
تراثنا
|
|
العدد الخامس
|
السنة الاُولى
|
١٤٠٦ هـ ق
|
|
|
|
|
الفهرس
كلمة
العدد
حول تحقيق نهج
البلاغة
..................................................................... ٧
مقدّمة
في مصادر نهج البلاغة
....................................... الشيخ حسن حسن زاده الآملي ١٢
المتبقّي
من مخطوطات نهج البلاغة حتى نهاية القرن الثامن الهجري
.......................................... السيد عبدالعزيز الطباطبائي ٢٥
الشريف
الرضيّ فقيهاً
.............................................. الشيخ رضا الاُستادي ١٠٣
أهل
البيت ـ عليهم السّلام ـ في نهج البلاغة
................................................ السيد علي الميلاني ١٢٥
ذكرىٰ
الشريف الرضيّ
......................................... الدكتور الشيخ أحمد الوائلي ١٤٨
الشريف
الرضيّ في ذكراه الألفيّة
................................................ الشيخ
جعفر الهلالي ١٥٤
ما
ينبغي نشره من التراث
................................................................. ١٥٨
وثائق تاريخية
رسائل
...................................................... هيئة التحرير ١٦٢
من ذخائر التراث
المفاضلة بين الرضيّ
والهرويّ
............................................... السيد أحمد الحسيني ١٧٦
ملف مؤتمر الشريف
الرضيّ
الشاعر الطموح
...................................... الدكتور السيد محمد بحر العلوم ١٩٧
الرضيّ والمرتضى
كوكبان
............................................. الشيخ جعفر السبحاني ٢٤٨
دفاع عن الشريف الرضي
في عقيدته
.................................. الدكتور الشيخ محمد هادي الأميني ٢٦٣
أكذوبتان
........................................ السيد جعفر مرتضى العاملي ٢٦٨
أهل البيت ـ عليهم السّلام
ـ في بعض شعر الشريف الرضي
................................................... الدكتور حمودي ٢٧٩
من أنباء التراث
................................................................. ٢٩٤

كلمة العدد
حول تحقيق نهج البلاغة
|
بسم الله الرحمن الرحيم
تاريخنا الإسلامي غنيّ بالذكريات التي لو استغلّت
بجدٍ وإخلاص وفق هدف واضح غايته نفع هذه الامّة وتمكين ماضيها في نفوس أبنائها ليكون عيش الحاضر وزاد المستقبل ... لو استغلت هكذا لجادت على الامّة بشآبيب من خيرها ، ولأبانت لها السبيل بشموس من تلاميذ مدرسة محمد وآله صلوات الله عليهم أجمعين.
وفي هذا العام المبارك ـ ١٤٠٦ هـ ـ ذكريات كثيرة
للامّة ، منها الذكرى الألفيّة لوفاة الشريف الرضي ، جامع الكتاب الخالد ـ نهج البلاغة ـ ممّا وصله من كلام أميرالمؤمنين الإمام علي عليه السّلام.
والشريف ذلك الشاعر المبدع ، والأديب المتمكّن ، والبليغ
العارف بخفايا اللغة العربية وأسرارها ، المتذوّق لها ، المعتني بها ، الذي يظهر ولوعه بها في مؤلّفاته
التي خصّها بهذا الجانب مثل «تلخيص البيان في مجازات القرآن» و«المجازات النبويّة».
وثلّث هذين بجمعه مختارات تتّسم بالبلاغة من كلام
إمام البلغاء ـ أميرالمؤمنين عليه السّلام ـ وكان نظر الشريف في جمعه قاصداً هذه الناحية من الكلام العَلَويّ
الكريم.
هذه المختارات هي مابقي مقروناً باسمه طوال القرون
الماضية وإلىٰ أن يرث الله الأرض ومَن عليها.
وقد اعتنى العالم الإسلامي بهذه الذكرى ، فعقدت
الندوات ، وجمعت الجامع ، وكتب الكاتبون ـ باحثين ودارسين ـ فيما يتعلّق بالشريف الرضيّ ... حياته ... آثاره
...
أدبه ... فقهه ... شعره ...
ولم ينسوا نهج البلاغة ، الكتاب الذي خلّد الشريف
على مرّ العصور ، فشهدت الأوساط العلمية والأندية الثقافية والأدبية عودة إلى الحديث عن ضرورة القيام
بتحقيق كتاب نهج البلاغة وتقويم نصّه وتصحيحه على أقدم مخطوطاته الموثوقة ، المعتمد عليها
ـ وما أكثرها ـ وطبعه طبعة فنّية محققة ، تتلاءم وقدسيّته عند الشيعة ، ومكانته المرموقة
في المكتبة العربية الإسلامية ، ومستواه الرفيع في النصوص الأدبية.
والشيعة ـ في هذا العصر ـ لابدّ أن يعترفوا
بتقصيرهم تجاه هذا التراث العظيم والمجد الخالد ، فقد كان الواجب عليهم ـ قبل غيرهم ـ أن يتولّوا تحقيقه وإخراجه ـ كما
يليق بشأنه ـ قبل يومنا هذا بعهد طويل.
ومن المؤسف حقّاً ، أنّ كتاباً بهذه الأهميّة لم
يطبع إلى الآن ـ رغم كثرة طبعاته ـ طبعة محقّقة تعتمد على مناهج تحقيق النصّ واُسسه ، من عرضه على مخطوطاته الأصلية ... وغير ذلك.
والغريب العجيب أنّ محقّقاً كمحمّد محيي الدين عبدالحميد
، على الرغم من مكانته العلمية وكونه في حاضرة كالقاهرة من حواضر التراث العربي الإسلامي المهمّة
، يعتمد في تحقيق كتاب نهج البلاغة ـ الذي له عشرات المخطوطات القديمة النفيسة ـ على ثماني طبعات سابقة ، ذكرها في المقدّمة ، وذكر نسخة واحدة خطية من شرح البحراني ، ولكنها لم تبق عنده إلى نهاية المعارضة !!
وطبعات «نهج البلاغة» المصرية والبيروتية ، وإن
كانت أجمل منظراً من الطبعات الإيرانية الحجرية ، إلّا انها لا يعتمد شيء منها على نسخ مخطوطة معتبرة ،
ولذلك لا تجد نسخة مطبوعة خالية من التصحيف والتحريف والسقط والإسقاط والتلاعب ، لأن الأيدي التي تولّت نشر نهج البلاغة أيدٍ غير مأمونة على مثله.
ونذكر هنا نماذج من التصحيف والتحريف والسقط
والزيادة التي مني بها النهج :
________________________________
١ ـ في الخطبة الاُولى من نهج البلاغة ، في جميع
النسخ المخطوطة ، قال عليه السّلام : «فمن وصف الله سبحانه
فقد قرنه ، ومن قرنه فقد ثنّاه ، ومن ثنّاه فقد جزّأه ، ومن جزّأه فقد جهله ، ومن أشار إليه فقد حدّه ، ومن حدّه فقد عدّه ، ومن قال فيم فقد ضمّنه».
وفي جميع النسخ المطبوعة زيادة [ و من جهله فقد
أشار إليه ] ، بعد قوله عليه السّلام : ومن جزّأه فقد جهله.
وهذا تحريف للنصّ وزيادة مستنكرة.
٢ ـ في الخطبة (١٠٤) في جميع النسخ المخطوطة : «فهو أبلج المناهج ، واضح
الولائج».
وفي النسخ المطبوعة ، اُبدلت كلمة «واضح» بكلمة [ أوضح
].
٣ ـ في الحكمة (١٩٠) في جميع النسخ الخطية : «واعجباه ! أتكون
الخلافة بالصحابة ولا تكون بالصحابة والقرابة !؟».
وفي أكثر النسخ المطبوعة ، ومن جملتها نسخة محمّد
عبده ، (وهي نسخة محمد محيي الدين عبدالحميد نفسها ، ونسخة صبحي الصالح : [ واعجباه! أتكون الخلافة بالصحابة والقرابة!؟ ].
وعقّب على هذه الحكمة الشريف الرضي بقوله : «وروي
له عليه السّلام شعر في هذا المعنى وهو :
فإن كنتَ بالشورى ملكتَ اُمورهم
|
|
فكيف بهذا والمشيرون غُيّبُ
|
وإن كنتَ بالقربى حججتَ خصيمهم
|
|
فغيرك أولى بالنبيّ وأقربُ».
|
وهذا الشعر يناسب تمام المناسبة النسخ المخطوطة ، وجعله
ذيلاً لما حرّفته النسخ المطبوعة يفقده معناه ، ويخالف المعروف المشهور من مذهبه عليه السّلام ومذهب شيعته
في الخلافة.
هذا ، وقد دأب الشراح السابقون ـ كابن أبي الحديد
وميثم البحراني ـ على شرح هذه العبارة بما يتّفق مع النسخة المخطوطة ، ويتنافر مع النسخة المطبوعة مع أنّ متن
نهج البلاغة في هذه النسخ محرّف.
وهذا من أوضح الأدلّة علىٰ صحّة المخطوطة.
________________________________
٤ ـ في الخطبة (١٩٠) ـ الخطبة القاصعة ـ في جميع
النسخ المخطوطة : « وضعني في حجره وأنا وليد يضمّني إلى صدره».
وفي بعض النسخ المطبوعة ومنها نسخة صبحي الصالح اُبدلت
كلمة «وليد» بكلمة [ ولد ].
وهذا تحريف يفقد العبارة معناها ، فانه عليه
السّلام يقصد تربية النبيّ صلّى الله عليه وآله منذ الصغر ، وكلمة [ ولد ] لا تدلّ على ذلك.
٥ ـ في الحكمة (٢٥٢) في النسخ المخطوطة : «فرض الله الإيمان
تطهيراً من الشرك ... والإمامة نظاماً للامّة ، والطاعة تعظيماً للإمامة».
ولكن كلمة «الإمامة» تحرّفت في نسخة صبحي الصالح الى
[ الأمانة ] ـ بالنون ـ ، وفي نسخة محمّد عبده (وهي نسخة محمد محيي الدين عبدالحميد) الى الأمانات.
وهذا غيض من فيض مما ابتلي به كتاب نهج البلاغة من
محققيه وناشريه ، وطابعيه ، فقد دخل عليه منهم الذّوق الخاص ، في زمان فسد فيه الذوق ، وماتت السليقة.
ودخل عليه منهم ـ أيضاً ـ الهوى والتعصّب ، فحذفوا
ما يخالف فرقهم ومذاهبهم ، ولو كان يخلّ بسياق النصّ ، الذي تولّوا ضبطه وتحقيقه.
ودخل الجهل ـ والعياذ بالله من الجهل ـ فبدّل
الجاهلون ما لم يفهموه. وأنّى لهم أن يفهموا مطالب العرفان السامية ودقائق الفلسفة المتعالية ، التي لم يصل الفكر
البشري الى بعض دقائقها إلّا بعد ألف من السنين أو يزيد.
ونحن بهذه المناسبة نبتهل الى العليّ القدير أن يقيّض
لنهج البلاغة من يأخذ بناصره ، ويجلو عن زجاج مشكاته سواد أيدي من تلاعب به.
ولعلّ أهله يستفيقون من نومتهم ، ويأخذون عدّتهم
بأيديهم ، ويعطون القوس باريها ، وما ذلك على الله بعزيز.
وعوداً على بدء ؛ فإننا في «تراثنا» قد خصّصنا هذا
العدد من النشرة ـ الذي هو آخر أعداد سنتها الاُولى ـ لإحياء ذكرى هذا العلم الفذّ ، متنقّلين بين الشريف الرضي
وبين آثاره الخالدة ، لما في الصلة بين الإثنين من إكمال صورة ذكراه الألفية.
وقد عقدنا في آخر النشرة ملفاً خاصاً لتغطية البحوث
العربية التي قدّمت الى مؤتمر
الشريف الرضي ، الذي تولّته مؤسسة نهج
البلاغة في طهران ، باتفاق خاص مع المؤسسة.
هيئة التحرير
مقدّمة في مصادر نهج البلاغة
الشيخ حسن حسن زاده الآملي
|
بسم الله الرحمن
الرحيم
الحمد لله الذي هدانا للتمسك بولاية خير العتر ، عترة
خاتم الأنبياء ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ الذين اولهم آدم الأولياء وسيد الأوصياء ، وآخرهم قائمهم خاتم الأولياء ، خزائن الوحي ومفاتح الغيب.
قد قيّض الفيّاض على الإطلاق لنا الغوص والخوض في
طائفة من كلام الناطق بالصواب : «إنا لاُمراء الكلام وفينا تنشّبت عروقه وعلينا تهدّلت غصونه» ، وقد نُضِّد
ما اقتني من دررها ولآلئها في سلك خمس مجلّدات مرصّفة مسمّاة بـ «تكملة منهاج البراعة
في شرح نهج البلاغة» وقد طبعت غير طبعة.
وكان ممّا يهمّنا في ذلك الشرح تحصيل إسناد ما في
النهج وذكر مصادره ومآخذه من الجوامع الروائية والمجاميع التي اُلفت ودوّنت قبل جامع النهج ؛ الشريف الرضي ـ رضوان الله تعالى عليه ـ مثل :
الجامع الكافي ، لثقة الإسلام الكُليني ، المتوفّى
سنة ٣٢٨ هـ ، على أحد قولي شيخ الطائفة الطوسي ـ قدس سره القدوسي ـ أو سنة ٣٢٩ هـ ، على ما قاله النجاشي ـ رحمة الله عليه ـ.
والبيان والتبيين ، لأبي عثمان عمرو بن بحر الجاحظ
، المتوفّى سنة ٢٥٥ هـ.
والكامل ، لأبي العبّاس محمد بن يزيد ، المعروف
بالمبرّد ، المُتوفّى سنة ٢٨٥ هـ.
والكتاب المعروف بتاريخ اليعقوبي ، لأحمد بن أبي
يعقوب الكاتب ، المُتوفّى سنة
٢٤٦ هـ كما في الكنى والألقاب للمحدث القمي
، أو حدود سنة ٢٩٢ هـ على قول آخر.
وتاريخ الاُمم والملوك ، المعروف بتاريخ الطبري ، لأبي
جعفر محمد بن جرير الطبري الآملي ، المتوفّى سنة ٣١٠ هـ.
وكتاب صِفّين ، للشيخ الأقدم أبي الفضل نصر بن
مزاحم المنقري التميمي الكوفي ، من جملة الرواة المتقدّمين ، بل هو في درجة التابعين ، كان من معاصري الإمام محمد
بن علي بن الحسين عليهم السّلام ، باقر العلوم ، وكأنّه كان من رجاله عليه السّلام ، وأدرك
الإمام علي بن موسى الرضا عليهما السّلام كما في «الخرائج» للراوندي رحمه الله تعالى
، وكانت وفاة نصر سنة ٢١٢ هـ.
وكُتب الشيخ الأجل المفيد ـ رضوان الله عليه ـ المتوفّى
٤١٣ هـ ، لاسيما ما نقل في كتبه بإسناده عن المؤرّخ المشهور محمد بن عمر بن واقد الواقدي المدني ، المتوفّى
سنة ٢٠٧ هـ.
وكتاب الإمامة والسياسة ، المعروف بتاريخ الخلفاء ،
من مؤلفات عبدالله بن مسلم ابن قتيبة الدينوري ، المتوفّى سنة ٢٧٦ هـ.
ومروج الذّهب ومعادن الجوهر في التاريخ ، لأبي
الحسن علي بن الحسين بن علي المسعودي ، المتوفّى سنة ٣٤٦ هـ.
وكُتب أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه
القمي ، المشتهر بالشيخ الصدوق ـ رضوان الله تعالى عليه ـ ، المُتوفّى سنة ٣٨١ هـ.
وكتاب الغارات ، لأبي إسحاق إبراهيم بن محمد بن
سعيد الثقفي الكوفي الإصبهاني ، المتوفّى سنة ٢٨٣ هـ.
وغيرها من الكتب الأصيلة المعتمد عليها للعلماء
الأقدمين الذين كانوا قبل الرضي جامع النهج ببضع سنين الى فوق مائتين ، وهو رضوان الله عليه تُوفّي سنة ٤٠٦ هـ من هجرة خاتم النبيّين.
وما هذه المصادر إلّا اُنموذج لكثير ممّا يمكن أن
يندرج معها.
وإنما حدانا على ذلك طعن بعض المعاندين من السابقين
واللاحقين بل المعاصرين على النهج بأنّه ليس من كلام أميرالمؤمنين عليه السّلام بل هو ممّا وضعه الرضي أو
أخوه المرتضى فنسبه إليه !
وقد نقل القاضي نورالله الشهيد ـ رحمه الله تعالى ـ
في «مجالس المؤمنين» ـ عند ترجمة
الشريف المرتضى علم الهدى أخي الرضي جامع
النهج ـ من تاريخ اليافعي ما نصّه : «وقد اختلف الناس في كتاب نهج البلاغة المجموع من كلام علي بن أبي طالب عليه السّلام ، هل هو جمعه ، أو أخوه الرضيّ ؟ وقد قيل إنّه ليس من كلام علي بن أبي طالب ، وإنما أحدهما هو الذي وضعه ونسبه إليه».
أقول : الظاهر أن اليافعي أخذ هذا الطعن من القاضي
ابن خلّكان في «وفيات الأعيان» ونقله بألفاظه في تاريخه والقائل واحد ، وقد قاله القاضي عند ترجمة علم الهدى ، واليافعي تُوفّي سنة ٧٦٧ هـ ، وابن خلّكان تُوفّي سنة ٦٨١ هـ
، إلّا أنّ ابن خلّكان قال ـ بعد قوله في اختلاف الناس أنّه ليس من كلامه ـ : وإنّما
الذي جمعه ونسبه إليه هو الذي وضعه.
أقول : والفرق بينهما أنّ الواضع على عبارة اليافعي
هو علم الهدى أو أخوه الرضي ، وأمّا على ما في الوفيات فيمكن أن يكون غيرهما.
ثم إنّ تلك الشبهة الواهية ليست بتلك المثابة التي
قال فيها اليافعي : «وقد اختلف الناس» ، بل تفوّه بها معاند هتّاك لم يتفحّص في الجوامع الروائية والصحف العتيقة
، ولم يكن عارفاً بأنحاء الكلام ... وإلّا فكيف يجترئ العالم الخبير المتتبّع الباحث عن
فنون الكلام أن ينحل الكلام الذي هو دون كلام الخالق وفوق كلام المخلوق الى من نسبة منشآته وأشعاره وسائر كلماته الى ما أفاضه أميرالمؤمنين عليه السّلام كنسبة السُّها
الى البيضاء !؟
وقد كلّت الألسن أن تتمجمج بإتيان خطبة من خطب
النهج لفظاً أو معنى ، والخطباء الذين يشار إليهم بالبنان ، وتثنى عليهم الخناصر في المحاضر ، كلّهم
عياله عليه السّلام ، ومن الآخذين عنه.
وقد تحيرت دون كتبه ورسائله وخطبه وحكمه العقول ، وخضعت
لها أفكار الفحول ، لاشتمالها على اللطائف الحكمية ، والحقائق العقليّة ، والمسائل الإلهية
في توحيد الله التي لا يصل الى شاهق معرفتها إلّا كلام الوصي ، «سُبْحَانَ اللَّـهِ عَمَّا يَصِفُونَ
إِلَّا عِبَادَ اللَّـهِ الْمُخْلَصِينَ» .
وهذا عبدالحميد الذي قال فيه ابن خلكان في وفيات
الاعيان : «أبو غالب
________________________________
(١) الصافّات : ١٥٩ ـ
١٦٠.
عبدالحميد بن يحيى بن
سعيد ـ الكاتب البليغ المشهور ـ كان كاتب مروان بن الحكم الاُموي آخر ملوك بني اُمية ، وبه يضرب المثل في البلاغة حتى قيل : فُتحت الرسائل بعبد الحميد وخُتمت بابن العميد. وكان في الكتابة وفي كلّ فن من العلم والأدب إماماً ، وعنه أخذ المترسلون ولطريقته لزموا ولآثاره اقتفوا. وهو الذي سهّل سبيل
البلاغة في الترسّل. ومجموع رسائله مقدار ألف ورقة. وهو أول من أطال الرسائل ، واستعمل التحميدات في فصول الكتاب ، فاستعمل الناس ذلك بعده ، قال : (حفظت سبعين خطبة من خطب الأصلع ففاضت ثم فاضت) ويعني بالأصلع أميرالمؤمنين علياً عليه السّلام».
وهذا ابن نباتة منشىء الخطبة المنامية ، الذي
قال فيه ابن خلكان أيضاً في الوفيات : «أبو يحيى عبدالرحيم بن محمد بن اسماعيل بن نباتة صاحب الخطب المشهورة كان إماماً في علوم الأدب ، ورزق السعادة في خطبه التي وقع الاجماع على أنه ما عمل
مثلها. وفيها دلالة على غزارة علمه وجودة قريحته ، قال : (حفظت من الخطابة كنزاً لايزيده الإنفاق إلّا سعة وكثرة ، حفظتُ مائة فصل من مواعظ علي بن أبي طالب) وتُوفّي ابن نباتة سنة ٣٩٤ هـ. وهو من أساتذة الشريف الرضي».
وهذا أبو عثمان عمرو بن بحر بن محبوب الكناني اللّيثي
البصري ، المعروف بالجاحظ ، العالم المشهور ، صاحب التصانيف في كل فنّ ، كما وصفه بذلك ابن خلكان في الوفيات أيضاً وقد تقدّم ذكره. ومن تصانيفه كتاب «البيان والتبيين» وهذا الكتاب هو أحد الكتب الأربعة التي هي أئمة الكتب الأدبية ، والثلاثة الاُخرى هي الأمالي للقالي ، وأدب الكاتب لابن قتيبة الدينوري ، والكامل للمبرّد. ومن كلامه
في البيان والتبيين ما هذا لفظه : «قال علي رحمه الله : (قيمة كل امرىء ما يحسن)
فلو لم نقف من هذا الكتاب إلّا على هذه الكلمة لوجدناها شافية كافية ، ومجزئة مغنية ، بل لوجدناها فاضلة عن الكفاية ، وغير مقصرة عن الغاية. وأحسن الكلام ما كان قليله يغنيك عن كثيره ، ومعناه في ظاهر لفظه. وكان الله عزّوجل قد ألبسه من الجلالة
وغشاه من نور الحكمة على حسب نية صاحبه وتقوى قائله» .
ومن تصانيف الجاحظ رسالة حافلة اشتملت على مائة
كلمة من كلمات
________________________________
(٢) البيان والتبيين ١
: ٨٣ ، طبعة مصر.
أميرالمؤمنين عليه السّلام ، وقد شرحها
بالفارسية الرشيد الوطواط وسمّاها «مطلوب كلّ طالب من كلام أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب». وقال الجاحظ في وصفها ـ ونعم ما قال ـ : «كل كلمة منها تفي بألف من محاسن كلام العرب».
وهذا أبو الحسن علي بن الحسين بن علي المسعودي ، المُتوفّى
سنة ٣٤٦ هـ ، وتاريخ وفاته سابق لولادة الشريف الرضي برهاء ثلاث عشرة سنة ، لأن ولادة الرضي كانت سنة ٣٥٩ هـ ، قد نصّ في «مروج الذهب» بما هذا لفظه فيه : «والذي حفظ الناس عنه عليه السّلام ـ يعني به أميرالمؤمنين علياً ـ من خطبه في سائر مقاماته أربعمائة
خطبة ونيف ثمانون خطبة يوردها على البديهة وتداول الناس ذلك عنه قولاً وعملاً» .
والعجب أنّ الشريف الرضي مع قرب عهده من المسعودي
أتى في النهج ـ من خطبه عليه السلام ـ بما يبلغ نصف العدد الذي نصّ عليه صاحب المروج أو أقلّ منه.
ونحو الطعن المومى إليه ما افتراه بعض المخالفين
على الرضي من أن الخطبة الشقشقية ـ وهي الخطبة الثالثة من النهج ، وقد رواها الفريقان بطرق عديدة ـ من مجعولات الرضي وموضوعاته ، نسبها إلى علي وأدرجها في أثناء خطب النهج.
وأنا أقول : ما جرى بين مصدّق بن شبيب وشيخه ابن
الخشّاب ـ فيها ـ معروف مشهور ، قد نقله الشارحان ؛ ابن أبي الحديد ، والبحراني ، فالأول في آخر شرحه
عليها ، والآخر في أوله. وقد أتى بها ابن أبي جمهور الأحسائي في «المجلّى» أيضاً . وهي ـ كما قلنا ـ قد رويت بطرق كثيرة روتها الخاصّة والعامة .
وأمّا ما في الوفيات وتاريخ اليافعي من أن الناس قد
اختلفوا في النهج هل المرتضى جمعه أو الرضي ؟ فيدفعه ما قاله جامع النهج في مقدمته له : «فإني كنت في عنفوان السن وغضاضة الغصن ابتدأت بتأليف كتاب في خصائص الائمة عليهم السّلام يشتمل على محاسن أخبارهم وجواهر كلامهم ...».
وكذا قال في آخر الخطبة ٢١ من النهج ما هذا لفظه : «وقد
نبّهنا في كتاب الخصائص على عظم قدرها وشرف جوهرها» ، ولا كلام في أن خصائص الأئمة من
________________________________
كتب الرضي رحمه الله .
أقول : نسخة من خصائص الائمة للرضي موجودة في
المكتبة الرضائية في رامپور تاريخ كتابتها القرن السادس من الهجرة.
على ان ثقات المحدّثين وكبار المؤرخين ـ من
الفريقين ـ قد أطبقوا قاطبة على أن النهج مما جمعه الشريف الرضي من كلمات أميرالمؤمنين علي عليه الصلاة والسّلام ، وارتياب من لا خبرة له فيه أمر لا يُعبأ به.
ثم ان سلسلة أسانيد مشايخ الإجازة والإستجازة في
نهج البلاغة ، وانتهاؤها الى الرضي ، بلغت من الكثرة الى حد التواتر الذي لا يشوبه في ذلك ريب ، ولا يعتريه عيب ، ونحن نكتفي في المقام بما في نسخة كريمة عتيقة من النهج عورضت بنسخة الرضي وقد تضمّنت فوائد تامّة هي حجّة قاطعة لأهل اللّجاج والعناد ، والنسخة لها شأن من الشأن وهي من جملة كتب مكتبة الحبر الكريم السيد مهدي الحسيني اللاجوردي ـ مدّ ظله
العالي ـ في دارالعلم مدينة قم. وقد أنعم لنا وتفضل علينا من سجيته السخية بالإطلاع
عليها وأتم إحسانه بإعطائها إيانا على سبيل الامانة برهة من الزمان. ولمّا رأينا
نفاستها وقداستها عزمنا بعون الله تعالى على مقابلة نسخة عتيقة من نسخ النهج التي في
تملكنا بها حرفاً بحرف وأضفنا إليها ما حازت النسخة الأُولى من تلك الفوائد الرائقة. فقد برزت
أيضاً بحمدالله سبحانه وحسن توفيقه نسخة موثوقاً بها ومعتمداً عليها. وقد فرغنا من
مقابلتها بها ليلة الإثنين لأربع خلون من ذي الحجّة من سنة خمس وثمانين وثلاثمائة بعد الألف من هجرة خاتم النبيّين صلّى الله عليه وآله وسلّم في دارالعلم قم.
وإليك أهمّ تلك الفوائد وغررها :
آ ـ في نسخة الرضي بعد كلام أميرالمؤمنين عليه
السّلام : «إذا احتشم المؤمن أخاه فقد فارقه» ، وهذا الكلام هو آخر ما في النهج ، وقد جاءت عبارة الرضيّ هكذا :
«وهذا حين انتهاء الغاية بنا الى قطع المختار (المنتزع
ـ خ ل) من كلام أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه حامدين الله (لله ـ معا) سبحانه على ما منّ به من
توفيقنا لضم ما انتشر من أطرافه ، وتقريب ما بعد من أقطاره ، ومقرّرين العزم كما
شرطنا أولاً على تفضيل أوراق من البياض في آخر كل باب من الأبواب لتكون لاقتناص
________________________________
الشارد واستلحاق الوارد ما عساه أن يظهر لنا
بعد الغموض ، ويقع الينا بعد الشذوذ وما توفيقنا إلّا بالله عليه توكلنا وهو حسبنا ونعم الوكيل ، (نعم المولى ونعم النصير ـ
نسخة) وذلك في رجب من سنة أربعمائة والحمد لله وصلواته على سيّدنا محمّد وآله اجمعين».
أقول : بعض نسخ النهج عارية من هذه العبارة الشارقة
المفيدة جداً ، والحق إلحاقها به وجعلها من تتمة كلام الرضي في بيان ما عمل من نضد المنتزع من كلام مولانا أميرالمؤمنين عليه السّلام كما في هذه النسخة وفي نسخ اُخرى.
ب ـ آخر النسخة كان مزداناً بهذه العبارة : «في آخر
المنتسخ منه المنقول عنه :
«فرغت من قراءته على مولاي وسيدي الإمام الكبير
العالم النحرير زين الدّين جمال الإسلام فريد العصر محمد بن أبي نصر ـ أدام الله ظله ، وكثّر في أهل الإسلام
والفضل مثله ـ في شهر ربيع الأول من شهور سنة سبع وثمانين وخمسمائة هجرية. وبعد القراءة عرضت هذه النسخة على نسخته المقروءة على السيّد الكبير العلامة ضياء الدّين علم الهدى ـ قدس الله روحه ونور ضريحه ـ ، ونقلت إليها ما وجدته فيها من النكت الغريبة
والنتف العجيبة وصحّحتها غاية التصحيح فصحت إلّا ما زلّ عن النظر أو تهارب عن إدراك البصر ، ولله الحمد والمنة ، وهو حسبي ونعم الحسيب».
ج ـ وفيها :
«بلغت المقابلة بنسخة السيّد الإمام رضي الله عنه والحمد
لله على ذلك ، وصلواته على سيدنا محمّد وآله الطاهرين».
أقول : يعني بالسيد الإمام السيد ضياء الدين علم
الهدى المنوّه بذكره آنفاً وآتياً.
د ـ وفيها :
«كلّ ما هو بالحمرة على حواشي هذا الكتاب وفي متنه
فهو نسخة السيد الرضي رضي الله عنه وأرضاه وجعل الجنة منقلبه ومثواه.
وبحمد الله وحسن توفيقه وجزيل نعمائه وشمول عواطفه
نقلت ما في المنتسخ منه من الحواشي في نسختي هذه على الهيئة التي كانت فيه سواد أو حمرة بعد ما كتبت أصلها
منه مراعياً لما كتب فيه بالحمرة كذلك متناً إلّا خمسة كراريس أشرتُ إليها في آخر
كل كراس لما عرضتها عليها كما راعيته حاشية. وبذلت جهدي في مطابقة نسختي لتلك النسخة متناً وحاشية في أثناء كتابتي وأنا أقلّ الأقلّين ابن باباجان الشيرازي غفرالله
له ولوالديه بعلي وحسنيه عليهم السّلام. ثم عرضت نسختي هذه متناً عليها وقد كتب في
آخر
كل كراس عورض وصحح وقرىء بالحمرة
والسواد كما كتبته هنا إشارة الى أنها عرضت ... السيد بعد تصحيحها بنسخة غيره وقـ ... نسختي عليها في مجالس ... والحمد لله ا ... ظ ...» إنتهى.
أقول : مواضع البياض قد خرمت ومحيت كتابتها.
هـ ـ ثم قال الناسخ المذكور ـ ابن بابا جان
الشيرازي ـ ما هذا لفظه :
صورة ما في المنتسخ كتبت أمامه قبل الشروع الى أصله
، أحببت إيرادها ونقلها ليعرف الناظر البصير قدر نسختي التي نقلتها منه وهو حسبي ونعم الوكيل وهي هذه :
قرأ وسمع عليَّ كتاب نهج البلاغة الأجل الإمام
العالم الوالد الأخص الأفضل جمال الدين زين الإسلام شرف الائمة علي بن محمّد بن الحسين المتطبب ـ أدام الله جماله وبلّغه
في الدارين آماله ـ قراءة وسماعاً يقتضيهما فضله. وأجزت له أن يرويه عني عن المولى
السعيد والدي سقاه الله صوب الرضوان عن أبي معبد الحسني عن الإمام أبي جعفر الطوسي عن السيّد الرضي رضي الله عنه.
ورويته له عن الشيخ الإمام عبدالرحيم بن الأخوه
البغدادي عن الشيخ أبي الفضل محمّد بن يحيى الناتلي عن أبي نصر عبدالكريم بن محمد سبط بشر الديباجي عن السيد الرضي رضي الله عنه.
وروى لي السيّد الإمام ضياء الدين علم الهدى سقى
الله ثراه عن الشيخ مكّي بن أحمد المخلطي عن أبي الفضل الناتي (كذا ـ الناتلي ظ كما تقدم في السند المقدم) عن
أبي نصر عن الرضي رحمهم الله.
ورواه لي أبي ـ قدس الله روحه ـ عن الشيخ الإمام
أبي جعفر محمد بن علي بن الحسن المقري النيسابوري عن الحسن بن يعقوب الأديب عمن سمعه من الرضي رضي الله عنه. كتبه علي بن فضل الله الحسني حامداً مصلياً في رجب سنة تسع وثمانين وخمسمائة.
وفيها : قرأ عليَّ الولد الأعز الأنجب جمال الدّين
أبونصر علي بن محمد بن الحسين المتطبب ـ أبقاه الله طويلاً وآتاه من فضله جزيلاً ـ كتاب نهج البلاغة نسخته هذه
من أولها الى آخرها وأجزت له روايته عني عن السيد الإمام العالم العارف ضياء الدين
تاج الإسلام علم الهدى أبي الرضا فضل الله بن علي بن عبدالله الحسني الراوندي ـ بوّأه
الله في جواره جنانه ، وثقل بالحسنات ميزانه ـ قراءة عليه عن ابن معبد عن أبي جعفر محمّد
ابن الحسن بن علي الطوسي عن الرضي الموسوي رضي الله عنه ، وعني عن الاُستاذ
السعيد أمين الدين أبي القاسم المرزبان بن
الحسين المدعو ابن كميج ، وعن خال أبوي الأديب أبي الحسن محمد بن الأديب أبي محمد الحسن بن ابراهيم عن الشيخ جعفر الدوريستي عن الرضي رضي الله عنه وعنهم وعنا جميعاً. وكتب محمد بن أبي نصر بن محمد بن علي سلخ شهر الله المرجب رجب سنة سبع وثمانين وخمسمائة هجرية نبوية حامداً ومصلياً ومسلماً على نبيه محمّد وعترته أجمعين.
وفيها : يقول العبد الضعيف أبو نصر علي بن أبي سعد
بن الحسن بن أبي سعد الطبيب أسعده الله في الدارين بحق النبي سيّد الثقلين عليه وعلى أهل بيته أفضل الصلوات وأمثل التحيّات ، أجاز لي السيّد الإمام الكبير ضياء الدّين علم الهدى ـ رحمه الله ـ كتاب نهج البلاغة للسيّد الإمام الرضي ذي الحسبين أبي الحسن محمد بن
الحسين بن موسى بن محمد بن موسى بن ابراهيم بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي ابن الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السّلام عن السيّد المرتضى بن الداعي الحسيني عن الشيخ أبي عبدالله جعفر بن محمد الدوريستي عنه رضي الله عنه. و «الغريبين» عن الشيخ زاهر بن طاهر النيسابوري المستملي عن أبي عثمان الصابوني عن أبي عبيد الهروي
المؤدّب مصنّفه ـ رحمه الله ـ.
و «غرر الفوائد ودرر القلائد» عن السيّد حمزة بن
أبي الأغرّ نقيب مشهد الحسين صلوات الله عليه عن ابن قدامة عن علم الهدى رضي الله عنه.
و «غريب الحديث» لأبي عبيد القاسم بن سلام البغدادي
عن أبي علي الحسن بن أحمد بن الحسن الحداد عن أبي نعيم الحافظ عن سليمان الطبراني الشامي عن علي بن عبدالعزيز البغوي عن أبي عبيد رحمهم الله. وكذلك أجاز لي رواية جميع ما له روايته
من منقول أو معقول (أو مقول ـ أصل). وكتب في رجب سنة سبع وثمانين وخمسمائة هجرية محمدية حامداً لله تعالى مصلياً على سيّدنا محمّد وآله الطاهرين وهو حسبي ونعم
الحسيب.
وفيها : لكاتبها العبد الضعيف الراجي عفو ربّه
الخائف من عظيم ذنبه أبي نصر علي ابن أبي سعد الطبيب أسعده الله في الدارين :
نهجُ البلاغة مشرع الفصحاء
|
|
ومعشش البلغاء والعلماء
|
دُرجٌ عقود رقاب أرباب التقى
|
|
في دَرْجه من غير مااستثناء
|
في طيِّه كل العلوم كأنه الـ
|
|
ـجفر المشار إليه في الأنباء
|
من كان يسلك نهجه متشمراً
|
|
أمِن العثارَ وفاز بالعلياء
|
غررٌ من العلم الإلهي انجلت
|
|
منظومة ضياء ذكاء
|
ويفوح منها عبقةٌ نبوية
|
|
لا غرو قُدّا من أديم سناء
|
روض من الحكم الأنيقة جاده
|
|
جود من الأنوار لا الأنواء
|
أنوار علم خليفة الله الذي
|
|
هو عصمة الأموات والأحياء
|
وجذيلها وعذيقها مترجبا
|
|
ومحككاً جداً بغير مراء
|
مشكاة نور الله خازن علمه
|
|
مختاره من سُرّة البطحاء
|
وهو ابن بجدته عليه تهدّلت
|
|
أغصانه من جملة الاُمراء
|
ووصي خير الأنبياء اختاره
|
|
رغما لتيم أرذل الأعداء
|
صلّى الإلٰه عليهما ما ينطوي
|
|
برد الظلام بنشر كفِّ ضياء
|
وعلى سليلهما الرضي محمّد
|
|
قطب السباق جوى من الفصحاء
|
وفيها : للسيّد الإمام عزّ الدّين سيد الائمة
المرتضى بن السيد الإمام العلامة ضياء الدّين علم الهدى قدس الله روحهما :
|
نهجُ البلاغة لذوي البلاغة واضحُ
|
|
|
وكلامه لكلام أرباب الفصاحة فاضحُ
|
|
|
العلم فيه زاخرٌ والفضل فيه راجحُ
|
|
|
وغوامضُ التوحيد فيه جميعها لك لائحُ
|
|
|
ووعيده مع وعده للناس طراً ناصحُ
|
|
|
تحظى به هذي البريّة صالحٌ أو طالحُ
|
|
|
لا كالعريب ومالها فالمالُ غادٍ رائحُ
|
|
|
هيهات لا يعلو على مرقى ذراه مادحُ
|
|
|
إنّ الرضي الموسوي لما به هو مائحُ
|
|
|
لاقت به وبجمعه عدد القطار مدائحُ
|
|
وفيها : اللّهم ارحم عبدك العاصي يوم يؤخذ بالنواصي
حسبي الله جلّ جلاله. يقول العبد الضعيف المسيء الى نفسه في يومه وأمسه ، أبو نصر علي بن أبي سعد محمد بن الحسن بن أبي سعد الطبيب ، أسعده الله في الدارين بمحمّد سيد الثقلين وآله مصابيح
________________________________
الملوين عليه وعليهم أفضل الصلوات وأمثل
التحيات : عرضت هذه النسخة بعد القراءة على الإمام الكبير العلامة النحرير زين الدّين سيد الائمة فريد العصر مُحمّد بن
أبي نصر ـ سقاه الله شآبيب رضوانه ، وكساه جلابيب غفرانه ـ على نسخة السيّد الإمام الكبير السعيد ضياء الدين علم الهدى ـ تغمّده الله برحمته وتوّج مفرقه بتيجان مغفرته ـ وصحّحتها
غاية التصحيح ووشحتها نهاية التوشيح بحسب وقوفي على حقائقها وإحاطتي بدقائقها ، وشنفت آذان حواشيها بالدّرر التي وجدتها فيها. ثم بعد ذلك قرأته على ابنه السيد
الإمام الكبير عزّالدين المرتضى ـ رضي الله عنه وأرضاه ، وجعل الجنة مأواه ـ وسمعته عليه
قراءة استبحت عن معانيه ، وسماعاً استكشفت عن مبانيه. ثم ما اقتصرت على تشنيف آذانها بل سمطتها بالجواهر ، وقلّدتها بالدّرر الزواهر التي استجردتها بالغياصة في
بحار مصنفات العلماء ، واستنبطتها من معادن مؤلّفات الفضلاء ، وانتزعت أكثرها من منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة من كلام الإمام السعيد قطب الدين الراوندي ـ بيض الله غرّته ونور حضرته ـ وكاءدت في تصحيح كلّ ورق إحدى بنات طبق ، ولقيت من توشيح كلّ سطر نبات برح واُم فرو ، فصحّت إلّا ما زل عن النظر أو تهارب عن إدراك البصر ولا يعرف ذلك إلّا من تسنّم قلال شواهق هذه الصناعة بحق ، وجرى في ميدانها أشواطاً
على عرق ، وذلك في شهر ربيع الأول سنة إحدى وستمائة هجرية ، ولله الحمد والمنّة وعلى النبي الصلاة بقدر المنة وهو حسبي ونعم الحسيب.
أقول : هذا آخر ما أردنا من نقل تلك الفوائد المهمة
المعهودة. ونسختنا المذكورة قد قابلناها بذلك الأصل المنتسخ الذي عورض بنسخة الرضي على غاية الجدّ والدقة والعرض وراعينا فيها الكتابة بالحمرة والسواد والسمنجونيّ على وفق الكتاب ، والحمد
لله ولي النعم وملهم الصواب.
إعلم ان كثيراً من المؤلفين حتى سنام الصحابة وكبار
التابعين اعتنوا بجمع خطبه عليه السّلام وكتبه وسائر كلماته وقضاياه ، وقد عدّ عدة ، منهم اُستاذي طود العلم
وعلم التحقيق ومنار التفكير العلامة ذوالفنون آية الحق المولى أبوالحسن الشعراني ـ أفاض
الله تعالى علينا بركات أنفاسه النفيسة القدسية ـ في مقالته العربية القيّمة تقريظاً
وتقدمة على شرحنا على النهج. وكذا في مقالته الفارسية تقدمة على شرح المولى صالح القزويني على
النهج.
وعدّ عدة كثيرة منهم ـ أيضاً ـ الحبر الخبير علي بن
عبدالعظيم التبريزي الخياباني في كتابه الموسوم بـ «وقائع الأيام في أحوال شهر الصيام» .
ثم قد عرفنا طائفة منهم مع ذكر مآخذ النقل في مفتتح
رسالتنا الفارسية الموسومة بـ «انسان كامل از ديدگاه نهج البلاغه».
وقد التمس مني وأوصاني غير واحد من أصدقائي الفضلاء
العلماء حينما أخذت في شرح النهج ، الإهتمام كل الإهتمام بذكر مدارك ما في النهج من صحف الأقدمين التي جمع الرضيّ وانتزع ما في النهج منها فأجبتهم بقدر الوسع بل الطاقة ولم آل جهداً في
ذلك.
وقد رأينا بعض المحجوبين عن ادراك الحقائق الإلهية
، والغافلين عن عظموت الإنسان الكامل ، ينكر بفطانته البتراء إسناد ما في النهج الى ولي الله الأعظم
مجادلاً بأنّ عصر علي لم يكن فكر البشر فيه راقياً إلى إلقاء تلك المعارف المتعالية على ذلك
الحد من الكمال. ولستُ أدري ان ذلك المغفّل ماذا يقول في القرآن العظيم المنزل في ذلك العصر ؟ نعم «مَن
لَّمْ يَجْعَلِ اللَّـهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ» والإنسان الكامل
وراء البشر الظاهري.
ثم اعلم ان ما في النهج بالنسبة الى سائر كلمات
الوصي عليه السّلام قليل من كثير لكن الشريف الرضي ـ لكمال براعته ووفور بلاغته وعلو مكانته في معرفة فنون الكلام ،
وتضلّعه وتبحره في تمييز أنواع الأقلام ـ قد اختار وانتخب منها على حسب جودة
سليقته وحسن طويته بدائع غررها وروائع دررها ، وسمّى ما اختاره «نهج البلاغة».
نعم ، إنّ كلام مولى الموحّدين لمنهج البلاغة ومسلك
الفصاحة ، كلّت ألسن الخطباء عن أن يأتوا بمثل أوامره وخطبه ، وزلّت أقدام أقلام الامراء دون مبارزة رسائله
وكتبه ، وحارت عقول العقلاء في بيداء مواعظه وحكمه. كيف لا ، والقائل مقتبس من الانوار الإلٰهية ، ومستضيء بالمشكاة الختمية المحمدية ، وكلامه مستفاض من الصقع
الربوبي ، ومستفاد من الحضرة المحمدية ، فهو تالي القرآن وثاني الفرقان.
وكثير من العلماء قد خاضوا قديماً وحديثاً في هذا
القاموس العظيم لاقتناء درره ، واجتهدوا حقَّ الإجتهاد بما تيسّر لهم في بيانه وتفسيره ، وسلك كل واحد مسلكاً في
شرحه وتقريره ، والكلّ ميسر لما خلق له «قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَىٰ
شَاكِلَتِهِ».
________________________________
وقد بلغ ما أفاضه الوصي عليه السّلام من خطبه
ورسائله وحكمه وأدعيته وكلماته القصار ـ التي كان النهج بالنسبة إليها كما قلنا قليل من كثير ـ الأصقاع والأسماع
، مع ان بني اُمية قد بالغوا في امحاء مطلق آثاره عليه السّلام وإطفاء نوره. وليس ذلك إلا
ما وعدنا الله سبحانه من قضائه المحتوم المبرم بقوله عزّ من قائل : «يُرِيدُونَ أَن
يُطْفِئُوا نُورَ اللَّـهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّـهُ إِلَّا أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ
الْكَافِرُونَ» .
وفي روضات الخونساري في ترجمة الخليل بن أحمد
البصري صاحب العروض واُستاذ سيبويه : إنّه ـ أي الخليل ـ سئل عن فضيلة علي بن أبي طالب عليه السّلام ،
فقال : «ما أقول في حق من أخفى الأحباء فضائله من خوف الأعداء ، وسعى أعداؤه في إخفائها من الحسد والبغضاء ، وظهر من فضائله مع ذلك كله ماملأ المشرق والمغرب» .
وقال الفخر الرازي في «مفاتيح الغيب» المشتهر
بالتفسير الكبير في مسألة الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم من مسائل تفسير الفاتحة : «يدل إطباق الكل على ان علياً
كان يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم ، وان علياً عليه السّلام كان يبالغ في الجهر بالتسمية
، فلمّا وصلت الدولة الى بني اُمية بالغوا في المنع من الجهر سعياً في إبطال آثار علي عليه
السّلام ـ الى قوله ـ : إنّ الدلائل العقلية موافقة لنا ، وعمل علي بن أبي طالب عليه
السّلام معنا ، ومن اتخذ علياً إماماً لدينه فقد استمسك بالعروة الوثقى في دينه ونفسه» .
ثم لا يخفى على ذوي العقول الناصعة الرصينة ان توهّم
كون النهج من منشآت الرضي أسنده إلى الإمام علي عليه السّلام ، رأي فائل موهون أوهن من بيت العنكبوت. أرأيت ان من بلغ في كماله الى ذلك الحد من شاهق المعرفة والبلاغة ينحدر عنه السيل ولا يرقى إليه الطير يسنده الى غيره ؟! نعم ، لا يسنده الى غيره إلّا من سفه نفسه
، وحاشاه عن ذلك.
________________________________
المتبقّي من مخطوطات نهج البلاغة حتى نهاية القرن الثامن
|
السيد عبدالعزيز الطباطبائي
|
بسم الله الرحمن الرحيم
ربّما يستكثر المنحرفون عن أمير المؤمنين عليه
السّلام ما يروى عنه من كلم وحكم وخطب وكتب !!
لماذا ؟!
أليس هو من قريش ونشأ في مكّة قلب الجزيرة العربية
، منبثق الفصاحة ومنتدى البلغاء وعكاظ الآداب ؟!
الى ما أفاض الله عليه من مواهب ومنح وقابليات ، وما
آتاه من ذكاء مفرط وقوّة خارقة ، لا بل هي قوّة ملكوتية ومنحة إلهية ، وعناية خاصة من الله سبحانه بخاصة أوليائه المنتجبين وعباده المخلصين ، بحيث تمكّنه من تلقي ألف ألف باب من العلم في
جلسة واحدة ، فهي مقدرة ربّانية واستعداد خاص لم يوضع له كلمة في اللغة تعبّر عنه
، وإنّما عبّر عنه القرآن بالاُذن النواعية «وَاللَّـهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن
يَشَاءُ» و «لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ» «وَمَا يُلَقَّاهَا
إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ».
أضف إلى هذا ما قدر الله له وقضى أن يستأثر به نبيه
صلّى الله عليه وآله منذ نعومة أظفاره ، حيث أخذ من أبي طالب وضمّه إليه ، فتربّى في حجر الرسالة وتغذّى بلبان النبوّة ، فكان أولهم به لحوقاً وأشدّهم به لزوقاً ، فاتبعه اتباع الفصيل لامّه ، وكان
يسمع الصوت ويرى الضوء.
وكان صلّى الله عليه وآله يحرص على تعليمه
كل الحرص بحيث كان إذا سأله
عطاه وإذا سكت ابتداه ، فلا غرو أن ينشأ سيّد
الفصحاء وأمير البيان ومسنن البلاغة.
تراه منذ عهد الرسالة حيث بعثه صلّى الله
عليه وآله إلى اليمن على إثر خالد بن الوليد وكان قد حاصرهم ستة أشهر فلم يسلموا ، فأرسله صلّى الله عليه وآله على اثره
، فما كان إلّا أن خطبهم وقرأ عليهم كتاب رسول الله صلّى الله عليه وآله حتى أسلموا عن
آخرهم.
هكذا تؤثّر الخطب الفصيحة والكلام البليغ المنبثق
عن علم وحكمة وإيمان وإخلاص ، ثم حظى عليه السّلام بدعوة مجابة من رسول الله صلّى الله عليه وآله
عندما بعثه ثانية الى اليمن للقضاء فشرّفه عند ذاك بوسام قولته صلّى الله عليه وآله : «اذهب
فإنّ الله سيهدي قلبك ويثبّت لسانك».
فما ظنّك بلسان قد ثبته الله يفرغ عن قلب قد هداه
الله ، ولا غرو إذا ما طفحت خطبه عليه السّلام بلاغة وحكمة بحيث أنّ العدو الخارجي عند ما سمع كلامه لم يملك نفسه إلّا أن قال : قاتله الله كافراً ، ما أفقهه !!
هذا تأثير كلامه في الخارج عليه ، المكفر له ، فما
حال الموالين له ، القائلين بإمامته.
والعرب ـ كما تعلمون ـ كانت تتّكل على الحفظ ، وتعتمد
الرواية الشفوية ، فقوي لذلك حفظها ، فكانت تحفظ القصائد الكبار والسور الطوال والخطب المطولة ، ولكنّ حرصهم على كلام أميرالمؤمنين عليه السّلام وشدّة إعجابهم به جعلهم يسجّلونه فور إلقائه ، ويدوّنونه إثر استماعه ، حرصاً عليه ، واحتفاظا به ، فقد روى الكليني في الكافي والصدوق في كتاب
التوحيد بإسنادهما عن أبي إسحاق السبيعي ، عن الحارث الأعور قال : «خطب أميرالمؤمنين عليه السّلام خطبة بعد صلاة العصر ، فعجب الناس من حسن صفته وما ذكره من تعظيم الله جلّ جلاله.
قال أبو إسحاق : فقلت للحارث : أوما حفظتها ؟ قال :
قد كتبتها ، فأملاها علينا من كتابه : الحمد لله الذي لا يموت ولا تنقضي عجائبه ...».
فكلامه عليه السّلام جلب الأنظار وجذب الأفكار ، فجعلوا
يدوّنونه ويتداولونه إعجاباً وحفاظاً عليه ، وإليك أسماء من دوّنوا كلامه عليه السّلام من خطب وكتب
________________________________
ووصايا وعهود وكلم وحكم ، منذ عهده وفي
حياته عليه السّلام فما بعده ، حسب التسلسل الزمني ، فمنهم :
القرن الأوّل
١ ـ الحارث الأعور
ربّما كان أول جامع لكلام أميرالمؤمنين والمدوّن
لخطبه عليه السّلام هو الحارث الأعور ـ كما تقدّم ـ.
وهو الحارث بن عبدالله بن كعب بن أسد بن خالد بن
حرث الهمداني الخارفي ، أبو زهير الكوفي ، المتوفّى سنة ٦٥ ، من رجال السنن الأربعة.
ترجم له ابن سعد في كتاب الطبقات الكبير ترجمة
مطولة ٦ / ١٦٨ ، وروى فيه بإسناده أنّ علياً عليه السّلام خطب الناس فقال : من يشتري منّي علماً بدرهم ؟
فاشترى الحارث الأعور صحفاً بدرهم ثم جاء بها علياً
فكتب له علماً كثيراً ، ثم إنّ علياً خطب الناس بعد فقال : يا أهل الكوفة غلبكم نصف رجل !
ولثقته عند الحسن والحسين فيما يرويه عن أبيهما
عليهم السّلام ربّما كانا يسألانه لحثّ الناس على السؤال منه ، وسوقهم إليه ، فقد روى ابن سعد أيضاً بإسناده عن عامر
(الشعبي) قال : لقد رأيت الحسن والحسين يسألان الحارث الأعور عن حديث علي.
على العكس من عمل المنافقين المنحرفين عن أمير
المؤمنين عليه السّلام ـ وبغضه آية النفاق ـ حيث كانوا يرمونه بالكذب لينفروا الناس عنه ويشكّكوهم في الإعتماد عليه.
ولم تتّجه إليه التّهم إلّا لاختصاصه بأميرالمؤمنين
عليه السّلام وولائه له ـ وحبه آية الإيمان.
وترجم له المزي في تهذيب الكمال ٥ / ٢٤٤ ـ ٢٥٢ ، وفيه
: انه كان أعلم الناس بحديث علي عليه السّلام ، وفيه : قال أبوبكر بن أبي داود : الحارث كان أفقه الناس
، وأفرض الناس ، وأحسب الناس ، تعلّم الفرائض من علي (عليه السّلام).
٢ ـ زيد بن وهب
أبو سليمان الجهني الكوفي ، المتوفّى سنة ٩٦ هـ.
من رجال الصحاح الستة ، ثقة عند جميعهم ، ترجم له
ابن سعد في الطبقات ٦ / ١٠٢ ، وقال. شهد مع علي بن أبي طالب مشاهده.
وترجم له ابن حجر في تهذيب التهذيب ٣ / ٤٢٧ ، وقال
: رحل إلى النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم فقبض وهو في الطريق.
ترجم له الشيخ الطوسي في الفهرست وقال : له كتاب
خطب أميرالمؤمنين عليه السّلام على المنابر في الجمع والأعياد وغيرها.
ثم أورد إسناده إلى الكتاب ، ورواه من طريق الحافظ
ابن عقدة بإسناده إليه .
القرن الثاني
٣ ـ إبراهيم بن الحكم
ابن ظُهير الكوفي ، أبو إسحاق الفزاري.
ترجم له الشيخ الطوسي في الفهرست رقم ٤ وقال : صنف
لنا كتباً ، منها كتاب الملاحم ، وكتاب الخطب خطب علي عليه السّلام ، وأورد إسناده إليه برواية كتابه.
وترجم له النجاشي في الفهرست برقم ١٥ ، وذكر له
كتاب الخطب ، ورواه عنه بإسناده إليه ، وضعّفه القوم لا لشيء سوى أنّه روى في مثالب معاوية !
راجع ميزان الإعتدال ١ / ٢٧ ، لسان الميزان ١ / ٤٩
، الجرح والتعديل ٢ / ٩٤.
________________________________
٤ ـ الكلبي
أبو المنذر هشام بن محمد بن السائب الكلبي الكوفي ،
النسّابة ، المتوفّى سنة ٢٠٤ هـ وقيل ٢٠٦ هـ.
له ما يزيد على مائة وخمسين مصنفاً ، منها كتاب
جمهرة النسب ، قال عنه ياقوت في معجم البلدان (جوف) : ولله درّه ما تنازع العلماء في شيء من اُمور العرب إلّا وكان
قوله أقوى حجّة ، وهو مع ذلك مظلوم وبالقوارص مكلوم.
ترجم له النديم في الفهرست ص ١٠٨ ، والنجاشي في
الفهرست رقم ١١٦٤ ، وياقوت في معجم الاُدباء ٧ / ٢٥٠ ، واسماعيل باشا في هدية العارفين ٢ / ٥٠٨ ، وسيّدنا
الاُستاذ في معجم رجال الحديث ١٩ / ٣٠٨ ، وكلّهم ذكروا له كتابه هذا.
٥ ـ مسعدة بن صدقة
أبو محمد ـ أو أبو بشر ـ العبدي ، من أصحاب
الإمامين الصادق وابنه موسى بن جعفر عليهما السّلام.
ترجم له النجاشي في الفهرست رقم ١١٠٦ وقال : روى عن
أبي عبدالله وأبي الحسن عليهما السّلام ، له كتب منها كتاب خطب أميرالمؤمنين عليه السّلام ... فأورد
إسناده إليه برواية الكتاب.
٦ ـ الواقدي
أبو عبدالله محمد بن عمر بن واقد البغدادي ، المتوفّى
سنة ٢٠٧ هـ.
له خطب أميرالمؤمنين عليه السّلام ، ذكره النديم في
الفهرست ص ١١٤ ، وأبو غالب الزراري ـ المتوفّى سنة ٣٦٨ ـ في رسالته المعروفة ، وهي إجازته لحفيده ص ٨٥ ، وهو
ممّا كان عنده من الكتب وأجاز له روايتها عنه ، وقال : حدّثني بها عمر بن الفضل ، وراق الطبري ـ عن رجاله.
وراجع الذريعة ٧ / ١٩١.
٧ ـ أبو مخنف
لوط بن يحيى بن سعيد بن مخنف الأزدي الغامدي الكوفي
، المتوفّى سنة ١٥٧.
له ترجمة في معجم الاُدباء ٦ / ٢٢٠ ، وفوات الوفيات
٣ / ٢٢٥ ، وأعلام الزركلي ٥ / ٢٤٥.
وترجم له الشيخ الطوسي في فهرسته وذكر له كتاب
الخطبة الزهراء لأميرالمؤمنين عليه السّلام ، وأورد إسناده إليه برواية الكتاب عنه.
القرن الثالث
٨ ـ المدائني
أبو الحسن علي بن محمد بن عبدالله بن أبي سيف
البغدادي ، المتوفّى سنة ٢٢٥ هـ.
ترجم له النديم في الفهرست ص ١١٣ ـ ١١٦ ، وعدّد
كتبه الكثيرة ، وذكر له في ص ١١٤ كتاب خطب علي عليه السّلام ، ثم ذكر له في ص ١١٥ كتاب خطب علي عليه السّلام وكتبه الى عماله.
وممّا يظهر أنّ له كتابين ، أحدهما في خطبه عليه
السّلام ، والآخر في خطبه وكتبه ورسائله.
٩ ـ صالح بن أبي حماد
أبو الخير الرازي من أصحاب الإمام الجواد والهادي
والعسكري عليهم السّلام.
ترجم له النجاشي في الفهرست رقم ٥٢٥ ، وقال : «له
كتب منها كتاب خطب أميرالمؤمنين عليه السّلام ، وكتاب النوادر ...».
ثم أورد إسناده إليه برواية كتبه عنه.
١٠ ـ إبراهيم بن
سليمان
ابن عبيد الله النهمي ، أبو إسحاق الخزّاز الكوفي.
الذريعة ٧ / ١٨٨ ، ما هو نهج البلاغة ص ٢٧ ، مستدرك
سفينة البحار ٣ / ٢٩٩.
له كتاب خطب علي عليه السلام.
١١ ـ إسماعيل بن
مهران
ابن محمد بن أبي نصر السكوني ، أبويعقوب الكوفي من
أصحاب الإمام الرضا عليه السّلام.
ترجم له الشيخ الطوسي والنجاشي في فهرستيهما ، والكشّي
في رجاله ، وفيه : «كان تقيّاً ثقة خيّراً فاضلاً» وفي فهرست النجاشي : «ثقة معتمد عليه ... صنف كتباً
منها الملاحم ... كتاب خطب أميرالمؤمنين عليه السّلام ...».
ثمّ أورد إسناده إليه برواية كتبه عنه.
١٢ ـ ابن المديني
أبو الحسن علي بن عبدالله بن نجيح السعدي ـ مولاهم
ـ البصري ، المتوفّى سنة ٢٣٤.
صاحب المصنفات الكثيرة المنوّعة ، له كتاب خطب علي
عليه السّلام ، ذكر في إيضاح المكنون ١ / ٤٣١.
١٣ ـ السيّد عبدالعظيم
الحسني
ابن عبدالله بن علي بن الحسن بن زيد بن الحسن بن
علي بن أبي طالب ، أبو القاسم العلوي الحسني ، المتوفّى سنة ٢٥٤ ، المدفون بالرّيّ.
وللصاحب ابن عبّاد رسالة في ترجمة حياته ، كما أنّ
للصدوق أيضاً رسالة أخبار عبدالعظيم.
ترجم له النجاشي في الفهرست وذكر له كتاب خطب أميرالمؤمنين
عليه السّلام ،
ورواه عنه بإسناده إليه.
١٤ ـ الجاحظ
أبو عثمان عمرو بن بحر البصري ، المتوفّى سنة ٢٥٥.
له المائة كلمة من حكم أميرالمؤمنين عليه السّلام.
رواه ابن قتيبة عنه في كتابه عيون الأخبار ، كما
ذكره بروكلمن في تاريخ الأدب العربي ١ / ١٤٤ من الأصل الألماني و١ / ١٧٩ من ترجمته العربية.
وذكرها أبو الفتح الآملي ، المتوفّى سنة ٥١٠ ، في
مقدمة كتابه غرر الحكم ، وابن الشرفية الواسطي في مقدّمة كتابه عيون الحكم ، متعجّبين من الجاحظ كيف اقتصر على هذه المائة فحسب !
وأدرجها الثعالبي المتوفّي سنة ٤٢٩ في كتابه
الإعجاز والإيجاز ص ٢٨ ـ ٣٠ من طبعة مصر سنة ١٨٩٧ ، وقال في نهايتها : هذه المائة كلمة التي جمعها أبو عثمان عمرو
بن بحر الجاحظ من كلام علي عليه السّلام.
وأدرجها أخطب خطباء خوارزم ، تلميذ الزمخشري ، وخليفته
ضياءالدين الموفّق بن أحمد المكّي الخوارزمي ، المتوفّى سنة ٥٦٨ ، في كتابه «مناقب أميرالمؤمنين» رواها بإسناده عن الجاحظ ، قال في ص ٢٧٠ :
«وأخبرنا الفقيه أبو سعيد الفضل بن محمد الإسترابادي
، حدّثنا أبو غالب الحسن بن علي بن القاسم ، حدّثنا أبو علي الحسن بن أحمد الجهرمي بعسكر مكرم ، حدّثني أبو
أحمد الحسن بن عبدالله بن سعيد [ العسكري ] ، حدّثني أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد ، قال : قال أبو الفضل أحمد بن أبي طاهر صاحب أبي عثمان الجاحظ :
كان الجاحظ يقول لنا زماناً : إنّ لأمير المؤمنين [
عليه السّلام ] مائة كلمة ، كل كلمة منها تعنى بألف كلمة من محاسن كلام العرب.
قال : وكنت أسأله دهراً بعيداً أن يجمعها لي
ويمليها عليَّ ، وكان يعدني بها ويتغافل عنها ضنّاً بها ، قال : فلمّا كان آخر عمره أخرج جملة من مسوّدات مصنفاته فجمع
منها تلك الكلمات وأخرجها إليّ بخطّه ، فكانت الكلمات المائة هذه : لو كشف الغطاء ما ازددت يقيناً ...».
مخطوطات المائة كلمة
:
١ ـ مخطوطة كتبت سنة ٥٦٩ ، ضمن مجموعة في مكتبة
الجامعة الأمريكية في بيروت من ٢٧ ـ ٣٠ ، رقم التصنيف ... سابقاً رقم ٢٦٤ ذكرت في فهرسها ص ٦٥.
٢ ـ مخطوطة كتبها كمال الدين حسين الحافظ الهروي
سنة ٧٣٣ في مكتبة البلاط الإيراني (كتابخانه سلطنتي) رقم ٢٠٢ ذكرت في فهرسها للمخطوطات الدينية ص ٨٧٠.
٣ ـ مخطوطة في مكتبة الامبروزيانا ضمن مجموعة كتبت
في القرن السابع أو الثامن.
طبعاته :
١ ـ طبع مع كتاب الشهاب للشيخ يحيى البحراني في
إيران سنة ١٣٢٢.
٢ ـ وطبع ضمن الإعجاز والإيجاز للثعالبي في مصر
وبيروت ـ كما تقدّم ـ.
٣ ـ وطبع ضمن مجموعة التحفة البهية في إسلامبول سنة
١٣٠٢ من ص ١١٤ ـ ١٠٧.
٤ ـ وطبع في طهران سنة ١٣٠٤.
٥ ـ وطبع مع الترجمة الإنجليزية في ادنبره سنة ١٨٣٢
ـ كما يأتي ـ.
٦ ـ وطبع في تبريز سنة ١٢٥٩ هـ.
٧ ـ وطبع فيها أيضاً سنة ١٣١٢ هـ.
شروح المائة كلمة :
وقد تداولتها الأيدي شرحاً وترجمه ، نظماً ونثراً
فمن ذلك :
(١)
شرح المائة كلمة للقطب الراوندي.
قطب الدين أبي الحسين سعيد بن هبة الله الراوندي
المتوفّى سنة ٥٧٣ هـ.
ترجم له الشيخ منتجب الدين ابن بابويه في الفهرست
برقم ١٨٦ ، وفي تاريخ الريّ ، وحكاه عنه ابن حجر في لسان الميزان ٣ رقم ١٨٠ ، وأطراه بقوله : «كان فاضلاً
في جميع العلوم ، له مصنّفات كثيرة في كل نوع ...».
أقول : والمطبوع من كتبه : فقه القرآن في مجلّدين ،
طبع في النجف وقم ، ومنهاج البراعة في شرح نهج البلاغة ثلاثة مجلّدات ، طبع بالهند وفي قم ، وله شرح الخطبة
الاُولى من نهج البلاغة.
راجع عن بقية مؤلفاته فهرست الشيخ منتجب الدين ، ورياض
العلماء ٢ / ٤١٩ وذكرا له شرح المائة كلمة هذه ، كما هو مذكور في الذريعة ١٤ / ٤١.
(٢)
مطلوب كل طالب من
كلام علي بن أبي طالب للرشيد الوطواط
رشيد الدين محمد بن محمد بن عبدالجليل المعروف
بالوطواط ، ولد ببلخ وتوفّى بخوارزم سنة ٥٧٨.
ترجم له ياقوت في معجم الاُدباء ٧ / ٩١ ، وقال : «كان
من نوادر الزمان وعجائبه ، وأفراد الدهر وغرائبه ، أفضل زمانه في النظم والنثر ، وأعلم الناس بدقائق كلام
العرب وأسرار النحو والأدب ، طار في الآفاق صيته ، وسار في الأقاليم ذكره ...» وعدّد
مؤلفاته وذكر منها كتابه هذا.
أقول : شرح فيه المائة كلمة التي جمعها الجاحظ
بالعربية نثراً ، ثم بالفارسية نثراً ونظماً ، ألّفه للسلطان محمود بن خوارزمشاه في سنة ٥٥٣ ، وصرّح في خطبة الكتاب ، أنّ
كتابه شرح على المائة كلمة التي اختارها الجاحظ من مجموع كلمات أميرالمؤمنين عليه السّلام ، ممّا يعادل كل كلمة منها ألف كلمة.
مخطوطات «مطلوب كل
طالب» :
مخطوطة كتبت سنة ٨٧٧ ، بأول المجموعة ٧١٣٦ ، في
مكتبة الإمام الرضا عليه السّلام في مشهد.
٢ ـ ومخطوطة من القرن الثامن ، ضمن المجموعة ٢٢٠٧ ،
في مكتبة عاطف في إسلامبول.
٣ ـ واُخرى ضمن مجموعة في مكتبة اياصوفيا ، رقم
٤٧٩٥ ، كتبت سنة ٨٤٣ هـ.
٤ ـ واُخرى فيها ، كتبت سنة ٨١٦ ، ضمن مجموعة رقم
٤٧٩٢.
٥ ـ واُخرى ضمن مجموعة في مكتبة أسعد أفندي ، رقم
١٣٣٥ ، كتبت سنة ٨١٢ هـ.
٦ ـ واُخرى في حميدية ، ضمن مجموعة رقم ١٤٤٧ ، كتبت
في القرن الثامن.
٧ ـ مخطوطة في مكتبة البلاط الإيراني (كتابخانه
سلطنتي) رقم ١٦٩٤ ، نسخة خزائنية قيّمة ، المتن بخطّ الخطاط محمد بن عبدالواسع التبريزي ، كتبها بخط نسخي جيد في سنة ٨٧٨ ، والشرح الفارسي بخط الخطاط محيي الشيرازي في السنة نفسها وصفت في فهرسها للمخطوطات الدينية ص ٨٠٣.
٨ ـ نسخة خزائنية رائعة في المتحف الإسلامي في
إسلامبول ، كتبت بخط الخطاط أحمد بن علي الصوفي المراغي سنة ٨٧٦ متأنّقاً في كتابتها ، فكتبها بخط الثلث
والريحان والتعليق والرقاع والتوقيع ، كل ذلك مقصوص بدقّة وملصق على أوراق بمهارة وبراعة وفنّ.
٩ ـ مخطوطة المكتبة المركزية لجامعة طهران ، ضمن
مجموعة كتبت من سنة ٩٠٩ ـ إلى سنة ٩١٢ ، رقم ٢٣٩٨ ، ذكرت في فهرسها ٩ / ١٠٠٦.
١٠ ـ نسخة اُخرى فيها ، خزائنية ، رقم ٨٣٣٥ ، من
مخطوطات القرن ٩ و١٠ ، ذكرت في فهرسها ١٧ / ١١١.
١١ ـ نسخة كتبها علي بن محمد بن أحمد الحنفي سنة
٩٧٨ ، في مكتبة جامعة لوس أنجلس.
ترجمات «مطلوب كل
طالب» :
١ ـ ترجمة فلايشر كتاب مطلوب كل طالب للوطواط إلى
اللغة الألمانية وطبع مع حواش وتعليقات له عليه في لايبزيج في ألمانيا سنة ١٨٣٧ م.
٢ ـ ترجمة مطلوب كل طالب ، بالتركية ، لمصطفى
القسطموني ، منه مخطوطة في مكتبة عارف حكمت بالمدينة المنورة.
طبعات «مطلوب كل طالب»
:
١ ـ طبع في لايبزيج سنة ١٨٣٧ م.
٢ ـ وفي تبريز سنة ١٢٥٩ هـ.
٣ ـ وفيها أيضاً سنة ١٣١٢ هـ.
٤ ـ وفي طهران سنة ١٣٠٤ هـ وسنة ١٣٨٩ هـ.
٥ ـ وفيها أيضاً سنة ١٣٨٢ هـ بتحقيق السيد جلال
الدين المحدّث الاُرموي رحمه الله ، تارة وحده ، ومنضمّاً إلى شرح ابن ميثم عدّة مرّات.
(٣)
منهاج العارفين في
شرح كلام أميرالمؤمنين عليه السّلام
لابن ميثم البحراني ، كمال الدين أبي الفضل ميثم بن
علي بن ميثم البحراني ، المتوفّى سنة ٦٩٩ هـ ، الفيلسوف الأديب الفقيه المشهور.
ترجم له ابن الفوطي في تلخيص مجمع الأداب ٥ / ٢٩٥
بلقبه كمال الدين ، ووصفه بالأديب الفقيه ، وقال : «قدم مدينة السلام وجالسته وسألته عن مشايخه ... كتبت عنه ، وكان ظاهر البشر ، حسن الأخلاق ...».
شرح فيه المائة كلمة جمع الجاحظ ، وله على نهج
البلاغة شرحان ، كبير وصغير ، مصباح السالكين واختيار مصباح السالكين.
ومن منهاج العارفين مخطوطة في مكتبة السيد الحكيم
العامة في النجف الأشرف رقم ١٧٢.
ومنه نسخة في المكتبة المركزية في جامعه طهران.
ومنه نسخة في مكتبة الإمام الرضا عليه السّلام في
مشهد ، رقم ٧٧٣٤.
ومنه نسخة كتبت سنة ٨٧٠ ، في مكتبة المغفور له
السيد جلال الدين المحدّث الاُرموي ، وقد حقّقه على هاتين الأخيرتين ونسختين اُخريين ـ في مكتبته أيضاً ـ وطبعه
سنة ١٣٩٠ في طهران ، ثم طبع بالافست عليه أكثر من مرّة وقد ضمّ إليه الشرح التالي.
(٤)
شرح المائة كلمة
لعبد الوهّاب بن خواجه ، أمير أدَنَه ، وهو إبراهيم
بن پير پشا ، وضمّ إليهما «مطلوب كل طالب» للرشيد الوطواط الذي سبق أن طبعه سنة ١٣٨٢ هـ.
(٥)
شرح المائة كلمة ، بالنظم الفارسي ، للواعظ العارف
الشيخ عبدالوحيد الجيلاني الأسترآبادي ، تلميذ الشيخ بهاءالدين العاملي.
الذريعة إلى تصانيف الشيعة ١٤ / ٤١.
(٦)
شرح المائة كلمة ، للقاضي مصطفى بن محمد خواجكي
زاده الحنفي القسطنطيني الرومي ، المتوفّى سنة ٩٩٨ هـ.
معجم المؤلفين ١٢ / ٢٨٢ ، هدية العارفين ٢ / ٤٣٧.
(٧)
شرح المائة كلمة ، أو شرح مطلوب كل طالب ، للحسين
بن معين الدين الميبدي ، توجد منه مخطوطة في المتحف البريطاني كما في فهرسه ١ / ١٦٦٥.
(٨)
شرح المائة كلمة ، لمحمد العمري.
منه مخطوطة في المكتبة الوطنية في باريس ، مذكورة
في فهرسها ١ / ٣٩٥٤.
ذكرهما بروكلمن في تاريخ الأدب العربي ١ / ٤٤ من
الأصل الألماني و١ / ١٧٩ من الترجمة العربية.
(٩)
شرح المائة كلمة ، لجمال خلوتي.
منه مخطوطة في ايا صوفيا ، رقم ٤٠٧٠.
بروكلمن ١ / ١٧٩.
(١٠)
كنز الحكمة في تفسير وترجمة المائة كلمة من جمع
الجاحظ ، للفضل بن أحمد بن أبي طاهر.
منه مخطوطة في المكتبة السليمانية في إسلامبول ، من
كتب اياصوفيا ، كتبت سنة ٦٨٦ ، رقم ٩ / ٢٠٥٢ ، وعنها مصوّرة في جامعة طهران ، رقم الفيلم ٢٧٠.
فهرست مصوّرات المكتبة المركزية لجامعة طهران ١ / ٤٤٧.
(١١)
شرح المائة كلمة ، بالتركية ، باسم شرح الكلمات
المرتضوية.
نسخة منه كتبت سنة ١١٩٥ ، في مكتبة جامعة لوس أنجلس
، ضمن المجموعة رقم ٦٠١. B ولعلّه ترجمة بالتركية لشرح
الرشيد الوطواط «مطلوب كل طالب».
ترجمات المائة كلمة :
١ ـ ترجمها وليم پول إلى الإنجليزية وطبعها في
ادنبره سنة ١٨٣٢ بروكلمن ، الترجمة العربية ١ / ١٨٠.
٢ ـ ترجمة المائة كلمة نظماً فارسياً ، نسخة منه
كتبت سنة ٩٣٩ ضمن مجموعة في المكتبة السليمانية رقم ١٢٠٨.
٣ ـ ترجمة المائة كلمة بالفارسية نثراً ، نسخة كتبت
سنة ٦٨٦ في المكتبة السليمانية من كتب اياصوفيا رقم ٢٠٥٢.
٤ ـ ترجمة المائة كلمة بالفارسية نظماً ، للجامي
الشاعر الصوفي المشهور ، نورالدين عبدالرحمن ، المتوفّى سنة ٨٩٨.
فهرست المكتبة المركزية لجامعة طهران ٢ / ١٣٨.
٥ ـ ترجمة نظم المائة كلمة للجامي الى التركية ، طبع
في إسلامبول سنة ١٢٨٨.
٦ ـ ترجمة المائة كلمة نظماً فارسياً ١ / ١٧٩
لدرويش أشرف في سنة ٨٣٨.
دانشمندان اذربيجان ص ١٤٧ ، فهرست المكتبة المركزية
لجماعة طهران ٢ / ١٣٨.
٧ ـ ترجمة المائة كلمة بالفارسية والتركية نظماً.
نسخة منه ضمن مجموعة في مكتبة جامعة لوس أنجلس رقم
٣٥. D
١٥ ـ الثقفي
أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن سعيد بن هلال الثقفي
الكوفي ، نزيل أصفهان ، المتوفّى سنة ٢٨٣ ، ترجم له الشيخ الطوسي والنجاشي في فهرستيهما وعدّا مصنّفاته الكثيرة ومنها :
كتاب الخطب المعربات.
كتاب الخطب السائرة.
رسائل أميرالمؤمنين عليه السّلام وأخباره.
وذكروا أسانيدهم المتعدّدة إليه برواية كتبه عنه ، وقد
طبع من كتبه كتابُ «الغارات» في مجلّدين ، بتحقيق السيد جلال الدين المحدّث ، في طهران ، وهو تحت الطبع في بيروت بتحقيق العلامة السيد عبدالزهراء الخطيب ، وترجم إلى الفارسية أيضاً.
راجع الذريعة إلى تصانيف الشيعة ٧ / ١٩٣ ، ومعجم
رجال الحديث ١ / ٢٧٨ و ٢٨٧ ، ومقدّمة طبع كتاب الغارات.
القرن الرابع
١٦ ـ ابن دريد
أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد الأزدي البصري ، شيخ
الأدب ، ومؤلف الجمهرة في اللغة ، المتوفّى سنة ٣٢١ هـ.
ترجم له النديم في الفهرست ص ٦٧ ، والخطيب في تاريخ
بغداد ٢ / ١٩٥ ، والسمعاني في الأنساب ٥ / ٣٠٥ ، والقفطي في أنباه الرواة ٣ / ٩٢ ، وياقوت في معجم الاُدباء ، وغير ذلك
له مجموعة في حكم أميرالمؤمنين وقصار كلمه عليه
السّلام ، ذكر بروكلمن في تاريخ الأدب العربي في ١ / ١٧٩ من الترجمة العربية أنّه وجد منه نسخة في دارالكتب
الوطنية في باريس.
١٧ ـ أبو أحمد
الجلودي
عبدالعزيز بن يحيى بن أحمد بن عيسى الأزدي البصري ،
شيخ البصرة وأخباريّها ، المتوفّى سنة ٣٣٢ هـ.
