسايرته لمختلف الطبقات ، كان يتحفظ في كتاباته
فلا يظهر عليه تطرف ، ففي نفس الفترة والبيئة نرى حتى الطبرسي يلتزم التحفظ
في تفسيره (مجمع البيان).
ففي نيشابور في
تلك الفترة قتل العالم الجليل والواعظ البارع : الفتال
النشابوري ، صاحب (روضة الواعظين) و (التنوير في التفسير) قتله رئيس
نيشابور شهاب الإسلام عبد الرزاق بن عبد الله بن علي بن إسحاق ، المتوفى
سنة ٥١٥ ه ، ابن أخي نظام الملك ، قتله سنة ٥٠٨ ه على الرفض! فراح
ضحية عقيدته وشهيد ولائه لآل بيت نبيه صلىاللهعليهوآلهوسلم.
على أن البيهقي لم
يدعه مؤلفو الطبقات ، وليس له ذكر فيها ، ولا في
طبقات الحنفية ولا في طبقات الشافعية ولا في غيرهما ، ولا نسبه مترجموه منهم
إلى أحد المذاهب الأربعة.
ولكن أصحابنا عدوه
من أنفسهم وترجموا له في كتبهم ، فقد شهد بتشيعه
معاصره الجليل ومعاشره عبد الجليل الرازي في كتاب (النقض) الذي ألفه
بالري سنة ٥٥٢ ه عند المباهاة والمفاخرة بالغرر والأوضاح من كبار أعلام
الطائفة في عصره ، حيث قال ما معربه : (ومن متبحري علمائنا
المتأخرين ...) فعد جمعا من أعلام الطائفة إلى أن قال ص ٢١٢ : (والشيخ
الإمام أبو الحسن الفريد ، وأبو جعفر الإمامي ...).
وعده معاصره الآخر
ـ وهو ابن شهرآشوب ـ من أعلام الطائفة فترجم له
ولأبيه في معالم العلماء ، ص ٥١ و ٥٢.
وتجده مترجما هو
وأبوه في كثير من كتب التراجم الشيعية ، كرياض
العلماء ، وأمل الآمل ، وخاتمة المستدرك ، وأعيان الشيعة ، وطبقات أعلام
الشيعة ، ومعجم رجال الحديث ، وغيرها مما يأتي في مصادر ترجمته.
بينما نرى أن
غيرنا أهملوه ، فلم يترجم له منهم إلا ياقوت والذهبي
والصفدي ، وترجم له ابن خلكان تبعا في ترجمة الباخرزي!
أضف إلى ذلك أن
ثلاثة من أعلامنا تصدوا لدراسة حياته وتأليف رسالة
مفردة عنه ، هم :
١ ـ الباحث المحقق
محمد القزويني ، المتوفى سنة ١٣٦٨ ه.
٢ ـ العلامة
الجليل السيد محمد المشكاة الخراساني البيرجندي ، أستاذ
جامعة طهران ، المتوفى ٣٠ ذي القعدة سنة ١٤٠٠ ه.
٣ ـ وآية الله
العظمى السيد شهاب الدين النجفي المرعشي ، المتوفى ٧
صفر سنة ١٤١١ ه ، ألف رسالة سماها : كشف الارتياب في ترجمة صاحب
لباب الأنساب ، طبعت في مقدمة (لباب الأنساب) في قم سنة ١٤١٠ ه.
ونسب جلبي في كشف
الظنون إلى البيهقي كتابين تفرد في نسبتهما إليه!
لم يذكرهما المؤلف في كتابه (جوامع أحكام النجوم) ولا في (مشارب
التجارب) وقد عد فيه ٨١ كتابا من مؤلفاته ، ولا أحال إليهما في شئ من كتبه على
عادته في ذكر كتبه بعضها في بعض ، ولم يذكرهما ياقوت ولا الصفدي ولا غيرهما! وهما
:
المواهب الشريفة
في مناقب أبي حنيفة ، ووسائل الألمعي في فضائل
أصحاب الشافعي. يبدو أنه وهم في نسبتهما إليه ، كما وهم في (غرر الأمثال)
للبيهقي فقال : (وهو مأخذ الميداني!).
والميداني توفي
سنة ٥١٨ ه قبل البيهقي بنحو نصف قرن ، وهو أستاذ
البيهقي ، أدركه في صباه فقرأ عليه من تأليفه (السامي في الأسامي) و (مجمع
الأمثال) فيكف يكون كتاب البيهقي مأخذا لمجمع الأمثال؟!
ولعل الكتابين
لبيهقي آخر فنسبهما إليه غلطا ، بل المفروض أن يكونا
لمؤلفين حنفي وشافعي ، ولا لمؤلف واحد كما هو واضح.
الجدول الزمني
لأعمال البيهقي :
سنة ٤٩٣ ولد فيها
البيهقي في اليوم السابع والعشرين من شعبان.
سنة ٤٩٩ أحضر إلى
الكتاب في نيشابور.
سنة ٥٠٣ عمي فيها
أبوه وفقد بصره.
سنة ٥٠٦ حضر على
شيخ القضاة إسماعيل بن أحمد البيهقي ، وسمع
منه الحديث ، كما في تاريخ بيهق : ٣١٨.
سنة ٥٠٧ دخل على
عمر الخيام ـ صحبة أبيه ـ فسأله الخيام عن مسألة
أدبية وأخرى رياضية فأجابه عنهما ، كما في تاريخ الحكماء : ١٢٢.
سنة ٥١٤ حضر على
أستاذ اللغة والأدب العربي بوجعفرك المقري
النيشابوري ، وقرأ عليه اللغة العربية وآدابها.
سنة ٥١٦ حضر على
الميداني ، صاحب (مجمع الأمثال) وصحح عليه
كتابه : السامي في الأسامي ـ وكان يحفظه ـ وأخذ منه اللغة.
سنة ٥١٦ قرأ (نهج
البلاغة) على الحسن بن يعقوب بن أحمد القاري
النيشابوري.
سنة ٥١٧ فقد أباه
في ٢٧ جمادى الآخرة.
سنة ٥١٨ رحل إلى
مرو.
سنة ٥٢١ رجع من
مرو إلى نيشابور.
سنة ٥٢٢ كان في
طوس وحضر مجلس السيد حسين بن محمد بن حمزة
النوقاني.
سنة ٥٢٦ فوض إليه
قضاء بيهق.
سنة ٥٢٦ استعفى من
القضاء وغادر بيهق إلى الري ، فخرج لاستقباله
واليها وأكابرها وقضاتها وسائر الأجلاء. سنة ٥٢٧ غادر الري ورجع إلى خراسان.
سنة ٥٢٨ بدأ
بتصنيف وشاح دمية القصر.
سنة ٥٢٩ عاد إلى
نيشابور.
سنة ٥٣٠ رحل إلى
سرخس ليقرأ الفلسفة على قطب الدين النصيري.
سنة ٥٣١ رأى النبي
صلىاللهعليهوآلهوسلم في المنام.
سنة ٥٣٢ عاد من
سرخس إلى نيشابور.
سنة ٥٣٥ فرغ من
تأليف وشاح الدمية.
سنة ٥٣٦ ذهب إلى
بيهق.
سنة ٥٣٧ عاد منها
إلى نيشابور.
سنة ٥٤٣ بعث ملك (أبخاز)
ديمطريوس بن داود بن يعقوب ، الملقب :
حسام المسيح ، بأسئلة بالعربية والسريانية إلى بلاط الملك سنجر السلجوقي ،
فأمر الملك فريد خراسان أن يجيب عنها ، فأجاب عنها باللسانين العربي
والسرياني ، وانتشرت عنها نسخ كثيرة في البلاد وسار بها الركبان .
سنة ٥٤٩ ذهب إلى
بيهق.
سنة ٥٤٩ ماتت أمه
في بيهق وابنه أحمد.
سنة ٥٥٢ ألف فيها
شرح نهج البلاغة.
سنة ٥٥٥ ورد إلى
بيهق من علماء يوزجند يريدون الحج ، فقرأوا عليه
في تفسير القرآن واستجازوه في رواية الحديث فأجاز لهم ، كما ذكره في تاريخ بيهق :
٧٠.
سنة ٥٥٨ ألف فيها
لباب الأنساب.
سنة ٥٦٣ أنهى فيها
تاريخ بيهق.
__________________
مصادر ترجمته :
كتاب النقض ـ لعبد
الجليل الرازي ـ : ٢١٢ ، معالم العلماء ـ لابن شهرآشوب ـ : ٥٢ ، معجم الأدباء ـ
لياقوت ـ ٥ / ٢٠٨ ، وفيات الأعيان ٣ / ٣٨٧ ، سير أعلام النبلاء ٢٠ / ٥٨٥ ، الوافي
بالوفيات ـ للصفدي ـ ٢١ / ١٢٢ ، أمل الآمل ـ للحر العاملي ـ ٢ / ٣٥٢ ، تعليقات أمل
الآمل ـ لميرزا عبد الله التبريزي ـ : ٣٣٧ ، رياض العلماء ـ له أيضا ـ ١ / ١٨٨ و ٢
/ ٣٦٠ و ٥ / ٤٤٨ وفي (البيهقي) من ألقاب الخاصة ، روضات الجنات ١ / ٢٥٣ ، خاتمة
المستدرك ـ للمحدث النوري ـ : ٤٩٢ ، الكنى والألقاب
ـ للشيخ عباس القمي ـ ٣ / ٢٨ ، طبقات أعلام الشيعة ـ لشيخنا العلامة الطهراني ـ في
القرن : ٦ : ١٨٩ ، مصفى المقال : ٢٨١ ، أعيان الشيعة ـ للسيد محسن الأمين العاملي ـ
٢ / ٣٢٥ و ٣٢٦ و ٧ / ٩٧ و ٨ / ٢٤١ ـ ٢٤٦ و ٨ / ٣٩٧ ، مرآة الكتب ١ / ١٨١ ـ ١٨٤ ،
هدية العارفين ١ / ٦٩٩ ، عروبة العلماء ٢ / ٣٥١ ، معجم رجال الحديث ـ للإمام
الخوئي ـ ٢١ / ١١٢ ، الأعلام ـ للزركلي ـ ٤ / ٢٩٠ ، معجم المؤلفين ٧ / ٩٦ ،
بروكلمن الأصل ١ / ٣٢٤ والذيل ١ / ٥٥٧ ، كنوز الأجداد ـ لمحمد كرد علي ـ ٢٩٩ ـ ٣٠٥
، ريحانة الأدب ١ / ٣٠٩ و ٤ / ٣٣٤.
ومقدمات كتبه
المطبوعة : تاريخ حكماء الإسلام ، ومعارج نهج البلاغة ،
وتاريخ بيهق ، ولباب الأنساب.
للبحث صلة ...
إحياء التراث
لمحة تاريخية سريعة حول تحقيق التراث ونشره
وإسهام إيران في ذلك
(٢)
|
|
الشيخ عبد الجبار الرفاعي
حركة تحقيق التراث في إيران
١
ـ آداب النفس.
العيناثي ، محمد
بن محمد الشهير ، بابن القاسم ، توفي بعد سنة ١٠٨٨ ه نشره : كاظم الموسوي
المياموي.
طهران : المكتبة
الرضوية ، ط ١ ، ١٣٨٠ ه ، ٢٨٠ ص ، ٢٤ سم.
٢
ـ آفة أصحاب الحديث في الرد على عبد المغيث.
ابن الجوزي (٥٠٨
ـ ٥٩٧ ه).
تحقيق : علي
الميلاني.
طهران : مكتبة
نينوى.
|
|
٣
ـ آيات الأحكام.
محمد بن علي بن
إبراهيم الأسترآبادي (ت ١٠٢٨ ه).
تصحيح : محمد
باقر شريف زاده.
طهران : مكتبة
معراجي ، ٣٨٩ ص.
٤
ـ الأبحاث المفيدة في تحصيل العقيدة.
العلامة الحلي (٦٤٨
ـ ٧٢٦ ه) تحقيق : يعقوب جعفري.
قم : كلام ، ع ٣
، ١٣٧١ ه. ش ، ص ٢٤ ـ ٤٠.
٥
ـ إبطال العمل بأخبار الآحاد.
الشريف المرتضى (ت
٤٣٦ ه).
|
إعداد : مهدي
الرجائي.
قم : دار القرآن
الكريم ، ١٤٠٥ ه (رسائل الشريف المرتضى ، مج ٣ ،
ص ٣٠٧ ـ ٣١٣).
٦
ـ الأبنية عن حقائق الأدوية.
أبو منصور موفق
بن علي الهروي.
تصحيح : بهمنيار.
بعناية : محبوبي
أردكاني
طهران : بنياد
فرهنك إيران ، ١٣٤٤ ه. ش ، ٢٥١ ص.
جامعة طهران :
١٣٤٦ ه. ش، (منشورات جامعة طهران ، ١١٦٣).
٧
ـ إثبات العقل المفارق.
نصير الدين
الطوسي (٥٩٧ ـ ٦٧٢ ه).
باهتمام : عبد
الله نوراني.
طهران : مؤسسة
مطالعات إسلامي.
جامعة مك كيل /
كندا وجامعة طهران ، ١٩٨٠ م ، مع : (تلخيص المحصل) وغيره للمؤلف ، ص ٤٧٩ ـ ٤٨١.
٨
ـ إثبات الواحد الأول
نصير الدين
الطوسي (٥٩٧ ـ ٦٧٢ ه).
|
|
باهتمام : عبد
الله نوراني.
طهران : مؤسسة
مطالعات إسلامي جامعة مك كيل / كندا وجامعة طهران ، ١٩٨٠ م ، مع : (تلخيص المحصل)
وغيره للمؤلف ، ص ٤٧٥ ـ ٤٧٦.
٩
ـ إثبات الوصية :
العلامة الحلي (٦٤٨
ـ ٧٢٦ ه).
تحقيق : محمد
هادي الأميني.
النجف : دار
الكتب التجارية ، (١٩٦٠ م) ، ٣٨ ص.
١٠
ـ الاثنا عشرية الصومية.
الشيخ البهائي ،
محمد بن الحسين ابن عبد الصمد الحارثي الهمداني العاملي (٩٥٣ ـ ١٠٣٠ ه).
تحقيق : علي
المرواريد.
قم : تراثنا ، س
٣ ، ع ٢ ، ١٠٤٨ ه ، ص ١٩١ ـ ٢٢٦.
١١
ـ الاثنا عشرية في الرد على الصوفية.
محمد بن الحسن ،
الحر العاملي (ت ١١٠٤ ه).
إعداد : مهدي
اللاجوردي
قم : دار الكتب
العلمية.
|
١٢
ـ الاثنا عشرية في الصلاة اليومية.
الشيخ البهائي ،
محمد بن الحسين بن عبد الصمد الحارثي الهمداني العاملي (٩٥٣ ـ ١٠٣٠ ه).
تحقيق : محمد
الحسون.
قم : تراثنا ، س
٣ ، ع ٣ [١٢] ، ١٤٠٨ ه ، ص ١٣٥ ـ ١٩٩.
١٣
ـ أثولوجيا.
أفلوطين ،
المعروف بالشيخ اليوناني.
تصحيح : جلال
الدين آشتياني.
مشهد : أنجمن
حكمت وفلسفة ، ١٩٧٦ م (منتخباتي از آثار حكماي إلهي إيران ٣ / ١ ـ ٨٨).
١٤
ـ الإجازة الكبيرة.
عبد الله
الموسوي الجزائري (١١١٢ ـ ١١٧٣ ه)
تحقيق : محمد
السمامي الحائري.
إشراف : محمود
المرعشي.
قم : مكتبة
السيد المرعشي ، ط ١ ، ١٤٠٩ ه ، ٤١٦ ص ، ٢٤ سم.
١٥
ـ الاجتهاد والتقليد.
محمد حسين
الغروي الأصفهاني
|
|
(١٢٩٦ ـ ١٣٦١ ه).
تحقيق : جماعة
المدرسين في الحوزة العلمية.
قم : مؤسسة
النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين في الحوزة العلمية ،
١٤٠٩ ه ، ضمن : (بحوث في الأصول) للمؤلف.
