تراثنا

الفهرس

أهل البيت ـ عليهم السلام ـ في رأي صاحب الملل والنحل

..................................................... الدكتور محمدعلي آذرشب ٧

ملاحم على غرار ملحمة

................................................... الشيخ جعفر عبّاس الحائري ٢٢

ما ينبغي نشره من التراث (٥)

.................................................... السيّد عبدالعزيز الطباطبائي ٣٨

التحقيق في نفي التحريف (٦)

.......................................................... السيّد علي الميلاني ٤٣

من التراث الادبي المنسي في الاحساء

الشاعر الشيخ حسين الصحّاف

......................................................... الشيخ جعفر الهلالي ٦٩


استدراك...................................................................... ٧٤

من ذخائر التراث

مقتل اميرالمؤمنين ـ عليه السلام ـ ، لابن ابي الدنيا

........................................... تحقيق : السيد عبدالعزيز الطباطبائي ٧٩

الإثنا عشرية في الصلاة اليومية ـ للشيخ البهائي

............................................... تحقيق : الشيخ محمد الحسّون ١٣٤

رسالة في افتتاح الكلام ببسم الله تيمّناً وتبرّكاً ـ للشهيد الثاني...................... ٢٠٠

من أنباء التراث............................................................. ٢١٠





أهل البيت (ع)

في رأي صاحب الملك والنحل

الدكتور محمد علي آذرشب

محمد بن عبد الكريم الشهرستاني (ت ٥٤٨ ه) صاحب كتاب (الملل والنحل) المعروف ، دارت حوله بحوث كثيرة ، وخاصة فيما يرتبط بمذهبه.

فالأقدمون بين متهم إياه بالغلو في التشيع ، وبين مدافع عنه ومؤكد بأنه أشعري شافعي. والمتأخرون منهم من دافع عن نزاهته ، ومنهم من طعن فيه (١).

__________________

(١) يذكر ظهير الدين البيهقي (ت ٥٦٥ ه) في كتابه (تتمة صوان الحكمة) ص ١٤٠ ، أن الشهرستاني كان يشتغل بتفسير القرآن على أساس الحكمة ، وهو أمر ـ في رأي البيهقي ـ بعيد عن الصواب ، لأن القرآن لا يفسر (إلا بتأويل السلف من الصحابة والتابعين).

ومحمود بن محمد الخوارزمي ـ معاصر للشهرستاني ـ قال عن الشهرستاني في كتاب (تاريخ خوارزم) : (ولولا تخبطه في الاعتقاد وميله إلى هذا الالحاد لكان هو الإمام ...). معجم البلدان ٥ / ٣١٤ ـ ٣١٦.

وأبو سعد السمعاني (ت ٥٦٢ ه) ـ معاصر آخر للشهرستاني ـ أشار إلى أنه (متهم بالإلحاد والميل إليهم. غال في التشيع). التحبير في المعجم الكبير ٢ / ١٦١.

أما السبكي (ت ٧٧١ ه) فينقل ما ذكره السمعاني في التحبير ثم يقول : (وما أدري من أين ذلك لابن السمعاني ، فإن تصانيف أبي الفتح ـ أي الشهرستاني ـ دالة على خلاف ذلك). طبقات الشافعية الكبرى ٥ / ١٢٨ ـ ١٣٠.

هذا بالنسبة للقدماء.

والمحدثون أيضا منهم من تحامل عليه مثل :

الشيخ عباس القمي في الكنى والألقاب ٢ / ٣٧٤ ، والعلامة الأميني في الغدير ٣ / ١٤٢ ـ ١٤٧.

ومنهم من دافع عنه مثل بعض المستشرقين وبعض الكتاب المسلمين. راجع مقدمة بدران لكتاب (الملل والنحل).


ولما كانت كل الاختلافات في شخصيته تدور حول موقفه من آل البيت ـ عليهم‌السلام ـ ومذهبهم ، فنحن ندرس هذا الموقف على ضوء ما وصلنا من مؤلفاته ، وخاصة تفسيره المخطوط المعروف باسم (مفاتيح الأسرار ومصابيح الأبرار) (٢).

الإمامة السياسية والإمامة الدينية

واضح أننا لا نجد في مصادر الفكر الإسلامي السياسية (القرآن والسنة) انفصال بين الإمامة السياسية والإمامة الدينية. ورسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله وسلم ـ جمع بين إمامة الدين والدنيا ، بسبب عدم انفصال الاثنين في نظر الإسلام ، لكن الذي حدث بعد رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ هو ظهور نوع من الانفصال بين الإمامتين ، فكان في المجتمع الإسلامي دوما شخصية بارزة في الحكم هو (الخليفة) ، ثم كان في المجتمع أيضا (إمام) أو (أئمة) يرجع إليهم الناس في شؤون دينهم ، وتلقي أحكامهم.

هذا الانفصال ظهر ـ طبعا ـ في غير مدرسة أهل البيت عليهم‌السلام ، لأن أتباع مدرسة أهل البيت كانوا يرون أن الإمامتين مجتمعتان في شخص (الإمام) ، وإن كان هذا الإمام مقصيا عن ممارسة دوره في الحكم.

جدير بالذكر أن هذا الانفصال بدأ يتضح ويتبلور أكثر فأكثر منذ نهضة الحسين بن علي ـ عليه‌السلام ـ بعد أن حطمت هذه النهضة قدسية الخلافة الأموية (٣) ، ثم بدأ الافتراق بين الإمامتين يتسع ويأخذ طابعا تشريعيا (٤) مع توالي

__________________

(٢) النسخة التي راجعناها من تفسير الشهرستاني تتضمن جزءين في مجلد واحد. وتحتوي على مقدمة وتفسير سورتي الحمد والبقرة فقط. وهي نسخة وحيدة ـ فيما نعلم ـ محفوظة في مكتبة مجلس الشورى الإسلامي ، تحت رقم ٨٠٨٦ / ٧٨ ب ، درسنا هذه النسخة وحققنا جزء منها ، في رسالة الدكتوراه ، محفوظة في كلية الإلهيات والمعارف الإسلامية / جامعة طهران.

(٣) ارجع حول دور ثورة الحسين في تحطيم قدسية الخلافة الأموية إلى كتاب : (ثورة الحسين) ، محمد مهدي شمس الدين.

(٤) ارجع إلى (نظام الحكم والإدارة في الإسلام) ، محمد مهدي شمس الدين ، ص ٩٧ ـ ٩٩ و ١٠٣ ـ ١٠٤ و ١٠٧ ـ ١١٢ ، ففيه توضيح مستند بشأن اتخاذ الإمامة السياسية طابعا بعيدا عن المعايير الرسالية.


الخلفاء المروانيين والعباسيين ، بسبب ابتعاد هؤلاء الخلفاء بدرجة وأخرى عما ينبغي أن يتحلى به إمام الدين من علم وفقاهة وتقوى والتزام.

وهذه مسألة هامة توضح لنا كثيرا من المسائل الغامضة في حياة الشخصيات الموالية لأهل البيت ولاء عاطفيا وفكريا من أبناء السنة والجماعة ... ومنهم الشهرستاني.

كتاب (الملل والنحل) متحامل على الشيعة والفرق الشيعية بشكل واضح ، لكن الشهرستاني حين يتحدث عن الإمام الصادق ـ عليه‌السلام ـ يتبين من حديثه الأمران المذكوران : أولا ـ ولاؤه العاطفي والفكري للصادق ، وثانيا ـ الانفصال بين الإمامتين الدينية والسياسية.

يقول : (وهو [الإمام الصادق] ذو علم غزير في الدين ، وأدب كامل في الحكمة ، وزهد بالغ في الدنيا ، وورع تام عن الشهوات. وقد أقام بالمدينة مدة ، يفيد الشيعة المنتمين إليه ويفيض على الموالين له أسرار العلوم ، ثم دخل العراق وأقام بها مدة ، ما تعرض للإمامة قط [المقصود طبعا الإمامة السياسية] ولا نازع أحدا في الخلافة قط ، ومن غرق في بحر المعرفة لم يطمع في شط ، ومن تعلى إلى ذروة الحقيقة لم يخف من حط ...) (٥).

ومن الطبيعي أن تكبر في نظر الشهرستاني ـ وهو الحكيم العالم ـ مكانة الإمامة العلمية الدينية ، وتصغر في عينه الإمامة السياسية. ومن الطبيعي أن نرى عكس هذه النظرة ـ أي تضخم الإمامة السياسية ـ عند العامة الدهماء من الناس ، وعند المنهارين أمام مراكز القوة والذين لا يقيمون وزنا لعلوم الدين وأهلها ، وهذه ظاهرة واضحة في مل عصور التاريخ الإسلامي.

مذهب أهل السنة والجماعة وأهل البيت

الشهرستاني في تفسيره المخطوط يتحدث عن تفرق الأمة المسلمة إلى مذاهب شتى ، ويشير إلى أن الفرقة الناجية هي أهل السنة والجماعة ... ثم ينقل

__________________

(٥) الملل والنحل / تحقيق بدران

١ / ١٤٨.


حديثا عن رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ عن معنى السنة والجماعة ، يقول :

(قال الذين لهم وجهة الحق : كما كان أمة وجهة وقبلة هم مولوها ، فالفلاسفة وجهتهم إلى العقل والنفس ، والصابئة وجهتهم إلى الهياكل والأصنام ، واليهود وجهتهم إلى البيت المقدس ، وبعضهم إلى الشمس ، والمجوس وجهتهم إلى النور ، وبعضهم إلى الشمس ، والمسلمون وجهتهم إلى الكعبة ، وقد تعينت الكعبة قبلة للناس حقا ، كذلك لكل أمة وفرقة وجهة إمام هم مولوه ومذهب هم متقلدوه ، كما قال النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ : ستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة ، الناجية منها واحدة ، والباقون هلكى. وكما أن الجهات كلها قد بطلت إلا جهة واحدة هي الكعبة بيت الله الحرام ، كذلك الفرق كلها قد هلكت إلا فرقة واحدة هم أهل السنة والجماعة ، كما قال في جواب السائل : وما السنة والجماعة؟ قال : ما أنا عليه اليوم وأصحابي ...) (٦).

النص واضح في أن الشهرستاني على مذهب أهل السنة والجماعة ، ولكنه لا يفهم هذا المذهب كما أراد الأمويون أن يبلوروه ويجعلوه جبهة مقابلة لأهل البيت ، بل يفهم هذا المذهب بأنه ما كان عليه السلف الصالح في عصر صدر الإسلام.

وكيف كان موقف هذا السلف من أهل البيت؟ يقول الشهرستاني في تفسيره :

(ولقد كانت الصحابة ـ رضي‌الله‌عنهم ـ متفقين على أن علم القرآن مخصوص بأهل البيت عليهم‌السلام ، إذ كانوا يسألون علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ : هل خصصتم أهل البيت دوننا بشئ سوى القرآن؟ وكان يقول : لا والذي فلق الحبة وبرأ النسمة إلا بما في قراب سيفي هذا ... الخبر (٧).

__________________

(٦) الورقة ٢٦٩ من المخطوطة.

(٧) والذي في قراب سيفه كما يبدو من الروايات هو الصحيفة ، وهو كتاب في الديات (المراجعات ، المطبوع مع تحقيق الراضي / ص ٤١١). وأخرج أحمد عن طارق بن شهاب ، قال : شهدت عليا ـ رضي الله عنه ـ وهو يقول على المنبر : (والله ما عندنا كتاب نقرؤه عليكم إلا كتاب الله تعالى وهذه الصحيفة ـ وكانت صحيفة معلقة بسيفه ـ أخذتها من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ... الحديث) ، مسند أحمد بن حنبل ٢ / ١٢١ ح ٧٨٢.


فاستثناء القرآن بالتخصيص دليل على إجماعهم بأن القرآن وعلمه ، تنزيله وتأويله ، مخصوص بهم ، ولقد كان حبر الأمة عبد الله بن عباس ـ رضي‌الله‌عنه ـ مصدر تفسير جميع المفسرين ، وقد دعا رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ بأن قال : اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل ، تتلمذ لعلي ـ رضي‌الله‌عنه ـ حتى فقهه في الدين وعلمه التأويل) (٨).

ولو جمعنا بين النصين المذكورين أعلاه لا تضح أن كل من على مذهب أهل السنة والجماعة لا بد أن يرجع في فهم كتاب الله ـ على رأي الشهرستاني ـ إلى أهل البيت ، لأن الصحابة فعلوا ذلك.

ضرورة الرجوع إلى أهل البيت

ذكرنا أن الشهرستاني يرى أن الصحابة كانوا مجمعين على أن فهم القرآن مختص بأهل البيت ، وينقل في هذا المجال أحاديث توكد على عدم انفصال القرآن عن أهل البيت ، من ذلك يروي (أن أبا ذر الغفاري ـ رضي‌الله‌عنه ـ شهد الموسم بعد وفاة رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ ، فلما احتفل الناس في الطواف وقف بباب الكعبة وأخذ بحلقة الباب ونادى : أيها الناس ، ثلاثا ، فاجتمعوا وأنصتوا ، ثم قال : من عرفني فقد عرفني ، ومن لم يعرفني فأنا أبو ذر الغفاري ، أحدثكم بما سمعته من رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ ، سمعته حين احتضر يقول : إني تارك فيكم الثقلين ، كتاب الله وعترتي ، وإنهما لم يفترقا حتى يردا على الحوض كهاتين ـ وجمع بين إصبعيه المسبحتين من يديه وساوى بينهما ـ ولا أقول كهاتين ـ وقرن بين إصبعه الوسطى والمسبحة من يده اليمنى ـ لأن إحداهما تسبق الأخرى ، ألا وإن مثلهما فيكم مثل سفينة نوح ، من ركبها نجا ومن تركها غرق) (٩).

مثل هذا التأكيد على ضرورة الرجوع إلى أهل البيت ينقله الشهرستاني

__________________

(٨) الورقة ١ / أمن المخطوطة.

(٩) الورقة ٢٦ / أ ، ب من المخطوطة.


عن الإمام الصادق ـ عليه‌السلام ـ ، قال :

(عن جعفر بن محمد ـ عليه‌السلام ـ : إن رجلا سأله فقال : من عندنا يقولون في قوله تعالى : فاسألوه أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ، أن الذكر هو التوراة ، وأهل الذكر هم علماء اليهود ، فقال : إذن والله يدعوننا إلى دينهم ، بل نحن والله أهل الذكر الذين أمر الله تعالى برد المسألة إلينا. وكذلك نقل عن علي ـ رضي الله عنه ـ أنه قال : نحن أهل الذكر) (١٠).

علم علي عليه‌السلام

يعقد الشهرستاني في تفسير كل مقطع قرآني فصلا تحت عنوان (الأسرار) يبين فيه الأبعاد العميقة للآيات ، ويشير في المقدمة إلى أنه حصل على هذه الأسرار من البيت العلوي ، وخلال فصوله يركز على علم علي بن أبي طالب ـ عليه‌السلام ـ داعما حديثه بروايات ينقلها عن علي والصحابة من ذلك ما ذكرناه بشأن تتلمذ ابن عباس لعلي ، وما رواه : (عن ابن مسعود ـ رضي‌الله‌عنه ـ : إن القرآن أنزل على سبعة أحرف ، ما منها حرف إلا له ظهر وبطن ، فإن عليا عنده منه علم الظاهر والباطن) (١١).

(وقد قال علي ـ رضي‌الله‌عنه ـ والله ما نزلت آية إلا وقد علمت فيم أنزلت وأين أنزلت ، إن ربي وهب لي قلبا عقولا ، ولسانا سؤولا).

(وقال علي ـ رضي‌الله‌عنه ـ : سلوني قبل أن تفقدوني ، فما أحد أعرف مما في اللوحين مني).

نتيجة الابتعاد عن أهل البيت

يرى الشهرستاني أن ما وقع للمسلمين من تحير فكري واختلاف عقائدي

__________________

(١٠) هذه الرواية نقلها المجلسي في بحاره عن تفسير الشهرستاني (البحار ٢٣ / ١٧٢).

(١١) و (١٢) الورقة ٢٥ / ب من المخطوطة.

(١٣) الورقة ٢٦ / ب من المخطوطة.


كان سببه الابتعاد عن أهل البيت ـ عليهم‌السلام ـ ، يقول ـ بعد أن يصف تحير المتحيرين في تفسير القرآن :

(وإنما وقع لهم هذا التحير لأنهم ارتابوا العلم من بابه ، ولم يتعلقوا بذيل أسبابه ، فانغلق عليهم الباب ، وتقطعت بهم الأسباب ، وذهبت بهم المذاهب حيارى ضالين : (ذلك بأنهم كذبوا بآيات الله وكانوا عنها غافلين) (١٤) وآيات الله أولياؤه ، كما قال تعالى : (وجعلنا ابن مريم وأمه آية) (١٥) ، وقد قال عز من قائل : (ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم) (١٦) ، ولا كل مستنبط مصيب ، وإلا لبطل فائدة (منهم) و (منهم).

وأذكر الخبر عن النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ : (علي مني وأنا منه) (١٧) ، وقال حين نزلت سورة براءة : (يبلغها رجل منك) ...) (١٨).

يتحدث الشهرستاني في مقدمة تفسيره عن جمع القرآن وعن المصاعب والمشاكل التي واجهت المسلمين في لم شتات القرآن ، ويرى أنهم لو تركوا هذه المسؤولية لأهل البيت ما واجهوا هذه العقبات ، ولكن (الذين تولوا جمعه ... لم يراجعوا أهل البيت ـ عليهم‌السلام ـ في حرف بعد اتفاقهم على أن القرآن مخصوص بهم ، وأنهم أحد الثقلين في قول النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ : (إني تارك فيكم الثقلين : كتاب الله وعترتي ـ وفي رواية ـ أهل بيتي ، ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا ، وإنهما لم يفترقا حتى يردا علي الحوض) (١٩) ...) (٢٠).

* * *

__________________

(١٤) كذا في الأصل ، وفي القرآن : (ذلك بأنهم كذبوا بآياتنا وكانوا عنها غافلين الأعراف / ١٤٦.

(١٥) المؤمنون / ٥٠.

(١٦) النساء / ٨٣.

(١٧) صحيح الترمذي ٥ / ٢٩٦ ح ٣٧٩٦.

(١٨) الورقة ٢٥ / ب من المخطوطة.

(١٩) راجع مصادر الحديث من كتب الصحاح والمسانيد في (البيان في تفسير القرآن) للسيد الخوئي / ص ٤٩٩ ، وسبيل النجاة في تتمة المراجعات للراضي / ص ٢٠ ـ ٢٢.

(٢٠) الورقة ٥ / أمن المخطوطة.


الانحراف عن أهل البيت كانحراف الأمم السابقة

يشير الشهرستاني في مواضع عديدة من تفسيره إلى أن ما جرى على أهل البيت من ابتعاد وإقصاء إنما يشبه ما حدث من انحرافات في الأمم السابقة. فما جرى على (طالوت) جرى على (علي) ، وما جرى لبني إسرائيل جرى لقتلة الحسين ابن علي ... وأمثال هذه التشبيهات كثيرة نذكر على سبيل المثال قوله في تفسير آيات قصة طالوت وجالوت :

(إن النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ قال : (أنت يا علي طالوت هذه الأمة وذو قرنها) وعلى هذا لتمثيل يجب أن يجري ما أمكن من أحكام طالوت في علي ابن أبي طالب ـ رضي‌الله‌عنه ـ. من قول نبيهم : (إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا). وقول بعضهم : (أنى يكون له الملك علينا ونحن أحق بالملك منه) ، أي بالولاية والإمارة ، (ولم يؤت سعة من المال قال إن الله اصطفاه عليكم ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا). هذا من جهة اختيار الله ، (وزاده بسطة في العلم) فهو أعلم الناس وأقضاهم ، (والجسم) فهو أشجع الناس وأقواهم. وهذا من جهة نفسه ، (والله يؤتي ملكه من يشاء). والملك ملك الدين. والله واسع العطاء عليم بمواضع العطاء ...).

ويقول في بيان أسرار قوله تعالى : (وإذ قال موسى لقومه يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل) (٢٢) :

(قال المعتبرون بقصص القرآن : ما من قصة في القرآن إلا ووزانها موجود في هذه الأمة ، إما فيما مضى من الزمان ، وإما فيما يستقبل ، فلئن ظهر في بني إسرائيل فتنة عبادة العجل من السامري بعد غيبة موسى ـ عليه‌السلام ـ ، وفي زمان خلافة هارون ـ عليه‌السلام ـ ، كذلك ظهرت في هذه الأمة فتن في عباده العجال واتخاذهم أئمة خلفاء يعبدونهم عبادة القوم في بني إسرائيل ، يحلون الحرام ،

__________________

(٢١) الورقة ٣٨٨ / ب ، والورقة ٣٨٩ / أمن المخطوطة.

(٢٢) البقرة / ٥٤.


ويحرمون الحلال ، فيتابعونهم على ذلك. ومن أصغى إلى أحدهم فقد عبده. وهم الذين رآهم النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ في نعمته على المنبر : (كأن رجالا ينزون على منبري نزو القردة) وأنزل الله تعالى : (وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس والشجرة الملعونة في القرآن) ، فدفعت جماعة أولياء الله عن حقهم ، وقتلت جماعة أولياء الله بغير حق ، وكلهم يعبدون عجلا نصبوه ... فكما أمر عبدة العجل بقتل أنفسهم على ما حكى في القصة ، كذلك أنزل الله سخطه على عبدة العجال في هذه الأمة حتى قتل في ساعة من نهار سبعون ألفا من قتلة الحسين ـ رضي‌الله‌عنه ـ وهم عاكفون على عبادة يزيد ، زاده الله عقابا في النار. وتلك السحابة السوداء بعد باقية حيت يبلغ الكتاب أجله ...) (٢٣).

المصاديق القرآنية وأهل البيت

في كتب التفسير روايات كثيرة توضح مصداق الآية القرآنية ، وقسم كبير من هذه الروايات يجعل أهل البيت مصداقا لم أثنى عليهم القرآن ومجدهم وأكد على حقوقهم.

الشهرستاني في تفسيره ينحى هذا المنحى ، ويسمي عملية الكشف عن المصداق باسم (تشخيص الخاص) ، فالعام يحتاج إلى تخصيص ، والخاص يحتاج ـ على رأي الشهرستاني ـ إلى تشخيص ، وهذا التشخيص هو نفسه عملية (التأويل) لآيات القرآن الكريم.

قال في بيان أسرار قوله تعالى : (ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير) (٢٤) :

(قال المصلحون لأموال اليتامى : إن أول يتيم في الدين من قال في حقه : (ألم يجدك يتما فآوى) ، وهو الدر اليتيم ، وهو الفرد من الدر الذي لا زوج له. وإنما آواه بأبي طالب على قول عامة المفسرين. والإصلاح له : اتباعه ، والمناصحة

__________________

(٢٣) الورقة ١٥٤ من المخطوطة.

(٢٤) البقرة / ٢٢٠.


له ، والقيام بأمره.

واليتيم الثاني : علي بن أبي طالب أخوه في الدين ومولاه بمعنى الاتباع ، ومولى المؤمنين بحكم الاستتباع (من كنت مولاه فعلي مولاه) ، والإصلاح له موالاته ومشايعته ، والحب له في الله ، وهو يتيم عن والده ، فآواه رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ كفاء لحق والده إذ آواه.

واليتيم الثالث : فاطمة عليها‌السلام. ومن بقي عن مثل المصطفى فهو أحق باليتم. والإصلاح لها إعطاء حقها ومعرفة قدرها ، وتعظيم شأنها وأمرها. وكذلك أولادها فهم اليتامى ، ورثوا يتمهم من آبائهم الطاهرين. وهم الأفراد من الدر اليتيم) (٢٥).

وقال فيما قاله عن أسرار قوله تعالى : (ولنبلونكم بشئ من الخوف والجوع ... أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون) (٢٦).

(... وسر آخر : الآية خاصة بجماعة من المهتدين الهادين المهديين. وكذلك الصلوات خاصة بهم ، بها أرفع الدرجات التي يرتقي إليها الإنسان ، ولا يجوز إطلاقها إلا على الأنبياء والأولياء ، ولذلك نقول : اللهم صل على محمد وعلى آل محمد ، والوصل والصلة من باب واحد ، وصلى ووصل على نمط ، (ولقد وصلنا لهم القول) ، (والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل) ، وكما وصل القول الحق ، والأمر العدل ، من إبراهيم إلى إسماعيل إلى أولاده الطاهرين حتى ظهر بصاحب الشريعة الآخرة ، كذلك وصل القول منه إلى أهل بيته المطهرين حتى ينتهي إلى يوم الدين ، صلاة دائمة يزكيها إلى يوم الدين ، كما صلى على إبراهيم وآل إبراهيم ، إنه حميد في القول الأول ، مجيد في القول الآخر. وهذا معنى الصلوات على النبي وآله فيما يلي عالم الخلق على الأشخاص ، ثم الصلوات على النبي وآله فيما يلي عالم الأمر على الأرواح ، فهي أشرف البركات ، وأعلى التحيات ، وأطيب الطيبات على أرواح الطاهرين والطاهرات من المسلمين والمسلمات ، والمؤمنين والمؤمنات ،

__________________

(٢٥) الورقة ٣٥٩ من المخطوطة.

(٢٦) البقرة / ١٥٥ ـ ١٥٧.


وذلك خاص بقوم مخصوصين.

وكما اختص الجزاء بهم ، كذلك اختص البلاء بهم ، (ولنبلونكم بشئ من الخوف والجوع) خاص بهم ، نازل فيهم ، ومن خص بالخوف والجوع في الدنيا قيل له في العقبى : (لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون). ومن خص بنقصان في المال والنفس والولد خص بكمال في الحال والنفس والولد ، وفي شأنهم : (وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا) ... الآيات.

فهم أصحاب الكساء خمسة أشخاص ، ولهم من البلاء خمسة أحوال ، و (عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون) ، ومن كان من محبيهم يبتلى بواحد أو اثنين كان له من الصلوات والرحمة على قدر بلائه ، (ومن أحبنا أهل البيت فليعد للبلاء جلبابا) ...) (٢٧).

أهل البيت يرفضون الغلو

لم يترك الشهرستاني حديثه عن أهل البيت دون أن يشير إلى رفض أهل البيت للغلو وللاتجاه الباطني المعرض عن ظواهر الشريعة. وهو بذلك يبين أن إيمانه بمدرسة أهل البيت لا يشوبها غلو الغالين ، ولا انحرافات الباطنيين.

ولعله أراد بذلك أن يدافع عن نفسه تجاه ما رشقه به معاصروه من تهمة الميل إلى أهل القلاع.

يذكر في مقدمة تفسيره (إن سدير الصيرفي سأل جعفر بن محمد الصادق ـ عليه‌السلام ـ فقال : جعلت فداك ، إن شيعتكم اختلفت فيكم ، فأكثرت حتى قال بعضهم : إن الإمام ينكت في أذنه ، وقال آخرون : يوحى إليه ، وقال آخرون : يقذف في قلبه ، وقال آخرون : يرى في منامه ، وقال آخرون : إنما يفتي بكتب آبائه ، فبأي جوابهم آخذ جعلني الله فداك؟ قال : لا تأخذ بشئ مما يقولون يا سدير ، نحن حجة الله وأمناؤه على خلقه ، حلالنا من كتاب الله ، وحرامنا

__________________

(٢٧) الورقة ٢٧٧ / ب من المخطوطة.


منه) (٢٨).

وفي موضع آخر من المقدمة قال : (روي أن الفيض بن المختار دخل على جعفر بن محمد ـ عليه‌السلام ـ فقال : جعلت فداك ، ما هذا الاختلاف الذي بين شيعتك ، فإني ربما أجلس في حلقتهم بالكوفة فأكاد أشك ، فأرجع إلى المفضل فأجد عنده ما أسكن إليه. فقال أبو عبد الله : أجل ، إن الناس أغروا بالكذب علينا ، حتى) كأن الله ـ عزوجل ـ فرضه عليهم لا يريد منهم غيره ، وإني لا حدث أحدهم الحديث فلا يخرج من عندي حتى تناوله على غير تأويله) (٢٩).

ويروي أيضا أن الإمام الصادق ـ عليه‌السلام ـ : (كتب إليه أن قوما من شيعته قالوا : إن الصلاة رجل ، والصوم رجل ، والزكاة رجل ، والحج رجل ، فمن عرف ذلك الرجل فقد صلى وصام وزكى وحج ، وكذلك تأولوا المحارم على أشخاص ، فقال :

من كان يدين الله بهذه الصفة التي سألت عنها فهو عندي مشرك بين الشرك. واعلم أن هؤلاء القوم قوم سمعوا ما لم يقفوا على حقيقته ، ولم يعرفوا حدود تلك الأشياء مقايسة برأيهم ، ومنتهى عقولهم ، ولم يضعوها على حدود ما أمروا به تكذيبا وافتراء على الله وعلى رسوله ، وجرأة على المعاصي ، والله تعالى لم يبعث نبيا يدعو إلى معرفة لبس فيها طاعة ، وإنما يقبل الله ـ عزوجل ـ العمل من العباد بالفرائض التي أفرضها عليهم بعد معرفة من جاء بها من عنده. فأول ذلك معرفة من دعا إليه ، وهو الله الذي لا إله إلا هو ، وتوحيده ، والإقرار بربوبيته ، ومعرفة الرسول الذي بلغ عنه ، وقبول ما جاء به ، ثم معرفة الأئمة بعد الرسل الذين افترض طاعتهم في كل عصر وزمان على أهله ، ثم العمل بما افترض الله ـ عزوجل ـ تحريما ظاهرا وباطنا ، وإنما حرم الظاهر بالباطن ، والباطن بالظاهر جميعا ، والأصل والفرع كذلك) (٣٠).

__________________

(٢٨) الورقة ٢٥ / ب من المخطوطة.

(٢٩) الورقة ٢٦ / أمن المخطوطة.

(٣٠) الورقة ٢٦ / أ. الرواية في البحار

٢٤ / ٢٨٦ ـ ٢٨٩.


مصادر الشهرستاني في معرفة مدرسة أهل البيت

ليس من العسير أن نستنتج من خلال ما كتبه الشهرستاني في (الملل) والنحل) أنه كان على اطلاع واسع بشأن مصادر المذاهب المختلفة ، ويتبين من خلال تفسيره المخطوط أنه بحث عن علوم أهل البيت ـ بعد أن آمن بمنزلتهم ومكانتهم ـ لدن من عنده أثارة من علوم آل محمد ، سواء كان من الصوفية ، أو من أهل الحديث ، أو من الشيعة الإمامية ، أو الإسماعيلية ، آخذا ما كان في اعتقاده من علوم آل البيت ورافضا ما كان ـ في اعتقاده ـ منحولا عليهم ، غير متقيد بمعتقدات مدرسة مذهبية معينة.

ويبدو أن أول من وجهه إلى علوم أهل البيت هو أستاذه الأنصاري (٣١). يقول في مقدمة تفسيره : (ولقد كنت على حداثة سني أسمع تفسير القرآن من مشايخي سماعا مجردا حتى وفقت فعلقته على أستاذي ناصر السنة أبي القاسم سلمان بن ناصر الأنصاري ـ رضي‌الله‌عنه ـ تلقفا ، ثم أطلعني [من] مطالعات كلمات شريفة عن أهل البيت وأوليائهم ـ رضي‌الله‌عنهم ـ على أسرار دفينة وأصول متينة في علم القرآن ...).

ويبدو أن الأنصاري كان حافزا للشهرستاني كي بطلب مزيدا من علوم أهل البيت ، فبدأ يبحث ، وإذا هو يعثر على ضالته عند (عبد من عباد الله الصالحين) ، يقول في المقدمة بعد الفقرة المذكورة :

(... وناداني من هو في شاطئ الوادي الأيمن في البقعة المباركة من الشجرة الطيبة : (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين).

فطلبت الصادقين طلب العاشقين ، فوجدت عبدا من عباد الله الصالحين ، كما طلب موسى ـ عليه‌السلام ـ مع فتاه (فوجدا عبدا من عبادنا آتيناه رحمة من

__________________

(٣١) أبو القاسم ، سلمان بن ناصر الأنصاري ، من أهل نيسابور ، عالم في التفسير ، ومن أهل العرفان والتصوف. راجع ترجمته في طبقات الشافعية الكبرى للسبكي ٧ / ٩٦ ، وتاريخ نيسابور / ٣٨٦ ، العبر ٤ / ٢٧.


عندنا وعلمناه من لدنا علما) فتعلمت مناهج الخلق والأمر ، ومدارج التضاد والترتب ، ووجهي العموم والخصوص ، وحكمي المفروغ والمستأنف ، فشبعت من هذا المعا الواحد دون الأمعاء التي هي مآكل الضلال ومداخل الجهال ...) (٣٢).

ولا يوضح لنا الشهرستاني من هو العبد الصالح هذا ، بل يتضح من القرائن أنه رجل يحمل علوم أهل البيت ، لأن ما تعلمه منه هو أسس الأسرار المذكورة في تفسيره. وهذه الأسرار لا ينسبها الشهرستاني لنفسه حين يذكرها ، بل ينسبها إلى آخرين. يقول مثلا ... قال أهل القرآن ... قال أصحاب الأسرار ، وهو يوضح هذه النسبة في آخر الفصل السابع من مقدمته فيقول :

(وإذا قلت : قال أهل القرآن ، وأصحاب الأسرار ، أو الذي شققت له اسما من معنى الآية ، فلا أريد به نفسي عياذا بالله ، وإنما أريد الصديقين من أهل بيت النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ فهم الواقفون على الأسرار ، وهم من المصطفين الأخيار) (٣٣).

ثم إن الشهرستاني حين ينقل أحاديث عن أهل البيت أو روايات في فضلهم لا يذكر ـ مع الأسف ـ مصادره ، ولا أسانيده ، بل ينقلها مرسلة ، ولذلك لا نستطيع أن نتعرف على مصادره سوى ما ذكرنا ، وسوى كتابين حديثيين ذكرهما في مقدمته ، الأول : صحيح البخاري ، والثاني : الكافي للكليني.

لكن الشهرستاني قد رجع حتما إلى كتب أخرى للحصول على علوم أهل البيت ، ولا نستبعد أن تكون بعض مراجعه إسماعيلية.

تلخيص واستنتاج

الشهرستاني رجل استطاع أن يتجاوز الإطار الأموي الذي ضرب على الفكر الإسلامي ... وفهم مذهب أهل السنة والجماعة على أنه العمل بما كان عليه رسول الله وأصحابه ... وهذا يفرض الولاء الفكري لمدرسة أهل البيت

__________________

(٣٢) الورقة ١ / ب من المخطوطة.

(٣٣) الورقة ١٨ / أمن المخطوطة.


ـ عليهم‌السلام ـ .. من هنا راح يبحث عن علوم هذه المدرسة دون أن يتقيد بمذهب معين من المذاهب المشايعة لأهل البيت.

ومثل ذلك فعل كثيرون من علماء السنة والجماعة بدرجة أو أخرى كالإمام الشافعي ، والحاكم النيسابوري ، والثعلبي المفسر ، والكياهراسي.

واليوم ، وبعد زوال الرقابات الفكرية التي كانت تفرضها مصالح السلاطين .. يستطيع المسلمون جميعا أن يجدوا في فكر مدرسة أهل البيت خير محور .. للعودة إلى إسلام رسول الله وأصحابه الكرام ... ولتحقيق وحدة إسلامية فكرية بين أبناء أمتنا الإسلامية.

والحمد لله أولا وآخرا ، وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحبه المنتجبين.

* * *


ملاحم على غرار ملحمة

الشيخ جعفر عباس الحائري

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة على خاتم الأنبياء والمرسلين ، وعلى آله الهداة المعصومين ، الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ، واللعن الدائم على أعدائهم أبدا.

وبعد ، فإن لأدبائنا القدامى والمحدثين الذين عرفوا بالولاء لأهل البيت ـ عليهم‌السلام ـ أشعارا كثيرة وملاحم طويلة ، جادت بها قريحتهم وموهبتهم تجاه الأئمة الميامين من خلفاء النبي الأعظم ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ وما أعطاهم الله من المواهب والعظمة والإجلال مما لا يعطى لأحد سواهم ، ولا يخص به أحد غيرهم.

منهم الشاعر الكبير الشيخ كاظم الأزري ـ رحمة الله ـ صاحب الملحمة الأزرية التي تلوك بها الألسن ، وتفوه بها الأشداق.

ويقول الزركلي في الأعلام ٥ / ٢١٥ ـ طبع دار الملايين ، سنة ١٩٧٩ ـ عنه : كاظم بن محمد بن مهدي بن مراد الوائلي البغدادي الشهير بالأزري ، شاعر فحل ، يقال له شاعر أهل البيت ، أشهر شعره قصيدة مطلعها :

لمن الشمس في قباب قباها

شف جسم الدجى بروح ضياها

تزيد على ألف بيت ، وله ديوان مطبوع مرتب على الحروف ، أكثره مدائح في أهل البيت ـ عليهم‌السلام ـ ...


وهناك ملاحم على نهج هذه الملحمة من أدبائنا الماضين والمعاصرين جاروا فيها هذه القصيدة ، أحبب أن أذكرها في مقالي هذا ، وأخص بها نشرة (تراثنا) التي تصدرها مؤسسة آل البيت ـ عليهم‌السلام ـ بقم المقدسة.

الأولى : ملحمة الشاعر الكبير محمد جواد بدقت الكربلائي ، المتوفى سنة ١٢٨١ ه ، ويبلغ عدد أبياتها ١٢٦٥ بيتا ، وإليك من أولها أبياتا :

أهي الشمس في سماء علاها

أخذت كل وجهة بسناها

أم تجلت بوجهة دون أخرى

ولما أنت بالغي في هواها

أينما تنبري بطرفين في فج (م)

من الدهر لم تجد إلا ها

كل قلب يضمه صدر شر

وجهته يد الهوى تلقاها

غير أن الشؤون شتى فكل

بسبيل بدت له واهتواها (٥)

واهيامي بها فليت مجليها

بإنشاء مهجتي جلاها

هي سر الهوى فإن تلق نفسا

لسواها يشفها باحتواها

بلغ الشوق بي إليها مقاما

لو ترى النفس تركه أعياها

كل آن قلب يمزقه البين

وعين يبين عنها كراها

وربوع تروى بفيض دموع

كان من ماء مهجتي مجراها (١٠)

إنما جنة الفؤاد تباهت

ووجوه الإشراق لا تتناها

كان مني لمنتهى أمد الشوق

بلوغ لو كان قصدي سواها

إن أبتها العين الحسان عيانا

من جلت عن حكاية لباها

وجميع سامت فؤادي ولكن

أين منها مستوهن لو عراها

أنا مهما أحرزت في الحب من

شأو وأحكمت فيه وشك لقاها (١٥)

لم تسمني إلا جفاها كأني

لم أصانع إلا اسام جفاها

فتدبر عشاء نفسي وأبصر

بك إن كدت أن ترى سماها

كنت صلبا على الليالي ولكن

ذبت مما عانيته من نواها

وعذولي أعمى الإله عذولي

لوبه بعض ما به ما لحاها

حسبه ظلة أهل ظن إن

العدل يحمي الفؤاد أن يهواها (٢٠)


يرى إذا خال نفسي ملاما

في الهوى غير أنه أغراها

منني والهوى أهون بنفسي

إن تناهت مؤنب عن هواها

كيف ألوي بمهجتي عن هواها

وهو جار كالروح في أعضاها

وتوجد هذه الملحمة عند بعض السادة في كربلاء ، وله أيضا ديوان شعر مخطوط خلفه لنا ، ويحدثنا صاحب (شعراء من كربلاء) ـ ج ١ ص ٨٧ ط. النجف ـ عنه فيقول : ومن الآثار الأدبية التي تركها لنا الشاعر الفذ قصائد متفرقة جمعت في ديوان مخطوط ، كانت نسخة الأصل منه في مكتبة السيد عبد الحسين آل طعمة رحمه‌الله ... إلا أنها احترقت ضمن الكتب التي كان يمتلكها إثر حادثة حمزة بيك المعروفة في كربلاء عام ١٠٣٣ ه.

أنظر ترجمته في : أعيان الشيعة ١٧ : ١٨٨ للسيد الأمين ، طبقات أعلام الشيعة ـ الكرام البررة ـ ٢ : ٢٧٨ لآقا بزرك ، الطليعة في شعراء الشيعة للسماري ، وشعراء من كربلاء ١ : ٧٢ لآل طعمة.

الثانية : ملحمة الشاعر الشهير العلامة الشيخ عبد الحسين الحويزي الكربلائي ـ قدس‌سره ـ والتي تربو على الألف بيت وتسمى هذه الملحمة بفريدة البيان في مدح النبي الأعظم وعترته الأطهار عليهم‌السلام (١) بالإضافة إلى ما له من دواوين قيمة والتي تربو على خمسة عشر ديوانا ، وكل ديوان يحتوي على عشرة

__________________

(١) يقول عنها الشاعر مرتضى الوهاب الكربلائي ـ رحمه‌الله ـ :

ألفية أم روضة للزهور

فريدة أم مجمع للبحور

أم مرج البحرين إذ يخرج (م)

اللؤلؤ والمرجان حلي الصدور

أم لج بحر من خيال به

تجري جواري منشآت الشعور

أم غاب أسد برزت أسده

زئيرها يملأ سمع الدهور

(٥) أم جمرات نفثت من حشا

أم حمم كالقصر ترمى الكفور

أم شهب النقمة تهوي بها

رجما شياطين البلا والشرور

أم زفرات أطلقت من جوى

قذائفا كانت لظى في الصدور

بألف بيت في الدنى سلم المجد (م)

وفي الأخرى جميعا قصور

في كل بيت حجر ثابت

اشعاعه في الحق نار ونور

(١٠) في مدح أهل البيت نور وفي

إصلاء أهل البغي نار تفور

حاز الحويزي بها رتبة

لأجلها خلد مد العصور


آلاف بيت من الشعر الراقي (٢).

ويقول أحد الأدباء في تعريفها : هذه الملحمة الغراء التي هي من أثمن نفائس الأدب العربي ، ونموذج رائع من الشعر القصصي التاريخي.

ويبدأ قبل الدخول في الغرض المقصود ، بوصف الإبل وسيرها ، والصحراء ورياحها ، والهوادج التي تحملها الإبل ، والحور الحسان اللواتي تقلهن الهوادج ، فينصرف إلى التغزل بهن على عادة الشعراء القدماء ، ثم يلج البحث فيشرع بحياة النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ وسيرته وصفاته وكراماته ، ثم مبعثه ورسالته وحروبه ومغازيه ، وينتهي بمدح أمير المؤمنين ـ عليه‌السلام ـ وفضله وبطولته وعلمه ، وما ورد في حقه ـ صلوات الله عليه ـ فيستعرض الحوادث التاريخية ويعلق عليها ، ويوفيها حقها ويختم القصيدة بشهادته ـ عليه‌السلام ـ ومدفنه المقدس (٣) ، ونقدم إلى القارئ الكريم طائفة منها ، لعل الله أن يوفقنا لطبعها بصورة كاملة.

* * *

__________________

نال وسام الفخر من أحمد

ونال من حيدر رمز العبور

وفاطم الطهر وأبناؤها

تاجرهم (تجارة لن تبور)

أظهر فيها الحق مع حيدر

وحيثما دار علي يدور

في كل هاء نفخ صور له

بدا بشيرا ونذيرا يمور (١٥)

زف بها بنات أفكاره

عرائسا تجلى برسم البدور

يخاطب الفن وأهل النهى

وللعلى قلائد في النحور

لدى الصراط في الجزاء أرخت

فريدة البيان صك المرور

(٢) طبع الجزء الأول من ديوانه في النجف الأشرف في المطبعة الحيدرية ، ويشتمل على حرفي الهمزة والباء ، وأكثره في مدح الأئمة الطاهرين ـ عليهم‌السلام ـ.

(٣) مقدمة الفريدة ، ص ٥ ، ط. النجف ، سنة ١٣٧٥ ه.


(على نهج الأزرية)

الفصل الأول

في الغزل والتشبيب

لمن العيس في البطاح براها

مثل بري القداح جذب براها

حائرات كأنها سرب طير

حسبت لجة السراب مياها

وبها الآل في المفاوز والقفر

رياض تنشقت رياها

ترتعي جمرة الهجير غذاء

فيقيها عن جوعها وظماها

(٥) سبقت أربع الرياح بمجرى

أربع وارتمت قصي نواها

شمأل الريح بكرة والنعامى

وعشيا جنوبها وصباها

ونواصي الآكام في كل نص

من سراها طي الفلاة فلاها

يعملات شقت بطون المواني

جائبات بطاحها ورياها

ساقها للورود رجع حنين

من مشوق حيث الزفير حداها

قد أقلت هوادجا زينتها

من غوان النقى وجوه مياها

مرحا تنثني وتهوي مراحا

بثرى وجرة ففاقت ظباها

صرعتنا عيون عين كعاب

أو سعت طعنة القنا نجلاها

وأرى أضعف الجفون فتورا

حين ترمي حب الحشا أقواها

إن يسالم لجيرة الحي قلبي

فلحرب الهوى هوى سلماها

وأزج الحواجب استل بيضا

بزفيها من مهجتي سوداها

وتحلت طلا وزفت خدودا

صانع الحسن عسجد قد طلاها

وأسالت دمي بخد أسيل

فوقه النار مهجتي تصلاها

بالهوى قد تعذر الصبر مني

ما رعتني من الدمى عذراها

كسرت جفنها لتدرك فتحا

من قلوب العشاق في مغزاها

مقطف من خدودها الورد لكن

مخطف بالورود ذعرا حشاها

طوقها يخجل الهلال ويزري

بالثريا مهما بدت قرطاها


الفصل الثاني

في التخلص إلى المدح ويشرع بمدح خاتم الأنبياء محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ

ذاك من أعطي الرسالة قبل (م)

الكون والرسل لم تكن تعطاها

وبه اختصت النبوة حقا

وعلى الكائنات عم ولاها

علمه أدرك العوالم حتى

جاز من بدئها إلى منتهاها

وجرى بحر عفوه الغمر سيلا

فجلى عن بني الليالي غثاها (٢٥)

(وعلى الممكنات شرفه الله

ومن فيض لطفه أنشأها)

علم باسمه الملائك قدما

علم الله آدما أسماها

سجدت مذ رأت له نيرات

شع في وجه آدم لألاها

قد سرت باسمه سفينة نوح

ومن الموج إذ طمى أنجاها

وسلاما على الخليل وبردا

نار نمرود سره سواها (٣٠)

وسعت في يمين موسى عصاه

حية كل ساحر يخشاها

واستعاد المسيح نفخة إذن

منه يحيط من الورى موناها

وزكت نفس يوسف في ولاه

حيث من كل ريبة براها

وبه يونس من الحوت أنجته

يقينا ولاية قد نواها

وسليمان نال خاتم حكم

من يدي خاتم النبيين طه (٣٥)

أنبأت باسمه من الغيب صحف

صدق الكون بالهدى أنباها

وبلا هوت هيكل قد تبدى

والمعاني المقدسات ارتداها

وطوى سره العوالم طرا

وحوته العلى برادى طواها

وعلى الطور نوره لاح ليلا

وسناه جلا ذرى سيناها

وبه روضة النبوة فاحت

عشق الروح روحها فاجتلاها (٤٠)

أجمل العلم في جوارح جسم

فصلت حكمة الهدى أعضاها

غبطت مجده النجوم السواري

وبمعناه وفقت مسراها

لو بدى بالسنا محياه يخفى

منه في أبرج السما نيراها


كل أسمائه توسمن حسنا

زان من مكرماتها حسناها

(٤٥) يده بيضت من البيض وجها

إن خير الأيدي ترى بيضاها

سيد عصمة الورى فيه خصت

أمسك المرسلون حبل ولاها

حملته يمنى النبوة أعباءا

ثقالا وألبسته عباها

تخضع الإنس والملائك والجن

لعليائه وتلوي طلاها

كم له فصلت أحاديث فضل

سالف الدهر للقرون رواها

(٥٠) صدقت كل أمة بعلاه

حيث كانت رواتها أنبياها

كان من قبل خلق آدم نورا

ظلم الشك في اليقين محاها ...

الفصل الثالث

في مدح الصديقة فاطمة الزهراء ـ عليها‌السلام ـ

مثل زهر النجوم أفعاله الغر

أضاء وبنته زهراها

فاطم بنت أحمد سادت الخلق

جميعا رجالها ونساها

لم نل مريم وآسية الزهراء

ولا سارة ولا حواها

(٥٥) ذكر الله قائلا مرج البحرين

لكن بذكره قدعناها

صاغها من سبائك المجد تبرا

خالصا يوم صنعه صفاها

هي صديقة الخليقة جمعا

ببهاه الجليل فضلا حباها

وهي تدعى شفيعة الخلق في

الحشر وما في الملا شفيع سواها

رحمة للأنام باللطف جاءت

أبعد الله كل من آذاها

(٦٠) يغضب الله حين تغضبها الخلق

ويرضى عن خلقه لرضاها

بضعة من فؤاد خير البرايا

وقد اشتق من حشاه حشاها

واجتبى أمها خديجة زوجا

بذلت للهدى جميع ثراها

أول المؤمنات بالله كانت

وبحفظ النبي طال عناها

تلك للمؤمنين أرأف أم

عنهم كل فتنة تأباها

(٦٥) إن عين النبي أكرم عين

لم تكرم لأجلها عيناها

يوم وافت بالوعظ تزجر قوما

تركت رشدها ووافت هواها


أنبتت في الكتاب حقا مبينا

والأباطيل حكمه قد نفاها

فدك في حياة أحمد أعطته

يمين الهدى إلى قرباها

هل إلى الأنبياء أنزل حكم

إرثها لا يكون في أبناها

أو كان الرسول يبغي إلها

واحدا والبتول تبغي إلها (٧٠)

أم درت مالها من الفرض لكن

طمع النفس بالمنى مناها

أم ترى أشكلت عليها الأحاديث

وفيما ادعته كان اشتباها

وعلي لا يعرف الحكم لما

عاجلته شهادة أداها

جر فيها لقرصه النار والسبطان

كانا بالحق من شهداها

ثم قالوا بأم أيمن لم تفصح

بيانا مميزا عجماها (٧٥)

ضيعت عهد أحمد في بنيه

وغرور الشيطان قد أغراها

أوصت الطهر لا يصلي عليها

أحد منهم ليوم فناها

وعلي في الأرض لما توارت

تربة القبر عنهم عفاها

لم تراعى البتول وهي من العصمة

فيهم بقية أبقاها

* * *

الفصل الرابع

في مدح الأئمة المعصومين ـ عليهم‌السلام ـ

والمصابيح في وجوه صباح

ترشد الخلق كلهم ابناها (٨٠)

سادة قادة حماة أباة

طبق الكون عزها وإباها

يستظل الهدى إذا طرقته

نوب الدهر تحت ظل حماها

أصفياء مشية الله ولتهم

فهم بين خلقه أصفياها

أسفر الحق بالظهور فباءت

حكمة الله أنهم سفراها

قصرت عنهم العقول منالا

حيث ضلت بكنههم عرفاها (٨٥)

وبإدراك فضلهم علماء

الدهر جارت فأشبهت جهلاها

كشفوا عنهم نقاب المعالي

في البرايا فأصبحوا نقباها

وإذا الدهر في الأنام أذاع

الجهل كانوا برأيهم علماها


انحلت منهم العبادة أجساما

وتقوى النفوس من تقواها

(٩٠) أبحر بالعلوم فاضت عبابا

وبحور الورى تفيض مياها

لم تقابل جون السحائب منها

سرن في الجو قطرة من نداها

كرمت دوحة العلى بأكرم ذات

قد حكت ذات أحمد وحكاها

جعلت نفسه بنفي بنيه

ومن العلم والندى رباها

* * *

الفصل الخامس

في مدح صاحب الأمر ـ عليه‌السلام ـ

آل بيت بقائم السيف للملة

عزت بقائم قد تلاها

(٩٥) مضمر والعلوم تظهر منه

ناشر من ذرى المعالي لواها

تملأ الأرض منه عدلا وقسطا

ومساعيه حجة لا تضاها

لو ضربت البلاد شرقا وغربا

لم تجد فيه ماله أشباها

من ضباه متى تبسم برق

أضحك الدين والعدي أبكاها

فإذا اجتاز في القفار مرورا

تنبت الرند والكبا قفراها

(١٠٠) ومتى من بنانه فاض سيب

طاولت أغنياءها فقراها

بركات الهدى به تغمر الخلق

فتمحو شقاءها وعناها (٤)

ترجف الأرض من سنابك خيل

حزبه في دجى القتام امتطاها

كم لقطر الرشاد قد سد ثغرا

ولدهم الخطوب شق لهاها

يقعس الشرك في الحمام همام

نال من كل عزة قعساها

حاجب عنده ابن مريم

والخضر له كل خدمة أداها

عجبت من علاه سبع شداد

منه عجبا تقول : واها واها

__________________

(٤) يشير الشاعر الكبير إلى امتلاء الأرض من العدل ، وعمرانها في دولة الإمام المهدي ـ عليه‌السلام ـ التي جاءت في الأحاديث الواردة في الكتب المعتمدة. أنظر : (منتخب الأثر في الإمام الثاني عشر ـ عليه‌السلام ـ) لصديقي العلامة الصافي ص ٤٧٨ وص ٤٨٢.


وبه يقتدي المسيح فينوي

لصلاة وراءه يقواها

يكشف الليل من محياه نور

إن بدا للمساء أخفى ذكاها

ناشر راية النبي عقابا

تستظل العقبان في أفياها

ومواريث أحمد وعلي

مذ وعى عنده استقل وعاها (١١٠)

هو عين الله التي تلحظ الغيب

فلم تنطبق كرى جفناها

عالمم بالذي يكون وما

كان بدنيا الأنام أو أخراها

وعليه الأعمال تعرض

يمتاز بعينيه درها وحصاها

كلما أنجمت قرون ظهور

عن علاه ستر الخفا واراها

فهي الساعة التي وعد الله

بها خلقه وقد أخفاها (١١٥)

تطلع الشمس وهي من جهة الغرب

مطلا نصب العيون ضحاها

وتدور الأفلاك في راحتيه

والمقادير وهو قطب رحاها

جعل الله في العوالم قدما

في يديه وقوفها وسراها

لنبي الهدى معانيه تنمى

قد زكا فرعها وطاب شذاها

جده جد بالمناقب حتى

ضاق عن وسع جانبيه فضاها (١٢٠)

ورد الخضر منه عين حياة

وبه نفسه أطالت بقاها

ورجال علت لأصوات أسد

تشبه الحشر رنة غوغاها

وبراياتها الملائك حفت

فاضاقت من القفار فضاها

تقتدي في الهدى بخير إمام

حققت رشدها به وهداها (١٢٥)

خاتم الأوصيا به أنبياء الله

من قبل بشرت أوصياها

وإليه انتهت جميع المعالي

يوم عدت وكان منه ابتدأها

إن عصته رهن الضلالة قوم

شق صمصامه الزليق عصاها

تطهر الأرض من عداه أديما

بشبا السيف لا بسيل دماها

مدرك للهدى هنالك وترا

جحدته الأعداء من آباها (١٣٠)

شأنه العفو في النوائب لكن

كل دار من العدى عفاها


دار في سيفه الحمام فأبقى

عصب البيض دورها تنعاها

رن فيها رجع الصدى مذ محتها

منه بيض جلا الرشاد صداها

بطل لو نعى الصخور نداه

بدم منه فجرت صماها

(١٣٥) قد عرت قضبه حدود المنايا

ومن الغمد للطلا أعراها

بيضت أوجه الحفائظ منه

وسعاد الشقي لوى سمراها

لو تلاقي الشم الرواسي جنانا

منه لانحط رهبة أعلاها

كم روى سيفه أحاديث حتف

للأعادي وبالدما رواها

وتزيل الجبال نهضة عزم

منه في منكب السما أرساها

(١٤٠) ولدت باسمه المنية حتى

أرضعته دم العدى ثدياها

وحد الله والخلائق طرا

شركها عن إلهها ألهاها

وببيت الإله كبر و

الكفار أوطأ فعاله كبرياها

ودهاها بكل خطب مروع

فقدت فيه مكرها وزهاها

لم يرعه عوي ذئاب ضلال

وهوراق من السماء عواها

(١٤٥) منه دكت بالرعب أدبار صيد

شق من غارة الردى شعواها

حرمت كفه صنا ديد مخزوم

فقيدت بالذل تشكو وجاها

كم له غزوة بأجنحة الموت

أطارت من العدى أحشاها

يوم عفى للشرك عقر ديار

بث في أوجه الكماة عفاها

وشفى علة من الدين كانت

تشتكي الممكنات من عدواها

(١٥٠) وبه الملة استقامت فحازت

صحة بالوجود بعد خناها

ومحا جاهلية الشرك منه

ضرب بيض لظى الردى أحماها

وبأم القرى بحمد قواه

دعوة الحق في الورى أداها


الفصل السادس

في مدح شيخ الأباطح أبي طالب ـ عليه‌السلام ـ (٥)

طلبت بيضة الهدى منه صوتا

بأبي طالب ترقى ذراها

وحمى شعبة الرسالة لما

قام في حفظها فكان وقاها

وازر المصطفى بقول وفعل

وقريش من أجله عاداها (١٥٥)

كان للدين حاميا وظهيرا

دونه كل نكبة يلقاها

هو ربى لأحمد خير نفس

في حماه يتيمة آواها

لم يزل كافلا له في القضايا

وهو في حي قومه أقضاها

وإلى الهجرة استعد غداة

الموت حوباء عمه وافاها

أظهرت كيدها له العرب حقدا

يوم غاب الهزبرعن مثواها (١٦٠)

ليت شعري هذا الذي ناطح

الشهب بمجد جلا على شعراها

لم تمت نفسه على الكفر كلا

ومن الغي والشقا حاشاها

كان للمصطفى معينا على

الأوثان حقا يريد هدم بناها

عظم الله في قصائده الغر

وأبدى على النبي ثناها

ورأى دين أحمد خير دين

وجميع الأديان مقتا قلاها (١٦٥)

كيف يبقى غدا بضحضاح نار

ومساعيه كان هذا جزاها (٦)

__________________

(٥) وله أيضا قصيدة أخرى يمدح بها والد الإمام أمير المؤمنين ـ عليهما‌السلام ـ ، ذكرها العلامة النقدي ـ رحمه‌الله ـ في آخر (زهرة الأدباء في شرح لامية شيخ البطحاء) ص ٤٥ ، ط. النجف ، قال : وللفاضل الأديب الطائر الصيت الشيخ عبد الحسين الحويزي ... أولها :

توارى محيا الشمس منك بحاجب

حياء وخوف الفتك من قوس حاجب

(٦) إشارة إلى رواية مدسوسة وضعها أعداء الإمام أمير المؤمنين ـ عليه‌السلام ـ في ذم والده شيخ الأباطح ، من أنه في ضحضاع من نار يغلي دماغه ، ويرد على هذه الفرية الإمام الخامس باقر العلوم ـ عليه‌السلام ـ كما يحدثنا ابن أبي الحديد في شرحه على النهج ج ٣ ص ٣١١ سئل عما يقول الناس أن أبا طالب ... فقال : لو وضع إيمان أبي طالب في كفة ميزان وإيمان هذا الخلق في الكفة الأخرى لرجح إيمانه ...

ويقول ابن الأثير في (جامع الأصول) عند ذكر أعمام النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ : ما أسلم منهم غير حمزة والعباس وأبي طالب عند أهل البيت.