ترجم له النجاشي في فهرسته وعدّد كتبه الكثيرة
البالغة مائتين كتاباً ، وذكر منها : كتاب خطب أميرالمؤمنين عليه السّلام ، كتاب شعره ، كتاب رسائله ، كتاب مسند أميرالمؤمنين عليه السّلام ، كتاب ذكر كلامه في الملاحم ، كتاب الدعاء عنه عليه السّلام ، ثمّ أورد إسناده إليه برواية كتبه عنه.
وترجم له إسماعيل باشا في هدية العارفين ١ / ٥٧٦ ـ ٥٧٧
وعدّد كتبه الكثيرة ما عدا ما ذكرناه !
وترجم له النديم والشيخ الطوسي في فهرستيهما وذكرا
له بعض كتبه ، وراجع معجم رجال الحديث ١٠ / ٣٩.
١٨ ـ القاضي نعمان
وهو أبو حنيفة النعمان بن محمد بن منصور بن حيون
المغربي التميمي المصري ، قاضي مصر وفقيهها في العهد الفاطمي ، المتوفّى سنة ٣٦٣.
له كتاب خطب علي عليه السّلام ، وله شرح خطب علي
عليه السّلام ، ذكر في مقدمة كتابه «الهمّة» وفي الذريعة ١٣ / ٢١٧.
أصله من القيروان وسكن القاهرة ، وصنّف كتباً كثيرة
، قال الذهبي في ترجمته في سير أعلام النبلاء ١٦ / ١٥٠ : «وله يد طولى في فنون العلوم والفقه والإختلاف ونَفَس
طويل في البحث ...
وانتصر لفقه أهل البيت وله كتاب في اختلاف العلماء
، وكتبه كبار مطولة ، وكان وافر الحشمه ، عظيم الحرمه ...».
وترجم له ابن خلّكان ترجمة مطولة في الوفيات ٤ / ٤١٥
، والزركلي في الأعلام ٨ / ٤١ وقال : «كان واسع العلم بالفقه والقرآن والأدب والتاريخ ...».
١٩ ـ الشريف الرضي
(٣٥٩ ـ ٤٠٦ هـ)
الشريف الأجلّ ذوالحسبين وذوالمنقبتين أبو الحسن
محمد بن الحسين بن موسى بن محمد بن موسى بن إبراهيم ابن الإمام موسى بن جعفر عليه السّلام.
وهو أجلّ من أن يعرّف به ، غنيّ عن الإطراء ، ونكتفي
هنا ببعض كلام الباخرزي في الدمية حيث ترجم له في ١ / ٢٩٢ وقال : «له صدر الوسادة بين الائمة والسادة ، وأنا إذا مدحته كنت كمن قال لذكاء ما أنورك ! ولخضارة ! ما أغزرك ! وله شعر إذا افتخر به أدرك من المجد أقاصيه ، وعقد بالنجم نواصيه ، وإذا نسب انتسب رقّة
الهواء إلى نسبه ، وفاز بالقدح المعلّى في نصيبه ...».
مؤلّفات الشريف الرضي
:
لم يذكر النديم في الفهرست من مؤلفات الشريف الرضي
شيئاً ، وهذا ربّما يُستغرب في بادىء النظر لأنّه كان في عصره ومصره ، وذلك لأنّ الفهرست ألف سنة ٣٧٧ ، والرضي يومذاك ابن ثماني عشرة سنة ، فهو بعد في دور التعلّم والقراءة على الأساتذة.
نعم جاء ذكر الشريف الرضي في فهرست النديم في ترجمة
اُستاذه ابن جنّي ، المتوفّى سنة ٣٩٢ ، حيث ذكر فيه ـ في مؤلّفات ابن جنّي ـ ص ٩٥ : تفسير المراثي
الثلاث والقصيدة الرائية للشريف الرضي ، ممّا يدلّ على أنّه اشتهر بالشعر الجيّد حيث
تعاطى القريض منذ صباه ، ونظم الشعر وهو ابن عشر ، وانتشرت له القصائد الجياد وهو في سنّ
المراهقة ، وكان للرضي مكانة مرموقة في الشعر والأدب حتى أنّ اُستاذه أباالفتح ابن
جنّي شرح أربعاً من قصائده في أربعة مجلّدات ، تكلّم عن كل قصيدة منها في مجلّد ، وإذا
رأينا أنّ النديم ذكر الشريف في فهرسته المؤلّف سنة ٣٧٧ ، علمنا أنّ هذه القصائد ـ
التي هي قمّة في الجودة إلى درجة يشرحها اُستاذه ابن جنّي ـ هي ممّا نظمه وهو دون
الثامنه عشرة من عمره ، بل ربّما كان في حدود البالغين.
ونعود فنقول : حسب الرضي أنّ اُستاذه ابن جنّي يتولّى
شرح شعره المبكّر في أربعة مجلّدات.
وأن يكون مهيار الديلمي تلميذاً له وخريج مدرسته ، فقد
أسلم على يده وهو احد المتخرّجين من معهده الثقافي ، فقد كان للشريف الرضي مؤسسة ثقافية ، ومعهداً علميّاً
كما يحدّثنا عنه ابن خلكان في وفيات الأعيان ، وآدم متز.
فقد ذكر في كتابه الحضارة الإسلامية دور العلم
والمؤسسات الثقافية ، وعدّ منها مؤسسة الرضي ، وذكرها في ١ / ٣٣٠ : وكذلك اتّخذ الشريف الرضي (المتوفّى عام ٤٠٦ ـ ١٠١٥ م) نقيب العلويّين ، والشاعر المشهور ، داراً سمّاها «دارالعلم» وفتحها
لطلبة العلم ، وعيّن لهم جميع ما يحتاجون إليه .
________________________________
مؤلّفات الشريف الرضي
وتاريخ تأليفها
فأسبق شيء نعلمه منها ـ هو ـ كتابه :
١ ـ خصائص الائمّة
فقد ألّفه وهو في الرابعة والعشرين من عمره ، حيث
ذكر في حديث له في مقدّمته ما ملخّصه : «لقيني وأنا متوجّه عشيّة عرفة ، سنة ٣٨٣ إلى مشهد مولانا أبي الحسن موسى
ابن جعفر ... وعدت وقد قوى عزمي على عمل هذا الكتاب ، إعلاناً لمذهبي ، وكشفاً عن مغيّبي ...».
وهذا صريح في أنّه ألّف هذا الكتاب في اُخريات عام
٣٨٣ وبدايات سنة ٣٨٤ ، وذكر في المقدّمة أنّه طلب منه ذلك قبل حين من الزمن ، وقال في مقدّمه نهج البلاغه
: فإنّي كنت في عنفوان السنّ ، وغضاضة الغصن ، إبتدأت بتأليف كتاب في خصائص الائمّة ... فهذا ما يرجع الى تأريخ تأليفه.
وأمّا مخطوطاته
١ ـ فمنه مخطوطة في مكتبة رضا في رامپور بالهند (رضا
لايبريري) ، كتبها عبدالجبّار ابن الحسين بن أبي القاسم الحاج الفراهاني ، الساكن بقرية خومجان ، وفرغ منها يوم الأربعاء ، الرابع من شوّال سنة ٥٥٣ هـ.
________________________________
والكاتب من تلامذة السيّد ضياء الدين أبي الرضا ، فضل
الله بن عليّ الحسني ، الراوندي ، القاشاني ، من أبرز أعلام الطائفة في القرن السادس ، له ترجمه في أنساب
السمعاني ، وخريده القصر ، وغيرهما.
والظاهر أنّه كتبها على نسخة شيخه أبي الرضا ، وهو
كتب نسخته في سفرته الى بغداد ، في بدايات هذا القرن على نسخة الأصل بخطّ المؤلّف الرضيّ.
ثم إنّ الكاتب قرأ هذه النسخة على السيّد فضل الله
الراوندي ، فكتب له عليها :
قرأ الخصائص عليَّ الشيخ الرئيس الولد وجيه الدين ،
فخر العلماء أبو عليّ عبدالجبار بن الحسين بن أبي القاسم ـ دامت نعمتهما ـ ورويتها له عن شيخي أبي الفتح
إسماعيل بن الفضل بن أحمد بن الأخشيذ السراج ، عن أبي المظفر عبدالله بن شبيب ، عن أبي الفضل الخزاعي ، عن الرضيّ ـ رضي الله عنه ـ.
وكتب فضل الله بن عليّ الحسني أبو الرضا الراوندي
في ذي القعدة ، من سنة خمس وخمسين وخمسمائة.
وعن هذه المخطوطة مصوّرة في المكتبة المركزيّة
لجامعة طهران ، رقم الفيلم ٥٠٤٦ ، وصفت في فهرست مصوّراتها ج ٣ ص ١٢٧.
٢ ـ نسخة من الخصائص كتبت في القرن الثامن ، في
المكتبة السليمانية في إسلامبول ، من كتب اياصوفيا ، بأوّل المجموعة رقم ٤٨٧٥ ، من ١ ـ ٦٥.
نوادر المخطوطات العربية في تركيا ، للدكتور رمضان ششن
٢ / ١٢٢.
طبعات كتاب خصائص الائمة
:
طبع في النجف الأشرف سنة ١٣٦٨ ، من مطبوعات المطبعة
الحيدرية.
٢ ـ اُعيد طبعه بالاُفست في قم.
٣ ـ طبعه مجمع البحوث الإسلامية في مشهد بتحقيق
زميلنا العلامة النشط الشيخ محمد هادي الأميني سنة ١٤٠٦ بمناسبة الذكرى الألفية لوفاة الشريف الرضيّ.
٢ ـ نهج البلاغة
صرّح في مقدّمته أنّه ألّفه بعد خصائص الائمة وعلى
أثره حيث يقول : «وسألوني عند
ذلك أن أبداً بتأليف كتاب يحتوي على مختار
كلام مولانا أميرالمؤمنين عليه السّلام ... علماً أنّ ذلك يتضمّن من عجائب البلاغة ، وغرائب الفصاحة ، وجواهر العربية ، وثواقب الكلم الدينية والدنيوية ، ما لا يوجد مجتمعاً في كلام ، ولا مجموع الأطراف
في كتاب ، إذ كان أميرالمؤمنين عليه السّلام مشرع الفصاحة وموردها ، ومنشأ البلاغة ومولدها ، ومنه عليه السّلام ظهر مكنونها ، وعنه اُخذت قوانينها ، وعلى أمثلته حذا
كلّ قائل خطيب ، وبكلامه استعان كلّ واعظ بليغ ، ومع ذلك فقد سبق وقصّروا ، وتقدّم وتأخّروا ، لأنّ كلامه عليه السّلام الكلام الذي عليه مسحة من العلم الإلٰهي
، وفيه عبقة من الكلام النبوي ، فأجبتهم إلى الابتداء بذلك ...».
فيبدو أنّه بدأ بتأليف «نهج البلاغة» بعد «خصائص الائمة»
أي في عام ٣٨٤ ، ولبث في ذلك نحو ستة عشر عاماً ، حيث أرّخ فراغه منه برجب عام ٤٠٠ ، وأشار إلى طوله مكثه في تأليفه بقوله فيه : «وربّما بعد العهد ، اختير أولاً فاُعيد بعضه
سهواً أو نسياناً ...».
ويأتي الكلام على جوانب ممّا يخص نهج البلاغة تحت
عناوين (مخطوطاته) و (طبعاته) و(شروحه) و(أول من شرحه) و(ترجماته) و(منتخباته) و(تذييلاته).
٣ ـ مجازات الآثار
النبوية
ويبدو أنّه في خلال اشتغاله بتأليف نهج البلاغة في
هذه الفترة الطويلة قد أنجز تأليف كتابه «مجازات الآثار النبوية» فقد أحال إليه في نهج البلاغة ص ٢٦٣ عند الكلام على قوله عليه السّلام «٤٦٦ ـ العين وكاءالسه» : «وقد تكلّمنا على هذه الإستعارة في كتابنا الموسوم بمجازات الآثار النبوية».
كما أنّه يحيل في المجازات ص ٢٢ و٤١ و١٦١ و٢٢٣ و٢٥٢
، الى كتابه نهج البلاغة.
مخطوطاته
١ ـ نسخة كتبت سنة ٩٨٢ ، كانت في مكتبة الدكتور
حسين علي محفوظ ثمّ نقلت منها إلى مكتبة كلية الآداب بجامعة بغداد.
٢ ـ مخطوطة في مكتبة السيد حسن الصدر في الكاظمية ،
وعليها طَبَعَه نجله السيد
محمد الصدر في بغداد لأوّل مرّة.
٣ ـ نسخة في مكتبة الإمام الرضا عليه السّلام في
مشهد ، كتبت سنة ١٠٦٤ هـ ، رقمها ٢١٣٤.
٤ ـ نسخة في مكتبة الأزهر بالقاهرة ، رقم ٣٨٩٧ حديث.
٥ ـ نسخة في مكتبة ملك الأهلية في طهران ، رقم ١ / ٣٥٤٥.
٦ ـ نسخة من مخطوطات القرن العاشر ، في مكتبة
زميلنا العلامة المحقّق السيد محمد علي الروضاتي دام مؤيّداً في مدينة أصفهان.
طبعاته :
١ ـ طبع لأول مرّة في مطبعة الآداب ببغداد سنة ١٣٢٨
هـ.
٢ ـ طبع بالقاهرة سنة ١٣٥٦ بتحقيق محمود مصطفى في
مطبعة مصطفى البابي الحلبي.
٣ ـ طبع بالقاهرة أيضاً بتحقيق طه محمد الزيني في
مطبعة البابي الحلبي سنة ١٣٨٧ هـ.
٤ ـ وطبع عليها بالاُفست في قم ، من منشورات مكتبة
بصيرتي.
ويقوم بتحقيقه الآن زميلنا الفاضل الشيخ رضا
الاستادي لتطبع من قبل مؤسسة نهج البلاغة في طهران.
٤ ـ تلخيص البيان في
مجازات القرآن
قال في آخره : «و كان الإبتداء بتصنيف هذا الكتاب
في يوم الخميس لعشر ليال بقين من شعبان سنة إحدى وأربعمائة.
والفراغ منه في يوم الأحد لثلاث عشرة ليلة خلت من
شوّال من هذه السنة ، على ما تخلّل هذه المدّة من اعتراضات العوائق ، واقتطاعات الشواغل ، واختلاط الداعي بالصوارف ، والحمدلله ربّ العالمين ، وصلواته على رسوله سيّدنا محمد وآله الطاهرين»
فلم يستغرق تأليفه أكثر من ٥٣ يوماً وليس من الشريف ببعيد.
وهذا يدلّ على عظمة كتابه «نهج البلاغة» فإنّ من
يؤلف كتاباً مثل «تلخيص
البيان» في نحو خمسين يوماً قد أخذ تأليف
نهج البلاغة من وقته نحو ١٦ سنة.
مخطوطات تلخيص البيان
١ ـ نسخة من مخطوطات القرن السادس ، في المكتبة
المركزية لجامعة طهران ، رقم ١٠٣٤ ، تنقص قليلاً من أولها ووسطها وآخرها ، ذكرت في فهرسها ١ / ٦٧ ، وهي من مخطوطات مكتبة السيد محمد المشكاة التي أهداها إلى جامعة طهران ، وهو الذي تولى
نشر هذا الكتاب لأول مرّة بالطبع على هذه النسخة مصوّرة.
٢ ـ نسخة اُخرى فيها أيضاً ، ضمن مجموعة رقم ٥٤٧٠ ،
كتبت سنة ٥٤٧ هـ ، جاء في آخرها :
«وفرغ من تحرير هذا الكتاب محمد بن الحسن بن محمد
بن أحمد فظ الرهقي ـ غفر الله له ولأبويه ـ يوم الجمعة وقت العصر ببلد آبه ، التاسع والعشرين من شهر الله
المبارك الأصبّ رجب عظم الله ميامنه ، سنة سبع واربعين وخمسمائة حامداً لله مصلّياً
على رسوله محمد وآله.
وجاء في هامشها في الورقة الأخيرة : «قابلت هذه
النسخة بالأصل الذي كان لمولانا الأمير السيد الإمام الأجلّ ، العالم الزاهد ، ضياء الدين ، تاج الإسلام ،
أبي الرضا فضل الله بن علي بن عبيد الله الحسني الراوندي دامت أيّامه ، بمدينة اندوز وهي
قاسان ، في سلخ جمادى الآخرة سنة أربع وستين وخمسمائة حامداً ومصلّياً.
وكتب صاحبه محمد بن الحسن بن محمد الحافظ الرهقي
بخطه».
فهرست المكتبة المركزية ج ١٦ ص ١٧ ، نشرة المكتبة
المركزية ج ٤ ص ٤٤٥.
٣ ـ نسخة من مخطوطات القرن الثالث عشر ، كاملة من
الجانبين ، وربّما تخلّلها نقص قليل ، وهي في مكتبة زميلنا الجليل السيد محمد الجزائري حفظه الله ، وهي التي طبع عليها الكتاب في بغداد ، وتاريخ تأليف الكتاب ـ بدئه وختامه ـ موجود في نهاية هاتين الأخيرتين.
طبعات تلخيص البيان :
١ ـ نشره السيد محمد المشكاة في طهران سنة ١٣٦٩ مصوّراً
على المخطوطه رقم ١
المذكورة أعلاه على طريقة الفوتوتيب وألحق
بها فهارس فنّية وقدّم له مقدمة هو والدكتور حسين علي محفوظ.
٢ ـ نشرته مكتبة الخلاني العامة في بغداد ، برعاية المغفور
له العلامة السيد محمد الحيدري ، وهذه الطبعة أكمل من الاُولى لأنّها طبعت على المخطوطة رقم ٣ المذكورة
آنفاً طبعت على الحروف في بغداد سنة ١٣٧٥.
٣ ـ طبع بالقاهرة سنة ١٣٧٤ بتحقيق الاُستاذ محمد
عبدالغني حسن مع مقدمة قيّمة وفهارس فنّية ، طَبَعَها ناقصة على طبعة الاُستاذ مشكاة.
٤ ـ أعادت طبعه مكتبة بصيرتي في قم بالاُفست على
طبعة محمد عبدالغني حسن.
٥ ـ حقائق التأويل
لا نعلم بالتحديد تاريخ تأليفه لأنّه لا يوجد
بكامله لنهتدي إلى ما يشير إلى ذلك ، ولكنّ الموجود منه هو المجلّد الخامس فحسب ، ومخطوطة مشهد مكتوبة على نسخة قرئت على المؤلف سنة ٤٠٢ هـ كما في الذريعة ٧ / ٣٢٠ ؛ فلربما كان تأليفه أسبق من تلخيص البيان ومتأخّر عن نهج البلاغة حيث يحيل فيه في ص ١٦٧ ، إلى نهج البلاغة ، ولكن جاء في فهرست مكتبة الإمام الرضا عليه السّلام في مشهد ١ / ٣٩ أنّ مخطوطة المكتبة كتبت على نسخة كان فيها تاريخ تأليف الكتاب سنة ٤٠٢ هـ فيكون تأليفه متأخّراً عن التلخيص والنهج.
مخطوطاته :
١ ـ نسخة في مكتبة الإمام الرضا عليه السّلام في
مشهد ، رقم ١٣٢٠ ، فرغ منها الكاتب في ٢١ رجب سنة ٥٣٣ ، كتبت على نسخة مقروءة على المؤلف وعليها خطّه.
٢ ـ مخطوطة كتبت سنة ١٠٢٨ هـ ، في مكتبة كليّة
الحقوق في جامعة طهران رقم ٣٠٧ ج ، ذكرت في فهرست مكتبة كلية الحقوق ص ٣٣٠.
طبعاته :
١ ـ طبع هذا الجزء ـ الخامس الموجود منه ـ في النجف
الأشرف ، نشرته جمعية منتدى
النشر في النجف سنة ١٣٥٥ هـ ، بعد ما اُلّفت
لجنة من الأفاضل الاُدباء لتحقيقه ، وقدّم له العلامة الكبير الشيخ عبدالحسين الحلي رحمه الله.
٢ ـ أعادت طبعه بالاُفست على الطبعة السابقة مؤسستي
البعثة ونهج البلاغة في طهران سنة ١٤٠٦ هـ بمناسبة الذكرىٰ الألفية لوفاة الشريف الرضي.
وقد صدر عن حياة الشريف الرضيّ عدّه كتب منها :
١ ـ حياة الشريف الرضيّ ، للعلّامة الشيخ عبدالحسين
الحلي النجفي ، المتوفّى سنة ١٣٧٥ طبع في النجف في مقدّمة حقائق التأويل سنة ١٣٥٥.
٢ ـ حياة الشريف الرضيّ ؛ للعلامة الشيخ محمد رضا
آل كاشف الغطاء النجفي ، المتوفّى سنة ١٣٦٦ ، نشر في مجلة الرضوان الهندية سنة ١٣٥٥ ، ثمّ طبع في النجف الأشرف ١٣٦٠ هـ.
٣ ـ الشريف الرضيّ ، للدكتور حسين علي محفوظ
الكاظمي ، طبع في مطبعة الريحاني في بيروت سنة ... ، في ٢٥٠ صفحة.
٤ ـ عبقرية الشريف الرضيّ ؛ للدكتور زكي مبارك ، المتوفّى
سنة ١٣٧١ بمصر ، في مجلّدين سنة ١٩٣٩ ، وطبع في بيروت أيضاً.
٥ ـ الشريف الرضيّ بودلير العرب ؛ للدكتور عبدالمسيح
محفوظ ، طبع مكتبة بيروت سنة ١٩٤٤ م.
٦ ـ الشريف الرضيّ ؛ للدكتور إحسان عباس ، طبعته
دار صادر في بيروت سنة ١٩٥١.
٧ ـ الشريف الرضيّ ، عصره وحياته ومنازعه ؛ لأديب
التقي البغدادي السوري ، المتوفّى سنة ١٣٦٤ ، عضو المجمع العلمي بدمشق ، طبع بدمشق ، مطبعة كرم سنة ١٩٦١ ، في ٣٧٤ صفحة.
٨ ـ الشريف الرضي ؛ للدكتور محمد عبدالغني حسن
المصري ، طبعته دار المعارف المصرية سنة ١٩٧٠ ، في سلسلة نوابغ الفكر العربي.
٩ ـ الشريف الرضيّ عصره ، تاريخ حياته ، شعره ؛
لمحمد سيد گيلاني ، طبع بالقاهرة ١٩٣٧.
١٠ ـ الشريف الرضي ؛ بقلم حنّا نمر.
١١ ـ الشريف الرضيّ ؛ للاُستاذ طاهر الكيالي ، طبع
سنة ١٩٤١ م.
١٢ ـ الحماسة في شعر الشريف الرضيّ ؛ لمحمد جميل
شلش ، طبع ببغداد سنة ١٩٧٤ م.
١٣ ـ الشريف الرضي حياته ودراسة شعره ؛ للدكتور
محمد عبدالفتاح الحلو ، وهي رسالة دكتوراه له ، اُجيز بها من جامعة القاهرة سنة ١٩٧٤ ، وهو أوسع ما كتب بهذا الصدد ، وربّما يقع في أربعة أجزاء لأنّه بلغ ألفي صفحة.
١٤ ـ الشريف الرضي حياته وشعره ؛ للدكتور : ي عبدالعلي
، اُطروحة دكتوراه من لندن.
ذكرته مجلة المورد البغدادية في عددها الأول من
المجلد السابع ص ٢٧٣.
ولم يبلغنا طبع هذين الأخيرين ، كما أنّ هناك
كتابان آخران لا يزالان مخطوطان ، وهما :
١٥ ـ من وحي الشريف الرضي ؛ للعلامة الشيخ قاسم
محيي الدين النجفي ، المتوفّى سنة ١٣٧٦ هـ.
١٦ ـ الشريف الرضي ؛ للعلامة الشيخ محمد هادي
الأميني حفظه الله.
وهناك كتاب آخر عن حياة الشريف الرضي بالفارسية
للسيد علي أكبر البرقعي القمي ، سمّاه :
١٧ ـ كاخ دلاويز ، طبع سنة ١٣٥٨ هـ.
القرن الخامس
١ ـ دستور معالم
الحكم
للقاضي القضاعي ، أبي عبدالله محمد بن سلامة بن
جعفر القضاعي ، المصري ، الشافعي ، المتوفّى سنة ٤٥٤ هـ.
له ترجمة مع الثناء والإطراء الكثير في الإكمال
لابن ماكولا ٧ / ١٤٧ ، وأنساب السمعاني ١٠ / ١٨٠ ، ووفيات الأعيان ٤ / ٢١٢ ، والوافي بالوفيّات ٣ / ١١٦ ، وسير
أعلام النبلاء ١٨ / ٩٢ ، وطبقات الشافعيّة للسبكي ٤ / ١٥٠ ، وللآسنوي ٢ / ٣١٢ ، ولابن قاضي شهبة ١ / ٢٤٥. وذكروا مؤلّفاته ، ومنها كتابه دستور معالم الحكم ومأثور مكارم
الشيم ، من كلام أميرالمؤمنين عليّ بن أبي
طالب (عليه السّلام) ، قال في أوّله :
أمّا بعد ، فإنّي لمّا جمعت من حديث رسول الله
صلّى الله عليه وسلّم ألف كلمة ومائتي كلمة في الوصايا ، والأمثال ، والمواعظ ، والآداب ، وضمّنتها كتاباً ، وسمّيته
بالشهاب ، سألني بعض الإخوان
أن أجمع من كلام أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب صلوات الله عليه ... وأن أعتمد في ذلك على ما أرويه ، وأجده في مصنّف من أثق به ...
وقد طبع في مصر ، وإيران ، ولبنان عدّة مرات.
ومنه مخطوطة كتبت سنة ٦١١ ، في مكتبة جستر بيتي ، برقم
٣٠٢٦.
٢ ـ تذييل نهج
البلاغة
لابن الجلي أبو الفتح عبدالله بن إسماعيل بن أحمد
بن إسماعيل الحلبي ـ المعروف بابن الجلّي ـ.
وبيت الجلّي ـ بكسر الجيم المعجمة وتشديد اللام ـ من
البيوت العلميّة العريقه الشيعيّة في حلب ، أنجبت أعلاماً في الفقه ، والحديث ، والأدب في القرنين الرابع والخامس ، منهم أبوالفتح هذا ، وأبوه ، وجدّه.
ترجم ابن العديم في بغية الطلب في تاريخ حلب لأبيه
إسماعيل بن أحمد ، وقال : حدّث بحلب ، عن أبيه ... وروى عنه ابنه أبوالفتح ...
وأخرج من طريقه حديث عليّ عليه السّلام : «نزلت
النبوّة يوم الإثنين ، وصلّيت مع النبيّ صلّى الله عليه وسلّم يوم الثلاثاء».
وترجم له أيضاً ابن حجر في لسان الميزان ١ / ٣٩٢ ، ناقلاً
عن تاريخ ابن أَبي طي أنّه قال : إمام فاضل في الحديث ، وفقه أهل البيت ، روى عن أبيه و ... توفّي سنة ٤٤٧ ، ولإسماعيل أسفار في فنون شتّى ، إنتهى.
________________________________
وأمّا ابنه أبو الفتح ، فقد روى عن أبيه سنه ٤٠٧ ، فتقدّر
ولادته حدود سنة ٣٩٠ ، وروى أيضاً عن أَبي نمير الأسدي عبدالرزاق بن عبدالسلام ، وروى عنه عليّ بن عبدالله
بن أبي جرادة العقيلي الحلبي ، ونظام الملك الطوسي الوزير ، وأبوبكر الخطيب
البغدادي.
له ترجمة في أنساب السمعاني «الجلّي» ، ووهم فسمّاه
أحمد ، والمشتبه ١ / ١٦٨ ، وتبصير المنتبه ١ / ٣٤٢ ، وتاج العروس ٧ / ٢٦٢.
له تذييل على نهج البلاغة.
قال ابن أبي الحديد في شرحه ١٨ / ٢٢٥ ، في حديث
ضرار بن ضمرة : فإنّ الرياشي روى خبره ، ونقلته أنا من كتاب عبدالله بن إسماعيل بن أحمد الحلبي ، في التذييل
على نهج البلاغة.
٣ ـ خطب أميرالمؤمنين
عليه السّلام
لأبي العبّاس يعقوب بن أبي أحمد الصيمري.
نقل عنه ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة ، فقال
في ج ١٥ ص ٨٢ ، في الكلام على رسالة : ووقفت عليها من كتاب أبي العبّاس يعقوب ابن أبي أحمد الصيمري ، الذي جمعه في كلام عليّ عليه السّلام ، وخطبه.
٤ ـ قلائد الحكم
للقاضي أبو يوسف يعقوب بن سليمان بن داود
الإسفرائني الشافعي ، خازن كتب المدرسة النظاميّة ببغداد ، والمتوفّى سنه ٤٨٨.
له ترجمة في الطبقات الشافعيّة الوسطى والكبرى ٥ / ٣٥٩
، وللاسنوي ١ / ٩٦ ، ولابن قاضي شهبة ١ / ٣٠٤ ، ومعجم المؤلّفين ١٣ / ٢٤٩ ، وهديّة العارفين ٢ / ٥٤٥ ، وبروكلمن ١ / ٣٠١ ، والذيل ١ / ٥٩٤ ، والأعلام ٨ / ١٩٩.
قال الآسنوي : كان فقيهاً ، اُصوليّاً ، نحويّاً ، لغويّاً
، شاعراً ، حسن الخطّ ، صنّف ، وسمع ، وحدّث ، وسافر لكثير ... ذكره أبو سعد (السمعاني) في الذيل ...
له كتاب قلائد الحكم وفرائد الكلم من كلام عليّ بن
أبي طالب.
ذكر في كشف الظنون ٢ / ١٣٥٣ ، وهديّة العارفين ، ومعجم
المؤلّفين ، وأعلام
الزركلي ، وغيرها.
منه نسخة من مخطوطات القرن السادس ، في مكتبة مدرسة
المروي في طهران.
٥ ـ تاريخ الشهور
والدهور
ذكره نصير الدين عبدالجليل القزويني الرازي ، الواعظ
المتكلم ، في كتاب النقض ، وهو كتاب بعض
مثالب النواصب ، الذي نقض به كتاب بعض فضائح الروافض ، نقضه وردّ عليه في منتصف القرن السادس ، وقد ذكر صاحب الفضائح كلاماً نسبه إلى أميرالمؤمنين عليه السّلام ، فردّ عليه النصير القزويني
في ص ١٠٧ ما معرّبه : بأنّ هذا الكلام موضوع لا أصل له ، ولم نجده فيما روي عنه عليه
السّلام ، ولا ذكر في المصادر ، ولا يوجد في نهج البلاغه ، ولا في كتاب تاريخ الشهور والدهور ، ولم
يشذ عن هذين الكتابين شيء من كلامه عليه السّلام ...
فتراه قارنه بكتاب نهج البلاغة ، في موضوعه
واشتماله على كلمات أميرالمؤمنين عليه السّلام وخطبه ، بل يظهر منه أنّه أشمل وأوسع في بابه من نهج البلاغة. ولم
نعرف عن الكتاب ومؤلّفه شيئا ، ولم نجد من ذكره إلّا النصير الرازي ، ولعلّ الشهور
والدهور تكشف لنا في المستقبل عن مخطوطة الكتاب ، فنتعرّف عليه وعلى مؤلّفه.
القرن السادس
١ ـ غرر الحكم
١ ـ ناصح الدين أبو الفتح ابن القاضي محمد بن عبدالواحد
التميمي الآمدي ، المتوفّى سنة ٥١٠ ، أو سنة ٥٥٠.
من مشايخ الحافظ ابن شهراشوب ، وجاء في هديّة
العارفين ١ / ٦٣٥ : أنّه تلمذ على أحمد الغزّالي ، وأنّ له جواهر الكلام في شرح الحكم والأحكام من قصّة سيّد الأنام
عليه الصلاة والسّلام ، والحكم والأحكام ...
________________________________
له ترجمة في معالم العلماء ص ٨١ ، ورياض العلماء ٣
/ ٢٨١ ـ ٢٨٤ ، وروضات الجنّات ٥ / ١٧٠ ، وأعيان الشيعة ، وخاتمة المستدرك ، وطبقات أعلام الشيعة في
القرن السادس ص ١٦٩ ، وأعلام الزركلي ٤ / ١٧٧ ، وبروكلمن الذيل ١ / ٧٥ ، وهديّة العارفين
١ / ٦٣٥ ، ومعجم المؤلّفين ١ / ٢١٣.
له كتاب غرر الحكم ودرر الكلم ، في الكلم القصار ، والحكم
والأمثال ، من كلمات مولانا أميرالمؤمنين عليه السّلام.
ذكره له مترجموه ، ورواه عنه الحافظ ابن شهراشوب ، المتوفّى
سنة ٥٨٨. قال في مقدّمة كتابه مناقب آل أبي طالب ١ / ١٢ : قد أذن لي الآمدي في رواية غررالحكم.
من مخطوطات الكتاب :
١ ـ مخطوطة كتبت سنة ٥١٧ ، في مكتبة الإمام الرضا
عليه السّلام في مشهد ، رقم ١١٦٨.
٢ ـ مخطوطة سنة ٧٠٤ ، في مكتبة غرب ، في مدرسة
الآخوند في همدان ، رقم ١٢٤٢٥ ، ذكرت في فهرسها ص ١٦٣.
٣ ـ مخطوطة سنة ٧١٩ ، في مكتبة ملك في طهران ، رقم
٢٣٣٧.
٤ ـ مخطوطة سنة ٧٤٠ ، في مكتبة أميرالمؤمنين عليه
السّلام العامّة في النجف الأشرف ، كتبت على نسخة بخط محمد بن صدقة بن حسين بن فائز سنة ٥٨٢.
٥ ـ مخطوطة سنة ٧٩٣ ، في مكتبة الجامعة الأمريكية
في بيروت ، ذكرت في فهرسها ص ١٩٥.
٦ ـ مخطوطة القرن الثامن ، في المكتبة المركزيّة
لجامعة طهران رقم ٩٥ ، وكان عليها إجازه لكن اُلصق عليها الأوراق عند ترميمها فذهبت ، فهرسها ٢ / ١٦٠.
٧ ـ مخطوطة سنة ٨٧٨ ، في مكتبة طوپقپو في إسلامبول
، ذكرت في فهرسها ٣ / ٧٠٩.
٨ ـ مخطوطة سنة ٩٦١ ، في مكتبه الإمام الرضا عليه
السّلام في مشهد ، نسخة خزائنيّة بخط جميل ، تصلح للاُفست عليها.
٩ ـ مخطوطة خزائنيّة جميله ، في مكتبة مدرسة
سپهسالار في طهران ، رقم ٥٣٥٧ ، فهرسها ٥ / ٣٥٠.
١٠ ـ نسخة اُخرى فيها كتبت سنة ٩٩٥ ، رقم ٢٨٤٢ ، ذكرت
في فهرسها ٢ / ٧٧ و ٥ / ٣٤٩.
طبعات الكتاب :
١ ـ في مصر سنة ١٢٧٢ ، وطبع حرف الألف منه أيضاً في
مصر سنة ١٣٣١.
٢ ـ في بمبي سنة ١٢٨٠.
٣ ـ في صيدا سنة ١٣٤٦.
٤ ـ في النجف الأشرف بتصحيح أحمد شوقي الأمين.
٢ ـ نثر اللآلىء
للشيخ المفسّر ، أمين الإسلام ، أبي علي الفضل بن
الحسن الطبرسي ، مؤلّف مجمع البيان ، وجوامع الجامع ، وغير ذلك من الكتب الممتعة ، المتوفّى سنة ٥٤٨.
وهو مجموع منتخب من الكلم القصار ، والحكم والأمثال
، من كلام مولانا أميرالمؤمنين عليه السّلام ، رتّبه حسب حروف الهجاء في تسعة وعشرين باباً ، في كلّ
باب نحو عشر كلمات ، والمجموع ٢٥٨ كلمة.
مخطوطاته :
١ ـ نسخة بخطّ ياقوت المستعصمي ، كتبها سنه ٦٩١ في
مكتبة چستربيتي رقم ٤١٧٤.
٢ ـ واُخرى فيها برقم ٣٨٥٩ من مخطوطات القرن التاسع.
٣ ـ نسخة بخطّ أحمد بن محمود بن عبدالغفار الصديقي
، كتبها سنة ٧٦١ هـ متّبعاً نهج ياقوت في خطه ، وهي في مكتبة البلاط الإيراني (كتابخانه سلطنتي) ، رقم ١٧٨٦ ، ذكرت في فهرسها ص ١٠٦١ ، وفي المكتبة هذه نسخ اُخرى خزائنيّة قيّمة من هذا الكتاب ، نسختان منها بخط الخطاط البارع المشهور أحمد النيريزي.
٤ ـ نسخة بخط الحسن بن محمد بن أبي الحسن الآوي ، كتبها
بخط نسخي مشكول ، ضمن مجموعه ، فرغ منها في ربيع الثاني سنة ٧٠٨ ، وفيها المائه كلمة جمع
الجاحظ ، وميميّة الفرزدق ، وتائيّة دعبل ، وهذه
المجموعة مصوّرة في المكتبة المركزيّة لجامعة طهران ، رقم الفيلم ٣٥٥٤ ، وصفت في فهرس مصوّراتها ٢ / ١٧٨.
٣ ـ عيون الحكم
والمواعظ وذخيرة المتعظ والواعظ
لابن الشرفية كافي الدين ـ أو فخرالدين ـ أبي الحسن
عليّ بن محمد بن الحسن بن أبي نزار الليثي الواسطي ، من أعلام الإماميّة في أواخر القرن السادس ، ولعلّه
أدرك السابع أيضاً ، وهو يلقّب عندهم كافي الدين ، وترجم له ابن الفوطي في تلخيص مجمع الآداب ٣ / ٢٥٩ رقم ٢٢٤٩ بلقبه فخرالدين ، فقال : أبوالحسن عليّ بن محمد بن نزار الواسطي الأديب ، أنشد ... فأورد له أبياتاً.
وفي ترجمة ابن أبي طي الحلبي يحيى بن حميدة ، المتوفّى
سنة ٦٣٠ ، في إنسان العيون في شعراء سادس القرون ، قال : قرأ يحيى بن حميدة المذكور على الشيخ شمس الدين يحيى بن الحسن بن البطريق ، وعلى الشريف جمال الدين أبي القاسم عبدالله بن زهرة الحسيني الحلبي ، وعلى الشيخ فخرالدين عليّ بن محمد بن نزار ابن الشرفية الواسطي ...
أقول : وممّن يروي عن ابن الشرفية السيّد علاءالدين
حسين بن عليّ بن مهدي الحسيني السبزواري ، روى عنه بمدينة
الموصل في ١٧ شوّال سنة ٥٩٣.
و يروي ابن الشرفية عن الشيخ رشيد الدين أبي الفضل
شاذان بن جبرائيل القمي ، ويعرف عند أصحابنا بعليّ بن محمد الليثي الواسطي ، ترجم له ميرزا عبدالله أفندي في رياض العلماء ، فقال في ٤ / ٢٥١ : الشيخ عليّ بن محمد الليثي الواسطي ، فاضل جليل ، وعالم كبير نبيل ، وهو من عظماء علماء الإماميّة ، وله كتاب عيون
الحكم والمواعظ ...
وترجم له في ج ٤ ص ١٨٦ فقال : «الشيخ كافي الدين
أبوالحسن علي بن محمد بن أبي نزار [ ابن ] الشرفية الواسطي.
كان من أكابر العلماء ... ، وهذا الشيخ كافي الدين
المذكور يروي عن الشيخ
________________________________
الفقيه رشيدالدين أبي الفضل شاذان بن جبرئيل
القمي ، كما يظهر من مطاوي كتاب مناهج النهج لقطب الدين المذكور
، وقد قال قطب الدين المذكور ، في الكتاب المزبور ، عند ذكر اسم هذا الشيخ في مدحه هكذا : الشيخ الأجلّ العالم ، كافي الدين
أبوالحسن عليّ بن محمد بن أبي نزار [ ابن ] الشرفيه الواسطي » ...
ولابن الشرفية هذا قصّة مثبتة في نهاية مخطوطة
مناقب أميرالمؤمنين عليه السّلام لابن المغازلي ، وهي :
قال أبوالحسن عليّ بن محمد بن الشرفية : حضر عندي
في دكاني بالوراقين بواسط ، يوم الجمعة خامس ذي القعدة ، من سنة ثمانين وخمسمائه ، القاضي العدل ، جمال الدين نعمة الله بن عليّ بن أحمد بن العطار ، وحضر أيضاً شرف الدين أبوشجاع ابن العنبري الشاعر ، فسأل شرف الدين القاضي جمال الدين أن يسمعه المناقب ، فابتدأ بالقراءة عليه من نسختي ، التي بخطي ، في دكاني يومئذ ، وهو يرويها عن جدّه لاُمّه العدل
المعمّر محمد بن عليّ المغازلي ، عن أبيه المصنف فهما في القراءة ، وقد اجتمع عليهما جماعة
إذ اجتاز أبو نصر قاضي العراق ، وأبوالعباس ابن زنبقه ، وهما ينبزان بالعدالة ، فوقفا
يغوغيان وينكران عليه قراءة المناقب ، وأطنب أبونصر قاضي العراق في التهزّي
والمجون ... ، فعجز القاضي نعمة الله بن العطار ، وقال بمحضر جماعة كانوا وقوفاً : اللهم إن كان
لأهل بيت نبيّك عندك حرمة ومنزلة ، فاخسف به داره وعجل نكايته ، فبات ليلته تلك ، وفي صبيحة يوم السبت ، سادس ذي القعدة ، من سنه ثمانين وخمسمائه ، خسف الله تعالى
________________________________
بداره ، فوقعت هي والقنطره وجميع المسنّاة الى
دجلة ، وتلف منه فيها جميع ما كان يملك ، من مال وأثاث وقماش.
فكانت هذه المنقبة من أطرف ما شوهد يومئذٍ من مناقب
آل محمّد صلوات الله عليهم.
فقال عليّ بن محمد بن الشرفية : [ وقلت ] في ذلك
اليوم في هذا المعنى :
يا أيّها العدل الذي
|
|
هو عن طريق الحقّ عادل
|
متجنّباً سبل الهدى
|
|
وإلى سبيل الغيّ مائل
|
أبمثل أهل البيت يا مغرور
|
|
ويحك أنت هازل !
|
بالأمس حين جحدت من
|
|
إفضالهم بعض الفضائل
|
وجريت في سنن التمرّد
|
|
لست تسمع عذل عاذل
|
نزل القضاء على ديارك
|
|
في صباحك شرّ نازل
|
أضحت ديارك سائحات
|
|
في الثرى خسف الزلازل
|
.............................
قال عليّ بن محمد بن الشرفية : وقرأت المناقب التي
صنّفها ابن المغازلي ، بمسجد الجامع بواسط ، الذي بناه الحجاج بن يوسف الثقفي ـ لعنه الله ، ولقّاه ما عمل ـ في مجالس
ستة أولها الأحد رابع صفر ، وآخرهنّ عاشر صفر من سنة ثلاث وثمانين وخمسمائه ، في اُمم
لا يحصى عديدهم ، وكانت مجالس ينبغى أن تؤرّخ.
وكتب قارؤها بالمسجد الجامع : عليّ بن محمد بن
الشرفية
وربّما خلطه بعضهم بسميّه وبلديّه ابن المغازلي ، مؤلّف
كتاب مناقب أميرالمؤمنين عليه السّلام ، المتوفّى سنة ٤٨٣ ، فإنّه أيضاً أبوالحسن عليّ بن محمد ، ومن أهل
واسط فاشتبه الأمر على بعضهم ، ففي رياض العلماء ٤ / ٢٠٩ : «عليّ بن محمد بن شاكر المؤدّب ، من أهل واسط ، من أصحابنا ، وله كتاب في الأخبار في فضائل أهل البيت عليهم السّلام ، وتاريخ تأليفه سنة سبع وخمسين وأربعمائة ...» فلاحظ فإنّه من بعض الإشتباهات.
وفي تأسيس الشيعة ص ٤٢٠ : الشيخ الرباني عليّ بن
محمد بن شاكر المؤدّب الليثي الواسطي ، صاحب كتاب عيون الحكم والمواعظ وذخيرة المتّعظ والواعظ ، كان فراغه
من تأليف الكتاب سنة ٤٥٧.
وهو من أصحابنا بنصّ صاحب الرياض ، وله كتاب في
فضائل أهل البيت عليهم السّلام ...
بقي هنا شيء : وهو أنّ الشرفية فيما وجدناه على
الأكثر بالفاء ، ولكن بالقاف اسم محلّة في واسط ، وهو واسطي ، فلعلّ الصحيح ابن الشرقية بالقاف ، ولكن أكثر ما
وجدناه بالفاء ، وأكثر ما وجدناه الشرفية بدون ابن.
وأما كتابه عيون الحكم والمواعظ فهو أوسع وأجمع
كتاب لحكم أميرالمؤمنين عليه السّلام ، يشتمل على ١٣٦٢٨ كلمة ، قال المؤلّف :
الحمد لله فالق الحبّة بارىء النسم ... أمّا
بعد ، فإنّ الذي حداني على جمع فوائد هذا الكتاب ، من حكم أميرالمؤمنين أبي تراب ، ما بلغني من افتخار أبي عثمان الجاحظ ، حين
جمع المائة حكمة الشاردة عن الأسماع الجامعة ، أنواع الانتفاع ... ، فكثر تعجّبي
منه ... كيف رضي لنفسه أن يقنع من البحر بالوشل ... ، فألزمت نفسي أن أجمع قليلاً من حكمه ... ، وسمّيته بكتاب عيون الحكم والمواعظ وذخيرة المتّعظ والواعظ ، اقتضبته
من كتب متبدّدة ... مثل كتاب نهج البلاغة جمع الرضي ... وما كان جمعه أبوعثمان الجاحظ ، ومن كتاب دستور الحكم ... ، ومن كتاب غرر الحكم ودرر الكلم جمع القاضي أبي الفتح ... ، ومن كتاب مناقب الخطيب (الموفّق بن) أحمد ... ، ومن كتاب منثور الحكم ، ومن كتاب الفرائد والقلائد تأليف القاضي أبي يوسف يعقوب بن سليمان الإسفرائني ، ومن كتاب الخصال ... ، وقد وضعته ثلاثين باباً ، واحد وتسعين فصلاً ، ثلاثة عشر ألفاً وستمائة وثمانية وعشرين حكمة ، منها على حروف المعجم تسعة
وعشرون باباً ، والباب الثلاثون أوردت فيه مختصرات من التوحيد ، والوصايا ...
أقول : وكلّ مخطوطات الكتاب فاقدة للباب الثلاثين ،
حتى المخطوطات التي رآها صاحب رياض العلماء في القرن الحادي عشر كانت ناقصة ، قال في ترجمته في الرياض ٤ / ٢٥٣ : واعلم أنّ كتابه هذا مشتمل على ثلاثين باباً ، ولكن الموجود في النسخ
التي رأيناها تسعة وعشرون باباً ، على ترتيب حروف التهجّي ، وقد سقط من آخره الباب الثلاثون ...
أقول : وهذا الكتاب من مصادر العلامة المجلسي ـ رحمه
الله ـ في موسوعته الحديثيّة
القيّمة «بحار الأنوار» وإن سمّاه بادئ
الأمر بالعيون والمحاسن ، فقد ذكر عند عدّ المصادر في ج ١ ص ١٦ قائلاً : وكتاب العيون والمحاسن للشيخ عليّ بن محمد الواسطي.
وقال عنه في ج ١ ص ٣٤ : وعندنا منه نسخة مصحّحة
قديمة ، ثمّ وقع على اسمه الصحيح ، فقال في ج ٧٣ ص ١٠٨ : من كتاب عيون الحكم والمواعظ لعليّ بن محمد الواسطي كتبناه من أصل قديم.
وذكره ـ رحمه الله ـ أيضاً في ج ٧٨ ص ٣٦ في باب (ما
جمع من جوامع كلم أميرالمؤمنين صلّى الله عليه وعلى ذرّيته) فعدّد جملة ممّن دوّنوا كلامه عليه
السّلام ، وبدأ بالجاحظ ، إلى أن قال : وكذا الشيخ عليّ بن محمد الليثي الواسطي في كتاب عيون الحكم والمواعظ وذخيره المتّعظ والواعظ ، الذي قد سمّيناه بكتاب العيون والمحاسن.
ويبدو أنّه ـ رحمه الله ـ عثر على نسخة قديمة تامّة
تحوي الباب الثلاثين ، الذي هو في الخطب والوصايا ، حيث أورد الخطبة الاُولى من نهج البلاغة عن النهج ، وعن هذا الكتاب ، فقال في ج ٧٧ ص ٣٠٠ : نهج البلاغة ، ومن كتاب عيون الحكمة والمواعظ لعليّ بن محمد الواسطي ، من خطبه صلوات الله عليه : الحمد لله الذي لا يبلغ مدحته القائلون ...
وللكتاب تلخيص لأحمد بن محمد بن خلف سمّاه : المحكم
المنتخب من عيون الحكم ، أوّله : الحمد لله الملك القادر ، العزيز الفاطر.
توجد نسخة منه في مكتبة جامعة القرويّين في فاس ، كتبت
سنة ١١٥٢ كما في فهرسها ج ٢ ص ٤٠٥.
وراجع عن كتاب عيون الحكم فهرست مكتبه سبهسالار ١ /
٢٨٣ و٢ / ٧٤ و٧٦ و١٤٦ و٥ / ٣٤٥ ، والذريعة ١٥ / ٣٧٩ ، وكشف الحجب ، وفهرست المكتبة المركزيّة لجامعه طهران للمنزوي ٢ / ١٥٨ ، وقد ذكر فيه ص ١٦٠ . أنّ مخطوطة جامعة
طهران مكتوبه سنة ١٢٧٩ ، عن نسخة كتبت سنة ٨٦٧ ، عن نسخة كتبت سنه ٧٠٩ ، عن نسخة كتبت سنه ٦١٤ ، وقد جاء في مقدّمة عيون الحكم النقل عن ابن الجوزي ، فيظهر أنّ تأليفه كان بين التاريخين (٦١٤ ـ ٥٩٧) ، أي بين تاريخي وفاه ابن الجوزي ، وتاريخ
________________________________
تلك النسخة.
أقول : وقد أوردت نصّ المقدّمة ليعلم أنّه ليس فيه
عن ابن الجوزي أثر ! نعم ذكر المؤلّف من جملة مصادره كتاب منثور الحكم ، ولم يذكر مؤلّفه فتخيّل أنّه لابن
الجوزي ، وليس له. فقد ذكر حاجي خليفة كتاب منثور الحكم ، في كشف الظنون ١٨٥٨ ، ولم يذكر مؤلّفه ، ولم يسمه ، بل قال : مختصر على ثمانية أبواب في الكلمات الحكميّة
... فأورد فهرس أبوابه.
وذكر قبله بفاصل كتاب آخر ، كتاب ابن الجوزي باسم (المنثور)
فقال : المنثور لأبي الفرج ابن الجوزي ، مختصر أوّله ...
وذكر في هديّة العارفين ، وكتاب مؤلّفات ابن الجوزي
ص ١٨٥ ، أيضاً باسم «المنثور» ، وفيه : إنّ منه نسخة مخطوطة في جامع الفاتح ، برقم ٥٢٩٥.
(١)
مخطوطة سنة ٤٦٩
مكتوبة بخط نسخي مشكول ، مقابلة مصحّحة ، وعلى
هوامشها تصحيحات موارد اختلاف النسخ ، وتعليقات أدبية موجزة وتفاسير لغوية ، وهي من أنفس نسخ الكتاب وأقدمها ، إن لم تكن أنفسها إطلاقاً ، نسخة تامّة مجزأة إلى جزءين ، ينتهي الأول منهما بانتهاء الخطبة رقم (١٨٣) ، جاء في نهايتها :
«وفرغ من نقله من أوّله إلى هذا الموضع الحسين بن
الحسن بن الحسين المؤدّب في شهر ذي القعدة سنة تسع و ـ ق [ كذا ] وأربعمائة هجرية ، الحمد لله ربّ العالمين ...».
وفي نهاية الجزء الأول ـ وهي الورقة ٩١ ب ـ :
«قرأ عليَّ هذا الجزء شيخي الفقيه الأصلح أبو عبدالله
الحسين رعاه الله.
وكتب محمد بن علي بن أحمد بن
بندار بخطّه في جمادى الآخرة سنة تسع وتسعين وأربعمائة هجرية عظّم الله يمنها بمنّه».
وهذه المخطوطة المعمّرة كانت في القرن الحادي عشر
من نفائس مكتبة العلامة الميرزا عبدالله أفندي ، صاحب «رياض العلماء» ، وقد أشاد بها متبجّحاً فيه أكثر من
مرة ، منها في المجلّد الثاني ص (٤٣) حيث ترجم لكاتبها وقال :
«كان من علماء الشيعة ، وعندنا بخطّه الشريف نسخة
من كتاب نهج البلاغة للسيد الرضي ، وعليها فوائده وإفاداته بخطّه أيضاً ...».
وترجم له ثانية ص (٤٩) وقال : «كان من العلماء ، وعندنا
كتاب نهج البلاغة بخطّه ، وكان تاريخها سنة تسع وستين وأربعمائة».
________________________________
وترجم له ثالثة ص (٧٩) قائلاً : «الشيخ الأديب أبو
عبدالله الحسين المؤدّب القمي ، فاضل جليل عالم كامل نبيل ، يروي عن الشيخ جعفر بن محمد بن العباس الدوريستي ، ويروي عنه القطب الراوندي».
وترجم له للمرة الرابعة في ص (٨٧) قائلاً : «الشيخ
أبو عبدالله الحسين بن الحسن بن الحسين المؤدّب الفقيه ... قد كان في عصر الرضي والمرتضى ، والظاهر أنّه من أكابر العلماء ، وعندنا نسخة نهج البلاغة بخطّه ، وهذه النسخة قد عورضت بنسخة مقروّة على المؤلف الرضي ...».
وهذه المخطوطة القيّمة اليوم من جملة نفائس مكتبة
آية الله المرعشي العامة في قم ، رقم ٣٨٢٧ ، مذكورة في فهرسها ١٠ / ٢٠٦ ، وما أكثر ما في هذه المكتبة من نفائس وأعلاق ، وفّق الله العاملين عليها.
مصوّرة عنها في مؤسسة نهج البلاغة في طهران.
وقد نشرت مكتبة آية الله المرعشي مصوّرة لها في هذه
السنة بمناسبة الذكرى الألفية لوفاة الشريف الرضي مؤلّف نهج البلاغة ، إسهاماً منها في إحياء ذكراه الخالدة.
(٢)
نسخة كتبت سنة ٤٨٥
كتبها عدنان بن ابراهيم البر [ مالي ] وفرغ منها «وقت
الضحى من يوم الإثنين ، العشرين من شهر رمضان ـ عظّم الله بركته ـ سنة خمس وثمانون [ كذا ] وأربعمائة».
وقد قابل زميلنا العلامة الباحث المحقّق السيد محمد
علي الرّوضاتي الأصفهاني ـ دام مؤيداً ـ نسخته المطبوعة من نهج البلاغة على نسختين قديمتين ثمينتين ، وصحّحها عليهما وعارضها بهما من أولها إلى آخرها عدّة مرات مع كل عناية وتدقيق.
وهذه النسخة إحدى تلك النسختين ، والنسخة الثانية
تأتي برقم ٨٣.
(٣)
نسخة كتبت سنة ٤٩٤
كتبها فضل الله بن طاهر بن المطهر الحسيني ، وفرغ
منها في الرابع من رجب. بهوامشها تصحيحات وبلاغات وتعاليق موجزة ، وشرح لبعض المواد اللغوية ، ويظهر أنها قُرئت على المشايخ أكثر من مرّة ، فتارة مكتوب : بلغ ، وتارة مكتوب : بلغت قراءتي. والتعليقات الموجودة بخط كاتب : بلغت قراءتي ، فالخطّان واحد ، والنسخة قيمة صحيحة ، وفي آخرها :
«كتب الاُستاذ الإمام أبو يوسف يعقوب بن أحمد رحمة
الله عليه على نسخته من هذا الكتاب بخطه ... [ أبيات دالية خمسة ... ] وبعدها :
واقتدى به ابنه الاُستاذ الإمام أبوبكر الحسن بن
يعقوب ـ أدام الله توفيقه ـ فقال : ... [ أبيات رائية خمسة ] ...».
فيظهر ان النسخة كتبت بعد وفاة يعقوب بن أحمد في
سنة (٤٧٤) وقبل وفاة ابنه الحسن المتوفّى سنة (٥١٧). وفي آخر النسخة أيضاً : «وقال علي بن أحمد بن محمد الفنجكردي النيسابوري في نهج البلاغة ... [ قصيدة في ١٦ بيتاً ] ...».
والظاهر أنّ هذه القصيدة هي بخط الناظم الفنجكردي ،
وهذه النسخة في مكتبة الدكتور ركن الدين النصيري في طهران ، ونشرها العلامة الشيخ حسن سعيد مصوّرة على الأصل ، والنسخة ناقصة من أولها قليلاً.
واقرأ عن هذه النسخة في مجلّة معهد المخطوطات
بالقاهرة ٣ / ٣٧.
(٤)
مخطوطة القرن الخامس
كانت في مكتبة الدكتور حسين علي محفوظ ، اُستاذ
كلية الآداب ورئيس قسم
اللغات الشرقية في جامعة بغداد.
مجلة معهد المخطوطات بالقاهرة المجلد السادس ، ص ٤٧.
وكانت له مكتبة قيّمة تحوي مخطوطات نفيسة صادرتها
الحكومة العراقية فيما صادرت من مخطوطات المكتبات الخاصة تحت ستار أثريتها ، وباسم نقلها إلى مكتبة الآثار العراقية ممّا أثّر على قلبه ، فهو من حينه يعاني عارضاً قلبياً ، عافاه
الله وفرج عنه وعن سائر المضطهدين المكبوتين من الشعب العراقي المسلم.
(٥)
مخطوطة القرن الخامس
رأيتها قبل بضع عشرة سنة في مكتبة العلامة المغفور
له السيد هبة الدين الشهرستاني (١٣٠١ ـ ١٣٨٦) نزيل الكاظمية وعالمها ، ومؤسس مكتبة الجوادين العامة ومجلة العلم ومؤلف كتاب : «ما هو نهج البلاغة» و «الهيئة والإسلام» المطبوعين المترجمين الى الفارسية ، وغيرهما من الكتب.
وهي نسخة قيّمة في ١٧٥ ورقة بالحجم الصغير مصححة
ساقط من أولها ورقة ، مكتوب في آخرها شعر يعقوب بن أحمد وابنه الحسن بن يعقوب في مدح نهج البلاغة.
(٦)
مخطوطة القرن الخامس
في ٣٣٠ ورقة ، ملء هوامشها شروح وتعليقات ، وكذلك
شروح وقيود مكتوبة في أوراق ملصقة بالمخطوطة ، وصفت في مجلّة معهد المخطوطات القاهرية ٣ / ٦٦ بأنها : نسخة
عتيقة مكتوبة في المائة الخامسة نقلاً من نسخة ترجع إلى عصر المؤلف ، وراجع أيضاً المجلّد السادس من المجلة ص ٣٢٩.
وهي في مكتبة مدرسة سپهسالار في طهران ، رقم ٣٠٨٣ ،
وصفت في فهرسها ٢ / ١٥٥ ، و ٥ / ٧٣٨.
وعنها مصوّرة بالمكيروفيلم في المكتبة المركزية
لجامعة طهران ، رقم ٦٢٠٩ ، ذكرت في فهرس مصوّراتها ٣ / ٢٠٩.
وتوجد نسخة مصوّرة عنها في مؤسسة نهج البلاغة في
طهران.
(٧)
مخطوطة القرن الخامس
نسخة قيّمة سقط منها أوراقها الأخيرة فاكملت فيما
بعد فذهب تاريخها ، وعلى الورقة الاُولى شهادة جاء فيها :
«عارضه بنسختي صاحبه الفقيه السديد سهل بن أمير
الرقاقي ، وصححه بجهد والله تعالى يمتعه به وبغيره ................................................... .... وهذا خط الحسن بن يعقوب بن أحمد في جمادى الآخرة سنة ثلاثة وثمانين وأربعمائة حامداً لله عز اسمه ومصلياً على نبيه محمد وعترته الطاهرة».
ولكن الصق بأعلاه وأسفله أوراق فلم يعلم أهذا نفسه
خط الحسن بن يعقوب أو أنّه صورته وحكايته ؟ فإن كان هذا هو خط الحسن بن يعقوب المتوفّى سنة (٥١٧) فهذه أقدم من النسخ المتقدّمة.
وهذه النسخة في مكتبة الخطيب الفاضل السيد علي آتشي
اليزدي ـ دام عزه ـ في مدينة يزد.
وعنها مصوّرة في مكتبة السيد المرعشي في قم.
(٨)
مخطوطة القرن ٥ و٦
بخط السيد ظفر بن زيد الحسني آل زبارة البيهقي ، في
مكتبة الشيخ علي العلومي الخاصة في مدينة يزد ، رآها الاُستاذ دانش پژوه ونشر عنها في نشرة المكتبة
المركزية لجامعة طهران ٤ / ٤٥٠.
(٩)
مخطوطة القرن ٥ و٦
بخط نسخي مشكول ، كانت في مكتبة محمد أمين الخنجي
الخاصة في طهران ، نشرت عنها مجلة معهد المخطوطات بالقاهرة ٣ / ٥٩ وقالت : نسخة عتيقة جداً مضبوطة جيدة نفيسة.
(١٠)
مخطوطة القرن ٥ و٦
رأيتها في مكتبة البرلمان الإيراني السابق برقم
٨٠٥٩ ، كتبت بخط نسخي ممتزج بالكوفي ، قد سقط منها أوراق فتمّمت بخط قديم أيضاً ، ولكن لا يزال بها سقط ونقص.
(١١)
مخطوطة سنة ٥١٠
في مكتبة حسينية غفران مآب ممتاز العلماء في لكهنو
بالهند.
وعنها مصوّرة في مكتبة كلية الإلهيات في جامعة
الفردوسي في مشهد الرضا عليه السّلام.
(١٢)
مخطوطة سنة ٥١٢
في مكتبة الاُستاذ العلامة السيد محمد المحيط
الطباطبائي الزواري نزيل طهران ،
ذكرها شيخنا الطهراني رحمه الله في الذريعة ٢٤
/ ٤١٣.
(١٣)
مخطوطة سنة ٥٢٥
رآها شيخنا صاحب الذريعة رحمه الله في بغداد عند
المغفور له السيد محسن الكشميري الكتبي ، ووصفها في الذريعة ٢٤ / ٤١٣.
(١٤)
مخطوطة قُرئت سنة ٥٢٩
وهي الجزء الأول من نهج البلاغة ، بخط نسخي خشن جيد
مشكول ، والعناوين مكتوبة بخط أخشن وتنتهي إلى :
«و من كلام له عليه السّلام في معنى طلحة والزبير».
في ١٠٧ أوراق وهي مقروّة مقابلة مصححة والتصحيحات
مكتوبة بالهامش وعليها قراءة إليك نصّها :
«قرأ عليَّ الأجل الأوحد العالم مجد الدولة أبو
المظفّر محمد بن الأجل زين الدين أبي العز أحمد بن الأجل السعيد جلال الدين أبي المظفر محمد بن عبيدالله بن جعفر ـ أدام
الله علوّه ونفعه بالعلم ـ جميع هذا الجزء ، وهو الأول من نهج البلاغة قراءة حفظ
ومعرفة وإتقان وعلم ، وعارضته بالأصل المنقول منه.
وكتب مصدّق بن حسن بن الحسين في رجب من سنة تسع وعشرين
وخمسمائة ، حامد الله ومصلّياً على نبيه وآله ، وحسبنا الله ونعم الوكيل».
وفي الورقة قبل الأخيرة ـ بغير خط المجيز ـ : «بلغ
قراءة من حفظه وتصحيحاً» فيبدو أنّها قُرئت أكثر من مرة ، وعليها تملّك علاءالدين الشعار وابنه درويش علي وأحمد
بن أحمد الهاشمي في ٨ جمادى الاُولى سنة (٧٠٥) وغيرهم.
وهي في مكتبة السيد المرعشي العامة في قم ، رقم
٢٣١٠ ، وصفت في فهرسها ٦ / ٢٩٢.
وعنها مصوّرة في مؤسسة نهج البلاغة في طهران.
(١٥)
مخطوطة سنة ٥٣٨
في مكتبة أبو الكلام آزاد في جامعة علي گره
الإسلامية «مسلم يوڤستي» رقم (٤٨٥) بخط نسخي جميل مشكول ، جاء في نهايتها :
«وفرغ من تحريره الفقير الى رحمة الله تعالى العبد
المذنب علي بن أبي القاسم بن علي الحاج ، في المنتصف من شعبان عظم الله بركته من شهور سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة هجرية ...».
وهي مجزأة الى جزءين في مجلّد واحد ثانيهما يبدأ
بخطبة همّام وعليها خطوط جمع من الأعلام وجاء في نهايتها بالهامش :
«عورض من أوله الى آخره بنسخة من نسخة الأديب أفضل
الدين حسن بن فادار القميّ طول الله بعمره».
وقد كتب الاُستاذ خليق أحمد النظامي مقالاً عن هذه
المخطوطة ووصفها بدقة ونشره في مجلة المجمع العلمي الهندي العدد الأول من ١٤٢ ـ ١٤٧.
وممن اُعجب بهذه النسخة شيخنا العلامة الأميني مؤلّف
الغدير قدس الله روحه حين زار المكتبة ووقف عليها في سفرته العلمية الى الديار الهندية عام ١٣٨٠ ، ووصفها
في رحلته الموجزة المنشورة في صحيفة مكتبة أميرالمؤمنين عليه السّلام العامة في
النجف الأشرف العدد الثاني ص ٤٦.
وصوّر عليها زميلنا العلامة الشيخ عزيز الله
العطاردي القوچاني في رحلته الأخيرة الى الهند ، ثم أهدى الميكروفيلم الى مكتبة الإمام الرضا عليه السّلام في مشهد.
(١٦)
مخطوطة سنة ٥٤٤
كتبت بخط نسخي مشكول في ١٧٤ ورقة والعناوين مكتوبة
بالشنجرف بخط أخشن وجاء في نهايتها :
«صادف الفراغ من كتبته صاحبه محمد بن محمد بن أحمد
النقيب بقصبة السانزوار (سبزوار) في صفر سنة أربع وأربعين وخمسمائة حامداً لله ومصلياً على نبيه محمد وآله
الطاهرين الأخيار».
وهي مقابلة مصححة عليها بلاغات وتصحيحات ، وفيها
سقط من أولها ورقة ومن آخرها من الكلم القصار من الكلمة رقم ٢١٠ ـ ٣٥٠.
والظاهر أنها مكتوبة على نسخة الاُستاذ يعقوب بن
أحمد النيسابوري المتوفّى سنة (٤٧٤) ومقابل عليها ، إذ في نهايتها :
كتب الاُستاذ الإمام أبو يوسف يعقوب آخر نسخته من
هذا الكتاب بخطه وهو من قيله :
نهج البلاغة نهج مهيع جددُ
|
|
لمن يريد علواً ماله أمدُ
|
إلى آخر أبياته
وهذه المخطوطة الثمينة كانت في مكتبة فاضل خان
الخراساني التوني ، وهي مكتبة قيمة تحوي من النفائس والاعلاق ما لا يقدّر بثمن. ثم بنى مدرسة في أوائل القرن الحادي عشر في مشهد الرضا عليه السّلام بجوار روضته المقدسة ، ووقف عليها مكتبته
ثم هدمت المدرسة عند توسيع أطراف الروضة الرضوية المطهرة في عهد رضاخان ، فنقلت أكثر الكتب الى مدرسة النواب ومنها هذه المخطوطة ، ثم قبل سنتين نقلت الكتب التي وقفها فاضل خان إلى مكتبة الإمام الرضا عليه السّلام في مشهد ، ومنها هذه النسخة وهي هناك سجلت برقم ١٣٨٤٧.
فهرس المكتبة الفاضلية ص ٨٥ ، فهرست دو كتابخانه
مشهد ص ٥٠٠.
وعنها مصوّرة بالمكيروفيلم في المكتبة المركزية
بجامعة طهران رقم ٢١٣٤ كما في فهرس مصوّراتها ١ / ٣٩٦.
وعندي أيضاً ميكروفيلم عنها.
كما تحتفظ «مؤسسة نهج البلاغة» بمصوّرة عنها.
* *
*
(١٧)
مخطوطة سنة ٥٥٣
وهي في مكتبة رضا في رامپور بالهند رقم ١١٩٠ ذكرت
في فهرسها ١ / ٦٣١ ، جاء في نهايتها :
«فرغ من كتبه العبد المذنب عبدالجبار بن الحسين بن أبي
القاسم الحاجي الفراهاني يوم الأربعاء التاسع عشر من جمادى الاُولى من سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة في خدمة مولانا الأمير الأجل السيد ضياءالدّين تاج الإسلام أبي الرضا فضل الله بن علي بن عبيدالله الحسني أدام الله ظله ، وقد أتى إلى قرية جوسقان راوند متفرجاً من نسخة بخطه».
فالنسخة مكتوبة على نسخته بخطه ومنتسخة بحضرته وتحت
إشرافه ثم قرئت عليه وقوبلت مع نسخته بخطه ، جاء في آخر هذه المخطوطة :
«وقع الفراغ من سماع هذا الكتاب بقراءة من قرأ على
السيد الأجل الإمام ضياءالدين تاج الإسلام [ السيد فضل الله الراوندي ] حرس الله ... وقت الزوال في
يوم الخميس من شهر جمادى ... سنة أربع وخمسين وخمسمائة.
وكان السيد فضل الله الراوندي قد كتب نسخته من نهج
البلاغة في سنة (٥١١) على نسخة الأصل بخط المؤلّف الشريف الرضي.
وعنها مصوّرة في المكتبة المركزية لجامعة طهران ، رقم
٥٠٤٦ ، وردت في فهرس مصوّراتها ٣ / ١٢٦.
(١٨)
مخطوطة سنة ٥٦٥
وهي في مكتبة المتحف العراقي ، في دائرة الآثار في
بغداد رقم ٣٥٦ ، بخط نسخي جيد وفي آخرها :
آخر كتاب نهج البلاغة ، فرغ من كتابته محمد بن سعيد
بن الحسين العامري يوم الجمعة ، لإثنتي عشرة ليلة خلت من شعبان سنة خمس وستين وخمسمائة.
وفي آخرها زيادة من نسخة كتبت في عهد المصنف ثم
قصيدة الفنجكري في مدح نهج البلاغة.
مصادر نهج البلاغة ١ / ١٨٨ ـ ١٩٢.
(١٩)
مخطوطة سنة ٥٦٦
وهي في مكتبة ملك العامة في طهران رقم ٨٧٤ بخط نسخي
واضح والعناوين مكتوبة بخط أخشن ، وفي أوائلها بالهامش : بلغ قراءة وفقه الله ، وفي نهايتها ما نصّه
: فرغ من كتبه سليمان بن محمود بن محمد بن قرابك البدري يوم الخميس حادي عشر شوال من سنة ست وستين وخمسمائة رحم الله من دعا له بالخير سنه (٥٦٦) [ كذا ].
وفي آخره كتب بالهامش تعليقاً على قول الرضي : (وذلك
في رجب سنة أربعمائة) كذا ، بخط المصنف الرضي رضي الله عنه ، كتبه عبدالصمد الحنفي في شهر رمضان سنة (٩٢٥).
فهرست مكتبة ملك للمخطوطات العربية ص (٧٨٦).
وعنها مصوّرة بالميكروفيلم في مكتبة الإمام الرضا «عليه
السّلام» في مشهد ومكتبة ملك في طهران.
مجلة معهد المخطوطات القاهرية المجلد السادس ص ٦٧
وص ٣٣١.
(٢٠)
مخطوطة سنة ٥٦٧
رأيتها في المكتبة السليمانية في مدينة إسلامبول
وهي من مخطوطات مكتبة رئيس الكتاب رقم (٩٤٢) كتبها علي بن محمد بن أبي سعيد بن منصور وفرغ منها في ربيع الآخر في (١٧٢) ورقة.
(٢١)
مخطوطة سنة ٥٧٣
وهي نسخة قيّمة قديمة بخط نسخي ممتزج بالخط الكوفي
، وأظنها أقدم من هذا التاريخ فالورقتان الأخيرتان أجدّ ممّا قبلهما فالتاريخ لتتميم هذا النقص ونصّه :
«تمّ الكتاب وذلك في يوم الثلاثاء رابع عشر من
شعبان المبارك من سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة».
والبسملة في بدايتها مكتوبة بالخط الكوفي والعناوين
مكتوبة بالحمرة وترجمته بالفارسية مكتوبة خلال السطور بخط فارسي قديم فهي من أقدم تراجم الكتاب بالفارسية وبهوامشها تعاليق بالفارسية وهي في ٢٥٢ ورقة بالورق السمرقندي.
رأيتها في المكتبة المركزية بجامعة طهران برقم ٤٨٧٦
ذكرت في فهرسها ١٤ / ٣٩١٧.
(٢٢)
مخطوطة سنة ٥٨٨
بخط نسخي جميل كتبها أحمد بن المؤيد بن عبدالجليل
بن محمد ، وفرغ منها في رجب وهي في مكتبة چستربيتي في دبلن بإيرلندة رقم ٥٤٥١ وصفت في فهرسها ٧ / ١٣٢.
(٢٣)
مخطوطة سنة ٥٩١
في دار الكتب الوطنية في طهران «كتابخانه ملّي» رقم
١٨٤٣ / ع في ٢٨٨ ورقة بالورق السمرقندي ، ذكرت في فهرسها ١٠ / ٤٢٢.
(٢٤)
مخطوطة القرن السادس
في مكتبة الوجيه فخرالدين النصيري الأميني في طهران
صاحب المكتبة القيمة الشهيرة والتي نشرت مجلة معهد المخطوطات بالقاهرة سنة ١٣٧٦ / ١٩٥٧ في الجزء الأول من المجلد الثالث من ص (٣٧ ـ ٥٥) قائمة ببعض ما تحتويه المكتبة من نفائس ونوادر.
(٢٥)
مخطوطة القرن السادس
الجزء الأول من نهج البلاغة كتب بخط نسخي جيد خشن
مشكول ، والعناوين مكتوبة بخط الثلث الخشن ، ١٣٥ ورقة عليها بلاغات وتصحيحات ينقص من أوله أسطر من خطبة الكتاب لسقوط الورقة الاُولى ، وفي آخره :
«هذا آخر الجزء الأول ويتلوه في أول الثاني إن شاء
الله ، ومن كلام له بالبصرة وقد دخل على العلاء بن زياد الحارثي».
وهي في مكتبة السيد المرعشي العامة في قم ، رقم
٣٥٧٣ ، ذكرت في فهرسها ٩ / ٣٦٠.
(٢٦)
قطعة من القرن السادس
رأيتها في مكتبة آية الله المرعشي العامّة في قم ، رقم
٤٩١٨ ، مذكورة في فهرسها ١٣ ، أوراقها مشوّشة لم أهتد إلى مقدار نقيصتها من كلّ جانب ، والنسخة نفيسة قديمة.
* *
*
(٢٧)
مخطوطة القرن السادس
بخط نسخي مشكول ، والعناوين مكتوبة بخط أخشن أو
بالشنجرف وعليها تملك السيد حسين بن حيدر الحسيني الكركي ، وأشعار في مدح الكتاب ، وتقع في ٣١١ ورقة في مكتبة السيد المرعشي العامة في قم رقم ١٥٤ ذكرت في فهرسها ١ / ١٧٤ ، وذكرت في نشرة المكتبة المركزية لجامعه طهران ٦ / ٤٢٠.
(٢٨)
مخطوطة القرن ٦ و٧
في مكتبة الإمام الرضا عليه السّلام في مشهد ، رقم
١١٧٣٦ ، أهداها إليها الوجيه فخرالدين النصيري صاحب المكتبة المشهورة بالمخطوطات النفيسة والنادرة.
(٢٩)
مخطوطة القرن ٦ و٧
رأيتها في مكتبة السيد المرعشي في قم برقم ٣٣٤١ ، ناقصة
الطرفين مذكورة في فهرسها.
(٣٠)
مخطوطة القرن ٦ و٧
رأيتها عند زميلنا الفاضل السيد محمد الجزائري حفظه
الله ، بخط نسخي مشكول جيد ، وبهوامشها تعليقات وشروح قديمة سقط من أولها ورقة كتبت بخط جديد ، ومن آخرها تنقص أوراق قلائل.
(٣١)
مخطوطة سنة ٦٠١
نسخة خزائنية جميلة مزوّقة ، كتبها ياقوت بن عبدالله
النوري ، جاء في نهايتها :
«نجز الكتاب بحمد الله ومنّه وذلك في يوم الأربعاء
العاشر من ذي القعدة سنة احدى وستمائة».
وفي أولها :
«كتبه الفقير الى رحمة ربّه ياقوت بن عبدالله
النوري».
وكتب في الصفحة المقابلة :
«قد صحّ النقل عن بعض الثقات ان قدوة الكتّاب ياقوت
المنسوب الى المستعصم بالله آخر الخلفاء العباسيين لم ينسب نفسه إليه حذراً واحتياطاً ، بل كتب بدل المستعصمي : النوري ، لنسبة إرادته وارتباطه الى أبي الحسن النوري الذي هو من
خلفاء الجنيد البغدادي».
وهذه المخطوطة من كتب مكتبة حسن باشا الجليلي
الموصلي المتوفّى سنة (١٢٣٣) والتي وقفها على مدرسته العلمية التي أحدثها في الموصل ثم نقلت الكتب في سنة (١٣٩٣) الى مكتبة الأوقاف العامّة في الموصل برقم ٢٧ / ٢٥ في ٢٢١ ورقة.
وصفت في فهرسها ١ / ٢٢٤ ـ ٢٢٥ ، وكذا في مخطوطات
الموصل لداود چلبي ص (١٢٨) ومصادر نهج البلاغة للسيد عبدالزهراء الخطيب ١ / ١٩٤.
أقول : توجد نسخة من نهج البلاغة في مكتبة السيد
المرعشي في قم برقم (٧٧٤) كتبها حسن بن حيدر الشيرازي على هذه النسخة وفرغ منها سنة (١٠٩٩) ، راجع فهرسها ٢ / ٣٨٢.
* *
*
(٣٢)
مخطوطة سنة ٦٠٤
رأيتها في مكتبة البرلمان الإيراني السابق رقم ٧٠٧٥
وكانت من كتب مكتبة ولي العهد فرهاد ميرزا القاجاري ، وهي بخط جيد مشكول والعناوين مكتوبة بالشنجرف فرغ منها الكاتب يوم الإثنين ... من ذي القعدة سنة
أربع وستمائة على يد ... محمد بن علي العلوي الحسني المامطيري.