١٦
ـ أجوبة الشيخ حسن بن مفلح الصيمري.
علي بن الحسين
الكركي (ت ٩٤٠ ه).
تحقيق : محمد
الحسون.
إشراف : محمود
المرعشي.
قم : مكتبة
السيد المرعشي ، ط ١ ، ١٤٠٩ ه (رسائل المحقق الكركي ، ٢ / ٢٣٣ ـ ٢٤٤).
١٧
ـ الأجوبة عن المسائل الغريبة.
العشرينية.
ابن سينا.
باهتمام : محمد
تقي دانش بزوه.
طهران : منشورات
جامعة طهران ، ١٣٧٠ ه. ش ، مع : (منطق ومباحث
ألفاظ) ، ص ٧٩ ـ ١٠١.
|
١٨
ـ أجوبة المسائل.
صدر الدين
الشيرازي (ت ١٠٥٠ ه).
تصحيح : جلال
الدين الآشتياني.
مشهد : جامعة
مشهد ، كلية الإلهيات والمعارف الإسلامية، ١٣٩٢ ه ، (رسائل فلسفي، ص ١٢٣ ـ ١٩٨).
١٩
ـ أجوبة المسائل البهبهانية.
يوسف البحراني.
تحقيق : أحمد
العصفور.
قم : ط ١ ، ١٣٦٤
ه. ش ، ١١٨ ص ، ٢٤ سم.
٢٠
ـ أجوبة مسائل السيد ركن الدين الأسترآبادي.
نصير الدين
الطوسي (٥٩٧ ـ ٦٧٢ ه).
باهتمام : عبد
الله نوراني.
طهران : منشورات
جامعة طهران ، ١٣٧٠ ه. ش ، مع : (منطق ومباحث ألفاظ) ، ص ٢٤٩ ـ ٢٧٦.
٢١
ـ أجوبة المسائل القرآنية.
الشريف المرتضى (ت
٤٣٦ ه).
إعداد : مهدي
الرجائي.
|
|
قم : دار القرآن
الكريم ، ١٤٠٥ ه (رسائل الشريف المرتضى ، مج ٣ ،
ص ٨٣ ـ ١١٩).
٢٢
ـ أجوبة مسائل متفرقة من الحديث وغيره.
الشريف المرتضى.
إعداد : مهدي
الرجائي.
قم : دار القرآن
الكريم ، ١٤٠٥ ه ، ٣٠ ص ، ٢٤ سم.
٢٣
ـ أجوبة المسائل الهندية.
محمد باقر بن
محمد تقي المجلسي (ت ١١١٠ ه).
تحقيق : مهدي
الرجائي.
قم : دار الكتاب
الإسلامي ، ١٤١١ ه.
٢٤
ـ إحقاق الحق وإزهاق الباطل.
مع التعليقات.
نور الدين الحسيني
المرعشي التستري (ت ١٠١٩ ه).
تصحيح : إبراهيم
الميانجي.
طهران : المطبعة
المباركة الإسلامية ، ١٣٧٦ ه = ١٩٥٦ م.
قم : مكتبة
السيد المرعشي ، ١٦ ج.
|
٢٥
ـ أحكام الخلل في الصلاة.
الشيخ مرتضى
الأنصاري (١٢١٤ ـ ١٢٨١ ه).
إعداد : لجنة
تحقيق تراث الشيخ الأعظم.
قم : الأمانة
العامة للمؤتمر العالمي بمناسبة الذكرى المئوية الثانية لميلاد الشيخ الأنصاري ،
٤١٣ ه.
٢٦
ـ أحكام النساء.
الشيخ المفيد (ت
٤١٣ ه).
تحقيق : محمد
مهدي نجف.
قم : المؤتمر
العالمي لألفية الشيخ المفيد ، ط ١ ، ١٤١٣ ه ، ٦٤ ص
(مصنفات الشيخ المفيد ، ٩).
٢٧
ـ إحياء الميت بفضائل أهل البيت.
جلال الدين عبد
الرحمن السيوطي (٨٤٩ ـ ٩١١ ه).
طهران : منشورات
توحيد ، ١٤٠٨ ه (تحقيق : جلال جمال فخري).
طهران : منظمة
الإعلام الإسلامي ، ١٤٠٨ ه (تحقيق : كاظم الفتلي).
طهران : مؤسسة
أنصار الحسين عليه السلام الثقافية ، ١٤١٠ ه (تحقيق :
|
|
محمود شريعت
زاده الخراساني).
٢٨
ـ أخبار السيد الحميري.
محمد بن عمران
المرزباني (ت ٣٨٥ ه).
تلخيص : محسن
الأمين العاملي (ت ١٣٧١ ه). تحقيق وتعليق : محمد هادي الأميني.
النجف : دار
الباقر ، ط ١ ، ١٩٦٥ م ، ٧١ ص.
٢٩
ـ أخبار شعراء الشيعة.
محمد بن عمران
المرزباني (ت ٣٨٥ ه).
تلخيص : محسن
الأمين العاملي (ت ١٣٧١ ه).
نشره : محمد
هادي الأميني.
النجف: ط ١،
١٩٦٨ م، ١٣٥ ص.
٣٠
ـ كتاب الاختصاص.
الشيخ المفيد
محمد بن محمد بن النعمان (ت ٤١٣ ه).
طهران : مكتبة
الصدوق ، ١٣٧٩ ه ، ٤٥٦ ص ، ٢٤ سم (تصحيح : علي أكبر الغفاري).
قم : جماعة
المدرسين في الحوزة
|
العلمية ، ١٤٠٤
ه ، ٤٥٣ ص ، ٢٤ سم (تصحيح : علي أكبر الغفاري ، رتب فهارسه : محمود الزرندي
المحرمي).
٣١
ـ اختيار مصباح السالكين.
كمال الدين أبو
الفضل ميثم بن علي بن ميثم البحراني (ت ٦٧٩ ه).
وهو شرحه الوسيط
على (نهج البلاغة) لخصه من شرحه الكبير المسمى : (مصباح السالكين).
تحقيق : محمد
هادي الأميني.
مشهد: مؤسسة
البحوث الإسلامية، ط ١ ، ١٤٠٨ ه ، ٧٢٤ ص ، ٢٤ سم.
٣٢
ـ اختيار معرفة الرجال.
المعروف ب :
رجال الكشي (محمد بن عمر الكشي ، ق ٤ ه).
اختيار : الشيخ
الطوسي ، محمد بن الحسن (ت ٤٦٠ ه).
كربلاء: مؤسسة
الأعلمي، ١٩٦٩ م، ٥٣٥ ص(تحقيق أحمد الحسيني).
مشهد : جامعة
مشهد ، ١٩٧٠ م ، ٦١٦ + و ٣٤٣ صفحة فهارس (تحقيق : حسن المصطفوي).
قم : مؤسسة آل
البيت (عليهمالسلام) لإحياء التراث ، ١٤٠٤ ه ، ٢ مج ،
|
|
٩٠٤ ص (تحقيق :
مهدي الرجائي ، معه تعليقات : المعلم الثالث الميرداماد).
٣٣
ـ الأدب الوجيز للولد الصغير.
ابن المقفع.
تحقيق : محمد
غفراني.
٣٤
ـ أربعون حديثا.
حسين الحارثي
العاملي (ت ٩٨٤ ه).
تحقيق : حسين
علي محفوظ.
طهران : مطبعة
الحيدري ، ١٩٥٧ م ، ٣٥ ص (ذخائر الشيعة).
٣٥
ـ الأربعون حديثا.
في المعارف ، مع
الشرح.
محمد سعيد بن
محمد مفيد القمي ، كان حيا سنة ١٠٩٩ ه.
تصحيح : الميرزا
علي خان العلي آبادي.
تقديم : السيد
نصر الله التقوي.
طهران.
٣٦
ـ الأربعون حديثا.
الشهيد الأول ،
محمد بن مكي العاملي (٧٣٤ ـ ٧٨٦ ه).
تحقيق : مدرسة
الإمام المهدي عليه
|
السلام.
قم : مدرسة
الإمام المهدي عليه السلام ، ١٤٠٧ ه.
٣٧
ـ الأربعون حديثا عن أربعين شيخا من أربعين صحابيا.
في فضائل الإمام
أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام.
منتجب الدين علي
بن عبيد الله بن بابويه الرازي (ق ٦ ه).
تحقيق : مدرسة
الإمام المهدي عليه السلام.
قم : مدرسة
الإمام المهدي عليه السلام ، ١٤٠٨ ه ، ٢٤ ص.
٣٨
ـ الأربعون حديثا عن الأربعين في فضائل أمير المؤمنين عليهالسلام.
الشيخ المفيد ،
محمد بن أحمد بن الحسين الخزاعي النيسابوري (ق ٥ ه).
تحقيق : مدرسة
الإمام المهدي عليه السلام.
قم : مدرسة
الإمام المهدي عليه السلام ، ط ١ ، ١٤١١ ه ، ٤٠ ص ، ٢٤ سم.
|
|
٣٩
ـ الأربعون حديثا في حقوق الأخوان.
ابن زهرة ، محمد
بن عبد الله الحسيني الحلبي (٥٦٥ ـ ٦٣٩ ه).
تحقيق : نبيل
رضا علوان.
قم: مؤسسة آل
البيت (عليهمالسلام) لإحياء التراث ، ط ١ ، ١٤٠٦ ه ، ١١٢ ص ، ٢٤ سم.
٤٠
ـ كتاب الأربعين المنتقى من مناقب المرتضى عليه رضوان العلي الأعلى.
أحمد بن إسماعيل
بن ذ الطالقاني القزويني (٥١٢ ـ ٥٩٠ ه).
تحقيق : عبد
العزيز الطباطبائي.
قم : تراثنا ، س
١ ، ع ١ ، (صيف ١٤٠٥ ه) ، ص ٩٣ ، ١٢٨.
٤١
ـ الأرجوزة اللطيفة في علوم البلاغة.
ميرزا محمد بن
محمد بن رضا بن إسماعيل ابن جمال الدين القمي المشهدي (ق ١١ ه).
تحقيق : محمد
رضا الحسيني الجلالي.
قم : تراثنا ، س
١ ، ع ٤ (ربيع ١٤٠٦ ه) ، ص ٢٠٩ ـ ٢١٧.
|
٤٢
ـ إرشاد الأذهان إلى أحكام الإيمان.
العلامة الحلي (ت
٧٢٦ ه).
تحقيق : فارس
الحسون.
قم : مؤسسة
النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين في الحوزة العلمية ، ١٤١٠ ه = ١٣٦٩ ه. ش
، ج ١ : ٥١١ ص ، ج ٢ : ٣٣٠ ص.
٤٣
ـ إرشاد الزراعة.
قاسم بن يوسف
أبو منصور الهروي.
باهتمام : محمد
مشيري.
جامعة طهران :
١٣٤٦ ه. ش (منشورات جامعة طهران ، ١١٣٤).
٤٤
ـ إرشاد الطالبين إلى نهج المسترشدين.
تحقيق : مهدي
الرجائي.
قم : مكتبة
السيد المرعشي ، ط ١ ، ١٤٠٥ ه = ١٣٦٣ ه. ش ، ٤٥٦ ص ، ٢٤ سم.
٤٥
ـ إرشاد العباد إلى استحباب لبس السواد على سيد الشهداء والأئمة الأمجاد عليهمالسلام.
أو : رسالة في
استحباب لبس السواد
|
|
على الحسين
والأئمة عليهمالسلام.
جعفر الطباطبائي
الحائري ـ حفيد صاحب (رياض المسائل) ـ (ت ١٣٢١ ه).
صححه وعلق عليه
: محمد رضا الحسيني الأعرجي الفحام.
قم : المطبعة
العلمية ، ط ١ ، ١٤٠٤ ه ، ٦٤ ص ، ٢١ سم.
٤٦
ـ الإرشاد في أحوال الصاحب الكافي إسماعيل بن عباد.
أبو القاسم أحمد
بن محمد الحسيني الأصفهاني.
باهتمام : جلال
الدين الطهراني.
طهران : ١٣٥٢ ه
= ١٣١٢ ه. ش ، ١٤٢ + ٥٦ ص ، ٢١ سم ، مع : (محاسن أصفهان).
٤٧
ـ الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد.
تحقيق : مؤسسة
آل البيت (عليهم السلام) لإحياء التراث.
قم: المؤتمر
العالمي لألفية الشيخ المفيد، ط ١ ، ١٤١٣ ه ، ٢ ج : ٣٦٣ + ٥٦٢ ص ، (مصنفات الشيخ
المفيد ، ١١).
|
٤٨
ـ إرشاد المسترشدين في أصول الدين.
فخر الدين محمد
بن الحسن بن يوسف ابن المطهر ، المعروف ب : فخر المحققين (٦٨٢ ـ ٧٧١ ه).
تحقيق : يعقوب
جعفري.
قم : كلام ، ع ٥
، ١٣٧٢ ه. ش ، ص ٢١ ـ ٣٢.
٤٩
ـ إرصاد الأدلة في معرفة الوقت والقبلة :
جعفر بن محمد بن
عبد الله الستري العوامي البحراني (١٢٨١ ـ ١٣٤٢ ه).
تحقيق : عبد
الأمير المؤمن.
قم : دار
الاعتصام ، ١٤١٣ ه.
٥٠
ـ الأسئلة والأجوبة.
رسالة إلى أبي
ريحان البيروني في أجوبة مسائل أنفذها إلى ابن سينا.
أبو ريحان
البيروني ، وابن سينا.
تصحيح : حسين
نصر ، ومهدي محقق.
طهران : شوراي
عالي فرهنك وهنر ، ١٩٧٠ م ، ٩٠ ص (مع مقدمة بالفارسية والإنجليزية).
|
|
٥١
ـ أساس الاقتباس.
نصير الدين
الطوسي.
تصحيح : مدرس
رضوي.
طهران : جامعة
طهران ، ١٣٢٦ ه. ش ، ٢ ، ٥٩٩ ص ، ٢٥ سم.
٥٢
ـ الاستشفاء بالتربة الشريفة الحسينية.
محمد بن محمد
إبراهيم الكلباسي
الأصفهاني (١٢٤٧
ـ ١٣١٥ ه).
تحقيق : حسين
غيب غلامي.
قم : ١٤١٣ ه.
٥٣
ـ الاستخارة من الكتاب المبين.
ميرزا أبو
المعالي بن محمد بن إبراهيم الكلباسي الأصفهاني (١٢٤٧ ـ ١٣١٥ ه).
تحقيق : مدرسة
الإمام المهدي عليه السلام.
قم : مدرسة
الإمام المهدي عليه السلام ، ١٤١١ ه.
٥٤
ـ استقصاء النظر في البحث عن القضاء والقدر.
العلامة الحلي (٦٤٨
ـ ٧٢٦ ه).
تحقيق : يعقوب
جعفري.
|
قم : كلام ، ع ٦
، ١٣٧٢ ه. ش ، ص ٣٤ ـ ٤٨.
٥٥
ـ أسرار الآيات.
صدر الدين
الشيرازي.
تصحيح : محمد
خواجوي.
طهران : أنجمن
فلسفة إيران ، ١٣٦٠ ه. ش ، ٢٤٦ ص.
٥٦
ـ أسرار الحكم.
ملا هادي
السبزواري.
تعليق وتقديم :
أبو الحسن الشعراني.
طهران : المكتبة
الإسلامية.
٥٧
ـ كتاب الأسرار وسر الأسرار.
محمد بن زكريا
الرازي (ت ٣١١ ه).
تحقيق : محمد
تقي دانش بزوه.
طهران : منشورات
جامعة طهران ، ط ١ ، ١٩٦٤ م ، ١٢٨ ص.
٥٨
ـ الإسطنبولية في الواجبات العينية.
أو : ما لا يسع
المكلف جهله.
الشهيد الثاني (٩١١
ـ ٩٦٥ ه).
تحقيق : أحمد
العابدي ، ورضا المختاري.
قم : تراثنا ، س
٦، ع ١ (٢٢) ،
|
|
١٤١١ ه ، ص ١٦٩ ـ
٢٠٤.