وتقيس الخطاب قوم بشهم

نعتت في صفاته خطباها

سل قريشا هل غير عبد مناف

سيدا كان في حمى بطحاها

زوجه فاطم التي أسد

كان أبوها وهاشم رباها

(١٧٠) لبوة في شرى البسالة شبت

وعلي وجعفر شبلاها

وعقيل الذي به تعرف

الأنساب إن تجهل الورى عرفاها

أخوه من أب وأم كرام

قد صفا بالنبي در أخاها

إن تقل أيها المجادل صدقا

ذاك نفس الهدى وهم أعضاها

للهدى أثبتت يداه أصولا

وهم فرعوا على مبناها

(١٧٥) كيف يملي عليه الروح الأمين عليه

جمل الوحي وهو قدما تلاها

* * *

الفصل السابع

في مدح الإمام أمير المؤمنين ـ عليه‌السلام ـ

أولم يدر جبرئيل بعلم

المصطفى ليس جزؤه يتناها

كم له من معارج بالمعالي

ينتهي الفكر عن مدى مبتداها

سعدت أمة إلى الحق تعزى

وعلي وأحمد أبواها

إن نفس النبي بالقرب أخت

نفس من في أموره أوصاها

(١٨٠) كيف أدنت يد النبوة

أقصى الناس وأبعدت قرباها

إن في الخلق أحمدا وعليا

من علا قدرة الإله براها

فهما في الوجود شرقا وغربا

ذاك يمنى لها وذا يسراها

كم لدين الإله أجسام مجد

وهما قبل خلقه روحاها

سبحت منهما الملائك حقا

وبجاهيهما استجيب دعاها

(١٨٥) وعلى الخافقين داسا جناحا

وبه غاية العلى بلغاها

أوردا الخسف كل ذي جبروت

والعلى بعد كسرها جبراها

لهما الله خط أسماء قدس

بان من فوق عرشه سطراها

شق بدر السماء طه وردت

لأخيه بعد الغروب ذكاها


هو نفس النبي بالنص حقا

(قل تعالوا) قضت بذا دعواها

فهما واحد إماما بذات

بارى الخلق بالثنى ثناها (١٩٠)

شقها الله في الخليقة

نصفين قدما وباسمه سماها

لم يميز منها البصير صفات

لفظة اثنين واحد معناها

بات ليلا على فراش رسول

الله يشتاق للمنون لقاها

وبه أحدقت جموع قريش

واستطالت له طلا رؤساها

رقدت في المبيت عيناه لكن

قلبه للهدى أفاق انتباها (١٩٥)

كلما في دجى الردى هددته

سطوة الشرك لم يكن يخشاها

فاديا دون أحمد منه نفسا

كل نفس حقا تكون فداها

أنزل الله جبرئيل وميكائيل

ليلا لنفسه حفظاها

قال كل له : بخ لك حقا

إن رب السما بمثلك باها ... (٧)

وفي آخرها يقول :

بشر بشرت به الرسل قدما

وبه الله للملائك باها (٢٠٠)

كان سرا مع النبي من

قبل يوفى قلوبها سراها

كل أهل النهى بمعناه حارت

ودعت باسمه الغلاة إلها

ليس تخفى له المجد ذات

محكم الذكر بالثنا أطراها

بمرور العصور جيلا فجيلا

ليس ينسى طول الزمان جداها

بالعلى سادت الخليقة جمعا

حيث جبرئيل خادم إياها (٢٠٥)

__________________

(٧) يشير شاعرنا الكبير إلى أروع صورة يرويها لنا التاريخ عن الايثار التي كانت متمثلة في الإمام أمير المؤمنين علي ـ عليه‌السلام ـ حين مبيته على فراش رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ ليلة هجرته ، يفديه بنفسه ، ويقيه بمهجته ، فأوحى الله تعالى إلى جبرئيل وميكائيل : إني آخيت بينكما ، وجعلت عمر أحدكما أطول من عمر الآخر ، فأيكما يؤثر صاحبه بالحياة ، فاختار كل واحد منهما الحياة وأحباها ، فأوحى الله ـ عزوجل ـ إليهما : أفلا كنتما مثل علي بن أبي طالب ، آخيت بينه وبين محمد ، فبات علي فراشه يفديه بنفسه ، ويؤثره بالحياة ، اهبطا إلى الأرض فاحفظاه من عدوه.

فكان جبرئيل وميكائيل عند رجليه ، وجبرئيل يقول : بخ بخ ، من مثلك يا بن أبي طالب ، والله يباهي بك الملائكة ، فأنزل الله في علي ـ عليه‌السلام ـ : (ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله والله رؤوف بالعباد) [سورة البقرة الآية ٢٠٧] كما حدثنا بها الغزالي في كتابه (إحياء العلوم) وغيره.


حين تتلى على النفوس بيانا

بسناها الموت الوحي ثناها

كم له صيحة تذيب الرواسي

ومن الصخر أسمعت صماها

وتلبي الأفلاك طوعا لديه

مسرعات بالدوران ناداها

حل لما قضى ضرائح قدس

رحمة الله أكرمت مثواها

(٢١٠) فعلى ذاته إله البرايا

بالمثاني صلى غداة اجتباها

الثالثة : ملحمة الشاعر الفذ ، والعالم الجليل الشيخ عبد الله بن علي ابن عبد الله الوايل الأحسائي ، المعروف ب (الصائغ).

ونحيلك إلى ما كتب عنه سمينا الخطيب الهلالي في نشرة (تراثنا) (٨) التي تصدرها مؤسسة آل البيت ـ عليهم‌السلام ـ بقم المقدسة ، قال :

ولد الشاعر في الهفوف عاصمة الأحساء في حدود النصف الأول ـ أو بعده بقليل ـ من القرن الثالث عشر ، ولم يحدد بالضبط تاريخ ولادته ، غير أنه كان حيا عام ١٢٨١ ه ، وهو تاريخ الفراغ من نظم ملحمته الشعرية ، كما أرخها هو في آخر أبياتها.

والشاعر ، بالإضافة إلى ملكته الشعرية ، كان أحد العلماء المحصلين ، أخذ دراسته العلمية في مدينة الأحساء على يد علمائها آنذاك ، ومنهم الشيخ محمد أبو خمسين ، فقد أخذ عنه الحكمة والفقه ، ولا يدرى هل سافر إلى النجف أم لا؟

وله من الآثار : ١ ـ ديوان شعر كبير يتألف من ثلاثة أجزاء في مختلف الأغراض والمواضيع ، ٢ ـ كشكول كبير ، ٣ ـ نهج الأزرية ، وهي الملحمة التي سنقدم جزءا منها للقارئ : تشتمل على أكثر من (١٥٠٠٠) بيت من الشعر ، كما توجد له ثلاثة بنود في التوحيد ، والنبوة ، والإمامة ، وتوفي عام ١٣٠٥ ه في قرية (سيهات) إحدى قرى مدينة القطيف (٩).

وذكر من الملحمة مائة وأربعين بيتا ، أولها :

__________________

(٨) العدد الرابع ، السنة الأولى ، ربيع ١٤٠٦ ه.

(٩) العدد الرابع ، السنة الأولى ، ربيع ١٤٠٦ ه.


هذه رامة وهذي رباها

فاحبسا الركب ساعة في حماه ..

ومنها :

كيف لا تملك المعالي نفس

حب طه بنوره زكاها

أحمد المصطفى أجل نبي

بعث الله للورى لهداها

إلى أن يقول :

أول السابقين في حلبة

الفضل ومصباح أرضها وسماها

نير أشرق الوجود

بإشراقات أنوار عزه جلاها

ونسأل الله تبارك وتعالى أن يوفقنا لنشر هذه الملاحم الغراء ، والقصائد العصماء بصورة كاملة ، وطبع جيد ، للملأ الإسلامي بالأخص للمشتاقين إلى الأدب العربي والمرتشفين من منهله العذب ، وما ذلك على الله بعزيز.

الشيخ جعفر عباس الحائري

قم المقدسة


ما ينبغي نشره من التراث

السيد عبد العزيز الطباطبائي

(١٩)

فائق المقال

في علم الحديث والرجال

لمهذب الدين أحمد بن عبد الرضا البصري ، تلميذ المحدث الحر العاملي.

١ ـ نسخة في مكتبة ملك الأهلية ، في طهران ، رقم ٣٥٧٢ ، نسخة قيمة تامة جيدة الخط.

٢ ـ نسخة كتبت في ١٢ شعبان سنة ١١٨٥ ه ، في المتحف البريطاني رقم ٨٤٥٩ ، OR

٣ ـ نسخة في المكتبة الناصرية ، في لكهنو بالهند.

٤ ـ نسخة في مكتبة سماحة السيد محمد علي الروضاتي ، في أصفهان.

(٢٠)

مختصر تفسير علي بن إبراهيم

لابن العتايقي ، كمال الدين عبد الرحمن بن محمد بن إبراهيم الحلي ، من أعلام القرن الثامن.

١ ـ نسخة في مكتبة مجلس الشورى ، في طهران ، رقم ١٢٦٤١.


٢ ـ نسخة أخرى في مكتبة مجلس الشورى أيضا ، رقم ١٢٢١٦.

٣ ـ نسخة بخط المؤلف ، في مكتبة آية الله المرعشي العامة ، في قم ، رقم ٢٨٢ ، ذكرت في فهرسها ١ / ٣٠٩.

٤ ـ نسخة أخرى ـ لمؤلف مجهول ـ في مكتبة آية الله المرعشي العامة ، في قم ، رقم ٤٦٤ ، ذكرت في فهرسها ٢ / ٧١.

(٢١)

نخب المناقب

لآل أبي طالب

لأبي عبد الله الحسين بن جبير ، أحد أعلام القرن السابع.

وهو منتخب من كتاب (مناقب آل أبي طالب) لابن شهرآشوب المتوفى سنة ٥٨٨ ه.

١ ـ نسخة في المكتبة المركزية لجامعة طهران ، رقم ٦٨٥ ، ذكرت في فهرسها ٥ / ١٥٨٧.

٢ ـ نسخة في مكتبة آية الله المرعشي العامة ، في قم ، رقم ٤٨٢١ ، ذكرت في فهرسها ١٣ / ٢١.

(٢٢)

منهج الشيعة

في فضائل وصي خاتم الشريعة

١ ـ نسخة في المكتبة المركزية لجامعة طهران ، رقم ٦٦٥ ، ذكرت في فهرسها ٥ / ١٥٨١.

٢ ـ نسخة في مكتبة الإمام الرضا عليه‌السلام ، في مشهد ، رقم ١٨٥٢ ، نسبت في فهرسها ١ / ٩٤ إلى السيد جلال الدين عبد الله بن شرف شاه الحسيني ، وهو ممن أدرك القرن التاسع.


٣ ـ نسخة في مكتبة سپهسالار ، في طهران ، رقم ...

٤ ـ نسخة في مكتبة آية الله السيد الگلپايگاني ـ دار القرآن الكريم ـ ، في قم ، رقم ف ١ / ٢٥٣.

(٢٣)

عدة الرجال

للسيد محسن بن السيد حسن الأعرجي الكاظمي (١١٣٠ ـ ١٢٢٧ ه).

١ ـ نسخة في مكتبة كاشف الغطاء ، في النجف الأشرف.

٢ ـ نسخة في المكتبة المركزية لجامعة طهران ، رقم ٩٨٨ ، ذكرت في فهرسها ٢ / ٦٢٦ ـ ٦٣٠ ، أكثرها بخط المحدث النوري وعليها تصحيحاته.

(٢٤)

جامع الأقوال

في أحوال الرجال

للسيد يوسف بن محمد بن محمد الحسيني العاملي ، كان حيا سنة ٩٨٢ ه.

١ ـ نسخة كتبت سنة ١٠٢٣ ، في مكتبة آية الله المرعشي العامة ، في قم ، رقم ٣٢٩٨ ، ذكرت في فهرسها ٩ / ٧٩.

٢ ـ نسخة في مكتبة السيد محمد علي القاضي الطباطبائي التبريزي ـ رحمه‌الله ـ ، في تبريز.

٣ ـ نسخة في مكتبة الشيخ علي أصغر مرواريد ، في طهران.

(٢٥)

الوجيز في تفسير القرآن العزيز

للشيخ علي بن حسين بن محيي الدين بن عبد اللطيف بن علي بن أحمد بن


أبي جامع العاملي النجفي ، من أعلام القرن الثاني عشر ، وأسرته تعرف بآل أبي جامع وآل محيي الدين.

فرغ من تبييضه في ١٣ جمادى الثانية سنة ١١٢٠ ه.

١ ـ نسخة تامة كتبت سنة ١٢٣١ ه ، في المكتبة المركزية لجامعة طهران ، رقم ١٨ ، في ٢٨٩ ورقة.

٢ ـ نسخة في مكتبة الإمام الرضا عليه‌السلام ، في مشهد ، رقم ٨٥٠٨.

٣ ـ نسخة في مكتبة كلية الحقوق في جامعة طهران ، رقم ١ / ١٩٥ ن ص ٥٠١.

٤ ـ نسخة في مكتبة المحدث الأرموي ـ رحمه‌الله ـ ، في طهران.

(٢٦)

شرح شواهد مجمع البيان

لأبي محمد محمد حسين بن عماد الدولة محمد طاهر الشريف الوحيد ، المتوفى سنة ١١١٢ ه.

١ ـ نسخة في المكتبة المركزية لجامعة طهران ، رقم ١١٧١ ، في ١١١ ورقة ، ذكرت في فهرسها ٦ / ٢٢٩١ ـ ٢٣٠١.

٢ ـ نسخة في مكتبة الإمام الرضا عليه‌السلام ، في مشهد ، رقم ٤٨٧٤ ، من سورة الرعد للنهاية.

٣ ـ نسخة كتبت سنة ١٢٥٧ ه ، في مكتبة آية الله المرعشي العامة ، في قم ، رقم ٢٤٧١ ، في ٢٧٩ ورقة ، ذكرت في فهرسها ٧ / ٦٣.

(٢٧)

شرح شافية أبي فراس

للسيد أبي جعفر محمد بن أمير الحاج الحسيني ، كان حيا سنة ١١٧٣ ه.

١ ـ نسخة كتبت سنة ١٢٨٣ ه ، في مكتبة آية الله المرعشي العامة ، في


قم ، رقم ٣٣٧٩ ، ذكرت في فهرسها ٩ / ١٥٦.

٢ ـ نسخة كتبت سنة ١٢٧٧ ه ، في مكتبة الإمام الرضا عليه‌السلام ، في مشهد ، رقم ٤٨٤٤.

* * *


التحقيق في نفي التحريف

(٦)

السيد علي الميلاني

(الطائفة الثالثة)

وهم الذين لم يأخذوا بما دلت عليه تلك الأحاديث ولم يتبعوا الصحابة فيما تحكيه عنهم تلك الآثار ، وهم بين راد عليها الرد القاطع ، وبين مؤول لها على بعض الوجوه ... وقد انصبت كلمات الرد والنقد ـ في الأغلب ـ على الآثار المحكية ـ التي ذكرنا بعضها في الفصل الأول تحت عنوان (كلمات الصحابة والتابعين في وقوع الحذف والتغيير والخطأ في القرآن المبين) ـ بالطعن في الراوي أو الرواية أو الصحابي ... على تفاوت فيما بينها في المرونة والخشونة ...

رد أحاديث الخطأ في القرآن

قال الطبري بعد ذكر مختاره : (وإنما اخترنا هذا على غيره لأنه قد ذكر أن ذلك في قراءة أبي بن كعب (والمقيمين) وكذلك هو في مصحفه فيما ذكروا ، فلو كان ذلك خطأ من الكاتب لكان الواجب أن يكون في كل المصاحف غير مصحفنا الذي كتبه لنا الكاتب الذي أخطأ في كتابه بخلاف ما هو في مصحفنا ، وفي اتفاق مصحفنا ومصحف أبي ما يدل على أن الذي في مصحفنا من ذلك صواب غير خطأ. مع أن ذلك لو كان خطأ من جهة الخط لم يكن الذين أخذ عنهم القرآن من أصحاب رسول الله [صلى‌الله‌عليه‌وآله] يعلمون


من علموا ذلك من المسلمين على وجه اللحن ، ولأصلحوه بألسنتهم ولقنوه للأمة تعليما على وجه الصواب ، وفي نقل المسلمين جميعا ذلك قراءة على ما هو به في الخط مرسوما أدل دليل على صحة ذلك وصوابه ، وأن لا صنع في ذلك للكاتب) (١).

وقال الداني : (فإن قال قائل : فما تقول في الخبر الذي رويتموه عن يحيى ابن يعمر وعكرمة مولى ابن عباس عن عثمان أن المصاحف لما نسخت عرضت عليه فوجد فيها حروفا من اللحن ، فقال : اتركوها فإن العرب ستقيمها ـ أو ستعربها ـ بلسانها. إذ ظاهره يدل على خطأ في الرسم.

قلت : هذا الخبر عندنا لا يقوم بمثله حجة ، ولا يصح به دليل من جهتين ، إحداهما : أنه ـ مع تخليط في إسناده واضطراب في ألفاظه ـ مرسل ، لأن ابن يعمر وعكرمة لم يسمعا من عثمان شيئا ، ولا رأياه ، وأيضا فإن ظاهر ألفاظه ينفي وروده عن عثمان ، لما فيه من الطعن عليه ، مع محله من الدين ومكانه من الإسلام ، وشدة اجتهاده في بذل النصيحة ، واهتباله بما فيه الصلاح للأمة. فغير متمكن أن يقول لهم ذلك وقد جمع المصحف مع سائر الصحابة الأخيار الأتقياء الأبرار نظرا لهم ليرتفع الاختلاف في القرآن بينهم ، ثم يترك لهم فيه مع ذلك لحنا وخطأ يتولى تغييره من يأتي بعده ، ممن لا شك أنه لا يدرك مداه ولا يبلغ غايته ولا غاية من شاهده. هذا ما لا يجوز لقائل أن يقوله ، ولا يحل لأحد أن يعتقده.

فإن قال : فما وجه ذلك عندك لو صح عن عثمان؟

قلت : وجهه أن يكون عثمان أراد باللحن المذكور فيه التلاوة دون الرسم) (٢).

وقال الزمخشري : ([والمقيمين] نصب على المدح لبيان فضل الصلاة وهو باب واسع قد ذكره سيبويه على أمثلة وشواهد ، ولا يلتفت إلى ما زعموا من وقوعه لحنا في خط المصحف ، وربما التفت إليه من لم ينظر في الكتاب ولم يعرف

__________________

(١) تفسير الطبري ٦ / ١٩.

(٢) تاريخ القرآن ـ لمحمد طاهر الكردي ـ ص ٦٥ عن المقنع.


مذاهب العرب وما لهم في النصب على الاختصاص من الافتنان ، وغبي عليه أن السابقين الأولين الذين مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كانوا أبعد همة في الغيرة على الإسلام وذب المطاعن عنه من أن يتركوا في كتاب الله ثلمة ليسدها من بعدهم ، وخرقا يرفوه من يلحق بهم ...) (٣).

وقال الرازي : (وأما قوله : [والمقيمين الصلاة والمؤتون الزكاة] ففيه أقوال ، الأول : روي عن عثمان وعائشة أنهما قالا : إن في المصحف لحنا وستقيمه العرب بألسنتها. واعلم : أن هذا بعيد ، لأن هذا المصحف منقول بالنقل المتواتر عن رسول الله [صلى‌الله‌عليه‌وآله] فكيف يمكن ثبوت اللحن فيه؟!) (٤).

وقال الزمخشري في الآية (... حتى تستأنسوا ...) بعد نقل الرواية عن ابن عباس فيها : (ولا يعول على هذه الرواية) (٥).

وقال الرازي فيها : (واعلم أن هذا القول من ابن عباس فيه نظر ، لأنه يقتضي الطعن في القرآن الذي نقل بالتواتر ، ويقتضي صحة القرآن الذي لم ينقل بالتواتر ، وفتح هذين البابين يطرق الشك في كل القرآن ، وأنه باطل) (٦).

وقال النيسابوري : (روي عن عثمان وعائشة أنهما قالا : إن في المصحف لحنا وستقيمه العرب بألسنتها ، ولا يخفى ركاكة هذا القول ، لأن هذا المصحف منقول بالتواتر عن رسول الله [صلى‌الله‌عليه‌وآله] ، فكيف يمكن ثبوت اللحن فيه؟!) (٧).

وقال ابن كثير في (... حتى تستأنسوا ...) بعد نقل قول ابن عباس : (وهذا غريب جدا عن ابن عباس) (٨).

وقال الخازن في (... والمقيمين ...) : (اختلف العلماء في وجه نصبه ،

__________________

(٣) الكشاف ١ / ٥٨٢.

(٤) التفسير الكبير ١١ / ١٠٥ ـ ١٠٦.

(٥) الكشاف ٣ / ٥٩.

(٦) التفسير الكبير ٢٣ / ١٩٦.

(٧) تفسير النيسابوري ٦ / ٢٣ هامش الطبري.

(٨) تفسير ابن كثير ٣ / ٢٨٠.


فحكي عن عائشة وأبان بن عثمان : أنه غلط من الكتاب ، ينبغي أن تكتب : والمقيمون الصلاة. وقال عثمان بن عفان : إن في المصحف لحنا ستقيمه العرب بألسنتهم ، فقيل له : أفلا تغيره؟! فقال : دعوه ، فإنه لا يحل حراما ولا يحرم حلالا. وذهب عامة الصحابة وسائر العلماء من بعدهم إلى أنه لفظ صحيح ليس فيه خطأ من كاتب ولا غيره.

وأجيب عما روي عن عثمان بن عفان وعن عائشة وأبان بن عثمان : بأن هذا بعيد جدا ، لأن الذين جمعوا القرآن هم أهل اللغة والفصاحة والقدرة على ذلك ، فكيف يتركون في كتاب الله لحنا يصلحه غيرهم ، فلا ينبغي أن ينسب هذا لهم. قال ابن الأنباري : ما روي عن عثمان لا يصح لأنه غير متصل ، ومحال أن يؤخر عثمان شيئا فاسدا ليصلحه غيره. وقال الزمخشري في الكشاف : ولا يلتفت إلى ما زعموا ...) (٩).

وقال في (... حتى تستأنسوا ...) : (وكان ابن عباس يقرأ : حتى تستأذنوا. ويقول : تستأنسوا خطأ من الكاتب. وفي هذه الرواية نظر لأن القرآن ثبت بالتواتر) (١٠).

وقال الرازي في الآية (إن هذان لساحران) : (القراءة المشهورة إن هذان لساحران. ومنهم من ترك هذه القراءة ، وذكروا وجوها أخر [فذكرها ووصفها بالشذوذ ، ثم قال :] واعلم أن المحققين قالوا : هذا القراءات لا يجوز تصحيحها ، لأنها منقولة بطريق الآحاد ، والقرآن يجب أن يكون منقولا بالتواتر ، إذ لو جوزنا إثبات زيادة في القرآن بطريق الآحاد لما أمكننا القطع بأن هذا الذي هو عندنا كل القرآن ، لأنه لما جاز في هذه القراءات أنها مع كونها من القرآن ما نقلت بالتواتر جاز في غيرها ذلك ، فثبت أن تجويز كون هذه القراءات من القرآن يطرق جواز الزيادة والنقصان والتغيير إلى القرآن وذلك يخرج القرآن عن كونه حجة ، ولما كان ذلك باطلا فكذلك ما أدى إليه ، وأما الطعن في القراءة

__________________

(٩) تفسير الخازن ١ / ٤٢٢.

(١٠) تفسير الخازن ٣ / ٣٢٣.


المشهورة فهو أسوأ مما تقدم من وجوه :

أحدها : أنه لما كان نقل هذه القراءة في الشهرة كنقل جميع القرآن فلو حكمنا ببطلانها جاز مثله في جميع القرآن ، وذلك يفضى إلى القدح في التواتر وإلى القدح في كل القرآن ، وأنه باطل وإذا ثبت ذلك امتنع صيرورته معارضا بخبر الواحد المنقول عن بعض الصحابة.

وثانيها : أن المسلمين أجمعوا على أن ما بين الدفتين كلام الله تعالى ، وكلام الله تعالى لا يجوز أن يكون لحنا وغلطا ، فثبت فساد ما ينقل عن عثمان وعائشة أن فيه لحنا وغلطا.

وثالثها : قال ابن الأنباري : إن الصحابة هم الأئمة والقدوة ، فلو وجدوا في المصحف لحنا لما فوضوا إصلاحه إلى غيرهم من بعدهم ، مع تحذيرهم من الابتداع وترغيبهم في الاتباع ...) (١١).

وقال أبو حيان الأندلسي في (... والمقيمين ...) بعدما ذكر عن عائشة وأبان بن عثمان فيها : (ولا يصح عنهما ذلك ، لأنهما عربيان فصيحان) (١٢).

وقال القنوجي : (وعن عائشة أنها سئلت عن (المقيمين) وعن قوله (إن هذان لساحران) و (الصابئون) في المائدة ، فقالت : يا ابن أخي ، الكتاب أخطأوا.

وروي عن عثمان بن عفان أنه لما فرغ عن المصحف وأتي به قال : أرى فيه شيئا من لحن ستقيمه العرب بألسنتها ، فقيل له : ألا تغيره؟! فقال : دعوه ، فإنه لا يحل حراما ولا يحرم حلالا.

قال ابن الأنباري : وما روي عن عثمان لا يصح ، لأنه غير متصل ، ومحال أن يؤخر عثمان شيئا فاسدا ليصلحه غيره ، ولأن القرآن منقول بالتواتر عن رسول الله [صلى‌الله‌عليه‌وآله] فكيف يمكن ثبوت اللحن فيه؟! وقال الزمخشري في الكشاف : ولا يلتفت ...) (١٣).

__________________

(١١) تفسير الكبير ٢٢ / ٧٤.

(١٢) البحر المحيط ٣ / ٣٩٤.

(١٣) فتح البيان ٦ / ٤٠٧ ـ ٤٠٨.


وقال في (إن هذان لساحران) : (فهذه أقوال تتضمن توجيه هذه القراءة بوجه تصح به وتخرج به عن الخطأ ، وبذلك يندفع ما روي عن عثمان وعائشة أنه غلط من الكاتب للمصحف) (١٤).

وقال الآلوسي في (والمقيمين) : (ولا يلتفت إلى من زعم أن هذا من لحن القرآن وأن الصواب (والمقيمون) بالواو كما في مصحف عبد الله وهي قراءة مالك بن دينار والجحدري وعيسى الثقفي ، إذ لا كلام في نقل النظم متواترا فلا يجوز اللحن فيه أصلا. وأما ما روي أنه لما فرغ من المصحف أتي به إلى عثمان فقال : قد أحسنتم وأجملتم ... فقد قال السخاوي : إنه ضعيف ، والإسناد فيه اضطراب وانقطاع ، فإن عثمان جعل للناس إماما يقتدون به ، فكيف يرى فيه لحنا ويتركه لتقيمه العرب بألسنتها ، وقد كتب عدة مصاحف وليس فيها اختلاف أصلا إلا فيما هو من وجوه القراءات. وإذا لم يقمه هو ومن باشر الجمع ـ وهم هم ـ كيف يقيمه غيرهم؟!) (١٥).

فهذه كلمات في رد هذه الأحاديث ، ويلاحظ أن بعضهم يكتفي (بالاستبعاد) ، وآخر يقول : (فيه نظر) ، وثالث يقول : (لا يخفى ركاكة هذا القول) ، ورابع يقول : (لا يلتفت ...) ، وخامس يقول : (غريب).

ومنهم من يجرأ على التضعيف بصراحة فيقول : (لا يصح) ، وفي (الإتقان) عن ابن الأنباري أنه جنح إلى تضعيف هذه الروايات (١٦) وعليه الباقلاني في (نكت الإنتصار) (١٧) وجماعة.

لكن بعضهم يستدل ويبرهن على بطلان هذه الأحاديث ، لأن القول بها يفضي إلى القدح في تواتر القرآن ، والطعن في الصحابة وخاصة في جامعي المصحف وعلى رأسهم عثمان ، فهذه الأحاديث باطلة لاستلزامها للباطل ...

وجماعة ذهبوا إلى أبعد من كل هذا ، وقالوا بوضع هذه الأحاديث

__________________

(١٤) فتح البيان ٦ / ٩٤.

(١٥) روح المعاني ٦ / ١٣ ـ ١٤.

(١٦) الإتقان ٢ / ٣٢٩.

(١٧) نكت الإنتصار : ١٢٧.


واختلاقها ، من قبل أعداء الإسلام ...

فيقول الحكيم الترمذي (١٨) : (... ما أرى مثل هذه الروايات إلا من كيد الزنادقة ...) (١٩)

ويقول أبو حيان الأندلسي : (ومن روى عن ابن عباس أن قوله : (حتى تستأنسوا) خطأ أو وهم من الكاتب ، وأنه قرأ حتى (تستأذنوا) فهو طاعن في الإسلام ملحد في الدين ، وابن عباس برئ من هذا القول) (٢٠).

وهكذا عالج بعض العلماء والكتاب المتأخرين والمعاصرين هذه الأحاديث ، فنرى صاحب (المنار) يقول :

(وقد تجرأ بعض أعداء الإسلام على دعوى وجود الغلط النحوي في القرآن ، وعد رفع (الصابئين) هنا من هذا الغلط. وهذا جمع بين السخف والجهل ، وإنما جاءت هذه الجرأة من الظاهر المتبادر من قواعد النحو ، مع جهل أو تجاهل أن النحو استنبط من اللغة ولم تستنبط اللغة منه ...) (٢١).

ويقول : (وقد عد مثل هذا بعض الجاهلين أو المتجاهلين من الغلط في أصح كلام وأبلغه ، وقيل : إن (المقيمين) معطوف على المجرور قبله ... وما ذكرناه أولا أبلغ عبارة وإن عده الجاهل أو المتجاهل غلطا ولحنا. وروي أن الكلمة في مصحف عبد الله بن مسعود مرفوعة ، فإن صح ذلك عنه وعمن قرأها مرفوعة كمالك بن دينار والجحدري وعيسى الثقفي كانت قراءة ، وإلا فهي كالعدم.

وروى عن عثمان أنه قال : إن في كتابة المصحف لحنا ستقيمه العرب بألسنتها ، وقد ضعف السخاوي هذه الرواية وفي سندها اضطراب وانقطاع. فالصواب أنها موضوعة ، ولو صحت لما صح أن يعد ما هنا من ذلك اللحن ، لأنه

__________________

(١٨) وهو الحافظ أبو عبد الله محمد بن علي ، صاحب التصانيف ، من أئمة علم الحديث ، له ترجمة في تذكرة الحفاظ ٢ / ٦٤٥ وغيرها.

(١٩) نوادر الأصول.

(٢٠) البحر المحيط ٦ / ٤٤٥.

(٢١) المنار ٦ / ٤٧٨.


فصيح بليغ ...) (٢٢).

وهو رأي الرافعي ومحمد أبو زهرة ، فقد وصف محمد أبو زهرة هذه الأحاديث المنافية لتواتر القرآن ب : (الروايات الغريبة البعيدة عن معنى تواتر القرآن الكريم ، التي احتوتها بطون بعض الكتب كالبرهان للزركشي والإتقان للسيوطي ، التي تجمع كما يجمع حاطب ليل ، يجمع الحطب والأفاعي ، مع أن القرآن كالبناء الشامخ الأملس الذي لا يعلق به غبار).

ثم استشهد بكلام الرافعي القائل : (... ونحسب أن أكثر هذا مما افترته الملحدة) وقال : (وإن ذلك الذي ذكره هذا الكاتب الإسلامي الكبير حق لا ريب فيه) (٢٣).

تأويل أحاديث الخطأ في القرآن

فهذا موقف هؤلاء من هذا القسم من الأحاديث والآثار ، وعليه آخرون منهم لم نذكر كلماتهم هنا اكتفاء بمن ذكرناه ...

وقد اغتاظ من هذا الموقف جماعة واستنكروه بشدة ... ومن أشهرهم الحافظ ابن حجر العسقلاني ، الذي تحامل على الزمخشري ومن كان على رأيه قائلا بعد الحديث عن ابن عباس (كتبها وهو ناعس) : (وأما ما أسنده الطبري عن ابن عباس فقد اشتد إنكار جماعة ممن لا علم له بالرجال صحته ، وبالغ الزمخشري في ذلك كعادته ـ إلى أن قال ـ وهي والله فرية بلا مرية ، وتبعه جماعة بعده ، والله المستعان.

وقد جاء عن ابن عباس نحو ذلك في قوله تعالى : وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه. أخرجه سعيد بن منصور بإسناد جيد عنه.

وهذه الأشياء ـ وإن كان غيرها المعتمد ـ لكن تكذيب المنقول بعد صحته ليس من دأب أهل التحصيل ، فلينظر في تأويله بما يليق) (٢٤).

__________________

(٢٢) المنار ٦ / ٦٤.

(٢٣) المعجزة الكبرى : ٤٣.

(٢٤) فتح الباري ٨ / ٣٠١.


لكن العجب من ابن حجر لماذا أحال التأويل اللائق إلى غيره وقد كان عليه أن يذكره بنفسه وهو بصدد الدفاع عن الأحاديث الصحاح؟!

نعم ، نظر بعضهم في تأويله وذكرت وجوه ، فقال الداني بالنسبة إلى ما روي عن عثمان ـ على فرض صحته ـ : (وجهه أن يكون أراد باللحن المذكور فيه التلاوة دون الرسم).

وأجاب ابن أشتة عن هذه الآثار كلها بأن المراد : (أخطأوا في الاختيار وما هو الأولى للجمع عليه من الأحرف السبعة ، لا أن الذي كتب خطأ خارج عن القرآن.

فمعنى قول عائشة : (حرف الهجاء) ألقي إلى الكاتب هجاء غير ما كان الأولى أن يلقى إليه من الأحرف السبعة ، وكذا معنى قول ابن عباس : (كتبها وهو ناعس) يعني : فلم يتدبر الوجه الذي هو أولى من الآخر. وكذا سائرها) (٢٥).

وأتعب السيوطي نفسه في هذا المقام ، فإنه بعد أن أورد الآثار بين وجه الإشكال فيها وتصدى لتأويلها ... ولننقل عبارته كاملة لننظر هل جاء (بما يليق)؟ :

قال : (هذه الآثار مشكلة جدا ، وكيف يظن بالصحابة أولا : أنهم يلحنون في الكلام فضلا عن القرآن ، وهم الفصحاء اللد؟! ثم كيف يظن بهم ثانيا : في القرآن الذي تلقوه من النبي [صلى‌الله‌عليه‌وآله] كما أنزل ، وحفظوه وضبطوه وأتقنوه؟! ثم كيف يظن بهم ثالثا : اجتماعهم كلهم على الخطأ وكتابته ... ثم كيف يظن بهم رابعا : عدم تنبههم ورجوعهم عنه؟!

ثم كيف يظن بعثمان : أنه ينهى عن تغييره؟! ثم كيف يظن أن القراءة استمرت على مقتضى ذلك الخطأ ، وهو مروي بالتواتر خلفا عن سلف؟! هذا مما يستحيل عقلا وشرعا وعادة.

وقد أجاب العلماء عن ذلك بثلاثة أجوبة :

أحدها : أن ذلك لا يصح عن عثمان ، فإن إسناده ضعيف مضطرب

__________________

(٢٥) الإتقان ٢ / ٣٢٩.


منقطع ، ولأن عثمان جعل للناس إماما يقتدون به ، فكيف يرى فيه لحنا ويتركه لتقيمه العرب بألسنتها ، فإذا كان الذين تولوا جمعه وكتابته لم يقيموا ذلك وهم الخيار فكيف يقيمه غيرهم؟! وأيضا : فإنه لم يكتب مصحفا واحدا بل كتب عدة مصاحف.

فإن قيل : إن اللحن وقع في جميعها فبعيد اتفاقها على ذلك ، أو في بعضها. فهو اعتراف بصحة البعض ، ولم يذكر أحد من الناس أن اللحن كان في مصحف دون مصحف ، ولم تأت المصاحف قط مختلفة إلا فيما هو من وجوه القراءة ، وليس ذلك باللحن.

الثاني : على تقدير صحة الرواية ، فإن ذلك محمول على الرمز والإشارة.

الثالث : أنه مؤول على أشياء خالف لفظها رسمها ... وبهذا الجواب وما قبله جزم ابن أشتة في كتاب (المصاحف).

وقال ابن الأنباري في كتاب (الرد على من خالف مصحف عثمان) في الأحاديث المروية عن عثمان في ذلك : (لا تقوم بها حجة ، لأنها منقطعة غير متصلة ، وما يشهد عقل بأن عثمان وهو إمام الأمة الذي هو إمام الناس في وقته وقدوتهم يجمعهم على المصحف الذي هو الإمام فيتبين فيه خللا ويشاهد في خطه زللا فلا يصلحه ، كلا والله ما يتوهم عليه هذا ذو إنصاف وتمييز ، ولا يعتقد أنه أخر الخطأ في الكتاب ليصلحه من بعده ، وسبيل الجائين من بعده البناء على رسمه والوقوف عند حكمه.

ومن زعم ـ أن عثمان أراد بقوله : أرى فيه لحنا. أرى في خطه إذا أقمناه بألسنتنا كان الخط غير مفسد ولا محرف من جهة تحريف الألفاظ وإفساد الإعراب ـ فقد أبطل ولم يصب ، لأن الخط منبئ عن النطق ، فمن لحن في كتبه فهو لاحن في نطقه ، ولم يكن عثمان ليؤخر فسادا في هجاء ألفاظ القرآن من جهة كتب ولا نطق ، ومعلوم أنه كان مواصلا لدرس القرآن ، متقنا لألفاظه ، موافقا على ما رسم في المصاحف المنفذة إلى الأمصار والنواحي ...

ثم قال ابن أشتة : أنبأنا محمد بن يعقوب ، أنبأنا أبو داود سليمان بن


الأشعث ، أنبأنا أحمد بن مسدة ، أنبأنا إسماعيل ، أخبرني الحارث بن عبد الرحمن ، عن عبد الأعلى بن عبد الله بن عامر ، قال : لما فرغ من المصحف أتي به عثمان فنظر فيه فقال : أحسنتم وأجملتم ، أرى شيئا سنقيمه بألسنتنا.

فهذا الأثر لا إشكال فيه ، ويتضح معنى ما تقدم ، فكأنه عرض عليه عقب الفراغ من كتابته فرأى فيه شيئا كتب على غير لسان قريش ، كما وقع لهم في (التابوة) و (التابوت) ، فوعد بأنه سيقيمه على لسان قريش ، ثم وفى بذلك عند العرض والتقويم ، ولم يترك فيه شيئا. ولعل من روى تلك الآثار السابقة عنه حرفها ، ولم يتيقن اللفظ الذي صدر عن عثمان ، فلزم منه ما لزم من الإشكال ، فهذا أقوى ما يجاب عن ذلك. ولله الحمد.

وبعد ، فهذه الأجوبة لا يصح منها شئ عن حديث عائشة. أما الجواب بالتضعيف فلان إسناده صحيح كما ترى ، وأما الجواب بالرمز وما بعده فلان سؤال عروة عن الأحرف المذكورة لا يطابقه ، فقد أجاب عنه ابن أشتة ـ وتبعه ابن جبارة في شرح الرائية ـ بأن معنى قولها (أخطأوا) أي في اختيار الأولى من الأحرف السبعة لجمع الناس عليه ، لا أن الذي كتبوا من ذلك خطأ لا يجوز ...

وأقول : هذا الجواب إنما يحسن لو كانت القراءة بالياء فيها والكتابة بخلافها ، وأما والقراءة على مقتضى الرسم فلا.

وقد تكلم أهل العربية عن هذه الأحرف ووجهوها أحسن توجيه ، أما قوله : (إن هذان لساحران) ففيه أوجه ... وأما قوله : (والمقيمين الصلاة) ففيه أيضا أوجه ... وأما قوله : (والصابئون) ففيه أيضا أوجه ...) (٢٦).

فهذا ما يتعلق ب (كلمات الصحابة والتابعين ...)

أحاديث جمع القرآن بين الرد والتأويل

وأما الأحاديث التي رووها حول جمع القرآن ، المتضاربة فيما بينها ، والتي

__________________

(٢٦) الإتقان ٢ / ٣٢٠ ـ ٣٢٦.


اعترف بعضهم كمحمد أبو زهرة بوجود روايات مدسوسة مكذوبة فيها (٣٧) فقد حاولوا الجمع بينها ، ثم رفع التنافي بينها وبين أدلة عدم التحريف والبناء على أن القرآن مجموع في عصر النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ وبأمر منه ... وإليك بيان ذلك بالتفصيل :

لقد تضاربت روايات أهل السنة حول جمع القرآن ، وعلى ضوئها اختلفت كلمات علمائهم ... والمتحصل من جميعها : أن الجمع للقرآن كان على مراحل ثلاث ، الأولى : على عهد النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ ، حيث كتب في الرقاع والعسب ... والثانية : على عهد أبي بكر ، وكان بانتساخه من العسب والرقاع وغيرها وجعله في مكان واحد ... والثالثة : على عهد عثمان ، والذي فعله ترتيبه وحمل الناس على قراءة واحدة ... هذا ما كادت تجمع عليه كلماتهم.

والجمع في عهد النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ كان (حفظا) و (كتابة) معا ، أما حفظا فإن الذين جمعوا القرآن في عهد النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ كثيرون (٢٨). وأما كتابة فإن القرآن لم يكن كاملا في الكتابة على عهده عند الذين حفظوه كاملا ، لكن كانت كتابته كاملة عند الجميع ، فهو مكتوب كله عند جميعهم ، وما ينقص من عند واحد يكمله ما عند الآخرين ، إلا إنه كان متواترا كله عن النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ في عصره حفظا (٢٩).

فعمد أبو بكر إلى جمعه ، إذ أمر ـ بعد يوم اليمامة ـ بجمع تلك الكتابات وجمع القرآن منها بتأليفه وتدوينه (٣٠).

ثم لم كثرت فيه القراءات ووقعت في لفظه الاختلافات جمع عثمان المصاحف من أصحابها وحمل الناس على قراءة واحدة من بينها وأعدم سائر المصاحف المخالفة لها.

لكن استخلاص هذه النتائج من تلك الأحاديث ، ودفع الشبهات التي

__________________

(٢٧) المعجزة الكبرى : ٣٣.

(٢٨) مباحث في علوم القرآن : ٦٥.

(٢٩) المعجزة الكبرى : ٢٨.

(٣٠) الإتقان ١ / ٦٢ ، مناهل العرفان ١ / ٢٤٢ ، إعجاز القرآن : ٢٣٦.


تلحق بالقرآن ، يتوقف على النظر في ما ورد في هذا الباب سندا ومتنا والجمع بينها بحمل بعضها على البعض بقدر الإمكان ، وهذا أمر لا بد منه ... فنقول :

أولا : لقد وردت عن بعض الصحابة أحاديث فيها حصر من جمع القرآن على عهد رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ في عدد معين ، اتفق عبد الله بن عمرو وأنس بن مالك على أنهم (أربعة) على اختلاف بينهما في بعض أشخاصهم ...

فعن عبد الله بن عمرو أنهم : عبد الله بن مسعود ، سالم ، معاذ بن جبل ، أبي ابن كعب (٣١).

وعن أنس بن مالك ـ في حديث عن قتادة عنه ـ هم : أبي بن كعب ، معاذ بن جبل ، زيد بن ثابت ، أبو زيد. قال : من أبو زيد؟ قال : أحد عمومتي (٣٢).

وفي آخر ـ عن ثابت عنه ـ ، قال : (مات النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ ولم يجمع القرآن غير أربعة : أبو الدرداء ، ومعاذ بن جبل ، وزيد بن ثابت ، وأبو زيد).

فأي توجيه صحيح لحصر جماع القرآن في أربعة؟ وكيف الجمع بين ما روي عن الصحابيين ، ثم بين الحديثين عن أنس؟

قال السيوطي : (قد استنكر جماعة من الأئمة الحصر في الأربعة ، وقال المازري : لا يلزم من قول أنس (لم يجمعه غيرهم) أن يكون الواقع في نفس الأمر كذلك ... قال : وقد تمسك بقول أنس هذا جماعة من الملاحدة ولا مستمسك لهم فيه ، فإنا لا نسلم حمله عليه ظاهره) ثم ذكر السيوطي كلاما للقرطبي ونقل عن الباقلاني وجوها من الجواب عن حديث أنس ثم قال : (قال ابن حجر : وفي غالب هذه الاحتمالات تكلف) (٣٣).

ثانيا : قد اختلفت أحاديثهم في (أول من جمع القرآن) ففي بعضها أنه

__________________

(٣١) صحيح البخاري ٦ / ١٠٢ ، صحيح مسلم ٧ / ١٤٩.

(٣٢) صحيح البخاري ٦ / ١٠٢. واختلف في اسم أبي زيد هذا. أنظر الإتقان ١ / ٧٤.

(٣٣) الإتقان ١ / ٢٤٤ ـ ٢٤٧.


(أبو بكر) وفي آخر (عمر) وفي ثالث (سالم مولى أبي حذيفة) وفي رابع (عثمان).

وطريق الجمع بينها أن يقال : إن أبا بكر أول من جمع القرآن أي دونه تدوينا ، وأن المراد من : (فكان [عمر] أول من جمعه في المصحف) أي : أشار على أبي بكر أن يجمعه ، وأن المراد فيما ورد في (سالم) : أنه من الجامعين للقرآن بأمر أبي بكر ، وأما (عثمان) فجمع الناس على قراءة واحدة.

ثالثا : في بيان الأحاديث الواردة في كيفية الجمع وخصوصياته في كل مرحلة. أما في المرحلة الأولى ، فقد رووا عن زيد قوله : (كنا على عهد رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ نؤلف القرآن من الرقاع ...) (٣٤) ورووا عنه أيضا : (قبض رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ ولم يكن القرآن جمع في شئ) (٣٥) وأنه قال لأبي بكر لما أمره بجمع القرآن : (كيف تفعل شيئا لم يفعله رسول الله؟!) (٣٦).

إلا أنه يمكن الجمع بين هذه الأخبار بحمل النافية على عدم تأليف القرآن وجمعة بصورة كاملة في مكان واحد ، بل كانت كتابته كاملة عند الجميع ...

وهكذا تندفع الشبهة الأولى.

وأما في المرحلة الثانية : فإنه وإن كان أمر أبي بكر بجمع القرآن وتدوينه بعد حرب اليمامة ، لكن الواقع كثرة من بقي بعدها من حفاظ القرآن وقرائه ، مضافا إلى وجود القرآن مكتوبا على عهد النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ ... فلا تطرق الشبهة من هذه الناحية في تواتره. وأما الحديث : (إن عمر سأل من آية من كتاب الله كانت مع فلان قتل يوم اليمامة ...) فإسناده منقطع (٣٧) فالشبهة الثانية مندفعة كذلك.

وأما جمع القرآن من العسب واللخاف وصدور الرجال ـ كما عن زيد ـ فإنه لم يكن لأن القرآن كان معدوما ، وإنما كان قصدهم أن ينقلوا من عين المكتوب بين يدي النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ ولم يكتبوا من حفظهم. وأما قوله :

__________________

(٣٤) المستدرك ٢ / ٦٦٢.

(٣٥) الإتقان ١ / ٢٠٢.

(٣٦) صحيح البخاري ٦ / ٢٢٥.

(٣٧) الإتقان ١ / ٥٩.


وصدور الرجال : فإنه كتب الوجوه السبعة التي نزل بها القرآن ، فكان يتتبعها من صدور الرجال ليحيط بها علما (٣٨).

وأما قول أبي بكر لعمر وزيد : (اقعدا على باب المسجد فمن جاء كما بشاهدين على شئ من كتاب الله فاكتباه) فقد قال الشيخ أبو الحسن السخاوي في (جمال القراء) : معنى هذا الحديث ـ والله أعلم ـ من جاء كم بشاهدين على شئ من كتاب الله تعالى. أي : من الوجوه السبعة التي نزل بها القرآن ولم يزد على شئ مما لم يقرأ أصلا ولم يعلم بوجه آخر (٣٩).

وأما معنى قوله في الآية التي وجدها عند خزيمة فقال ابن شامة : (ومعنى قوله : فقدت آية كذا فوجدتها مع فلان ، أنه كان يتطلب نسخ القرآن من غير ما كتب بأمر النبي ، فلم يجد كتابة تلك الآية إلا مع ذلك الشخص ، وإلا فالآية كانت محفوظة عنده وعند غيره. وهذا المعنى أولى مما ذكره مكي وغيره (٤٠) : إنهم كانوا يحفظون الآية لكنهم نسوها ، فوجودها في حفظ ذلك الرجل فتذاكروها وأثبتوها ، لسماعهم إياها من النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ (٤١).

وأما أن عمر أتى بآية الرجم فلم يكتبها لأنه كان وحده ، فهي رواية مخالفة للمعقول والمنقول (٤٢) وإن أمكن تأويلها ببعض الوجوه.

وهكذا تندفع الشبهة الثالثة.

وأما في المرحلة الثالثة : فإن عثمان ـ عندما اختلف المسلمون في القراءة ـ أرسل إلى حفصة يطلب منها ما جمع بأمر أبي بكر قائلا : (أرسلي إلينا بالصحف ننسخها في المصاحف ثم نردها عليك. فأرسلت بها حفصة إلى عثمان ، فأمر زيد

__________________

(٣٨) المرشد الوجيز : ٥٧.

(٣٩) المرشد الوجيز : ٧٥.

(٤٠) كالزركشي في البرهان ١ / ٢٣٤.

(٤١) المرشد الوجيز : ٧٥.

(٤٢) الجواب المنيف في الرد على مدعي التحريف : ١٢١.


ابن ثابت و... فنسخوها في المصاحف ...) (٤٣).

هذا هو الواقع في هذه المرحلة ، وما خالفه يطرح أو يؤول كالحديث الذي روي : أنه كان لا يقبل من أحد شيئا حتى يشهد شاهدان. أوله ابن حجر على أن المراد من (الشاهدين) هو (الحفظ والكتابة) ، وناقش البيهقي في سنده وتبعه ابن شامة وصبحي الصالح (٤٤) ، قال ابن شامة بعد أن رواه : (وأخرج هذا الحديث الحافظ البيهقي في كتاب المدخل بمخالفة لهذا في بعض الألفاظ وبزيادة ونقصان فقال : جلس عثمان على المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : إنما عهد كم بنبيكم ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ منذ ثلاث عشرة سنة ، وأنتم تختلفون في القراءة ، يقول الرجل لصاحبه : والله ما تقيم قراءتك. قال : فعزم على كل من كان عنده شئ من القرآن إلا جاء به ، فجاء الناس بما عندهم ، فجعل يسألهم عليه البينة أنهم سمعوه من رسول الله. ثم قال : من أعرب الناس؟ قالوا : سعيد بن العاص ، قال : فمن أكتب الناس؟ قالوا : زيد بن ثابت كاتب رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ ، قال : فليمل سعيد وليكتب زيد قال : فكتب مصاحف ففرقها في الأجناد فلقد سمعت رجالا من أصحاب رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ يقولون : لقد أحسن.

قال البيهقي : فيه انقطاع بين مصعب وعثمان. وقد روينا عن زيد بن ثابت أن التأليف كان في زمن النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ. وروينا عنه أن الجمع في الصحف كان في زمن أبي بكر والنسخ في المصاحف كان في زمن عثمان ، وكان ما يجمعون أو ينسخون معلوما لهم ، فلم يكن به حاجة إلى مسألة البينة.

قلت : لم تكن البينة على أصل القرآن ، فقد كان معلوما كما ذكروا إنما كانت على ما أحضروه من الرقاع المكتوبة ، فطلب البينة عليها أنها كانت كتبت بين يدي رسول الله ، وبإذنه على ما سمع من لفظه على ما سبق بيانه ، ولهذا قال :

__________________

(٤٣) صحيح البخاري ٦ / ٢٢٥ ـ ٢٢٦.

(٤٤) مباحث في علوم القرآن : ٧٦.


فليمل سعيد. يعني من الرقاع التي أحضرت ، ولو كانوا كتبوا من حفظهم لم يحتج زيد فيما كتبه إلى من يمليه عليه.

فإن قلت : كان قد جمع من الرقاع في أيام أبي بكر ، فأي حاجة إلى استحضارها في أيام عثمان؟

قلت : يأتي جواب هذا في آخر الباب) (٤٥).

قال أبو شامة : (وأما ما روي من أن عثمان جمع القرآن أيضا من الرقاع كما فعل أبو بكر فرواية لم تثبت ، ولم يكن له إلى ذلك حاجة وقد كفيه بغيره ... ويمكن أن يقال : إن عثمان طلب إحضار الرقاع ممن هي عنده وجمع منها وعارض بما جمعه أبو بكر أو نسخ مما جمعه أبو بكر ، وعارض بتلك الرقاع أو جمع بين النظر في الجميع حالة النسخ ، ففعل كل ذلك أو بعضه استظهارا ودفعا لوهم من يتوهم خلاف الصواب ، وسدا لباب القالة : إن الصحف غيرت أو زيد فيها أو نقص) (٤٦).

وأما ما رووا عن ابن مسعود من الطعن في زيد بن ثابت فكله موضوع (٤٧). وإن عمل زيد لم يكن كتابة مبتدأة ولكنه إعادة لمكتوب ، فقد كتب في عصر النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ ، وإن عمله لم يكن عملا آحاديا بل كان عملا جماعيا (٤٨).

وأما المصاحف التي أمر بتحريقها ـ قال بعضهم ـ : (فإنها ـ والله أعلم ـ كانت على هذا النظم أيضا ، إلا أنها كانت مختلفة الحروف على حسب ما كان النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ سوغ لهم في القراءة بالوجوه إذا اتفقت في المعنى ـ وإن اختلفت في اللفظ ـ) (٤٩).

قال : (ويشهد ذلك ما روي عن محمد بن كعب القرظي ، قال : رأيت

__________________

(٤٥) المرشد الوجيز : ٥٨ ـ ٥٩.

(٤٦) المرشد الوجيز : ٧٥.

(٤٧) مباحث في علوم القرآن : ٨٢.

(٤٨) المعجزة الكبرى : ٣٣.

(٤٩) مقدمتان في علوم القرآن : ٤٥.


مصاحف ثلاثة : مصحفا فيه قراءة ابن مسعود ، ومصحفا فيه قراءة أبي ، ومصحفا فيه قراءة زيد. فلم أجد في كل منها ما يخالف بعضها بعضا) (٥٠).

وهكذا تندفع الشبهة الرابعة.

رد أحاديث نقصان القرآن :

وأما أحاديث نقصان القرآن فالمعروف بينهم حملها على نسخ التلاوة ، لئلا يلزم ضياع شئ من القرآن ، ولا الطعن فيما أخرجه الشيخان وما رواه الأئمة الأعيان ، وقد ذكروا لها أيضا وجوها من التأويل سنذكرها.

ولكن ـ مع ذلك ـ نجد فيهم من يطعن في بعض تلك الأحاديث فعن ابن الأنباري في : (ابن آدم لو أعطي واديا) ، ورواية عكرمة : (قرأ علي عاصم (لم يكن) ثلاثين آية هذا فيها) : (إن هذا باطل عند أهل العلم ، لأن قراءتي ابن كثير وأبي عمرو متصلتان بأبي بن كعب لا يفرقان فيهما هذا المذكور في لم يكن) (٥١).

وقال بعضهم في (آية الحمية) : (روي عن عطية بن قيس ، عن أبي إدريس الخولاني : إن أبا الدرداء ركب إلى المدينة في نفر من أهل دمشق ومعهم المصحف ليعرضوه على أبي بن كعب وزيد وغيرهما ، فغدوا على عمر ، فلما قرؤا بهذه الآية : إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية .. قال عمر : ما هذه القراءة؟ فقالوا : أقرأنا أبي ... ، فهذه وما يشبهها أحاديث لم تشتهر بين نقلة الحديث ، وإنما يرغب فيها من يكتبها طلبا للغريب) (٥٢).

وقال فيما ورد عن زر عن أبي بن كعب في عدد سورة الأحزاب (٥٣) : (يحمل ـ إن صح ، لأن أهل النقل ضعفوا سنده ـ على أن تفسيرها ...) (٥٤).

__________________

(٥٠) مقدمتان في علوم القرآن : ٤٧.

(٥١) مقدمتان في علوم القرآن : ٨٥.

(٥٢) مقدمتان في علوم القرآن : ٩٢.

(٥٣) في لفظ رواية كتاب (مقدمتان في علوم القرآن) : (الأعراف).

(٥٤) مقدمتان في علوم القرآن : ٨٢.


وقال الطحاوي في (آية الرضاع) : (هذا مما لا نعلم أحدا رواه كما ذكرنا غير عبد الله بن أبي بكر ، وهو عندنا وهم منه ، أعني ما فيه مما حكاه عن عائشة أن رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ توفي وهن مما يقرأ من القرآن. لأن ذلك لو كان كذلك لكان كسائر القرآن ، ولجاز أن يقرأ به في الصلوات ، وحاشا لله أن يكون كذلك ، أو يكون قد بقي من القرآن ما ليس في المصاحف التي قامت بها الحجة علينا ... ونعوذ بالله من هذا القول ممن يقوله.

ولكن حقيقة هذا الحديث عندنا ـ والله أعلم ـ ما قد رواه من أهل العلم عن عمرة من مقداره في العلم وضبطه له فوق مقدار عبد الله بن أبي بكر وهو القاسم بن محمد بن أبي بكر ... فهذا الحديث أولى من الحديث الذي ذكرناه قبله ... لأن محالا أن يكون عائشة تعلم أن قد بقي من القرآن شئ لم يكتب في المصاحف ، ولا تنبه على ذلك من أغفله ...

ومما يدل على فساد ما قد زاده عبد الله بن أبي بكر على القاسم بن محمد ويحيى بن سعيد في هذا الحديث : أنا لا نعلم أحدا من أئمة أهل العلم روى هذا الحديث مع عبد الله بن أبي بكر غير مالك بن أنس. ثم تركه مالك فلم يقل به وقال بضده ، وذهب إلى أن قليل الرضاع وكثيره يحرم. ولو كان ما في هذا الحديث صحيحا أن ذلك في كتاب الله لكان مما لا يخالفه ولا يقول بغيره) (٥٥).

وقال النحاس بعد ذكر حديث آية الرضاع : (فتنازع العلماء هذا الحديث لما فيه من الإشكال ، فمنهم من تركه وهو مالك بن أنس وهو راوي الحديث ... وممن تركه أحمد بن حنبل وأبو ثور ... وفي هذا الحديث لفظة شديدة الإشكال ، وهو قولها : فتوفي رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ وهن مما يقرأ في القرآن. فقال بعض أجلة أصحاب الحديث : قد روى هذا الحديث رجلان جليلان أثبت من عبد الله بن أبي بكر ، فلم يذكرا أن هذا فيها ، وهما : القاسم بن محمد بن أبي بكر ويحيى بن سعيد الأنصاري. وممن قال بهذا الحديث وأنه لا يحرم إلا بخمس

__________________

(٥٥) مشكل الآثار ٣ / ٧ ـ ٨.


رضعات : الشافعي.

وأما القول في تأويل (وهن مما يقرأ في القرآن) فقد ذكرنا رد من رده ، ومن صححه قال : الذي يقرأ من القرآن : وأخواتكم من الرضاعة.

وأما قول من قال : إن هذا كان يقرأ بعد رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ فعظيم ، لأنه لو كان مما يقرأ لكانت عائشة قد نبهت عليه ، ولكان قد نقل إلينا في المصاحف التي نقلها الجماعة الذين لا يجوز عليهم الغلط. وقد قال الله تعالى : إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون. وقال : إن علينا جمعه وقرآنه ... ولو كان بقي منه شئ لم ينقل إلينا لجاز أن يكون مما لم ينقل ناسخا لما نقل ، فيبطل العمل بما نقل ، ونعوذ بالله من هذا فإنه كفر) (٥٦).

