الفهرس

قراءة في كتاب التوحيد.

............................................... الدكتور الشيخ عبدالهادي الفضلي ٧

*من الأحاديث الموضوعة (٧) :

*أحاديث مقلوبة في مناقب الصحابة.

................................................... السيّد عليّ الحسينيّ الميلانيّ ٣٦

*الإمامة : تعريف بمصادر الامامة في التراث الشيعي (١٠).

.......................................................... عبدالجبّار الرفاعي ١٠٥


*الاسم في اللغة والاصطلاح النحوي.

...................................................... السيّد عليّ حسن مطر ١٢٦

*من التراث الأدبي المنسي في الأحساء.

*السيّد شرف الموسويّ.

................................................ السيّد هاشم محمّد الشخص ١٤٢

*من ذخائر التراث :

*المقنع في الغيبة ، والزيادة المكملة له ـ للسيّد الأجلّ الشريف المرتضى.

............................................ تحقيق : السيّد محمّد عليّ الحكيم ١٥٥

*من أنباء التراث............................................................ ٢٣٩

__________________

*صورة الغلاف : نموذج من مخطوطة المقنع في الغيبة للسيّد الأجلّ الشريف المرتضى ، المتوفّى سنة ٤٣٦ هـ ، المنشور في هذا العدد مع الزيادة المكملة له ، ص ١٥٥ ـ ٢٣٨.





قراءة في كتاب التوحيد

الدكتور الشيخ عبد الهادي الفضلي

الكتاب بعنوان «التوحيد» من تأليف الدكتور صالح الفوزان ، نشر هذا العام ١٤١٢ ه ـ ١٩٩١ م.

عقد الباب الأول منه ل (الانحراف في حياة البشرية) بعرض لمحة تاريخية عن الفكر والالحاد والشرك والنفاق.

والباب الثاني منه في (أقوال وأفعال تنافي التوحيد أو تنقصه).

عرض لها ضمن الفصول التالية :

١ ـ ادعاء علم الغيب قي قراءة الكف والفنجان والتنجيم وغيرها.

٢ ـ السحر والكهانة والعرافة.

٣ ـ تقديم القرابين والنذور والهدايا للمزارات والقبور وتعظيمها.

٤ ـ تعظيم التماثيل والنصب التذكارية.

٥ ـ الاستهزاء بالدين والاستهانة بحرماته.

٦ ـ الحكم بغير ما أنزل الله.

٧ ـ ادعاء حق التشريع والتحليل والتحريم.

٨ ـ الانتماء إلى المذاهب الإلحادية والأحزاب الجاهلية.

٩ ـ النظرة المادية للحياة.


١٠ ـ التمائم والرقى.

١١ ـ الحلف بغير الله والتوسل والاستعانة بالمخلوق دون الله.

وكان الباب الثالث (في بيان ما يجب اعتقاده في الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله وسلم وأهل بيته وصحابته).

من خلال الفصول التالية :

١ ـ في وجوب محبة الرسول وتعظيمه والنهي عن الغلو ، والاطراء في مدحه وبيان منزلته.

٢ ـ في وجوب طاعته والاقتداء به.

٣ ـ في مشروعية الصلاة والسلام عليه.

٤ ـ في فضل أهل البيت وما يجب لهم من غير جفاء ولا غلو.

٥ ـ في فضل الصحابة وما يجب اعتقاده فيهم ، ومذهب أهل السنة والجماعة فيما حدث بينهم.

٦ ـ في النهي عن سب الصحابة وأئمة الهدى.

وجاء الباب الرابع ـ وهو الأخير ـ (في البدع) ، ويتضمن الفصول التالية :

١ ـ تعريف البدعة ، أنواعها ، أحكامها.

٢ ـ ظهور البدع في حياة المسلمين ، والأسباب التي أدت إليها.

٣ ـ موقف الأمة الإسلامية من المبتدعة ، ومنهج أهل السنة والجماعة في الرد عليهم.

٤ ـ في الكلام على نماذج من البدع المعاصرة ، وهي :

أ ـ الاحتفال بالمولد النبوي.

ب ـ التبرك بالأماكن والآثار والأموات ونحو ذلك.

ج ـ البدع في مجال العبادات والتقرب إلى الله.

ونهج فيه مؤلفه في تناوله الموضوعات المذكورة المنهج السلفي ، فحاكم في ضوئه ، وحكم على هديه.


قرأته ـ فيما أقرأ من كتب تصل إلي أو أصل إليها ـ فقدرت في مؤلفه الكريم غيرته على الإسلام ، وأكبرت محاولاته الخيرة في الدفاع عنه بتعريفه المذاهب القديمة والحديثة التي تخالف الإسلام أو تختلف معه كليا أو جزئيا.

وهذا ما كنا نرغب في أن يكون من جميع الكتاب المسلمين ، لأن الدفاع عن العقيدة واجب ديني وحق قانوني.

إلا أنه لفت نظري فيه شيئان استوقفاني عندهما طويلا ، فأحببت أن أوضحهما أكثر ، لعل فيهما ما لم يطلع عليه سعادة الدكتور الفوزان ، أو كان شئ من محتوياتهما مقفلا أمامه ، لأنه لا يملك الخلفيات الثقافية التي تحمل مفاتيح الأقفال ، وهما :

١ ـ حكمه بالبدعة على مسائل اجتهادية في خصوص ما يخالف رأيه ، بما يلزم منه تكفير المسلمين الذين لا يرون رأيه ، كالاحتفال بالمولد النبوي الشريف.

٢ ـ اعتباره التشيع من المذاهب الطارئة على الإسلام دون أن يستند إلى دليل صحيح صريح ، سوى ما نقله من فتوى بعض المشايخ من أنه نشأ بعد مقتل الخليفة عثمان بن عفان ، والكل يعلم أن الفتوى إذا لا تدعم بدليلها لا تصلح لأن يستدل بها ولأبدأ بالموضوع الثاني لما له من أهمية ، وبخاصة في مجال ما يقال عن نشوء المذاهب الإسلامية.

نشأة التشيع

إن من المسلمات في تاريخ التشريع الإسلامي أن نفرا من الصحابة كانوا يجتهدون إلى جانب محاولة استفادة الحكم من الكتاب والسنة في استخدام رأيهم الخاص بتعرف المصلحة ووضع الحكم وفق متطلباتها ، وهو ما عرف في المصطلح الفقهي ب (اجتهاد الرأي) ، ويقابله ـ كما هو معلوم ـ (اجتهاد النص) ويعني محاولة معرفة الحكم الشرعي من خلال النص الشرعي ، آية أو رواية.

وكان من أبرز أولئكم الصحابة الذين عرفوا باجتهاد الرأي ـ إن لم يكن


أبرزهم على الإطلاق ـ الخليفة عمر بن الخطاب.

وكان أبرز من اعتمد النص وحده ولم يرجع إلى الرأي بحال من الأحوال الإمام علي بن أبي طالب عليه‌السلام.

ولإثبات هذا وتوثيقه أنقل بعض النصوص التاريخية التي تعرب عنه : ـ ـ قال أحمد أمين في كتابه «فجر الإسلام» ط ١١ ـ نشر دار الكتاب العربي ببيروت ، سنة ١٩٧٩ م ، في الصفحة ٢٣٦ :

«وعلى الجملة : فقد كان كثير من الصحابة يرى أن يستعمل الرأي حيث لا نص من كتاب ولا سنة».

ـ وقال في الصفحة ٢٣٧ :

(ولعل عمر بن الخطاب كان أظهر الصحابة في هذا الباب ، وهو استعمال (الرأي) فقد روي عنه الشئ الكثير».

ـ وقال في الصفحة ٢٣٨ :

(بل يظهر لي أن عمر كان يستعمل الرأي في أوسع من المعنى الذي ذكرنا ، ذلك أن ما ذكرنا هو استعمال الرأي حيث لا نص من كتاب ولا سنة ، ولكنا نرى عمر سار أبعد من ذلك ، فكان يجتهد في تعرف المصلحة التي لأجلها كانت الآية أو الحديث ، ثم يسترشد بتلك المصلحة في أحكامه ، وهو أقرب شئ إلى ما يعبر عنه الآن بالاسترشاد بروح القانون لا بحرفيته».

ـ وقال في الصفحة ٢٤٠ :

«وعلى كل حال وجد العمل بالرأي ، ونقل عن كثير من كبار الصحابة قضايا أفتوا فيها برأيهم ، كأبي بكر وعمر وزيد بن ثابت وأبي بن كعب ومعاذ بن جبل ، وكان حامل لواء هذه المدرسة أو هذا المذهب ـ فيما نرى ـ عمر بن الخطاب».

ـ وقال الشيخ ابن تيمية (مجموع فتاوي شيخ الإسلام أحمد بن تيمية ، جمع وترتيب : عبد الرحمن بن محمد بن قاسم العاصمي النجدي الحنبلي ، ط. إدارة المساحة العسكرية بالقاهرة ، سنة ١٤٠٤ ه) ج ١٩ ص ٢٨٥ :


«كان الإمام أحمد يقول : إنه ما من مسألة يسأل عنها إلا وقد تكلم الصحابة فيها أو في نظيرها ، والصحابة كانوا يحتجون في عامة مسائلهم بالنصوص ، كما هو مشهور عنهم ، وكانوا يجتهدون برأيهم ، ويتكلمون بالرأي ، ويحتجون بالقياس الصحيح أيضا».

ـ وفي مقدمة (موسوعة فقه أبي بكر الصديق ، للدكتور محمد رواس قلعه جي ، ط ١ ، نشر دار الفكر بدمشق ، ١٤٠٣ ه ـ ١٩٨٣ م) ص ١٠ :

«فقد كان فقهاء الصحابة لا يعدلون عما اتفق عليه أبو بكر وعمر ، فعن عبد الله بن أيي يزيد قال : كان عبد الله بن مسعود إذا سئل عن سئ وكان في القرآن والسنة قال به ، وإلا قال به أبو بكر وعمر ، فإن لم يكن قال برأيه».

ـ وفي مقدمة (موسوعة فقه إبراهيم النخعي ، للدكتور محمد رواس قلعه جي ، ط ١ ، نشر الهيئة المصرية العامة للكتاب ، سنة ١٣٩٩ ه ـ ١٩٧٩ م) ج ١ ص ١٢٧ :

«إن الأستاذ الأول لمدرسة الرأي هو عمر بن الخطاب ، لأنه واجه من الأمور المحتاجة إلى التشريع ما لم يواجهه خليفة قبله ولا بعده! فهو الذي على يديه فتحت الفتوح ومصرت الأمصار وخضعت الأمم المتمدنة من فارس والروم لحكم الإسلام».

ـ وفي كتاب (الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي) ، لمحمد بن الحسن الحجوي الثعالبي الفاسي ، تعليق عبد العزيز بن عبد الفتاح القاري ، ط ١ ، نشر المكتبة العلمية بالمدينة المنورة ، سنة ١٣٩٦ ه) ج ١ ص ٣٧٠ ـ نقلا عن كتاب الليث بن سعد ، لمالك بن أنس ـ :

«فإن كثيرا من أولئك السابقين الأولين خرجوا إلى الجهاد في سبيل الله ابتغاء مرضاة الله فجندوا الأجناد ، واجتمع إليهم الناس ، فأظهروا بين ظهرانيهم كتاب الله وسنة نبيه ولم يكتموهم شيئا علموه.

وكان في كل جند منهم طائفة يعلمون كتاب الله وسنة نبيه ، ويجتهدون برأيهم فيما لم يفسره لهم القرآن والسنة ، وتقدمهم عليه أبو بكر وعمر وعثمان الذين اختارهم المسلمون لأنفسهم!».


ـ ويقول الشهيد الصدر في تصديره لكتاب (تاريخ الإمامية وأسلافهم من الشيعة منذ نشأة التشيع حتى مطلع القرن الرابع الهجري ، للدكتور عبد الله فياض ، ط. مطبعة أسعد ببغداد ، سنة ١٩٧٠ م) ص ٢١ :

«وقد قدر لهذا الاتجاه (يعني اتجاه الرأي) ممثلون جريئون من كبار الصحابة ، من قبيل عمر بن الخطاب ، الذي ناقش الرسول واجتهد في مواضع عديدة خلافا للنص ، إيمانا منه بجواز ذلك ما دام يرى أنه لم يخطئ المصلحة في اجتهاده!

وبهذا الصدد يمكننا أن نلاحظ موقفه من صلح الحديبية ، واحتجاجه على هذا الصلح ، وموقفه من الأذان وتصرفه فيه بإسقاط (حي على خير العمل).

وموقفه من النبي حين شرع متعة الحج ، إلى غير ذلك من مواقفه الاجتهادية.

وقد انعكس كلا الاتجاهين (اتجاه الرأي واتجاه النص) في مجلس الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في آخر يوم من أيام حياته ، فقد روى البخاري في صحيحه عن ابن عباس : قال : لما حضر رسول الله وفي البيت رجال فيهم عمر بن الخطاب ، قال النبي : هلم أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده ، فقال عمر : إن النبي قد غلب عليه الوجع وعندكم القرآن ، حسبنا كتاب الله ، فاختلف أهل البيت فاختصموا ، منهم من يقول : قربوا يكتب لكم النبي كتابا لن تضلوا بعده ، ومنهم من يقول ما قال عمر ، فلما أكثروا اللغو والاختلاف عند النبي قال لهم : قوموا (١).

وهذه الواقعة وحدها كافية للتدليل على عمق الاتجاهين ومدى التناقض والصراع بينهما. ويمكن أن نضيف إليها لتصوير عمق الاتجاه الاجتهادي ورسوخه

__________________

(١) وفي نسخة صحيح البخاري طبع المطبعة الكبرى الأميرية ببولاق مصر سنة ١٣١٤ ه ، وطبعة إدارة الطباعة المنيرية سنة ١٣٤٨ ه. الحديث ٥٥ من كتاب العلم ـ باب كتابة العلم : «حدثنا يحيى بن سليمان ، قال : حدثني ابن وهب ، قال : أخبرني يونس ، عن ابن شهاب ، عن عبيد الله بن عبد الله ، عن ابن عباس ، قال : لما اشتد بالنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وجعه قال : ائتوني بكتاب أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده. قال عمر : إن النبي غلبه الوجع ، وعندنا كتاب الله حسبنا! فاختلفوا وكثر اللغط ، قال : قوموا عني ، ولا ينبغي عندي التنازع ، فخرج ابن عباس يقول : إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبين كتابه».


ما حصل من نزاع وخلاف بين الصحابة حول تأمير أسامة بن زيد على الجيش بالرغم من النص النبوي الصريح على ذلك ، حتى خرج الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو مريض فخطب الناس ، وقال : أيها الناس ما مقالة بلغتني عن بعضكم في تأمير أسامة؟! ولئن طعنتم في تأميري أسامة لقد طعنتم في تأمير أبيه من قبله ، وأيم الله إن كان لخليقا بالإمارة وإن ابنه من بعده لخليق بها».

ومما يصلح تعليقا على ما تقدم ما جاء في كتاب (أعلام الموقعين عن رب العالمين ، لابن قيم الجوزية ، تعليق طه عبد الرؤوف سعد ، ط. دار الجيل ببيروت). ج ١ ص ٥١ ، تحت عنوان (النهي عن التقدم بين يدي الله ورسوله) :

«وقال تعالى : (يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله واتقوا الله إن الله سميع عليم) أي لا تقولوا حتى يقول ، ولا تأمروا حتى يأمر ، ولا تفتوا حتى يفتي ، ولا تقطعوا أمرا حتى يكون هو الذي يحكم فيه ويمضيه ، روى علي بن أيي طلحة عن ابن عباس (رضي‌الله‌عنه) : (لا تقولوا خلاف الكتاب والسنة) ، وروى العوفي عنه قال : (نهوا أن يتكلموا بين يدي كلامه).

والقول الجامع في معنى الآية : لا تعجلوا بقول ولا فعل قبل أن يقول رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم أو يفعل».

وأذكر ـ هنا ـ مسألتين لاجتهاد الرأي توضيحا لمفهومه وتمثيلا له ، وها :

١ ـ جاء في (كتاب ـ فقه السنة ، للشيخ سيد سابق ، ط دار الكتاب العربي ـ بيروت) ج ١ ص ٣٨٩ : «وذهبت الأحناف إلى أن سهم المؤلفة قلوبهم قد سقط بإعزاز الله لدينه ، فقد جاء عيينة بن حصن والأقرع بن حابس وعباس بن مرداس وطلبوا من أبي بكر نصبهم ، فكتب لهم بها ، وجاءوا إلى عمر وأعطوه الخط فأبي ومزقه وقال : هذا شئ كان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يعطيكموه تأليفا لكم على الإسلام ، والآن قد أعز الله الإسلام وأغنى عنكم فإن ثبتم على الإسلام ، وإلا فبيننا وبينكم السيف (وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) ، فرجعوا إلى أي بكر فقالوا : الخليفة أنت أم عمر؟! بذلت لنا الخط فمزقه عمر ، فقال : هو إن شاء!


قالوا (يعني الأحناف) : إن أبا بكر وافق عمر ، ولم ينكر أحد من الصحابة ، كما أنه لم ينقل عن عثمان وعلي أنهما أعطيا أحدا من هذا الصنف.

ويجاب عن هذا :

بأن هذا اجتهاد من عمر ، وأنه رأى أنه ليس من المصلحة إعطاء هؤلاء بعد أن ثبت الإسلام في أقوامهم ، وأنه لا ضرر يخشى من ارتداهم عن الإسلام ، وكون عثمان ، وعلي لم يعطيا أحدا من هذا الصنف لا يدل على ما ذهبوا إليه من سقوط سهم المؤلفة قلوبهم ، فقد يكون ذلك لعدم وجود الحاجة إلى أحد من الكفار ، وهذا لا ينافي ثبوته لمن أحتاج إليه من الأئمة.

على أن العمدة في الاستدلال هو الكتاب والسنة ، فهما المرجع الذي لا يجوز العدول عنه بحال».

٢ ـ جاء في كتاب (فقه عمر بن الخطاب موازنا بفقه أشهر المجتهدين ، للدكتور رويعي بن راجح الرحيلي ، ط ١ ، نشر دار الغرب الاسلامي ببيروت سنة ١٤٠٣ ه) ج ١ ص ٨٥ وما بعدها.

«روى مسلم وغيره عن أبي نضرة ، قال : كان ابن عباس يأمر بالمتعة ، وكان ابن الزبير ينهى عنها ، قال : فذكرت ذلك لجابر بن عبد الله فقال : على يدي دار الحديث ، تمتعنا مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فلما قام عمر قال : إن الله كان يحل لرسوله ما شاء بما شاء ، وإن القرآن قد نزل منازله ، فأتموا الحج والعمرة لله كما أمركم الله وأبتوا نكاح هذه النساء ، فلن أوتي برجل نكح امرأة إلى أجل إلا رجمته بالحجارة.

وروى عبد الرزاق عن عطاء ، قال : لأول من سمعت منه المتعة صفوان بن يعلى قال : أخبرني أبي يعلى أن معاوية استمتع بامرأة بالطائف فأنكرت ذلك عليه ، فدخلنا على ابن عباس فذكر له بعضنا ، فقال : نعم ، فلم يقر في نفسي حتى قدم جابر بن عبد الله فجئنا في منزله فسأله القوم عن أشياء ، ثم ذكروا له المتعة ، فقال : نعم ، استمتعنا على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأبي بكر وعمر ، حتى إذا


كان في أواخر خلافة عمر استمتع عمرو بن حريث بامرأة ـ سماها جابر فنسيتها ـ فحملت المرأة ، فبلغ ذلك عمر ، فدعاها فسألها ، فقالت : نعم ، قال : من أشهد؟ قال عطاء : لا أدري أقالت : أمي أم وليها ، قال : فهلا غيرهما ، قال : خشي أن يكون دغلا الآخر»(١).

وفي ص ٩٥ منه : «واشتهر عن ابن عباس رضي‌الله‌عنه إباحتها ، وقال : ما كانت المتعة إلا رحمة من الله رحم بها أمة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولولا نهي عنها ما اضطر إلى الزنى إلا شقي».

وفي (مجموع فتاوي شيخ الإسلام ابن تيمية) ج ٢٠ ص ٢١٥ و ٢٥١ :

«وقد كان بعض الناس يناظر ابن عباس في المتعة ، فقال له : قال أبو بكر وعمر ، فقال ابن عباس : يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء أقول : قال رسول الله ، وتقولون : قال أبو بكر وعمر».

«وكذلك ابن عمر لما سألوه عنها فأمر بها ، فعارضوا بقول عمر ، فبين لهم أن عمر لم يرد ما يقولونه فألحوا عليه ، فقال لهم : أمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أحق أن يتبع أم أمر عمر؟».

ومن الوثائق التاريخية التي تشير إلى هذين الاتجاهين (الرأي والنص) ما قاله ابن أبي الحديد في (شرح نهج البلاغة ، ط ، مصر الأولى) ج ١٠ ص ٥٧٢ وهو يقارن بين سياستي علي وعمر ، وسياستي علي ومعاوية ونصه :

«إعلم أن السائس لا يتمكن من السياسة البالغة إلا إذا كان يعمل برأيه وبما يرى فيه صلاح ملكه وتمهيد أمره وتوطيد قاعدته ، سواء وافق الشريعة أو لم يوافقها ، ومتى لم يعمل في السياسة والتدبير بموجب ما قلناه ، وإلا فبعيد أن ينتظم أمره أو يستوثق حاله.

__________________

(١) الدغل : الاغتيال ، والآخر : الأبعد.


وأمير المؤمنين كان مقيدا بقيود الشريعة ، مدفوعا إلى أتباعها ، ورفض ما يصلح اعتماده من آراء الحرب والكيد والتدبير إذا لم يكن للشرع موافقا ، فلم تكن قاعدته في خلافته قاعدة غيره ممن لم يلتزم بذلك ، ولسنا بهذا القول زارين على عمر بن الخطاب ولا ناسبين إليه ما هو منزه عنه ، ولكنه كان مجتهدا يعمل بالقياس والاستحسان ، والمصالح المرسلة ، ويرى تخصيص عمومات النص بالآراء ، وبالاستنباط من أصول تقتضي خلاف ما يقتضيه عموم النصوص ، ويكيد خصمه ، ويأمر أمراءه بالكيد والحيلة ، ويؤدب بالدرة والسوط من يغلب على ظنه أنه يستوجب ذلك ، ويصفح عن آخرين قد اجترموا ما يستحقون به التأديب ، كل ذلك بقوة اجتهاده وما يؤديه إليه نظره.

ولم يكن أمير المؤمنين عليه‌السلام يرى ذلك ، وكان يقف مع النصوص والظواهر ، ولا يتعداها إلى الاجتهاد والأقيسة ، ويطبق أمور الدنيا على الدين ، ويسوق الكل مساقا واحدا ، ولا يضع ولا يرفع إلا بالكتاب والنص.

فاختلفت طريقتاهما في الخلافة والسياسة».

وفي ص ٥٧٨ من المصدر نفسه ، نقل ابن أبي الحديد عن الجاحظ فقال :

«قال أبو عثمان : وربما رأيت بعض من يظن بنفسه العقل والتحصيل والفهم والتمييز وهو من العامة ويظن أنه من الخاصة ، يزعم أن معاوية كان أبعد غورا وأصح فكرا وأجود روية وأبعد غاية وأدق مسلكا ، وليس الأمر كذلك ، وسأومئ إليك بجملة تعرف بها موضع غلطه ، والمكان الذي دخل عليه الخطأ من قبله :

كان عين عليه‌السلام لا يستعمل في حربه إلا ما وافق الكتاب والسنة ، وكان معاوية يستعمل خلاف الكتاب والسنة كما يستعمل الكتاب والسنة»!

وبعد هذا نستطيع أن نطلق على أصحاب اتجاه النص (مدرسة أهل البيت) ورأينا أن رأسها كان عليا عليه‌السلام.

وأن نطلق على أصحاب اتجاه الرأي (مدرسة الصحابة) ورأينا أن رأسها كان عمر.


ويرجع هذا الاختلاف بين هاتين المدرستين الاسلاميتين الفكريتين في المنهج العلمي الذي التزمته كل واحدة منهما ، إلى وفرة النصوص الشرعية بالكمية الكافية لتزويد أتباع المدرسة بما يحتاجون إليه في مجال معرفة الأحكام عند مدرسة أهل البيت ، وعدم توفرها بالكمية الكافية لذلك في مدرسة الصحابة ، وذلك أن الإمام عليا كان يدون ويكتب أحاديث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أولا بأول ، في كتاب عرف عند الأئمة من أبنائه باسم (كتاب علي).

بينما منع الخليفة عمر من تدوين الحديث وكتابته ، واستمر هذا المنع حتى أيام الخليفة الزاهد عمر بن عبد العزيز حيث أمر بتدوين الحديث.

وامتد وضع المدرستين المذكورتين على هذا حتى عهد معاوية بن أبي سفيان حيث تحولتا إلى طائفتين : طائفة السنة وطائفة الشيعة.

إذ لم يؤثر تأريخيا مدة حكم الخلفاء الراشدين أن أطلق اسم السنة على الفرقة المعروفة بهذا الاسم ، كما أنه لم يرو أن استعمل اسم الشيعة كعلم واسم رسمي لاتباع أهل البيت.

وممن ألمح إلى هذا الشيخ الأنطاكي في كتابه «لماذا اخترت مذهب الشيعة ـ مذهب أهل البيت ، ط. ٣) ص ١٣٥ ـ ١٣٦ ، قال : «وقد سمى معاوية نفسه ومن إليه ب (أهل السنة والجماعة) ...».

ويرى النوبختي في كتابه «فرق الشيعة» أن تحول المدرستين إلى طائفتين كان في عهد علي ومعاوية وإطلاق الاسمين كان في عهد بني العباس ، يقول : «بعد مقتل عثمان وقيام معاوية وأتباعه في وجه علي بن أبي طالب وإظهاره الطلب بدم عثمان واستمالته عددا عظيما من المسلمين إلى ذلك ، صار أتباعه يعرفون ب (العثمانية) وهم من يوالون عثمان ويبرأون من علي!

أما من يوالونهما فلا يطلق عليهم اسم العثمانية.

وصار أتباع علي يعرفون ب (العلوية) مع بقاء إطلاق اسم الشيعة عليهم.

واستمر ذلك مدة ملك بني أمية.


وفي دولة بني العباس نسخ اسم العلوية والعثمانية وصار في المسلمين اسم (الشيعة) و (أهل السنة) إلى يومنا هذا» (١).

من هذا نتبين أن التشيع في نشوئه كان مع التسنن جنبا إلى جنب.

ومنه نفهم أيضا أن كلا منهما بدأ وجوده في عصر الرسالة وبشكل منهج علمي ثم تحول إلى مدرسة فكرية ، ومن بعد ذلك ، وفي عهد بني أمية تحولا إلى طائفتين.

وهذا يعني أن التشيع ليس طارئا على الإسلام ، وهي المفارقة التاريخية التي وقع فيها الكثيرون ممن أرخ لنشوء المذاهب الإسلامية غير السنية.

وقد تبنى أهل البيت مدرسة أبيهم الإمام علي عليه‌السلام منهجا ومادة ، وهي في واقعها ـ كما رأينا ـ امتداد طبيعي للمدرسة الإسلامية الأولى مضمونا وشكلا ، كما أنهم لم يكونوا مجتهدين ، وإنما كانوا رواة لحديث رسولي الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وهو ما أعرب عنه العلماء الشيعة ومن قبلهم الأئمة.

يقول شيخ الطائفة أبو جعفر الطوسي في كتابه (تلخيص الشافي ، ط. النجف) ج ١ ص ٢٥٣ : «الإمام لا يكون عالما بشئ من الأحكام إلا من جهة الرسول وأخذ ذلك من جهته».

وفي كتاب (بحار الأنوار) للمحدث المجلسي ج ٢ ص ١٤٨ من الطبعة الحروفية : «عن جابر ، قال : قلت لأبي جعفر (الباقر عليه‌السلام) : إذا حدثتني بحديث ما سنده لي؟ فقال : حدثني أبي عن جده عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وسلم عن جبريل عن الله عزوجل ، وكل ما أحدثك بهذا الإسناد».

ـ وعن جابر أيضا عن أبي جعفر الباقر عليه‌السلام أيضا ، قال : يا جابر ، إنا لو كنا نحدثكم برأينا وهوانا لكنا من الهالكين ، ولكنا نحدثكم بأحاديث نكنزها عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كما يكنز هؤلاء ذهبهم وفضتهم.

__________________

(١) أنظر : الحقائق الخفية عن الشيعة الفاطمية والاثني عشرية ، إعداد وتقديم محمد حسن الأعظمي ، نشر الهيئة المصرية العامة للتأليف والنشر بالقاهرة ، سنة ١٩٧٠ م ، ص ١٩٩.


ـ وفي رواية أخرى : ولكنا نفتيهم بآثار من رسول الله وأصول علم عندنا ، نتوارثها كابرا عن كابر.

ـ وفي رواية الفضل عن الإمام الباقر عليه‌السلام أيضا ، قال : لو أنا حدثنا برأينا ضللنا كما ضل من كان قبلنا ، ولكنا حدثنا ببينة من ربنا بينها لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم فبينها لنا.

ـ وفي رواية عن الإمام الصادق عليه‌السلام : مهما أجبتك فيه بشئ فهو عن رسول الله ، لسنا نقول برأينا من شئ.

إلى كثير من أمثال هذه الروايات.

وهذا هو الذي ألزمنا باتباع أهل البيت وأخذ الأحكام الشرعية عنهم ، مضافا إليه :

١ ـ حديث الثقلين :

ونصه كما في رواية الترمذي في صحيحه : «عن زيد بن أرقم قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي ، أحدهما أعظم من الآخر : كتاب الله ، حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، وعترتي أهل بيتي ، ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما» (١).

ومفاده :

١ ـ اقتران العترة الطاهرة بالقرآن الكريم ، بمعنى فهمهم له وعلمهم به.

٢ ـ إن التمسك بالكتاب والعترة معا يعصم من الضلالة ، بمعنى أن الالتزام بهدي القرآن ، وبهدي السنة المأخوذة عن طريق أهل البيت تعطي الإنسان المناعة من أن يقع في الضلالة.

٣ ـ حرمة التقدم عليهم ، وحرمة الابتعاد عنهم ، لأن ذلك يوقع في التهلكة

__________________

(١) أنظر أيضا : صحيح سنن الترمذي ، ط ١٠ نشر مكتب التربية العربي لدول الخليج ـ الرياض سنة ١٤٠٨ هجرية ـ ١٩٨٨ م ، ج ٣ ص ٢٢٧ رقم الحديث ٢٩٨٠ معقبا ب (صحيح).


والهلاك.

٤ ـ عدم افتراق العترة عن الكتاب ، بمعنى ارتباطهم به علما وعملا ، واستمرار سنتهم ـ لأنها سنة النبي ـ عديلة القرآن إلى يوم القيامة.

يقول ابن حجر : «الحاصل أن الحث وقع على التمسك بالكتاب وبالسنة وبالعلماء بهما من أهل البيت.

ويستفاد من مجموع ذلك بقاء الأمور الثلاثة إلى قيام الساعة " (٢).

٥ ـ أعلمية أهل البيت عليهم‌السلام.

وليس هناك ما هو أحوط للدين وأعذر في الموقف يوم الحساب من اتباع الأعلم.

هذا هو حديث الثقلين في مفاده ودلالته ، فمن أخذ به أخذ بالحيطة لدينه ، وأعذر لله في مسؤوليته ، وأبرأ أمام الحق ذمته ، (ذلك هدى الله يهدي به من يشاء) (والله يهدى من يشاء إلى صراط مستقيم).

٢ ـ حديث السفينة :

ونصه ـ كما في رواية الحاكم في المستدرك ٣ / ١٥٠ ط. دار الفكر ببيروت ١٣٩٨ ه ـ ١٩٧٨ م ـ : «بإسناده عن خش الكناني ، قال : سمعت أبا ذر رضي‌الله‌عنه يقول ـ وهو آخذ بباب الكعبة ـ : من عرفني فأنا من عرفني ، ومن أنكرني فأنا أبو ذر سمعت النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : ألا إن مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من قومه ، من ركبها نجا ، ومن تخلف عنها غرق».

٣ ـ حديث الأمان :

ونصه ـ كما في رواية الحاكم في المستدرك ٣ / ١٤٩ ـ : «عن ابن عباس رضي الله

__________________

(٢) أنظر : دلائل الصدق ٢ / ٣٠٦.


عنه ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : (النجوم أمان لأهل الأرض من الغرق ، وأهل بيتي أمان لأمتي من الاختلاف ، فإذا خالفتها قبيلة من العرب اختلفوا فصاروا حزب إبليس).

هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه» يعني الشيخين البخاري ومسلما.

٤ ـ حديث الاثني عشر :

ونصه ـ كما في رواية البخاري في الصحيح ٤ / كتاب الأحكام ـ : «عن جابر ابن سمرة أن النبي مذ الله عليه وآله وسلم قال : (يكون بعدي اثنا عشر أميرا) فقال كلمة لم أسمعها ، فقال أبي : إنه قال : (كلهم من قريش).

وأشير إلى مضمون هذا الحديث في سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي من الكتاب المقدس : الإصحاح الثاني عشر بقوله : «وظهرت آية عظيمة في السماء امرأة متسربلة بالشمس والقمر تحت رجليها وعلى رأسها الكيل من اثني عشر كوكبا ... ولدت ابنا ذكرا عتيدا أن يرعى جميع الأمم بعصى من حديد».

وعلق عليه الأستاذ سعيد أيوب في كتابه (المسيح الدجال : قراءة سياسية في أصول الديانات الكبرى) ط ١ نشر دار الاعتصام بمصر ، ١٤٠٩ ه ـ ٩٨٩ ١ م) علق عليه بالتالي : ـ

في ص ٧٧ : «قالوا في التفسير : (إنها امرأة فاضلة ... وقور ... ويأتي النسل من هذه المرأة) (١).

ومكانة أولاد فاطمة رضي‌الله‌عنها من قلب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم معروفة (٢) ، وأهل الكتاب عندما وضعوا الصفات التي ترمز إلى الاسم ، كون هذا

__________________

(١) يوم الدين / ستيفنس : ص ٨٧ و ١٠٦ ، تفسير الرؤيا / حنا : ص ٢٧٢ ، جين واكسون ـ آخر ساعة ، العدد الصادر في ٢٦ / ٩ / ١٩٨٤.

(٢) روى ابن عمر أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «إن الحسن والحسين هما ريحانتاي من الدنيا» رواه البخاري والترمذي (التاج الجامع ٣٥٦ / ١) ، وعن البراء أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم


الوضع مشكلة ، هي أن صفحاتهم لم تفسح صدرها للأسماء العربية ، لكنها امتلأت بالأسماء التي كانت تحتويها البيئات التي عاش فيها اليهود ، وشاءت حكمة الله أن تضع أقلامهم صفات النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم التي تعتبر بحق علما عليه».

وفي ص ٩٠ : «ثم يقول الرائي عن القيادات التي ستخرج من هذه العاصة : (يحرسها اثنا عشر ملاكا ، ويقوم سور المدينة على اثني عشر دعامة ، كتبت عليها أسماء رسل الحمل الاثني عشر).

قلت : هذه القيادات جاء ذكرها في حديث النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : (لا يزال هذا الدين ، عزيزا ينصرون على من ناوأهم عليهم اثنا عشر خليفة كلهم من قريش).

وفي حديث : (اثنا عشر ، عدة نقباء بني إسرائيل) كما قال سفر الرؤيا ، فإنه ربط عدد نقباء المدينة الجديدة بعدد نقباء بني إسرائيل ، ومن هؤلاء سيكون المهدي المنتظر كما ذكر ابن كثير في تفسير سورة النور ، وقال : ومنهم المهدي الذي اسمه يطابق اسم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وقال : إن في الحديث دلالة على أنه لا بد من وجود اثني عشر خليفة».

مفاده :

يقول أستاذنا السيد محمد تقي الحكيم : «والذي يستفاد من هذه الروايات :

١ ـ أن عدد الأمراء أو الخلفاء لا يتجاوز الاثني عشر ، وكلهم من قريش.

٢ ـ وأن هؤلاء الأمراء معينون بالنص ، كما هو مقتضى تشبيههم بنقباء بني إسرائيل لقوله تعالى : (ولقد أخذنا ميثاق بني إسرائيل وبعثنا منهم اثني عشر نقيبا).

__________________

أبصر حسنا وحسينا فقال : «اللهم إني أحبهما فأحبهما» رواه الترمذي بسند صحيح (التاج ٣٥٨ / ٣).

والجدير بالذكر أن أبناء الحسن والحسين ـ رضي‌الله‌عنهم ـ اشتغلوا بالعلم. وذكرت تفاسير أهل الكتاب أن نسل المرأة الوقور سيواجه المخاطر ، وحدث هذا فلا ، ولا حول ولا قوة إلا بالله.


٣ ـ أن هذه الروايات افترضت لهم البقاء ما بقي الدين الإسلامي أو حتى تقوم الساعة ، كما هو مقتضى رواية مسلم (إن هذا الأمر لا ينقضي حتى يمضي فيهم اثنا عشر خليفة) ، وأصرح من ذلك روايته الأخرى في نفس الباب (لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي من الناس اثنان).

وإذا صحت هذه الاستفادة فهي لا تلتئم إلا مع مبنى الإمامية في عدد الأئمة وبقائهم وكونهم من المنصوص عليهم من قبله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وهي منسجمة جدا مع حديث الثقلين وبقائها حتى يردا عليه الحوض.

وصحة هذه الاستفادة موقوفة على أن يكون المراد من بقاء الأمر فيهم بقاء الإمامة والخلافة ـ بالاستحقاق ـ لا السلطة الظاهرية.

لأن الخليفة الشرعي خليفة يستمد سلطته من الله ، وهي في حدود السلطة التشريعية لا التكوينية ، لأن هذا النوع من السلطة هو الذي تقتضيه وظيفته كمشرع ، ولا ينافي ذلك ذهاب السلطنة منهم في واقعها الخارجي لتسلط الآخرين عليهم.

على أن الروايات تبقى بلا تفسير لو تخلينا عن حملها على هذا المعنى ، لبداهة أن السلطة الظاهرية قد تولاها من قريش أضعاف أضعاف هذا العدد ، فضلا عن انقراض دولهم وعدم النص على أحد منهم ـ أمويين وعباسيين ـ باتفاق المسلمين.

ومن الجدير بالذكر أن هذه الروايات كانت مأثورة في بعض الصحاح والمسانيد قبل أن يكتمل عدد الأئمة ، فلا يحتمل أن تكون من الموضوعات بعد اكتمال العدد المذكور على أن جمع رواتها من أهل السنة ومن الموثوقين لديهم.

ولعل حيرة كثير من العلماء في توجيه هذه الأحاديث وملاءمتها للواقع التاريخي ، كان منشؤها عدم تمكنهم من تكذيبها ، ومن هنا تضاربت الأقوال في توجيهها وبيان المراد منها.

والسيوطي ، بعد أن أورد ما قاله العلماء في هذه الأحاديث المشكلة خرج برأي غريب نورده هنا تفكهة للقراء ، وهو : (وعلى هذا فقد وجد من الاثني عشر : الخلفاء


الأربعة والحسن ومعاوية وابن الزبير وعمر بن عبد العزيز في بني أمية ، وكذلك الظاهر لما أوتيه من العدل ، وبقي الاثنان المنتظران ، أحدهما المهدي لأنه من أهل بيت محمد) ولم يبين المنتظر الثاني ، ورحم الله من قال في السيوطي : إنه حاطب ليل " (١).

وما يقال عن السيوطي يقال عن ابن روزبهان في رده على العلامة الحلي وهو يحاول توجيه هذه الأحاديث (٢).

والحقيقة أن هذه الأحاديث لا تقبل توجيها إلا على مذهب الإمامية في أئمتهم ، واعتبارها من دلائل النبوة في صدقها عن الأخبار بالمغيبات أولى من محاولة إثارة الشكوك حولها كما صنعه بعض الباحثين متخطيا في ذلك جميع الاعتبارات العلمية ، وبخاصة بعد أن ثبت صدقها بانطباقها على الأئمة الاثني عشر " (٣).

حديث باب حطة :

ونصه كما في رواية الصواعق المحرقة ص ١٥٠ : «إنما مثل أهل بيتي فيكم مثل باب حطة في بني إسرائيل ، من دخله غفر له ـ وفي رواية : غفر له الذنوب ـ».

ونخلص من كل ما تقدم إلى التالي :

١ ـ إن هذه الأدلة ، وهي بين متواتر ومستفيض ومصحح قرنته دلائل القطع بصدوره عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعشرات أخرى أمثالها ، صريحة في شرعية مذهب أهل البيت ومشروعية أتباعه.

بل هي صريحة في وجوب اتباعهم ولزوم الالتزام بهديهم.

٢ ـ إن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نص على إمامة علي عليه‌السلام في حديث الغدير ، وفي هذه الأحاديث المتقدمة ، وفي عشرات أمثالها.

__________________

(١) الأصول العامة للفقه المقارن : ١٨٠ نقلا عن : أضواء على السنة المحمدية ٢١٢.

(٢) المصدر نفسه عن : دلائل الصدق ٢ / ٣١٠.

(٣) المصدر نفسه ، وانظر : خلاصة علم الكلام : ٣١١ ـ ٣١٣.


ثم امتدت الإمامة منه إلى أبنائه الأحد عشر بوصية السابق على اللاحق.

٣ ـ ولأنا رأينا أن مذهب أهل البيت هو التفرع الأصيل لمدرسة النبي محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، يأتي هذا أيضا في حق مذهب الإمامية ، لأنه التجسيد الحقيقي لمذهب أهل البيت.

قال الشيخ محمد المنتصر الكتاني في كتابه (معجم فقه السلف : عترة وصحابة وتابعين ، نشر المركز العالمي للتعليم الإسلامي بجامعة أم القرى ـ مكة المكرمة) ج ١ ص ٥ :

«والظفر بفقه العترة ظفر بالعلم والهدى والأمان من الضلال ، وبكتاب الله مقترنا بالهداية والأمان حتى دخول الجنة».

وقال السيد محمد بن يوسف الحسني التونسي المالكي ، الشهير بالكافي ، في كتابه (السيف اليماني المسلول ، ص ١٦٩ ، ط. مطبعة الترقي بدمشق) :

«روى أبو بكر محمد بن مؤمن الشيرازي في كتابه المستخرج من التفسير الاثني عشر في إتمام الحديث المتقدم (يعني حديث السفينة) بعده : فقال علي : يا رسول الله من الفرقة الناجية؟ فقال : (المتمسكون بما أنت عليه وأصحابك).

وفي الأحاديث المذكورة آنفا ما يدل على أن المتبعين لأهل البيت ، والمقدمين لهم ، والمقتدين بهم ، هم الفرقة الناجية.

وحث الرسول على الاقتداء بهم ، والتمسك بما هم عليه ، وإيجاب ذلك على جميع الخلق بروايات الكل ، يعلمنا علما ضروريا أن أهل البيت هم الفرقة الناجية.

فكل من اقتدى بهم ، وسلك آثارهم فقد نجا ، ومن تخلف عنهم وزاغ عن طريقهم فقد غوى.

ويدل على ذلك الحديث المشهور المتفق على نقله : (مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح ، من ركبها نجا ، ومن تخلف عنها غرق) ، وهو حديث نقله الفريقان ، وصححه


القبيلان ، لا يمكن لطاعن أن يطعن عليه وأمثاله» (١).

وأخيرا :

هذه قصة نشوء التشيع في حقيقتها الأصيلة ، وجذروها الأثيلة ، ومعطياتها الخيرة النبيلة.

وهؤلاء أهل البيت في وضوح حقهم على المسلمين.

وها نحن في اتباعنا لهم حيث أخذنا بالدليل الناصع والبرهان القاطع ... فأمرنا ـ بعد هذا ـ إلى الله تعالى فإنه حسبنا ونعم الوكيل ، ولنا مما رواه ثقة الإسلام الشيخ الكليني في كتاب «الكافي» خير هاد في مسيرتنا ودليل : «عن عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن فضال ، عن علي بن عقبة ، عن أبيه ، قال : سمعت أبا عبد الله (الصادق عليه‌السلام) يقول : اجعلوا أمركم إلى الله ولا تجعلوه للناس ، فإنه ما كان لله فهو لله ، وما كان للناس فلا يصعد إلى الله ، ولا تخاصموا الناس لدينكم ، فإن المخاصمة ممرضة للقلب ، إن الله تعالى قال لنبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : (إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء) وقال : (أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين) ، ذروا الناس ، فإن الناس أخذوا عن الناس ، وإنكم أخذتم عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله.

إني سمعت أبي عليه‌السلام يقول : إن الله عزوجل إذا كتب على عبد أن يدخل في هذا الأمر كان أسرع إليه من الطير إلى وكره».

والحمد لله على ولايتنا لمحمد وآل محمد وهدايتنا بهدى محمد وآل محمد

__________________

(١) أنظر : إحقاق الحق ٩ / ٢٩٣ «هامش».


التبديع والتكفير

بعد ظهور أصحاب المقالات من الشيعة والخوارج والمعتزلة ، وظهور حلقات الدرس الكلامي لمتكلمة هؤلاء الفرق ، برز في أخريات القرن الثالث لأهل السنة والجماعة متكلمون أصحاب مقالات ، من أشهرهم أبو الحسن الأشعري (ت ٣٢٤ ه) وأبو المنصور الماتريدي (ت ٣٣٣ ه) فكانت لكل منهما فرقته ، واشتهرت فرقتاهما ، فكانتا الفرقتين السنيتين الكبريين عقائديا.

ولم تثلثا إلا في أخريات القرن السابع وأوليات القرن الثامن عندما نادى الشيخ ابن تيمية (ت ٧٢٨ ه) بعقيدته السلفية ، وتألفت من حوله الفرقة السنية السلفية ، ولكنها بسبب ما عرف به أتباعها من تشدد وعنف ، لم تنتشر انتشار الأشعرية والماتريدية.

وخلال المدة ، منذ انبثاق الأفكار الكلامية في القرن الأول الهجري ، وتحولها إلى علم له مناهجه وقواعده ومسائله قي أوائل القرن الثاني حتى القرن الثامن الهجري ، والمسلمون يعنون بالتوحيد الكلامي (نسبة إلى علم الكلام) ... توحيد الله. وبتعبير آخر : توحيد الذات الإلهية.

لأن ذلك هو ما يلزم به منهج البحث العلمي الذي يقتضي الباحث أن يبدأ أولا بتحديد المشكلة التي هي موضوع البحث ، ثم ـ بعد هذا ـ يقوم بالبحث.

والمشكلة التي كانت تواجه الباحثين المسلمين منذ بدئهم بالدرس الكلامي هي المشكلة التي واجهت القرآن الكريم ، وهي مشكلة الشرك ، مشكلة الاعتقاد بتعدد الآلهة.

وقد واجهها القرآن الكريم وجابهها بمعظم ما فيه من آي كريمة سجلت أروع انتصار شهده تاريخ حرب العقائد بهزيمة الشرك والمشركين.

ومن هنا ، أو لهذا ، أنصب بحث علماء الكلام المسلمين على إثبات الوحدانية ،


ونفي الشركاء.

فالهدف من البحث الكلامي ـ في ضوء هذا ـ هو إثبات أن الإله الخالق لهذه الأكوان وما فيها والمدبر لها والمتصرف فيها ، والذي يجب أن يخضع له تشريعيا تبعا للخضوع له تكوينيا هو الله الواحد الأحد.

ولكن عندما جاء الشيخ ابن تيمية نوع التوحيد ـ فيما طرحه من طروحات في العقيدة الإسلامية ـ إلى نوعين هما :

١ ـ التوحيد القولي :

وسماه : توحيد الاعتقاد (أي الاعتقاد والإيمان بأن الإله واحد). وتوضح فكرة هذا النوع من التوحيد ـ كما يرى ـ سورة التوحيد (قل هو الله أحد). وسماه أيضا : توحيد الربوبية.

وهذا النوع عنده هو التوحيد الكلامي الذي تحدث عنه المتكلمون في بحوثهم ، لأنه هو الذي ينطبق عليه معنى التوحيد.

٢ ـ التوحيد العملي :

وسماه : توحيد العبادة (أي أن يخضع الإنسان لمعبود واحد ، وهو الله تعالى). وتوضح فكرة هذا النوع من التوحيد ـ كما يرى ـ سورة الكافرون (قل يا أيها الكافرون).

وسماه أيضا : توحيد الألوهية ، لأن الإله معناه ـ لغة : ـ المعبود.

وقسم العبادة إلى قسمين ، هما :

١ ـ العبادة العامة : وهي الالتزام بالدين في جميع تشريعاته من عبادات ـ بمعناها الخاص ـ ومعاملات ... إلى آخره.

٢ ـ العبادة الخاصة : وهي التي قوامها نية التقرب بالعمل إلى الله تعالى.

وهي ما تسمى في علم الفقه بالعبادة.


وذكر لتوحيد العبادة ثلاثة مجالات هي :

١ ـ إفراد الله تعالى بالحكم.

٢ ـ إفراد الله تعالى بالولاية.

٣ ـ إفراد الله تعالى بالنسك.

وبهذا ذهب ابن تيمية إلى أن التوحيد القولي الذي بحثه المتكلمون لا يتم به الواجب ولا يكون به المسلم مسلما ، بل لا بد من التوحيد العملي مضافا إلى التوحيد القولي.

قال : «إن التوحيد الذي قرره المتكلمون ليس هو كل التوحيد ، ولا يتم به الواجب ، ولا يكون به المسلم مسلما ، بل لا بد مع التوحيد القولي العلمي ، المعرفي من التوحيد الإرادي القصدي الطلبي العملي ، وهو توحيد العبادة ، فهما متلازمان لا يقبل أحدهما بدون الآخر.

وإذا كان توحيد الخبر والاعتقاد ـ القولي ـ الذي تعبر عنه سورة : (قل هو الله أحد) يتضمن ، توحيد الذات والصفات والأفعال ، وذلك يشمل الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره. وبالجملة : (تصديق خبر الرسول جملة وعلى الغيب) ، مع وصف الرب سبحانه وتعالى بالكمالات وتنزيهه عن النقائص التي ألحقها به المشركون من الصاحبة والولد واتخاذ الملائكة إناثا ، وما جعلوا بينه وبين الجنة من نسب إلى غير ذلك ، تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا.

فلا بد من معرفة أركان النوع الثاني من التوحيد : وهو التوحيد العملي ، توحيد العبادة» (١).

ويلاحظ على هذه الفكرة :

١ ـ أن السلفيين عبروا عن التوحيد القولي بالتوحيد الربوبي ، وقالوا : إنه

__________________

(١) حد الإسلام وحقيقة الإيمان : ١٣٨ نقلا عن الرسالة التدمرية.


ليس كافيا في تحقيق معنى التوحيد الذي يدعو إليه القرآن الكريم ، لأن مثل هذا التوحيد موجود لدى المشركين ، ويستدلون على ذلك بقوله تعالى : (وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون) على معنى أن الشرك هنا هو عبادة غير الله.

يقول : الشيخ ابن تيمية في الفتاوى الكبرى : «والشرك الذي ذكره الله في كتابه إنما هو عبادة غيره من المخلوقات كعبادة الملائكة والكواكب أو الشمس أو القمر أو الأنبياء أو تماثيلهم أو قبورهم أو غيرهم من الآدميين ، ونحو ذلك مما هو كثير في هؤلاء الجهمية ونحوهم ممن يزعم أنه محقق في التوحيد وهو أعظم الناس إشراكا» (١).

وهم بهذا يعطون مصطلح الشرك معنى آخر غير ما يفاد من دلالته اللغوية والاجتماعية والعلمية.

ذلك أن معناه لغة واصطلاحا هو الاعتقاد بتعدد الآلهة ، بمعنى جعل شريك أو أكثر لله فيما يختصن به من خلق ونحوه.

وفي ضوئه :

أن من يعبد شيئا واحدا غير الله كالشمس ـ مثلا ـ وهو لا يؤمن بالله لا يقال له : مشرك ، وإنما يقال له : ملحد.

والقرآن الكريم إنما عبر عمن أشارت إليهم الآية الكريمة بالاشراك ، لأنهم كانوا يؤمنون بالله إلها معبودا ، ولكن أشركوا معه آلهة آخرين يعبدونهم ليقربوهم إلى الله زلفى (ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى) فأشركوا بسبب إضفاء صفة خاصة به تعالى على غيره وهي الألوهية ، لأن العبودية لا تكون إلا لمن يعتقد بألوهيته ، فهم في الواقع مشركون في الألوهية ، والشرك لا يعبر عنه بالتوحيد للمنافاة بينهما.

فالتعبير عن هذا اللون من الشرك بالتوحيد فيه شئ غير قليل من التساهل في استعمال المصطلحات.

__________________

(١) حد الإسلام وحقيقة الإيمان : ١٢٥.


وربما يقال : إنهم إنما عبروا عنه بالتوحيد مجاراة للمتكلمين الذين يعبرون عن التوحيد القولي بالتوحيد ، وهو ليس بتوحيد.

فإننا نقول : إن المتكلمين لا يرون ـ بأي حال من الأحوال ـ أن شرك المشركين توحيد ، ذلك لأن التوحيد عندهم يعني وحدانية الإله ، والشرك يعني تعدد الإله.

٢ ـ وفي ضوء المنهج السلفي في فهم معنى النص الملزم بعدم التأويل والتقدير وعدم الحمل على المجاز ، يمكننا أن نلاحظ عليهم مفارقة تعبيرية أخرى ، هي : تعبيرهم عن توحيد المعبود بتوحيد العبادة.

ذلك أن العبادة في الإسلام غير واحدة ، وإنما متعددة الافراد والجزئيات فمنها الصلاة والصوم والزكاة والحج ... وإلى آخره ، وهذا مما لا خفاء فيه.

والذي نص عليه القرآن الكريم ودعا إلى توحيده ليس العبادة ، بل الإله المعبود ، وفرق بين العبادة والمعبود.

٣ ـ وشئ آخر من المفارقات في الفكرة ، أنهم قالوا : إن الصلاة تجاه القبر ـ بمعنى أن يكون القبر أمام المصلي ، ويتأتى هذا إذا كان القبر في جهة القبلة ووقف المصلي خلفه ـ هي عبادة للقبر أو لصاحب القبر ، كما هو مفاد نص الشيخ ابن تيمية المتقدم.

ووجه المفارقة : أن الكل يدرك أن هناك فرقا بين الصلاة للقبر أو لصاحب القبر وبين الصلاة في مكان خلف القبر.

ولنأخذ مثالا لهذا : مسجد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في المدينة المنورة ، وهو ـ كما يعلم الكل ـ محيط بالحجرة الشريفة التي فيها قبر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وسلم وقبرا صاحبيه أبي بكر وعمر ، فإن من يصلي فيه ـ وهو متجه إلى القبلة ـ في مكان خلف الحجرة الشريفة بحيث يكون قبر الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أو قبر أحد الشيخين أمامه ، هل يجوز أن يقال له : إن صلاته كانت لرسول الله أو لأبي بكر أو لعمر أو لقبورهم ، ولم تكن لله؟!


لا أظن ، بل لا أتوهم أن مسلما ما يتهم هذا المصلي بهذه التهمة.

ومثل الصلاة في مسجد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الصلاة في مساجد أخرى أو مشاهد تماثله في موضع القبر.

فالحكم فيهما واحد سلبا وإيجابا.