(٣٣)
مخطوطة سنة ٦٠٨
بخط نسخي جيد مشكول وفي آخرها الزيادات المنقولة عن
نسخة كتبت على عهد المصنف ونسختنا هذه مكتوبة على نسخة بخط الاُستاذ الأديب أبي يوسف يعقوب بن أحمد النيسابوري المتوفّى سنة ٤٧٤ والظاهر أنه كتبها على نسخة الأصل بخط الشريف الرضي وهذه مقابلة مع نسخة خط يعقوب بن أحمد ومصحّحة عليها وبهوامشها تصحيحات وتعاليق جاء في آخر النسخة :
«تمّ الكتاب والزيادة بحمد الله ومنّه والصلاة على
خير خلقه محمّد وآله الطيّبين الطاهرين وفرغ من تحريره العبد المذنب الراجي عفو ربه علي بن طاهر بن أبي سعد في السابع من صفر سنة ثمان وستمائة بخطه.
وهي في المكتبة المركزيّة بجامعة طهران رقم ١٧٨٢
وصفت في فهرسها ٨ / ٣٣٤ ـ ٣٣٦.
(٣٤)
مخطوطة سنة ٦١٥
كتبها عبد الغفور بن عبدالغفار بن أحمد وهي في
مكتبة السلطان أحمد الثالث في
________________________________
طوپقپوسراي في إسلامبول ، رقم ٢٥٥٦ . آ ، في
٣٥٦ ورقة.
فهرست مكتبة طوپقپوسراي للمخطوطات العربية ٤ / ٢٢١.
(٣٥)
مخطوطة سنة ٦٣١
نسخة خزائنية بحجم كبير وبخط نسخي جميل ، والبسملة
وبعض عناوينها بالخط الكوفي الجميل ، كانت في مكتبة العلامة النوري المتوفّى سنة ١٣٢٠ وبعده انتقلت إلى
مكتبة العلامة المجاهد السيد محمد الطباطبائي المتوفّى سنة ١٣٣٤ ، أكبر أنجال
الفقيه الأكبر السيد محمد كاظم الطباطبائي اليزدي زعيم الطائفة ومرجعها المتوفّى سنة ١٣٣٧
رأيتها عند ورثته ولا زالت عندهم ، جاء في نهايتها :
«فرغ من إتمام تحريره العبد ... الحسن بن محمد بن
عبدالله بن علي الجعفري الحسيني سبط الإمام أبي الرضا الراوندي قدس الله روحه في ذي القعدة من سنة إحدى وثلاثين وستمائة.
راجع مستدرك الوسائل ٣ / ٤٩٤ ، الذريعة ٢٤ / ٤١٣ ، مصادر
نهج البلاغة ١ / ١٩٢.
(٣٦)
مخطوطة سنة ٦٤٩
نسخة جيدة مصححة ، عليها تصحيحات وبهوامشها تعليقات
، وهي في ٢٢٥ ورقة بالورق السمرقندي. الورقة الاُولى والأخيرة من باب الخطب وأربع أوراق من أول باب الكتب كانت ساقطة فكتبت في القرن الحادي عشر ، والعناوين مكتوبة بخط أخشن وفي أوراقها تشويش ، جاء في نهايتها :
«وتقدّر الفراغ لمنتسخه العبد الفقير الى رحمة الله
الغني أبي إسحاق إسماعيل بن يعقوب الجندي المدعوين أقرانه بقوام الإسلام ، جعل الله التقوى رفيقه ، وسهّل الى
نيل الطلبات طريقه ، ظهيرة يوم الجمعة من أوائل ذي القعدة لسنة تسع وأربعين وستمائة أيام سكونه لتحصيل العلم بقربة بلد حول ، وهي من توابع خوارزم».
وهي في مكتبة السيد المرعشي العامة في قم ، رقم
٥٥ ، ذكرت في فهرسها ١ / ٦٥. نشرة المكتبة المركزية لجامعة طهران ٦ / ٦٢٠.
(٣٧)
مخطوطة سنة ٦٦٠
بخط نسخي جيد ، والبسملة وبعض العناوين مكتوبة
بالخط الكوفي الخشن الجميل ، من العهد السلجوقي ، وسائر العناوين مكتوبة بالشنجرف في ٣٤٥ ورقة من الورق السميك وبهوامش الربع الأول منها قيود وتعليقات ، وعلى هوامش بقيتها تصحيحات وتعليقات يسيرة جاء في آخرها :
«محرره العبد ... أبي جعفر محمد بن محمد بن أبي نصر
بن محمد بن علي بكرة يوم السبت الرابع من شهر الله المبارك رجب ستة ستين وستمائة ...».
رأيتها في مكتبة البرلمان الإيراني السابق برقم
٨٣٤٤ ، راجعتها بدقّة فإذا التاريخ فيها ملعوب به ، والمخطوطة أقدم من هذا التاريخ فهي من نسخ القرن السادس ، وفي كلمة ستمائة تصرف وتغيير واضح وأظنها كانت خمسمائة فاُبدلت بالستمائة ، لبعض الأهداف ، والله العالم بحقائق الاُمور.
وأظنّ أنّ كاتب النسخة هو العلامة الأديب زين الدين
أبو جعفر محمد بن أبي نصر ابن محمد بن علي القمي المكتب تلميذ السيد ضياء الدّين علم الهدى فضل الله الراوندي.
(٣٨)
مخطوطة سنة ٦٦٧
وهي نسخة قيمة بخط أحد أعلام الطائفة وهو السيد نجم
الدين أبو عبدالله الحسين ابن أردشير بن محمد الطبري.
وهي مقروّة أكثر من مرة على غير واحد من أعلامنا
وعليها إنهاءاتهم وإجازاتهم ورواياتهم للكتاب بأسانيدهم عن مؤلفه الشريف الرضي.
ثم بعد ذلك هي مقابلة ومصححه بخطوط العلماء.
ففي نهاية المخطوط :
تمّ الكتاب بعون الله وحسن توفيقه ... يوم السبت من
[ أ ] واخر صفر سنة سبع وسبعين وستمائة ، فرغ من نقله الحسين بن أردشير الطبري الاندراوذي بالحلّة السيفية
في مقام صاحب الزمان عليه السّلام».
والتاريخ يصلح أن يُقرأ سبع وسبعين كما قرأه صاحب رياض
العلماء ، حيث رأى هذه النسخة في أصفهان وترجم لكاتبها في رياض العلماء ٢ / ٣٦ ، كما وقرأها الاُستاذ
دانش پژوه وتحدّث عنها في نشرة المكتبة المركزية لجامعة طهران ٥ / ٤٢١.
ورآها شيخنا صاحب الذريعة رحمه الله في مكتبة
العلامة الأديب الشيخ محمد السماوي رحمه الله وترجم لكاتبها في أعلام القرن السابع من طبقات أعلام الشيعة
وقرأ تاريخ النسخة «سبع وستين».
وهذه المخطوطة قرأها كاتبها على الشيخ نجيب الدين
يحيى بن أحمد بن يحيى بن الحسن بن سعيد الهذلي الحلّي ٦٠١ ـ ٦٨٩.
فكتب له الإنهاء في آخرها :
«أنهاه أحسن الله توفيقه قراءة وشرحاً لمشكله وغريبه
نفعه الله وإيانا به وبمحمد وآله وكتب يحيى بن أحمد بن يحيى بن الحسن بن سعيد الهذلي الحلّي بالحلة حماها الله
في صفر سنة سبع وستين (وسبعين) وستمائة».
وكتب له أيضاً بأول النسخة إجازة برواية الكتاب عن
مؤلّفه الشريف الرضي رحمه الله ونصها :
«قرأ عليّ السيد الأجل الأوحد ، الفقيه العالم
الفاضل ، المرتضى نجم الدّين أبوعبدالله الحسين بن أردشير بن محمد الطبري ـ أصلح الله أعماله وبلغه آماله بمحمد
وآله ـ كل هذا الكتاب من أوله الى آخره ، فكمل له الكتاب كلّه ، وشرحت له في أثناء
قراءته وبحثه مشكله ، وأبرزت له كثيراً من معانيه ، وأذنت له في روايته عني ، عن
السيّد الفقيه العالم المقرىء المتكلم محيي الدين أبي حامد محمد بن عبدالله بن علي
بن زهرة الحسيني الحلبي رضي الله عنه ، عن الشيح الفقيه رشيد الدين أبي جعفر محمد بن عليّ
بن شهراشوب المازندراني ، عن السيد أبي الصمصام ذي الفقار بن [ محمد بن ] معد الحسني
المروزي ، عن أبي عبدالله محمد بن علي
الحلواني ، عن السيد الرضي أبي الحسن محمد بن الحسين بن موسى بن محمد الموسوي.
وعنه عن الفقيه عزّ الدين أبي الحارث محمّد بن
الحسن بن علي الحسيني البغدادي ، عن قطب الدّين أبي الحسين الراوندي عن السيدين المرتضى والمجتبى إبني الداعي الحسني عن أبي جعفر الدوريستي عن السيد الرضي فليروه [ عنّي متى شاء وأحبّ ... ] سنة سبع وسبعين وستمائة».
حدث طمس وتلف فذهب بتوقيع المجيز ، لكن الظاهر انه
هو نجيب الدين يحيى بن سعيد الحلّي لتشابه خط الإجازة والإنهاء ، ولأن الشيوخ المذكورين في الإجازة هم من
مشايخه رحمهم الله جميعاً.
ثم انتقلت المخطوطة من الحلّة الى النجف الأشرف
فقرئت على السيد محمد بن أبي الرضا العلوي ، فإمّا قرأها كاتبها أو قرأها غيره وهو الأظهر فكتب الآوي بخطه : «أنهاه
أدام الله بقاه قراءة مهذبة وكتب محمد بن أبي الرضا».
ثم قوبلت النسخة في النجف الأشرف بنسخة صحيحة من
نهج البلاغة بالحضرة الغروية مشهد أميرالمؤمنين عليه السّلام وسجّل بهوامشها كثير من فوائد شرح نهج
البلاغة لابن ميثم البحراني ، وكان الفراغ من المقابلة وكتابة الحواشي أواخر شهر رمضان سنة
٧٢٦ ... ثم رجعت الى الحلّة إذ كان على مخطوطتنا هذه سوى ما تقدّم من الميزات
إجازة من الشيخ حسن بن الحسين بن الحسن السرابشنوي بخطّه في ذي الحجّة سنة ٧٢٨ بالحلّة ولكن أصابها تلف منذ عهد صاحب الرياض فلم يسجّل لنا منه في رياض العلماء ٢ / ٣٧ إلّا أول الإجازة وهو : قرأ عليّ هذا الكتاب المسمّى بنهج البلاغة
المولى المعظّم ملك الصلحاء سيّد الزهاد والعباد ...
وكانت هذه المخطوطة الثمينة في مكتبة العلامة
السماوي وانتقلت بعد وفاته الى مكتبة آية الله الحكيم العامة في النّجف الأشرف ورقمها هناك ١٣٩.
راجع : من نوادر مخطوطات مكتبة آية الله الحكيم
العامة ص ٨٧ ـ ٨٩ ، وتصوير نماذج منها في نهايته ، الذريعة ٢٤ / ٤١٣ ، وطبقات أعلام الشيعة (القرن ٧ ص ٤٦) ، رياض العلماء ٢ / ٣٦ ـ ٣٧ ، أعيان الشّيعة الطبعة الحديثة ٥ / ٤٥١ ، مصادر نهج
البلاغة ١ / ١٩٢ ـ ١٩٣ ، نشرة المكتبة المركزية لجامعة طهران ٥ / ٤٢١.
(٣٩)
مخطوطة سنة ٦٦٩
كتبت برسم خزانة طغرل بن عبدالله الغزي وفرغ منها
الكاتب في رجب ، وهي في مكتبة جامعة برنستون في الولايات المتحدة رقم ١٩٠٢.
وصفها ماخ في فهرسها ص ٢٢١ رقم ٢٥٨٧.
(٤٠)
مخطوطة سنة ٦٧٣
رأيتها في المتحف البريطاني وهي برقم ٤٧٢ ، ٢٣. ADD
في ١٦٠ ورقة مجزأة الى جزءين ، ففي نهاية الجزء الأول : تمّ الجزء الأول من نهج البلاغة لعشرين مضين
من شهر الله الأصب رجب من سنة ثلاث وسبعين وستمائة والحمدالله ...
والجزء الثاني يبدأ بخطبة همّام وفي نهايته : حرّره
عجلاً لنفسه الفقير إلى رحمة ربّه وغفرانه عبدالله ، عقيل بن حسين بن أبي الفتح بن أحمد بن عبيدالله الحائري [ الجابري ؟ ] في سابع عشر رمضان المبارك سنة ثلاث وسبعين وستمائة بالحلّة
المحروسة رحم الله من انتفع به ودعا له بالقرب إليه والزلفى لديه.
وعلى الورقة الاولى : عقيل بن عبيدالله الحائري ، في
نوبة ولده عبدالله بن عقيل بن عبيدالله الحائري.
وصفها ريو في فهرس المتحف المطبوع سنة ١٨٣٨ ص ٦٥٨.
(٤١)
مخطوطة سنة ٦٧٤
في المكتبة الناصرية بالهند ، وهي مكتبة صاحب
العبقات رحمه الله تعالى ، جاء في آخرها :
وقع الفراغ من نسخه يوم الثلاثاء الرابع والعشرين
من ذي الحجّة وهو يوم المباهلة ونعم ما وافق إتمام المختار من كلام الإمام المقدّم للمناضلة والمدعو للمباهلة سنة
أربع وسبعين وستمائة هجرية بخط العبد ... محمد بن الحسين المعروف ببرهان النظامي الكچي حامداً مصلّياً.
(٤٢)
مخطوطة سنة ٦٧٥
نسخة نفيسة مكتوبة بخط نسخي جيّد خشن مشكول ، والعناوين
مكتوبة بخط ثلثي أخشن بالأسود أو الأحمر ، رأيتها في مكتبة الإمام الرّضا في مشهده عليه
السّلام برقم ١٨٦٢ وذكرت في فهرسها ١ / ٩٧.
وفيها بعد قوله عليه السّلام : «أشرفهما وأفضلهما»
: الى هاهنا كان انتهى الرّضي رضي الله عنه من التصنيف ثم زاد ما بعد ذلك الى أن تُوفّي.
قال صلّى الله عليه وآله : النّاس أعداء ماجهلوا
... في أخلاقهم امن من غوائلهم ، الى هنا انتهى الرّضي رضي الله عنه في الزيادة الى أن توفّي رحمه الله تعالى : وهذا
حين انتهاء الغاية الى قطع المنتزع ... في رجب من سنة أربعمائة.
نقلت هذه السطور من نسخة الأصل بخطّ أبي السعود
حيدرة بن الحسن بن أحمد بن محمد بن نجا الكاتب.
ووافق الفراغ من نسخه العبد ... اسماعيل بن يوسف بن
علي بن محمد بن الدين ، وذلك آخر نهار الخميس ثاني صفر سنة خمس وسبعين وستمائة الهلالية.
(٤٣)
مخطوطة سنة ٦٧٥
كتبها حسن بن إسماعيل بن إبراهيم بن علي بن أبي
الزين سعيد الطبري ، وفرغ منها يوم الأربعاء أواخر جمادى الاُولى سنة ٦٧٥ ، عناوينها مكتوبة بالشنجرف ، وبهوامشها
تعاليق وقيود.
وهي في مكتبة اعتماد الدولة الخاصّة في مدينة همدان.
نشرة المكتبة المركزية لجامعة طهران ٥ / ٣٤٦.
(٤٤)
مخطوطة سنة ٦٧٥
رأيتها في رحلتي في عام ١٣٨٥ إلى تبريز ، عند
الوجيه الفاضل المغفور له الحاج حسين النخجواني في بيته وكانت عنده مخطوطات قيّمة منها المجلّد الأول من كتاب النهاية في الفقه لشيخ الطائفة الطوسي كتب سنة ٥٩٢ ، والمجلّد الأول من ديوان
الأدب للفارابي نسخة قديمة ، وحلّ مشكلات الإشارات للمحقّق نصيرالدين الطوسي كتبت سنة ٦٨١ ، والجزء الثالث من كتاب التنبيه والإيضاح عمّا وقع في كتاب الصحاح في اللّغة لابن بري كتب سنة ٦٨٦.
وكان قد أوصى بكتبه الى دار الكتب الوطنية في تبريز
فنقلت بعده إليها كما فعل أخوه من قبل الحاج محمد النخجواني حيث أهدى مكتبته القيّمة التي لا تقدّر بثمن الى
دار الكتب الوطنية في تبريز وطبع فهرس مخطوطاتها في خمسة مجلّدات.
(٤٥)
مخطوطة سنة ٦٧٦
بخط نسخي واضح مجزّأة الى جزءين ثانيهما يبدأ بخطبة
همام والعناوين مكتوبة بخط الثلث الخشن بمداد أحمر كدر اللّون ، جاء في نهايتها :
«وذلك في يوم الثلاثاء رابع عشر شعبان المبارك من
سنة ستة وسبعين وستمائة ، كتبه علي بن سلمان بن أبي الحسن بن أبي الفرج بن محمد بن أبي البركات حامداً لله ...».
رأيتها في مكتبة ملك العامة في طهران رقم ١٥٣ ، ذكرت
في فهرسها الخاص بالمخطوطات العربية ص : ٧٨٥ ـ ٧٨٦ ، مجلّة معهد المخطوطات بالقاهرة المجلد السادس ص ٦٧.
(٤٦)
مخطوطة سنة ٦٧٧
كتبت بخط واضح فيه بعض الشكل والعناوين مكتوبة
بالشنجرف وهي مصحّحة مقروّة على بعض الأعلام وعليها بلاغات : بلغ قراءة أيده الله تعالى ، ونحوه
جاء في نهايتها :
«وذلك في أواسط ربيع الأول سنة سبع وسبعين وستمائة
... كتبه الحسن بن مهدي العلوي الحسني الآملي البهلوي والحمد لله رب العالمين وصلواته على خير خلقه
محمّد وآله الطاهرين».
وهي في مكتبة السيّد المرعشي العامة في قم ، رقم
٣٩٩٤ ، ذكرت في فهرسها ١٠ / ٣٧٢.
(٤٧)
مخطوطة سنة ٦٨٢
نسخة خزائنية جميلة مزوقة مذهبة كتبها وذهّبها
الخطاط الماهر حسين بن محمد الحسني بخط نسخي رائع مضبوطة بالشكل الكامل ، محلاة بالذهب والّلازورد ، وبصفحة العنوان دائرة (شمسة) ، مذهبة برسم خزانة غياث الحقّ والدّين ؟ ثم صفحتان مزوقتان منقوشتان بنقوش هندسية بالذّهب واللازورد والشجرف وشتّى الألوان مكتوب فيهما :
«كتاب نهج البلاغة من كلام علي عليه السّلام ، والصّلاة
على محمد وآله الطاهرين».
والبسملة مكتوبة بالخطّ الكوفي المزوّق ، وبعض
العناوين مكتوبة بالذّهب ، وفواصل الفقرات محلاة بالذهب ، وبآخرها داخل إطار محلّى مذهب :
«تمّ الكتاب بالحضرة الشريفة المقدّسة النجفية
بمشهد مولانا وسيدنا أميرالمؤمنين
علي بن أبي طالب أخي الرسول وزوج البتول ووالد
أولاد الرّسول صلوات الله عليهم. وكتبه وذهّبه الحسين بن محمّد الحسني في شهور سنة إثنين وثمانين وستمائة».
وجلدها منقوش مذهّب
مضغوط (من نوع سوخت) في ٢١١ ورقة ، وهي بمكتبة طلعت في دار الكتب المصرية رقم ٤٨٤٠ ـ أدب ، وصفها محمد أبوالفضل إبراهيم في مقدّمته لشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١ / ٢١ ـ ٢٢ ، مصادر نهج البلاغة ١ / ١٩٣
١٩٤ ، مجلّة معهد المخطوطات القاهرية المجلد الثالث العدد الثاني ص (٢١٧).
(٤٨)
مخطوطة سنة ٦٨٣
في المتحف العراقي في بغداد رقم ١٦٢٣ بخط نسخي جميل
رائع ، وكتب الدكتور مصطفى جواد في نهاية النسخة انها بخط ابن الفاخر صفي الدّين عبدالمؤمن بن يوسف المُتوفّى سنة ٦٩٣ ثم أورد ترجمته عن الحوادث الجامعة ص ٤٨٠ ، وفوات الوفيات لابن شاكر.
وعن هذه المخطوطة مصوّرة بجامعة بغداد في المكتبة
المركزية رقم الفيلم ٣١ ورقم الصورة المكبّرة ١٤٠.
أقول : هو من أشهر الخطّاطين وأمهرهم يكفيه أنّ
ياقوتاً المستعصمي تلميذه في الخطّ ، قال ابن شاكر في ترجمته من فوات الوفيات ٢ / ٤١١ : ولم يكن في زمانه من يكتب المنسوب مثله ، وفاق فيه الأوائل والأواخر ، وبه تقدّم عند الخليفة [ المستعصم ] ،
وحكي عنه أنه قال : «إشتغلت بالمحاضرات والأدب والعربية وتجويد الخط فبلغت فيه الغاية ،
وثم اشتغلت بضرب العود فكانت قابليتي فيه أعظم من الخط لكنّي اشتهرت بالخط ولم اُعرف بغيره في ذلك الوقت ... واتّصلت بخدمة علاءالدين عطا ملك الجويني ، وأخيه شمس الدين ...».
* *
*
(٤٩)
مخطوطة سنة ٦٨٤
رأيتها في المكتبة السليمانية في إسلامبول من
مخطوطات مكتبة رئيس الكتّاب رقم ٩٤٣ في ٢١٩ ورقة بخط نسخي جيّد جاء في آخرها :
«تمّ الكتاب من نسخة كتبها علي بن محمّد بن السكون
واتفق الفراغ منها في شوال ...».
(٥٠)
مخطوطة سنة ٦٨٧
بخط نسخي جيّد والعناوين مكتوبة بالثلث ، شطرها
الأول مكتوب بالأسود ، والشطر الثاني بالشنجرف وربما كان العنوان كله بالشنجرف ، وبهوامشها تصحيحات وقيود ، وهي بخط نظام الدين حسين الأبرقوهي ففي نهايتها :
«فرغ من الكتابة ... الحسين نظام ابن الرئيس أبي
سعد محمد بن عبدالكريم الابرقوهي ... في يوم الخميس الخامس من شهر ربيع الأول سنة سبع وثمانين وستمائة».
رأيتها في مكتبة ملك الأهلية العامة في طهران برقم
١١٧٦ وهي موصوفة في فهرسها الخاص بالمخطوطات العربية ص ٧٨٦.
مجلة معهد المخطوطات بالقاهرة ، المجلّد السادس ص
٦٧.
(٥١)
مخطوطة سنة ٦٩٢
في مكتبة خدا بخش في پتنه بالهند ، رقم ٣٥٦٩ ، كتبها
علي بن أبي منصور ناقصة
من أولها وهي في ١٨٢ ورقة.
ذكرت في فهرسها المسمّى : مفتاح الكنوز الخفية ٣ / ١٣٦.
(٥٢)
مخطوطة سنة ٦٩٣
بخط نسخي جميل للغاية في حجم كبير ، والعناوين
مكتوبة بخط أحد خطاطي بغداد الماهرين بخط ثلث خشن بالأسود أو الذهب والأوراق مؤطرة بالذهب ، جاء في آخرها :
«علّقه الحسين بن محمد الحسيني الشيرازي تعليقاً في
ربيع الأول سنة ثلاث وتسعين وستمائة هجرية بمدينة السلام بغداد حرسها الله تعالى».
رأيتها في مكتبة ملك الأهلية العامة في طهران برقم
١٧٩٨ ، وبأولها تملّك الحاج حسين ملك صاحب المكتبة بخطه الفارسي الجميل بشرائه لها بمبلغ ١٥ توماناً سنة ١٣٤٤ هـ.
راجع فهرسها للمخطوطات العربية ص ٧٨٦.
(٥٣)
مخطوطة القرن السابع
نسخة تامّة بخط جيد فيه بعض الشكل جاء في الورقة
قبل الكتاب :
«كتاب نهج البلاغة ، جمع السيّد الشريف ذي الحسبين
أبي الحسن محمّد ابن الطاهر أبي أحمد الحسين بن موسى الموسوي رحمة الله عليه.
رواية السيّد المنتهي بن أبي زيد بن كيايكي الحسيني
الجرجاني ، عن أبيه المذكور ، عن المؤلّف.
رواية الشيخ الإمام رشيد الدّين أبي جعفر محمّد بن
علي بن شهراشوب السروي عنه.
رواية السيّد كمال الدّين أبي الفتوح حيدر بن محمّد
بن زيد بن محمد بن محمد بن
عبيدالله الحسيني عنه.
رواية الشيخ مجد الدين أبي الفضل عبدالله بن محمود
بن مودود بن محمود بن بلدجي الحنفي عنه.
رواية سعيد [ كذا ] محمد بن مسعود وأولاده عنه».
وعلى صفحة العنوان :
«صار بحكم الهبة من الحضرة المخدوم الأعلم المرتضى
الأعظم الأفضل الأكمل سلطان العلماء والمحقّقين المؤيد من عند ربِّ العالمين [ نصير الدين الطوسي ... ] (الإسم
ممحى) إلى عبده الأصغر المأمول لطفه من فضل الملك الأكبر جعفر بن علي بن إسماعيل العلوي ، محا الله سيّآته ورفع درجات مخاديمه ... وصلّى الله على محمد وأهل بيته الطاهرين من عواري الزمان ، الفقير الى الله الباري أبو الخير محمد بن محمد بن
محمد الجابري القاري عفا الله عن سيّآته بمحمد وعترته».
رأيتها في مكتبة البرلمان الإيراني السابق برقم
١٢٣٥ ، وصفت في فهرسها ٤ / ٢٠.
(٥٤)
مخطوطة القرن السابع
بخط نسخي مشكول يبدو أنّها يمنية عليها تملّك
تاريخه سنة ٦٥٩ وعليها تصحيحات وبهوامشها تعليقات كثيرة ، والعناوين مكتوبة بخط خشن بالحبر الأسود أو بالشنجرف مزيّناً بالزنجار والّلازورد في ٣٠٩ ورقة ، والورقة الأخيرة كانت ساقطة فتمّمت في
القرن العاشر ، وعليها تملّك السيد حسين بن حيدر الكركي العاملي وشعر يعقوب بن أحمد النيسابوري وشعر ابنه الحسن ، وعلى الورقة الاُولى هذين البيتين :
حبّ الإمام على الأنام فريضةٌ
|
|
أعني أميرالمؤمنين عليّا
|
فرض الإله على البريّة حبَّه
|
|
واختاره للمؤمنين وليّا
|
وهي في مكتبة السيّد المرعشي العامّة في قم ، رقم
١٥٤ ، ذكرت في فهرسها ١ / ١٧٤.
(٥٥)
مخطوطة القرن السابع
ناقصة الطّرفين قد سقط من أولها ديباجة الكتاب
وتبدأ بالخطبة الاُولى وسقط من آخرها بضعة أوراق وتنتهي بقوله عليه السّلام :
«ورزق يطلبك فإن لم تأته أتاك».
وتختلف خطوطها وأوراقها وكلها قديمة ما عدا بعض
أوراق آخرها. وهذه النسخة في مكتبة السيّد المرعشي العامة في قم ، رقم ٤٧٤٥ ، ذكرت في فهرسها ج ١٢.
(٥٦)
مخطوطة القرن السابع
بخط نسخي جميل يظن أن يكون خط ياقوت كانت في مكتبة
الاُستاذ أحمد أفشار الشيرازي في شيراز ثم انتقلت المكتبة الى مكتبة العلامة الطباطبائي العامة
في كلية الطب بجامعة شيراز.
(٥٧)
مخطوطة القرن السابع
رأيتها في مكتبة كوپرلو في إسلامبول رقم ١٤٠٧ ، في
٢٤٠ ورقة ، عليها تملّكات تاريخ بعضها سنة ٦٨٦ وبعضها سنة ٦٧٠ ويصلح أن يُقرأ سنة ٦٩٠ وبهوامشها تعليقات وتصحيحات ، فقد قابلها جنيد الشبلي مع نسخة صحيحة معتمدة وصحّحها عليها جهد المستطاع ، وفرغ من المقابلة ٩ رجب ٧٣٥.
(٥٨)
مخطوطة القرن السابع
في مكتبة سالار جنگ بالهند رقم ٩٩٣ ذكرت في الجزء
الرابع من فهرس مخطوطاتها العربية القسم الخاص بالعقيدة الشيعية ص ٦٢.
(٥٩)
مخطوطة القرن السابع
هي النصيفة الثانية من الكتاب ، نسخة خزائنية نفيسة
مكتوبة بخط الثلث الخشن الجميل بخط أحد خطاطي القرن السابع ، والعناوين مكتوبة بخط أخشن وبهوامشها تصحيحات قليلة ، وفي اُخرياتها بالهامش :
«بلغ أيده الله قراءة وتصحيحاً».
وبظهر الورقة الاُولى طرّة شمستين متلاصقتين مكتوب
فيهما باللون الأبيض في أرضية مذهّبة منقوشة : «الجزء الثاني من نهج البلاغة».
يبدأ من الخطبة ١٧١ ، أولها : انتفعوا ببيان الله
...
رأيتها في مكتبة ملك العامة في طهران ، رقم ١١٥٩ ، راجع
فهرسها للمخطوطات العربية ص ٧٨٦.
مجلة معهد المخطوطات بالقاهرة ص ٥٦.
(٦٠)
مخطوطة القرن السابع
كتبت بخط نسخي خشن جيد والعناوين مكتوبة بالحمرة ، وبالهامش
التصحيحات والسقط وبعض التعاليق وكانت في
مكتبة إمام الجمعة في كرمان فانتقلت الى كلية الآداب في جامعة طهران ، وهذه المخطوطة حملت رقم ٢٢ ثم نقلت مخطوطات كلية الآداب كلها الى المكتبة المركزية في جامعة طهران.
فهرست مخطوطات مكتبة إمام الجمعة الكرماني في كلية
الآداب ص ١٠٩.
(٦١)
مخطوطة القرن السابع
في مكتبة الأوقاف العامة في مدينة الموصل رقم ٣ / ٨
في ٢٢٨ ورقة ، وعنها مصوّرة بالميكروفيلم في المكتبة المركزية لجامعة بغداد رقم ٧.
(٦٢)
مخطوطة القرن السابع
بخط نسخي خشن ممزوج بالثلث ناقصة الآخر والموجود
إلى أواخر عهد مالك الأشتر والعناوين مكتوبة بخط ثلثي أخشن ، رأيتها في مكتبة البرلمان الإيراني السابق في
طهران رقم ٧٣٠٠.
(٦٣)
مخطوطة القرن السابع
كانت في مكتبة الدكتور حسين علي محفوظ بمدينة
الكاظميّة ببغداد.
مجلة معهد المخطوطات القاهرية المجلد السادس ص ٥٦.
(٦٤)
مخطوطة القرن السابع
في مكتبة دار التبليغ في قم ، عليها تعليقات أدبية
وشروح لغوية كثيرة ، وكانت
تنقصها من كل من جانبيها أربعة أوراق فاكملت
بخط جديد.
(٦٥)
مخطوطة القرن ٧ و٨
كتبت في بغداد بخط نسخي جيّد مشكول ، والعناوين
مكتوبة بالشنجرف ، وعليها حواش وتعاليق ، عليها ترميم قديم ذهب بسببه تاريخ الكتابة ففي آخرها :
«يسّر الله بمنّه وجوده إتمام هذه النسخة نهار الإثنين
ثاني رجب المبارك من سنة ... ؟
كتبه لنفسه العبد الفقير الى رحمة ربّه (المستغفر)
عن ذنبه أحمد بن سلمان بن محمد العتايقي بمد [ ينة السلام ] بغداد ، وفّقه الله للعمل بما فيه ...».
وهي في مكتبة مجلس الشيوخ (سنا) السابق في طهران
رقم ١٣٩٣ ، وصفها الاُستاذ دانش پژوه في فهرسها ٢ / ٢٤٣ وذكر انها مكتوبة على نسخة الأصل بخط المؤلف ، ووصفها أيضاً ونشر عنها في مجلّة راهنماى كتاب.
(٦٦)
مخطوطة القرن ٧ و٨
«كتبه راجياً العمل بما تضمن من الآداب الربّانية
... الأشرف بن محمّد بن جعفر العلوي الحسيني ، وفّقه الله للإقتداء [ ظ ] بآبائه الطاهرين ، والقرب من ائمته
[ ظ ] المعصومين ... في العشر الاول من شهر صفر وقاه الله محذوره ... ختمت بالسلامة والأمن».
وهذا الخط خط ثلثي جميل وهو ممسوح لايقرأ منه إلّا
ماتقدم ، والتاريخ مما مسح فلم يُقرأ.
والنسخة مقروّة على العلماء أكثر من مرة فعليها
بلاغات بعضها متقاربة أو متلاصقة
________________________________
وفيها : بلغ العراض على والدي أدام الله
أيامه ، أو أدام الله حراسته.
ويظهر ان المعارضة كانت على خط الرضي رحمه الله فقد
يسجل المحذوف أو السقط بالهامش وينبّه بقوله : [ بخطّه ] ، وبغير خطّه ، وقد سقطت عدة أوراق من أوّلها
وتبدأ بالخطبة الشقشقية.
وهي في المكتبة المركزية لجامعة طهران ، رقم ٣٨٠١ ،
في ١٤٧ ورقة ، ذكرت في فهرسها ١٢ / ٢٧٨٤.
(٦٧)
مخطوطة القرن ٧ و٨
نسخة كتبت في القرن ٧ و٨ وكانت ناقصة من جانبيها
بضعة أوراق ، سبع من أولها وورقتان من نهايتها ، فأتمّها محمد أشرف بن ملك محمد في صفر سنة ١١٢٢.
وهذه النسخة من مخطوطات مكتبة الوجيه الموفّق الحاج
إسماعيل هدايتي ثم نقلت المكتبة ـ مخطوطها ومطبوعها ـ إلى مكتبة مدرسة آية الله الگلپايگاني في قم.
(٦٨)
مخطوطة سنة ٧٠١
نسخة خزائنية بخط نسخي جميل للغاية مشكول في ٢٣٩
ورقة من نوع (خانبالغ) صفحاتها مؤطرة بالشنجرف. والعناوين مكتوبة بخط الثلث ، تارة بالمداد الأسود ، واُخرى بالشنجرف ، وثالثة بالسرنج ، بأولها لوحة فنية جميلة قديمة مكتوب فيها البسملة
بخط الثلث ، وصفحة العنوان مؤطرة بالذّهب ، وفي زواياها نقوش ، وفي وسطها دائرة ذهبية مكتوب فيها بالشنجرف اسم الكتاب والمؤلف بخط مزيج من الثلث والتعليق ، وفي صفحة العنوان مكتوب بخط التعليق :
«من خزانة كتب المولى المرتضى الصاحب الأعظم
الدستور الأعدل الأعلم جمال الدولة والدنيا والدين فخر الإسلام والمسلمين أبو إبراهيم ...» .
________________________________
وفي نهاية المخطوط :
«وقع الفراغ من تنميق نهج البلاغة ... يوم الأحد
السابع من شهر الله الحرام محرم المكرم سنة إحدى وسبعمائة كتبها ياقوت المستعصمي حامداً لله تعالى».
رأيتها في مكتبة الإمام الرضا عليه السّلام في مشهد
برقم ١٨٥٨ ، وصفت في فهرسها ١ / ٩٦ وعنها مصوّرة في مؤسسة نهج البلاغة في طهران.
مجلة معهد المخطوطات القاهرية المجلد الثالث العدد
الأول ص ٧.
(٦٩)
مخطوطة سنة ٧٠٣
مكتوبة بخط نسخ جيد ، مضبوطة بالشكل الكامل ، والعناوين
مكتوبة بخط أخشن ، جاء في نهايتها :
«وافق الفراغ من كتابته ... أحمد بن محمد بن جعفر
بن أحمد المعروف بالربان في اليوم السادس من المعظم رمضان من شهور سنة ثلاث وسبعمائة بجزيرة اوال من البحرين حماها الله ...».
وكتب الكاتب قبل كلامه هذا :
«كتبت هذه النسخة من نسخة بخط شمس الدين محمد بن
خزعل كتبها لنفسه من نسختين إحداهما قوبلت بنسخة بخط ابن السكون ، والاُخرى نسخة قال كاتبها : ولقد حررت هذه النسخة من نسخة في غاية الجودة والإتقان كتبها بيده الاُستاذ الإمام
الحبر النحرير العلامة بوجوه النحو وعللها وغوامض اللغة ومشكلاتها فلان (كذا) ، ولقد اقتفيت أثر الاُستاذ حالة الانتساخ وحذوت حذوه سالكاً منهاج الصواب والرشاد ، متجنباً عن التصحيف والتحريف بقدر الوسع والطاقة ...».
وهذه المخطوطة في مكتبة السيد المرعشي العامة في قم
، رقم ٣٧٤١ ، مذكورة في فهرسها ١٠ / ١٣٧.
* *
*
(٧٠)
مخطوطة سنة ٧٠٤
في مكتبة المتحف العراقي ببغداد برقم ٥٢ / ١٦٦٢ ، كتبها
بندار بن محمد بن بندار الوراميني الرمال ـ تعريفا ـ وفرغ منها عاشر شهر رمضان المبارك سنة أربع وسبعمائة
، وباخرها مقطوعات شعرية في تقريظ نهج البلاغة.
مصادر نهج البلاغة ١ / ١٩٥.
(٧١)
مخطوطة سنة ٧٠٥
رأيتها في مكتبة بايزيد العامة في اسلامبول برقم
٥٥٧٢ بخط نسخي جيّد كتبها أحمد بن الحسن بن الحسين بن مسعود الحلّي ونقلت من الحلّة الى مصر وعليها تملّك نقيب الأشراف بها ، السيّد حسن ساهان زاده.
(٧٢)
مخطوطة قوبلت سنة ٧٠٨
نسخة خزائنية جيدة بالقطع الكبير ٢١٤ ورقة ، مؤطّرة
في أولها عدّة لوحات مذهبة ذات ألوان كتبها بخط نسخي جميل جداً مشكول خدم بكتبها محمود بن أبي المحاسن بن محمود ... وقوبل بالنسخة التي انتسخ منها مقابلة احتياط وتصحيح في
أواخر ربيع الآخر سنة ٧٠٨ ببلدة قاشان.
وهذه كانت في المكتبة الظاهرية في دمشق رقم ٩٠٨٩
وصفت في فهرسها ، فهرس الأدب ٢ / ٣٦٦ ثم نقلت ضمن سائر مخطوطاتها الى مكتبة الأسد العامّة في دمشق.
(٧٣)
مخطوطة سنة ٧٠٩
في مكتبة السلطان أحمد الثالث في طوپقپوسراي
بإسلامبول رقم ٢٥٨٦ في ٣٤٨ ورقة بأولها لوحة ذهبية جميلة.
فهرست المخطوطات العربية في مكتبة طوپقپو ٤ / ٢٢٢.
(٧٤)
مخطوطة سنة ٧١٧
بخط نسخي جيّد والعناوين مكتوبة بالشنجرف جاء في
آخرها :
«فرغ من تحريره أضعف عباد الله ... محمد بن محمد بن
أحمد بن إبراهيم الزواري في يوم الخميس الثامن والعشرين من شهر ربيع الاوّل سنة سبع عشر وسبعمائة هجرية نبوية».
رأيتها في مكتبة البرلمان الإيراني السابق ، رقم
٧٤٧١.
(٧٥)
مخطوطة سنة ٧١٨
بخط نسخي جميل مشكول والعناوين مكتوبة بخط الثلث
الخشن بالأسود والاحمر ، والزيادات المكتوبة عن نسخة عهد المؤلف في نهاية باب الخطب مكتوبة بالهامش وفي نهاية الكتاب مكتوبة في المتن وبالهامش ما نصه :
«كانت هذه الزيادة بخطّ علي بن هلال الكاتب
البغدادي».
وفي نهاية النسخة :
«وقد فرغ من تنميقه صحوة يوم الخميس السادس عشر من
شعبان المعظّم لسنة ثمان عشرة وسبعمائة والحمد لوليّه والصلاة على نبيه».
وبالهامش الأيسر :
«عارضت هذه النسخة بأصل بخط الشيخ الإمام أبي
الفضائل علي بن محمد بن علي بن عبدالصمد التميمي ، ونسخته عارضت بأصل بخط الشيخ الهمام الأفضل الحسن بن يعقوب ولم آل في تصحيحها وتنقيحها. وهذا خط أضعف عباد الله محمد بن علي بن أبي علي يحيى [ المروزي ]».
وعلى الهامش الأيمن :
«عارض صاحب الكتاب هذا الكتاب بنسخة في غاية الصحة
بروايات جمّة ، فارجو أن تكون الصحة مشتملة عليها إن شاء الله».
ثم بعده شعر يعقوب بن أحمد وشعر ابنه الحسن بن
يعقوب ، ثم داليّة الفنجكردي ثم جملة من خطبة فدك لفاطمة عليها السّلام ، وآخر ما في آخره :
«روي عن الإمام أبي عبدالله الحافظ أنّه قال : كنت
في الروضة الرضوية ليلة جمعة أحييتها فغلبني النوم في آخرها وكنت بين النوم واليقظة فرأيت في تلك الحالة ملكين
قد نزلا من السماء وكتبا بخط أخضر على جدار القبّة هذين البيتين :
إذا كنت تأمل أو ترتجي
|
|
من الله في حالتيك الرِّضا
|
فلازم مودّة آل الرسول
|
|
وجاور عليّ بن موسى الرضا
|
وفي هوامشها تصحيحات وتعاليق ، وفي جانبيه ختم مربع
كبير لمكتبة المرحوم الشهيد الشيخ فضل الله النوري رحمه الله في ٢٢٨ ورقة ، وهذه المخطوطة رأيتها في
مكتبة البرلمان الإيراني السابق ، رقم ٥٦٢٤ ، مذكورة في فهرسها ١٧ / ٧٧.
(٧٦)
مخطوطة سنة ٧٢٠
من مخطوطات مكتبة زعيم الطائفة ومرجعها السيد الحاج
اقا حسين الطباطبائي البروجردي المتوفّى سنة ١٣٨٠ كانت في مكتبته الخاصة في مدينة قم ولا تزال المكتبة يحتفظ بها في داره برعاية أحفاده رعاهم الله.
(٧٧)
مخطوطة سنة ٧٢٦
بخط نسخي جيد ، والعناوين مكتوبة بالحمرة ، وبهامشها
تصحيحات وتعاليق جاء في نهايتها :
«تمّ الكتاب ولله الحمد على إتمامه في أواخر شعبان
المعظم قدره لسنة ست وعشرين وسبعمائة».
كانت في مكتبة إمام الجمعة في كرمان ثم اُهديت
المكتبة لكلية الآداب في طهران فحملت هذه المخطوطة هناك رقم ٦٣ من كتب إمام الجمعة في هذه المكتبة ، ثم نقلت مخطوطات كلية الآداب الى المكتبة المركزية في جامعة طهران مع الحفاظ على مكتبة إمام الجمعة وأرقامها الخاصة.
فهرس مكتبة إمام الجمعة الكرماني المهداة لكلية
الآداب ص ١٠٩.
(٧٨)
مخطوطة سنة ٧٢٧
كتبها محمّد بن حسن بن حسين النسوي وفرغ منها في
شهر رمضان في ٢٢٨ ورقة ، في مكتبة لاله لي بالمكتبة السليمانية في إسلامبول ، رقم ١٩٥٦.
(٧٩)
مخطوطة سنة ٧٢٨
نسخة خزائنية بخط نسخي مشكول جميل رائع للغاية ، والورق
من نوع (خان بالغ) في ٥٠٧ ، والصفحات مؤطرة بالذهب والشنجرف واللازورد والزنجار والعناوين مكتوبة بالذّهب بخط ثلثي خشن ، وعلى صفحة العنوان لوحة مستطيلة مزينة بنقوش الأوراد الذهبية وأرضية الوسط ذهبية ، وأرضية الأعلى والأسفل لازوردية مكتوب فيها بالخط
الكوفي الجميل : كتاب نهج البلاغة ، وفي
الوسط كتب باللازورد : من كلام أميرالمؤمنين ، وبالأسفل : علي بن أبي طالب ، والنسخة صالحة للاُفست جاء في نهايتها
:
«خدم بكتبه العبد ... أحمد بن يحيى بن محمد بن عمر
بن محمد السهروردي ووفق الله على يده نجازه ضاحي نهار الجمعة سادس عشري شوال من سنة ثمان وعشرين وسبعمائة حامداً لله».
وعلى الورقة الأخيرة :
«هذا كتاب نهج البلاغة بخط الياقوت (كذا) ، الثاني
شيخ زاده السهروردي كان في سلسلتنا ... نمّقه ابن سيد شريف الحسني ميرزا مخدوم الشريفي القاضي ببغداد والمشهدين والمفتي بالعراقين سابقاً».
وهي في مكتبة المجلس النيابي برقم ٤١٥٢ ، معروضة في
معارض المكتبة ، ذكرت في فهرسها ١١ / ١٥٥.
(٨٠)
مخطوطة سنة ٧٢٩
بخط نسخي مشكول والعناوين بخط أخشن ، آخرها :
«وكان الفراغ من كتابته على يد كاتبه العبد ... محمّد
بن محمّد بن حسن الطويل الصفار الحلّي الساكن يومئذ بواسط القصب وذلك في الخميس ، الثاني عشر من جمادى الآخرة من سنة تسع وعشرين وسبعمائة الهلالية ، وهذه النسخة المباركة ثالثة عشرة نسخة بهذا الكتاب ، والله سبحانه وتعالى الملهم للرشد والموفّق للصواب».
وعنها فيلم في مكتبة الإمام الرضا عليه السّلام نفسها
، وعنها مصوّرة في مؤسسة نهج البلاغة في طهران.
(٨١)
مخطوطة سنة ٧٣٥
كتبها عبدالرحيم بن أحمد الصدر الخوانساري بخط نسخي
مشكول ، وفرغ منها في
اليوم السابع من صفر ، في ٣٥١ ورقة وعليها
تملّك سيدي أحمد بن أحمد الآندخودي وهي في دار الكتب الوطنية في پاريس. رقم ٢٤٢٣. A.
وصفها دوسلان في فهرسها القديم ١ / ٤٢٥.
(٨٢)
مخطوطة سنة ٧٣٦
كتبها السيد شمس الدين محمد بن أحمد بن أبي المعالي
بن أبي القاسم العلوي الموسوي ، فرغ منها في اليوم التاسع والعشرين من شهر رمضان سنة ستة وثلاثين وسبعمائة وقد قوبلت وصحّحت ، وعليها تصحيحات وبلاغات ، وفي نهايتها بلاغ المقابلة.
كما أنّها قرئت على بعض الأعلام في القرون الغابرة
وفي آخرها نصّ بإنهاء القراءة ، والخط مطموس لا يقرأ تاريخه ، وسائر ميّزاته.
وهي في المكتبة الرضوية في مدرسة الصدر في أصفهان ،
رقم ١٥٨.
راجع نشرة المكتبة المركزية لجامعة طهران ٥ / ٣١٤ ،
وجامع الأنساب للعلامة الروضاتي ١ / ١٥٠.
(٨٣)
مخطوطة سنة ٧٦٧
كتبها محمد بن عزيز بن محمد البخاري ، وفرغ منها في
أواخر محرّم سنة سبع وستين وسبعمائة في ٥٤٩ صفحة ، وعليها تصحيحات وتعليقات ، وبأولها مقطوعات شعرية مما قيل في مدح نهج البلاغة.
وهي في مكتبة المتحف العراقي في بغداد رقم ٥٥٠ / ١٦٦١.
مصادر نهج البلاغة ١ / ١٩٥.
* *
*
(٨٤)
مخطوطة القرن ٧ و٨
كانت في دار الكتب الظاهرية في دمشق ، برقم ٦٧٥٩ ، وصفت
في فهرسها للمخطوطات الأدبية ٢ / ٣٦٨.
ثم نقلت مخطوطاتها كلّها إلى مكتبة الأسد العامة في
دمشق.
(٨٥)
مخطوطة القرن ٧ و٨
كان قد سقط عنها أوراق من آخرها فاكملت في ذي الحجّة
من عام ٨٧٨ ، وهي من مخطوطات مكتبة الاُستاذ أحمد أفشار ، وقد نقلت كلّها إلى مكتبة العلامة
الطباطبائي في كلية الطب بجامعة شيراز.
(٨٦)
مخطوطة القرن ٧ و٨
في مكتبة الجامعة في لوس أنجلس بالولايات المتحدة
رقم ١٩٩. M.
نشرة المكتبة المركزية لجامعة طهران ١١ / ٣٨٠.
الشريف الرضيّ فقيهاً
|
الشيخ رضا الاُستادي
|
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربّ العالمين والصلاة على محمد خاتم
النبيّين وآله المعصومين.
روى شيخنا المفيد رحمه الله عن الحسين بن علي
عليهما السّلام أنّه قال : «اللّهمّ إني أحمدك على أن أكرمتنا بالنبوّة ، وعلّمتنا القرآن ، وفقّهتنا في الدين ، وجعلت لنا أسماعاً وأبصاراً وأفئدة ، فاجعلنا من الشاكرين» .
وروى شيخنا ثقة الإسلام الكليني عن الباقر عليه
السّلام أنّه قال : «الكمال كلّ الكمال : التفقّه في الدين ، والصبر على
النائبة ، وتقدير المعيشة» .
وروى شيخنا الطبرسي في «الإحتجاج» عن الإمام
العسكري عليه السّلام أنّه قال : «فأمّا من كان من
الفقهاء صائناً لنفسه ، حافظاً لدينه ، مخالفاً على هواه ،
مطيعاً لأمر مولاه ، فللعوامّ أن يقلّدوه» .
والفقهاء ـ رضوان الله عليهم ـ
حصون الشريعة ، وحفظة الدين ، ولهم علينا حقوق عظيمة ، حيث تحمّلوا الجهود ، وجاهدوا في الله لحفظ القرآن والحديث عن التحريف والتبديل ، ومن طرق أداء حقّهم وواجب شكرهم أن لاننساهم ، بل نذكرهم بالخير والجميل ، ونذكر آثارهم القيّمة ، وخدماتهم للدين ، وإحياءهم أمر الائمّة
المعصومين
________________________________
عليهم السّلام.
ومن هؤلاء الفقهاء السيد المرضيّ أبوالحسن محمد بن
الحسين بن موسى ، المشهور بالشريف الرضي رحمة الله عليه ، أخو السيد الشريف المرتضى ، من أولاد أميرالمؤمنين
عليه صلوات المصلّين.
وحيث أنّه رحمه الله اشتهر بالشعر والأدب والتفسير
والحديث ، ولم يذكر فقهه وفقاهته إلّا في بعض الكتب ، عزمنا على كتابة رسالة موضّحة لكونه فقيهاً جامعاً ، وذلك
مع اعتراف منّا بكونه شاعراً قوياً ، وأديباً بارعاً ، ومفسّراً عظيماً ، وخبيراً
بالحديث وكتب الروايات ، والدليل الواضح على تضلّعه في هذه الفنون آثاره الباقية الخالدة كديوانه في الشعر ، و «تلخيص البيان» و «المجازات النبوية» في الأدب ، و «حقائق التأويل» في التفسير ، و «نهج البلاغة» و «خصائص الائمّة» في الحديث.
ونحن في هذا الصدد نتمسّك بأدلّة ستة :
١ ـ ما دلّ على أنّه رحمه الله تعلّم الفقه وتلمّذ
عند الفقهاء العظام.
٢ ـ تأليفه كتاباً في الفقه المقارن.
٣ ـ مطارحاته واحتجاجاته الفقهية.
٤ ـ تصديه لمنصب القضاء ، بل كونه قاضي القضاة ، بل
كونه إماماً للشيعة في عصره.
٥ ـ المباحث الفقهية التي نجدها في تأليفاته
الموجودة.
٦ ـ تصريحات بعض الأكابر بكونه فقيهاً.
١ ـ تعلّمه الفقه وتلمّذه
عند الفقهاء العظام
قال ابن أبي الحديد : «حدّثني فخار بن معد العلوي
الموسوي رضي الله عنه ، قال : رأى المفيد أبوعبدالله محمد بن نعمان ـ الفقيه الإمامي ـ في منامه كأنّ فاطمة بنت رسول الله صلّى الله عليه وآله دخلت إليه وهو في مسجده بالكرخ ، ومعها
ولداها الحسن والحسين عليهما السّلام صغيرين ، فسلّمتهما إليه وقالت له : علّمهما الفقه ، فانتبه متعجّباً من ذلك.
فلمّا تعالى النهار في صبيحة تلك الليلة التي رأى
فيها الرؤيا ، دخلت إليه المسجد فاطمة بنت الناصر وحولها جواريها ، وبين يديها ابناها محمد الرضي والمرتضى صغيرين
،
فقام إليها وسلّم ، فقالت : أيّها الشيخ
هذان ولداي قد أحضرتهما إليك لتعلّمهما الفقه ، فبكى أبوعبدالله وقصّ عليها المنام ، وتولّى تعليمهما ، وأنعم الله تعالى عليهما
وفتح لهما من أبواب العلوم والفضائل ما اشتهر عنهما في آفاق الدنيا ، وهو باق ما بقي الدهر» .
قال الشريف الرضي : «وسمعت شيخنا أبابكر محمد بن
موسى الخوارزمي ـ عفا الله عنه ـ يقول في أثناء قراءتي عليه وقد اعترض ذكر الخلاف في وجوب النكاح : ...» .
وقال في موضع آخر : «وكنت سألت شيخنا أبابكر محمد
بن موسى الخوارزمي ـ رحمه الله ـ عند انتهائي في القراءة عليه إلى هذه المسألة من كتاب الطهارة ...» .
وقال أيضاً : «وقال الشيخ أبوبكر محمد بن موسى
الخوارزمي أدام الله توفيقه عند بلوغي في القراءة عليه من (مختصر أبي جعفر الطحاوي) إلى هذه المسألة ...» .
وقال أيضاً : «وقد كنت علّقت عن شيخنا أبي بكر محمد
بن موسى الخوارزمي عند قراءتي عليه مختصر أبي جعفر الطحاوي ، وبلوغي إلى هذه المسألة من كتاب النكاح ...» .
وقال أيضاً : «وقال لي شيخنا أبوبكر محمد بن موسى
الخوارزمي : رواية الحسن ابن زياد في ذلك تخالف قول محمد بن الحسن ، فإنّ محمداً يقول في هذه المسألة : إنّ
الوصية لولد الإبن دون ولد البنت» .
وقال : «وذكر لي قاضي القضاة أبوالحسن عبدالجبار بن
أحمد عند قراءتي عليه ما قرأته من كتابه الموسوم بالعمدة في اُصول الفقه ...» .
________________________________
وقال : «وفيها علّقته عن قاضي القضاة أبي الحسن عبدالجبار
بن أحمد أدام الله توفيقه عند قراءتي عليه كتابه الموسوم بتقريب الاُصول ...» .
وقال : «وفيما علّقته عن قاضي القضاة أبي الحسن عبدالجبار
بن أحمد فيما قرأته عليه من أوائل كتابه المعروف بشرح الاُصول الخمسة ...» .
وقال في موضع آخر : «وممّا علّقته عن قاضي القضاة
أبي الحسن عبدالجبار بن أحمد عند بلوغي في القراءة عليه إلى الكلام في الرؤية ، إلى من شرط في قبول خبر
الواحد أن يكون راويه عدلاً ...» .
وقال : «وقد ذكره أبو الحسن الكرخي في كتاب الأشربة
من مختصره ... وقد قرأت بعض هذا الكتاب ـ أعني مختصر أبي الحسن [ الكرخي ] ـ على القاضي أبي محمد عبدالله بن محمد الأسدي الأكفاني وأجاز لي رواية باقيه ، وكان سمعه من أبي الحسن الكرخي ، وقرأت على هذا القاضي أيضاً قطعة من كتاب المزني في علم [ فقه ظ ] الشافعي وأجاز لي رواية باقيه ، وطريقه في سماعه عال جدّاً ، لأنّه يروي عن أبيه ،
عن جدّه ، عن أبي إبراهيم المزني وهو عراقيّ المذهب ، إلّا أنّ جدّه وأباه كانا
على مذهب الشافعيّ على ما حكي لي» .
فهؤلاء أربعة من فقهاء الشيعة والشافعية والحنفية ،
قد تلمّذ السيد الرضي عندهم في الفقه والاُصول ويحتمل أن يكون خامسهم أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن محمد الطبري ، الفقيه المالكي ، المتوفّى سنة ٣٩٣ ، فراجع «المنتظم» لابن الجوزي و «الفوائد
الرضوية» للمحدّث القمي .
٢ ـ تأليفه كتاباً في
الفقه المقارن
قال الشيخ النجاشي في فهرسته : «محمد بن الحسن بن
موسى ... كان شاعراً مبرّزاً له كتب ، منها : كتاب حقائق التأويل ، كتاب مجاز القرآن ، كتاب خصائص الائمّة ،
________________________________
كتاب نهج البلاغة ، كتاب الزيادات في شعر
أبي تمّام ، كتاب تعليق خلاف الفقهاء ...» .
قال شيخنا العلامة الطهراني في الذريعة : «مسائل
الخلاف للسيد الشريف المرتضى كذا في الفهرست [ للشيخ الطوسي ] وعبّر عنه النجاشي بشرح مسائل الخلاف» .
وقال : «تعليق خلاف الفقهاء للسيد الشريف الرضي
ذكره النجاشي ولعلّه تعليق على مسائل الخلاف في الفقه لأخيه الشريف المرتضى كما في الفهرست ، أو شرح مسائل الخلاف له كما في النجاشي» .
وقال الشيخ الحرّ العاملي رحمه الله في بعض إجازاته
: «أجزت له أن يروي عني كتاب نهج البلاغة ... وخلاف الفقهاء ، وغير ذلك من مؤلفات السيد الرضي» وليست في عبارته كلمة (تعليق) فتأمّل .
٣ ـ مطارحاته واحتجاجاته
الفقهية
قال الشريف الرضي : «وقد كان أبو عبدالله محمد بن
يحيى بن مهدي الجرجاني ، الفقيه العراقي ، المقدّم في الفقه ، جاراني على وجه المذاكرة في المعنى الذي أشرتُ
إليه من أمر الشافعي (أي في بعض زلاته) ، وما يردّده أصحابه من ذكر تقدّمه في علم اللغة ، مُضافاً إلى علم الشريعة ، بذكر مواضع اُخذت على الشافعي في كتبه ...» .
وقال في المجازات النبوية : «وقال لي أبو عبدالله
محمد بن يحيى الجرجاني الفقيه : عند أصحابنا أن الصلاة أفضل من الصيام ، لأنّها تتضمّن ما في الصيام من الإمساك ، وفيها مع ذلك الخشوع وتلاوة القرآن ...» .
________________________________
قال الشهيد الأول في الذكرى :
«لو أتم المقصر عامداً بطلت صلاته لأن القصر عزيمة
، هذا مع العلم بأنّ فرضه القصر ، ولو كان جاهلاً بذلك فالمشهور أنّه لا إعادة عليه في الوقت ولا بعد خروجه
... لنا صحيحة محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه السّلام ؛ فيمن صلّى في السفر أربعاً ،
قال : (إن قُرئت عليه آية التقصير وفُسرت له فصلّى أربعاً أعاد ، وإن لم يكن قُرئتْ
عليه ولم يعلمها فلا إعادة عليه) ، والنكرة في سياق النفي تعمّ ، فيدخل فيه بقاء الوقت وخروجه.
وسأل المرتضى ـ رضي الله عنه ـ عن ذلك الرضيُّ ـ رحمه
الله ـ فقال : الإجماع على أنّ من صلّى صلاة لا يعلم أحكامها فهي غير مُجزية ، والجهل بأعداد الركعات جهل بأحكامها ، فلا تكون مجزية.
فأجاب المُرتضى بجواز تغيّر الحكم الشرعي بسبب
الجهل ، وإن كان الجاهل غير معذور» .
قال الشهيد الثاني في روض الجنان :
«ولو أتمّ المقصر في حالة كونه جاهلاً بوجوب
التقصير لا يعيد مطلقاً على المشهور ، لصحيحة محمد بن مسلم ، وخالفه أبو الصلاح وابن الجنيد فأوجبا عليه الإعادة في الوقت ... وربّما أطلق بعض الأصحاب إعادة المتمّم مع وجوب القصر عليه مطلقاً ، لتحقّق الزيادة المنافية.
ويؤيّده في الجاهل ما أورده السيد الرضي ـ رحمه
الله ـ على أخيه المرتضى ـ رحمه الله ـ من أنّ الإجماع واقع على أنّ من صلّى صلاة لا يعلم أحكامها فهي غير مجزية ، والجهل
بأعداد الركعات جهل بأحكامها ، فلا تكون مجزية ، وأجاب المرتضى بجواز تغيّر الحكم الشرعي بسبب الجهل ، وإن كان الجاهل غير معذور.
وحاصل الجواب يرجع إلى النصّ الدالّ على عذره ، والقول
به متعيّن» .
________________________________
٤ ـ تصدّيه لمنصب
القضاء
قال العلامة المحقّق الشيخ عبدالحسين الحلّي :
«كانت الخلفاء والملوك تعدّ يوماً أو أياماً خاصة
في السنة تأذن فيها لأهل الظلامات عامّة برفع ظلاماتهم لهم ، فيتولّون البتَّ فيها مباشرة ، ثمّ تطوّر
الشأن فجُعل لها ديوان يخصّها ، وجُعلت وظيفة دائمة يتولاها الأكفاء من ذوي الدرجات الرفيعة والوجدان الصحيح البعيد عن التهم ، وهي أشبه برئاسة التمييز الأعلى المشترع في
عصرنا في ملاك وزارة العدلية ، لأنّ تلك الظلامات على الأغلب ليست مولّدات وقتها ، بل هي
منظورة من قبل للقضاة وللحكّام الإداريّين ، الَّذين إليهم ترفع المظالم ابتداء ، وهم
المحكمون في أمر الخصومات ، ولذلك يلزم والي هذا الديوان أن يكون متفوّقاً في وفور
العلم والفضل ، ممتازاً بالإحاطة التامّة بفقه فرق المسلمين كافّة ... وقد تولّاها ـ الرضي
رحمه الله ـ سنة ٣٨٨ هي والنقابة وإمارة الحجّ ـ على نقل ابن خلّكان ـ والأرجح أنّه
وليّها قبل ذلك بأمد بعيد. ويظهر من ابن أبي الحديد أنّ الذي ولاه المظالم هو القادر العباسي ، لكنه لم يذكر عام ولايته» .
وقال في النجوم الزاهرة : «كان إماماً للشيعة هو
وأبوه وأخوه» .
٥ ـ المباحث الفقهية
والاُصولية في كتب الرضي ـ رحمه الله ـ
١ ـ قوله في الإجتهاد
والقياس
معلوم أنّه لا يجوز عندنا الإجتهاد بالرأي ولا
القياس ، وقد ورد النهي المؤكّد عنهما عن ائمّتنا ـ عليهم السّلام ـ.
قال الشريف الرضي : «أقول : إنّ الإجتهاد والقياس
في الحوادث لا يسوغان للمجتهد ولا للقائس ، وإنّ كل حادثة ترد فعليها نصّ من الصادقين عليهم السّلام يحكم
________________________________
به فيها ، ولا يتعدّى منها إلى غيرها ، بذلك
جاءت الأخبار الصحيحة والآثار الواضحة عنهم ـ عليهم السّلام ـ ، وهذا مذهب الإمامية خاصة ، يخالف فيه جمهور المتكلمين
وفقهاء الأمصار».
وهذا آخر ما تكلم به السيد الشريف الرضي ، رضي الله
عنه وأرضاه ، وصلّى الله على محمد وآله الطاهرين» .
٢ ـ في حجّيّة خبر
الواحد وبعض شروطها
قال : «ومن ذلك ما روي عنه عليه الصلاة والسّلام أنّه
قال ـ والخبر مطعون في سنده ـ : (تَرون رَبَّكم يومَ القيامةِ كما تَرون القَمَرَ ليلة البدر) ، وهذا
الخبر كما قلنا مطعون في سنده ، ولو صحّ نقله وسلم أصله ، لكان مجازاً كغيره من المجازات التي
تحتاج إلى أن تحمل على التأويلات الموافقة للعقل.
وبعد هذا ، فهذا الخبر من أخبار الآحاد فيما من
شأنه أن يكون معلوماً فغير جائز قبوله ... وإنما نعمل بأخبار الآحاد في فروع الدين وما يصحّ أن يتبع العمل به غالب
الظنّ.
وأقول أنا : ومن شرط قبول خبر الواحد أيضاً ـ مع ما
ذكره قاضي القضاة من اعتبار كون راويه عدلاً ـ أن يعرى الخبر المرويّ من نكير السلف ...» .
٣ ـ مسألة اُصولية
قال : «إنّ دعاء الإنسان نفسه لا يصحّ ، كما لا يصحّ
أن يأمر نفسه ، ولأجل ذلك قال الفقهاء : إنّ الآمر لا يجوز أن يدخل تحت الأمر ... ويفرق الفقهاء بين ذلك
وبين الخبر العام ، لأنّهم يجوّزون دخول المخبر تحته ، وعلى هذا قالوا : إنّ الإمام إذا
قال : من قتل قتيلاً فله سلبه ، فإنّه يدخل تحت ذلك ، إلّا أن يخرج نفسه منه بقوله : من قتل
منكم قتيلاً فله سلبه ، فيخرج نفسه حينئذ من ذلك» .
________________________________
٤ ـ في عدم وجوب
استيعاب الرأس في المسح للوضوء
قال : «و هذه الآية (وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ
وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ) يستدلّ بها أهل العراق على أنّ استيعاب
الرأس بالمسح ليس الواجب ، خلافاً لقول مالك . وقال الشيخ أبوبكر محمد بن موسى الخوارزمي ـ أدام الله توفيقه ـ عند بلوغي في
القراءة عليه من (مُختصر أبي جعفر الطحاوي) الى هذه المسألة : سألت
أبا علي الفارسي النحوي ، وأبا الحسن علي بن
عيسى الرماني ؛ هل يقتضي ظاهر
الآية إلصاق الفعل بجميع المحلّ أو بالبعض ؟ فقالا جميعاً : إذا التصق الفعل ببعض المحلّ
فناوله الإسم. قال : وهذا يدلّ على الإقتصار على مسح بعض الرأس كما يقول أصحابنا» .
٥ ـ في حكم صلاة
التطوّع بعد صلاة الصبح إلى طلوع الشمس :
قال : «قد اختلف الفقهاء في ذلك ، فقال أبوحنيفة : لا
يجوز أن يتطوّع بعد صلاة الصبح حتى تطلع الشمس ، ولا بعد صلاة العصر حتى تغرب الشمس ، وقال الشافعي : يجوز أن يصلّي في هذين الوقتين النفل الذي له سبب مثل تحيّة المسجد ، ولا يصلّى النفل المبتدأ الذي لا سبب له» .
٦ ـ في استحباب
السجود على الأرض :
قال : «ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسّلام : (تمسّحوا
بالأرض فإنّها بكم برّة) ...
________________________________
ولقوله عليه الصلاة والسّلام : (تمسّحوا بالأرض)
وجهان :
أحدهما : أن يكون المراد التيمّم منها في حال
الطهارة وحال الجنابة.
والوجه الآخر : أن يكون المراد مباشرة ترابها
بالجباه في حال السجود عليها ، وتَعفُّر الوجوه فيها ، ويكون هذا القول أمر تأديب لا أمر وجوب ، لأنّ من سجد على جلدة الأرض ومن سجد على حائل بينها وبين الوجه واحد في إجزاء الصلاة ، إلّا أنّ
مباشرتها بالسجود أفضل ، وقد روي أنّ النبي عليه الصلاة والسّلام كان يسجد على الحمرة ـ وهي
الحصير الصغير يعمل من سعف النخل ـ فبان أنّ المراد بذلك فعل الأفضل لا فعل الأوجب» .
٧ ـ في عدم بطلان
الصلاة بترك الفاتحة
قال : «ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسّلام : (كل
صلاة لا يقرأ فيها باُمّ الكتاب فهي خداج) ... فكأنّه عليه الصلاة والسّلام قال : كل صلاة لا يقرأ فيها فهي نقصان
، إلّا أنّها مع نقصانها مجزئة ، وذلك كما تقول في قوله عليه الصلاة والسّلام : (لا
صلاة لجار المسجد إلّا في المسجد) إنّما أراد به نفي الفضل لا نفي الأصل ، فكأنّه قال :
لا صلاة كاملة أو فاضلة إلّا في المسجد ، وإن كانت مجزئة في غير المسجد ، فنفى عليه الصلاة
والسّلام كمالها ولم ينفِ أصلها ...» .
٨ ـ في جواز انتظار
الإمام للمأموم ، وعدم بطلان الصلاة بانتظاره لغير المأموم
قال : «ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسّلام ـ فيما
رواه شدّاد بن الهادّ ـ قال : (سجد رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ سجدة أطال فيها. فقال الناس عند
انقضاء الصلاة : يا رسول الله ، إنّك سجدت بين ظهراني صلاتك سجدة أطلتها ، حتى ظننا أنّه قد حدث أمر. أو أنّه أتاك وحي ؟ فقال ـ عليه الصلاة والسّلام ـ : كلّ ذلك لم يكن ،
ولكنّ ابني هذا ارتحلني ، فكرهت أن اُعجّله حتى يقضي حاجته) ، وكان الحسن أو الحسين ـ عليهما السّلام ـ قد جاء النبي ـ عليه الصلاة والسّلام ـ في سجدته فامتطى
ظهره.
________________________________
وهذا الحديث مشهور ، وهو حجة لمن يجوّز انتظار
الإمام بركوعه إذا سمع خفق النعال حتى يدخل الواردون معه في الصلاة ، وهو قول الشافعي ، وقد كرهه أهل العراق.
ولا خلاف في أنّ الإمام يجوز له أن ينتظر حضور
الجماعة إذا لم يخش فوت الوقت قبل أن يدخل في الصلاة ، فانتظاره ـ عليه الصلاة والسّلام ـ ابنه حتى يقضي من حاجته
يدلّ على أنّ من فعل هذا الفعل وأشباهه لا يخرج به من الصلاة ...» .
٩ ـ في الفجر الأول والثاني
قال : «ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسّلام : (لا يَمنعنّكم
من سحُوركم الفجرُ حتى يستطيرَ).
والفجر عندهم فجران : مستطيل ، ومستطير ، فأمّا
المستطيل فهو الأول ولا يحرّم على الصائم الطعام والشراب ، وأما المستطير فهو الثاني ، ويحرِّم الشراب والطعام ...» .
١٠ ـ في اليمين ، وبعض
أقسامه
قال : «إنّ الفقهاء يسمّون اليمين على المستقبل
يميناً معقودة ، وهي التي يتأتّى فيها البرّ والحنث ، وتجب فيها الكفارة ، واليمين على الماضي عندهم ضربان : لغو ، وغموس
، فاللغو كقول القائل : والله ما فعلتُ كذا ـ في شيء يظنّ أنّه لم يفعله ، ـ ووالله
لقد فعلت كذا ـ في شيء يظنّ أنّه فعله ـ فهذه اليمين لا مؤاخذة فيها ، وأمّا الغموس فهي
اليمين على الماضي إذا وقعت كذباً ، نحو قول القائل : والله ما فعلت ـ وهو يعلم أنّه قد فعل ـ
أو والله لقد فعلت ـ وهو يعلم أنّه لم يفعل ـ فهذه اليمين كفّارتها التوبة والإستغفار لاغير»
.
١١ ـ في اليمين أيضاً
قال : «قال الفقهاء : إنّ الحالف بكلّ ما كان من
صفات الله تعالى التي استحقها لنفسه يكون حالفاً بالله سبحانه ، نحو قوله : وقدرة الله ، وجلالة الله ، وعظمة
الله ، وكذلك
________________________________
سائر الصفات النفسية ، لأنّ قوله : وقدرة
الله ، بمنزلة قوله : والله القادر ، وقوله : وعظمة الله ، بمنزلة والله العظيم ، أو ليس هناك قدرة بها كان قادراً ، ولا عظمة كان بها
عظيماً ، فكان ذلك حلفاً بالله تعالى ، لأنّه لا معنى يقع الحلف به هاهنا غير الله سبحانه ...» .
١٢ ـ في الشفعة
قال : «ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسّلام : (إذا
وقعت الحدود وصرفت الطرقُ فلا شفعةٌ).
وهذا الخبر مما يستشهد به من قال : إنّ الشفعة إنّما
تجب للشريك المخالط دون الجار المجاور ، وقال أهل العراق : إنّما تجب للشريك
المخالط ثم للجار المجاور» .
١٣ ـ في الوصيّة
قال : «وفي هذه الآية [ آية المباهلة ] أيضاً دليلٌ
على أنّ ابن البنت يسوغ تسميته ابناً في لسان العرب ...
وروى الحسن بن زياد اللؤلؤي صاحب أبي حنيفة ، عنه
: (إنّ من أوصى لولد فلان وله ولد ابن وولد بنت ، دخل ولد البنت في الوصيّة) ، فعلى هذا القول يسوغ أن يسمّى ابن البنت ولداً. وقال لي شيخنا أبوبكر محمد بن موسى الخوارزمي : رواية الحسن بن زياد في ذلك تخالف قول محمد بن الحسن فإنّ محمداً يقول في
هذه المسألة : إنّ الوصية لولد الابن دون ولد البنت» .
________________________________
١٤ ـ في عدم وجوب
النكاح
قال : «و من ذلك قوله عليه الصلاة والسّلام لعثمان
بن مظعون ـ رحمه الله ـ لمّا أراد الإختصاء والسياحة : (خصاء اُمّتي الصيام) ، وهذا القول مجاز ، لأنّه عليه الصلاة والسّلام أراد أنّ الصيام يُميت الشهوات ، ويشغل عن اللذات ، كما أنّ الخصاء في الأكثر يكسر النزوة ويقطع الشهوة.
وممّا يؤكد ذلك ، الخبر الآخر المرويّ عنه عليه
الصلاة والسّلام قال : (من استطاع منكم الباه فليتزوج ، ومن لم يستطعه فليصمْ ، فإنّ الصومَ وجاء) والوجاء : الخصاء.
وسمعتُ شيخنا أبابكر محمد بن موسى الخوارزمي ـ عفا الله عنه ـ يقول
ـ في أثناء قراءتي عليه ـ وقد اعترض ذكر الخلاف في وجوب النكاح : يمكن الإستدلال بهذا الخبر على أنّ النكاح غير واجب خلافاً لداود ، فإنّه يقول : إنّه
واجب على الرجل مرّة في عمره.
قال : وموضع الإستدلال منه ، أنّه عليه الصلاة والسّلام
نقل النكاح إلى الصوم ، وجعل الصوم بدلاً منه ، والأبدال حكمها حكم المبدّلات ، فلو كان الأصل واجباً كان بدله كذلك ، كالتيمّم والماء وأبدال الكفارات مثلها ، فلمّا كان الصوم الذي هو بدل
من النكاح غير واجب ، دلّ على أنّ المبدّل أيضاً ـ وهو النكاح ـ غير واجب» .
١٥ ـ الشهادة في
النكاح
قال : «لم يجز بعض الفقهاء شهادة النساء في عقود النكاح
جملة ، وقال : لا يصحّ النكاح إلّا بشهادة الرجال دون النساء.
وهذه مسألة الخلاف بين أبي حنيفة والشافعي ، فإنّ
الشافعي يذهب إلى القول الذي ذكرناه ، وأبو حنيفة يخالفه في ذلك ، ويجيز انعقاد النكاح بشهادة رجل
وامرأتين ،
________________________________
والظهور في هذه المسألة لأبي حنيفة ، وقد
كنتُ علّقت عن شيخنا أبي بكر محمد بن موسى الخوارزمي ، عند قراءتي عليه مختصر أبي جعفر الطحاوي وبلوغي إلى هذه المسألة من كتاب النكاح ـ الحجاج على الشافعي ـ في جواز النكاح بشهادة رجل وامرأتين ، وإبطال تعلّقه بقوله عليه السّلام : (لانكاح إلّا بشاهدين) ، وذلك أنّ هذا القول
يتناول الرجل والمرأتين ، والدليل على ذلك قوله تعالى : (وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِن
رِّجَالِكُمْ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ ...) وتقدير الكلام : فإن
لم يكن الشاهدان رجلين ، فالشاهدان رجل وامرأتان ...» .
١٦ ـ في الرضاع
قال : «ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسّلام : (الوَلاء
لحمة كلحمة النسب لا يُباعُ ولا يُوهَب) ، وهذه استعارة ، لأنّه عليه الصلاة والسّلام جعل التحام الوليّ بوليّه
كالتحام النسيب بنسيبه ، في استحقاق الميراث ، وفي كثير من الأحكام ...» .
١٧ ـ في عدّة الحربيّة
إذا أسلمت
قال : «وأبو حنيفة يستشهد بهذه الآية : «وَلَا تُمْسِكُوا
بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ» على أنّه لا عدّة للحربية إذا خرجت إلى دار الإسلام مسلمة ، وبانت من زوجها بتخليفها له في دار
الحرب كافراً ، ويقول : إنّ في الإعتداد منه تمسّكاً بعصمة الكافر التي وقع النهي
عن التمسّك بها ، ويذهب إلى أنّ الكوافر ـ هاهنا ـ جمع فرقة كافرة ، كما أنّ الخوارج
جمع فرقة خارجة.
ليصحّ حمل الكوافر على الذكور والإناث ، ويكون قوله
تعالى : «وَلَا
تُمْسِكُوا» خطاباً للنبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ والمؤمنين ، والمعنى : ولا تأمروا النساء
بالإعتداد من الكفار ، فتكونوا كأنّكم قد أمرتموهنّ بالتمسّك بعصمهم.
________________________________
و قال أبو يوسف ، ومحمد ، تجب عليها العدّة»
.
١٨ ـ ليس للحكمين
التطليق
قال : «و ربّما سأل سائل في هذه السورة عن قوله
تعالى : (فَابْعَثُوا
حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا) ، فقال : لِمَ لَمْ
يقل حاكماً بدل قوله حكماً ؟
والجواب : إنّه سبحانه إنّما سمّى المبعوثين من أهل
الرجل والمرأة حكمين لنقصان تصرّفهما ، ولو ملكا التصرّف من جميع الوجوه لسمّاهما حاكمين ، ألا ترى أنّ من
مذهب أهل العراق أنّه ليس للحكمين التفريق إلّا بوكالة ، وهو أحد قولي الشافعي ، وهذا
يدلّ على نقصان تصرّفهما فلذلك سمّيا حكمين ...» .
١٩ ـ في حرمة الأكل
والشرب من آنية الذهب والفضّة
قال : «ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسّلام للشارب
في آنية الذهب والفضّة : (إنّما يجرجر في بطنه نار جهنم) ...
فأمّا آنية الذهب والفضّة فلا يحلّ عندنا الأكل
فيها ولا الشرب منها ولا يجوز أيضاً استعمالهما في شيء ممّا يؤدي إلى مصالح البدن ، نحو الإدّهان ، واتّخاذ الميل للإكتحال ، والمجمر للبخور.