وقال السرخسي : (والدليل على بطلان هذا القول قوله تعالى : إنا نحن نزلنا الذكر ... وبه يتبين أنه لا يجوز نسخ شئ منه بعد وفاته ـ صلى الله عليه وآله ـ وما ينقل من أخبار الآحاد شاذ لا يكاد يصح شئ منها وحديث عائشة لا يكاد يصح) (٥٧).

وقال الزركشي في الكلام على آية الرضاع : (وحكى القاضي أبو بكر في الانتصار عن قوم إنكار هذا القسم ، لأن الأخبار فيه أخبار آحاد ، ولا يجوز القطع على إنزال قرآن ونسخه بأخبار آحاد لا حجية فيها) (٥٨).

وقال صاحب المنار : (وروي عنها أيضا أنها قالت : كان فيما نزل من القرآن : (عشر رضعات معلومات يحرمن) ثم نسخن ب (خمس رضعات معلومات يحرمن) فتوفي النبي وهي فيما يقرأ من القرآن. وقد اختلف علماء السلف والخلف في هذه المسألة ... ورواية الخمس هي المعتمدة عن عائشة وعليها العمل عندها ... قال الذاهبون إلى الاطلاق أو إلى التحريم بالثلاث فما فوقها : إن عائشة نقلت آية الخمس نقل قرآن لا نقل حديث ، فهي لم تثبت قرآنا لأن القرآن لا

__________________

(٥٦) الناسخ والمنسوخ : ١٠ ـ ١١.

(٥٧) الأصول ٢ / ٧٨.

(٥٨) البرهان في علوم القرآن ٢ / ٣٩ ـ ٤٠.


يثبت إلا بالتواتر ، ولم تثبت سنة فتجعلها بيانا للقرآن ، ولا بد من القول بنسخها لئلا يلزم ضياع شئ من القرآن ، وقد تكفل الله بحفظه وانعقد الاجماع على عدم ضياع شئ منه ، والأصل أن ينسخ المدلول بنسخ الدال لا أن يثبت خلافه. وعمل عائشة به ليس حجة على إثباته ، وظاهر الرواية عنها أنها لا تقول بنسخ تلاوته فيكون من هذا الباب.

ويزاد على ذلك أنه لو صح أن ذلك كان قرآنا يتلى لما بقي علمه خاصا بعائشة ، بل كانت الروايات تكثر فيه ويعمل به جماهير الناس ويحكم به الخلفاء الراشدون ، وكل ذلك لم يكن ، بل المروي عن رابع الخلفاء وأول الأئمة الأصفياء القول بالإطلاق كما تقدم ، وإذا كان ابن مسعود قد قال بالخمس فلا يبعد أنه أخذ ذلك عنها ، وأما عبد الله بن الزبير فلا شك في أن قوله بذلك اتباع لها ، لأنها خالته ومعلمته ، واتباعه لها لا يزيد قولها قوة ولا يجعله حجة.

ثم إن الرواية عنها في ذلك مضطربة ، فاللفظ الذي أوردناه في أول السياق رواه عنها مسلم وكذا أبو داود والنسائي ، وفي رواية لمسلم : نزل في القرآن عشر رضعات معلومات ثم نزل أيضا خمس معلومات. وفي رواية الترمذي : نزل في القرآن عشر رضعات معلومات فنسخ من ذلك خمس رضعات إلى خمس رضعات معلومات ، فتوفي رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ والأمر على ذلك. وفي رواية ابن ماجة : كان فيما أنزل الله ـ عزوجل ـ من القرآن ، ثم سقط لا يحرم إلا عشر رضعات أو خمس رضعات.

فهي لم تبين في شئ من هذه الروايات لفظ القرآن ولا السورة التي كان فيها ، إلا أن يراد برواية ابن ماجة أن ذلك لفظ القرآن ... ـ ثم قال بعد إيراد تأويل قاله (الجامدون على الروايات من غير تمحيص) كما وصفهم : ـ إن رد هذه الرواية عن عائشة لاهون من قبولها مع عدم عمل جمهور من السلف والخلف بها كما علمت. فإن لم نعتمد روايتها فلنا أسوة بمثل البخاري وبمن قالوا باضطرابها ، خلافا للنووي ، وإن لم نعتمد معناها فلنا أسوة بمن ذكرنا من الصحابة والتابعين ومن تبعهم في ذلك كالحنفية. وهي عند مسلم من رواية عمرة عن عائشة. أو


ليس رد رواية عمرة وعدم الثقة بها أولى من القول بنزول شئ من القرآن لا تظهر له حكمة ولا فائدة ، ثم نسخه أو سقوطه أو ضياعه ، فإن عمرة زعمت أن عائشة كانت ترى أن الخمس لم تنسخ؟! وإذا لا نعتد بروايتها) (٥٩).

وأبطل صاحب الفرقان الأحاديث الواردة في (الرضاع) و (الرجم) و (لو كان لابن آدم ...) ونص على دس الأباطيل في الصحاح (٦٠).

وقال بعض المعاصرين : (نحن نستبعد صدور مثل هذه الآثار بالرغم من ورودها في الكتب الصحاح ... وفي بعض هذه الروايات جاءت العبارات التي لا تتفق ومكانة عمر ولا عائشة ، مما يجعلنا نطمئن إلى اختلاقها ودسها على المسلمين) (٦١).

وقال آخر في خبر ابن أشتة في المصاحف : إن عمر أتى بآية الرجم فلم يكتبها زير لأنه كان وحده : (هذه الرواية مخالفة للمعقول والمنقول) (٦٢).

وتنازع العلماء حديث إنكار ابن مسعود الفاتحة والمعوذتين ، ففي (الإتقان) عن الفخر الرازي : (نقل في بعض الكتب القديمة أن ابن مسعود كان ينكر كون سورة الفاتحة والمعوذتين من القرآن. وهو في غاية الصعوبة ، لأنا إن قلنا : إن النقل المتواتر كان حاصلا في عصر الصحابة يكون ذلك من القرآن ، فإنكاره يوجب الكفر ، وإن قلنا : لم يكن حاصلا في ذلك الزمان فيلزم أن القرآن ليس بمتواتر في الأصل. قال : والأغلب على الظن أن نقل هذا المذهب عن ابن مسعود نقل باطل ، وبه يحصل الخلاص عن هذه العقدة).

قال السيوطي : (وكذا قال القاضي أبو بكر : لم يصح عنه أنها ليست من القرآن ولا حفظ عنه ، وإنما حكها وأسقطها من مصحفه إنكارا لكتابتها لا جحدا لكونها قرآنا ...

وقال النووي في شرح المهذب : أجمع المسلمون على أن المعوذتين والفاتحة

__________________

(٥٩) المنار ٤ / ٤٧١ ـ ٤٧٤.

(٦٠) الفرقان : ١٥٧.

(٦١) النسخ في القرآن ١ / ٢٨٣.

(٦٢) الجواب المنيف في الرد على مدعي التحريف : ١٢١.


من القرآن ، وأن من جحد منها شيئا كفر. وما نقل عن ابن مسعود باطل ليس بصحيح.

وقال ابن حزم في المحلى : هذا كذب على ابن مسعود وموضوع ، وإنما صح عنه قراءة عاصم ، عن زر ، عنه ، وفيها المعوذتان والفاتحة).

قال السيوطي : (وقال ابن حجر في شرح البخاري : قد صح عن ابن مسعود إنكار ذلك ، فأخرج أحمد وابن حبان عنه : أنه كان لا يكتب المعوذتين في مصحفه. وأخرج عبد الله بن أحمد في زيادات المسند والطبراني وابن مردويه من طريق الأعمش عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن يزيد النخعي ، قال : كان عبد الله بن مسعود يحك المعوذتين من مصاحفه ويقول : إنهما ليستا من كتاب الله. وأخرج البزار والطبراني من وجه آخر عنه أنه : كان يحك المعوذتين من المصحف ويقول : إنما أمر النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ أن يتعوذ بهما وكان لا يقرأ بهما. أسانيده صحيحة. قال البزار : لم يتابع ابن مسعود على ذلك أحد من الصحابة ، وقد صح أنه ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ قرأ بهما في الصلاة.

قال ابن حجر : فقول من قال : إنه كذب عليه مردود ، والطعن في الروايات الصحيحة بغير مستند لا يقبل ، بل الروايات صحيحة والتأويل محتمل (٦٣).

أقول : لكن لم نر من ابن حجر تأويلا لهذه الأحاديث ، فهو إحالة إلى غيره كما فعل بالنسبة إلى الأحاديث السابقة!!

تأويل أحاديث نقصان القرآن

قال السيوطي : (وقد أوله القاضي وغيره على إنكار الكتابة كما سبق. وهو تأويل حسن ، إلا إن الرواية الصريحة التي ذكرتها تدفع ذلك ، حيث جاء فيها : ويقول : إنهما ليست من كتاب الله).

قال : ويمكن حمل لفظ كتاب الله على المصحف فيتم التأويل المذكور.

__________________

(٦٣) الإتقان في علوم القرآن ١ / ٢٧٠ ـ ٢٧٢.


لكن من تأمل سياق الطرق المذكورة استبعد هذا الجمع.

وقد أجاب ابن الصباغ بأنه لم يستقر عنده القطع بذلك ثم حصل الاتفاق بعد ذلك ، وحاصله : أنهما كانتا متواترتين في عصره لكنهما لم يتواترا عنده.

وقال ابن قتيبة في (مشكل القرآن) : (ظن ابن مسعود أن المعوذتين ليستا من القرآن ، لأنه رأى النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ يعوذ بهما الحسن والحسين ، فأقام على ظنه ، ولا نقول : إنه أصاب في ذلك وأخطأ المهاجرون والأنصار).

قال السيوطي : (وأما إسقاطه الفاتحة من مصحفه فليس لظنه أنها ليست من القرآن ، معاذ الله ، ولكنه ذهب إلى أن القرآن إنما كتب وجمع بين اللوحين مخافة الشك والنسيان والزيادة والنقصان ، ورأى أن ذلك مأمون في الحمد لقصرها ووجوب تعلمها على كل واحد) (٦٤).

أقول : هذه وجوه التأويل في حديث إنكار ابن مسعود كون الفاتحة والمعوذتين من القرآن ، ولهم في حمل الأحاديث الأخرى وجوه :

١ ـ الحمل على التفسير :

وقد حمل بعضهم عليه عددا من الأحاديث ، من ذلك ما ورد حول ما أسميناه بآية الجهاد فقال : يحمل على التفسير. والمراد من (أسقط من القرآن) أي : أسقط من لفظه فلم تزل الآية بهذا اللفظ ، لا أنها كانت منزلة ثم أسقطت ، وإلا فما منع عمر وعبد الرحمن من الشهادة على أن الآية من القرآن وإثباتها فيه؟! (٦٥).

ومن ذلك : ما ورد حول آية المحافظة على الصلوات عن عائشة وحفصة من إلحاق كلمة (وصلاة العصر) بقوله تعالى : (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى) بأن الكلمة أدرجت على سبيل التفسير والإيضاح (٦٦).

__________________

(٦٤) الإتقان في علوم القرآن ١ / ٢٧٢.

(٦٥) مقدمتان في علوم القرآن : ١٠٠.

(٦٦) البرهان في علوم القرآن ١ / ٢١٥ ، مباحث في علوم القرآن : ١١٢ ، الناسخ والمنسوخ : ١٥.


ومن ذلك : ما ورد عن أبي موسى الأشعري حول سورة كانوا يشبهونها في الطول والشدة بسورة براءة ، فقد ذكر بعضهم له وجوها منها : أنه يجوز أن يكون تفسيرا ، وحفظ منها أي من تفسيرها ومعناها (٦٧).

ومن ذلك : ما ورد عن زر بن حبيش ، عن أبي بن كعب ، أنه قال له : (كم تقرأ سورة الأعراف (٦٨)؟ قلت : ثلاثا وسبعين آية ...) : فقد قيل : (يحمل إن صح ـ لأن أهل النقل ضعفوا سنده ـ على أن تفسيرها كان يوازي سورة البقرة ، وأن في تفسيرها ذكر الرجم الذي وردت به السنة) (٦٩).

٢ ـ الحمل على السنة

وهذا وجه آخر اعتمد عليه بعض العلماء بالنسبة إلى عدد من الأحاديث :

ومن ذلك : قول أبي جعفر النحاس وبعضهم في آية الرجم : (إسناد الحديث صحيح ، إلا أنه ليس حكمه حكم القرآن الذي نقله الجماعة عن الجماعة ، ولكنها سنة ثابتة ... وقد يقول الإنسان : (كنت أقرأ كذا) لغير القرآن ، والدليل على هذا أنه قال : ولولا أن أكره أن يقال : زاد عمر في القرآن ، لزدته) (٧٠).

ومن ذلك : قول بعضهم حول آية : (لو كان لابن آدم ...) : (إن هذا معروف في حديث النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ على أنه من كلام الرسول لا يحكيه عن رب العالمين في القرآن ... ويؤيده حديث روي عن العباس بن سهل ، قال : سمعت لبن الزبير على المنبر يقول : قال رسول الله : لو أن ابن آدم أعطي واديان ...) (٧١).

٣ ـ الحمل على الحديث القدسي

وعليه حمل بعضهم آية الرضاع حيث قال : (يحمل على الحكم النازل

__________________

(٦٧) مقدمتان في علوم القرآن : ٩٧.

(٦٨) كذا ، والذي نقلناه سابقا عن الدر المنثور عن طائفة من أهم مصادرهم : (الأحزاب).

(٦٩) مقدمتان في علوم القرآن : ٨٣.

(٧٠) الناسخ والمنسوخ : ٨ ، مقدمتان في علوم القرآن : ٧٨.

(٧١) مقدمتان في علوم القرآن : ٨٥.


سنة لا على جهة القرآنية ، وإلا لما أكله الداجن ، والله يقول : إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون. ولو كان من القرآن لما اجتمع فيه الناسخ والمنسوخ في آية واحدة ، بل كانت الآية الناسخة تتأخر عن المنسوخة ، كما لا يجوز أن يجتمع حكمان مختلفان في وقت واحد وحال واحدة. وكيف يجوز أن يكون قرآن يتلى على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ على ما أخبرت به عائشة ـ ولا يحفظه واحد من الصحابة) (٧٢) قال : (ويدل على ذلك قوله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ : أوتيت القرآن ومثله معه ، إنه الحكمة) (٧٣).

وكذا حمل عليه آية الرجم ، قال : (وهو الري اعتمده شيخي أبو جعفر محمد بن أحمد بن جعفر) (٧٤).

٤ ـ الحمل على الدعاء

وهذا ما قاله بعضهم في ما سمي ب (سورة الحفد) و (سورة الخلع) فقال : (وأما ما ذكر عن أبي بن كعب أنه عد دعاء القنوت : اللهم إنا نستعينك ... سورة من القرآن ، فإنه ـ إن صح ذلك ـ كتبها في مصحفه لا على أنها من القرآن ، بل ليحفظها ولا ينساها احتياطا ، لأنه سمع النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ كان يقنت بها في صلاة الوتر ، وكانت صلاة الوتر أوكد السنن ...) (٧٥).

للبحث صلة ...

__________________

(٧٢) مقدمتان في علوم القرآن : ٨٧ ـ ٨٨.

(٧٣) مقدمتان في علوم القرآن : ٨١.

(٧٤) مقدمتان في علوم القرآن : ٨٥ ـ ٨٦.

(٧٥) مقدمتان في علوم القرآن : ٧٥.


من التراث الأدبي المنسي في الأحساء

الشيخ حسين الصحاف

الشيخ جعفر الهلالي

نواصل حديثنا في هذه الحلقة حول شاعر آخر من الشعراء المنسيين في الأحساء وهو : الشيخ حسين بن الشيخ علي بن الشيخ محمد الصحاف.

وقد سبق منا الحديث حول والده الشيخ علي الصحاف ، وولده هذا من أفاضل الأعلام في الأحساء ، وهو بالإضافة إلى ما له من منزلة ومكانة علمية فقد كان أديبا شاعرا.

ولادته :

ولد المترجم له في إمارة الكويت سنة ١٣٠٣ ه.

نشأته ودراسته :

نشأ شاعرنا على يد والده الشيخ علي وأخيه الشيخ أحمد ، ويظهر أنه أخذ أوائل تحصيله العلمي على يديهما ، وبعد وفاة والده وأخيه سافر إلى النجف الأشرف طلبا للعلم ، وهناك لازم سماحة حجة الإسلام والمسلمين الشيخ موسى أبو خمسين (١) فأخذ على يده بعض العلوم ، وبعد مغادرة الشيخ موسى النجف متوجها إلى الأحساء انقطع المترجم له إلى

__________________

(١) الشيخ موسى أبو خمسين هو أحد أعلام أسرة آل أبي خمسين في الأحساء ، وهو أحد المراجع في التقليد هناك ، وكان يتمتع بمنزلة مرموقة وشهرة علمية ، وأسرته إلى اليوم في الأحساء ، اشتهر منهم علماء وأدباء.


حجة الإسلام والمسلمين السيد ناصر الأحسائي (٢) وأخذ عليه باقي تحصيله كما درس على يد غيره من أعلام النجف ، ولم يزل مثابرا على تحصيله حتى حصل على درجة الاجتهاد.

شعره وشاعريته :

كان المترجم له يقرض الشعر على عادة كثير من علماء أسرته إلا أنه كان مقلا فيه ، وشعره متوسط المستوى نظم في بعض المناسبات الدينية وخصوصا في مدح ورثاء آل الرسول ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ إلا أن شعره ضاع كغيره ممن ضاع شعره من سائر علماء وأدباء منطقته ولم نعثر له إلا على قصيدة واحدة نظمها في رثاء الإمام الحسين ـ عليه‌السلام ـ ستمر علينا أثناء الحديث.

وفاته :

توفي المترجم له في مدينة سوق الشيوخ في العراق أثناء الحرب العالمية الثانية وذلك عند عودته إلى الكويت مارا بسوق الشيوخ ، وقد نقل جثمانه إلى النجف الأشرف ، فتأخرت جنازته ١٦ يوما وكان الوقت صيفا ، وينقل عن السيد ناصر الأحسائي أنه قال : فوالله العظيم ما وجدنا أي تغير على الجثمان ، ولم يتعفن ، وما شممنا منه إلا رائحة الكافور.

أقول : وهذا يدل على جلالة قدر المترجم له ، وكذلك تكون كرامة الله لأوليائه.

وهنا أقدم للقارئ هذه القصيدة للشاعر كنموذج ، قالها في رثاء الإمام الحسين ـ عليه‌السلام ـ :

أمنزل أهل الوحي ما لك مقفرا

بك الدار ظلما (٣) بعدما كنت مسفرا

أهل بهم استبدلت أهلا وصاحبا

وتنظر أن يأتوا فلا زلت مغبرا

__________________

(٢) السيد ناصر الأحسائي هو أيضا أحد مراجع التقليد في الأحساء ، وقد رجع إليه جماعة كثيرون في النجف والبصرة وسوق الشيوخ والكويت والأحساء ، ومن أنجاله سماحة الحجة السيد علي الموجود حاليا في مدينة الدمام.

(٣) ظلما : أصلها ظلماء من الظلام ، ولكن حذف الشاعر همزة الكلمة لضرورة الشعر.


أم استبدلوا أهل العلى بك منزلا

فساروا إليه أم أبو الموت كبرا

فقال مجيبا للسؤال ودمعه

كسيل جرى من شاهق وتحدرا

فلا استبدلوا مني مكانا ولا بهم

أخذت رجالا لا وعزة من برا (٤) (٥)

وكيف يطيب العيش من بعدهم وهم

من الناس ما بين الثريا إلى الثرى

ولكن دعاهم من براهم فأسرعوا

ملبين للداعي ويا نعم معبرا

وساروا ولكن في ثرى الطف عرسوا (٥)

بأسد وعنهم قصرت أسد الشرى

بيوم سكارى تحسب الناس عنده

وما هم سكارى لكن الحرب حيرا

فلله هم نيف وسبعون فارسا

لقد قابلوا سبعين ألفا وأكثرا (١٠)

وما رعبوا بل أرعبوا الموت والعدي

وما ضعفوا والكل للحرب شمرا

وقد صيروا السبع الطباق ثمانيا

فعادت أراضي السبع ستا وأقصرا (٦)

وكل جواد سابح بدمائهم

كما سبحت أهل المكارم في الثرى (٧)

إذا اعتدلوا قطوا وقدوا إذا اعتلوا

فقط وقد بينهم قد تبعثرا

فما وجدوا طعم الأسنة والظبا

وما نالهم إلا سويقا وسكرا (٨) (١٥)

فيا نعم أنصارا ويا نعم صفوة

ويا نعم جندا في اللقاء وعسكرا

ولما أراد الله جل جلاله

نفوذ القضا فيهم لربهم جرى

فخروا على البوغاء لله سجدا

كمثل نجوم حين خرت على الثرى

وقام فريد الدين من بعد فقدهم

وصال على الأعداء ليثا غضنفرا

فجدل أبطالا وأردى فوارسا

ونكس أعلاما وآخر دمرا (٢٠)

__________________

(٤) برا : أي برأ ، يقال : برأ برا وبرءا وبروءا خلقه من العدم ، والبارئ هو الخالق.

(٥) عرسوا : نزلوا ، يقال : عرس القوم ، أي : نزلوا من السفر للاستراحة ثم يرحلون.

(٦) هذا المعنى قد تناوله مجموعة من الشعراء ، من ذلك قول السيد جعفر الحلي :

أحال أرض العدى نقعا بحملته

وللسماء سما من قسطل سمكا

فأنقص الأرضين السبع واحدة

منها وزاد إلى أفلاكها فلكا

(٧) الثرى : الندى جمع أثراء.

(٨) وأروع ما ورد في هذا المعنى هو قول الحاج هاشم الكعبي :

ومروا على مر الطعان كأنه

لديهم جني النحل بل هو أطيب


وعيناه عين للعدى ناظر بها

وأخرى لمن قد عودوها التخدرا (٩)

فما زال في ذا الحال في الكر حاكيا

أباه أمير المؤمنين وحيدرا

وفي يده ذات الفقار فكربلا

بها لم تجد إلا دماء وعثيرا (١٠)

ولما بها أحيا شريعة جده

وكان لها نورا وفخرا ومظهرا

(٢٥) فنا جاه في طور الجلالة ربه

فخر كما خر الكليم على الثرى (١١)

وفر إلى نحو الخيام جواده

ففرت بنات الوحي ينظرن ما جرى

فأبصرن شمرا جالسا فوق صدره

وقد كان للتوحيد لوحا ومصدرا

ويفري بحد السيف أوداج نحره

فشلت يداه أي نحر به فرى

وشال على رأس السنان كريمه

كمثل هلال فيه قد لاح نيرا

(٣٠) فزلزلت الأرضون واحمرت السما

عليه ولون الشمس حزنا تغيرا

وأعظم ما رج العوالم والهدى

وزلزل قلب الدين حتى تفطرا

وقوف بنات الوحي في مجلس حوى

لكل دعي راح يبدي التجبرا

ونغل ابن هند ضاحك مترنم

بيا ليت أشياخي ببدر لتنظرا

وبين يديه ذلك الطشت ناكتا

ثنايا حسين ، يا لعظم الذي اجترى!

(٣٥) وما زال يبدي منه ما كان كامنا

من الحقد والبغضاء حتى تجسرا

وسب علي المرتضى غير خائف

من الله والسجاد يسمع ما جرى (١٢)

هذا آخر ما وقفنا عليه من هذه القصيدة لشاعرنا المترجم له ، كما أننا لم نقف له على غيرها من القصائد ، وقد ذكر أن له قصائد في مدح النبي ـ صلى الله

__________________

(٩) وفي هذا المعنى يقول الشيخ عبد الحسين الأعسم :

يراعي بإحدى مقلتيه خيامه

ويرصد بالأخرى العدى حين تزحف

(١٠) العثير : التراب ، والعجاج.

(١١) وخير من صور هذا المعنى هو الحاج محمد علي كمونة بقوله :

ولما تجلى الله جل جلاله

له خر تعظيما له ساجدا شكرا

(١٢) نقلنا هذه القصيدة للشاعر من كتاب (تذكرة الأشراف في ترجمة آل الصحاف) لمؤلفه الشيخ كاظم الصحاف ، وهو أخو المترجم له ، والكتاب مخطوط موجود في الأحساء عند بعض أفراد أسرة المؤلف.


عليه وآله ـ وسائر أهل البيت ـ عليهم‌السلام ـ ولعلها فقدت ، ونختتم الحديث عن الشاعر ، ولنا عودة مع القارئ في التحدث عن شاعر آخر ، ومن الله نستمد العون وهو الموفق للصواب.

* * *


استدراك

نشرنا في العدد السادس ـ العدد الأول / السنة الثانية / محرم ١٤٠٧ ـ من تراثنا مقالا قيما بعنوان (موقف الشيعة من هجمات الخصوم وخلاصة عن كتاب عبقات الأنوار) كتبه العلامة السيد عبد العزيز الطباطبائي.

ولما كان العمل في العدد المذكور قد تم في ظروف غير طبيعية أيام الجريمة الظالمة التي ارتكبها طاغوت العراق بشن حملاته على المدن الآمنة في الجمهورية الإسلامية ، والتي هتك كل حرمة تقدسها الإنسانية فضلا عن الإسلام أو العروبة ـ كما يدعي كذبا وزورا ـ فهو عندما ضاقت عليه سوح الحرب النظامية نفس عن حقده على السلام وعلى البشرية بتلك الحملات التي لا يقوم بها من يمت إلى هذا الوطن الإسلامي المجيد بسبب ولا نسب.

لذا فقد سقط من المقال المذكور ـ أثناء الطبع ـ الكلام عن المجلد الثاني عشر من عبقات الأنوار.

وها نحن نلحقه الآن بأصله ليستفيد منه القراء الفضلاء ، ومحله الطبيعي ص ٦٠ من العدد السادس بعد الكلام عن المجلد الحادي عشر.

والكريم من القراء من عذر.

* * *


المجلد الثاني عشر

حول حديث الثقلين ، وهو قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : (إني تارك فيكم الثقلين ما أن تمسكتم بهما لن تضلوا أبدا ، كتاب الله وعترتي).

وهو أيضا حديث متواتر روي عن عدة من الصحابة بطرق كثيرة ، رواه مسلم في صحيحه وسائر الحفاظ وأئمة هذا الشأن ، وهذا أيضا في مجلدين كبيرين.

طبع في لودهيانا سنة ١٢٩٣ ه ، في ١٢٥١ صفحة.

وطبع المجلد الأول منه في لكهنو بالهند سنة ١٣١٤ ه على الحجر ، في ٦٦٤ صفحة بالحجم الكبير.

وطبع الثاني منه بها أيضا سنة ١٣٢٧ ه ، في ٦٠٠ صفحة.

وطبع الثاني أيضا سنة ١٣٥١ ه ، في ٨٩١ صفحة.

وألحق المؤلف به ـ كشاهد له ـ حديث السفينة ، وهو قوله صلى الله عليه وآله : (مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق).

فأولاه المؤلف دراسة شاملة ومستوفاة على عادته في كل بحث يستعرضه والحق في الطبع بآخر المجلد الثاني من مجلدي حديث الثقلين.

ثم تبنى ثلة من أفاضل أصفهان كالبحاثة المحقق السيد محمد علي الروضاتي والعلامة الجليل الشيخ مهدي الفقيه الإيماني فقاموا بطبع هذا المجلد (الثاني عشر) في أصفهان طبعة حروفية منقحة فصدر بإشرافهم ورعايتهم من سنة ١٣٧٩ ـ ١٣٨٢ في ست مجلدات عن مؤسسة نشر نفائس المخطوطات في أصفهان مع دراسة عن حياة المؤلف وموسوعته الثقافية (العبقات) وفهرس شامل لبحوث الأجزاء وفوائدها وقائمة بالمصادر المستخدمة في هذا المجلد (الثاني عشر).

ولخص العلامة الخطيب الشيخ قوام الدين القمي الوشنوي ـ دام فضله ـ هذا المجلد فاستخرج منه عصارة موجزة بأسماء الحفاظ والحدثين ممن أخرجوا هذا


الحديث وذكر مصادره في نحو مائتي صفحة ، نشرته دار التقريب بالقاهرة سنة ١٣٧٠ باسم (حديث الثقلين) ثم أعيد طبعه بالأفست أكثر من مرة.

وعربه أيضا العلامة الجليل السيد علي الميلاني ـ حفظه الله ورعاه ـ وطبع في قم مجلدين سنة ١٣٩٨ مع ضم ملحق لي استدركت فبه من لم يذكروا في الأصل من رواة هذا الحديث ومن أخرجوه في مصنفاتهم فبلغوا (١٢١) رجلا في ١٢٠ صفحة طبع منضما إلى المجلد الأول.

ثم إن العلامة الميلاني أعاد النظر في عمله هذا وأجرى فيه تعديلات فطبع مرة ثانية مع مقدمة حافلة في ترجمة المؤلف وأسرته ، وصدر عن قسم الدراسات الإسلامية لمؤسسة البعثة في طهران سنة ١٤٠٥ في ثلاث مجلدات.

وأما حديث السفينة الذي كان ملحقا بحديث الثقلين في المجلد الثاني عشر من الأصل فقد أفرده العلامة الميلاني في التعريب وطبع في جزء مستقل مع ملحق في استدراك بقية مصادر الحديث.

وطبعته الدار الإسلامية في بيروت سنة ١٤٠١ ، في ٢٧٢ صفحة.

وأعادت طبعه بالأفست مكتبة نينوى في طهران سنة ١٤٠٣.

ثم أعاد قسم الدراسات الإسلامية لمؤسسة البعثة في طهران طبعه من جديد فصدر عام ١٤٠٦ ، في ٣٨٢ صفحة.

* * *


من ذخائر التراث



مقتل أمير المؤمنين عليه‌السلام

لابن أبي الدنيا

٢٠٨ ـ ٢٨١ ه

السيد عبد العزيز الطباطبائي

المؤلف :

هو أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبيد بن سفيان بن قيس القرشي الأموي ، مولاهم البغدادي ، الحافظ الأخباري ، صاحب الكتب المصنفة في التواريخ والزهد والرقائق ، وكان ببغداد يؤدب المعتضد والمكتفي بالله وغير واحد من أولاد الخلفاء.

قال النديم في (الفهرست) : وكان ورعا زاهد عالما بالأخبار والروايات ، وتوفي يوم الثلاثاء لأربع عشرة ليلة خلت من جمادى الأولى أو الآخرة.

وأوسع ترجمة له في كتب التراجم ما كتبه المزي في تهذيب الكما ل واستوفى ذكر شيوخه والرواة عنه على حروف المعجم ، ومن بعده الذهبي في سير أعلام النبلاء ١٣ / ٣٩٧ فقد سرد شيوخه والرواة عنه وذكر مصنفاته على المعجم ، عد منها ١٦١ كتابا منها كتابه هذا (مقتل أمير المؤمنين عليه‌السلام) و (فضائل علي عليه‌السلام) و) مقتل الحسين عليه‌السلام).

وترجم له ابن كثير في تاريخه ووصفه بالحافظ المصنف في كل فن ، المشهور بالتصانيف الكثيرة النافعة الشائعة الذائعة في الرقاق وغيرها وهي تزيد على مائة مصنف ، وقيل إنها نحو الثلاثمائة.


وترجم له في النجوم الزاهرة ٣ / ٨٦ وقال : وله التصانيف الحسان ، والناس بعده عيال عليه في الفنون التي جمعها ، وروى عنه خلق كثير واتفقوا على ثقته وصدقه وإمامته ...

وألف الحافظ أبو موسى المديني الأصبهاني ـ المتوفى سنة ٥٨١ ـ جزء مفردا في ترجمته وذكر مصنفاته باسم : (جزء فيه ذكر أبي بكر عبد الله بن عبيد بن أبي الدنيا وحاله ، وما وقع عاليا من أحاديثه).

توجد مخطوطة منه في دار الكتب الظاهرية ، رقم ٣٨٤٧ ضمن المجموع رقم ١١١ ، من الورقة ٥٢ ـ ٦٢ ، مكتوبة في حياة المؤلف ، عليها سماع بتاريخ سنة ٥٨٠ ، ذكرت في فهارس الظاهرية : فهرس الدكتور يوسف العش ص ٢١٩ ، وفهرس الدكتور خالد الريان ص ٦٤٧ ، وفهرس الألباني ص ٢٠٧.

وفي الظاهرية أيضا جزء في أسماء مصنفات ابن أبي الدنيا ، يوجد ضمن المجموع رقم ٤٢ من مجاميعها ، نشره الدكتور صلاح الدين المنجد ضمن مقال ممتع له عن ابن أبي الدنيا ومصنفاته ، مع زيادات وتعديلات ، نشره في مجلة مجمع اللغة العربية في دمشق في المجلد ٤٩ سنة ١٣٩٤ = ١٩٧٤ باسم (معجم مصنفات ابن أبي الدنيا) من الصفحة ٥٧٩ حتى الصفحة ٥٩٤ ، فعد له ١٩٨ كتابا ومنها كتابه هذا (مقتل أمير المؤمنين عليه‌السلام) تحت الرقم ١٧٦.

وذكر بروكلمن عددا كبيرا مما يوجد من مؤلفات ابن أبي الدنيا وأماكن تواجدها وما طبع منها ، في تاريخ الأدب العربي ـ الترجمة العربية ـ ٣ / ١٢٩ ـ ١٣٣ الأصل الألماني ، الذيل ج ١ ص ٢٤٧.

مصادر ترجمته :

الجرح والتعديل ٥ / ١٦٣ ، فهرست النديم : ٢٣٦ ، فهرست الشيخ الطوسي رقم ٤٥٠ ، تاريخ بغداد ١٠ / ٨٩ ، طبقات الحنابلة ١ / ١٩٢ ، المنتظم ٥ / ١٤٨ ، سير أعلام النبلاء ١٣ / ٣٩٧ ، العبر ٢ / ٦٥ ، تذكرة الحفاظ ٢ / ٦٧٧ ، الوافي بالوفيات ١٧ / ٥١٩ ، فوات الوفيات ٢ / ٢٢٨ ، فهرسة ابن خير الإشبيلي ص ٢٨٢ ، الكامل


لابن الأثير ٧ / ٤٦٨ ، البداية والنهاية ١١ / ٧١ ، مرآة الجنان ٢ / ١٩٣ ، تهذيب التهذيب ٦ / ١٢ ، النجوم الزاهرة ٣ / ٨٦ ، خلاصة تهذيب الكمال ٢ / ٩٥ ، هدية العارفين ١ / ٤٤١ ، تنقيح المقال ٢ / ٢٠٥ ، معجم المؤلفين ٦ / ١٣١ ، أعلام الزركلي ٤ / ١١٨ ، معجم رجال الحديث ١٠ / ٣٠٤.

راوي الكتاب :

الحسين بن صفوان بن إسحاق بن إبراهيم أبو علي البرذعي البغدادي ، المتوفى سنة ٣٤٠.

ترجم له الخطيب في تاريخ بغداد ٨ / ٥٤ وعدد شيوخه وقال : روى عن أبي بكر بن أبي الدنيا مصنفاته.

حدث عنه محمد بن عبد الله ابن أخي ميمي وأبو عبد الله بن دوست ...

وترجم له السمعاني في الأنساب ٢ / ١٥٣ ، قال : الحسين بن صفوان ... البرذعي ـ هكذا رأيت بالذال العجمة مضبوطا بخط شجاع الذهلي ـ من أهل بغداد ، كان صدوقا ، روى عن أبي بكر بن أبي الدنيا كتبه ومصنفاته ...

وقال الذهبي في العبر ٢ / ٢٥٣ : أبو علي الحسين بن صفوان البردعي صاحب أبي بكر بن أبي الدنيا ...

وترجم له في سير أعلام النبلاء ١٥ / ٤٤٢ وقال : الشيخ المحدث الثقة ... صاحب أبي بكر بن أبي الدنيا وراوي كتبه ...

أقول : فالذي في صدر أسانيد هذا الكتاب : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ... الحسين هو ابن صفوان البرذعي هذا ، وعبد الله هو ابن أبي الدنيا مؤلف الكتاب كما ورد التصريح به في الأحاديث رقم ٨ و ٩ و ١٢.

راوي الكتاب عن الحسين بن صفوان :

هو أبو الحسين محمد بن عبد الله ابن أخي ميمي الدقاق البغدادي ، المولود سنة ٣٠٤.


ترجم له الخطيب في بغداد ٥ / ٤٦٩ وقال : أخبرنا العتيقي ، قال : توفي أبو الحسين ابن أخي ميمي ليلة الخميس سلخ رجب من سنة ٣٩٠ ، وكان ثقة مأمونا كتب الحديث إلى أن توفي.

وقال ابن أبي الفوارس : توفي ابن أخي ميمي ... وكان ثقة مأمونا دينا فاضلا. انتهى.

وصف المخطوطة :

مخطوطة فريدة لهذا الكتاب ناقصة الأول ، في دار الكتب الظاهرية في دمشق ، رقم ٤١٣٤ ، ضمن المجموع رقم ٩٥ ، من الورقة ٢٣٢ إلى ٢٥٠ ، والنسخة نفيسة قديمة جدا ، ربما ترجع إلى ما يقرب من عهد المؤلف ، فخطها ما بين الكوفي والنسخ ، خط ردئ صعب القراءة قليل الاعجام ، ولكنه كتب في فترة كان الخط الكوفي في طريقه إلى التحول إلى النسخ ولما يتحول نهائيا ، وأظنه كتب في عهد الحسين بن صفوان تلميذ المؤلف وراوية كتبه عنه ، وقد توفي سنة ٣٤٠ ، كتب عندما كان يمليه على تلميذه ابن أخي ميمي راوي الكتاب عنه.

وقد وصفت المخطوطة في فهارس المكتبة الظاهرية ، فورد ذكرها في فهرس التاريخ للعش ص ٨٢ ، وفي فهرس التاريخ للريان ص ٦٩٠ ، وفي فهرس الحديث للألباني ص ١٤.

والمخطوطة ناقصة من أولها ولا ندري مقدار النقص ولا ندري كم سقط من أوراقها ، وأظن الساقط غير قليل ، وأظن أن المؤلف ذكر في بداية الأمر شيئا من فضائل أمير المؤمنين ثم ما ورد في شمائله ـ عليه‌السلام ـ وزهده وسيرته ، ويظن أن يدا أثيمة امتدت إليها فأسقطت ما لم يرقها من فضائل أمير المؤمنين ـ عليه‌السلام ـ فأتلفت قسم الفضائل وأبقت المقتل! كما أبادوا الكثير من نظائره ، والله العالم ، وهو المستعان.

وبآخر النسخة سماعان ، أحدهما في سنة ٤٣٨ والآخر سنة ٤٦٤ ، وإليك نصهما :


١ ـ (بلغت بقراءتي والحسين بن أحمد بن محمد بن عمر الأنصاري ومحمد ابن أحمد الشيرازي الحلاوي ، وذلك يوم الأحد لسبع خلون من جمادى الأولى سنة ثمان وثلاثين وأربعمائة).

٢ ـ (سمع جميعه من الشيخ أبي الحسين المبارك بن عبد الجبار بن أحمد ابن القاسم ـ سلمه الله ـ أبو بكر عبد الملك بن أحمد الانكيكري سنة أربع وستين وأربعمائة).

* * *






كتاب

مقتل أمير المؤمنين عليه‌السلام

لابن أبي الدنيا

[بسم الله الرحمن الرحيم]

١ ـ [قال : خرج] [٢٣٢ / أ] علي إلى صلاة الفجر ، فاستقبله الوز يصحن في وجهه ، فجعلنا نطر دهن عنه ، فقال : دعوهن فإنهن نوائح.

٢ ـ حدثنا الحسين ، حدثنا عبد الله ، حدثنا محمد بن عمرو بن الحكم ، حدثنا الضحاك بن شهر ، حدثنا خارجة ، عن حصين ،

عن هلال بن يساف ، قال : كان علي بن أبي طالب يخرج قبل صلاة الفجر فيقول : الصلاة ، الصلاة ، فبينا هو كذلك إذ ابتدره رجلان فضربه أحدهما ضربة بالسيف وذهب ، فأتبعه ابن النباح (١) ، فلما خرج من المسجد كر عليه بالسيف فسبقه ابن النباح راجعا وأخذ الآخر فقالوا : ما نرى به بأسا ، فقال : لقد سقيته السم شهرين ولو قسمتها بين العرب لأفنتهم!

وجعل النساء يبكين عليه ، وجعل آخرون يقولون : ليس عليه بأس ، فقال ابن ملجم ـ لعنه الله ـ : أفعلي تبكون؟!

٣ ـ حدثنا الحسين ، حدثنا عبد الله ، حدثنا يوسف بن موسى ، حدثنا عبيد الله بن موسى ، قال : أخبرنا الحسن بن دينار ،

__________________

(١) بالنون ثم باء مشددة : أبو النباح عامر بن النباح كان مؤذن أمير المؤمنين عليه‌السلام ، الاكمال ٧ / ٣٣٠.


عن الحسن ، قال : سهر علي ـ عليه‌السلام ـ في تلك الليلة ، فقال : إني مقتول لو قد أصبحت ، قال : فجاء مؤذنه بالصلاة فقام فمشى قليلا ثم رجع ، فقالت له ابنته : مر جعدة يصلي بالناس ، قال : لا مفر من الأجل ، ثم قام فخرج ، فمر على صاحبه وقد سهر ليله ينتظره ، وقد غلبته عينه ، فضربه برجله وقال : الصلاة ، فقام فلما رأى عليا ضربه.

قال الحسن (١) : إذا علم هذا.

٤ ـ حدثنا الحسين ، حدثنا عبد الله ، قال : حدثني عبد الله بن يونس بن بكير ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثنا علي بن أبي فاطمة الغنوي ، قال : حدثني شيخ من بني حنظلة ، قال : لما كانت الليلة التي أصيب فيها علي ـ يرحمه‌الله ـ أتاه ابن النباح حين طلع الفجر يؤذنه بالصلاة وهو مضطجع متثاقل ، فقال الثانية يؤذنه بالصلاة فسكت ، فجاءه الثالثة ، فقام علي يمشي [٢٣٢ / ب] بين الحسن والحسين وهو يقول :

شد حيازيمك للموت

فإن الموت آتيك

ولا تجزع من الموت

إذا حل بواديك

فلما بلغ باب الصغير قال لهما : مكانكما ، ودخل ، فشد عليه عبد الرحمن بن ملجم فضربه ، فخرجت أم كلثوم بنت علي فجعلت تقول : ما لي ولصلاة الغداة؟! قتل زوجي أمير المؤمنين! (٢) صلاة الغداة ، وقتل أبي صلاة الغداة.

٥ ـ حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثني أبي ـ رحمه‌الله ـ عن

__________________

(١) في المخطوطة سقط قد صحح بالهامش ، لكن لم يظهر في المصورة سوى التأشيرة إلى الهامش كما تراه في نموذج المصورة هنا.

(٢) أما قصة نكاح أم كلثوم من عمر بن الخطاب فلأصحابنا ـ رضوان الله عليهم ـ فيه كلام لا مجال لذكره هنا ، ولهم في نفي ذلك رسائل مفردة ، فمن قدمائهم الشريف المرتضى علم الهدى ـ المتوفى سنة ٤٣٦ ه ـ ومن متأخريهم العلامة السيد ناصر حسين اللكهنوي ـ المتوفى سنة ١٣٦١ ه ـ ، فراجع ما ألفوه في ذلك.


هشام بن محمد ، قال : حدثني رجل من النخع ، عن صالح بن ميثم ، عن عمران بن ميثم عن أبيه : إن عليا خرج فكبر في الصلاة ثم قرأ من سورة الأنبياء إحدى عشرة آية ، ثم ضربه ابن ملجم من الصف على قرنه ، فشد عليه الناس وأخذوه وانتزعوا السيف من يده وهم قيام في الصلاة ، وركع علي ثم سجد فنظرت إليه ينقل رأسه من الدم إذا سجد من مكان إلى مكان ، ثم قام في الثانية فقلت (١) فخفف القراءة ، ثم جلس فتشهد ثم سلم وأسند ظهره إلى حائط المسجد.

٦ ـ حدثنا الحسين ، حدثنا عبد الله ، قال : حدثني أبي ، عن هشام بن محمد ، قال :

حدثني عمر بن عبد الرحمن بن نفيع بن جعدة بن هبيرة : أنه لما ضرب ابن ملجم (٢) عليا ـ عليه‌السلام ـ وهو في الصلاة تأخر فدفع في ظهر جعدة ابن هبيرة فصلى بالناس ، ثم قال علي : علي بالرجل ، فأتي [به] فقال : أي عدو الله ، ألم أحسن إليك [٢٣٣ / أ] وأصنع وأصنع؟! قال : بلى! قال : ما حملك على ما صنعت؟! قال : شحذت سيفي أربعين يوما ثم دعوت الله أن أقتل به شر خلقه! فقال علي : ما أراك إلا مقتولا به ، وما أراك إلا شر خلقه ، فقتل ابن ملجم بذاك السيف.

٧ ـ أخبرنا الحسين ، قال : أنبأنا عبد الله ، قال : أنبأنا سعيد بن يحيى الأموي ، قال : أنبأنا عبد الله بن سعيد ، عن زياد بن عبد الله ،

عن المجالد بن سعيد ، قال : جاء ابن بجرة الأشجعي وابن ملجم معهما سيفان فجلسا بالباب ، فلما خرج علي ـ رضي‌الله‌عنه ـ نادى بالصلاة وابتدوه الرجلان فضرباه فأخطأ أحدهما فأصاب الحائط وأصاب الآخر ، وخرجا هاربين ، فخرج ابن بجرة من ناحية كندة ، وخرج ابن ملجم من ناحية السوق فأدرك فأخذ فأتي به علي ـ رضي‌الله‌عنه ـ فقال : احسبوه.

__________________

(١) كذا في الأصل بغير نقطة ، ولعله : فقلت ، ويلزم أن تكون : فقرأ.

(٢) في الأصل : ابن محلم!


٨ ـ حدثنا الحسين بن صفوان البردعي ، قال : أنبأنا عبد الله بن أبي الدنيا ، قال : حدثنا سعيد بن يحيى الأموي ، قال : حدثنا عبد الله بن سعيد ، عن زياد بن عبد الله ، عن عوانة بن الحكم : أن ثلاثة تبايعوا على قتل علي ومعاوية وعمرو بن العاص ، فخرج [أحدهم] إلى عمرو بن العاص ، وآخر إلى معاوية يقال له البرك ـ رجل من بني تميم من بني سعد ثم من بني صريم ـ ، وآخر إلى علي وهو ابن ملجم.

فجاء ابن ملجم إلى الكوفة فخطب قطام وكانت من بني التيم (١) وكانت ترى رأي المحكمة ، فقالت : لا والله لا أتزوجك إلا على ثلاثة آلاف وقتل علي! فأعطاها ذلك وبنى بها.

٩ ـ [٢٣٣ / ب] حدثنا الحسين بن صفوان البردعي ، [قال : أنبأنا عبد الله] قال : حدثنا سعيد بن يحيى ، قال : حدثنا عبد الله بن سعيد الأموي ، عن زياد بن عبد الله البكائي ، عن عوانة بن الحكم الكلبي ، قال : فحدثني مزاحم بن زفر التيمي ، عن وجيه : أن ابن ملجم كان يجلس في قومه من صلاة الغداة إلى ارتفاع النهار والقوم يهضبون وهو لا يتكلم بكلمة ، وبلغني أنه كان يوما جالسا في السوق متقلدا السيف ، فمرت به جنازة فيها المسلمون والقسيسون فقال : ويكلم ، ما هذا؟! قالوا : أبجر بن حجار العجلي ، وابنه سيد بكر بن وائل ، فاتبعه المسلمون لمكان ابنه ، وتبعه النصارى لنصرانيته ، فقال ابن ملجم : أما والله لولا أني أستبقي نفسي لأمر هو أعظم من هذا أجرا عند الله لاستعرضتهم بالسيف.

١٠ ـ حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثنا سعيد بن يحيى ، قال : حدثنا عبد الله بن سعيد ، قال : حدثنا زياد بن عبد الله ، عن عوانة : إن قطام قالت لابن ملجم : قد فرغت فافرع (٢) ، فخرج ابن ملجم حتى أتى المسجد ، وضربت قطام قبتها في المسجد وألبسته السلاح ، وخرج

__________________

(١) كذا في الأصل ـ بالألف واللام ـ.

(٢) كذا غير منقوط ، ويجوز أن يقرأ : فامرع ، ولعل الصحيح فيه : فأسرع.


علي يقول : الصلاة الصلاة أيها الناس ، فضربه ابن ملجم على جبهته بالسيف فأصاب السيف الحائط فثلم فيه ، ثم ألقى [٢٣٤ / أ] السيف وقال للناس : اتقوا السيف فإنه مسموم ، وزعموا أنه كان سمه شهرا ، وأخذ ابن ملجم ودخل علي منزله.

١١ ـ حدثنا الحسين ، أنبأنا عبد الله ، قال : حدثني أبي ـ رحمه‌الله ـ ، عن هشام بن محمد ، قال : حدثني رجل من النخع ،

عن صالح بن ميثم ، قال : بينا علي بن أبي طالب ـ قبل تلك الليلة بليلتين ـ يوقظ الناس لصلاة الفجر إذ أتاه ابن ملجم بصحيفة ملفوفة يدعوه فيها أو ينابذه ، ففتحها علي فلم يستثر ما فيها حتى صلى ففتحها فإذا فيها : أدعوك إلى التوبة من الشرك!! وأنابذك على سواء أن الله لا يهدي كيد الخائنين ، فقال علي : من صاحب هذه الصحيفة؟ فلم يكلمه أحد ، فبصق فيها فمحاها ثم رمى بها ، وقال : عليه لعنة الله.

١٢ ـ حدثنا الحسين بن صفوان البردعي ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثني أبي ـ رحمه‌الله ، ـ ، عن هشام بن محمد ، أن أبا عبد الله الجعفي حدثهم عن جابر ، عن أبي جعفر محمد بن علي بن حسين ، قال : لما أراد الله تبارك وتعالى إكرام علي بهلاك ابن ملجم ظل ابن ملجم في مسجد لبني أسد ، حتى إذا جنه الليل صار إلى دار من دور كندة ، وقبل ذلك بجمعة ما قام علي على المنبر إلا وقال : إنه قضي فيما قضي على لسان النبي ـ عليه‌السلام ـ الأمي : ألا يبغضك مؤمن ولا يحبك كافر (١) ، وقد خاب من حمل إثما وافترى.

__________________

(١) هذا حديث صحيح ثابت عن رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ مخرج في الصحاح والسنن والمسانيد بطرق كثيرة بألفاظ مختلفة منها ما في المتن وأشهرها قوله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ : (لا يحبك إلا مؤمن ، ولا يبغضك إلا منافق) ونحن نقتصر هنا على بعض من أخرجه بهذا اللفظ فقط.

فمنهم : أحمد في المسند ١ / ٨٤ و ٩٥ و ١٢٨ و ١٣٨ و ٦ / ٢٩٢ ، وفي فضائل الصحابة رقم ٩٤٨ و ١٠٥٩ و ١١٠٢ و ١١٠٧ ، وفي مناقب علي برقم ٧١ و ٢٢٩ و ٢٩٢.

وأخرجه الحميدي في مسنده ١ / ٣١ رقم ٥٨ ، والترمذي في سننه ٥ / ٦٤٣ رقم ٣٧٣٦ ، والنسائي في السنن في باب الإيمان ٨ / ١١٦ و ١١٧ ، وفي خصائص علي : ١٩ ، وابن مندة في كتاب الإيمان ١ / ٤١٤ و ٢ / ٦٠٧ بطريقين ، والزمخشري في خصائص العشرة : ٩٧ ، والحاكمي في الأربعين المنتقى الباب ٩ و ٣٢ ،


أما إني رأيت في ليلتي هذه في منامي أن شيطانا ضربني ضربة فخضب لحيتي من رأسي بدم عبيط فما ساءني ذلك [ورأيت رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ فشكوت إليه ما ألقى من أمته فقال :] واعلم يا علي أنك مقتول إن شاء الله ، فماذا ينتظر أشقاها أن يخضب هذه من هذا؟! ثم أمر يده اليمنى على لحيته ثم على رأسه ، ثم نزل عن المنبر.

فلما كانت الليلة التي أصيب فيها خرج يريد صلاة العشاء تصايحت الوز حوله فقال : يشهد (١) صوائحا ونساء نوائحا ، قال : وتجنبه الفاسق حتى إذا كانت الساعة التي يخرج فيها أقبل حتى قام في جنح الباب ، وخرج أمير المؤمنين فضربه ضربة ، وكان محمد بن الحنيفة قريبا منه فأخذه ووثب الناس إلى ابن ملجم ليقتلوه ، فقال لهم علي : مهلا ، لا يهاجن ما بقيت ، فإن عشت اقتصصت من الرجل ، أو وهبت لله ، وإن مت فالنفس بالنفس.

١٣ ـ [٢٣٤ / ب] حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثني عبد الله بن يونس بن بكير ، قال : حدثني أبي ،

__________________

والحافظ أبو يعلى في المسند ١ / ٢٥١ رقم ٢٩١ ، والجوهري في أماليه.

وأخرجه أبو الحسين محمد بن المظفر البغدادي في جزء من حديثه عن أبي داود السجستاني ، وابن الأعرابي في المعجم ـ الورقة ٩٨ / أ ـ ، وأبو نعيم في صفة النفاق بعدة طرق وأسانيد كثيرة وفي حلية الأولياء ٤ / ١٨٥ بطريقين ، وابن المغازلي في المناقب بالأرقام ٢٢٥ ، ٢٢٦ ، ٢٢٨ ، ٢٢٩ ، ٢٣١.

وأخرجه الخطيب في تلخيص المتشابه ١ / ٢٢١ وفي موضع أوهام الجمع والتفريق ٢ / ٤٦٨ وفي تاريخ بغداد ٢ / ٢٥٥ و ٨ / ٤١٧ و ١٤ / ٤٢٦ ، والحاكم في معرفة علوم الحديث ص ٢٢٣ ، والرافعي في التدوين ٤ / ٥١ في ترجمة قيس بن محمد بن قيس ، والذهبي في تذكره الحافظ ١ / ١٠ ، وابن عبد البر في الإستيعاب ص ١١٠٠ ، وابن عساكر في معجم شيوخه بعدة طرق وفي ترجمة أمير المؤمنين ـ عليه‌السلام ـ من تاريخه بعدة طرق أيضا بالأرقام ٦٨٢ ، ٦٨٣ ، ٦٨٦ ، ٦٨٧ ، ٦٩١ ، ٦٩٢ ، ٦٩٤ ، ٦٩٥ ، ٦٩٦ ، ٦٩٧ ، ٦٩٨ ، ٦٩٩ ، ٧٠٠ ، ٧٠١ ، ٧٠٢ ، ٧٠٣ ، ٧٠٧ ، ٧٠٨ ، ٧٠٩ ، ٧١٠ ، ٧١١.

وأخرجه ابن حزم في الفصل ٣ / ٢٥٧ ، وابن كثير في تاريخه ٧ / ٣٥٤ ، وابن حجر في الإصابة ٢ / ٥٠٩.

هذا كله بعض مصادر هذا الحديث بهذا اللفظ ، وروي بألفاظ أخر أشهرها قوله ـ عليه‌السلام ـ : (لقد عهد إلى النبي الأمي إلى أنه لا يحبني إلا مؤمن ولا يبغضني إلا منافق) فله طرق ومصادر أكثر من هذه ربما جمعنا ما تيسر من ذلك في العدد القادم إن شاء الله.

(١) كذا تقرأ في الأصل كلمة غير واضحة.


عن عبد الغفار بن القاسم الأنصاري ، قال : سمعت غير واحد يذكر أن ابن ملجم بات عند الأشعث بن قيس ، فلما أسحر جعل يقول له : أصحبت ، وكان حجر مؤذنهم ، فخرج حجر وأذن فلم يكن أسرع من أن سمع الواعية ، فجعل حجر ينادي فوق المنارة : قتله الأعور ـ وكان الرجل أعور ـ وكان علي يسميه عرف النار.

١٤ ـ حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثني أبي ، عن هشام ابن محمد ، قال : حدثنا عوانة بن الحكم : إن حجر بن عدي لما انصرف الناس من صلاة الغداة من مسجد الأشعث وكان حجر بن عدي إمامهم ، فلما سلم قال الناس : ضرب أمير المؤمنين الليلة ، فنظر إلى الأشعث فقال : ألم أر ابن ملجم معك وأنت تناجيه تقول له : فضحك الصبح؟! والله لو أعلم ذلك حقا لضربت أكثرك شعرا ، فقال : إنك شيخ قد خرفت.

قال : وبعث الأشعث إليه قيس بن الأشعث صبيحة ضرب علي ، قال : أي بني ، أنظر كيف أصبح أمير المؤمنين؟ فذهب فنظر ثم رجع إليه فقال : يا أبه رأيت عينيه داخلتين في رأسه ، فقال الأشعث : عيني دميغ ورب الكعبة.

١٥ ـ حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثني عبد الله بن يونس ابن بكير ، قال : حدثني أبي ، عن محمد بن ربيعة ، قال :

حدثني نافع بن عقبة المنبهي ، قال : خرجت من أهلي في السحر ، فانتهيت إلى باب المسجد ـ باب كندة ـ فإذا رجل خارج من المسجد مخترط سيفه ، فطرحت طيلساني في وجهه ثم أخذته فانتزعت السيف من يديه ثم قدته كما يقاد الجمل فأدخلته المسجد فسمعت الضوضاء والناس يقولون : قتل أمير المؤمنين ، فجثت به فقلت : هو ذا ، أخذته خارجا من المسجد مخترطا سيفه ، فأدخل على علي ، فقال : احبسوه فإن أمت من جراحتي هذه فهو في أيديكم ، نفس بنفس فاقتلوه ، وإن أعش وأبرأ أرى فيه رأيي.

١٦ ـ حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثني أبي ـ رحمه‌الله ، عن هشام بن محمد ، قال : حدثني رجل من النخع ، قال : حدثني صالح بن ميثم ، عن أبيه ، قال : نظرت إلى الناس [٢٣٥ / أ] حين


انصرفوا من الفجر ينهشون ابن ملجم بأنيابهم ويثبون عليه وثبا كأنهم السباع ، ويقولون : يا عدو الله ما صنعت؟!! قد أهلكت الأمة وقتلت خير الناس ، وإنه لمنحني ما ينطق.

قال أبو بكر (١) : يعني لساكت.

١٧ ـ حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثنا سعيد بن يحيى ، قال : حدثنا عبد الله بن سعيد ، عن زياد بن عبد الله ، قال : قال محمد بن إسحاق : أقبل ابن ملجم المرادي من الشام حتى ضرب عليا ، فقالت أم كلثوم بنت علي لابن ملجم : يا عدو الله قتلت أمير المؤمنين؟ قال : لم أقتل إلا أباك! قالت : أما والله إني لأرجو أن لا يكون عليه بأس ، قال : أفعلي تبكين إذا؟!

ثم قال لها : والله لقد سممته شهرا فإن أخلفني فأبعده الله وأسحقه.

١٨ ـ حدثنا الحسين ، أنبأنا عبد الله ، قال : وأخبرني العباس بن هشام بن محمد ، عن أبيه ، عن أبي المقوم يحيى بن ثعلبة الأنصاري ، عن عبد الملك بن عمير ، قال : لما أدخل ابن ملجم على علي ـ رحمه‌الله ـ صبيحة ضربه وعنده ابنته أم كلثوم تبكي عند رأسه ، فلما نظرت إلى ابن ملجم سكتت ثم قالت : يا عدو الله ، والله ما على أمير المؤمنين بأس ، فقال : أما والله لقد شحذت السيف ، وأنكرت الحيف ، ونفيت الوجل ، وحثثت العجل ، وضربته ضربة لو كانت بربيعة ومضر لأتت عليهم ، فعلي إذا تبكين؟!

