بسم الله الرحمن الرحيم

( ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم قل إن هدى الله هو الهدى ولئن اتبعت اهواءهم بعد الذي جاءك من العلم مالك من الله من ولي ولا نصير ) البقرة :١٢٠.



بسم الله الرحمن الرحيم

المقدمة

لا شك ان كل فرد من الافراد اختبر لونا من الوان الحياة العائلية في حياته الاجتماعية. ولذلك ، فان كلامنا هذا حول المؤسسة العائلية في المجتمع الاسلامي موجه في واقع الامر لكل الافراد مهما كانت افكارهم ومعتقداتهم. والسؤال الذي يبرز هنا بشكل صارخ هو : هل ان المؤسسة العائلية ظاهرة تكوينية ام انها مختصة بلون معين من المجتمعات ، فتكون دراستنا المقارنة بين النظرية الاسلامية والنظرية الغربية مجرد عبث لاينفع الاجيال؟

وقد جاء الجواب عن طريق المدرسة الاجتماعية الامريكية ، وبالخصوص عن طريق عالم الاجتماع الامريكي (جورج ميردوخ) (١) الذي درس العائلة ووظيفتها وتركيبتها الاساسية في اكثر من مائتين وخمسين مجتمعا من مجتمعات العالم ، وتوصل الى نتيجة مهمة وهي ان ظاهرة العائلة النووية الصغيرة انما هي ظاهرة تكوينية عالمية ، يختبرها كل مجتمع انساني مهما كان تركيبه العلمي او الديني او الثقافي. فالعوائل الانسانية جميعا تتحد في صفات مشتركة كالتعاون الاقتصادي ، والسكن المشترك ، وعملية الانجاب : الا ان الاختلاف يقع في طبيعة تركيب العائلة الكبيرة ، خصوصا

__________________

١ ـ ( جورج ميردوخ ). التركيب الاجتماعي. نيويورك : ماكميلان ، ١٩٤٩ م.


فيما يتعلق بتعدد الزوجات ، او الاستقلال الزوجي عن الابوين والاحفاد ، أو الغربة الاجتماعية عن الروابط الانسانية الطبيعية التي جلبها التصنيع الحديث.

ولو قرأنا تاريخ البشرية منذ البداية لرأينا ان السيطرة الاجتماعية على السلوك الانساني تنبثق في اغلب الاحيان من العائلة. فالمجتمع لايستطع ان يحيا دون وجود مؤسسة للسيطرة على السلوك الانساني. وهذه السيطرة هي التي ولٌدت العرف العقلائي الخاص بالسلوك الجنسي المتفق عليه اجتماعيا. ولولا الحقوق والواجبات التي وضعت على الافراد أو لهم ضمن المجموع ، لما تحقق وجود المجتمع والنظام الاجتماعي ، بل كان الافراد مجرد كائنات حية تعيش بانفراد دون نشاط اجتماعي ملحوظ.

وعلى الصعيد التاريخي ، فان للزواج وللعائلة دوراً حيوياً في السيطرة على السلوك الاجتماعي. فقد طورٌت المجتمعات الانسانية ـ عبر رسالة الدين والفلسفة الاجتماعية ـ العلاقات التفاعلية في الزواج ، ومسؤولية رعاية مصلحة القاصرين من الاطفال والعجزة ، وانتقال الملكية ، والحقوق المدنية ، والمنزلة الاجتماعية ، وانتقال العلوم المتراكمة من جيل لآخر.

الا ان تطور المجتمع عبر الاحقاب الزمنية المتعاقبة ، جعل السيطرة الاجتماعية المنبثقة عن العائلة وحدها بعيدة المنال ، وجعل الدولة والمؤسسة السياسية الحديثة تقوم بتبني دور السيطرة الاجتماعية : فكان من مباني هذا الدور الاجتماعي للدولة إن القوانين إنما جاءت لتلزم الافراد بالانصياعل للتشريعات الاجتماعية أو الدينية. والفرق بين القانون والعرف الاجتماعي ،


هو إن القانون أو التشريع يكتب بينما يبقى العرف الاجتماعي أمرا معنويا متغيرا مع تغير الاحداث والافراد. ولذلك ، فان القانون أو التشريع له خاصية الديمومة والاستمرار أكثر من العرف الاجتماعي.

ولاريب إن القوانين والتشريعات باجمعها تقدم للمجتمع ، نظريا على الاقل ، شكلاً عادلاً من أشكال السيطرة الاجتماعية لكل الافراد. وعندها يعرف الفرد حدود حقوقه المدنية ، ويتوقع الازامات التي فرضها المجتمع أو الدين عليه.

وفي الواقع ، فأن النظام القانوني أو التشريعي بالتضامن مع السيطرة الاجتماعية يقٌدم للعائلة نظاماً محكما يجهٌز الفرد ـ وهو يكدح في حياته اليومية ـ بقابلية فريدة على توقع صحيح ودقيق لسلوك الافراد. وعلى ضوء ذلك التوقع يتم تفاعله مع هؤلاء الافراد. الا إن القانون الذي يصنعه الافراد لانفسهم يختلف عن التشريع الذي يشرعه الخالق عز وجل ؛ لان قوة القانون تتناسب مع كفاءة فهم الافراد للمتطلبات الاجتماعية في زمن ومكان محدد ، الا إن التشريع الآلهي محكم باعتبار صدوره من جهة المولوية المطلقة أولاً ، وباعتبار أنه لم يحدد بزمان معين أو مكان محدد ثانياً. ومن المتسالم به عند العقلاء ان القانون او التشريع لايمكن ضمان نجاحه ما لم ينزل الى الساحة الاجتماعية مع نظام متكامل للعقوبات. وقد تناولنا موضوع العقوبات في كتاب ( الانحراف الاجتماعي واساليب العلاج في الاسلام ).

إن الفرق ما بين التشريع الاسلامي الخاص بالعائلة وبين القانون الغربي الخاص بها إن القوانين المعاصرة التي وضعها الانسان ماهي الا


احكام مثالية لاتتطابق مع الواقع المتغير في اغلب الاحيان ، على عكس احكام الشريعة التي أخذت الطبيعة البشرية بقطبيها ووضعت القوانين التي تتناغم مع كل أمواج الطبيعة الانسانية. وأغلب القوانين المدنية والحقوقية الخاصة بالعائلة والمعمول بها اليوم في الغرب مستمدة من أفكار الثورة الفرنسية والامريكية والقانون العرفي الانكليزي ؛ وهي قوانين يصعب تطبيق عشرها على الوضع الاجتماعي المعاصر (١).

إن الابعاد القانونية الخاصة بالعائلة في النظرية الغربية تشمل تشريعات في قانون الزواج ، وحقوق الاطفال ، والارث. ففكرة الزواج تستند على مبدأ كونه عقداً من العقود. الا إنه يختلف عن العقود التجارية لاعتبارين ؛ الاول : هو أن العلاقة الزوجية لايمكن فسخها بنفس الطريقة التي يمكن بها فسخ العقد التجاري في الحالات الاختيارية. والثاني : إن المتطلبات القانونية للدخول في عقد الزواج تختلف عن المتطلبات اللازمة للدخول في العقود التجارية. ومن الطبيعي أن الزواج في القانون الغربي ينبغي أن يسد حاجتين ؛ الاولى : سد الحاجة المالية للعائلة الجديدة ؛ بمعنى أن الدولة غير مسؤولة عن مساعدة الزوجة والاطفال والقاصرين ، بل يتعين على العائلة سد حاجتها المالية بنفسها. والثانية : سد الحاجة الاجتماعية فيما يتعلق بانجاب الذرية ، وتحديد النشاط الجنسي ضمن حدود الزواج القانوني (٢).

__________________

١ ـ ( هيلين كلارك ). التشريع الاجتماعي. نيويورك : ابلتون ـ سنچري وكروفتس ، ١٩٥٧ م.

٢ ـ ( هاريت بيلبل ) و( ثيودورا زافين ). « القوانين الخاصة بالزواج والعائلة ». مقالة علمية في كتاب ( دائرة معارف السلوك الجنسي ) ، تحرير : البرت اليس والبرت اباربانيل. نيويورك : كتب هاوثورن ، ١٩٦١ م.


ومن أهم متطلبات الزواج القانونية في النظام الرأسمالي هو البلوغ ، والعقل ، وعدم شرعية زواج المحارم ، وعدم شرعية الزواج بين الاعراق المختلفة كالعرق القوقازي والزنجي والمنغولي. فسن البلوغ القانوني للزواج هو ثماني عشرة سنة للذكر وست عشرة سنة للانثى بشرط موافقة الابوين. أما سن البلوغ القانوني للزواج بدون موافقة الابوين فهو واحد وعشرين سنة بالنسبة للذكر وثماني عشرة سنة بالنسبة للانثى(١). ولكن ليس هناك دليل يثبت على إن موافقة أو عدم موافقة الابوين في النظرية الغربية تغير من الشروط الردعية التي تنظم عملية الزواج. أما شرط العقل ، فانه من الشروط المهمة في إتمام عملية العقد لان المضطرب عقلياً أو المجنون لايستطيع أن يقوم بمسؤولياته الاقتصادية والاجتماعية الخاصةبالزواج والعائلة. وبذلك فانه سيحمل الدولة مصاريف نفقات عائلته : ولذلك يعتبر زواج المجنون أو المضطرب عقلياً بعيداً عن الصفة القانونية والروح الاجتماعية. أما البعد عن الصفة القانونية فلأن العقد يجب أن يتم ما بين فردين لهما القابلية على الموافقة الصريحة أو الضمنية ، وهذا لايتم مع المجنون. وأما البعد عن الصفة الاجتماعية أو العملية فلأن المجنون ربما يسبب حرجاً شديداً لعائلته وللمجتمع الذي يعيش فيه.

ولايجوز العقد على المحارم في النظرية القانونية الغربية ، لان الكنيسة في القرون الماضية حرمت ذلك. ومن المسلٌم به ان هذا القانون مستمد من الشرائع السماوية ، الا ان القانون الحديث البعيد عن روح الدين

__________________

١ ـ ( وليم كيفارت ). « الابعاد القانونية والاجرائية للزواج والطلاق ». مقالة علمية في كتاب ( الزواج والعائلة ) تحرير : هارولد كريستنسن. شيكاغو : راند ميكانالي ، ١٩٦٤ م.


لم يستطع تغيير ذلك. وبطبيعة الحال فان المحارم في القانون الغربي كانت قد قسمت الى نوعين : المحرم الناتجة عن طريق النسب ، والمحارم الناتجة عن طريق السبب. أما القانون العرفي الانكليزي المتعلق بالزواج فهو يشترط شرطين لتحقق الزواج ؛ أولهما : أن يكون الفردان صالحين للعقد ، من ناحية سن البلوغ ، والخلو من الموانع الزوجية ونحوها. وثانيهما : العيش معاً في سكن واحد والاعلان عن زواجهما للملأ والمجتمع المحيط بهما (١).

والى هذا الحد فان القانون الغربي ينطبق تماما في الموارد السابقة مع الشريعة الاسلامية. وليس هناك أدنى شك من ان فلاسفة ومقنني اوروبا وامريكا قد اقتبسوا من احكام الشريعة الاسلامية كل هذه القوانين التي لايزيد عمرها على أربعة قرون على الاكثر ، بينما يبلغ عمر الشريعة الاسلامية أكثر من أربعة عشر قرناً.

ولكن أحد أهم القوانين التي تعارضه النظرية الاسلامية تماما والمعمول به حتى اليوم في الولايات المتحدة هو قانون ( حرمة تمازج الاجناس عن طريق التزاوج ) : بمعنى ان هذا القانون يحرَم على الفرد الابيض التزاوج من الاجناس الاخرى ، خصوصا الجنس الزنجي ، بدعوى ان التزاوج بين الاجناس المختلفة يساهم في اضعاف الجنس المسيطر على النظام الاجتماعي. ولحد العقد السادس من القرن العشرين كانت احدى وثلاثون ولاية امريكية في الجنوب والجنوب الغربي للولايات المتحدة تحرَم التزاوج بين الافراد البيض وبين أفراد الجنس الاصفر أو المنغولي ، واربع

__________________

١ ـ ( وليم كيفارت ). العائلة ، المجتمع ، والفرد. بوستن : هوتن ميفلن ، ١٩٦١ م.


ولايات في الجنوب الامريكي تحرَم الزواج بين الافراد البيض وبين الهنود الحمر ، وهم اصحاب البلاد الاصليين (١). ولاشك ان مخالفة ذلك القانون تستدعي عقوبات قاسية ، فتعتبره الدولة زواجاً باطلاً ، والاطفال المتولدين عنه غير شرعيين ، وتلك العلاقة الجنسية بين الزوج وزوجته جنحة مخلة بالشرف.

الا ان هذه القوانين كلها عرضة للتغيير والتبديل. وهذا التبديل الذي يطال هذه القوانين يعكس قصور الانسان وفكره البشري على انشاء قوانين محكمة تصلح للتطبيق في كل الاحوال دون النظر الى الزمان أو المكان. الا ان الرسالة الدينية والاسلامية بالخصوص تحقق ما عجزت النظرية القانونية الغربية عن تحقيقه.

ان الدين في الدول النصرانية له تأثير كبير على شكل علاقة التغشي ما بين الرجل والمرأة. فالسلوك الجنسي يعتبر خطيئة وجرما ، الا ان الزواج يلغي هذا الالصاق: لان النصرانية تؤمن بان هدف التزاوج هو حفظ النسل الانساني من الانقراض وليس مجرد المتعة الجسدية. وقد نظَم مفهوم الدولة الحديثة عملية العلاقة الجسدية ما بين الزوج والزوجة ، واعتبر البغاء ـ ولو نظرياَ ـ جريمة يعاقب عليها. الا انفصال الدين عن السياسة في النظام الرأسمالي ، جعل هذه القوانين المتعلقة بالجرائم الاخلاقية تنحلَ تدريجيا بتغير الوضع الاجتماعي ، بحيث أصبحت المشكلة الاجتماعية التي يعاصرها الغرب الرأسمالي هي كيفية حفظ التصميم العائلي الذي يجرفه التغير الاجتماعي المعاصر. ولعل جوهر الخلاف بين النصرانية والنظرية الرأسمالية

__________________

١ ـ ( ارفينك مانديل ). قانون الزواج والطلاق. نيويورك : مطبوعات اوشينا ، ١٩٥٧ م.


هو ان النصرانية تعتبر المؤسسة العائلية مؤسسة للانجاب والتناسل ، بينما تعتبر الدولة الرأسمالية العائلة مؤسسة اجتماعية للمشاركة الجنسية واشباع الشهوات. ولذلك فان عدم الانجاب لايعطي الزوج حقاً في الطلاق ، بموجب رأي النظرية الرأسمالية. الا ان عدم القدرة على المشاركة الجنسية كالعنن والعفل ونحوها يعطي الزوج أو الزوجة حق الطلاق.

وهناك مشكلة خطيرة تواجه العائلة الحديثة وهي مشكلة تحديد النسل. فتحديد النسل البشري يتم عبر طريقين ؛ الاول : استخدام وسائل منع الحمل المصنَعة. والثاني : الاجهاض. والفرق بين الطريقين ان الاول يمنع تخلق الجنين قبل انعقاد النطفة. والثاني يمنع تخلق الجنين بعد انعقادها. فالاجهاض ينهي الحمل قبل ان يمنح الجنين فرصة حقيقية للحياة. ولاشك ان الكنيسة الكاثوليكية ، واليهودية الارثودوكسية حرَمت ـ بتاتاً ـ استخدام كل وسائل تحديد النسل ، ميكانيكية كانت او كيميائية او فسلجية او إجهاضاً. الا ان الكنيسة البروتستانتية. واليهودية الاصلاحية ارجعتا قضية تحديد النسل الى الجانب العقلائي والدافع الذي يدفع الفرد للاقدام على ذلك العمل. فان كانت هناك مصلحة بهدف الحفاظ على حياة الام او تنظيم الاسرة فلا بأس بالتحديد ، برأي تلك المدرستين الدينيتين. اما الاسلام فقد جعل الحرمة مرتبطة بانعقاد النطفة ؛ فاذا انعقدت النطفة فلا يجوز الاجهاض او قتل الجنين.

ومشكلة اخرى خطيرة تواجه العائلة الغربية المعاصرة وهي انه فيما اذا كان احد الزوجين عقيما ، فهل يجوز له سلوك ذلك الطريق الذي يحل مشكلته الاجتماعية؟ علماً ان هناك طريقين لحل هذه المشكلة ، وهما : اولا :


التبني ، وثانياً : التخصيب الخارجي.

فالتبني هو نسبة فرد من عائلة معينة الى عائلة اخرى بطريق قانوني وانتقاله للسكن مع تلك العائلة الجديدة بصورة دائمية. فتنتقل ـ عندئذ ـ كل الحقوق المالية والقانونية الى الفرد المتبنى. ولكن المشكلة تبرز عندما تطالب العائلة البيولوجية برجوع ابنها اليها من العائلة القانونية المتبنية لذلك الطفل. ولاشك ان التبني يسبب اضطراباً عاطفياً واجتماعياً للطفل المتبنى بسبب العلاقات العائلية والقانونية الجديدة التي استحدثت دون ادراك الصبي لما يجري ، خصوصا فيما يتعلق بمصلحته الشخصية.

اما التخصيب الخارجي فهو عملية طبية لوضع حيامن الزوج في رحم الزوجة ، او وضع حيامن رجل مجهول الهوية في رحم الزوجة وبموافقة زوجها. وسبب العقم في هذه الحالات هو ان حيمن الزوج لايستطيع الوصول الى بويضة الزوجة ليخصبها ، كما هو في الحالات الطبيعية. ولاشك ان التخصيب الخارجي الذي يقوم به الزوج لايتعارض اطلاقا مع الارتكاز العقلائي باعتبار ان الطب يقوم لايصال حيمن الزوج بطريق تقني متقدم لملاقاة بويضة الزوجة ، فيكون انعقاد النطفة في الرحم. ولكن المشكلة تكمن في التخصيب الخارجي من قبل رجل مجهول الهوية وهو ما يرفضه الدين والعرف العقلائي تماماً ؛ لان فيه اختلاطاً عظيماً للانساب وكآبة اعظم للزوج الذي حرم من امضاء بصماته الجينية على الجنين المخلَق من قبل رجل مجهول الهوية. وهذه المشاكل التي تواجهها الاسرة المعاصرة تستحق ـ على اقل تقدير ـ نقاشاً ورداً على الآراء الغربية الوافدة.

ان هذا الكتاب يعبَر عن محاولة ابتدائية لفهم دور الاسرة في البناء


الاجتماعي. وقد قسَمنا البحث في الكتاب الى قسمين ؛ الاول : ناقشنا فيه ارآء النظرية الاجتماعية الرأسمالية الغربية فيما يخص المؤسسة العائلية ونقدنا اهم مبانيها الفلسفية والاجتماعية. ثم عرضنا في القسم الثاني : النظرية الاجتماعية الاسلامية التي تناولت اهمية دور الاسرة في البناء الاجتماعي من خلال احكامها الشرعية الفريدة. وقد عقدنا في نهاية الكتاب مقارنة بين النظريتين لاكتشاف عناصر الكمال في النظرية الاجتماعية الالهية ، ومعرفة ضعف مقالة النظرية الاجتماعية الرأسمالية التي لاتعدو كونها مجرد فرضية صممها الانسان الغربي لتنظيم حياته الاجتماعية ، قد يكتب لها النجاح وقد يكتب لها الفشل.

ربي أنت المستعان ، ولك الحمد في الاولى والاخرة. وما توفقي الا بالله عليه توكلت واليه أنيب.

زهير الاعرجي

قم المشرفة / ذو الحجة ١٤١٣ هـ


اطروحة الكتاب

تحتل النظرة الفلسفية لموقع (العائلة) في المجتمع الانساني دوراً مهماً في الفكرة الاجتماعية الغربية ، خصوصا على صعيدي النظرية التوفيقية بزعامة (هربت سبنسر) و ( اميلي ديركهايم ) ، ونظرية الصراع الاجتماعي بزعامة ( كارل ماركس ) و ( فريدريك انجلز ). فللمؤسسة العائلية ، حسب آراء ( سبنسر ) و ( ديركهايم ) دور حيوي خطير في حفظ المجتمع الانساني وسد الادوار الشاغرة التي يتركها الافراد حين الموت. الا إن نظرية الصراع الاجتماعي تصر ، حسب رأي ( فريدريك أنجلز ) ، على أن المؤسسة العائلية هي اول مؤسسة إضطهادية يختبرها الفرد في حياته الاجتماعية.

وتعارض النظرية الاجتماعية الرأسمالية فكرة تعدد الزوجات باعتبارها نقيضاً صارخاً لمفهوم ( المذهب الفردي ) الذي قامت على أساسه أركان النظام الاقتصادي الرأسمالي الحديث. وهي تعارض أيضاً فكرة الاسر العشائرية الكبيرة التي تضم ـ بالاضافة الى الزوجين ـ الاجداد والاحفاد والاقارب ، باعتبارها عائقاً من عوائق زيادة الانتاج الاجتماعي.

وقد كان نقدنا للنظريتين التوفيقية والصراع الاجتماعي يتلخص في أن العنف الذي يقع بين أفراد العائلة الواحدة ، وخصوصاً في المجتمع الصناعي الحديث ، يناقض إدعاءات النظرية التوفيقية بأن المؤسسة العائلية في


النظام الرأسمالي تشبع جميع الحاجات العاطفية للافراد وتكون مصدراً من مصادر الاستقرار النفسي. وخلصنا الى نتيجة مفادها ان المجتمع الرأسمالي الصناعي لايوفر ـ في اي حال من الاحوال ـ قاعدة عائلية تمنح الاستقرار النفسي والحاجة العاطفية للافراد. وكان اعتراضنا على نظرية الصراع الاجتماعي منبثقاً من فكرة إن مجرد ربط الاضطهاد الاسري بالاضطهاد الاجتماعي ومظالم النظام الرأسمالي لايتعدى مجرد عرض للمشكلة الاجتماعية دون تقديم حل بديل يعالج ذلك الاضطهاد المزعوم.

ولاشك ان اهم المشاكل التي أفرزتها الحضارة الغربية المعاصرة هو تغير ولاء الافراد تجاه بعضهم الآخر. فاصبح الفرد الرأسمالي يحصر جلَ اهتماماته العملية على تحقيق رغباته الشخصية دون الاكتراث لمسؤوليته الاجتماعية تجاه المؤسسة العائلية. وغدا الولاء الاجتماعي يتحول تدريجيا من العشيرة والاقارب الى الدولة والنظام السياسي ؛ لان الدولة أصبحت تقوم بتقديم أغلب الخدمات التي كانت تقدمها العشيرة للفرد كالخدمات التعليمية والطبية واعانة العجزة ورعاية الاطفال. الا ان النظرية الاجتماعية الرأسمالية اصيبت بخيبة امل شديدة في العقود الثلاثة الماضية ؛ لان هذا التحول في الولاء الاجتماعي انشأ مشاكل جديدة فيما يتعلق باستقرار القاعدة الاقتصادية والعاطفية للعائلة الصغيرة ، وخصوصا على أصعدة الطلاق والاجهاض والاعتداء الجسدي. ولاريب ان المشاكل العائلية الخطيرة التي يواجهها المجتمع الصناعي الرأسمالي الحديث ، يجعلنا نتوجه بكل ثقل نحو الرسالة الدينية لنستلهم منها افكارنا فيما يتعلق بدور واطار عمل المؤسسة العائلية في النظام الاجتماعي.

فالاسلام ينظر الى المؤسسة العائلية باعتبارها نقطة أستقرار لعالم متحرك ، تنتقل من خلالها ممتلكات الجيل السابق الى الجيل اللاحق عن طريق الارث والوصية الشرعية ، ومؤسسة اجتماعية لتعويض الخسائر البشرية الحاصلة نتيجة موت الافراد ، ومحطة فحص وتثبيت انساب الافراد عن طريق الزواج والاقرار بالنسب ، ومركز حماية الافراد فيما يتعلق بالحب والحنان والدفء والمطعم والملجأ ، ومكاناً لتهذيب السلوك الجنسي ، ومسرحاً لتعلم


المعارف قبل الخروج للساحة الاجتماعية ، وموضعاً عظيماً لتعلم وممارسة النشاطات الروحية والدينية. وقد قدٌم الاسلام في نظريته الفقهية الاجتماعية عرضاً مفصلاً لحقوق الزوجة المالية والمدنية ، وحقوق الابوين والاجداد والاحفاد ، وحق الحاق المولود على اساس قاعدة (امكان الالحاق) التي تسالم عليها الفقهاء ، وحقوق الرضاعة والحضانة ، واحكام الصبي ، والوصية الشرعية ، والارث. والاصل في النظرية الاسلامية ، ان يكون للعائلة ولي يدير شؤونها المالية والعاطفية والتربوية ، او وصي يدير شؤونها المالية ويرعى مصلحة افرادها. وبكلمة ، فان العائلة الاسلامية تساهم في خلق الفرد الاجتماعي المؤمن بالنظرية الاخلاقية الدينية ، الصالح للعمل والانتاج ، المجدّ في سبيل بناء النظام الاقتصادي والسياسي للمجتمع الاسلامي. وبذلك ، فان النظرية الاسلامية تطرح للعالم المعاصر قاعدة عائلية تمنح الافراد كل مواطن الاستقرار النفسي والحاجات العاطفية التي حرمتهم منها التطبيقات الرأسمالية الغربية الحديثة.



القسم الاول

النظام العائلي في النظرية الرأسمالية

العائلة في النظرية التوفيقية * نقد النظرية التوفيقية * العائلة في نظرية الصراع الاجتماعي * نقد نظرية الصراع * الشكل العائلي الرأسمالي * معنى التغير في المؤسسة العائلية الرأسمالية * العائلة الرأسمالية الامريكية * الزواج والطلاق في المجتمع الرأسمالي * مشكلة الاسقاط المتعمد ( الاجهاض ) * هفوات النظام العائلي الرأسمالي.



العائلة في النظرية التوفيقية

تجزم النظرية التوفيقية بان الحياة الانسانية حياة حيوانية ، وان البشر ليسوا حيوانات من الناحية البيولوجية فحسب ، بل انهم حيوانات اجتماعية ايضاً (١) ؛ ولذلك ، فلابد للمؤسسة العائلية من القيام بدور فعال في حفظ المجتمع الانساني ؛ لان اي محاولة لفهم الدور الانساني للمؤسسة العائلية يجب ان يأخذ بعين الاعتبار الوظائف الاجتماعية التي تقوم بها العائلة لخدمة النظام الاجتماعي على صعيد تنظيم الحياة الخاصة بين الرجل والمرأة ، ورفد المجتمع بالافراد المنتجين ، واحياء الحياة الاجتماعية ، وحماية الافراد المنتمين للعائلة الواحدة ورعايتهم من الناحية العاطفية والاقتصادية.

فجميع المجتمعات الانسانية ـ حسب النظرية التوفيقية ـ لا تسمح للافراد بانشاء علاقات خاصة بين الرجال والنساء ، دون ضوابط عرفية متفق عليها. بل القاعدة ، ان المجتمع الانساني لا ينظر للسلوك الجنسي باعتباره مسألة خاصة بالفرد ، وانما يسلط عيناً فاحصة على هذه الممارسات الغريزية بين الجنسين ويرصدها رصداً تاماً. فالنظام الاجتماعي اذن ، يقدم اطاراً اسرياً ينظم بموجبه العلاقة الجنسية بين الذكر والانثى ، ويحدد من خلاله نوعية الافراد المتزاوجين من حيث العمر والدخل والكفاءة ، ويضع الشروط المناسبة لذلك.

__________________

١ ـ ( روبرت ميرتون ) : النظرية الاجتماعية والتركيب الاجتماعي. نيويورك : المطبعة الحرة ، ١٩٦٨ م.


وترى النظرية التوفيقية بان المجتمع لا يستطيع ان يقوم بمهامه الحيوية ، ما لم ينشئ نظاماً خاصاً لتعويض الخسائر الاجتماعية التي تحصل نتيجة موت الافراد ، ولولا النظام العائلي لانقرضت البشرية والحياة الانسانية على وجه هذا الكوكب. فالعائلة ترفد المجتمع بالافراد المنتجين جيلاً بعد جيل ، حيث تقدم هذه العائلة المستقرة ، المتكونة من أب وأم ، للنظام الاجتماعي أفضل الخدمات الاجتماعية وأهمها ، وهي سد الادوار الشاغرة التي يتركها الافراد حين مغادرتهم الحياة الدنيا خلال الموت.

وعلى هذا الاساس تقوم العائلة بحماية أفرادها ورعايتهم بتقديم شتى الاعمال الخدمية لهم كالملجأ والمطعم ، والدفء والحنان ، والعناية الشخصية والعاطفية. فهي توفر لهم الاجواء التي تسد حاجاتهم الاساسية في الخلود الى الراحة والاطمئنان للمستقبل ، وشحن طاقاتهم العملية ، فيكونوا بعدئذ ، اهلا للعمل والانتاج. ولاشك ان النظام العائلي مبني على اساس ان الفرد المنتج في العائلة الواحدة هو المسؤول عن الآخرين ، الذين لا يستطيعون القيام بعمل منتج بسبب السن أو المرض أو العجز الطبيعي ، ضمن إطار نفس العائلة.

وبطبيعة الحال فان العائلة ، حسب رأي النظرية التوفيقية ، تساهم في تحقيق طموح الانسان في التفوق والنجاح عن طريق الاختلاط الاجتماعي. فالانسان كائن أجتماعي بالطبع ، ومنذ الولادة يسعى في أجواء الحب والحنان من قبل الابوين الى الانغمار بالانشاطات الاجتماعية ، فيتعلم اللغة ، والقيم ، والدين ، والعادات الاجتماعية التي يقرها النظام الاجتماعي. ومع ان المؤسسة الدينية والتعليمية تساهم في إنشاء الفرد ، الا ان المؤسسة العائلية


هي القاعدة التي ينطلق منها الانسان في بناء حياته الاجتماعية والاقتصادية.

وعلى ضوء ذلك ، تقدم العائلة لافرادها مقعداً اجتماعياً متميزاً ، يتناسب اساساً مع منزلة العائلة الاجتماعي وثروتها. فالافراد جميعاً ، ينسبون الى عوائلهم من الناحية العرقية ، والدينية ، والمذهبية ، والاقتصادية ، والطبقية الاجتماعية : بمعنى ان هوية الفرد المذهبية والعرقية تحددها العائلة التي ينتمي اليها اكثر مما يحددها الفرد لنفسه. وبالتالي فان لهذه الهوية تأثيراً حاسماً على احتلال الافراد لادوارهم الاجتماعية لاحقاً.

وأهم حاجة تشبعها المؤسسة العائلية في الفرد هي الحاجة العاطفية. فالحب والحنان والعطف من مصادر الاستقرار النفسي ، واشباع هذه الحاجات العاطفية لايتم الا ضمن جدران العائلة التي تعتبرها النظرية التوفيقية جنة من الجنان الطبيعية في هذا العالم المتوحش (١).

_________________

١ ـ ( كريستوفر لاش ). جنة في عالم لا قلب له : العائلة في حصار. نيويورك : الكتب الاساسية ، ١٩٧٧ م.


نقد النظرية التوفيقية

وقد ركزت النظرية التوفيقية ، في معالجتها لدور المؤسسة العائلية في حفظ المجتمع الانساني ، على الوظائف الاجتماعية التي تقوم بها تلك المؤسسة ، دون ان تكترث لدراسة دور الرجل والمرأة في إدارة النظام العائلي ، وتحليل علاقتهما الزوجية ضمن حدود العرف الاجتماعي. فلم تستطع النظرية ان تقدم تصوراً عاماً حول واجبات الزوجين وحقوقهما ، ومسؤوليتهما الشرعية أو القانونية تجاه بعضهما البعض أولاً ، وتجاه اليافعين في نظامهما العائلي ثانياً. ولم تتطرق النظرية أيضاً ، الى حقوق الافراد المنتسبين الى العائلة الواحدة في الارث والنفقة والتملك. ولم تتناول شكل العلاقة الزوجية ، ودورالطاعة أو النفقة في تحديد الغريزية بين الرجل والمرأة.

ولو كانت النظرية صادقة ودقيقة في تحليلها ، فلماذا اذن ، تجاهلت تحليل ظاهرة العنف في العائلة الرأسمالية ، مقابل الحب والحنان في العائلة المثالية التي تزعم بوجودها في كل المجتمعات الانسانية وبضمنها المجتمع الرأسمالي؟ مع علم النظرية مسبقاً بأن الجرائم الواقعة بين أفراد العائلة الواحدة ، خصوصاً بين الزوج والزوجة ، تشكل أكثر من عشر اجمالي الجرائم الجنائية السنوية في الولايات المتحدة مثلاً (١). فاذا كانت العائلة مصدراً للحب والحنان ، فكيف تفسر النظرية التوفيقية حوادث الاعتداء

____________

١ ـ ( روبرت ) الانفصال الزوجي. نيويورك : الكتب الاساسية. ١٩٧٥ م.


الجسدية التي تقع بين الزوجين في النظام العائلي الرأسمالي ، والتي قدرت في العقد الاخير من القرن العشرين بأكثر من سبعة ملايين حادث سنوياً تقع ضمن ستين مليون عائلة (١)؟

ومع ان النظرية التوفيقية تقدم تحليلاً جدياً لدور العائلة في النظام الاجتماعي الا انها تفشل في تكوين صورة شاملة عن النظام القانوني الذي ينظم شؤون العائلة الداخلية ويضعها أمام مسؤوليتها الاجتماعية الكبيرة.

__________________

١ ـ ( روبرت أمري ) وآخرون. الطلاق ، الاطفال ، والسياسة الاجتماعية. فصل علمي في كتاب ( السياسة الاجتماعية والابحاث الخاصة بنمو الطفل ) تحرير : هارولد ستيفنسن والبرتا سيغل. شيكاغو : مطبعة شيكاغو ، ١٩٨٤ م.


العائلة في نظرية الصراع الاجتماعي

ولا تنكر نظرية الصراع الاجتماعي أهمية دور المؤسسة العائلية في انجاز الوظائف المناطة بها اجتماعياً ، الا إن النظرية تؤكد على أن المؤسسة العائلية هي أول مؤسسة إضطهادية يختبرها الفرد في حياته الاجتماعية. حيث تمثل سيطرة الرجل على المرأة في النظام العائلي ، أخطر الامثلة التي تقدمها نظرية الصراع وتدينها من الاساس. والى ذلك يشير ( انجلز) في كتابه « أصل العائلة ، الملكية الخاصة ، والجولة » قائلاً :

« إن الزواج يمثل نموذجاً راقياً للعداوات التي ظهرت في التاريخ. حيث إن نمو وإزدهار مجموعة معينة يتم على حساب مأساة وإضطهاد مجموعة اخرى ... ان العلاقة بين الزوج والزوجة هي مثال نموذجي لما يحصل لاحقاً من اضطهاد بين الطبقة الرأسمالية والطبقة العمالية » (١).

____________

١ ـ ( فريدريك انجلز ) ص : ٣٠ ، طبع سنة ١٨٨٤ م.


نقد نظرية الصراع

ولاشك ان نظرية الصراع الاجتماعي تنطلق في تحليلها لوضع المرأة في المؤسسة العائلية من معاينة المجتمع الاوروبي الغربي في عصر الثورة الصناعية ونشوء النظرية الرأسمالية ، وامتدادات ذلك الى المجتمع الامريكي الشمالي ؛ وهو تحليل يعكس صدق النظرية في تشخيصها جزءاً مهماً من المشكلة الاجتماعية الاسرية في النظام الرأسمالي. فلحد الستينيات من القرن العشرين لم تكن المرأة في النظام الامريكي والاوروبي قادرة من الناحية القانونية على المشاركة في إنشاء أي عقد من العقود التجارية دون إذن زوجها. وفي النصف من القرن نفسه وصلت حالة العنف بين الزوج والزوجة في المجتمع الامريكي الى درجة ، بحيث وضعت المؤسسة العائلية على قمة المؤسسات الاجتماعية الامريكية التي تمارس العنف والاجرام (١). فجرائم القتل بين الازواج تمثل ـ كما ذكرنا سابقاً ـ عشر اجمالي الجرائم الجنائية السنوية. وفي كل عام يحاول أكثر من سبعة ملايين زوج أو زوجة إنزال الاذى بالآخر ، قتلا كان أو ضرباً مبرحاً أو جرحاً بليغا. ويحاول اكثر من مليوني طفل سنوياً الاعتداء على امثالهم بسلاح ناري أو نحوه بنية وتصميم مسبق للقتل. وفي كلّ عام يهرب اكثر من مليوني مراهق من بيوتهم بسبب الاعتداءات الخلقية عليهم من قبل آبائهم. واكثر المشاكل الزوجية انتشارا في المجتمع الرأسمالي الامريكي اليوم هو الاعتداء الجسدي

__________________

١ ـ ( ميشيل كوردن ). العائلة الامريكية من زاوية اجتماعية ـ تاريخية. نيويورك: سانت مارتن ، ١٩٨٣ م.


بين الازواج مع النية المسبقة بانزال الاذى بالآخر.

وهذا الوضع الاسري في حضارة تدعي لنفسها الكمال ، قد رسخ افكار نظرية الصراع الاجتماعي في اذهان المحدثين من معتنقي هذه النظرية وجعلهم اكثر تحمسا في الدفاع عن مقولة ( فريدريك انجلز ) حول الاضطهاد الاسري الذي يؤدي لاحقاً الى الاضطهاد الاجتماعي.

ولكن تفسير نظرية الصراع وربطها الاضطهاد الاسري بالاضطهاد الاجتماعي هو عرض للمشكلة الاجتماعية دون تقديم حل بديل يعالج مشكلة الاضطهاد المزعوم. فاذا كان الصراع الطبقي مستمراً في جميع اطوار تطورالمجتمع الانساني ، كما تزعم نظرية الصراع ، فكيف تستطيع تلك النظرية تصوير شكل العلاقة الزوجية في كل مرحلة من مراحل الصراع الاجتماعي؟ فهل ان المرحلة التاريخية السابقة التي اباحت للزوج الرأسمالي اضطهاد زوجته البروليتارية ، تبيح للزوجة الرأسمالية اضطهاد زوجها البروليتاري؟ واذا كانت الثقافة الماركسية في مرحلة الصراع الاجتماعي تجيز للبروليتاريا سحق الطبقة الرأسمالية فهل يجوز سحق العائلة القائمة على اساس الفهم الرأسمالي؟ بل اين حدود التعامل ، حسب نظرية الصراع ، في العلاقات الخاصة بين الزوج والزوجة؟ ومن الذي يحدد القانون الذي يسمح للزوجين بالاشتراك في الحياة الزوجية السعيدة دون ظلم واضطهاد؟

ان نظرية الصراع الاجتماعي تقصر عن تحديد دور الزوجين في التعامل الانساني ، وتعجزعن تشخيص مسؤوليتهما المتبادلة في اشباع حاجاتهما الغريزية ضمن الحدود الطبيعية ، وتعجز ايضا عن تحديد مسؤولية الابوين تجاه القاصرين من الابناء والبنات والعاجزين من بقية


افراد الاسرة كالاجداد والجدات. ولم تتطرق النظرية ايضا الى الولاية الشرعية او القانونية لاحد الابوين ، ولا الى دور الوصي في حالة وفاة كلا الابوين او احدهما.

وبالجملة فان رأي نظرية الصراع المتعلق بالفكرة القائلة بأن الزواج يمثل نموذجاً للعداوات التي ظهرت في التاريخ لا يعكس الواقع الحقيقي للنظام الاسري الانساني ، بل يمثل جزءاً من واقع النظام الاسري الاوروبي في القرون الماضية وامتداده الى القرن الحالي. بل ان نظرية الصراع لم تقدم حلاً للمشكلة الاسرية ؛ انما كان من اهداف روادها بالاصل ، ربط المشكلة الاسرية بمظالم النظام الرأسمالي ضد الطبقة العاملة.


الشكل العائلي الرأسمالي

وتختلف اشكال العلاقات الاجتماعية فيما يتعلق بالزواج والعائلة والنسب من مجتمع لآخر ، فلكل مجتمع على الاغلب شفرة اخلاقية تشير الى منع التزواج بين افراد العائلة الواحدة ، كحرمة التزاوج بين الاخوة والاخوات والابناء والامهات مثلاً. ففي المجتمع الرأسمالي يحرم النظام القضائي على الفرد التزوج من الام ، والجدة ، والبنت ، والاخت ، والعمة ، والخالة ، وبنت الاخ ، وبنت الاخت. وفي تسع وعشرين ولاية من الولايات المتحدة يحرم القانون الزواج بين ابناء وبنات الاعمام ويعتبره غشيانا للمحارم (١).

والقاعدة في التزاوج في المجتمع الصناعي ان قضية الزواج والمعاشرة بين الرجال والنساء قضية شخصية مبنية على اساس الحب الرومانتيكي ، فللفرد مطلق الخيار في البحث عن شريكة لحياته ، عن طريق الاعجاب المتبادل بينهما. وعلى ضوء ذلك فان رواد النظرية الرأسمالية يدينون الزواج المبني على اساس اقتصادي ، كما يحصل غالباً في المجتمعات الريفية ويوصمونه بالتخلف والبدائية. ولكنهم يتجاهلون تناقض فكرتهم التي تدعو من جانب الى التنافس الاقتصادي في الانتاج وجمع الثروة ، ومن جانب آخر الى اهمال الجانب الاقتصادي الذي تدره المؤسسة العائلية عن طريق التزاوج!

__________________

١ ـ ( ميشيل غوردن ). العائلة الامريكية : الماضي ، الحاضر ، والمستقبل. نيويورك : راندوم هاوس ، ١٩٧٨ م.


وتتهم النظرية الاجتماعية الرأسمالية ، التزاوج في المجتمعات غير الصناعية بالقصور والعجز عن تحريك العواطف الانسانية ، لان ذلك اللون من التزاوج لايتولد نتيجة علاقة حب بين الرجل والمرأة قبل الزواج ، بل انه ينشأ بسبب التقاليد والاعراف الاجتماعية. ولذلك ، فان زواجاً بهذا الشكل لن ينتج حباً متبادلاً بين الزوجين بعد الزواج ايضاً. ولكن التزاوج المنعقد بين الافراد في المجتمع الرأسمالي ـ حسب زعمها ـ غالباً ما يبنى على الحب ، لان هذا المجتمع اكثر تطوراً من الناحية الاجتماعية والفكرية من المجتمعات غير الصناعية ، ولذلك فان الزواج في المجتمع الرأسمالي اكثر نجاحاً من الزواج في المجتمعات غير الرأسمالية. ويرد على هذا الرأي انه لو كان هذا الزعم صحيحاً ، فلماذا اذن يعيش المجتمع الصناعي الرأسمالي اليوم اشد ازماته العائلية؟ فكيف تفسر النظرية الاجتماعية الرأسمالية انتهاء نصف عدد الحالات الزوجية في الولايات المتحدة الى الطلاق (١)؟ فلو كان الحب والاعجاب الاساس في التزاوج ، فكيف يفسر انتهاء ذلك الزواج الرومانتيكي بالانفصال ثم الطلاق؟ ألا يناقض هذا الانفصال والطلاق قواعد الزوجية السعيدة والحياة العائلية الطبيعية؟

ويزعم رواد النظرية الاجتماعية الرأسمالية ايضاً ، ان من اعظم خصائص النظام العائلي الرأسمالي هو اقرار النظام بحرمة تعدد الزوجات ، اي انه لايجوز للفرد التزوج باكثر من امرأة في نفس الفترة. وهذا الزعم يتناسب مع الفكرة الرأسمالية التي تؤكد على دور الفرد في الحياة الاجتماعية والانتاجية ، لان اباحة تعدد الزوجات يناقض مفهوم « المذهب الفردي»

__________________

١ ـ ( وليام غود ). العائلة. انجلوود كليفز ، نيوجرسي : برنستون ـ هول ١٩٨٢ م.


الذي تنادي به النظرية الرأسمالية ، وتعتبره سر نجاحها الاقتصادي. ولكن هذه النظرية تتجاهل الازمات الاجتماعية التي تمر بها الانسانية بعد الحروب الطاحنة مثلاً ، وما يترتب عليها من خسائر عظيمة في عدد الرجال ، فيكون نظام تعدد الزوجات من افضل الانظمة الاجتماعية التي تساعد على اعادة بناء الاسر المحطمة بعد الحرب. وليس الاسلام الدين الوحيد الذي يجيز تعدد الزوجات ، بل ان اليهودية وبعض المذاهب النصرانية تجيز تعدد الزوجات ايضاً. وأهم المذاهب النصرانية التي تؤمن بتعدد الزوجات هو مذهب المورمن النصراني المتمركز في ولاية يوتا الامريكية ، الذي يبيح تعدد الزوجات دون حدود.

وهذا التعارض بين النظرية الاجتماعية الرأسمالية والنظرية اليهودية ـ النصرانية في فكرة تعدد الزوجات ، ليس الاول ولا الاخير. لان النظريتين متعارضتان ايضاً في قضية التغشي بين الرجل والمرأة قبل الزواج. فالنصرانية تؤكد على ضرورة عذرية المرأة قبل الزواج تأسياً بمريم العذراء ( ع ) ، بينما تدعو النظرية الاجتماعية الرأسمالية الى احترام حرية الفرد في انشاء علاقات خاصة مع الجنس الآخر. وهذا الصراع بين العذرية والحرية الغريزية يعكس التناقض الفلسفي ، بخصوص دور المؤسسة العائلية ، بين الفكرة الدينية والمذهب الرأسمالي.

ولاشك ان اتساع وتفصيل دقة النظام العائلي وشموله لجزئيات عديدة ومعقدة لا يشجع اي نظرية وضعية على الخوض في غمار مناقشة الدور الاجتماعي للعائلة. وليست النظرية الرأسمالية استثناء من هذه القاعدة. فهي تفتقد الصورة الواضحة والمنهاج الدقيق الذي يعالج مشاكل


المجتمع الرأسمالي الزوجية المتمثلة بالاسئلة التالية : ايهما احق بالولاية القانونية العائلية : الزوج ام الزوجة؟ وايهما افضل للنظام الاجتماعي : نظام تعدد الزوجات ام نظام الزواج المتعدد؟ وايهما افضل للنظام الاجتماعي : زواج الاقارب ام زواج الاباعد؟ وايهما اكثر اقتصاداً للازواج الجدد : السكن مع عوائلهم ام انشاء وحدات سكنية جديدة بهم؟ وأيهما اولى بالميراث : الاحفاد من جانب الام او الاحفاد من طرف الاب؟ وايهما افضل واكثر انتاجاً للمجتمع الانساني : العوائل النووية الصغيرة او العوائل الممتدة الكبيرة التي تضم ـ اضافة الى الزوجين ـ الاجداد والاولاد واحفادهما؟ وهذا الفشل في الاجابة على هذه الاسئلة المهمة على الصعيد الاجتماعي يعطي للعقيدة الدينية تفوقا واضحا على العقائد الوضعية في التعامل مع القضايا العائلية.


معنى التغير في المؤسسة

العائلية الرأسمالية

ولم يكن التأثير الذي احدثته الفكرة الرأسمالية في القرن الثامن عشر منحصرا بالجانب الاقتصادي من المجتمع الاوروبي ، بل تعدى بشكل مباشر الى المؤسسة العائلية بكل تشكيلاتها الاجتماعية. فكان من اهم التأثيرات التي عصفت بالمؤسسة العائلية الرأسمالية هو تغير ولاء الافراد تجاه بعضهم البعض ؛ حيث اصبح الافراد يحصرون جل اهتماماتهم العملية على تحقيق رغباتهم الشخصية دون الاكتراث لمسؤولياتهم الاجتماعية تجاه عوائلهم الكبيرةواقاربهم وارحامهم. وهذا التغير في الولاء افرز نتائج لها تبعات خطيرة على الحياة العائلية ، تصورها كتابة ( بتي يوربيرك ) في كتاب « دور الغريزة الجنسية في التغير الاجتماعي » :

« يبحث الافراد عن فرص للعمل حتى لو كان ذلك البحث يكلفهم كسر العلاقات الاسرية مع ارحامهم. النساء المتزوجات من الطبقة المتوسطة والعليا يذهبن للعمل حتى مع معارضة ازواجهن. وبعد ذلك يتركن زواجهن المليء بالتعاسة ، واحيانا يتركن اطفالهن مع ازواجهن ويذهبن للبحث هن حياة جديدة فيها عمل وظيفي. الازواج يتركون زوجاتهم اللاتي بذلن حياتهن كربات للبيوت. ووجود الاطفال لايردع الزوجين عن التفكير بالطلاق ... والابن الاكبر لا يترك الجامعة لمساعدة ابويه او اخوته المحتاجين ، بل يتركهم وحاجاتهم ويذهب لتأسيس


مستقبله بعيدا عن العائلة. الشباب يختارون حياة زوجية او حياة منحرفة حتى لو عارض الابوان ذلك » (١).

وهذه الحياة الجديدة التي افرزتها التجربة الرأسمالية غيرت النظرة الانسانية في المجتمع الصناعي تجاه الزواج والاسرة. فالعوائل الكبيرة التي كان يرأسها جد الاسرة تحولت الى عوائل صغيرة تضم الاب والام وطفليهما ، ونظام تعدد الزوجات استبدل بنظام الزوجة الواحدة ، والبيوت الكبيرة التي كانت تضم بين جدرانها عوائل متعددة استبدلت بوحدات سكنية تضم عوائل صغيرة ، والتزاوج بين الاقارب استبدل بالتزاوج عن طريق العمل والمؤسسات التعليمية. واصبحت القاعدة في الزواج في المجتمع الرأسمالي ، الميول نحو الاختيار الشخصي القائم على الاعجاب ، والكفاءة ، والثقافة ، والجمال. وبذلك انحسر العامل الاقتصادي الذي كان محور التزاوج في المجتمع الريفي الاوربي.

وتبدل الشكل العائلي في المجتمع الرأسمالي من العصر الزراعي الى العصر الصناعي له عوامله الخاصة التي جعلت فكرة التغيير سبباً اساسياً حسماً في تثبيت اسس النظام الاقتصادي الرأسمالي. ولولا ضعف الاسرة الكبيرة وانفراط عقدها لما نجح النظام الرأسمالي في تنويع وزيادة الانتاج. فالاسر الصغيرة ايسر للانتقال الجغرافي من منطقة الى اخرى حسبما يقتضيه العمل في حقول الانتاج. والعامل في المجتمع الرأسمالي ينتقل حيثما وجد عملاً مناسباً يهيئ له عيشة رغيدة. فاذا كان ذلك العامل مرتبطاً باسرة كبيرة ، اصبح ارتباطه عائقاً في التكسب : ولذلك مالت الكفة الاجتماعية نحو

__________________

١ ـ ( بتي يوربيرك ). دور الغريزة الجنسية في التغير الاجتماعي. نيويورك : وايلي ،١٩٧٤ م. ص ٥٣.


انشاء العوائل الصغيرة القادرة على الانتقال الجغرافي بيسر بحثاً عن ظروف انسب للعمل.

وطالما كان المجتمع الرأسمالي يوفر فرصاً اكبر للعمال لتطوير شخصياتهم وفرصاً اكبر للنجاح والصعود الى الطبقات الاجتماعية العليا ، فان الافراد الطامحين للصعود الاجتماعي لا يلزمون انفسهم بالالتزام بالقيم والتقاليد التي تفرضها عليهم الاسر الكبيرة ؛ لان الاسرة الكبيرة المتكونة من اجيال متعددة تحترم لوناً معيناً من القيم الاجتماعية الصارمة. ولكن الحركة الاجتماعية التي تنقل الفرد من طبقة الى طبقة اعلى تحمل في طياتها قيماً تختلف عن قيم الطبقة الاخرى نحو العلم والتحصيل والاخلاق والمورد المالي. والاصل في الفكرة التي تعتنقها النظرية الرأسمالية ، هو ان الدرب الاساس نحو الصعودالاجتماعي الى طبقة اقتصادية ارقى من الطبقة الاولى للفرد ، لايتم الا عن طريق تحطيم الاواصر الاجتماعية مع العائلة الكبيرة.

وعندما بدأ النظام الرأسمالي بتقديم شتى الخدمات الاجتماعية التي كانت العوائل الكبيرة تقدمها لافرادها ، بدأت الحاجة الى استمرار وجود تلك العوائل الصغيرة تنتفي تدريجياً ، حسب زعم النظرية الرأسمالية. فالنظام الرأسمالي يقدم لافراد العوائل الصغيرة الخدمات التعليمية ، والطبية ، واعانة العجزة ، ورعاية الاطفال ، وكوبونات الطعام للمحتاجين. واذا كان النظام الرأسمالي يقدم كل هذه الخدمات ، فما هو الداعي في الاعتماد على الاقارب او الارحام بخصوص المساعدات المالية وقت الازمات؟ وماهو اللزوم في عيش الزوجين مع آبائهما اذا كانت الحاجة المالية والاخلاقية منتفية؟ وهذا التوجه نحو تغير الولاء من العشيرة والاقارب الى


الدولة والنظام ساهم في انشاء وانتشار العوائل الصغيرة القائمة على قاعدة « الزوجين واطفالهما » فقط. وبذلك تحقق حلم النظام الرأسمالي بزيادة الانتاج الصناعي عن طريق تحطيم الاواصر العائلية في العشيرة والعائلة الكبيرة ، واستبدالها بنظام العوائل الصغيرة التي تستطيع الانتقال جغرافيا بسرعة من مكان لآخر حسبما تتطلبه العملية الانتاجية.

ومن اسباب التبدل في شكل الاسرة الرأسمالية ايضاً ، ان الابناء الذين كانوا في المجتمع الزراعي رصيدا اقتصادياً للعمل والانتاج ، اصبحوا في الاسرة الرأسمالية عبئاً اقتصادياً على الابوين. فالابوان مكلفان باطعام وكسوة وتعليم ابنائهما من الطفولة وحتى البلوغ. وبعد البلوغ ، وعندما يصبح الفرد قادرا على التكسب والاستقلال ، يمسي همه الاكبر الانفصال عن ابويه لانشاء اسرة صغيرة جديدة. وهذا التوجه العام يفسر سبب ميول الابوين نحو انشاء اسر صغيرة ذات عدد محدود من الابناء ، لان كثرة الابناء ليس لها مردود اقتصادي على الاسرة ، فالابناء المنتجون ينفصلون عن ابويهم بعد بلوغهم ومباشرتهم العمل خارج البيت. وهذا التوجه الرأسمالي الحديث يناقض الفكرة الكاثوليكية القائلة بحرمة تحديد النسل.

وفوق كل ذلك ، فان السبب الرئيسي الحاسم في تبدل شكل الاسرة الرأسمالية هو فكرة « الحرية الفردية » ، فالفرد مكلف باشباع حاجاته وتحقيق طموحاته الشخصية ، وليس مكلفاً باشباع حاجات الآخرين. وهذه « الفردية » هي اساس الفكرة الرأسمالية في العمل والانتاج. فالفرد هو محور كل الافكار والتوجهات الاجتماعية. بل ان كل الخدمات الاجتماعية ينبغي ان تتوجه ـ حسب رأي النظرية الرأسمالية ـ نحو تسهيل حياة ذلك


الانسان وترفيهه حتى لو كان ذلك على حساب التقاليد والالتزامات الاجتماعية. فان كانت القضية التي تواجه الفرد قضية مالية او عناية صحية او قضية زواج او طلاق ، فذلك الفرد الرأسمالي غالباً ما يسأل : « ما هو نفعي وربحي من هذه القضية؟ » على عكس الفرد في المجتمع غير الرأسمالي الذي يسأل : « ماذا يتوقع ارحامي واخواني مني ان اعمله لهم؟ » وهذا الفارق في السؤال يعكس الفارق بين المذهب الفردي الذي جاءت به الرأسمالية ، والفكرة الجماعية التي كانت سائدة في العالم قبل مجيء الرأسمالية.