وكنت سألت شيخنا أبابكر محمد بن موسى الخوارزمي
رحمه الله عنه انتهائي في القراءة عليه إلى هذه المسألة من كتاب الطهارة ، عند المدخنة إذ لا خلاف في
المجمرة ، فقال : القياس أنّها غير مكروهة ، لأنّها تستعمل على وجه التبع للمجمرة فهي غير مقصودة بالإستعمال ، لأنّ المجمرة لو جرّدت من غيرها في البخور لقامت بنفسها ولم تحتج إلى المدخنة مضافة إليها فأشبهت الشرب في الإناء المفضّض إذا لم يضع فاه على
________________________________
موضع الفضّة.
وفي هذه المسألة خلاف للشافعي لأنّه يكره الشرب في
الإناء المفضض وذهب داود الإصفهاني إلى كراهة الشرب في أواني الذهب والفضّة دون غيره من الأكل والإستعمال في مصالح الجسم مُضِيّاً على نهجه في التعلّق بظاهر الخبر الوارد في كراهة
الشرب خاصة.
وليس هذا موضع استقصاء الكلام في هذه المسألة ، إلّا
أنّ المعتمد عليه في كراهة استعماله هذه الأواني ، الخبر الذي قدّمنا ذكره ، لما فيه من تغليظ الوعيد ، وقد
روي عنه عليه الصلاة والسّلام أنّه قال : (من شرب بها في الدنيا لم يشرب بها في الآخرة)
فتثّبت بهذين الخبرين وما يجري مجراهما كراهة الشرب فيها ، ثمّ صار الأكل والإدّهان والإكتحال مقيساً على الشرب ، بعلّة أنّ الجميع يؤدّي إلى منافع الجسم» .
٢٠ ـ في حرمة المسكر
قال : فقد بان تحريم الخمر قليلها وكثيرها بذلك [ إلى
آية : يسألونك عن الخمر ... ] وتحريم السكر من كل شراب بقوله صلّى الله عليه وآله : (حرّمت الخمرة بعينها
والسكر من كل شراب) ولا خلاف في ذلك ، وإنّما الخلاف في شرب غير الخمر من غير بلوغ حدّ السكر ، فإذا كان السكر محرّماً بالإجماع من الخمر وغيرها ، فكلّ ما يسمّى سكراً
داخل تحت ذلك ...» .
٢١ ـ في بعض مسائل
الحدّ
قال : «فأمّا قول ابن قتيبة إنّ عقوبة الذنب يجب أن
تكون مشاكلة للذنب ... فقد غلط فيما ظنّه ، ووهم فيما توهّمه ، لأنّ العقوبات لا يجب أن تكون مقصورة على
الأعضاء المباشِرة للذنوب ، وإنّما المعاقب لها جملة الإنسان ، ولو كان الأمر على ما ظنّه
لكان الزاني إذا زنى غير محصن يضرب ذكره ، والقاذف إذا قذف يجلد لسانه ، لأنّهما واقعا المعصية
وباشرا الخطيئة ، فلمّا رأينا هٰذين المذنبين يعاقب منهما غير المواضع التي
باشرت الذنب
________________________________
وواقعت الجرم ، علمنا أنّ المقصود بالعقوبة
جملة الإنسان دون أعضاء الجسم.
فأمّا يد السارق فلم تكن علّة قطعها أنّه باشر بها
السرقة ، ألا ترى أنّه لو دخل حرزاً فأخرج منه بفمه دون يده ما يجب في مثله القطع قطعت يده ، ولم يعتبر أخذه الشيء المسروق بفمه ، وأيضاً فلو أخذ في أول مرة بيده اليسرى قطعت يده اليمنى ، وإذا سرق
ثانية بعد قطع يده اليمنى قطعت رجله اليسرى ولم تقطع يده اليسرى وإن باشر السرقة
بها ، وذلك على مذهب من يرى استيفاء الأعضاء الأربعة في تكرير السرقة ، وهو مذهب الشافعي ، فبان أنّه لا يعتبر بقطع ما باشر أخذ السرقة من أعضاء الإنسان ، وسقط ما
اعتمد عليه ابن قتيبة ...» .
٢٢ ـ في اجتماع
الحدود على شارب الخمر
قال : «ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسّلام في كلام
طويل : (ولا يشرب أحَدُكم الحدودَ ، وهو حين يشربُها مؤمنٌ) وهذا القول مجاز ، والمراد بالحدود هاهنا الخمر
، وإنّما عبّر عليه الصلاة والسّلام بهذا الإسم عنها لأنّ إقامة الحدود تُستحقّ بشربها ، وليس
هاهنا معصية ربما اجتمعت في الإقدام عليها حدود كثيرة غيرها ، لأنّ السكران في الأكثر يقدم على استحلال الفروج ، واستهلاك النفوس ، وسبّ الأعراض ، وقذف المحصنات ، فيجتمع عليه حدّ السكر ، وحدّ القتل ، وحدّ الزنا ، وحدّ القدف ...» .
٢٣ ـ في حدّ الزاني
المحصن
قال : «ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسّلام : (الولدُ
للفراشِ وللعاهرِ الحَجَرُ) وهذا مجاز على أحد التأويلين ، وهو أن يكون المراد أنّ العاهر لا شيء له في الولد
، فعبّر عن ذلك بالحجر ...
وأمّا التأويل الآخر ... فهو أن يكون المراد أنّه
ليس للعاهر إلّا إقامة الحدّ عليه ، وهو الرجم بالأحجار ... وهذا إذا كان العاهر محصناً ، فإن كان غير محصن فالمراد
________________________________
بالحجر هاهنا ـ على قول بعضهم ـ الإعناف به
والغلظة عليه بتوفية الحدّ الذي يستحقّه من الجلد له ...» .
٢٤ ـ حكم الجاني خارج
الحرم
قال : «و قد اختلف الفقهاء فيمن جنى في غير الحرم
ثم لجأ إليه ، فقال أهل العراق ـ أبو حنيفة وأصحابه : أبو يوسف ، ومحمد بن الحسن ، وزفر ، والحسن بن زياد اللؤلؤي
ـ : إذا قَتل في غير الحرم ، ثم دخل الحرم لم يُقتصّ منه ما دام فيه ، ولكنّه لا يُبايع
، ولا يُشارى ، ولا يُطعم ، ولا يُسقى ، إلى أن يخرج من هناك فيُقتص منه ، وإن قَتل في
الحرم قُتل فيه ، وإن جنى فيما دون النفس في الحرم ، أو في غيره ، ثم دخله ، اقتُصّ منه
فيه.
وقال أهل المدينة ـ مالك والشافعي ـ : يُقتصّ منه
في الحرم في ذلك كلّه.
وأهل العراق يعتمدون ـ فيما يذهبون إليه : من ترك
قتل من جنى في غير الحرم ثم لجأ إليه ـ على ما روي عن ابن عباس ، وابن عمر ، وعبيد بن عمير ، وسعيد بن جبير ، وعطاء
وطاووس ، والشعبي ، فيمن قَتل ثم لجأ إلى الحرم : إنّه لا يقتل.
قال ابن عباس : ولكنه لا يجالس ، ولا يؤوى ، ولا
يبايع ، ولا يشارى ، حتى يخرج من الحرم فيُقتل ، فإن فعل ذلك في الحرم اُقيم عليه الحدّ فيه.
ولم يختلف السلف ومن بعد هم من الفقهاء في أنّه إذا
جنى في الحرم كان مأخوذاً بجنايته ويُقام عليه الحدّ فيما يستحقّه من قتل أو غيره.
وأمّا الجناية فيما دون النفس وأخذ الجاني بها ـ وإن
لجأ إلى الحرم ـ فإنّهم يقيسونها على الدَّيْنِ يكون عليه ، فيقولون : ألا ترى أنّه لو كان عليه دَيْن فلجأ إلى
الحرم حُبس به ، والحبس في الدَّيْن عقوبة لقوله عليه السّلام : (لَيّ الواجد يحلّ عرضه وعقوبته).
وفُسِّر إحلال العرض هاهنا : باستحلال دمه ، والعقوبة
: بالحبس له ، فجعل عليه السّلام الحبس عقوبة ، وهو فيما دون النفس ، فكلّ حقّ وجب عليه فيما دون
النفس اُخِذ به وإن لجأ إلى الحرم ، قياساً على الحبس في الدَّيْن. وفي ما ذكرناه من ذلك
كاف بحمدالله تعالى» .
________________________________
٢٥ ـ في إجراء الحدود
على من لجأ إلى الحرم
قال : «وفي إقامة الحدود على اللاجىء إلى
الحرم خلاف بين العلماء ليس هذا موضع ذكره ، ولابدّ أن يوفّيه تعالى ما يستحقّه من العقاب في دار الجزاء ، إلّا أن
يكون منه توبة يسقط بها عقابه ، أو طاعة عظيمة تصغر معها معصيته ...» .
إلى غير ذلك من الموارد التي توجد في «حقائق
التأويل» وغيره ، فراجع.
٦ ـ تصريحات بعض
الأكابر بفقاهته
قال ابن أبي الحديد : «وحفظ الرضيّ ـ رضي الله عنه ـ
القرآن بعد أن تجاوز الثلاثين سنة في مدة يسيرة ، وعرف من الفقه والفرائض طرفاً قوياً ، وكان ـ رضي الله عنه ـ عالماً
أديباً وشاعراً ...».
وقال مثله ابن الجوزي في المنتظم .
وقال السيد علي خان المدني : «كان عارفاً بالفقه والفرائض
معرفة قوية ، وأمّا اللغة والعربية فكان فيها إماماً» .
وقال الشهيد التستري في تاريخ مصر والقاهرة : «الشريف
أبو الحسن الرضي الموسوي ، كان عالماً عارفاً باللغة والفرائض والفقه والنحو ، وكان شاعراً فصيحاً
عالماً عالي الهمّة متديّناً إلّا أنّه كان على مذهب القوم إماماً للشيعة ، هو وأبوه
وأخوه» .
وقال السيد الأمين العاملي : «كان الرضيّ أديباً
بارعاً متميّزاً ، فقيهاً متبحّراً ، ومتكلّماً حاذقاً ، ومفسراً ...» .
وقال السيد حسن الصدر : «حدّثني شيخ الإسلام الشيخ
محمد حسن آل ياسين الكاظمي : أنّ العلماء ذكروا أنّ السيد الرضي كان عالماً غلب شعره على علمه ،
________________________________
والمرتضى كان شاعراً غلب علمه على شعره» .
ونقول : السيد الشريف الرضيّ من فقهاء الشيعة
الإمامية ـ رحمة الله عليهم ـ واشتهر بالشعر والأدب لا بالفقه لعلل ذكرت في محلّها ، فراجع.
________________________________
المصادر والمراجع :
١ ـ مقدمة حقائق التأويل ، للشيخ عبدالحسين الحلّي.
٢ ـ مقدمة المجازات النبوية ، للسيد حسن الصدر.
٣ ـ مقدمة خصائص الائمة ، للسيد عبدالرزّاق المقرّم.
٤ ـ مقدمة تلخيص البيان ، لمحمد عبدالغني حسن.
٥ ـ السيد الرضي مؤلّف نهج البلاغة ، للشيخ علي
الدواني.
٦ ـ الآراء الفقهية والاُصولية للشريف الرضي ، للشيخ
أحمد الباكتجي.
٧ ـ الغدير ، للشيخ عبدالحسين الأميني ـ رحمه الله ـ.
٨ ـ مصادر ترجمة الشريف الرضي ، للشيخ محمد هادي
الأميني.
٩ ـ مقدمة خصائص الائمة ، للشيخ محمد هادي الأميني.
١٠ ـ المجازات النبوية ، للشريف الرضي ، طبعة بغداد
ومصر.
١١ ـ تلخيص البيان ، للشريف الرضي ، طبعة بغداد ومصر.
١٢ ـ حقائق التأويل ، للشريف الرضي ، طبعة النجف.
١٣ ـ ملحق أوائل المقالات ، للشريف الرضي ، طبعة
تبريز ١٣٧١.
١٤ ـ روضات الجنّات ، للسيد محمد باقر الخونساري.
١٥ ـ مستدرك الوسائل ، للمحدّث النوري.
١٦ ـ أعيان الشيعة ، للسيد محسن الأمين.
١٧ ـ هدية الأحباب ، للمحدّث القمي.
١٨ ـ ريحانة الأدب ، للميرزا محمد علي الخياباني.
١٩ ـ رياض العلماء ، للميرزا عبدالله الأصفهاني.
٢٠ ـ الدرجات الرفيعة ، للسيد علي خان المدني.
٢١ ـ مجالس المؤمنين ، للقاضي نورالله التستري.
٢٢ ـ الفوائد الرضوية ، للمحدّث القمي.
٢٣ ـ الذريعة ، للشيخ آقا بزرك الطهراني.
٢٤ ـ معجم المؤلفين ، لعمر رضا كحّالة.
٢٥ ـ إجازات البحار ، للعلامة المجلسي.
٢٦ ـ رجال النجاشي.
٢٧ ـ فهرست الشيخ الطوسي.
٢٨ ـ شرح نهج البلاغة ، لابن أبي الحديد.
٢٩ ـ تأسيس الشيعة ، للسيد حسن الصدر.
٣٠ ـ الذكرى ، للشهيد الأول.
٣١ ـ روض الجنان ، للشهيد الثاني.
٣٢ ـ فرائد الاُصول ، للشيخ الأنصاري.
٣٣ ـ حاشية الفرائد ، للاشتياني.
٣٤ ـ الخلاف ، للشيخ الطوسي.
٣٥ ـ الاحتجاج ، للشيخ الطبرسي.
٣٦ ـ الإرشاد ، للشيخ المفيد.
٣٧ ـ الكافي ، للشيخ الكليني.
٣٨ ـ المنتظم ، لابن الجوزي.
٣٩ ـ النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة ، ليوسف
بن تغري الأتابكي.
٤٠ ـ الخراجيّة ، للمحقّق الكركي.
أهل البيت ـ عليهم السّلام ـ في نهج البلاغة
|
السيد علي الميلاني
|
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربّ العالمين ، والصلاة والسّلام على سيّدنا
محمّد وآله الطيّبين الطاهرين ، ولعنة الله على أعدائهم أجمعين ، من الأولين والآخرين.
وبعد : فهذه دراسة سريعة في «نهج البلاغة» لمعرفة
أهل البيت وعترة النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ، كما وصفهم سيّدهم أميرالمؤمنين عليه الصلاة والسّلام.
ونهج البلاغة للشريف الرضي ، وكل ما فيه مختاراته
من خطب الإمام وكلماته ورسائله المشتملة على تعاليمه وأفكاره ونظراته وآرائه ، في مختلف الشؤون.
ولقد كاد أن يكون التشكيك في نسبة الكتاب إلى
الشريف ، أو الكلمات الشريفة إلى الإمام ، على حدّ التشكيك في وجود الإمام والشريف نفسهما.
وكان جديراً بنا أن نرجع إلى «نهج البلاغة» لمعرفة
مكانة «أهل بيت» ومنزلتهم ، لأنّه عليه السّلام سيّدهم ورئيسهم ، وأعرف الناس بهم ، وهو ـ مع ذلك ـ
البارع في الوصف والعادل في الحكم.
لقد جاء ذكر «أهل بيت» في مواضع كثيرة من «نهج البلاغة»
، ولأغراض مختلفة ، وهو ـ في الأغلب ـ يركّز بشتّى الأساليب على أفضليّتهم المطلقة وأولويّتهم
بالكتاب والسنّة وتطبيقهما ، وأحقّيّتهم بالإتّباع والطاعة.
وإذا ما راجعنا تلك الأوصاف ومعانيها ، ونظرنا في
شواهدها من الكتاب والسنّة ومبانيها ، عرفنا عدم دخول من أجمع المسلمون على عدم عصمته ، تحت عنوان «آل
النبيّ» و «أهل بيته» و «عترته».
فهلم معي إلى «نهج البلاغة» لمعرفة جانب من شأن «أهل
البيت».
لا يقاس بآل محمّد من
هذه الاُمّة أحد
يقول عليه السّلام : «لا يقاس بآل محمّد صلّى
الله عليه وآله وسلّم من هذه الاُمّة أحد ، ولا يسوّى بهم من جرت نعمتهم عليه أبداً» .
وهذه كلمة جامعة وعبارة مطلقة :
«لا يُقاس بآل محمّد ـ ص ـ» ، أي : في شيء من
الأشياء.
«من هذه الاُمّة» ، أي : ومن غيرها بالاولوية ، لأنّ
هذه الاُمّة «خَيْرَ
أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ» .
«أحد» أي : كائناً من كان.
«ولا يسوّى بهم» ، أي : فضلاً عن أن يفضل عليهم.
«من جرت نعمتهم عليه» ، والنعمة هنا عامّة.
«أبداً» تأييد للنفي ، أو : إنّ كلّ ما كان وما
يكون إلى الأبد من نعمة فهو منهم. وهذا معنى دقيق جليل سنتعرض له ببعض التوضيح في شرح قوله عليه السّلام : «إنّا صنائع ربّنا والناس صنائع لنا».
وكلام الإمام هذا يسدّ باب المفاضلة بين «أهل البيت»
وغيرهم من الأنبياء والمرسلين ، والملائكة المقرّبين ، فضلاً عن أصحاب رسول ربّ العالمين ، ولقد أنصف وأحسن بعض المحقّقين من أهل السنّة فقال بأنّ من يفضّل فلاناً على سائر الصحابة لا
يقصد تفضيله على عليّ ، لأنّ عليّاً من أهل البيت.
فأفضل الخليفة بعد محمد ـ صلّى الله عليه
وآله وسلّم ـ آلُهُ ، وهذا هو الواقع والحقيقة ، لأنّهم فاقوا كالنبي كلّ النبيّين ـ وهم أشرف المخلوقات ـ في الخلق والخلق
والكمالات.
أمّا في «الخلق» فقد خلقوا والنبي
صلّى الله عليه وآله من نور واحد ومن شجرة واحدة ، كما في الأحاديث المستفيضة المتّفق عليها.
________________________________
فقد روى أحمد بن حنبل ، عن عبدالرزّاق ، عن معمر ، عن
الزهري ، عن خالد بن معدان ، عن زاذان ، عن سلمان ، قال : قال رسول الله ـ ص ـ : «كنت أنا وعلي بن أبي طالب نوراً بين يدي الله تعالى ، قبل أن يخلق آدم بأربعة آلاف عام ، فلمّا خلق
آدم قسم ذلك النور جزءين ، فجزء أنا وجزء علي» .
وروى الكنجي ، عن الخطيب البغدادي ؛ وابن عساكر ، عن
ابن عباس ، قال : قال النبيّ ـ ص ـ : «خلق الله قضيباً من نور قبل أن يخلق الدنيا بأربعين ألف عام ،
فجعله أمام العرش ، حتى كان أوّل مبعثي ، فشقّ منه نصفاً فخلق منه نبيّكم ، والنصف
الآخر علي بن أبي طالب» .
وأخرج الحاكم ، عن جابر بن عبدالله ، قال : «سمعت
رسول الله ـ ص ـ يقول لِعَليٍّ : يا علي ، الناس من شجر شتّى وأنا وأنت من شجرة واحدة ، ثم قرأ رسول الله ـ ص ـ : «وَجَنَّاتٌ
مِّنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَىٰ
بِمَاءٍ وَاحِدٍ» ، هذا حديث صحيح الإسناد» .
وروى الكنجي ، عن الطبراني وابن عساكر ، عن أبي اُمامة
الباهلي ، قال : «قال رسول الله ـ ص ـ : إنّ الله خلق الأنبياء من شجر شتّى وخلقني وعليّاً من شجرة
واحدة ، فأنا أصلها ، وعلي فرعها ، وفاطمة لقاحها ، والحسن والحسين ثمرها ؛ فمن تعلّق بغصن
من أغصانها نجا ، ومن زاغ عنها هوى ، ولو أنّ عبداً عَبَدَ الله بين الصفا والمروة
ألف عام ثمّ ألف عام ، ثم لم يدرك محبّتنا أكبّه الله على منخريه في النار ـ ثم قال : ـ قُل لَّا
أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ» .
وإليه أشار عليه السّلام بقوله : «عترته خير العِتَر
، واُسرته خير الاُسر ، وشجرته خير الشجر ، نبتت في حرم ، وبسقت في كرم ، لها فروع طوال ، وثمر لا ينال» .
وقال : «اُسرته خير اُسرة ، وشجرته خير شجرة ، أغصانها
معتدلة ، وثمارها
________________________________
متهدّلة» .
وقال : «نحن شجرة النبوة» .
بل إنّ «آل محمّد» هم «بضعة» منه ، ففي الحديث المتّفق
عليه : «عليُّ منّي وأنا منه» ، و «فاطمة بضعة منّي
فمن أغضبها أغضبني» ، واستناداً إلى هذا
الحديث قال الحافظ السهيلي بأنّ فاطمة عليها الصلاة والسّلام أفضل من أبي بكر وعمر ، لكونها بضعة من النبي ، وكذا قال الحافظ البيهقي ، ولا شكّ في أنّ
ولديهما والائمة من ولد الحسين بضعة منهما ، فهم بضعة النبي الكريم.
بل إنّ «آل محمد» هم «نفس» النبيّ ، فإنّ عليّاً
عليه السّلام نفسه لآية المباهلة . وقد خاطب ابنه
الحسن بقوله : «وجدتك بعضي بل وجدتك كُلّي» . وكذلك الحسين والائمة
من ولده ...
وأمّا في «الخلق» ، فعند آل محمّد
جميع كمالات النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم وفضائله ، لأنّهم تربّوا في حجره وتعلّموا على يديه ، يقول عليه السّلام :
«أنا وضعت في الصغر بكلاكل العرب ، وكسرت نواجم
قرون ربيعة ومضر ، وقد علمتم موضعي من رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ بالقرابة القريبة
والمنزلة الخصيصة ، وضعني في حجره وأنا ولد ، يضمّني إلى صدره ويكنفني في فراشه ، ويمسّني جسده ، ويشمّني عرفه ، وكان يمضغ الشيء ثم يلقمنيه ، وما وجد لي كذبة في قول ، ولا خطلة
في فعل ، ولقد قرن الله به ـ صلّى الله عليه وآله ـ من لدن أنْ كان فطيماً أعظم
ملك من ملائكته ، يسلك به طريق المكارم ومحاسن أخلاق العالم ، ليله ونهاره. ولقد كنت أتّبعه
________________________________
اتّباع الفصيل أثَرَ اُمّه ، يرفع لي في كل
يوم من أخلاقه علماً ويأمرني بالإقتداء به ، ولقد كان يجاور في كل سنة بِحِراء ، فأراه ولا يراه غيري ، ولم يجمع بيت واحد يومئذٍ في
الإسلام غير رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ وخديجة وأنا ثالثهما ، أرى
نور الوحي والرسالة وأشمّ ريح النبوّة ، ولقد سمعت رنّة الشيطان حين نزل الوحي عليه ـ صلّى
الله عليه وآله ـ ، فقلت : يا رسول الله ما هذه الرنّة ؟ فقال : هذا الشيطان قد أيس من
عبادته ، إنّك تسمع ما أسمع وترى ما أرى ، إلّا أنّك لست بنبيّ ، ولكنّك لوزير ، وإنّك لَعَلى
خير.
... وإنّي لمن قوم لا تأخذهم في الله لومة لائم ، سيماهم
سيما الصدّيقين ، وكلامهم كلام الأبرار ، عمّار الليل ومنار النهار ، مستمسكون بحبل الله ، يحيون سنن الله
وسنن رسوله ، لا يستكبرون ولا يعلون ، ولا يغلون ولا يفسدون ، قلوبهم في الجنان
وأجسادهم في العمل» .
يركّز الإمام عليه السّلام في هذا الكلام على نقطة
مهمة جداً وهي : إنّ من يقوم مقام النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم في شؤون الرسالة لابدّ أن يكون أفضل
المتخرّجين عليه والمتأدّبين منه ، ويؤكّد على أنّه هو الواجد لهذه المواصفات والحائز لتلك
المقامات ، وإنّه ما من علم علمه رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ وأذن في
تعليمه ، وما من خلق وأدب كان الرسول عليه إلّا وقد أخذه منه ، حتى تأهّل لأن يسمع ما كان يسمع ويرى ما كان يرى ، ولولا ختم النبوّة بمحمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم لكان
هو النبيّ من بعده ، ولذا استثنى النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم النبوة قائلاً له : «إلّا
أنّك لست بنبيّ ، ولكنّك لوزير».
وفي قوله : «ولكنك لوزير» إشارة إلى قوله عزّوجلّ حكاية
عن موسى : «وَاجْعَل
لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي هَارُونَ أَخِي» .
وقال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم له
عليه السّلام :
«أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلّا
أنّه لا نبيّ بعدي» .
________________________________
ثم إنّه أشار إلى طرف من صفات أهل البيت المعنوية
التي خصّهم الله عزّوجلّ بها ، قائلاً : «وإنّي لمن قوم لا تأخذهم ...».
وإنّ أشرف الأشياء التي أخذوها من النبيّ
صلّى الله عليه وآله وسلّم وأعلاها : علومه ومعارفه وأسراره ، وهذا ما كرّر الإمام ذكره وأعلن به فخره ، يقول عليه
السّلام :
«هم موضع سرّه ، ولجأ أمره ، وعيبة علمه ، وموئل
حكمه ، وكهوف كتبه ، وجبال دينه. بهم أقام انحناء ظهره ، وأذهب ارتعاد فرائصه» .
والضمائر كلّها راجعة إلى «الله» أو «النبيّ» ، إلّا
الضمير في «ظهره» و «فرائصه» فإنّهما عائدان إلى «الدين».
والمراد من «السرّ» العلوم التي لا يحتملها أحد
غيرهم ، ومن «الأمر» كلّ ما يحتاجه الناس لدينهم ودنياهم ، فالائمة هم المرجع والملاذ فيه ، قال تعالى : «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّـهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ
مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ ...» وقد أشار أميرالمؤمنين
عليه السّلام نفسه إلى هذا المعنى ، مستدلاً بالآية الكريمة ، في قوله الآتي ذكره : «إنّا لم نحكّم الرجال ...».
والمراد من «عيبة علمه» أنّ الائمّة أوعية لعلوم
الله التي أودعها النبي ، وإليه أشار هو بقوله : «... علم الغيب الذي لا يعلمه أحد إلّا الله ، وما سوى ذلك فعلم علّمه الله نبيّه فعلمنيه ، ودعا لي بأنّ يعيه صدري وتَضْطَمَّ عليه جوانحي» وبه أخبار رواها الكليني في الكافي .
والمراد من «الحكم» مطلق الأحكام الشرعيّة أو خصوص
الحكم بمعنى القضاء ، وقد تواتر عن أصحاب النبيّ صلّى الله عليه وآله قولهم : «أقضانا علي» والأخبار الواردة عنهم في النهي عن التحاكم إلى غيره كثيرة ، أورد بعضها الحرّ العاملي في
________________________________
الوسائل .
والمراد من «كتبه» هي الكتب السماوية إن كان مرجع
الضمير «الله» والقرآن والسنّة وغيرهما من آثار النبيّ إن كان المرجع «النبيّ» ، أمّا علم القرآن فهم
أهله والمرجع فيه ، ومنهم اُخذ وعنهم انتشر ، وناهيك بعبدالله بن العباس ونظرائه ، الَّذين
إليهم تنتهي علوم القرآن ، وهم تلاميذ أميرالمؤمنين ، وأمّا الكتب السماوية
فالأخبار عنهم في كونها عندهم كثيرة ، روى بعضها الكليني في الكافي وقد قال أميرالمؤمنين
عليه السّلام :
«سلوني قبل أن تفقدوني ، فأنا عيبة رسول الله ، وأنا
فقأت عين الفتنة بباطنها وظاهرها ، سلوا مَن عنده علم المنايا والبلايا والوصايا وفصل الخطاب ، سلوني فأنا يعسوب المؤمنين حقاً ، وما من فئة تهدي مائة أو تضلّ مائة إلّا وقد أتيت بقائدها وسائقها ، والذي نفسي بيده لو طوى لي الوسادة فأجلس عليها لقضيت بين أهل التوراة بتوراتهم ، ولأهل الإنجيل بإنجيلهم ، ولأهل الزبور بزبورهم ، ولأهل الفرقان
بفرقانهم.
فقام ابن الكوا إلى أميرالمؤمنين عليه السّلام وهو
يخطب الناس فقال : يا أميرالمؤمنين أخبرني عن نفسك ، فقال : ويلك ، أتريد أن اُزكّي نفسي وقد نهى الله عن ذلك ؟! مع أنّي كنت إذا سألت رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ أعطاني ، وإذا سكت
ابتداني ، وبين الجوانح منّي علم جمّ ، ونحن أهل البيت لانقاس بأحد» .
والمراد من «جبال دينه» هو بقاء الدين ببقائهم. كما
سيأتي. ويقول : «هم عيش العلم وموت الجهل ، يخبركم حلمهم عن علمهم ، وظاهرهم عن باطنهم ، وصمتهم عن حكم منطقهم ، لا يُخالفون الحقّ ولا يختلفون فيه ، وهم دعائم الإسلام وولائج الإعتصام ، بهم عاد الحقّ إلى نصابه ، وانزاح الباطل عن مقامه ، وانقطع لسانه عن منبته ، عقلوا الدين عقل وعاية ورعاية ، لا عقل سماع ورواية ، فإنّ رواة العلم
كثير ورعاته قليل» .
________________________________
وفي قوله : «لا يخالفون الحقّ ولا يختلفون فيه»
أشار إلى حجّيّة قول الواحد منهم فكيف بإجماعهم !! وفي الخبر عن أبي الحسن عليه السّلام : «نحن في العلم والشجاعة سواء» .
وفيه عن أبي عبدالله عليه السّلام أنّ النبي وأميرالمؤمنين
وذرّيته الائمة «حجّتهم واحدة وطاعتهم واحدة» .
وفيه عنه : «نحن في الأمر والفهم والحلال والحرام
نجري مجرى واحداً ، فأمّا رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ وعلي فلهما فضلهما» .
ويقول عليه السّلام :
«نحن شجرة النبوّة ، ومحطّ الرسالة ، ومختلف
الملائكة ، ومعادن العلم ، وينابيع الحكم» .
وبهذا أخبار رواها الكليني في الكافي عن ائمة أهل
البيت .
ويقول عليه السّلام :
«تالله لقد عُلِّمت تبليغ الرسالات ، وإتمام العدات
، وتمام الكلمات ، وعندنا ـ أهل البيت ـ أبواب الحكم وصياء الأمر» .
أي : علّمه رسول الله صلّى الله عليه وآله طرق
تبليغ المعارف والأحكام التي جاء بها النبيّون ، لاسيما نبيّنا الكريم صلّى الله عليه وآله ، فإنَّ من كان أساساً
للدين ووعاء للعلوم ، لابدّ وأن يعرف كيفيّة حفظ الدين وتبليغه. وطريق نشر العلم وتعليمه ، فإنّ
ذلك يختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة والاُمم والأشخاص ، فليس لأحد أن يعترض عليه في فعل أو ترك ، أو قول ، أو صمت.
وعلّمه رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ حقائق
العدات التي كانت بين الله عزّوجلّ وسفرائه الكرام إلى العباد ، وكيفيّة إنجازها واتمامها ، أو علّمه رسول الله ـ ص ـ
العدات
________________________________
التي وعدها للناس وكيفية إنجازها من بعده ، لكونه
وصيّه ومنجز وعده ، كما في الأحاديث عند الفريقين.
وعلمه رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ الكلمات
التي كانت بين الله تعالى ورسله وتمامها «وَتَمَّتْ
كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَّا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ» . ولعلّها أشياء غير الكتب السماوية والصحف الإلٰهيّة.
قال : وعندنا أهل البيت أبواب الحكم وضياء الامر ،
و «الحكم» إمّا بضم الحاء وسكون الكاف وهو القضاء ، فلأهل البيت في أحكامهم هداية ربّانية قد لا تحصل إلّا للمعصومين مثلهم ، قال تعالى : «إِنَّا
أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّـهُ ...» أو المراد مطلق
الأحكام ؛ وإمّا بكسرها وفتح الكاف ، وهو جمع الحكمة.
و «الأمر» الولاية والخلافة ، أو الأحكام ، أو مطلق
الاُمور فإنّهم عالمون بها بإذن الله.
ويؤكّد في موضع آخر على أنّ حقائق الكتاب والسنّة
عند أهل البيت ، وأنّهم أحقّ بها وأولى من غيرهم ، فيقول :
«إنّا لم نحكِّم الرجال وإنّما حكَّمنا القرآن ، هذا
القرآن إنّما هو خطّ مستور بين الدفّتين ، لا ينطق بلسان ، ولا بدّ له من ترجمان ، وإنّما ينطق عنه الرجال ، ولمّا
دعانا القوم إلى أن نحكّم بيننا القرآن لم نكن الفريق المتولّي عن كتاب الله سبحانه
وتعالى ، وقد قال الله سبحانه : «فَإِن
تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّـهِ وَالرَّسُولِ» ، فردُّه إلى الله
أنْ نحكم بكتابه ، وردّه إلى الرسول أنْ نأخذ بسنّته. فإذا حكم بالصدق في كتاب الله فنحن أحقّ الناس به ، وإن حكم بسنّة رسول الله فنحن أحقّ الناس وأولاهم بها ... فأين يُتاه بكم ! ومن أين اُتيتُم !» .
وفي هذا المعنى روايات كثيرة عن أهل البيت ، رواها
الكليني في الأبواب المختلفة من كتاب الحُجّة من الكافي.
________________________________
ويصرّح عليه السّلام بأنّ أهل البيت ـ لا سواهم ـ هم
الراسخون في العلم ، فيقول :
«أين الَّذين زعموا أنّهم الراسخون في العلم دوننا
كذباً وبغياً علينا ، أنْ رفعنا الله ووضعهم ، وأعطانا وحرمهم ، وأدخلنا وأخرجهم» .
ولعلّه يشير إلى قوله تعالى : «هُوَ الَّذِي أَنزَلَ
عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ
زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّـهُ
وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ ...» .
وعن أبي عبدالله عليه السّلام : «نحن الراسخون في
العلم ونحن نعلم تأويله» ومثله غيره .
وأهل البيت يعلمون بما كان ويكون ـ إلّا ما خصّ
الله علمه بنفسه ، ولا يعلمه أحد إلّا هو ـ يقول عليه السّلام : «وما سوى ذلك فعلم علّمه الله نبيّه فعلّمنيه ، ودعا
لي بأن يعيه صدري وتضطمّ عليه جوانحي» . ويقول في موضع آخر
: «والله لو شئت أن اُخبر كل رجل منكم بمخرجه ومولجه وجميع شأنه لفعلت ، ولكن أخاف أن تكفروا فيَّ برسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، ألا وإنّي مفضيه إلى الخاصّة ممّن
يؤمن ذلك منه ، والذي بعثهُ بالحقّ واصطفاه على الخلق ما أنطق إلّا صادقاً ، وقد عهد إليَّ بذلك
كلّه ، وبمهلك من يهلك ، ومنجى من ينجو ، ومآل هذا الأمر ، وما أبقى شيئاً يمرُّ على رأسي
إلّا أفرغه في أذنيّ وأفضى به إليّ» .
وعنه عليه السّلام : «سلوني ، والله ما تسألوني عن
شيء يكون إلى يوم القيامة إلّا أخبرتكم ...» و «أهل البيت» هم «الأبواب»
، يقول عليه السّلام :
«نحن الشعار والأصحاب والخزنة والأبواب ، ولا تؤتى
البيوت إلّا من أبوابها ، فمن
________________________________
أتاها من غير أبوابها سُمّي سارقاً» .
وعن أبي عبدالله عليه السّلام : «الأوصياء هم أبواب
الله عزّوجلّ التي يؤتى منها ، لو لا هم ما عُرف الله عزّوجلّ ، وبهم احتجّ الله تبارك وتعالى على خلقه» .
ومن قبل جعل النبيّ صلّى الله عليه وآله
وسلّم نفسه «مدينة العلم» ، وجعل عليّاً «باب» تلك المدينة.
أخرج الترمذي عن أميرالمؤمنين عليه السّلام : «إنّ
رسول الله ـ ص ـ قال : أنا مدينة العلم وعلي بابها» .
وأخرج الحاكم عن جابر بن عبدالله يقول : «سمعت رسول
الله ـ ص ـ يقول : أنا مدينة العلم وعلي بابها ، فمن أراد العلم فليأت الباب» .
وأخرج الطبراني عن جابر قال : «قال رسول الله ـ ص ـ
: أنا مدينة العلم وعلي بابها» .
وأخرج الخطيب عن ابن عبّاس «قال : سمعت رسول الله ـ
ص ـ يقول : أنا مدينة العلم وعليّ بابها ، فمن أراد العلم فليأت الباب» .
وأخرج الترمذي عن علي : «قال رسول الله ـ ص ـ : أنا
دار الحكمة وعليّ بابها» .
إنّهم صنائع ربّنا
والناس صنائع لهم
ويقول عليه السّلام في كتاب له إلى معاوية :
«إنّ قوماً استشهدوا في سبيل الله تعالى من
المهاجرين والأنصار ـ ولكل فضل ـ ، حتى إذا استشهد شهيدنا ، قيل : سيدالشهداء ، وخصّه رسول الله صلّى الله عليه
وآله
________________________________
بسبعين تكبيرة عند صلاته عليه ، أوّلا ترى
أنّ قوماً قُطعت أيديهم في سبيل الله ـ ولكل فضل ـ حتى إذا فعل بواحدنا ما فعل بواحدهم ، قيل : الطيّار في الجّنة وذوالجناحين.
ولو لا ما نهى الله عنه من تزكية المرء نفسه لَذكر
ذاكر فضائل جمّة ، تعرفها قلوب المؤمنين ، ولا تمجّها آذان السامعين ، فدع عنك من مالت به الرمية.
فإنّا صنائع ربّنا والناس بعد صنائع لنا.
لم يمنعنا قديم عزّنا ولا عادي طولنا على قومك أن
خلطناكم بأنفسنا ، فنكحنا وانكحنا ، فعل الأكفاء ، ولستم هناك ...
فنحن مرّة أولى بالقرابة ، وتارة أولى بالطاعة.
ولما احتجّ المهاجرون على الأنصار يوم السقيفة برسول الله صلّى الله عليه وآله فلجوا عليهم ، فإن يكن الفلج به
فالحقّ لنا دونكم ، وإن يكن بغيره فالأنصار على دعواهم» .
وقد اشتمل هذا الكتاب ـ فيما اشتمل من الفضل لأهل
البيت ـ على جملة معناها عظيم ، وتحتها سرّ جليل ، قال عليه السّلام : «إنّا صنائع ربنا والناسُ بعد صنائع لنا».
وقد وردت هذه الجملة في كتاب لوليّ العصر والإمام
الثاني عشر ـ عجّل الله تعالى فرجه ـ إلى الشيعة قال عليه السّلام : «بسم الله الرحمن الرحيم ، عافانا الله
وإياكم من الفتن ، ووهب لنا ولكم روح اليقين ، وأجارنا وإيّاكم من سوء المنقلب.
إنّه اُنهي إليّ ارتياب جماعة منكم في الدين ، وما
دخلهم من الشكّ والحيرة في ولاة أمرهم ، فغمّنا ذلك لكم لا لنا ، وساءنا فيكم لافينا ، لأنّ الله معنا ، فلا فاقة
بنا إلى غيره ، والحقّ معنا فلن يوحشنا من قعد عنّا ، ونحن صنائع ربّنا ، والخلق بعد
صنائعنا.
يا هؤلاء ما لكم في الريب تتردّدون ، وفي الحيرة
تنعكسون ، أوَما سمعتم الله يقول : «يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّـهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي
الْأَمْرِ مِنكُمْ» ؟! أوَ ما علمتم ما جاءت به الآثار ممّا يكون ويحدث في ائمّتكم ، على الماضين والباقين منهم السلام
؟! أوَما رأيتم كيف جعل الله لكم معاقل تأوون إليها وأعلاماً تهتدون بها ، من لدن آدم
ـ عليه السّلام ـ إلى أن ظهر الماضي عليه السّلام ؟! كلّما غاب علم بدأ علم ، وإذا
أفل نجم طلع نجم» .
________________________________
وصنيعة الملك من يصطنعه الملك لنفسه ويرفع قدره.
فيقول عليه السّلام :
«ليس لأحد من البشر علينا نعمة ، بل الله عزّوجلّ هو
المنعم علينا ، فليس بيننا وبينه واسطة في شيء من نعمه ، ولكنّ الناس كلّهم وعلى جميع طبقاتهم صنائع لنا ، فنحن الواسطة بينهم وبين الله ونحن المنعمون لهم ، ونحن عبيد الله والناس عبيد لنا.
وإلى هذا المعنى أشار بقوله : «ولا يسوّى بهم من
جرت نعمتهم عليه أبداً».
وروى الكليني : «إن الله خلقنا فأحسن خلقنا ، وصوّرنا
فأحسن صورنا ، وجعلنا عينه في عباده ، ولسانه الناطق في خلقه ، ويده المبسوطة على عباده بالرأفة والرحمة
، ووجهه الذي يؤتى منه ، وبابه الذي يدلّ عليه ، وخزّانه في سمائه وأرضه ، بنا أثمرت
الأشجار وأينعت الثمار وجرت الأنهار ، وبنا ينزل غيث السماء ونبت عشب الأرض ، وبعبادتنا عُبد الله ، ولولا نحن ما عُبد الله» .
وخلاصة الكلام : إنّ ائمة أهل البيت نعمة الله على
الخلق ، وبهم فسّرت النعمة في قوله عزّوجلّ : «يَعْرِفُونَ
نِعْمَتَ اللَّـهِ ثُمَّ يُنكِرُونَهَا» و «النَّعِيمِ» في قوله : «ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ» ، وهم الوسائط بين
الله والموجودات في الخلق والإيجاد والعلم والرزق ، وسائر الفيوضات النازلة والنعم الواصلة.
فالله هو الفاعل الذي منه الوجود ، والإمام هو
الفاعل الذي به الوجود ، وهذه هي الولاية الكلّيّة.
فهل يقاس بآل محمّد من هذه الاُمّة أحد ؟! وهل يُسوّى
بهم أحد من الخلائق ؟!
ومعصومون من الخطأ في
جميع الأحوال
والعصمة اُولى الصفات المعتبرة في كلّ نبي وإمام ، ويدلّ
على ذلك أدلّة كثيرة من الكتاب والسنّة والعقل ، ومن أوضح آيات الكتاب دلالة قوله تعالى : «أَطِيعُوا اللَّـهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ» حتى اعترف بذلك
الفخر الرازي وغيره من
________________________________
المشكّكين ، إذ لا تجوز إطاعة من يجوز عليه
الخطأ إطاعة مطلقة.
ولأميرالمؤمنين عليه السّلام كلام في حقّ «أهل
البيت» ، يأمر الاُمّة فيه باتّباعهم وإطاعتهم في جميع الأحوال ، يقول :
«اُنظروا أهل بيت نبيّكم ، فالزموا سمتهم واتّبعوا
أثرهم ، فلن يخرجوكم من هُدى ولن يعيدوكم في ردى ، فإن لبدوا فالبُدوا ، وإن نهضوا فانهضوا ، ولا تسبقوهم فتضلّوا
، ولا تتأخّروا عنهم فتهلكوا» .
وهل ذلك إلّا العصمة المستلزمة للإمامة ؟
ولقد أوصى النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم عمّاراً
بمثل ذلك ، إذ أمره باتّباع علي عليه السّلام من بعده ، في جميع الحوادث ، وعلى كلّ الأحوال.
روى جماعة من الأعلام عن علقمة بن قيس والأسود بن
يزيد ، قالا : «أتينا أبا أيّوب الأنصاري عند منصرفه من صِفِّين ، فقلنا له : يا أبا أيّوب ، إنّ الله أكرمك
بنزول محمد ـ ص ـ في بيتك ، وبمجيء ناقته ، تفضلاً من الله تعالى وإكراماً لك ، حتى
أناخت ببابك دون الناس جميعاً ، ثم جئت بسيفك على عاتقك تضرب به أهل لا إلٰه إلّا الله ؟!.
فقال : يا هذا إنّ الرائد لا يكذب أهله ، إنّ رسول
الله ـ ص ـ أمرنا بقتال ثلاثة مع علي رضي الله عنه ؛ بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين ، فأمّا الناكثون فقد
قاتلناهم ، وهم أهل الجمل وطلحة والزبير ، وأمّا القاسطون فهذا منصرفنا من عندهم ـ يعني
معاوية وعمرو بن العاص ـ ، وأمّا المارقون فهم أهل الطرفاوات وأهل السعيفات وأهل النخيلات وأهل النهروانات ، والله ما أدري أين هم ؟ ولكن لابدّ من قتالهم إن شاء
الله تعالى.
ثمّ قال : وسمعت رسول الله ـ ص ـ يقول لعمّار : يا
عمّار تقتلك الفئة الباغية ، وأنت إذ ذاك مع الحقّ والحقّ معك.
ياعمّار بن ياسر ، إنْ رأيت عليّاً قد سلك وادياً
وسلك الناس كلّهم وادياً غيره ،
________________________________
فاسلك مع علي فإنّه لن يدليك في ردى ، ولن يخرجك من
هدى.
يا عمّار ، من تقلّد سيفاً وأعان به عليّاً ـ رضي
الله عنه ـ على عدوّه قلّده الله يوم القيامة وشاحين من درّ ، ومن تقلّد سيفاً أعان به عدوّ علي ـ رضي الله عنه ـ قلّده
الله يوم القيامة وشاحين من نار.
قلنا : يا هذا ، حسبك رحمك الله ! حسبك رحمك الله !»
.
وهم أساس الدين وهداة
الخلق
ووصف عليه السّلام آل محمّد بقوله : «هم أساس الدين
وعماد اليقين» ، وقد جاءت هذه الكلمة بعد قوله : «هم موضع سرّه ... لا يقاس بآل محمّد ـ ص ـ من هذه الاُمّة أحد» .
وكأنّه يريد : إنّ الَّذين حازوا تلك الخصائص ، وفازوا
بتلك الفضائل «هم أساس الدين وعماد اليقين ، إليهم يفيء الغالي ، وبهم يلحق التالي».
وقال في موضع آخر : «هم دعائم الإسلام وولائج الإعتصام
، بهم عاد الحقّ إلى نصابه ، وانزاح الباطل عن مقامه ، وانقطع لسانه عن منبته» .
وقال في ثالث : «هم أزمّة الحقّ وأعلام الدين
وألسنة الصدق ، فأنزلوهم بأحسن منازل القرآن ، ورِدُوهُم ورودَ الهيم العطاش» .
ومعنى «إليهم يفيء الغالي وبهم يلحق التالي» أنّهم
الميزان بين الغلوّ والتقصير في الدين ، ولعلّ هذا معنى وصف أهل البيت بـ «النمط الأوسط الذي لا يدركنا الغالي ولا
يسبقنا التالي» .
ومعنى «هم أزمّة الحق» أنّ الحقّ معهم على كلّ حال
، يدور معهم حيثما داروا ، ومن قبل قال النبيّ صلّى الله عليه وآله في حقّ أميرالمؤمنين عليه السّلام :
«علي مع الحقّ والحقّ مع علي ، يدور معه حيث دار ، ولن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض» .
________________________________
ووصفهم بـ «ألسنة الصدق» ، وبهم فسّر قوله تعالى : «وَاجْعَل لِّي
لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ».
وقوله : «فأنزلوهم بأحسن منازل القرآن» يحتمل أن
يريد : أنزلوهم بأحسن ماتنزلون القرآن من الإطاعة والإحترام ، ويحتمل ان يريد : أنزلوهم بأحسن ما أنزلهم
القرآن من الولاية ، كما في قوله عزوجل : «إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّـهُ
وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ» ، ومن الطهارة كما
في قوله : «إِنَّمَا
يُرِيدُ اللَّـهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ
تَطْهِيرًا» ، ومن الطاعة
المطلقة كما في قوله : «أَطِيعُوا
اللَّـهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ» ، ومن المودّة كما
في قوله : «قُل
لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ» ، إلى غير ذلك من
المقامات والمنازل التي نزل بها القرآن لأهل البيت عليهم الصلاة والسّلام.
هذا ، وفي هذه الكلمات عدة نقاط :
منها : إن بقاء الإسلام منوط ببقائهم ، وان الدين
لا يزول ما داموا موجودين ، فهم قوام الدين واليقين ، وبقاؤهما محتاج اليهم ، كما ان بقاء البناء محتاج الى الأساس
والعماد ، ولعل هذا معنى قوله عليه السّلام : «وجبال دينه» .
ومنها : إنّ الأرض لا تخلو منهم ، لأن الله كتب
لدينه الخلود ، وهم الأدلاء عليه ، وأعلام الهداية إليه ، يقول أميرالمؤمنين عليه السّلام : «ألا ان مثل آل محمّد صلّى
الله عليه وآله كمثل نجوم السماء ، إذا خوى نجم طلع نجم» ويصرّح ببقائهم ما
بقيت الأرض بقوله «اللهم بلى ، لا تخلو الأرض من قائم لله بحجة ، اما ظاهراً مشهوراً واما
خائفاً مغموراً ، لئلا تبطل حجج الله وبيناته ، وكم ذا ، وأين اُولئك ؟ اُولئك ـ والله
ـ الأقلون عدداً ، والأعظمون عند الله قدراً ، يحفظ الله بهم حججه وبيناته ، حتى
يودعوها نظراءهم ، ويزرعوها في قلوب أشباههم ، اُولئك خلفاء الله في أرضه والدعاة الى دينه
، آه
________________________________
آه شوقاً الى رؤيتهم» .
ومنها : انه يجب أن يكون السؤال منهم ، والنفر إليهم ، يقول عليه السّلام
: «ردوهم ورود الهيم العطاش» .
وهذه النقاط كلها من مداليل «حديث الثقلين»
المتواتر بين الفريقين كما سنشير إليه.
وفي تشبيه الإمام أهل البيت بنجوم السماء إشارة الى
حديث نبوي صحيح.
روى أحمد وغيره «النجوم أمان لأهل السماء فإذا ذهبت
النجوم ذهب أهل السماء. وأهل بيتى أمان لأهل الأرض فإذا ذهب أهل بيتي ذهب أهل الأرض» .
وقال السيوطي : «أخرج الحاكم عن ابن عباس قال : قال
رسول الله ـ ص ـ : النجوم أمان لأهل الأرض من الغرق ، وأهل بيتي أمان لاُمتي من الإختلاف ، فإذا خالفتها قبيلة اختلفوا ، فصاروا حزب إبليس» .
ويشهد بهذا التشبيه قوله عزوجل : «هُوَ الَّذِي جَعَلَ
لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ» ، ففي الخبر عن
الإمام عليه السّلام : «النجوم آل محمّد عليه وعليهم السّلام» .
وفي قوله : «و إما خائفاً مغموراً» إشارة الى
المهدي من آل محمّد صلّى الله عليه وآله ، الذي «يملأ الله به الأرض قسطاً وعدلاً بعدما ـ أو : كما ـ ملئت ظلماً وجوراً»
وهذا من الاُمور الضرورية والأدلّة عليه كثيرة والمؤلّفات حوله لا تحصى .
________________________________
ثم إنّ ائمة أهل البيت قاموا بواجب الإمامة ـ وهو
حفظ الدين ورعايته وتعليمه والدعوة إليه ـ خير قيام ، قال عليه السّلام :
«بنا اهتديتم في الظلماء ، وتسنّمتم ذروة العلياء ،
وبنا أفجرتم عن السرار» ، أي : خرجتم عن ظلمة الجهل والغواية الى نور العلم والهداية ، وهذا معنى كلامه
الآخر : «بنا يستعطى الهدى ويستجلى العمى» .
وروى الكليني في قوله عزوجل : «وَمِمَّنْ خَلَقْنَا
أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ».
قال : «هم الائمة صلوات الله عليهم» ، وعن أبي عبدالله :
«قال رسول الله ـ ص ـ : إنّ عند كل بدعة تكون من بعدي يُكاد بها الإيمان ولياً من أهل
بيتي موكلاً به يذب عنه ، وينطق بالهام من الله ، ويعلن الحق وينوره ، ويرد كيد الكائدين ...» .
وكم لهذا المعنى من مصداق !!
وما زال المتقمّصون للخلافة والمستولون على شؤون
المسلمين يراجعون ائمة أهل البيت في معضلاتهم ، قال الحافظ النووي في ترجمة أميرالمؤمنين «ع» :
«و سؤال كبار الصحابة له ، ورجوعهم الى فتاواه ، وأقواله
في المواطن الكثيرة والمسائل المعضلات مشهور» .
وكذا قال أعلامهم في ترجمة غيره من ائمة أهل البيت
، وما زالوا سلام الله عليهم : ينفون عن الدين تحريف الغالين ، وانتحال المبطلين ، وتأويل الجاهلين ، وشبهات
الكفار والملحدين ، فتلك احتجاجاتهم مع المخالفين ، ومواقفهم المشرفة في حفظ الدين ، مدوّنة
في كتب المحدثين والمؤرخين ، وقد ذكر ابن حجر المكي في صواعقه في ترجمة الإمام أبي
محمد الحسن العسكري عليه السّلام انه :
________________________________
«لمّا حبسه المعتمد بن المتوكل وقع قحط شديد ، فخرج
المسلمون للإستسقاء ثلاثة أيام فلم يستسقوا ، فخرج النصارى ومعهم راهب ، فلمّا مدّ يده الى السماء غيّمت ، فأمطرت في اليوم الأول ، ثم في اليوم الثاني كذلك ، فشك بعض جهلة المسلمين وارتد بعضهم ، فشقّ ذلك على المعتمد ، فأمر بإحضار الحسن العسكري وقال له ادرك اُمة جدّك ـ ص ـ قبل أن يهلكوا. فقال الحسن في إطلاق أصحابه من السجن ، فاطلق كلّهم له ، فلما رفع الراهب يده مع النصارى غيّمت السماء ، فأمر الحسن رضي الله عنه رجلاً
بالقبض بما في يد الراهب ، فإذا عظم آدمي في يده ، فأخذه من يده وقال : استسق ، فرفع
يده الى السماء فزال الغيم ، وظهرت الشمس ، فعجب الناس من ذلك.
فقال المعتمد : ما هذا يا أبا محمد ؟
فقال : هذا عظم نبي قد ظفر به هذا الراهب ، وما كشف
عظم نبي تحت السماء إلّا هطلت بالمطر.
وزالت الشبهة عن الناس ورجع الحسن الى داره».
هذا شأن «أهل البيت» وهذه منزلتهم ، يقول أميرالمؤمنين
«ع» ، ـ ونقول معه لأهل الإسلام ـ :
«فأين تذهبون ! وأنّى تؤفكون ! والأعلام قائمة ، والآيات
واضحة ، والمنار منصوبة.
فأين يتاه بكم وكيف تعمهون !! وبينكم عترة نبيّكم ،
وهم أزمّة الحق ، وأعلام الدين ، وألسنة الصدق ، فأنزلوهم بأحسن منازل القرآن ، وردوهم ورود الهيم العطاش ... ، ألم أعمل فيكم بالثقل الأكبر وأترك فيكم الثقل الأصغر ؟» .
وهم أحد الثقلين
وأشار عليه السّلام في آخر هذا الكلام إلى حديث الثقلين
المتواتر بين الفريقين :
أخرج أحمد عن أبي سعيد الخدري ، قال : «قال رسول
الله صلّى الله عليه وآله : إنّي قد تركت فيكم الثقلين ، أحدهما أكبر من الآخر ، كتاب الله عزوجل ، حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، وعترتي أهل بيتي ، ألا إنّهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض»
.
________________________________
وأخرج الترمذي عن جابر ، قال : «رأيت رسول الله ـ ص
ـ في حجّته يوم عرفة وهو على ناقته القصواء يخطب ، فسمعته يقول : يا أيّها الناس إنّي تركتُ فيكم ما إن أخذتم به لن تضلّوا ؛ كتاب الله وعترتي أهل بيتي» .
وعن زيد بن أرقم قال : «قال رسول الله ـ ص ـ إني
تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي ، أحدهما أعظم من الآخر ؛ كتاب الله حبل ممدود من السماء الى الأرض ، وعترتي أهل بيتي ، ولن يتفرقا حتى يردا عليّ الحوض ، فانظروا كيف تخلّفوني
فيهما» .
وأخرج الحاكم عنه قال : «لمّا رجع رسول لله ـ ص ـ من
حجة الوداع ونزل غدير خم ، أمر بدوحات فقممن فقال : كأني قد دعيت فأجبت ، إني قد تركت فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر ، كتاب الله تعالى وعترتي ، فانظروا كيف تخلّفوني فيهما ، فإنهما
لن يتفرقا حتى يردا عليّ الحوض. ـ ثم قال ـ : الله عزّوجل مولاي ، وأنا مولى كل مؤمن
، ثم أخذ بيد علي رضي الله عليه فقال : من كنت مولاه فهذا وليه ، اللهم وال من وآلاه
وعاد من عاداه.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ...» .
وهم راية الحق ، من
تقدّمها مرق ، ومن تخلّف عنها زهق
والتمسك بالعترة هو : الإقتداء بهم والتسليم لأمرهم
، والإهتداء بهديهم ، والتعلّم منهم. وبذلك يظهر أن من يسبقهم يضلّ ومن يتأخر عنهم يهلك ، يقول عليه السّلام :
«لا تسبقوهم فتضلّوا ولا تتأخروا عنهم فتهلكوا» .
ويقول : «وخلّف فينا راية الحق ، من تقدّمها مرق ، ومن
تخلّف عنها زهق ، ومن لزمها لحق» .
________________________________
ومن قبل نهى النبي صلّى الله عليه وآله عن
سبق أهل البيت والتأخّر عنهم ، ففي كلا الجانبين ضلالة وهلاك ، وقد جاء ذلك عنه في بعض ألفاظ حديث الثقلين.
وشبه «ص» أهل بيته بسفينة نوح ، فعن أبي ذر «انه
قال ـ وهو آخذ بباب الكعبة ـ : سمعت النبي ـ ص ـ يقول : ألا ان مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح ، من ركبها نجا ، ومن تخلّف عنها هلك. رواه أحمد» .
و قال ابن حجر المكي : «جاء من طرق عديدة يقوي
بعضها بعضاً : إنما مثل أهل بيتى كمثل سفينة نوح ، من ركبها نجا. وفي رواية مسلم : ومن تخلّف عنها غرق.
وفي رواية : هلك» .
ولهم خصائص حق
الولاية وفيهم الوصية والوراثه
ويقول عليه السّلام : «ولهم خصائص حقّ الولاية» ، أي
: إنّ للامامة شروطاً وصفات لم تتوفر في أحد سواهم ، ومن ذلك : العصمة ، وقد عرفت ان لا معصوم في هذه الاُمة بعد النبي إلّا في أهل البيت ، ومن ذلك : العلم ، وقد عرفت انهم أوعية علم
الله ، وان الناس عيال عليهم فيه.
«وفيهم الوصية والوراثة» .
أما «الوصية» فإنّ أميرالمؤمنين كان وصي النبي
صلّى الله عليه وآله بلا خلاف ، وإنّ الائمة من بعده أوصياء واحدا بعد واحد ، واما «الوراثة» فهي تعمّ الخلافة
والعلم والمال.
وهم أحق الناس بهذا
الأمر
يقول عليه السّلام : «إن أحق الناس بهذا الأمر
أقواهم عليه وأعلمهم بأمر الله فيه ، فإن شغب شاغب اُستعتب ، فإن أبى قوتل» .
________________________________
وقد عرفت من الأقوى عليه والأعلم بأمر الله فيه؟
وكذا أقربهم من رسول الله صلّى الله عليه
وآله ، يقول عليه السّلام : «فنحن مرة أولى بالقرابة وتارة اولى بالطاعة» ، ويقول : «اما الإستبداد
علينا بهذا المقام ونحن الأعلون نسباً والأشدون برسول الله ـ ص ـ نوطاً فإنها كانت أثرة ، سخت عليها نفوس
قوم ، وسخت عنها نفوس آخرين ، والحكم الله والمعود إليه القيامة» .
ولما رجع الحق إليه قال : «الآن إذ رجع الى أهله
ونقل الى منتقله» .
ومن مات على معرفتهم
وحبهم مات شهيداً
ويقول عليه السّلام : «من مات منكم على فراشه وهو
على معرفة حق ربه وحق رسوله وأهل بيته مات شهيداً ، ووقع أجره على الله ، واستوجب ثواب ما نوى من صالح عمله ، وقامت النية مقام إصلاته لسيفه ، فإنّ لكل شيء مدة وأجلاً» .
وهذا الكلام وإن كان ناظراً الى زمن المهدي المنتظر
إلّا أنّ مورده غير مخصّص له ، فإنّ هذا الأثر لمعرفة حق أهل البيت ثابت في كل زمان.
ومن هنا يقول عليه السّلام : «ناصرنا ومحبّنا ينتظر
الرحمة وعدوّنا ومبغضنا ينتظر السطوة» .
وعن أبي جعفر عليه السّلام : «إنّ الله عزّوجل نصب
علياً علماً بينه وبين خلقه ، فمن عرفه كان مؤمناً ومن أنكره كان كافراً ومن جهله كان ضالاً ، ومن نصب معه شيئاً كان مشركاً ، ومن جاء بولايته دخل الجنة» .
وبهذا المعنى نصوص عن النبي الأكرم صلّى الله
عليه وآله وسلّم كثيرة ونكتفي هنا بما ذكره جار الله الزمخشري في كشافه وأورده الرازي في تفسيره :
قال الرازي : «نقل صاحب الكشاف عن النبي ـ ص ـ أنه
قال : من مات على حب
________________________________
آل محمّد مات شهيداً ، ألا ومن مات على حب
آل محمّد مات مغفوراً له ، ألا ومن مات على حب آل محمّد مات تائباً ، ألا ومن مات على حبّ آل محمد مات مؤمناً مستكمل الايمان ، ألا ومن مات على حب آل محمد بشّره ملك الموت بالجنة ثم منكر ونكير ، ألا
ومن مات على حب آل محمد يزف إلى الجنة كما تزف العروس الى بيت زوجها ، ألا ومن مات على حب آل محمّد فتح له في قبره بابان الى الجنة ، ألا ومن مات على حب آل محمد جعل الله قبره مزار ملائكة الرحمة ، ألا ومن مات على حب آل محمّد مات على السنّة والجماعة ، ألا ومن مات على بغض آل محمّد جاء يوم القيامة مكتوباً بين
عينيه آيس من رحمة الله ، ألا ومن مات على بغض آل محمد مات كافراً ، ألا ومن مات على بغض آل محمد لم يشمّ رائحة الجنة» . يقول الميلاني :
اللهمّ أحينا على طاعة محمّد وآل محمّد ومعرفتهم ، وأمتنا
على معرفتهم ومحبتهم ، واحشرنا في زمرتهم ، وارزقنا شفاعتهم ، ووفّقنا لما وفّقتهم ، إنّك سميع مجيب.
________________________________
ذكرى الشريف الرضي
|
الدكتور الشيخ أحمد الوائلي
|
لكَ رغمَ الهجير روض خَضِيلُ
|
|
الشَّذى الغمرُ والنَّسيمُ البليلُ
|
والجِنانُ المفوفات لديها
|
|
اُكلٌ دائمٌ وظِلُّ ظَليلُ
|
مُنعشٌ من ربيعهِ يَبَسَ الدُّنيا
|
|
وبالغيثِ تستجيرُ الرُّمولُ
|
ومدى عشتَ بين بعدين منهُ
|
|
سَحَرَ الدهرَ فجرُه والأصيلُ
|
ليس عمراً بل عشتَه ألْفَ عُمْر
|
|
كلُّ عُمْر بهِ عَطآء جَزيلُ
|
سوف يبقى والرائعُ الفذُّ يبقىٰ
|
|
لم ينلْ روحَه المدى المستطيلُ
|
تَتساوى به الروائعُ لا يُعرف فيها مُقصِّرٌ
وفضيلُ
|
السَّجايا به توائمُ بيضٌ
|
|
بعضُ أوصافها الأنيقُ الجميلُ
|
والمزايا بهِ لظى وهجيرٌ
|
|
وشموخٌ ورقَّةٌ وهَدِيلُ
|
(١٠)
هو سرُّ الإعجاز أنْ يكبر المظروفُ ظرفاً ويصنعُ المستحيل
|
هكذا الأربعون عمرُك أغنانا وقد يفعلُ الكثيرَ
القليلُ
|
*
* *
أيُّها الواحدُ الذي بينَ بُرديه كثيرٌ ورُبَّ
فرد قَبيلُ
|
دخلَ الكونَ خالداً ثمَّ لم يرحل عنه وللأنام
الرحيلُ
|
وأخُ الفكر كالحقيقة يبقى
|
|
حالُهُ والأحوال طُرّاً تَحُولُ
|
حملته العيونُ بدراً مضيئاً
|
|
في الأماقي لا يعتريه أفولُ
|
ورأىٰ الوعيُّ فيه فكراً أصيلاً
|
|
وقليل في الكون فكرٌ أصيلُ
|
سكب الروحَ في إطار أنيق
|
|
فإذا الفكرُ للحياة عَديلُ
|
وأرانا تراثه صوراً منه
|
|
ويحكي الإنسان فكر وقيلُ
|
فإذا عفَّةٌ ومجدٌ وعزمٌ
|
|
بمدىٰ النَّجم حبلُه موصولُ
|
(٢٠)
هِمَّةٌ تعبر النجوم لأسمى
|
|
وترى أنّ كل صعب ذلولُ
|
سِمةُ الصقرِ يحسنُ النَّزْعَ حتى
|
|
لو أضرَّتْ بأخمصيهِ الكُبولُ
|
سخرت من خلافة ليس إلّا
|
|
طيلسانٌ مزركشٌ وطبولُ
|
عندها المجد في دروب النبوّات فما بالكرسيّ عنه
بديلُ
|
كان هذا وكان أكبر من هذا فأنّى يَطاله التفصيلُ
|
نسخةٌ من أبي تراب رؤاها
|
|
وعَلىٰ الفرع تَستَبين الاُصولُ
|
وانتساب الأنغام للعُود طبعٌ
|
|
ما بهِ خُدعةٌ ولا تمثيلُ
|
*
* *
يايَراعاً ينمنم الورد من نهج عليٍّ والنهجُ
سِفْرٌ جليلُ
|
دَلّلَ النبرُ أنّه لِعليٍّ
|
|
رُبَّ قول عليه منه دليلُ
|
إنّه في البيان شمسٌ فلا الفانوسُ من سِنْخهِ ولا
القنديلُ
|
(٣٠)
نَظَمَ الرائعات مَبنى ومعنى
|
|
فإذا الأحرفُ الشّذىٰ والخميلُ
|
كلُّ فصل أبو تراب بهِ يَبدو
|
|
فتهتزّ بالهَدير الفُصولُ
|
غير أن النفسَ المريضة تهوىٰ
|
|
أن يغطّي الحقائقَ التَّضليلُ
|
زعموه نسجَ الرضيّ ومَهْلاً
|
|
أين من هادر الفُحولِ الفصيلُ
|
لا تُعِرْ قَولَهم فما هو شيء
|
|
كي يصفيه الجرح والتعديلُ
|
إنَّه العَجْزُ والقُصور وماذا
|
|
غير أنْ يحسدَ المتينَ الهزيلُ
|
قد أفاضت «مصادرُ النهج» فيما رُدَّ فيه معاندٌ
وجهولُ
|
ودرىٰ الباحثون في أنَّ دعوىٰ
|
|
عَزْوه للرضيِّ قولٌ عليلُ
|
وأبى الحاقدون أن ينظروا إلا ازوراراً وأعينُ
الحقدِ حُولُ
|
ولو «النَّهجُ» نهجُ صَخْر بن حرب
|
|
فعلىٰ القَطْع إنّهُ مَقْبولُ
|
(٤٠)
لكن النَّهجُ كان نهجَ عليٍّ
|
|
وَعَليُّ عَلىٰ الدَّنيِّ ثَقيلُ
|
*
* *
إيهْ بغدادُ يارُؤى مترفات
|
|
مٰا مَحاها الزَّمانُ مَهْما يَطولُ
|
يومَ كانتْ وللفوارسِ فيها
|
|
ألف شوط وللخُيولِ صَهيلُ
|
والسَّرايا طيوبُها من نَجيع
|
|
ومن النَّقع فَوْقَها إكليلُ
|
فاتحات لم تعرف الزهو والبغيَّ ولا كان هَمَّها
التقتيلُ
|
إنَّما همُّها حياةٌ عليها الحُكم نُعمى ، والعَدلُ
ظلُّ ظليلُ
|
عندَها للجهادِ سيفٌ وللرحمة قلبٌ وللهُدى تَهْليلُ
|
وببغدادَ سيّدٌ مَلأَ الدنيا صَدى والزمانُ عبدٌ
ذَليلُ
|
ذاك عصرٌ مُحفّلٌ بصُدور
|
|
مُتْلَعات مازاحمتها الذّيولُ
|
من مزاياه مُرتضى ورَضيُّ
|
|
ونَصِيرٌ وصاحبٌ وخَليلُ
|
*
* *
(٥٠) أيُّها الكرخ ألف باقة ورد من مَغانيك عطرها
مطلولُ
|
خطرتْ حلوة فأنقت الدُّنيا
|
|
وَغَنَّتْ على رُؤاها الطُّلولُ
|
نَفَثَتْ سِحرَها علىٰ كلِّ ذِهْنِ
|
|
فَلها عندَ كلِّ ذِهْن مُثُولُ
|
وتبارت بالعلم والأدب المترف فيها قرائحٌ وعقولُ
|
في صُروح للعلم يسرح في أبعادها الفكر والفهوم
تجولُ
|
ومحاريب عامرات بآل الله واللَيل ستره مسدولُ
|
كلّ حَبْر بَراهُ حسنٌ خَفِيُّ
|
|
فَهْوَ فيهِ المتيَّمُ المَتْبُولُ
|
إن تلا آي ذكر هزته منها رعدة فهو كالغصون يميلُ
|
جُنَّ بشر الحافي بها وعرى ابن الفارض العشق فهو
نضو نحيلُ
|
وتسامى الحلاج فالله فيه حالةٌ ذاب عندها لا حُلولُ
|
(٦٠)
عَرَفُوا أنَّ ما سِوى الله وَهمٌ
|
|
وبأنَّ الحياة مرعى وَبيلُ
|
وَحَداهُم حاد مِنَ الغيبِ فاشتاقوا
|
|
وَجُدَّ السُّرىٰ ولَذَّ القُفُوْلُ
|
ولنار الحبيب تومىء كف هذه النار نار ليلى
فميلوا
|
رَتَعُوا بالحِمى فهامُوا بوجه
|
|
ذي جَلال جَلاله لا يَزولُ
|
*
* *
وبوعيي يا كرخ في الطرف الثاني هوى ذاب في جواه
رعيلُ
|
إذ مقاصير الف ليلة أسمار لديها الشهيُّ والمعسولُ
|
نَفَذَ الدَّهْرُ والمفاتِنُ مِنها
|
|
لمْ تَزَلْ في الزَّمان نَبْعٌ يسِيلُ
|
ولَيال تَنَوَّرتْ بنُجُوم
|
|
قمرُ الكرخ بَينَهُنَّ ضَئِيلُ
|
واللذاذاتُ مِن مفاتن قصر الخلد منع للصب او
تنويلُ
|
رَسَمَتْها بِجبهة الدَّهر حُسْناً
|
|
طَلْعة حُلوةٌ وفَرعٌ رَسِيلُ
|
(٧٠)
فَتَألّق فما عَهِدتُ ابْنَ ألف
|
|
مِثْلما أنت وجهُه مَصْقُولُ
|
هٰكذا أنتَ في خيال الليالي
|
|
الأمالي والشَّدْو والترتيلُ
|
للمصلي وللمغني وللعالم في كونه ذرى ومقيلُ
|
*
* *
إيْه مَهَدَ الرَّضيِّ هَلْ تحفظُ العَهْدَ
|
|
وَحفظُ العُهُود غالَتْهُ غُولُ
|
هل تقولُ الصَّوابَ هذا أَصيلٌ
|
|
حِينَ يُنْمىٰ جذرٌ وهذا دَخيلُ
|
إن شر العقوق لو عاد رب البيت يُقصى ويستقر
النزيلُ
|
والشّريفَ الرضيّ يا كرخُ فخرٌ
|
|
يوم تُدعىٰ بهِ ومجدٌ أثِيلُ
|
ولمحض انتمائه لك أمر أنت فيه على السهى تستطيلُ
|
أو لم ينظم النجوم على افقك عقدا تقلدته العقولُ
|
فإذا بالفرائدِ البكر سِفْرٌ
|
|
ضاء فيه المعقولُ والمنقولُ
|
(٨٠)
وإذا بالقريض عُودٌ وسيفٌ
|
|
يَتَغنّىٰ هذا وذاك يصولُ
|
وإذا بالصفات تحسد راعيها ويزهو بالحامل المحمولُ
|
السماح الغني والأدب المفرط لينا والاعتداد
النبيلُ
|
خُلُقٌ من محمّدٍ وعليٍّ
|
|
في كثير ممّا بهِ تَعليلُ
|
*
* *
وسؤال عندي أبا الحسن اسمعه وقد يعرف الجواب
السؤولُ
|
ليلة عشتها اقتصاصاً وزاداً
|
|
الدَّبور احتفىٰ بها والقبولُ
|
ثمراتُ العناق زادُك فيها
|
|
ورُضابٌ مزاجهُ زنجبيلُ
|
حيثُ يهدي لموقع الّلثم ثغرٌ
|
|
ويمدُّ الظلام جعد أشيلُ
|
وأحبّ الظلال ما صنع الشّعرُ
|
|
ونعْمَ الدَّليلُ ثغرٌ دليلُ
|
أتراها كانت خيالاً من الحرمان يمليه عالمٌ مأمولُ
|
قد يغذّي الأحلامَ ليلٌ كريمٌ
|
|
حين يَقسو لَها نهارٌ بخيلُ
|
الخدودُ المُصعّراتُ نهاراً
|
|
نابَ عنها في الليل خدُّ أسيلُ
|
أم تراها عن واقع ويقين
|
|
كلّ ليل لَديك عفُّ بتولُ
|
اظماتك التقوى ولو شئت تسقى لاستجابت واغرقتك
السيولُ
|
فليالي الزوراء لو شئت فيها
|
|
نغماتٌ وكاعبٌ وشَمُولُ
|
غيرَ أنْ العِشقَ الكبيرَ صُعودٌ
|
|
وسماتُ العشق الصغير نزولُ
|
انت قلب الدنيا الكبير وطبع كل قلب عن الجسوم
حمولُ
|
فإذا ما قستْ عليكَ الليالي
|
|
دونَ باقي الورى وصُبّتْ ذحولُ
|
فَسُراها مع الكرام وَجيفٌ
|
|
وسُراها لِلآخرينَ ذَميلُ
|
ولئن يُجتبى سواك وتنسى فَلَكم ساد فاضلاً مفضولُ
|
مِثلما الشمس اهملت واحاط القمر المدح والثناء
المكيلُ
|
وهو من نورها استمدُّوكم يحرم كدحٌ وللنؤوم
الحصيلُ
|
وكم ابتزت الحياة ادّعاءات وأكدى فضلٌ وسادت فضولُ
|
وحنانيك أنّ مجدَكَ حقُّ
|
|
وإن ازْوَرَّ عن عُلاه جهولُ
|
والذي رام ينحت الريح مجداً
|
|
سَلْهُ ماذا سينحتُ الإزميلُ
|
*
* *
ويحُ بغداد إذ تذودُكَ عنها
|
|
هل دَرَتْ أنّ عرشَها المَثْلُولُ
|
أنت إن رمت تطردُ الغيث عن أرض فما بعد ذاك إلّا
المحولُ
|
أنتَ بغدادُ حيثما كنتَ كانتْ
|
|
إنَّ بالأهل يشمخُ المأهولُ
|
والذي ظنَّ أنّه يقتل الفكر فلا شك أنّه المقتولُ
|
أو رأىٰ أن يذلَّ بالسوط فكراً
|
|
فسيبقى وهو المهينُ الذليلُ
|
إنّ للفكر حيثما حلَّ رَبْعاً
|
|
ورجالاً ودولة لا تدولُ
|
كل زيف سينتهي ولو استشرى دوي من حوله وصليلُ
|
وسريرُ المفكّرين رؤوسٌ
|
|
وسريرُ الموتى ترابٌ مهيلُ
|
فاتلق أيها الشريف فللأشراف دنيا خلودها مكفولُ
|
|
دمشق
٢٩ رجب الحرام ١٤٠٦
هـ
|
*
* *
الشّريف الرضي في ذكراه الألفيّة
|
الشيخ جعفر الهلالي
|
كم توارى جيل ومرَّتْ عصُورُ
|
|
ولذكراك في الخُلود ظهورُ
|
ألفُ عام مضى وأنتَ شِهابٌ
|
|
بِسناه عوالمٌ تَستنيرُ
|
آية قد صُنعتَ يعجزُ عنها
|
|
حينَ يسمو إليك هذا الشُّعورُ
|
يَتَهاوى القَصيدُ في لُغةِ الشا
|
|
غِرِ حيران فهوعيّ حَصورُ
|
أنتَ في عالم الحقيقة دُنياً
|
|
من كمال بها تلوذُ الدُّهورُ
|
أتُراني اُوفيك إنّ رحتُ اُزجي
|
|
للقوافي مهما سَما التَّعبيرُ
|
أمّ ستَختار ريشتي لَكَ معنى
|
|
يتجلّى به لك التَّصويرُ
|
أنا حسبي ذكراكَ جئت اغنيها قواف تأتي بهن
السطورُ
|
فتواضع يا شعر بين يدي رَ
|
|
بِّ القوافي فهو العَظيمُ الكبيرُ
|
*
* *
(١٠) أيُّها المعرق الذي أخذ المجـ
|
|
ـد بأطرافهِ لأنتَ الجديرُ
|
الشَّريف الأجلُّ ذو الحسبين انـ
|
|
ـدكَّ عنه خليفة ووزيرُ
|
قد ورثتَ الأمجادَ من آلك الأطـ
|
|
ـهار لا دعوةٌ هناك وزورُ
|
لك موسى بن جعفر كاظم الغيـ
|
|
ـظ أب في العُلى إليه تشيرُ
|
ومن الاُمِّ فاح للحسن السبـ
|
|
ـطِ شذاهُ غداة طابت حجورُ
|
________________________________
نسبٌ حسبك النبيُّ منار الـ
|
|
ـفضلِ والمُرتضى الوصيّ الأميرُ
|
وإذا الأصل قد زكا طاب فرعاً
|
|
وتسامَى للخالداتِ مسيرُ
|
*
* *
يا أبا المكرماتِ وافيتُ ذكرا
|
|
كَ وفي القلبِ بهجةٌ وسرورُ
|
كم قد ازدان في حديثك للتا
|
|
ريخ سفرٌ وكم أشادَ خبيرُ
|
قد تداوَلْتَها مناصبَ كانت
|
|
لك فيها شؤونُها والاُمورُ
|
ليسَ بدعاً إذا (النّقابة) حيّتـ
|
|
ـك وأنتَ الفتى الكميّ الوقورُ
|
وتكفَّلت بـ (المظالم) يحدو
|
|
كَ فؤاد على العباد غيورُ
|
ولركب الحجيج كنت (أميراً)
|
|
في شؤون سواكَ عنها قصيرُ
|
لم تزيّنك رتبة كنت تعلو
|
|
ها فخاراً والفاقد المغرورُ
|
*
* *
يا رضيّ الفعال ذاكراك درسٌ
|
|
باركته أجيالُنا والعصورُ
|
عِشتَها سيرة الى الخير كانت
|
|
فلَها الخيرُ أوّل وأخيرُ
|
لَكَ في عالم الفضائل غرسٌ
|
|
فاحَ منه على الحياة العبيرُ
|
شرفٌ باذخٌ وعفّةُ نفس
|
|
وتقى قط ما بها تكديرُ
|
واحتضانٌ للعلم يُنبىء عنه
|
|
تلكَ (دارُالعلوم) وهي النّورُ
|
ووفاء الى الصديق وإن كا
|
|
نَ بعيداً فحبُّه موفورُ
|
واعتزازٌ يأبى الهبات من المُعـ
|
|
ـطي وذا فيكَ طابعٌ مأثورُ
|
وشموخ نحو الخلافة يُبديـ
|
|
ـه جهاراً مقالك المشهورُ
|
يا لِعلياكَ ما أجلّ وأسمى
|
|
فهي في اُفقنا الغداة بدورُ
|
*
* *
يا أبا الشعر كم سَكبتَ القوافي
|
|
حكماً يزدهي بهنّ الشُعورُ
|
كنتَ والحقِّ عندها عبقريّا
|
|
قلَّ يُلفي بها إليك نظيرُ
|
عذبة كلّ لفظة حين يأتي
|
|
من صميم الفُصحى بها التَّعبيرُ
|
تُسحر السمعَ حين يبدو صَداها
|
|
مثلما يَسحر الخيالَ الخَريرُ
|
حين طوَّفت في المعاني فما قصَّـ
|
|
ـرَ شرطٌ ولا تَراخت بحُورُ
|
غَزَل لا تَرى الغَرام يغشّيـ
|
|
ـه ومدحٌ ما ذلَّ فيه الشعورُ
|
وحماسٌ بالمشرفيةِ إن لا
|
|
حَ فخارٌ فأنت ذاك الفخورُ
|
ورفضتَ الهجاء بالمنطقِ الفا
|
|
حِشِ يأباه منكَ مجدٌ وخيرُ
|
علويّ السمات ما عاش فيه الـ
|
|
ـحقدُ يوماً ولا استقرَّ الزّورُ
|
*
* *
يا عزوفاً إلّا عن الشرف الأسـ
|
|
ـمى فما فيك عنده تأخيرُ
|
عشتَ في عالم تهالك فيه النّـ
|
|
ـاس فالكلّ خاضع مأسورُ
|
تلك دنياً تعجّ بالزّخرف الفا
|
|
ني ولهو تموج فيه القصورُ
|
والليالي الحمراء في حَلْبةِ الرقـ
|
|
ـصِ فكم عندَها استبيحت خُدورُ
|
اُمسيات قد عاش فيها بنوالعبّـ
|
|
ـاسِ فالجّو داعرٌ مخمورُ
|
وتداعى على الفتات اُناسٌ
|
|
حينَ ماتَ الحجى وماتَ الضّميرُ
|
وتَوالت مواكبُ الشعر يحدو
|
|
ها لحبّ الدُنيا هناك مَصيرُ
|
فإذا الشعرُ سلعة وامتداحٌ
|
|
وإذا الشاعرُ الطروبُ أجيرُ
|
هكذا كانت الحياة فبيعَ الـ
|
|
ـفِكرَ بخساً وذاك شيء خطيرُ
|
وإذا أنت جانبٌ مشمخرّ
|
|
لم تُضعضعه للحياة قُشورُ
|
لم تبع ذلك الشُّعور ليختا
|
|
لَ فخوراً خليفةٌ أو وزيرُ
|
بئست الصفقة التي تسترقّ الـ
|
|
ـمرء فهو الأذلّ وهو الحقيرُ
|
*
* *
أيُّها الفارسُ الذي نالَ حقاً
|
|
قصب السبق لم يعقْهُ فتُورُ
|
همّة جازت الثّريا بما أنـ
|
|
ـجزتَ للآن نفعه مَشْهورُ
|
فهناك التأويلُ قد أظهرتهُ
|
|
حينَ وافتْ (حقائق) فهي نورُ
|
ومجاز القرآن في روعة (التلـ
|
|
ـخيص) ما مثله هنا مأثورُ
|
وعظيم الأعمال منك بما قَـ
|
|
ـدّمتَ (نهجٌ) وذاك فتحٌ كبيرُ
|
عنه نقّبتَ إذ بذلتَ جهوداً
|
|
مضنيات وأنت فيها الجديرُ
|
مكرمات إليك سجّلها التا
|
|
ريخ ذكراً ومجّدتها الدهورُ
|
*
* *
يا بناة العرفان في دولة الاسـ
|
|
ـلام أنتم عمادنا المَذخُورُ
|
ثورةُ الفكر فجّرتموها
|
|
يقظة حولَها الزمانُ يدورُ
|
باركَ الله فيكم ذلك المسـ
|
|
ـعى ووافاكم بذاك الحُبورُ
|
انَّ إحياءكم لـ (نهج) علي
|
|
هو والحقِّ مكسبٌ مشكورُ
|
لم يكن للبلاغة اليوم نهجاً
|
|
بل لدى العلم ذاك بحرٌ غزيرُ
|
هو نهجُ العقيدة الصلبة الشمّـ
|
|
ـاء ينهارُ من صَداها الكفورُ
|
هو نهجٌ الآداب والخلق السا
|
|
مي به الرُّوح تزدهي والضميرُ
|
هو نهجٌ للحكم يبني السياسا
|
|
تِ نظاماً له الهُدى دستورُ
|
هو هذا نهجُ البلاغة حقّاً
|
|
من (عليٍّ) بيانه مَسْطورُ
|
*
* *
عجباً ذلك التراث بهذا الـ
|
|
ـحجم يُقصى ومن سِواه نميرُ
|
ماالذي كان قد جناه (عليٌّ)
|
|
عندَ قوم حتى استحرَّت صُدورُ
|
ألأنَّ الحقَّ الذي قد رعاه
|
|
كان مُرّاً والجاحدون كثيرُ
|
يالَها اُمة أضاعت حِجاها
|
|
حيثُ راحت خلفَ السَّرابِ تسيرُ
|
ولديها من ثورة الفكر ما يغـ
|
|
ـني ولكن أينَ السَّميعُ البصيرُ
|
فهي تعشو عن الحقيقة في المسـ
|
|
ـرى وفي بيتِها السراجُ المنيرُ
|
أخذت تطلب السواقي البعيدا
|
|
ت وفي جنبها تَفيضُ البحورُ
|
إنَّ هذا هو الخسار وهل يُفْـ
|
|
ـلح قوم ماتَ فيهم شُعورُ
|
(٥)
إرشاد المؤمنين إلى معرفة
نهج البلاغة المبين
شرح نهج البلاغة
ليحيى بن إبراهيم بن يحيى جحاف اليمني الحبوري ، المتوفّى
سنة ١١٠٢ هـ ، كان من اُدباء عصره ، وتولى حكم مدينة حبور [ نشر العرف ٢ / ٨١٤ ].
