[ت]

باب التاء والألف وما يليهما

التاجُ : اسم لدار مشهورة جليلة المقدار واسعة الأقطار ببغداد من دور الخلافة المعظمة ، كان أول من وضع أساسه وسماه بهذه التسمية أمير المؤمنين المعتضد ، ولم يتم في أيامه فأتمه ابنه المكتفي ، وأنا أذكر هاهنا خبر الدار العزيزة وسبب اختصاصها بهذا الاسم بعد أن كانت دور الخلافة بمدينة المنصور إلى أن أذكر قصة التاج وما يضامّه من الدور المعمورة المعظمة : كان أول ما وضع من الأبنية بهذا المكان قصر جعفر بن يحيى ابن خالد بن برمك ، وكان السبب في ذلك أن جعفرا كان شديد الشغف بالشرب والغناء والتهتك ، فنهاه أبوه يحيى فلم ينته ، فقال : إن كنت لا تستطيع الاستتار فاتخذ لنفسك قصرا بالجانب الشرقي واجمع فيه ندماءك وقيانك وقضّ فيه معهم زمانك وابعد عن عين من يكره ذلك منك ، فعمد جعفر فبنى بالجانب الشرقي قصرا موضع دار الخلافة المعظمة اليوم وأتقن بناءه وأنفق عليه الأموال الجمّة ، فلما قارب فراغه سار إليه في أصحابه وفيهم مؤنس بن عمران وكان عاقلا ، فطاف به واستحسنه وقال كل من حضر في وصفه ومدحه وتقريظه ما أمكنه وتهيّأ له ، هذا ومؤنس ساكت ، فقال له جعفر : ما لك ساكت لا تتكلم وتدخل معنا في حديثنا؟ فقال : حسبي ما قالوا ، فعلم أن تحت قول مؤنس شيئا فقال : وأنت إذا فنك ، فقد أقسمت لتقولن ، فقال : أما إذا أبيت إلا أن أقول فيصير علي الحق ، قال : نعم واختصر ، فقال : أسألك بالله إن مررت الساعة بدار بعض أصحابك وهي خير من دارك هذه ما كنت صانعا؟ قال : حسبك فقد فهمت ، فما الرأي؟ قال : إذا صرت إلى أمير المؤمنين وسألك عن تأخرك فقل سرت إلى القصر الذي بنيته لمولاي المأمون. فأقام جعفر في القصر بقية ذلك اليوم ثم دخل على الرشيد ، فقال له : من أين أقبلت وما الذي أخّرك إلى الآن؟ فقال : كنت في القصر الذي بنيته لمولاي المأمون بالجانب الشرقي على دجلة ، فقال له الرشيد : وللمأمون بنيته! قال : نعم يا أمير المؤمنين ، لأنه في ليلة ولادته جعل في حجري قبل أن يجعل في حجرك واستخدمني أبي له فدعاني ذلك إلى أن اتخذت له بالجانب الشرقي قصرا لما بلغني من صحة هوائه ليصحّ مزاجه ويقوى ذهنه ويصفو ، وقد كتبت إلى النواحي


باتخاذ فرش لهذا الموضع ، وقد بقي شيء لم يتهيأ اتخاذه وقد عوّلنا على خزائن أمير المؤمنين ، إما عارية أو هبة ، قال : بل هبة ، وأسفر إليه بوجهه ووقع منه بموقع وقال : أبى الله أن يقال عنك إلا ما هو لك أو يطعن عليك إلا يرفعك ، وو الله لا سكنه أحد سواك ولا تمم ما يعوزه من الفرش إلا من خزائننا ، وزال من نفس الرشيد ما كان خاطره وظفر بالقصر بطمأنينة ، فلم يزل جعفر يتردّد إليه أيام فرجه ومتنزّهاته إلى أن أوقع بهم الرشيد ، وكان إلى ذلك الوقت يسمّى القصر الجعفري ، ثم انتقل إلى المأمون فكان من أحبّ المواضع إليه وأشهاها لديه ، واقتطع جملة من البرية عملها ميدانا لركض الخيل واللعب بالصوالجة وحيّزا لجميع الوحوش وفتح له بابا شرقيّا إلى جانب البرية وأجرى فيه نهرا ساقه من نهر المعلّى وابتنى مثله قريبا منه منازل برسم خاصته وأصحابه سميت المأمونية ، وهي إلى الآن الشارع الأعظم فيما بين عقدي المصطنع والزّرّادين ، وكان قد أسكن فيه الفضل والحسن ابني سهل ، ثم توجّه المأمون واليا بخراسان والمقام بها وفي صحبته الفضل والحسن ، ثم كان الذي كان من إنفاذ العساكر ومقتل الأمين على يد طاهر بن الحسين ومصير الأمر إلى المأمون ، فأنفذ الحسن بن سهل خليفة له على العراق ، فوردها في سنة ١٩٨ ، ونزل في القصر المذكور وكان يعرف بالمأموني ، وشفع ذلك أن تزوّج المأمون ببوران بنت الحسن بن سهل بمرو بولاية عمها الفضل ، فلما قدم المأمون من خراسان في سنة ٢٠٣ دخل إلى قصور الخلافة بالخلد وبقي الحسن مقيما في القصر المأموني إلى أن عمل على عرس بوران بفم الصّلح ، ونقلت إلى بغداد وأنزلت بالقصر ، وطلبه الحسن من المأمون فوهبه له وكتبه باسمه وأضاف إليه ما حوله ، وغلب عليه اسم الحسن فعرف به مدة ، وكان يقال له القصر الحسني. فلما طوت العصور ملك المأمون والقصور وصار الحسن بن سهل من أهل القبور ، بقي القصر لابنته بوران إلى أيّام المعتمد على الله ، فاستنزلها المعتمد عنه وأمر بتعويضها منه ، فاستمهلته ريثما تفرغ من شغلها وتنقل مالها وأهلها ، وأخذت في إصلاحه وتجديده ورمّه وأعادت ما دثر منه وفرشته بالفرش المذهبة والنمارق المقصبة وزخرفت أبوابه بالستور وملأت خزائنه بأنواع الطّرف مما يحسن موقعه عند الخلفاء ورتبت في خزائنه ما يحتاج إليه الجواري والخدم الخصيان ، ثم انتقلت إلى غيره وراسلت المعتمد باعتماد أمره ، فأتاه فرأى ما أعجبه وأرضاه واستحسنه واشتهاه وصار من أحبّ البقاع إليه ، وكان يتردّد فيما بينه وبين سرّ من رأى فيقيم هناك تارة وهناك أخرى ؛ ثم توفي المعتمد ، وهو أبو العباس أحمد بن المتوكل على الله بالقصر الحسني سنة ٢٧٩ ، وكانت خلافته ثلاثا وعشرين سنة وثلاثة أيام ، وحمل إلى سامرّاء فدفن بها ، ثم استولاه المعتضد بالله أبو العباس أحمد بن الموفّق الناصر لدين الله أبي أحمد بن المتوكل ، فاستضاف إلى القصر الحسني ما جاوره فوسّعه وكبّره وأدار عليه سورا واتخذ حوله منازل كثيرة ودورا واقتطع من البرية قطعة فعملها ميدانا عوضا من الميدان الذي أدخله في العمارة وابتدأ في بناء التاج وجمع الرجال لحفر الأساسات ، ثم اتفق خروجه إلى آمد ، فلما عاد رأى الدخان يرتفع إلى الدار فكرهه وابتنى على نحو ميلين منه الموضع المعروف بالثّريّا ووصل بناء الثريا بالقصر الحسني ، وابتنى تحت القصر آزاجا من القصر إلى الثريا تمشي جواريه فيها وحرمه وسراريه ، وما زال باقيا إلى الغرق الأول الذي صار ببغداد فعفا أثره. ثم مات المعتضد بالله في


سنة ٢٨٩ ، وتولى ابنه المكتفي بالله فأتمّ عمارة التاج الذي كان المعتضد وضع أساسه بما نقضه من القصر المعروف بالكامل ومن القصر الأبيض الكسروي الذي لم يبق منه الآن بالمدائن سوى الإيوان ، وردّ أمر بنائه إلى أبي عبد الله النقري وأمره بنقض ما بقي من قصر كسرى ، فكان الآجرّ ينقض من شرف قصر كسرى وحيطانه فيوضع في مسنّاة التاج وهي طاعنة إلى وسط دجلة وفي قرارها ، ثم حمل ما كان في أساسات قصر كسرى فبنى به أعالي التاج وشرفاته ، فبكى أبو عبد الله النقري وقال : إن فيما نراه لمعتبرا ، نقضنا شرفات القصر الأبيض وجعلناها في مسنّاة التاج ونقضنا أساساته فجعلناها شرفات قصر آخر ، فسبحان من بيده كل شيء حتى الآجر! وبذيل منه : كلدت حوله الأبنية والدور ، من جملتها قبة الحمار ، وإنما سميت بذلك لأنه كان يصعد إليها في مدرج حولها على حمار لطيف ، وهي عالية مثل نصف الدائرة. وأما صفة التاج فكان وجهه مبنيّا على خمسة عقود كل عقد على عشرة أساطين خمسة أذرع ، ووقعت في أيام المقتفي سنة ٥٤٩ صاعقة فتأججت فيه وفي القبة وفي دارها التي كانت القبة أحد مرافقها ، وبقيت النار تعمل فيه تسعة أيام ، ثم أطفئت ، وقد صيّرته كالفحمة ، وكانت آية عظيمة ، ثم أعاد المقتفي بناء القبة على الصورة الأولى ولكن بالجصّ والآجر دون الأساطين الرخام ، وأهمل إتمامه حتى مات ، وبقي كذلك إلى سنة ٥٧٤ ، فتقدم أمير المؤمنين المستضيء بنقضه وإبراز المسناة التي بين يديه إلى أن تحاذى به مسناة التاج فشقّ أساسها ووضع البناء فيه على خطّ مستقيم من مسناة التاج ، واستعملت أنقاض التاج مع ما كان أعدّ من الآلات من عمل هذه المسناة ووضع موضع الصحن الذي تجلس فيه الأئمة للمبايعة ، وهو الذي يدعى اليوم التاج.

تَاجَّرِفْت : بتشديد الجيم ، وكسر الراء ، وسكون الفاء ، وتاء مثناة ، مثل التي في أوله : اسم مدينة آهلة في طرف إفريقية بين ودّان وزويلة ، وبينها وبين كل واحدة منهما أحد عشر يوما ، متوسطة بينهما زويلة غربيّها وودّان شرقيّها ، وبين تاجّرفت وفسطاط مصر نحو شهر.

تَاجَرَةُ : بفتح الجيم والراء : بلدة صغيرة بالمغرب من ناحية هنين من سواحل تلمسان ، بها كان مولد عبد المؤمن بن علي صاحب المغرب.

تَاجَنَّةُ : بفتح الجيم ، وتشديد النون : مدينة صغيرة بإفريقية ، بينها وبين تنّس مرحلة وبين سوق إبراهيم مرحلة.

تَاجُونِس : بضم الجيم ، وسكون الواو ، وكسر النون : اسم قصر على البحر بين برقة وطرابلس ؛ ينسب إليها أبو محمد عبد المعطي بن مسافر بن يوسف التاجونسي الخناعي ثم القودي ، روى عنه السلفي وقال : كان من الصالحين وكان سمع بمصر على أبي إسحاق الموطأ رواية القعنبي وصحب الفقيه أبا بكر الحنفي ، قال : وأصله من ثغر رشيد ، وكان حنفيّ المذهب ، وسألته عن مولده فقال : سنة ٤٦٠ تخمينا لا يقينا.

التَّاجِيَّةُ : منسوبة : اسم مدرسة ببغداد ملاصق قبر الشيخ أبي إسحاق الفيروزآباذي ، نسبت إليها محلة هناك ومقبرة ، والمدرسة منسوبة إلى تاج الملك أبي الغنائم المرزبان بن خسرو فيروز المتولّي لتدبير دولة ملكشاه بعد الوزير نظام الملك. والتاجيّة أيضا : نهر عليه كور بناحية الكوفة.

تَادَلَةُ : بفتح الدال واللام : من جبال البربر بالمغرب قرب تلمسان وفاس ؛ منها أبو عبد الله محمد بن محمد


ابن أحمد الأنصاري القرطبي التادلي ، كان شاعرا أديبا ، له مدح في أبي القاسم الزمخشري.

تَادَن : بالدال والذال : وهي من قرى بخارى ؛ منها أبو محمد الحسن بن جعفر بن غزوان السلمي التادني ، يروي عن مالك بن أنس وجماعة سواه ، روى عنه أبو بكر محمد بن عبد الله بن إبراهيم البنجيكتي وحاشد بن مالك البخاري وغيرهما.

تَادِيزَة : بكسر الدال المهملة ، وياء ساكنة ، وزاي : من قرى بخارى ؛ منها أبو علي الحسن بن الضّحّاك ابن مطر بن هنّاد التاديزي البخاري ، يروي عن أسباط بن اليسع ، وروى عنه أبو بكر محمد بن الحسن المقري ، توفي في شعبان سنة ٣٢٦.

تَاذِفُ : بالذال المعجمة مكسورة ، وفاء : قرية ، بين حلب وبينها أربعة فراسخ من وادي بطنان من ناحية بزاعة ؛ ذكره امرؤ القيس في شعره فقال :

ويا ربّ يوم صالح قد شهدته

بتاذف ذات التلّ من فوق طرطرا

ينسب إليها أبو الماضي خليفة بن مدرك بن خليفة التميمي التاذفي ، كتب عنه السلفي بالرحبة شعرا ، وكان من أهل الأدب.

تَارَاءُ : بالراء ؛ قال ابن إسحاق وهو يذكر مساجد النبي ، صلى الله عليه وسلم ، بين المدينة وتبوك فقال : ومسجد الشقّ شقّ تاراء ، قال نصر : تاراء موضع بالشام.

تَارَانُ : جزيرة في بحر القلزم بين القلزم وأيلة ، يسكنها قوم من الأشقياء يقال لهم بنو جدّان ، يستطعمون الخبز ممن يجتاز بهم ، ومعاشهم السمك ، وليس لهم زرع ولا ضرع ولا ماء عذب ، وبيوتهم السفن المكسرة ، ويستعذبون الماء ممن يمرّ بهم في الديمة ، وربما أقاموا السنين الكثيرة ولا يمر بهم إنسان ، وإذا قيل لهم : ما ذا يقيمكم في هذا البلد؟ قالوا : البطن البطن أي الوطن الوطن ؛ قال أبو زيد : في بحر القلزم ما بين أيلة والقلزم مكان يعرف بتاران ، وهو أخبث مكان في هذا البحر ، وذاك أن به دوران ماء في سفح جبل ، إذا وقعت الريح على ذروته انقطعت الريح قسمين فتلقي المركب بين شعبتين في هذا الجبل متقابلتين فتخرج الريح من كليهما كل واحدة مقابلة للأخرى ، فيثور البحر على كل سفينة تقع في ذلك الدوران باختلاف الريحين فتنقلب ولا تسلم أبدا ، وإذا كان الجنوب أدنى مهبّ فلا سبيل إلى سلوكه ؛ مقدار طوله نحو ستة أميال ، وهو الموضع الذي غرق فيه فرعون وجنوده.

تَارَمُ : بفتح الراء : كورة واسعة في الجبال بين قزوين وجيلان ، فيها قرى كثيرة وجبال وعرة وليس فيها مدينة مشهورة ؛ ينسب إليها أحمد بن يحيى التارمي المقري ، ذكره أحمد بن الفضل الباطرقاني في طبقات القراء. وتارم أيضا : بليدة أخرى ، وهي آخر حدود فارس من جهة كرمان ، وأهل شيراز يقولون تارم ، بسكون الألف والراء ، تعمل فيها أكسية خزّ يبلغ ثمن الكساء قيمة وافرة ، وبين تارم وشيراز اثنان وثمانون فرسخا.

تَاسَنُ : السين مهملة مفتوحة ، ونون : من قرى غزنة ؛ نسب إليها بعض العلماء.

تَاشْكُوط : بسكون الألف ، والشين المعجمة ، والكاف ، والواو ساكنة ، وطاء : بلد بالمغرب.

تَاكَرْنَى : بفتح الكاف ، وسكون الراء ، وضبطه السمعاني بضم الكاف والراء ، وتشديد النون ، وهو


الصحيح : وهي كورة كبيرة بالأندلس ذات جبال حصينة ، يخرج منها عدة أنهار ولا تدخلها ، وفيها معقل رندة ؛ ينسب إليها جماعة ، منهم : أبو عامر محمد بن سعد التّاكرنيّ الكاتب الأندلسي ، كان من الشعراء البلغاء ، ذكره ابن ماكولا عن الحميدي عن ابن عامر بن شهيد.

تَاكَرُونَة : بالواو الساكنة : ناحية من أعمال شذونة بالأندلس متصلة بإقليم مغيلة.

تَاكِيَان : بعد الكاف المكسورة ياء : بلد بالسند.

تَاكِيسُ : بالسين المهملة : قلعة في بلاد الروم في الثغور ، غزاها سيف الدولة ، فقال أبو العباس الصّفر :

فما عصمت تاكيس طالب عصمة ،

ولا طمرت مطمورة شخص هارب

تَالَشَانُ : باللام المفتوحة ، والشين المعجمة : من أعمال جيلان.

تامَدفُوس : اسم مرسى وجزيرة ومدينة خربة بالمغرب قرب جزائر بني مزغنّاي.

تَامَدَلْتُ : بلد من بلاد المغرب شرقي لمطة ؛ وقيل تامدنت ، بالنون : مدينة في مضيق بين جبلين في سند وعر ، ولها مزارع واسعة وحنطة موصوفة من نواحي إفريقية ، ولعلهما واحد ، والله أعلم.

تَامَوَّا : بفتح الميم ، وتشديد الراء ، والقصر ؛ وليس في أوزان العرب له مثال : وهو طسوج من سواد بغداد بالجانب الشرقي ، وله نهر واسع يحمل السفن في أيام المدود ، ومخرج هذا النهر من جبال شهرزور والجبال المجاورة لها ، وكان في مبدإ عمله خيف أن ينزل من الأرض الصخرية إلى الترابية فيحفرها ، ففرش سبعة فراسخ وسيق على ذلك الفرش سبعة أنهار ، كل نهر منها لكورة من كور بغداد ، وهي : جلولاء ، مهروذ ، طابق ، برزى ، براز الروز ، النهروان ، الذنب ، وهو نهر الخالص ؛ وقال هشام ابن محمد : تامرّا والنهروان ابنا جوخي حفرا هذين النهرين فنسبا إليهما ؛ وقال عبيد الله بن الحر :

ويوما بتامرّا ، ولو كنت شاهدا

رأيت ، بتامرّا ، دماءهم تجري

وأحفيت بشرا يوم ذلك طعنة

دوين التراقي فاستهلّوا على بشر

وتامرّا وديالى : اسم لنهر واحد.

تَامَوْكيدا : بلد بالمغرب ، بينه وبين المسيلة مرحلتان.

تَامَسْت : قرية لكتامة وزنانة قرب المسيلة وأَشير بالمغرب.

تَامَكَنْت : بعد الكاف نون : بلد قرب برقة بالمغرب ، وكل هذه الألفاظ بربرية.

تَامُورُ : اسم رمل بين اليمامة والبحرين ؛ والتامور في اللغة : الدم ، وأكلنا الشاة فما تركنا منها تامورا أي شيئا.

تَانْكَرْت : بسكون النون : بلدة بالمغرب ، بينها وبين تلمسان مرحلتان.

تَاهَوْت : بفتح الهاء ، وسكون الراء ، وتاء فوقها نقطتان : اسم لمدينتين متقابلتين بأقصى المغرب ، يقال لإحداهما تاهرت القديمة وللأخرى تاهرت المحدثة ، بينهما وبين المسيلة ست مراحل ، وهي بين تلمسان وقلعة بني حماد ، وهي كثيرة الأنداء والضباب والأمطار ، حتى إن الشمس بها قلّ أن ترى ؛ ودخلها أعرابي من أهل اليمن يقال له أبو هلال ثم خرج إلى أرض السودان فأتى عليه يوم له وهج


وحرّ شديد وسموم في تلك الرمال ، فنظر إلى الشمس مضحية راكدة على قمم الرءوس وقد صهرت الناس فقال مشيرا إلى الشمس : أما والله لئن عززت في هذا المكان لطالما رأيتك ذليلة بتاهرت! وأنشد :

ما خلق الرحمن من طرفة ،

أشهى من الشمس بتاهرت

وذكر صاحب جغرافيا أن تاهرت في الإقليم الرابع ، وأن عرضها ثمان وثلاثون درجة ، وهي مدينة جليلة ، وكانت قديما تسمى عراق المغرب ، ولم تكن في طاعة صاحب إفريقية ولا بلغت عساكر المسوّدة إليها قط ، ولا دخلت في سلطان بني الأغلب ، وإنما كان آخر ما في طاعتهم مدن الزاب ؛ وقال أبو عبيد : مدينة تاهرت مدينة مسورة لها أربعة أبواب : باب الصفا وباب المنازل وباب الأندلس وباب المطاحن ، وهي في سفح جبل يقال له جزّول ، ولها قصبة مشرفة على السوق تسمى المعصومة ، وهي على نهر يأتيها من جهة القبلة يسمى مينة ، وهو في قبلتها ، ونهر آخر يجري من عيون تجتمع يسمى تاتش ، ومنه شرب أهلها وأرضها ، وهو في شرقيها ، وفيها جميع الثمار ، وسفرجلها يفوق سفرجل الآفاق حسنا وطعما ، وهي شديدة البرد كثيرة الغيوم والثلج ؛ قال بكر بن حماد أبو عبد الرحمن ، وكان بتاهرت من حفاظ الحديث وثقات المحدثين المأمونين ، سمع بالمشرق ابن مسدّد وعمرو بن مرزوق وبشر بن حجر ، وبإفريقية ابن سحنون وغيرهم ، وسكن تاهرت وبها توفي ، وهو القائل :

ما أخشن البرد وريعانه ،

وأطرف الشمس بتاهرت

تبدو من الغيم ، إذا ما بدت ،

كأنها تنشر من تخت

فنحن في بحر بلا لجّة ،

تجري بنا الريح على سمت

نفرح بالشمس ، إذا ما بدت ،

كفرحة الذّمّيّ بالسّبت

قال : ونظر رجل إلى توقد الشمس بالحجاز فقال : احرقي ما شئت ، والله إنك بتاهرت لذليلة ؛ قال : وهذه تاهرت الحديثة ، وهي على خمسة أميال من تاهرت القديمة ، وهي حصن ابن بخاثة ، وهو شرقي الحديثة ، ويقال إنهم لما أرادوا بناء تاهرت القديمة كانوا يبنون بالنهار ، فإذا جن الليل وأصبحوا وجدوا بنيانهم قد تهدم ، فبنوا حينئذ تاهرت السفلى ، وهي الحديثة ، وفي قبلتها لواتة وهوّارة في قرارات وفي غربيها زواغة وبجنوبيها مطماطة وزناتة ومكناسة.

وكان صاحب تاهرت ميمون بن عبد الرحمن بن عبد الوهاب بن رستم بن بهرام ، وبهرام هو مولى عثمان بن عفان ، وهو بهرام بن بهرام جور بن شابور بن باذكان بن شابور ذي الأكتاف ملك الفرس ، وكان ميمون هذا رأس الإباضية وإمامهم ورأس الصّفرية والواصلية ، وكان يسلّم عليه بالخلافة ، وكان مجمع الواصلية قريبا من تاهرت ، وكان عددهم نحو ثلاثين ألفا في بيوت كبيوت الأعراب يحملونها. وتعاقب مملكة تاهرت بنو ميمون وإخوته ، ثم بعث إليهم أبو العباس عبد الله بن إبراهيم بن الأغلب أخاه الأغلب ، ثم قتل من الرّستمية عددا كثيرا وبعث برءوسهم إلى أبي العباس أخيه ، وطيف بها في القيروان ، ونصبت على باب رقادة ؛ وملك بنو رستم تاهرت مائة وثلاثين سنة. وذكر محمد بن يوسف بن عبد الرحمن بن عبد الوهاب بن رستم ، وكان خليفة لأبي الخطاب عبد


الأعلى بن السمح بن عبيد بن حرملة المعافري أيام تغلّبه على إفريقية بالقيروان ، فلما قتل محمد بن الأشعث أبا الخطاب في صفر سنة ١٤٤ هرب عبد الرحمن بأهله وما خف من ماله وترك القيروان ، فاجتمعت إليه الإباضية واتفقوا على تقديمه وبنيان مدينة تجمعهم ، فنزلوا موضع تاهرت اليوم ، وهو غيضة أشبة ، ونزل عبد الرحمن منه موضعا مربعا لا شعراء فيه ، فقالت البربر : نزل تاهرت ، تفسيره الدّفّ لتربيعه ، وأدركتهم صلاة الجمعة فصلى بهم هناك ، فلما فرغ من الصلاة ثارت صيحة شديدة على أسد ظهر في الشّعراء فأخذ حيّا وأتي به إلى الموضع الذي صلي فيه وقتل فيه ، فقال عبد الرحمن بن رستم : هذا بلد لا يفارقه سفك دم ولا حرب أبدا ، وابتدأوا من تلك الساعة ، وبنوا في ذلك الموضع مسجدا وقطعوا خشبة من تلك الشّعراء ، وهو على ذلك إلى الآن ، وهو مسجد جامعها ، وكان موضع تاهرت ملكا لقوم مستضعفين من مراسة وصنهاجة فأرادهم عبد الرحمن على البيع فأبوا ، فوافقهم على أن يؤدوا إليهم الخراج من الأسواق ويبيحوا لهم أن يبنوا المساكن ، فاختطوا وبنوا وسموا الموضع معسكر عبد الرحمن بن رستم إلى اليوم ؛ وقال المهلبي : بين شير وتاهرت أربع مراحل ، وهما تاهرتان القديمة والحديثة ، ويقال للقديمة تاهرت عبد الخالق ، ومن ملوكها بنو محمد بن أفلح بن عبد الرحمن بن رستم ؛ وممن ينسب إليها أبو الفضل أحمد بن القاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله التميمي البزّاز التاهرتي ، روى عن قاسم بن أصبع وأبي عبد الملك بن أبي دكيم وأبي أحمد بن الفضل الدينوري وأبي بكر محمد بن معاوية القرشي ومحمد بن عيسى بن رفاعة ، روى عنه أبو عمر ابن عبد البرّ وغيره.

تَايَاباذ : بعد الألف الثانية باء موحدة ، وألف ، وذال معجمة : من قرى بوشنج من أعمال هراة ؛ ينسب إليها أبو العلاء إبراهيم بن محمد التاياباذي فقيه الكرامية ومقدمهم ، روى عنه الحافظ أبو القاسم علي ابن الحسن بن هبة الله الدمشقي وغيره.

باب التاء والباء وما يليهما

تَبَالةُ : بالفتح ؛ قيل تبالة التي جاء ذكرها في كتاب مسلم بن الحجاج : موضع ببلاد اليمن ، وأظنها غير تبالة الحجّاج بن يوسف ، فإن تبالة الحجاج بلدة مشهورة من أرض تهامة في طريق اليمن ؛ قال المهلبي : تبالة في الإقليم الثاني ، عرضها تسع وعشرون درجة ، وأسلم أهل تبالة وجرش من غير حرب فأقرّهما رسول الله ، صلّى الله عليه وسلم ، في أيدي أهلهما على ما أسلموا عليه ، وجعل على كلّ حالم ممن بهما من أهل الكتاب دينارا ، واشترط عليهم ضيافة المسلمين ، وكان فتحها في سنة عشر ، وهي مما يضرب المثل بخصبها ؛ قال لبيد :

فالضّيف والجار الجنيب ، كأنما

هبطا تبالة مخصبا أهضامها

وفيها قيل أهون من تبالة على الحجاج ؛ قال أبو اليقظان : كانت تبالة أوّل عمل وليه الحجاج بن يوسف الثقفي ، فسار إليها فلما قرب منها قال للدليل : أين تبالة وعلى أيّ سمت هي؟ فقال : ما يسترها عنك إلّا هذه الأكمة ، فقال : لا أراني أميرا على موضع تستره عني هذه الأكمة ، أهون بها ولاية! وكرّ راجعا ولم يدخلها ، فقيل هذا المثل ، وبين تبالة ومكة اثنان وخمسون فرسخا نحو مسيرة ثمانية أيام ، وبينها وبين الطائف ستة أيام ، وبينها وبين بيشة


يوم واحد ، قيل : سمّيت بتبالة بنت مكنف من بني عمليق ، وزعم الكلبي أنها سميت بتبالة بنت مدين ابن إبراهيم ، ولو تكلف متكلف تخرّج معاني كل الأشياء من اللغة لساغ أن يقول : تبالة من التبل وهو الحقد ، وقال القتال:

وما مغزل ترعى ، بأرض تبالة ،

أراكا وسدرا ناعما ما ينالها

وترعى بها البردين ثم مقيلها

غياطل ، ملتجّ عليها ظلالها

بأحسن من ليلى ، وليلى بشبهها ،

إذا هتكت في يوم عيد حجالها

وينسب إليها أبو أيوب سليمان بن داود بن سالم بن زيد التبالي ، روى عن محمد بن عثمان بن عبد الله بن مقلاص الثّقفي الطائفي ، سمع منه أبو حاتم الرازي.

تُبانُ : بالضم ، والتخفيف ، ويقال لها توبن أيضا : من قرى سوبخ من ناحية خزار من بلاد ما وراء النهر من نواحي نسف ، ينسب إليها أبو هارون موسى بن حفص بن نوح بن محمد بن موسى التّباني الكسّي ، رحل في طلب العلم إلى الحجاز والعراق ، روى عن محمد بن عبد الله بن زيد المقري ، روى عنه حمّاد ابن شاكر النّسفي.

تُبَّت : بالضم ، وكان الزمخشري يقوله بكسر ثانيه وبعض يقوله بفتح ثانيه ، ورواه أبو بكر محمد بن موسى بفتح أوله وضم ثانيه مشدد في الروايات كلها : وهو بلد بأرض الترك ، قيل : هي في الإقليم الرابع المتاخم لبلاد الهند ، طولها من جهة المغرب مائة وثلاثون درجة ، وعرضها سبع وثلاثون درجة ، وقرأت في بعض الكتب ان تبّت مملكة متاخمة لمملكة الصين ومتاخمة من إحدى جهاتها لأرض الهند ومن جهة المشرق لبلاد الهياطلة ومن جهة المغرب لبلاد الترك ، ولهم مدن وعمائر كثيرة ذوات سعة وقوّة ، ولأهلها حضر وبدو ، وبداويهم ترك لا تدرك كثرة ولا يقوم لهم أحد من بوادي الأتراك ، وهم معظمون في أجناس الترك ، لأن الملك كان فيهم قديما ، وعند أحبارهم أن الملك سيعود إليهم.

وفي بلاد التبّت خواصّ في هوائها ومائها وسهلها وجبلها ولا يزال الإنسان بها ضاحكا مستبشرا لا تعرض له الأحزان والأخطار والهموم والغموم ، يتساوى في ذلك شيوخهم وكهولهم وشبّانهم ، ولا تحصى عجائب ثمارها وزهرها وسروجها وأنهارها ، وهو بلد تقوى فيه طبيعة الدم على الحيوان الناطق وغيره ، وفي أهله رقّة طبع وبشاشة وأريحيّة تبعث على كثرة استعمال الملاهي وأنواع الرّقص ، حتى إن الميت إذا مات لا يداخل أهله كثير الحزن كما يلحق غيرهم ، ولهم تحنّن بعضهم على بعض ، والتبسم فيهم عامّ ، حتى إنه ليظهر في وجوه بهائمهم ، وإنما سمّيت تبّت ممن ثبّت فيها وربّث من رجال حمير ، ثم أبدلت الثاء تاء لأن الثاء ليست في لغة العجم ، وكان من حديث ذلك أن تبّع الأقرن سار من اليمن حتى عبر نهر جيحون وطوى مدينة بخارى وأتى سمرقند ، وهي خراب ، فبناها وأقام عليها ، ثم سار نحو الصين في بلاد الترك شهرا حتى أتى بلادا واسعة كثيرة المياه والكلإ فابتنى هناك مدينة عظيمة وأسكن فيها ثلاثين ألفا من أصحابه ممن لم يستطع السير معه إلى الصين وسمّاها تبّت ، وقد افتخر دعبل بن علي الخزاعي بذلك في قصيدته التي عارض بها الكميت فقال :

وهم كتبوا الكتاب بباب مرو ،

وباب الصين كانوا الكاتبينا


وهم سموا قديما سمرقندا ،

وهم غرسوا هناك التّبّتينا

وأهلها فيما زعم بعضهم على زيّ العرب إلى هذه الغاية ، ولهم فروسيّة وبأس شديد ، وقهروا جميع من حولهم من أصناف الترك ، وكانوا قديما يسمّون كلّ من ملك عليهم تبّعا اقتداء بأولهم ، ثم ضرب الدهر ضربه فتغيّرت هيئتهم ولغتهم إلى ما جاورهم من الترك فسموا ملوكهم بخاقان ، والأرض التي بها ظباء المسك التّبّتي والصيني واحدة متصلة وإنما فضل التبتي على الصيني لأمرين : أحدهما أن ظباء التبت ترعى سنبل الطيب وأنواع الأفاويه وظباء الصين ترعى الحشيش ، والأمر الآخر : أن أهل التبت لا يعرضون لإخراج المسك من نوافجه ، وأهل الصين يخرجونه من النوافج فيتطرّق عليه الغش بالدم وغيره ، والصيني يقطع به مسافة طويلة في البحر فتصل إليه الأنداء البحرية فتفسده ، وإن سلم المسك التبتي من الغش وأودع في البراني الزجاج وأحكم عفاصها ورد إلى بلاد الإسلام من فارس وعمان وهو جيد بالغ ، وللمسك حال ينقص خاصيّته ، فلذلك يتفاضل بعضه على بعض ، وذلك أنه لا فرق بين غزلاننا وبين غزلان المسك في الصورة ولا الشكل ولا اللون ولا القرون وإنما الفارق بينهما بأنياب لها كأنياب الفيلة ، فإن لكل ظبي نابين خارجين من الفكّين منتصبين نحو الشبر أو أقل أو أكثر ، فينصب لها في بلاد الصين وتبت الحبائل والشّرك والشباك فيصطادونها وربما رموها بالسهام فيصرعونها ثم يقطعون عنها نوافجها والدم في سررها خام لم يبلغ الإنضاج ، فيكون لرائحته زهوكة تبقى زمانا حتى تزول ، وسبيل ذلك سبيل الثمار إذا قطعت قبل النّضج فإنها تكون ناقصة الطعم والرائحة ، وأجود المسك وأخلصه ما ألقاه الغزال من تلقاء نفسه ، وذلك أن الطبيعة تدفع سواد الدم إلى سرّته فإذا استحكم لون الدم فيها ونضج آذاه ذلك وأحدث له في سرّته حكة فيندفع إلى أحد الصخور الحادّة فيحتكّ به ، فيلتذّ بذلك ، فينفجر ويسيل على تلك الأحجار كانفجار الجراح والدماميل إذا نضجت ، فيجد الغزال بخروج ذلك لذة ، حتى إذا فرغ ما في نافجته ، وهي سرّته ، وهي لفظة فارسية ، اندملت وعادت فدفعت إليه موادّ من الدّم فتجتمع ثانية كما كانت أولا ، فتخرج رجال التّبت فيتبعون مراعيها بين تلك الأحجار والجبال فيجدون الدم قد جفّ على تلك الصخور وقد أمكن الإنضاج ، فيأخذونه ويودعونه نوافج معهم ، فذلك أفضل المسك وأفخره ، فذلك الذي تستعمله ملوكهم ويتهادونه بينهم وتحمله التجار في النادر من بلادهم. ولتبّت مدن كثيرة ، وينسبون مسك كل مدينة إليها ، ويقال : إن وادي النمل الذي مرّ به سليمان بن داود ، عليه السلام ، خلف بلاد التّبّت وبه معدن الكبريت الأحمر ، قالوا : وبالتبّت جبل يقال له جبل السّمّ ، إذا مرّ به أحد تضيق نفسه فمنهم من يموت ومنهم من يثقل لسانه.

تِبْوَاكُ : الكسر ثم السكون ، وراء ، وألف ، وكاف : موضع بحذاء تعشار ، وقيل : ماء لبني العنبر ، وفي كتاب الخالع : تبراك من بلاد عمرو ابن كلاب فيه روضة ذكرت مع الرياض ، وحكى أبو عبيدة عن عمارة أن تبراك من بلاد بني عمير قال : وهي مسبّة لا يكاد أحد منهم يذكرها لمطلق قول جرير :

إذا جلست نساء بني عمير

على تبراك أخبثن الترابا

فإذا قيل لأحدهم : أين تنزل؟ يقول : على ماء ، ولا


يقول على تبراك ، قال : وتبراك أيضا ماء في بلاد بني العنبر ، قال أبو جعفر : جاءت عن العرب أربعة أسماء مكسورة الأول : تقصار للقلادة اللازقة بالحلق ، وتعشار موضع لبني ضبّة ، وتبراك ماء لبني العنبر ، وطلحام موضع ، حكى أبو نصر : رجل تمساح ورجل تنبال وتبيان ، وقال أبو زياد : مياه الماشية تبراك التي ذكرها جرير ، وقد ذكرت الماشية في موضعها من هذا الكتاب ، قال ابن مقبل :

جزى الله كعبا ، بالأباتر ، نعمة

وحيّا بهبّود ، جزى الله ، أسعدا

وحيّا على تبراك لم أو مثلهم

رجا ، قطعت منه الحبائل ، مفردا

بكيت بخصمي سنّة ، يوم فارقوا ،

على ظهر عجّاج العشيّات أجردا

الخصم : الجانب ، وقال أبو كدراء وزين بن ظالم العجلي :

الله نجّاني وصدّقت بعد ما

خشيت على تبراك ، ألّا أصدّقا

وأعيس ، إذ أكلفته وهو لاغب ،

سرى طيلسان الليل حتى تمزّقا

وقال نصر : تبراك ماء لبني نمير في أدنى المرّوت لاصق بالوركة ، وينشد :

أعرفت الدار أم أنكرتها

بين تبراك فشسّي عبقر؟

التِّبْرُ : بلاد من بلاد السودان تعرف ببلاد التبر ، وإليها ينسب الذهب الخالص ، وهي في جنوب المغرب ، تسافر التجار من سجلماسة إلى مدينة في حدود السودان يقال لها غاتة ، وجهازهم الملح وعقد خشب الصنوبر ، وهو من أصناف خشب القطران إلا أن رائحته ليست بكريهة ، وهو إلى العطرية أميل منه إلى الزفر ، وخرز الزجاج الأزرق وأسورة نحاس أحمر وحلق وخواتم نحاس لا غير ، ويحملون منها الجمال الوافرة القوية أوقارها ويحملون الماء من بلاد لمتونة ، وهم الملثمون ، وهم قوم من بربر المغرب في الروايا والأسقية ويسيرون فيرون المياه فاسدة مهلكة ليس لها من صفات الماء إلا التّميّع ، فيحملون الماء من بلاد لمتونة ويشربون ويسقون جمالهم ، ومن أول ما يشربونها تتغيّر أمزجتهم ويسقمون ، خصوصا من لم يتقدم له عادة بشربه ، حتى يصلوا إلى غانة بعد مشاقّ عظيمة ، فينزلون فيها ويتطيّبون ثم يستصحبون الأدلّاء ويستكثرون من حمل المياه ويأخذون معهم جهابذة وسماسرة لعقد المعاملات بينهم وبين أرباب التبر ، فيمرون بطريقهم على صحارى فيها رياح السموم تنشف المياه داخل الأسقية فيتحيلون بحمل الماء فيها ليرمّقوا به ، وذلك أنهم يستصحبون جمالا خالية لا أوقار عليها يعطشونها قبل ورودهم على الماء نهارا وليلا ثم يسقونها نهلا وعللا إلى أن تمتلئ أجوافها ثم تسوقها الحداة ، فإذا نشف ما في أسقيتهم واحتاجوا إلى الماء نحروا جملا وترمّقوا بما في بطنه وأسرعوا السير حتى إذا وردوا مياها أخر ملأوا منها أسقيتهم وساروا مجدّين بعناء شديد حتى يقدموا الموضع الذي يحجز بينهم وبين أصحاب التبر ، فإذا وصلوا ضربوا طبولا معهم عظيمة تسمع من الأفق الذي يسامّت هذا الصنف من السودان ، ويقال : إنهم في مكامن وأسراب تحت الأرض عراة لا يعرفون سترا كالبهائم مع أن هؤلاء القوم لا يدعون تاجرا يراهم أبدا ، وإنما هكذا تنقل صفاتهم ، فإذا علم التجار أنهم قد سمعوا الطبل أخرجوا ما صحبهم من


البضائع المذكورة فوضع كل تاجر ما يخصّه من ذلك ، كل صنف على جهة ، ويذهبون عن الموضع مرحلة ، فيأتي السودان ومعهم التبر فيضعون إلى جانب كل صنف منها مقدارا من التبر وينصرفون ، ثم يأتي التجار بعدهم فيأخذ كل واحد ما وجد بجنب بضاعته من التبر ، ويتركون البضائع وينصرفون بعد أن يضربوا طبولهم ، وليس وراء هؤلاء ما يعلم ، وأظنّ أنه لا يكون ثم حيوان لشدة إحراق الشمس ، وبين هذه البلاد وسجلماسة ثلاثة أشهر ، وقال ابن الفقيه : والذهب ينبت في رمل هذه البلاد كما ينبت الجزر ، وإنه يقطف عند بزوغ الشمس ، قال : وطعام أهل هذه البلاد الذرة والحمص واللوبيا ، ولبسهم جلود النمور لكثرة ما عندهم.

تُبُرُ : بضمتين : ماء بنجد من ديار عمرو بن كلاب عند القارة التي تسمى ذات النطاق ، وبالقرب منه موضع يسمّى نبرا ، بالنون.

تِبْريزُ : بكسر أوله ، وسكون ثانيه ، وكسر الراء ، وياء ساكنة ، وزاي ، كذا ضبطه أبو سعد ، وهو أشهر مدن أذربيجان : وهي مدينة عامرة حسناء ذات أسوار محكمة بالآجر والجصّ ، وفي وسطها عدة أنهار جارية ، والبساتين محيطة بها ، والفواكه بها رخيصة ، ولم أر فيما رأيت أطيب من مشمشها المسمّى بالموصول ، وشريته بها في سنة ٦١٠ كل ثمانية أمنان بالبغدادي بنصف حبة ذهب ، وعمارتها بالآجرّ الأحمر المنقوش والجصّ على غاية الإحكام ، وطولها ثلاث وسبعون درجة وسدس ، وعرضها سبع وثلاثون درجة ونصف درجة ، وكانت تبريز قرية حتى نزلها الرّواد الأزدي المتغلّب على أذربيجان في أيام المتوكل ، ثم إن الوجناء بن الرواد بنى بها هو وإخوته قصورا وحصنها بسور ، فنزلها الناس معه ، ويعمل فيها من الثياب العبائي والسقلاطون والخطائي والأطلس والنسج ما يحمل إلى سائر البلاد شرقا وغربا ، ومرّ بها التّتر لما خربوا البلاد في سنة ٦١٨ ، فصالحهم أهلها ببذول بذلوها لهم فنجت من أيديهم وعصمها الله منهم ، وقد خرج منها جماعة وافرة من أهل العلم ، منهم : إمام أهل الأدب أبو زكرياء يحيى بن علي الخطيب التبريزي ، قرأ على أبي العلاء المعرّي بالشام وسمع الحديث عن أبي الفتح سليم بن أيوب الرازي وغيرهما ، روى عنه أبو بكر الخطيب ومحمد ابن ناصر السلامي ، قال : وسمعته يقول : تبريز بكسر التاء ، وأبو منصور موهوب بن أحمد بن الخضر الجواليقي ، صنف التصانيف المفيدة ، وتوفي ببغداد في جمادى الآخرة سنة ٥٠٢ ؛ والقاضي أبو صالح شعيب بن صالح بن شعيب التبريزي ، حدث عن أبي عمران موسى بن عمران بن هلال ، روى عنه حدّاد ابن عاصم بن بكران النّشوي وغيرهما.

تَبِسّةُ : بالفتح ثم الكسر ، وتشديد السين المهملة : بلد مشهور من أرض إفريقية ، بينه وبين قفصة ست مراحل في قفر سبيبة ، وهو بلد قديم به آثار الملوك ، وقد خرب الآن أكثرها ، ولم يبق بها إلا مواضع يسكنها الصعاليك لحب الوطن لأن خيرها قليل ، وبينها وبين سطيف ست مراحل في بادية تسكنها العرب ، يعمل بها بسط جليلة محكمة النسج ، يقيم البساط منها مدّة طويلة.

تَبْشعُ : بالفتح ثم السكون ، وشين معجمة : بلد بالحجاز في ديار فهم ؛ قال قيس بن العيزارة الهذلي :

أبا عامر! إنّا بغينا دياركم

وأوطانكم بين السّفير وتبشع


تَبَعَةُ : بالتحريك : اسم هضبة بجلذان من أرض الطائف ، فيها نقب كل نقب قدر ساعة ، كانت تلتقط فيها السيوف العادية والخرز ويزعمون أن ثمّة قبور عاد ، وكانوا يعظمون هذا الموضع ، وساكنه بنو نصر بن معاوية ؛ وقال الزمخشري : تبعة موضع بنجد.

تَبْغَرُ : بالفتح ثم السكون ، والغين معجمة مفتوحة ، وراء ؛ قال محمود بن عمر : موضع.

تُبَّلُ : بالضم ثم الفتح والتشديد ، ولام : من قرى حلب ثم من ناحية عزاز ، بها سوق ومنبر.

تُبَلُ : بالتخفيف ؛ قال نصر : تبل واد على أميال يسيرة من الكوفة ، وقصر بني مقاتل أسفل تبل وأعلاه متّصل بسماوة كلب. وتبل أيضا : اسم مدينة فيما قيل ؛ قال لبيد :

ولقد يعلم صحبي كلّهم

بعد أنّ السيف صبري ونقل (١)

ولقد أغدو ، وما يعدمني

صاحب ، غير طويل المحتبل

كلّ يوم منعوا حاملهم

ومربّات ، كآرام تبل

قدموا ، إذ قال قيس قدموا ،

واحفظوا المجد بأطراف الأسل!

تَبْنَانُ : بسكون ثانيه ، ونونين بينهما ألف ؛ قال : تبنان واد باليمامة.

تُبَنُ : بوزن زفر ؛ قال نصر : موضع يمان من مخلاف لحج ؛ وفيه يقول السيد الحميري :

هلا وقفت على الأجراع من تبن ،

وما وقوف كبير السنّ في الدمن

تِبنِينُ : بكسر أوله ، وتسكين ثانيه ، وكسر النون ، وياء ساكنة ، ونون أخرى : بلدة في جبال بني عامر المطلّة على بلد بانياس بين دمشق وصور.

تُبنى : بالضم ثم السكون ، وفتح النون ، والقصر : بلدة بحوران من أعمال دمشق ؛ قال النابغة :

فلا زال قبر بين تبنى وجاسم

عليه ، من الوسميّ ، جود ووابل

فينبت حوذانا وعوفا منوّرا ،

سأهدي له من خير ما قال قائل

قصد الشعراء بالاستسقاء للقبور ، وإن كان الميت لا ينتفع بذلك ، أن ينزله الناس فيمروا على ذلك القبر فيرحّموا من فيه ؛ وقال ابن حبيب : تبنى قرية من أرض البثنية لغسان ؛ قال ذلك في تفسير قول كثيّر :

أكاريس حلّت منهم مرج راهط ،

فأكناف تبنى مرجها فتلالها

كأنّ القيان الغرّ ، وسط بيوتهم ،

نعاج بجوّ من رماح حلالها

تبوكُ : بالفتح ثم الضم ، وواو ساكنة ، وكاف : موضع بين وادي القرى والشام ، وقيل بركة لأبناء سعد من بني عذرة ؛ وقال أبو زيد : تبوك بين الحجر وأول الشام على أربع مراحل من الحجر نحو نصف طريق الشام ، وهو حصن به عين ونخل وحائط ينسب إلى النبي ، صلى الله عليه وسلم ، ويقال إن أصحاب الأيكة الذين بعث إليهم شعيب ، عليه السلام ، كانوا فيها ولم يكن شعيب منهم ، وإنما كان من مدين ، ومدين على بحر القلزم على ست مراحل من تبوك ، وتبوك بين جبل حسمى وجبل شرورى ، وحسمى غربيها وشرورى شرقيها ؛ وقال أحمد بن يحيى بن جابر : توجه النبي ، صلى الله عليه وسلم ، في سنة تسع للهجرة

__________________

(١) قوله : بعد أنّ السيف إلخ : هكذا في الأصل.


إلى تبوك من أرض الشام ، وهي آخر غزواته ، لغزو من انتهى إليه أنه قد تجمع من الروم وعاملة ولخم وجذام ، فوجدهم قد تفرقوا فلم يلق كيدا ؛ ونزلوا على عين فأمرهم رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، أن لا أحد يمسّ من مائها ، فسبق إليها رجلان وهي تبض بشيء من ماء فجعلا يدخلان فيها سهمين ليكثر ماؤها فقال لهما رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : ما زلتما تبوكان منذ اليوم ، فسميت بذلك تبوك ؛

والبوك : إدخال اليد في شيء وتحريكه ، ومنه باك الحمار الأتان إذا نزا عليها ، يبوكها بوكا ؛ وركز النبي ، صلى الله عليه وسلم ، عنزته فيها ثلاث ركزات ، فجاشت ثلاث أعين ، فهي تهمي بالماء إلى الآن ؛ وأقام النبي ، صلى الله عليه وسلم ، بتبوك أياما حتى صالحه أهلها ، وأنفذ خالد ابن الوليد إلى دومة الجندل وقال له : ستجد صاحبها يصيد البقر ، فكان كما قال ، فأسره وقدم به على النبي ، صلى الله عليه وسلم ؛ فقال بجير بن بجرة الطائي يذكر ذلك :

تبارك سابق البقرات ، إني

رأيت الله يهدي كل هاد

فمن يك حائدا عن ذي تبوك ،

فإنّا قد أمرنا بالجهاد

وبين تبوك والمدينة اثنتا عشرة مرحلة ، وكان ابن عريض اليهودي قد طوى بئر تبوك لأنها كانت تنطمّ في كل وقت ، وكان عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، أمره بذلك.

تَبيلُ : بفتح أوله ، وكسر ثانيه ، وياء ساكنة ، ولام : كفر تبيل قرية في شرقي الفرات بين الرقة وبالس.

باب التاء والتاء وما يليهما

تَتَا : كل واحد من التاءين مفتوح وفوق كل واحد نقطتان ، بليد بمصر من أسفل الأرض ، وهي كورة يقال لها كورة تميّ وتتا. وبمصر أيضا بنا وببا وننا ، وسأذكر كل واحدة في موضعها.

تُتُشُ : التاءان مضمومتان ، والشين معجمة ؛ وهو اسم رجل ينسب إليه مواضع ببغداد : وهي سوق قرب المدرسة النظامية يقال له العقار التّتشيّ ، ومدرسة بالقرب منه لأصحاب أبي حنيفة يقال لها التّتشية ، وبيمارستان بباب الأزج يقال له التتشي ، والجميع منسوب إلى خادم يقال له خمارتكين كان للملك تاج الدولة تتش بن ألب أرسلان بن داود ابن سلجوق ، قالوا : وكان ثمن خمارتكين هذا في أول شرائه حملا ملحا ، وعظم قدره عند السلطان محمد بن ملك شاه ونفذ أمره وكثرت أمواله وبنى ما بناه مما ذكرناه في بغداد ، وبنى بين الري وسمنان رباطا عظيما لنفع الحاج والسابلة وغيرهم ، وأمضى السلطان محمد ذلك كله ، وجميع ما ذكرناه في بغداد موجود معمور الآن جار على أحسن نظام ، عليه الوكلاء يجبون أمواله ويصرفونها في وجوهها ، ومات خمارتكين هذا في رابع صفر سنة ٥٠٨.

باب التاء والثاء وما يليهما

تَثْلَثُ : بفتح أوله ، وسكون ثانيه ، وفتح اللام ، وثاء مثلثة أخرى : موضع ؛ عن الزمخشري.

تَثْليثُ : بكسر اللام ، وياء ساكنة ، وثاء أخرى مثلثة : موضع بالحجاز قرب مكة ؛ ويوم تثليث من أيام العرب بين بني سليم ومراد ؛ قال محمد بن


صالح العلوي :

نظرت ، ودوني ماء دجلة موهنا ،

بمطروفة الإنسان ، محسورة جدّا

لتونس لي نارا بتثليث أوقدت ،

وتالله ما كلفتها منظرا قصدا

وقال غيره :

بتثليث ما ناصيت بعدي الأحامسا

وقال الأعشى :

وجاشت النفس لما جاء فلّهم ،

وراكب جاء ، من تثليث ، معتمر

تَثنيثُ : بوزن الذي قبله إلا أن عوض اللام نون ، وأما آخره فيروى بالتاء والثاء : موضع بالسراة من مساكن أزد شنوءة قريب من الذي قبله.

باب التاء والجيم وما يليهما

تُجُنْيَةُ : بضم أوله وثانيه ، وسكون النون ، وياء مفتوحة ، وهاء : بلد بالأندلس ؛ ينسب إليه قاسم ابن أحمد بن أبي شجاع أبو محمد التّجني ، له رحلة إلى المشرق كتب فيها عن أحمد بن سهل العطار وغيره ، حدث عنه أبو محمد بن ديني وقال : توفي في شهر ربيع الأول سنة ٣٠٨ ؛ قاله ابن بشكوال.

تُجِيبُ : بالضم ثم الكسر ، وياء ساكنة ، وباء موحدة : اسم قبيلة من كندة ، وهم ولد عدي وسعد ابني أشرس بن شبيب بن السّكون بن أشرس بن ثور بن مرثع ، وهو كندة ، وأمهما تجيب بنت ثوبان ابن سليم بن رها من مذحج ، لهم خطة بمصر سميت بهم ؛ نسب إليها قوم ، منهم : أبو سلمة أسامة ابن أحمد التجيبي ، حدث عن مروان بن سعد وغيره من المصريين ، روى عنه عامة المصريين وغيرهم من الغرباء ؛ وأبو عبد الله محمد بن رمح بن المهاجر التجيبي ، كان يسكن محلة التجيب بمصر ، وكان من أثبات المصريين ومتقنيهم ، سمع الليث بن سعد ، روى عنه البخاري والحسن بن سفيان الثوري ومحمد بن ريان ابن حبيب المصري وغيرهم ، ومات في أول سنة ٢٤٣.

باب التاء والخاء وما يليهما

تُخَارَان بِه : قال أبو سعد : أما حماد بن أحمد بن حماد بن رجاء العطاردي التخاري فكان يسكن سكة تخاران به : وهي بمرو على رأس الماجان ، يقال لها أيضا طخاران به ، ويقال لها الآن تخاران ساد.

تَخَاوَةُ : هكذا ضبطه الأمير بالفتح ، وضبطه أبو سعد بالضم ؛ وقال الأمير ابن ماكولا : أبو عليّ الحسن ابن أبي طاهر عبد الأعلى بن أحمد السعدي سعد بن مالك التخاوي منسوب إلى قرية من داروم غزة الشام ، شاعر أمّيّ ، لقيته بالمحلة من ريف مصر ، وكان سريع الخاطر كبير الأصابع مرتجل الشعر.

تُخْتُمُ : يروى بضم التاء الأولى والتاء الثانية وكسرها :اسم جبل بالمدينة ، وقال نصر : تخنم ، بالنون ، جبل في بلاد بلحرث بن كعب ، وقيل بالمدينة ؛ قال طفيل بن الحارث :

فرحت رواحا من أياء ، عشيّة ،

إلى أن طرقت الحيّ في رأس تختم

وليس في كلامهم خنم بالنون وفيه ختم بالتاء.

تخْسَانْجْكَث : بالفتح ثم السكون ، وسين مهملة ، والألف والنون والجيم ساكنات ، والكاف مفتوحة ، والثاء مثلثة : من قرى صغد سمرقند ؛ منها أبو جعفر محمد التخسانجكثي ، يروي عن أبي نصر منصور بن شهرزاد المروزي ، روى عنه زاهر بن عبد الله الصغدي.


تَخْسيج : بكسر السين ، وياء ساكنة ، وجيم : قرية على خمسة فراسخ من سمرقند ؛ منها أبو يزيد خالد ابن كردة السمرقندي التخسيجي ، كان عالما حافظا ، روى عن عبد الرحمن بن حبيب البغدادي ، روى عنه الحسين بن يوسف بن الخضر الطواويسي وكان يقول : حدثني خالد بن كردة بأبغر ، وهي بعض نواحي سمرقند ، وجماعة ينسبون إليها.

تَخييمُ : بياءين : ناحية باليمامة.

باب التاء والدال وما يليهما

تَدْليس : مدينة بالمغرب الأقصى على البحر المحيط.

تَدْمُو : بالفتح ثم السكون ، وضم الميم : مدينة قديمة مشهورة في برّية الشام ، بينها وبين حلب خمسة أيام ؛ قال بطليموس : مدينة تدمر طولها إحدى وسبعون درجة وثلاثون دقيقة ، داخلة في الإقليم الرابع ، بيت حياتها السماك الأعزل تسع درجات من الجدي بيت ملكها مثلها من الحمل عاقبتها مثلها من الميزان ، وقال صاحب الزيج : طول تدمر ثلاث وستون درجة وربع ، وعرضها أربع وثلاثون درجة وثلثان ؛ قيل : سميت بتدمر بنت حسان ابن أذينة بن السّميدع بن مزيد بن عمليق بن لاوذ ابن سام بن نوح ، عليه السلام ، وهي من عجائب الأبنية ، موضوعة على العمد الرخام ، زعم قوم أنها مما بنته الجنّ لسليمان ، عليه السلام ؛ ونعم الشاهد على ذلك قول النابغة الذبياني :

إلا سليمان ، إذ قال الإله له :

قم في البرية فاحددها عن الفند

وخيّس الجنّ ، إني قد أذنت لهم

يبنون تدمر بالصّفّاح والعمد

وأهل تدمر يزعمون أن ذلك البناء قبل سليمان بن داود ، عليه السلام ، بأكثر مما بيننا وبين سليمان ، ولكن الناس إذا رأوا بناء عجيبا جهلوا بانيه أضافوه إلى سليمان وإلى الجن.

وعن إسماعيل بن محمد بن خالد بن عبد الله القسري قال : كنت مع مروان بن محمد آخر ملوك بني أمية حين هدم حائط تدمر ، وكانوا خالفوا عليه فقتلهم وفرّق الخيل عليهم تدوسهم وهم قتلى ، فطارت لحومهم وعظامهم في سنابك الخيل ، وهدم حائط المدينة ، فأفضى به الهدم الى جرف عظيم ، فكشفوا عنه صخرة فإذا بيت مجصص كأنّ اليد رفعت عنه تلك الساعة ، وإذا فيه سرير عليه امرأة مستلقية على ظهرها وعليها سبعون حلّة ، وإذا لها سبع غدائر مشدودة بخلخالها ، قال : فذرعت قدمها فإذا ذراع من غير الأصابع ، وإذا في بعض غدائرها صحيفة ذهب فيها مكتوب : باسمك اللهم! أنا تدمر بنت حسان ، أدخل الله الذّل على من يدخل بيتي هذا.

فأمر مروان بالجرف فأعيد كما كان ولم يأخذ مما كان عليها من الحلي شيئا ، قال : فو الله ما مكثنا على ذلك إلا أياما حتى أقبل عبد الله بن عليّ فقتل مروان وفرّق جيشه واستباحه وأزال الملك عنه وعن أهل بيته ؛ وكان من جملة التصاوير التي بتدمر صورة جاريتين من حجارة من بقية صور كانت هناك ، فمر بهما أوس بن ثعلبة التيمي صاحب قصر أوس الذي في البصرة فنظر إلى الصورتين فاستحسنهما فقال :

فتاتي أهل تدمر خبّراني!

ألمّا تسأما طول القيام؟

قيامكما على غير الحشايا ،

على جبل أصمّ من الرخام


فكم قد مرّ من عدد الليالي ،

لعصركما ، وعام بعد عام

وإنكما ، على مرّ الليالي ،

لأبقى من فروع ابني شمام

فإن أهلك ، فربّ مسوّمات

ضوامر تحت فتيان كرام

فرائصها من الإقدام فزع ،

وفي أرساغها قطع الخدام

هبطن بهنّ مجهولا مخوفا

قليل الماء مصفرّ الجمام

فلما أن روين صدرن عنه ،

وجئن فروع كاسية العظام

قال المدائني : فقدم أوس بن ثعلبة على يزيد بن معاوية فأنشده هذه الأبيات ، فقال يزيد : لله درّ أهل العراق! هاتان الصورتان فيكم يا أهل الشام لم يذكرهما أحد منكم ، فمرّ بهما هذا العراقي مرّة فقال ما قال ؛ ويروى عن الحسن بن أبي سرح عن أبيه قال : دخلت مع أبي دلف إلى الشام فلما دخلنا تدمر وقف على هاتين الصورتين ، فأخبرته بخبر أوس بن ثعلبة وأنشدته شعره فيهما ، فأطرق قليلا ثم أنشدني :

ما صورتان بتدمر قد راعتا

أهل الحجى وجماعة العشّاق

غبرا على طول الزمان ومرّه ،

لم يسأما من ألفة وعناق

فليرمينّ الدهر من نكباته

شخصيهما منه بسهم فراق

وليبلينّهما الزمان بكرّه ،

وتعاقب الإظلام والإشراق

كي يعلم العلماء أن لا خالد

غير الإله الواحد الخلّاق

وقال محمد بن الحاجب يذكرهما :

أتدمر صورتاك هما لقلبي

غرام ، ليس يشبهه غرام

أفكّر فيكما فيطير نومي ،

إذا أخذت مضاجعها النيام

أقول من التعجّب : أيّ شيء

أقامهما ، فقد طال القيام

أملّكتا قيام الدهر طبعا ،

فذلك ليس يملكه الأنام

كأنهما معا قرنان قاما ،

ألجّهما لدى قاض خصام

يمرّ الدهر يوما بعد يوم ،

ويمضي عامه يتلوه عام

ومكثهما يزيدهما جمالا ،

جمال الدّرّ زيّنه النّظام

وما تعدوهما بكتاب دهر ،

سجيّته اصطلام واخترام

وقال أبو الحسن العجلي فيهما :

أرى بتدمر تمثالين زانهما

تأنق الصانع المستغرق الفطن

هما اللتان يروق العين حسنهما ،

تستعطفان قلوب الخلق بالفتن

وفتحت تدمر صلحا ، وذاك أن خالد بن الوليد ، رضي الله عنه ، مرّ بهم في طريقه من العراق إلى الشام فتحصنوا منه ، فأحاط بهم من كلّ وجه ، فلم يقدر عليهم ، فلما أعجزه ذلك وأعجله الرحيل قال :


يا أهل تدمر والله لو كنتم في السحاب لاستنزلناكم ولأظهرنا الله عليكم ، ولئن أنتم لم تصالحوا لأرجعنّ إليكم إذا انصرفت من وجهي هذا ثم لأدخلنّ مدينتكم حتى أقتل مقاتليكم وأسبي ذراريكم ؛ فلما ارتحل عنهم بعثوا إليه وصالحوه على ما أدّوه له ورضي به.

تَدْمَلَةُ : اسم واد بالبادية.

تُدمِيرُ : بالضم ثم السكون ، وكسر الميم ، وياء ساكنة ، وراء : كورة بالأندلس تتصل بأحواز كورة جيّان ، وهي شرقي قرطبة ، ولها معادن كثيرة ومعاقل ومدن ورساتيق تذكر في مواضعها ، وبينها وبين قرطبة سبعة أيام للراكب القاصد ، وتسير العساكر أربعة عشر يوما ، وتجاور تدمير الجزيرتان وجزيرة يابسة ؛ قال أبو عبد الله محمد ابن الحدّاد الشاعر المفلق الأندلسي :

يا غائبا خطرات القلب محضره!

الصبر بعدك شيء ليس أقدره

تركت قلبي وأشواقي تفطّره ،

ودمع عينيّ آماقي تقطّره

لو كنت تبصر في تدمير حالتنا ،

إذا لأشفقت مما كنت تبصره

فالنفس بعدك لا تخلو للذّتها ؛

والعيش بعدك لا يصفو مكدّره

أخفي اشتياقي وما أطويه من أسف

على المريّة ، والأشواق تظهره

وقال الأديب أبو الحسن عليّ بن جودي الأندلسي :

لقد هيّج النيران ، يا أمّ مالك ،

بتدمير ذكرى ساعدتها المدامع

عشية لا أرجو لنأيك عندها ؛

ولا أنا إن تدنو مع الليل طامع

وينسب إليها جماعة ، منهم : أبو القاسم طيب بن هارون بن عبد الرحمن التدميري الكناني ، مات بالأندلس سنة ٣٢٨ ؛ وإبراهيم بن موسى بن جميل التدميري مولى بني أمية ، رحل إلى العراق ولقي ابن أبي خيثمة وغيره ، وأقام بمصر إلى أن مات بها في سنة ثلاثمائة ، وكان من المكثرين.

تَدْوِرَةُ : بفتح أوله ، وسكون ثانيه ، وكسر واوه : اسم موضع ؛ قال ابن جني : يقال هو من الدّوران ؛ وقال شاعر يذكره :

بتنا بتدورة يضيء وجوهنا

دسم السليط على فتيل ذبال

وهو من أبيات الكتاب ؛ قال الزّبيدي : التدورة دارة بين جبال ، وهي من دار يدور دورانا.

تَدُومُ : موضع في شعر لبيد حيث قال :

بما قد تحلّ الواديين كليهما

زنانير منها مسكن ، فتدوم

وقال الراعي :

خبّرت أن الفتى مروان يوعدني ،

فاستبق بعض وعيدي أيها الرجل

وفي تدوم ، إذا اغبرّت مناكبه ،

أو دارة الكور ، عن مروان معتزل

تَدْيَانَةُ : بالفتح ثم السكون ، وياء ، وألف ، ونون ، وهاء : من قرى نسف ؛ منها أبو الفوارس أحمد ابن محمد بن جمعة بن السكن النسفي التدياني ، يروي عن محمد بن إبراهيم البوشنجي ، روى عنه الأمير أبو أحمد خلف بن أحمد السجزي ملك سجستان ، مات فى المحرم سنة ٣٦٦.


باب التاء والذال وما يليهما

تَذْرَبُ : بالفتح ثم السكون ، وفتح الراء ، وباء موحدة : اسم مكان.

تَذَكَّرُ : بفتحتين ، وتشديد الكاف وضمها : موضع ؛ قال فيه بعضهم :

تذكّر قد عفا منها فمطلوب ،

فالسّقي من حرّتي ميطان فاللّوب

باب التاء والراء وما يليهما

تُرَابَةُ : بالضم ، بلفظ واحدة التراب : بلد باليمن ، وقال الخارزنجي : ترابة واد.

تَرَاخَةُ : الخاء معجمة ، وأوله مفتوح ؛ وقيل تراخى : من قرى بخارى ؛ منها أبو عبد الله محمد بن موسى ابن حكيم بن عطيّة بن عبد الرحمن التراخي البخاري ، يروي عن أبي شعيب الحرّاني وغيره ، توفي سلخ ذي الحجة سنة ٣٥٠.

تِرْباعُ : بالكسر ثم السكون ، والباء موحدة ؛ وأنشد الفرّاء قال أنشدني أبو ثروان :

ألمم على الربع بالترباع ، غيّره

ضرب الأهاضيب والنأآجة العصف

وهو في كتاب ابن القطّاع ترناع ، بالنون ، ذكره في ألفاظ محصورة جاءت على تفعال ، بكسر أوله.