١٩ ـ حدثنا الحسين ، أنبأنا عبد الله ، قال : حدثنا المنذر بن عمار الكاهلي ، قال :

حدثني ابن أبي الحثحاث العجلي ، عن أبيه ، قال : خرج علي بالسحر يوقظ الناس للصلاة فاستقبله ابن ملجم ومعه سيف صغير ، فقال : (ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله والله رؤوف بالعباد) (٢).

__________________

(١) هو أبو بكر بن أبي الدنيا مؤلف الكتاب.

(٢) سورة البقرة ٢ : ٢٠٧.


فظن علي أنه يستفتحه ، فقال : (يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة (١) ، فضربه بالسيف على قرنه.

٢٠ ـ حدثنا الحسين ، أنبأنا عبد الله ، قال : حدثني هارون بن أبي يحيى ، عن شيخ من قريش : إن عليا قال لما ضربه ابن ملجم : فزت ورب الكعبة.

٢١ ـ حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثني عبد الله بن يونس ابن بكير ، قال : حدثني أبي ، عن أبي إسحاق المختار ، عن أبي المطر : أن ابن ملجم ضرب عليا ، وقع حد السيف برأس علي ، ووقع وسط السيف بالباب ، فقال : علي : خذوا ال [ـ رجل] [٢٣٥ / ب] فإن أمت فاقتلوه ، وإن أعش فالجروح قصاص.

٢٢ ـ حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثني عبد الله بن يونس ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثني أبان البجلي ، عن أبي بكر بن حفص ، عن ابن عباس ، قال : سمعت عليا بالكوفة وأتي فقيل : يا أمير المؤمنين ، ما تقول في هذا الأسير؟ قال : أرى أن تحسنوا ضيافته حتى تنظروا على أي حال أكون فإن أهلك فلا تلبثوه بعدي ساعة.

٢٣ ـ حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثني عبد الرحمن بن صالح ، قال : حدثنا عمرو بن هشام ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن عامر ، قال : لما ضرب علي تلك الضربة ، قال : ما فعل ضاربي؟ قالوا : قد أخذناه ، قال : أطعموه من طعامي واسقوه من شرابي ، فإن أنا عشت رأيت فيه رأيي ، وإن أنا مت فاضربوه ضربة لا تزيدوه عليها.

٢٤ ـ حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثنا أبو خيثمة ، قال : حدثنا يحيى بن سعيد ، عن سفيان ، عن عمران بن ظبيان ، عن حكيم بن سعد أبي تحيى (٢) ، قال : قالوا لعلي : لو أخذنا قاتلك أبرنا

__________________

(١) سورة البقرة ٢ : ٢٠٨.

(٢) في الأصل عمران ، والصحيح : حكيم ـ مصغرا ـ فأبو تحيى اسمه حكيم بن سعد ، ويروي عنه عمران


عترته ، فقال : به به! ذاكم الظلم ، النفس بالنفس.

٢٥ ـ حدثنا الحسين ، وقال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثنا يوسف بن موسى ، قال : حدثنا الضحاك بن مخلد ، عن سفيان ، عن عمران بن ظبيان ، عن حكيم بن سعد ، قال : قيل لعلي : لو نعلم قاتلك أبرنا عبرته ، فقال : به به! ذاكم الظلم ولكن اقتلوه ثم احرقوه.

٢٦ ـ حدثنا الحسين ، أنبأنا عبد الله ، أنبأنا خلف بن سالم ، أنبأنا أبو نعيم ، أنبأنا فطر ، أنبأنا أبو الطفيل ، قال : دعا علي الناس للبيعة فجاء عبد الرحمن بن ملجم المرادي فرده مرتين ثم بايعه ، ثم قال : ما يحبس أشقاها! ليخضبن ـ أو ليصبغن ـ هذه ـ للحيته من رأسه ـ ، ثم تمثل :

شد حيازيمك للموت

فإن الموت آتيك

ولا تجزع من الموت

إذا حل بواديك

٢٧ ـ حدثنا الحسين ، أنبأنا عبد الله ، أنبأنا خلف بن سالم ، أنبأنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر عن أيوب ، عن ابن سيرين ، قال : كان علي إذا رأى ابن ملجم قال :

أريد حباءه ويريد قتلي

عذيرك من خليلك من مراد

٢٨ ـ حدثنا الحسين ، أنبأنا عبد الله ، قال حدثني أبي ـ رحمه‌الله ـ ، عن هشام بن محمد ، عن أبيه ، قال : لما ضرب [٢٣٦ / أ] ابن ملجم عليا دعي له ابن أثير الكندي ـ وكان طبيبا ـ فأخذ خرقة فأدخلها في رأسه فإذا دماغه قد خرج فيها ، فقال : يا أمير المؤمنين اعهد عهدك وأمر أمرك فإنك ميت.

٢٩ ـ حدثنا الحسين ، أنبأنا عبد الله ، أنبأنا سعيد بن يحيى القرشي ، أنبأنا

__________________

ابن ظبيان مباشرة كما في الرقم الىتي ، قال في الاكمال ١ / ٥٠٢ : تحيى بكسر التاء وسكون الحاء المهملة وبعدها ياء معجمة ... وابو تحيى حكيم بن سعد عن علي وامّ سلمة ، روى عنه عمران بن ظبيان ...

وفيه ٢ / ٤٨٦ : وأمّا حكيم ـ بضمّ الحاء وفتح الكاف ـ ... وحكيم بن سعد ابو تحيى ، كوفي ، روى عن علي واُمّ سلمة رضي الله عنهما ـ ن روى عنه عمران بن ظبيان.


عبد الله بن سعيد ، عن زياد بن عبد الله ، قال :

قال مجالد : دعي لعلي الكندي ـ وكان طبيبا ـ فدعا برئة فأخذ منها قديدة لطيفة فيها عرقها ، ثم نفخها ودسها في جرحه ، ثم أخرجها فإذا عليها من دماغه ، فقال : اعهد يا أمير المؤمنين لا يعالج مثلك ، فقال علي عند ذلك : إذا مت فاقتلوه ، فإنها النفس بالنفس ، وإن عشت فسأرى رأيي.

وصية علي بن أبي طالب رحمه‌الله

٣٠ ـ حدثنا الحسين ، أنبأنا عبد الله ، قال : حدثني عبد الله بن يونس بن بكير ، قال : حدثني أبي عن أبي عبد الله الجعفي ، عن جابر بن يزيد ، عن محمد بن علي ، قال : أوصى أمير المؤمنين علي إلى حسن :

بسم الله الرحمن الرحيم

هذا ما أوصى به علي بن أبي طالب : أوصى أنه يشهد أن لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله ، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون ـ صلى الله عليه ـ.

ثم إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين بذلك أمرت وأنا من المسلمين.

ثم إ [ني] أوصيك يا حسن وجميع ولدي وأهلي ومن بلغه كتابي أن تتقوا الله ربكم ، ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ، واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا ، فإني سمعت رسول الله ـ صلى الله عليه ـ يقول : صلاح ذات البين أفضل من عامة الصيام والصلاة ، وإن المعرة حالقة الدين فساد ذات البين ، ولا قوة إلا بالله.

انظروا ذوي أرحامكم فصلوهم يهون عليكم الحساب.

والله الله في الأيتام فلا تغيبون أفواههم ولا يضيعون بحضرتكم.

والله الله في جيرانكم ، فإنهم وصية رسول الله ، ما زال يوصينا بهم حتى ظننا أنه يورثهم.


[٢٣٦ / ب] والله الله في القرآن أن يسبقكم بالعمل به غيركم.

والله الله في الصلاة ، فإنها عمود دينكم.

والله الله في بيت ربكم ، لا يخلون ما بقيتم ، فإنه إن خلا لم تناظروا.

والله الله في رمضان فإن صيامه جنة من النار لكم.

والله الله في الجهاد في سبيل الله بأيديكم وأموالكم وألسنتكم.

والله الله في الزكاة فإنها تطفئ غضب الرب.

والله الله في ذمة نبيكم ، فلا يظلمن بين أظهركم.

والله الله فيما ملكت أيمانكم ، انظروا فلا تخافوا في الله لومة لائم ، يكفكم من أرادكم وبغى عليكم ، وقولوا للناس حسنا كما أمركم الله.

ولا تتركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيولي الأمر شراركم ثم يدعو خياركم فلا يستجاب لهم.

عليكم يا بني بالتواصل والتباذل ، وإياكم والتقاطع والتكاثر والتفرق ، وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ، واتقوا الله إن الله شديد العقاب.

حفظكم الله من أهل بيت ، وحفظ نبيكم فيكم ، أستودعكم الله ، أقرأ عليكم السلام ورحمة الله.

ثم لم ينطق إلا بلا إلا الله ، حتى قبضه الله في رمضان ، أول ليلة من العشر الأواخر.

٣١ ـ حدثنا الحسين ، أنبأنا عبد الله ، قال : حدثني أبي ، رحمه‌الله ـ ، عن هشام بن محمد ، عن أبي عبد الله الجعفي ، عن جابر ،

عن أبي جعفر محمد بن علي ، قال : أوصى علي بن أبي طالب عند موته بهذه الوصية وكتبها كاتبه عبيد الله بن أبي رافع وعلي يملي عليه.

٣٢ ـ حدثنا الحسين ، أنبأنا عبد الله ، قال : حدثني أبي ـ رحمه‌الله ـ ، عن هشام بن محمد بن محمد ، عن أبي الكلبي ، عن أبي عون الثقفي ،

عن أبي عبد الرحمن السلمي ، قال : أوصى علي بن أبي طالب ابنه الحسن


ابن علي حين حضره الموت ، قال :

يا بني أوصيك بتقوى الله ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة عند محلها ، وحسن الوضوء والصبر عليه ، فإنه لا صلاة إلا بطهور ، ولا تقبل الصلاة ممن يمنع الزكاة.

وأوصيك بمغفرة الذنب ، وكظم الغيظ ، وصلة الرحم ، والحلم عند الجهل ، والتفقه في الدين ، والتثبت في الأمر [٢٣٧ / أ] والتعاهد للقرآن ، وحسن الجوار ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، واجتناب الفواحش كلها في كل ما عصي الله فيه.

٣٣ ـ حدثنا الحسين ، أنبأنا عبد الله ، قال حدثني أبي ـ رحمه‌الله ـ ، عن هشام ابن محمد ، عن شيخ من الأزد حدثهم ، عن عبد الرحمن بن جندب ، عن أبيه ، قال : دخلت على علي أسل به فقمت قائما لمكان ابنته أم كلثوم ـ كانت مستترة ـ فقلت : يا أمير المؤمنين ، إن فقدناك ـ ولا نفقدك ـ نبايع للحسن؟ فقال : ما آمركم ولا أنها كم ، فعدت فقلت مثلها فرد علي مثلها (١).

ثم دعا ابنيه الحسن والحسين فقال لهما :

أوصيكما بتقوى الله ولا تبغيا الدنيا وإن بغتكما ولا تبكيا على شئ منها زوي عنكما ، قولا الحق ، وارحما اليتيم ، وأعينا الضائع ، واصنعا للآخرة ، وكونا للظالم خصما وللمظلوم عونا ، واعملا بما في كتاب الله ولا يأخذ كما في الله لومة لائم.

ثم نظر إلى ابنه محمد ين الحنفية ، فقال :

يا بني أفهمت ما أوصيت به أخويك؟ قال : نعم يا أبه ، قال : يا بني أوصيك بمثله ، وأوصيك بتوقير أخويك وتعظيم حقهما وأمر هما ولا تقطع أمرا دونهما.

ثم قال للحسن والحسين وأوصيكما به ، فإنه شقيقكما ، وابن أبيكما ، وقد

__________________

(١) راجع تعليقنا على الرقم ٤٦.


علمتما أن أبا كما كان يحبه فأحباه.

٣٤ ـ حدثنا الحسين ، أنبأنا عبد الله ، قال : حدثني محمد بن عباد بن موسى ، أنبأنا يزيد بن هارون ، عن محمد بن عبيد الله ، عن أبي جعفر : إن عليا لما احتضر جمع بنيه فقال :

يا بني يؤلف بعضكم بعضا ، يرأف كبيركم صغيركم ، ولا تكونوا كبيض وضاح في داوية.

ويح الفراخ فراخ آل محمد من عتريف مترف يقتل خلفي وخلف الخلف ، أما والله لقد شهدت الدعوات وسمعت الرسالات ، وليتم الله نعمته عليكم أهل البيت.

قال ابن عباد : قوله : (لا تكونوا كبيض وضاح في دواية) أن النعامة تبيض في الدوية فتحضنه حتى إذا فرخ البيض تفرقت ديالها يعني فراخها ، يقول : لا تفرقوا بعد موتي.

٣٥ ـ [٢٣٧ / ب] حدثنا الحسين ، أنبأنا عبد الله ، أنبأنا علي بن الجعد ، أنبأنا أبو يوسف القاضي ، أنبأنا عبيد الله بن محمد بن عمر بن علي ، عن أبيه ، عن جده : إنه كتب هذه الوصية :

هذا ما أمر به وقضى به في ماله علي بن أبي طالب : تصدق بينبع ابتغى بها مرضاة الله ووجهه ، ينفق في كل نفقة في سبيل الله في الحرب والسلم والجنود وذي الرحم والقريب والبعيد ، لا يباع ولا يورث كل مال بينبع ، غير أن رباحا وأبا نيزر وجبيرا ـ إن حدث بي حدث ـ فليس عليهم سبيل وهم محررون ، موالي يعملون في المال خمس حجج وفيه نفقتهم ورزقهم ورزق أهاليهم ، فذلك الذي أقضي فيما كان لي بينبع واجبة حيا أنا أو ميت ، ومعهما ما كان لي بوادي القرى من مال أو رقيق حيا أنا أو ميت ، ومع ذلك الأذينية وأهلها حيا أنا أو ميت ، ومع ذلك درعة وأهلها ، وأن زريقا له مثل ما كتبت لأبي نيزر ورباح وجبير معا هو يتقبلهم وهو يرتهن ، بذلك قضيت بيني وبين الله يوم قدمت مسكن (١) حي

__________________

(١) مسكن ـ بفتح الميم وكسر الكاف ـ : قرية كانت على نهر دجيل قرب بغداد.


أو ميت ، وأن مالي في وادي القرى والأذينية ودرعة ينفق في كل نفقة ابتغاء وجه الله وفي سبيل الله ووجهه يوم تسود وجوه وتبيض وجوه ، لا يبعن ولا يوهبن ولا يورثن إلا إلى ...

هذا ما قضى به علي بن أبي طالب في ماله واجبه بتة ، يقوم على ذلك الحسن بن علي يليها ما دام حيا ، فإن هلك فهي إلى الحسين بن علي يليها ما دام حيا فإن هلك فهي إلى الأولى فالأولى من ذوي السن والصلاح من الذي يعدل فيها ويطعم ولدي بالمعروف غير المنكر ولا الاسراف ، يزرع ويغرس ويصلح كإصلاحهم أموالهم.

ولا يباع من أولاد نخل هذه القرى الأربع ودية واحدة حتى تشكل أرضها غراسا ، فإنما عملتها للمؤمنين أولهم وآخرهم فمن وليها من الناس فاذكره الله بجهد ونصح وحفظ أمانته ووسع :

هذا كتاب علي بن أبي طالب ـ رحمة الله عليه ـ بيده إذ قدم مسكن وقد علمتم أن الفقيرين في سبيل الله واجبة بتة ومال محمد النبي ـ صلى الله عليه ـ ينفق في كل نفقة في سبيل الله ووجهه وذوي الرحم الفقراء [٢٣٨ / أ] والمساكين وابن السبيل ، يقوم على ذلك أكبر بني فاطمة بالأمانة والإصلاح كإصلاحه ماله يزرع ويغرس وينصح ويجهد.

هذا ما أوصاه علي بن أبي طالب ـ رحمه‌الله ـ في هذه الأموال الذي كتب في هذه الصحيفة ، والله المستعان على كل حال ، لا يحل لأحد وليها وحكم فيها أن يعمل فيها بغير عهدي.

أما بعد ، فإن ولائدي التي أطوف عليهن تسع عشرة ، منها أمهات أولادي معهن أولادهن ، ومنهن حبالى ، ومنهن من لا ولد لها ، وقضيت إن حدث بي حدث في هذا الغزو أن من كان منهن ليس لها ولد وليست بحبلى عتيقة لوجه الله ، ليس لأحد عليها سبيل ، ومن كان منهن حبلى أولها ولد فلتمسك على ولدها وهي من حظه ، فإن مات ولدها وهي حية فليس لأحد عليها سبيل.

هذا ما قضى به في ولائده التسع عشرة.


شهد عبيد الله بن أبي رافع وهياج بن أبي هياج ، وكتب علي بن أبي طالب أم الكتاب بيده لعشر خلون من جمادى الأولى سنة تسع (١) وثلاثين.

قال عبيد الله : وكان بين مقتله وبين كتابه هذا أربع (٢) أشهر وثلاثة (٣) عشرة ليلة ،

٣٦ ـ حدثنا الحسين ، أنبأنا عبد الله ، أنبأنا إسحاق بن إسماعيل ، أنبأنا سفيان ، عن عمرو بن دينار ، قال : في صدقة علي بن أبي طالب : هذا ما تصدق به علي ، تصدق بينبع ابتغاء وجه الله وهي حداد أربعة آلاف وسق سوى حنطتها وشعيرها وسلتها وحنائها وموزها وكل لي بينبع إنما عملتها للمؤمنين أولهم وآخرهم ليولجني به الله الجنة وليصرف به النار عن وجهي ويصرف بها وجهي عن النار يوم تبيض وجوه وتسود وجوه ، فهي واجبة في سبيل الله ، صدقة واجبة بتلا ، لا تباع ولا توهب لا تورث ، وتصدق علي بثمانية (٤) عشرة عينا.

٣٧ ـ حدثنا الحسين ، أنبأنا عبد الله ، أنبأنا إسحاق بن إسماعيل ، أنبأنا سفيان ، عن عمرو بن دينار ، قال : في وصية علي : وأن رباحا وجبيرا وأبا نيزر يعلمون في المال خمس حجج ، منها نفقاتهم ونفقات أهاليهم ، ثم هم أحرار.

٣٨ ـ حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثنا إسحاق ، قال : حدثنا سفيان ،

__________________

(١) روى الكليني والشيخ الطوسي ـ رحمهما‌الله ـ هذه الوصية في الكافي ٧ / ٥٠ والتهذيب ٩ / ١٤٨ وجاء فيهما : سنة سبع وثلاثين ، وليس فيهما : قال عبيد الله ... وقد رود هنا : تسع وثلاثين ، فإن كان ـ عليه‌السلام ـ أوصى بها وكتبها لما قدم مسكن ـ كما جاء في الوصية ـ فالصحيح : سبع وثلاثين ، فإنه ـ عليه‌السلام ـ قدم مسكن حين انصرافه من صفين.

وإن اعتبرنا قول عبيد الله بن أبي رافع حيث حدد الفاصل بين مقتله ـ عليه‌السلام ـ وكتابه هذا ، فالصحيح ما هنا وهو : تسع وثلاثين ـ وإن كان عبيد الله قد تسامح في يومين أو ثلاثة ـ.

(٢ و ٣ و ٤) كذا في الأصل.


عن عمرو بن دينار ، قال : في وصية علي :

أما بعد ، فإن [٢٣٨ / ب] ولائدي اللائي أطوف عليهن تسع عشرة وليدة ، منهن أمهات أولاد معهن أولادهن أحياء معهن ، ومنهن حبالى ، ومنهن من لا ولد لها ، فقضيت إن حدث بي حدث في هذا الغزو أن من كان منهن ليست بحبلى وليس لها ولد فهي عتيقة لوجه الله ليس لأحد عليها سبيل ، ومن كان منهن حبلى أو لها ولد فهي تمسك على ولدها وهي من حظه فإن مات ولدها وهي حية فهي عتيقة لوجه الله.

هذا ما قضيت به في ولائدي التسع عشرة ، والله المستعان على كل حال.

شهد أبو هياج وعبيد الله بن أبي رافع ، وكتب (١).

٣٩ ـ حدثنا الحسين ، أنبأنا عبد الله ، قال : حدثني أبو علي أحمد بن الحسن الضرير ، قال : حدثنا الحسين بن هارون ، عن ابن زياد الكلبي ، عن حكيم بن نافع ، عن العلاء بن عبد الرحمن ، قال : لما ضرب عبد الرحمن بن ملجم عليا ـ رحمه‌الله ـ وحمل إلى منزله أتاه العواد ، فحمد الله وأثنى عليه ، وصلى على النبي ـ صلى الله عليه ـ ثم قال :

مل امرئ ملاق ما يفر منه ، والأجل مساق النفس ، والهرب موافاته ، كم أطردت الأيام أبحثها عن مكنون هذا الأمر فيأبى الله إلا إخفاءه ، هيهات ، علم مخزون.

أما وصيتي إياكم : الله لا تشركوا به شيئا ، ومحمدا فلا تضيعوا سنته ، أقيموا هذين العمودين ، وخلاكم ذم ما لم تشردوا ، حمل كل امرئ مجهوده وعفا عن الجهلة رب رحيم ودين قويم ، كنا في فئ رياح ، وعلى ذرى أغصان ، وتحت ظل غمامة اضمحل مركدها ، فمحطها من الأرض عازب ، جاورتكم أياما تباعا

__________________

(١) وأخرجه الفسوي في المعرفة والتاريخ ٢ / ٨١١ عن الحميدي عن سفيان موجزا ، ثم قال : قال سفيان : إنما هو ابن أبي الهياج ، ولكن غلط عمرو. انتهى.

أقول : هو هياج بن أبي الهياج بن الحارث بن عبد المطلب ـ واسم أبي الهياج عبد الله ـ وأمه جمانة بنت أبي طالب ، فأمير المؤمنين ـ عليه‌السلام ـ خال أبي الهياج وابن عم أبيه.


وليالي دراكا كطحرة أو لقعة.

ستعقبون من بعدي جثة حواء ساكنة بعد حركة ، كاظمة بعد نطوق ، لتعظكم هدأتي وخفوت أطرافي أنه أوعظ للمعتبرين من نطق البليغ ، وداعيكم وداع مرصد للتلاق ، غدا ترون أيامي ويكشف عن سرائري ، لن يحابيني الله إلا أن أتزلفه بتقوى ، فيعفو عن فرط موعود ، عليكم السلام إلى اليوم اللزام ، إن أبق فأنا ولي دمي ، وإن أفن فالفناء ميعادي ، العفو لي قربة ولكم حسنة ، فاعفوا عفا الله عنكم ، ألا تحبون أن يغفر الله لكم.

موت علي بن أبي طالب

رحمة الله عليه

٤٠ ـ [٢٣٩ / أ] حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثنا سعيد بن يحيى بن سعيد الأموي ، حدثنا أبي ، عن محمد بن إسحاق ، قال : ضرب علي في رمضان سنة أربعين في تسع عشرة ليلة مضت منه ، ومات في إحدى وعشرين ليلة مضت من شهر رمضان.

٤١ ـ حدثنا الحسين ، أنبأنا عبد الله ، قال : حدثني أبو عبد الله العجلي (١) ، قال : حدثنا عمرو بن محمد ، عن أبي معشر ، قال : قتل علي ـ رحمه‌الله ـ يوم الجمعة لثلاث عشرة بقيت من شهر رمضان سنة أربعين ، قتله عبد الرحمن بن ملجم المرادي بالكوفة.

٤٢ ـ حدثنا الحسين : أنبأنا عبد الله ، قال : حدثني محمد بن عمرو بن الحكم ، عن أبي عبد الرحمن الطائي بمثل ذلك وقال : قتله عبد الرحمن بن يحيى بن عمرو بن ملجم المرادي.

٤٣ ـ حدثنا الحسين ، أنبأنا عبد الله ، أنبأنا خلف بن سالم ، أنبأنا أبو نعيم ، أنبأنا سليمان بن القاسم ، قال : حدثتني أمي ،

__________________

(١) أبو عبد الله العجلي هو الحسين بن علي ، والحديث رواه ابن عساكر برقم ١٤٩٥ بإسناده عن ابن أبي الدنيا وفيه : (ضرب وضربه) بدل : (قتل وقتله) وفيه : (المرادي ـ لعنه الله ـ بالكوفة).


عن أم جعفر ـ سرية علي ـ قالت : إني لأصب على يديه الماء [إذ] أخذ بلحيته فرفعها إلى أنفه وقال : واها لك لتخضبن يوم الجمعة بدم ، فما مضت الجمعة حتى أصيب ، وأصيب يوم الجمعة.

٤٤ ـ حدثنا الحسين ، أنبأنا عبد الله ، قال : حدثني أبي ـ رحمه‌الله ـ ، عن هشام بن محمد ، عن شيخ من الأزد ، عن عبد الرحمن بن جندب ، عن أبيه ، قال : قبض علي ـ رحمه‌الله ـ يوم الأحد لإحدى عشرة ليلة بقيت من شهر رمضان سنة أربعين.

٤٥ ـ حدثنا الحسين ، أنبأنا عبد الله ، قال : حدثني عبد الله بن يونس بن بكير ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثني أبو عبد الله الجعفي ، عن جابر ، عن أبي الطفيل وزيد بن وهب ومحمد بن علي وغيرهم : إن عليا ضرب لثمان عشرة خلت من شهر رمضان ، وتوفي في أول ليلة من العشر ـ يعني الأواخر ـ من شهر رمضان.

٤٦ ـ حدثنا الحسين ، أنبأنا عبد الله ، أنبأنا هارون بن معروف ، قال : حدثنا جرير بن عبد الحميد ، عن الأعمش ، عن سالم بن أبي الجعد وعبد الله بن سبيع ، قالا : قيل لعلي : ألا تستخلف يا أمير المؤمنين؟ قال : لا ، ولكن أترككم إلى ما ترككم إليه رسول الله! (١) قال : فما تقول إذا لقيت الله؟ قال : أقول : اللهم تركتني فيهم ما بدا لك أن تتركني ، وتوفيتني وتركتك فيهم ، فإن شئت أفسدتهم وإن شئت أصلحتهم.

__________________

(١) لم يقل عليه‌السلام : أترككم إلى ما ترككم رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ بل قال : أترككم إلى ما ترككم إليه رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ وقد ثبت عندنا أنه ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ كان قد نص على إمامة الحسن وسائر الأئمة ـ عليهم‌السلام ـ كما نص على أبيه غير مرة ، ولكنهم لم يطيعوا أمره ولم ينفذوا وصيته فبالأحرى سوف لا ينفذون وصية علي ولم يطيعوه في استخلاف الحسن ، فإن أرادوا الانقياد للحسن ـ عليه‌السلام ـ فنصوص حده ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ كافية في ذلك وهي أول بالاتباع والتنفيذ.

على أن الروايات الصحيحة وردت عندنا في نص أمير المؤمنين ـ عليه‌السلام ـ على استخلاف ابنه الحسن ، راجع كتاب (الإرشاد) للشيخ المفيد وكتاب (الكافي) للكليني وغيرهما من كتب التاريخ والحديث والكلام ولا مجال لنا هنا أكثر من هذا.


سن علي ين أبي طالب رحمه‌الله

٤٧ ـ حدثنا الحسين ، أنبأنا عبد الله سويد بن سعيد ، أنبأنا سفيان بن عيينة ،

عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، قال : قتل علي وهو ابن ثمان وخمسين ، وقتل حسين وهو ابن ثمان وخمسين ، ومات علي بن حسين لها ، ومات أبي محمد ابن علي لها.

٤٨ ـ [٢٣٩ / ب] حدثنا الحسين ، أنبأنا عبد الله ، أنبأنا الحسن بن علي العجلي ، أنبأنا الحسين بن علي الجعفي ، قال :

سمعت سفيان يسأل جعفر بن محمد : كم كان لعلي يوم قتل؟ قال : ثمان وخمسون.

٤٩ ـ حدثنا الحسين ، أنبأنا عبد الله ، قال : حدثني محمد بن عمرو بن الحكم ، أنبأنا أبو عبد الرحمن الطائي ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، قال : قتل علي وهو ابن سبع وخمسين سنة ، وولي خمس سنين ، وبعث النبي وهو ابن سبع سنين.

٥٠ ـ حدثنا الحسين ، أنبأنا عبد الله ، أنبأنا محمد بن سعد ، قال : أخبرنا محمد بن عمر ، قال : أخبرنا علي بن عمر بن علي بن حسين ، عن عبد الله بن محمد ابن عقيل ، قال : قلت لابن الحنفية : كم كانت سن أبيك حين قتل؟ قال : ثلاثا وستين.

٥١ ـ حدثنا الحسين ، أنبأنا عبد الله ، قال : حدثني أبو بكر بن محمد بن هانئ ، أنبأنا أحمد بن حنبل ، أنبأنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا ابن جريج ، قال : أخبرني عمر بن محمد بن علي : إن علي أبي طالب مات لثلاث أو أربع وستين سنة ، أو نحو ذلك.

٥٢ ـ حدثنا الحسين ، أنبأنا عبد الله ، قال : حدثني أبي ، عن هشام بن


محمد ، عن أبيه ، قال : أخبرني محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب أن عليا قبض وهو ابن ثنتين وستين سنة ونصف.

٥٣ ـ حدثنا الحسين ، أنبأنا عبد الله ، قال : حدثني أبي ، قال : أخبرنا شبابة ابن سوار ، قال : عن قيس بن الربيع ، عن عمرو بن قيس ، عن أبي صادق : إن عليا قال : والله لقد نهضت في الحرب وأنا ابن عشرين ، فها أنا ذا اليوم قد نيفت على الستين.

٥٤ ـ حدثنا الحسين ، أنبأنا عبد الله ، قال : وحدثت عن يحيى بن عبد الله ابن بكير ، قال : أخبرني ليث بن سعد ، أن أبا الأسود حدثه ، عن عروة : أن عليا أسلم وهو ابن ثمان سنين.

قال ابن بكير : فإن كان رسول الله أقام بمكة ثلاث عشرة قبل هجرته إلى المدينة فسن علي إحدى وستون ، وإن كان مقام رسول [٢٤٠ / أ] الله عشر سنين فسن علي ثمان وخمسين (١) سنة.

صفة علي رحمة الله عليه

٥٥ ـ حدثنا الحسين ، أنبأنا عبد الله ، قال : حدثني إبراهيم بن سعيد الجوهري ، قال : حدثنا حسين بن محمد ، أنبأنا جرير بن حازم ، عن أبي رجاء العطاردي ، قال : رأيت علي بن أبي طالب رجلا ربعة ، ضخم البطن ، عظيم اللحية قد ملأت صدره ، في عينيه خفش ، أصلع شديد الصلع ، كثير شعر الصدر والكتفين ، كأنما اجتاب إهاب شاة.

٥٦ ـ حدثني الحسين ، قال : حدثني عبد الله ، قال : حدثني إبراهيم بن سعيد ، أنبأنا عفان ، أنبأنا أبو عوانة ، عن مغيرة ، عن قدامة بن عتاب ، قال : كان علي ضخم البطن ، ضخم مشاشة المنكب ، ضخم عضلة الذراع ، دقيق مستدقها ، ضخم عضلة الساق ، دقيق

__________________

(١) كذا في الأصل.


مستدقها.

٥٧ ـ حدثنا الحسين ، أنبأنا عبد الله ، قال : حدثني أبو هريرة الصيرفي ، أنبأنا يزيد بن هارون ، قال : أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد ، عن الشعبي ، قال : رأيت عليا يخطب الناس أبيض الرأس واللحية ، عظيم البطن ، قد أخذت لحيته ما بين منكبيه ، أصلع ، على رأسه زغيبات.

٥٨ ـ حدثنا الحسين ، أنبأنا عبد الله ، قال : حدثنا أبو خيثمة ، أنبأنا جرير ، عن عبد الملك بن عمير ، قال : رأيت عليا أبيض اللحية.

٥٩ ـ حدثنا الحسين ، أنبأنا عبد الله ، أنبأنا عبد الرحمن بن صالح ، أنبأنا يونس بن بكير ، عن عنبسة بن الأزهر ـ وكان على قضاء جرجان ، وكان من بني عامر بن ذهل ـ ، قال : إنما منع عليا أن يخضب قول رسول الله ـ صلى الله عليه ـ : (تخضب هذه من هذه) ووضع يده على هامته.

٦٠ ـ حدثنا الحسين ، أنبأنا عبد الله ، قال : حدثنا أبو عبد الرحمن القرشي ، أنبأنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي ، عن محمد بن إسحاق ، عن سعد بن عبد الرحمن بن أبي أيوب ، قال : كنت في حجر جدتي لم أبي ، ابنة سعد بن الربيع ـ وكانت عند زيد بن ثابت ـ فسمعتها تقول : قد رأيتني وأنا جارية شابة في مال لنا بالأسواف ورسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ [٢٤٠ / ب] عندنا في نفر من أصحابه إذ قال لنا رسول الله : ليدخلن عليكم الآن رجل من أهل الجنة ، ثم ثنى رسول الله ظهره ثم قال : كن عليا ، قالت : فطلع علي يفرج له الجريد ، والذي نفس أم سعيد بيده لكأن وجهه القمر ليلة البدر.

٦١ ـ حدثنا الحسين ، أنبأنا عبد الله ، قال : حدثني محمد بن فراس الضبعي ، أنبأنا عبد الله بن داود ، أنبأنا مدرك أبو الحجاج ، قال : رأيت علي بن أبي طالب يخطب وكان من أحسن الناس وجها.

٦٢ ـ حدثنا الحسين ، أنبأنا عبد الله ، قال : حدثني أحمد بن يحيى ، قال :


حدثني بهلول الكندي ، عن أبي إسحاق ، قال : كنت مع أبي يوم الجمعة فقال لي : ألا أريك عليا أمير المؤمنين؟ قلت : بلى ، فحملني فرأيته على المنبر أصلع له بطن.

٦٣ ـ حدثنا الحسين ، أنبأنا عبد الله ، قال : حدثني العباس بن هشام بن محمد ، عن أبيه ، عن جده ، قال : حدثتني أمي عائشة بنت عبيد ، قالت : رأيت علي بن أبي طالب فرأيت رجلا ربعة ، عظيم البطن ، بعيد ما بين المنكبين ، عظيم الهامة ، أخفش العين ، أرشح.

٦٤ ـ حدثنا الحسين ، أنبأنا عبد الله ، قال : حدثني محمد بن عباد بن موسى ، أنبأنا زيد بن الحباب ، عن محمد بن جابر ، عن أبي إسحاق ، قال : رأيت عليا أبيض الرأس واللحية ، وعليه قميص قهز ، وإزار ذبيني الردن فوق القميص ، والقميص فوق الإزار.

غسل علي وتكفينه والصلاة عليه ودفنه

رضوان الله عليه

٦٥ ـ حدثنا الحسين ، أنبأنا عبد الله ، أنبأنا عبد الرحمن بن صالح ، أنبأنا عمرو بن هاشم أبو مالك الجنبي ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن عامر : أن عليا أوصى الحسن أن يغسله وقال : لا تغالي في الكفن ، فإني سمعت رسول الله ـ صلى الله عليه ـ يقول : لا تغالوا في الكفن فإنه يسلب سلبا سريعا ، وامشوا بي بين المشيتين ، لا تسرعوا بي ولا تبطئوا بي فإن كان [٢٤١ / أ] خيرا عجلتموني إليه وإن كان شرا ألقيتموه عن أكتافكم.

٦٦ ـ حدثنا الحسين ، أنبأنا عبد الله ، قال : حدثني عبد الله بن يونس بن بكير ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثني أبو عبد الله الجعفي ، عن جابر ، عن محمد بن علي وأبي الطفيل : أن الحسن بن علي غسل عليا بيده وكفن في قميص ولفافتين ، وأخذه من ناحية القبلة ، وأسند سبع لبنات.

٦٧ ـ حدثنا الحسين ، أنبأنا عبد الله ، قال : حدثني أبو عبد الرحمن القرشي ،


أنبأنا عبيدة بن الأسود الهمداني ، عن عبد السلام بن أبي المسلمي ، عن بيان ، عن الشعبي ، أن الحسن بن علي صلى على علي فكبر عليه أربعا!! (١).

موضع دفن علي رحمة الله عليه

٦٨ ـ حدثنا الحسين ، أنبأنا عبد الله ، قال : حدثني أبي ـ رحمه‌الله ـ ، عن هشام بن محمد ، قال : قال لي أبو بكر بن عياش : سألت أبا حصين وعاصم بن بهدلة والأعمش وغيرهم فقلت : أخبركم أحد أنه صلى على علي أو شهد دفنه؟ قالوا : لا ، فسألت أباك محمد بن السائب فقال : أخرج به ليلا ، خرج به الحسن والحسين وابن الحنفية وعبد الله بن جعفر وعدة من أهل بيتهم فدفن في ظهر الكوفة.

قال : فقلت لأبيك لم فعل به ذلك؟! قال : مخافة أن تنبشه الخوارج أو غيرهم.

٦٩ ـ حدثنا الحسين ، أنبأنا عبد الله ، قال : وحدثت عن إبراهيم بن المنذر الحزامي ، قال : حدثني حسين بن زيد ، قال :

حدثني جعفر بن محمد ، عن أبيه : قال : صلى الحسن بن علي على علي ودفن بالكوفة عند قصر الإمارة ليلا! وغبي دفنه.

٧٠ ـ حدثنا الحسين ، أنبأنا عبد الله ، قال : حدثنا محمد بن سعد ، أنبأنا محمد بن عمر ، قال : أخبرنا أبو بكر بن عبد الله ، عن إسحاق بن عبد الله ، قال : قلت لأبي جعفر ، أين دفن علي؟ قال :

__________________

(١) صلاة الجنائز فيها خمس تكبيرات تفتتح بالأولى وتنتهي بالخامسة ، يدعو المصلي عقيب أربع منها ثم يكبر الخامسة وينصرف ، فلعل الحسن ـ عليه‌السلام ـ كبر الخامسة بصوت خافض لم يسمعها الراوي ـ على تقدير صحة الرواية ـ هذا وقد روى أبو الفرج في مقاتل الطالبيين ص ٤١ ، وأبو حنيفة الدينوري في الأخبار الطوال ص ٢١٦ : أنه صلى عليه الحسن ـ عليه‌السلام ـ فكبر خمسا.

وقد صلى زيد بن أرقم فكبر خمسا فقيل له؟! فقال : رأيت أبا القاسم ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ صلى على جنازة فكبر خمسا فلا أتركه أبدا.

رواه الجماعة إلا البخاري! المنتقى ٢ / ٨٦ ، مسند أحمد ٤ / ٣٧٠ ، سنن البيهقي ٤ / ٣٦ ، شرح معاني الآثار ١ / ٤٩٣ ، المصنف لابن أبي شيبة ٣ / ٣٠٣.


بالكوفة ليلا وقد غبي دفنه.

٧١ ـ حدثنا الحسين ، أنبأنا عبد الله ، قال : حدثني عبد الله بن يونس بن بكير ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثني أبو عبد الله الجعفي ، عن أبي الطفيل أن الحسن بن علي صلى على علي ودفنه بالرحبة.

٧٢ ـ حدثنا الحسين ، أنبأنا عبد الله ، قال : حدثني أبي ـ رحمه‌الله ـ ، عن هشام بن محمد ، عن شيخ من الأزد ، عن عبد الرحمن بن جندب ، عن أبيه : أن الحسن بن علي صلى على علي ودفنه في الرحبة [٢٤١ / ب] مما يلي أبواب كندة قبل أن ينصرف الناس من صلاة الفجر.

٧٣ ـ حدثنا الحسين ، أنبأنا عبد الله ، قال : حدثني الحارث بن محمد العمي ، أنبأنا داود بن المحبر ، أنبأنا المحبر بن قحذم ، عن مجالد بن سعيد ، عن الشعبي ، قال : أمر الحجاج بن يوسف ببناء القبة التي بين يدي المسجد بالكوفة ، فلما حفروا أساسها هجموا على جسد طري فإذا به ضربة على رأسه طرية ، فلما نظروا إليه قالوا : هذا علي بن أبي طالب! فأخبر الحجاج بذلك فقال : من يخبرني عن هذا؟ فجاءه عدة من مشيخة الكوفة فلما نظروا إليه قالوا : هذا علي بن أبي طالب!!

قال فقال الحجاج : أبو تراب ، لأصلبنه!! قال : فقال له ابن أم الحكم : أذكرك الله أيها الأمير أن تلقي هذه النائرة بيننا وبين إخواننا من بني هاشم ، قال ، فقال له الحجاج : فما تخشى؟! أتخشى أن يؤتى جسدك بعد موتك فيستخرج؟! مرهم أن يدفنوك حيث لا يعلم بك!

قال : فقال له ابن أم الحكم : والله ما أبالي إذا أتي جسدي فاستخرج جسدي كان أم جسد غيري ، إذا قيل هذا جسد فلان.

فأمر الحجاج بحفائر حفرت من النهار ، ثم أمر بجسد علي فحمل على بعير وأطرافه تنشأ فخرج به ليلا فدفن في ناحية أخرى حيث لا يعلم به (١).

__________________

(١) في كتاب (فرحة الغري في تعيين قبر أمير المؤمنين علي) للسيد غياث الدين عبد الكريم بن طاووس المتوفى سنة ٦٩٣ ه ـ الجواب الشافي حول حقيقة الأمر وعدم امتداد يد السوء إلى قبر أمير المؤمنين ـ عليه‌السلام ـ فضلا عن نقل الجسد الطاهر إلى مكان آخر.


أمر ابن ملجم وقتله

٧٤ ـ حدثنا الحسين ، أنبأنا عبد الله ، أنبأنا إبراهيم بن سعيد الجوهري ، أنبأنا أبو أسامة ، قال :

حدثني أبو طلق علي بن حنظلة بن نعيم ، عن أبيه ، قال : لما ضرب ابن ملجم عليا قال : احبسوه ، فإنما هو جرح ، فإن برئت امتثلت أو عفوت ، وإن هلكت قتلتموه.

فجعل عليه عبد الله بن جعفر ـ وكانت أم كلثوم بنت علي تحته ـ فقطع يديه وفقأ عينيه وقطع رجليه وجدعه ، وقال له : هات لسانك ، فقال له : إذ صنعت ما صنعت فإنما تستقرض في جسدك ، أما لساني ـ ويحك ـ فدعه أذكر [٢٤٢ / أ] الله به! فإني لا أخرجه لك أبدا ، فشق لحييه وأخرج لسانه من بين لحييه فقطعه! وحمى مسمارا ليفقأ به عينيه فقال : إنك لتكحل عمك بملمول ممض.

فجاءت أم كلثوم تبكي وتقول : يا خبيث ، والله ما ضرت أمير المؤمنين ، فقال : أعلي ـ يا أم كلثوم ـ تبكين؟! أما والله ما خانني سيفي ولا ضعف ساعدي.

٧٥ ـ حدثنا الحسين ، أنبأنا عبد الله ، أنبأنا سعيد بن يحيى بن سعيد الأموي ، أنبأنا عبد الله بن سعيد ، عن زياد بن عبد الله ، أنبأنا ابن إسحاق ، قال : حدثني زيد بن عبد الله بن سعد ، قال :

حدثني عبد الله بن أبي رافع ، قال : عذبنا ابن ملجم بعد موت علي بكل عذاب خلقه الله فوالله ما تكلم حتى دخل غلام ابتاعه عبد الله بن أبي رافع قبل موت علي ، فدخل بن علي علي فقال : ما هذا إلا خنزير ، قال : فألححنا عليه : خنزير؟ فقال : خلوا عني وعنه ـ وكان اسم الغلام سعدا ـ فأخذ بأنفه فعضه فصاح


صياحا ما سمعنا بمثله قط ، فقلنا ، خلوا بينه وبين خنزير.

وأخذ عبد الله بن جعفر ابن ملجم فقطع يده ورجليه وكحل عينيه بمسمار من حديد ، فجعل ابن ملجم يقول لابن جعفر ، إنك لتكحل عمك بملمول ممض ، ثم أمر به فعولج عن لسانه ليقطع فجزع ، وقبل ذلك ما لم يكن يجزع ، فقالوا له : يا عدو الله قطعنا يديك ورجليك وسملنا عينيك فلم تجزع فلما أردنا قطع لسانك جزعت؟! قال : لا والله ما أجزع من قطع لساني ، ولكن أجزع أن أكون في الدنيا فواقا لا أذكر الله فيه!! فقطعوا لسانه ثم حرقوه بالنار وهو حي.

فقال ابن حطان في ذلك :

[٢٤٢ / ب] إني لا ذكره يوما فأحسبه

أو في البرية عند الله ميزانا

ما ضربة من تقي ما أراد بها

إلا ليبلغ من ذي العرش رضوانا

قال : وزاد ابن عنوة :

يا نفس هل تلك في دار ترين بها

محمدا وأبا بكر وعثمانا

فقالت : له الحرورية : تذكر هذا مع هؤلاء؟ فقال : لا تعجلوا ، ثم قال :

الخير في دفق الأحيان كلهم

أعني ابن مظعون لا أعني ابن عفانا

٧٦ ـ حدثنا الحسين ، أنبأنا عبد الله ، أنبأنا سعيد بن يحيى الأموي ، قال : أنشدني أبي لابن حطان في ابن ملجم :

[و] لم أر مهرا ساقه ذو سماحة

كمهر قطام بين عير معجم

ثلاثة آلاف وعبد وقينة

وضرب علي بالحسام المصمم

فلا مهر أغلى من علي وإن غلا

ولا فتك إلا دون فتك ابن ملجم

٧٧ ـ حدثنا الحسين ، أنبأنا عبد الله ، قال : حدثني إبراهيم بن سعيد ، أنبأنا الفضل بن دكين ، أنبأنا حفص بن حمزة القرشي ، قال : سمعت جدتي بكرة بنت كليب ، عن عبد الله ، جدي ـ وكان مؤذنا لعلي ـ : أن الحسن بن علي أمر بقتل عبد الرحمن بن ملجم فقتل ثم أدرج في بورياء فأحرق.

٧٨ ـ حدثني الحسين ، أنبأنا عبد الله ، قال : حدثني إبراهيم بن سعيد ، أنبأنا


أبو أحمد ، أنبأنا فطر ، عن أبي إسحاق ، قال : حدثني رجل دخل على ابن ملجم حين ضرب عليا وقد احترق فصار وجهه أسود.

٧٩ ـ حدثنا الحسين أنبأنا عبد الله ، قال : حدثني أبي ، عن هشام بن محمد ، عن أبي عبد الله الجعفي ، عن جابر الجعفي ، قال : حدثني من نظر إلى ابن ملجم حين قدم إلى علي ابن أبي طالب فإذا رجل [٢٤٣ / أ] أسمر حسن الوجه ، أفلج ، شعره مع شحمة أذنيه ، مسجد ـ يعني في وجهه أثر السجود ـ.

٨٠ ـ حدثنا الحسين ، أنبأنا عبد الله ، قال : أخبرني العباس بن هشام ، عن أبيه ، قال :

حدثني أبو بكر بن عياش ، قال : قدم قوم من أهل اليمن من مراد فيهم ابن ملجم فلما وقفوا بين يدي عمر بن الخطاب قال : ممن أنتم؟ قالوا : من مراد ، قال : ما رأيت كاليوم وجوها أنكر ـ يعيدها مرارا ـ أخرجوا ، الحقوا بمصر ، قال : وكان فيهم سيدار بن حمرار الذي ضرب عثمان بالسيف يوم دخل عليه.

٨١ ـ حدثنا الحسين ، أنبأنا عبد الله ، أنبأنا المنذر بن عثمان بن حبيب بن جسار أبي الأشرس الكاهلي ، قال : أخبرني ابن أبي الحثحاث العجلي عن أبيه أبي الحثحاث ، قال : أخبرت عليا بقدوم ابن ملجم ، فتغير وجهه ، ثم أتيته به فلما رآه علي قال :

أريد حباءه ويريد قتلي

عذيري من خليلي من مراد

فقال : سبحان الله! لم تقول هذا يا أمير المؤمنين؟! قال : هو ذاك.

ثم قال له علي : إني سائلك عن ثلاث ، هل مر بك رجل وأنت تلعب مع الصبيان فقصدك ثم قال : شقيق عاقر الناقة؟ قال : سبحان الله! لم تقول هذا يا أمير المؤمنين؟!

قال : بقيت خصلتان ، هل كنت تدعى وأنت صغير : ابن راعية الكلاب؟ قال : سبحان الله! ما رابك إلى هذا؟! قال : بقيت خصلة ، هل أخبرتك أمك أنها تلقفت بك وهي حائض؟


فغضب وقام ، فدعا له علي بثوبين وأعطاه ثلاثين درهما ، فقيل له : لو قتلته؟!! فقال : يا عجبا تأمروني أن أقتل قاتلي؟!

٨٢ ـ حدثنا الحسين ، أنبأنا عبد الله ، قال : حدثني عبد الله بن يونس بن بكير ، قال : حدثني أبي ، عن عبيد بن عتيبة ، عن وهب بن عبد الله بن كعب بن سور ، قال : دخل محمد بن الحنفية الحمام فإذا فيه عبد الرحمن بن ملجم جالس فنظر إليه فقال له محمد : ممن الرجل؟ قال : [٢٤٣ / ب] من مضر ، قال : من أيهم أنت؟ قال : من اليمن ، قال : من أيها أنت؟ قال : ما أنا بمخبرك! فتركه.

فلما كان من أمر علي ما كان وقتل ، أخذ عبد الرحمن فحبس في بيت فدخل عليه محمد فقال : ألست صاحب الحمام؟ قال : بلى ، قال : أما والله ما أنا اليوم بأعرف لك مني يومئذ ، ثم التفت محمد إلى قوم معه فقال : أما إنا لا نعلم الغيب ولكنا علمنا شيئا فعلمناه.

٨٣ ـ حدثنا الحسين ، أنبأنا عبد الله ، قال : حدثني أبي ، عن هشام بن محمد ، عن أبي عبد الله الجعفي ، عن جابر ، عن أبي جعفر محمد بن علي ، قال : لما توفي ـ رحمه‌الله ـ أمر الحسن بن علي بابن ملجم فأتي به فضرب ضربة فأندروا أصابعه ، ثم ثنى فقتله.

فلما تخوف الحسن من عواقب الضربتين حج ما شيا وقاسم الله ماله ثلاث مرات!!

٨٤ ـ حدثنا الحسين ، أنبأنا عبد الله بن محمد ، أنبأنا إبراهيم بن عبد الله بن حاتم ، قال : أخبرنا هشيم ، قال : أخبرنا حصين ، عن الشعبي ، قال : حدثني زحر بن قيس الجعفي ، قال : لما كان غداة أصيب علي ـ عليه‌السلام ـ ركبت بغلتي ومضيت نحو المدائن ، فلما كنت قريبا منها تلقاني أهلها قالوا : من أين أقبل الرجل؟ قلت : من الكوفة ، قال : وما الخبر؟ قلت : خرج أمير المؤمنين لصلاة الغداة فتلقاه رجلان فضربه أحدهما فأخطأه وضربه الآخر فأصابه بشجة قد يموت الرجل مما هو أدنى منها وقد يعيش مما هو أكثر منها ، فتماروا فيما بينهم فقالوا : والله لو جئتنا بدماغه


في ستين صرة لعلمنا أنه لا يموت حتى يسوق العرب بعصاه!

قال : فدخلت المدائن فمكثت في بعض بيوتها حتى جاء كتاب الحسن بن علي ـ عليهما‌السلام ـ بما كان من أمره فاتقوا الله وعليكم بالسمع والطاعة.

قال : وكان اللذان ضرباه عبد الرحمن بن ملجم المرادي وشبيب بن بجرة الأشجعي ضربه شبيب فأخطأه وضربه ابن ملجم على رأسه فقتله.

وكان الذي ضرب معاوية رجل من بني الصريم يقال له : البرك ، وأن معاوية حرم بني الصريم أعطياتهم حينا.

٨٥ ـ [٢٤٤ / أ] حدثنا الحسين ، أنبأنا عبد الله ، أنبأنا سعيد بن يحيى القرشي ، أنبأنا عبد الله بن سعيد ، عن زياد بن عبد الله ، أنبأنا المجالد بن سعيد ، قال : مات علي ـ رضي‌الله‌عنه ـ ولم يستخلف أحدا! (١).

٨٦ ـ قال (٢) : فحدثني الشعبي ، قال : أخبرني زحر بن قيس الجعفي ، قال : بعثني علي ـ رضي‌الله‌عنه ـ على أربعمائة من أهل العراق ، وأمرنا أن ننزل المدائن رابطة ، قال : فوالله إنا لجلوس عند غروب الشمس على الطريق إذ جاءنا رجل قد أعرق دابته ، فقلنا : من أين أقبلت؟ قال : من الكوفة ، قلنا : متى خرجت؟ قال : اليوم ، قلنا : فما الخبر؟ قال : خرج أمير المؤمنين إلى الصلاة صلاة الفجر فابتدره ابن بجرة وابن ملجم فضربه أحدهما ضربة ، إن الرجل ليعيش مما هو أشد منها ويموت مما هو أهون منها ثم ذهب.

فقال عبد الله بن وهب السبائي ـ ورفع يديه إلى السماء ـ : الله أكبر ، الله أكبر ، قلت له : ما شأنك؟! قال : لو أخبرنا هذا أنه نظر إلى دماغه قد خرج ، عرفت أن أمير المؤمنين لا يموت حتى يسوق العرب بعصاه.

قال : فوالله ما مكثنا إلا تلك الليلة حتى جاءنا كتاب الحسن بن علي :

__________________

(١ و ٢) القائل هو مجالد بن سعيد ـ المتقدم ـ وهو راوية الشعبي ، ومن أين علم ذلك وقد ولد بعده بعشرات السنين؟! فإنه توفي سنة ١٤٤ ، وكان يحيى بن سعيد يقول : لو أردت أن يرفع لي مجالد حديثه كله رفعه! وقال : كان مجالد يلقن في الحديث إذا لقن [تهذيب التهذيب ١٠ / ٤٠ ، ميزان الاعتدال ٣ / ٤٣٨] ولعل هذا مما لقن ، وراجع ما علقناه على الرقم ٤٦.


(من عبد الله حسن [ابن] أمير المؤمنين إلى زحر بن قيس ، أما بعد ، فخذ البيعة ممن قبلك).

فقلنا : أين ما قلت؟ قال : ما كنت أراه يموت!

٨٧ ـ حدثنا الحسين ، أنبأنا عبد الله ، قال : وحدثني سعيد ، أنبأنا عبد الله ابن سعيد ، عن زياد بن عبد الله ، أنبأنا إسماعيل بن أبي خالد ، عن أبي إسحاق ، عن هبيرة بن يريم ، قال : قام الحسن بن علي بعد قتل أبيه فحمد الله ـ عزوجل ـ وأثنى عليه ، ثم قال :

أيها الناس ، إنه قد فارقكم أمس رجل سبق الأولين ولا يدركه الآخرون (١) وكان رسول الله ـ صلى الله عليه ـ يبعثه المبعث ويعطيه الراية فما يرجع حتى يفتح الله عليه ، جبريل عن يمينه وميكائيل عن شماله ، ما ترك صفراء ولا بيضاء إلا سبعمائة درهم فضلت من عطائه أراد أن يشتري بها خادما لأهله.

٨٨ ـ حدثنا الحسين ، أنبأنا عبد الله ، قال : حدثني عبد الله بن يونس بن بكير ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثني أبو عبد الله الجعفي ، عن جابر الجعفي ، عن عامر الشعبي ، قال : صلى الحسن بن علي صلاة الفجر يوم مات علي

__________________

(٨٧) أخرجه ابن سعد في الطبقات ٣ / ٣٨ ، وابن أبي شيبة في المصنف ١٢ / ٧٤ رقم ١٢١٥٤ ، وأحمد في المسند ١ / ١٩٩ ، وفي طبعة أحمد شاكر برقم ١٧١٩ ، وفي فضائل الصحابة رقم ١٠١٤ ، وفي مناقب علي رقم ١٣٦ ، واليعقوبي في تاريخه ٢ / ١٩١ ، وأخرجه البزار في مسنده كما في كشف الأستار بزوائد البزار ٣ / ٢٠٥ رقم ٢٥٧٤ ، والدولابي في الذرية الطاهرة رقم ١٢٢ و ١٢٣ ، والحافظ ابن حبان في الثقات ٢ / ٣٠٣ ، وفي صحيحه ٢٢١١ ، وكما في موارد الظمآن ٢٢١١ ، وأبو الفرج في مقاتل الطالبيين : ٥١ بعدة طرق ، والحافظ الطبراني في المعجم الكبير بعدة طرق ٣ / ٧٩ رقم ٢٧١٨ و ٢٧١٩ و ٢٧٢٢ ، والحافظ أبو نعيم في حلية الأولياء ١ / ٦٥ ، وفي ذكر أخبار أصبهان ١ / ٤٤ و ٤٥ و ٢ / ٣.

وأخرجه الحافظ ابن عساكر في تاريخه في ترجمة أمير المؤمنين ـ عليه‌السلام ـ ١٤٩٥ و ١٤٩٦ عن عمرو بن حبشي ثم بعدة طرق عن هبيرة بن مريم بالأرقام ١٤٩٧ ـ ١٥٠٢.

وأخرجه الحاكم في المستدرك ٣ / ١٧٢ ، وابن المغازلي في مناقبه رقم ١٦ ، والفراء في طبقات الحنابلة ٢ / ٢٢٨ ، وابن الجوزي في صفة الصفوة ١ / ١٢١ ، وفي الطبقات ج ١ ق ٣ ، وابن أبي الحديد في شرح النهج ٤ / ١١ ، وابن كثير في تاريخه ٧ / ٣٣٢.

(١) في الأصل : (الآخرين).


ـ عليهما‌السلام ـ فقال :

الحمد [٢٤٤ / ب] لله حمدا كثيرا على ما أحببنا وكرهنا ، إنا لله وإنا إليه راجعون ، والحمد لله رب العالمين.

ثم إني أحتسب عند الله ـ عزوجل ـ مصابي بأفضل الآباء [بعد] رسول الله ـ صلى الله عليه ـ ، واعلمن يا معشر من حضر أنه قد قبض في هذه الليلة رجل لم يسبقه أحد كان قبله ، ولم يخلف بعده مثله ، وهو علي حبيب رسول الله ـ صلى الله عليه ـ وأخوه ، فنحتسب عند الله ما دخل علينا أهل البيت خاصة ، وما دخل على جميع أمة محمد عامة ، فوالله لا أقول اليوم إلا حقا ، لقد دخلت مصيبته على جميع العباد والبلاد والشجر والدواب ، فنسأل البر الرحيم أن يرحم وجهه وأن يعذب قاتله ، وأن يحسن (١) علينا الخلافة من بعده.

٨٩ ـ حدثنا الحسين ، أنبأنا عبد الله ، أنبأنا يوسف بن موسى ، أنبأنا عبيد الله بن موسى ، قال : أخبرنا سكين بن عبد العزيز ، أنبأنا حفص بن خالد بن جابر ، عن أبيه ، عن جده ، قال : لما قتل علي ـ عليه‌السلام ـ قام الحسن بن علي خطيبا فحمد الله ـ عزوجل ـ وأثنى عليه ثم قال :

أما والله لقد قتلتم الليلة رجلا في ليلة نزل فيها القرآن [و] فيها رفع عيسى ابن مريم ـ عليه‌السلام ـ ، وفيها قتل يوشع بن نون فتى موسى ـ عليهما‌السلام ـ.