١ ـ نسخة كتبت سنة ١٠٩٣ هـ ، في مكتبة الأمبروزيانا
، رقم G٧
، مذكورة في مصادر الفكر العربي الإسلامي في اليمن ص ٣٣٧.
٢ ـ نسخة في مكتبة الجامع الكبير في صنعاء ، في
ثلاثة مجلّدات ، رقم ٣٧٣ كلام.
٣ ـ نسخة اُخرى في مكتبة الجامع الكبير أيضاً ، رقم
١٧٨
٤ ـ نسخة كتبت سنة ١٢٦٤ هـ ، في مكتبة الجامع
الكبير في صنعاء ، رقم ١٩١٠ ، مذكورة في فهرسها ٤ / ١٦٧٥.
(٦)
الدرّ النضيد المنتزع
من شرح ابن أبي الحديد
لعبدالله بن يحيى بن الحسين بن القاسم بن محمد
اليمني الصنعاني الأديب ، المتوفّى سنة ١١٥٠ هـ [ نشر العَرف ٣ / ١٥٩ ].
١ ـ نسخة كتبت سنة ١٢٦٢ هـ ، في مكتبة الجامع الكبير
في صنعاء ، رقم ١٥٤.
مصادر الفكر العربي الإسلامي في اليمن ص ٣٤٥.
(٧)
الديباج الوضيّ في
الكشف عن أسرار كلام الوصيّ
للمؤيّد بالله يحيى بن حمزة بن علي ، المتوفّى سنة
٧٤٩ هـ.
أوله : «الحمد لله الذي أنطق لسان الإنسان الحكيم
...».
١ ـ نسخة تاريخها ٨ ربيع الأول ١٠٧٢ هـ ، في مكتبة
الجامع الكبير في صنعاء ، رقم ١٩٧٦ ، ذكرت في فهرسها ٤ / ١٦٤٧.
٢ ـ نسخة كتبت سنة ١٠٧٣ هـ ، في ٤٠٠ ورقة ، في
مكتبة الجامع الكبير أيضاً ، رقم ٣٠٦ أدب ، مذكورة في فهرسها ٤ / ١٦٤٦.
مصادر الفكر العربي الإسلامي اليمن ص ٥٦٧ ، ومصادر
ترجمة المؤلف ص ٥٦٤.
(٨)
العقد الفريد المنتزع
من شرح ابن أبي الحديد
لعبدالله بن الهادي بن يحيى بن حمزة ، المتوفّى
حدود سنة ٧٩٣ هـ.
مصادر الفكر العربي الإسلامي في اليمن ص ٣٢٤.
نسخة كتابتها سَنة ١٠٨٠ هـ ، في مكتبة المجلس في
طهران ، مذكورة في
فهرسها ١ / ١٦٧.
الذريعة ١٤ / ١٣٤.
(٩)
كشف اللآلي في شرح
نثر اللآلي
لمحمد بن نعمة الله.
نسخة في مكتبة ملك في طهران ، مذكورة في فهرسها ١ /
١٩٩٣.
(١٠)
مختصر شرح نهج
البلاغة
لمحمد بن عبدالله بن يحيى بن حمزة.
نسخة كتبت سنة ٩٩٥ هـ ، في مكتبة الجامع الكبير في
صنعاء ، رقم ١٩٢٠ ، ذكرت في فهرسها ٤ / ١٧٠٠.
(١١)
نظم حكم الإمام علي
بن أبي طالب عليه السّلام
لأحمد بن عبدالله الوزير ، المتوفّى سنة ٩٨٥ هـ.
وهي اُرجوزة توجد في مكتبة الجامع الكبير في صنعاء
، ضمن المجموعة رقم ٣٦ مجاميع ، ص ٢٧٥ ـ ٢٩٧ ، ذكرت في فهرسها ٤ / ١٧٢٠.
* *
*
(١٣)
نور الأبرار من حكم
أخي الرسول حيدر الكرّار
لمحمد بن غياث الدين الشيرازي الطبيب.
نسخة من القرن العاشر ، في مكتبة سالار جنگ ، رقم
١٠٤٢ ، مذكورة في فهرسها ص ٩٦.
هذه خمس رسائل تغتنم «تراثنا» الفرصة في هذا العدد
لتقدّمها إلى المهتمّين والدارسين ، وهي :
* فصولٌ من المخمَّس للشريف
الرضيّ.
* رسالةُ الشريف الرضيّ إلى
أبي القاسم سليمان بن أحمد.
* رسالةٌ من الملك بهاء الدولة
بن بويه إلى الشريف الرضيّ.
* رسالة الشّريف الرضيّ إلى
الوزير سابور بن أردشير.
* فصل من رسالة الشريف الرضي.
وفي هذه الرسائل إضاءات على التراث الأدبي للسيّد
الشريف الرضيّ ، وإشارات إلى علاقته بالملك بهاء الدولة بن بويه والوزير سابور بن أردشير. إضافة إلى فصول
في المخمّس ، الذي هو لون من ألوان النثر الفنّي.
وقد اعتمدنا في الأربعة الاُولى على مصوّرة كتاب «جمهرة
الإسلام ذات النثر والنظام» للشيخ الفقيه أمين الدين أبي الغنائم مسلّم بن محمود بن نعمة بن رسلان بن
يحيى الشيزري (كان حيّاً سنة ٦١٧ هـ).
وهي من مصورات مجمع اللغة العربية بدمشق عن مخطوطة
جامعة ليدن ، رقم ٤٨٠ ، تاريخ النسخة سنة ٦٩٧ هـ ، بخطّ جيّد ، في ٥٢٦ ورقة.
وفي الخامسة على نسخة رسالة للشريف الرضيّ في
مجموعة من القرن الثامن ، برقم ٥٩١ ، في الورقة ٤٤ ، في خزانة الدكتور أصغر مهدوي ـ اُستاذ جامعة طهران ـ.
ويحدونا الأمل أن تنال رسائل هذا العَلَم اهتماماً
واسعاً من المحقّقين لما في العناية بها من حفاظ على ثروة أدبية وفنّية متميّزة ، خصوصاً وأنّ الشريف الرضيّ من اُولئك
الّذين اعتنوا عناية بالغة بأدبهم وفنّهم ، وأعطوا لذلك أهمّية كبيرة في حياتهم
الزاخرة بالعلم والمعرفة.
هيئة التحرير
(١)
رسالة الشّريف الرضيّ
إلى أبي القاسم سليمان بن أحمد ، وهي :
كتابي ـ أطال الله بقاء الاُستاذ ـ عن سلامة ألبسه
الله نطاقها ، وضرب عليها رواقها ، وما بيننا من علائق الإخاء وغرائس الصفاء ، يجدّد جدّة وعنفواناً ، وغضارة وريعاناً
، فلا تُخشى الفوادحُ على عوده ، ولا النكائث على عهوده ، وقد علم الله ـ سبحانه ـ من
قلق الجأش ، وعظيم الإستيحاش ، ولما جرت به الأقدار من ذلك الحادث الذي استرط فيه نفسه ، وأخطر مهجته ، وركب له كاهل الغرر ، وأمل الخوف والحذر ، إلى أن اُجلي عن مراده ، وانجلى بعد سواده ، وأعاده الله ـ سبحانه ـ إلى وطنه إعادة النصل إلى
غمده ، بعد ما أبلى في الضّراب ، وأثّر في الجماجم والرقاب ، وردّه ردّ السهم إلى كنانته
، بعدما اهتزّ في الغرض المطلوب ، وانتظم حبّات القلوب.
والحمد لله ، على ذلك يخرج إلى النعمة من حقِّها ، ويعين
على حمل أوقها ويكون أماناً من خوف النقيصة ، وسبباً لمأمول الزيادة.
ولم أخل في أثناء بعده ـ أدام الله عزّه ـ على
الحال التي أخلّت باُنسي وبلغت من نفسي ، لمواصلة المكاتبة إلى من يختصّ بودّه ، ويتألّم لبعده مستطلعاً منه درر
أخباره ، ومتفرّد آرائه ، ومكلّفاً له مكاتبته إلى مستقرّه ، بذكر ما أنا عليه من لواعج الإشتياق
وزوابع الإشفاق ، والدّعاء بأن يجعله الله سبحانه في ذمام وقايته ، وضمان كفايته ،
وأن يحرسه حراسة الناظر بجفونه ، والقلب بحيزومه ، وأن يخير له فيما يقدم عليه رأيُه ،
ويجري عليه عزمُه ، من معاودة المركب الذي انتقل عنه ، ولزوم المقعد الذي انتقل إليه
خيرة تدلّه من مضانّ الخطب بصوابها ، وتقدح
في ظلام النوائب بشهابها ، وتجلو له من وجوه الآراء أوضحها ، وتصحبه من مقاود العزائم أسمحها ، حتّى يكون من عقال الحيرة مطلقاً ،
________________________________
ولمفصل الحزم مطبّقاً ، فيكون على جلية
الرأي ومفرقه ، ووضح الأمر وفلقه ، فيما يأتي ويذر ، ويقدّم ويؤخّر.
ولمّا تواترت إليَّ البشائر بعوده إلى وطنه مكنوفاً
بالسّلامة ، محفوفاً بالسعادة ، ومقذياً به كل ناظر طمح إلى عثرته ، ومجدوعاً به كل مارن شمخ بعد مفارقته ، وكان
المتخطّون في سعيه ، والمنحازون إلى ودِّه ، بين مسرّة ممّا أعلى الله من نعمته ، ومكّن
من يده وقدمه ، وبين غمّة بالحال التي أخرجته من الإستزادة ، من الثقل الباهر والعبء الفادح ، الذي ربّما أصحر بحمله ، وآدَ الناهضين حمله ، إلّا
أنا فإنّ سروري من بينهم كان صرفاً غير ممزوج ، وخالصاً غير ممذوق ، ثقة بأنّ الله تعالى قد أجاب فيه الدّعوة
التي دعوتها ، والرغبة التي رفعتها ، إذ كانت مشروطة بالخيرة في الأمرين معاً ، ومعلّقة
بالصلاح في الوجهين جميعاً.
فلمّا أنعم الله سبحانه بتسهيل أحدهما مسبّباً
أبوابه ، ومسهّلاً صعابه ، علمت أنّ فيه الصلاح النيّر ، والرشاد المقمر ، وأن سلامة الموارد والمطالع واعدة بسلامة
المصادر والمراجع ، فسكنت نفسي واثقة بحميد الخواتم وجميل العواقب ، وراجية أن يكون رذاذ هذه النعمة قطراً ، وشرارها جمراً ، وبدو غراسها جَناً وثمراً ، إن شاء الله.
وكيف لا يكون ذلك ونعمته ـ أدام الله عزّه ـ آمنة
غير مروّعة ، وسالمة غير منازعة ، لأنّه قد خصّها بالفعل الجميل وأسقط عنها تبعات المنازعين ، ومهّد لأعجازها قبل هواديها ، ونظر لعواقبها قبل
بَواديها ، فأصبحت مطنّبة بأسباب متينة ، ومستلئمة بدرع حصينة ، ولا طريق عليها لحادث ، ولا حجّة في ثلمها لنابث ولا طارق ، فهي مستقرّة غير قلقة ، ومقيمة غير مفارقة ، والزوائد مرجوّة لها ، والنقائص مأمونة
عليها.
فإن رأى ـ أدام الله تأييده ـ أن يتأمّل ما كتبت به
، ويجعل الجواب منه مفصّلاً لا
________________________________
مجملاً ، ومبسوطاً لا مختصراً ، لتكون
الإفاضة في ذكر النّعم المتجدّدة والعوارف المترادفة ، أشفى للغليل ، وأجدر بالشكر العريض الطويل.
(٢)
رسالة من الملك بهاء
الدولة بن بويه إلى الشريف الرضيّ
أطال الله ـ أيُّها الشريفُ الجليلُ الرضيّ ذوالحسبين
ـ بقاءك ، وأدام عزّك وتأييدك وسعادتك وسلامتك ، وأتمّ نعمته عليك ، وزاد في فضله وإحسانه إليك وعندك ، وجميل مواهبه وسنيّ فوائده لك.
كتابنا ـ أدام الله تأييده ـ عن سلامة ملابسها
ضيافة سابغة ، ونعمة مشارعها صافية سائغة ، والحمدلله ربّ العالمين ، وصلّى على سيّدنا محمّد وآله الأخيار الطاهرين.
ونحن ـ أدام الله تأييدك ـ لمّا اكنفنا الله ـ جلّ وعزّ ـ به
من توفيقه ، ووقفنا عليه من جدد الصواب وطريقه ، نرى أوجب الواجبات ، ونعدّ ألزم اللازمات ، موالاة الإنعام
على الفضلاء ، معرفة بأقدارهم ، وإدامة الإكرام للنُبلاء الفصحاء زيادة في منازلهم
وأخطارهم.
وتحلّيت عليه النهى ، ورقت بالمعجب من
مناقبك ، المتصفّح لأحوالك وأفعالك ، وفُقْتَ بالمهذَّب من ضرائبك الأقرب والأبعد من أمثالك وأشكالك ، حتّى نطق بقريضك كل لسان ، واتّفق على تفضيلك كل إنسان ، آثرنا أن ننتهي في النّباهة
إلى غاية موازية لفضائلك ، وفي الجلالة والوجاهة إلى نهاية مضاهية لشرف خصائلك ، فرفعناك عن التسمية إعظاماً لما عظّمه الله من قدرك ، ورقّيناك إلى رتبة السكينة إعلاء لما أعلاه الله من ذكرك.
ثم لقّبناك بالرضيّ ذي الحسبين ، لقبين بك لائقين ،
ولمعناك مطابقين موافقين ، تنبيهاً على جليل موقعك ، وتمييزاً لما قد ميّزه الله من مكانك وموضعك ، والذي
أمددناك به من متجدّد الافضال الذي تستحقّه بزكيّ أصلك ، ثمّ بالموقوف به من موالاتك ، واعتمدناك بحمالة من مؤتنف هذا الإحسان الذي تستوجبه ببارع فضلك ، ثمّ السكون
________________________________
إليه من إخلاصك وموالاتك عاجل يتبعه آجل ، وطلّ
يشفعه وابل ، إذ كانت ذرائعك الذرائع الوجيهة التي تستدعي لك الموادّ من الميزاب ، وشوافعك الشوافع النبيهة
التي تستدني لك الأقدار من الكرامات.
وأنت ـ أدام الله تأييدك ـ تشكر ما قدّمناه محسناً
لتقبله ، وتنتظر ما أخّرناه واثقاً بإسراعه وتعجيله ، فعندنا من الإعجاب بك ما يدعو إلى متابعة الفواضل عليك ، ومن الإيجاب لك ما يحدو على مظاهرة العوارف لديك ، ويدوم على ما أحمدنا منك ، وتقيم على ما تسرّنا محاسنه عنك لتزداد الميامن بك احتفافاً ، وتتضاعف العوائد منّا لك أضعافاً ، وتواصل كتبك بما نتطلّعه من أنبائك ، وتواترها بما نترقّبه ونتوقّعه من
تلقائك.
(٣)
رسالة الشّريف الرضي
إلى الوزير سابور بن أردشير يهنّئه بعودة
الوزارة إليه وهي في الدفعة الرابعة :
كتابي أطال الله بقاء سيّدنا الوزير ـ أدام الله
تأييده ـ يوم كذا عن حمد الله تعالى أستدرّ شارقه ، وأستفتح مغالقه ، على ما شمل جميع النّاس عموماً وشملني من بينهم خصوصاً الإستبشار بيُمْن نظره ، وتمكين يده ، واستئناف دولته ، ورجوع أمره ونهيه ،
فإنّ المنّة في ذلك استغرقت شكر الشّاكرين ، وفاتت حمد الحامدين ، ولم يخل أحدٌ من قسم ازلّ إليه منها ، أو سهم
ضرب له فيها. فكان عود سلطانه ـ أدام الله تمكينه ـ نعمة على جميع الكافّة ، كما كان خلوّ مكانه ـ [ لا ] أخلاه الله أبداً
منه ـ غُمَّة على الخاصّة والعامّة.
وإلى الله أرغب في أن يجعل هذه الموهبة راهنة غير
ظاعنة ، ودائمة غير رائمة ، ولا ينقله عنها إلّا إلى ما هو أجلّ منها مطمحاً ، وأشرف موكباً ومقعداً ، متوقّلاً به في مراق من العِزِّ كلّما وضع قدمه على بعضها رأى ما يجاوزه دون ما وصل إليه ، وما خطاه مقصّراً
عمّا استولى عليه ، حتى يبلغ إلى نهاية لا مرمى وراءها ، وغاية لا مطلع خلفها ، ولا
منزلة بعدها ، آمناً من هفوات الزّمان ونبوات الأيام وسهام الضراء ومكائد الأعداء ، بمنّه
ولُطفه.
ولو لم يكن لسيّدنا الوزير ـ أدام الله علوّه ـ من
المزايا التي يفوق بها الأكْفاء ويجوز
________________________________
النظراء ، إلّا بلوغه إلى ما [ لم ] يبلغ إليه أحدٌ ممّن نُحِل
اسم الوزارة ، واُجريَ مجراه في مقعد الرئاسة ، من تدبير هذا الأمر أربع دفعات متغايرات ، وتلك منزلة ما وصل إليها أحدٌ من الوزراء على سوالف الأوقات وخوالفها ، لكفى بذلك فضيلة غرّاء ، ومنقبة علياء ، فكيف وقد جمع الله سبحانه فيه من شرف الضّرائب ، ويُمن النقائب ، وكرم
الطبائع ، وطيب الغرائز ، وسلامة العقائد ، واحتصاد المعاقد ما هو
بمنزلة الكمال الذي يتفرّق في الأشخاص ولا يجتمع في أحد من الناس ، وقد علم القريب والبعيد والشريف والمشروف ، أنّ هذه المنزلة كانت ثلمة لا تُرأب إلّا به ، وفرجة لا يسدّها إلّا
شخصه ، وأنّ لهذا الأمر باباً لا يفتحه إلّا من أغلقه ، وستراً لا يرفعه إلّا من أسدله ، وثغراً
لا يسدّه إلّا من داوسه ، وجدّاً لا يصبرُ
عليه إلّا من مارسه.
وسيّدنا الوزير ـ أدام الله عزّه ـ هو كفؤه وكافيه
، وطبيبه وآسيه ، فالله تعالى يتمّم ما خوّله ، ويُعينه على ما قلّده ، ويُجريه على أجمل ما عوّده ، إنّه على ذلك قدير ، وبه
جدير.
ولست أدلّ على شدّة ارتياحي وابتهاجي ، وانبساط
رجائي وآمالي ، ما يجدّد له ـ أدام الله تمكينه ـ بأكثر من اطّلاعه على حقائقه ووقوفه على ظواهره وبواطنه ، فإنْ
رأى سيّدنا الوزير ـ أدام الله علوّه ـ أن يأمر ـ أعلى الله أمره ـ بإجابتي عن كتابي
هذا بما أعلم معه أنّ موضعي من حُسن رعايته محروسٌ ، ومكاني من مكين رأيه مكين في ذلك على عوائد إنعامه وعوارف إحسانه ، التي لم أخلّ بالشكر لها ، ولم أذهل عن الإشادة بها ،
على بعد الدار وقربها ، وتغيّر الحال ورجوعها ، فعل إن شاء الله تعالى.
وما أحدثَ الدهرُ من نبوة
|
|
وقَطَّعَ ما بينَنا من سَبَبْ
|
فإنَّ النفوسَ إليكُم تُشاق
|
|
وإنّ القُلوب عليكم تجبْ
|
وتَسفُر أرحامُنا بينَنَا
|
|
فتعلي طوائلنا أو تَهبْ
|
فإنّا نرى لجوار الدِّيار
|
|
حُقوقاً فكيف جوار النَّسبْ
|
________________________________
(٤)
من المخمّس فصول الشريف الرضيّ
فصل : وأما فُلان فما عندي
أنك تقرب عرضه إلّا شامّاً صادِفاً وذائقاً باصقاً ، فأما أن تجعله لوكة لفيك وعُرضة لقوافيك ، فتلك حالٌ أرفعك عن الإسعاف إليها والرّضا بها ، واجلّ سهمك أن يصيب غير غرضه وحدَّكَ أن يُطبِّقَ غير مفصله ، فما
كل رميّة تَصَرَّدُ فيها النبال ولا كلّ
فريسة تنشب فيها الأظفار.
فصل : قد كاد الرّسول يا
أخي وسيّدي ـ أطال الله بقائك ـ من كثرة الترداد تتظلم قدماه ، وكاد المرسل من امتداد الطرف لانتظاره تزور عيناه ، فلا تجعل للّوم طريقاً
إليك ولا للعتاب متسلّقاً عليك ، وكن مع مواصلتك إلباً على مقاطعتك وأحمل لمفارقتك
كثيراً على مباعدتك ، فان ذلك أحصف لمعاقد العهود وأعطف لتآلف القلُوب.
فصل : إن رأى الشريف ـ أطال
الله بقاءه ـ أن يلقي إليَّ طرفاً من حال سلامته ، وما جدّده الله تعالى من حسم شكايته ، فحرامٌ على جنبي الهدوء إذا نبا جنبه ومحصّن
عن عيني الرّقاد إذا سهر طرفه ، لأنَّ النفس واحدة وإن اقتسمها جسمان واستهم فيها جسدان ، ولستُ أشكّ في هزيمة الداء ونقيصة الألم لما أجده من سُكون النّفس
وطمأنينة القلب ، ولو كان غير ذلك لقلقت نفسي لقلق قسيمتها وتألّمت مهجتي لألم مساهمتها ، والله يقيه ويقيني فيه الأسواء بمنّه وقدرته إن شاء.
فصل : وراودتُ نفسي في
إنفاذ رسول إليه يسأله الحضور ، ثم أضربت عزيمة الرأي خوفاً من إزعاجه في مثل هذا الوقت ، ولئلا ينسبني إلى نقض الشرائط وفسخ العهُود اللوازم ، لأنه يشارطني في ليلة يومنا هذا في داره ، وكان عزمي في الإنفاذ إليه
بين رأيين ؛ جاذب الى أمام ، وممسك الى وراء ، فالجاذب يحضّه السوق ويحرّضه النزاع الى رؤيته
________________________________
فيجذب دائباً ، والممسك يمنّيه الوفاء بعهده
والمحافظة على ودّه فيقف هائباً ، والذي أمكنني عند غيبته أني حرّمت القراءة على نظري ، وصرفت مستأذن الحديث عن دخول سمعي ، وفزعت الى المضجع وإن كان نابياً لِنُبُوِّه ، والنّوم وإن كان نائباً
لنأيه ، فإن رأى ـ أدام الله عزّه ـ أن يجعل شخصه الكريم جواباً عن هذه الأحرف لينشر من نسائمي ما انطوى لفراقه ، ويطفىء من حناني ما اضطرم من نار أشواقه فعل إن شاء الله.
فصل : وان اتّسق الأمر
الذي الى الله أرغب في تمامه ، وأسألهُ العون على لمِّ شمله وتأليف نظامه ، كان فلان عندي في المنزلة التي إن أشرف منها وجد الناس جميعاً تحته
، والمكان الذي إذا طمح فيه بطرفه لم يَرَ أحداً من الرجال فوقه ، والله يعين على
مشاطرته كرائم النعمى ويجعل الرشد مقروناً بصحبته في الدّين والدنيا ، إنّه ولي ذلك
والقادر عليه.
فصل : قرأت ماكتب به مولاي
الاُستاذ ـ أطال الله بقاءه ـ وملّكني الإبتهاج بما وقفت عليه من علم خبره ، واقتسمتني أيدي الإرتياح لما أنست به من دوام سلامته ، والله يقيه الهمّ ويكفيه المهم بمنّه وقدرته ، وأما خبري فأنا الآن في منزلة من
العافية بعد أن كنتُ في نازلة من المنزلة وتحت ظل من السلامة
بعد حصولي في هجير من عارض العلّة ، ولله الحمد على الإبتلاء بالأوّل والإنعام في الآخر ، ولولا شغلي بما
ذكرت وانغماسي فيما وصفت ، لم أقنع لنفسي بالتأخر عنه طول هذه المدّة ، مع السرور الذي يهفو بي إليه ، والجواذب التي تسرع بي نحوه ، والله يحرسه ويحرسني فيه بمنّه ، إنه
وليُّ ذلك والقادر عليه.
فصل : فإن رأى ـ أطال الله
مدّته ـ أن يجيبني إلى ما التمسته ، ويحتمل ما اقترحته ، فإنّه أهل لنزول الحوائج به ، وموضع لتكاثر المسائل عليه ، فما يسأل إلّا باذل ، ولا
يحمَّل إلاّ حامل ، فعل إن شاء الله.
فصل : أخلفَ ميعاداً وصدق
بعاداً ، اُعيذك ـ أطال الله بقاءك ـ من ذلك ، وعدتني أنّك تصير النصب فيه على قولك أحشفاً وسوء كيله ؟ والمعنى يجمع هذا وذا ، إلَيَّ فأخلفت ، وأوعدتني أنّك تجازيني على مافعلته بالقطيعة فقدّمت وأسلفت ، [ وعادة
]
________________________________
الكريم إنجاز الوعد وإخلاف الوعيد ، فإن لابدّ
فالصدق في كليهما ليتوارد الفعلان ويعتدل الأمران ، ولا يكون الشرّ أغلب الطبعين عليك ، والخير أبغض الحظّين عندك ، والذي أسالك ـ أدام الله عزّك ـ أن تسرع النهضة إليَّ ، وتعجّل الطلوع عليَّ ، إن
شاء الله.
فصل : فلو شئت ـ أطال الله
بقاءك ـ لا لتثمت الخجل من قبيح ما ترتكبه وقعة بعد اُخرى ، وأنا دائب أتلافاك بالصّعب والذلول والدقيق والجليل ، وأستميلك استمالة النافر ، وأستعطفك استعطاف الشارد ، واُداريك مداراة الولد الوالد ، بل مداراة
الناظر الرمد ، وأنت ماض على غلوائك في البعد ، وجار على سننك في القطعية والهجر ، ولو رمت شرح جميع اُموري منك لطال الكلام ، وكثر الخصام.
والآن فالذي أسالك ـ أدام الله عزّك ـ أن تخرج من
لباس الخلق الجافي ، وتشرع في غدير الودّ الصافي ، فانه أولى بك وأشبه بمثلك ، إن شاء الله.
فصل : إذا كان إنعام سيّدنا
الوزير ـ أطال الله بقاءه ـ عريض الأكناف ، بعيد الأقطار والأطراف ، ينال المحروم والمرزوق سَجْله ، ويسع القاضي والدّاني
فضله ، كان أحق من ضرب فيه بسهم ، واُخذ منه بنصيب وقسم ، من سبقت منه خدمة ، وتوكّدت له حرمة ، وقد شمل أفضال سيّدنا الوزير ـ أدام الله عزّه ـ أشكالي وأمثالي
من أهل هذا البيت ، وأنا أعوذ بغامر فضله أن يعزبني الزمان من ملابس طوله ، فإن رأى ـ حرس الله مدّته ـ أن ينعم عليَّ بالتوقيع في معنى كيت وكيت فعل إن شاء الله.
* *
*
________________________________
(٥)
فصل من رسالة الشريف
أبي الحسين الموسوي رحمة الله عليه :
وإذا كنت ـ أدام الله عزّك ـ لا ترع العلائق
الواشجة ، ولا تجيب الأرحام المناشدة ، ولا تتعطف بالأسباب العواطف ، ولا تهتزّ للأعراق الضوارب ، وأنتَ أنتَ في كمال البصائر والتجارب ، وسداد الآراء والعزائم ، فأين موضع السكن التي عسا عودها ، ونبا على العواجم عمودها
، واعتقبتها الأيام رافعة وخافضة ، وتداولتها الخطوب رائشة وناهضة .
وإنّما تكون آراء ذي السنّ الغالب أسَدّ وأصوب ، وعزائمه
أنفذ وأدرب ، وأفعاله مستضيئة لشعاع الحزم الثاقب ، ومتنكّبة عن ظلم الهوى الغالب ، لأنّ الزمان قد يجده بطول صحبته ، وأخلصه
بطوارئ خيره وشرّه ، وغالبه ثمّ دان له ، وخاشنه ثمّ لاينه ، فأفاده ارتياءً في المشكلات ، ووقوفاً عند الشبهات ، واستشفاءً للعواقب ، ونظراً
من الموارد إلى المصادر ، واطلاعاً على مجاني الغروس قبل إيراقها ، ومحاصد الزروع قبل
إطلاعها ، فهو أبداً مُغالب عزمه بحزمه ، ومستعبد هواه لرأيه ، وأخلق به ألّا تنشط عقاله
الحوادث ، ولا تزلق قدمه النوائب ، ولا يَسري إلّا على مَنار ، ولا ينقاد إلّا بأزمّة الإستبصار
، ولا يرمي إلّا على إشارات التوفيق ، ولا يحذو إلّا على مثال الرأي الأنيق .
________________________________

المفاضلة بين الرضيّ والهرويّ
|
السيّد أحمد الحسيني
|
بسم الله الرحمن الرحيم
وله الحمد والمجد
الشريف الرضي محمد بن الحسين الموسوي البغدادي ، شاعر
طالبيّ مُفْلِق مكثر ، سار شعرُه في دنيا الأدب سيرَ الشمس عند الظهيرة ، وأذعن معاصروه ـ بما فيهم من
وفرة الشعراء والممتازين من أرباب القول والكلام ـ بتقدّمه في الشعر وإمامته في الأدب ،
مع ما عُرف قديماً بأنّ الشارع المكثر تقلّ محاسن شعره ويكثر المبتذَل في نظمه.
«إبتدأ يقول الشعر بعد أن جاوز العشر سنين بقليل ، وهو
أبدع أبناء الزمان ... ثمّ هو أشعر الطالبيّين ، من مضى منهم ومن غَبَر ، على كثرة شعرائهم المُفْلِقين ...
ولو قلتُ إنّه أشعر قريش لم أبعُد عن الصدق ، وسيشهد بما اُجريه من شعره العالي القِدْح
الممتنع عن القَدْح ، الذي يجمع إلى السلاسة متانة ، وإلى السهولة رصانة ، ويشتمل على معان
يقرب جَناها ويبعد مداها» .
«وله شعر إذا افتخر به أدرك من المجد أقاصيه ، وعقد
بالنجم نواصيه ، وإذا نُسب انتسب الرقة إلى نسيبه ، وفاز بالقِدْح المعلّى من نصيبه ... وورد شعرُه دِجْلَتها
ـ أي بغداد ـ فشرب منها حتى شَرَقَ ، وانغمس فيها حتى كاد أن يقال غَرَقَ» .
________________________________
وقد «يسمّيه الاُدباء النايحة الثكلى لرقّة شعره
... ويقال : أشعر قريش. قلت : معناه أنّه ليس لقرشيّ كثرة جيّدة» .
قال الخطيب البغدادي : سمعت أبا عبدالله محمد بن
عبدالله الكاتب بحضرة أبي الحسين بن محفوظ ـ وكان أحد الرؤساء ـ يقول : سمعتُ جماعة من أهل العلم بالأدب يقولون : الرضيّ أشعرُ قريش. فقال ابن محفوظ : هذا صحيح. وقد كان في قريش من يُجيد القول إلّا أنّ شعره قليل ، فأمّا مجيد مكثر فليس إلّا الرضيّ .
نعم «إنّ شعر الشريف الرضي ـ وإن يكن قديم الاُسلوب
ـ ظاهرُ البلاغة ، عالي النَفَس مديده ، قويُّ النسج ، واضحُ التعابير ، فيه مَتانة وسهولة ورَصانة ، تظهر
فيه شخصية صاحبه ، شخصية نبيلة عزيزة النفس أبيّة طموح ، وقلّما قرأت له قصيدة ـ في أي
نوع من أنواع الشعر ـ إلّا أحْسَسْتَ فيها روحَ الفخر وشكوى الزمان والشيب» .
* *
*
من طريف ما صنعه أديب متذوّق من أُدباء القرن
الخامس الهجري ، أن أجرى مفاضلة بين شاعرين فحلين لهما شهرة وصيت في عالم الأدب العربي في تلك الحَقْبَة الزمنية وما تلتها من الأحقاب ، هما الشريف الرضي محمد بن الحسين الموسوي البغدادي
والقاضي أبو أحمد منصور بن محمد الأزدي الهروي ، شاعرا العراق وخراسان وفحلا القطرين المتسابقين في حلبة الأدب.
قدم أديبنا الذوّاقة قصيدة رائيّة للرضيّ وقصيدة
دالية للهرويّ ، معتذراً عن عدم وقوفه على قصيدتين لهما من قافية واحدة في غرض مشترك حتى تتمَّ عناصر المفاضلة بين
الشاعرين ، فاختار هاتين القصيدتين وقدّمهما للمفاضلة بين الشاعرين لأنّه يعلم أنّ
الأديب يستدلّ بمباني الكلام ومعانيه وصيغة ألفاظه على درجة الشاعر ، ويميز بين
المتقدّم الفاضل عن المتأخّر المفضول.
أمّا الأديب الذي أجرى المفاضلة وأتحفنا بهذه الدرّة
اليتيمة من هو ؟
فهذا سؤال لم نهتد إلى جوابه ، إلّا أنّه يبدو من
تقديمه المقتضب للقصيدتين رفيع أدبه
________________________________
الشعري والنثري ، بالإضافة إلى قول إسماعيل
الأديب فيه عند حكومته بين الشعرين : «ولولا اقتراح هذا الفاضل ، المحتوي على أجناس الفضل ، المتشبّث بأفنان فنون الأدب ، لما أثبتُّ هذا الفصل».
وأمّا المشاركون في هذه الحكومة الأدبية ، فهم :
١ ـ الفضل بن إسماعيل.
٢ ـ أبو الحسن علي بن أحمد الواحدي ، المتوفّى سنة
٤٦٨.
٣ ـ أبو نصر صاعد بن الحسين الزوزني.
٤ ـ زكريا بن الحسن بن زكريا الزوزني.
٥ ـ إسماعيل بن الحسن الأديب.
إتّفق هؤلاء الاُدباء على تقدّم شعر الرضي على شعر
الهروي ، وأنّه أعلى شأواً ، وأسنى مقصداً ، وأشرق لفظاً ، وأعمق معنى ، مع اختلافهم في تعابيرهم واحتياط بعضهم في الحكومة.
ويزيدُ في قيمة هذه المفاضلة أنّ قصيدة الرضيّ من
شعره غير المنشور ، فإنّها لم ترد في ديوانه المطبوع في مطبعة نخبة الأخبار بالهند سنة ١٣٠٦ ، ولا في طبعة دار صادر ببيروت. ويكفي لإثبات نسبتها إليه أنّ هؤلاء الاُدباء المعاصرين له أو المقاربين لعصره
سجّلوا حكومتهم من غير شكّ أو ترديد في صحّة النسبة.
* *
*
الشريف الرضي محمد ابن الطاهر ذي المناقب أبي أحمد
الحسين بن موسى بن محمد بن موسى بن إبراهيم بن الإمام موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السّلام ، الموسوي العلوي البغدادي.
نشأ في كنف والده أبي أحمد منشأ جمع كل صفات النبوغ
والتقدّم ، وعُني بتربيته شيخ الشيعة محمد بن محمد بن النعمان المفيد التلعكبري البغدادي عناية جعلته من الأعلام البارزين الّذين يفتخر بهم التاريخ الإسلامي عبر القرون.
كان مبرزاً فاضلاً ، عالماً ورعاً ، عارفاً بالفقه
والفرائض معرفة قوية ، إماماً في اللغة والعربية لا يُشقُّ غبارُه ، مترسّلاً ذا كتابة جيدة ، أوحدَ الرؤساء ، عظيمَ
الشأن ، رفيعَ المنزلة ، له المكانة العالية عند خلفاء زمانه وملوك عصره.
بدأ دراسته على الشيخ المفيد في سنّ مبكرة ، وقرأ
عند أبي إسحاق إبراهيم بن أحمد ابن محمد الطبري ، وابن السيرافي النحوي ، وغيرهما.
وكان شاعراً مُفْلِقاً ، فصيحَ النظم ، ضخمَ
الألفاظ ، قادراً على القريض ، متصرّفاً في فنونه ، وهو أشعر الطالبيّين ، ويقال أشعر قريش. إبتدأ يقول الشعر بعد أن جاوز عشر
سنين بقليل ، وجُمع شعرُه في ديوان ضخم يتداوله دارسو الشعر العربي.
وكان عفيفاً شريف النفس ، عالي الهمّة ، ملتزماً
بالدين وقوانينه ، ولم يقبل من أحد صلة ولا جائزة ، حتى انّه ردّ صلات أبيه. وقد اجتهد بنو بويه على قبوله صلاتهم
فلم يقبل منهم شيئاً.
من مؤلفاته «نهج البلاغة» و «تلخيص البيان عن
مجازات القرآن» و «المتشابه في القرآن» و «مجازات الآثار النبويّة» و «خصائص الائمة» و «رسائله إلى الصابي».
توفّي رحمه الله في شهر محرّم الحرام سنة ستّ
وأربعمائة ـ وقيل أربع وأربعمائة ـ وحضر الوزير فخرالملك وجميع الأعيان والأشراف والقضاة جنازته والصلاة عليه ، ودفن في داره بمسجد الأنباريّين بالكرخ ، ومضى أخوه المرتضى من جزعه عليه إلى مشهد الإمام موسى بن جعفر عليه السّلام ، لأنّه لم يستطع أن ينظر إلى تابوته ودفنه ، وصلّى
عليه فخر الملك أبو غالب ، ومضى بنفسه آخر النهار إلى أخيه المرتضى بالمشهد الشريف
الكاظمي ، فألزمه بالعود إلى داره.
|
(اُنظر : يتيمة
الدهر ٣ / ١٣٦ ، دمية القصر ١ / ٢٨٨ ، رجال العلامة الحلّي ص ١٦٤ ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١ / ٣١ ، الدرجات الرفيعة ص ٤٦٦ ، وفيات الأعيان ٤ / ٤١٤ ، الوافي بالوفيات ٢ / ٣٧٤ ، شذرات الذهب ٣ / ١٨٢ ، روضات الجنّات ٦ / ١٩٠ ، رياض العلماء ٥ / ٧٩).
|
*
* *
القاضي أبو أحمد منصور ابن القاضي أبي منصور محمد ـ
ويقال أحمد ـ الأزدي الهروي.
كان فقيهاً ، كثيرَ الفضائل ، حسنَ الشمائل ، قاضي
هراة.
تفقّه على أبي أحمد الاسفرايني في بغداد ، وسمع أبا
الفضل بن حمدويه والعباس بن الفضل النضروي وغيرهما.
وكان شاعراً مجيداً ، كثيرَ الشعر مختلفَ الأغراض ،
يبلغ ديوانه أربعين ألف بيت. كما أنّه كان ناثراً بليغاً ، له رسائل في منتهى البلاغة والفصاحة.
قال الباخرزي في دُمية القصر : «أفضلُ مَن بخراسان
على الإطلاق وأطبعهم بالإتّفاق ، يرجع إلى نظم أحسن من انتظام الأحوال ، ونثر كما يهيّء الدرّ عن اللآل
... وقد اُوتي حظّاً وافراً من حياته ، وبلغ أرذلَ العمر من وفاته ، فانطعن تحت رحيّاته
، وأثّر فيه الهرم تأثيراً نشف ريَّه وأطر سَمْهَريَّه ، وحجب طرفَه وإن لم يحجب ظرفه ، وكفَّ
ألحاظه وإن لم يكفّ ألفاظه ، وقصَّر من خطواته وإن لم يقصّر من خطراته».
توفّي سنة أربعين وأربعمائة.
|
(اُنظر : دمية
القصر ٢ / ٨٩ ، معجم الاُدباء ٩ / ١٩١ ، يتيمة الدهر ٤ / ٣٤٧ ، الأعلام للزركلي ٧ / ٣٠٣).
|
*
* *
نسخة «المفاضلة» المخطوطة التي رجعنا إليها ، من
نوادر مكتبة آية الله المرعشي العامة في قم ، وهي في مجموعة برقم (٤٠٤٧) معها رسائل اُخرى كما يلي :
١ ـ ديوان شعر ، لم نعرف صاحبه.
٢ ـ المفيد في التصريف ، للزمخشري.
٣ ـ المفاضلة بين الرضي والهروي.
٤ ـ الزاجرة للصغار عن معارضة الكبار ، للزمخشري.
٥ ـ اُدباء الغرباء ، لأبي الفرج الإصبهاني.
٦ ـ نزهة العشّاق ونهزة المشتاق ، لعين القضاة
الهمداني.
٧ ـ حسيب النسيب للحسيب النسيب ، للراوندي.
هذه المجموعة النادرة كتبت في القرن السابع الهجري
بخطوط أشخاص يظهر أنهم كانوا من المعنيّين بالأدب العربي. ورسالة «المفاضلة» بخطّ أبي نصر عتيق بن عبدالرحمن بن محمد بن عبدالرحمن بن خليل بن عمر بن سنان الصدّيقي ، كتبها في جمادى
الاُولى سنة ٦٥٧ ، وهي بخط نسخ مشكول لا يخلو من قوّة. والرسالة مع وضوح خطّها بقي فيها كلمات لم يتبيّن لنا وجه الصواب فيها ، فقوّمنا بعضَها بالقياس والتخمين
وأبقينا بعضَها كما هي ، مع الإشارة في التعليق إلى ما قوّمناه وإلى ما أبقيناه.
* *
*
أمّا بعد :
فهذه زهرة ناضرة تبهج النواظر ، وباقة عَطِرة تفرح
الخواطر ، وطُرفةٌ أدبيّة كانت مطمورة في زوايا الخمول ، أبرزتُها من خِدْرها كما يراها القرّاء الأفاضل ، علَّها
تُرضي ذوقهم الأدبي وتنال منهم الرضى والقبول.
والله تعالى من وراء القصد.
قم ـ إيران
|
السيّد أحمد الحسيني
|

بداية مخطوطة الرسالة

نهاية مخطوطة الرسالة
المفاضلة بين الرضي
والهروي
ذكر المولى بالتقديم
أولى
أفاضلَ أهل نَيسابورَ أصغُوا
|
|
إلى دُرر كأمثالِ الدَّراري
|
وقولوا واحكموا بالعَدلِ فيها
|
|
فإنّ العدلَ مُتَّضَحُ المَنار
|
بحكمِ فَيصل أبدى ضياءاً
|
|
لذي عينينِ من وَضَحِ النهار
|
ءأشعار الرضيّ لديكمُ ارْضى
|
|
وأدخل في نظام الاختيار
|
أم القاضي أحقُّ بذاك منه
|
|
وأسبق في مَيادين الفخار
|
فأنتم كالنجوم الزُّهْرِ ضَوءاً
|
|
وإنّ الفضلَ كالفَلَكِ المُدار
|
لم أجد إلّا كلمتين على قافية واحدة من
بحر واحد في معنى معيّن ، بَيْدَ أنّي تخيّرتُ قصيدتين من بحر الكامل وإن اختلفت القوافي والمعاني ، فإنّه يُستدَلُّ
بمباني الكلام ومعانيه وصيغة ألفاظه على درجة الشاعر في معرفة جيِّده من رديّه ومعوجَّه
من مستقيمه ، والرجلان فَحْلا خراسانَ والعراق ومن يُثنى عليهما الخَناصِرُ بالإتّفاق.
فليرجِّح كلُّ واحد مَن هو أشعرُ عنده وأجزلُ لفظاً
وأصحُّ معنى ، فإنّ للناس في الشعر طرائقَ ومذاهبَ ، والكلام فنونٌ وأساليبُ.
والله المستعان ، وصلّى الله على نبيّه محمّد وآله
الطاهرين.
________________________________
[ ١ ]
قال القاضي أبو أحمد
منصور بن محمد الأزدي الهروي :
قد زار طَيفُك لو ألَمَّ براقِدِ
|
|
أهلاً به من زائر بل عائد
|
ما كان طَيْفاً طافَ لكن خَطْرة
|
|
خَطَرَتْ على قلبي المُعَنّى الواجد
|
فتماثَلَتْ فيهِ خَيالاً زائراً
|
|
أوْ لا فكيف يصحّ رؤيا السّاهِدِ
|
أفدي الذي وَدّعتُ يومَ وداعهِ
|
|
قلبي وصبري في نظام واحد
|
رشَأ حكى بَدْرَ السماء طَلاقة
|
|
بِطلاقة وتَباعُداً بِتَباعُد
|
إمّا رَنا خَجِلَ الغزالُ ، وإنْ مشى
|
|
لَم يعتَدِلْ قَدُّ القضيب المائد
|
يا هاجراً ذِكراه تأبى هَجْرَهُ
|
|
وَمُباعِداً والطيفُ غيرُ مباعِد
|
لو شئتَ علَّلْتَ المحبَّ بموعدٍ
|
|
لا تَبْخَلَنَّ فلستَ أصْدَقَ واعِد
|
خَلّفْتَني أعْدُو بصبر ناقص
|
|
وجوى على مرِّ الليالي زائد
|
وإذا عَزَمتُ على التَجلُّدِ رَدَّني
|
|
شَرْخُ الشبابِ وثقلُ حُبٍّ راكد
|
ولربَّما لاقَيتُ أسبابَ الهَوى
|
|
بجَوانح صُمٍّ وطَرْفٍ جامد
|
________________________________
ولقد تركتُ لك المذاهبَ كلَّها
|
|
وهجرتُ فيك طرائقي ومقاصدي
|
حسبِي جَميلُ تَصَبُّري وَتَجلُّدي
|
|
إنْ صابَني دَهرٌ بِصَوْبِ شدائد
|
أنسَيْتُ أنْ مَدَّ الظَلامُ رِواقَهُ
|
|
منّا على شَفْع كشخص فارِدِ
|
بُتْنا وحارِسُنا الدُّجى وكأنّنا
|
|
صَفْوُ المُدامَةِ بالزَّلالِ البارد
|
ولقد عزمتُ على السِّحاب الجَونِ في
|
|
سُقْيا رُسوم بالحِمى ومعاهد
|
دَمِنٌ صَحِبْتُ الدهرَ في عَرَصاتِها
|
|
نَشْوانَ مُشتَمِلاً بثبوبِ مُساعد
|
حينَ الصِّبا وافى الذوائبَ والهَوى
|
|
عَذْبُ المَواردِ مُعْرِض للوارد
|
زَمَنٌ تَصَرَّمَ وانْقضى فكأنَّهُ
|
|
طَيْفُ الخَيال رأتهُ عينُ الهاجد
|
رَقَّتْ حواشيهِ كما رَقّ النَّدى
|
|
في أخضَر نَضِر وَأحمرَ جاسِد
|
وَصَفا فَلَوْ أنّي عدلتُ عدلتُه
|
|
بشمائلِ الشيخ الجليل الماجدِ
|
قَدْ فَلّ صَرْفُ الدهر حَدَّ عزائمي
|
|
جِدّاً وكدَّرتِ الخطوبُ مَواردي
|
وَأرى الليالي قَصَّرَتْ باعي وَلوْ
|
|
اُنْصِفْتُ ألْفَتْني طويلَ الساعِد
|
وَثَنَتْ عِناني جُهْدَها وَلَو انّها
|
|
أطْلَقْنَ مِنهُ بانَ سَبْقُ الذائد
|
وَغَدا الزمانُ مُعاندي وَلَو انّهُ
|
|
عَرَفَ الرجالَ لكانَ غَيْرَ مُعاندي
|
وَسَعى يَرومُ ليَ الفسادَ وَلَوْ دَرى
|
|
منْ عُدَّتي لَسَعى لِيُصْلِحَ فاسدي
|
وَأنا الشِّهابُ خَفَيْتُ في أرضي وإنْ
|
|
سافرتُ لاحَ سَنا الشِّهابِ الواقد
|
________________________________
وَأنا الحُسامُ انقَضَّ عَنّي رَوْنَقي
|
|
وَبُلِيتُ مِنْ صَرْفِ الزمانِ بغامِدِ
|
وَلَقدْ صَعُبْتُ فما تَلينُ معاجِمي
|
|
للعاجِمينَ ولا تُحَلُّ معاقِدي
|
وَاشْتَطَّ حُسّادي وَإنْ ظَفَرَت يَدِي
|
|
بِأبي المظفَّر ثاخَ نجمُ الحاسدِ
|
لقد اهتدَيتُ من الوزير بكوكب
|
|
في ظُلمة الأيام ليس بخامد
|
وَمَن اغْتدى الشيخُ الجليلُ عَمِيدَهُ
|
|
لَمْ يَخْشَ عاديَة الزمان المارد
|
وَمَن اسْتَظَلَّ ذَراهُ أدرك ماارْتجى
|
|
في ظِلِّ فضل منهُ باد عائد
|
رجلٌ يُجيرُ على الحوادثِ جارَهُ
|
|
وَيُبيحُ خِصْبَ جَنابهِ للرائد
|
وَيُفيضُ في طَوْرَيْهِ صَوْبُ سَمِينِه
|
|
كالغيثِ [ بَيْنَ ] بَوارق وَرَواعِدِ
|
مُتَدَرِّعٌ حُلَلَ الأمانةِ باذلٌ
|
|
لِلْمُلْكِ إشفاقَ النصيح الجاهد
|
وإذا دَجَتْ قُحَمُ الخطوب سِمالَها
|
|
بِعَزائم لدُجى الخطوب طَوارِد
|
وإذا بنى اُكرومَة بلغَ المَدى
|
|
تَثبيتَ أركان ورفعَ قواعد
|
خُلْقٌ كما ابتسمَ الربيعُ وطَلْعَةٌ
|
|
كالبَدر أشرقَ في الظلام الحاشد
|
وَأغَرُّ رَحْبُ الباع نالَ مَراتباً
|
|
في المَجدِ طالِبُهنَّ ليسَ بواجد
|
يا مَنْ لَوْ انَّ الناسَ أيامُ الهوى
|
|
كان الوصالُ عَقيبَ هُجْر آمِد
|
وَلَوْ انَّهم كانوا فُصولَ زَمانِهِمْ
|
|
كانَ ابتساماً في الربيع الوافد
|
لمّا ذَكرتُكَ في القريض أفَدْتُهُ
|
|
فخراً يدومُ على الزمان الخالد
|
________________________________
وَلَقدْ عَقدتُ على القوافي مِنّة
|
|
بلْ طُلْعَة ليست لها بجواحِد
|
كانتْ شواردَ نُفّراً حتّى دَرَتْ
|
|
مَنْ ذا مدحتُ فَجِئنَ غيرَ شوارد
|
وَتَزاحَمتْ فَلَو انّها مُختارةٌ
|
|
لَتَبَدَّلَتْ كلماتُها بقصائد
|
خَلّصْتُها وَنَقدْتُها لكنّها
|
|
نُقِدَتْ مِنَ الشيخ الجليل لِناقِد
|
أصْدَرتُها وَلَو انَّني نِلتُ المُنى
|
|
لَصَحَبْتُها في ضمنِ لَفظ شارد
|
وَلقدْ بَذَلتُ لكَ المودَّة مَحْضة
|
|
والله والقولُ المُنَقَّحُ شاهِدي
|
وَوَثِقْتُ مِنكَ بنيلِ ما أنا آمِلٌ
|
|
وَلَو انّهُ لَمْسُ النُّجوم لِقاعِد
|
[ ٢ ]
وقال الشريف الرضي :
رُدُّوا الرُّقادَ إلى المَشوق الساهر
|
|
لِيَعُودَهُ طيفُ الخَيال الزائر
|
لَو كانَ عندي منهُ ما اُقْري به
|
|
طَيفَ الخيال لكانَ غيرَ مُهاجر
|
لِمَنِ الطُّلولُ بِمنحني الأجزاع مِنْ
|
|
ذات الأراكة والكثيب العاقر
|
دارٌ بمُنعرَج اللِّوى والدَّيْرة الحمـ
|
|
ـراء مِنْ وادي الغضا لِتُماضِر
|
ألقى مراسِيَهُ بها وَتَهدَّلَتْ
|
|
منهُ العَزالى كلُّ مُزْن هامر
|
وَعَفَتْ معالِمَها الرياحُ فما بِها
|
|
إلّا أثاف كالحَمام الواكِر
|
في كلّ يوم أرْسُمٌ مِنْ تُوضح
|
|
تَعفُو وَتَقْوى أرْبُعٌ مِن حاجر
|
حتى اُسائلَ كلَّ رَسْم دارس
|
|
عنهم وأبكي كلَّ رَبْع داثِر
|
________________________________
كانتْ محلَّ أوانس وخرائد
|
|
فَغَدتْ مَرادَ كوانِس وَجآذِر
|
ولرُبَّما آنَسْتُ في حُجُراتِها
|
|
بيضاء تُؤلمُها لحاظُ الناظر
|
رَيّا المَعاصم خَدْلَةٌ أزرارها
|
|
عُقِدَتْ بخوط الخيزُران الناضر
|
عَجْزاء ماضَمَّ الإزار كأنّهُ
|
|
رملٌ تخاذلَ مِن كثيب هاير
|
عَرَّجتُ في عَرصاتِهنّ فلم أعُج
|
|
إلّا على طَلَل كرَقْم الزابر
|
وذكرتُ أياماً هناك نَضَوْتُها
|
|
والذكرُ يُضعِفُ من عَناء الذاكر
|
فالله جارُهُمُ فإنْ شَطَّتْ بِهمْ
|
|
يومَ النّوى نُؤَبَ الزمان الجائر
|
مِنْ مُومن أو مُشْئِم أو مُتْهِم
|
|
أو مُعْرق أو مُنْجِد أو غائر
|
ولقد زَجرْنا الراقصات نَواجياً
|
|
يَشْرَدْنَ أمثال النَّعام النافر
|
مِنْ كلّ ضاربة بعرْق واشِج
|
|
في السرِّ مِنْ آل الجَديل وداعر
|
وكأنّما قَد شُدٌ مِنها مَيْسُها
|
|
مابينَ خافيَتَيْ عُقاب كاسر
|
مَحْفِيَّةٌ ترمى بنا كَحَنِيَّة
|
|
تُرمى إلى غرض بسهْم ناقر
|
حتى نزلْنا ساحة نِلْنا بِها
|
|
عهدَ الأمان مِنَ الزمان الغادر
|
بمُوَطَّأ الأكناف مُقْتَرب الجنى
|
|
مُستغرب الجدوى سعيد الطائر
|
عالي بسامي لحظِ عين المُجْتلى
|
|
مِنهُ إلى قمر السماء الزاهر
|
________________________________
وَأغَرُّ يَجلو الحادثات كما جَلا
|
|
كِسْفَ الدُّجى فَلَقُ الصباح الباهر
|
ومجيل أتراء يحدِّث حدُّها
|
|
في الخَطْب عن حدِّ الصفيح الباتر
|
وَألَدُّ إنْ عَلَكَ الهدير مُجرجراً
|
|
تخرَس شَقاشقُ كلّ فحل هادر
|
عزم له في كلّ خطب مُسْدِف
|
|
لألاء ذي شُطَب بِكَفِّ الشاهر
|
يرمي العِدى منهُ بنجم ثاقب
|
|
ينقضُّ من فَلَكِ البروج الدائر
|
وَشمائل قيسيّة اُدَدِيّة
|
|
كالروض غِبَّ سُرى النَّشاص الماطر
|
ويَدٌ تفيض لمستميح نوالهِ
|
|
بجمام رَجّاف الغَوارب زاخر
|
ذوشيمة عَبِقَتْ بريَحْان العُلى
|
|
كالورد في نَفَس الصديع النائر
|
صافي النَّدى يدنيك من أقصى المُنى
|
|
بسَماحة والنائل المتواتر
|
من كان لا يرضى بوَفْر ناقص
|
|
في الناس لم يظفَر بِعرْض وافر
|
قَرْمٌ إذا ماالحرب شُبَّ ضَرامُها
|
|
والموتُ ينظُر نَظْرة المُتَحاذِرِ
|
وتَخالُ أسيافَ الكُماة كواكباً
|
|
يَطْلَعْنَ في ليل العَجاج الثائر
|
يغشى الكريهة تحت غاب من قنا
|
|
يَعْسِلْنَ منه فوق ليث خادر
|
يغتال جهد مساجليه عَنوَة
|
|
بفعاله والسؤدد المتواتر
|
قومٌ حَموا خِطَطَ المكارم والعُلى
|
|
عن كلّ باد في الأنام وحاضر
|
فتداولوها آخراً عن أول
|
|
وتوارثوها كابراً عن كابر
|
إن يجلِسوا كانوا بُدورَ أهِلَّة
|
|
أو يخطبوا كانوا شموسَ منابر
|
تالله أي مَدى لمجدِكَ لم يغل
|
|
فيه مَدى شوط العتيق الضامر
|
ترقى إلى قلل العُلى بمعارج
|
|
لك من أنابيب الوشيج الخاطر
|
ومُهنَّد مامجَّه فمُ غِمْدِهِ
|
|
إلّا اكتسى عَلَقَ النجيع المائر
|
فتعاطَها مِن كفِّ نَشْوان الشما
|
|
يل يستبيك بلَحْظِ طَرْف ساحر
|
فلقد تجلَّت قَرَّة المَشْتا لنا
|
|
عن وجنتي وَرْد الربيع الباكر
|
وتبسّم النيروزُ يوقظ بالنَّدى
|
|
نَوْرَ الرياض من النعاس الفاتر
|
فكأنّما ينهلُّ من قطر الحيا
|
|
فيها صغارُ اللؤلؤ المتناثر
|
________________________________
وكأنّما قد نُجِّدتْ أكنافُها
|
|
بسباسب من كلّ وشي فاخر
|
وتَمرَّحتْ وُرْقُ الحَمام وطَرَّبتْ
|
|
بتراق لحن العندليب الصافر
|
________________________________
[ ٣ ]
الخطوط عن الثقات :
الفرق بين القصيدتين لا يخفى على الفضلاء ، ولا
يقاس شعر الرضي بشعر غيره من أهل العصر.
وكتبه الفضل بن
إسماعيل بخطّه.
* *
*
لم تزل بلاغةُ العراق أسوغ في الآذان ، وأحلى في
النظام على تقادم الزمان من بلاغة خراسان ، لرقّة هوائها وسلاسة مائها وقرب خطّتها من جزيرة العرب وباحتها ومتاخمتها
بلاد الفصاحة والبيان ، ومجاورة سكّانها أهل البلاغة واللسان.
فالعراق وما والاها تقاسم نجداً [ في ] صحّة هوائها واعتلال
نسيمها ، وهنّ لها عين قسيمها. وإذا هبّت الرياح شَمالاً بسطت في نجدد العراق يميناً وشِمالاً
، وطابت في لياليها الأسحار ، وتنفّست بنفحات المسك الرياضُ والأشجار.
وهذه الأسبابُ تفيد أهلَها صحّة في الطباع ، وسلامة
من الأوجاع ، فتصحّ أفهامُهم ، وتعذب للسامعين كلامُهم.
وخراسان نأت عن ديار البلاغة بقعتُها ، وخلت عن
المتحلِّين بالفَصاحة ساحتُها ورقعتُها ، فأهلُها عُجْمٌ لغتُهم الرَّطانة ، وقلّما توجد فيهم
الكِيَسُ والفطانة ، وفصاحتُهم تُزري بها اللُّكْنَةُ والفَدامة ، ويغلب عليها التكلُّفُ
والإختلال ، وعلى نظم قلائد هم التهافتُ والإنحلال.
________________________________
فشعر العراق أبعد شَأواً في حَلَبَةِ الشعر ، وأهدى
إلى الإصابة في طريق النظم والنثر ، لأنّهم ارتضعوا أفاويْق دَرّ الفصاحة لباناً
، ونطقوا بألفاظها صبياناً ، فكانت لهم لَدوداً ونَشوعاً ، يَردُون مناقِعَها
يَنْبُوعاً فَينبوعاً ، حتى نشأوا وقد مَرنَتْ على الفصيح لسانهم ، وأفصحوا باللغة التي ملأت آذانهم ، وراثة عن الاُمّهات والآباء ، والعصبات
والأقرباء. لا كمن سمع البلاغة بعد البلوغ مُتَرَعْرعاً ، واحتلبها متمحِّلاً متكلِّفاً
متتبِّعاً ، وليس التخلُّق كالخليقة ، والتلهوق كالسليقة ، ولا الدُّرْبَة
كالكلفة.
وهيهات أن يكونَ للضباب صَوْبُ السحاب ، وللغراب
قاب العُقاب ، وأن يكون من تَبَوَّأ خراسان كمن تَربَّع بالدَّهْناء ، وتَشَتّى الصمان وشرب أحاليب اللقاح ، وهبّت عليه صَبا نجد في الرياح ، واستظلّ في العِكاك ، بظلّ السَّمُرات والأراك ، واستاك بفروع البشام ، وظلَّل وِطابَه
بالتُّمام ، وبكى بِنَوْح الحَمام ، وخاطب الربوعَ بعد الإقواء ، وساءل تقاطيع الظباء ، واحترش
الضبابَ مغتدياً بالكشى والمَكْنِ ، وندب الأطلال وبكى
على السكن ، ونطق بالفصيح ، وسكن منابت القَيْصُوم والشِّيْح . هل يستوي هو ومن تَدرَّبَ
بلغة نيسابور وهراة ، هيهات أن يكون ذلك هيهات. هذا هو القول عموماً في شعر الفريقين ، عند الإتحاد باللسان العربي ، ولغة إسماعيل النبي.
فأمّا خصوصاً في الفحلين : فإنّ فتى الأزد منصوراً
، وإن أصبحت الآذان إلى كلامه
________________________________
صَوْراً ، استحلاءاً لنظامه
، وتعجّباً من بُعد غَوْره في الفصاحة ومرامه ، وبلغ من درجات الشعر مناط العَيّوق والنسر ، وأبدع في صنعته كلّ الإبداع ، حتى أروى بماء كلامه الرقراق ظمأ الأسماع ، ولم يُبق في قوس البلاغة منزعاً ، متحقِّقاً فيها لا
متشبِّعاً ، تضاهي قلائدُه أوْشحَة المجرَّة والجوزاء ، يكاد يَخْبُو لديها دَراري السماء ، يقرطس
سِهامَ البلاغة أهدافُها ، ويقشر عن لآلىء البحر من أصدافها ، ويمتري
مستوعباً أخلافَها ، متربّعاً في أوساطها ، جامعاً أطرافَها.
فإنّ الشريف الرضيّ أعذبُ كلاماً ، وأحلى نظاماً ، وأندى
بمحاسن الشعر غماماً ، وأتمّ فيها تُماماً. بحر لا تكدره الدلاء ، ونطق يقصر عنه لو نطق الجوزاء ، وقصائد
تبهى بمزاينها جبين الأيام ، ويتوضّح بضيائها سُدْفُ الظلام ، وشواردهنّ بُعدهنّ قريبة
من الأفهام ، إذا حصلت على البياض بين المداد وألسنة الأقلام ، يخوض بها لجج البلاغة أتمّ الخوض ، ويَفتنُّ في أنواعها تفنّن الصفراء والحمراء من قطع الروض. فما من
باب شَرَع فيه إلّا عَلَكَ الفصاحة بأشدّ لِحى ، حتى كأنّه ألهم الصواب بأسدّ وَحى ، وما
من بحر ركب سفينه ، إلّا غاص على دُرِّه وانتزع دفينَه.
وإن من ولدته هاشم وانتسب إلى مضر الحمراء لَعريقٌ
في الفصاحة رأس في الفصحاء ، إذا عُضِد بما عُضِد به الرضي من سَلاسة ألفاظ ، وبُعد مرمى في المعاني والأغراض.
وليس يستحيي مفضولٌ فَضَله الشريفُ وإن كان أميرَ
المنطق ، بليغَ المشرق ، فلا إزراء بالقمر وإن بَهَرته الشمسُ ، وللعرب الفَصاحةُ مسلَّمةٌ ليست تُنكِرُ ذلك
الفُرْسُ.
وهذا حكم يحكم به حكّامُ الفضل ، ويسجّل به اُولو
التمييز والعقل. ومن تأمّل الكلمتين لم يَطُل به الزمانُ حتى ينقادَ لحكمي وإن كان أبيّاً ، ويحطب في حبلي
وإن كان بايناً . ولو لا خوف الملال لوازنتُ
بين كل بيتين من الكلمتين ، حتى يتبيَّنَ الصبحُ لذي عينين.
كتبه علي بن أحمد
الواحدي.
________________________________
تأمّلتُ هاتين القصيدتين فألفَيتُ كلَّ واحدة منهما
كالروض الزاهر ، غبَّ السحاب الماطر ، وكالدُّرِّ المنظوم ، والوَشْي المرقوم. إلّا أنّ التفاوت بين شعريهما
كالتفاوت بين أبويهما.
وكتبه أبو نصر صاعد
بن الحسين الزوزني بخطّه.
* * *
تأمّلتُ هاتين القصيدتين فوجدتُهما أرقَّ من دمع
المستهام ، ومن الراح رُقرق بماء الغَمام ، ومعانيهما أحسن من دُرِّ الطَّلِّ في أعين الدهر ، إذا تفتّحت عيون
الرياض غبّ المطر. إلّا أنّ شعر الرضيّ أرضى ، وأقرب إلى الرضا.
وكتبه زكريّا بن
الحسن بن زكريّا الزوزني.
* * *
الفاضلُ الفاصلُ بين القَرْمين ، حقُّه أن يكون
عادلاً مجادلاً عن سَنَن المين ، واجتَلَيْتُ الجريدتين فألفَيْتُهما من العُرُب الأتراب ، مُعربتين في الإنتساب عن
أنساب الأعراب ، كلتا تحكي بغرّتها ومقلتها الغزالة والغزال ، وتروي برقّتها وعذوبتها
الخمرَ والزلالَ. لا يتمكّن من ترجيح إحداهما على الاُخرى ، إلّا من صَعِد في معرفة رسوم
الشعر إلى الدرجة الكبرى ، فَسِرُّ الشعر عندي أبعد مَنالاً من سُرَّة الشِّعْرى ، ومن
خال أنّه اكسى من البصل فهو أعرى من المِغْزَل ، ونحن بعدُ في العَنُوق ولم نبلغ فيه إلى
النُوق ، والقَرْمان جاوزا دون العَيُّوق. فالإمساك عن الترجيح بمثلي أحقّ ، وشريا من هو من
الضبّ أعقّ. ولو لا اقتراح هذا الفاضل المحتوي على أجناس الفضل ، المتشبّث بأفنان فنون الأدب لَما أثبتُ هذا الفصل.
وكاتبه إسماعيل بن
الحسن الأديب.
الحمد لله ، والصلاة على رسوله محمّد وآله أجمعين.
ملف مؤتمر الشريف الرضيّ
|
عقد في طهران
للفترة من ١٣ إلى ١٧ رجب ١٤٠٦ هـ مؤتمر خاصّ بمناسبة الذكرى الألفيّة لوفاة الشريف الرضيّ ، الذي أقامته مؤسسة نهج البلاغة.
ونقوم هنا بنشر ما
انتخبته المؤسسة المشرفة من البحوث والمقالات العربية التي اُلقيت في المؤتمر باتّفاق خاصّ مع المؤسسة ذاتها.
تراثنا
|
الشاعر الطموح
الدكتور السيّد محمّد بحرالعلوم
|
حين نستعرض ـ في مدخل البحث ـ معالم من حياة الشريف
الرضيّ ، فإننا نستطيع أن نضع ـ من خلالها ـ أيدينا على مفاتيح شخصيته العامة ، ونحدّد الزاوية التي نهدف
اليها من وراء بحثنا هذا ، وهي باختصار :
أوّلاً ـ الرضي واُسرته
:
وإذا أردنا أن نجمع شتات هذا العنوان ، ونضيق
دائرته على أساس شهرة مترجمنا الكبير ، واُسرته العريقة ، فمن الضروري أن نمرّ عليها جدولة دون توسع ، ونحصرها
بالآتي :
١ ـ إسمه ونسبه :
هو : أبو الحسن ، محمد بن الحسين بن موسى بن محمد
بن موسى بن إبراهيم بن موسى الكاظم سابع ائمة أهل البيت عليهم السلام الذي يرتفع نسبه الطاهر الى الإمام الحسين بن أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليهما السّلام .
من المحتد الأصيل انحدر الشريف الرضي من أب ينتهي
نسبه إلى الإمام موسى
________________________________
الكاظم ومن أم ينتهي نسبها الى الإمام
الحسين بن علي بن أبي طالب ـ عليهما السّلام .
فهي : فاطمة بنت الناصر الصغير ، أبي محمد ، الحسين
بن أحمد بن الحسن الناصر الكبير ـ صاحب الديلم ـ بن علي العسكري بن الحسن بن علي الأصغر بن عمر الأشرف ابن علي زين العابدين بن الإمام الحسين (ع) .
و لهذا كان الرضي يلقب بـ «ذي الحسبين» ، لقّبه
بذلك بهاء الدولة لأنه علوي الطرفين وكان جدّ اُمه الناصر الكبير «شيخ الطالبيين ، وعالمهم ، وزاهدهم ، وأديبهم
، وشاعرهم ، ملك بلاد الديلم والجبل ، لقب بالناصر للحق ، جرت له حروب عظيمة مع السامانية ، وتوفي بطبرستان سند ٣٠٤ هـ وله من العمر تسع وسبعون سنة» .
٢ ـ ولادته ووفاته :
لم يختلف المؤرخون في سنة ولادته ، فقد أجمعوا على
أنها في عام ٣٥٩ هـ وأنها كانت في بغداد ، وعاش فيها طيلة
عمره الذي لم يتجاوز نصف قرن.
ولم يشذّ عما ذهب اليه المؤرخون في سنة وفاته التي
كانت عام ٤٠٦ هـ ، إلّا مصدر واحد ، ذهب الى أنه في عام ٤٠٤ هـ ، وقد يكون ذلك خطأ
من الناسخ أو المطبعة.
ومما يؤكد هذا القول ان الرضي رثا صديقاً له توفي
عام ٤٠٥ هـ وهو أحمد بن علي البتي أبوالحسن ، جاء فيها :
________________________________
|
مَا لِلهموم كأنَّها نارٌ على قَلبي تشبُّ
|
|
|
لِودَاع إخوان الشبَاب مضت مَطاياهُم تَخبُّ
|
|
وودّع الشريف الرضي دنياه ، وهو ابن سبع وأربعين
سنة ، في حين عرف بيته ـ خاصة ـ بطول العمر ، فقد توفّي والده الحسين وقد بلغ من العمر السابعة والتسعين
، وانتقل أخوه علي المرتضى الى جوار ربه وله من العمر إحدى وثمانين سنة ، ولبّت إحدى
شقيقتيه نداء ربها عن نيف وتسعين سنة .
٣ ـ اُسرته :
اُسرة الشريف الرضي عريقة المجد في العراق ، تمتدّ اُصولها
الشامخة الى الإمام موسى الكاظم عليه السّلام ـ كما أشرنا ـ ، وكان والده أبو أحمد الحسين من أعلام
البصرة وشخصياتها اللامعة ، فقد وصفته بعض المصادر بأنه «أجلّ مَن وضع على رأسه الطيلسان وجرّ خلفه رمحاً أريد ، وأجل من جمع بينهما. وكان قوي المنّة ، شديد
العصبية ، يتلاعب بالدول ، ويتجرأ على الاُمور ، وفيه مواساة لأهله» .
كما ذكرت المصادر أن الحسين والد الرضي انتقل مع
أخيه أحمد الى بغداد ، غير أنها لم تذكر تاريخ انتقاله ، ولكنّ بعض المصادر قالت : إنّ أبا أحمد الحسين
ولّي المظالم ببغداد في أيام المطيع العباسي (٣٣٤ ـ ٣٦٣ هـ) ، وآخر يقول : إنّ
معز الدولة أحمد بن بويه على صلة به أيام حكم
المستكفي العباسي (٣٣٣ هـ) ، وكان يترصد له أخبار الخلافة ، والجند والقواد ، وتجري المراسلات بينهما سراً في ذلك .