٤ ـ وأضرب مثالا آخر : هو الفرق الذي يدركه كل إنسان بين السجود للشئ والسجود على الشئ.

فالرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يسجد على الخمرة ، وسجوده لله تعالى ومن غير ريب في ذلك ، ومن ارتاب فهو من المبطلين المفترين على الله ورسوله.

وقد أراد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يعلمنا بهذا أن نحترم موضع السجود بالمحافظة على طهارته ونظافته باتخاذ الخمرة أو ما يماثلها من طينة جافة طاهرة أو غيرهما مما يجوز السجود عليه.

٥ ـ إن نفي الشيخ ابن تيمية الإسلام عمن يؤمن بالتوحيد القولي الذي قرره المتكلمون ، تكفير لكل الفرق الإسلامية الكلامية من أشاعرة وماتريدية وصوفية ومعتزلة وإمامية وزيدية وإباضية وغيرها.

وهذا ـ ومن غير ريب ـ ليس بمقبول ولا يقره عليه مسلم لديه أدنى معرفة بأن قوام الحكم على الإنسان بأنه مسلم : هو أن يشهد الشهادتين ، غير منكر ـ لا لشبهة ـ ضروريا من ضروريات الدين.

وبهذا وردت السنة الشريفة : ـ

ـ ففي حديث أنس : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ثلاث من أصل الإيمان :

الكف عمن قال : لا إله إلا الله ، لا نكفره بذنب ، ولا نخرجه عن الإسلام بعمل.

ـ وفي حديث ابن عمر عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : كفوا عن أهل


لا إله إلا الله ، لا تكفروهم بذنب ، من كفر أهل لا إله إلا الله فهو إلى الكفر أقرب (١).

وذكر ابن المرتضى الاحتجاج لذلك بعدم تكفير أمير المؤمنين عليه‌السلام الخوارج ، قال : «ويعضد ذلك عمل الصحابة ، فعن جابر : أنه قيل له : هل كنتم تدعون أحدا من أهل القبلة مشركا؟ قال : معاذ الله! .. ففزع لذلك.

قيل : هل كنتم تدعون أحدا منهم كافرا؟ قال : لا.

رواه أبو يعلى والطبراني في الكبير ، ورجاله رجال الصحيح ، والحديث إذا اشتهر العمل به في الصحابة دل على قوته» (٢).

وفي «مجمع الزوائد» لأبي يعلى ـ بعد ذكره حديث جابر ـ ذكر حديث أنس ، قال : حدثنا أبو خيثمة ، ثنا عمر بن يونس ، ثنا عكرمة ، ثنا يزيد الرقاشي ، عن أنس ابن مالك ، قال : قلت يا أبا حمزة ، إن ناسا يشهدون علينا بالكفر والشرك ، قال أنس : أولئك من شر الخلق والخليقة» (٣).

مع أن توحيد الألوهية منطو على توحيد العبادة أو توحيد المعبود ، فالمتكلمون ، لم ينكروا التوحيد العملي ، وكيف ينسب إليهم نكرانه ، وهم يعرفون عين المعرفة أن من ضروريات الدين أن تكون العبادة لله وحده.

ولأنه كذلك لم يحتج المتكلمون إلى النص على فكرة توحيد المعبود بخصوصها ، لأنه ـ كما قلت ـ من بديهيات العقيدة الإسلامية عدم جواز العبادة لغير الله تعالى.

فالبناء على القبور ـ مثلا ـ لا يمكن أن يكون بحال من الأحوال عبادة لصاحب القبر.

ولا أدري كيف يجرؤ أحد أن يقول هذا وهو يشاهد البناء القائم على قبر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقبري صاحبيه أبي بكر وعمر والضريح المذهب أمام جهة الوجه الشريف للرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المعروف بالمواجهة؟!

__________________

(١) إيثار الحق على الخلق : ٤٣٤ ـ ٤٣٥.

(٢) المصدر نفسه.

(٣) المقصد العلي : ١٤١.


والمسلمون جميعا لم ينكروا هذا.

ومثل هذا الإجماع على إقرار البناء على هذه القبور ، دليل متين يملك من القوة ما يثبت بها أن البناء على القبر ليس عبادة لصاحب القبر.

٦ ـ بعد علمنا أن من البداهة بمكان التفريق بين الاتيان بالفعل تعبدا والإتيان به تعظيما.

وذلك لأن التعبد يحتاج إلى نص خاص فيه ، أو أن يندرج تحت عنوان ورد فيه نص خاص.

وأن ما عدا التعبد من التعظيم وغيره من الأفعال المماثلة له لا يحتاج إلى نص خاص.

وإنما يكتفى في الحكم عليه بالجواز بعدم ورود نهي عنه ، لأنه فعل غير عبادي. فمثلا بناء المحاريب التجويفية والمنائر العالية والقباب في المساجد الإسلامية لم تكن على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولا على عهد صحابته.

فالمفروض أن لا تضاف مثل هذه الأشياء على هيكل بناء المسجد ، لأن بناء المسجد من العبادة المندوب إليها شرعا ، والعبادة توقيفية.

ومع هذا لم ينكر المسلمون بناءها ، إما لأنها بدعة مستحسنة كما يرى البعض!

أو لأنها تدخل في عنوان المسجد فتكون مشمولة بالدليل النادب لبناء المساجد ، أو لدليل آخر.

وعليه : ليس كل ما لم يكن على عهد الصحابة هو شرك ومناف لتوحيد العبادة.

فكذلك الوقوف عند القبر والدعاء لديه بطلب شئ غير محرم من الله تعالى لا من صاحب القبر ، لا نستطيع اعتداده شركا ، لأن الدعاء مندوب إليه في كل زمان وكل مكان وعلى كل حال.

وفرق بين الدعاء طلبا من صاحب القبر وبين الدعاء طلبا من الله عند القبر.

وهو ما على جوازه فتوى عموم الفقهاء المسلمين.

ومثالا آخر :.


الاحتفال بذكريات العلماء والرجال ، كالاحتفال بذكرى ابن سينا ، وذكرى المتنبي ، وذكرى الشيخ محمد بن عبد الوهاب مجدد الدعوة السلفية الذي أقامته جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في الرياض.

فإنه جائز ، لأنه فعل غير عبادي ، وإنما هو عمل تعظيمي.

وهنا نقول :

مثل الاحتفالات المذكورة الاحتفال بذكرى مولد الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله وسلم وبعثته وهجرته ووفاته ، فإنها كلها جائزة ، لأن القائمين بها لم يأتوا بها تعبدا للرسول ، لأنهم يعلمون ويعتقدون أن العبادة لا تكون إلا لله وحده ، ولا تعبدا لله عند من لم يقف على دليل استحبابها ، وإنما يأتون بها تعظيما للرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله وسلم

والتعظيم فعل غير عبادي فلا نحتاج في إثبات جوازه إلى نص خاص ، أو سيرة الصحابة ، وإنما يكتفى بعدم ورود نهي عنه خاص أو عام شامل له.

ومن المؤسف له والمؤلم جدا أن يترك هذا التبديع والتكفير للمسلمين من أبناء المذاهب الإسلامية الأخرى أثره قائما حتى الآن.


من الأحاديث الموضوعة

(٧)

أحاديث مقلوبة

في مناقب الصحابة

السيد علي الحسيني الميلاني

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطاهرين ، ولعنة الله على أعدائهم أجمعين من الأولين والآخرين.

وبعد .. فهذه رسالة موضوعها «الأحاديث المقلوبة في فضائل الصحابة» كتبتها حول هذا الجانب من تراثنا وقد كتب لما أن تنشر في (تراثنا) ... كشفت فيها عن جانب من التلاعب الواقع في الأحاديث المروية عن سيد البرية لأغراض سياسية ...

وقد تعرضنا هنا إلى أربعة من تلك الأحاديث ... وعلى هذه فقس ما سواها .. والله الهادي إلى سواء السبيل.


الحديث الأول

حديث المنزلة

لقد اتفق المسلمون على رواية حديث المنزلة في حق أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام ... وأخرجه من علماء أهل السنة : البخاري ومسلم وغيرهما من أرباب الصحاح ، وكذا رواه أصحاب المسانيد والمعاجم ... وغيرهم من كبار المحدثين ... القدماء والمتأخرين ... وإليك نص الحديث كما في الصحاح.

حديث المنزلة بشأن أمير المؤمنين :

أخرج البخاري قائلا :.

«حدثنا محمد بن بشار ، ثنا غندر ، ثنا شعبة ، عن سعد ، قال : سمعت إبراهيم بن سعد ، عن أبيه ، قال : قال النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم لعلي : أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى» (١).

قال : «حدثنا مسدد ، قال : حدثنا يحيى ، عن شعبة ، عن الحكم ، عن مصعب بن سعد ، عن أبيه : أن رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم خرج إلى تبوك فاستخلف عليا فقال : أتخلفني في الصبيان والنساء؟ قال : ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه ليس نبي بعدي» (٢).

وأخرج مسلم ، قال : «حدثنا يحيى بن يحيى التميمي وأبو جعفر محمد بن الصباح وعبيد الله القواريري وسريح بن يونس ، كلهم عن يوسف بن الماجشون

__________________

(١) مناقب علي بن أبي طالب من كتاب المناقب.

(٢) باب غزوة تبوك من كتاب المغازي.


ـ واللفظ لابن الصباح ـ قال : نا يوسف أبو سلمة الماجشون ، قال : ثنا محمد بن المنكدر ، عن سعيد بن المسيب ، عن عامر بن سعد بن أبي وقاص ، عن أبيه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم لعلي : أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي.

قال سعيد : فأحببت أن أشافه بها سعدا ، فلقيت سعدا فحدثته بما حدثني به عامر ، فقال : أنا سمعته. قلت : أنت سمعته؟! قال : فوضع إصبعيه على أذنيه فقال : نعم وإلا فاستكتا.

حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، قال : نا غندر عن شعبة.

ح وحدثنا محمد بن مثنى وابن بشار ، قالا : نا محمد بن جعفر ، قال : نا شعبة ، عن الحكم ، عن مصعب بن سعد ، عن سعد بن أبي وقاص ، قال : خلف رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم علي بن أبي طالب في غزوة تبوك ، فقال : يا رسول الله تخلفني في النساء والصبيان؟ فقال : أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي.

حدثناه عبيد الله بن معاذ ، قال : نا أبي ، قال : نا شعبة ، في هذا الإسناد.

حدثنا قتيبة بن سعيد ومحمد بن عباد ـ وتقاربا في اللفظ ـ قالا : نا حاتم ـ وهو ابن إسماعيل ـ عن بكير بن مسمار ، عن عامر بن سعد بن أبي وقاص ، عن أبيه ، قال : أمر معاوية بن أبي سفيان سعدا فقال : ما منعك أن تسب أبا تراب؟! فقال : أما ما ذكرت ثلاثا قالهن له رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم فلن أسبه ، لئن تكون لي واحدة منهن أحب إلي من حمر النعم : سمعت رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم يقول له ـ وخلفه في بعض مغازيه ، فقال له علي : يا رسول الله! خلفتني مع النساء والصبيان؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم : أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى ، إلا أنه لا نبوة بعدي.

وسمعته يقول يوم خيبر : لأعطين الراية رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله. قال : فتطاولنا لها ، فقال : ادعوا لي عليا ، فأتي به أرمد ، فبصق في عينيه ودفع


الراية إليه ، ففتح الله عليه.

ولما نزلت هذه الآية : (ندع أبناءنا وأبناءكم) دعا رسول الله صلى الله عليه «وآله» وسلم عليا وفاطمة وحسنا وحسينا ، فقال : اللهم هؤلاء أهلي.

حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، ثنا غندر ، عن شعبة.

ح وحدثنا محمد بن المثنى وابن بشار قالا : ثنا محمد بن جعفر. ثنا شعبة ، عن سعد بن إبراهيم ، قال : سمعت إبراهيم بن سعد ، عن سعد ، عن النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم أنه قال لعلي : أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى " (٣).

المحاولات السقيمة في رد حديث المنزلة :

ثم إن القوم لما رأوا صحة هذا الحديث سندا ، بل تواتره من طرقهم المعتبرة عندهم التجأوا إلى التشكيك في دلالته على أفضلية أمير المؤمنين وخلافته عن رسول رب العالمين ... فراجع كتب الحديث والكلام.

فجاء آخرون وانتبهوا إلى سقوط تلك التشكيكات فاضطروا إلى القدح في سنده ، وإن كان متفقا عليه بين أرباب الصحاح وغيرهم من أئمة الحديث ... كما لا يخفى على من راجع كتاب «الصواعق المحرقة».

وهناك من رأى أن لا جدوى في الطعن بالسند والدلالة ، فعمد إلى لفظ الحديث وحرفه بما لا يتفوه به مسلم ... فقال بأن لفظه : علي مني بمنزلة هارون من موسى ...!!! كما لا يخفى على من راجع كتب الرجال بترجمة «حريز بن عثمان».

قلب حديث المنزلة :

وقلب آخرون الحديث إلى الشيخين :

قال الخطيب : «أخبرنا الطاهري ، أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن بن علي

__________________

(٣) باب فضائل علي بن أبي طالب من كتاب المناقب.


ابن زكريا الشاعر ، حدثنا أبو جعفر محمد بن جرير الطبري ، حدثنا بشر بن دحية ، حدثنا قزعة بن سويد ، عن ابن أبي مليكة ، عن ابن عباس :

أن النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم قال : أبو بكر وعمر مني بمنزلة هارون من موسى» (٤).

وقال المتقي :

«أبو بكر وعمر مني بمنزلة هارون من موسى.

خط ، وابن الجوزي في الواهيات ، عن ابن عباس» (٥).

وكذا قال المناوي (٦).

نظرات في سنده :

أقول :

وهذا السند في غاية السقوط ، ففيه :

١ ـ ابن أبي مليكة ،

وقد عرفته في بحثنا حول حديث «خطبة علي ابنة أبي جهل» الموضوع الباطل (٧).

٢ ـ قزعة بن سويد ،

روى ابن أبي حاتم عن أحمد : «مضطرب الحديث» وعن ابن معين «ضعيف» وعن أبيه أبي حاتم الرازي : «لا يحتج به» (٨).

وذكر ابن حجر عن البخاري : «ليس بذاك القوي» وعن أبي داود والعنبري

__________________

(٤) تاريخ بغداد ١١ / ٣٨٤.

(٥) كنز العمال ١١ / ٥٦٧.

(٦) كنوز الحقائق ـ حرف الألف.

(٧) نشر في العدد ٢٣ من تراثنا.

(٨) الجرح والتعديل ٧ / ١٣٩.


والنسائي : «ضعيف» وعن ابن حبان : «كثير الخطأ ، فاحش الوهم ، فلما كثر ذلك في روايته سقط الاحتجاج بأخباره» (٩).

وذكره الذهبي في «الميزان» وقال : «له حديث منكر عن ابن أب مليكة ...» (١٠).

وستأتي كلمة ابن الجوزي.

٣ ـ بشر بن دحية ،

قال ابن حجر : «بشر بن دحية ، عن قزعة بن سويد ، وعنه محمد بن جرير الطبري ، ضعفه المؤلف في ترجمة عمار بن هارون المستملي في أصل الميزان ...».

أقول : وستقف على نص العبارة وفيها عن الذهبي : «هذا كذب، وهو من بشر».

وفيها قول ابن حجر : «وشيخ الطبري (يعني بشرا) ما عرفته ، فيجوز أن يكون هو المفتري» (١١).

٤ ـ علي بن الحسن الشاعر ،

وهذا الرجل كذبه غير واحد ، بل هو المتهم بوضع هذا الحديث عند بعضهم كما ستعرف.

تصريحات حوله :

ولقد نص جماعة من نقاد الحديث على أنه حديث كذب موضوع ، ومنهم : ابن عدي وابن الجوزي والذهبي وابن حجر العسقلاني ، ونحن في هذا المقام ننقل عبارة ابن الجوزي ثم عبارات ابن حجر ، وفيها الكفاية :

قال ابن الجوزي :

«أخبرنا أبو منصور القزاز ، قال : أنا أبو بكر ابن ثابت ، قال : أخبرنا علي بن

__________________

(٩) تهذيب التهذيب ٨ / ٣٣٦.

(١٠) ميزان الاعتدال ٣ / ٣٩٠.

(١١) لسان الميزان ٢ / ٢٣.


عبد العزيز الطاهري ، قال : نا أبو القاسم علي بن الحسن بن علي بن زكريا الشاعر ، قال : نا أبو جعفر محمد بن جرير الطبري ، قال : نا بشر بن دحية ، قال : نا قزعة بن سويد ، عن ابن أبي مليكة ، عن ابن عباس : أن النبي قال : أبو بكر وعمر مني بمنزلة هارون من موسى.

قال المؤلف : هذا حديث لا يصح ، والمتهم به الشاعر ، وقد قال. أبو حاتم الرازي : لا يحتج بقزعة بن سويد ، وقال أحمد : هو مضطرب الحديث " (١٢).

وقال ابن حجر بترجمة بشر بن دحية :

«بشر بن دحية ، عن قزعة بن سويد ، وعنه محمد بن جرير الطبري. ضعفه المؤلف في ترجمة عمار بن هارون المستملي في أصل الميزان ، فذكر عن ابن عدي أنه قال : محمد بن نوح ، ثنا جعفر بن محمد الناقد ، ثنا عمار بن هارون المستملي ، أنا قزعة ابن سويد ، عن ابن أبي مليكة ، عن ابن عباس رفعه : ما نفعني مال ما نفعني مال أبي بكر. الحديث ، وفيه : وأبو بكر وعمر مني بمنزلة هارون من موسى.

قال ابن عدي : وحدثناه ابن جرير الطبري ، ثنا بشر بن دحية ، ثنا قزعة بنحوه.

قال الذهبي : هذا كذب ، وهو من بشر.

قال : ثم قال ابن عدي : ورواه مسلم بن إبراهيم عن قزعة.

قال الذهبي : وقزعة ليس بشئ.

قلت : فبرئ بشر من عهدته ، وسيأتي في ترجمة علي بن الحسن بن علي بن زكريا الشاعر أن المؤلف اتهمه به وأنه برئ من عهدته» (١٣).

وقال ابن حجر بترجمة الشاعر :

«علي بن الحسن بن علي بن زكريا الشاعر ، عن محمد بن جرير الطبري ،

__________________

(١٢) العلل المتناهية ١ / ١٩٩.

(١٣) لسان الميزان ٢ / ٢٣.


بخبر كذب هو المتهم به ، متنه : أبو بكر (١٤) مني بمنزلة هارون من موسى. إنتهى. ولا ذنب لهذا الرجل فيه كما سأبينه.

قال الخطيب في تاريخه : أنا علي بن عبد العزيز الطاهري ، أنا أبو القاسم علي ابن الحسن بن علي بن زكريا الشاعر ، حدثنا أبو جعفر محمد بن جرير الطبري ، حدثنا بشر بن دحية ، حدثنا قزعة بن سويد ، عن ابن أبي مليكة ، عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ بهذا الحديث.

فشيخ الطبري ما عرفته ، فيجوز أن يكون هو المفتري ، وقد قدمت كلام المؤلف فيه في ترجمته ، وأن ابن عدي أخرج الحديث المذكور بأتم من سياقه عن ابن جرير الطبري بسنده. فبرئ ابن الحسن من عهدته» (١٥).

* * *

__________________

(١٤) كذا.

(١٥) لسان الميزان ٤ / ٢١٩.


الحديث الثاني

حديث المباهلة

ومن فضائل أهل البيت «حديث المباهلة» ... فإنه لما نزلت الآية المباركة : (فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين) (١٦) خرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعلي وفاطمة والحسنين عليهم‌السلام إلى المباهلة.

حديث المباهلة بأهل البيت :

وقال السيوطي : «أخرج ابن أبي شيبة وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وأبو نعيم عن الشعبي قال : كان أهل نجران أعظم قوم من النصارى قولا في عيسى بن مريم ، فكانوا يجادلون النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم فيه. فأنزل الله هذه الآيات في سورة آل عمران : (إن مثل عيسى عند الله) إلى قوله : (فنجعل لعنة الله على الكاذبين). فأمر بملاعنتهم ، فواعدوه لغد ، فغدا النبي صلى الله عليه » وآله «وسلم ومعه علي والحسن والحسين وفاطمة ، فأبوا أن يلاعنوه وصالحوه على الجزية. فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لقد أتاني البشير بهلكة أهل نجران حتى الطير على الشجر لو تموا على الملاعنة» (١٧).

قال : «وأخرج مسلم والترمذي وابن المنذر والحاكم والبيهقي في سننه عن سعد

__________________

(١٦) سورة آل عمران ٣ : ٦١.

(١٧) الدر المنثور في التفسير بالمأثور ٢ / ٣٩.


ابن أبي وقاص قال : لما نزلت هذه الآية : (قل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم) دعا رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم علي وفاطمة وحسنا وحسينا فقال : اللهم هؤلاء أهلي» (١٨).

قال : «وأخرج الحاكم وصححه ، وابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل عن جابر قال : قدم على النبي السيد والعاقب ... فغدا رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم وأخذ بيد علي وفاطمة والحسن والحسين ، ثم أرسل إليهما فأبيا أن يجيباه وأقرا له. فقال : والذي بعثني بالحق لو فعلا لأمر الوادي عليهما نارا.

قال جابر : فيهم نزلت : (تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم) الآية. قال جابر : أنفسنا وأنفسكم : رسول الله وعلي. وأبناءنا : الحسن والحسين ... ونساءنا : فاطمة» (١٩).

قال : «وأخرج ابن جرير عن علباء بن أحمر اليشكري : نزلت هذه الآية : (قل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم) الآية. أرسل رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم إلى علي وفاطمة وابنيهما الحسن والحسين ، ودعا اليهود ليلاعنهم. فقال شاب من اليهود : ويحكم أليس عهدكم بالأمس إخوانكم الذين مسخوا قردة وخنازير! لا تلاعنوا! فانتهوا» (٢٠).

فمن رواة الحديث :

١ ـ أبو بكر ابن أبي شيبة.

٢ ـ سعيد بن منصور.

٣ ـ عبد بن حميد.

٤ ـ مسلم بن الحجاج.

٥ ـ أبو عيسى الترمذي.

__________________

(١٨) الدر المنثور في التفسير بالمأثور ٢ / ٣٩.

(١٩) الدر المنثور ٢ / ٣٩.

(٢٠) الدر المنثور ٢ / ٤٠.


٦ ـ أبو عبد الله الحاكم.

٧ ـ ابن المنذر

٨ ـ محمد بن جرير الطبري.

٩ ـ أبو بكر البيهقي.

١٠ ـ أبو نعيم الأصفهاني.

١١ ـ جلال الدين السيوطي.

وأخرجه أحمد ، قال :

«ثنا قتيبة بن سعيد ، ثنا حاتم بن إسماعيل» عن بكير بن مسمار عن عامر بن سعد ، عن أبيه ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم يقول له وخلفه في بعض مغازيه ، فقال علي رضي‌الله‌عنه : أتخلفني مع النساء والصبيان؟ قال : يا علي ، أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى ، إلا أنه لا نبي بعدي.

وسمعته يقول يوم خيبر : لأعطين الراية رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله ، فتطاولنا لها. فقال : ادعوا لي عليا ـ رضي‌الله‌عنه ـ فأتي به أرمد ، فبصق في عينه ، ودفع الراية إليه ففتح الله عليه.

ولما نزلت هذه الآية : (ندع أبناءنا وأبناءكم) دعا رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم عليا وفاطمة وحسنا وحسينا ـ رضوان الله عليهم أجمعين ـ فقال : اللهم هؤلاء أهلي» (٢١).

أقول : لا يخفى أن هذا الحديث هو نفس الحديث الذي أخرجه مسلم ، وقد تقدم نصه في الحديث الأول ، فقارن بين هذا اللفظ واللفظ المتقدم لتعرف ما في لفظ أحمد من التحريف والتصرف :

وقد ذكر المفسرون خبر المباهلة بذيل الآية المباركة فلاحظ تفاسير : الزمخشري ، الفخر الرازي ، البيضاوي ، الخازن ، الجلالين ، الآلوسي ... وغيرهم.

__________________

(٢١) المسند ١ / ١٨٥.


قلب حديث المباهلة :

فلما رأى بعض المتعصبين اختصاص هذه الفضيلة بأهل البيت عليهم‌السلام ، لا سيما وأنها تدل على عصمة أمير المؤمنين عليه‌السلام وإمامته ، وعلى أن الحسنين عليهما‌السلام ابنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كما نص عليه الفخر الرازي وغيره في تفسير الآية ... عمد إلى وضع حديث ليقلب تلك المنقبة إلى غير أهل البيت وليقابل به حديث المباهلة :.

قال ابن عساكر : «أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم ، أنبأ أبو الفضل ابن الكريدي ، أنبأ أبو الحسن العتيقي ، أنا أبو الحسن الدارقطني ، نا أبو الحسين أحمد بن قاج ، نا محمد بن جرير الطبري إملاء علينا ، نا سعيد بن عنبسة الرازي ، نا الهيثم بن عدي ، قال : سمعت جعفر بن محمد عن أبيه في هذه الآية : (تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم) قال : فجاء بأبي بكر وولده وبعمر وولده وبعثمان وولده وبعلي وولده» (٢٢).

وعنه السيوطي بتفسير الآية كذلك (٢٣).

نظرات في سنده :

وهذا الحديث كذب محض ، باطل سندا ومتنا ... ونحن نكتفي بالنظر في سنده ... ففيه :

١ ـ سعيد بن عنبسة الرازي ،

وهذا الرجل ذكره ابن أبي حاتم الرازي فقال :

«سعيد بن عنبسة أبو عثمان الخزاز الرازي ... سمع منه أبي ولم يحدث عنه وقال :

__________________

(٢٢) تاريخ دمشق ـ ترجمة عثمان بن عفان : ١٦٨ ـ ١٦٩.

(٢٣) الدر المنثور ٢ / ٤٠.


فيه نظر.

حدثنا عبد الرحمن ، قال : سمعت علي بن الحسين ، قال : سمعت يحيى بن معين ـ وسئل عن سعيد بن عنبسة الرازي ـ فقال : لا أعرفه.

فقيل : إنه حدث عن أبي عبيدة الحداد حديث والآن؟ فقال : هذا كذاب.

حدثنا عبد الرحمن ، قال : سمعت علي بن الحسين يقول : سعيد بن عنبسة كذاب.

سمعت أبي يقول : كان لا يصدق " (٢٤).

٢ ـ الهيثم بن عدي ،

وقد اتفقوا على أنه كذاب ... قال ابن أبي حاتم : «سئل يحيى بن معين عن الهيثم بن عدي فقال : كوفي ليس بثقة ، كذاب.

سألت أبي عنه فقال : متروك الحديث» (٢٥).

وذكره ابن حجر فذكر الكلمات فيه :

البخاري : «ليس بثقة ، كان يكذب».

يحيى بن معين : «ليس بثقة ، كان يكذب».

أبو داود : «كذاب».

النسائي وغيره : «متروك الحديث».

ابن المديني : «لا أرضاه في شئ».

أبو زرعة : «ليس بشئ».

العجلي : «كذاب».

الساجي : «كان يكذب».

أحمد : «كان صاحب أخبار وتدليس».

__________________

(٢٤) الجرح والتعديل ٤ / ٥٢.

(٢٥) الجرح والتعديل ٩ / ٨٥.


الحاكم والنقاش : «حدث عن الثقات بأحاديث منكرة».

محمود بن غيلان : «أسقطه أحمد ويحيى بن معين وأبو خيثمة».

«ذكره ابن السكن وابن شاهين وابن الجارود والدارقطني في الضعفاء».

«وكذب الحديث ، لكون الهيثم فيه ، جماعة منهم : الطحاوي في مشكل الحديث ، والبيهقي في السنن ، والنقاش والجوزجاني في ما صنفا من الموضوعات وغيرهم» (٢٦).

__________________

(٢٦) لسان الميزان ٦ / ٢٠٩.


الحديث الثالث

حديث سيادة أهل الجنة

ومن الأحاديث المروية عن رسول الله صل الله عليه وآله وسلم والثابتة عنه لدى المسلمين .. في فضل الإمامين السبطين الطاهرين ، الحسن والحسين ... هو قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة» :

الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة :

وقد رواه من أهل السنة علماء ومحدثون لا يحصى عددهم كثرة :

فقد أخرج الترمذي بسنده عن أبي سعيد الخدري ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم : «الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة» (٢٧).

وأخرج ابن ماجة بسنده عن عبد الله بن عمر ، قال : «قال رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم : الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة ، وأبوهما خير منهما» (٢٨).

وأخرج أحمد بإسناده عن حذيفة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم : «ملك من الملائكة لم يهبط إلى الأرض قبل هذه الليلة ، فاستأذن ربه أن يسلم علي ويبشرني أن الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة ، وأن فاطمة سيدة نساء أهل الجنة» (٢٩).

وأخرج الحاكم بسنده عن حذيفة عنه صلى الله عليه (وآله) وسلم قال : «أتاني جبرئيل فقال : إن الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة. ثم قال لي رسول الله : غفر

__________________

(٢٧) صحيح الترمذي ٢ / ٣٠٦.

(٢٨) سنن ابن ماجة ١ / ٤٤.

(٢٩) مسند أحمد ٥ / ٣٩١.


الله لك ولأمك يا حذيفة» (٣٠).

وصححه الذهبي في تلخيصه.

ومن رواته أيضا :

ابن حبان في صحيحه كما في موارد الظمآن : ٥٥١.

والنسائي في خصائص أمير المؤمنين : ٣٦.

والخطيب البغدادي في تاريخ بغداد ٩ / ٢٣١.

وأبو نعيم في حلية الأولياء ٤ / ١٩٠.

وابن حجر العسقلاني في الإصابة ١ / ٢٦٦.

وابن الأثير في أسد الغابة ٥ / ٥٧٤.

وذكره الزركشي في «التذكرة في الأحاديث المشتهرة» والسيوطي في «الدرر المنتثرة في الأحاديث المشتهرة» والسخاوي في «المقاصد الحسنة في الأحاديث المشتهرة على الألسنة» بل أورده الزبيدي في. كتابه «لقط اللآلي المتناثرة في الأحاديث المتواترة».

قلب الحديث :

هذا هو الحديث كما في كتب القوم مصرحين بصحته ... فقلبه بعض الكذابين إلى لفظ : «أبو بكر وعمر سيدا كهول أهل الجنة» :

قال الترمذي : «حدثنا الحسن بن الصباح البزار حدثنا محمد بن كثير العبدي ، عن الأوزاعي ، عن قتادة ، عن أنس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم لأبي بكر وعمر : هذان سيدا كهول أهل الجنة من الأولين والآخرين إلا النبيين والمرسلين.

قال : هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه.

__________________

(٣٠) المستدرك عل الصحيحين ٣ / ٣٨١.


حدثنا علي بن حجر ، أخبرنا الوليد بن محمد الموقري ، عن الزهري ، عن علي ابن الحسين ، عن علي بن أبي طالب ، قال : كنت مع رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم إذ طلع أبو بكر وعمر ، فقال رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم : هذان سيدا كهول أهل الجنة من الأولين والآخرين إلا النبيين والمرسلين ، يا علي لا تخبرهما.

قال : هذا حديث غريب من هذا الوجه. والوليد بن محمد الموقري يضعف في الحديث ، ولم يسمع علي بن الحسين من علي بن أبي طالب.

وقد روي هذا الحديث عن علي من غير هذا الوجه.

وفي الباب عن أنس وابن عباس.

حدثنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي ، حدثنا سفيان بن عيينة ، قال : ذكر داود ، عن الشعبي ، عن الحارث ، عن علي ، عن النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم قال : أبو بكر وعمر سيدا كهول أهل الجنة من الأولين والآخرين ما خلا النبيين والمرسلين ، لا تخبرهما يا علي» (٣١).

وقال ابن ماجة : (حدثنا هشام بن عمار ، ثنا سفيان ، عن الحسن بن عمارة ، عن فراس ، عن الشعبي ، عن الحارث ، عن علي ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم : أبو بكر وعمر سيدا كهول أهل الجنة من الأولين والآخرين إلا النبيين والمرسلين ، لا تخبرهما يا علي ما داما حيين» (٣٢).

وقال : «حدثنا أبو شعيب صالح بن الهيثم الواسطي ، ثنا عبد القدوس بن بكر ابن خنيس ، ثنا مالك بن مغول ، عن عون بن أبي جحيفة ، عن أبيه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم : أبو بكر وعمر سيدا كهول أهل الجنة من الأولين والآخرين إلا النبيين والمرسلين» (٣٣)

__________________

(٣١) صحيح الترمذي ٥ / ٥٧٠.

(٣٢) سنن ابن ماجة ١ / ٣٦.

(٣٣) سنن ابن ماجة ١ / ٣٨.


وقال عبد الله بن أحمد : «حدثني وهب بن بقية الواسطي ، ثنا عمر بن يونس ـ يعني اليمامي ـ ، عن عبد الله بن عمر اليمامي ، عن الحسن بن زيد بن الحسن ، حدثني أبي ، عن أبيه ، عن علي رضي‌الله‌عنه ، قال : كنت عند النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم فأقبل أبو بكر وعمر رضي‌الله‌عنهما ، فقال : يا علي ، هذان سيدا كهول أهل الجنة وشبابها بعد النبيين والمرسلين» (٣٤).

نظرات في سنده :

أقول : قد ذكرنا أهم أسانيد هذا الحديث في أهم كتبهم ، فالترمذي يرويه بسنده عن أنس بن مالك ، وهو وابن ماجة وعبد الله بن أحمد يروونه عن أمير المؤمنين عليه‌السلام .. وابن ماجة يرويه عن أبي جحيفة .. وربما روي في خارج الصحاح عن بعض الصحابة لكن بأسانيد اعترفوا بعدم اعتبارها (٣٥).

وأول ما في هذا الحديث إعراض البخاري ومسلم عنه ، فإنهما لم يخرجاه في كتابيهما ، وقد تقرر عند كثير من العلماء رد ما اتفقا على تركه ، بل إن أحمد بن حنبل لم يخرجه في مسنده أيضا ، وإنما أورده ابنه عبد الله في زوائده (٣٦) ، وقد نص أحمد على أن ما ليس في المسند فليس بحجة حيث قال في وصف كتابه : «إن هذا كتاب قد جمعته وانتقيته من أكثر من سبعمائة وخمسين ألفا ، فما اختلف فيه المسلمون من حديث رسول الله فارجعوا إليه ، فإن كان فيه وإلا فليس بحجة» (٣٧).

ثم إنه بجميع طرقه المذكورة ساقط عن الاعتبار :

__________________

(٣٤) المسند ١ / ٨٠

(٣٥) مجمع الزوائد ٩ / ٥٣ ، فيض القدير ١ / ٨٩.

(٣٦) لم يذكر في مادة «كهل» من معجم ألفاظ الحديث النبوي إلا هذا المورد ، وهو من حديث عبد الله بن أحمد وليس لأحمد نفسه.

(٣٧) لاحظ ترجمة أحمد ني طبقات الشافعية الكبرى للسبكي.


أما الحديث عن علي عليه‌السلام :

فقد رواه عنه الترمذي بطريقين ، وعبد الله بن أحد بطريق ثالث.

أما الطريق الأول فقد نبه على ضعفه الترمذي :

أولا : بأن علي بن الحسين لم يسمع من علي بن أبي طالب ، والواسطة بينهما غير مذكور ، وهذا قادح على مذهب أهل السنة.

وثانيا : بأن الوليد بن محمد الموقري يضعف في الحديث.

وقال ابن المديني : ضعيف لا يكتب حديثه.

وقال الجوزجاني : كان غير ثقة ، يروي عن الزهري عدة أحاديث ليس لها أصول.

وقال أبو زرعة الرازي : لين الحديث.

وقال أبو حاتم : ضعيف الحديث.

وقال النسائي : ليس بثقة ، منكر الحديث.

وقال ابن خزيمة : لا يحتج به.

وقال ابن حبان : روى عن الزهري أشياء موضوعة.

بل قال ابن معين ـ في رواية عنه ـ : كذاب. وكذا قال غيره (٣٨).

قلت :

وهذا الحديث عن الزهري!!

وأما «الزهري» ، فقد ترجمنا له في بعض بحوثنا السابقة فلا نعيد.

__________________

(٣٨) تهذيب التهذيب ١١ / ١٣١.


وأما الطريق الثاني :

فهو عن الشعبي عن الحارث عن علي ... عند الترمذي ...

وكذا ... عند ابن ماجة ...

أما الشعبي ، فقد ترجمنا له في بعض البحوث السابقة.

وأما الحارث ، وهو «الحارث بن عبد الله الأعور» فإليك بعض كلماتهم فيه : أبو زرعة : لا يحتج بحديثه.

أبو حاتم : ليس بقوي ولا ممن يحتج بحديثه.

النسائي : ليس بالقوي.

الدارقطني : ضعيف.

ابن عدي : عامة ما يرويه غير محفوظ.

بل وصفه غير واحد منهم بالكذب!

بل عن الشعبي ـ الراوي عنه ـ : كان كذابا!! وقد وقع هذا عندهم موقع الإشكال! كيف يكذبه ثم يروي عنه؟! إن هذا يوجب القدح في الشعبي نفسه! فقيل : إنه كان يكذب حكاياته لا في الحديث. وإنما نقم عليه إفراطه في حب علي! (٣٩).

قلت : إن كان كذلك فقد ثبت القدح للشعبي ، إذ الإفراط في حب علي لا يوجب القدح ولا يجوز وصفه بالكذب ، ومن هنا ترى أن غير واحد ينص على وثاقة الحارث ...

هذا ، ولا حاجة إلى النظر في حال رجال السندين حتى الشعبي ، وإلا فإن «الحسن بن عمارة» عند ابن ماجة :

قال الطيالسي : قال شعبة : ائت جرير بن حازم فقل له : لا يحل لك أن تروي

__________________

(٣٩) لاحظ ذلك كله بترجمة الحارث من تهذيب التهذيب ٢ / ١٢٦.


عن الحسن بن عمارة فإنه يكذب ...

وقال ابن المبارك : جرحه عندي شعبة وسفيان ، فبقولهما تركت حديثه.

وقال أبو بكر المروزي عن أحمد : متروك الحديث.

وقال عبد الله بن المديني عن أبيه : كان يضع.

وقال أبو حاتم ومسلم والنسائي والدارقطني : متروك الحديث.

وقال الساجي : ضعيف متروك ، أجمع أهل الحديث على ترك حديثه.

وقال الجوزجاني : ساقط.

وقال ابن المبارك عن ابن عيينة : كنت إذا سمعت الحسن بن عمارة يحدث عن الزهري جعلت إصبع في أذني.

وقال ابن سعد : كان ضعيفا في الحديث.

وقال السهلي : ضعيف بإجماع منهم (٤٠).

قلت : فهذا حال هذا الرجل الذي روى عنه ابن ماجة! وروى عنه سفيان مع علمه بهذه الحال! وإذا كان سفيان جارحا له فكيف يروي عنه؟! ألا يوجب ذلك القدح في سفيان كذلك وسقوط جميع رواياته عنه؟! وهذا الحديث من ذلك!

وأما الطريق الثالث :

فهو رواية عبد الله ، ففيه :

أولا : إنه مما أعرض عنه أحمد بناء على ما تقدم.

وثانيا : إن فيه الحسن بن زبد ... قال ابن معين : ضعيف. وقال ابن عدي : «أحاديثه عن أبيه أنكر مما روى عن عكرمة» (٤١).

قلت : وهذا الحديث من ذاك!

__________________

(٤٠) لاحظ هذه الكلمات وغيرها بترجمته من تهذيب التهذيب ٢ / ٢٦٣.

(٤١) تهذيب التهذيب ٢ / ٢٤٣.


وثالثا : إن لفظه يشتمل على «وشبابها» وهذا يختص بهذا السند وهو كذب قطعا.

وأما الحديث عن أنس :

فهو الذي أخرجه الترمذي ، ففيه :

«قتادة» وكان مدلسا ، يرمى بالقدر رأسا في بدعة يدعو إليها ، حاطب ليل ، حدث عن ثلاثين رجلا لم يسمع منهم ... إلى غير ذلك مما قيل فيه (٤٢).

و «أنس بن مالك» نفسه لا يجوز الاعتماد عليه ، لا سيما في مثل هذا الحديث ، فقد ثبت كذبه في حديث الطائر المشوي (٤٣) وكتمه للشهادة بالحق حتى دعا عليه علي عليه‌السلام ، وهو مع الحق (٤٤).

وأما حديث أي جحيفة :

فهو الذي أخرجه ابن ماجة ، ففيه :

«عبد القدوس بن بكر بن خنيس» قال ابن حجر : «ذكر محمود بن غيلان عن أحمد وابن معين وأبي خيثمة أنهم ضربوا على حديثه» (٤٥).

__________________

(٤٢) لاحظ ترجمته في تهذيب التهذيب ٨ / ٣١٧.

(٤٣) حديث الطائر المشوي من أشهر الأحاديث الدالة على أفضلية أمير المؤمنين عليه‌السلام وخلافته ، أخرجه عشرات الأئمة والعلماء الأعلام في كتبهم ، منهم : الترمذي والحاكم والطبراني وأبو نعيم والخطيب وابن عساكر وابن الأثير ... راجع منها المستدرك ٣ / ١٣٠.

(٤٤) كان ذلك في قضية مناشدة أمير المؤمنين عليه‌السلام الناس في رحبة الكوفة بأن من شهد منهم غدير خم فليقم ويشهد ، فشهد جماعة من الحاضرين وامتنع أنس في نفر منهم ... فدعا عليهم الإمام عليه السلام ... روى ذلك : ابن قتيبة والبلاذري وابن عساكر وآخرون ... راجع كتاب الغدير ١ / ١٩٢.

(٤٥) تهذيب التهذيب ٦ / ٣٢٩.


تتمة :

إنه لا يخفى اختلاف لفظ آخر الحديث عن علي ، ففي لفظ : «لا تخبرهما يا علي» وفي آخر : «لا تخبرهما يا علي ما داما حيين» وفي ثالث لم يذكر هذا الذيل أصلا ...!

أما في الحديث عن أنس فلا يوجد أصلا ...

ولماذا نهى عليا من أن يخبرهما؟! ولماذا لم ينه أنس عن ذلك ، بل بالعكس أمره بأن يبشرهما ـ وعثمان ـ في حديث يروونه عنه وسيأتي نصه في كلام العيني ...

لم أجد ـ في ما بيدي من المصادر ـ لذلك ، وجها ... إلا عند ابن العربي المالكي ... فإنه قال : «قال ذلك لعلي ليقرر عند تقدمهما عليه»!! وأنه «نهاه أن يخبرهما لئلا يعلما قرب موتهما في حال الكهولة»!! (٤٦).

وهل كان يحتاج علي إلى الإقرار إن كان تقدمهما عليه بحق؟!

وهل كان يضرهما العلم بقرب موتهما في حال الكهولة؟! وهل كانا يخافان الموت؟! ولماذا؟!

__________________

(٤٦) عارضة الأحوذي ١٣ / ١٣١.


الحديث الرابع

حديث سد الأبواب

ومن الأحاديث الصحيحة الثابتة المشهورة ، بل المتواترة .. الواردة عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في شأن مولانا أمير المؤمنين عليه‌السلام ... حديث «سدوا الأبواب إلا باب علي» ... وهذه نصوص من ألفاظه :

حديث سد الأبواب إلا باب علي :

أخرج الترمذي بسنده عن ابن عباس : «أن رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم أمر بسد الأبواب إلا باب علي» (٤٧).

وأخرج عن أبي سعيد قال : «قال رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم لعلي : يا علي ، لا يحل لأحد أن يجنب في هذا المسجد غيري وغيرك.

قال علي بن المنذر : قلت لضرار بن صرد : ما معنى هذا الحديث؟ قال : لا يحل لأحد يستطرقه جنبا غيري وغيرك " (٤٨).

وأخرج أحمد بسنده عن عبد الله بن الرقيم الكناني ، قال : «خرجنا إلى المدينة زمن الجمل ، فلقينا سعد بن مالك بها فقال : أمر رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم بسد الأبواب الشارعة في المسجد وترك باب علي» (٤٩).

وأخرجه أحمد كذلك بأسانيد مختلفة عن غير واحد من الصحابة (٥٠).

__________________

(٤٧) صحيح الترمذي ٢ / ٣٠١.

(٤٨) صحيح الترمذي ٢ / ٣٠٠.

(٤٩) مسند أحمد ١ / ١٧٥.

(٥٠) راجع المسند ١ / ١٧٥ ، ٣٣٠ ، و ٢ / ٢٦ ، و ٤ / ٣٦٩.


وأخرج الحاكم بسنده عن زيد بن أرقم قال : «كانت لنفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم أبواب شارعة في المسجد. فقال يوما : سدوا هذه الأبواب إلا باب علي.

قال : فتكلم في ذلك الناس ، فقام رسول الله فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : أما بعد ، فإني أمرت بسد هذه الأبواب غير باب علي فقال فيه قائلكم ، والله ما سددت شيئا ولا فتحته ، ولكن أمرت بشئ فاتبعته.

هذا حديث صحيح الإسناد» (٥١).

وأخرج بسنده عن أبي هريرة قال : «قال عمر بن الخطاب : لقد أعطي علي ابن أبي طالب ثلاث خصال لئن تكون لي خصلة منها أحب إلي من أن أعطى حمر النعم. قيل : وما هن يا أمير المؤمنين؟ قال : تزوجه فاطمة بنت رسول الله ، وسكناه المسجد مع رسول الله يحل له فيه ما يحل له ، والراية يوم خيبر.

هذا حديث صحيح الإسناد» (٥٢).

وأخرج النسائي بسنده عن الحارث بن مالك قال : «أتيت مكة فلقيت سعد ابن أبي وقاص فقلت له : سمعت لعلي منقبة؟ قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم في المسجد فروى فينا لسده ليخرج من في المسجد إلا آل رسول الله وآل علي. قال : فخرجنا ، فلما أصبح أتاه عمه فقال : يا رسول الله أخرجت أصحابك وأعمامك وأسكنت هذا الغلام؟! فقال رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم : ما أنا أمرت بإخراجكم ولا بإسكان هذا الغلام. إن الله هو أمر به.

قال النسائي : قال فطر : عن عبد الله بن شريك ، عن عبد الله بن أرقم ، عن سعد : إن العباس أتى النبي فقال : سددت أبوابنا إلا باب علي؟! فقال : ما أنا فتحتها ولا أنا سددتها» (٥٣).

__________________

(٥١) المستدرك عل الصحيحين ٣ / ١٢٥.

(٥٢) المستدرك عل الصحيحين ٣ / ١٢٥.

(٥٣) خصائص علي بن أبي طالب : ١٣.


هذه بعض ألفاظ الحديث كما أخرجها الأئمة ، ولو أردنا استقصاء طرقه وألفاظه المختلفة عن الصحابة الذين رووه لطال بنا المقام ، وربما نقف على بعضها أيضا في خلال البحث ... وبالجملة فإن الخبر قد تعدى الرواية وبلغ حد الدراية ... ونحن إنما ذكرنا طرفا من ذلك تمهيدا لما أخرج في الصحيحين من حديث الخوخة ، وما ترتب على ذلك من نظرات وبحوث عند الشراح وكبار أئمة الحديث.

قلب الحديث :

لقد قلبوا حديث «سد الأبواب» عن «علي» إلى «أبي بكر» ووضعوا أيضا «حديث الخوخة» وأخرجه البخاري ومسلم في كتابيهما والترمذي وأحمد ... وغيرهم ممن تقدم وتأخر ...

والعمدة ما جاء في كتابي البخاري ومسلم ... فإذا درسناه وتوصلنا إلى واقع الحال فيه أغنانا عن النظر في غيره ... ولربما تعرضنا لغيره في خلال البحث.

الحديث المقلوب عند البخاري :

والبخاري أخرجه في أكثر من باب ...

ففي «باب الخوخة والممر في المسجد» قال : «حدثنا عبد الله بن محمد الجعفي ، قال : حدثنا وهب بن جرير ، قال : حدثنا أبي ، قال : سمعت يعلى بن حكيم ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : خرج رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم في مرضه الذي مات فيه عاصبا رأسه بخرقة فقعد على المنبر ، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : إنه ليس من الناس أحد أمن علي في نفسه وماله من أبي بكر بن أبي قحافة ، ولو كنت متخذا من الناس خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا ، ولكن خلة الإسلام أفضل ، سدوا عني كل خوخة في هذا المسجد غير خوخة أبي بكر».

وفي «باب هجرة النبي وأصحابه إلى المدينة» قال : «حدثنا إسماعيل بن عبد الله ، قال : حدثني مالك ، عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله عن عبيد ـ يعي ابن حنين ـ


عن أبي سعيد الخدري رضي‌الله‌عنه : أن رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم جلس على المنبر فقال : إن عبدا خيره الله بين أن يؤتيه من زهرة الدنيا ما شاء وبين ما عنده فاختار ما عنده ، فبكى أبو بكر وقال : فديناك بآبائنا وأمهاتنا ، فعجبنا له وقال الناس : أنظروا إلى هذا الشيخ ، يخبر رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم عن عبد خيره الله بين أن يؤتيه من زهرة الدنيا وبين ما عنده ، وهو يقول : فديناك بآبائنا وأمهاتنا. فكان رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم هو المخير وكان أبو بكر هو أعلمنا به.

وقال رسول صلى الله عليه (وآله) وسلم : إن من أمن الناس في في صحبته وماله أبا بكر ، ولو كنت متخذا خليلا من أمتي لاتخذت أبا بكر إلا خلة الإسلام ، لا يبقين في المسجد خوخة إلا خوخة أبي بكر».

الحديث المقلوب عند مسلم :

وأخرجه مسلم في باب فضائل الصحابة فقال :

«حدثني عبد الله بن جعفر بن يحيى بن خالد ، حدثنا معن ، حدثنا مالك ، عن أبي النضر ، عن عبيد بن حنين ، عن أبي سعيد : أن رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم جلس على المنبر فقال : عبد خيره الله بين أن يؤتيه زهرة الدنيا وبين ما عنده فاختار ما عنده ، فبكى أبو بكر وبكى فقال : فديناك بآبائنا وأمهاتنا.

قال : فكان رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم هو المخير وكان أبو بكر أعلمنا به.

وقال رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم : إن أمن الناس علي في ماله وصحبته أبو بكر ، ولو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا ولكن أخوة الإسلام ، لا يبقين في المسجد خوخة إلا خوخة أبي بكر.

حدثنا سعيد بن منصور ، حدثنا فليح بن سليمان ، عن سالم أبي النضر ، عن عبيد بن حنين وبسر بن سعيد ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : خطب رسول الله صلى


الله عليه (وآله) وسلم الناس يوما. بمثل حديث «مالك».

تحريف البخاري الحديث المقلوب :

ثم إن البخاري بعد أن أخرج الحديث عن ابن عباس في «باب الخوخة والممر في المسجد» كما عرفت حرفه في «باب المناقب» حيث قال : «باب قول النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم : سدوا الأبواب إلا باب أي بكر. قاله ابن عباس عن النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم».

فاضطرب الشراح في توجيه هذا التحريف ، فاضطروا إلى حمل ذلك على أنه نقل بالمعنى :

قال ابن حجر : «وصله المصنف في الصلاة بلفظ : سدوا عني كل خوخة ، فكأنه ذكره بالمعنى» (٥٤).

وقال العيني : «هذا وصله البخاري في الصلاة بلفظ : سدوا عني كل خوخة في المسجد ، وهذا هنا نقل بالمعنى ...» (٥٥).

وهل يصدق على أن نقل «الخوخة» إلى «الباب» ، نقل بالمعنى؟! على أن ابن حجر نفسه غير جازم بذلك فيقول : «كأنه ...»!

وكما حرف الحديث عن ابن عباس ، كذلك حرف حديث أبي سعيد الذي أخرجه في «باب هجرة النبي» ، كما عرفت ، فقال في «باب المناقب» :

«حدثني عبد الله بن محمد ، حدثني أبو عامر ، حدثنا فليح ، قال : حدثني سالم أبو النضر ، عن بسر بن سعيد ، عن أبي سعيد الخدري رضي‌الله‌عنه ، قال :

خطب رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم وقال : إن الله خير عبدا بين الدنيا وبين ما عنده فاختار ذلك العبد ما عند الله ، قال : فبكى أبو بكر ، فعجبنا لبكائه أن

__________________

(٥٤) فتح الباري ١ / ٤٤٢.

(٥٥) عمدة القاري ٤ / ٢٤٥.


يخبر رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم عن عبد خير ، فكان رسول الله هو المخير وكان أبو بكر أعلمنا.

فقال رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم : إن من أمن الناس علي في صحبته وماله أبا بكر ، ولو كنت متخذا خليلا غير ربي لاتخذت أبا بكر خليلا ولكن أخوة الإسلام ومودته ، لا يبقين في المسجد باب إلا سد إلا باب أبي بكر».

وهنا أيضا اضطرب الشراح فراجع كلماتهم.

نظرات في سند حديث الخوخة في الصحيحين

قدمنا حديث الخوخة بسنده ولفظه في الصحيحين ... وقد عرفت أن البخاري ومسلما يرويانه عن ابن عباس وأبي سعيد الخدري ... لكنه ساقط عن درجة الاعتبار عن كليهما :

أما الحديث عن ابن عباس :.

فهو عند البخاري فقط ... ويكفي في سقوطه ـ بعد غض النظر عن بعض الكلام في «وهب بن جرير» (٥٦) وعما قيل في أبيه «جرير بن حازم» فإن البخاري يقول : «ربما يهم» ويقول يحيى بن معين : «هو عن قتادة ضعيف» والذهبي يقول : «تغير قبل موته فحجبه ابنه وهب» (٥٧) ـ إن راويه عن ابن عباس هو «عكرمة البربري» مولاه ، وإليك طرفا من أوصاف هذا الرجل :

موجز ترجمة عكرمة مولى ابن عباس :

١ ـ إنه كان يرى رأي الخوارج وكان داعية إليه ، وقد أخذ كثيرون من أهل

__________________

(٥٦) تهذيب التهذيب ١١ / ١٤٢.

(٥٧) ميزان الاعتدال ٤ / ٢٤٨ ، المغني في الضعفاء ٢ / ١٨٢.


أفريقية رأي الصفرية من عكرمة. قال الذهبي : قد تكلم الناس في عكرمة لأنه كان يرى رأي الخوارج.

٢ ـ وكان يطعن في الدين ويستهزئ بالأحكام ، فقد نقلوا عنه قوله : إنما أنزل الله متشابه القرآن ليضل به.

وقال في وقت الموسم : وددت أني اليوم بالموسم وبيدي حربة فأعترض بها من شهد الموسم يمينا وشمالا.

ووقف على باب مسجد النبي وقال : ما فيه إلا كافر.

٣ ـ وكان كذابا ، حتى أوثقه علي بن عبد الله بن عباس على باب كنيف الدار ، فقيل له : تفعلون هذا بمولاكم؟! فقال : إن هذا يكذب على أبي. واشتهر قول عبد الله ابن عمر لمولاه نافع : اتق الله ، لا تكذب علي كما كذب عكرمة على ابن عباس. وعن ابن سيرين ويحيى بن معين ومالك وجماعة غيرهم : كذاب.

٤ ـ وعكوفه على أبواب الأمراء للدنيا مشهور ، حتى قيل له : تركت الحرمين وجئت إلى خراسان؟! فقال : أسعى على بناتي. وقال لآخر : قدمت آخذ من دنانير ولاتكم ودراهمهم.