ولاريب ان شكل العائلة الصغيرة ، التي هي احدى ثمار سيكرة النظام الرأسمالي على المقدرات الاجتماعية ، لها مساوئها وعيوبها. فقد كان الفرد في العوائل الكبيرة يستند على دعم عائلته في الازمات الاجتماعية والاقتصادية ، فوجود العائلة الكبيرة هو مولد اطمئنان الفرد نحو سد حاجاته اقتصادياً وعاطفياً دون الاضطرار الى استجداء الآخرين من خارج الحدود العائلية. اما الفرد الرأسمالي فانه لايملك الا زوجته وقت الازمات ، واذا كانت الزوجة لاتعمل الا في حدود واجباتها البيتية ، فان الاسرة لا تصمد امام الهزات الاقتصادية التي تعصف بالفرد المعيل ، كالبطالة ، وترك العمل ، والعجز الصحي ، والتقاعد.

بمعنى ان الفرد في الاسرة الكبيرة اذا عجز عن احتلال دوره الطبيعي في النظام الاجتماعي والاسري ، فان بقية افراد الاسرة يساهمون في اشغال ذلك الدور دون ان يؤثر ذلك على وضع الاسرة اقتصادياً او اجتماعياً. اما في الاسر الصغيرة فإن عجز احد الابوين عن اداء دوره الانتاجي قد يؤدي الى تحطيم الاسرة من الناحية الاقتصادية. وتتحقق نفس النتيجة اذا مات رب


الاسرة ، او مرض مرضاً مزمناً ، فان كل ذلك يضع الاسرة الصغيرة في ازمة اقتصادية واجتماعية خانقة.

وفي الاسر الكبيرة ، يكون الزواج قضية طبيعية لا يتوقع الفرد منها ان تخلق المعجزات. فالزوجة تساهم في عمل البيت وتربية الاطفال ، وقد تضطر للعمل احياناً خارج البيت ، ولكن كل ذلك يخضع للحدود والقيم والتعليمات التي تلتزم الاسرة الكبيرة بها. وهذا كله يساهم في استقرار النظام الاسري ، حتى لو كان المردود العاطفي بين الزوجين ضعيفاً. اما على مستوى الزواج في المجتمع الرأسمالي ، فقد يتوقع الزوجان ، من احدهما الآخر ، اموراً بعيدة عن الواقع بسبب الصورة الحيالية المسبقة الموضوعة في ذهنيهما قبل الزواج. واذا فشل الزوجان في تحقيق الصورة الخيالية التي رسماها في مخيلتهما ، انفرط عقد الزواج ، واصبح الطلاق المنفذ الوحيد لاعادة ترتيب اولويات حياتهما الاجتماعية والاقتصادية. ولا شك ان هذه المشكلة تعتبر من اخطر مشاكل التغير في المؤسسة العائلية الرأسمالية.


العائلة الرأسمالية الامريكية

ولاشك ان ايمان العائلة الامريكية بالنظرية الرأسمالية كان قد اوقعها في وضع مأساوي خطير ، بسبب افتقاد النظرية لمنهج موضوعي ينظم الحياة العائلية ويساهم في بنائها العلوي. وبطبيعة الحال ، فان الاحصاءات الحكومية تعكس واقع هذاالوضع الاجتماعي. فعشرين بالمائة من مجمل الولادات فيامريكا في العقود الاخيرة من القرن العشرين لاتحصل نتيجة الزواج الشرعي المتفق عليه اجتماعياً ، وربع حالات الحمل تنتهي بالاجهاض ، ونصف عدد الزيجات في امريكا تنتهي بالطلاق (١) ، وعشرين بالمائة من البالغين الامريكان يعيشون حياة العزوبيةاختياراً (٢) ، علما بان وسائل الزواج ميسورة. وهذه الصورة الاجتماعية القاتمة دليل على فشل النظرية الرأسمالية الغربية في تقديم حل اجتماعي مقبول لمعالجة مشاكل الانسان الحياتية ، خصوصاً في عصر تدعي فيه النظرية الرأسمالية نجاحها الباهر في كل الميادين العلمية والتقنية والاقتصادية.

واذا كانت صورة الحاضر تعيش ضمن هذا الاطار المنحل ، فان صورة الماضي انما اختلفت في الشكل لا الجوهر. فخلال الحرب الاهلية الامريكية ، على سبيل المثال ، كان القانون الرأسمالي الامريكي يمنع الزنوج من التزاوج فيما بينهم ويسمح لهم بممارسة عملية الجماع دون زواج شرعي

__________________

١ ـ ( سار ليفيتان ) و ( ريتشارد بلوز ). ماذا يحصل للعائلة الامريكية؟ بالتيمور : مطبعة جامعة جونز هوبكنز ، ١٩٨١ م.

٢ ـ ( بيتر ستاين ). العزوبية. انجلوود كليفز ، نيوجرسي : برنتس ـ هول ، ١٩٧٦ ،


لغرض انجاب العبيد وبيعهم في اسواق النخاسة. لان العبد ، في العقيدة الرأسمالية ، ملك للسيد المالك حتى في القضايا الخاصة وليس له الحرية في اختيار الشريك في عملية الزواج او في اي عمل آخر. وبذلك تدر عملية الجماع هذه اموالاً على المالك ، دون الاكتراث لشرعية الزواج او الاهتمام بحق الانسان في التزواج الطبيعي والتأهيل العائلي. وكان معتنقو مذهب المورمن النصراني يمارسون عملية تعدد الزوجات لحد ١٨٩٦ م. والذي منعهم قانوناً من ذلك ، شرط الحكومة الفيدرالية لولاية يوتا التي يسكنونها ، بعدم السماح للهم الدخول في الاتحاد الامريكي ما لم يعلنوا صراحة توقفهم عن ممارسة عملية تعدد الزوجات ، وذلك لمعارضته لاصل الفكرة الرأسمالية حول مفهوم « الفردية » التي تحترم ارادة الفرد وتعتبر فكرة تعدد الزوجات اهانة لكرامة الزوجات جميعاً!

ولاشك ان تعنت النظرية الرأسمالية في رفض فكرة تعدد الزوجات لم يحل المشكلة الاجتماعية التي تواجهها الاسرة الرأسمالية. فثلاثة ارباع الحالات الزوجية الامريكية تعاني من خيانات زوجية من كلا الطرفين في العائلة الواحدة (١). وازدياد عدد حالات التشرد بين النساء المطلقات والفتيات من العوائل المنحلة لا يساعد مفهوم النظرية الرأسمالية الزاعم بان الحب في المجتمع الحضاري الصناعي يخلق الزواج المثالي ، وان التمتع بزوجة واحدة يجني الفرد الخيانة الزوجية. ولو كان زعم النظرية الرأسمالية صحيحاً ، فَلِم انحدر اذن ثلاثة ارباع المجتمع في مستنقع الرذيلة بممارسة الخيانة الزوجية عن طريق الزنا؟ وليس هناك ادنى شك من ان الاقرار

__________________

١ ـ ( ديفيد فنكلهور ) وآخرون. الجانب المظلم من العائلة. بيفرلي هيل ، كاليفورنيا : ١٩٨٣ م.


بالانحراف عن الحياة الزوجية السليمة من جهة ، ورفض قبول الحلول الاجتماعية التي يقدمها الفكر الديني المتمثل بالاسلام بخصوص نظام تعدد الزوجات من جهة اخرى ، يعتبر تعنتاً واستكباراً لامبرر له ، من قبل النظام الاجتماعي الرأسمالي.

واذا كان الحب العذري الكائن في المجتمع الصناعي كأساس للزواج الناجح هو الذي يساعد الزوجين ـ كما تزعم النظرية الرأسمالية ـ على بناء علاقات زوجية حميمة بعد الزواج ، فلماذا اذن ، تنتهي نصف الحالات الزوجية الرأسمالية الامريكية المفترض قيامها اساسا على قاعدة الحب العذري ، الى الطلاق؟ اليس هذا تناقضاً مع الفكرة القائلة بان نجاح اي قضية نسبياً يتوقف على حل ثلاثة ارباع اجزائها على الاقل؟ فكيف نعتبر الزواج في المجتمع الرأسمالي نجاحاً للفكرة الرأسمالية؟ وكيف نعتبر نصف الحالات الزوجية التي تنتهي الى تهديم الاسس الاسرية نجاحا للفكرة الاجتماعية الرأسمالية؟

ويتساءل الفرد ما هو الحب العذري ، الذي تزعم النظرية الرأسمالية اعتباره من اهم اركان النظام العائلي في المجتمع الانساني؟ وللجواب على هذا السؤال فلنفترض انه الشعور الذي يتملك الفرد ، فتظهر عليه اعراضه. وهذه الاعراض تنقسم الى قسمين ؛ اولاً : اعراض جسدية ، وهي الشهوة وخفقان القلب ، وثانياً : اعراض نفسية ، وهي تنشيط الملكة الوجدانية بالتركيز على فرد معين ذي مواصفات جذابة ، ثم المجازفة في سلوك اي طريق يوصل ذلك المحب الى حبيبه. وهذا النوع من الحب يشجعه النظام الرأسمالي وتوصي به الثقافة الغربية المرئية والسمعية والكتيبة. هنا ، قد


يتساءل المرء لماذا تتحمس النظرية الرأسمالية الى نشر هذا النوع من الحب بين افراد المجتمع؟ ولماذا تحاول النظرية الرأسمالية تقديس هذه الظاهرة التي غالباً ما تحصل بين فردين ينجذب احدهما الى الآخر ، ثم يتطور هذا الانجذاب الى علاقة شخصية تنتهي بالزواج؟

وللجواب على ذلك تدعي الفكرة الرأسمالية ان الحب العذري مهم في انشاء حياة عائلية في عالم صناعي رأسمالي ، لاسباب منها :

اولاً : ان الحب العذري يساعد الفردين المتحابين على نزع ارتباطاتهما العائلية مع العائلة الكبيرة ، وهذه الخطوة مهمة في تنشيط الانتاج الرأسمالي وتشجيع المتزوجين الجدد على الانتقال الى اي منطقة او مدينة تحتاجها العملية الانتاجية. اما ، لوكان الحب العذري منعدما وكانت الاسرة كبيرة ، فان الزواج سيأخذ مساره الطبيعي دون الانغماس بالناحية النفسية والعاطفية للحب والتركيز على شهوات الفرد بشكل مطلق وتناسي العالم والواقع الخارجي المحيط بجدران ذلك الشعور.

ثانياً : ان الحب العذري يساهم في اشباع الناحية العاطفية التي حرمها انكسار وتحطم الاسر الكبيرة. ففي وقت الازماتتساهم الاسرة الكبيرة في التخفيف عن الآلام التي يتعرض لها الانسان المصاب بازمة من تلك الازمات ، وتساهم ايضاً في تقديم المساعدة العاطفية والمادية : في حين ان الاسر الصغيرة تفتقد الى هذا النوع من الحنان والتعاون الجماعي : ولذلك فان الرأسمالية تشجع الافراد على ممارسة الحب العذري حتى يساهم ذلك الحب في رأب الصدع الذي سببته لهم العملية الرأسمالية الانتاجية.

ثالثاً : وخوفاً من تناقص النسبة المئوية السنوية للمواليد ، فان الفكرة


الرأسمالية تشجع الافراد على ممارسة الحب العذري لانه يؤدي الى الزواج وبقاء فكرة الذرية مستمرة في النظام الاجتماعي. فلو عرض الخيار لافراد النظام الرأسمالي بالزواج او عدمه لاختارت نسبة ملحوظة منهم العدم تخوفاً من تحمل المسؤولية المالية والاجتماعية التي تفرضها الاسرة ، وتوافقاً مع فكرة « المذهب الفردي » في الاستمتاع الشخصي بالحياة دون الاهتمام بالمسؤولية الجماعية التي يفرضها التزواج النساني.

ومجمل القول ان النظرية الرأسمالية تشجع الافراد على تحطيم القيود الاسرية التي يشجعها النظام الديني ، وتحفزهم على التزواج عن طريق الاختلاط والاعجاب المتبادل وتخفيف القيود الاجتماعية على علاقة الرجل بالمرأة قبل الزواج. ولاريب ان السبب المباشر الذي يدعو النظرية الرأسمالية الى التبشير ـ بكل حماس ـ لفكرة انشاء الأسر الصغيرة ، هو اعتقادها بان الأسر الصغيرة التي تفتقد العلاقات المتينة مع اقاربها وعشيرتها ، تعتبر اكثر نفعاً واوفر انتاجاً واعظم خدمة للنظام الرأسمالي من الأسر العشائرية الكبيرة.


الزواج والطلاق في المجتمع الرأسمالي

ويشجع النظام الرأسمالي الافراد ، على اختيار شركاء حياتهم بحرية ايمانا منه بقوة « المذهب الفردي » في زيادة الانتاج. فتتم طريقة الاختيار هذه ، عن طريق التقاء الرجل بالمرأة ، ثم بعد رحلة طويلة يتم في نهاية المطاف الاتفاق على الزواج. ومع ان هذا الوصف مشترك في اغلب الحالات ، الا ان هناك خصائص ومميزات تتحكم في عملية الانجذاب والزواج : منها : العمر ، والدين ، والمنزلة الاجتماعية ، والثقافة ، والاصل العرقي ، ومكان العمل.

فعلى صعيد العمر ، فان التزواج يحصل بين فردين من ذوي عمر متقارب. فالرجال غالباً ما يتزوجون نساءً تقل اعمارهن عن اعمارهم بحوالي سنتين الى اربع سنوات. ولا يشجع النظام الرأسمالي التزاوج بين افراد تتفاوت اعمارهم تفاوتاً كبيراً لان ذلك يسبب تقليل العمل الانتاجي للاسرة.

وعلى صعيد الدين ، يتم التزواج غالباً ضمن افراد معتنقي الدين الواحد. ولما كان التزاوج بين ابناء الديانات المختلفة لايؤثر على انتاجية النظام الاقتصادي الرأسمالي ، فان النظام لا يعارض التزويج بين افراد من ديانات متغايرة.

وعلى صعيد الطبقة الاجتماعية يتم التزاوج ضمن افراد الطبقة الواحدة ، لان جذور الزوجين وعلاقاتهما الاجتماعية مرتبطة بظروف الطبقة ووضعها المالي والسكني. ولما كان من مصلحة الزوجين العيش بسلام ضمن


اطار الطبقة الواحدة ، وعدم الدخول في صراع اجتماعي مع الطبقات الاجتماعية الاخرى ، فان اغلب الشباب يبحثون اولاً عن شريكات حياتهم ضمن طبقتهم الاجتماعية. ولكن اذا حصل التزاوج بين فردين من طبقتين مختلفتين فان المرأة غالباً ما تتزوج رجلا من طبقة اعلى من طبقتها الاجتماعية.

وعلى صعيد الثقافة والتحصيل العلمي ، فان النظرية الرأسمالية تشجع الافراد على الزواج من اقرانهم في المعاهد الدراسية كالجامعات والكليات والمدارس العامة. فالجامعات تعتبر ـ حسب النظرية الرأسمالية ـ من افضل الاماكن للالتقاء والنقاش واكتشاف الافراد. ولاشك ان الاسرة المكونة من فردين مسلحين بشهادات جامعية ويعملان في حقول الانتاج تدر على النظام الرأسمالي اموالاً اكثر ، لان الزوجين ينتجان ويستهلكان اكثر من اقرانهما خارج الدائرة العلمية ، اولاً. وثانياً : ان اجتماع طاقاتهما العلمية سيولد ابداعاً للحقل الصناعي. ثالثاً : ان احتمال حذو ابنائهما نفس الطريق العلمي ، اقوى مما لو كانت الاسرة مؤلفة من فردين غير جامعيين.

وعلى الصعيد العرقي ، فان حكومات الولايات المحلية في امريكا كانت لا تسمح قانوناً بالتزاوج بين الزنوج والبيض لحد العقد السادس من القرن العشرين. ومع ان القانون قد تم الغاؤه ، بسبب نشاط حركات الحقوق المدنية ، الا ان المجتمع لايزال حتى اليوم يستنكر الزواج بين العرقيات المختلفة. والقاعدة ان الزواج يجب ان يتم بين الافراد ضمن العرق الواحد ، فالافراد السود ينبغي على الصعيد العرفي ان يتزوجوا نساءً من نفس العرق ، والنساء البيض ينبغي ان يتزوجن رجالاً من نفس العرق ايضا.


اما موقع العمل ، فهو من الاماكن التي يحصل فيها التعارف بين الرجل والمرأة ثم الاتفاق على الزواج اذا ما تم الاعجاب. وبعد أن اكمل النظام الرأسمالي ازالة الحواجز العرفية بين الرجال والنساء القائمة لقرون عديدة ، اصبحت عملية الزواج طريقة طبيعية لا تقيدها الضوابط الاجتماعية. فقد صفق الكثير من دعاة التحرر الاجتماعي لفكرة هدم الضوابط الاجتماعية التي تقيد عملية الزواج و « الحرية الفردية » فيما يخص قرار اختيار الزوج او الزوجة. ولكن نسبة الطلاق العالية التي يشهدها المجتمع الصناعي الرأسمالي اجيرت هؤلاء على الاقرار بعجز النظام الرأسمالي في انشاء نظام اسري يسعد المجتمع الانساني ، وينقله الى شاطئ الامان كما نقلته التقنية الحديثة الى مستوىً ارقى في التعامل الانساني.

وتعتبر نسبة الطلاق في ارقى المجتمعات الرأسمالية في العالم المتمثلة اليوم بالولايات المحتدة اعلى نسبة طلاق في التاريخ الانساني : حيث ان نصف الحالات الزوجية الامريكية تنتهي الى الطلاق كما ذكرنا ذلك سابقاً ، بعد اقل من سبع سنوات فقط من بدء الزواج ؛ وهذا دليل على تحلل النظام الاسري في المجتمع الرأسمالي. فالطلاق وثيقة اجتماعية دامغة تظهر فشل عملية التزاوج بين فردين اتفقا على انشاء اسرة كريمة لم يشتد عودها بعد : تماماً كمن يبذر بذرة آملاً في شجرة مثمرة ولكنه يترك شجرته بعد حين دون سقي في صحراء قاحلة. ولا تكمن مشكلة الطلاق في الاختلاف بين الطرفين المتخاصمين المتمثلين بالزوج والزوجة بل تتعدى الى ذرية الفرد وهم الاطفال ، فيقع عليهم الطلاق موقعاً مؤثراً وربما يؤدي الى تحطيم مستقبلهم. فالمشاكل التي تسبق الطلاق غالباً ما تترك تأثيراتها النفسية


على هؤلاء الاطفال ؛ علماً بان الاضطراب العاطفي يعتبر من اهم اسباب نشوء الانحراف الاجتماعي. ولما كانت الحياة الرأسمالية مصممة على اساس استيعاب العائلة الصغيرة المكونة من ابوين وطفل او طفلين مثلاً ، فان التغير الناتج من اثر الطلاق ، يجعل حياة الاسرة بعد الانفصال شاقة من ناحية الوحدة والانعزال ، والاحساس بالعجز في مواجهة مشاكل الحياة الاقتصادية والاجتماعية. وغالباً ما تتدهور الميزانية المالية للعائلة بعد الطلاق ، خصوصاً ميزانية الام المطلٌقة واطفالها (١). ومع ان القانون الرأسمالي يلزم الزوج بالنفقة على اطفاله ، الا ان اكثر من نصف عدد الآباء المطلقين يتهربون من دفع النفقة المالية بسبب ارتباطهم بالتزامات عائلية جديدة (٢). وهكذا يصبح الاطفال عرضة للحرمان الاجتماعي بسبب انعدام وجود المعيل ، فلا عجب اذن ، ان نجد الاطفال والاحداث في المجتمع الرأسمالي من اكثر الافراد حرماناً من الناحية المعيشية مقارنة ببقية المجاميع من الاعمار الاخرى كالشباب والشيوخ.

وتقع اشد حالات الطلاق عنفاً ووحشية بين الازواج الساكنين في المدن الصناعية الكبيرة ، وبين المتزوجين بسن مبكرة ، وبين الذين تزوجوا على الرغم من معارضة عوائلهم. والسبب في هذا التمزق ، هو ان هذه العوائل الصغيرة ليس لها من يوجهها ويأخذ بايديها بحكمة ، الى حل المشاكل الزوجية والاقتصادية التي تواجهها لاحقا في حياتها الاجتماعية : لان دور

__________________

١ ـ ( اندريو جيرلن ). الزواج ، الطلاق ، والزواج مرة اخرى. كامبردج ، ماساشوست : مطبعة جامعة هارفرد ، ١٩٨٣ م.

٢ ـ ( هيو كارتر ) و ( بول كليك ). الزواج والطلاق : دراسة اجتماعية واقتصادية. كامبردج، ماساشوست : مطبعة جامعة هارفرد ، ١٩٧٦ م.


الشيخ الكبير السن كان قد أُلغي تقربيا من الحياة الاجتماعية الرأسمالية. والقاعدة ان الزوجة اذا كانت قادرة على العمل والكسب المادي فانها ستترك ، حتماً ، البيت الزوجي الذي لا يوفر لها السعادة التي تتوقعها في حياتها الجديدة.

ويرجع علماء الاجتماع تحطم النظام العائلي في المجتمع الرأسمالي الى عدة اسباب منها : الاسرة الصغيرة ، وسراب الحب العذري ، ودور المرأة المتغير في الساحة الاجتماعية ، والانحلال الخلقي.

فعلى صعيد الاسرة الصغيرة ، وجدنا سابقاً ان النظام الرأسمالي يشجع الافراد على تحطيم تقاليد الاسر الكبيرة ، ويحث على التركيز على انشاء اسر صغيرة مكونة من اب وام وطفليهما كي تسهل حركة الاسرة طلباً للعمل ، وهذا العامل يساعد على زيادة الانتاج في المجتمع الرأسمالي. ولكن من اعظم مساوئه ، هو ان هذه الاسرة تكون اكثر تعرضاً للهزات الاقتصادية والاجتماعية من الاسرة الكبيرة المكونة من اجيال متعددة تعيش مع بعضها البعض. فاذا تخلى القيم على الاسرة عن قيمومته المالية انهارت اركان الاسرة تماماً. اما في الاسر الكبيرة فاي كثرة الافراد وتنوع اعمارهم وخبراتهم يمنح كل عضو من اعضائها دعماً وسنداً معنوياً للاستمرار في الحياة الاجتماعية ، ومواجهة المشاكل الاجتماعية والاقتصادية بكل ثقة واطمئنان : علماً بان اكبر الافراد سنا في الاسرة الكبيرة يقدم للاسرة الخبرة والنصيحة التي تحتاجها في شق طريقها بين الامواج الاجتماعية المتلاطمة.

وعلى صعيد سراب الحب العذري ، فان هذا الشعور المفترض ان


يعيش طويلاً بعد الزواج سرعان ما تخف وطأته بمرور الايام ، خصوصاً اذا انشغل الزوجان بشاكل الحياة اليومية من خلال عمل الزوج خارج البيت ، وترتيب الزوجة لشؤونها البيتية. واذا ما علمنا ان الجزء الاكبر من الحب العذري يتمثل بالشهوة الغريزية الجنسية والتركيز النفسي على المحبوب ، تبين لنا سبب فشل صمود الحب العذري بعد الزواج ، لان اشباع الشهوة الغريزية والقرب المستمر من المحبوب يساهم في ارجاع الفرد الى واقعه الحقيقي بدل العيش في عالم الخيال والاوهام. والواقع ان العلاقة النفسية بين الزوج والزوجة اذا كانت قائمة على اساس المنطق والعقل والتفاهم والاحترام المتبادل ، نجح الزواج في بناء الاسرة الكريمة الاكثر انتاجاً في النظام الاجتماعي. اما اذا كان الزواج قائماً على اساس الحب العذري وما يتبعه اليوم في العائلة الرأسمالية للمجتمع الامريكي.

وعلى صعيد دور المرأة في سد الشواغر الاجتماعية ، فان المتوقع من المرأة في كل الازمنة وفي كل المجتمعات الانسانية القيام بوظيفتها البيتية في تربية الاطفال ، ومساعدة زوجها في الشؤون البيتية. وما وراء البيت فهو على الرجل ، حيث ينبغي عليه السعي طلباً للرزق. ولكن المرأة في المجتمع الرأسمالي اليوم ترفض هذا الدور متحدية النظام العائلي الذي اقره النظام الاجتماعي : وهذا التحدي لايشمل البيت والزوج فحسب بل يشمل دور المرأة من الناحية البيولوجية. فالعديد من النساء في النظام الرأسمالي لايعتبرن بيت الزوجية فحسب ، بل يعتبرن الحمل والولادة والرضاعة قيوداً ، عليهن رفضها : لان هذه القيود تؤثر على حريتهن في


العمل ، والتمتع بالشباب والحياة والجمال. وطالما كان اهتمام المرأة بالعمل خارج البيت قائماً ، كانت عملية الطلاق اكثر يسراً لان النساء يشعرن بالاكتفاء من الناحية الاقتصادية ، وبالاستغناء عن الرجال. فلا ريب ان ابسط مشكلة بيتية اذن ، تؤدي الى الانفصال ثم الطلاق.

على صعيد الانحلال الخلقي ، فان النظام الرأسمالي بتصنيعه وسائل منع الحمل على شكل واسع ، ساهم في نشر الانحلال والعلاقات غير الشرعية بين الرجال والنساء. لان استخدام وسائل منع الحمل يوفر على المرأة والرجل الفضيحة ويمنع تخليق ولد الزنا. وقد ساهم اضمحلال دور الدين في المجتمع الرأسمالي على تغيير السلوك الجنسي قبل الزواج ، وحتى بعد الزواج مع نساء اخر. ولاشك ان انتشار المصانع في رقعة جغرافية واسعة ، وانتقال الافراد بشكل مستمر طلباً للعمل ، ساهم هو الآخر في اضعاف الرقابة الاجتماعية على الممارسات الغريزية غير الشرعية بين الرجال والنساء. وهذه الممارسات غير الشرعية تضع الزواج في موضع خطر ، لان عدم قناعة احدهما بالآخر سيؤدي الى البحث عن شريك جديد ، وهذا السلوك ينزل بالمؤسسة العائلية ضربة قاصمة بسبب انعدام العفة والنظافة السلوكية بين الرجال والنساء في نظام يؤمن بكل قوة بشرعية « المذهب الفردي » وما يترتب عليه من هدم لاصل التصميم الالهي للنظام الاجتماعي وعلاقاته الانسانية.


مشكلة الاسقاط المتعمد ( الاجهاض )

وتعتبر مشكلة الاجهاض احدى اخطر المشاكل التي تواجه النظام العائلي الرأسمالي ، خصوصا بعد اعلان المحكمة العليا الامريكية سنة ١٩٧٣ م في قضية ( جين رو ) ضد ( هنري ويد ) شرعية الاجهاض (١). حيث قسم قضاة المحكمة العليا الحمل الى ثلاث مراحل : كل مرحلة تستغرق ثلاثة اشهر. ففي المرحلة الاولى يجوز للمرأة قانوناً اجهاض جنينها باستخدام مختلف الوسائل الطبية. وفي المرحلة الثانية يجوز للمرأة الاجهاض ، ولكن يجب ان تخضع عملية الاجهاض الى قوانين الولاية التي تسكن فيها المرأة الحامل. وفي المرحلة الثالثة ، حيث يكون عمر الجنين ستة اشهر فما فوق ، فان الاجهاض محرم قانوناً الا في الحالات الطارئة التي تكون فيها صحة الام بخطر. وقانون المحكمة العليا الامريكية مقتبس من احكام القرآن الكريم. فقد ورد في النص المجيد بشأن عمر الجنين : ( حملته امه وهناً على وهن وفصاله في عامين ) (٢). وفي موضع آخر : ( حملته امه كرهاً ووضعته كرهاً وحمله وفصاله ثلاثون شهراً ) (٣). فيكون عمر الجنين الكامل الذي له قابلية العيش مستقلا عن الام ستة اشهر فما فوق. وتكون الحرمة القانونية الامريكية في قتل الجنين عند بلوغه ستة اشهر فما فوق ،

__________________

١ ـ ( لوكر كريستين ). الاجهاض وسياسة الامومة. بيركلي ، كاليفورنيا : مطبعة جامعة كاليفورنيا ، ١٩٨٥ م.

٢ ـ لقمان : ١٤.

٣ ـ الاحقاف : ١٥


وهو اقل الحمل في النظرية الاسلامية.

وتكمن الخطورة في تشريع المحكمة العليا الامريكية لشرعية الاجهاض ، ان عدد حالات الاسقاط المتعمد ازدادت منذ تشريع ذلك القانون الى اكثر من مليون ونصف المليون حالة سنوياً : وهذا يعني ان حوالي ربع اجمالي ولادات امريكا تنتهي ـ عن طريق الاجهاض الطبي ـ الى سلات القمامة سنوياً ، في نهاية القرن العشرين.

والسؤال الفلسفي المطروح اليوم هو : هل ان الاجهاض مسألة شخصية متعلقة بالمرأة ، ام هو قتل للجنين البشري الذي لو سمح له بالعيش لكان انساناً؟ وللجواب على هذا السؤال علينا ان ننتقل الى سؤال آخر للاجابة عليه اولاً وهو : ما هو وضع الجنين البشري من الناحية البيولوجية؟ فهل يعتبر طفلاً فيكون الاجهاض قتلاً؟ ام هو مجرد مجموعة من الخلايا والانسجة فيكون الاجهاض عملية جراحية طبيعية لاستئصال غدة غير مرغوب فيها؟ وقد احتار علماء الطبيعة والطب والفلسفة في النظام الرأسمالي في الاجابة على هذا السؤال : لان الجنين بزعمهم ، ليس انساناً كاملاً ، وليس مجرد مجموعة من الخلايا والانسجة. وهنا ، فنحن ننتقد هؤلاء ونقول ان الجنين ليس انساناً كاملاً ، ولكنه يستطيع بالقوة ان يصبح انساناً. ويردون علينا قائلين اذا كان الجنين انساناً فهل تدفنونه انتم كما تدفنون الانسان الكامل؟ ونجيبهم بكلمة نعم ، فالسقط اذا كان له اربعة اشهر فصاعدا يلف بخرقة ويدفن (١). والجنين الكامل ليس مجموعة خلايا ميتة كالشعر والظفر والقرن بل انه حياة وحيوية. فيكون الجواب على السؤال الاول هو ان

__________________

١ ـ المحقق الحلي. شرائع الاسلام : ج ١ ص ٣٠.


الاجهاض عملية قتل للاجنة.

وهكذا يدور هذا النقاش لينتقل من الناحية البيولوجية الى حقوق المرأة في السيطرة على جسدها. فالمؤيدون لشرعية الاجهاض يؤكدون على ان قرار الاجهاض قرار فردي ، فكيف نستطيع ـ بزعمهم ـ ان نفرض على المرأة طفلاً لا تريد ان تحمله؟ ولكننا نجيبهم بان نصف جينات الجنين ملك للاب ، فكيف تقولون ان الجنين بكامله ملك لجسد الام؟ واذا كانت الام تحمل الجنين تعة اشهر ، فان الاب مكلف بالانفاق عليه لحد التكسب ، او البلوغ ، وهو سن الخامس عشرة بالنسبة للذكر ، ولحد الزواج او البلوغ ، وهو سن التاسعة بالنسبة للانثى ، حسب النظرية الاسلامية. وهنا يبرز سؤال آخر دون جواب ايضا ، وهو : لو ان الاب اراد للجنين ان يحيا ويولد ، فهل للمرأة الام الحق في اجهاض جنينها بدعوى ان لها الحق بالسيطرة على جسدها؟ لا يوجد على الساحة الفكرية الغربية جواب شافٍ على هذا السؤال!

وظاهر الامر ان المجتمع الرأسمالي ومفكريه وعلماء منقسمون الى صفين ؛ صف يؤيد الاجهاض باعتباره احد خيارات المرأة الطبيعي في الحياة ، وهؤلاء اصطلح عليهم بالاختياريين. وصف يعارضه باعتباره قتلاً للانسانية ، وهؤلاء اصطلح عليهم بالحياتيين. وامام هذا الاضطراب في الحكم على شكل حياة الجنين ، والصراع بين حرية المرأة والمسؤولية الاجتماعية بحفظ النظام الاجتماعي من الانقراض ، يقف الدين النصراني واليهودي في المجتمع الرأسمالي موقف المراقب الصامت الذي لا يجد كلمة شافية يحل بها هذه المشكلة الاجتماعية الخطيرة : مع العلم ان اغلب


الحياتيين ينتمون الى مختلف الكنائس النصرانية. ولاريب ان ارتفاع نسبة الاجهاض في المجتمع الرأسمالي الامريكي يعكس عمق المشكلة الخلاقية بين الرجل والمرأة ودور الشهوة الغريزية الجنسية قبل وبعد الزواج في هز النظام العائلي : وهو دليل على ان مفهوم « الفردية » التي يبشر بها النظام الرأسمالي ويعتبره اساس نجاحه الاقتصادي يفشل فشلا ذريعا في بناء الاسرة الكريمة ، التي يحلم بها الانسان كوسيلة من وسائل بناء مجتمع نظيف قائم على اساس فهم مسؤولية الرجل والمرأة الاجتماعية ودورهما في الحياة الانسانية السعيدة.


هفوات النظام العائلي الرأسمالي

ولا يستطيع اي فرد ـ مهما اوتي من قدرة على الاستيعاب والتحليل والاستنتاج ـ تقدير حجم الخسارة الاجتماعية التي انزلتها النظرية الرأسمالية على المؤسسة العائلية الانسانية : الا ان جميع المفكرين والمنظرين المعاصرين يتفقون على ان خسارة المؤسسة العائلية في المجتمع الرأسمالي باتت خسارة عظيمة. فبعد ان شجعت النظرية الرأسمالية النساء على العمل خارج البيوت ، مانحة اياهن الحرية المناسبة ، ازدادت نسبة العاملات في المجتمع الامريكي الى نصف عدد نساء امريكا الرأسمالية اليوم ، في مختلف شؤون الحياة العملية (١). وهذا التهافت في البحث عن العمل والمال له تأثير خطير على الحياة الاقتصادية والاسرية (٢). فكان من نتائج ذلك ارتفاع نسب العوائل التي تعيلها الامهات ، والسكن المختلط بين النساء والرجال دون عقود زواج ، وتعدد مرات الزواج والطلاق خلال حياة الفرد ، واضطراب اعادة التركيب العائلي بعد الطلاق ، والزواج دون انجاب الذرية اختيارا ، والزواج المفتوح ، والانحراف في اختيار الشريك ، والبقاء على العزوبية مع توفر مستلزمات الزواج. ولما كان الطلاق ميسوراً في النظام المريكي ، اصبحت العوائل التي

__________________

١ ـ ( روزابث موس كانتر ). العمل والعائلة في الولايات المتحدة. نيويورك : مؤسسة روسيل سيك ، ١٩٧٧ م.

٢ ـ ( لينور ويتزمان ). ثورة الطلاق : النتائج الاجتماعية والاقتصادية غير المتوقعة للنساء والاطفال في امريكا. نيويورك : المطبعة الحرة ، ١٩٨٥ م.


تعيلها المطلقات تشكل حوالي ثلث مجمل العوائل المريكية في التسعينيات من هذا القرن. والسبب في ازدياد هذه النسبة يكمن في عاملين هما : العلاقة غير الشرعية بين الرجل والمرأة ، وسهولة عملية الطلاق. وكلا العاملين يساعدان على ازدياد نسبة العوائل التي تعيلها الزوجة دون الزوج. واذا ما علمنا ان ثلاثة ارباع النساء غير المتزوجات في امريكا لهن علاقة ما مع الرجال ، تبين لنا حجم المشكلة الاجتماعية التي تعيشها الاسرة الرأسمالية ، والمصير القائم الذي ينتظرها في نهاية الطريق. ومن الغريب اننا نجد من يدعي ان الحرية التي اكتسبتها المرأة في المجتمع الرأسمالي تصون حياتها الاجتماعية وتجعلها على مستوى اجتماعي واقتصادي واحد مع الرجل. وهذا القول ليس سليماً لان هذا الوضع الاجتماعي ما هو الا تحقير واذلال للمرأة وحط من كرامتها وحقها في العيش الكريم كأم او بنت او اخت. ودليلنا على ذلك ان نصف عدد العوائل التي تعيلها الزوجات دون الازواج هم من افقر فقراء النظام الرأسمالي في امريكا (١).

ولاشك ان التحلل الاجتماعي الواسع في النظام الرأسمالي ، ادى الى اندفاع الافراد نحو السكن المختلط دون عقد زواج : حيث ان انتشار هذا اللون من السكن بين طلبة الجامعات بالخصوص ينذر بخطر تحلل النظام الاسري في المستقبل المنظور ، لان هذا الاختلاط لا يحده نظام او قانون او تشريع يحفظ حقوق المرأة او الرجل او الذرية التي غالباً ما تضيع خلال

__________________

١ ـ ( ميشيل هارنكتن ). الفقر الامريكي الجديد. نيويورك : هولت ، راينهارت ، وونستن ، ١٩٨٤. و ( جيمس باترسن ). الكفاح الامريكي ضد الفقر ١٩٠٠ ـ ١٩٨٠ م. كامبردج ، ماساشوست : مطبعة جامعة هارفرد ، ١٩٨٢ م.


عملية الاجهاض.

ومعان النظرية الرأسمالية تعارض بشدة نظام تعدد الزوجات في وقت واحد ، الا ان الظروف الاجتماعية التي خلقها النظام الرأسمالي اجبرت النظرية على الاقرار بالزواج التعددي في اوقات مختلفة ؛ او بمعنى آخر : الزواج ثم الطلاق ، ثم الزواج من امرأة اخرى ثم الطلاق ، ثم الزواج من امرأة ثالثة ثم الطلاق وهكذا. واقرار هذا الزواج التعددي يمثل فشلاً ذريعاً للنظرية الرأسمالية التي ارادت بادانتها لنظام تعدد الزوجات وتحطيم فكرة الاسرة الكبيرة ، زيادة عملية الانتاج والتأكيد « المذهب الفردي ». ونظام تعدد الزوجات افضل من الناحية الاجتماعية من نظام الزواج المتعدد لانه يحفظ كرامة الزوجات تحت ظل بيت واحد تسوده المحبة والالفة والابوة والقيمومة التي تغمر كل الابناء والبنات وبمنتهى العطف والحب والرحمة : ولكن الزواج التعددي لا يجلب غير الالم والمرارة وتفسخ العائلة ، فينفصل الاطفال عن احد الابوين ، ويعيشون مع اُمهم التي تتزوج رجلا آخر. ويتزوج الاب امرأة اخرى ، وهكذا يضيع التوجه العائلي وتفتقد الرحمة الابوية بين شهوات الابوين ورغبتهما بالحرية الفردية.

وعندما يتحطم النظام العائلي عن طريق الطلاق ، فلابد للعائلة من اعادة تركيب علاقاتها الاسرية. فعليها ان تثبت اسس العلاقة الجديدة بين الاطفال من الام وزوج امهم الجديد ، وبين الاطفال من الاب والاطفال من الزوجة الجديدة. فيصبح الاطفال في العائلة الجديدة مجموعة من الاشقاء ، اشقاء من الام واشقاء من الاب ، وهذا يولد تعقيداً جديدا في رسم شجرة العائلة الجديدة ، ويولد ايضاً مشكلة نفسية من مشاكل الانسجام تضفي


بتأثيراتها السلبية على الاسرة لاحقاً.

ولما كان النظام الرأسمالي يشجع الافراد ايضاً على التفوق والتحصيل الشخصي الذي تعكسه آراء « المذهب الفردي » ، فان الانجاب يمثل مشكلة تواجه العائلة الرأسمالية المثقفة التي تهدف الى اعتصار اكبر ما يمكن اعتصاره من الخيرات عن طريق العمل والانغماس في العملية الانتاجية ؛ ولذلك فهي لا ترغب في انجاب الاطفال ، لان الانجاب ماهو الا حجر عثرة في طريق جني الارباح الشخصية. ولكن النظرية الرأسمالية تقف موقفاً متناقضاً مع هذا التوجه الفردي ، وتقوم بتشجيع الافراد على الانجاب لان ذلك يزيد العمل الانتاجي والعملية الاستهلاكية. وهذا التناقض بين المذهب الفردي والنظرية الرأسمالية بخصوص الانجاب بين الزوجين ، يمثل قصور النظرية ايضاً في استيعاب وفهم متطلبات الحياة الاجتماعية وشروط العملية الانتاجية.

ولما كانت قابلية بعض الافراد على حفظ الزواج والعائلة محدودة بحدود القدرة الشخصية ، فان قدراً يسيراً من العوائل الغربية تمارس الزواج المفتوح (١) ، وهو اشتراط الزوج والزوجة بالكتابة تحريراً في عقد الزواج على التمتع الجسدي بالحرام مع رجال او نساء اخريات (٢). وهذا دليل آخر على ضرورة الاقرار بنظام تعدد الزوجات الذي يستنكره النظام الرأسمالي ،

__________________

١ ـ ( جاكلين ناب ) و ( روبرت وايتهيرست ). الزواج المفتوح والعلاقات : قضايا وابعاد. مقالة علمية في كتاب ( استكشاف انماط الحياة العاطفية ). تحرير : برنارد ميورستاين. نيويورك : سبرنكر، ١٩٧٨ م.

٢ ـ ( جيمس سميث ) و ( لين سميث ). ما وراء الزواج : دراسات حديثة حول البديل الجنسي للزواج. بالتيمور : مطبعة جامعة جونز هوبكنز ، ١٩٧٤ م.


ويبيح الزواج المفتوح كنظام بديل.

اما الانحراف العائلي في الرأسمالية ، فهو يتخذ وجهين ؛ الاول : زواج الرجال بالرجال ، والثاني : زواج النساء بالنساء. وهذا الانحراف يمثل عشرة بالمائة من اجمالي عدد العوائل الامريكية اي حوالي خمسة وعشرين الى ثلاثين مليون انسان في العقود الاخيرة من هذا القرن (١). واغلب هؤلاء المنحرفين يتزوجون في كنائس خاصة بهم. ومع ان وثيقة الزواج التي يحصل عليها هؤلاء لا تحمل اهمية قانونية ، الا ان المحاكم الفرعية الرأسمالية تقر ببقاء الاطفال المتولدين قبل الانحراف مع الاب المنحرف او الام المنحرفة : وهو دليل على قبول هذه المحاكم ضمنيا شرعية الزواج المنحرف. لواطاً كان او سحقاً. ويعكس هذا اللون من التفكير انحطاط الحضارة الرأسمالية وهزالتها وانحدارها عن مستوى التفكير الانساني السليم ، ولهثها وراء الشهوة الرخيصة ، والا فكيف يعقل عصمة هؤلاء الاطفال من الانحراف الاخلاقي اذا اجيز لهم العيش والنمو والتطور ضمن حدود الاسرة المنحرفة؟

وتميل نسبة متزايدة من الافراد الى العيش الانفرادي ، لانها لا ترى في الزواج هدفاً اجتماعياً : لان الحرية الفردية والاستقلال الاجتماعي ـ بزعمها ـ امضى واقوى للسعادة الفردية من النظام العائلي المعقد (٢). فالمسألة ـ في اعتقادهم ـ ترجع الى الاختيار الشخصي والحرية الفردية

__________________

١ ـ ( مارتن وينبرك ) و ( كولن وليايمز ). الرجال المنحرفون جنسيا : مشاكلهم وطرق تقبلهم. نيويورك : مطبعة جامعة اكسفورد ، ١٩٨٤ م.

٢ ـ ( بيتر ستاين ). العزوبية. انجلوود كليفز ، نيوجرسي : برنتس ـ هول ١٩٧٦ م.


وليست المصلحة الجماعية (١)!

ومع كل هذه المساوئ الاجتماعية ، فان النظام الرأسمالي يحاول حل المشكلة الاجتماعية بالتلويح بالمكآفات المالية لحفظ الاسرة وباستيراد المزيد من العقول المهاجرة التي تبعث الحياة في جسد النظام. ولكن مهما حاول النظام الرأسمالي التغطية على عيوبه الاجتماعية فيما يتعلق بالنظام العائلي ، فانه لابد وان يقر يوماً ، بان الاسرة الكبيرة التي يعيش افرادها معاً بشكل دائمي على اساس التعاون والمساعدة والشعور بالمسؤولية الجماعية، هي افضل الانظمة التي تحفظ النظام الاجتماعي مهما كان لونه السياسي والاقتصادي والتاريخي.

__________________

١ ـ ( جاكلين سايمنوير ) و ( ديفيد كارول ). العزاب : الامريكان الجدد : نيويورك : سايمون وشوستر ، ١٩٨٢ م.



القسم الثاني

النظام العائلي في النظرية الاسلامية

العائلة في النظرية الاسلامية * احكام الزواج الشرعية * المحرمات في الشريعة الاسلامية * احكام العقد المنقطع * ملحق : في النكاح المنقطع للشهيد الثاني * العيوب الموجبة للخيار بين فسخ العقد او امضائه * الخيار بالتدليس * الصداق * احكام النسب في الشريعة * الاقرار بالنسب * النفقة الشرعية * الرضاع وآثاره الشرعية * الحضانة * احكام الصبي : أ ـ الحجرقبل البلوغ ب ـ عبادات ومعاملات الصبي ج ـ الولاية والوصاية د ـ البلوغ والرشد الشرعي * الولاية في الزواج * الوصية الشرعية * احكام الأرث * احكام الطلاق * خصائص النظام العائلي الاسلامي بالمقارنة مع النظام العائلي الرأسمالي.



العائلة في النظرية الاسلامية

لاشك ان الشريعة الاسلامية اولت الاسرة عناية فائقة لادراكها اهمية الدور الذي ينبغي ان تلعبه هذه المؤسسة على الساحة الاجتماعية ، بخصوص ضبط السلوك الجنسي ، وتعويض الخسارة البشرية للمجتمع الناتجة بسبب الموت ، وحماية الافراد وتربيتهم واشباع حاجاتهم العاطفية ، وتنميتهم للاختلا ط الاجتماعي لاحقاً. وينطوي البناء التحتي للنظرية الاسلامية على تحديد دور الرجل والمرأة في المؤسسة العائلية : او بتعبير ادق : تفصيل التكليف الشرعي فيما يخص واجبات الزوج وحقوق الزوجة اولا ، وحقوق بقية الافراد في المؤسسة العائلية ثانياً.

فالنظرية الاسلامية تؤمن بان الانسان ليس حيواناً اجتماعياً كما تزعم النظرية التوفيقية ، بل تعتبره كائناً كريماً ، رفعه الخالق سبحانه وتعالى بالعلم والعقل والادراك والتفكير ، ومنحه قابلية الاستخلاف في الارض. بمعنى ان الانسان المفكر طالما ارتقى عن الحيوان بدرجة التفكير والادراك ، فقد اختلفت عندئذ العلاقات والوظائف الاجتماعية بينه وبين الافراد ، كماً ونوعاً ، عن العلاقات الجمعية التي تجمع القطيع الواحد من الحيوانات ضمن مزرعة واحدة. فالحيوانات ضمن ذلك القطيع لا تعرف ضابطاً يضبط سلوكها الجنسي ، ولا نظاما يحدد شهوتها الهائجة ، على عكس النظام الاجتماعي الانساني الذي ينظم العلاقة الجنسية بين الذكر والانثى عن طريق. المؤسسة العائلية ، التي تعتبر من اهم المؤسسات الاجتماعية خدمة للانسان.

وبطبيعة الحال ، فان الاسلام لا ينظر للمؤسسة العائلية باعتبارها


مؤسسة اجتماعية لتعويض الخسائر البشرية الحاصلة نتيجة موت الافراد فحسب ، بل ينظر لها باعتبارها محطة استقرار لعالمٍ متحرك ، تنتقل من خلالها ممتلكات الجيل السابق الى الجيل اللاحق عن طريق الارث والوصية الشرعية : ومحطة فحص وتثبيت انساب الافراد عن طريق اعلان المحرمات النسبية والسببية الناتجة عن الزواج ، والحاق الاولاد بآبائهم ، وجواز الاقرار بالنسب : ومركز حماية الافراد بتقديم شتى الخدمات الانسانية لهم بخصوص الملجأ والمطعم والدفء والحنان. ويعكس ذلك حث الاسلام على وجوب الانفاق على الاصول والفروع ، وهم الوالدان والاولاد ، ووجوب الانفاق على الزوجة : فالاسلام صمم لها حقاً مالياً اولياً تتملكه بالعقد والدخول ، وهو الصداق ، وحقاً مالياً آخر وهوالنفقة مع ثبوت الطاعة والتمكين. ووجوب حق الرضاعة ، ويتحمل نفقتها الزوج ، وحق الحضانة ويتحملها الابوان ، والولاية للاب في زواج الصبي قبل بلوغه. والمدار ، ان الرجل البالغ القادر على التكسب والانتاج يجب عليه شرعاً اعالة زوجته واولاده وان نزلوا وابويه وان علوا ، لان الابوين عاجزان عن التكسب لسنهما ، والاولاد لقصورهما ، والزوجة لمعاوضتها.

واذا كانت العائلة محطة لشحن الطاقات العملية ، وقاعدة لتنشيط الانتاج الاجتماعي ، فانها في نفس الوقت مركز لاشباع الحاجات العاطفية كالحب والحنان والعطف والرحمة ، ومكان لتهذيب السلوك الجنسي ، ومسرح لتعلم المعارف الاساسية قبل الخروج للساحة الاجتماعية ، كاللغة والاعراف والعادات والتقاليد والقيم الاخلاقية. فالعائلة اذن تساهم في خلق الفرد الاجتماعي الصالح للعمل والانتاج والمساهمة في بناء النظام


الاقتصادي والسياسي للمجتمع.

ولايقتصر اهتمام الاسلام على المستوى العائلي بالرجل ، بل اعطى المرأة اهمية خاصة منذ بداية انشاء المؤسسة العائلية. فتستطيع المرأة ان تشترط شروطاً شرعية جائزة في صيغة العقد ، الاان تحرم حلالاً وتحلل حراماً ، وعلى الزوج وجوب الوفاء بتلك الشروط لعموم « المؤمنون عند شروطهم ». وحفظاً لحقوقها ، فقد اشترط في صحة عقد الزواج ان يكون لكليهما العقل ، والبلوغ ، والرشد ، والخلو من المحرمات السببية والنسبية. واوجب التعيين في عقد الزواج ، وابطل التعليق. وابطل شرط الخيار فلا تجري في صيغة العقد الاقالة بخلاف غيره من عقود المعاوضات. واوجب في صيغة عقد الزواج الايجاب منها والقبول منه. واحل لها الاسلام الخيار بين فسخ العقد او امضائه في العيوب الموجبة كالعيوب الجنسية مثل الخصاء والجب والعنن ، والعيوب العقلية كالاضطراب العقلي او الجنون. واحل لها ايضاً خيار الفسخ للتدليس ، وخيار الفسخ لتخلف الشروط ، اذا كان عدم النقص شرطاً من شروط العقد ، او وصفاً ، او بني العقد على اساسه. وفرض لها حق الصداق وهو حق من حقوقها المالية ، تملكه بالعقد كاملاً مع الدخول ، وشقاً مع عدم الدخول ، الا انه ليس شرطاً في صحة العقد. وبطبيعة الحال ، ومن اجل حفظ حقوق الزوجة ، فقد قسمت الشريعة الاسلامية المهر المخصص لها الى ثلاثة اقسام وهو : المهر المسمى ، ومهر المثل ، والتفويض. وهذه الاقسام تشمل مساحة واسعة من الضمانات المالية للزوجة ، كالصداق الذي تراضى عليه الزوجان وهو المهر المسمى ، او تعارف الناس عليه وهو مهر المثل ، او ترك التعيين لاحدهما وهو مهر


التفويض. ولاشك ان المهر المالي المفروض يعتبر اول بوادر الاستقلال الاقتصادي والاستثماري للزوجة خلال حياتها. واوجب لها ايضاً النفقة مع ثبوت الطاعة والتمكين ؛ واوجب النفقة ايضاً للمعتدة من الطلاق الرجعي حاملاً كانت او حائلاً ، والمعتدة من الطلاق البائن اذا كانت حاملاً فقط. وقال بعض الفقهاء باستقرار نفقة الزوجة في ذمة الزوج ، حيث لو اخل بالنفقة كان عليه قضاؤها ، على عكس نفقة الوالدين والآباء. وترك الاسلام تحديد مقدار النفقة للمقاييس الارتكازية العقلائية التي تعارف عليها الناس.

وفي الأرث ، فان الزوجة ترث مع جميع المراتب. وفي كل مرتبة من مراتب الأرث ، فان للمرأة حضوراً متساوياً مع حضور الرجل ، ففي المرتبة الاولى ، حيث يرث الابوان والاولاد تدخل الام والبنات. وفي المرتبة الثانية ، حيث يرث الاجداد والاخوة تدخل الجدة والاخوات. وفي المرتبة الثالثة ، حيث يرث الاعمام والاخوال تدخل العمات والخالات. وتتغير السهام المفروضة بالنسبة للذكور والاناث حفظاً لمصالحهم الجتماعية والاقتصادية. وفي احكام الوصية ، فان للموصي الحق في تعيين من اراد من النساء او الرجال وصية عهدية او تمليكية من ثلث تركته. ولم تتوقف الاحكام الشرعية عند هذا الحد بل نظرت الى مصلحة المرأة بالنسبة للانساب.

فصيانة لكرامة المرأة ، فقد الحق الاسلام المولود بالزوج بسبب الفراش اولاً ، حيث جعل المدار ، الادخال ، او الاراقة ، ومضي ستة اشهر من حين الانزال وهو اقل الحمل. وثانياً وطء الشبهة ، وهو الوطء مع جهل


التحريم ؛ واساسه قاعدة « امكان الالحاق » التي تسالم عليها الفقهاء. وحرم بالنسب زواج الام ، والبنت ، والاخت ، والعمة ، والخالة ، وبنت الاخ ، وبنت الاخت ، وحرم بالسبب زواج زوجة الاب على الابن ، وزوجة الابن على الاب ، وام الزوجة على زوج ابنتها ، وبنت الزوجة ، والمطلقة ثلاثاً ، والمطلقة طلاق العدة ، ونكاح الشغار ، والزواج مع الارتداد والكفر ، والجمع بين الاختين ، والزوجة اذا قذفها زوجها بالزنا دون اثبات البينة ، والمعتدة من وفاة او طلاق بائن او رجعي او شبهة ، وافسد عقد زواج الرجل مع المرأة المتزوجة من رجل آخر. وفي كل هذه الاحكام الشرعية ، يكون الاصل حفظ حقوق المرأة وكرامتها ككيان مستقل جدير بالاحترام ؛ لأن عملية الزواج ليست عملية غريزية فحسب ، بل هي مسلك يؤدي بالمرأة الى طريق الامومة المتميز عرفاً وشرعاً. ومن الطبيعي ان لاسلطان للولي على المرأة البالغة ، حسب النظرية الاسلامية ، حيث ان لها الخيار في اختيار الزوج المناسب. وفي الطلاق ، فقد حفظت الشريعة كل حقوقها المالية والمدنية.