٥٩
ـ أسماء السور القرآنية.
ضمن مقطوعتين
أدبيتين في مدح النبي خير البرية.
إبراهيم بن علي
الحارثي العاملي
الكفعمي (ت ٩٠٥
ه).
إعداد : محمد
رضا الحائري.
قم : تراثنا ، س
٧ ، ع ٣ ، (٢٨) ، ١٤١٢ ه ، ص ١٩٣ ـ ٢٣٤.
٦٠
ـ أسمى المطالب في مناقب سيدنا علي بن أبي طالب.
شمس الدين محمد
بن محمد الجزري الشافعي (ت ٨٣٣ ه).
تقديم وتحقيق
وتعليق : محمد هادي الأميني.
أصفهان : مكتبة
الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام العامة ، ١٣٦١ ه. ش ،
١٦٠ ص ، ٢٤ سم.
٦١
ـ الإشراف.
الشيخ المفيد (ت
٤١٣ ه).
تحقيق : محمد
مهدي نجف.
قم : المؤتمر
العالمي لألفية الشيخ المفيد ، ط ١ ، ١٤١٣ ه ، ٤٨ ص
|
(مصنفات الشيخ
المفيد ، ٩).
٦٢
ـ أصل الأصول.
محمد نعيما
طالقاني ، كان حيا سنة ١١٥٢ ه.
تصحيح : جلال
الدين آشتياني.
مشهد : أنجمن
حكمت وفلسفة ، ١٩٧٦ م (منتخباتي أز آثار حكماي إلهي إيران ، ٣ : ٣٥٩ ـ ٥٤٢).
٦٣
ـ الأصول الستة عشر.
وهي تشمل على :
١ ـ أصل زيد بن
الزراد الكوفي.
٢ ـ أصل أبي
سعيد عباد العصفري.
٣ ـ أصل عاصم بن
حميد الحناط.
٤ ـ أصل زيد
النرسي.
٥ ـ أصل جعفر بن
محمد بن شريح الحضرمي.
٦ ـ أصل محمد بن
المثنى بن القاسم الحضرمي.
٧ ـ أصل عبد
الملك بن حكيم الخثعمي.
٨ ـ كتاب مثنى
بن الوليد الحناط.
٩ ـ كتاب خلاد
السندي.
١٠ ـ كتاب
الحسين بن عثمان بن شريك.
|
|
١١ ـ أصل سلام
بن أبي عمرة.
١٢ ـ كتاب عبد
الله بن يحيى الكاهلي.
١٣ ـ نوادر علي
بن أسباط.
١٤ ـ ديات ظريف
بن ناصح.
١٥ ـ مختصر أصل
العلاء بن رزين.
١٦ ـ ما وجد من
كتاب درست بن منصور.
باهتمام : حسن
المصطفوي.
طهران : ١٣٧١ ه
، ١٧٤ ص.
٦٤
ـ الأصول على النهج الحديث.
محمد حسين
الغروي الأصفهاني (١٢٩٦ ـ ١٣٦١ ه).
تحقيق : جماعة
المدرسين في الحوزة العلمية.
قم : مؤسسة
النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين في الحوزة ، ١٤٠٩ ه ،
ضمن : (بحوث في الأصول) للمؤلف.
٦٥
ـ أصول المعارف.
محمد بن شاه
مرتضى ، المعروف بالفيض الكاشاني (ت ١٠٩١ ه).
تعليق وتصحيح
وتقديم : جلال الدين آشتياني.
مشهد : كلية
الإلهيات والمعارف الإسلامية ، ١٣٥٤ ه. ش ، ٢٤ سم.
|
٦٦
ـ أطائب الكلم في بيان صلة الرحم.
حسن بن علي بن
عبد العالي الكركي العاملي.
إعداد : أحمد
الحسيني.
قم : ط ١ ، ١٣٩٤
ه ، ٤٧ ص ، ٢٤ سم.
٦٧
ـ أعاجيب الأكاذيب.
محمد جواد
البلاغي (١٢٨٢ ـ ١٣٥٢ ه).
إعداد : محمد
علي الحكيم.
قم : دار الإمام
السجاد عليهالسلام ، ١٤١٢ ه.
٦٨
ـ الاعتراض على من يثبت حدوث الأجسام من الجواهر.
الشريف المرتضى (ت
٤٣٦ ه).
إعداد : مهدي
الرجائي.
قم : دار القرآن
الكريم ، ١٤٠٥ ه.
(رسائل الشريف
المرتضى ، مج ٣ : ص ٣٢٩ ـ ٣٣٤).
٦٩
ـ اعتراضات أبي ريحان على أجوبة ابن سينا.
تحقيق : مهدي
محقق.
قم : بيدار ،
١٤٠٠ ه ، مع : رسائل ابن
|
|
سينا ، ص ٤٨١ ـ
٥١٩.
٧٠
ـ الاعتقادات.
الشيخ الصدوق (٣٨١
ه).
تحقيق : عصام
عبد السيد.
قم : المؤتمر العالمي
لألفية الشيخ المفيد ، ط ١ ، ١٤١٣ ه، ١٢٨ ص (مصنفات الشيخ المفيد ، ٥).
٧١
ـ الاعتقادات.
محمد باقر
المجلسي (ت ١١١٠ ه).
تحقيق : مهدي
الرجائي.
أصفهان : مكتبة
العلامة المجلسي ، ١٤٠٩ ه.
٧٢
ـ الاعتماد في شرح واجب الاعتقاد.
المقداد بن عبد
الله السيوري الحلي الأسدي (ت ٨٢٦ ه).
تحقيق : صفاء
الدين البصري.
مشهد : مجمع
البحوث الإسلامية ، ط ١ ، ١٤١٢ ه ، ١٧٥ ص ، ٢٤ سم.
٧٣
ـ الإعلام بحقيقة إسلام أمير المؤمنين عليهالسلام.
محمد بن علي بن
عثمان الكراجكي.
تحقيق : علي
موسى الكعبي.
|
قم : تراثنا ، س
٥ ، ع ٤ (٢١) ،١٤١٠ ه ، ص ٣٨٩ ـ ٤٢٠.
٧٤
ـ الإعلام بما اتفقت عليه الإمامية من الأحكام.
الشيخ المفيد (ت
٤١٣ ه).
تحقيق : محمد
الحسون.
قم : المؤتمر
العالمي لألفية الشيخ المفيد ، ط ١ ، ١٤١٣ ه ، ٨٠ ص
(مصنفات الشيخ المفيد ، ٩).
٧٥
ـ أعلام الدين في صفات المؤمنين.
الحسن بن أبي
الحسن الديلمي ، صاحب : إرشاد القلوب (ق ٨ ه).
تحقيق : مؤسسة
آل البيت (عليهم السلام) لإحياء التراث.
قم : مؤسسة آل
البيت (عليهمالسلام) لإحياء التراث ، ط ١ ، ١٤٠٨ ه = ١٣٦٧ ه. ش ، ٥٣٢ ص ، ٢٤ سم.
٧٦
ـ أعلام النبوة.
أبو حاتم الرازي.
تحقيق : صلاح
الصاوي ، وغلام رضا أعواني.
قدم له
بالإنجليزية : سيد حسين نصر.
طهران : أنجمن
فلسفة إيران ،
|
|
١٣٩٧ ه = ١٣٥٦ ه.
ش ، ٣٥٤ ص ، ٢٤ سم.
٧٧
ـ إعلام الورى بأعلام الهدى.
الفضل بن الحسن
الطبرسي (٤٦٨ ـ ٥٤٨ ه).
تصحيح : علي
أكبر الغفاري.
طهران : ١٣٣٨ ه.
ش ، ٤٦٣ ص.
٧٨
ـ كتاب إفاضة القدير في أحكام العصير.
شيخ الشريعة
الأصفهاني.
تصحيح : يحيى بن
محمد صالح العراقي.
قم : مطبعة مهر
، ١٣٧٠ ه ، ١٤٧ ص ، ٢١ سم.
٧٩
ـ إفحام الأعداء والخصوم بتكذيب ما افتروه على سيدتنا أم كلثوم عليها سلام
الملك الحي القيوم.
ناصر حسين
الموسوي الهندي.
تقديم وتحقيق
وتعليق : محمد هادي الأميني.
طهران : مكتبة
نينوى الحديثة ، د. ت ، ج ١ ، ١٨٦ ص ، ٢٤ سم.
|
٨٠
ـ الافصاح في إمامة أمير المؤمنين عليه السلام.
الشيخ المفيد (ت
٤١٣ ه).
تحقيق : قسم
الدراسات الإسلامية في مؤسسة البعثة.
قم : مؤسسة
البعثة ، ١٤١٢ ه.
٨١
ـ الافصاح في الإمامة.
الشيخ المفيد (ت
٤١٣ ه).
تحقيق : مؤسسة
البعثة.
قم : المؤتمر
العالمي لألفية الشيخ المفيد ، ط ١ ، ١٤١٣ ه ، ٢٨٨ ص
(مصنفات الشيخ المفيد ، ٨).
٨٢
ـ أفعال العباد بين الجبر والتفويض.
نصير الدين
الطوسي (٥٩٧ ـ ٦٧٢ ه).
باهتمام : عبد
الله نوراني.
طهران : مؤسسة
مطالعات إسلامي جامعة مك كيل وجامعة طهران ، ١٩٨٠ م ، مع : (تلخيص المحصل) وغيره
للمؤلف ، ص ٤٧٧ ـ ٤٧٨.
٨٣
ـ أفلاطون في الإسلام.
نصوص حققها وعلق
عليها :
|
|
عبد الرحمن بدوي.
طهران : مؤسسة
مطالعات إسلامي
جامعة مك كيل
وجامعة طهران ، ١٩٧٤ م ، ٣٥٢ ص.
٨٤
ـ أقاويل العرب في الجاهلية.
الشريف المرتضى (ت
٤٣٦ ه). إعداد : مهدي الرجائي.
قم : دار القرآن
الكريم ، ١٤٠٥ ه ، ١٠ ص ، (رسائل الشريف المرتضى ،
مج ص : ص ٢٢١ ـ ٢٣١).
٨٥
ـ أقسام المولى في اللسان.
الشيخ المفيد (ت
٤١٣ ه).
تحقيق : محمد
مهدي نجف.
قم : المؤتمر
العالمي لألفية الشيخ المفيد ، ط ١، ١٤١٣ ه، ٤٨ ص (مصنفات الشيخ المفيد ، ٨).
٨٦
ـ الأقطاب الفقهية على مذهب الإمامية.
ابن أبي جمهور
الأحسائي ، محمد بن علي بن إبراهيم الهجري الأحسائي (ق ٩ ه).
تحقيق : محمد
الحسون.
إشراف : محمود
المرعشي.
|
قم : مكتبة
السيد المرعشي ، ١٤١٠ ه ، ٢٠٦ ص.
٨٧
ـ أقل ما يجب الاعتقاد به.
نصير الدين
الطوسي (٥٩٧ ـ ٦٧٢ ه).
باهتمام : عبد
الله نوراني.
طهران : مؤسسة
مطالعات إسلامي مك كيل وجامعة طهران ، ١٩٨٠ م ، مع : (تلخيص المحصل) وغيره
للمؤلف ، ص ٤٧١ ـ ٤٧٢).
٨٨
ـ الأقوال الذهبية.
حميد الدين
كرماني.
تحقيق : صلاح
الصاوي.
تقديم : غلام
رضا أعواني.
طهران : جمعية
الفلسفة الإيرانية ، ١٣٩٧ ه ، ١٤٢ ص.
٨٩
ـ الألفاظ المستعملة في المنطق.
الفارابي ، محمد
بن محمد (ت ٣٣٩ ه).
نشره : محسن
مهدي.
بيروت : المطبعة
الكاثوليكية ، ط ١ ، ١٩٦٨ م ، ١٢٤ ص.
طهران : مكتبة
الزهراء ، ط ٣ ،
|
|
١٣٦٣ ه. ش ، ١٢٤
ص ، ٢٤ سم.
٩٠
ـ الألفية والنفلية في الصلاة اليومية.
الشهيد الأول (٧٣٤
ـ ٧٨٦ ه).
تحقيق : علي
الفاضل القائيني.
قم : مكتب
الإعلام الإسلامي ، ١٤٠٨ ه.
٩١
ـ الألواح العمادية.
شهاب الدين
السهروردي.
تصحيح : نجف قلي
حبيبي.
طهران : ١٣٩٧ ه (ثلاث
رسائل الشيخ الاشراق ، ص ١ ـ ٧٨).
٩٢
ـ الأمالي.
الشيخ المفيد (ت
٤١٣ ه).
تحقيق : حسين
الأستاد ولي ، وعلي أكبر الغفاري.
قم : مؤسسة
النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين في الحوزة العلمية ،
٤١٨ ص.
٩٣
ـ الإمامة.
أسد الله
الموسوي الأصفهاني بن محمد باقر الشفتي الجيلاني (١٢٢٧ ـ
١٢٩٠ ه).
|
تحقيق : مهدي
الرجائي.
أصفهان : مكتبة
مسجد حجة الإسلام الشفتي ، ١٤١١ ه.
٩٤
ـ الإمامة والتبصرة من الحيرة.
علي بن الحسين
بن موسى بن بابويه القمي (ت ٣٢٩ ه).
قم : مدرسة
الإمام المهدي عليه السلام ، ١٤٠٦ ه ، تحقيق : مدرسة
الإمام المهدي عليهالسلام).
بيروت : مؤسسة
آل البيت (عليهم السلام) لإحياء التراث ، ١٤٠٧ ه ، تحقيق : محمد رضا الحسيني).
٩٥
ـ الأمان من أخطار الأسفار والأزمان.
ابن طاووس ، رضي
الدين علي بن موسى بن جعفر الحسني (ت ٦٦٤ ه).
تحقيق : مؤسسة
آل البيت (عليهم السلام) لإحياء التراث.
قم : مؤسسة آل
البيت (عليهمالسلام) لإحياء التراث ، ط ١ ، ١٤٠٩ ه ، ٢٦٦ ص ، ٢٤ سم.
٩٦
ـ أمثال القرآن الكريم.
إعداد: ضياء
الدين الحدائق الشيرازي.
|
|
باهتمام : مهدي
ماحوزي.
إيران : ط ١ ،
١٣٦٣ ه. ش ، ٣٠٤ ص ، ٢١ سم.
٩٧
ـ أمل الآمل.
محمد بن الحسن
الحر العاملي (ت ١١٠٤ ه).
تحقيق : أحمد الحسيني.
بغداد : مكتبة
الأندلس ، ط ١ ، ١٣٨٥ ه = ١٩٦٦ م ، ٢ ج : ٢٤٢ +
٤٨٤ ص.
قم : ١٣٦٢ ه. ش
، ٢ ج ، ٢٤٢ + ٤٨٤ ص ، ٢٤ سم.
٩٨
ـ إنجاح المطالب.
شرح المنظومة
المحبية في علوم البلاغة.
محمد بن محمد
رضا القمي المشهدي (ق ١٢ ه).
تحقيق : محمد
رضا الحسيني الجلالي.
قم : تراثنا ، س
٦ ، ع ٤ ، ١٤١١ ه ، ص ١١٥ ـ ٢٤٢.
٩٩
ـ أنساب الأشراف.
البلاذري ، أحمد
بن يحيى (ت
|
٢٧٩ ه).
تحقيق : محمد
باقر المحمودي.
بيروت : ط ١ ،
١٩٧٧ م ، ج ٣ ، ٥٠١ ص.
١٠٠
ـ إنقاذ البشر من الجبر والقدر.
الشريف المرتضى (ت
٤٣٦ ه).
إعداد : مهدي
الرجائي.
قم : دار القرآن
الكريم ، ١٤٠٥ ه (رسائل الشريف المرتضى ، مج ٢ :
ص ١٧٨ ـ ٢٤٩).
١٠١
ـ أنموذج العالم.
جلال الدين محمد
بن أسعد الدواني (٨٣٠ ـ ٩٠٨ ه).
تحقيق : أحمد
التويسركاني.