٥ ـ ولأجل هذه الأمور وغيرها ترك الناس جنازته ، فما حمله أحد ، وأكتروا له أربعة رجال من السودان (*).

وأما الحديث عن أي سعيد الخدري :

فقد رواه البخاري عن : إسماعيل بن أبي أويس ، عن مالك ، عن أبي النضر ، عن عبيد بن حنين ، عن أبي سعيد الخدري ...

ورواه مسلم ـ في طريقه الأول ـ عن عبد الله بن جعفر بن يحيى بن خالد ،

__________________

* ذكرنا ترجمته في كتابنا : التحقيق في نفي التحريف : ٢٤٨ ـ ٢٥٣ عن : تهذيب الكمال ، وتهذيب التهذيب ٧ / ٢٦٣ ، وطبقات ابن سعد ٥ / ٢٨٧ ، ووفيات الأعيان ١ / ٣١٩ ، وميزان الاعتدال ٣ / ٩٣ ، والمغني في الضعفاء ٢ / ٨٤ ، والضعفاء الكبير ٣ / ٣٧٣ ، وسير أعلام النبلاء ٥ / ٩.


عن معن ، عن مالك ...

ورواه الترمذي عن أحمد بن الحسن ، عن عبيد الله بن مسلمة ، عن مالك ... وقال : هذا حديث حسن صحيح (٥٨).

فمداره على «مالك بن أنس».

ومالك بن أنس وإن كان أحد الأئمة الأربعة ، تقلده طائفة كبيرة من أهل السنة ... فهو لا يعتمد على رواياته ، خاصة في مثل هذا المقام ... لعقيدته التي انفرد بها حول الإمام عليه‌السلام ... والتي خرج بها عن إجماع أهل الإسلام ...!!

ترجمة مالك

وقد اقتضى هذا المقام أن نفصل الكلام في ترجمة مالك بن أنس :

١ ـ كونه من الخوارج :

فأول ما فيه كونه يرى رأي الخوارج ... قال المبرد في بحث له حول الخوارج : «وكان عدة من الفقهاء ينسبون إليه ، منهم : عكرمة مولى ابن عباس ، وكان يقال ذلك في مالك بن أنس.

ويروي الزبيريون : أن مالك بن أنس كان يذكر عثمان وعليا وطلحة والزبير فيقول : والله ما اقتتلوا إلا على الثريد الأعفر» (٥٩).

٢ ـ رأيه الباطل في مسألة التفضيل :

وكان مالك يرى مساواة الإمام أمير المؤمنين عليه‌السلام لسائر الناس ، فكان يقول بأن أفضل الأمة هم أبو بكر وعمر وعثمان ثم يقف ويقول : هنا يتساوى

__________________

(٥٨) صحيح الترمذي ٥ / ٥٦٨.

(٥٩) الكامل ـ للمبرد ـ ١ / ١٥٩.


الناس! (٦٠).

وكان في هذا الرأي تبعا لابن عمر في رأيه حيث قال : كنا نقول على عهد رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم : أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم نسكت. يعني فلا نفاضل.

هذا الرأي الذي ذكره ابن عبد البر وأنكره جدا ، قال : «وهو الذي أنكره ابن معين وتكلم فيه بكلام غليظ ، لأن القائل بذلك قد قال بخلاف ما اجتمع عليه أهل السنة من السلف والخلف من أهل الفقه والأثر : أن عليا أفضل الناس بعد عثمان ، وهذا مما لم يختلفوا فيه ، وإنما اختلفوا في تفضيل علي وعثمان ، واختلف السلف أيضا في تفضيل علي وأبي بكر. وفي إجماع الجميع الذي وصفنا دليل على أن حديث ابن عمر وهم غلط ، وأنه لا يصح معناه وإن كان إسناده صحيحا ...» (٦١).

٣ ـ تركه الرواية عن أمير المؤمنين عليه‌السلام :

ثم إنه لانحرافه عن أمير المؤمنين عليه‌السلام لم يخرج عنه شيئا في كتابه «الموطأ»! ... الأمر الذي استغرب منه هارون الرشيد ، فلما سأله عن السبب اعتذر بأنه : لم يكن في بلدي ولم ألق رجاله!! (٦٢).

هذا مع روايته عن معاوية وعبد الملك بن مروان. واستناده إلى آرائهما ...!

وروايته عن هشام بن عروة مع قوله : هشام بن عروة كذاب!! (٦٣).

وقال بعضهم : نهاني مالك عن شيخين من قريش وقد أكثر عنهما في الموطأ (٦٤).

__________________

(٦٠) ترتيب المدارك ـ ترجمة مالك.

(٦١) الإستيعاب ٣ / ١١١٦.

(٦٢) تنوير الحوالك ١ / ٧ ، شرح الموطأ ـ للزرقاني ـ ١ / ٩.

(٦٣) تاريخ بغداد ١ / ٢٢٣ ، الكاشف عن أسماء رجال الكتب الستة ـ ترجمة هشام ، هدى الساري ٢ / ١٦٩.

(٦٤) تهذيب التهذيب ٩ / ٤١.


٤ ـ كان مدلسا :

وهو ـ مضافا إلى ذلك ـ كان مدلسا :

قال عبد الله بن أحمد :

«سمعت أبي يقول : لم يسمع مالك بن أنس من بكير بن عبد الله شيئا ، وقد حدثنا وكيع عن مالك عن بكير بن عبد الله. قال أبي : يقولون : إنها كتب ابنه» (٦٥).

وقال الخطيب في ذكر شئ من أخبار بعض المدلسين :

«ويقال : إن ما رواه مالك بن أنس عن ثور بن زيد عن ابن عباس ، كان ثور يرويه عن عكرمة عن ابن عباس ، وكان مالك يكره الرواية عن عكرمة فأسقط اسمه من الحديث وأرسله.

وهذا لا يجوز ، وإن كان مالك يرى الاحتجاج بالمراسيل ، لأنه قد علم أن الحديث عمن ليس بحجة عنده. وأما المرسل فهو أحسن حالة من هذا ، لأنه لم يثبت من حال من أرسل عنه أنه ليس بحجة» (٦٦).

٥ ـ اجتماعه بالأمراء وسكوته عن منكراتهم :

وكان مالك في غاية الفقر والشدة ، حتى ذكروا أنه باع خشبة سقف بيته (٦٧).

ولكن حاله تبدلت وتحسنت منذ أن أصبح بخدمة السلطات والحكام ، فكانت الدنانير تدر عليه بكثرة ، حتى أنه أخذ من هارون ألف دينار وتركها لوراثه (٦٨).

ومن الطبيعي حينئذ أن يكون مطيعا للسلاطين ، مشيدا لسياستهم ، ساكتا عن منكراتهم ومظالمهم ...

__________________

(٦٥) العلل ومعرفة الرجال ـ لأحمد بن حنبل ـ ١ / ٤٤.

(٦٦) الكفاية في علم الرواية : ٣٦٥.

(٦٧) ترتيب المدارك ـ ترجمته ، الديباج المذهب : ٢٥.

(٦٨) العقد الفريد ١ / ٢٧٤.


قال عبد الله بن أحمد :

«سمعت أبي يقول : كان ابن أبي ذئب ومالك يحضران عند الأمراء فيتكلم ابن أبي ذئب يأمرهم وينهاهم ومالك ساكت. قال أبي : ابن أبي ذئب خير من مالك وأفضل» (٦٩).

أقول : فهو في هذه الحالة مثل شيخه الزهري ، فيتوجه إليه ما ذكره الإمام السجاد عليه‌السلام في كتابه إلى الزهري (٧٠).

٦ ـ حمل الحكومة ، الناس على الموطأ وفتاوى مالك :

وكان من الطبيعي أيضا أن يقابل من قبل الحكام بالمثل :

فقد قال له المنصور : اجعل هذا العلم علما واحدا ... ضع الناس كتابا أحملهم عليه ... نضرب عليه عامتهم بالسيف ، ونقطع عليه ظهورهم بالسياط ... (٧١).

وقال له : لئن بقيت لأكتبن قولك كما تكتب المصاحف ، ولأبعثن به إلى الآفاق فأحملهم عليه ... (٧٢) أن يعملوا بما فيها ولا يتعدوه إلى غيرها (٧٣).

ولما أراد الرشيد الشخوص إلى العراق قال لمالك : ينبغي أن تخرج معي ، فإني عزمت أن أحمل الناس على الموطأ كما حمل عثمان الناس على القرآن (٧٤).

ثم أراد هارون أن يعلق الموطأ على الكعبة! (٧٥).

ونادى منادي الحكومة : «ألا لا يفتي الناس إلا مالك بن أنس» (٧٦).

__________________

(٦٩) العلل ومعرفة الرجال ١ / ١٧٩.

(٧٠) لاحظ ترجمة الزهري في بحثنا المنشور في «تراثنا» العدد ٢٣.

(٧١) الديباج المذهب : ٢٥ ، شرح الزرقاني ١ / ٨ ، الوافي بالوفيات ـ ترجمته.

(٧٢) تذكرة الحفاظ ١ / ٢٩٠.

(٧٣) كشف الظنون ٨ / ١٩٠٢ عن طبقات ابن سعد.

(٧٤) مفتاح السعادة ٢ / ٨٧.

(٧٥) كشف الظنون ٢ / ١٩٠٨.

(٧٦) وفيات الأعيان ٣ / ٢٨٤ ، مفتاح السعادة ٢ / ٨٧ ، مرآة الجنان ١ / ٣٧٥.


ومن الطبيعي أن لا يعامل غيره هذه المعاملة :

فقد قدم ابن جريح على أبي جعفر المنصور فقال له : إني قد جمعت حديث جدك عبد الله بن عباس وما جمعه أحد جمعي. فلم يعطه شيئا (٧٧).

ولذا لما قيل لشيخه ربيعة الرأي : «كيف يحظى بك مالك ولم تحظ أنت بنفسك؟ إ» قال : «أما علمتم أن مثقالا من دولة خير من حملي علم» (٧٨).

٧ ـ كان يتغنى بالآلات :

واشتهر مالك بن أنس بالغناء ، وهذا ما نص عليه غير واحد (٧٩).

وقد ذكر القرطبي أنه «لا تقبل شهادة المغني والرقاص» (٨٠).

وقال الشوكاني : «استماع الملاهي معصية ، والجلوس عليها فسق ، والتلذذ بها كفر» (٨١).

٨ ـ جهله بالمسائل الشرعية :

ومما يجلب الانتباه ما ذكره المترجمون له ، من أنه كان إذا سئل عن مسألة تهرب من الإجابة ، أو قال : لا أدري ... (٨٢).

فقد ذكروا أنه سئل عن ثمان وأربعين مسألة فقال في اثنين وثلاثين منها : لا أدري!! (٨٣).

__________________

(٧٧) العلل ومعرفة الرجال ١ / ٣٤٨.

(٧٨) طبقات الفقهاء ـ لأبي إسحاق الشيرازي ـ : ٤٢.

(٧٩) نهاية الإرب ٤ / ٢٢٩ ، الأغاني ٢ / ٧٥.

(٨٠) تفسير القرطبي ١٤ / ٥٦.

(٨١) نيل الأوطار ٨ / ٢٦٤.

(٨٢) حلية الأولياء ٦ / ٣٢٣ ـ ٣٢٤.

(٨٣) الديباج المذهب : ٢٣ ، شرح الزرقاني ١ / ٣.


وسأله عراقي عن أربعين مسألة فما أجابه إلا عن خمس!! (٨٤).

وسأله رجل عن مسائل فلم يجبه بشئ أملا (٨٥).

وكان مالك يصرح بأنه أدرك سبعين من المشايخ يحدثون عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلم يأخذ من أحدهم شيئا!! (٨٦).

٩ ـ بكاؤه على الفتيا بالرأي :

وأجمع المؤرخون على رواية خبر بكائه في مرض موته وقوله : «ليتني جلدت بكل كلمة تكلمت بها في هذا الأمر بسوط» (٨٧).

ولا بد له أن يبكي ... ومن أحق منه بالبكاء كما قال؟! وهل ينفعه؟!

فقد قال الليث بن سعد : «قد أحصيت على مالك سبعين مسألة كلها مخالفة لسنة النبي مما قال مالك فيها برأيه. قال : ولقد كتبت إليه بذلك في ذلك» (٨٨).

١٠ ـ تكلم الأعلام فيه :

هذا .. وقد تكلم في مالك وعابه جماعة من أعلام الأئمة :

قال الخطيب : «عابه جماعة من أهل العلم في زمانه» (٨٩) ثم ذكر : ابن أبي ذؤيب ، وعبد العزيز الماجشون ، وابن أبي حازم ، ومحمد بن إسحاق (٩٠).

وقال يحيى بن معين : «سفيان أحب إلي من مالك في كل شئ».

__________________

(٨٤) الانتقاء ـ لابن عبد البر ـ : ٣٨.

(٨٥) العقد الفريد ٢ / ٢٢٥.

(٨٦) حلية الأولياء ٦ / ٣٢٣ ، الديباج المذهب : ٢١.

(٨٧) وفيات الأعيان ٣ / ٢٨٦ ، جامع بيان العلم ٢ / ١٤٥ ، شذرات الذهب ١ / ٢٩٢.

(٨٨) جامع بيان العلم ٢ / ١٤٨.

(٨٩) تاريخ بغداد ١٠ / ٢٢٣.

(٩٠) تاريخ بغداد ١٠ / ٢٢٤.


وقال سفيان في مالك : «ليس له حفظ» (٩١).

وقال ابن عبد البر : «تكلم ابن أبي ذؤيب في مالك بن أنس بكلام فيه جفاء وخشونة كرهت ذكره» (٩٢).

وتكلم في مالك إبراهيم بن سعد ، وكان يدعو عليه.

وكذلك تكلم فيه عبد الرحمن بن زيد بن أسلم وابن أبي يحيى (٩٣).

وناظره عمر بن قيس ـ في شئ من أمر الحج بحضرة هارون ـ فقال عمر لمالك : «أنت أحيانا تخطئ وأحيانا لا تصيب. فقال مالك : كذاك الناس» (٩٤).

* * *

ترجمة ابن أبي أويس.

والراوي عن مالك ـ عند البخاري ـ هو «إسماعيل بن أبي أويس» وهو ابن أخت مالك ـ :

قال النسائي : «ضعيف» (٩٥).

وقال يحيى بن معين : «هو وأبوه يسرقان الحديث».

وقال الدولابي : «سمعت النضر بن سلمة المروزي يقول : كذاب».

وقال الذهبي بعد نقل ما تقدم : «ساق له ابن عدي ثلاثة أحاديث ، ثم قال : روى عن خاله مالك غرائب لا يتابعه عليها أحد» (٩٦).

وقال إبراهيم بن الجنيد عن يحيى : «مخلط ، يكذب ، ليس بشئ» (٩٧).

__________________

(٩١) تاريخ بغداد ١٠ / ١٦٤.

(٩٢) جامع بيان العلم ٢ / ١٥٧.

(٩٣) جامع بيان العلم ٢ / ١٥٨.

(٩٤) تهذيب التهذيب ٧ / ٤٣٢.

(٩٥) الضعفاء والمتروكون : ١٤.

(٩٦) ميزان الاعتدال ١ / ٢٢٢.

(٩٧) تهذيب التهذيب ١ / ٣١٢.


وقال ابن حزم في «المحلي» : قال أبو الفتح الأزدي : حدثني سيف بن محمد : «أن ابن أبي أويس كان يضع الحديث» (٩٨).

وقال العيني : «أقر على نفسه بالوضع كما حكاه النسائي» (٩٩).

* ورواه مسلم بطريق آخر ليس فيه «مالك» بل هو : «عن فليح بن سليمان ، عن أبي النضر ، عن عبيد بن حنين وبسر بن سعيد ، عن أبي سعيد الخدري».

ترجمة فليح بن سليمان

لكن فيه : «فليح بن سليمان» :

قال النسائي : «ليس بالقوي» (١٠٠)

وكذا قال أبو حاتم ويحيى بن معين (١٠١).

وقال يحيى عن أبي كامل مظفر بن مدرك : «ثلاثة يتقى حديثهم : محمد بن طلحة ابن مصرف ، وأيوب بن عتبة ، وفليح بن سليمان» (١٠٢).

وقال الرملي عن داود : «ليس بشئ» (١٠٣).

وقال ابن أبي شيبة : قال علي بن المديني : «كان فليح وأخوه عبد الحميد ضعيفين» (١٠٤).

وذكره كل من العقيلي والدارقطني والذهبي في الضعفاء ، وذكره ابن حبان في المجروحين ...

__________________

(٩٨) تهذيب التهذيب ١ / ٣١٢.

(٩٩) عمدة القاري ـ المقدمة السابعة.

(١٠٠) الضعفاء والمتروكون : ١٤٩.

(١٠١) ميزان الاعتدال ٢ / ٥٤١ ، تهذيب التهذيب ٦ / ١١٦.

(١٠٢) ميزان الاعتدال ٢ / ٥٤١ ، تهذيب التهذيب ٦ / ١١٦.

(١٠٣) تهذيب التهذيب ٦ / ١١٦.

(١٠٤) تهذيب التهذيب ٦ / ١١٦.


النظر في سند الحديث المحرف

قد عرفت أن البخاري حرف حديث الخوخة الذي أخرجه هو وغيره عن ابن عباس وأبي سعيد.

أما تحريفه حديث ابن عباس فلم يذكر له سندا ، وأما تحريفه حديث أبي سعيد فهو بالسند التالي :

«حدثني عبد الله بن محمد ، حدثني أبو عامر ، حدثني فليح ، قال : حدثني سالم أبو النضر ، عن بسر بن سعيد ، عن أبي سعيد الخدري ...»

كذا في «باب المناقب».

وفي «باب الخوخة والممر في المسجد» : «حدثنا محمد بن سنان ، قال : حدثنا فليح ، قال : حدثنا أبو النضر ، عن عبيد بن حنين ، عن بسر بن سعيد ، عن أبي سعيد الخدري ...»

ومداره على «فليح بن سليمان» وقد عرفته في النظر في الطريق الثاني من رواية مسلم ، وعلمت أن لفظه عند مسلم عن الرجل «الخوخة» لا «الباب» فما عند البخاري محرف ، وقد تقدم محاولة بعض الشراح توجيهه.

ثم إن في سند البخاري هنا في «باب الخوخة والممر» مشكلة أخرى ، فقد جاء فيه «عن عبيد بن حنين ، عن بسر بن سعيد» مع أن «عبيدا» المذكور لا يروي عن «بسر» ... وهذا ما اضطرب القوم في توجيهه كذلك :

فقال ابن حجر : «قال الدارقطني : هذا السياق غير محفوظ ، واختلف فيه على فليح ، فرواه محمد بن سنان هكذا ، وتابعه المعافى بن سليمان الحراني. ورواه سعيد بن منصور ويونس بن محمد المؤدب وأبو داود الطيالسي عن فليح ، عن أبي النضر ، عن عبيد بن حنين وبسر بن سعيد جميعا ، عن أبي سعيد.

قلت : أخرجه مسلم عن سعيد ، وأبو بكر ابن أبي شيبة عن يونس ، وابن حبان


في صحيحه من حديث الطيالسي.

ورواه أبو عامر العقدي عن فليح ، عن أبي النضر ، عن بسر بن سعيد ، عن أبي سعيد. ولم يذكر عبيد بن حنين. أخرجه البخاري في مناقب أبي بكر.

فهذه ثلاثة أوجه مختلفة».

ثم شرع في الجواب عن هذا الاعتراض والدفاع عن البخاري (١٠٥).

وكذلك تعرض للموضوع بشرح الحديث وحاول تصحيحه بأن الحديث عند «أبي النضر» عن شيخين يعني «بسرا» و «عبيدا» وأن «فليحا» كان يجمعهما مرة ويقتصر على أحدهما مرة ، ولكنه اعترف بالخطأ فقال : «فلم يبق إلا أن محمد بن سنان أخطأ في حذف الواو العاطفة ، مع احتمال أن يكون الخطأ من فليح حال تحديثه له به» (١٠٦).

زيادة باطلة في الحديث المقلوب

ثم إن بعض الوضاعين شاء أن يزيد في حديث أنس صراحة في الدلالة على الفضيلة والخصيصة!! فزاد عليه جملة ... لكن الخطيب البغدادي وابن الجوزي والسيوطي .. نصوا على أن الزيادة وهم ، وأصل الحديث منقطع ، فقد جاء في «اللآلي المصنوعة» :

«أنبأنا محمد بن عبد الباقي البزار ، أنبأنا أبو محمد الجوهري ، أنبأنا عمر بن أحمد الواعظ ، حدثنا الحسن بن حبيب بن عبد الملك ، حدثنا فهد بن سليمان ، حدثنا عبد الله بن صالح ، حدثنا الليث بن سعد ، عن يحيى بن سعيد ، عن أنس :

أن رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم خطب الناس فقال : سدوا هذه الأبواب الشارعة في المسجد إلا باب أبي بكر. فقال الناس : سد الأبواب كلها إلا

__________________

(١٠٥) مقدمة فتح الباري ، الحديث الرابع من الأحاديث التي اعترض فيها على البخاري.

(١٠٦) فتح الباري ـ شرح صحيح البخاري ، ولاحظ أيضا : عمدة القاري للعيني الحنفي.


باب خليله! فقال : إني رأيت على أبوابهم ظلمة ورأيت على باب أبي بكر نورا ، فكانت الآخرة عليهم أعظم من الأولى.

قال الخطيب : هذا وهم ، والليث روى صدره عن يحيى بن سعيد منقطعا ، ورواه كله عن معاوية بن صالح منقطعا» (١٠٧).

الاستدلال بالحديث المقلوب بكلمات مضطربة

ولما كان حديث «الخوخة» يدل بزعمهم على فضل لأبي بكر ، لا سيما وأنه مخرج في الكتابين الصحيحين عند أكثرهم ... فقد جعلوا هذه القضية خصيصة لأبي بكر وفضيلة دالة على إمامته وخلافته :

قال النووي : «وفيه فضيلة وخصيصة ظاهرة لأبي بكر» (١٠٨).

وقال ابن حجر : «قال الخطابي وابن بطال وغيرهما : في هذا الحديث اختصاص ظاهر لأبي بكر ، وفيه إشارة قوية إلى استحقاقه للخلافة ، ولا سيما وقد ثبت أن ذلك كان في آخر حياة النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم في الوقت الذي أمرهم فيه أن لا يؤمهم إلا أبو بكر.

وقد ادعى بعضهم : أن الباب كناية عن الخلافة ، والأمر بالسد كناية عن طلبها ، كأنه قال : لا يطلبن أحد الخلافة إلا أبا بكر فإنه لا حرج عليه في طلبها.

وإلى هذا جنح ابن حبان ، فقال بعد أن أخرج هذا الحديث : في هذا الحديث دليل على أنه الخليفة بعد النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم ، لأنه حسم بقوله : (سدوا عني كل خوخة في المسجد) أطماع الناس كلهم على أن يكونوا خلفاء بعده.

وقوى بعضهم ذلك : بأن منزل أبي بكر كان بالسنح من عوالي المدينة ـ كما

__________________

(١٠٧) اللآلي المصنوعة ١ / ٣٥٢.

(١٠٨) المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج ـ هامش القسطلاني ـ ٩ / ٢٥٢.


سيأتي قريبا بعد باب ـ فلا يكون له خوخة إلى المسجد.

وهذا الاستناد ضعيف ، لأنه لا يلزم من كون منزله كان بالسنح أن لا يكون له دار مجاورة للمسجد ، ومنزله الذي كان بالسنح هو منزل أصهاره من الأنصار ، وقد كان له إذ ذاك زوجة أخرى ـ وهي أسماء بنت عميس ـ بالاتفاق ، وأم رومان على القول بأنها كانت باقية.

وقد تعقب المحب الطبري كلام ابن حبان فقال : وقد ذكر عمر بن شبة في أخبار المدينة : أن دار أبي بكر التي أذن له في إبقاء الخوخة منها إلى المسجد كانت ملاصقة للمسجد ، ولم تزل بيد أبي بكر حتى أحتاج إلى شئ يعطيه لبعض من وفد عليه فباعها ...» (١٠٩).

وقال العيني ـ بعد الحديث في كتاب الصلاة ـ : «ذكر ما يستفاد منه من الفوائد :

الأولى : ما قاله الخطابي وهو : أن أمره صلى الله عليه (وآله) وسلم بسد الأبواب غير الباب الشارع إلى المسجد إلا باب أبي بكر يدل على اختصاص شديد لأبي بكر وإكرام له ، لأنهما كانا لا يفترقان.

الثانية : فيه دلالة على أنه قد أفرده في ذلك بأمر لا يشارك فيه ، فأولى ما يصرف إليه التأويل فيه أمر الخلافة. وقد أكثر الدلالة عليها بأمره إياه بالإمامة في الصلاة التي بني لها المسجد.

قال الخطابي : لا أعلم أن إثبات القياس أقوى من إجماع الصحابة على استخلاف أبي بكر مستدلين في ذلك باستخلافه إياه في أعظم أمور الدين وهو الصلاة ، فقاسوا عليها سائر الأمور ، ولأنه صلى الله عليه (وآله) وسلم كان يخرج من باب بيته وهو في المسجد للصلاة ، فلما غلق الأبواب إلا باب أبي بكر دل على أنه يخرج منه للصلاة ، فكأنه أمر بذلك على أن من بعده يفعل ذلك هكذا» (١١٠).

__________________

(١٠٩) فتح الباري ١ / ٤٤٢.

(١١٠) عمدة القاري ٤ / ٢٤٥.


وفي باب المناقب ، أورد كلام الخطابي وابن بطال وابن حبان الذي ذكره ابن حجر وأضاف : «وعن أنس قال : جاء رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم فدخل بستانا وجاء آت فدق الباب. فقال : يا أنس ، افتح له وبشره بالجنة وبشره بالخلافة بعدي. قال : فقلت : يا رسول الله أعلمه؟ قال : أعلمه ، فإذا أبو بكر. فقلت : أبشر بالجنة وبالخلافة من بعد النبي عليه الصلاة والسلام.

قال : ثم جاء آت فقال : يا أنس ، افتح له وبشره بالجنة وبالخلافة من بعد أبي بكر. قلت : أعلمه؟ قال : نعم؟ قال : فخرجت فإذا عمر فبشرته.

ثم جاء آت فقال : يا أنس ، افتح له وبشره بالجنة وبشره بالخلافة من بعد عمر وأنه مقتول. قال : فخرجت فإذا عثمان. قال : فدخل إلى النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم فقال : إني والله ما نسيت ولا تمنيت ولا مسست ذكري بيد بايعتك! قال : هو ذاك.

رواه أبو يعلى الموصلي من حديث المختار بن فلفل عن أنس وقال : هذا حديث حسن» (١١١).

وفي باب هجرة النبي بشرحه : «فأمر الشارع بسدها كلها إلا خوخة أبي بكر ليتميز بذلك فضله. وفيه إيماء إلى الخلافة» (١١٢).

والكرماني أورد كلمات القوم في دلالته على الإمامة مرتضيا إياها (١١٣).

والقسطلاني قال بشرحه في الصلاة : «فيه دلالة على الخصوصية لأبي بكر الصديق بالخلافة بعده والإمامة دون سائر الناس ، فأبقى خوخته دون خوخة غيره ، وهو يدل على أنه يخرج منها إلى الصلاة. كذا قرره ابن المنير» (١١٤).

وفي المناقب : «قيل : وفيه تعريض بالخلافة له ، لأن ذلك إن أريد به الحقيقة

__________________

(١١١) عمدة القاري ١٦ / ١٧٦.

(١١٢) عمدة القاري ١٧ / ٣٩.

(١١٣) الكواكب الدراري ٤ / ١٢٩.

(١١٤) إرشاد الساري ١ / ٤٥٣.


فذاك ، لأن أصحاب المنازل الملاصقة للمسجد كان لهم الاستطراق منها إلى المسجد ، فأمر بسدها سوى خوخة أبي بكر ، تنبيها للناس على الخلافة ، لأنه يخرج منها إلى المسجد للصلاة. وإن أريد به المجاز فهو كناية عن الخلافة وسد أبواب المقالة دون التطرق والتطلع إليها.

قال التوربشتي : وأرى المجاز أقوى ، إذ لم يصح عندنا أن أبا بكر كان له منزل بجنب المسجد ، وإنما كان منزله بالسنح من عوالي المدينة. انتهى.

وتعقبه في الفتح بأنه استدلال ضعيف ، لأنه لا يلزم من كون منزله كان بالسنح أن لا يكون له دار مجاورة للمسجد ، ومنزله الذي كان بالسنح هو منزل أصهاره من الأنصار ...» (١١٥).

وفي هجرة النبي : «فأمر رسول الله بسدها كلها إلا خوخة أبي بكر تكريما له وتنبيها على أنه الخليفة بعده ، أو المراد المجاز فهو كناية عن الخلافة وسد أبواب المقالة دون التطرق. ورجحه الطيبي محتجا بأنه لم يصح عنده أن أبا بكر كان له بيت بجنب المسجد ، وإنما كان منزله بالسنح من عوالي المدينة» (١١٦).

هذه كلمات شراح الحديث.

وفي الكتب المؤلفة في العقائد ... تجد الاستدلال بحديث الخوخة في باب الفضائل المزعومة لأبي بكر وفي أدلة إمامته وخلافته بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وسلم ... ولا حاجة إلى ذكر نصوص عباراتهم ، ولربما أشرنا إلى بعضها في غضون البحث.

أقول : لا يخفى الاضطراب والاختلاف بين القوم في كيفية الاستدلال ، بل إن الباحث المحقق يجد كلمات الواحد منم في موضع تختلف عن كلماته في الموضع الآخر  ... ونحن نلخص ما قالوا ونعلق عليه باختصار حتى يتبين الحال :

__________________

(١١٥) إرشاد الساري ٦ / ٨٣.

(١١٦) إرشاد الساري ٦ / ٢١٤.


أما النووي .. فما قال إلا أن «فيه فضيلة وخصيصة ظاهرة لأبي بكر» فلم يتعرض للإمامة والخلافة ، ولم يدع دلالة الحديث عليها لا بالصراحة ولا بالكناية ...

ونقول : أما «الفضيلة» فتتوقف على ثبوت الفضيلة ، وأما كونها «خصيصة» فتتوقف ـ بالإضافة إلى الثبوت ـ على عدم ورود مثل ذلك في حق غيره.

وأما الخطابي وغيره ... فزعموا «الخصيصة» و «الإشارة القوية إلى استحقاقه للخلافة ، ولا سيما وقد ثبت أن ذلك كان في آخر حياة النبي ، في الوقت الذي أمرهم فيه أن لا يؤمهم إلا أبو بكر» بل جعل بعضهم «الباب» كناية عن «الخلافة» والأمر بالسد كناية عن طلبها ...

ونقول : أما «الخصيصة» فقد عرفت ما في دعواها. وأما «الإشارة القوبة ...» فلا دليل عليها إلا ما زعمه من القرينة الحالية ... لكن القول بأنه صلى‌الله‌عليه‌وآله وسلم أمر أبا بكر بالصلاة كذب (١١٧).

وهل هذه «الإشارة القوية» مبنية على إرادة الحقيقة أو المجاز؟ قولان ....

والقسطلاني ... بعد أن زعم الدلالة في موضع ، نسبها في موضع آخر إلى «قيل» وذكر القولين من الحمل على الحقيقة أو المجاز ، واكتفى بنقل الخلاف فقال : «قيل : وفيه تعريض بالخلافة له ، لأن ذلك إن أريد به الحقيقة فذاك ... وإن أريد به المجازر فهو كناية عن الخلافة». وقد عرفت أن الأصل في الكلام حمله على الحقيقة ، لكن الدلالة على الخلافة متوقفة على ثبوت أصل القضية ، ثم ثبوت عدم ورود مثلها في حق غيره!!

فالعجب من مثل ابن حجر العسقلاني ... كيف يسكت على دعوى دلالة الحديث على الإمامة ـ إن لم نقل بكونه من القائلين بذلك ـ بعد رده على دعوى المجاز كما عرفت وإثباته ورود مثل الحديث في حق عليه‌السلام كما ستعرف؟!

__________________

(١١٧) لنا في هذا الموضوع رسالة مستقلة نشرت في تراثنا ، العدد ٢٤.


استشهاد بعضهم بحديث مختلق :

وكأن العيني التفت إلى أن الحديث ـ مع ذلك كله ـ قامر عن " الإشارة " فضلا عن «الدلالة» على الخلافة فقال : «وقد ادعى بعضهم أن الباب كناية عن الخلافة ...

وإلى هذا مال ابن حبان ...» ثم قال : «وعن أنس قال : جاء رسول الله فدخل بستانا ...» إلى آخر الحديث ، وقد تقدم ...

فإن ذكر هذا الحديث في هذا المقام بعد كلمة «وقد ادعى ...» ظاهر في عدم الموافقة على ما قيل ، ولذا التجأ إلى الاستدلال ـ أو الاستشهاد ـ للمدعى بحديث آخر.

لكنه حديث باطل سندا ومتنا ، والاستدلال به من العيني في هذا الموضع بشرح البخاري عجيب جدا ... لكنه الاضطرار وضيق الخناق!!

وإن كنت في ريب مما قلنا ... فإليك عبارة ابن حجر في الحديث ورجاله :

«الصقر بن عبد الرحمن أبو بهز سبط مالك بن مغول. حدث عن عبد الله بن إدريس ، عن مختار بن فلفل ، عن أنس بحديث كذب : قم يا أنس فافتح لأبي بكر وبشره بالخلافة من بعدي ، وكذا في عمر وعثمان.

قال ابن عدي : كان أبو يعلى إذا حدثنا عنه ضعفه.

وقال أبو بكر ابن أبي شيبة : كان يضع الحديث.

وقال أبو علي جزرة : كذاب.

وقال عبد الله بن علي بن المديني : سألت أبي عن هذا الحديث فقال : كذب موضوع».

ثم روى ابن حجر الحديث ... وقال :

«لو صح هذا لما جعل عمر الخلافة في أهل الشورى ، وكان يعهد إلى عثمان بلا نزاع. والله المستعان» (١١٨).

__________________

(١١٨) لسان الميزان ٣ / ١٩٢.


وأقول :

وإن كل حديث جاء ني مناقب الخلفاء وذكرت أساميهم على الترتيب حديث موضوع بلا ريب ...

ثم إنا نجد أنسا في هذا الحديث يقوم كل مرة ويفتح الباب بكل سرعة ، ولا يقابلهم بما قابل به أمير المؤمنين عليه‌السلام في حديث الطير حيث رده غير مرة ، ولما غضب عليه النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اعتذر بأنه كان يرجو أن يكون الذي سأل النبي حضوره رجلا من الأنصار!!

إفراط البعض في التعصب :

ثم إن بعضهم لم يقنع برواية الحديث المختلق المقلوب والاستدلال به حتى جعل يقدح في الحديث الأصل ... قال العيني بشرح حديث الخوخة :

«فإن قلت : روي عن ابن عباس أنه صلى الله عليه (وآله) وسلم. قال : سدوا الأبواب إلا باب علي.

قلت : قال الترمذي : هو غريب. وقال البخاري : حديث إلا باب أبي بكر أصح. وقال الحاكم : تفرد به مسكين بن بكير الحراني عن شعبة. وقال ابن عساكر : وهو وهم. وقال صاحب التوضيح : وتابعه إبراهيم بن المختار» (١١٩).

بل تجاوز بعضهم عن هذا الحد ... حتى زعم أن الحديث الأصل من وضع الرافضة :

قال ابن الجوزي ـ بعد أن رواه في بعض طرقه ـ : «فهذه الأحاديث كلها من وضع الرافضة قابلوا بها الحديث المتفق على صحته في : سدوا الأبواب إلا باب أبي بكر» (١٢٠).

__________________

(١١٩) عمدة القاري ٤ / ٢٥٤.

(١٢٠) الموضوعات ١ / ٣٦٦.


وقال ابن تيمية : «هذا مما وضعته الشيعة على طريق المقابلة» (١٢١).

وقال ابن كثير : «ومن روى إلا باب علي ـ كما في بعض السنن ـ فهو خطأ ، والصواب ما ثبت في الصحيح» (١٢٢).

قلت :

لا شك في أن الأمر بسد أبواب الصحابة إلا باب واحد منهم فضيلة وخصيصة  ... ولما رأى المناوئون لأمير المؤمنين عليه‌السلام المنكرون فضائله وخصائصه ـ كمالك ابن أنس ونظائره ـ حديث «سدوا الأبواب إلا باب علي» ولم يتمكنوا من إنكاره لصحة طرقه عمدوا إلى قلبه إلى أبي بكر وجعل حديث الخوخة في حقه. ثم اختلفت مواقف المحدثين والشراح تجاه الحديثين.

فمنهم من لم يتعرض لحديث «سدوا الأبواب إلا باب علي» لا نفيا ولا إثباتا  ... كالنووي والكرماني في شرحيهما على مسلم والبخاري وابن سيد الناس في سيرته ...

ومنهم من تعرض له واختلف كلامه ، كالعيني .. فظاهره في موضع طرحه أو ترجيح حديث الخوخة عليه ، وفي آخر الجمع بما ذكره الطحاوي وغيره.

ومنهم من حكم بوضعه ... كابن الجوزي ومن تبعه ...

ومنهم من اعترف بصحته وثبوته ، ورد على القول بوضعه أو ضعفه ... وحاول الجمع بين الحديثين ... كالطحاوي وابن حجر العسقلاني ومن تبعهما ...

أما السكوت وعدم التعرض فلعدم الجرأة على رد حديث «إلا باب علي» وعدم تمامية وجه للجمع بين الحديثين ... بعد فرض صحة حديث الخوخة لكونه في الصحيحين ...

وأما الطعن في حديث «إلا باب علي» فلان الفضيلة والخصيصة لا تتم لأبي

__________________

(١٢١) منهاج السنة ٣ / ٩.

(١٢٢) تفسير ابن كثير ١ / ٥٠١.


بكر إلا بالطعن في ذاك الحديث ، بعد فرض عدم تمامية وجه للجمع بينهما.

رد البعض على البعض :

لكن الطعن في حديث «إلا باب علي» مردود عند أكابر المحدثين وشراح الحديث بل نصوا على أنه تعصب قبيح ...

قال ابن حجر بشرحه : «تنبيه : جاء في سد الأبواب التي حول المسجد أحاديث يخالف ظاهرها حديث الباب.

منها : حديث سعد بن أبي وقاص قال : أمرنا رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم بسد الأبواب الشارعة في المسجد وترك باب علي. أخرجه أحمد والنسائي. وإسناده قوي.

وفي رواية للطبراني في الأوسط ـ رجالها ثقات ـ من الزيادة : فقالوا : يا رسول الله سددت أبوابنا! فقال : ما أنا سددتها ولكن الله سدها.

وعن زيد بن أرقم قال : كان لنفر من الصحابة أبواب شارعة في المسجد ، فقال رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم : سدوا هذه الأبواب إلا باب علي. فتكلم ناس في ذلك فقال رسول الله : إني والله ما سددت شيئا ولا فتحته ولكن أمرت بشئ فاتبعته. أخرجه أحمد والنسائي والحاكم ، ورجاله ثقات.

وعن ابن عباس قال : أمر رسول الله بأبواب المسجد فسدت إلا باب علي. وفي رواية : وأمر بسد الأبواب غير باب علي ، فكان يدخل المسجد وهو جنب ليس له طريق غيره. أخرجهما أحمد والنسائي ، ورجالهما ثقات.

وعن جابر بن سمرة قال : أمرنا رسول الله بسد الأبواب كلها غير باب علي ، فربما مر فيه وهو جنب. أخرجه الطبراني.

وعن ابن عمر قال : كنا نقول في زمن رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم : رسول الله خير الناس ثم أبو بكر ثم عمر. ولقد أعطي علي بن أبي طالب ثلاث خصال لئن تكون لي واحدة منهن أحب إلي من حمر النعم : زوجه رسول الله ابنته


وولدت له ، وسد الأبواب إلا بابه في المسجد ، وأعطاه الراية يوم خيبر. أخرجه أحمد وإسناده حسن.

وأخرج النسائي من طريق العلاء بن عرار ـ بمهملات ـ قال : فقلت لابن عمر : أخبرني عن علي وعثمان. فذكر الحديث وفيه : وأما علي فلا تسأل عنه أحدا وانظر إلى منزلته من رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم ، قد سد أبوابنا في المسجد وأقر بابه. ورجاله رجال الصحيح إلا العلاء وقد وثقه يحيى بن معين وغيره.

وهذه الأحاديث يقوي بعضها بعضا ، وكل طريق منها صالح للاحتجاج فضلا عن مجموعها.

وقد أورد ابن الجوزي هذا الحديث في الموضوعات ، أخرجه من حديث سعد ابن أبي وقاص وزيد بن أرقم وابن عمر ، مقتصرا على بعض طرقه عنهم ، وأعله ببعض من تكلم فيه من رواته ، وليس ذلك بقادح ، لما ذكرت من كثرة الطرق.

وأعله أيضا بأنه مخالف للأحاديث الصحيحة الثابتة في باب أبي بكر ، وزعم أنه من وضع الرافضة قابلوا به الحديث الصحيح في باب أبي بكر. انتهى.

وأخطأ في ذلك خطأ شنيعا ، فإنه سلك في ذلك رد الأحاديث الصحيحة بتوهمه المعارضة ، مع أن الجمع بين القصتين ممكن ...» (١٢٣).

ولابن حجر كلام مثله في كتابه «القول المسدد» (١٢٤).

وقد أورد السيوطي كلام ابن حجر في معرض الرد على ابن الجوزي حيث قال :

«قلت : قال الحافظ ابن حجر في القول المسدد في الذب عن مسند أحمد : قول ابن الجوزي في هذا الحديث أنه باطل وأنه موضوع ، دعوى لم يستدل عليها إلا بمخالفة الحديث الذي في الصحيحين ، وهذا إقدام على رد الأحاديث الصحيحة بمجرد

__________________

(١٢٣) فتح الباري ٦ / ١١ ـ ١٢.

(١٢٤) القول المسدد في الذب عن مسند أحمد : ١٦ ـ ٢٠.


التوهم ، ولا ينبغي الإقدام على حكم بالوضع إلا عند عدم إمكان الجمع ، ولا يلزم من تعذر الجمع في الحال أنه لا يمكن بعد ذلك ، لأن فوق كل ذي علم عليم.

وطريق الورع في مثل هذا أن لا يحكم على الحديث بالبطلان ، بل يتوقف فيه إلى أن يظهر لغيره ما لم يظهر له ، وهذا الحديث من هذا الباب ، هو حديث مشهور له طرق متعددة ، كل طريق منها على انفراده لا تقصر عن رتبة الحسن ، ومجموعها مما يقطع بصحته على طريقة كثير من أهل الحديث.

وأما كونه معارضا لما في الصحيحين فغير مسلم ، ليس بينهما معارضة ...

وها أنا أذكر بقية طرقه ثم أبين كيفية الجمع بينه وبين الذي في الصحيحين ...».

ثم قال بعد ذكر طرق للحديث :

«فهذه الطرق المتضافرة بروايات الأثبات تدل على أن الحديث صحيح ذو دلالة قوية. وهذه غاية نظر المحدث ... فكيف يدعى الوضع على الأحاديث الصحيحة بمجرد هذا التوهم؟! ولو فتح هذا الباب لرد الأحاديث لأدى في كثير من الأحاديث الصحيحة البطلان ، ولكن يأبى الله ذلك والمؤمنون ...» (١٢٥).

وقال القسطلاني بشرح حديث الخوخة : «وعورض بما في الترمذي من حديث ابن عباس رضي‌الله‌عنهما : سدوا الأبواب إلا باب علي.

وأجيب بأن الترمذي قال : إنه غريب ، وقال ابن عساكر : إنه وهم.

لكن للحديث طرق يقوي بعضها بعضا ، بل قال الحافظ ابن حجر في بعضها : إسناده قوي ، وفي بعضها : رجاله ثقات» (١٢٦).

وقال بعد ذكر طرق الحديث «إلا باب علي» : «وبالجملة فهي ـ كما قال الحافظ ابن حجر ـ : أحاديث يقوي بعضها بعضا ، وكل طريق منها صالح للاحتجاج فضلا عن مجموعها» (١٢٧).

__________________

(١٢٥) اللآلي المصنوعة ١ / ٣٤٧ ـ ٣٥٢.

(١٢٦) إرشاد الساري ١ / ٤٥٣.

(١٢٧) إرشاد الساري ٦ / ٨٤ ـ ٨٥.


وقال ابن عراق الكناني بعد كلام ابن الجوزي : «تعقبه الحافظ ابن حجر الشافعي في القول المسدد فقال : هذا إقدام على رد الأحاديث الصحيحة بمجرد التوهم ، ولا معارضة بينه وبين حديث الصحيحين ، لأن هذه قصة أخرى ، فقصة علي في الأبواب الشارعة وقد كان أذن له أن يمر في المسجد وهو جنب ، وقصة أبي بكر في مرض الوفاة في سد طاقات كانوا يستقربون الدخول منها. كذا جمع القاضي إسماعيل قي أحكامه والكلاباذي في معانيه والطحاوي في مشكله ...» (١٢٨).

الاضطراب في حل المشكل :

قد ظهر إلى الآن اضطراب القوم في حل المشكل ...

لكن السكوت عن وجود حديث «إلا باب علي» ظلم ، وما الله بغافل عما يعمل الظالمون ... وإن إبطاله أمر يأباه الله والمؤمنون ...

فإما الاعتراف باختلاق حديث «الخوخة» ... لكن الحقيقة مرة ...

وإما الجمع بين الحديثين بطريق يرتضيه ذوو الأفكار الحرة ...!!!

وقد سلك ابن حجر وجماعة ممن تقدم وتأخر مسلك الجمع ... لكنها كلمات متناقضة ومحاولات يائسة ...

كلام ابن روزبهان :

قال ابن روزبهان : «كان المسجد في عهد رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم متصلا ببيت رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم وعلى ساكن بيت رسول الله الله عليه (وآله) وسلم لمكان ابنته ، وكان الناس من أبوابهم في المسجد يترددون ويزاحمون المصلين ، فأمر رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم بسد الأبواب إلا باب علي. وقد صح في الصحيحين : أن رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم أمر بسد كل

__________________

(١٢٨) تنزيه الشريعة ١ / ٣٨٤.


خوخة في المسجد إلا خوخة أبي بكر. والخوخة الباب الصغير.

فهذا فضيلة وقرب حصل لأبي بكر وعلي» (١٢٩).

أقول : في هذا الكلام نقاط :

الأولى : إن عليا عليه‌السلام كان يسكن بيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وسلم ولم يكن له هنالك بيت.

وهذا إنكار للحقيقة الراهنة التي تدل عليها أخبار الباب ، ولذا لم نجد أحدا يدعي هذه الدعوى. نعم ، هناك غير واحد منهم ينفي أن يكون لأبي بكر بيت إلى جنب المسجد ، أما بالنسبة إلى أمير المؤمنين عليه‌السلام فالأمر بالعكس ... وفي عبارة ابن كثير الآتية تصريح بذلك.

والثانية : إنه كان الناس من أبوابهم في المسجد يترددون ويزاحمون المصلين. فأمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بسد الأبواب إلا باب علي.

ومحصل هذا أن السبب للأمر بسد الأبواب مزاحمة المصلين. وهذا مما لا شاهد عليه في الأخبار ، بل مفاد الأخبار في هذا الباب وغيره أن السبب الذي من أجله أمر بسد الأبواب عن المسجد هو تنزيه المسجد عن الأرجاس وتجنيبه عن الأدناس ... واستثنى نفسه وعليا وأهل بيته لكونهم طاهرين مطهرين ، أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا.

والثالثة : جمعه بين حديث «باب علي» و «خوخة أبي بكر» بأن هذا فضيلة وقرب حصل لكليهما ... والمقصود من هذا الجمع ـ وإن لم يشتمل على زعم دلالة حديث الخوخة على خلافة أبي بكر كما تقدم عن بعضهم ـ إنكار اختصاص هذه الفضيلة بأمير المؤمنين عليه‌السلام ... وستعرف الإشكال فيه من كلام الحلبي ...

__________________

(١٢٩) إبطال نهج الباطل / في رد «نهج الحق» للعلامة الحلي.


كلام ابن كثير

وقال ابن كثير بشرح حديث «إلا باب علي» : «وهذا لا ينافي ما ثبت في صحيح البخاري من أمره عليه‌السلام في مرض الموت بسد الأبواب الشارعة إلى المسجد إلا باب أبي بكر الصديق ، لأن نفي هذا في حق علي كان في حال حياته لاحتياج فاطمة إلى المرور من بيتها إلى بيت أبيها ، فجعل هذا رفقا بها. وأما بعد وفاته فزالت هذه العلة ، فاحتيج إلى فتح باب الصديق لأجل خروجه إلى المسجد ليصلي بالناس ، إذ كان الخليفة عليهم بعد موته عليه‌السلام ، وفيه إشارة إلى خلافته» (١٣٠).

أقول :

١ ـ فيه تصريح بأنه كان لعلي عليه‌السلام هناك بيت غير بيت النبي صلى الله عليه وآله وسئم! ... وإعراض عما قاله المتقدمون عليه في مقام الجمع!

٢ ـ جعل السبب في إبقاء باب علي مفتوحا «احتياج فاطمة إلى المرور من بيتها إلى بيت أبيها» ولم يذكر السبب في سد سائر الأبواب!

٣ ـ إذا كان السبب لترك بابها مفتوحا هو «المرور من بيتها إلى بيت أبيها» فلماذا لم يترك باب أبي بكر رفقا بعائشة!! كي تمر من «بيتها إلى بيت أبيها»؟!

٤ ـ وإذ «احتيج إلى فتح باب الصديق ...» فهل سد باب علي من تلك الساعة أولا؟! إن كان يدعي سده فأين الدليل؟! وكيف وليس له إلا باب واحد؟! لكنه لا يدعي هذا ، بل ظاهر العبارة بقاؤه مفتوحا غير إنه فتح باب أبي بكر ... فأين الإشارة إلى الخلافة؟!

٥ ـ ثم إن هذا كله يتوقف على أن يكون لأبي بكر بيت إلى جنب المسجد ... وهذا غير ثابت ...

__________________

(١٣٠) البداية والنهاية ٧ / ٣٤٢.


٦ ـ هذا ، وابن كثير نفسه يروي عن أم سلمة :

«خرج النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم في مرضه حتى انتهى إلى صرحة المسجد فنادى بأعلى صوته أنه لا يحل المسجد لجنب ولا لحائض إلا لمحمد وأزواجه وعلي وفاطمة بنت محمد ، ألا هل بينت لكم الأسماء أن تضلوا» (١٣١).

وهذا الحديث يبين السبب في سد الأبواب إلا باب علي عليه‌السلام ويبطل جميع ما ذكره ابن الأثير ... ومن الطبيعي والحال هذه أن يقدح في سنده!

كلام ابن حجر :

وقال ابن حجر : «إن الجمع بين القصتين ممكن ، وقد أشار إلى ذلك البزار في مسنده فقال : ورد من روايات أهل الكوفة بأسانيد حسان في قصة علي ، وورد من روايات أهل المدينة في قصة أبي بكر ، فإن ثبتت روايات أهل الكوفة فالجمع بينهما بما دل عليه حديث أبي سعيد الخدري ، يعني : الذي أخرجه الترمذي أن النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم قال : لا يحل لأحد أن يطرق هذا المسجد جنبا غيري وغيرك.

والمعنى : أن باب علي كان إلى جهة المسجد ولم يكن لبيته باب غيره ، فلذلك لم يؤمر بسده.

ويؤيد ذلك ما أخرجه إسماعيل القاضي في أحكام القرآن من طريق المطلب ابن عبد الله بن حنطب أن النبي لم يأذن لأحد أن يمر في المسجد وهو جنب إلا لعلي ابن أبي طالب ، لأن بيته كان في المسجد.

ومحصل الجمع أن الأمر بسد الأبواب وقع مرتين ، ففي الأولى : استثني علي لما ذكر ، وفي الأخرى استثني أبو بكر. ولكن لا يتم ذلك إلا بأن يحمل ما في قصة علي على الباب الحقيقي ، وما في قصة أبي بكر على الباب المجازي ، والمراد به الخوخة ، كما صرح به في بعض طرقه. وكأنهم لما أمروا بسد الأبواب سدوها وأحدثوا خوخا

__________________

(١٣١) البداية والنهاية ٧ / ٣٤٣.


يستقربون الدخول إلى المسجد منها ، فأمروا بعد ذلك بسدها.

فهذه طريقة لا بأس بها في الجمع بين الحديثين ، وبها جمع بين الحديثين المذكورين أبو جعفر الطحاوي في (مشكل الآثار) وهو في أوائل الثلث الثالث منه ، وأبو بكر الكلاباذي في (معاني الأخبار) وصرح بأن بيت أبي بكر كان له باب من خارج المسجد وبيت علي لم يكن له باب إلا من داخل المسجد. والله أعلم " (١٣٢).

وكذا قال في «القول المسدد» وأورده السيوطي ووافقه (١٣٣) وذكر القسطلاني ملخصه في مقام الجمع بين الحديثين (١٣٤).

أقول :

١ ـ إن هذا الجمع الذي ذكره يبتني ـ كغيره ـ على أن يكون لأبي بكر بيت إلى جنب المسجد ، وقد عرفت أن غير واحد من محققيهم ينفي ذلك ، ومن هنا حمل البعض الحديث على أنه كناية عن الخلافة! وابن حجر ، وإن ضعف القول المذكور قائلا : «وهذا الاستناد ضعيف» لكنه لم يذكر لدعواه مستندا قويا ، وما ذكره من خبر ابن شبة ضعيف سندا (١٣٥).

٢ ـ إن هذا الجمع الذي ذكره عن الطحاوي وغيره مما قد وقف عليه النووي وأمثاله قطعا ، وإذ لم يتعرضوا لهذا الجمع فهم معرضون عنه وغير معتمدين عليه ..

وهذا هو الصحيح ، وستعرف بعض الوجوه الدالة على سقوطه.

٣ ـ فيما نقله ابن حجر عن البزار نقاط :

الأولى : إن رواة قصة علي «كوفيون» ورواة قصة أبي بكر «مدنيون» وهذا ما لم نتحققه.

__________________

(١٣٢) فتح الباري ٧ / ١٢.

(١٣٣) اللآلي المصنوعة ١ / ٣٤٧.

(١٣٤) إرشاد الساري ٦ / ٨٣.

(١٣٥) أخبار المدينة المنورة ـ لابن شبة ـ ١ / ٢٤٢.


والثانية : إن روايات قصة علي «بأسانيد حسان». وهذا ما يخالف الواقع ولا يوافق عليه ابن حجر ... وقد تقدمت عبارته في رده على كلام ابن الجوزي.

والثالثة : تشكيكه في روايات قصة علي بقوله : «إن ثبتت» وهذا تشكيك في الحقيقة الواقعة ، ولا يوافق عليه ابن حجر كذلك.

والرابعة : كون معنى «لا يحل لأحد أن يطرق المسجد جنبا غيري وغيرك» هو «إن باب علي كان إلى جهة المسجد ولم يكن لبيته باب غيره فلذلك لم يؤمر بسده» باطل جدا.

أما أولا : فلأن الحديث المذكور لا يدل إلا على اختصاص هذا الحكم بهما عليهما‌السلام ، فأين الدلالة على المعنى المذكور؟!