وعلى ضوء ذلك ، فان اتهام نظرية الصراع الاجتماعي المؤسسة العائلية بانها اول مؤسسة اضطهادية يختبرها الفرد في حياته الاجتماعية مجرد تشخيص لمشكلة اجتماعية اقليمية كانت تعيشها اوروبا الغربية في القرون الماضية وتعاني من آثارها السلبية ، ولايمكن تطبيقها على جميع المجتمعات الانسانية. فهل يستطيع ( فريدريك انجلز ) ان يحلل معنى الاضطهاد الاسري اذا كان للمرأة حق خيار الفسخ في العيوب الموجبة ، وحق الطلاق الخلعي ، وحق الاشتراط في صيغة العقد ضمن الحدود الشرعية؟ بل كيف يؤدي الاضطهاد الاسري الى الاضطهاد الاجتماعي ، كما


يزعم ( انجلز ) وكلنا يعلم ان الاسر الرأسمالية الغنية اكثر نعومة في تعاملها مع النساء من الاسر الفقيرة؟

ويعكس قول فقهاء الامامية بعدم اعتبار الحاجز الطبقي او العنصري في تحقيق عملية الزواج ، عدالة الاسلام الاجتماعية. حيث « يجوز عندنا انكاح الحرة بالعبد ، والعربية بالعجمي ، والهاشمية بغير الهاشمي وبالعكس ، وكذا ارباب الصنائع الدنية كالكناس والحجام وغيرها [ ان يتزوجوا ] بذوات الدين من العلم والاصلاح والبيوتات وغيرهم » (١). وقال اكثر الفقهاء بان شرط قدرة الزوج على النفقة ليس من شروط الكفاية لقوله تعالى : ( ان يكونوا فقراء يغنيهم الله من فضله ) (٢).

وهل ان الزواج قضية شخصية يجب ان تبنى على اساس الشعور والاعجاب المتبادل؟ ونجيب بـ « نعم ولا ». نعم ، ضمن الحدود الشرعية ؛ لان الزواج قضية شخصية ، ولا سلطان للولي على الرجل البالغ او المرأة البالغة حيث ان لها الخيار في انتقاء الزوج او الزوجة المناسبة ضمن الحدود العرفية التي يقرها المجتمع مثل الشرف والثقافة والرفعة المعنوية والنسب ونحوها. ولا ، لان الحب الخيالي الرومانتيكي الذي يؤدي الى كسر الحدود الشرعية لايمكن ان يكون قاعدة للزواج الناجح ، ولا طريقاً للوصول الى العفة والنقاء الاجتماعي. فالحب المبني على الخروج عن الواقع ، والعيش في خيال الاحلام والاوهام لفترة طويلة يعيق العملية الابداعية والانتاجية للمجتمع ، ويولد في نفسي المتحابين شعوراً عظيماً بمستقبل بعيد عن واقع

__________________

١ ـ الجواهر : ج ٣٠ ص ١٠٦.

٢ ـ النور : ٣٢.


الحياة الاجتماعية. واذا ما تم الزواج وتبين ـ بعد فترة ـ ان الواقع غير الخيال ، تعرض ذلك الميثاق لهزات داخلية خطيرة. ويعضد رأينا الذي يرجح فشل الزواج المبني على الحب الرومانتيكي ، جنوح نصف حالات الزواج في المجتمع الامريكي اليوم الى الطلاق بعد اقل من سبع سنوات من بداية الزواج ، وما يترتب على ذلك من انحدار في المستوى الاخلاقي للعائلة الرأسمالية.

ولاشك ان نظرة الاسلام الرحيمة تجاه العلاقة الشهوية بين الذكر والانثى وربطها باصلاح المشاكل الاجتماعية ، تضع الاسلام على قمة المؤسسات العلاجية الهادفة لمعالجة الامراض التي تنشئها الدوافع الغريزية البشرية. فلكي يكون النظام الاجتماعي قادراً على علاج امراضه الاجتماعية ، لابد وان يطرح اشكالاً مختلفة من الزواج بحيث تلائم مشاكل الافراد المتنوعة. وعلى ضوء ذلك ، فقد اجاز الاسلام النكاح الدائم ، والمؤقت ، وتعدد الزوجات وملك اليمين. واعتبر ماوراء ذلك تعدياً على الحدود الشرعية وظلماً اوجب على الافراد دفعه ، على الصعيد الكفائي. ولاريب ان اباحة هذا السلوك المتعدد كان الهدف منه معالجة المشاكل الاجتماعية التي تتركها الوحدة ، والحرمان ، والانقطاع ، وانفتاح الشهوات ، والضياع في الغربة والتيه في التيارات الضالة. وحدد لكل ذلك نظاماً في غاية الدقة والتنظيم ، لم يصل الى مستواه اي نظام قانوني غربي او شرقي ، قديم او معاصر ، حضاري او بدائي. واذا كانت النظرية الاجتماعية الرأسمالية تدعو بكل قوة الى الايمان بـ « المذهب الفردي » باعتباره طريقاً للعدالة الاجتماعية ، فلا يحق للفرد ان يتزوج باكثر من زوجة واحدة ؛ فاذا كان الامر كذلك ،


فنحن نرد على النظرية الرأسمالية بالسؤال النظري التالي : ايهما افضل للنظام الاجتماعي : الزواج المتعدد او تعدد الزوجات؟ فاذا كان الزواج المتعدد افضل ، فلماذا كل هذه العقد النفسية التي تحملها المرأة المطلقة اكثر من مرة؟ ومن الذي يصبح مسؤولاً عن رعاية الاطفال المتكونين من اكثر من اب ، ومن يحفظ حقوقهم الاجتماعية؟ بل اين الاستقرار النفسي الذي تعيشه العائلة اذا انكسرت الآصرة الجغرافية فابتعد الابناء عن آبائهم ، والبنات عن امهاتهم ، والاخوة عن اخوتهم ، والاخوات عن اخواتهن؟ أليس هذا تمزيقاً لاواصر الاسرة الواحدة؟

وفكرة تعدد الزوجات التي اقرها الاسلام فكرة استثنائية ، وليست اصلاً في التزويج الانساني ، فاغلب الافراد يكتفون بزوجة واحدة تشارك بالشؤون العاطفية وشؤون البيت ومهامه ، فتنهض الاسرة على اكتافها. اما في الازمات الانسانية ، وتغلب عدد النساء على الرجال ، فان تعدد الزوجات يصبح نظاماً يصب لمصلحة المرأة المحرومة اكثر منه لمصلحة الرجل ، خصوصاً اذا ما علمنا ان تعدد الزوجات يستوجب العدالة الحقوقية والاجتماعية بينهن من قبل الزوج.

وتعتبر النظرية الاسلامية ولاء الافراد تجاه بعضهم البعض في العائلة الواحدة اهم عامل من عوامل تماسك المؤسسة الاسرية. ولا شك ان احد مناشئ الولاء الشرعي ، هو التكافل المالي الذي امر به الاسلام. فقد اوجبت الشريعة النفقة على الاصول والفروع وهم الوالدان والاولاد ، واوجبت نفقة الزوجة مع ثبوت الطاعة والتمكين. حتى ان للمطلقة الحامل ـ طلاقاً رجعياً او بائنا ـ النفقة حتى تضع حملها. وقد لاحظنا سابقاً ان للمرأة حقها المالي في


الصداق ايضاً.

والاصل في ذلك ، ان يكون للاسرة وليّ يدير شوؤنها المالية العاطفية ، او وصيّ يدير شؤونها المالية ويرعى مصلحة افرادها. فقد تسالم الفقهاء على قاعدة « امكان الالحاق » التي تشير الى ان المولود لابد ان يلحق بالزوج ، حتى تنشأ فكرة « الولاء » الاسري من اليوم الاول الذي يرى فيه الطفل نور الحياة الانسانية. وما الرضاع والحضانة التي حدد الاسلام نظامها ، الاّ شكل من اشكال القاعدة الاساسية للولاء الاجتماعي لاحقاً. وبالاجمال فان الاسلام ربى الافراد في الاسرة الواحدة ـ ومن خلال التشريع ـ على حب بعضهم البعض ، والتفاني في مساعدة احدهم الآخر مساعدة تجعلهم كتلة واحدة امام الهزات الاجتماعية والاقتصادية. ولعل افضل تعبير يتفق عليه الفقهاء ، ويعكس حقيقة الولاء والحب والاخلاص في الاسرة الاسلامية ، هو ان الوصي المأذون على رعاية الاحداث اذا خان ، انعزل تلقائياً وبطلت جميع تصرفاته حتى دون اذن الحاكم الشرعي. فلا عجب اذن ، ان نرى تماسك الاسرة الاسلامية حول محور المسؤولية الشرعية والالزام الاخلاقي والعدالة الاجتماعية ، على عكس الفكرة الرأسمالية التي تدعو « للمذهب الفردي » باعتباره اساس النجاح الاقتصادي والاجتماعي ، وهو زعم كاذب لان تحقيق الطموحات الفردية دون الطموحات الاجتماعية يساهم في انعدام العدالة الاجتماعية ، ونشوء الطبقات الاقتصادية المتفاوتة ، وانحدار المستوى الاخلاقي ، ونشوء جيل من المشردين والمنحرفين الذين لا يكترثون لمعنى الاجتماع الانساني ومعنى الحياة البشرية.

ومع ان الاسلام كرّه الطلاق وجعله ابغض الحلال الى الله ، الاّ انه اجاز


وقوعه ، واشترط ذلك صيغة معينة. واوجب الاشهاد بشاهدين عدلين من الذكور. واشترط في المطلِّق البلوغ ، والعقل ، والاختيار ، والقصد. واشترط في المطلقة ان تكون زوجته الدائمة ، وان يعيّنها بالذات ، وان تكون في طهر لم يواقعها فيه. وحفظاً لحقوق الزوجة ـ مرة اُخرى ـ فقد قّسمت الشريعة الطلاق الى رجعي وبائن. فالرجعي حيث يكون المطلِّق كارهاً لزوجته ، هو الطلاق الذي يحق فيه للزوج الرجوع الى مطلقته المدخول بها مادامت في العدة. والبائن ، حيث تنقطع فيه الرجعة الى المطلقة ، هو الطلاق الذي يشمل المطلقة ثلاثاً ، والمطلقة غير المدخول بها ، والآيسة ، والمطلقة خلعياً ، والتي لم تبلغ التسع وان دخل بها. والبائن خلعي ومبارأة. فالخلعي ناتج عن ابانة الزوجة على مال تفتدي به نفسها لكرهها له. والمبارأة طلاق بائن ببسب كون الكراهية متبادلة من قبلهما حيث تفتدي المرأة فيه جزءاً من مهرها. كلّ الحالات ، وبسبب الاختلافات البيولوجية بين الرجل والمرأة ، فان على المرأة العدّة. فعدّة الطالق غير الحامل المدخول بها ثلاثة اطهار ، وعدّة الحامل وضع الحمل ، وعدّة المسترابة مع الدخول وعدم الحمل ثلاثة اشهر. وعدّة المتمتع بها اذا كانت حاملاً وضع الحمل ايضاً ، ومع الدخول وعدم الحمل حيضتان. واذا كانت غير قادرة على الحيض فعدتها خمس واربعون يوماً. ولا عدة على المطلقة الآيسة. وعدة المتوفى زوجها في كلّ الاحوال اربعة اشهر وعشرة ايام ، باستثناء الحامل فعدتها ابعد الاجلين.

وبطبيعة الحال فان نظام الطلاق الاسلامي هذا متميز عن الانظمة القانونية الاخرى في العالم بشموليته الاجتماعية ودقته التشريعة وعدالته واهتمامه بحفظ حقوق المرأة وصيانة كرامتها ، وفسح المجال لها بالزواج من


فرد آخر شرط ان يتم التأكد بالعدة من عدم اختلاط الانساب ، وحفظ حقوق الاطفال من خلال مراعاة حملها ، ووجوب النفقة عليها في تلك الفترة ، ودفع مصاريف ارضاعها للرضيع ، وما يترتب على ذلك من معاينة طبية ونحوها خلال فترة الحضانة وما بعدها.

استناداً على قاعدة احترام النفس الانسانية ، فقد حرّم الاسلام الاسقاط المتعمد باعتباره اجهاضاً لنفس بشرية كاملة او لكتلة من الخلايا تستطيع بالقوة ان تصبح انساناً كامل التصميم والتركيب. وحكم السقط كحكم الكبير في الغسل والتكفين والتحنيط والدفن اذا تم له اربعة اشهر في بطن امه وهي لحظة ولوج الروح فيه ، واذا كان اقل عمراً من ذلك يلف بخرقة ويدفن. فقد « قال الشيخان : ولا يغسل السقط الاّ اذا استكمل شهوراً اربعة ، ولو كان لدونها لف في خرقة ودفن ... وصرح به [ صاحب الشرائع ] في المعتبر انه مذهب علمائنا ، وتدل عليه رواية احمد بن محمد عمن ذكره ، وكذا رواية زرارة عن سماعة عن الصادق (ع) ، قال : سألته عن السقط اذا استوى خلقه أيجب عليه الغسل واللحد والكفن؟ فقال : كل ذلك يجب عليه » (١). وقال اكثر الفقهاء ان صلاة الميت لاتجب على السقط ايضاً. وقد درسنا دية الاسقاط في كتاب ( الانحراف الاجتماعي .. واساليب العلاج في الاسلام ) ص ٨٤.

وبالاجمال ، فان النظرية الاجتماعية الاسلامية آمنت بقوة باهمية الفرد في المؤسسة العائلية باعتباره انساناً شرّفه الخالق عز وجل فرفعه من

__________________

١ ـ التنقيح الرائع : ج ١ ص ١٢٦.


المستوى الدنيوي الى المستوى الذي يليق به ، ومن مستوى الحيوان الغريزي الى مستوى الانسان المفكر العاقل ، ومنحه الحقوق وفرض عليه الواجبات ، واوصاه بالتآلف والتآخي والتعاشر ضمن الدائرة الانسانية المتمثلة بالاسرة ، والدائرة الجغرافية المتمثلة بالبيت. ولو لا الاحكام الشرعية المتعلقة بحقوق الافراد في الاسرة الواحدة لانفرط عقد النظام الاجتماعي ، وانحلت الآصرة الانسانية التي ربطت الافراد ببعضهم البعض على مر العصور.


احكام الزواج الشرعية

وحتى تكتمل الصورة الشرعية للزواج الصحيح الذي يؤدي هدفه الاجتماعي على اتم وجه ، فلابد للشريعة من وضع الاحكام والقوانين التي تنظم هذا الميثاق المعنوي بين فردين مختلفين تماماً على الصعيد الاجتماعي والثقافي. ولذلك ، فقد صمم الاسلام نظاماً للخطبة ، والعقد ، والمهر. وشدد على النواحي المعنوية والعاطفية والحقوقية والاقتصادية للزواج. فاهتم بشكل خاص بركنين مهمين في صحة عقد الزواج ، وهما : صيغة العقد وهي تمثل الجانب المعنوي ، والزوجين باعتبارهما موضوعي العقد. اما الخطبة فاعتبرها عملاً مستحباً بسبب آثارها الاجتماعية الايجابية واما المهر فلم يعتبره شرطاً في صحة العقد ، ولكن لا يكتمل الزواج الاّ به لتعلقه بحقوق المرأة المالية.

فقد ورد في استحباب الخطبة ان الامام علي (ع) عندما طُلِبَ منه تزويج رجلٍ من امرأة وخطبتها له ، ابتدأ الخطبة بحمد الله ، والثناء عليه ، والوصية بتقوى الله ، وقال : ( ان فلان ابن فلان ذكر فلانة بنت فلان ، وهو في الحسب من قد عرفتموه ، وفي النسب من لا تجهلونه ، وبذل لها من الصداق ما قد عرفتم ، فردوّا خيراً تحمدوا عليه ، وتنسبوا اليه ، وصلى الله على محمد وآله وسلم ). وقيل انه تستحب خطبتان احداهما عند طلب الزواج ، والثانية امام العقد. و « تستحب الخطبة امام العقد ، وهي حمد الله تعالى ، والشهادتان ،


والصلاة على النبي وآله ، والوصية بتقوى الله ، والدعاء للزوجين ، وانما استحبت للتأسي بالنبي والأئمة بعده .. وكذا تستحب الخُطبة قبل الخِطبة من المرأة ووليها ، كما يستحب للولي ان يخطب ... والافضل الاختصار في الجميع على حمد الله ، فان الامام علي بن الحسين (ع) كان لا يزيد على قوله : الحمد لله ، وصلى الله على محمد وآله ، واستغفر الله ، وقد زوجناك على شرط الله تعالى ، بل قال (ع) : من حمد الله فقد خطب ... ولو تركت الخطبة صح العقد » (١).

ويشترط في صيغة العقد لفظ الايجاب والقبول من المخطوبة والخاطب او النائب عنهما وكالة او ولاية. فلا يتم الزواج بمجرد المراضاة بل لابد من التلفظ. وتنبع اهمية التلفظ بالزواج من ملاحظة حقيقة ان التلفظ بالايجاب والقبول هو صورة من صور الميثاق الشفهي والالتزام بالزوجية وآثارها ، كما عبر عنه قوله تعالى : ( ... وَاَخَذنَ مِنكُم ميثاقاً غَليظاً )(٢) ، فالالتزام بالتلفظ التزام بآثار الحالة الزوجية ومسؤوليتها وقيودها. ولاشك ان الكثير من العبادات لا تتم الا عن الطريق الشفهي. واتفق الفقهاء على ان الايجاب في العقد الدائم يقع بلفظ : « زوجت وانكحت » والاصل في ذلك النصُ المجيد : ( فَلَمّا قَضى زَيدٌ مِنها وَطراً زَوَّجناكَها ... ) (٣) ، ( وَلا تَنكحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُم مِنَ النِّساءِ اِلا ما قَد سَلَف ) (٤). والمراد من النكاح في الآية ، العقد ، « لان النكاح قد يعبر به عن الوطء وهو الاصل فيه ، كما يعبر به عن

__________________

١ ـ المسالك للشهيد الثاني ـ كتاب النكاح.

٢ ـ النساء : ٢١.

٣ ـ الاحزاب : ٣٧.

٤ ـ النساء : ٢٣.


العقد » (١).

اما القبول فيكفي فيه اللفظ الدال على الرضا الصريح مثل قوله : « قبلت ورضيت ». ولا خلاف ولا اشكال في حصول الرضا بهذين اللفظين. و « نص الفقهاء على اعتبار اللفظ الصريح وضعاً في العقد اللازم. وانه لا يكفي فيه المجاز. والقبول ان يقول : قبلت التزويج او قبلت النكاح او ما شابههما مثل رضيت ونحوه ، لكن بملاحظة ماذكرنا تعرف عدم انحصاره في لفظ مخصوص ولا هيئة مخصوصة ، بل يكفي فيه كل لفظ دال عليه بالطريق المتعارف في بيان افعاله من المقاصد. ولا اشكال في انه يجوز الاقتصار ( في القبول ) على : ( قبلت ) كغيره من العقود » (٢).

والمشهور ان صيغة الزواج الدائم لاتنعقد الاّ بلفظ الماضي كقوله : « زوجت ، دون اتزوج » ، الا ان الشهيد الثاني في المسالك والشيخ النجفي في الجواهر والشيخ الانصاري في ملحقات المكاسب قالوا بانعقاد الزواج بغير صيغة الماضي. و « ان المقصود من العقد لما كان هو الدلالة على القصد الباطني ، واللفظ كاشف عنه ، فكل لفظ دل عليه ينبغي اعتباره ، وقولهم ان الماضي صريح في الانشاء دون غيره ممنوع ، لان الاصل في الماضي ان يكون اخباراً ، لا انشاءً ، وانما التزموا بجعله انشاء بطريق النقل ، والا فان اللفظ لا يفيده ، وانما يتعين بقرينة خارجة ، ومع اقتران القرينة يمكن ذلك في غير صيغة الماضي » (٣). واستدلوا على انعقاد الزواج بغير صيغة الماضي اعتماداً

__________________

١ ـ مجمع البيان : ج ٣ ص ٥٩.

٢ ـ الجواهر : ج ٢٩ ص ١٣٤.

٣ ـ المسالك ـ كتاب النكاح.


على رواية هشام بن سالم عن ابي عبد الله (ع) انه سأله عن الزواج المنقطع كيف اتزوجها وما اقول؟ قال : ( تقول لها : أتزوجك على كتاب الله ، وسنة نبيه كذا وكذا شهراً بكذا وكذا درهماً ، فاذا قالت : نعم ، فقد رضيت وهي امرأتك وانت اولى الناس بها ) (١).

والمشهور بين الفقهاء ان الموالاة بين الايجاب والقبول شرط في انعقاد عقد الزواج. فاذا كان الفاصل بينهما طويلاً فلا يتحقق العقد. ولكن العقد لا يتوقف على الفورية ، ولا على اتحاد المجلس. فـ « لا دليل على اعتبار اتحاد المجلس في عقد الزواج ، ولا في غيره من العقود » (٢). والواجب في الموالاة هو بقاء ارادة الموجب او الخاطب قائمة الى حين القبول.

والمشهور ايضاً ان التعليق مبطل لعقد الزواج ، كأن تقول له : « زوجتك نفسي ان رضي فلان ، او عند رجوع أخي » مثلا ، بطل العقد. ولكن جماعة من الفقهاء قالوا بصحة التعليق مطلقاً ، بادعاء ان صحة تعليق المنشأ واضحة في الاحكام الشرعية ، لان اغلب الاحكام الشرعية الاّ ما شذ قضايا حقيقية واحكام مشروطة على تقدير وجود موضوعاتها ، ووقوعه بالجملة في العقود والايقاعات مما لا اشكال فيه.

والاصل ، ان يكون الايجاب من المخطوبة والقبول من الخاطب ، ولكن يجوز تقديم القبول على الايجاب شهرة ، « لان العقد هو الايجاب والقبول ، والترتيب كيف اتفق غير مخلّ بالمقصود ، ويزيد النكاح على غيره من العقود ان الايجاب من المرأة ، وهي تستحي غالباً من الابتداء به ، فاغتفر

__________________

١ ـ الوسائل : ج ٧ ص ١٩٧.

٢ ـ الجواهر : ج ٢٩ ص ١٤٣.


هنا وان خولف في غيره. ومن ثم ادعى بعضهم الاجماع على جواز تقديم القبول هنا » (١). و « لو عجز احد المتعاقدين [ عن النطق بلفظ الزواج والنكاح ] ، تكلم كل واحد منهما بما يحسنه. ولو عجزا عن النطق اصلاً ، او احدهما ، اقتصر العاجز على الاشارة الى العقد والايماء » (٢).

و « النكاح يقع على الاجازة ، ويكفي في الاجازة سكوت البكر ويعتبر في الثيب النطق ، وهو المشهور بين الاصحاب ؛ والدليل عليه وجوه :

الاول : رواية ابن عباس ان جارية بكراً اتت النبي (ص) فذكرت ان اباها زوّجها وهي كارهة ، فخيرها النبي (ص) (٣).

الثاني : في خبر آخر : ان رجلاً زوّج ابنته وهي كارهة فجاءت الى النبي (ص) فقالت : زوجني ابي ونعم الاب من ابن اخيه يريد ان يرفع خسيسته ، فجعل النبي امرها اليها فقالت : اجزت ما صنع ابي وانما اردت ان اعلم النساء ان ليس الى الاباء من امر النساء شيء (٤). والمراد في هذين زواج من هي بالغة ، اذ لو كانت صغيرة لم يتوقف على رضاها.

الثالث : رواية محمد بن مسلم عن الباقر (ع) في رجل زوّجته اُمه وهو غائب. قال : النكاح جائز ان شاء المتزوج قبل وان شاء ترك ، فان ترك المتزوج تزويجه فالمهر لازم لأمّه (٥) » (٦).

__________________

١ ـ شرح اللمعة : ج ٥ ص ١١٠.

٢ ـ شرائع الاسلام : ج ٢ ص ٢٧٣.

٣ ـ سنن ابن ماجة : ج ١ ص ٦٠٣.

٤ ـ سنن ابن ماجة : ج ١ ص ٦٠٢.

٥ ـ الكافي : ج ٥ ص ٤٠١.

٦ ـ التنقيح الرائع : ج ٣ ص ٣٣.


ولايصح شرط الخيار في الزواج ، اتفاقاً ، دائما كان او منقطعاً ، فلو افترضنا ان الزوج او الزوجة اشترطا ضمن العقد الفسخ والرجوع عنه في فترة معينة فسد الشرط ، لان الزواج لا يقبل الاقالة فلا يقبل الفسخ. والمشهور فساد العقد ايضاً ، و « ليس هناك اختلاف بين الفقهاء في بطلان الشرط. للعلم بان عقد الزواج لا يقبل الخيار ، لان فيه شائبة العبادة ، وفسخه محصور بالعيوب المنصوص عليها ، ولذا لا تجري فيه الاقالة بخلاف غيره من عقود المعاوضات ، فاشتراط الخيار فيه مناف لمقتضى العقد المستفاد من الادلة الشرعية ... ومن هنا كان شرط الخيار مبطلاً للعقد » (١).

واتفق الفقهاء ايضاً على ان الاشهاد على الزواج الدائم مستحب وليس بواجب. حيث ان المعروف بين الفقهاء عدم وجوب الاشهاد ، بل القول بالوجوب شاذ (٢). ولم يذكر الله تعالى في القرآن الشهادة في النكاح ، و « ذكر الشهادة في البيع والدين مع ان الحكم في الشهادة في النكاح اكثر لما فيها من حفظ النسب وزوال التهم والتوارث وغيره من توابع النكاح ، فلو كان الاشهاد فيه شرطاً لما اهمله الله تعالى في القرآن لانه مناف للحكمة. وعن النبي (ص) انه لما تزوج بصفية اولَمَ بتمر واقط ، فقال الناس : ترى انه تزوج بها ام جعلها ام ولده؟ ثم قالوا : ان حجبها فهي امرأته ولو كان اشهد ما اختلفوا » (٣). نعم ورد نص عن طريق الفريقين انه ( لا نكاح الا بولي وشاهدي عدل ) (٤). ولكن هذه الرواية الضعيفة « تصلح سنداً للاستحباب ،

__________________

١ ـ الجواهر : ج ٢٩ ص ١٥٠.

٢ ـ الجواهر : ج ٢٩ ص ٢٩.

٣ ـ تذكرة الفقهاء للمحقق الحلي ـ كتاب النكاح.

٤ ـ المغني لابن قدامة : ج ٧ ص ٩.


لا الشرطية » (١).

ويشترط في صحة العقد امور عدة ، منها : العقل ، البلوغ ، والرشد في كلّ من المخطوبة والخاطب ، وخلو الخاطب والمخطوبة من المحرمات السببية والنسبية ، ووجوب التعيين ، فلا يصح قول الولي مثلاً : « زوجتك احدى هاتين البنتين » ، لان الاخذ بالاحكام الزوجية لا يتم الاّ عن طريق التشخيص والتعيين ، ووجوب القصد والرضا والاختيار. وان حصل الاكراه في الزواج ثم ارتفع وحصل الرضا كفى ذلك في الصحة. واذا عقد السكران فقد « عرفت ان شرط صحة العقد القصد اليه ، فالسكران الذي بلغ به السكر حداً زال عقله معه وارتفع قصده يكون زواجه باطلاً كغيره من عقود ، سواء في ذلك الذكر والانثى ، هذا هو الاقوى على ما تقتضيه القواعد الشرعية ، ومتى كان العقد باطلاً فلا تنفعه اجازته بعد الافاقة ، لان الاجازة لا تصحح ما وقع باطلاً من اصله » (٢).

وورد انه لا يشترط التفتيش حين التزويج عن كون المرأة ذات بعل ام لا لسببين ، الاول : اصالة الصحة في فعل المسلم. والثاني : الروايات التي عمل بها الفقهاء. ومنها سؤال احدهم الامام جعفر بن محمد (ع) : ( ألقى المرأة بالفلاة التي ليس فيها احد ، فاقول : ألك زوج؟ فتقول : لا. فاتزوجها؟ قال (ع) : نعم ، هي المصدّقة على نفسها ) (٣). وفي رواية اُخرى ، سأل من قبل عمر من حنظلة ، قال : ( اني تزوجت امرأة فسألت عنها ، فقيل فيها؟ فقال (ع) :

__________________

١ ـ شرح اللمعة : ج ٥ ص ١١٢.

٢ ـ المسالك ـ كتاب النكاح.

٣ ـ الكافي : ج ٢ ص ٢٥.


وانت لم سألت ايضاً؟ ليس عليكم التفتيش ) (١).

اما الشروط التي يشترطها الزوج او الزوجة ضمن العقد فهي على ثلاثة اقسام : شروط صحيحة لاتفسخ العقد ، وشروط تبطل العقد ، وشروط باطلة ولكنها لا تفسد العقد. فالقسم الاول ، وهي الشروط الصحيحة ، هي التي يترتب عليها الالزام وصحة العقد ، ويثبت خيار الفسخ مع تخلفه ، كأن يشترط احدهما توفر صفة معينة في الآخر كالبكورة دون الثيب ، او التدين دون التحلل ، فيصح الشرط ويلزم العقد مع تحققه. وقد ورد في الروايات ان الامام (ع) قد سُئِلَ عن رجل تزوج امرأة فقال لها : انا من بني فلان ، فلا يكون كذلك؟ قال (ع) : « تفسخ النكاح » (٢). وكذلك اذا اشترطت عليه ان يترك نوعاً خاصاً من الاستمتاع كالجماع فقط ، وله دون ذلك ما يشاء ، كما ورد في الروايات ان الامام الصادق (ع) سُئِلَ عن امرأة قالت لرجل : ازوجك نفسي على ان تلتمس مني ما شئت من والتماس ، وتنال مني ما ينال الرجل من اهله الاّ تدخل فرجك في فرجي وتتلذذ بما شئت ، فاني اخاف الفضيحة؟ قال (ع) : ( ليس له منها الا ما اشتُرِط ) (٣). واذا اذنت بعد ذلك بالوطء جاز ، لان « الشرط كالمانع ، ومع فرض الاذن يزول المانع فيبقى المقتضى على مقتضاه [ وهو عقد الزواج ] بل لو عصى وخالف الشرط لم يكن زانيا ، ويلحق به الولد ، كما هو واضح » (٤). وكذلك اذا اشترط ان يسكنها في بلد معين وجب الوفاء بالشرط لعموم « المؤمنون عند

__________________

١ ـ الكافي : ج ٢ ص ٧٩.

٢ ـ الجواهر : ج ٣٠ ص ١١٢.

٣ ـ التهذيب : ج ٢ ص ١٩١.

٤ ـ الجواهر : ج ٣٠ كتاب النكاح.


شروطهم ». وقد ورد ايضاً في الحديث عن ابي عبد الله (ع) انه سُئِلَ في الرجل يتزوج المرأة ، ويشترط ان لا يخرجها من بلدها؟ قال : ( يفي لها بذلك ) (١). وان علياً (ع) كان يقول : ( من شرط لامرأته شرطاً فليف لها به ، فان المسلمين عند شروطهم الا شرطا حرم حلالا ، او احل حراماً ) (٢).

اما القسم الثاني ، فهي الشروط التي تبطل العقد. ومنها ان يشترط احدهما فسخ الزواج والرجوع عنه لمدة ثلاثة ايام او اقل او اكثر ، فحينئذٍ يفسد الشرط والعقد ، لان الزواج لايقبل الاقالة ، فلا يقبل الفسخ ايضاً ، وهذا هو المشهور.

والقسم الثالث ، وهي الشروط التي لا تفسخ العقد ولكنها باطلة في نفسها. ومنها ان يكون الشرط منافياً لمقتضى العقد وطبيعته ، فتشترط عليه مثلاً ان لا يقرب منها ولا يمسها اطلاقاً ، فيبطل الشرط ويصح العقد. ومنها ان يشترط لها على نفسه ان سلمها المهر كاملاً في فترة معينة فهي زوجته ، وان اخلف فلا يتحقق الزواج ، فيصح العقد والمهر ، ويبطل الشرط ولاخيار لها ، حيث ان تخلف الشرط او تعذره لا يوجب الخيار في الحالة الزوجية ؛ علماً بان هذا الحكم يخالف سائر العقود التجارية ، لسبب واضح ، وهو ان المرأة في الشريعة ليست سلعة تجارية ، كما يروج ذلك اعداء النظرية الدينية : حيث ورد في الرواية ان الامام الصادق (ع) سُئِلَ عن رجل تزوج امرأة الى اجل مسمى ، فان جاء بصداقها الى الاجل فهي امرأته ، وان لم يأت بصداقها الى الاجل فليس له عليها سبيل ، ذلك شرطهم بينهم حين انكحوه؟ فقضى

__________________

١ ـ الكافي : ج ٢ ص ٢٨.

٢ ـ التهذيب : ج ٢ ص ٢٢٠.


(ع) للرجل ان بيده بُضع امرأته واحبَطَ شرطهم (١). ومنها ان يكون الشرط مخالفاً للشرع ، حيث تشترط عليه مثلاً ان لا يتزوج عليها ، او ان لا يطلقها ، او لا يمد يد العون الى ابويه. فيصح العقد ، ويبطل الشرط اتفاقاً ، لقوله : ( من اشترط شرطاً سوى كتاب الله فلا يجوز له ولا عليه ). ودليل آخر ، الرواية الواردة عن الامام الصادق (ع) فيما يخص رجلا تزوج امرأة واصدقته هي واشترطت عليه ان بيدها الجماع والطلاق ، فقال (ع) : ( خالفت السنة ، ووليت حقاً ليست باهله ، فقضى ان عليه الصداق وبيده الجماع والطلاق وذلك السنة ) (٢).

وعلى صعيد ثان ، لو ادعى رجل زوجية امرأة فانكرت ، او ادعت امرأة بزوجيتها لرجل فانكر الزوجية فعلى المدعي البينة ، وعلى المُنكِر اليمين. و « لو اوقع الرجل المنكِر صورة الطلاق ، كأن يقول : ان كانت زوجتي فهي طالق ، فالظاهر انتفاء الزوجية عنها ، وجاز لها التزويج بغيره ، لا بأبيه وابنه مطلقاً ، لاعترافها بما يوجب حرمة المصاهرة (٣). و « اذا ادعى احدهما [ اي الزوج او الزوجة ] الزوجية وانكر الآخر فتجري عليهما قواعد الدعوى فان كان للمدعي بينة ، والاّ فيحلف المنكِر او يرد اليمين فيحلف المدعي ويحكم له بالزوجية ، وعلى المنكِر ترتيب آثاره في الظاهر. ولو رجع المنكِر الى الاقرار هل يسمع منه ويحكم بالزوجية بينهما؟ الاقوى السماع اذا اظهَر عذراً لانكاره ، ولم يكن متهما ، وان كان بعد الحلف » (٤).

__________________

١ ـ الكافي : ج ٢ ص ٢٨.

٢ ـ من لا يحضره الفقيه : ج ٢ ص ١٣٦.

٣ ـ الجواهر ـ كتاب الطلاق.

٤ ـ العروة الوثقى : ج ٢ ص ٦٩٣.


ولاشك ان المعاشرة بين فردين في سكن واحد ، كما يسكن الزوج وزوجته لا يثبت الزوجية ما لم ينشئ عقد الزواج ، لان الفقهاء قالوا ان تعارض الظاهر مع الاصل يقدم الاصل ، ولا يؤخذ بالظاهر الاّ مع الاطمئنان او قيام الدليل. والاصل هنا عدم حصول الزواج ، وكل حادث يشك في وجوده فالاصل عدمه ، حتى يقام الدليل عليه. ومع ذلك ، فقد رجّح بعض الفقهاء ـ كالعلامة الحلي في شرائع الاسلام ـ كون المعاشرة تكشف بظاهرها عن الزواج ، ولذلك فانه يحكم بثبوت الزواج في المثال السابق. اما الابناء فان حملهم على الصحة يستلزم الحكم على كونهم ولدوا بطريق شرعي. فاذا كانت المعاشرة نتيجة زواج او شبهة زواج ، فان الابناء تترتب عليهم في كلا الحالتين جميع الآثار الشرعية في الولاية والوصاية والنفقة والأرث.


المحرمات في الشريعة الاسلامية

ولما كان الاصل في الزواج ، المتعة الجسدية وانجاب الاطفال ، اصبحت قضية اختيار الشريك للمضاجعة من اهم القضايا التي تهم النظام الاجتماعي بجميع افراده ، وعلى كل المستويات. ولاشك ان الانسان ـ مهما كانت درجة التزامه بالاحكام الشرعية ـ يدرك اهمية المحرمات النسبية والسببية في الزواج ، فيضع بشكل طبيعي حاجزاً نفسياً لا شعورياً امامها. وبكلمة ، فان قضية المحرمات النسبية والسببية هي قضية فطرية اكثر مما هي قضية فلسفية او منطقية : ولذلك كان تأكيد الدين عليها. وعلى ضوء ما سبق ، فقد اشترطت الشريعة ان يكون الفرد مؤهلاً للزواج حتى يصح العقد منه. ومثال ذلك ، ان المرأة او الرجل المراد تزويجه او تزويجها يجب ان يكونا فردين صالحين للعقد ، وجامعين للشروط ، كالعقل والبلوغ والرشد ، وخاليين من الموانع النسبية والسببية.

وما يمنع الفرد من الزواج بسبب المحرمات النسبية هو سبعة اصناف :

١ ـ الأم ، ويدخل معها الجدات من جهة الام.

٢ ـ البنات ، ويدخل معهن بنات الابن ، وبنات البنت وان نزلن.

٣ ـ الاخوات للأب او للأم ، او لهما معاً.

٤ ـ العمات ، وتشمل عمات الاباء والاجداد.

٥ ـ الخالات ، وتشمل خالات الاباء والاجداد.

٦ ـ بنات الاخ وان نزلن.

٧ ـ بنات الاخت وان نزلن.


والاصل في التحريم قوله تعالى : ( ولاتَنكحُوا مانَكَجَ آباؤُكُم مِنَ النِّساءِ اِلاّ ما قَد سَلَف اِنَّهُ كان فاحِشَةً وَمَقتاً وَساءَ سَبيلاً ، حُرِّمَت عَلَيكُم اُمَّهاتُكُم وَبَناتُكُم وَاَخَواتُكُم وَعَمّاتُكُم وَخالاتُكُم وَبَناتُ الاَخ وَبَناتُ الاُخت وَاُمَّهاتكُم اللاتي اَرضَعنَكُم وَاَخَواتكُم مِنَ الرِّضاعَةِ وَاُمَّهاتُ نِسائِكُم وَرَبائِبكُم اللاتي في حُجُورِكُم مِنَ نِسائِكُم اللاتي دَخَلتُم بِهُنّ فَاِن لَم تَكُونُوا دَخَلتُم بِهنَّ فَلا جُناحَ عَلَيكُم وَحَلائِل اَبنائِكُم الَذينَ مِن اَصلابِكُم وَاَن تَجمَعُوا بَينَ الاُختَينِ اِلاّ ما قَد سَلَف اِنَّ اللهَ كانَ غَفُورأ رَّحيماً ، وَالمُحصَنات مِنَ النِّساءِ اِلاّ ما مَلَكَت اَيمانكُم كِتابَ اللهِ عَلَيكُم وَاُحِلَّ لَكُم ما وَراءَ ذلِكُم ) (١).

و « اذا خاطب تعالى المكلفين بلفظ الجمع ، كقوله : ( حرمت عليكم ) ثم اضاف المحرمات بعده اليهم بلفظ الجمع ، فالآحاد يقع بازاء الآحاد ، فكأنه قال : حرم على كل واحد منكم نكاح أمّه ومن يقع عليها اسم الام ، ونكاح ابنته ومن يقع عليها اسم البنت ، وكذلك الجميع. وهؤلاء السبع هي المحرمات بالنسب ، وقد صح عن ابن عباس انه قال : حرم الله من النساء سبعاً بالنسب ، وتلا الآية » (٢).

اما المحرمات السببية وهي المذكورة في الآية الشريفة السابقة : ( وَاُمَّهاتكُم اللاتي اَرضَعنَكُم ... ) (٣) وبقية النصوص الشرعية ، فهي ثمانية اصناف :

__________________

١ ـ النساء : ٢٢ ـ ٢٤.

٢ ـ مجمع البيان : ج ٣ ص ٦١.

٣ ـ النساء : ٢٣.


١ ـ ما يحرم من آثار المصاهرة.

٢ ـ ما يحرم من آثار الزنا.

٣ ـ الدخول بالمعتدة والمتزوجة.

٤ ـ الجمع بين الاختين.

٥ ـ الزواج باكثر من اربع حرائر.

٦ ـ الملاعنة.

٧ ـ التطليقة الثالثة.

٨ ـ الارتداد الفطري او الملي عن الاسلام.

فالمصاهرة ، عملية تستهدف صهر العلاقات الاجتماعية وانشاء علاقات جديدة على ضوء عملية التزويج ، حيث يترتب عليها بسبب العلاقة الجديدة تحريم لبعض اقارب الزوج او الزوجة. فتحرم زوجة الاب على الابن وان نزل تحريماً مؤبداً بمجرد العقد ـ نصاً واجماعاً ـ لقوله تعالى : ( وَلا تَنكِحُوا ما نَكَحَ آباؤكُم مِن النِّساءِ ) (١). وتحرم زوجة الابن على الاب وان علا تحريماً مؤبداً بمجرد العقد ، لقوله تعالى : ( وَحَلائِل اَبنائكُم الَّذينَ مِن اَصلابِكُم ) (٢). وتحرم أم الزوجة وان علت على زوج ابنتها تحريماً مؤبداً ، ولكنه اختلف هل ان التحريم يقع بمجرد العقد او بالدخول. وقيل « فيه روايتان اشهرهما رواية وفتوى انها تحرم بمجرد العقد ، بل في كتاب الغنية وكتاب الناصريات الاجماع على ذلك ، لعموم قوله تعالى : ( وَاُمَّهات

__________________

١ ـ النساء : ٢٣.

٢ ـ النساء : ٢٣.


نِسائِكُم ) (١) ، وللاخبار وللاحتياط » (٢). وتحرم بنت الزوجة اذا دخل بالأم لقوله تعالى : ( وَرَبائِبكُم اللاتي في حُجُورِكُم مِنَ نِسائِكُم اللاتي دَخَلتُم بِهنّ ) (٣) ولاتحرم بمجرد العقد ، فيجوز للزوج ان ان طلق الام قبل الدخول العقد على ابنتها ، بالاجماع.

ويترتب على الزنا آثار شرعية ايضاً ، منها : ان الزنا قبل العقد يوجب تحريم المصاهرة ، فليس لابيه ولا لابنه العقد عليها « وفاقاً للاكثر بل هو المشهور » (٤). ولو « زنى بذات بعل او في عدة رجعية حرمت عليه ابداً في قول مشهور » (٥). و « اذا زنى بها وهي خلية [ غير متزوجة ] لم يحرم عليه زواجها ، وان لم تتب ، وفاقاً للمشهور شهرة عظيمة ، بل عن كتاب الخلاف الاجماع عليه للعمومات التي منها ان الحرام لا يحرّم الحلال ، وخصوص صحيح الحلبي عن ابي عبد الله (ع) : ايما رجل فجر بامرأة ، ثم بدا له ان يتزوجها حلالاً [ جاز ] قال : اوّله سفاح وآخره نكاح ، ومثله مثل النخلة اصاب الرجل من ثمرها حراماً ، ثم اشتراها بعد ذلك ، فكانت حلالاً » (٦).

ويفسد العقد اذا عقد الفردعلى امرأة معتدة من وفاة او طلاق بائن او رجعي او شبهة ، سواء كان عالماً بالحكم والموضوع او جاهلاً بهما. واذا دخل بها وهي في العدة وهو عالم بذلك فانها تحرم عليه مؤبداً (٧). اما اذا كان

__________________

١ ـ النساء : ٢٣.

٢ ـ الجواهر : ج ٢٩ ص ٣٦٦.

٣ ـ النساء : ٢٣.

٤ ـ الجواهر : ج ٢٩ ص ٣٦٦.

٥ ـ شرائع الاسلام : ج ٢ ص ٢٩٢.

٦ ـ الجواهر : ج ٢٩ ص ٤٣٩.

٧ ـ الانتصار للسيد المرتضى : ص ٢٨.


جاهلاً بانها في العقد ، او جاهلاً بانه يحرم عليه ذلك ، وتزوجها ولكن لم يدخل بها فانها لا تحرم عليه مؤبداً بل يستطيع ان يستأنف العقد بعد انتهاء العدة » بلا خلاف اجده في شيء من ذلك ، بل الاجماع عليه ، وهو الحجة بعد الروايات المعتبرة المستفيضة. قال الصادق (ع) : الذي يتزوج المرأة في عدتها وهو يعلم ، لا تحل له ابدا ... وقال ايضاً : اذا تزوج الرجل المرأة في عدتها ودخل بها ، لم تحل له ابداً عالماً كان او جاهلاً ، وان لم يدخل بها حلت للجاهل ، ولم تحل للآخر « (١). وينطبق نفس الحكم على المتزوجة من باب مفهوم الموافقة ، فيثبت التحريم مؤبداً.

ويحرم الجمع بين الاختين المتولدتين من أب وام ، او لاحدهما ، كتاباً وسنة واجماعاً ، وقوله تعالى : ( وَاَن تَجمَعُوا بَينَ الاُختَينِ ) (٢) ظاهر. واذا فارق الاخت بطلاق او موت جاز العقد على اختها بعد زوال المانع من عدة وغيرها.

ويجوز للرجل الجمع بين اربع نسوة ، اتفاقاً ، شريطة عدم مجانبة العدل لقوله تعالى : ( فَانكَحُوا ما طابَ لَكُم مِنَ النِّساءِ مَثنى وَثلاث وَرُباع فِاِن خِفتُم اَن لا تَعدِلُوا فَواحِدَة ) (٣) ، والرواية الواردة عن الامام الصادق (ع) : ( لا يحل لماء الرجل ان يجري في اكثر من اربعة ارحام ) (٤).

وعلى صعيد الخلافات الزوجية ، تحرم الزوجة على زوجها في بعض الوقائع. ومثالها اذا ادعى الزوج ان زوجته قد زنت وادعى المشاهدة ولكنه

__________________

١ ـ الجواهر : ج ٢٩ ص ٤٥٠.

٢ ـ النساء : ٢٣.

٣ ـ النساء : ٣.

٤ ـ مجمع البيان : ج ٢ ص ٦.


لم يتمكن من اثبات البينة ، وكانت زوجته معاقة بالخرس او الصمم مثلاً حيث لم تتمكن من الكلام او السمع ولم تستطع الدفاع عن نفسها ، فانها حينئذ تحرم عليه مؤبداً. و « لا يسقط الحد بتحريمها عليه ، بل يجمع بينهما ان ثبت القذف عند الحاكم ، والا حرمت بينه وبين الله تعالى ، وبقي الحد في ذمته على ما دلت عليه رواية ابي بصير التي هي الاصل في الحكم » (١).

وتحرم الزوجة على الزوج عموماً اذا قذفها بالزنا ولم يتمكن من تقديم البينة. فيجوز له حينئذ ان يلاعنها ، واذا تمت الملاعنة فانها تحرم عليه تحريماً مؤبداً.

وعلى صعيد الطلاق ، فاذا طلق الرجل زوجته ثلاث مرات بينهما رجعتان تحرم عليه بعد انتهاء عدة الطلاق الثالث ، ولا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره. واذا فارقها الزوج الثاني بموت او طلاق ، وانتهت عدتها جاز للزوج الاول ان يعقد عليها ثانية ، فاذا عاد وطلقها ثالثاً حرمت عليه حتى تنكح زوجاً آخر ، وهكذا. والاصل في ذلك قوله تعالى : ( الطَلاقُ مَرَّتانِ فَاِمساكٌ بِمَعرُوفٍ اَو تَسريحٌ بِاِحسانٍ ... ) (٢) ، وقوله : ( فَاِن طَلَّقَها فَلا تَحِلّ لَه مِن بَعد حَتّى تَنكحَ زَوجاً غَيرَه ) (٣). ويقع التحريم المؤبد عند فقهاء الامامية في طلاق العدة. وهي حالة اسثنائية تتم باكمال تسع تطليقات في العدة بينها زوجان من رجل آخر. وطلاق العدة هو « ان يطلقا على الشرائط ثم يراجع في العدة ويطأ ثم يطلق في طهر آخر ثم يراجع في العدة

__________________

١ ـ شرح اللمعة الدمشقية : ج ٥ ص ٢٢٤.

٢ ـ البقرة : ٢٢٩.

٣ ـ البقرة : ٢٣٠.


ويطأ ، ثم يطلق الثالثة فينكحها بعد عدتها زوج آخر ثم يفارقها بعد ان يطأها فيتزوجها الاول بعد العدة ، ويفعل كما فعل اولاً الى ان يكمل لها تسعاً كذلك ، ينكحها رجلاً بعد الثالثة والسادسة فانها تحرم ابداً » (١). وقد ورد « الاجماع على ذلك » (٢).

واختلف الفقهاء في وحدة دين الاسرة ، فهل يجوز للمسلم الزواج من اهل الكتاب ام لا؟ وقد تراوحت الاقوال بين عدم الجواز مطلقاً الى الجواز مطلقاًعلى كراهية. واستدل الذين قالوا بكراهية الزواج من اهل الكتاب وليس التحريم, ان الادلة الدالة على اباحة الزواج عموماً خرج منها زواج المسلم بالمشركة ، والمسلمة بالمشرك الكتابي فقط. وقوله تعالى : ( اَليَوم اُحِلَّ لَكُم الطَيِّباتِ وَطَعامُ الَّذينَ اُوتُوا الكِتابَ حِلٌّ لَكُم وَطَعامكُم حِلٌّ لَهُم وَالمُحصَنات مِنَ المُؤمِناتِ وَالمُحصَنات مِنَ الَّذين اُوتُوا الكِتابَ ) (٣) ظاهر في حلية الزواج من أهل الكتاب زواجاً دائماً ومؤقتاً وملك اليمين ، والمراد بالمحصنات هنا العفيفات. وقوله تعالى : ( وَلا تَنكحُوا المُشرِكات حَتّى يُؤمِنَّ ) (٤) خاص بالمشركات وهن غير الكتابيات. واستدلوا ايضاً بالروايات المستفيضة عن اهل البيت (ع) ، ومنها ان رجلاً سأل الامام جعفر بن محمد (ع) عنرجل مؤمن يتزوج اليهودية والنصرانية؟ فقال الامام (ع) : ( اذا أصاب المسلمة فما يصنع باليهودية والنصرانية؟ قال السائل : يكون له فيها الهوى. قال : ان فعل فليمنعها من

__________________

١ ـ شرح اللمعة : ج ٥ ص ٢١١.

٢ ـ الجواهر : ج ٣٠ ص ١١٩.

٣ ـ النساء : ٥.

٥ ـ البقرة : ٢٢١.


شرب الخمر واكل لحم الخنزير ، واعلم ان عليه في دينه غضاضة ) (١). و « ان هذه الرواية اوضح ما في الباب سنداً ، لان طريقها صحيح ، وفيها اشارة الى كراهية التزويج المذكور ، فيمكن حمل النهي الوارد عنه على الكراهة جمعاً بين الروايات » (٢). واتفق الفقهاء على حرمة زواج المسلم او المسلمة بمن يدين بالديانات الوضعية غير السماوية كالبوذية والهندوسية والسيخية وغيرها. وكذلك حرمة زواج المسلمة بالرجل الكتابي.

والارتداد عن الاسلام بقسميه الفطري والملي مانع من الزواج ايضاً. فالمرتد الفطري وهو الذي كان احد ابويه او كلاهما مسلماً ، او المرتد الملي وهو من كان ابواه غير مسلمين ثم دخل هو في الاسلام ، ثم ارتد عنه ، لا يحل زواجه مطلقاً رجلاً كان ام امرأة ؛ لان الارتداد ضرب من ضروب الكفر الذي لا يباح التناكح معه.

اما انكحة غير المسلمين فهي كلها صحيحة ، شرط ان تقع على الطريقة التي يعتقدونها في دينهم ، وقد ثبت في الروايات المتعلقة بالاحكام عن اهل البيت (ع) انه : ( تجوز على أهل كل ذوي دين ما يستحلون ) (٣) ، و ( الزموهم بما ألزموا انفسهم ) (٤). وحكم فقهاء الامامية « بصحة ما في ايديهم من النكاح وغيره ، بمعنى ترتب الآثارعليه ، وان كان فاسداً عندنا » (٥).

ويبطل عقد المحرم للحج او العمرة وجوباً او ندباً ، فليس له ان يزوج

__________________

١ ـ الكافي : ج ١٢ ص ١٣.

٢ ـ المسالك ـ كتاب النكاح.

٣ ـ التهذيب : ج ٩ ص ٣٢٢.

٤ ـ الاستبصار : ج ٤ ص ١٤٨.

٥ ـ الجواهر ـ كتاب النكاح.


او يتزوج ، كما ورد في صحيح ابن سنان عن ابي عبد الله (ع) : ( ليس للمحرم ان يتزوج ولا يزوج وان تزوج او زوج محلاً فتزويجه باطل ) (١). واذا كان العاقد عالماً بالتحريم يفرق بينهما وتحرم عليه مؤبداً ، وان كان جاهلاً بالتحريم تحرم عليه مؤقتاً فاذا احلا جاز له استئناف العقد عليها.

وتحرّم الشريعة نكاح الشغار ، للنص الوارد عن رسول الله (ص) : ( لاشغار في الاسلام ) (٢) ، وهو ان يزوج الرجل ابنته او اخته ويتزوج هو ابنة المتزوج او اخته ولا يكون بينهما مهر غير تزويج هذا وهذا ، وهذا هذا (٣). بمعنى ان يقول احد الوليين للآخر : ( زوجني ابنتك حتى ازوجك ابنتى على ان لا مهر بينهما ) ، ويقبل الآخر ، بحيث يكون بضع كل امرأة ـ نظرياً ـ مهراً للاخرى. وهذا النوع من التزويج كان سائداً في العصور الجاهلية للعرب ، فلما جاء الاسلام حرّم هذا اللون من النكاح الذي يحرم المرأة من حقوقها المالية والمعنوية.

__________________

١ ـ التهذيب : ج ١ ص ٥٤١.

٢ ـ معاني الاخبار للصدوق : ص ٧٩.

٣ ـ الكافي : ج ٢ ص ١٥.


احكام العقد المنقطع

ولاريب ان معالجة المشاكل الاجتماعية الاستثنائية يتطلب تشريع قوانين استثنائية لحفظ النظام الاجتماعي واستقراره. ففي الحالات التي تعذر فيها استخدام القاعدة الاصلية في الزواج وهي النكاح الدائم ، كان لابد للاسلام ـ بسبب نظرته الرحيمة تجاه اشباع الغريزة الجنسية ـ من تشريع العقد المنقطع حتى يساهم في حل المشاكل الاجتماعية الاستثنائية. ولا يختلف الفقهاء من كل المذاهب الاسلامية ، بان القاعدة الاصلية في الزواج هو العقد الدائم ، وما العقد المنقطع الاّ حل لمشكلة اجتماعية استثنائية. ولذلك قيل ان الاسلام انما شرع الزواج المنقطع ، بالاساس لسببين ، الاول : الاستعفاف به لمن لم يرزقه الله التزويج الدائم ، والثاني : محاربة الرذيلة في المجتمع الانساني. وتدل على ذلك الروايات المستفيضة المروية عن اهل البيت (ع). فقد ورد عن الامام الرضا (ع) تصريح عندما سُئل عن المتعة؟ : ( ما انت وذاك قد أغناك الله عنها ) (١) ، وفي حديث آخر ( هي حلال مباح مطلق لمن لم يغنه الله بالتزويج ، فليستعفف بالمتعة ، فان استغنى عنها بالتزويج فهي مباح له اذا غاب عنها [ اي عن زوجته ] ) (٢).