________________________________
وعلى هذا التقدير فإن والد الرضي كانت له المكانة
عند العباسيين من قبل عام ٣٣٣ هـ ، خاصة إذا أخذنا رواية ولايته المظالم في عهد المطيع العباسي بنظر الإعتبار
، فمعناه أنه كان ذا جاه ومنزلة لدى الحكّام العباسيين ، وهو في فتوة العمر ولم يبلغ
الثلاثين من حياته ، فقد ذكر أن ولادته كانت في سنة ٣٠٤ هـ .
ولقد عاصر والد الرضي عدداً كبيراً من حكّام بني
العباس ابتداء من المقتدر بالله جعفر بن أحمد ، الذي كانت أيام حكمه من (٢٩٦ ـ ٣٢٠ هـ) الى نهاية القادر بالله العباسي (٣٨١ ـ ٤٢٢ هـ).
كما عاصر من أمراء دولة البويهيين من معز الدولة
أحمد بن بويه (٣٣٤ هـ) الى عهد بهاء الدولة بن عضد الدولة (٣٧٩ ـ ٤٠٣ هـ) ، وتقلّد نقابة الطالبيين خمس مرات ، ومات
وهو متقلدها إضافة الى كثير من
المراتب العالية ، كإمارة الحجّ وولاية المظالم.
تقول الرواية : كان «أبو أحمد جليل القدر عظيم
المنزلة في دولة بني العباس ودولة بني بويه ، ولقّب بالطاهر ذي المناقب ، وخاطبه بهاء الدولة أبو نصر بن بويه
بالطاهر الأوحد ، وكان السفير بين الخلفاء وبين الملوك من بني بويه والاُمراء من بني حمدان
وغيرهم» .
ولكن هذه المكانة المرموقة لم تمنع من أن يغضب عليه
عضد الدولة ، ويحمل عليه موجدة تؤدي به الى إبعاده عن بغداد ، واعتقاله في قلعة بفارس ومصادرة أملاكه ، وذلك
عام ٣٦٩ هـ ، وبقي معتقلاً سبع سنين رغم أن عضد الدولة توفي عام ٣٧٢ هـ ، لكنه بقي قيد الإقامة في شيراز حتى عام ٣٧٦ هـ ، حيث أطلقه شرف الدولة ، أبو الفوارس
شير ذيل ابن عضد الدولة ، واصطحبه إلى بغداد ، وعادت اليه نقابة
الطالبيين والمظالم ، وإمارة الحج عام ٣٨٠ هـ ، وبقي ببيته شامخاً
حتّى وفاته عام ٤٠٠ هـ .
________________________________
أما أخوه علي المرتضى ، فقد ولد عام ٣٥٥ هـ ، وبهذا
يكون أكبر من أخيه الرضي بأربع سنوات ، وقد وصفته المصادر بأن «مرتبته في العلم عالية فقهاً وكلاماً وحديثاً
، ولغة وأدباً ، وغير ذلك ، وكان متقدماً في فقه الإمامية وكلامهم ، ناصراً لأقوالهم»
.
وتضيف الروايات الى ما سبق بأنه «كان المرتضى يشارك
الرضي في النيابة عن أبيه في المناصب التي تناط به من نقابة ، وإمارة حج ونظر في المظالم ، ولقب بذي المجدين ، يوم لقب الرضي بذي الحسبين سنة ٣٩٧ هـ ، وبعد وفاة أخيه
الرضي عام ٤٠٦ هـ تقلّد ما كان يتقلده أخوه من النقابة وإمارة الحج والمظالم .
ومما تقدّم نستفيد بأن المرتضى والرضي لم يكونا على
خط واحد من الإتجاه الإجتماعي ، فالرضي ـ كما يترجم ـ خاض عمار السياسة واهتم بالحياة الإجتماعية ، واشتهر بالشعر ، وإن كان من فطاحل العلم ، والمرتضى بعكسه تماما فقد اشتهر بالعلم والفضل رغم آفاقه الواسعة في عالم الأدب والشعر ، وكان أمر السياسة عنده ثانوياً ،
رغم اهتمامه به.
ثانياً ـ آفاقه
العلمية :
عرف الشريف الرضيّ بالذكاء الوقاد ، والإستعداد
الكامل للمعرفة ، وهو في سن مبكّرة فقد ذكر أنه ابتدأ بنظم الشعر وله تسع سنين ، أو بعد أن جاوز
العشر سنين بقليل .
وذكر أنه حفظ القرآن في مدة يسيرة ، وهو حدث السن ، وقد قرأه على ابراهيم
ابن أحمد بن محمد الطبري المقرىء الفقيه المالكي المتوفّى عام ٣٩٣ هـ .
________________________________
كما ذكر أن والدة الرضي ذهبت بولديها : الرضي
والمرتضى ، الى أبي عبدالله محمد ابن النعمان المعروف بالشيخ المفيد ، وكانا صغيرين
وطلبت منه أن يعلمهما الفقه ، ومن الطبيعي أن
يكون الرضي ـ وهو ينخرط في مدرسة شيخ الإمامية وعالمها الشهير بالشيخ المفيد ـ قد جمع شيئاً من المقدّمات العلمية ، التي تؤهله لولوج هذه
المدرسة العلمية وهو في سن مبكرة .
ونقل أبو الفتح عثمان بن جني أن الشريف احضر الى
ابن السيرافي النحوي وهو طفل جداً لم
يبلغ عشر سنين ، فلقّنه النحو .
نشأ الشريف الرضي في بغداد في بيت علم وفضل وتقى ، فالسيد
والده الحسين بن موسى من شخصيات الطالبيين ، وقد تولّى نقابتهم وإدارة الحج ، وطبيعي أن لا تكون له
هذا الوجاهة والمكانة إلّا إذا كان مبرّزاً في اُسرته وطائفته ومجتمعه ، وقد وصفته
بعض
________________________________
المصادر بأنه «جليل القدر ، عظيم المنزلة في
دولة بني العبّاس ، ودولة بني بويه ، ولقّب بالطاهر ذي المناقب ، وخاطبه بهاء الدولة ، أبو نصر بن بويه بـ ـ الطاهر الأوحد ـ ،
وولّي نقابة الطالبيين خمس دفعات ، ومات وهو متقلدها».
وكان السفير بين الخلفاء ، وبين الملوك من بني بويه
، والاُمراء من بني حمدان وغيرهم ، وكان مبارك الغرة ، ميمون النقيبة ، مهيباً نبيلاً ، ماشرع في إصلاح أمر
فاسد إلّا وصلح على يديه وانتظم بحسن سفارته ، وبركة همته ، وحسن تدبيره ووساطته .
وحين شبّ الرضي تعهدته والدته فاطمة بنت الناصر
الصغير ووجهته الى أساتذة فطاحل في العلم والمعرفة لينتهل من نميرهم وفضلهم.
وقد وصفته بعض المصادر بأنه «كان مفرط الذكاء» ، وللتأكيد على هذه الصفة نقل ان اُستاذه أبي سعيد السيرافي ذاكره يوماً ـ على عادة التعليم ـ وهو صبي
، فقال : إذا قلنا : رأيت عمراً ، ما علامة النصب في عمرو ؟ فقال الرضي : بغض علي.
أراد السيرافي النصب الذي هو الإعراب ، وأراد الرضي
: الذي هو بغض علي ، فأشار الى عمرو بن العاص وبغضه لعلي ، فتعجّب الحاضرون من حدّة ذهنه .
وعلّق البعض على هذا الحوار : «أنه يدل على حدّة
خاطره ـ كما قال ابن جنّي ـ فكثير من نشء الشيعة يحفظ كل هذه المعارف ، ولكنّك لاتجد من يستطيع في هذه السن أن يستفيد منها في موقف كهذا ، وتدفعه حدّة خاطره الى أن يظن ان شيخه يعني أمراً من اُمور الخلاف بين السنة والشيعة فيجيب بهذا الجواب المسكت» .
ويعود اهتمام والدته بتربيته العلمية والفكرية ، وانفرادها
بذلك ـ كما تقدمت
________________________________
الإشارة ـ الى أنها تحملت مسؤولية ولديها
الرضي والمرتضى حين اعتقل والداهما الحسين ابن موسى من قبل عضد الدولة البويهي عام ٣٦٩ هـ ، واُبعد الى فارس ، وسجن بقلعة هناك حتى عام ٣٧٦ هـ ، حيث اُطلق سراحه ، وعاد الى بغداد ، والرضي كان في سن الفتوة ، وزهوة الشباب ، وقد قطع شوطاً جيداً في حياته العلمية ، وجمع من
المعرفة ماميزه على أقرانه في تأهيله العلمي وحين امتد به العمر أصبح شخصية مرموقة لها شأنها
في الأوساط العلمية والإجتماعية.
وحين نحاول أن نقيم هذه المنزلة الثقافية ، فإنّ
مفاتيح هذه المعرفة لا تتعدى ـ في مجال الحصر ـ ثلاث قنوات رئيسة تؤكد على حقيقة ثابتة في منزلته العلمية ، ومكانته
في ميدان المعرفة وهي :
الاُولى : أساتذته
وشيوخه :
في أكثر من إشارة ذكر أن الشريف الرضي بدأ شوطه
العلمي وهو ابن عشر سنين ، فقد ذكرت الرواية السابقة بأنه التحق وأخوه المرتضى بدرس الفقه عند الشيخ المفيد وهما صغيران ، واُحضر الى
السيرافي النحوي وهو لم يبلغ من العمر عشر سنين ، فلقّنه النحو وقرأ على أبي إسحاق
الطبري الفقيه المالكي القرآن ، وهو شاب حدث ، وهكذا مشى في طريق
المجد العلمي وهو بعد في برعم الحياة.
وحين نستعرض أسماء شيوخ الرضي وأساتذته نجد أن
طموحه العلمي كان متعدد الآفاق ، موسوعياً ، لم يقتصر على الفقه والاُصول كما هي عادة الاختصاصيين في
المدرسة الفكرية لآل البيت عليهم السّلام ، إنما حاول أن يستفيد من كل أبعاد المعرفة
وفنونها ، فلقد انتهل من علوم الشريعة الإسلامية من أعلام قرّاء القرآن ، ومفسريه ، والفقهاء
والاُصوليين والحديث ، والكلام والفلسفة ، سنة وشيعة ، وفي مختلف المذاهب .
________________________________
وكذلك ألمّ بعلوم التاريخ والنسب ، ما وسع به معرفته
، ثم مال الى الأدب
________________________________
واللغة ، فغاص فيهما غوص
البحار الحاذق ، وتعمق فيهما تعمق أصالة وتحقيق ، وعاد من بعد ذلك موفور الإهاب ، رائع الافاضة ، وأصبح له من كل ما ملك من ثروة فكرية مكانة كبيرة في ميدان المعرفة ، قال عنها أبو منصور الثعالبي .
«وهو اليوم أبدع أبناء الزمان ، وأنجب سادات العراق
، يتحلّى مع محتده الشريف ومفخره المنيف بأدب ظاهر وفضل باهر ، وحظ من جميع المحاسن وافر» .
الثانية : تلامذته :
اما القناة الثانية لمعرفة شخصية مترجمنا العلمية ،
فهي مدرسته ومن تخرج عليه أو روى عنه. وكما يقولون : «المورد العذب كثير الزحام» ، فالشريف الرضي الذي عرف بمكانة علمية وأدبية رائعة في عصره ينقاد عشاق المعرفة الى حلقات درسه وندوات مجلسه للاستفادة والانتهال من معرفته ، تؤكد ذلك بعض المصادر بأن الشريف الرضي اتخذ داراً لطلبة العلم الملازمين له سماها «دار العلم» ، وعيّن لهم فيها جميع ما
يحتاجون
________________________________
اليها من تأمين اوضاعهم السكنية والمالية ، حيث كانت بغداد ـ في
القرن الرابع الهجري ـ قد سادتها الحياة العقليّة ، وأخذت المدارس الفكرية تمارس فاعليتها بكل صراحة ووضوح. «ذلك العهد الذي رأى كيف تتصاول العقول ، وكيف تصطرع الأقلام ، وكيف يكون الحول والطول مقرونين بسلاح المنطق ، وبراعة البيان» .
ورغم هذا فالمصادر التي ترجمت الشريف الرضي ، لم
تشر الى تلامذته كما أشارت الى أساتذته وشيوخه ، ولكن المرحوم الأميني أورد قائمة ذكر فيها تلامذته والرواة
عنه فقال :
ويروي عنه جمع من أعيان الطائفة ، وأعلام العامة ، منهم
:
١ ـ أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي المتوفى عام ٤٦٠
هـ ، شيخ الطائفة ومن أعلامها المبرزين .
٢ ـ الشيخ جعفر بن محمد الدوريستي ، من أكابر علماء
الإمامية .
٣ ـ الشيخ أبو عبدالله محمد بن علي الحلواني ـ كما
في الإجازات.
٤ ـ ابو المعالي أحمد بن علي بن قدامه المتوفى عام
٤٨٦ هـ ، كما في كثير من اجازات أعلام الدين.
٥ ـ أبو زيد السيّد عبدالله بن علي كيابكي بن عبدالله
الحسيني الجرجاني ، كما في إجازة الشهيد الثاني لوالد شيخنا البهائي العاملي ، وإجازة مولانا المجلسي لولده
العلامة المجلسي.
٦ ـ أبوبكر أحمد بن الحسين بن أحمد النيشابوري
الخزاعي ، وهو من أجلاء تلامذة الشريف الرضي وأخيه المرتضى .
٧ ـ أبو منصور محمد بن أبي نصر محمد بن أحمد بن عبدالعزيز
العكبري ، المعدل ، كما في قصص الأنبياء للرّاوندي.
________________________________
٨ ـ القاضي السيد أبو الحسن علي بن بندر بن محمد
الهاشمي.
٩ ـ عبدالرحمن بن أحمد بن يحيى النسابوري ، المعروف
«بالشيخ المفيد» .
١٠ ـ مهيار بن مرزويه الديلمي ، أبو الحسين المتوفى
عام ٤٢٨ هـ .
ولقد ذكرت المصادر أن مهيار بقي مع اُستاذه الشريف
حتى وفاته .
هذا الثبت لتلامذة الشريف الرضي لم أقطع بأنه
الإحصاء النهائي لهم ، خاصة وأن مجلسه كان عامراً بالمستفيدين من فضله وعلمه وأدبه ، فقد ساق بعض المؤرخين حواراً بين أبوحامد أحمد بن محمد الإسفراييني الفقيه الشافعي ، وبين
فخر الملك أبي غالب محمد بن علي بن خلف ، وزير بهاء الدولة
يستفاد منه أن الشريف الرضي كان قد أعد لطلابه داراً لسكنهم ، ويصل القول الى أن الوزير المذكور دفع للرضي
مبلغ ألف دينار فردّها ، فطلب منه أن يفرقها على طلابه ، فلما عرض المبلغ عليهم قام أحد
الطلاب «وأخذ ديناراً فقرض من جانبه قطعة وأمسكها ورد الدينار ، فسأله الشريف عن ذلك ، فقال : إني احتجت الى دهن السراج ليلة ولم يكن الخازن حاضراً فأقرضت من فلان البقال دهناً للسراج ، فأخذت هذه القطعة لأدفعها اليه عوض دهنه ـ وكان طلبة العلم الملازمون للشريف الرضي في عمارة قد اتخذها لهم سماها دار العلم ، وعين
لهم جميع ما يحتاجون اليه ـ فلما سمع الرضيّ بذلك أمر في الحال بأن يتخذ للخزانة مفاتيح بعدد الطلبة ، ويدفع الى كل منهم مفتاح ليأخذ منها ما يحتاج اليه ولا ينتظر
خازناً يعطيه ...» .
وهذه الرواية توضح جيداً أن عدداً من روّاد المعرفة
كانوا يتتلمذون على الشريف
________________________________
الرضي ، واختصوا به ، ولعلّنا نوفق في
المستقبل الى مزيد من كشف هذا الجانب الهام من حياة مترجمنا الرضي الثقافية.
الثالثة : مؤلفاته :
ولم تكن هذه القناة بأقل أهمية من القناتين
السابقتين التي نلج منها الى شخصية الرضي الثقافية ، إن لم تكن هذه أهم ، فإنّ نتاج الإنسان يدلّك على مقدار ما
يملك من معرفة عامة.
ولقد يسرّ لنا بعض الأعلام معرفة ما تؤكد لنا من
آثار فكرية متنوعة ، وصلت بها بعض المصادر الى قرابة عشرين كتاباً وتتصدرها ما وضعه في
علوم القرآن ، والأدب والشعر قائمة مؤلفاته ، وإن كان جهده في جمع خطب الامام أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب (ع) يعتبر من أهم انجازاته الثقافية ، وأسماه «نهج البلاغة».
وحين نرجع الى ثبت مؤلّفاته في سطور مترجميه يجلب
نظرنا اختصاصه بعلوم القرآن ، فقد نقل عن أبي الحسن العمري قوله : «شاهدت مجلداً من تفسير القرآن منسوباً اليه ،
مليحاً حسناً ، يكون بالقياس في كبر تفسير أبي جعفر الطبري ، أو أكثر» .
ثم كتاب له «حقائق التأويل في متشابه التنزيل» ، وكتاب «تلخيص
البيان عن مجازات القرآن» . وذكرت له كتب اُخرى
في علوم القرآن ، وان كان بعض الكتاب يشك في وجودها .
________________________________
ومن مؤلفاته ما تؤكد على اهتمامه في الجانب الأدبي
نثراً وشعراً ، كتابه «الجيد من شعر ابي تمام» ، والآخر كتابه «الحسن
من شعر الحسين» .
ثم «المختار من شعر أبي إسحاق الصابي» ، بالإضافة الى
ديوان شعره ، والذي يقع في عدة مجلّدات .
أما في النثر فقد ذكر مترجموه أن له كتاباً يضم «رسائله»
، ويقع في ثلاثة مجلدات ، واعتقد البعض أن
هذا الكتاب هو نفس الكتاب الذي ورد باسم «رسائل الصابي والشريف الرضي» وقد نشرت منه فصول في بعض الكتب
________________________________
والمجلات .
وحين نتصفح قائمة مؤلّفات الشريف الرضي نجد أنه جمع
الى جانب هذين الموضوعين مواضيع اُخرى لها أهميتها أيضاً منها :
١ ـ خصائص الائمة :
وهذا الكتاب يشتمل على خصائص ائمة أهل البيت عليهم
السّلام ، قال الرضي : «إبتدأت بتأليف كتاب في خصائص الائمة عليهم السّلام ، يشتمل على محاسن أخبارهم ، وجواهر كلامهم ، حداني عليه غرض ذكرته في صدر الكتاب (نهج البلاغة) ، وجعلته إمام الكلام ، وفرغت من الخصائص التي تخصّ أميرالمؤمنين علياً عليه السّلام
، وعاقت عن اتمام بقية الكتاب محاجزات الزمان ، ومماطلات الأيام» .
٢ ـ مجازات الآثار
النبوية :
وقد طبع هذا الكتاب ثلاث مرات ، آخرها في مصر عام
١٩٦٧ م بتحقيق الدكتور طه الزيني .
٣ ـ وهناك عدة كتب لم
تذكر المصادر التي بين أيدينا شيئاً عنها سوى اسمها ، وهي : «أخبار قضاة بغداد» و «تعليق خلاف الفقهاء» و «تعليقة على ايضاح ابى
علي الفارسي» و «سيرة والده الطاهر» .
________________________________
٤ ـ وقد نسبت بعض
المصادر كتباً الى الرضي ، وهي في الحقيقة لم تكن له ، وهي :
أ ـ مختصر أمثال الشريف الرضي : ذكره مجد الدين
محمد بن أحمد الأربلي المتوفّى عام ٦٧٧ هـ منسوباً للشريف ، لم يقطع به ، كما
لم يذكره أحد ممن ترجم الشريف.
ب ـ إنشراح الصدر في مختارات من الشعر : نسبه الى الرضي
جرجي زيدان مدعيا أن نسخة خطية
توجد منه في المكتبة الخديوية بمصر .
وقد نفى المرحوم الشيخ عبدالحسين الأميني نسبته الى
الشريف الرضي وقال : هو لبعض الادباء ، اختاره من ديوان المترجم له ، كما في : كشف الظنون : ١ / ٥١٣ . وأيده بذلك الدكتور عبدالفتاح محمد الحلو .
جـ ـ أوصاف ألف غلام وغلام : وقد نسب هذا
الكتاب الى الشريف الرضي ، ولكن الدكتور عبدالفتاح محمد الحلو حقق في ذلك ، وانتهى
الى أنه لأبي الحسن بن دفتر خوان المتوفى عام ٦٥٥ هـ .
د ـ طيف الخيال : مجموعة شعرية نُسبت الى الرضي ، والواقع
كما حقّقت أنها لأخيه علي ابن الحسين المعروف بالشريف المرتضى .
________________________________
في هذا التطواف الموجز في مؤلفات الشريف الرضي سواء
منها المطبوع الذي اطلعنا عليه ، أو المخطوط الذي لم نطلع عليه ، نستفيد أن مترجمنا الشريف رغم الظروف
القاسية التي مرت به وخاصة في بداية حياته ، أمكن أن ينتج عدداً من الكتب في مختلف المجالات تدلّ على سعة معرفته.
أما من الناحية الشعرية ، والتي اشتر بها كشاعر
كبير فقد عرفته المصادر الأدبية بأنه «أشعر الطالبيين ، من مضى منهم ومن غبر ، على كثرة شعرائهم المفلّقين ... ولو قلت انه
أشعر قريش لم أبعد عن الصدق» ، واننا سوف نتعرض
لهذا المجال في الفصل الخاص بشعره.
ثالثاً ـ الشاعر
والطموح :
وحين نتحدث عن الشاعر والطموح ، فاننا نرى هذين
الوصفين ملازمان للشريف الرضي بأجلى مظاهرهما ، وبأروع سماتهما المشرقة ، ولقد عاش الطموح في قلب الشاعر ليصوغ من آماله جذوة تتوهج للوصول الى ما يصبو اليه في مسيرته الحياتية ، وتحقيق مايريده.
إنّ الطموح الّذي عاشه الشريف الرضي ، يعد الصيغة
النهائية في قائمة التسلّق فهو يطلب «الخلافة» ، ولعلّنا نتلمس وضوح هذا في ثنايا حديثه.
ذلك الأمل الذي عشقه كل العشق ، وهام به ، وصار
يناغيه طوال النهار ، وفي ظلام الليل ، وانعكس على شعره ، وتعملق الى مقابلة الحاكمين يهددهم تارة ويتوعدهم اُخرى ، ولا خير في فتى عشق المجد فأخذ يصعد إليه ، ولكن لو خانته الظروف والأيام فليس له من سبيل.
١ ـ الشاعر :
الشريف الرضي الى جانب كونه من أعلام الفقه
والتفسير فقد اشتهر بالشعر الرائع ويعدّ من كبار شعراء عصره ، حتى قال فيه الثعالبي : «... هو من أشعر
________________________________
الطالبيين ، من مضى منهم ، ومن غبر ، على
كثرة شعرائهم المفلّقين ... ولو قلت أنه أشعر قريش لم أبعد عن الصدق ، وسيشهد بما اُجريه من ذكره شاهد عدل من شعره ، العالي القدح ، الممتنع عن القَدح ، الذي يجمع الى السلاسة متانة ، والى السهولة رصانة ، ويشتمل على معان يقرب جناها ، ويبعد مداها» .
وأكد أبوالحسن الباخرزي هذه الخاصية فقال
عنها :
«وله شعر إذا افتخر به أدرك من المجد أقاصيه ، وعقد
بالنجم نواصيه ، وإذا نُسب انتسبت الرقة الى نسيبه ، وفاز بالقدح المعلى من نصيبه. حتى لو أنشد الراوي
غزلياته بين يدي العزهاة لقال له من العزهات
، واذا وصف فكلامه في الأوصاف أحسن من الوصائف والوصاف ، وان مدح تحيرت فيه الأوهام بين مادح وممدوح.
له بين المتراهنين في الحلبتين سبق سابح مروح ، وإن
نثر حمدت منه الأثر ، ورأيت هنالك خرزات من العقد تنفض ، وقطرات من المزن ترفض. ولعمري ان بغداد قد أنجبت به فبوأته ظلالها ، وأرضعته زلالها ، وأنشقته شمالها ، وورد شعره دجلتها ، فشرب
منها حتى شرق ، وانغمس فيها حتى كاد أن يقال غرق ، وكلما أنشدت محاسن كلامه تنزهت بغداد في نضرة نعيمها وأنشقت من أنفاس الهجير بمراوح نسيمها» .
وعلى هذا المنوال سار كثير ممن ترجموه فساقوا
الفقرات تلو الفقرات ، وصاغوا الكلمات الرائعة التي تعبر عن مكانة الشريف الرضي في ميدان الشعر ، وانه أحد لوامعه ، بل وجه طالع من وجوهه البارزة.
________________________________
وحين نتصفّح شعر الرضي نجده حافلاً بالأغراض
الشعرية التي تنسجم مع عصره الذي حفل بالعلم ، وتوج بالأدب ، وتغنى بالشعر ، ذلك العصر الذي حكمه آل بويه ، وتربعوا دست سلطانه ، ورغم الإضطرابات السياسية والإجتماعية التي رافقت عصرهم ، «فقد عنوا بالأدب ، ورعوه أيما رعاية ، ووصل بهم الإهتمام برجاله الى أن يستوزروا كبار الكتاب ، حتى صار شعار الإختيار للوزارة : القدرة الادارية ، والقدرة
البلاغية» .
ويعضد هذا الرأي ما ذكر عن أبي بكر الخوارزمي أنه «كان
ينادم عضد الدولة بعض الادباء الظرفاء ويحاضر بالأوصاف والتشبيهات ، ولا يحضر شيء من الطعام والشراب والاتهما وغيرها إلّا وأنشد فيه لنفسه أو لغيره شعراً حسناً» .
وكان هذا العامل الى جانب عامل آخر هو الإنفتاح
الفكري الذي ازدهر في القرن الرابع الهجري ـ نتيجة توسع رقعة العهد العباسي ، وامتزاج الحضارات غير الاسلامية بالمسلمين العرب ، وأدّى الى ظهور عصر الإبتكارات ، والخلق في مجالات العلم عند العرب ، بحيث أصبح ذلك
العصر لامعاً بالثقافة والمعرفة ـ ترك بصمات واضحة من ملامح الشريف الرضي في المجتمع الذي عاشه في بغداد وفي ذلك العهد بالذات برز فيه بروزاً ميّزه عن غيره من شعراء العصر وأفاضله.
وحياة بغداد بكل جوانبها وأجوائها الحلوة والمرة
عاشها الرضي كشاعر نبض قلبه بالواقع المهموم ، ورسم في ذهنه صور الأمل المشرق الذي يخامر كل إنسان طموح يحاول أن يتسلق المجد ، فتقف دونه عواثر الزمن ، وتملأ عينيه صهوات النزال ، وحين يحاول ركوب الشوط تجهد فيه القوادم ، حتى تمزّق الدنيا التي فرش لها الدرب ورداً ،
فتاهت نشوة النظارة عليها دون رأفة.
يقولون عنه : «الشريف الرضي كان يرى الدنيا بعين
الرجل المثقف ـ المثقف
________________________________
الشريف لا المثقف الصعلوك ـ وكانت أحاسيسه
في دنياه لا تقدر بالأوهام ، وإنما كان ينصب لها دقيق الموازين ، ويسعى في تحقيقها سعي الفحول.
كان الشريف في حرب شعواء بين القلب والعقل ، وكان
يطمح في أن يجمع لنفسه جميع أقطار المجد ، فيكون من ائمة الفقهاء ، وأقطاب الشعراء ، وأعيان الخلفاء ، وقد
ضاعت أمانيه ضياع الزهر في الوادي الجديب ، ولم يبق منها غير الإمامة في الشعر والبيان» .
يقول الشريف ، وفي قلبه لوعة ، وعلى شفتيه حرقة :
تَوقّعي أن يقال قد ظَعنا
|
|
ما أنت لي منزلاً ولا وطنا
|
يا دارُ قلَّ الصديق فيك فما
|
|
احس وداً ، ولا أرى سكنا
|
كيف يهاب الحمامَ منصلت
|
|
مذ خاف غدر الزمان ماأمنا ؟
|
لم يلبث الثوب من توقعه
|
|
للأمر إلّا وظنه كفنا
|
أعطشه الدهر من مطالبه
|
|
فراح يستمطر القنا اللدنا
|
ثم يكبح الشريف جماح قريحته من الإسترسال في نفذ
الآهات المحزنة التي ملأت صدره لينفجر عن نفسية عملاقة تربط الحاضر المؤلم بالماضي الشاخص ، فيقول :
لي مهجة لا أرى لها عوضا
|
|
ـ غير بلوغ العلا ـ ولا ثمنا
|
ماضرّنا أننا بلا جَدة
|
|
والبيت والركنُ ، والمقامُ لنا
|
سوف ترى أن نيل آخرنا
|
|
من العلا فوق نيل أولِنا
|
وأن مابُز من مقادمنا
|
|
يخلفه الله في عقائلنا
|
لأبلغَ العزَ ، أو يقال فتى
|
|
جنت عليه يد الردى وجنى
|
إن هذه الحرقة التي لفعت أبياته تعبر عن أحاسيس
كانت تطغى في نفس الشاعر ، حتى لكأنها ثورة يأس تنخر في أضلاعه ، لكنها تشب دفعة زخماً حماسياً يقارع الحنين المتجهم الى تذكر بالواقع المرتبط ببيته العلوي.
وإن هذا الشاعر الطموح حين نحاول أن نتلمس مدارج
طموحه ، وهل حقق من
________________________________
آماله ماأراد ، أو وقف به الشوط الى حد لم
تملأ عينيه زهوة الطموح ؟ لابد لنا ونحن في هذا الميدان ان نمرّ بالشريف الرضي من جوانبه المشدودة بهذا الشموخ ، لنحدد على ضوئها الصورة التي نريد رسمها له.
٢ ـ اغاني الطموح :
للرضي آمال عذاب ، نمت معه وهو فتى ، أرهقه الزمان
ولم تكتحل بعد عيناه بالعقد الثاني من عمره ، فشمّر لها بعنفوان الرجل الصلد ، وتدرع في سبيل الصعود من
أجل تحقيقها بقوة الأبطال ، ثم خاض غمار الأيام وهو صوّال جوّال فيها ، وكان أمله العذب لا يفترّ من ذكراه ، ولا يبعد رسومه من حنينه كلما واتته الفرصة ، انه يتطلع
اليه ، وينتظر النور في الصباح الباكر ، ليرصد خطوات الشمس حتى يترجم أحلامه الى عمل ، ويستقبل أصحابه ليحكي لهم قصة الطموح الذي ملأ كل قلبه ، وسيطر على مشاعره ، وما هدأ لسانه عن التغني به ، يغني وآماله مشدودة الى النجوم ، لايريد أن ينظر الى
الأرض بل الى العلى ، وجناحا النسر لا يخفقان هلعاً من مقابلة العاصفة ، فانه أقوى
مضاء منها ، يقول :
أرى نفسي تتوق الى النجوم
|
|
ساحملُها على الخطر العظيم
|
وإن أذى الهموم على فُؤادي
|
|
أضرُ من النصول على أديمي
|
واني ان صبرت ثنيتُ عزمي
|
|
على طرف من البلوى أليم
|
ولي أمل كصدر الرمح ماضٍ
|
|
سوى ان الليالي من خصومي
|
بماذا تتوق نفس الرضي ، وسيحملها من أجل ذلك على
خطر عظيم ؟ هل غير الطموح الذي يتلهّف له كلما مر عليه ليل ، وأشرق على ناظريه صبح ، قد تكون نقابة الطالبيين همه بعد أن كانت بُرداً لأبيه الشريف ، فانسلخ عنها حين غضب عليه عضد الدولة ، فصرفها عنه ، وثم بعد فترة من الزمن أتت اليه وتحلّى ببردها ، لكن هذه لم
تخفف من نجواه ، إنه يصرح بأنها لم تكن بغيته الحقيقية ، فيقول :
لو كنت أقنع بالنقابة وحدها
|
|
لغضضت حين بلغتها آمالي
|
________________________________
لكن لي نفس تتوق الى التي
|
|
ما بعد أعلاها مقام عال
|
إذاً ليست نقابة الطالبيين هي الأمل المنتظر للشريف
الرضي ، لابد أن نغذّ السير معه في آماله العريضة لنرصد ما يريد ، انه يكاد يوضح معالمها في هذه الأبيات :
وعن قرب سيشغلني زماني
|
|
برعي الناس عن رعي القروم
|
ومالي من لقاء الموت بدُ
|
|
فما لي لا أشدّ له حزيمي
|
سألتمس العُلا اما بعرب
|
|
يرَوون اللهاذم أو بروم
|
وفي هذه الأبيات دلالة قوية على الأمر الذي يكاد
يتفجر في نفسه ، ذلك الذي سوف يقصده ، حتى وإن اقتضى منه حياته ، فهو قادم عليه اما بقوة العرب أو الروم. المهمّ ان يصل اليه ، ويحقق امانيه بأية وسيلة كانت مقبولة.
لنبحث عن هذا الهاجس الذي يكمن في ذهن الشريف الرضي
، ويحاول أن ينساب من ثنايا التلميح والإشارات التي تبدو من خلال شعره ، ولعلنا نمسك بأول الخيط حين نقرأ قصيدته التي يمدح فيها والده عام ٣٧٤ هـ وهو قيد الإقامة الجبرية
في فارس ، يقول فيها :
اذا ذَكروهُ للخلافة لم تزل
|
|
تطلع من شوق رقاب المنابر
|
لعل زماناً يرتقي درجاتها
|
|
باروعَ من آل النبي العَراعر
|
هذه بداية الطموح ، فهو لم يصل بعد السادسة عشر من
عمره ويتمنى الخلافة لأبيه ثم ينعطف في البيت الثاني منتظراً هذا الأمل الرائع الذي انبلج في ذهنه ، كأنه
الصبح فبقي ينشر ضوءه على طول الأيام.
ثم يستمر في مناغاة هذا الأمل ، حيث يشير إليه مرة
ضمن قصيدة يقول فيها :
ولي أمل من دون مبَرك نضوه
|
|
يقلقلُ اثباجَ المطي البوارك
|
________________________________
سقى الله ظمان المنى كل عارض
|
|
من الدم ملان الملاطينَ حاشك
|
وحتى إذا بلغ العشرين من عمره ينفجر في صريح اُمنيته
، ولا يهاب من حوله مهما كانت سطوته وسلطته ، فالموت أولى لإنسان يحمل هموم الطموح ولا يصل اليه. يريح ويستريح ، يقول في مطلعها :
عذيري من العشرين يغمزن صعدتي
|
|
ومن نُوب الأيام يقرعن مروتي
|
الى أن يقول :
الا لا أعدُ العيش عيشاً مع الأذى
|
|
لأن قعيد الذل حي كميت
|
يخيفونني بالموت ، والموتُ راحةٌ
|
|
لمن بين غربي قلبه مثل همتي
|
..........................................
تريدونَ ان نوطى ، وأنتم أعزة
|
|
بايّ كتاب ، أم بأية سنة
|
...........................................
فيا منبتي هل أنت بالعز مورقي
|
|
حنانيك كم أبقى وقد طال منبتي
|
أما كملت عند الخطوب تجاربي
|
|
اما خلصت عند الامور رويتي
|
أما أنا موزون بكل خليفة
|
|
أرى أنفا من ان يكون خليفتي
|
الست من القوم الاولى قد تسلّقوا
|
|
ديون العلى قبل الورى في الأظلة
|
ان هذه القصيدة كشفت عن أمل الرضي ، وهو يشجب فيها
صريحاً أن يكون الخليفة العباسي خليفته ، ويعرض بالعباسيين بوضوح ، وبدون أية مجاملة ، فهو نراه
يقول بكل جرأة : «تريدون ان نوطى وأنتم أعزة» لا يمكن ذلك ، إذ لا نصّ عليهم من كتاب أو سنّة ، فهو إذاً غير متاق ولا مبالغ حين يعلن سخطه ويضيق بالواقع الذي فرض عليه ، فيقول عام ٣٨٧ هـ :
في كل يوم يناديني لبيعته
|
|
مشمّرٌ في عنان الغي قد جمَحا
|
إلام اصفيكم ودي على مضض
|
|
وكم اُنيرُ واسدي فيكم المدحا
|
________________________________
إذاً فهو يطلب الخلافة.
ليست زيادة لبني العباس عليه فيها ، وسوف نشير الى
أبيات يخاطب فيها القادر العباسي :
عطفاً أمير المؤمنين فإننا
|
|
في دوحة العلياء لا نتفرق
|
ما بيننا يوم الفخار تفاوت
|
|
أبداً كلانا في العلاء معرق
|
إلّا الخلافة ميّزتك فإنني
|
|
أنا عاطلٌ منها وأنت مطوقُ
|
وبعض المصادر التي تثبت ترجمة الشريف الرضي تشير الى
تطلعه للخلافة فابن أبي الحديد يقول : «وكان الرضي لعلو
همّته تنازعه نفسه الى اُمور عظيمة يجيش بها خاطره ، وينظمها في شعره ، ولا يجد من الدهر عليها مساعدة ، فيذوب كمداً ، ويغني وجداً ، حتى توفي ولم يبلغ غرضاً» .
ثم يستشهد ابن أبي الحديد ببعض شعر الشريف في هذا
الصدد ، فيقول ، ومنها :
ما أنا للعلياء إن لم يكن
|
|
من ولدي ما كان من والدي
|
ولامشت بي الخيل إن لم أطأ
|
|
سريرَ هذا الأغلب الماجد
|
وهو يشير بذلك الى الخليفة العباسي.
إن الشريف الرضي عاش هذا الطموح ، وراح يتغنى فيه
فترة من الزمن ، تارة بالكناية واُخرى بالصراحة ، فهو يقول :
دعني اُخاطر بالحياة وإنما
|
|
طلبُ الرجال العز ضربُ قداح
|
اما لقاء الملك قسراً ، أو كما
|
|
لقي ابن حجر من يد الطمّاح
|
وهو يتوقع القتل والعنف في سبيل غايته ، لأن القضية
التي يغامر من أجلها ليست بالسهولة التي يمكن القفز إليها من على سوط الشعر ، وأعمدة الكلام ، وإنما تستوجب
________________________________
مقارعة الطغاة ، ومجابهة القوة ، والشاعر
يعرف ذلك جيداً ، ويشير إليه بقوله :
متى أرى الزوراء مرتجة
|
|
تمطرُ بالبيض الضبى أو تُراح
|
يصيح فيها الموتُ عن ألسن
|
|
من العوالي والمواضي فصاح
|
متى أرى البيض وقد أمطرت
|
|
سيلَ دم يغلب سيَل البطاح
|
الى أن يقول :
قوم رضوا بالعجز واستبدلوا
|
|
بالسيف يدمى غربه كاس راح
|
توارثوا الملك ، ولو أنجبوا
|
|
لورثوه عن طعان الرماح
|
والظاهر أن طموح الرضي بلغ الى حد الوصول للخلافة
واقعة لا يمكن نكرانها ، فالذي ذكرناه شواهد قوية تثبت صحّة الإدعاء ، وعلينا ونحن أمام هذه الحقيقة أن نبحث بواعث هذا الطموح الذي دفع بالشريف الى هذا الحد.
من الممكن حصر هذه الدوافع بالآتي :
١ ـ ان الرضي من أسرة علوية دينية ، لها وجودها
الديني والإجتماعي في الأوساط الشيعية ومن مرتكزات هذه الطائفة أحقية أبناء الإمام علي (ع) بالخلافة ، وإن بني العباس ـ في رأيهم ـ سرقوها من أبناء عمّهم ، بعد أن وصلوا إليها بالدعوة لهم ، ويشير
الى هذا في قصيدة جاء فيها :
جدي النبي ، واُمي بنتُه ، وأبي
|
|
وصيهُ ، وجدوُدي خيرة الاُمم
|
لقصدنا تتمطى كلُ راقصة
|
|
هوجاء تخبط هام الصخر والرجم
|
لنا المقام ، وبيتُ الله حُجرتُه
|
|
في المجد ثابتةُ الأطناب والدعم
|
ومن هذا المنطلق نرى الرضي يعرّض بالعهدين الاُموي
والعباسي تعريضاً يشير الى جذور عميقة تصل الى اعتقاده بغصب الخلافة من بني هاشم ، يقول في قصيدة يرثي بها جده الإمام الحسين بن علي عليهما السّلام :
وياربّ أدنى من اميّة لحمة
|
|
رمونا على الشنآن رمي الجلامد
|
طبعنا لهم سيفاً فكنا لحدِّه
|
|
ضرائب عن ايمانِهم والسواعد
|
ألا ليس فعل الأولين وإن علا
|
|
على قبح فعل الآخرين بزائد
|
________________________________
يريدون أن نرضى وقد منعوا الرضا
|
|
لسير بني أعمامنا غير قاصد
|
كذبتُك ان نازعتني الحق ظالماً
|
|
اذا قلت يوما إنني غير واجد
|
٢
ـ إنّ وصول البويهيين الى حكم العراق ، وامتداد سلطانهم حتى على الخلفاء العباسيين بحيث أصبح بإمكانهم أن يخلعوا خليفة عباسيا ، وينصبوا آخر بمكانه ، وانهم
أصحاب السلطة الفعلية والمتحكمة في المنطقة ، بحيث «بقي الخليفة العباسي رمزاً
تثار حوله الشكوك في صحة خلافته» ، دعا الشريف الرضي ـ وقد أدرك هذه الحقيقة لدى البويهيين ـ بأن يوثق صلته بهم ، وخاصة ببهاء الدولة الذي دام حكمه فترة طويلة
، وهو الذي أمر بخلع الطائع لله ، وتنصيب الخليفة المقتدر مكانه ، ولذا صار الرضي يكيل المدائح والثناء على البويهيين ، وخاصة على بهاء الدولة لشدّ روابط الصلة بينهما ،
بصفته صاحب القوة والمكنة في إحداث أي تغيير سياسي في بغداد ، وهو يجهر بهذا الأمر ولا يخشى ناقداً ، فيقول :
وما قولي الأشعار إلّا ذريعة
|
|
الى أمل قد آن قود جنيبه
|
وإني إذا ما بلغ الله غاية
|
|
ضمنتُ له هجرَ القريض وحوبه
|
ومبدأ الطموح أثر في الشريف الرضي الى درجة الإنسجام
مع ظاهرة المديح لمن يهمّه أمره ، كما رأينا في اُسلوبه بالتعامل مع بهاء الدولة البويهي خاصة لغرض
تحقيق الاُمنية.
فلنستمع إليه وهو يرسل قصيدة الى وزير بهاء الدولة ـ
في هذه المرة ـ يضمنها عتابه في موضوع خاص بينهما ، ثم يخاطبه قائلاً :
ألا ابلغا عني الموفق قولة
|
|
وظني ان الطول منه جوابها
|
أترضى بأن أرمي اليك بهمتي
|
|
فأحجبُ عن لُقيا علاً انت بابها
|
الى أن يقول :
وعندي لك الغرّ التي لانظامُها
|
|
يهي أبداً أو لا يبوخُ شُهابها
|
________________________________
والبويهيون شيعة يعملون على رفع شأن مذهبهم ، وتأييد
طائفتهم ، وهي قوتهم التي يستندون عليها في دعم سلطانهم ، وكان التشيع الراية التي التف حولها المقهورون والمستضعفون والمحرومون من أسباب العدل الاجتماعي ، وبقيت كذلك على مرور الزمان ، حتى أن معز الدولة البويهي أول ملك بويهي في
بغداد ـ أراد أن يحوّل الخلافة الى أحد العلويين لولا أن أحد خواصه أشار عليه بقوله «انك اليوم مع خليفة تعتقد أنت وأصحابك أنه ليس من أهل الخلافة ، ولو أمرتهم بقتله لقتلوه مستحلين دمه
، ومتى أجلست بعض العلويين خليفة ، كان معك من تعتقد أنت وأصحابك صحة خلافته ، فلو أمرهم بقتلك لفعلوا فأعرض عن ذلك» وأبقى اسم الخلافة للعباسيين ، وانفرد بالسلطة .
٣ ـ إن بغداد في العصر العباسي الثاني كانت الخلافة
العباسية قد ضعفت فيها ، وعند استيلاء آل بويه عليها ، انتهت البقية الباقية من نفوذ الخليفة العباسي وأصبح
البويهيون هم أصحاب الكلمة العليا ، والقوة المسيطرة على العراق ، والجزيرة وغربي
بلاد العجم ، فقويت شوكة الشيعة
وتنفست الصعداء بعد ضغط قاتل دام فترة طويلة عليها من قبل العهدين الاُموي والعباسي ، عانوا فيه الضيم وألوان الظلم والقمع
والقتل والتهجير والتعذيب ومصادرة الاموال ، وساعد على تعزيز انتشار الشيعة وجود الدولة الفاطمية في مصر ، والتي كانت ترفع شعار الشيعة الاسماعيلية ، وتنشر مبادئها ، وتدعو الى أحقية الامام علي عليه السّلام بالخلافة من الامويين والعباسيين.
كما كان للدولة الحمدانية التي ملكت رقعة كبيرة من
الأرض العربية ـ تمتد من حلب الى موصل وديار بكر خلال سبعين عاماً من القرن الرابع الهجري ـ الأثر
________________________________
الكبير في تقوية مركز الشيعة في المنطقة ، وكان
سيف الدولة ـ مؤسس الدولة الحمدانية ـ يحمل شعوراً عميقاً نحو عقيدته ومذهبه الشيعي ، يقول مرة ـ وعلى سبيل المثال ـ :
حبّ علي بن أبي طالب
|
|
للناسِ مقياسُ ومعيارُ
|
يخرج ما في أصلهم مثلمَا
|
|
يخرج غشَ الذهبِ النار
|
هذه العوامل الأساسية التي دفعت الشريف الرضي بأن
يمني نفسه بتسلّم منصب الخلافة في بغداد ، ويعمل من أجل تحقيقها ، بالإضافة الى المؤهلات الشخصية التي
كان يتمتع بها من حيث النسب العلوي ، ومكانة اُسرته المرموقة من الناحية الإجتماعية ، والأهلية العلمية ـ وقد أشرنا الى هذه الجوانب الثلاث في بداية هذا البحث ـ.
٣ ـ غروب الطموح :
ولكن هذا الطموح لم يتحقق ـ رغم المحفزّات
والمقومات التي لو ملك غيره بعضها لقفز بها الى كرسي الحكم ـ وقد يدور تساؤل عن أسباب هذا الاخفاق ، ويمكن حصرها بالآتي :
١ ـ إنّ القادر العباسي في نهاية القرن الرابع تمكن
من توطيد دعائم سلطته ، وذلك حين انشغال بهاء الدولة بالحروب خارج بغداد ، وما بينهما جروح لم تندمل.
٢ ـ ان بهاء الدولة الصديق الحميم للشريف الرضي ، يظهر
انه أخذ بمبدأ معز الدولة في عدم إعطاء السلطة لأحد من العلويين لما فيها من مخاطر ، وهو يعرف حق المعرفة ما
يجيش في نفس الرضي من أمل بالخلافة ، وأول شيء عمله أن أسند النقابة ، وإمارة
________________________________
الحاج ، والقيام على المظالم الى والد الرضي
عام ٣٩٤ هـ ، وكانت هذه الصدمة كافية له في أن يقول عام ٣٩٥ هـ :
قد قلتُ للنفس الشعاع أضمها
|
|
كم ذا القراع لكل باب مصمت
|
قد آن أن أعصي المطامع طائعاً
|
|
لليأس جامع شملي المتشتت
|
الى أن يقول :
قل للذين بلوتَهُم فوجدتَهُم
|
|
آلاً وغيرَ الآل ينقع غلتي
|
...........................................
لا عذر لي إلّا ذهابي عنكم
|
|
فاذا ذهبتُ فيأسكم من رجعتي
|
فلأرحلن رحيل لا متلهف
|
|
لفراقكم ابداً ولا متلفت
|
ولا نفضن يدي يأساً منكم
|
|
نفض الأنامل من تراب الميت
|
...........................................
وأقول للقلب المنازع نحوكم
|
|
أقصر هواك لك اللتيا والتي
|
...........................................
يا ضيعة الأمل الذي وجهته
|
|
طمعا الى الأقوام بل يا ضيعتي
|
القصيدة كاملة تعرب بوضوح عن الأمل الذي بدأ يأفل
في ذهنه ، ويبعد عن مناله ، وكلما رسمه وخطط اليه وجسده في أشعاره محفوفاً بالمديح والثناء لمن كان يعتمد عليه
في تحقيق الأمل ، أصبح اليوم في غروب الآمال.
الشاعر الطموح بدأ مرحلة جديدة في حصر آماله بأن لا
يقطع عنه كل مسارب الأمل حتى بمايبقيه في مكانة اجتماعية تحفظ له بعض زهوة الحياة ، وليس له سبيل في تحقيق هذه الرغبة إلا بتوثيق صلته ببهاء الدولة ، وهو في الوقت الذي يبعث بقصائده اليه ، ويضمنها اخلاصه ومودته ومحبته له ، كانت زفراته واهاته تبرز واضحة من خلال ثنايا تلكم القصائد. ولنسمعه يودع آماله الحلوة حين يكتب أبياتاً خمسة تنم عن جرح مزق كل أحلامه ، وارتدت تجمع شتات رسومه الداثرة ، انها أنة تتفجر شاكية حين يناغي
________________________________
الذكريات ويقول :
لم يبق عندي من الإباء سوى الـ
|
|
ـنظرة محمرة من الغضب
|
وعضّ كفّي علىٰ الزمان من الغيـ
|
|
ـظ ، وشكوىٰ وقائع النوب
|
أو زفرة تحسبُ الضلوعُ لها
|
|
اُطرَقسيٍّ يَرمين باللهب
|
مضى الرجالُ الاولى مذ افترقوا
|
|
عنيّ صار الزمانُ يلعبُ بي
|
أقولُ لما عدمت نصرهم
|
|
وآلهف اُمي عليكم وأبي
|
كان الشريف يناطح العلياء في أمسه ، انه يريدها ، ولن
يحيد عن جيد الخلافة ، لكن ماكل مايتمنى المرء يدركه.
وغربت آمال الرضي بموت بهاء الدولة عام ٤٠٣ هـ ، ولم
تكن صلته بولده سلطان الدولة وطيدة كما كانت مع والده بهاء الدولة ، وفي خلال هذه الفترة التي مثلت
الواقع المر الذي عاشه الرضي ، وهو يودع آماله العريضة قال ، والحرقة ملو جوانحه :
ولمّا بدا لي أن ما كنتُ أرتجي
|
|
من الأمر ولّى بعد ماقلتُ أقبلا
|
تلومت بين اللوم والعذر ساعة
|
|
كذى الورد برمى قبل أن يتبدلا
|
ورغم أن الزعامة البويهية لم تحاول أن تبعده عن
منصب نقابة الطالبيين لجميع البلاد الذي ولاه إياه بهاء الدولة عام ٤٠٣ هـ قبل وفاته ، «وهو أمر لم يصل اليه
أحد من أهل هذا البيت» .
ولكن النفثة المقروحة تنفر هائمة من الشاعر الطموح
، وهي تردد «كذى الورد يرمى قبل أن يتبدلا» ، وقد تكون هذه الخيبة في تحقيق أحلامه سببت علته التي أودت بحياته عام ٤٠٦ هـ ، وانتهت جذوة طموحه بغروبه ، ولكن ذكراه خالدة ، باقية.
رابعاً ـ ظاهرة المدح
في شعر الرضي :
حين نتصفح شعر الشريف الرضي نجد قرابة مائة وسبعين
قصيدة من شعره في
________________________________
المديح والرثاء ، نصيب المدح منها تسعون
قصيدة ، والرثاء ثمانون قصيدة ، وأغلبها قصائد طوال تزيد على خمسين بيت ، الكثير منها تبدو عليها ظاهرة المدح والثناء ، وقد
يكون للإغراق مجال واسع فيها ، بحيث يصل الى حد الإشكال ، ومهما كانت البواعث والدوافع ، فانها لا تنسجم مع نفسية الرضي الطموحة ، التواقة الى تسلق العلا ، خاصة
وأنه ليس من اُولئك الأشخاص الذين اتخذوا من شعرهم مهنة للإرتزاق وأصبحوا بمرور الزمن محترفين رغم ظروف قاسية كانت تلمّ بشاعرنا تضيق عليه خناق العيش الهنيء وقد نشير الى إبائه ونفسيته الكبيرة في رفض الصلات والهبات والعطايا التي كانت تصل اليه من الخلفاء ، والملوك ، والاُمراء ، والوزراء ، وكل أصحاب الجاه والثراء
والسلطة.
«والمديح وهو مقياس لرجولة الشاعر ، وعلوّ نفسه ، وتماسك
قواه ، وفيه يظهر كرم العنصر ، وطيب المحتد ، وأصالة الرأي ، ونضج العقل ، وسداد الفهم ، ولباقة الأداء
، وحصافة الفكر ، لأن كثيراً من الشعراء في هذا اللون من الشعر يجعلون أنفسهم في
منزلة العبيد الأرقاء من ممدوحيهم لينالوا عندهم الحظوة ويحصلوا لديهم على الرغبة ، ويصلوا
الى أهدافهم التي يرمون اليها من المال أو الجاه متناسين أن آدميتهم تحتّم عليهم
أن يكونوا أرفع من هذا الوضع الذي انحدروا اليه ، أو المكانة التي جعلوا أنفسهم فيها» .
والشريف الرضي أخذ هذا الأسلوب ، وسار فيه ، ونهج
عليه في أغلب قصائده ، وحري بنا أن نعرض نماذج منه في حدود ما يسمح به المقام ، وعلى ضوئه ندرس الظاهرة ،
لما نرى فيها من تناقض صريح لظاهرة الطموح التى عشقها الشاعر ، وذاب فيها
هياما.
١ ـ ألوان من مديحه :
الرضي حين نمر بشعره نراه قد خصص جانباً من مديحه
بشخصين من خلفاء بني العباس ، الطائع لله ، والقادر بالله ، وقد خص الأول بثلاث وعشرين قصيدة ، والثاني
بقصيدتين وأبيات ، وفي جميعها مديح وثناء يبدو ـ لأول وهلة ـ غريباً على الرضي ، الذي
ينازع العباسيين الخلافة ، فهو ـ مثلاً ـ يخاطب الطائع مهنئاً بعيد الفطر عام ٣٧٧
هـ :
________________________________
صارت اليك أمير المؤمنين على
|
|
غراء أحرزها آباؤك الصيد
|
من هاشم أنت في صماء شاهقة
|
|
لها رواقٌ بباع المجد معمود
|
قليلُ مدحك في شعري يزينه
|
|
حتى كأن مقالي فيك تغريد
|
ويقول فيها :
شغلتُ بالهم حتى ما يفرحني
|
|
لو لا الخليفة نوروز ولا عيد
|
محسد المجد مغبوط مناقبه
|
|
متيمُ القلب بالعلياء معمود
|
كريم ما ضم برداه وعمته
|
|
عفيف ما ضمنت منه المراقيد
|
وليس هذا فحسب بل يقول للطائع نفسه في قصيدة اُخرى
:
لنا كلّ يوم في معاليك شعبة
|
|
وفائدة لا تنقضي ونوال
|
وأنت الذي بلّغتنا كل غاية
|
|
لها فوق أعناق النجوم مجال
|
فما طرد النعماء وعدك ساعة
|
|
ولا غصّ من جدوى يديك مطال
|
اذا قُلتَ كان الفعلُ ثاني نطقه
|
|
وخيرُ مقال ما تلاهَ فعال
|
وفي قصيدة يشكره على هدية أرسلها له عام ٣٧٦ هـ
يقول فيها :
هذي الخلافةُ في يديك زمامُها
|
|
وسواك يخبط قعر ليل أليل
|
أحرزتَها دون الأنام ، وإنما
|
|
خَلع العجاجة سابقٌ لم يذهل
|
طلعت بوجهك غرةٌ نبويةٌ
|
|
كالشمس تملأ ناظر المتأمّل
|
ثم يقول له :
شرّفتنا دون الأنام وإنما
|
|
برُّ القريب علاقةُ المتفضل
|
فلأنتَ أولى بالإمامة والهدى
|
|
وأذبُّ عن ولد النبي المرسل
|
________________________________
هذه أبيات من قصيدة طويلة قرابة تسعين بيتاً أغلب
أبياتها مدح مغرق للطائع ، أقل ما فيه قوله للطائع :
أنظر اليّ ببعض طرفك نظرة
|
|
يسمو لها نظري ، ويعرب مقولي
|
ويقول :
هذا الخليفة لا يغض عن الهدى
|
|
إن نام ليلُ القائم المتبتل
|
وإذا انتقلنا الى مدحه للقادر بالله العباسي فكما نلاحظ ان له
فيه قصيدتين وأبيات ، الاُولى يمدحه حين استقر في دار الخلافة في شهر رمضان عام ٣٨١ هـ ، ويقول
في مطلعها :
شرفُ الخلافة يا بني العبّاس
|
|
اليوم جدده أبو العباس
|
هذا الذي رفعت يداهُ بنائها
|
|
العالي وذاك موطد الأساس
|
الى أن يقول فيها :
مجد أمير المؤمنين أعدته
|
|
غضاً كنور المورق الميّاس
|
وبعثت في قلب الخلافة فرحة
|
|
دخلت على الخلفاء في الأرماس
|
وقبل أن يختم قصيدته البالغة ٤٥ بيتاً يُذكر القادر
بأنه يجتمع معه في أصل واحد وهو عبدالمطلب فيقول :
أورق أمينُ الله عودي إنما
|
|
أغراسُ أصلكَ في العُلى أغراسي
|
والقصيدة الثانية التي يرسلها للقادر عام ٣٨٢ هـ
بعد عودة أهل خراسان من الحج وقد قصدوه للزيارة ، يقول في مطلعها :
لمن الحدوج تهزهن الأنيقُ
|
|
والركب يطفو في السراب ويغرق
|
يقطعن اعراض العقيق فمشئم
|
|
يحدو ركائبه الغرام ومعرق
|
الى أن يقول :
والى أميرالمؤمنين نجت بهم
|
|
ميل الجماجم سيرهن تدفق
|
________________________________
كنت الصباح رمى اليها ضوءه
|
|
ومضى بهبوته الظلام الأورق
|
أنتم موادع كل خطب يتقى
|
|
وبكم يفرج كل باب يغلق
|
وأبوكم العباس ما استسقى به
|
|
بعد القنوط قبائلُ إلّا سقوا
|
ثم يتوجه الرضي الى القادر فيقول له مادحاً :
لله يوم أطلعتك به العلى
|
|
علماً يزاول بالعيون ويرشق
|
لما سمت بك غرةٌ مرموقة
|
|
كالشمس تبهر بالضياء وتومق
|
وبرزت في برد النبي وللهدى
|
|
نورٌ على اطرار وجهك مشرق
|
وكما سبق في قصيدته الاُولى ختم هذه القصيدة باشعار
الخليفة ، بأنه لا يرقى عليه ، لأنهما من دوحة واحدة ، إنما الفرق هو : أنه مطوّق بالخلافة ، وهو عاطل منها فيقول
:
عطفاً أميرالمؤمنين فإننا
|
|
في دوحة العلياء لا نتفرق
|
ما بيننا يوم الفخار تفاوتُ
|
|
أبداً ، كلانا في العلاء معرق
|
إلّا الخلافة ميّزتك فإنني
|
|
أنا عاطلٌ منها ، وأنت مطوّق
|
وتذكر الرواية : إن الرضي عندما أنهى هذا البيت
الأخير قال القادر بالله : «على رغم أنف الرضي» .
هذه النقلة المفاجأة في قصيدتي الرضي مع الخليفة
القادر ، يحاول فيها الشاعر أن يحطّم الحواجز الشكلية بينه وبين الخليفة ويهدّمها بترفع واقتدار.
ولكنّ الشيء الملاحظ لماذا ذلك مع القادر بالله
فحسب ، إذ لم نعثر له على مثل هذا القول الجريء مع الطائع لله ؟
مما لا شك أن الرضي كانت تربطه بالطائع لله صداقة
ومودة شهدت بذلك أغلب قصائده المخصوصة بالطائع ، والتي تجد فيها كيلاً كبيراً من الثناء والمديح له ـ وكما
رأينا في الأبيات المتقدمة ـ ولعلّ هذا الود ينبثق من موافق الطائع مع آل الرضي ، حين اعتقل
والد الرضي بأمر من عضد الدولة البويهي ، وبعدها عندما أعاد له نقابة الطالبيين ، وكل
________________________________
الوظائف التي فقدها عند اعتقال أبيه ، وبوضوح
يشير الرضي الى هذه المواقف ، وذلك بعد نكبة الطائع ، فيقول :
إن للطائع عندي منةٌ
|
|
وحمى قد بلها لي ببلالي
|
ليس ينسيها وإن طال المدى
|
|
مرّ أيام عليها وليالي
|
فاتني منك انتصار بيميني
|
|
فتلافيتُ انتصاراً بمقالي
|
اما بالنسبة للقادر بالله ، فقد كانت صلته به «قلقة
خالطها بعض المجاملة المفتعلة ووصلت في نهايتها الى ذروة الجفوة واليأس ، ويبدو ان القادر كان لايتفق والشريف على رأي ولا مبدأ وانه يصعب على الشريف جداً أن يملك ثقته ، أو يفوز برعايته» .
ثم تفاقمت الجفوة بين القادر والشاعر حين ترامت الى
سمع الخليفة أبيات ثار على أثرها وتفجر ساخطاً غاضباً على الرضي ، وجرّده من كل سلطاته ، وكانت الأبيات التي سر بها الشريف الى أسماع الخليفة العباسي بواسطة بعض المقربين له ، حطّمت كل الجسور الواهية التي تربط بينهما ، فهي تعبر عن ولاء الرضي للخلافة الفاطمية
بالقاهرة ، والمناوءة للخلافة العباسية الحاكمة في بغداد ، تقول الأبيات :
ما مُقامي على الهوان وعندي
|
|
مقولٌ صارمٌ ، وأنفٌ حمي
|
وإباء محلق بي عن الضيم
|
|
كما راغ طائرٌ وحشي
|
أي عذر له الى المجدِ إن
|
|
ذلَّ غلامٌ في غمده المشرفي
|
ألبسُ الذلَّ في بلاد الأعادي
|
|
وبمصرَ الخليفةُ العلوي
|
من أبوهُ أبي ، ومولاه مولاي
|
|
اذا ضامني البعيدُ القصي
|
لفَ عرقي بعرقه سيدُ النا
|
|
س جميعاً محمدٌ وعلي
|
إن ذلي بذلك الجو عزّ
|
|
وأوامي بذلك النقع ري
|
قد يذل العزيزُ ما لم يشمر
|
|
لانطلاق ، وقد يضام الأبي
|
ان شراً علي اسراع عزمي
|
|
في طلاب العلى وحظي بطي
|
________________________________
أرتضي بالاذى ولم يقف العز
|
|
مُ قصُوراً ، ولم تعز المطي
|
كالذي يخبط الظلامَ وقد أقمر
|
|
من خلفه النهار المضي
|
هذه الأبيات كانت بمثابة قنبلة فجرت غضب القادر
العباسي على الشريف الرضي ، وعقد مجلساً جمع فيه والد الشريف الرضي وأخاه المرتضى وجمعاً من القضاة والفقهاء والشهود ، وأعلمهم بأبيات الشريف ـ المشار اليها ـ وعاتب والد الشريف على
ذلك ، وطلب من الحاضرين أن يدوّنوا محضراً يتضمن الطعن بنسب الخلفاء الفاطميين ، ووقّع الجميع عليه ، وطلب القادر من والد الرضي أن يوقع عليه ولده ، فامتنع الرضي من ذلك ، مدعياً أن الشعر ليس له ، وأصرّ عل امتناعه «ولما
انتهى الأمر الى القادر سكت على سوء أضمره له وبعد ذلك بأيام صرفه عن النقابة» .
________________________________
وطالت الجفوة بين الشريف الرضي والقادر العباسي
وامتدت الى عام ٣٨٨ هـ حيث قام بهاء الدولة بترميم جسور الإتصال
بين الشريف والقادر ، وأعاد له إمارة الحج عام ٣٨٩ هـ وتوطدت الصلة بينهما بعد ذلك.
وإذا انتقلنا من مدح الشريف الرضي لخلفاء بني
العباس الى ملوك واُمراء ووزراء البويهيين فلانرى فيه اختلافاً كثيراً عما أورده الى خلفاء العباسيين ، الا أنهم
لا يشرفوا بالدوحة الهاشمية. ونال بالدرجة الاُولى بهاء الدولة بنصيب أوفر من مديحه ورثائه
لآل بويه ، فقد مدحهم بمايقارب الخمسين قصيدة كانت حصة بهاء الدولة ٣٤ قصيدة ، والباقي
منها مقسمة بين بقية الاُسرة ، ووزرائهم وقوادهم وأتباعهم وشخصياتهم التي كانت تحكم العراق في ظل الخلافة العباسية.
وحين نرجع الى المصادر نراها تؤكد على أن الشريف
الرضي تولّى مناصب هامة في عهد بهاء الدولة ، كنقابة الطالبيين والنظر في اُمور المساجد بمدينة السلام
وإمارة الحج ، والنظر في اُمور الطالبيين في جميع البلاد ، ثم لم يكتف بكل هذا ، بل لقّبه
بالشريف الأجل سنة ٣٨٨ هـ ، ثم بالرضي ذي الحسبين سنة ٣٩٨ هـ ، ثم أمر سنة ٤٠٠ هـ أن تكون مخاطبته بالكناية ، ثم بالشريف الأجل مضافاً الى المخاطبة
بالكناية سنة ٤٠١ هـ .
هذه كلّها تدل على أن الصلة بين الرضي وملك الملوك
كانت متينة على درجة من المودّة والصداقة الحميمة ، بحيث لم يمنع الشريف أي مانع أن يقول وبكل صراحة وهو يهنيه بعيد النيروز عام ٤٠١ هـ :
|
يا قوامَ الدين والفارج للدّين مضيقه
|
|
________________________________
|
أنت راعيه وهاديه إذا ضلَّ طريقه
|
|
ويقول له من قصيدة اُخرى يرسلها عام ٣٩٧ هـ :
أنا غرسٌ غرسته ، وأجل الـ
|
|
ـغرس ما قدرت ثراه يداكا
|
لم أجد صانعاً سواك ولا أعـ
|
|
ـرف في الناس منعماً ماسواكا
|
في حمى طولك اهتززت وأورقـ
|
|
ـت قريب الجنى بصوب نداكا
|
كل يوم فضل عليّ جديدٌ ،
|
|
وعلاء أناله من عُلاكا
|
وتارة يذكر عطايا بهاء الدولة فيشكره عليها ، وذلك
عام ٤٠٢ هـ فيقول :
في كل يوم قوام الدين ينضحني
|
|
بماطر غير منزور ولا وشل
|
ثم يقول :
أنتمُ لنا نفسٌ من كل كاربة
|
|
وأنجمُ في ظلام الحادث الجلل
|
تنبو إذا لم تكن عنكم ضرائبنا
|
|
والسيفُ أقطعُ شيء في يد البطل
|
الناسُ ما غبتم سلكٌ بلا درر
|
|
ولا نظام وأجفانٌ بلا مقل
|
وفي قصيدة يصرح بولائه لآل بويه ، وأنهم محط آماله
، ونهاية مطافه ، يقول :
أآل بويه ما ترى الناسُ غيركم
|
|
ولا نشتكي للخلق لولاكم فقدا
|
نرى منعكم جوداً ، ومطلكم جدا
|
|
وإذلالكم عزاً ، وإمراركم شهدا
|
وعيشُ الليالي عند غيركم ردى
|
|
وبردُ الأماني عند غيركم وقدا
|
إذا لم تكونوا نازلي الارض لم نجد
|
|
بها الوادي الممطور والكلاء الجعدا
|
فلم أر لي من مطلع عن بلادكم
|
|
ولامن مراح للأماني ولا مغدا
|
ولا ارَيد أن أطيل في هذا المضمار ، ففي الذي
أوردته الكفاية من كون الشريف الرضي أغرق في المديح الى درجة قد لا تتناسب مع مكانة الشريف المعروفة في حينها ببغداد كوجه كبير لامع في الشيعة ، بالإضافة الى كونه أحد أعلام الدين ، ومثله لابد
له أن يترفع عن مثل هذا المديح الذي يصطدم في كثير من الأحيان بالعقيدة التي يتمسّك
________________________________
بها الشريف.
والظاهر أن هذا اللون من المديح يكاد يكون واحداً
في خطوطه العامة إلا اللّهم من ناحية الإنشاء ، فانه كان مع الخلفاء ينشدها أمامهم ، أما مع ملوك بني بويه وغيرهم
فكان يرسل القصائد إليهم ، وتنشد أمامهم من قبل النشّاد ، واستغل ذلك الدسّاسون ، فهمسوا في اُذن بهاء الدولة ، بأن الشريف يتعالى ويتكبر عليه ، ولكن الشريف عرف ذلك فكتب إليه الأبيات التالية :
جنَاني شجاعٌ ان مدحتُ وانما
|
|
لساني إن سيمَ النشيد جبان
|
وماضر قوالاً ، أطاع جنانه
|
|
إذا خانه عند الملوك لسان
|
وربَّ حيي في السلام وقلبُه
|
|
وقاح إذا لفّ الجياد طعان
|
وربَ وقاح الوجه يحمل كفه
|
|
أنامل لم يعرق بهن عنان
|
وفخرُ الفتى بالقول لا بنشيده
|
|
ويروي فلانٌ مرة وفلان
|
وإذا طالعتنا ظاهرة المدح في شعر الشريف بأجلى
صورها ، سواء في الخلفاء العباسيين أو ملوك آل بويه أو الحمدانيين أو غيرهم من اُمراء ووزراء أو وجوه ، فان
هذا لابدّ أن يكون مبعثه سبب يحل هذه المشكلة ، وسوف نحاول أن نتصيّد الدوافع التي
فجرت هذه الظاهرة حتى نصل الى الحقيقة التي نتوخاها ، ولا نرضى للشريف الرضي بقاء هذا الطابع عليه ، وفيه ما فيه من نقد يجلّ عنه الرضي ، فهل دفعته الحاجة
المالية الى ذلك ؟
٢ ـ نفسيته وإباؤه :
لم يقل أحد ممن ترجم الشريف الرضي بأنه وقف على باب
خليفة ، أو سلطان ، أو أمير ، أو وزير من أجل طمع ، أو مال ، بل العكس ، فقد أكدت الأقوال بأن الرضي كان لا يقبل الهدايا والصلاة المالية من أحد ، وتصفه بعض المصادر فتقول :
«كان عفيفاً شريف النفس ، عالي الهمة ، ... لم يقبل
من أحد صلة ولا جائزة حتى أنه رد صلات أبيه ...
________________________________
فأما بنو بويه فانهم اجتهدوا على قبوله صلاتهم فلم
يقبل ، وكان يرضى بالاكرام ، وصيانة الجانب ، واعزاز الاتباع والاصحاب» .
ولم يختلف موقفه مع الخلفاء العباسيين بما كان عليه
مع البويهيين ، فهو يؤكد لهم أنه لم يمدحهم ، أو يقصدهم لغرض الهبات والعطايا ، انما لأجل الإكرام ، ونستطيع أن نتلمس ذلك منه حين يطلب لقاء خاصاً مع الخليفة العباسي الطائع لله فيتماهل في لقائه ، ويرسل هدية له ، فينفر منها الرضي ، فانه لا يبغي منه صلة مالية. ويشير
بذلك في قصيدته التي هنّأ بها الوزير أبا منصور محمد بن الحسن بن صالح بالمهرجان عام ٣٧٨ هـ ، جاء فيها :
مدحتُ أمير المؤمنين وانه
|
|
لأشرفُ مأمول وأعلى مؤمم
|
فأوسعني قبل العطاء كرامة
|
|
ولا مرحباً بالمال إن لم أكرم
|
انه حين يتصل بالحكام لا لأجل المال ، إنما للكرامة
التي ينشدها ويتلهف عليها وهي أمله وطموحه ، وإذا فُقدت هذه فلا مرحباً بالمال عنده. ولهذا نراه حين يتمادى الطائع العباسي في عدم الإستجابة بلقائه ، يرسل إليه قصيدة طويلة يعاتبه فيها عام ٣٧٩ هـ جاء في مطلعها :
ضربنَ إلينا خدوداً وساما
|
|
وقلن لنا اليوم موتوا كراما
|
ولا تبركوا بمناخ الذليل
|
|
يُرحله الضيم عاماً فعاما
|
الى كم خضوعٌ لريب الزمان
|
|
قعوداً ألا طالَ هذا مناما
|
الى أن يقول :
اُريدُ الكرامة لا المُكرمات
|
|
ونيل العُلا لا العطايا الجساما
|
وهنا يثور التساؤل ، إذا كان الرضي لا يقبل صلة أحد
، فمن أين له ما يقوّمه في حياته العامة التي كان يظهر عليها شيء من السعة ؟
________________________________
إن المصادر التي تترجم لنا الشريف الرضي لم تشر
بأنه كان مالكاً للمال والأرض ، كما أشارت الى أخيه المرتضى بأنه يملك ثمانين قرية تقع بين بغداد وكربلاء على
حافتي نهر الفرات وكلّها معمورة .
وكما ألمحت المصادر أن والده الحسين حين اعتقله عضد
الدولة وأبعده الى فارس صادر أملاكه ، وحين أطلق سراحه شرف الدولة رد عليه أملاكه .
والظاهر أنه كان يعيش في بيت أبيه ، وكان والده يدر
عليه ما يحتاج من مال ، وكانت حالته تشير الى اليسر ، وقد ذكر أنه كان في طريقه الى الحج هو أخوه المرتضى عام ٣٨٩ هـ ، فاعترض طريقهما إبن الجّراح الطائي فافتديا نفسيهما بتسعة آلاف دينار ، وهذه دلالة المكنة
المالية ، فلا يدفع هذه الفدية إلّا الميسور.
وقد نعثر على بعض الفقرات في ثنايا ترجمته تفيد بأن
كانت تمر به حالات من العسرة وهو يصرح بها في
قصيدته الحزينة التي يرثي بها والدته فيقول في مطلعها :
أبكيك لو نقع الغليل بُكائي
|
|
وأقولُ : لو ذهب المقال بدائي
|
وأعوذ بالصبر الجميل تعزياً
|
|
لو كان في الصبر الجميل عزائي
|
ثم بعد أن يصف حاله في هذه المأساة يقول :
________________________________
فبأيِّ كف أستجن وأتقي
|
|
صرَفَ النوائب أم بأي دعاء
|
ومَن الممولُ لي إذا ضاقت يدي
|
|
ومَن المعلّلُ لي من الأدواء ؟
|
ومن الذي إن ساورتني نكبةٌ
|
|
كان الموقى لي من الأسواء ؟
|
قد كنت آملُ أن يكون أمامَها
|
|
يومي فتشفِقُ أن تكون ورائي
|
الى أن يقول :
كان ارتكاضي في حشاك مسبباً
|
|
ركض الغليل عليك في أحشائي
|
ولعلّنا تلمّسنا بوضوح يد والدته عليه حين كانت
تقيه النوائب ، وتنفق عليه ، وتواسيه في المحنة ، وأي صراحة من قوله : «ومن الممول لي إذا ضاقت يدي ...» ، ولعلّه
يشير الى تلك الفترة القاسية التي مر بها وهو صبي بعد ، وقد اُودع والده الإقامة
الجبرية في فارس طيلة المدة من ٣٦٩ ـ ٣٧٦ هـ.
على كل حال فمن الممكن أن نجزم بأن الرضي عاش أبياً
، يحمل في جنبه نفسية كريمة لن تقبل بالمنّة ، ولا ترضى بالمذلة ، وهو يعبر عن هذه الخاصة فيقول :
فوالله لا ألقى الزمان بذلة
|
|
ولو حط في فودي أمض غروبه
|
قنعتُ ، فعندي كلُّ ملك نزوله
|
|
عن العز والعلياء مثل ركوبه
|
ومن هذا العرض السريع الى نفسيته وإباحة نكاد نجزم
بأن الشريف الرضي لم يمدح أحداً مهما كانت سمته من أجل المال ، إنما لغاية أسمى ، اذاً فماهي ؟
٣ ـ الوصول الى
الخلافة :
الحديث عن الشريف الرضي شيّق وطويل ، ويمكن أن يمتد
لينتهي الى مؤلف كبير وكتاب واسع ، وحيث أننا اخترنا أن يكون الحديث في حدود الطموح الذي عشقه الشاعر فهام به ـ فلا نخرج عنه ـ ولم يأبه بكل ما يحيط به من مهاوي وأهوال ، فهو
ابن بجدتها لا يخشى رهقاً ، أو يهاب ضيماً ، انه الرجل الذي غامر من أجل اُمنيته ، فناغاها
بكل فخر قائلا :
________________________________
كم اصطبار على ضيم ومنقصة
|
|
وكم على الذلِّ اقرارٌ وإذعان
|
ثوروا لها ، ولتَهُن فيها نفوسكُم
|
|
إن المناقبَ للأرواح أثمانُ
|
وإذا كنّا مضطرين للوصول الى نهاية المطاف في
حديثنا عن الشاعر الخالد ، والعالم الكبير الشريف الرضي ، فلابد لنا أن نضع الحقائق التالية أمام عشاق الشريف الرضي لإجلاء بعض الجوانب التي تخصّه في حياته العامة ، وشخصيته الرفيعة ، ودفاعاً عن
هذه الظاهرة التي قد تثير النقد ، والإشكالات عليه ، وفي هذا الصدد نلاحظ الآتي :
١ ـ ان الشريف الرضي عاش عصراً زاخراً بالأدب
والمعرفة ، وكان عليه أن يتحلّى بهما ليكون عنواناً بارزاً لذلك العصر المتلاطم بالأحداث ، وكان له ما أراد ، فلم
يقف على أبواب الخلفاء ، والسلاطين والوزراء والاُمراء ، ليستدرّ من عطفهم عليه مايرفع
به شأنه ، إنما كانت نفسه تنازعه للطموح فكان يتنقل بين مجالس الحكام ومن على شاكلتهم ليرتبط بهم ، ويشدّ اليه الأنظار ، لأن الناس لا ترمق الخامل بنظرة
التقدير والإكبار ، والمجتمع البغدادي حينذاك يتطلّع الى من يتسلّق الأمجاد.