تُرْبانُ : بالضم ثم السكون : قرية على خمسة فراسخ من سمرقند ؛ منها أبو عليّ محمد بن يوسف بن إبراهيم التّرباني الفقيه المحدّث ، يروي عن محمد بن إسحاق الصاغاني ، توفي سنة ٣٢٣ ؛ وتربان أيضا قال أبو زياد الكلابي : هو واد بين ذات الجيش وملل والسّيالة على المحجّة نفسها ، فيه مياه كثيرة مريّة ، نزلها رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، في غزوة بدر ، وبها كان منزل عروة بن أذينة الشاعر الكلابي ؛ قال كثيّر :

ألم يحزنك يوم غدت حدوج

لعزّة ، قد أجدّ بها الخروج

تضاهي النقب حين ظهرن منه ،

وخلف متون ساقيها الخليج

رأيت جمالها تعلو الثنايا ،

كأنّ ذرى هوادجها البروج

وقد مرّت على تربان ، يحدي

بها بالجزع من ملل وسيج

وقال في شرحه : تربان قرية من ملل على ليلة من المدينة ؛ قال ابن مقبل :

شقّت قسيّان وازورّت ، وما علمت

من أهل تربان من سوء ولا حسن

وتربان أيضا في قول أبي الطيب المتنبي يخاطب ناقته حيث قال :

فقلت لها : أين أرض العراق؟

فقالت ونحن بتربان : ها

وهبّت بحسمى هبوب الدّبو

ر ، مستقبلات مهبّ الصبا

قال شرّاح ديوان المتنبي : هو موضع من العراق ، غرّهم قوله ها للإشارة وليس كذلك ، فإنّ شعره يدلّ على أنه قبل حسمى من جهة مصر ، وإنما أراد بقوله ها تقريبا للبعيد ، وهو كما يقول من بخراسان أين مصر أي هي بعيدة ، فكأن ناقته أجابته : إني بسرعتي أجعلها بمنزلة ما تشير إليه ، وفي أخباره أنه رحل من ماء يقال له البقع من ديار أبي بكر فصعد في النّقب المعروف بتربان ، وبه ماء يعرف


بعرندل ، فسار يومه وبعض ليلته ونزل وأصبح فدخل حسمى ، وحسمى فيما حكاه ابن السّكيت بين أيلة وتيه بني إسرائيل الذي يلي أيلة ، وهذا قبل أرض الشام ، فكيف يقال إنه قريب من العراق وبينهما مسيرة شهر وأكثر؟ وقال نصر : تربان صقع بين سماوة كلب والشام.

التُّرْبُ : بالضم ثم السكون ، والباء موحدة : اسم جبل.

تربل : يروى بفتح أوله وثالثه ؛ عن العمراني ، وعن غيره بضمهما ، وفي كتاب نصر بكسرهما : موضع.

تَرْبُولَةُ : بالفتح : قلعة في جزيرة صقلية.

تُرَبَة : بالضم ثم الفتح ؛ قال عرّام : تربة واد بالقرب من مكة على مسافة يومين منها ، يصبّ في ببستان ابن عامر ، يسكنه بنو هلال ، وحواليه من الجبال السراة ويسوم وفرقد ، ومعدن البرم له ذكر في خبر عمر ، رضي الله عنه ، أنفذه رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، غازيا حتى بلغ تربة ؛ وقال الأصمعي : تربة واد للضباب طوله ثلاث ليال ، فيه النخل والزرع والفواكه ، ويشاركهم فيه هلال وعامر ابن ربيعة ؛ قال أحمد بن محمد الهمذاني : تربة وزبية وبيشة هذه الثلاثة أودية ضخام ، مسيرة كل واحد منها عشرون يوما ، أسافلها في نجد وأعاليها في السراة ؛ وقال هشام : تربة واد يأخذ من السراة ويفرغ في نجران ، قال : ونزلت خثعم ما بين بيشة وتربة وما صاقب تلك البلاد إلى أن ظهر الإسلام ، وفي المثل : عرف بطني بطن تربة ؛ قاله عامر بن مالك بن جعفر بن كلاب أبو براء ملاعب الأسنّة في قصة فيها طول ، غاب عن قومه فلما عاد إلى تربة وهي أرضه التي ولد بها ألصق بطنه بأرضها فوجد راحة فقال ذلك. وخبّرني رجل من ساكني الجبلين أن تربة ماء في غربي سلمى.

تَرْجٌ : بالفتح ثم السكون ، وجيم : جبل بالحجاز كثير الأسد ؛ قال أبو أسامة الهذلي :

ألا يا بؤس للدهر الشّعوب ،

لقد أعيا على الصنع الطبيب

يحطّ الصخر من أركان ترج ،

وينشعب المحبّ من الحبيب

وهذا شاهد على أنه جبل ، وقيل : ترج وبيشة قريتان متقاربتان بين مكة واليمن في واد ؛ قال أوس بن مدرك :

تحدّث من لاقيت أنك قاتلي ،

قراقر أعلى بطن أمك أعلم

تبالة ، والعرضان ترج وبيشة ،

وقومي تيم اللات ، والاسم خثعم

وقالت أخت حاجز الأزدي ترثيه :

أحيّ حاجز أم ليس حيّا ،

فيسلك بين خندف والبهيم

ويشرب شربة من ماء ترج ،

فيصدر مشية السبع الكليم

وقيل : ترج واد إلى جنب تبالة على طريق اليمن ، وهناك أصيب بشر بن أبي خازم الشاعر في بعض غزواته ، فرماه نعيم بن عبد مناف بن رياح الباهلي الذي قيل فيه أجرأ من الماشي بترج ، فمات بالرّده من بلاد قيس ، فدفن هناك ، ويحتمل أن يكون المراد بقولهم أجرأ من الماشي بترج الأسد لكثرتها فيه ؛ قال :

وما من مخدر من أسد ترج

ينازلهم لنابيه قبيب


يقال : قبّ الأسد قبيبا إذا صوّت بأنيابه. ويوم ترج : يوم مشهور من أيام العرب ، أسر فيه لقيط ابن زرارة ، أسره الكميت بن حنظلة ، فقال عند ذلك :

وأمكنني لساني من لقيط ،

فراح القوم في حلق الحديد

تَرْجَلَةُ : بفتح الجيم واللام : قرية مشهورة بين إربل والموصل ، من أعمال الموصل ، كان بها وقعة بين عسكر زين الدين مسعود بن مودود بن زنكي بن أقسنقر وبين يوسف بن عليّ كوجك صاحب إربل في سنة ٥٠٨ ، وكان الظفر فيها ليوسف ؛ وبترجلة عين كثيرة الماء كبريتية.

التَّرْجُمَانِيّةُ : محلّة من محالّ بغداد الغربية متصلة بالمراوزة ، تنسب إلى الترجمان بن صالح.

تُرْجِيلَةُ : بالضم ثم السكون ، وكسر الجيم ، وياء ساكنة ، ولام : مدينة بالأندلس من أعمال ماردة ، بينها وبين قرطبة ستة أيام غربا ، وبينها وبين سمّورة من بلاد الفرنج ستة أيام ، ملكها الفرنج سنة ٥٦٠.

تَرْخُمُ : بالفتح ، وضم الخاء المعجمة ، وقيل بضم أوله ، وفتح الخاء : واد باليمن.

تَرْسُخُ : بالفتح ، وضم السين المهملة ، وخاء معجمة :قرية بين باكسايا والبندنيجين ، من أعمال البندنيجين ، وفيها ملاحة واسعة ، أكثر ملح أهل بغداد منها ؛ منها أبو عبد الله عنّان بن مردك الترسخي ، أقام ببغداد مؤذنا ، روى عن أبي بكر أحمد بن عليّ الطّريثيثي وأبي منصور محمد بن أحمد بن عليّ الخياط المقري ، كتب عنه أبو سعد ، ومات بعد سنة ٥٣٧.

تَرَّسَةُ : بفتح أوله ، وتشديد ثانيه وفتحه ، والسين مهملة : من قرى آليش من أعمال طليطلة بالأندلس ؛ ينسب إليها ابن إدريس الترّسي يعرف بابن القطاع ؛ قال أبو طاهر : قال لي ذلك يوسف بن عبد الله بن أحمد الآليشي.

تُرْشِيشُ : بالضم ثم السكون ، وكسر الشين الأولى معجمة ، وياء : ناحية من أعمال نيسابور ، وهي اليوم بيد الملاحدة ، وهي طرثيث ، وستذكر في حرف الطاء.

تَرشِيشُ : بالفتح : هو اسم مدينة تونس التي بإفريقية ؛ قال الحسن بن رشيق القروي : ترشيش اسم مدينة تونس بالرومية ، وقال أبو الحسن محمد بن أحمد بن خليفة التونسي الطريدي ، وكان قد خرج من تونس بسبب غلام هويه ، فكتبت إليه والدته :

وأنت امرؤ منا خلقت لغيرنا ،

حياتك لا نفع وموتك فاجع

قال : فتغفّل أهله ودخل دارهم وكتب على حائطها :

سقيا لمن لم يكن ترشيش منزله ،

ولا رأى دهره من أهلها أحدا

دارا ، إذا زرت أقواما أحبّهم

بها ، أزارتني الأحزان والكمدا

تالله إن أبصرت عيناي قرّتها ،

لا ملت عنها بوجه دونها أبدا

فإن رضيت بها من بعده بلدا ،

إذا فلا قيّض الرحمن لي بلدا

ترْعَبُ : بفتح العين ، والباء موحدة : موضع.

تَرْعُ عُوز : العينان مهملتان ، والواو ساكنة ، وزاي : قرية مشهورة بحرّان من بناء الصابئة ، كان لهم بها هيكل ، وكانوا

يبنون الهياكل على أسماء الكواكب ، وكان الهيكل الذي بهذه القرية باسم


الزّهرة ، ومعنى ترع عوز بلغة الصابئة باب الزهرة ، وأهل حرّان في أيامنا يسمونها ترعوز ، وينسبون إليها نوعا من القثاء يزرعونه بها عذيا.

تُرْعَةُ عَامِرٍ : بالضم : موضع بالصعيد الأعلى على النيل ، يكثر فيه الصرائري ، وهو نوع من السمك صغار ليس في جوفه كثير أذى. وترعة أيضا : موضع بالشام ؛ عن نصر ، ينسب إليه بعض الرّواة.

تُرَف : مثال زفر : جبل لبني أسد ؛ قال بعضهم : أراحني الرحمن من قبل ترف ،

أسفله جدب وأعلاه قرف

وضبطه الأصمعي بفتح أوله وثانيه فقال :

أراحني الرحمن من قبل ترف

والقرف : داء يأخذ المعزى من بول الأروى إذا شمّته ماتت ، ويقال لهذا الداء الأباء.

تَرْفُلانُ : بفتح أوله ، وضم الفاء : موضع بالشام في شعر النّعمان بن بشير الأنصاري حيث قال:

يا خليليّ ودّعا دار ليلى ،

ليس مثلي يحلّ دار الهوان

إن قينيّة تحلّ حفيرا

ومحبّا ، فجنّتي ترفلان

لا تؤاتيك في المغيب ، إذا ما

حال من دونها فروع القنان

إن ليلى ، وإن كلفت بليلى ،

عاقها عنك عائق غير وان

تَرْقُفُ : بضم القاف ، والفاء ؛ قال الأزهري : بلد ، قلت أنا : وأظنّه من نواحي البندنيجين من بلاد العراق ؛ ينسب إليه أبو محمد العباس بن عبد الله بن أبي عيسى التّرقفي الباكسائي أحد الأئمة الأعيان المكثرين ، ومن العباد المجتهدين ، كثير الحديث ، واسع الرواية ، ثقة صدوق حافظ ، رحل في طلب الحديث إلى الشام ، وسمع خلقا ، منهم : محمد بن يوسف الفريابي ، روى عنه أبو بكر بن أبي الدّنيا وإسماعيل بن محمد الصّفّار النحوي ، مات في سنة ٢٦٨ أو ٢٦٧ ؛ وقيل : إن ترقف اسم امرأة نسبت إليها.

تُرْكانُ : بالضم : من قرى مرو معروفة ؛ ذكرها أبو سعد ولم ينسب إليها أحدا.

تُرْكِسْتَانُ : هو اسم جامع لجميع بلاد الترك ؛

وفي الحديث : أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، قال : الترك أول من يسلب أمتي ما خوّلوا ؛

وعن ابن عباس أنه قال : ليكوننّ الملك ، أو قال الخلافة ، في ولدي حتى يغلب على عزهم الحمر الوجوه الذين كأنّ وجوههم المجانّ المطرّقة ؛ وعن أبي هريرة ، رضي الله عنه ، أنه قال : لا تقوم الساعة حتى يجيء قوم عراض الوجوه صغار الأعين فطس الأنوف حتى يربطوا خيولهم بشاطئ دجلة ؛ وعن معاوية : لا تبعثوا الرّابضين اتركوهم ما تركوكم الترك والحبشة ؛ وخبر آخر

عن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : اتركوا الترك ما تركوكم.

وقيل : إن الشاة لا تضع في بلاد الترك أقلّ من أربعة وربما وضعت خمسة أو ستة كما تضع الكلاب ، وأما اثنين أو ثلاثة فإنما يكون نادرا ، وهي كبار جدّا ، ولها ألايا كبار تجرها على الأرض. وأوسع بلاد الترك بلاد التغزغز ، وحدّهم الصين والتّبّت والخرلخ والكيماك والغزّ والجفر والبجناك والبذكش واذكس وخفشاق وخرخيز ، وأول حدّهم من جهة المسلمين فاراب ، قالوا : ومدائنهم المشهورة ست عشرة مدينة ،


والتغزغز في الترك كالبادية ، أصحاب عمد يرحلون ويحلّون ، والبذكشية أهل بلاد وقرّى. وكان هشام بن عبد الملك بعث إلى ملك الترك يدعوه إلى الإسلام ، قال الرسول : فدخلت عليه وهو يتخذ سرجا بيده فقال للترجمان : من هذا؟ فقال : رسول ملك العرب ، قال : غلامي! قال : نعم ، قال : فأسر بي إلى بيت كثير اللحم قليل الخبز ، ثم استدعاني وقال لي : ما بغيتك؟ فتلطّفت له وقلت : إن صاحبي يريد نصيحتك ويراك على ضلال ويحبّ لك الدخول في الإسلام ، قال : وما الإسلام؟ فأخبرته بشرائطه وحظره وإباحته وفروضه وعبادته ، فتركني أياما ثم ركب ذات يوم في عشرة أنفس مع كل واحد منهم لواء وأسر بحملي معه ، فمضينا حتى صعد تلّا وحول التلّ غيضة ، فلما طلعت الشمس أمر واحدا من أولئك أن ينشر لواءه ويليح به ، ففعل ، فوافى عشرة آلاف فارس مسلّح كلّهم يقول : جاه جاه ، حتى وقفوا تحت التلّ وصعد مقدّمهم فكفّر للملك ، فما زال يأمر واحدا واحدا أن ينشر لواءه ويليح به ، فإذا فعل ذلك وافى عشرة آلاف فارس مسلّح فيقف تحت التلّ حتى نشر الألوية العشرة وصار تحت التلّ مائة ألف فارس مدجّج ، ثم قال للترجمان : قل لهذا الرسول يعرّف صاحبه أن ليس في هؤلاء حجّام ولا إسكاف ولا خياط فإذا أسلموا والتزموا شروط الإسلام من أين يأكلون؟ ومن ملوك الترك كيماك دون ألفين ، وهم بادية يبيعون الكلأ ، فإذا ولد للرجل ولد ربّاه وعاله وقام بأمره حتى يحتلم ثم يدفع إليه قوسا وسهاما ويخرجه من منزله ويقول له : احتل لنفسك ، ويصيّره بمنزلة الغريب الأجنبي ؛ ومنهم من يبيع ذكور ولده وإناثهم بما ينفقونه ؛ ومن سنتهم أن البنات البكور مكشفات الرءوس ، فإذا أراد الرجل أن يتزوّج ألقى على رأس إحداهن ثوبا فإذا فعل ذلك صارت زوجته لا يمنعها منه مانع ؛ وذكر تميم بن بحر المطّوّعي أن بلدهم شديد البرد ، وإنما يسلك فيه ستة أشهر في السنة ، وأنه سلك في بلاد خاقان التغزغزي على بريد أنفذه خاقان إليه وأنه كان يسير في اليوم والليلة ثلاث سكك بأشد سير وأحثه ، فسار عشرين يوما في بواد فيها عيون وكلأ وليس فيها قرية ولا مدينة إلا أصحاب السكك ، وهم نزول في خيام ، وكان حمل معه زادا لعشرين يوما ، ثم سافر بعد ذلك عشرين يوما في قرى متصلة وعمارات كثيرة ، وأكثر أهلها عبدة نيران على مذهب المجوس ، ومنهم زنادقة على مذهب ماني ، وأنه بعد هذه الأيام وصل إلى مدينة الملك وذكر أنها مدينة حصينة عظيمة حولها رساتيق عامرة وقرى متصلة ولها اثنا عشر بابا من حديد مفرطة العظم ، قال : وهي كثيرة الأهل والزحام والأسواق والتجارات ، والغالب على أهلها مذهب الزنادقة ، وذكر أنه حزر ما بعدها إلى بلاد الصين مسيرة ثلاثمائة فرسخ ، قال : وأظنه أكثر من ذلك ، قال : وعن يمين بلدة التغزغز بلاد الترك لا يخالطها غيرهم ، وعن يسار التغزغز كيماك وأمامها بلاد الصين ، وذكر أنه نظر قبل وصوله إلى المدينة خيمة الملك من ذهب وعلى رأس قصره تسعمائة رجل ، وقد استفاض بين أهل المشرق أن مع الترك حصى يستمطرون به ، ويجيئهم الثلج حين أرادوا.

وذكر أحمد بن محمد الهمذاني عن أبي العباس عيسى ابن محمد المروزي قال : لم نزل نسمع في البلاد التي من وراء النهر وغيرها من الكور الموازية لبلاد الترك الكفرة الغزّيّة والتغزغزية والخزلجية ، وفيهم المملكة ، ولهم في أنفسهم شأن عظيم ونكاية في الأعداء شديدة ،


إن من الترك من يستمطر في السفارة وغيرها فيمطر ويحدث ما شاء من برد وثلج ونحو ذلك ، فكنا بين منكر ومصدق ، حتى رأيت داود بن منصور بن أبي علي الباذغيسي ، وكان رجلا صالحا قد تولى خراسان ، فحمد أمره بها ، وقد خلا بابن ملك الترك الغزية ، وكان يقال له بالقيق بن حيّويه ، فقال له : بلغنا عن الترك أنهم يجلبون المطر والثلج متى شاءوا فما عندك في ذلك؟ فقال : الترك أحقر وأذلّ عند الله من أن يستطيعوا هذا الأمر ، والذي بلغك حق ولكن له خبر أحدثك به : كان بعض أجدادي راغم أباه ، وكان الملك في ذلك العصر قد شذّ عنه واتخذ لنفسه أصحابا من مواليه وغلمانه وغيرهم ممن يجب الصعلكة ، وتوجه نحو شرق البلاد يغير على الناس ويصيد ما يظهر له ولأصحابه ، فانتهى به المسير إلى بلد ذكر أهله أن لا منفذ لأحد وراءه ، وهناك جبل ، قالوا : إنّ الشمس تطلع من وراء هذا الجبل ، وهي قريبة من الأرض جدّا ، فلا تقع على شيء إلا أحرقته ، قال : أو ليس هناك ساكن ولا وحش؟ قالوا : بلى ، قال : فكيف يتهيأ لهم المقام على ما ذكرتم؟ قالوا : أما الناس فلهم أسراب تحت الأرض وغيران في الجبال ، فإذا طلعت الشمس بادروا إليها واستكنوا فيها حتى ترتفع الشمس عنهم فيخرجون ، وأما الوحوش فإنها تلتقط حصّى هناك قد ألهمت معرفته ، فكلّ وحشيّة تأخذ حصاة بفيها وترفع رأسها إلى السماء فتظلّلها وتبرز عند ذلك غمامة تحجب بينها وبين الشمس ، قال : فقصد جدي تلك الناحية فوجد الأمر على ما بلغه ، فحمل هو وأصحابه على الوحوش حتى عرف الحصى والتقطه ، فحملوا منه ما قدروا عليه إلى بلادهم ، فهو معهم إلى الآن ، فإذا أرادوا المطر حرّكوا منه شيئا يسيرا فينشأ الغيم فيوافي المطر ، وإن أرادوا الثلج والبرد زادوا في تحريكه فيوافيهم الثلج والبرد ، فهذه قصتهم ، وليس ذلك من حيلة عندهم ، ولكنه من قدرة الله تعالى.

قال أبو العباس : وسمعت إسماعيل بن أحمد الساماني أمير خراسان يقول : غزوت الترك في بعض السنين في نحو عشرين ألف رجل من المسلمين ، فخرج إليّ منهم ستون ألفا في السلاح الشاك ، فواقعتهم أياما ، فإني ليوما في قتالهم إذ اجتمع إليّ خلق من غلمان الأتراك وغيرهم من الأتراك المستأمنة فقالوا لي : إن لنا في عسكر الكفرة قرابات وإخوانا ، وقد أنذرونا بموافاة فلان ، قال : وكان هذا الذي ذكروه كالكاهن عندهم ، وكانوا يزعمون أنه ينشئ سحاب البرد والثلج وغير ذلك ، فيقصد بها من يريد هلاكه ، وقالوا : قد عزم أن يمطر على عسكرنا بردا عظاما لا يصيب البرد إنسانا إلا قتله ، قال : فانتهرتهم وقلت لهم : ما خرج الكفر من قلوبكم بعد ، وهل يستطيع هذا أحد من البشر؟ قالوا : قد أنذرناك وأنت أعلم غدا عند ارتفاع النهار ؛ فلما كان من الغد وارتفاع النهار نشأت سحابة عظيمة هائلة من رأس جبل كنت مستندا بعسكري إليه ثم لم تزل تنتشر وتزيد حتى أظلّت عسكري كله ، فهالني سوادها وما رأيت منها وما سمعت فيها من الأصوات الهائلة وعلمت أنها فتنة ، فنزلت عن دابّتي وصلّيت ركعتين وأهل العسكر يموج بعضهم في بعض وهم لا يشكّون في البلاء ، فدعوت الله وعفرت وجهي في التراب وقلت : اللهم أغثنا فإن عبادك يضعفون عن محنتك وأنا أعلم أن القدرة لك وأنه لا يملك الضرّ والنّفع الا أنت ، اللهم إن هذه السحابة إن أمطرت علينا كانت فتنة للمسلمين وسطوة للمشركين ، فاصرف عنا شرها


بحولك وقوتك يا ذا الجلال والحول والقوة ؛ قال : وأكثرت الدعاء ووجهي على التراب رغبة ورهبة إلى الله تعالى وعلما أنه لا يأتي الخير إلا من عنده ولا يصرف السوء غيره ، فبينما أنا كذلك إذ تبادر إليّ الغلمان وغيرهم من الجند يبشرونني بالسلامة وأخذوا بعضدي ينهضونني من سجدتي ويقولون : انظر أيها الأمير ، فرفعت رأسي فإذا السحابة قد زالت عن عسكري وقصدت عسكر الترك تمطر عليهم بردا عظاما وإذا هم يموجون ، وقد نفرت دوابهم وتقلّعت خيامهم ، وما تقع بردة على واحد منهم إلا أوهنته أو قتلته ، فقال أصحابي : نحمل عليهم؟ فقلت : لا ، لأن عذاب الله أدهى وأمرّ ، ولم يفلت منهم إلا القليل ، وتركوا عسكرهم بجميع ما فيه وهربوا ، فلما كان من الغد جئنا إلى معسكرهم فوجدنا فيه من الغنائم ما لا يوصف ، فحملنا ذلك وحمدنا الله على السلامة وعلمنا أنه هو الذي سهل لنا ذلك وملكناه ؛ قلت : هذه أخبار سطرتها كما وجدتها ، والله أعلم بصحتها.

تَرْمُدُ : بالفتح ثم السكون ، وضم الميم ، والدال مهملة : موضع في بلاد بني أسد أقطعه النبي ، صلى الله عليه وسلم ، حصين بن نضلة الأسدي ؛ وعن عمرو بن حزم قال : كتب رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، بسم الله الرحمن الرحيم ـ هذا كتاب من محمد رسول الله لحصين بن نضلة الأسدي أن له ترمد وكثيفة لا يحاقه فيهما أحد ؛ وكتب المغيرة : قال أبو بكر محمد بن موسى كذا رأيته مكتوبا في غير موضع وكذا قيده أبو الفضل بن ناصر وكان صحيح الضبط ، وقد رأيته أيضا في غير موضع ثرمداء ، أوله ثاء مثلثة والميم مفتوحة وبعد الدال المهملة ألف ممدودة ، وهو الصحيح عندي ، غير أني نقلت الكل كما وجدته وسمعته ، والتحقيق فيه في زماننا متعذر ؛ قلت أنا : وعندي أن ترمد غير ثرمداء لأن ثرمداء ماء لبني سعد بن زيد مناة ابن تميم بالستارين وآخر باليمامة ، وترمد ماء لبني أسد.

تِرْمِذُ : قال أبو سعد : الناس مختلفون في كيفية هذه النسبة ، بعضهم يقول بفتح التاء وبعضهم يقول بضمها وبعضهم يقول بكسرها ، والمتداول على لسان أهل تلك المدينة بفتح التاء وكسر الميم ، والذي كنا نعرفه فيه قديما بكسر التاء والميم جميعا ، والذي يقوله المتأنقون وأهل المعرفة بضم التاء والميم ، وكلّ واحد يقول معنى لما يدعيه. وترمذ : مدينة مشهورة من أمهات المدن ، راكبة على نهر جيحون من جانبه الشرقي ، متصلة العمل بالصغانيان ، ولها قهندز وربض ، يحيط بها سور ، وأسواقها مفروشة بالآجر ، ولهم شرب يجري من الصغانيان لأن جيحون يستقلّ عن شرب قراهم ؛ وقال نهّار بن توسعة يذمّ قتيبة بن مسلم الباهلي ويرثي يزيد بن المهلّب :

كانت خراسان أرضا ، إذ يزيد بها ،

وكلّ باب من الخيرات مفتوح

فاستبدلت قتبا جعدا أنامله ،

كأنما وجهه بالخلّ منضوح

هبّت شمالا خريقا أسقطت ورقا ،

واصفرّ بالقاع بعد الخضرة الشيح

فارحل ، هديت ، ولا تجعل غنيمتنا

ثلجا تصفّقه بالترمذ الريح

إن الشتاء عدوّ لا نقابله

فارحل ، هديت ، وثوب الدّفء مطروح

وتروى الثلاثة أبيات الأخيرة لمالك بن الرّيب في


سعيد بن عثمان بن عفان ؛ والمشهور من أهل هذه البلدة أبو عيسى محمد بن عيسى بن سورة الترمذي الضرير صاحب الصحيح أحد الأئمة الذين يقتدى بهم في علم الحديث ، صنف الجامع والعلل تصنيف رجل متقن ، وبه كان يضرب المثل ، تلمذ لمحمد بن إسماعيل البخاري وشاركه في شيوخه قتيبة بن سعيد وعلي بن حجر وابن بشّار وغيرهم ، روى عنه أبو العباس المحبوبي والهيثم بن كليب الشاشي وغيرهما ، توفي بقرية بوغ سنة نيف وسبعين ومائتين ؛ وأبو إسماعيل محمد بن إسماعيل بن يوسف الترمذي السّلمي ، سمع أبا نعيم الفضل بن دكين وطبقته ، وكان فهما متقنا مشهورا بمذهب السنّة ، سكن بغداد وحدث بها ، وروى عنه ابن أبي الدنيا والقاضي أبو عبد الله المحاملي وأبو عيسى الترمذي وأبو عبد الرحمن النسائي في صحيحيهما ، ومات ببغداد سنة ٢٨٠ ؛ وينسب إليها غيرهما ، وأحمد بن الحسن بن جنيدب أبو الحسن الترمذي الحافظ ، رحّال طوّف الشام والعراق وسمع بمصر سعيد بن الحكم بن أبي مريم وكثير بن عفير ، وبالشام آدم بن أبي إياس ، وبالعراق أبا نعيم وأحمد بن حنبل وطبقتهما ، وروى عنه البخاري في صحيحه والترمذي في جامعه وأبو بكر بن خزيمة وغيرهم.

تُرْمُسَانُ : بالضم ثم السكون ، وضم الميم ، والسين مهملة ؛ قال أبو سعد : وظنّي أنها من قرى حمص ؛ منها أبو محمد القاسم بن يونس التّرمساني الحمصي ، روى عن عصام بن خالد ، حدث عنه ابن أبي حاتم قال : وكان صدوقا.

تَرْمُسُ : موضع قرب القنان من أرض نجد ، وقال نصر : التّرمس ماء لبنى أسد.

تَرْمُ : بالفتح ؛ قال نصر : اسم قديم لمدينة أوال بالبحرين.

تُرْنَاوَذ : بالضم ثم السكون ، ونون ، وألف ، وواو مفتوحة ، وذال معجمة : من قرى بخارى ؛ منها أبو حامد أحمد بن عيسى المؤدب التّرناوذي ، يروي عن أبي الليث نصر بن الحسين ومحمد بن المهلّب ويحيى بن جعفر ، روى عنه أبو محمد عبد الله بن عامر ابن أسد المستملي.

تُرُنْجَةُ : بلفظ واحدة التّرنج من الثمر : بليدة بين آمل وسارية من نواحي طبرستان ؛ منها محمد بن إبراهيم التّرنجي.

تَرْنَكُ : بالفتح ثم السكون ، وفتح النون ، وكاف : بلد بناحية بست ، له ذكر في الفتوح ؛ وفي كتاب نصر : ترنك واد بين سجستان وبست ، وهو إلى بست أقرب.

تُرَنُ : بوزن زفر ، بضم أوله ، وفتح ثانيه ، ونون : ناحية بين مكة وعدن ويليهما موزع ، وهو المنزل الخامس لحاجّ عدن.

تَرْنُوطُ : بالفتح ثم السكون ، وضم النون ، وواو ساكنة ، وطاء مهملة : قرية بين مصر والإسكندرية كان بها وقعة بين عمرو بن العاص والروم أيام الفتوح ، وهي قرية كبيرة جامعة على النيل ، فيها أسواق ومسجد جامع وكنيسة خراب كبيرة ، خرّبتها كتامة مع القاسم بن عبيد الله ، وبها معاصر للسكر وبساتين ، وأكثر فواكه الإسكندرية منها ؛ قالوا : لا تطول الأعمار كما تطول بترنوط وفرغانة.

تَرُوجَةُ : بالفتح ثم الضم ، وسكون الواو ، وجيم : قرية بمصر من كورة البحيرة من أعمال الإسكندرية ،


أكثر ما يزرع بها الكمون ، وقيل اسمها ترنجة ؛ ينسب إليها أبو محمد عبد الكريم بن أحمد بن فرّاج التّروجي ، سمع السلفي وذكر في معجمه وقال : أجلّ شيح له أبو بكر محمد بن إبراهيم بن الحسين الرازي الحنفي ، وبه كان افتخاره.

تُرُوغْبَذ : الواو والغين المعجمة ساكنتان ، والباء موحدة مفتوحة ، والذال معجمة ، أيضا : قرية من قرى طوس على أربعة فراسخ منها ؛ خرج منها جماعة من المحدثين والزّهاد ، منهم : أبو الحسن النعمان بن محمد بن أحمد بن الحسين بن النعمان الطوسي التّروغبذي ، سمع محمد بن إسحاق بن خزيمة ، وروى عنه الحاكم أبو عبد الله ، وهو من المكثرين ، وتوفي قبل سنة ٣٥٠.

تَرُوقُ : بالقاف ، بلفظ المضارع ، من راقت المرأة تروق : اسم هضبة.

التَّرْويح : من أيام العرب.

التَّرْوِيَةُ : بمكة ، سمي بذلك لأنهم كانوا يتروّون به من الماء أي يحملونه في الروايا منه إلى عرفة لأنه لم يكن بعرفة ماء ؛ قاله عياض.

تُرْيادَةُ : بالضم : قرية باليمن من مخلاف بعدان.

تِرْياعُ : بالكسر ، وآخره عين مهملة ؛ قرأت بخط أحمد ابن أحمد يعرف بأخي الشافعي في شعر جرير رواية السكّري : والترياع ماء لبني يربوع ؛ قال جرير :

خبّر عن الحيّ بالتّرياع ، غيّره

ضرب الأهاضيب والنّأآجة العصف

كأنه ، بعد تحنان الرياح به ،

رقّ تبيّن فيه اللام والألف

خبّر عن الحيّ سرّا أو علانية.

جادتك مدجنة في عينها وطف

تِرْيَاقُ : بالكسر ، وهو بلفظ الدواء المركب النافع من السموم وغيرها : من قرى هراة ؛ منها أبو نصر عبد العزيز بن محمد بن ثمامة الترياقي ، روى عن أبي محمد عبد الجبار بن محمد بن عبد الله الجرّاحي المروزي وأبي القاسم إبراهيم بن علي وغيرهما من الهرويّين ، روى عنه أبو الفتح عبد الملك بن عبد الله الكروخي ، وهو آخر من حدّث عنه ببغداد ، وأبو جعفر حنبل بن علي بن الحسين الصوفي السّجزي وغيره ، مات الترياقي في شهر رمضان سنة ٤٨٣ بهراة ودفن بباب خشك ؛ قاله أبو سعد.

تَريكُ : بكسر الرّاء ، وياء ساكنة ، وكاف : موضع باليمن من أسافله ، وهو مياه ومغايض ، وفيه روضة ذكرت في الرياض.

تَرِيمُ : اسم إحدى مدينتي حضرموت لأن حضرموت اسم للناحية بجملتها ، ومدينتاها شبام وتريم ، وهما قبيلتان سمّيت المدينتان باسميهما ؛ قال الأعشى :

طال الثّواء على تريم ،

وقد نأت بكر بن وائل

تِريَمُ : بالكسر ، وفتح الياء : اسم واد بين المضايق ووادي ينبع ؛ قال ابن السّكّيت : ثم قريب من مدين ؛ قال كثيّر :

أقول ، وقد جاوزت من صحن رابغ

سهامه غبرا يفرع الأكم آلها :

أألحيّ أم صيران دوم تناوحت

بتريم قصرا ، واستحثّت شمالها؟

وقال الفضل بن العباس اللهبي :

كأنهم ، ورقاق الريط تحملهم ،

وقد تولّوا لأرض قصدها عمر


دوم بتريم ، هزّته الدّبور على

سوف ، تفرّعه بالجمل محتضر

باب التاء والزاي وما يليهما

تَزَاخى : بالفتح ، والخاء المعجمة : من قرى بخارى.

تِزْمَنْت : بالكسر ثم السكون ، وفتح الميم ، وسكون النون ، والتاء مثناة : قرية من عمل البهنسا على غربي النيل من الصعيد.

باب التاء والسين وما يليهما

تَسارَس : بالفتح ، والسينان مهملتان ؛ خبّرني الحافظ أبو عبد الله بن النجار قال : ذكر لي أبو البركات محمد ابن أبي الحسن عليّ بن عبد الوهاب بن حليف أن تسارس قصر ببرقة ، وأن أصل أجداده منه ، روى أبو البركات عن السلفي ، وكان أبوه أبو الحسن من الأعيان ، مدحه ابن قلاقس ، وله أيضا شعر ، وهو الذي جمع شعر ابن قلاقس ، واسمه أبو الفتح نصر الله بن قلاقس ؛ ومن هذا القصر أيضا أبو الحسين زيد بن عليّ التسارسي ، كان فقيها فاضلا ؛ وابنه أبو الرّضا عليّ بن زيد بن عليّ الخياط التسارسي ، روى عن السلفي أبي طاهر ، روى عنه جماعة ، منهم الحافظ أبو عبد الله محمد بن محمود بن النجار البغدادي قال : وقال لي كان جدّي من تسارس وولد أبي بالاسكندرية ؛ ولابن قلاقس الاسكندري في زيد أهاج ، منها :

رقّق نجل التسارسيّ المعاني

في الحديث ، الذي يضاف إليه

صار يجري على الجواري الجواري ،

ويعاني اقتضاضها بيديه

تُستَر : بالضم ثم السكون ، وفتح التاء الأخرى ، وراء : أعظم مدينة بخوزستان اليوم ، وهو تعريب شوشتر ؛ وقال الزّجّاجي : سمّيت بذلك لأن رجلا من بني عجل يقال له تستر بن نون افتتحها فسميت به وليس بشيء ، والصحيح ما ذكره حمزة الأصبهاني قال : الشوشتر مدينة بخوزستان ، تعريب شوش بإعجام الشينين ، قال : ومعناه النزه والحسن والطيب واللطيف ، فبأيّ الأسماء وسمتها من هذه جاز ، قال : وشوشتر معناه معنى أفعل ، فكأنه قال : أنزه وأطيب وأحسن ، يعني أن زيادة التاء والراء بمعنى أفعل ، فإنهم يقولون للكبير بزرك ، فإذا أرادوا أكبر قالوا بزرگتر مطرد ، قال : والسّوس مختطّة على شكل باز ، وتستر مختطّة على شكل فرس ، وجندي سابور مختطّة على شكل رقعة الشطرنج ، وبخوزستان أنهار كثيرة ، وأعظمها نهر تستر ، وهو الذي بنى عليه سابور الملك شاذروان بباب تستر حتى ارتفع ماؤه إلى المدينة ، لأن تستر على مكان مرتفع من الأرض ، وهذا الشاذروان من عجائب الأبنية ، يكون طوله نحو الميل ، مبني بالحجارة المحكمة والصخر وأعمدة الحديد وبلاطه بالرصاص ، وقيل : إنه ليس في الدنيا بناء أحكم منه ؛ قال أبو غالب شجاع بن فارس الذهلي : كتبت إلى ١ أبي عبد الله الحسين بن أحمد بن الحسين السكري وهو بتستر أتشوّقه :

ريح الصباء ، إذا مررت بتستر

والطيّب خصّيها ، بألف سلام

وتعرّفي خبر الحسين ، فإنه

مذ غاب أودعني لهيب ضرام

قولي له : مذ غبت عني لم أذق ،

شوقا إلى لقياك ، طيب منام


والله ما يوم يمرّ وليلة ،

إلّا وأنت تزور في الأحلام

قال : فأجابني من تستر :

مرّت بنا ، بالطيب ثم بتستر ،

ريح روائحها كنشر مدام

فتوقّفت حسنى إليّ ، وبلّغت

أضعاف ألف تحية وسلام

وسألت عن بغداد كيف تركتها؟

قالت : كمثل الروض غبّ غمام

فلكدت من فرح أطير صبابة ،

وأصول من جذل على الأيام

ونسيت كلّ عظيمة وشديدة ،

وظننتها حلما من الأحلام

وبتستر قبر البراء بن مالك الأنصاري ، وكان يعمل بها ثياب وعمائم فائقة ، ولبس يوما الصاحب بن عبّاد عمامة بطراز عريض من عمل تستر ، فجعل بعض جلسائه يتأمّلها ويطيل النظر إليها ، فقال الصاحب : ما عملت بتستر لتستر ؛ قلت : وهذا من نوادر الصاحب.

وقال ابن المقفّع : أول سور وضع في الأرض بعد الطوفان سور السوس وسور تستر ، ولا يدرى من بناهما ، والأبلّة ، وتفرّد بعض الناس بجعل تستر مع الأهواز وبعضهم بجعلها مع البصرة ؛ وعن ابن عون مولى المسور قال : حضرت عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، وقد اختصم إليه أهل الكوفة والبصرة في تستر وكانوا حضروا فتحها ، فقال أهل الكوفة : هي من أرضنا ، وقال أهل البصرة : هي من أرضنا ، فجعلها عمر بن الخطاب من أرض البصرة لقربها منها.

وأما فتحها فذكر البلاذري أن أبا موسى الأشعري لما فتح سرّق سار منها إلى تستر وبها شوكة العدوّ وحدّهم ، فكتب إلى عمر ، رضي الله عنه ، يستمدّه ، فكتب عمر إلى عمار بن ياسر يأمره بالمسير إليه في أهل الكوفة ، فقدّم عمار جرير بن عبد الله البجلي وسار حتى أتى تستر ، وكان على ميمنة أبي موسى البراء بن مالك أخو أنس بن مالك ، رضي الله عنه ، وكان على ميسرته مجزأة بن ثور السّدوسي وعلى الخيل أنس بن مالك وعلى ميمنة عمار البراء بن عازب الأنصاري وعلى ميسرته حذيفة بن اليمان العبسي وعلى خيله قرظة بن كعب الأنصاري وعلى رجاله النعمان ابن مقرّن المزني ، فقاتلهم أهل تستر قتالا شديدا ، وحمل أهل البصرة وأهل الكوفة حتى بلغوا باب تستر ، فضاربهم البراء بن مالك على الباب حتى استشهد ودخل الهرمزان وأصحابه إلى المدينة بشرّ حال ، وقد قتل منهم في المعركة تسعمائة وأسر ستمائة ضربت أعناقهم بعد ، وكان الهرمزان من أهل مهرجان قذق ، وقد حضر وقعة جلولاء مع الأعاجم ، ثم إن رجلا من الأعاجم استأمن إلى المسلمين فأسلم واشترط أن لا يعرض له ولولده ليدلّهم على عورة العجم ، فعاقده أبو موسى على ذلك ووجّه معه رجلا من بني شيبان يقال له أشرس بن عوف ، فخاض به على عرق من حجارة حتى علا به المدينة وأراه الهرمزان ثم ردّه إلى المعسكر ، فندب أبو موسى أربعين رجلا مع مجزأة بن ثور وأتبعهم مائتي رجل ، وذلك في الليل ، والمستأمن تقدّمهم حتى أدخلهم المدينة ، فقتلوا الحرس وكبّروا على سور المدينة ، فلما سمع الهرمزان ذلك هرب إلى قلعته ، وكانت موضع خزائنه وأمواله ، وعبر أبو موسى حين أصبح حتى دخل المدينة واحتوى عليها ، وجعل الرجل من الأعاجم يقتل أهله وولده ويلقيهم في دجيل خوفا من أن تظفر بهم العرب ،


وطلب الهرمزان الأمان فأبى أبو موسى أن يعطيه ذلك إلّا على حكم عمر ، رضي الله عنه ، فنزل على ذلك ، فقتل أبو موسى من كان في القلعة جهرا ممن لا أمان له وحمل الهرمزان إلى عمر فاستحياه إلى أن قتله عبيد الله بن عمر ، إذ اتّهمه بموافقة أبي لؤلؤة على قتل أبيه ؛ وينسب إلى تستر جماعة ، منهم : سهل بن عبد الله بن يونس بن عيسى بن عبد الله التستري شيخ الصوفية ، صحب ذا النون المصري ، وكانت له كرامات ، وسكن البصرة ، ومات سنة ٢٨٣ وقيل سنة ٢٧٣ ؛ وأما أحمد بن عيسى بن حسّان أبو عبد الله المصري يعرف بالتستري ، قيل إنه كان يتّجر في الثياب التسترية ، وقيل كان يسافر إلى تستر ، حدث عن مفضّل بن فضالة المصري ورشيد بن سعيد المهري ، روى عنه مسلم بن الحجاج النيسابوري وإبراهيم الحربي وابن أبي الدّنيا وعبد الله بن محمد البغوي ، وسمع يحيى بن معين يحلف بالله الذي لا إله إلا هو أنه كذاب ، وذكره أبو عبد الرحمن النسائي في شيوخه وقال : لا بأس به ، ومات بسامرّاء سنة ٢٤٣.

التُّستَرِيُّون : جمع نسبة الذي قبله : محلّة كانت ببغداد في الجانب الغربي بين دجلة وباب البصرة ؛ عن ابن نقطة ، يسكنها أهل تستر ، وتعمل بها الثياب التّسترية ؛ ينسب إليها أبو القاسم هبة الله بن أحمد بن عمر الحريري التّستري المقري ، سمع أبا طالب العشاري وأبا إسحاق البرمكي وغيرهما ، وانفرد بالرواية عن ابن شيخ الحروري ، روى عنه خلق كثير ، آخرهم أبو اليمن الكندي ، مولده سنة ٤٣٥ ؛ وشجاع بن عليّ الملاح التستري ، حدث عن أبي القاسم الحريري ، سمع منه محمد بن مشق ؛ وعبد الرّزاق بن أحمد بن محمد البقال التّستري ، كان ورعا صالحا ، توفي في شهر رمضان سنة ٤٦٨ حدثا ؛ وبركة بن نزار بن عبد الواحد أبو الحسين التّستري ، حدث عن أبي القاسم الحريري وغيره ، وتوفي سنة ٦٠٠ ؛ وأخوه عبد الواحد بن نزار أبو نزار ، حدث عن عمر بن عبد الله الحربي وأبي الحسن عليّ بن محمد ابن أبي عمر البزاز بالمجلس الأول من أمالي طراد ، سمع منه الإمام الحافظ ابن نقطة وذكر ذلك من شجاع إلى هنا.

التَّسْرِيرُ : بالفتح ثم السكون ، وكسر الراء ، وياء ساكنة ، وراء ؛ قال أبو زياد الكلابي : التسرير ذو بحار ، وأسفله حيث انتهت سيوله سمّي السّرّ ؛ قال : وقال أعرابي طاح في بعض القرى لمرض أصابه فسأله من يأتيه أي شيء تشتهي؟ فقال :

إذا يقولون : ما يشفيك؟ قلت لهم :

دخان رمث من التسرير يشفيني

مما يضمّ إلى عمران حاطبه

من الجنينة ، جزلا غير موزون

الرّمث : وقود وحطب حارّ ودخانه ينفع من الزّكام ؛ وقال أبو زياد في موضع آخر : ذو بحار واد يصب أعلاه في بلاد بني كلاب ثم يسلك نحو مهبّ الصبا ويسلك بين الشّريف شريف بني نمير وبين جبلة في بلاد بني تميم حتى ينتهي إلى مكان يقال له التّسرير من بلاد عكل ، قال : وفي التسرير أثناء ، وهي المعاطف ، فيه منها ثني لغنيّ بن أعصر وثني نمير بن عامر ، وفيه ماء يقال له الغريفة وجبل يقال له الغريف ، وثني لبني ضبّة لهم فيه مياه ودار واسعة ، ثم سائر التسرير إلى أن ينتهي في بلاد تميم ؛ قال الراعي :

حيّ الديار ، ديار أم بشير ،

بنو يعتين فشاطئ التسرير


لعبت بها صفة النّعامة بعد ما

زوّارها من شمأل ودبور(١)

باب التاء والشين وما يليهما

تُشْكِيدَزَه : بالضم ثم السكون ، وكسر الكاف ، وياء ساكنة ، ودال مهملة مفتوحة ، وزاي : من قرى سمرقند ؛ منها أحمد بن محمد التشكيدزي ، حدثنا عنه الإمام السعيد أبو المظفر بن أبي سعد.

تُشُمَّس : بضمتين ، وتشديد الميم ، والسين المهملة : مدينة قديمة بالمغرب ، عليها سور من البناء القديم ، تركب وادي شفدد ، وبينها وبين البحر المغربي نحو ميل ، ويمد وادي شفدد شعبتين تقع إليه إحداهما من بلد دنهاجة من جبلي البصرة ، والثانية من بلد كتامة ، وكلاهما ماء كثير ، وفيه يحمل أهل البصرة تجاراتهم في المراكب ثم يخرجون إلى البحر المحيط ويعودون إلى البحر الغربي فيسيرون حيث شاءوا منه ، وبين مدينة تشمّس هذه وبين البصرة دون مرحلة على الظهر ، وهي دون طنجة بأيام كثيرة.

باب التاء والصاد وما يليهما

تُصْلَبُ : بالضم ثم السكون ، وفتح اللام ، والباء موحدة : ماء ينجد لبني إنسان من جشم بن معاوية ابن بكر بن هوازن ؛ قال :

تذكّرت مشربها من تصلبا ،

ومن بريم قصبا مثقّبا

وقال أبو زياد الكلابي : تصلب من مياه بني فزارة يسمّى الحرث ؛ وأنشد :

يا ابن أبي المضرب ، يا ذا المشعب ،

تعلّمن سقيها بتصلب.

تَصيلُ : بالفتح ثم الكسر ، وياء ساكنة ، ولام ؛ قال السكريّ : تصيل بئر في ديار هذيل ، وقيل : شعبة من شعب الوادي ؛ قال المذال بن المعترض :

ونحن منعنا ، من تصيل وأهلها ،

مشاربها من بعد ظمإ طويل

باب التاء والضاد وما يليهما

تُضَاعُ : بالضم ؛ قال نصر : هو واد بالحجاز لثقيف وهوازن ، وقيل بالباء.

تُضَارُعُ : بضم الراء على تفاعل ؛ عن ابن حبيب ، ولا نظير له في الأبنية ، ويروى بكسر الراء : جبل بتهامة لبني كنانة ؛ وينشد قول أبي ذؤيب على الروايتين :

كأن ثقال المزن ، بين تضارع

وشابة ، برك من جذام لبيج

وقال الواقدي : تضارع جبل بالعقيق ؛ وفي الحديث : إذا سال تضارع فهو عام ربيع ؛ وقال الزبير: الجمّاوات ثلاث ، فمنها جمّاء تضارع التي تسيل على قصر عاصم وبئر عروة وما والى ذلك ؛ وفيها يقول أحيحة بن الجلاح :

إني ، والمعشر الحرام وما

حجّت قريش له وما شعروا ،

لا آخذ الخطّة الدنية ما

دام يرى من تضارع حجر

تَضْرُعُ : بفتح أوله ، وسكون ثانيه ، وضم الراء ، ورواه بعضهم تضرع ، بكسر أوله وفتح رائه : وهو جبل لكنانة قرب مكة ؛ قال كثيّر :

تفرّق أهواء الحجيج إلى منى ،

وصدّعهم شعب النّوى مشي أربع

__________________

(١) هكذا في الأصل.


فريقان منهم سالك بطن نخلة ،

ومنهم طريق سالك حزم تضرع

تَضْرُوعُ : بزيادة واو ساكنة : موضع عقر به عامر ابن الطفيل فرسه ؛ قال :

ونعم أخو الصّعلوك أمس تركته

بتضروع ، يمري باليدين ويعسف

تَضْلالُ : بالفتح : موضع في قول وعلة الجرمي :

يا ليت أهل حمى كانوا مكانهم

يوم الصبابة ، إذ يقعدن باللّجم

إن يحلف اليوم أشياعي فهمتهم

ليقدعنّ ، فلم أعجر ولم ألم

إن يقتلوها ، فقد جرّت سنابكها

بالجزع أسفل من تضلال ذي سلم

باب التاء والطاء وما يليهما

تُطِيلَةُ : بالضم ثم الكسر ، وياء ساكنة ، ولام : مدينة بالأندلس في شرقي قرطبة تتصل بأعمال أشقة ، هي اليوم بيد الروم ، شريفة البقعة غزيرة المياه كثيرة الأشجار والأنهار ، اختطت في أيام الحكم بن هشام ابن عبد الرحمن بن معاوية ؛ وقال أبو عبيد البكري : كان على رأس الأربعمائة بتطيلة امرأة لها لحية كاملة كلحية الرجال ، وكانت تتصرّف في الأسفار كما يتصرف الرجال ، حتى أمر قاضي الناحية القوابل بامتحانها ، فتمنّعت عن ذلك ، فأكرهنها فوجدنها امرأة ، فأمر بأن تحلق لحيتها ولا تسافر إلا مع ذي محرم. وبين تطيلة وسرقسطة سبعة عشر فرسخا ؛ وينسب إليها جماعة ، منهم : أبو مروان إسماعيل بن عبد الله التطيلي اليحصبي وغيره.

تَطَيْهُ : بفتحتين ، وسكون الياء ، وهاء : بليدة بمصر في كورة السمنّودية ؛ ينسب إليها جماعة بمصر التّطائي.

باب التاء والعين وما يليهما

تِعَارُ : بالكسر ، ويروى بالغين المعجمة ، والأول أصح : جبل في بلاد قيس ؛ قال لبيد :

إن يكن في الحياة خير ، فقد أن

ظرت لو كان ينفع الإنظار

عشت دهرا ، ولا يعيش مع ال

أيّام إلا يرمرم وتعار

والنجوم التي تتابع باللي

ل ، وفيها عن اليمين ازورار

قال عرّام بن الأصبع : في قبلي أبلى جبل يقال له برثم وجبل يقال له تعار ، وهما جبلان عاليان لا ينبتان شيئا ، فيهما النمران كثيرة ، وليس قرب تعار ماء ، وهو من أعمال المدينة ؛ قال القتال الكلابي:

تكاد باثقاب اليلنجوج جمرها

تضيء ، إذا ما سترها لم يحلّل

ومن دون حوث استوقدت هضب شابة

وهضب تعار كلّ عنقاء عيطل

حوث : لغة في حيث.

التَّعَانِيقُ : بالفتح ، وبعد الألف نون مكسورة ، وياء ساكنة ، وقاف : موضع في شق العالية ؛ قال زهير:

صحا القلب عن سلمى وقد كاد لا يسلو ،

وأقفر من سلمى التعانيق فالثّقل

تُعاهِنُ : بالضم : هو الموضع المذكور في تعهن ؛ ذكره في شعر ابن قيس الرّقيات حيث قال :


أقفرت بعد عبد شمس كداء ،

فكديّ فالرّكن فالبطحاء

موحشات إلى تعاهن فالسّق

يا ، قفار من عبد شمس خلاء

تَعِزُّ : بالفتح ثم الكسر ، والزاي مشددة : قلعة عظيمة من قلاع اليمن المشهورات.

تِعْشَارُ : بالكسر ثم السكون ، والشين معجمة ؛ وهو أحد الأسماء التي جاءت على تفعال ، وقد ذكرت في تبراك ، وتعشار : موضع بالدهناء ، وقال : هو ماء لبني ضبة ؛ قال ابن الطثرية :

ألا لا أرى وصل المسفّة راجعا ،

ولا لليالينا بتعشار مطلبا

ويوم فراض الوشم أذريت عبرة ،

كما صبغ السلك الفريد المثقّبا

وتروى قوا في هذين البيتين على لغتين : الأولى مطمعا والثانية موضعا ، وهي قصيدة.

تَعْشر : بالفتح : موضع باليمامة ؛ قال عمرو بن حنظلة ابن عمرو بن يزيد بن الصعق :

ألا يا قلّ خير المرء أنّى

يرجّى الخير والرجم المحار

ليخلد بعد لقمان بن عاد

وبعد ثمود ، إذ هلكوا وباروا

وبعد الناقضين قصور جوّ ،

وتعشر ثم دارهم قفار

وتعشر أيضا : من قرى عثر باليمن من جهة قبلتها ؛ وقال محمد بن سعيد العشمي :

ألا ليت شعري! هل أبيتنّ ليلة

بتعشر بين الأثل والرّكوان؟

تَعْكُرُ : بضم الكاف ، وراء : قلعة حصينة عظيمة مكينة باليمن من مخلاف جعفر مطلّة على ذي جبلة ، ليس باليمن قلعة أحصن منها فيما بلغني ؛ قال ابن القنيني شاعر عليّ بن مهدي المتغلب على اليمن :

أبلغ قرى تعكر ولا جرما :

أن الذي يكرهون قد دهما

وقل لجنّاتها سأنزلها

سيلا ، كأيام مأرب عرما

وأشرب الخمر في ربى عدن ،

والسّمر والبيض في الحصيب ظما

وتلجم الدين في محافلها ، (١)

والخيل حولي تعلّك اللّجما

لست من القطب أو أسير بها

شعواء ، تملا الوهاد والأكما

وتعكر أيضا : قلعة أخرى باليمن يقال لها تعكر ؛ وفيها يقول أبو بكر أحمد بن محمد العيدي في قصيدة يصف عدن ويخاطبها ويصف ممدوحه :

شرفت رباك به ، فقد ودّت لها

زهر الكواكب أنهنّ رباك

متنوّيا سامي حصونك ، طالعا

فيها طلوع البدر في الأفلاك

بالتّعكر المحروس ، أو بالمنظر ال

مأنوس نجمي فرقد وسماك

وله الحصون الشّمّ ، إلا أنه

يخلو له بك طالعا حصناك

وقال الصّليحي :

قالت ذرى تعكر فيها بكونك في

عليائها علما أوفى على علم

__________________

(١) قوله : تلجم الدين : هكذا في الأصل ، ولعله أراد بالدين الخاضعين ، من قولهم : قوم دين أي دائنون بمعنى خاضعين.


تَعْمُرُ : في وزن الذي قبله : موضع باليمامة. وتعمر أيضا : قرية بالسواد.

تَعْنُق : بالنون ، والقاف : قرية قرب خيبر.

تِعْهِنُ : بكسر أوله وهائه ، وتسكين العين ، وآخره نون : اسم عين ماء سمّي به موضع على ثلاثة أميال من السّقيا بين مكة والمدينة ، وقد روي فيه تعهن ، بفتح أوله ، وكسر هائه ، وبضم أوله ؛ قال السّهيلي في شرح حديث الهجرة حيث يقول ابن إسحاق : ثم سلك بهما ، يعني الدليل ، برسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، وأبي بكر ، رضي الله عنه ، ذا سلم من بطن أعدا مدلجة تعهن ثم على العثيانة ؛ قال : تعهن بكسر التاء ، والهاء ، والتاء أصلية على قياس النحو ، ووزنها فعلل إلا أن يقوم دليل من اشتقاق على زيادة التاء ، وتصحّ رواية من روى تعهن بضم التاء ، فإن صحت فالتاء زائدة كسرت أو ضمت ؛ وبتعهن صخرة يقال لها أمّ عقى ، فحين مرّ رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، استسقاها فلم تسقه فدعا عليها فمسخت صخرة ، فهي تلك الصخرة ؛ كله عن السّهيلي.

باب التاء والغين وما يليهما

تَغْلَمَانِ : بالفتح ثم السكون ، وفتح اللام ، بلفظ التثنية : موضع في شعر كثيّر ؛ قال :

ورسوم الديار تعرف منها

بالملإ بين تغلمين فريم

تَغْلَمُ : واحد الذي قبله ، وقالوا : هي أرض متّصلة بتقيّدة ، ورواه الزمخشري بالعين المهملة ؛ قال المرقّش:

لم يشج قلبي من الحوادث ، إل

لا صاحبي المقذوف في تغلم

تَغَنُ : بالتحريك ، وآخره نون : موضع ذكره في رجز الأغلب العجلي.

تَغُوثُ : آخره ثاء مثلثة : موضع بأرض الحجاز ؛ عن الحازمي.

باب التاء والفاء وما يليهما

تَفْتَازَانُ : بعد الفاء الساكنة تاء أخرى ، وألف ، وزاي : قرية كبيرة من نواحي نسا وراء الجبل ؛ خرج منها جماعة ، منهم : أبو بكر عبد الله بن إبراهيم بن أبي بكر التّفتازاني ، إمام فاضل عالم بالتفسير والقراءات والمذهب والأصول ، حسن الوعظ ، سمع بنيسابور أبا عبد الله إسماعيل بن عبد الغافر الفارسي ونصر الله الخشنامي وأبا سعد علي بن عبد الله ابن أبي الحسن بن أبي صادق الحيري ، وتفقّه بطوس على أبي حامد الغزّالي والتفسير على سلمان بن ناصر.

التَّفَرُّقُ : بالفتح ، وضم الراء : يوم التّفرّق من أيام العرب.

تَفَرْنُو : بفتحتين ، وسكون الراء ، وضم النون : بلد بالمغرب بين برقة والمحمدية.

تَفْسَرَّا : بالفتح ثم السكون ، وفتح السين المهملة ، وتشديد الراء ، والقصر : موضع في قول شريح بن خليفة حيث قال :

تدقّ الحصى والمرو دقّا ، كأنه

بروضة تفسرّا سمامة موكب

تِفْلِيسُ : بفتح أوله ويكسر : بلد بأرمينية الأولى ، وبعض يقول بأرّان ، وهي قصبة ناحية جرزان قرب باب الأبواب ، وهي مدينة قديمة أزلية ، طولها اثنتان وستون درجة ، وعرضها اثنتان وأربعون درجة ، قال مسعر بن مهلهل الشاعر في


رسالته : وسرت من شروان في بلاد الأرمن حتى انتهيت إلى تفليس ، وهي مدينة لا إسلام وراءها ، يجري في وسطها نهر يقال له الكرّ يصبّ في البحر ، وفيها غروب تطحن ، وعليها سور عظيم ، وبها حمامات شديدة الحرّ لا توقد ولا يستقى لها ماء ، وعلّتها عند أولي الفهم تغني عن تكلف الإبانة عنها ، يعني أنها عين تنبع من الأرض حارّة وقد عمل عليها حمام فقد استغنت عن استسقاء الماء ؛ قلت : هذا الحمام حدثني به جماعة من أهل تفليس ، وهو للمسلمين لا يدخله غيرهم.

وافتتحها المسلمون في أيام عثمان بن عفّان ، رضي الله عنه ، كان قد سار حبيب بن مسلمة إلى أرمينية فافتتح أكثر مدنها ، فلما توسّطها جاءه رسول بطريق جرزان ، وكان حبيب على عزم المسير إليها فجاءه بالطريق يسأله الصلح وأمانا يكتبه حبيب لهم ، قال : فكتب لهم : أما بعد ، فإنّ رسولكم قدم عليّ وعلى الذين معي من المؤمنين فذكر عنكم أنكم قلتم : إننا أمّة أكرمنا الله وفضّلنا ، وكذلك فعل الله بنا والحمد لله كثيرا ، وصلى الله على سيدنا محمد نبيه خير البرية من خلقه ، وذكرتم أنكم أحببتم سلمنا ، وقد قوّمت هديتكم وحسبتها من جزيتكم ، وكتبت لكم أمانا واشترطت فيه شرطا فإن قبلتموه ووفيتم به وإلّا فأذنوا بحرب من الله ورسوله ، والسلام على من اتبع الهدى. وكتب لهم مع ذلك كتابا بالصلح والأمان ، وهو : بسم الله الرحمن الرحيم ، هذا كتاب من حبيب بن مسلمة لأهل تفليس من رستاق منجليس من جرزان الهرمز بالأمان على أنفسهم وبيعهم وصوامعهم وصلواتهم ودينهم على الصغار والجزية على كل بيت دينار ، وليس لكم أن تجمعوا بين البيوتات تخفيفا للجزية ، ولا لنا أن نفرق بينها استكثارا لها ، ولنا نصيحتكم على أعداء الله ورسوله ما استطعتم ، وقرى المسلم المحتاج ليلة بالمعروف من حلال طعام أهل الكتاب لنا ، وإن يقطع برجل من المسلمين عندكم فعليكم أداؤه إلى أدنى فئة من المسلمين إلا أن يحال دونهم ، فإن أنبتم وأقمتم الصلاة فإخواننا في الدين وإلا فالجزية عليكم ، وإن عرض للمسلمين شغل عنكم فقهركم عدوّكم فغير مأخوذين بذلك ولا هو ناقض عهدكم ، هذا لكم وهذا عليكم ، شهد الله وملائكته ، وكفى بالله شهيدا.

ولم تزل بعد ذلك بأيدي المسلمين وأسلم أهلها إلى أن خرج في سنة ٥١٥ من الجبال المجاورة لتفليس يقال لها جبال أبخاز جيل من النصارى يقال لهم الكرج في جمع وافر وأعاروا على ما يجاورهم من بلاد الإسلام ، وكان الولاة بها من قبل الملوك السلجوقية قد استضعفوا لما تواتر عليهم من اختلاف ملوكهم وطلب كلّ واحد الملك لنفسه ، وكان في هذه السنة الاختلاف واقعا بين محمود ومسعود ابني محمد بن ملكشاه ، وجعلها الأمراء سوقا بالانتماء تارة إلى هذا وأخرى إلى هذا ، واشتغلوا عن مصالح الثغور ، فواقع الكرج ولاة أرمينية وقائع كان آخرها أن استظهر الكرج وهزّموا المسلمين ونزلوا على تفليس فحاصروها حتى ملكوها عنوة ، وقتلوا من المسلمين بها خلقا كثيرا ، ثم ملكوها واستقرّوا بها وأجملوا السيرة مع أهلها وجعلوهم رعيّة لهم ، ولم تزل الكرج كذلك أولي قوة وغارات تارة إلى أرّان ومرة إلى أذربيجان ومرة إلى خلاط وولاة الأمر مشتغلون عنهم بشرب الخمور وارتكاب المحظور ، حتى قصدهم جلال الدين منكبرني بن خوارزم شاه في شهور سنة ٦٢٣ وملك تفليس ، وقتل الكرج كل مقتلة ، وجرت له معهم وقائع


انتصر عليهم في جميعها ، ثم رتب فيها واليا وعسكرا وانصرف عنها ، ثم أساء الوالي السيرة في أهلها فاستدعوا من بقي من الكرج وسلّموا إليهم البلد وخرج عنه الخوارزمية هاربين إلى صاحبهم ، وخاف الكرج أن يعاودهم خوارزم شاه فلا يكون لهم به طاقة فأحرقوا البلد ، وذلك في سنة ٦٢٤ ، وانصرفوا ، فهذا آخر ما عرفت من خبره ؛ وينسب إلى تفليس جماعة من أهل العلم ، منهم : أبو أحمد حامد بن يوسف بن أحمد ابن الحسين التفليسي ، سمع ببغداد وغيرها ، وسمع بالبيت المقدس أبا عبد الله محمد بن علي بن أحمد البيهقي ، وبمكة أبا الحسن علي بن إبراهيم العاقولي ، روى عنه علي بن محمد الساوي ، قال الحافظ أبو القاسم : حدثنا عنه أبو القاسم بن السوسي ، وخرج من دمشق سنة ٤٨٣.

تَفِهْنَا : بالفتح ثم الكسر ، وسكون الهاء ، ونون : بليدة بمصر من ناحية جزيرة قوسنيا.

باب التاء والقاف وما يليهما

تَفْتَدُ : بالفتح ثم السكون ، وتاء أخرى مفتوحة ، وضبطه الزمخشري بضم الثانية : وهي ركيّة بعينها في شق الحجاز من مياه بني سعد بن بكر بن هوازن ؛ قال أبو وجزة الفقعسي :

ظلّت بذاك القهر من سوائها ،

وبين اقنين إلى رنقائها ،

فيما أقرّ العين من إكلائها

من عشب الأرض ومن ثمرائها ،

حتى إذا ما تمّ من إظمائها

وعتك البول على أنسائها ،

تذكّرت تقتد برد مائها ،

فبدّت الحاجز من رعائها

وصبّحت أشعث من إبلائها

وقال أبو الندى : تقتد قرية بالحجاز بينها وبين قلهى جبل يقال له أديمة ، وبأعلى الوادي رياض تسمّى الفلاج ، بالجيم ، جامعة للناس أيام الربيع ، ولها مسك كثير لماء السماء ، ويكتفون به صيفهم وربيعهم إذا مطروا ، وهي من ديار بني سليم ؛ عن نصر.

تَقُوعُ : بفتح أوله ، وضم ثانيه ، وسكون الواو ، والعين مهملة : من قرى بيت المقدس ، يضرب بجودة عسلها المثل.

تُقَيِّدُ : بالضم ثم الفتح ، وياء مكسورة مشددة ، ودال مهملة ، وقد يزاد في آخره هاء فيقولون تقيّدة : ماء لبني ذهل بن ثعلبة ، وقيل ماء بأعلى الحزن جامع لتيم الله وبني عجل وقيس بن ثعلبة ، ولها ذكر في الشعر.

تَقْيُوسُ : بالفتح ثم السكون ، وياء مضمومة ، وواو ساكنة ، وسين مهملة. مدينة بإفريقية قريبة من توزر.

التُّقَيُّ : بالضم ثم الفتح ، وتشديد الياء ، بلفظ التصغير : موضع في قول الحسين بن مطير :

أقول لنفسي حين أشرفت واجفا ،

ونفسي قد كاد الهوى يستطيرها :

ألا حبّذا ذات السلام ، وحبّذا

أجارع وعساء التّقيّ فدورها

باب التاء والكاف وما يليهما

تُكَاف : بالضم : من قرى نيسابور ؛ وقال أبو الحسن البيهقي : تكاب ، بالباء ، وأصلها تك آب معناه منحدر الماء : كورة من كور نيسابور ، وقصبتها


نوزاباذ ، تشتمل على اثنتين وثمانين قرية. وتكاب أيضا : قرية بجوزجان.

تُكَّت : بالضم ، وتشديد الكاف ، وآخره تاء مثناة : من قرى إيلاق ؛ عن العمراني ، ويقال لها نكّت أيضا ، بالنون.

تُكْتَمُ : بالضم ثم السكون ، وفتح التاء : من أسماء زمزم ، سميت بذلك لأنها كانت مكتومة قد اندفنت منذ أيام جرهم حتى أظهرها عبد المطّلب.

تَكْرُورُ : براءين مهملتين : بلاد تنسب إلى قبيل من السودان في أقصى جنوب المغرب ، وأهلها أشبه الناس بالزنوج.

تَكْرِيتُ : بفتح التاء والعامة يكسرونها : بلدة مشهورة بين بغداد والموصل ، وهي إلى بغداد أقرب ، بينها وبين بغداد ثلاثون فرسخا ، ولها قلعة حصينة في طرفها الأعلى راكبة على دجلة ، وهي غربي دجلة ؛ وفي كتاب الملحمة المنسوب إلى بطليموس : مدينة تكريت طولها ثمان وتسعون درجة وأربعون دقيقة ، وعرضها سبع وثلاثون درجة وثلاث دقائق ، وقال غيره : طولها تسع وستون درجة وثلث ، وعرضها خمس وثلاثون درجة ونصف ، وتعديل نهارها ثماني عشرة درجة ، وأطول نهارها أربع عشرة ساعة وثلث.