واختلف فقهاء المسلمين في نسخها ، ولكنهم اتفقوا جميعاً على ان الاسلام شرَّعها في الاصل ، وان رسول الله (ص) اباحها ، ودليل ذلك قوله تعالى : ( فَما استَمتَعتُم بِهِ مِنهُنَّ فَاَتوهُنَّ اُجُورَهُنَّ فَريضَة ) (٣). فقد اتفقوا

____________

١ ـ الكافي : ج ٢ ص ٤٣.

٢ ـ الكافي : ج ٢ ص ٤٣.

٣ ـ النساء : ٢٤.


على ان المتعة « كانت مباحة في ابتداء الاسلام. وروي عن النبي (ص) لما قدم مكة في عمرته تزين نساء مكة ، فشكا اصحاب الرسول (ص) طول العزوبة ، فقال : استمتعوا من هذه النساء ، واختلفوا في انها نسخت ام لا؟ فذهب السواد الاعظم من الامة الى انها صارت منسوخة ، وقال السواد منهم : انها بقيت مباحة كما كانت ، وهذا القول مروي عن ابن عباس وعمران ابن الحصين » (١). وقد وردت روايات من كلا الفريقين بما يؤيد ذلك ، فقد ورد عن ابن ابي جمرة قال : « سمعت ابن عباس سئل عن متعة النساء فرخّص ، فقال له مولى له انما ذلك في الحال الشديد ، وفي النساء قلة او نحوه؟ فقال ابن عباس : نعم ، وعن جابر بن عبد الله وسلمة بن الاكوع قالا كنا في حبيس ، فأتانا رسولُ رسولِ لله (ص) فقال انه قد أذن لكم ان تستمتعوا فاستمتعوا. وقال ابن ابي ذئب حدثني اياس بن سلمة بن الاكوع عن ابيه عن رسول الله (ص) : اّيما رجل وامرأة توافقا فعشرة ما بينهما ثلاث ليال ، فان احبا ان يتزايد او يتتاركا تتاركا » (٢). وعن جابر بن عبد الله الانصاري قال : خرج منادي رسول الله (ص) فقال : ( ان رسول الله (ص) قد اذن لكم فتمتعوا يعني نكاح المتعة ) (٣). وورد عنه ايضاً قوله : ( استمتعنا على عهد رسول الله (ص) وابي بكر وعمر. وكنا نستمتع بالقبضة من التمر والدقيق لأيام على عهد رسول الله (ص) وابي بكر حتى نهى عنه عمر في شأن عمرو بن حريث ) (٤). وذهب علماء السنة الى نسخها ، وحرمتها بعد الاذن بها.

__________________

١ ـ التفسير الكبير للفخر الرازي : ج ١٠ ص ٤٩.

٢ ـ صحيح البخاري : ج ٧ ص ١٦.

٣ ـ وسائل الشيعة : ج ١٤ ص ٤٤٠.

٤ ـ صحيح مسلم : ج ٤ ص ١٣١.


ويفهم من كلامهم ان النكاح المنقطع كان مباحاً وان النهي عنه وقع في آخر الامر. وقالوا بان « عدة احاديث صحيحة صريحة قد وردت بالنهي عن المتعة بعد الاذن بها » (١).

فـ « حكي عن ابن عباس : انها جائزة ، وعليه اكثر اصحابه : عطاء ، وطاووس ، وبه قال ابن جريح وحكي ذلك عن ابي سعيد الخدري ، وجابر واليه ذهب الشيعة لانه قد ثبت ان النبي (ص) اذن فيها ، وروي ان عمر قال : ( متعتان على عهد رسول الله (ص) ، أفانهي عنهما واعاقب عليهما؟ متعة النساء ، ومتعة الحج ) ، ولانه عقد على منفعة فيكون مؤقتاً كالاجارة ... وقال الشافعي : لا اعلم شيئاً احله الله ثم حرمه ، ثم احله ثم حرمه الاّ المتعة. فحمل الامر على ظاهره ، وان النبي(ص) حرمها يوم خيبر ، ثم اباحها في حجة الوداع ثلاثة ايام ، ثم حرمها » (٢). و « لم يختلف اهل النقل ان المتعة قد كانت مباحة في بعض الاوقات اباحها رسول الله (ص) » (٣).

الاّ ان فقهاء الامامية استدلوا بعدم النسخ بروايات عديدة عن اهل البيت (ع) ، منها : ان الامام جعفر بن محمد (ع) عندما سُئِل : ( هل نسخ اية المتعة شيء؟ قال : لا ، ولو لا ما نهى عنها عمر ما زنى الاّ شقي ) (٤). وان الرخصة الثابتة الواردة عن الرسول (ص) والمتفق عليها بين الجميع ، لم يثبت الغاؤها او تحريمها بعد ذلك بخبر صحيح. فلم يبق سوى نهي الخليفة الثاني وهو بمجرده ليس بحجة. على ضوء ذلك فقد اجمع علماء الامامية على ان

__________________

١ ـ فتح الباري لابن حجر : ج ١١ ص ٧٠.

٢ ـ المغني لابن قدامة : ج ٧ ص ١٧٨ ـ ١٧٩.

٣ ـ احكام القرآن للجصاص : ج ٢ ص ١٧٨.

٤ ـ الوسائل : ج ١٤ ص ٤٤٠.


حقيقة الزواج المنقطع والدائم واحدة ، وان لفظ الزواج موضوع لمعنى واحد ذي شقين ؛ هما المنقطع والدائم.

واجمعوا ايضاً على ان الزواج الدائم والمنقطع يشتركان في خلو الموانع ، وصيغة العقد ، ونشر الحرمة ، وحقوق الولد ولحوقه بالاب ، وقيمة المهر ، والعدة بعد الدخول ، والشروط السائغة في العقد.

فلا يجوز العقد ـ دائماً او منقطعاً ـ على المتزوجة او المعتدة من طلاق او وفاة ، او المحرمة بالنسب او المصاهرة او الرضاع ، او المشركة. فيجب ـ شرعا ـ ان تكون المرأة المعقود عليها خالية من هذه الموانع. وينبغي ايضاً ان تكون عاقلة بالغة ، رشيدة.

ولا يصح الزواج بالمراضاة فحسب ، بل لابد من العقد اللفظي الذي يدل بكل صراحة على القصد. فـ « صيغة زواج المتعة ، اللفظ الذي وضعه الشرع للايجاب كزوجتك وانكحتك ومتعتك ، ايها حصل وقع الايجاب به ، ولا ينعقد بغيرها ، كلفظ التمليك والهبة والاجارة ، ويقع القبول باللفظ الدال على الانشاء كقوله : قبلت النكاح » (١).

وينشر الزواج الدائم والمنقطع الحرمة بالمصاهرة ، فلا يجمع بين الاختين ، وتحرم على الزوج بنت الزوجة واُمها ، وتحرم زوجة الاب على الابن ، وزوجة الابن على الاب مؤبداً ، كما ذكرنا ذلك سابقاً في المحرمات.

اما الولد فانه يلحق بالزوج بمجرد الجماع حتى ولو عزل. وللولد سائر الحقوق المادية والادبية من حيث الارث والنفقة. ففي الحديث « ان الامام جعفر بن محمد (ع) سُئِل عن المرأة المتمتع بها ان حبلت؟ قال : هو ولده » (٢).

__________________

١ ـ الجواهر : ج ٣٠ ص ١٥٤.

٢ ـ التهذيب : ج ٢ ص ١٩١.


اما المهر فيصح بكل ما يقع عليه التراضي عملاً بالآية الكريمة : ( ... واَتيتُم اِحداهُنَّ قِنطاراً فَلا تَأخُذُوا مِنهُ شَيئاً ) (١). واذا طلق زوجته او وهب لها المدة قبل الدخول يثبت لها نصف المهر المسمى.

واجمع الفقهاء ايضاً على ان الزواج الدائم والمنقطع يفترقان في ذكر الاجل ، وتحديد المهر ، والعدة ، والتوارث ، والنفقة.

فلابد في الزواج المنقطع من ذكر الاجل في متن العقد ، ودليله الرواية الواردة عن ائمة اهل البيت (ع) : ( واذا سمي الاجل فهو متعة ، وان لم يسم فهو نكاح ثابت ) (٢). وكذلك يجب تحديد المهر في العقد المنقطع لانه ركن من اركان العقد للنص الشريف : ( لا تكون متعة الا بأمرين : اجل مسمى ، واجر مسمى ) (٣).

وتعتد الزوجة المطلقة اذا دخل الزوج بها ، سواء كان الزواج دائمياً او منقطعاً. فالدائمة عدتها ثلاث حيضات ، او ثلاثة اشهر ، وان كانت حاملاً فعدتها وضع الحمل. والمنقطعة عدتها بعد انقضاء الاجل حيضتان او خمسة واربعين يوماً ، وان كانت حاملاً فعدتها وضع الحمل. وعدة الوفاة ، مع عدم الحمل ، اربعة اشهر وعشرة ايام للدائمة والمنقطعة سواء دخل الزوج ام لم يدخل. اما مع الحمل ، فالعدة بأبعد الاجلين.

واختلف الفقهاء في توارث الزوجين في المنقطع ، فذهب جماعة الى عدم التوارث الا مع الشرط ، لقوله (ع) : ( ان اشترطا الميراث فهما على

__________________

١ ـ النساء : ١٩.

٢ ـ الكافي : ج ٢ ص ٤٤.

٣ ـ التهذيب : ج ٢ ص ١٨٩.


شرطهما ) (١) ، لان عقد الزواج لا يقتضي بطبيعته التوارث ولا العدم ، واذا حصل الشرط وجب حينئذٍ العمل به.

اما النفقة فهي واجبة في الدائم ، ولكنها لا تجب في المنقطع الا مع الشرط.

وبالجملة فان حقوق الزوجة الدائمة والمنقطعة ثابتة الا ما خرج بالدليل. و « حكم الزواج المنقطع كالدائم في جميع ما سلف من الاحكام شرطاً وولاية وتحريماً بنوعيه [ العيني كالاخت والام ، والجمعي كالجمع بين الاختين ] الاّ ما استثني » (٢). وقد ورد في الحديث عن الامام الصادق (ع) عندما سئل عن المتعة ، فقال : ( حلال فلا تتزوج الا عفيفة ، ان الله عز وجل يقول : ( وَالَّذينَ هُم لِفُرُوجِهِم حافِظُونَ ) (٣) ) (٤). وفي حديث آخر : ( لا ينبغي لك ان تتزوج الاّ بمأمونة او مسلمة ، فان الله عز وجل يقول : ( الزَاني لا يَنكحُ اِلاّ زانِية اَو مُشرِكَة وَالزّانِيَة لا يَنكِحُها اِلاّ زانٍ اَو مُشرِك وَحُرِّم ذلِكَ عَلى المُؤمِنينَ ) (٥) ) (٦).

ولاشك ان الزواج المؤقت يمثل في الظروف الاستثنائية خطوة اولية نحو الزواج الدائم ، لان الانشداد الذي يحصل بين الزوجين خلال فترة العقد الاستثنائي لايمكن فصمه بسهولة. ويعضد هذا القول ما ورد في رواية ابي بصير عن الامام ابي جعفر (ع) انه كان يقرأ ( فَمااستَمتَعتُم بِهِ مِنُهنَّ

__________________

١ ـ التهذيب : ج ٢ ص ١٩٠.

٢ ـ شرح اللمعة : ج ٥ ص ٢٨٤.

٣ ـ المؤمنون : ٥.

٤ ـ التهذيب : ج ٢ ص ١٨٧.

٥ ـ النور : ٣.

٦ ـ الكافي : ج ٢ ص ٤٤.


فاَتوهُنَّ اُجُورَهُنَّ فَريضَة وَلا جُناحَ عَلَيكُم فيما تَراضَيتُم بِهِ مِنَ بَعدِ الفَريضَة ) (١). فقال : ( هو ان يتزوجها الى اجل ثم يحدث [ الله ] شيئاً بعد الاجل ) (٢).

ملحق : في النكاح المنقطع للشهيد الثاني

«لاخلاف بين فقهاء الامامية في شرعيته مستمراً الى الآن ، او لا خلاف بين المسلمين في اصل شرعيته وان اختلفوا بعد ذلك في نسخه. والقرآن الكريم مصرّح به في قوله تعالى : ( فَما استَمتَعتُم بِهِ مِنهُنَّ فاَتوهُنَّ اُجُورَهُنَّ ) (٣) اتفق جمهور المفسرين على ان المراد به نكاح المتعة ، واجمع اهل البيت : على ذلك وروي عن جماعة من الصحابة منهم ابي بن كعب ، وابن عباس ، وابن مسعود انهم قرأوا ( فما استمتعتم به منهن الى اجل مسمى ) (٤).

ودعوى نسخه ، اي نسخ جوازه من الجمهور لم تثبت ، لتناقض رواياتهم بنسخه ، فانهم رووا عن علي 7 ان رسول الله 6 نهى عن متعة النساء يوم خيبر ، ورووا عن ربيع بن سبرة عن ابيه انه قال : شكونا العزبة في حجة الوداع فقال : « استمتعوا من هذه

__________________

١ ـ النساء : ٢٤.

٢ ـ تفسير العياشي : ج ١ ص ٢٣٤.

٣ ـ النساء : ٢٤.

٤ ـ شرح مسلم للنووي : ج ٩ ص ١٧٩.


النساء » فتزوجت امرأة ثم غدوت على رسول الله (ص) وهو قائم بين الركن والباب وهو يقول : ( اني كنت قد اذنت لكم في الاستمتاع الا وان الله قد حرمها الى يوم القيامة ) (١).

ومن المعلوم ضرورة من مذهب علي واولاده عليهم الصلاة والسلام حلها وانكار تحريمها بالغاية ، فالرواية عن علي 7 بخلافه باطلة. ثم اللازم من الروايتين ان تكون قد نسخت مرتين ، لان اباحتها في حجة الوداع اولاًناسخة لتحريمها يوم خيبر ولا قائل به. ومع ذلك يتوجه الى خبر سبرة الطعن في سنده ، واختلاف الفاظه ومعارضته لغيره. ورووا عن جماعة من الصحابة منهم جابر بن عبد الله ، وعبد الله بن عباس ، وابن مسعود ، وسلمة بن الاكوع ، وعمران بن حصين ، وانس بن مالك انها لم تنسخ. وفي صحيح مسلم باسناده الى عطاء قال : ( قدم جابر بن عبد الله معتمراً فجئناه في منزله فسأله القوم عن اشياء ثم ذكروا المتعة فقال : نعم استمتعنا على عهد رسول الله (ص) وابي بكر وعمر ) (٢). وهو صريح في بقاء شرعيتها بعد موت النبي (ص) من غير نسخ. وتحريم بعض الصحابة ، وهو عمر ، اياه تشريع من عنده مردود عليه ، لانه ان كان بطريق الاجتهاد فهو باطل في مقابلة النص اجماعاً ، وان كان بطريق الرواية فكيف خفي ذلك على الصحابة اجمع في بقية زمن النبي وجميع خلافة ابي بكر وبعض خلافة المُحَرِّم [ وهو عمر ] ، ثم يدل على ان تحريمه من عنده لا بطريق الرواية ، قوله ، في الرواية المشهورة عنه بين الفريقين : ( متعتان كانتا في عهد رسول الله (ص) حلالاً انا انهى عنهما

__________________

١ ـ صحيح مسلم : ج ٤ ص ١٣٢.

٢ ـ صحيح مسلم : ج ٤ ص ١٣٤.


واعاقب عليهما ) (١) ولو كان النبي (ص) قد نهى عنهما في وقت من الاوقات لكان اسناده اليه (ص) اولى وادخل ي الزجر. وروى شعبة عن الحكم بن عتيبة ـ هو من اكابر القوم ـ قال : سألته عن هذه الآية : ( فما استمتعتم به منهن ) أمنسوخة هي؟ قال : ( لا) ثم قال الحكم : قال علي بن ابي طالب (ع) : لو لا عمر نهى عن المتعة ما زنى الاشقي. وفي صحيح الترمذي ان رجلاً من اهل الشام سأل بن عمر عن متعة النساء فقال : ( هي حلال ، فقال : ان اباك قد نهى عنها ، فقال ابن عمر : أرايت ان كان ابي قد نهى عنها وقد سنّها رسول الله (ص) أتترك السنة وتتبع قول ابي ) (٢).

واما الاخبار بشرعيتها من طريق اهل البيت (ع) فبالغة ، او كادت ان تبلغ حد التواتر لكثرتها » (٣).

__________________

١ ـ احكام القرآن للجصاص : ج ٢ ص ١٨٤.

٢ ـ صحيح الترمذي : ج ٣ ص ١٨٤.

٣ ـ شرح اللمعة الدمشقية : ج ٥ ص ٢٤٥.


العيوب الموجبة للخيار

بين فسخ العقد وامضائه

ومن اجل بناء اسرة فاضلة ، وتشكيل زواج ناجح ومستقر ، فلابد من معالجة العيوب التي يكتشفها الزوجان بعد اجراء العقد. ولما كان الاصل في الزواج استقرار العائلة بما فيها من زوجين ومن فروع واصول ، كان لابد ايضاً من معالجة المشاكل الجسدية الخطيرة ، معالجة حاسمة وفورية ، مع ضمان حقوق الزوج والزوجة بشكل تام. فالعيوب الموجبة للخيار بين فسخ العقد وامضائه ، هي العيوب التي يكتشفها احد الزوجين في الآخر بعد اتمام العقد مثل الاضطراب العقلي ( الجنون ) ، والخصاء ، والجب ، والعنن بالنسبة للرجل فيثبت الخيار للمرأة. والاضطراب العقلي والبرص ، والجذام ، والعمى ، والعرج ، والقرن ، والعفل ، والافضاء ، والرتق بالنسبة للمرأة فيثبت الخيار للرجل. ويثبت خيار الفسخ على الفور ، باتفاق الفقهاء. فاذا لم يبادر الزوج او الزوجة الى الفسخ لزم العقد. ولا يعتبر اذن الحاكم الشرعي في الفسخ ، لان الادلة التي دلت على جواز الفسخ مطلقة وغير مقيدة باذن الحاكم.

ويتباين الفسخ عن الطلاق في عدة مواضع. فيصبح الفسخ من غير شهود ، ولا يتطلب طهر المرأة ، وليس لها من المهر شيء قبل الدخول الاّ في حالة العنن ، ولا يعتبر الفسخ من التطليقات الثلاث. اما الطلاق فلا يصح الا بشاهدين ، وان تكون المرأة في طهر لم يواقعها فيه ، وتحتسب من التطليقات


الثلاث ، ولها نصف المهر قبل الدخول.

والاضطراب العقلي او الجنون من العيوب المشتركة بين الرجل والمرأة ، فاذا تبين لها الجنون بعد العقد فلها الفسخ للرواية المروية عن الامام (ع) عندما سُئل عن امرأة يكون لها زوج قد اصيب في عقله بعد ان تزوجها؟ فقال : ( لها ان تنزع نفسها منه ان شاءت ) (١). ورواية اخرى بشأن الزوجة : ( انما يرد النكاح من البرص والجذام والجنون والعفل ) (٢). والمشهور بين الفقهاء ان للمرأة حق الفسخ اذا علمت ان زوجها اصيب بالجنون قبل العقد او بعده ، اما الرجل فيحق له الفسخ اذا علم ان زوجته اصيبت بجنون سابق على العقد دون اللاحق. بمعنى ان الزوجة اذا اصابها الجنون بعد اجراء العقد والدخول لفترة ، فلا يحق للزوج اجراء الفسخ ، بل يحق له طلاقها. و « هذا هو المشهور شهرة عظيمة كادت ان تكون اجماعاً ، لاستصحاب اللزوم الذي هو مقتضى الاصل في العقود ، وامكانية انجبار الضرر بالطلاق منه » (٣). واذا تم الفسخ بعد الدخول فلها المهر وعليها العدة ، واذا تم قبل الدخول فلا مهر ولا عدة للمرأة. واذا رضي احدهما بالعيب قولاً او فعلاً فلا يجوز له ان يعدل ويفسخ بعد ذلك.

اما الخصاء فهو سل الانثيين او رضهما ، والخصي يولج ويبالغ ولكنه لا ينزل. والجب هو قطع ذكر الرجل بشكل تام. وفي كلا الحالتين يكون الخيار للمرأة الجاهلة بحاله في فسخ الزواج او امضائه. وانما اُلحِقَ الجب

__________________

١ ـ الكافي : ج ٢ ص ١٢٦.

٢ ـ التهذيب : ج ٢ ص ٢٣٢.

٣ ـ الجواهر : ج ٣٠ ص ٣٢٠.


بالخصاء لانه اقوى عيباً من الخصاء ، لقدرة الخصي على الجماع اجمالاً. وقيل ان الخصاء والجب اذا حصلا بعد العقد يثبت الخيار للمرأة ايضاً لصحيحة ابي بصير ، قال : ( سألت ابا عبد الله (ع) عن امرأة ابتلي زوجها ، فلا يقدر على جماع ، أتفارقه؟ قال : نعم ، ان شاءت ) (١).

والعنن عيب تتسلط المرأة بسببه على الفسخ لا فرق ان كان قبل عقد والزواج او بعده. وهو مرض تضعف معه القوة عن نشر العضو بحيث يعجز عن الايلاج ، بمعنى انه داء يعجز معه الرجل عن الجماع اطلاقاً. الا ان المشهور بين الفقهاء انه لا خيار لها لقوله (ع) : ( ان عليا (ع) كان يقول : اذا تزوج الرجل امرأة فوقع عليها وقعة واحدة ، ثم اعرض عنها فليس لها الخيار ، لتصبر فقد ابتليت ) (٢). ولكن الشيخ المفيد وجماعة ذهبوا الى « ان لها الفسخ ايضاً ، للاشتراك في الضرر الحاصل باليأس من الوطء ، واطلاق الروايات بثبوت الخيار للمرأة من غير تفصيل » (٣). واذا ثبت العنن فان صبرت عالمة بالعنن وبان لها الخيار فلا خلاف في عدم الخيار لها بعد ذلك اذا ارادته ، لانه حق يسقط بالاسقاط ، و « لقول الامام (ع) : متى اقامت المرأة مع زوجها بعدما علمت انه عنين ، ورضيت به لم يكن لها خيار بعد الرضا » (٤). واذا لم تصبر على العنن رفعت امرها الى الحاكم الشرعي ، الذي ينبغي ان يؤجله بدوره سنة كاملة من حين المرافعة ، وعليها ان تسكن مع الزوج خلال فصول السنة لاحتمال تأثير المناخ من حرارة او برودة على العنن. واذا

__________________

١ ـ الكافي : ج ٢ ص ٣٠.

٢ ـ الاستبصار : ج ٣ ص ٢٥٠.

٣ ـ المسالك ـ كتاب النكاح.

٤ ـ الجواهر : ج ٣٠ ص ٣٢٥.


واقعها خلال السنة فلا خيار لها ، واذا لم يواقعها يحق لها الفسخ بالاجماع والنص.

والعيوب الموجبة للفسخ المتعلقة بالمرأة هي : البرص والجذام وهما من الامراض المعدية ، والعمى ، والعرج. فاذا كانت المرأة مصابة بهذه العيوب وكان الرجل جاهلاً بها قبل العقد ، حق له حينئذٍ الفسخ. اما القرن والعفل وهي زوائد لحمية في الفرج ، والافضاء وهو اختلاط المسلكين ، والرتق وهو انسداد الفرج ، فانها تؤدي الى تعسر الجماع ، ولذلك فقد الحقها الفقهاء بالعيوب ايضاً. فقد ورد في الرواية ان الامام جعفر بن محمد (ع) عندما سُئِل عن رجل تزوج امرأة فوجد بها قرنا! قال : ( هذه لاتحبل ، وينقبض زوجها من مجامعتها ، وترد على اهلها. قال السائل : فان كان دخل بها؟ قال : ان كان علم قبل ان يجامعها ثم جامعها فقد رضي بها ، وان لم يعلم الا بعد ما جامعها فان شاء امسكها ، وان شاء سرّحها الى اهلها ، ولها ما اخذت منه [ أي من المهر ] بما استحل من فرجها ) (١).

__________________

١ ـ الكافي : ج ٢ ص ٣٠.


الخيار بالتدليس

والتدليس هو التمويه باخفاء نقص او عيب موجود ، او ادّعاء كمال غير موجود اصلاً ، قبل العقد. فقد يكون النقص او العيب ، جسديا كالعمى في العينين او في عين واحدة مثلاً ، وادعاء الكمال كادعاء المكانة الاجتماعية والشرف او البكر والشباب. وقد يكون الزوج هو المدلس ، وقد تكون الزوجة هي المدلسة. فاذا كان الامر كذلك ، جاز الفسخ بسبب التدليس.

ويحصل خيار فسخ الزواج في حالات اخرى لتخلف الشروط ؛ ومنها : ان تكون صفة عدم النقص او الكمال من شروط العقد ، مثل قول المرأة : زوجتك نفسي بشرط ان تكون سليماً من الامراض السارية. او قول الرجل : تزوجتك بشرط ان تكوني باكراً. ومنها : ان يكون عدم النقص والكمال وصفاً لا شرطاً ، كقوله : زوجتك موكلتي فلانة بنت فلان البكر. ومنها : ان يكون العقد مبنياً على اساس عدم النقص ، كأن يذكر الكمال وعدم النقص في حديثه عن الزواج. وفي هذه الحالات يحصل الخيار لتخلف الشروط لا للتدليس.

واذا حصل الفسخ فانه يجب ان يكون فورياً ، لان سكوت الزوج بعد العلم لا يبيح له الفسخ بعد ذلك. وقد اختلف الفقهاء في ثبوت الخيار للزوجة المخدوعة بالتدليس. فقال بعضهم ان لها حق الفسخ واستدلوا على ذلك برواية محمد بن مسلم التي تجيز للمرأة الفسخ اذا تزوجت برجل بناءً على انه حر فبان لها انه مملوك ( قال سألت الامام ابا عبد الله (ع) عن امرأة حرة تزوجت مملوكاً على انه حر ، فعلمت بعد انه مملوك؟ فقال : هي املك بنفسها


ان شاءت قرت [ اقامت ] معه ، وان شاءت فلا ، فان كان دخل بها فلها الصداق ، وان لم يدخل بها فليس لها شيء ، فان هو دخل بها بعد ما علمت انه مملوك وأقرت بذلك فهو املك لها ) (١).

واذا حصل التدليس على الزوج من قبل طرف ثالث ، فلا يفسخ العقد وانما يؤخذ المهر من الذي زوّجها ، حيث « يرجع الزوج بالمهر على المدلس ان كان ، والاّ فلا رجوع ، ولو كانت هي المدلسة رجع عليها الاّ بأقل ما يمكن ان يكون مهراً ، وهو اقل متمول على المشهور » (٢). وقد ورد في بعض الروايات ان الامام جعفر بن محمد (ع) سُئِل عن رجل ولّته امرأة امرها ، او ذات قرابة ، او جارة لها ، لا يعلم دخيلة امرها ، فوجدها قد دلست عيباً هو بها؟ قال (ع) : ( يؤخذ المهر منها ، ولا يكون على الذي زوّجها شيء ) (٣). وفي رواية اخرى : ( في كتاب علي (ع) من زوّج امرأة فيها عيب دلسه ، ولم يبين ذلك لزوجها ، فانه يكون لها الصداق بما استحل من فرجها ، ويكون الذي ساق الرجل اليها على الذي زوّجها ولم يبين ) (٤). اي يكون المهر على الذي زوّجها ولم يبين.

__________________

١ ـ من لا يحضره الفقيه : ج ٢ ص ١٤٦.

٢ ـ اللمعة الدمشقية : ج ٥ ص ٣٩٥.

٣ ـ الكافي : ج ٢ ص ٢٩.

٤ ـ التهذيب : ج ٢ ص ٢٣٤.


الصداق

وحتى يتكامل الضمان الحقوقي المدني للزوجة مع الضمان المالي ، فقد اعتبر الصداق جزءاً من الصفقة الحقوقية التي تستلمها الزوجة عند العقد فالنفقة الواجبة والصداق وحقوق الأمومة والأرث ونحوها تشكل الاركان الرئيسية لتلك الصفقة. اذن ، فالصداق هو الضمان المالي الذي شرعه الاسلام لمصلحة المرأة ، وصيانتها في حالتي استقرار الزواج او فشله. ويعتبر من حقوق الزوجة نصّاً واجماعاً ، لقوله تعالى : ( فاَتوا النِّساءَ صَدُقاتهنّ نِحلَة ... ) (١) ، الا انه لا يعتبر شرطاً في صحة عقد الزواج ولا يعتبر ركناً من اركانه. وهو على انواع ثلاثة : المهر المسمى ، ومهر المثل ، والتفويض.

والمهر الذي تراضى عليه الزوجان وسمياه في متن العقد هو ( المهر المسمى ) الذي لا حدّ لأقلّه ولا حدّ لأكثره ، للنص المجيد : ( وَاِن اَرَدتُم استِبدالَ زَوجٍ مَكانَ زَوجٍ وَآتَيتُم اِحداهُنَّ قِنطاراً فَلا تَأخُذُوا مِنهُ شَيئا ) (٢) ، والرواية المروية عن الامام ابي جعفر (ع) : ( الصداق كل شيء تراضى عليه الناس قلّ او كثر ) (٣). والمندوب شرعاً ان لا يزيد عن مهر السنّة وهو خمسمائة درهم فضة.

ويشترط في المهر ان يكون حلالاً ، ومتقوماً بمال عرفاً وشرعاً ، فلا يصح تسمية ما لا يصح تملكه كالخمرة ونحوها. واذا سمى لها ما لا يصح

__________________

١ ـ النساء : ٤.

٢ ـ النساء : ١٩.

٣ ـ من لا يحضره الفقيه : ج ٩ ص ٢١.


تملكه ، فالمشهور بطلان المهر وصحة العقد ، وثبوت مهر المثل لها مع الدخول ويشترط في المهر ايضاً ان يكون معلوماً على الصعيد العرفي بشكل من الاشكال كالذهب والفضة ، ويتعين على الزوج اقل ما يتمول. بل « هو كلما يصح ان يملكه المسلم عيناً كان او منفعة لعقار او حيوان او انسان ، للاصل وللروايات المعتبرة المستفيضة في تحديد الصداق بما تراضيا عليه » (١). والاصل ان عقد الزواج لا يقصد منه المعاوضة التي لا بد فيها من العلم الرافع للغرر.

و « كل ما جاز ثمناً في البيع او اجرة في الاجارة من العين والدين والحال والمؤجل والقليل والكثير ، ومنافع الحر والعبد وغيرهما ، جاز ان يكون صداقاً. وقد روى الدارقطني باسناده قال : قال رسول الله (ص) : انكحوا الايامى وادوا العلائق ، قيل : ما العلائق يا رسول الله؟ قال : ما تراضى عليه الاهلون ، ولو قضيباً من اراك. ورواه الجورجاني. وبهذا قال مالك والشافعي ، وقال ابو حنيفة : منافع الحر لا تكون صداقاً ، لانها ليست مالاً ، انما قال الله تعالى : ( ان تبتغوا باموالكم ). ولنا قول الله تعالى : ( اني اريد ان انكحك احدى ابنتي هاتين على ان تأجرني ثماني حجج ) والحديث الذي ذكرناه ، ولانها منفعة يجوز العوض عنها في الاجارة ، فجازت صداقاً كمنفعة العبد ، وقولهم : ليست مالاً ، ممنوع فانها تجوز المعاوضة عنها وبها ان لم تكن مالاً فقد اجريت مجرى المال في هذا ، فكذلك في النكاح » (٢).

واذا أهمل العاقد ذكر المهر ، ولم يشترط عدمه ثبت للمرأة « مهر

__________________

١ ـ الجواهر : ج ٣١ ص ٣.

٢ ـ المغني لابن قدامة : ج ٧ ص ١٣٩.


المثل » مع الدخول. ومهر المثل ، هو ما تعارف عليه الناس من صداق النساء ، كما ورد جواب الامام جعفر بن محمد (ع) عندما سُئِل عن رجل تزوج امرأة ولم يفرض لها صداقاً ، ثم دخل بها؟ قال : « صداق نسائها » (١). و « المعتبر في مهر المثل حال المرأة في الشرف والجمال وعادة نسائها والسن والبكارة والعقل واليسار والعفة والادب واضدادها. وبالجملة ما يختلف به الغرض والرغبة اختلافاً بيناً » (٢).

واذا طلقها قبل الدخول ، وفي حالة عدم الاشارة الى المهر في العقد ، فليس لها مهر لانه لم يذكر في العقد ، ولكن لها هدية يقدمها الرجل للمرأة بناسب مع وضعه المالي ، سماها القرآن « المتعة » لقوله تعالى : ( لاجُناحَ عَلَيكُم اِن طَلَّقُتم النِّساءَ ما لَم تَمَسُّوهُنَّ اَو تَفرضُوا لَهُنَّ فَريضَة وَمَتِّعُوهُنَّ عَلى المُوسِع قِدَرُه وَعَلى المُقتِرِ قَدَرُه مَتاعاً بِالمَعُروفِ حَقّاً عَلى المُحسِنين ) (٣). ويشرح هذا النص الشريف حديث للامام جعفر بن محمد (ع) : ( اذا طلق الرجل امرأته قبل ان يدخل بها فلها نصف المهر ، وان لم يكن لها عدة ، تتزوج ان شاءت من ساعتها ) (٤).

واجمع الفقهاء على انه اذا تزوجها على كتاب الله وسنة نبيه ، ولم يسمّ لها مهراً فلا تستحق مهر المثل ، بل يكون لها مهر السنّة ، للرواية المروية عن الامام (ع) عندما سُئِل عن رجل يتزوج امرأة ، ولم يسم لها مهراً ، وكان

__________________

١ ـ الكافي : ج ٢ ص ٢٢.

٢ ـ الجواهر : ج ٣١ ص ٥٢.

٣ ـ البقرة : ٢٣٦.

٤ ـ من لا يحضره الفقيه : ج ٢ ص ١٦٥.


الكلام : اتزوجك على كتاب الله وسنة نبيه « ص » ، فمات عنها ، او اراد ان يجخل بها ، فما لها من المهر؟ قال : ( مهر السنة ) (١).

ويثت مهر المثل في حالات منها ، اولاً : اذا تبين فساد العقد لسبب من اسباب التحريم ولم يكن قد سمى لها مهراً في متن العقد. ثانياً : اذا جرى العقد على ما لا يملك شرعاً. ثالثاً : اذا اكره امرأة على الزنا ، يثبت لها مهر المثل ، ويقتل الغاصب كما فصلّنا ذلك في كتاب ( الانحراف الاجتماعي واساليب العلاج في الاسلام ).

اما « مهر التفويض » ، فهو على قسمين : الاول : تفويض المهر ، وهو اجراء العقد وتفويض تعيين المهر للزوج او الزوجة. الثاني : تفويض البضع ، وهو اجراء العقد من غير ذكر المهر ، ولها مهر المثل مع الدخول.

وفي تفويض المهر ، اذا ترك التعيين الى الزوج فللزوجة القبول بحكمه مهما كان مبلغ المهر ، وان كان التعيين لها فعليها ان لا تتجاوز مهر السنة. وكيف لم تجز حكمها عليه ، وأجزت حكمه عليها؟ قال الامام (ع) : « لانه حكّمها ، فلم يكن لها ان تجاوز ما سن رسول الله (ص) ، وتزوج عليه نساءه ، فرددتها الى السنة ، ولانها هي حكّمته ، وجعلت الأمر اليه في المهر ، ورضيت بحكمه في ذلك ، فعليها ان تقبل حكمه قليلاً كان او كثيراً » (٢).

واذا اشترطت الزوجة على زوجها شيئاً زائداً يدفعه لابيها اضافة الى المهر ، ورضي هو بالشرط ، كان عليه ان يفي بذلك لان المؤمنين عند شروطهم ما لم تحلل حراماً ، او تحرم حلالاً. وهذا الشرط لا ينافي مقتضى

__________________

١ ـ التهذيب : ج ٢ ص ٢٢٧.

٢ ـ الكافي : ج ٢ ص ٢١


العقد ، ولايخالف النصوص الشرعية. اما اذا عين مبلغ المهر ثم عين لابيها مبلغا آخر ، صح المهر وسقط ما سماه لابيها ، « بلا خلاف ، بل عن الغنية الاجماع عليه ، والاصل في ذلك صحيح الوشا عن الامام الرضا (ع) : لو ان رجلاً تزوج امرأة ، وجعل مهرها عشرين الفا ، وجعل لابيها عشرة الاف كان المهر جائزاً ، والذي جعله لابيها فاسداً » (١). ولا يجوز للاب ان يأخذ صداق ابنته لاغراضه الشخصية للروايات الواردة عن ائمة اهل البيت (ع) ومنها رواية عن الرجل يزوج ابنته ، أله ان يأكل صداقها؟ قال الامام (ع) : ( لا ليس له ذلك ) (٢).

ويجوز تأجيل المهر او تعجيله كلاً او بعضاً ، لاجل معين ظاهر كسنة مثلاً ، او لاجل معين غير ظاهر ولكنه واقع ، كأحد الاجلين : الموت او الطلاق. واذا كان المهر المسمى معجلاً ثم رضيت الزوجة بتأجيله الى أمد قيل يجوز لها العدول اذا لم يؤخذ الرضا بالتأجيل شرطاً. فاذا « اجّل الحال فلا يلزم ، كما في المبسوط والخلاف والسرائر والشرائع والنافع والتذكرة والتبصرة والتحرير والارشاد والدروس والميسية والمسالك والكفاية ، وفي هذا الكتاب انه المشهور بين الفقهاء ... اذ ليس ذلك بعقد يجب الوفاء ، بل وعد يستحب الوفاء به ، ولا فرق بين ان يكون مهراً او غيره » (٣).

والمشهور ان المرأة تملك صداقها بالعقد وان لم يدخل ، وتفصيل ذلك انها تملك نصف المهر قبل الدخول ، ويثبت لها المهر كاملاً بعد الدخول ،

__________________

١ ـ الجواهر : ج ٣١ ص ٢٧.

٢ ـ التهذيب : ج ٢ ص ٢١٧.

٣ ـ مفتاح الكرامة : ج ٥ ص ٥٥.


للنص الشريف عن ائمة اهل البيت (ع) : ( لا يوجب المهر الا الوقاع في الفرج ) (١) ، و « هذه الرواية يراد بها نفي احتمال ثبوت المهر كاملاً بالخلوة ، وهو غير بعيد لان سياقها يدل على ذلك » (٢). و « يستحب للرجل أن لا يدخل بامرأته حتى يقدم لها مهرها. فان لم يفعل ، قدم لها شيئاً من ذلك ، او من غيره من الهدية ليستبيح به فرجها ، ويجعل الباقي ديناً عليه » (٣).

ومتى قبضت المهر فلا يحق لها الامتناع ، لان الامتناع يعد نشوزاً تسقط نفقتها معه. واذا عجز الزوج عن المهر فلا يسقط حقها في النفقة ، ولا في الامتناع عنه قبل الدخول : لان العجز عن الحق لا يسقطه ، بل يوجب العذر وانتظار الميسرة.

وذهب اكثر الفقهاء ان اختلاف الرجل بزوجته مع عدم الدخول ، لا اثر له على الصداق ، لقوله تعالى : ( لا جُناحَ عَلَيكُم اِن طَلَّقتُم النِّساءَ ما لَم تَمَسُّوهُنَّ ) (٤) ، والمراد بالمس هنا ، الوطء باجماع المفسرين. والرواية المروية عن الامام (ع) حجة ايضاً ، عندما سُئِل عن رجل تزوج امرأة ، فاغلق باباً او ارخى ستراً ،، ولمس وقبّل ، ثم طلقها ، أيوجب عليه الصداق؟ قال : ( لا يوجب الصداق ، الا الوقاع ) (٥). وفي رواية اخرى : ( اذا التقى الختانان وجب المهر والعدة والغسل ) (٦). فالاصل الذي يترتب عليه دفع المهر ، ومراعاة

__________________

١ ـ التهذيب : ج ٢ ص ٢٤٣.

٢ ـ الجواهر : ج ٣١ ص ١٠٨.

٣ ـ النهاية : ص ٤٧٠.

٤ ـ البقرة : ٢٣٦.

٥ ـ الكافي : ج ٢ ص ١١٤.

٦ ـ الكافي : ج ٢ ص ١١٤


العدة هو الدخول وليس مجرد الاختلاء.

واذا تنازع الزوجان على متاع البيت ، قبل الطلاق أو بعده ، قال اكثر علماء الامامية ان ما يصلح للرجال من الالبسة ونحوها فهو للزوج مع يمينه ، وما يصلح للنساء كحليهن وملابسهن فهو للزوجة مع يمينها ، وما يصلح للاثنين كالاواني والفرش فهو بينهما ، « يحلف كل واحد منهما لصاحبه ويكون بينهما نصفين » (١). وقيل ايضاً بتسلط اليد ، فان كان لاحد الزوجين يد غالبة على ذلك المتاع كان صاحب اليد منكراً ، والآخر مدعياً ، فاذا تنازعا في حلية استعملتها الزوجة كان القول قولها مع اليمين ، لتسلط يدها عليه ، لا لأنها مختصة بالنساء.

وبالاجمال ، فان صداق الزوجة هو جزء لا يتجزأ من حقوقها المالية ، التي تعتبر ضماناً لاستقلالها المالي في حالات الطلاق ، او وفاة الزوج ، او حتى في الحالات الطبيعية مع وجود الزوج. ولاشك ان هذا الاستقلال المالي يحفظ للزوجة شخصيتها وكيانها ، على عكس الزوجة في النظام الغربي التي لا تستلم شيئاً من المال خلال اجراء العقد ، مما تضطر الى العمل خارج البيت لانشاء كيانها المالي المستقل.

__________________

١ ـ المبسوط : ج ٨ ص ٣١٠.


احكام النسب في الشريعة

ولما كان النسب من اهم اسس تثبيت النظام الاجتماعي ، لتعلقه بالابوة والبنوة والزوجية والارحام والولاية والنفقة والارث ، كان الاهتمام به من قبل رسالة السماء امراً طبيعياً وضرورياً. فيلحق المولود ، على الصعيد الشرعي ، بسبب الفراش لا مجرد العقد لقوله (ص) : ( الولد للفراش ، وللعاهر الحجر ) (١). والمراد بالفراش هو افتراش الزوجة ، والحديث المروي عن رسول الله (ص) الآنف الذكر بيان لقوله تعالى : ( هُنَّ لِباسٌ لَكُم وَاَنتُم لِباسٌ لَهُن ) (٢).

وقد تسالم الفقهاء على قاعدة « امكان الالحاق » المذكورة سابقاً ، وظاهرها انه كل ما امكن ان يلحق الولد بالزوج يجب ان يلحق به في ظاهر الشرع. فلا يحتاج الحاكم الشرعي في قضائه بلحوق الولد الى اثبات. وذكروا ان من شروط الالحاق :

اولاً : ان يدخله ، وينزل في داخل الفرج.

ثانياً : ان لا يحصل الدخول ، ولكن يريق ماءه على الفرج ، كما جاء في الرواية ان رجلاً اتى أمير المؤمنين علي بن ابي طالب (ع) ، فقال : ان امرأتي هذه حامل ، وهي جارية حدثة ، عذراء ، وحامل في تسعة اشهر ، ولا اعلم الاخيراً ، وانا شيخ كبير ما اقترعتها ، وانها لعلى حالها؟ فقال له علي (ع) :

__________________

١ ـ الكافي : ج ٧ ص ١٦٣.

٢ ـ البقرة : ١٨٧.


( نشدتك الله هل كنت تهريق على فرجها؟ ) (١). وفي رواية اخرى عن أمير المؤمنين (ع) : ( ان للمرأة سمين : سم البول وسم المحيض ، فلعل الشيخ كان ينالها منها ، فسال ماؤه في سم المحيض فحملت منه ، فاسألوا الرجل عن ذلك ، فسئل ، فقال : قد كنت انزل الماء في قبلها من غير وصول اليها بالافتضاض ، فقال امير المؤمنين : الحمل له ، والولد له ) (٢).

ثالثاً : ان يلتقي الختانان كلياً او جزئياً ولكن لايتم الانزال ، حيث « يمكن التولد من الرجل بالدخول ، وان لم ينزل ، ولعله لتحرك نطفة المرأة ، واكتسابها العلوق من نطفة الرجل في محلها ، او غير ذلك من الحِكَم التي لا يحيط بها الاّ رب العزة ، ولذا اطلق ان الولد للفراش المراد به الافتراش فعلاً » (٣).

رابعاً : ان يمضي ستة اشهر من حين الانزال داخلاً او خارجاً ، وهي اقل الحمل ، لقوله تعالى : ( وَحَملُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهراً ) (٤) ، وقوله : ( وَفِصالُهُ في عامَينِ ) (٥) ، فيتعين ان تكون اقل المدة ستة اشهر. ودلت الروايات المروية عن اهل البيت (ع) ان اكثر ما تحمله المرأة من حمل ، تسعة اشهر على الاشهر ، و « قيل عشرة اشهر وهو حسن يعضده الوجدان في كثير ، وقيل سنة ، وهو متروك » (٦). فقد « روى ابن حكيم عن الامام (ع) انه قال في

__________________

١ ـ قرب الاسناد : ص ٧٠.

٢ ـ الارشاد للشيخ المفيد : ص ١١٢.

٣ ـ الجواهر : ج ٣١ ص ٢٢٣.

٤ ـ الاحقاف : ١٥.

٥ ـ لقمان : ١٤.

٦ ـ شرائع الاسلام : ج ٢ ص ٣٤٠.


المطلقة يطلقها زوجها فتقول : انا حبلى ، فبمكث سنة؟ قال الامام : ان جاءت به لاكثر من سنة لم تصدق ، ولو ساعة واحدة في دعواها » (١).

خامساً : ويلحق المولود بالزوج ايضاً بسبب وطء الشبهة ايضاً ، وهو ان يطأ الرجل امرأة تحرم عليه مع جهله بالتحريم. ويقسم الفقهاء الشبهة الى قسمين ؛ الاول : شبهة العقد مع الوطء ، وهو ان يعقد على امرأة ثم يتبين فساد العقد لسبب من الاسباب الموجبة للفساد. والثاني : شبهة الوطء من غير عقد، وهي نادراً ما تقع ، ومعناها ان يطأ امرأة من غير ان يكون بينهما عقد صحيح او فاسد ، بل يقاربها باعتقاد الحِل ، ثم يتبين العكس ، كوطء المجنون والسكران والنائم لامرأة اجنبية. ويلحق ولد الشبهة الحاقاً شرعياً بأبيه. وذهب اكثر الفقهاء الى انه « لو تزوج امرأة لظنه انها خالية ، او لظنه موت الزوج ، او طلاقه فبان انه لم يمت ولم يطلق ، ردت على الاول بعد الاعتداد من الثاني ، واختص الثاني بالاولاد مع الشرائط ، سواء استندت في ذلك الى حكم حاكم ، او شهادة شهود ، او اخبار مخبر » (٢).

وادعاء الجهل بالتحريم يقبل من المدعي حتماً ، فاذا قارب امرأة تحرم عليه ، وادعى جهله بالتحريم يقبل قوله بلا بينة او يمين ، وكذلك يقبل ادعاء المرأة بالاشتباه بلا بينة او يمين ، لان الحدود تدرأ بالشبهات.

واللقيط الذي يضمه الفرد الملتقط اليه ، ويكفله مع سائر عياله ، لا يلحق بالملتقط نسباً. ولايكون الالتقاط سبباً للتوارث. وكذلك التبني ، وهو نسبة ولد معروف النسب الى نفسه ، فلا يكون سبباً لفسخ النسب الاصلي او

__________________

١ ـ المسالك ـ كتاب النكاح.

٢ ـ شرائع الاسلام : ج ٢ ص ٣٤٣.


سبباً من اسباب الارث ، لقوله تعالى : ( وَما جَعَلَ اَدعِياءَكُم اَبناءَكُم ذلِكَ قَولُكُم بِاَفواهِكُم وَاللهُ يَقُولُ الحَقَّ وَهُوَ يَهدي السَّبيلَ ، ادعُوهُم لاَبائِهِم هُوَ اَقسَطُ عِندَ الله ) (١). بمعنى ان « ماجعل الله من تدعونه ولداً [ بالتبني ] ، وهو ثابت النسب من غيركم ، ولداً لكم. ان قولكم : الدعي ابن الرجل ، شيء تقولونه بالسنتكم لا حقيقة له عند الله تعالى ، والله يقول الحق الذي يلزم اعتقاده حقيقة ، وهو ان الزوجة لا تصير بالظهار اماً ، والدعي لا يصير بالتبني ابناً. ادعوهم لآبائهم الذين ولدوهم ، وانسبوهم اليهم ، او الى من ولدوا على فراشهم ، هو اقسط عند الله ، اي اعدل عند الله قولاً وحكماً » (٢).

__________________

١ ـ الاحزاب : ٤.

٢ ـ مجمع البيان : ج ٨ ص ١٣١.


الاقرار بالنسب

ومعنى الاقرار شرعاً الاعتراف بحق ثابت ، سواء كان لله كالاقرار بما يوجب الحدود والتعزيرات ، او للناس كالعين او المنفعة او القصاص. و « الاصل في شرعية [ الاقرار ] بعد الاجماع من المسلمين ، او الضرورة ، السنة المقطوع بها » (١) ، لقوله تعالى : ( اَأ قرَرتُم وَاَخَذتُم عَلى ذلِكُم اِصري قالُوا اَقرَرنا ) (٢) ، وقوله (ص) : « اقرار العقلاء على انفسهم جائز [ اي نافذ ] » (٣) ، وقوله (ع) : « لااجيز شهادة الفاسق الاّ على نفسه » (٤).

ويستند الاقرار عموماً على اربعة اسس :

الاول : الصيغة لفظاً او فعلاً ، وهي موكولة للعرف ولاشك ان « ايكال الاقرار الى العرف اولى من التعرض لتحديده ، فانه [ هو ] الذي يميز بين افراده ، حتى انه في القضية الواحدة يجعل قائلها مدعياً من جهة ، ومقراً من جهة اخرى » (٥). و « لما كان الغرض من الاقرار الاخبار عما في الذمة ، او في العهدة فانه لايختص بلفظ معين ، بل كل ما دل على المراد » (٦). ويشترط في صيغة الاقرار التنجيز ، وعدم التعليق ، لان التنجيز اخبار عن حق ثابت ، والتعليق اخبار عن ان الحق لم يثبت بعد.

__________________

١ ـ الجواهر : ج ٣٥ ص ٣.

٢ ـ آل عمران : ٨١.

٣ ـ الوسائل : ج ١٦ ص ١٣٣.

٤ ـ الكافي : ج ٧ ص ٣٩٥.

٥ ـ الجواهر : ج ٣٥ ص ٧.

٦ ـ المسالك ـ كتاب الاقرار.


الثاني : المُقِرّ ، ويشترط فيه العقل والبلوغ ، فـ « لايقبل اقرار [ الصبي ] عند علمائنا ، حتى لو اذن له الولي ، وحتى لو كان مراهقاً ومميزاً ، لانه مسلوب العبارة اقراراً وانشاءً » (١). ويشترط القصد والاختيار والعلم بمدلول الاقرار.

الثالث : المقر له ، ويشترط ان تكون عنده اهلية لثبوت الحق له. وقد اتفق الفقهاء على صحة الاقرار للحمل اذا ولد الجنين حياً بعد ستة اشهر او اكثر من انعقاد النطفة ، فيحصل العلم حينئذٍ بتخلق الجنين عند صدور الاقرار ، حيث يترتب على الاقرار آثار الميراث والوصية.

الرابع : المقر به ، ويشترط فيه ان يكون في طبيعة الاستحقاق كالزوجية ، او ما يوجب الحد ، او دين مثلاً ، وان يكون الشيء المقَرُّ به في يد المقِرِّ وتصرفه.

هذا كله فيما يتعلق بالاقرار عموما. اما الاقرار بالنسب فان اغلب الفقهاء يصنفونه الى نوعين :

الاول : الاقرار ببنوة الصغير ، ويشترط في ثبوت نسب الصغير بالاقرار ان يكون بين المولود والمقر تفاوت معقول في السن كالتفاوت العفي الحاصل بين الاب وابنه. وان يكون الصغير مجهول النسب ، فلا يقبل الاقرار ببنوة صغير منسوب الى فرد آخر من الافراد. وان لا ينازع المقر في اقراره بنوة الصغير منازع آخر ، والاّ حكم بالولد لصاحب البينة ، ومع عدمها يقرع بينهما. وقد وردت روايات صحيحة عن ائمة اهل البيت (ع) بهذا الخصوص ، فقد جاء عن الامام الصادق (ع) انه قال : ( اذا اقر الرجل بالولد ساعة لم ينف عنه ابداً ) (٢). وورد ايضاً انه (ع) سُئِل عن المرأة تسبى من ارضها ، ومعها

__________________

١ ـ التذكرة للعلامة الحلي ـ كتاب الاقرار.

٢ ـ التهذيب : ج ٨ ص ١٨٣.


الولد الصغير ، فتقول : هو ابني ، والرجل يسبى فيلقى اخاه فيقول اخي وليس لهم بينة الا قولهم؟ فقال الامام : ( ما يقول الناس فيهم عندكم؟ قلت : لا يورثونهم لانه لم يكن لهم على ولادتهم بينة وانما هي ولادة الشرك ، فقال (ع) : سبحان الله! اذا جاءت بابنها او ابنتها ، ولم تزل مقرّة به ، واذا عرف أخاه ، وكان ذلك في صحة منهما ، ولم يزالا مقرين بذلك ورث بعضهم من بعض ) (١).

والثاني : الاقرار ببنوة الكبير. فتلاحظ نفس الشروط السابقة المذكورة في الاقرار ببنوة الصغير ، ويضاف اليها انه اذا انكر الكبير لم يثبت النسب بينهما الا بعد ان يقيم المقر البينة. واذا تصادق البالغان على ثبوت النسب ثبت النسب بينهما الى الابد.

ويجوز الاقرار بنسب الميت ، فاذا مات شخص مجهول النسب وادعى شخص آخر ببنوته ولم ينازعه في ذلك احد ، وكان احتمال البنوة قائماً للمقر ، ثبت نسبه للمقر. وذكر الفقهاء انه « لا يعتبر تصديق الصغير ذكراً كان او انثى والمجنون والميت ، بل يثبت نسبهم الى المقر بمجرد اقراره ، لأن التصديق انما يعتبر مع امكانه وهو ممتنع منهما وكذا الميت مطلقاً » (٢).

__________________

١ ـ معاني الاخبار : ص ٢٧٣.

٢ ـ شرح اللمعة للشهيد الثاني : ج ٦ ص ٤٢٣.