__________________

(١) في الأصل : (الحسن).

(٨٩) أخرجه البخاري في التاريخ الكبير ٢ / ٣٦٣ ، والمبرد في الكامل : ٢٦ ، وأبو سعيد الشاشي ـ المتوفى سنة ٢٣٢ ـ في جزء من حديثه ـ رواية البغوي ـ ، والحافظ أبو يعلى ، والطبري في تاريخه ٥ / ١٥٧ ، والدولابي في الذرية الطاهرة رقم ١٢٤ ، وابن المغازلي في مناقب أمير المؤمنين ـ عليه‌السلام ـ رقم ١٥ ، والحافظ ابن عساكر في تاريخه في ترجمة أمير المؤمنين ـ عليه‌السلام ـ برقم ١٥٠٣ من طريق الحافظ أبي يعلى.

وأخرجه البزار في مسنده كما في كشف الأستار بزوائد البزار ٣ / ٢٠٥ رقم ٢٥٧٣ وفيه : (حفص ابن خالد بن حيان) وهو خطأ ، والصحيح ما أثبتناه فقد ترجم له البخاري في التاريخ الكبير ٢ / ٣٦٣ وقال : حفص بن خالد بن جابر سمع أباه عن جده ، قال الحسن بن علي : قتل ليلة نزل القرآن.

ووثقه ابن حبان وترجم له في الثقات ٦ / ١٩٦ ، وترجم له ابن حجر في تعجيل المنفعة ١ / ٩ وأشار إلى روايته للخطبة.


٩٠ ـ حدثنا الحسين ، أنبأنا عبد الله ، أنبأنا علي بن الجعد ، قال : أخبرنا شريك عن عاصم بن أبي النجود ، عن أبي رزين ، قال : خطبنا الحسن بن علي بعد وفاة أبيه على منبر الكوفة في ثياب سود.

٩١ ـ حدثنا الحسين ، أنبأنا عبد الله ، أنبأنا أبو مسلم عبد الرحمن بن يونس ، أنبأنا عبد الله بن إدريس ، قال : سمعت إسماعيل بن أبي خالد يذكر ذلك عن أبي إسحاق ـ قال ابن إدريس : لا أعلمه إلا عن هبيرة بن يريم أن عليا لما أصيب

__________________

(٩٠) وأخرجه أحمد في فضائل الصحابة رقم ١٠٢٦ ، وفي مناقب علي رقم ١٤٨ عن وكيع عن شريك واكتفى بسطر واحد من الخطبة!

ورواه أبو حاتم السجستاني في المعمرين والوصايا ١٥٢ ، والبزار في مسنده كما في كشف الأستار رقم ٢٥٧٥ بإسناد آخر عن أبي رزين وفيه شطر من الخطبة ، إلا أن بعض الرواة حذف الخطبة وكتمها كما ترى هنا في المتن!! وراجع تعاليق الرقم الآتي.

(٩١) هذه خطبة معروفة لها مصادر كثيرة وطرق جاوزت حد التواتر ، فقد رواها بعدة طرق كل من ترجم لأمير المؤمنين أو لابنه الحسن ـ عليهما‌السلام ـ.

فقد رواها جمع كثير ممن شهدها وسمعها ، فليس في الخطب المأثورة ولا في أخبار الحسن ـ عليه‌السلام ـ شئ روي بهذه الكثرة أو له طرق ومصادر كما لهذه الخطبة ، ولكنها منيت بظروف قاسية إذ لم ينقلها أحد بطولها ، وقد روى أبو الفرج في مقاتل الطالبيين ص ٥١ عن عمرو بن ثابت : كنت أختلف إلى أبي إسحاق سنة أسأله عن خطبة الحسن بن علي فلا يحدثني بها! فدخلت إليه ... قال : في أي شئ تردد منذ سنة؟ قلت : في خطبة الحسن بن علي بعد وفاة أبيه ...

وأطول ما رويت به هذه الخطبة في المستدرك ٣ / ١٧٢ ، ومجمع الزوائد ٩ / ١٤٦ ، وكفاية الطالب : ٣٢ ، ونظم درر السمطين : ١٤٧.

وقد رواها عن الحسن ـ عليه‌السلام ـ ابنه زيد بن الحسن وأبو الطفيل والشعبي والحارث بن فحش وعمرو بن حبشي وأبو رزين وهبيرة بن يريم وعاصم بن ضمرة.

وأخرجه الحافظ ابن عساكر في ترجمة أمير المؤمنين ـ عليه‌السلام ـ من تاريخه ٣ / ٣٩٨ بطرق عن أبي إسحاق السبيعي عن عمرو بن حبشي ثم قال : كذا رواه إسرائيل عن أبي إسحاق ، ورواه إسماعيل بن أبي خالد وزيد بن أبي أنيس وشريك القاضي وزيد العمر وشعيب بن خالد عن أبي إسحاق ، وقالوا : عن هبيرة بن يريم عن الحسن بن علي ـ عليه‌السلام ـ.

ثم رواها ابن عساكر بطرقه عن كل واحد منهم فراجعه.

وأخرجه النسائي في خصائص علي عن يونس عن أبي إسحاق ، وأخرجه الحافظ الطبراني في المعجم الكبير ٢٧١٧ عن يزيد بن عطاء عن أبي إسحاق ، وبرقم ٢٧٢٣ عن سفيان عن أبي إسحاق ، وبرقم ٢٧٢٤ عن علي بن عابس عنه ، وبرقم ٢٧٢٥ عن الأجلح عنه.


خطب الحسن بن علي فحمد الله ـ عزوجل ـ وأثنى عليه ثم قال :

لقد فارقكم بالأمس رجل ما سبقه الأولون ولا يدركه الآخرون ، أن كان رسول الله ـ صلى الله عليه ـ يدفع الراية إليه فيمضي وجبريل عن يمينه وميكايل عن يساره ، فما يبرح حتى يفتح الله ـ عزوجل ـ عليه ، وما ترك صفراء ولا بيضاء غير سبعمائة درهم كان أرصدها [٢٤٥ / أ] في خادم.

٩٢ ـ حدثنا الحسين ، أنبأنا عبد الله ، قال : حدثني أبي ، عن هشام بن محمد ، عن أبي عبد الله الجعفي ، قال : حدثني عروة بن عبد الله ، عن زحر بن قيس ، قال : بعثني الحسن بن علي ـ عليهما‌السلام ـ إلى المدائن وبها حسين بن علي ، فلما انتهيت إليه قال : أي زحر ، ما لي أرى وجهك متغيرا؟! قلت : تركت أمير المؤمنين في آخر يوم من الدنيا وأول يوم من الآخرة ، وهذا كتاب الحسن إليك.

قال زحر : فلما ذكرت له أمر علي ومصابه ، قال : ويحك من قتله؟! قلت : رجل من مراد ، مارق فاسق ، يقال له عبد الرحمن بن ملجم ، قال : أقتل الرجل؟ قلت : نعم ، فكبر ثم قال : إنا لله وإنا إليه راجعون ، والحمد لله رب العالمين ، ما أعظمك من مصيبة ، مع أن رسول الله ـ صلى الله عليه ـ قال : إذا أصيب أحدكم بمصيبة فليذكر مصابه بي ، فإنه لن يصاب بمثلها أبدا ، وصدق رسول الله ـ صلى الله عليه ـ ، وما أصيب بعد رسول الله ـ صلى الله عليه ـ بمثلها ، ولن نصاب بمثلها في بقية عمري ، أن البلاء إلينا أهل البيت سريع ، والله المستعان.

فقال له زحر : أن هامنا من لا يرى أنه يموت حتى يظهر! وأنا أخافهم عليك ، فاجمعهم إلي حتى أقرأ كتاب الحسن عليهم ، فنودي في الناس فاجتمعوا وحضر حسين ـ عليه‌السلام ـ فقمت فقرأت على الناس الكتاب ، فقال رجل ـ يقال له ابن السوداء ، من همدان يقال له عبد الله بن سبأ (١) ـ : والله لو رأيت أمير المؤمنين في

__________________

(١) ألف العلامة السيد مرتضى العسكري كتبا في أكاذيب سيف بن عمر التميمي ، أحدها كتاب (عبد الله بن سبأ) في مجلدين ، حول اختلاق المسمى بهذا الاسم وأن لا وجود له أصلا بأدلة علمية


قبره لعلمت أنه لن يذهب حتى يظهر فارج (١) من عقل بالاسترجاع والبكاء والاستغفار لعلي والتعزية لحسين ، ثم انصرف راجعا إلى الكوفة في الناس.

ندب علي ومراثيه صلوات الله عليه

٩٣ ـ حدثنا الحسين ، أنبأنا عبد الله ، قال : حدثني الحسين بن عبد الرحمن ، عن محمد بن أيوب التميمي ، عن موسى عن المغيرة ، عن الضحاك بن مزاحم ، قال : ذكر علي بن أبي طالب ـ عليه‌السلام ـ عند ابن عباس ـ رحمه‌الله ـ بعد وفاته فقال :

وا أسفا على أبي الحسن ، ملك والله فما بدل ولا غير ولا قصر ، ولا جمع ولا منع ولا آثر ، ولقد كانت الدنيا أهون عليه من شسع نعله ، ليث في الوغى ، بحر في المجالس ، حكيم الحكماء ، هيهات قد مضى في الدرجات العلى.

٩٤ ـ [٢٤٥ / ب] حدثنا الحسين ، أنبأنا عبد الله ، قال : حدثني محمد بن أبي يحيى أن شيخا من ضبة يكنى أبا الوليد حدثهم ، قال : حدثني عبد الواحد ابن أبي عمرو الأسدي أن معاوية قال لرجل (٢) من كنانة : صف لي عليا ، قال : اعفني ، قال : لا أعفيك ، قال : أما إذ لا بد فإنه كان والله بعيد المدى ، شديد القوى ، يقول فصلا ويحكم عدلا ، يتفجر العلم من جوانبه ، وتنطق الحكمة من نواحيه ، يستوحش من الدنيا وزهرتها ، ويأنس بالليل وظلمته ، كان والله غزير العبرة ، طويل الفكرة ، يقلب كفه ، ويخاطب نفسه ، يعجبه من اللباس ما قصر ، ومن الطعام ما جشب.

__________________

قوية ، وقد شفى وكفى فراجع.

(١) كذا في الأصل.

(٢) هو ضرار بن ضمرة الكناني النهشلي ، وكلامه هذا له مصادر كثيرة منها أمالي القالي ٢ / ١٤٣ ، وزهر الآداب ١ / ٣٨ ، والاستيعاب : ١١٠٧ ، والمستطرف ١ / ١٢٧ ، وذخائر العقبى : ١٠٠ ، والرياض النضرة ٢ / ٢١٢ ، وشرح النهج لابن أبي الحديد ٤ / ٢٧٦ ، ورواه الحافظ الطبراني وعنه الحافظ أبو نعيم في حلية الأولياء ١ / ٨٤ ، والحافظ ابن عساكر في ترجمة ضرار من تاريخه عن أبي علي الحداد عن أبي نعيم ، وأورده ابن الجوزي في صفة الصفوة وفي الطبقات وفيها كلها : فوكفت دموع معاوية على لحيته ما يملكها ، وجعل ينشفها بكمه وقد اختنق القوم بالبكاء.


كان والله كأحدنا ، يجيبنا إذا سألناه ، ويبتدئنا إذا أتيناه ، ويلبينا إذا دعوناه ، ونحن والله مع تقريبه لنا وقربه منا لا نكلمه هيبة ، ولا نبتديه لعظمة ، فإن تبسم فعن مثل اللؤلؤ المنظوم ، يعظم أهل الدين ، ويحب المساكين ، لا يطمع القوي في باطله ، ولا ييأس الضعيف من عدله.

وأشهد بالله لقد رأيته في بعض مواقفه وقد أرخى الليل سرباله وقد غارت نجومه ، وقد مثل في محرابه قابضا على لحيته ، يتململ تململ السليم ، ويبكي بكاء الحزين ، فكأني الآن أسمعه وهو يقول :

يا دنيا يا دنيا ، أبي تعرضت؟! أم بي تشوقت؟! هيهات هيهات ، غري غيري ، لا حان حينك ، قد بتتك ثلاثا لا رجعة لي فيك ، فعمرك قصير ، وعيشك حقير ، وخطرك يسير ، آه من قلة الزاد وبعد السفر ووحشة الطريق.

قال : فبكى معاوية! وبكى القوم ، ثم قال : رحم الله أبا الحسن ، كان والله كذلك ، وكيف حزنك عليه؟ قال : حزن ـ والله ـ من ذبح واحدها في حجرها فلا ترقأ عبرتها ولا يسكن حزنها.

٩٥ ـ حدثنا الحسين ، أنبأنا عبد الله ، أنبأنا يوسف بن موسى ، أنبأنا جرير ، عن مغيرة ، قال : لما جئ معاوية بنعي علي بن أبي طالب ـ عليه‌السلام ـ وهو قائل مع امرأته ابنة قرظة في يوم صائف فقال : إنا لله وإنا إليه راجعون! ماذا فقدوا من العلم والخير والفضل والفقه؟! قالت امرأته : بالأمس تطعن في عينيه وتسترجع اليوم عليه؟! قال : ويلك لا تدرين ما فقدوا من علمه وفضله وسوابقه! (١).

٩٦ ـ حدثنا الحسين ، أنبأنا عبد الله ، أنبأنا يوسف بن موسى ، أنبأنا عمرو ابن طلحة القناد ، أنبأنا أسباط بن نصر ، عن سماك ، عن حجار بن أبجر ، قال : جاء رجل إلى معاوية فقال : سرق ثوبي هذا فوجدته مع هذا [٢٤٦ / أ] فقال : لو كان لهذا علي بن أبي طالب!؟

__________________

(١) أخرجه ابن عساكر في تاريخه في ترجمة أمير المؤمنين ـ عليه‌السلام ـ بإسناده عن ابن أبي الدنيا.


٩٧ ـ حدثنا الحسين ، أنبأنا عبد الله ، قال : حدثني عبد الرحمن بن صالح ، أنبأنا يونس بن بكير ، عن عنبسة بن الأزهر ، عن سماك بن حرب ، قال : كان عمر بن الخطاب ـ رضي‌الله‌عنه ـ يقول لعلي بن أبي طالب ـ عليه‌السلام ـ عندما يسأله عن الأمر فيفرجه عنه : لا أبقاني الله بعدك يا أبا الحسن.

٩٨ ـ حدثنا الحسين ، أنبأنا عبد الله ، قال : حدثني مهدي بن حفص ، أنبأنا عبدة بن سليمان ، عن عبد الملك بن أبي سليمان ، قال : قلت لعطاء : أكان أحد من أصحاب رسول الله ـ صلى الله عليه ـ أفقه من علي ـ عليه‌السلام ـ؟ قال : لا والله ما علمته (١).

٩٩ ـ حدثنا الحسين ، أنبأنا عبد الله ، أنبأنا أحمد بن حاتم الطويل ، أنبأنا محمد بن الحجاج ، عن مجالد ، عن الشعبي ، عن قبيصة بن جابر ، قال : ما رأيت أزهد في الدنيا من علي بن أبي طالب ـ عليه‌السلام ـ.

١٠٠ ـ حدثنا الحسين ، أنبأنا عبد الله ، أنبأنا علي بن الجعد ، قال : سمعت الحسن بن حي ، قال : تذاكروا زهاد أصحاب رسول الله ـ صلى الله عليه ـ عند عمر بن عبد العزيز ، فقال بعضهم : عمر! وقال بعضهم : فلان ، فقال عمر بن عبد العزيز : علي ـ عليه‌السلام ـ.

١٠١ ـ حدثنا الحسين ، أنبأنا عبد الله ، قال : حدثني أبو حفص الصيرفي ، أنبأنا يحيى بن سعيد القطان ، أنبأنا عبد العزيز بن سياه ، قال : حدثني أبو راشد ، قال : أتيت عليا ـ عليه‌السلام ـ في منزله بالكوفة ، فقلت : يا أمير المؤمنين يا أمير المؤمنين ، فأجابني : يا لبيكاه ، يا لبيكاه.

١٠٢ ـ حدثنا الحسين ، أنبأنا عبد الله ، قال : حدثني أبو زيد النميري ، قال : حدثني أبو غسان محمد بن يحيى بن علي الكناني ، قال : حدثني عبد العزيز بن

__________________

(١) وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف ١٢ / ٧٥ رقم ١٢١٥٨ ، والاستيعاب : ١١٠٤.


عمران الزهري ، قال :

قال محمد بن علي (١) ليزيد بن معاوية ـ وذكر يزيد عليا عليه‌السلام ـ يا يزيد بن معاوية بن صخر ، إن عليا كان سهما من مرامي الله ـ عزوجل ـ على عدوه ، يهوعهم مآكلهم ، آخذا بحناجرهم ، يمنعهم مأكل السوء ويلج عنهم بشظف المعيشة ـ قال أبو بكر : هو شدة المعيشة ـ ، حتى صار أصغر عند كبرائهم من أمة لكعا ، فنبزوه بالعضيهة ـ يعني يقول العطية ـ ورموه بفريقة الأباطيل ، فنحن على ثبج من أمره ، ومرئ من أثره ، ومرقبا من أنجمه ، بجبهة من الأنصار والأعوان خوفا أن يكر لنا منكم دولة تبري عظامكم وتحسم أمركم ، فإن المقاتل بادية ، والأستار عارية ، وليس لنا دون مقادير الحتوف حلية ، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.

١٠٣ ـ [٢٤٦ / ب] حدثنا الحسين ، أنبأنا عبد الله ، أنبأنا إبراهيم بن بشار ، أنبأنا نعيم بن مورع ، أنبأنا هشام بن حسان ، قال : بينا نحن عند الحسن إذ أتاه رجل فقال : يا با سعيد ، إن الناس يزعمون أنك تبغض عليا ـ عليه‌السلام ـ؟! فقال :

رحم الله عليا ، كان سهما لله ـ عزوجل ـ في أعدائه ، وكان في محلة العلم أشرفها ، وأقربها من رسول الله ـ صلى الله عليه ـ ، وكان رهباني هذه الأمة ، لم يكن لمال الله ـ عزوجل ـ بالسروقة ، ولا في أمر الله ـ عزوجل ـ بالنؤمة ، أعطى القرآن عزائمه عليه ووله ، فكان منه في رياض مونقة وأعلام بينة ، ذلك علي يا لكع.

١٠٤ ـ حدثنا الحسين ، أنبأنا عبد الله ، قال : حدثني أبو علي أحمد بن الحسن الضرير ، أنبأنا هشام بن محمد ، عن الوليد بن وهب الحارثي ، عن يزيد بن عمرو التميمي ، قال : لما توفي علي بن أبي طالب ـ عليه‌السلام ـ قام رجل من بني تميم (٢) ـ كان على حرسه ـ في مسجد الكوفة بعد ما صلوا عليه فقال :

__________________

(١) هو المعروف بابن الحنفية.

(٢) هو القعقاع بن زرارة ، فقد حكى كلامه هذا اليعقوبي في تاريخه ٢ / ٩١ مصرحا باسمه.


رحمك الله يا أمير المؤمنين ، فلئن كان حياتك مفتاح خير ومغلاق شر وكنت للناس علما منيرا ، يعرف به الهدى من الضلالة والخير من الشر ، إن وفاتك لمفتاح شر ومغلاق خير ، وإن فقدانك لحسرة وندامة ، ولو أن الناس قبلوك بقبولك لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم ، ولكنهم اختاروا الدنيا على الآخرة ، فأصبحوا بعدك حيارى في سبل المطالب ، قد غلب عليهم الشقاء والداء العياء ـ قال أبو بكر : العياء ... ـ فهم ينتقضونها كما ينتقض الحبل من برمه ، فتبا لهم خلفا ، تقبلوا سخفا وباعوا كثيرا بقليل ، وجزيلا بيسير ، فكرم الله مآبك ، وضعف ثوابك ، وعليك السلام ورحمة الله وبركاته.

١٠٥ ـ حدثنا الحسين ، أنبأنا عبد الله ، قال : حدثني عبد الرحمن بن صالح ، أنبأنا إبراهيم بن هراسة ،

عن محمد بن سلمة النصيبي ، قال : قالت أم العربان حين قتل علي بن أبي طالب ـ عليه‌السلام ـ :

ألا عيني فاحتفلا سنينا

وبكينا أمير المؤمنينا

ألا يا خير من ركب المطايا

وذللها ومن ركب السفينا

يقيم الحد لا يرتاب فيه

ويقضي بالفرائض مستبينا

كأن الناس مذ فقدوا عليا

نعاما جال في بلد سنينا

فلا تشمت معاوية بن حرب

فإن بقية الخلفاء فينا

وكنا قبل مقتله بخير

نرى مولى رسول الله فينا

١٠٦ ـ [٢٤٧ / أ] حدثنا الحسين ، أنبأنا عبد الله ، قال : حدثني سليمان بن أبي شيخ ، قال : أنشدني محمد بن الحكم لأبي زبيد الطائي يرثي عليا ـ عليه‌السلام ـ :

حمت ليدخل جنات أبو حسن

وأوقدت بعده للقائل النار

ماذا أراد بخير الناس كلهم

دينا وأهداهم للحق إن حاروا

يقول ما قال عن قول النبي فما

يخالف الجهر منه فيه أسرار

تزوره أم كلثوم ونسوتها

لا كالمزور ولا كالزور زوار

يبكين أروع ميمونا نقيبته

يحمي الذمار إذا ما معشر جاروا


١٠٧ ـ حدثنا الحسين ، أنبأنا عبد الله ، أنبأنا أحمد بن إبراهيم ، أنبأنا محمد ابن ربيعة ، قال :

حدثني أبو طلق القرشي ، قال : حدثتني جدتي ، قالت : كنت أنوح أنا وأم كلثوم بنت علي على علي ـ عليه‌السلام ـ.

١٠٨ ـ حدثنا الحسين ، أنبأنا عبد الله ، قال : حدثني القاسم بن خليفة الخزاعي ، أنبأنا أبو يحيى التيمي ، عن عمر بن عبد الله ، عن الزهري ، قال : بعث إلي عبد الملك بن مروان فقال لي : ما كان آية قتل علي ـ عليه‌السلام ـ صبيحة قتل؟ قلت : كان آية قتله صبيحة قتل أنه لم يقلب حجر بالجابية إلا عن دم عبيط ، فقال لي : صدقت ، أما إنه لم يبق أحد يعلم هذا غيري وغيرك.

١٠٩ ـ حدثنا الحسين ، أنبأنا عبد الله ، قال : حدثني إبراهيم بن عبد الله ، قال : أخبرنا هشيم ، قال : أخبرنا أبو معشر ، عن محمد بن عبد الله بن سعيد بن العاص ، عن الزهري ، قال : قال لي عبد الملك بن مروان : أي علامة كانت يوم قتل علي ـ عليه‌السلام ـ؟ قال : قلت : لم ترفع حصاة ببيت المقدس إلا وجد تحتها دم عبيط ، فقال : إني وإياك في هذا الحديث لغريبان.

ولد علي بن أبي طالب عليه وعليهم‌السلام

١١٠ ـ حدثنا الحسين ، أنبأنا عبد الله ، قال : قال الزبير بن أبي بكر ـ فيما أجاز لي وقال : اروه عني ـ ولد علي بن أبي طالب ـ عليه‌السلام ـ :

١ ـ الحسن بن علي ، ولد للنصف من شهر رمضان سنة ثلاث من الهجرة ، وسماه رسول الله ـ صلى الله عليه ـ حسنا ، ومات لثلاث خلون من شهر ربيع الأول سنة خمسين.

٢ ـ والحسين بن علي ـ عليه‌السلام ـ ، ولد لخمس ليال خلون من شعبان


سنة أربع من الهجرة ، وقتل يوم الجمعة يوم عاشوراء في المحرم سنة إحدى وستين ، وقتله سنان بن أنس النخعي ـ لعنه الله ـ ، وأجهز عليه خولي بن يزيد الأصبحي من حمير ـ لعنه الله ـ ، وحز رأسه.

٣ ـ وزينب ابنه علي الكبري ، ولدت لعبد الله بن جعفر بن أبي طالب.

٤ ـ وأم كلثوم الكبرى ، ولدت لعمر بن الخطاب (١) ولم يبق لعمر ولد من أم كلثوم بنت علي.

وأمهم فاطمة [٢٤٧ / ب] بنت رسول الله ـ صلى الله عليهما ـ.

٥ ـ ومحمد بن علي بن أبي طالب ، الذي يقال له ابن الحنفية ، وأمه خولة بنت جعفر بن قيس بن مسلمة بن عبد الله بن ثعلبة بن يربوع بن ثعلبة بن الدؤل ابن حنيفة بن لجيم.

١١١ ـ حدثنا الحسين ، أنبأنا عبد الله ، أنبأنا إبراهيم بن عبد الله الهروي ، قال : أخبرنا الفضل بن موسى ، عن فطر ، عن منذر ، عن محمد بن علي ، عن علي ـ عليه‌السلام ـ ، قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه ـ : لا تجمعوا بين اسمي وكنيتي ، فقلت : يا رسول الله ، إن ولد لي بعدك ولد أسميه باسمك وأكنيه بكنيتك؟ قال : نعم ، فولد له فسماه محمدا وكناه أبو القاسم.

١١٢ ـ حدثنا الحسين ، أنبأنا عبد الله ، أنبأنا إبراهيم بن عبد الله ، قال : أخبرنا هشيم ، قال : أخبرنا مغيرة ، عن إبراهيم ، قال : كان محمد بن الحنفية يكنى أبا القاسم ، وكان محمد ابن الشعث يكنى أبا القاسم ، وكان يدخل على عائشة ، قال : وأحسبها كانت تكنيه.

١١٣ ـ حدثنا الحسين ، أنبأنا عبد الله ، أنبأنا داود بن عمرو ، أنبأنا إسماعيل بن زكريا ،

__________________

(١) راجع تعليقة الحديث رقم ٤.


عن يزيد ـ يعني ابن أبي زياد ـ ، قال : قلت : لمحمد بن الحنفية : متى ولدت؟ قال : لثلاث سنين بقين من خلافة عمر ـ رضي‌الله‌عنه ـ.

١١٤ ـ حدثنا الحسين ، أنبأنا عبد الله ، أنبأنا محمد بن سعد ، قال : أخبرنا محمد بن عمر ، قال : أخبرنا علي بن عمر بن علي بن حسين ، عن عبد الله بن محمد بن عقيل ، قال : سمعت محمد بن الحنفية يقول ـ سنة الجحاف حين دخلت إحدى وثمانون ـ : هذه لي ست وستون سنة قد جاوزت سن أبي ، قال : قلت : وكم كانت سنة يوم قتل؟ قال : ثلاث وستون.

ومات أبو القاسم محمد بن الحنفية في تلك السنة.

رجع إلى حديث الزبير

٦ و ٧ ـ وعمر بن علي ورقية الكبرى ، وهما تؤم ، وأمهما الصهباء ، ويقال اسمها أم حبيب بنت ربيعة ، من بني تغلب ، من سبي خالد بن الوليد.

١١٥ ـ حدثنا الحسين ، أنبأنا عبد الله ، قال : قال الزبير : وحدثني عمي قال : كان عمر بن علي آخر ولد علي بن أبي طالب ـ رضي‌الله‌عنه ـ ، ووفد على الوليد بن عبد الملك مع أبان بن عثمان يسأله أن يوليه صدقة أبيه علي ، وكان يليها يومئذ ابن أخيه حسن بن حسن بن علي ، فعرض عليه الوليد الصلة وقضاء الدين ، فقال : لا حاجة لي في ذلك ، إنما جئت لصدقة أبي ، أنا أولى بها ، فاكتب لي في ولايتها ، فكتب له الوليد رقعة فيها أبيات ربيع بن أبي الحقيق اليهودي :

أنا إذا مالت دواعي الهوى

وأنصت السامع للقائل

واصطرع الناس بألبابهم

نقضي بحكم عادل فاصل

[٢٤٨ / أ] لا نجعل الباطل حقا ولا

نلط دون الحق بالباطل

نخاف أن تسفه أحلامنا

ونخمل الدهر مع الخامل

ثم دفع الرقعة إلى أبان فقال : ادفعها إليه وأعلمه أني لا أدخل على ولد فاطمة بنت رسول الله ـ صلى الله عليهما ـ ، فانصرف عمر غضبان ولم يقبل له صلة.


١١٦ ـ حدثنا الحسين ، أنبأنا عبد الله ، قال : زبير : وحدثني محمد بن سلام ، قال : قلت لعيسى بن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب : كيف سمى جدك علي عمر؟! قال : سألت عن ذلك أبي فأخبرني عن أبيه عن عمر بن علي ، قال : ولدت لأبي بعد ما استخلف عمر بن الخطاب ـ رضي‌الله‌عنه ـ فقال له : يا أمير المؤمنين ولد لي الليلة غلام ، قال : هبه لي! قال : فقلت : هو لك! قال : قد سميته عمر ونحلته غلامي مورق ، قال : فله الآن ولد كثير بينبع.

٨ ـ والعباس الأكبر بن علي.

١١٧ ـ حدثنا الحسين ، أنبأنا عبد الله ، قال : قال زبير : قال عمي : وولده يسمونه (السقاء) ويكنونه (أبا قربة) ، شهر مع الحسين ـ عليه‌السلام ـ كربلاء ، فعطش الحسين فأخذ قربة واتبعه إخوته لأمه بنو علي وهم عثمان وجعفر وعبد الله فقتل إخوته قبله ، لا عقب لإخوته ، وجاء بالقربة فحملها إلى الحسين ـ عليه‌السلام ـ مملوءة! فشرب منها الحسين! ثم قتل العباس بن علي بعد إخوته مع الحسين ـ صلوات الله عليهم ـ ، فورث العباس إخوته ولم يكن لهم ولد ، وورث العباس ابنه عبيد الله بن العباس.

وكان محمد بن علي ابن الحنفية وعمر بن علي حيين ، فسلم محمد لعبيد الله بن العباس ميراث عمومته ، وامتنع عمر حتى صولح وأرضي من حقه.

وأم العباس وإخوته هؤلاء أم البنين بنت حزام بن خالد بن ربيعة بن الوحيد بن كلاب بن ربيعة.

١٢ ، ١٣ ـ وعبيد الله وأبا بكر ابني علي لا بقية لهما.

كان عبيد الله بن علي قدم على المختار ، فقتل عبيد الله مع مصعب بن الزبير ، كان مصعب ضمه إليه ولم ير عند المختار ما يحب.

وأم عبيد الله وأبي بكر ابني علي ـ عليهم‌السلام ـ ليلى ابنة مسعود بن خالد ابن مالك بن ربعي بن سالم بن جندل بن نهشل لن دارم.

وإخوة عبيد الله وأبي بكر ابني علي ـ لأمهما ـ صالح ، وأم أبيها ، وأم محمد ، بنو عبد الله بن جعفر بن أبي طالب ، خلف عليها عبد الله بن جعفر بعد علي ، جمع


بين ابنته وزوجته.

١٤ ـ ويحيى بن علي ، لا عقب له ، توفي صغيرا قبل أبيه [٢٤٨ / ب] وأم يحيى أسماء ابنة عميس الخثعمية ، إخوته لأمه : عبد الله ومحمد وعون بنو جعفر بن أبي طالب ، ومحمد بن أبي بكر الصديق ـ رضوان الله عليهم ـ.

١١٨ ـ حدثنا الحسين ، أنبأنا عبد الله ، أنبأنا خالد بن خداش ، أنبأنا حماد بن زيد ، عن أيوب ، عن محمد : أن أسماء ولدت لجعفر محمدا ، ولأبي بكر محمدا ، ولعلي محمدا.

١١٩ ـ حدثنا الحسين ، أنبأنا عبد الله ، أنبأنا محمد بن سلام الجمحي ، قال :

سمعت عباد بن مسلم يحدث عن قتادة ، قال : استبق بنو أسماء الثلاثة ابن جعفر وابن أبي بكر وابن علي ، فسبق الأكبران : ابن جعفر وابن أبي بكر ابن علي ، فقالت أسماء : لئن سبقاك ما سبق آباؤهما أباك.

قال : ثم أخذ قتادة يقول : لم يكن علي ـ رضي‌الله‌عنه ـ مثلهما ، وعنده رجل من أهل الكوفة فقال : يا عمي حدثنا بما سمعت ودعنا من رأيك.

١٥ ـ ومحمد الأصغر ابن علي ، درج ، لأم ولد.

١٦ و ١٧ ـ وأم الحسين ورملة ابنتا علي ، وأمهما أم سعيد بنت عروة بن مسعود بن معتب الثقفي.

١٢٠ ـ حدثنا الحسين ، أنبأنا عبد الله ، قال : قال الزبير : قال عمي : وإخوتهما لأمهما بنو يزيد بن عتبة بن أبي سفيان بن حرب بن أمية.

وقال غير عمي : أختهما لأمهما بنت لعنبسة بن أبي سفيان بن حرب بن أمية.

ولأم الحسين بنت علي حسن وعلي وحبيب بنو جعدة بن هبيرة بن أبي وهب بن عمرو بن عايذ بن عمران بن مخزوم ، كان خلف عليها ، ثم خلف عليها بعده جعفر بن عقيل بن أبي طالب فلم تلد له.

وكانت رملة بنت علي عند أبي الهياج واسمه عبد الله بن أبي سفيان بن


الحارث بن عبد المطلب ، فولدت منه عبد الكريم وأخاله هلكا ، وأختا له كانت عند عاصم بن عمر بن الخطاب ، وقد انقرض ولد أبي سفيان بن الحارث ، ثم خلف عليها معاوية بن مروان بن الحكم بن أبي العاص.

١٨ ، ٢٥ ـ وزينب الصغرى ، وأم هانئ ، وأم الكرام ، وأم جعفر ـ واسمها الجمانة ـ وأم سلمة ، وميمونة ، وخديجة ، وفاطمة ، بنات علي لأمهات أولاد.

كانت رقية الكبرى بنت علي عند مسلم بن عقيل ، فولدت له : عبد الله ، ـ قتل بالطف ـ وعليا ومحمدا ابني مسلم بن عقيل ، وقد انقرض ولد مسلم بن عقيل.

وكانت زينب الصغرى بنت علي عند محمد بن عقيل بن أبي طالب فولدت له عبد الله الذي يحدث عنه ، وفيه العقب من ولد عقيل ، وعبد الرحمن والقاسم ابني محمد ، ثم خلف عليها كثير بن العباس [بن عبد المطلب] فولدت له كلثم [أم كلثوم] تزوجها جعفر بن تمام بن العباس وقد [٢٤٩ / أ] [انقرض] ولد كثير وتمام ابني العباس بن عبد المطلب.

وكانت أم هانئ بنت علي عند عبد الله الأكبر ابن عقيل ، فولدت له محمدا ـ قتل بالطف ـ وعبد الرحمن ومسلما وأم كلثوم.

وكانت ميمونة بنت علي عند عبد الله الأكبر ابن عقيل ، فولدت له عقيلا.

وكانت أم كلثوم الصغرى ـ واسمها نفيسة ـ عند عبد الله الأكبر ابن عقيل فولدت له أم عقيل ، ثم خلف عليها كثير بن العباس بعد زينب الصغرى فولدت له الحسن ، ثم خلف عليها تمام بن العباس فولدت له نفيسة تزوجها عبد الله بن علي ابن الحسين بن علي بن أبي طالب.

وكانت خديجة بنت علي عند عبد الرحمن بن عقيل فولدت له سعيدا وعقيلا ، ثم خلف عليها أبو السنابل عبد الرحمن بن عبد الله بن [عبيد الله بن] عامر ابن كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس.

وكانت فاطمة ابنة علي عند أبي سعيد بن عقيل ، فولدت له حميدة ، ثم


خلف عليها سعيد بن الأسود بن أبي البختري فولدت له برة وخالدة ، ثم خلف عليها المنذر بن عبيدة بن الزبير بن العوام فولدت له عثمان وكثيرة ، درجا.

وكانت أمامة بنت علي عند الصلت بن عبد الله بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب ، فولدت له نفيسة وتوفيت عنده.

فهؤلاء ولد علي بن أبي طالب ـ عليه‌السلام ـ.

آخر كتاب مقتل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ـ عليه‌السلام ـ.

فرغت من نسخه في النجف الأشرف آخر نهار الخميس آخر شهر جمادى الآخرة سنة ١٣٩٢.

عبد العزيز الطباطبائي


الاثنا عشرية في الصلاة اليومية

للشيخ البهائي

الشيخ محمد الحسون

بسم الله الرحمن الرحيم

وبه نستعين

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف خلق الله أجمعين ، محمد المصطفى وعلى عترته الميامين ، واللعن الدائم المؤبد على أعدائهم أجمعين ، من الآن إلى قيام يوم الدين.

وبعد ،

بين يديك عزيزي القارئ رسالة وجيزة ، صغيرة في حجمها ، كبيرة في محتواها ، خطها يراع أحد علمائنا البارزين ، وهي الرسالة الثانية من الاثني عشريات الخمس للشيخ البهائي.

قسم المصنف فيها ما يتعلق بالصلاة إلى : أفعال وتروك ، وكل منها إلى : واجبة ومستحبة ، وكل منهما إلى : لسانية أو جنانية أو أركانية ، فتكون اثني عشر نوعا ، ثم حصر كل نوع باثني عشر مصداقا فيكون لدينا ١٤٤ مصداقا ، وبهذا يكون المؤلف قد جمع كل ما يتعلق بالصلاة بمقالة ظريفة يسهل حفظها ، مجتنبا الإطالة والإيجاز.

وقد انتهى من تأليفها في ١٧ ربيع الأول سنة ١٠١٢ ه.

* * *


المصنف :

لست بصدد ترجمة حياة مؤلف هذه الرسالة الشيخ البهائي ، بل إن ذلك منوطا بكبار العلماء والمطلعين في هذا المجال ، ولا يمكن لهذه الأسطر أن تستوعب مثل هذه الشخصية الفذة التي ذاع صيتها في الآفاق ، وأشرق نورها في الأماكن والبقاع.

وما هي إلا لمحة عن حياته المباركة ، بل كلمة تعريف جرت العادة كتابتها في مقدمة كل رسالة أو كتاب محقق.

فهو الشيخ الجليل بهاء الدين محمد بن الحسين بن عبد الصمد الحارثي الهمداني الجبعي ، ينسب إلى الحارث الهمداني ، ولد في بعلبك ـ وقال أبو المعالي الطالوي : إنه ولد بقزوين ، وقيل غير ذلك ـ سنة ثلاث وخمسين وتسعمائة ، وانتقل به والده وهو صغير إلى الديار الإيرانية فنشأ فيها وتتلمذ على يد والده وغيره في الفقه والأصول والعقائد والتفسير والنحو وغير ذلك من العلوم ، حيث لم يدع علما إلا وطرق بابه وارتشف من منهله العذب ، حتى ذاع صيته وعلا ، وعرف بالفضل والكمال ، وأصبحت كلمته مسموعة.

فعند ذلك رغب في الفقر والسياحة ، واستهب من مهاب التوفيق رياحه ، فترك تلك المناصب ، ومال لما هو بحاله مناسب ، فساح في البلدان ثلاثين عاما من أصفهان إلى الحجاز ، ثم مصر والقدس وحلب ، ثم رجع إلى أصفهان ـ مركز تحصيله وتعلمه ـ ، وهناك هما غيث فضله وانسجم ، وألف وكتب ، وانعقد عليه الاجماع ، وتفرد بصنوف الفضل ، فبهر النواظر والأسماع ، فما من فن إلا وله القدح المعلى ، والمورد العذب المحلى ، إن قال لم يدع قولا لقائل ، أو طال لم يأت غيره بطائل.

فحاله في الفقه والعلم ، والفضل والتحقيق والتدقيق ، وجلالة القدر ، وعظم الشأن ، وحسن التصنيف ، ورشاقة العبارة ، وجمع المحاسن أظهر من أن


يذكر ، وفضائله أكثر تحصى ، كان ماهرا متبحرا ، جامعا ، كاملا ، شاعرا ، أديبا ، فقيها ، أصوليا ، حسابيا ، عديم النظير في زمانه.

فخلال جولاته اجتمع بكثير ما أرباب الفضل والكمال ، ونال من فيض حججهم ما تعذر على غيره واستحال.

توفي رضوان الله تعالى عليه في أصفهان في شهر شوال سنة ألف وثلاثين ـ وقيل إحدى وثلاثين ، وقيل خمس وثلاثين ـ ونقل إلى مشهد الرضا عليه‌السلام ودفن هناك ، وقبره الآن مشهور تزوره الخاصة والعامة.

أساتذته وتلاميذه :

تتلمذ البهائي على أساطين العلم وكبار شيوخ عصره ، ولا شك أن أباه كان أول معلم له ، وهو الذي دفعه إلى أنداده من علماء إيران ليثقفوا ابنه ويوجهوه نحو حب العلم. ولم يكتف العاملي بأساتذة إيران حيث أمضى شطرا من حياته فيها قبل رحيله ، بل إن أساتذته الآخرين تعددت مشاربهم بتعدد بلادهم وعلومهم. فرحلاته التي دامت ثلاثين سنة ، والتي كان نهل العلوم سبيلها الأول جعلته يجتمع في هذه الحواضر الإسلامية بأساطين الدين وعباقرة المذاهب.

فالذي عثرت عليه أثناء مطالعتي القاصرة أن أساتذته وشيوخه الذين قرأ عليهم هم :

١ ـ والده الشيخ حسين بن عبد الصمد.

٢ ـ الشيخ عبد العالي الكركي ، المتوفى سنة ٩٩٣ ه ، وهو ابن المحقق الكركي المتوفى سنة ٩٤٠ ه.

٣ ـ الشيخ محمد بن محمد بن أبي اللطيف المقدسي الشافعي ، فقد روى عنه ونال منه إجازة مؤرخة سنة ٩٩٣ ه ، وهو مذكور في رحلاته.

٤ ـ الشيخ عبد الله اليزدي.

٥ ـ علي المذهب المدرس ، أستاذه في العلوم العقلية والرياضية.

٦ ـ الشيخ أحمد الكجائي المعروف ببير أحمد ، قرأ عليه في قزوين.


٧ ـ عماد الدين محمود النطاسي ، قرأ عليه في الطب.

٨ ـ الشيخ عمر العرضي ، والد المؤلف أبي الوفاء ، أفاد منه في حلب.

٩ ـ الأستاذ محمد بن أبي الحسن البكري ، اجتمع به في مصر وحضر دروسه في الأزهر.

وقد تتلمذ على يده الكثير من الفضلاء ، وتخرج من مدرسته المباركة فطاحل العلماء ، نذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر : الفاضل الجواد البغدادي ، والسيد الماجد البحراني ، والمولى محمد حسن ـ المشتهر بالفيض الكاشاني ، والسيد الميرزا رفيع الدين النائيني ، والمولى شريف الدين محمد الروي دشتي ، والمولى خليل ابن الغازي القزويني ، والمولى محمد صالح بن أحمد المازندراني ، والمولى مظفر الدين علي ، والشيخ محمود بن حسام الدين الجزائري ، وغيرهم.

مصنفاته :

لم يدع الشيخ البهائي ـ رضوان الله تعالى عليه ـ علما إلا وكتب فيه مفصلا أو مجملا ، حتى بلغت مؤلفاته ثمانية وثمانين ، نذكر بعضها :

ففي مجال الفقه له : الحبل المتين ، الاثنا عشريات الخمس : الطهارة ،والصلاة ، والزكاة ، والصوم ، والحج. والجامع العباسي ، ورسالة في قصر الصلاة في الأماكن الأربعة ، شرح على اثني عشرية الشيخ حسن ابن الشهيد الثاني ، حواشي على كتاب (مختلف الشيعة) ، وأخرى على القواعد الشهيدية ، رسالة في مباحث الكر ، وأخرى في المواريث ، وأخرى في ذبائح أهل الكتاب.

وفي الأصول له : الزبدة ، لغز الزبدة ، حواشي الزبدة.

وفي الحديث له : شرح الأربعين حديثا ، حاشية الفقيه ، مشرق الشمسين.

وفي الرجال له : حاشية على خلاصة العلامة ، فوائد في الرجال.

وفي التفسير له : العروة الوثقى ، الصراط المستقيم ، عين الحياة ، الحبل المتين في مزايا القرآن المبين ، تفسير وجيز ، حاشية على تفسير القاضي البيضاوي.

وفي اللغة له : الفوائد الصمدية في علم العربية ، أسرار البلاغة ، تهذيب


النحو ، المخلاة.

وفي الرياضيات له : خلاصة الحساب ، بحر الحساب ، رسالة وجيزة في الجبر والمقابلة ، تشريح الأفلاك ، الرسالة الحاتمية في الأسطرلاب ، رسالة الصفيحة (أو الصفحة) ، رسالة (جهان نما) ، رسالة في تحقيق جهة القبلة ، الملخص في الهيئة ، رسالة كرية.

وفي مجال الدعاء له : شرح دعاء الصباح ، شرح دعاء رؤية الهلال ، مفتاح الفلاح.

إضافة إلى مؤلفات أخرى كالكشكول ، وكتاب في سوانح سفر الحجاز.

النسخ الخطية المعتبرة

اعتمدت في تحقيق هذه الرسالة على نسختين معتبرتين :

الأولى : نسخة المكتبة الرضوية ، في مشهد المقدسة ، تحت رقم ٢٦٨٣ ، كاتبها الشيخ زين الدين علي النباطي ، وهي مقروءة على المؤلف ، وعليها إجازة المصنف للكاتب في شهر جمادى الأولى سنة ١٠١٢ ه ، أي بعد شهرين تقريبا من انتهاء المصنف من تأليف هذه الرسالة. تقع هذه النسخة في ٢٣ ورقة ، كل ورقة تحتوي على ١٦ سطرا ، وقد جعلنا الحرف (ض) رمزا لها.

الثانية : نسخة مكتبة آية الله العظمى السيد المرعشي النجفي ـ دام ظله ـ ، في قم تحت رقم ٧٥ ، مذكورة في فهرسها ١ : ٨٧ ، كتبها السيد سليمان بن السيد شمس الدين محمد بن شدقم الحسيني المدني سنة ١٠١٣ ه ، وعليها إجازة الشيخ البهائي للكاتب بتاريخ ١٠١٦ ه. تقع هذه النسخة في ٥٣ ورقة ، كل ورقة تحتوي على ١٩ سطرا ، وقد جعلنا الحرف (ش) رمزا لها.

وفي حواشي النسختين عبارات توضيحية من المصنف ختمت ب (منه مد ظله) أو (منه مد ظله العالي).


منهجية التحقيق

بما أن النسختين الخطيتين اللتين مر وصفهما معتبرتان ولا تفضيل لإحداهما على الأخرى فقد اعتمدتهما أصلا ، حيث لم أجد عند المقابلة اختلافا بينهما سوى سبعة مواضع لا تخل بالمعنى ، فثبت الأرجح في المتن وأشرت للراجح في الهامش ، فكان عملي في الرسالة كما يلي :

١ ـ تقطيع النص إلى عدة مقاطع ، وكل مقطع إلى عدة فقرات حسبما تقتضيه الجنبة الفنية.

٢ ـ مقابلة النسختين الخطيتين أحدهما على الأخرى ، والإشارة إلى الاختلافات ـ وإن كانت قليلة ـ في الهامش.

٣ ـ استخراج الآيات الكريمة وضبطها.

٤ ـ استخراج الأقوال الفقهية التي ذكرها المصنف ، والروايات التي استدل بها من المصادر الرئيسية ، سواء الواردة في المتن أو الهامش.

٥ ـ لأهمية الحواشي التوضيحية الواردة في النسختين ، والتي معظمها من المصنف ـ رحمه‌الله ـ فقد أثبتناها في هامش الرسالة معطيا كل منها رقما مستقلا.

٦ ـ لوجود نقيصة في بعض الروايات الواردة في الرسالة عما في المصدر المخرج فقد وضعنا النقيصة بين معقوفتين [] تمييزا لها.

هذا ، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا لما فيه خير الدنيا والآخرة ، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

محمد الحسون

١ ذو القعدة ١٤٠٧ ه

بلدة قم الطيبة









[الاثنا عشرية في الصلاة اليومية]

بسم الله الرحمن الرحيم

وبه ثقتي

الحمد لله الذي وفقنا للاهتداء بشريعة أشرف المرسلين ، وسيد الأولين والآخرين ، وهدانا لاقتفاء آثار أهل بيته الأئمة الطاهرين صلوات الله وسلامه عليه وعليهم أجمعين.

وبعد : فيقول أقل العباد محمد ، المشتهر ببهاء الدين العاملي عفى الله عنه : هذه مقالة لطيفة في واجبات الصلاة اليومية ومستحباتها ، مرتبة الفصول (١) على نهج قريب يسهل تناوله على الطلاب ، وأسلوب غريب يهش إليه أولو الألباب ، وضعتها راجيا عظيم الثواب ، وجزيل الأجر يوم يقوم الحساب.

فأقول : إن الأمور (٢) المعتبرة في الصلوات الخمس اثنا عشر نوعا ، لأنها : إما أفعال ، أو تروك.

وكل منها : إما واجبة ، أو مستحبة.

وكل منها : إما لسانية ، أو جنانية ، أو أركانية. فصارت مسائل هذه المقالة الاثني عشرية منحصرة في اثني عشر فصلا ، وهذا تفصيلها :

الأول : الأفعال الواجبة اللسانية.

الثاني : الأفعال الواجبة الجنانية.

الثالث : الأفعال الواجبة الأركانية.

الرابع : الأفعال المستحبة اللسانية.

__________________

(١) في (ش) : الفصول والأبواب.

(٢) في هامش (ش) : سواء كانت مقدمة عليها كالآذان والإقامة ، أو أجزاء منها كالقراءة والركوع ، أو أمورا مقارنة لها وجودية كالخشوع والإقبال بالقلب ، أو عدمية كترك القهقهة والتأمين ، أو متأخرة عنها كالتعقيب (منه دام ظله العالي).


الخامس : الأفعال المستحبة الجنانية.

السادس : الأفعال المستحبة الأركانية.

السابع : التروك الواجبة اللسانية.

الثامن : التروك الواجبة الجنانية.

التاسع : التروك الواجبة الأركانية.

العاشر : التروك المستحبة السانية.

الحادي عشر : التروك المستحبة الجنانية.

الثاني عشر : التروك المستحبة الأركانية.

* * *


الفصل الأول

في الأفعال الواجبة اللسانية

وهي اثنا عشر :

الأول : تكبيرة الاحرام ، وهي ركن (٣) بالنص والإجماع ، وصحيحة الجلبي (٤) بمضي ناسيها في صلاته متأولة ، وصحيحة البزنطي (٥) : بإجزاء تكبيرة الركوع عنها محمولة على من أدرك الإمام راكعا فكبر للافتتاح والركوع معا (٦).

__________________

(٣) في هامش (ش) : قد يعرف الركن بما تبطل الصلاة بتركه عمدا وسهوا ، واعترض عليه بدخول الطهارة ، فزيد عليه : جزء تبطل الصلاة بتركه ... إلى آخره ، فاعترض عليه بخروج النية عند جماعة كالعلامة في المنتهى ، فغير إلى قولنا : جزء أو كالجزء تبطل الصلاة بتركه عمدا وسهوا فاستقام ، والمراد بكونه كالجزء : اشتراطه بما يشترط في الصلاة من الطهارة ، والستر ، والاستقبال ، ونحوها (منه دام ظله).

أنظر المنتهى ١ : ٢٦٦.

(٤) في هامش (ض) و (ش) : وهي ما رواه عبد الله بن علي الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن رجل نسي أن يكبر حتى دخل في الصلاة ، فقال : (أليس كان من نيته أن يكبر؟) قلت : نهم ، قال : (فلميض في صلاته). وتأويلها : إن قوله عليه‌السلام : (أليس كان من نيته أن يكبر؟) كناية عن أنه إذا كان وقت النية قاصدا إيلاءها التكبير فالظاهر وقوعه بعدها ، وأنه لم يدخل في الصلاة بدونها ، فهي من المواضع التي يرجح فيها الظاهر على الأصل (منه دام ظله).

أنظر : الفقيه ١ : ٢٢٦ حديث ٩٩٩ ، التهذيب ٢ : ١٤٤ حديث ٥٦٥ ، الإستبصار ١ : ٣٥٢ حديث ١٣٣٠.

(٥) في هامش (ض) و (ش) : وهي ما رواه أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام ، قال : قلت له : رجل نسي أن يكبر تكبيرة الافتتاح حتى كبر للركوع ، قفال : (أجزأه). فهي محمولة على من دخل والإمام يصلي ، فنسي أن يكبر حتى ركع الإمام ، ولا استبعاد في نية الوجوب والندب في الفعل الواحد من حيثيتين ، كما ذكروه في الصلاة على من فوق الست ودونها. والشيخ حمل هذه الرواية على أن المراد بالنسيان فيها : الشك ، وقول الرواي حتى كبر للركوع لا يساعده ، وكذا قول الإمام عليه‌السلام (أجزأه). (منه مد ظله).

رواها الصدوق في الفقيه ١ : ٢٢٦ حديث ١٠٠٠ ، والشيخ في التهذيب ٢ : ١٤٤ حديث ٥٦٦ ، والاستبصار ١ : ٣٥٣ حديث ١٣٣٤.

(٦) في هامش (ش) : الشيخ رحمه‌الله نقل في الخلاف الاجماع على إجزاء التكبيرة الواحدة بقصد الافتتاح وتكبير الركوع معا للمأموم المسبوق ، ورواية معاوية بن شريح ناطقة به (منه مد ظله).

أنظر : الخلاف ١ : ٣١٤ مسألة ٦٣ كتاب الصلاة ، الفقيه ١ : ٢٦٥ حديث ١٢٤ ، التهذيب


وهي جزء من الصلاة وفاقا لشيخنا في البيان (٧) ، وسائر المتأخرين.

وقال المرتضى رضي‌الله‌عنه : إنه لم يجد لأصحابنا نصا على جزئيتها (٨) ، والإجماع على الركنية لا يستلزم الجزئية كالنية ، والاستدلال (٩) على خروجها عنها بعدم الدخول فيها (١٠) قبل الفراغ منها محل كلام ، لجواز كون آخرها كاشفا عن الدخول بأولها.

ويجب النطق بها على الوجه المنقول ، قاطعا همزتي الجلالة وأكبر ، مقارنا بها للنية القلبية ، أما اللفظية فيشكل مقارنتها لها ، لفوت قطع همزة الجلالة إن قارنت ، وفوت المقارنة إن قطعت (١١).

الثاني : قراءة الحمد في الثنائية وأوليي غيرها ، ويتخير في الثالثة والرابعة بين الحمد والتسبيحات الأربع ، ويضم إليها الاستغفار (١٢) كما في صحيحة عبيد

__________________

٣ : ٤٥ حديث ١٥٧.

(٧) في هامش (ش) : التخصيص بالبيان لنكتة ، وهي : أن فيه إيماء إلى وقوع التردد في جزئيتها (منه مد ظله).

أنظر : البيان : ٨١.

(٨) في هامش (ش) : لكنه رضي‌الله‌عنه قائل بالجزئية (منه مد ظله).

أنظر : الناصريات (الجوامع الفقيهة) : ٢٣١.

(٩) في هامش (ش) : ذكر هذا الاستدلال المرتضى رضي‌الله‌عنه ، وأجاب عنه بما ذكرناه (منه مد ظله).

أنظر : الناصريات (الجوامع الفقيهة) : ٢٣١.

(١٠) في هامش (ش) : ولذا حكموا بأن المتيم إذا وجد الماء في أثناء تكبيرة الافتتاح انتقض تيمه ، لعدم دخوله في الصلاة قبل إكمالها (منه دام ظله).

(١١) في هامش نسخة (ش) : لأن القطع لا يكون إلا بعد الوقوف على ما قبل الهمزة المقطوعة ، ومع المقارنة لا وقف على ما قبل همزة الجلالة (منه دام ظله).

(١٢) في هامش (ش) و (ض) : قال العلامة في المنتهى ـ بعد نقل صحيحة عبيد بن زرارة ـ : إن ما تضمنته هذه الرواية من الاستغفار الأقرب أنه غير واجب ، ولا يخفى أن كلامه هذا يعطي عدم انعقاد الاجماع على عدم وجوبه ، فالقائل بذلك غير متفرد به (منه مد ظله).

أنظر المنتهى ١ : ٢٧٥.


ابن زرارة (١٣) ، ولا تتعين الحمد فيهما لناسيها في الأوليين ، خلافا للخلاف (١٤) ، وقوله عليه‌السلام : (لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب) (١٥) محمول على غير الناسي ، جمعا بينه وبين صحيحة معاوية بن عمار (١٦).

الثالث : قراءة سورة كاملة بعد الحمد ، ومقدمها ساهيا يكتفي بإعادتها ، وعامدا (١٧) مبطل مع احتمال مساواته للساهي.

الرابع : مطابقة القراءة لإحدى القراءات السبع وإن تخالفت في إسقاط بعض الكلمات ، كلفظة (من) في قوله تعالى : (تجري من تحتها الأنهار) (١٨).

ويجب أن يستثنى من ذلك ترك البسملة في قراءة نصف السبعة (١٩) ، فإنه غير مجوز بإجماعنا ، فقول علمائنا رحمهم‌الله : تجوز القراءة بكل ما وافق إحدى السبع ليس على عمومه.

__________________

(١٣) في هامش (ض) و (ش) : قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الركعتين الأخيرتين من الظهر ، قال : (تسبيح وتحميد وتستغفر لذنبك ، وإن شئت فاتحه الكتاب فإنها تحميد ودعاء). ولا يخفى أن التسبيح يطلق على ما يشمل التكبير ، والتهليل ، فليس في الرواية إخلال بهما ، ويؤيد هذه الرواية ما في صحيحة زرارة من قول الباقر عليه‌السلام : (وفي الأخرتين لا تقرأ فيهما ، إنما هو تسبيح وتكبير وتهليل ودعاء). فقوله عليه‌السلام : (ودعاء) يراد به ما سوى التحميد فإنه لا يسمى دعاء ، فالظاهر أن المراد به الاستغفار كما في صحيحة عبيد (منه مد ظله).

رواية عبيد رواها الشيخ في التهذيب ٢ : ٩٨ حديث ٣٦٨ ، والاستبصار ١ : ٣٢١ حديث ١١٩٩ وصحيحة زرارة رواها الكليني في الكافي ٣ : ٢٧٣ حديث ٧ باب فرض الصلاة.

(١٤) الخلاف ١ : ٣٤١ مسألة ٩٣ من الصلاة.

(١٥) رواه أبو الفتوح الرازي في تفسيره ١ : ٢٣.

(١٦) في هامش (ض) و (ش) : عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قلت له : رجل يسهو عن القراءة في الركعتين الأوليين فيذكر في الركعتين الأخريين أنه لم يقرأ قال : (أتم الركوع والسجود؟) قلت : نعم ، قال : (إني أكره أن أجعل آخر صلاتي أولها) (منه مد ظله).

رواها الشيخ في التهذيب ٢ : ١٤٦ حديث ٥٧١.

(١٧) في هامش (ش) : الأقرب أن يقال : إن متعمد التقديم إن كان في عزمه إعادتها بعد الفاتحة لم تبطل صلاته بمجرد التقديم ، وإن لم يكن في عزمه إعادتها بعدها بطلت ، لأنه قصد المنافي (منه مد ظله).

(١٨) المائدة : ١١٩.

(١٩) في هامش (ض) و (ش) : وهم : حمزة ، وأبو عمرو ، وابن عامر ، وورش عن نافع. وأما الذين لم يتركوها فهم : ابن كثير ، وعاصم ، والكسائي ، وقالون عن نافع ، والكلام إنما هو في بسملة السورة بعد الفاتحة ، وأما في الفاتحة فلا (منه مد ظله).