مشهد: مجمع
البحوث الإسلامية، ١٤١١ ه (مع رسائل أخرى للمؤلف).
١٠٢
ـ أنوار البدرين في تراجم علماء القطيف والأحساء والبحرين.
علي بن حسن
البلادي البحراني (١٢٧٤ ـ ١٣٤٠ ه).
أشرف على طبعه
وتصحيحه : محمد علي محمد رضا الطبسي.
قم : مكتبة
السيد المرعشي ، ط ٢ ،
|
|
١٤٠٧ ه ، ٤٣٣ ص
، ٢٤ سم.
١٠٣
ـ الأنوار اللامعة في شرح الزيارة الجامعة.
عبد الله شبر
الحسيني (ت ١٢٤٢ ه).
تصحيح : جعفر
المحمودي.
مشهد : مؤسسة
البعثة ، ١٤٠٨ ه.
١٠٤
ـ أنوار الملكوت في شرح الياقوت العلامة الحلي (ت ٧٢٦ ه).
تصحيح : محمد
نجمي الزنجاني.
طهران : جامعة
طهران : ١٣٣٨ ه. ش ، ١٠٠ + ٢٤٩ ص ، (منشورات جامعة طهران ، ٥٤٣).
١٠٥
ـ أنوار الولاية.
زين العابدين
الكلبايكاني (١٢١٨ ـ ١٢٨٩ ه).
هذا الكتاب
عبارة عن ثمان رسائل ، سميت بهذا الاسم من قبل لجنة التحقيق ،
وهذه الرسائل هي :
١ ـ كتاب : روح
الإيمان ، في شرح حديث : (لو اجتمع الناس على حب علي
ما خلق الله النار).
٢ ـ رسالة في
تحقيق حال الصراط.
٣ ـ رسالة في شرح
حديث إسلام
|
أعرابي بعد
شهادة الضب.
٤ ـ رسالة في
علم الإمام المعصوم وسعته.
٥ ـ رسالة في
شرح حديث المعرفة.
٦ ـ رسالة في
فضل محبة أمير المؤمنين علي عليهالسلام ومعنى الحب له.
٧ ـ رسالة في
تحقيق حال علم المعصومين عليهمالسلام بالموضوعات.
٨ ـ رسالة :
إيضاح الجوامع ، في شرح الخطبة النبوية في فضائل شهر رمضان المبارك.
إيران : ١٤٠٩ ه.
١٠٦
ـ إهداء الحقير في معنى حديث الغدير إلى أخيه البارع البصير.
مرتضى بن أحمد
بن محمد الحسيني الخسروشاهي التبريزي.
باهتمام : هادي
الخسروشاهي.
قم : ١٣٩٨ ه.
١٠٧
ـ أوائل المقالات في المذاهب المختارات.
الشيخ المفيد (ت
٤١٣ ه).
طهران : مؤسسة
مطالعات إسلامي جامعة مك كيل وجامعة طهران ، ١٤١٣ ه ، ٩٥ ص (مقدمة بالفارسية) +
|
|
١٨٢ ص + ٨ ص (لاتيني)
(باهتمام : مهدي محقق).
قم : المؤتمر
العالمي لألفية الشيخ المفيد ، ١٤١٣ ه ، ١٤٠ ص (تحقيق : إبراهيم الأنصاري
الزنجاني) (مصنفات الشيخ المفيد ، ٤).
١٠٨
ـ الايجاز في الفرائض والموارث.
الشيخ الطوسي ،
محمد بن الحسن (ت ٤٦٠ ه).
تحقيق : هادي
الأميني.
النجف : مطبعة
دار الحكمة ، ط ١ ، ١٩٦٣ م ، ٣٢ ص.
قم : مؤسسة
النشر الإسلامي ، (الرسائل العشر ، ص ٢٦٧ ـ ٢٨١) (تصحيح : رضا الأستادي).
١٠٩
ـ الايضاح.
الفضل بن شاذان
الأزدي النيسابوري (ت ٢٦٠ ه).
حققه وخرج
أحاديثه وقدم له : السيد جلال الدين الحسيني الأرموي المحدث.
طهران : جامعة
طهران ، ١٣٥١ ه. ش ، ١٠٢ ، ٦٧٦ ص ، (منشورات جامعة طهران ، ١٣٤٧).
|
١١٠
ـ إيضاح ترددات الشرائع.
جعفر بن الزهدري
الحلي (ق ٨ ه).
تحقيق : مهدي
الرجائي.
إشراف : محمود
المرعشي.
قم : مكتبة
السيد المرعشي ، ط ١ ، ١٤٠٨ ه ، ٢ ج في ١ مج.
١١١
ـ الايقاد.
محمد علي بن
محمد الحسيني الشاه عبد العظيمي النجفي (١٢٥٨ ـ
١٣٣٤ ه).
قم : منشورات
الفيروزآبادي ، ١٤١١ ه.
١١٢
ـ إيقاظ النائمين.
صدر الدين
الشيرازي.
تقديم وتصحيح :
محسن مؤيدي.
طهران : مؤسسة
التحقيقات والبحوث
الإسلامية ،
١٣٦١ ه. ش ، ٣٢ ، ٨٧ ص.
١١٣
ـ إيمان أبو طالب.
الشيخ المفيد (ت
٤١٣ ه).
تحقيق : مؤسسة
البعثة.
قم : مؤسسة
البعثة ، ١٤١٢ ه.
قم : المؤتمر
العالمي لألفية الشيخ
|
|
المفيد ط ١ ،
١٤١٣ ه ، ٤٨ ص
(مصنفات الشيخ المفيد ١٠).
١١٤
ـ الباقيات الصالحات.
في أصول الدين
الإسلامي على مذهب الشيعة الإمامية الاثني عشرية.
محمد هادي
الخراساني الحائري (١٢٩٧ ـ ١٣٦٨ ه).
تقديم : محمد
رضا الحسيني الجلالي.
قم : تراثنا س ٧
، ع ١ (٢٦) ، ١٤١٢ ه ، ص ١٩١ ـ ٢٢٥.
١١٥
ـ بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار.
محمد باقر بن
محمد تقي المجلسي (١٠٣٧ ـ ١١١٠ ه).
تحقيق : محمد
باقر المحمودي.
طهران : وزارة
الثقافة والإرشاد الإسلامي ، ١٠٤٧ ه ، ج ٣٢ ، ١٤٠٩ ه ، ج ٣٣ ، ١٤١٣ ه ، ج ٣٤.
١١٦
ـ بحوث في الفقه.
محمد حسين
الغروي الأصفهاني.
تحقيق : مؤسسة
النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين في الحوزة العلمية.
|
قم : مؤسسة
النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين في الحوزة العلمية ، ١٤٠٩ ه.
١١٧
ـ بداية الهداية ولب الوسائل.
محمد بن الحسن ،
الحر العاملي (ت ١١٠٤ ه).
تحقيق : محمد
علي الأنصاري.
قم : مؤسسة آل
البيت (عليهمالسلام) لإحياء التراث ، ١٠٤٧ ه.
١١٨
ـ البراهين الجلية في رفع تشكيكات الوهابية.
محمد حسن
القزويني.
تحقيق: محمد
منير الحسيني الميلاني.
بيروت : دار
القارئ ط ١ ، ١٠٤٧ ه.
١١٩
ـ برهان السالكين.
عبد الحسين ذو
الرياستين نعمت اللهي مؤنس علي شاه.
باهتمام : جواد
نور بخش.
طهران : خانقاه
نعمت اللهي ، ١٩٧٦ م، ١٢، ٢٩٠ ص، (انتشارات خانقاه أحمد).
|
|
١٢٠
ـ بشارات الشيعة.
محمد إسماعيل
المازندراني الخواجوئي (ت ١١٧٣ ه).
تحقيق : مهدي
الرجائي.
قم : دار الكتاب
الإسلامي ، ط ١ ، ١٤١١ ه (الرسائل الاعتقادية ١ : ١ ـ
٢٤٧).
١٢١
ـ بصائر الدرجات في فضائل آل محمد.
محمد بن الحسن
بن فروخ الصفار القمي (ت ٢٩٠ ه).
تصحيح : ميرزا محسن
كوجه باغي التبريزي.
قم : مكتبة
السيد المرعشي ، ١٤٠٤ ه ، ١٨ + ٥٥٧ ص (أوفسيت).
١٢٢
ـ بقاء النفس بعد بوار البدن.
نصير الدين
الطوسي (٥٩٧ ـ ٦٧٢ ه).
باهتمام : عبد
الله نوراني.
طهران : مؤسسة
مطالعات إسلامي جامعة مك كيل وجامعة طهران ، ١٩٨٠ م ، مع : (تلخيص المحصل) وغيره
للمؤلف ، ص ٤٨٥ ـ ٤٩٠).
|
١٢٣
ـ بلغة المحدثين.
سليمان بن عبد
الله الماحوزي.
تحقيق : عبد
الزهراء العويناتي البلادي.
قم : مطبعة سيد
الشهداء ، ١٤١٢ ه ، مع : (معراج أهل الكمال) للمؤلف.
١٢٤
ـ بناء المقالة الفاطمية في نقض الرسالة العثمانية.
جمال الدين أحمد
بن موسى بن طاووس الحسني الحلي (ت ٦٧٣ ه).
تحقيق : علي
العدناني الغريفي.
قم : مؤسسة آل
البيت (عليهمالسلام) لإحياء التراث ، ١٤١١ ه ، ٥٣٥ ص ، ٢٤ سم.
١٢٥
ـ بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة.
محمد تقي بن
كاظم التستري.
تحقيق : أحمد
باكتجي.
طهران : مؤسسة
نهج البلاغة ، ١٤٠٩ ه ، ج ١.
١٢٦
ـ بهجة الآمال في شرح زبدة المقال.
ملا علي
العلياري التبريزي (١٢٣٦ ـ
|
|
١٣٢٧ ه).
تصحيح : هداية
الله المسترحمي.
قم : مؤسسة
الثقافة الإسلامية ، ط ١ ، ١٣٦٤ ه. ش ، ٥ ج ، ٢٤ سم.
١٢٧
ـ البيان.
في الفقه.
الشهيد الأول ،
محمد بن مكي الجزيني العاملي.
تحقيق : محمد
الحسون.
قم : مؤسسة
الإمام المهدي عليه السلام الثقافية ، ١٤١٢ ه ، ٤٠٨ ص.
١٢٨
ـ بيان الحق بضمان الصدق: المنطق.
١ ـ المدخل.
أبو العباس فضل
بن محمد اللوكري.
تحقيق : إبراهيم
الديباجي.
طهران : أمير
كبير ، ط ١ ، ١٣٦٤ ه. ش ، ٢٤٢ ص ، ٢٤ سم.
١٢٩
ـ البيان في أخبار صاحب الزمان عليه السلام.
محمد بن يوسف
الكنجي الشافعي (ت ٦٥٨ ه).
النجف : المطبعة
الحيدرية ، ١٩٧٠ م ،
|
مع : (كفاية
الطالب) للمؤلف (تحقيق : محمد هادي الأميني).
قم : مؤسسة
النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين في الحوزة العلمية ، ١٤٠٩ ه ، مع : (أحاديث
المهدي من مسند أحمد بن حنبل) (تحقيق :
محمد جواد الحسيني الجلالي).
١٣٠
ـ البيان في شرح غريب القرآن.
قاسم بن حسن
محيي الدين.
تحقيق : مرتضى
الحكمي.
النجف : المطبعة
العلمية ، ١٩٥٥ م ، ٣ ج.
١٣١
ـ تأويل الآيات الظاهرة في فضائل العترة الطاهرة.
شرف الدين علي
الحسيني الأسترآبادي النجفي (ق ١٠ ه).
تحقيق : مدرسة
الإمام المهدي عليه السلام.
قم : مدرسة
الإمام المهدي عليه السلام ، ١٤٠٩ ه ، ج ٢.
١٣٢
ـ تاج المصادر.
في اللغة.
أبو جعفر أحمد بن
علي بن محمد
|
|
المقري البيهقي
السبزواري.
تصحيح : هادي
عالم زاده.
طهران : وزارة
الثقافة والتعليم العالي ، ١٣٦٦ ه. ش ، ج ١ : ٥٦٠ ص ، ٢٤ سم.
١٣٣
ـ تاريخ أهل البيت عليهمالسلام.
نقلا عن الأئمة:
الباقر والصادق والرضا والعسكري عن آبائهم عليهمالسلام.
برواية : نصر
الجهضمي ، والفريابي ، وابن أبي الثلج ، والعمي، وابن همام ،
والخصيبي ، والذراع ، وابن الخشاب ، وابن النجار، وابن طاوس، والأربلي، وغيرهم.
تحقيق : السيد
محمد رضا الحسيني.
قم : مؤسسة آل
البيت (عليهمالسلام) لإحياء التراث ، ط ١ ، ١٤١٠ ه ، ٢٢٧ ص ، ٢٤ سم.
١٣٤
ـ تاريخ حصر الاجتهاد.
آقا بزرك
الطهراني (ت ١٣٨٩ ه).
تحقيق : محمد
علي الأنصاري.
قم : مطبعة
الخيام ، ١٣٠ ص ٢٤ سم.
١٣٥
ـ تاريخ نيسابور.
(المنتخب من
السياق).
|
عبد الغافر بن
إسماعيل الفارسي (٤٥١ ـ ٥٢٩ ه).
انتخاب :
إبراهيم بن محمد بن الأزهر الصريفيني.
إعداد : محمد
كاظم المحمودي.
قم : جماعة
المدرسين في الحوزة ، ج ١.
١٣٦
ـ تبصرة المتعلمين في أحكام الدين.
العلامة الحلي (ت
٧٢٦ ه).
تحقيق : أحمد
الحسيني ، وهادي اليوسفي.
قم : مجمع
الذخائر الإسلامية ، ١٣٦١ ه. ش ، ٢٣٠ ص ، ٢٤ سم.
١٣٧
ـ تبصرة الولي فيمن رأى القائم المهدي عليهالسلام.
هاشم بن سليمان
البحراني (ت ١١٠٧ ه).
تحقيق: مؤسسة
المعارف الإسلامية.
قم : مؤسسة
المعارف الإسلامية ، ١٤١١ ه.
١٣٨
ـ تبيان المسالك في باب الوجود والموجود.
ميرزا أحمد
الآشتياني (ت ١٣٩٥ ه).
|
|
تصحيح : رضا
الأستادي.
قم : نور علم ،
ع ١٠ ، ١٤٠٥ ه ، ص ١٢٧ ـ ١٤٢.
١٣٩
ـ تتمة اليتيمة.
أبو منصور عبد
الملك الثعالبي النيشابوري.
باهتمام : عباس
إقبال آشتياني.
طهران : ١٣٥٣ ه
، ٢ ج ، ١٦٨ + ١٢٨ ص.
١٤٠
ـ تتميم أمل الآمل.
عبد النبي
القزويني (ق ١٢ ه).
تحقيق : أحمد
الحسيني.
باهتمام : محمود
المرعشي.
قم : مكتبة
السيد المرعشي، ط ١، ١٤٠٧ ه، ٢٢٢ ص، ٢٤ سم(مخطوطات مكتبة آية الله المرعشي
العامة ، ١٦).
للبحث صلة ...
|
من ذخائر التراث

المقدمة :
بسم الله الرحمن الرحيم
ترجمة المؤلف
اسمه ولقبه ونسبه
:
سماه أبوه (علي
نقي) وعرف ب : (هادي) ويذكر ب : (الميرزا هادي)
و (محمد هادي).
الحسيني ،
الخراساني ، البجستاني ، الحائري.
ابن العالم العامل
التقي ، العلامة الورع الجليل السيد الأمير علي
الحسيني ، البجستاني ، ابن السيد محمد ، بن الأمير أبي طالب ، بن الأمير
كلان ، وهذا الجد الأعلى هو من الشخصيات المرموقة في مدينة (بجستان) من
توابع محافظة خراسان.
ولادته ومنشؤه :
ولد السيد المؤلف
في كربلاء المقدسة ، في غرة ذي الحجة الحرام سنة ١٢٩٧ ه.