النفقة الشرعية

ولما كانت النفقة المالية ضرورية في ثبات واستقرار العائلة في النظام الاجتماعي ، كان لابد للزوج من تحمل مسؤولية الانفاق لانه هو المسؤول شرعاُ عن العمل خارج البيت ، وهو المسؤول شرعاُ عن الانفاق على الزوجة للمعاوضة وعلى الاولاد والابوين للقرابة. ولا شك ان هذا النظام المالي يساهم في استقرار شخصيات الاطفال ، ويساعد على كفاية الاجداد على الصعيد المالي والاجتماعي ، ويساعد على التأكيد على دور الامومة ايضا. فقد اجمع الفقهاء على وجوب نفقة الزوجة الدائمة على زوجها ، حتى لو كانت على درجة من الثراء والغنى ، للنص الحكيم : ( الرِّجالُ قَوَامُونَ عَلى النِّساءِ بِما فَضَّلَ اللهُ بَعضهُم عَلى بَعضٍ وَبِما اَنفَقُوا مِن اَموالِهِم ) (١) ، ( وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن ) (٢) و « المولود له » يعني الزوج ، وضمير ( هن ) يعود على الزوجات. ويفسر ذلك حديث الامام (ع) في حق المرأة على زوجها : ( [ ان ] يشبعها ويكسوها ) (٣). وفي رواية اخرى عن ابي عبد الله (ع) في قول الله عز وجل : ( وَمَن قُدِرَ عليهِ رِزقُهُ فليُنفِق ممّا اَتاهُ اللهُ ) (٤) ، قال : ( اذا انفق الرجل على امرأته ما يقيم ظهرها مع الكسوة ، والا فرّق بينهما ) (٥).

__________________

١ ـ النساء : ٣٣.

٢ ـ البقرة : ٢٣٢.

٣ ـ الكافي : ج ٢ ص ٦١.

٤ ـ الطلاق : ٧.

٥ ـ تفسير العياشي : ج ١ ص ١١٧.


وذهب اكثر الفقهاء الى ان مجرد وقوع العقد لا يوجب النفقة ، بل لابد من ثبوت الطاعة والتمكين والحيض يمنعان من الفراش ، ولكن لا تسقط النفقة بهما ، « بلا خلاف اجده فيه ، بل وفي كل ما امتنع الاستمتاع فيه لعذر شرعي او عقلي ، للاصل وعموم ادلة الانفاق » (١). واذا سافرت الزوجة باذن زوجها فهل تسقط النفقة؟ قال الفقهاء لا تسقط. اما اذا كان السفر جون اذن الزوج ينظر ، فان كان لواجب فلها النفقة ، للمأثور من قوله (ع) : ( لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ). وان كان لغير ذلك تسقط نفقتها.

وتثبت النفقة للمعتدة من طلاق رجعي ، حاملاً كانت ام حائلاً. وكذلك تثبت للمعتدة من طلاق بائن اذا كانت حاملاً فحسب ، كما ورد في كلام الباري عز وجل : ( وَاِن كُنَّ اُولاتِ حَملٍ فَاَنفِقُوا عَلَيهنَّ حَتّى يَضَعنَ حَملَهُنَّ ) (٢). اما المعتدة عدة الوفاة فلا نفقة لها حاملاً كانت ام لا. فقد « ورد بعدم الانفاق عليها اربع روايات معتبرات الاسناد ... وعلى ذلك سائر المتأخرين ، وهو الاقوى » (٣). والمروي عن الامام الصادق سؤال زرارة بن أعين عن المرأة المتوفى عنها زوجها ، هل لها نفقة؟ قال : ( لا ) (٤). والظاهر ان الارث المفترض استحقاقه لها يغني عن تلك النفقة.

واوكل الشرع تحديد النفقة الشرعية للزوجة الى العرف الاجتماعي مع مراعاة الدخل المادي للزوج ، كما ورد في النص القرآني الشريف : ( لِيُنفِق ذُو سعَةٍ مِن سعَتِهِ ، وَمَن قُدِرَ عَلَيهِ رِزقَهُ فَليُنفِق مِمّا آتاهُ

__________________

١ ـ الجواهر : ج ٣١ ص ٣١٢.

٢ ـ الطلاق : ٦.

٣ ـ المسالك ـ باب النفقة.

٤ ـ الكافي : ج ٢ ص ١١٦.


الله وَلا يُكَلِّفُ اللهُ نَفساً اِلاّ ما آتاها سَيَجعَلُ اللهُ بَعدَ عُسرٍ يُسراً ) (١) ، وقوله ايضاً : ( اسكِنُوهُن مِن حَيث سَكنتُم مِن وُجدِكُم ) (٢) ، وقوله في الاشارة الى حقها في السكن مع زوجها باستقلال : ( وَعاشِرُوهُنَّ بِالمَعرُوفِ ) (٣)، ( وَلا تُضارَوهُنَّ لِتُضَيَّقُوا عَلَيهنّ ) (٤). والمتعارف بين الناس ان النفقة تشمل المأكل والملبس والمسكن والعلاج ونفقة الحمل والوضع ، بل كل ما يتعلق بالحياة الاجتماعية الطبيعية التي يقرها العرف العقلائي.

ومع ان اكثر الفقهاء قالوا بعدم ضمان الزوج النفقة المستقبلية لزوجته لانه من باب ضمان ما لايجب ، وهو غير جائز. الاّ ان البعض الآخر قال بأن لها الحق بطلب الضمان. فـ « يجوز ضمان النفقة الماضية للزوجة لانها دين على الزوج ، وكذا نفقة اليوم الحاضر لها. واما النفقة المستقبلة فلا يجوز ضمانها عندهم لانه من ضمان ما لم يجب ولكن لا يبعد صحته لكفاية وجود المقتضي وهو الزوجية ولا دليل على عدم صحة ضمان ما لم يجب بعد ثبوت المقتضي من نص او اجماع وان اشتهر في الالسن ، بل في جملة من الموارد حكموا بصحته » (٥).

هذا كله في حالة قدرة الزوج على الانفاق ، اما « اذا تجدد عجز الزوج عن النفقة ففي تسلط الزوجة على الفسخ قولان : احدهما ، وبه قال ابن الجنيد ، ان لها الخيار ، لقول الامام الصادق (ع) : ان انفق عليها ما يقيم

__________________

١ ـ الطلاق : ٧.

٢ ـ الطلاق : ٥.

٣ ـ النساء : ١٩.

٤ ـ النساء : ٦.

٥ ـ العروة الوثقى : ج ٢ ص ٦٠٤.


حياتها مع كسوة والاّ فرق بينهما ، ولقوله تعالى : ( فامساك بمعروف او تسريح باحسان ) والامساك بلا نفقة خلاف المعروف فيتعين التسريح ، فاذا تعذر صدوره من الزوج فسخ الحاكم لانه ولي » (١).

والنشوز يحجب النفقة : الا انه يكفي في حالة النزاع في الدلالة على اطاعتها له ، ان يقيم البينة على انها سكنت في البيت الذي اسكنها فيه.

ولا يقتصر وجوب الانفاق على الزوجة فحسب ، بل يجب على الآباء نفقة الابناء ، وان نزلوا ذكوراً واناثاً ، وعلى الابناء نفقة الآباء وان علوا ذكوراً واناثاً. وعلى ذلك فان النفاق محدد شرعاً بالوالدين والولد والزوجة. فـ « تجب نفقة الاصول والفروع ، حتى لو كان الاصل فاسقاً او كافراً بلا خلاف ، لأطلاق الادلة [ الخاصة بنفقة القريب ] خصوصاً في الوالدين المأمور بمصاحتهما بالمعروف مع كفرهما » (٢) ، لقوله تعالى : ( وَان جاهَداك عَلى اَن تُشرِكَ بِي ما لَيسَ لَكَ بِهِ عِلمٌ فَلا تَطِعهُما وَصاحِبهُما في الدُّنيا مَعرُوفا) (٣). واجمع الفقهاء ايضاً على ان القادر على العمل والاكتساب في العائلة لا يستحق النفقة بدليل نص شريف عن رسول الله (ص) : ( لا تحل الصدقة لغني ولا لذي مرة سوي ولا لمحترف قوي ) (٤) ، لان « النفقة معونة على سد الخلة والمكتسب قادر كالغني ، ولذا منع من الزكاة والكفارة المشروطة بالفقر » (٥). وحددت النفقة بسد الحاجات الاساسية من الطعام

__________________

١ ـ المسالك للشهيد الثاني : ج ١ باب الزواج مسألة الكفاءة.

٢ ـ الجواهر : ج ٣١ ص ٣٧٢.

٣ ـ لقمان : ١٥.

٤ ـ معاني الاخبار : ص ٧٦.

٥ ـ الجواهر : ج ٣١ ص ٣٧١.


والكسوة والسكن كنا ذكرنا ذلك سابقاً ، واستثني منها التزويج فلا يجب على الاب ان يزوج ابنه ، ولا يجب على الابن تزويج ابيه ، لان التزويج ليس من النفقة الواجبة. وفرّق الفقهاء بين نفقة الزوجة ، ونفقة القريب ، حيث « ان الغرض من نفقة القريب مواساته وسد خلته ، فوجوبها لدفع الخلة ، لا لعوض ، فاذا اخلّ بها أثم ، ولم تستقر في الذمة ، فلا يجب قضاؤها ، كما لو اخل بقضاء حاجة المحتاج الذي تجب عليه اعانته ، بخلاف نفقة الزوجة فانها تجب عوض الاستمتاع ، فكانت كالمعاوضة المالية ، فاذا يؤدها استقرت في ذمته ، ووجب قضاؤها » (١).

وفي الحالات الاستثنائية التي يعجز فيها الفرد عن عيال اقاربه ، وهم الزوجة والابوان والاولاد ، فان عليه ان يبتدئ بنفسه قبل كل الناس ؛ لانها مقدمة على جميع الحقوق من الديون ، « بلا خلاف ولا اشكال ، لأهمية النفس عند الشارع » (٢) ، فان فضل من المال شيء ابتدأ بزوجته : لان نفقتها تثبت عن طريق المعاوضة لا عن طريق الحاجة. وان فضل شيء آخر ، وُزِّعَ على الاقارب بالسوية دون تفضيل والد على ولد.

وتجب نفقة الولد على الاب ، فان فقد او كان معسراً ، فعلى الجد من جهة الاب ، وان فقد او كان معسراً فعلى الام ، ثم على ابيها وامها وام الاب بالتساوي. وبالاجمال ، فلابد من مراعاة الترتيب ، الاقرب فالاقرب ، عدا حالة واحدة وهي تقديم الاب والجد على الام.

__________________

١ ـ المسالك ـ باب النفقة الشرعية.

٢ ـ الجواهر : ج ٣١ ص ٣٦٥.


الرضاع وآثاره الشرعية

وتكمن اهمية الرضاع على الصعيد الشرعي في امور ثلاثة ؛ الاول : ان لبن الام انفع للولد من اي لبن آخر. ثانياً : ان الام المرضعة لها الحق في المطالبة باجر الرضاع من الزوج. فمعنى العوض في النكاح الاسلامي يعني بيع المرأة جسدها للرجل بمبلغ من المال ؛ لان العوض في الرضاع اذن يعني بيع المرأة جسدها لولدها الرضيع ، وهو يناقض اصل فكرة المعاوضة التي تعبر عن عدالة الاسلام في الحقوق والواجبات ضمن اطار النظام العائلي. ثالثاً : ان ارضاع المرأة لرضيع آخر يختلف عنها على الصعيد البيولوجي ينشر تحريماً للزواج تماماً كما ينشر الولد النسبي ذلك التحريم. ويتحقق مسمى الارتضاع بامتصاص الرضيع اللبن من ثدي امه او مرضعته. وقد ورد في الروايات ما يحبب رضاع الطفل من ثدي امه ، فعن الامام أمير المؤمنين (ع) : ( ما من لبن رضع به الصبي اعظم بركة عليه من لبن امه ) (١). وورد ايضا ما يحدد مدة الرضاعة ، فقد حدد الشرع مدة الرضاعة بحولين ، واجاز نقصانها الى واحد وعشرين شهراً ، لقوله تعالى : ( وَالوالِداتُ يُرضِعْنَ اَولادَهُنَّ حَولَينِ كامِلَينِ لِمَن اَرادَ اَن يُتِمَّ الرضاعَة وَعلى المَولُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكسوَتُهِنَّ بِالمَعرُوفِ لا تُكَلَّفُ نَفسُ اِلا وسعَها لا تُضارُّ والِدَةٌ بِوَلَدِها وَلا مَولُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ ) (٢) ، وقوله تعالى : ( وَحملُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ

__________________

١ ـ الكافي : ج ٢ ص ٩٢.

٢ ـ البقرة : ٢٣٣.


شَهراً ) (١) ، فاذا حملت به تسعة اشهر كما هو الظاهر كانت مدة الرضاع واحداً وعشرين شهراً.

وللأم الحق بالمطالبة باجور ارضاع ولدها ، لقوله تعالى : ( فَاِن اَرضَعنَ لَكُم فَآتوهُنَّ اُجُورَهُنَّ ) (٢). وعلى اساس ذلك اتفق الفقهاء على ان الام لا تجبر على ارضاع ولدها كما ورد في الحديث عنه (ع) ، الاّ اذا تضرّر الطفل من جراء ذلك ، فيجب عليها ـ حينئذ ـ الرضاعة. واذا كان الاب موسراً فعليه دفع اجرة الرضاعة ، واذاكان فقيراً فعلى الام ان تتحمل مسؤولية ذلك. وفي حالة تطليقها قبل ان تضع حملها ، فعليه الانفاق حتى تضع ، بل لابد له من تحمل اجور الرضاعة بعد ذلك ، للروايات المروية عن ائمة اهل البيت (ع) ؛ ومنها ما روي عن الامام جعفر بن محمد (ع) : ( المطلقة الحبلى ينفق عليها حتى تضع حملها وهي احق بولدها ان ترضعه بما تقبله امرأة اخرى ، يقول الله عز وجل : ( لا تُضارُّ والِدَةٌ بِوَلَدِها وَلا مَولُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلى الوارِثِ مِثلُ ذلِكَ ) (٣) ، لا يضار بالصبي ولا يضار بامّه في ارضاعه ، وليس لها ان تأخذ في رضاعه فوق حولين فاذا ارادا الفصال عن تراضٍ منهما كان حسناً ) (٤).

ولا شك ان الرضاع من غير الأم ينشر تحريماً للزواج. والاصل في ذلك قوله تعالى : ( وَاُمَّهاتكُم اللاتي اَرضَعنَكُم وَأخواتكُم مِنَ

__________________

١ ـ الاحقاف : ١٥.

٢ ـ الطلاق : ٦.

٣ ـ البقرة : ٢٣٣.

٤ ـ من لا يحضره الفقيه : ج ٢ ص ١٦٧.


الرّضاعَة ) (١) ، وما تواتر عن الرسول الكريم (ص) : ( يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب ) (٢).

ولما كان للرضاع الموجب للتحريم تأثير اجتماعي فيما يتعلق بالانساب والقضايا الزوجية والارث ، فقد وضع الاسلام له شروطاً واجبة ، منها :

اولاً : ان يكون اللبن الذي يرضعه الطفل لبناً متكوناً من امرأة متزوجة زواجاً شرعياً. والمشهور « الحاق اللبن الذي [ نتج ] عن نكاح الشبهة باللبن الذي [ نتج ] عن النكاح الصحيح ، لان نكاح الشبهة موجب للنسب ، كالنكاح الصحيح ، واللبن تابع للنسب » (٣) ، حيث ان « نكاح الشبهة كالنكاح الصحيح اي الوطء بالعقد الصحيح ، وفاقاً للاكثر ، بل لم نجد فيه خلافاً محققاً » (٤). واللبن الذي تدره المرأة من غير حمل ولا ولادة حتى لو كانت متزوجة زواجاً شرعياً لا ينشر الحرمة ، لقوله (ع) عندما سئل عن امرأة در لبنها من غير ولادة ، فارضعت ذكرانا واناثاً ، أيحرم من ذلك ما يحرم من الرضاع؟ قال : ( لا ) (٥). و « لا يعتبر في نشر الحرمة بقاء المرأة في حبال الرجل قطعاً واجماعاً ، فلو طلق الزوج ، وهي حامل منه ، ثم وضعت بعد ذلك ، او ارضعت وهي حامل ، او طلقها وهي مرضع او مات عنها كذلك فارضعت ولدا نشر هذا الرضاع الحرمة ، كما لو كانت في حباله ، بلا خلاف ،

__________________

١ ـ النساء : ٢٣.

٢ ـ من لا يحضره الفقيه : ج ٢ ص ١٥٥.

٣ ـ الحدائق ـ باب الرضاع.

٤ ـ الجواهر : ج ٢٩ ص ٢٦٦.

٥ ـ من لا يحضره الفقيه : ج ٢ ص ١٥٦.


والاجماع على ذلك. ولا فرق بين ان يرتضع في العدة او بعدها ، ولا بين ان يستمر اللبن او ينقطع ثم يعود » (١).

ثانياً : امتصاص الرضيع اللبن من ثدي المرضعة مباشرة ، حيث « لابد من ارتضاعه من الثدي في قول مشهور ، تحقيقاً لمسمى الارتضاع ، فلو وجر في حلقه ، او وصل الى جوفه بحقنة ، وما شاكلها لم تنتشر الحرمة ، لعدم صدق الارتضاع ولخبر زرارة عن الصادق (ع) : ( لا يحرم من الرضاع الاما ارتضع من ثدي واحد ). وكذا لو مزج اللبن بغيره ، كما لو اُلقي في فم الصبي مائع فرضع فامتزج حتى خرج عن كونه لبناً ، اما اذا لم يخرج اللبن عن الاسم بالامتزاج فيجري عليه حكم اللبن الذي يوجب التحريم » (٢).

ثالثاً : استيفاء المرتضع عدد الرضعات الشرعية قبل ان يكمل الحولين ، ولا اثر لرضاعة بعدهما ، للنص المجيد : ( وَالوالِدات يرضعنَ اَولادَهُنَّ حَولَينِ كامِلَينِ لِمَن اَرادَ اَن يُتِمَّ الرّضاعَة ) (٣) ولقوله (ص) : ( لا رضاع بعد فطام ) (٤) ، وقوله (ع) : ( الرضاع قبل الحولين قبل ان يفطم ) (٥).

رابعاً : ان يؤدي الرضاع الى شد العظم وانبات اللحم ، كما في رواية حماد بن عثمان عن الصادق (ع) صحيحاً : ( لا يحرم من الرضاع الا ما انبت اللحم والدم ) (٦). وجوابه عندما سئل عما يحرم من الرضاع؟ قال (ع) : ( ما انبت اللحم وشد العظم. قيل : فيحرم عشر رضعات؟ قال : لا. لأنه لا تنبت

__________________

١ ـ الجواهر : ج ٢٩ ص ٢٦٧.

٢ ـ الجواهر : ج ٢٩ ص ٢٩٤.

٣ ـ البقرة : ٢٣٣.

٤ ـ التهذيب : ج ٢ ص ٢٠٤.

٥ ـ الكافي : ج ٢ ص ٤١.

٦ ـ التهذيب : ج ٧ ص ٣١٢.


اللحم ولا تشد العظم ) (١). وحدد الرضاع ايضاً بالعدد والزمن. اما بالنسبة للعدد ، فيجب ان يرضع الطفل خمس عشرة رضعة من امرأة واحدة لا يفصل بينها رضاع من امرأة اخرى ، ولابد من التوالي بين الرضعات. واما الزمن فهو الرضع من امرأة واحدة يوماً وليلة ، للرواية عن الامام محمد الباقر (ع) : ( لايحرم الرضاع اقل من يوم وليلة ، او خمس عشرة رضعة متواليات من امرأة واحدة من لبن فحل واحد ، لم يفصل بينها رضعة امرأة غيرها ، فلو ان امرأة ارضعت غلاماً ، او جارية عشر رضعات من لبن فحل واحد وارضعتهما امرأة اخرى من فحل آخر عشر رضعات لم يحرم نكاحهما ) (٢).

خامساً : حياة المرضعة عند جميع الرضعات ، فلو ارضعته اربع عشرة رضعة ثم ماتت لم تثبت الحرمة ، لانتفاء اسم الارتضاع بعد الموت.

سادساً : ان يكون اللبن لفحل واحد وهو زوج المرضعة ، كما جاء في الرواية الآنفة الذكر : ( ... أو خمس عشرة رضعة من امرأة واحدة من لبن فحل واحد .. ) (٣). فلو فارقها زوجها وتزوجت بغيره ولم تتم رضعات ذلك الطفل لم تثبت الحرمة بين المرضعة والرضيع. وكذلك « لو ارضعت اثنين مثلاً بلبن فحلين الرضاع المحرم ، لم يحرم احدهما على الآخر على المشهور بين الفقهاء شهرة عظيمة كادت [ أن ] تكون اجماعاً » (٤).

و « يعتبر في الرضعات قيود ثلاثة : كمال الرضعة ، وامتصاصها من

__________________

١ ـ الاستبصار : ج ٢ ص ١٩٥.

٢ ـ التهذيب : ج ٢ص ٢٠٤.

٣ ـ التهذيب : ج ٢ ص ٢٠٤.

٤ ـ الجواهر : ج ٢٩ ص ٣٠٣.


الثدي ، وان لا يفصل بين الرضعات برضاع غير المرضعة. وللشيخ [ الطوسي ] في الكمالية ، قولان ، احدهما : المرجع الى العرف ، لان كل لفظ اطلقه الشارع ولم يعين له حداً يرجع فيه الى العرف. وثانيهما : ان يروي الطفل ويصدر من قبل نفسه ، فلو ترك الثدي ثم عاود فان كان للتنفس او لالتفات الى ملاعب او الانتقال الى ثدي آخر او الراحة او منع منه فالكل رضعة ، وان كان للاعراض فالاولى رضعة مستقلة » (١).

واذا تحققت الشروط السابقة اصبح الرضيع ابناً للمرضعة ولزوجها المعروف شرعاً بصاحب اللبن ، وتترتب على ذلك نفس احكام الولد النسبي في انتشار الحرمة ، وتصبح اصولهما من الاباء والاجداد اصولاً له ، وفروعهما من الابناء اخوة له. والخلاصة ان « موضوع المحرم بالرضاع هو موضوع المحرم بالنسب ، فتقول بدل تحريم الاخت من النسب تحريم الاخت من الرضاع والبنت كذلك ، وهكذا في حليلة الابن والاب ، والجمع بين الاختين وغير ذلك » (٢).

__________________

١ ـ التنقيح الرائع : ج ٣ ص ٤٧.

٢ ـ الجواهر ـ باب الرضاع.


الحضانة

ولما كان حق الطفل في النمو السليم والتكامل الجسدي والعقلي من القضايا الموضوعية التي ينبغي ان يتحملها الابوان حفظاً للنظام الاجتماعي ، لاحظت الشريعة الاسلامية ضرورة رعاية مصلحة الطفل في الحضانة واوكلتها لابوين في حالة استقرار الزواج. والحضانة من حضن الطير بيضه مبالغة في الاحتياط والمراعاة ، وشرعاً رعاية مصلحة هذا الفرد الصغير عن طريق الاعتناء بتربيته ، و « هي بالانثى اليق منها بالرجل لمزيد شفقتها ، وخلقها المعَدّ لذلك » (١). والمشهور بين الفقهاء ان الحضانة للام والاب ما لم يقع الطلاق. فاذا وقع اطلاق تصبح الام أحق بالذكر حتى يكمل السنتين ، واحق بالانثى حتى تكمل سبع سنين ، واذا تزوجت الام قبل ذلك سقطت حضانتها. ولكن لا دليل على هذه الشهرة من ناحية النصوص الشرعية ، فقد « اختلف الفقهاء في مستحق الحضانة من الابوين ، لا ختلاف الاخبار : ففي بعضها ان الأم احق بالولد مطلقاً ما لم تتزوج ، وفي بعضها انها أحق به الى سبع سنين ، وفي آخر الى تسع ، وفي بعضها ان الاب احق به ، وليس في الجميع فرق بين الذكر والانثى ، وليس في الباب خبر صحيح ، بل هي بين ضعيف ومرسل وموقوف » (٢). ولعل الحق ان الامر ينبغي ارجاعه الى الحاكم الشرعي لتحديد ذلك بعد تعيين مصلحة الطفل.

ويشترط في الحاضنة ان تكون حرة ، مسلمة ، عاقلة ، وغير متزوجة

__________________

١ ـ المسالك ـ باب الحضانة.

٢ ـ المسالك ـ باب الحضانة.


بعد طلاقها من زوجها الاول ، كما ورد في الروايات عن اهل البيت (ع) : « المرأة أحقّ بالولد ما لم تتزوج » (١). ويشترط ايضاً ان تكون على درجة من الوعي والادراك بمصلحة الطفل. ومع ان الحضانة بيد الام ، الاان الولاية الشرعية تبقى بيد الاب حتى مع الطلاق.

واذا ماتت الام ، انتقلت حضانة الطفل الى الاب. واذا مات الاب انتقلت الحضانة الى الجد من طرف الاب ، واذا فقد الجد ولم يكن له وصي فالحضانة لأقارب الطفل على ترتيب الميراث.

والحضانة حق موضوعي تستطيع المرأة اسقاطه متى شاءت ، لانه ليس حكماً ، بدليل « التعليق على مشيئتها والتعبير بالاحقية ، بل ظاهرها كون هذه الاحقية مثلها في الرضاع ، وجينئذٍ لايكون ذلك واجباً عليها ، ولها اسقاطه والمطالبة باجرته » (٢).

__________________

١ ـ الكافي : ج ٢ ص ٩٣.

٢ ـ الجواهر : ج ٣١ ص ٢٨٤.


احكام الصبي

وليس هناك شك من ان الصبيان وهم براعم المستقبل ، وهم المؤهلون للتكليف الشرعي لاحقاً ، يحتاجون ـ اكثر من غيرهم ـ الى عين تحفظ مصالحهم الشخصية وحقوقهم المادية والادبية. وبطبيعة الحال ، فان حقوق الصبي والصبية تدخل ضمن الاطارالشرعي الذي جاء به الاسلام : فأمر بحفظها رعاية لمصلحتهما وحفظاً لشخصيتهما الاجتماعية حتى يصلا مرحلة الرشد والبلوغ. وهذه الحقوق تشمل احكاماًُ في الولاية والوصاية والعبادات والمعاملات.

أ ـ الحَجر قبل البلوغ

فقد اقر الاسلام شرعية الحجر ، وهو منع الانسان من التصرف في امواله كلياً او جزئياً لمختلف الاسباب : ومنها : المرض ، والافلاس ، والسفه ، والجنون ، والصغر ، وهو ثابت اجماعاً ونصاً ، ومنه قوله تعالى : ( وَلا تَأتُوا السُّفَهاءَ اَموالَكُم الّتي جَعَلَ اللهُ لَكُم قِياماً وَارزقُوهُم فِيها وَاكسُوهُم وَقُولُوا لَهُم قَولاً مَعروفاً وَابتَلُوا اليَتامى حَتّى اِذا بَلَغُوا النِّكاحَ فَاِن آنَستُم مِنهُم رُشداً فَادفَعُوا اِلَيهِم اَموالَهُم ) (١). وما ورد عن الامام جعفر بن محمد (ع) في الرواية : ( انقطاع يتم اليتيم الاحتلام وهو رشده ، وان احتلم ولم يؤنس منه

_________________

١ ـ النساء : ٥.


رشد وكان سفيها او ضعيفاً فليمسك عنه وليه ماله ) (١).

واجمع الفقهاء على ان الصغير ممنوع من التصرفات المالية حتى يحصل له البلوغ الرشد.

ب ـ عبادات ومعاملات الصبي

والمشهور بين فقهاء الامامية ان عبادة الصبي ، كأداء الصلاة والصوم والحج ، شرعية لا تمرينية : لان ادلة التكاليف غير الملزمة لا مانع من شمولها للصبي ، كما قال بعض الفقهاء ، باعتبار ان العبادة حسنة بذاتها ، وان السبب الموجب لشرعيتها هو ادراك الصبي بانه يتقرب بها الى الله سبحانه وتعالى.

ومن الواضح ان وصية الصبي المميز وصدقته في وجوه الخير جائزة ، شرط ان يبلغ عشراً ، كما ورد في روايات ائمة اهل البيت (ع) ؛ ومنها رواية عن الامام جعفر بن محمد (ع) : ( اذا بلغ الغلام عشر سنين جازت وصيته ) (٢). ورواية اخرى : ( اذا أتى على الغلام عشر سنين فانه يجوز له في ماله ما اعتق ، او تصدق ، او اوصى على حد معروف وحق فهو جائز ) (٣). وهو المشهور بين علماء الامامية.

ولاشك ان الصبي يؤدب على ما يرتكبه من الكبائر. ويغرم في ماله ما يحدث في مال الغير من تلف او عيب ، باعتبار ان الحكم الوضعي الذي يتجه نحو صحة العمل وفساده يخص الصبيان كما يخص البالغين.

__________________

١ ـ التهذيب : ج ٢ ص ٣٨٥.

٢ ـ الكافي : ج ٢ ص ٢٤٢.

٣ ـ من لا يحضره الفقيه. ج ٢ ص ٢٧٢.


وللصبي جواز التملك فيما يحوزه من المباحات ، وله الحق فيما يحييه من ارض الموات. اذن ، فان عبادة الصبي ووصيته وتملكه جائزة عند الفقهاء. ولكن الذي اختلف فيه هو العقد الذي يعقده الصبي ، أهو جائز ام لا؟ انقسم فقهاء الامامية في الاجابة على هذا السؤال الى فريقين :

الاول : المشهور بينهم ان عقد الصبي المميز باطل حتى مع اذن الولي ، عدا ما استثني من الصدقة والوصية ، كما جاء في الرواية عن الامام (ع) المذكورة آنفاً. وكما ورد ايضاً في رواية اخرى : ( عمد الصبي وخطأه واحد ) (١). فـ « اذا جمعنا الادلة بعضها الى بعض فمقتضاها عدم الاعتبار بما يصدر عن الصبي من الافعال التي يعتبر فيها القصد ، كانشاء العقود اصالة ووكالة ، والقبض والاقباض ، وكل التزام على نفسه من ضمان او اقرار او نذر او ايجاز » (٢).

الثاني : قالوا بجواز معاملة الصبي المميز وصحتها مع اذن الولي. فـ « لا يبعد القول بصحة عقد الصبي اذا كان باذن الولي ، كما اختاره جماعة ، منهم المحقق الاردبيلي ، وقبله فخر المحققين في الايضاح » (٣). وقد « نُسِبَ الى الشيخ تارة ، وبعض الاصحاب اخرى جواز بيعه اذا بلغ عشراً عاقلاً .. والموجود في كتاب المبسوط روي انه اذا بلغ عشر سنين وكان رشيداً كان جائز التصرف » (٤). و « اذا جاز عتق الصبي ووصيته بالمعروف ، وغيرها كما هو ظاهر الكثير من الروايات فلا يبعد جواز بيعه وشرائه ، وسائر معاملاته

__________________

١ ـ التهذيب : ج ١٠ ص ٢٣٣.

٢ ـ المكاسب للشيخ الانصاري.

٣ ـ نهج الفقاهة للسيد الحكيم : ص ١٨٣.

٤ ـ مفتاح الكرامة كتاب المتاجر : ص ١٧٠.


اذا كان بصيراً رشيداً مميزاً ، يعرف نفعه وضره في المال ، وطريق الحفظ والتصرف ، كما نجده في كثير من الصبيان ، فانه قد يوجد بينهم من هو اعظم في هذه الامور من آبائهم ، فلا مانع ان يوقع الصغير العقد خصوصاً مع اذن الولي ، وحضوره بعد تعيين الثمن » (١).

ج ـ الولاية والوصاية

ولا يتم الحجر الا بوجود ولي او قيّم يرعى الصبي نيابة عن صاحبه. فتثبت الولاية بالدرجة الاولى للاب والجد في مرتبة واحدة على الصغير ، والمجنون المتصل جنونه بالصغر. واذا فقدا معاً تكون الولاية لوصي احدهما ، والجد اولى من وصي الاب ، واذا افتقد الوصي فالولاية للحاكم الشرعي. حيث ان « الولاية ثابتة للاب والجد له من النسب شرعاً ، فلا ولاية للاب رضاعاً ، ولا لمن اولده سفاحاً ، وثبوت الولاية لهما بالاشتراك بينهما مورد اتفاق النص والفتوى ، وان اختص الاب في اكثر النصوص الا ان المراد منه ما يشمل الجد ، بل يقدم عقده على عقد الاب مع المعارضة. اما الولاية للوصي المنصوب من الموصي قيّماً على اطفاله فهي ثابتة بالنص والاجماع ، ولكن بحسب ما هو مجعول له من الموصي من حيث الاطلاق والتقييد. فان اطلق فلا اشكال في نفوذ ما يتولى من مصالحهم في حفظ نفوسهم واموالهم ، واخذ الحقوق الراجعة اليهم ، وغير ذلك من بيع واجارة ومزارعة ومساقاة ونحو ذلك ، كما لا اشكال في المنع عن فعل بعض ما كان للاب جوازه من حيث

__________________

١ ـ شرح الارشاد للاردبيلي.


الابوة ... ولعل من ذلك تزويج الصغير والصغيرة ، وان كان قيماً » (١).

ويشترط في الولي والوصي البلوغ ، والرشد ، والاتحاد في الدين. ويضاف الى ذلك شرط العدالة بالنسبة للحاكام الشرعي. والمدار ان يكون التصرف في مال القاصر من قبل الولي او الوصي على اساس مصلحة القاصر. واتفق الفقهاء على ان تصرفات الولي اذا كانت نفعاً للمولى عليه فانها تنفذ ، واذا كانت ضرراً عليه فانها لا تنفذ لمنافاتها الغرض الذي من اجله شرعت الولاية ، كما يستشعر ذلك من قوله (ص) : ( انت ومالك لابيك ... لانحب ان يأخذ الاب من مال ابنه الاّ ما يحتاج اليه مما لابد منه ، ان الله لا يحب المفسدين ). وللولي ان يتجر بمال القاصر باي شكل من الاشكال التي تجر ربحاً يصب في مصلحة الصبي. وعليه ان ينفق على الصبي بالمعروف دون تقتير او اسراف. وان كان الولي فقيراً يحق له ان يأكل من مال الصبي بالمعروف ، ولا يحق له ذلك ان كان غنياً ، لقوله تعالى : ( وَمَن كانَ غَنِيّاً فَليَستَعفف ، وَمَن كانَ فَقيراً فَليَأكُل بِالمَعرُوفِ ) (٢). ويشترط ايضاً تعيين الوصي بالذات ، وتعيين الموصى به ، كما في رواية عمار بن مروان ، قال : قلت لابي عبد الله (ع) : ان ابي حضره الموت ، فقيل له : اوص. فقال : هذا ابني يعني عمر ، فما صنع فهو جائز؟ قال ابو عبد الله (ع) : ( فقد اوصى ابوك ، واوجز ) (٣).

ويحق للاب والجد تزويج الصبي ، ولا يحق للوصي ذلك. ولايحق للابوين ولا للحاكام الطلاق عن الصبي ، لعموم ( الطلاق بيد من أخذ

__________________

١ ـ بلغة الفقيه للسيد بحر العلوم.

٢ ـ النساء : ٦.

٣ ـ التهذيب : ج ٢ ص ٣٩٩.


بالساق ). وفي الحالات الاستثنائية كدفع الاذى ، او انقاذ نفس يستطيع الولي « ان يرشي الظالم من مال القاصر لتخليصه واطلاقه ، بل لو طمع الظالم في ماله وجب عليه ان يعطيه ما لايقدر على دفعه الا به » (١).

اما الوصاية ، ويعبر عنها بالوصية العهدية ايضاً ، فهي « ولاية على اخراج حق او استيفائه ، او على طفل ، او مجنون يملك الموصي الولاية عليه بالاصالة كالاب والجد ، او بالواسطة كالوصي المأذون في الايصاء » (٢). والوصاية ايقاع ، ونوع من انواع الولاية فلا يجوز للوصي ، الذي عهده الموصي برعاية اطفاله ووفاء ديونه ، بالتنازل عنها والاستقالة منها لانها حكم لا يسقط بالاسقاط. ولكن للموصي ان يرجع عن الوصاية ما دام حياً ، اما الوصي فتصبح الوصاية ملزمة له اذا علم بها ولم يردّ ، وكذلك اذا تعذر ابلاغ الموصي الرد لغيابه او موته ، حيث ورد عن الامام الصادق (ع) : « اذا اوصى الرجل الى اخيه ، وهو غائب فليس له ان يرد وصيته ، لانه لو كان شاهداً وأبى ان يقبلها طلب غيره » (٣). ولا تثبت الوصاية الاّ بشهادة عدلين ، ولا تقبل شهادة النساء منفردات ولا منضمات ، ولاشهادة رجل مع اليمين.

واذا خان الوصي ، فقد انعزل تلقائيا ؛ حيث تبطل جميع تصرفاته دون تدخل الحاكم الشرعي ، لان الوصاية تستدعي الامانة وحفظ مصلحة الطفل شرعاً ، والمشروط عدم عند عدم شرطه ، كما يقول الفقهاء. ولا

__________________

١ ـ مفتاح الكرامة ـ باب الوصية.

٢ ـ الجواهر ـ باب الوصية.

٣ ـ من لا يحضره الفقيه : ج ٢ ص ٢٨٢.


يضمن الوصي الاّ مع التعدي والتفريط ، حيث ورد ان رجلاً اوصى الى رجل وأمره ان يعتق عنه نسمة بستمائة درهم من ثلثه ، فانطلق الوصي ، واعطى الستمائة درهم رجلاً يحج بها عنه؟ فقال ابو عبد الله (ع) : ( يغرم الوصي ستمائة درهم من ماله ، ويجعله فيما اوصى الميت في عتق نسمة ) (١). وللوصي ان يأخذ اجرة المثل من المال الموصى به للطفل ، كما جاء في جواب الامام جعفر بن محمد (ع) عمن تولى مال اليتيم ، هل له ان يأكل منه؟ قال : ( ينظر الى ما كان غيره يقوم به من الاجر فليأكل بقدر ذلك ).

واذا مات الاب بلا وصية ، او مات الوصي ، وكان للميت اطفال ، اُرجع النظر في امرهم الى الحاكم الشرعي ، لانه ولي من لا ولي له. واذا تعذر ذلك قام الامناء الصالحون من المؤمنين « على ما هو المشهور بين الفقهاء من ثبوت الولاية لهم على مثل ذلك للنصوص المعتبرة المستفيضة المؤيدة بما دل على الحسبة » (٢).

د ـ البلوغ والرشد الشرعي

والبلوغ هو سن التكليف الشرعي للذكر والانثى. وهو ليس موضوعاً من الموضاعات الشرعية ، بل هو من الامور البيولوجية الطبيعية. وقد ذكر الفقهاء ان من علامات البلوغ : الاحتلام وهو خروج المني للذكر والانثى في اي سن كان ، في اليقظة او في المنام ، للنص الحكيم : ( وَاِذا بَلَغَ

__________________

١ ـ من لا يحضره الفقيه : ج ٢ ص ٢٧٧.

٢ ـ الجواهر ـ باب الوصية.


الاَطفالُ مِنكُم الحُلُم فَليَستَأذِنُوا ) (١) ، ( وَابتَلُوا اليَتامى حَتّى اِذا بَلَغُوا النِّكاحَ ) (٢) ، والمشهور من قول رسول الله (ص) : ( رفع القلم عن الصبي حتى يحتلم ، وعن المجنون حتى يفيق ، وعن النائم حتى يستيقظ ) (٣). ومن علاماته ايضاً ظهور الشعر الخشن على العانة. فـ « لا عبرة بالشعر الضعيف الذي ينبت قبل الخشن ، ثم يزول ، ويعبر عنه بالزغب. وقيدوا الشعر بشعر العانة لعدم اعتبار غيره كشعر الابط والشارب واللحية ، فلا عبرة بشيء من ذلك عندنا اذ لم يثبت كون ذلك دليلاً على البلوغ ، وان كان الاغلب تأخرها عنه » (٤).

اما الانثى بالخصوص ، فان دليل بلوغها اضافة الى الاحتلام ، هو الحيض والحمل. فـ « لا خلاف كونهما دليلين على سبق البلوغ ، اما الحيض فقد علق الشارع احكام المكلف عليه في عدة اخبار ، منها قول الرسول الاعظم (ص) : لا تقبل صلاة الاّ بخمار ، وقوله : اذا بلغت المحيض لا يصلح ان يرى منها الا هذا ، واشار الى الوجه والكفين ، اما الحمل فهو مسبوق بالانزال ، لان الولد لا يخلق الاّ من ماء الرجل وماء المرأة ، كما نبه عليه تعالى بقوله : من نطفة امشاج ، اي مختلطة من ماء الرجل والمرأة ، فهو دليل على سبق البلوغ ) (٥).

واذا اشتبه البلوغ فانه يرجع الى الشارع في معرفة السن ، حيث ثبت

__________________

١ ـ النور : ٥٩.

٢ ـ النساء : ٥.

٣ ـ سفينة البحار للقمي : ص ٥٣٠.

٤ ـ المسالك للشهيد الثاني.

٥ ـ المصدر السابق.


عن اهل البيت (ع) ان سن بلوغ الذكر خمس عشرة سنة ، وسن بلوغ الانثى تسع سنين ، وهذا هو المشهور ، كما ورد في قوله (ع) عندما سئل متى يؤخذ الذكر او الانثى في الحدود التامة؟ قال : ( ان الجارية ليست مثل الغلام. ان الجارية اذا تزوجت ودخل بها ولها تسع سنين ذهب عنها اليتم ، ودفع اليها مالها وجاز امرها في الشراء والبيع واقيمت عليها الحدود التامة واخذت لها وبها. والغلام لا يجوز أمره في الشراء والبيع ، ولا يخرج من اليتم حتى يبلغ خمس عشرة سنة او يحتلم او يشعر او ينبت قبل ذلك ) (١).

ويثبت بلوغ الصبية والصبي بمجرد اقرارهما عن غير يمين اذا ادعيا البلوغ بالاحتلام في وقت يكون من المحتمل بلوغهما فيه. ويثبت رشده او رشدها بالاختيار ، والتواتر ، وشهادة رجلين عدلين في الذكر ، وشهادة رجل وامرأتين او اربع نساء في الاثنى ، على المشهور.

ومجمل القول « ان البلوغ من الامور الطبيعية المعروفة في اللغة والعرف ، وليس من الموضعات الشرعية التي لا تعلم الاّ من جهة الشارع ، كالفاظ العبادات. بل ذكر اهل اللغة ترتيب احوال الانسان ، وان له في كلّ حال اسماً مخصوصاً في الرجال والنساء من اول الخلقة الى حال الشيخوخة ... وعلى كل حال فلا يخفى على من لاحظ كلماتهم ان من المعلوم لغة وعرفاً ان الغلام متى احتلم بلغ وادرك وخرج عن حد الطفولة او دخل الى حد الرجولة. وكذا الجارية اذا ادركت واعصرت فانها تكون امرأة كغيرها من النساء. نعم يرجع الى الشرع في مبدأ السن الذي يحصل به البلوغ ، مثلاً اذا حصل فيه الاشتباه بخلاف الاحتلام والحيض والحمل ونحوهما مما لا ريب

__________________

١ ـ الكافي : ج ٢ ص ٢٩٢.


في صدق البلوغ معها لغة وعرفاً ، ولو للتلازم بينهما » (١).

__________________

١ ـ الجواهر.


الولاية في الزواج

ومن نافلة القول ، ان نذكر استقلال الانثى البالغة. الرشيدة والذكر البالغ الرشيدة في اختيار الشريك المناسب في الزواج. فلا يضع الاسلام عليهما سلطاناً او ولياً يحدد من حريتهما في اختيار الفرد الائق في حياتهما الزوجية اللاحقة. ولكن حفظاً لمصلحتهما ، شجع الاسلام ايثار اذن الولي واختياره على اختيارهما. فالولاية سلطة شرعية جعلية للفرد الكامل على المولى عليه الناقص ؛ حفاظاً على مصلحة الناقص. ومن امثلة هؤلاء الصغير والسفيه والمجنون من الذكور والاناث ، فجعل الشارع عليهم الولاية في الزواج. فقد اتفق الفقهاء على ان الولي ينفرد بزواج الصغير والمجنون والسفيه ذكراً كان ام انثى. والبالغ الراشد يستقل في زواجه ولا ولاية لأحد عليه. وكذلك البالغة الراشدة فلا سلطان لاحد عليها ، وانها تتزوج بمن تشاء دون قيد او شرط ، حيث ان « المشهور في محل البحث نقلاً وتحصيلاً بين الفقهاء القدماء والمتأخرين سقوط الولاية عنها ، بل عن الشريف المرتضى في كتاب الانتصار والناصريات الاجماع عليه » (١). لان الولاية والاستقلال في التصرف حق لكل انسان بالغ راشد ذكراً كان او انثى. وقوله تعالى : ( فَانكِحُوا ما طابَ لَكُم مِنَ النِّساءِ مَثنى وَثُلاث وَرُباع ) (٢) ، يدل على عموم اباحة الزواج وصحته دون الرجوع الى اذن الولي الاّ ما خرج بدليل. و « المرأة اذا كانت ثيِّباً ، مالكة لامرها ، نافذاً أمرها في البيع والشراء والعتق

__________________

١ ـ الجواهر ـ كتاب النكاح.

٢ ـ النساء : ٣.


والهبة في مالها ، غير مولّى عليها لفساد عقلها ؛ جاز لها العقد على نفسها لمن شاءت من الاكفاء ، سواء كان ابوها حياً او ميتاً ، الاّ ان الافضل لها مع وجود الأب ألاّ تعقد على نفسها الاّ برضاه » (١). ويؤكد ذلك العديد من الروايات الواردة عن اهل البيت (ع) ، منها : ( البكر التي لها الاب لا تتزوج الاّ باذن ابيها ، واذا كانت مالكة امرها تزوجت متى شاءت ) (٢) ، وجوابه (ع) عندما سئل عن البكر اذا بلغت مبلغ النساء ألها مع أبيها امر؟ فقال : ( ليس لها مع ابيها أمر ما لم تثيب ) (٣) ، وفي رواية اخرى : ( اذا كانت المرأة مالكة امرها تبيع وتشتري وتعتق وتشهد ، وتعطي مالها ما شاءت ، فان امرها جائز تزوج ان شاءت بغير اذن وليّها ، وان لم تكن كذلك فلا يجوز تزويجها الاّ بأمر وليها ) (٤). وقوله : تعطي مالها من تشاء يعني نفي السفه عنها. و « الروايات الدالة على استقلال البكر معتضدة او منجبرة بفتوى الاكثر ودعوى الاجماع » (٥). ولكن نفي الولاية في زواج البنت لا يستدعي الخروج عن العرف. فـ « يستحب لها ايثار اختيار وليها على اختيارها ، بل يكره لها الاستبداد ، كما انه يكره لمن يريد نكاحها ، ان لا يستأذن وليها ... بل ينبغي مراعاة الوالدة ايضاً ، بل يستحب ان تلقي أمرها الى أخيها مع عدم الوالد والوالدة ، لانه بمنزلتهما في الشفقة » (٦). ولكن اذا عضلها الولي « وهو ان لا

__________________

١ ـ النهاية في مجرد الفقه والفتاوى للشيخ الطوسي : ص ٤٦٧.

٢ ـ الكافي : ج ٢ ص ٢٥.

٣ ـ الوسائل : ج ١٤ ص ٢٠٣.

٤ ـ التهذيب : ج ٢ ص ٢٢١.

٥ ـ المكاسب للشيخ الانصاري.

٦ ـ الجواهر ـ كتاب النكاح.


يزوجها من كفء مع رغبتها ، فانه يجوز لها ان تزوج نفسها ولو كرهاً ، اجماعاً » (١).

واتفق الفقهاء على للاب والجد من طرف الاب تزويج الصغير ، ذكراً كان ام انثى ، ولكن ليس لهما الطلاق عن الزوج الصغير ، كما يستفاد من قوله (ع) عندما سئل عن الصبي يتزوج الصبية ، هل يتوارثان؟ فقال : ( اذا كان ابواهما اللذان زوجاهما فنعم. قال السائل : فهل يجوز طلاق الاب؟ قال الامام : لا ) (٢).

ولا ولاية للحاكم الشرعي في زواج الصغير ذكراً كان ام انثى. اما في حالة الجنون فان « ولاية الحاكم تثبت على من بلغ غير رشيد بجنون ، ولم يكن له ولي من حيث القرابة ، وتجدد فساد عقله اذا كان النكاح صلاحاً له بلا خلاف اجده فيه ، بل الظاهر كونه مجمعاً عليه » (٣).

__________________

١ ـ شرائع الاسلام : ج ٢ ص ٢٧٧.

٢ ـ التهذيب : ج ٢ ص ٢٢٣.

٣ ـ الجواهر ـ كتاب النكاح.


الوصية الشرعية

ومن أجل انتقال الثروة النقدية والعينية من الجيل السابق الى الجيل اللاحق بشكل منتظم وشرعي ، لابد من انشاء الوصية الشرعية ، تمليكية كانت او عهدية. ومقدارها الثلث فقط مع وجود الوارث ، لان الثلثين الباقيين يوزعان على الورثة حفظاً لحقوقهم المالية من الضياع. ومع عدم وجود الوارث يجوز انشاء الوصية بجميع الثروة المالية. فالوصية هي تفويض فرد بتصرف معين بعد موت الولي. وصاغها الفقهاء بانها تمليك عين او منفعة مضاف الى ما بعد الموت. وشرعيتها ثابتة بضرورة الدين ، لقوله تعالى : ( كُتِبَ عَلَيكُم اِذا حَضَرَ اَحَدَكُم المَوتُ اِن تَرَكَ خَيراً الوَصِيّةُ لِلوالِدَينِ وَالاَقرَبينَ بِالمَعرُوفِ ) (١) ، وقوله (ص) : ( من لم يحسن عند الموت وصيته كان نقصاً في مروءته وعقله ) (٢). واجمع الفقهاء على استحباب الوصية ، وعليه يحمل قوله تعالى ( كتب عليكم ) في الآية السابقة. وتثبت الوصية بشهادة عدلين.

ومن الطبيعي ان الوصية الشرعية تقسم الى قسمين : عهدية وتمليكية. فالوصية العهدية ، ايقاع يتم بمجرد الايجاب ولا يحتاج الى قبول ، كمن اوصى لآخر برعاية اطفاله ووفاء ديونه او استيفائها : فيجب ـ عندئذ ـ تنفيذها دون الرجوع الى الحاكم الشرعي. والوصية التمليكية كالعقد ، حيث تحتاج الى ايجاب وقبول ، كمن اوصى بمال لشخص معين.

__________________

١ ـ البقرة : ١٨٠.

٢ ـ من لا يحضره الفقيه : ج ٢ ص ٢٦٧.


وتتحقق الوصية بشكليها ، بوجود الارادة المعبر عنها بالقول او الفعل ، حي « يجوز ان يكون القبول فعلاً دالاً على الوضا بالايجاب بلا خلاف » (١).

ولما كان للوصية آثار مالية ومعنوية على الافراد في النظام الاجتماعي ، فقد حرم الاسلام لمن سمع محتوى تلك الوصية تبديلها او تغييرها بأي شكل من الاشكال ، للنص الحكيم : ( فَمَن بَدَّلَهُ بَعدَ ما سَمعَهُ فَاِنَّما اِثمُهُ عَلى الّذينَ يُبَدِّلُونَهُ اِنَّ اللهَ سَميعٌ عَليمٌ ) (٢). ولكن يجوز للوصي الرجوع عن وصيته ما دام حياً حتى لو كانت تمليكاً لشخص معين ، للروايات المروية عن اهل البيت (ع) ، ومنها : ( لصاحب الوصية ان يرجع فيها ، ويحدث في وصيته ما دام حياً ) (٣) ، ( للرجل ان يغير وصيته ، فيعتق من كان أمر بملكه ، ويملكمن كان أمر بعتقه ، ويعطي من كان حرمه ، ويحرم من كان اعطاه ما لم يمت ) (٤).

ويشترط في الموصي ان يكون اهلاً للتصرفات المالية ، ولا تصح من غيره ، كالصغير غير المميز والمجنون اذ لا ادراك لهما ، والمكره لعدم وجود الارادة ، والسفيه لحرمانه شرعاً من التصرفات المالية. وذهب المشهور الى ان الصبي المميز اذا أتم العشرة من عمره جازت وصيته بالخير والمعروف ، كما ذكرنا ذلك آنفاً.

ويشترط في الموصى له الوجود حين انشاء الوصية فلا تصح الوصية لمعدوم ، لان الوصية تمليك منفعة لفرد موجود واقعاً. وتصح الوصية للحمل

__________________

١ ـ الجواهر ـ باب الوصية.

٢ ـ البقرة : ١٨١.

٣ ـ التهذيب : ج ٢ ص ٣٨٧.

٤ ـ الكافي : ج ٢ ص ٢٣٧.


في بطنها على شرط وجوده حين الانشاء ، او الكتابة. واذا تبين ان الحمل كان توأماً ، ذكراً وأنثى ، قسّم الموصى به بينهما بالسوية لان حكم الوصية يختلف عن حكم الميراث.

وتصح الوصية لاهل الذمة ، وهم افراد اهل الكتاب ممن يدفعون الجزية للمسلمين ، لقوله تعالى : ( لا يَنهاكُمُ اللهُ عَن الّذينَ لَم يُقاتِلُوكُم في الدَينِ وَلَم يُخرِجُوكُم مِن دِيارِكُم اَن تَبَرُّوهُم وَتقسطُوا اِلَيهِم اِنَّ اللهَ يُحِبُّ المُقسِطينَ ) (١). وذهب جماعة من الفقهاء على جواز الوصية للحربي ، لقوله (ع) : ( اعط [ الوصية ] لمن اوصي له ، وان كان يهودياً او نصرانياً ، ان الله يقول : فمن بدله بعد ما سمعه فانما اثمه على الذين يبدلونه ) (٢). و « دعوى عدم قابلية الحربي للملك واضحة العدم. فالاقوى الجواز مطلقاً من غير فرق بين الحربي وغيره » (٣).

ولاشك ان الوصية تخرج من اصل التركة اذا كانت واجباً مالياً ، كالوصية بديون الناس ، او ديون الله كالزكاة ، والخمس ، ورد المظالم ، والكفارات. وقد اتفق الفقهاء على انها تخرج من الاصل اذا لم يعين اخراجها من الثلث ، لقوله تعالى : ( مِن بَعدِ وَصِيَّة تُوصُونَ بِها اَو دَين ) (٤). وللرواية الواردة عن الامام جعفر بن محمد (ع) عندما سئل عن رجل فرط في اخراج زكاته في حياته ، فلما حضرته الوفاة حسب جميع ما فرط فيه مما لزمه من الزكاة ، ثم اوصى ان يخرج ذلك فيدفع الى من يجب له؟ فقال (ع) :

__________________

١ ـ الممتحنة : ٨.

٢ ـ الوسائل : ج ١٣ ص ٤١٧.

٣ ـ الجواهر ـ باب الوصية.

٤ ـ النساء : ١١.