الخامس : الجهر للرجل ، والخنثى مع عدم سماع الجنبي ، في الصبح وأوليي العشاءين ، والإخفات في البواقي. وجاهل الحكم (٢٠) معذور. والمرتضى رضي‌الله‌عنه على عدم وجوبه (٢١) ، وصحيحة علي بن جعفر (٢٢) شاهدة له.

وتتخير المرأة مع عدم سماع الأجنبي ، فلو أسمعته عالمة به احتمل بطلان صلاتها ، وبه قطع بعض المتأخرين ، وللبحث فيه مجال (٢٣).

ثم تحريم سماعه مشروط بخوف الفتنة لا مطلقا وفاقا للتذكرة (٢٤) ، فلا يبعد اشتراط تحريم إسماعه بذلك منها أو منه ، وكلام القوم خال عنه.

السادس : ذكر الركوع والسجود ، والأصح عدم تعين (٢٥) لفظ فيهما ، وقد دلت على ذلك صحيحتا الهشامين ، مع حسنة مسمع (٢٦) ، ولا معارض لها عند التحقيق.

السابع : التشهد في الثنائية مرة ، وفي الثلاثية والرباعية مرتين ، آتيا

__________________

(٢٠) في (ض) : كالأصل معذور.

(٢١) قاله في المصباح كما نقله عنه العلامة في المختلف : ٩٣ ، وفي نسخة (ض) : الوجوب.

(٢٢) في هامش (ض) و (ش) : عن أخيه موسى عليه‌السلام قال : سألته عن الرجل يصلي الفريضة ما يجهر فيه بالقراءة هل له أن لا يجهر؟ قال : (إن شاء جهر وإن شاء لم يفعل) ، والشيخ رحمه‌الله حمل هذه الرواية على التقية لموافقة مذهب العامة ، ومعارضة باقي الروايات (منه مد ظله).

أنظر : التهذيب ٢ : ١٦٢ حديث ٦٣٦ ، الإستبصار ١ : ٣١٣ حديث ١٦٠.

(٢٣) في هامش (ض) و (ش) : لأن النهي إنما هو للإسماع ، فالمنهي عنه ليس جزءا ولا شرطا فتأمل (منه مد ظله).

(٢٤) التذكرة ١ : ١١٧.

(٢٥) في (ض) : تعيين.

(٢٦) في هامش (ض) و (ش) : المراد بهما : هشام بن الحكم ، وهشام بن سالم ، فقد روى كل منهما عن الصادق عليه‌السلام قال : قلت له : يجزئ أن أقول مكان التسبيح في الركوع والسجود : لا إله إلا الله والحمد لله والله أكبر ، فقال : (نعم ، كل هذا ذكر الله). وأما مسمع فقد روى عنه عليه‌السلام أنه قال : (لا يجزئ الرجل في صلاته أقل من ثلاث تسبيحات أو قدرهن). ولا يخفى أن قوله عليه‌السلام : (أو قدرهن) صريح في أن الذكر المجزئ لا بد أن يكون بقدر التسبيحات الثلاث لا أقل ، فينبغي عدم إغفال ذلك (منه مد ظله).

صحيحتا الهشامين رواهما الكليني في الكافي ٣ : ٣٢١ حديث ٨ باب الركوع وما يقال فيه ، و ٣٢٩ حديث ٥ باب أدنى ما يجزئ من التسبيح ، والشيخ في التهذيب ٢ : ٣٠٢ حديث ١٢١٧ و ١٢١٨. أما رواية مسمع فقد رواها الشيخ في التهذيب ٢ : ٧٧ حديث ٢٨٦.


بالشهادتين على الوجه المنقول.

الثامن : الصلاة على النبي وآله وصلوات الله عليه وعليهم بعد الشهادتين ، ووجوبها إجماعي ، وصحيحتا زرارة ومحمد بن مسلم (٢٧) المشعرتان بخلافه متأولتان (٢٨). وليست ركنا خلافا للخلاف (٢٩) ، وتجب في كلا الشهادتين ، وقول ابن الجنيد بوجوبها في أحدهما فقط (٣٠) ، والصدوق بعدم وجوبها في الأول (٣١) شاذان.

التاسع : التسليم ، وصيغته : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، والأصح وجوبه (٣٢) كما نطقت به الروايات المعتبرة المتكثرة.

__________________

(٢٧) في هامش (ض) و (ش) : قال : قلت لأبي جعفر عليه‌السلام : ما يجزئ من القول في التشهد في الركعتين الأوليين؟ فقال : (أن تقول : أشهد أن لا إله إلا الله ، وحده لا شربك له) قلت : فما يجزئ من تشهد الركعتين الأخيرتين؟ قال : (الشهادتان). وأما رواية محمد بن مسلم فهي ما رواه عن الصادق عليه‌السلام قال : قلت له : التشهد في الصلاة؟ قال : (مرتين) قلت : كيف مرتين؟ قال : (إذا استويت جالسا فقل : أشهد أن لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، ثم تنصرف) (منه مد ظله).

رواهما الشيخ في التهذيب ٢ : ١٠٠ ـ ١٠١ حديث ٣٧٤ ـ ٣٧٩ ، والاستبصار ١ : ٣٤١ ـ ٣٤٢ حديث ١٢٨٤ ـ ١٢٨٩.

(٢٨) في هامش (ض) و (ش) : وجه التأول : أن زرارة وابن مسلم إنما سألا عن نفس التشهد ، وهو تفعل من الشهادة ، وهي الخبر القاطع ، وهي هنا التلفظ بالشهادتين ، فأجابهما الإمامان عليهما‌السلام عما سألا عنه. وإطلاق التشهد على المجموع المشتمل على الصلاة عرف جديد ، فليس في الروايتين ما يدل على عدم وجوبها ، وسكوته عليه‌السلام عن الشهادة بالرسالة في التشهد الأول في رواية زرارة لعله لظهور الحال من التلازم العادي بين الشهادتين ، فاستغنى بذكرهما عن الآخر ، وذكره لهما في التشهد الثاني لا ينافي ذلك إن لم يؤيده (منه مد ظله).

(٢٩) الخلاف ٢ : ٣٦٩ مسألة ١٢٨ كتاب الصلاة.

(٣٠) نقله عنه السيد العاملي في مفتاح الكرامة ٢ : ٤٦١.

(٣٢) في هامش نسخه (ش) : القائلون بوجوب التسليم من علمائنا المشهورين هم : السيد المرتضى ، والشيخ في المبسوط ، وابن أبي عقيل ، والقطب الراوندي ، والسيد جمال الدين بن طاووس ، وسلار ، وأبو الصلاح ، وابن زهرة ، والمحقق في كتبه الثلاثة ، ويحيى بن سعيد صاحب الجامع ، والعلامة في المنتهى ، وولده فخر المحققين ، وشيخنا الشهيد. والقائلون باستحبابه : المفيد ، والشيخ فيما عدا المبسوط ، وابن البراج ، وابن إدريس ، والعلامة فيما عدا المنتهى ، وبعض المتأخرين عن عصر شيخنا الشهيد (منه مد ظله).


وشيخنا الشهيد في قواعده على وجوبه ، وخروجه عن الصلاة كالنية ، وقال رحمه‌الله : إن صحيحة زرارة في أن المحدث قبل التسليم (قد تمت صلاته) (٣٣) ، وصحيحته الأخرى فيمن صلى خمسا (إن كان جلس في الرابعة بقدر التشهد فقد تمت صلاته) (٣٤) لا يدل شئ منهما على عدم وجوبه ، فبقيت أدلة الوجوب خالية عن المعارض (٣٥) ، وأنا بسطت الكلام في هذا المقام في الحبل المتين ذ (٣٦).

العاشر : إخراج حروف جميع ما يجب التلفظ به من الأذكار ، وغيرها من المخارج المقررة ، وفيما يستحب احتمال قوي.

الحادي عشر : عربية جميع ما يتلفظ به واجبا أو مستحبا حتى القنوت وفاقا لبعض قدمائنا ، إذ هو المعهود من الشارع ، وظاهر التعميم في صحيحة علي بن مهزيار (٣٧) شمول المطالب الدينية والدنيوية ، لا الاختلافات اللغوية.

الثاني عشر : التلفظ بما يجب التلفظ به عن ظهر القلب مع القدرة على الأقرب ، إذ هو المعهود ، قراءة كان أو ذكرا ، وفي المستحب احتمال ، ورواية

__________________

أنظر : الناصريات (الجوامع الفقهية) : ٢٣٤ ، المبسوط ١ : ١١٥ ، المختلف : ٩٧ ، المراسم : ٧٢ ، الكافي في الفقه : ١١٩ ، الغنية (الجوامع الفقهية) ٤٩٦ ، المعتبر ٢ : ٢٣٣ ، الشرائع ١ : ٨٩ ، الجامع للشرائع : ٨٤ ، المنتهى : ٢٩٥ ، إيضاح الفوائد ١ : ١١٥ ، البيان : ٩٢ ، المقنعة : ١٧ ، النهاية : ٧٢ ، المهذب ١ : ٩٨ ، السرائر : ٤٨ ، قواعد الأحكام : ٣٥.

أما الروايات المعتبرة المتكثرة فمنها ما رواه الكليني في الكافي ٣ : ٦٩ حديث ٢ باب النوادر والشيخ في التهذيب ٢ : ٩٣ حديث ٣٤٩ والاستبصار ١ : ٣٤٧ حديث ١٣٠٧ ، ولمزيد الاطلاع راجع الوسائل ٤ : ١٠٠٣ باب وجوب التسليم في آخر الصلاة.

(٣٣) التهذيب ٢ : ٣٢٠ حديث ١٣٠٦ ، الإستبصار ١ : ٣٤٥ حديث ١٣٠١.

(٣٤) التهذيب ٢ : ١٩٤ حديث ٧٦٦ ، الإستبصار ١ : ٣٧٧ حديث ١٤٣١.

(٣٥) القواعد والفوائد ٢ : ٣٠٦ ـ ٣٠٧ قاعدة رقم ٢٩٠.

(٣٦) الحبل المتين : ٢٥١.

(٣٧) في هامش (ض) و (ش) : وهي ما رواه الشيخ في التهذيب قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن الرجل يتكلم في الصلاة بكل شئ يناجي ربه ، قال : (نعم) ، وقد عمل أكثر المتأخرين بهذه الرواية ، وحملوا (كل شئ) على ما يشمل كل لغة (منه دام ظله).

أنظر : التهذيب ٢ : ٣٢٦ حديث ١٣٣٧.


الصيقل (٣٨) ضعيفة ومحمولة على عدم الحفظ.

الفصل الثاني

في الأفعال الواجبة الجنانية

وهي اثنا عشر :

الأول : تحصيل المعارف الخمس التي يتحقق بها الإيمان ، على وجه تطمئن به نفس المكلف ، بحيث يخرج عن التقليد المحض. أما معرفة الدلائل على وجه يقدر به دفع الشبه فمن الواجبات الكفائية.

الثاني : تحصيل العلم الشرعي بوجوب ما يجب في الصلاة من الأقوال ، والأفعال ، والشروط ، بالاجتهاد إن كان من أهله ، وبتقليد المجتهد الحي العدل ولو متجزئا إن لم يكن.

الثالث : العلم الشرعي (٣٩) بكونه طاهرا من الحدثين الأكبر والأصغر ، ومن الأخباث العشرة ثوبا وبدنا ، سوى ما لا يرقى من الدم ودون الدرهم منه غير الأربعة ، وثوب المربية بالشرطين (٤٠) ، وما تعذر تطهيره ، وما لا تتم فيه الصلاة إلا قطنة المستحاضة (٤١).

__________________

(٣٨) في هامش (ض) و (ش) : وهي ما رواه الحسن بن زياد الصيقل عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : قلت له : ما تقول في الرجل يصلي وهو ينظر في المصحف يقرأ فيه يضع السراج قريبا منه ، قال : (لا بأس [بذلك]). وقد عمل بهذه الرواية جماعة من الصحاب (منه مد ظله).

رواها الشيخ في التهذيب ٢ : ٢٩٤ حديث ١١٨٤.

(٣٩) في هامش (ض) و (ش) : المراد ما يشمل الظن ، ليدخل من تيقن الطهارة وشك في الحدث ، ومن شك في وقوع النجاسة في القليل (منه مد ظله).

(٤٠) في هامش (ش) : المراد بالشرطين : أن لا يكون لها إلا ثوب واحد ، وأن تغسله كل يوم مرة ، وزاد جماعة شرطا ثالثا وهو : أن لا تكون نجاسته بغير الصبي ، وقد يزاد هنا شرط رابع وهو : أن تكون نجاسته بما يعتاد منه كبول وغائط لا بما لا يعتاد كدمه ، وخامس وهو : عدم تعدد المربية : أما تعدده مع اتحادها فأولى بالعفو (منه مد ظله).

(٤١) في هامش (ش) : استثناء قطنة المستحاضة غير مذكور في كتب فقهائنا قدس الله أرواحهم ، إلا أن حكمهم عليها بوجوب تغيير القطنة يعطي ذلك ، وهو إجماعي (منه مد ظله).


الرابع : العلم اليقيني (٤٢) بدخول الوقت للقادر ، وهو دخول الفجر الصادق للصبح.

والزوال للظهر المعلوم بزيادة الظل بعد نقصه ، أو حدوثه بعد عدمه ، كما يتفق في خط الاستواء ، وما نقص عرضه عن الميل الكلي أو ساواه (جنوبا وشمالا) (٤٣) لا في مكة وصنعاء في يوم واحد (٤٤).

والفراغ منها ولو تقديرا للعصر.

وذهاب حمرة المشرق للمغرب ، ووقتها الشيخ في المبسوط (٤٥) والصدوق (٤٦) باستتار القرص ، والروايات كالمتعارضة ، والجمع بينها بالعمل بالأول أولى.

والفراغ منها ولو تقديرا للعشاء ، ووقتها الشيخان بغيبوبة الشفق الأحمر (٤٧) ، أما الأصفر فلا عبرة به عندنا. ويمتد الصبح إلى طلوعها ، والظهران إلى غروبها ، والعشاءان إلى الانتصاف.

الخامس : العلم بحال الساتر من كونه مباحا لا حريرا ولا ذهبا ، رجلا كان أو خنثى (٤٨) ، ولا من غير مأكول إلا ما استثني ، ولا تجوز في حرير لا تتم فيه كالتكة والقلنسوة ، لمكاتبة ابن عبد الجبار الصحيحة (٤٩) ، ورواية الحلبي (٥٠)

__________________

(٤٢) في هامش (ض) و (ش) : فلا يجوز التعويل على الظن إلا إذا عجز عن تحصيل العلم ، كما هو المشهور بين الأصحاب (منه دام ظله).

(٤٣) لم ترد في (ش).

(٤٤) في (ش) : واحد كما ظن (خ).

(٤٥) المبسوط ١ : ٧٤.

(٤٦) الهداية : ٣٠.

(٤٧) المفيد في المقنعة : ١٤ ، الطوسي في النهاية : ٥٩.

(٤٨) في هامش (ض) و (ش) : أما جواز صلاة المرأة في الحرير فمحل إشكال ، ومنع منه ابن بابويه ، وتوقف فيه العلامة في المنتهى ، وقد ذكرت دلائل الجانبين في الحبل المتين (منه دام ظله).

أنظر : الفقيه ١ : ١٧١ ، المنتهى ١ : ٢٢٨ ، الحبل المتين : ١٨٣.

(٤٩) الكافي ٣ : ٣٩٩ حديث ١٠ باب اللباس الذي تكره الصلاة فيه ، التهذيب ٢ : ٢٠٧ حديث ٨١٢ ، الإستبصار ١ : ٣٨٥ حديث ١٤٦٢.

(٥٠) التهذيب ٢ : ٣٥٧ حديث ١٤٧٨.


ضعيفة بأحمد بن هلال وإن رواها عن ابن أبي عمير ، إذ الاعتماد على ما يرويه من كتاب نوادره ، وكونها منه غير معلوم.

السادس : العلم بحال المكان من إباحته ولو بشاهد الحال ، والمرتضى رضي‌الله‌عنه على استصحابه وإن طرأ غصب (٥١) ، وعدم تعدي نجاسة منه إلى الثوب أو البدن في الأثناء وإن كانت دون الدرهم من الدم ، لنقل فخر المحققين عن والده الاجماع عليه (٥٢).

وطهارة محل الجبهة وهو إجماعي ، وأبو الصلاح يشترط طهارة مساقط السبعة (٥٣) ، وفي صحيحة الحسن بن محبوب في السجود على الجص (٥٤) إشعار ما بالأول إن حملنا السجود فيها على وضع الجبهة فقط ، وبالثاني إن حملناه على وضع المساجد أجمع.

السابع : الاجتهاد في تحصيل القبلة للقادر عليه ، وهي : عين الكعبة للقريب إجماعا ، وجهتها للبعيد كما اشتهر بين المتأخرين ، وقد حققنا معنى الجهة في رسالة مفردة. والشيخان (٥٥) وجمهور القدماء (٥٦) على أن الكعبة قبلة من في المسجد ، وهو قبلة من في الحرم ، وهو قبلة من خرج عنه ، وقد نقل الشيخ إجماع الفرقة على ذلك (٥٧) ، ودلت عليه بعض الأخبار (٥٨) ، والقول به قريب ، وما

__________________

(٥١) الناصريات (الجوامع الفقهية) : ٢٣١.

(٥٢) إيضاح الفوائد ١ : ٩٠.

(٥٣) الكافي في الفقه : ١٤١.

(٥٤) في هامش (ض) : إنه سأل أبا الحسن عليه‌السلام عن الجص توقد عليه العذرة وعظام الموتى ثم يجصص به المسجد ، أيسجد عليه؟ فكتب بخطه : (إن الماء والنار قد طهراه) وفي هذا الحديث كلام أوردناه في الحبل المتين (منه دام ظله).

أنظر : الكافي ٣ : ٣٣٠ حديث ٣ باب ما يسجد عليه وما يكره ، الفقيه ١ : ١٧٥ حديث ٨٢٩ ، التهذيب ٢ : ٢٣٥ حديث ٩٢٨ ، الحبل المتين : ١٦٧.

(٥٥) المفيد في المقنعة : ١٤ ، والطوسي في المبسوط ١ : ٧٧.

(٥٦) منهم سلار في المراسم : ٦٠ ، وابن حمزه في الوسيلة : ٨٢ ، وابن البراج في المهذب ١ : ٨٤ ، وابن زهرة في الغنية (الجوامع الفقهية) : ٤٩٤.

(٥٧) الخلاف ١ : ٢٩٥ مسألة ٤١ كتاب لصلاة.

(٥٨) كروايبي عبد الله بن محمد الحجال ، وبشر بن جعفر الجعفي كما في التهذيب ٢ : ٤٤ حديث ١٣٩ و ١٤٠.


أورده عليه المتأخرون مدفوع (٥٩).

ويجوز التعويل على قواعد الهيئة وفاقا لشيخنا في الذكرى ، وأكثر العلامات الدائرة على ألسنة الفقهاء مأخوذة منها ، كما قاله رحمه‌الله ، وقد حكم بأنها تفيد الظن الغالب بالعين (٦٠). وهو منه عجيب في بادئ النظر ، لكنه بعد التأمل حقيق بالقبول ، فإن البعيد كلما ازداد بعدا ازداد محاذاة ، والحقيقة غير لازمة.

الثامن : العلم بما هو مكلف به من القصر أو الاتمام (٦١) ، وإن لم يجب التعرض لشئ منهما في النية ، أما العلم بالتخيير في مواضعه فلا (٦٢).

التاسع : النية ، وهي شرط في الصلاة لا شطر وفاقا للمنتهى (٦٣) ، ولا ينافي ذلك ركنيتها (٦٤) ، ويجزئ فيها قصد أداء الصلاة الواجبة أو قضائها امتثالا لأمر الله تعالى ، ونضيف نية الجماعة فيما تجب فيه ولو بنذر وشبهه ، وقصد إمام معين لو تعددوا.

العاشر : الاستدامة الحكمية ، وهي البقاء على حكم النية ، والعزم على مقتضاها بمعنى استصحاب ما عقد به قلبه من الإتيان بأفعال الصلاة على ما أمر به ما دام التلبس بها بباله (٦٥).

__________________

(٥٩) أنظر المختلف : ٧٦.

(٦٠) الذكرى : ١٦٤.

(٦١) في (ش) : والتمام ، وفي هامش (ض) و (ش) : فلو خرج من بلده إلى قرية وشك في كونها مسافة ، وأمكن تحصيل العلم بالسؤال مثلا وجب على الأقرب ، أما لو كان الموضع الذي خرج إليه أحد مواضع التخيير ، وشك في بلوغه المسافة لم يجب تحصيل العلم بالسؤال مثلا بل له أن يصلي تماما من دون سؤال لكن ليس له أن يصلي تماما بدونه (منه دام ظله العالي).

(٦٣) المنتهى ١ : ٢٦٦.

(٦٤) في هامش (ش) و (ض) : إذ الركن في التحقيق جزء ، أو شبيه بالجزء في اشتراطه بأغلب ما يشترط في الصلاة ، وتبطل بتركه عمدا وسهوا ، وإنما لم نكتف بقولنا : الركن ما تبطل الصلاة بتركه عمدا وسهوا ، لصدق التعريف حينئذ على الطهارة (منه مد ظله).

(٦٥) في هامش (ش) و (ض) : أما إذا ذهل عن كونه متلبسا بالصلاة فلا يقدح عدم استصحاب النية في تلك الحال في صحة الصلاة ، كما أن الذهول عن العقائد الإيمانية في بعض الأوقات لا يقدح في الاتصاف في ذلك الوقت بالإيمان (منه مد ظله).


وقد تفسر بأمر عدمي هو : أن لا يأتي بنية تنافي الأولى ، وشيخنا الشهيد بنى التفسير الأول على القول باحتياج الباقي إلى المؤثر ، والثاني على استغنائه عنه (٦٦) ، وحكم المتأخرون عنه بأن بناءه هذا غير مستقيم (٦٧) ، وظني أنه مستقيم.

الحادي عشر : إجراء المريض الأفعال على باله شيئا فشيئا ، كلا في محله إذا عجز عن الإتيان بأبدالها ، وكذا القول في الأقوال. والبدل كالمبدل في الركنية وغيرها ، وله أن ينوي البدلية عن الأصل والبدل ، والأولى التفصيل بالانتقال الدفعي والتدريجي ، ففي الأول لا دخل للثاني قطعا ، وفي الثاني لا دخل للأول على الظاهر ، ولو لم ينو البدلية عن شئ جاز.

الثاني عشر : عقد الأخرس قلبه بمعنى التحريمة ، والقراءة ، والأذكار الواجبة حال تحريك لسانه عندها ، لا بمعنى إحضاره معانيها بالبال كما يظهر من الذكرى (٦٨) ، بل قصده كون هذا التحريك تحريما ، وذاك قراءة ، وذاك ذكرا ، أو الأقرب عدم وجوب الاقتداء عليه وعلى أخيه.

* * *

__________________

(٦٦) الذكرى : ١٧٨.

(٦٧) في هامش (ض) و (ش) : حتى قال بعضهم : إنه لا مناسبة بين شئ من التفسيرين ، وشئ من ذينك القولين أصلا ، ويخطر بالبال في توجيه كلا م شيخنا الشهيد قدس الله روحه أن يقال : إذا نوى المصلي الإتيان بالظهر للقربة مثلا وتلبس بالصلاة ، فهل النية باقية غير محتاجة إلى تأثير المصلي في إبقائها ، كما احتاجت إليه في حدوثها ، أو إنها كما لم تحدث إلا باحداثه لا تبقى إلا بإبقائه؟ فإن قلنا بالأول فهو غير مكلف بإبقائها ، لأنها باقية فالاستدامة الحكمية التي هو مكلف بها هي عدم إعدام النية بنية منافية لها ، وإن قلنا بالثاني فهو مكلف باستصحابها واستمرارها بالعزم المذكور ، فالاستدامة الحكمية على هذا فعل ، وعلى الأول ترك. فمن جعلها فعلا فهو ناظر إلى القول باحتياج الباقي في البقاء إلى المؤثر ، ومن جعلها تركا فهو ناظر إلى القول باستغنائه فيه عنه (منه دام ظله).

(٦٨) الذكرى : ١٧٨.


الفصل الثالث

في الأفعال الواجبة الأركانية

وهي اثنا عشر :

الأول : الطهارة بالوضوء لذي الحدث الأصغر ، وبالغسل للجنب ، وبهما للحائض ، والنفساء ، والمستحاضة الغير القليلة ، وماس الميت نجسا ، وبالتيمم لذي العذر بضربتين مطلقا على الأحوط ، وإخلال الثانية بالموالاة توهم.

الثاني : القيام ناويا ، ومكبرا ، وقارئا. والركن منه ما يركع عنه ، فلو ركع عن قيام القنوت انسلخ آخره عن الاستحباب وتمحض في الوجوب ، واعتبار الحيثيتين كالتكبير للإحرام والركوع ، والصلاة على من فوق الست ودونها ممكن.

الثالث : الاستقلال في القيام والعقود وغيرهما ، بمعنى إلقاء الثقل على الأرض من غير تشريك بينها وبين غيرها من عصا أو حائط ونحوه ، بحيث لو زال لسقط ، وجوز أبو الصلاح الاعتماد على المجاور من الأبنية (٦٩) ، وصحيحة علي ابن جعفر (٧٠) ، وموثقة ابن بكير (٧١) تشهدان له ، وحملتا على استناد واتكاء لا اعتماد معه.

الرابع : الهوي للركوع غير قاصد به غيره ، كتناول شئ فيرجع إلى الانتصاب ويركع ، إلا إذا بلغ حد الراكع فيحتمل حينئذ : الرجوع ، والبطلان ، وجعله ركوعا ، وقطع في الذكرى بالأول (٧٢).

الخامس : الركوع ، وهو ركن في كل ركعة ، وحده في مستوي الخلقة محاذاة كفيه ركبتيه منحنيا غير منخنس (٧٣) ، وغيره يحال عليه. وتجب فيه الطمأنينة

__________________

(٦٩) الكافي في الفقه : ١٢٥.

(٧٠) رواها الصدوق في الفقيه ١ : ٢٣٧ حديث ١٠٤٥ ، والشيخ في التهذيب ٢ : ٣٢٦ حديث ١٣٣٩.

(٧١) رواها الشيخ في التهذيب ٢ : ٣٢٧ حديث ١٣٤١.

(٧٢) الذكرى : ١٩٧.

(٧٣) خنس : تأخر ، الصحاح ٣ : ٩٢٥ (خنس) ، القاموس المحيط ٢ : ٢١٢ (خنس) ، والمراد به هنا : تقويس الركبتين والتراجع إلى الوراء.


بقدر واجب الذكر ، فلو هوى قبلها سهوا ولما يسجد احتمل الاستمرار ، لاستلزام تداركها زيادة الركن ، والعود لعدم وقوع الركن على وجهه.

السادس : رفع الرأس منه مطمئنا بعده بما يزيد على السكون الضروري بين المختلفتين ولو يسيرا ، وليست ركنا خلافا للخلاف (٧٤).

السابع : الهوي لكل من السجدتين غير قاصد به غيرها فيرجع ، إلا إذا بلغ حد الساجد فتقوم الاحتمالات الثلاثة ، واقتصر في الذكرى هنا على الثاني مع قطعه هناك بالأول (٧٥).

الثامن : السجود ، ويتحقق بوضع مجموع الأعضاء السبعة على الأرض غير متفاوتة المحال بأزيد من لبنة ، ولو ترك وضع البعض سهوا كفى عنه وضع الجبهة من غير عكس ، ولا بعد في إجزاء بعض الأجزاء عن الكل في بعض الحالات ، فلو جعل الركن كلا السجدتين ، أو ما أقامه الشارع مقامهما كالواحدة حال نسيان الأخرى لم يكن بعيدا

وتجب الطمأنينة فيه (٧٦) كالركوع ، ووضع الجبهة على الأرض ، أو غير المستحيل من أجزائها ، أو نباتها غير مأكول أو ملبوس عادة ، وقد أشعرت صحيحة ابن محبوب بجواز السجود على الجص (٧٧) ، ولا أعلم بها عاملا ، ونطقت صحيحة صفوان بجوازه على القرطاس (٧٨) ، ولا أعلم لها مخالفا ، نعم كلام الذكرى يعطي التردد (٧٩).

التاسع : رفع الرأس من كل من السجدتين مطمئنا بعد أول الرفعين ، وأوجبها المرتضى رضي‌الله‌عنه بعد ثانيهما في أولى الركعتين ، والثالثة من

__________________

(٧٤) الخلاف ١ : ٣٤٨ مسألة ٩٨ كتاب الصلاة.

(٧٥) الذكرى : ٢٠١.

(٧٦) لم ترد في (ش).

(٧٧) الكافي ٣ : ٣٣٠ حديث ٣ باب ما يسجد عليه وما يكره ، الفقيه ١ : ١٧٥ حديث ٨٢٩ ، التهذيب ٢ : ٢٣٥ حديث ٩٢٨.

(٧٨) التهذيب ٢ : ٣٠٩ حديث ١٢٥١ ، الإستبصار ١ : ٣٣٤ حديث ١٢٥٨.

(٧٩) الذكرى : ١٦٠.


الرباعية.

وهي جلسة الاستراحة ، وينبغي عدم تركها لنقله رضي‌الله‌عنه الاجماع على وجوبها (٨٠).

العاشر : النهوض بعد ثاني الرفعين ، أو التشهد إلى الأخرى.

الحادي عشر : الجلوس للتشهد ، والتسليم مطمئنا بقدرهما.

الثاني عشر : الاستقرار من غير تمايل ، ولا تعال ، ولا تسافل. فتبطل في العاصفة المحركة ، وعلى ما يربو أو يتلبد لغير ضرورة ، أما في السفينة السائرة فصححها بعضهم مطلقا لصحاح ابن سنان (٨١) ، وابن عمار (٨٢) ، وجميل (٨٣) ، وحسنة حماد (٨٤). وقيد بعضهم بالضرورة ، وبه أخبار غير نقية ، لكنه قريب ، فإن في غير الثالثة ما يشعر بالضرورة ، وهي غير صريحة في وقت السير.

وأما على الدابة السائرة فقد أجمعوا على المنع إلا لضرورة ، وفي الواقفة المأمونة الحركة بالربط أو التعليم اختيارا احتمال.

الفصل الرابع

في الأفعال المستحبة اللسانية

وهي اثنا عشر :

الأول والثاني : الأذان والإقامة ، وفصول الأذان ثمانية عشر ، كلها مثنى سوى التكبير أوله فهو أربعة ، وفي صحيحة ابن سنان ما يعطي تثنيته (٨٥) ، وحملها الشيخ على محمل بعيد (٨٦) ، والحمل على أجزائها ممكن.

وفصول الإقامة سبعة عشر ، كلها مثنى سوى التهليل آخرها فهو مرة.

ويختصان باليومية ، ويتأكدان في الجهرية سيما الصبح والمغرب ، والمرتضى

__________________

(٨٠) الناصريات (الجوامع الفقهية) : ٢٣٤.

(٨١) التهذيب ٣ : ٢٩٥ حديث ٨٩٣.

(٨٢) التهذيب ٣ : ٢٩٥ حديث ٨٩٥.

(٨٣) الفقيه ١ : ٢٩١ حديث ١٣٢٣ ، التهذيب ٣ : ٢٩٥ حديث ٨٩٤.

(٨٤) الكافي ٣ : ٤٤١ حديث ٢ باب الصلاة في السفينة ، التهذيب ٣ : ٢٩٧ حديث ٩٠٣.

(٨٥) التهذيب ٢ : ٥٩ حديث ٢٠٩ ، الإستبصار ١ : ٣٠٥ حديث ١١٣٣.

(٨٦) التهذيب ٢ : ٦١.


على وجوبهما فيهما على الرجال (٨٧) ، ووافقه ابن أبي عقيل وزاد عليه بطلان الصلاتين بتعمد تركهما (٨٨).

الثالث : التكبيرات الست قبل تكبيرة الاحرام أو بعدها أو بالبقريق ، ولا خلاف في هذا التخيير ، لكن الشيخ رحمه‌الله على أولوية القبلية (٨٩) وتبعه المتأخرون ، ولا أعرف لذلك مستندا ، والمستفاد من صحيحة زرارة في افتتاح النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله الصلاة بالتكبير ، ومتابعة الحسين عليه‌السلام له (٩٠) أولوية البعدية ولم ينبه على ذلك أحد ، وصحيحة هشام في حكاية المعراج (٩١) لا تعطي القبلية (كما قد يظن) (٩٢) ، بل ربما دلت على البعدية ، فإن الصلاة معراج العبد.

الرابع : الاستعاذة قبل القراءة ، للأمر بها في حسنة الحلبي (٩٣) ، وقول أبي

__________________

(٨٧) الناصريات (الجوامع الفقهية) : ٢٢٧.

(٨٨) نقله عنه العلامة في المختلف : ٨٧.

(٨٩) المبسوط ١ : ١٠٤.

(٩٠) في هامش (ض) ، (ش) : عن الباقر عليه‌السلام أنه قال : (خرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى الصلاة ، وقد كان الحسين عليه‌السلام أبطأ عن الكلام حتى تخوفوا أن لا يتكلم أو يكون به خرس ، فخرج به عليه‌السلام حامله على عاتقه ، وصف الناس خلفه ، فأقامه على يمينه ، فافتتح رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الصلاة فكبر الحسين عليه‌السلام : فلما سمع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله تكبيره عاد فكبر [وكبر] الحسين عليه‌السلام حتى كبر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله سبع تكبيرات وكبر الحسين عليه‌السلام فجرت السنة بذلك) (منه دام ظله العالي).

رواها الصدوق في الفقيه ١ : ١٩٩ حديث ٩١٨.

(٩١) في هامش (ض) و (ش) : وهو هشام بن الحكم عن الكاظم عليه‌السلام ، في سبب التكبيرات السبع : (أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لما أسري به إلى السماء قطع سبعة حجب ، فكبر عند كل حجاب تكبيرة حتى وصل إلى منتهى الكرامة) فهذه الرواية لا تدل على تأخير تكبيرة الاحرام عن الست ، بل يمكن أن يدعى دلالتها على تقدمها عليها ، فإن قطع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله الحجب السبعة كان في أثناء المعراج ، فالتكبيرات وقعت في أثنائه ، فينبغي تقع في أثناء الصلاة التي هي معراج العبد ، والحاصل أنه لا دلالة في شئ من الأحاديث التي تضمنتها أصولنا على تأخير تكبيرة الاحرام عن الست (منه دام ظله).

أنظر : الفقيه ١ : ١٩٩ حديث ٩١٩.

(٩٢) لم ترد في (ش).

(٩٣) الكافي ٣ : ٣١٠ حديث ٧ باب افتتاح الصلاة والحد في التكبير ، التهذيب ٢ : ٦٧ حديث ٢٤٤.


علي بن الشيخ طاب ثراه بوجوبها شاذ (٩٤) ، ومحلها عندنا الركعة الأولى لا غير ، وهي سرية ولو في الجهرية ، وجهر الصادق عليه‌السلام بها محمول على تعليم الجواز (٩٥).

الخامس : الجهر ببسملتي الحمد والسورة في السرية ، ولا فرق بين الإمام والمأموم والمنفرد ، وتخصيص ابن الجنيد بالإمام (٩٦) يرده إطلاق صحيحة محمد بن مسلم (٩٧) ، ولا بين الأولين وغيرهما ، وتخصيص ابن إدريس بهما (٩٨) يرده إطلاق صحيحة صفوان (٩٩).

السادس : ترتيل القراءة ، وهو : حفظ الوقوف ، وبيان الحروف كما روي عن أمير المؤمنين عليه‌السلام (١٠٠) ، وفسر الأول بالوقف التام (١٠١) والحسن (١٠٢) ، والثاني بالإتيان بصفاتها المعتبرة من الهمس والجهر والاستعلاء والإطباق وغيرها. والوقوف التامة في الفاتحة أربعة (١٠٣) ، والحسنة عشرة (١٠٤) ، والظاهر

__________________

(٩٤) نقله عنه السيد الحسيني العاملي في مفتاح الكرامة ٢ : ٣٩٩.

(٩٥) التهذيب ٢ : ٢٨٩ حديث ١١٥٧.

(٩٦) نقله عنه العلامة في المختلف : ٩٣.

(٩٧) رواها الكليني في الكافي ٣ : ٣١٧ حديث ٢٨ باب قراءة القرآن.

(٩٨) السرائر : ٤٥.

(٩٩) في هامش (ش) : قال : صليت خلف أبي عبد الله عليه‌السلام أياما ، فكان يقرأ في فاتحة الكتاب بسم الله الرحمن الرحيم ، فإذا كانت صلاة لا يجهر فيها بالقراءة جهر ببسم الله الرحمن الرحيم ، وأخفى ما سوى ذلك (منه مد ظله العالي).

رواها الكليني في الكافي ٣ : ٣١٥ حديث ٢٠ باب قراءة القرآن.

(١٠٠) الكافي ٢ : ٤٤٩ حديث ١ باب ترتيل القرآن بالصوت الحسن.

(١٠١) في هامش (ض) و (ش) : وهو الوقف على كلام لا تعلق له بما بعده لا لفظا ولا معنى كالوقف على البسملة ، وعلى يوم الدين (منه دام ظله).

(١٠٢) في هامش (ض) و (ش) : وهو الوقف على كلام له تعلق بما بعده لفظا لا معنى كالوقف في الفاتحة على الحمد لله ، فإن ما بعده نعت متعلق بما قبله ، ولكن الكلام قد تم بدونه (منه مد ظله العالي).

(١٠٣) في هامش (ش) و (ض) : على البسملة ، والدين ، ونستعين ، والضالين (منه دام ظله).

(١٠٤) في البسملة اثنان : على الله ، وعلى الرحمن ، وفي الباقي ثمانية : على الله ، وعلى العالمين ، وعلى الرحيم ، وعلى الرحمن ، وعلى نعبد ، وعلى المستقيم ، وعلى عليهم الأولى ، والثانية (منه مد ظله). هكذا ورد في هامش نسختي (ش) و (ض).


انسحاب استحباب الترتيل إلى تسبيحات الركوع والسجود (١٠٥) ، بل إلى جميع الأذكار والأدعية.

السابع : سؤال الجنة ، والتعوذ من النار عند قراءة آيتيهما ، لكن بحيث لا يكثر فيخل بنظم القرآن فيبطل.

الثامن : تكرار تسبيحات الركوع والسجود ثلاثا وخمسا وسبعا ، وفي صحيحة أبان بن تغلب : أنه عد للصادق عليه‌السلام في الركوع والسجود ستين تسبيحة (١٠٦).

التاسع : القنوت في كل ثانية بعد القراءة قبل الركوع ، وأوجبه ابن أبي عقيل في الجهرية (١٠٧) ، والصدوق في الخمس وأبطل الصلاة بتركه عمدا (١٠٨) ، وفي الأخبار المعتبرة ما يشعر بوجوبه (١٠٩) ، وقد أنهينا البحث في ذلك في الحبل المتين (١١٠).

ويأبى به الناسي بعد الركوع ، فإن لم يذكره فبعد الصلاة جالسا ، وفي

__________________

(١٠٥) في هامش (ض) و (ش) : المستفاد من خبر حماد استحباب الترتيل في تسبيح الركوع ، وأما تسبيح السجود فترتيله غير مذكور فيه ، فقول شيخنا في الذكرى : إن خبر حماد يتضمن الترتيل في تسبيح الركوع والسجود عجيب ، وأعجب من ذلك موافقه شيخنا الشهيد الثاني له في ذلك (منه مد ظله العالي).

أنظر : الكافي ٣ : ٣١١ حديث ٨ باب افتتاح الصلاة والحد في التكبير ، الفقيه ١ : ١٩٦ حديث ٩١٦ ، التهذيب ٢ : ٨١ حديث ٣٠١ ، الذكرى : ١٩٩.

(١٠٦) في هامش (ض) و (ش) : في هذه الرواية احتمالان :

الأول : أن يكون عليه‌السلام سبح في كل ركوع وكل سجود ستين ستين.

الثاني : أن يكون مجموع التسبيحات فيهما معا ستين ، إما على التساوي ، أو على التفاضل (منه مد ظله).

أقول : رواها الكليني في الكافي ٣ : ٣٢٩ حديث ٢ باب أدنى ما يجزئ من التسبيح في الركوع والسجود ، والشيخ في التهذيب ٢ : ٢٩٩ حديث ١٢٠٥.

(١٠٧) نقله عنه العلامة في المختلف : ٩٦.

(١٠٨) الفقيه ١ : ٢٠٩.

(١٠٩) أنظر وسائل الشيعة ٤ : ٨٩٥ باب ١ من القنوت. (١١٠) الحبل المتين : ٢٣٣.


صحيحة زرارة : (إذا ذكره وهو في الطريق استقبل القبلة وأتى به) (١١١) ، وينوي به في هذه الأحوال القضاء على الأظهر ، وتردد فيه في المنتهى (١١٢).

وفي كلام جماعة أن أفضل ما يقال فيه كلمات الفرج ، ولم أجد بذلك خبرا (١١٣) ، والذي في صحيحة الحلبي : (أثن على ربك ، وصل على نبيك ، واستغفر لذنبك) (١١٤) ، وفي حسنة سعد بن أبي خلف : (يجزئك في القنوت : اللهم اغفر لنا وارحمنا وعافنا واعف عنا في الدنيا والآخرة إنك على كل شئ قدير) (١١٥).

وهو جهر ولو في السرية ، لصحيحة زرارة (١١٦) ، إلا للمأموم ، وجعله المرتضى رضي‌الله‌عنه تابعا للصلاة في الجهر والإخفات (١١٧).

العاشر : التكبيرات الزائدة على الست الافتتاحية سوى التحريمة ، وهي في الخمس مع خمس القنوت خمس وتسعون : في كل من الظهرين والعشاء إحدى وعشرون ، وفي المغرب ست عشرة ، وفي الفجر إحدى عشرة. ولا تكبير للرفع من الركوع ، بل يقول : سمع الله لمن حمده ، ولا للقيام من التشهد بل يقول : بحول الله وقوته أقوم وأقعد ، وأثبته المفيد رحمه‌الله في الثاني (١١٨) ، وقال الشيخ : لست أعرف بقوله هذا حديثا أصلا ، ثم استدل على سقوطه بكلام اقناعي (١١٩).

__________________

(١١١) الكافي ٣ : ٣٤٠ حديث ١٠ باب القنوت في الفريضة والنافلة ، التهذيب ٢ : ٣١٥ حديث ١٢٨٣.

(١١٢) المنتهى ١ : ٣٠٠.

(١١٣) في هامش (ش) : نعم ، قال ابن إدريس : روي أن كلمات الفرج أفضل من القنوت ، والظاهر أن نقل مثل هذا الشيخ كاف في حصول ثواب الأفضل ، لاندراجه في قوله عليه‌السلام : (من بلغه من الله ثواب على عمل) الحديث (منه مد ظله).

أنظر : السرائر : ٤٨.

(١١٤) الفقيه ١ : ٢٠٧ حديث ٩٣٣.

(١١٥) الكافي ٣ : ٣٤٠ حديث ١٢ باب القنوت في الفريضة ، التهذيب ٢ : ٨٧ حديث ٣٢٢.

(١١٦) في هامش (ض) و (ش) : عن أبي جعفر عليه‌السلام : (القنوت كله جهار) (منه مد ظله).

الفقيه ١ : ٢٠٩ حديث ٩٤٤.

(١١٧) جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى) ٣ : ٣٢.

(١١٨) المقنعة : ١٦.

(١١٩) التهذيب ٢ : ٨٢.


الحادي عشر : الدعاء في مواضعه بالمأثور ، فعند القيام إلى الصلاة ما تضمنته صحيحة معاوية بن وهب : (اللهم إني أقدم إليك محمدا صلى الله عليه وآله بين يدي حاجتي ، وأتوجه به إليك ، فاجعلني به وجيها عندك في الدنيا والآخرة ، ومن المقربين ، لجعل صلواتي به مقبولي ، وذنبي به مغفورا ، ودعائي به مستجابا ، إنك أنت الغفور الرحيم) (١٢٠).

وبين الأذان والإقامة جالسا : اللهم اجعل قلبي بارا (١٢١) ، وفيشي قارا ، ورزقي دارا (١٢٢) ، واجعل لي عند قبر رسولك صلى‌الله‌عليه‌وآله مستقرا وقرارا. وتجزئ الحمدلة ، والسجدة كما في موثقة الساباطي (١٢٣).

وفي التكبيرات السبع الافتتاحية : الأدعية الثلاثة التي تضمنتها حسنة الحلبي : فالأول بعد الثالثة : (اللهم أنت الملك الحق لا إله إلا أنت سبحانك إلى ظلمت نفسي فاغفر لي ذنبي ، إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت).

__________________

(١٢٠) الكافي ٣ : ٣٠٩ حديث ٣ باب القول عند دخول المسجد ، الفقيه ١ : ١٩٧ حديث ٩١٧ ، التهذيب ٢ : ٢٨٧ حديث ١٤٤٩.

(١٢١) في هامش (ض) و (ش) : أي مطيعا محسنا ، وعيشي قارا فيه تفسيرات ثلاث : الأول : أن يكون المراد عيشا قارا ، أي : غير محتاج إلى السفر والتردد في تحصيله. الثاني : أن يراد بالقار : المستمر غير المنقطع. الثالث : يراد عيشا قارا لعين ، أي ، يكون فيه قرة العين ، أي : الفرح والسرور ، وأصل قرة العين مأخوذ من القر وهو البرودة ، فإن العرب تزعم أن دمع الباكي من السرور بارد ، ودمع الباكي من الغم والهم حار ، فالدعاء مستند بقولهم : أقر الله عينك ، بمعنى : سرك الله وأوجب ذلك الفرح (منه دام ظله).

(١٢٢) في هامش (ض) و (ش) : الدار : الكثير الذي يزيد ويتجدد شيئا فشيئا ، من قولهم : در اللبن إذا زاد وكثر جريانه من الضرع ، والمستقر والقرار قيل : هما مترادفان ، والأولى أن يراد بالمستقر المكان والمنزل ، وبالقرار المكث فيه ، ونقل عن شيخنا الشهيد قدس الله روحه أن المستقر في الدنيا والقرار في الآخرة ، واختص المستقر بالدنيا لقوله تعالى : (ولكم في الأرض مستقر) والقرار بالآخرة لقوله تعالى : (وإن الآخرة هي دار القرار) ، واعترض عليه بأن القبر لا يكون في الآخرة ، وأجيب بأن المراد بالآخرة ليس ما بعد القيامة بل ما قبلها ، أعني أيام الموت. والمراد : أن يكون مسكنه في الحياة ومدفنه بعد الممات في المدينة المقدسة ، وفي بعض الروايات : (واجعل لي عند رسولك) من دون ذكر القبر ، والظاهر أن ألام شيخنا الشهيد مبني على ما في هذه الرواية ، فلا حاجة إلى ذلك الجواب (منه مد ظله).

(١٢٣) الفقيه ١ : ١٨٥ حديث ٨٧٧.


الثاني بعد الخامسة : (لبيك وسعديك ، والخير في يديك ، والشر ليس إليك ، والمهدي من هديت ، لا ملجأ منك إلا إليك ، سبحانك وحنانيك (١٢٤) ، وتباركت تعاليت ، سبحانك رب البيت).

والثالث بعد السابعة إحرامية كانت أو غيرها : (وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض ، عالم الغيب والشهادة ، حنيفا (١٢٥) مسلما ، وما أنا من المشركين ، إن صلواتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين ، لا شريك له ، وبذلك أمرت وأنا من المسلمين) (١٢٦).

وفي الركوع ما تضمنته صحيحة زرارة : (اللهم لك ركعت ، ولك أسلمت ، وبك آمنت ، وعليك توكلت ، وأنت ربي ، خشع لك سمعي وبصري وشعري وبشري ولحمي ودمي ومخي وعصبي وعظامي وما أقلته قدماي (١٢٧) ، غير مستنكف ولا مستكبر ، ولا مستحسر ، ثم يقول : سبحان ربي العظيم وبحمده ثلاثا) (١٢٨).

وفي السجود ما تضمنته حسنة الحلبي : (اللهم لك سجدت ، وبك آمنت ، ولك أسلمت ، وعليك توكلت وأنت ربي ، سجد وجهي للذي خلقه وشق سمعه وبصره ، الحمد لله رب العالمين ، ثم يقول : سبحان ربي الأعلى وبحمده

__________________

(١٢٤) في هامش (ض) و (ش) : الحنان بتخفيف النون : الرحمة وبتشديدها : ذو الرحمة ، ومعنى سبحانك وحنانيك : أنزهك عما لا يليق بك تنزيها ، وأنا أسألك رحمة بعد رحمة فالواو للحال (منه مد ظله العالي).

(١٢٥) في هامش (ض) و (ش) : الحنيف : المائل عن الباطل إلى الحق (منه مد ظله).

(١٢٦) الكافي ٣ : ٣١٠ حديث ٧ باب افتتاح الصلاة والحد في التكبير ... ، التهذيب ٢ : ٦٧ حديث ٢٤٤.

(١٢٧) في هامش (ض) و (ش) : وما أقلته قدماي : من قبيل عطف العام على الخاص ، معناه : ما حملته قدماي ، والاستنكاف هو المعبر عنه بالفارسية بقولهم : ننگ داشتن ، وبالعربية : بالأنفة ، والاستكبار : طلب الكبر من غير استحقاق ، والاستحسار بالحاء والسين المهملتين : الاعياء والتعب ، والمراد : إني لا أجد من الركوع والخشوع تعبا ، ولا كلالا ، ولا مشقة ، بل أجد لذة وراحة (منه دام ظله).

(١٢٨) الكافي ٣ : ٣١٩ حديث ١ باب الركوع وما يقال فيه ، التهذيب ٢ : ٧٧ حديث ٢٨٩.


ثلاثا) (١٢٩).

وفيما بين السجدتين ما تضمنته حسنة الحلبي أيضا : (اللهم اغفر لي وارحمني وادفع عني ، إني لما أنزلت إلي من خير فقير ، تبارك الله رب العالمين) (١٣٠) ، ويجزئ : (استغفر الله ربي وأتوب إليه) وهو في صحيحة حماد (١٣١).

وإن شاء دعا في السجود بما تضمنته صحيحة أبي عبيدة الحذاء ، ففي السجدة الأولى : (أسألك بحق حبيبك محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله إلا بدلت سيئاتي حسنات ، وحاسبتني حسابا يسيرا).

وفي الثانية : (أسألك بحق حبيبك محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله إلا كفيتني مؤنة الدنيا ، وكل هول دون الجنة).

وفي الثالثة : (أسألك بحق حبيبك محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله لما غفرت لي الكثير من الذنوب والقليل ، وقبلت من عملي اليسير).

وفي الرابعة : (أسألك بحق حبيبك محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله لما أدخلتني الجنة ، وجعلتني من سكانها ، ولما نجيتني من سفعات النار برحمتك وصلى الله على محمد وآله) (١٣٢). ويضيف إلى الشهر الأول والثاني ما تضمنته موثقة أبي بصير (١٣٣) ، وهو مشهور.

الثاني عشر : التعقيب ، وهو بعد الفريضة أفضل من الصلاة تنفلا ، كما في حسنة زرارة (١٣٤) ، وأفضله تسبيح الزهراء عليها‌السلام ، ففي صحيحة أبي خالد القماط : (أنه في كل يوم ، دبر كل صلاة أفضل من صلاة ألف ركعة في كل

__________________

(١٢٩) الكافي ١ : ٣٢١ حديث ١ باب السجود والتسبيح والدعاء ، التهذيب ٢ : ٧٩ حديث ٢٩٥.

(١٣٠) المصدر السابق.

(١٣١) الكافي ٣ : ٣١٠ حديث ٨ باب افتتاح والحد في التكبير ، الفقيه ١ : ١٩٦ ، حديث ٩١٦ ، التهذيب ٢ : ٨١ حديث ٣٠١.

(١٣٢) الكافي ٣ : ٣٢٢ حديث ٤ باب السجود والتسبيح والدعاء فيه.

(١٣٣) الفقيه ١ : ٢١٦ حديث ٩٦٢.

(١٣٤) التهذيب ٢ : ٩٩ حديث ٣٧٣.


يوم) (١٣٥).

والظاهر أن الجلوس غير شرط في حصول حقيقته الشرعية ، بل في كماله وإن فسره بعض اللغويين بالجلوس بعد الصلاة لدعاء أو مسألة ، وقد فسره بعض علمائنا بالاشتغال بعد الصلاة بدعاء أو ذكر أو ما أشبهه ، ولعل المراد بما أشبهه : البكاء من خشية الله تعالى ، والشكر على جزيل آلائه ، والتفكر في عجائب أرضه وسمائه وما هو من هذا القبيل. وهل يعد الاشتغال بعد الصلاة بقراءة القرآن تعقيبا فيبرأ ناذر التعقيب به؟ الظاهر نعم ، وفيه تأمل ، ولم أظفر في كلام الأصحاب بشئ في هذا الباب.

الفصل الخامس

في الأفعال المستحبة الجنانية

وهي اثنا عشر :

الأول : استشعار الخوف عند القيام إلى الصلاة كما نقل عن سيد العابدين عليه‌السلام (١٣٦)

الثاني : إحضار القلب ، والإقبال على جميع أفعالها به ، ففي صحيحة محمد ابن مسلم : أنه لا يرفع له منها إلا ما أقبل عليه بقلبه (١٣٧).

الثالث : أن يخطر بباله لعلها تكون آخر صلواتي ، فقد قال الصادق عليه‌السلام : (إذا صليت فريضة فصلها لوقتها صلاة مودع يخاف أن لا يعود إليها) رواه الصدوق (١٣٨).

الرابع : إحضار فصول الأذان والإقامة بباله إذا كان مريضا لا يقدر على

__________________

(١٣٥) الكافي ٣ : ٣٤٣ حديث ١٥ باب التعقيب بعد الصلاة والدعاء ، التهذيب ٢ : ١٠٥ حديث ٣٩٩.

(١٣٦) الكافي ٣ : ٣٠٠ حديث ٤ و ٥ باب الخشوع في الصلاة وكراهية العبث ، التهذيب ٢ : ٢٨٦ حديث ١١٤٥.

(١٣٧) الكافي ٣ : ٣٦٣ حديث ٢ باب ما يقبل من الصلاة الساهي ، التهذيب ٢ : ٣٤١ حديث ١٤١٣.

(١٣٨) أمالي الصدوق : ٢١١ حديث ١٠ المجلس الرابع والأربعون.


التلفظ بها ، كما في موثقة الساباطي (١٣٩). ولو قيل بجريان ذلك في كل الأذكار المندوبة لم يكن بعيدا ، غير أني لم أظفر في غير الأذان والإقامة بنص صريح.

الخامس : الخشوع في الصلاة فقد قال سبحانه : (الذين هم في صلاتهم خاشعون) (١٤٠). وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله لما رأى العابث في الصلاة : (لو خشع قبله لخشعت جوارحه) (١٤١).

السادس : نية الإمام كونه جامعا في غير ما تجب فيه الجماعة ليفوز بثوابها فإن (لكل امرئ ما نوى) (١٤٢).

السابع : استشعار عظمة الله سبحانه وكبريائه ، واستصغار ما سواه حال التكبير كما روي عن الصادق عليه‌السلام (١٤٣) ، وإرادة كونه أكبر من كل شئ ، أو من أن يوصف ، وكلاهما مروي في معنى التكبير (١٤٤).

الثامن : أن يحضر بباله حال الركوع : آمنت بك ولو ضربت عنقي.

التاسع : أن يحضر بباله في السجدة الأولى : (اللهم إنك منها خلقتنا) ، أي : من الأرض ، وفي رفعها : (ومنها أخرجتنا) ، كما روي عن أمير المؤمنين عليه‌السلام (١٤٥).

العاشر : أن يحضر بباله حال التورك في التشهد حين يرفع اليمنى ويخفض

__________________

(١٣٩) التهذيب ٢ : ٢٨٢ حديث ١١٢٣ ، الإستبصار ١ : ٣٠٠ حديث ١١٠٩.

(١٤٠) المؤمنون : ٢.

(١٤١) نقله الهندي عن أبي هريرة في كنز العمال ٣ : ١٤٤ حديث ٥٨٩١ ، وأورده ابن أبي جمهور في العوالي ٢ : ٢٣ حديث ٥١ نقلا عن الطبرسي في تفسيره.

(١٤٢) أمالي الصدوق ٢ : ٢٣١ ، التهذيب ١ : ٨٣ حديث ٢١٨ ، صحيح البخاري ١ : ٢ ، صحيح مسلم ٣ : ١٥١٥ حديث ١٩٧٠ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١٤١٣ حديث ٤٢٢٧ ، سنن النسائي ١ : ٥٩ ، سنن أبي داود ٢ : ٢٦٢ حديث ٢٢٠١.

(١٤٣) أنظر الوسائل ٤ : ٦٨٤ باب ٢ من أبواب أفعال الصلاة.

(١٤٤) أنظر : الكافي ١ : ١١٧ حديث ٨ و ٩ ، التوحيد : ٣١٣ حديث ١ و ٢ ، معاني الأخبار : ١١ ، تفسير نور الثقلين ٣ : ٢٤٠.

(١٤٥) الفقيه ١ : ٢٠٦ حديث ٩٣١.


اليسرى : (اللهم إمت الباطل وأقم الحق) كما روي عنه عليه‌السلام أيضا (١٤٦).

الحادي عشر : ملاحظة معاني ما يقرأه في الصلاة ، بل معاني جميع ما يتلفظ به فيها من الأدعية والأذكار ، لقول الصادق عليه‌السلام : (من صلى ركعتين يعلم ما يقول فيهما انصرف وليس بينه وبين الله عزوجل ذنب إلا غفر له) رواه الصدوق (١٤٧).

الثاني عشر : أن يقصد الإمام بصيغة الخطاب في التسليم الأنبياء والأئمة والحفظة والمأمومين ، وأنه يترجم عن الله تعالى للمأمومين بالسلامة والأمن من عذاب يوم القيامة ، كما روي عن أمير المؤمنين عليه‌السلام (١٤٨) ، ويقصد المأموم با وليي التسليمتين الرد على الإمام ، لأنه قد حياه ، ولم يجب لعدم قصده محض التحية ، والصدوق على أن المأموم يرد على الإمام بتسليمة ، ثم يسلم عن جنبيه بتسليمتين (١٤٩) ، وقدم الرد لأنه حق آدمي مضيق ، ويقصد المنفرد ما يقصده الإمام سوى الأخيرين.

الفصل السادس

في الأفعال المستحبة الأركانية

وهي اثنا عشر نوعا ، موزعة على اثني عشر عضوا :

الأول : وظيفة الجبهة ، وهي السجود عليها كلها ، ثم على قدر الدرهم منها لا أنقص ، ووضعها على التراب وأفضله التربة الحسينية على مشرفها السلام ، واستحب بعض علمائنا السجود على ما يتخذ من خشب ضرائحهم سلام الله عليهم.

الثاني : وظيفة العين وهي شغلها حال القيام بالنظر إلى موضع السجود ،

__________________

(١٤٦) الفقيه ١ : ٢١٠ حديث ٩٤٥.

(١٤٧) ثواب الأعمال : ٦٧ حديث ١.

(١٤٨) الفقيه ١ : ٢١٠ حديث ٩٤٥.

(١٤٩) المقنع : ٢٩.