وكان أول من بنى هذه القلعة سابور بن أردشير ابن بابك لما نزل الهد ، وهو بلد قديم مقابل تكريت في البرّيّة ، يذكر إن شاء الله تعالى إن انتهينا إلى موضعه ، وقيل : سمّيت بتكريت بنت وائل ؛ وحدثني العباس بن يحيى التكريتي ، وهو معروف بالعلم والفضل في الموصل ، قال : مستفيض عند المحصلين بتكريت أن بعض ملوك الفرس أول ما بنى قلعة تكريت على حجر عظيم من جصّ وحصى كان بارزا في وسط دجلة ولم يكن هناك بناء غيره بالقلعة ، وجعل بها مسالح وعيونا وربايا تكون بينهم وبين الروم لئلا يدهمهم من جهتهم أمر فجأة ، وكان بها مقدّم على من بها قائد من قوّاد الفرس ومرزبان من مرازبتهم ، فخرج ذلك المرزبان يوما يتصيّد في تلك الصحارى فرأى حيّا من أحياء العرب نازلا في تلك البادية ، فدنا منهم فوجد الحيّ خلوفا وليس فيه غير النساء ، فجعل يتأمل النساء وهنّ يتصرفن في أشغالهن ، فأعجب بامرأة منهن وعشقها عشقا مبرّحا ؛ فدنا من النساء وأخبرهن بأمره وعرّفهن أنه مرزبان هذه القلعة وقال : إنني قد هويت فتاتكم هذه وأحبّ أن تزوجونيها ، فقلن : هذه بنت سيد هذا الحي ونحن قوم نصارى وأنت رجل مجوسيّ ولا يسوغ في ديننا أن نزوّج بغير أهل ملّتنا ، فقال : أنا أدخل في دينكم ، فقلن له : إنه خير إن فعلت ذلك ، ولم يبق إلا أن يحضر رجالنا وتخطب إليهم كريمتهم فإنهم لا يمنعونك ، فأقام إلى أن رجع رجالهن وخطب إليهم فزوجوه ، فنقلها إلى القلعة وانتقل معها عشيرتها إكراما لها ، فنزلوا حول القلعة ، فلما طال مقامهم. بنوا هناك أبنية ومساكن ، وكان اسم المرأة تكريت فسمي الربض باسمها ، ثم قيل قلعة تكريت نسبوها إلى الربض ؛ وقال عبيد الله بن الحر وكان قد وقع بينه وبين أصحاب مصعب وقعة بتكريت قتل بها أكثر أصحابه ونجا بنفسه فقال :

فإن تك خيلي يوم تكريت أحجمت ،

وقتّل فرساني ، فما كنت وانيا

وما كنت وقّافا ، ولكن مبارزا ،

أقاتلهم وحدي فرادى وثانيا


دعاني الفتى الأزديّ عمرو بن جندب ،

فقلت له : لبّيك! لما دعانيا

فعزّ على ابن الحرّ أن راح راجعا ،

وخلّفت في القتلى بتكريت ثاويا

ألا ليت شعري! هل أرى بعد ما أرى

جماعة قومي نصرة والمواليا

وهل أزجرن بالكوفة الخيل شزبا ،

ضوامر تردى بالكماة عواديا

فألقى عليها مصعبا وجنوده ،

فأقتل أعدائي وأدرك ثاريا؟

وقال عبيد الله بن قيس الرّقيّات :

أتقعد في تكريت لا في عشيرة

شهود ، ولا السلطان منك قريب

وقد جعلت أبناؤنا ترتمي بنا

بقتل بوار ، والحروب حروب

وأنت امرؤ للحزم عندك منزل ،

وللدين والإسلام منك نصيب

فدع منزلا أصبحت فيه ، فإنه

به جيف أودت بهنّ خطوب

وافتتحها المسلمون في أيام عمر بن الخطاب في سنة ١٦ ، أرسل إليها سعد بن أبي وقاص جيشا عليه عبد الله بن المعتم فحاربهم حتى فتحها عنوة ؛ وقال في ذلك :

ونحن قتلنا يوم تكريت جمعها ،

فلله جمع يوم ذاك تتابعوا

ونحن أخذنا الحصن ، والحصن شامخ ،

وليس لنا فيما هتكنا مشايع

وقال البلاذري : وجّه عتبة بن فرقد من الموصل بعد ما افتتحها في سنة عشرين مسعود بن حريث بن الأبجر أحد بني تيم بن شيبان إلى تكريت ففتح قلعتها صلحا ، وكانت المرأة من الفرس شريفة فيهم يقال لها داري ، ثم نزل مسعود القلعة فولده بها ، وابتنى بتكريت مسجدا جامعا وجعله مرتفعا من الأرض لأنه أمنهم على خنازيرهم فكره أن تدخل المسجد ؛ وينسب إليها من أهل العلم والرواية جماعة ، منهم : أبو تمام كامل بن سالم بن الحسين بن محمد التكريتي الصوفي شيخ رباط الزّوزني ببغداد ، سمع الحديث من أبي القاسم الحسين ، توفي في شوال سنة ٥٤٨ ، وغيره.

باب التاء واللام وما يليهما

تَلُّ أُسْقف : بلفظ واحد أساقف النصارى : قرية كبيرة من أعمال الموصل شرقي دجلتها.

تَلُّ أَعْرَنَ : بفتح الألف ، وسكون العين المهملة ، وفتح الراء ، ونون : قرية كبيرة جامعة من نواحي حلب ؛ ينسب إليها صنف من العنب الأحمر مدوّر ، وهي ذات كروم وبساتين ومزارع.

تَلُّ أَعْفَرَ : بالفاء ؛ هكذا تقول عامة الناس ، وأما خواصهم فيقولون تلّ يعفر ، وقيل إنما أصله التلّ الأعفر للونه فغيّر بكثرة الاستعمال وطلب الخفة : وهو اسم قلعة وربض بين سنجار والموصل في وسط واد فيه نهر جار ، وهي على جبل منفرد حصينة محكمة ، وفي ماء نهرها عذوبة ، وهو وبيء رديء ، وبها نخل كثير يجلب رطبه إلى الموصل ؛ وينسب إليها شاعر عصري مجيد مدح الملك الأشرف موسى ابن أبي بكر. وتل أعفر أيضا : بليدة قرب حصن مسلمة بن عبد الملك بين حصن مسلمة والرقة من نواحي الجزيرة ، وكان فيها بساتين وكروم ، هكذا وجدته في رسالة السرخسي.


التَّلاعَةُ : بالفتح ، والتخفيف : اسم ماء لبني كنانة بالحجاز ، ذكرها في كتاب هذيل ؛ قال بديل بن عبد مناة الخزاعي :

ونحن صبحنا بالتّلاعة داركم

بأسيافنا ، يسبقن لوم العواذل

وقال تأبّط شرّا :

أنهنه رحلي عنهم وإخالهم ،

من الذلّ ، بعرا بالتلاعة أعفرا

تَلُّ باشِرٍ : الشين معجمة : قلعة حصينة وكورة واسعة في شمالي حلب ، بينها وبين حلب يومان ، وأهلها نصارى أرمن ، ولها ربض وأسواق ، وهي عامرة آهلة.

تَلُّ بَحْرَى : هو تلّ محرى ، يذكر بعد هذا إن شاء الله تعالى.

تَل بَسْمَةَ : بلد له ذكر من نواحي ديار ربيعة ثم من ناحية شبختان.

تَلُّ بَطْريقٍ : بلد كان بأرض الروم في الثغور ، خرّبه سيف الدولة بن حمدان ؛ فقال المتنبي :

هنديّة إن تصغّر معشرا صغروا

بحدّها ، أو تعظّم معشرا عظموا

قاسمتها تلّ بطريق فكان لها

أبطالها ، ولك الأطفال والحرم

التَلْبُع : بضم الباء الموحدة : من قرى ذمار باليمن.

تَلُّ بَلْخَ : قرية من قرى بلخ يقال لها التلّ ؛ ينسب إليها إلياس بن محمد التّلّي وغيره ، وربما قيل له البلخي.

تَلُّ بني سيار : بليد بين رأس عين والرّقّة قرب تل موزن.

تَلُّ بَلِيخ : بفتح الباء ، وكسر اللام ، وياء ساكنة ، وخاء معجمة ؛ وقيل هو تلّ بحرى : وهو قرية على البليخ نحو الرقة ؛ ينسب إليه أيوب بن سليمان التلّي الأسدي ، سأل عطاء بن أبي رباح ، روى عنه عبد الملك بن وافد ، وقد ذكر في تلّ محرى بأتمّ من ذلك.

تَل بني صَبَّاح : بفتح الصاد ، وتشديد الباء : قرية كبيرة جامعة ، فيها سوق وجامع كبير ، من قرى نهر الملك ، بينها وبين بغداد عشرة أميال ، رأيتها.

تَلُّ بَوَنَّا : بفتحتين ، وتشديد النون : من قرى الكوفة ؛ قال مالك بن أسماء الفزاري :

حبّذا ليلتي بتلّ بونّا ،

حيث نسقي شرابنا ونغنّى

ومررنا بنسوة عطرات ،

وسماع وقرقف ، فنزلنا

حيث ما دارت الزّجاجة درنا ،

يحسب الجاهلون أنا جننّا

حدثنا ابن كناسة أن عمر لما لقي مالكا استنشده شيئا من شعره فأنشده ، فقال له عمر : ما أحسن شعرك لو لا أسماء القرى التي تذكرها فيه ؛ قال : مثل ما ذا؟ قال : مثل قولك :

أشهدتني أم كنت غائبة

عن ليلتي بحديثة القسب

ومثل قولك :

حبّذا ليلتي بتلّ بونّا ،

حين نسقي شرابنا ونغنّى

فقال مالك : هي قرى البلد الذي أنا فيه ، وهي مثل ما تذكره أنت في شعرك من أرض بلادك ، قال : مثل ما ذا؟ فقال : مثل قولك هذا :


ما على الرّبع بالبليّين لو بي

ين رجع السلام ، أو لو أجابا

فأمسك ابن أبي ربيعة.

تُلْبِينُ : بالضم ثم السكون ، وكسر الباء الموحدة ، وياء ساكنة ، ونون : موضع في غوطة دمشق ؛ قال أحمد بن منير :

فالقصر فالمرج فالميدان فالشرف ال

أعلى فسطرا فجرمانا فتلبين

تَلُّ التَّمْر : موضع على دجلة بين تكريت والموصل ، له ذكر.

تَلُّ تَوْبَة : بفتح التاء فوقها نقطتان ، وسكون الواو ، وباء موحدة : موضع مقابل مدينة الموصل في شرقي دجلة متصل بنينوى ، وهو تلّ فيه مشهد يزار ويتفرّج فيه أهل الموصل كل ليلة جمعة ، قيل إنه سمي تلّ توبة لأنه لما نزل بأهل نينوى العذاب ، وهم قوم يونس النبي ، عليه السلام ، اجتمعوا بذلك التلّ وأظهروا التّوبة وسألوا الله العفو ، فتاب عليهم وكشف عنهم العذاب ، وكان عليه هيكل للأصنام فهدموه وكسروا صنمهم ، وبالقرب منه مشهد يزار قيل كان به عجل يعبدونه فلما رأوا إشارات العذاب الذي أنذرهم به يونس ، عليه السلام ، أحرقوا العجل وأخلصوا التوبة ؛ وهناك الآن مشهد مبني محكم بناؤه ، بناه أحد المماليك من سلاطين آل سلجوق ، وكان من أمراء الموصل قبل البرسق ، وتنذر له النذور الكثيرة ، وفي زواياه الأربع أربع شمعات تحزر كلّ واحدة بخمسمائة رطل ، مكتوب عليها اسم الذي عملها وأهداها إلى الموضع.

تَلُّ جُبَير : تصغير جبر ، بالجيم : بلد بينه وبين طرسوس أقلّ من عشرة أميال ، منسوب إلى رجل من فرس أنطاكية ، كانت له عنده وقعة.

تَلُّ جَحْوَش : بفتح الجيم ، وسكون الحاء المهملة ، وفتح الواو ، والشين معجمة : بلد في الجزيرة في قول عدي بن زيد حيث قال :

ما ذا ترجّون ، إن أودى ربيعكم ،

بعد الإله ، ومن أذكى لكم نارا؟

كلّا يمينا بذات الورع لو حدثت

فيكم ، وقابل قبر الماجد الزارا

بتلّ جحوش ما يدعو مؤذّنهم

لأمر دهر ، ولا يحتثّ أنفارا

تَلُّ جَزَر : بفتحتين ، وتقديم الزاي : حصن من أعمال فلسطين.

تَلُّ حَامد : بالحاء المهملة : حصن في ثغور المصّيصة.

تَلُّ حَرّانَ : قرية بالجزيرة ؛ ينسب إليها منصور بن إسماعيل التلّي الحرّاني ، سمع مالك بن أنس وغيره ؛ وابنه أحمد بن منصور التّلي ، حدث أيضا عن مالك ابن أنس وغيره ، روى عنه أبو شعيب الحرّاني.

تَلّ حُوم : حصن في ثغر المصيصة أيضا.

تَلّ خالد : قلعة من نواحي حلب.

تَلُّ خَوْسا : بفتح الخاء ، وسكون الواو ، والسين مهملة : قرية قرب الزاب بين إربل والموصل ، كانت بها وقعة.

تَلّ دُحَيْم : بالدال المهملة المضمونة ، وفتح الحاء المهملة أيضا ، وياء ساكنة ، وميم : من قرى نهر الملك من نواحي بغداد.


تَلّ زَاذَن : بالزاي ، والذال المعجمة : موضع قرب الرّقّة من أرض الجزيرة ؛ عن نصر.

تَلّ زَبْدَى : بفتح الزاي ، والباء موحدة ، ودال مهملة مقصورة : قرية من قرى الجزيرة.

تَلّ الزَّبِيبيَّة : منسوب إلى امرأة منسوبة إلى الزبيب يبس العنب : محلّة في طرف بغداد الشرقي من نهر معلّى ، وهي محلة دنيئة يسكنها الأراذل ؛ نسب إليها بعض المتأخرين.

تَل السُّلْطان : موضع بينه وبين حلب مرحلة نحو دمشق ، وفيه خان ومنزل للقوافل ، وهو المعروف بالفنيدق ، كانت به وقعة بين صلاح الدين يوسف ابن أيوب وسيف الدين غازي بن مودود بن زنكي صاحب الموصل سنة ٥٧١ في عاشر شوّال.

تَلّ الصّافِيَة : ضدّ الكدرة : حصن من أعمال فلسطين قرب بيت جبرين من نواحي الرّملة.

تَل عَبْدة : قرية من قرى حران بينها وبين الفرات ، تنزلها القوافل ، وبها خان مليح ، عمّره المجد بن المهلّب البهنسي وزير الملك الأشرف موسى بن العادل.

تَلّ عَبْلة : قرية أخرى من قرى حرّان بينها وبين رأس عين.

تَلّ عَقْرَقُوف : بفتح العين ، وسكون القاف ، وفتح الراء ، وضم القاف الثانية ، وسكون الواو ، وفاء : قرية من نواحي نهر عيسى ببغداد ، إلى جانبها تلّ عظيم يظهر للرائين من مسيرة يوم ، ذكروا أنها سميت بعقرقوف ابن طهمورت الملك ، والظاهر أنه اسم مركب مثل حضرموت ؛ وإياها عنى أبو نواس حيث قال :

رحلن بنا من عقرقوف ، وقد بدا

من الصّبح مفتوق الأديم شهير

وذكر ابن الفقيه قال : بنى الأكاسرة بين المدائن التي على عقبة همذان وقصر شيرين مقبرة آل ساسان ، وعقرقوف كانت مقبرة الكيانيّين ، وهم أمة من النبط كانوا ملوكا بالعراق قبل الفرس.

تَلّ عُكْبَرَا : بضم العين ، وقد ذكر في موضعه : موضع عند عكبرا يقال له التلّ ؛ ينسب إليه أبو حفص عمر ابن محمد التّلعكبري يعرف بالتّلّي ، وكان ضريرا غير ثقة ، روى عن هلال بن العلاء الرّقّي وغيره ، روى عنه أبو سهل محمود بن عمر العكبري.

تَلْعَة : بالفتح ثم السكون : ماء لبني سليط بن يربوع قرب اليمامة ؛ قال جرير :

وقد كان في بقعاء ريّ لشائكم ،

وتلعة والجوفاء يجري غديرها

تَلْعَةُ النَّعَم : موضع بالبادية ؛ قال سعية بن عريض اليهودي :

يا دار سعدى بمفضى تلعة النّعم ،

حيّيت ذكرا على الإقواء والقدم

عجنا فما كلّمتنا الدار إذ سئلت ،

وما بها عن جواب خلت من صمم

تَلْفِيَاثا : بكسر الفاء ، وياء ، وألف ، وثاء مثلثة : من قرى غوطة دمشق ، ذكرها في حديث أبي العميطر علي السّفياني الخارج بدمشق في أيام محمد الأمين.

تَلْفِيتَا : بالتاء المثناة من فوق قبل الألف : من قرى سنّير من أعمال دمشق ؛ منها كان قسّام الحارثي من بني الحارث بن كعب باليمن المتغلب على دمشق في أيام الطائع ، وكان في أول عمره ينقل التراب على الدواب ، ثم اتصل برجل يعرف بأحمد الحطار من أحداث دمشق ، وكان من حزبه ، ثم غلب على دمشق مدة فلم يكن للولاة معه أمر ، واستبدّ بملكها


إلى أن قدم من مصر يلتكين التركي ، فغلب قسّاما ودخل دمشق لثلاث عشرة ليلة بقيت من محرّم سنة ٣٧٦ فاستتر أياما ثم استأمن إلى يلتكين ، فقيّده وحمله إلى مصر فعفا عنه وأطلقه ، وكان مدحه عبد المحسن الصوري ، قال ذلك الحافظ أبو القاسم.

تَلّ قَبّاسِينَ : بفتح القاف ، وتشديد الباء الموحدة ، والسين مكسورة مهملة ، وياء ساكنة ، ونون : قرية من قرى العواصم من أعمال حلب ، له ذكر في التواريخ.

تَلّ قُرَاد : حصن مشهور في بلاد الأرمن من نواحي شبختان.

تَلْقُم : جبل باليمن فيه ريدة والبئر المعطلة والقصر المشيد ؛ وقال علقمة ذو جدن : وذا القوّة المشهور من رأس تلقم أزلن ، وكان الليث حامي الحقائق تَلّ كَشْفَهان : بفتح الكاف ، وسكون الشين المعجمة ، وفتح الفاء ، وهاء ، وألف ، ونون : موضع بين اللاذقية وحلب ، نزله الملك الناصر صلاح الدين يوسف ابن أيوب معسكرا فيه مدّة.

تَلّ كَيْسَانَ : الكاف مفتوحة ، وياء ساكنة : موضع في مرج عكا من سواحل الشام.

تَلّ مَاسِحٍ : بالسين المهملة ، والحاء المهملة : قرية من نواحي حلب ؛ قال امرؤ القيس : يذكّرها أوطانها تلّ ماسح ، منازلها من بربعيص وميسرا ينسب إليه القاسم بن عبد الله المكفوف التّلّي ، يروي عن ثور بن يزيد.

تَلّ مَحْرَى : بفتح الميم ، وسكون الحاء المهملة ، والراء ، والقصر ، وهو تل بحرى ، بالباء الموحدة ، وتل البليخ : وهي بليدة بين حصن مسلمة بن عبد الملك والرّقّة في وسطها حصن ، وكان فيها سوق وحوانيت ؛ وذكر أحمد بن محمد الهمذاني عن خالد ابن عمير بن عبد الحباب السّلمي قال : كنا مع مسلمة بن عبد الملك في غزوة القسطنطينية ، فخرج إلينا في بعض الأيام رجل من الروم يدعو إلى المبارزة ، فخرجت إليه فلم أر فارسا مثله ، فتجاولنا عامة يومنا فلم يظفر واحد منا بصاحبه ، ثم تداعينا إلى المصارعة ، فصارعت منه أشدّ البأس فصرعني وجلس على صدري ليذبحني ، وكان رسن دابته مشدودا في عاتقه ، فبقيت أعالجه دفعا عن روحي وهو يعالجني ليذبحني ، فبينما هو كذلك إذ جاضت دابته جيضة جذبته عني ووقع من على صدري ، فبادرت وجلست على صدره ثم نفست به عن القتل وأخذته أسيرا وجئت به إلى مسلمة ، فسأله فلم يجبه بحرف ، وكان أجسم الناس وأعظمهم ، وأراد مسلمة أن يبعث به إلى هشام وهو يومئذ بحرّان فقلت : وأين الوفادة؟ فقال : إنك لأحقّ الناس بذلك ، فبعث به معي ، فأقبلت أكلّمه وهو لا يكلمني حتى انتهيت إلى موضع من ديار مضر يعرف بالجريش وتلّ بحرى ، فقال لي : ما ذا يقال لهذا المكان؟ فقلت : هذا الجريش ، وهذا تلّ بحرى ، فأنشأ يقول :

ثوى ، بين الجريش وتلّ بحرى ،

فوارس من نمارة غير ميل

فلا جزعون إن ضرّاء نابت ،

ولا فرحون بالخير القليل

فإذا هو أفصح الناس ، ثم سكت فكلّمناه فلم يجبنا ،


فلما صرنا إلى الرّها قال : دعوني أصلّي في بيعتها ، قلنا : افعل ، فصلّى ، فلمّا صرنا إلى حرّان قال : أما إنها لأوّل مدينة بنيت بعد بابل! ثم قال : دعوني أستحمّ في حمّامها وأصلّي ، فتركناه فخرج إلينا كأنه برطيل فضّة بياضا وعظما ، فأدخلته إلى هشام وأخبرته جميع قصته ، فقال له : ممن أنت؟ فقال : أنا رجل من إياد ثم أحد بني حذافة ، فقال له : أراك غريبا ، لك جمال وفصاحة ، فأسلم نحقن دمك ، فقال : إن لي ببلاد الروم أولادا ، قال : ونفكّ أولادك ونحسن عطاءك ، قال : ما كنت لأرجع عن ديني ، فأقبل به وأدبر وهو يأبى ، فقال لي : اضرب عنقه ، فضربت عنقه ؛ وينسب إلى تلّ محرى أيوب بن سليمان الأسدي السلمي ، سأل عطاء بن أبي رباح عن رجل ذكرت له امرأة فقال : يوم أتزوّجها هي طالقة البتّة ، فقال : لا طلاق لمن لا يملك عقدته ولا عتق لمن لا يملك رقبته. روى عنه أحمد بن عبد الملك بن وافد الحرّاني.

تَلُّ المَخَالي : جمع مخلاة الفرس : موضع بخوزستان.

تِلِمْسَان : بكسرتين ، وسكون الميم ، وسين مهملة ، وبعضهم يقول تنمسان ، بالنون عوض اللام : بالمغرب وهما مدينتان متجاورتان مسوّرتان ، بينهما رمية حجر ، إحداهما قديمة والأخرى حديثة ، والحديثة اختطّها الملثّمون ملوك المغرب ، واسمها تافرزت ، فيها يسكن الجند وأصحاب السلطان وأصناف من الناس ، واسم القديمة أقادير ، يسكنها الرعية ، فهما كالفسطاط والقاهرة من أرض مصر ، ويكون بتلمسان الخيل الراشدية ، لها فضل على سائر الخيل ، وتتخذ النساء بها من الصوف أنواعا من الكنابيش لا توجد في غيرها ، ومنها إلى وهران مرحلة ، ويزعم بعضهم أنه البلد الذي أقام به الخضر ، عليه السلام ، الجدار المذكور في القرآن ، سمعته ممن رأى هذه المدينة ؛ وينسب إليها قوم ، منهم : أبو الحسين خطّاب بن أحمد بن خطّاب بن خليفة التلمساني ، ورد بغداد في حدود سنة ٥٢٠ ، كان شاعرا جيّد الشعر ؛ قاله أبو سعد.

التَّلَمُّصُ : بفتحتين ، وتشديد الميم وضمّها : حصن مشهور بناحية صعدة من أرض اليمن.

تَلُّ مَنَّس : بفتح الميم ، وتشديد النون وفتحها ، وسين مهملة : حصن قرب معرّة النّعمان بالشام ؛ قال ابن مهذّب المعرّي في تاريخه : قدم المتوكل إلى الشام في سنة ٢٤٤ ، ونزل بتلّ منّس في ذهابه وعودته ؛ وقال الحافظ أبو القاسم : تلّ منّس قرية من قرى حمص ؛ وينسب إليها المسيب بن واضح بن سرحان أبو محمد السلمي التلّ منّسي الحمصي ، حدث عن أبي إسحاق الفزاري ويوسف بن أسباط وعبد الله ابن المبارك وسفيان بن عيينة وإسماعيل بن عبّاد ومعتمر بن سليمان وأبي البختري وهب بن وهب القاضي وهذه الطبقة ، روى عنه أبو الفيض ذو النون ابن إبراهيم المصري الزاهد وأبو بكر الباغندي والحسن بن سفيان وابن أبي داود وأبو عروبة الحرّاني وغيرهم ، سئل عنه أبو عليّ صالح بن محمد فقال : لا يدرى أيّ طرفيه أطول ولا يدرى ايش يقول. وقال أبو عبد الرحمن السّلمي : سئل الدارقطني عن المسيب بن واضح فقال : ضعيف ، ومات سنة ٢٤٦ وقيل سنة ٢٤٧ وقيل سنة ٢٤٨ عن تسع وثمانين سنة ؛ وقال أبو غالب همام بن الفضل بن جعفر بن عليّ المهذّب المعرّي في تاريخه : سنة ٢٤٧ فيها قتل المتوكل ومات المسيب بن واضح التّلمنسي غرّة محرّم ، وعمره تسع وثمانون سنة ، ودفن في تلّ


منّس ، وكان مسندا ، وله عقب نحاس.

تَل مَوْزَن : بفتح الميم ، وسكون الواو ، وفتح الزاي ، وآخره نون ، وقياسه في العربية كسر الزاي لأن كلّ ما كان فاؤه معتلا من فعل يفعل فالمفعل مكسور العين كالموعد والموقد والمورد ، وقد ذكر بأبسط من هذا في مورق : وهو بلد قديم بين رأس عين وسروج ، وبينه وبين رأس عين نحو عشرة أميال ، وهو بلد قديم يزعم أن جالينوس كان به ، وهو مبني بحجارة عظيمة سود ، يذكر أهله أن ابن التمشكي الدمستق خرّبه وفتحه عياض بن غنم في سنة ١٧ على مثل صلح الرّها ؛ قال بعض الشعراء يهجو تلّ موزن :

بتلّ موزن أقوام لهم خطر ،

لو لم يكن في حواشي جودهم قصر

يعاشرونك ، حتى ذقت أكلهم ،

ثم النّجاء فلا عين ولا أثر

تَلُّ هَراق : من حصون حلب الغربية.

تَلُّ هَفْتُون : بالفتح ، وسكون الفاء ، والتاء فوقها نقطتان ، وواو ساكنة ، ونون : بليدة من نواحي إربل تنزلها القوافل في اليوم الثاني من إربل لمن يريد أذربيجان ، وهي في وسط الجبال ، وفيها سوق حسنة وخيرا ، واسعة ، وإلى جانبها تلّ عال عليه أكثر بيوت أهلها ، يظنّ أنه قلعة وبه نهر جار ، وأهله كلّهم أكراد ، رأيته غير مرّة.

تَلُّ هَوَارَةَ : بفتح الهاء : من قرى العراق ؛ قال أبو سعد : وما سمعت بهذه المدينة إلا في كتاب النّسوي ؛ قال أبو بكر أحمد بن محمد بن عبدوس النّسوي : حدثنا أبو الحسين عليّ بن جامع الديباجي الخطيب بتلّ هوارة ، حدثنا إسماعيل بن محمد الورّاق.

تِلِيانُ : بالكسرتين ، وياء خفيفة ، وألف ، ونون : من قرى مرو ؛ منها حامد بن آدم التلياني المروزي ، حدث عن عبد الله بن المبارك وغيره ، تكلّموا فيه ، روى عنه محمد بن عصام المروزي وغيره ، توفي سنة ٢٣٩.

التُّلَيّانِ : بالضم ثم الفتح ، وياء مشددة : وهو تثنية تليّ الموضع المذكور بعده ، ثنّاه الشاعر لإقامة الوزن على عادتهم ، فقال :

ألا حبّذا برد الخيام وظلّها ،

وقول على ماء التّليّن أمرش

تَلْيَعْفَر : هو تلّ أعفر ، وقد تقدّم ذكره.

تُلَيْلٌ : تصغير التّلّ : جبل بين مكة والبحرين ؛ عن نصر.

تُلَيٌّ : بالضم ثم الفتح ، وتشديد الياء ، كأنه تصعير تلو الشيء ، وهو الذي يأتي بعده ، كما قيل جرو وجري : اسم ماء في بلاد بني كلاب قريب من سجا ؛ قال نصر : وبخط ابن مقلة الذي قرأه على أبي عبد الله اليزيدي يلي ، بالياء ، وهو تصحيف.

والتّليّ أيضا : موضع بنجد في ديار بني محارب بن حصفة ، وقيل : هو ماء لهم.

باب التاء والميم وما يليهما

تَمَارُ : مدينة في جبال طبرستان من جهة خراسان.

التَّمَانِي : بفتحتين ، وبعد الألف نون مكسورة ، منقوص : هضبات أو جبال ؛ قال بعضهم.

ولم تبق ألواء التّماني بقيّة

من الرطب إلا بطن واد وحاجر


ألواء : جمع لوى الرمل.

تُمْتَرُ : بالضم ثم السكون ، وفتح التاء الثانية : من قرى بخارى.

تُمُرْتَاش : بضمتين ، وسكون الراء ، وتاء أخرى ، وألف ، وشين معجمة : من قرى خوارزم ؛ قال بعض فضلائها :

حللنا تمرتاش يوم الخميس ،

وبتنا هناك بدار الرئيس

تَمَرُ : بالتحريك : قرية باليمامة لعديّ التّيم ؛ وأنشد ثعلب قال أنشدني ابن الأعرابي :

يا قبّح الله وقيلا ذا الحذر

وأمّه ، ليلة بتنا بتمر ،

باتت تراعي ليلها ضوء القمر

قال : تمر موضع معروف.

تَمْرَةُ : بلفظ واحدة التمر : من نواحي اليمامة لبني عقيل ، وقيل بفتح الميم ، وعقيق تمرة عن يمين الفرط.

تَمَسّا : بالتحريك ، وتشديد السين المهملة ، والقصر : مدينة صغيرة من نواحي زويلة ، بينهما مرحلتان.

تُمُشْكَث : بضمتين ، وسكون الشين المعجمة ، وفتح الكاف ، والثاء مثلثة : من قرى بخارى ؛ منها أحمد ابن عبد الله المقري أبو بكر التّمشكثي ، روى عن بحير بن الفضل ، روى عنه حامد بن بلال ؛ قاله ابن منذة.

تَمَعُّقُ : بفتحتين ، وتشديد العين المهملة وضمها : جبل بالحجاز ليس هناك أعلى منه.

تَمَنَّي : بفتحتين ، وتشديد النون وكسرها ؛ قال ابن السكيت في تفسير قول كثيّر :

كأن دموع العين ، لما تخلّلت

مخارم بيضا من تمنّي جمالها

قال : تمنّي أرض إذا انحدرت من ثنية هرشى تريد المدينة صرت في تمني وبها جبال يقال لها البيض.

تُمَيْرُ : تصغير تمر : قرية باليمامة من قرى تمر.

تَمِيتَمِنْدان : بالفتح ثم الكسر ، وياء ساكنة ، وتاء أخرى ، وكسر الميم ، وسكون النون ، والدال مهملة ، وألف ، ونون : مدينة بمكران عندها جبل يعمل فيه النوشادر ، خبّرني بها رجل من أهلها.

تُمَيُّ : بالضم ثم الفتح ، وياء مشددة : كورة بحوف مصر يقال لها كورة تتا وتميّ ، وهما كورة واحدة.

باب التاء والنون وما يليهما

تُنَاتِضَةُ : بالضم ، وبعد الألف تاء أخرى مكسورة ، والضاد معجمة ؛ كذا هو في كتاب العمراني وقال : موضع.

تَنَاصُفُ : بالفتح ، وضم الصاد المهملة ، وفاء : موضع بالبادية في شعر جحدر اللّصّ :

نظرت وأصحابي تعالى ركابهم ،

وبالسّرّ واد من تناصف أجمعا

بعين سقاها الشوق كحل صبابة

مضيضا ، ترى إنسانها فيه منقعا

إلى بارق حاد اللّوى من قراقر ،

هنيئا له ان كان جدّ وأمرعا

إلى الثّمد العذب الذي عن شماله ؛

وأجرعه سقيا لذلك أجرعا


التَّنَاضِبُ : بالفتح ، وكسر الضاد المعجمة ، والباء موحدة ؛ كذا وجدته بخط ابن أخي الشافعي ، وغيره يضمّها في قول جرير :

بان الخليط فودّعوا بسواد ،

وغدا الخليط روافع الإصعاد

لا تسأليني ما الذي بي بعد ما

زوّدتني ، بلوى التناضب ، زادي

قال ابن إسحاق في حديث هجرة عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، قال : اتّعدت لما أردت الهجرة إلى المدينة أنا وعياش بن أبي ربيعة وهشام بن العاصي بن وائل السهمي ، التناضب : من أضاة بني غفار فوق سرف ، وقلنا أيّنا لم يصبح عندها فقد حبس فليمض صاحباه ، قال : فأصبحت أنا وعياش بن أبي ربيعة عند التناضب وحبس هشام وفتن فافتتن ، وقدمنا المدينة ، وذكر الحديث.

تُناضِب : بالضم ، وكسر الضاد ؛ كذا ضبطه نصر وذكره في قرينة الذي قبله وقال : هو شعبة من شعب الدّوداء ، والدّوداء : واد يدفع في عقيق المدينة.

التنَانِيرُ : جمع التنور الذي يخبز فيه ، ذات التنانير : عقبة بحذاء زبالة ، وقيل : ذات التنانير معشّى بين زبالة والشقوق ، وهو واد شجير فيه مزدرع ترعيه بنو سلامة وبنو غاضرة ، وفيه بركة للسلطان ، وكان الطريق عليه فصار المعشى بالرسم حياله ؛ قال مضرّس ابن ربعيّ :

فلما تعالت بالمعاليق حلّة

لها سابق ، لا يخفض الصوت سائره

تلاقين من ذات التنانير سربة

على ظهر عاديّ ، كثير سوافره

تبينت أعناق المطيّ ، وصحبتي

يقولون موقوف السعير وعامرة

قال الراعي من كتاب ثعلب المقروء عليه :

وأسجم حنّان من المزن ساقه ،

طروقا إلى جنبي زبالة ، سائقه

فلما علا ذات التنانير صوبه ،

تكشّف عن برق قليل صواعقه

التناهِي : بالفتح : موضع بين بطان والثعلبية من طريق مكة على تسعة أميال من بطان ، فيه بركة عامرة وأخرى خراب ، وعلى ميلين من التناهي بركة أمّ جعفر وعلى ثلاثة أميال منها بركة للحسين الخادم ، وهو خادم الرشيد بن المهدي ، ومسجد الثعلبية منها على ثمانية أميال.

تَنبُغُ : بالفتح ثم السكون ، وضم الباء الموحدة ، والغين معجمة : موضع غزا فيه كعب بن مزيقياء جدّ الأنصار بكر بن وائل.

تِنَّبُ : بالكسر ثم الفتح والتشديد ، وباء موحدة : قرية كبيرة من قرى حلب ؛ منها أبو محمد عبد الله بن شافع ابن مروان بن القاسم المقري التنّبي العابد ، سمع بحلب مشرف بن عبد الله الزاهد وأبا طاهر عبد الرزاق بن إبراهيم بن قاسم الرّقي وأبا أحمد حامد بن يوسف بن الحسين التفليسي ، روى عنه أبو الحسن عليّ بن عبد الله بن جرادة الحلبي ، أفادنيه هكذا القاضي أبو القاسم عمر ابن أحمد بن أبي جرادة ؛ وينسب إلى هذه القرية غيره من الكتّاب والأعيان بحلب ودمشق في أيامنا.

تَنبُوكُ : بالفتح ثم السكون ، وضم الباء الموحدة ، وسكون الواو ، وكاف ؛ قال أبو سعد : وظنّي أنها قرية بنواحي عكبراء ؛ منها أبو القاسم نصر بن عليّ التنبوكي الواعظ العكبري ، سمع أبا عليّ الحسن بن


شهاب العكبري ، وسمع منه هبة الله بن المبارك السّقطي ؛ وقال نصر : تنبوك ناحية بين أرّجان وشيراز.

تَنتَلَةُ : التاء الثانية مفتوحة : موضع في بلاد غطفان ؛ عن نصر.

تَنْحِيبُ : بالحاء المهملة المكسورة ، وياء ساكنة ، وباء موحدة : يوم تنحيب كان من أيام العرب.

تَنْدَةُ : الدال مهملة مفتوحة : قرية كبيرة في غربي النيل من الصعيد الأدنى.

تَنَسُ : بفتحتين والتخفيف ، والسين مهملة ؛ قال أبو عبيد البكري : بين تنس والبحر ميلان ، وهي آخر إفريقية مما يلي المغرب ، بينها وبين وهران ثماني مراحل وإلى مليانة في جهة الجنوب أربعة أيام وإلى تيهرت خمس مراحل أو ستّ ؛ قال أبو عبيد : هي مدينة مسوّرة حصينة داخلها قلعة صغيرة صعبة المرتقى ينفرد بسكناها العمال لحصانتها ، وبها مسجد جامع وأسواق كثيرة ، وهي على نهر يأتيها من جبال على مسيرة يوم من جهة القبلة ويستدير بها من جهة الشرق ويصبّ في البحر وتسمى تنس الحديثة ، وعلى البحر حصن ذكر أهل تنس أنه كان القديم المعمور قبل هذه الحديثة ، وتنس الحديثة أسسها وبناها البحريون من أهل الأندلس ، منهم الكركدّن وابن عائشة والصقر وصهيب وغيرهم ، وذلك في سنة ٢٦٢ ، وسكنها فريقان من أهل الأندلس : من أهل البيرة وأهل تدمير ، وأصحاب تنس من ولد إبراهيم بن محمد بن سليمان بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن عليّ بن أبي طالب ، وكان هؤلاء البحريون من أهل الأندلس يشتون هناك إذا سافروا من الأندلس في مرسى على ساحل البحر فيجتمع إليهم بربر ذلك القطر ويرغبونهم في الانتقال إلى قلعة تنس ويسألونهم أن يتخذوها سوقا ويجعلوها سكنى ، ووعدوهم بالعون وحسن المجاورة ، فأجابوهم إلى ذلك وانتقلوا إلى القلعة وانتقل إليهم من جاورهم من أهل الأندلس ، فلما دخل عليهم الربيع اعتلّوا واستوبئوا الموضع ، فركب البحريون من أهل الأندلس مراكبهم وأظهروا لمن بقي منهم أنهم يمتارون لهم ويعودون ، فحينئذ نزلوا قرية بجاية ويغلبوا عليها ، ولم يزل الباقون في تنس في تزايد ثروة وعدد ، ودخل إليهم أهل سوق إبراهيم ، وكانوا في أربعمائة بيت ، فوسع لهم أهل تنس في منازلهم وشاركوهم في أموالهم وتعاونوا على البنيان واتخذوا الحصن الذي فيها اليوم ، ولهم كيل يسمونه الصحفة ، وهي ثمانية وأربعون قادوسا ، والقادوس : ثلاثة أمداد بمد النبي ، صلى الله عليه وسلم ، ورطل اللحم بها سبع وستون أوقية ، ورطل سائر الأشياء اثنتان وعشرون أوقية ، ووزن قيراطهم ثلث درهم عدل بوزن قرطبة ؛ وقال سعد ابن أشكل التيهرتي في علته التي مات منها بتنس :

نأى النوم عني واضمحلّت عرى الصبر ،

وأصبحت عن دار الأحبّة في أسر

وأصبحت عن تيهرت في دار غربة ،

وأسلمني مرّ القضاء من القدر

إلى تنس دار النحوس ، فإنها

يساق إليها كلّ منتقص العمر

هو الدهر والسيّاف والماء حاكم ،

وطالعها المنحوس صمصامة الدهر

بلاد بها البرغوث يحمل راجلا ،

ويأوي إليها الذئب في زمن الحشر


ويرجف فيها القلب ، في كل ساعة ،

بجيش من السودان يغلب بالوفر

ترى أهلها صرعى دوى أمّ ملدم ،

يروحون في سكر ويغدون في سكر

وقال غيره :

أيّها السائل عن أرض تنس ،

مقعد اللّؤم المصفّى والدّنس

بلدة لا ينزل القطر بها ،

والندى في أهلها حرف درس

فصحاء النطق في لا أبدا ،

وهم في نعم بكم خرس

فمتى يلمم بها جاهلها

يرتحل عن أهلها ، قبل الغلس

ماؤها ، من قبح ما خصّت به ،

نجس يجري على ترب نجس

فمتى تلعن بلادا مرة ،

فاجعل اللعنة دأبا لتنس

وقال أبو الربيع سليمان الملياني : مدينة تنس خرّبها الماء وهدمها في حدود نيف وعشرين وستمائة ، وقد تراجع إليها بعض أهلها ودخلها في تلك المدة ، وهم ساكنون بين الخراب ؛ وقد نسبوا إلى تنس إبراهيم ابن عبد الرحمن التنسي ، دخل الأندلس وسكن مدينة الزهراء ، وسمع من أبي وهب بن مسرة الحجازي وأبي عليّ القالي ، وكان في جامع الزهراء يفتي ، ومات في صدر شوال سنة ٣٠٧.

تَنْضُبُ : بالفتح ثم السكون ، وضم الضاد المعجمة ، والباء موحدة : قرية من أعمال مكة بأعلى نخلة ، فيها عين جارية ونخل.

تَنْعُمُ وتَنعُمَةُ : بضم العين المهملة : قريتان من أعمال صنعاء.

تِنْعَةُ : بالكسر ثم السكون ، والعين مهملة ، وفي كتاب نصر بالغين المعجمة ، ووجدته بخط أبي منصور الجواليقي فيما نقله من خط ابن الفرات بالثاء المثلثة في أوله ، والصواب عندنا تنعة كما ترجم به ؛ وروي عن الدارقطني أنه قال : تنعة هو بقيل بن هانئ بن عمرو ابن ذهل بن شرحبيل بن حبيب بن عمير بن الأسود ابن الضّبيب بن عمرو بن عبد بن سلامان بن الحارث ابن حضرموت ، وهم اليوم أو أكثرهم بالكوفة ، وبهم سميت قرية بحضرموت عند وادي برهوت الذي تسمع منه أصوات أهل النار ، وله ذكر في الآثار ؛ وقد نسب بهذه النسبة جماعة منهم إلى القبيلة ومنهم إلى الموضع ، ومنهم : أوس بن ضمعج التنعي أبو قتيبة وعياض بن عياض بن عمرو بن جبلة بن هانئ بن بقيل الأصغر بن أسلم بن ذهل بن نمير بن بقيل وهو تنعة ، روى عن ابن مسعود حديثه عند سلمة بن كهيل ؛ وعمرو بن سويد التنعي الكوفي الحضرمي ، يروي عن زيد بن أرقم ، وأخوه عامر بن سويد ، يروي عن عبد الله بن عمر ، روى عنه جابر الجعفي وغيره.

التَّنْعيمُ : بالفتح ثم السكون ، وكسر العين المهملة ، وياء ساكنة ، وميم : موضع بمكة في الحل ، وهو بين مكة وسرف ، على فرسخين من مكة وقيل على أربعة ، وسمي بذلك لأن جبلا عن يمينه يقال له نعيم وآخر عن شماله يقال له ناعم ، والوادي نعمان ؛ وبالتنعيم مساجد حول مسجد عائشة وسقايا على طريق المدينة ، منه يحرم المكيون بالعمرة ؛ وقال محمد بن عبد الله النّميري :

فلم تر عيني مثل سرب رأيته ،

خرجن من التنعيم معتمرات


مررن بفخّ ثم رحن عشية

يلبّين للرحمن مؤتجرات

فأصبح ما بين الأراك فحذوه

إلى الجذع ، جذع النخل والعمرات

له أرج بالعنبر الغض فاغم ،

تطلّع ريّاه من الكفرات

تضوّع مسكا بطن نعمان أن مشت

به زينب في نسوة عطرات

تُنْغَةُ : بضم أوله ، والغين معجمة : ماء من مياه طيء ، وكان منزل حاتم الجواد ، وبه قبره وآثاره ؛ وفي كتاب أبي الفتح الإسكندري قال : وبخط أبي الفضل : تنغة منهل في بطن وادي حائل لبني عدي بن أخزم ، وكان حاتم ينزله.

تَنْكُتُ : بضم الكاف ، وتاء مثناة : مدينة من مدن الشاش من وراء سيحون ؛ خرج منها جماعة من أهل العلم ، منهم : أبو الليث نصر بن الحسن بن القاسم بن الفضل التنكتي ، ويكنى أبا الفتح أيضا ، رحل إلى المغرب وأقام بالأندلس يسمع ويسمّع ، وكان من التجار المكثرين المشهورين بفعل الخير والبرّ ، اشتهر برواية صحيح مسلم بالعراق ومصر والأندلس عن عبد الغافر الفارسي ، وكان سمع بنيسابور أبا الفتح ناصر بن الحسن بن محمد العمري وبمصر أبا الحسن محمد بن الحسين بن الطفال وإبراهيم بن سعيد الحبّال ، وسمع بالشام نصرا الزاهد المقدسي وأبا بكر الخطيب الحافظ ، روى عنه أبو القاسم السمرقندي ونصر بن نصر العكبري وأبو بكر الزاغوني وغيرهم ، وكان مولده سنة ٤٠٦ ، ومات في ذي القعدة سنة ٤٨٦.

تُنْما : النصر. موضع من نواحي الطائف ؛ عن نصر.

تَنَمُّص : بفتحتين ، وتشديد الميم وضمها ، والصاد مهملة : بلد معروف ؛ قال الأعشى يمدح ذا فائش الحميري :

قد علمت فارس وحمير وال

أعراب بالدّشت أيّهم نزلا

هل تعرف العهد من تنمّص إذ

تضرب لي ، قاعدا ، بها مثلا؟

كذا وجدته في فسر قول الأعشى ، والذي يغلب على ظني أن تنمص اسم امرأة ، والله أعلم.

التُّنَنُ : بالضم ثم الفتح ، وآخره نون أخرى : قرية باليمن من أعمال ذمار.

التَّنورُ : بالفتح ، وتشديد النون ، واحد التنانير : جبل قرب المصيصة ، يجري سيحان تحته.

تَنُوفُ : ثانيه خفيف ، وآخره فاء : موضع في جبال طيء ؛ وكانوا قد أغاروا على إبل امرئ القيس بن حجر من ناحيته فقال :

كأنّ دثارا حلّقت بلبونه

عقاب تنوف ، لا عقاب القواعل

وقال أبو سعيد : رواه أبو عمرو وابن الأعرابي عقاب تنوف وروى أبو عبيدة تنوفي ، بكسر الفاء ، ورواه أبو حاتم تنوفى ، بفتحها ، وقال أبو حاتم : هو ثنية في جبال طيء مرتفعة ، وللنحويّين فيه كلام ، وهو مما استدركه ابن السراج في الأبنية ، وقد ذكرت ما قالوا فيه مستوفى في كتابي الذي وسمته بنهاية العجب في أبنية كلام العرب.

تَنُوقُ : بالقاف : موضع بنعمان قرب مكة.

تَنُونِية : من قرى حمص ، مات بها عبد الله بن بشر المازني صحابيّ في سنة ست وتسعين ، وقبره بها ، وكان منزله في دار قنافة بحمص.


تنُوهةُ : بالهاء : من قرى مصر على النيل الذي يفضي إلى رشيد مقابل مخنان من الجانب الغربي ، وبإزائها في الشرق من هذا النهر الذي يأخذ إلى شرقي الريف بلاد الحوف.

تَنْهاةُ : بالفتح ثم السكون : موضع بنجد ؛ قالت صفية بنت خالد المازني مازن بن مالك بن عمرو بن تميم ، وهي يومئذ بالبشر من أرض الجزيرة تتشوق أهلها بنجد وكانت من أشعر النساء :

نظرت ، وأعلام من البشر دونها ،

بنظرة أقنى الأنف حجن المخالب

سما طرفه وازداد للبرد حدّه ،

وأمسى يروم الأمر فوق المراقب

لأبصر وهنا نار تنهاة أوقدت

بروض القطا والهضب ، هضب التناضب

ليالينا ، إذ نحن بالحزن جيرة ،

بأفيح حرّ البقل سهل المشارب

ولم يحتمل ، إلا أباحت رماحنا

حمى كل قوم أحرزوه وجانب

تَنْهَجُ : اسم قرية ، بها حصن من مشارف البلقاء من أرض دمشق ، سكنها شاعر يقال له خالد بن عباد ويعرف بابن أبي سفيان ؛ ذكره الحافظ أبو القاسم.

تِنِّيسُ : بكسرتين وتشديد النون ، وياء ساكنة ، والسين مهملة : جزيرة في بحر مصر قريبة من البر ما بين الفرما ودمياط ، والفرما في شرقيّها ؛ قال المنجمون : طولها أربع وخمسون درجة ، وعرضها إحدى وثلاثون درجة وثلث في الإقليم الثالث ؛ قال الحسين بن محمد المهلّبي : أما تنيس فالحال فيها كالحال في دمياط إلا أنها أجل وأوسط ، وبها تعمل الثياب الملونة والفرش البوقلمون ، وبحيرتها التي هي عليها مقدار إقلاع يوم في عرض نصف يوم ، ويكون ماؤها أكثر السنة ملحا لدخول ماء بحر الروم إليه عند هبوب ريح الشمال ، فإذا انصرف نيل مصر في دخول الشتاء وكثر هبوب الريح الغربية حلت البحيرة وحلا سيف البحر الملح مقدار بريدين حتى يجاوز مدينه الفرما ، فحينئذ يخزنون الماء في جباب لهم ويعدونه لسنتهم ؛ ومن حذق نواتيّ البحر في هذه البحيرة أنهم يقلعون بريح واحدة ، يديرون القلوع بها حتى يذهبوا في جهتين مختلفتين فيلقى المركب المركب مختلف السير في مثل لحظ الطرف بريح واحدة ؛ قال : وليس بتنيس هو امّ مؤذية لأن أرضها سبخة شديدة الملوحة. وقرأت في بعض التواريخ في أخبار تنّيس : قيل فيه إن سور تنيس ابتدئ ببنيانه في شهر ربيع الأول سنة ٢٣٠ ، وكان والي مصر يومئذ عيسى بن منصور بن عيسى الخراساني المعروف بالرافعي من قبل ايتاخ التركي في أيام الواثق ابن المعتصم ، وفرغ منه في سنة ٢٣٩ في ولاية عنبسة ابن إسحاق بن شمر الضبي الهروي في أيام المتوكل ، كان بينهما عدة من لولاة في هذه المدة ، بطالع الحوت اثنتا عشرة درجة في أول جد الزهرة وشرفها وهو الحد الأصغر ، وصاحب الطالع المشتري وهو في بيته وطبيعته ، وهو السعد الأعظم في أول الإقليم الرابع الأوسط الشريف ، وإنه لم يملكها من لسانه أعجمي لأن الزهرة دليلة العرب ، وبها مع المشتري قامت شريعة الإسلام ، فاقتضى حكم طالعها أن لا تخرج من حكم اللسان العربي. وحكي عن يوسف بن صبيح أنه رأى بها خمسمائة صاحب محبرة يكتبون الحديث ، وأنه دعاهم سرّا إلى بعض جزائرها وعمل لهم طعاما يكفيهم ، فتسامع به الناس فجاءه من العالم ما لا يحصى كثرة ، وإن ذلك الطعام كفى


الجماعة كلهم وفضل منه حتى فرّقه بركة من الله الكريم حلت فيه بفضائل الحديث الشريف.

وقيل إن الأوزاعي رأى بشر بن مالك يلتبط في المعيشة فقال : أراك تطلب الرزق ، الا أدلك على أمّ متعيّش ؛ قال : وما أمّ متعيّش؟ قال : تنيس ما لزمها أقطع اليدين إلا ربّته ، قال بشر : فلزمتها فكسبت فيها أربعة آلاف ، وقيل : إن المسيح ، عليه السلام ، عبر بها في سياحته فرأى أرضا سبخة مالحة قفرة والماء الملح محيط بها ، فدعا لأهلها بإدرار الرزق عليهم.

قال : وسمّيت تنّيس باسم تنيس بنت دلوكة الملكة ، وهي العجوز صاحبة حائط العجوز بمصر ، فإنها أول من بنى بتنيس وسمتها باسمها ، وكانت ذات حدائق وبساتين ، وأجرت النيل إليها ، ولم يكن هناك بحر ، فلما ملك دركون بن ملوطس وزمطرة من أولاد العجوز دلوكة فخافا من الروم ، فشقّا من بحر الظلمات خليجا يكون حاجزا بين مصر والروم فامتدّ وطغى وأخرب كثيرا من البلاد العامرة والأقاليم المشهورة ، فكان فيما أتى عليها أحنّة تنّيس وبساتينها وقراها ومزارعها ؛ ولما فتحت مصر في سنة عشرين من الهجرة كانت تنيس حينئذ خصاصا من قصب ، وكان بها الروم ، وقاتلوا أصحاب عمرو ، وقتل بها جماعة من المسلمين ، وقبورهم معروفة بقبور الشهداء عند الرمل فوق مسجد غازي وجانب الأكوام ، وكانت الوقعة عند قبّة أبي جعفر بن زيد ، وهي الآن تعرف بقبّة الفتح ، وكانت تنيس تعرف بذات الأخصاص إلى صدر من أيام بني أميّة ، ثم إن أهلها بنوا قصورا ولم تزل كذلك إلى صدر من أيام بني العباس ، فبني سورها كما ذكرنا ، ودخلها أحمد ابن طولون في سنة ٢٦٩ ، فبنى بها عدّة صهاريج وحوانيت في السوق كثيرة ، وتعرف بصهاريج الأمير.

وأما صفتها فهي جزيرة في وسط بحيرة مفردة عن البحر الأعظم يحيط بهذه البحيرة البحر من كل جهة ، وبينها وبين البحر الأعظم برّ آخر مستطيل ، وهي جزيرة بين البحرين ، وأول هذا البر قرب الفرما والطينة ، وهناك فوهة يدخل منها ماء البحر الأعظم إلى بحيرة تنيس في موضع يقال له القرباج ، فيه مراكب تعبر من برّ الفرما إلى البر المستطيل الذي ذكرنا أنه يحول بين البحر الأعظم وبحيرة تنيس ، يسار في ذلك البر نحو ثلاثة أيام إلى قرب دمياط ، وهناك أيضا فوهة أخرى تأخذ من البحر الأعظم إلى بحيرة تنيس ، وبالقرب من ذلك فوهة النيل الذي يلقي إلى بحيرة تنيس ، فإذا تكاملت زيادة النيل غلبت حلاوته على ماء البحر فصارت البحيرة حلوة ، فحينئذ يدخر أهل تنيس المياه في صهاريجهم ومصانعهم لسنتهم ، وكان لأهل الفرما قنوات تحت الأرض تسوق إليهم الماء إذا حلت البحيرة ، وهي ظاهرة الى الأرض ، وصورتها في الصفحة المقابلة.

قال صاحب تاريخ تنيس : ولتنيس موسم يكون فيه من أنواع الطيور ما لا يكون في موضع آخر ، وهي مائة ونيف وثلاثون صنفا ، وهي : السلوى ، القبج المملوح ، النصطفير ، الزرزور ، الباز الرومي ، الصفري ، الدبسي ، البلبل ، السقاء ، القمري ، الفاختة ، النواح ، الزّريق ، النوبي ، الزاغ ، الهدهد ، الحسيني ، الجرادي ، الأبلق ، الراهب ، الخشّاف ، البزين ، السلسلة ، درداري ، الشماص ، البصبص ، الأخضر ، الأبهق ، الأزرق ، الخضير ، أبو الحناء ، أبو كلب ، أبو دينار ، وارية الليل ، وارية النهار ، برقع أم علي ، برقع أم حبيب ، الدوري ، الزنجي ،


الشامي ، شقراق ، صدر النحاس ، البلسطين ، الستة الخضراء ، الستة السوداء ، الأطروش ، الخرطوم ، ديك الكرم ، الضريس ، الرقشة الحمراء ، الرقشة الزرقاء ، الكسر جوز ، الكسر لوز ، السمانى ، ابن المرعة ، اليونسة ، الوروار ، الصردة ، الحصية الحمراء ، القبرة ، المطوق ، السقسق ، السلار ، المرع ، السكسكة ، الارجوجة ، الخوخة ، فردقفص ، الاورث ، السلونية ، السهكة ، البيضاء ، اللبس ، العروس ، الوطواط ، العصفور ، الروب ، اللفات ، الجرين ، القليلة ، العسر ، الأحمر ، الأزرق ، البشرير ، البون ، البرك ، البرمسي ، الحصاري ، الزجاجي ، البج ، الحمر ، الرومي ، الملاعقي ، البط الصيني ، الغرناق ، الأقرح ، البلوى ، السطرف ، البشروش ، وز الفرط ، أبو قلمون ، أبو قير ، أبو منجل ، البجع ، الكركي ، الغطاس ، البلجوب ، البطميس ، البجوبة ، الرقادة ، الكروان البحري ، الكروان الحرحي ، القرلّى ، الخروطة ، الحلف ، الارميل ، القلقوس ، اللدد ، العقعق ، البوم ، الورشان ، القطا ، الدّرّاج ، الحجل ، البازي ، الصردي ، الصقر ، الهام ، الغراب ، الأبهق ، الباشق ، الشاهين ، العقاب ، الحداء ، الرخمة ، وقيل : إن البجع من طيور جيحون وما سوى هذا الجنس من طيور نهر جيحون وما سوى ذلك من طيور نهري العراق : دجلة والفرات ، وإن البصبص يركب ظهر ما اتفق له من هذه الطيور ، ويصل إلى تنيس طير كثير لا يعرف اسمه صغار وكبار ، ويعرف بها من السمك تسعة وسبعون صنفا ، وهي : البوري ، البلمو ، البرو ، اللبب ، البلس ، السكس ، الاران ، الشموس ، النسا ، الطوبان ، البقسمار ، الأحناس ، الأنكليس ، المعينة ، البنّي ، الإبليل ، الفريص ، الدونيس ، المرتنوس ، الاسقملوس ، النفط ، الخبار ، البلطي ، الحجف ، القلارية ، الرخف ، العير ، التون ، اللت ، القجاج ، القروص ، الكليس ، الأكلس ، الفراخ ، القرقاج ، الزلنج ، اللاج ، الأكلت ، الماضي ، الجلاء ، السلاء ، البرقش ، البلك ، المسط ، القفا ، السور ، حوت الحجر ، البشين ، الشربوت ، البساس ، الرعاد ، المخيرة ،


اللبس ، السطور ، الراي ، الليف ، اللبيس ، الابرميس ، الاتونس ، اللباء ، العميان ، المناقير ، القلميدس ، الحلبوة ، الرقاص ، القريدس ، الجبر ، هو كباره ، الصيح ، المجزّع ، الدّلّينس ، الأشبال ، المساك الأبيض ، الزقزوق ، أم عبيد ، السلور ، أم الأسنان ، الأبسارية ، اللجاة.

وينسب إليها خلق كثير من أهل العلم ، منهم : محمد بن علي بن الحسين بن أحمد أبو بكر التنيسي المعروف بالنقّاش ، قال أبو القاسم الدمشقي : سمع بدمشق محمد بن حريم ومحمد بن عتاب الزّفتي وأحمد بن عمير بن جوصا وحمامة بن محمد وسعيد ابن عبد العزيز والسلّام بن معاذ التميمي ومحمد بن عبد الله مكحولا البيروتي وأبا عبد الرحمن السناني وأبا القاسم البغوي وزكرياء بن يحيى الساجي وأبا بكر الباغندي وأبا يعلى الموصلي وغيرهم ، روى عنه الدارقطني وغيره ، ومات سنة ٣٦٩ في شعبان ، ومولده في رمضان سنة ٢٨٢ ؛ وأبو زكرياء يحيى بن أبي حسان التنيسي الشامي ، أصله من دمشق سكن تنيس ، يروي عن الليث بن سعد ؛ وعبد الله بن الحسن بن طلحة ابن إبراهيم بن محمد بن يحيى بن كامل أبو محمد البصري المعروف بابن النحاس من أهل تنيس قدم دمشق ومعه ابناه محمد وطلحة ، وسمع الكثير من أبي بكر الخطيب ، وكتب تصانيفه ، وعبد العزيز الكناني وأبي الحسن بن أبي الحديد وغيرهم ، ثم حدث بها وببيت المقدس عن جماعة كثيرة ، فروى عنه الفقيه المقدسي وأبو محمد بن الأكفاني ووثّقه وغيرهما ، وكان مولده في سادس ذي القعدة سنة ٤٠٤ ، ومات بتنيس سنة ٤٦١ وقيل ٤٦٢.

تُنيْضبَةُ : تصغير تنضبة ، بالضاد المعجمة ، والباء الموحدة ؛ شجر يتخذ منه السهام : وهو ماء لبني سعيد بن قرط من أبي بكر بن كلاب قرب النير.

تِنّينُ : بكسرتين وتشديد النون ، وياء ساكنة ، ونون أخرى : جبل التنّين مشهور قرب جبل الجودي من أعمال الموصل.

تُنينيرُ : تصغير تنّور : اسم لبلدتين من نواحي الخابور ، تنينير العليا وتنينير السفْلى وهما على نهر الخابور ، رأيت العليا غير مرة.

باب التاء والواو وما يليهما

تُوارُنُ : بالضم ، وضم الراء ، وآخره نون : قرية في أجإ أحد جبلي طيء لبني شمّر من بني زهير.

تُؤامُ : بالضم ثم فتح الهمزة ، بوزن غلام : اسم قصبة عمان مما يلي الساحل ، وصحار قصبتها مما يلي الجبل ، ينسب إليها الدّرّ ؛ قال سويد :

لا ألاقيها ، وقلبي عندها ،

غير إلمام إذا الطرف هجع

كالتّؤاميّة ، إن باشرتها

قرّت العين وطاب المضطجع

وبها قرى كثيرة ، والتّؤام جمع توأم ، جمع عزيز ؛ قال ابن السكيت : ولم يجيء شيء من الجمع على فعال إلّا أحرف ذكر منها تؤام جمع توأم ، وأصل ذلك من المرأة إذا ولدت اثنين في بطن ، ويقال : هذا توأم هذا إذا كان مثله ؛ وقال نصر : تؤام قرية بعمان بها منبر لبني سامة. وتؤام : موضع باليمامة يشترك به عبد القيس والأزد وبنو حنيفة. وتؤام : موضع بالبحرين ؛ كذا في كتاب نصر ، وما أظنّ الذي بالبحرين إلا هو الذي ينسب إليه اللّؤلؤ لأن عمان لا لؤلؤ بها.


التّوَاتمُ : جمع توأم ، وهو القياس الصحيح : اسم جبال ؛ قال قيس بن العيزارة الهذلي :

فإنك لو عاليته في مشرف

من الصّفر ، أو من مشرفات التواثم

تَوْباذُ :

بالفتح ثم السكون ، والباء موحدة ، وألف ، وآخره ذال معجمة : جبل بنجد ؛ وقال نصر : توباذ أبيرق أسد ؛ قال بعضهم :

وأجهشت للتّوباذ حين رأيته ،

وسبّح للرحمن حين رآني

وقلت له : أين الذين عهدتهم ،

بربك ، في خفض وعيش ليان؟

فقال : مضوا واستودعوني بلادهم ،

ومن ذا الذي يغترّ بالحدثان؟

وإني لأبكي اليوم من حذري غدا ،

وأقلق والحيّان مؤتلفان

تُوبَنُ : بالضم ثم السكون ، وفتح الباء الموحدة ، في آخره نون : من قرى نسف بما وراء النهر ؛ منها الأمير الدهقان أبو بكر محمد بن محمد بن جعفر بن العباس التوبني ، سمع أبا يعلى عبد المؤمن بن خلف النّسفي ، توفي سنة ٣٨٠ ؛ وجماعة كثيرة ينسبون إلى توبن.

تَوْبَةُ : تلّ توبة : في شرقي الموصل خراب بنينوى ، وقد ذكر في تل توبة.

تُوثُ : بضم أوله ، وفي آخره ثاء مثلثة ، في عدّة مواضع ، توث : من قرى بوشنج. وتوث : من قرى أسفرايين على منزل إذا توجهت إلى جرجان ؛ منها أبو القاسم علي بن طاهر ، كان حسن السيرة ، سمع ببغداد من أبي محمد الجوهري ، وتوفي بقريته سنة ٤٠٨ ؛ ويوسف بن إبراهيم بن موسى أبو يعقوب التوثي من توث اسفرايين ، شيخ صالح فقيه من أهل العلم ، سمع أبا بكر الشيروي ونصر الله الخشنامي وأبا حامد أحمد بن علي بن محمد بن عبدوس ، كتب عنه أبو سعد بتوث ، مولده سنة ٤٧٩ ، ومات بها في رجب سنة ٥٤٦.

وتوث أيضا : من قرى مرو ؛ قال أبو سعد : ويقال لهذه القرية التوذ ، بالذال المعجمة أيضا ؛ ينسب إليها أبو الفيض بحر بن عبد الله بن بحر التوثي المروزي ، كان كثير الأدب ، وكان من تلاميذ أبي داود سليمان ابن معبد السنجي ؛ وجابر بن يزيد أبو الصلت التوثي من أهل المعرفة ، ولي الوادي أيام عمر بن عبد العزيز ، وكان له ابن يقال له الصلت ، وروى عن الصلت ابنه العلاء ورافع بن اشرس ؛ والعلاء بن الصلت بن جابر التوثي روى عن أبيه الصلت ، روى عنه الحسين بن حريث ؛ ومحمد بن أحمد بن حيان التوثي أبو جعفر ، سمع عبد الله بن أحمد بن شبويه وعبد الله بن عمرو ومنصور بن الشاه وعمير بن أفلح وغيرهم من المراوزة ؛ وأبو منصور محمد بن أحمد بن عبد الله بن منصور التوثي المروزي ، كان صالحا عفيفا ، تفقّه على الإمام عبد الرزاق الماخواني ، وكتب الحديث الكثير ، سمع أبا المظفّر منصور بن محمد السمعاني وأبا القاسم إسماعيل بن محمد الزاهري والإمام أبا الفرج عبد الرحمن بن أحمد السرخسي الفقيه الشافعي المعروف بالزاز وأبا سعد محمد بن الحارث الحارثي ، كتب عنه تاج الإسلام ، ومولده في حدود سنة ٤٦٠ ، ومات يوم السبت ثاني عشر ربيع الآخر سنة ٥٣٠ ؛ وعبد الواحد بن محمد بن عبد الجبار بن عبد الواحد بن عبد الجبار أبو بكر التوثي المروزي ، كان فقيه قريته ، سمع منه أبو سعد وقال : إنه عمّر حتى بلغ التسعين ، سمع أبا الفضل محمد بن الفضل بن جعفر الحرقي وأبا القاسم إسماعيل بن محمد بن أحمد الزاهري وأبا الفضل


أحمد العارف وأبا المظفر السمعاني ، مات في عقوبة الغزّ في شعبان سنة ٥٤٨.

تُوثَةُ : بلفظ واحد التّوث : محلّة في غربي بغداد متصلة بالشّونيزية مقابلة لقنطرة الشّوك ، عامرة إلى الآن ، لكنها مفردة شبيهة بالقرية ؛ ينسب إليها قوم.

منهم أبو بكر محمد بن أحمد بن عليّ القطّان التوثي ، كان أحد الزّهاد وحفّاظ القراءة ، روى عن أبي الغنائم محمد بن عليّ بن الحسن الدّقاق ، روى عنه جماعة ، ومات سنة ٥٢٨ ؛ وأبو بكر محمد بن عبد الله بن أبي زيد التوثي الأنماطي ، روى عنه أبو بكر الخطيب وصدّقه ، ومات سنة ٤١٧ ؛ وأبو بكر محمد ابن سعد بن أحمد بن تركان التوثي ، حدث عن نصر بن أحمد بن البطر ، حدث عنه أبو موسى محمد بن عليّ ابن عمر الأصبهاني.