( جائز ، يخرج ذلك من جميع المال ، انما هو بمنزلة الديون لو كان عليه ، ليس للورثة شيء ، حتى يؤدى ما اوصى به من الزكاة ) (١). وتخرج الوصية من اصل التركة ايضاً اذا كان واجباً مالياً وبدنيا كالحج ، ودليله رواية عن الامام الصادق (ع). فقد سئل عن رجل توفي ، وأوصى ان يحج عنه؟ قال : ( ان كان صرورة فمن جميع المال ، وان كان تطوعاً فمن ثلثه ) (٢). اما اذا كانت الوصية في الواجب البدني كالصوم والصلاة ، فالمشهور انها تخرج من الثلث ان اوصى بها، ولا يجب اخراجها ان لم يوص بها ، لان قضاء ما فاته من الصوم والصلاة واجبة على الولد الأكبر. واذا كان الموصى به على وجه التبرع فحسب ، اي ليس واجباً ، فالوصية تنفذ بمقدار الثلث فقط ، مع وجود الوارث ، للرواية المروية عن رسول الله (ص) عندما سأله احدهم : ( انا ذو مال ، ولا يرثني الا ابنة لي ، أفاتصدق بثلثي مالي؟ قال الرسول : لا. قال الرجل : فالشطر؟ قال الرسول : لا. قال الرجل : فالثلث؟ قال الرسول : الثلث ، والثلث كثير. انك ان تذر ورثتك اغنياء خير من ان تدعهم عالة ، يتكففون الناس ). ومع عدم وجود الوارث فانه يستطيع ان « يوصي بماله حيث شاء في المسلمين والمساكين وابن السبيل » (٣).

__________________

١ ـ التهذيب : ج ٢ ص ٣٨١.

٢ ـ التهذيب : ج ٢ ص ٣٩٧.

٣ ـ التهذيب : ج ٢ ص ٣٨٦.


احكام الارث

وبطبيعة الحال ، فان للافراد المنضوين تحت سقف واحد والمنضمين لعائلة واحدة حقاً مالياً في النفقة والارث. والارث يمثل شكلاً من اشكال الثروة المالية المتداولة بين الاجيال المتعاقبة بحدود العلاقة النسبية والسببية. وقد حددها الاسلام بصورة دقيقة من اجل الحفاظ على حقوق الافراد في النظام الاجتماعي ، مشعراً بان المال مجرد وسيلة عملية لتسهيل اشباع حاجات الافراد على اختلاف اعمارهم واجناسهم في المجتمع الانساني. فاذا مات الفرد وانتفت حاجاته الاجتماعية تعين توزيع المال الذي تركه على الافراد الذين خلفهم في العائلة المنتسب اليها. فالارث ماهو الا عملية انتقال تركة الميت الحقوقية الى ورثته المقررين شرعاً. والتركة ، اسم للاشياء التي يتركها الميت كالعين ، او الدين ، او الحق المالي ، او حق الرهن ، او حق الشفعة او غير ذلك. والملاحظ ان الشريعة اوجبت تقسيم الحقوق المتعلقة بالتركة على النحو التالي : « اخراج الكفن اولاً ، والدين ثانياً ، والوصية ثالثاً ، والسهام رابعاً » (١). فالتجهيز الواجب للميت من كفن وغسل ودفن مقدم على الديون ، وبعد التجهيز يبدأ بوفاء الديون ، للناس كانت ام لله ، كالخمس والزكاة والكفارات ورد المظالم وحجة الاسلام. وبعد ذلك يقسم الباقي اثلاثاً حيث تخرج الوصايا بغير الواجب المالي من الثلث ، ويقسم الثلثان بين الورثة على كتاب الله وسنة نبيه ، لقوله (ع) : ( اول شيء

__________________

١ ـ الجواهر : كتاب الارث.


يبدأ به من المال الكفن ، ثم الدين ، ثم الوصية ، ثم الميراث ) (١).

ولاشك ان الموجب للأرث امران : النسب ، والسبب ، ويترتب السبب اما على الزوجية او على الولاء (٢). اما النسب او القرابة فتثبت بعلاقة الولادة الشرعية بين فردين ، وذلك بانتهاء احدهما الى الآخر ، كانتهاء الابناء والاحفاد الى الاب او الجد ، او بانتهاء الاثنين الى فرد ثالث كالأخوة والاعمام والاخوال. وللفرابة في الميراث ثلاثة مراتب غير متداخلة ، حيث لا يرث فرد من المرتبة الثانية مع وجود وارث من من المرتبة الاولى ، ولا من المرتبة الثالثة مع وجود فرد من المرتبة الثانية. وهذه المراتب :

١ ـ الابوان فقط من غير ارتفاع ، والاولاد وان نزلوا.

٢ ـ الاجداد وان ارتفعوا ، والاخوة واولادهم وان نزلوا.

٣ ـ الاعمام والاخوال واولادهم وان نزلوا شرط صدق اسم القرابة عليهم عرفاً.

وفي السبب ، فان الزوجية تجتمع في الميراث مع جميع المراتب ، فيرث احد الزوجين من الآخر الفرض المقدر له شرعاً من النصف والربع والثمن. وسنبعرض لذلك لاحقاً.

ويتحقق الولاء الموجب للارث اما عن طريق العتق ، فيرث السيد عبده بشرط ان يعتقه تبرعاً. واما عن طريق ضمان الجريرة ، وهو اتفاق اثنين لا وارث قريب لهما ، على ان يضمن كل منهما جناية الآخر كأن يقول احدهما : عاقدتك على ان تنصرني وانصرك ، وتعقل عني واعقل عنك ،

__________________

١ ـ الكافي : ج ٢ ص ٢٤٠.

٢ ـ مجمع البيان : ج ٣ ص ١٨.


وترثني وأرثك ، فيقول الآخر : قبلت. او يكون الضمان من جانب واحد فيقول المضمون للضامن : عاقدتك على ان تنصرني ، وتدفع عني ، وتعقل عني وترثني ، فيقول الآخر : قبلت. واما عن طريق ولاء الامام ، فاذا مات الفرد وترك مالاً ، ولا وارث له كان ميراثه للامام ، الا اذا كان الميت زوجاً اخذت الزوجة الربع وسلم الباقي للامام ، لان الامام وارث من لاوارث له. قال الشيخ الصدوق : ( متى كان الامام ظاهراً فماله للامام ومتى كان الامام غائباً فماله لاهل بلده متى لم يكن له وارث ولا قرابة اقرب اليه منهم بالبلد به ) (١) ، لان علياً (ع) كان يقول في الرجل يموت ويترك مالاً وليس له احد : ( أعط المال همشاريجه ) (٢). اي اهل بلده.

ويثبت الارث اذا وجد المقتضي ، وانتفى المانع ؛ بمعنى انه لابد من وجود الوارث الشرعي الذي يحق له استلام المال المخصص في الارث. ولابد من انعدام العوائق التي تعيق ذلك الانتقال المالي من المورث الى الوارث. فمن الموانع اختلاف الدين ، والقتل ، والرق. فالمسلم يرث غير المسلم ولا يصح العكس ، للروايات المتضافرة عن ائمة اهل البيت (ع) ومنها : ( لا يرث الكافر المسلم ) (٣) ، و( لا يتوارث اهل ملتين نحن نرثهم ، ولا يرثونا ان الله عز وجل ام يزدنا بالاسلام الا عزاً ) (٤). و ( لا يرث اليهودي والنصراني المسلمين ، ويرث المسلمون اليهود والنصارى ) (٥). و « الاجماع

__________________

١ ـ من لا يحضره الفقيه : ج ٤ ص ٢٤٢.

٢ ـ الكافي : ج ٧ ص ١٦٩.

٣ ـ التهذيب : ج ٩ ص ٣٧٢.

٤ ـ من لا يحضره الفقيه : ج ٤ ص ٢٤٤.

٥ ـ الاستبصار : ج ٤ ص ١٩٠.


على ذلك ، ولما جاء عن اهل البيت (ع) : لو ان رجلاً ذمياً اسلم وأبوه ، ولابيه ولد غيره ، ثم مات الاب ورث المسلم جميع ماله ، ولا يرث ولده ، ولا امرأته من المسلم شيئاً » (١). اما غير المسلمين فانهم يتوارثون فيما بينهم ، فالنصراني يرث اليهودي وبالعكس « بلا خلاف معتد به » (٢) ، لقوله تعالى : ( لَكُم دينُكُم وَلِي دينِ ) (٣) وقوله ايضاً : ( فَماذا بَعدَ الحَقِّ اِلاَ الضَّلال ) (٤) ، مشعراً بان الكفر مجتمعاً ملة واحدة.

والقتل يمنع الارث ، فاذا قتل مورثه عمداً بغير حق منع القاتل من الارث للرواية المروية عن رسول الله (ص) : ( لا ميراث للقاتل ) (٥) ، لانه تعجل الميراث فعوقب بخلاف قصده.

ومن الورثة من يرث بالفرض وهو السهم المقدر في كتاب الله كالزوج والزوجة ، ومنهم من يرث بالقرابة كالابن ، ومنهم من يرث بالفرض مرة وبالقرابة مرة اخرى كالبنت ترث الفرض اذا لم يكن لها ابن ، وبالقرابة اذا كان لها ابن.

والفروض المقدرة في كتاب الله ستة ، وهي : النصف ، والربع ، والثمن ، والثلثان ، والثلث ، والسدس (٦). ففي النصف : فريضة البنت الواحدة ( وَاِن كانَت واحِدَة فَلَها النِّصف ) (٧) ،

__________________

١ ـ الجواهر ـ كتاب الارث.

٢ ـ الجواهر ـ كتاب الارث.

٣ ـ الكافرون : ٦.

٤ ـ يونس : ٣٢.

٥ ـ الكافي : ج ٧ ص ١٤١.

٦ ـ التهذيب : ج ٩ ص ٢٤٩.

٧ ـ النساء : ١١.


وفريضة الاخت الواحدة لابوين او لاب ( قُلِ اللهُ يُفتيكُم في الكَلالَةِ اِن امرؤٌ هَلَكَ لَيسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُختٌ فَلَها نِصفُ ما تَرَكَ ) (١) ، وفريضة الزوج عند عدم الولد ( وَلَكُم نِصفُ ما تَرَكَ اَزواجُكُم اِن لَم يَكُن لَهُنَّ وَلُد ) (٢).

وفي الربع : فريضة الزوج مع الولد ( فَاِن كانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُم الرُّبعَ مِمّا تَركنَ مِن بَعدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِها اَو دَينٍ ) (٣) ، وفريضة الزوجة مع عدم الولد ( وَلَهُنَّ الرُّبعَ مِمّا تَرَكتُم اِن لَم يَكُن لَكُم وَلَدٌ ) (٤).

وفي الثمن : فريضة الزوجة مع الولد ( فَاِن كانَ لَكُم وَلَد فَلَهُنَّ الثَمُن مِمّا تَرَكتُم مِن بَعدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِها اَو دَينٍ ) (٥).

وفي الثلثين : فريضة الاختين لابوين او لاب ( فَاِن كانَتا اثنَتَينِ فَلَهُما الثُلُثانِ مِمّا تَرك ) (٦) ، وفريضة البنتين فاكثر ( فَاِن كُنَّ نِساءً فَوقَ اثنَتَينِ فَلَهُنَّ ثُلُثا ماتَرَك ) (٧).

وفي الثلث : فريضة الام عند عدم وجود الابن للميت ، وعدم وجود الاخوة له يحجبونها عما زاد عن السدس ( فَاِن لَم يَكُن لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ اَبَواه فَلأمِّهِ الثُلُث ) (٨) ، وفريضة الاخوات من الام فقط ( فَاِن كانُوا اَكثَرَ مِن ذلِكَ فَهُم

__________________

١ ـ النساء : ١٧٦.

٢ ـ النساء : ١٢.

٣ ـ النساء : ١٢.

٤ ـ النساء : ١٢.

٥ ـ النساء : ١٢.

٦ ـ النساء : ١٧٦.

٧ ـ النساء : ١١.

٨ ـ النساء : ١١.


شُرَكاءُ في الثُلُث ) (١).

وفي السدس : فريضة الابوين مع الولد ( وَلاَبَوَيهِ لِكُلِّ واحِدٍ منُهما السُّدُس مِمّا تَرَكَ اِن كانَ لَهُ وَلَدٌ ) (٢) ، وفريضة الام مع الاخوة ( فَاِن كانَ لَهُ اِخوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُس ) (٣) ، وفريضة الاخ الواحد او الاخت الواحدة من الام ( وَاِن كانَ رَجُلٌ يُورث كَلالَة اَو امرأةّ وَلَهُ اَخٌ اَو اختٌ فَلِكُلِّ واحِدٍ مِنهُما السُّدُس ) (٤).

ويمكن ان تجتمع الفروض بعضها مع بعض ، فالنصف يجتمع مثلاً مع الربع كالزوج والبنت حيث ان للبنت النصف وللزوج الربع ، وهناك موارد متعددة تجتمع فيها الفروض.

ويمكن ان يمنع شخص من الارث كلا او بعضا بسبب وجود فرد آخر ، فيكون الثاني حاجباً والاول محجوباً. والحجب على نوعين : حجب الحرمان ، حيث يكون الحاجب سبباً لمنع المحجوب عن اصل الميراث كحرمان الجد كلية بسبب وجود الاب ، والضابط لحجب الحرمان مراعاة الاقرب ، لقوله تعالى : ( وَاُولُوا الاَرحامِ بَعضُهُم اَولى بِبَعضٍ في كِتابِ اللهِ ) (٥). وحجب النقصان ، وهو ان يكون الحاجب سبباً للمنع من النصيب لا من اصل الارث كحرمان الزوج مما زاد على الربع بسبب وجود الولد.

ويصطلح الفقهاء على نقصان الفروض عن التركة ب ـ « التعصيب ».

__________________

١ ـ النساء : ١٢.

٢ ـ النساء : ١١.

٣ ـ النساء : ١١.

٤ ـ النساء : ١٢.

٥ ـ الانفال : ٧٥.


ومثال ذلك ، ان فرض البنت الواحدة النصف ، فاذا مات الاب وله بنت واحدة فقط وليس له ولد ذكر ، فان بعض المذاهب الاسلامية قد جعلت اخ الميت شريكاً مع البنت ، فيأخذ مع البنت النصف. ولكن فقهاء الامامية قالوا بان التعصيب باطل ، وان ما بقن من الفرض يجب رده على صاحب الفرض القريب ، فالتركة اذن ترجع بكاملها الى البنت ، وليس لاخ الميت شيء، لقوله تعالى : ( لِلرِجالِ نِصيبٌ مِمّا تَرَكَ الوالِدانِ وَالاَقرَبُونَ وَلِلنِّساءِ نَصيبٌ مِمّا تَرَكَ الواِلدانِ وَالاَقرَبُونَ مِمّا قَلَّ مِنهُ اَو كَثُرَ نَصيباً مَفرُوضاً ) (١).

اما « العول » فهو اصطلاح يطلقه الفقهاء على زيادة السهام على التركة بوجود الزوج او الزوجة. كما لو ترك الميت زوجة وابوين وبنتين ، ففرض الزوجة الثمن ، وفرض الابوين الثلث ، وفرض البنتين الثلثان. ولا تحتمل الفريضة ثمناً وثلثاً وثلثين. ولكن علماء الامامية قالوا بعدم العول وبفاء الفريضة ، وان النقص يدخل دائماً على البنات والاخوات دون الزوج والزوجة والام والاب ، وعليه فان للزوجة الثمن وللابوين الثلث والباقي للبنتين.

والمرتبة الاولى من مراتب الارث تشمل الابوين والاولاد واولادهم. والولد اصطلاح يطلق على الذكر والانثى لانه مشتق من الولادة كما قال تعالى : ( يُوصِيكُمُ اللهُ في اَولادكُم لِلذَّكَرِ مِثل حَظِّ الاُنثَيَينِ ) (٢). واستدل بميراث المرتبة الاولى بقول الامام محمد الباقر (ع) : ( لا يرث مع الام ، ولا مع الاب ، ولامع الابن ، ولا مع الابنة ، الا الزوج والزوجة ، وان

__________________

١ ـ النساء : ٦.

٢ ـ النساء : ١١.


الزوج لا ينقص من النصف شيئاً اذا لم يكن [ له ] ولد ، وان الزوجة لاتنقص مع الربع شيئاً اذا لم يكن [ لها ] ولد ، فان كان معهما ولد فللزوج الربع ، وللمرأة الثمن ) (١). واحكام مواريث الاب ، والام ، والاولاد ، واولاد الاولاد ، والحبوة مفصلة ي كتب الفقه ، وعرضها هنا بشكل استدلالي يخرج عن نطاق هذا الكتاب.

والمرتبة الثانية تشمل الاجداد والجدات ، والاخوة والاخوات واولادهم. وقد اطلق على الاخوة اسم الكلالة وهي من الاكليل لاحاطتهم بالفرد كما يحيط الاكليل بالرأس. فاذا كان للميت مثلاً اخوة ذكور من ابيه وامه قُسِّم المال بينهم بالسوية ، وان كان معهم اناث فللذكر مثل حظ الانثيين كما ورد نصاً واجماعاً. ويعتبر في تقسيم الارث في هذه المرتبة ان الجد كالاخ ، والجدة كالاخت ، للروايات المتضافرة ، ومنها : ( يورث الاخ من الاب مع الجد ينزله بمنزلته ) (٢) ، و ( ان الجدة مع الاخوة من الاب مثل واحد من الخوة ) (٣). و ( ان الجد مع الاخوة يرث حيث ترث الاخوة ، ويسقط حيث تسقط ، وكذلك الجدة اخت مع الاخوات ترث حيث يرثن ، وتسقط حيث يسقطن ) (٤). وقد « انعقد الاجماع على ان اولاد الاخوة يقومون مقام آبائهم ، ويرثن نصيبهم مع عدمهم ، وعدم من هو في درجتهم » (٥).

والمرتبة الثالثة تشمل الاعمام والاخوال واولادهم. وقد « اجمع

__________________

١ ـ الكافي : ج ٧ ص ٨٢.

٢ ـ من لا يحضره الفقيه : ج ٤ ص ٢٠٦.

٣ ـ من لا يحضره الفقيه : ج ٤ ص ٢٠٦.

٤ ـ الوسائل : ج ١٧ ص ٤٩٣.

٥ ـ مفتاح الكرامة ـ كتاب الارث.


الفقهاء على ان جميع افراد هذه المرتبة انما يرثون مع فقد الاجداد وآبائهم ، والاخوة وابنائهم » (١). واذا انفرد الاعمام واتحدوا في النسبة الى الميت اقتسموا التركة بالسوية ، وكذلك الاخوال. ولكن اذا اجتمع الاعمام والاخوال ، فللاخوال الثلث ذكوراً كانوا ام اناثاً ، وللاعمام الثلثان ذكوراً كانوا ام اناثاً. و « هو المشهور بين الفقهاء شهرة عظيمة ، لاستفاضة النصوص او تواترها. قال الامام الصادق (ع) : جاء في كتب علي (ع) : ان العمة بمنزلة الاب ، والخالة بمنزلة الام ، وبنت الاخ بمنزلة الاخ ، وكل ذي رحم بمنزلة الرحم الذي يجر به الا أن يكون هناك وارث اقرب الى الميت فيحجبه » (٢).

وفي ميراث الزوجين ، يشارك الزوج الورثة في جميع المراتب المذكورة سابقاً ، وله النصف من تركة الزوجة اذا لم يكن لها ولد منه او من زوج غيره والربع ان كان لها ولد ، ولا فرق ان كان منه او من غيره ، لقوله تعالى : ( وَلَكُم نِصفُ ما تَرَكَ اَزواجُكُم اِن لَم يَكُن لَهُنَّ وَلَدٌ فَاِن كانَ لَهُنَّ وَلَد فَلَكُم الرَبعُ مِمّا تَرَكن ) (٣) وتعد الشريعة ولد الولد بمنزلة الولد ، لقوله (ع) : ( ولد البنين بمنزلة البنين ، ويحجبون الابوين والزوجين عن سهامهم الاكثر ، وان سفلوا ببطن او بطنين او ثلاثة او اكثر ، ويرثون ما يرث الولد للصلب ، ويحجبون ما يحجب الولدل لصلب ).

وتشارك الزوجة الورثة في جميع المراتب ، ولها الربع ان لم يكن له ولد منها او من غيرها ، والثُمن اذا كان له ولد منها او من غيرها ، لقوله تعالى :

__________________

١ ـ مفتاح الكرامة ـ كتاب الارث.

٢ ـ الجواهر ـ كتاب الارث.

٣ ـ النساء : ١٢.


( وَلَهُنَّ الرَبعَ مَمّا تَركتُم اِن لَم يَكُن لَكُم وَلَد فَاِن كانَ لَكُم وَلَد فَلَهُنَّ الثُّمنَ مِمّا تَركتُم ) (١). واذا تعددت الزوجات فهن شركاء في الربع او الثمن بعد اقتسامه بالسوية.

__________________

١ـ النساء : ١٢.


احكام الطلاق

ولما كان الطلاق من اهم اسباب اضطراب العائلة وتحللها في النظام الاجتماعي ، لانه يتعلق بحقوق الزوج والزوجة والاولاد ، وما يترتب على انفصام العلاقة الزوجية من مشاكل اجتماعية وحقوقية بين عائلتي الزوجين ، كان لابد من تنظيم دقيق لشروطه وعناصره الاخرى المتمثلة بالمطلِّق والمطلِّقة والعدة والنفقة والرضاع والحضانة ونحوها.

ويقسم الفقهاء الطلاق الى قسمين : طلاق السنة وهو الطلاق الذي يلتزم به الفرقاء بالشروط الشرعية المقررة ، وطلاق البدعة وهو الطلاق غير المشروع ويدخل فيه طلاق الحائض والنفساء بعد الدخول ، والتطليق بعد المواقعة في طهرها ، والتطليق ثلاثاً بصيغة واحدة ، والتطليق بغير شهود. وللطلاق الشرعي اركان اربعة هي : المطلِّق ، والمطلَّقة ، وصيغة الطلاق ، والشهود.

ويشترط في شخصية المطلِّق اربعة شروط ، اولاً : البلوغ ، فلا يصح طلاق الصبي حتى او كان مميزاً. ثانياً : العقل. ثالثاً : الاختيار ، لما ورد في حديث لرسول الله (ص) : ( رفع عن امتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه ) (١). و « تؤيده رواية عائشة عنه (ص) : لاطلاق ولاعتاق ولا اغلاق (٢). قال ابو عبيد : الاغلاق الاكراه ، وهو مذهب علي (ع) وابن عمر وابن عباس. وحكم المغضب حكم المكره مع ارتفاع قصده ، لاشتراكهما في

__________________

١ ـ الخصال : ج ٢ ص ١٨٤.

٢ ـ سنن ابن ماجة : ج ١ ص ٦٦٠.


العلة » (١). رابعاً : القصد ، اي تطابق اللفظ مع النية « للاجماع ، وصحيح هشام عن الامام الصادق (ع) : ( لاطلاق الا لمن اراد الطلاق ) ، وقول الباقر (ع) : لا طلاق على سنة وعلى طهر بغير جماع الا بنية ، ولو ان رجلاً طلق ، ولم ينو الطلاق لم يكن طلاقه طلاقاً : الى غير ذلك من النصوص المعتضدة بعموم ( لاعمل الابنية ) و ( انما الاعمال بالنيات ) بناء على ارادة القصد منها لا خصوص القربة » (٢).

وليس للاب ان يطلق ابنه غير البالغ ، لليص الوارد عن رسول الله (ص) : ( الطلاق بيد من اخذ بالساق ) (٣). وقد ذهب المشهور ان للزوج الحق ، غائباً كان او حاضراً ، في توكيل من يشاء بطلاق زوجته ، لإطلاق ادلة الوكالة الشرعية.

ولاشك ان الطلاق لا يتم ما لم تتوفر كل الشروط الشرعية في المطلَّقة. وهذه الشروط هي ، اولا : ان تكون بالفعل زوجة دائمة. ثانياً : ان يعينها بالذات ، فيقول مثلاً : فلانة طالق. ثالثاً : ان تكون في طهر لم يواقعها فيه ، فلو طلقت وقت الحيض او النفاس او في طهر المواقعة فسد الطلاق ، لقوله تعالى : ( يااَيُّها النَّبي اِذا طَلَّقتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ ) (٤) ، وزمان العدة في الآية الشريفة هو الطهر اجماعاً، فمعنى ( طلقوهن لعدتهن ) اي « لزمان عدتهن : وذلك ان يطلقها في طهر لم يجامعها فيه .. عن ابن عباس وابن مسعود والحسن ومجاهد وابن سيرين وقتادة والضحاك والسدي. فهذا هو

__________________

١ ـ التنقيح الرائع : ج ٣ ص ٢٩٤.

٢ ـ الجواهر : ج ٣٢ ص ١٧.

٣ ـ المستدرك ، مقدمات الطلاق ، باب ٢٥ خبر٣.

٤ ـ الطلاق : ١.


الطلاق للعدة لانها تعتد بذلك الطهر من عدتها وتحصل في العدة عقيب الطلاق. فالمعنى فطلقوهن لطهرهن الذي يحصينه من عدتهن ولا تطلقوهن لحيضهن الذي لا يعتددن به من قرئهن ، فعلى هذا يكون العدة الطهر على ما ذهب اليه اصحابنا » (١). ويدل على ذلك ايضاً قوله (ع) : ( اما طلاق السنة فاذا اراد الرجل ان يطلق امرأته فلينتظر بها حتى تطمث وتطهر فاذا خرجت من طمثها طلقها تطليقة من غير جماع ويشهد شاهدين ) (٢). فشرط صحة الطلاق هو ان تستبرئ بحيضة بعد المواقعة ، الا في حالة المسترابة ، وهي غير الآيس التي لا يأتيها الحيض لسبب مرضي ، فيمسك عنها زوجها ثلاثة اشهر على الاقل.

ويستثنى في بطلان طلاق الحائض خمسة اصناف : « الحامل المتيقن حملها ، والتي لم يدخل بها زوجها. والغائب عنها زوجها ، والتي لم تحض ، والتي قد يئست من المحيض » (٣).

ولا يقع الطلاق الا بصيغة معينة حددها الشارع ، وهي لفظ « الطلاق » ، لرواية بكير بن أعين عن الامام (ع) « ان يقول لها ، وهي في طهر من غير جماع : انت طالق ، ويشهد شاهدي عدل ، وكل ما سوى ذلك فهو ملغى » (٤).

ولا يقع الطلاق الا بالاشهاد ، وهو حضور شاهدين عدلين من الذكور ، لقوله تعالى بعد ذكر انشاء الطلاق وجواز الرجعة : ( وَاَشهِدُوا ذَوي عَدلٍ مِنكُم وَاَقِيمُوا الشَّهادَةَ لِلّهِ ذلِكُم يُوعَظُ بِهِ مَن كانَ يُؤمِن بِاللّهِ وَاليَومِ

__________________

١ ـ مجمع البيان : ج ٢٨ ص ١٠٢.

٢ ـ الكافي : ج ٢ ص ٩٩.

٣ ـ من لا يحضره الفقيه : ج ٢ ص ١٦٩.

٤ ـ الكافي ج ٢ ص ١٠١.


الآخِر ) (١) ، ولقوله (ع) : ( وان طلقها في استقبال عدتها طاهراً من غير جماع ، ولم يشهد على ذلك رجلين عدلين فليس طلاقه اياها بطلاق ) (٢).

ويقسم الفقهاء طلاق السنة الى قسمين ، الطلاق الرجعي والطلاق البائن. فالرجفي يملك فيه المطلِّق الحق الرجوع الى مطلقته المدخول بها ما دامت في العدة ، رضيت بذلك ام لم ترض ، لانها تعتبر شرعاً بحكم الزوجة اولاً ، ولانه هو الذي طلقها كرها لها ، ثانياً. ولايترتب على الطلاق الرجعي اي اثر على الحياة الزوجية سوى عدُّه من التطليقات الثلاث ، للنص الوارد عن الامام الصادق (ع) : ( المطلقة [ الرجعية ] تكتحل وتختضب وتتطيب ، وتلبس ما شاءت من الثياب ، لان الله عز وجل يقول : ( لَعَلَّ الله يحُدِثُ بَعدَ ذلِكَ اَمراً ) لعلها تقع في نفسه فيراجعها ) (٣).

والطلاق البائن هو الذي تنقطع فيه الرجعة الى المطلَّقة. ويشمل المطلَّقة ثلاثاً ، والمطلَّقة غير المدخول بها ، والآيسة ، والمطلَّقة خلعياً.

فاذا طلق المرء زوجته ثلاث مرات فلا تحل له ، حتى تنكح زوجاً غيره نكاحاً دائمياً صحيحاً ويدخل بها ، بدليل النص القرآني الشريف : ( فَاِن طَلَّقَها فَلا تَحِلُّ لَهُ مِن بَعد ، حَتّى تَنكح زَوجاً غَيرَه فَاِن طَلَّقَها فَلا جُناحَ عَلَيهِما اَن يَتَراجَعا ) (٤) ، وما روي عن الامام (ع) : ( المطلقة التطليقة الثالثة لا تحل له ، حتى تنكح زوجاً غيره ، ويذوق عسيلتها ) (٥). وتحرم

__________________

١ ـ الطلاق : ٢.

٢ ـ التهذيب : ج ٢ ص ٢٦٣.

٣ ـ الكافي : ج ٢ ص ١٠٨.

٤ ـ البقرة : ٢٣٠.

٥ ـ الكافي : ج ٢ ص ١٠٣.


المطلقة تسع مرات للعدة مؤبداً على زوجها. بمعنى ان طلاق العدة وهو ان يطلقها ثم يراجعها ويطأها ثم يطلقها في طهر آخر ثم يراجعها ويطأها ، ويحللها الزوج الثاني ، ثم يتزوجها الاول بعقد جديد ، وهكذا الى ان يتم طلاق العدة تسع مرات ، يثبت الحرمة المؤبدة بين المطلَّقين. فلا يحل لهما بعدئذ الزواج من بعضهما مرة اُخرى.

واذا ادعت المرأة المطلقة ثلاثاً بانها تزوجت من زوج آخر يقبل قولها بلا يمين ، وللزوج الاول ان يتزوجها اذا اطمأنَّ الى صدق ادعائها « لرواية حماد الصحيحة عن ابي عبد الله (ع) في رجل طلق امرأته ثلاثاً ، فبانت منه ، فاراد مراجعتها ، فقال لها : اني اريد مراجعتك فتزوجي زوجاً غيري ، فقالت : قد تزوجت زوجاً غيرك ، وحللت لك نفسي؟ أتصدَّق ويراجعها ، وكيف يصنع؟ قال (ع) : اذا كانت المرأة ثقة صُدِّقَت في قولها بناء على عدم ارادة الشرطية بذلك » (١).

والطلاق البائن ، خلعي ومبارأة ، فالطلاق الخلعي ناتج عن ابانة الزوجة على مال تفتدي نفسها به ، بسبب كرهها له ، لقوله تعالى : ( فَاِن خِفتُم اَلاّ يُقِيما حُدودَ اللهِ فَلا جُناحَ عَلَيهِما فيما افتَدَت بِه تِلكَ حُدود اللهِ فَلا تَعتَدُها ) (٢) ، وقوله ايضاً : ( فَاِن طِبنَ لَكُم عَن شَيء مِنهُ نَفساً فَكُلُوهُ هَنيئاً مَريئاً ) (٣). وقيل في صيغة الطلاق الخلعي ، ان الافضل ان يجمع بين لفظي الخلع والطلاق ، فيقول مثلاً : خلعتك على كذا فانت طالق. واتفق الفقهاء على

__________________

١ ـ الجواهر : ج ٣٢ ص ١٧٣.

٢ ـ البقرة : ٢٢٩.

٣ ـ النساء : ٤.


ان الخلع يجب ان يعقب البذل فوراً لأن المعاوضة تقتضيه. واذا تراخى في الطلاق بعد ان بذلت له المال لم يستحق العوض ، ووقع الطلاق رجعياً ان كان قد دخل بها ، ولم تكن آيسة.

والمعروف ان الفدية هو العوض الذي تبذله الزوجة لزوجها كي يطلق سراحها ؛ فيمكن ان يكون بمقدار المهر او اقل او اكثر ، بدليل قول الامام الصادق (ع) : ( يخلعها بما تراضيا عليه من قليل او كثير ) (١).

ويشترط في الطلاق الخلعي ما يشترط في غيره ، من وجود العقل والبلوغ والاختيار والقصد عند كلا الطرفين. ويشترط في المختلعة ايضاً ان تكون في طهر لم يواقعها فيه اذا كان قد دخل بها ، وان تكون غير آيسة ، ولا صغيرة ، ولا حامل. ويشترط في صحة الخلع حضور شاهدي عدل. ولا يصح الخلع ولا يجوز للرجل اخذ العوض الا اذا كانت هي وحدها كارهة للزوج ، للنص الشرعي الصريح بذلك : ( لا يكون الخلع ، حتى تقول : لا اطيع لك امراً ، ولا ابر لك قسماً ، ولا اقيم لك حداً ، فخذ مني وطلقني ، فاذا قالت ذلك فقد حل له ان يخلعها بما تراضيا عليه من قليل او كثير ) (٢). والمختلعة تعتد اينما شاءت ، ولا نفقة لها الا اذا كانت حاملاً.

وطلاق المبارأة ، « تطليقة بائنة ، وليس فيها رجعة » حسب ما ورد في الرواية (٣). ومن شروطها تبادل الكراهية من قبل الزوجين ، وقد ثبت الاجماع على ذلك « مضافاً الى موثق سماعة عن ابي عبد الله وابي الحسن

__________________

١ ـ التهذيب : ج ٢ ص ٢٧٦.

٢ ـ التهذيب : ج ٢ ص ٢٧٦.

٣ ـ الاستبصار : ج ٣ ص ٣١٧.


(ع) : سألته عن المبارأة ، كيف هي؟ فقال : يكون للمرأة شيء على زوجها من صداق او من غيره ، ويكون قد اعطاها بعضه ، فيكره كل منهما صاحبه ، فتقول المرأة لزوجها : ما أخذته منك فهو لي ، وما بقي عليك فهو لك ، وابارئك ، فيقول لها الرجل : فان انت رجعت في شيء مما تركت فانا احق ببضعك » (١). وصيغة المبارأة تصح بلفظ : « بارأتك ، انت طالق » ، حيث « لابد هنا من الاتباع بالطلاق على المشهور ، بل لا نعلم فيه مخالفاً ، وادعى جماعة انه اجماع » (٢). ويجب ان تكون الفدية بمقدار المهر او اقل ، ولا تجوز الزيادة ، للنص عنه (ع) : « لا يحل لزوجها ان يأخذ منها الا المهر فما دونه » (٣).

والعدة ، هي الفترة التي حددها الشرع للمطلقة للدخول في زواج آخر ، للنص المجيد : ( وَالمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصنَ بِاَنفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوء ) (٤) ، والمقصود شرعاً بالقرء هو الطهر ، او ما بين الحيضتين ، وقوله تعالى ايضاً : ( وَالَّذينَ يَتَوَفَّونَ مِنكُم وَيَذَرُونَ اَزواجاً يَتَرَبَّصنَ بِاَنفُسِهِنَّ اَربَعَة اَشهُرٍ وَعَشراً ) (٥). وقد اجمع الفقهاء على انه لا اثر للعدة ما لم يحصل الدخول ، كما جاء في قوله تعالى : ( اَذا نَكَحتُم المُؤمِنات ثُمَّ طَلَّقتُمُوهُنَّ مِن قَبل اَن تَمَسُّوهُنَّ فَما لَكُم عَلَيهِنَّ مِن عِدَّةٍ تَعتَدّونَها ) (٦) ، والرواية الواردة عن ائمة اهل البيت (ع) : ( اذا طلق الرجل امرأته ، قبل ان يدخل بها تطليقة واحدة

__________________

١ ـ الجواهر : ج ٣٣ ص ٨٩.

٢ ـ شرح اللمعة للشهيد الثاني : ج ٦ ص ١١٢.

٣ ـ الكافي : ج ٢ ص ١٢٤.

٤ ـ البقرة : ٢٢٨.

٥ ـ البقرة : ٢٣٤.

٦ ـ الاحزاب : ٤٩.


فقد بانت منه ، وتزوج من ساعتها ان شاءت) (١). ولا عدة على المطلقة التي بلغت سن اليأس ، وهو الخمسين بالنسبة لغير القرشية ، والستين بالنسبة للقرشية ، للعوامل الجينية الوراثية. والمطلقة الحامل تعتد بوضع الحمل نصاً واجماعاً لقوله تعالى : ( وَاُولاتِ الاَحمالِ أجَلهُنَّ اَن يَضَعنَ حَملَهُنَّ ) (٢) ، « قال ابن عباس هي في المطلقات خاصة وهو المروي عن ائمتنا (ع) ؛ فعدتهن وضع الحمل » (٣). اما المطلقة الشابة التي لا يأتيها الحيض لسبب مرضي ، وتسمى بالمسترابة ، فانها تعتد مع الدخول وعدم الحمل بثلاثة اشهر ، بدليل النصوص الشرعية ، ومنها : ( عدة المرأة التي لا تحيض والمستحاضة التي لا تطهر ثلاثة اشهر ، وعدة التي تحيض ويستقيم حيضها ثلاثة قروء ... والمسترابة [ وهي التي يأتيها الحيض ما زاد على شهر ] فلتعتد ثلاثة اشهر ولتترك الحيض ) (٤).

وعدة المتمتع بها اذا كانت حاملاً هو وضع الحمل ، ومع الدخول وعدم الحمل حيضتان ، للرواية المروية عن الامام جعفر بن محمد (ع) : ( اذا انقضى الاجل بانت منه بغير طلاق ، ويعطيها الشيء اليسير ، وعدتها حيضتان ) (٥). واذا كانت غير قادرة على الحيض فعدتها خمس واربعون يوماً « اجماعاً ونصوصاً ، بل في خبر البزنطي عن الامام الرضا (ع) انه قال : ( قال ابو جعفر (ع) : عدة المتمتعة خمسة واربعون يوماً ، والاحتياط خمس

__________________

١ ـ الكافي : ج ٢ ص ١٠٥.

٢ ـ الطلاق : ٥.

٣ ـ مجمع البيان : ج ٢٨ ص ١٠٨.

٤ ـ التهذيب : ج ٢ ص ٢٨٢.

٥ ـ الجواهر : ج ٣٠ ص ١٩٦.


واربعون ليلة ) ، بمعنى خمسة واربعون يوماً بلياليها ، بل الاولى عدم اعتبار التلفيق » (١). والآيسة لا عدة لها.

ولو توفي زوجها فعدتها اربعة اشهر وعشرة ايام ، دخل بها ام لم يدخل ، دائمة كانت أو منقطعة ، لقوله تعالى : ( وَالَّذينَ يُتَوَفَّونَ مِنكُم ، وَيَذَرُونَ اَزواجاً يَتَرَبَّصنَ بِاَنفُسِهِنَّ اَربَعَة اَشهُرٍ وَعَشراً ) (٢). اما اذا كانت حاملاً وتوفي زوجها فعدتها ابعد الاجلين. واتفق الفقهاء على وجوب الحداد خلال فترة العدة ، اذا توفي زوجها ؛ للرواية المروية عن الامام (ع) : ( المتوفى عنها زوجها لا تكتحل للزينة ، ولا تتطيب ، ولا تلبس ثوباً مصبوغاً ، ولا تبيت عن بيتها ، وتقضي الحقوق ) (٣).

ويكون للمعتدة من الطلاق الرجعي النفقة حاملاً كانت او غير حامل ، وكذلك المعتدة من الطلاق البائن فان لها النفقة ان كانت حاملاً فقط ، ولا نفقة لها ان كانت حائلاً. اما المعتدة من الوفاة فلا نفقة لها وان كانت حاملاً ، بسبب وجود التركة المالية التي لها حق ثابت فيها. واتفق الفقهاء على ان المطلقة الرجعية تعتد في بيت الزوج ، ولا يجوز للزوج اخراجها منه ، ولا يجوز لها الخروج من البيت الا باذنه ، والا تعدّ ناشزة وتسقط نفقتها. اما المطلقة البائنة فانها تعتد في اي مكان ، لانقطاع العصمة بينها وبين زوجها اولاً ، وسقوط نفقتها الا إذا كانت حاملاً ثانيا ، وانتفاء التوارث بينهما ثالثاً.

ويستطيع الزوج في الطلاق الرجعي ان يستبقي زوجته المطلقة ، في

__________________

١ ـ الجواهر : ج ٣٠ ص ١٩٩.

٢ ـ البقرة : ٢٣٤.

٣ ـ الكافي : ج ٢ ص ١١٦.


عصمته خلال عدتها وردها اليه دون عقد جديد ، لقوله تعالى : ( وبُعُولَتهُنَّ اَحَقُّ بِرَدهنَّ ) (١) ، ( فَاِذا بَلَغنَ اَجَلَهُنَّ فَأمسِكُوهُنَّ بِمَعرُوفٍ اَو فارِقُوُهُنَّ بِمَعرُوفٍ ) (٢) ، والمعنى انه عند الاشراف على انتهاء العدة لا ضير في ان يراجع مطلَّقته بقصد المعاشرة بالمعروف. وتتحقق الرجعة بالفعل المقصود ، و « تصح نطقاً كقوله (رجعت ) و ( راجعت ) و ( ارتجعت ) مع اتصالها باسم ظاهر ، كقوله ( راجعت فلانة ) او ( ارتجعت فلانة ) او مضمر كقوله ( راجعتك ) او ( ارتجعتك ) ، وفعلاً كالوطء والقبلة واللمس بالشهوة » (٣). وتتحقق الرجعة ايضاً بانكار الطلاق اثناء العدة. و « الاجماع على ذلك ، لانه يتضمن التمسك بالزوجية ، بل في المسالك هو ابلغ من الرجعة بالفاظها المشتقة منها وما في معناها. ويستدل على ذلك بصحيحة ابي ولاد عن ابي عبد الله (ع) : ( ان كان انكر الطلاق قبل انقضاء العدة فان انكاره للطلاق رجعة لها ، وان كان انكر الطلاق بعد انقضاء العدة فان على الامام ان يفرق بينهما بعد شهادة الشهود ). وعن الفقه المنسوب الى الرضا (ع) : ( وادنى المراجعة ان يقبّلها او ينكر الطلاق ) ، فيكون انكار الطلاق رجعة » (٤).

__________________

١ ـ البقرة : ٢٨٨.

٢ ـ الطلاق : ٢.

٣ ـ التنقيح الرائع : ج ٣ ص ٣٢٩.

٤ ـ الجواهر : ج ٣٢ ص ١٨٢.


خصائص النظام العائلي الاسلامي بالمقارنة مع النظام العائلي الرأسمالي

ومن اجل فهم الابعاد الحقيقية للمؤسسة العائلية في المجتمع الاسلامي ، ودور الشريعة في إحكام بنائها العلوي ، لابد لنا من دراسة الفوارق الفكرية والفلسفية المتوقعة بينها وبين نظيرتها في النظام الاجتماعي الرأسمالي. وفي سبيل تحقيق ذلك الفهم ، لابد من ترتيب النقاط التالية :

اولاً : اقرار الضمان المالي للعائلة في المجتمع الاسلامي ؛ فتنصبّ مسؤولية الزوج على اعالة زوجته ووالديه وابنائه ، حيث اوجبت الشريعة نفقة الزوجة الدائمة على زوجها ، حتى لو كانت الزوجة ثرية ؛ وجعلت المسؤولية مشتركة بينهما ، فعليه النفقة وعليها الطاعة والتمكين. ولا شك ان تحديد النفقة الشرعية مرهون بالعرف ، الا ان الاصل فيها هو اشباع حاجاتها الاساسية من المأكل والملبس والمسكن والعلاج ونفقة الحمل والوضع والرضاعة والحضانة. وبطبيعة الحال ، فان وجوب الانفاق لا يقتصر على الزوجة فحسب ، بل يجب على الآباء نفقة ابنائهم وان نزلوا ذكوراً واناثاً ، وعلى الابناء نفقة آبائهم وان علوا ذكورا واناثاً ، وهو ما عبر عنه فقهياً بنفقة الاصول والفروع ، حتى لو كان الاصل فاسقاً او كافراً بلا خلاف.

اما في النظام الرأسمالي ، فان النظام العائلي مصمم نظرياً على اساس ان الفرد المنتج في العائلة الواحدة هو المسؤول عن اعالة الآخرين الذين لا


يقدرون على القيام بعمل منتج بسبب السن او المرض او العجز الطبيعي. ولكن الواقع يفصح عن ان وجوب النفقة على الزوج ـ من الناحية القانونية ـ منحصر بنفقة القاصرين من الاولاد فقط ؛ لان الزوج غير مكلف باعالة زوجته القادرة على العمل والانتاج. وليس غريباً اذن ، ان نجد ان نصف نساء الولايات المتحدة مثلاً يعملن على الساحة الانتاجية الاجتماعية خارج البيوت ، من اجل المساهمة في النفقة العائلية. ولا يلزم القانون الرأسمالي الابناء البالغين بالنفقة على آبائهم العاجزين عن العمل ، لان الدولة والنظام الاجتماعي والسياسي كلِّفا باشباع حاجات الشيوخ والمسنين. ولا يخفى ان روح هذا النظام مستمدة من فكرة « المذهب الفردي » التي تنادي بالتحلل من الالتزامات العائلية التي نادت بها جميع الاديان السماوية.

ولكن الدولة لا تستطيع سد كل حاجات الشيوخ والمسنين والعاجزين عن العمل. وخروج الزوجة للعمل خارج البيت ، يترك الابناء والبنات القاصرين دون رعاية ابوية هم بأمس الحاجة اليها وقت نموهم العقلي والبدني. ولذلك ، فان تحميل المسؤولية المالية على الزوج للانفاق على زوجته ووالديه وابنائه يعتبر من افضل الحلول الاجتماعية لمشكلة تحلل الاسرة وتدهورها الاخلاقي والاقتصادي ، والتي يشهدها النظام الرأسمالي بكل ضراوة بعد أكثر من ثلاثة قرون على انشائه وتطوره في المجالات الاقصادية والصناعية.

ثانياً : الضمان المالي للزوجة المتمثل بالصداق. وهو الذي شرعه الاسلام لمصلحتها ، واعتبره حقاً من حقوقها المالية ، ان كان مهراً مسمى ، او


مهر مثل ، او مهر تفويض. وفي جميع الحالات ، يجب ان يكون المهر نقداً او عقاراً او منفعة لها قيمة معتبرة في العرف الاجتماعي والاقتصادي. فاذا طلقها قبل الدخول كان لها نصف المهر ، ولها المهر كاملا بعد الدخول. ولا شك ان الصداق يعتبر ـ حسب النظرية الاسلامية ـ ضماناً مالياً كاملاً للمرأة خصوصاً بعد الطلاق ، حيث تتوقف نفقة الزوج عليها. فلابد لها حينئذٍ ، من الاستقلال مالياً دون الحاجة الى مد يدها طلباً للمساعدة في سد حاجاتها الاساسية ؛ وهو تشريع تفتقده النظرية الرأسمالية تماماً.

فاذا تم الطلاق حسب النظرية الرأسمالية ، فان المطلَّقين يتقاسمان الثروة التي جهدا في تحصيلها خلال سنوات الزواج ، ولكن اذا بددت الثروة المالية خلال ايام الزواج لسبب من الاسباب ، او كان الزوج عاجزاً عن توفيرها ، اصبحت المطلَّقة ريشة في مهب الرياح الاجتماعية ، لا تملك لنفسها مالاً تشبع فيه حاجاتها الاساسية. ولما كانت النظرية الرأسمالية لا ترى في المهر حقاً من حقوق الزوجة الرئيسية ولا شرطاً في صحة الزواج ، انحدرت اغلب المطلقات واولادهن الى مستوى الطبقة الفقيرة. ولذلك ، فانك ترى ان اغلب فقراء النظام الرأسمالي هم من المطلَّقات ، والارامل ، والاولاد من العوائل المطلَّقة.

ثالثاً : ان الشروط الشرعية التي يشترطها الزوج او الزوجة ضمن العقد ، في النظام الاسلامي ، ليس لها ما يقابلها في النظام العائلي الرأسمالي. فالشروط الصحيحة التي لا تفسخ العقد يترتب عليها الالزام وصحة العقد ، كاشتراط الصفات الجسدية او الخلقية في احدهما ، فيثبت خيار الفسخ مع تخلف تلك الصفات ، لعموم « المؤمنون عند شروطهم ». اما الشروط غير


الشرعية فهي اما ان تبطل العقد كالاقالة ، او تبطل الشرط ويبقى العقد صحيحاً كاشتراط عدم المس مطلقاً. وبالجملة ، فان الشروط الشرعية ضمن عقد الزواج ، توفر للزوج او الزوجة ضماناً اخلاقياً او جسدياً يساهم في ادامة البيت الزوجي ، وتحقيق سعادته ضمن اطار النظام الاجتماعي.

رابعاً : لا يصح الزواج ، حسب الشريعة الاسلامية ، الاّ بالخلو من المحرمات النسبية والسببية للزوج والزوجة. ومع ان النظريتين ، الرأسمالية والاسلامية ، تتطابقان في حرمة التزاوج بسبب المحرمات النسبية كالام والبنت والاخت والعمة والخالة وبنت الاخ وبنت الاخت. الا انهما يفترقان في المحرمات السببية. ففي حين توجب النظرية الاسلامية حرمة التزويج بسبب آثار المصاهرة ، كحرمة زوجة الاب على الابن ، وزوجة الابن على الاب ، وام الزوجة على زوج ابنتها وبنت الزوجة على الزوج ؛ وحرمة التزويج بسبب آثار الزنا ، فليس لابيه ولا لابنه العقد على الزانية التي زنى بها : والحرمة المؤبدة للدخول بالمعتدة والمتزوجة ؛ وحرمة الجمع بين الاختين المتولدتين من اب وام ، او لاحدهما ؛ وحرمة الرجوع بعد التطليقة الثالثة ما لم تنكح زوجاً غيره ، ونحوها ؛ ففي كل هذه الحالات تنفرد النظرية الاسلامية عن بقية النظريات الاجتماعية في الاهتمام بنظافة العلاقات الاجتماعية والاسرية المبنية على طهارة النسل وعدم اختلاط الانساب. وهذا يفضي بالتأكيد الى صلابة البنية التحتية للمجتمع الاسلامي ، حيث تشكل سلامة الاسرة وصحة مقوماتها ، سلامة النظام الاجتماعي كلياً.

خامساً : العيوب الموجبة للخيار بين فسخ العقد وامضائه ، وهي العيوب المكتشفة بعد تمام اجراء العقد كالاضطراب العقلي والخصاء والجب


والعنن بالنسبة للرجل ، والاضطراب العقلي والبرص والجذام والعمى والعرج والقرن والعفل والافضاء والرتق بالنسبة للمرأة ؛ فيثبت في هذه الحالات ، حسب النظرية الاسلامية ، خيار الفسخ على الفور. وكذلك الخيار بالتدليس وهو التمويه باخفاء نقص او عيب موجود او ادعاء كمال غير متحقق قبل اتمام العقد. وكذلك الخيار لتخلف الشروط ، كأن تكون صفة عدم النقص من شروط العقد ، او كون عدم النقص وصفاً لا شرطاً ، او كون العقد مبنياً على اساس عدم النقص. ولكن اذا لم يبادر احدهما الى الفسخ لزمها العقد. ولاشك ان هذا التشريع يعكس عدالة النظام القضائي الاسلامي بين الرجل والمرأة تماماً ، على عكس ما يروجه اعداء النظرية الدينية ويتهمون فيها الاسلام بعدم المساواة بينهما في القضايا الزوجية.

اما في النظام الرأسمالي ، فان خيار الفسخ مرهون بحكم قضاة المحاكم البلدية ، حيث يرجعون الى العرف واهل الخبرة في تحديد ذلك ، ولا يوجد في القانون الرأسمالي ما يشير الى دقة تفاصيل العيوب الموجبة للخيار بين فسخ العقد وامضائه ، كما هو معمول به في النظرية الاسلامية.

سادساً : ان عقد الزواج والصداق في الاسلام لا يقصد منه المعاوضة التي لابد فيها من العلم الرافع للغرر. ففي المعاملات التجارية والبيع والشراء يجوز للفرد فحص المادة المراد شراؤها باغلب الاوجه المتعارف عليها اجتماعيا ، حتى تكتمل قناعة ذلك الفرد بالشراء. الا ان الاسلام لما ارجع للمرأة حقوقها ، حرّم ذلك في الزواج ، لان ذلك العلم الرافع للغرر يهين المرأة ويضع المجتمع امام اضطراب اخلاقي خطير ؛ ولكنه في نفس الوقت نظّم حدود العيوب الموجبة لخيار الفسخ والخيار بالتدليس. ومن الملفت للنظر


ان العرف الغربي الحديث في الوقت الذي استنكر فيه على الاسلام تشريعه لصداق المرأة بزعم انها تعكس الطبيعة التجارية للزواج ، أقر في قضايا الزواج بين افراد نظامه بالمعاوضة التي لابد فيها من العلم الرافع للغرر : وهو ما يشجع الفرد على الاختبار الجسدي والنفسي للشريك المتوقع حتى قبل مجرد التفكير بالعقد.

سابعاً : ولاشك ان للعقد المنقطع الذي شرعه الاسلام ، اهمية كبرى في حل المشاكل الاجتماعية في المجتمع الصناعي ، بسبب انتقال الافراد المستمر بحثاً عن الاعمال. فللعقد المنقطع هدفان ، الاول : الاستعفاف به لمن لم يرزق النكاح الدائم لسبب من الاسباب. والثاني : محاربة الرذيلة والفجور في المجتمع الانساني. ولا يختلف الزواج المنقطع عن الدائم الا في ذكر الاجل ، وتحديد المهر ، والعدة ، والتوارث ، والنفقة. بمعنى آخر ان الزواج المنقطع والدائم يشتركان في خلو الموانع النسبية والسببية ، وصيغة العقد ، ونشر الحرمة ، وحقوق الولد ولحوقه بالاب ، وقيمة المهر ، والعدة بعد الدخول ، والشروط السائغة في العقد. وهو يمثل نظرة الاسلام الرحيمة تجاه العلاقات الغريزية الشرعية بين الرجل والمرأة ، وحلا للمشاكل الاجتماعية التي يتعرض لها النظام الاجتماعي في الظروف الاستثنائية. ولما كان الشرع يسلط عيناً فاحصة على هذه العملية ، فان العديد من حالات العقد المنقطع تنتهي الى عقد دائم وسعادة اسرية. ولكن لابد من التأكيد على نقطة مهمة واعادتها مراراً ، وهي ان العقد المنقطع يمثل استثناءً في عملية التزاوج الانساني وليس الاصل ، لان الاصل هو العقد الدائم في النظرية الاسلامية.