نشأ في مسقط رأسه
، ودخل الكتاب ، فأتقن القراءة والكتابة ، وهو ابن سبع
سنين ، وانتهى في سنة ١٣٠٩ من دراسة أوليات الأدب من النحو والصرف ،
حيث هاجر به والده إلى خراسان.
دراسته :
ومكث في مشهد
الإمام الرضا عليهالسلام من سنة ١٣٠٩ ـ ١٣١٤ ه ،
مكبا على تحصيل المقدمات لدى أساتذتها ، وإكمال الكتب الأدبية كالألفية
والكافية والشافية وشروحها ، والمغني والمطول ، وعلوم المنطق والأصول ،
والرياضيات ، والأخلاق والآداب ، في كتبها المتداولة ، ومن بين أساتذته :
السيد والده ، والأديب النيشابوري الكبير.
ورجع سنة ١٣١٤ ه
إلى كربلاء ، وانقطع إلى دراسة الفقه والأصول ،
وفي شوال سنة ١٣١٥ ه هاجر إلى النجف الأشرف ، حاضرة العلم ، فاشتغل
بتكميل كتب السطوح العالية ، مضافا إلى حضور دروس المعقول عند أساتذته ،
منهم : الشيخ ميرزا محمد باقر الاصطهباناتي ، الشهيد سنة ١٣٢٦ في شيراز.
ثم بدأ بحضور دروس
الخارج في الفقه والأصول على أعلام النجف من
الفقهاء والأصوليين ، منهم : شيخ الشريعة فتح الله الغروي الأصفهاني
الشيرازي (ت ١٣٣٩ ه) ، والمحقق الآخوند الخراساني المولى محمد كاظم ،
صاحب (الكفاية) ت (١٣٢٩ ه) ، والفقيه المرجع السيد محمد كاظم
الطباطبائي اليزدي (ت ١٣٣٨ ه).
وجد في التحصيل في
النجف طيلة خمس سنوات من دون انقطاع ،
حتى هاجر في سنة ١٣٢٠ ه إلى سامراء ، فبقي هناك بطلب من كبير علمائها
الشيخ ميرزا محمد تقي الشيرازي زعيم ثورة العشرين ، والسيد ميرزا علي
آقا نجل السيد المجدد ، فأقام في سامراء مشتغلا بالحضور لدى الشيخ
الشيرازي ، وكان يعد من أفاضل تلامذته المرموقين ، وقام بتدريس الخارج فقها
وأصولا ، كما درس المعقول الكلام.
جهاده :
وقد اشترك مع شيخه
التقي المجاهد في عدة قضايا اجتماعية أدت به
إحداها سنة ١٣٣٠ ه إلى السجن في بغداد ، بصفته الناطق عن الشيخ.
ولما استعر أوار
الحرب العالمية الأولى سنة ١٣٣٣ ه انتدبه أستاذه
الشيخ التقي ليمثله في بعض المهمات الخاصة ، وأوفده إلى إيران.
وفي شهر شوال من
سنة ١٣٣٥ ه خرج بصحبة الشيخ الأستاذ مهاجرين
من سامراء ، وأقاموا مدة في الكاظمية ، والسيد يلازمه ملازمة الظل ، حتى وردوا
كربلاء في ١٨ صفر ١٣٣٦ ه.
ولما دخل الشيخ
التقي معمعة الجهاد المقدس ، دفاع عن حوزة
الإسلام وكرامة المسلمين ، ضد الإنكليز الكفرة المحتلين ، كان السيد إلى
جانبه ، طول المدة التي وقف فيها علماء الإسلام ، حتى توفي زعيم الثورة
الشيخ التقي في الثالث من ذي الحجة سنة ١٣٣٨ ه.
وفي ما خلفه السيد
من أوراق ومؤلفات نتف من المذكرات الهامة حول
ذلك الجهاد المقدس.
مرجعيته :
وعندما استقرت
الأوضاع ، انقطع السيد إلى التدريس والتأليف ،
والإفتاء ، وقضاء أمور المؤمنين ، فكانت له الزعامة العلمية في كربلاء ، وقلده جماعة
من أهلها ، كما قلده جمع من أهالي بغداد وخراسان وطهران ، وكان يعد من كبار فقهاء
الطائفة وأصولييها ، مع التبحر في العلوم العقلية ، والكلامية ، وعلوم القرآن
والحديث.
وله مواقف نضالية
في مواجهة الحكومة العراقية ، في قضايا خاصة ،
مذكورة في تاريخ حياته.
وكذلك في الدفاع
عن حريم أهل البيت عليهمالسلام عندما أقدم
الوهابيون الجهلة على هدم قبورهم في المدينة المنورة ، فكان للسيد المؤلف
سعي بليغ في إثارة الأمة لاستنكار هذه الجريمة النكراء ، كما جد في فضح
القائمين بها بالكتب التي ألفها ردا عليها ، ومنها كتاب (دعوة الحق إلى أئمة الخلق).
ووقف من تصرفات
شاه إيران الأسبق ، المشبوهة ، والهادفة لمحو آثار
الديانة ، ومسخ الشعب الإيراني المسلم ، وعلمنة البلد ، وقفة حازمة ، فكانت
له مساجلات ومناقشات حادة مع الشاه نفسه ، ومع جلاوزته وأعوانه ، كما كان
يثير الأمة وعلمائها للتحرك ضد تلك الإجراءات الفاسقة.
كلمات الأعلام في
حقه :
قد مر ذكر أغلب ما
قيل في حقه من هذه الكلمات ص ٨٧ ـ ٨٩ من
مقالنا المنشور في أول هذا العدد ، وفيما يلي نثبت منها ما لم نذكره هناك :
قال السيد
الأصفهاني : الإمام .
وقال الإمام الشيخ
الشيرازي : الورع البارع الهادي المهدي .
وفاته :
وبعد عمر مبارك
قضاه السيد بين التحصيل ، والتأليف ، والجهاد ، والفتوى ، والعمل لله ، قضى نحبه
في ١٢ ربيع الأول ١٣٦٨ ه عن عمر يناهز السبعين عاما.
ورثاه الشعراء
والخطباء ، وأبنه العلماء ، وممن أرخ وفاته العالم المرحوم
__________________
الشيخ عبد الحسين
الحويزي في قوله :
عن هذه الدنيا
مضى سيد
|
|
ساد الورى بالجد
والجد
|
نواحسا أيامها
أصبحت
|
|
مذ غاب نجم
اليمن والسعد
|
إذ كان نورا
ومنارا به
|
|
للخلق يزهو منهج
الرشد
|
والعلم أضحى
جيده عاطلا
|
|
وأنبت سمط جوهر
العقد
|
أروع في تاريخه
: (ماجد
|
|
هاد البرايا قر
في الخلد).
|
مشايخه في العلم
والرواية :
١ ـ السيد والده ،
العلامة التقي السيد علي البجستاني ، أخذ منه بعض
مقدمات العلوم.
٢ ـ الأديب
النيشابوري الكبير ، در عنده الكتب الأدبية في مشهد.
٣ ـ الشيخ محمد
كاظم الخراساني الآخوند ، صاحب كفاية الأصول ،
وقد شرحها السيد بشروح ثلاثة ، حضر عليه في النجف الأشرف.
٤ ـ السيد محمد
كاظم الطباطبائي اليزدي ، صاحب العروة الوثقى ،
حضر عليه برهة في النجف الأشرف ، وشرح كتابه العروة.
٥ ـ الشيخ محمد
تقي الشيرازي الحائري ، زعيم ثورة العشرين العراقية ،
وقد أجازه بالاجتهاد ، والرواية المدبجة.
٦ ـ الشيخ فتح
الله الغروي ، شيخ الشريعة الأصفهاني ، الشيرازي ، وقد
أجازه برواية الحديث.
٧ ـ الشيخ محمد
حسن ، الشهير بكبة ، البغدادي ، وهو من مشايخ
إجازته في الحديث.
٨ ـ السيد حسن
الصدر العاملي الكاظمي ، وهو من مشايخ إجازته في الحديث.
٩ ـ السيد إبراهيم
الرواي الشافعي البغدادي ، وهو من علماء العامة ،
وقد أجازه برواية الحديث من طرقهم.
١٠ ـ الشيخ فضل
الله المازندراني ، من أفاضل علماء كربلاء ، وقد أجازه
بالاجتهاد والرواية.
تلامذته والراوون
عنه :
١ ـ الشيخ آقا
بزرك الطهراني (ت ١٣٨٩ ه) وهو زميل السيد المؤلف في
الدراسة ، وإنما تبادلا الإجازة لرواية الحديث ، فهي بينهما مدبجة.
٢ ـ السيد محمد
مهدي الأصفهاني الكاظمي ، من علماء الكاظمية
والمؤلفين المكثرين ، وقد حضر على السيد المؤلف برهة في كربلاء ، وحصل
منه على إجازة الحديث.
٣ ـ السيد محمد
طاهر البحراني البوشهري ، من علماء كربلاء وأئمة
الجماعة فيها.
٤ ـ السيد مهدي بن
السيد حبيب الشيرازي ، من علماء كربلاء وأئمتها
في الجماعة ، يروي عن السيد المؤلف بالإجازة ، كما ذكره المجاز في إجازته
لسماحة السيد الكاشاني دام ظله.
٥ ـ الشيخ محمد
علي سيبويه اليزدي ، من أئمة كربلاء في الجماعة.
٦ ـ الشيخ محمد
علي الأوردبادي الغروي ، من علماء النجف وأدبائها
والمحققين البارعين ، توفي سنة ١٣٨٠ ه.
٧ ـ السيد علي نقي
اللكنوي الهندي ، استجاز السيد المؤلف في رواية
الحديث.
٨ ـ السيد محمد
صادق بحر العلوم النجفي ، من العلماء المحققين ،
يروي عن السيد المؤلف بالإجازة.
٩ ـ السيد محسن
الحسيني الجلالي الكشميري (ت ١٣٩٦ ه) ، من
مدرسي الفقه في
كربلاء ، وكان إمام الحرمين الحسيني والعباسي ، وهو صهر
السيد المؤلف.
١٠ ـ السيد شهاب
الدين المرعشي النجفي (ت ١٤١١ ه) ، من علماء
مدينة قم ومراجعها ، يروي عن السيد المؤلف بالإجازة.
هذا الكتاب وعملي
فيه :
أحتفظ في مكتبتي
بمجلد مخطوط يحتوي على عدة كتب كلها بخطي ،
وأكثرها من مؤلفات جدي ـ أبي والدتي ـ سماحة آية الله العظمى السيد
الخراساني رحمهالله ، وهي :
١
ـ مرقاة الثقات في تمييز المشتركات.
وهو أوسع مؤلف
يعالج مشكلة التمييز بين الأسماء الرجالية المشتركة بين
أكثر من واحد ، بتعيين الراوي والمروي عنه.
وقد انتهيت من
استنساخه في شهر رمضان سنة ١٣٨٦ ه.
٢
ـ علم الإنسان بخلق القرآن.
رسالة تعالج موضوع
خلق القرآن في نظر الشيعة الإمامية ، وهو من نوادر
الرسائل في هذا الموضوع ، وهو قيد الإعداد من قبل كاتب هذه السطور.
٣
ـ إفراط الغم والهمة في إفراد العم وجمع العمة.
يبحث عن حكمة
إفراد كلمة (عم) وجمع كلمة (عمة) في آية : (وبنات
عمك وبنات عماتك ...).
وقد ألف السبكي من
العامة رسالة في ذلك باسم : (بذل الهمة في إفراد
العم وجمع العمة).
٤
ـ الأسئلة اللطيفة من الذروة الشريفة.
إجابة لخمسة أسئلة
عن مواضيع متفرقة بطرز ظريف ، ألفها المصنف في
ذي القعدة الحرام سنة ١٣٤٩ ه.
٥
ـ رسالة في البحث عن (عرض الجنة) والجمع بين آياتها الواردة في
القرآن الكريم.
٦
ـ عروض البلاء على الأولياء.
وهي الرسالة التي
نقدمها ، ونقدم لها بهذه الأسطر.
ملاحظة السيد بحر
العلوم :
إن فضيلة العلامة
المحقق الحجة السيد محمد صادق بحر العلوم رحمه
الله ، اطلع على هذه المجموعة فاستعارها مني ، واستنسخ هذه الرسائل الصغار
من خطي ليضيفها في آخر مجموعة من مجاميعه التي كان يرغب ويتمنى أن تبلغ أربع عشر ،
بعدد المعصومين عليهمالسلام ، وقد وفق إلى ذلك بحصوله على هذه الرسائل.
ولما أعاد إلي
المجموعة وجدتها موشحة بملاحظات تصحيحية بقلمه
الشريف وبخطه الجميل ، وفي هذه الرسالة بالخصوص كثير من ذلك.
وقد التزمت بتلك
الملاحظات في طبع هذا الكتاب ، اعتزازا بها ، وتثمينا
لجهده ، وسجلنا ذلك هنا تخليدا لذكره ، رحمهالله وتغمده بالمغفرة والرضوان.
وكنت قد اتصلت به
في سنة ١٣٩٤ ه بغرض الاستفادة من نسخة كانت
عنده من (المكاسب) للشيخ الأنصاري ، وكانت مصححة على خط الشيخ
نفسه رحمهالله ، وذلك اثنا تدريسي للكتاب.
فلما عرفني ،
وعرفت أنه من المجازين من سماحة جدي السيد الخراساني رحمهالله ، استجزته ، فأجازني ب (الإجازة الجلالية) المبسوطة ، وهي
محفوظة بخطه عندي.
وتوطدت علاقتي
بالسيد ، بعد أن ضعفت قواه وفقد بصره ، وانقطعت
زيارة الآخرين إياه ، فكنت لوحدي ، أستفيد من مكتبته العامرة ، ويبث إلي
أحزانه وشجونه ، وقد أجازني في آخر عمره بإجازة فريدة تحتوي على تطبيق
(الطرق الثمانية)
بأسرها.
وقد توفي السيد
الصادق في الحادي والعشرين من شهر رجب المرجب
سنة ١٣٩٩ ه ، خلال الأزمة العاصفة بالعراق ، فلم يؤد له ما يستحق من
التبجيل والتكريم ، وفي العزم أن نسجل له (ذكرى) تخلده.
رحمهالله وجزاه خيرا بما قدم من خدمات للعلم والتراث.
عملي في الكتاب :
١ ـ قمت بتقطيع
الكتاب ، وتنقيطه بالعلامات ، وضبطه بالحركات ، تسهيلا لقراءته.
٢ ـ بما أن المصنف
لا يلتزم بوضع النقط في الكتابة ، ويستعمل
الاختزال في كثير من الكلمات ، فيما لم يعهد فيه مثل ذلك ، فقد حاولت تعديل
كل ذلك وفك الاختزال ، وإثبات الصورة المتداولة للكلمات.
كما عدلت ما وقع
في الكتاب من التأنيث والتذكير والإشارة طبقا للقواعد
العربية ، وابتعادا عن العجمة التي قد تحدث على أثر السرعة أو المسامحة أو الغفلة.
ومما عملته في
الكتاب هو إظهار بعض الضمائر ، التي كان وجودها مؤديا
إلى تعقيد العبارة ، وكذلك بعض التقديم والتأخير ، فرارا عن الإرباك.
كل ذلك من دون
إخلال بالمعاني ، ولا تحريف أو تصحيف في
الألفاظ ، ولا نقص في شئ منها.
٣ ـ وكانت لي تعليقات
معدودة ، غرضي منها توضيح المقصود ،
ومساعدة القارئ على المطالعة الواضحة ، والتنبيه على المعاني العميقة التي
تختفي وراء عبارة الكتاب.
وبعد :
فهذا ما ساعدني
التوفيق على تقديمه لهذه الرسالة الشريفة ، الفريدة في بابها.
ولم أتحدث هنا عن
موضوع الكتاب اكتفاءا بما كتبته في في دراسة موسعة
عنه بعنوان : (علم الأئمة بالغيب والاعتراض عليه بالإلقاء إلى التهلكة
والإجابات عنه عبر التاريخ) المنشور في هذا العدد ، ص ٧ ـ ١٠٧.