تَوَّجُ : بفتح أوله ، وتشديد ثانيه وفتحه أيضا ، وجيم ، وهي توّز ، بالزاي ، وسنعيد ذكرها ايضا:مدينة بفارس قريبة من كازرون شديدة الحرّ لأنها في غور من الأرض ذات نخل ، وبناؤها باللّبين ، بينها وبين شيراز اثنان وثلاثون فرسخا ، ويعمل فيها ثياب كتّان تنسب إليها ، وأكثر من يعمل هذا الصنف بكازرون لكن اسم توّج غالب عليه لأن أهل توّج أحذق بصناعته ، وهي ثياب رقيقة مهلهلة النسج كأنها المنخل ، إلا أن ألوانها حسنة ، ولها طرز مذهبة ، تباع حزما بالعدد ، وكان أهل خراسان يرغبون فيها ، وتجلب إليهم كثيرا ، وقد يعمل منها صنف صفيق جيّد ينتفع به ، وهي مدينة صغيرة واسمها كبير ؛ وقد فتحت في أيام عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، في سنة ١٨ أو ١٩ ، وأمير المسلمين مجاشع ابن مسعود فالتقوا أهل فارس بتوّج فهزّم الله أهل فارس وافتتح توّج بعد حروب عنوة ، وأغنمهم عسكره ثم صالحهم على الجزية ، فرجعوا إلى أوطانهم وأقرّوا ؛ فقال مجاشع بن مسعود في ذلك :

ونحن ولينا مرّة بعد مرّة

بتوّج ، أبناء الملوك الأكابر

لقينا جيوش الماهيان بسحرة ،

على ساعة تلوي بأهل الحظائر

فما فتئت خيلي تكرّ عليهم ،

ويلحق منها لاحق غير حائر

وقال أحمد بن يحيى : وجّه عثمان بن أبي العاصي الثقفي أخاه الحكم في البحر من عمان لفتح فارس ، ففتح مدينة بركاوان ثم سار إلى توّج ، وهي أرض أردشير خرّه ، وفي رواية أبي مخنف أن عثمان بن أبي العاصي بنفسه قطع البحر إلى فارس فنزل توّج ففتحها ، وبنى بها المساجد وجعلها دارا للمسلمين ، وأسكنها عبد القيس وغيرهم ، وكان يغير منها إلى أرّجان ، وهي متاخمة لها ، ثم شخص منها وعن فارس إلى عمان والبحرين بكتاب عمر إليه في ذلك ، واستخلف أخاه الحكم ، وقال غيره : إن الحكم فتح توّج وأنزلها المسلمين من عبد القيس وغيرهم ، وكان ذلك في سنة ١٩ ، ثم كانت وقعة ريشهر كما نذكرها في ريشهر ، وقتل سهرك مرزبان فارس حينئذ ، وكتب عمر إلى عثمان بن أبي العاصي أن يعبر إلى فارس بنفسه ، فاستخلف أخاه حفصا ، وقيل المغيرة ، وعبر إلى توّج فنزلها ، وكان يغزو منها ، وكان بعض أهل توّج يقول : إن توّج مصرّت بعد قتل سهرك ؛ وينسب إليها جماعة ، منهم : أبو بكر أحمد بن الحسين بن أحمد بن مردشاد السيرافي التوّجي ، سمع منه أبو محمد عبد العزيز بن محمد النخشبي الحافظ وغيره ؛ وأما قول مليح الهذلي :


بعثنا المطايا ، فاستخفّت كما هوت

قوارب يزفيها وسيج سفنّج

ليوردها الماء الذي نشطت له ،

ومن دونه أثباج فلج فتوّج

يزفيها : يسرع بها. والوسيج : ضرب من السير.

والسفنج : الظليم. توّج : هو موضع بالبادية ينسب إليه الصّقور ؛ قال الشّمردل :

قد أغتدي ، والليل في حجابه ،

والليل لم يأو الى مهابة

بتوّج إذ صاد ، في شبابه ،

معاود قد ذلّ في اصعابه

وقال الراجز :

أحمر من توّج محض حسبه ،

ممكّن على الشمال مركبه

تُودٌ : بالضم ثم السكون ، والدال المهملة ، والتّود شجر ، وذو التّود : موضع ؛ قال أبو صخر :

عرفت ، من هند ، أطلالا بذي التّود ،

قفرا ، وجاراتها البيض الرخاويد

توذ : بالذال المعجمة : قرية من قرى سمرقند على ثلاثة فراسخ منها ؛ ينسب إليها محمد بن إبراهيم بن الخطاب التّوذي الورسنيني ، كان يسكن ورسنين من قرى سمرقند أيضا ، فانتقل منها إلى توذ ، ويروي عن العباس بن الفضل بن يحيى ومحمد بن غالب وغيرهما ؛ وابنه أبو الليث نصر بن محمد بن إبراهيم التوذي ، كان من فقهاء الحنفيّين المناظرين ، توفي بسمرقند ، وروى عن أبي إبراهيم الترمذي ، روى عنه محمد بن محمد بن سعيد السمرقندي. وتوذ أيضا : من قرى مرو ؛ وقال أبو سعد : وأكثر الناس يسمونها توث ، بالثاء المثلثة عوض الذال ، وقد ذكر ممن نسب إليها فيما سلف.

تُوذِيْجُ : بكسر الذال المعجمة ، وياء ساكنة ، وجيم : من قرى روذبار الشاش من وراء نهر سيحون ؛ ينسب إليها أبو حامد أحمد بن حمزة بن محمد بن إسحاق بن أحمد المطّوّعي التوذيجي ، سكن سمرقند وحدث عن أبيه حمزة ، وروى عنه أبو حفص عمر بن محمد النسفي الحافظ ؛ مات سنة ٥٢٦ في ثاني عشر شهر رمضان.

تُورَانُ : بالراء ، والألف ، والنون : بلاد ما وراء النهر بأجمعها تسمى بذلك ، ويقال لملكها توران شاه ، وفي كتاب أخبار الفرس أن أفريدون لما قسم الأرض بين ولده جعل لسلم ، وهو الأكبر ، بلاد الروم وما والاها من المغرب ، وجعل لولده توج ، وهو الأوسط ، الترك والصين ويأجوج ومأجوج وما يضاف إلى ذلك ، فسمّت الترك بلادهم توران باسم ملكهم توج ، وجعل للأصغر ، وهو إيرج ، إيران شهر ، وقد بسطت القول في ايران شهر.

وتوران أيضا : قرية على باب حرّان ؛ منها سعد ابن الحسن أبو محمد العروضي الحرّاني ، له شعر حسن ، دخل خراسان ، سمع منه أبو سعد السمعاني ، وتأخرت وفاته ، مات في ذي القعدة سنة ٥٨٠ ؛ قال ذلك الحافظ أبو عبد الله بن الدّبيثي.

تُورَكُ : بالكاف : سكة ببلخ ؛ ينسب إليها يوسف ابن مسلم التّوركي الكوسج ، رأى الثوري.

تَوْزَرُ : بالفتح ثم السكون ، وفتح الزاي ، وراء : مدينة في أقصى إفريقية من نواحي الزاب الكبير من أعمال الجريد ، معمورة ، بينها وبين نفطة عشرة فراسخ ، وأرضها سبخة ، بها نخل كثير ؛ قال أبو عبيد البكري في كتاب المسالك والممالك : أما


قسطيلية فإن من بلادها توزر والحمّة ونفطة ، وتوزر هي أمّها ، وهي مدينة عليها سور مبني بالحجر والطّوب ، ولها جامع محكم البناء وأسواق كثيرة ، وحولها أرباض واسعة ، وهي مدينة حصينة لها أربعة أبواب ، كثيرة النخل والبساتين ، ولها سواد عظيم ، وهي أكثر بلاد إفريقية تمرا ، ويخرج منها في أكثر الأيام ألف بعير موقورة تمرا ، وشربها من ثلاثة أنهار تخرج من زقاق كالدّرمك بياضا ورقّة ، ويسمى ذلك الموضع بلسانهم تبرسي ، وإنما تنقسم هذه الثلاثة الأنهار بعد اجتماع تلك المياه بموضع يسمّى وادي الجمال يكون قعر النهر هناك نحو مائتي ذراع ، ثم ينقسم كلّ نهر من هذه الأنهار على ستة جداول ، وتتشعب من تلك الجداول سواق لا تحصى ، تجري في قنوات مبنية بالصخر على قسمة عدل لا يزيد بعضها على بعض شيئا ، كل ساقية سعة شبرين في ارتفاع فتر ، يلزم كل من يسقي منها أربعة أقداس مثقال في العام ، وبحساب ذلك في الأكثر والأقلّ وهو أن يعمد الذي له دولة السقي إلى قدس في أسفله ثقبة مقدار ما يسعها وتر قوس النّدّاف فيملؤه ماء ويعلقه ويسقي الحائط أو البستان من تلك الجداول حتى يفنى ماء القدس ثم يملأ ثانيا هكذا ، وقد علموا أن سقي اليوم الكامل مائة واثنان وتسعون قدسا. لا يعلم في بلاد مثل أترنجها جلالا وحلاوة وعظما ، وجباية قسطيلية مائتا ألف دينار ، وأهلها يستطيبون لحوم الكلاب ويربّونها ويسمّنونها في بساتينهم ويطعمونها التمر ويأكلونها ؛ ولا يعلم وراء قسطيلية عمران ولا حيوان إلا الفنك ، وإنما هي رمال وأرضون سواخة ؛ وينسب إلى توزر جماعة ، منهم : أبو حفص عمر بن أحمد ابن عيسون الأنصاري التوزري ، لقيه السلفي بالإسكندرية.

تُوزُ : بالضم ثم السكون ، وزاي : منزل في طريق الحاجّ بعد فيد للقاصد إلى الحجاز ودون سميراء لبني أسد ، وهو جبل ؛ قال أبو المسور :

فصبّحت في السير أهل توز ،

منزلة في القدر مثل الكوز ،

قليلة المأدوم والمخبوز

شرّا ، لعمري من بلاد الخوز

وقال راجز آخر :

يا ربّ جار لك بالحزيز ،

بين سميراء وبين توز

تَوَّزُ : بالفتح ، وتشديد ثانيه وفتحه أيضا ، وزاي : بلدة بفارس ، وهي توّج ، وقد ذكرت قبل هذا ، وهي في الإقليم الرابع ، طولها سبع وسبعون درجة وثلثان ، وعرضها أربع وثلاثون درجة ونصف وربع ؛ وينسب إليها بهذا اللفظ جماعة ، منهم : عبد الله بن محمد بن هارون التوزي اللغوي ، أخذ عن أبي عبيدة والأصمعي وأبي زيد وقرأ على أبي عمر الجرمي كتاب سيبويه ، وكان في طبقته ، ومات في سنة ٢٣٨ ؛ وأبو حفص عمر بن موسى البغدادي التوزي ، روى عن عفان وعاصم بن عليّ ، روى عنه ابن مخلد وأبو بكر الشافعي وغيرهما ؛ وأبو الحسين أحمد بن عليّ بن الحسن التوزي القاضي ، سمع أبا الحسين بن المظفر الحافظ وخلقا كثيرا ، وهو ثقة ؛ ومحمد بن داود التوزي ، حدث عن محمد بن سليمان ، روى عنه الطبراني ؛ وأبو يعلى محمد بن الصلت التوزي وغيرهم.

تُوزين : ويقال تيزين : كورة وبلدة بالعواصم من أرض حلب.

تُوسَكاسُ : بالضم ثم السكون ، وفتح السين المهملة ، وكاف ، وألف ، وسين أخرى : قرية من قرى


سمرقند على خمسة فراسخ منها ؛ ينسب إليها أبو عبد الله التوسكاسي السمرقندي ، روى عن يحيى بن زيد السمرقندي.

تُوضِحَانِ : بكسر الضاد المعجمة ، والحاء مهملة : جرعتان متقابلتان بذروة عالج لفزارة ، والجرعة :الرملة المستوية لا تنبت شيئا.

تُوضِحُ : كثيب أبيض من كثبان حمر بالدهناء قرب اليمامة ؛ عن نصر ؛ وقيل : توضح من قرى قرقرى باليمامة ، وهي زروع ليس لها نخل ؛ وقال السكري : سئل شيخ قديم عن مياه العرب فقيل له : هل وجدت توضح التي ذكرها امرؤ القيس؟ فقال : أما والله لقد جئت في ليلة مظلمة فوقفت على فم طويّها فلم توجد إلى اليوم ؛ قلت أنا : فهذه غير التي باليمامة ، ويؤيد ذلك أن السكري قال في شرح قول امرئ القيس : الدّخول وحومل وتوضح والمقراة مواضع ما بين إمّرة وأسود العين ، فأما التي باليمامة ففيها يقول يحيى بن طالب الحنفي في غير موضع من شعره ، منه :

أيا أثلات القاع من بطن توضح ،

حنيني إلى أفيائكنّ طويل

ويا أثلات القاع قلبي موكّل

بكنّ ، وجدوى خيركنّ قليل

في أبيات وقصة ممتعة أذكرها في قرقرى إن شاء الله تعالى.

تَوْقاتُ : بالفتح ثم السكون ، وقاف ، وتاء فوقها نقطتان : بلدة في أرض الروم بين قونيا وسيواس ذات قلعة حصينة وأبنية مكينة ، بينها وبين سيواس يومان.

تَوْلَبُ : وهو الجحش ، وهو فوعل عند سيبويه : موضع في قول الراعي :

عفت بعدنا أجراع برك فتولب

فوادي الرّداه ، بين ملهى فملعب

تَوْلَعُ : بالعين المهملة : قرية بالشام في قول عبد الله ابن سليم :

لمن الديار بتولع فيبوس

تُوليَةُ : قال الكندي : ولا أعرفه في طرف العمارة من ناحية الشمال : بحيرة عظيمة بعضها تحت القطب الشمالي ، وبقربها مدينة ليس بعدها عمارة يقال لها تولية.

تُومَاءُ : بالضم ، والمد ، أعجمي معرب : اسم قرية بغوطة دمشق ؛ وإليها ينسب باب توماء من أبواب دمشق ؛ قال جرير :

لا ورد للقوم إن لم يعرفوا بردى ،

إذا تجوّب عن أعناقها السدف

صبّحن توماء ، والناقوس يقرعه

قس النصارى ، حراجيجا بنا تجف

قال السكري : توماء من عمل دمشق ، ويروى تيماء ، وهو اليوم لطيء وأخلاط من الناس لبني بحتر خاصّة ، وهو بين الحجاز والشام ؛ هكذا هو بخط أحمد بن أحمد بن أخي الشافعي ، وفيه تخبيط.

تَوَمَا : بالتحريك : موضع بالجزيرة ؛ عن نصر.

تُومَاثا : بالضم ثم السكون ، وثاء مثلثة : قرية قرب برقعيد من بقعاء الموصل ؛ قال أبو سعد : ينسب إليها صاحبنا ورفيقنا أبو العباس الخضر بن ثروان بن أحمد أبي عبد الله التغلبي التّومائي ، ويقال له الفارقي والجزري ، لأنه ولد بالجزيرة ونشأ بميّافارقين ، وأصله من توماثا ، مقرئ فاضل ، أديب بارع ، حسن الشعر ، كثير المحفوظ ، عالم بالنحو ، ضرير


البصر ، قرأ اللغة على ابن الجواليقي والنحو على أبي السعادات بن الشجري والفقه على أبي الحسن الأبنوسي ، وكان ببغداد يسكن المسجد المعلق المقابل لباب النوبي من دار الخلافة ، وكان يحفظ شعر الهذليين والمجهلين وأخبار الأصمعي وشعر رؤبة وشعر ذي الرّمة وغيرهم ، لقيته أولا ببغداد وسمع معنا غريب الحديث لأبي عبيد على أبي منصور الجواليقي ، ثم لقيته بنيسابور ومرو وسرخس غير مرة في سنة ٥٤٤ ، وسألته عن مولده فقال : في سنة ٥٠٥ بجزيرة ابن عمر ، وكتبت عنه شيئا من أشعاره ومن أشعار غيره ، وأنشدنا لنفسه :

وذي سكر نبّهت للشرب ، بعد ما

جرى النوم في أعطافه وعظامه

فهبّ وفي أجفانه سنة الكرى ،

وقد لبست عيناه نوم مرامه

ومن شعره أيضا :

كتبت وقد أودى بمقلتي البكا ،

وقد ذاب من شوق إليكم سوادها

وما وردت لي نحوكم من رسالة ،

وحقكم إلّا وذاك سوادها

تَوَمُ : بالتحريك : موضع باليمامة به روضة ؛ عن الحفصي.

تُومُ : قرية بين أنطاكية ومرعش والمصيصة ، ينسب إليها درب توم.

تُومَنُ : بالضم ثم السكون ، وفتح الميم ، ونون ؛ قال أبو سعد : أظنها من قرى مصر ؛ منها أبو معاذ التّومني ، وهو رأس الطائفة المعروفة بالتومنية ، وهم فرقة من المرجئة تزعم أن الإيمان ما عصم من الكفر ، وهو اسم لخصال إذا تركها التارك أو ترك خصلة منها كان كافرا ، وتلك الخصال التي يكفر بتركها او ترك خصلة منها إيمان ، ولا يقال للخصلة منها إيمان ولا بعض إيمان ، وكل كبيرة لم يجتمع المسلمون على أنها كفر يقال لصاحبها فسق ، ولا يقال له فاسق على الإطلاق.

تُونِسُ الغَرْب : بالضم ثم السكون ، والنون تضم وتفتح وتكسر : مدينة كبيرة محدثة بإفريقية على ساحل بحر الروم ، عمّرت من أنقاض مدينة كبيرة قديمة بالقرب منها يقال لها قرطاجنّة ، وكان اسم تونس في القديم ترشيش ، وهي على ميلين من قرطاجنّة ، ويحيط بسورها أحد وعشرون ألف ذراع ، وهي الآن قصبة بلاد إفريقية ، بينها وبين سفاقس ثلاثة أيام ومائة ميل بينها وبين القيروان ونحو منه بينها وبين المهدية ، وليس بها ماء جار إنما شربهم من آبار ومصانع يجتمع فيها ماء المطر ، في كل دار مصنع ، وآبارها خارج الديار في أطراف البلد ، وماؤها ملح ، وعليها محترث كثير ، ولها غلّة فائضة ، وهي من أصح بلاد إفريقية هواء.

وقال البكري : مدينة تونس في سفح جبل يعرف بجبل أمّ عمرو ، ويدور بمدينتها خندق حصين ، ولها خمسة أبواب ، باب الجزيرة قبلي ينسب إلى جزيرة شريك ويخرج منه إلى القيروان ، ويقابله الجبل المعروف بجبل التّوبة ، وهو جبل عال لا ينبت شيئا ، وفي أعلاه قصر مبني مشرف على البحر ، وفي شرقي هذا القصر غار محني الباب يسمى المعشوق ، وبالقرب منه عين ماء ، وفي غربي هذا الجبل جبل يعرف بجبل الصيادة ، فيه قرى كثيرة الزيتون والثمار والمزارع ، وفي هذا الجبل سبعة مواجل للماء أقباء على غرار واحد ، وفي غربي هذا الجبل أيضا اشراف بمزارع متصلة بموضع يعرف بالملعب ، فيه قصر بني الأغلب،


وقد غرس فيه جميع الثمار وأصناف الرياحين ، وفي شرقي مدينة تونس الميناء والبحيرة وباب قرطا جنّة ، ودونه داخل الخندق بساتين كثيرة وسواق تعرف بسواقي المرج ، ويتصل بها جبل أجرد يقال له جبل أبي خفنجة ، في أعلاه آثار بنيان ؛ وباب أرطة غربي تجاوره مقبرة يقال لها مقبرة سوق الأحد ، ودون الباب من داخل الخندق غدير كبير يعرف بغدير الفحامين ، وربض المرضى خارج عن المدينة ، وفي قبليه ملاحة كبيرة منها ملحهم وملح من يجاورهم ، وجامع تونس رفيع البناء مطلّ على البحر ينظر الجالس فيه إلى جميع جواريه ، ويرقى إلى الجامع من جهة الشرق على اثنتي عشرة درجة ، وبها أسواق كثيرة ومتاجر عجيبة وفنادق وحمّامات ، ودور المدينة كلّها رخام بديع ، ولها لوحان قائمان وثالث معرض مكان العتبة ؛ ومن أمثالهم : دور تونس أبوابها رخام وداخلها سخام ؛ وهي دار علم وفقه ، وقد ولي قضاء إفريقية من أهلها جماعة ومع ذلك فهي مخصوصة بالتشغّب والقيام على الأمراء والخلاف للولاة ، خالفت نحو عشرين مرة وامتحن أهلها أيام أبي يزيد الخارجي بالقتل والسبي وذهاب الأموال ؛ قال صاحب الحدثان :

فويل لترشيش وويل لأهلها

من الحبشيّ الأسود المتغاضب!

وقال بعض الشعراء :

لعمرك ما ألفيت تونس كاسمها ،

ولكنني ألفيتها وهي توحش

ويصنع بتونس للماء من الخزف كيزان تعرف بالريحيّة ، شديدة البياض في نهاية الرقّة تكاد تشفّ ، ليس يعلم لها نظير في جميع الأقطار ، وتونس من أشرف بلاد إفريقية وأطيبها ثمرة وأنفسها فاكهة ، فمن ذلك اللوز الفريك يفرك بعضه بعضا من رقة قشره ويحت باليد وأكثره حبتان في كل لوزة مع طيب المضغة وعظم الحبة ، والرمان الضعيف الذي لا عجم له البتة مع صدق الحلاوة وكثرة المائية ، والأترج الجليل الطيب الذّكي الرائحة البديع المنظر ، والتين الخارمي أسود كبير رقيق القشر كثير العسل لا يكاد يوجد له بزر ، والسفرجل المتناهي كبرا وطيبا وعطرا ، والعنّاب الرفيع في قدر الجوزة ، والبصل القلوري في قدر الأترج مستطيل سابري القشر صادق الحلاوة كثير الماء ، وبها من أجناس السمك ما لا يوجد في غيرها ، يرى في كلّ شهر جنس من السمك لا يرى في الذي قبله ، يملح فيبقى سنين صحيح الجرم طيب الطعم ، منه جنس يقال له النقونس يضربون به المثل فيقولون : لو لا النقونس لم يخالف أهل تونس.

قال البكاري : بين تونس والقيروان منزل يقال له مجقة ، إذا كان أوان طيب الزيتون بالساحل قصدته الزرازير فباتت فيه وقد حمل كلّ طائر منها زيتونتين في مخلبيه فيلقيهما هناك ، وله غلّة عظيمة تبلغ سبعين ألف درهم ؛ ويقال لبحر تونس رادس ، وكذلك يقال لمرساها مرسى رادس ، وأهلها موصوفون بدناءة النفس ؛ وافتتحها حسان بن نعمان بن عدي بن بكر بن مغيث الأسدي في أيام عبد الملك ، نزل عليها فسأله الروم أن لا يدخل عليهم وأن يضع عليهم خراجا يقسطه عليهم ، فأجابهم إلى ذلك ، وكانت لهم سفن معدّة فركبوها ونجوا وتركوا المدينة خالية ، فدخلها حسان فحرّق وخرّب وبنى بها مسجدا وأسكنها طائفة من المسلمين ، ورجع حسان إلى القيروان فرجعت الروم إلى المسلمين فاستباحوهم ، فأرسل حسان من أخبر عبد الملك بالقضية ، فأمدّه بجيش كثير قاتل بهم الروم


في قصة طويلة حتى ملكها عنوة ، وذلك في سنة سبعين ، وأحكم بناءها ومدّ عليه سلسلة وجعلها رباطا للمسلمين تمنع الداخل إليها والخارج منها إلا بأمر الوالي ؛ وذكر آخرون من أهل السير أن التي افتتحها حسان بن النعمان قرطا جنّة ولم تكن تونس يومئذ مذكورة ، إنما عمرت بحجارة قرطا جنّة وبأنقاضها ، وبينهما نحو أربعة أميال ، وفي سنة ١١٤ بنى عبيد الله ابن الحبحاب مولى بني سلول والي إفريقية من قبل هشام بن عبد الملك جامع مدينة تونس ودار الصناعة بها ؛ وبتونس قبر المؤدّب محرز ، يقسم به أهل المراكب إذا جاش عليهم البحر ، يحملون من تراب قبره معهم وينذرون له ؛ والمنسوب إلى تونس من أهل العلم كثير ، منهم : أبو يزيد شجرة بن عيسى ، وقيل ابن عبد الله التونسي قاضيها ، مات سنة ٢٦٢ ؛ وعبد الوارث بن عبد الغني بن علي بن يوسف بن عاصم أبو محمد التونسي المالكي الأصولي الزاهد ، كان عالما بالكلام بصيرا به حسن الاعتقاد فيه ، له قدم في العبادة ، وكان يتردد بين دمشق وحمص وحلب ، وكان له أصحاب ومريدون ؛ قال أبو القاسم الحافظ : أنشدني أبو محمد الأصولي :

إذا كنت ، في علم الأصول ، موافقا

بعقلك قول الأشعريّ المسدّد

وعاملت مولاك الكريم ، مخالصا ،

بقول الإمام الشافعيّ المؤيّد

وأتقنت حرف ابن العلاء مجرّدا ،

ولم تعد في الإعراب رأي المبرّد

فأنت على الحقّ اليقين موافق

شريعة خير المرسلين محمد

ومات عبد الوارث سنة خمسين وخمسمائة بحلب.

تُونْكَث : بسكون الواو والنون ، وفتح الكاف ، والثاء مثلثة : من قرى الشاش ؛ عن أبي سعد ؛ وقال الإصطخري : تونكث قصبة إيلاق ، وهي أصغر من نصف بنكث قصبة الشاش ، ولها قهندز ومدينة وربض ؛ ينسب إليها أبو جعفر حم بن عمر البخاري التونكثي من أهل بخارى ، سكن تونكث ، يروي عن أبي عبد الرحمن حذيفة بن النضر ومحمد ابن إسماعيل البخاري ، روى عنه أبو منصور محمد ابن جعفر بن محمد بن حنيفة الإيلاقي التونكثي ، ومات سنة ٣١٣.

تُونُ : والتون في لغة العرب البياض في الأظفار : مدينة من ناحية قهستان قرب قائن ؛ ينسب إليها جماعة ، منهم : أحمد بن العباس التوني ، حدث عن إبراهيم بن إسحاق بن محمد التوني القائني ، كان فقيها مدرسا ، ورد هراة وسكنها إلى أن توفي في رجب سنة ٤٥٩ ؛ وإسماعيل بن عبد الله بن أبي سعد بن أبي الفضل التوني أبو طاهر خادم مسجد عقيل بنيسابور ، وكان يخدم أبا نصر محمد بن عبد الله الإمام ، وكان يلازمه سفرا وحضرا ، وسمع الحديث منه ، سمع أبا علي نصر الله بن أحمد بن عثمان الخشناسي وأبا عبد الله إسماعيل بن عبد الغفار الفارسي وأبا بكر عبد الغفار ابن الحسين النيسابوري وأبا جعفر محمد بن عبد الحميد الأبيوردي وأسعد بن أحمد بن حيان النسوي وأبا العلاء عبيد بن محمد بن عبيد القشيري وغيرهم ؛ وأبو محمد أحمد بن محمد بن أحمد التوني ، روى عن أبي محمد أحمد بن محمد بن عبد الله الشّروطي السجستاني ، روى عنه حنبل بن علي بن الحسين أبو جعفر الصوفي السجستاني وغيره.

تُونَةُ : جزيرة قرب تنّيس ودمياط من الديار المصرية من فتوح عمير بن وهب ، يضرب المثل بحسن معمول


ثيابها وطرزها ؛ قال محمد بن عمر المطرّز البغدادي الشاعر :

ومعذّرين ، كأنّ نبت خدودهم

أشراك ليل في أديم نهار

يتصيّدون قلوبنا بلحاظهم ،

كتصيّد البازات للأطيار

لما رأيت عذاره في خده

ناديت ، من شغفي وحرقة ناري :

يا أهل تنّيس وتونة! قايسوا

ما بين طرزكم وطرز الباري

وينسب إليها عمر بن أحمد التوني ، حدث عنه أبو عبد الله محمد بن إسحاق بن مندة الحافظ ؛ وسالم بن عبد الله التوني ، يروي عن عبد الله بن لهيعة ، قال أبو سعيد بن يونس : هو معروف وله أهل بيت معروفون بتنّيس.

التَّوُّ : بفتح التاء ، وتشديد الواو : من قرى صنعاء اليمن من مخلاف صداء.

التَّوَيْوَةُ : بلفظ التصغير : من حصون النّجاد باليمن.

تُوِيكُ : بكسر الواو ، والكاف : موضع بمرو ؛ منه أبو محمد أحمد بن إسحاق السّكّري التّويكي ، كان رجلا صالحا ؛ عن أبي سعد.

التُّوَيمَةُ : تصغير التومة ، وهي خرزة تعمل من الفضة كاللؤلؤة : هو ماء من مياه بني سليم.

تُوَيُّ : بالضم ثم الفتح ، ولا أدري كيف حديث الياء ؛ ينسب إليها أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن جعفر الفقيه التّويّيّ الهمذاني ، روى عن أبي عمر بن حيّويه البغدادي ، روى عنه الحافظ أبو بكر الخطيب.

باب التاء والهاء وما يليهما

تِهَامُ : بكسر التاء : واد باليمامة ؛ عن محمد بن إدريس الحفصي.

تِهَامَةُ : بالكسر ، قد مرّ من تحديدها في جزيرة العرب جملة شافية اقتضاها ذلك الموضع ، ونقول ههنا : قال أبو المنذر تهامة تساير البحر ، منها مكة ، قال : والحجاز ما حجز بين تهامة والعروض ؛ وقال الأصمعي : إذا خلفت عمان مصعدا فقد أنجدت فلا تزال منجدا حتى تنزل في ثنايا ذات عرق ، فإذا فعلت ذلك فقد أتهمت إلى البحر ، وإذا عرضت لك الحرار وأنت منجد فتلك الحجاز ، وإذا تصوّبت من ثنايا العرج واستقبلك الأراك والمرخ فقد أتهمت ، وانما سمّي الحجاز حجازا لأنه حجز بين تهامة ونجد ؛ وقال الشرقي بن القطامي : تهامة إلى عرق اليمن إلى أسياف البحر إلى الجحفة وذات عرق ؛ وقال عمارة ابن عقيل : ما سال من الحرّتين حرّة سليم وحرّة ليلى فهو تهامة والغور حتى يقطع البحر ؛ وقال الأصمعي في موضع آخر : طرف تهامة من قبل الحجاز مدارج العرج وأول تهامة من قبل نجد ذات عرق.

المدارج : الثنايا الغلاظ ؛ وقال المدائني : تهامة من اليمن وهو ما أصحر منها إلى حدّ في باديتها ومكة من تهامة ، وإذا جاوزت وجرة وغمرة والطائف إلى مكة فقد أتهمت ، وإذا أتيت المدينة فقد جلست ؛ وقال ابن الأعرابي : وجرة من طريق البصرة فصل ما بين نجد وتهامة ، وقال بعضهم : نجد من حد أوطاس إلى القريتين ثم تخرج من مكة فلا تزال في تهامة حتى تبلغ عسفان بين مكة والمدينة ، وهي على ليلتين من مكة ، ومن طريق العراق إلى ذات عرق هذا كله تهامة ، وسميت تهامة لشدّة حرّها وركود


ريحها ، وهو من التّهم ، وهو شدّة الحرّ وركود الريح ، يقال : تهم الحرّ إذا اشتدّ ، ويقال : سميت بذلك لتغير هوائها ، يقال : تهم الدهن إذا تغير ريحه ؛ وحكى الزيادي عن الأصمعي قال : التّهمة الأرض المتصوبة إلى البحر ، وكأنه مصدر من تهامة ؛ وقال المبرد : إذا نسبوا إلى تهامة قالوا رجل تهام ، بفتح التاء وإسقاط ياء النسبة ، لأن الأصل تهمة فلما زادوا ألفا خففوا ياء النسبة ، كما قالوا رجل يمان وشام إذا نسبوا إلى اليمن والشام ؛ وقال إسماعيل بن حمّاد : النسبة إلى تهامة تهاميّ وتهام ، إذا فتحت التاء لم تشدّد الياء ، كما قالوا : رجل يمان وشام ، إلا أن الألف من تهام من لفظها والألف من شام ويمان عوض من ياء النسبة ؛ قال ابن أحمر :

وأكبادهم ، كابني سبات تفرقوا

سبا ثم كانوا منجدا وتهاميا

وألقى التهامي منهما بلطاته ،

وأخلط هذا لا أريم مكانيا

وقوم تهامون كما يقال يمانون ؛ وقال سيبويه : منهم من يقول تهاميّ ويمانيّ وشاميّ ، بالفتح مع التشديد ؛ وقال زهير :

يحشّونها بالمشرفيّة والقنا ،

وفتيان صدق لا ضعاف ولا نكل

تهامون نجديّون كيدا ونجعة ،

لكل أناس من وقائعهم سجل

وأتهم الرجل إذا صار إلى تهامة ؛ وقال بعضهم :

فإن تتهموا أنجد خلافا عليكم ،

وإن تعمنوا مستحقي الحرب أعرق

والمتهام : الكثير الإتيان إلى تهامة ؛ قال الراجز :

ألا انهماها انها مناهيم ،

وإننا مناجد متاهيم

وقال حميد بن ثور الهلالي :

خليليّ هبّا علّلاني ، وانظرا

إلى البرق ما يفري سنا وتبسّما

عروض تدلّت من تهامة أهديت

لنجد ، فتاح البرق نجدا وأتهم (١)

تَهْلَلُ : بالفتح ثم السكون ، ولامان ، الأولى مفتوحة : موضع قريب من الريف ، وقد روي بالثاء المثلثة ، وقد ذكر هناك شاهده.

تَهْمَل : ويروى بالتاء أيضا : موضع قرب المدينة مما يلي الشام.

تَهُوذَةُ : بالفتح ثم الضم ، وسكون الواو ، والذال معجمة : اسم لقبيلة من البربر بناحية إفريقية ، لهم أرض تعرف بهم.

باب التاء والياء وما يليهما

تِيَاسانِ : الكسر ، والسين مهملة : اسم لعلمين ، يسمى كل واحد منهما تياسا ، وهما بشمالي قطن ؛ وقال الأصمعي : تياسان علمان في ديار بني عبس ، وقيل بلد لبني أسد.

تِيَاسٌ : واحد الذي قبله ؛ وقال أبو أحمد : وقد يفتح ، وقيل : هو ماء للعرب بين الحجاز والبصرة ، وله ذكر في أيام العرب وأشعارها ؛ قال أوس بن حجر :

ومثل ابن غنم ان دخول تذكرت ،

وقتلى تياس عن صلاح تعرّب

قوله تعرّب أي تفسر ؛ وقال ابن مقبل :

أخلى عليها تياس والبراعيم

وقال نصر : تياس جبل قريب من أجإ وسلمى جبلي طيّء ، وقيل هو من جبال بني قشير ، وقيل جبل بين البصرة واليمامة ، وهو إلى اليمامة أقرب.

__________________

(١) قوله : فتاح ؛ هكذا في الأصل.


تِيَاسَةُ : بزيادة الهاء : ماء لبني قشير ؛ عن أبي زياد الكلابي ، قال : وإنما سمّيت التّياسة من أجل جبل قريب منها اسمه تياس.

تِيَانُ : آخره نون : ماء في ديار بني هوازن.

تَيْتٌ : بالفتح ثم السكون ، وآخره تاء أخرى : اسم جبل قرب اليمامة ، ويروى تيّت بالياء المشدّدة ؛ قال ابن إسحاق : وخرج أبو سفيان في غزوة السّويق في مائتي راكب فسلك النّجدية حتى نزل بصدر قناة إلى جبل يقال له تيّت من المدينة على بريد أو نحوه ؛ وفي كتاب نصر : تيب ، بالتحريك وآخره باء موحدة : جبل قريب من المدينة على سمت الشام ، وقد يشدد وسطه للضرورة.

تَيْتَدُ : ثالثه مثل أوله مفتوح ، ودال مهملة : اسم واد من أودية القبليّة ، وهو المعروف بأذينة ، وفيه عرض فيه النخل من صدقة رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ؛ عن الزمخشري عن السيد عليّ العلوي.

تَيْدَدُ : بدالين ؛ أحسبها التي قبلها ؛ وقال نصر : تيدد أرض كانت لجذام فنزلها جهينة ، بها نخل وماء ، قال : وبخط ابن الأعرابي فيدر وتيدر ، وهما تصحيف ، وكان بها رجل من جذام فظعن عنها ثم التفت فنظر إلى تيدد ونخلها فقال : يا برى تيدد لا أبر لك ، قالوا : بنات فريجنة من نوع النخل ، قال : فريجنة اسم امرأة كانت بفناء بيتها نخلات وكانت تقول : هنّ بناتي ، فنسب ذلك النوع من النخل والتمر إليها ، لا يعلمونها ، كانت بموضع قبل تيدد.

تَيدَةُ : عوض الدال الأخيرة هاء : بلد قديم بمصر ببطن الريف قرب سخا.

تَيْرَابُ : بالراء ، وآخره باء موحدة ؛ قال أبو يحيى زكرياء الساجي ، ومن خطه نقلته : كتب زياد ابن أبيه إلى عثمان ، رضي الله عنه ، يستأذنه في حفر نهر الأبلّة ، ووصفه له وعرّفه احتياج أهل البصرة إليه ، فأذن له ، فترك نهر أبي موسى ، وهو الإجّانة ، على حاله واحتفر من دجلة إلى مسنّاة البصرة ثم قاده مع المسناة إلى التيراب

فيض البصرة.

تِيرَانْشَاه : بالكسر ، وبعد الألف نون ساكنة ، وشين معجمة : مدينة من نواحي شهرزور.

تَيْرَبُ : بالفتح ؛ قال الزمخشري وتلميذه العمراني : تيرب بلد قديم من حجر اليمامة ، ذكراه في باب التاء وأخاف أن يكون يترب ، أوله ياء ، فصحفاه.

تِيركان : بالكسر : من قرى مرو ؛ منها أبو عبد الله محمد ابن عبد ربه بن سليمان المروزي التيركاني ، مات سنة ٢٠٥.

تِيرَمَرْدَان : بليد بنواحي فارس بين نوبندجان وشيراز ، وهي كورة تشتمل على ثلاث وثلاثين قرية في الجبال وأعيان ضياعها التي هي كالقصبة ، لها ست قرى متصلة في واد ، يتخلّلها أنهر كثيرة وشجر ، وأسماء هذه الستّ : استكان ، ومهركان ، ورونجان وفيها خانقاه حسنة للصوفية ، وهي أميز هذه القرى وأجلّها وخيرها ، وهي قصبة الجميع في القديم ، وكوجان ؛ ومنها كان الظهير الفارسي ، وهو أبو المعالي عبد السلام بن محمود بن أحمد ، كان فقيها مجوّدا وحكيما معروفا فيلسوفا ، ولي التدريس في الموصل بالمدرسة ، وكان تاجرا ذا ثروة ظاهرة وجاه عريض في كل بلد يقدم عليه ، وكان قد طوّف الدنيا وحضر محافل العلوم وظهر كلامه على الخصوم ، وكان في آخر أمره بمصر ، وبلغني أن نور الدين أرسلان شاه بن عزّ الدين مسعود بن زنكي صاحب الموصل استدعاه


من مصر ليوليه وزارته ، فلما وصل إلى حلب جاءه أبو الفتح نصر بن عيسى بن عليّ بن جزري الموصلي صاحب ديوان الاستيفاء بالموصل بحلواء ، فأكل منها هو وغلامان له فماتوا جميعا في سنة ٥٢٦ ، وأخذ الملك الظاهر أمواله وكتبه ، وكان من عادته أنه يستصحب جميع أمواله وكتبه على جمال له نجاتي أينما توجّه ؛ والقرية السادسة فيرانشاه ، وفيها يسكن الرؤساء ومقدّمو الناحية (١).

تِيرَا : مقصور : نهر تيرا من نواحي الأهواز ، ونذكره في نهر تيرا إن شاء الله تعالى ، فتحت في سنة ثماني عشرة على يد سلمى بن القين وحرملة بن مريط من قبل عتبة بن غزوان ؛ وقال غالب بن كلب :

ونحن ولينا الأمر يوم مناذر ،

وقد أقمعت تيرا كليب ووائل

ونحن أزلنا الهرمزان وجنده

إلى كور ، فيها قرّى ووصائل

وإليها فيما أحسب ينسب الأديب أبو الحسن عليّ بن الحسين التيروي ، وكان حسن الخط والضبط نحو عبد السلام البصري ، رأيت بخطه شعر قيس بن الخطيم ، وقد كتبه في سنة ٣٩٣.

تَيْوِمُ : بالفتح ثم السكون ، وكسر الراء ، وميم : موضع بالبادية أحسبه في بلاد نمر بن قاسط ؛ قال دثار بن شيبان النمري :

فمن يك سائلا عنّي ، فإنّي

أنا النّمري جار الزّبرقان

طريد عشيرة وطريد حزب ،

بما اجترمت يدي وجنى لساني

كأنّي ، إذا نزلت به طريدا ،

حللت على الممنّع من أبان

أتيت الزبرقان فلم يضعني ،

وضيّعني بتيرم من دعاني

تِيرَةُ : بالهاء : قلعة جليلة حصينة من نواحي قزوين من جهة زنجان.

تِيزَانُ : بالكسر ثم السكون ، وزاي ، وألف ، ونون : من قرى هراة. وتيزان أيضا : من قرى أصبهان.

تَيزَرُ : بالفتح ، وآخره راء : قرية كبيرة من أعمال سرمين ، وأهلها إسماعيلية.

تِيزُ : بالكسر : بلدة على ساحل بحر مكران أو السند ، وفي قبالتها من الغرب أرض عمان ، بينها وبين كيز مدينة مكران خمس مراحل ؛ قال المنجمون : التيز في الإقليم الثالث ، طولها اثنتان وثمانون درجة وثلثان ، وعرضها ثمان وعشرون درجة وثلثان.

تِيزِينُ : بعد الزاي ياء ساكنة ، ونون : قرية كبيرة من نواحي حلب ، كانت تعدّ من أعمال قنّسرين ، ثم صارت في أيام الرشيد من العواصم مع منبج وغيرها.

التَّيْسُ : بلفظ الواحد من التيوس ، فحل الشاة ؛ رجلة التيس : موضع بين الكوفة والشام. وتيس أيضا : جبل بالشام فيه عدّة حصون.

تِيشُ : بالكسر ثم السكون ، والشين معجمة : جبل بالأندلس من كورة جيّان ، كان عنده مدينة قديمة ودرست.

تِيفَارِينُ : بكسر أوله ، وسكون ثانيه ، والفاء ، وكسر الراء ، وياء ساكنة ، ونون : موضع ؛ عن العمراني.

تِيفَاشُ : بالشين معجمة : مدينة أزلية بإفريقية ، شامخة البناء وتسمى تيفاش الظالمة ، ذات عيون ومزارع

__________________

(١) سقط هنا ذكر الخامسة.


كثيرة ، وهي في سفح جبل.

تيلٌ : بكسر أوله ويفتح ، وثانيه ساكن ، ولام : جبل أحمر شاهق من وراء تربة من ديار عامر بن صعصعة ، وإليه تنسب دارة تيل ؛ قال ابن مقبل :

لمن الديار بجانب الأحفار ،

فبتيل دمخ أو بسفح جرار

تَيْماءُ : بالفتح والمدّ : بليد في أطراف الشام ، بين الشام ووادي القرى ، على طريق حاجّ الشام ودمشق ، والأبلق الفرد حصن السموأل بن عادياء اليهودي مشرف عليها ، فلذلك كان يقال لها تيماء اليهودي ؛ وقال ابن الأزهري : المتيّم المضلّل ، ومنه قيل للفلاة تيماء لأنها يضلّ فيها ، قال ابن الأعرابي : أرض واسعة ، وقال الأصمعي : التّيماء الأرض التي لا ماء فيها ولا نحو ذلك. ولما بلغ أهل تيماء في سنة تسع وطء النبي ، صلى الله عليه وسلم ، وادي القرى أرسلوا إليه وصالحوه على الجزية وأقاموا ببلادهم وأرضهم بأيديهم ، فلما أجلى عمر ، رضي الله عنه ، اليهود عن جزيرة العرب أجلاهم معهم ؛ قال الأعشى :

ولا عاديا لم يمنع الموت ماله ،

وورد بتيماء اليهوديّ أبلق

وقال بعض الأعراب :

إلى الله أشكو ، لا إلى الناس ، أنّني

بتيماء تيماء اليهود غريب

وأنّي بتهباب الرياح موكل ،

طروب إذا هبّت عليّ جنوب

وإن هبّ علويّ الرياح وجدتني

كأنّي لعلويّ الرياح نسيب

وينسب إليها حسن بن إسماعيل التّيماوي ، وهو مجهول.

تِيمَارُ : بالكسر ، وآخره راء : جبل أظنّه بنواحي البحرين ؛ قال عبدة بن الطبيب :

تداركت عبد الله قد ثلّ عرشه ،

وقد علقت في كفّة الحائل اليد

سموت له بالركب حتى لقيته

بتيمار ، يبكيه الحمام المغرّد

وقال لبيد :

وكلاف وضلفع وبضيع ،

والذي فوق خبّة تيمار

تَيْمَارِستَانُ : بلدة بفارس من كورة أرد

تَيْمَرُ : بالفتح ثم السكون ، وفتح الميم : قرية بالشام ، وقيل من شق الحجاز ؛ قال امرؤ القيس :

بعينيّ ظعن الحيّ لما تحمّلوا ،

لدى جانب الأفلاج من بطن تيمرا

التَّيْمُرَةُ : بضم الميم ؛ قال الهيثم بن عدي : كانت مساحة أصبهان ثمانية فراسخ في مثلها ، وهي ستة عشر رستاقا ، في كل رستاق ثلاثمائة وستون قرية قديمة سوى المحدثة ، وذكر فيها التيمرة الكبرى والتيمرة الصغرى.

تِيمُ : بالكسر : من قرى بلخ ؛ وقال ابن الفقيه : تيم وكسف ونسف من قرى الصّغد بسمرقند.

تِيمَكُ : بالكاف ؛ والتّيم بلغة أهل خراسان الخان الذي يسكنه التجار ، والكاف في آخره للتصغير في معنى الخوين ؛ وقد نسب بهذه النسبة أبو عبد الرحمن محمد بن إبراهيم بن مردويه بن الحسين الكرابيسي التيمكي ، نسب إلى خان بسمرقند في صفّ الكرابيسيين ، روى عن يعقوب بن يوسف اللؤلؤي ومحمد ابن يوسف الكريمي والباغندي محمد بن سليمان وغيرهم ، مات في شهر ربيع الأول سنة ٣٢١.


تَيْمَنُ : بالفتح ، وآخره نون : موضع بين تبالة وجرش من مخاليف اليمن. وتيمن أيضا : هضبة حمراء في ديار محارب قرب الرّبذة ؛ قال الحكم الخضري خضر محارب :

أبكاك ، والعين يذري دمعها الجزع ،

بنعف تيمن مصطاف ومرتبع

جرّت بها الريح أذيالا ، وغيّرها

مرّ السنين وأجلت ، أهلها ، النّجع

ولا أدري أيهما أراد ربيعة بقوله حيث قال :

وأضحت بتيمن أجسادهم

يشبهها من رآها الهشيما

وقال ابن السكيت في قول عروة

نحنّ إلى سلمى بحر بلادها ،

وأنت عليها بالملإ كنت أقدرا

تحلّ بواد من كراء مضلّة ،

تحاول سلمى أن أهاب وأحصرا

وكيف ترجّيها وقد حيل دونها ،

وقد جاورت حيّا بتيمن منكرا

قال : تيمن أرض قبل جرش في شقّ اليمن ثم كراء ، قال والناس ينشدونها بتيماء منكرا وهذا خطأ لأن تيماء قبل وادي القرى ، وهذه المواضع باليمن ؛ وقيل : تيمن أرض بين بلاد بني تميم ونجران ، والقولان واحد لأن نجران قرب جرش ؛ قال وعلة الجرمي :

ولمّا رأيت القوم يدعو مقاعسا ،

ويقطع منّي ثغرة النحر حائر

نجوت نجاء ليس فيه وتيرة ،

كأنّي عقاب دون تيمن كاسر

وتَيمَنُ ذي ظِلال : واد إلى جنب فدك في قول بعضهم ، والصحيح أنه بعالية نجد ؛ قال لبيد يذكر البرّاض وفتكه بالرّحّال ، وهو عروة بن ربيعة بن جعفر بن كلاب بهذا الموضع وهاجت حرب الفجار :

وأبلغ إن عرضت بني كلاب

وعامر ، والخطوب لها موالي

بأن الوافد الرّحّال أمسى

مقيما ، عند تيمن ذي ظلال

تِينَاتُ : كأنه جمع تينة من الفواكه : فرضة على بحر الشام قرب المصيصة ، تجهّز منها المراكب بالخشب إلى الديار المصرية ، وقد سمّاها أبو الوليد بن الفرضي مدينة فقال في تاريخ إبراهيم بن علي بن محمد بن أحمد الديلمي الصوفي الخراساني : قال لي أبو القاسم سهل بن إبراهيم : سألت أبا إسحاق الخراساني عمّن خلفه بالمشرق فمن لقيه ورآه فذكر جماعة ثم قال : وبمدينة التينات أبو الخير الأقطع واسمه عبّاد بن عبد الله ، كان من أعيان الصالحين ، له كرامات ، سكن جبل لبنان ، وكان ينسج الخوص بيده الواحدة ، ولا يدرى كيف ينسجه ، وكان تأوي إليه السباع وتأنس به ، ويذكر أن ثغور الشام كانت في أيامه محروسة حتى مضى لسبيله ، حكى عنه أبو بكر الزابي ، وكان ابنه عيسى بن أبي الخير التينات أيضا من الصالحين ، حكى عن أبيه وحكى عنه أبو ذر عبد بن أحمد الهروي وأبو بكر أحمد بن موسى بن عمار القرشي الأنطاكي القاضي ، وقيل : كان أصل أبي الخير من المغرب.

تِينَانِ : تثنية التين من الفواكه ؛ قال السكوني : تخرج من الوشل إلى صحراء بها جبلان يقال لهما التينان لبني نعامة من بني أسد ؛ وفيهما قيل :

ألا ليت شعري! هل أبيتنّ ليلة

بأسفل ذات الطّلح ممنونة رهبى؟


وهل قابل هاذاكم التين قد بدا ،

كأنّ ذرى أعلامه عمّمت عصبا

ولا شارب من ماء زلفة شربة

على العلّ منّي ، أو مجير بها ركبا

قال : والتينان يسرة الجبل ويمنة الطريق ؛ وأنشد أيضا :

أحبّ مغارب التينين ، إنّي

رأيت الغوث يألفها الغريب

كأن الجار في شمجى بن جرم

له نعماء ، أو نسب قريب

الغوث : أبو قبائل طيء ؛ وقال الزمخشري : التينان جبلان لبني فقعس بينهما واد يقال له خوّ ؛ وأنشد غيره يقول :

أرّقني الليلة برق لامع ،

من دونه التينان والربائع

وقال العوّام بن عبد الرحمن :

أحقّا ذرى التينين أن لست رائيا ،

فلا لكما إلا لعينيّ ساكب

وقد تفرد فيقال لكل واحد منهما التين كما نذكره بعد.

تِينزَرْتُ : بالكسر ثم السكون ، وسكون النون أيضا ، وفتح الزاي ، وراء ، وتاء فوقها نقطتان : مدينة في جنوبي المغرب وشرقي نول ، قريبة من بلاد الملثّمين ؛ يجتمع إليها تجار لمعاملة البربر.

تِينُ مَلَّل : الميم مفتوحة ، واللام الأولى مشددة مفتوحة : جبال بالمغرب بها قرى ومزارع يسكنها البرابر ، بين أولها ومراكش ، سرير ملك بني عبد المؤمن اليوم ، نحو ثلاثة فراسخ ، بها كان أول خروج محمد بن تومرت المسمّى بالمهدي الذي أقام الدولة ، ومات فصارت لعبد المؤمن ثم لولده ، كما ذكرته في أخبارهم.

التّينُ والزَّيتونُ : جبلان بالشام ؛ وقيل : التين جبال ما بين حلوان إلى همذان ، والزيتون : جبال بالشام ، وقيل : التين مسجد نوح ، عليه السلام ، والزّيتون : البيت المقدس ، وقيل : التين مسجد دمشق ، وقيل : التين شعب بمكة يفرغ سيله في بلدح ، والتين واحد التينين المذكور ههنا ، وهو جبل بنجد لبني أسد ؛ قال الراجز :

وبين خوّين زقاق واسع ،

زقاق بين التين والربائع

وبراق التين : منسوبة إلى هذا الجبل ؛ وقال أبو محمد الخدامي الفقعسي الأسدي :

ترعى ، الى جدّ لها مكين ،

أكناف خوّ فبراق التين

تَيْهَرْت : هي تاهرت ، وقد تقدم ذكرها.

التيهُ : الهاء خالصة : وهو الموضع الذي ضلّ فيه موسى ابن عمران ، عليه السلام ، وقومه ، وهي أرض بين أيلة ومصر وبحر القلزم وجبال السراة من أرض الشام ، ويقال إنها أربعون فرسخا في مثلها ، وقيل اثنا عشر فرسخا في ثمانية فراسخ ؛ وإياه أراد المتنبّي بقوله :

ضربت بها التيه ضرب القما

ر ، إمّا لهذا وإما لذا

والغالب على أرض التيه الرمال ، وفيها مواضع صلبة ، وبها نخيل وعيون مفترشة قليلة ، يتصل حدّ من حدودها بالجفار وحدّ بجبل طور سينا وحدّ بأرض بيت المقدس وما اتصل به من فلسطين وحدّ ينتهي إلى مفازة في ظهر ريف مصر إلى حد القلزم ، ويقال إن بني إسرائيل دخلوا التيه وليس منهم أحد فوق الستين إلى دون العشرين سنة ، فماتوا كلهم في أربعين سنة ، ولم يخرج منه ممن دخله مع موسى بن عمران ، عليه السلام ، إلا يوشع بن نون وكالب بن يوفنّا ، وإنما خرج عقبهم.


[ث]

باب الثاء والالف وما يليهما

ثاءَةُ : بعد الألف همزة مفتوحة ، وهاء التأنيث : موضع ؛ قال ابن أنمار الخزاعي : أنا ابن أنمار وهذا زيري ، جمعت أهل ثاءة وحجر ، وآخر من عند سيف البحر.

ثَابُ : آخره باء موحدة : موضع في شعر الأغلب ، قيل : أراد به الاثابات فلاة بظاهر اليمامة ؛ عن نصر.

ثَابِريّ : بالباء مكسورة : منسوب إلى أرض جاءت في الشعر ، ويجوز أن يكون منسوبا إلى ثبرة كما نسب إلى صعدة صاعديّ ، والتغيير في النسب كثير.

ثاتُ : آخره تاء مثناة : مخلاف باليمن ؛ ينسب إليه ذو ثات مقول من مقاول حمير ؛ عن نصر.

ثَأجُ : بالجيم ؛ قال الغوري يهمز ولا يهمز : عين من البحرين على ليال ؛ وقال محمد بن إدريس اليمامي :ثاج قرية بالبحرين ، قال : ومر تميم بن أبيّ بن مقبل العجلاني بثاج على امرأتين فاستسقاهما فأخرجتا إليه لبنا ، فلما رأتاه أعور أبتا أن تسقياه ، فقال :

يا جارتيّ ، على ثاج سبيلكما

سيرا شديدا ، ألمّا تعلما خبري

إني أقيّد بالمأثور راحلتي ،

ولا أبالي ولو كنا على سفر

فلما سمع أبوهما قوله قال : ارجع معي إليهما ، فرجع معه ، فأخرجهما إليه وقال : خذ بيد أيتهما شئت ، فاختار إحداهما ، فزوّجه منها ثم قال له : أقم عندي إلى العشيّ ، فلما وردت إبله قسمها نصفين فقال له : خذ أي النصفين شئت ، فاختار ابن مقبل أحد النصفين ، فذهب به إلى أهله ؛ وقال شاعر آخر :

دعاهنّ من ثاج فأزمعن رحله

ويروى ورده ؛ وقال آخر :

وأنت بثاج ما تمرّ وما تحلي

ثَاجَةُ : من أودية القبلية من نواحي مكة ؛ عن أبي القاسم عن عليّ الشريف.

ثَادِقُ : يروى بفتح الدال وكسرها : اسم واد في ديار عقيل فيه مياه ؛ وقال الأصمعي : ثادق واد ضخم يفرغ في الرّمّة ، وهو الذي ذكره عقبة بن سوداء فقال :

ألا يا لقومي للهموم الطوارق ،

وربع خلا بين السّليل وثادق

السليل في أعلى ثادق ، قال : وأسفل ثادق لعبس


وأعلاه لبني أسد لأفنائهم ؛ وأنشد :

سقى الأربع الآطار من بطن ثادق

هزيم الكلى ، جاشت به العين أملح

وقال عبد الرحمن بن دارة :

قضى مالك ما قد قضى ثم قلّصت

به ، في سواد الليل ، وجناء عرمس

فأضحت بأعلى ثادق ، فكأنها

محالة غرب تستمرّ وتمرس

وقال ابن دريد : سألت أبا حاتم عن اشتقاق ثادق فقال لا أدري ، وسألت الرياشي فقال : إنكم يا معشر الصبيان تتعمّقون في العلم ، وقلت أنا : ويحتمل أن يكون اشتقاقه من ثدق المطر من السحاب إذا خرج خروجا سريعا ، وسحاب ثادق وواد ثادق أي سائل.

ثافِتُ : بكسر الفاء ، وتاء مثناة ، ويقال أثافت ، في أوله همزة : موضع باليمن ، وقد تقدّم ذكره في باب الهمزة.

ثَافِلٌ : بكسر الفاء ، ولام ، والثفل في اللغة ما سفل من كل شيء ؛ قال عرّام بن الأصبغ وهو يذكر جبال تهامة ويتلو تليلا : جبلان يقال لأحدهما ثافل الأكبر وللآخر ثافل الأصغر ، وهما لبني ضمرة بن بكر بن عبد مناة بن كنانة بن خزيمة بن مدركة ، وهم أصحاب جلال ورغبة ويسار ، وبينهما ثنية لا تكون رمية سهم ، وبينهما وبين رضوى وغرور ليلتان ، نباتهما العرعر والقرظ والظّيّان والبشام والأيدع ، قال عرّام : وهو شجر يشبه الدّلب إلا أن أغصانه أشدّ تقاربا من أغصان الدلب له ورد أحمر ليس بطيب الريح ، ولا ثمر له ، نهى النبي ، صلى الله عليه وسلم ، عن تكسير أغصانه وعن السّدر والتنضب لأنها ذوات ظلال يسكن الناس دونها في الحرّ والبرد ، واللغويون غير عرّام بن الأصبغ مختلفون في الأيدع ، فمنهم من قال إنه الزعفران محتجا بقول رؤبة : كما لقى محرم حجّ أيدعا ؛ والبعض يقول : إنه دم الأخوين ، ومنهم من قال : إنه البقّم ، والصواب عندنا قول عرّام لأنه بدويّ من تلك البلاد ، وهو أعرف بشجر بلاده ، ونعم الشاهد على قول عرّام قول كثيّر حيث قال :

كأنّ حمول القوم ، حين تحمّلوا ،

صريمة نخل أو صريمة أيدع

يقال : صريمة من غضا وصريمة من سلم وصريمة من نخل أي جماعة ، قال : وفي ثافل الأكبرآباد في بطن واد يقال له يرثد ، ويقال للآبار الدباب ، هو ماء عذب غير منزوف أناشيط قدر قامة ؛ وفي ثافل الأصغر دوّار في جوفه يقال له القاحة ، ولها بئران عذبتان غزيرتان ، وهما جبلان كبيران شامخان ، وكل جبال تهامة تنبت الغضور ، وبين هذه الجبال جبال صغار وقرادد ، وينسب إلى كل جبل ما يليه ؛ روي أنه كان ليزيد بن معاوية ابن اسمه عمر فحجّ في بعض السنين ، فقال وهو منصرف :

إذا جعلن ثافلا يمينا ،

فلن نعود بعدها سنينا

للحج والعمرة ما بقينا

قال : فأصابته صاعقة فاحترق ، فبلغ خبره محمد بن علي بن الحسين ، عليه السلام ، فقال : ما استخف أحد ببيت الله الحرام إلا عوجل ؛ وقال كثيّر :

فإن شفائي نظرة ، إن نظرتها

إلى ثافل يوما ، وخلفي شنائك

وقال عبد الرحمن بن هرمة :


هل في الخيام من آل أثلة حاضر ،

ذكرن عهدك حين هنّ عوامر

هيهات! عطّلت الخيام وعطّلت ،

إنّ الجديد إلى خراب صائر

قد كان في تلك الخيام وأهلها

دلّ تسرّ به ووجه ناضر

غرّاء آنسة ، كأنّ حديثها

ضرب بثافل لم ينله سابر

الثَّامليَّة : منسوب : ماء لأشجع بين الصّراد ورحرحان.

الثَّأيُ : بسكون الهمزة ، وياء معربة : موضع يثنّى فيقال الثأيان ؛ قال جرير :

عطفت تيوس بني طهيّة بعد ما

رويت ، وما نهلت لقاح الأعلم

صدرت محلأة الجواز فأصبحت

بالثّائيين حنينها كالمأتم

قلت : لا أعرف الثأي مهموزا في اللغة ، وإنما الثاوية مأوى الإبل والغنم ، والثاية. حجارة ترفع فتكون علما بالليل ، والله أعلم بحقائق الأمور.

باب الثاء والباء وما يليهما

الثِّباج : بكسر أوله ، والجيم ، والتخفيف : جبل باليمن.

الثبَّاجُ : بالفتح والتشديد : موضع ذكر في الشعر ، والثَّبَجُ من كلِّ شيء وسطه.

ثِبَارُ : بالكسر ، وآخره راء : موضع على ستة أميال من خيبر ، هناك قتل عبد الله بن أنيس أسير بن رزام اليهودي ، ذكره الواقدي بطوله ، وقد روي بالفتح ، وليس بشيء ، فأما الثّبار ، بالكسر ، فهو جمع ثبرة ، وهي الأرض السهلة ، يقال : بلغت النخلة من آل ثبرة ؛ والثّبرة أيضا : حفرة من الأرض.

الثَّبْرَاء : بالمدّ ، قيل هو جبل في شعر أبي ذؤيب :

تظلّ على الثبراء منها جوارس

وقيل هو شجر.

ثُبْرُ : بالضم ثم السكون ، وراء : أبارق في بلاد بني نمير ؛ عن نصر.

ثَبْرَةُ : بالفتح ، مرّ اشتقاقه في ثبار : وهو اسم ماء في وسط واد في ديار ضبّة ، يقال لذلك الوادي الشّواجن ؛ قاله أبو منصور ، وقال أبو أحمد : يوم ثبرة ، الثاء مفتوحة بثلاث نقط والباء تحتها نقطة والراء غير معجمة ، وهو اليوم الذي فرّ فيه عتيبة ابن الحارث بن شهاب وأسلم ابنه حزرة فقتله جعل بن مسعود بن بكر بن وائل وقتل أيضا وديعة ابن عتيبة وأسر ربيع بن عتيبة ، وفي هذا اليوم يقول عتيبة بن الحارث :

نجّيت نفسي وتركت حزره ،

نعم الفتى غادرته بثبره

وفي كتاب نصر : ثبرة من أرض تميم قريب من طويلع لبني مناف بن دارم ولبني مالك بن حنظلة على طريق الحجّاج إذا أخذوا على المنكدر ؛ وقال النابغة :

حلفت ، فلم أترك لنفسك ريبة ،

وهل يأثمن ذو أمّة ، وهو طائع

بمصطحبات من لصاف وثبرة ،

يزرن ألالا ، سيرهنّ التدافع

ثَبِيرٌ : بالفتح ثم الكسر ، وياء ساكنة ، وراء ؛ قال الجمحي وليس بابن سلّام : الأثبرة أربعة : ثبير


غينى ، الغين معجمة مقصورة ، وثبير الأعرج ، وثبير آخر ذهب عني اسمه ، وثبير منى ، وقال الأصمعي : ثبير الأعرج هو المشرف بمكة على حق الطارقيّين ، قال : وثبير غينى وثبير الأعرج وهما حراء وثبير ؛ وحكى أبو القاسم محمود بن عمر الثبيران ، بالتثنية ، جبلان مفترقان يصبّ بينهما أفاعية ، وهو واد يصبّ من منى ، يقال لأحدهما ثبير غينى وللآخر ثبير الأعرج ؛ وقال نصر : ثبير من أعظم جبال مكة ، بينها وبين عرفة ، سمّي ثبيرا برجل من هذيل مات في ذلك الجبل فعرف الجبل به ، واسم الرجل ثبير ؛ وروى أنس بن مالك ، رضي الله عنه ، عن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، قال : لما تجلّى الله تعالى للجبل يوم موسى ، عليه السلام ، تشظّى فصارت منه ثلاثة أجبل فوقعت بمكة ، وثلاثة أجبل وقعت بالمدينة ، فالتي بمكة حراء وثبير وثور ، والتي بالمدينة أحد وورقان ورضوى ؛وفي الحديث : كان المشركون إذا أرادوا الإفاضة قالوا : أشرق ثبير كيما نغير ، وذاك أن الناس في الجاهلية كانوا إذا قضوا نسكهم لا يجيزهم إلّا قوم مخصوصون ، وكانت أوّلا لخزاعة ثم أخذتها منهم عدوان فصارت إلى رجل منهم يقال له أبو سيّارة أحد بني سعد بن وابش بن زيد بن عدوان ، وفيه يقول الراجز :

خلّوا السبيل عن أبي سيّاره ،

وعن مواليه بني فزاره ،

حتى يجيز سالما حماره ،

مستقبل الكعبة يدعو جاره

ثم صارت الإجازة لبني صوفة ، وهو لقب الغوث ابن مرّ بن أدّ أخي تميم ؛ قال الشاعر :

ولا يريمون في التعريف موقفهم ،

حتى يقال : أجيزوا آل صفوانا

وكانت صورة الإجازة أن أبا سيّارة كان يتقدم الحاج على حمار له ثم يخطب الناس فيقول : اللهمّ أصلح بين نسائنا ، وعاد بين رعائنا ، واجعل المال بين سمحائنا ، أوفوا بعهدكم ، وأكرموا جاركم ، وأقروا ضيفكم ، ثم يقول : أشرق ثبير كيما نغير ، أي نسرع إلى النّحر ؛ وأغار أي شدّ العدوّ وأسرع ؛ قلت : أما قولهم أشرق ثبير وثبير جبل ، والجبل لا يشرق نفسه ولكني أرى أن الشمس كانت تشرق من ناحيته ، فكأن ثبيرا لما حال بين الشمس والشرق خاطبه بما تخاطب به الشمس ، ومثله جعلهم الفعل للزمان على السعة ، وإن كان الزمان لا يفعل شيئا ، قولهم : نهارك صائم وليلك قائم ، فينسبون الصوم والقيام إلى النهار والليل لأنهما يقعان فيهما ، ومنه قوله عز وجل : (جَعَلَ) ... (النَّهارَ مُبْصِراً) ؛ أي تبصرون فيه ، ثم جعل الفعل له حتى كأنه الذي يبصر دون المخاطب ، ونحو ذلك كثير في كلامهم ، وهذا الشيء عقلي ، فقلته ولم أنقله عن أحد ، وأما اشتقاقه فإن العرب تقول : ثبره عن ذلك يثبره ، بالضم ، ثبرا إذا احتبسه ، يقال : ما ثبرك عن حاجتك؟ قال ابن حبيب : ومنه سمّى ثبير لأنه يواري حراء ؛ قلت أنا : يجوز أن يسمّى ثبيرا لخبسه الشمس عن الشروق في أول طلوعها ؛ وبمكة أيضا أثبرة غير ما ذكرنا ، منها : ثبير الزنج كانوا يلعبون عنده ، وثبير الخضراء ، وثبير النّصع ، وهو جبل المزدلفة ، وثبير الأحدب ، كل هذه بمكة ؛ وقال أبو عبد الله محمد بن إسحاق الفاكهي في كتاب مكة من تصنيفه : كان ابن الرّهين العبدري المكي صاحب نوادر ، ويحكى عنه حكايات ، فمن ذلك أنه كان يوافي كل يوم أصل ثبير فينظر إليه وإلى قلّته إذا تبرّز وفرغ ثم يقول : قاتلك الله فما ذا فني من قومي من رجال


ونساء وأنت قائم على دينك فو الله ليأتينّ عليك يوم ينسفك الله فيه عن وجه الأرض فيذرك قاعا صفصفا لا يرى فيك عوج ولا أمت ؛ قال : وإنما سمّي ابن الرهين لأن قريشا رهنت جدّه النضر فسمي النضر الرهين ؛ قال العرجي :

وما أنس م الأشياء ، لا أنس موقفا

لنا ولها بالسّفح دون ثبير

ولا قولها وهنا وقد سمحت لنا

سوابق دمع ، لا تجفّ ، غزير :

أأنت الذي خبّرت أنك باكر

غداة غد ، أو رائح بهجير

فقلت : يسير بعض يوم بغيبة ،

وما بعض يوم غيبة بيسير

وثبير أيضا : موضع في ديار مزينة ،

وفي حديث شريس بن ضمرة المزني لما حمل صدقته إلى النبي ، صلى الله عليه وسلم ، ويقال هو أول من حمل صدقته ، قال له : ما اسمك؟ فقال : شريس ، فقال له : بل أنت شريح ، وقال : يا رسول الله اقطعني ماء يقال له ثبير ، فقال : قد أقطعتكه.