وحال الركوع إلى ما بين القدمين ، وهما في صحيحة زرارة المشهورة (١٥٠). لكن في صحيحة حماد : أن الصادق عليه‌السلام غمض عينيه في ركوعه (١٥١) ، والحمل على الاستحباب التخييري طريق الجمع ، وما في رواية مسمع من نهي النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله عن تغميض الرجل عينيه في الصلاة (١٥٢) محمول على ما عدا ذلك. وفي حال السجود إلى طرف الأنف ، وفيما بين السجدتين وقعودي التشهد والتسليم إلى حجره ، وفي حال القنوت إلى باطن كفيه ، ويومئ المنفرد حال التسليم بمؤخر عينيه إلى يمينه.

الثالث : وظيفة الأنف ، وهي السجود عليه كباقي الأعضاء ، كما في صحيحة حماد (١٥٣) ، والإرغام به كما في صحيحة زرارة (١٥٤) ، بمعنى إلصاقه حال السجود بالرغام ـ بالفتح ـ وهو التراب ، واعتبر المرتضى طرفه الذي يلي الحاجبين (١٥٥) ، وابن الجنيد طرفه وحدبته معا (١٥٦) ، وفي الذكرى تفسير الارغام بالسجود على الأنف (١٥٧) ، والظاهر أنه أخص منه كما قلنا.

ولا يقوم غير التراب مما يصح السجود عليه مقامه في تأدية سنة الارغام ، خلافا لشيخنا الشهيد الثاني رحمه‌الله ، واستدلاله بما في موثقة عمار الساباطي من قول أمير المؤمنين عليه‌السلام : (لا تجزئ صلاة لا يصيب الأنف (١٥٨) فيها ما

__________________

(١٥٠) الكافي ٣ : ٣٣٤ حديث ١ باب القيام والقعود في الصلاة ، التهذيب ٢ : ٨٣ حديث ٣٠٨.

(١٥١) الكافي ٣ : ٣١٠ حديث ٨ باب افتتاح الصلاة والحد في التكبير ، الفقيه ١ : ١٩٦ حديث ٩١٦ ، التهذيب ٢ : ٨١ حديث ٣٠١.

(١٥٢) التهذيب ٢ : ٣١٤ حديث ١٢٨٠.

(١٥٣) الكافي ٣ : ٣١٠ حديث ٨ باب افتتاح الصلاة والحد في التكبير ٧ الفقيه ١ : ١٩٦ حديث ٩١٦ ، التهذيب ٢ : ٨١ حديث ٣٠١.

(١٥٤) التهذيب ٢ : ٢٩٩ حديث ١٢٠٤ ، الإستبصار ١ : ٣٢٧ حديث ١٢٢٤.

(١٥٥)

(١٥٦)

(١٥٧) الذكرى : ٢٠٢

(١٥٨) في هامش (ض) و (ش) : يجوز نصب الأنف والجبين معا بالمفعولية ، ورفعهما بالفاعلية ، ونصب الأول ورفع الثاني وعكسه (منه مد ظله).


يصيب الجبين) (١٥٩) لا ينهض بمدعاه.

الرابع : وظيفة الرقبة ، وهي مدها حال الركوع كما في صحيحة حماد (١٦٠) ، وليس فيها كون المد موازيا للظهر كما ظنه شيخنا الشهيد الثاني رحمه الله (١٦١) ، ويمكن الاعتذار له بشمول الظهر ظهر الرقبة.

الخامس : وظيفة المنكبين ، وهي إسدالهما كما تضمنته صحيحة زرارة المشهورة : بأن لا يرفعهما إلى فوق (١٦٢).

السادس : وظيفة اليدين ، وهي رفعهما بالتكبيرات كلها ، وأوجبه المرتضى رضي‌الله‌عنه (١٦٣) ، وإرسالهما على الفخذين حال القيام ، والتجنح بهما حال السجود كما في صحيحة حماد (١٦٤) ، ورفعهما فوق الرأس عند الفراغ من الصلاة كما في صحيحة صفوان (١٦٥).

السابع : وظيفة الكفين ، وهي استقبال القبلة بباطنهما عند رفعهما بالتكبير مبتدئا بابتدائه ، منهيا بانتهائه ، غير متجاوز به أذنيه ، ووضعهما حال الركوع على الركبتين ، وتقديم وضع اليمنى على اليمنى واليسرى على اليسرى ، وتمكينهما من الركبتين وهما في صحيحة زرارة المشهورة (١٦٦) ، ورفعهما حيال الوجه حال القنوت (١٦٧) متلقيا بباطنها السماء ، ووضعهما على الأرض قبل الركبتين حال

__________________

(١٥٩) روض الجنان : ٢٧٧ ، وانظر : التهذيب ٢ : ٢٩٨ حديث ١٢٠٢ ، الإستبصار ١ : ٣٢٧ حديث ١٢٢٣.

(١٦٠) الكافي ٣ : ٣١٠ حديث ٧ باب افتتاح الصلاة والحد في التكبير ، الفقيه ١ : ١٩٦ حديث ٩١٦ ، التهذيب ٢ : ٨١ حديث ٣٠١.

(١٦١) روض الجنان : ٢٧٣.

(١٦٢) الكافي ٣ : ٣٣٤ حديث ١ باب القيام والقعود في الصلاة ، التهذيب ٢ : ٨٣ حديث ٣٠٨.

(١٦٣) الإنتصار : ٤٤.

(١٦٤) الكافي ٣ : ٣١٠ حديث ٨ باب افتتاح الصلاة والحد في التكبير ، الفقيه ١ : ١٩٦ حديث ٩١٦ ، التهذيب ٢ : ٨١ حديث ٣٠١.

(١٦٥) الفقيه ١ : ٢١٣ حديث ٩٥٢ ، التهذيب ٢ : ١٠٦ حديث ٤٠٣.

(١٦٦) الكافي ٣ : ٣٣٤ حديث ١ باب القيام والقعود في الصلاة ، التهذيب ٢ : ٨٣ حديث ٣٠٨.

(١٦٧) في هامش (ض) و (ش) : ولا يستحب رفعهما أثناء الصلاة لشئ من الأدعية سوى القنوت ، أما لو وقع شئ من الأدعية الثلاثة الافتتاحية خارج الصلاة فهل فيه رفع؟ المنقول عن ابن الجنيد لا ، ولم أظفر في الأخبار بمستنده (مند مد ظله العالي).


الهوي إلى السجود كما في صحيحة زرارة المشهورة (١٦٨).

والمرأة بالعكس ، وتضع كفيها على ثدييها حال القيام ، وعلى أسفل الفخذين فوق الركبتين حال الركوع ، وفي صحيحة زرارة تعليله بأن لا تطأطئ كثيرا (١٦٩) ، وهو الركبتين أن انحناءها دون انحناء الرجل كما قاله بعض مشائخنا.

الثامن : وضيفة أصابع اليدين ، وهي وضع الإصبعين في الأذنين حال الأذان (١٧٠) ، وضمها جميعا حال القيام ، وحال السجود ، وحال التشهد ، وتفريجها على الركبتين حال الركوع كما في صحيحة زرارة المشهورة (١٧١) ، وضم ما عدا الابهام حال القنوت ، أما عند الرفع بالتكبيرات فكالقيام عند جماعة ، وكالقنوت عند آخرين ، واختاره المفيد (١٧٢) ، وتبعه شيخنا الشهيد (١٧٣).

التاسع : وظيفة الظهر ، وهي تسويته حال الركوع بحيث لو صب عليه قطرة من ماء أو دهن لم تزل ، كما هو منطوق صحيحة حماد (١٧٤).

العاشر : وظيفة الركبتين ، وهي ردهما إلى خلف حال الركوع كما في صحيحة حماد (١٧٥) ، ورفعهما قبل اليدين عند النهوض إلى الركعة الأخرى ، وإلصاقهما بالأرض حال التشهيد ، وترك فرجة بينهما فيه ، وهما في صحيحة زرارة ، المشهورة (١٧٦).

__________________

(١٦٨) الكافي ٣ : ٣٣٤ حديث ١ باب القيام والقعود في الصلاة ، التهذيب ٢ : ٨٣ حديث ٣٠٨.

(١٦٩) الكافي ٣ : ٣٣٥ حديث ٢ باب القيام والقعود في الصلاة.

(١٧٠) في هامش (ش) : أما وضعهما في الأذنين حال الإقامة فالنظر أنه تشريع ، لعدم وروده في الشريعة المطهرة (منه مد ظله العالي). وفي هامش (ض) : ولا يستحب ذلك حال الإقامة لعدم النقل ، قاله في المنتهى (منه دام ظله). المنتهى ١ : ٢٥٩.

(١٧١) الكافي ٣ ، ٣٣٤ حديث ١ باب القيام والقعود في الصلاة ، التهذيب ٢ : ٨٣ حديث ٣٠٨.

(١٧٢) المقنعة : ١٦.

(١٧٣) روض الجنان : ٢٦٠.

(١٧٤) الكافي ٣ : ٣١٠ حديث ٨ باب افتتاح الصلاة والحد في التكبير ، الفقيه ١ : ١٩٦ حديث ٩١٦ ، التهذيب ٢ : ٨١ حديث ٣٠١.

(١٧٥) المصدر السابق.

(١٧٦) الكافي ٣ : ٣٣٤ حديث ١ باب القيام والقعود في الصلاة ، التهذيب ٢ : ٨٣ حديث ٣٠٨.


الحادي عشر : وظيفة القدمين ، وهي أن يكون الانفراج بينهما حال القيام قدر إصبع إلى شبر ، كما في صحيحة زرارة المشهورة (١٧٧) ، ولعل المراد طول الإصبع. وفي صحيحة حماد قدر ثلاث أصابع منفرجات (١٧٨) ، ولا منافاة ، لأن هذا أحد جزئيات ذاك ، فإن حمادا إنما روى فعل الإمام عليه‌السلام ، وزرارة قوله. وأن يجعل بينهما حال الركوع قدر شبر ، وأن يجعل ظهر اليسرى على الأرض ، وظهر اليمنى على باطنها حال التشهد ، كما في صحيحة زرارة المشهورة.

الثاني عشر : وظيفة أصابع القدمين ، وهي أن يستقبل بها جميعا القبلة حال القيام ، كما في صحيحة حماد (١٧٩) ، وأن يجعل طرف إبهام اليمنى على الأرض حال التورك في التشهد كما في صحيحة زرارة المشهورة.

الفصل السابع

في التروك الواجبة اللسانية

وهي اثنا عشر :

الأول : ترك التثويب في الأذان فإنه بدعة ، والقول بكراهته ضعيف ، وصحيحة ابن مسلم (١٨٠) محمولة على التقية.

الثاني : ترك المد بين حروف التكبير ، كمد همزة الجلالة بحيث تصير استفهاما ، ومد أكبر بحيث تصير جمعا ، وفي حكمه الفصل بين كلمتيها ولو بثناء على الله سبحانه نحو : الله تعالى أكبر ، وكذا تعقيبها بشئ من الأذكار بحيث تصير معه كلاما واحدا نحو : الله أكبر جل شأنه ، وإن كان مقصودا بحسب المعنى نحو :

__________________

(١٧٧) المصدر السابق.

(١٧٨) الكافي ٣ : ٣١٠ حديث ٨ باب افتتاح الصلاة والحد في التكبير.

(١٧٩) المصدر السابق.

(١٨٠) في هامش (ض) و (ش) : وهي ما رواه عن الباقر عليه‌السلام ، قال : (كان أبي ينادي في بيته بالصلاة خير من النوم ، ولو رددت ذلك لم يكن به بأس) وبعض الأصحاب لم يحملها على التقية بل على قول ذلك في غير الأذان كقصد تنبيه مثلا (منه مد ظله).

التهذيب ٢ : ٦٣ حديث ٢٢٢ ، الإستبصار ١ : ٣٠٨ حديث ١١٤٦.


الله أكبر من كل شئ ، أو من أن يوصف.

الثالث : عدم قراءة البسملة قبل تعيين السورة لغير الملتزم بواحدة ، ومعتادها ، ومن لا يحفظ سواها ، ومن جرى لسانه عليها غير قاصد بالبسملة سواها ، والقاصد (١٨١) يرجع إلى المقصود لا غير إن كانت الجحد أو التوحيد ، إلا إلى الجمعتين في الجمعتين ، وفي غيرهما (١٨٢) إليها ، أو غيرها قبل التصنيف وبعده (١٨٣) ، ويعيد البسملة في الجميع.

الرابع : ترك الترجيع المطرب في القراءة ، فتبطل الصلاة به على الأظهر ، وكذا في الأذكار الواجبة ، أما المستحبة ففي البطلان وجهان ، أقربهما ذلك. وهل يحرم رفع الصوت في الجهرية زيادة على المعتاد كرفعه في الأذان مثلا؟ نظر ، ولو قيل بتحريمه لم يكن بعيدا ، وقد نبه بعضهم عليه ، وفي بعض الروايات ما يدل على المنع منه.

الخامس : ترك التأمين لغير تقية ، والمحقق في المعتبر على كراهته (١٨٤) ، محتجا بصحيحة جميل (١٨٥). ولا دلالة فيها على ذلك ، مع أن التقية تلوح من عبارتها ، كما تلوح من صحيحة معاوية بن وهب (١٨٦) ، والأصح التحريم كما قلنا ، أما بطلان الصلاة به فأنكره بعضهم ، وأثبته آخرون ومنهم الشيخ مدعيا عليه في

__________________

(١٨١) في هامش (ض) و (ش) : أي ، الذي قرأ البسملة بقصد سورة وجرى لسانه على غيرها (منه دام ظله).

(١٨٢) في هامش (ش) : أي ، غير الجحد والتوحيد (منه مد ظله).

(١٨٣) إنما جاز له العدول عن غير المقروءة التي جرى لسانه عليها سواء نصفها أو لم ينصفها ، لأن قراءتها بغير بسملة لا عبرة لها ، لعدم إجزائها في الصلاة وإن استمر وقرأ الباقي (منه دام ظله). هكذا ورد في هامش (ش).

(١٨٤) المعتبر ٢ : ١٨٥.

(١٨٥) في هامش (ض) و (ش) : وهي ما رواه ابن أبي عمير عنه ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الناس في الصلاة جماعة حين يقرأ الإمام فاتحة الكتاب : آمين ، قال : (ما أحسنها ، واخفض الصوت بها) (منه مد ظله).

رواها الشيخ في التهذيب ٢ : ٧٥ حديث ٢٧٧ ، والاستبصار ١ : ٣١٨ حديث ١١٨٧.

(١٨٦) في هامش (ض) و (ش) : وهي ما رواه حماد بن عيسى عنه أنه قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : أقول : آمين إذا قال الإمام : غير الغضوب عليهم ولا الضالين ، قال : (هم اليهود


الخلاف الوفاق (١٨٧).

السادس : ترك قراءة السورة في الثالثة والرابعة ، وادعى بعضهم عليه الاجماع.

السابع : ترك قراءة سورة يفوت بقرائتها الوقت وإن أدرك من أوله ركعة تامة ، وكذا الثاني في القراءة ، والتشهد الأخير ، بل في التسليم.

الثامن : ترك القراءة في أثناء الحمد والسورة من غيرها بحيث يخل بالنظم ، وكذا منها إن أخل وإن كان لزيادة الوثوق بالإصلاح.

التاسع : ترك قراءة العزيمة على الأظهر عملا بالأشهر ، ووفاقا للأكثر ، بل كاد يكون إجماعا. وضعف الروايات منجبر بذلك ، وخلاف ابن الجنيد (١٨٨) غير معبوء به ، مع أن كلامه غير صريح في الجواز ، والروايات بذلك محمولة على النافلة.

العاشر : ترك الدعاء بالمحرم فتبطل الصلاة به ، للإجماع المنقول في التذكرة (١٨٩) ، ولولاه لكان للبحث في البطلان مجال (١٩٠) ، وهل يعذر جاهل التحريم؟ وجهان.

الحادي عشر : ترك الكلام بحرفين (١٩١) مطلقا ، أو بحرف مفهم غير قرآن ، ولا دعاء ، ولا ذكر فتبطل إن تعمده ، واستثنى بعض الأصحاب حاءات

__________________

والنصارى). ولم يجب في هذا ، فإن عدوله عليه‌السلام عن جواب السؤال إلى تفسير الآية ينادي بالتقية ، وهنا وجه آخر ذكرته في الحبل المتين (منه مد ظله العالي).

أنظر : التهذيب ٢ : ٧٥ حديث ٢٧٨ ، الإستبصار ١ : ٣١٩ حديث ١١٨٨ ، الحبل المتين : ٢٢٣.

(١٨٧) الخلاف ١ : ٣٣٢ مسألة ٨٤ كتاب الصلاة. (١٨٨) أنظر المختلف : ٩٦.

(١٨٩) تذكرة الفقهاء ١ : ١٣٢.

(١٩٠) في هامش (ض) و (ش) : لأن النهي ليس متعلقا بجزء الصلاة ولا بشرطها ، فيكون كالنظر إلى الأجنبية في أثناء الصلاة (منه مد ظله).

(١٩١) في هامش (ش) : في قوله : بحرفين إشارة إلى أنه ليس مراد الفقهاء بالكلام معناه اللغوي ولا الاصطلاح النحوي ، بل المراد به النطق ولو بحرف واحد ، وقد يطلقون الكلام على ما يركب من حرفين فصاعدا وإن كان مهملا ، فبين كلامهم هذا ، وكل من الكلام اللغوي والنحوي عموم مطلق (منه مد ظله العالي).


التنحنح ، وهو غير بعيد. وهل تقوم إشارة الأخرس مقام التكلم؟ إشكال ، أقربه ذلك ، فتبطل بالواحدة وإن لم تكن مفهمة ، لقيامها في حقه مقام كلمة. وهل الكلام الواجب كتحذير (١٩٢) المشرف على التردي ، والمكره عليه مبطل؟ الأظهر نعم ، ولو تركه مشتغلا بالقراءة احتمل البطلان (١٩٣).

الثاني عشر : ترك العدول عن السورة بعد بلوغ نصفها ، لغير غلط أو ضيق وقت ، أو عن الإخلاص والجحد وإن لم ينصفهما ، إلا إلى الجمعة والمنافقين في الجمعة وظهرها فيجوز فيهما إليهما لغير العامد ما لم يبلغ نصفها. وتالي العزيمة سهوا يعدل إلى غيرها وجوبا وإن تجاوزه ما لم يقرأ السجدة ، وبعدها يحتمل الاستمرار لزوال المانع ، والعدول ما لم يركع لعدم الاعتداد بما نهي عنه.

الفصل الثامن

في التروك الواجبة الجنانية

وهي اثنا عشر :

الأول : ترك قصد الافتتاح بسوى تكبيرة الاحرام ، فلو قصده بعدها بغيرها بطلت وصحت الثالثة ، وهكذا يصح كل فرد ويبطل كل زوج ، إلا أن يقصد الخروج فيصح ما بعده.

الثاني : ترك نية الوجوب في الفعل المندوب كالقنوت مثلا ، فتبطل الصلاة لو نواه على قول قوي ، وشيخنا في البيان على الصحة ، لتأكيد العزم (١٩٤) ، لكن في إمكان قصد العاقل وجوب ما يشك في وجوبه تأمل ، فكيف وجوب ما

__________________

(١٩٢) في هامش (ض) و (ش) : لكن يجب التحذير بالقرآن نحو : (اتقوا النار) أو الذكر نحو : لا إله إلا الله ، فإن عرف أنه لا يتنبه إلا بالكلام الصريح وجب التكلم ، أما لو عدل إلى التكلم مع علمه بحصول التنبيه بالقرآن أو الذكر فينبغي عدم التوقف في البطلان (منه مد ظله).

(١٩٣) في هامش (ش) : بناء على أن الأمر بالشئ يستلزم عدم الأمر بضده ، وهو كاف في البطلان ، ولا يحتاج إلى إثبات استلزامه النهي عن ضده ، أما لو كان حال الترك ساكتا فقد يحكم بعدم البطلان ، لعدم اشتغاله بشئ ، وفيه : أن الاستدامة الحكمية والتلبس بالصلاة فعلان حاصلان منه وهو غير مأمور بهما بل مأمور بتركهما فتدبر (منه مد ظله).

(١٩٤) البيان : ٧٩.


يعتقد استحبابه.

الثالث : ترك نية الندب في الفعل الواجب فتبطل قولا واحدا ، ولو تردد في الوجوب والندب ـ لتعارض الأدلة إن كان مجتهدا ، أو فقد المجتهد الحي العدل إن كان مقلدا ـ احتمل التخيير ، فينوي ما شاء ، والترديد كنية زكاة مال شك في بقائه ، ونية ما تشاركا فيه وهو مطلق الرجحان ، ونية الوجوب كمختار البيان (١٩٥).

الرابع : ترك الاستدامة الحكمية بالعدول عن اللاحقة إلى السابقة لذاكرها في الأثناء مع عدم فوت المحل.

الخامس : تركها بالعدول عن السابقة إلى اللاحقة إذا ظهر إيقاعها في المختص بأختها.

السادس : ترك قصد كون الآية المشتركة بين السورتين من غير المقروءة ، وقاصده عمدا يعيدها بدونه (١٩٦) إن لم نقل بإخلالها بالنظم ، ومعه تبطل صلاته.

السابع : ترك قصد إتمام الصلاة ابتداء ، أو عدولا في مواضع التخيير إذا ظن ضيق الوقت عنها تامة ، أو عن الأخرى مقصورة.

الثامن : ترك قصد الإقامة أثناء التلبس بالمقصورة ، أو قبله في الوقت لا قبله (١٩٧) مع ظن ما سبق (١٩٨).

التاسع : ترك قصد قطع الصلاة ، أو قصد فعل يستلزم قطعها كالقهقهة ،

__________________

(١٩٥) البيان : ٧٩.

(١٩٦) في هامش (ش) : أي : يكفيه إعادتها بدون القصد المذكور ، ولا يجب قصد كونها من المقروءة (منه دام ظله العالي).

(١٩٧) في هامش (ش) : المراد بقوله : لا قبله : التنبه على أنه لا يحرم قبل الوقت قصد الإقامة لمن ظن ضيقه عن الاتمام ، كفاقد شرط يستغرق السعي في تحصيله كل الوقت ، إلا قدر المقصورة (منه مد ظله العالي).

(١٩٨) في هامش (ش) : وهو ضيق الوقت (منه دام ظله).


والبكاء (١٩٩) لأمور الدنيا ، فتبطل وإن لم يقطع أو يفعل (٢٠٠) ، ويلحق به التردد في أنه هل يقطعها أو يفعل ما يقطعها ، فتبطل بمجرد التردد على تردد.

العاشر : ترك تعليق قطعها ، أو فعل ما يقطعها على أمر متوقع الحصول كنزول مطر وهو مربع ، أو غير متوقع كنزوله وهو مصيف فتبطل ، أما لو علقة على ممتنع عادي كانقلاب الحجر ذهبا فلا على الأظهر.

الحادي عشر : ترك قصد غير الصلاة ببعض أفعالها الواجبة ، كقصد القيام لداخل بالنهوض إلى الثانية فتبطل (٢٠١) ، وانسحاب الحكم إلى الأفعال المندوبة كرفع اليد للتكبير بقصد اباء (٢٠٢) أمر بعيد ، إلا إذا كثرت. ومثله الاستمرار في فعل بعد أداء الواجب منه ، إذا لم تترجح الزيادة عليه ، كتطويل طمأنينة الرفع. وما يتوهم من عدم تحقق كثرة الفعل هنا على القول باستغناء الباقي عن المؤثر ، لكونه غير فاعل مردود بأنه فاعل عرفا ، وهو المحكم شرعا.

الثاني عشر : ترك قصد الرياء بواجب أو مستحب ، كزيادة تسبيحات الركوع ، أو ترتيل القراءة فتبطل فيهما على الأظهر ، مع احتمال جعله في المستحب كالسابق ، فيتوقف البطلان على الكثرة كما جزم به بعض الأصحاب.

* * *

__________________

(١٩٩) في هامش (ش) : البكا بلا مد : هو خروج الدمع بلا صوت ، والبكاء بالمد : هو خروجه مع الصوت والمنهي عنه في الرواية مشتبه بين المقصور والممدود ، ومال بعض علمائنا إلى أن المبطل هو الممدود : لاستصحاب صحة الصلاة إلى أن يعلم حصول المبطل ، وهو جيد (منه مد ظله العالي).

(٢٠٠) في هامش (ش) : قال في المعتبر : لو عزم على فعل ما ينافي الصلاة من حديث ، أو كلام ، أو فعل خارج عنها ثم لم يفعل لم تبطل صلاته ، لأن ذلك ليس رافعا للنية الأولى ، انتهى كلامه ، والحق أنه رافع لها فتبطل كما قلنا (منه مد ظله).

أنظر المعتبر ٢ : ١٥٠.

(٢٠١) في هامش (ض) و (ش) : بأن يقصد بالنصوص مجرد تعظيمه ، لا نصوص الصلاة أيضا ، أما لو قصدهما معا ففي البطلان خلاف (منه دام ظله).

(٢٠٢) في هامش (ش) : أي : لمجرد هذا القصد من دون قصد الرفع للتكبير (منه دام ظله).


الفصل التاسع

في التروك الواجبة الأركانية

وهي اثنا عشر :

الأول : ترك الانحناء الممتد أماما ولو إلى دون حد الراكع ، ويمينا ، وشمالا ، وخلفا للقادر عليه في القيام الواجب ، كقيام القراءة. أما المندوب كقيام القنوت فلا ، مع احتمال مساواته له في الكل ، وفيما سوى الأول فحسب.

الثاني : ترك الوقوف المتطاول على رجل واحدة ، أما رفعها آنا ثم وضعها فلا ، إلا إذا كثر ، وكذا الانحناء (٢٠٣).

الثالث : ترك تباعد الرجلين بما يخرج به عن حد القيام ، ولو دار الأمر بين تباعدهما والانحناء ، كما لو حبس في بيت منخفض السقف ففي الترجيح توقف ، وبعضهم رجح التباعد ، لبقاء الفرق به بين القيام والركوع ، بخلاف الانحناء ، وهو جيد إن كان إماما وبلغه ، وإلا فالفرق باق ، فيبقى التوقف ، والمصير إلى التخيير متجه. ولو دار بين الانحناء آت الأربعة فالظاهر ترجيح الأول إن قصر عن الركوع ، وإلا فالترجيح للثلاثة (٢٠٤) من غير ترجيح.

الرابع : ترك استدبار القبلة بالبدن كله ، أو الوجه خاصة للقادر عليه ، والتيامن والتياسر بالأول لا بالثاني على المشهور ، وبتساويهما في المنع قول ، يشهد له قول الصادق عليه‌السلام في صحيحة زرارة : (ولا تقلب وجهك عن القبلة فتفسد (٢٠٥) صلاتك) (٢٠٦).

__________________

(٢٠٣) في هامش (ش) : أي : إذا انحنى تارة ، وانتصب أخرى ، ولم يطل انحناؤه فإنه لا يحرم إلا إذا كثر (منه دام ظله العالي).

(٢٠٤) في هامش (ش) : ويمكن أن يقال بترجيح الثاني والثالث على الرابع ، لفوت الاستقبال فيه في الجملة (منه دام ظله).

(٢٠٥) في هامش (ض) و (ش) : أما من الافساد فصلاتك مفعول ، أو من الفساد ففاعل ، وكيف كان فهو منصوب لوجود الشرطين (منه مد ظله العالي).

(٢٠٦) الكافي ٣ : ٣٠٠ حديث ٦ باب الخشوع في الصلاة وكراهية العبث ، الفقيه ١ : ١٨٠ حديث ٨٥٦ ، التهذيب ٢ : ٢٨٦ حديث ١١٤٦.


الخامس : ترك التكفير ، وهو وضع اليمين على الشمال لغير تقية ، وتبطل الصلاة به وفاقا للأكثر ، بل نقل المرتضى رضي‌الله‌عنه الاجماع عليه (٢٠٧) ، وكرهه أبو الصلاح (٢٠٨) ، ووافقه المحقق في المعتبر (٢٠٩) ، ولو تركه في موضع التقية ففي البطلان نظر (٢١٠).

السادس : ترك الفعل الكثير عادة ، فتبطل مع العمد لا مع السهو ، إلا مع انمحاء صورة الصلاة فمطلقا (٢١١) ، ولو ت فرق في الركعات وانتفت الكثرة بدون الاجتماع فلا تحريم ولا إبطال (٢١٢).

السابع : ترك الأكل والشرب وإن لم يعدا فعلا كثيرا ، وقيدهما العلامة به (٢١٣) ، والشيخ أطلق محتجا بالإجماع (٢١٤) ، ولا يضر ابتلاع ما تخلف بين الأسنان إن لم يكثر.

الثامن : ترك الدخول في فعل قبل إكمال الواجب قبله ، كالإنحناء للركوع قبل إكمال القراءة ، والرفع منه ، ومن السجود قبل إكمال أقل الواجب من الذكر والطمأنينة.

التاسع : ترك التحامل عن الأعضاء السبعة (٢١٥) ، أو بعضها حال السجود.

__________________

(٢٠٧) الإنتصار : ٤١.

(٢٠٨) الكافي في الفقه : ١٢٥.

(٢٠٩) المعتبر ٢ : ٢٥٥.

(٢١٠) في هامش (ش) : منشأ النظر : إن الاخلال في هذه الصورة هل هو بجزء أم خارج ، وأيضا فوضع اليدين على غير صورة التكفير هل هو جزء أم لا (منه مد ظله العالي).

(٢١١) في هامش (ش) : أي : فتبطل مطلقا سواء وقع عمدا أو سهوا (منه مد ظله العالي).

(٢١٢) في هامش (ش) : استدلوا على ذلك بما شاع من أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله كان يحمل أمامة بنت أبي العاص في الصلاة ، وكان يضعها إذا سجد ويرفعها إذا قام ، ومثل ذلك غير معدود من خواصه صلى‌الله‌عليه‌وآله (منه مد ظله العالي).

أنظر : صحيح البخاري ١ : ١٣٧ باب ١٠٦ كتاب الصلاة.

(٢١٣) المنتهى ١ : ٣١٢.

(٢١٤) الخلاف ١ : ٤١٣ مسألة ١٥٩ كتاب الصلاة.

(٢١٥) في هامش (ض) و (ش) : كما إذا شد وسطه إلى السقف بحبل مثلا (منه مد ظله العالي).


العاشر : ترك المريض الحالة العليا من القيام ، ثم القعود ، ثم الاضطجاع على الأيمن ، ثم الأيسر مع التضرر بها ، وإن قدر عليها إلى (٢١٦) تلوها حتى يستلقي.

الحادي عشر : تركه كلا من هذه الأربعة إذا لم يتمكن من الاستقرار معها إلى تلوها معه ، إما إلى غيره كالثالثة (٢١٧) من الأولى فمشكل (٢١٨).

الثاني عشر : تركه الحالة الدنيا إذا قدر على العليا من غير تضرر ، ويقرأ حال الانتقال هناك لا هنا ، وقيل : يسكت فيهما حتى يسكن ، وهو جيد إذا لم يطل سكوته في انتظار سكونه. ويقوم القاعد لو خف بعد انتهاء ركوعه لرفعه وطمأنينته ، وبعده لها ، وبعدها لهوي السجود. ولا تجب الطمأنينة له ، بل في جوازها نظر ، فلو ثقل حينئذ فهوى لضعف وقصده السجود ففي احتسابه بهويه نظر ، فإن جوزناه وصله به ، وإلا قعد ثم سجد.

الفصل العاشر

في التروك المستحبة اللسانية

وهي اثنا عشر :

ولا بأس في إطلاق المستحب على ترك المكروه ، فإنه متعارف عندهم.

الأول : ترك الكلام في أثناء الأذان والإقامة ، سوى الصلاة على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله عند ذكره (٢١٩) ، وحرمه المفيد والمرتضى رضي‌الله‌عنها

__________________

(٢١٦) في هامش (ض) و (ش) : ضمن الترك معنى العدول فعداه بلفظ إلى ، والمراد : ترك الحالة العليا عادلا إلى تلوها ، ومن هذا القبيل ما وقع في الحديث من قوله عليه‌السلام : (دع ما يريبك إلى ما لا يريبك) (منه مد ظله).

(٢١٧) في هامش (ش) : أي : كالانتقال إلى الحالة الثالثة من الحالة الأولى (منه مد ظله العالي).

(٢١٨) في هامش (ش) : الذي يقوى جواز الانتقال إليها (منه مد ظله العالي).

(٢١٩) في هامش (ض) و (ش) : لما رواه في الفقيه صحيحا ، وفي الكافي حسنا عن زرارة ، عن الباقر عليه‌السلام أنه قال : (صل على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله كلما ذكرته ، أو ذكره ذاكر عنده في أذان أو غيره) ، وقد عمل بعضهم بظاهر هذه الرواية فأوجب الصلاة على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله كلما ذكره ، وهو مذهب ابن بابويه كما نقل عنه ، ووافقه صاحب كنز العرفان ، وفيه قوة إذ لم نظفر لهذه الرواية بمعارض لنحمل الأمر فيها على الاستحباب ، فيبقى على حقيقته (منه مد ظله).


في ـ الإقامة (٢٢٠) ، ووافقهما الشيخ طاب ثراه فيما بعد قد قامت (٢٢١) ، وصحيحة ابن أبي عمير (٢٢٢) ، وموثقة سماعة (٢٢٣) شاهدتان (٢٢٤) لهم ، فإنهما صريحتان في تحريمه بعد ذلك على أهل المسجد ، إلا في تقديم إمام ، وحملتا على تأكد الكراهة جمعا بينهما وبين صحيحة حماد بن عثمان المتضمنة جواز تكلم الرجل بعدما يقيم (٢٢٥). وللمنتصر (٢٢٦) لهؤلاء المشايخ الجمع بينها بحمل الأوليين على الإقامة الواجبة عندهم ـ أعني الإقامة للجماعة ـ والثالثة على المستحبة ، وهي إقامة المنفرد.

__________________

أنظر : الكافي ٣ : ٣٠٣ حديث ٧ باب بدء الأذان والإقامة ، الفقيه ١ : ١٨٤ حديث ٨٧٥ ، كنز العرفان : ١٣٢.

(٢٢٠) المقنعة : ١٥.

(٢٢١) المبسوط ١ : ٩٦ ، وانظر : جمل العلم والعمل (المطبوع مع شرح القاضي ابن البراج) : ٧٩.

(٢٢٢) في هامش (ض) و (ش) : وهي ما رواه من أنه سأل الصادق عليه‌السلام عن الرجل يتكلم في الإقامة قال : (نعم ، فإذا قال المؤذن : قد قامت الصلاة فقد حرم الكلام على أهل المسجد ، إلا أن يكونوا قد اجتمعوا من شتى وليس لهم إمام فلا بأس أن يقول بعضهم لبعض : تقدم يا فلان (منه مد ظله).

رواها الشيخ في التهذيب ٢ : ٥٥ حديث ١٨٩ والاستبصار ١ : ٣٠١ حديث ١١١٦.

(٢٢٣) في هامش (ض) و (ش) : وهي ما رواه عن الصادق عليه‌السلام ، أنه قال : (إذا قال المؤذن : قد قامت الصلاة فقد حرم الكلام ، إلا أن يكون القوم ليس يعرف لهم إمام (منه مد ظله).

التهذيب ٢ : ٥٥ حديث ١٩٠ ، الإستبصار ١ : ٣٠١ حديث ١١١٤.

(٢٢٤) في هامش (ض) و (ش) : لا يخفى أن شهادتهما للشيخ أتم من شهادتهما للمفيد والمرتضى ، ويشهد لهما شهادة تامة إن حملنا النهي على التحريم ، كما في صحيحة عمرو بن أبي نصر ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : أيتكلم الرجل في الأذان؟ قال : (لا بأس) قلت : في الإقامة؟ قال : (لا) (منه مد ظله).

أنظر : الكافي ٣ : ٣٠٤ حديث ١٠ باب بدء الأذان والإقامة ، التهذيب ٢ : ٥٤ حديث ١٨٢ ، الإستبصار ١ : ٣٠٠ حديث ١١١٠.

(٢٢٥) في هامش (ض) و (ش) : وهي ما رواه الشيخ عنه قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الرجل أيتكلم بعد ما يقيم الصلاة؟ قال : (نعم) (منه مد ظله).

أنظر : التهذيب ٢ : ٥٤ حديث ١٨٧ ، الإستبصار ١ : ٣٠١ حديث ١١١٤.

(٢٢٦) في هامش (ض) و (ش) : هذا الانتصار ذكره بعضهم ، لكني لم أطلع في كلام هؤلاء رحمهم‌الله على الفرق بين الواجبة والمستحبة في تحريم الكلام في أثنائها ، غير أن الواجبة أولى بتحريمه من المستحبة (منه مد ظله).


الثاني : ترك الإعراب في أواخر فصولهما (٢٢٧).

الثالث : ترك الترجيع فيهما ، وفسر بتكرار الشهادتين مرتين أخريين ، ولا بأس به بقصد الإشعار.

الرابع : ترك الكلام بعد الفراغ من الإقامة ، إلا (٢٢٨) ما يتعلق بالصلاة من الواجبات كعدم تقدم المأموم ، أو المستحبات كتسوية الصنوف. أما التلفظ بالنية فليس مما يتعلق بالصلاة (٢٢٩) فيكره ، اللهم إلا أن يتوقف استحضارها عليه فيجب ، والاستناد في استحبابه إلى أن فيه شغلا للقلب واللسان معا فهو أحمز مدفوع بأنه فرع كون التلفظ عبادة ، وهو أول البحث.

الخامس : ترك القراءة لمريد التقدم خطوة أو اثنتين في أثناء التخطي (٢٣٠).

السادس : ترك التأوه بحرف ، وكذا الأنين به.

السابع : السكوت بعد قراءة الفاتحة ، وبعد السورة بقدر نفس ، وطرده بعضهم في الركعتين الأخيرتين ، بل بعد التسبيح أيضا.

الثامن : ترك المأموم القراءة خلف المرضي في السرية ، وفي الجهزية إذا

__________________

(٢٢٧) في هامش (ض) : لما روي عن الصادق عليه‌السلام أنه قال : (الأذان والإقامة مجزومان) (منه مد ظله).

أنظر الفقيه ١ : ١٨٤ حديث ٨٧٤.

(٢٢٨) في هامش (ض) و (ش) : هذا الاستثناء مذهب الكل حتى القائلين بتحريم الكلام بعد قد قامت (منه مد ظله).

(٢٢٩) في (ش) : فليس من الصلاة.

(٢٣٠) في هامش (ش) : وذهب بعض علمائنا إلى وجوب تركها حينئذ ، وهو مختار شيخنا في الذكرى ، مستدلا بظاهر رواية السكوني عن الصادق عليه‌السلام ، أنه قال في الرجل يصلي في موضع يريد أن يتقدم قال : (يكف عن القراءة في مشيه حتى يتقدم إلى الموضع الذي يريد ، ثم يقرأ) ، واستدل أيضا بأن القراءة شرط في القيام ، الذي هو شرط في القراءة ويمكن حدس الدليل الأول بعد الاغماض عن ضعف سنده بأن إطلاق اسم المشي على الخطوة والخطوتين محل نظر ، والثاني : بأن فوت القراءة العرفي بهذا القدر ممنوع ، ولو تم لاقتضى بطلان الصلاة ، وأنتم لا تقولون به (منه مد ظله العالي).

أنظر : الذكرى : ١٩٦ ، الكافي ٣ : ٣١٦ حديث ٢٤ باب قراءة القرآن ، التهذيب ٢ : ٢٩٠ حديث ١١٦٥.


سمع ولو همهمة (٢٣١) ، وحرمها الشيخ في الثاني (٢٣٢).

التاسع : ترك المأموم القارئ ـ لعدم سماع الهمهمة ـ قراءة الآية الأخيرة إن نقصت قراءته عن قراءة إمامه ليركع عنها وليمجد (٢٣٣) الله سبحانه مكانها.

العاشر : ترك الادغام الكبير ، فإن الحرف الواحد في الصلاة قائما بمائة حسنة ، وقاعدا بخمسين كما في الخبر (٢٣٤).

الحادي عشر : ترك إشباع الحركات بحيث تقارب الحروف.

الثاني عشر : ترك القرآن بين السورتين وفاقا لأكثر المتأخرون ، والروايات المشعرة بتحريمه (٢٣٥) محمولة على الكراهة ، جمعا بينها وبين الدالة على جوازه (٢٣٦) ، والشيخ حملها على ظاهرها ، فحرمه في النهاية (٢٣٧) ، والمبسوط (٢٣٨) ، بل أبطل الصلاة به وفاقا للمرتضى (٢٣٩). وكيف كان فهو مستثنى بين الضحى والانشراح ، والفيل والإيلاف ، فقد أوجبه الأكثر ، بل ادعوا وحدة السورتين ، حتى

__________________

(٢٣١) في هامش (ش) : أما لو لم يسمع الهمهمة أيضا فالمشهور استحباب القراءة له ، وقد ذكروا أنه يخافت بها ، واستدلوا على ذلك برواية أبي بصير عن الصادق عليه‌السلام أنه قال : (ينبغي للإمام أن يسمع من خلفه كل ما يقول : ولا ينبغي لمن خلفه أن يسمعه شيئا مما يقول). ولا يخفى ما في هذا الاستدلال ، فإن عدم الإسماع لا يستلزم المخافتة ، لتحققه في الصف البعيد ، وأيضا الإسماع ما كان عن قصد فالدليل أخص من المدعى فتدبر (منه مد ظله العالي).

أنظر : تفسير العياشي ٢ : ٣١٨.

(٢٣٢) في هامش (ش) : الشيخان ، أنظر : المبسوط ١ : ١٥٨ ، النهاية : ١١٣.

(٢٣٣) في هامش (ض) و (ش) : مجزوم بلام الأمر ، لا معطوف على قوله : يركع ، ليكون منصوبا بلام كي (منه دام ظله).

(٢٣٤) ثواب الأعمال : ١٢٦ حديث ١ باب ثواب من قرأ القرآن قائما في صلاته.

(٢٣٥) منها ما رواه الشيخ عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام في التهذيب ٢ : ٧٠ حديث ٢٥٤ ، والاستبصار ١ : ٣١٤ حديث ١١٦٨ ، ولمزيد الاطلاع راجع الوسائل ٤ : ٧٤٠ باب ٨ من أبواب القراءة. (٢٣٦) منها ما رواه الشيخ عن زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام في التهذيب ٢ : ٧٠ حديث ٢٥٨ ، والاستبصار ١ : ٣١٧ حديث ١١٨٠.

(٢٣٧) النهاية : ٧٥.

(٢٣٨) المبسوط ١ : ١٠٧.

(٢٣٩) الإنتصار : ٤٤.


نفى الشيخ في التبيان وجوب البسملة في البين (٢٤٠) ، ولم أظفر في الأخبار بما يدل على الوجوب (٢٤١) ، ولا على الوحدة ، بل رواية المفضل (٢٤٢) صريحة في التعدد.

الفصل الحادي عشر

في التروك المستحبة الجنانية

وهي اثنا عشر :

الأول والثاني : ترك قصد حصول الثواب ، أو الخلاص من العقاب ، كما تضمنه بعض الأخبار ، حتى أبطل كثير من علمائنا الصلاة وغيرها من واجب العبادات بقصد أحد الأمرين (٢٤٣).

الثالث والرابع : ترك ضم أحد القصدين إلى التقرب.

الخامس : ترك نية القصر في الأربعة ، فإن الاتمام فيها أفضل.

السادس : ترك العدول في أثناء المنوي إتمامها في أحد الأربعة إلى القصر قبل ركوع الثالثة ، أما بعده فمبطل وإن قلنا باستحباب التسليم (٢٤٤).

السابع : ترك الاستدامة الحكمية بالعدول عن نية الحاضرة إلى الفائتة ، وإن

__________________

(٢٤٠) التبيان ١٠ : ٣٧١.

(٢٤١) في هامش (ض) و (ش) : أي : وجوب القرآن بمعنى أنه إذا قرأ الضحى وجب قرانها بالانشراح ، وكذا الفيل والإيلاف (منه مد ظله).

(٢٤٢) في هامش (ض) و (ش) : قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : (لا تجمع بين سورتين في ركعة واحدة ، إلا الضحى وألم نشرح ، وسورة الفيل ولإيلاف قريش) ولا يخفى أن الحمل على الاستثناء المنقطع في غاية البعد (منه مد ظله).

رواها الطبرسي في مجمع البيان ٥ : ٥٤٤.

(٢٤٣) في هامش (ض) و (ش) : قد بسطنا الكلام في هذا المقام بما لا مزيد عليه في شرح الحديث السابع والثلاثين من كتاب الأربعين (منه مد ظله).

(٢٤٤) في هامش (ش) : هذا إيماء إلى دفع ما يتراءى من أنا إذا قلنا بعدم وجوب التسليم فقد برئت ذمته ، وخرج من الصلاة بالتشهد الأول ، فما أوقعه بعد ذلك أمور زائدة خارجة عن الصلاة ، فلا أثر للعدول في بطلان ما قد فرغ منه وانقضى ، بل لا معنى له ، ووجه الدفع ظاهر ، فإن الخروج إنما يحصل لو لم يصل الثانية بالثالثة المندوبة فالاتصال بها كاشف عن عدم الخروج قبلها ، وقد اغتفر له الخروج في أثنائها ما دام لم يدخل في ركن ، أما بعده فلا (منه دام ظله العالي).


تخالفا سرا وجهرا ، إذا ذكرها في الأثناء مع السعة قبل ركوع الزائدة ، وأوجبه المرتضى (٢٤٥) وأكثر القدماء ، بناء على تضيق القضاء ، فيعدل قبلا ويستأنف بعدا.

الثامن : ترك الوسواس في النية وغيرها من الأفعال ، كما في صحيحة ابن سنان (٢٤٦).

التاسع : ترك إحضار غير المعبود بالبال.

العاشر : ترك حديث النفس كما في صحيحة زرارة (٢٤٧).

الحادي عشر : ترك قاصد القربة بالفعل ملاحظة ما يلزمه من الأمور الخارجة ، كالراحة في جلوس التشهد ، والتحرز عن مواجهة الشمس في الركوع والسجود ، إن جوزنا قصد اللازم كالتبرد في الوضوء ، أما الداخلة في مصلحة الصلاة كتطويل الإمام الركوع ليدركه الداخل فلا (٢٤٨).

الثاني عشر : ترك الاستدامة الحكمية بالرجوع في الأثناء لتدارك الأذان والإقامة لناسيهما (٢٤٩) لا العامد ، والشيخ عكس في النهاية (٢٥٠) ، وأطلق في

__________________

(٢٤٥)

(٢٤٦)

(٢٤٧) الكافي ٣ : ٢٩٩ حديث ١ باب الخشوع في الصلاة وكراهية العبث.

(٢٤٨) في هامش (ش) : بل يستحب له تطويله إذا أحس بداخل ، وقد نقل الشيخ الاجماع عليه ، وحد التطويل مقدار ركوعين كما تضمنته الرواية ، ولو أحس بعده بداخل ثان فهل يستحب التطويل له أيضا؟ وجهان ، وقد حكم بعض علمائنا بعدم الاستحباب هنا ، معللا باحتمال كراهة بعض المأمومين التطويل ، وأورد عليه جريان هذا الاحتمال في الأول ، إذ الحق أن مطلق استحباب التطويل مشروط بظن عدم كراهتهم (منه دام ظله العالي).

(٢٤٩) في هامش (ش) : تخصيص الرجوع لتدارك الأذان والإقامة بالناسي هو مذهب أكثر علمائنا رحمهم‌الله تعالى ، وهو الأصح ، روى الحلبي في الصحيح عن الصادق عليه‌السلام أنه قال : (إذا افتتحت الصلاة ، ونسيت أن تؤذن وتقيم ، وذكرت قبل أن تركع فانصرف وأذن وأقم واستفتح الصلاة ، وإن كنت قد ركعت فأتم صلاتك) ، وما ذهب إليه الشيخ في النهاية والمبسوط لم نجد به خبرا.

أنظر : التهذيب ٢ : ٢٧٨ حديث ١١٠٣ ، الإستبصار ١ : ٣٠٤ حديث ١١٢٧.

(٢٥٠) النهاية : ٦٥.


المبسوط (٢٥١) ، والعلامة فرق في المختلف بما فيه كلام (٢٥٢) و (٢٥٣). وكيف كان فشرط الرجوع قبلية الركوع ، واتساع الوقت ، وعدم فوت شرط كإنقضاء مدة إباحة ساتر ، وانتفاء التأدية إلى سقوط الأداء كما في تمكنه من الماء بعد التكبير متيمما ، وفقده مع بدله قبل القطع إن لم نوجبه عنده ـ لوجود الأذن ـ (٢٥٤) وقلنا كالشيخ (٢٥٥) بالنقص به في حق غير المتلبس بها.

الفصل الثاني عشر

في التروك المستحبة الأركانية

وهي اثنا عشر نوعا موزعة على اثني عشر عضوا :

الأول : ما للعين ، وهو ترك النظر إلى السماء ، وترك تحديده في شئ من

__________________

(٢٥١) المبسوط ١ : ٩٥.

(٢٥٢) المختلف : ٨٨.

(٢٥٣) في هامش (ش) : فخص الرجوع بالناسي لا العامد ، وقال : إن الأذان والإقامة من وكيد السنن ، والمحافظة عليهما يقتضي تداركهما مع النسيان ، لأن النسيان محل العذر ، أما متعمد الترك فقد دخل في الصلاة غير مريد للفضيلة ، فلا يجوز إبطال العمل ، ثم قال : وبهذا يظهر الفرق بين العامد والناسي ، هذا ملخص كلامه طاب ثراه ، واعترض عليه بأن كونهما من وكيد السنن أمر مشترك بين العامد والناسي ، وهو يقتضي رجحان تداركهما لهما ، والنهي عن إبطال العمل كذلك أيضا ، وهو يقتضي مرجوحية التدارك لهما ، فهما متساويان فيما يقتضي رجحان التدارك ومرجوحيته ، بل يمكن أن يقال : إن خطاب العامد بالتدارك أنسب ، لأن متعمد الترك حقيق بمشقة التدارك ، وأما الناسي فمعذور.

وغاية ما يقال : إن الناسي لما كان معذورا لم يجعله الشارع محروما من تدارك هذه السنة المؤكدة والفوز بثوابها العظيم ، وأما العامد فحيث أنه دخل في الصلاة معرضا عن تلك السنة الأكيدة ومتهاونا بها فهو حقيق بالمحرومية من تداركها وجدير بعدم الفوز بثوابها ، وهذا هو مراد العلامة طاب ثراه (منه مد ظله العالي).

(٢٥٤) في هامش (ض) و (ش) : قوله : لوجود الأذان علة لوجوب القطع في هذه الصورة ، والذي يقوى عندي وجوبه ، لأنه متمكن من استعمال الماء عقلا وشرعا ، فلا مجال للتوقف في انتقاض تيممه ، ولا يحضرني في هذا الباب كلام لأحد الأصحاب (منه مد ظله).

(٢٥٥) في هامش (ش) : مذهب الشيخ : أن المتيمم إذا وجد الماء ، وتمكن من استعماله في أثناء الصلاة لم ينتقض تيممه بالنسبة إلى الصلاة التي هو متلبس بها ، فلا يجوز قطعها لعموم : (لا تبطلوا أعمالكم) نعم ينتقض تيممه بالنسبة إلى الصلاة التي يأتي بها بعد تلك الصلاة (منه مد ظله


الأشياء.

الثاني : ما للأنف ، وهو ترك الامتخاط كما في صحيحة زرارة (٢٥٦) ، إلا إذا كثر فشغل القلب فإن الأولى حينئذ فعله.

الثالث : ما للفم ، وهو ترك التثاؤب كما في صحيحة زرارة ، والتنخم ، والتلثم الغير المخل بالقراءة وواجب الأذكار ، وفي صحيحة محمد بن مسلم : نفي البأس عنه للراكب (٢٥٧). وترك نفخ موضع السجود بدون حرفين ، وترك البصاق إلى القبلة وإلى اليمين ، فإن غلب فإلى اليسار ، أو تحت القدم اليسرى. وترك التبسم وإن كان منشؤه السرور والابتهاج الكامل بتذكر العفو الشامل ، والرحمة التي وسعت كل شئ.

الرابع : ما لشعر الرأس ، وهو ترك عقصه للرجل ، والقول بتحريمه ضعيف ، وبإبطاله أضعف. وترك الفصل به بين شئ من الجبهة والأرض إذا وقع بعضها عليها ، كما تضمنته صحيحة علي بن جعفر (٢٥٨) من منع المرأة منه ، والظاهر عدم الفرق بينها وبين الرجل ، وقد يحمل المنع على التحريم ، ـ لصدق السجود على الشعر وإن تحقق على غيره أيضا ، وهو محتمل ، فلا فرق حينئذ (٢٥٩) بين حيلولة الشعر وغيره مما لا يسجد عليه.

__________________

العالي).

(٢٥٦) الكافي ٣ : ٢٩٩ حديث ١ باب الخشوع في الصلاة وكراهية العبث.

(٢٥٧) في هامش (ش) : فلو صلى راكبا لم يكره له التلثم (منه مد ظله).

أنظر : الكافي ٣ : ٢٩٩ حديث ١ باب الخشوع في الصلاة وكراهية العبث ، و ٤٠٨ حديث ١ باب الرجل يصلي وهو متلثم أو ...

(٢٥٨) في هامش (ض) و (ش) : ما رواه عن أخيه الكاظم عليه‌السلام ، قال : سألته عن المرأة تطول قصتها فإذا سجدت وقع بعض جبهتها على الأرض وبعض يغطيه الشعر هل يجوز ذلك؟ قال : (لا ، حتى تضع جبهتها على الأرض) ولا يخفى أن حمل منعه عليه‌السلام على كراهية السجود على بعض الجبهة ، واستحبابه على كلها كما مر في صدر الفصل السادس بعيد ، إذ نفي الجواز كالصريح في التحريم ، فيمكن الحمل على ما إذا كان الواقع من جبهتها على الأرض شيئا يسيرا جدا بحيث لا يصدق السجود عليه عرفا ، فتأمل (منه مد ظله العالي).

أنظر : قرب الإسناد : ٩٢.

(٢٥٩) لم ترد في (ش).


الخامس : ما للوجه ، وهو ترك الانحراف اليسير به عن سمت القبلة ، أما ما فوقه فقد مر حكمه.

السادس : ما لليدين ، وهو ترك افتراش الذراعين حال السجود كما في صحيحة زرارة المشهورة (٢٦٠) ، والمرأة تفترشهما. وترك العبث بهما كما في صحيحته الأخرى (٢٦١) ، والحق به ترك العبث بسائر الأعضاء ، وترك العجن بهما أو بإحداهما حال نهوض من السجود ، كما في حسنة زرارة (٢٦٢) ، وترك التمطي.

السابع : ما للكفين ، وهو ترك التطبيق ، وهو وضع إحدى الراحتين على الأخرى راكعا بين ركبتيه ، وترك التصفيق للإعلام إلا لضرورة (٢٦٣) ، وترك جعلهما حال السجود بإزاء الركبتين ، بل يحرفهما عنهما يسيرا ، كما في صحيحة زرارة المشهورة (٢٦٤).

الثامن : ما للأصابع ، وهو ترك تشبيكها كما في صحيحة زرارة المشهورة (٢٦٥) ، وترك فرقعتها كما في صحيحته الأخرى (٢٦٦).

التاسع : ما للظهر ، وهو ترك التبازخ في الركوع ، بالتاء المثناة الفوقانية ، والباء الموحدة ، والزاء والخاء المعجمة : تقويس الظهر إلى فوق مع إخراج الصدر. وترك التدبيخ فيه أيضا ، بالتاء المثناة الفوقانية ، والدال المهملة ، والباء الموحدة ،

__________________

(٢٦٠) الكافي ٣ : ٣٣٤ حديث ١ باب القيام والقعود في الصلاة ، التهذيب ٢ : ٨٣ حديث ٣٠٨.

(٢٦١) الكافي ٣ : ٣٣٥ حديث ٢ باب القيام والقعود في الصلاة ، التهذيب ٢ : ٩٤ حديث ٣٥٠.

(٢٦٢) الكافي ٣ : ٢٩٩ حديث ١ باب الخشوع في الصلاة وكراهية العبث.

(٢٦٣) في هامش (ش) : بحيث لا يكثر ، فإن كثر أبطل وإن لم يعد من تصفيق اللهو ، وقد حكم بعض الأصحاب بأن إبطاله للصلاة لأنه لعب ولهو ، وفي هذا التعليل نظر ، والحق أن إبطاله من جهة أنه كثير لا من حيث كونه حراما في نفسه ، إذ ليس كل فعل محرم مبطلا للصلاة كلمس الأجنبية مثلا ، ودلالة السارق بالإشارة ، ونحو ذلك. واعلم أن بعض علمائنا خص التصفيق المجوز في الصلاة بما كان ببطن أحد الكفين على ظهر الأخرى ، أما البطن على البطن فحكم بتحريمه مطلقا ، وعلله بما سبق. وفيه : أن صدق اللهو على الصفقة الواحدة أو الاثنين محل نظر ، وأيضا فصدق اسم التصفيق على ضرب بطن إحدى الكفين على ظهر الأخرى موضع كلام ، فتدبر (منه مد ظله العالي).

(٢٦٤) الكافي ٣ : ٣٣٤ حديث ١ باب القيام والقعود في الصلاة ، التهذيب ٢ : ٨٣ حديث ٣٠٨.

(٢٦٥) المصدر السابق.

(٢٦٦) الكافي ٣ : ٣٣٥ حديث ٢ باب القيام والقعود في الصلاة ، التهذيب ٢ : ٩٤ حديث ٣٥٠.


والياء المثناة التحتانية ، والخاء المعجمة ، ويروى بالحاء أيضا : تقويس الظهر مع طأطأة الرأس.

العاشر : ما للخصر ، وهو ترك التخصر ، أعني : قبض الخصر باليدين أو أحدهما كما يفعله المترفون.

الحادي عشر : ما للرجلين ، وهو ترك التورك ، والمراد به هنا : الاعتماد على إحدى الرجلين تارة ، والأخرى من غير رفع ، ولو كثر فالظاهر بطلان الصلاة به ، أما مع الرفع فلا تردد في البطلان.

الثاني عشر : ما للقدمين ، وهو ترك تلاصقهما حال القيام كما في صحيحة زرارة المشهورة (٢٦٧) ، بخلاف المرأة ، وترك الاقعاء بين السجدتين ، وفي جلسة الاستراحة ، والتشهد ، وهو أن يعتمد بصدور قدميه على الأرض ، ويجلس على عقبيه ، وقد يفسر بأن يجلس على أليتيه ناصبا فخذيه ، وفي بعض الأخبار إيماء إليه ، وربما فسر بأن يجلس على قدميه ، ويصيب الأرض بيديه.

وترك الجلوس عليهما حال التشهد ، وهو من التروك المؤكدة ، لنهي أبي جعفر الباقر عليه‌السلام عنه في صحيحة زرارة المشهورة بقوله : (وإياك والقعود على قدميك فتتأذى بذلك ، ولا تكون قاعدا على الأرض ، فتكون إنما قعد بعضك على بعض فلا تصبر للتشهد والدعاء) (٢٦٨).

ورد في نهاية نسخة (ض) : صورة خط المصنف دام ظله : اتفق فراغي من تأليف هذه الرسالة الاثني عشرية في يوم مولد من ختمت به الرسالة إلى البرية ، سنة ألف واثني عشر هجرية على صاحبها ألف ألف صلاة وسلام وتحية ، وأنا أحوج الخلق إلى رحمة الله الغني محمد المشتهر ببهاء الدين العاملي ، وفقه الله للعمل في يومه لغده قبل أن يخرج الأمر من يده ، والحمد لله رب العالمين.

تمت بقلم أحقر عباد الله العبد الخاطئ علي بن أحمد النباطي.