٢ ـ وقد تطلب منه هذا التوجه أن يستغل شعره سلماً
له ، والمديح كان «ظاهرة العصر» وقد حفلت بغداد بالشعراء في القرن الرابع الهجري ، وعليه إن أراد مسايرة الظاهرة ، فلابد أن يسلكها ويجتازها بحذر ورويّة ، وتظهر هذه الحقيقة من خلال قصيدته التي يفتخر بآبائه الطاهرين عليهم السّلام ، ويذم الزمان ، يقول فيها :
مالك ترضى أن يُقالَ شاعرُ
|
|
بعداً لها من عدد الفضائل
|
كفاك ما أورقَ من أغصانه
|
|
وطالَ من أعلامه الأطاول
|
فكم تكون ناظماً وقائلاً
|
|
وأنت غب القول غيرُ فاعل
|
فهو لا يريد أن يكون شاعراً ، لكنه يريد أن يصل به الى
ما يصبو اليه ، والغاية شريفة ، وهي الصعود الى العلا ، وراكب الصعبة يتحمل كل المشاق ، وقد سمعناه من قبل يؤكد على هذه الحقيقة :
وما قولي الأشعارُ الا ذريعة
|
|
الى أمل قد آن قودُ جنيبه
|
وإني إذا ما بلغ الله غاية
|
|
ضمنت له هجرَ القريض وحوبه
|
________________________________
وحيث أن الرجل يحمل همّاً على كتفيه يريد الوصول اليه
فلا مانع أن يسلك الطريق الوعر ، ويزجّ بنفسه في متاهات الشعراء ، أساليبهم ، وممارساتهم ، ولكنّه
يختلف عن كثير منهم بعفة ونزاهة لا يطرق بابه إثم أو انحدار ، إنه يصرّح بذلك في قصيدة
يمدح أباه الشريف في عيد الغدير عام ٣٩٦ هـ جاء فيها :
وما الشعرُ فخري ولكنه
|
|
أطولُ به همة الفاخر
|
انزهه عن لقاء الرجال
|
|
وأجعله تحفة الزائر
|
فما يتهدى اليه الملـ
|
|
ـوك إلا من المثل السائر
|
وإني وإن كنت من أهله
|
|
لتَنكُرني حرفةُ الشاعر
|
٣
ـ ان الشريف الرضي لم يتكأ على الشعر لغرض المدح والثناء إنما انقاد اليه للضرورة الفارضة ، التي حملته الى هذا الإتجاه نحو تحقيق طموحه وغاياته ، وإلا فهو
«أحد علماء عصره قرأ عليه أجلاء الأفاضل» .
وشجعه عليه هذا الاتجاه ازدهار الحركة الشعرية في
العراق ، حتى وصف بأنه كان مسرحا لعرائس الشعر الجميل ، وفتحت أبواب
الخلفاء والملوك والوزراء والاُمراء ببغداد على مصراعيها للشعراء والاُدباء ، يجزلون لهم العطاء ويوزعون عليهم المراتب
والجاه ، ليضمنوا بقاءهم معهم ، وكانت هذه الخاصة قد تميزت بها ملوك واُمراء آل بويه ، وشهدت لهم المصادر التاريخية ، والأدبية بأنهم رعوا الأدب والفضل أيما
رعاية ، وكان الشريف الرضي أحد هؤلاء الذين انقادوا لهذا الإتجاه ـ فكانت له المكانة
المرموقة فيه ـ من أجل تحقيق طموحه.
٤ ـ لقد حفل العراق بالقرن الرابع الهجري باضطراب
الأحوال السياسية ، والفكرية ، والإجتماعية وكان تأثيره كبيراً على المجتمع العراقي ، مما أدّى الى
انقسام خطير في تركيبه السياسي والإجتماعي وانسحاب كل ذلك على الجانب الفكري مما
________________________________
أدي الى صراعات قبلية وداخلية ، ثم طائفية
وعنصرية ، كما انعكست مؤثرات هذا العصر من سياسية وفكرية واجتماعية على الحركة الشعرية في العراق ، وأدى ذلك الى تقسيمه في اتجاهين متناقضين :
الأول ـ الإتجاه النزيه المحافظ الملتزم الذي يحمل
مهمة التعبير عن رسالة التغيير في الواقع الاجتماعي المعاش في بغداد ، ومثل هذا الإتجاه المتنبي ، والشريف الرضي ، والشريف المرتضى ، ومهيار الديلمي ، وأبو
العلاء المعرّي ، أمثالهم.
الثاني ـ الإتجاه المتحرر من القيم الاجتماعية
ومعايشة جو المجون ، والتهتك والخلاعة والإرتزاق وغير ذلك ، وترى بعض المصادر : إن هذا الاتجاه «ظهر عليه التأثر الشديد
بقيم العصر ومثله» .
وكان يمثّله عدد من الشعراء كابن سكرة ، وابن الحجاج ، وابن العاصب الملحي ، والأحنف العكبري وأمثالهم.
________________________________
ورغم هذا التناقض في الإتجاهين ، فإنهما كانا
يخضعان في كثير من الأحيان الى تلك التأثيرات الكامنة في أعماق الشاعر ، وهي التي لا يمكن التخلّص منها بأي حال لارتباطها بالجانب العقائدي أو المذهبي ، فكانت من كل ذلك المحتوى : العاطفة الحزينة ، والألم الحاد ، والشكوى المرة.
وبرز هذا الطابع في شعر الرضيّ على مر لأهل البيت
عليهم السّلام ، كما مثل مهيار الاُسلوب المتطرف في قصائده العقائدية.
وكذلك برز هذا الطابع على شعر ابن الحجاج الذي يهرع
عند الشدة فيقول :
خمسةٌ حبهم إذا اشتدَّ حُزني
|
|
ثقتي عند خالقي وأماني
|
قد تيقّنت أنهم ينقلوني
|
|
من يدي مالك الى رضوان
|
والى جانب الطابع المذهبي ، الذي يختصّ ببعضهم ، فإن
الطابع السائد للجميع هو الشقاء والمعاناة ، والشكوى من مر الأيام ، ومتاعب الثورة.
فقد كان الشريف الرضي محور عصره في الناحية الثورية
، والنقمة على الحاكمين ، إنه يتفجّر ساخطاً عليهم مرة فيخاطبهم في قصيدة طويلة منها :
هيهات أغترُّ بالسلطان ثانية
|
|
قد ضلَّ ولاج أبواب السلاطين
|
هَبُوا اُصولكم أصلي على مضض
|
|
ماتصنعونَ بأخلاق تنافيني
|
كم الهوان كأني بينكم جملٌ
|
|
في كل يوم قطيعُ الذُلِّ يحدوني
|
...............................
توقعوها وقد شبتْ بوارقها
|
|
بعارض كصريم اللّيل مدفون
|
وهكذا نصل الى نهاية الحديث عن الشاعر المفلق ، والعالم
المبدع الشريف الرضي ، الذي خلّف للاُمة الإسلامية قمة شموخ تتجلى بتراثه الجليل ، في كلما أنتج عقله
الوقّاد ، وفكره الثاقب.
والحديث عن الشريف طريق وعويص ـ كما أشرت في بداية
البحث ـ وليت
________________________________
الفرصة تسنح لنا في العودة للحديث عنه بصورة
أوسع ، ومجال أكبر ، نرجو أن نوفّق لذلك ، ومن الله سبحانه القصد والسداد.
الخاتمة :
وحين نصل الى خاتمة الحديث عن الشاعر الخالد الشريف
الرضي ، فإنّ علينا أن نسجل له وبكل اعتزاز النقاط التالية :
١ ـ كان أحد علماء ذلك العصر في علوم الشريعة
والمعرفة الإسلامية ، ترك تراثاً رائعاً لم يبله الدهر.
٢ ـ وكان شاعراً مفلقاً ، حتى قيل أنه أشعر قريش.
٣ ـ وقد عاش في خضمّ العواصف الثائرة في بغداد ، والفتن
العمياء ، فكان فيها المصلح الكبير ، والزعيم الحاني على مختلف طبقات الاُمة.
٤ ـ وساير خلفاء بني العباس ، وسلاطين بني بويه ، وشخصيات
الحمدانيين ، وزعماء القبائل ولم يظهر عليه ما يشير الى أن صلاته بهؤلاء كانت من أجل المال
والمادة ، بل العكس فقد ذكرت المصادر بأنه كان عفيف النفس ، لم يقبل من أحد صلة.
٥ ـ لقد وصفته المصادر بالوفاء ، والمودّة والإخلاص
، ولا مبالغة فيه ، فقد رثى أبا إسحاق الصابي ـ رغم الإختلاف الديني بينهما ـ بأبلغ الرثاء ، ولم يأبه لنقد
الناقدين أو تحامل المتزمتين.
٦ ـ إنّ العصر الذي عاشه الشريف الرضي ـ في القرن
الرابع الهجري ـ تفجرت الحياة العقلية فيه ، وتلاقعت الأقلام الحرّة بالأفكار النيّرة ، فأنتجت تراثاً عبّر
عن ثقافة ذلك العصر ، وكان الرضي أحد اُولئك الذين أثّروا عصرهم بالمعرفة والفضل والأدب.
٧ ـ «شاءت الظروف أن يكون الرضي نقيب الأشراف في
زمن لم يكن فيه للأشراف عرش ولا تاج ، وإنما كان لهم مجد العلم والأدب والبيان».
٨ ـ «ولم تكن ثقافة الشريف موقوفة على ما وعت الكتب
والمصنفات ، وإنما امتد بصره فدرس الدنيا ، وخبر الناس ، وساقه الى ذلك أسباب خطيرة ترجع في جملتها الى إثنين :
الأول ـ تطلّعه الى الخلافة وحرصه على الإتصال
بأقطاب الزعماء في الحواضر
الإسلامية من أجل بلوغها.
الثاني ـ تشوّفه الى ما أجن الوجود من غرائب
الصباحة ، وعجائب الجمال ، وكان يعيش موزع القلب والعقل بين الحب وبين المجد».
٩ ـ «و ولج الشريف الرضي عالم الشعر بكل حواسه وفي
نفسه ثورة جبارة ، وسخط في وجه الزمان والناس ، منتفضاً كالفارس الجريح ، وثاباً الى المعالي ليدفع
عن اُمته ضيم الأيام».
١٠ ـ إندفع الرضي في مسيرة الثورة على الأوضاع
الفاسدة ، واهتم بعملية التغيير الإجتماعي فشغله هذا التوثّب عن كل جانب آخر يعيشه أي شاعر له وجوده اللامع في مجتمعه واُمته.
١١ ـ وعاصر الرضي أعلام الأدب والشعر ، وقد حفلت
بهم بغداد في ذلك العهد ، فكان هو المبرز فيهم ، والشخصية المرموقة من بينهم ، لأنه كان يطمح للقمة ، ومن
يكون همّه ذلك يسمو به الوجود.
١٢ ـ إن هذه الروح الخلاقة الثائرة التي كمنت في
أعماق الرضي هي الامتداد الطبيعي للثوّار العلويين الذين أقضّوا مضاجع الظالمين في كل عصر من العهد الاُموي
وحتى هذا العصر وما أروع قوله :
لله أمرٌ من الأيام أطلبُهُ
|
|
هيهات أطلبُ أمراً غير مطلوب
|
واقذِفْ بنفسكَ في شعواء خابطة
|
|
كالسيل يعصف بالصّوان واللُّوب
|
إن حنّتِ النيبُ شوقاً وهي واقفةٌ
|
|
فإن عزمي مشتاقٌ الى النيِّب
|
متى أراني ودرعي غيرُ محقبة
|
|
أجُرّ رُمحي ، وسيفي غيرُ مقروبِ
|
١٣
ـ والشريف الرضي كأي إنسان يحمل جهاراً رايات الثائر ويصرخ بالوعيد لحكام الجور والظالمين ، إن ذروة الغضب تجتاحه حين يلامس انحدار النظم الحاكمة الى
الهاوية ، فيترقب اليوم الحاسم بينه وبين أعداء الاُمة ، فيقول :
وعِندي للعدى لابدّ يوم
|
|
يذيقهمُ المسم من عقابي
|
فأنصبُ فوقَ هامَهم قدوري
|
|
وأمزجُ دمائهم شرابي
|
________________________________
وأركزُ في قلوبهم رماحي
|
|
وأضربُ في ديارهم قبابي
|
فإنّ أهلك فعن قدر جري
|
|
وإن أملك فقد أغنى طلابي
|
١٤
ـ «وفي شعره ألوان متنوعة ، وفنون مختلفة استطاع بشاعريته القويّة ، وبلاغته الأصيلة ، وفصاحته الفياضة ، وقدرته الباهرة أن يبرزها كلها على طراز من التصوير ، ونمط من التعبير يجعله في مقدمة الفحول من شعراء عصره».
وأخيراً :
فإنّ الشريف الرضي فلتة الدهر ، زهت الدنيا بوجهه ،
وحاول تسلّق المجد تلبية لطماحه ، وصعدت به الآمال الى تفجير الثورة في سبيل التغيير الذي يطلبه كل مخلص غيور على اُمته ومبادئه. وإذا كانت هناك نقطة تثير القول في شعر الرضي ، فإنه
ذلك المدح الذي وشم أغلب قصائده ولكن إذا ما عرفنا ان الاُسلوب الشعري الإجتماعي ـ المديح والرثاء ـ هو السائد في ذلك العصر ، ومارسه الشعراء ، ثم انه
اتخذه ذريعة للوصول الى طموحه ، ومن يطلب العلياء لم يغله المهر ، تبدد الإشكال. والله
المسدد للصواب.
________________________________
مصادر البحث :
١ ـ الآداب العربية
في العصر العباسي ـ د. محمد عبدالمنعم الخفاجي / ط مكتبة الكليات الأزهرية ـ مصر.
٢ ـ الأعلام ـ خير
الدين الزركلي / ط ـ
٣ ـ أعيان الشيعة ـ السيد
محسن الأمين العاملي / ط دار التعارف ـ بيروت ١٩٨٣.
٤ ـ أقرب الموارد ـ سعيد
الشرتوني / ط بيروت.
٥ ـ إمبراطورية العرب
ـ جون باجوت جلوب ، تعريب خيري حماد / ط ـ دار الكتاب العربي بيروت ١٩٦٦.
٦ ـ بحوث في التاريخ
العباسي ـ د. فاروق عمر / ط ـ دار القلم للطباعة ـ بيروت ١٩٧٧.
٧ ـ البداية والنهاية
ـ عماد الدين اسماعيل بن عمر بن كثير الدمشقي / ط ـ المعارف ـ بيروت.
٨ ـ تاريخ الأدب
العربي في العصر العباسي ـ إبراهيم علي أبو الخشب / ط ـ دارالثقافة العربية
للطباعة القاهرة.
٩ ـ تاريخ آداب اللغة
العربية ـ جرجي زيدان / ط ـ دارالهلال ـ القاهرة.
١٠ ـ تاريخ بغداد ـ أبوبكر
أحمد بن علي الخطيب البغدادي / ط ـ أوفست ـ بيروت.
١١ ـ تاريخ التمدن الإسلامي
ـ جرجي زيدان / ط ـ الهلال ـ القاهرة.
١٢ ـ تجارب الاُمم ـ أحمد
بن محمد بن يعقوب المعروف بمسكويه / ط ـ مطبعة التمدن ـ القاهرة.
١٣ ـ تلخيص البيان في
مجازات القرآن ـ الشريف الرضي محمد بن الحسين الموسوي ـ تحقيق محمد عبدالغني حسن / ط ـ دار احياء الكتب ـ مصر ١٩٥٥.
١٤ ـ الحضارة
الإسلامية في القرن الرابع الهجري ـ آدم متز ـ تعريب محمد عبدالهادي أبو ريدة / ظ ـ
دار الكتاب العربي ـ بيروت ١٩٦٧.
١٥ ـ حقائل التأويل
في متشابه التنزيل ـ الشريف الرضي محمد بن الحسين الموسوي / ط ـ النجف ١٩٣٦.
١٦ ـ الحماسة في شعر
الشريف الرضي ـ محمد جميل شلش / ط ـ دار الحرية للطباعة ـ بغداد ١٩٧٤.
١٧ ـ دائرة المعارف
الإسلامية / ط ـ أوفست طهران.
١٨ ـ دائرة معارف
القرن العشرين ـ محمد فريد وجدلي / ط ـ القاهرة.
١٩ ـ الدرجات الرفيعة
في طبقات الشيعة ـ علي بن أحمد بن معصوم الحسيني المعروف بـ السيد علي خان / ط ـ أوفست قم ـ عن طبعة النجف ١٣٩٧.
٢٠ ـ دعبل بن علي
الخزاعي ـ عبدالكريم الأشتر / ط ـ دارالفكر ـ دمشق ١٩٦٤.
٢١ ـ دمية القصر
وعصرة أهل العصر ـ أبو الحسن علي بن الحسن الباخرزي ـ تحقيق د. سامي مكي العاني / ط ـ مطبعة المعارف ـ بغداد ١٩٧٠.
٢٢ ـ ديوان الرضي ـ الشريف
الرضي محمد بن الحسين الموسوي / ط ـ مطبعة الأدبية ـ بيروت ١٣٠٧.
٢٣ ـ ديوان الشريف
الرضي ـ تحقيق د. عبدالفتاح محمد الحلو / ط ـ دار الطليعة للطباعة والنشر ـ باريس ١٩٧٧.
٢٤ ـ الذريعة الى
تصانيف الشيعة ـ الشيخ آقا بزرك الطهراني / ط ـ طهران.
٢٥ ـ رجال النجاشي ـ أحمد
بن علي بن أحمد بن العباس النجاشي / ط ـ الحجرية.
٢٦ ـ روضات الجنات ـ محمد
باقر الخوانساري الأصبهاني / ط ـ مطبعة مهر استوار ـ قم.
٢٧ ـ سفينة البحار ـ عباس
القمي / ط ـ حجر ـ ايران.
٢٨ ـ شذرات الذهب في
أخبار من ذهب ـ عبدالحي بن العماد الحنبلي / ط المكتب التجاري للطباعة والنشر ـ بيروت.
٢٩ ـ شرح نهج البلاغة
ـ عبدالحميد بن أبي الحديد / ط ـ أوفست دار احياء التراث العربي ـ بيروت.
٣٠ ـ الشريف الرضي ـ محمد
عبدالغني حسن / ط دار المعارف ـ مصر (من سلسلة نوابغ الفكر العربي ـ ٤١).
٣١ ـ الشريف الرضي ـ محمد
رضا كاشف الغطاء ـ النجف.
٣٢ ـ الشيعة وفنون الاسلام
ـ حسن الصدر / ط ـ مطبعة العرفان ـ صيدا.
٣٣ ـ ظهر الاسلام ـ أحمد
أمين / ط ـ النهضة المصرية ـ القاهرة.
٣٤ ـ العبر في أخبار
من غبر ـ شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي / ط ـ الكويت.
٣٥ ـ عبقرية الشريف
الرضي ـ د. زكي مبارك / ط ـ المطبعة العصرية للطباعة ـ صيدا.
٣٦ ـ عمدة الطالب ـ أحمد
بن علي بن الحسين الحسني ، المعروف بابن عنبة / ط ـ دار مكتبة الحياة ـ بيروت.
٣٧ ـ الغدير ـ عبدالحسين
الأميني / ط ـ دار الكتاب العربي ـ بيروت.
٣٨ ـ في الأدب العربي
ـ د. محمد مهدي البصير / ط ـ مطبعة النجاح ـ بغداد.
٣٩ ـ الكامل في
التاريخ : عز الدين بن الأثير / ط ـ دار صادر ـ بيروت.
٤٠ ـ الكنى والألقاب
ـ عباس القمي / ط ـ الحيدرية ـ النجف.
٤١ ـ لسان الميزان ـ شهاب
الدين أحمد بن علي العسقلاني ـ ابن حجر / ط ـ حيدراباد ـ دكن.
٤٢ ـ لؤلؤة البحرين ـ
يوسف بن أحمد البحراني ـ مطبعة النعمان ـ النجف.
٤٣ ـ المختصر في
أخبار البشر ـ عماد الدين اسماعيل بن محمد ، المعروف بأبي الفداء / ط ـ الحسينية ـ
القاهرة.
٤٤ ـ مروج الذهب ـ علي
بن الحسين المسعودي / ط ـ السعادة ـ مصر.
٤٥ ـ مرآة الجنان ـ أبو
محمد عبدالله بن أسعد اليافعي / ط ـ حيدرآباد.
٤٦ ـ مصادر نهج
البلاغة ـ عبدالزهراء الخطيب / ط ـ دار الأضواء ـ بيروت.
٤٧ ـ معجم المؤلفين ـ
عمر رضا كحالة / ط مطبعة الترقي ـ دمشق ١٩٦١.
٤٨ ـ مقدمة ديوان
الشريف الرضي ـ د. عبدالفتاح محمد الحلو / ط ـ وزارة الاعلام العراقية ١٩٧٧.
٤٩ ـ مقدمة دمية
القصر ـ د. سامي مكي العاني / ط ـ المشار اليها.
٥٠ ـ الموسوعة
الإسلامية ـ حسن السيد محسن الأمين / ط ـ دار التعارف ـ بيروت.
٥١ ـ المنتظم في
تاريخ الملوك والاُمم ـ أبو الفرج عبدالرحمن بن علي الجوزي / ط ـ حيدرآباد ـ دكن.
٥٢ ـ مهيار الديلمي ـ
د. عصام عبد علي / ط ـ دار الحرية للطباعة ـ بغداد ١٩٧٦.
٥٣ ـ الوافي بالوفيات
ـ صلاح الدين خليل بن أبيك الصفدي / ط ـ دار النشر فرانز شتانير ، بقيسباون ١٩٦١.
٥٤ ـ وفيات الأعيان ـ
أحمد بن محمد بن أبي بكر بن خلكان / ط ـ النهضة المصرية ـ القاهرة.
٥٥ ـ يتيمة الدهر ـ عبدالملك
بن محمد بن اسماعيل الثعالبي ـ تحقيق محمد عبدالحميد / ط ـ القاهرة.
الرضيّ والمرتضى كوكبان
|
الشيخ جعفر السبحاني
|
إن الرضيّ والمرتضى من دوح السيادة ثمرتان ، وفي
فلك العلم قمران ، وأدب الرضيّ إذا قرن بعلم المرتضى ، كان كالفرند في متن الصارم المنتضى .
وقد وصف أبو العلاء المعرّي الشريفين في قصيدة يرثي
بها والدهما بقوله :
أبقيتَ فينا كوكبين سناهُما
|
|
في الصبح والظلماء ليس بخافِ
|
الى أن قال :
ساوى الرضيُّ المرتضى وتَقاسَما
|
|
خُطط العُلى بتناصفٍ وتصافِ
|
وروى أهل السير والتواريخ ان المفيد ، أبا عبدالله
محمّد بن النعمان نابغة العراق ، ومفخرة الآفاق ، رأى في منامه ان فاطمة بنت رسول الله (صلّى الله عليه وآله)
دخلت عليه وهو في مسجده في الكرخ ، ومعها ولداها : الحسن والحسين ـ عليهما السّلام ـ صغيرين ، فسلّمتهما اليه ، وقالت له : علمهما الفقه ، فانتبه متعجبا من ذلك ، فلمّا
تعالى النهار في صبيحة تلك الليلة التي رأى فيها الرؤيا ، دخلت إليه في المسجد فاطمة بنت
الناصر ، وحولها جواريها وبين يديها ابناها : محمّد الرضيّ ، وعليّ المرتضى صغيرين
، فقام اليها وسلم عليها ، فقالت له : ايها الشيخ هذان ولداي قد أحضرتهما لتعلّمهما الفقه
، فبكى أبوعبدالله ، وقصّ عليها المنام ، وتولّى تعليمهما الفقه ، وأنعم الله عليهما ، وفتح
لهما من
________________________________
أبواب العلوم والفضائل ما اشتهر عنهما في
آفاق الدنيا ، وهو باق ما بقي الدهرُ .
هكذا بدأ العلمان حياتهما الفكريّة والعلميّة ، ونشئا
وترعرعا في مدرسة اُستاذ واحد ، غير ان كل واحد انطلق حسب ذوقه ومواهبه الطبيعية ، وفي مجاله الخاص ، فركّز الرضي اهتمامه على العلوم الادبية والشعر والحديث والتفسير ، وهو يتولّى نقابة الطالبيّين
، الى غير ذلك من مهامّ الامور.
بينما صبّ المرتضى جهوده على الفقه والكلام ثم
التفسير ، ونبغ كل واحد منها في مجال خاص ، مع اشتراكهما في سائر المجالات العلميّة والفكريّة.
ولأجل ذلك نجد ان الرضي يراجع أخاه المرتضى في
المسائل الفقهية ويطلب منه حلها.
قال الشهيد الاول في (الذكرى) ، والشهيد الثاني في (الروض)
في مسألة الجاهل بالقصر في السفر ـ حيث ان الإمامية تذهب إلى صحّة صلاة الجاهل بالحكم إذا أتمّ مكان القصر ـ سأل الرضيّ أخاه المرتضى وقال : إن الإجماع واقع على أن من صلّى صلاة لا يعلم أحكامها فهي غير مجزية ، والجهل باعداد الركعات جهل بأحكامها فلا تكون مجزية ، (فكيفَ تكون صلاة الجاهل بوجوب القصر إذا أتمّ صحيحة) فأجابه المرتضى بجواز تغيّر الحكم الشرعي بسبب الجهل ، وإن كان الجاهل غير معذور
ما ينبىء عن أن المرتضى يرجع إلى أخيه الرضيّ
في الفنون التي برع فيها أخوه ، روى السيد نعمة الله الجزائري قال : دخل أبوالحسن ، على السيد المرتضى ـ طاب ثراه ـ
يوماً ، وكان المرتضى قد نظم أبياتاً من الشعر ، فوقف به بحر الشعر فقال : يا أباالحسن
خذْ هذه الأبيات الى أخي الرضي قل له يُتمَّها وهي هذه :
سرى طيفُ سلمى طارقاً فاستفزّني
|
|
سميراً وصحبي في الفلاة رقودُ
|
فلمّا انتبهنا للخيال الذي سرى
|
|
إذ الأرض قفرٌ والمزار بعيدُ
|
فقلت لعيني عاودي النوم واهجعي
|
|
لعلّ خيالاً طارقاً سيعودُ
|
قال أبوالحسن : فاخذتُ الأبيات ، ومضيت إلى السيد
الرضي ، فلمّا رآها قال : عليّ بالمحبرة فكتب :
________________________________
فردتُ جواباً والدموع بوادرُ
|
|
وقد آن للشمل المشتت ورودُ
|
فهيهات عن ذكرى حبيب تعرّضت
|
|
لنا دون لقياه مهامه بيدُ
|
فأتيت بها إلى المرتضى فلمّا قرأها ضرب بعمامته
الأرض ، وقال : يعزّ علي أخي ، يقتله الفهم بعد اُسبوع ، فما دار الاُسبوع إلّا وقد مضى الرضيَّ الى رحمة الله
سبحانه .
وممّا يكشف عن شدة التلاحم والإرتباط والودّ بين هٰذين
الأخوين العَلَمين ، انه لمّا تُوفي السيد الرضي وحضر الوزير فخر الملك وجميع الأعيان والأشراف والقضاة جنازته والصلاة عليه ، مضى أخوه المرتضى عن جزعه عليه الى مشهد موسى بن جعفر ـ عليه السّلام ـ لأنه لم يستطع أن ينظر إلى تابوته ودفنه ، وصلّى عليه فخر المُلك
أبو غالب ، ومضى بنفسه آخر النهار إلى اخيه المرتضى بالمشهد الشريف الكاظمي فألزمه بالعود الى داره.
نرى ان المرتضى يصبّ عواطفه الرفيعة وحنانه في
الأبيات التالية :
يا للرجال لفجعة جذمت يدي
|
|
ووددت لو ذهبَت عليَّ براسي
|
ما زلت آبى وردَها حتى أتت
|
|
فَحسوتُها في بعض ما أنا حاسي
|
ومطلتها زمناً فلمّا صمّمت
|
|
لم يثنِها مَطلي وطول مِكاسي
|
لله عمرك من قصير طاهر
|
|
ولربّ عمر طال بالأدناس
|
هذا بعض ما حفظ التاريخ من تفاني كل من الأخوين
بالنسبة إلى الآخر.
غير أن هناك شرذمة من أهل السير والتراجم لم يتحمّلوا
ما وجدوه بين هذين الاخوين من العطف والمودة ، والأدب والأخلاق والفضائل والمناقب ، فعادوا ينسبون إليهما ما لا تصحّ نسبته إلى من هو أدون منهما بدرجات ، وإليك بعض هذه التهم التي تكذبها سيرة العلمين وحياتهما المشرقة.
١ ـ المرتضى خائض في
دماء
يُحكى أنه اقتدى الرضيّ يوماً بأخيه المرتضى في بعض
صلاته ، فلمّا فرغ قال : لا
________________________________
أقتدي بك أبداً ، قال : وكيف ذلك ؟ ، قال : لأني
وجدتك حائضاً في صلاتك ، خائضاً في دماء النساء ، فصدقه المرتضى وأنصف والتفت الى أنه أرسل ذهنه في أثناء تلك الصلاة الى التفكر في مسألة من مسائل الحيض.
وربّما يُحكى أن الرضيّ بمجرد أن انكشف له الحالة
المزبورة إنصرف من صلاته وأخذ في الويل والعويل ، وأظهر الفزع الطويل في تمام السبيل الى أن بلغ المنزل بهذه
الحالة ، فلمّا فرغ المرتضى أتى المنزل من فوره وشكا ما صنعه به الى اُمه ، فعاتبته
على ذلك فاعتذر عندها بما ذكر ، وأنه كان يتفكّر إذ ذاك في مسألة من الحيض ، سألتها
عنه بعض النسوة في اثناء مجيئه الى الصلاة .
تساؤلات حول القصة
وهذه القصة تحيط بها إبهامات عديدة وتساؤلات عويصة
نشير اليها :
أولاً : هل الفكرة الشرعيّة
الصحيحة إذا راودت ذهن الإنسان في اوقات الصلاة أو غيرها توجب تمثل الإنسان بنفس تلك الفكرة عند أرباب البصائر وذوي العيون البرزخية ، الذين يستطيعون مشاهدة ماوراء الحجب والستور ببصائرهم ؟
فلو غاص الإنسان في أحكام السرقة اُوحدّ الزنا
والقذف ، فهل يوجب ذلك أن يتمثل المفكّر فيها عند من يعاين الأشياء بأبصار حديدة ، سارقاً وزانياً وقاذفاً !؟
لا أظنّ أن يتفوّه بهذا أيّ حكيم نابه أو عارف بصير ، بل لازم تلك البصيرة أن يُعاين
صاحبها الاشياء على ماهي عليه فيرى مثلاً الرضيّ صاحب تلك البصيرة أخاه الفقيه علىٰ
الحالة التي هو عليها ، أي متفكّراً ومتعمقاً في مسألة فقهية منشغلاً بها لا خائضا
في الدماء.
ثانياً : إن القصة تكذب نفسها
، فإن لازم رجوع النساء الى المرتضى في المسائل المختصة بالنساء ، هو كون المسؤول من ذوي الشخصيات الضاربة في الأربعين عاماً أو
________________________________
ما يقاربها ، ولازم إرجاع الشكاية الى الاُم
كون المصلّي والمقتدي في سنيّ الصبا ، ومن المعلوم ان الأخوين كانا متقاربي السن ، ولا يكبر المرتضى أخاه الرضي إلّا بأربعة أعوام.
ثالثاً : إن القصة ـ على بعض
الروايات ـ تُصرّح بانصراف الرضيّ عن الصلاة بقطعها وإبطالها به ، وهو أمر محرّم ، ولا يسوغ لمثل الرضيّ ارتكابه.
٢ ـ المرتضى شحيح والرضيّ
سخيّ !
إن هذه التهمة ليست التهمة الوحيدة التي الصقت
بالشريف المرتضى ، بل نسجت الألسنة الحاقدة فرية اُخرى أرادوا بها الإنتقاص من ذينك العلمين الجليلين ، وإليك
واحدة اُخرى من هذه التهم :
قال صاحب كتاب «عمدة الطالب في أنساب ال أبي طالب»
: ان المرتضى كان يبخل ، ولما مات خلّف مالاً كثيراً وخزانة اشتملت على ثمانين ألف مجلد ، ولم أسمع مثل ذلك ، وقد أناف القاضي عبدالرحمن الشيباني على جميع من جمع كتباً ، فاشتملت خزانته على مائة ألف وأربعين ألفاً ، وكان المستنصر أودع خزانته في المستنصرية
ثمانين ألفاً أيضاً .
ثم ان القصّاصين لم يكتفوا بهذه التهمة ، وذكروا
لها شاهداً ، ونقلوا عن أبي حامد أحمد بن محمد الإسفرائيني الفقيه الشافعي قال : كنتُ يوماً عند فخر الملك أبي غالب
محمد بن خلف وزير بهاء الدولة وابنه سلطان الدولة ، فدخل عليه الرضيّ أبوالحسن ، وأجلسه ورفع من منزلته وخلّى ما بيده من الرقاع والقصص ، وأقبل عليه يُحادثه الى
أن انصرف ، ثم دخل عليه المرتضى أبوالقاسم ـ رحمه الله ـ فلم يعظّمه ذلك التعظيم ، ولا
أكرمه ذلك الإكرام ، وتشاغل عنه برقاع يقرؤها ، وتوقيعات يوقّع بها ، فجلس قليلاً وسأله أمراً فقضاه ثم انصرف.
قال أبوحامد : فتقدمت إليه وقلت له : أصلح الله
الوزير ، هذا المرتضى هو الفقيه
________________________________
المتكلّم صاحب الفنون ، وهو الأمثل والأفضل
منهما ، وإنما أبوالحسن شاعر ، قال : فقال لي : إذا انصرف الناس ، وخلا المجلس أجبتك عن هذه المسألة.
قال : وكنتُ مجمعاً على الإنصراف ، فجاءنى
أمر لم يكن في الحساب ، فدعت الضرورة إلى ملازمة المجلس الى أن تقوّض الناس واحداً فواحداً ، فلمّا لم يبق إلّا
غلمانه وحُجّابه ، دعا بالطعام ، فلمّا أكلنا وغسل يديه وانصرف عنه أكثر غلمانه ، ولم يبق
عنده غيري قال لخادم : هات الكتابين اللذين دفعتهما إليك منذ أيام ، وأمرتك أن تجعلهما
في السفَط الفلاني ، فأحضرهما فقال : هذا كتاب الرضيّ ، إتصل بي انه قد وُلِدَ له ولد
، فأنفذت إليه ألف دينار ، وقلت له : هذه للقابلة ، فقد جرت العادة أن يحمل الأصدقاء
الى أخلّائهم وذوي مودّتهم مثل هذا في مثل هذه الحال ، فردّها وكتب اليَّ هذا الكتاب ، فاقرأه ، قال : فقرأته وهو اعتذار عن الرد ، وفي جملته : إنّنا أهل بيت
لا يطّلع على أحوالنا قابلة غريبة ، وإنما عجائزنا يتولينَ هذا الأمر من نسائنا ، ولسنَ ممن
يأخذ اُجرة ، ولا يقبلن صلة ، قال : فهذا هذا.
وامّا المرتضى فإننا كنّا قد وزّعنا وقَسَّطنا على
الأملاك ببادوريا تقسيطاً نصرفه في حفر فوّهة النهر المعروف بنهر عيسى ، فأصاب ملكاً للشريف المرتضى بالناحية
المعروفة بالداهرية من التقسيط عشرون درهماً ، ثمنها دينار واحد ، قد كتب اليَّ منذ أيام في
هذا المعنى هذا الكتاب فاقرأه ، فقرأته وهو اكثر من مائة سطر ، يتضمن من الخضوع
والخشوع والإستمالة والهزّ والطلب والسؤال في إسقاط هذه الدراهم المذكورة عن املاكه المُشار
إليها ما يطول شرحه.
قال فخر الملك : فأيُّهما ترى أولى بالتعظيم
والتبجيل ؟ هذا العالم المتكلم الفقيه الأوحد ، ونفسه هذه النفس أم ذلك الذي لم يشهر إلّا بالشعر خاصة ، ونفسه تلك النفس ، فقلت : وفّق الله تعالى سيّدنا الوزير فما زال موفقاً ، والله ما وضع سيّدنا
الوزير الأمر إلا في موضعه ، ولا أحلّه إلّا في محله ، وقمت فانصرفت .
قرائن تكذب هذه القصة
إن هناك قرائن وشواهد قوية على ان القصة حديث كاذب
وتهمة مختلقة ، واليك
________________________________
تلك القرائن المفيدة للعلم بخلاف هذه
الحكاية :
١ ـ إن السيّد المرتضى ـ وهو ذلك الرجل الصدوق ـ ينصّ
بنفسه على انه لم يكن يرى لثروته الطائلة قيمة تجاه مكارمه وكراماته وكان يقول :
وما حزني الإملاق والثروة التي
|
|
يذلّ بها أهل اليسار ضلال
|
أليس يبقى المال إلّا ضنانة
|
|
وأفقر أقواماً ندى ونوال
|
إذا لم أنل بالمال حاجة معسر
|
|
حصور عن الشكوى فماليَ مال
|
أفترى ان صاحب هذه النفسية القوية يكتب لإعفاء
عشرين درهماً ، مائة سطر تتضمن الخضوع والخشوع !؟
٢ ـ إنّ الشريف المرتضى تقلّد بعد أخيه الرضي نقابة
الشرفاء شرقاً وغرباً ، وإمارة الحاج والحرمين ، والنظر في المظالم ، وقضاء القضاة ثلاثين سنة ، وذلك من عام ٤٠٦ (وهو العام الذي توفي فيه أخوه الرضي) الى عام ٤٣٦ الذي توفي فيه الشريف المرتضى نفسه.
أفهل يمكن أن يقوم بأعباء مثل هذه المسؤولية الإجتماعية
من يبخل بدينار واحد يصرفه فخر الملك في حفر نهر ، تعود فائدته الى الجميع ، ويكتب في إسقاطه اكثر من
مائة سطر.
هذا والحجيج بين شاكر لكلاءته ، وذاكر لمقدرته ، ومُطْر
لاخلاقه ، ومتبرك بفضائله ، ومثن على أياديه ، وهذا يفيد أنّ الشريف المرتضى كان كأخيه الرضي سخيّاً
معطياً ولم يكن يرى للمال قيمة.
٣ ـ إنّ ابن خلكان بعدما عرَّفه بقوله : كان إماماً
في علم الكلام والأدب والشعر ، أتى بقصّة حكاها الخطيب التبريزي ، وهي بنفسها أقوى شاهد على أنّ السيد كان ذاسماحة كبيرة.
قال الخطيب : إنّ أباالحسن علي بن احمد علي بن سلك
الفالي الأديب كان له نسخة لكتاب الجمهرة لابن دريد في غاية الجودة ، فدعته الحاجة إلى بيعها فباعها فاشتراها
الشريف المرتضى بستين ديناراً ، فتصفّحها فوجد فيها أبياتاً بخط بائعها ، والأبيات
قوله :
أنِسْتُ بها عشرين حولاً وبعتها
|
|
فقد طال وجدي بعدها وحنيني
|
________________________________
وما كان ظنّي أنني سأبيعها
|
|
ولو خلّدتني في السجون ديوني
|
ولكنْ لضعف وافتقار وصبية
|
|
صغار ، عليهم تستهل شؤوني
|
فقلت ولم أملك سوابق عبرتي
|
|
مقالة مكويّ الفؤاد حزين
|
وقد تخرج الحاجات يااُمّ مالك
|
|
كرائم من ربٍّ بهنَّ ضنينِ
|
وقال الخطيب : فأرجع السيّد النسخة إليه ، وترك له
الدنانير .
أفهل في وسع البخيل الشحيح المقدّم على التنقيص من
كرامته لأجل إسقاط دينار ضرب عليه لحضرته ، أن تسخو نفسه وتجود بمثل هذه الدنانير !؟
٤ ـ روى أصحاب التراجم ؛ إنّ السيد المرتضى كان
يجري الرزق على جميع تلامذته ، حتى انه قرر للشيخ الطوسي كل شهر ـ أيام قراءته عليه ـ إثني عشر ديناراً
، وعلى ابن البراج كل شهر ثمانية دنانير ، ليتفرّغوا بكل جهدهم الى الدراسة ، من غير
تفكّر في أزمات المعيشة .
أفي وسع القارىء أن يتهم من يدرّ من ماله
الطاهر ، أو مما يصل إليه من الناسَ من الحقوق الشرعية ، على تلامذته الكثيرين البالغ عددهم المئات ، هذه الرواتب الكبيرة
، أن يشحّ ويبخل بدينار ، ويكتب في إسقاطه مائة سطر ؟!
٥ ـ إنّ الشريف الرضي كان قد وقف قرية على كاغذ
الفقهاء ، حتى لا يواجه الفقهاء أية أزمات في لوازم الكتابة والتحرير.
٦ ـ وقد روي ان السيد المرتضى كان يملك قرى كثيرة
واقعة بين بغداد وكربلاء ، وكانت معمورة في الغاية ، وقد نُقل في وصف عمارتها ؛ إنه كان بين بغداد وكربلاء
نهر كبير ، وعلى حافتي النهر كانت القرى الى الفرات ، وكان يعمل في ذلك السفائن ، فإذا
كان في موسم الثمار كانت السفائن المارّة في ذلك النهر تمتلىء مما سقط من
تلك الأشجار الواقعة على حافتي النهر ، وكان الناس يأكلون منها من دون مانع .
٧ ـ قد نقل أصحاب السير ان الناس أصابهم في بعض
السنين قحط شديد ، فاحتال رجل يهودي على تحصيل قوته ، فحضر يوماً مجلس الشريف المرتضى ، وسأله أن يأذن له
________________________________
في أن يقرأ عليه شيئاً من علم النجوم ، وأمر
له بجراية تجري عليه كل يوم ، فقرأ عليه برهة ثم أسلم على يديه .
٨ ـ إن ياقوت الحموي نصّ في معجم الادباء (٣ : ١٥٤)
على ان المرتضى كان يدخل عليه من أملاكه كل سنة أربعة وعشرون ألف دينار.
٩ ـ إنّ الشريف المرتضى هو أول من جعل داره دارالعلم
، وقدرها للمناظرة ويقال : انه اُمّر ولم يبلغ العشرين ، وكان قد حصل على رئاسة الدنيا بالعلم والعمل الكثير
، والموظبة على تلاوة القرآن وقيام الليل ، وإفادة العلم ، وكان لا يؤثر على العلم
شيئا مع البلاغة وفصاحة اللهجة.
وحُكي عن الشيخ أبي إسحاق الشيرازي انه قال : كان
الشريف المرتضى ثابت الجأش ، ينطق بلسان المعرفة ويردد الكلمة المسددة ، فتمرق مروق السهم من الرمية ما
أصاب أصمى وما أخطأ أشوى .
والقارىء الكريم إذا لاحظ ما ذكرناه في هذه
البنود الخمسة الاخيرة ، يقف على تفاهة ما نُسِبَ الى هذا العَلَم من تلك القصة المنحوتة المختَلَقة.
١٠ ـ ان القصة تتضمن ان فخر الملك لم يعظم المرتضى
بما يليق بشأنه ، وتشاغل عنه برقاع يقرؤها ، وتوقيعات يوقّع بها ، ولكن الفخر هذا قد عظَّم المرتضى بأفضل ما
يمكن يوم مات الشريف الرضي ، حيث ان المرتضى لم يشهد جنازة اخيه ، ولم يستطع أن ينظر الى تابوته ، وذهب إلى مشهد موسى بن جعفر ـ عليه السّلام ـ ، ومضى فخر الملك بنفسه
آخر النهار الى المشهد الكاظمي ، واستدعى من السيد العود الى داره ببغداد.
فبأيّ هذين الموقفين نؤمن ؟
هذه القرائن والشواهد تشهد بوضوح على بطلان هذه
القصة الخرافية ، وتدلّ على ان ناسجها نسجها في غير موضعها.
١١ ـ قد اشتهر على ألسن العلماء انه لمّا اتفقت
فقهاء العامّة على حصر المذاهب الفقهية الإسلامية التي تعددت وتشعّبت من زمان الصحابة والتابعين ، ومن تبعهم الى عصر السيد المرتضى في مذاهب معينة ، التقى السيد المرتضى بالخليفة ، وتعهد له ان
يأخذ
________________________________
من الشيعة مائة الف دينار ، حتى ترفع التقية
والموأخذة على الإنتساب اليهم ، فتقبل الخليفة ، ثم انه بذل لذلك من عين ماله ثمانين ألفاً ، وطلب من الشيعة بقية المال
، ومن الأسف انهم لم يقدروا عليه .
وهذه القصة ـ سواء صحت أم لا ـ تكشف عن أن السيّد
كان بمثابة من السخاء ، بحيث أمكن نسبة هذه القصة اليه.
١٢ ـ هذا هو الدفاع الصحيح عن كرامة السيد الجليل ،
ودحض القصة بهذه القرائن المفيدة للعلم وبطلانها ، والعجب ان صاحب الروضات ـ بعد ما نقل تلك القصة المختلقة ـ إنبرى للدفاع عن السيد بما نقله عن السيد الجزائري بقوله : كأن الوزير فخرالملك لم يحقق معنى علو الهمّة ، فلذا عاب الأمر على الشريف المرتضى ، وإنما
كان عليه غضاضة لو كان سائلاً لها من أموال الوزير ، وما فعله الشريف عند التحقيق من
جملة علو الهمة ، وذلك أنه دفع عن ملكه بدعة لو لم يتداركها بقيت على ملكه ، وربّما
وضعت من قدره عند أهل الأملاك وغيرهم ، وكما أنه ورد في الحديث ؛ المؤمن ينبغي له الحرص
على حيازة أمواله الحلال كي ينفقه في سبيل الطاعات ، كما كانت عادة جده أبي طالب بن عبدالمطلب ، فانه كان يباشر جبر ما انكسر من مواشيه وأنعامه ، فإذا جاء الوافد إليه وهبها مع رعاتها له .
غير انه كان من الواجب على السيد الجزائري وصاحب
الروضات أن يبطلا هذه القصة من أساسها للقرائن والشواهد التي ألمحنا الى بعضها ، كما كان عليهما أن
يتمسكا في المقام بما روي عن علي ـ عليه السّلام ـ من ان أفضل المال ما وقي به العرض ، وقضيت
به الحقوق .
________________________________
الشريف الرضي
قد عرفت ما في كناية القصّاصين من التهم الباطلة
الموجهة الى الشريف المرتضى فهلمّ الآن الى ما اختلقه الآخرون ممن يحملون الحقد والبغض لأبناء البيت العلوي
حول الشريف الرضي وإن نقله أصحاب التراجم من غير دقة وتحقيق.
قالوا : كان الرضي ينسب إلى الإفراط في عقاب الجاني
، وله في ذلك حكايات ، منها ؛ إنّ امرأة علويّة شكت إليه زوجها وإنه لا يقوم بمؤونتها ، وشهد لها من حضر بالصدق في ما ذكرت ، فاستحضره الشريف وأمر به فبُطِح وامر بضربه فضرب ، والمرأة تنظر أن يكف ، والآمر يزيد حتى جاوز ضربه مائة خشبة ، فصاحت المرأة : «وايُتم أولادي» كيف يكون حالنا إذا مات هذا ؟ فكلّمها الشريف بكلام فظ ، وقال : ظننت أنك تشكينه الى المعلم ؟ .
لا شك انه كان من وظيفة الشريف الرضي نصح الزوج ، ودعوته
الى الرفق بالمرأة والقيام بلوازم حياتها ، لا الأمر ببطحه وضربه ضرباً كاد يقضي على حياة الزوج.
وعلى فرض ان الشريف كان آيساً عن تأثير النصح في
ذلك الرجل ، كان يجب عليه القيام بما جاء به الشرع في مورد التعزيرات ، إذ لا شك ان ذلك المورد ليس من موارد الحدود ، بل من موارد التعزيرات ، فإن الحدود ما جاء به الشرع بمقرر وحد خاص
، وأسبابه كما في «الشرائع» على ما قرر في الفقه ستة : الزنا ، وما يتبعه ، والقذف ،
وشرب الخمر ، والسرقة ، وقطع الطريق.
والمورد ليس من تلك الموارد ففيه التعزير ، وقد قرّر
في محله أنّه يجب أن يكون التعزير أقل من الحد.
روى حمّاد بن عثمان ، عن الصادق ـ عليه السّلام ـ قال
، قلت له : كم التعزير ؟ فقال : دون الحدّ ، قال ، قلت : دون ثمانين ؟ قال : لا ، ولكن دون أربعين فانها حدّ
المملوك ، قلت : وكم ذاك ؟ قال : على قدر ما يراه الوالي من ذنب الرجل وقوة
________________________________
بدنه .
وبما أن حدّ القاذف في الحُر هو ثمانون جلدة ، فلو
قلنا بأن حدّ المملوك فيه نصف ما على الحر ، يصير الحد المقرر هو أربعون جلدة ، قال تعالى : «فَإِنْ أَتَيْنَ
بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ» ، فيجب أن يكون
التعزير على هذا دون الأربعين.
وفي خبر القاسم بن سليمان : سُئل الصادق (ع) عن
العبد إذا افترى على الحر ، كم يُجلَد ؟ قال : أربعين .
ولو قلنا بأنه لا يشترط في الثمانين الحرية وإنّ حد
القاذف في الحر والعبد سواء ـ كما هو المشهور ـ وإنّ الفاحشة (في الآية) التي تصرّح باختلاف حدّ الحر مع العبد ظاهرة
في الزنا فقط ، وحَدُّها ـ حسب تصريح الذكر الحكيم ـ هو مائة جلدة ، يكون أقل الحد هو
خمسون .
وإن قلنا : إنّ قوله : «دون الحد» منصرف عن حدود
العبد والامة ، لأنّ الأحكام المتعلقة بهما في الإسلام ، أحكام موقتة ثابتة ما دامت الرقية موجودة ، فإذا ارتفع
الموضوع ولم يوجد في أديم الأرض أية رقية ، ترتفع أحكامها بارتفاع موضوعها ، والناظر في
التشريع الإسلامي يقف على أنّ الشارع اهتم بتحرير العبيد والإماء بطرق كثيرة كادت تقضي على حديث الرقية ، وإنّ الحكومات القائمة باسم الإسلام ما قامت بوظيفتها في ذاك المجال.
فلو قلنا بذلك الإنصراف ، وقلنا بأنّ ما ورد في حد
القيادة من أنه يضرب ثلاثة أرباع الزاني خمسة وسبعين سوطاً ، حد لا تعزير ولا
توضيح لأحد مصاديقه يكون «أقل الحدّ» هو أربعة وسبعون سوطاً فما دونه ، وعلى كل تقدير ليس في الفقه الإمامي
تعزير يتجاوز عن المائة ، وكان الرضي يعمل بالفقه الإمامي ويعتنقه ، وليس ممّن
يخفى
________________________________
عليه ذاك الحكم الذي كان يمارسه طيلة نقابته
للطالبيين. وعلى كل هذه التقادير ، كيف أمر الشريف بجلد ذلك الرجل حتى جاوز مائة خشبة ؟ مع انه ـ رحمه الله ـ ذلك الورع التقي ، الذي اتفق الجميع على طهارته ، ونزاهته وتقواه ؟
وما نرى ذلك إلّا فرية أراد الجاعل الحطّ بها من
مكانة السيد الشريف قدس الله روحه.
وقد روي عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ إنّ أميرالمؤمنين
ـ عليه السّلام ـ أمر قنبراً أن يضرب رجلاً حدّاً ، فغلط قنبر ، فزاده ثلاثة أسواط ، فأقاده علي عليه السّلام من
قنبر بثلاثة اسواط .
إنّ الشريف الرضي هو الذي يعرّفه ابن الجوزي في
المنتظم : كان الرضي نقيب الطالبيين ببغداد ، حفظ القرآن في مدة يسيرة ، بعد أن جاوز ثلاثين سنة ، وعرف من الفقه والفرائض طرفاً قوياً ، وكان عالماً فاضلاً وشاعراً مترسلاً وعفيفاً عالي
الهمّة ، متديناً إشترى في بعض الأيام جزازاً من امرأة ، بخمسة دراهم فوجد جزءاً بخط أبي علي بن مقلة ، فقال للدّلال : إحضر المرأة فأحضرها ، فقال : قد وجدت في الجزاز جزءاً بخطّ
ابن مقلة ، فإن أردت الجزء فخديه ، وإن اخترت ثمنه فهذه خمسة دراهم ، فأخذتها ، ودعت له وانصرفت .
فمن كان هذا مبلغ تقواه وورعه ، لا يقدم على معاقبة
الزوج أمام زوجته بتلك المعاقبة الخشنة الخارجة عن حدود الشرع.
هذا ابن أبي الحديد يعرّفه في كتابه بقوله : كان
عفيفاً شريف النفس ، عالي الهمّة ملتزماً بالدين ، وقوانينه ، ولم يقبل من أحد صلة ولا جائزة .
وهذا الرفاعي يعرفه في صحاح الاخبار بقوله : كان
أشعر قريش. وذلك لأنّ الشاعر المجيد من قريش ليس بمكثر ، والمكثر ليس بمجيد ، والرضي جمع بين فضلي الإكثار
والإجادة ، وكان صاحب ورع وعفة ، وعدل في الأقضية ، وهيبة في النفوس .
________________________________
فمن كان عفيفاً شريف النفس ملتزماً بالدين وقوانينه
، وكان صاحب ورع وعفة ، وعدل في الأقضيه ، أترى يتجاوز عن حدود الشريعة ويرتكب مالا يرتكبه من له أدنى علم وورع ؟ ما هكذا تورد يا سعد الإبل ؟
لقد تولى الشريف نقابة الطالبيين ، وإمارة الحجّ ، والنظر
في المظالم سنة ٣٨٠ وهو ابن واحد وعشرين سنة على عهد الطائع ، وصدرت الأوامر بذلك من بهاء الدولة وهو بالبصرة عام ٣٩٧ ، ثم عهد اليه في ١٦ محرّم عام ٤٠٣ بولاية اُمور الطالبيين في
جميع البلاد فدُعي نقيب النقباء ، وتلك المرتبة لم يبلغها أحد من أهل البيت إلّا الإمام
علي بن موسى الرضا ـ سلام الله عليه ـ الذي كانت له ولاية عهد المأمون ، واُتيحت
للشريف الخلافة على الحرمين على عهد القادر .
والنقابة موضوعة لصيانة ذوي الأنساب الشريفة عن
ولاية من لا يكافؤهم في النسب ، ولا يساويهم في الشرف ، ليكون عليهم أحبى ، وأمره فيهم امضى ، وهي على ضربين : خاصة وعامة ، اما الخاصة فهي أن يقتصر بنظره على مجرّد النقابة من غير
تجاوز لها إلى حكم وإقامة حد ، فلا يكون العلم معتبراً في شروطها ، ويلزمه في النقابه
على أهله من حقوق النظر إثنا عشر حقا ، وقد ذكرها الماوردي في الأحكام السلطانيّة.
واما النقابه العامة ، فعمومها أن يُردّ إلى النقيب
في النقابة عليهم مع ما قدمناه من حقوق النظر ، خمسة أشياء :
١ ـ الحكم بينهم في ما تنازعوا فيه.
٢ ـ الولاية على أيتامهم في ما ملكوه.
٣ ـ إقامة الحدود عليهم في ما ارتكبوه.
٤ ـ تزويج الأيامى اللاتي لا يتعين أولياؤهن أو قد
تعينوا فعضلوهن.
٥ ـ إيقاع الحَجر على من عته منهم ، أو سفه وفكه
إذا أفاق ورشد.
فيصير بهذه الخمسة عامّ النقابة ، فيعتبر في صحّة
نقابته وعد ولايته أن يكون عالماً من أهل الإجتهاد ليصحّ حكمه ، وينفذ قضاؤه .
فمن تصدّى لهذه المناصب الخطيرة أعواماً وسنين
عديدة مضافاً الى ولاية المظالم
________________________________
والولاية على الحج ، والكلّ يتطلب خصوصيات
وصفات نفسانية عالية ، وسجايا أخلاقية رفيعة جداً ، حتى أنه يجب أن يكون ظاهر العفة ، قليل الطمع ، كثير الورع ، لا يعقل
أن يقوم بما جاء ذكره في القصّة السابقة التي لا توجد إلّا في علبة القصاصين وجعبة الوضاعين.
*
كلّ ما مرّ عليك من الأكاذيب والتهم كان يختص إما
بالشريف الرضي أو أخيه المرتضى ، وكان الهدف من وراء وضع هذه التهم تكبير هذا بتصغير ذاك أو بالعكس ، هذا يرشد الى ان كليهما كانا موضع حقد البعض وبغضهم وحسدهم ، لا أحدهما خاصة.
ويؤيد ذلك ما اتهما به على وجه الإشتراك ، وأوّل مارميا
به ما ذكره ابن خلّكان في تاريخه إذ قال : اختلف الناس في كتاب نهج البلاغة المجموع من كلام علي بن أبي طالب ، هل هو جمعه ، أو جمع أخيه الرضي ، وقد قيل انه ليس من كلام «عليّ» إنما الذي جمعه ونسبه اليه ، هو الذي وضعه .
وتبعه اليافعي ـ من دون تحقيق ـ وردّد نفس ما قاله
ابن خلكان في تاريخه .
فما تورّط فيه هذان الكاتبان من نسبة الكتاب الى
علم الهدى واتهامه بوضعه أو عزو ذلك إلى سيّدنا الشريف الرضي ، مما لا يُقام له في سوق الحقائق وزن ، وليس له مناخ
إلّا حيث تربض فيه العصبية العمياء وهو يكشف عن جهل اُولئك.
وبما انه قد قام عدة من المحققين بنقد هذه النسبة
بوضع تأليف قيمة حول : ما هو نهج البلاغة ؟ وذكر مصادره المؤلّفة قبل أن يولد الرضي أو الشريف المرتضى ، فنحن نضرب عن ذلك صفحاً ونمرّ عليه كراماً.
وفي كتاب مصادر نهج البلاغة للعلامة الخطيب السيد
عبدالزهراء الحسني ، وما كتبه الاُستاذ عبدالله نعمة ، وماأفرده العلامة الشيخ هادي آل كاشف الغطاء في ذلك المضمار ، وطبع مع كتابه مستدرك نهج البلاغة غنى وكفاية في دحض الشبهة ، وإبطال الفرية ، والله الهادي.
________________________________
دفاع عن الشريف الرضي في عقيدته
|
الدكتور الشيخ محمّد هادي الأميني
|
لم يكن الشريف الرضي رضي الله عنه ـ بأوّل من
تزاحمت حوله نظريات زائفة ، وحامت دون صميم عقيدته أقاويل مختلفة ، وآراء متضاربة مما أثار هذا التزاحم الشك والحذر والتساؤل عن عقيدته لإدراك الواقع والحقيقة ، لأنّ التاريخ كثيراً ما يقسو
، والقلم قد يسكب عن الصراط المستقيم ، والبيان يشذّ عن مهيع الحق ، فيحرّف الكلم عن
مواضعها الأصيلة ، وهذا ما نشاهده بكثرة في معاجم السير والتراجم التاريخ :
كم حادث جلل ببطن الكتب يدرسها
|
|
سرد المؤرخ ذكره طوعاً لما أوحى الهوى
|
فإذا ما تصفحنا التاريخ بدقة ودرسناه دراسة تتبّع
وتحقيق لألفينا على صفحاته من النظريات الشاذّة والآراء المتناقضة المتضاربة بالنسبة إلى رجالات الشيعة الإمامية
بصورة عامة على امتداد التاريخ ، إذ لم يسلموا من لدغات هاتيكم الكلمات القارصة ، والنسب الفارغة المفتعلة ، مع اليقين أنهم متبرئون منها براءة الذئب من دم يوسف عليه السّلام.
إنّ الشريف الرضيّ واحد من الذين جنى عليهم التاريخ
، وحرّف القلم عن بيان واقعه ، وتعريف حقيقته فشطّ عن مهيع الحق ، وسجّل ماهو خلاف الواقع لذلك اندفع المؤلف والكاتب عن الشريف الرضي يضع علائم الإستفهام حول معتقده ، ودينه ، وعقيدته ، وسياسته ، وحتى حياته الفردية والإجتماعية لأنّ الأمر التبس
عليه من جراء هذا التزاحم والتحريف. فالتاريخ ارتكب الأمرين : إخفات الواقع واخفاء الحقيقة ، وأخيراً اعياء الأجيال واتعاب الأنسال ، مع العلم أنّ حياة الشريف الرضي
لا
يكتنفها الغموض ، فهي كسائر حياة رجالات
الشيعة تتناول ناحيتين احداها سياسية والاُخرى دينية ، وأساس الناحيتين واحد وليست الصفة هذه خاصة به بل ان قادة الشيعة وعلماءها كافة في جميع الأدوار والقرون كانوا كائمتهم الهداة عليهم السّلام
رجال علم ودين وفقه واجتهاد ، ورجال سياسة وقيادة وسيف وحرب معاً.
لقد تضاربت النظريات حول الشريف الرضي ، كما تزاحمت
في شخصية تلميذه شيخ الطائفة أبي جعفر محمد بن الحسن بن علي بن الحسن الطوسي ، ذلك العملاق العلمي الذي استقل بالزعامة الدينية وتقلّد شؤون الطائفة الإمامية والفتيا إلى أن
توّفي عام ٤٦٠ هـ ، فقد ترجم له تقي الدين السبكي في «طبقات الشافعية» المجلد ٣ ص ٥١ ، وقال : إنّ أبا جعفر الطوسي كان ينتمي إلى مذهب الشافعي قدم بغداد وتفقّه على مذهب الشافعي. واحتذى حذوه شمس الدين الذهبي في كتابه «مناقب الشافعي وطبقات أصحابه» ، والحاجي خليفة في «كشف الظنون» المجلد ١ ص ٤٥٢ ، إلى غيره من الأقاويل التي لا مقيل لها في ظل الحقيقة ، وبعيدة كل البعد عن جادة الصدق والصواب والصحة. وهذه الناحية تخص تراجم رجالات الطائفة الإمامية فحسب ، ولا طريق لها في تراجم رجال المذاهب الإسلامية الاُخرى ، وإن شوهدت ففي نطاق ضيق ، وداخل اطار محدود.
وهذا إن دلّ على شيء فانّما يدلّ على جهل اُولئك
المؤلفين برجال الشيعة وتصانيفهم ، ويكشف عن عدم دراستهم لمؤلفاتهم ليقفوا على صفحاتها ماينبىء عن
واقع عقيدتهم ، وحقيقة معتقداتهم ولو بصورة سطحية ، هذا وربّما كان الحسد باعثاً على التمويه
والخلط :
حسدوا الفتى إذ لم ينالوا فضله
|
|
فالناس أعداء له وخصوم
|
كضرائر الحسناء قلن لوجهها
|
|
حسداً وبغضاً إنّه لدميم
|
امّا بالنسبة إلى أبي الحسن الرضي فهناك أعجب كلمة
وأغرب قولة قالها شمس الدين الذهبي فقد جاء في كتابه «سير النبلاء» المجلد ٣ ص ٢٨٩ في حوادث سنة ٤٣٦ : وفيها توفي شيخ الحنفية العلامة المحدّث أبوعبدالله الحسين بن موسى الحسيني الشريف
الرضي واضع كتاب «نهج البلاغة».
ان هذا القول مردود لجهات :
١ ـ إنّ الحسين بن موسى هو والد الشريف الرضي لا
اسم الشريف الرضي ، وقد توفي عام ٤٠٠ لا سنة ٤٣٦ ، ورثاه الشريفان المرتضى والرضيّ ، ورثاه أبو العلاء المعري ، ومهيار الديلمي.
٢ ـ جامع نهج البلاغة محمد بن الحسين بن موسى
الشريف الرضي لا الحسين بن موسى ، وكان من أبطال ورجالات الشيعة الإمامية لا شيخ الحنفية كما صرحت بذلك المصادر ، ومنهم جلال الدين السيوطي في كتابه «حسن المحاضرة في تاريخ مصر والقاهرة» فقال : كان الشريف أبو أحمد سيداً عظيماً مطاعاً وكانت هيبته أشدّ هيبة
، ومنزلته عند بهاء الدولة أرفع المنازل ، ولقّبه بالطاهر ، والأوحد ، وذوي المناقب
، وكانت فيه كل الخصال الحسنة إلّا انّه كان رافضياً هو وأولاده على مذهب القوم.
٣ ـ إنّ نهج البلاغة للشريف الرضيّ من غير شكّ وترديد
مهما طبّل وزمّر المعاند المتطفل على موائد الكتابة والتأليف فأبدى ضآلة رأيه ، وسخف أنظاره ، فجاء كالباحث عن حتفه بظلفه ، فقال احدهم : إنّه كلّه من كلام جامعه لا من كلام من نسب إليه. وجاء آخر فزعم أنه من تأليف الشريف المرتضى أخي الشريف الرضي ، وادّعى انه من وضعه أيضاً لا من كلام أميرالمؤمنين عليه السّلام. وبعضهم تنازل عن هذه الدعوى الى ماهو أخف منها ، فقال : قد أدخل فيه ما ليس من كلام علي (ع) ، وبعضهم كالذهبي شمس الدين في كتابه «الميزان» ، تجاوز الحدّ فادعى ان كلامه ركيك وأنه ليس من نفس القرشيين.
هذا ما في كتب القوم بالنسبة إلى الشريف الرضيّ
ومهما يكن من أمر فالذي ينبغي القول به حقا : إنّ الشريف الرضي كان فقيهاً عالماً متكلماً مجتهداً عملاقاً
ومن كبار رجالات الشيعة الإمامية وأنّه لم يكن زيدياً ، ولم ينتسب الى طائفة أو مذهب
غير التشيع ، فهو يؤمن برسالة النبيّ الأعظم (ص) وإمامة وخلافة الائمة الأثني عشر عليهم السّلام.
لقد صرّح وأبان بمعتقده هذا في طيات نثره ونظمه ، ولم
يتطرّق بصورة باتة إلى ذكر زيد أو عمرو أو الى إسم واحد من ائمة الزيدية ، لذلك كانت على منثوره ومنظومه مسحة
من العبق العلويّ الأمامي ... والعطر الجعفري الإثني عشري ، وسيبقى خالداً إلى
الأبد مع الحياة وما دامت الحياة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
إنّ الشريف الرضي عبّر في شعوره عن ولائه وحبه
الخالص لآل البيت عليهم السّلام ، ودافع عن حقهم المشروع المغتصب وعدّ أسماءهم الكريمة ومحلّ قبورهم
الشريفة ، ومثاويهم المقدسة ، وأتى بعين الواقع فما أحلى أسماءهم ، وأكرم أنفسهم ،
وأعظم شأنهم ، وأجلّ خطرهم ، وأوفى عهدهم ، وأصدق وعدهم ، كلامهم نور وأمرهم رشدٌ ووصيّتهم التقوى ، وفعلهم الخير ، وعادتهم الإحسان ، وسجيتهم الكرم ، وشأنهم الحق
، والصدق ، والرفق ، وقولهم حكم وحتم ، ورأيهم علم وحلم ، إن ذُكر الخير كانوا أوّله
وأهله وأصله وفرعه ومعدنه ومأواه ومنتهاه.
قال في مفتتح كتابه «خصائص الائمة» : كنت حفظ الله
عليك دينك ، وقوّى في ولاء العترة يقينك ـ سألتني أن اُصنّف لك كتاباً يشتمل على خصائص أخبار الائمة الإثني عشر صلوات الله عليهم ، على ترتب أيامهم ، وتدريج طبقاتهم ، ذاكراً أوقات مواليدهم ، ومدد أعمارهم ، وتواريخ وفاتهم ، ومواضع قبورهم ، وأسامي اُماتهم ، ومختصراً
من فضل زياراتهم ، ثم مورداً طرفا من جوابات المسائل التي سُئلوا عنها ، واستخرجت أقاويلهم فيها ، ولمعاً من أسرار أحاديثهم ، وظواهر وبواطن أعلامهم ، ونبذاً من
الأصحاح في النص عليهم».
ومن نماذج شعره قوله في قصيدة يفتخر بأهل البيت
ويذكر قبورهم ويتشوّق إليها ومنها :
سَقى الله المدينة من محل
|
|
لباب الماء والنطف العذاب
|
وَجاد على البقيع وساكنيه
|
|
رخيّ الذيل ملآن الوطاب
|
وأعلام الغريّ وما أستباحت
|
|
معالمها من الحسب اللباب
|
وقبر بالطفوف يضمُّ شلواً
|
|
قضى ظمأ إلى برد الشراب
|
وبغداد وسامرا وطوس
|
|
هطول الودق منخرق العباب
|
قبور تنطف العبرات فيها
|
|
كما نطف الصبير على الروابي
|
صلاة الله تخفق كل يوم
|
|
على تلك المعالم والقباب
|
إلى أن يقول :
ولي قبران بالزوراء اُشفي
|
|
بقربهما نزاعي واكتئابي
|
اقود اليهما نفسي واُهدي
|
|
سلاماً لا يحيد عن الجواب
|
لقاؤهما يطهر من جناني
|
|
ويدرأُ عن ردائي كلّ عاب
|
قسيم النار جدّي يوم يلقى
|
|
به باب النجاة من العذاب
|
وساقي الخلق والمهجات حرّى
|
|
وفاتحة الصراط إلى الحساب
|
هذا وفي شعره الكثير من هاتيك النماذج الحية نضرب
عنها صفحاً خشية الإطالة ، وحسبنا انها صريحة بأنّ الشريف الرضي شيعي إمامي في جوانبه العلمية والفكرية والعقائدية والسياسية كافة ، وأخيراً كان المثل الأعلى في الفضائل كلها ، وأختم
حديثى بما قاله علي بن الحسن الباخرزي في كتابه «دمية القصر» قال : ولعمري إنّ بغداد قد أنجبت به فبوّأته ظلالها ، وأرضعته زلالها ، وأنشقته شمالها ، وورد شعره دجلتها ، فشرب
منها حتى شرق ، وانغمس فيها حتى كاد يقال غرق ، فكلما انشدت محاسنه تنزّهت بغداد في نضرة نعيمها ، واستنشقت من نفاس الهجير بمراوح نسيمها ...
اكذوبتان حول الشريف الرضيّ
|
السيّد جعفر مرتضى العاملي
|
الشريف الرضي هو ذلك الرجل العظيم ، الذي يمتلك
الشخصية الفذة ، التي يعنو لها كل عظماء التاريخ الذين جاؤا بعده بالإجلال والإكبار ، وكانت ولا تزال تستأثر منهم ، ومن كل مفكّر ونيقد بأسمى آيات العظيم والتكريم ، حيث يجدون فيها كل الخصائص الإنسانية النبيلة ، التي تملأ نفوسهم ، وتنبهر بها عقولهم ، وتعنو لها
ضمائرهم ..
ولعلّ من يسبر ثنايا التاريخ لا يكاد يعثر على أي
مغمز أو هنّات في شخصية هذا الرجل العملاق على الإطلاق ، بل على العكس من ذلك تماماً ... فإنك مهما قرأت عن حياة هذا الرجل ، فإنك لن تجد إلّا آيات المدح والثناء ، والمزيد من الإعجاب والإطراء ، من محبيه ومناوئيه على حد سواء.
إلا انّنا ـ مع ذلك ـ لا نستطيع أن نولي هذا
التاريخ كل الثقة ، ولا أن نمنحه كل الطمأنينة ... فلعل ... وعسى ... وقد ... ولربما.
فما علينا إلّا أن ندرس التاريخ ونصوصه دراسة
مستوعبة وشاملة ، من شأنها أن تقضي على كل أمل بالعثور على المزيد مما له مساس بهذه الشخصية أو بتلك ، كما أن علينا أن نهتمّ بكل صغيرة وكبيرة ، وأن لا نعتبر هذا تافهاً ، وذاك ثميناً ، إلّا
بعد البحث والتمحيص والتدقيق والمعاناة ، فالتافه ما أثبت البحث تفاهته وكذبه وزوره ، والثمين
ما استمد قيمته من صدقه ومن واقعيته ، وذلك هو ما يثبت أصالته وجدارته أيضاً.
وبالنسبة للشريف الرضي رضوان الله تعالى عليه كان
الأمر من هذا القبيل ، فرغم أن البحث المستقصى قد أثبت عظمته وجدارته ، وأبان بما لا يقبل الشك عن نبله ،
وعلمه ، وفضله ، وسمو نفسه ، وعن كرائم أخلاقه
، إلا اننا ـ مع ذلك ـ قد عثرنا أخيراً على نصّين متميزين وغريبين في نفسهما مما اضطرنا لخوض غمار البحث من أجل إثارة الكوامن ، وتسليط الأضواء الكاشفة ، لينكشف زيف الزائف ، ويبطل خداع السراب.
الاُكذوبة الاُولى : الشريف
الرضيّ كان زيديا ؟!
قال ابن عنبة :
«ووجدت في بعض الكتب أن الرضي كان زيدي المذهب ، وأنه
كان يرى أنه أحق من قريش بالإمامة» .
مناقشة النص
ولكن ذلك لا يصح ، فإنّ كونه إمامياً أشهر من النار
على المنار ، ومن الشمس في رابعة النهار ، بل لقد كان ـ على حد تعبير ابن تغري بردى ـ : «كان عالي الهمّة ، متديّناً
، إلا انه كان على مذهب القوم إماماً للشيعة ، هو وأبوه وأخوه».
ويكفي للتدليل على إماميته أنه قد ذكر الائمة الإثني
عشر في قصيدته المشهورة ، التي قالها وهو بالحائر الحسيني ، والتي مطلعها :
كربلا لا زلت كرباً وبلا
|
|
ما لقي عندك آل المصطفى
|
إلى ان قال :
معشرٌ منهم رسولُ الله والكا
|
|
شف للكرب إذا الكرب عرا
|
صهره الباذلُ عنه نفسه
|
|
وحسامُ الله في يوم الوغى
|
أول الناس الى الداعي الذي
|
|
لم يقدّم غيره لمّا دعا
|
ثم سبطاه الشهيدان فذا
|
|
بحسي السمِّ وهذا بالظبا
|
وعلي وابنه الباقر والصا
|
|
دق القول ، وموسى والرضا
|
وعلي ، وأبوه وابنه
|
|
والذي ينتظر القومَ غدا
|
يا جبال المجدِ عزاً وعلا
|
|
وبدور الأرض نوراً وسنا
|
________________________________
وقد وجّه ابن عنبة نسبة الزيدية إليه وقوله بأنه
أحق من قريش بالإمامة بقوله : «وأظن : إنما نسب الى ذلك لما في أشعاره من هذا ، كقوله ـ يعني نفسه ـ :
هذا أميرالمؤمنين محمّد
|
|
طابت أرومته وطاب المحتد
|
أو ما كفاك بأن اُمك فاطم
|
|
وأباك حيدرة وجدك أحمد
|
وأشعاره مشحونة بذلك.
ومدح القادر بالله ، فقال في تلك القصيدة :
ما بيننا يوم الفخار تفاوتٌ
|
|
أبداً كلانا في المفاخر معرق
|
إلّا الخلافة ميّزتك فانني
|
|
أنا عاطلٌ منها وأنت مطوق
|
فقال له القادر بالله : على رغم انفك الشريف .
اما الشيخ عبدالحسين الحلي ، فيرى : «إن تلك التهمة
ـ الزيدية ـ قد الصقت به من قبل آبائه لاُمه ، لأن بني الناصر الكبير أبي محمد (الحسن الاطروش) صاحب الديلم ، لكن هذا قد ثبت لدى علماء الرجال من الإمامية وفي طليعتهم السيد الشريف المرتضى علم الهدى في كتابه : شرح المسائل الناصرية نزاهته ، ونزاهة جميع بنيه عن تلك
العقيدة المخالفة لعقيدة أسلافهم.
سوى ان اصطلاح الكتاب أخيراً جرى على تسمية الثائر
في وجه الخلافة زيدياً ، ولمن كان بريئاً من عقائد الزيدية ، يريدون أنه زيدي النزعة لا العقيدة.
وربّما تطرفوا ، فجعلوا لفظ : زيدي ، لقباً لكل من
تحمس للثورة ، وطالب بحق زعم أنه أهله ، وإن لم يجرد سيفاً ، ولم يحد قيد شعرة عن مذهب الإمامية في الإمامة ، ولا
عن طريقة الجماعة. ولقد كان أبوحنيفة في نقل أبي الفرج الأصبهاني زيدياً ، وكذا أحمد وسفيان الثوري ، وأضرابهم من معاصريهم. ومراده من زيديتهم : انهم يرون أن الخلافة الزمنية جائرة ، وان الخارج آمراً بالمعروف أحق بالإتباع والبيعة» .
وقال : «الذي يقال : انه إمام الزيدية هو الملقب
بالدّاعي الى الحق ، وهو الحسن ابن زيد ... توفي بطبرستان سنة ٢٥٠ هـ ... واما الحسن بن علي الملقّب بالناصر للحق
الكبير ، وهو الاطروش ، أحد أجداد الشريف لاُمه والحسن أو الحسين بن علي ـ أو ابن
________________________________
أحمد ـ الملقّب بالناصر الأصغر ، وهو والد اُم
الشريف فليسا من ائمة الزيدية.
ومن زعم أن الناصر إمام الزيدية ، فقد اشتبه عليه
الداعي للحق بالناصر للحق ، ولا يبعد دعوى اتباعه انه زيدي لكنه بريء عن تبعة اعتقادهم ...» .
الاكذوبة الثانية : الشريف
في مجالس المجون :
يقول الحصري : «شرب كوران المغني عند الشريف الرضي
، فافتقد رداءه ، وزعم أنه سرق ، فقال له الشريف : ويحك ، من تتهم منا ؟ أما علمت أن النبيذ بساط يطوي ما
عليه ؟!
قال : انشروا هذا البساط حتى آخذ ردائي ، واطووه الى
يوم القيامة» .
مناقشة النص :
ونحن في مجال مناقشة هذا النص ، لا نريد أن نتوقّف
كثيراً عند :
ألف : إنّ الحصري لم يذكر سنداً لهذا الرواية ، ولا
أعرب عمن نقل هذه القصة عنه ، اذ قد يجوز لقائل أن يقول : إن من الممكن أن يكون الحصري قد نقل ذلك عن ثقة ، لا يتعمد الكذب والوضع.
باء : ولا نريد أن نناقش في حرمة النبيذ ، فنقول : إنّ
حرمته غير مسلّمة لدى جميع الفقهاء. إذ ان الشريف رضوان الله تعالى عليه قد كان من طائفة الإمامية الذين يرون
حرمة النبيذ كسائر أنواع الخمر.
جيم : ولا بأن النص لم يتضمن مشاركة الشريف الرضي
رحمه الله في الشرب. فإن مجرد كون مجلس الشراب في بيته وحضوره فيه كاف في إثبات الإدانة للسيد الشريف.
دال : ولا بأننا رغم بحثنا الجاد لم نعثر على ذكر
لكوران المغني هذا الذي ورد اسمه على أنه بطل هذه الحادثة. إذ قد يمكن الجواب عن ذلك : بأن عدم ذكره في غير هذه
________________________________
الحادثة لا يدلّ على عدم وجوده.
لا ، لا نريد المناقشة بذلك ، ولا الإصرار عليه على
أنه أو بعضه كاف في وهن هذه الرواية وعدم اعتبارها.
وإنما نريد أن نلقي نظرة سريعة على واقع وأخلاقيات
الشريف الرضي ، لنرى إن كانت تنسجم مع إقامة مجالس كهذه ام لا ؟
ولا نريد أن نتشبث فيما يذكره كل من ترجم الشريف من
إبائه ، وعزة نفسه ، وطموحه الى جلائل الأعمال وعظائمها ، وتحلّيه بمحاسن الأخلاق وكرائمها ، وترفّعه
عن كل مهين ، وتجنّبه كل مشين ، ونحو ذلك. فلربّما يقال : إن هذا كله لا يتنافى مع
صدور ذلك منه ، فإن شرب النبيذ ، والحضور في مجالسه لم يكن عيباً ، ولا هو محل بالمرؤة
، ولا مهيناً للكرامة ، بعد أن كل الأعيان والأشراف ، وحتى الخلفاء يمارسون ذلك ، ولا
يأبون عنه ، ولا يرون فيه أي محذور.