باب الثاء والتاء وما يليهما

الثُّتَانَةُ : بالضم ، ويروى الثبانة ، وكل من الروايتين جاءت في قول زيد الخيل :

عفت أبضة من أهلها فالأجاول ،

فجنبا بضيض ، فالصعيد المقابل

وذكّرنيها ، بعد ما قد نسيتها ،

رماد ورسم بالثّتانة ماثل

تمشّى به حول الظباء ، كأنها

إماء ، بدت عن ظهر غيب ، حوامل

باب الثاء والجيم وما يليهما

ثَجْرٌ : بالفتح ثم السكون ، وراء : ماء لبني القين ابن جسر بجوش ، ثم بإقبال العلمين حمل ، وأعفر بين وادي القرى وتيماء ، وقيل : ثجر ماء لبني الحارث ابن كعب قريب من نجران ؛ وأنشد الأزهري لبعض الرّجّاز :

قد وردت عافية المدارج

من ثجر ، أو أقلب الخوارج

الخوارج : مياه لبني جذام ، والثجر في لغة العرب : معظم الشيء ووسطه ، ويقال لوسط الوادي ومعظمه الثجر ، وقال ابن ميّادة يذكر ثجرا التي نحو وادي القرى :

خليليّ من غيظ بن مرّة بلّغا

رسائل منا لا تزيدكما وقرا

ألمّا على تيماء نسأل يهودها ،

فإنّ لدى تيماء من ركبها خبرا

وبالغمر قد جازت وجاز مطيّها ،

فيسقي الغوادي بطن بيسان فالغمرا

فلما رأت أن قد قربن أباترا ،

عواسف سهب تاركات بنا ثجرا

أثار لها سحط المزار ، وأحجمت ،

أمورا وحاجات نضيق بها صدرا

ثُجْلٌ : بالضم ، وآخره لام ؛ والثّجلة : عظم البطن وسعته ، ورجل أثجل ، والجمع ثجل : وهو اسم موضع في شقّ العالية ؛ قال زهير :

صحا القلب عن سلمى وقد كاد لا يسلو ،

وأقفر من سلمى التعانيق والثّجل

ثُجَّةُ : بالضم ثم الفتح : من مخاليف اليمن ، بينه وبين


الجند ثمانية فراسخ ، وكذلك بينه وبين السحول ، يقال : ثجّ الماء إذا دفق.

باب الثاء والخاء وما يليهما

ثخْبٌ : بالفتح ثم السكون ، وباء موحدة : جبل بنجد في ديار بني كلاب ، عنده معدن ذهب ومعدن جزع أبيض ، وهذا مهمل في كلام العرب ، وأنا به مرتاب.

باب الثاء والدال وما يليهما

ثَدْوَاءُ : بالفتح ثم السكون ، والمد : موضع.

الثُّدَيُّ : لفظ تصغير الثّدي ؛ قال نصر : موضع بنجد ، وأنا أحسبه بالشام لأن جميلا ذكره ، وكانت منازله بالشام ، فقال :

وغرّ الثنايا من ربيعة ، أعرضت

حروب معدّ دونهنّ ودوني

تحمّلن من ماء الثّديّ ، كأنما

تحمّل من مرسى ثقال سفين

فلما دخلنا الخيم سدّت فروجه

بكلّ لسان واضح وجبين

باب الثاء والراء وما يليهما

ثِرَا : بالكسر ، والقصر : موضع بين الرّويثة والصفراء أسفل وادي الجيّ ، وأحسب طريق الحاجّ يطؤه ، وكان أبو عمرو يقوله بفتح أوله ، وهو تصحيف ، ويوم ذي ثرا من أيام العرب.

ثرَاثِر : بالفتح ، وبعد الألف ثاء أخرى مكسورة : موضع في شعر الشّمّاخ.

ثُرَامُ : بالضم ، وهو في كتاب نصر ثرام : ثنيّة في ديار بني الإواس بن الحجر بن الهنو بن الأزد بن الغوث باليمن ؛ قال زهير الغامدي :

أفي أن طلبنا أهل جرم بذنبهم ،

زففتم كما زفّ النّعام النوافر

حديث أتانا عن ثرام وأهلها

بني عامر ، وودّعتنا الأساور

فإني زعيم أن تعود سيوفنا

بأيماننا ، كأنّهن مجازر

ثَرَبانُ : بالتحريك ، والباء موحدة : حصن من أعمال صنعاء باليمن.

الثَّرِبانُ : بفتح أوله ، وكسر ثانيه : جبلان في ديار بني سليم ، عن نصر.

الثرب : كأنه واحد الذي قبله : اسم ركيّة في ديار محارب.

الثرْثارُ : واد عظيم بالجزيرة يمدّ إذا كثرت الأمطار ، فأما في الصيف فليس فيه إلّا مناقع ومياه حاميه وعيون قليلة ملحة ، وهو في البرّية بين سنجار وتكريت ، كان في القديم منازل بكر بن وائل واختصّ بأكثره بنو تغلب منهم ، وكان للعرب بنواحيه وقائع مشهورة ، ولهم في ذكره أشعار كثيرة ، رأيته أنا غير مرة ، وتنصبّ إليه فضلات من مياه نهر الهرماس ، وهو نهر نصيبين ، ويمرّ بالحضر مدينة الساطرون ، ثم يصبّ في دجلة أسفل تكريت ، ويقال إن السّفن كانت تجري فيه ، وكانت عليه قرى كثيرة وعمارة ، فأما الآن فهو كما وصفت ؛ وأصله من الثرّ ، وهو الكثير ؛ قاله الكوفيّون كما قالوا في ملّ تململ ؛ وفي الضّحّ ، وهو حرّ الشمس ، الضحضاح ، وله أشباه ونظائر.

الثُّوثُوزُ :

نهران بأرّان أو أرمينية ، ويقال لهما : الثرثور الكبير والثرثور الصغير. وفي كتاب الفتوح :


نزل سلمان بن ربيعة لما نزل برذعة على الثرثور ، وهو نهر منها على أقلّ من فرسخ.

الثَّرماءُ : بالمدّ : ماء لكندة معروف. وعين ثرماء : قرية بدمشق ، ذكرت في العين. والثرم : سقوط الثنيّة.

ثَرْمَدَاءُ : قال الأزهري : ماء لبني سعد في وادي الستارين ، وقد وردته ، يستقى منه بالعقال لقرب قعره ، وقال الخارزنجي : هو بكسر الميم ، قال : وهو بلد ، وقيل قرية بالوشم من أرض اليمامة ؛ وقال نصر : ثرمداء موضع في ديار بني نمير أو بني ظالم من الوشم بناحية اليمامة ، وهو خير موضع بالوشم ، وإليه تنتهي أوديته ، ويروى بكسر الثاء ؛ وقال أبو القاسم محمود بن عمر : ثرمداء قرية ونخل لبني سحيم ؛ وأنشد :

وأقفر وادي ثرمداء ، وربما

تدانى بذي بهدى حلول الأصارم

قال : وذو بهدى واد به نخل ، والموضعان متقاربان ؛ وقال السكوني : ثرمداء من أرض اليمامة لبني امرئ القيس بن تميم ؛ قال جرير :

انظر خليلي بأعلى ثرمداء ضحى ،

والعيس جائلة ، أعراضها جنف

إن الزيارة لا ترجى ، ودونهم

جهم المحيّا وفي أشباله غضف

وقد نسب حميد بن ثور الهلالي البرود إلى ثرمداء ، وكان ابنه يراه يمضي إلى الملوك ويعود مكسوّا ، فأخذ بعيرا لأبيه فقصد مروان ، فردّه ولم يعطه شيئا ، فقال :

ردّك مروان لا تفسخ امارته ،

ففيك راع لها ، ما عشت ، سرسور

ما بال بردك لم تمسس حواشيه ،

من ثرمداء ولا صنعاء ، تحبير

ولو درى أن ما جاهرتني ظهرا

ما عدت ما لألأت أذنابها النور

قال الراجز :

بذات غسل ما بذات غسل ،

وثرمداء شعب من عقل

ثَرْمَدُ : اسم شعب بأجإ لبني ثعلبة من بني سلامان من طيء ، وقيل ماء.

الثُّرْمُلِيَّةُ : بالضم ثم السكون ، وضم الميم : ماء لبني عطارد باليمامة ؛ عن الحفصي.

ثَرَمُ : بالتحريك : وهو اسم جبل باليمامة ؛ قال زياد ابن منقذ من قصيدة الحماسة :

والوشم قد خرجت منه وقابلها

من الثنايا التي لم أقلها ثرم

اتفق لشاعر هذا البيت اتفاق عجيب ، وهو أن الثّرم سقوط الثنية ، وهو مقدّم الأسنان ، وجمعها ثنايا ، والثنيّة وجمعها ثنايا أيضا : كلّ منفرج بين جبلين ، والثّرم : اسم بعينه ، وهو الذي أراده الشاعر فاتفق له من هذا التوجيه ما يعزّ مثله.

ثِرْمَةُ : بالكسر ثم السكون : بلد في جزيرة صقلية كثيرة البراغيث شديدة الحرّ ؛ قال أبو الفتح بن قلاقس الإسكندري :

فدخلت ثرمة ، وهو تصحيف اسمها ،

لو لا حسين الندب ذو التحسين

في حيث شبّ النار جمرة قيظه ،

وبقيت في مقلاه كالمقلين

وشربت ماء المهل قبل جهنم ،

وشفعته بمطاعم الغسلين


حتى إذا استفرغت منها طاقتي ،

وملأت من أسف ضلوع سفيني

أجفلت من جفلوذ إجفال امرئ

بالدّين يطلب ثمّ ، أو بالدّين

ثرْوَانُ : بالفتح ؛ مال ثريّ ، على فعيل ، أي كثير ، ورجل ثروان وامرأة ثروى. وثروان : جبل لبني سليم ؛ قال :

أو عوى بثروان جلا ال

نوم عن كلّ ناعس

وقال أبو عبد الله نفطويه : قالت امرأة من بني عبد الله بن دارم وكانت قد جاورت نخلتي ثروان بالبصرة فحنّت إلى وطنها وكرهت الإقامة بالبصرة فقالت :

أيا نخلتي ثروان! شئت مفارقي

حفيفكما ، يا ليتني لا أراكما

أيا نخلتي ثروان لا مرّ راكب

كريم من الأعراب إلّا رماكما

ثَرُورُ : بضم الراء الأولى ، وسكون الواو : من مخاليف الطائف ، يقال ناقة ثرور وعين ثرور أي غزيرة.

ثَرُوقُ : مرتجل ، لم أر هذا المركّب مستعملا في كلام العرب : وهو اسم قرية عظيمة لبني دوس بن عدثان بن زهران بن كعب بن الحارث بن نصر بن الأزد جاء ذكرها في حديث حممة الدوسي وفي حديث وفود الطّفيل بن عمرو على النبي ، صلى الله عليه وسلم ، أنه أسلم ورجع إلى قومه في ليلة مطيرة ظلماء حتى نزل ثروق ، وهي قرية عظيمة لدوس ، فيها منبر ، فلم يبصر أين يسلك ، فأضاء له نور في طرف سوطه ، فشهد الناس ذلك ، وقال : أنار أخذت على القدوم ثم على ثروق لا تطفأ ؛ الحديث ؛ وقال رجل من دوس في حرب كانت بينهم وبين بني الحارث بن كلب :

قد علمت صفراء حوساء الذّيل ،

شرّابة المحض تروك القيل ،

ترخي فروعا مثل أذناب الخيل ،

أنّ ثروقا دونها كالويل ،

ودونها خرط القتاد بالليل ،

وقد أتت واد كثير السيل

الثُّرَيَّا : بلفظ النجم الذي في السماء ؛ والمال الثريّ ، على فعيل ، هو الكثير ، ومنه رجل ثروان وامرأة ثروى وتصغيرها ثريّا. وثريّا : اسم بئر بمكة لبني تيم بن مرّة ؛ وقال الواقدي : كانت لعبد الله ابن جدعان منهم. والثّريّا : ماء لبني الضباب بحمى ضريّة ؛ عن أبي زياد ، قال : والثريّا مياه لمحارب في شعبى. والثريّا : أبنية بناها المعتضد قرب التاج ، بينهما مقدار ميلين ، وعمل بينهما سردابا تمشي فيه حظاياه من القصر الحسنيّ ، وهي الآن خراب ؛ وقال عبد الله بن المعتزّ يصفه :

سلمت أمير المؤمنين على الدهر ،

فلا زلت فينا باقيا واسع العمر

حللت الثّريّا خير دار ومنزل ،

فلا زال معمورا ، وبورك من قصر

جنان وأشجار تلاقت غصونها ،

وأوقرن بالأثمار والورق الخضر

ترى الطير في أغصانهنّ هواتفا ،

تنقّل من وكر لهنّ إلى وكر

وبنيان قصر قد علت شرفاته ،

كمثل نساء قد تربّعن في أزر


وأنهار ماء ، كالسلاسل فجّرت

لترضع أولاد الرياحين والزّهر

عطايا إله منعم ، كان عالما

بأنك أوفى الناس فيهن بالشكر

ثَرَيْدُ : بفتح أوله وثانيه ، على فعيل ، وهو وزن غريب ليس له نظير ، ولعلّه مولّد : حصن باليمن لبني حاتم بن سعد ، يقال إن في وسطه عينا تفور فورانا عظيما.

ثُرَيْرٌ : تصغير ثرّ ، وهو الشيء الكثير : موضع عند أنصاب الحرم بمكة مما يلي المستوقرة ، وقيل صقع من أصقاع الحجاز ، كان فيه مال لابن الزّبير ، وروي أنه كان يقول لجنده لن تأكلوا ثمر ثرير باطلا.

باب الثاء والعين وما يليهما

ثُعَالِبَاتُ : مرتجل ، بضم أوله ؛ قال أبو زياد : ومن جبال بلادهم ، يعني بلاد بني جعفر بن كلاب ، ثعالبات ، وهي هضبات ، وهي التي قالت فيهن جمل :

صبحناهم ، غداة ثعالبات ،

ململمة لها لجب زبونا

ثُعَالُ : مرتجل أيضا : وهي شعبة بين الرّوحاء والرّويثة ، والرويثة معشى بين العرج والروحاء ؛ قال كثيّر :

أيام أهلونا جميعا جيرة

بكتانة ففراقد فثعال

ثُعَالَةُ : وهو منقول عن اسم الثعلب ، وهو في اسم الثعلب علم غير مصروف ، وكذلك في اسم المكان ؛ قال امرؤ القيس :

خرجنا نريغ الوحش بين ثعالة ،

وبين رحيّات إلى فجّ أخرب

الثَّعْلبيَّةُ : منسوب ، بفتح أوله : من منازل طريق مكة من الكوفة بعد الشّقوق وقبل الخزيمية ، وهي ثلثا الطريق ، وأسفل منها ماء يقال له الضّويجعة على ميل منها مشرف ، ثم تمضي فتقع في برك يقال لها برك حمد السبيل ثم تقع في رمل متّصل بالخزيمية ؛ وإنما سمّيت بثعلبة بن عمرو مزيقياء بن عامر ماء السماء لما تفرّقت أزد مأرب لحق ثعلبة بهذا الموضع فأقام به فسمّي به ، فلما كثر ولده وقوي أمره رجع إلى نواحي يثرب فأجلى اليهود عنها ، فولده هم الأنصار كما نذكره في مأرب إن شاء الله تعالى ؛ وقال الزّجاجي : سمّيت الثعلبية بثعلبة بن دودان بن أسد ابن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر ، وهو أول من حفرها ونزلها ، وقال ابن الكلبي : سميت برجل من بني دودان بن أسد يقال له ثعلبة ، أدركه النوم بها فسمع خرير الماء بها في نومه فانتبه وقال : أقسم بالله إنه لموضع ماء! واستنبطه وابتناه ؛ وعن إسحاق الموصلي قال : أنشدني الزبير بن مصعب بن عبد الله قال أنشدني سلمة المكفوف الأسدي لسلمة بن الحارث ابن يوسف بن الحكم بن أبي العاصي بن أمية ، وكان يتبدى عندهم بالثعلبية ، وكان يتعشّق مولاة بالثعلبية لها زوج يقال له منصور ، فقال فيها :

سأثوي نحو الثعلبية ما ثوت

حليلة منصور بها لا أريمها

وأرحل عنها إن رحلت ، وعندنا

أياد لها معروفة لا نديمها

وقد عرفت بالغيب أن لا أودّها ،

إذا هي لم يكرم علينا كريمها

إذا ما سماء بالدّناح تخايلت ،

فإنّي على ماء الزّبير أشيمها


يقرّ بعيني أن أراها بنعمة ،

وإن كان لا يجدي عليّ نعيمها

وينسب إلى الثعلبية عبد الأعلى بن عامر الثعلبي ، عداده في الكوفيين ، روى عن محمد بن الحنفية ومحمد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب وسعيد ابن جبير ، روى عنه إسرائيل وأبو عوانة وشريك ، ويقال حديثه عن ابن الحنفية صحيفة وفيه ضعف ، ذكره العقيلي في كتاب الضعفاء كذلك وقال : عبد الأعلى بن عامر الثعلبي من أهل الثعلبية.

ثُعَلُ : بوزن جرذ ؛ قال الزمخشري : موضع بنجد معروف ، و ١ قال ابن دريد : هو ثعل بضمتين ، قال : وأما ثعل بوزن زفر فإنه من أسماء الثعلب ، قال : وكذلك ثعالة.

ثُعْلُ : بسكون العين : ماء لبني قوالة قرب سجا والأخراب بنجد في ديار كلاب ، له ذكر في الشعر ؛ قال طهمان بن عمرو :

لن تجد الأخراب أيمن من سجا

إلى الثّعل إلّا ألأم الناس عامرة

وقام إلى رحلي قبيل ، كأنهم

إماء حماها حضرة اللّحم جازره

لحا الله أهل الثعل بعد ابن حاتم ،

ولا أسقيت أعطانه ومصادره

وقال أبو زياد : ومن مياه أبي بكر بن كلاب الثّعل الذي يقول فيه مرزوق بن الأعور بن براء :

أإن كان منظور إلى الثّعل يدّعي ،

وأيهات منظور أبوك من الثّعل

وقال نصر : ثعل واد حجازيّ قرب مكة في ديار بني سليم ؛ قلت : إن صح هذا فهو غير الأول ، والثّعل في اللغة : السنّ الزائدة عن الأسنان وخلف زائد صغير في أخلاف الناقة وفي ضرع الناقة ؛ قال ابن همّام السلولي :

وذمّوا لنا الدنيا ، وهم يرضعونها

أفاويق حتى ما يدرّ لها ثعل

وإنما ذكر الثعل للمبالغة في الارتضاع ، والثعل لا يدرّ.

ثُعَيْلِبَاتُ : تصغير جمع ثعلبة : موضع في قوله : فراكس فثعيلبات وقال آخر :

أجدّك لن ترى بثعيلبات ،

ولا بيدان ناجية ذمولا

ولا متلاقيا ، والشمس طفل ،

ببعض نواشغ الوادي حمولا

باب الثاء والغين وما يليهما

الثَّغْرُ : بالفتح ثم السكون ، وراء ؛ كل موضع قريب من أرض العدوّ يسمّى ثغرا ، كأنه مأخوذ من الثّغرة ، وهي الفرجة في الحائط ، وهو في مواضع كثيرة ، منها : ثغر الشام ، وجمعه ثغور ، وهذا الاسم يشمل بلادا كثيرة ، وهي البلاد المعروفة اليوم ببلاد ابن لاون ، ولا قصبة لها لأن أكثر بلادها متساوية ، وكل بلد منها كان أهله يرون أنه أحقّ باسم القصبة ، فمن مدنها بيّاس ، ومنها إلى الاسكندرية مرحلة ومن بياس إلى المصّيصة مرحلتان ومن المصيصة إلى عين زربة مرحلة ومن المصيصة إلى أذنة مرحلة ومن أذنة إلى طرسوس يوم ومن طرسوس إلى الجوزات يومان ومن طرسوس إلى أولاس على بحر الروم يومان ومن بيّاس إلى الكنيسة السوداء ، وهي مدينة ، أقل من يوم ومن بياس إلى الهارونية مثله ومن الهارونية إلى مرعش ، وهي من ثغور الجزيرة ، أقل


من يوم ، ومن مشهور مدن هذا الثغر : أنطاكية وبغراس وغير ذلك ، إلا أن هذا الذي ذكرنا أشهر مدنها.

وقال أحمد بن يحيى بن جابر : كانت الثغور الشامية أيام عمر وعثمان وبعد ذلك أنطاكية وغيرها المدعوّة بالعواصم ، وكان المسلمون يغزون ما وراءها كغزوهم اليوم وراء طرسوس ، وكانت فيما بين الإسكندرية وطرسوس حصون ومسالح للروم كالحصون والمسالح التي يمر بها المسلمون اليوم ، وكان هرقل نقل أهل تلك الحصون معه وشعّثها ، فكان المسلمون إذا غزوها لم يجدوا فيها أحدا ، وربما كمن عندها قوم من الروم فأصابوا غرّة المسلمين المنقطعين عن عساكرهم ، فكان ولاة الشواتي والصوائف إذا دخلوا بلاد الروم خلّفوا بها جندا كثيفا إلى خروجهم ؛ وقد اختلفوا في أول من قطع الدرب ، وهو درب بغراس ، فقيل قطعه ميسرة بن مسروق العبسي ، وجّهه أبو عبيدة فلقي جمعا للروم ومعهم مستعربة من غسّان وتنوخ يريدون اللحاق بهرقل ، فأوقع بهم وقتل منهم مقتلة عظيمة ثم لحق به مالك الأشتر النّخعي مددا من قبل أبي عبيدة وهو بأنطاكية ؛ وقال بعضهم : أول من قطع الدرب عمير بن سعد الأنصاري حين توجه في أمر جبلة بن الأيهم ؛ وقال أبو الخطّاب الأزدي : بلغني أن أبا عبيدة بنفسه غزا الصائفة فمر بالمصيصة وطرسوس وقد جلا أهلها وأهل الحصون التي تليها ، فأدرب فبلغ في غزاته زندة ، وقال غيره : إنما وجّه ميسرة بن مسروق فبلغ زندة ، وقال أبو صالح : لمّا غزا معاوية عمورية سنة ٢٥ وجد الحصون فيما بين أنطاكية وطرسوس خالية ، فوقف عندها جماعة من أهل الشام والجزيرة وقنّسرين حتى انصرف من غزواته ثم أغزى بعد ذلك بسنة أو سنتين يزيد بن الحر العبسي الصائفة ، وأمره معاوية أن يفعل مثل فعله ؛ قال : وغزا معاوية سنة ٣١ من ناحية المصيصة فبلغ درولية ، فلما رجع جعل لا يمرّ بحصن فيما بينه وبين أنطاكية إلا هدمه.

قال المؤلف ، رحمه الله : ثم لم يزل هذا الثغر ، وهو طرسوس وأذنة والمصيصة وما ينضاف إليها ، بأيدي المسلمين ، والخلفاء متهمون بأمرها لا يولّونها إلا شجعان القوّاد والراغبين منهم في الجهاد والحروب بين أهلها والروم مستمرة ، والأمور على مثل هذه الحال مستقرة ، حتى ولي العواصم والثغور الأمير سيف الدولة علي بن أبي الهيجاء بن حمدان ، فصمد للغزو وأمعن في بلادهم ، واتّفق أن قابله من الروم ملوك أجلاد ورجال أولو بأس وجلاد وبصيرة بالحرب والدين شداد ، فكانت الحرب بينهم سجالا إلى أن كان من وقعة مغارة الكحل في سنة ٣٤٩ ، ومن ظفر الروم بعسكر سيف الدولة ورجوعه إلى حلب في خمسة فرسان على ما قيل ؛ ثم تلا ذلك هجوم الروم على حلب في سنة ٣٥١ وقتل كل من قدروا عليه من أهلها ، وكان أن عجز سيف الدولة وضعف ، فترك الشام شاغرا ورجع إلى ميّافارقين والثغر من الحماة فارغا ، فجاءهم نقفور الدمستق ، فحاصر المصيصة ففتحها ثم طرسوس ثم سائر الثغور ، وذلك في سنة ٣٥٤ كما ذكرناه في طرسوس ، فهو في أيديهم إلى هذه الغاية ، وتولاها لاون الأرمني ملك الأرمن يومئذ ، فهي في عقبه إلى الآن ؛ وقد نسبوا إلى هذا الثغر جماعة كثيرة من الرّواة والزهّاد والعبّاد ، منهم : أبو أميّة محمد بن إبراهيم بن مسلم بن سالم الطرسوسي الثّغري ، كذا نسبه غير واحد من المحدثين ، وهو بغدادي المولد ، سكن طرسوس وسمع يوسف بن عمر اليمامي وعمر بن حبيب القاضي ويعقوب بن إسحاق


الحضرمي وأبا عاصم النبيل ومكي بن إبراهيم والفضل ابن دكين وقبيصة بن عقبة وإسحاق بن منصور السلولي وأسود بن عامر شاذان وغيرهم ، روى عنه أبو حاتم الرازي ومحمد بن خلف وكيع ويحيى بن صاعد والحسين بن إبراهيم المحاملي وغيرهم ، وسئل عنه أبو داود سليمان بن الأشعث فقال ثقة.

وأما ثغر أسفيجاب فلم يزل ثغرا من جهته ، وقد ذكر أسفيجاب في موضعه ؛ نسب إليه هكذا : طالب بن القاسم الفقيه الثغري الأسفيجابي ، كان من فقهاء ما وراء النهر. وثغر فراوة قرب بلاد الدّيلم ؛ ينسب إليه محمد بن أحمد بن الحسين الغطريفي الجرجاني الثغري ، وكان الإسماعيلي يدلس به في الرواية عنه ، هكذا يقول : حدثنا محمد بن أحمد الثغري. وأما ثغر الأندلس فينسب إليه أبو محمد عبد الله بن محمد بن القاسم بن حزم بن خلف الثغري من أهل قلعة أيوب ، سمع بتطيلة من ابن شبل وأحمد بن يوسف بن عباس ، وبمدينة الفرج من وهب بن مسرّة ، ورحل إلى المشرق سنة ٣٥٠ فسمع ببغداد من أبي علي الصوّاف وأبي بكر بن حمدان ، سمع منه مسند أحمد بن حنبل والتاريخ ، دخل البصرة والكوفة وسمع بها ، وسمع بالشام ومصر وغيرهما من جماعة يكثر تعدادهم ، وانصرف إلى الأندلس ولزم العبادة والجهاد ، واستقضاه الحكم المنتصر بموضعه ثم استعفاه منه فأعفاه ، وقدم قرطبة في سنة ٣٧٥ ، وقرأ عليه الناس ؛ قال ابن الفرضي : وقرأت عليه علما كثيرا ، فعاد إلى الثغر فأقام به إلى أن مات ، وكان يعد من الفرسان ، وتوفي سنة ٣٨٣ بالثغر من مشرق الأندلس.

ثُغْرَة : بالضم ثم التسكين : ناحية من أعراض المدينة.

الثَّغُورُ : بالفتح ثم الضم : حصن باليمن لحمير.

الثُّغَيْدُ : تصغير ثغد ، وهو مهمل في كلامهم فيكون مرتجلا : ماء لبني عقيل بنجد.

باب الثاء والقاف وما يليهما

ثَقْبَانُ : بالفتح ثم السكون ، والباء موحدة ، وألف ، ونون : قرية من أعمال اليمن ثم من أعمال الجند.

الثَّقْبُ : من قرى اليمامة ، لم تدخل في أمان خالد بن الوليد ، رضي الله عنه ، لما قتل مسيلمة الكذاب ، وهو لبني عدي بن حنيفة.

ثَقَبَةُ : بالتحريك : جبل بين حراء وثبير بمكة وتحته مزارع.

ثَقْفٌ : بالفتح ثم السكون ؛ رجل ثقف أي حاذق : وهو موضع في قول الحصين بن الحمام المرّي :

فإنّ دياركم بجنوب بسّ

إلى ثقف إلى ذات العظوم

ثِقْلٌ : بالكسر ، واحد الأثقال : موضع في قول زهير :

صحا القلب عن سلمى ، وقد كاد لا يسلو ،

وأقفر من سلمى التعانيق فالثّقل

ويروى الثّجل ، وقد مرّ.

ثُقَيْبٌ : تصغير ثقب : طريق من أعلى الثعلبية إلى الشام.

باب الثاء والكاف وما يليهما

ثُكامَة : بالضم : بلد بأرض عقيل ؛ قال مزاحم يصف ناقته :

تقلّب منها منكبين ، كأنما

خوافيهما حجريّة لم تفلّل


إلى ناعم البرديّ ، وسط عيونه ،

علاجيم جون بين صدّ ومحفل

من النخل أو من مدرك أو ثكامة ،

بطاح سقاها كلّ أوطف مسبل

ثكم الطريق : وسطه ، والثكم : مصدر ثكم بالمكان إذا أقام به ولزمه.

ثُكْدٌ : بالضم ، مرتجل : ماء لبني نمير ، وقد ضم الأخطل كافه فقال :

حلّت صبيرة أمواه العداد وقد

كانت تحلّ ، وأدنى دارها ثكد

وقيل في تفسيره : ثكد ماء لكلب ، وقال نصر : ثكد ماء بين الكوفة والشام ؛ وقال الراعي :

كأنها مقط ظلّت على قيم

من ثكد ، واغتمست في مائها الكدر

ثَكَنٌ : بالتحريك : جبل بالبادية ؛ قال عبد المسيح ابن عمرو بن حيّان بن بقيلة الغسّاني لسطيح وكان خاطبه فلم يجب لأنه كان قد مات :

أصمّ أم يسمع غطريف اليمن

تلفّه في الريح بوعاء الدّمن

كأنما حثحث من حضني ثكن

أزرق ممهى الناب صرّار الأذن

باب الثاء واللام وما يليهما

ثُلا : بالضم مقصور : من حصون اليمن ، مرتجلا.

الثلاثاءُ : ممدود بلفظ اسم اليوم : ماء لبني أسد ؛ قال مطير بن أشيم الأسدي :

فإن أنتم عورضتم ، فتقاحموا

بأسيافكم ، إن كنتم غير عزّل

فلا تعجزوا أن تشئموا أو تيمّنوا

بجرثم ، أو تأتوا الثلاثاء من عل

عليها ابن كوز نازل ببيوته ،

ومن يأته من خائف يتأوّل

وسوق الثلاثاء ببغداد محلة كبيرة ذات أسواق واسعة من نهر المعلّى ، وهي من أعمر أسواق بغداد لأن بها سوق البزازين.

ثَلاثانُ : بلفظ التثنية : ماء لبني أسد في جانب حبشة ، وقيل جبل وقيل واد.

ثُلَاثُ : بالضم ، بلفظ المعدول عن ثلاثة : موضع أراه من ديار مراد ؛ قال فروة بن مسيك المرادي :

ساروا إلينا ، كأنهم كفّة الليل

ظهارا ، والليل محتدم

لم ينظروا عورة العشيرة ، وال

نسوان فوضى كأنها غنم

سيروا إلينا فالسهل موعدكم ،

مرنا ثلاث كأنها الخدم

أو سرر الجوف أو بأذرعة ال

قصوى ، عليها الأهلون والنعم

الثَّلَبُوتُ : بفتحتين ، وضم الباء الموحدة ، وسكون الواو ، وتاء فوقها نقطتان ، قيل : هو واد بين طيء وذبيان ، وقيل : لبني نصر بن قعين بن الحارث ابن ثعلبة بن دودان بن أسد بن خزيمة ، وهو واد فيه مياه كثيرة ؛ قال السيد عليّ بن عيسى بن وهّاس : الثلبوت واد يدق إلى وادي الرّمة من تحت ماء الحاجر ، إذا صيّحت برفاقك أسمعتهم ؛ قال الحطيئة :

ألم تر أن ذبيانا وعبسا ،

لباغي ، الحرب قد نزلا براحا


فقال الأحربان ، ونحن حيّ

بنو عمّ تجمّعنا صلاحا

منعنا مدفع الثلبوت ، حتى

نزلنا راكزين به الرماحا

نقاتل عن قرى غطفان ، لمّا

خشينا أن تذلّ وأن تباحا

وقال مرة بن عياش ابن عم معاوية بن خليل النصري ينوح على بني جذيمة بن نصر :

ولقد أرى الثلبوت بألف بينه ،

حتى كأنهم أولو سلطان

ولهم بلاد طال ما عرفت لهم ،

صحن الملا ومدافع السّبعان

ومن الحوادث ، لا أبا لأبيكم ،

أن الأجيفر قسمه شطران

الثَّلْماءُ : بالفتح ، والمد ، تأنيث الأثلم ، وهو الفلول في السيف والحائط وغيره ؛ قال الحفصي : الثلماء من نواحي اليمامة ، وقيل : الثلماء ماء حفره يحيى بن أبي حفصة باليمامة ؛ وقال يحيى :

حيّوا المنازل ، قد تقادم عهدها ،

بين المراخ إلى نقا ثلمائها

وقال أبو زياد : من مياه أبي بكر بن كلاب الثلماء ، وقال الأصمعي : الثلماء لبني قرة من بني أسد ، وهي في عرض القنّة في عطف الحبس أي بلزقه ، ولو انقلب لوقع عليهم ، وهي منه على فرسخين ، والحبس جبل لهم ؛ وقال في موضع آخر من كتابه : غرور جبل ماؤه الثلماء ، وهي ماءة عليها نخل كثير وأشجار ، وقال نصر : الثلماء ماءة لربيعة بن قريط بظهر نملي.

الثلَمُ : بالتحريك : موضع بالصمان ؛ قاله الأزهري وأنشد :

تربّعت جوّ جويّ فالثلم

وروي الثلم ، بكسر اللام ، في قول عديّ بن الرقاع العاملي :

فنكّبوا الصّوّة اليسرى ، فمال بهم

على الفراض فراض الحامل الثّلم

وثلم الوادي ما تثلّم من جرفه

ثُلَّيْثُ : بضم أوله ، وفتح ثانيه والتشديد ، وياء ساكنة ، وثاء أخرى مثلثة : على طريق طيء إلى الشام.

باب الثاء والميم وما يليهما

ثَمَا : بالفتح ، والتخفيف ، والقصر : موضع بالحجاز.

ثَمَادُ : بالفتح : حصن باليمن في جبل جحاف.

ثِمادُ : بكسر أوله : موضع في ديار بني تميم قرب المروّت ، أقطعه النبي ، صلى الله عليه وسلم ، حصين ابن مشمّت. وثماد الطير : موضع باليمن ؛ والثّماد جمع ثمد ، وهو الماء القليل الذي لا مادة له ؛ وأنشد أبو محمد الأسود لأبي زيد العبشمي ، وكان ابنه زيد قد هاجر إلى اليمن ، فقال :

أرى أمّ زيد ، كلما جنّ ليلها ،

تحنّ إلى زيد ولست بأصبرا

إذا القوم ساروا ستّ عشرة ليلة

وراء ثماد الطير من أرض حميرا

هنا لك تنسين الصبابة والصّبا ،

ولا تجد التالي المغير مغيّرا

وما ضمّ زيد ، من خليط يريده ،

أحنّ إليه من أبيه وأفقرا


وقد كان في زيد خلائق زينة ،

كما زيّن الصّبغ الرّداء المحبّرا

وما غيّرتني بعد زيد خليقتي ،

ولكن زيدا بعدنا قد تغيّرا

وقد كان زيد ، والقعود بأرضه ،

كراعي أناس أرسلوه فبيقرا

فما زال يسقي بين ناب وداره

بنجران ، حتى خفت أن يتنصّرا

الثُّمامَةُ : بضم أوله ، صخيرات الثمامة : إحدى مراحل النبي ، صلى الله عليه وسلم ، إلى بدر ، وهي بين السيالة وفرش ؛ كذا ضبطه أبو الحسن بن الفرات وقيده ، وأكثرهم يقول : صخيرات الثمام ، وقد ذكر في صخيرات الثمام ، ورواه المغاربة صخيرات اليمام ، بالياء آخر الحروف.

ثماني : بلفظ الثماني من العدد المؤنث ، قيل : هي أجبال وغارات بالصمان ، وقال نصر : الثماني هضبات ثمان في أرض بني تميم ، وقيل : هي من بلاد بني سعد بن زيد مناة بن تميم ؛ وأنشدوا لذي الرّمة : ولم يبق مما في الثماني بقية

وقال سوّار بن المضرّب المازني في أبيات ذكرت في شنظب :

أمن أهل النّقا طرقت سليمى

طريدا بين شنظب فالثماني؟

ثمَانينَ : بلفظ العقد بعد السبعين من العدد : بليدة عند جبل الجوديّ قرب جزيرة ابن عمر التغلبي فوق الموصل ، كان أول من نزله نوح ، عليه السلام ، لما خرج من السفينة ومعه ثمانون إنسانا ، فبنوا لهم مساكن بهذا الموضع وأقاموا به ، فسمي الموضع بهم ، ثم أصابهم وباء فمات الثمانون غير نوح ، عليه السلام ، وولده ، فهو أبو البشر كلهم ، ومنها كان عمر بن ثابت الضريري الثمانيني صاحب التصانيف ، يكنى أبا القاسم ، أخذ عن ابن جني ، ومات في سنة ٤٨٢ ؛ وعمر بن الخضر بن محمد أبو حفص يعرف بالثمانيني ، سمع بدمشق القاسم بن الفرج بن إبراهيم النصيبيني ، وبمصر أبا محمد الحسن بن رشيق ، روى عنه أبو عبد الله الأهوازي وأبو الحسن عليّ بن محمد بن شجاع المالكي.

ثمانيَةُ : موضع ؛ عن الجوهري.

ثَمَدُ الرُّومِ : الثمد كما ذكرنا الماء القليل : وهو موضع بين الشام والمدينة ، كان في بعض الدهر قد ورد طائفة من بني إسرائيل إلى الحجاز ليلحقوا بمن فيها منهم فأتبعهم ملك الروم طائفة من جيشه ، فلما وصلوا إلى ذاك الثمد ماتوا عن آخرهم ، فسمي ثمد الروم إلى الآن. والثمد أيضا : موضع في بطن مليحة يقال له روضة الثمد. والثمد أيضا : ماء لبني حويرث بطن من التيم ؛ وأنشد الفرّاء :

يا عمرو أحسن بداك الله بالرّشد ،

واقرأ سلاما على الأنقاء والثّمد

وابكنّ عيشا تولّى بعد جدته ،

طابت أصائله في ذلك البلد

وأبارق الثّمدين ، بالتثنية ، ذكر.

الثَّمْرَاءُ : بالمد ، ويروى الثبراء ، بالباء الموحدة ، وقد تقدم ذكره.

ثَمْرُ : بالفتح ثم السكون : واد بالبادية.

ثَمَرُ : بالتحريك : من قرى ذمار باليمن.

ثَمْغٌ : بالفتح ثم السكون ، والغين معجمة : موضع مال لعمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، حبسه أي


وقفه ، جاء ذكره في الحديث الصحيح ، وقيده بعض المغاربة بالتحريك ، والثمغ ، بالتسكين ، مصدر ثمغت رأسه أي شدخته ، وثمغت الثوب أي أشبعت صبغه.

الثمينَةُ : بالفتح ثم الكسر ، كقولهم سلعة ثمينة أي مرتفعة الثمن : بلد ؛ وأنشدوا :

بأصدق بأسا من خليل ثمينة

وأوفى ، إذا ما خالط القائم اليد

باب الثاء والنون وما يليهما

ثَنيَّةُ أُمِّ قردان : الثنية في الأصل كلّ عقبة في الجبل مسلوكة ، وقردان ، بكسر القاف ، جمع قراد : وهي بمكة عند بئر الأسود بن سفيان بن عبد الأسد المخزومي.

الثنيّة البيضَاءُ : عقبة قرب مكة تهبطك إلى فخّ وأنت مقبل من المدينة تريد مكة ، أسفل مكة من قبل ذي طوى.

ثنيّةُ الرِّكابِ : بكسر الراء ؛ والركاب الإبل التي يسار عليها ، الواحدة راحلة ، لا واحد لها من لفظها ، والجمع الرّكب : وهي ثنية على فراسخ من نهاوند أرض الجبل ؛ قال سيف : ازدحمت ركاب المسلمين أيام نهاوند على ثنية من ثناياه فسميت بذلك ثنية الركاب ، وذكر غير واحد من الأطباء أن أصل قصب الذريرة من غيضة في أرض نهاوند ، وأنه إذا قطع منها ومرّوا على عقبة الركاب كانت ذريرة خالصة ، وإن مروا به على غيرها لم ينتفع به ويصير لا فرق بينه وبين سائر القصب ، وهذه إن صحت خاصيّة عجيبة غريبة ، وقد ذكرت هذا بأبسط منه في نهاوند.

ثنيّةُ العُقابِ : بالضم : وهي ثنية مشرفة على غوطة دمشق ، يطؤها القاصد من دمشق إلى حمص ؛ قال أحمد بن يحيى بن جابر وغيره من أهل السير : سار خالد بن الوليد من العراق حتى أتى مرج راهط فأغار على غسان في يوم فصحهم ، ثم سار إلى الثنية التي تعرف بثنية العقاب المطلة على غوطة دمشق ، فوقف عليها ساعة ناشرا رايته ، وهي راية كانت لرسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، كانت تسمى العقاب علما لها ، ويقال : إنما سميت ثنية العقاب بعقاب من الطير كان ساقطا عليها بعشه وفراخه ، والله أعلم. وثنية العقاب أيضا :بالثغور الشامية قرب المصيصة.

ثنيةُ مِدْرَانَ : بكسر الميم : موضع في طريق تبوك من المدينة ، بنى النبي ، صلى الله عليه وسلم ، فيه مسجدا في مسيره إلى تبوك.

ثنيةُ المذَابِيح : كأنه جمع مذبوح : جبل ثهلان ، وفيها قصبة لحيان الكلابي وصاحب له.

ثنية المُرَارِ : بضم الميم ، وتخفيف الراء ؛ وهو حشيشة مرّة إذا أكلتها الإبل قلصت مشافرها ، ذكر مسلم ابن الحجاج هذه الثنية في صحيحه في حديث أبي معاذ بضم الميم ، وشك في ضمها وكسرها في حديث ابن حبيب الحارثي.

ثنيةُ المَرَة : بفتح الميم ، وتخفيف الراء ؛ كأنه تخفيف المرأة من النساء نحو تخفيفهم المسألة مسلة ، نقلوا حركة الهمزة إلى الحرف قبله ليدلّ على المحذوف ؛ وفي حديث الهجرة : أن دليلهما ، يعني النبي ، صلى الله عليه وسلم ، وأبا بكر ، رضي الله عنه ، سلك بهما أمج ثم الخرّار ثم ثنية المرة ثم لقفا ؛ وفي حديث سريّة عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب بن عبد مناف : أنه سار في ثمانين راكبا من المهاجرين حتى بلغ ماء بالحجاز بأسفل ثنية المرة.


ثنيةُ الوَدَاعِ : بفتح الواو ؛ وهو اسم من التوديع عند الرحيل : وهي ثنية مشرفة على المدينة يطؤها من يريد مكة ، واختلف في تسميتها بذلك ، فقيل لأنها موضع وداع المسافرين من المدينة إلى مكة ، وقيل لأن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، ودّع بها بعض من خلّفه بالمدينة في آخر خرجاته ، وقيل في بعض ثراياه المبعوثة عنه ، وقيل الوداع اسم واد بالمدينة ، والصحيح أنه اسم قديم جاهليّ ، سمي لتوديع المسافرين.

الثِّنْيُ : بكسر أوله ، وسكون ثانيه ، وياء مخففة ؛ والثّني من كل نهر أو جبل منعطفه ، ويقال : الثني اسم لكل نهر ، ويوم الثني لخالد بن الوليد على الفرس قرب البصرة مشهور ؛ وفيه قال القعقاع بن عمرو :

سقى الله قتلى بالفرات مقيمة ،

وأخرى بأثباج النجاف الكوانف

فنحن وطئنا بالكواظم هرمزا ،

وبالثّني قرني قارن بالجوارف

الثَّنيُّ : بالفتح ثم الكسر ، وياء مشددة ، بلفظ الثنيّ من الدوابّ ، وهو الذي بلغ ثنيّه : وهو علم لموضع بالجزيرة قرب الشرقيّ شرقيّ الرّصافة ، تجمّعت فيه بنو تغلب وبنو بجير لحرب خالد بن الوليد ، رضي الله عنه ، فأوقع بهم بالثنيّ وقتلهم كل قتلة في سنة ١٢ في أيام أبي بكر الصديق ؛ فقال أبو مقرّر :

طرقنا بالثّنيّ بني بجير

بياتا ، قبل تصدية الدّبوك

فلم نترك بها ارما وعجما

مع النضر المؤزّر بالسهوك

وقال أيضا :

لعمر أبي بجير حيث صاروا ،

ومن آواهم يوم الثّنيّ

لقد لاقت سراتهم فضاحا

وفينا بالنساء على المطيّ

ألا ما للرجال؟ فإن جهلا

بكم أن تفعلوا فعل الصبيّ

والثني أيضا : ماء بالقرب من أدم قرب ذي قار ، به قلب وآبار.

باب الثاء والواو وما يليهما

ثَوَابَةُ : بالفتح : درب ثوابة ببغداد ؛ ينسب إليه أبو جعفر محمد بن إبراهيم البرتي الأطروش الكاتب الثوابي ، سمع القاضي يحيى بن أكثم ، روى عنه أبو بكر الجعابي ، ومات في سنة ٣١٣ ؛ من كتاب النسب.

ثَوْرا : بالفتح ، والقصر : اسم نهر عظيم بدمشق ، وقد وصف في بردى ، وقد جاء في شعر بعضهم ثورة ، بالهاء ، وهو ضرورة.

ثَوْرٌ : لفظ الثور فحل البقر : اسم جبل بمكة فيه الغار الذي اختفى فيه النبيّ ، صلى الله عليه وسلم : وقال أبو طالب عمّ النبيّ ، صلى الله عليه وسلم :

أعوذ برب الناس من كل طاعن

علينا بشرّ ، أو مخلّق باطل

ومن كاشح يسعى لنا بمعيبة ،

ومن مفتر في الدين ما لم يحاول

وثور ، ومن أرسى ثبيرا مكانه ،

وعير وراق في حراء ونازل

وقال الجوهري : ثور جبل بمكة وفيه الغار المذكور في القرآن ، يقال له أطحل ، وقال الزمخشري : ثور أطحل من جبال مكة بالمفجر من خلف مكة على طريق اليمن ، وقال عبيد الله : إضافة ثور إذا أريد


به اسم الجبل إلى أطحل غلط فاحش ، إنما هو ثور أطحل ، وهو ثور بن عبد مناة بن أدّ بن طابخة ، وأطحل فيما زعم ابن الكلبي وغيره جبل بمكة ، ولد ثور بن عبد مناة عنده فنسب ثور بن عبد مناة إليه ، فإن اعتقد أن اطحل يسمى ثورا باسم ثور بن عبد مناة لم يجز لأنه يكون من إضافة الشيء إلى نفسه ، ولا يسوغه إلا أن يقال إن ثورا المسمى بثور بن عبد مناة شعبة من شعب أطحل أو قنّة من قننه ، ولم يبلغنا عن أحد من أهل العلم قاطبة أنه اسم رجل ، وأما اسم الجبل الذي بمكة وفيه الغار فهو ثور ، غير مضاف إلى شيء ؛ وفي حديث المدينة : أنه ، صلى الله عليه وسلم ، حرم ما بين عير إلى ثور ؛ قال أبو عبيد : أهل المدينة لا يعرفون بالمدينة جبلا يقال له ثور وإنما ثور بمكة ، قال : فيرى أهل الحديث أنه حرم ما بين عير إلى أحد ، وقال غيره : إلى بمعنى مع ، كأنه جعل المدينة مضافة إلى مكة في التحريم ، وقد ترك بعض الرواة موضع ثور بياضا ليبين الوهم ، وضرب آخرون عليه. وقال بعض الرواة : من عير إلى كدى ، وفي رواية ابن سلام : من عير إلى أحد ، والأول أشهر وأشدّ ، وقد قيل : إن بمكة أيضا جبلا اسمه عير ، ويشهد بذلك بيت أبي طالب المذكور آنفا ، فإنه ذكر جبال مكة وذكر فيها عيرا ، فيكون المعنى أن حرم المدينة مقدار ما بين عير إلى ثور اللذين بمكة ، أو حرم المدينة تحريما مثل تحريم ما بين عير وثور بمكة بحذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه ، ووصف المصدر المحذوف ، ولا يجوز أن يعتقد أنه حرم ما بين عير الجبل الذي بالمدينة وثور الجبل الذي بمكة ، فإن ذلك بالإجماع مباح. وثور الشّباك : موضع آخر. وثور أيضا : واد ببلاد مزينة ؛ قال مغن بن أوس :

أعاذل من يحتلّ فيفا وفيحة

وثورا ، ومن يحمي الأكاحل بعدنا؟

وبرقة الثور : تقدم ذكرها في البرق.

الثُّومَةُ : بلفظ واحدة الثوم : حصن باليمن.

الثُّوَيرُ : تصغير ثور : أبيرق أبيض لبني أبي بكر بن كلاب ، قريب من سواج من جبال حمى ضريّة ؛ قال مضرّس بن ربعيّ :

رأى القوم ، في ديمومة مدلهمّة ،

شخاصا تمنوا أن تكون فحالا

فقالوا سيالات يرين ، ولم نكن

عهدنا بصحراء الثّوير سيالا

والثّوير أيضا : ماء بالجزيرة من منازل تغلب.

الثوِيّةُ : بالفتح ثم الكسر ، وياء مشددة ، ويقال الثوية بلفظ التصغير : موضع قريب من الكوفة ، وقيل بالكوفة ، وقيل خريبة إلى جانب الحيرة على ساعة منها ، ذكر العلماء أنها كانت سجنا للنعمان بن المنذر ، كان يحبس بها من أراد قتله ، فكان يقال لمن حبس بها ثوى أي أقام ، فسميت الثوية بذلك ، وقال ابن حبّان : دفن المغيرة بن شعبة بالكوفة بموضع يقال له الثوية ، وهناك دفن أبو موسى الأشعري في سنة خمسين ؛ وقال عقال يذكر الثوية :

سقينا عقالا بالثوية شربة ،

فمال بلبّ الكاهليّ عقال

ولما مات زياد بن أبي سفيان دفن بالثوية ، فقال حارثة ابن بدر الغداني يرثيه :

صلى الإله على قبر وطهّره

عند الثويّة ، يسفي فوقه المور

أدّت إليه قريش نعش سيّدها ،

ففيه ما في النّدى ، والحزم مقبور


أبا المغيرة والدّنيا مغيّرة ،

وإنّ من غرّ بالدنيا لمغرور

قد كان عندك للمعروف معرفة ،

وكان عندك للنّكراء تنكير

لم يعرف الناس ، مذ كفّنت ، سيّدهم ،

ولم يجلّ ظلاما عنهم نور

والناس بعدك قد خفّت حلومهم ،

كأنما نفخت فيها الأعاصير

لا لوم على من استخفّه حسن هذا الشعر فأطال من كتبه ؛ وقال أبو بكر محمد بن عمر العنبري :

سل الركب عن ليل الثويّة : من سرى

أمامهم يحدو بهم وبهم حادي

وقد ذكرها المتنبي في شعره.

باب الثاء والهاء وما يليهما

ثَهْلانُ : بالفتح ، إن لم يكن مأخوذا من قولهم هو الضلال بن ثهلل ، يراد به الباطل ، فهو علم مرتجل :

وهو جبل ضخم بالعالية ؛ عن أبي عبيدة ؛ وقال أبو زياد : ومن مياه بني نمير العويند ببطن الكلاب ، والكلاب : واد يسلك بين ظهري ثهلان ، وثهلان : جبل في بلاد بني نمير ، طوله في الأرض مسيرة ليلتين ؛ وقال نصر : ثهلان جبل لبني نمير بن عامر بن صعصعة بناحية الشّريف ، به ماء ونخيل ، وقال محمد بن إدريس بن أبي حفصة : دمخ ثم العرج ثم يذبل ثم ثهلان كلّ هذه جبال بنجد ، وأنشد لنفسه :

ولقد دعانا الخثعميّ ، فلم يزل

يشوي لديه لنا العبيط وينشل

من لحم تامكة السّنام ، كأنها

بالسيف حين عدا عليها مجدل

ظلّ الطّهاة بلحمها ، وكأنهم

مستوثبون قطار نمل ينقل

وكأنّ دمخ كبيرة ، وكأنّما

ثهلان أصغر ريدتيه ويذبل

وكأنّ أصغر ما يدهدى منهما ،

في الجوّ ، أصغر ما لديه الجندل

وقال الفرزدق :

إنّ الذي سمك السماء بنى لنا

بيتا ، دعائمه أعزّ وأطول

بيتا زرارة محتب بفنائه ،

ومجاشع وأبو الفوارس نهشل

فادفع بكفك ، إن أردت بناءنا ،

ثهلان ذا الهضبات ، هل يتحلحل؟

وقال جحدر اللّصّ :

ذكرت هندا ، وما يغني تذكّرها ،

والقوم قد جاوزوا ثهلان والنّيرا

على ، قلائص ، قد أفنى عرائكها

تكليفناها عريضات الفلا زورا

ويقولون : جلس ثهلان يعنون ، والله أعلم ، أنه من جبال نجد.

ثَهْلَلُ : بالفتح ثم السكون ، وفتح اللام : قرية بالريف ؛ قال مزاحم العقيلي :

فليت ليالينا بطخفة فاللّوى

رجعن ، وأيّاما قصارا بمأسل

فإن تؤثري بالودّ مولاك لا أقل

أسأت ، وإن تستبدلي أتبدّل

عذاريّ لم يأكلن بطّيخ قرية ،

ولم يتجنّبن العرار بثهلل


ثَهْمَدُ : بالفتح ، مرتجل ؛ قال نصر : ثهمد جبل أحمر فارد من أخيلة الحمى ، حوله أبارق كثيرة في ديار غني ، وقال غيره : ثهمد موضع في ديار بني عامر ؛ قال طرفة بن العبد :

لخولة أطلال ببرقة ثهمد

وقال الأعشى :

هل تذكرين العهد يا ابنة مالك ،

أيّام نرتبع السّتار فثهمدا؟

باب الثاء والياء وما يليهما

ثَيْتَلُ : بالفتح ثم السكون ، وفتح التاء فوقها نقطتان ، ولام ، منقول عن الثّيتل وهو اسم جنس للوعل :

وهو ماء قرب النباج ، كانت به وقعة مشهورة ؛ قال الحفصي : ثيتل قرية ، وقال نصر : ثيتل بلد لبني حمّان ، وبين النباج وثيتل روحة للقاصد من البصرة ، وقال ربيعة بن ظريف بن تميم العنبري يذكر يوما أغار فيه قيس بن عاصم على بكر بن وائل فاستباحهم :

ولا يبعدنك الله قيس بن عاصم ،

فأنت لنا عزّ عزيز ومعقل

وأنت الذي صوّبت بكر بن وائل

وقد صوّبت فيها النّباج وثيتل

وقال قرّة بن قيس بن عاصم :

أنا ابن الذي شقّ المزاد ، وقد رأى

بثيتل أحياء اللهازم حضّرا

فصبّحهم بالجيش قيس بن عاصم

فلم يجدوا إلا الأسنّة مصدرا

سقاهم بها الذّيفان قيس بن عاصم ،

وكان إذا ما أورد الأمر أصدرا

الثَّيِّلَةُ : بالفتح ثم التشديد : اسم ماء بقطن ، وهو في الأصل نبت في الأراضي المخصبة يمتد على وجه الأرض ، وكلما امتدّ ضرب عرقا في الأرض ، وهو ذو عروق كثيرة.


ج

باب الجيم والألف وما يليهما

جَابَانُ : بالباء الموحدة : مخلاف باليمن. وجابان أيضا : من قرى واسط ثم من نهر جعفر ؛ منها كان أبو الغنائم محمد بن علي بن فارس بن علي بن عبد الله بن الحسين بن قاسم المعروف بابن المعلم الجاباني الهرثي الشاعر. وجابان : قريتان كان أكثرهما أملاكه ، سئل عن مولده فقال : ولدت في سابع عشر جمادى الآخرة سنة ٥٠١ ، ومات في رابع رجب سنة ٥٩٢ ، وكان جيد الشعر رقيقه ، سهل اللفظ دقيقه ، وقد ذكر الهرث وجابان في غير موضع من شعره ، ومنه :

وإذا ارتحلت ، فكل دار بعدنا

هرث ، وكل محلة جابان

الجَابُ : والجاب : الغليظ من حمر الوحش ، يهمز ولا يهمز ، سأل شيخ قديم من الأعراب قوما فقال لهم في سؤالات : فهل وجدتم الجاب؟ قالوا : نعم ، قال : أين؟ قالوا : على الشقيقة حيث تقطّعت ، قال : أخطأتم ليس ذلك الجاب تلك المريرة ، ولكن الجاب التربة المغرة الحمراء بين عقدة الجبل ، قاتل الله عنترة حيث يقول :

وكأنّ مهري ظلّ منغمسا

بين الشقيق وبين مغرة جابا

فوجد الجاب بعد ذلك حيث نعت.

الجَابَتَان : تثنية جابة ، وهي الدقيقة : موضع في شعر الأخطل :

وما خفت بين الحي ، حتى رأيتهم ،

لهم بأعالي الجابتين حمول

وقال أبو صخر الهذلي :

لمن الديار تلوح كالوشم

بالجابتين ، فروضة الحزم؟

جَابِر : رحا جابر : منسوبة إلى رجل اسمه جابر ؛ والرحا : قطعة من الأرض تستدير به وترفع ؛ قال :

زار الجبال بها من بعد ما رحلت

عنا رحا جابر والصبح قد جشرا

جَابْرَوَان : مدينة بأذربيجان قرب تبريز.

جَابَرْس : مدينة بأقصى المشرق ، يقول اليهود : إن أولاد موسى ، عليه السلام ، هربوا إما في حرب طالوت أو في حرب بخت نصّر ، فسيرهم الله وأنزلهم بهذا الموضع ، فلا يصل إليهم أحد ، وإنهم بقايا


المسلمين ، وإن الأرض طويت لهم وجعل الليل والنهار عليهم سواء حتى انتهوا إلى جابرس ، فهم سكانها ، ولا يحصي عددهم إلّا الله ، فإذا قصدهم أحد من اليهود قتلوه ، وقالوا : لم تصل إلينا حتى أفسدت سنتك ، فيستحلون دمه بذلك ، وذكر غير اليهود أنهم بقايا المؤمنين من ثمود ، وبجابلق بقايا المؤمنين من ولد عاد.

الجابريُّ : وضع باليمامة ، كأنه منسوب إلى جابر.

جابَقُ : بفتح الباء ، والقاف : أظنها من قرى طوس ؛ قال أبو القاسم الحافظ الدمشقي : محمد بن محمد بن الحسن بن أبي الحسن أبو عبد الله الطوسي المقري من أهل قرية جابق ، سكن دمشق وحدّث بها عن أبي علي الأهوازي ، روى عنه عمر الدهستاني وطاهر بن بركات الخشوعي وعبد الله بن أحمد بن عمر السمرقندي.

جابَلْقُ : الباء الموحدة المفتوحة ، وسكون اللام ؛ روى أبو روح عن الضحاك عن ابن عباس أن جابلق مدينة بأقصى المغرب ، وأهلها من ولد عاد ، وأهل جابرس من ولد ثمود ، ففي كل واحدة منهما بقايا ولد موسى ، عليه السلام ، كل واحدة من الأمّتين ، ولما بايع الحسن بن علي بن أبي طالب معاوية قال عمرو ابن العاص لمعاوية : قد اجتمع أهل الشام والعراق فلو أمرت الحسن أن يخطب فلعلّه يحصر فيسقط من أعين الناس ، فقال : يا ابن أخي لو صعدت وخطبت وأخبرت الناس بالصلح ، قال : فصعد المنبر وقال بعد حمد الله والصلاة على رسوله ، صلى الله عليه وسلم : أيها الناس إنكم لو نظرتم ما بين جابرس وجابلق ، وفي رواية جابلص ، ما وجدتم ابن نبيّ غيري وغير أخي ، وإني رأيت أن أصلح بين أمة محمد ، صلى الله عليه وسلم ، وكنت أحقهم بذلك ، ألا إنا بايعنا معاوية ، وجعل يقول : وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين ، فجعل معاوية يقول : انزل انزل.

وجابلق أيضا : رستاق بأصبهان ، له ذكر في التواريخ في حرب كانت بين قحطبة وداود بن عمر ابن هبيرة لقتال عبد الله بن معاوية بن عبد الله ابن جعفر بن أبي طالب ، وكان قد غلب على فارس فنفاه منها ، وغلب على فارس وأصبهان حتى قدم قحطبة بن شبيب في جيش من أهل خراسان فاقتتلوا فقتل عامر بن ضبارة لسبع بقين من رجب سنة ١٣١. وجابلق : من رستاق أصبهان.

الجابيَةُ : بكسر الباء ، وياء مخففة ؛ وأصله في اللغة الحوض الذي يجبى فيه الماء للإبل ؛ قال الأعشى :

كجابية الشيخ العراقي تفهق

فهو على ذا منقول ، وهي قرية من أعمال دمشق ثم من عمل الجيدور من ناحية الجولان قرب مرج الصفّر في شمالي حوران ، إذا وقف الإنسان في الصنمين واستقبل الشمال ظهرت له ، وتظهر من نوى أيضا ، وبالقرب منها تلّ يسمى تلّ الجابية ، فيه حيّات صغار نحو الشبر ، عظيمة النكاية ، يسمّونها أمّ الصّويت ، يعنون أنها إذا نهشت إنسانا صوّت صوتا صغيرا ثم يموت لوقته ؛ وفي هذا الموضع خطب عمر ابن الخطاب ، رضي الله عنه ، خطبته المشهورة ؛ وباب الجابية بدمشق منسوب إلى هذا الموضع ، ويقال لها جابية الجولان أيضا ؛ قال الجواس بن القعطل :

أعبد المليك ما شكرت بلاءنا ،

فكل في رخاء الأمن ما أنت آكل

بجابية الجولان ، لو لا ابن بحدل

هلكت ، ولم ينطق لقومك قائل


وكنت إذا أشرفت في رأس رامة

تضاءلت ، إنّ الخائف المتضائل

فلما علوت الشام في رأس باذخ

من العزّ لا يسطيعه المتناول

نفحت لنا سجل العداوة معرضا ،

كأنك عما يحدث الدهر غافل

فلو طاوعوني يوم بطنان أسلمت

لقيس فروج منكم ومقاتل

وقال حسان بن ثابت الأنصاري :

منعنا رسول الله ، إذ حلّ وسطنا ،

على أنف راض من معدّ وراغم

منعناه ، لما حلّ بين بيوتنا ،

بأسيافنا من كلّ باغ وظالم

ببيت حريد عزّه وثراؤه ،

بجابية الجولان بين الأعاجم

هل المجد إلا السّودد العود والندى ،

وجاه الملوك واحتمال العظائم؟

وروي عن ابن عباس ، رضي الله عنه ، أنه قال : أرواح المؤمنين بالجابية من أرض الشام وأرواح الكفار في برهوت من أرض حضرموت.

جاجَرْمُ : بعد الألف جيم أخرى مفتوحة ، وراء ساكنة ، وميم : بلدة لها كورة واقعة بين نيسابور وجوين وجرجان ، تشتمل على قرى كثيرة ، وبلد حسن ، وبعض قراها في الجبل المشرف على آزادوار قصبة جوين ، رأيت بعض قراها ؛ وينسب إليها جماعة من أهل العلم في كل فنّ ، منهم : أبو القاسم عبد العزيز بن عمر بن محمد الجاجرمي ، سمع بنيسابور أبا سعد محمد بن الفضل الصّيرفي ، سمع منه أبو محمد عبد العزيز بن أبي بكر النّخشبي ، ومات سنة ٤٤٠ ؛ وإبراهيم بن محمد بن أحمد بن إسماعيل أبو إسحاق الجاجرمي ، ساكن نيسابور ، وكان فقيها ورعا منزويا في الجامع الجديد يصلي إماما في الصلاة ، سمع أبا الحسن علي بن أحمد بن المديني وأبا سعيد عبد الواحد بن أبي القاسم القشيري سنة ٥٤٤ ؛ ذكره في التحبير.

جاجَنُ : آخره نون : قرية من قرى بخارى ؛ ينسب إليها الفقيه أبو نصر أحمد بن محمد بن الحارث ، سمع الحديث ببخارى والعراق والحجاز ، روى عنه الفقيه طاهر الحريثي.

جَادُوا : مدينة كبيرة في جبل نفوسة من ناحية إفريقية ، لها أسواق ، وبها يهود كثيرة.

جَاديَةُ : الياء تحتها نقطتان خفيفة : قرية من عمل البلقاء من أرض الشام ؛ عن أبي سعيد الضرير ، وإليها ينسب الجاديّ ، وهو الزعفران ؛ قال :

ويشرق جاديّ بهنّ مديف

أي مدوف.

جَاذَرُ : بفتح الذال المعجمة ، والراء مهملة : من قرى واسط ؛ ينسب إليها أبو الحسن علي بن الحسن بن علي ابن معاذ يعرف بالجاذري ، روى عنه أبو غالب بن بشران ، روى عن محمد بن عثمان بن سمعان تاريخ بحشل.

الجارُ : بتخفيف الراء ، وهو الذي تجيره أن يضام : مدينة على ساحل بحر القلزم ، بينها وبين المدينة يوم وليلة ، وبينها وبين أيلة نحو من عشر مراحل ، وإلى ساحل الجحفة نحو ثلاث مراحل ، وهي في الإقليم الثاني ، طولها من جهة المغرب أربع وستون درجة وعشرون دقيقة ، وعرضها أربع وعشرون درجة ، وهي فرضة ترفأ إليها السفن من أرض


الحبشة ومصر وعدن والصين وسائر بلاد الهند ، ولها منبر ، وهي آهلة ، وشرب أهلها من البحيرة ، وهي عين يليل ، وبالجار قصور كثيرة ، ونصف الجار في جزيرة من البحر ونصفها على الساحل ، وبحذاء الجار جزيرة في البحر تكون ميلا في ميل ، لا يعبر إليها إلا بالسفن ، وهي مرسى الحبشة خاصة ، يقال لها قراف ، وسكانها تجار كنحو أهل الجار يؤتون بالماء من فرسخين ؛ ذكر ذلك كله أبو الأشعث الكندي عن عرّام بن الأصبغ السلمي ، وقد سمي ذلك البحر كله الجار ، وهو من جدّة إلى قرب مدينة القلزم ؛ قال بعض الأعراب :

وليلتنا بالجار ، والعيس بالفلا

معلّقة أعضادها بالجنائب

سمعت كلاما من ورا سجف محمل ،

كما طلّ مزن صيّب من سحائب

وقائلة لاح الصباح ونوره ،

عسى الركب أن يحظى بسير الركائب

عسى يدرك التعريف والموقف الذي

شغلنا به عن ذكر فقد الحبائب

وينسب إلى الجار جماعة من المحدّثين ، منهم : سعد الجاري وفي حديثه اختلاف ، وهو سعد بن نوفل مولى عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، كان استعمله على الجار ، روى عنه ابنه عبد الله ، قال أبو عبد الله : أراه الذي روى أبو أسامة عن هشام بن عروة عن سعد مولى عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، أوصى أسيد بن حضير إلى عمر أراه والد عبد الرحمن بن عمر ، وروى أيضا العقدي عن عبد الملك بن حسن أنه سمع عمرو بن سعد الجاري مولى عمر بن الخطاب ؛ وعبد الله بن سعد الجاري ، سمع أبا هريرة ، روى عنه عبد الملك بن حسن ؛ قال البخاري : إن لم يكن أخا عمرو بن سعد فلا أدري ، وعبد الرحمن بن سعد الجاري ، كان بالكوفة ، سمع ابن غرّة ، روى عنه منصور وحماد بن أبي سليمان ؛ قاله وكيع ، قال البخاري : أحسبه أخا عمرو ؛ ويحيى بن محمد الجاري : قال البخاري : يتكلم فيه ؛ وعمر بن راشد الجاري ، روى عن ابن أبي ذئب ، روى عنه يعقوب ابن سفيان النّسوي ، وقال أحمد بن صالح في تاريخه : يحيى بن أحمد المديني يقال له الجاري من موالي بني الدّؤل من الفرس ، وذكر من فضله ، وهو من أهل المدينة ، كان بالجار زمانا يتّجر ثم سار إلى المدينة ، فقال : لقّبوني بالجاري ؛ وعيسى بن عبد الرحمن الجاري ضعيف ؛ وعبد الملك بن الحسن الجاري الأحول مولى مروان بن الحكم ، يروي المراسيل ، سمع عمر بن سعد الجاري ، روى عنه أبو عامر العقدي. والجار أيضا : من قرى أصبهان إلى جانب لاذان ، طيّبة ذات بساتين جمّة ، كتب بها الحافظ أبو عبد الله محمد ابن النجّار البغدادي صديقنا وأفادنيها ، وعامتهم يقولون كار بالكاف ، والمحصلون منهم يكتبونه بالجيم ؛ منها أبو الطيّب عبد الجبار بن الفضل بن محمد ابن أحمد الجاري ، روى عن أبي عبد الله محمد بن إبراهيم الجرجاني ؛ قاله يحيى بن مندة ؛ وأبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن علي بن عيسى الجاري ، حدث عن أبي بكر العنّاب ، كتب عنه علي بن سعد البقّال ؛ وأحمد بن محمد بن علي بن مهران المعروف بالجاري المديني ، من مدينة أصبهان ، سمع محمد بن عبد الله ابن أبي بكر بن زيد وطبقته ، روى عنه جماعة من أهل بلده ؛ وأخوه أبو القاسم علي بن محمد بن علي بن مهران ، روى عنه اللفتواني ؛ والذاكر أبو بكر ذاكر بن محمد بن عمر بن سهل الجاري البراءاني ،


وهما من قرى أصبهان ، مات سنة ٥٥١ ، وكان سمع أبا مطيع الصّحّاف ؛ وأم عمرو سعيدة بنت بكران بن محمد بن أحمد الجاري ، سمعت أبا مطيع البصري أيضا ؛ وأبو الفضل جعفر بن محمد بن جعفر الجاري ، سمع أبا مطيع أيضا ؛ والجار : من قرى أصبهان ، ولعلّ بعض المذكورين قيل منها. والجار أيضا : قرية بالبحرين لبني عبد القيس ثم لبني عامر منهم. والجار أيضا : جبل من أعمال شرقيّ الموصل.