وأنا أرجو بما
أكتبه الزلفى عند الله يوم نلقاه.
والحمد لله رب
العالمين ، وصلى الله على سيدنا محمد ، وعلى أهل بيته
الطيبين الطاهرين.
حرر في العشرين من
شهر جمادى الآخرة سنة خمسة عشر وأربعمائة وألف.
|
وكتب
السيد محمد رضا الحسيني الجلالي
في قم المقدسة.
|
عروض البلاء على الأولياء
بسم الله الرحمن الرحيم
إنما أذن الله
تعالى ، ورضي أولياؤه بعروض البلايا ، ووقع المظالم
عليهم ، وصبروا ، وسلموا أنفسهم ، حتى تسلط الأشرار والكفار عليهم ، ولم يسببوا
الموانع والمدافع ، حتى أنهم لم يسألوا الله تبارك وتعالى في كشف الكروب وهلاك
الأعداء.
بل قال الخليل عليهالسلام ـ بعد سؤال جبرئيل
ـ :(علمه
بحالي يكفي عن سؤالي).
وأعظم من ذلك قول
الحسين عليهالسلام : (هون
ما نزل بي أنه بعين الله).
كل ذلك لوجوه :
الأول
وهو أفضلها
للفناء المحض ،
وكمال العبودية لله تعالى ، وعدم الاعتناء بما سواه ،
وأنه لا يرى نفسه شيئا ، وذهل عن نفسه مع كمال قربه ، فكيف يتوجه
إلى عدوه مع كمال بعده؟!
فيعد الشكوى ،
والانضجار ، والدعاء عليه ، توجها إلى ما سوى
الواحد الأحد المحبوب الصمد ، وذلك انحطاطا لمرتبته الشامخة ، بل منقاضة لفنائه
المحض.
الثاني
لأن الرضا
والتسليم لمشيئة الله تعالى من أعلى مراتب العبادة.
وذلك مناف
للمعالجة في الدفع.
الثالث
للعلم بعموم قدرته
، وكمال حكمته ، وأنه تعالى لا يعزب عن عمله
مثقال ذرة ، ولا يتصرف أحد من سلطانه أقل من رأس إبرة ، وأن الملك له ،
لا شريك له ، وأنه لولا المصلحة التامة لا يوجد شئ في العالم ، لأنه
__________________
بشراشره في حيطة تصرفه ، ومداره على وفق حكمته.
فكل ما يقع من
الكائنات لا بد وأن يكون بعلم سابق من الله ، وتقدير
أزلي ، وقضاء حتمي ، وخيره أكثر من شره.
وإلا ، لكانت
الحكمة الإلهية ، والقوة الربانية مانعة عن وجوده.
وهذا ، من غير أن
يلزم جبر في أفعال العباد ، أو بطلان الثواب
والعقاب .
الرابع
إظهار عظمة الله
تعالى ، وصفاته الجمالية والجلالية ، وأنه مستحق
لكل ما يمكن من العبد من الفناء والتسليم .
__________________
الخامس
ظهور علو مقام ذلك
العبد ، وسمو مرتبة تلك العبادة .
حتى يتأسى به
المتأسون [كما قال الله تعالى :] (لقد كان لكم في
رسول الله أسوة حسنة) [الآية
(٢١) من سورة الأحزاب (٣٣)].
السادس
حتى يهون الخطب
والكرب على سائر الخلق في عالم الكون
والفساد ، فهذا لطف من الله تعالى ومن أوليائه ، بل أعظم نعمة على العباد.
ولذلك قد اجتمع
للحسين عليهالسلام ، من كل ما يتصور ـ من أنواع البليات والمصيبات ـ أعظم الأفراد
، حتى يتسلى بملاحظته أرباب المصائب ، ويتوجه كل مكروب إلى الله تعالى ، ويبكي بتذكر ما يوافق
كربه وشدته من مصائب الحسين عليهالسلام ، فيسأل الله كشف كربه ، فيقضي حاجته البتة ، وقد جربنا
ذلك.
وهذه غنيمة أهديت
إليك ، فاحتفظ بها ، بعون الله.
__________________
السابع
حتى لا يعترض سائر
الخلق ، ويسلموا ، وترضى خواطرهم ، إذا رأوا
مقاماتهم العالية في الدنيا والآخرة.
[قال الله تعالى :]
(ومن الليل فتهجد به
نافلة لك ، عسى أن يبعثك
ربك مقاما محمودا) [الآية (٧٩)
من سورة الإسراء (١٧)].
الثامن
حتى يستحقوا
المثوبات العظيمة ، والأجور الثمينة ، فإن الأجر على قدر المشقة.
فلولا سجن يوسف عليهالسلام ، وبكاؤه ، وغربته ومخالفة هواه ، ومجانبته الحرام ، لم
يكن يستحق تلك السلطنة العظمى مع النبوة وعظيم الزلفة ، [قال الله تعالى :] (وكذلك مكنا ليوسف في الأرض يتبوأ منها حيث
يشاء ، نصيب برحمتنا من نشاء ولا نضيع أجر المحسنين ، ولأجر الآخرة خير) [الآيتان (٥٦ و ٥٧)
من سورة يوسف (١٢)].
وهذا لا ينافي أن
يكون لله تعالى أن يعطي جميع تلك المقامات لنبينا صلىاللهعليهوآلهوسلم ، أو للحسين عليهالسلام ، وإن لم تعرض عليهما تلك البليات من القتل والأذى أصلا.
فإن ذلك يكون ـ
حينئذ ـ (تفضلا) لكون المحل لائقا لكل جميل ، والمبدأ لا نقص في جوده وفيضه.
فكان له أن يعطيهم
(بلاء ابتلاء ، عين) ما يعطيهم مع الابتلاء ، وإنما
الفرق بين
الحالتين هو (التفضل) و (الاستحقاق).
ومعلوم أن في (الاستحقاق) مسرة وكمالا لا يوجد في غيره ، من دون
استلزام نقص في المبدأ الفياض ، لأن التسبب إلى تكميل العبد ، وتحصيل المسرة
والقرب بالعبودية فيض ، هو أفضل من التحفظ على صرف (التفضل).
مع ما في ذلك من
المصالح السالفة ، والآتية ، وغيرها مما لا يحصى.
وبما حققنا يجاب
عن الإشكال في :
فائدة الصلاة على
النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم!
وأن فائدتها له عليهالسلام ، أو للمصلي؟
وأنه كيف يزيد على
مقامات النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بصلاة أمته عليه؟
فنقول
: أثر للصلاة ،
وطلب الرحمة من الله تعالى هو (الاستحقاق)
وإن كان ما يعطيه الله تعالى بعد الصلاة ، كان يعطيه ولو لم يضل أحد عليه ، ولكن
كان العطاء من حيث (التفضل).
أو : أثر الصلاة
هو شدة الاستحقاق ، وإن كان أصله ثابتا.
ومعلوم أن
الاستحقاق ، وتأكد وجوده ، كمال آخر ، لا يكون مع
(التفضل).
التاسع
أن التوجه إلى
الله تعالى مع البلاء أكمل ، وأتم من التوجه مع الرخاء.
ألا ترى أن الأنين
والحنين مع حرقة القلب له أثر عظيم ، ربما يؤثر في
الصخرة الصماء
والنسمة البهماء.
و (ما خرج من
القلب يدخل في القلب ، وما يخرج من اللسان لم يتجاوز الآذان).
وفي الخبر : (اتقوا
دعوة المظلوم فإنها تصعد إلى السماء كأنها شرارة).
وقال الله تعالى :
(أم من يجيب المضطر
إذا دعاه ويكشف السوء) [الآية
(٦٢) من سورة النمل
(٢٧)].
وفي الشريعة
المطهرة ترتفع الحرمة والوجوب لدى الاضطرار.
فالمضطر مورد
للترحم ، والمظلوم مورد للإعانة ، لقربه من الله.
فكلما اشتد العبد
بلاء ازداد إلى الله قربا.
العاشر
أن الفرج بعد
الشدة ، والفرج بعد الكربة ، فيه لذة عظيمة لا توجد فيما سواه.
فكلما كانت مرارة
الدنيا أقوى ، كانت حلاوة العقبى أحلى.
وكذلك الشكر على
ذلك يكون بتوجه أكمل ورغبة إلى الله أعظم.
ألا ترى كلام أهل
الجنة : (الحمد لله الذي أذهب
عنا الحزن وصدقنا
وعده) [الآية
(٣٤) من سورة فاطر (٣٥)].
الحادي عشر
أن الضغطات
العارضة على النفس ، والاصطكاك الوارد على الروح ،
والصدمات الواقعة
على الجسم ، نظير الزناد القادح ، فكما أنه لا تخرج النار
من الحجر إلا بشدة ضرب الزناد ، كذلك التنورات القلبية والأشعة الروحية
لا تعقل فعليتها إلا تبلك الآلام والمصائب.
أما سمعت قول سيد
الأنبياء صلىاللهعليهوآلهوسلم لسيد الشهداء عليهالسلام : (إن لك درجة لن تنالها إلا بالشهادة).
فتلك الدرجة هي
القوة النورية المكنونة في ذاته المقدسة ، وفعليتها كانت متوقفة على الشهادة.
الثاني عشر
أن تميز الخبيث من
الطيب ، وبلوغ كل ممكن إلى غايته ، التي هي
ذاتي الممكنات المستنيرة من ساحة نور الأنوار ، متوقف على هذه البليات.
فلولا صبر النبي
وعترته الطاهرة صلوات الله عليه وعليهم ، لما كان
يصدر من الأعداء والمنافقين تلك القبائح والمظالم.
فإن
قلت : وما الفائدة في
فعلية قبح أولئك الظالمين ، ذاتا ، وأفعالا ،
وظهور أحوالهم الخبيثة؟
قلت
:
منها
: تحرز العباد من
تلك الأخلاق والأفعال ، فإنه لما يلعنهم
اللاعنون ويتبرأ منهم العاقلون ، يكون ذلك تحذيرا وتخويفا لمن سواهم ،
وموعظة بليغة لمن عداهم.
ومنها
: كمال معرفة مقام
الأولياء ، فإنه (تعرف الأشياء بأضدادها).
ومنها
: تعذيبهم بأشد
العذاب ، ويكون الإخبار بذلك مانعا للمؤمنين
عن المعاصي في الدنيا ، وسرورا لهم في الآخرة.
ومنها
: ظهور الحجة
وبلوغها وإثبات العذر للنبي صلىاللهعليهوآله
وسلم وأمير المؤمنين عليهالسلام في قتل الكفار والمنافقين.
فإنه لولا تحمل
الحسين عليهالسلام وأصحابه في عرصة كربلاء
وأسر عياله وسيرهم إلى الشام ، لم يكن لأحد العلم بأحوال رجال ذلك العصر.
فلربما يستشكل أحد
، ويعترض ، في تلك الحروب والقتال الواقع
من النبي صلى الله عليهما وآلهما!
فإنهما عليهماالسلام كانا مدافعين في جميع الوقائع لا مهاجمين ،
حتى خروجه صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى عير أبي سفيان ، فإنه كان
للدفاع عن المؤمنين المبتلين في مكة ، فوقعت حرب أحد بمجئ كفار
قريش ، وهجومهم على المسلمين.
ولهذا كان أمير
المؤمنين عليهالسلام لا يبتدئ بالقتال في (حربي)
الجمل وصفين ، وكان ابتداء القتال من الأعداء.
ولهذا قال عليهالسلام لعمرو بن عبد ود :
أولا
: أسألك أن تشهد
الشهادتين.
فأبى ذلك.
وثانيا
: ارجع بقريش إلى
مكة ، وتنح عن القتال.
فأبى.
وثالثا
: إن لم تقبل إلا
القتال ، فانزل عن فرسك وقاتل.
وبالجملة
: إنما قتل النبي
والوصي عليهماالسلام مثل أولئك المنافقين الذين كانوا في كربلاء ، وكلهم كانوا
يستحقون القتل لنهاية خبثهم وظلمهم وفسادهم في الأرض ، وسوء أخلاقهم ، وقبح
سرائرهم ، وعظم جرائمهم ، فكانوا لا يرجى منهم الخير أصلا.
ولم يعلم ذلك ،
ولم ينكشف ، إلا بعد وفاة النبي صلىاللهعليهوآله
وسلم ، في يوم كربلاء ، حيث كانت العترة الطاهرة يتحملون ، ويصبرون
كي ينكشف ذلك تمام الانكشاف.
وإنما لم يفعلوا
ذلك في حياته صلىاللهعليهوآلهوسلم لعدم مقتضيه ، ولتأييد من الله والملائكة ، ومع ذلك ، فإن
مظالمهم ـ للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وبني هاشم وسائر المسلمين في مكة ـ قد بلغت الغاية!
ألم يحبسوهم ثلاث
سنين في شعب أبي طالب ، وقطعوا عنهم
الميرة ، فبلغ الجوع والضيق بهم ما بلغ؟!
ولولا مهاجرة
المسلمين إلى الحبشة والمدينة ، لقتلوهم أشد قتلة ،
سيما بعد قتل النبي صلىاللهعليهوآله ، إلا إذا كانوا يرتدون إلى الكفر!
الثالث عشر
أن العبد إذا علم
من نفسه أن البلاء ليس من جهة البعد من الله ، بل
إنه من جهة قربه إليه تعالى ، وحبه له ، بظهور كمال صبره ولياقته للمثوبات وعلو
الدرجات ، وعلم بما ذكرنا من الجهات ، يستبشر بتلك البليات ، ويشكر الله عليها ،
ويستأنس بها.
ألم تسمع عن شهداء
الطف ، كيف كانوا يأنسون لوقع السيوف ، وإصابة السهام؟!
فكان عابس بن شبيب
قد نزع ثيابه ، وحمل عاريا.
وكان سيدهم الحسين
عليهالسلام كلما اشتد عليه البلاء تهلل وجهه ، وزاد نوره ، وقوي قلبه.
والعباس عليهالسلام دخل الشريعة وملأ القربة ، ولم يذق الماء
طلبا للقربة ، فليس ذلك نقصا في كماله ، بل لو شرب لكان منافيا لجلاله.
ولهذا كانت تحف
الله تعالى لعباده المقربين هي البلاء المبين.
وكان البلاء
للولاء.
وإن من يحب الله
تعالى ينتظر بلاءه.
وكلما كان العبد
أقرب إلى الله وأحب كان بلاؤه عظيم.
ولذا قال سيد
الأنبياء صلىاللهعليهوآلهوسلم : (ما أوذي نبي مثل ما أوذيت).
وأذية عترته عين
أذيته ، فقد علم بها ، وكان يراها رأي العين ،
ويتحملها قبل وجودها ، ولذا كان يبكي حين تذكرها.
الرابع عشر
إن مصائب الأئمة عليهمالسلام ـ وبالخصوص الحسين
عليه السلام ـ لها منافع عظيمة لجميع المخلوقين.
أعظمها غفران الله
تعالى ورضوانه لمن بكى عليهم ، فقد صارت الجنة واجبة لمن دمعت عينه قطرة في
رزاياهم.
مضافا إلى ما نرى
من إقامة المآتم ، ومجامع التعازي ، فينتفع بها العالمون منافع دنيوية وأخروية ،
ويؤيد بها الدين ، وتنشر العلوم والأحكام والمواعظ ، وتقوى العقائد ويجدد الإسلام
سنة بعد سنة ، ففي طوال السنة تندرس أعلام الشرع ، فإذا هل هلال محرم تجددت حياة
الديانة ، وهاجت
__________________
روح الملة ، وبزغت
شمس التدين ، وغرقت سفن أعداء الدين ، وانهدم
بنيانهم ، واستؤصلت شأفتهم.
ولهذا نشاهد ـ
والمشتكى إلى الله ـ كمال جدية الأجانب وتشديداتهم ، في المنع من مجالس التعزية ،
ودفع المظاهر الدينية ، وتشبثهم بكل وسيلة لسد هذا الباب ، ودرس آثاره ، ويساعدهم
على ذلك جهال المسلمين! ولا يتأملون ما فيه من اضمحلال آثار الإسلام ،
وانطماس أعلامه.