اما النظرية الاجتماعية الرأسمالية ، فانها تدعو الى احترام حرية الفرد


في انشاء علاقات خاصة مع الجنس الاخر دون توجيه الضابط الاجتماعي لفحص شرعية تلك العلاقات ؛ بمعنى آخر : ان « المذهب الفردي » والنظرية الرأسمالية تدعوان الافراد الى ممارسة الزنا والانحرافات الجنسية الاُخرى ، خلافاً للفكرة الدينية التي تدعو الى التمسك بالزواج فيما يخص العلاقات الجنسية بين الذكور والاناث. فليس غريباً اذن ، ان تعاني ثلاثة ارباع الحالات الزوجية الامريكية في نهاية القرن العشرين من خيانات زوجية من كلا الطرفين في العائلة الواحدة ، بسبب اعتناق فكرة « المذهب الفردي ». وبسبب انتشار المصانع في رقعة جغرافية واسعة ، وانتقال الافراد بشكل مستمر نحو العمل ، وضعف الرقابة الاجتماعية على الافراد ، فان الاطار الشرعي الذي جاء به الاسلام في العقد المنقطع يعتبر اسلم الطرق نحو تحقيق السعادة الزوجية في المجتمع الصناعي المعاصر. ولما كان الاسلام تشريعاً عالمياً ، فان العقد المنقطع قد يخدم المجتمع الغربي اكثر مما يخدم المجتمع الشرقي بسبب الاعراف المتباينة بين المجتمعات الانسانية. ولاريب ان تجويزه من قبل الاسلام يعطي الفرد حرية الاختيار بما يناسب المشاكل الاجتماعية التي يواجهها ذلك الفرد في المجتمع الذي يعيش فيه.

ثامناً : وحفظاً لسلامة الانساب وطهارتها ، فان الشريعة الاسلامية ، تلحق المولود بالزوج بسبب الفراش لا مجرد العقد ، استناداً على قاعدة ( امكان الالحاق ) التي تسالم الفقهاء على صحتها. وكذلك المولود بسبب وطء الشبهة ، فيلحق بالزوج ، ان كانت شبهة العقد مع الوطء ، او شبهة الوطء من غير عقد. ولا يكون الالتقاط وهو ضم الفرد الملتقط الى الملتقط نسباً ، ولا التبني وهو نسبة ولد معروف النسب الى نفسه ، عملاً شرعياً. فقد حرمت


النظرية الاسلامية ، فسخ النسب الاصلي للفرد وما يتبعه من التوارث المالي عن طريق التبني او الالتقاط ، اكراماً للفرد ولابويه.

وهذا التشريع الاسلامي يناقض تماماً قانون النظرية القضائية الرأسمالية في التبني. حيث تقر شرعية فسخ النسب الاصلي للفرد ، وما يتبعه من التوارث المالي ، فتزعم بان الابوة المعترف بها هي الابوة القانونية وليس الابوة البيولوجية. فلو وجد الفرد طفلاً رضيعاً متروكاً على قارعة الطريق مثلاً ، فله مطلق الحق في تبنيه ونسبته الى نفسه ، فتترتب على ذلك العمل حينئذٍ ، كل الاثار القانونية الملزمة للابوين القانونيين. اما المولود بسبب وطء الشبهة ، فان تشخيص نسبه عن طريق الجينات الوراثية قد اصبح عملاً ممكناً من الناحية المختبرية الحديثة ، ولذلك فهو ينسب الى ابيه البيولوجي. وبطبيعة الحال ، ان انتشار ظاهرة التبني ، مع انها خففت عاطفياً واقتصادياً عن الاطفال المشردين ، الا انها ساهمت من جانب آخر في تمزيق النظام العائلي والعشائري في المجتمع الصناعي بسبب ضياع الانساب اولاً ، واستحالة احتلال الاب القانوني دور الاب البيولوجي في شخصية الفرد المتبنى ثانياً.

تاسعاً : النسب ، حسب النظرية الاسلامية ، هو حق ثابت لكل شخص. والاقرار به هو اعتراف صريح بذلك الحق. فالاقرار بالنسب هو ثبوت نسب الفرد الى فرد آخر. ويشترط في الاقرار ان يكون بين المولود والمقر تفاوت صحيح في السن ، كالتفاوت العرفي بين الاب والابن ، وان يكون الصغير مجهول النسب ، وان لا ينازع المقر في اقراره بنوة الصغير منازع آخر ، والا حكم بالولد لصاحب البينة. ومن الطبيعي ، فان الاقرار بالنسب


يعتبر شكلاً آخراً من اشكال ترسيخ العلاقات الاسرية والاجتماعية بين الافراد ، وتأكيداً على رابطة الدم والولاء في النظام الاجتماعي الاسلامي.

اما في النظرية الاجتماعية الغربية ، فان الاقرار وحده لا يعتبر اثباتاً لنسب المقر. ويرجع الحكم في ذلك الى قضاة المحاكم البلدية.

عاشراً : الرضاع في النظرية الاسلامية هو امتصاص الرضيع اللبن من ثدي امه او مرضعته. وآثاره الشرعية ، هو ان الرضاع من غير الام ينشر تحريماً للزواج ، فيحرم من الرضاع ما يحرم من النسب. بالشروط التالية :

١ ـ ان تكون المرضعة ، متزوجة زوجاً شرعياً.

٢ ـ ان تدره بسبب الحمل او الولادة.

٣ ـ ان يمتص الرضيع اللبن من ثديها مباشرة.

٤ ـ ان يؤدي الرضاع الى شد العظم وانبات اللحم ، وهو اما خمس عشرة رضعة متواليات من امرأة واحدة من لبن فحل واحد او رضاع يوم وليلة.

٥ ـ واستيفاء المرتضع عدد الرضعات الشرعية قبل ان يكمل الحولين.

٦ ـ وحياة المرضعة عند جميع الرضعات.

٧ ـ وان يكون اللبن لفحل واحد وهو زوج المرضعة.

ولا يوجد في النظرية القضائية الرأسمالية ما يشير الى تفصيل الرضاع وآثاره الشرعية المذكورة آنفاً.

حادي عشر : الحضانة ، وهي رعاية مصلحة الصبي ، للام والاب ما لم يقع الطلاق. فاذا وقع الطلاق اصبحت الام احق بالولد. ويرجع في تحديد عمر مستحق الحضانة لاحد الابوين ، الى الحاكم الشرعي ؛ لانه هو القادر


على تشخيص المصلحة الشخصية للصبي او الصبية دون تحيز. ويشترط في الحاضنة ان تكون حرة ، مسلمة ، عاقلة ، وغير متزوجة بعد طلاقها من الزوج الاول. فاذا تزوجت سقطت حضانتها ، لان الاهتمام بحقوق الزوج الجديد اولى من اهتمامها بولدها ، فتنتقل عندها حضانة الطفل الى الاب.

ولا تختلف النظرية الرأسمالية عن الاسلامية في ذلك ، الا في مسالة زواج الحاضنة ، حيث يبقى الولد مع الام حتى مع زوجها الجديد ، الا ان يحدد القاضي ما يبرر وجوب انتقال الحضانة الى الاب.

ثاني عشر : احكام الصبي في النظرية الاسلامية ، تشمل حقوقاً في الولاية والوصاية والمعاملات والعبادات. فعلى صعيد العبادات ، فان عبادة الصبي عند فقهاء الامامية شرعية لا تمرينية ، ووصيته وصدقته جائزة وصحيحة اذا بلغ حد التمييز. وعلى صعيد المعاملات ، فله ان يتملك مايحوزه من المباحثات ، ويغرم في ماله ما يحدثه في مال الغير من تلف او عيب لانها من الاحكام الوضعية. والصغير غير المميز يمنع من التصرفات المالية حتى يحصل له البلوغ والرشد ، وهو ما يسمى شرعاً بالحجر الشرعي. وعلى صعيد الولاية الشرعية ، فان الحجر لا يتم الا بوجود ولي يرعى مصلحة الصبي. وتثبت الولاية اولاً للاب والجد في مرتبة واحدة. واذا فقدا معاً تكون الولاية لوصي احدهما. ويشترط في الولي البلوغ والرشد والاتحاد في الدين ، وعليه مراعاة مصلحة القاصر مراعاة تامة. وعلى صعيد الوصاية العهدية ، فان الولي ينصب قبل موته وصياً قيماً على اطفاله لرعايتهم بعد الممات ، فتصبح الوصاية ملزمة للوصي اذا علم بها ولم يعارضها ، ويشترط فيه نفس ما يشترط في الولي. ولكن اذا خان الوصي لسبب من الاسباب ، فقد انعزل


تلقائياً وبطلت جميع تصرفاته دون تدخل الحاكم الشرعي. وعلى صعيد آخر ، فاذا مات الاب بلا وصية ، او مات الوصي ، ارجع امر الاطفال الى الحاكم الشرعي ، لانه ولي من لا ولي له.

اما احكام الصبي في النظرية الاجتماعية الرأسمالية ، فانها تتعلق بالولاية القانونية فقط ، دون الوصاية والعبادات والمعاملات. فبعد موت الاب ، تصبح الام ولياً شرعياً على الاطفال. واذا ماتت الام ، انتقلت الولاية الى العائلة الجديدة التي تعيل هؤلاء الاطفال. فاذا تم التبني ، فانهم يلتحقون نسباً ، بالاب في الاسرة الجديدة. وهو ما يؤدي بالتأكيد الى ضياع الانساب في الاجيال اللاحقة. اما معاملات الصبي ، فانها غير نافذة ، ما عدا التملك ، حيث يحفظ له المال الخاص به الى حد البلوغ القانوني وهو سن الثامنة عشرة بالنسبة للذكر والانثى على حد سواء.

ثالث عشر : الولاية الشرعية في الزواج ، حسب النظرية الاسلامية ، مختصة فقط بالصغير والسفيه والمجنون من الذكور والاناث. بمعنى ان البالغة الرشيدة والبالغ الرشيد يستقل في زواجه او زواجها ولا ولاية لأحد عليه او عليها. وهذا الاستقلال يعكس احترام الاسلام للمرأة ، ورأيها في اختيار شريك حياتها. ولا شك ان الاطار الاخلاقي العام الذي جاء به الاسلام يضمن عفة المرأة ، ويجعلها في موضع اجتماعي افضل لخدمة حياتها الزوجية اللاحقة.

وفي هذا الحقل تؤيد النظرية الاجتماعية الرأسمالية ، اقرار الشريعة الاسلامية استقلال البالغين في اختيار شركاء حياتهم الزوجية. ولكنها تنحرف لاحقاً ، وتقر استقلال المنحرفين جنسياً في اختيار شركاء حياتهم


الزوجية من نفس الجنس ايضا. بمعنى انها لا تمانع من قانونية اللواط والسحق بدعوى الايمان بـ « المذهب الفردي » ، وتزعم بان للافراد مطلق الحرية في اختيار شركاء حياتهم حتى لو كانوا من جنس واحد.

رابع عشر : الوصية الشرعية ، حسب النظرية الاسلامية ، تفويض الفرد بتصرف معين بعد موت الولي. وهي عهدية وتمليكية ، فالعهدية ايقاع يوصي به لآخر برعاية اطفاله ووفاء ديونه او استيفائها ونحوها ، والتمليكية عقد يتم من خلاله تمليك فرد آخر بمال منقول او غير منقول. ويشترط في الموصي ان يكون أهلاً للتصرفات المالية ، فلا تصح من الصغير ولا المجنون ولا المكره ولا السفيه لانهم ليسوا اهلاً لها لانعدام ارادتهم وفقدان قدرتهم على التمييز ما بين المصلحة والمفسدة الشخصية والعائلية. وتخرج الوصية من اصل التركة اذا كانت واجباً مالياً كالزكاة والخمس ورد المظالم والكفارات والديون ، او واجباً مالياً ـ بدنيا كالحج. وتخرج من الثلث فقط في الواجب البدني كالصوم والزكاة. واذا كانت الوصية على وجه من وجوه التبرع والمحاباة ، فانها تنفذ بمقدار الثلث فقط مع وجود الوارث. وهذا التشريع يحفظ للورثة من المراتب الثلاث حقوقهم الشرعية في ثلثي الثروة المتروكة. فالزوجة تشترك في استلام جزء من الارث مع جميع المراتب ، وهو ضمان مالي آخر لها بعد وفاة الزوج. وتضمن المرتبة الاولى وتضم الاولاد والوالدين بالاضافة الى الزوجة بحجبها بقية المراتب ، مبلغاً مالياً يعينها على العيش ما بعد وفاة رب الاسرة.

اما النظرية الاجتماعية الرأسمالية ، فانها تترك للزوج حرية تقرير حجم الوصية ومصيرها قبل الموت عن طريق كاتب عدل معترف به رسمياً.


فيستطيع الزوج ، عملياً ، ان يوصي بكامل تركته لفرد واحد من الاسرة التي ينتمي لها او من غيرها ، مسبباً بذلك حرمان بقية الافراد من اسرته من استلام التركة المالية التي تساعدهم على ضمان مستقبلهم المالي لاحقاً.

خامس عشر : احكام الارث في النظرية الاسلامية ، تعكس اهتمام الاسلام بالجانب الاجتماعي ، فبعد اخراج مصاريف الكفن والغسل والدفن ، تخرج الديون الواجب وفاؤها ، ثم تقسم التركة بعد ذلك اثلاثاً ، فتخرج الوصايا بغير الواجب لمالي من الثلث ، ويقسم الثلثان بين الورثة. فالقرابة او النسب لها ثلاث مراتب غير متداخلة وهي اولاً : الابوان والاولاد. ثانياً : الاجداد والاخوة. ثالثاً : الاعمام والاخوال. وفي السبب ، فان الزوجية تجتمع في الميراث مع جميع المراتب.

ولاشك ان النظام الدقيق في الارث يضمن قضيتين في غاية الاهمية في النظام الاجتماعي : الاولى : حرمة كنز المال بين الاجيال المتعاقبة ، بمعنى ان الجهود العضلية والفكرية التي يبذلها الجيل السابق لابد وان تصب في خدمة الجيل اللاحق ، اختياراً او اجباراً ؛ لان المال المتروك ، لابد وان يوزع على المستحقين من الورثة ، عن طريق الوصية والارث. الثانية : ان المراتب الثلاث في الارث والزوجية تحقق قدراً عظيماً من العدالة الاجتماعية بين الافراد في توزيع التركة المالية ، خصوصاً اذا ما لاحظنا ان المرتبة السابقة تحجب المرتبة اللاحقة في استلام الارث.

اما احكام الارث في النظرية الاجتماعية الرأسمالية ، فانها متعلقة ، كما ذكرنا سابقاً ، بالوصية الرسمية التي يتركها الفرد. فله مطلق الحرية في محاباة من يشاء وحرمان من يشاء في وصيته.


سادس عشر : واحكام الطلاق في الشريعة الاسلامية لاتتم الا بشروط خاصة بشخصية المطلِّق ، ، وشخصية المطلَّقة. فينبغي ان يكون المطلِّق بالغاً عاقلاً ، مختاراً ، قاصداً نية الطلاق. وينبغي ان تكون المطلقة زوجة دائمة ، معينة بالذات ، وفي طهر لم يواقعها فيه. ولا يقع الطلاق الا بحضور شاهدين عدلين من الذكور. وبسبب اختلاف الاسباب الداعية لانفصال الزوجين ، فلابد ان ينفسم الطلاق الشرعي على ضوء تلك الاسباب. فالطلاق في النظرية الاسلامية ، رجعي وبائن خلعي وبائن مبارأة. فالرجعي ، وهو الذي يملك فيه المطلِّق حق الرجوع الى مطلَّقته المدخول بها ما دامت في العدة. والبائن الخلعي ، وهو الناتج عن ابانة الزوجة على مالٍ تفتدي به نفسها بسبب كرهها له. والبائن المبارأة ، وهو الناتج عن كراهية متبادلة بين الزوجين. ولابد للمطلقة من اتمام العدة الشرعية حتى تستطيع الزواج مرة اخرى ، وهي ثلاثة قروء للحائل ، او وضع الحمل بالنسبة للحامل. وعدة الوفاة اربعة اشهر ةعشرة ايام. والاصل في العدة ، طهارة الانساب في الحالات الطبيعية للطلاق ، واحترام الميت في حالة عدة الوفاة. ولابد للزوج من الانفاق على مطلقته الرجعية حتى انتهاء العدة. وهذه الاحكام الشرعية الخاصة بالطلاق ، بالاضافة الى تنظيمها سلوك الافراد فيما يخص العلاقات الشرعية بين الرجال والنساء ، تساهم في ضمان حقوقهم المعنوية والمالية في العلاقات الزوجية ، وتعطي الحق لكليهما في الانفصال والبدء بحياة جديدة سعيدة ، اذا فشلت الحياة الزوجية الاولى.

وتفتقر النظرية الاجتماعية الرأسمالية لبفاصيل مثل هذه الاحكام الشرعية : فلا تشترط في اجراء الطلاق شروطاً خاصة ما عدا القصد بنية


الطلاق : لان الطلاق من مسؤولية الزوجين الفردية لايمانها بشرعية الحرية الفردية في الحياة الاجتماعية.

سابع عشر : ان فكرة تعدد الزوجات التي شرعها الاسلام ، افضل للنظام الاجتماعي من الزواج المتعدد ، الذي لاحظنا مساوئه الاجتماعية في تمزيق العوائل المطلَّقة وما يتبعه من تشرذم الاطفال وتحطيم نفسياتهم وقابلياتهم الابداعية. ولكن فكرة تعدد الزوجات استثنائية في الاساس ، لان الاصل هو الزوجة الواحدة ، ولذلك فان هذه الفكرة تعتبر حلاً آخر للمشاكل الاستثنائية التي تبتلى بها المجتمعات الانسانية في العصور المتلاحقة.


المصادر المقترحة التي لها علاقة بمواضيع الكتاب

هذه جملة من المصادر للطبة الاعزاء على صعيدي الحوزة والجامعة الذين يرغبون في مواصلة الكتابة والنقد والبحث العلمي في هذا الباب من العلوم الاجتماعية :

١ ـ القرآن الكريم.

٢ ـ ابن جمهور ، محمد بن علي ابراهيم الاحسائي ( ت ٩٠١ هـ ). الاقطاب الفقهية على مذهب الامامية. قم المشرفة : آية الله المرعشي ، ١٤١٠ هـ.

٣ ـ العوالي اللثالي العزيزية في الاحاديث الدينية. قم المشرفة : سيد الشهداء ، ١٩٨٣ م.

٤ ـ ابن الاثير الجزري ، مجد الدين محمد ( ت ٦٠٦ هـ ). جامع الاصول من احاديث الرسول ( ص ). بيروت : دارالفكر ، ١٩٨٣ م.

٥ ـ ابن ادريس ، ابو جعفر محمد بن منصور الحلي ( ت ٥٩٨ هـ ). كتاب السرائر. قم المشرفة : جماعة المدرسين ، ١٤١٠ هـ.

٦ ـ ابن البراج ، عبدالعزيز ( ت ٤٨١ هـ ). جواهر الفقه. قم المشرفة جماعة المدرسين ، ١٤١١ هـ.

٧ ـ ابن حجر ، احمد بن علي العسقلاني ( ت ٨٢٥ هـ ) فتح الباري بشرح صحيح البخاري. بيروت : دار المعرفة ، بدون تاريخ.

٨ ـ ابن حزم ، ابو محمد علي بن احمد بن سعيد ( ت ٤٥٦ هـ ). المحلي. بيروت : دار الافاق الجديدة ، بدون تاريخ.


٩ ـ ابن زهرة ، محمد حمزة الحسيني ( ت ٥٨٥ هـ ). غنية النزوع الى علمي الاصول والفروع. ضمن كتاب ( الجوامع الفقهية ). طبعة حجرية. قم المشرفة : آية الله المرعشي ، ١٤٠٤ هـ.

١٠ ـ ابن رشد ، محمد بن احمد بن محمد القرطبي. بداية المجتهد. القاهرة : دار الاستقامة ، ١٩٢٨ م.

١١ ـ ابن سورة ، ابو عيسى محمد بن عيسى ( ت ٢٧٩ هـ ). سنن الترمذي ـ الجامع الصحيح. بيروت : دار التراث العربي ، بدون تاريخ.

١٢ ـ ابن شاذان ، ابو محمد الفضل الازدي النيسابوري ( ت ٢٦٠ هـ ). الايضاح. بيروت : الاعلمي ، ١٤٠٢ هـ.

١٣ ـ ابن شهر آشوب ، عزالدين ابي جعفر محمد بن علي. المناقب. طهران : طبعة حجرية ، ١٣١٧ هـ.

١٤ ـ ابن العربي ، ابوبكر محمد بن عبدالله ( ت ٥٤٣ هـ ). احكام القرآن. بيروت : دار المعرفة ، بدون تاريخ.

١٥ ـ ابن قدامة ، ابو محمد عبدالله بن احمد ( ت ٦٢٠ هـ ). المغني. القاهرة : الامام ، بدون تاريخ.

١٦ ـ ابن قتيبة ، ابو محمد بن عبدالله بن مسلم الدينوري ( ت ٢٧٦ هـ ). عيون الاخبار. بيروت : دار الكتاب العربي ، بدون تاريخ.

١٧ ـ ابن ماجة ، ابو عبدالله محمد بن يزيد القزويني ( ت ٢٧٥ هـ ). سنن ابن ماجة. مصر : دار احياء الكتب العربية ، بدون تاريخ.

١٨ ـ الاردبيلي ، احمد ( ت ٩٩٣ هـ ) مجمع الفائدة والبرهان في شرح ارشاد الاذهان. قم المشرفة : جماعة المدرسين ، بدون تاريخ.

١٩ ـ الاشعث الكوفي ، ابو علي محمد بن محمد ( القرآن الرابع الهجري ). الاشعثيان ـ الجعفريات. طهران : الاسلامية. ١٣٦٩ هـ.

٢٠ ـ الاصفهاني ، شيخ الشريعة ( ت ١٣٣٩ هـ ). صيانة الابانة حول ارث الزوجة. قم المشرفة : العلمية ،


١٤٠٥ هـ.

٢١ ـ الاصفهاني الغروي ، محمد حسين ( ت ١٢٥٠ هـ ). الفصول الغروية في الاصول الفقهية. طهران : طبعة حجرية ، ١٢٨٦ هـ.

٢٢ ـ الاصفهاني ، محمد حسين ( ت ١٣٦١ هـ ) نهاية الدراية في شرح الكفاية. قم : الطباطبائي ، بدون تاريخ.

٢٣ ـ آل كاشف الفطاء ، محمد الحسين. تحرير المجلة. المجف الاشرف : الحيدرية ، ١٣٥٩ هـ.

٢٤ ـ الانصاري ، مرتضى ( ت ١٢٨١ هـ ). الرسائل او فرائد الاصول. طبعة حجرية. قم المشرفة : مطبعة وجداني ، بدون تاريخ.

٢٥ ـ ــــــ . مطارح الانظار ـ تقريرات الشيخ الانصاري. كتابة ابو القاسم كلانتري. قم المشرفة : آل البيت ( ع ) ، بدون تاريخ.

٢٦ ـ ــــــ . المكاسب. النجف الاشرف : الاداب ، ١٩٧٣ م.

٢٧ ـ بحر العلوم ، محمد ( ت ١٣٢٦ هـ ). بلغة الفقية. النجف الاشرف : مكتبة العلمين ، ١٤٠٣ هـ.

٢٨ ـ البحراني ، يوسف بن احمد ( ت ١١٨٦ هـ ). الحدائق الناضرة في احكام العترة الطاهرة ، قم المشرفة : جماعة المدرسين ، ١٤١٠ هـ.

٢٩ ـ ــــــ . الدرر النجفية. قم المشرفة : آل البيت ( ع ) ، بدون تاريخ.

٣٠ ـ البخاري ، محمد بن اسماعيل ( ت ٢٥٦ هـ ). متن البخاري مشكول بحاشية السندي. بيروت : دار المعرفة ، بدون تاريخ.

٣١ ـ البرقي ، ابو جعفر احمد بن محمد بن خالد ( ت ٢٨٠ هـ ). المحاسن الاشرف : النعمان ، ١٣٨٤ هـ.

٣٢ ـ البروجردي ، حسين الطباطبائي ( ت ١٣٨١ هـ ). جامع احاديث الشيعة. قم المشرفة : العلمية ، ١٣٩٩ هـ.

٣٣ ـ البهائي ، بهاء الدين محمد بن الحسين بن عبد الصمد ( ت ١٠٣١ هـ ). الفرائض البهائية : رسالة


وجيزة في المواريث. قم المشرفة : طبعة حجربة ، بدون تاريخ.

٣٤ ـ البيهقي ، ابوبكر احمد بن الحسين بن علي ( ت ٤٥٨ هـ ). السنن الكبري. حيدرآباد : دائرة المعارف النظامية ، ١٣٤٤ هـ.

٣٥ ـ الجزائري ، احمد. قلائد الدرر في بيان آيات الاحكام بالاثر. النجف الاشرف : النعمان ، ١٩٥٤ م.

٣٦ ـ الجزيري ، عبدالرحمن. الفقه على المذاهب الاربعة. مصر : المكتبة التجارية ، بدون تاريخ.

٣٧ ـ الجوهري ، اسماعيل بن حماد ( ت ٤٠٠ هـ ). الصحاح ـ تاج اللغة وصحاح العربية. بيروت : دار العلم للملايين. ١٩٧٩ م.

٣٨ ـ الحائري. عبدالكريم ( ت ١٣٥٥ ). درر الفوائد. قم المشرفة : مهر ، بدون تاريخ.

٣٩ ـ الحر العاملي ، محمد بن الحسن ( ت ١١٠٤ هـ ). وسائل الشيعة الي تحصيل مسائل الشريعة. بيروت : دار احياء التراث العربي ، ١٩٨٣ م.

٤٠ ـ الحراني ، ابو محمد الحسن بن علي بن الحسن بن شعبة ( ت ٣٨١ هـ ). تحف العقول عن آل الرسول. النجف الاشرف : الحيدرية ، ١٣٨٥ هـ.

٤١ ـ الحكيم ، محسن الطباطبائي ( ت ١٣٩٠ هـ ) حقائق الاصول. النجف الاشرف : الاداب ، ١٣٧٢ هـ.

٤٢ ـ ــــــ . مستمسك العروة الوثقى. النجف الاشرف : الاداب ، ١٣٨٩ هـ.

٤٣ ـ ــــــ . نهج الفقاهة. قم انتشارات ٢٢ بهمن ، بدون تاريخ.

٤٤ ـ الحلبي ، ابو الصلاح ( ت ٤٤٧ هـ ). الكافي في الفقه. تحقيق رضا استادي. اصفهان : مكتبة امير المؤمنين العامة ، ١٤٠٠ هـ.

٤٥ ـ الحلي ، جمال الدين ابي العباس احمد بن محمد بن فهد ( ت ٨٤١ هـ ). المقتصر من شرح المختصر. مشهد المشرفة : مجمع البحوث العلمية ، ١٤١٠ هـ.

٤٦ ـ الحلي يحيى بن سعيد ( ت ٦٩٠ هـ ). الجامع للشرائع. قم المشرفة : سيد الشهداء ، ١٤٠٥ هـ.

٤٧ ـ ــــــ . نزهة الناظر في الجمع بين الاشباه والنظائر. النجف الاشرف : الاداب ، ١٣٨٦ هـ.


٤٨ ـ الحميري القمي ، العباس عبدالله بن جعفر ( القرن الرابع الهجري ). قرب الاسناد. طهران : طبعة حجرية ، بدون تاريخ.

٤٩ ـ الخوئي ، ابو القاسم ( ت ١٤١٢ هـ ). مصباح الفقاهة. تقرير كتبه محمد علي التوحيدي. النجف الاشرف : الحيدرية ، ١٣٧٨ هـ.

٥٠ ـ ــــــ . معجم رجال الحديث وتفصيل طبقات الرواة. بيروت : دارالزهراء ، ١٤٠٣ هـ.

٥١ ـ الدارمي ، عبدالله بن عبدالرحمن السمرقندي ( ت ٢٥٥ هـ ). سنن الدارمي بيروت : دار الفكر ، بدون تاريخ.

٥٢ ـ الدهلوي ، ولي الله ( ت ١١٧٦ هـ ). المسوي شرح الموطا. بيروت : دار الكتب العلمية ، ١٤٠٣ هـ.

٥٣ ـ الديلمي ، ابو يعلي حمزة بن عبد العزيز ( ت ٤٤٨ هـ ). المراسم العلوية في الاحكام النبوية. قم المشرفة : المجمع العالمي لا هل البيت ( ع ) ، ١٤١٤ هـ.

٥٤ ـ الزبيدي ، محمد مرتضى ( ت ١١٩٤ هـ ). تاح العروس من جواهر القاموس. بيروت : مكتبة الحياة ، بدون تاريخ.

٥٥ ـ السيوري الحلي ، جمال الدين مقداد بن عبدالله ( ت ٨٢٦ هـ ). التنقيح الرائع لمختصر الشرائع. قم المشرفة : آية الله المرعشي ، ١٤٠٤ هـ.

٥٦ ـ ــــــ . كنز العرفان في فقه القرآن. طهران : حيدري. ١٣٨٤ هـ.

٥٧ ـ ــــــ . نضد القواعد الفقهية على مذهب الامامية. قم المشرفة : آبة الله المرعشي ، ١٤٠٣ هـ.

٥٨ ـ السجستاني ، ابو داود سليمان بن الاشعث بن اسحاق الازدي ( ت ٢٧٥ هـ ). سنن ابي داود. مصر : مكتبة الحلبي ، ١٩٥٢ م.

٥٩ ـ الشافعي ، محمد بن ادريس ( ت ٢٠٤ هـ ). الام. القاهرة : الكليات الازهرية ، ١٣٨١ هـ.

٦٠ ـ ـــــــ . الرشالة. القاهرة : دارالتراث ، ١٩٧٩ م.


٦١ ـ الشهيد الاول ، محمد بن مكي العاملي ( ت ٧٨٦ هـ ). الدروس الشرعية في فقه الامامية. قم المشرفة : صادقي ، طبعة حجرية بدون تاريخ.

٦٢ ـ ــــــ . اللمعة الدمشقية. قم المشرفة : دار الناصر ، ١٤٠٦ هـ

٦٣ ـ الشهيد الثاني ، زين الدين الجبعي العاملي ( ت ٩٦٥ هـ ). الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية. قم المشرفة : دار الهادي ، ١٤٠٣ هـ

٦٤ ـ ــــــ . مسالك الاقهام في شرح شرائع الاسلام. قم دار الهدى ، طبعة حجرية بدون تاريخ.

٦٥ ـ الشوكاني ، محمد ين علي بن محمد ( ت ١٢٥٥ هـ ). نيل الاوطار من احاديث سيد الاخيار. القاهرة : دار الحديث ، بدون تاريخ.

٦٦ ـ الصدوق ، محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي ( ت ٣٨١ هـ ). الخصال. طهران : دار الكتب الاسلامية ، ١٣٧٦ هـ.

٦٧ ـ ــــــ . علل الشرائع. النجف الاشرف : النعمان ، ١٣٨٥ هـ.

٦٨ ـ ــــــ . عيون اخبار الرضا. طهران : الكتب الاسلامية ، ١٣٧٧ هـ.

٦٩ ـ ــــــ . معاني الاخبار ، طهران : الكتب الاسلامية ، ١٣٩٧ هـ.

٧٠ ـ ــــــ . المقنع. قم طبعة حجرية ، ١٣٧٧ هـ.

٧١ ـ ــــــ . من لايحضره الفقيه. بيروت : الاعلمي ، ١٤٠٨ هـ.

٧٢ ـ اطباطبائي ، علي ( ت ١٢٣١ هـ ). رياض المشائل. قم : جماعة المدرسين ، ١٤١٤ هـ.

٧٣ ـ الطباطبائي ، محمد ( ت ١٢٤٢ ). مفاتيح الاصول. قم : آل البيت ( ع ) ، بدون تاريخ.

٧٤ ـ الطباطبائي ، محمد كاظم ( ت ١٣٣٧ هـ ). العروة الوثقى. النجف الاشرف : الاداب ، ١٤٠١ هـ.

٧٥ ـ الطبرسي ، ابو علي الفضل بن الحسن ( ت ٥٤٨ هـ ). اعلام الورى. النجف الاشرف : الاداب ، ١٣٩٠ هـ.


٧٦ ـ ــــــ . مجمع البيان. صيدا : مطبعة العرفان ، ١٣٣٣ هـ.

٧٧ ـ ــــــ . مكارم الاخلاق. بيروت : الاعلمي ، ١٩٨٢ م.

٧٨ ـ ــــــ . المؤتلف من المختلف. مشهد المشرفة : مجمع البحوث الاسلامية ، ١٤١٠ هـ.

٧٩ ـ الطبرسي ، ميرزا حسين النوري ( ت ١٣٢٠ هـ ). مستدرك الوسائل. طهران : الاسلامية ، ١٣٨٢ هـ.

٨٠ ـ الطبرسي ، ابو جعفر محمد بن جرير ( ت ٣١٠ هـ ). جامع البيان في تفسير القرآن. بيروت : دارالمعرفة ١٩٨٠ م.

٨١ ـ الطريحي ، فخر الدين ( ت ١٠٨٧ هـ ). مجمع البحرين. قم : مصطفوي ، ١٣٩٩ هـ. ش.

٨٢ ـ الطوسي ، ابو جعفر محمد بن الحسن ( ت ٤٦٠ هـ ). الاستبصار. طهران : الكتب الاسلامية ، ١٣٩٠ هـ

٨٣ ـ ــــــ . الامالي. طهران : طبعة حجرية ، ١٣٠٠ هـ.

٨٤ ـ ــــــ . المبسوط في فقه الامامية. طهران : المرتضوية ، بدون تاريخ.

٨٥ ـ ــــــ . تهذيب الاحكام في شرح المقنعة للمفيد. طهران : الكتب الاسلامية ، ١٣٩٠ هـ.

٨٦ ـ ــــــ . النهاية في مجرد الفقه والفتاوى. قم : القدس ، بدون تاريخ.

٨٧ ـ العاملي ، السيد محمد صاحب المدارك. نهاية المرام. قم : جماعة المدرسين ، ١٤١٣ هـ.

٨٨ ـ العاملي ، محمد جواد الحسيني ( ت ١٢٢٦ هـ ). مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلامة. طهران : رنكين ، ١٣٧٦ هـ.

٨٩ ـ العراقي ، آقا ضياء ( ت ١٣٦١ هـ ) مقالات الاصول. النجف الاشرف : العلمية ، ١٣٥٨ هـ.

٩٠ ـ العلامة الحلي ، ابو منصور الحسن بن يوسف بن المطهر ( ت ٧٢٦ هـ ). ارشاد الاذهان الى احكام الايمان. قم : جامعة المدرسين ، ١٤١٠ هـ.

٩١ ـ ــــــ . تذكرة الفقهاء قم : آل البيت ( ع ) ، ١٤١٤ هـ.

٩٢ ـ ــــــ . قواعد الاحكام. قم : الرضي ، بدون تاريخ.


٩٣ ـ ـــــــ . مختلف الشيعة. قم : جماعة المدرسين ، ١٤١٢ هـ.

٩٤ ـ ـــــــ . منبهى الطلب. طبعة حجرية. بدون مكان وتاريخ الطبع.

٩٥ ـ ـــــــ . نهج الحق وكشف الصدق. قم دار الهجرة ، ١٤١١ هـ.

٩٦ ـ العياشي ، ابو الهضر محمد بن مسعود السمرقندي ( ت القرن ٣ هـ ). تفسير العياشي. طهران : العلمية الاسلامية ، ١٣٨٠ هـ.

٩٧ ـ الغزالي ، ابو حامد محمد بن محمد ( ت ٥٠٥ هـ ). احياء علوم الدين. بيروت : الكتب العلمية ، ١٩٨٦ م.

٩٨ ـ الفخر الرازي ، محمد بن عمر الشافعي ( ت ٦٠٦ هـ ). التفسير الكبير. بيروت : دار الحياء التراث العربي ، بدون تاريخ.

٩٩ ـ فخر المحققين ، ابو طالب محمد بن الحسن بن يوسف ( ت ٧٧١ هـ ). ايضاح القوائد. قم : المطبعة العلمية ، ١٣٨٧ هـ.

١٠٠ ـ المغربي ، القاضي النعمان بن محمد الاسماعيلي ( ت ٣٦٣ هـ ). الاقتصار. الهند : جامعة لكنهو ، ١٩٥٧ م.

١٠١ ـ القسطلاني ، ابو العباس شهاب الدين احمد بن محمد ( ت ٩٢٣ هـ ). ارشاد الساري لشرح صحيح البخاري. بيروت : دار احياء التراث العربي ، بدون تاريخ.

١٠٢ ـ القمي ، عباس. سفينة البحار ومدينة الحكم والاثار. قم : طبعة حجرية ، ١٣٥٥ هـ.

١٠٣ ـ القليوبي ، احمد بن احمد بن سلامة الشافعي. تحفة الراغب في سيرة جماعة من اعيان اهل البيت الاطايب ( ع ). مصر : محمد افندي ، بدون تاريخ.

١٠٤ ـ الكركي ، علي بن الحسين ( ت ٩٠٤ هـ ). جامع المقاصد في شرح القواعد. قم : آل البيت ( ع ) ، ١٤٠٨ هـ.

١٠٥ ـ الكليني ، ابو جعفر محمد بن يعقوب ( ت ٣٢٩ هـ ). فروع الكافي. طهران : الكتب الاسلامية ،


١٣٧٩ هـ.

١٠٦ ـ المتقي الهندي ، علاء الدين ( ت ٩٧٥ هـ ). كنز العمال من سنن الاقوال والافعال. الطبعة الثانية. حيدرآباد : جمعية دائرة المعارف العثمانية ، ١٣٦٩ هـ.

١٠٧ ـ المجلسي ، محمد باقر بن محمد تقي ( ت ١١١١ هـ ). بحار الانوار. طهران : المطبعة الكمبانية ، ١٣٧٦ هـ.

١٠٨ ـ المحقق الابي ، زين الدين ابي علي الحسن ( ٦٧٢ هـ ). كشف الرموز في شرح المختصر النافع. قم : جماعة المدرسين ، ١٤٠٨ هـ.

١٠٩ ـ المحقق الحلي ، نجم الدين جعفر بن الحسن بن يحيى ( ت ٦٧٦ هـ ). شرائع الاسلام في مسائل الحلال والحرام. تبريز : طبعة حجرية ، ١٢٨٤ هـ.

١١٠ ـ ـــــــ . المعتبر في شرح المختصر. قم : سيد الشهداء ، بدون تاريخ.

١١١ ـ المرتضى ، علم الهدي ابي القاسم علي بن الحسين (ت ٤٣٦ هـ ). الانتصار. النجف الاشرف : الحيدرية ، ١٩٧١ هـ ز

١١٢ ـ المرغيناني ، علي بن ابي بكر الرشداني الحنفي ( ت ٥٩٣ هـ ). الهداية : شرح بداية المبتديء. القاهرة : البابي الحلبي ، بدون تاريخ.

١١٣ ـ المفيد ، ابو عبدالله محمد بن محمد النعمان ( ت ٤١٣ هـ ). الاختصاص. طهران : مكتبة الصدوق ، ١٣٧٩ هـ.

١١٤ ـ ـــــــ . الارشاد. بيروت : الاعلمي ، ١٣٩٩ هـ.

١١٥ ـ ـــــــ . المجالس. طهران : الكتب الاسلامية ، ١٣٨٠ هـ.

١١٦ ـ ـــــــ . المفنعة. قم : جماعة المدرسين ، ١٤١٠ هـ.

١١٧ ـ النجفي ، محمد حسن ( ت ١٢٦٦ هـ ). جواهر الكلام في شرح شرائع الاسلام. تحقيق : محمود القوچاني. طهران : الكتب الاسلامية ، بدون تاريخ.


١١٨ ـ النراقي ، احمد بن محمد مهدي ( القرن ١٣ هـ ). عوائد الايام في بيان الاحكام. قم : طبعة حجرية ، بدون تاريخ.

١١٩ ـ النسائي ، ابو عبدالرحمن بن شعيب ( ت ٣٠٣ هـ ). سنن النسائي. القاهرة : البابي الحلبي ، ١٩٦٤ م.

١٢٠ ـ النووي ، محب الدين زكريا الشافعي (ت ٦٧٦ هـ ). شرح صحيح مسلم. بيروت : دار القلم ، ١٤٠٧ هـ.

١٢١ ـ ابوبر ، لين. الخيانات الزوجية. نيويورك : ارفينك ، ١٩٨٢ م.

١٢٢ ـ آدمز ، برت. العائلة : تفسير سوسيولوجي. الطبعة الثالثة. شيكاغو : راند ماكنلي ، ١٩٨٠ م.

١٢٣ ـ البن ، ميل ودومينك كافالو. الحياة العائلية في امريكا ١٦٢٠ ـ ٢٠٠٠ م. نيويورك : المطبعة التصحيحية ، ١٩٨١ م.

١٢٤ ـ الدوس ، جان. راتبين شهريين : الحياة في العوائل التي يعمل فيها الزوجان. بفرلي هيلز ، كاليفورنيا : سيك ، ١٩٨٢ م.

١٢٥ ـ امري ، روبرت وآخرون. الطلاق ، الاطفال ، والسياسة الاجتماعية. فصل علمي في كتاب ( السياسة الاجتماعية وابحاث نمو الطفل ) ، تحرير : هارولد ستيفنسن والبرتا سيغال. شيكاغو : مطبعة جامعة شيكاغو ، ١٩٨٤ م.

١٢٦ ـ النجلز ، فريدريك. اصل العائلة ، الملكية الخاصة ، والدولة. نيويورك : المطبعة الدولية ، ١٩٤٢ م. الطبعة الاولي ١٨٨٤ م.

١٢٧ ـ انكرام ، اليتور. العلم ، الخرافة ، والحقيقة : العائلة السواداء في نصف قرن من البحوث. وستبورت ، كنتيك :كرينوود ، ١٩٨٢ م.

١٢٨ ـ اليس ، البرت. الزواج المختلط : هل هو بديل ممكن؟ فصل علمي في كتاب ( العائلة في البحث عن ) مستقبل ). تحرير : هيربرت اوتو. نيويورك : ابلتون ـ سنجري وكروفتس ، ١٩٧٠ م.

١٢٩ ـ ايشلمان ، روز وجوان كلارك. المودة ، الالتزامات ، والزواج : تطوير العلاقات بوستن : الين و


بيكون ، ١٩٧٨ م.

١٣٠ ـ ايوليتا ، كن الطبقة الفقيرة. نيويورك : ماكرو ـ هيل ، ١٩٨٢ م.

١٣١ ـ بابرسن ، جيمس. الكفاح الامريكي ضد الفقر ١٩٠٠ ـ ١٩٨٠ م. كامبردج ، ماساشوستس : مطبعة جامعة هارفرد ، ١٩٨٢ م.

١٣٢ ـ بارسون ، تالكوت ، تركيب العمل الاجتماعي. نيويورك : ماكرو ـ هيل ، ١٩٣٧ م.

١٣٣ ـ ـــــــ . التركيب الاجتماعي. جليمكو ، الينوي : المطبعة الحرة ، ١٩٥١ م.

١٣٤ ـ ـــــــ . السياسة والتركيب الاجتماعي. نيويورك : المطبعة الحرة ١٩٥٩ م.

١٣٥ ـ ـــــــ . بعض الملاحظات حول نظرية التغير الاجتماعي. مقالة علمية في مجلة ( علم اجتماع الريف ). عدد ٢٦ ، ١٩٦١ م. ص ٢١٩ ـ ٢٣٩.

١٣٦ ـ ـــــــ . المجتمعات : ابعاد تطورية ومقارنية. انجلوود كليفس ، نيوجرسي : برنتس ـ هول ، ١٩٦٦ م.

١٣٧ ـ بارسون ، تالكوت ، آخرون. العائلة ، الاجتماع ، وعملية التداخل. جلينكو ، الينوي : المطبعة الحرة ، ١٩٥٥ م.

١٣٨ ـ باهر ، هاورد وآخرون ، الحياة في العوائل الكيبرة : نظرات امراة نصرانية على مذهب المورمن. واشنطن دي سي : مطبعة الجامعة في امريكا ، ١٩٨٢ م.

١٣٩ ـ بر ، وسيلي. نظرية بناء واجتماعية العائلة. نيويورك : وايلي ، ١٩٧٣ م.

١٤٠ ـ بر ، وسيلي وآخرون. النظريات المعاصرة حول العائلة ، نيويورك : المطبعة الحرة ١٩٧٩ م.

١٤١ ـ برنارد ، جيسي ، الزواج مرة اخرى : دراسة في الزواج. نيويورك : دريدن ، ١٩٥٦ م.

١٤٢ ـ ـــــــ . مستقبل الامومة ، نيويورك : بنكوين ، ١٩٧٤ م.

١٤٣ ـ ـــــــ . النساء الزوجات ، والامهات : القيم والخيارات. شيكاغو : آلدين ، ١٩٧٥ م.

١٤٤ ـ ـــــــ . عالم الانثى. نيويورك : المطبعة الحرة ، ١٩٨١ م.


١٤٥ ـ ـــــــ . مستقبل الزواج. الطبعة الثانية. نيوهيفن : مطبعة جامعة ييل ، ١٩٨٢ م.

١٤٦ ـ بروبيكر ، تمثي ( محرر ). العلاقات العائلية في السنوات الاخيرة من حياة الانسان. بيفرلي هيلز ، كاليفورنيا : سيك ، ١٩٨٣ م.

١٤٧ ـ بلومبرك ، بول وبي دبليو بول. استمرار وانقطاع التزاوج بين افراد الطبقة العليا. مقالة علمية في مجلة ( الزواج والعائلة ) الامريكية ، عدد ٣٧ ، شناط ١٩٧٥ م. ص ٦٣ ـ ٧٧.

١٤٨ ـ بلومستاين ، فيليب وبير شوارتز. البحث عن الهوية الجنسية : حالة الخنثى. بحث علمي مقدم الى الاجتماع السنوي للجمعية الاجتماعية الامريكية ، مونتريال ـ كندا. ٢٥ ـ ٢٩ آب ١٩٧٤ م.

١٤٩ ـ ـــــــ . الزيجات الامريكية. نيويورك : مارو ، ١٩٨٣ م.

١٥٠ ـ بهر ، ستيفن ( محرر ). اقتصاديات الحياة العائلية. مجلة ( القضايا العائلية ) الامريكية ، العدد ٣ ، حزيران ١٩٨٢ م. العدد بكامله مخصص للقضايا العائلية.

١٥١ ـ بورترفيلد ، ارنست. الزواج بين الاعراق البيضاء والسوداء : دراسة عرقية حول العوائل السوداء والبيضاء. شيكاغو : نيلسون هول ، ١٩٧٨ م.

١٥٢ ـ بيبتون ـ روكويل ، فران. الدور المزدوح للازواج. بيفرلي هيلز ، كاليفورنيا : سيك ، ١٩٨٠ م.

١٥٣ ـ بيل الن ، مارتن واينبرك ، وكيفر همر سميث. الاولوية الجنسية : نموها في الرجال والنساء. انديانبلس : مطبعة جامعة انديانا ، ١٩٨١ م.

١٥٤ ـ بيل ، الن ، مارتن واينبرك. الانحراف الجنسي : دراسة في الفروق بين الرجال والنساء. نيويورك : يايمون وشوستر. ١٩٧٨ م.

١٥٥ ـ بيل ، نورمان وعزرا فرجل ، تفسير حديث للعائلة ، نيويورك : المطبعة الحرة ١٩٦٨ م.

١٥٦ ـ بيلنكسلي ، اندريو ، العوائل السوداء في امريكا البيضاء. انجلوود كليفز ، نيوجرسي : برنتس ـ هول ، ١٩٦٨ م.

١٥٧ ـ بير ، وليام. الرجال الذين يبقون في البيت : الرجال الذين يؤدون دور الزوجات في العوائل


الامريكية. نيوريوك : بركير ، ١٩٨٢ م.

١٥٨ ـ بيركمان ، باربرا. البروز الاقتصادي للمراة. نيويورك : الكتب الاساسية ، ١٩٨٦ م.

١٥٩ ـ تانر ، دونا. المساحقة والمساحقات. ليكسنتون ، ماياشرستس : هيث ، ١٩٧٨ م.

١٦٠ ـ ثورن ، بيري ومارلين يالوم. اعادة النظر في العائلة : بعض القضايا الانثوية. نيويورك : لونكمان ، ١٩٨٢ م.

١٦١ ـ جاو ، بول ن النساء تحت ظل الشيوعية : العئلة في روسيا والصين. بي سايد ، نيويورك : جنرال هول ، ١٩٧٧ م.

١٦٢ ـ جيرلن ، ابدريو. الزواج ، الطلاق ، والزواج مرة اخري ، كامبرد ج ، ماساشوستس : مطبعة جامعة هارفرد ، ١٩٨٣ م.

١٦٣ ـ ـــــــ . الزواج مرة اخرى كمؤسسة غير مكتملة. مقالة علمية في ( المجلة الامريكية لعلم الاجتماع ) ، عدد ٨٤ ، ١٩٧٨ م. ص ٦٣٤ ـ ٦٥٠.

١٦٤ ـ جيلز ، ريتشارد وكلير كورنيل. العنف العاطفي داخل العوائل. بيفلري ـ هيلز ، كاليفورنيا : سيك ١٩٨٥ م.

١٦٥ ـ جيليز ، ريتشارد. العنف العائلي ، بيفرلي هيلز ، كاليفورنيا : سيك ١٩٧٩ م.

١٦٦ ـ جيليز ، ريتشارد وكلير بيدرك كورنيل ( محرران ). الابعاد العالمية حول العنف العائلي. ليكسنتنك ، ماساشوستس : كتب ليكسنتنك ، ١٩٨٣ م.

١٦٧ ـ ــــــ . العنف الداخلي في العائلة. بيفرلي هيلز ، كاليفورنيا : سيك ، ١٩٨٥ م.

١٦٨ ـ دالفين ، جون. الاصرار على انعدام العدالة الاجتماعية في امريكا. كاميردج ، ماساشوستس : سكينكمان ، ١٩٨١ م.

١٦٩ ـ دوبرمان ، لوسيلي. اعادة بناء العائلة. شيكاغو : نيلسون هول ، ١٩٧٥ م.

١٧٠ ـ ديفدسن ، لوري ولوراكوردن. علم اجتماع جنس الانسان. شيكاغو : راند ماكنالي ، ١٩٧٩ م.


١٧١ ـ ديفيد ، كنكزلي. علم اجتماع صراع الابن مع الاب. مقالة علمية في مجلة ( نقد علم الاجتماع الامريكية ) ، عدد ٥ ، آب ١٩٤٠ م. ص ٥٢٣ ـ ٥٣٥.

١٧٢ ـ ديفيس ، مارغريت. العوائل في عالم العمل : تاثير المؤسسات التجارية على الحياة العائلية. نيويورك : بركير ، ١٩٨٢ م.

١٧٣ ـ ديكلر ، كارل. من المفارقات : النساء والعائلة في امريكا من الثورة وحتى الان. نيويورك : مطبعة جامعة اكسفورد ، ١٩٨٠ م.

١٧٤ ـ رابوبورت ، رونا وآخرون. الاباء ، الامهات ، والمجتمع. نيويورك : راندوم هاوس ، ١٩٧٧ م.

١٧٥ ـ رايس ، فيليب. الزواج المعاصر. بوستن : آلين وبيكون ، ١٩٨٣ م.

١٧٦ ـ روبن ، ليليان. عوالم : الحياة في عائلة من الطبقة العاملة. نيويورك : الكتب الاساسية ، ١٩٧٦.

١٧٧ ـ ـــــــ . نساء من عمر واحد. نيويورك : هاربر ورو ، ١٩٧٩ م.

١٧٨ ـ روجرز ، روي. التفاعل العائلي : نظرة انمائية. انجلوود كليفز ، نيوجر سي : برنتس ـ هول ، ١٩٧٣ م.

١٧٩ ـ روزن ، برنارد كارل. العلافة الصناعية : المكتسبات والعائلة في المجتمعات الصناعية. نيويورك : آلدين ، ١٩٨٢ م.

١٨٠ ـ روس ، هيثر وايزبيل سوهيل. تبدل الاحول : نمو العوائل التي تقودها النساء. واشنطن دي سي : معهد اوربان ، ١٩٧٥ م.

١٨١ ـ روسيل ، دايانا. سياسة الاغتصاب : نظرة الضحية. نيويورك : ستاين ودي ، ١٩٧٥ م.

١٨٢ ـ ـــــــ . الاغتصاب خلال الزواج ، نيويورك : ماكميلان ، ١٩٨٢ م.

١٨٣ ـ ـــــــ . الاستغلال الجنسي : الاغتتصاب ، انتهاك حرمة الطفل جنسيا ، وانتهاك حرمة المراة وقت العمل. بفرلي هيل ، كاليفورنيا : سيك ، ١٩٨٤ م.


١٨٤ ـ ــــــ . الجرح السري : الاعتداء الجنسي على المحارم وتاثيره على حياة النساء. نيويورك : الكتب الاساسية ، ١٩٨٦ م.

١٨٥ ـ ريس ، ايرا. الاطار الاجتماعي للتحلل الجنسي قبل الزواج. نيويورك : هولت ، راينهارت ، وونستون ، ١٩٦٧ م.

١٨٦ ـ زمرمان ، كارل. العائلة والحضارة. نيويورك : هاربر ، ١٩٧٤ م.

١٨٧ ـ سافيليوس ـ روثسثيلد ، قسطنطينا. النساء والسياسة الاجتماعية. انجلوود كليفز ، نيوجرسي : برنتس ـ هول ، ١٩٧٤ م.

١٨٨ ـ ساكسون ، لويد. الفرد ، الزواج ، والعائلة. الطبعة السادسة. بلمونت ، كاليفورنيا : وادزورث ، ١٩٨٥ م.

١٨٩ ـ سايمنوير ، جاكلين وديفيد كارول. العزاب : الامريكان الجدد. نيويورك : يايمون وسوستر ، ١٩٨٢ م.

١٩٠ ـ سبانير ، كراهام. التعايش بين المتزوجين وغير المتزوجين في الولايات المتحدة : ١٩٨٠ م. مقالة علمية في مجلة ( الزواج والعائلة ) ، عدد ٤٥ ، مايو ١٩٨٣ م. ص ٢٧٧ ـ ٢٨٨.

١٩١ ـ ستاين ، بيتر. العزوبية. انجلوود كليفز ، نيوجرسي : برنتس ـ هول ، ١٩٧٦ م.

١٩٢ ـ ستاين ، بيتر ( محرر ). الحياة الانفرادية : العززاب ضمن الاطار الاجتماعي. نيويورك : سانت مارتن ، ١٩٨١ م.

١٩٣ ـ ستراوس ، ميوري وآخرون. وراء الابواب المغلقة : دراسة في العنف العائلي في امريكا. كاردن سيتي ، نيويورك : دبل دي ، ١٩٧٩ م.

١٩٤ ـ ستراوس ، ميوري وجيرالد هوتالينج. الاسباب الاجتماعية للعنف الدائر بين الزوج والزوجة. مينابولس : مطبعة جامعة مينابولس ، ١٩٨٠ م.

١٩٥ ـ ستون ، لورنس. العائلة ، الجنس ، والزواج في انكلترا ١٥٠٠ ـ ١٨٠٠ م. نيويورك : هاربر ورو ،


١٩٧٧ م.

١٩٦ ـ ستينيت ، نيك وكريك بيردسرنك. العائلة ونمط الحياة البديلة. شيكاغو : نيلسون هول ، ١٩٧٨ م.

١٩٧ ـ سكازوني ، جون. العائلة السوداء في المجتمع الحديث. بوستن : آلين وبيكون ، ١٩٧١ م.

١٩٨ ـ ــــــ . دور الجنس ، عمل المراة ، والصراع الزوجي. ليكسنتنك ، ماساشوستس : كتب ليكسنتنك ، ١٩٧٨ م.