وأما ثانيا : فلأنه لو كان السبب في أنه لم يؤمر بسد بابه أنه «لم يكن لبيته باب غيره» لم يكن وجه لاعتراض الناس وتضجرهم مما فعل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وسلم لا سيما عمه حمزة حيث جاء ـ فيما يروون ـ وعيناه تذرفان بالدموع ...!

ولكان الأجدر برسول الله أن يعتذر بأنه : ليس له باب غيره فلذا لم أسد بابه. وأنتم لبيوتكم بابان باب من داخل وباب من خارج ، لا أن يسند سد الأبواب إلا بابه إلى الله قائلا : «ما أنا سددت شيئا ولا فتحته ، ولكن أمرت بشئ فاتبعته»!

ولكان لمن سأل ابن عمر عن علي ـ فأجابه بقوله : أما علي فلا تسأل عنه أحدا وانظر إلى منزلته من رسول الله : قد سد أبوابنا في المسجد وأقر بابه ـ أن يقول له : وأي منزلة هذه منه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم و «لم يكن لبيته باب غيره»؟!

ولكان القائل أن يقول له : كيف تكون هذه الخصلة أحب إليك من حمر النعم ، وتجعلها كتزويجه من بضعته الزهراء ، وإعطائه الراية في خيبر ، وقد كان من الطبيعي أن لا يسد بابه لأنه «لم يكن لبيته باب غيره»؟!

ولو كان كذلك لم يبق معنى لقول بعضهم : «تركه لقرابته. فقالوا : حمزة أقرب منه وأخوه من الرضاعة وعنه»! ولا لقول آخرين : «تركه من أجل بنته»! حتى بلغت أقاويلهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فخرج إليهم ... في حديث ننقله بكامله


لفوائده :

«بينما الناس جلوس في مسجد رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم إذ خرج مناد فنادى : إيها الناس ، سدوا أبوابكم. فتحسحس الناس لذلك ولم يقم أحد. ثم خرج الثانية فقال : إيها الناس ، سدوا أبوابكم. فلم يقم أحد. فقال الناس : ما أراد بهذا؟ فخرج فقال : أيها الناس ، سدوا أبوابكم قبل أن ينزل العذاب. فخرج الناس مبادرين. وخرج حمزة بن عبد المطلب يجر كساءه حين نادى : سدوا أبوابكم.

قال : ولكل رجل منهم باب إلى المسجد ، أبو بكر وعمر وعثمان ، وغيرهم.

قال : وجاء علي حتى قام على رأس رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم. فقال : ما يقيمك؟ إرجع إلى رحلك. ولم يأمره بالسد.

فقالوا : سد أبوابنا وترك باب علي وهو أحدثنا! فقال بعضهم : تركه لقرابته. فقالوا : حمزة أقرب منه ، وأخوه من الرضاعة ، وعمه! وقال بعضهم : تركه من أجل ابنته.

فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم فخرج إليهم بعد ثالثة ، فحمد الله وأثنى عليه محمرا وجهه ـ وكان إذا غضب احمر عرق في وجهه ـ ثم قال : أما بعد ذلكم ، فإن الله أوحى إلى موسى أن أتخذ مسجدا طاهرا لا يسكنه إلا هارون وأبناء هارون شبرا وشبيرا ، وإن الله أوحى إلى أن أتخذ مسجدا طاهرا لا يسكنه إلا أنا وعلي وأبناء علي حسن وحسين ، وقد قدمت المدينة واتخذت بها مسجدا ، وما أردت التحول إليه حتى أمرت ، وما أعلم إلا ما علمت ، وما أصنع إلا ما أمرت ، فخرجت على ناقتي ، فلقيني الأنصار يقولون : يا رسول الله أنزل علينا. فقلت : خلوا الناقة ، فإنها مأمورة ، حتى نزلت حيث بركت.

والله ما أنا سددت الأبواب وما أنا فتحتها ، وما أنا أسكنت عليا ، ولكن الله أسكنه» (*).

٤ ـ ما ذكره بعد قوله : «ومحصل الجمع ...» ليس محصلا لما ذكره قبله ، فقد

__________________

(*) وفاء الوفا بأخبار دار المصطفى ١ / ٤٧٨.


تأملت فيه فوجدته وجها مغايرا للوجه السابق ...!

ثم وجدت السمهودي ينص على ذلك فيقول بعد نقل العبارة : «قلت : والعبارة تحتاج إلى تنقيح ، لأن ما ذكره بقوله : (ومحصل الجمع) طريقة أخرى في الجمع غير الطريقة المتقدمة ، إذ محصل الطريقة المتقدمة أن البابين بقيا ، وأن المأمورين بالسد هم الذين كان لهم أبواب إلى غير المسجد مع أبواب من المسجد. وأما علي فلم يكن بابه إلا من المسجد ، وأن الشارع صلى الله عليه (وآله) وسلم خصه بذلك ، وجعل طريقه إلى بيته المسجد لما سبق ، فباب أبي بكر هو المحتاج إلى الاستثناء ، ولذلك اقتصر الأكثر عليه ، ومن ذكر باب علي فإنما أراد بيان أنه لم يسد ، وأنه وقع التصريح بإبقائه أيضا.

والطريقة الثانية تعدد الواقعة ، وأن قصة علي كانت متقدمة على قصة أبي بكر.

ويؤيد ذلك ما أسنده يحيى من طريق ابن زبالة وغيره عن عبد الله بن مسلم الهلالي ، عن أبيه ، عن أخيه ، قال : لما أمر بسد أبوابهم التي في المسجد خرج حمزة بن عبد المطلب يجر قطيفة له حمراء وعيناه تذرفان يبكي يقول : يا رسول الله أخرجت عمك وأسكنت ابن عمك! فقال : ما أنا أخرجتك ولا أسكنته ، ولكن الله أسكنه.

فذكره حمزة رضي‌الله‌عنه في القصة يدل على تقدمها ...» (١٣٦).

٥ ـ وفي الجمع الثاني ـ وهو وقوع الأمر بسد الأبواب مرتين ـ نقطتان التفت إليهما ابن حجر نفسه :

إحداهما : أن هذا الجمع لا يتم إلا بأن يحمل ما في قصة علي على الباب الحقيقي ، وما في قصة أبي بكر على الباب المجازي ، والمراد به الخوخة كما صرح به في بعض طرقه.

والثانية : ما أشار إليه بقوله : وكأنهم لما أمروا بسد الأبواب سدوها وأحدثوا خوخا ...

__________________

(١٣٦) وفاء الوفا بأخبار دار المصطفى ١ / ٤٨٠.


أقول : أما في الأولى فلقد تقدم أن البخاري هو الذي حرف الحديث من «الخوخة» إلى «الباب» وقد ذكرنا هناك توجيه ابن حجر ذلك بأنه نقل بالمعنى ولا يخفى التنافي بين كلامه هناك وكلامه هنا.

وأما في الثانية : فإن الوجه في قوله : «وكأنهم ...» هو أن قصة حديث «إلا باب علي» متقدمة على قصة «حديث الخوخة» بزمن طويل. فتلك كانت قبل أحد كما عرفت ، وهذه في أيام مرضه الذي توفي فيه كما ذكروا ، فإذا كان قد أمر بسد الأبواب فأي معنى للأمر بسد الخوخ؟! فلا بد من أن يدعى أنهم أطاعوا أمره بسد الأبواب لكنهم أحدثوا خوخا يستقربون الدخول إلى المسجد منها! لكن ابن حجر يقول : «وكأنهم ...» فهو غير جازم بهذا ...

وأقول :

١ ـ هل من المعقول أن يأمر بسد الأبواب ويأذن بإحداث خوخ يستقربون الدخول إلى المسجد منها؟! إن كانت الخوخ المستحدثة يستطرق منها إلى المسجد فما معنى الأمر بسد الأبواب؟!

٢ ـ إنه لا يوجد في شئ من ألفاظ حديث «سد الأبواب إلا باب علي» ، ما يدل على إذن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ...

٣ ـ هناك في غير واحد من الأحاديث تصريح بالمنع عن إحداث الخوخ بعد الأمر بسد الأبواب ...

ففي حديث : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «سدوا أبواب المسجد إلا باب علي. فقال رجل : أترك لي قدر ما أخرج وأدخل؟ فقال رسول الله : لم أؤمر بذلك. قال : أترك بقدر ما أخرج صدري يا رسول الله؟! فقال رسول الله : لم أؤمر بذلك. وانصرف. قال رجل : فبقدر رأسي يا رسول الله؟ فقال رسول الله: لم أؤمر بذلك. وانصرف واجدا باكيا حزينا ، فقال رسول الله : لم أؤمر بذلك ، سدوا الأبواب إلا باب


علي " (١٣٧).

وفي آخر : «قال له رجل من أصحابه : يا رسول الله دع لي كوة أنظر إليك منها حين تغدو وحين تروح. فقال : لا والله ولا مثل ثقب الإبرة» (١٣٨).

ومن هنا قال السمهودي :

«وقد اقتضى ذلك المنع من الخوخة أيضا ، بل ومما دونها عند الأمر بسد الأبواب أولا ...» (١٣٩).

إلى هنا وقد ظهر أن الحق مع المعرضين عن الجمع ...

كلام ابن عراق :

وابن عراق حيث نقل كلام ابن حجر أعرض عما قال ابن حجر قبل : «ومحصل الجمع» وإنما ذكر في وجه الجمع : «أن هذه قصة أخرى فقصة علي في الأبواب الشارعة ، وقد كان أذن له أن يمر في المسجد وهو جنب ، وقصة أبي بكر في مرض الوفاة في سد طاقات كانوا يستقربون الدخول منها. كذا جمع القاضي إسماعيل في أحكامه والكلاباذي في معانيه والطحاوي في مشكله» (١٤٠)

فتراه يقتصر على الجمع الثاني وهو اختلاف القصتين ، ويعرض عن دعوى أن السبب في عدم سد باب علي كون بابه من داخل المسجد!!! والموضوع في القصة الأولى «الأبواب» وفي الثانية : «طاقات»!!

والذي ينسبه إلى المتقدمين في وجه الجمع هو هذا المقدار فقط!!!

__________________

(١٣٧) وفاء الوفا ١ / ٤٨٠.

(١٣٨) وفاء الوفا ١ / ٤٨٠.

(١٣٩) وفاء الوفا ١ / ٤٨٠.

(١٤٠) تنزيه الشريعة المرفوعة ١ / ٣٤٨.


كلام المباركفوري :

والمباركفوري وافق ابن حجر في أن أحاديث «باب علي» يقوي بعضها بعضا ، وكل طريق منها مالح للاحتجاج فضلا عن مجموعها. ثم تهرب عن الدخول في تفصيل المطلب وقال : «فهذه الأحاديث تخالف أحاديث الباب. قال الحافظ : ويمكن الجمع بين القصتين وقد أشار إلى ذلك البزار في مسنده ...» (١٤١).

كلام الحلبي :

والحلبي صاحب السيرة التفت إلى وهن هذا الجمع فأورده مع تفسيرات وتغييرات من عنده ... فقال :

«وجمع بعضهم بأن قصة علي متقدمة على هذا الوقت ، وأن الناس كان لكل بيت بابان ، باب يفتح للمسجد وباب يفتح خارجه ، إلا بيت علي كرم الله وجهه فإنه لم يكن له إلا باب من المسجد وليس له باب من خارج. فأمر صلى الله عليه (وآله) وسلم بسد الأبواب ، أي التي تفتح للمسجد. أي بتضييقها وصيرورتها خوخا إلا باب علي كرم الله وجهه ، فإن عليا لم يكن له إلا باب واحد ليس له طريق غيره كما تقدم ، فلم يأمر صلى الله عليه (وآله) وسلم بجعل خوخة ثم بعد ذلك أمر بسد الخوخ إلا خوخة أبي بكر. وقول بعضهم : حتى خوخة علي كرم الله وجهه. فيه نظر ، لما علمت أن عليا كرم الله وجهه لم يكن له إلا باب واحد. فالباب في قصة أبي بكر ليس المراد به حقيقته بل الخوخة ، وفي قصة علي كرم الله وجهه المراد به حقيقته» (١٤٢).

أقول : لقد غير العبارة من : «وأحدثوا خوخا ...» إلى تضييق الأبواب وصيرورتها خوخا» على أن المراد من «سدوا الأبواب إلا باب علي» هو : ضيقوها واجعلوها خوخا ... فبالله عليك هل تفهم هذا المعنى من «سدوا الأبواب ...»!!! لكنه

__________________

(١٤١) تحفة الأحوذي ١٠ / ١٦٣.

(١٤٢) إنسان العيون ٣ / ٤٦٠ ـ ٤٦١.


اضطر إلى هذا التحمل لما رأى بطلان كلام ابن حجر ...

كما أنه ترك قول ابن حجر : «يستقربون إلى المسجد منها " لالتفاته إلى أنها حينئذ «أبواب» لا «خوخ»!

لكنه مع ذلك كله نبه على ما نبه عليه السمهودي من أن الأحاديث الواردة تنفي الإذن بجعل «الخوخ» بعد «سد الأبواب» ... فقال :

«وعلى كون المراد بسد الأبواب تضييقها وجعلها خوخا يشكل ما جاء (١٤٣) ... فعلى تقدير صحة ذلك يحتاج إلى الجواب عنه».

ولكن لا جواب ، لا منه ولا من غيره!!!

ثم قال : «وعلى هذا الجمع يلزم أن يكون باب علي كرم الله وجهه استمر مفتوحا في المسجد مع خوخة أبي بكر ، لما علم أنه لم يكن لعلي باب آخر من غير المسجد. وحينئذ قد يتوقف في قول بعضهم : في سد الخوخ إلا خوخة أبي بكر إشارة إلى استخلاف أبي بكر لأنه يحتاج إلى المسجد كثيرا دون غيره» (١٤٤).

أقول : وفي هذا رد على الخطابي وابن بطال ومن تبعهما ... وعلى ابن حجر نفسه الذي اختار هذا الجمع وهو مع ذلك ينقل كلمات أولئك ... اللهم إلا أن يقال بعدم ارتضائه لها لما أشرنا إليه سابقا من قوله لدى نقلها : «وقد ادعى ...» ..

حقيقة الحال في هذا الحديث

أقول : قد رأيت عدم تمامية شئ مما ذكروا في وجه الجمع بين القصتين ، وأن

__________________

(١٤٣) ذكر العباس في قضية «سد الأبواب إلا باب علي» غلط ، بل هو حمزة عليه‌السلام ، لأن العباس أسلم عام الفتح وقصة علي قبل أحد ... وهذا واضح وقد نبه عليه غير واحد ... ثم رأيت ابن سيد الناس في عيون الأثر ٢ / ٣٣٦ يذكر طلب العباس واعتراضه في قضية «إلا باب أبي بكر» المزعومة ... وكأنه لغرض تثبيت قصة أبي بكر!!

(١٤٤) إنسان العيون ٣ / ٤٦١.


كلمات القوم في المقام متهافتة للغاية ، وما ذلك إلا لامتناعهم عن الادلاء بالحق والاعتراف بالواقع ...

وحقيقة الحال في هذا الحديث هو : أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أمر بسد الأبواب الشارعة إلى المسجد تنزيها له عن الأدناس وتجنيبا عن الأرجاس ... وحتى باب عمه حمزة سيد الشهداء عليه‌السلام سده على ما كان عليه من الفضل والقرابة والشأن الرفيع ... والأحاديث الدالة على كون ما ذكرناه هو السبب في سد الأبواب كثيرة عند الفريقين ...

لكنه إنما لم يؤمر بسد بابه وباب علي وأجاز مكث علي وأهل بيته ومرورهم من المسجد ـ في حال الجنابة ـ لكونهم طاهرين مطهرين بحكم آية التطهير النازلة من رب العالمين وغير هذه الآية من أدلة عصمة أهل البيت وامتيازهم بهذه الخصيصة عن سائر الخلق أجمعين ... فبابهم لم يسد لعدم الموجب لسده كما كان بالنسبة إلى غيرهم  ... وبهذا ظهرت ميزة أخرى من مميزاتهم (١٤٥) ... الأمر الذي أثار عجب قوم وحسد أو غضب قوم آخرين ...

ثم إن هذا الحسد لم يزل باقيا في نفوس أتباع أولئك ... كمالك وأمثال مالك  ... فحملهم الحسد لعلي والحب لأبي بكر ـ وهو ممن سد بابه كما هو صريح أخبار الباب ـ على أن يضعوا له في المقابل حديثا ويقلبوا الفضيلة ...!

والواقع : أن هذا الوضع ـ في أكثره ـ من صنع أيام معاوية ... لكن وضع على لسان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في أواخر أيام حياته. وله نظائر عديدة ..

لقد نصبوا أبا بكر للخلافة وبايعوه ... وهم يعلمون بعدم وجود نص عليه وبعدم توفر مؤهلات فيه كما اعترف هو بذلك فيما رووه ... فحاولوا أن يضعوا أشياء وينسبوها إل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بأن قالها في أيام مرضه زعموا أن فيها إشارة قرية إلى خلافته ... ليصبغوا ما صنعوا بصبغة الشرعية. وليضيفوا ما وقع منهم

__________________

(١٤٥) وممن نص على هذه الميزة والاختصاص المحب الطبري في ذخائر العقبى : ٧٧.


إلى الإرادة الإلهية ...

ومن هذه الأحاديث المختلفة في هذه الفترة :

حديث : «مروا أبا بكر فليصل بالناس».

وقد بحثنا عنه في رسالة مفردة ...

وحديث : «... يأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر ...».

ولعلنا نبحث عنه في مجال آخر.

وحديث : «سدوا الأبواب إلا باب أبي بكر» أو «سدوا الخوخ إلا خوخة أبي بكر».

وهو موضوع رسالتنا هذه ... حيث أثبتنا عدم تماميته سندا ومعنى ودلالة ، حتى أن القوم حاروا في معناه واضطربت كلماتهم وتهافتت مواقفهم تجاهه ... حتى التجأ بعضهم إلى دعوى أن حديث «إلا باب علي» هو الموضوع المقلوب!!

الاعتراف بوضع أحاديث

ولقد كان الأولى والأجدر بابن الجوزي القول بالحق والاعتراف بالحقيقة ...

وهو : كون الحديث في أبي بكر موضوعا ، لقلة طرقه جدا " وضعف كلها سندا ، وعدم وجود شاهد له أبدا ...

ما صب الله في صدري شيئا إلا وصببته في صدر أبي بكر :

وقد وجدنا ابن الجوزي وغيره يعترفون بوضع أحاديث في فضل أبي بكر ، كحديث «ما صب الله في صدري شيئا إلا وصببته في صدر أبي بكر» هذا الحديث الموضوع الذي ربما استدل به بعضهم في فضل أبي بكر واحتج به غيره في مقابلة حديث «أنا مدينة العلم وعلي بابها» المتواتر بين الفريقين ...

يقول ابن الجوزي : «وما أزال أسمع العوام يقولون عن رسول الله صلى الله


عليه (وآله) وسلم أنه قال :

(ما صب الله في صدري شيئا إلا وصببته في صدر أبي بكر)!

و (إذا اشتقت إلى الجنة قبلت شيبة أبي بكر)!

و (كنت أنا وأبو بكر كفرسي رهان ، سبقته فاتبعني ولو سبقني لاتبعته)!

في أشياء ما رأينا لها أثرا ، لا في الصحيح ولا في الموضوع.

ولا فائدة في الإطالة بمثل هذه الأشياء» (١٤٦).

ويقول : المجد الفيروزآبادي :

«وأشهر الموضوعات في باب فضائل أبي بكر :

حديث : إن الله يتجلى يوم القيامة للناس عامة ولأبي بكر خاصة!

وحديث : ما صب الله في صدري شيئا إلا وصببته في صدر أبي بكر!

وحديث : كان رسول الله إذا اشتاق إلى الجنة قبل ...!

وحديث : أنا وأبو بكر كفرسي رهان ...!

وحديث : إن الله تعالى لما اختار الأرواح اختار روح أبي بكر!

وأمثالها من المفتريات الواضح بطلانها ببداهة العقل» (١٤٧).

ويقول الفتني ـ نقلا عن كتاب الخلاصة في أصول الحديث للطيبي ـ ما نصه :

«في الخلاصة : ما صب الله في صدري شيئا إلا وصببته في صدر أبي بكر. موضوع (١٤٨).

ويقول القاري ـ نقلا عن ابن القيم ـ : «ومما وضعه جهلة المنتسبين إلى السنة في فضل الصديق :

حديث : إن الله يتجلى للناس عامة يوم القيامة ولأبي بكر خاصة! وحديث : ما صب الله في صدري شيئا إلا صببته في صدر أبي بكر!

__________________

(١٤٦) الموضوعات ١ / ٢١٩.

(١٤٧) سفر السعادة ـ خاتمة الكتاب.

(١٤٨) تذكرة الموضوعات : ٩٣.


وحديث : كان إذا اشتاق إلى الجنة قبل شيبة أبي بكر!

وحديث : أنا وأبو بكر كفرسي رهان!

وحديث : إن الله لما اختار الأرواح اختار روح أبي بكر!

وحديث عمر : كان رسول الله عليه‌السلام وأبو بكر يتحدثان وكنت كالزنجي بينهما!

وحديث : لو حدثتكم بفضائل عمر عمر نوح في قومه ما فنيت ، وإن عمر حسنة من حسنات أبي بكر!

وحديث : ما سبقكم أبو بكر بكثرة صوم ولا صلاة ، وإنما سبقكم بشئ وقر في صدره! وهذا من كلام أبي بكر ابن عياش» (١٤٩).

ويقول الشوكاني :

«حديث : ما صب الله في صدري شيئا إلا وصببته في صدر أبي بكر. ذكره صاحب الخلاصة وقال : موضوع» (١٥٠).

لو لم أبعث لبعث عمر :

وقال ابن الجوزي في ما وضع في فضل عمر :

«الحديث الثاني : أنبأنا إسماعيل بن أحمد ، قال : أنبأ ابن مسعدة ، قال : أنبأ حمزة ، قال : أنبأ ابن عدي ، قال : ثنا علي بن الحسن بن قديد ، قال : ثنا زكريا بن يحيى الوقار قال : ثنا بشر بن بكر ، عن أبي بكر بن عبد الله بن أبي مريم ، عن حمزة بن حبيب ، عن عصيف بن الحارث ، عن بلال بن رباح ، قال :

قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لو لم أبعث فيكم لبعث عمر!

قال ابن عدي : وثنا عمر بن الحسن بن نصر الحلبي ، قال : ثنا مصعب بن سعد

__________________

(١٤٩) الموضوعات الكبرى : ١٣٢.

(١٥٠) الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة : ١٥٢.


أبو خيثمة ، قال : ثنا عبد الله بن واقد ، قال : حدثنا حياة بن شريح ، عن بكر بن عمر : وعن مشرح بن هاعان ، عن عقبة بن عامر ، قال :

قال رسول الله : لو لم أبعث فيكم لبعث عمر!

قال المصنف : هذان حديثان لا يصحان عن رسول الله. أما الأول ، فإن زكريا ابن يحيى كان من الكذابين الكبار. قال ابن عدي : كان يضع الحديث. وأما الثاني ، فقال أحمد ويحيى : عبد الله بن واقد ليس بشئ. وقال النسائي : متروك الحديث. وقال ابن حبان : انقلبت على مشرح صحائفه فبطل الاحتجاج به» (١٥١).

خذوا شطر دينكم عن الحميراء :

ومن الأحاديث الموضوعة في فضل عائشة :

«خذوا شطر دينكم عن هذه الحميراء».

وهو حديث مشهور ... لكنهم أجمعوا على أنه موضوع :

قال ابن أمير الحاج : «ذكر الحافظ عماد الدين ابن كثير أنه سأل الحافظين المزي والذهبي عنه فلم يعرفاه».

وقال : «قال شيخنا الحافظ ـ ابن حجر العسقلاني ـ : لا أعرف له إسنادا ، ولا رأيته في شئ من كتب الحديث ...» (١٥٢).

وتبعهم السخاوي (١٥٣).

وقال السيوطي : «لم أقف عليه ، وقال الحافظ عماد الدين ابن كثير في تخريج أحاديث مختصر ابن الحاجب : هو حديث غريب جدا ، بل هو حديث منكر. سألت عنه ...» (١٥٤).

__________________

(١٥١) الموضوعات ١ / ٣٢٠.

(١٥٢) التقرير والتحبير في شرح التحرير ٣ / ٩٩.

(١٥٣) المقاصد الحسنة : ١٩٨.

(١٥٤) ا لدرر المنتثرة : ٧٩.


وكذا قال القاري (١٥٥).

والزرقاني المالكي (١٥٦).

وغيرهم ...

دعوة إلى التحقيق والقول بالحق

وبعد ، فهذه أربعة أحاديث. بحثنا عنها في هذه الرسالة. في السند والدلالة ... وعلى ضوء الشواهد والأدلة ... وما أكثر النظائر لهذه الأخبار في بطون الكتب والأسفار ...

وإني لأدعو ذوي الفكر وأصحاب الفضيلة ... إلى التحقيق في السنة النبوية الشريفة ، وإعادة النظر في الأحاديث التي قرر السابقون صحتها ... وبنوا في الأصول والفروع على أساسها ... ثم القول بالصدق والإعلان عن الحق ... فقد ولت عصور التعصب واتباع الهوى والتقليد الأعمى ...

وفي ذلك خدمة للشريعة الحنيفة والسنة الشريفة ، وتحقيق للوحدة والوئام بين أهل الإسلام ...

والله ولي التوفيق ... وصلى الله على محمد وآله أجمعين.

__________________

(١٥٥) الموضوعات الكبرى : ١٩٠ ، المرقاة ٥ / ٦١٦.

(١٥٦) شرح المواهب اللدنية ٣ / ٢٣٣.


الإمامة

تعريف بمصادر الإمامة في التراث الشيعي

(١٠)

عبد الجبار الرفاعي

١٣٨٤ ـ نقض كتاب «الصواعق المحرقة» لابن حجر.

للسيد أمير محمد الكاظمي القزويني.

مطبوع.

١٣٨٥ ـ نقض كتاب الملاحم.

في الإمامة.

للشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان ، المتوفى سنة ٤١٣ ه.

أنظر : كشف الحجب والأستار : ٥٨٧.

١٣٨٦ ـ نقض المسألة في الإمامة في كتاب «الأربعين» للفخر الرازي.

للشيخ برهان الدين محمد بن علي الحلواني.

أنظر : أمل الآمل ٢ / ٢٨٤ ، الذريعة

٤ / ٤ و ٧ / ٢٤ و ٢٤ / ٢٨٥ احتمل صاحب الذريعة اتحاد هذا الكتاب مع «تخصيص البراهين» للمصنف ، لكن الصحيح ما أثبتناه من عدم اتحادهما ، كما يظهر ذلك من الشيخ الحر العاملي في أمل الآمل.

١٣٨٧ ـ نقض مقالات العثمانية.

لأبي جعفر محمد بن عبد الله الإسكافي ، المتوفى سنة ٢٤٠ ه.

مخطوط في مكتبة المشكاة بطهران ، ١١ / ٢١٦٢ ، رقم ٣٢٠٥ ، الأوراق ١٥٩ ـ ٢٢٣ ، سنة ١٠١٥ ه.

توجد قطعة منه في كتاب «شرح نهج البلاغة» لابن أبي الحديد.

طبع في القاهرة : ١٣٥٢ ه (جمع نصوصها : حسن السندوبي ، ونشرها في


كتابه : رسائل الجاحظ).

وفي القاهرة : ١٩٥٥ م (نشرها : عبد السلام هارون ، ملحقا بكتاب : العثمانية للجاحظ ص ٢٨١ ـ ٣٤٢).

أنظر : تاريخ التراث العربي ـ لسزكين ـ مج ١ ، ج ٤ / ٧١.

١٣٨٨ ـ نقض نقض الشافي.

للشيخ أبي يعلى سالار بن عبد العزيز الديلمي.

أنظر : فهرست منتجب الدين (الهامش) : ٨٥.

١٣٨٩ ـ نقض نقض كتاب في الإمامة.

للقاضي أشرف الدين صاعد بن محتد ابن صاعد البريدي الآبي.

أنظر : فهرست منتجب الدين : ١٠٠ ، الذريعة ٢٤ / ٢٩٠.

١٣٩٠ ـ نقض الوشيعة.

للسيد محسن الأمين العاملي.

و «الوشيعة» كتاب في التهجم على عقائد الشيعة ، لموسى جار الله التركستاني.

مطبوع في بيروت.

أنظر : الذريعة ٢٤ / ٢٩١.

١٣٩١ ـ النكت في الإمامة.

لأبي يعلى محمد بن الحسن بن حمزة الجعفري الطالبي ، المتوفى سنة ٤٦٣ ه.

أنظر : معالم العلماء : ١٠١ ، الذريعة ٤٢ / ٣٠٥.

١٣٩٢ ـ كتاب النكت والأغراض (الأعراض).

في الإمامة.

للشيخ أبي الجيش مظفر بن محمد بن أحمد البلخي الخراساني ، المتوفى سنة ٣٦٧ هجرية.

أنظر : رجال النجاشي : ٤٢٢ ، الفهرست ـ للشيخ الطوسي ـ : ١٦٩ ، كشف الحجب والأستار : ٥٣ ، الذريعة ٢ / ٢٣٦ و ٢٤ / ٣٠٧.

١٣٩٣ ـ النكت والأغراض.

في الإمامة.

لمنبه بن عبيد الله ، أبي الجوز التميمي.

ذكره السيد هاشم البحراني في أول «مدينة المعاجز».

أنظر : الذريعة ٢٤ / ٣٠٧.


١٣٩٤ ـ نكاهي به مسألة ولايت.

بالفارسية.

لهادي روحاني.

طهران : أميري ، ١٣٦٦ ش / ١٩٨٧ م ، ١٥٢ ص ، ٢١ سم.

نكرشي كوتاه به سير تاريخي خلافت.

بالفارسية.

تأليف : هيئة التحرير في مؤسسة طريق الحق.

قم : مؤسسة في طريق الحق ، ١٣٦١ ش ، ١٥ ص.

١٣٩٦ ـ نهاية الآمال فيما يتم به تقبل الأعمال.

من الإيمان والاسلام والولاية ودعائمها.

للسيد هاشم بن سليمان البحراني.

نسخة في المكتبة الرضوية.

وأخرى في المكتبة التسترية.

أنظر : الذريعة ٢٤ / ٣٩٣ و ٣٩٥.

١٣٩٧ ـ نهاية الإكمال في الإمامة وما يتقبل به الأعمال.

للسيد هاشم البحراني.

تقدم بعنوان : نهاية الآمال فيما يتتم به

تقبل الأعمال.

١٣٩٨ ـ نهج الإيمان.

في الإمامة والمناقب.

للشيخ علي بن يوسف ، الشهير بابن جبير ، وسبط ابن جبير.

رتبه في ٤٨ فصلا ، جمعه المؤلف من ألف كتاب كما صرح به في أوله.

وابن جبير هذا حفيد ابن جبير صاحب «نخب المناقب».

أنظر : الذريعة ٢٤ / ٤١١.

١٣٩٩ ـ نهج الحجة في إثبات إمامة الاثني عشر.

للشيخ علي نقي ابن الشيخ أحمد الأحسائي ، المتوفى سنة ٢٤٦ ه.

النجف الأشرف : مطبعة العدل الإسلامي ، ١٣٧٠ ه ، ط ١ ، ٤٨٣ ص ، ٢٤ سم.

١٤٠٠ ـ نهج الحق وكشف الصدق.

للعلامة الحلي ، الحسن بن يوسف بن المطهر ، المتوفى سنة ٧٢٦ ه.

طبع في بغداد : سنة ١٣٤٤ ه.

وقم : مؤسسة الهجرة ، ١٤٠٨ ه ، ٦٥٨


ص (تحقيق : الشيخ عين الله الحسني الأرموي ، بإشراف : السيد رضا الصدر).

وبيروت ، دار الكتاب اللبناني.

١٤٠١ ـ نهج السبيل في إثبات التفضيل.

للوزير الصاحب إسماعيل بن عباد

الديلمي الطالقاني القزويني.

فيه إثبات التفضيل بألطف بيان.

أنظر : الذريعة ٢٤ / ٤١٨.

١٤٠٢ ـ النهج السوي في معنف المولى والولي.

للشيخ محسن علي ابن مولانا حسين جان الباكستاني البلتستاني ، المولود سنة ١٣٦٠ هجرية.

النجف الأشرف : مطبعة الآداب ، ١٣٨٩ ه = ١٩٦٨ م.

أنظر : تذكرهء علماء إمامية باكستان : ٢٦٧.

١٤٠٣ ـ نهج المحجة.

في فضائل الأئمة وإثبات حقهم وغصب غيرهم وبدع الناصبين المبتدعين.

للشيخ علي نقي بن أحمد الأحسائي ، المتوفى سنة ١٢٤٦ ه.

فرغ منه سنة ١٢٣٥ ه.

تبريز : سنة ١٣٧٣ ه ، ٢ مج ، ٤٨٣ + ٥٥٠ ص ، القطع المتوسط.

أنظر : الذريعة ٢٤ / ٤٢٤ ، مرآة الكتب ٤ / ١٥٩.

١٤٠٤ ـ نهج الهدى.

في التوحيد والنبوة والإمامة مختصرا.

للشيخ علي بن محمد رضا بن هادي كاشف الغطاء (١٣٣١ ه ـ).

طبع بالنجف الأشرف سنة ١٣٥٤ ه.

أنظر : الذريعة ٢٤ / ٤٢٧.

١٤٠٥ ـ النوادر في الإمامة.

لمحمد بن علي بن محبوب الأشعري القمي.

أنظر : معالم العلماء : ١٠٣.

١٤٠٦ ـ نور الأنوار في إثبات إمامة الأئمة الأطهار.

للملا شريف بن رضا الشيرواني التبريزي.

منه نسخة كتبت في سنة ١٢٥٨ ه عند الميرزا محمد علي الأردوبادي بالنجف.

رتبه على أبواب ، الأول في إثبات إمامة أمير المؤمنين عليه‌السلام وفيه فصول ، الباب الثاني في إمامة الحسن عليه‌السلام ،


وهكذا إلى الحجة عليه‌السلام.

أنظر : الذريعة ٢٤ / ٣٥٩.

١٤٠٧ ـ نور البداية.

أنظر : فهرس المرعشي ١٣ / ٢٣٥ ـ

بالفارسية.

في أصول الدين.

ذكر فيه مبحث إمامة الأئمة الاثني عشر عليهم‌السلام.

لمحمد بن رفيع بن علي رضا النوري.

أنظر : مرآة الكتب ٤ / ١٣٧.

١٤٠٨ ـ النور المبين.

رد على زيني دحلان في الإمامة.

للشيخ محمد رضا بن قاسم بن محمد بن أحمد العزاوي النجفي (١٣٠٣ ه ـ).

أنظر : معارف الرجال ٢ / ٢٨٧ ، ماضي النجف وحاضرها ٣ / ٢٩.

١٤٠٩ ـ النور المبين في إثبات النص على أمير المؤمنين عليه‌السلام.

في فضائل ومناقب وإثبات إمامة أمير المؤمنين الإمام علي عليه‌السلام.

للسيد علي خان بن خلف بن عبد المطلب المشعشعي الحويزي ، المتوفى سنة ١٠٨٨ ه.

في أربعة مجلدات ، ألفه سنة ١٠٨٣ ه.

نسخة في مكتبة آية الله المرعشي بقم ، رقم ٥٠٣٩ ، في ٤٩٣ ورقة ، سنة ١٠٨٥ هجرية.

أنظر : فهرس المرعشي ١٣ / ٢٣٥ ـ ٢٣٦ ، الغدير ١١ / ٣١٣ ، ريحانة الأدب ٢ / ٩٠ ، إيضاح المكنون ٢ / ٦٨٧ ، الذريعة ٢٤ / ٣٧٤.

١٤١٠ ـ نور الهداية.

في أصول الدين.

مبسوط في مبحث الإمامة للاثني عشر ومطاعن أضدادهم.

بالفارسية.

لملا محمد رفيع بن علي رضا النوري.

فرغ منه سنة ١٢٢٣ ه.

أنظر : الذريعة ٢٤ / ٣٨٥ ، خطي

فارسي : ١٠٠٤.

١٤١١ ـ نور الهداية في الإمامة.

فارسي.

لملا جلال الدين محمد بن أسعد الدواني ، المتوفى سنة ٩٠٧ ه.

طبع في طهران : سنة ١٣١١ ه ، ١٦٧ ص ، حجرية ، ٢٤ سم ، (مع الخصائص لابن البطريق).

وفي قم ، سنة ١٣٧٥ ه ، ١٩٦ + ٨ ١


ص ، (مع : شرح حياة ملا جلال الدين الدواني).

أنظر الذريعة ٢ / ٣٣٣ و ٢٤ / ٣٨٥.

١٤١٢ ـ نوروز وغدير

بالأردو.

لعلي تقي لكهنوي.

لكهنو : سرافراز بريس ، ٤٤ ص.

أنظر : قاموس الكتب ١ / ٨٥٠.

١٤١٣ ـ هات الغدير.

بحث عن حديث الغدير.

بالأردو.

للسيد سبط حسين بن رمضان علي بن القاضي قربان علي التقوي ، السبزواري الأصل ، الهندي الجائسي ، ثم اللكهنوي (١٢٨٦ ـ ١٣٦٧ ه).

طبع في لكهنو.

أنظر : الذريعة ٢٥ / ١٤٩ ، قاموس الكتب ١ / ٨٥٩، تراثنا ، ع ٢١ (١٤١٠ هجرية) ص ٢٨٧ ـ ٢٨٩.

١٤١٤ ـ هدي الغافلين إلى الدين المبين.

في الرد على ابن حزم الظاهري في هجمات على الشيعة.

للسيد مهدي بن صالح القزويني

الكاظمي.

فرع منه سنة ١٣٣٥ ه.

أنظر : الذريعة ١٠ / ١٧٧ و ٢٤ / ١٨٣ و ٢٥ / ٢٠٣.

١٤١٥ ـ الهداة إلى أداء حق الموالاة.

للحاكم الحسكاني ، صاحب «شواهد التنزيل».

أنظر : الذريعة ٢٥ / ١٦١.

١٤١٦ ـ الهداة في النصوص والمعجزات.

تقدم بعنوان : إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات.

١٤١٧ ـ الهدايات.

منظومة في الإمامة.

لمير تقي بن مير مؤمن القزويني الحسيني ، المتوفى سنة ١٢٧٠ ه.

نسخة في مكتبة السيد مهدي آل حيدر الكاظمي.

أنظر : الذريعة ٢٥ / ١٦٢ ـ ١٦٣.

١٤١٨ ـ هدايت وولايت.

بالفارسية.

طهران ، دفتر آموزش ، ١٣٦١ ش ، ١٢٨ ص.


١٤١٩ ـ الهداية إلى الأئمة الهادية.

أنظر : معالم العلماء : ١٤٥.

١٤٢٠ ـ كتاب الهداية إلى تحقيق الولاية.

لأبي الحسن علي بن الحسين بن علي المسعودي الهذلي.

أنظر : رجال النجاشي : ٢٥٤ ، الذريعة ٢٥ / ١٧٠.

١٤٢١ ـ الهداية إلى من له الولاية.

لأحمد بن غياث الصابري الهمداني.

قم : ١٣٤٣ ه ، ٧٠ ص ، ٢١ سم.

١٤٢٢ ـ هداية الإمامية.

في الإمامة.

بالفارسية.

أخرج فيه مائة حديث من كتب العامة في تعداد الأئمة الاثني عشر.

للسيد علي كلستانه.

أنظر : الذريعة ٢٥ / ١٧٠.

١٤٢٣ ـ هداية الأمة.

في الإمامة.

بالفارسية.

لملا باقر الكجوري بن ملا مهدي

الحائري.

مخطوط في مكتبة السيد المرعشي بقم.

أنظر : الذريعة ٢٥ / ١٧٠ ـ ١٧١.

١٤٢٤ ـ هداية الأنام في أحوال الإمام عليه السلام.

للشيخ عبد الله بن محمد حسن المامقاني (١٢٩٠ ـ ١٣٥١ ه).

تبريز : ١٣٢١ ه ، ١٩٥ ص ، حجرية.

أنظر : ماضي النجف وحاضرها ٣ / ٢٥٧.

١٤٢٥ ـ هداية الرشيد ونزهة الفريد.

في دلائل الأئمة عليهم‌السلام.

مجهول المؤلف.

أنظر : معالم العلماء : ١٤٦ ، الذريعة ٢٥ / ١٧٦.

١٤٢٦ ـ هداية السنة.

في إثبات الإمامة.

بالفارسية.

للأقا محمد علي ابن باقر الوحيد البهبهاني ، المتوفى سنة ١٢١٦ ه.

أنظر : الذريعة ٢٥ / ١٧٧.


١٤٢٧ ـ هداية العالمين إلى الصراط المستقيم في إثبات إمامة أمير المؤمنين.

بالآيات والروايات.

لمعز الدين محمد بن ظهير الدين محمد ، الشهير بمير ميران الأردستاني.

أنظر : الذريعة ٢ / ٣٢٢ و ١٠ / ٢٠٥ و ١٧ / ٢٣٦ و ٢٥ / ١٨٢ ـ ١٨٣.

١٤٢٨ ـ الهداية في إثبات الإمامة والولاية.

لعبد الله بن فرج آل عمران القطيفي.

طبع في النجف الأشرف : ١٣٧٩ ه ، ١٦٠ ص ، ٢١ سم.

أنظر : الموسم ، مج ٣ : ع ٩ و ١٠ (١٤١١ هجرية) ، ص ٤٤٠ ، الذريعة ٢٥ / ١٨٦ ـ ١٨٧ ، مرآة الكتب ٤ / ١٦٩ وفيه سماه : الهداية في تحقيق الخلافة وأن الأرض لا تخلو من حجة.

١٤٢٩ ـ الهداية في تفسير آية الولاية.

للفاضل القندهاري ، ملا عبد الله بن نجم الدين المشهدي ، المتوفى حدود سنة ١٣٠٢ ه.

أنظر : الذريعة ٢٥ / ١٨٧.

١٤٣٠ ـ الهداية القرآنية في الولاية الإمامية.

تفسير للآيات القرآنية بالمأثور عن أهل البيت عليهم‌السلام في ولاية أمير المؤمنين والأئمة من ولده عليهم‌السلام.

للسيد هاشم بن سليمان البحراني ، المتوفى سنة ١١٠٧ ه.

يقوم بتحقيقه قسم الدراسات الإسلامية

في مؤسسة البعثة ـ فرع قم (إيران).

١٤٣١ ـ هداية المستبصرين الراجعين إلى إمامة أمير المؤمنين.

للسيد هاشم البحراني.

تقدم بعنوان : إيضاح المسترشدين.

١٤٣٢ ـ هداية المسترشدين.

في الإمامة.

بالفارسية.

لملا لطف الله بن كمال الدين حسين بن لطف الله التميجاني الكيلاني.

مخطوط في مكتبة السيد المرعشي بقم.

أنظر : الذريعة ٢٥ / ١٩٣.


١٤٣٣ ـ هداية المسترشدين إلى معرفة الإمام المبين.

للسيد إبراهيم بن حيدر بن إبراهيم الكاظمي (١٢٥٠ ـ ١٣١٨ ه).

أنظر : أحسن الوديعة في تراجم مشاهير مجتهدي الشيعة : ١٩ ، الذريعة ٢٥ / ١٩٤.

١٤٣٤ ـ هداية المصنفين.

في الإمامة.

بالفارسية.

لملا صالح بن آقا محمد البرغاني القزويني.

أنظر : الذريعة ٢٥ / ١٩٦.

١٤٣٥ ـ هداية المضل.

في الإمامة.

للسيد مهدي بن علي الغريفي البحراني (١٣٠١ ـ ١٣٤٣ ه).

أنظر : الذريعة ٢٥ / ١٩٦ ، شعراء الغري ١٠ / ١٣٢.

١٤٣٦ ـ الهداية المعنوية والباطنية للإمام عليه‌السلام.

قم : مؤسسة في طريق الحق ، ٢٢ ص ،

د. ت (دروس في أصول الدين ، ٢٥).

١٤٣٧ ـ هداية المنصفين في الرد في المخالفين.

للسيد محمد طاهر بن ميرزا مهدي القزويني ، المتوفى سنة ١٣٢٩ ه.

أنظر : الذريعة ٢٥ / ١٩٦.

١٤٣٨ ـ هداية الولاية.

لملا محمد حسين بن مهدي الكرهرودي السلطان آبادي ، المتوفى سنة ١٣١٤ ه.

أنظر : الذريعة ٢٥ / ٢٠٠.

١٤٣٩ ـ هدم الأساس بإثبات حديث القرطاس.

في الرد على العامة ، وإبطال الخلافة.

بالأردو.

لسبط الحسن بن وارث حسين الجايسي اللكهنوي ، المتوفى سنة ١٣٥٤ ه.

طبع بالهند.

أنظر : الذريعة ٢٥ / ٢٠١.

١٤٤٠ ـ هديه إسماعيل.

أو : قيام سادات علوي برأي خلافت.

لعلي أكبر تشيد.

طبع في : طهران : ١٣٧٢ ه ، ٢٥٠


ص.

١٤٤١ ـ الهدية السنية في رد التحفة الاثني عشرية.

عدة مجلدات.

بالأردو.

لميرزا محمد هادي اللكهنوي.

نسخة في مكتبة مدرسة الواعظين بلكهنو.

أنظر : الذريعة : ٢٥ / ٢١٠ ـ ٢١١.

١٤٤٢ ـ هذا الغدير.

قصيدة.

بقلم : م. ث. م.

ذكريات المعصومين عليهم‌السلام

(كربلاء المقدسة). ع ٤ (١٨ ذي الحجة ١٣٨٥ ه) ص ٢٦ ـ ٢٨.

١٤٤٣ ـ هفتاد كفتار.

في التوحيد والنبوة والإمامة والمعاد.

بالفارسية.

للسيد مصطفى السرابي الخراساني.

طهران : شركت سهامي طبع كتاب ، ١٣٣٧ ش ، ٦٢٦ ص ، ٢٤ سم.

١٤٤٤ ـ هل يجوز القول بأن عليا وبنيه قادرون على أن يخلقوا ...

لمحمد بن عبد علي آل عبد الجبار.

أنظر : الموسم ، مج ٣ : ع ٩ و ١٠ (١٤١١ هجرية) ، ص ٤٤٠.

١٤٤٥ ـ هندي مكالمه.

محاورة بين اثنين حول الإمامة.

بالأردو.

طبع بالهند.

أنظر : الذريعة ٢٥ / ٢٥٠.

١٤٤٦ ـ واقعة غدير در منابع مهم إسلامي.

بالفارسية.

درسهائى أز : مكتب إسلام ، س ٢٧ : ع ٣ (مرداد ١٣٦٦) ص ٣٨ ـ ٤٣.

١٤٤٧ ـ واقعة غدير وفضيلت عيد غدير با ساير أعياد.

بالفارسية.

لعباس حيدر زاده.

طهران : ١٤٦ ص.


١٤٤٨ ـ وجوب الإمامة.

لأبي الفتح محمد بن علي بن عثمان الكراجكي، المتوفى سنة ٤٤٩ ه.

مختصر مطبوع في «كنز الفوائد» سنة ١٣٢٢ ه.

١٤٤٩ ـ وجوب النص على الإمام.

بالفارسية.

لمحمد علي بن أبي طالب الحزين الكيلاني الأصفهاني.

أنظر : الذريعة ٢٥ / ٣٤.

١٤٥٠ ـ الوجيزة في أصول الدين.

بسط القول في الإمامة وأورد الأحاديث فيه ، ورد على صاحب التحفة الاثني عشرية.

لسبحان علي خان.

طبع عام ١٢٧٩ ه

أنظر : الذريعة ٢٥ / ٥٠.

١٤٥١ ـ الوحدة والإمامة.

للشيخ محمد مهدي شمس الدين.

بحث مقدم في مهرجان الغدير (لندن ١٩ ذي الحجة ١٤١٠ ه / ١٢ تموز ١٩٩٠ م).

ثم نشر في : الغدير (بيروت) ع ٨ و ٩ (٣ / ١٤١١ ه = ١٠ / ١٩٩٠ م) ص ٨٠ ـ ٩٦.

الهلال الدولي (لندن) س ٤ : ع ه (١٢ ـ ١٦ جمادى الأولى ١٤١١ ه = ١ ـ ١٥ كانون الأول / ديسمبر ١٩٩٠ م) ص ٩ و ١١ ، ع ٦ (٢٧ جمادى الأولى ـ ١٢ جمادى الآخرة ١٤١١ ه = ١٦ ـ ٣١ كانون الأول / ديسمبر. ١٩٩ م).

الموسم (بيروت) مج ٢ : ع ٧ (١٩٩٠ م ـ ١٤١٠ ه) ص ٦٧٩ ـ ٦٨٩.

١٤٥٢ ـ وزير رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وسلم.

بالأردو.

لإقبال حسين صاحب كوري كنج.

ماهنامهء الجواد ، مج ٢٧ : ع ١٢ (ذي الحجة ١٣٩٦ ه). ص ٦ ـ ٨.

١٤٥٣ ـ الوسائل في إثبات الحق وإزهاق الباطل.

في إثبات إمامة الأئمة الاثني عشر وما يتعلق بالإمام المنتظر.

بالفارسية.

لمحمد علي الموسوي ، المعروف بكلستانه.


طبع في : بمبي ، ١٣٣٩ ه ، ٢١٤ ص.

١٤٥٤ ـ وسيلة النجاة.

في إثبات إمامة أمير المؤمنين وأولاده المعصومين عليهم‌السلام.

بالفارسية

للسيد عبد الرزاق بن محمد الحسيني اللواساني.

فرغ منه سنة ١٢٥٧ ه.

نسخة في مكتبة السيد المرعشي بقم ، رقم ٣٤٣٥ ، في ١٢٢ ورقة.

أنظر : فهرسها ٩ / ٢٢١.

١٤٥٥ ـ وسيلة النجاة.

في الإمامة.

بالأردو.

للشيخ عبد العزيز البهروي الهندي.

أنظر : الذريعة ٢٥ / ٨٧.

١٤٥٦ ـ وسيلة النجاة.

في الإمامة.

بالفارسية.

لملا محمد الدزآشوبي.

أنظر : الذريعة ٢٥ / ٨٩.

١٤٥٧ ـ الوصي عليه‌السلام.

بحوث في الإمامة.

للسيد علي نقي الحيدري.

طبع في بغداد : ١٩٥٥ م.

وبغداد : ١٣٨٥ ه ، ١٧٥ ص ، ٢١ سم.

كما طبع بعد ذلك في بيروت وقم.

١٤٥٨ ـ وصي.

في الإمامة وعدم إمكان انقطاع الفيض الإلهي بموت النبي.

بالأردو.

طبع بالهند.

أنظر : الذريعة ٢٥ / ١٠٢.

١٤٥٩ ـ الوصية.

لإبراهيم بن محمد بن سعيد ، أبي إسحاق الثقفي ، المتوفى سنة ٢٨٣ ه.

أنظر : رجال النجاشي : ١٧ ، معالم العلماء : ٤ ونسب فيه كتابين للثقفي بهذا العنوان : الوصية في الإمامة صغير ، الوصية في الإمامة كبير ، الذريعة ٢٥ / ١٠٢ ـ ١٠٣.


١٤٦٠ ـ الوصية.

لأبي العباس أحمد بن يحيى بن قافة الكوفي.

أنظر : الذريعة ٢٥ / ١٠٣.

١٤٦١ ـ الوصية.

لعيسى بن المستفاد البجلي ، أبي موسى الضرير ، الراوي عن أبي جعفر الثاني عليه السلام ، المتوفى سنة ٢٢٠ ه.

أنظر : رجال النجاشي : ٢٩٨ ، الذريعة ٢٥ / ١٠٣.

١٤٦٢ ـ الوصية.

لمحمد بن سنان ، أبي جعفر الزاهري ، المتوفى سنة ٢٢٠ ه ، الراوي عن الإمام الرضا عليه‌السلام.

أنظر : رجال النجاشي : ٣٢٨ ، الذريعة ٢٥ / ١٠٣.

١٤٦٣ ـ كتاب الوصية.

للمفضل بن عمر.

أنظر : معالم العلماء : ١٢٤.

١٤٦٤ ـ كتاب الوصية والإمامة.

(للإمام زيد بن علي ، المستشهد سنة

١٢٢ ه.

تحقيق : الدكتور حسن محمد تقي سعيد.

أنظر : الموسم ، ع ٢ ـ ٣ (١٩٨٩) ص ٦٧١.

١٤٦٥ ـ كتاب الوصية والإمامة.

لأبي الحسن علي بن رئاب ، مولى جرم بطن من قضاعة ـ وقيل : مولى بني سعد بن بكر طحان ، كوفي من أصحاب أبي عبد الله عليه‌السلام وأبي الحسن عليه‌السلام.

أنظر : رجال النجاشي : ٢٥٠ ، الذريعة ٢٥ / ١٠٩

١٤٦٦ ـ كتاب الوصية والرد على

لهشام بن الحكم الكندي الكوفي ، المتوفى سنة ١٩٩ ه.

أنظر : رجال النجاشي : ٤٣٣ ، معالم العلماء : ١٢٨ ، الفهرست ـ للشيخ الطوسي ـ : ١٧٥ ، كشف الحجب والأستار : ٤٦٣ ، الذريعة ١ / ١١١ و ٢٥ / ١١٠.

١٤٦٧ ـ الولاء والبراءة.

للشيخ محمد مهدي الآصفي.

الحوار الفكري والسياسي ، س ٥ ، ع ٣٢ (١ / ١٤٠٦ ه) ، ص ١١٠ ـ ١٥٠ وع ٣٣


(١٤٠٦ ه) ، ص ١١٣ ـ ١٦٢.

١٤٦٨ ـ الولاء والولاية.

للشهيد الشيخ مرتضى مطهري.

ترجمة : جعفر صادق الخليلي.

طهران : مؤسسة البعثة ١٣٦٦ ش = ١٩٨٧ م ، ط ١ ، ٨٤ ص ، ٢١ سم.

١٤٦٩ ـ ولاءها وولايتها.

بالفارسية.

للشهيد الشيخ مرتضى المطهري.

قم المقدسة : جماعة المدرسين في الحوزة العلمية ١٤٠٣ ه ، ٦٤ ص ، ٢١ سم.

قم : دفتر انتشارات إسلامي ، ١٣٦٣ ش / ١٩٨٤ م ، ط ٥ ، ٦٤ ، ٢٤ سم.

طهران : صدرا ، ط ٥ ، ١٣٦٩ ش ، ٩٧ ص.

١٤٧٠ ـ ولايت.

للسيد الشهيد عبد الحسين دستغيب.

تنظيم وتصحيح وتقديم : محمد هاشم دستغيب.

طبع في شيراز ، كانون تربيت ، ١٣٦٢ ش ٣٦٧ ص.

١٤٧١ ـ ولايت ، آياتي جند دربارهء علي بن أبي طالب عليه‌السلام.

بالفارسية.

لعبد المنتظر مقدسيان.

طهران : ١٣٥٢ ش ، ٢٣٣ ص ، ٢١ سم.

١٤٧٢ ـ ولايت الأئمة.

بالفارسية.

للشيخ عبد الله بن محمد بهبهاني.

شيراز : مطبعة محمدي ، ١٣٢٨ ه ، ٣١٧ ص.

١٤٧٣ ـ ولايت أز ديدكاه قرآن.

بالفارسية.

لعبد الرسول الأحقاقي الأسكوئي.

طبع في تبريز : ١٣٥٢ ش ، ٤٣٠ ص ، ٢٤ سم.