جارف : بالراء : موضع ، وقيل : هو ساحل تهامة.

جَازَانُ : بالزاي : موضع في طريق حاجّ صنعاء.

جَازِرُ : بتقديم الزاي المكسورة على الراء ، من جزر الماء يجزر فهو جازر إذا انصبّ : قرية من نواحي النهروان من أعمال بغداد قرب المدائن ، وهي قصبة طسّوج الجازر ؛ منها أبو علي محمد بن الحسين بن علي بن بكران ، روى عن القاضي أبي الفرج المعافى ابن زكرياء النهرواني كتاب الجليس والأنيس ، روى عنه أبو نصر بن ماكولا وأبو بكر الخطيب ، ومولده سنة ٣٦٤ ، ومات سنة ٤٥٢ ؛ قال عبيد الله بن الحرّ الجعفي :

أقول لأصحابي بأكناف جازر

وراذانها : هل تأملون رجوعا؟

فقال امرؤ : هيهات لست براجع

ولم تك للتقنيط منه بديعا

فعمّمته سيفي ، وذلك حالتي

لمن لم أجده سامعا ومطيعا

والجازر أيضا : من قبليّات حلب من قرى السهول.

جأزُ : ثانيه همزة ساكنة ؛ يقال جئز بالماء جأزا إذا غصّ به : هو جبل شامخ في ديار بلقين بن جسر ، وهو أصمّ طويل لا تكاد العين تبلغ قلّته.

جَاسُ : السين مهملة ، كأنه مرتجل : موضع ؛ قال طرفة :

أتعرف رسم الدار قفرا منازله ،

كجفن اليماني زخرف الوشي ماثله

بتثليث أو نجران أو حيث يلتقي ،

من النجد في قيعان جاس ، مسايله

ديار سليمى ، إذ تصيدك بالمنى ،

وإذ حبل سلمى منك دان تواصله

جاسِمٌ : بالسين المهملة ؛ كأنه من تجسّمت الأمر إذا وكبت أجسمه أي معظمة ، أو تجسّمت الأرض إذا أخذت نحوها تريدها فأنا جاسم : وهو اسم قرية ، بينها وبين دمشق ثمانية فراسخ ، على يمين الطريق الأعظم إلى طبرية ، انتقل إليها جاسم بن إرم بن سام بن نوح ، عليه السلام ، أيام تبلبلت الألسن ببابل فسميت به ، وقيل : إن طسما وعمليق وجاسما وأميم بنو يلمع بن عامر بن أشيخا بن لوذان بن سام ابن نوح ، عليه السلام ؛ قال حسان بن ثابت :

فقفا جاسم فأودية الصف

ر مغنى قنابل وهجان

وقد نسب إليها عدي بن الرقاع العاملي الطائي فقال :

لو لا الحياء ، وأنّ رأسي قد عسا

فيه المشيب ، لزرت أمّ القاسم

وكأنها ، بين النساء ، أعارها

عينيه أحور من جآذر جاسم

وسنان أقصده النّعاس ، فرنّقت

في عينه سنة وليس بنائم

ومنها كان أبو تمّام حبيب بن أوس الطائي ، ومات فيما ذكره نفطويه في سنة ٢٢٨ ، وقال ابن أبي تمام:ولد أبي سنة ١٨٨ ، ومات سنة ٢٣١ بالموصل ، وكان


الحسن بن وهب قد عني بن حتى ولاه بريدها ، أقام بها أقلّ من سنتين ثم مات ، ودفن بها ، وقيل مات في أول سنة ٢٣٢ ؛ ومنها أيضا نعمة الله بن هبة الله بن محمد أبو الخير الجاسمي الفقيه ، قال أبو القاسم : هو من أهل قرية جاسم ، سمع بدمشق أبا الحسن عليّ ابن محمد بن إبراهيم الحنّائي وأبا الحسين سعيد بن عبد الله النّوائي من قرية نوى ، حكى عنه أبو الحسين أحمد بن عبد الواحد بن البري وأبو الحسن عليّ بن محمد بن إبراهيم الحنّائي.

جَاسَك : بفتح السين المهملة ، وآخره كاف : جزيرة كبيرة بين جزيرة قيس ، هي المعروفة بكيش ، وعمان قبالة مدينة هرمز ، بينها وبين قيس ثلاثة أيام ، وفيها مساكن وعمارات ، يسكنها جند ملك جزيرة قيس ، وهم رجال أجلاد أكفاء لهم صبر وخبرة بالحرب في البحر وعلاج للسفن والمراكب ليس لغيرهم ، وسمعت غير واحد من جزيرة قيس يقول : أهدي إلى بعض الملوك جوار من الهند في مراكب فرفأت تلك المراكب إلى هذه الجزيرة ، فخرجت الجواري يتفسّحن فاختطفهن الجنّ وافترشهنّ ، فولدن هؤلاء الذين بها ، يقولون هذا لما يرون فيهم من الجلد الذي يعجز عنه غيرهم ، ولقد حدّثت أن الرجل منهم يسبح في البحر أياما وأنه يجالد بالسيف وهو يسبح مجالدة من هو على الأرض.

جَاكَرْدِيزه : بفتح الكاف ، وسكون الراء ، وكسر الدال المهملة ، وياء ساكنة ، وزاي : محلة كبيرة بسمرقند ؛ وقد نسب إليها أبو الفضل محمد بن إسحاق ابن إبراهيم بن عبد الله الجاكرديزي السمرقندي ، رحل في طلب الحديث إلى العراق والحجاز وديار مصر ، وروى عن جعفر بن محمد الفرياني ، روى عنه أبو جعفر محمد بن فضلان بن سويد وغيره.

جاكَه : جيمه عجمية غير خالصة بين الجيم والشين ، وبعد الألف كاف : ناحية من بلاد الأهواز.

جَالِصُهْ : بضم الصاد المهملة ، وتسكين الهاء ، كذا يتلفظ بها : وهي مدينة في وسط جزيرة صقلية.

جَالَطَةُ : بفتح اللام : من قرى قنبانية قرطبة ، قال ابن بشكوال : قنبانية قرطبة الأندلس ؛ ينسب إليها محمد بن القاسم بن محمد الأموي القرطبي يكنى أبا عبد الله ويعرف بابن الجالطي ، سمع من أبي بكر محمد ابن مغرم القرشي ، وله رحلة سمع فيها من غير واحد ، وله مع محمد بن أبي زيد قصة مذكورة في بعض التواريخ ، وكان بصيرا بالفقه والأدب ، وولي الصلاة والخطبة بجامع مدينة الزّهراء ، وقتلته البرابرة يوم دخلوا قرطبة في سنة ٤٠٣.

جَالِقَانُ : بالقاف : مدينة من نواحي سجستان ، وقيل بل من نواحي بست ، ذات أسواق عامرة وخيرات ظاهرة.

الجَالُ : باللام : موضع بأذربيجان ؛ والجال ممال : قرية كبيرة تحت المدائن نحو أربعة فراسخ ، وهي التي سمّاها ابن الحجاج الكال فقال :

لعن الله ليلتي بالكال!

إنها ليلة تعرّ الليالي

والعامة تقول الكيل ، كأنهم يقصدون الإمالة ؛ وقد نسب إليها بعض من ذكرناه في الكاف.

الجالية : قرية من قرى الأندلس.

الجامِدَةُ : بكسر الميم : قرية كبيرة جامعة من أعمال واسط بينها وبين البصرة ، رأيتها غير مرّة ؛ منها أبو يعلى محمد بن عليّ بن الحسين الجامدي الواسطي يعرف بابن القاري ، حدث عن سعيد بن أبي سعيد


ابن عبد العزيز أبي سعد الجامدي ثم القيلوي ، سمع أبا الفتح عبد الملك بن أبي القاسم الكروخي ومحمد بن ناصر السلامي ، وكان شيخا صالحا ، توفي سنة ٦٠٣ ، وكان أبوه من الزّهّاد الأعيان.

الجامعُ : من قرى الغوطة ، سكنها قوم من بني أمية ؛ منهم الوليد بن تمام بن الوليد بن عبد الملك بن مروان ابن الحكم ؛ قال ابن أبي العجائز : كان يسكن الجامع من قرى المرج ، وذكر غيره ممن سكنها منهم ؛ وجامع الجار فرضة لأهل المدينة كجدّة لأهل مكة وأظنها الجار بنفسه المقدم ذكره.

الجامِعَين : كذا يقولونه بلفظ المجرور المثنى : هو حلّة بني مزيد التي بأرض بابل على الفرات بين بغداد والكوفة ، وهي الآن مدينة كبيرة آهلة ، قد ذكرت تاريخ عمارتها وكيفيتها في الحلّة ، وقد أخرجت خلقا كثيرا من أهل العلم والأدب ينسبون الحلّيّ ؛ وقال زائدة بن نعمة بن نعيم المعروف بالمحفحف القشيري يمدح دبيسا :

وقد حكمت كلّ الملاحم أنه ،

على الجانب السّعديّ ، قابلك السّعد

وقلنا بأرض الجامعين وبابل ،

وقد أفسدت فيها الأعاريب والكرد

ألا فتنحّوا عن دبيس وداره ،

فلا بدّ من أن يظهر الملك الجعد

جَاوَرْسانُ : بفتح الواو ، وسكون الراء ، والسين مهملة : محلّة بهمذان أو قرية ؛ قال شيرويه بن شهردار : حسين بن جعفر بن عبد الوهاب الكرخي الصوفي أبو المعالي المقيم بجاورسان ، روى عن ابن عبدان وأبي سعد بن زيرك وأبي بكر الزاذقاني وأبي ثابت بندار بن موسى بن يعقوب الأبهري ، سمعت منه وكان ثقة صدوقا ، وكان شيخ الصوفية في الجبل ومقدّمهم ، ودفن بالخانجاه.

جَاوَرْسَة : قرية على ثلاثة فراسخ من مرو ، بها قبر عبد الله بن بريدة بن الخصيب ؛ منها سالم الجاورسي مولى عبد الله بن بريدة.

الجاهليُّ : ضدّ العاقلي : من حصون اليمن من مخلاف مشرف جهران.

الجايِرِيَّة : كذا هو مضبوط فيما كتبت عن أبي إسحاق إبراهيم بن عبد الله النّجيرمي ، أنشدتني أمّ الحسن لابن لها يقال له الحسن :

ألا يا حمام الجايرية : هجت لي

سقاما وزفرات يضيق بها صدري

فقالت حمام الجايرية : ما أرى

عليّ ، إذا ما متّ ، يا ربّ من وزر

جَائِفُ : جائف الجبل ، وجمعه جيفان : مواضع باليمامة ، منها جائف الضّوأة وجائف السقطة وجائف الرّحيل وجائف الوشل وجائف الشجر ، كلها لبني امرئ القيس بن زيد مناة بن تميم ؛ عن الحفصي.

باب الجيم والباء وما يليهما

جَبَأٌ : بالتحريك بوزن جبل ، وما أراه إلا مرتجلا إن لم يكن منقولا عن الفعل الماضي ، من قولهم جبأ عليه الأسود إذا خرج عليه حيّة من جحره : وهو جبل باليمن قرب الجند ، وقيل هو قرية باليمن ، وقال ابن الحائك : جبأ مدينة أو قرية للمعافر ؛ كذا في كتابه ، وهي لآل الكرندي من بني ثمامة آل حمير الأصغر ، وهي في نجوة من جبل صبر وجبل ذخر ، وطريقها في وادي الضباب ؛ ينسب إليها شعيب الجبائي من أقران طاووس ، حدث عنه


سلمة بن وهرام ومحمد بن إسحاق ؛ وقال العمراني :

جباء ، ممدود ، جبل باليمن ، والنسبة على ذا جبائي ، وقد روي بالقصر ، والأول أكثر.

جباً : مقصور : شعبة من وادي الجيّ عند الرّويثة بين مكة والمدينة ؛ وقال الشنفري :

خرجنا من الوادي الذي بين مشعل

وبين الجبا ، هيهات أنسأت سربتي!

وقال تأبط شرّا يرثي الشنفري :

على الشنفري ساري الغمام ورائح

غزير الكلى ، أو صيّب الماء باكر

عليك جزاء مثل يومك بالجبا ،

وقد رعفت منك السيوف البواتر

ويومك يوم العيكتين ، وعطفة

عطفت ، وقد مسّ القلوب الحناجر

تحاول دفع الموت فيهم ، كأنهم

لشوكتك الحذّا ضئين عواثر

وفرش الجبا في شعر كثيّر قال :

أهاجك برق آخر الليل واصب ،

تضمّنه فرش الجبا فالمسارب؟

جُبِّى : بالضم ثم التشديد ، والقصر : بلد أو كورة من عمل خوزستان ، ومن الناس من جعل عبّادان من هذه الكورة ، وهي في طرف من البصرة والأهواز ، حتى جعل من لا خبرة له جبّى من أعمال البصرة ، وليس الأمر كذلك ؛ ومن جبّى هذه أبو عليّ محمد بن عبد الوهاب الجبّائي المتكلم المعتزلي صاحب التصانيف ، مات سنة ٣٠٣ ، ومولده سنة ٢٣٥ ؛ وابنه أبو هاشم عبد السلام ، كان كأبيه في علم الكلام وفضل عليه بعلم الأدب ، فإنه كان إماما في العربية ، مات سنة ٣٢١ ببغداد ؛ وجبّى في الأصل أعجمي ، وكان القياس أن ينسب إليها جبّوي فنسبوا إليها جبّائي على غير قياس ، مثل نسبتهم إلى الممدود وليس في كلام العجم ممدود. وجبّى أيضا : قرية من أعمال النهروان ؛ ينسب إليها أبو محمد دعوان بن عليّ بن حمّاد الجبّائي المقري الضرير ، روى عن أبي الخطّاب ابن البطر وأبي عبد الله النعالي. وجبّى أيضا : قرية قرب هيت ؛ قال أبو عبد الله الدّبيثي : منها أبو عبد الله محمد بن أبي العزّ بن جميل ، ولد بقرية تعرف بجبّى من نواحي هيت ، وقدم بغداد صبيّا واستوطنها ، وقرأ بها القرآن المجيد والفرائض والأدب والحساب ، وسمع الحديث من جماعة ، منهم : أبو الفرج بن كليب وطبقته ، وقال الشعر وأجاده ، وخدم في عدّة خدم ديوانية ، ثم تولّى صدريّة المخزن المعمور بعد عزل أبي الفتوح بن عضد الدين ابن رئيس الرؤساء في عاشر ذي القعدة سنة ٦٠٥ مضافا إلى أعمال أخر ، ثم عزل في الثالث والعشرين من شهر ربيع الأول سنة ٦١١ ، وتوفي في النصف من شعبان سنة ٦١٦.

الجُبابَاتُ : بالضم ، وبعد الألف الأولى باء أخرى ، وآخره تاء فوقها نقطتان : موضع قريب من ذي قار ، كانت به إحدى الوقائع بين بكر بن وائل والفرس ؛ قال الأغلب :

أما الجبابات فقد غشينا

بفاقرات تحت فاقرينا ،

يتركن من ناهبنه رهينا

وقال أبو أحمد : وهو أيضا يوم الجبابة ، موضع جبّ في ديار أود بن صعب بن سعد العشيرة ، كانت فيه وقعة بينهم وبين الأزد. والجبابات أيضا. ماء بنجد قرب اليمامة.


الجُبَابُ : بالضم ؛ ذكر أبو الندي أنه في ديار بني سعد ابن زيد مناة بن تميم ، وهو منقول عن الجباب ، وهو شيء يعلو ألبان الإبل كالزّبد ولا زبد لها.

جَبَا البِرَاقِ : الفتح ؛ والجبا في كلام العرب تراب البئر الذي يكون حولها ، وبراق جمع برقة ، وقد تقدّم ذكره : وهو موضع بالجزيرة قتل فيه عمير ابن الحباب السلمي. وجبا براق أيضا : موضع بالشام ؛ عن أبي عبيدة ذكرهما معا نصر.

الجُبابَةُ : بالضم ، وقد تقدّم اشتقاقه في الجباب : وهو موضع عند ذي قار كان به يوم الجبابات ، وقد تقدّم ؛ قال أبو زياد : الجبابة من مياه أبي بكر بن كلاب.

الجَبابَيْن : بالفتح ، وبعد الألف باء أخرى ، وياء ساكنة ، ونون : من قرى دجيل من أعمال بغداد ؛ منها أحمد بن أبي غالب بن سمجون الأبرودي أبو العباس المقري يعرف بالجبابيني ، قرأ القرآن على الشيخ أبي محمد عبد الله بن عليّ سبط الشيخ أبي منصور الخيّاط ، وسمع منه ومن سعد الخير بن محمد الأنصاري وغيرهما ، وتفقّه على مذهب أحمد بن كروّس وخلفه بعد وفاته على مجلسه بدرب القيّار ، وتوفي شابّا في عاشر رجب سنة ٥٥٤ عن نيف وأربعين سنة.

الجَبَاجِبُ : جمع جبجبة ؛ وهي الكرش يجعل فيها الخليع أو تذاب الإهالة فتحقن فيها ، والجبجبة أيضا : زنبيل من جلود ينقل فيه التّراب ، والخليع : لحم يطبخ بالتّوابل ؛ وهي جبال بمكة ؛ قال الزبير : الجباجب والأخاشب جبال بمكة ، يقال : ما بين جبجبيها وأخشبيها أكرم من فلان ؛ قال كثيّر :

إذا النصر وافتها على الخيل مالك

وعبد مناف ، والتقوا بالجباجب

وقيل : الجباجب أسواق بمكة ، وقال العمراني :

الجباجب شجر معروف بمنّى ، سمّي بذلك لأنه كان يلقى به الجباجب ، وهي الكروش ، وقال نصر : الجباجب مجمع الناس من منى ، وقيل : الجباجب الأسواق.

الجُبَاجِبَةُ : بالضم ، كأنه مرتجل : ماءة في ديار بني كلاب لربيعة بن قرط ، عليها نخل ، وليس على شيء من مياههم نخل غيرها وغير الجرولة.

جَبَاخانُ : بالفتح ، وبعد الألف خاء معجمة ، وآخره نون ؛ قال أبو سعد : قرية على باب بلخ ؛ خرج منها جماعة ، منهم : أبو عبد الله محمد بن عليّ بن الحسين ابن الفرج الجباخاني البلخي الحافظ ، رحل إلى خراسان والجبال والعراق والشام ، وكان حافظا ، تكلّموا فيه ، حدث عن أبي يعلى الموصلي وخلق كثير ، روى عنه جماعة ، وتوفي ببلخ في شهر ربيع الأول سنة ٣٥٧ ، وقيل سنة ٣٥٦ ، وكان يروي المناكير.

جُبَارُ : بالضم ؛ وهو في كلام العرب الهدر ، ذهب دمه جبارا كما تقول هدرا : وهو ماء لبني حميس ابن عامر بن ثعلبة بن مودعة بن جهينة بن زيد بن ليث بن سود بن أسلم بن الحاف بن قضاعة بين المدينة وفيد ؛ قال :

ألا من مبلغ أسماء عني ،

إذا حلّت بيمن أو جبار

وقال ابن ميّادة :

نظرنا فهاجتنا على الشوق والهوى

لزينب نار ، أوقدت بجبار

كأنّ سناها لاح لي من خصاصة

على غير قصد ، والمطيّ سوار


حميسيّة بالرّملتين محلها ،

تمرّ بحلف بيننا وجوار

وفي كتاب سيف بخط ابن الخاضبة في حديث العنسي : جار غير مضبب ، وفي الحاشية قال أبو بكر بن سيف : الصواب في جار جبار وفي غير عثر ، بالثاء المثلثة ، وهو بلد باليمن.

جَبَّارُ : بالفتح ، وتشديد ثانيه : من قرى اليمن.

الجبالُ : جمع جبل : اسم علم للبلاد المعروفة اليوم باصطلاح العجم بالعراق ، وهي ما بين أصبهان إلى زنجان وقزوين وهمذان والدينور وقرميسين والرّيّ وما بين ذلك من البلاد الجليلة والكور العظيمة ، وتسمية العجم له بالعراق غلط لا أعرف سببه ، وهو اصطلاح محدث لا يعرف في القديم ، وقد حدّدنا العراق في موضعه وذكرنا اختلاف العلماء فيه ، فلم يرد لأحدهم فيه قول مشهور ولا شاذّ ولا يحتمله الاشتقاق ، وقد ظننت أن السبب فيه أن ملوك السلجوقية كان أحدهم إذا ملك العراق دخلت هذه البلاد في ملكه فكانوا يسمّونه سلطان العراق ، وهذا أكثر مقامه بالجبال ، فظنّوا أن العراق الذي منسوب إليه ملكه ، هو الجبال ، والله أعلم ، ألا ترى أبا دلف العجلي كيف فرّق بينهما فقال :

وإني امرؤ كسرويّ الفعال ،

أصيف الجبال وأشتو العراقا

وألبس للحرب أثوابها ،

وأعتنق الدارعين اعتناقا

وإنما اختار أبو دلف ذلك ليسلم في الصيف من سمائم العراق وذبابه وهوامّه وحشراته وسخونة مائه وهوائه ، واختار أن يشتو بالعراق ليسلم من زمهرير الجبال وكثرة ثلوجه ؛ وبلغ هذان البيتان إلى عبد الله ابن طاهر وكان سيء الرأي في أبي دلف فقال :

ألم تر أنّا جلبنا الخيول ،

إلى أرض بابل ، قبّا عتاقا

فما زلن يسعفن بالدارعين

طورا حزونا ، وطورا رقاقا

إلى أن ورين بأذنابها

قلوب رجال أرادوا النفاقا

وأنت أبا دلف ناعم ،

تصيف الجبال وتشتو العراقا

فلما وقف أبو دلف على هذه الأبيات آلى على نفسه لا يصيف إلا بالعراق ولا يشتو إلا بالجبال ، وقال:

ألم ترني ، حين حال الزمان ،

أصيف العراق وأشتو الجبالا

سموم المصيف وبرد الشتاء ،

حنانيك حالا أزالتك حالا

فصبرا على حدث النائبات ،

فإن الخطوب تذلّ الرجالا

جَبَانَا : بالفتح ، وبعد الألف نون : ناحية بالسواد بين الأنبار وبغداد.

جِبَّانُ : بالكسر ثم التشديد : ناحية من أعمال الأهواز ، فارسيّ معرب ؛ عن نصر.

جَبَّانَةُ : بالفتح ثم التشديد ؛ والجبّان في الأصل الصحراء ، وأهل الكوفة يسمّون المقابر جبّانة كما يسميها أهل البصرة المقبرة ، وبالكوفة محالّ تسمّى بهذا الاسم وتضاف إلى القبائل ، منها : جبانة كندة مشهورة ، وجبانة السبيع ، كان بها يوم للمختار بن عبيد ، وجبّانة ميمون منسوبة إلى أبي بشير ميمون مولى محمد بن علي بن عبد الله بن عباس صاحب الطاقات


ببغداد بالقرب من باب الشام ، وجبّانة عرزم نسب إليها بعض أهل العلم عرزميّا ، وجبانة سالم تنسب إلى سالم بن عمارة بن عبد الحارث بن ملكان بن نهار ابن مرّة بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن ، وغير هذه وجميعها بالكوفة.

الجبَاةُ : بالفتح ، وآخره تاء مثناة ، والجبا في اللغة ما حول البئر ، والجباة واحده أو تأنيثه ، ويحتمل أن يكون مخفّف الهمزة ، من قولهم : جبأ عن الشيء إذا توارى عنه ، وأجبأته أنا إذا واريته ؛ والأكمة ، والموضع الذي يختفى فيه : جبأة ، ثم خفّفت همزته لكثرة الاستعمال ، والخراسانيّون يروونه الجباه ، بكسر الجيم وآخره هاء محضة ، كأنه جمع جبهة : وهو ماء بالشام بين حلب وتدمر ، أوقع سيف الدولة بالعرب فيه وقعة مشهورة ، فقال المتنبي :

ومرّوا بالجباة يضمّ فيها ،

كلا الجيشين من نقع ، إزار

جُبَّاةُ : بالضم ، والتشديد ، قالوا : موضع من كور فارس ، وأخاف أن تكون جبّى التي تقدم ذكرها ونسبنا إليها الجبّائي.

الجِبَايَةُ : بكسر الجيم ، وبعد الألف ياء ، وهاء ، من جبيت الشيء إذا جمعته من جهات متفرّقة ، ويوم الجباية من أيام العرب ، ولا أدري أهو اسم موضع أو سمّي بجباية كانت فيه.

الجُبُّ : واحد الجباب ، وهي البئر التي لم تطو : مدينة قرب بلاد الزنج في أرض بربرة ، يجلب منها الزرافة ، وجلودها يتخذها أهل فارس نعالا. والجبّ أيضا : أحد محاضر طيء بسلمى أحد جبليهم وبه نخل ومياه. والجبّ أيضا : ماء في ديار بني عامر. والجبّ أيضا : ماء معروف لبني ضبينة بن جعدة بن غني بن يعصر ؛ قال لبيد :

أبني كلاب كيف ينفى جعفر ،

وبنو ضبينة حاضرو الأجباب؟

قتلوا ابن عروة ثم لطّوا دونه ،

حتى يحاكمهم إلى جوّاب

والجب أيضا ، ذكر الأصمعي في كتاب جزيرة العرب مياه جعفر بن كلاب بنجد قال : ثم الجب بيار في وسط واد ، وهو الذي يقال له جب يوسف ، عليه السلام ؛ كذا قال. والجب أيضا : داخل في بلاد الضّباب وبلاد عبس ثم بلاد أبي بكر. وجب عميرة : ينسب إلى عميرة بن تميم بن جزء التجيبي ، قريب من القاهرة ، يبرز إليه الحاج والعساكر وجب الكلب : من قرى حلب ، حدثني مالك هذه القرية ابن الإسكافي ، وسألته عما يحكى عن هذا الجب وأن الذي نهشه الكلب الكلب إذا شرب منه برأ فقال : هذا صحيح لا شك فيه ، قال : وقد جاءنا منذ شهور ثلاث أنفس مكلوبين يسألون عن القرية فدلوا عليها ، فلما حصلوا في صحرائها اضطرب أحدهم وجعل يقول لمن معه : اربطوني لئلا يصل إلى أحدكم منّي أذى! وذلك أنه كان قد تجاوز أربعين يوما منذ نهش ، فربط ، فلما وصل إلى الجب وشرب من مائه مات ، وأما الآخران فلم يكونا بلغا أربعين يوما فشربا من ماء الجب فبرآ ، قال : وهذه عادته إذا تجاوز المنهوش أربعين يوما لم تكن فيه حيلة ، بل إذا شرب منه تعجل موته ، وإذا شرب منه من لم يبلغ أربعين يوما برأ ، قال : وهذه البئر هي بئر القرية التي يشرب منها أهلها ، قال : وعلى هذا الجب حوض رخام سرق مرارا ، فإذا حمل إلى موضع رجم أهل هذا الموضع أو يردّ إلى موضعه من رأس هذا الجب. وجب يوسف الصدّيق ، عليه السلام ، الذي ألقاه فيه إخوته


ذكره الله عز وجل في كتابه العزيز ، وهو بالأردن الأكبر بين بانياس وطبرية على اثني عشر ميلا من طبرية مما يلي دمشق ؛ قاله الإصطخري ، وقال غيره : كان منزل يعقوب بنابلس من أرض فلسطين ، والجب الذي ألقي فيه يوسف بين قرية من قراها يقال لها سنجل وبين نابلس.

جَبْتَلُ : بالفتح ثم السكون ، والتاء فوقها نقطتان مفتوحة ، ولام ، علم مرتجل : موضع من ديار نهد باليمن ، له ذكر في الشعر.

جُبثَا : بالضم ثم السكون ، والثاء مثلثة : ناحية من أعمال الموصل.

الجَبجبَان : بالفتح مكرر : وهما جبلان بمكة ، وهي الجباجب المذكورة قبل في مناوحة الأخشبين.

جُبجُبٌ : بالضم ، والتكرير : ماء معروف بنواحي اليمامة ؛ قال الأحوص :

وفي الصعدين الآن من حيّ مالك

ثوى شوقه أم في الخليط المصوّب

يظلّ عليها ، إن نأت ، وكأنه

صدى حاتم قد ذيد عن كل مشرب

فأنّى له سلمى ، إذا حل وانتوى

بحلوان ، واحتلت بمزج وجبجب؟

وقال الراجز :

يا دار سلمى بديار يثرب ،

بجبجب وعن يمين جبجب

الجُبْحَةُ : بالضم ثم السكون ، والحاء مهملة : موضع باليمن.

جِبْرِينُ : لغة في جبريل : بيت جبرين ذكر قبل ، وهو من فتوح عمرو بن العاص ، اتخذ به ضيعة يقال لها عجلان باسم مولى له ، وهو حصن بين بيت المقدس وعسقلان ؛ ينسب إليه أبو الحسن محمد بن خلف بن عمر الجبريني ، يروي عن أحمد بن الفضل الصائغ ، روى عنه أبو بكر محمد بن إبراهيم الأصبهاني ، وفي كتاب دمشق : أحمد بن عبد الله بن حمدون بن نصر ابن إبراهيم أبو الحسن الرملي المعروف بالجبريني ، قدم دمشق وحدث بها عن أبي هاشم محمد بن عبد الأعلى ابن عليل الإمام وأبي الحسن محمد بن بكار بن يزيد السكسكي الدمشقي وأبي الفضل العباس بن الفضل بن محمد بن الحسن بن قتيبة وأبي محمد عبد الله بن أبان بن شداد وأبي الحسن داود بن أحمد بن مصحح العسقلاني وأبي بكر محمد بن محمد بن أبي إدريس إمام مسجد حلب ، روى عنه عبد الوهاب بن جعفر الميداني وتمام ابن محمد الرازي. وجبرين الفستق : قرية على باب حلب ، بينهما نحو ميلين ، وهي كبيرة عامرة.

وجبرينُ قُوْرَسْطايَا : بضم القاف ، وسكون الواو ، وفتح الراء ، وسكون السين المهملة ، وطاء مهملة ، وألف ، وياء ، وألف : من قرى حلب من ناحية عزاز ، ويعرف أيضا بجبرين الشمالي ؛ وينسبون إليها جبراني على غير قياس ؛ منها التاج أبو القاسم أحمد ابن هبة الله بن سعد الله ؛ وسعيد بن سعد الله بن مقلد ابن أحمد بن هبة الله بن سعد الله ؛ وسعيد بن سعيد ابن صالح بن مقلد بن عامر بن عليّ بن يحيى بن أبي جعفر أحمد بن أبي عبيد أخي أبي عبادة الوليد بن عبيد البحتري الشاعر ، أصلهم من جردفنة الجبراني النحوي المقري ، فاضل إمام شاعر ، له حلقة في جامع حلب يقرئ بها العلم والقرآن ، وله ثروة ترجع إلى تناية واسعة ، وسألته عن مولده فقال : في سنة ٥٦١ ، وقرأ النحو على أبي السخاء فتيان الحلبي وأبي الرجاء محمد بن حرب ، وقرأ القرآن على الدّقاق


المغربي ؛ وأنشدني لنفسه :

ملك ، إذا ما السلم شتّت ماله ،

جمع الهياج عليه ما قد فرّقا

وأكفّه تكف الندى ، فبنانه

لو لا مس الصخر الأصمّ لأورقا

وجبرين أيضا : قرية بين دمشق وبعلبك.

الجبَلان : تثنية الجبل ، إذا أطلق هذا اللفظ فإنما يراد به جبلا طيّء : أجأ وسلمى ، وقد ذكرا في موضعهما.

جُبْلانُ : بالضم ، جبلان العركبة : بلد واسع باليمن يسكنه الشراحيون ، وهو بين وادي زبيد ووادي رمع. وجبلان ريمة : هو ما فرق بين وادي رمع ووادي صنعاء العرب ، ومنها تجلب البقر الجبلانية العراب الحرش الجلود إلى صنعاء وغيرها ، وهي بلاد كثيرة البقر والزرع والعسل ؛ ويسكن البلد بطون من حمير من نسل جبلان والصرادف ، وهو جبلان بن سهل بن عمرو بن قيس بن معاوية بن جشم ابن عبد شمس بن وائل بن الغوث بن قطن بن عريب بن زهير بن أيمن بن الهميسع بن حمير.

جَبلُ جُور : بالجيم المضمومة ، وسكون الواو ، وراء : اسم لكورة كبيرة متصلة بديار بكر من نواحي أرمينية ، أهلها نصارى أرمن ، وفيها قلاع وقرى.

جبلُ الخمر : الذي ذكره في الحديث : يراد به جبل بيت المقدس ، سمّي بذلك لكثرة كرومه.

جبلُ السُّمَّاق : بلفظ السماق الذي يطبخ به : هو جبل عظيم من أعمال حلب الغربية ، يشتمل على مدن كثيرة وقرى وقلاع ، عامتها للإسماعيلية الملحدة ، وأكثرهم في طاعة صاحب حلب ، وفيه بساتين ومزارع كلها عذي ، والمياه الجارية به قليلة إلا ما كان من عيون ليست بالكثيرة في مواضع مخصوصة ، ولذلك تنبت فيه جميع أشجار الفواكه وغيرها حتى المشمش والقطن والسمسم وغير ذلك ، وقيل : إنه سمي بذلك لكثرة ما ينبت فيه من السماق ، وقد ذكره شاعر حلبي عصري يقال له عيسى بن سعدان ولم أدركه فقال :

وليلة بتّ مسروق الكرى أرقا ،

ولهان أجمع بين البرء والخبل

حتى إذا نار ليلى نام موقدها ،

وأنكر الكلب أهليه من الوهل

طرقتها ونجوم الليل مطرقة ،

وحلت عنها ، وصبغ الليل لم يحل

عهدي بها في رواق الصبح لامعة ،

تلوي ضفائر ذاك الفاحم الرّجل

وقولها وشعاع الشمس منخرط :

حيّيت يا جبل السّماق من جبل

يا حبّذا التّلعات الخضر من حلب ؛

وحبّذا طلل بالسفح من طلل

يا ساكني البلد الأقصى عسى نفس ،

من سفح جوشن ، يطفي لاعج الغلل

طال المقام ، فوا شوقا إلى وطن

بين الأحصّ وبين الصّحصح الرّمل!

جَبلُ الطَّير : جبل بصعيد مصر قرب أنصنا في شرقي النيل ، وإنما سمّي بذلك لأن صنفا من الطير أبيض يقال له بوقير يجيء في كل عام في وقت معلوم فيعكف على هذا الجبل ، وفي سفحه كوّة ، فيجيء كل واحد من هذه الطيور فيدخل رأسه في تلك الكوّة ثم يخرجه ويلقي نفسه في النيل فيعوم ويذهب من حيث جاء إلى أن يدخل واحد منها رأسه فيها فيقبض عليه شيء من تلك الكوّة فيضطرب ويظل معلقا فيه إلى


أن يتلف فيسقط بعد مدة ، فإذا كان ذلك انصرف الباقي لوقته ، فلا يرى شيء من هذه الطيور في هذا الجبل إلى مثل ذلك الوقت من العام القابل ؛ وفي رأس هذا الجبل كنيسة الكفّ ، فيها رهبان يقولون إن عيسى ، عليه السلام ، أقام بها وأثر كفه بها ، خبّرني بهذه القصة غير واحد من أهل مصر ، ووجدته أيضا مكتوبا في كتبهم ، وهو مشهور متداول فيهم ؛ قال أبو بكر الموصلي المعروف بالهروي الخرّاط : حدثني رجل كبير من أهل تلك البلاد أنه إذا كان العام مخصبا قبضت الكوّة على طائرين وإن كان متوسطا قبضت على واحد وإن كانت سنة مجدبة لم تقبض شيئا.

جبلُ الفِضَّةِ : موضع ؛ ينسب إليه أبو إسحاق إبراهيم ابن الشادّ الجبلي ، سكن هراة وورد بغداد وحدث بها عن محمد بن عبد الرحمن السامي الهروي ومحمد بن إسحاق بن خزيمة ، وذكره الخطيب ، وأظن هذا الجبل هو جبل بنجهير وقد تقدم ذكره.

جبلُ بَني هِلال : بحوران من أرض دمشق ، تحته قرى كثيرة ؛ منها قرية تعرف بالمالكية ، بها قدح خشب يزعمون أنه كان لرسول الله ، صلى الله عليه وسلم.

الجبَلُ : كورة بحمص.

الجبَلُ : هو اسم جامع لهذه الأعمال التي يقال لها الجبال ، وقد تقدم ذكرها ، والعامة في أيّامنا يسمونها العراق ؛ وقد نسب إليها خلق كثير ، منهم : علي بن عبد الله ابن جهضم الهمذاني الجبلي ، روى عن محمد بن علي الوجيهي ، روى عنه أبو حازم العبدوي ونسب كذلك لأن همذان من بلاد الجبل ؛ وأبو عبدان عبد العزيز ابن صالح الجبلي البروجردي ، روى عن أبي بكر أحمد بن محمد بن المبارك الحافظ وغيره ، وروى عنه أبو الحسن عبد الرحيم بن عبد الرحمن البوشنجي الصوفي وأبو عبد الله بختيار بن عبد الله الحاجي وغيرهما ؛ وأحمد بن الحسن بن الفرج بن محمد بن الحسين الجبلي الهمذاني ، سمع أبا الفضل عبد الواهب ابن أحمد بن بوغة الكرابيسي وأبا الفتح عبدوس بن عبد الله بن عبدوس العبدري وأبا القاسم الفضل بن أبي حرب الجرجاني وغيرهم ، روى عنه أبو سعد المروزي ونسبه كذلك ؛ وجبل هراة نسبوا إليه أبا سعد محمد ابن الدّيسق الجبلي الهروي ، روى عن أبي عمر المليحي صحيح البخاري وجامع أبي عيسى الترمذي ، ومات في حدود سنة ٥٢٠. والجبل : موضع بالأندلس نسبوا إليه محمد بن أحمد الجبلي الأندلسي ، روى عن بقي بن مخلد ، ومات سنة ٣١٣ ؛ ومحمد بن الحسن الجبلي الأندلسي نحويّ شاعر ، سمعه أبو عبد الله الحميدي.

جَبُّلُ : بفتح الجيم ، وتشديد الباء وضمها ، ولام : بليدة بين النّعمانية وواسط في الجانب الشرقي ، كانت مدينة ، وأما الآن فإني رأيتها مرارا ، وهي قرية كبيرة ؛ وإياها عنى البحتري بقوله :

حنانيك من هول البطائح شائرا

على خطر ، والريح هول دبورها

لئن أوحشتني جبّل وخصاصها ،

لما آنستني واسط وقصورها

وبقاضيها يضرب المثل ، وكان من حديثه أن المأمون كان راكبا يوما في سفينة يريد واسطا ومعه القاضي يحيى بن أكثم فرأى رجلا على شاطئ دجلة يعدو مقابل السفينة وينادي بأعلى صوته : يا أمير المؤمنين نعم القاضي قاضينا ، نعم القاضي قاضي جبّل! فضحكك


القاضي يحيى بن أكثم ، فقال له المأمون : ما يضحكك يا يحيى؟ قال : يا أمير المؤمنين هذا المنادي هو قاضي جبّل يثني على نفسه ، فضحك منه وأمر له بشيء وعزله وقال : لا يجوز أن يلي المسلمين من هذا عقله ؛ وينسب إليها جماعة من أهل العلم ، منهم : أبو عمران موسى بن إسماعيل الجبّلي رفيق يحيى بن معين ، حدث عن عمر ابن أبي جعفر خثعم اليماني وحفص بن سالم وغيرهما ؛ والحكم بن سليمان الجبّلي ، روى عن يحيى بن عقبة ابن أبي العيزار ، روى عنه عيسى بن المسكين البلدي ؛ وأبو الخطاب محمد بن علي بن محمد بن إبراهيم الجبّلي الشاعر ، كان من المجيدين ، وكان بينه وبين أبي العلاء المعرّي مشاعرة ؛ وفيه قال أبو العلاء قصيدته :

غير مجد ، في ملّتي واعتقادي ،

نوح باك ولا ترنّم شادي

ومات أبو الخطاب في ذي القعدة سنة تسع وثلاثين وأربعمائة.

جَبَلَةُ : بالتحريك ، مرتجل ، اسم لعدة مواضع : منها جبلة ؛ ويقال : شعب جبلة الموضع الذي كانت فيه الوقعة المشهورة بين بني عامر وتميم وعبس وذبيان وفزارة ، وجبلة هذه : هضبة حمراء بنجد بين الشّريف والشرف ؛ والشريف : ماء لبني نمير ، والشرف : ماء لبني كلاب. وجبلة : جبل طويل له شعب عظيم واسع ، لا يرقى الجبل إلا من قبل الشعب ، والشعب متقارب وداخله متسع ، وبه عرينة بطن من بجيلة ؛ وقال أبو زياد : جبلة هضبة طولها مسيرة يوم ، وعرضها مسيرة نصف يوم ، وليس فيها طريق إلا طريقان ، فطريق من قبل مطلع الشمس ، وهو أسفل الوادي الذي يجيء من جبلة وبه ماءة لعرينة يقال لها سلعة ، وعرينة : حيّ من بجيلة حلفاء في بني كلاب ، وطريق آخر من قبل مغرب الشمس يسمّى الخليف ، وليس إلى جبلة طريق غير هذين ؛ وقال أبو أحمد : يوم شعب جبلة وهو يوم بين بني تميم وبين بني عامر بن صعصعة ، فانهزمت تميم ومن ضامّها ، وهذا اليوم الذي قتل فيه لقيط بن زرارة ، وهو المشهور بيوم تعطيش النوق برأي قيس بن زهير العبسي ، وكان قد قتل لقيطا جعدة بن مرداس ، وجعدة هو فارس خيبر ؛ وفيه يقول معقّر البارقي :

تقدّم خبيرا بأقل عضب ،

له ظبة ، لما لاقى ، قطوف

وزعم بعضهم أن شريح بن الأحوص قتله واستشهد بقول دختنوس بنت لقيط وجعل بنو عبس يضربونه وهو ميت :

ألا يا لها الويلات ، ويلة من هوى

بضرب بني عبس لقيطا ، وقد قضى

له عفروا وجها عليه مهابة ،

ولا تحفل الصمّ الجنادل من ثوى

وما ثأره فيكم ، ولكنّ ثأره

شريح أرادته الأسنّة والقنا

وكان يوم جبلة من أعظم أيام العرب وأذكرها وأشدها ، وكان قبل الإسلام بسبع وخمسين سنة ، وقبل مولد النبي ، صلى الله عليه وسلم ، بسبع عشرة سنة ؛ وقال رجل من بني عامر :

لم أر يوما مثل يوم جبله ،

لمّا أتتنا أسد وحنظله

وغطفان والملوك أزفله ،

نضربهم بقضب منتحلة

وجبلة أيضا : موضع بالحجاز ؛ قال أبو بكر في الفيصل : منها أبو القاسم سليمان بن علي الجبلي الحجازي المقيم بمكة ، حدث عن ابن عبد المؤمن وغيره


قال : والحسن بن علي بن أحمد أبو علي الجبلي أظنه من جبلة الحجاز ، كان بالبصرة ، روى عن أبي خليفة الفضل بن الحباب الجمحي ومحمد بن عزرة والجوهري وبكر بن أحمد بن مقبل ومحمد بن يوسف العصفري ومحمد بن علي الناقد البصريين ، روى عنه القاضي أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي وغيره.

وجبلة أيضا : قلعة مشهورة بساحل الشام من أعمال حلب قرب اللاذقية ؛ قال أحمد بن يحيى بن جابر : لما فرغ عبادة بن الصامت من اللاذقية في سنة ١٧ وكان قد سيّره إليها أبو عبيدة ابن الجراح ، ورد فيمن معه على مدينة تعرف ببلدة على فرسخين من جبلة ، ففتحها عنوة ثم إنها خربت وجلا عنها أهلها ، فأنشأ معاوية جبلة وكانت حصنا للروم جلوا عنه عند فتح المسلمين حمص ، وشحنها بالرجال ، وبنى معاوية بجبلة حصنا خارجا من الحصن الرومي القديم ، وكان سكان الحصن القديم قوما من الرهبان يتعبدون فيه على دينهم ، فلم تزل جبلة بأيدي المسلمين على أحسن حال حتى قوي الروم وافتتحوا ثغور المسلمين ، فكان فيما أخذوا جبلة في سنة ٣٥٧ بعد وفاة سيف الدولة بسنة ، ولم تزل بأيديهم إلى سنة ٤٧٣ ، فإن القاضي أبا محمد عبد الله بن منصور ابن الحسين التنوخي المعروف بابن ضليعة قاضي جبلة وثب عليها واستعان بالقاضي جلال الدين بن عمّار صاحب طرابلس فتقوّى به على من بها من الروم فأخرجهم منها ونادى بشعار المسلمين ، وانتقل من كان بها من الروم إلى طرابلس فأحسن ابن عمار إليهم ، وصار إلى ابن ضليعة منها مال عظيم القدر ، وبقيت بأيدي المسلمين ثم ملكها الفرنج في سنة ٥٢ في الثاني والعشرين من ذي القعدة من يد فخر الملك إلى أن استردّها الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب في سنة ٥٨٤ ، تسلمها بالأمان في تاسع عشر جمادى الآخرة ، وهي الآن بأيدي المسلمين ، والحمد لله رب العالمين.

قال أبو الفضل محمد بن طاهر : من جبلة هذه أبو القاسم سليمان بن علي الجبلي المقيم بمكة ، وهو من أهل جبلة الشام ، حدّث عن ابن عبد المؤمن وغيره ، كذا ذكره عبد الغني الحافظ ، فهذا كما ترى نسبه الحازمي إلى جبلة الحجاز ، ولم أر غيره ذكر بالحجاز موضعا ينسب إليه يقال له جبلة ، والله أعلم ، ونسبه ابن طاهر عن عبد الغني إلى جبلة الشام ، وهو الصحيح إن شاء الله عز وجل ؛ ومن جبلة الشام يوسف بن بحر الجبلي ، سمع سليم بن ميمون الخوّاص وغيره ، روى عنه أبو المعافى أحمد بن محمد بن إبراهيم الأنصاري الجبلي شيخ أبي حاتم بن حبّان ؛ وعثمان بن أيوب الجبلي ، حدث عن إبراهيم بن مخلد الذهبي ، روى عنه أبو الفتح الأزدي ؛ وعبد الواحد بن شعيب الجبلي ، حدث عن أحمد بن المؤمل ؛ ومحمد بن الحسين الأزدي الجبلي ، يروي عن محمد الأزرق وأبي إسماعيل الترمذي وعلي بن عبد العزيز البغوي ومحمد ابن المغيرة السكري الهمداني ومحمد بن عبد الرحمن ابن يحيى المصري ومحمد بن عبدة المروزي ومحمد بن عبد الله الحضرمي الكوفي المعروف بمطمئن ، روى عنه القاضي أبو القاسم عليّ بن محمد بن أبي الفهم التنوخي وغيره ؛ هذا كله من الفيصل ، وقال في كتاب دمشق : عبد الواحد بن شعيب الجبلي قاضيها ، سمع بدمشق سليمان بن عبد الرحمن ويحيى بن يزيد الخوّاص وأبا الحباب خالد بن الحباب وأبا اليمان الحكم ابن رافع ، روى عنه أبو عمرو أحمد بن محمد بن إبراهيم بن الحكيم الأصبهاني وأبو الحسن بن جوصا


الدمشقي وأبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن الحسن بن مثوبة الأصبهاني وعليّ بن سرّاج الحافظ المصري ، وأبو محمد عبد الوهاب بن نجدة الحوطي الجبلي ، سمع الوليد بن مسلم وسويد بن عبد العزيز ومحمد ابن شعيب بن سابور ، روى عنه ابنه أبو عبد الله أحمد وأبو داود السجستاني وأبو بكر بن خيثمة ، ومات سنة ٢٣٢ ؛ وأبو سهل يزيد بن قيس السليخ الجبلي ، سمع بدمشق وغيرها ؛ والوليد بن مسلم بن شعيب ابن سابور وجماعة وافرة ، روى عنه أبو داود في سننه وجماعة أخرى.

وجبلة أيضا ، قال أبو زيد : جبلة حصن في آخر وادي الستارة بتهامة من ناحية ذرة ، ووادي الستارة بين وادي بطن مرّ وعسفان عن يسار الذاهب إلى مكة ، وطول هذا الوادي نحو من يومين ، وبالقرب من هذا الوادي واد مثله يعرف بساية ؛ وقال عرّام بن الأصبغ : جبلة قرية بذرة ، قالوا : هي أول قرية بنيت بتهامة ، وبها حصون منكرة لا يرومها أحد ، وقد وصفت في ذرة ، ولعلّ الحازمي أراد جبلة هذه ، والله أعلم ؛ وجبلة أيضا : قرية لبني عامر بن عبد القيس بالبحرين.

حِبْلةُ : بالكسر ثم السكون ، ذو جبلة : مدينة باليمن تحت جبل صبر ، وتسمّى ذات النهرين ، وهي من أحسن مدن اليمن وأنزهها وأطيبها ؛ قال عمارة : جبلة رجل يهوديّ كان يبيع الفخّار في الموضع الذي بنت فيه الحرّة الصّليحية دار العروبة ، وسمّيت باسمها ، وكان أول من اختطّها عبد الله بن محمد الصليحي المقتول بيد الأحول مع الداعي يوم المهجم في سنة ٤٧٣ ، وكان أخوه عليّ ولّاه حصن التّعكر ، وهذا الحصن على الجبل المطلّ على ذي جبلة ، وهي فى سفحه ، وهي مدينة بين نهرين جاريين في الصيف والشتاء ، وكان عبد الله بن محمد الصليحي قد اختطّها في سنة ٤٥٨ ، وحشر إليها الرعايا من مخلاف جعفر ؛ وقال علي بن محمد بن زياد المازني : وكانت ذو جبلة للمنصور بن المفضل أحد ملوك آل الصليح فأخذها منه الداعي محمد بن سبا ، فقال :

بذي جبلة شوقي إليك ، وإنها

لتطهر بالشيخ الذي ليس يعمر

عوائد للغيد الغواني ، فإنها

عن الشيخ نحو ابن الثلاثين تنفر

وكان بذي جبلة الفقيه عبد الله بن أحمد بن أسعد المقري صنّف كتابا في القراءات السبع ، وكان أبوه فقيها ؛ قال القاضي مسلم بن إبراهيم قاضي صنعاء : حدثني عبد الله بن أحمد قال : رأيت في المنام قائلا يقول لي كلّم السلطان ، فخرجت وتبعني أبي سريعا ، قال : وتأويل هذه أني أموت وسيموت أبي بعدي ، قال : فمات ومات أبوه بعده بثلاثة أيام حزنا عليه ، وصنف أيضا كتابا في الحديث جمع فيه بين الكتب الخمسة الصحاح ، وأوصى عند موته بغسل تلك الكتب فغسلت ؛ ومن ذي جبلة أيضا الفقيه أبو الفضائل بن منصور بن أبي الفضائل ، كان رجلا صالحا فقيها ، صنف كتابا ردّ فيه على الشريف عبد الله بن حمزة الخارجي ، واعترض فيه على ألفاظه ولحّنه في كثير منها وزيّف جميع ما احتجّ به ، فلما وصل الكتاب إلى الشريف الخارجي أجاب عن الشريف حميد ابن الأنف ، ولما وصل كتابه إلى الفقيه أبي الفضائل صنف كتابا آخر في الردّ عليه ، ومات أبو الفضائل بذي جبلة في أيام أتابك سنقر في نحو سنة ٥٩٠ ؛ وبذي جبلة توفي القاضي الأشرف أبو الفضائل يوسف ابن إبراهيم بن عبد الواحد الشيباني التيمي القفطي في


جمادى الآخرة سنة ٦٢٤ ، ومولده في غرّة سنة ٥٤٨ بقفط ، وهو والد الوزير القاضي الأكرم أبي الحسن عليّ بن يوسف وأخيه القاضي المؤيد أبي إسحاق إبراهيم ، وكان الأشرف قد خرج من قفط في سنة ٥٧٢ في الفتنة التي كانت بها بسبب الإمام الذي أقاموه ، وكان من بني عبد القرى الداعي ، وادّعى أنه داود بن العاضد فيها ، فأنفذ الملك صلاح الدين يوسف بن أيوب أخاه الملك العادل أبا بكر فقتل من أهل فقط نحو ثلاثة آلاف وصلبهم على شجرهم بظاهر قفط بعمائمهم وطيالستهم ، وخدم الأشرف في عدّة خدم سلطانية منها بالصعيد ثم النظر في بلبيس ونواحيها ثم النظر في البيت المقدس ونواحيه ، وناب عن القاضي الفاضل في كتابة الإنشاء بحضرة السلطان صلاح الدين ، ثم توحّش من العادل ووزيره ابن شكر فقدم حرّان واستوزره الملك الأشرف موسى بن العادل ثم سأله الإذن له في الحج ، فأذن له وجهّزه أحسن جهاز على أن يحج ويعود ، فلما حصل بمكة امتنع من العود ودخل اليمن فاستوزره أتابك سنقر في سنة ٦٠٢ ، ثم ترك الخدمة وانقطع بذي جبلة ورزقه دارّ عليه إلى أن مات في الوقت المذكور ، وكان أديبا فاضلا مليح الخط محبّا للعلم والكتب واقتنائها ذا دين مبين وكرم وعربيّة.

جُبَنُ : بالضم ، بوزن جرذ : حصن باليمن.

جَبُوبُ : بالفتح ثم الضم ، وسكون الواو ، وباء أخرى ، وهو في الأصل الأرض الغليظة ؛ جبوب بدر ذكره أبو أحمد العسكري فيما يلحن فيه العامّة ، حكى الحسن بن يحيى الأرزني أن علي بن المديني قال : سألت أبا عبيدة عن جبوب بدر فقال : لعلّه جنوب بدر ، قال أبو أحمد : وجميعها خطأ وإنما هو جبوب بدر ، الجيم مفتوحة ، وبعدها باء تحتها نقطة واحدة ، ويقال للمدر جبوب ، واحدتها جبوبة ، قال : ويروى عن بعض التابعين أنه قال اطّلعت على قبر النبي ، صلى الله عليه وسلم ، فرأيت على قبره الجبوب ، وربما صيّر الشاعر الجبوب الأرض ؛ قال الراجز يصف فرسا :

إن لم تجده سابحا يعبوبا

ذا ميعة ، يلتهم الجبوبا

قلت : ومنه قول أبي قطيفة حيث قال :

ألا ليت شعري! هل تغيّر بعدنا

جبوب المصلّى أم كعهدي القرائن؟

والجبوب أيضا : حصن باليمن من أعمال سنحان.

الجبُّولُ : بالفتح ثم التشديد ، والواو ساكنة ، ولام : قرية كبيرة إلى جنب ملّاحة حلب ، وفي الجبّول ينصبّ نهر بطنان ، وهو نهر الذهب ، ثم يجمد ملحا فيمتار منه كثير من بلدان الشام وبعض الجزيرة ويضمّن بمائة وعشرين ألف درهم في كل عام ، ويجتمع على هذه الملّاحة أنواع كثيرة من الطير قبل جمودها ؛ أنشدني أبو عبد الله محمد بن عبد القاهر بن هبة الله النصيبيني الحلبي قال : أنشدني المهذّب حسن الساسكوني العامري الحموي لنفسه يصف ذلك :

قد جبل الجبّول من راحة ،

فليس تعرو ساكنيها هموم

كأنما الماء وأطياره

فيه سماء ، زيّنت بالنجوم

كأن سود الطير ، في بيضها ،

خليط جيش بين زنج وروم

وأهل الجبّول معروفون بقلة الدين والمروءة والكذب والاختلاف والتعصب على المحال ، حدثني


من أثق به ، والله أعلم ، مع معرفته بحالهم أنه ولي عليهم في أيام الملك الظاهر غازي بن يوسف بن أيوب واليا صارما فلم يرتضوه فاجتمعوا على الشكوى منه والكذب عليه وأرادوا الخروج إلى حلب لذلك ، فلما اجتمعوا وصاروا على الطريق قام أحدهم وأشار إلى شجرة من شجر الخلاف فقال : امرأتي طالق ثلاثا وحق الله ورسوله وإلا عليّ الحج ماشيا حافيا وكلّ ما أملكه وقف في سبيل الله إن لم تكن هذه الشجرة شجرة الكمّثرى ، وإنني جنيت الكمثرى منها وأكلته مرارا ؛ ثم قال لأصحابه : ليحلف كلّ واحد منكم بمثل ما حلفت به لأنه صحة عزمه فيما خرجنا له من الكذب والبهتان وإلا فإني راجع عنكم ؛ قال : فحلفوا على مثل يمينه ووصلوا إلى حلب ووقفوا للملك الظاهر وأظهروا له من الكذب والبهتان والجرأة على شهادة الزور ما همّ الملك الظاهر بعقوبة الوالي وعزله ، ثم أطلعه أحدهم على حقيقة الحال سرّا ، فاستحضرهم وعرّفهم ما بلغه عنهم بعلائمه وتهددهم إن لم يصدقوه ، فصدقوه وقالوا : حملنا على ذلك ما لقينا من جور هذا الوالي ؛ فعاقبهم ثم أطلقهم ، فصار يضرب بسوء فعلهم المثل.

جُبّةُ : بالضم ثم التشديد ، بلفظ الجبّة التي تلبس ، والجبّة في اللغة ما دخل فيه الريح من السنان ؛ والجبّة أيضا في شعر كثيّر :

بأجمل منها ، وإن أدبرت

فأرخ بجبّة يقرو حميلا

الأرخ : الثنيّ من البقر ، وفي شعر آخر لكثيّر يدل على أنه بالشام قال :

وإنك ، عمري ، هل ترى ضوء بارق

عريض السّنا ذي هيدب متزحزح

قعدت له ذات العشاء أشيمه

بمرّ ، وأصحابي بجبّة أذرح

وأذرح بالشام كما ذكرناه في موضعه. وجبّة أيضا ، وتعرف بجبة عسيل : ناحية بين دمشق وبعلبك تشتمل على عدّة قرى. وجبّة : من قرى النهروان من أعمال بغداد ، وقال الحازمي : موضع بالعراق ؛ منها أبو الحسين أحمد بن عبد الله بن الحسين بن إسماعيل الجبّي المقري ، روى حروف القراءات عن محمد بن أحمد بن رجاء عن أحمد بن زيد الحلواني عن عيسى ابن قالون وعن الخضر بن هيثم بن جابر المقري الطوسي عن محمد بن يحيى القطعي عن زيد بن عبد الواحد عن إسماعيل بن جعفر عن نافع وغيرهما ، حدث عنه أبو عليّ الحسن بن علي بن إبراهيم بن بندار المقري الأهوازي نزيل دمشق. وجبّة أيضا : قرية من نواحي طريق خراسان ؛ منها أبو السعادات محمد بن المبارك بن محمد بن الحسين السّلمي الجبّي ، دخل بغداد وأقام بها وطلب العلم وسمع الكثير من الشيوخ مثل أبي الفتح عبيد الله بن شابيل أبي السعادات نصر الله بن عبد الرحمن القزّاز ، ولازم أبا بكر الحازمي ، وقرأ وكتب مصنّفاته ولازمه حتى مات ، وكان حسن الطريقة ، ومات سنة ٥٨٥ بجبّة ، ودفن بها ولم يبلغ أوان الرواية ؛ والجبّة في قول الشاعر :

والله لو طفّلت ، يا ابن استها ،

تسعين عاما لم تكن من أسد

فارحل إلى الجبّة عن عصرنا ،

واطلب أبا في غير هذا البلد

قال الجهشياري : يعني بالجبّة الجبّة والبداة طسّوجين من سواد الكوفة. والجبّة أيضا ، أو الجبّ : موضع بمصر ؛ ينسب إليه أبو بكر محمد بن موسى


ابن عبد العزيز الكندي الصّيرفي يعرف بابن الجبّي ويلقّب سيبويه ، وكان فصيحا ، قال الأمير أبو نصر : ويكنى أبا عمران ، وولد سنة ٢٨٤ ، ومات في صفر سنة ٣٥٨ ، سمع أبا يعقوب إسحاق المنجنيقي وأبا عبد الرحمن النّسوي وأبا جعفر الطحاوي وتفقّه للشافعي وجالس أبا هاشم المقدسي وأبا بكر محمد بن أحمد بن الحدّاد وتلمذ له ، وكان يظهر الاعتزال ويتكلم على ألفاظ الصالحين ، وله شعر ، ويظهر الوسوسة. والجبّة أيضا ، قال أبو بكر بن نفطة : قال لي محمد بن عبد الواحد المقدسي إنها قرية من أعمال طرابلس الشام ؛ منها أبو محمد عبد الله بن أبي الحسن ابن أبي الفرج الجبائي الشامي ، قلت : كذا كان ينسب نفسه وهو خطأ والصواب الجبّي ، سمع ببغداد

من أبي الفضل محمد بن ناصر ومحمد بن عمر الأرموي وغيرهما ، وبأصبهان من أبي الخير محمد بن أحمد الباغباني ومسعود الثقفي وآخرين ، وأقام بها وحدث ، وكان ثقة صالحا ، وكانت وفاته بأصبهان في ثالث جمادى الآخرة سنة ٦٠٥.

الجبيْبُ : تصغير الجبّ ؛ قال نصر : هو واد عند كحلة ، قال دريد بن الصّمّة :

فكنت ، كأنّي واثق بمصدّر

يمشّي بأكناف الجبيب فثهمد

والجبيب أيضا : واد آخر من أودية أجإ ؛ قال ابن أحمر :

خلد الجبيب وباد حاضره ،

إلّا منازل كلها قفر

الجُبيْلُ : تصغير جبل ، ذكره في كتاب البخاري ، قيل : هو الجبل الذي بالسوق ، وهو سلع ، وقيل : بل هو جبل سلم. وجبيل أيضا : بلد في سواحل دمشق في الإقليم الرابع ، طوله ستون درجة ، وعرضه أربع وثلاثون درجة ، وهو بلد مشهور في شرقي بيروت على ثمانية فراسخ من بيروت من فتوح يزيد ابن أبي سفيان وبقي بأيدي المسلمين إلى أن نزل عليه صنجيل الفرنجي ، لعنة الله ، فحاصره وأعانه مراكب لقوم آخرين في البحر ، وراسل صنجيل أهله وأعطاهم الأمان وحلف لهم فسلموا إليه ، وذلك في سنة ٥٩٦ ، فلما صاروا في قبضته قال لهم : إني قد وعدت أصحاب المراكب بعشرة آلاف دينار وأريدها منكم ، وكان يأخذ منهم المصاغ كل ثلاثة مثاقيل بدينار والفضة كل سبعين درهما بدينار ، فاستأصلهم بذلك ؛ ولم تزل بأيدي الأفرنج إلى أن فتحها صلاح الدين يوسف بن أيوب فيما فتحه من الساحل في سنة ٥٨٣ ، ورتب فيها قوما من الأكراد لحفظها ، فبقيت على ذلك إلى سنة ٥٩٣ ، فباعها الأكراد الذين كانوا بها وانصرفوا عنها إلى حيث لا يعلم ، فهي إلى الآن بأيدي الأفرنج ؛ ينسب إليها جماعة ، منهم : أبو سعيد الجبيلي ، روى عن أبي الزياد عبد الملك بن داود ، روى عنه عبد الله ابن يوسف وغيره وعبيد بن حيان الجبيلي ، حدث عن مالك بن أنس وعن الأوزاعي ونظرائهما ، وروى عنه صفوان بن صالح والعباس بن الوليد بن مزيد البيروتي وأبو زرعة الدمشقي ؛ وزيد بن القاسم السلمي الجبيلي ، حدث عن آدم بن أبي إياس ، حدث عنه خيثمة بن سليمان ؛ وأبو قدامة الجبيلي ، حدث عن عقبة بن علقمة البيروتي ومحمد بن الحارث البيروتي ، حدث عنه صفوان بن صالح ، روى عنه الطبراني ؛ وأبو سليمان إسماعيل بن خضر بن حسان الجبيلي ، يروي عن إسرائيل بن روح وسويد بن عبد العزيز وعمر ابن هاشم البيروتي ومحمد بن يوسف الفريابي ومحمد بن شعيب بن سابور وحمزة بن ربيعة ومحمد بن فديك ابن إسماعيل القيسراني وعبيد بن حيان ومحمد بن


المبارك الصوري ، روى عنه أبو بكر عبد الله بن محمد ابن زياد النيسابوري وعبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي وكنّاه أبا سليم وأبو الحسن بن جوصا وأبو الجهم بن طلّاب ومحمد بن جعفر بن ملّاس وأبو عليّ محمد بن سليمان بن حيدرة الأطرابلسي وذكوان بن إسماعيل البعلبكّي في آخرين ، قال أبو سليمان بن زيد : في سنة ٢٦٤ مات أبو سليمان الجبيلي. والجبيل أيضا : ماء لبني زيد بن عبيد بن ثعلبة الحنفيّين باليمامة.

وجبيل أيضا : موضع بين المشلّل من أعمال المدينة والبحر. وجبيل أيضا : جبل أحمر عظيم ، وهو من أخيلة حمى فيد ، بينه وبين فيد ستة عشر ميلا ، وليس بين الكوفة وفيد جبل غيره. وجبيل : جبل بين أفاعية والمسلح ، يقال له جبل بان لأن نباته البان ، وهو صلب أصمّ. والجبيل في تاريخ مصر ، عن محمد بن القاسم قال : رأيت عبيد الله بن أنيس يدخل من الجبيل إلى الجمعة ويحمل نعليه فيصلي الجمعة وينصرف ، وهذا الجبيل من نواحي حمص.

الجبيْلَة : تصغير جبلة : بلد هو قصبة قرى بني عامر بن الحارث بن أَنمار بن عمرو بن وديعة بن لكيز العبْقَسِيين بالبحر ، والله أعلم.

باب الجيم والتاء وما يليهما

جُتاوِبُ : موضع من ضواحي مكة ، قال الفضل بن عباس اللهَبي :

فالهاوَتان فكبكَب فجتاوب

فالبوص فالأَفراع من أَشقاب

باب الجيم والثاء وما يليهما

الجُثَا : بالضم ، وتخفيف الثاء ، والقصر ، وهو الحجارة المجموعة : موضع بين فدك وخيبر يطؤه الطريق ، قال بشر أبو النعمان بن بشر :

لعمرك بالبطحاء ، بين معرّف

وبين النّطاق ، مسكن ومحاضر

لعمري ، لحيّ بين دار مزاحم

وبين الجثا لا يحشم الصبر حاضر

جُثَّا : بتشديد الثاء ، والقصر أيضا : جبل من جبال أجإ مشرف على رمل طيء وعنده المناعان ، وهما جبلان.

الجثجَاثةُ : بالفتح ، والتكرير ، وهو نبت مرّ ، قال أبو زياد : ولبني عمرو بن كلاب في جبال دماخ الجثجاثة ، وقال في موضع آخر : ومن مياه غني الجثجاثة ، وهي في جانب حمى ضرية الذي يلي مهبّ الجنوب من شرقي حمى ضرية ، وهي في ظلّ نضاد ، ونضاد جبل ، وقال الأصمعي : وفي شرقي نضاد الجثجاثة وحذاء الجثجاثة النقرة.

الجثياثةُ : بالياء بعد الثاء : اسم ماء لغنيّ ، قال : وعن الجثياثة المطر

باب الجيم والجيم وما يليهما

جَيْجَارُ : بكسر الجيم الأولى وتفتح ، والجيمان بين الجيم والشين : من قرى بخارى ، ويقال له سجار أيضا ، ينسب إليها أبو شعيب صالح بن محمد بن شعيب الجيجاري ، روى عن أبي القاسم بن أبي العقب الدمشقي ، روى عنه القاضي أبو طاهر الإسماعيلي.