١٩٩ ـ سكوت ، دونالد وبرنارد ويشي. العوائل الامريكية : تاريخ موثق. نيويورك : هاربر ورو ، ١٩٨٢ م.

٢٠٠ ـ سكولينك ، ارلين وجيروم سكولينك. العائلة في انتقال. بوستن : ليتل ، براون وشركاه ، ١٩٨٣ م.

٢٠١ ـ سمارت ، كارول ، الروابط الملزمة : القانون ، الزواج ، والنسل في العلاقات العشائرية. لندن : روتليج وكيكان بول ، ١٩٨٤ م.

٢٠٢ ـ سمرفيل ، روز ( محرر ). العلافات الداخلية : الزواج ، العائلة ، ونمط الحياة من خلال الادب. انجلوود كليفز ، نيوجرسي : برنتس ـ هول ، ١٩٧٥ م.

٢٠٣ ـ سميث ، جيمس ولين سميث ( محرران ). ما وراء الزواج : دراسات جديثة حول البديل الجنسي للزواج. بالتيمور : مطبعة جامعة جونز هوبكنز ، ١٩٧٤ م.

٢٠٤ ـ سوسمان ، مارفين ( محررت ). التجرية الثانية : اشكال العائلة ونمط الحياة المختلف. مقالات علمية في مجلة ( المنسق العائلي ) الامريكية عدد ٢٤ ، اكتوبر ١٩٧٥ م. العدد بكامله مخصص لهذا الموضوع.

٢٠٥ ـ شيفر ، جوزيف. غشيان المحارم : دراسة اجتماعية بيولوجية. نيويورك : الاكاديمية ، ١٩٨٣ م.

٢٠٦ ـ شرام ، دونا. الاغتصاب الجنسي. مقالة علمية في كتاب ( المراة الضحية ) تحرير : جيمس جابمان ومارغريت كيتز. بيفرلي هيلز ، كاليفورنيا : سيك ، ١٩٧٨ م.

٢٠٧ ـ شكيمكن ، ديمتري وآخرون ( محررون ). العائلة الكبيرة في المجتمعات السوداء. شيكاغو : آلدين ، ١٩٧٨ م.


٢٠٨ ـ شليجل ، اليس. سيطرة الرجل واستقلال المراة الذاتي. نيوهيفن : مطبعة الغلاقات الانسانية ، ١٩٧٢ م.

٢٠٩ ـ ــــــ . انعدام العدالة الجنسية : نظرة لمختلف الثقافات. نيويورك : مطبعة جامعة كولومبيا ، ١٩٧٧ م.

٢١٠ ـ شنايدر ، كارل وميريس فينوفسكيس ( محرران ). قانون وسياسة الاجهاض. لنكستنك ، ماساشوستس : كتب لنكستنك ، ١٩٨٠ م.

٢١١ ـ شنايدر ، وليم واي لويس. القصة الكاملة لحقوق المنحرفين جنسيا. مقالة علمية في مجلة ( الراي العام ) الامريكية ، عدد ٧ جزء ١ ، سنة ١٩٨٤ م. ص ١٦ ـب ٢٠ و ٥٩ ـ ٦٠.

٢١٢ ـ شوت ، سوسان. العاطفة والحياة الاجتماعية : تحليل للتداخل الرمزي. مقالة علمية في ( المجلة الامريكية لعلم الاجتماع ) ، عدد ٨٤ ، قسم ٦ ، سنة ١٩٧٩ م. ص ١٣١٧ ـ ١٣٣٤.

٢١٣ ـ شورتر ، ادوارد. صياغة العائلة الجديدة. نيويورك : الكتب الاساسية ، ١٩٧٥ م.

٢١٤ ـ شوستاك ، ارثر وكيري ميكلوث. الرجال والاجهاض : الخسائر ، الدروس ، والحب. نيويورك : مطبعة العلوم الانسانية ، ١٩٨٤ م.

٢١٥ ـ شوستاك ، ارثر وآخرون. الرجال والاجهاض نيويورك : بريكر ، ١٩٨٣ م.

٢١٦ ـ فاربر ، برنارد. التنظيم والتفاعل العائلي. سان فرانسسكو : جاندلر ، ١٩٦٤ م.

٢١٧ ـ ــــــ . العائلة والنسب في المجتمع الحديث. كلينفيو ، الينوي : سكوت وفروزمن ، ١٩٧٣ م.

٢١٨ـ ــــــ . فكرة النسب. نيويورك : السفاير ، ١٩٨١ م.

٢١٩ـ فانفوسين. بث اينسمنكر ، تركيب انعدام العدالة الاجتماعية. بوستن : ليتل وبراون ، ١٩٧٩ م.

٢٢٠ ـ فيرستين بيرك ، الامومة غير المبرمجة : التاثيرات الاجتماعية للحمل عند الزوجات المراهقات. نيويورك : المطبعة الحرة ، ١٩٧٦ م.


٢٢١ ـ فيرستين بيرك ، فرانك وكراهام سبانير. اعادة تصنيع العائلة : الزواج مرة اخرى بعد الطلاق. بيفرلي هيلز ، كاليفورنيا : سيك ، ١٩٨٤ م.

٢٢٢ ـ فريزر ، فرانكلين. عوائل العبيد في الولايات المتحدة. شيكاغو : مطبعة جامعة سيكاغو ، ١٩٦٦ م.

٢٢٣ ـ فنكلهور ، ديفيد. الانتهاك الجنسي لحقوق الطفل : نظية وبحث جديد. نيويورك : المطببعة الحرة ، ١٩٨٤ م.

٢٢٤ ـ فنكلهور ، ديفيد واخرون ( محررون ). الجانب المظلم من العائلة. بيفرلي هيلز ، كاليفورنيا : سيك ، ١٩٨٣ م.

٢٢٥ ـ فورد ، كليلان وفرانك بيح. اشكال السلوك الجنسي. نيويورك : هاربر ورو ، ١٩٥١ ك.

٢٢٦ ـ فوريشا ، باربرالوسك. الادوار الجنسية والحذر الشخصي. مورستاون ، نيوجرسي : التعليم العام ١٩٧٨ م.

٢٢٧ ـ فويدانوف ، باتريشا ( محررة ). العمل والعائلة : تبدل ادوار الرجال والنساء. بالو آلتو ، كاليفورنيا : مي فيلد ، ١٩٨٤ م.

٢٢٨ ـ فيفرز ، جين. بدون اطفال بالاختيار. اونتاريو ، كندا : بيترورثز ، ١٩٨٠ م.

٢٢٩ ـ قسطنطين ، لاري. العلاقات المتعددة : الزواج المختلط في نظرة واسعة. مقالة علمية في كتاب ( استكشاف انماط الحياة الداخلية ) تحرير : برنارد ميوشتاين. نيو يورك : سبرنكر ، ١٩٧٨ م.

٢٣٠ ـ قسطيطين ، لاري وجوان قسطنطين. الزواج المختلط. نيويورك : ماكميلان ، ١٩٧٤ م.

٢٣١ ـ كارتر ، هيو وبول كليك. الزواج والطلاق ك دراسة اجتماعية واقتصادية. كامبردج ، ماساشوستس : مطبعة جامعة هارفرد ، ١٩٧٦ م.

٢٣٢ـ كاركان ، ليونارد وماثيو مليكو. العزاب : بين الحقائق والخرافات. بيرلي هيلز ، كاليفورنيا : سيك ١٩٨٢ م.


٢٣٣ ـ كاريت ، وليام. فصول الزواج والحياة العائلية. نيويورك : هولت ، راينهارت ، وونستون ، ١٩٨٢ م.

٢٣٤ ـ كاميرمان ، شيلا وشيريل هينز ( محرران ). العوائل العاملة : الاطفال في عالم متغير. واشطن دي سي : الاكاديمية القومية ، ١٩٨٢ م.

٢٣٥ ـ كانتر ، روزابث موس. العمل والعائلة في الولايات المتحدة. نيويورك : روسيل سيك ، ١٩٧٧ م.

٢٣٦ ـ كروب ، نورتن ومارفين لازيرسون. الوعود المكسورة. نيويورك : الكتب اغلاساسية ، ١٩٨٢ م.

٢٣٧ ـ كليتن ، ريتشارد هاروين فوس. زلزلة التعايش في الستعينات. مقالة علمية في مجلة ( الزواج والعائلة ) الامريكية. عدد ٣٩ القسم الثاني ، ١٩٧٧ م. ص ٢٧٣ ـ ٢٨٣.

٢٣٨ ـ كليفين ، فايولا. الشخصية الانثوية : تاريخ فكر. اربانا ، الينوي : مطبعة جامعة الينوي ، ١٩٧٥ م.

٢٣٩ ـ كوبر ، جون وبيكي هاروف. الشخصيات الامريكية المهمة : دراسة في السلوك الجنسي بين افراد الطبقة العليا. نيويورك : ابلتون ـ سنچري ، ١٩٦٥ م.

٢٤٠ ـ كوتمان ، هربرت. العائلة السوداء خلال العبودية والتحرر ١٧٥٠ ـ ١٩٢٥ م. نيويورك : كتب بانثيون ، ١٩٧٦ م.

٢٤١ ـ كود ، وليام. الثورة العالمية واشكال العائلة. نيويورك : المطبعة الحرة ، ١٩٦٣ م.

٢٤٢ ـ ـــــــ . العائلة. الطبعة الثانية. انجلوود كليفز ، نيوجرسي : برنتس ـ هول ، ١٩٨٢ م.

٢٤٣ ـ كوردن ، ميشيل. العائلة الامريكية : الماضي ، الحاضر ، والمستقبل. نيويورك : راندوم هاوس ، ١٩٧٨ م.

٢٤٤ ـ ـــــــ. العائلة الامريكية في التاريخ. الطبعة الثالثة. نيويورك : سانت مارتن ، ١٩٨٣ م.

٢٤٥ ـ كولينز ، راندال. نظرية الصراع في انعدام العدالة الجنسية. مقالة علمية في مجلة ( مشكلات اجتماعية ) الامريكية ، عدد ١٩ ، سنة ١٩٧١ م. ص ٣ ـ ١٢.

٢٤٦ ـ ـــــــ. علم اجتماع الصراع : نحو علم توضيحي. نيويورك : المطبعة الاكاديمية ، ١٩٧٤ م.

٢٤٧ ـ ـــــــ. المجتمع المعتمد. نيويورك : المطبعة الاكاديمية ، ١٩٧٩ م.


٢٤٨ ـ ـــــــ. علم اجتماع الزواج والعائلة : الجنس ، الحب ، والملكية. شيكاغو : نيلسون هول ، ١٩٨٥ م.

٢٤٩ ـ كوماروفيسكي ، ميرا. التزاوج بين افراد الطبقة العاملة. نيويورك : ارندوم هاوس ، ١٩٦٢ م.

٢٥٠ ـ كوين ، سيوارت وروبرت هابنستاين. العائلة في مختلف الحضارات. الطبعة الرابعة. فيلادلفيا : لبنكوت ، ١٩٧٤ م.

٢٥١ـ كيركن ، ميشيل وولتر كوف. في البيت وفي مكان العمل : حصص العائلة في الفمل. بيفرلي هيلز ، كاليفورنيا : سيك ، ١٩٨٣ م.

٢٥٢ ـ كيسون ، كي وهيلين راشكة. بحوث الطلاق : ماذا نعف عنها؟ وماذا يجب ان نعرف عنها؟ مقالة علمية في مجلة ( الطلاق ) الامريكية ، عدد ٤ ، ربيع ١٩٨١ م. ص ١ ـ ٣٧.

٢٥٣ ـ كيفارت ، وليام. مجاميع فوق العادة : علم اجتماع الانماط الحياتية غير التقليدية. الطبعة الثانية. نيوريوك : سانت مارتن ، ١٩٨٢ م.

٢٥٤ ـ لاسليت ، بيتر. العالم الذي فقدناه. نيويورك : سكرايبنرز ١٩٧١ م.

٢٥٥ ـ ـــــــ. خصائص العائلة الغربية خلال الاحقاب المتوالية. مقالة علمية في مجلة ( التاريخ العائلي ) ، عدد ٢ قسم ٢ ، سنة ١٩٧٧ م. ص ٨٩ ـ ١١٥.

٢٥٦ ـ لاسليت ، بيتر وريتشارد وول ( محرران ). البيت والعائلة في التاريخ. كامبردج ، انكلترا : مطبعة جامعة كامبردج ، ١٩٧٢ م.

٢٥٧ ـ لاش ، كريستوفر. جنة في عالم لا قلب له : العائلة في حصار. نيويورك : الكتب الاساسية ، ١٩٧٧ م.

٢٥٨ ـ ـــــــ. حضارة النارسيز. نيويورك : نورتن ، ١٩٧٩ م.

٢٥٩ ـ لانتز ، هيرمان واخرون. تغير العائلة الامريكية من العصر الزراعي الى العصر الصناعي : تقرير نهائي. مقالة علمية في مجلة ( نشرة النقد الاجتماعية الامريكية ) ، عدد ٤٢ حزيران ١٩٧٧ م. ص


٤٠٦ ـ ٤٢١.

٢٦٠ ـ لوباتا ، هيلينا. النساء الارامل. نيويورك : السفاير نورث هولند ، ١٩٧٩ م.

٢٦١ ـ لوباتا ، هيلينا وجوزيف بليك ( محرران ). بحوث في تداخل الادوار الاجتماعية : العوائل والوظائف. كرينوج ، كناتيكت : جاي ، ١٩٨٣ م.

٢٦٢ ـ لوكر ، كريستين. الاجهاض وسياسة الامومة. بيركلي ، كاليفورنيا : مطبعة جامعة كاليفورنيا ، ١٩٨٥ م.

٢٦٣ ـ لوي ، ماريان وروث هيبارد ( محرران ) طبيعة المراة : عقلانية انعدام العدالة. نيويورك بيركامون ١٩٨٣ م.

٢٦٤ ـ لي ، كيري. النسب في الستعينات : عقد من النقد للنظرية والبحوث. مقالة نقدية في مجلة ( الزواج والعائلة ) ، عدد ٤٢ ، تشرين ثاني ١٩٨٠ م. ص ٩٢٣ ـ ٩٣٤.

٢٦٥ ـ ليبي ، روجر. العزوبية كنظام حياة : ما وراء الزواج مجرد معبر. مقالة علمية في كتاب ( استكشاف انماط الحياة العاطفية ) تحرير : برنارد مورشتاين. نيويورك : سبرنكر ، ١٩٧٨ م.

٢٦٦ ـ ليبي ، روجر وروبرت وايتهيرتس. الزواج والبدائل : محاولة اكتشاف العلاقات الداخلية. كلينفيو ، الينوي : سكوت وفورسمان ، ١٩٧٧ م.

٢٦٧ ـ ليبمان ـ بلومن ، جين القوة وجنس الانسان. انجلوود كليفز ، نيوجرسي : برنتس ـ هول ، ١٩٨٤ م.

٢٦٨ ـ ليتل ، ماريلين. انكسار العائلة: فهم المشاكل الزرجية والوساطة في الولاية علي الاطفال. سان فرانسسكو : جوسي ـ باس ، ١٩٨٢ م.

٢٦٩ ـ ليفيتان ، سار وريتشارد بابوز. ماذا بحصل للعائلة الامريكية؟ بالتيمور : مطبعة جامعة جونز هوبكنز ، ١٩٨١ م.

٢٧٠ ـ ليماسترس ، اي اي وجون دي فرين. الابوان في امريكا المعاصرة : نظرة تعاطف. الطبعة الرابعة.


هوموود ، الينوي : دورسي ، ١٩٨٣ م.

٢٧١ ـ لينسكي ، جيرهارد. العامل الديني : دراسة اجتماعية في التاثير الديني على السياسة ، الاقتصاد ، والحياة العائلية. كاردن سيتي ، نيويورك : دبل دي ، ١٩٦١ م.

٢٧٢ ـ ماچ، جيمس واخرون ( محررون ). الشيخوخة : الثبات والتغير في العائلة. نيويورك : الاكاديمية ، ١٩٨١ م.

٢٧٣ ـ ماركس ، كارل. المخطوطات الاقتصادية والسياسية لسنة ١٨٤٤ م. نيويورك : النشر الدولي ، ١٩٦٤ م.

٢٧٤ ـ ــــــ. مختارات في علم الاجتماع والفلسفة الاحتماعية. تحرير : تي بي يو تو موس وماكيميلان روبل. بالتيمور ، ميريلاند : بنكوين ، ١٩٦٤ م. الطبعة الاولى سنة ١٨٤٨ م.

٢٧٥ ـ ــــــ. نقد فلسفة هيغل. فصل في كتاب ( كتابات ماركس حول الفلسفة والمجتمع ).

تحرير : لويد ايستون وكيرت كودات. نيويورك : دبل دي ، ١٩٦٧ م. الطبعة الاولى ١٨٤٣ م.

٢٧٦ ـ ماركس ، كارل وفريدريك انجلز. اعمال مختارة. موسكو : التقدمي ، ١٩٧٠ م.

٢٧٧ ـ ماركسون ، اليزابيث ( محررة ). العجائز : قضايا وابعاد. لكسنتنك ، ماساشوستس : كتب لكسنتنك ١٩٨٣ م.

٢٧٨ ـ ماسينك ، جورج وماري جوبين. عوائل الامة. كامبردج ، ماساشوستس : مطبعة جامعة هارفرج ١٩٨٠ م.

٢٧٩ ـ ماكادو ، هاريت بايبز ( محرر ). العوائل السوداء. بيفرلي هيلز ، كاليفورنيا : سيك ، ١٩٨١ م.

٢٨٠ ـ ماكلين ، ايلينور. اشكال العائلة غير التقليدية : عشر سنوات من البحوث. مقالة علمية في ( مجلة الزواج والعائلة ) ، عدد ٤٢ ، تشرين ثاني ١٩٨٠ م. ص ٩٠٥ ـ ٩٢٢.

٢٨١ ـ مندل ، جارلس وروبرت هابينشتاين. الفروق العرقية في العوائل الامريكية : اشكال واختلافات. نيويورك : السفيار ، ١٩٨٢ م.


٢٨٢ ـ موردوخ ، جورج. البدائيون المعاصرون لنا. نيويورك : ماكميلان ، ١٩٣٤ م.

٢٨٣ ـ ـــــــ. معلومات مقارنة حول تقسيم العمل على اساس الجنس. مقالة علمية في مجلة ( القوي الاجتماعية ) الامريكية ، عدد ١٥ ، سنة ١٩٣٥ م. ص ٥٥١ ـ ٥٥٣.

٢٨٤ ـ ـــــــ. التركيب الاجتماعي. نيويورك : ماكميلان ، ١٩٤٩ م.

٢٨٥ ـ ـــــــ. تركيب العالم العرقي. مقالة علمية في مجلة ( الانثروبولوجي الامركي ) ، عدد ٥٤ ، سنة ١٩٥٧ م. ص ٦٦٤ ـ ٦٨٧.

٢٨٦ ـ موري ، جارلس. فقدان المعركة : السياسة الاجتماعية الامريكية ١٩٥٠ ـ ١٩٨٠ م. نيويورك : الكتب الاساسية ، ١٩٨٤ م.

٢٨٧ ـ موكيوبين ، هاميلتون واخرون ( محررون ). الكابة العائلية ، التكيف ، والمساعدة الاجتماعية.سبرنك فيلد ، الينوي : جارلس توماس ، ١٩٨٢ م.

٢٨٨ ـ مونسي ، ريموند. الجنس والزواج في المجتمعات المثالية. بالتيمور : بنكوين ، ١٩٧٤ م.

٢٨٩ ـ موينيهان ، داينال باتريك. عوائل العبيد : حالة للتحرك القومي. واشنطن دي سي : الحكومة الامريكية ، ١٩٦٥ م.

٢٩٠ ـ ناب ، جاكلين وروبرات وايتهيرست. الزواج المفتوح والعلاقات : قضايا وابعاد. مقالة علمية في كتاب ( استكشاف انماط الحياة الداخلية ) تحرير : برنارد ميورستاين. نيويورك : سبرنكر ، ١٩٧٨ م.

٢٩١ ـ ناي ، ايفان. العلاقات العائلية : المكافات, التكاليف. بيفرلي هيلز ، كاليفورنيا : سيك ، ١٩٨٢ م.

٢٩٢ ـ هارنكتن ، ميشيل. الفقر الامريكي الجديد. نيويورك : هولت ، راينهارت ، وونستن ، ١٩٨٤ م.

٢٩٣ ـ هاريفين ، تامرا. عصر العائلة وعصر الصناعة. نيويورك : مطبعة جامعة كامبردج ، ١٩٨٢ م.

٢٩٤ ـ هاوسكنشت ، شارون ( محرر ). العائلة بدون اطفال والعائلة مع طفل واحد. مجلة ( القضايا العائلية ) الامريكية. عدد ٣ ، ديسمبر ١٩٨٢ م. العدد بكامله مخصص لهذا الموضوع.

٢٩٥ ـ هايز ، شيريل وشيلا كاميرمان ( محرران ). اطفال الابوين العاملين : الخبرات والنتائج. واشطن


دي سي : الاكاديمية القومية ، ١٩٨٣ م.

٢٩٦ ـ هنسلين ، جيمس ( محرر ). الزواج والعائلة في المجتمع المتغير. نيويورك : المطبعة الحرة ، ١٩٨٥ م.

٢٩٧ ـ هود ، جين كيف تصبح العائلة ذا احترافين؟ نيويورك : بركير ، ١٩٨٣ م.

٢٩٨ ـ هوك ، شيريل وديفيد نوكس. طفل واحد بالاختيار. انجلوود كليفز ، نيوجرسي : ترنتس ـ هول ، ١٩٧٧ م.

٢٩٩ ـ هيل روبرت. قوي العوائل السوداء. نيويورك : امرسون هول ، ١٩٧١ م.

٣٠٠ ـ هيوبر ، جوان وجلينا سبايتز. انعدام العدالة الجنسية : الاطفال ، ادارة البيت ، والعمل خارج البيت. نيويورك : الاكاديمية ، ١٩٨٣ م.

٣٠١ ـ وانبرك ، روبرت. الحياة في توازن : محاولة الكتشاف قضية الاجهاض المثيرة للجدل. نيويورك : اير دمانز ، ١٩٨٥ م.

٣٠٢ ـ وايزبرك ، كيلي. اطفال الليل. ليكسنتنك ، ماناشوستس : كتب ليكسنتنك ، ١٩٨٥ م.

٣٠٣ ـ وايس ، روبرت. الانفصال الزوجي. نيويورك : الكتب الاساسية ، ١٩٧٥ م.

٣٠٤ ـ ــــــ. الحياة العائلة والوضع الاجتماعي للازواج المطقين. نيويورك : الكتب الاساسية ، ١٩٧٩ م.

٣٠٥ ـ ولسون ، ادوارد. حول الطبيعة الانسانية. كامبردج ، ماساشوستس : مطبعة جامعة هارفرد ، ١٩٧٨ م.

٣٠٦ ـ وليز ، جبسون. قضايا معاصرة في الزواج والعائلة. الطبعة الثالثة. نيويورك : ماكميلان ، ١٩٨٣ م.

٣٠٧ ـ وبيرك ، روبرت. الحياة في الميزان : استكشاف قضايا الاجهاض. كراند رابد ، ميشيغان : ايردمانز ، ١٩٨٥ م.

٣٠٨ ـ ويتز. شيرلي. ادوار الجنس : البيولوجية ، السايكولوجية ، والاجتماعية ، نيويورك : مطبعة جامعة اكسفورد ، ١٩٧٧ م.


٣٠٩ ـ ـــــــ. الاتصال غير الفظلي. نيويورك : مطبعة جامعة اكسفورد ، ١٩٧٩ م.

٣١٠ ـ ويتزمان ، لينور. دور الجنس في الاجتماع. بالو آلتو ، كاليفورنيا : مي فيلد ، ١٩٧٩ م.

٣١١ ـ ـــــــ. ثورة الطلاق : النتائج الاجتماعية والاقتصادية غير المتوقعة للنساء والاطفال في امريكا. نيويورك : المطبعة الحرة ، ١٩٨٥ م.

٣١٢ ـ ويك ، جون زواج المراهقين : تحليل احصائي. وستبورت ، كناتيك : كرينوود ، ١٩٧٦ م.

٣١٣ ـ ويلي ، جارلس. نظرة جديدة حول العوائل السوداء. بي سايد ، نيويورك : جنرال هول ، ١٩٧٦ م.

٣١٤ ـ ــــــــ. الطبقة والطبقية. بي سايد ، نيويورك : دجنرال هول ، ١٩٨٠ م.

٣١٥ـ وينبرك ، مارتن وكولن وليايمز. الرجال المنحرفون جنسيا : مشاكلهم وطرق تقبلهم. نيويورك : مطبعة جامعة اكسفورد ، ١٩٧٤ م.

٣١٦ ـ وينج ، روبرت. اختيار الشريك : دراسة حول الاختياجات العاطفية. نيويورك : هاربر ، ١٩٨٥ م.

٣١٧ ـ يانكيلوفيج ، دانيال. القوانين الجديدة : البحث عن القناعة الذاتية في عالم مقلوب. نيويورك : راندوم هاوس ، ١٩٨١ م.

٣١٨ ـ يوربيرغ ، بيتي. الهوية. الهوية الجنسية : ادوار الجنس والتغير الاجتماعي. نيويورك : وايلي ، ١٩٧٤ م.

٣١٩ ـ ــــــــ. العائلة النووية والكبيرة : مساحة اضطراب ، مقالة علمية في ( مجلة الدراسات المقارنة للعائلة ) ، عدد ٦ ، ربيع ١٩٧٥ م. ص ٥ ـ ١٤.

٣٢٠ ـ ــــــــ. العوائل زالمجتمعات : البقاء ام الاتقراض؟ نيويورك : مطبعة جامعة كولومبيا ، ١٩٨٣ م.



هذه القائمة الاضافية بالمصادر الاجنبية حاصة بالطبعة الجامعية لهذا الكتاب. وهي موجهة لمساعدة كل الذين يبذلون جهدا استثنائيا في ملاحقة بحوث الكتاب من مصادرها الاجنبية وبيفس اللغة التي كتبت بها ، وتطوير بحوث ونظريات ونقديات علم الاجتماع الاسلامي بما يناسب الوضع الاجتماعي المتغير للعالم الاسلامي.

ADMAS, BERTN. The family: A Sociological Interpretation. ٣rd ed. chicago: Rand McNall, ١٩٨٠.

ALBIN. MEL, and DOMINICK CAV ALLO ( eds ). family Life in America, ١٦٢٠ -٢٠٠٠. St james, New york: Revisionary press, ١٩٨١.

ALDOUS, JOAN. two payckecks: Life in Dual – career families. Beverly Hill, calif: Sage, ١٩٨٢.

ATWATER, LYNN. The Extramarital connection. New york: Irvington, ١٩٨٢.

AULETTA, KEN. The undercalss. New york: McGraw – Hill, ١٩٨٢.

BAHR. STEPEN J. ( ed. ) the Economics of familly Life. Journal of family Issies, ٣, June ١٩٨٢. Enuire Issue.

BAHR, HOWARD M, SPECER J. CONDIE and KRISTEN GOODMAN. Life in Large famililes: views of mormon women. washington, D.C: university press of America, ١٩٨٢.

BEER. WILLIAM R. Househusbands: Men and Housework in American famililes. New york : praeger, ١٩٨٢.

BELL, ALAN, and MARTIN WEINBERG, Homosexualities: A stud of diversity Among Man and women. New york: simon and schuster, ١٩٧٨.

___________, MANRTIN WEINBERG, and SUE K, HAMMERSMITH. sexual preference: Its Development in man and women. Indianapolis: Indiana university preess. ١٩٨١.

BERGMAN. BARBARA.the economic Emergence of women New york: Basic Bookd, ١٩٨٦.


BELL, NORMAN W., and EZRA F. VOGRL. A Modern Introducion to the family. New york: free press. ١٩٦٨.

BERNAED. JESSIE, Remarriage: A Study of marriage. New york: Aryden, ١٩٥٦.

____________. The future of motherhood. New york: penguin, ١٩٧٤

____________. women. wives. mothers: Values and options. chicago: Aldine, ١٩٧٥.

____________. The female World. New york: ferr press ١٩٨١

____________. The future of Marriage. ٢ nd ed. new Haven: yale unversity press, ١٩٨٢.

BILLINGSLEY, ANDREW. Black famililes in white America. Englewood cliffs, N.J,: prentice – Hell, ١٩٦٨.

BLUMBERG, PAUL M., and p W PAUL. continuities and Discontinuities in upper –Calss marriages, journoal of marriage and the family, ٣٧, feb. ١٩٧٥. pp. ٦٣ – ٧٧.

BLUMDTEIN, PHILIP. and PEPPER SCHWARTZ. The acquisition of sexual identity: The bisexual case. Paper presented at the Annual Meetinges of the American Sociological Association, Aug. ٢٥ – ٢٩, ١٩٧٤, Montreal. canada.

_____________, and PEPPWER SCHWARTZ. American couples. New york: Morrow, ١٩٨٣.

BRUBAKER, TIMOTHY ( ed. ). family Relationships in Later Life. Beverly Hills. calif: sage, ١٩٨٣.

BURR, WESLEY, Theory construction and the siciology of the family, New york: wiley, ١٩٧٣.

_____________, REUBEN HILL, F, IVAN and IRA L REISS, contemporay Theoroes About the family, New york: free press, ١٩٧٩.

CANRGAN, LEONARD, and MATTHEW MELKO, Singels: Myths and Realiles. Beverly – Hills , calif : sage , ١٩٨٢

Economic study, Rev, ed, canbridge, Harvard Universiry press, ١٩٧٦.

CHAO, PAUL. Woen Unser communism: family in Russia and china.


Bayside, N Y: General Hall, ١٩٧٧.

CHERLIN, ANDREW. Remarriage as an incomplete institution. American Journol of sociolgy, ٨٤, ١٩٧٨ pp. ٦٣٤ – ٦٥٠

CHERLIN. ANDREW. Marriage, Divorce, Remarriage, cambridge. mass.: Harvard university press, ١٩٨٣.

CLAYTON, RICHARD, and HARWIN VOSS. shacking up: cohabitation in the ١٩٧٠ s. Journol of marriage and the family, ٣٩:٢, ١٩٧٧. pp. ٢٧٣ – ٢٨٣.

COLLINS, RANDALL. A conflict theory of sexual stratification. social preblems, ١٩, ١٩٧١. pp. ٣ – ١٢.

___________. Conflict sociology: Toward an Explanatory scoence. Now york: Academic press, ١٩٧٤.

___________. the credential society. New york: Academic press, ١٩٧٩.

___________. sociology of marriage and the famoly: Gender, Love, and property. chicago: Nelson Hell, ١٩٨٥.

CONSTATINE, LARRY. Multilateral relations revisited: Group marriage in extended perspective, in Bernald I. Murstein ( ed ), Expliring Inimate life styles. New york: springer, ١٩٧٨.

___________. and JOAN CONSTANTINE, Group marriage: A study of sexual Behavior Among the Affluent. New york: macmillan, ١٩٧٣.

CUBER, JOHN, and PEGGY HARROFF, THE significant Americans: A Study of sexual Behavior Among the Affluent. New york: Appleton – century, ١٩٦٥.

DALPHIN, JOHN, The presistence of social Ineqlity in America, cambridge, mass: sehenkman, ١٩٨١.

DAVIDSON, LAURIE, end LAURA K. GORDON. the sociology of Genser, chicago: Rand MCNally, ١٩٧٩

DAIS, MARGARET R. Families in a working world: the Impact of organizations on Domestic Life New york: praeger, ١٩٨٢.

DEGLER, CARL At odds: women and family in America from the Revilution to the present. New york: Oxford university press, ١٩٨٠.

DUBERMAN, LUCILLE, the Reconstred family, chicago: Nelson – Hall ١٩٧٥..

ELLIS, ALBERT, Group marriage: A possible alternatove? in Herbert A Otto


( ed. ) the family in search of a future, New york: Appleton – century – crofts, ١٩٧٠.

EMERY, ROVERT E., et al. Dovrce, children, and social policy in Harold W. Stevenson and Alberta E Siegal ( eds. ) child Development Research and social policy, chicago: University of chicago press, ١٩٨٤.

ENGELS, FRIEDRICH, the origin of th family, private property, and the state, New york: International publushing, ١٩٤٢..

ENGAAM. ELEADRICH, the Origin of th family, property, and the state. New york: International publishing, ١٩٤٢..

ESHLEMAN, J ROSS, and JUANNE N, CLARKE, Inimacy, commitments, and marriage: Sevelopment of Relaionships, Boston: Allyn and Bacon, ١٩٧٨.

FARBER, BERNARD. Family O rgamization and Interaction, san Francisco: chandler, ١٩٦٤.

___________. family and kinship in mordern Society, Glenview, Ill.: Scott ,foresman, ١٩٧٣.

___________. conceptions of Kinship. New york: Elsevier, ١٩٨١.

FINKELHOR, DAVID, et al. ( eds. ) the dark side of Families. Berverly Hills. calif: sage. ١٩٨٣.

___________. child sexual Abuse: New Theory and Reseaech, New york: free press, ١٩٨٤

FORD, CLELLAN, and FRANK BEACH, Patterns of Sexual Behavior, New york: Harper & Row, ١٩٥١

FORISHA, BARBARA LUSK, Sex Roles and personal Awareness, Morristown, N, J,: General leaning press, ١٩٧٨

FRAZIER, E, FRANKLIN, the Negro family in the United states, Chicago: University of chicago press, ١٩٦٦

FURSTENBERG, FRANK, Unplanned parenhood: The social consequences of Theenage childbearing. New york: free press, ١٩٧٦

____________. and GRAHAM SPANIER, Recycling the family: Remarriage After Divorce, Berverly Hills, calif: sage. ١٩٨٤

GEERKEN, MICHAEL, and WALTER GOVE. At Hame and at Work: the family s Allocation of Labor, Berverly Hills calif: sage, ١٩٨٣.


GELLES, RICHARD J, Family violence, Berverly Hill Calif: sage, ١٩٧٩.

__________. and CLAIRE PEDRICK CORNELL ( eds ), International perspectives on family violence. Lexington Books, ١٩٨٣

__________. and CLAIRE PEDRICK CORNELL, Intimate Violence in families, Beverly Hills, calif ; sage, ١٩٨٥

GOODE, WILLIAM, World Revilution and family patterns, New york: Free press, ١٩٦٣

__________. the family ٢nd ed, Englewood cliffs, N, J,: prentice – Hall, ١٩٨٢.GOTDON, MICHAEL, The American family: past, present, and future, New york: Random House, ١٩٧٨

__________. the American family in Social – Historcal perspective, ٣rd ed, New york: St Martins press, ١٩٨٣

GRUBB, W, NORTON, and MARVIN LAZERSON, Broken promises, New york: Basic books, ١٩٨٢

GUTMAN, HERBERT G, the Black family in Slavery and freedom ١٧٥٠ – ١٩٢٥. New york: pantheon Books, ١٩٧٦

HAREVEN, TAMARA, Family Time and Industrial Time, New york: cambridge University press, ١٩٨٢

HARRINGTON, MICHAEL, the New American poverty, New york: Holt, Rinehart and Winson, ١٩٨٤

HAWKE,SHARRYL, and DAVID KNOX,One child by choice, Englewood Cliffs, N,J,: prentice – Hall, ١٩٧٧

HAYES, CHERYLD, and SHEILA KAMERMAN ( eds. ), children of working parents: Experiences and Outcomes, Washington, D, C: National Academy press,١٩٨٣

HENSLIN, JAMES M, ( ed ), Marriage and family in a changing society, New york: free press. ١٩٨٥

HILL, RIBERT B, the Strengths of Blach families, New york: Emerson Hall, ١٩٧١

HOOD JANE C, Becoming a Two – jod family, new york: praeger, ١٩٨٣

IIOUSEKNECHT, SHARON ( ed ) Childlessness and one – child family, Journal of family Issues, ٣, Dec. ١٩٨٢, Entire issue


HUBER, JOAN, and GLENNA SPITZE, Sex Stratification: children, Housework and Jobs. New York: Academic press, ١٩٨٣

KANTER, ROSABETH MOSS, Work and family in th United states, New York: Tussell sage. ١٩٧٧

HAMERMAN, SHEILA, B, and CHERYL D HAYES ( eds ), Families That Work: Children in a changing Work, Washington, D, C: National Academic press, ١٩٨٢

KEPHART, WILLIAM M, Extraodinary Groups: the Sociology of Unconventional Life Styles. ٢nd ed, New York: St Martins press, ١٩٨٢

KEPHART, WILLIAM M. Etraodinary Groups: The Sociology of unconventional Life Styles ٢nd ed. New York: St Martins press, ١٩٨٢

KITSON, GAY, and HELEN RASCHKE. Dicorce research: what we Know ; What We Need to Know. Journal of Divorce, ٤, Speing ١٩٨١. pp. ١- ٣٧

KOMAROVSKY, MIRRA. Blue Collar Marriage, New York: Random House, ١٩٦٢

LANTZ, HERMAN SCHULIN, and MARY OHARA. The Changing American Family from the Preindustrial to the Industrial Period: A Final Report American Sociological Review, ٤٢, June ١٩٧٧. pp. ٤٠٦ – ٤٢١

LASCH, CHRISTOPHER. Haven in a Heartless World: the Family Besieged. New York: Basic Books, ١٩٧٧.

__________. the Culture of Narissism. New York: Norton, ١٩٧٩

LASLETT, PETER. The World We Have Lost, ٢nd ed. New York: Scribners, ١٩٧١

__________. Characteristics of the Western family considered over time. Journal of family History, ٢: ٢ ١٩٧٧. pp. ٨٩-١١٥

__________. and RICHARD WALL ( eds ), Houssehold and family in past Time. cambridge, Eng: cambridge University press, ١٩٧٢

LEE, GARY R, Kinship in the seventies: A Decade Review of Research and Theory, Journal Marriage and the family, ٤٢ Nov. ١٩٨٠, pp, ٩٢٣ – ٩٣٤

LENSKI, GERHARD. The Teligious Factor: A Sociological Study of Religions Impact on Politics, Economics and family Life, Garden City, N. Y.: Doubleday, ١٩٦١

LEMASTERS, E, E. and JOHN DEFRAIN. Parents in Contemporary America: A Sympathetic View. ٤th ed. Homewood, Ill.: Dorsey. ١٩٨٣


LEVITAN, SAR A., and RICHARD S BABOUS. Whats Happening to the American Family. Baltimore: Johns Hopkins University press, ١٩٨١

LIBBY, ROGER W. Creative Sinlglehood as a Life Style: Beyond Marriage as a Rite of Passage, in Bernard I, Murstein ( ed. ). Exploring Intimate Life Styles. New York: Springer, ١٩٧٨

___________. and ROBERT WHITEHURST. Marriage and Alternatives: Exploring Intimate Relationships. Glinview, Ill: Scott Foresman, ١٩٧٧

LIPMAN – BLUMEN. JEAN. Gender Roles and Power. Englewood Cliffs, N. J.: Prentice –Hall, ١٩٨٤

LITTLE, MARILYN. Family Breakup: Understanding Marital Problems and the Mediating of child Custody Decisions. San Francisco: Hossey – Bass, ١٩٨٢

LOPATA, HELENA Z. Women as Widows, New York: Elsevier, ١٩٧٩

____________. and JOSEPH H, PLECK ( eds ). Research in the Interweace of Sacial Roles: Familes and Grenwich conn: JAI Press. ١٩٨٣

LOWE, MAIRAN, and RUTH HUBBARD ( eds. ) Womans Nature: Rationalizations of Inequality. New York: Pergamon Press, ١٩٨٣

LUBER, KRISTIN, Abotion and the Politics of Motherhood. Berkely, Calif: University of California Press, ١٩٨٥.

MACKLIN, ELEANOR D. Nontraditional Family Forms: A Decade of Rosearch. Journal of Marriage and the family, ٤٢, Nov. ١٩٨٠. pp. ٩٠٥ – ٩٢٢.

MARCH. JAMES ROBERT FOGEL, ELAINE HATFIELD, SARA KIESLER, and ETHEL SHAN ( eds ). Aging: Stability and Change in the Family. New York: Academic Press, ١٩٨١.

MARKSON, ELIZABETH ( ed. ). Older Women: Issues and Prospects. Lexington, Mass: Lexington Books. ١٩٨٣.

MARX, KARL. Selected Writings in Sociology and Social Philosophy. T. B. Bottomore and Maxomillian rubel ( eds ). Baltimore, Md: Penguin, ١٩٦٤, originally Published in ١٨٤٨.

_____________.Economic and Political manuscripts of ١٨٤٤. New York: International Publishers, ١٩٦٤.

_____________. critique of Hegels Philosophy of Right. in Lloyf D. Easton and


Kurt Guddat ( trans and eds. ). Writings of the Young Marx on Philosophy and Society. New York: Doubleday. ١٩٦٧, orginally Published ١٨٤٣.

____________. and FRIEDRICH ENGELS. Selected Wors, vol. ٣. Moscow: Progress Peblishers, ١٩٦٩, originally Published ١٨٥٢.

MASNICK, GEOTGE, and MARY JO BANE. The Nations Families. Cambtidge, Mass: Harvard University Ptess. ١٩٨٠.

MAX WEBER. The Methodology of the Socences. Trens and ed. Edward H. Shils and Henery Finch New York: Free press. ١٩٤٩.

McCUBBIN, HAMILTON, ELIZABETH CAUBLE, and JOAN PATTERSON ( eds ). Family Stress. Coping and Social Support. Spingfied. Ill: Charles Thomas. ١٩٨٢.

MINDEL. CHARLES. and ROBERT HABENSTEIN. Ethnic Families in America: Patterns and variations. New York: Elsevier, ١٩٨٢.

MOYNIHAN DANIEL P .. The Negro Family case for National Action. washington D. C: U. S.Government peinting office, ١٩٦٥.

MUNCY, RAYMOND LEE. Sex and Marriage in utopian communities. Baltimillore: pemguin, ١٩٧٤.MURDOCK, GEORGE P. OUR Primitve Contemporaries. New York: Macmillan ١٩٣٤.

___________. Comparative data on the division of labor by sex. Social Forces ١٥, ١٩٣٥ pp. ٥٥١ – ٥٥٣.

___________. social Structure. New York: Macmillan. ١٩٤٩.

___________. World ethnographic sample. American Anthropologist. ٥٤, ١٩٥٧. pp. ٦٦٤ – ٦٨٧.

MURRY, CHARLES. Losing ground: American Social Policy ١٩٥٠ – ١٩٨٠. New York: basic book, ١٩٨٤.

NYE, F. IVAN ( ed. ). Family Relatinships: Rewards and Costs. Beverly Hills. Calif: Sage. ١٩٨٢.

PARSONS, TALCOTT. The Strucrure of Social Action, New York: McGraw – Hill, ١٩٣٧.

___________. The Social System. Glencoe, Ill: Free Press. ١٩٥١.

___________. et al. Familly. Socialization. and interaction Process Glencoe. Ill:


Free Press, ١٩٥٥.

____________. Politics and Soeial Structure. New York: Free Pres., ١٩٥٩.

____________. Some considerations on the theory of social change. Rural Sociology, ٢٦, ١٩٦١, pp. ٢١٩ – ٢٣٩.

____________. Societies: Evolutionary and Comparative Perspectives. Englewood Cliffs N. J: Prentice – Hall. ١٩٦٦.

PORTERFIELD, ERNEST, Black and White Mixed Narriages: An Ethnographic Study of Black – White Famillies. Chicago: Nelson Hall, ١٩٧٨

QUEEN, STUART A., and ROBERT HABENSTEIN. The Familly in Various Cultures. ٤ th ed. Philadelphia: J. B. Lippincott.١٩٧٤.

RAPOPORT, RHONA ROBER RAPOPORT. and ZIONA STRELITZ. Fathers, Mothers, and Society, New York: Ranom House, ١٩٧٧.

REISS, IRA L. The Social Contxt of Premarital Sexual Permissivenes. New York: Holt. Rinehart and Winston, ١٩٦٧.

RICE, F. PHLIP. Contemporary Marriage, Boston: Allyn and Bacon. ١٩٨٣.

RODGERS, ROY H. Familly Interacion and Transaction: The Developmental Approach. Englewood Cliffs, N. J: Prebtice – Hall, ١٩٧٣.

ROSEN, BERNARD CARL, The Industrial Connection: Achievement and the familly in Developing Societies. New York: Aldine, ١٩٨٢.

ROSS, HWATHR L., and ISABEL V. SAWHILL. Time of Tranition: the Growth of Families Headed By Women. Washington. D. C: Urban Institute, ١٩٧٥.

RUBIN, LILLIAN BRESLOW. World of Pain: Life in the working – Class Familly. New York: Basic Books, ١٩٧٦

___________. Women of a Certain Age.New York: Harper & Row, ١٩٧٩.

RUSSELL, DIANA E. H The Politics of Rape: The Victims Perspective, New York: Stein and Day, ١٩٧٥.

___________. Rape in Marriage. New York: Macmillan, ١٩٨٢.

___________. Sexual Exploitaton: Rape, Child Sexual Abuse, and workplace Harassmnt. Beverly Hills, Calif: Sage, ١٩٨٤.


___________. The Secret Trauma: Incest in the Lives of Girls and Women. New York: Baisc Books, ١٩٨٦.

SAFILIOS – ROTHSCHILD, CONSTANTINA. Women and Social Policy, Englewood Cliffs, N. J: Prentice – Hall, ١٩٧٤.

SAXON, LLOYD, The Individual, marriage, and the Familly. ٦th ed. Belmont, Calif: Wadsworth, ١٩٨٥.

SANZONI, HOHN The Black Familly in Nodern Society, Boston: Allyn and Bacon, ١٩٧١.

___________. Sex Role, Womens work, and Marital Conflict. Lexington, Mass: Lexington Books, ١٩٧٨.

SCHNEIDER, CARL, and MARIS VINOVSKIS ( eds. ). The law and Politics of Aboration, Lexington Books, ١٩٨٠.

SCHNEIDER, WILLIAM, and I. A. LEWIS, The Straight story

On homosexual rights, Public Opinion ٧:١, ١٩٨٤, pp. ١٦ – ٢٠, and ٥٩ – ٦٠.

SCHLEGEL, ALICE, Male Dominance and Female Autonomy, New Haven: Human Relations Area Files Press, ١٩٧٢.

____________. Sexual Stratification: A Cross – Cultural View. New York: Columbia University Press, ١٩٧٧.

SCHRAM, DONNA, Rape in James R. Chapman and Margaret Gates ( eds. ). The Victimization of Women. Beverly Hills, Calif: Sage, ١٩٧٨.

SCOTT, DONALD M., and BERNARD WISHY ( eds. ). America s Families: A Documentary History. New York: Harper & Row Publishers, ١٩٨٢.

SHIMKIN, DEMITRI B., EDITH M. SHIMKIN, and SENNIS FRATE ( eds. ). The Extended Family in Black Societies. Chicago: Aldine, ١٩٧٨.

SHORTER, EDWARD, The Maling of the Modern Family, New York: Basic Books, ١٩٧٥.

SHOSTAK, ARTHUR, et al. Men and Abortion, New York: Preager, ١٩٨٣.

____________. and GARY McLOUTH, Men and Abortion: Losses, and Love, new York: Human sciences Press, ١٩٨٤.

SHOSTAK, SUSAN, Emotion and Social life: A symbolic interactionist analysis, American Journal of Sociology, ٨٤:٦, ١٩٧٩. pp. ١٣١٧ – ١٣٣٤.

SIMENAUER, JACQUELINE, and DAVID CARROLL, Singles: The new


Americans. Yew York: Simon and Schuster, ١٩٨٢.

SKOLNICK, ARLENE S., and JEROME SKOLNICK ( eds. ). Family in Transition, Boston: Little, Brown and Company, ١٩٨٣.

SMART, CAROL, The Ties That Bind: Law, Marrage, and The Reproductin of Patriarchal Relations. London, Routledge & Kegan Paul, ١٩٨٤.

SMITH, JAMES, and LYNN SMITH ( eds. ). Baltimore: Johns Hopkings University Press, ١٩٧٤.

SOMERVILLE, ROSE M ( ed.). Intimate Relationshgips: Marriage, Family and Life – styles Through Literarure, Englewood Cliffs, N. J: Prentice – Hall, ١٩٧٥.

SPANIER, GRAHAM B, Married and Unmarried Cohabitation in the United States: ١٩٨٠. Journal of Marriage and the Family, ٤٥, May ١٩٨٣. pp. ٢٧٧ – ٢٨٨.

STEIN, PETER J, Single. Engelwood Cliffs N. j: Prentice – Hall, ١٩٧٦.

___________. Single Life: Unmarriad Adults in Scial Context, New York: St Martins Press, ١٩٨١.

STINNET, NICK, and CRAIG BIRDSONG. The Family and Alternate Life Styles, Chicago: Nelson Hall, ١٩٧٨.

STONE, LAWRWNCE, The Family, Sex, and Marriage in England, ١٥٠٠ – ١٨٠٠. New York: Harper & Row, ١٩٧٧.

STAUS, MURRAY, RICHARD GELLES, and SUZANNE STEINMETZ. Behind Clised Doors: Violence in the American Family, New York: Doubleday, ١٩٧٩.

_____________. and GERALD HOTALING. The Social Causes of Husband – Wife Violence. Minneapolis: University of Minneapolis Press, ١٩٨٠.

SUSSMAN, MARVIN ( ed. ). The Second Experience.: Variant Family Foems and Lite Styles, The Family coorsintor, ٢٤, Oct, ١٩٧٥.

TANNER DONNA, The Lesbian Couple, Lexington, Mass: Heath, ١٩٧٨.

THORNE, BARRIE, With MARILYN YALOM. Rethnking the Family: Some Feminist Questions. New York: Longman, ١٩٨٢.

VANFOSSEN, BETH ENSINGER, The Structure of Social Inequlity, Boston: Little, Brown, ١٩٧٩.


VEEVERS, JEAN E, Chidless by Choice, Scarborough, Ontario: Butterworths, ١٩٨٠.

VOYDANOFF, PATRICA ( ed.). Work and Fmily: changing Roles of Men and Women. palo Alto, Calif: Mayfield, ١٩٨٤.

WANNBERG, ROBERT N. Life in the Balance: Exploring the Abortion Controversy. New York: Eerdmans, ١٩٨٥.

WEEK, JOHN, Teenage Marriages: A Demographic. Analysis, Westport, Conn: Greenwood press, ١٩٧٦.

WEINBERG, MARTIN and WILLIAMS COLIN, Male Homosexuals: Their Problems and Adjustments. New York: Oxford, University Press, ١٩٧٤.

WEISBERG, KELLY, Children of the Night, Lexington, Mass: Lexington Books, ١٩٨٥.

WEISS, ROBERT, Marital Separation. New York: Basic Books, ١٩٧٥.

______________. Going It Alone the Family Life and Social situation of the single Patent, New York: Basic Books, ١٩٧٩.

WEITZ SHIRLEY. Sex Roles: Biological, Psychologcal. and Social Foundations, New York: Oxford University Press, ١٩٧٧.

_____________. ( ed. ) Nonverbal Communication, New York: Oxford University Press, ١٩٧٩.

WEITZMAN,LENORE, Sex Role Socializon, Palo Alto. Calif: May – Field, ١٩٧٩.

___________. Divoce Revoluitn: The Unexpected Social and Economic Consequences for Women and Children in America. New York: Free Press. ١٩٨٥.

WELLS, J, Gipson ( ed. ). Current Issues in Marriage and rhe Fmily. ٣rd ed. New York: Macmillan, ١٩٨٣.

WENNBERG, ROBERT, Life in the Balance: Exploring the Abotion Controversy, Grand Rapids, Mich: Eerdmans. ١٩٨٥.

WILLLE, CHARLES, The Caste and Class Controversy, Bayside, N. Y: General Hall, ١٩٨٠.

_______________. A New Look at Black Families, ٢nd ed. Bayside, N. Y: Genral Hall, ١٩٨١.


WILSON, EDWARD, On, Human Nature, Cambridge, Mass: Harvard University Press. ١٩٧٨.

WINCH, TOBERT F. Mate Selection: A Study of complimentary Needs. New York: Harper, ١٩٨٥.

YORBUTG, BETTY, Sexual Identiy: Sex Roles and Social Change. New York: Wiley, ١٩٧٤.

_______________. The Nuclear and the Extended Family: An Area of Conceptual Confusion. Joutnal. of Comparative Family Studies ٦, Spring ١٩٧٥, pp. ٥ – ١٤.

_______________. Families and Societies: Survival or Extinction? New York: Columbia University press, ١٩٨٣.

ZIMMERMAN, CARLE C Family and Cicilzation. New York: Harper, ١٩٤٧.



الفهرست

المقدمة.......................................................................... ٧

اطروحة الكتاب............................................................... ١٧

اطروحة الكتاب............................................................... ١٧

القسم الاول النظام العائلي في النظرية الرأسمالية.................................... ٢١

العائلة في النظرية التوفيقية....................................................... ٢٣

نقد النظرية التوفيقية............................................................ ٢٦

العائلة في نظرية الصراع الاجتماعي.............................................. ٢٨

نقد نظرية الصراع............................................................. ٢٩

الشكل العائلي الرأسمالي......................................................... ٣٢

معنى التغير في المؤسسة العائلية الرأسمالية........................................... ٣٦

العائلة الرأسمالية الامريكية....................................................... ٤٢

الزواج والطلاق في المجتمع الرأسمالي.............................................. ٤٧

مشكلة الاسقاط المتعمد ( الاجهاض )............................................ ٥٤

هفوات النظام العائلي الرأسمالي................................................... ٥٨

القسم الثاني................................................................... ٦٥

النظام العائلي في النظرية الاسلامية............................................... ٦٥

العائلة في النظرية الاسلامية...................................................... ٦٧

احكام الزواج الشرعية.......................................................... ٧٩

المحرمات في الشريعة الاسلامية................................................... ٩٠


احكام العقد المنقطع............................................................ ٩٩

ملحق : في النكاح المنقطع للشهيد الثاني...................................... ١٠٥

العيوب الموجبة للخيار بين فسخ العقد وامضائه.................................. ١٠٨

الخيار بالتدليس............................................................... ١١٢

الصداق..................................................................... ١١٤

احكام النسب في الشريعة..................................................... ١٢١

الاقرار بالنسب.............................................................. ١٢٥

النفقة الشرعية............................................................... ١٢٨

الرضاع وآثاره الشرعية....................................................... ١٣٣

الحضانة..................................................................... ١٣٩

احكام الصبي................................................................. ١٤١

أ ـ الحَجر قبل البلوغ..................................................... ١٤١

ب ـ عبادات ومعاملات الصبي............................................. ١٤٢

ج ـ الولاية والوصاية..................................................... ١٤٤

د ـ البلوغ والرشد الشرعي................................................ ١٤٧

الولاية في الزواج............................................................. ١٥١

الوصية الشرعية.............................................................. ١٥٤

احكام الارث................................................................ ١٥٨

احكام الطلاق............................................................... ١٦٨

خصائص النظام العائلي الاسلامي بالمقارنة....................................... ١٧٨

مع النظام العائلي الرأسمالي..................................................... ١٧٨

المصادر المقترحة التي لها علاقة بمواضيع الكتاب................................... ١٩٣

الفهرست................................................................... ٢٣٣

النظام العائلى ودور الأسرة في البناء الاجتماعي الاسلامى

المؤلف: الدكتور زهير الاعرجي
الصفحات: 234