فهلموا يا إخواننا
إلى هذه المأدبة الإلهية ، المائدة الربانية واغتنموا الفرصة ، ولا تدعو الأجانب يسلبوا ما به قوتكم
وسمو شوكتكم ، وإعزاز نصركم ، ورسوخ إيمانكم.
الخامس عشر
أن بمظلومية
الحسين عليهالسلام بقيت الشريعة ، وحفظ الإسلام ، وحمي الدين ، وسلم عن تغيير
الفاسقين ، وتحريف المنافقين.
وإلا ، لكان يزيد
وبنو أمية أعادوا الكفر الجاهلية ، وأبادوا الدين
أصولا وفروعا بالكلية ، إذا كان يصفو لهم الملك ، ويستقر عرش السلطنة.
__________________
ألم تر أنه ـ لعنه
الله ـ بمجرد نيله (الخلافة) في أول أمره : قتل الحسين عليهالسلام ، وأباح المدينة ، وأحرق الكعبة ، مع تزلزل سلطانه؟!
فكان الحسين عليهالسلام ، بقبوله القتل ، قد أظهر ظلمهم
وكفرهم ، وصرف وجوه الناس وقلوبهم ـ عنهم ـ إلى دين جده.
فكان إحياء الدين
من جده صلىاللهعليهوآلهوسلم بغلبته ، ومن
الحسين عليهالسلام بمغلوبيته ومظلوميته.
فلو كان عليهالسلام يبقى في المدينة أو مكة ، لكانوا يقتلونه غيلة ،
وإن كان يبايعهم! إلا إذا كان يتابع رأيهم في تغيير الدين ، والردة إلى الكفر.
وحاشاه ثم حاشاه.
وكذلك صبر علي عليهالسلام خمسا وعشرين سنة على أمر من
العلقم ، أبان للعالمين أن حروبه ومجاهداته وقتله الكافرين ، لم يكن إلا بأمر
من الله تعالى ، دون الهوى وطلب الدنيا والميل إلى سفك الدماء.
وإلا ، فلا يعقل
ممن حاله ذلك ، أن يضع اليد على اليد ، ويحمل
المسحاة على الكتف ، فيصير حبيس بيته ، وراهب داره! لكنه عليهالسلام رأى توقف حفظ الإسلام ، ورسوخه بين الأنام ، على جعل نفسه
من أضعف الرعايا ، وأقل البرايا.
وإلا ، فهو لو سل
ذا الفقار ، لقالوا : كان قتاله في بدء الإسلام لمثل هذا اليوم!
ولا ريب أن صبره
هو الجهاد الأكبر ، لأنه جهاد النفس وقد (فضل الله
المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما) [الآية
(٩٥) من سورة النساء (٤)].
السادس عشر
أن في شهادة
الحسين عليهالسلام ومصائب العترة ، وانصراف الخلافة عنهم ، وغصبها منهم ،
تصديقا لرسالة النبي صلىاللهعليهوآله وسلم ، وتحقيقا
لنبوته.
لأنه صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يبعث أعز أهله وأبا نسله ، عليا
عليهالسلام ، إلى قتال أبطال القبائل ، وذؤبان العرب ، فكان صلى الله
عليه وآله وسلم يعلم البتة ـ ولو من غير طريق الوحي ، بل يشاهد الحال
من أحوال الرجال وسيرة هؤلاء العرب ـ أن عليا عليهالسلام لا يقتل من
عشيرة أحدا إلا وطلب كل واحد من آحاد تلك العشيرة دم المقتول من
القاتل ، أو من عشيرته! فهم لا ينامون حتى يأخذوا ثارهم.
فكان كل أحد يعلم
أن العرب لا يستقيمون لعلي عليهالسلام بعد
تلك المقاتلات والثارات.
ولأجل ذلك كان
الخلفاء الثلاث يحترزون عن المقاتلة في الحروب ،
فلم يسمع عن أحد منهم أنه حارب ، أو قتل أحدا ، ولو من أراذل العرب وأذلائهم!
وقد أخبر صلىاللهعليهوآلهوسلم بأن حاصل تلك المقاتلات
والمجاهدات هو القتل والأسر والظلم والجور على عترته من بعده.
ومع ذلك ، فقد
أقدم صلىاللهعليهوآلهوسلم على تأسيس الدين ،
وقتال الكافرين بمباشرة أمير المؤمنين عليهالسلام.
فلو كان نظره صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى الدنيا ، لم يتحمل هذه
المشاق ، ولم يكن يدع أمير المؤمنين عليهالسلام يقتل أحدا ، فضلا عن
أن يبعثه على
القتال مع جميع الأبطال.
فيقطع الناقد
البصير بأنه صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يكن له هم سوى الآخرة ، فبذل نفسه ونفيسه ، وتحمل أعظم
الرزايا ، وأشد الأذى ، في نشر الإسلام ، كما قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : (نحن أهل بيت اختار الله لنا الآخرة على الدنيا).
السابع عشر
أن في وقوعها ظهور المعجزات القاهرة المصدقة للنبوة ، حيث أخبر
صلىاللهعليهوآلهوسلم عن جميع ذلك ، فوقع كل ما أخبر.
وفيه الاعجاز من
جهتين :
الأولى
: علمه صلىاللهعليهوآلهوسلم بها.
الثانية
: صدقه في جميع ما
أخبر ، ووقوعه ، حتى أنه لم يكن فيه
بداء ، فكان صدره الشريف كاللوح المحفوظ.
الثامن عشر
رضاهم ، وتسليمهم
، وتحملهم لها ، دليل قاطع على إيمانهم ،
وكمال عقائدهم ، وقوة يقينهم بالله تعالى ، وبوعده ووعيده.
ولولاها ، فلعل
أحدا يحتمل ، أو أمكن أن يقول : إنهم ظنوا ، ولم
يقطعوا ، أو احتملوا فاحتاطوا !
__________________
لكن رزاياهم موجبة
لليقين بأن الحاصل لهم هو أعلى مراتب حق اليقين ، فيكون علمهم حجة على العالمين.
وإن لم يتيقن
فإنما لضعف في بصيرته ، فيجب عليه متابعة هؤلاء المتيقنين ، المتقين.
التاسع عشر
ابتلاؤهم في الدنيا
دليل على المعاد ويوم الجزاء وإلا فليزم أعظم وهن في صنع العالم ، لمخالفة الحكمة
الواجبة ، ونقض ما يشاهد ويحكم به الحدس الصائب من إتقان الصنع ، على أحسن نظام
وأكمل وضع ، وأجمل ترصيف.
فيجب ـ بحكم نظام
العالم ـ أن لا يضيع أجر المحسنين ، ولا يفوت جزاء الظالمين.
وبما أن ذلك ليس
في الدنيا ، وجب ـ بالضرورة ـ أن يكون في الآخرة.
متم العشرين
إن تحملهم للرزايا
، وشهاداتهم ، وقصر أعمارهم ، لطف لهم ،
__________________
وتقريب إلى الفوز
بنعيم المعاد ، وتحصيل المراد.
من جهة دلالة ذلك
على عدم قابلية هذه الحياة ، ودناءة مرتبة الدنيا ،
وعدم لياقتها ، وأنها قنطرة إلى الآخرة.
ولذا قالوا : (الدنيا
ساعة ، فأجعلها طاعة).
فكأنهم عليهمالسلام برضاهم وتسليمهم بمنزلة من خيرة الله تعالى
بين البقاء في الدنيا والرحيل ، فاختار الرحيل ، وأسرع عمدا ، وعانق الموت
رغبة عن الدنيا ، وشوقا إلى الآخرة .
وبهذا يجاب عن إشكال :
إنهم عليهمالسلام إذا كانوا يعلمون بأوقات وفياتهم ، وأسبابها ، فلم
لم يحترزوا عنها؟!
وكيف باشروها ،
وحضروها مع قوله تعالى : (ولا تلقوا بأيديكم
إلى
التهلكة) [الآية (١٥٩) من
سورة البقرة )؟! ...
__________________
وبذلك تعرف :
أن من فدى روحه في
الحج ، وضحى بنفسه بدل الأضحية ، شوقا وعشقا للقاء الله تعالى هو في أعلى مراتب
القرب والقبول.
لكن لا يليق ذلك
بكل أحد ، بل إنما هو مشروط بحصول اليقين الكامل العشق الخارق.
أما مع عدم التهيؤ
وكمال الاستعداد ، ومع الشك والترديد فهو من أعظم المآثم.
والحمد لله رب العالمين.
__________________
من أنباء التراث
كتب ترى النور لأول مرة
*شرح
جمل العلم والعمل.
تأليف : الشريف
المرتضى ، علم الهدى أبي القاسم علي بن الحسين الموسوي (٣٥٥ ـ ٤٣٦ ه).
وهو شرح لقسم
الكلام من كتاب (جمل العلم والعمل) للمرتضى نفسه ، أملاه على أحد تلامذته بطلب
من ذلك التلميذ ، وقد طبع الأصل مرارا ، علما أن (جمل العلم والعمل) يتكون من
قسمين : الكلام والفقه ، وعلى كليهما شروح لتلامذة المرتضى ، فالشيخ الطوسي شرح
قسم الكلام منه (جمل العلم) وسماه : (التمهيد) وهو مطبوع أيضا ، وابن البراج الطرابلسي
شرح قسم الفقه منه (جمل
|
|
العمل) ، وهو
مطبوع كذلك.
تم التحقيق
اعتمادا على عدة نسخ ، ذكرت مواصفاتها في مقدمة التحقيق.
تحقيق: الشيخ
يعقوب الجعفري المراغي.
نشر : دار
الأسوة للطباعة والنشر التابعة لمنظمة الأوقاف والشؤون الخيرية ـ قم / ١٤١٤ ه.
* الرجعة.
تأليف : الميرزا
محمد مؤمن بن
دوست محمد الحسيني الأسترآبادي ، المتوفى سنة ١٠٨٨ ه.
كتاب يشتمل على
ما روي عن الرسول
|
الكريم صلىاللهعليهوآلهوسلم وأمير المؤمنين علي بن أبي طالب والأئمة من ولده عليهمالسلام في موضوع الرجعة ، والتي تعد من الأمور المسلم بها عند
الشيعة الإمامية ، يذكر الكتاب ١١١ حديثا مع محاورات للأئمة عليهمالسلام مع من يسألهم عن الرجعة واستدلالاتهم بالآيات القرآنية
الخاصة بها.
تم التحقيق
اعتمادا على عدة نسخ مخطوطة ذكرت مواصفاتها في مقدمة التحقيق.
تحقيق : فارس
حسون كريم.
نشر: دار
الاعتصام ـ قم / ١٤١٥ ه.
*أعلام
نهج البلاغة.
تأليف : علي بن
ناصر السرخسي ، من أعلام القرن السادس الهجري.
شرح لكتاب (نهج
البلاغة) الذي جمعه الشريف الرضي ـ المتوفى سنة ٤٠٦ ه ـ من كلام أمير المؤمنين
الإمام علي بن أبي طالب عليهالسلام ، وتفسير لبعض كلماته عليهالسلام وتوضيح لها ، فالكتاب يتناول المختار من خطبه وكتبه إلى أعدائه
وأمراء بلاده وحكمه عليه السلام.
تم تحقيق الكتاب
اعتمادا على نسختين
|
|
مخطوطتين ذكرت
مواصفاتهما في مقدمة التحقيق.
تحقيق : الشيخ
عزيز الله العطاردي.
نشر : مؤسسة
الطباعة والنشر التابعة لوزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي ـ طهران
١٤١٥ ه.
*الأربعين
في فضائل الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام.
تأليف : الأمير
المحدث جمال الدين عطاء الله بن فضل الله الحسيني الفارسي
الدشتكي الهروي ، المتوفى سنة ٩٣٠ ه.
كتاب يروي
أربعين حديثا في فضائل ومناقب أمير المؤمنين الإمام علي بن
أبي طالب عليهالسلام بطرق مختلفة عن الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم ،
مع ملحق خاص يذكر أسماء أولاد الإمام علي بن أبي طالب عليهالسلام من الذكور
والإناث وأمهاتهم ووفياتهم.
تم التحقيق
اعتمادا على نسختين مخطوطتين ذكرت مواصفاتهما في مقدمة التحقيق.
تحقيق : محمد
حسن زبري.
نشر : مجمع
البحوث الإسلامية ـ بيروت / ١٤١٣ ه.
|
*أنوار الهداية
في التعليقة على الكفاية ، ج ١ و ٢.
تأليف : السيد
الإمام روح الله الموسوي الخميني (١٣٢٠ ـ ١٤٠٩ ه).
تعليقة على كتاب
(كفاية الأصول) للمحقق الأكبر الشيخ محمد كاظم الآخوند الخراساني ـ المتوفى سنة ١٣٢٩
ه ـ والكتاب يعرض نظرات آراء المعلق ـ قدسسره ـ من خلال استعراض ونقد الآراء الفلسفية ـ لبعض العلماء ـ
وكشف مكامن أخطائها ، ومعالجة مواضع ضعفها.
تم التحقيق
اعتمادا على النسخة الأصلية بخط المعلق قدسسره.
تحقيق ونشر :
مؤسسة تنظيم ونشر آثار الإمام الخميني قدسسره ـ قم / ١٤١٣ ه.
*الرسائل
التوحيدية.
تأليف : العلامة
السيد محمد حسين الطباطبائي ، المتوفى سنة ١٤٠١ ه.
والكتاب عبارة
عن مجموعة رسائل ضمنها المؤلف آراءه وأفكاره في ما يتعلق ب : توحيد الله وصفاته
وأسمائه وأفعاله سبحانه وتعالى ، والوسائط بين الخالق
|
|
المخلوق ، والتي
تزيد من ترسيخ وتعميق الإيمان بالله عزوجل.
تحقيق ونشر :
مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين في الحوزة العلمية ـ قم / ١٤١٥ ه.
كتب صدرت محققة
*تذكرة
الفقهاء ، ج ٥.
تأليف : العلامة
الحلي ، الشيخ جمال الدين أبي منصور الحسن بن يوسف
ابن المطهر الأسدي (٦٤٨ ـ ٧٢٦ ه).
أهم وأكبر كتاب
في الفقه الاستدلالي المقارن ، يوجد منه من أوائل كتاب الطهارة إلى كتاب النكاح
، لخص فيه مؤلفه ـ قدس سره ـ فتاوى علماء المذاهب المختلفة وقواعد الفقهاء في
استدلالاتهم ، وأشار في كل مسألة إلى الخلاف الواقع فيها ، ويذكر
ما اختاره وفق الطريقة المثلى وهي طريقة الإمامية ، ويوثقه بالبرهان الواضح
القوي.
طبع منه أربعة
أجزاء ضمت كتابي الطهارة والصلاة ، واشتمل هذا الجزء على
كتاب الزكاة وأبوابها (زكاة الفطرة ، الخمس).
تم تحقيق الكتاب
اعتمادا على ١٥ نسخة مخطوطة ، منها ما هو مقروء على المصنف
|
ـ قدسسره ـ ومنها ما عليه إجازة مهمة ، ذكرت مواصفاتها في مقدمة
التحقيق ، ومن المتوقع أن يصدر في ٢٠ جزء.
تحقيق ونشر :
مؤسسة آل البيت (عليهم السلام) لإحياء التراث ـ قم / ١٤١٤ ه.
*دلائل
الإمامة.
تأليف : الطبري
الصغير ، أبي جعفر محمد بن جرير بن رستم ، من أعلام القرن الخامس الهجري.
عرض لفضائل
ومعجزات أئمة الهدى عليهمالسلام والاستدلال بهذه المعجزات على إمامتهم ، إذ هي من أهم
الدلائل على الإمامة وتصديقا لها كأصل من أصول الدين والعقيدة الإسلامية ،
ويشتمل الكتاب كذلك على تواريخ وأحوال وكرامات الأئمة عليهمالسلام بشكل مفصل ، وكذا فصل مخصص لفضائل ومعجزات سيدة نساء
العالمين الزهراء البتول عليهاالسلام.