باب الجيم والخاء وما يليهما

جُحَافُ : بالضم ، والتخفيف : جبل جحاف باليمن.

جَحَّافُ : بالفتح ثم التشديد : سكة بنيسابور ، ينسب إليها أبو عبد الرحمن محمد بن عبد الله بن محمد بن أبي الوزير التاجر الجحافي ، سمع أبا حاتم الرازي ، وسمع


منه أبو عبد الله الحاكم ، وكان من الصالحين ، مات لعشر بقين من شهر رمضان سنة ٣٤١ عن إحدى وتسعين سنة.

أُمُّ جَحْدَمَ : من حدود اليمن من جهة الحجاز ، وهي قرية بين كنانة والأَزد ، عن ابن الحائك.

جَحْشِيَّةُ : بالفتح ثم السكون ، والشين معجمة ، كأَنها منسوبة إلى رجل اسمه جحش : قرية كبيرة كالمدينة من قرى الخابور ، بينها وبين المجدل نحو أربعة أميال.

الجُحْفَةُ : بالضم ثم السكون ، والفاء : كانت قرية كبيرة ذات منبر على طريق المدينة من مكة على أربع مراحل ، وهي ميقات أهل مصر والشام إن لم يمرّوا على المدينة ، فإن مرّوا بالمدينة فميقاتهم ذو الحليفة ، وكان اسمها مهيعة ، وإنما سميت الجحفة لأن السيل اجتحفها وحمل أهلها في بعض الأعوام ، وهي الآن خراب ، وبينها وبين ساحل الجار نحو ثلاث مراحل ، وبينها وبين أقرن موضع من البحر ستة أميال ، وبينها وبين المدينة ست مراحل ، وبينها وبين غدير خمّ ميلان ، وقال السكري : الجحفة على ثلاث مراحل من مكة في طريق المدينة ، والجحفة أول الغور إلى مكة ، وكذلك هي من الوجه الآخر إلى ذات عرق ، وأول الثغر من طريق المدينة أيضا الجحفة ، وحذف جرير الهاء وجعله من الغور فقال :

قد كنت أهوى ثرى نجد وساكنه ،

فالغور ، غورا به عسفان والجحف

لما ارتحلنا ونحو الشام نيّتنا ،

قالت جعادة : هذي نيّة قذف

وقال الكلبي : إن العماليق أخرجوا بني عقيل ، وهم إخوة عاد بن ربّ ، فنزلوا الجحفة ، وكان اسمها يومئذ مهيعة ، فجاءهم سيل واجتحفهم ، فسميت الجحفة ، ولما قدم النبي ، صلى الله عليه وسلم ، المدينة استوبأها وحمّ أصحابه ، فقال : اللهم حبب إلينا المدينة كما حببت إلينا مكة أو أشد وصحّحها وبارك لنا في صاعها ومدها وانقل حمّاها إلى الجحفة ، وروى أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، نعس ليلة في بعض أسفاره إذ استيقظ فأيقظ أصحابه وقال : مرت بي الحمى في صورة امرأة ثائرة الرأس منطلقة إلى الجحفة.

جَحُورُ : بالفتح : موضع في ديار بني سعد ، ورواه بعضهم بتقديم الحاء كما نذكره في باب الحاء ، وقال العمراني : رأيته في شعر الشماخ بضم الجيم ، وهو موضع يسمى الجحر ، ثم جمعه بما حوله.

باب الجيم والخاء وما يليهما

جُخَادة : قرية كبيرة من قرى بخارى عن يمين القاصد من بخارى إلى بيكند على ثلاثة فراسخ ، وبينها وبين الطريق نحو فرسخ ، ينسب إليها أبو عليّ محمد ابن إسماعيل الجخادي ، كان محدثا حافظا ، روى عن أحمد بن علي الأستاذ وغيره ، روى عنه أبو محمد عبد العزيز بن محمد النخشبي ، ومولده سنة ٤١٧ ، وذكره العمراني بتقديم الخاء والدال مهملة ، وقد ذكرته في بابه.

الجَخْرَاءُ : بالفتح ثم السكون ، والراء ، والمد : بلد ، قال نصر : هي بلدة لبني شجنة بن عطارد بن عوف ابن كعب.

جَخْزَنَى : بعد الزاي المفتوحة نون ، كذا قال أبو سعد ، وألف مقصورة : قرية على ثلاثة فراسخ من سمرقند ، ينسب إليها أعين بن جعفر بن الأشعث الجخزني السمرقندي الرجل الصالح ، روى عن أبي


الحسن علي بن إسماعيل الخجندي ، سمع منه أبو سعد كتاب الشافهات تصنيف علي بن إسحاق بن إبراهيم الحنظلي السمرقندي.

باب الجيم والدال وما يليهما

جَدَّاءُ : بالفتح ، والتشديد ، والمد ؛ قال أبو الفتح نصر : موضع بنجد وأظنه أيضا موضعا شامّيا ، والجدّاء في اللغة : التي قد ذهب لبنها.

الجَدَاجِدُ : بالفتح ، جمع جدجد ، وهي الأرض المستوية الصلبة ؛ وفي حديث الهجرة أن دليلهما تبطن ذا كشر ثم أخذ بهما على الجداجد ، بجيمين ودالين ، ويجوز أن يكون جمع جدجد ، وهي البئر القديمة ، وأظنها على هذا آبارا قديمة في طريق ليس يعلم ، وفي حديث : أتينا على بئر جدجد ؛ قال أبو عبيدة : والصواب بئر جدّة أي قديمة ، حكى الهروي عن اليزيدي ويقال : بئر جدجد ، قال : وهو كما يقال في الكم كمكم وفي الرّف رفرف.

جِداد : بالكسر ، وآخره دال أخرى : موضع ؛ قال نصر : وأحسبه بين بادية الكوفة والشام.

جُدَّادُ : بالضم ثم التشديد : اسم واد أو نهر في بلاد العرب ، وفيه روضة ، وقد روي بالحاء المهملة ، وأما الجدّاد ، بالضم والجيم : فصغار الطلح ؛ قال الطّرمّاح :

يجتنى ثامر جدّاده

بين فرادى ترم ، أو تؤام

والشاهد على أنه نهر أو واد قوله :

ولو يكون على الجدّاد يملكه ،

لم يسق ذا غلّة من مائه الجاري

الجِدار : بالكَسر ، بلفظ واحد الجدران : من قرى اليمامة. وجدار العجوز : قد ذكر في حائط العجوز من باب الحاء. والجدار أيضا : محلّة ببغداد سميت ببني جدار ، بطن من الخزرج من الأنصار ؛ ينسب إليها أبو بكر أحمد بن سيدي بن الحسن بن بحر الجداري البغدادي ، ذكره أبو بكر في تاريخ بغداد ، روى عنه ابن زرقويه.

جُدَالُ : بالضم ، وآخره لام : قرية كبيرة عامرة على تل عال ، وعندها خان حسن عامر ، وأهلها نصارى ، بينها وبين الموصل مرحلتان ، وهي على طريق القوافل ، رأيتها غير مرّة ، ولها ذكر في الشعر القديم ؛ قال رجل من بني حييّ من النّمر بن قاسط يقال له دِثار يهجو رجلا من بني زبيد يقال له خالد :

أيا جبلي سنجار! هلّا دفقتما

بركنيكما أنف الزبيديّ أجمغا

لعمرك ما جاءت زبيد لهجرة ،

ولكنها جاءت أرامل جوعا

وتبكي على أرض الحجاز ، وقد رأت

جرائب خمسا من جدال فأربعا

الجَدَّان : بالفتح ، مثنّى : موضع في شعر الأعشى : فاحتلّت الغمر فالجدّين فالفرعا

جَدَّاوَة : بالفتح ، والتشديد ، وفتح الواو : قرية من قرى برقة بالمغرب يقال لها جدّاوة حيّان ، بينها وبين وادي مخيل ثمانية فراسخ.

الجدَاةُ : موضع في بلاد غطفان ؛ قال :

يديت ، على ابن حسحاس بن وهب

بأسفل ذي الجداة ، يد الكريم

قصرت له من الحمّاء لمّا

شهدت وغاب عن دار الحميم


أخبّره بأن الجرح يشوى ،

وأنك فوق عجازة جموم

ولو أني أشاء لكنت منه

مكان الفرقدين من النجوم

ذكرت تعلّة الفتيان يوما ،

وإلحاق الملامة بالمليم

الجَدَائِرُ : بالفتح ، لعلّه جمع جديرة ، وهي الحظيرة من الصخر ؛ وذو الجدائر : واد في بلاد الضباب ، بينه وبين حمى ضرية ثلاثة أميال من جهة الجنوب ؛ وقيل فيه :

عدمناك من شعب ، وحبّب بطنه

واسلاعه صوب الغمام البواكر

أكلنا به لحم الحمار ، ولم نكن

لنأكله إلا بشعب الجدائر

جُدُّ الأَثافي : بالضم ثم التشديد ؛ والجدّ في اللغة البئر القديمة ، والأثافي جمع أثفية ، وهي الحجارة التي توضع عليها القدر : وهو موضع بعقيق المدينة.

جُدُّ المَوَالي : بالعقيق أيضا. والجدّ : ماء في ديار بني عبس ؛ قال الأخضر بن هبيرة بن عمرو بن ضرار الضبي وكان قد ورد على بني عبس فمنعوه الماء فقال :

إذا ناقة شدّت برحل ونمرق

لمدحة عبسيّ ، فآبت وكلت

وجدنا بني عبس ، خلا اسم أبيهم ،

قبيلة سوء حيث سارت وحلّت

وما أمرت بالخير عمرة طلقت

رضاع ، ولا صامت ولا هي صلّت

فلو أنها كانت لقاحي أثيرة ،

لقد نهلت من ماء جدّ وعلّت

ولكنها كانت ثلاثا مياسرا ،

وحائل حول أنهزت فأحلّت

يقال : نهز البعير ضرع أمه مثل لهزه إذا وكزه.

والجدّ أيضا : ماء بالجزيرة ؛ قال الأخطل :

أتعرف من أسماء بالجدّ روسما

محيلا ونؤيا دارسا قد تهدّما؟

والجدّ أيضا : ماء لبني سعد ؛ كذا فسره ابن السكّيت في قول عدي بن الرقاع :

فألمّت بذي المويقع لما

جف عنها مصدّع ، فالنضاء

ثمّت استوسقت له ، فرمته

بغبار عليه منه رداء

مستطير ، كأنه سابريّ ،

عند تجر ، منشّر وملاء

دانيات للجدّ ، حتى نهاها

ناصع من جنوب ماء رواء

هذا معنى سبق إليه عدي بن الرقاع ، وقد كرره في موضع آخر فقال يصف حماري وحش :

يتعاوران من الغبار ملاءة

دكناء ملحمة ، هما نسجاها

جَدَدُ : بالتحريك ، وهي الأرض الصلبة : وهو موضع في بلاد بني هذيل ؛ قال غاسل بن غزيّة الجربي الهذلي :

ثم انصببنا جبال الصفر معرضة

عن اليسار ، وعن أيماننا جدد

جَدَرُ : بالراء ، هو أثر الكرم في عنق الحمار : وهي قرية بين حمص وسلمية ، تنسب إليها الخمر ؛ قال الأخطل :

كأنني شارب ، يوم استبدّ بهم ،

من قرقف ضمّنتها حمص أو جدر


وقيل : جدر قرية بالأردن ؛ قال أبو ذؤيب :

فما أن رحيق سبتها التّجا

ر من أذرعات فوادي جدر

جَدْرٌ : بسكون الدال ، ذو جدر : مسرح على ستة أميال من المدينة بناحية قباء ، كانت فيها لقاح رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، تروح عليه إلى أن أغير عليها وأخذت ، والقصة في المغازي مشهورة.

جدرين : قرية من قرى الجند باليمن.

الجدَفُ : بالتحريك ، وهو القبر : وهو موضع.

جدَنٌ : بالتحريك ، وآخره نون ؛ والجدن : حسن الصوت ، وذو جدن : الملك الحميري ؛ وقيل : جدن مفازة باليمن ، وقيل : إن ذا جدن ؛ ينسب إليها عن البكري المغربي ؛ قال ابن مقبل :

من طيّ أرضين أو من سلّم نزل ،

من ظهر ريمان أو من عرض ذي جدن

قالوا : موضع باليمن ، وقيل واد.

جَدْواء : بالفتح ثم السكون ، والمد : موضع بنجد.

جَدُودُ : بالفتح ؛ والجدود في اللغة النّعجة التي قلّ لبنها من غير بأس ، ولا يقال للعنز ؛ وهو اسم موضع في أرض بني تميم قريب من حزن بني يربوع على سمت اليمامة ، فيه الماء الذي يقال له الكلاب ، وكانت فيه وقعتان مشهورتان عظيمتان من أعرف أيام العرب ، وكان اليوم الأوّل منها غلب عليه يوم جدود ، وكان لتغلب على بكر بن وائل ، وفيه يقول :

أرى إبلي عافت جدود ، فلم تذق

بها قطرة إلا تحلّة مقسم

وقال قيس بن عاصم المنقري :

جزى الله يربوعا بأسوإ صنعها ،

إذا ذكرت في النائبات أمورها

بيوم جدود قد فضحتم أباكم ،

وسالمتم ، والخيل تدمى نحورها

وقال الحفصي : جدود هوّة في الأرض تدعى الغبطة ؛ قال الفرزدق :

هلّا غداة حبستم أعياركم

بجدود ، والخيلان في اعصار

الحوفزان مشوّم أفراسه ،

والمحصنات حواسر الأبكار

جَدُورَةُ : بالفتح : اسم بئر في شعر جعفر بن علبة الحارثي :

ألا هل ، إلى ظلّ النضارات بالضحى ،

سبيل ، وتغريد الحمام المطوّق

وشربة ماء من جدورة طيّب ،

جرى بين أفنان العضاه المسوّق

وسيري مع الفتيان ، كلّ عشيّة ،

أباري مطاياهم ببيداء سملق

جُدّة : بالضم ، والتشديد ؛ والجدّة في الأصل الطريقة ، والجدّة الخطة التي في ظهر الحمار تخالف سائر لونه.

وجدّة : بلد على ساحل بحر اليمن ، وهي فرضة مكة ، بينها وبين مكة ثلاث ليال ؛ عن الزمخشري ، وقال الحازمي : بينهما يوم وليلة ، وهي في الإقليم الثاني ، طولها من جهة المغرب أربع وستون درجة وثلاثون دقيقة ، وعرضها إحدى وعشرون درجة وخمس وأربعون دقيقة ؛ قال أبو المنذر : وبجدّة ولد جدّة بن حزم بن ريّان بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة فسمي جدّة باسم الموضع ؛ قال : ولما تفرقت الأمم عند تبلبل الألسن صار لعمرو بن


معدّ بن عدنان ، وهو قضاعة ، لمساكنهم ومراعي أغنامهم جدّة من شاطئ البحر وما دونها إلى منتهى ذات عرق إلى حيز البحر من السهل إلى الجبل ، فنزلوا وانتشروا فيها وكثروا بها ؛ قال أبو زيد البلخي : وبين جدّة وعدن نحو شهر ، وبينها وبين ساحل الجحفة خمس مراحل ؛ وينسب إلى جدّة جماعة ، منهم : عبد الملك بن إبراهيم الجدّي ؛ وعلي بن محمد بن علي بن الأزهر أبو الحسن العليمي المقري القطّان ، يعرف بالجدّي ، سمع أبا محمد بن أبي نصر وأبا الحسن أحمد بن محمّد العتيقي وأبا بكر محمد بن عبد الرحمن القطّان ، روى عنه عبد الله بن السمرقندي ، ومولده سنة ٣٩٠ ، ومات سنة ٤٦٨.

جَدَيَا : بفتحتين ، وياء ، وألف مقصورة : من قرى دمشق ، وهم يسمونها الآن جديا ، بكسر أوله وتسكين ثانيه ؛ منها أبو حفص عمر بن صالح بن عثمان ابن عامر المرّي الجدياني ، يروي عن أبي يعلى حمزة ابن خراش الهاشمي ، سمع منه عبد الوهاب بن الحسن الكلابي بقريته وأبو الحسين الرازي وقال : مات عمر بن صالح الجدياني المرّي في سنة ٣٣٢ ؛ ومنها جماعة عصريّون سمعوا من الحافظ أبي القاسم علي بن الحسن بن هبة الله بن عساكر ؛ منهم حميد وسلطان ابنا حسان بن سبيع وطالب بن أبي محمد بن أبي شجاع وابنه أبو محمد حسان وغيرهم.

جُدَيْدٌ : بلفظ تصغير جدّ : خطّة بني جديد بالبصرة في جانب ربيعة ، وبنو جديد حيّ من اليمن.

الجديدُ : ضدّ العتيق : اسم نهر أحدثه مروان بن أبي حفصة الشاعر باليمامة ، وكان قد سمي قديما ربى.

وجديد أيضا : جبل من جبال أجإ. وجديد أيضا : جبل في ديار الأزد.

الجَدِيدَةُ : بلفظ ضدّ العتيقة : اسم كل واحدة من قريتين بمصر إحداهما في كورة الشرقية والأخرى في كورة المرتاحية.

الجُدَيْدَةُ : بلفظ تصغير التي قبلها : اسم لقلعة في كورة بين النهرين التي بين نصيبين والموصل ، وأكثر ما تكون لصاحب الموصل غالبا ، وهي قديمة حصينة جدّا ، وأعمالها متصلة بأعمال حصن كيفا ، ولها قرّى ومزارع ، وأكثر زروعهم العذي.

الجُدَيْفُ : مصغر : موضع بالحجاز ، وهو أبرق ، أسفله رمل.

جَديلَةُ : بالفتح ثم الكسر ؛ الجديلة الشاكلة ، والجديلة الناحية ، وجديلة : اسم قبيلة من طيء وقبيلة من الأنصار ومن قيس. وجديلة : اسم مكان في طريق حاجّ البصرة ؛ وفي أخبار خالد بن عبد الله القسري من كتاب أبي الفرج :

وما قربت بجيلة منك دوني

بشيء ، غير أن دعيت بجيله

وما للغوث عندك ، إن نسبنا

علينا في القرابة ، من فضيله

ولكنا وإياكم كثرنا ،

فصرنا في المحلّ على جديله

ثم قال أبو الفرج : جديلة ههنا موضع لا قبيلة ، وقال أبو زياد : من مياه بني وبر بن الأضبط بن كلاب.

وجديلة : منهل من مناهل حاجّ البصرة ؛ وقال أبو سعد : منه معلى بن حاجب بن أوس الجديلي ، روى عن يحيى بن راشد.

جَدِيَّةُ : بالفتح ثم الكسر ، وياء مشددة : أرض بنجد كانت دارا لبني شيبان ؛ والجديّة في اللغة : شيء محشوّ تحت دفّتي السرج والرّحل ، والجديّة من


الدم : ما لصق بالجسد.

جُدَيَّةُ : تصغير الذي قبله : جبل بنجد لطيء ؛ وقال رجل منهم :

وهل أشربنّ ، الدهر ، من ماء مزنة

على عطش مما أقرّ الوقائع

بقيع التناهي ، أو بهضب جديّة

سرى الغيث عنه ، وهو في الأرض ناقع

باب الجيم والذال وما يليهما

جَذَّاءُ : بالفتح ، والتشديد ، والمدّ ؛ والجذّ القطع ، ورحم جذّاء مقطوعة ؛ وجذّاء : موضع في قول الشاعر :

بغيتهم ما بين جذّاء والحشا ،

وأوردتهم ماء الأثيل فعاصما

الجَذَاةُ : بالفتح ، لغة في الدال المهملة ، وقد تقدم.

جذَرُ : بالتحريك أيضا ، لغة في الدال المهملة ، وقد تقدم أيضا.

جُذْمانُ : بالضم ثم السكون : موضع فيه أطم من آطام المدينة ، سمي بذلك لأن تبّعا كان قد قطع نخله لما غزا يثرب ؛ والجذم : القطع ؛ قال قيس بن الخطيم :

كأن رؤوس الخزر جبين ، إذ بدت

كتائبنا تبري مع الصبح ، حنظل

فلا تقربوا جذمان إن حمامه

وجنته تأذى بكم ، فتحملوا

جَذَمُ : بالتحريك ؛ والجذم القطع : أرض في بلاد فهم بن عمرو بن قيس عيلان ؛ قال قيس بن العيزارة الهذلي يخاطب تأبّط شرّا :

أثابت أم خلّفت أختك عاتقا ،

تجمّع عند المومسات أيورها

وأخبرني أبو المضلّل أنها

قفا جذم ، يهدي السباع زفيرها

جذِيذ : كأنه فعيل من الجذّ ، وهو القطع ، بمعنى مفعول : موضع قرب مكة.

جَذِيمَةُ : مسجد جذيمة بالكوفة ، ينسب إلى جذيمة بن مالك بن نصر بن قعين من بني أسد.

باب الجيم والراء وما يليهما

جُرَاباذُ : بالضم ، بين الألفين باء موحدة ، وآخره ذال معجمة : من قرى مرو ، وأهلها يقولون كراباذ ؛ منها أبو بكر محمد بن عبد الله الجراباذي ، روى عن محمود بن عبد الله السعدي ، روى عنه القاضي أبو بكر أحمد بن محمد بن إبراهيم الصدفي.

جُرَابُ : بالضم ؛ يحتمل أن يكون جراب بمعنى جريب ، نحو كبار وكبير وطوال وطويل ، والجريب الوادي ، والجريب قطعة من الأرض معلومة ؛ وجراب : اسم ماء ، وقيل بئر بمكة قديمة ؛ قال الشاعر :

سقى الله أمواها عرفت مكانها

جرابا وملكوما وبذّر والغمرا

جَرَّاحُ : بالفتح ، وتشديد الراء ، وآخره حاء مهملة : مدينة بمصر في كورة المرتاحية.

جُرَادُ : بالضم ، بوزن غراب : ماء في ديار بني تميم عند المرّوت ، كانت به وقعة الكلاب الثانية ؛ وقال جرير :

ولقد عركن بآل كعب عركة

بلوى جراد ، فلم يدعن عميدا

إلا قتيلا قد سلبنا بزّه

تقع النسور عليه ، أو مصفودا


وفي الحديث أن حصين بن مشمّت وفد على النبي ، صلى الله عليه وسلم ، فبايعه بيعة الإسلام وصدّق إليه ماله ، فأقطعه النبي ، صلى الله عليه وسلم ، مياها عدّة ، منها جراد ، وبعض المحدثين يقوله بالذال المعجمة ، ومنها السّديرة والثماد والأصيهب ؛ وسألت أعرابيّا آخر : كيف تركت جرادا؟ فقال : تركته كأنه نعامة جاثمة ، يعني من الخصب والعشب ؛ وقال ابن مقبل :

للمازنيّة مصطاف ومرتبع ،

مما رأت أود فالمقراة فالجرع

منها بنعف جراد والقبائض من

وادي جفاف مرا دنيا ومستمع

أراد مرأ دنيا فخفف الهمزة ؛ وقال نصر : جراد رملة عريضة بين البصرة واليمامة بين حائل والمرّوت في ديار بني تميم ، وقيل في ديار بني عامر ، وقيل أرض بين عليا تميم وسفلى قيس ، وقيل جبل.

الجُرَادَةُ : بزيادة الهاء ؛ قال أبو منصور الأزهري : الجرادة رملة بعينها بأعلى البادية ؛ قال الأسود بن يعفر:

وغودر علوا ذلّها متطاول

بنيل ، كجثمان الجرادة ناشر

الجرَادِي : بكسر الدال ، بنو الجرادي : قرية باليمن من أعمال صنعاء.

جُرَارُ : بالراء : اسم جبل في قول ابن مقبل :

لمن الديار بجانب الأحفار

فبتيل دمخ ، أو بسفح جرار

أمست تلوح ، كأنها عاميّة ،

والعهد كان بسالف الأعصار

جِرَارُ : بالكسر ، جمع جرّة الماء : موضع من نواحي قنّسرين. وجرار أيضا ، جرار سعد : موضع بالمدينة كان ينصب عليه سعد بن عبادة جرارا يبرّد فيها الماء لأضيافه به أطم دليم.

الجرّارة : بالفتح ، والتشديد : ناحية من نواحي البطيحة قريبة من البرّ ، توصف بكثرة السمك.

جُرَازُ : بالضم ثم التخفيف ، وآخره زاي : موضع بالبصرة.

جُرَافُ : آخره فاء ، ذو جراف : واد يفرغ في السلّى.

جِرَامُ : بالكسر ، وآخره ميم ، لفظة فارسية ؛ قال حمزة : قلب إلى صرام تعريبا ، وهو من رساتيق فارس.

جَرَاميزُ : بالفتح ، وآخره زاي ، كأنه جمع جرموز ؛ وهو الحوض الصغير ، وجراميز الرجل أعضاؤه : موضع باليمامة ؛ قال مضرّس بن ربعيّ :

تحمّل من ذات الجراميز أهلها ،

وقلّص عن نهي القرينة حاضره

تربّعن روض الحزن ، حتى تعاورت

سهام السّفا قريانه وظواهره

جُرَاوَةُ : بالضم : ناحية بالأندلس من أعمال فحص البلوط. وجوارة أيضا : موضع بإفريقية بين قسطنطينية وقلعة بني حمّاد ؛ منها عبد الله بن محمد الجراوي كاتب شاعر مليح النظم والنثر ؛ كذا قال الحسن بن رشيق القيرواني وذكر أنه توفي سنة ٤١٥ عن نيف وأربعين سنة.

الجرَوِيُّ : يروى بضم الجيم وفتحها ، والضم أكثر : وهي مياه في بلاد القين بن جسر ، وقيل هي قلب على طريق طيء إلى الشام ، وقيل مياه لطيء بالجبلين ؛ قال بعض الأعراب :


ألا لا أرى ماء الجراويّ شافيا

صداي ، ولو روّى غليل الركائب

فيها لهف نفسي ، كلما التحت لوحة

على شربة من ماء أحواض ناضب

الجرْباءُ : كأنه تأنيث الأجرب : موضع من أعمال عمان بالبلقاء من أرض الشام قرب جبال السراة من ناحية الحجاز ، وهي قرية من أذرح التي تقدم ذكرها ، وبينهما كان أمر الحكمين بين عمرو بن العاص وأبي موسى الأشعري ، وروي جربى بالقصر ، وذكره بعد بأتم من هذا. والجرباء أيضا : ماء لبني سعد بن زيد مناة بن تميم بين البصرة واليمامة.

جَرْباذَقانُ : بالفتح ، والعجم يقولون كرباذكان : بلدة قريبة من همذان بينها وبين الكرج وأصبهان ، كبيرة مشهورة ؛ وأنشد أبو يعلى محمد بن محمد ابن الهاشمي :

جرباذقان بلدة

زرّت على جيد القبائح

أرض يموت الحرّ في

أرجائها ، لو لا ابن صالح

ينسب إليها جماعة ، منهم : أبو أحمد عبيد الله بن أحمد بن إسماعيل بن عبد الله العطّار الجرباذقاني قاضيها ، روى عنه أبو بكر بن مردويه الحافظ.

وجرباذقان أيضا : بلدة بين استرآباذ وجرجان من نواحي طبرستان ؛ ينسب إليها نصر الجرباذقاني ، ففيه حنفيّ بارع في الفقه.

جَرَبّ : بفتحتين ، وتشديد الباء الموحدة : موضع باليمن ذكر في حديث حنش السبيء الصنعاني ، ويروى جربّة في حديث حنش الصنعاني : غزونا جربّة ومعنا فضالة بن عبيد ؛ كذا ضبطه أبو سعد ؛ والجربّة في اللغة : الكتيبة من حمر الوحش.

الجربتان : من قرى جهران باليمن.

جَرْبَثُ : يروى بفتحتين وضمتين ، وقد رواه ابن دريد جرثب ، بتقديم الثاء وتأخير الباء ، وقد ذكر الحازمي حربث ، بالحاء ، وقد ذكر في موضعه ، ولا أدري أهو هذا وقد صحّف أحدهما ، أو كل واحد منهما موضع على حدته.

جَرْبَسْتُ : بالفتح ثم السكون ، وفتح الباء ، وسكون السين ، وتاء مثناة : قرية في جبال طبرستان لا يدخل إليها إلّا في طرق غامضة صعبة.

جُرُبَّة : بضمتين ، وتشديد الباء : جبل لبني عامر.

جَرْبَةُ : بالفتح ثم السكون ، والباء موحدة خفيفة ، رواية في جربّة وجربّ المقدم ذكرهما : قرية بالمغرب لها ذكر كثير في كتاب الفتوح ؛ وفي حديث حنش : غزونا مع رويفع بن ثابت قرية بالمغرب يقال لها جربة ، فنام فينا خطيبا فقال : أيها الناس لا أقول لكم إلّا ما سمعته من رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، يقول فينا يوم خيبر ، فإنه قام فينا فقال : لا يحلّ لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسقي ما زرعه غيره ، يعني إتيان النساء الحبالى ؛ وقد روي فيها جربة أيضا ، بكسر الجيم ، وقيل : هي جزيرة بالمغرب من ناحية إفريقية قرب قابس يسكنها البربر ، وقال أبو عبيد البكري : وعلى مقربة من قابس جزيرة جربة ، وفيها بساتين كثيرة ، وأهلها مفسدون في البر والبحر ، وهم خوارج ، وبينها وبين البر الكبير مجاز.

جَرْبَى : كأنه جمع أجرب ؛ قال أبو بكر محمد ابن موسى : من بلاد الشام كان أهلها يهودا ، كتب لهم رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، لما قدم عليه


يحنّه بن رؤبة صاحب إيلة بقوم منهم من أهل أذرح يطلبون الأمان كتابا على أن يؤدوا الجزية ؛ وقد روي بالمدّ ، وقد تقدّم.

جُرْتُ : بالضم ثم السكون ، والتاء مثناة فوقها : قرية من قرى صنعاء باليمن ؛ ينسب إليها يزيد بن مسلم الجرثي الصنعاني ويقال له الحزيزي أيضا ، حدث عن مسلم بن محمد ؛ كذا ضبطه الحازمي وأبو سعد ؛ وقال العمراني : سمعته من جار الله بفتح الجيم وضبطه الأمير بكسرها ، وقد روي أيضا جرث ، بالثاء.

جُرْثُمُ : بالضم ثم السكون ، والثاء مضمومة مثلثة ؛ والجرثومة في الأصل قرية النمل : ماء لبني أسد بين القنان وترمس ؛ قال زهير :

تبصّر خليلي هل ترى من ظعائن

تحمّلن بالعلياء من فوق جرثم؟

جَرْجا : بجيمين ، والراء ساكنة : قرية من أعمال الصعيد قرب إخميم ؛ ينسب إليها عبد الولي بن أبي السّرايا بن عبد السلام الأنصاري ، فقيه شافعي ، وكان خطيب ناحيته وأحد عدولها ، وله شعر حسن المذهب ، منه ما أنشدني أبو الربيع سليمان بن عبد الله المكي ، قال أنشدني الخطيب عبد الولي لنفسه :

لا تنكرن بعلوم السّقم معرفتي ،

فربّ حامل علم وهو مجهول

قد يقطع السيف مفلولا مضاربه

عند الجلاد ، وينبو وهو مصقول

وأنشدني قال أنشدني لنفسه :

تأنّ إذا أردت النطق ، حتى

تصيب بسهمه غرض البيان

ولا تطلق لسانك ، ليس شيء

أحق بطول سجن من لسان

جُرْجانُ : بالضم ، وآخره نون ؛ قال صاحب الزيج : طول جرجان ثمانون درجة ونصف وربع ، وعرضها ثمان وثلاثون درجة وخمس عشرة دقيقة ، في الإقليم الخامس ، وروى بعضهم أنها في الإقليم الرابع ، وفي كتاب الملحمة المنسوب إلى بطليموس : طول مدينة جرجان ست وثمانون درجة وثلاثون دقيقة ، وعرضها أربعون درجة ، في الإقليم الخامس ، طالعها النور ولها شركة في كف الخضيب ثلاث درج وست عشرة دقيقة وشركة في مرفق الدب الأصغر تحت سبع عشرة درجة وست عشرة دقيقة من السرطان ، يقابلها مثلها من الجدي بيت ملكها مثلها من الحمل بيت عاقبتها مثلها من الميزان. وجرجان : مدينة مشهورة عظيمة بين طبرستان وخراسان ، فبعض يعدها من هذه وبعض يعدّها من هذه ، وقيل : إن أول من أحدث بناءها يزيد بن المهلّب بن أبي صفرة ، وقد خرج منها خلق من الأدباء والعلماء والفقهاء والمحدثين ، ولها تاريخ ألفه حمزة بن يزيد السّهمي.

قال الإصطخري : أما جرجان فإنها أكبر مدينة بنواحيها ، وهي أقل ندّى ومطرا من طبرستان ، وأهلها أحسن وقارا وأكثر مروءة ويسارا من كبرائهم ، وهي قطعتان : إحداهما المدينة والأخرى بكراباذ ، وبينهما نهر كبير يجري يحتمل أن تجري فيه السفن ، ويرتفع منها من الإبريسم وثياب الإبريسم ما يحمل إلى جميع الآفاق ، قال : وإبريسم جرجان بزر دودة يحمل إلى طبرستان ، ولا يرتفع من طبرستان بزر إبريسم ، ولجرجان مياه كثيرة وضياع عريضة ، وليس بالمشرق بعد أن تجاوز العراق مدينة أجمع ولا أظهر حسنا من جرجان على مقدارها ، وذلك أن بها الثلج والنخل ، وبها فواكه الصرود والجروم ، وأهلها يأخذون أنفسهم بالتأنى والأخلاق


المحمودة ؛ قال : وقد خرج منها رجال كثيرون موصوفون بالسّتر والسخاء ، منهم : البرمكي صاحب المأمون ، ونقودهم نقود طبرستان الدنانير والدراهم ، وأوزانهم المنّ ستمائة درهم ، وكذلك الري وطبرستان.

وقال مسعر بن مهلهل : سرت من دامغان متياسرا إلى جرجان في صعود وهبوط وأودية هائلة وجبال عالية ، وجرجان مدينة حسنة على واد عظيم في ثغور بلدان السهل والجبل والبر والبحر ، بها الزيتون والنخل والجوز والرمان وقصب السكر والأترج ، وبها إبريسم جيد لا يستحيل صبغه ، وبها أحجار كبيرة ، ولها خواصّ عجيبة ، وبها ثعابين تهول الناظر لكن لا ضرر لها ؛ ولأبي الغمر في وصف جرجان :

هي جنّة الدّنيا التي هي سجسج ،

يرضى بها المحرور والمقرور

سهليّة جبليّة بحريّة ،

يحتلّ فيها منجد ومغير

وإذا غدا القنّاص راح بما اشتهى

طبّاخه ، فملهّج وقدير

قبج ودرّاج وسرب تدارج ،

قد ضمّهن الظبي واليعفور

غربت بهنّ أجادل وزرازر

وبواشق وفهودة وصقور

ونواشط من جنس ما هي أفتنت

رأي العيون بها ، وهنّ النور

وكأنما نوّارها برياضها ،

للمبصريه ، سندس منشور

وللصاحب كافي الكفاة أبي القاسم في كتابه كافي الرسائل في ذمّ جرجان :

نحن والله من هوائك ، يا جر

جان ، في خطّة وكرب شديد

حرّها ينضج الجلود ، فإن هبّت

شمالا تكدّرت بركود

كحبيب منافق ، كلما همّ

بوصل أحاله بالصّدود

وقال أبو منصور النيسابوري يذكر اختلاف الهواء بها في يوم واحد :

ألا ربّ يوم لي بجرجان أرعن ،

ظللت له من حرقه أتعجّب

وأخشى على نفسي اختلاف هوائها ،

وما لامرئ عما قضى الله مهرب

وما خير يوم أخرق متلوّن

ببرد وحرّ ، بعده يتلهّب

فأوّله للقرّ والجمر ينقب ،

وآخره للثلج والخيش يضرب

وكان الفضل بن سهل قد ولى مسلم بن الوليد الشاعر ضياع جرجان وضمّنه إياها بخمسمائة ألف وقد بذل فيها ألف ألف درهم ، وأقام بجرجان إلى أن أدركته الوفاة ومرض مرضه الذي مات فيه فرأى نخلة لم يكن في جرجان غيرها فقال :

ألا يا نخلة بالسف

ح من أكناف جرجان

ألا إني وإياك

بجرجان غريبان

ثم مات مع تمام الإنشاد ؛ وقد نسب الأقيشر اليربوعي ، وقيل ابن خزيم ، إليها الخمر فقال :

وصهباء جرجانية لم يطف بها

حنيف ، ولم ينفر بها ساعة قدر


ولم يشهد القسّ المهيمن نارها

طروقا ، ولم يحضر على طبخها حبر

أتاني بها يحيى وقد نمت نومة ،

وقد لاحت الشّعرى وقد طلع النّسر

فقلت اصطبحها أو لغيري فأهدها ،

فما أنا بعد الشيب ويحك والخمر!

تعفّفت عنها في العصور التي مضت ،

فكيف التصابي بعد ما كمل العمر؟

إذا المرء وفّى الأربعين ، ولم يكن

له دون ما يأتي حياء ولا ستر

فدعه ولا تنفس عليه الذي أتى ،

وإن جرّ أسباب الحياة له الدهر

وكان أهل الكوفة يقولون : من لم يرو هذه الأبيات فإنه ناقص المروءة ؛ وأما فتحها فقد ذكر أصحاب السير أنه لما فرغ سويد بن مقرّن من فتح بسطام في سنة ١٨ كاتب ملك جرجان ثم سار إليها وكاتبه روزبان صول وبادره بالصلح على أن يؤدي الجزية ويكفيه حرب جرجان ، وسار سويد فدخل جرجان وكتب لهم كتاب صلح على الجزية ؛ وقال أبو نجيد :

دعانا إلى جرجان ، والرّيّ دونها ،

سواد فأرضت من بها من عشائر

وقال سويد بن قطبة :

ألا ابلغ أسيدا ، إن عرضت ، بأننا

بجرجان في خضر الرياض النواضر

فلما أحسونا وخافوا صيالنا

أتانا ابن صول ، راغما ، بالجرائر

وممن ينسب إليها من الأئمة أبو نعيم عبد الملك بن محمد بن عدي الجرجاني الأسترآباذي الفقيه أحد الأئمة ، سمع يزيد بن محمد بن عبد الصمد وبكار بن قتيبة وعمار بن رجاء وغيرهم ، قال الخطيب : وكان أحد أئمة المسلمين والحفّاظ بشرائع الدين مع صدق وتورّع وضبط وتيقظ ، سافر الكثير وكتب بالعراق والحجاز ومصر ، وورد بغداد قديما وحدث بها ، فروى عنه من أهلها يحيى بن محمد بن صاعد وغيره ، وقال أبو علي الحافظ : كان أبو نعيم الجرجاني أوحد ما رأيت بخراسان بعد أبي بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة مثله وأفضل منه ، وكان يحفظ الموقوفات والمراسيل كما نحفظ نحن المسانيد ، وقال الخليلي القزويني : كان لأبي نعيم تصانيف في الفقه وكتاب الضعفاء في عشرة أجزاء ، وقال حمزة بن يوسف السّهمي في تاريخ جرجان : عبد الملك بن محمد بن عدي بن زيد الأسترآباذي سكن جرجان وكان مقدما في الفقه والحديث وكانت الرّحلة إليه في أيامه ، روى عن أهل العراق والشام ومصر والثغور ، ومولده سنة ٢٤٢ ، وتوفي بأسترآباذ في ذي الحجة سنة ٣٢٣ ؛ ومنها أبو أحمد عبد الله بن عدي بن عبد الله بن محمد بن المبارك الجرجاني الحافظ المعروف بابن القطان أحد أئمة الحديث والمكثرين منه والجامعين له والرّحالين فيه ، رحل إلى دمشق ومصر ، وله رحلتان أولاهما في سنة ٢٩٧ والثمانية في سنة ٣٠٥ ، سمع الحديث بدمشق من محمد بن خزيم وعبد الصمد بن عبد الله بن أبي زيد وإبراهيم بن دحيم وأحمد بن عمير بن جوصا وغيرهم ، وسمع بحمص هبيل بن محمد وأحمد بن أبي الأخيل وزيد بن عبد الله المهراني ، وبمصر أبا يعقوب إسحاق المنجنيقي ، وبصيدا أبا محمد المعافى بن أبي كريمة ، وبصور أحمد بن بشير بن حبيب الصوري ، وبالكوفة أبا العباس بن عقدة ومحمد بن الحصين بن حفص ، وبالبصرة أبا خليفة الجمحي ، وبالعسكر عبدان الأهوازي ،


وببغداد أبا القاسم البغوي وأبا محمد بن صاعد ، وببعلبكّ أبا جعفر أحمد بن هاشم وخلقا من هذه الطبقة كثيرا ، وروى عنه أبو العباس بن عقدة ، وهو من شيوخه ، وحمزة بن يوسف السّهمي وأبو سعد الماليني وخلق في طبقتهم ، وكان مصنّفا حافظا ثقة على لحن كان فيه ؛ وقال حمزة : كتب أبو محمد بن عدي الحديث بجرجان في سنة ٢٩٠ عن أحمد بن حفص السعدي وغيره ، ثم رحل إلى الشام ومصر وصنف في معرفة ضعفاء المحدّثين كتابا في مقدار مائتي جزء سماه الكامل ؛ قال : وسألت الدارقطني أبا الحسن أن يصنف كتابا في ضعفاء المحدثين فقال : أليس عندكم كتاب ابن عدي؟ قلت : بلى ، قال : فيه كفاية لا يزاد عليه ، وكان ابن عدي جمع أحاديث مالك بن أنس والأوزاعي وسفيان الثوري وشعبة وإسماعيل ابن أبي خالد وجماعة من المتقدّمين وصنف على كتاب المزني كتابا سماه الأبصار ، وكان أبو أحمد حافظا متقنا لم يكن في زمانه مثله ، تفرّد بأحاديث فكان قد وهب أحاديث له يتفرّد بها لبنيه عدي وأبي زرعة وأبي منصور تفرّدوا بروايتها عن أبيهم ، وابنه عدي سكن سجستان وحدث بها ، قال ابن عدي : سمع مني أبو العباس بن عقدة كتاب الجعفرية عن أبي الأشعث ، وحدث به عندي فقال : حدّثني عبد الله بن عبد الله ، وكان مولده في ذي القعدة سنة ٢٧٧ ، ومات غرّة جمادى الآخرة سنة ٣٦٥ ليلة السبت ، فصلى عليه أبو بكر الإسماعيلي ودفن بجنب مسجد كوزين ، وقبره عن يمين القبلة مما يلي صحن المسجد بجرجان ؛ ومنها حمزة بن يوسف بن إبراهيم بن موسى بن إبراهيم ابن محمد ، ويقال ابن إبراهيم بن أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن هشام بن العباس بن وائل أبو القاسم السهمي الجرجاني الواعظ الحافظ ، رحل في طلب الحديث فسمع بدمشق عبد الوهاب الكلابي ، وبمصر ميمون بن حمزة وأبا أحمد محمد بن عبد الرحيم القيسراني ، وبتنيس أبا بكر بن جابر ، وبأصبهان أبا بكر المقري ، وبالرّقة يوسف بن أحمد بن محمد ، وبجرجان أبا بكر الإسماعيلي وأبا أحمد بن عدي ، وببغداد أبا بكر بن شاذان وأبا الحسن الدارقطني ، وبالكوفة الحسن بن القاسم ، وبعكبرا أحمد بن الحسن بن عبد العزيز ، وبعسقلان أبا بكر محمد بن أحمد بن يوسف الخدري ، روى عنه أبو بكر البيهقي وأبو صالح المؤدّب وأبو عامر الفضل بن إسماعيل الجرجاني الأديب وغير هؤلاء سمعوا ورووا ؛ قال أبو عبد الله الحسين بن محمد الكتبي الهروي الحاكم : سنة ٤٢٧ ورد الخبر بوفاة الثّعلبي صاحب التفسير وحمزة بن يوسف السّهمي بنيسابور ؛ ومنها أبو إبراهيم إسماعيل بن الحسن بن محمد بن أحمد العلوي الحسيني من أهل جرجان ، كان عارفا بالطبّ جدّا ، وله فيه تصانيف حسنة مرغوب فيها بالعربية والفارسية ، انتقل إلى خوارزم وأقام بها مدة ثم انتقل إلى مرو فأقام بها ، وكان من أفراد زمانه ، وذكر أنه سمع أبا القاسم القشيري ، وحدث عنه بكتاب الأربعين له ، وأجاز لأبي سعد السمعاني ، وتوفي بمرو سنة ٥٣١ ؛ وغير هؤلاء كثير.

الجُرْجانِيَّةُ : مثل الذي قبله منسوب ، هو اسم لقصبة إقليم خوارزم : مدينة عظيمة على شاطئ جيحون ، وأهل خوارزم يسمّونها بلسانهم كركانج فعرّبت إلى الجرجانية ، وكان يقال لمدينة خوارزم في القديم فيل ثم قيل لها المنصورة ، وكانت في شرقي جيحون فغلب عليها جيحون وخرّبها ، وكانت كركانج هذه مدينة صغيرة في مقابلة المنصورة من الجانب الغربي فانتقل أهل خوارزم إليها وابتنوا بها


المساكن ونزلوها ، فخربت المنصورة جملة حتى لم يبق لها أثر وعظمت الجرجانية ، وكنت رأيتها في سنة ٦١٦ قبل استيلاء التتر عليها وتخريبهم إياها ، فلا أعلم أني رأيت أعظم منها مدينة ولا أكثر أموالا وأحسن أحوالا ، فاستحال ذلك كلّه بتخريب التتر إياها حتى لم يبق فيما بلغني إلّا معاملها ، وقتلوا جميع من كان بها.

جُرْجُ : بالضم ثم السكون ، وجيم أخرى : بلدة من نواحي فارس.

جَرْجَرَايا : بفتح الجيم ، وسكون الراء الأولى : بلد من أعمال النهروان الأسفل بين واسط وبغداد من الجانب الشرقي ، كانت مدينة وخربت مع ما خرب من النهروانات ؛ وقد خرج منها جماعة من العلماء والشعراء والكتّاب والوزراء ، ولها ذكر في الشعر كثير ؛ قال ابزون العمّاني :

ألا يا حبّذا يوما جررنا

ذيول اللهو فيه بجرجرايا

وممن ينسب إليها محمد بن الفضل الجرجراي وزير المتوكل على الله بعد ابن الزيّات ، ثم وزر للمستعين بالله ، ثم مات سنة ٢٥١ ، وكان من أهل الفضل والأدب والشعر ؛ ومنها أيضا جعفر بن محمد بن الصباح بن سفيان الجرجراي مولى عمر بن عبد العزيز ، نزل بغداد وروى عن الدّراوردي وهشيم ، روى عنه عبد الله بن قحطبة الصلحي وغيره ؛ وعصابة الجرجراي واسمه إبراهيم بن باذام ، له حكايات وأخبار وديوان شعر ، روى عنه عون بن محمد الكندي.

جُرْجَسَارُ : بالضم ، وفتح الجيم الثانية ، والسين مهملة ، وألف ، وراء : قرية من قرى بلخ في ظنّ أبي سعد ؛ منها أبو جعفر محمد بن عبد الرحيم بن محمد بن أحمد الجرجساري البلخي ، روى عن أبي بكر محمد بن عبد الله الشّوماني ، روى عنه أبو حفص عمر بن محمد ابن أحمد النّسفي. وجرجسار أيضا : من قرى مرو.

جَرْجَنبَانُ : بفتح الجيمين ، وسكون الراء والنون ، والباء موحدة ثم ألف ، ونون : قرية كبيرة بين ساوة والرّيّ ، لها ذكر في الأخبار.

الجُرْجُومَةُ : بضم الجيمين : مدينة يقال لأهلها الجراجمة ، كانت على جبل اللّكام بالثغر الشامي عند معدن الزاج فيما بين بيّاس وبوقة قرب أنطاكية ، والجراجمة جبل كان أمرهم في أيام استيلاء الروم أن خافوا على أنفسهم فلم يتنبّه المسلمون لهم ، وولّى أبو عبيدة أنطاكية حبيب بن مسلمة الفهري فغزا الجرجومة ، فصالحه أهله على أن يكونوا أعوانا للمسلمين وعيونا ومسالح في جبل اللكام ، وأن لا يؤخذوا بالجزية وأن يطلقوا أسلاب من يقتلونه من أعداء المسلمين إذا حضروا معهم حربا ، ودخل من كان معهم في مدينتهم من تاجر وأجير وتابع من الأنباط من أهل القرى ومن معهم في هذا الصلح فسموا الرواديف لأنهم تلوهم وليسوا منهم ، ويقال : إنهم جاءوا بهم إلى عسكر المسلمين وهم أرداف لهم ، فسمّوا رواديف ، وكان الجراجمة يستقيمون للولاة مرّة ويعوجّون أخرى فيكاتبون الروم ويمالئونهم على المسلمين ، ولما استقبل عبد الملك بن مروان محاربة مصعب بن الزبير خرج قوم منهم إلى الشام مع ملك الروم فتفرّقوا في نواحي الشام ، وقد استعان المسلمون بالجراجمة في مواطن كثيرة في أيام بني أمية وبني العباس وأجروا عليهم الجرايات وعرفوا منهم المناصحة.

جَرْجِير : بالفتح ، وكسر الجيم الثانية ، وياء ساكنة ، وراء : موضع بين مصر والفرما.


جُرْجِينُ : آخره نون : موضع بالبطيحة بين البصرة وواسط ، صعب المسلك ، وإليه ينسب الهور المتّقى سلوكه لعظم الخطر فيه إن هبّت أدنى ريح.

جَرْحَةُ : بالفتح ثم السكون ، والحاء مهملة : من قرى عسقلان بالشام ؛ منها أبو الفضل العباس بن محمد بن الحسن ابن قتيبة العسقلاني الجرحي ، روى عن أبيه وعن عبيد ابن آدم بن أبي إياس العسقلاني ، روى عنه أبو بكر محمد ابن إبراهيم المقري الأصبهاني.

جُرْخَانُ : بالضم ، والخاء معجمة ، وآخره نون : بلد بخوزستان قرب السوس.

جُرْخَبَنْد : بعد الخاء باء موحدة مفتوحة ، ونون ساكنة ، ودال مهملة : بليدة بأرمينية أو بأذربيجان ، بها مات عبيد الله بن عليّ بن حمزة ، يعرف بابن المارستانية ، وكان أنفذ في رسالة إلى تفليس من الناصر ، فلما رجع ووصل إلى هذه البلدة مات في ذي القعدة سنة ٥٩٩ ، وكان من أهل العلم والحفظ ، متّهما فيما يرويه.

جَرْدانُ : الدال مهملة ، وآخره نون : بلد قرب كابلستان بين غزنة وكابل ، به يصيف أهل ألبان.

جِرْدُ : اسم بلدة بنواحي بيهق ، كانت قديما قصبة الكورة ؛ قاله العمراني ؛ قلت : وأخاف أن يكون غلطا لأن قصبة بيهق كان يقال لها خسروجرد ، ونسب بعضهم إلى الشطر الأخير منه جرديّ فاشتبه عليه ، والله أعلم.

الجَرَدُ : بالتحريك : جبل في ديار بني سليم. وجرد القصيم : في طريق مكة من البصرة على مرحلة من القريتين ، والقريتان دون رامة بمرحلة ثم إمّرة الحمى ثم طخفة ثم ضريّة ؛ قال النعمان بن بشير الأنصاري في جرد :

يا عمرو لو كنت أرقى الهضب من بردى ،

أو العلى من ذرى نعمان أو جردا

وأنشد ابن السكيت في جرد القصيم :

يا زيّها اليوم على مبين ،

على مبين جرد القصيم

الجَرَدَةُ : بزيادة الهاء : من نواحي اليمامة ؛ عن الحفصي

جِرْدَوس : بالكسر ثم السكون : ولاية من أعمال كرمان قصبتها جيرفت.

جُرْذَقِيلُ : بالضم ثم السكون ، وفتح الذال المعجمة ، وكسر القاف ، وياء ، ولام : قلعة من نواحي الزّوزان ، وهي كرسي مملكة الأكراد البختية ، أفادنيها الإمام أبو الحسن عليّ بن محمد بن عبد الكريم بن الأثير الجزري.

الجَرُّ : بالفتح ، والتشديد ، وهو في الأصل الجبل ؛ عين الجر : جبل بالشام من ناحية بعلبكّ. والجر أيضا : موضع بالحجاز في ديار أشجع ، كانت فيه بينهم وبين بني سليم بن منصور وقعة ؛ قال الراعي :

ولم يسكنوها الجرّ حتى أظلّها

سحاب من العوّا تثوب غيومها

والجر أيضا : موضع بأحد ، وهو موضع غزوة النبيّ ، صلى الله عليه وسلم ؛ قال عبد الله بن الزّبعرى :

أبلغا حسّان عني مألكا ،

فقريض الشعر يشفي ذا الغلل

كم ترى بالجرّ من جمجمة

وأكفّ قد أترّت ورجل

وسرابيل حسان سرّيت

عن كماة ، أهلكوا في المنتزل


وقال الحجاج بن علاط السلمي يمدح عليّ بن أبي طالب ، رضي الله عنه ، ويذكر قتله طلحة بن أبي طلحة بن عبد العزّى بن عثمان بن عبد الدار صاحب لواء المشركين يوم أحد :

لله أيّ مذبّب عن حرمة!

أعني ابن فاطمة المعمّ المخولا

سبقت يداك له بعاجل طعنة ،

تركت طليحة للجبين مجدّلا

وشددت شدّة باسل ، فكشفتهم

بالجرّ إذ يهوون أخول أخولا

جُرْزانُ : بالضم ثم السكون ، وزاي ، وألف ، ونون : اسم جامع لناحية بأرمينية قصبتها تفليس ، حكى ابن الكلبي عن الشرقي بن قطاميّ جرزان وأرّان ، وهما مما يلي أبواب أرمينية ؛ وأرّان هي أرض برذعة مما يلي الديلم ، وهما ابنا كسلوخيم بن لنطي ابن يونان بن يافث بن نوح ، عليه السلام ؛ وقال عليّ ابن الحسين في مروجه : ثم يلي مملكة الأبخاز ملك الجرزية ، قلت أنا : وهم الكرج فيما أحسب فعرّب فقيل جرز ، قال : وهم أمة عظيمة ولهم ملك في هذا الوقت يقال له الطنبغي ، ومملكة هذا الملك موضع يقال له مسجد ذي القرنين ، وهم منقادون إلى دين النصرانية ، يقال لهم جرزان ، وكانت الأبخاز والجرزية تؤدّي الخراج إلى صاحب ثغر تفليس منذ فتحت تفليس وسكنها المسلمون إلى أيام المتوكل ، فإنه كان بها رجل يقال له إسحاق بن إسماعيل فتغلب عليها واستظهر بمن معه من المسلمين على من حولها من الأمم ، فانقادوا إلى طاعته وأدوا إليه الجزية وخافه كلّ من هناك من الأمم حتى بعث إليه المتوكل بغا التركي في عساكر كثيفة ، فنزل على ثغر تفليس فأقام عليه محاربا مدة يسيرة حتى افتتحها بالسيف ، وقتل إسحاق لأنه خلع طاعة السلطان ، فمن يومئذ انحرفت هيبة السلطان عن ذلك الثغر وطمع فيه المتغلبون وضعفوا عن مقاومة من حولهم من الكفار وامتنعوا عن أداء الجزية واستضافوا كثيرا من ضياع تفليس إليهم حتى كان من تملّك الكرج لتفليس ما كان في سنة ٥١٥ ، وقد ذكر خبر فتح المسلمين لهذه الناحية في باب تفليس ، وكان قد تغلب على هذه الناحية وأرّان في أيام المعتمد على الله رجل يقال له محمد بن عبد الواحد التميمي اليمامي ، فقال شاعره عمر بن محمد الحنفي يمدحه :

ونال بالشام أياما مشهّرة ،

سارت له في جميع الناس فاشتهرا

وداس أحرار جرزان بوطأته ،

حتى شكوا من توالي وطئه ضررا

وقال أبو عبادة الطائي في مدح أبي سعيد محمد بن يوسف الثغري :

وما كان بقراط بن أشوط عنده

بأول عبد ، أوبقته جرائره

ولما التقى الجمعان ، لم يجتمع له

يداه ، ولم يثبت على البيض ناظره

ولم يرض من جرزان حرزا يجيره ،

ولا في جبال الروم ريدا يجاوره

جُرْزُوَانُ : الزاي مضمومة ، وواو وألف ، ونون ، والخراسانيون يقولون كرزوان : وهي مدينة من أعمال الجوزجان في الجبال ، وهي مدينة عامرة آهلة ، وأهلها كلهم مياسير ، وهي أشبه شيء بمكة ، حرسها الله تعالى ، لأنها بين جبلين.


جُرْزَةُ : بالهاء : اسم أرض باليمامة من أرض الكوفة ، وهي لبني ربيعة ؛ قال متمم بن نويرة يرثي بحير بن عبد الله بن مليك بن عبد الله السليطي :

كأن بحيرا لم يقل لي ما ترى

من الأمر ، أو ينظر بوجه قسيم

ولم تشب في حال الكميت ، ولم تكن

كأنك نصب للرماح رجيم

ولكن رأيت الموت أدرك تبعا ،

ومن بعده من حادث وقديم

فيا لعبيد خلفة ان خيركم

بجرزة ، بين الوعستين ، مقيم

جَرْسيفُ : بالفتح ، وكسر السين المهملة ، وياء ساكنة ، وفاء : مدينة بالمغرب بين فاس وتلمسان.

جُرْشُ : بالضم ثم الفتح ، وشين معجمة : من مخاليف اليمن من جهة مكة ، وهي في الإقليم الأول ، طولها خمس وستون درجة ، وعرضها سبع عشرة درجة ، وقيل : إن جرش مدينة عظيمة باليمن وولاية واسعة ، وذكر بعض أهل السير أن تبّعا أسعد بن كليكرب خرج من اليمن غازيا حتى إذا كان بجرش ، وهي إذ ذاك خربة ومعدّ حالة حواليها ، فخلّف بها جمعا ممن كان صحبه رأى فيهم ضعفا ، وقال : اجرشوا ههنا أي البثوا ، فسميت جرش بذلك ، ولم أجد في اللغويين من قال إن الجرش المقام ، ولكنهم قالوا إن الجرش الصوت ، ومنه الملح الجريش لأنه حكّ بعضه ببعض فصوّت حتى سحق لأنه لا يكون ناعما ؛ وقال أبو المنذر هشام : جرش أرض سكنها بنو منبّه بن أسلم فغلبت على اسمهم وهو جرش واسمه منبّه بن أسلم بن زيد بن الغوث بن سعد بن عوف بن عديّ بن مالك بن زيد ابن سهل بن عمرو بن قيس بن معاوية بن جشم بن عبد شمس بن وائل بن الغوث بن أيمن بن الهميسع ابن حمير بن سبأ ، وإلى هذه القبيلة ينسب الغاز بن ربيعة بن عمرو بن عوف بن زهير بن حماطة بن ربيعة ابن ذي خليل بن جرش بن أسلم ، كان شريفا زمن معاوية ، وعبد الملك وابنه هشام بن الغاز ، وزعم بعضهم أن ربيعة بن عمرو والد الغاز له صحبة ، وفيه نظر ، ومنهم الجرشي الحارث بن عبد الرحمن بن عوف بن ربيعة بن عمرو بن عوف بن زهير بن حماطة كان في صحابة أبي جعفر المنصور ، وكان جميلا شجاعا ؛ وقرأت بخط جخجخ النحوي في كتاب أنساب البلدان لابن الكلبي : أخبرنا أحمد بن أبي سهل الحلواني عن أبي أحمد محمد بن موسى بن حماد البريدي عن أبي السريّ عن أبي المنذر قال : جرش قبائل من أفناء الناس تجرشوا ، وكان الذي جرشهم رجل من حمير يقال له زيد بن أسلم ، خرج بثور له عليه حمل شعير في يوم شديد الحرّ فشرد الثور ، فطلبه فاشتد تعبه ، فحلف لئن ظفر به ليذبحنه ثم ليجرشن الشعير وليدعونّ على لحمه ، فأدركه بذات القصص عند قلعة جراش ، وكل من أجابه وأكل معه يومئذ كان جرشيّا ؛ وينسب إليها الأدم والنوق فيقال : أدم جرشيّ وناقة جرشية ؛ قال بشر بن أبي خازم :

تحدّر ماء البئر عن جرشية

على جربة ، تعلو الديار غروبها

يقول : دموعي تحدّر كتحدّر ماء البئر عن دلو تسقى بها ناقة جرشية ، لأن أهل جرش يسقون على الإبل ؛ وفتحت جرش في حياة النبيّ ، صلى الله عليه وسلم ، في سنة عشر للهجرة صلحا على الفيء وأن يتقاسموا العشر ونصف العشر ؛ وقد نسب المحدثون إليها بعض أهل الرواية ، منهم : الوليد بن عبد الرحمن


الجرشي مولى لآل أبي سفيان الأنصاري ، يروي عن جبير بن نفير وغيره ؛ ويزيد بن الأسود الجرشي من التابعين ، أدرك المغيرة بن شعبة وجماعة من الصحابة ، كان زاهدا عابدا سكن الشام ، استسقى به الضحاك بن قيس وقتل معه بمرج راهط.

جَرَشُ : بالتحريك : وهو اسم مدينة عظيمة كانت ، وهي الآن خراب ، حدثني من شاهدها وذكر لي أنها خراب ، وبها آبار عاديّة تدل على عظم ، قال : وفي وسطها نهر جار يدير عدة رحى عامرة إلى هذه الغاية ، وهي في شرقي جبل السواد من أرض البلقاء وحوران من عمل دمشق ، وهي في جبل يشتمل على ضياع وقرى يقال للجميع جبل جرش اسم رجل وهو جرش بن عبد الله بن عليم بن جناب بن هبل ابن عبد الله بن كنانة بن بكر بن عوف بن عذرة بن زيد اللات بن رفيدة بن ثور بن كلب بن وبرة ، ويخالط هذا الجبل جبل عوف ، وإليه ينسب حمى جرش ، وهو من فتوح شرحبيل بن حسنة في أيام عمر ، رضي الله عنه ، وإلى هذا الموضع قصد أبو الطيب المتنبي أبا الحسن عليّ بن أحمد المرّي الخراساني ممتدحا ؛ وقال تليد الضبي وكان قد أخذ في أيام عمر ابن عبد العزيز على اللصوصية فقال :

يقولون جاهرنا تليد بتوبة ،

وفي النفس مني عودة سأعودها

ألا ليت شعري! هل أقودنّ عصبة ،

قليل لرب العالمين سجودها

وهل أطردنّ الدهر ، ما عشت ، هجمة

معرّضة الأفخاذ سجحا خدودها

قضاعيّة حمّ الذّرى ، فتربعت

حمى جرش قد طار عنها لبودها

جَرْعاءُ مالكٍ : واشتقاق جرعاء يأتي في جرعة بعد هذا ؛ قال الحفصي : جرعاء مالك بالدهناء قرب حزوى ، وقال أبو زياد : جرعاء مالك رملة ؛ وقال ذو الرمة :

وما استجلب العينين إلا منازل

بجمهور حزوى ، أو بجرعاء مالك

أربّت رويّا كلّ دلويّة بها ،

وكلّ سماكيّ ملثّ المبارك

وقال شاعر من مضر يعيب على قضاعة انتسابها في اليمن :

مررنا على حيي قضاعة غدوة ،

وقد أخذوا في الزّفن والزّفيان

فقلت لها : ما بال زفنكم كذا ،

لعرس يرى ذا الزّفن أم لختان؟

فقالوا : ألا إنّا وجدنا لنا أبا ،

فقلت : ليهنيكم! بأي مكان؟

فقالوا : وجدناه بجرعاء مالك ،

فقلت : إذا ما أمكم بحصان

فما مسّ خصيا مالك فرج أمكم ،

ولا بات منه الفرج بالمتداني

فقالوا : بلى والله ، حتى كأنما

خصيّاه في باب استها جعلان

الجَرَعُ : بالتحريك ، جمع جرعة ، وهي الرملة التي لا تنبت شيئا : موضع في شعر ابن مقبل :

للمازنيّة مصطاف ومرتبع

مما رأت أود ، فالمقراة فالجرع

الجَرَعةُ : بالتحريك ، وقيّده الصدفي بسكون الراء : وهو موضع قرب الكوفة المكان الذي فيه سهولة


ورمل ، ويقال جرع وجرع وجرعاء بمعنى ، وإليه يضاف يوم الجرعة المذكور في كتاب مسلم ، وهو يوم خرج فيه أهل الكوفة إلى سعيد بن العاص وقت قدم عليهم واليا من قبل عثمان ، رضي الله عنه ، فردوه وولوا أبا موسى ثم سألوا عثمان حتى أقرّه عليهم ؛ وبخط العبدري : لما قدم خالد العراق نزل بالجرعة بين النّجفة والحيرة ، وضبطه بسكون الراء.

جَرْفَاءُ : بالفتح ثم السكون ، والفاء ، والمد ، يوم جَرفاء : من أيام العرب ، ولعله موضع.

الجُرْفُ : بالضم ثم السكون ؛ والجرف ما تجرّفته السيول فأكلته من الأرض ، وقيل الجرف عرض الجبل الأملس ، وقيل جرف الوادي ونحوه من أسناد المسائل إذا نخج الماء في أصله فاحتفره وصار كالدّحل وأشرف أعلاه ، فإذا انصدع أعلاه فهو هار ، ومنه قوله جرف هار. والجرف : موضع على ثلاثة أميال من المدينة نحو الشام ، به كانت أموال لعمر بن الخطاب ولأهل المدينة ، وفيه بئر جشم وبئر جمل ، قالوا : سمي الجرف لأن تبّعا مرّ به فقال : هذا جرف الأرض ، وكان يسمّى العرض ؛ وفيه قال كعب بن مالك :

إذا ما هبطنا العرض قال سراتنا :

علام إذا لم نمنع العرض نزرع؟

وذكر هذا الجرف في غير حديث ؛ قال كعب بن الأشرف اليهودي النّضيري :

ولنا بئر رواء جمّة ،

من يردها بإناء يغترف

تدلج الجون على أكنافها

بدلاء ، ذات أمراس صدف

كلّ حاجاتي بها قضّيتها ،

غير حاجاتي على بطن الجرف

والجرف أيضا : موضع بالحيرة كانت به منازل المنذر. والجرف أيضا : موضع قرب مكة كانت به وقعة بين هذيل وسليم. والجرف أيضا : من نواحي اليمامة كان به يوم الجرف لبني يربوع على بني عبس قتلوا فيه شريحا وجابرا ابني وهب بن عوذ بن غالب وأسروا فروة وربيعة ابني الحكم بن مروان بن زنباع ؛ قال رافع بن هزيم :

فينا بقيّات من الخيل صرم ،

سبعة آلاف وأدراع رزم

ونحن ، يوم الجرف ، جئنا بالحكم

قسرا وأسرى حوله لم تقتسم

والجرف أيضا في قول أبي سعد : موضع باليمن ؛ ينسب إليه أحمد بن إبراهيم الجرفي ، سمع منه الحافظ أبو القاسم بن عبد الوارث الشيرازي.

جُرَّفَارُ : بالضم ثم التشديد ، وفاء ، وألف ، وراء : مدينة مخصبة بناحية عمان ، وأكثر ما سمعتهم يسمونها جلّفار ، باللام.

الجُرْفَةُ : بالضم ثم السكون ، وفاء : موضع باليمامة من مياه عديّ بن عبد مناة بن أدّ.

جَرْقُوه : بالفتح ، والقاف مضمومة : أحسبها من قرى أصبهان ؛ ينسب إليها الزبير بن محمد بن أحمد أبو محمد ؛ عن أبي سعد ، وكناه أبو القاسم الدمشقي أبا عبد الله الجوقوهي ، وهو من أهل مدينة جيّ ، شيخ صالح معمر ، سمع الإمام أبا المحاسن عبد الواحد الروياني وغانم بن محمد البرجي وأبا عليّ الحداد وأحمد ابن الفضل الخواص ، سمع منه أبو سعد وأبو القاسم.


جَرْكانُ : بالفتح ثم السكون ، والكاف ، وآخره نون : من قرى جرجان ؛ ينسب إليها أبو العباس محمد بن محمد بن معروف الجركاني الخطيب بجركان يستملي لأبي بكر الإسماعيلي. وجركان أيضا : من قرى أصبهان ؛ منها أبو الرجاء محمد بن أحمد الجركاني أحد الحفاظ المشهورين ، سمع أبا بكر محمد بن ريدة وأبا طاهر محمد بن أحمد بن عبد الرحيم الكاتب وطبقتهما ، ومات في حدود سنة ٥١٤ ؛ ذكره السمعاني والسلفي في شيوخهما.

جِرْمازُ : بالكسر ثم السكون ، وآخره زاي : اسم بناء كان عند أبيض المدائن ثم عفا أثره ، وكان عظيما.