تبريز : مكتب شيعيان ، ١٣٥٣ ش ، ٢٧٢.

١٤٧٤ ـ ولايت أز ديدكاه مرجعيت شيعة.

بالفارسية.

طهران : أمير ، ١٩٧٦ م ، ١٧٦ ص.


١٤٧٥ ـ ولايت أز ديدكاه وحي.

بالفارسية.

لمحمد حسين علوي.

طهران : انجمن إسلامي جوانان ، ١٣٥٠ ش ، ١٤ ص.

١٤٧٦ ـ ولايت تكويني.

بالفارسية.

لهمايون همتي.

طهران : أمير كبير ، ١٣٦٣ ش / ١٩٨٤ م ، ١١١ ص ، ٢٤ سم.

١٤٧٧ ـ ولايت تكويني وتشريعي ولي معصوم.

بالفارسية.

للشيخ بني هاشمي.

بحث مقدم في المؤتمر العالمي الثالث للإمام الرضا عليه‌السلام (٣ / ١٤١٠ ه).

١٤٧٨ ـ ولايت تكويني وولايت تشريعي.

بالفارسية.

للشيخ لطف الله الصافي الكلبايكاني.

طهران : مؤسسة البعثة ، ١٣٦٠ ش ، ١٢٠ ص ، (مؤسسة الإمام المهدي عليه السلام ، ١٦).

١٤٧٩ ـ ولايت در قرآن.

حول الولاية في القرآن.

فارسي.

للشيخ عبد الله الجوادي الآملي.

طهران : رجاء ، مركز نشر فرهنكي ، ط ١ ، ٣٦٧ ١ ش ، ٣٢٠ ص ، القطع المتوسط.

طهران : مركز نشر فرهنكي رجاء ، ط ٣ ، ١٣٦٩ ش ، ٣٢٠ ص.

١٤٨٠ ـ ولايت علي عليه‌السلام.

بالأردو.

للسيد نجم الحسن صاحب قبله مرحوم فيض آبادي.

ماهنامةء الجواد (بنارس) مج ٤١ ، ع ١١ (ربيع الآخر ١٤١٠ ه) ص ٢٤ ـ ٣٠.

١٤٨١ ـ ولايتنامه.

فارسي.

لملا سلطان محمد بن حيدر كنابادي ، المعروف بسلطان علي.

نسخة في مكتبة السيد المرعشي بقم ، رقم ٦٤٢٥ ، في ١٦٧ ورقة ، تاريخها ١٣١٩ ه.

أنظر : فهرسها ١٧ / ٣٥ ـ ٣٦.


١٤٨٢ ـ ولايتي هاي بي ولايت : انجمن حجتيه.

بالفارسية.

لمحمد رضا أخكري.

طهران : ط ١ ، ١٣٦٨ ش ، ١٣٦ ص ، ٢١ سم.

١٤٨٣ ـ كتاب الولاية.

لأبي سعيد الركاب.

تقدم بعنوان : الدراية في حديث الولاية.

١٤٨٤ ـ الولاية التشريعية والتكوينية.

للسيد أحمد الفهري.

بحث مقدم في المؤتمر العالمي الثاني للإمام الرضا عليه‌السلام (مشهد ١١ / ١٤٠٥ هجرية).

١٤٨٥ ـ ولايت في عليه‌السلام أز كتب عامة.

بالفارسية.

لمهدي ملك صادقي.

قم : ١٣٢٦ ش ، ٦٤ ص ، ٢١ سم.

أنظر : الذريعة ٢٥ / ١٤٣.

١٤٨٦ ـ ولايت نامه

بالفارسية.

لسلطان محمد سلطان علي شاه كنابادي.

طهران : كتابخانه حسينيه أمير سليماني ، ١٣٦٥ ش / ١٩٨٦ م ، ط ٣ ، ٣٥٦ ص ، ٢٤ سم.

١٤٨٧ ـ ولايت وزعامت ، ورهبري.

فارسي.

للسيد محمد حسين الطباطبائي.

مشهد : سبيده ، ١٣٤٤ ش ، ٥٦ ص.

قم : إمام صادق عليه‌السلام ، ١٣٦٠ ش ، ٤٨ ص.

١٤٨٨ ـ كتاب الولاية.

لابن المديني.

أنظر : إيضاح المكنون ٢ / ٣٥٠.

١٤٨٩ ـ الولاية.

لأبي سعيد السجستاني.

أنظر : الغدير ١ / ١٧ ، ٤٣ ، ٥٢ ، ١٥٥ ، ٢١٨ ، ٣ س ٢ و ٢ / ٣٥.


١٤٩٠ ـ الولاية.

لأحمد بن حسن الآشتياني.

طهران : ١٣٨٦ ه ، ١٦ ص.

أنظر : الذريعة ٢٥ / ١٤٣.

١٤٩١ ـ كتاب الولاية.

لأبي الحسن علي بن الحسن بن محمد الطائي الجرمي ، المعروف بالطاطري (ق ٣ هجرية).

أنظر : رجال النجاشي : ٢٥٥ ، فهرست الطوسي : ٩٢ ، معالم العلماء : ٦٤ ، الغدير ١ / ١٥٦ ، الذريعة ٢٥ / ١٤٣.

١٤٩٢ ـ الولاية.

لمعاوية السجزي.

أنظر : معالم العلماء : ١٢٢.

١٤٩٣ ـ الولاية الإلهية.

لمحمد رضا القمشهي ، المتوفى سنة ١٣٠٦ ه.

أنظر : الذريعة ٢٥ / ١٤٣.

١٤٩٤ ـ ولاية أهل البيت.

للشيخ عبد اللطيف بري.

بيروت : دار التعارف.

١٤٩٥ ـ ولاية علي بن أبي طالب حصني فمن دخل حصني أمن من عذابي.

لحسين عماد زاده أصفهاني.

طهران : مكتب قرآن ، ١٩٧٧ م ، ط ٢ ، ٢٨٣ ص.

١٤٩٦ ـ كتاب الولاية.

في جمع طرق حديث (من كنت مولاه فعلي مولاه).

روى فيه نيفا وسبعين طريقا

لأبي جعفر محمد بن جرير بن يزيد الطبري ، صاحب التاريخ والتفسير (٢٢٤ ـ ٣١٠ س).

أنظر : تذكرة الحفاظ ٣ / ٧١٣ ، تاريخ ابن كثير ١١ / ١٤٦ ، تهذيب التهذيب ٧/ ٣٣٩ ، رجال النجاشي : ٣٢٢ وأسماه النجاشي : ذكر طرق خبر يوم الغدير ، معالم العلماء : ١٠٦ ، الفهرست ـ للطوسي ـ : ١٥٠ ، الغدير ١ / ٤١ و ٥٧ و ١٠٠ و ١٥٢، الذريعة ١٦ / ٢٧ ، ريحانة الأدب ٤ / ٤٣، أهل البيت عليهم‌السلام، في المكتبة العربية (القسم المخطوط).

١٤٩٧ ـ كتاب الولاية.

في طرق حديث الغدير.


لمحمد بن جرير الطبري.

تقدم بعنوان : كتاب الولاية في جمع طرق حديث «من كنت مولاه فعلي مولاه».

١٤٩٨ ـ الولاية في القرآن والسنة.

لمحمد حسنين السابقي (١٩٤٥ م ـ).

أنظر : تذكرة علماء إمامية باكستان : ٣١٦.

١٤٩٩ ـ الولاية الكبرى.

مشيخة نظير «مواقع النجوم» مع بعض الزيادات ، وذكر طرق حديث الغدير من الفريقين.

للسيد مهدي بن علي الغريفي البحراني (١٢٩٩ ـ ١٣٤٣ ه).

أنظر : الذريعة ٥١ / ١٦٣ و ٢٥ / ١٤٣ ـ ١٤٤، الغدير ١ / ١٥٨.

١٥٠٠ ـ ولايت مطلقه.

في معنى وأقسام الولاية، واختصاصها بأمير المؤمنين والأئمة عليهم‌السلام.

بالفارسية.

لأسد الله بن محمد إبراهيم القزويني.

ألفه سنة ١٢٦٢ ه.

نسخة في مكتبة السيد المرعشي بقم ، مجموعة ٣٣٧٧ ، من ٦٩ ب ـ ٧٥ ب.

أنظر : تراجم الرجال : ٢٦ ، فهرس المرعشي ١٥٥ / ٩.

١٥٠١ ـ الولاية ، وأن الصلاة لا تقبل إلا بها.

للشهيد الثاني ، المستشهد سنة ٩٦٥ ه.

تقدم بعنوان : رسالة في أن الصلاة لا تقبل إلا بالولاية.

١٥٠٢ ـ الولاية والقضاء.

في شرائطهما وأحكامها.

علي نقي الكمره إي.

نسخة عند الشيخ حسن الكمره إي.

أنظر : الذريعة ٢٥ / ١٤٥.

١٥٠٣ ـ ولاية ولي المعصوم عليه‌السلام.

للشيخ محمد مؤمن.

بحث مقدم في المؤتمر العالمي الثاني للإمام الرضا عليه‌السلام (مشهد ١١ / ١٤٠٥ هجرية).

١٥٠٤ ـ كتاب الولاية ومن روى غدير خم.

لأحمد بن محمد بن سعيد بن عبد الرحمن ابن زياد بن عبد الله ، المعروف بابن عقدة (٢٤٩ ـ ٣٣٣ ه).


رواه بمائة وخمس طرق.

أنظر : رجال النجاشي : ٩٤ ، معالم العلماء : ١٧ حيث ذكره باسم : كتاب من روى غدير خم ، الفهرست ـ للشيخ الطوسي ـ : ٢٨ حيث ذكره بعنوان : كتاب الولاية ومن روى يوم غدير خم ، الغدير ١ / ٢٩ و ٤٤ و ٥٣ و ٢٧٣ ، الذريعة ٦ / ٣٨٧ و ٢٥ / ١٤٢ ـ ١٤٣ ، إيضاح المكنون ٢ / ٣٥٠، الرسالة المستطرفة : ٨٤ وذكره بعنوان: طرق حديث «من كنت مولاه».

١٥٠٥ ـ الولي.

بالأردو.

طبع بالهند.

أنظر : الذريعة ٢٥ / ١٤٦.

١٥٠٦ ـ الولي والولاية.

حول معنى الولي والولاية.

للشيخ محمد رضا الجعفري.

بحث مقدم ذكره في المهرجان العالمي للإمام علي عليه‌السلام ، لندن ١٢ / ١٤١٠ هجرية.

١٥٠٧ ـ يا علي بر حق.

في إثبات وصايته وإمامته.

بالأردو.

طبع بالهند.

أنظر : الذريعة ٢٥ / ٢٧٠.

١٥٠٨ ـ اليقين باختصاص مولانا علي بإمرة المؤمنين.

للسيد رضي الدين أبي القاسم علي بن موسى بن طاووس الحسني الحلي (٥٨٩ ـ ٦٦٤ ه).

طبع في النجف الأشرف : المطبعة الحيدرية ، ط ١ ، ١٣٦٩ ه ، ١٢٤ ص.

٢١ سم (تقديم : السيد محمد مهدي الخرسان الموسوي).

قم : ط ٢ ، أفسيت.

بيروت : مؤسسة الثقلين لإحياء التراث الإسلامي ، ١٤١٠ س ـ ١٩٨٩ م ، ٥٢٥ ص ، ٢٤ سم (تحقيق : محمد باقر الأنصاري ، ومحمد صادق الأنصاري) (معه كتاب : التحصين لأسرار ما زاد من أخبار اليقين ، للمؤلف).

أنظر : كشف الحجب والأستار : ٦٠٦ ، الذريعة ٣ / ٣٩٨ و ١٨ / ٦٩ و ٢٥ / ٢٧٩ ـ ٢٨٢ ، الغدير ١ / ٤٠٦ و ٤ / ٦٢ و ٦٣ و ٤٠٥ و ٥ / ٥ و ٧.

١٥٠٩ ـ اليقين.

في الإمامة.


للعلامة الحلي.

تقدم بعنوان : كشف اليقين في الإمامة.

١٥١٠ ـ اليقين في إمامة أمير المؤمنين.

للسيد ابن طاووس.

تقدم بعنوان : اليقين باختصاص مولانا علي بإمرة المؤمنين.

١٥١١ ـ ينابيع الولاية.

في تحديد معنى الولاية في الشريعة وأقسامها.

للسيد أبي طالب بن أبي تراب ، المتوفى سنة ١٢٩٣ ه.

نسخة في مكتبة السيد المرعشي بقم ، رقم ٥٢٤١ ، في ١٥٥ ورقة ، تاريخها سنة ١٢٨٤ هجرية.

ونسخة أخرى فيها برقم ٥٤٤٧ ، في ٦٤ ورقة.

أنظر : فهرس مخطوطات مكتبة السيد المرعشي ١٤/ ٣٦ ـ ٣٧ و ٢٣١.

١٥١٢ ـ اليواقيت في الرد على الطواغيت.

في الإمامة.

للشيخ محمد جواد بن الشيخ موسى بن الشيخ حسين آل محفوظ العاملي (١٢٨١ ـ ١٣٥٧ ه).

أنظر : معارف الرجال ٢ / ٢٢٤.

١٥١٣ ـ اليوم.

في تفسير قوله تعالى : (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا) ، وبيان نزولها في يوم بالفارسية. الغدير.

للشيخ محمد بن إبراهيم الأصفهاني الحائري النجفي ، المولود بها سنة ١٣٠٤ هجرية.

فرغ منه سنة ١٣٦٤ ه.

أنظر : الذريعة ٢٥ / ٣٠٢.

١٥١٤ ـ يوم الدار.

للسيد الدكتور طالب الرفاعي الحسيني.

عرض فيه لبدء الدعوة الإسلامية المباركة وقيامها على كاهل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وسلم كرسول، وكاهل الإمام علي عليه السلام كمبايع له قبل البلوغ، وكمكافح ومدافع عنها حين التبليغ، وراع لها بعد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

بيروت : دار الأضواء ، ١٤٠٩ ه ـ ١٩٨٩ م ، ٢٨٥ ص ، ٢٤ سم.


١٥١٥ ـ يوم الغدير.

مجلة الهادي ، قم ، س ٥ : ع ٢ ، ص ٦٣ ـ ٦٦.

١٥١٦ ـ يوم الغدير.

قصيدة.

لأحمد بن محمد الشامي.

الموسم ، مج ٢ : ع ٧ (١٩٩٠ م ـ ١٤١١ هجرية) ص ٨٨١ ـ ٨٨٣.

١٥١٧ ـ كتاب يوم الغدير.

لأبي عبد الله الحسين بن عبيد الله بن إبراهيم الغضائري ، أستاذ الشيخ الطوسي ، المتوفى سنة ٤١١ ه.

أنظر : رجال النجاشي : ٦٩ ، كشف الحجب والأستار : ٤٦٤ ، الذريعة ٢٥ / ٣٠٣ ، الغدير ١/ ١٥٥.

١٥١٨ ـ يوم الغدير.

للشيخ محمد حسن القبيسي العاملي.

بيروت : ط ٤ ، ١٤٠٢ ه ـ ١٩٨٢ م ، ٩٦ ص ، ٢٤ سم (الحلقات الذهبية ، ٦).

١٥١٩ ـ يوم الغدير

لمهدي علي خان عظيم آبادي.

طبع في : كلكته : ١٣٠٢ ه.

١٥٢٠ ـ يوم الغدير في حق الأمير.

للشيخ محمد بن عبد الله ، أبي عزيز الخطي.

النجف الأشرف : ١٣٧٢ ه ، ٤٤ ص ، القطع المتوسط.

للبحث صلة.


الاسم في اللغة والاصطلاح النحوي

السيد علي حسن مطر

* الاسم لغة.

أولا : معنى الاسم ولغاته

الاسم في الأصل هو العلامة توضع على الشئ يعرف بها (١). وقد ذكر الجوهري أن في الاسم أربع لغات : اسم واسم بكسر الهمزة وضمها ، وسم وسم بكسر السين وضمها (٢).

وقال ابن يعيش : «وقد ذكر فيه لغة خامسة ، قالوا : (سمى) بزنة هدى وعلى ،. وأنشدوا : (والله أسماك سما مباركا) ، ولا حجة في ذلك ، لاحتمال أن يكون على لغة من قال (سم) ونصبه لأنه مفعول ثان» (٣).

وقد أيده ابن هشام في هذا الاحتمال ، لكنه صحح هذه اللغة بدليل آخر هو ما حكاه صاحب الافصاح من قول بعضهم : ما سماك (٤).

__________________

(١) لسان العرب ـ لابن منظور ـ ، وتهذيب اللغة ـ للأزهري ـ مادة (سما) ، والإنصاف في مسائل الخلاف ـ لأبي البركات ابن الأنباري ـ ١ / ٦.

(٢) صحاح اللغة ، مادة (سما).

(٣) شرح المفصل ١ / ٢٤.

(٤) أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك ١ / ٢٥.


وقال الأشموني : إن في الاسم «عشر لغات منقولة عن العرب : اسم وسم وسما مثلثة ، والعاشرة سماة. وقد جمعتها في قولي :

لغات الاسم قد حواها الحصر

في بيت شعر وهو هذا الشعر

اسم وحذف همزه والقصر

مثلثات مع سماة عشر " (٥)

وقد أنهيت لغات الاسم إلى «ثمان عشرة لغة ، جمعها العلامة الدنوشري في بيت واحد من الطويل ، فقال :

سماء وسم واسم سماة كذا سما

وزد سمة واثلث أوائل كلها " (٦)

ثانيا ـ اشتقاق الاسم.

ثمة خلاف مشهور بين نحاة البصرة والكوفة بشأن تحديد أصل اشتقاق الاسم ، فقد ذهب الكوفيون إلى أنه مشتق من (الوسم) وهو العلامة ، وذهب البصريون إلى أنه مشتق من (السمو) وهو العلو (٧).

فأصل الاسم على رأي الكوفيين (وسم) حذفت فاؤه التي هي الواو ، وعوض عنها بالهمزة (٨) ، وإنما سمي اسما ، لأنه سمة توضع على الشئ يعرف بها (٩).

وأصله على رأي البصريين (سمو) على وزن (حمل) أو (سمو) على وزن (قفل) ، ثم حذفت لامه التي هي الواو ، وعوض عنها الهمزة في أوله (١٠). " وإنما

__________________

(٥) حاشية الصبان على شرح الأشموني ١ / ٢٣.

(٦) أوضح المسالك ١ / ٢٦ (حاشية المحقق محمد محيي الدين عبد الحميد).

(٧) الصاحبي في فقه اللغة ـ لابن فارس ـ : ٨٨ ، الأمالي الشجرية ـ لأبي السعادات ابن الشجري ـ ٢ / ٦٦ ـ ٦٧ ، شرح المفصل ـ لابن يعيش ـ ١ / ٢٣ ، الإنصاف في مسائل الخلاف ١ ـ ٦

(٨) المصباح المنير ـ للفيومي ـ مادة (سما) ، الإنصاف ـ لابن الأنباري ـ ١ / ٦.

(٩) الإنصاف ـ لابن الأنباري ـ ١ / ٦.

(١٠) المرتجل ـ لابن الخشاب ـ : ٦ ، الإنصاف ـ لابن الأنباري ـ ١ / ٧ ـ ٨.


لقب هذا النوع اسما ، لأنه سما بمسماه فرفعه وكشف معناه» (١١) ، أو لأنه «سما على مسماه وعلا على ما تحته من معناه» (١٢).

وهناك توجيهان آخران للتسمية على مذهب البصريين :

أولهما : أنه إنما سمي اسما ، لأنه سما على الفعل والحرف ، «لكونه يخبر به ويخبر عنه ، والفعل يخبر به ولا يخبر عنه ، والحرف لا يخبر به ولا يخبر عنه» (١٣)

والثاني : «لأنه علا بقوته على قسمي الكلام : الحرف والفعل. والاسم أقوى منهما الإجماع ، لأنه الأصل» (١٤).

ومرد التعجب من هذين التوجيهين إلى أن القائل بهما يعتمد على ما استحدثه النحاة من تقسيم الكلمة اصطلاحا إلى اسم وفعل وحرف ، غفلة عن تأخر هذه القسمة زمانا عن وضع الاسم لمعناه لغة ، إضافة إلى عدم الالتفات إلى أن الاسم بمعناه اللغوي شامل لأقسام الكلمة الثلاثة ، «فإن كلا منها علامة على معناه» (١٥).

وقد لاحظ العلماء في مقام الموازنة بين الرأيين ، أن «ما ذهب إليه الكوفيون وإن كان صحيحا من جهة المعنى ، إلا أنه فاسد من جهة التصريف» (١٦).

ويمكن إجمال الدليل الذي سيق لتصحيح رأي البصريين بما يلي :

أنه لو صح رأي الكوفيين لوجب أن يقال في تصغير الاسم : وسيم ، وفي جمعه : أوسام ، وفي اشتقاق الفعل منه : وسمت. وكل ذلك غير جائز ولم يقل به

__________________

(١١) شرح المقدمة المحسبة ـ لابن بابشاذ ـ ١ / ٩٦ ـ ٩٧.

(١٢) الإنصاف ـ لابن الأنباري ـ ١ / ٧.

(١٣) مسائل خلافية في النحو ـ لأبي البقاء العكبري ـ : ٦٤ ، الإنصاف ـ لابن الأنباري ـ ١ / ٧.

(١٤) تفسير القرطبي ١ / ١٠١.

(١٥) شرح شذور الذهب ـ لابن هشام الأنصاري ـ : ١٤.

(١٦) المرتجل ـ لابن الخشاب ـ : ٦ ، الإنصاف ـ لابن الأنباري ـ ١ / ٨ ، شرح المفصل ـ لابن يعيش ـ ١ / ٢٣ ، الأمالي الشجرية ٢ / ٦٧.


أحد. بل قالوا في تصغيره : سمي ، وفي جمعه : أسام ، وفي اشتقاق الفعل منه : سميت. وهذا كله مناسب لاشتقاق الاسم من السمو لا من الوسم (١٧).

ويبدو أن أبا إسحاق الزجاج (ت ـ ٣١١ ه) هو أول من ذكر اشتقاق الاسم من السمو ، واستدل عليه بدليلي الجمع والتصغير (١٨) ، وأما الاستدلال باشتقاق الفعل منه ، فقد أورده أول مرة ابن الخشاب (ت ـ ٥٦٧ ه) (١٩).

وهناك دليل آخر على صحة مذهب البصريين طرحه ابن الخشاب أيضا ، وجعله ابن الأنباري أول المؤيدات لمذهب البصريين ، وخلاصته :

إن القاعدة كون التعويض في غير محل الحذف. فالأصل في ما حذف أوله أن يعوض في آخره ، وفي ما حذف آخره أن يعوض في أولة. فالهمزة في أول (ابن) عوض عن الواو المحذوفة من آخره ، وأصله (بنو) ، والتاء في آخر (عدة) عوض عن الواو المحذوفة من أوله ، وأصله (وعد). ولما كانت الهمزة في أول (اسم) للتعويض ، دل ذلك على أن المحذوف آخره. وهذا يثبت كونه مشتقا من (سمو لا من (وسم) (٢٠).

وقد أشكل على هذا الدليل بعدم اطراد القاعدة المذكورة. قال أبو حيان : إن التعويض قد يكون في موضع المعوض عنه (٢١). وقال ابن جني : لا يلزم في

__________________

(١٧) المرتجل : ٦ ، الصاحبي : ٨٨ ، شرح المفصل ١ / ٢٣ ، شرح المقدمة المحسبة ١ / ٩٧ ، الإنصاف ١ / ١٠ ـ ١٤ ، المصباح المنير مادة ـ (سما).

(١٨) تهذيب اللغة ـ للأزهري ـ مادة (سما) ، الصاحبي ـ لابن فارس ـ : ٨٨ ـ ٨٩.

ويلاحظ فيه قول ابن فارس : «قال أبو إسحاق : وما قلناه في اشتقاق (اسم) ومعناه قول لا نعلم أحدا قبلنا فسره به. قلت : وأبو إسحاق ثقة ، غير أني سعت أبا الحسين أحمد بن علي الأحول يقول : سمعت الحسين بن عبد الله بن سفيان النحوي الخزاز يقول : سمعت أبا العباس محمد بن يزيد المبرد يقول : الاسم مشتق من سما إذا علا».

(١٩) المرتجل : ٦.

(٢٠) مسائل خلافية ـ للعكبري ـ : ٦١ ـ ٦٢ ، المرتجل : ٧ ، الإنصاف ١ / ٨ ـ ١٠ ، المخصص ـ لابن سيده ـ ١٧ / ١٣٤.

(٢١) الأشباه والنظائر ـ لجلال الدين السيوطي ـ ١ / ١٢٠.


المعوض أن يكون في موضع المعوض عنه (٢٢).

وقد حاول محقق كتاب «الإنصاف في مسائل الخلاف» أن يثبت خطأ هذا الدليل بإيراد أمثلة من واقع اللغة ، فاستدل ب (ثبة) و (كرة) قائلا : إن التاء هنا عوض عن لام الكلمة المحذوفة ، لأن الأصل (ثبو) و (كرو) ، فالعوض واقع موضع المعوض عنه (٢٣).

ولكن تعقبه محقق كتاب «مسائل خلافية» قائلا : (هذا وهم منه ، لأن الهاء علامة التأنيث ، فثبة أصلها (ثبوة) وكرة أصلها (كروة). وقد نص ابن الشجري على ذلك ، وذهب إلى أن حذف الواو هنا لم يعوض بشئ. وإنما يتم رد القاعدة بأمثال (أخت وبنت) ، لأن التاء فيهما واقعة موقع الواو المحذوفة التي هي لام الكلمة» (٢٤).

وأود الإشارة هنا إلى أن الهدف من محاولة الإخلال بالقاعدة المتقدمة إذا كان هو رد قول البصريين : أن وقوع الهمزة في بداية (الاسم) دليل كونها عوضا عن حذف آخر الكلمة ، فإن الأمثلة المذكورة لا تحقق هذا الهدف ، لأن غاية ما تثبته هو إمكان عوض المحذوف من آخر واقعا في آخرها أيضا ، وأما إمكان وقوع عوض المحذوف من أول الكلمة في أولها فإنها لا تثبته ، فلا يتطرق الاحتمال لدليل البصريين لكي يبطل الاستدلال به.

فالصحيح أن يستدل بنحو (تراث) و (تجاه) لأن الأصل فيهما (وراث) و (وجاه). قال ابن عصفور : وأبدلت التاء من الواو «على غير قياس في تجاه ، لأنه من الوجه ، وتراث ، لأنه من ورث» (٢٥). ـ

__________________

(٢٢) الخصائص ـ لابن جني ـ ١ / ٥

(٢٣) حاشية الإنصاف ١ / ٩ ـ ١٠ ، بتحقيق محمد محي الدين عبد الحميد.

(٢٤) حاشية «مسائل خلافية» : ٦٢ ، بتحقيق محمد خير الحلواني.

(٢٥) المقرب ، ٢ / ١٧٤.

وينظر أيضا : الممتع في التصريف ـ لابن عصفور ـ ١ / ٣٨٣ ، والأمالي الشجرية ٢ / ٥٧ ، وشرح الشافية ـ للرضي ـ ١ / ٢١٥ ـ ٢١٦ و ٢ / ٢١٩ ـ ٢٢٠.


هذا ، ولكن الحق أن سقوط القاعدة المذكورة لا ينفع في إثبات المطلوب من كون الهمزة عوضا عن الواو في أول الاسم ، وذلك لخصوصية في المورد ، وهي : إن الهمزة لم تعهد داخلة على ما حذف أوله (٢٦). قال ابن الشجري : «إنك لا تجد في العربية اسما حذفت فاؤه وعوض همزة الوصل ، وإنما عوضوا من حذف الفاء تاء التأنيث في عدة وزنة وثقة ونظائرهن» (٢٧).

* * *

الاسم اصطلاحا.

استعمل النحاة (الاسم) بمعنيين اصطلاحيين : أولهما ما يقابل الفعل والحرف ، والثاني ما يقابل الكنية واللقب.

أما استعمال (الاسم) بالمصطلح الأول فهو قديم قدم النحو ، ومرد ذلك إلى أن تقسيم الكلمة إلى اسم وفعل وحرف هو حجر الأساس في البحث النحوي ، وعليه تتفرع مسائله. وأن مراجعة ما أثبته سيبويه في كتابه عمن تقدمه تظهر بوضوح أن استعمال أقسام الكلمة في معانيها الاصطلاحية كان أمرا مستقرا لدى النحاة قبله ، وأن اهتمامهم كان منصبا على تنويع تلك الأقسام وبيان أحكامها. بل إن كثيرا من المصادر العربية القديمة تنسب تقسيم الكلمة إلى اسم وفعل وحرف إلى الإمام علي عليه‌السلام وأنه عهد إلى أبي الأسود الدؤلي أن ينحو نحوه ويعمل على إتمامه (٢٨).

__________________

(٢٦) الإنصاف ١ / ٩ ، مجمع البيان ـ للطبرسي ـ ١ / ١٩.

(٢٧) الأمالي الشجرية ٢ / ٦٧.

(٢٨) وفيات الأعيان ـ لابن خلكان ـ ٢ / ٥٣٥ ، معجم الأدباء ـ لياقوت الحموي ـ ١٤ / ٤٩ ، إنباه الرواة ـ للقفطي ـ ١ / ٤ ، الأغاني ـ للأصفهاني ـ ١٢ / ٣٠٢ ، طبقات النحويين واللغويين ـ للزبيدي ـ ٤ / ٢١ ، نزهة الألباء ـ لابن الأنباري ـ : ٨.


وقد مر تعريف الاسم بهذا المصطلح بثلاث مراحل :

المرحلة الأولى : التعريف بالمثال.

قال سيبويه (ت ـ ١٨٠ ه) : «الاسم : رجل وفرس وحائط» (٢٩).

وعلل النحاة بعده عدم تعريفه الاسم بالحد ، بأنه «ترك تحديده ظنا منه أنه غير مشكل» (٣٠) ، أو بأن الاسم لا حد له فاكتفى فيه بالمثال (٣١) ، أو لأنه «عول على أنه إذا كان الفعل محدودا والحرف محصورا معدودا ، فما فارقهما فهو اسم» (٣٢) ، أو لأنه «لما حد الفعل والحرف تميز عنده الاسم» (٣٣).

ويلاحظ على التعليل الأخير أن سيبويه لم يحد الحرف ، بل عرفه بشكل يجعل تمييزه متوقفا على معرفة حد كل من الاسم والفعل ، إذ قال : الحرف «ما جاء لمعنى وليس باسم ولا فعل» (٣٤).

ولا حاجة لمثل هذه التعليلات ، إذ أن افتقاد التعريف بالحد كان أمرا تفرضه طبيعة المرحلة التي يجتازها العلم زمن سيبويه ، فقد كان النحو في بداياته ، وكان هم العلماء جمع المادة اللغوية لحفظها وتفهمها ، ولم تكن الدراسة آنذاك قد بلغت المستوى الذي يؤهلها لتثبيت المعاني الاصطلاحية بشكل حدود دقيقة.

المرحلة الثانية : التعريف بذكر علامة الاسم أو صفته.

والملاحظ أن الأسماء لا تشترك كلها في جميع العلامات ، ولأجل ذلك نجد

__________________

(٢٩) الكتاب ـ لسيبويه ـ ١ / ١٢ ، الايضاح في علل النحو ـ للزجاجي ـ : ٤٩ ، الصاحبي ـ لابن فارس ـ : ٨٢.

(٣٠) الايضاح ـ للزجاجي ـ : ٤٩.

(٣١) أسرار العربية ـ لأبي البركات ابن الأنباري ـ : ٥

(٣٢) الأمالي الشجرية ١ / ٢٩٣.

(٣٣) شرح المفصل ١ / ٢٢.

(٣٤) الكتاب ـ لسيبويه ـ ١ / ١٢.


التعريف بالعلامة مطردا غير منعكس ، بمعنى أن دخول حرف الجر على الكلمة ـ مثلا ـ يكون علامة على كونها اسما ، ولكن حروف الجر لا تدخل على بعض الأسماء ، ولا يعني هذا نفي أسميتها. وسنرى أن عدم انعكاس العلامة هو المنشأ الوحيد للاعتراض على التعريف بها.

وسنحاول في ما يلي الالمام بأهم التعريفات من هذا النوع ، مراعين الناحية الزمنية في ترتيبها قدر الإمكان.

وأقدم ما يواجهنا بهذا الشأن تعريفان محكيان عن سيبويه : أولهما : أن الاسم ما صلح أن يكون فاعلا. والثاني : أن الاسم هو المحدث عنه (٣٥).

وعرفه الكسائي (ت ـ ١٨٩ ه) بقوله : «الاسم ما وصف» (٣٦).

وقال ابن السراج (ت ـ ٣١٦ س) : «الاسم ما جاز الإخبار عنه» (٣٧).

وتابعه عليه كل من أبي علي الفارسي (ت ٣٧٧ ه) (٣٨) والجرجاني (ت ٤٧١) (٣٩).

وكل هذه التعريفات معارضة بالأسماء التالية :

(كيف ، عند ، حيث ، أين ، متى ، أنى ، أيا ن ، إذ ا ، إذ ، صه ، دراك ، وبقية أسماء الأفعال)؟ إذ أنها جميعا لا تصلح أن تقع فاعلا ، ولا يخبر عنها ، ولا توصف (٤٠).

وقال الفراء (ت ٢٠٧) : «الاسم ما احتمل التنوين والإضافة أو الألف

__________________

(٣٥) الصاحبي ـ لابن فارس ـ : ٨٢ ـ ٨٣.

(٣٦) الصاحبي ـ لابن فارس ـ : ٨٢ ـ ٨٣.

(٣٧) الموجز في النحو ـ لابن السراج ـ : ٢٧.

(٣٨) المقتصد في شرح الايضاح ـ للجرجاني ـ ١ / ٦٩.

(٣٩) الجمل ـ للجرجاني ـ : ٥.

(٤٠) الايضاح ـ للزجاجي ـ : ٤٩ ، الصاحبي ـ لابن فارس ـ : ٨٢ ـ ٨٣ ، المقتصد ـ للجرجاني ـ ١ / ٦٩ ـ ٧٠.


واللام ، (٤١).

وقال هشام الضرير (ت ـ ٢٠٩ ه) : «الاسم ما نودي» (٤٢).

وعرفه بتعريف ثان تابعه عليه المبرد (ت ـ ٢٨٥ ه) وهو : «ما دخل عليه حرف من حروف الخفض» (٤٣).

وعرفه الأخفش الأوسط (ت ـ ٢١٥ ه) : «إذا وجدت شيئا يحسن له الفعل والصفة .. ثم وجدته يثنى ويجمع .. ، (و) يمتنع من التصريف ، فاعلم أنه اسم» (٤٤).

ولا يسلم واحد من هذه التعريفات من المعارضة ببعض الأسماء التي قدمناها قبل قليل.

وتحسن الإشارة إلى أن الزجاجي قد اعتذر عن عدم الانعكاس في تعريف المبرد للإسم بأنه ما دخل عليه حرف من حروف الجر ، بقوله : «إن الشئ قد يكون له أصل مجتمع عليه ، ثم يخرج منه بعضه لعلة تدخل عليه ، فلا يكون ذلك ناقضا للباب ، بل يخرج منه ما خرج بعلته ، ويبقى الثاني على حاله» (٤٥). يريد بذلك أن لكل قاعدة شواذ.

ويلاحظ أن هذا الاعتذار يشمل بقية التعريفات المتقدمة أيضا ، ولا يختص بدفع الاعتراض عن تعريف المبرد وحده.

ومن التعريف بالعلامة ما اختاره ابن كيسان (ت ـ ٢٩٩ ه) عن بعض من تقدمه ، وهو : «أن الأسماء ما أبانت عن الأشخاص وتضمنت معانيها» (٤٦).

وقد عقب عليه الزجاجي بأن " من الأسماء ما لا يقع على الأشخاص ، وهي

__________________

(٤١) الصاحبي ـ لابن فارس ـ : ٨٣.

(٤٢) الصاحبي ـ لابن فارس ـ : ٨٣.

(٤٣) المقتضب ـ لمحمد بن يزيد المبرد ـ ١ / ٣ ، الصاحبي : ٨٣.

(٤٤) ا لصاحبي : ٨٣.

(٤٥) الايضاح ـ للزجاجي ـ : ٥١.

(٤٦) نفس المصدر : ٥٠.


المصادر كلها» (٤٧).

وقال الزجاجي (ت ـ ٣٣٧ ه) : الاسم «ما كان فاعلا أو مفعولا أو واقعا في حيز الفاعل أو المفعول» (٤٨) ، وقال : «إن هذا التعريف لا يخرج عنه اسم البتة .. (وهو شامل لنحو) .. كيف وأين ومتى وأنى وأيان .. لأنها داخلة في حيز المفعول به ، لأن كيف سؤال عن الحال ، والحال مفعول بها عند البصريين ، وعند الكسائي هي مضارعة للوقت ، والوقت مفعول فيه .. وأين وأخواتها ظروف ، والظروف كلها مفعول فيها» (٤٩).

ولكن يلاحظ عليه ـ رغم ذلك ـ عدم شموله لأسماء الأفعال.

المرحلة الثالثة : مرحلة التعريف بالحد.

يشترط في صحة الحد أن يكون جامعا مانعا ، أي شاملا لكافة أفراد المعروف ، مانعا من دخول غيرها من الأفراد.

ولعل أول تعريف بالحد ما ذكره المبرد (ت ـ ٢٨٥ ه) من أن الاسم «ما كان واقعا على المعنى» (٥٠).

وواضح أنه ليس مانعا من دخول الحروف والأفعال والرموز والإشارات. ولعله لأجل هذا أتبعه بقوله : «وتعتبر الأسماء بواحدة ، كل ما دخل عليه حرف من حروف الجر فهو اسم ، وإن امتنع من ذلك فليس باسم» (٥١).

وبهذه الإضافة تمكن من إخراج الحروف والأفعال ، وحصر المحدود في نطاق الألفاظ ، فأخرج بذلك الرموز والإشارات. إلا أن سد الثغرة بهذا الشكل

__________________

(٤٧) نفس المصدر : ٥٠.

(٤٨) نفس المصدر : ٤٨.

(٤٩) نفس المصدر : ٤٨ ـ ٥٠.

(٥٠) المقتضب ـ للمبرد ـ ١ / ٣ ، الايضاح ـ للزجاجي ـ : ٥١ ، شرح المفصل ـ لابن يعيش ـ ١ / ٢٢.

(٥١) الأصول في النحو ـ لابن السراج ـ ١ / ٣٨ ، الايضاح ـ للزجاجي ـ : ٥٠.


ينطوي على الاعتراف بنقص الحد ، إضافة إلى أن العلامة نفسها مبتلاة بعدم الانعكاس كما تقدم.

وحده ابن السراج (ت ـ ٣١٦ ه) بقوله : «الاسم ما دل على معنى مفرد ، وذلك المعنى يكون شخصا وغير شخص» (٥٢).

وتابعه على هذا التعريف ابن بابشاذ (ت ـ ٤٦٩ ه) (٥٣).

قال ابن السراج : أنه قيد المعنى بالمفرد ، ليفرق بين الاسم والفعل ، لأن الفعل لا يدل على معنى مفرد ، بل على معنى وزمان معين " (٥٤).

ويبدو أنه أراد بتنويع المعنى إلى شخص وغير شخص أن يدخل المصادر ضمن الأسماء ، ويتفادى الإشكال الذي تعرض له التعريف الذي اختاره ابن كيسان من أن الاسم ما أبان عن الأشخاص.

وقد عقب الزجاجي على هذا الحد بالإشارة إلى أنه مأخوذ من حد المبرد المتقدم ، وأنه ليس صحيحا ، إذ يلزم منه «أن يكون ما دل من حروف المعاني على معنى واحد اسما نحو : إن ولم وما أشبه ذلك» (٥٥).

أما الزجاج (ت ـ ٣١١ ه) فقد حد الاسم بأنه : «صوت مقطع مفهوم دال على معنى ، غير دال على زمان» (٥٦).

ويتميز هذا التعريف عما سبقه باحتوائه على جنس أقرب للمعرف وهو (الصوت) ، وقد كانت التعريفات المتقدمة تجعل الجنس (ما). وقد احترز بقوله (غير دال على زمان) من دخول الأفعال. ولكنه ليس تعريفا مانعا ، " لأنه يلزم منه أن يكون كثير من الحروف أسماء ، لأن من الحروف ما يدل على معنى دلالة غير

__________________

(٥٢) الأصول في النحو ١ / ٣٨ ، الايضاح ـ للزجاجي ـ : ٥٠.

(٥٣) شرح المقدمة المحسبة ١ / ٩٤.

(٥٤) الأصول في النحو ـ لابن السراج ـ ١ / ٣٨.

(٥٥) الايضاح ـ للزجاجي ـ : ٥٠.

(٥٦) الصاحبي ـ لابن فارس ـ : ٨٤.


مقرونة بزمان نحو إن ولكن وما أشبه ذلك» (٥٧).

وحده السيرافي (ت ـ ٣٦٨ ه) بقوله : الاسم «كلمة دلت على معنى في نفسها من غير اقتران بزمان محصل. فقوله (كلمة) جنس للإسم تشترك فيه الأضرب الثلاثة : الاسم والفعل والحرف. وقوله (تدل على معنى في نفسها) فصل احترز به من الحرف ، لأن الحرف يدل على معنى في غيره. وقوله (من غير اقتران بزمان محصل) فصل ثان جمع به المصادر إلى الأسماء ، ومنع الأفعال أن تدخل في حد الأسماء ، لأن الأحداث (المصادر) تدل على أزمنة مبهمة ، إذ لا يكون حدث إلا في زمان. ودلالة الفعل على زمان معلوم إما ماض أو غير ماض.

وقد اعترضوا على هذا الحد بمضرب الشول .. وزعموا أن مضرب الشول يدل على الضراب وزمنه .. وقد أجيب عنه بأن المضرب وضع للزمان الذي يقع فيه الضراب ، دون الضراب. فقولنا : مضرب الشول ، كقولنا : مشتى ومصيف. والضراب إنما فهم من كونه مشتقا من لفظه ، والحدود يراعى فيها الأوضاع لا ما يفهم من طريق الاشتقاق أو غيره مما هو من لوازمه» (٥٨).

وهذا الحد يمثل الصيغة النهائية لمعنى الاسم في الاصطلاح النحوي ، وهو يتضمن أول مرة الجنس القريب (الكلمة) والفصل القريب أيضا. ولكن لا بد من التنبيه إلى أن ما هو موجود في شرح السيرافي لكتاب سيبويه لا يطابق تماما هذا الحد الذي حكاه ابن يعيش عن السيرافي ، إذ الموجود في شرح الكتاب : «كل شئ دل لفظه على معنى غير مقترن بزمان محصل من مضي أو غيره فهو اسم» (٥٩).

أما الرماني (ت ـ ٣٨٤ ه) فقد حده بقوله : «الاسم كلمة تدل على معنى من غير اختصاص بزمان دلالة البيان» (٦٠). فهو يستعمل في حده الجنس

__________________

(٥٧) الايضاح ـ للزجاجي ـ : ٤٨ ، الصاحبي ـ لابن فارس ـ : ٨٤.

(٥٨) شرح المفصل ـ لابن يعيش ـ ١ / ٢٢.

(٥٩) شرح الكتاب ـ للسيرافي ـ نقلا عن حاشية الايضاح ـ للزجاجي ـ : ٤٩.

(٦٠) الحدود في النحو ـ للرماني ـ : ٣٨ (ضمن كتاب : رسائل في النحو واللغة). تحقيق مصطفى جواد


القريب ، لكنه لا يصوغه بصورة تمنع من دخول الحروف.

وحده الزمخشري (ت ـ ٥٣٨ ه) بقوله : «الاسم ما دل على معنى في نفسه دلالة مجردة عن الاقتران» (٦١).

وعقب شارح المفصل على هذا التعريف بملاحظتين :

الأولى : إن قوله (ما دل) ترجمة عن الكلمة ، ولو أنه صرح بها لكان أدل على الحقيقة ، لأنها أقرب إلى المحدود ، ولكنه وضع العام موضع الخاص.

الثانية : إنه احترز عن الفعل بقوله : (دلالة مجردة عن الزمان) ، لأن الفعل يدل على معنى مقترن بزمان ، ولكنه لم يقيد الزمان بكونه محصلا ومعينا ، مما يجعل الحد عرضة للايراد عليه بعدم شموله المصادر ، لكونها تدل على معنى وزمان مبهم (٦٢). لكنه بادر إلى دفع هذا الايراد المحتمل بقوله :

«الحق إنه لا يحتاج إلى قوله (محصل) ، لأننا نريد بالدلالة الدلالة اللفظية ، والمصادر لا تدل على الزمن من جهة اللفظ ، وإنما الزمان من لوازمها وضروراتها ، وهذه الدلالة لا اعتداد بها فلا يلزم التحرز منها ، ألا ترى أن الأفعال لا بد من وقوعها في مكان ، ولا قائل : إن الفعل دال على المكان كما يقال : إنه دال على الزمن» (٦٣).

أما ابن الشجري (ت ـ ٥٤٢ ه) فقد قال :

«أسلم حدود الاسم من الطعن قولنا : الاسم ما دل على مسمى به دلالة الوضع. وإنما قلنا : (ما دل) ولم نقل : (كلمة تدل) ، لأننا وجدنا من الأسماء ما وضع من كلمتين كمعدي كرب ، وأكثر من كلمتين كأبي عبد الرحمن. وقلنا :.

(دلالة الوضع) تحرزا مما دل دلالتين : دلالة الوضع ودلالة الاشتقاق كمضرب

__________________

ويوسف يعقوب مسكوني.

(٦١) المفصل في علم العربية ـ للزمخشري ـ : ٦.

(٦٢) شرح المفصل ـ لابن يعيش ـ ١ / ٢٣.

(٦٣) شرح المفصل ـ لابن يعيش ـ ١ / ٢٣.


الشول» (٦٤).

وتحسن الإشارة إلى أن المعنى الاصطلاحي للكلمة قد استقر ـ أخيرا ـ على أنها القول المفرد ، وصرحوا بأنهم يريدون بالمفرد ما لا يدل جزؤه على جزء معناه ، وأن أسماء الأعلام أمثال عبد الله وبعلبك وامرئ القيس وتأبط شرا ، يطلق على كل منها كلمة ، لعدم دلالة جزئها على جزء معناها (٦٥). وعليه لا يمكن التمسك بما ذكره ابن الشجري لتسويغ العدول عن أخذ (الكلمة) جنسا في تعريف الاسم.

ولا نرى داعيا لقيد (دلالة الوضع) ، إذ يمكن الاحتراز عن خروج أمثال (مضرب الشول) بما ذكره ابن يعيش من أن الحدود يراعى فيها الأوضاع لا ما يفهم من طريق الاشتقاق.

ويتلخص من كل ما تقدم أن المعنى الاصطلاحي للإسم (في مقابل الفعل والحرف) قد تحدد في النصف الثاني من القرن الرابع ، وأنه : كلمة تدل على معنى في نفسها غير مقترن بزمان معين. وهو الذي اشتهر بين النحاة بعد ذلك (٦٦) ، وإن اختلفت طرق التعبير عنه.

ففي ما يخص الجنس أخذ بعضهم (الكلمة) ، لكونها جنسا قريبا ، وأخذ بعضهم (اللفظ) ، وبعض ثالث استعمل (ما) أو (شئ) معتمدا على وضوح كون المراد به هو اللفظ أو الكلمة ، بقرينة أن البحث في مجال اللغة والكلام ، فلا

__________________

(٦٤) الأمالي الشجرية ـ لابن الشجري ـ ١ / ٢٩٣.

(٦٥) شرح المفصل ١ / ١٩ ، شرح الكافية ـ للرضي ـ ١ / ٣ ، شرح اللمحة البدرية ـ لابن هشام الأنصاري ـ ١ / ٢٠٥.

(٦٦) أنظر حد الاسم لدى بقية النحاة في المصادر التالية مرتبة حسب تسلسلها الزمني : المرتجل ـ لابن الخشاب ـ : ٧ ، التوطئة ـ للشلوبيني ـ : ١١٣ ، شرح الكافية ـ للرضي ـ ١ / ٩ ، الفصول الخمسون ـ لابن معطي ـ : ١٥١ ، شرح شذور الذهب ـ لابن هشام ـ : ١٤ ، شرح الألفية ـ لابن عقيل ـ ١ / ١٥ ، شرح اللؤلؤة ـ للسرمري ـ : مخطوط ٦ / ب ، همع الهوامع ـ للسيوطي ـ ١ / ٧.


ينصرف الذهن إلى غير ذلك من الدوال كالرموز والإشارات.

وفي ما يتعلق بالفصل ، أخذ بعضهم قيد (عدم الدلالة على زمان معين) ليضمن خروج الأفعال ودخول المصادر. واكتفى بعض بقيد عدم الدلالة على الزمان دون أن يصف الزمان بأنه معين أو محصل ، اعتمادا على أن الفعل يدل بأصل وضعه على معنى وزمان معين ، بينما المصادر لا تدل بأصل وضعها على الزمن ، بل دلالتها عليه عقلية التزامية ، وليس ذلك موجبا للاحتراز منها بتقييد الزمان بالمحصل.

* * *

وأما استعمال الاسم بالمعنى الاصطلاحي الثاني المقابل للكنية واللقب ، فقد نقله سيبويه عن أساتذته في مبحث العلم من المعارف. قال : «والألقاب والكنى بمنزلة الأسماء نحو : زيد وعمرو» (٦٧) ، ومثل للألقاب بما هو مشعر بالذم (٦٨) ، وللكنى بأبي عمرو (٦٩).

ولم يهتم سيبويه ولا من جاء بعده من النحاة بتعريف هذه الأقسام الثلاثة للعلم ، واكتفوا بالتمثيل لكل منها حتى القرن السابع الهجري ، إذ عرفها كل من رضي الدين الأسترآبادي وبدر الدين ابن الناظم المتوفيان عام ٦٨٦ ه.

أما ابن الناظم فقد عرف الكنية بما كان من الأعلام مصدرا بأب أو أم ، واللقب بما أشعر برفعة المسمى أو ضعته ، والاسم بما لم يكن كذلك (٧٠).

وأما الرضي فقد عرف الاسم بأنه العلم الذي لا يقصد به مدح ولا ذم ،

__________________

(٦٧) الكتاب ٢ / ٩٧.

(٦٨) الكتاب ٣ / ٢٩٤.

(٦٩) الكتاب ٣ / ٢٩٥.

(٧٠) شرح ابن الناظم : ٢٨.


واللقب بأنه ما يقصد به أحدهما ، والكنية بما صدر بأب أو أم أو ابن أو بنت (٧١).

وقد جنح من تأخر عنهما إلى الأخذ بطريقة ابن الناظم ، فهم يعرفون الكنية واللقب أولا ، ثم يعرفون الاسم بما لم يكن كنية ولا لقبا (٧٢).

__________________

(٧١) شرح الرضي على الكافية ٢ / ١٣٩.

(٧٢) شرح قطر الندى ـ لابن هشام ـ : ٩٨ ، ـ أوضح المسالك ـ لابن هشام ـ ١ / ٩٠ ، شرح ابن عقيل على الألفية ١ / ١١٩ ، حاشية الصبان على شرح الأشموني ١ / ١٢٧ ـ ١٢٨.


السيد شرف الموسوي

(١٣١٢ ـ ١٤٠٩ ه)

السيد هاشم محمد الشخص

تقديم :

الحلقات السابقة التي كتبت عن (التراث الأدبي المنسي في الأحساء) كانت بقلم العلامة الخطيب الشيخ جعفر الهلالي حفظه الله تعالى ، الذي أحيى بما كتبه شيئا لا بأس به من تراث الأحساء المنسي ، وكان له بذلك فضل على (هجر) يستحق عليه الشكر والتقدير ، كما تشكر أيضا مجلة «تراثنا» الغراء ومؤسسة آل البيت عليهم‌السلام لما لهما من الفضل الكبير في إحياء التراث وتجديده.

ولأسباب وظروف خاصة انقطع الشيخ الهلالي عن مواصلة موضوعه فرأيت أن أضيف لما كتب بعض الحلقات خدمة لتراث أهل البيت عليهم‌السلام ، وإحياء لبعض أعلامنا المنسيين ، وهذه حلقة جديدة ـ هي الحادية عشرة بالإضافة إلى ما سبقها ـ عن شاعر جديد من شعراء الأحساء ، أقدمها للقراء الكرام أملا أن أوفق لكتابة حلقات أخرى ، ومن الله أرجو القبول وأستمد التوفيق.

نسب الشاعر :

هو السيد شرف بن السيد عبد الله بن السيد محمد بن السيد علي آل عبد النبي الموسوي ، ينتهي نسبه إلى السيد الشريف السيد أحمد بن محمد


المدني ، المنتهي نسبه إلى السيد إبراهيم المجاب بن محمد العابد بن الإمام موسى الكاظم عليه‌السلام.

ولادته ونشأته :

ولد في قرية (التويثير) بالأحساء سنة ١٣١٢ ه ، وبها نشأ وترعرع في عائلة شريفة محترمة عرفت بالتقوى والصلاح.

ورعه وتقواه :

من سماته البارزة أنه كان شديد الورع والتقوى ، متفانيا في ذات الله ، متواضعا للصغير والكبير ، معرضا عن زينة الدنيا وزخارفها ، وقد عرفه الجميع في محيطه بإخلاصه لربه وعدم اكتراثه بنعيم الدنيا الزائل ، حتى أنه أوقف جل ما يملك في سبيل الله تعالى ، وخرج من الدنيا لا يملك دارا ولا عقارا.

خطابته :

وكان قدس‌سره خطيبا بارعا وواعظا معروفا ، خصوصا أيام شبابه ، حيث صعد المنبر الحسيني في معظم دول الخليج ، وفي البصرة ونواحيها ، وسوق الشيوخ وغيرها ، وقد خطب في الأحساء والبصرة سنين عديدة ، وكان منبره غنيا بالوعظ والتاريخ والأدب والسيرة المباركة لأهل بيت العصمة عليهم الصلاة والسلام.

وفاته :

توفي رحمه‌الله في قرية (القارة) بالأحساء ليلة الأربعاء ٥ / ٤ / ١٤٠٩ ه ، ونقل جثمانه إلى المدينة المنورة حيث دفن في البقيع بجوار أئمة أهل البيت عليهم السلام ، ولم يخلف ذرية حيث كان عقيما.


شعره :

كان شاعرا أديبا مجيد الشعر بنوعيه الفصيح والقريض ، وله ديوان يضم معظم أشعاره ، موجود عند بني أخته في الأحساء ، ويغلب على شعره رثاء أهل البيت ومديحهم صلوات الله وسلامه عليهم.