* * *

__________________

(٢٦٧) الكافي ٣ : ٣٣٤ حديث ١ باب القيام والقعود في الصلاة ، التهذيب ٢ : ٨٣ حديث ٣٠٨.

(٢٦٨) الكافي ٣ : ٣٣٤ حديث ١ باب القيام والقعود في الصلاة ، التهذيب ٢ : ٨٣ حديث ٣٠٨.


بسم الله الرحمن الرحيم

أما بعد الحمد والصلاة : فقد قرأ علي سيدنا الأجل الأمجد الأعظم ، قدوة السادات العظام ، وخلاصة الأماجد الكرام ، شمس سماء السيادة والنقابة والمجد والكمال ، غرة سيماء النجابة والفضل والعزة الاقبال ، المستغني عن الإطالة والإطناب ، في نشر المحامد والألقاب ، سيدنا سيد سليمان أدام الله تعالى معاليه ، وحرسه في أيامه ولياليه ، وقدس الله روح والده الأجل ، افتخار أعاظم السادات في زمانه ، مرجع أفاخم أصحاب السعادات في أوانه ، السيد شمس الدين محمد بن شدقم الحسيني المدني طاب ثراه ، هذه الرسالة الاثني عشرية ، وقد أجزت له أن يرويها عني لمن شاء وأحب ، والله سبحانه ولي التوفيق والإعانة ، وكتب هذه الأحرف بيده الجانية الفانية ، أقل العباد ، مؤلف الرسالة محمد المشتهر ببهاء الدين العاملي عفى الله عن سيئاته ، سائلا من سيدنا ومخدومنا سلمه الله الاجراء على صفحة خاطره الشريف بسوانح الدعوات ، في مظان الإجابات ، ووقع تحرير هذه الأحرف في العشر الثالث من الشهر الثاني من السنة السادسة عشر من الهجرة والحمد لله أولا وآخرا.

* * *


هو

قرأ علي الولد الأعز الفاضل التقي ، الورع الألمعي المتقي اللوذعي ، خلاصة الأفاضل والمتورعين ، الشيخ زين الدين علي النباطي أدام الله فضله ، وكثر في علماء الفرقة الناجية مثله ، جميع هذه الرسالة الاثني عشرية ، قراءة فهم واتقان ، وتحقيق وإمعان ، واستكشاف عن المبهمات ، واستيضاح للعويصات ، وقد أجزت له وفقه الله لا رتقاء معارج الكمال أن يرويها عني لمن شاء وأحب ، وكتب ذلك ببنانه ، وقاله بلسانه مؤلفها أقل الأنام محمد المشتهر ببهاء الدين العاملي ، في أواسط جمادى الأولى عام ألف واثني عشر حامدا مصليا مسلما.

وورد في نهاية نسخة (ش) : وقد وقع الفراغ من تسويد هذه الرسالة الشريفة نفعنا الله بها في غرة شهر صفر ختم بالخير والظفر ، من شهور سنة ثلاثة عشر وألف من الهجرة النبوية عليه وآله أفضل الصلاة والتحية.

* * *


فهرس المصادر

١ ـ القرآن الكريم.

٢ ـ الاستبصار : لشيخ الطائفة محمد بن الحسن الطوسي ، ت ٤٦٠ هـ ، دارالكتب الاسلامية / طهران ١٣٩٠ هـ.

٣ ـ أعيان الشيعة : للسيد محسن الامين ، ت ١٣٧٠ هـ ، دارالتعارف للمطبوعات / بيروت ١٤٠٣ هـ.

٤ ـ امالي الصدوق : لمحمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي ، ت ٣٨١ هـ ، مؤسسة الاعلمي للمطبوعات / طهران ١٩٨٠ م.

٥ ـ إيضاح الفوائد في شرح القواعد :

٦ ـ البيان : للشهيد الاوّل محمد بن مكي العاملي ، ت ٧٨٦ هـ ، مجمع الذخائر الاسلامية / قم.

٧ ـ التبيان : لشيخ الطائفة محمد بن الحسن الطوسي ، ت ٤٦٠ هـ ، مؤسسة الاعلمي / بيروت.

٨ ـ تذكرة الفقهاء : للحسن بن يوسف بن علي بن المطهّر الحلي ، ت ٧٢٦ هـ ، المكتبة المرتضوية / طهران.

٩ ـ تفسير نور الثقلين : للشيخ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي ، ت ... هـ ، المطبعة العلمية / قم.

١٠ ـ تفسير العيّاشي : لابي نصر محمد بن مسعود العيّاشي ، ت .... هـ ، المطبعة العلمية / طهران.

١١ ـ التوحيد : لمحمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي ، ت ٣٨١ هـ ، جماعة المدرّسين في الحوزة العلمية / قم.

١٢ ـ تهذيب الاحكام : لشيخ الطائفة محمد بن الحسن الطوسي ، ت ٤٦٠ هـ ن دارالكتب الاسلامية / طهران ١٣٩٠ هـ.

١٣ ـ ثواب الاعمال : لمحمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي ، ت ٣٨١ هـ ، مكتبة الصدوق / طهران ، وكتبي نجفي / قم.


١٤ ـ الجامع للشرائع : ليحيى بن سعيد الحلي ، ت ٦٩٠ هـ ، مؤسسة سيّدالشهداء العلمية / قم ١٤٠٥ هـ.

١٥ ـ جمل العلم والعمل : لأبي القاسم الحسين بن علي الشريف المرتضى ، ت ٤٣٦ هـ ، دار القرآن الكريم / قم ١٤٠٥ هـ.

١٦ ـ الحبل المتين : للشيخ البهائي محمد بن الحسين ، ت ١٠٣٠ هـ ، مكتبة بصيرتي / قم.

١٧ ـ الخلاف : لشيخ الطائفة محمد بن الحسن الطوسي ، ت ٤٦٠ هـ ، مؤسسة النشر الاسلامي التابعة لجماعة المدرّسين / قم ١٤٠٧.

١٨ ـ ذكرى الشيعة في أحكام الشريعة : للشهيد أبي عبدالله محمد بن مكي العاملي ، ت ٧٨٦ هـ ، مكتبة بصيرتي / قم.

١٩ ـ روض الجنان في شرح إرشاد الاذهان : للشهيد الثاني زين الدين الجبعي العاملي ، ت ٩٥٦ هـ ، مؤسسة آل البيت ـ عليهم السلام ـ لإحياء التراث / قم.

٢٠ ـ روضات الجنّات : للميرزا محمّد باقر الموسوي الخوانساري ت ١٣١٣ هـ ، مكتبة اسماعيليان / قم ١٣٩٠ هـ.

٢١ ـ السرائر : لمحمّد بن ادريس العجلي الحلي ، ت ٥٩٨ هـ ، منشورات المعارف الاسلامية ١٣٩٠ هـ.

٢٢ ـ سنن ابن ماجة : لمحمّد بن يزيد القزويني / ت ٢٧٥ هـ ، دار احياء التراث العربي / بيروت ١٣٩٥ هـ.

٢٣ ـ سنن ابي داود : لأبي داود السجستاني ، ت ٢٧٥ هـ ، دارالفكر / بيروت.

٢٤ : سنن النسائي : لأبي عبدالرحمن احمد بن شعيب النسائي ، ت ٣٣٠ هـ ، دار إحياء التراث العربي / بيروت ١٣٤٨ هـ.

٢٥ : شرائع الاسلام : لابي القاسم نجم الدين جعفر بن الحسن المحقّق الحلي ، ت ٦٧٦ هـ ، دارالاضواء / بيروت ١٤٠٣ هـ.

٢٦ : شرح جمل العلم والعمل : للقاضي ابن البرّاج ، ت ٤٨١ هـ ، نشر جامعة مشهد ، ١٣٥٢ هـ. ش.

٢٧ ـ الصحاح : لاسماعيل بن حماد الجوهري ، ت ٤٥٣ هـ ، دار العلم للملايين / بيروت ١٩٥٦ م.

٢٨ ـ صحيح البخاري : لمحمد بن اسماعيل البخاري ، ت ٢٥٦ هـ ، دار إحياء

التراث العربي / القاهرة.

٢٩ ـ صحيح مسلم : لمسلم بن الحجاج القشيري ت ٢٦١ هـ ، دار احياء التراث العربي / القاهرة ١٣٧٤ هـ.

٣٠ ـ عوالي اللآلي العزيزية : لابن ابي جمهور الاحسائي ، ت .... ، تحقيق الشيخ مجتبى العراقي / قم.

٣١ ـ الغنية : للسيّد حمزة بن علي بن زهرة ، ت ٥٨٥ هـ ، مكتبة السيد المرعشي النجفي العامة / قم ١٤٠٤ هـ.

٣٢ ـ القاموس المحيط : لمحمّد بن يعقوب الفيروزآبادي ، ت ٨١٧ هـ ، دار الفكر العربي / بيروت ١٩٨٣ م.

٣٣ ـ قرب الاسناد : لابي العبّاس عبدالله بن جعفر الحميري ، ت القرن الثالث ، مكتبة نينوى / طهران.

٣٤ ـ قواعد الاحكام : للحسن بن يوسف المطهّر الحلي ، ت ٧٢٦ هت ، منشورات الرضي / قم.

٣٥ ـ الكافي : لثقة الاسلام محمد بن يعقوب الكليني ، ت ٢٢٩ هـ ، المكتبة الاسلامية / طهران ١٣٨٨ هـ.

٣٦ ـ الكافي في الفقه : لابي الصلاح الحلبي ، ت ٣٧٤ هـ ، مكتبة الامام امير المؤمنين / اصفهان ١٤٠٣ هـ.

٣٧ ـ كنز العرفان في فقه القرآن : لجمال الدين المقداد السيوري ، ت ٨٢٦ هـ ، المكتبة المرتضوية / طهران ١٩٨٥.

٣٨ ـ كنز العمال : لعلاء الدين على المتّقي بن حسام الدين الهندي ، ت ٩٧٥ هـ ، مؤسسة الرسالة / بيروت ١٩٨٥.

٣٩ ـ المبسوط : لشيخ الطائفة أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي ، ت ٤٦٠ هـ ، المكتبة المرتضوية ١٣٨٧ هـ.

٤٠ ـ مجمع البيان : لابي على الفضل بن الحسن الطبرسي ، ت القرن السادس ، مكتبة السيد المرعشي النجفي العامة / قم ١٤٠٣ هـ.

٤١ ـ المختلف : للعلّامة الحلي الحسن بن يوسف بن علي بن المطهّر ، ت ٧٢٦ هـ ، مكتبة نينوى / طهران.

٤٢ ـ المراسم في الفقه الامامي : لسلّار حمزة بن عبدالعزيز الديلمي ، ت ٤٣٦ ،


منشورات الحرمين / قم ١٤٠٠ هـ.

٤٣ ـ معاني الاخبار : لمحمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي ، ت ٣٨١ هـ ، جماعة المدرسين في الحوزة العلمية / قم ١٣٦١ هـ. ش.

٤٤ ـ المعتبر في شرح المختصر : للمحقّق الحلي نجم الدين أبي القاسم جعفر بن الحسن ، ت ٦٧٦ هـ ، مؤسسة سيّدالشهداء / قم ١٣٦٤ هـ. ش.

٤٥ ـ مفتاح الكرامة : للسيّد محمّد جواد العاملي ت ١٢٢٦ هـ ، مؤسسة آل البيت ـ عليهم السلام ـ لاحياء التراث / قم.

٤٦ ـ المقنع والهداية : لمحمّد بن علي بن الحسين بن بابويه ، ت ٣٨١ هـ ، مؤسسة المطبوعات الدينية / طهران ١٣٧٧ هـ.

٤٧ ـ المقنعة : للشيخ المفيد محمّد بن محمّد بن نعمان ، ت ٤١٣ هـ ، مكتبة السيد المرعشي النجفي العامة / قم ١٤٠٤ هـ.

٤٨ ـ من لا يحضره الفقيه : لمحمّد بن علي بن الحسين بن بابويه ، ت ٣٨١ هـ ، دار الكتب الاسلاميّة ١٣٩٠ هـ.

٤٩ ـ منتهى المطلب : للعلّامة الحلي الحسن بن يوسف بن علي المطهّر ، ت ٧٢٦ هـ.

٥٠ ـ المهذّب : لعبد العزيز البراج الطرابلسي ، ت ٤٨١ هـ ، مؤسسة النشر الاسلامي التابعة لجماعة المدرّسين / قم ١٤٠٦.

٥١ ـ الانتصار : لابي القاسم الحسين بن علي الشريف المرتضى ، ت ٤٣٦ هـ ، المطبعة الحيدرية / النجف الاشرف ١٩٧١ م.

٥٢ ـ الناصريات : لأبي القاسم الحسين بن علي الشريف المرتضى ، ت ٤٣٦ هـ ، مكتبة السيد المرعشي النجفي العامة / قم.

٥٣ ـ النهاية : لشيخ الطائفة محمد بن الحسن الطوسي ، ت ٤٦٠ هـ ، دارالكتاب العربي / بيروت.

٥٤ ـ وسائل الشيعة : لمحمّد بن الحسن الحر العاملي ، ت ١١٠٤ هـ ، المكتبة الاسلامية / طهران ١٣٩٨ هـ.

٥٥ ـ الوسيلة إلى نيل الفضيلة : لعماد الدين محمّد بن علي بن حمزة الطوسي ، ت القرن السادس ، مطبعة الآداب / النجف الاشرف ١٩٧٩ م.



رسالة في

افتتاح الكلام ببسم الله

تيمنا وتبركا

المؤلف

هو الشيخ زين الدين بن نور الدين علي بن أحمد محمد بن علي بن جمال الدين بن تقي بن صالح بن مشرف العاملي الشامي الطلوسي الجبعي ، الشهير ب (الشهيد الثاني).

ولد ـ قدس‌سره ـ في ١٣ شوال سنة ٩١١ ه ، وكان أبوه من أكابر علماء عصره ، وكذلك كان آباؤه إلى (صالح) وبنو عمومته وأخوه عبد النبي وابن أخيه.

درس العلوم المعروفة في زمنه ، وأخذ عن علماء الفريقين وبرع وفاق أقرانه رغم شدة الفقر ، فقد كان يحرس مزرعته ليلا ، ويحتطب لعياله.

سافر إلى إستانبول ، وأسند إليه تدريس المدرسة النورية في بعلبك فبقي فيها خمس سنين يدرس المذاهب الخمسة ، وهذا يدل على سعة علمه واطلاعه.

ألف نحو ثمانين كتابا ، أشهرها : (الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية) الذي لا يزال من أهم الكتب التي تدرس في الحوزات العلمية.

له عدة رسائل ، منها هذه الرسالة في ابتداء الكلام ببسم الله ، موجودة ضمن مجموعة تضم عدة رسائل له ، من محفوظات مكتبة آية المرعشي العامة ، في قم ، برقم ٤٤٤ ، ذكرت في فهرسها ٢ : ٤٨.

ألقي القبض عليه في مكة المكرمة أثناء حجه نتيجة افتراءات عليه وتهم


ألصقت به ، فقتل في الطريق أثناء تسييره إلى سلطان الروم خوف فضيحة المفترين عليه ، فلقي الله وهو مخضب بدمه ، وكانت شهادته سنة ٩٦٥ ه ، وكان عمره آنذاك ٥٥ سنة ، رفع الله في جنان الخلد مقامه (١).

* * *

__________________

(١) راجع للوقوف على أحواله : أعيان الشيعة ٧ : ١٤٣ ، إيضاح المكنون ٤ : ٤٧٩ ، بغية المريد الواردة ضمن كتاب الدر المنثور ٢ : ١٨٧ ، أمل الآمل ١ : ٨٧ ، لؤلؤة البحرين : ٣٥ ، روضات الجنات ٣ : ٣٧٩ ، وغيرها.




رسالة في افتتاح الكلام ببسم الله

تيمنا وتبركا

بسم الله الرحمن الرحيم

افتتاح الكلام بتسمية الله تعالى تيمنا وتبركا بأشرف الأعلام ، واقتداء بخير الكلام ، كلام الملك العلام ، وتأسيا بالعلماء الأعلام ، وامتثالا للأمر الوارد بالالتزام ، من النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهو الحديث المشتهر بين الخاص والعام ، من قوله :

(كل أمر ذي بال لم يبدأ باسم الله ، فهو أبتر) (١).

والمراد بالأمر ذي البال : ما يخطر بالقلب من الأعمال ، جليلة كانت أو حقيرة ، فإن أفعال العقلاء تقع تابعة لمقصودهم ودواعيهم المتوقف ، على الخطور بالقلب.

والأبتر : يطلق على المقطوع مطلقا ، وعلى مقطوع الذنب ، وعلى ما لا عقب ولا نتيجة له ، وعلى ما انقطع من الخير أثره.

والمعنى على الأول الآخر ، أن ما لا يبتدأ فيه ـ من الأمور ـ بالتسمية فهو مقطوع الخير والبركة.

وعلى الثاني : يراد به الغاية الحاصلة من البتر ، وهي النقص وتشويه الخلقة ونقص القدر.

وفي تخصيص الوصف بالآخر ـ مع أن الفائت مع التسمية الأول ـ إشارة إلى بقاء الاعتبار [في] (٢) ما لا تسمية له ـ في الجملة ـ وإن كان ناقصا ، بخلاف ناقص

__________________

(١) وسائل الشيعة ٤ : ١١٩٤ / ٤ ـ نقلا عن تفسير الإمام العسكري عليه‌السلام ـ وفيه : ... لا يذكر بسم الله فيه فهو أبتر ، وتفسير البرهان ١ : ٤٦ وفيه : ... لم يذكر فيه اسم الله ، وتفسير أبي الفتوح الرازي ١ : ٢٩ وفيه : ... لم يبدأ ببسم الله .. ، والجامع الصغير ٢ : ٢٧٧ / ٦٢٨٤ وفيه : ... لا يبدأ فيه ببسم الله أقطع ، ومسند أحمد ٢ : ٣٥٩ وفيه : كل كلام أو أمر ذي بال لا يفتح بذكر الله عزوجل فهو أبتر ـ أو قال : ـ أقطع.

(٢) زيادة يقتضيها النسق.


الرأس مثلا ، فإنه لا بقاء له.

والكلام في الثالث نحو الكلام في الأول والأخير ، فإن ما لا نتيجة له ولا عقب ناقص البركة ، مضمحل الفائدة ، منقطع الخير.

والتعبير بالابتداء ـ الصادق على القول والكتابة ـ يدخل فيه ابتداء العلماء بها كتابة ، وابتداء الصناع بها قراءة ، فسقط ما قيل : إنه إن أراد بالابتداء القراءة ، لم يكن فيه دلالة على الاجتزاء بالكتابة ، فلا يتم تعليلهم ابتداء التصنيف بها لأن الكتابة لا تستلزم القراءة.

وإن أريد الكتابة لم يحصل أمثال النجار الخير حتى يبتدئ أولا ، فيكتب (بسم الله الرحمن الرحيم) ، لاندفاع ذلك بالتعبير بالابتداء على وجه كلي.

نعم ، ربما استفيد من القرائن الحالية اختصاص كل أمر بما يناسبه من أفراد الابتداء ، فلا تكفي الكتابة لمريد النجارة ـ مثلا ـ.

والمعارضة بينه وبين ما ورد من أن (ما لا يبتدأ فيه بحمد الله ، فهو أجذم) ـ أي مقطوع اليد ، أو مطلقا ـ مندفعة ، بأن المراد من الحمد هو الثناء على ذي الكمال بنعت من نعوت الجلال ، واسم الله المتعال ملزوم ومشتهر في صفات الاكرام ، ونعوت الجلال ، فالابتداء بالتسمية توجب الابتداء بهما جميعا.

والباء في (بسم الله) :

إما صلة ، مفيدة لمجرد تقوية المعنى وتوكيده ، فلا يحتاج إلى التعلق بشئ.

أو للاستعانة.

أو للمصاحبة.

متعلقه محذوف ، مصدر مبتدأ ، خبره محذوف ، تقديره : ابتدائي حاصل أو ثابت باسم الله.

أو فعل كابتدئ ونحوه.

أو حال من فاعل الفعل المحذوف أي : أبتدائ متبركا أو مستعينا باسم


ولا يرد على الأول : لزوم حذف المصدر وإبقاء معموله ، لأن الظروف والجار والمجرور يتوسع فيهما ما لا يتوسع في غيرها (٣).

ويجوز تقديره مقدما كما هو الأصل في العامل [و] متأخرا ، ليختص اسم الله بالتقدم لكونه أهم وأدل على الاختصاص ، وأوفق للوجود ، ويؤيده (بسم الله مجراها ومرساها) (٤).

وفي الآية أيضا دلالة على رجحان تقديره اسما.

وإنما كسرت الباء ـ مع أن حق الحروف المفردة أن تفتح ـ لاختصاصها بلزوم الحرفية والجر كما كسرت لام الأمر ولام الجر إذا دخلت على المضمر ، للفرق بينها وبين لام التأكيد ، لمناسبة كسرها لعملها.

وإنما حذفت الألف من (بسم الله) خطا كما حذفت لفظا لكثرة استعمالها ، فناسبها التخفيف (٥) ، بخلاف (باسم ربك) (٦). وألحق بها (بسم الله مجراها) (٧) و (إنه من سليمان ، وإنه بسم الله الرحمن الرحيم) (٨) ـ وإن لم تكتبا في القرآن إلا مرة واحدة ، لشبهها لها صورة.

وتثبت في (الله ، الرحمن ، الرحيم) مع مشاركتها فيها لها لكونها في الجميع همزة وصل ، على غير قياس.

ومما اشتهر قولهم : خطان لا يقاسان : خط المصحف وخط العروضيين (٩).

وإنما طالت الباء ليدل على حذف الألف.

والاسم لغة : ما دل على مسمى ، وعرفا : ما دل مفردا على معنى في نفسه ، غير متعرض بنيته لزمان.

__________________

(٣) المغني ، لابن هشام ـ طبعة سعيد الأفغاني ـ ص ٩٠٩ ـ القاعدة التاسعة من الباب الثامن.

(٤) الآية (٤١) من سورة هود رقم (١١).

(٥) هذا هو الظاهر ، وكان في المخطوطة : (التحقيق) بدل : التخفيف.

(٦) من الآية (١) من سورة العلق رقم (٩٦).

(٧) الآية (٤١) من سورة هود رقم (١١).

(٨) الآية (٣٠) من سورة النمل رقم (٢٧).

(٩) لاحظ : الإتقان في علوم القرآن للسيوطي ، ج ٤ ، ص ١٦٨ ـ ١٦٩ ، النوع ٧٦.


والتسمية : جعل اللفظ دالا على ذلك المعنى.

والاسم غير المسمى عند الاطلاق.

وإنما علق الجار بالاسم ـ مع أن المعنى إنما يراد تعلقه بالمسمى ـ للإشعار بعدم اختصاص التعلق بلفظ (الله) لا غير أنه أحد الأسماء [كذا] ، وللتحرز من إيهام القسم ولقيام لفظ (الله) مقام الذات في الاستعمال ومن ثم يقال : (الرحمن [و] الرحيم ، وغير هما : اسم من أسماء الله) ولا ينعكس. ـ ولجريان باقي الأسماء صفة له ، من غير عكس.

والاسم مشتق من السمو ، وهو العلو والارتفاع ، لأنه سما على مسماه وعلا على (١٠) ما تحته من معناه.

وقيل : من السمة ، مصدر وسمت الشئ ، أي : جعلت له علامة ، لأن الاسم علامة على المسمى.

ويدل على الأول : جمعه على أسماء ، وتصغيره على سمي ، وهما يردان الأشياء إلى أصولها ، ولا يتم ذلك إلا إذا كان أصله سموا. لصيرورته (١١) مع التصغير : سميوا ، ثم قلبت الواو ياءا لاجتماعهما وسبق الياء بالسكون فقلب الثاني (١٢) إليها وأدغمت الأولى فيها.

ولو كان الاشتقاق من السمة لوجب أن يجمع على أوسام ، كأوصاف وأوزان ويصغر على وسيم ، كوعيد لأن السمة أصلها (وسم) حذفت الواو وعوضت بالهاء كنظائرها من الصفة والزنة.

و (الله) أصله الإله ، حذفت الهمزة وعوض عنها حرف التعريف ، ثم جعل علما للذات الواجب الوجود ، الخالق لكل شئ ، فهو جزئي حقيقي لا كلي انحصر في فرد كما زعم بعضهم ، أنه اسم بمفهوم (الواجب لذاته) أو (المستحق للعبودية له) وكل منهما كلي لم يوجد له إلا فرد واحد.

__________________

(١٠) كذا الظاهر ، وكان في النسخة : وعلى على.

(١١) كذا الظاهر ، وكان في النسخة : لضرورته.

(١٢) كذا في الظاهر ، والمراد قلب الحرف الثاني وهو الواو إلى الياء ثم الادغام ، وكان في النسخة : فنقلت الثاني إليها.


ومما يكشف عن فساده : أن قولنا : (لا إله إلا الله) كلمة توحيد بالاتفاق من غير أن يتوقف على اعتبار عهد ، فلو كان (الله) اسما لمفهوم (المعبود بالحق) ، أو (الواجب لذاته) لا علما للفرد الموجود منه ، لما أفاد التوحيد ، لأن المفهوم من حيث هو محتمل للكثرة.

والرحمن الرحيم : اسمان بنيا للمبالغة من (رحم) بتنزيله منزلة اللازم ، أو بجعله لازما ونقله إلى (فعل) بالضم.

والرحمة : رقة للقلب تقتضي التفضل ، فالتفضل غايتها ، وأسماء الله تعالى المأخوذة من نحو ذلك ، إنما يؤخذ باعتبار الغاية دون المبدأ.

وقدم (الله) عليهما لأنه اسم ذات وهما أسماء صفات ، والذات مقدمة على الصفة.

وقدم (الرحمن) على (الرحيم) لأنه خاص باعتبار المبدأ ، إذ لا يقال لغير الله تعالى ، بخلاف الرحيم ، ـ [و] لأنه أبلغ من (الرحيم) لأن زيادة البناء (١٣) تدل على زيادة المعنى ـ غالبا ـ كما في قطع وقطع ، وكبار وكبار.

ونقض : بحذر ، فإنه أبلغ من حاذر!

ويندفع : بقيد الأغلبية.

وبأنه لا ينافي أن يقع في الأنقص زيادة معنى بسبب آخر ، كالإلحاق بالأمور الجبلية مثل (شره ونهم).

وإنما قدم والقياس يقتضي الرقي من الأدنى إلى الأعلى كقولهم : عالم نحرير ، وجواد فياض ـ لأنه صار كالعلم من حيث أنه لا يوصف به غيره ـ أو لأنه لما دل على جلائل النعم وأصولها ، ذكر الرحيم ليتناول ما دق منها ولطف ، ليكون كالتتمة (١٤) والرديف.

__________________

(١٣) كذا الظاهر ، وكان في النسخة : زيادة الثناء.

(١٤) كذا الظاهر ، وفي النسخة : (كالنقمة).


وللمحافظة على رؤوس الآي ، وما يوضح [كذا] عليه مجيئه (١٥) غير تابع نحو (الرحمن علم القرآن) (١٦) (قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن) (١٧) ، والله أعلم.

* * *

__________________

(١٥) كذا وفي النسخة : (محيه).

(١٦) الآية (١) من سورة الرحمن رقم (٥٥).

(١٧) الآية (١١٠) من سورة الإسراء رقم (١٧).


من أنباء التراث

كتب ترى النور لأول مرة

* أعلام الدين في صفات المؤمنين

تأليف : الشيخ أبي محمد الحسن بن أبي الحسن الديلمي ـ صاحب (إرشاد القلوب) ، من أعلام القرن الثامن الهجري.

تحقيق ونشر : مؤسسة آل البيت ـ عليهم‌السلام ـ لإحياء التراث ، في قم.

ويتضمن الكتاب أيضا على تمام كتاب (البرهان على ثبوت الإيمان) ، لأبي الصلاح الحلبي (٣٧٤ ـ ٤٤٧ ه).

قامت لجنة تحقيق مصادر (بحار الأنوار) في مؤسسة آل البيت ـ عليهم‌السلام ـ لإحياء التراث بضبط نصه على النسخة المحفوظة في مكتبة الإمام الرضا ـ عليه‌السلام ـ في مشهد ، برقم ٣٨١ ، كما قامت بتخريج أحاديثه ، وترتيب فهارسه ، وصدر في ٥٣٢ صفحة من القطع الوزيري

ضمن سلسلة مصادر (بحار الأنوار)برقم (٥).

* العدد القوية لدفع المخاوف اليومية

تأليف : الشيخ رضي الدين علي بن سديد الدين يوسف بن علي بن المطهر الحلي ، من أعلام القرن الثامن الهجري.

كتاب لطيف في أعمال السنة والأدعية الواردة في يوم منها ، ومواليد الأئمة.

تحقيق : السيد مهدي الرجائي.

نشر : مكتبة آية الله المرعشي العامة ـ قم.

والكتاب من مصادر (بحار الأنوار) وقد صدر منه المجلد الثاني اعتمادا على النسخة المحفوظة في مكتبة آية الله المرعشي العامة ، غير أن مخطوطة المجلد الأول منه


لا تزال مفقودة.

* الذرية الطاهرة

تأليف : أبي بشر محمد بن أحمد بن حماد الأنصاري الرازي الدولابي (٢٢٤ ـ ٣١٠ ه).

تحقيق : السيد محمد جواد الحسيني الجلالي.

نشر : مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين في الحوزة العلمية ـ قم ، وراجع عن مخطوطات الكتاب (تراثنا) العدد الرابع ، السنة الأولى ، ص ٩٤ ، ت ١٩٤ ، من موضوع أهل البيت ـ عليهم‌السلام ـ في المكتبة العربية.

* الفتح والبشرى في مناقب الزهرا

تأليف : السيد محمد الجفري (١١٤٩ ـ ١١٨٦ ه).

تحقيق : محمد سعيد الطريحي.

نشر : مؤسسة الوفاء ـ بيروت.

* تأويل الآيات الظاهرة في فضائل العترة الطاهرة.

تأليف : السيد شرف الدين علي الحسيني الأسترآبادي النجفي ، من أعلام القرن العاشر.

تحقيق ونشر : مدرسة الإمام المهدي ـ عجل الله تعالى فرجه الشريف ـ ، في قم.

أثر ثمين ، جمع فيه المؤلف ما ورد في تأويل الآيات التي تتضمن مدح أهل البيت عليهم‌السلام وأوليائهم من طريق الفريقين ، حقق الكتاب بالاعتماد على أربع نسخ مخطوطة ، وصدر في جزءين.

* البراهين الجلية في رفع تشكيكات الوهابية

تأليف : السيد محمد حسن القزويني ، المتوفى سنة ... ه.

تحقيق : السيد محمد منير الحسيني الميلاني.

نشر : دار القارئ ـ بيروت ، الطبعة الأولى سنة ١٤٠٧ ه.

* قادتنا ، كيف نعرفهم؟

تأليف : آية الله العظمى السيد محمد هادي الحسيني الميلاني (١٣١٣ ـ ١٣٩٥ ه).

والكتاب عرض لفضائل أئمة أهل البيت ـ عليهم‌السلام ـ من كتب علماء العامة ليثبت أن من رضي بهم الشيعة الإمامية أئمة وقادة هم المرضيون عند الجميع بنص القرآن والأحاديث المتواترة ، وصدر في ، أجزاء من القطع الوزيري.

تحقيق : السيد محمد علي الميلاني ـ نجل المؤلف ـ.

نشر : مؤسسة الوفاء في بيروت ومؤسسة آل البيت ـ عليهم‌السلام ـ لإحياء التراث ،


فرع بيروت.

* نثر اللآلي.

من كلام أمير المؤمنين ـ عليه‌السلام ـ.

يتضمن الكتاب ما يقارب ٣٠٠ من قصار كلم أمير المؤمنين علي ـ عليه‌السلام ـ وحكمه ، جمعها الشيخ الجليل أبو الحسن علي ابن أبي طالب الطبرسي صاحب تفسير (مجمع البيان) المتوفى سنة ٥٤٨ ه.

نشر : مؤسسة آهل البيت ـ عليهم‌السلام ـ ، في بيروت.

* ملاذ الأخيار في فهم تهذيب الأخبار ، ج ١ ـ ١٦

تأليف : شيخ الإسلام العلامة محمد باقر بن محمد تقي المجلسي ، المتوفى سنة ١١١٠ ه.

شرح فيه كتاب (تهذيب الأحكام) للشيخ الطوسي ـ المتوفى سنة ٤٦٠ ه ـ ، ولذي هو بدوره شرح لكتاب (المقنعة) للشيخ المفيد ـ المتوفى سنة ٤١٣ ه ـ ، وتم تحقيقه على نسخة الأصل ـ بخط المؤلف ـ المحفوظة في مكتبة آية الله المرعشي العامة في قم ، صدر من أول كتاب الصلاة إلى نهاية كتاب الديات في ١٦ جزءا.

تحقيق : السيد مهدي الرجائي.

نشر : مكتبة آية الله المرعشي العامة ـ قم.

كتب صدرت محققة

* تفسير الحبري

تأليف : الحسين بن الحكم الحبري الكوفي ، من أعلام القرن الثالث الهجري.

يختص الكتاب في بيان الآيات التي نزلت في أمير المؤمنين عليه‌السلام ، وقد نقل عنه كثير من المؤلفين في هذا الشأن ، فهو منهل من مناهل المفسرين بالمأثور والكاتبين في أسباب النزول.

تحقيق : السيد محمد رضا الحسيني الجلالي.

نشر : مؤسسة آل البيت ـ عليهم‌السلام ـ لإحياء التراث ، فرع بيروت.

* منهاج النجاة

تأليف : المحدث الكبير محمد بن المرتضى ، المشتهر بالفيض الكاشاني ، المتوفى سنة ١٠١٩ ه.

كتاب ألفه الفيض الكاشاني ـ رحمه‌الله ـ على مقصدين وخاتمة ، المقصد الأول في الإعتقادات (التوحيد ، العدل ، النبوة ، الإمامة ، المعاد) ، والمقصد الثاني في الأعمال (طاعات الجوارح ، معاصي الجوارح ، طاعات القلب ، معاصي القلب ، آداب الصحبة والمعاشرة).

تحقيق ونشر : قسم الدراسات


الإسلامية في مؤسسة البعثة (بنياد بعثت) ـ طهران.

وكان الكتاب قد طبع لأول مرة على الحجر سنة ١٣١١ ه ، مع رسائل أخرى للفيض الكاشاني ، وطبع للمرة الثانية في بغداد عام ١٩٧٩ م بتحقيق غالب حسن الشابندر.

* فهرس مؤلفات الرازي والمشاطة لرسالة الفهرست

الرسالة الأولى من تأليف أبي ريحان محمد بن أحمد البيروني (٣٦٢ ـ ٤٤٠ ه).

والرسالة الثانية من تأليف أبي إسحاق إبراهيم بن محمد ، المعروف بغضنفر التبريزي ـ كان حيا سنة ٦٩٢ ه ـ.

حققهما وترجمهما إلى الفارسية الدكتور مهدي محقق.

نشر : جامعة طهران.

* شرح رسالة أبي بكر الخوارزمي إلى جماعة الشيعة بنيسابور

تأليف : محمد بن العباس الطبري الآملي ، المشتهر بأبي بكر الخوارزمي ، ويقال له : الطبرخزي ، لأنه طبري خوارزمي.

والمؤلف ابن أخت محمد بن جرير الطبري ـ صاحب التاريخ والتفسير ـ وهو من أدباء القرن الرابع البارزين ، توفي سنة ٣٨٣ أو ٣٩٣ ه ، وقد بعث هذه الرسالة

إلى الشيعة بنيسابور عند نكبات وفجائع وفضائع جرت عليهم! يسليهم بما جرى على سلفهم وعلى الأئمة ـ عليهم‌السلام ـ مما هو أدهى وأمر منذ فارق النبي ـ صلى الله عليه وآله سلم ـ الحياة إلى يومه ذاك ، وإلى يومنا هذا!

تحقيق : الأستاذ صادق آيينه وند.

نشر : دار التعارف ـ بيروت ، سنة ١٩٨٦ م ، وكانت الرسالة هذه قد طبعت ضمن رسائل الخوارزمي في مطبعة الجوائب في تركيا سنة ١٢٩٧ ه ، وفي بمبي سنة ١٨٩١ م.

* الوافي

في جمع أحاديث الكتب الأربعة : الكافي ، من لا يحضره الفقيه ، التهذيب ، الإستبصار.

تأليف : المحدث الكبير محمد بن المرتضى ، المشتهر بالفيض الكاشاني (١٠٠٧ ـ ١٠٩١ ه).

تحقيق : السيد ضياء الدين العلامة الأصفهاني.

نشر : مكتبة الإمام أمير المؤمنين علي ـ عليه‌السلام ـ في أصفهان.

صدر منه لغاية الآن ثلاثة أجزاء بالقطع الوزيري وقد يتجاوز ال ١٥ جزءا ، وكان قد طبع في إيران لأول مرة على الحجر في ثلاثة أجزاء من القطع الرحلي ، ثم أعادت


مكتبة آية الله المرعشي العامة في قم طبعه بالأوفسيت على طبعة الحجر هذه.

* وظيفة الأنام في زمن غيبة الإمام ـ عليه‌السلام ـ

تأليف : السيد محمد تقي الموسوي الأصفهاني ـ صاحب كتاب (مكيال المكارم في فوائد الدعاء للقائم) المتوفى سنة ١٣٤٨ ه.

ترجمه من اللغة الفارسية وحققه : السيد محمد منير الحسيني الميلاني.

نشر : دار القارئ ـ بيروت ، الطبعة الأولى سنة ١٤٠٧ ه.

وكان قد ترجمه إلى العربية أيضا وحققه السيد باسم الموسوي وصدر في قم من منشورات مدرسة الإمام المهدي ـ عليه‌السلام ـ.

* مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول ، ج ١٨ و ١٩ و ٢٠

تأليف : شيخ الإسلام العلامة محمد باقر المجلسي ، صاحب كتاب (بحار الأنوار) ، المتوفى سنة ١١١٠ ه.

تصحيح : السيد محسن الحسيني الأميني.

نشر : دار الكتب الإسلامية ـ طهران.

وهو شرح على جميع كتب (الكافي) لثقة الإسلام الكليني (٩ ـ ٣٢٨ ه) من الأصول والفروع والروضة ، ويعد من

أحسن الشروح عليه ، وكان قد طبع على الحجر في إيران في أربعة مجلدات كبار.

* نزهة الناظر وتنبيه الخاطر

تأليف : الشيخ الحسين بن محمد بن الحسن بن نصر الحلواني ، من أعلام القرن الخامس.

تحقيق ونشر : مدرسة الإمام المهدي ـ عليه‌السلام ـ ، في قم.

كتاب قيم جمع بين دفتيه مجموعة من كلمات أئمة أهل البيت عليهم‌السلام الموجزة ، وألفاظهم المعجزة ، وحكمهم الباهرة ، ومواعظهم الزاهرة ، وكان قد طبع الكتاب في مدينة مشهد على الحروف قبل هذه الطبعة المحققة.

كما وطبع في آخره أيضا (قبس من كتاب غياث سلطان الورى) للسيد علي ابن موسى بن طاووس (٦٦٤ ه) ، وهو جمع وترتيب كل ما نقل عن الكتاب المذكور في المصادر والجوامع المتأخرة عنه.

* فوائد الأصول

تأليف : المولى محمد كاظم الآخوند الخراساني ، المتوفى سنة ١٣٢٩ ه.

تصحيح وتعليق : السيد مهدي شمس الدين.

نشر : وزارة الإرشاد الإسلامي طهران.


صدر حديثا

* نخبة البيان في تفضيل سيدة النسوان

تأليف : السيد عبد الرسول الشريعتمداري الجهرمي.

نشر : مكتب الهادي ـ قم.

يبحث الكتاب في حياة فاطمة الزهراء البتول ـ سلام الله عليها ـ وفضائلها ، صدر في ٢٨٠ صفحة من القطع الرقعي.

* الإمام علي بن أبي طالب

من حبه عنوان الصحيفة.

تأليف : الشيخ أحمد الرحماني الهمداني.

نشر : مكتبة الصدوق ـ طهران.

عرض فيه المؤلف فضائل أمير المؤمنين ـ عليه‌السلام ـ وخصائصه وتاريخ حياته منذ يوم ولادته داخل الكعبة المشرقة وحتى يوم استشهاده في مسجد الكوفة.

* الإمام المجتبى أبو محمد الحسن بن علي ـ عليهما‌السلام ـ

تأليف : الشيخ حسن المصطفوي.

كتاب يعرض حياة الإمام الحسن ـ عليه‌السلام ـ ومقاماته وخلافته وحلمه وكلماته وخطبه وصلحه ورد الاعتراضات الواردة عليه ، استخراجها المؤلف من كتب أهل السنة ، وصحاحهم وتواريخهم.

صدر في قم مؤخرا.

* أحسن الجزاء في إقامة العزاء على سيد الشهداء

تأليف : السيد محمد رضا الحسيني الفحام الحائري.

كتاب علمي يتضمن الأدلة القاطعة على حسن إقامة مجالس العزاء ومواكبه على سيد الشهداء الإمام أبي عبد الله الحسين ـ عليه‌السلام ـ ، بل لزوم ذلك والفوائد المترتبة عليها.

صدر الكتاب في قم في مجلدين.

* الإمام المهدي ـ عليه‌السلام ـ وظهوره

دراسة روائية تتناول حياة الإمام المهدي ـ عجل الله تعالى فرجه الشريف ـ وغيبتيه الصغرى والكبرى ونهضته.

تأليف : السيد جواد حسين الحسيني آل علي الشاهرودي.

نشر : مكتبة دار الإرشاد ـ الكويت.

* لمحات في الكتاب والحديث والمذهب ، ج ١

تأليف : الشيخ لطف الله الصافي الكلبايكاني.

نشر : قسم الدراسات الإسلامية في مؤسسة البعثة ـ طهران.

وهو مجموعة رسائل ومقالات


ودراسات مهمة ، كتبها المؤلف في أوقات متفرقة وقد طبعت في السابق بشكل مستقل ثم جمعت ونشرت بهذا العنوان.

ومنها :

١ ـ أحاديث افتراق المسلمين على ثلاث وسبعين فرقة.

٢ ـ من لهذا العالم؟

٣ ـ جلاء البصر لمن يتولى الأئمة الاثني عشر.

٤ ـ تفنيد أكذوبة خطبة الإمام علي على الزهراء عليهما‌السلام.

٥ ـ حول تفسير آية الانذار وأحاديث يوم الدار.

* المنافع العامة ـ شرح لكتاب إحياء الموات من الشرائع

تأليف : الشيخ علي المشكيني.

نشر : مكتب نشر الهادي.

وهو مجموعة أبحاث كتبها المؤلف حول مسألة إحياء الموات وحيازة المباحات والانتفاع بالمشتركات بعنوان الشرح على

كتاب (شرائع الإسلام) للمحقق الحلي ـ قدس‌سره ـ.

* الجهاد ...

من سلسلة الينابيع الفقهية.

تحقيق : لجنة التحقيق في مركز بحوث الحج والعمرة ـ طهران.

إشراف : الشيخ علي أصغر مرواريد.

نشر : مركز بحوث الحج والعمرة ـ طهران.

وهو عبارة عن استلال وتحقيق ما يتعلق بالجهاد من ٢٤ كتابا فقهيا معتمدا ، ومن عصور مختلفة على مدى عشرة قرون ، مع صنع فهارس علمية أرفقت في نهايته ، وهو جزء من سلسلة تتناول الأبواب الفقهية وفق الأسلوب المذكور سوف تصدر تباعا.

* مرافق التحقيق في سوابق يوسف الصديق ـ عليه‌السلام ـ

تأليف : السيد محمد صالح بن السيد عدنان الموسوي البحراني.

نشر : المكتبة العدنانية في المنامة بالبحرين ، ومؤسسة الأعلمي للمطبوعات في بيروت.

كتاب علمي ، فلسفي ، أدبي ، تاريخي ، يعرض فيه حالات النبي يوسف ـ عليه‌السلام ـ مع إخوته وأسرته منذ ميلاده إلى آخر أيام حياته.

* أكذوبة تحريف القرآن بين الشيعة والسنة

تأليف : الشيخ رسول جعفريان.

نشر : معاونية العلاقات الدولية في منظمة الإعلام الإسلامي ـ طهران سنة


١٤٠٦ ه.

يبحث الكتاب في سلامة النص القرآني من أي باطل يورد عليه ، كما يدفع كثيرا من الشبهات التي حاولت إلصاق القول بالتحريف بمذهب أهل البيت ـ عليهم‌السلام ـ.

* البتول فاطمة الزهراء

تأليف : الدكتور عبد الفتاح محمد الحلو.

نشر : مكتبة المنهل ـ الكويت.

* دراسات فنية في قصص القرآن

تأليف : الدكتور محمود البستاني.

نشر : مجمع البحوث الإسلامية التابع للروضة الرضوية المقدسة ـ مشهد.

دراسة تتناول القصة القرآنية بأسلوب حديث من حيث بنائها وعناصرها وأدواتها ودلالاتها الفنية والفكرية كتبت أساسا

كبرامج إذاعية.

* مفردات القرآن في مجمع البيان

تأليف : إلياس كلانتري وعباس الترجمان وآخرين.

نشر : مؤسسة الطبع والنشر ـ طهران.

* النجعة في شرح اللمعة ـ قسم الصلاة ، ج ٢.

تأليف : الشيخ محمد تقي التستري.

نشر : مكتبة الصدوق ـ طهران.

طبعات جديدة لمطبوعات سابقة

* قضاء حقوق المؤمنين

تأليف : الشيخ أبي علي الحسن بن طاهر الصوري ، من أعلام القرن السادس الهجري.

تحقيق : حامد الخفاف.

أعادت طبعه مؤسسة آل البيت

ـ عليهم‌السلام ـ لإحياء التراث ، في قم بالأوفسيت على طبعته الأولى المطبوعة في نشرتنا هذه ، راجع : (تراثنا) العدد الثالث / السنة الأولى / شتاء ١٤٠٦ ص ١٧١ مع إضافات وتعديلات أجراها المحقق ، وصدر ضمن سلسلة مصادر (بحار الأنوار) برقم (٤).

* الوهابية في نظر علماء المسلمين

تأليف : إحسان عبد اللطيف البكري.

كتيب مهم عرض فيه المؤلف لعقائد محمد بن عبد الوهاب والكتب التي ألفت ردا عليه ، كما عرض فيه نماذجا من فتاوى أستاذه ابن تيمية وما قالوه فيه العلماء من طعون ، والكتب التي ردت عليه خصوصا وعلى الوهابية عموما.

أعادت طبعه مجددا مكتبة آية الله المرعشي العامة في قم.


* الرحلة المدرسية والمدرسة السيارة في نهج الهدى

تأليف : العلامة الشيخ محمد جواد البلاغي (١٢٨٣ ـ ١٣٥٢ ه).

وهو مناقشة علمية هادئة متينة مع أهل الكتاب في عقائدهم وكتبهم المقدسة والتناقضات التي وقعت فيها ، كما يناقش أيضا الفلاسفة الماديين في معتقداتهم الباطلة.

كان الكتاب قد طبع لأول مرة في المطبعة الحيدرية في النجف الأشرف سنة ١٣٤٧ ه ، ثم أعادت دار الزهراء في بيروت طبعه بالأوفسيت على طبعة النجف هذه وصدرت أجزاؤه الثلاثة في مجلد واحد.

كما أعادت دار الكتاب الإسلامي في بيروت طبعه مجددا بطباعة حديثة بتقديم السيد محمد حسين فضل الله.

* مسائل فقهية

تأليف : الإمام السيد عبد الحسين شرف الدين الموسوي العاملي (١٢٩٠ ـ ١٣٧٧ ه).

نشر : معاونية العلاقات الدولية في منظمة الإعلام الإسلامي ـ طهران.

كتاب يعرض فيه عدة مسائل فقهية فرعية كثر الجدل حولها ، فأوضح فيه بأسلوب علمي متين اختيار الشيعة الإمامية

لرأيها في تلك المسائل.

وللمؤلف ـ قدس‌سره ـ كتب قيمة كان لها الأثر الواضح في عرض الفكر الشيعي أمام الذاهب الأخرى بأسلوب علمي وصين ، منها : (المراجعات) (الفصول المهمة في تأليف الأمة) (النص والاجتهاد) (أجوبة مسائل جار الله) (الكلمة الغراء في تفضيل الزهراء) والتي طبعت مع مؤلفاته الأخرى طبعات كثيرة في إيران والعراق ولبنان ومصر.

* نهج الحق وكشف الصدق

تأليف : العلامة الحلي ، جمال الدين أبي منصور الحسن بن يوسف بن المطهر الحلي ، المتوفى سنة ٧٢٦ ه.

تحقيق : الشيخ عبد الله الحسني الأرومي.

أعادت طبعه بالأوفسيت مؤسسة دار الهجرة في قم سنة ١٤٠٧ ه على طبعة دار الكتاب اللبناني.

كتاب قيم يتناول المباحث الكلامية والعقائدية ، ثم مباحث أصول الفقه ، ثم الفقه ، وراجع عنه العدد السادس (العدد الأول ، السنة الثانية) من (تراثنا) ص ٢٢٠.

* تلخيص البيان في مجازات القرآن

تأليف : الشريف الرضي أبي الحسن




محمد بن الحسين ، المتوفى سنة ٤٠٦ ه.

إعداد : مؤسسة نهج البلاغة ـ طهران.

نشر : وزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي ـ طهران.

* كنز الحفاظ في كتاب تهذيب الألفاظ

تأليف : الشيخ أبي زكريا يحيى بن علي ابن محمد بن الحسن بن بسطام الشيباني الخطيب التبريزي ، المتوفى سنة ٥٠٢ ه ، أحد أئمة اللغة والنحو أخذ عن أبي العلاء المعري.

وكتاب (تهذيب الألفاظ) لابن السكيت أبي يوسف يعقوب بن إسحاق ، المقتول سنة ٢٤٣ أو ٢٤٦ ه في حكومة المتوكل العباسي.

أعادت طبعه بالأوفسيت المعاونية الثقافية للروضة الرضوية المقدسة في مشهد على طبعة الكتاب الأولى المطبوعة في بيروت عام ١٨٩٨ م.

* معالم الدين وملاذ المجتهدين

تأليف : الشيخ أبي منصور جمال الدين الحسن بن زين الدين النحاريري العاملي الجباعي (٩٦٥ ـ ١٠١١ ه).

تحقيق : عبد الحسين محمد علي بقال.

أعادت نشره مكتبة آية الله المرعشي العامة في قم على طبعة النجف الأشرف بعد أن أجرى محققه بعض التعديلات عليه.

وقد أعادت دار الكتب الإسلامية في طهران طبعه بالأوفسيت على طبعة النجف الأشرف.

كما صدر الكتاب قبل عدة سنوات بتحقيق الدكتور مهدي محقق عن مؤسسة الدراسات الإسلامية لجامعة مك جيل الكندية ـ فرع طهران ، والتي كان لها باع طويل في نشر نفائس التراث الإسلامي.

* إبصار العين في أنصار الحسين ـ عليه‌السلام ـ

تأليف : الشيخ محمد السماوي النجفي ، المتوفى سنة ١٣٧٠ ه.

أعادت مكتبة بصيرتي في قم طبعه بالأوفسيت على طبعة النجف الأشرف الأولى المطبوعة في حياة المؤلف ـ رحمه‌الله ـ.

* تحفة العالم في شرح خطبة المعالم

تأليف : السيد جعفر آل بحر العلوم ، المتوفى سنة ١٣٧٧ ه.

وهو شرح لخطبة كتاب (معالم الأصول) للشيخ أبي منصور الحسن بن زين الدين ـ الشهيد الثاني ـ المتوفى سنة ١٠١١ ه ، ويتضمن الكتاب أيضا فوائد جمة وقواعد مهمة في مختلف العلوم أيضا كالفقه والتاريخ والأدب والتراجم وغيرها.

أعادت مكتبة الصادق في طهران طبعه


بالأوفسيت على طبعة النجف الأشرف المطبوعة سنة ١٣٥٥ ه ، وصدر جزءاه في مجلد واحد.

* الاستنصار في النص على الأئمة الأطهار

تأليف : الشيخ أبي الفتح محمد بن علي ابن عثمان الكراجكي ، المتوفى سنة ٤٤٩ ه.

أعادت دار الأضواء في بيروت طبعه بالأوفسيت على طبعة النجف الأشرف الأولى.

* مقتضب الأثر في النص على الأئمة الاثني عشر

تأليف : الشيخ أبي عبد الله أحمد بن محمد بن عبد الله بن عياش ، المتوفى سنة ٤٠١ ه.

أعادت دار الأضواء في بيروت طبعه بالأوفسيت على طبعة النجف الأشرف الأولى في سنة ١٣٤٦ ه ، وصدر منضما مع الكتاب آنف الذكر.

* الشيعة والتشيع

تأليف : الشيخ محمد جواد مغنية ، المتوفى سنة ١٤٠٠ ه.

أعادت منشورات الرضي في قم طبعه بالأوفسيت مؤخرا.

كتب تحت الطبع

* جامع المقاصد في شرح القواعد

تأليف : المحقق الثاني ، الشيخ علي بن الحسين الكركي ، المتوفى سنة ٩٤٠ ه.

تحقيق : مؤسسة آل البيت ـ عليهم‌السلام ـ لإحياء التراث ، في قم.

كتاب فقهي استدلالي مبسوط ، وشرح على كتاب (قواعد الأحكام) للعلامة الحلي الحسن بن يوسف بن المطهر ، المتوفى سنة ٧٢٦ ه ، شرحه المؤلف مستعرضا أقوال العلماء في المسائل المختلفة وناقشهم فيها بشكل مفصل وبطريقة استدلالية ، ويحتوي الكتاب المذكور على كتاب الطهارة وكتاب الصلاة حتى كتاب النكاح ولم يكمله ، وقد تمم شرح كتاب (قواعد الأحكام) المحقق الهندي في كتابه (كشف اللثام).

كان الكتاب فيما سبق مطبوعا على الحجر فاضطلعت بتحقيقه مؤسسة آل البيت ـ عليهم‌السلام ـ لإحياء التراث وفق منهجية التحقيق الجماعي ، وستصدر أجزاؤه الأربعة الأولى قريبا ، وربما يقع الكتاب في أكثر من ١٢ جزءا.

* الإعتقادات

تأليف : شيخ الإسلام العلامة محمد


باقر المجلسي ، المتوفى سنة ١١١٠ ه.

تحقيق : السيد مهدي الرجائي.

سيصدر قريبا ضمن منشورات مكتبة العلامة المجلسي في أصفهان بعد أن تم تحقيقه وفق ست نسخ محفوظة في مكتبة آية الله المرعشي العامة في قم.

* محاسبة النفس اللوامة وتنبيه الروح النوامة

تأليف : الشيخ الكفعمي ، تقي الدين إبراهيم بن علي بن الحسن الجبعي العاملي ، المتوفى سنة ٩٥٠ ه.

يشتمل الكتاب على مواعظ حسنة ومخاطبة للنفس بعبارات مؤثرة ، ألحقه المصنف ـ قدس‌سره ـ بكتابه (البلد الأمين) مختصرا ، وطبع المختصر هذا على الحجر في إيران مع (محاسبة النفس) للسيد ابن طاووس ـ المتوفى سنة ٦٦٤ ه ـ و (كشف الربية في أحكام الغيبة) للشهيد الثاني ـ المستشهد سنة ٩٦٥ ه ـ.

تحقيق : الشيخ فارس الحسون ، وقد أنهى تحقيقه لهذا الكتاب على نسختين مخطوطتين كاملتين وأخريين مختصرتين.

* الحديقة الهلالية

أو (شرح دعاء الهلال).

تأليف : المحقق الكبير العلامة الشيخ محمد بن الحسين العاملي ، المشهر بالشيخ

البهائي (٩٥٣ ـ ١٠٣٠ ه).

والشرح هذا هو أحد عدة شروح لأدعية الإمام زين العابدين علي بن الحسين ـ عليهما‌السلام ـ سماها الشيخ البهائي ـ قدس‌سره ـ بأجمعها باسم (حدائق الصالحين) ، وقد كان مطبوعا على الحجر في إيران فيما سبق.

تحقيق : السيد علي الخراساني الكاظمي ، وقد تم التحقيق على نسخة الأصل ـ بخط المؤلف ـ المحفوظة في المكتبة المركزية لجامعة طهران ، برقم ١.

وسيصدر الكتاب ضمن منشورات مؤسسة آل البيت ـ عليهم‌السلام ـ لإحياء التراث ، في قم ، ضمن سلسلة مصادر بحار الأنوار.

كتب قيد التحقيق

* مسائل علي بن جعفر

مجموعة أسئلة فقهية سألها علي بن جعفر من أخيه الإمام موسى بن جعفر الكاظم ـ عليهما‌السلام ـ ، اعتمده جمع من أصحاب الجوامع الروائية كالحر العاملي في (وسائل الشيعة) والعلامة المجلسي في (بحار الأنوار) والشيخ النوري في (مستدرك الوسائل).

تقوم بتحقيقه : مؤسسة آل البيت ـ عليهم‌السلام ـ لإحياء التراث ، في قم ، وفق منهجية التحقيق الجماعي بالاعتماد على


نسختين مخطوطتين ، هما :

١ ـ النسخة المحفوظة في مكتبة الإمام الرضا ـ عليه‌السلام ـ في مشهد ، برقم ٦٧٧ ، مستنسخة عن نسخة تاريخ كتابتها ٦٨٦ ه.

٢ ـ النسخة المحفوظة في مكتبة آية الله المرعشي العامة ، في قم.

* الغيبة

تأليف : الشيخ الجليل الفضل بن شاذان النيسابوري ، المتوفى سنة ٢٦٠ ه.

يقوم بتحقيقه : الشيخ علي أكبر مهدي پور ، إذ يعد هذا الكتاب من الأصول المفقودة ، فتتبع المحقق رواياته في غضون المصادر القديمة الموثوقة فاستخرج من ذلك ما ينيف على مائة وسبعين حديثا في هذا الصدد.

* مجد البيان في تفسير القرآن

المعروف ب (تفسير الأصفهاني).

تأليف : الشيخ محمد حسين بن محمد باقر الأصفهاني (١٢٦٦ ـ ١٣٠٨ ه).

تفسير ملئ بالتحقيقات ، لم يتجاوز فيه المؤلف ـ رحمه‌الله ـ أوائل سورة البقرة.

يقوم بتحقيقه : الشيخ محمد پاكتچي بالاعتماد على نسخة الأصل بخط المؤلف

ـ رحمه‌الله ـ.

وكان الكتاب قد طبع على الحجر في طهران سنة ١٣١٣ ه.

وسيصدر ضمن منشورات قسم الدراسات الإسلامية في مؤسسة البعثة في طهران.

* البرهان على صحة عمر صاحب الزمان

تأليف : أبي الفتح محمد بن علي بن عثمان الكراجكي ، المتوفى سنة ٤٤٩ ه.

يقوم بتحقيقه : السيد حسن التبريزي.

وسيصدر ضمن منشورات مركز الدراسات والبحوث العلمية ـ بيروت.

* كشف الغمة في معرفة الأئمة

تأليف : الشيخ الوزير بهاء الدين أبي الحسن علي بن فخر الدين عيسى بن أبي الفتح الإربلي (٦٩٢ ه).

جمع فيه أحوال النبي والزهراء والأئمة الاثني عشر عليهم الصلاة والسلام وتواريخهم ومناقبهم وفضائلهم ومعجزاتهم ، والغالب عليه النقل من كتب الجمهور ليكون أدعى إلى القبول.

يقوم بتحقيقه : الشيخ ميرزا علي آل كوثر.

تراثنا - ١٢

المؤلف:
الصفحات: 222