وإنما نريد أن نشير الى مايلي :
أولاً : إن الشريف كان منزهاً
عن مثل هذه الأعمال ، لأنه كان ورعاً متديناً ، ملتزماً بالدين وقوانينه ، حيث يقولون عنه ، انه :
«كان صاحب ورع ، وعفّة ، وعدل في الأقضية ، وهيبة
في النفوس» .
وان «أمره في العلم ، والفضل ، والأدب ، والورع ، وعفّة
النفس وعلوّ الهمة ، والجلالة ، أشهر من أن يذكر» .
وأنه كان «عالي الهمّة متديناً ، إلّا أنه كان على
مذهب القوم إماماً للشيعة ، هو وأبوه وأخوه» .
وانه : «الشاعر العالم الزاهد» .
________________________________
وانه كان «فاضلاً عالماً ، ورعاً عظيم الشأن» . وأن «فيه ورع ، وعفة
وتقشف» .
اما ابن الجوزي ، فيقول عنه : «كان عالماً فاضلاً ،
وشاعراً مترسلاً ، عفيفاً ، عالي الهمّة ، متديناً» .
ويقول عنه ابن أبي الحديد المعتزلي الحنفي : «كان
عفيفاً ، شريف النفس ، عالي الهمّة ، ملتزماً بالدين وقوانينه» .
وأخيرا ، فقد قال عنه صاحب الروضات انه : «كان في
غاية الزهد والورع ، صاحب حالات ومقالات ، وكشف ، وكرامات» .
ثم ذكر عنه قضية جرت بينه وبين أخيه السيّد المرتضى
وملخّصها أنه اقتدى يوماً بأخيه المرتضى في بعض صلواته ، فلمّا دخل في الركوع قطع الإقتداء به ، وقصد الإنفراد
، فسئل عن سبب ذلك فقال : انه لمّا دخل في الركوع رأى أخاه الإمام يفكر في مسألة من مسائل الحيض ، وقلبه متوجه اليها وهو يغوص في بحر من الدم.
وفي نص آخر انه قال لأخيه بعد ما فرغ من الصلاة : لا
أقتدي بك بعد هذا اليوم أبداً.
فسأله عن سبب ذلك ، فأخبره.
فصدقه المرتضى وأنصف ، والتفت الى أنه أرسل ذهنه في
أثناء تلك الصلاة للتفكير في مسألة من مسائل الحيض كانت سألته عنها بعض النسوة في أثناء مجيئه الى
________________________________
الصلاة .
ثانياً : إننا إذا رجعنا الى
شعر الشريف الرضي ، فإننا نلاحظ :
ألف : ما يقوله الشيخ عبدالحسين الحلي :
«إننا نعتقد ... انه لم يجالس الخُلعاء والظرفاء ، الذين
يستخفّون بالنواميس في أيام شبيبته ، وانه لذلك لم يصرف شيئاً من شعره في فنون المهازل والمجون ، فإن هذا يدلّنا
على أنه لم يعمل ما يعتذر عنه ، ولا يصانع أحداً ستراً على نفسه ، ولذا نجده وهو بمرصد
من أعدائه لا يحفل أن يجاهر بمثل قوله :
عف السرائر لم تلطّ بريبة
|
|
يوماً عليّ مغالقي وسجوقي
|
وقوله :
أنا المرء لا عرضي قريب من العدا
|
|
ولا فيّ للباغى علي مقال
|
باء : إننا نجده يقول عن نفسه :
وإني لمأمور على كل خلوة
|
|
أمين الهوى ، والقلب ، والعين والفم
|
وغيري الى الفحشاء إن عرضت له
|
|
أشد من الذؤبان عدواً على الدم
|
جيم : وحين يخبر عن نفسه رحمه الله بأنه قد طلّق
الدنيا ، حيث يقول :
مالي الى الدنيا الغرورة حاجة
|
|
فليخز ساحر كيدها النفاث
|
سكناتها محذورة وعهودها
|
|
منقوضة وحبالها أنكاث
|
طلقتها ألفاً لأحسم داءها
|
|
وطلاق من عزم الطلاق ثلاث
|
نجد مهيار الديلمي يؤكّد صحة هذا الطلاق وواقعيته
حيث قال في مرثيته له :
أبكيك للدنيا التي طلقتها
|
|
وقد اصطفتك شبابها وغرامها
|
ورميت غاربها بفتلة حبلها
|
|
زهداً وقد القت إليك زمامها
|
دال : وقد قالوا عن شعر الشريف الرضي رضوان الله
تعالى عليه الشيء الكثير ،
________________________________
وهذه بعض النماذج التي لابدّ من ملاحظتها في
هذا المجال :
١ ـ «ليس له شعر في الهجاء يشبه هجاء الشعراء الذين
كانوا يهجون بقبيح القول ، والألفاظ الفاحشة ، فالشريف إن وجد في شعره مايشبه الهجاء فهو بألفاظ نقيّة إلى آخره».
٢ ـ «ولم يكن يخرج من فم هذا الرجل النبيل حقيقة كلمة
واحدة من الكلمات القبيحة التي يتلفّظ بها العامة ، التي نجد مثلها عند ابراهيم الصابي صاحب ديوان الرسائل ، وعند الوزير المهلبي ، وعند الوزير ابن عباد.
وإذا كان غيره من الشعراء قد استباحوا لأنفسهم في
الذم كل قبيح ، فإننا لا نجد للشريف الرضي في باب الهجاء أقوى من ذمّه لمغن بارد قبيح الوجه :
تغفي بمنظره العيون إذا بدا
|
|
وتقيء عند غنائه الأسماع
|
أشهى إلينا من غنائك مسمعاً
|
|
زجل الضراغم بينهن قراع
|
ونحن نلاحظ هنا كذلك أنه حتى في هذا المورد قد نزع الى
التغني بما تهفو اليه نفسه ، ويشدّه إليه طموحه ووجده ، ألا وهو معالي الاُمور وعظائمها ، التي لا تنال إلّا
بركوب الأهوال ، ومقارعة الرجال الأبطال ، كما صرح به في البيت الثاني آنف الذكر.
وفيما يرتبط بغزل الشريف نجدهم يقولون :
«لم يزل زلة واحدة ، ولم ينحرف به الطريق عن العفة
، والشرف ، والخلق الرفيع في هذا الباب» .
ويقولون : «... والذي نقرؤه من مجموعتي أخلاقه
وشعره ترفّعه عن نوع من الغزل ، يستعمله الخلعاء ، أو ما يشبه العبث والمجون ، وهذا النوع قد لا تطاوعه شاعريته
عليه لو أراده ، وهو الذي يخلّ بمقامه وشرفه»
واما فيما يرتبط بوصفه للخمرة ، ومجالس الغناء ، ونحو
ذلك ، فيرى المحققون أنه «إذا تحقّقنا أن الشريف لم يشرب ، ولم يسمع ، ولم يجالس أرباب اللّهو والمهازل ، ولم
يتخذ
________________________________
الندمان ، ولم يستعمل الملاهي ، فإننا نعذره
في الأوصاف ، سيّما ما يكون منها مقترحاً عليه ، لأنها تقع في زمنها لأسباب مجهولة ، لا يصح الحكم عليها بشيء ، والوصف بمجرّده
لا يقدح بصاحبه ، وإن أظهره بمظهر الحاضر المشاهد» .
وكذلك هم يقولون : « ... ولا يليق بنا أن نمدح
الشريف الرضي بأن شعره خال من المجون الذي كان شائعاً في ذلك العصر ، فهو أجل قدراً ، وأرفع شأناً من أن
نمدحه بذلك. كما ان شعره خال من وصف الخمرة ، وإن وصفها كثير من الشعراء الذين لا يتعاطونها. ولكن الشريف لم يصفها إلّا بسؤال من سأله ذلك على لسان بعض الناس ، فوصفها بعدة أبيات لم يصفها بغيرها» .
وأخيراً ، فإننا حين نسمع الشريف الرضي يقول :
وقور فلا الألحان تأسر عزمتي
|
|
ولا تمكر الصهباء لي حين أشرب
|
فإننا نعرف : إن ذلك ما هو إلا استرسال شاعر ، لا
يمكن أن يريد به معناه الحقيقي المطابقي أبداً ، وإنما يريد به التأكيد على لازم المعنى ليس الا ، ثم هو يتبع ذلك
بقوله :
ولا أعرف الفحشاء إلّا بوصفها
|
|
ولا أنطق العوراء والقلب مغضب
|
وبعد كل ما تقدم ، نقول : انه إذا كان السيد الشريف
يتحاشى حتى عن إيراد الكلمات النابية حتى وهو في مقام الهجاء في شعره. وإذا كان يترسم طريق العفة والشرف والكرامة ، ولا يجيز لنفسه أن يصدر فيه شيء مما يتعاطاه الشعراء حتى أهل النبل والكرامة منهم ، وإذا كان يربأ بنفسه حتى عن وصف الخمرة ومجالس اللهو والغناء ، فإننا لا نستطيع أن نتصوره مشاركاً في تلك المجالس أو ممعناً في تناول
النبيذ الذي يعتقد حرمته تديناً ، وهو الرجل الزاهد الورع ، والنزيه الجليل ، الشريف
النفس ، عالي الهمة ، ولا سيما وهو يعلم أن هذه المجالس ، وتلكم الأحوال لا تخلو من صدور شيء
مما يتنافي مع الشرف والكرامة والسؤود. وهكذا ، فإننا نجد أنفسنا مضطرين لقبول قول
بعض الباحثين انه رحمه الله : «لم يجالس الخلفاء والظرفاء ، الذين يستخفون
بالنواميس في أيام شبيبته» .
________________________________
ويقول : «... ولم يكن حتى في إبان شبيبته يسامر
الظرفاء ، الذين يغازلون ويتغزلون» .
ويقول : «ونحن لتلك العزة ، وتلك الآنفة والمرؤة
نذعن انه لآخر نظرة : انه لم يغترف مأثماً» .
وثالثاً : يقول المعتزلي الحنفي وغيره :
«حدثني فخار بن معد الموسوي ، قال : رأى المفيد في
منامه : كأن فاطمة بنت النبي دخلت إليه وهو في مسجده بالكرخ ، ومعها ولداها الحسن والحسين عليهما السّلام صغيرين ، فسلمتهما إليه ، وقالت : علّمهما الفقه !
فانتبه متعجباً ، فلما تعالى النهار في صبيحة تلك
الليلة دخلت اليه في المسجد فاطمة بنت الناصر ، وحولها جواريها ، وبين يديها إبناها محمد وعلي الرضي والمرتضى صغيرين
، فقام اليها وسلّم ، فقالت : أيها الشيخ ، هذان ولدان قد أحضرتهما إليك لتعلّمهما
الفقه ، فبكى المفيد ، وقصّ عليها المنام ، وتولى تعليمهما ، وفتح الله عليهما من العلوم
ما اشتهر في الآفاق» .
الا إنّ لنا على هذه الرواية ملاحظة ، وهي :
إن هذه الرواية تذكر :
ألف : إن الرضيين رحمهما الله كانا حينما جاءت بهما
اُمهما الى المفيد صبيين صغيرين.
باء : ان اُم الرضيين قد خاطبت المفيد رحمه الله بقولها
: «أيها الشيخ».
مع ان المفيد قد تُوفّي في سنة ٤١٣ عن ستة وسبعين
عاما ، وقد كانت ولادة المرتضى رحمه الله في سنة ٣٥٥ وولادة الرضي رحمه الله في سنة ٣٥٩ هـ. ومعنى ذلك ان
عمره رحمه الله كان حين ولادتهما ٢٠ و٢٢ عاماً ، فلو انها أتت بهما إليه وعمرهما
عشر
________________________________
سنوات أو ثلاث عشرة سنة لكان عمر المفيد
آنئذ ما بين الثلاثين والخمس وثلاثين عاماً فقد كان في عنفوان شبابه ، فلا يصح منها مخاطبته بـ «أيها الشيخ» !!
إلا أن الحقيقة هي أن المراد بالشيخ هو : شيخ
التعليم ، وقد لقب الشيخ المفيد بالشيخ المفيد وهو في عنفوان شبابه ، واما احتمال أن تكون هذه الكلمة مقحمة من قبل
الناقلين اجتهاداً منهم ، فهو أيضاً غير بعيد.
ومهما يكن من أمر ، فإننا نقطع بأن رواية كوران
المغني لا أساس لها من الصحة ، ولعلّها من وضع حساد السيد الشريف ، الذي لم يشف ما في صدورهم موت هذا الرجل الفذ ، حتى راحوا يحسدونه حتى على ما يرثيه به الشعراء ويعيبون عليهم رثاءهم له
بما يعبر عن سموه وعظمته ، كما كان الحال بالنسبة لمهيار الديلمي ، الذي صمّم على أن يكيدهم
ويثير المزيد من كوامن حقدهم فراح يرثيه بقصيدة اُخرى تظهر المزيد من فضائله وكراماته ، وتشيد بمآثره ، وجلائل كرائمه.
فرحم الله الشريف ، ورحم الله مهياراً.
أهل البيت عليهم السّلام في بعض شعر الشريف الرضيّ
|
الدكتور حمودي
|
بسم الله الرحمن الرحيم
ها نحن اُولاء في أفياء دوحة العلياء ، نفيء إليها
ولا نسامتُها ، وهل تسامت قاماتنا دوحة تضرب أطنابُها في أعماق نهج البلاغة ، وتشارف أغصانها قرص الشمس ؟ وهل لنا أن ندرك شأو شريف الشعراء ، ورضي الاُدباء ؟ مَن جده ـ صلّى الله عليه
وآله ـ أفصح العرب ومنها قريش ، ومَن جده الأدنى أميرالمؤمنين عليه السّلام ، صاحب السيف والنهج وكعبة عشاق الفصاحة ؟
ليس لنا ـ والله ـ إلّا ثُمالة من كأس ، وقطرة من
بحر فرات لذة للشاربين ، ليس لنا ـ والله ـ إلّا ذلك النزر اليسير ، لأننا ظلمنا الشريف الرضي حياً وميتاً ، حتى ردّدت
جنبات شعره صدى ألمه ، وها نحن اليوم ـ وبعد ألف عام ـ لانجد لآثاره من يتصدّى لها
بإخراج علمي رصين ، وتحديث يسيغه أهل هذا الزمان.
لقد عرفنا من الشعراء من لا يصحّ أن يستفيء بشعره الى
ظلال تلك الدوحة الباذخة ، وأقمنا الحرّاس على آثار شعراء ليسوا أكثر من سفوح لهذه القمة التي
سامتت الشمس وأطلّت على التاريخ ، أين الشريف الرضي ؟ أين ديوان شعره ؟ أين تراثه العريق ؟ أين الكلية التي تحمل اسمه ؟ أين الجامعة التي تتعطر بذكره ، بشعره
وبنثره ؟.
إنّ هذه الثُمالة التي نترشّفها من سؤر كأس الشريف
الرضي كثيرة علينا ، لا تتحملها نفوسنا التي بعدت عن عالم الكبرياء ، واخلدت الى راحة الكسلاء الصُغراء ، ولا تسيغها أطماعنا التي تتعجل الثمن الربيح ، ولا يرتضيها انهيارنا الثقافي الذي
لا يصبر
على لأواء الإخلاص والجدّ ، فلا نقوى ـ بعد ـ
على خوض غمرات تراثنا الأثيل ، وفي الربيئة منه تراث هذا الشاعر البطل النبيل.
سلام على الرضي ، وعلى من يُعنى بالرضي ، وعلى من
يسعى سعياً علمياً دؤوباً مخلصاً ليقرب الأجيال للرضي ويكشف عن عظمته لها ، فتسيغه شملاً لها في أخلاقها وأشعارها وكبرياء العظمة ، والسمو العريق.
وهذه السطور التي أكتبها رجوت لها أن تكون محاولة
جادة للكشف عن جوانب شعر الرضي ، وموضوع من موضوعاته المحببة اليه ، وهو «اهل البيت عليهم السّلام في
شعر الشريف الرضي» في محاولة إجابة أسئلة ماذا يمثّل أهل البيت (ع) بالنسبة له ؟ وأيّ حيّز يحتلون بشعره ؟ وكيف نظر إليهم عليهم السّلام ؟
والله أسأل أن يوّفق قادة هذه الاُمة في نهضتها
الرشيدة الحديثة للعناية الجادة الصادقة برموز التراث وقممه العالية.
ومن الله التوفيق والسداد ، وله الكمال وحده.
وقفة مع النسب الشريف
للشريف :
هو أبو الحسن محمد ابن أبي طاهر الطاهر ذي
المنقبتين : الحسين بن موسى بن محمد ابن موسى بن إبراهيم بن «موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب» ، عليهم السّلام.
واُمه فاطمة بنت الحسين ـ بن أحمد ، على قول ـ بن
الحسن الناصر الاصم صاحب الديلم ، وهو أبو محمد الحسن بن علي بن الحسن بن علي بن عمر بن «علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب» عليهم السّلام ، وفي المذكور في النهج شيء من الخلاف.

حياة مسؤولة :
ولد رضوان الله عليه سنة ٣٥٩ هـ ، وتوفي سنة ٤٠٦ هـ
، أي أنه عاش عمراً لم يتجاوز ٤٧ سنة ، والعبقرية لا تعرف الأعمار ؛ نظم الشعر في بواكير عمره ، وكتب
جملة كتب لم يتبقّ منها إلّا ثلّة قليلة لم تنل ـ بعد ـ الدراسة اللازمة والتحقيق
المطلوب وقد عدّوا له هذه الكتب : ـ
١ ـ نهج البلاغة.
٢ ـ خصائص الائمة.
٣ ـ مجازات الآثار النبوية.
٤ ـ تلخيص البيان عن مجازات القرآن.
٥ ـ حقائق التأويل في متشابه التنزيل.
٦ ـ كتاب : سيرة والده الطاهر.
٧ ـ كتاب الرسائل.
٨ ـ كتاب مادار بينه وبين أبي إسحاق الصابي من
الرسائل.
٩ ـ كتاب الزيادات في شعر أبي تمام.
١٠ ـ مختار شعر أبي إسحاق الصابي.
١١ ـ منتخب شعر ابن الحجّاج «الحسن من شعر الحسين».
١٢ ـ كتاب أخبار قضاة بغداد.
١٣ ـ كتاب تعليق خلاف الفقهاء.
١٤ ـ كتاب تعليقة على إيضاح أبي علي الفارسي.
١٥ ـ ديوان شعره.
سبعة وأربعون عاماً مثقلة بالمسؤوليات والنكبات ، ومحملة
بأربعة عشر كتاباً ، مع ديوان ضخم من الشعر ، سبعة وأربعون عاماً تسمو عن أعوام الناس لأن صاحبها كان الذي أمضى الشريف وهو يتحدّى ذلك العصر الذي يتهاوى أكثر وأكثر في مواطن الذلِّ والإنهزام النفسي !!
هذه الحساسية ، وعظمة الشعور بسمو النسب الشريف ، شكّلت
هاجساً يومياً نلمسه
في كل مواضع شعر الشريف الرضي ، وكانت حلبة
واسعة لفخره ، ذلك الفخر الذي يتمفصل على محورين :
المحور الاول : المحور الذاتي ؛ ويتمثل
في الفخار بالخلق السامي ورفض الذل والتطلع الدائم الى الاُفق الأعلى من آفاق الكرامة الإنسانية التي تفرضها الذات المتسامية عن صغار الدنيا كقوله رضوان الله عليه :
مالي اذلّ ، وصارمي لم ينثلم
|
|
بطلى العِدى ، وقناي لم يتقصدِ
|
حيث يستفهم استفهاماً إنكارياً عن رضاه بالذلّ إن
حاول بعضهم أن يسمه به ، فكيف سيرتضى ذلك ، وسيفه «صارمي» لم ينثلم من ضرب أعناق «طلىٰ» أعدائه ورمحه لم يتكسّر ، أي ان دون إذلاله حرب لابدّ أن تقع بالسيف الذي يضرب أعناق الأعداء حتى يتثلم ، وبالرّمح الذي يطاعنهم به حتى يتكسر.
وتبلغ حساسية الكرامة مداها الاوفى بصرخته الخالدة
عبر الزمن :
ما مقامي على الهوان ، وعندي
|
|
مقول صارم وأنف حمي
|
وإباء محلّق بي عن الضَّنيـ
|
|
ـم كما راغ طائر وحشي
|
فانه يتساءل منكراً ان يرتضى الاقامة على
الهوان والذل ، ولديه المعول الصارم والانف الحمي ، وإلاباء الذي يحلّق عن الضيم والظلم وكأنه الطائر الوحشي في نفوره وعلوّ طيرانه ، أوسمة رمزية يطرز بها الشريف رفضه للذلّ والهوان ، المقول الصارم
رمز الى الجرأة في القول ، والحزم تجاه مناوئيه ومن يريد إذلاله وإلحاق الهوان به ، والأنف
الحميّ : رمز الى العزة والكبرياء ، والأنف ـ عند العرب ـ من الأنفة والترفّع ، يستشعر
ما يتطلبه منه نسبه ، ووضعه الإجتماعي ، من طهر ذيل ، وسمو نفس ، وعفة قلب ، وسعة علم ، إضافة للوازع الديني والمذهبي الذي لم يتخلّ عنه الرضي الشريف في أية خطوة خطاها في عمره الطيب.
لقد أدرك الشريف الرضي أن النسب الطاهر لن ينفع
شيئاً إن لم تواكبه حياة طاهرة تكون أهلاً لحمل شرف الإنتساب الى دوحة النبوة :
إنْ أشِرَ الخَطْبُ فلا رَوعة
|
|
أو عَظُمَ الأمرُ فصبرٌ جميلْ
|
لِيُهْون المرء بأيّامهِ
|
|
إنّ مقام المرء فيها قليلْ
|
هل نافعٌ نفسَك أَذْلَلتها
|
|
كرامةُ البيت وعِزُّ القَبيلْ
|
إنّا الى الله ، وإنّا له
|
|
وحسبُنا الله ، ونِعْمَ الوكيلْ
|
فمَال الأمر كلّه الى الله سبحانه وتعالى ، وكرامة البيت
، وعزّ القبيلة ، لن يغنيا المرء شيئاً إن أذلّ نفسه.
هذه الرؤية الدقيقة للحياة وحقائقها تكشف لنا أنّه (رض)
كان ينظر الى الكرامة والعزة باعتبارهما أمرين إلهيّين لا محيد عنهما ، وإنّ الذلة طريق يناقض طريق
الإيمان ، فما دام المقام في هذه الدنيا قليل فليستصغر المرء مجريات الحياة من آلامها وخطوبها ، بل
فليستصغر الأيام ذاتها ، وحينذاك لن يبقى في وسع الذلة أن تتسرب الى موقف الإنسان مهما كان الخطب ، والأمر كله لله.
لاحظ هذه الحسّاسيّه تجاه مواقف الذلة ، واعتبارها
نقيض كرامة النسب وعزّته ، ثم انظر تطبيقات هذه الحساسية في حياة الشريف وشعره ، وتصوّركم هو عمق الألم عن الصغار !؟. والإباء المحلّق عن الضيم ؛ رمز الى استسهال الصعاب في سبيل الحفاظ على
العزّة والكرامة.
وهو لا يجد عذراً للقبول بالذلّ ما دام معه السيف :
أي عذر له الى المجد ؟ إن ذ
|
|
لّ غلام في غمده المشرفيّ
|
ثم ينتقل الى السبب الذي يحدوه لاعتبار مقامه حيث
هو ذلاً ، إذ يقول :
ألبس الذّل في ديار الأعادي
|
|
وبمصر الخليفة العلويّ
|
من أبوه أبي ومولاه مولا
|
|
ي ، إذا ضامني البعيد القصيّ
|
لفّ عِرفي بعرقه سيّدا النّا
|
|
س جميعاً محمّد وعليّ
|
أرأيت ؟ ها هو ذا يبيّن لنا ان بذاخة نسبه سبب
اعتباره ان مقامه حيث هو ذلاً ، فهناك حاكم علوى يلتقي بالنسب الباذخ معه ، فالأجدر أن يلتحق به.
وهكذا ينقلنا الشريف الى المحور الثاني الذي هو
مدار فخره :
المحور الثاني : محور النسب ؛ وهو في
قناعتنا الأساس الذي تتفرع منه مواقف الرضي في شعره وغير شعره ، فهو ينظر الى نفسه نظرة تاريخية باعتباره حلقة من سلسلة
طيبة هو ملزم ذاتياً وموضوعياً أن يسير في حياته على مقتضيات ذلك.
إنا ابن السّابقين الى المعالي
|
|
إذا الأمَدُ البعيدُ ثنى البطاء
|
إذا ركبوا تضايقت الفيافي
|
|
وعطل بعض جمعهم الفضاء
|
نماني من اباة الضَّيمْ نام
|
|
أفاض عليّ تلك الكبرياء
|
شأونا النّاس أخلاقاً لِداناً
|
|
وايماناً رطاباً ، واعتلاء
|
ونحن الخائضون بكلّ هول
|
|
إذا ذبّ الجبان به الضّراء
|
ونحن اللابسون لكلّ مجدٍ
|
|
إذا شِئنا ادّراعاً والاتِداء
|
أقمنا بالتّجاربِ كُلَّ أمر
|
|
أبى إلّا اعوجاجاً والتِواء
|
فبماذا يفتخر ؟ ما مادة فخره ؟
إنّ ما يميّز الشريف عن كثير من الشعراء ان افتخاره
بآله ، وهو منهم ، متأتٍّ من المعاني الأخلاقية الإسلامية :
|
السبق إلى المعالي
|
البيت الأول
|
|
|
كثرتهم في الحرب
|
البيت الثاني.
|
|
|
إباء الضيم
|
البيت الثالث.
|
|
|
الكبرياء
|
البيت الثالث.
|
|
|
الأخلاق الكريمة
|
البيت الرابع.
|
|
|
الإيمان العميق
|
البيت الرابع.
|
|
|
العلو
|
البيت الرابع.
|
|
|
الشجاعة
|
البيت الخامس.
|
|
|
الجدّ في طلب المجد
|
البيت السادس.
|
|
|
الجد في طلب الإصلاح
|
البيت السابع.
|
|
وتنفصل هذه المعاني في سائر قصائد الشريف ، فيفكّكها
الى مكوناتها الأساسية ويوضّح جزئيات أوصافهم ، ومثابة فخره بهم.
فما ولد الأجاربُ من تميم
|
|
نظيرهم ولا الشّعر الرّقابا
|
وإنّ المجدَ قد علمت مَعَدُّ
|
|
ودار العزّ والنَّسَبَ القُرابا
|
لأطولهم اذا ركبوا رماحاً
|
|
وأعلاهم إذا نزلوا قِبابا
|
وأغزرهم إذا سئلوا عطاء
|
|
وأوحاهم إذا غضبوا ضرابا
|
حيث ذكر بعضاً من لوازم الشجاعة «طول الرماح» ، وعلوّ
الذكر «القباب العالية» وكثرة العطاء «وأغزرهم ...» ، والقوة في الحرب «أوحاهم ضرابا».
وكيف لا يكونون كذلك وهم :
بنو عمّ النبيّ واقربوه
|
|
وألصقهُم به عِرقا لُبابا
|
حيث يبين الشريف صفاتهم الكريمة لأنهم من نسل النبيّ
(ص) والمحافظين على القيم التي نادى بها ، ودعا النّاس اليها.
ويصل من ذلك الى أن المديح يجب أن يقتصر على الرسول
(ص) وأهل بيته (ع) :
وما المدح إلّا في النبيّ وآله
|
|
يُرامُ ، وبعض القول ما يُجَّنبُ
|
وأولى بمدحي من أعزّ بفخره
|
|
ولا يشكر النعماء إلّا المهذَّبُ
|
أرى الشعر فيهم باقياً ، وكأنّما
|
|
تُحلِّق بالأشعار عنقاء مغربُ
|
اُعِد لفخري في المقام مُحمَداً
|
|
وأدعو عليّا للعلى حين أركبُ
|
فالشريف لا يرى له وجوداً مستقلاً عن هذا الوجود
التاريخي لآل البيت (ع) ، ومن هنا تجذّر حبّهم في قلبه ، وخالط دمه ولحمه :
المجدُ يعلمُ أنّ الَمْجَد من اربي
|
|
ولو تماديت في غيٍّ وفي لَعبِ
|
إنّي لمن مَعْشَر إنْ جمّعوا لعُلى
|
|
تفرّقوا عن نبي أو وصيّ نبي
|
ويخاطب أباه فيقول :
وغيرك لا اُطريه إلّا تكلّفاً
|
|
وغير حنيني عند غيرك مُصْحِبُ
|
أبعْدَ النبي والوصي تروقني
|
|
مَناسب من يُعزى لمجد ويُنْسَبُ
|
يُقرّ بفضلي كلّ باد وحاضر
|
|
ويحسدني هذا العظيم المحجَّبُ
|
أُحبكُم ما دمتُ اعزى اليكمُ
|
|
و مادام لي فيكم مرادٌ ومطلبُ
|
فهذا الوعي الحادّ بالإنتساب الى أهل البيت (ع)
أصبح جزءاً من حياة الشريف إن لم نقل انه غلف حياة الشريف كلها ، وتغلغل في شتى نواحيها ، فحق له أن يقول :
فمن ذا اُسامي وَجدي النبيّ
|
|
أم من أطاول أم من اُلاحي
|
أنا ابن الائمة ، والنازلين
|
|
كُل مَنيع الرّبى والبَراحِ
|
وأيد تُصافح أيدي الكرام
|
|
إنْ نَفَرتْ من أكفّ الشّحاح
|
اذا استصرخِوا عَصفوا بالصبا
|
|
حِ بين الظبىٰ والوجوه الصِبّاحِ
|
وبذاك ، وبسبب من ذاك أصبح واحداً من سادة يهيمنون
على حركة الناس :
إنّا نعيب ولا نُعابُ
|
|
ونُصيبُ منك ولا نُصابُ
|
آل النبي ، ومن تقلّـ
|
|
ـب في حجورهم الكتابُ
|
خُلِقَتْ لَهُمْ سمر القنا
|
|
والبيض والخيل العِرابُ
|
قومٌ إذا غمز الزّما
|
|
ن قنيهم كرموا وطابوا
|
فهؤلاء هم سادة الناس ومرشدوهم ، آل النبيّ (ص)
الشجعان الذين لهم خلقت الرمان والسيوف والافراس ، هؤلاء القوم لا يزدادون إلّا كرماً وطيبة كلما اشتد
الزمان عليهم ، فكان الصعاب محك على ضريبته يفوح عطر شمائلهم.
ومن هنا صار الشريف ذلك القمر الدائر في كون أهل
البيت (ع) الرحيب ، وصار اعداؤه زمرة من الكلاب النابحة العاوية ، التي لم تجد فيه عيباً ، فحاولت أن تخلع عليه
من عيوبها ، جرياً على «رمتني بدائها وانسلت» ، قال :
وإنّ مُقام مثلي في الأعادي
|
|
مُقامَ البدر تنبحه الكلابُ
|
رَمونى بالعيوب ملفقات
|
|
وقد علموا بأني لا اُعابُ
|
وانّي لا تدنّسني المخازي
|
|
وإني لا يروّعني السبابُ
|
ولمّا لم يلاقوا فيّ عيباً
|
|
كسَوني من عيوبهمُ وعابوا
|
أعد نظرك في الشعر الذي مرّ تجد الكرامة والكبرياء
والعزّة ، ولو لم يقل (رض) إلّا «وإني لا يروّعني السباب» لكفاه دلالة على عظيم اعتداده بنسبه وثقته بنفسه ، والثقة
بالنفس لا تتأتّى لكل الناس ، فإن منهم من يزلزله النقد ، ويفقده السباب صوابه ، لأنه
لا ثقة له بنفسه ، فكأنه النبتة الهشّة التي ليس لها جذر مكين يمسكها أن تميل وأن تنقصف ، اما الشريف فكالسند يانة الشامخة ، عميقة الجذور ، متمكنة من الأرض ، قوية لا تتلاعب بها الرباح.
ولنا أن نقرر ان هذا الشعور بالإنتماء الى العترة
الطاهرة (ع) هو المحرك لكلّ مشاعر الإباء والعزة والكرامة في نفسه.
ولكن ...
من هم اُولئك الذين ينتمي اليهم الشريف الموسوي ؟
هل ذكرهم في شعره ؟
وكيف كان ذكره لهم ؟ وهل هو مقتنع بهم جميعاً
أم متوقف ؟
والذي يحدونا لهذه الأسئلة ما حدّث هو به ـ رضوان
الله عليه ـ في مفتتح رسالته «خصائص الائمة» إذ قال : «إنّ بعض الرؤساء ، ممن غرضه القدح في صفاتي والغمز لقناتي والتغطية على مناقبي والدلالة على مثلبة إن كانت لي ، لقيني وأنا متوجّه
ليلة عرفة من سنة ثلاث وثمانين وثلثمائة هجرية الى مشهد مولانا موسى بن جعفر ومحمد بن علي بن موسى (موسى الكاظم ومحمد الجواد (ع) في الكاظمية في العراق) للتعريف هناك ، فسألني عن متوجهي فذكرت له الى اني قصدت ، فقال لي : متى كان ذلك ؟ يعني أن جمهور الموسويين جارون على منهاج واحد في القول بالوقف والبراءة ممن قال بالقطع ، وهو عارف بأن الأمانة مذهبي ، وعليها عقدي ومعتقدي وإنما أراد التنكيل لي ، والطعن
على تديني فأجبته في الحال بما اقتضاه كلامه ...» ، ثم جعل الشريف ذلك علّة تجدد نشاطه لإكمال كتاب خصائص الائمة (ع) ، غير ان جمعه لنهج البلاغة ، ومعاجلة المنية له ، قد حالا دون اكمال خصائص الائمة ، فظل الكتاب محتوياً على فضائل أميرالمؤمنين (ع) فقط.
وإذا كان الكتاب ـ ونعني به خصائص الائمة ـ لم
يستطع أن يستوفي ذكرهم جميعاً سلام الله عليهم ، فإن شعر الرضي قد استوفى ذلك فحفل بذكرهم وتعطّر بالإشادة بمناقبهم وصفاتهم ومواضع مراقدهم الطاهرة.
ولنفتح قلوبنا لبائيّته العذبة :
سقى الله المدينة من محلّ
|
|
لبَابَ الماء والنُّطفِ العذاب
|
فهو يدعو للمدينة بالسقيا ، وليس بمطلق السقيا ، إذ
كانت تسقى بديم المطر العزيز مع الصواعق والرعود وما يروّع أهلها الآمنين ، بل هي السُّقيا بلباب الماء ، أي
بجوهره وصافيه ونقيّه من غير أوشاب ولا أكدار ، ثم هي السُقيا بالقطر العذب السائغ.
ولا عجب أن يدعو للمدينة المنوّرة بذلك ، لأن فيها
قبر جده الأعلى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، وفيها أيضاً شيء آخر عزيز على قلبه :
وجاد على البقيع وساكنيه
|
|
رضيُّ الذيل ملآن الوطابِ
|
ففي البقيع إضمامة من زهر لا يكفيها الطلّ ، بلا بد
من الوابل ، لابد من أن يرخي السحاب عليها ذيله ، وأن يفتق وطابه الملآن ، فأولئك الائمة الأطهار ظلموا أحياء
وظلموا
أمواتاً ، والى اليوم تقوم شواهد الظلم
الواقع عليهم ، فافترق حال محالهم عن قبر الرسول الاكرم (ص) ، وعن أزقة المدينة المنورة وساكنيها ، فهنا يكفي «الباب الماء والنطف العذاب» ، وهناك لا يكفي هذا بل يجب أن يكون منسجماً مع حال مراقدهم المقدسة من وفير السقي ، وعزيز المطر.
وينتقل الشريف من البقيع اقرب مشهد
|
|
من مشاهد أجداده الطاهرين
|
فما ان ينتهي ركب الحجيج الى أرض العراق حتى يتقرّى
المرقد الطاهر لأميرالمؤمنين (ع) في النجف الاشرف ، أو الغري :
وأعلام الغَري وما استباحت
|
|
معالمها من الحسب اللَّباب
|
وأي حسب لُباب إن لم يكن حسب علي بن ابي طالب (ع) ؟
فتشمله دعوة السقي بوابل نمير المطر.
ثم يرحل الى كربلاء وهي المنزلة الثانية بعد النجف
في طريق الحج العائد الى العراق :
وَقبْراً بالطفوف يضمّ شلوا
|
|
قضى ظماً الى برد الشراب
|
اُنظر الى هذا الحس المرهف ، وكيف قابل بين الدعاء
بالسّقيا و «ظمأ» أبي عبدالله عليه السّلام في موقعة كربلاء ، فأي مطر ، وأي غيث ، وأي وابل ، وأي طلّ
يكون في وسعه إرواء تلك المراقد المشرفة وقد «قضى» اُصحابها ظماً ، والماء على مرمى حجر
منهم ؟
ويستمرّ الشريف في سفرته التي تطوي الأرض طيّاً بين
سامراء ـ حيث الهادي والعسكري (ع) وموضع الغيبة الشريف ـ ، وبغداد ـ حيث الكاظم والجواد (ع) ـ ، وطوس ـ حيث علي بن موسى الرضا (ع) ـ ، فليسق المطر النمير تلك المشاهد المشرفة :
وسامّرا وبغداداً وطوساً
|
|
هطول الوَدْق منخرق العُباب
|
هذي مراقدهم ـ عليهم السّلام ـ وها هو الشريف الرضي
يقف عليها بلوعة ويقول :
قبور تنطُف العَبرات فيها
|
|
كما نطف الصبَّيرُ على الرّوابي
|
إنّ دموع الرضيّ تمنعه من وصفها ، لكن ذكاءه وعظيم
إحساسه بانتمائه الى الراقدين فيها ، يدفعه الى أن يشبّه للدموع التي يجريها محبو الائمة عليها بالسحاب
الذي يسقي الروابي ويفيض عليها.
إنّ فكرة السقيا لم تفارقه ، فكرة أن يستشهد الحسين
(ع) وهو عطشان ويمنع من قطرة ماء ، فتتسع القطرة الى السحاب ، والى المطر الغزير ينهمر لا على قبر عطاشى كربلاء
فحسب ، بل تتسع لتشمل كل أضرحة أجداده الائمة الأطائب (ع).
هذه الكفرة تجدها قوية السيطرة عليه ، حتى لتكون
العمود الفقري للقصيدة كلها ، بين رفعة القبور المشبهة بالروابي ، وبين السقي الذي ينهمر عليها من السحاب ومن
دموع العيون ، فإن لم يستجب السحاب لملتمس الشاعر فإنّ السراب سيستحيل ماء يتقطع على تلك القبور :
فلو بخل السّحابُ على ثراها
|
|
لذابتْ فوقها قطع السّراب
|
يجب أن ننتبه هنا الى المقابلة الذكية بين السحاب
والسراب ، لا من حيث استحالة السراب الى سحاب تولّهاً بأهل البيت (ع) فحسب ، وإنما ايضا من حيث أن المسافر ـ آنذاك ـ بين هذه المشاهد المشرفة يطالع السراب أمامه وهو يطوي الفيافي
والقفار فيأخذه الإحساس الرهيف ـ إن كان من أهله ـ الى اُمنية مستحيلة ، أن يتحول السراب المشعر بالعطش والموحي به الى سحاب يبلّ الثرى ويسقي القبور المطهّرة.
وتبقى فكره السُقيا والظمأ تجول في جنبات مشاعر
الشاعر :
سقاك ، فكم ظمئتُ اليك شوقاً
|
|
على عُدواء داري واقترابي
|
فالسّحاب يسقي ، والسّراب يتقطع سحاباً ومطراً
عليها ؛ والشاعر ظمىء إليها شوقاً في حالَي قربه وبعده ، وانظر الى لفظة «عدواء» وما فيها من اللآواء إشارة الى ألم
البعد والظمأ لزيادتها ، والغلواء في حبّها والتبرك بها.
ثم انظر إلى اللّفتة الذكية بين بعد الدار واقتراب
الشاعر ، فهو لم يقل انه بعيد عن تلك القبور ، فهو دائماً قريب منها ، وداره هي التي تبعد عنها.
واما قربه فيتمثل في زيارته لها ، وفي حمله معه
دائماً شيئاً من ترابها :
تجافي يا جَنوبَ الريّح عنيّ
|
|
وصوني فضل بُردْك عن جنابي
|
ولا تسري اليّ مع اللَّيالي
|
|
وما استحقبت من ذاك التَّرابِ
|
وذاك التراب أيضاً ظمآن ، فالظمأ حسّ في كل ما يحيط
بالشاعر ، ويبلغ الظمأ بالتراب المقدس حدّ أن يُقاد له الماء والسحاب :
قليل ان تُقاد له الغَوادي
|
|
وتنحرَ فيه أعناق السَحاب
|
ويرتبط الظمأ عند الشاعر بالآلام التي عاناها أهل
البيت (ع) حيث انتقلوا في دنياهم من مصاب الى مصاب ، فكان وفرة المصائب التي جابهتهم في حياتهم قابلها هذا الظمأ الذي يجلل أضرحتهم وتربتهم الطاهرة :
أما شرق التراب بساكنيه
|
|
فيلفظهم الى النعم الرغاب
|
فكم غدت الضغائن وهي سكرى
|
|
تدير عليهم كأس المُصاب
|
وبهذا البيت ندرك السبب الذي حدا الشاعر أن يستسقي
المدينة لباب الماء ، وأن يستسقي قبور الائمة (ع) المطر الغزير ، لأن هذه الغزارة من الخير «والماء والسقيا
رمزان له» قد ناسبت كؤوس المصائب التي نالتهم في حياتهم ، ولكن الشاعر يدرك أن الماء والسقيا
غير كافيين أمام عظمة أهل البيت (ع) ، فينتقل منها الى تقرير حقيقة تناسب منزلة
أهل بيت النبوّة عليهم السّلام :
صلاة الله تخفق كلّ يوم
|
|
على تلك المعالم والقباب
|
ولا نجد فرقاً بين سحاب تنصل شآبيبه ، وسراب يستحيل
قطع سحاب وخفقان الصلوات ، فكأن الصلاة عليهم طيور خافقة بأجنحتها ، والصلة وثيقة بين الماء
والطيور فلا تحوم الطيور إلّا حول موارد الماء المشرعة الآمنة ، فكأن الشريف بهذا البيت
ينقلنا الى جو استجابة دعائه بالسقيا ، بل الى ما هو أبعد من ذلك ، الى أن هذه القبور الطاهرة
هي مشارع الماء الآمنة التي تخفق حولها الطيور ، وليست تلك الطيور طيوراً حقيقية بل
هي صلاة الله سبحانه وتعالى ، وأين تخفق الصلاة إلا على أهلها وموطنها ومستقرها ؟
وبعد أن يصل الشاعر الى هذه الحقيقة يتحول الى ذاته
يستنبط منها حبها ، وينقع غليلها ، ويروى أُوامها بزيارته لهم :
وإني لا أزال اُكرّ عزمي
|
|
وإن قلّت مساعدة الصِّحاب
|
وأخترق الرياحَ الى نسيم
|
|
تطلّع من تراب أبي تراب
|
بودّي أن تطاوعني الليالي
|
|
وينشبَ في المنى ظفري ونابي
|
فأرمي العيس نحوكم سهاماً
|
|
تغلغل بين أحشاء الرّوابي
|
لعلّي أن أبّل بكم غليلاً
|
|
تغلغل بين قلبي والحجاب
|
فما لقياكم الّا دليلٌ
|
|
على كنز الغنيمة والإياب
|
ثم يلتفت الى الإمامين اللذين كان خروجه لزيارتهما
سبباً لنشاطه في كتابه
«خصائص الائمة» (ع) الإمام الكاظم والإمام
الجواد (ع) ويصفهما بالملاذ فيقول :
ولي قبران بالزوارء اُشفي
|
|
بقُربهما نزاعي واكتئابي
|
أقودُ اليهما نفسي واُهدي
|
|
سلاماً لا يحيد عن الجوابِ
|
لقاؤهما يطهر من جناني
|
|
ويدرأُ عن ردائي كلّ عابِ
|
وبالطهر يختم ذكرهم كما بدأ بالماء والسُقيا ، والدعاء
لمشاهدهم المشرفة لينتقل ـ بعد هذا كله ـ الى الافتخار بفضائل أميرالمؤمنين (ع) وهي فضائل جده :
قسيمُ النّار جدّي يوم يُلْقىٰ
|
|
به باب النّجاة من العَذاب
|
وساقي الخَلْق والمُهجات حَرّى
|
|
وفاتحة الصراط الى الحساب
|
لاحظ السّقي ، والظمأ ، وهذه المفارقة بين عطش
الدنيا وآلامها ، وبين أن يكون ذلك العطشان والظمآن ساقي الخلق على الكوثر ، والاُخرى بين ريّ الدنيا وزخرف نعيمها ، وبين المهج الحرّى يوم القيامة ، وهو الساقي من كرم نفس ، وكرم طبع ، شهر
بهما في الدنيا فكانا له نصيبين في الآخرة :
ومن سَمَحت بخاتمه يميني
|
|
تضن بكل عالية الكعاب
|
مفارقة اُخرى بين الكرم بالمال ، والبخل بعالية
الكعاب كناية عن الشجاعة والبطولة لأن من اُولى صفاتهما الحفاظ على السيوف والرماح في اليد الصلبة القوية
تواجه الأعداء فتقتلع حصونهم :
أما في باب خيبرَ معجزاتٌ
|
|
تصدّقُ ، أو مناجاة الحِبابِ
|
أرادتْ كيدَه والله يأبى
|
|
فجاء النّصرُ من قِبل الغُراب
|
أهدا البدرُ يُكسف بالديّاجي
|
|
وهذي الشمس تُطمس بالضّباب
|
وكان إذا استطال عليه جان
|
|
يرى ترك العقاب من العقاب
|
أرى شعبان يذكرني اشتياقي
|
|
فمن لي ان يذكّركم ثوابي
|
ثم يلتفت الى نفسه فيأخذها بالسير على نهج أجداده
الطيبين ، ويجهر بحبه لهم متقبلاً فيهم كل سباب الأعداء ، لأنهم نسبه وعماده ومبرر كيانه :
بكم في الشعر فخري لا بشعري
|
|
وعنكم طال باعي في الخطاب
|
اُجلُّ عن القبائح غير أني
|
|
لكم أرمي واُرمى بالسّباب
|
فأجهر بالولاء ولا اُوري
|
|
وأنطق بالبَراء ولا اُحابي
|
ومن أولى بكم منّي وليّاً
|
|
وفي أيديكُمُ طرف آنتسابي
|
محِبّكمُ ، ولو بُغضت حياتي
|
|
وزائركم ولو عُقِرتْ ركابي
|
تُباعد بيننا غيَرُ اللَّيالي
|
|
ومرجْعُنا الى النَّسب القَراب
|
إنها صرخات السجن الذي يعمقه الولاء حتى أدق خفاياه
وحناياه ، والذي يظهر سطوراً من الهيام في صفحات القلب الذائب في حب آل البيت (ع) :
وما المدح إلّا في النبيّ وآله
|
|
يُرام ، وبعض القول ما يتجنَّبُ
|
أرى الشعر فيهم باقياً وكأنّما
|
|
تُحلِّق بالأشعار عنقاء مغربُ
|
اُعدّ بفخري في المقام محمّداً
|
|
وأدعوا عليّاً للعُلى حين اركبُ
|
*
*
*
وتصفح شعر هذا الشريف الرضي (رضي الله عنه) فلن تجد
إلّا الكبرياء تستقي من حب أهل البيت (ع) ، والإنتماء الكامل لهم ، تعطراً بذكرهم ، وفخراً بالإنتساب إليهم ودموعاً حرّى تستحيل دماً وهي تطالع صفحات الوضح الإسلامي في كربلاء ـ.
ولهذا موضوع آخر ، إن شاء الله.
كتب ترى النور لأول مرة
*
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة
تأليف : القطب
الراوندي ، قطب الدين أبو الحسين سعيد بن هبة الله الراوندي الكاشاني ، المتوفّى سنة ٥٧٣ هـ.
ينقل ابن أبي
الحديد عنه في شرحه للنهج أحياناً.
عُني بطبعه لأول
مرة الشيخ عزيز الله العطاردي ، وصدر في ثلاثة أجزاء من مطابع حيدرآباد في الهند سنة ١٤٠٤ هـ.
وأعاد تحقيقه السيد
عبداللطيف القرشي الكوهكمري ، وصدر ضمن منشورات مكتبة آية الله المرعشي العامة في قم في ثلاثة أجزاء أيضاً.
ويقوم بتحقيقه من
جديد الاُستاذ لبيب بيضون.
كما ينوي السيد عبدالزهراء
الخطيب ـ مؤلف كتاب «مصادر نهج البلاغة» ـ تحقيقه أيضاً ، وسيصدر ضمن منشورات دار الأضواء في
|
|
بيروت.
*
حدائق الحقائق في فَسْر دقائق أفصح الخلائق
في شرح نهج البلاغة
تأليف : قطب الدين
الكيدري ، أبو الحسن محمد بن الحسين بن الحسن البيهقي الكيدري ، من أعلام القرن السادس.
فرع من تأليفه سنة
٥٧٦ هـ.
طبع لأول مرة بسعي
الشيخ عزيزالله العطاردي ، وصدر من مطابع حيدرآباد في الهند في ثلاثة أجزاء سنة ١٤٠٤ هـ.
*
شرح نهج البلاغة
لمؤلف مجهول من
أعلام الطائفة في القرن الثامن ، وينسب إلى العلامة الحلّي ـ المتوفّى سنة ٧٢٦ هـ.
وقد عُني بطبعه
لأول مرة الشيخ عزيزالله العطاردي على نسخة فريدة من مخطوطات مكتبة
|
الدكتور أصغر مهدوي
في طهران ، وصدر في جزء واحد من مطابع حيدرآباد في الهند سنة ١٤٠٤ هـ.
كتب صدرت محقّقة
*
خصائص الائمة
تأليف : الشريف
الرضي ، أبو الحسن محمد ابن الحسين بن موسى (٣٥٩ ـ ٤٠٦ هـ).
تحقيق : الدكتور
الشيخ محمد هادي الأميني.
نشر : مؤسسة البحوث
الإسلامية (بنياد پژوهشهاى إسلامي) التابعة للروضة الرضوية المقدّسة ـ مشهد.
وكانت المكتبة
الحيدرية في النجف الأشرف قد طبعت الكتاب على الحروف باسم «خصائص أميرالمؤمنين عليه السّلام» إذ أنّ الشريف الرضي رحمه الله لم يتمّ تأليه ولم يكتب منه غير خصائص الإمام علي بن أبي طالب عليه السّلام.
كما أعادت مكتبة
الرضي في قم طبعه بالاُفست على طبعة النجف الأشرف.
*
نهج البلاغة
مع شروح الشيخ محمد
عبدة
تحقيق وتعليق : محمد
أحمد عاشور ومحمد إبراهيم البنّا.
نشر : دار ومطابع
السقيا في مصر ، سنة ١٩٧٢ م.
وأعادت طبعه سفارة
الجمهورية الإسلامية
|
|
في إيران ـ دمشق
*
نهج البلاغة
مع شروح الشيخ محمد
عبدة ، وفيه زيادات من شروح ابن أبي الحديد وابن ميثم البحراني.
تحقيق : عبدالعزيز
سيد الأهل.
نشر : مكتبة
الأندلس في بيروت ، في أربعة أجزاء.
*
شرح نهج البلاغة
لابن أبي الحديد
المعتزلي (٥٨٦ ـ ٦٥٦ هـ).
تحقيق : الشيخ حسن
تميم ـ قاضي بيروت الشرعي ـ.
نشر : دار مكتبة
الحياة في بيروت ، في خمسة مجلّدات.
صدر حديثاً
*
نهج البلاغة
قامت بطبعه مكتبة
آية الله المرعشي العامة في قم بطريقة التصوير على مخطوطة نفيسة من نهج البلاغة تحتفظ بها المكتبة برقم ٣٨٢٧ ، مذكورة في فهرسها ١٠ / ٢٠٦ ، وقد كتبت سنة ٤٦٩ هـ ، وهي من أقدم مخطوطات نهج البلاغة إن لم تكن أقدمها.
وقد نشرته المكتبة
بمناسبة الذكرى الألفية لوفاة الشريف الرضي.
*
* *
|
*
المعجم المفهرس لألفاظ نهج البلاغة
تأليف : محمد دشتي
وكاظم محمدي.
فهرست خاصّ بنهج
البلاغة ضمّ إضافة إلى متن النهج : فهرس الألفاظ الغريبة المشروحة ، المعجم المفهرس لألفاظ نهج البلاغة ، مصادر ومراجع نهج البلاغة (جدول أسامي الكتب ومؤلفيها) مرتّبة حسب الحروف الأبجدية والتاريخ الهجري ، جدول اختلاف النسخ ، ومستدرك اختلاف النسخ في العبارات.
والكتاب يقع في
١٤٠٦ صفحة من القطع الوزيري ، صدر عن مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين في قم.
وتعيد المؤسسة
ذاتها طبعه مع تصحيحات مهمّة عليه.
*
الدليل على موضوعات نهج البلاغة
تأليف : علي
أنصاريان.
دليل لموضوعات نهج
البلاغة ، يقع في سبعة فصول ، وقد وضع المؤلف ١٣٢ عنواناً ، جمع تحت كل عنوان ما يتعلّق به الخطب والرسائل والحكم. والفصول السبعة هي : ١ ـ الإلٰهيّات ، ٢ ـ النبوّة ، ٣ ـ العقائد والأحكام ، ٤ ـ الخلافة والاُمّة ، ٥ ـ التاريخ ، ٦ ـ المجتمع والسياسة الإقتصاد ، ٧ ـ الأخلاق.
وقد صدر مؤخّراً في
إيران في ١١٠٥ صفحة.
*
الهادي إلى موضوعات نهج البلاغة
تأليف : الشيخ علي
المشكيني.
|
|
فهرست موضوعي لنهج
البلاغة ، رُتّب حسب الحروف الهجائية مع تقديم لفظ الجلالة «الله» ، وتأخير مادة «يهود».
وقد صدر الكتاب عن
مؤسسة نهج البلاغة في طهران في ٦٢٠ صفحة.
وقام بتقديم الكتاب
السيّد جعفر مرتضى العاملي.
*
تصنيف نهج البلاغة
تأليف : لبيب بيضون.
فهرست موضوعي لنهج
البلاغة ، صدر في دمشق وبيروت عام ١٣٩٨ هـ ، ثمّ أعاد المؤلف النظر فيه فطبع ثانية مع بعض الإضافات.
ويقع الكتاب في
عشرة أبواب كالتالي : ١ ـ اُصول الدين (العقائد) ، ٢ ـ فروع الدين (العبادات والمعاملات) ، ٣ ـ الإمام والإمامة ، ٤ ـ سيرة الإمام علي عليه السّلام ، ٥ ـ حروب الإمام عليه السّلام أثناء خلافته ، ٦ ـ سياسة حكومة الإمام عليه السّلام ، ٧ ـ الشؤون الإجتماعية في نظر الإمام علي عليه السّلام ، ٨ ـ الإنسان وشؤونه المختلفة ، ٩ ـ المواعظ والنصائح ، ١٠ ـ الفهارس.
ويقوم مركز النشر
في مكتب الإعلام الإسلامي ، الحوزه العلمية ـ قم بإعادة طبعه ، وهو في لمساته الأخيرة.
*
بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة
تأليف : الشيخ محمد
تقي التستري ، نزيل تستر وعالمها.
|
شرح لنهج البلاغة ،
بدأ المؤلّف بطبعه منذ عام ١٣٩٠ هـ ، وقد صدر مؤخراً الجزء الرابع عشر والأخير منه ، وتعدّ مؤسسة نهج البلاغة في طهران لإعادة طبعه مع إجراء تعديلات بإذن من المؤلف.
وللمؤلف كتاب «قاموس
الرجال» صدر في أربعة عشر جزءاً ، ويعدّ من حسنات العصر الحاضر ، ومن أفضل ما اُلف في علم الرجال ، وتقوم مؤسسة النشر التابعة لجماعة المدرّسين في قم بتحقيقه وطبعه.
كما وصدر للمؤلّف
مؤخّراً جزءان من «النجعة في شرح اللّمعة» الذي هو شرح على كتاب «اللمعة الدمشقية» في الفقه ، للشهيد الأول شمس الدين محمد بن مكي ، المستشهد في دمشق سنة ٧٨٦ هـ ، وهو مستمر في تأليفه رغم شيخوخة وهرم.
*
الشريف الرضي
تأليف : حسن أبو
عليوي.
والكتاب يقع في
جزءين ، يتناول الأول منهما : الرضيّ الناثر والعالم الديني ، بينما يتناول الجزء الثاني : الشريف الرضيّ الشاعر وأغراضه الشعرية.
نشر : مؤسسة الوفاء
في بيروت.
*
رؤى الحياة في نهج البلاغة.
تأليف : حسن موسى
الصفار.
نشر : مؤسسة
الأعلمي في بيروت.
*
* *
|
|
*
فهارس شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد
تأليف : أسدالله
إسماعيليان.
يقع الكتاب في
جزءين ؛ ضمّ الأول منهما الفهارس التالية : الأعلام ، الشعوب والقبائل ، الفرق والمذاهب ، الأماكن والبقاع ، الكتب ، الأيام المعروفة في التاريخ. ويضم الجزء الثاني فهارس الآيات القرآنية ، الأحاديث النبوية ، الشعر ، الأمثال ، المواضيع.
وقد صدر الجزء
الأول من الكتاب عن مكتبة إسماعيليان في قم بطبعة سقيمة ، ولم يصدر الجزء الثاني بعد.
*
السلم وقضايا الحرب في نهج البلاغة
تأليف : الشيخ محمد
مهدي شمس الدين.
طبع في بيروت ، وترجم
إلى الفارسية مؤخّراً.
*
عهد الأشتر
تأليف : الشيخ محمد
مهدي شمس الدين.
شرح لعهد أميرالمؤمنين
عليه السّلام الذي كتبه لمالك الأشتر رحمه الله لمّا ولّاه مصر.
طبع في بيروت طبعة
سقيمة ، ثم أعادت مؤسسة الوفاء البيروتية طبعه بشكل جيّد.
*
حركة التاريخ عند الإمام علي عليه السّلام
تأليف : الشيخ محمد
مهدي شمس الدين.
طبع في طهران ضمن
منشورات مؤسسة نهج البلاغة في سنة ١٤٠٥ هـ ، وطبعته المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع سنة
|
١٤٠٥ هـ أيضاً.
*
نهج البلاغة نبراس السياسة ومنهل التربية
مجموعة بحوث ومقالات
قامت مؤسسة نهج البلاغة في طهران بطبعها سنة ١٤٠٤ هـ ، وهي في ٣٧٤ صفحة.
*
نهج الحياة
مجموعة بحوث ومقالات
حول نهج البلاغة بقلم عدّة من العلماء وقد قامت مؤسسة نهج البلاغة في طهران بطبعه في ٢٦٣ صفحة.
*
في رحاب نهج البلاغة
تأليف : الشيخ
مرتضى المطهري.
تعريب : هادي
اليوسفي ، تعريب لكتاب «سَيْري در نهج البلاغة» المطبوع غير مرّة ، وقد صدر في بيروت عن دارالتعارف.
*
مفتاح السعادة في شرح نهج البلاغة
تأليف : السيد محمد
تقي الحسيني النقوي الخراساني القائني ، نزيل طهران.
صدر الجزء السادس
من الكتاب ، وما زال العمل فيه مستمراً.
*
مائة شاهد وشاهد
تأليف : السيد عبد
الزهراء الخطيب (مؤلف كتاب مصادر نهج البلاغة) جمع وشرح لـ (١٠١) بيت من أشعار أبي الطيّب المتنبي مستقاة من حكم أميرالمؤمنين عليه السّلام.
|
|
وقد صدر في طهران
عن مؤسسة نهج البلاغة ، وفي بيروت عن دار الأضواء.
*
شرح الخطبة الشقشقية
تأليف : الشيخ محمد
رضا الحكيمي.
صدر عن مؤسسة
الوفاء في بيروت في ٤٢٨ صفحة.
تجدر الإشارة الى
أن أول من قام بشرح هذه الخطبة الشريف المرتضى علم الهدى أخو الشريف الرضي ، إذ أن له تفسيراً للخطبة الشقشقية وقد طبع هذا العام ضمن رسائله في المجموعة الثانية التي صدرت عن دارالقرآن الكريم في قم بإعداد السيد مهدي الرجائي ، وإشراف السيّد أحمد الحسيني.
وتقع هذه الرسائل
في ثلاثة أجزاء ، وقد صدرت مؤخراً.
*
إستناد نهج البلاغة
تأليف : إمتياز علي
خان العرشي الرامفوري الهندي.
تعريب : عامر
الأنصاري.
قدّم له وعُني
بنشره الشيخ عزيزالله العطاردي.
نشر : مكتبة
الثقلين ، القرآن والعترة ـ قم.
*
روائع نهج البلاغة
تأليف : جورج جرداق.
ترجمه إلى اللغة
الفارسية محمد رضا الأنصاري.
|
كتب اُعيد طبعها بالاُفست
*
نهج البلاغة
مع فهارس علميّة
وضعها الدكتور صبحي الصالح.
طبع الأول مرة في
بيروت سنة ١٣٨٧ هـ ، وطبعته دارالكتاب اللبناني ومكتبة المدرسة للمرّة الثانية سنة ١٤٠٢ هـ بالاُفست ، كما أعادت دار الهجرة في قم طبعه في حجمين بالاُفست سنة ١٣٩٥ هـ على الطبعة البيروتية الاُولى.
*
نهج البلاغة
مع شروح الشيخ محمد
عبدة
أعادت مؤسسة
الأعلمي في طهران و بيروت طبعه بالاُفست على طبعة مطبعة الاستقامة في مصر
كما أعادت دار
الزهراء في بيروت طبعه بالاُفست على طبعه مصر.
*
مصباح السالكين لنهج البلاغة من كلام أميرالمؤمنين عليه السّلام
تأليف : كمال الدين
ابن ميثم البحراني ، المتوفّى سنة ٦٧٩ هـ.
وهو شرحه الكبير
لنهج البلاغة ، وهناك نسخة منه في مكتبة التربية (تربيت) في تبريز كتبت سنة ٦٩١ هـ.
وكان قد طبع على
الحجر في مجلّد واحد في إيران ، ثم طبع على الحروف في طهران في خمسة
|
|
مجلدات مابين سنتي
١٣٧٨ ـ ١٣٨١ هـ.
كما قامت دار
العالم الإسلامي في بيروت بطبعه بالاُفست سنة ١٤٠١ هـ.
ثم أعاد مكتب نشر
الكتاب (دفتر نشر كتاب) في طهران طبعه بالاُفست سنة ١٤٠٤ هـ.
*
شرح نهج البلاغة
لابن أبي الحديد
المعتزلي (٥٨٦ ـ ٦٥٦ هـ).
أعادت مكتبة آية
الله المرعشي العامة في قم طبعه بالاُفست على طبعة دار إحياء الكتب العربية في القاهرة ، الطبعة الثانية (سنة ١٣٨٥ هـ ـ ١٩٦٥ م).
كما أعادت مكتبة
إسماعيليان في قم طبعه بالاُفست أيضاً على الطبعة الاُولى لدار إحياء الكتب العربية في القاهرة (١٣٧٨ هـ ـ ١٩٥٩ م).
*
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة
تأليف : العلامة
السيّد حبيب الله الموسوي العلوي الخوئي ، المتوفّى سنة ١٣٢٤ هـ.
كان الكتاب قد طبع
على الحجر وبالحجم الكبير في إيران ، ثمّ اُعيد طبعه على الحروف في طهران ، ولم يتمّ المؤلف رحمه الله تأليفه ، فأتمّه من حيث بلغ المؤلف الشيخ حسن زاده الآملي والشيخ محمد باقر الكمره إي ، وصدر المجموع في ٢١ جزءاً
ثمّ أعادت مؤسسة
الوفاء في بيروت طبعه بالاُفست ، واُعيد طبعه بالاُفست أيضاً في طهران ، وصدر منه ثمانية أجزاء ثمّ توقّف لأنّ فيه مسّاً ببعض الحكّام الاُمويّين !!؟
|
*
مصادر نهج البلاغة
تأليف : السيد عبدالزهراء
الخطيب.
كان قد طبع في
النجف الأشرف في أربعة أجزاء ما بين سنتي ١٣٨٦ ـ ١٣٨٨ هـ ، ثمّ أعادت طبعه مؤسسة الأعلمي في بيروت سنة ١٣٩٥ هـ بعد إجراء تعديلات وإضافات على الطبعة الاُولى ، ثمّ أعادت دار الأضواء في بيروت طبعه بالاُفست سنة ١٤٠٥ هـ على الطبعة الثانية مع إجراء تعديلات وتصحيحات من قبل المؤلف.
*
الكاشف عن ألفاظ نهج البلاغة في شروحه
تأليف : السيد جواد
المصطفوي الخراساني.
نشر : دارالكتب
الإسلامية.
وكان الكتاب قد طبع
عدّة مرّات بالاُفست على الطبعة الاُولى بعد إضافات هامّة وتصحيحات من قبل المؤلف ، والكتاب يرشد القارىء إلى أيّ لفظ أراد من النهج في أيّ متن أو شرح مطبوع.
*
الراعي والرعيّة
تأليف : المحامي
توفيق الفكيكي ، المتوفّى سنة ١٣٨٩ هـ.
وهو شرح قيّم لعهد
الإمام أميرالمؤمنين عليه السّلام إلى مالك الأشتر رحمه الله حين ولّاه مصر.
كان قد طبع الكتاب
لأول مرّة في بغداد
|
|
سنة ١٣٥٨ هـ ، ثم اُعيد
طبعه بها أيضاً سنة ١٣٨٢ هـ ، ثمّ طبعته مؤسسة الوفاء في بيروت بالاُفست على الطبعة الثانية سنة ١٤٠٣ هـ ، وأعادت طبعه بالاُفست أيضاً مؤسسة نهج البلاغة في طهران.
*
حقائق التأويل
تأليف : الشريف
الرضي (٣٥٩ ـ ٤٠٦ هـ).
كانت قد طبعته لجنة
التأليف والنشر في منتدى النشر في النجف الأشرف سنة ١٣٥٥ هـ بتحقيق وإشراف ثلّة من كبار العلماء كالشيخ عبدالحسين الحلّي والشيخ مرتضى آل ياسين.
وأعادت دار الأضواء
في بيروت طبعه بالاُفست سنة ١٤٠٦ هـ.
ثم أعادت مؤسسة
البعثة ـ بالتعاون مع مؤسسة نهج البلاغة ـ في طهران طبعه بالاُفست بإخراج جديد وطباعة جيّدة.
*
تلخيص البيان في مجازات القرآن
تأليف : الشريف
الرضي (٣٥٩ ـ ٤٠٦ هـ).
كان السيد محمد
المشكاة قد نشر الكتاب بطريقة الفوتو تايپ في إيران سنة ١٣٦٩ هـ ، وذلك بتصوير مخطوطة ناقصة قديمة قريبة العهد من الشريف الرضي. وألحق به فهارس جليلة.
ثم حقّقه محمد عبدالغني
حسن وطبعه على الحروف في القاهرة سنة ١٣٧٤ هـ ، مع دراسة ضافية عنه وفهارس فنّية.
ثمّ عُثر على
مخطوطة كاملة له في مدينة تستر في إيران فأعادت مكتبة الخلاني العامّة في بغداد
|
طبعه على هذه
النسخة الكاملة.
وأعادت مكتبة
بصيرتي في قم طبعه بالاُفست على طبعة القاهرة المحقّقة.
كما أعادت دار
الأضواء في بيروت طبعه بالاُفست سنة ١٤٠٦ هـ علىٰ طبعة القاهرة أيضاً.
*
ديوان الشريف الرضي
أعادت طبعه بالاُفست
في جزءين وزارة الإرشاد الإسلامي في إيران ومؤسسة نهج البلاغة في طهران على طبعة دار صادر في بيروت ، المطبوعة سنة ١٩٧٦ م.
كما أعادت مؤسسة
الأعلمي في بيروت طبعه بالاُفست أيضاً.
وكان الديوان قد
صدر ضمن مطبوعات وزارة الإعلام العراقية في جزءين أيضاً بتحقيق الدكتور عبدالفتّاح محمد الحلو.
*
شرح مائة كلمة لأميرالمؤمنين عليه السّلام
المائة كلمة هي
التي اختارها الجاحظ من حكم أميرالمؤمنين عليه السّلام وشرحها ابن ميثم البحراني.
حقّقها ونشرها
السيد جلال الدين المحدِّث الاُرموي ، المتوفّى سنة ١٣٩٨ هـ ، وألحق بها شرحين آخرين ، أحدهما لعبد الوهاب ؟ والثاني لرشيد الوطواط ، محمد بن محمد بن عبدالجليل العمري ، المتوفّى سنة ٥٧٣ هـ ، وقد شرحها ـ الوطواط ـ بالعربية والفارسية مع ترجمة لكلّ كلمة بالفارسية نظماً ، كلّ ذلك كان برسم السلطان محمود بن خوارزم شهر وسمّاه «مطلوب
|
|
كل طالب من كلام
أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب» وكان السيد الاُرموي رحمه الله قد نشره مستقلاً سنة ١٣٨٩ هـ.
وأعادت مؤسسة النشر
الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين في قم طبع الشروح الثلاثة بالاُفست وصدر ضمن منشوراتها برقم ١٣٦.
طبعات جديدة لمطبوعات سابقة
*
نهج البلاغة
مع شروح الشيخ محمد
عبدة
أعادت دار التعارف
للمطبوعات في بيروت طبعه سنة ١٤٠٢ هـ طباعة جديدة جيّدة في أربعة أجزاء بمجلّد واحد.
كما قامت دار
الأضواء في بيروت بطبعه مجدّداً أيضاً.
وطبعته دار الهدى
الوطنية في بيروت من جديد أيضاً.
وأعادت طبعه دار
البلاغ في بيروت بالاُفست على طبعة دارالتعارف.
*
توضيح نهج البلاغة
تأليف : السيد محمد
الشيرازي
شرح مبسّط موجز
لنهج البلاغة ، كان قد طبع مع المتن طبعة سقيمة في أربعة أجزاء في إيران ، ثمّ أعادت مؤسسة الوفاء في بيروت طبعه بشكل جيّد في خمسة أجزاء.
*
* *
|
*
دراسات في نهج البلاغة
تأليف : الشيخ محمد
مهدي شمس الدين.
طبع الكتاب لأول مرّة
في النجف الأشرف سنة ١٣٧٦ هـ ، وطبع فيها ثانية سنة ١٣٩٢ هـ ، وطبع ثالثة سنة ١٤٠٢ هـ. ثمّ اُعيد طبعه في بيروت نحو عشر مرّات مع إجراء بعض التعديلات والتصحيحات من قبل المؤلف ، وقد ترجم الكتاب إلى اللغة الفارسية.
كتب تحت الطبع
*
إختيار مصباح السالكين
تأليف : إبن ميثم
البحراني ، الشيخ كمال الدين أبوالفضل ميثم بن علي بن ميثم البحراني ، المتوفّى سنة ٦٧٩ هـ.
وهو شرحه الوسيط
على نهج البلاغة لخصه من شرجه الكبير المسمّى «مصباح السالكين».
تحقيق : الدكتور
الشيخ محمدهادي الأميني
وسيصدر عن مؤسسة
البحوث الإسلامية في مشهد.
*
الأمثال والحكم المستخرجة من نهج البلاغة
تأليف : الشيخ محمد
الغروي.
استخراج وشرح لـ (٢٠٢)
مثل وحكمة من الأمثال والحكم الواردة خلال كلمات أميرالمؤمنين عليه السّلام في نهج البلاغة ، وقد رتّبت حسب الحروف الهجائية.
|
|
وسيصدر عن مؤسسة
نهج البلاغة ـ طهران ـ ويقع في أكثر من ستّمائة صفحة.
والكتاب قبسة من
كتاب كبير للمؤلف موسوم بـ «الأمثال والحكم العلوية» لايزال مخطوطاً ، نسأل الله تعالى أن يوفّقه لنشره.
كتب قيد التحقيق
*
أعلام نهج البلاغة
شرح للنهج.
تأليف : السيد صدر
الدين علي بن ناصر الحسيني السرخسي ، من أعلام القرن السادس.
يقوم بتحقيقه : السيد
عبدالزهراء الخطيب.
*
شرح نهج البلاغة
تأليف : إبن
العتايقي ، كمال الدين عبدالرحمن بن محمد بن إبراهيم الحلّي ، من أعلام القرن الثامن.
والكتاب يقع في
ثلاثة مجلّدات ، وقد عُثر على نسخة من أحد مجلّدات الكتاب مكتوب في حياة المؤلف وعليه خطّه.
يقوم بتحقيقه : الاُستاذ
أسد مولوي.
*
معارج نهج البلاغة
شرح للنهج.
تأليف : ظهيرالدين
البيهقي ، أبوالحسن علي ابن أبي القاسم زيد بن محمد بن الحسين ... إلى آخر نسبه المنتهي إلى خزيمة بن ثابت ذي الشهادتين ، المذكور في ترجمته في معجم الاُدباء ،
|
وهو المشتهر بفريد
خراسان ، المولود سنة ٤٩٣ هـ.
يقوم بتحقيقه : الاُستاذ
محمد تقي دانش پژوه ، على نسخة فريدة من نفائس مخطوطات مكتبة الإمام الرضا عليه السّلام في مشهد.
وسيصدر ضمن منشورات
مكتبة آية الله المرعشي العامة في قم.
*
عيون الحكم والمواعظ وبصيرة المتّعظ والواعظ
تأليف : إبن
الشرفية الواسطي ، علي بن محمد ، من أعلام القرن السادس أو السابع.
جمع فيه المؤلّف ما
لم يجمعه غيره من حكم وأمثال وقصار كلم أميرالمؤمنين عليه السّلام ، حيث جمع أكثر من ثلاثة عشر ألفاً منها مرتبة على الحروف في ٢٩ باباً بعدد أحرف الهجاء.
تقوم بتحقيقه : مؤسسة
نهج البلاغة في طهران على عدّة نسخ ، منها نسخة من مخطوطات القرن الثامن الهجري ، من نفائس مكتبة آية الله المرعشي العامة في قم.
*
مجازات الآثار النبوية
تأليف : الشريف
الرضي (٣٥٩ ـ ٤٠٦ هـ).
يقوم بتحقيقه : الشيخ
رضا الاُستادي
وسيصدر ضمن منشورات
مؤسسة نهج البلاغة في طهران.
وكان الكتاب قد طبع
لأول مرّة في بغداد سنة ١٣٢٨ هـ ، ثم اُعيد طبعه بالقاهرة في مطبعة مصطفى البابي الحلبي وشركاه سنة ١٣٥٦ هـ بتحقيق محمود مصطفى ، وطبع ثالثة في القاهرة
|
|
أيضاً بتحقيق
الدكتور محمد طه الزيني سنة ١٣٨٧ هـ ، وأعادت دار الأضواء في بيروت طبعه بالاُفست سنة ١٤٠٦ هـ على الطبعة الثالثة.
كما أعادت مكتبة
بصيرتي في قم طبعه بالاُفست في حجم أكبر على الطبعة الثالثة أيضاً.
مؤتمرات ومتابعات
ضمن الإهتمام
بالذكرى الألفيّة لوفاة السيد الشريف الرضي أقامت المستشارية الثقافية للجمهورية الإسلامية الإيرانية في دمشق مؤتمراً خاصّاً بهذه الذكرى عقد في مكتبة الأسد للفترة من ١٧ إلى ١٩ أيلول ١٩٨٥.
وقد اُلقيت في
المؤتمر عدّة بحوث وقصائد ، منها :
*
تأمّلات حول شخصية الشريف الرضي.
ـ السيد محمّد حسين
فضل الله.
*
الجانب الأخلاقي في شخصية الشريف الرضي
ـ السيد أحمد
الفهري
*
تشكّل الصورة في شعر الرضي
ـ الدكتور حسن نصرالله
*
المعاني الخُلقية في شعر الشريف الرضي
ـ الدكتور محمد
التونجي
*
كواكب القصيد
ـ صلاح الصاوي
وتجدر الإشارة إلىٰ
أنّه كان قد عُقد في اللاذقية عام ١٩٦٤ م مؤتمر علمي خاص بالشريف الرضيّ ، نظمته إحدى الدوائر الثقافية
|
في الجمهورية
العربية السورية ، وقد تناول المؤتمر جوانب متعدّدة من شخصية الشريف وأدبه.
*
وللشريف الرضي من قوّة الشخصيّة وأهميّة الموقع في تراثنا الاسلامي ، ما فرض على نظام بغداد ـ وهو النظام المناوىء للرضي ومبدأ الرضي وآباء الرضي والطائفة التي أحد علمائها الرضي ، ... وقد أمعن هذا النظام في حَمَلة مذهب أهل البيت عليهم السّلام صلباً وتعذيباً وطرداً وتشريداً ...نعم ، فرض الشريف الرضي نفسه علىٰ نظام بغداد فأقام له مهرجاناً ، إحتفالاً بالذكرى الألفيّة لوفاته.
ولكن الرضي لم يسلم
من شرورهم ، فقد حجموا الرضي ؛ العالم المسلم ، الراوية ، الفقيه ، المفسّر ، الأديب ، ... وضيّقوا عليه الخناق ، وحصروه في دائرة الشعر الذي هو بعض مواهبه. وأضافوا من صليبيّتهم الماكرة ما في كنانتهم من سهام تصيب قلب الامّة ، فجاؤونا في ذيل الزمان يقولون : إنّ الشريف الرضي قوميّ !
وكانت مقالات
المؤتمر كالتالي :
• بناء القصيدة عند
الشريف الرضي
ـ الدكتور عناد
غزوان
|
|
• الصورة الفنيّة
في شعر الشريف الرضيّ
ـ الدكتور عبدالإلٰه
الصائغ
• الرفض في شعر
الشريف الرضي
ـ حميد الهيتي
• حجازيات الشريف
الرضي
ـ الدكتور كامل
الشيبي
• ببلوغرافيا آثار
الشريف الرضيّ
ـ كوركيس عوّاد
• الشاعر الشريف
الرضي ناقداً
ـ الدكتور أحمد
مطلوب
• صور البطولة
والفداء في شعر الشريف الرضيّ
ـ محمد جميل شلش
ومن الطريف أنّ
بغداد لم تصدر في هذه المناسبة شيئاً يستحقّ الذكر ، وإنّما استعدّت «دائرة ثقافة الأطفال» وتمخّض استعدادها عن كرّاس ملوّن فيه بعض أشعار الشريف !!
*
أصدرت دائرة البريد في الجمهورية الإسلامية في إيران طابعاً بريدياً بمناسبة الذكرى الألفية لوفاة الشريف الرضيّ.
|
* * *
|