وهذه نماذج من أشعاره :

قال قدس‌سره في مدح أمير المؤمنين الإمام علي عليه‌السلام :

طاب قلبي بحيدر وولاه

هو نور الهدى وحامي حماه

قيل لي فامتدحه قلت مجيبا

أي مدح يرقى لقدس علاه

هو قبل الأفلاك نور جلي

جل من قد براه قبل سماه

هو من أحمد وأحمد منه

رتبة لا ينالها من سواه

صاغه الله واصطفاه قديما

وارتضاه عبدا له واجتباه

هو مشكاة نور قدس جلال الله

من قبل آدم سواه

أي لب يطيق وصف علي

وعلي جاز الثريا علاه

حير العقل كنهه ولكم قد

ضل قوم طريقهم حين تاهوا

هو سر الإله بل ولسان الله

في حكمه وفصل قضاه

هو كنز العلوم عين المعاني

من ومن ينتهي إلى معناه

كم له من مكارم ليس يحصيها

عدادا إلا الذي أولاه

هو نفس الرسول جاء به القر

آن نصا من الذي أوحاه

هو قد خص بالبتول ولولاه

لما خص بالبتول سواه

هو باب لحطة من أتاه

طالبا للثواب طاب رجاه

هو ميزان قسط يوم يقوم

الناس فيه لربهم بلقاه


هو والحق لا يزال قرين

الحق والحق باقيا في بقاه

أي فضل لا يرتقيه علي

وقديما كتف النبي رقاه

وبيوم الغدير كم قد أبان

المصطفى من مآثر في علاه

رافعا ضبعه وما زال حتى

قلد المسلمين فرض ولاه

أكمل الله دينه بعلي

حين تمت على الورى نعماه

يا أمير الورى وخير أمير

وقرين الهدى وسامي ذراه

أنت بدر الكمال نور جلال

الله في أرضه ونور سماه

أنت فلك النجاة مستخرج

الأموات عين الحياة بحر نداه

أنت وأخاك سيد الرسل طه

ودعاك الدخول تحت كساه

أنت ذاك الكرار في الحرب يا من

كان يوم الحروب قطب رحاه

أنت ذاك الذي بيوم تبوك

سمع المصطفى فلبى نداه

أنت جدلت بالحسام ابن ود

وعلى الأرض قد أسلت دماه

ثم خلفته على الأرض ملقى

وكفيت الإسلام شر أذاه

أنت قطب الحرب الكمي ولولاك

لها القطب ما استدار رحاه

أنت ليل المبيت فيك لقد باهى

بك الله في علو سماه

أنت شيدت ركن دين رسول

الله بالسيف فاستقام بناه

أنت ذاك البطين علما وحكما

جئت بالخارقات يا أواه

أنت ذاك الذي شفاه رسول

الله بالريق فانجلت عيناه

أنت أنت الذي قلعت رتاج

الحصن فانهار رأسه وبناه

أنت ذاك الذي يصوم نهارا

ويصلي ليلا فيعلو بكاه

يا أخا المصطفى برغم عداه

وأبا الأوصياء من أبناه


نلت فخرا وسؤددا وفخارا

يعجز الواصفون عن إملاه

يا وليد البيت الحرام ومن طاب

به البيت حين حل فناه

أنت شمس تكسو العوالم نورا

أنت بدر عم الوجود ضياه

أنت من غسل النبي ووارى

جسمه عاملا بما أوصاه

وله أيضا في رثاء الإمام الحسين عليه‌السلام :

أحامي حمى حوزة الدين قم

فقد يطلب الثار من ينتقم

إلى م وأهلوك قد قتلوا

فهذا ذبيح وهذا بسم

فقم ما انتظارك مستنهضا

فقد وتروكم شرار الأمم

فذا دمكم ضائع بينهم

وفيئكم فيهم مقتسم

أيا صاحب العصر كم ذا القعود

وقد آن للدين أن ينهدم

ولا صبر يا من يدير الوغى

وللخيل قعقعة في اللجم

أثر نقعها وانتدب غالبا

وبالنصر يخفق ذاك العلم

فيا مدرك الثار محيي الهدى

ويا ناصر الدين مجري الحكم

فديتك عرج على كربلا

فقد أثبت الكرب فيها القدم

ألم تدر فيها أصيب الحسين

بسهم أصاب الهدى فانهدم

وضرج بالدم فوق الثرى

فأية عين محب تنم

ومن حوله صحبه كالبدور

مخضبة الكف لكن بدم

بدور ولما عراها الخسوف

وحد السيوف أنارت ظلم

فإن كورت شمسها للكسوف

فقد أشرقت بسناها الأمم

فواحر قلبي لما قد جرى

ويا ندمي لو يفيد الندم


ويا ليتهم حضروا عندما

هجمن العداة لسلب الحرم

لساموا أمية خسف الردى

غداة استمالت لحرق الخيم

فلو شاهدت عينك النار في

الفساطيط ساعرة تظطرم

وشاهدت زينب بعد الحسين

تنادي وتنثر دمعا سجم

وله أيضا هذه المربعة في رثاء الإمام الحسين عليه‌السلام :

يا خليلي قفا نبكي الهدى

نسج الترب عليه بردا

بأبي أفدي حسينا بالظما

حوله نهر من العذب طما

لم يذق منه ولا جرعة ماء

بل أذاقوه العدى حتف الردى

بأبي أفديه مسلوب اللباس

عافرا جثته ظلما تداس

يا بنفسي جسدا من غير رأس

عاريا في الشمس من غير ردا

أين عنه هاشم الغر الكرام

يرفعون الجسم من فوق الرغام

ويرون الرأس كالبدر التمام

فوق رأس الرمح في أيدي العدى

عز والله على أهل الوفا

ذبح آل المرتضى والمصطفى

بعدهم قل فعلى الدنيا العفا

كيف لا تعفو وهم سحب الندى

عز والله على كل غيور

سيما من كان للإسلام سور

وبه قام رحى الحرب تدور

وبنى الدين على رغم العدى

ذاك مولاي علي المرتضى

قاسم الجنة حقا ولظى

ولسان الله في فصل القضا

من تولاه فلا يخشى الردى

هو والله الصراط المستقيم

هو نور دكدك الطور العظيم

راهبا منه لذا خر الكليم

حين لما أن رأى النور بدأ


لك يا كنز التقى الفضل المشاد

ليس يحصي عده كل العباد

غير من كنت له أنت العماد

ذك من في قاب قوسين بدا

يا علي المرتضى مولى الورى

عجبا يبقى حسين بالثرى

عاريا منجدلا منعفرا

وعليه زينب ألوت يدا

قد دهاها من عداها ما دهى

كسروا بالسوط ظلما يدها

فغدت تبكي وتدعو جدها

جدي أدركني وكن لي عمدا

لو تراها باليتامى وعلي

حين ضجوا بنداء مهول

مذ دهاهم فادح الخطب الجلي

نصبوا المأتم حول الشهدا

يا أباة الظيم يا عليا نزار

قوموا الحرب خذوا ثارا بثار

فأمي وسمتكم بالصغار

سلبت حراتكم أيدي العدى

يتراماها عنيد وطريد

حسرا لابن زياد ويزيد

موثقات بقيود من حديد

وعليها الركب ظلما غردا

حملوها فون أقتاب المطا

ولها تستعطف القوم الغطا

معها السجاد من غير وطا

ناحل الجسم عليلا مجهدا

أدخلوها الشام في ذل السبا

آه وا لهفي على آل العبا

أفهل من قائل واعجبا

كيف نال الذل أرباب الندى

عجت الشام على آل الرسول

لا ترى إلا دفوفا وطبول

من كبار وصغار وكهول

ونساء الشام يصفقن يدا

فتصارخن ربيبات الحجال

وإذا بالرأس للنسوة مال

وبدا منه شعاع لا ينال

كسف الشمس وأصمى للهدى

فغدت زينب تبكي وتصيح

وتنادى بأبيها وتبيح


يا أبي هذا أخي أمسى ذبيح

ويتاماه تقاسي الكمدا

يا علي المرتضى مولى الولاة

(شرف) عبدكم يرجو النجاة

أنتم ذخري بحشري والممات

وأبي والأم يا كنز الهدى

يا بني الوحي أيا نور الظلام

فضلكم فاق على كل الأنام

صلوات الله تغشاكم دوام

أبد الآباد تغدو سرمدا

وله أيضا يرمي العلامة الحجة السيد ناصر بن السيد هاشم الأحسائي ، المتوفى سنة ١٣٥٨ ه :

يا ناعيا كنز الرغائب

علم الهدى من آل غالب

عج في البلاد بمقلة

عبرى وقلب منك لأهب

وأصرخ وقد الجيب وأندب

في المشارق والمغارب

وأضرب جبينك باليدين

معفرا خديك ناحب

واستصرخ العلماء كي

يستقبلونك بالنوادب

فهناك قف وانع الفقيد

المستطاب وقل مخاطب

اليوم دين محمد

يبكي وليس من العجائب

علامة العلماء (ناصر)

ملة الإسلام غائب

فلتبك عين الشرع حيث

الدين منهد الجوانب

ولتبك أعيننا دما

صبا كمنهل السحائب

فلقد أصيب الدين فيه

حيث كان له مصاحب

يا نكبة في الدهر عظمى

إنها لمن المصائب

فمن المعزي (هاشما)

بسليله قمر الكواكب

فخر الأماجد من له

ألقت أعنتها النجائب


ومن المرجى بعده

للجود في يوم المساغب

من للمدارس والعلوم

وللمساجد والمحارب

من لليتامى الفاقدات

كفيلها من للغرائب

من للرعية بعد راعيها

وقد بقيت سوائب

حيرانة لم يهنها

طعم المآكل والمشارب

تبكي وطورا تشتكي

ضيق المسالك والمذاهب

وتعج تهتف يا ابن أحمد

كنت محمود الضرائب

يا راحلا عنا إلى

دار السلام بكاك واجب

يا واحدا ترك الخلائق

بين نادبة ونادب

إن يحترق قلب عليك

بنار حزنك ليس كاذب

إن تمسي تحت الترب

مدفونا فقد نلت المطالب

لا زال قبرك روضة

وعليه ماء الغيث ساكب

يا قبر في (هجر) تضمن

جسم من لله راهب

من كان يوصي بالصلاة

وبالزكاة وبالأقارب

سمح سخي لوذعي

يرتجي حسن العواقب

قد فاز بالصبر الجميل

على الشدائد والنوائب

ليس التقى جمع الكمال

وقد رقى للمجد غارب

العالم الحبر الذي

بفراقه جمع المصائب

هت مصيبته القوى

منا وأحزنت الأجانب

وأخوه يبكي والحسين (١)

وآله الغر الأطائب

__________________

(١) الحسين : هو السيد حسين بن محمد العلي آل السيد سلمان ، المتوفى ١٣٦٩ ه ، وهو ابن عمة السيد


يا ميتة في بلدة (الأحساء)

ذكرك غير ذاهب

__________________

ناصر الأحسائي المرثي بهذه القصيدة.



من ذخائر التراث





بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين ، وأفضل الصلاة والسلام على خير خلق الله محمد وآله الطيبين الطاهرين ، لا سيما إمام العصر وصاحب الزمان ، الحجة المهدي المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف.

تمهيد

من المعروف أن العلوم الشرعية نشأت من الحاجة التي حدت بالمسلمين إلى إنشائها ، ثم تكاملت وصارت لها أصولها وقواعدها وعلماؤها وكتبها الخاصة بها.

فعلوم اللغة نشأت من الحاجة إلى فهم القرآن الكريم والحديث الشريف ، وهما بلسان عربي مبين ، فتدرجت هذه العلوم في الظهور : اللغة ثم النحو ثم الصرف فالبلاغة ...

وعلوم الفقه وأصوله نشأت من الحاجة إلى معرفة الأحكام الشرعية بعد


غيبة المبين للشرع الرسول الأعظم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبعد أن اختلفت الأقوال في مسائل العبادات والمعاملات.

وهكذا قل في جميع العلوم الشرعية.

ومنها علم يسمى ب (علم الكلام) نشأ بعد تفرق المسلمين في الآراء والأهواء والمسائل الاعتقادية ، كالجبر والتفويض والاختيار والعدل والارجاء ... وغيرها.

وقد عرفوا علم الكلام بأنه (علم يقتدر معه على إثبات الحقائق الدينية بإيراد الحجج عليها ودفع الشبه عنها» (١).

وكانت مسألة الإمامة والخلافة أساس ذلك الخلاف ، فكان محور علم الكلام الأساسي منذ يوم السقيفة إلى يومنا هذا وسيبقى حتى ظهور الإمام المهدي عليه‌السلام ، هو الإمامة وما يرتبط بها ويترتب عليها.

كما اشتمل علم الكلام على بحوث عقائدية أخرى كانت نتيجة لتفرق الناس عن المعين الطيب لعلوم أهل بيت النبوة سلام الله عليهم ، فلو استقام الناس على إمامة أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب عليه‌السلام والأئمة من ولده عليهم‌السلام ، لكفينا مهمة تلك البحوث التي أخذت جهدا جهيدا من العلماء ، ولما بقي منها إلا ما يختص بالأديان والملل غير المسلمة.

وكانت غيبة الإمام الثاني عشر المهدي المنتظر عليه‌السلام ، من أهم المحاور التي دارت عليها البحوث الكلامية منذ بداية عصر الغيبة الكبرى سنة ٣٢٩ ه وحتى يومنا هذا ، فكانت تأخذ أبعادا مختلفة حسب ما تقتضيه الحاجة والظروف المحيطة خلال الفترات الزمنية المختلفة.

__________________

(١) مفتاح السعادة ومصباح السيادة ٢ / ١٣٢.


يظهر ذلك بوضوح من خلال كتاب «الغيبة» للشيخ النعماني ، المتوفى حدود سنة ٣٤٢ ه ، وكتاب «إكمال الدين وإتمام النعمة» للشيخ الصدوق ، المتوفى سنة ٣٨١ ه ، وإن كانا ـ أساسا ـ من المحدثين.

ثم كان لبروز متكلمي الإمامية كمعلم الأمة الشيخ المفيد (٣٣٦ ـ ٤١٣ ه) والشريف المرتضى (٣٥٥ ـ ٤٣٦ ه) وشيخ الطائفة الطوسي (٣٨٥ ـ ٤٦٠ ه) أثرا متميزا في بلورة علم الكلام بشكل جديد.

ونحن نقف اليوم أمام طود شامخ من أعلام الإمامية ، ألا وهو : علم الهدى أبو القاسم علي بن الحسين الموسوي ، الشريف المرتضى ، قدس‌سره.

نقف أمامه بكل تجلة وإكبار لما بذله في الذب عن العقيدة بكتبه الكلامية العديدة كالشافي ، والذخيرة ، وتنزيه الأنبياء والأئمة ، وجمل العلم والعمل ، والمقنع في الغيبة ، وغيرها كثير ...

ويكفيه فخرا أن يكون تلميذا للشيخ المفيد ، ويكفيه عزا أن يكون شيخ الطائفة الطوسي وسلار الديلمي وأبو الصلاح الحلبي والكراجكي وغيرهم من الجهابذة من المتخرجين على يديه.

وهو ـ قدس‌سره ـ أشهر من أن يعرف ، إذ لا تكاد تجد مصدرا من مصادر التاريخ والتراجم خاليا من ترجمته ، وقد كفانا أصحابها ذلك ، فتفصيلها مرهون بمظانها.

المقنع في الغيبة :

هو من خيرة وأنفس ما كتب في هذا الموضوع بالرغم من صغر حجمه ، إذ


لم يسبقه أحد إلى الكتابة بهذا النسق والأسلوب (٢) ، صنفه على طريقة (فإن قيل ... قلنا) فجاء قوي الحجة ، متين السبك ، دحض فيه شبهات المخالفين ، وأثبت غيبة الإمام المهدي عليه‌السلام وعللها وأسبابها والحكمة الإلهية التي اقتضتها.

ثم أتبع ـ رضوان الله عليه ـ الكتاب بكتاب مكمل لمطالبه ، بحث فيه عن علاقة الإمام الغائب المنتظر عليه‌السلام بأوليائه أثناء الغيبة ، وكيفية تعامل شيعته معه أثناءها ، مجيبا على كل التساؤلات خلال تلك البحوث.

ذكره النجاشي ـ المتوفى سنة ٤٥٠ ه ـ في رجاله (٣) ، وذكره له أيضا تلميذه شيخ الطائفة الطوسي في فهرسته (٤) ، وتابعه على ذلك ياقوت الحموي عند إيراده ترجمته (٥) ، ومن ثم ذكره له كل من أورد قائمة مؤلفاته المفصلة في ترجمته.

أهمية الكتاب :

تظهر أهمية الكتاب ومنزلته الرفيعة إذا علمنا أن شيخ الطائفة الطوسي ـ قدس‌سره ـ قد أورد مقاطع كبيرة ومهمة منه ـ تارة بالنص وأخرى بإيجاز واختصار ـ وضمنها كتابه «الغيبة» في «فصل في الكلام في الغيبة» تراها مبثوثة فيه ، منسوبة إليه من دون التصريح باسم «المقنع».

__________________

(٢) قال الشريف المرتضى عن كتابه هذا في أول كتاب الزيادة المكملة الملحق به : «ثم استأنفنا في (المقنع) طريقة غريبة لم نسبق إليها» أنظر ص ٢٢٠ من هذه الطبعة.

وقال أمين الإسلام الطبرسي : «قد ذكر الأجل المرتضى ـ قدس الله روحه ـ في ذلك طريقة لم يسبقه إليها أحد من أصحابنا» أنظر : إعلام الورى : ٤٦٦.

(٣) رجال النجاشي : ٢٧١.

(٤) الفهرست : ٩٩.

(٥) معجم الأدباء ١٣ / ١٤٨.


ثم كانت هذه النقول ضمن ما نقله شيخ الإسلام العلامة المجلسي ـ المتوفى سنة ١١١٠ ه ـ عن كتاب «الغيبة» للشيخ الطوسي ، وأودعه في موسوعته «بحار الأنوار» في الجزء ٥١ / ١٦٧ باب ١٢ ، في ذكر الأدلة التي ذكرها شيخ الطائفة رحمه الله على إثبات الغيبة.

فأصبح الكتاب أحد مصادر «بحار الأنوار» بالواسطة.

كما نقل أمين الإسلام الشيخ الطبرسي ـ المتوفى سنة ٥٤٨ ه ـ مقاطع مهمة من الكتاب ـ تارة بالنص وأخرى بإيجاز واختصار أيضا ـ وأودعها في كتابه «إعلام الورى بأعلام الهدى» من المسألة الأولى حتى المسألة الخامسة ، من الباب الخامس ، تحت عنوان : «في ذكر مسائل يسأل عنها أهل الخلاف في غيبة صاحب الزمان عليه‌السلام ...».

ولم يصرح أيضا باسم «المقنع» وإن صرح بنقلها عن الشريف المرتضى.

فاهتمام هؤلاء الأعلام بإيراد مقاطع مهمة أو اقتباسهم منه في مصنفاتهم ، دليل على إخباتهم بتقدم الشريف المرتضى وسبقه في هذا الميدان.

وفيما يلي ثبت يبين مقدار نقول الشيخين الطوسي والطبرسي ـ قدس‌سرهما ـ في كتابيهما من كتاب «المقنع» :


المقنع

الغيبة

١ ـ من جملة : «ثم يقال للمخالف في الغيبة ...» ص ١٩٠.

إلى نهاية جملة : «وأنه لا يفعل القبيح» ص ١٩٥.

٢ ـ من جملة : «أما سبب الغيبة» ص ٢٠٠.

إلى نهاية جملة : «غيبة إمام الزمان عليه السلام» ص ٢٠٢.

٣ ـ من جملة : «فأما التفرقة ...» ص ٢٠٢.

إلى نهاية جملة : «لولا قلة التأمل» ص ٢٠٣.

٤ ـ فقرة : «على أن هذا ينقلب ... إذا اقتضت المصلحة ذلك» ص ٢٠٤ ـ ٢٠٥.

٥ ـ من جملة : «فإن قيل : فالحدود في حال ...» ص ٢٠٦.

إلى نهاية جملة : «قيل لهم مثله ـ» ص ٢٠٧.

٦ ـ من جملة : «فإن قيل : كيف السبيل ...» ص ٢٠٧.

إلى نهاية جملة : «والاستسلام للحق» ص ٢١٦.

٧ ـ من جملة : «فإن قيل : فيجب على

نقلت باختلاف يسير واختصار في بعض المواضع من ص ٨٦ ـ ٨٨.

نقلت باختصار من ص ٩٠ ـ ٩١.

نقلت باختلاف يسير من ص ٩٢ ـ ٩٣.

نقلت باختلاف يسير في ص ٩٣.

نقلت باختلاف يسير في ص ٩٤.

نقلت باختلاف يسير من ص ٩٥ ـ ١٠٢.

نقلت باختلاف يسير من ص ١٠٢ ـ


هذا ...» ص ٢١٧.

إلى نهاية جملة : «مجراه في الكبر والعظم» ص ٢١٨.

١٠٣.

المقنع

إعلام الورى

١ ـ من جملة : «إن العقل قد دل ...» ص ١٨٢.

إلى نهاية جملة : «... لا تبقى شبهة فيها» ص ١٨٣.

٢ ـ من جملة : «فأما الكلام في علة الغيبة ...» ص ١٨٩.

إلى نهاية جملة : «فهو فضل منا» ص ١٩٠.

٣ ـ من جملة : «مجرى من سألنا ...» ص ١٩٤.

إلى نهاية جملة : «... وإن لم نعلمه مفصلا» ص ١٩٤ أيضا.

٤ ـ من جملة : «فإن قيل : أي فرق ...» ص ٢٠٣.

إلى نهاية جملة : «بعضا إلى أفعاله» ص ٢٠٤.

٥ ـ من جملة : «فإن قيل : فالحدود في حال ...» ص ٢٠٦.

إلى نهاية جملة : «... قيل لهم مثله» ص ٢٠٧.

نقلت باختلاف يسير في ص ٤٦٦.

نقلت باختلاف يسير من ص ٤٦٦ ـ ٤٦٧.

نقلت باختلاف يسير في ص ٤٦٧.

نقلت باختلاف يسير من ص ٤٦٨ ـ ٤٦٩ تحت عنوان «مسألة ثانية».

نقلت باختلاف يسير في ص ٤٦٩ تحت عنوان «مسألة ثالثة».


٦ ـ جملة : «فإن قيل : كيف السبيل» ص ٢٠٧.

إلى نهاية الجواب عنها.

٧ ـ جملة : «فإن قيل : إذا كانت العلة» ص ٢٠٩.

والجواب عنها

نقلت باختلاف يسير من ص ٤٦٩ ـ ٤٧٠ تحت عنوان «مسألة رابعة».

نقلت ملخصة من ص ٤٧٠ ـ ٤٧٢ تحت عنوان «مسألة خامسة».

سبب تأليف الكتاب وزمانه :

قال السيد الأجل المرتضى ـ قدس‌سره ـ في أول كتابه هذا : «جرى في مجلس الوزير السيد ـ أطال الله في العز الدائم بقاءه ، وكبت حساده وأعداءه ـ كلام في غيبة صاحب الزمان ... ودعاني ذلك إلى إملاء كلام وجيز فيها ...».

ثم قال ـ قدس‌سره ـ بعد قليل : «وأرى من سبق هذه الحضرة العالية ـ أدام الله أيامها ـ إلى أبكار المعاني ...».

ولهذا وذاك جاء في الذريعة ٢٢ / ١٢٣ : «... وقال شيخنا النوري : كتبه السيد المرتضى للوزير المغربي».

ثم قال الشيخ آقا بزرك الطهراني : «والوزير المغربي هو أبو الحسن علي بن الحسين بن علي بن هارون بن عبد العزيز الأراجني ، كما يظهر من النجاشي في ترجمة جده الأعلى هارون بن عبد العزيز» (٦).

ثم إن الشريف المرتضى ـ قدس‌سره ـ ألف كتابه هذا بعد كتابيه «الشافي في الإمامة» و «تنزيه الأنبياء والأئمة» حيث أحال في أوله وفي مواضع أخرى منه إليهما.

__________________

(٦) أنظر : الذريعة ٢٢ / ١٢٣ ، ورجال النجاشي : ٤٣٩ رفم ١١٨٣.


طبعات الكتاب :

لم يقدر لهذا الكتاب أن يرى النور من قبل إلا على صفحات «تراثنا» في طبعته هذه التي بين يديك عزيزي القارئ.

أما احتمال كونه مطبوعا ببغداد من قبل في «سلسلة نفائس المخطوطات» وبعد ذلك في المجموعة الثانية من «رسائل الشريف المرتضى» (٧) فمردود بأمرين :

أولهما : أن بدايات نسخ كتابنا هذا لا تتفق مع بداية الرسالة المنشورة المذكورة آنفا ، في حين أن هذه النسخ تتفق مع ما ذكره الشيخ آقا بزرك الطهراني ـ رحمه‌الله ـ حينما عرف كتاب «المقنع في الغيبة» في الذريعة ٢٢ / ١٢٣ ـ ١٢٤ مستندا في ذلك على النسخة التي رآها في خزانة الحاج علي محمد منضمة إلى نسخة «الآداب الدينية».

ثانيهما : أن الرسالة المطبوعة سابقا ـ والتي لا تتجاوز الست صفحات ـ لم تعالج من الشبهات والمسائل المتعلقة بالغيبة ما عالجه كتابنا هذا ، فقد استوفى كتابنا كل جوانب البحث بدقة شاملة وسعة أفق ، وهو ما يوحي به اسم الكتاب أيضا بخلاف تلك.

__________________

(٧) أنظر : مقدمة تحقيق كتاب «الذخيرة» للمرتضى أيضا ، ص ٥٦ تسلسل ١١٤ ، والمجموعة الثانية من رسائل الشريف المرتضى : ٢٩٣ ـ ٢٩٨.


نسخ الكتاب :

اعتمدت في تحقيق الكتاب على النسخ التالية ، مرتبة حسب أسبقية حصولي عليها :

١ ـ النسخة المحفوظة في المكتبة المركزية لجامعة طهران ، برقم ٨٢٧٢ ، مذكورة في فهرسها ١٧ / ٩٥ ، تاريخ الانتهاء من نسخها ٨ شعبان ١٠٧٠ ه ، بخط إبراهيم بن محمد الحرفوشي ، وهي ضمن مجموعة كتب الأستاذ الشيخ محمد عبده البروجردي المهداة إلى مكتبة جامعة طهران ، وهي أكمل النسخ المعتمدة ، إذ اشتملت على كامل كتاب «المقنع في الغيبة» مع تمام كتاب الزيادة المكملة للمقنع إلا الورقة الأخيرة منه ، وهي بقياس ١٥ × ٥ / ٩ سم.

ورمزت لها ب «أ».

٢ ـ النسخة المحفوظة في مكتبة مجلس الشورى الإسلامي في طهران ، ضمن المجموعة المرقمة ١٣١٧٤ ، ولا تحتوي هذه النسخة إلا على جزء من كتاب «المقنع» من أوله إلى منتصفه تقريبا ، وسقطت منها الأوراق الأخيرة ، وفي ضمن الموجود منها خروم متعددة في أثنائها ، وهي بقياس ٥ / ١٤ × ٩ سم.

ورمزت لها ب «ب».

٣ ـ النسخة المحفوظة في مكتبة مجلس الشورى الإسلامي في طهران أيضا ، وهي بأول المجموعة المرقمة ٥٣٩٢ ، مذكورة في فهرسها ١٦ / ٢٩٩ ، وقد سقط من أولها مقدار ورقة كاملة ومن آخرها ورقة واحدة أيضا ، وهي بهذا ضمت كامل كتاب «المقنع» وكتاب الزيادة المكملة له بكامله أيضا ، إلا النقص المذكور آنفا ، وهي بقياس ١٤ × ٥ / ٧ سم.

ورمزت لها ب «ج».


٤ ـ نسخة كاملة من كتاب الزيادة المكملة ، محفوظة في مكتبة آية الله المرعشي العامة في قم ، بخط محمد بن إبراهيم بن عيسى البحراني الأوالي ، من مخطوطات القرن العاشر الهجري ، وهي من المخطوطات التي لم تفهرس بعد ، ولهذا لم أستطع الحصول على مصورتها كالنسخ السابقة ، وإنما تمت مقابلتها ومعارضتها في المكتبة المذكورة مع نسختي «كتاب الزيادة المكملة» المذكورتين آنفا ـ «أ» و «ج» ـ وتم إكمال نقصهما منها.

ورمزت لها ب «م».

منهج العمل :

مما سبق يتضح أنه لم تسلم نسخة من النسخ المذكورة من سقوط ورقة أو أوراق منها ، مضافا إلى ذلك ما وقع فيها من أسقاط أو خروم تخللتها ، وما ابتليت به من التصحيفات والتحريفات ، كإعجام بعض الحروف وهو مما لا يحتاج إلى إعجام أو العكس ، أو تأنيث وتذكير بعض الأفعال ... وما شابه.

لذلك لم أعتمد إحداها كنسخة أصل رئيسة ،. بل اعتمدت طريقة التلفيق فيما بينها ، لتخرج منها نسخة كاملة تامة تبرز مطالب الكتاب بشكل واضح ، تلافيا للنقص الحاصل في النسخ كنها من هنا أو هناك.

وأثبت في الهامش اختلافات النسخ المهمة أو التي لها وجه ، دون غيرها مما قد أصلحته.

كما أدرجت في الهامش بعض التعليقات الضرورية ، توضيحا لبعض مطالب أو كلمات المتن.

ووزعت نص الكتاب بما يتناسب مع مطالبه الكلامية العالية ، لإظهارها بشكل واضح ، لكي يسهل على القارئ متابعتها وفهمها.


ثم أضفت عناوين رئيسة بين فقرات الكتاب زيادة في توضيح مطالبه وسهولة تمييزها عن بعضها ، وجعلتها بين معقوفين [ ].

شكر وثناء :

أرى لزاما علي أن أشكر كل من أسدى إلي معروفا بتهيئة مصورات النسخ أو قراءة الكتاب وإبداء الملاحظات العلمية المهمة حوله ، لكي يخرج بأفضل صورة ممكنة.

وأخص بالشكر المتواتر سماحة المحقق الخبير العلامة السيد عبد العزيز الطباطبائي ، إذ دلني أولا على نسخ الكتاب المخطوطة ، وسعى في تصوير بعضها ، وثانيا لتفضله وتكرمه علي بتجشمه عناء مقابلة نسخة «كتاب الزيادة المكملة» المذكورة برقم ٤ آنفا ، في مكتبة آية الله المرعشي العامة ، وتثبيت اختلافاتها مع بقية النسخ ، إذ أن الوصول إلى المخطوطات التي لم تتم فهرستها بعد يعد من المستحيلات ، إلا لمن هو أهله ، وسماحته من أهله ، فكانت هذه إحدى أياديه البيضاء على التراث الشيعي المظلوم ، حفظ الله سماحة السيد الطباطبائي ورعاه لإحياء أمرهم عليهم‌السلام.

وكذا أشكر مؤسسة آل البيت ـ عليهم‌السلام ـ لإحياء التراث ، لتيسيرها نشر الكتاب على صفحات «تراثنا» الغراء.

حيا الله العاملين على إحياء تراث أهل البيت عليهم‌السلام ووفقهم لبث علومهم ونشر معارفهم.

وختاما :

لا أدعي الكمال في عملي هذا ، فهو محاولة عسى الله أن ينفع بها ، وما هي


إلا أوراق متواضعة أرفعها إلى مقام الناحية المقدسة المحفوفة بالجلال والقدس ، عسى أن تنفعني ني يوم لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا.

والحمد الله أولا وآخرا.

ذكرى مولد الإمام علي الهادي عليه‌السلام

١٥ ـ ١٢ ـ ١٤١٢ ه

محمد علي الحكيم











بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ، وسلام على عباده الذين اصطفى ، سيدنا محمد وآله الطاهرين.

جرى في مجلس الوزير السيد ـ أطال الله في العز الدائم بقاءه ، وكبت (١) حساده وأعداءه ـ كلام (٢) في غيبة (صاحب الزمان) (٣) ألممت بأطرافه ، لأن الحال لم تقتض الاستقصاء والاستيفاء ، ودعاني ذلك إلى إملاء كلام وجيز فيها يطلع به على سر هذه المسألة ، ويحسم مادة الشبهة المعترضة فيها ، وإن كنت قد أودعت الكتاب الشافي في الإمامة وكتابي في تنزيه الأنبياء والأئمة عليهم‌السلام من الكلام في الغيبة (٤) ما فيه كفاية

__________________

(١) جاء في هامش «ب» ما نصه : الكبت : الصرف والإذلال ، يقال : كبت الله العدو ، أي : صرفه وأذله.

(٢) جاء في هامش «ب» ما نصه : فاعل جرى.

(٣) في «ب» : الإمام.

(٤) الشافي ١ / ٤٤ ـ ٥٤ ، تنزيه الأنبياء والأئمة : ١٨٠.


وهداية لمن أنصف من نفسه وانقاد لإلزام الحجة ، ولم يحر تحير (ا) عاندا عن المحجة (٥).

فأولى الأمور وأهمها : عرض الجواهر على منتقدها ، والمعاني على السريع إلى إدراكها ، الغائص بثاقب فطنته إلى أعماقها ، فطالما أخرس عن علم ، وأسكت عن حجة ، عدم من يعرض عليه ، وفقد من تهدى إليه ، وما متكلف / (٦) نظما أو نثرا عند من لا يميز بين السابق واللاحق (٧) والمجلي والمصلي (٨) إلا كمن خاطب جمادا أو حاور مواتا (٩).

وأرى من سبق هذه الحضرة العالية ـ أدام الله أيامها ـ إلى أبكار المعاني ، واستخراجها من غوامضها ، وتصفيتها من شوائبها ، وترتيبها في أماكنها ، ما ينتج (١٠) الأفكار العقيمة ، ويذكي (١١) القلوب البليدة ، ويحلي

__________________

(٥) ما أثبتناه هو الأنسب معنى ، ويمكن أن تقرأ العبارة هكذا :

«ولم يحر تحير عاند عن المحجة».

وكان في «أ» : «ولم يجز بخبر عامدا ...».

وفي «ب» : «ولم لحر نحير عامدا ...».

وعند يعند ـ بالكسر ـ عنودا ، أي : خالف ورد الحق وهو يعرفه ، فهو عنيد وعاند.

(الصحاح ٢ / ٥١٣ ـ عند).

(٦) من هنا تبدأ نسخة «ج».

(٧) السابق : هو الذي يسبق من الخيل (لسان العرب ١٠ / ١٥١ ـ سبق).

اللاحق : الفرس إذا ضمرت (لسان العرب ١٠ / ٣٢٨ ـ لحق).

(٨) المجلي : السابق الأول من الخيل. والمصلي : السابق الثاني منها (لسان العرب ١٤ / ٤٦٧ ـ صلا).

(٩) في «ب» : جاور مواتا.

(١٠) في «ب» : سنح. وسنح لي رأي في كذا : عرض لي أو تيسر. (الصحاح ١ / ٣٧٧ ، لسان العرب ٢ / ٤٩١ ـ سنح).

(١١) في «أ» و «ب» : يزكي.


العلوم والآداب في أفواه من أمرت (١٢) في لهواته (١٣) ، وشحطت (١٤) عن خطواته ، وشق عليه ارتقاؤها واعتلاؤها.

فصار أكبر حظ العالم والأديب وأسعد أحواله أن ترضى منه فضيلة اكتسبها ومنقبة دأب لها ، وأن ينتقدها عليه ناقد الفضائل (١٥) فلا يبهرجها (١٦) ويزيفها ، وأن تنفق في السوق التي لا ينفق فيها إلا الثمين (١٧) ولا يكسد فيها إلا المهين.

ونسأل الله تعالى في هذه النعمة الدوام ، فهي أكبر وأوفر من الاستضافة إليها والاستظهار بغيرها ، وهو ولي الإجابة برحمته.

وإني لأرى من اعتقاد مخالفينا : «صعوبة الكلام في الغيبة (١٨) وسهولته علينا (١٩) ، وقوته في جهتهم ، وضعفه من جهتنا» عجبا!

والأمر بالضد من ذلك وعكسه عند التأمل الصحيح ، لأن الغيبة فرع لأصول متقدمة ، فإن صحت تلك الأصول بأدلتها ، وتقررت بحجتها ، فالكلام في الغيبة أسهل شئ وأقربه وأوضحه ، لأنها تبتني على

__________________

(١٢) أمر ، كمر ، فعل من المرارة ـ ضد الحلاوة ـ ، أنظر : لسان العرب ٥ / ١٦٦ ـ مرر.

(١٣) اللهوات ، جمع اللهاة : وهي الهنة المطبقة في أقصى سقف الفم. (الصحاح ٦ / ٢٤٨٧ ، لسان العرب ١٥ / ٢٦١ ـ ٢٦٢ ـ لها).

(١٤) الشحط : البعد. (الصحاح ٣ / ١١٣٥ ، لسان العرب ٧ / ٣٢٧ ـ شحط).

(١٥) في «ج» : للفضائل.

(١٦) البهرج : الباطل والردئ من الشئ (الصحاح ١ / ٣٠٠ ـ بهرج).

(١٧) في «ب» : اليمين.

(١٨) أي من جهة اعتقادهم بعدمها.

(١٩) كذا العبارة في النسخ الثلاث ، وفي «رسالة في غيبة الحجة» المطبوعة في المجموعة الثانية من رسائل الشريف المرتضى ، ص ٢٩٣ ، هكذا : فإن المخالفين لنا في الاعتقاد ، يتوهمون صعوبة الكلام علينا في الغيبة وسهولته عليهم ، ...


تلك الأصول وتترتب عليها ، فيزول الإشكال.

وإن كانت تلك الأصول غير صحيحة ولا ثابتة ، فلا معنى للكلام في الغيبة قبل إحكام أصولها ، فالكلام فيها من غير تمهيد تلك الأصول عبث وسفه.

فإن كان المخالف لنا يستصعب (٢٠) ويستبعد الكلام في الغيبة قبل الكلام في وجوب الإمامة في كل عصر وصفات الإمام ، فلا شك في أنه صعب ، بل معوز متعذر لا يحصل منه إلا على السراب.

وإن كان (له مستصعبا) (٢١) مع تمهد تلك الأصول وثبوتها ، فلا صعوبة ولا شبهة ، فإن الأمر ينساق سوقا إلى الغيبة ضرورة إذا تقررت أصول الإمامة.

[أصلان موضوعان للغيبة

الإمامة ، والعصمة]

وبيان هذه الجملة :

إن العقل قد دل على وجوب الإمامة ، وإن كل زمان ـ كلف فيه المكلفون الذين يجوز منهم القبيح (٢٢) والحسن ، والطاعة والمعصية ـ لا يخلو من إمام ، وأن خلوه من إمام إخلال بتمكينهم ، وقادح في حسن تكليفهم.

ثم دل العقل على أن ذلك الإمام لا بد من كونه معصوما من الخطأ

__________________

(٢٠) في «أ» و «ب» : يستضعف

(٢١) في «ج» : يستصعبها.

(٢٢) في «أ» : القبح.


والزلل ، مأمونا منه فعل كل قبيح.

وليس بعد ثبوت هذين الأصلين (إلا إمامة) (٢٣) من تشير الإمامية إلى إمامته ، فإن الصفة التي دل العقل على وجوبها لا توجد إلا فيه ، ويتعرى منها كل من تدعى له الإمامة سواه ، وتنساق الغيبة بهذا سوقا حتى لا تبقى شبهة فيها.

وهذه الطريقة أوضح ما اعتمد عليه في ثبوت إمامة صاحب الزمان ، وأبعد من الشبهة.

فإن النقل بذلك وإن كان في الشيعة فاشيا ، والتواتر به ظاهرا ، ومجيؤه من كل طريق معلوما ، فكل ذلك يمكن دفعه وإدخال الشبهة (فيه ، التي يحتاج في حلها إلى ضروب من التكليف.

والطريقة التي أوضحناها) (٢٤) بعيدة من الشبهات ، قريبة من الأفهام.

وبقي أن ندل على صحة الأصلين اللذين ذكرناهما :

[أصل وجوب الإمامة]

أما الذي يدل على وجوب الإمامة في كل زمان : فهو مبني على الضرورة ، ومركوز في العقول الصحيحة ، فإنا نعلم علما ـ لا طريق للشك عليه ولا مجال ـ أن وجود الرئيس المطاع المهيب مدبرا و (٢٥) متصرفا أردع عن

__________________

(٢٣) في «أ» : إمامة إلا.

(٢٤) ما بين القوسين سقط من «ب».

(٢٥) في «ب» و «ج» : أو.


القبيح وأدعى إلى الحسن ، وأن التهارج بين الناس والتباغي إما أن يرتفع عند وجود من هذه صفته من الرؤساء ، أو يقل وينزر ، وأن الناس عند الإهمال وفقد الرؤساء وعدم الكبراء يتتابعون في القبيح وتفسد أحوالهم وينحل (٢٦) نظامهم.

وهذا أظهر وأشهر من أن يدل عليه ، والإشارة فيه كافية (٢٧).

وما يسأل عن هذا الدليل من الأسئلة قد استقصيناه وأحكمناه في الكتاب الشافي (٢٨) فليرجع فيه إليه عند الحاجة.

[أصل وجوب العصمة]

(وأما الذي يدل على وجوب عصمة الإمام) (٢٩) فهو : أن علة الحاجة إلى الإمام هي أن يكون لطفا للرعية في الامتناع من القبيح وفعل الواجب على ما اعتمدناه ونبهنا عليه.

فلا يخلو من أن تكون علة الحاجة إليه ثابتة فيه ، أو تكون مرتفعة عنه.

فإن كانت موجودة فيه فيجب أن يحتاج إلى إمام كما احتيج إليه ، لأن علة الحاجة لا يجوز أن تقتضيها في موضع دون آخر ، لأن ذلك ينقض كونها علة.

__________________

(٢٦) في «ب» : يخل.

(٢٧) في «ب» : كفاية.

(٢٨) الشافي ١ / ٥٥ ـ ٧١.

(٢٩) ما بين القوسين سقط من «ب».


والقول في إمامه (٣٠) كالقول فيه في القسمة التي ذكرناها.

وهذا يقتضي إما الوقوف على إمام ترتفع عنه علة الحاجة ، أو وجود أئمة لا نهاية لهم وهو محال.

فلم يبق بعد هذا إلا أن علة الحاجة إليه مفقودة فيه ، ولن يكون ذلك إلا وهو معصوم ولا يجوز عليه فعل القبيح (٣١).

والمسائل ـ أيضا ـ على هذا الدليل مستقصى جوابها بحيث تقدمت الإشارة إليه (٣٢)

[بناء الغيبة على الأصلين

والفرق الشيعية البائدة]

وإذا ثبت هذان الأصلان : فلا بد من إمامة صاحب الزمان بعينه.

ثم لا بد ـ مع فقد تصرفه وظهوره ـ من القول بغيبته.

فإن قيل : كيف تدعون أن ثبوت الأصلين اللذين ذكرتموهما يثبت إمامة صاحبكم بعينه ، ويجب القول بغيبته؟! وفي الشيعة الإمامية ـ أيضا ـ من يدعي إمامة من له الصفتان اللتان ذكرتموهما وإن خالفكم في إمامة صاحبكم؟!

كالكيسانية (٣) : القائلين بإمامة محمد بن الحنفية ، وأنه صاحب

__________________

(٣٠) في «أ و «ب» : إمامته.

(٣١) في «ج» : القبائح.

(٣٢) الشافي ١ / ٥٣ ـ ٥٤.

(٣٣) تفصيل أحوال هذه الفرقة تجدها في : فرق الشيعة : ٢٣ ، الفرق بين الفرق : ٢٣ و ٣٨ ـ ٣٩


الزمان ، وإنما (٣٤) غاب في جبال رضوى (٣٥) انتظارا للفرصة وإمكانها ، كما تقولون في قائمكم (٣٦).

وكالناووسية (٣٧) : القائلين بأن المهدي (المنتظر أبو عبد الله جعفر بن محمد عليهما‌السلام.

ثم الواقفة (٣٨) القائلين بأن المهدي المنتظر (٣٩) موسى بن جعفر عليهما السلام؟!

قلنا : كل من ذكرت لا يلتفت إلى قوله ولا يعبأ بخلافه ، لأنه دفع ضرورة وكابر مشاهدة.

لأن العلم بموت ابن الحنفية كالعلم بموت أبيه وإخوته (٤٠) صلوات الله عليهم.

__________________

رقم ٥٢ ، الملل والنحل ١ / ١٤٧ وفي طبعة ١ / ١٣١.

(٣٤) في «ب» : وأنه.

(٣٥) رضوى ـ بفتح أوله وسكون ثانيه ـ : جبل بالمدينة ، قال ابن السكيت : قفاه حجارة وبطنه غور يضر به الساحل. (معجم البلدان ٣ / ٥١).

(٣٦) أثبت هذه الكلمة في نسخة «ب» في الهامش ، وفي المتن : صاحبكم.

(٣٧) تفصيل أحوال هذه الفرقة تجدها في : فرق الشيعة : ٦٧ ، الفرق بين الفرق : ٦١ رقم ٥٧ ، الملل والنحل ١ / ١٦٦ وفي طبعة ١ / ١٤٨.

(٣٨) تفصيل أحوال هذه الفرقة تجدها في : فرق الشيعة : ٨٠ ـ ٨١ ، الفرق بين الفرق : ٦٣ رقم ٦١ وذكرها باسم : الموسوية ، الملل والنحل ١ / ١٦٩ وفي طبعة ١ / ١٥٠ وفي كليهما ضمن عنوان : الموسوية والمفضلية.

وللشيخ رياض محمد حبيب الناصري دراسة تحليلية موسعة مفصلة حول هذه الفرقة باسم «الواقفية دراسة تحليلية» صدر في جزءين عن المؤتمر العالمي للإمام الرضا عليه‌السلام ـ مشهد ، عامي ١٤٠٩ و ١٤١١ ه.

(٣٩) ما بين القوسين سقط من «ب».

(٤٠) في «ج» : أخويه.


وكذلك العلم بوفاة (٤١) الصادق عليه‌السلام كالعلم بوفاة أبيه محمد عليه‌السلام.

والعلم بوفاة موسى عليه‌السلام كالعلم بوفاة كل متوفي (٤٢) من آبائه وأجداده وأبنائه عليهم‌السلام.

فصارت موافقتهم في صفات الإمام غير نافعة مع دفعهم الضرورة وجحدهم العيان.

وليس يمكن أن يدعى : أن الإمامية القائلين بإمامة ابن الحسن عليهما‌السلام قد دفعوا ـ أيضا ـ عيانا ، في ادعائهم ولادة من علم فقدهوأنه لم يولد!

وذلك أنه لا ضرورة في نفي ولادة صاحبنا عليه‌السلام ، ولا علم ، بل (٤٣) ولا ظن صحيحا.

ونفي ولادة الأولاد من الباب الذي لا يصح أن يعلم ضرورة ، في موضع من المواضع ، وما يمكن أحدا أن يدعي فيمن لم يظهر له ولد (أنه يعلم ضرورة أنه لا ولد له) (٤٤) وإنما يرجع ذلك إلى الظن والأمارة ، وأنه لو كان له ولد لظهر أمره وعرف خبره.

وليس كذلك وفاة الموتى ، فإنه من الباب الذي يصح أن يعلم ضرورة حتى يزول الريب فيه.

__________________

(٤١) في «ب» : بموت.

(٤٢) في «ج» : متوف.

(٤٣) في «ب» : بلى.

(٤٤) ما بين القوسين سقط من «ب».


ألا ترى : أن من شاهدناه حيا متصرفا ، ثم رأيناه بعد ذلك صريعا طريحا ، فقدت حركات عروقه وظهرت دلائل تغيره وانتفاخه ، نعلم (٤٥) يقينا أنه ميت.

ونفي وجود الأولاد بخلاف هذا الباب.

على أنا لو تجاوزنا ـ في الفصل (٤٦) بيننا وبين من ذكر في السؤال ـ عن دفع المعلوم ، لكان كلامنا واضحا ، لأن جميع من (٤٧) ذكر من الفرق قد سقط خلافه بعدم عينه وخلو الزمان من قائل بمذهبه :

أما الكيسانية فما رأينا قط منهم أحدا ، ولا عين لهذا القول ولا أثر

وكذلك الناووسية.

وأما الواقفة فقد رأينا منهم نفرا شذاذا جهالا ، لا يعد مثلهم خلافا ، ثم انتهى الأمر في زماننا هذا وما يليه إلى الفقد الكلي ، حتى لا يوجد هذا المذهب ـ إن وجد ـ إلا في اثنين أو ثلاثة على صفة من قلة الفطنة والغباوة يقطع بها على الخروج من التكليف ، فضلا أن يجعل قولهم خلافا يعارض به الإمامية الذين طبقوا البر والبحر والسهل والجبل في أقطار الأرض وأكنافها ، ويوجد فيهم (٤٨) من العلماء والمصنفين الألوف الكثيرة.

ولا خلاف بيننا وبين مخالفينا في أن الإجماع إنما يعتبر فيه الزمان الحاضر دون الماضي الغابر.

__________________

(٤٥) في «ب» : يعلم. وفي «ج» : حكم.

(٤٦) في «ج» : الفضل.

(٤٧) في «أ» و «ب» : ما.

(٤٨) في «ج» : منهم.


[انحصار الإمام في الغائب]

وإذا بطلت إمامة من أثبتت له الإمامة بالاختيار والدعوة (٤٩) في هذا الوقت لأجل فقد الصفة التي دل العقل عليها (وبطل قول من راعى هذه الصفة في غير صاحبنا لشذوذه) (٥٠) وانقراضه : فلا مندوحة عن مذهبنا ، ولا بد من صحته ، وإلا : خرج الحق عن جميع أقوال الأمة.

[علة الغيبة والجهل بها]

فأما (٥١) الكلام في علة الغيبة وسببها والوجه الذي يحسنها فواضح بعد تقرر ما تقدم من الأصول :

لأنا إذا علمنا بالسياقة التي ساق إليها الأصلان المتقرران (٥٢) في العقل : أن الإمام ابن الحسن عليهما‌السلام دون غيره ، ورأيناه غائبا عن الأبصار : علمنا أنه لم يغب ـ مع عصمته وتعين فرض الإمامة فيه وعليه ـ إلا لسبب اقتضى ذلك ، ومصلحة استدعته ، وضرورة قادت إليه ـ وإن لم يعلم الوجه على التفصيل والتعيين ـ لأن ذلك تما لا يلزم علمه.

وجرى الكلام في الغيبة ووجهها وسببها ـ على التفصيل ـ مجرى العلم بمراد الله تعالى من الآيات المتشابهة في القرآن ، التي ظاهرها بخلاف ما

__________________

(٤٩) في «ب» : والدعوى.

(٥٠) ما بين القوسين سقط من «ب».

(٥١) في «ب» : وأما.

(٥٢) في «ج» : المقرران.


دلت عليه العقول ، من جبر أو تشبيه أو غير ذلك.

فكما (٥٣) أنا ومخالفينا لا نوجب العلم المفصل بوجوه هذه الآيات وتأويلها ، بل نقول كلنا : إنا إذا علمنا حكمة الله تعالى ، وإنه لا يجوز أن يخبر بخلاف ما هو عليه من الصفات ، علمنا ـ على الجملة ـ أن لهذه الآيات وجوها صحيحة بخلاف ظاهرها تطابق مدلول أدلة العقل ، وإن غاب عنا العلم بذلك مفصلا ، فإنه لا حاجة بنا إليه ، ويكفينا العلم على سبيل الجملة بأن المراد بها خلاف الظاهر ، وأنه مطابق العقل.

فكذلك لا يلزمنا ولا يتعين علينا العلم بسبب الغيبة ، والوجه في فقد ظهور الإمام على التفصيل والتعيين ، ويكفينا في ذلك علم الجملة التي تقدم ذكرها ، فإن تكلفنا وتبرعنا بذكره فهو فضل منا.

كما أنه من جماعتنا فضل وتبرع إذا تكلفنا ذكر وجوه المتشابه والأغراض فيه على التعيين.

[الجهل بحكمة الغيبة لا ينافيها]

ثم يقال للمخالف في الغيبة : (أتجوز أن يكون للغيبة) (٥٤) وجه صحيح اقتضاها ، ووجه من الحكمة استدعاها ، أم لا تجوز ذلك؟

فإن قال : أنا لذلك مجوز.

قيل له : فإذا كنت له مجوزا فكيف جعلت وجود الغيبة دليلا على أنه

__________________

(٥٣) في «أ» و «ب» : وكما.

(٥٤) ما بين القوسين سقط من «ب».


لا إمام في الزمان ، مع تجويزك أن يكون للغيبة سبب لا ينافي وجود الإمام؟!

وهل تجري في ذلك إلا مجرى من توصل بإيلام الأطفال إلى نفي حكمة الصانع تعالى ، وهو معترف بأنه يجوز أن يكون في إيلامهم وجه صحيح لا ينافي الحكمة.

أو مجرى من توصل بظواهر الآيات المتشابهات إلى أنه تعالى مشبه (٥٥) للأجسام ، وخالق لأفعال العباد ، مع تجويزه أن يكون لهذه الآيات وجوه صحيحة لا تنافي العدل ، والتوحيد ، ونفي التشبيه.

وإن قال : لا أجوز أن يكون للغيبة سبب صحيح موافق للحكمة ، وكيف أجوز ذلك وأنا أجعل الغيبة دليلا على نفي الإمام الذي تدعون غيبته؟!

قلنا : هذا تحجر منك شديد ، فيما لا يحاط بعلمه ولا يقطع على مثله.

فمن أين قلت : إنه لا يجوز أن يكون للغيبة سبب صحيح يقتضيها؟!

ومن هذا الذي يحيط علما بجميع الأسباب والأغراض حتى يقطع على انتفائها؟!

وما الفرق بينك وبين من قال : لا يجوز أن يكون للآيات المتشابهات وجوه صحيحة تطابق أدلة العقل ، ولا بد من أن تكون على ما اقتضته ظواهرها؟!

__________________

(٥٥) في «ب» : متشابه.


فإن قلت : الفرق بيني وبين من ذكرتم أنني أتمكن من أن أذكر وجوه هذه الآيات المتشابهات ومعانيها الصحيحة ، وأنتم لا تتمكنون من ذكر سبب صحيح للغيبة!

قلنا : هذه المعارضة إنما وجهناها على من يقول : / (٥٦) إنه غير محتاج إلى العلم على التفصيل بوجوه الآيات المتشابهات وأغراضها ، وإن التعاطي لذكر هذه الوجوه فضل وتبرع ، وإن الكفاية واقعة بالعلم بحكمة القديم تعالى ، وإنه لا يجوز أن يخبر عن نفسه بخلاف ما هو عليه.

والمعارضة على هذا المذهب لازمة.

[لزوم المحافظة على أصول البحث]

فأما من جعل الفرق بين الأمرين ما حكيناه في السؤال من «تمكنه من ذكر وجوه الآيات المتشابهات ، فإنا لا نتمكن من ذلك»!

فجوابه أن يقال له : قد تركت ـ بما صرت إليه ـ مذاهب شيوخك ، وخرجت عما اعتمدوه ، وهو الصحيح الواضح اللائح.

وكفى بذلك عجزا ونكولا.

وإذا قنعت لنفسك بهذا الفرق ـ مع بطلانه ومنافاته لأصول الشيوخ ـ كلنا عليك مثله ، وهو :

أنا نتمكن ـ أيضا ـ أن نذكر في الغيبة الأسباب الصحيحة ، والأغراض الواضحة ، التي لا تنافي الحكمة ، ولا تخرج عن حدها ،

__________________

(٥٦) من هنا سقط من «ب».


وسنذكر ذلك فيما يأتي من الكلام ـ بمشيئة الله وعونه ـ فقد ساويناك وضاهيناك بعد أن نزلنا على اقتراحك وإن كان باطلا.

ثم يقال له : كيف يجوز أن تجتمع صحة إمامة ابن الحسن عليهما السلام بما بيناه من سياقة الأصول العقلية إليها ، مع القول بأن الغيبة لا يجوز أن يكون لها سبب صحيح يقتضيها؟!