تم التحقيق
اعتمادا على نسختين مخطوطتين ، وأخرى مطبوعة ، ذكرت مواصفاتها في مقدمة التحقيق.
تحقيق ونشر: قسم
الدراسات الإسلامية في مؤسسة البعثة ـ قم/ ١٤١٣ ه.
|
|
*الأربعون
حديثا.
تأليف : الشيخ
البهائي ، بهاء الدين محمد بن الحسين الجبعي العاملي (٩٥٣ ـ ١٠٣٠ ه).
يضم الكتاب
أربعين حديثا مرويا عن الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم
والأئمة المعصومين عليهمالسلام في أبواب مختلفة وأغراض متعددة شملت بعض الأحكام الشرعية
والوصايا والمواعظ والأدعية ، وقد قدم المؤلف ـ قدس الله سره ـ شرحا وتوضيحا
وافيا لمفردات كل حديث منها ، مع بحوث ودراسات تخص موضوع الحديث.
تم التحقيق
اعتمادا على ثلاث نسخ مخطوطة ذكرت مواصفاتها في مقدمة التحقيق.
تحقيق : أبو
جعفر الكعبي.
نشر : مؤسسة
النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين في الحوزة العلمية ـ قم / ١٤١٥ ه.
*البرهان
في تفسير القرآن ، ج ١.
تأليف : السيد
هاشم الحسيني البحراني ، المتوفى سنة ١١٠٧ ه.
يعد الكتاب من
أجمع ما ألفه علماء
|
الشيعة الإمامية
في مجال التفسير الروائي ، إذ أنه جمع ما ورد عن أهل البيت عليهم
السلام من روايات وأحاديث في تفسير آيات القرآن الكريم ، وبدون تمييز وتصنيف بين
الصحيح والضعيف والموضوع.
وقد اعتمد
المؤلف ـ رحمهالله ـ على عدد كبير من المصادر الروائية المتخصصة بالتفسير
وغير التفسير ، ذكرها في مقدمة الكتاب التي جعلها في سبعة عشر بابا ومتضمنة لعدة
بحوث في مواضيع متعددة ومتنوعة تختص بالقرآن وتفسيره.
وقد أضيف إلى أصل
الكتاب في نهاية كل سورة مستدركات للآيات التي تركها المؤلف لعدم عثوره على
روايات في تفسيرها.
ضم هذا الجزء
تفسير سورة الفاتحة إلى تفسير سورة آل عمران.
تحقيق ونشر :
قسم الدراسات الإسلامية في مؤسسة البعثة ـ قم / ١٤١٥ ه.
*الاحتجاج
، ج ١ و ٢.
تأليف : الشيخ
الجليل أبي منصور أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي ،
من علماء القرن السادس الهجري.
يتناول الكتاب
احتجاجات ومجادلات
|
|
بالرسول الكريم صلىاللهعليهوآلهوسلم وأمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام والأئمة من ولده عليهم السلام ، مع اليهود والنصارى
والملحدين والزنادقة في إثبات وجود الله ونفي الصفات عنه تعالى ، وكذلك خطبهم
ومجادلاتهم عليهمالسلام في إثبات حق الإمام علي عليهالسلام وأهل بيته عليهمالسلام في الإمامة والخلافة مع الكثير من الصحابة والتابعين.
خصص الجزء الأول
بما ورد عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وأمير المؤمنين عليهالسلام ، فيما خصص الجزء الثاني لما ورد عن بضعة الرسول الزهراء
البتول عليهاالسلام وباقي الأئمة الطاهرين عليهم السلام.
وقد طبع الكتاب ـ
من قبل ـ عدة مرات في العراق وإيران ولبنان ، وقد تم تحقيقه اعتمادا على عدة نسخ
مخطوطة ومطبوعة ، ذكرت في مواصفاتها في مقدمة التحقيق.
تحقيق : الشيخ
إبراهيم البهادري والشيخ محمد هادي به.
نشر : منشورات
الأسوة التابعة لمنظمة الأوقاف والشؤون الخيرية ـ قم / ١٤١٣ ه.
|
*محاسبة
النفس :
تأليف : السيد
ابن طاووس ، جمال العارفين علي بن موسى بن جعفر الحلي ، المتوفى سنة ٦٦٤ ه.
رسالة صغيرة في
كيفية محاسبة النفس وتهذيبها ، تتضمن الآيات القرآنية والروايات المعنية بذلك،
مع ذكر أيام وأوقات وجهات معظمات تقتضي زيادة التحفظ من السيئات وذكر فضل المحاسبة.
تم تحقيقها اعتمادا
على عدة نسخ مخطوطة ذكرت مواصفاتها في مقدمة التحقيق.
تحقيق : محمد
رضا عبد الأمير الأنصاري.
نشر : مجمع
البحوث الإسلامية ـ بيروت / ١٤١٣ ه.
*كتاب
الأربعين عن الأربعين في فضائل علي أمير المؤمنين عليهالسلام.
تأليف : الشيخ
عبد الرحمن بن أحمد ابن الحسين النيسابوري الخزاعي ، من أعلام القرن الخامس
الهجري.
يذكر الكتاب
أربعين حديثا من أحاديث الرسول الكريم صلىاللهعليهوآلهوسلم
|
|
في حق أمير
المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب عليهالسلام وفضائل ، يرويها
عن أربعين رجلا من مشايخه من رواة الأحاديث النبوية الشريفة.
تحقيق : الشيخ
محمد باقر المحمودي.
نشر : مؤسسة
الطباعة والنشر التابعة لوزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي ـ طهران / ١٤١٤ ه.
طبعات جديدة لمطبوعات سابقة
*مراقد
المعارف ، ج ١ و ٢
تأليف : الشيخ
محمد حرز الدين ،
المتوفى سنة ١٣٦٥ ه.
كتاب فريد في
بابه ، يبحث في تعيين بقاع مراقد وقبور عدد كبير من العلويين والصحابة والتابعين
والرواة والأدباء والشعراء ، مع نبذة من ترجمتهم ، مع ذكر الأحداث التاريخية
المتعلقة بذلك ، مع
صور لكثير من المراقد ، وقد أثبت المؤلف بعض المراقد بالنصوص التاريخية ، وبعضها
بالشهرة القطرية وهو القسم الأكبر منها ، وبعضها بالشهرة الموضعية ـ أي التي زارها
بنفسه ـ وهي قبور المجاهيل ، وسجل المؤلف كل ما رآه ووقف عليه من أوصاف
|
للمرقد ، ورتب
ذلك كله حسب حروف المعجم.
تحقيق : محمد
حسين حرز الدين.
أعادت طبعة
بالتصوير منشورات سعيد ابن جبير ـ قم / ١٩٩٢ م.
*أجوبة
المسائل الحاجبية.
أو : المسائل
العكبرية.
تأليف : الشيخ
المفيد ، محمد بن محمد بن النعمان بن أبي عبد الله العكبري البغدادي (٣٣٦ ـ ٤١٣
ه).
وهي أجوبة كتبها
الشيخ المفيد ـ قدس سره ـ عن واحد وخمسين سؤالا وجهها أبو الليث بن سراج الأواني
ـ حاجب خليفة ذلك العصر ـ في إشكالات معاني بعض الآيات والروايات وبعض المسائل
التي ترتبط بموضوع النبوة والإمامة وشؤونهما.
تم التحقيق
اعتمادا على عدة نسخ مخطوطة ، ذكرت مواصفاتها في مقدمة المحقق.
سبق وأن نشر
الكتاب بتحقيق القس مارتن مكدرموت في مجلة (المشرق) الصادرة في بيروت سنة ١٤١٢ ه
، كما صدر ثانية في قم سنة ١٤١٣ ه من قبل المؤتمر العالمي لألفية الشيخ المفيد بتحقيق
الشيخ علي أكبر الإلهي
|
|
الخراساني.
ثم أعاد مجمع
البحوث الإسلامية في بيروت طبعه بصف جديد سنة ١٤١٤ ه ،
معتمدا على طبعته الثانية.
*لقد
شيعني الحسين عليهالسلام
أو : الانتقال
الصعب في رحاب المعتقد والمذهب.
تأليف : إدريس
الحسيني.
دراسة موضوعية
عميقة للتاريخ الإسلامي ، ورحلة ممتعة في أعماقه ، ووقفات وبحوث في مستويات مهمة
من
هذه الأعماق ، لمعرفة وفهم التاريخ على
حقيقته ، والتوصل إلى تحديد الفرقة
الوحيدة من الإسلام الناجية من النار.
والكتاب تسجيل
لآراء وأفكار ومعتقدات المؤلف ، والتي انتقل انتماؤه من مذهبه بعد مناقشتها
علميا إلى مذهب الإمامية الاثني عشرية.
سبق وأن صدر
الكتاب بعنوانه الثاني في بيروت سنة ١٤١٤ ه ، وصدرت طبعته
الثانية بالعنوان الأول ـ بالتصوير ـ في بيروت مؤخرا.
أعادت مكتبتا سعيد
بن جبير ودار الاعتصام في قم طبعه بالتصوير على طبعة
دار النخيل الصادرة في بيروت.
|
*المطالب
المهمة في تاريخ النبي والزهراء والأئمة عليهمالسلام.
تأليف : السيد
علي بن الحسين الهاشمي الخطيب المتوفى سنة ١٣٩٦ ه.
عرض لمناقب
وفضائل الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم والزهراء والأئمة عليهمالسلام ، مع ذكر مواليدهم ووفياتهم وكراماتهم وعلومهم ، مع بعض
قصائد المدح والرثاء التي قيلت في حقهم ، أوردها المؤلف في خاتمة الكتاب.
سبق وأن طبع
الكتاب لأول مرة في النجف الأشرف سنة ١٣٨٨ ه ، ثم أعادت منشورات الشريف الرضي طبعه
بالتصوير في قم سنة ١٣٧٣ ه. ش
صدر حديثا
*المسيح
في القرآن.
تأليف : السيد
رضا الصدر ، المتوفى سنة ١٤١٥ ه.
والكتاب يتناول
تفسير الآيات القرآنية التي تخص سيرة وحياة السيد المسيح عيسى بن مريم عليهالسلام وأمه الصديقة عليهاالسلام ، مضافا إليها ما ورد عن الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم
|
|
وعترته عليهمالسلام من أحاديث وأقوال تتعلق بهذه السيرة المباركة وذكر بعض كراماته
وتوجيهاته وإرشاداته.
نشر: دار الأرقم
للطباعة والنشر ـ صور / ١٤١٣ ه.
*أساليب
البيان في القرآن.
تأليف : السيد
جعفر الحسيني.
بحث مفصل عن
الفصاحة والبلاغة ، مع دراسة مفصلة شاملة لعلم البيان
وتشعباته (كالتشبيه ، الحقيقة والمجاز ، الاستعارة ، الكناية) من خلال استعراض
الشواهد القرآنية والشواهد البليغة للرسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم وربيبه الإمام علي عليهالسلام وما أثر من الشعر العربي ، كما يحتوي الكتاب خلاصة ما
كتبه رواد هذا العلم وما كتبه الأدباء والنقاد ، حول الفصاحة والبلاغة والإعجاز ومعظم
أساليب البيان ، منذ النشأة الأولى إلى آخر ما وصلت إليه العلوم البلاغية.
نشر : مؤسسة
الطباعة والنشر التابعة لوزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي ـ طهران / ١٤١٣ ه.
|
*مسند
الإمام المجتبى أبي محمد الحسن ابن علي عليهماالسلام.
تأليف : الشيخ
عزيز الله العطاردي.
بحث عن سيرة
وحياة الإمام الثاني الحسن بن علي بن أبي طالب عليهما السلام بكل تفصيلاتها
وجزئياتها ، مع معجم للرواة الذين حدثوا ورووا عنه متصلا أو مرسلا ، مع تراجم
مختصرة لهم.
وقد اعتمد كتب
الشيعة الإمامية وكتب العامة، كمصادر لهذه السيرة المباركة.
صدر ضمن سلسلة
مسانيد أهل البيت عليهمالسلام.
نشر : منشورات
عطارد ـ قم / ١٣٧٣ ه. ش.
*معجم
المطبوعات العربية في إيران.
تأليف : عبد
الجبار الرفاعي.
يضم المعجم كل
كتاب أو رسالة طبعت في إيران باللغة العربية منذ ظهور الطباعة وحتى عام ١٤١٢ ه /
١٩٩٢ م ، وقد بلغت عناوين الكتب المذكورة في هذا المعجم نحو ٥٠٠٠ عنوان ، وقد تم
اعتماد عنوان الكتاب كمدخل ، ثم يذكر اسم المؤلف ، ثم المترجم أو المحقق إن وجد
، ثم طبعات الكتاب مبدوءة بذكر اسم
|
|
المدينة ، ثم
اسم الناشر ورقم الطبعة وسنة الطبع وعدد الصفحات وحجم الكتاب ونوع الطبعة ، وقد
صنفت عناوين الكتب تحت رؤوس موضوعات وعلى أساس الترتيب الهجائي ، ويحتوي المعجم
على كشافات لرؤوس الموضوعات التي تم تصنيف عناوين الكتب تحتها وللمؤلفين ولعناوين
الكتب والرسائل.
نشر : مؤسسة الطباعة
والنشر التابعة لوزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي ـ طهران / ١٤١٤ ه.
كتب قيد التحقيق
*ذوب
النضار في شرح الثار.
تأليف : الشيخ
نجم الدين جعفر بن محمد بن جعفر بن أبي اللقاء هبة الله ،
المعروف ب : ابن نما الحلي ، من أعلام القرن السابع الهجري
كتاب مرتب في
أربعة مراتب جلها في أخبار المختار بن أبي عبيد الثقفي ، وكيفية انتقامه من قتلة
الإمام الشهيد أبي عبد الله الحسين عليهالسلام.
يقوم بتحقيقه :
فارس حسون كريم ، معتمدا على نسخة مخطوطة محفوظة في
|
إحدى مكتبات
مدينة خوانسار.
*منهج
الشيعة في فضائل وصي خاتم الشريعة.
تأليف : السيد
جلال الدين عبد الله بن شرف شاه الحسيني ، المتوفى سنة نيف وثمانمائة هجرية.
كتاب يشتمل على
فضائل أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب عليهالسلام من طرق العامة ، وقد رتب الكتاب على مقدمة وخاتمة بينهما
عدة أبواب ذوات فصول.
يقوم بتحقيقه : السيد
هاشم الميلاني معتمدا على نسختين مخطوطتين ، إحداهما في مكتبة جامعة طهران ،
برقم ٦٦٥ ، والأخرى في نفس الجامعة في مكتبة كلية الحقوق ، برقم ٣٣٤ ج حقوق.
*شرح
شافية أبي فراس في مناقب آل الرسول ومثالب بني العباس.
تأليف : السيد
أبي جعفر محمد بن أمير
|
|
الحاج الحسيني ،
كان حيا سنة
١١٧٣ ه.
كتاب أدبي
تاريخي قيم ، يعرض فيه المؤلف مجمل تاريخ أهل البيت عليهم
السلام ومعاصريهم من الملوك حسب تسلسل الأمير أبي فراس الحمداني في طرح القضايا
والمطالب في قصيدته.
يقوم بتحقيقه :
محمد جمعة بادي وعباس ملا عطية الجمري ، بالاعتماد على أربع نسخ مخطوطة ، هي :
١ ـ نسخة محفوظة
في مكتبة الإمام الرضا عليهالسلام في مشهد ، برقم ٤٨٤٤ ، تاريخها سنة ١٢٧٧ ه.
٢ ـ نسخة محفوظة
في مكتبة آية الله المرعشي في قم ، برقم ٣٣٧٩ ، تاريخها سنة ١٢٨٢ ه.
٣ ـ نسخة حجرية
طبعت في إيران سنة ١٢٩٦ ه مع رسالة (الاعتقادات) للعلامة
المجلسي.
٤ ـ نسخة حجرية
أخرى طبعت سنة ١٣١٥ ه.
|
|