أوليس هذا تناقضا ظاهرا ، وجاريا في الاستحالة مجرى اجتماع القول بالعدل والتوحيد مع القطع على أنه لا يجوز أن يكون للآيات ـ الواردة ظواهرها بما يخالف العدل والتوحيد ـ تأويل صحيح ، ومخرج سديد يطابق ما دل عليه العقل؟!

أولا تعلم : أن ما دل عليه العقل وقطع به على صحته يقود ويسوق إلى القطع على أن للآيات مخرجا صحيحا وتأويلا للعقل مطابقا ، وإن لم نحط علما به ، كما يقود ويسوق إلى أن للغيبة وجوها وأسبابا صحيحة ، وإن لم نحط بعلمها؟!

[تقدم الكلام في الأصول على الكلام في الفروع]

فإن قال : (أنا لا أسلم) (٥٧) ثبوت إمامة ابن الحسن وصحة طريقها ، ولو سلمت ذلك لما خالفت في الغيبة ، لكنني أجعل الغيبة ـ وأنه لا يجوز أن يكون لها سبب صحيح ـ طريقا إلى نفي ما تدعونه من إمامة ابن الحسن.

__________________

(٥٧) في «أ» : لا نسلم.


قلنا : إذا لم تثبت لنا إمامة ابن الحسن عليهما‌السلام فلا كلام لنا في الغيبة ، لأنا إنما نتكلم في سبب غيبة من ثبتت إمامته وعلم وجوده ، والكلام في وجوه غيبة من ليس بموجود هذيان.

وإذا لم تسلموا إمامة ابن الحسن ، جعلنا الكلام معكم في صحة إمامته ، واشتغلنا بتثبيتها وإيضاحها ، فإذا زالت الشبهة فيها ساغ الكلام حينئذ في سبب الغيبة ، وإن لم تثبت لنا إمامته وعجزنا عن الدلالة على صحتها ، فقد بطل قولنا بإمامة ابن الحسن عليهما‌السلام ، واستغنى ـ معنا ـ عن كلفة الكلام في سبب الغيبة.

ويجري هذا الموضع من الكلام مجرى من سألنا عن إيلام الأطفال ، أو وجوه الآيات المتشابهات ، وجهات المصالح في رمي الجمار ، والطواف بالبيت ، وما أشبه ذلك من العبادات على التفصيل والتعيين.

وإذا عولنا في الأمرين على حكمة القديم تعالى ، وأنه لا يجوز أن يفعل قبيحا ، ولا بد من وجه حسن في جميع ما فعله ، وإن جهلناه بعينه ، وأنه تعالى لا يجوز أن يخبر بخلاف ما هو عليه ، ولا بد ـ فيما ظاهره يقتضي خلاف ما هو تعالى عليه ـ من أن يكون له وجه صحيح ، وإن لم نعلمه مفصلا.

قال لنا : ومن سلم لكم حكمة القديم ، وأنه لا يفعل القبيح؟! وإنا إنما جعلنا (٥٨) الكلام في سبب إيلام الأطفال ووجوه الآيات المتشابهات وغيرها طريقا إلى نفي ما تدعونه من نفي القبيح عن أفعاله تعالى.

فكما أن جوابنا له : أنك إذا لم تسلم حكمة القديم تعالى دللنا

__________________

(٥٨) في «ج» : وأنا إنما جعلت :


عليها ، ولم يجز أن نتخطاها إلى الكلام في أسباب أفعاله.

فكذلك الجواب لمن كلمنا في الغيبة وهو لا يسلم إمامة صاحب الزمان وصحة أصولها.

[لا خيار في الاستدلال على الفروع قبل الأصول]

فإن قيل : ألا كان السائل بالخيار بين أن يتكلم في إمامة ابن الحسن عليهما‌السلام ليعرف صحتها من فسادها ، وبين أن يتكلم في سبب الغيبة ، فإذا بان أنه لا سبب صحيحا لها انكشف بذلك بطلان إمامته؟

قلنا : لا خيار في مثل ذلك ، لأن من شك في إمامة ابن الحسن عليهما‌السلام يجب أن يكون الكلام معه في نفس إمامته ، والتشاغل في جوابه بالدلالة عليها ، ولا يجوز مع هذا الشك ـ وقبل ثبوت هذه الإمامة ـ أن يتكلم (٥٩) في سبب الغيبة ، لأن الكلام في الفروع لا يسوغ إلا بعد إحكام الأصول.

ألا ترى : أنه لا يجوز أن يتكلم في سبب إيلام الأطفال إلا بعد الدلالة على حكمته تعالى ، وأنه لا يفعل القبيح ، وكذلك القول في الآيات المتشابهات.

ولا خيار لنا في هذه المواضع.

__________________

(٥٩) في «ج» : نتكلم.


[اعتماد شيوخ المعتزلة على هذه الطريقة]

ومما يبين صحة / (٦٠) هذه الطريقة ويوضحها : أن الشيوخ كلهم لما عولوا ـ في إبطال ما تدعيه اليهود : من تأبيد شرعهم وأنه لا ينسخ ما دام الليل والنهار ، على ما يرونه ، ويدعون : أن موسى عليه‌السلام قال : «إن شريعته لا تنسخ» ـ على أن نبينا عليه وآله أفضل الصلاة والسلام ـ وقد قامت دلائل نبوته ، ووضحت بينات صدقه ـ أكذبهم في هذه الرواية ، وذكر أن شرعه ناسخ لكل شريعة تقدمته.

سألوا (٦١) نفوسهم ـ لليهود ـ فقالوا : أي فرق بين أن تجعلوا دليل النبوة مبطلا لخبرنا في نفي النسخ للشرع ، وبين أن نجعل صحة الخبر بتأبيد الشرع ، وأنه لا ينسخ ، قاضيا على بطلان النبوة؟!

ولم تنقلوننا عن الكلام في الخبر وطرق صحته إلى الكلام في معجز النبوة ، ولم يجز أن ننقلكم عن الكلام في النبوة ومعجزها إلى الكلام في الخبر وصحته؟!

أوليس كل واحد من الأمرين إذا ثبت قضى على صاحبه؟! فأجابوهم عن هذا السؤال ب : أن الكلام في معجز النبوة أولى من الكلام في طريق صحة الخبر ، لأن المعجز معلوم وجوده ضرورة وهو القرآن ، ومعلوم صفته في الإعجاز بطريق عقلي لا يمكن دخول الاحتمال فيه والتجاذب والتنازع.

__________________

(٦٠) إلى هنا ينتهي السقط في «ب».

(٦١) هذا متعلق بجملة : «لما عولوا ...» المارة آنفا.


وليس كذلك الخبر الذي تدعونه ، لأن صحته تستند إلى أمور غير معلومة ولا ظاهرة ولا طريق إلى علمها ، لأن الكثرة التي لا يجوز عليهم التواطؤ لا بد من إثباتهم في رواية هذا الخبر ، في أصله وفرعه ، وفيما بيننا وبين موسى عليه‌السلام ، حتى يقطع على أنهم ما انقرضوا في وقت من الأوقات ولا قلوا ، وهذا مع بعد العهد وتراخي الزمان محال إدراكه والعلم بصحته.

قضوا (٦٢) حينئذ على أن الكلام في معجز النبوة ـ حتى إذا صح ، قطع به على بطلان الخبر ـ أولى من الكلام في الخبر والتشاغل به.

[استعمال هذه الطريقة في المجادلات

بطريق أولى]

وهذا الفرق يمكن أن يستعمل بيننا وبين من قال : كلموني في سبب إيلام الأطفال قبل الكلام في حكمة القديم تعالى ، حتى إذا بان أنه لا وجه يحسن هذه الآلام بطلت الحكمة ، أو قال بمثله في الآيات المتشابهات.

وبعد ، فإن حكمة القديم تعالى في وجوب تقدم الكلام فيها على أسباب الأفعال ، ووجوه تأويل الكلام ، بخلاف ما قد بيناه في نسخ الشريعة ودلالة (٦٣) المعجز :

لأن حكمة القديم تعالى أصل في نفي القبيح (٦٤) عن أفعاله ،

__________________

(٦٢) جواب جملة : «لما عولوا ...» المارة آنفا.

(٦٣) في «ب» : دلائل.

(٦٤) في «أ» : النسخ. ويحتمل : القبح.


والأصل لا بد من تقدمه لفرعه (٦٥).

وليس كذلك الكلام في النبوة (والخبر ، لأنه ليس أحدهما أصلا لصاحبه ، وإنما رجح الشيوخ الكلام في النبوة) (٦٦) على الخبر ، وطريقه : من الوجه الذي ذكرناه ، وبينوا أن أحدهما محتمل مشتبه ، والآخر واضح يمكن التوصل ـ بمجرد دليل العقل ـ إليه.

[الكلام في الإمامة أصل للغيبة]

والكلام في الغيبة مع الكلام في إمامة صاحب الزمان عليه‌السلام يجري ـ في أنه أصل وفرع ـ بمجرى الكلام في إيلام الأطفال ، وتأويل المتشابه ، والكلام في حكمة القديم تعالى ، فواجب تقدم الكلام في إمامته على الكلام في سبب غيبته من حيث الأصل والفرع اللذان ذكرناهما في سبب إيلام الأطفال وغيره.

[مزية في استعمال تلك الطريقة

في بحث الغيبة]

ثم يجب تقدمه من وجه الترجيح والمزية على ما ذكره الشيوخ في الفرق بين الكلام في النبوة والكلام في طريق خبر نفي النسخ ، لأنه من المعلوم.

__________________

(٦٥) اللام هنا بمعنى «عن».

(٦٦) ما بين القوسين سقط من «ب» ، والعبارة فيها هكذا : «وليس كذلك الكلام في النبوة في الغيبة مع الكلام ...».

وفي «أ» هنا زيادة : «في الغيبة مع الكلام ...».


لأن الكلام في سبب الغيبة ووجهها ، فيه من الاحتمال والتجاذب ما ليس في الطريقة التي ذكرناها في إمامة ابن الحسن عليهما‌السلام ، لأنها مبنية على اعتبار العقل وسبر ما يقتضيه ، وهذا بين لمن تأمله.

[التأكيد على المحافظة على المنهج

الموضوعي للبحث]

وبعد ، فلا تنسوا ما لا يزال شيوخكم يعتمدونه ، من رد المشتبه من الأمور إلى واضحها ، وبناء المحتمل منها على ما لا يحتمل ، والقضاء بالواضح على الخفي ، حتى أنهم يستعملون ذلك ويفزعون إليه في أصول الدين وفروعه فيما طريقه العقل وفيما طريقه الشرع ، فكيف تمنعوننا في الغيبة خاصة ما هو دأبكم (٦٧) ودينكم ، وعليه اعتمادكم واعتضادكم؟! ولولا خوف التطويل لأشرنا إلى المواضع والمسائل التي تعولون فيها على هذه الطريقة ، وهي كثيرة ، فلا تنقضوا ـ بدفعنا في الغيبة عن النهج الذي سلكناه ـ أصولكم بفروعكم ، ولا تبلغوا في العصبية إلى الحد الذي لا يخفى على أحد.

[بيان حكمة الغيبة عند المصنف]

وإذا كنا قد وعدنا بأن نتبرع بذكر سبب الغيبة على التفصيل ، وإن

__________________

(٦٧) في «أ» : دليلكم.


كان لا يلزمنا ، ولا يخل (٦٨) الإضراب عن ذكره بصحة مذاهبنا ، فنحن نفعل ذلك ونتبعه بالأسئلة التي تسأل عليه ونجيب عنها.

فإن كان كل هذا فضلا منا ، اعتمدناه استظهارا في الحجة ، وإلا فالتمسك بالجملة المتقدمة مغن كاف.

[الغيبة استتارا من الظلمة]

أما سبب الغيبة فهو : إخافة الظالمين له عليه‌السلام ، وقبضهم يده عن التصرف فيما جعل إليه التصرف والتدبير له ، لأن الإمام إنما ينتفع به إذا كان ممكنا ، مطاعا ، مخلي بينه وبين أغراضه ، ليقوم الجناة ، ويحارب البغاة ، ويقيم الحدود ، ويسد الثغور ، وينصف المظلوم من الظالم ، وكل هذا لا يتم إلا مع التمكين ، فإذا حيل بينه وبين مراده سقط عنه فرض القيام بالإمامة ، فإذا خاف على نفسه وجبت غيبته ولزم استتاره.

ومن هذا الذي يلزم خائفا ـ أعداؤه (٦٩) عليه ، وهم حنقون ـ أن يظهر لهم وأن يبرز بينهم؟!

والتحرز من المضار واجب عقلا وسمعا.

وقد استتر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في الشعب مرة ، وأخرى في الغار ، ولا وجه لذلك إلا الخوف من المضار الواصلة إليه.

__________________

(٦٨) في «أ» و «ب» : يحل.

(٦٩) في «ج» : أعداءه.


[التفرقة بين استتار النبي والإمام

في أداء المهمة والحاجة إليه]

فإن قيل : النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله) (٧٠) ما استتر عن قومه إلا بعد أدائه إليهم ما وجب أداؤه ، ولم تتعلق بهم إليه حاجة ، وقولكم في الإمام بخلاف ذلك.

ولأن استتاره (صلى‌الله‌عليه‌وآله) (٧١) ما تطاول ولا تمادى ، واستتار إمامكم قد مضت عليه العصور وانقضت دونه الدهور!

قلنا : ليس الأمر على ما ذكرتم ، لأن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله إنما استتر في الشعب والغار بمكة ، وقبل (٧٢) الهجرة ، وما كان أدى (صلى الله عليه وآله) (٧٣) جميع الشريعة ، فإن أكثر الأحكام ومعظم القرآن نزل بالمدينة ، فكيف ادعيتم أنه كان بعد الأداء؟!

ولو كان الأمر على ما زعمتم من تكامل الأداء قبل الاستتار : لما كان ذلك رافعا للحاجة إلى تدبيره عليه‌السلام ، وسياسته ، وأمره (٧٤) في أمته ونهيه.

ومن هذا الذي يقول : إن النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله) (٧٥) بعد أداء

__________________

(٧٠) في «أ» : عليه وآله السلام.

(٧١) في «أ» و «ب» : عليه‌السلام.

(٧٢) في «ب» : قبل.

(٧٣) في «أ» و «ب» : عليه‌السلام.

(٧٤) في «أ» : أوامره.

(٧٥) في «أ» : عليه‌السلام.


الشرع غير محتاج إليه ، ولا مفتقر إلى تدبيره ، إلا معاند مكابر؟!

وإذا جاز استتاره عليه‌السلام ـ مع تعلق الحاجة إليه ـ لخوف الضرر ، وكانت التبعة في ذلك لازمة لمخيفيه ومحوجيه إلى التغيب ، سقطت عنه اللائمة ، وتوجهت إلى من أحوجه إلى الاستتار وألجأه إلى التغيب.

وكذلك القول في غيبة إمام الزمان عليه‌السلام.

[التفرقة بينهما في طول الغيبة وقصرها]

فأما التفرقة بطول الغيبة وقصرها فغير صحيحة :

لأنه لا فرق في ذلك بين القصير المنقطع وبين الممتد المتمادي ، لأنه إذا لم يكن في الاستتار لأئمة على المستتر إذا أحوج إليه (٧٦) : جاز أن يتطاول سبب الاستتار ، كما جاز أن يقصر زمانه.

[لم لم يستتر الأئمة السابقون عليهم‌السلام]

فإن قيل : إن كان الخوف أحوجه إلى الاستتار ، فقد كان آباؤه عندكم في تقية وخوف من أعدائهم ، فكيف لم يستتروا؟!

قلنا : ما كان على آبائه عليهم‌السلام خوف من أعدائهم ، مع لزومهم التقية ، والعدول عن التظاهر بالإمامة ، ونفيها عن نفوسهم (٧٧).

__________________

(٧٦) في «الغيبة» للطوسي ـ ص ٩٢ ـ هنا زيادة : بل اللائمة على من أحوجه إليها.

(٧٧) جاء في هامش «ج» هنا ما نصه : لي هنا نظر.


وإمام الزمان كل الخوف عليه ، لأنه يظهر بالسيف ويدعو إلى نفسه (٧٨) ويجاهد من خالف عليه.

فأي نسبة بين خوفه من الأعداء ، وخوف آبائه عليهم‌السلام منهم ، لولا قلة التأمل؟!

[الفرق ين الغيبة وعدم الوجود]

فإن قيل : أي فرق بين وجوده غائبا لا يصل إليه أحد ولا ينتفع به بشر ، وبين عدمه؟!

وألا جاز أن يعدمه الله تعالى ، حتى إذا علم أن الرعية تمكنه وتسلم له أوجده ، كما جاز أن يبيحه الاستتار حتى يعلم منهم التمكين له فيظهره؟!

وإذا (٧٩) جاز أن يكون الاستتار سببه إخافة الظالمين ، فألا جاز أن يكون الإعدام سببه ذلك بعينه؟!

قيل (٨٠) : ما يقطع ـ قبل أن نجيب عن سؤالك ـ على أن الإمام لا يصل إليه أحد ولا يلقاه ، لأن هذا الأمر مغيب عنا ، وهو موقوف على

__________________

(٧٨) جاء في هامش «ج» هنا ما نصه :

توضيحه : أن إمام الزمان مكلف بإظهار الحق وقتل مخالفيه ، ولا يكون ذلك إلا بالسيف ، بخلاف آبائه عليهم‌السلام ، فإنهم لم يكونوا بهذه المثابة من التكليف ، والله أعلم.

جواد عفي عنه

(٧٩) في «ب» : فإذا.

(٨٠) في «أ» و «ب» : فإن قيل. غلط.


الشك والتجويز.

والفرق بعد هذا ـ بين وجوده غائبا من أجل التقية ، وخوف الضرر من أعدائه ، وهو في أثناء ذلك متوقع أن يمكنوه ويزيلوا خيفته فيظهر ويقوم بما فوض إليه من أمورهم ، وبين أن يعدمه الله تعالى ـ جلي واضح :

لأنه إذا كان معدوما ، كان ما يفوت العباد من مصالحهم ، ويعدمونه من مراشدهم ، ويحرمونه من لطفهم وانتفاعهم به منسوبا إليه تعالى ، ومعضوبا (٨١) لا حجة فيه على العباد ، ولا لوم يلزمهم ولا ذم.

وإذا كان موجودا مستترا بإخافتهم له ، كان ما يفوت من المصالح ويرتفع من المنافع منسوبا إلى العباد ، وهم الملومون عليه المؤاخذون به.

فأما الإعدام فلا يجوز أن يكون سببه إخافة الظالمين ، لأن العباد قد يلجئ بعضهم بعضا إلى أفعاله.

[الفرق بين استتار النبي وعدم وجوده]

على أن هذا ينقلب عليهم في استتار النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله وسلم) (٨٢) فيقال لهم : أي فرق بين وجوده مستترا وبين عدمه؟! فأي شئ قالوا في ذلك أجبناهم بمثله.

__________________

(٨١) كان في «ب» : ومعصوما. وفي «ج» : ومعضوبا به.

والمعضوب من الرجال : الضعيف ، والعضب : القطع ، ورجل معضوب اللسان إذا كان مقطوعا ، عييا ، فدما.

أنظر : الصحاح ١ / ١٨٤ ، لسان العرب ١ / ٦٠٩ ـ عضب.

والظاهر أن جملة «ومعضوبا ...» جواب ثان ل «إذا ...» المتقدمة.

(٨٢) في «أ» : عليه الصلاة والسلام.


وليس لهم أن يفرقوا بين الأمرين بأن النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله وسلم) (٨٣) ما استتر من كل أحد ، وإنما استتر من أعدائه ، وإمام الزمان عليه‌السلام مستتر من الجميع!

وذلك أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لما أستتر في الغار كان مستترا من أوليائه وأعدائه ، ولم يكن معه إلا أبو بكر وحده.

وقد كان يجوز عندنا وعندكم أن يستتر بحيث لا يكون معه أحد من ولي ولا عدو إذا اقتضت المصلحة ذلك.

وإذا رضوا / (٨٤) لأنفسهم بهذا الفرق قلنا مثله ، لأنا قد بينا أن الإمام يجوز أن يلقاه في حال الغيبة جماعة من أوليائه وأن ذلك مما لا يقطع على فقده.

[إمكان ظهور الإمام بحيث لا يمسه الظلم]

فإن قيل : إن كان خوف ضرر الأعداء هو الموجب للغيبة ، أفلا أظهره الله تعالى (في السحاب وبحيث لا تصل إليه أيدي أعدائه فيجمع الظهور) (٨٥) والأمان من الضرر؟!

قلنا : هذا سؤال من لا يفكر فيما يورده ، لأن الحاجة من العباد إنما تتعلق بإمام يتولى عقاب جناتهم ، وقسمة أموالهم ، وسد ثغورهم ، ويباشر تدبير أمورهم ، ويكون بحيث يحل ويعقد ، ويرفع ويضع ، وهذا لا يتم إلا

__________________

(٨٣) في «أ» : عليه‌السلام.

(٨٤) إلى هنا تنتهي نسخة «ب» ، والفقرة السابقة مشوشة فيها.

(٨٥) ما بين القوسين سقط من «أ».


مع المخالطة والملابسة.

فإذا جعل بحيث لا وصول إليه ارتفعت جهة الحاجة إليه ، فصار ظهوره للعين كظهور النجوم الذي لا يسد منا خللا ولا يرفع زللا ، ومن أحتاج في الغيبة إلى مثل هذا السؤال فقد أفلس ولم تبق فيه مسكة (٨٦).

[إقامة الحدود في الغيبة]

فإن قيل : فالحدود في حال الغيبة ما حكمها؟

فإن سقطت عن فاعلي ما يوجبها فهذا اعتراف بنسخ الشريعة!

وإن كانت ثابتة فمن يقيمها مع الغيبة؟!.

قلنا : الحدود المستحقة ثابتة في جنوب الجناة بما يوجبها من الأفعال ، فإن ظهر الإمام والمستحق لهذه الحدود باق أقامها عليه بالبينة أو الإقرار ، وإن فات ذلك بموته كان الإثم في تفويت إقامتها على من أخاف الإمام وألجأه إلى الغيبة.

وليس هذا بنسخ لإقامة الحدود ، لأن الحد إنما تجب إقامته مع التمكن وزوال الموانع ، ويسقط مع الحيلولة.

وإنما يكون ذلك نسخا لو سقط فرض إقامة الحد مع التمكن وزوال الأسباب المانعة من إقامته.

ثم يقلب هذا عليهم فيقال لهم : كيف قولكم في الحدود التي

__________________

(٨٦) في «أ» : مسألة.

والمسكة : أي شئ يتمسك به في الجدل.


تستحقها الجناة في الأحوال التي لا يتمكن فيها أهل الحل والعقد من اختيار الإمام ونصبه؟! فأي شئ قالوه في ذلك قيل لهم مثله.

فإن قيل : كيف السبيل مع غيبة الإمام إلى إصابة الحق؟!

فإن قلتم : لا سبيل إليه ، فقد جعلتهم الناس في حيرة وضلالة وريب في سائر أمورهم.

وإن قلتم : يصاب الحق بأدلته (قيل لكم : هذا تصريح بالاستغناء عن الإمام بهذه الأدلة) (٨٧) ورجوع إلى الحق؟!

قلنا : الحق على ضربين : عقلي وسمعي :

فالعقلي يصاب بأدلته ويدرك بالنظر فيها.

والسمعي (عليه أدلة منصوبة من أقوال النبي عليه‌السلام ونصوصه) (٨٨) وأقوال الأئمة من ولده عليهم‌السلام ، وقد بينوا ذلك وأوضحوه ، ولم يتركوا منه شيئا لا دليل عليه.

غير أن هذا ، وإن كان على ما قلناه ، فالحاجة إلى الإمام ثابتة لازمة ، لأن جهة الحاجة إليه ـ المستمرة في كل زمان وعلى كل وجه ـ هي كونه لطفا لنا في فعل الواجب وتجنب القبيح ، وهذا مما لا يغني عنه شئ ، ولا يقوم مقامه فيه غيره.

فأما الحاجة إليه المتعلقة بالسمع والشرع فهي أيضا ظاهرة :

لأن النقل ، وإن كان واردا عن الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله وعن آباء

__________________

(٨٧) ما بين القوسين سقط من «أ».

(٨٨) ما بين القوسين سقط من «ج».


الإمام عليهم‌السلام بجميع ما يحتاج إليه في الشريعة ، فجائز على الناقلين أن يعدلوا عن النقل ، إما اعتمادا (٨٩) أو اشتباها ، فينقطع النقل أو يبقى فيمن ليس نقله حجة ، فيحتاج حينئذ إلى الإمام ليكشف ذلك ويوضحه ويبين موضع التقصير فيه.

فقد بان : أن الحاجة ثابتة على كل حال ، وإن أمكنت إصابة الحق بأدلته.

[الحال فيما لو احتيج إلى بيان الإمام الغائب]

فإن قيل : أرأيتم إن كتم الناقلون بعض مهم الشريعة واحتيج إلى بيان الإمام ، ولم يعلم الحق إلا من جهته ، وكان خوفه القتل من أعدائه مستمرا ، كيف يكون الحال؟

فأنتم بين أن تقولوا : إنه يظهر وإن خاف القتل ، فيجب على هذا أن يكون خوف القتل غير مبيح للغيبة ، ويجب ظهوره على كل حال!

أو تقولوا : لا يظهر ، ويسقط التكليف في ذلك الشئ المكتوم عن الأمة ، فتخرجوا بذلك من الإجماع ، لأن الإجماع منعقد على أن كل شئ شرعه النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وأوضحه فهو لازم للأمة إلى (أن تقوم) (٩٠) الساعة.

وإن قلتم : إن التكليف لا يسقط ، صرحتم بتكليف ما لا يطاق ، وإيجاب العلم بما لا طريق إليه.

__________________

(٨٩) في «الغيبة» للطوسي ـ ص ٩٦ ـ : تعمدا.

(٩٠) في «أ» : يوم.


قلنا : قد أجبنا عن هذا السؤال وفرعناه إلى غاية ما يتفرع في كتابنا «الشافي» (٩١).

وجملته : أن الله تعالى لو علم أن النقل لبعض الشريعة المفروضة ينقطع ـ في حال تكون تقية الإمام فيها مستمرة ، وخوفه من الأعداء باقيا ـ لأسقط ذلك التكليف عمن لا طريق له إليه.

وإذا علمنا ـ الإجماع الذي لا شبهة فيه ـ أن تكليف الشرائع مستمر ثابت على جميع الأمة إلى أن تقوم الساعة ، ينتج لنا هذا العلم أنه لو اتفق أن ينقطع النقل ـ بشئ من الشرائع (٩٢) ـ لما كان ذلك إلا في حال يتمكن فيها الإمام من الظهور والبروز والإعلام والانذار.

[علة عدم ظهور الإمام لأوليائه]

فإن قيل : إذا كانت العلة في غيبته عن أعدائه خوفه منهم ، فما باله لا يظهر لأوليائه ، وهذه العلة زائلة فيهم؟!

فإذا لم يظهر للأولياء ـ وقد زالت عنهم علة استتاره ـ بطل قولكم في علة الغيبة!

قلنا : قد أجاب أصحابنا عن هذا السؤال بأن علة غيبته عن أوليائه لا تمنع أن يكون خوفه من أن يلقاهم فيشيعوا خبره ، ويتحدثوا سرورا باجتماعه معهم ، فيؤدي ذلك ـ وإن كان ذلك غير مقصود ـ إلى الخوف

__________________

(٩١) الشافي ١ / ١٤٤ ـ ١٥٠ وما بعدها.

(٩٢) في «ج» : الشرع.


من (٩٣) الأعداء.

[عدم ارتضاء المصنف لهذه العلة]

وهذا الجواب غير مرضي ، لأن عقلاء شيعته لا يجوز أن يخفى عليهم ما في إظهار اجتماعهم معه من الضرر عليه وعليهم ، فكيف يخبرون بذلك مع العلم بما فيه من المضرة الشاملة؟! وإن جاز هذا الذي ذكروه على الواحد والاثنين ، لم يجز على جماعة شيعته الذين لا يظهر لهم.

على أن هذه العلة توجب أن شيعته قد عدموا الانتفاع به على وجه لا يتمكنون من تلافيه وإزالته :

لأنه إذا علق الاستتار بما يعلم من حالهم أنهم يفعلونه ، فليس في مقدورهم الآن ما (٩٤) يقتضي ظهور الإمام ، وهذا يقتضي سقوط التكليف ـ الذي الإمام لطف فيه ـ عنهم.

[الجواب عن اعتراض المصنف]

وقد أجاب بعضهم عن هذا السؤال بأن سبب الغيبة عن الجميع هو فعل الأعداء ، لأن انتفاع جماعة الرعية ـ من ولي وعدو ـ بالإمام إنما يكون بأن ينفذ أمره وتنبسط يده ، ويكون ظاهرا متصرفا بلا دافع ولا منازع ،

__________________

(٩٣) في «أ» : إلى. غلط.

(٩٤) كان في «أ» : مما. وفي «ج» : بما. وما أثبتناه هو الأنسب للسياق من «الغيبة» للطوسي ـ ص ٩٧ ـ.


وهذا مما (٩٥) المعلوم أن الأعداء قد حالوا دونه ومنعوا منه.

قالوا : ولا فائدة في ظهوره سرا لبعض أوليائه ، لأن النفع المبتغى من تدبير الأئمة لا يتم إلا بالظهور للكل ونفوذ الأمر ، فقد صارت العلة في استتار الإمام وفقد ظهوره ـ على الوجه الذي هو لطف ومصلحة للجميع ـ واحدة.

وهذا أيضا جواب غير مرضي :

لأن الأعداء إن كانوا حالوا بينه وبين الظهور على وجه التصرف والتدبير ، فلم يحولوا بينه وبين من شاء من أوليائه على جهة الاستتار.

وكيف لا ينتفع به من يلقاه من أوليائه على سبيل الاختصاص ، وهو يعتقد طاعته وفرض اتباع أوامره ، ويحكمه في نفسه؟!

وإن كان لا يقع هذا اللقاء لأجل اختصاصه ، ولأن الإمام معه غير نافذ الأمر في الكل ، ولا مفوض إليه تدبير الجميع ، فهذا تصريح بأنه لا انتفاع للشيعة الإمامية بلقاء أئمتها من لدن وفاة أمير المؤمنين عليه‌السلام إلى أيام الحسن بن علي أبي القائم عليهم‌السلام ، للعلة التي ذكرت.

ويوجب ـ أيضا ـ أن أولياء أمير المؤمنين عليه‌السلام وشيعته لم يكن لهم بلقائه انتفاع قبل انتقال الأمر إلى تدبيره وحصوله في يده.

وهذا بلوغ ـ من قائله ـ إلى حد لا يبلغه متأمل.

على أنه : إذا سلم لهم ما ذكروه ـ من أن الانتفاع بالإمام لا يكون إلا مع ظهوره لجميع الرعية ، ونفوذ أمره فيهم ـ بطل قولهم من وجه آخر ،

__________________

(٩٥) كذا في «أ» و «ج» و «الغيبة» للطوسي ـ ص ٩٨ ـ.


وهو : أنه يؤدي إلى سقوط التكليف ـ الذي الإمام لطف فيه ـ عن شيعته :

لأنه إذا لم يظهر لهم لعلة لا ترجع إليهم ، ولا كان في قدرتهم وإمكانهم إزالة ما يمنعهم (٩٦) من الظهور : فلا بد من سقوط التكليف عنهم ، ولا يجرون في ذلك مجرى أعدائه ، لأن الأعداء ـ وإن لم يظهر لهم ـ فسبب ذلك من جهتهم ، وفي إمكانهم أن يزيلوا المنع من ظهوره فيظهر ، فلزمهم التكليف الذي تدبير الإمام لطف فيه ، ولو لم يلزم ذلك شيعته على هذا الجواب.

ولو جاز أن يمنع قوم من المكلفين غيرهم من لطفهم ، ويكون التكليف ـ الذي ذلك اللطف لطف فيه ـ مستمرا عليهم : لجاز أن يمنع بعض المكلفين غيره ـ بقيد أو ما أشبهه ـ من المشي على وجه لا يتمكن ذلك المقيد من إزالته ، ويكون المشي مع ذلك مستمرا على المقيد.

وليس لهم أن يفرقوا بين القيد وفقد اللطف ، من حيث كان القيد يتعذر معه الفعل ولا يتوهم وقوعه ، وليس كذلك فقد اللطف :

لأن المذهب الصحيح ـ الذي نتفق نحن عليه ـ أن فقد اللطف يجري مجرى فقد القدرة والآلة ، وأن التكليف مع فقد اللطف ـ في من له لطف ـ معلوم قبحه ، كالتكليف مع فقد القدرة والآلة ووجود المانع ، وأن من لم يفعل به اللطف ـ ممن له لطف معلوم ـ غير متمكن من الفعل ، كما أن الممنوع غير متمكن.

__________________

(٩٦) كذا في نسختي الكتاب ، والظاهر : «ما يمنعه» أي الإمام عليه‌السلام.


[الأولى في علة الاستتار من الأولياء]

والذي يجب أن يجاب به عن هذا السؤال ـ الذي قدمنا ذكره في علة الاستتار من أوليائه (٩٧) ـ أن نقول أولا «لا» (٩٨) قاطعين على أنه لا يظهر لجميع أوليائه ، فإن هذا مغيب عنا ، ولا يعرف كل واحد منا إلا حال نفسه دون حال غيره.

وإذا كنا نجوز ظهوره لهم كما نجوز (٩٩) خلافه : فلا بد من ذكر العلة فيما نجوزه من غيبته عنهم.

وأولى ما قيل في ذلك وأقربه إلى الحق ـ وقد بينا فيما سلف أن هذا الباب مما لا يجب العلم به على سبيل التفصيل ، وأن العلم على وجه الجملة فيه كاف ـ : أن نقول : لا بد من أن تكون علة الغيبة عن الأولياء مضاهية لعلة الغيبة عن الأعداء ، في أنها لا تقتضي سقوط التكليف عنهم ، ولا تلحق اللائمة (١٠٠) بمكلفهم تعالى ، ولا بد من أن يكونوا متمكنين من رفعها وإزالتها فيظهر لهم ، وهذه صفات لا بد من أن تحصل لما تعلل به الغيبة ، وإلا أدى إلى ما تقدم ذكره من الفساد.

وإذا ثبتت هذه الجملة فأولى ما علل به التغيب عن الأولياء أن

__________________

(٩٧) تقدم في ص ٢٠٩.

(٩٨) أثبتناها بقرينة ما في الكتب التي نقلت عن «المقنع» هذا المطلب ، فقد جاءت الجملة فيها كما يلي : ففي الغيبة ـ للطوسي ، ص ٩٩ ـ : «أن نقول : إنا أولا لا نقطع على استتاره عن جميع أوليائه ...) وفي إعلام الورى ـ المطبوع ، ص ٤٧١ ـ : «قال : أولا نحن لا نقطع ...» وفي مخطوطته ـ الورقة ٢١٩ ـ : «قال : نحن أولا لا نقطع ...».

(٩٩) التجويز هنا بمعنى الاحتمال ، فيناسب عدم القطع بعدم الظهور فيما سبق.

(١٠٠) في «ج» : لأئمة.


يقال : قد علمنا أن العلم بإمام الزمان على سبيل التعيين والتمييز لا يتم إلا بالمعجز ، فإن النص ـ في إمامة هذا الإمام خاصة ـ غير كاف في تعينه ، ولا بد من المعجز الظاهر على يده حتى نصدقه في أنه ابن الحسن عليهما السلام.

والعلم بالمعجز ودلالته على الظهور ، طريقه الاستدلال الذي يجوز أن تعترض فيه الشبهة.

ومن عارضته شبهة في من ظهر على يده معجز ، فاعتقد أنه زور ومخرقة ، وأن مظهره كذاب متقول ، لحق بالأعداء في الخوف من جهته.

[جهة الخوف من الأولياء عند الظهور]

فإن قيل : فأي تقصير وقع من الولي الذي لم يظهر له الإمام لأجل هذا المعلوم من حاله (١٠١)؟

وأي قدرة له على فعل ما يظهر له الإمام معه؟

وإلى أي شئ يفزع في تلافي سبب غيبته عنه؟

قلنا : ما أحلنا ـ في سبب الغيبة عن الأولياء ـ إلا على معلوم يظهر موضع التقصير فيه ، وإمكان تلافيه :

لأنه غير ممتنع أن يكون من المعلوم من حاله أنه متى ظهر له الإمام قصر في النظر في معجزه ، وإنما أتي في ذلك : لتقصير (١٠٢) الناظر في العلم

__________________

(١٠١) في «ج» : جهله.

(١٠٢) كان في نسختي الكتاب : التقصير. وما أثبتناه هو المناسب للسياق.


بالفرق بين المعجز والممكن ، والدليل من ذلك وما ليس بدليل.

ولو كان من هذا الأمر على قاعدة صحيحة وطريقة مستقيمة : لم يجز أن يشتبه عليه معجز الإمام عند ظهوره له.

فيجب عليه تلافي هذا التقصير واستدراكه ، حتن يخرج بذلك من حد من يشتبه عليه المعجز بغيره.

[هل تكليف الولي بالنظر ، هو بما لا يطاق؟]

وليس لأحد أن يقول : هذا تكليف ما لا يطاق ، وحوالة على غيب لا يدرك؟ لأن هذا الولي ليس يعرف ما قصر فيه بعينه من النظر والاستدلال ، فيستدركه ، حتى يتمهد في نفسه ويتقرر ، ونراكم تلزمونه على ما لا يلزمه؟!

والجواب عن هذا الاعتراض :

أن ما يلزم في التكليف قد يتميز وينفرد ، وقد يشتبه بغيره ويختلط ـ وإن كان التمكن من الأمرين حاصلا ثابتا ـ فالولي على هذا إذا حاسب نفسه ورأى إمامه لا يظهر له ، وأعتقد (١٠٣) أن يكون السبب في الغيبة ما ذكرناه من الوجوه الباطلة (وأجناسها : علم أنه لا بد من سبب يرجع إليه) (١٠٤).

وإذا رأى أن أقوى الأسباب ما ذكرناه : علم أن تقصيرا واقعا من

__________________

(١٠٣) كان في «أ» : وافد. وفي «ج» : وأفسد. وما أثبتناه هو المناسب للسياق.

(١٠٤) ما بين القوسين سقط من «أ».


جهته في صفات المعجز وشروطه ، فعليه ـ حينئذ ـ معاودة النظر في ذلك ، وتخليصه من الشوائب ، وتصفيته مما يقتضي الشبهة ويوجب الالتباس.

فإنه متى اجتهد في ذلك حق الاجتهاد ، ووفى النظر نصيبه غير مبخوس ولا منقوص : فلا بد له من وقوع العلم بالفراق بين الحق والباطل.

وإذا وقع العلم بذلك : فلا بد من زوال سبب الغيبة عن الولي.

وهذه المواضع : الإنسان فيها على نفسه بصيرة ، وليس يمكن أن يؤمر فيها بأكثر من التناهي في الاجتهاد والبحث والفحص والاستسلام للحق.

[استكمال الشروط ، أساس الوصول إلى النتيجة]

وما للمخالف لنا في هذه المسألة إلا مثل ما عليه :

لأنه يقول : إن النظر في الدليل إنما يولد العلم على صفات مخصوصة ، وشروط كثيرة معلومة ، متى اختل شرط منها لم يتولد العلم بالمنظور فيه.

فإذا قال لهم مخالفوهم : قد نظرنا في الأدلة كما تنظرون فلم يقع لنا العلم بما تذكرون أنكم عالمون به؟

كان جوابهم : إنكم ما نظرتم على الوجه الذي نظرنا فيه ، ولا تكاملت لكم شروط توليد النظر العلم ، لأنها كثيرة ، مختلفة ، مشتبهة.

فإذا قال لهم مخالفوهم : ما تحيلوننا في الإخلال بشروط توليد النظر إلا على سراب ، وما تشيرون إلى شرط معين أخللنا به وقصرنا فيه؟!


كان جوابهم : لا بد ـ متى لم تكونوا عالمين كما علمنا ـ من تقصير وقع منكم في بعض شروط النظر ، لأنكم لو كملتم الشروط واستوفيتموها لعلمتم كما علمنا ، فالتقصير منكم على سبيل الجملة واقع ، وإن لم يمكننا الإشارة إلى ما قصرتم فيه بعينه ، وأنتم مع هذا متمكنون من أن تستوفوا شروط النظر وتستسلموا للحق وتخلو قلوبكم من الاعتقادات والأسباب المانعة من وقوع العلم ، ومتى فعلتم ذلك فلا بد من أن تعلموا ، والانسان على نفسه بصيرة.

وإذا كان هذا الجواب منهم صحيحا ، فبمثله أجبناهم.

[الفرق بين الولي والعدو في علة الغيبة]

فإن قيل : فيجب ـ على هذا ـ أن يكون كل ولي لم يظهر له الإمام يقطع على أنه على كبيرة عظيمة تلحق بالكفر ، لأنه مقصر ـ على ما فرضتموه ـ فيما يوجب غيبة الإمام عنه ، ويقتضي تفويته ما فيه مصلحته ، فقد لحق الولي ـ على هذا ـ بالعدو.

قلنا : ليس يجب في التقصير ـ الذي أشرنا إليه ـ أن يكون كفرا ولا ذنبا عظيما ، لأنه في هذه الحال الحاضرة ما اعتقد في الإمام أنه ليس بإمام ، ولا أخافه على نفسه ، وإنما قصر في بعض العلوم تقصيرا كان كالسبب في أنه علم من حاله أن ذلك يؤدي إلى أن الشك في الإمامة يقع منه مستقبلا ، والآن ليس بواقع ، فغير لازم في هذا التقصير أن يكون بمنزلة ما يفضي إليه مما المعلوم أنه سيكون.

غير إنه ، وإن لم يلزم أن يكون كفرا ، ولا جاريا مجرى تكذيب الإمام


والشك في صدقه ، فهو ذنب وخطأ ، لا (١٠٥) ينافيان الإيمان واستحقاق الثواب.

وأن «لا» (١٠٦) يلحق الولي بالعدو على هذا التقدير ، لأن العدو ـ في الحال ـ معتقد في الإمامة ما هو كفر وكبيرة ، والولي بخلاف ذلك.

[سبب الكفر في المستقبل ، ليس كفرا في الحال]

والذي يبين ما ذكرناه ـ من أن ما هو كالسبب في الكفر لا يلزم أن يكون في الحال كفرا ـ أنه لو اعتقد معتقد في القادر منا بقدرة : «أنه يصح أن يفعل في غيره من الأجسام من غير مماسة» فهذا خطأ وجهل ليس بكفر ، ولا يمتنع أن يكون المعلوم من حال المعتقد أنه لو ظهر نبي يدعو إلى نبوته ، وجعل معجزه أن يفعل الله على يديه فعلا بحيث لا تصل إليه أسباب البشر ـ وهذا لا محالة علم معجز ـ أنه كان يكذبه فلا يؤمن به ، ويجوز أن يقدر أنه كان يقتله ، وما سبق من اعتقاده في مقدور القادر كالسبب في هذا ، ولم يلزم أن يجري مجراه في الكبر والعظم.

وهذه جملة (من الكلام في) (١٠٧) الغيبة يطلع بها على أصولها وفروعها ، ولا يبقى بعدها إلا ما هو كالمستغنى عنه.

ومن الله نستمد المعونة وحسن التوفيق لما وافق الحق وطابقه ، وخالف

__________________

(١٠٥) في «أ» : ولا.

(١٠٦) أضفناها لضرورة المعنى. يعني : أن الذنب والخطأ لا ينافيان أن لا يلحق الولي بالعدو للعلة التي ذكرها.

(١٠٧) في «ج» : في الكلام و...


الباطل وجانبه (وهو السميع المجيب بلطفه ورحمته ، وحسبنا الله ونعم الوكيل) (١٠٨).

تم كتاب «المقنع» والحمد لله أولا وآخرا

(وظاهرا وباطنا) (١٠٩).

__________________

(١٠٨) ما بين القوسين سقط من «ج».

(١٠٩) في «ج» والحمد لله وحده.

وجاء في «أ» بعد كلمة «وباطنا» ما نصه : بقلم الفقير إبراهيم بن محمد الحرفوشي ، في اليوم الثامن من شهر شعبان المبارك سنة سبعين وألف.


(كتاب الزيادة المكمل بها كتاب «المقنع»

للسيد المرتضى علم الهدى علي بن الحسين الموسوي) (١١٠)

[مقدمة الزيادة المكملة]

بسم الله الرحمن الرحيم

قال السيد المرتضى علم الهدى (قدس الله روحه ، ورضي عنه وأرضاه) (١١١) :

قد ذكرنا في كتابنا (١١٢) «الشافي في الإمامة» ثم في كتابنا (١١٣) «المقنع في الغيبة» السبب في استتار إمام الزمان عليه‌السلام عن أعدائه وأوليائه (١١٤) ، وخالفنا بين السببين ، وبينا أن عدم الانتفاع ـ من الجميع ـ به : لشئ يرجع إليهم ، لا إليه ، واستقصينا ذلك وبلغنا فيه أبعد غاية.

ثم استأنفنا في «المقنع» طريقة غريبة لم نسبق إليها ، ودللنا على أنه

__________________

(١١٠) في «ج» بدل ما بين القوسين : هذه زيادة يكمل بها كتاب «المقنع».

(١١١) ما بين القوسين ليس في «ج».

(١١٢) في «ج» : كتاب.

(١١٣) في «ج» : كتاب.

(١١٤) الشافي ١ / ١٤٤ فما بعدها ، المقنع : ١٩٩ فما بعدها من طبعتنا هذه.


لا يجب علينا بيان السبب في غيبته على التعيين ، بل يكفي في العلم بحسن الغيبة منه علمنا بعصمته وأنه ممن لا يفعل قبيحا ولا يترك واجبا ، وضربنا لذلك الأمثال في الأصول ، وأن مثل ذلك مستعمل في مواضع كثيرة.

وخطر ببالنا الآن ما لا بد من ذكره ليعرف ، فهو قوي سليم من الشبه (١١٥) والمطاعن.

[استلهام الأولياء من وجود الإمام

ولو في الغيبة]

وجملته : أن أولياء إمام الزمان عليه‌السلام وشيعته ومعتقدي إمامته ينتفعون به في حال غيبته (١١٦) النفع الذي نقول إنه لا بد ـ في التكليف ـ منه ، لأنهم مع علمهم بوجوده بينهم ، وقطعهم على وجوب طاعته عليهم ، ولزومها لهم ، لا بد من أن يهابوه ويخافوه في ارتكاب القبائح ، ويخشوا تأديبه وانتقامه ومؤاخذته وسطوته ، فيكثر منهم فعل الواجب ، ويقل ارتكاب القبيح ، أو يكون ذلك أقرب وأليق ، وهذه هي جهة الحاجة العقلية إلى الإمام.

__________________

(١١٥) في «أ» : الشنعة. وفي «م» : السبة.

(١١٦) في «م» : الغيبة.


[هل الغيبة تمنع الإمام من التأثير والعمل؟]

وكأني بمن سمع هذا من المخالفين ربما عجب وقال : أي سطوة لغائب مستتر خائف مذعور؟!

وأي انتقام يخشى ممن لا يد له باسطة ، ولا أمر نافذ ، ولا سلطان قاهر؟!

وكيف يرهب من لا يعرف ولا يميز ولا يدرى مكانه؟!

والجواب عن هذا : أن التعجب بغير حجة تظهر وبينة تذكر هو الذي يجب العجب منه ، وقد علمنا أن أولياء الإمام وإن لم يعرفوا شخصه ويميزوه بعينه ، فإنهم يحققون وجوده ، ويتيقنون أنه معهم بينهم ، ولا يشكون في ذلك ولا يرتابون به :

لأنهم إن لم يكونوا على هذه الصفة لحقوا بالأعداء ، وخرجوا عن منزلة الأولياء ، وما فيهم إلا من يعتقد أن الإمام بحيث لا تخفى عليه أخباره ، ولا تغيب عنه سرائره ، فضلا عن ظواهره ، وأنه يجوز أن يعرف ما يقع منهم من قبيح وحسن ، فلا يأمنون إن يقدموا على القبائح فيؤدبهم عليها.

ومن الذي يمتنع منهم ـ إن ظهر له الإمام ، وأظهر له معجزة يعلم بها أنه إمام الزمان ، وأراد تقويمه وتأديبه وإقامة حد عليه ـ أن يبذل ذلك من نفسه ويستسلم لما يفعله إمامه به ، وهو يعتقد إمامته وفرض طاعته؟!


[لا فرق في الاستلهام من وجود الأئمة

بين الغيبة والظهور]

وهل حاله مع شيعته غائبا إلا كحاله ظاهرا فيما ذكرناه خاصة ، وفي وجوب طاعته ، والتحرز من معصيته ، والتزام مراقبته ، وتجنب مخالفته.

وليس الحذر من السطوة والاشفاق من النقمة بموقوفين على معرفة العين ، وتمييز الشخص ، والقطع على مكانه بعينه ، فإن كثيرا من رعية الإمام الظاهر لا يعرفون عينه ولا يميزون شخصه ، وفي كثير من الأحوال لا يعرفون مكان حلوله ، وهم خائفون متى فعلوا قبيحا أن يؤدبهم ويقومهم ، وينتفعون بهذه الرهبة حتى يكفوا عن كثير من القبائح ، أو يكونوا أقرب إلى الانكفاف.

وإذا كان الأمر على ما أوضحناه فقد سقط عنا السؤال المتضمن ل : أن الإمام إذا لم يظهر لأعدائه لخوفه منهم وارتيابه بهم ، فألا ظهر لأوليائه؟!

وإلا : فكيف حرم الأولياء منفعتهم ومصلحتهم بشئ جره الأعداء عليهم؟!

وإن هذا شئ ينافي العدل مع استمرار تكليف شيعته ما الإمام لطف فيه؟

لأنا قد بينا أنهم بإمامهم عليه‌السلام مع الغيبة منتفعون ، وأن الغيبة لا تنافي الانتفاع الذي تمس الحاجة إليه في التكليف.

وبينا أنه ليس من شرط الانتفاع الظهور والبروز ، وبرئنا من عهدة


هذا السؤال القوي الذي يعتقد مخالفونا أنه لا جواب عنه ولا محيص منه.

[الظهور للأولياء ليس واجبا]

ومع هذا ، فما نمنع (١١٧) من ظهوره عليه‌السلام لبعضهم إما لتقويم أو تأديب أو وعظ وتنبيه وتعليم ، غير إن ذلك كله غير واجب ، فيطلب في فوته العلل وتتمحل له الأسباب.

وإنما يصعب الكلام ويشتبه إذا كان ظهوره للولي واجبا من حيث لا ينتفع أو يرتدع إلا مع الظهور.

وإذا كان الأمر على خلاف ذلك سقط وجوب الظهور للولي ، لما دللنا عليه من حصول الانتفاع والارتداع من دونه ، فلم تبق شبهة.

[علم الإمام حال الغيبة بما يجري

وطرق ذلك]

فإن قيل : ومن أين يعلم الإمام في حال الغيبة والاستتار بوقوع القبائح من شيعته حتى يخافوا تأديبه عليها ، وهو في حال الغيبة ممن لا يقر عنده مقر ، ولا يشهد لديه شاهد ، وهل هذا إلا تعليل بالباطل؟!

قلنا : ما المتعلل بالباطل إلا من لا ينصف من نفسه ، ولا يلحظ ما عليه كما يلحظ ما له!

__________________

(١١٧) كان في نسخ الكتاب الثلاث : يمنع. وما أثبتناه هو المناسب للسياق.


فأما معرفة الإمام بوقوع القبائح من بعض أوليائه فقد يكون من كل الوجوه التي يعلم منها وقوع ذلك منهم ، وهو ظاهر نافذ الأمر باسط اليد.

[مشاهدته للأمور بنفسه عليه‌السلام]

فمنها : أنه قد يجوز أن يشاهد ذلك فيعرفه بنفسه ، وحال الظهور في هذا الوجه كحال الغيبة ، بل حال الغيبة فيه أقوى :

لأن الإمام إذا لم تعرف عينه ويميز شخصه ، كان التحرز ـ من مشاهدته لنا على بعض القبيح ـ أضيق وأبعد ، ومع المعرفة له بعينه يكون التحرز أوسع وأسهل ، ومعلوم لكل عاقل الفرق بين الأمرين :

لأنا إذا لم نعرفه جوزنا في كل من نراه ـ ولا نعرف نسبه ـ أنه هو ، حتى أنا لا نأمن أن يكون بعض جيراننا أو أضيافنا أو الداخلين والخارجين إلينا ، وكل ذلك مرتفع مع المعرفة والتمييز.

وإذا شاهد الإمام منا قبيحا يوجب تأديبا وتقويما ، أدب عليه وقوم ، ولم يحتج إلى إقرار وبينة ، لأنهما يقتضيان غلبة الظن ، والعلم أقوى من الظن.

[قيام البينة عنده عليه‌السلام]

ومن الوجوه أيضا : البينة ، والغيبة ـ أيضا ـ لا تمنع من استماعها والعمل بها :

لأنه يجوز أن يظهر على بعض الفواحش ـ من أحد شيعته ـ العدد


الذي تقوم به الشهادة عليها ، ويكون هؤلاء العدد ممن يلقى الإمام ويظهر له ـ فقد قلنا : إنا لا نمنع من ذلك ، وإن كنا لا نوجبه ـ فإذا شهدوا عنده بها ، ورأى إقامة حدها : تولاه بنفسه أو بأعوانه ، فلا مانع له من ذلك ، ولا وجه يوجب تعذره.

فإن قيل : ربما لم يكن من شاهد هذه الفاحشة ممن يلقى الإمام ، فلا يقدر على إقامة الشهادة؟

قلنا : نحن في بيان الطرق الممكنة المقدرة في هذا الباب ، لا في وجوب حصولها ، وإذا كان ما ذكرناه ممكنا فقد وجب الخوف والتحرز ، وتم اللطف.

على أن هذا بعينه قائم مع ظهور الإمام وتمكنه :

لأن الفاحشة يجوز ـ أولا ـ أن لا يشاهدها من يشهد بها ، ثم يجوز أن يشاهدها من لا عدالة له فلا يشهد ، وإن شهد لم تقبل شهادته ، وإن شاهدها من العدول من تقبل مثل شهادته يجوز أن لا يختار الشهادة.

وكأننا نقدر على أن نحصي الوجوه التي تسقط معها إقامة الحدود!

ومع ذلك كله فالرهبة قائمة ، والحذر ثابت ، ويكفي التجويز دون القطع.

[الإقرار عند الإمام]

فأما الإقرار : فيمكن أيضا مع الغيبة ، لأن بعض الأولياء ـ الذين ربما ظهر لهم الإمام ـ قد يجوز أن يواقع فاحشة فيتوب منها ، ويؤثر التطهير له


بالحد الواجب فيها ، فيقر بها عنده.

فقد صارت الوجوه التي تكون مع الظهور ثابتة في حال الغيبة.

[احتمال بعد الإمام وقربه]

فإن قيل : أليس ما أحد (١١٨) من شيعته إلا وهو يجوز أن يكون الإمام بعيد الدار منه ، وأنه يحل إما المشرق أو المغرب ، فهو آمن من مشاهدته له على معصيته ، أو أن يشهد بها عليه شاهد (١١٩) ، وهذا لا يلزم مع ظهور الإمام والعلم ببعد داره ، لأنه لا يبعد من بلد إلا ويستخلف فيه من يقوم مقامه ممن يرهب ويخشى ويتقى انتقامه؟!

قلنا : كما لا أحد من شيعته (إلا وهو يجوز بعد محل الإمام عنه ، فكذلك لا أحد منهم) (١٢٠) إلا وهو يجوز كونه في بلده وقريبا من داره وجواره ، والتجويز كاف في وقوع الحذر وعدم الأمان.

وبعد ، فمع (١٢١) ظهور الإمام وانبساط يده ، ونفوذ أمره في جميع الأمة ، لا أحد من مرتكبي القبائح (١٢٢) إلا وهو يجوز خفاء ذلك على الإمام ولا يتصل به ، ومع هذا فالرهبة قائمة ، واللطف بالإمام ثابت.

فكيف ينسى هذا من يلزمنا بمثله مع الغيبة؟!

__________________

(١١٨) كان في «أ» : أليس لأحد. وفي «ج» : أليس أحد.

(١١٩) في «أ» و «ج» : شاهد عليه.

(١٢٠) ما بين القوسين سقط من «ج».

(١٢١) في «م» : ومع.

(١٢٢) في «ج» : القبيح.


[إمكان استخلاف الإمام لغيره

في الغيبة والظهور]

فأما ما مضى في السؤال من : أن الإمام إذا كان ظاهرا متميزا وغاب عن بلد ، فلن يغيب عنه إلا بعد أن يستخلف عليه من يرهب كرهبته؟

فقد ثبت أن التجويز ـ في حال الغيبة ـ لأن يكون قريب الدار منا ، مخالطا لنا ، كاف في قيام الهيبة وتمام الرهبة.

لكننا ننزل على هذا الحكم فنقول (١٢٣) : ومن الذي يمنع من قال بغيبة الإمام (من مثل ذلك ، فنقول : إن الإمام) (١٢٤) لا يبعد في أطراف الأرض إلا بعد أن يستخلف من أصحابه وأعوانه ، فلا بد من أن يكون له ، وفي صحبته ، أعوان وأصحاب على كل بلد يبعد عنه من يقوم مقامه في مراعاة ما يجري من شيعته ، فإن جرى ما يوجب تقويما ويقتضي تأديبا تولاه هذا المستخلف كما يتولاه الإمام بنفسه.

فإذا قيل : وكيف يطاع هذا المستخلف؟! ومن أين يعلم الولي الذي يريد تأديبه أنه خليفة الإمام؟!

قلنا : بمعجز يظهره الله تعالى على يده ، فالمعجزات على مذاهبنا تظهر على أيدي الصالحين فضلا عمن يستخلفه الإمام ويقيمه مقامه.

فإن قيل : إنما يرهب خليفة الإمام مع بعد الإمام إذا عرفناه وميزناه!

__________________

(١٢٣) سقطت الجملة التالية من «م» لغاية كلمة «فنقول» التالية.

(١٢٤) ما بين القوسين سقط من «أ».


قيل : قد مضى من هذا الزمان (١٢٥) ما فيه كفاية.

وإذا كنا نقطع على وجود الإمام في الزمان ومراعاته لأمورنا ، فحاله عندنا منقسمة إلى أمرين ، لا ثالث لهما :

إما أن يكون معنا في بلد واحد ، فيراعي أمورنا بنفسه ، ولا يحتاج إلى غيره.

أو بعيدا عنا ، فليس يجوز ـ مع حكمته ـ أن يبعد إلا بعد أن يستخلف من يقوم مقامه ، كما يجب أن يفعل لو كان ظاهر العين متميز الشخص.

وهذه غاية لا شبهة بعدها.

[الفرق بين الغيبة والظهور

في الانتفاع بوجود الإمام]

فإن قيل : هذا تصريح منكم بأن ظهور الإمام كاستتاره في الانتفاع به والخوف منه ونيل المصالح من جهته ، وفي ذلك ها تعلمون! (١٢٦).

قلنا : إنا لا نقول : إن ظهوره في المرافق ـ به ـ والمنافع كاستتاره ، وكيف نقول ذلك وفي ظهوره وانبساط يده وقوة سلطانه ، انتفاع الولي والعدو ، والمحب والمبغض؟! وليس ينتفع به في حال الغيبة ـ الانتفاع الذي

__________________

(١٢٥) كلمة «الزمان» ليس في «أ»

(١٢٦) يعني أن هذا يقتضي أن لا يكون هناك فرق بين حالتي الغيبة والظهور ، في أداء الإمام دوره الإلهي ، وهو ظاهر التهافت لوضوح الفرق بين الأمرين ، مع أن هذا يؤدي إلى بطلان جميع ما تحدثتم به عن الغيبة وعللها ومصالحها وغير ذلك.


أشرنا إليه ـ إلا وليه دون عدوه.

وفي ظهوره وانبساطه ـ أيضا ـ منافع جمة لأوليائه وغيرهم ، لأنه يحمي بيضتهم ، ويسد ثغورهم ، ويؤمن سبلهم ، فيتمكنون من التجارات والمكاسب والمغانم ، ويمنع من ظلم غيرهم لهم ، فتتوفر أموالهم ، وتدر معايشهم ، وتتضاعف مكاسبهم.

غير إن هذه منافع دنياوية لا يجب ـ إذا فاتت بالغيبة ـ أن يسقط التكليف معها ، والمنافع الدينية الواجبة في كل حال بالإمامة قد بينا أنها ثابتة مع الغيبة ، فلا يجب سقوط التكليف لها.

ولو قلنا ـ وإن كان ذلك ليس بواجب ـ : إن انتفاعهم به على سبيل اللطف في فعل الواجب ، والامتناع من القبيح ـ وقد بينا ثبوته في حال الغيبة ـ يكون أقوى في حال الظهور للكل وانبساط اليد في الجميع ، لجاز :

لأن اعتراض ما يفوت قوة اللطف ـ مع ثبوت أصله ـ لا يمنع من الانتفاع به على الوجه الذي هو لطف فيه ، ولا يوجب سقوط التكليف.

[هل يقوم شئ مقام الإمام في أداء دوره]

فإن قيل : ألا جوزتم أن يكون أولياؤه غير منتفعين به في حال الغيبة ، إلا أن الله تعالى يفعل لهم من اللطف في هذه الأحوال ما يقوم في تكليفهم مقام الانتفاع بالإمام؟! كما قاله جماعة من الشيوخ في إقامة الحدود إذا فاتت ، فإن الله تعالى يفعل ما يقوم مقامها في التكليف.

قلنا : قد بينا أن أولياء الإمام ينتفعون به في أحوال الغيبة على وجه


لا مجال للريب عليه ، وبهذا القدر يسقط السؤال.

ثم يبطل من وجه آخر ، وهو : أن تدبير الإمام وتصرفه واللطف لرعيته به ، مما لا يقوم ـ عندنا ـ شئ من الأمور مقامه. ولولا أن الأمر على ذلك لما وجبت الإمامة على كل حال ، وفي كل مكلف ، ولكان تجويزنا قيام غيرها مقامها في اللطف يمنع من القطع على وجوبها في كل الأزمان.

وهذا السؤال طعن في وجوب الإمامة ، فكيف نتقبله ونسأل عنه في علة الغيبة؟!

وليس كذلك الحدود ، لأنها إذا كانت لطفا ، ولم يمنع دليل عقلي ولا سمعي من جواز نظير لها وقائم في اللطف مقامها ، جاز أن يقال : إن الله تعالى يفعل عند فوتها ما يقوم مقامها ، وهذا على ما بيناه لا يتأتى في الإمامة.

[كيف يعلم الإمام بوقت ظهوره]

فإن قيل : إذا علقتم ظهور الإمام بزوال خوفه من أعدائه ، وأمنه من جهتهم :

فكيف يعلم ذلك؟

وأي طريق له إليه؟

وما يضمره أعداؤه أو يظهرونه ـ وهم في الشرق والغرب والبر والبحر ـ لا سبيل له إلى معرفته على التحديد والتفصيل!

قلنا : أما الإمامية فعندهم : أن آباء الإمام عليه وعليهم‌السلام


عهدوا إليه وأنذروه وأطلعوه على ما عرفوه من توقيف الرسول (صلى الله عليه وآله) (١٢٧) على زمان الغيبة وكيفيتها ، وطولها وقصرها ، وعلاماتها وأماراتها ، ووقت الظهور ، والدلائل على (تيسيره وتسهيله) (١٢٨).

وعلى هذا لا سؤال علينا ، لأن زمان الظهور إذا كان منصوصا على صفته ، والوقت الذي يجب أن يكون فيه ، فلا حاجة إلى العلم بالسرائر والضمائر.

وغير ممتنع ـ مضافا إلى ما ذكرناه ـ أن يكون هذا الباب موقوفا على غلبة الظن وقوة الأمارات وتظاهر الدلالات.

وإذا كان ظهور الإمام إنما هو بأحد أمور : إما بكثرة أعوانه وأنصاره ، أو قوتهم ونجدتهم ، أو قلة أعدائه ، أو ضعفهم وجورهم ، وهذه أمور عليها أمارات يعرفها من نظر فيها وراعاها ، وقربت مخالطته لها ، فإذا أحس الإمام عليه‌السلام بما ذكرناه ـ إما مجتمعا أو متفرقا ـ وغلب في ظنه السلامة ، وقوي عنده بلوغ الغرض والظفر بالأرب ، تعين عليه فرض الظهور ، كما يتعين على أحدنا فرض الإقدام والإحجام عند الأمارات المؤمنة والمخيفة.

[هل يعتمد الإمام على الظن

في أسباب ظهوره]

فإن قيل : إذا كان من غلب عنده ظن السلامة ، يجوز خلافها ، ولا يأمن أن يحقق ظنه ، فكيف يعمل إمام الزمان ومهدي الأمة على الظن في

__________________

(١٢٧) في «أ» : عليه‌السلام.

(١٢٨) في «ج» : تيسره وتسهله.


الظهور ورفع التقية وهو مجوز يقتل ويمنع؟!

قلنا : أما غلبة الظن فتقوم مقام العلم في تصرفنا وكثير من أحوالنا الدينية والدنياوية من غير علم بما تؤول إليه العواقب ، غير أن الإمام خطبه يخالف خطب غيره في هذا الباب ، فلا بد فيه من أن يكون قاطعا على النصر والظفر.

[الجواب على مسلك المخالفين]

وإذا سلكنا في هذه المسألة الطريق الثاني من الطريقين اللذين ذكرناهما ، كان لنا أن نقول : إن الله تعالى قد أعلم إمام الزمان ـ من جهة وسائط علمه ، وهم آباؤه وجده رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ أنه متى غلب في ظنه الظفر وظهرت له أمارات السلامة ، فظهوره واجب ولا خوف عليه من أحد ، فيكون الظن ها هنا طريقا إلى (١٢٩) العلم ، وبابا إلى القطع.

وهذا كما يقوله أصحاب القياس إذا قال لهم نافوه في الشريعة ومبطلوه : كيف يجوز أن يقدم ـ من يظن أن الفرع مشبه للأصل في الإباحة ، ومشارك له في علتها ـ على الفعل ، وهو يجوز أن يكون الأمر بخلاف ظنه؟ لأن الظن لا قطع معه ، والتجويز ـ بخلاف ما تناوله ـ ثابت ، أوليس هذا موجبا أن يكون المكلف مقدما على ما لا يأمن كونه قبيحا؟! والإقدام على ما لا يؤمن قبحه كالإقدام على ما يعلم قبحه.

لأنهم يقولون : تعبد الحكيم سبحانه بالقياس يمنع من هذا

__________________

(١٢٩) في «م» : من.


التجويز ، لأن الله تعالى إذا تعبد بالقياس فكأنه عزوجل قال : «من غلب على ظنه بأمارات ، فظهر له في فرع أنه يشبه أصلا محللا فيعمل على ظنه ، فذلك فرضه والمشروع له» فقد أمن بهذا الدليل ومن هذه الجهة الإقدام على القبيح ، وصار ظنه ـ أن الفرج يشبه الأصل في الحكم المخصوص ـ طريقا إلى العلم بحاله وصفته في حقه وفيما يرجع إليه ، وإن جاز أن يكون حكم غيره في هذه الحادثة بخلاف حكمه إذا خالفه في غلبة الظن.

ومن هذه حجته وعليها عمدته ، كيف يشتبه عليه ما ذكرناه في غلبة الظن للإمام بالسلامة والظفر؟!

والأولى بالمنصف أن ينظر لخصمه كما ينظر لنفسه ويقنع به من نفسه.

[كيف يساوى بين حكم الظهور والغيبة

مع أن مبنى الأول الضرورة ،

ومبنى الثاني النظر]

فإن قيل : كيف يكون الإمام لطفا لأوليائه في أحوال غيبته (١٣٠) ، وزاجرا لهم عن فعل القبيح ، وباعثا على فعل الواجب على الحد الذي يكون عليه مع ظهوره؟ وهو :

إذا كان ظاهرا متصرفا : علم ضرورة ، وخيفت سطوته وعقابه مشاهدة.

__________________

(١٣٠) في «م» : الغيبة.


وإذا كان غائبا مستترا : علم ذلك بالدلائل المتطرق عليها ضروب الشبهات.

وهل الجمع بين الأمرين إلا دفعا للعيان؟!

قلنا : هذا سؤال لم يصدر عن تأمل :

لأن الإمام ، وإن كان مع ظهوره نعلم وجوده ضرورة ، ونرى تصرفه مشاهدة ، فالعلم بأنه الإمام المفترض (١٣١) الطاعة المستحق للتدبير والتصرف ، لا يعلم إلا بالاستدلال الذي يجوز اعتراض الشبهة فيه / (١٣٢).

والحال ـ في العلم بأنه / (١٣٣) الإمام المفروض الطاعة ، وأن الطريق إليه الدليل في الغيبة والظهور ـ واحد (ة) (١٣٤).

فقد صارت المشاهدة والضرورة لا تغني في هذا الباب شيئا ، لأنهما مما لا يتعلقان إلا بوجود عين الإمام ، دون صحة إمامته ووجوب طاعته.

واللطف إنما هو ـ على هذا ـ يتعلق بما هو غير مشاهد.

وحال الظهور ـ في كون الإمام عليه‌السلام لطفا لمن يعتقد إمامته وفرض طاعته ـ (كحال الغيبة) (١٣٥).

__________________

(١٣١) في «م» : المفروض.

(١٣٢) إلى هنا تنتهي نسخة «ج».

(١٣٣) إلى هنا تنتهي نسخة «أ». وجاء هنا ما نصه :

والله أعلم ببقية النسخة إلى هنا ، وفرغ تعليقها نهار الاثنين الثامن من شهر شعبان المبارك ، من شهور سنة سبعين وألف ، الفقير الحقير ، المقر بالذنب والتقصير ، إبراهيم بن محمد الحرفوشي العاملي ، عامله الله بلطفه ، وصلى الله على محمد وآله الطاهرين.

(١٣٤) أثبتناه لضرورة السياق ، لأنها خبر «والحال».

(١٣٥) أثبتناه لضرورة السياق.


وسقطت الشبهة.

والحمد لله وحده ،

وصلى الله على محمد وآله وسلم (١٣٦).

__________________

(١٣٦) جاء هنا في نهاية نسخة «م» ما نصه : كتب العبد محمد بن إبراهيم الأوالي. وفرغت من مقابلته وتتميم كتابته على نسخة مخطوطة في القرن العاشر ، بخط محمد بن إبراهيم بن عيسى البحراني الأوالي ، ضمن مجموعة قيمة في مكتبة السيد المرعشي العامة العامرة ، في مدينة قم ، في يوم الأربعاء سابع محرم الحرام من سنة ١٤١٠ ، وأنا المرتهن بذنبه ، الفقير إلى عفو ربه ، عبد العزيز الطباطبائي.


مصادر المقدمة والتحقيق

١ ـ إعلام الورى بأعلام الهدى ، لأمين الإسلام الفضل بن الحسن الطبرسي (ت ٥٤٨ ه) دار الكتب الإسلامية ـ طهران ، بالتصوير على طبعة النجف الأشرف.

ومخطوطة منه ، من القرن السابع الهجري ، من محفوظات مكتبة مؤسسة آل البيت ـ عليهم‌السلام ـ لإحياء التراث / قم.

٢ ـ تنزيه الأنبياء والأئمة ، للشريف المرتضى علي بن الحسين الموسوي (٣٥٥ ـ ٤٣٦ ه) منشورات الشريف الرضي ـ قم (مصور).

٣ ـ الذخيرة في علم الكلام ، للشريف المرتضى علي بن الحسين الموسوي (٣٥٥ ـ ٤٣٦ ه) تحقيق السيد أحمد الحسيني ، جماعة المدرسين ـ قم / ١٤١١ ه.

٤ ـ الذريعة إلى تصانيف الشيعة ، للشيخ آقا بزرك الطهراني (ت ١٣٨٩ ه) الطبعة الثانية ، دار الأضواء ـ بيروت / ١٤٠٣ ه.

٥ ـ رجال النجاشي ، للشيخ أبي العباس أحمد بن علي النجاشي (٣٧٢ ـ ٤٥٠ ه) تحقيق السيد موسى الشبيري الزنجاني ، جماعة المدرسين ـ قم / ١٤٠٧ ه.

٦ ـ رسالة في غيبة الحجة (رسائل الشريف المرتضى ـ المجموعة الثانية) للشريف المرتضى علي بن الحسين الموسوي (٣٥٥ ـ ٤٣٦ ه) إعداد السيد مهدي الرجائي ، دار القرآن الكريم ـ قم / ١٤٠٥ ه.

٧ ـ الشافي في الإمامة ، للشريف المرتضى علي بن الحسين الموسوي (٣٥٥ ـ ٤٣٦ ه) تحقيق السيد عبد الزهراء الحسيني الخطيب ، مؤسسة الصادق ـ طهران / ١٤١٠ ه ، بالتصوير على طبعة بيروت.

٨ ـ الصحاح ، لإسماعيل بن حماد الجوهري ، تحقيق أحمد عبد الغفور عطار ، الطبعة الثالثة ، دار العلم للملايين ـ بيروت / ١٤٠٤ ه.

٩ ـ الغيبة ، لشيخ الطائفة الطوسي (٣٨٥ ـ ٤٦٠ ه) تحقيق الشيخ عباد الله الطهراني. والشيخ علي أحمد ناصح ، مؤسسة المعارف الإسلامية ـ قم / ١٤١١ س.

١٠ ـ الفرق بين الفرق ، لعبد القاهر بن طاهر الأسفرائيني (ت ٤٢٩ ه) تحقيق محمد


محي الدين عبد الحميد ، دار المعرفة ـ بيروت.

١١ ـ فرق الشيعة ، لأبي محمد الحسن النوبختي (ق ٣ ه) تصحيح السيد محمد صادق بحر العلوم ، المكتبة المرتضوية ـ النجف الأشرف / ١٣٥٥ ه.

١٢ ـ الفهرست ، لشيخ الطائفة الطوسي (٣٨٥ ـ ٤٦٠ ه) منشورات الشريف الرضي ـ قم ، بالتصوير على طبعة المكتبة المرتضوية في النجف الأشرف بالعراق.

١٣ ـ لسان العرب ، لابن منظور المصري ، أدب الحوزة ـ قم / ١٤٠٥ ه (مصور).

١٤ ـ معجم الأدباء ، لياقوت الحموي ، الطبعة الثالثة ، دار الفكر ـ بيروت / ١٤٠٠ هجرية.

١٥ ـ معجم البلدان ، لياقوت الحموي ، دار صادر ـ بيروت / ١٣٩٩ ه.

١٦ ـ مفتاح السعادة ومصباح السيادة ، لأحمد بن مصطفى طاش كبرى زاه ، الأولى ، دار الكتب العلمية ـ بيروت / ١٤٠٥ ه.

٧ ١ ـ الملل والنحل ، للشهرستاني (٤٧٩ ـ ٥٤٨ ه) تخريج محمد بن فتح الله بدران ، منشورات الشريف الرضي ـ قم ، بالتصوير على الطبعة الثانية.

وطبعة أخرى ، بتحقيق محمد سيد كيلاني ، دار المعرفة ـ بيروت.

١٨ ـ الواقفية .. دراسة تحليلية ، للشيخ رياض محمد حبيب الناصري ، المؤتمر العالمي للإمام الرضا عليه‌السلام ـ مشهد / ١٤٠٩ و ١٤١١ ه.


من أنباء التراث

كيف ترى النور لأول مرة

* مناقب الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، ج ١ ـ ٣.

تأليف : الحافظ أي جعفر محمد بن سليمان الكوفي ، قاضي صعدة باليمن ، من أعلام القرن الثالث الهجري.

من أحسن كتب المناقب وأجمعها ، يحوي أكثر من ألف حديث ، جمعها المؤلف عن شيوخه بأسانيد معروفة ، فأكثر مواضيعه مما اشترك في روايته الخاصة والعامة ، وأكثر رواة هذه المراضيع من رواة صحاح العامة.

تحقيق : الشيخ محمد باقر المحمودي.

نشر : مجمع إحياء الثقافة الإسلامية ـ قم / ١٤١٢ ه.

* المهذب البارع في شرح المختصر النافع ، ج ٤.

تأليف : الشيخ جمال الدين أبي العباس أحمد بن محمد بن فهد الحلي (٧٥٧ ـ ٨٤١ هجرية).

هو شرح لكتاب «المختصر النافع» في فقه الإمامية ، للمحقق الحلي ، أبي القاسم نجم الدين جعفر بن الحسن الهذلي (٦٠٢ ـ ٦٧٦ هجرية).

أورد في كل مسألة أقوال علماء الإمامية وأدلة كل قول ، وبين الخلاف في كل مسألة خلافية ، وغيرها مما يتعلق بتلك البحوث.

اشتمل هذا الجزء على كتب : اللعان ، العتق ، التدبير ، الإقرار ، الأيمان ، النذور


والعهود ، الصيد والذبائح ، الأطعمة والأشربة ، الغصب ، الشفعة ، إحياء الموات ، اللقطة ، المواريث ، القضاء ، والشهادات.

تحقيق : الشيخ مجتبى العراقي.

نشر : مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين في الحوزة العلمية ـ قم / ١٤١٢ ه.

* معراج أهل الكمال إلى معرفة الرجال.

تأليف : المحقق البحراني ، الشيخ سليمان بن عبد الله الماحوزي (١٠٧٥ ـ ١١٢١ ه).

هو الشرح الوحيد لكتاب «الفهرست» لشيخ الطائفة الطوسي ـ المتوفى سنة ٤٦٠ ه ـ أحد الأصول الرجالية الخمسة للطائفة ، حاول فيه المؤلف ـ رحمه‌الله ـ أن يكون دراسة مستوعبة للفهرست ، فنبه على أماكن التصحيف وغيره بدقة شديدة ، وأضاف إليه تعليقات وملاحظات مهمة.

تم تحقيقه بالاعتماد على أربع نسخ مخطوطة ذكرت في مقدمة التحقيق.

تحقيق : السيد مهدي الرجائي.

وقد صدر في قم مؤخرا منضما إليه كتاب المؤلف الآتي «بلغة المحدثين».

* بلغة المحدثين.

تأليف : المحقق البحراني ، الشيخ سليمان بن عبد الله الماحوزي (١٠٧٥ ـ ١١٢١ ه).

كتاب في أحوال الرجال ، اقتصر فيه على ما اتضح له من أحوالهم ، فذكر الثقات والممدوحين والموثقين دون الضعفاء والمشكوك في حالهم أو من لم تثبت وثاقته أو ممدوحيته.

تم تحقيقه على نسخة مخطوطة ذكرت في مقدمة التحقيق.

تحقيق : عبد الزهراء العويناتي البلادي.

وقد صدر في قم مؤخرا منضما إلى كتاب المؤلف آنف الذكر.

* تفسير آية المودة.

تأليف : الشيخ أبي العباس أحمد بن محمد بن شهاب الدين الخفاجي الحنفي المصري (٩٧٩ ـ ١٠٦٩ ه).

كتاب في بيان ما لأهل البيت عليهم السلام من فرض المحبة ، وذكر مناقب أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام ، إضافة إلى تفسير آية (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) الشورى ٤٢ : ٢٣ ، واختصاصها بأهل بيت


النبي عليهم‌السلام.

تحقيق : الشيخ محمد باقر المحمودي.

نشر : مجمع إحياء الثقافة الإسلامية ـ قم / ١٤١٢ ه.

* كنز الدقائق وبحر الغرائب ، ج ٦ و ٧.

تأليف : الشيخ محمد بن محمد رضا بن إسماعيل المشهدي ، من أعلام القرنين الحادي عشر والثاني عشر الهجريين.

تفسير للقرآن الكريم ، جمع بين التفسير اللغوي وبين التفسير بالمأثور عن أئمة أهل البيت عليهم‌السلام.

اشتمل هذان الجزءان على تفسير السور الكريمة من الكهف لغاية الروم.

تحقيق ونشر : مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين في الحوزة العلمية ـ قم / ١٤١٢ ه.

* الإمامة.

تأليف : العلامة السيد أسد الله الموسوي الأصفهاني ابن السيد محمد باقر الشفتي الجيلاني (١٢٢٧ ـ ١٢٩٠ ه).

كتاب كبير حسن في موضوعه ، في مقدمة وأثني عشر بابا ، تطرق فيها إلى معنى الإمامة ومراتبها والحاجة إليها وصفات الإمام ، والنص على إمامة أمير المؤمنين الإمام علي بن

أبي طالب عليه‌السلام بخبر الغدير ، وتكلم ، حول سند الخبر ودلالته.

تم تحقيقه بالاعتماد على نسختين مخطوطتين ذكرتا في مقدمة التحقيق.

تحقيق : السيد مهدي الرجائي.

نشر : مكتبة مسجد السيد حجة الإسلام الشفتي ـ أصفهان / ١٤١١ ه.

كتب صدرت محققة

* تفصيل وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة ، ج ٢١ ـ ٢٤.

تأليف : الفقيه المحدث الشيخ محمد بن الحسن الحر العاملي (١٠٣٣ ـ ١١٠٤ ه).

موسوعة فقهية حديثية قيمة ، جمع فيها المؤلف ـ قدس‌سره ـ لأحاديث الرسول الأكرم وأهل بيته المعصومين الطاهرين صلوات الله وسلامه عليه وعليهم أجمعين ، فزادت على العشرين ألف حديث مما صار مدار عمل فقهاء الإمامية.

اشتملت الأجزاء الأربعة هذه على بقية كتاب النكاح ، وكتب : الطلاق ، الخلع والمباراة ، الظهار ، الايلاء والكفارات ، اللعان ، العتق ، التدبير والمكاتبة والاستيلاد ، الإقرار ، الجعالة ، الأيمان ، النذر والعهد ، الصيد والذبائح والقسم


الأول من كتاب الأطعمة والأشربة.

تحقيق ونشر : مؤسسة آل البيت ـ عليهم السلام ـ لإحياء التراث ، قم / ١٤١٢ ه.

* الدروس الشرعية في فقه الإمامية ، ج ١.

تأليف : الشهيد الأول ، الشيخ أبي عبد الله محمد بن مكي الجزيني العاملي ، المستشهد سنة ٧٨٦ ه.

سفر قيم ، يعد مختصرا لكتابيه «ذكرى الشيعة» و «البيان» إلا أنه غير جامع لأبواب الفقه ، فأتمه السيد جعفر الملحوس بكتابه «تكملة الدروس».

كان مطبوعا على الحجر في إيران ، ثم أعيد طبعه فيها أيضا حروفيا.

تم تحقيقه على عدة نسخ مخطوطة مضافا إليه كتاب التكملة المذكور آنفا.

اشتمل هذا الجزء على كتب : الطهارة ، الصلاة ، الزكاة ، الصدقة ، الخمس ، الصوم ، الاعتكاف ، الحج.

تحقيق ونشر : مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين في الحوزة العلمية ـ قم / ١٤١٢ ه.

* نوادر الأخبار.

تأليف : المولى محسن بن مرتضى الفيض الكاشاني ، المتوفى سنة ١٠٩١ ه.

كتاب جمع فيه المؤلف ـ رحمه‌الله ـ الأحاديث العقائدية المتعلقة بأصول الدين ، التي ليست في الكتب الأربعة ، استدراكا على كتابيه «الوافي» و «الشافي» وحذف منها المعارضات والمكررات وأسانيد الأحاديث ،

وقد اشتمل على كتب : العقل ، العلم ، النبوة والإمامة ، الفتن ، أنباء القائم عليه السلام ، المعاد.

كان قد طبع لأول مرة في طهران طبعة حجرية ، ثم أعيد طبعه في قم بالتصوير على تلك الطبعة.

تم تحقيقه بالاعتماد على نسختين مخطوطتين ، ذكرتا في مقدمة التحقيق.

تحقيق : الشيخ مهدي الأنصاري القمي.

نشر : مؤسسة المطالعات والتحقيقات الثقافية ـ طهران / ١٤١٢ ه.

* الافصاح في إمامة أمير المؤمنين عليه السلام.

* إيمان أبي طالب.

تأليف : الشيخ المفيد ، أبي عبد الله محمد ابن محمد بن النعمان التلعكبري البغدادي ، المتوفى سنة ٤١٣ ه.

ضم الكتاب الأول مجموعة من البحوث الكلامية في إثبات إمامة أمير المؤمنين الإمام


علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، ورد فيه على شبهات المخالفين وادعاءاتهم ببيان قوي وحجة دامغة مبطلا كل ما يتمسك به أولئك في إمامة أئمتهم.

كما احتوى الكتاب على بيان بعض الأخبار الموضوعة في فضائل مخالفي أهل البيت عليهم‌السلام وعلل وضعها.

أما الكتاب الثاني فقد أثبت فيه إيمان أبي طالب عليه‌السلام بالأدلة القوية الواضحة ، ومستدلا على ذلك بما ورد من الأخبار التي لا يختلف فيها اثنان.

تم تحقيق الكتابين على عدة نسخ مخطوطة ، ذكرت في مقدمتي التحقيق ، وصدرا في مجلد واحد.

تحقيق ونشر : قسم الدراسات الإسلامية في مؤسسة البعثة ـ قم / ١٤١٢ ه.

* البيان.

تأليف : الشهيد الأول ، الشيخ أبي عبد الله محمد بن مكي الجزيني العاملي ، المستشهد سنة ٧٨٦ ه.

هو أحد الكتب الفقهية الثلاثة القيمة للشهيد الأول قدس‌سره : ذكرى الشيعة ، البيان ، الدروس الشرعية.

بحث فيه الشهيد الأول المسائل الفقهية وأدلتها ، وبين رأيه فيها مستدلا عليه بأدلة

علمية دقيقة ، اشتمل على كتب : الطهارة ، الصلاة ، الزكاة ، الخمس ، وأول الأركان الأربعة من الصوم ، ولم يتمه رضوان الله عليه.

كان الكتاب قد طبع على الحجر في إيران سنة ١٣١٩ ه طبعة مغلوطة ، ثم أعيد طبعه فيها أيضا سنة ١٣٢٢ ه مع بعض الحواشي طبعة سقيمة ، إذ اختلط متن الكتاب مع حواشيه فصعب التمييز بينهما.

تم تحقيقه على عدة نسخ مخطوطة نفيسة ، منها ما هو مقروء على المؤلف قدس سره ، ومنها ما هو مقابل مع نسخة الأصل.

تحقيق : الشيخ محمد الحسون.

نشر : مؤسسة الإمام المهدي عليه‌السلام الثقافية ـ قم / ١٤١٢ ه.

* مختلف الشيعة في أحكام الشريعة ، ج ٢.

تأليف : العلامة الحلي ، الشيخ أبي منصور الحسن بن يوسف بن المطهر الأسدي (٦٤٨ ـ ٧٢٦ ه).

موسوعة فقهية مقارنة كاملة ، من الطهارة إلى الديات ، تناولت آراء فقهاء الإمامية مع ذكر أدلتهم وما يرجحه هو في المقام.

ويحتوي كذلك على فتاوى الشيخين ابن الجنيد وابن أبي عقيل قدس‌سرهما ، وهي منحصرة في هذا الكتاب ، وكل من نقل


عنهما بعد العلامة فإنما نقل عن المختلف.

احتوى هذا الجزء على كتاب الصلاة.

تحقيق ونشر : مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين في الحوزة العلمية ـ قم / ١٤١٢ ه.

* خاتمة تفصيل وسائل الشيعة إلى تحصيل أحكام الشريعة (ج ٣٠).

تأليف : الفقيه المحدث الشيخ محمد بن الحسن الحر العاملي (١٠٣٣ ـ ١١٠٤ ه).

وهو الجزء الثلاثون من هذه الموسوعة الحديثية الفقهية القيمة ، يحتوي عل فرائد اثني عشر من الفوائد الرجالية ، وهي :

١ ـ في ذكر طرق الشيخ الصدوق في «الفقيه».

٢ ـ في ذكر طرق الشيخ الطوسي في «التهذيب والاستبصار».

٣ ـ في تفسير عدة الشيخ الكليني وسائر مبهماته

٤ ـ في ذكر الكتب المعتمدة في تأليف «تفصيل وسائل الشيعة».

٥ ـ في طرق المؤلف إلى رواية هذه الكتب.

٦ ـ في شهادة كثير من علمائنا بصحة تلك الكتب.

٧ ـ في ذكر أصحاب الإجماع وأمثالهم

كأصحاب الأصول ونحوهم.

٨ ـ في تفصيل بعض القرائن التي تقترن بالخبر.

٩ ـ في الاستدلال على صحة أحاديث الكتب المنقول منها.

١٠ ـ في جواب ما عساه يرد على ما ذكر من الاعتراض.

١١ ـ في الأحاديث المضمرة.

١٢ ـ في ذكر جملة من القرائن المستفادة من أحوال الرجال تفصيلا.

وقد تم تحقيق هذا الجزء على ثلاث نسخ ، هي :

١ ـ المصورة عن نسخة بخط المؤلف قدس‌سره.

٢ ـ المصححة على نسخة المؤلف ، بخط السيد محمد الرضوي الكشميري ، وقد سجلت التصحيحات على المطبوعة على الحجر في طهران سنة ١٢٨٨ ه ، وهي من محفوظات مكتبة المحقق.

٣ ـ المصححة الثانية ، بخط الشيخ غلام حسن الفنجابي الباكستاني ، وقد سجلت هذه التصحيحات على المطبوعة على الحجر في طهران سنة ١٣٢٤ ه ، والنسخة من موقوفات السيد علي أكبر الموسوي الملكي التبريزي ، المتوفى سنة ١٣٩٦ ه.

تحقيق : السيد محمد رضا الحسيني


الجلالي.

نشر: مؤسسة آل البيت ـ عليهم‌السلام ـ لإحياء التراث/ قم ، سنة ١٤١٢ ه.

* كشف المحجة لثمرة المهجة.

تأليف : السيد الجليل أبي القاسم رضي الدين علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن طاووس ، المتوفى سنة ٦٦٤ ه.

كتاب أخلاقي اجتماعي مهم ، كتبه السيد ابن طاووس ـ قدس‌سره ـ كوصية لولده (محمد) وللمؤمنين كافة.

كان قد طبع لأول مرة حروفيا في النجف الأشرف سنة ١٣٧٠ ه ، ثم أعيد طبعه بالتصوير عليها في إيران.

تم تحقيقه بالاعتماد على نسختين مخطوطتين ذكرت مواصفاتهما في مقدمة التحقيق.

تحقيق : الشيخ محمد الحسون.

نشر : مكتب الإعلام الإسلامي ـ قم / ١٤١٢ ه.

* التمهيد في علوم القرآن ، ج ١ ـ ٤.

تأليف : الشيخ محمد هادي معرفة.

دراسات وأبحاث مبسطة عن مختلف

شؤون القرآن الكريم ، وضعت أساسا كمقدمة لتفسير المؤلف «الوسيط» تطرق في

هذه الأجزاء إلى مواضيع شتى تفرقت في بطون المصادر ، كظاهرة الوحي ، ونزول القرآن ، ودور جمع القرآن ، ودور توحيد المصاحف ، وتواتر القراءات وما يتعلق بالقراءة ، والقراء وطبقاتهم ، والناسخ والمنسوخ في القرآن ، وإعداد قائمة تفصيلية بذلك حسب ترتيب السور ، والمحكم والمتشابه في القرآن ، وإعجاز القرآن ، وما يتعلق بذلك من بحوث.

كانت الأجزاء الثلاثة الأولى قد طبعت عامي ١٤٠٨ و ١٤٠٩ ه من قبل إدارة الحوزة العلمية في قم.

وقد تم تحقيق هذه الأجزاء بعد إضافة الجزء الرابع إليها.

تحقيق ونشر : مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين في الحوزة العلمية ـ قم / ١٤١٢ ه.

* الوافي ، ج ١٥ و ١٦.

تأليف : الشيخ المحدث محمد محسن بن المرتضى ، المشتهر بالفيض الكاشاني (١٠٠٧ ـ ١٠٩١ ه).

كتاب في الجمع بين أحاديث الكتب الأربعة للطائفة الحقة : الكافي ، كتاب من لا يحضره الفقيه ، التهذيب ، والاستبصار ، كل ذلك مع الشرح والبيان والتعليق.


كان قد طبع في إيران لأول مرة على الحجر ، وأعيد طبعه بالتصوير عليها غير مزة.

اشتمل هذان الجزءان على أبواب : الجهاد ، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدفاع والإعانة ، الحدود والتعزيرات ، والقصاص والديات.

تحقيق : السيد ضياء الدين العلامة.

نشر : مكتبة أمير المؤمنين علي عليه السلام العامة ـ أصفهان / ١٤١١ ه.

* حلية الأبرار في أحوال محمد وآله الأطهار عليهم‌السلام ، ج ١.

تأليف : العلامة المحدث السيد هاشم ابن سليمان البحراني ، المتوفى سنة ٧ / ١١٠٩ هجرية.

كتاب قيم في أحوال النبي وأهل بيته الطاهرين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ، مرتب على ١٣ منهجا ، وفي كل منهج أبواب ، أحرج فيها نحو ٢٣٠٠ حديث من المصادر المعتمدة ، التي تقرب من مائة كتاب.

اشتمل هذا الجزء على سبعين بابا من أبواب المنهج الأول.

كان قد طبع لأول مرة في قم سنة ١٣٩٧ هجرية ، بتصحيح الشيخ محمد بن

الحسن التفرشي الدرودي.

تم تحقيقه بالاعتماد على نسختين مخطوطتين ذكرتا في مقدمة التحقيق.

تحقيق : الشيخ غلام رضا مولانا البروجردي.

نشر : مؤسسة المعارف الإسلامية ـ قم / ١٤١١ ه.

* نفس الرحمن في فضائل سلمان.

تأليف : خاتمة المحدثين الشيخ الميرزا حسين النوري الطبرسي ، المتوفى سنة ١٣٢٠ هجرية.

كتاب واسع في تفصيل أحوال الصحابي الجليل سلمان المحمدي الفارسي رضوان الله عليه ، مرتب على مقدمة وسبعة عشر بابا وخاتمة.

كان مطبوعا سابقا على الحجر في إيران ، ثم طبع ملحقا بكتاب «بصائر الدرجات» للصفار.

تحقيق : جواد القيومي الأصفهاني.

نشر : مؤسسة الآفاق ـ طهران / ١٤١١ هجرية.


صدر حديثا

* مفاهيم القرآن ، ج ٦ و ٧.

تأليف : الشيخ جعفر السبحاني.

تفسير موضوعي للقرآن الكريم ، تناول فيه المؤلف مواضيع شتى في أجزائه السابقة ، وقد ضم الجزء السادس بحوثا عن أسماء الله تعالى وصفاته في القرآن الكريم ، فيما ضم الجزء السابع على بحوث عن شخصية النبي الأكرم وحياته صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم منذ ولادته وحتى وفاته في القرآن الكريم أيضا.

نشر : مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام ـ قم / ١٤١٢ ه.

* أمثال وحكم الإمام الكاظم عليه‌السلام وكلماته المختارة ج ١.

تأليف : الشيخ محمد الغروي.

ستمائة كلمة منتزعة مما يؤثر عن الإمام موسى بن جعفر الكاظم عليهما‌السلام (١٢٨ ـ ١٨٣ ه) في ما لا يسع الناس جهله من المعارف الإلهية ، والفقه ، والسنن والآداب ، ومكارم الأخلاق ، مما له الصفة المثلية والحكمية.

والكتاب حلقة من سلسلة تتناول كلام المعصومين الأربعة عشر عليهم‌السلام ،

وضعها المؤلف كمقدمة لدراسة الأمثال القرآنية التي سيضمنها كتاب «البصائر في تفسير آيات الأمثال والنظائر».

ضم الجزء الأول هذا على ٣٠٠ كلمة من كلمات الإمام الكاظم عليه‌السلام.

نشر : المؤتمر العالمي للإمام الرضا عليه السلم ـ مشهد / ١٤١٢ ه.

* حديث كربلاء.

نظم : الشيخ إبراهيم علوان النصيراوي.

كتاب يشتمل على مدخل عن سيرة سيد الشهداء الإمام أبي عبد الله الحسين عليه السلام ، وأرجوزة في أكثر من ألف بيت تحكي قصة مقتله عليه‌السلام في فاجعة الطف يوم عاشوراء.

صدر الكتاب في قم مؤخرا.

* الوتر ثلاث ركعات.

تأليف: السيد مهدي الحسيني الروحاني.

رسالة فقهية استدلالية في عدد ركعات نافلة الوتر من صلاة الليل ، جامعة لأقوال العامة والخاصة.

نشر : مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين في الحوزة العلمية ـ


قم / ١٤١٢ ه.

* نشأة التشيع.

تأليف : السيد طالب الخرسان.

كتاب يبحث في «التشيع» لغة واصطلاحا ، ومبدأ نشوئه وتاريخه منذ عهد النبي الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، كما يعرض لبعض كبار الصحابة من الشيعة.

نشر : منشورات الشريف الرضي ـ قم / ١٤١٢ ه.

* ملحقات الاحقاق ، ج ٢٥.

تأليف : آية الله العظمى السيد شهاب الدين الحسيني المرعشي النجفي ، المتوفى عام ١٤١١ ه.

تضمن هذا الجزء مستدركات المؤلف ـ قدس‌سره ـ على ما ورد في كتب العامة من فضائل ومناقب أم الأئمة سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء البتول سلام الله عليها.

نشر : مكتبة آية الله المرعشي العامة ـ قم / ١٤١٢ ه.

* محمد في القرآن.

تأليف : السيد رضا الصدر.

مجموعة دراسات قرآنية حول شخصية

النبي الأكرم محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

تناولت مختلف أدوار حياته ، ابتداء أمن بشائر نبوته صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

نشر : دار الأرقم للطباعة والنشر ـ صور / ١٤١١ ه.

* دليل فهرس مخطوطات مكتبة آية الله المرعشي العامة ، ج ١ و ٢.

تأليف : السيد أحمد الحسيني.

اشتمل الجزءان على عدة فهارس فنية لمطالب فهارس مخطوطات المكتبة العشرين الصادرة لحد الآن ، تضمنت ما يلي : فهرس الاستدراكات والتصويبات ، فهرس ألفبائي لمخطوطات المكتبة ، فهرس أسماء المجيزين ، فهرس أسماء المجازين ، فهرس موضوعي لمطالب المخطوطات ، فهرس أسماء المؤلفين ، فهرس الأماكن والبقاع.

نشر : مكتبة آية الله المرعشي العامة ـ قم / ١٤١٢ ه.

* المدخل إلى تعلم المكالمة العربية ، ج ٣.

إعداد : السيد محمد الحيدري والسيد علي الحيدري.

وضع هذا الكتاب قي الأساس ليكون منهجا تدريسيا لطلاب الحوزات العلمية غير العرب ، وقد رتب وفق منهج معين في دروسه المختلفة ضمت كثيرا من مرافق ونواحي


الحياة العقائدية والاجتماعية وغيرها ،

بأسلوب عصري بسيط ، مبتدئا بالدروس التي هي أكثر مساسا بحياة الإنسان. يتألف الكتاب من خمسة أجزاء ، يمثل كل منها مرحلة معينة للطالب.

نشر : مكتب الإعلام الإسلامي ـ قم / ١٤١٢ ه.

* الطرائف على شرح المواقف.

تأليف : السيد علي الحسيني الميلاني.

و «المواقف» للقاضي عضد الدين الإيجي ـ المتوفى سنة ٧٥٦ ه ـ وشرحه للشريف الجرجاني ـ المتوفى سنة ٨١٢ ه ـ ، وهو من أهم كتب أهل السنة في علم الكلام.

و «الطرائف» هذا تعليقة على باب الإمامة منه بعنوان «قال ... أقول» حيث ناقش ما جاء في الباب مناقشة موضوعية خالية عن الإيجاز المخل أو الإطناب الممل.

نشر : منشورات الشريف الرضي ـ قم / ١٤١٢ ه.

* مفتاح التفاسير.

ترتيب وتنظيم : مركز الثقافة والمعارف القرآنية.

فهرس شامل للآيات الكريمة المفسرة في خمسة وخمسين كتابا من كتب التفسير

المعتمدة عند الخاصة والعامة ، مرتبة حسب تسلسل السور ، وضع أساسا ليكون ممهدا لإعداد المعجم الموضوعي للتفاسير.

نشر : مكتب الإعلام الإسلامي ـ قم / ١٤١٢ ه.

* مسند فاطمة الزهراء عليها‌السلام ، ج ١.

جمع : السيد حسين شيخ الإسلامي التويسركاني.

مراجعة وتعليق : السيد محمد جواد الحسيني الجلالي.

كتاب مهم يستعرض درر كلمات وغرر حكم وأدعية جامعة وخطب رويت عن بنت الهدى سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء البتول عليها‌السلام.

وتم التعليق على ما ورد في أصل الكتاب والإتيان بشواهد له جمعت أكثرها من مسند أحمد بن حنبل ، كما ضم الكتاب على مختصر عن حياة السيدة العظيمة عليها‌السلام.

نشر : دار القرآن الكريم ـ قم / ١٤١٢ هجرية.

* المراصد على شرح المقاصد.

تأليف : السيد علي الحسيني الميلاني.

و «شرح المقاصد» كأصله لسعد الدين


التفتازاني ـ المتوفى سنة ٧٩٣ ه ـ وهو من أهم وأشهر الكتب الكلامية لأهل السنة.

و «المراصد» تعليقة على باب الإمامة منه بعنوان «قال ... أقول» ردا على ما فيه من شبهات ، استنادا إلى الأدلة القوية والمصادر المعتمدة.

نشر : منشورات الشريف الرضي ـ قم / ١٤١٢ ه.

* مع موسوعات رجال الشيعة ، ج ١ ـ ٣.

تأليف : السيد عبد الله شرف الدين.

كتاب قيم يدور البحث فيه حول ثلاث موسوعات من كتب رجال الشيعة ، وهي : الذريعة إلى تصانيف الشيعة ، طبقات أعلام الشيعة ، أعيان الشيعة ، كما ألحق بها بحثا حول ثمانية من كتب الرجال ، وهي : رجال النجاشي ، أمل الآمل في علماء جبل عامل ، الفوائد الرضوية في علماء الإمامية ، ماضي النجف وحاضرها ، أنوار البدرين في علماء الأحساء والقطيف والبحرين ، شهداء الفضيلة ، موارد الإتحاف في نقباء الأشراف ، منية الراغبين في طبقات النسابين.

فتتبعها المؤلف مستدركا عليها سقطات وهفوات وهنات مما حصل فيها نتيجة للسهو والاشتباه ، فجاءت تصحيحات وتنقيحات

مهمة لا غنى للباحث عنها.

نشر : الإرشاد للطباعة والنشر ـ بيروت / لندن ، سنة ١٤١١ ه.

* معجم أحاديث الإمام المهدي عليه السلام ، ج ٣ ـ ٥.

تأليف ونشر : مؤسسة المعارف الإسلامية ـ قم / ١٤١١ ه.

ضم الكتاب في جزءيه الثالث والرابع الأحاديث المروية عن أئمة أهل البيت عليهم السلام في شأن الإمام المهدي المنتظر عليه السلام ، وذلك باستقصاء مصادرها من أول كتاب ورد فيه إلى عصرنا هذا ، من كتب الخاصة والعامة ، وذكر فروق متونه ، وكلمات العلماء حوله ، وشرح أهم غريبه.

كما اشتمل الجزء الخامس على الروايات التي وردت في تفسير الآيات القرآنية الكريمة حسب ترتيب السور ، أو تأويلها تطبيقها أو الاستشهاد بها بحيث ترتبط بقضية الإمام المهدي عليه‌السلام ، أو ترتبط بالرجعة ، وتم إلحاق بعض أقوال المفسرين فيما يرتبط بذلك.

كتب قيد التحقيق

* معالم العلماء.

تأليف : الحافظ رشيد الدين أبي جعفر


محمد بن علي بن شهرآشوب المازندراني السروي ، المتوفى سنة ٥٨٨ ه.

والكتاب فهرست لكتب الشيعة وأسماء مصنفيهم ، جعله تتمة لكتاب «الفهرست» لشيخ الطائفة الطوسي ، المتوفى سنة ٤٦٠ هجرية.

يقوم بتحقيقه : السيد أبو الحسن العلوي ، اعتمادا على عدة نسخ مخطوطة ، منها نسخة كتبت على نسخة السيد ابن طاووس ، المتوفى سنة ٦٦٤ ه.

* مقتضب الأثر في النص على الأئمة الاثني عشر عليهم‌السلام.

تأليف : المحدث الشيخ أبي عبد الله أحمد ابن محمد بن عبيد الله بن عياش الجوهري ، المتوفى سنة ٤٠١ ه.

كتاب مرتب على ثلاثة أجزاء، تضمن الأولان منها ما انتخب من روايات الصحابة في النص على الأئمة الاثني عشر عليهم السلام ، فيما تضمن الثالث ما أفرده لما ثبت لديه من الشعر المقول فيهم عليهم‌السلام، والمتضمن ذكر أعدادهم وأسمائهم قبل ولادتهم.

يقوم بتحقيقه : قسم الدراسات الإسلامية في مؤسسة البعثة ـ قم ، اعتمادا على نسخة محفوظة في مكتبة الإمام الرضا

عليه‌السلام ـ مشهد ، رقمها ٨١٣٠ ، تاريخها سنة ١٣٤٦ ه ، منقولة عن نسخة تاريخها سنة ٥٧٥ ه ، وبالاستعانة بالمطبوعتين في النجف الأشرف وقم المشرفة.

* الوجيزة في الدراية.

* نهاية الدراية.

و «الوجيزة» من تأليف الشيخ الجليل بهاء الدين محمد بن الحسين بن عبد الصمد العاملي ، المشتهر بالشيخ البهائي. (٩٥٣ ـ ١٠٣٠ ه).

ألفه ليكون كالمقدمة لكتابه «الحبل المتين» وقد طبع في إيران مكررا.

و «نهاية الدراية» للسيد حسن الصدر ـ المتوفى سنة ١٣٥٤ ه ـ وهي شرح مزجي للوجيزة ذات فوائد رجالية.

يقوم بتحقيقهما : ماجد الغرباوي ، اعتمادا على نسخ عديدة للوجيزة ، أقدمها كتبت في حياة المؤلف وقرئت عليه ، وهي بخط تلميذه الشيخ علي بن أحمد النباطي ، تاريخها سنة ١٠١٢ ه ، وعلى نسخة «نهاية الدراية» المطبوعة في الهند.

* الشافي.

تأليف : المحدث الكبير الفيض الكاشاني ، المتوفى سنة ١٠٩١ ه.


وهو تلخيص من كتابه «الوافي» مما رواه عن أهل البيت عليهم‌السلام ، وزبدة ما يتعلق به من البيان ، مع تصرف في بعض المواضع في الترتيب والعنوان ، وأورد فيه ما كان بمنزلة الأصول والأركان ، واكتفى عن المكرر بالأوضح والأتم ، واقتصر في الشرائع

والأحكام على الأهم والأحكم مع حذف الأسانيد إلا عند الضرورة.

يقوم بتحقيقه : الشيخ مهدي الأنصاري القمي ، معتمدا على نسختين مخطوطتين ، إحداهما يقرب تاريخ كتابتها من عصر المؤلف رحمه‌الله.




بسم الله الرحمن الرحيم

المباراة الفكرية عن

الإمام زين العابدين علي بن الحسين السجاد عليه‌السلام

قال تعالى : (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) الشورى ٢٣».

قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «إني تارك فيكم الثقلين : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا».

من هذا المنطلق تعلن مؤسسة آل البيت ـ عليهم‌السلام ـ لإحياء التراث / فرع بيروت ، مباراة كتابية عن الإمام السجاد عليه‌السلام ، وتدعو السادة الكتاب والمؤلفين والمحققين للمشاركة الفعالة فيها ، إحياء لأمرهم عليهم السلام ، وفق البيانات التالية :

١ ـ أن تكون الكتابة باللغة العربية.

٢ ـ أن لا تقل صفحات الكتاب عن المائتين بالحجم المتوسط.

٣ ـ أن تكون البحوث موثقة بالمصادر والمراجع.

٤ ـ أن لا يكون الكتاب قد سبق طبعه ونشره.

٥ ـ لا مانع من اشتراك أكثر من شخص في تأليف كتاب ، أو أن يقدم الكتاب من قبل مؤسسة أو جمعية.

٦ ـ لا مانع أن يكون النص مسرحية ، أو ملحمة شعرية ، أو قصة أدبية ، أو تحقيقا لنص مخطوط يتناول الإمام زين العابدين عليه‌السلام بالبحث والدراسة.

٧ ـ يحق للكاتب أن يقتصر في بحثه على رسالة الحقوق أو الصحيفة السجادية وكل ما يدور في رحاب آثار الإمام السجاد عليه‌السلام.


٨ ـ المؤسسة مستعدة لتزويد السادة المشاركين بقائمة بأسماء أهم المصادر التي يحتاجونها في بحوثهم.

٩ ـ آخر موعد لوصول الكتب إلى المؤسسة هو ٨ رجب ١٤١٣ ه المصادف ١ / ١ / ١٩٩٣.

١٠ ـ يقوم نخبة من الأساتذة بدور لجنة التحكيم والإشراف على المباراة.

١١ ـ توجه المراسلات باسم سكرتير اللجنة : حامد الخفاف ، على العنوان التالي : لبنان ـ بيروت ـ بئر العبد ـ مقابل بنك بيروت والبلاد العربية ـ مؤسسة آل البيت ـ عليهم‌السلام ـ لإحياء التراث ـ ص. ب ٣٤ / ٢٤ ـ هاتف ٨ / ٧ / ٨٢٣٥٢٦ فرعي ١٤٤ و ٨٦٥٨٦٩ فرعي ١٤٤ و ٨٢٠٨٤٣.

١٢ ـ تسلم الكتب إلى المؤسسة مباشرة ، أو ترسل بالبريد المضمون على العنوان أعلاه.

١٣ ـ من حق اللجنة إجراء تعديلات على الكتب الفائزة ، أو حذف ما تراه موجبا لذلك على أن لا يكون مخلا بالكتاب.

١٤ ـ تعلن نتائج المباراة في ١ / ٣ / ١٩٩٣ ، وتسلم الجوائز إلى أصحابها ، وتعاد الكتب التي لم يكتب لها الفوز إلى أصحابها.

١٥ ـ تسعى اللجنة إلى طباعة الكتب الفائزة بالتعاون مع مؤلفيها.

الجوائز :

١ ـ الجائزة الأولى : ١٥٠٠ دولار.

٢ ـ الجائزة الثانية : ١٠٠٠ دولار.

٣ ـ الجائزة الثالثة : ٧٥٠ دولار.

٤ ـ تقدم المؤسسة جوائز تقديرية قيمة لجميع المشتركين في المباراة تثمينا لجهودهم.

مؤسسة آل البيت ـ عليهم‌السلام ـ لإحياء التراث / بيروت

تراثنا - ٢٧

المؤلف:
الصفحات: 254