جَرْمانَا : بالفتح ، وبين الألفين نون : من نواحي غوطة دمشق ؛ قال ابن منير :

فالقصر فالمرج فالميدان فالشرف ال

أعلى فسطرا فجرمانا فقلبين

جَرْمَانَس : بزيادة السين عوضا من الألف الأخيرة ؛ ذكرها الحافظ أبو القاسم : من قرى الغوطة ولعلها التي قبلها ، والله أعلم.

جَرْمَقُ : بلدة بفارس كثيرة الخصب رخيصة الأسعار كثيرة الأشجار على جادّة المفازة ؛ قال الإصطخري وهو يذكر المفازة التي بين خراسان وكرمان وأصبهان والريّ ، ووصفها بالطول والعرض وقلة الأنيس وعدم السكان ، ثم قال : وفي المفازة على طريق أصبهان إلى نيسابور موضع يعرف بالجرمق ، وهو ثلاث قرى ، وتحيط بها المفازة ، وجرمق يسمّى سه ده ، معناه الثلاث قرى : إحداها اسمها بياذق ، والأخرى جرمق ، والثالثة ارابة تعد من خراسان ، وبها نخل وعيون وزروع ومواش كثيرة ، وفي الثلاث قرى نحو ألف رجل ، وثلاثها في رأس العين قريبة بعضها من بعض ، ووادي الجرمق من أعمال صيداء ، وهو كثير الأترج والليمون ؛ قال الحافظ أبو القاسم : قتل في وادي الجرمق عليّ بن الحسين بن محمد بن أحمد بن جميع الغساني أخو أبي الحسن بعد سنة ٤٥٠.

جِرْمُ : بالكسر ثم السكون : مدينة بنواحي بذخشان وراء ولوالج ؛ ينسب إليها أبو عبد الله سعيد بن حيدر الفقيه الجرمي ، سمع من أبي يوسف ابن أيوب الهمذاني ، ومات بجرم سنة نيف وأربعين وخمسمائة.

جَرْمَةُ : بالفتح : اسم قصبة بناحية فزّان في جنوبي إفريقية ، لها ذكر في الفتوح ، افتتحها عقبة بن عامر وأسر أهلها.

جرميذان : موضع في أرض الجبل ، أظنه من نواحي همذان.

جُرْمِيهَنُ : بالضم ، وكسر الميم ، وياء ساكنة ، وفتح الهاء ، ونون : من قرى مرو بأعلى البلد ؛ منها أبو إسحاق إبراهيم بن خالد بن نصر الجرميهني إمام الدنيا في عصره ، سمع عارم بن الفضل ، روى عنه يحيى بن ماسويه ، توفي سنة ٢٥٠ ؛ وأبو عاصم عبد الرحمن بن الجرميهني ، كان فقيها فاضلا بارعا أصوليّا ، تفقه على الموفق بن عبد الكريم الهروي ، وسمع الحديث.

جَرَنْبَةُ : بفتحتين ، وسكون النون ، وباء موحدة : اسم موضع ، وهو من أمثلة الكتّاب.

جُرْنَى : بالضم ثم السكون ، والنون مفتوحة مقصورة : بلد من نواحي أرمينية قرب دبيل من فتوح حبيب ابن مسلمة الفهري.


جُرْواءانُ : بالضم ثم السكون ، وواو ، وألفين بينهما همزة ، وآخره نون : محلة كبيرة بأصبهان يقال لها بالعجمية كرواءان ؛ ينسب إليها أبو عليّ عبد الرحمن ابن محمد بن الخصيب بن رسته واسمه إبراهيم بن الحسن الجرواءاني الضبي ، روى عن الفضل بن الخصيب ، توفي سنة ٣٨٦ أو ٣٨٧ ؛ وينسب إليها جماعة أخرى.

جَرْوَاتِكَن : بالفتح ، وبعد الألف تاء فوقها نقطتان مكسورة ، وكاف ، ونون : من قرى سجستان يقال لها كرواتكن ؛ منها أبو سعد منصور بن محمد ابن أحمد الجرواتكني السجستاني ، سمع أبا الحسن عليّ بن بشر الليثي الحافظ السجزي ، قال أبو سعد : روى لنا عنه أبو جعفر حنبل بن عليّ بن الحسين السجزي.

جَرُودُ : بالفتح ؛ قال الحافظ أبو القاسم في كتابه : إسحاق بن أيوب بن خالد بن عباد بن زياد ابن أبيه المعروف بابن أبي سفيان من ساكني جرود من إقليم معلولا من أعمال غوطة دمشق ، لها ذكر في كتاب أحمد بن حبيب بن العجائز الأزدي الذي سمى فيه من كان بدمشق وغوطتها من بني أمية.

جُرُورُ : براءين مهملتين : مدينة بقهستان ؛ كذا يقول العجم ، وكتبها السلفي سرور ، وقد ذكرت في السين. وجرور أيضا : من نواحي مصر.

جَرُوزُ : آخره زاي : موضع بفارس كانت به وقعة بين الأزارقة وأهل البصرة ، وأميرهم عبد العزيز بن عبد الله بن خالد بن أسيد بن أبي العيص ، وكان قد عزل المهلب عن قتالهم وولى قهرمة الخوارج ، وقتلوه وسبيت امرأتاه ، وكانت مصيبة عمت أهل البصرة ؛ فقال كعب الأشقري بعد ذلك بمدة ، وكان المهلب قد أعيدت ولايته لقتالهم فقتل منهم مقتلة عظيمة :

وزادنا حنقا قتلى ، تذكّرهم ،

لا تستفيق عيون كلما ذكروا

إذا ذكرنا جروزا والذين بها

قتلى حلاحلهم ، حولان ما قبروا

تأتي عليهم حزازات النفوس ، فما

نبقي عليهم ولا يبقون ان قدروا

وقال كعب الأشقري أيضا لما قتل عبد ربّ الصغير يذكر ذلك :

رأيت يزيدا جامع الحزم والندى ،

ولا خير فيمن لا يضرّ وينفع

أصاب بقتلى في جروز قصاصها ؛

وأدرك ما كان المهلب يصنع

فدى لكم آل المهلب أسرتي ،

وما كنت أحوي من سوام وأجمع

فليس امرؤ يبني العلى بسنانه ،

كآخر يبني بالسواد ويزرع

جَرْوَسُ : بالضم ثم السكون ، وفتح الواو ، والسين مهملة : من مدن الغور بين هراة وغزنة في الجبال ؛ أخبرني به بعض أهله.

جَرُوسُ : بالفتح ثم الضم : مياه لبني عقيل بنجد.

الجرْولَةُ : واحدة الجرول ، وهي الحجارة ؛ قال الأصمعي : قال الغنوي ومن مياه غني بأعلى نجد الجرولة ، وهي ماء في شرقي جبل يقال له النّير ، وحذاء الجرولة ماءة يقال لها حلوة ، وقال في موضع آخر : كل شيء بين حفيرة خالد إذا صعدت لكعب ابن أبي بكر بن كلاب حتى ترد الجرولة ، وهي ماءة


تكون في سواج تكون ثلاثين فما أي ماءة نحو البئر والخور وهو لبني زنباع من أبي بكر ثم تليها الرّعشنة.

جَرْهُد : هو اسم لقلعة أستوناوند بطبرستان ، وقد مرّ ذكرها.

جِرِه : بكسر الجيم والراء ، وهاء خالصة : اسم لصقع بفارس ، والعامة تقول كره.

جُرَيْبُ : تصغير جرب : قرية من قرى هجر.

والجريب أيضا : من مخاليف اليمن بزبيد.

الجَرِيبُ : بالفتح ثم الكسر : اسم واد عظيم يصبّ في بطن الرّمّة من أرض نجد ؛ قال الأصمعي وهو يذكر نجد الرّمّة : فضاء وفيه أودية كثيرة ، وتقول العرب عن لسان الرّمّة :

كلّ بنيّ ، إنه يحسيني ،

إلّا الجريب إنه يرويني

قال : والجريب واد عظيم يصبّ في الرّمة ، قال : وقال العامري الجريب واد لبني كلاب به الحموض والأكلاء ، والرّمة أعظم منه ، وسيل الجريب يدفع في بطن الرّمة ويسيلان سيلا واحدا ؛ وأنشد بعضهم :

سيكفيك بعد الله يا أمّ عاصم

مجاليح مثل الهضب ، مصبورة صبرا

عوادن في حمض الجريب ، وتارة

تعاتب منه خلّة جارة جأرا

يعني تعاود مرة بعد مرة ، وكانت بالجريب وقعة لبني سعد بن ثعلبة من طيّء ؛ وقال عمرو بن شاس الكندي :

فقلت لهم : إن الجريب وراكسا

به إبل ، ترعى المرار ، رتاع

وقال المهدي بن الملوّح :

إذا الريح من نحو الجريب تنسمت

وجدت لريّاها ، على كبدي ، بردا

على كبد قد كاد يبدي بها الجوى

ندوبا ، وبعض القوم يحسبني جلدا

جَريرَا : مقصور : من قرى مرو يسمونها كريرا ؛ منها عبد الحميد بن حبيب الجريري من أتباع التابعين ، وهو مولى عبد الرحمن القرشي ، سمع الشّعبي ومقاتل بن حيّان ، روى عنه ابن المبارك والفضل ابن موسى.

جَرِيرٌ : بغير ألف ، وهو حبل يجعل للبعير بمنزلة العذار للفرس غير الزمام ، وبه سمّي اللجام جريرا : موضع بالكوفة كانت به وقعة زمن عبيد الله بن زياد لما جاءها.

جُرَيرٌ : بلفظ التصغير : بنو جرير كانت من محال البصرة ، نسبت إلى قبيلة نزلتها. وجرير : موضع قرب مكة ؛ عن نصر

جُرَير : تصغير جرير ، مشدد ما بين الراءين مكسور : اسم واد في ديار بني أسد أعلاه لهم وأسفله لبني عبس ، وقيل : جرير بلد لغني فيما بين جبلة وشرقي الحمى وإلى أضاخ ، وهي أرض واسعة ، قال معاوية النصري يهجو أطيطا الفقعسي :

سقى الله الجريّر ، كل يوم ،

وساكنه مرابيع السحاب

بلاد لم يحلّ بها لئيم ،

ولا صخر ولا سلح الذّباب

ألا أبلغ مزجّج حاجبيه ،

فما بيني وبينك من عتاب


ومسلم أهله بجيوش سعد ،

وما ضمّ الخميس من النهاب

قال ذلك لأن بني سعد بن زيد مناة بن تميم غزت بني أسد وأخذت منهم أموالا وقتلت رجالا ، ويقال أيضا بسكون الياء.

الجُرَيرَة : بزيادة الهاء في الجرير المذكور قبله : ماءة يقال لها الجريرة ، قال الأصمعي : أسفل من قطن مما يلي المشرق الجرير ، واد لبني أسد به ماء يقال له الجريرة يفرغ في ثادق.

الجُرَيْسات : كأنه جمع تصغير جرسة بالسين المهملة : موضع بمصر.

الجُرَيسيُّ : موضع بين القاع وزبالة في طريق مكة على ميلين من الهيثم لقاصد مكة ، فيه بركة وقصر خراب ، وبينه وبين زبالة أحد عشر ميلا.

جُرَينٌ : تصغير جرن ، والجرن الموضع الذي يجفف فيه التمر : موضع بين سواج والنير باللعباء من أرض نجد.

جَرّى : بفتح أوله ، وتشديد ثانيه ، والقصر : ناحية بين قمّ وهمذان ، ينسب إليها قوم من أهل العلم.

باب الجيم والزاي وما يليهما

جُزَازُ : بضم أوله وقيل بكسر أوله ، وزايين : موضع من نواحي قنّسرين ، وقال نصر : جزاز جبل بالشام بينه وبين الفرات ليلة ، ويروى براءين مهملتين.

جُزْءٌ : بالضم ثم السكون ثم همزة ، رمل الجزء : بين الشّحر ويبرين ، طوله مسيرة شهرين ، تنزله أفناء القبائل من اليمن ومعدّ وعامّتهم من بني خويلد بن عقيل ، قيل إنه يسمّى بذلك لأن الإبل تجزأ فيه بالكلإ أيام الربيع فلا ترد الماء ، وفي كتاب الأصمعي : الجزء رمل لبني خويلد بن عامر بن عقيل.

جَزْءٌ : بالفتح ، وباقيه مثل الذي قبله ، نهر جزء : بقرب عسكر مكرم من نواحي خوزستان ، ينسب إلى جزء بن معاوية التميمي ، وكان قد ولي لعمر ابن الخطاب ، رضي الله عنه ، بعض نواحي الأهواز فحفر هذا النهر ، قال ذلك أبو أحمد العسكري.

الجَزَائرُ : جمع جزيرة : اسم علم لمدينة على ضفّة البحر بين إفريقية والمغرب ، بينها وبين بجاية أربعة أيام ، كانت من خواص بلاد بني حمّاد بن زيري بن مناد الصنهاجي ، وتعرف بجزائر بني مزغنّاي وربما قيل لها جزيرة بني مزغنّاي وقال أبو عبيد البكري : جزائر بني مزغناي مدينة جليلة قديمة البنيان ، فيها آثار للأول عجيبة وآزاج محكمة تدل على أنها كانت دار ملك لسالف الأمم ، وصحن الملعب الذي فيها قد فرش بحجارة ملوّنة صغار مثل الفسيفساء ، فيها صور الحيوانات بأحكم عمل وأبدع صناعة ، لم يغيرها تقادم الزمان ، ولها أسواق ومسجد جامع ، ومرساها مأمون له عين عذبة يقصد إليها أصحاب السفن من إفريقية والأندلس وغيرهما ؛ وينسب بهذه النسبة جماعة ، منهم : أبو بكر محمد بن أحمد بن محمد ابن الفرج الجزائري المصري ، يروي عن ابن قديد ، توفي في ذي القعدة سنة ٣٦٨.

الجَزَائرُ الخالداتُ : وهي جزائر السعادة التي يذكرها المنجمون في كتبهم ، كانت عامرة في أقصى المغرب في البحر المحيط ، وكان بها مقام طائفة من الحكماء ، ولذلك بنوا عليها قواعد علم النجوم ؛ قال ابو الريحان البيروتي : جزائر السعادة وهي الجزائر الخالدات ، هي ست جزائر واغلة في البحر المحيط قريبا من


مائتي فرسخ ، وهي ببلاد المغرب ، يبتدئ بعض المنجمين في طول البلدان منها ، وقال أبو عبيد البكري : بإزاء طنجة في البحر المحيط وإزاء جبل أدلنت الجزائر المسماة فرطناتش أي السعيدة ، سميت بذلك لأن شعراءها وغياضها كلها أصناف الفواكه الطيبة العجيبة من غير غراسة ولا عمارة ، وإن أرضها تحمل الزرع مكان العشب وأصناف الرياحين العطرة بدل الشوك ، وهي بغربي بلد البربر مفترقة متقاربة في البحر المذكور.

جزائر السَّعادةِ : هي الخالدات المذكورة قبل هذا.

جِزْبارَانُ : بالكسر ثم السكون ، وباء موحدة ، وبين الألفين راء ، وآخره نون : من قرى نيسابور ؛ منها أبو بكر الجزباراني.

جُزُب : بضمتين ، ذو جزب : من قرى ذمار باليمن.

جُزْجُزُ : كذا ضبطه نصر بجيمين مضمومتين وزايين ، قال : جبل من جبالهم ، بئره عاديّة.

الجَزْرُ : بالفتح ثم السكون ، وراء ، أصله في لغة العرب القطع ، يقال مدّ البحر والنهر إذا كثر ماؤه ، فإذا انقطع قيل جزر جزرا ؛ والجزر : موضع بالبادية ؛ قال عمارة بن عقيل بن بلال بن جرير : كانت أسماء بنت مطرف بن أبان من بني أبي بكر بن كلاب لسنة لدّاغة اللسان ، فنزلت برجل من بني نصر بن معاوية ثم من بني كلفة فلم يقرها ، فقالت فيه :

سرت بي فتلاء الذراعين حرّة

إلى ضوء نار ، بين فردة فالجزر

سرت ما سرت من ليلها ثم عرّست

إلى كلفيّ ، لا يضيف ولا يقري

فكن حجرا لا يطعم الدهر قطرة ،

إذا كنت ضيفا نازلا في بني نصر

والجزر أيضا : كورة من كور حلب ؛ قال فيها حمدان بن عبد الرحيم من أهل هذه الناحية وهو شاعر عصره بعد الخمسمائة بزمان :

لا جلّق رقن لي معالمها ،

ولا اطّبتني أنهار بطنان

ولا ازدهتني بمنبج فرض

راقت لغيري من آل حمدان

لكن زماني بالجزر ذكّرني

طيب زماني ، ففيه أبكاني

يا حبّذا الجزر كم نعمت به ،

بين جنان ذوات أفنان

جُزْرَة : بالضم ، وزيادة الهاء : واد بين الكوفة وفيد.

وجزرة أيضا : موضع باليمامة ؛ قال متمم بن نويرة أخو قيس بن نويرة :

فيا لعبيد حلفة إن خيركم ،

بجزرة بين الوعستين ، مقيم

رجعتم ولم تربع عليه ركابكم ،

كأنّكم لم تفجعوا بعظيم

قال ابن حبيب : جزرة من أرض الكريّة من بلاد اليمامة ، وقال السكري : جزرة ماء لبني كعب بن العنبر ؛ قاله في شرح قول جرير :

يا أهل جزرة! لا علم فينفعكم ،

أو تنتهون فينجي الخائف الحذر

يا أهل جزرة! إني قد نصبت لكم

بالمنجنيق ، ولما يرسل الحجر

جَزُّ : بالفتح ثم التشديد : من قرى أصبهان ؛ نسب إليها أبو حاتم محمد بن إدريس الرازي الإمام الحنبلي ، كان يقول نحن من أهل أصبهان من قرية يقال لها جزّ ،


وهو الإمام المشهور في الحديث والفقه ، ومات سنة ٢٧٧.

جَزْعُ بني كُوزٍ : من ديار بني الضباب بنجد ، وهو مسيرة يومين على وجه واحد ؛ والجزع : منعطف الوادي.

جَزْعُ بني حمَّاز : وهم من بني التيم تيم عدي : وهو واد باليمامة ؛ عن الحفصي.

جَزْع الدَّوَاهي : موضع بأرض طيِء ؛ قال زيد الخيل :

إلى جزع الدواهي ذاك منكم

مغان فالخمائل فالصعيد

جَزْلٌ : بالفتح ، وآخره لام ، وهي في اللغة الحطب الغليظ ، وعطاء جزل كثير : وهو موضع قرب مكة ؛ قال عمر بن أبي ربيعة :

ولقد قلت ليلة الجزل لمّا

أخضلت ريطتي عليّ السماء

ليت شعري! وهل يردّنّ ليت ،

هل لهذا عند الرباب جزاء؟

جَزْنَقُ : بالفتح ثم السكون ، وفتح النون ، وقاف : بليدة عامرة بأذربيجان بقرب المراغة ، فيها آثار للأكاسرة قديمة وأبنية وبيت نار.

جَزْنَةُ : بدل القاف هاء : وهو اسم لمدينة غزنة قصبة زابلستان البلد العظيم المشهور بين غور والهند في أطراف خراسان ، وسيأتي ذكر غزنة بأتمّ من هذا إن شاء الله تعالى.

جِزَه : بكسر أوله ، وفتح ثانيه وتخفيفه : مدينة بسجستان ، وأهلها يقولون كزه ، في الكتب تكتب بالجيم.

جَزَةُ : بالفتح ، والتشديد : موضع بخراسان كانت عنده وقعة للأسد بن عبد الله مع خاقان ، والعجم تقول كزّه.

جَزيرَةُ أَقُورَ : بالقاف : وهي التي بين دجلة والفرات مجاورة الشام تشتمل على ديار مضر وديار بكر ، سميت الجزيرة لأنها بين دجلة والفرات ، وهما يقبلان من بلاد الروم وينحطّان متسامتين حتى يلتقيا قرب البصرة ثم يصبان في البحر ، وطولها عند المنجمين سبع وثلاثون درجة ونصف ، وعرضها ست وثلاثون درجة ونصف ، وهي صحيحة الهواء جيدة الرّيع والنماء واسعة الخيرات ، بها مدن جليلة وحصون وقلاع كثيرة ، ومن أمهات مدنها حرّان والرّها والرّقّة ورأس عين ونصيبين وسنجار والخابور وماردين وآمد وميّافارقين والموصل وغير ذلك مما هو مذكور في مواضعه ، وقد صنف لأهلها تواريخ ، وخرج منها أئمة في كل فن ؛ وفيها قيل :

نحنّ إلى أهل الجزيرة قبلة ،

وفيها غزال ساجي الطرف ساحره

يؤازره قلبي عليّ ، وليس لي

يدان بمن قلبي عليّ يؤازره

وتوصف بكثرة الدماميل ؛ قال عبد الله بن همّام السلولي :

أتيح له من شرطة الحيّ جانب

عريض القصيرى ، لحمه متكاوس

أبدّ ، إذا يمشي يحيك كأنما

به ، من دماميل الجزيرة ، ناخس

القصيرى : الضّلع التي تلي الشاكلة ، وهي الواهنة في أسفل البطن. والأبدّ : السمين ؛ قال : ولما تفرّقت قضاعة في البلاد سار عمرو بن مالك التزيذي في تزيد


وعشم ابني حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة وبنو عوف بن ربان وجرم بن ربّان إلى أطراف الجزيرة وخالطوا قراها وكثروا بها وغلبوا على طائفة منها ، فكانت بينهم وبين من هناك وقعة هزموا الأعاجم فيها فأصابوا فيهم ؛ فقال شاعرهم جدي بن الدلهاث بن عشم العشمي :

صففنا للأعاجم من معدّ

صفوفا بالجزيرة كالسعير

لقيناهم بجمع من علاف ،

ترادى بالصلادمة الذكور

فلاقت فارس منهم نكالا ،

وقاتلنا هرابذ شهرزور

ولم يزالوا بناحية الجزيرة حتى غزا سابور الجنود بن أردشير الحضر ، وكانت مدينة تزيد ، فافتتحها واستباح ما فيها وقتل جماعة من قبائل قضاعة وبقيت منهم بقية قليلة فلحقوا بالشام وساروا مع تنوخ ؛ وذكر سيف ابن عمر أن سعد بن أبي وقاص لما مصّر الكوفة في سنة ١٧ اجتمع الروم فحاصروا أبا عبيدة بن الجرّاح والمسلمين بحمص ، فكتب عمر ، رضي الله عنه ، إلى سعد بإمداد أبي عبيدة بالمسلمين من أهل العراق ، فأرسل إليه الجيوش مع القوّاد وكان فيهم عياض بن غنم ، وبلغ الروم الذين بحمص مسير أهل العراق إليهم فخرجوا عن حمص ورجعوا إلى بلادهم ، فكتب سعد إلى عياض بغزو الجزيرة ، فغزاها في سنة ١٧ وافتتحها ، فكانت الجزيرة أسهل البلاد افتتاحا لأن أهلها رأوا أنهم بين العراق والشام ، وكلاهما بيد المسلمين ، فأذعنوا بالطاعة فصالحهم على الجزية والخراج ، فكانت تلك السهول ممتحنة عليهم وعلى من أقام بها من المسلمين ؛ قال عياض بن غنم :

من مبلغ الأقوام أن جموعنا

حوت الجزيرة ، غير ذات رجام؟

جمعوا الجزيرة والغياب ، فنفّسوا

عمن بحمص غيابة القدّام

إن الأعزّة والأكارم معشر ،

فضّوا الجزيرة عن فراج الهام

غلبوا الملوك على الجزيرة ، فانتهوا

عن غزو من يأوي بلاد الشام

وكان عمر ، رضي الله عنه ، قد نزل الجابية في سنة ١٧ ممدّا لأهل حمص بنفسه ، فلما فرغ من أهل حمص أمدّ عمر عياض بن غنم بحبيب بن مسلمة الفهري فقدم على عياض ممدّا ، وكتب أبو عبيدة إلى عمر بعد انصرافه من الجابية يسأله أن يضم إليه عياض بن غنم إذ كان صرف خالدا إلى المدينة ، فصرفه إليه وصرف سهيل بن عدي وعبد الله بن عتبان إلى الكوفة واستعمل حبيب بن مسلمة على عجم الجزيرة والوليد ابن عقبة بن أبي معيط على عرب الجزيرة وبقي عياض ابن غنم على ذلك إلى أن مات أبو عبيدة في طاعون عمواس سنة ١٨ ، فكتب عمر ، رضي الله عنه ، عهد عياض على الجزيرة من قبله ؛ هذا قول سيف ورواية الكوفيين ، وأما غيره فيزعم أن أبا عبيدة هو الذي وجه عياض بن غنم إلى الجزيرة من الشام من أول الأمر وأن فتوحه كان من جهة أبي عبيدة ؛ وزعم البلاذري فيما رواه عن ميمون بن مهران قال : الجزيرة كلّها من فتوح عياض بن غنم بعد وفاة أبي عبيدة بن الجرّاح ولاه إياها عمر ، رضي الله عنه ، وكان أبو عبيدة استخلفه على الشام فولى عمر يزيد بن أبي سفيان ثم معاوية من بعده الشام وأمر عياضا بغزو الجزيرة ؛ قال : وقال آخرون بعث أبو عبيدة عياض بن غنم إلى


الجزيرة فمات أبو عبيدة وهو بها فولاه عمر إياها بعده ؛ وقال محمد بن سعد عن الواقدي : أثبت ما سمعناه في عياض بن غنم أن أبا عبيدة مات في طاعون عمواس سنة ١٨ واستخلف عياضا فورد عليه كتاب عمر بتوليته حمص وقنّسرين والجزيرة للنصف من شعبان سنة ١٨ فسار إليها في خمسة آلاف وعلى مقدّمته ميسرة بن مسروق وعلى ميسرته صفوان بن المعطّل وعلى ميمنته سعيد بن عامر بن جذيم الجمحي ، وقيل : كان خالد بن الوليد على ميسرته ، والصحيح أن خالدا لم يسر تحت لواء أحد بعد أبي عبيدة ولزم حمص حتى توفي بها سنة ٢١ وأوصى إلى عمر ، ويزعم بعضهم أنه مات بالمدينة ، وموته بحمص أثبت ، وعبر الفرات وفتح الجزيرة بأسرها ؛ قال ميمون بن مهران : أخذت الزيت والطعام والخل لمرفق المسلمين بالجزيرة مدة ، ثم خفف عنهم واقتصر على ثمانية وأربعين وأربعة وعشرين واثني عشر درهما نظرا من عمر للناس ، وكان على كل إنسان من جزيته مدّ قمح وقسطان من زيت وقسطان من خل.

الجزيرَةُ الخضْرَاءُ : مدينة مشهورة بالأندلس ، وقبالتها من البرّ بلاد البربر سبتّة ، وأعمالها متصلة بأعمال شذونة ، وهي شرقي شذونة وقبلي قرطبة ، ومدينتها من أشرف المدن وأطيبها أرضا ، وسورها يضرب به ماء البحر ، ولا يحيط بها البحر كما تكون الجزائر ، لكنها متصلة يبرّ الأندلس لا حائل من الماء دونها ؛ كذا أخبرني جماعة ممن شاهدها من أهلها ، ولعلّها سميت بالجزيرة لمعنى آخر على أنه قد قال الأزهري : إن الجزيرة في كلام العرب أرض في البحر يفرج عنها ماء البحر فتبدو ، وكذلك الأرض التي يعلوها السيل ويحدق بها ؛ ومرساها من أجود المراسي للجواز وأقربها من البحر الأعظم ، بينهما ثمانية عشر ميلا ، وبين الجزيرة الخضراء وقرطبة خمسة وخمسون فرسخا ، وهي على نهر برباط ونهر لجأ إليه أهل الأندلس في عام محل ، والنسبة إليها جزيريّ وإلى التي قبلها جزريّ للفرق ؛ وقد نسب إليها جماعة من أهل العلم ، منهم : أبو زيد عبد الله بن عمر بن سعيد التميمي الجزيري الأندلسي ، يروي عن أصبغ بن الفرج وغيره ، مات سنة ٣٦٥ ؛ وبخط الصوري بزايين معجمتين ، ولا يصح ؛ كذا قال الحازمي. والجزيرة الخضراء أيضا جزيرة عظيمة بأرض الزنج من بحر الهند ، وهي كبيرة عريضة يحيط بها البحر الملح من كل جانب ، وفيها مدينتان : اسم إحداهما متنبّي واسم الأخرى مكنبلوا ، في كل واحدة منهما سلطان لا طاعة له على الآخر ، وفيها عدة قرى ورساتيق ، ويزعم سلطانهم أنه عربيّ وأنه من ناقلة الكوفة إليها ، حدثني بذلك الشيخ الصالح عبد الملك الحلّاوي البصري ، وكان قد شاهد ذلك وعرفه ، وهو ثقة.

جَزيرَةُ شَرِيكٍ : بفتح الشين المعجمة ، وكسر الراء ، وياء ساكنة ، وكاف : كورة بإفريقية بين سوسة وتونس ، قال أبو عبيد البكري : تنسب إلى شريك العبسي ، وكان عاملا بها ، وقصبة هذه الكورة بلدة يقال لها باشّو ، وهي مدينة كبيرة آهلة ، بها جامع وحمّامات وثلاث رحاب وأسواق عامرة ، وبها حصن أحمد بن عيسى القائم على ابن الأغلب ؛ وبجزيرة شريك اجتمعت الروم بعد دخول عبد الله بن سعد ابن أبي سرح المغرب وساروا منها إلى مدينة إقليبية وما حولها ثم ركبوا منها إلى جزيرة قوسرة ؛ ومن تونس إلى منزل باشو مرحلة ، بينهما قرى كثيرة جليلة ؛ ثم من باشو إلى قرية الدواميس مرحلة ، وهي قرية كبيرة آهلة كثيرة الزيتون ، وبينهما قصر الزيت ؛ ومن قرية الدواميس إلى القيروان مرحلة ، بينهما


قرى كثيرة ؛ وبحذاء جزيرة شريك في البرّ نحو جهة الجنوب جبل زغوان.

جَزيرَةُ شُكْرَ (١) : بضم الشين المعجمة ، وسكون الكاف : جزيرة في شرقي الأندلس ، ويقال جزيرة شقر ، وقد ذكرت في شقر بشاهدها.

جَزيرَةُ العَرَب : قد اختلف في تحديدها ، وأحسن ما قيل فيها ما ذكره أبو المنذر هشام بن محمد بن السائب مسندا إلى ابن عباس ، قال : اقتسمت العرب جزيرتها على خمسة أقسام ، قال : وإنما سميت بلاد العرب جزيرة لإحاطة الأنهار والبحار بها من جميع أقطارها وأطرافها فصاروا منها في مثل الجزيرة من جزائر البحر ، وذلك أن الفرات أقبل من بلاد الروم فظهر بناحية قنّسرين ثم انحط على أطراف الجزيرة وسواد العراق حتى وقع في البحر في ناحية البصرة والأبلّة وامتدّ إلى عبادان ، وأخذ البحر في ذلك الموضع مغربا مطيفا ببلاد العرب منعطفا عليها فأتى منها على سفوان وكاظمة إلى القطيف وهجر وأسياف البحرين وقطر وعمان والشّحر ومال منه عنق إلى حضرموت وناحية أبين وعدن وانعطف مغربا نصبا إلى دهلك واستطال ذلك العنق فطعن في تهائم اليمن إلى بلاد فرسان وحكم والأشعريين وعكّ ومضى إلى جدّة ساحل مكة والجار ساحل المدينة ثم ساحل الطور وخليج أيلة وساحل راية حتى بلغ قلزم مصر وخالط بلادها ، وأقبل النيل في غربي هذا العنق من أعلى بلاد السودان مستطيلا معارضا للبحر معه حتى دفع في بحر مصر والشام ، ثم أقبل ذلك البحر من مصر حتى بلغ بلاد فلسطين فمرّ بعسقلان وسواحلها وأتى صور ساحل الأردنّ وعلى بيروت وذواتها من سواحل دمشق ثم نفذ إلى سواحل حمص وسواحل قنّسرين حتى خالط الناحية التي أقبل منها الفرات منحطّا على أطراف قنّسرين والجزيرة إلى سواد العراق ، قال : فصارت بلاد العرب من هذه الجزيرة التي نزلوها وتوالدوا فيها على خمسة أقسام عند العرب في أشعارها وأخبارها : تهامة والحجاز ونجد والعروض واليمن ، وذلك أن جبل السراة ، وهو أعظم جبال العرب وأذكرها ، أقبل من قعرة اليمن حتى بلغ أطراف بوادي الشام فسمّته العرب حجازا لأنه حجز بين الغور ، وهو تهامة ، وهو هابط ، وبين نجد ، وهو ظاهر ، فصار ما خلف ذلك الجبل في غربيّه إلى أسياف البحر من بلاد الأشعريين وعكّ وكنانة وغيرها ودونها إلى ذات عرق والجحفة وما صاقبها ، وغار من أرضها الغور غور تهامة ، وتهامة تجمع ذلك كله ، وصار ما دون ذلك الجبل في شرقيّه من صحاري نجد إلى أطراف العراق والسماوة وما يليهما نجدا ، ونجد تجمع ذلك كله ، وصار الجبل نفسه ، وهو سراته ، وهو الحجاز وما احتجز به في شرقيه من الجبال وانحاز إلى ناحية فيد والجبلين إلى المدينة ومن بلاد مذحج تثليث وما دونها إلى ناحية فيد حجازا ، والعرب تسمّيه نجدا وجلسا ، والجلس ما ارتفع من الأرض ، وكذلك النجد ، والحجاز يجمع ذلك كله ، وصارت بلاد اليمامة والبحرين وما والاهما العروض وفيها نجد وغور لقربها من البحر وانخفاض مواضع منها ومسائل أودية فيها ، والعروض يجمع ذلك كله ، وصار ما خلف تثليث وما قاربها إلى صنعاء وما والاها من البلاد إلى حضرموت والشّحر وعمان وما يلي ذلك اليمن ، وفيها تهامة ونجد ، واليمن تجمع ذلك كله ، فمكة من تهامة ، والمدينة والطائف من نجد والعالية ؛ وقال ابن الأعرابي : الجزيرة ما كان فوق تيه ، وإنما سميت جزيرة لأنها تقطع الفرات ودجلة ثم تقطع في البرّ ،

__________________

(١) وهي أيضا شكر بوزن زفر.


وقرأت في نوادر ابن الأعرابي قال الهيثم بن عدي :

جزيرة العرب من العذيب إلى حضرموت ، ثم قال ما أحسن ما قال! وقال الأصمعي : جزيرة العرب إلى عدن أبين في الطول والعرض من الأبلّة إلى جدّة ؛ وأنشد الأسود بن يعفر وكان قد كفّ بصره :

ومن البليّة ، لا أبا لك ، أنني

ضربت عليّ الأرض بالأسداد

لا أهتدي فيها لموضع تلعة ،

بين العذيب إلى جبال مراد

قال فهذا طول جزيرة العرب على ما ذكر ؛ وقال بعض المعمّرين :

لم يبق يا خدلة من لداتي

أبو بنين ، لا ولا بنات

من مسقط الشّحر إلى الفرات ،

إلّا يعدّ اليوم في الأموات ؛

هل مشتر أبيعه حياتي؟

فالشحر بين عمان وعدن ؛ قال الأصمعي : جزيرة العرب أربعة أقسام : اليمن ونجد والحجاز والغور ، وهي تهامة ، فمن جزيرة العرب الحجاز وما جمعه وتهامة واليمن وسبا والأحقاف واليمامة والشحر وهجر وعمان والطائف ونجران والحجر وديار ثمود والبئر المعطلة والقصر المشيد وإرم ذات العماد وأصحاب الأخدود وديار كندة وجبال طيء وما بين ذلك.

جَزِيرَةُ عُكاظَ : هي حرّة إلى جنب عكاظ وبها كانت الوقعة الخامسة من وقائع حرب الفجار ؛ قال خداش ابن زهير :

لقد بلوكم ، فأبلوكم بلاءهم ،

يوم الجزيرة ، ضربا غير تكذيب

إن توعدوني ، فإني لابن عمكم ،

وقد أصابوكم منّي بشؤبوب ،

وإنّ ورقاء قد أردى ، أبا كنف ،

ابني إياس وعمرا وابن أيّوب

جَزِيرَةُ ابْنِ عُمَرَ : بلدة فوق الموصل ، بينهما ثلاثة أيام ، ولها رستاق مخصب واسع الخيرات ، وأحسب أن أوّل من عمّرها الحسن بن عمر بن خطّاب التغلبي ، وكانت له امرأة بالجزيرة ، وذكر قرابه سنة ٢٥٠ ؛ وهذه الجزيرة تحيط بها دجلة إلا من ناحية واحدة شبه الهلال ، ثم عمل هناك خندق أجري فيه الماء ونصبت عليه رحى فأحاط بها الماء من جميع جوانبها بهذا الخندق ؛ وينسب إليها جماعة كثيرة ، منهم : أبو طاهر إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن مهران الفقيه الجزري الشافعي ، وكان رجلا كاملا ، جمع بين العلم والعمل ، تفقّه بالجزيرة على عاملها يومئذ عمر بن محمد البزري ، وقدم بغداد وسمع بها الحديث ورجع إلى الجزيرة ودرّس بها ، وأفتى إلى أن مات بها في سنة ٥٧٧ ، ومولده سنة ٥١٧ ؛ وأبو القاسم عمر بن محمد بن عكرمة بن البزري الجزري الإمام الفقيه الشافعي ، قال ابن شافع : وكان أحفظ من بقي في الدنيا على ما يقال بمذهب الشافعي ، وتوفي في شهر ربيع الآخر سنة ٥٦٠ بالجزيرة ، وخلّف تلامذة كثيرة ، وكان من أصحاب ابن الشاشي ؛ وبنو الأثير العلماء الأدباء وهم : مجد الدين المبارك وضياء الدين نصر الله وعز الدين أبو الحسن عليّ بنو محمد بن عبد الكريم الجزري ، كلّ منهم إمام ، مات مجد الدين ، والآخران حيّان ، في سنة ٦٢٦.

جَزِيرَةُ قُوسَنِيَّا : وبعضهم يقول قوسينا : كورة بمصر بين الفسطاط والإسكندرية ، كثيرة القرى وافرة.


جَزِيرَةُ كاوَانَ : ويقال جزيرة بني كاوان : جزيرة عظيمة ، وهي جزيرة لافت ، وهي من بحر فارس بين عمان والبحرين ، افتتحها عثمان بن أبي العاصي الثقفي في أيام عمر بن الخطاب لما أراد غزو فارس في البحرين مرّ بها في طريقه ، وكانت من أجلّ جزائر البحر ، عامرة آهلة وفيها قرى ومزارع ، وهي الآن خراب ، وذكر المسعودي أنها كانت سنة ٣٣٣ عامرة آهلة ؛ وقال هشام بن محمد : كاوان اسمه الحارث ابن امرئ القيس بن حجر بن عامر بن مالك بن زياد ابن عصر بن عوف بن عامر بن الحارث بن أنمار بن عمرو بن وديعة بن لكيز بن أفصى بن عبد القيس.

جزيرة لافت : هي جزيرة كاوان المذكورة قبل هذا.

جزِيرَةُ كَمَرَانَ : بالتحريك : جزيرة قبالة زبيد باليمن ، قال بن أبي الدمنة : كمران جزيرة ، وهي حصن لمن ملك يماني تهامة ، سكن بها الفقيه محمد بن عبدويه تلميذ الشيخ أبي إسحاق الشيرازي ، وبها قبره يستسقى به ، وله تصانيف في أصول الفقه ، منها كتاب الإرشاد ، ويزعمون أن البحر إذا هاج مراكبه ألقوا فيه من تراب قبره فيسكن بإذن الله.

جزيرة مَزْغَنَّاي : ويقال جزيرة بني مزغنّاي ، وقد مرّ ذكره في جزائر.

جَزِيرَةُ مِصْرَ : وهي محلّة من محالّ الفسطاط ، وإنما سميت جزيرة لأن النيل إذا فاض أحاط بها الماء وحال بينها وبين عظم الفسطاط واستقلّت بنفسها ، وبها أسواق وجامع ومنبر ، وهي من متنزهات مصر ، فيها بساتين ؛ وللشعراء في وصفها أشعار كثيرة ، منها قول أبي الحسن عليّ بن محمد الدمشقي يعرف بالساعاتي :

ما أنس لا أنس الجزيرة ملعبا

للأنس ، تألفه الحسان الخرّد

يجري النسيم بغصنها وغديرها ،

فيهزّ رمح ، أو يسلّ مهنّد

ويزين دمع الطّلّ كل شقيقة ،

كالخدّ دبّ به عذار أسود

وكتب الساعاتي إلى صديق له ، نزل من الجزيرة مكانا مستحسنا ولم يدعه إليه ، من أبيات :

ولقد نزلت من الجزيرة منزلا

شمع السّرور بمثله يتجمّع

خضل الثّرى ، نديت ذيول نسيمه ،

فالمسك من أردانه يتضوّع

رقصت على دولابه أغصانه ،

فلها به ساق هنا ومسمع

فادع المشوق إليه أوّل مرّة ،

ولك الأمان بأنه لا يرجع

جزيرة بَنِي نَصْرٍ : كورة ذات قرى كثيرة من نواحي مصر الشرقية.

الجُزيرَة : هذا الاسم إذا أطلقه أهل الأندلس أرادوا بلاد مجاهد بن عبد الله العامري : وهي جزيرة منورقة وجزيرة ميورقة ، أطلقوا ذلك لجلالة صاحبها وكثرة استعمالهم ذكرها ، فإنه كان محسنا إلى العلماء مفضلا عليهم وخصوصا على القرّاء ، وهو صاحب دانية مدينة في شرقي الأندلس تجاه هاتين الجزيرتين ، ويكنى مجاهد بأبي الجيش ويلقب بالموفّق ، وكان مملوكا روميّا لمحمد بن أبي عامر ، وكان أديبا فاضلا ، وله كتاب في العروض صنّفه ، ومات سنة ٤٠٦ ، فقام مقامه ابنه إقبال الدولة.

الجُزَيْرَةُ : أيضا بالضم : موضع باليمامة فيه نخل لقوم من تغلب.


الجُزَيْزُ : بالضم ، وزايين معجمتين ، وكذا قرأته بخط اليزيدي في قول الفضل بن العباس :

يا دار أقوت بالجزع ذي الأخياف ،

بين حزم الجزيز فالأجراف

جُزِينُ : بالضم ثم الكسر ، وياء ساكنة ، ونون : من قرى نيسابور ، أفادنيها الحافظ أبو عبد الله بن النجار.

جِزِينُ : بكسرتين : قرية كبيرة قريبة من أصبهان ، نزهة ذات أشجار ومياه ومنبر وجامع ، بها قبر المظفّر ابن الزاهد ؛ عن الحافظ أبي عبد الله أيضا.

باب الجيم والسين وما يليهما

جَسَدَاءُ : بالتحريك ، والمدّ ؛ ويروى عن أبي مالك والغوري بضم الجيم : موضع ؛ قال لبيد :

فبتنا حيث أمسينا قريبا

على جسداء ، تنبحنا الكلاب

وفي كتاب الزمخشري : قال أبو مالك جسداء ببطن جلذان موضع.

الجِسْرُ : بكسر الجيم : إذا قالوا الجسر ويوم الجسر ولم يضيفوه إلى شيء فإنما يريدون الجسر الذي كانت فيه الوقعة بين المسلمين والفرس قرب الحيرة ، ويعرف أيضا بيوم قسّ الناطف ، وكان من حديثه أن أبا بكر ، رضي الله عنه ، أمر خالد بن الوليد وهو بالعراق بالمسير إلى الشام لنجدة المسلمين ويخلّف بالعراق المثنّى بن حارثة الشيباني ، فجمعت الفرس لمحاربة المسلمين ، وكان أبو بكر قد مات فسيّر المثنّى إلى عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، يعرّفه بذلك ، فندب عمر الناس إلى قتال الفرس فهابوهم ، فانتدب أبو عبيد بن مسعود الثقفي والد المختار بن أبي عبيد في طائفة من المسلمين ، فقدموا إلى بانقيا ، فأمر أبو عبيد بعقد جسر على الفرات ، ويقال بل كان الجسر قديما هناك لأهل الحيرة يعبرون عليه إلى ضياعهم فأصلحه أبو عبيد ، وذلك في سنة ١٣ للهجرة ، وعبر إلى عسكر الفرس وواقعهم ، فكثروا على المسلمين ونكوا فيهم نكاية قبيحة لم ينكوا في المسلمين قبلها ولا بعدها مثلها وقتل أبو عبيد ، رحمه الله ، وانتهى الخبر إلى المدينة ، فقال حسان بن ثابت :

لقد عظّمت فينا الرّزيّة ، إننا

جلاد على ريب الحوادث والدهر

على الجسر قتلى ، لهف نفسي عليهم ،

فيا حسرتا ما ذا لقينا من الجسر!

جسر خلطاس : موضع كان فيه يوم من أيام العرب.

جِسرُ الوليدِ : هو على طريق أذنة من المصيصة على تسعة أميال ، كان أول من بناه الوليد بن يزيد بن عبد الملك بن مروان المقتول ثم جدّده المعتصم سنة ٢٢٥.

الجَسرةُ : من مخاليف اليمن.

جِسرِينُ : بكسر الجيم والراء ، وسكون السين والياء ، آخره نون : من قرى غوطة دمشق ؛ ذكرها ابن منير في شعره فقال :

حيّ الديار على علياء جيرون ،

مهوى الهوى ومغاني الخرّد العين

مراد لهوي ، إذ كفّي مصرّفة

أعنّة اللهو في تلك الميادين

بالنّير بين فمقرى فالسرير فخم

رايا فجوّ حواشي جسر جسرين

ومن هذه القرية محمد بن هاشم بن شهاب أبو صالح العذري الجسريني ، سمع زهير بن عبّادان وابن السري والمسيب بن واضح ومحمد بن أحمد بن مالك


المكتّب ، روى عنه أحمد بن سليمان بن حذلم وأبو عليّ بن شعيب وأبو الطيب أحمد بن عبد الله بن يحيى الدرامي ؛ ومنها أيضا عمار بن الجزر بن عمرو بن عمار ويقال ابن عمارة أبو القاسم العذري الجسريني قاضي الغوطة ، حدث عن أبي عبد الله محمد بن عبد الله ابن يزيد بن زفر الأحمري البعلبكي وعطية بن أحمد الجهني الجسريني وغيرهما ، روى عنه أبو الحسين الرازي قال : كان شيخا صالحا جليلا يقضي بين أهل القرى من غوطة دمشق ، مات في رمضان سنة ٣٢٩.

باب الجيم والشين وما يليهما

جَشَرُ : بالتحريك : جبل في ديار بني عامر ثم لبني عقيل من الديار المجاورة لبني الحارث بن كعب.

جَشُّ : بالفتح ، والضم ثم التشديد ؛ قال الأزهري : الجشّ النّجفة وفيه ارتفاع ، والجشّاء : أرض سهلة ذات حصباء تستصلح لغرس النخل ، وقال غيره : الجشّ الرابية ، والقفّ وسطه ، والجمع الجشّان ، وقد أضيف إليها ، وسمي بها عدّة مواضع ، منها : جشّ بلد بين صور وطبرية على سمت البحر. وجشّ أيضا : جبل صغير بالحجاز في ديار جشم بن بكر.

وجشّ إرم : جبل عند أجإ أحد جبلي طيّء ، أملس الأعلى سهل ترعاه الإيّل والحمير ، كثير الكلإ ، وفي ذروته مساكن لعاد وإرم ، فيه صور منحوتة من الصخر. وجشّ أعيار : من المياه الأملاح لفزارة بأكناف أرض الشّربة بعدنة ، وقال الأزهري : جشّ أعيار موضع معروف بالبادية ؛ وقال بدر بن حزّان الفزاري يخاطب النابغة :

أبلغ زيادا ، وحين المرء يجلبه ،

فلو تكيّست أو كنت ابن أحذار

ما اضطرّك الحرز من ليلى إلى برد ،

تختاره معقلا عن جشّ أعيار

جُشَمُ : من قرى بيهق من أعمال نيسابور بخراسان.

باب الجيم والصاد وما يليهما

جَصِّينُ : أبو سعد يقوله بفتح الجيم وأبو نعيم الحافظ بكسرها ، والصاد عندهما مكسورة مشدّدة ، وياء ساكنة ، ونون : وهي محلّة بمرو اندرست وصارت مقبرة ودفن بها بعض الصحابة ، يقال لها تنوّر كران أي صنّاع التنانير ، رأيت بها مقبرة بريدة بن الحصيب الأسلمي والحكم بن عمرو الغفاري ؛ ينسب إليها أبو بكر بن سيف الجصّيني ثقة ، روى عن أبي وهب عن زفر بن الهذيل عن أبي حنيفة كتاب الآثار ، وحدّث عن عبدان بن عثمان وغيره ؛ وأبو حفص عمر بن إسماعيل بن عمر الجصّيني قاضي أرمية ، قال السلفي : وجصّين من قراها وما أراه إلا وهما ، وإنه مروزيّ لأنه قال : روى عن أبي عبد الرحمن السّلمي عن جماعة أقدم منه عن شيوخ خراسان ، وكان فقيها على مذهب الشافعي ، روى عنه أبو النجيب عبد الغفار بن عبد الواحد الأرموي.

باب الجيم والطاء وما يليهما

جَطّا : بالفتح ، وتشديد الطاء ، والقصر : اسم نهر من أنهار البصرة في شرقي دجلة ، عليه قرى ونخل كثير.

جَطِينُ : بالفتح ثم الكسر ، وياء ساكنة ، ونون : قرية من ميلاص في جزيرة صقلّية ، أكثر زرعها القطن والقنّب ؛ منها عليّ بن عبد الله الجطّيني.

باب الجيم والعين وما يليهما

جَعْبَرٌ : بالفتح ثم السكون ، وباء موحدة مفتوحة ، وراء ؛ والجعبر في اللغة : الغليظ القصير ؛ قال رؤبة :


لا جعبريّات ولا طهاملا

يمسين عن قسّ الأذى غوافلا

قلعة جعبر على الفرات بين بالس والرّقّة قرب صفّين ، وكانت قديما تسمّى دوسر فملكها رجل من بني قشير أعمى يقال له جعبر بن مالك وكان يخيف السبيل ويلتجئ إليها ، ولما قصد السلطان جلال الدين ملك شاه بن أرسلان ديار ربيعة ومضر نازلها وأخذها من جعبر ونفى عنها بني قشير وسار إلى حلب وقلعتها لسالم بن مالك بن بدران بن مقلّد العقيلي ، وكان شرف الدولة مسلم بن قريش بن بدران بن مقلد ابن عمه قد استخلف فيها ثم قتل مسلم وسلّم حلب إلى ملك شاه في شهر رمضان سنة ٤٩٩ ودخلها وعوّض سالم بن مالك عن حلب قلعة جعبر وسلمها إليه ، فأقام بها سنين كثيرة ومات ، ووليها ولده إلى أن أخذها نور الدين محمود بن زنكي من شهاب الدين مالك بن عليّ بن مالك بن سالم لأنه كان نزل يتصيد فأسره بنو كلب وحملوه إلى نور الدين وجرت له معه خطوب حتى عوّضه عنها سروج وأعمالها وملّاحة حلب وباب بزاعة وعشرين ألف دينار ، وقيل لصاحبها : أيما أحبّ إليك القلعة أم هذا العوض؟ فقال : هذا أكثر مالا وأما العزّ ففقدناه بمفارقة القلعة ؛ ثم انتقلت إلى بني أيوب ، فهي الآن للملك الحافظ بن العادل أبي بكر بن أيوب.

جَعْرَانُ : جعلان من الجعر ، وهو نجو كل ذات مخلب من السباع ؛ وجعران : موضع.

الجِعْرَانَةُ : بكسر أوله إجماعا ثم إن أصحاب الحديث يكسرون عينه ويشدّدون راءه ، وأهل الإتقان والأدب يخطئونهم ويسكّنون العين ويخفّفون الراء ، وقد حكي عن الشافعي أنه قال : المحدّثون يخطئون في تشديد الجعرانة وتخفيف الحديبية ، إلى هنا مما نقلته ، والذي عندنا أنهما روايتان جيّدتان ؛ حكى إسماعيل بن القاضي عن عليّ بن المديني أنه قال : أهل المدينة يثقّلونه ويثقّلون الحديبية وأهل العراق يخففونهما ومذهب الشافعي تخفيف الجعرانة ، وسمع من العرب من قد يثقّلها ، وبالتخفيف قيدها الخطابي : وهي ماء بين الطائف ومكة ، وهي إلى مكة أقرب ، نزلها النبي ، صلى الله عليه وسلم ، لما قسم غنائم هوازن مرجعه من غزاة حنين وأحرم منها ، صلى الله عليه وسلم ، وله فيها مسجد ، وبها بئار متقاربة ؛ وأما في الشعر فلم نسمعها إلا مخففة ؛ قال :

فيا ليت في الجعرانة ، اليوم ، دارها ،

وداري ما بين الشام فكبكب

فكنت أراها في الملبّين ساعة

ببطن منّى ، ترمي جمار المحصّب

وقال آخر :

أشاقك بالجعرانة الركب ضحوة ،

يؤمّون بيتا بالنذور السوامر

فظلت كمقمور بها ضلّ سعيه ،

فجيء بعنس مشمخرّ مسامر

وهذا شعر أثر التّوليد والضّعف عليه ظاهر ، كتب كما وجد ؛ وقال أبو العباس القاضي : أفضل العمرة لأهل مكة ومن جاورها من الجعرانة لأن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، اعتمر منها ، وهي من مكة على بريد من طريق العراق ، فإن أخطأ ذلك فمن التنعيم ؛ وذكر سيف بن عمر في كتاب الفتوح ونقلته من خط ابن الخاضبة قال : أول من قدم أرض فارس حرملة بن مريطة وسلمى بن القين وكانا من المهاجرين ومن صالحي الصحابة ، فنزلا أطد ونعمان والجعرانة في أربعة آلاف من بني تميم والرباب ، وكان


بإزائهما النّوشجان والفيومان بالوركاء ؛ فزحفوا إليهما فغلبوهما على الوركاء ؛ قلت : إن صحّ هذا فبالعراق نعمان والجعرانة متقاربتان كما بالحجاز نعمان والجعرانة متقاربتان.

الجَعْفَرِيُّ : هذا اسم قصر بناه أمير المؤمنين جعفر المتوكل على الله بن المعتصم بالله قرب سامرّاء بموضع يسمّى الماحوزة فاستحدث عنده مدينة وانتقل إليها وأقطع القوّاد منها قطائع فصارت أكبر من سامرّاء ، وشقّ إليها نهرا فوهته على عشرة فراسخ من الجعفريّ يعرف بجبّة دجلة ، وفي هذا القصر قتل المتوكل في شوال سنة ٢٤٧ فعاد الناس إلى سامرّاء ، وكانت النفقة عليه عشرة آلاف درهم ؛ كذا ذكر بعضهم في كتاب أبي عبد الله بن عبدوس ، وفي سنة ٢٤٥ بنى المتوكل الجعفريّ وأنفق عليه ألفي ألف دينار ، وكان المتولي لذلك دليل بن يعقوب النصراني كاتب بغا الشرابي ؛ قلت : وهذا الذي ذكره ابن عبدوس أضعاف ما تقدّم لأن الدراهم كانت في أيام المتوكل كل خمسة وعشرين درهما بدينار فيكون عن ألفي ألف دينار خمسون ألف ألف درهم ، قال : ولما عزم المتوكل على بناء الجعفري تقدّم إلى أحمد ابن إسرائيل باختيار رجل يتقلد المستغلات بالجعفري من قبل أن يبنى وإخراج فضول ما بناه الناس من المنازل ، فسمّى له أبا الخطاب الحسن بن محمد الكاتب ، فكتب الحسن بن محمد إلى أبي عون لما دعي إلى هذا العمل :

إني خرجت إليك من أعجوبة

مما سمعت به ، ولمّا تسمع

سميت للأسواق ، قبل بنائها ،

ووليت فضل قطائع لم تقطع

ولما انتقل المتوكل من سامرّاء إلى الجعفري انتقل معه عامة أهل سامرّاء حتى كادت تخلو ؛ فقال في ذلك أبو عليّ البصير هذه الأبيات :

إن الحقيقة غير ما يتوهّم ،

فاختر لنفسك أي أمر تعزم

أتكون في القوم الذين تأخروا

عن خطّهم أم في الذين تقدّموا

لا تقعدنّ تلوم نفسك ، حين لا

يجدي عليك تلوّم وتندّم

أضحت قفارا سرّ من را ما بها

إلّا لمنقطع به متلوّم

تبكي بظاهر وحشة ، وكأنها

إن لم تكن تبكي بعين تسجم

كانت تظلّم كلّ أرض مرّة

منهم ، فصارت بعدهن تظلّم

رحل الإمام فأصبحت ، وكأنها

عرصات مكة حين يمضي الموسم

وكأنما تلك الشوارع بعض ما

أخلت إياد ، من البلاد ، وجرهم

كانت معادا للعيون ، فأصبحت

عظة ومعتبرا لمن يتوسّم

وكأن مسجدها ، المشيد بناؤه ،

ربع أحال ومنزل مترسّم

وإذا مررت بسوقها لم تثن عن

سنن الطريق ، ولم تجد من يزحم

وترى الذراري والنساء ، كأنهم

خلق أقام وغاب عنه القيّم

فارحل إلى الأرض التي يحتلّها

خير البريّة ، إن ذاك الأحزم


وانزل مجاوره بأكرم منزل ،

وتيمّم الجهة التي يتيمّم

أرض تسالم صيفها وشتاؤها ،

فالجسم بينهما يصحّ ويسلم

وصفت مشاربها وراق هواؤها ،

والتذّ برد نسيمها المتنسّم

سهليّة جبليّة ، لا تحتوي

حرّا ولا قرّا ، ولا تستوخم

وللشعراء في ذكر الجعفريّ أشعار كثيرة ، ومن

أحسن ما قيل فيه قول البحتري :

قد تمّ حسن الجعفريّ ، ولم يكن

ليتمّ إلّا بالخليفة جعفر

في رأس مشرفة حصاها لؤلؤ ،

وترابها مسك يشاب بعنبر

مخضرّة ، والغيث ليس بساكب ،

ومضيئة ، والليل ليس بمقمر

ملأت جوانبه الفضاء ، وعانقت

شرفاته قطع السّحاب الممطر

أزرى على همم الملوك ، وغض عن

بنيان كسرى في الزمان وقيصر

عال على لحظ العيون ، كأنما

ينظرن منه إلى بياض المشتري

وتسير دجلة تحته ، ففناؤه

من لجّة غمر وروض أخضر

شجر تلاعبه الرياح ، فتنثني

أعطافه في سائح متفجر

أعطيته محض الهوى ، وخصصته

بصفاء ودّ منك غير مكدر

واسم شققت له من اسمك ، فاكتسى

شرف العلوّ به وفضل المفخر

الجَعْفَريَّة : منسوبة إلى جعفر : محلة كبيرة مشهورة في الجانب الشرقي من بغداد. والجعفرية يقال لها جعفرية دبشو : قرية من كورة الغربية بمصر.

والجعفرية تعرف بجعفرية الباذنجانية : قرية بمصر أيضا من كورة جزيرة قوسنيّا.

جُعْفِيٌّ : بالضم ثم السكون ، والفاء مكسورة ، وياء مشدّدة ، مخلاف جعفيّ : باليمن ؛ ينسب إلى قبيلة من مذحج ، وهو جعفيّ بن سعد العشيرة بن مالك ابن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبإ بن يشجب بن يعرب بن قحطان ، بينه وبين صنعاء اثنان وأربعون فرسخا.

الجَعْمُوسَةُ : ماء لبني ضبينة من غنيّ قرب جبلة.

باب الجيم وما يليهما

جَغَانِيانُ : بالفتح ، وبعد الألفين نونان ، الأولى مكسورة بعدها ياء ، وهي صغانيان : بلاد بما وراء النهر من بلاد الهياطلة ، وقد ذكرنا ما انتهى إلينا من أمرها في صغانيان.

باب الجيم والفاء وما يليهما

الجِفَارُ : بالكسر ، وهو جمع جفر نحو فرخ وفراخ ؛ والجفر : البئر القريبة القعر الواسعة لم تطو ؛ وقال أبو نصر بن حمّاد : الجفرة سعة في الأرض مستديرة ، والجمع جفار مثل برمة وبرام. والجفار : ماء لبني تميم وتدعيه ضبّة ، وقيل : الجفار موضع بين الكوفة والبصرة ؛ قال بشر بن أبي خازم :

ويوم النّسار ويوم الجفا

ر كانا عذابا ، وكانا غراما


وقيل : الجفار موضع بنجد وله ذكر كثير في أخبارهم وأشعارهم ، ويوم الجفار من أيام العرب معلوم بين بكر بن وائل وتميم بن مرّ ، أسر فيه عقال بن محمد ابن سفيان بن مجاشع ، أسره قتادة بن مسلمة ؛ قال شاعرهم:

أسر المجشّر وابنه وحويرثا

والنهشليّ ومالكا وعقالا

وقال الأعشى :

وإن أخاك الذي تعلمين

ليالينا ، إذ نحلّ الجفارا

تبدّل ، بعد الصبا ، حلمه

وقنّعه الشيب منه خمارا

والجفار أيضا : من مياه الضباب قبلي ضريّة على ثلاث ليال ، وهو من أرض الحجاز ، وماء هذا الجفار أشبه بماء سماء يخرج من عيون تحت هضبة ، وكأنه وشل وليس بوشل ؛ وفيه يقول بعض بني الضباب :

كفى حزنا أني نظرت ، وأهلنا

بهضبي شماخير الطوال حلول ،

إلى ضوء نار بالحديق يشبّها ،

مع الليل ، سمح الساعدين طويل

على لحم ناب عضه السيف عضة ،

فخرّ على اللحيين ، وهو كليل

أقول ، وقد أيقنت أن لست فاعلا :

ألا هل إلى ماء الجفار سبيل

وقد صدر الورّاد عنه ، وقد طما

بأشهب يشفي لو كرهت غليلي

(١) والجفار أيضا : أرض من مسيرة سبعة أيام بين فلسطين ومصر ، أولها رفح من جهة الشام وآخرها الخشبي متصلة برمال تيه بني إسرائيل ، وهي كلّها رمال سائلة بيض ، في غربيّها منعطف نحو الشمال بحر الشام ، وفي شرقيها منعطف نحو الجنوب بحر القلزم ، وسمّيت الجفار لكثرة الجفار بأرضها ، ولا شرب لسكانها إلا منها ، رأيتها مرارا ، ويزعمون أنها كانت كورة جليلة في أيام الفراعنة إلى المائة الرابعة من الهجرة ، فيها قرى ومزارع ، فأما الآن ففيها نخل كثير ورطب طيب جيد ، وهو ملك لقوم متفرقين في قرى مصر يأتونه أيام لقاحه فيلقحونه وأيام إدراكه فيجتنونه ، وينزلون بينه بأهاليهم في بيوت من سعف النخل والحلفاء ، وفي الجادة السابلة إلى مصر عدّة مواضع عامرة يسكنها قوم من السوقة للمعيشة على القوافل ، وهي رفح والقس والزّعقا والعريش والورّادة وقطية ، في كل موضع من هذه المواضع عدّة دكاكين يشترى منها كل ما يحتاج المسافر إليه ؛ قال أبو الحسن المهلبي في كتابه الذي ألّفه للعزيز ، وكان موته في سنة ٣٨٦ : وأعيان مدن الجفار العريش ورفح والورّادة ، والنخل في جميع الجفار كثير وكذلك الكروم وشجر الرمان ، وأهلها بادية محتضرون ، ولجميعهم في ظواهر مدنهم أجنّة وأملاك وأخصاص فيها كثير منهم ، ويزرعون في الرمل زرعا ضعيفا يؤدون فيه العشر ، وكذلك يؤخذ من ثمارهم ، ويقطع في وقت من السنة إلى بلدهم من بحر الروم طير من السلوى يسمونه المرع يصيدون منه ما شاء الله ، يأكلونه طريّا ويقتنونه مملوحا ، ويقطع أيضا إليهم من بلد الروم على البحر في وقت من السنة جارح كثير فيصيدونه ، منه الشواهين والصقور والبواشق ، وقلّ ما يقدرون على البازي ، وليس لصقورهم وشواهينهم من الفراهة ما لبواشقهم ؛ وليس يحتاجون لكثرة أجنتهم إلى الحرّاس ، لأنه لا يقدر

__________________

(١) في هذا البيت اقواء.


أحد منهم أن يعدو على أحد لأن الرجل منهم إذا أنكر شيئا من حال جنانه نظر إلى الوطء في الرمل ثم قفا ذلك إلى مسيرة يوم ويومين حتى يلحق من سرقه ، وذكر بعضهم أنهم يعرفون أثر وطء الشاب من الشيخ والأبيض من الأسود والمرأة من الرجل والعاتق من الثيّب ، فإن كان هذا حقّا فهو من أعجب العجائب.

جُفاف الطّير : بالضم ، والتخفيف : صقع في بلاد بني أسد ، منه الثّعلبية التي قرب الكوفة ؛ قال ابن مقبل :

منها ، بنعف جراد فالقبائض من

وادي جفاف مرا ، دنيا ومستمع

أراد مرأ دنيا فخفف ؛ وقال نصر : وجفاف أيضا ماء لبني جعفر بن كلاب في ديارهم ؛ وقال جرير :

تعيّرني الأخلاف ليلى ، وأفضلت

على وصل ليلى قوة من حباليا

وما أبصر الناس التي وضحت له ،

وراء جفاف الطير ، إلا تماديا

قال السكري : جفاف أرض لأسد وحنظلة واسعة فيها أماكن يكون الطير فيها فنسبها إلى الطير ، قال:وكان عمارة بن عقيل بن بلال بن جرير يقول وراء حفاف الطير ، بالحاء المهملة ، وقال : هذه أماكن تسمى الأحفّة فاختار منها مكانا فسماه حفافا.

جَفْجفُ : بفتح الجيمين ، وهو في اللغة القاع المستدير الواسع ؛ قال عرّام بن الأصبغ : إذا خرجت من مرّ الظهران تؤم مكة منحدرا من ثنية يقال لها الجفجف وتنحدر في حدّ مكة في واد يقال له تربة.

الجَفْرَانِ : تثنية الجفر : موضع باليمامة ؛ عن الحفصي ؛ قال ذو الرّمّة :

أخذنا على الجفرين آل محرّق ،

ولاقى أبو قابوس منّا ومنذر

الجُفْرَتَانِ : تثنية الجفرة ، بالضم ، وهي سعة في الأرض مستديرة ، والجمع جفار : موضع بالبصرة معروف.

الجَفْرُ : بالفتح ثم السكون ، وهي البئر الواسعة القعر لم تطو : موضع بناحية ضرية من نواحي المدينة ، كان به ضيعة لأبي عبد الجبار سعيد بن سليمان بن نوفل بن مساحق بن عبد الله بن مخرمة المدائني ، كان يكثر الخروج إليها فسمي الجفري ، ولي القضاء أيام المهدي وكان محمود الأمر مشكور الطريقة. والجفر أيضا : ماء لبني نصر بن قعين.

وجفر الأملاك : في أرض الحيرة له قصة في تسميته بهذا الاسم ذكرت في دير بني مرينا من هذا الكتاب.

وجفر البعر ، قال الأصمعي : جفر البعر ماء يأخذ عليه طريق الحاجّ من حجر اليمامة بقرب راهص ، وقال أبو زياد الكلابي : جفر البعر من مياه أبي بكر ابن كلاب بين الحمى وبين مهبّ الجنوب على مسيرة يوم ، وقال غيره : جفر البعر بين مكة واليمامة على الجادة ، وهو ماء لبني ربيعة بن عبد الله بن كلاب ، ولا أدري أي جفر أراد نصيب بقوله :

أما والذي حجّ الملبّون بيته ،

وعظّم أيام الذبائح والنّحر

لقد زادني ، للجفر حبّا وأهله ،

ليال أقامتهنّ ليلى على الجفر

فهل يأثمنّي الله أني ذكرتها ،

وعلّلت أصحابي بها ليلة النفر؟

وجفر الشّحم : ماء لبني عبس ببطن الرّمة بحذاء أكمة الخيمة. وجفر ضمضم : موضع في شعر كثير بن


عبد الرحمن الخزاعي :

إليك تباري ، بعد ما قلت قد بدت

جبال الشّبا ، أو نكبت هضب تريم

بنا العيس تجتاب الفلاة ، كأنها

قطا النّجد أمسى قاربا جفر ضمضم

وجفر الفرس : ماءة وقع فيها فرس في الجاهلية فغبر فيها يشرب من مائها ثم أخرج صحيحا. وجفر مرّة ، قال الزبير وهو يذكر مكة حاكيا عن أبي عبيدة قال : واحتفرت كل قبيلة من قريش في رباعهم بئرا فاحتفر بنو تيم بن مرّة الجفر ، وهي بئر مرّة بن كعب ، وقال أيضا : وقيل حفرها أمية بن عبد شمس وسماها جفر مرة بن كعب ، وقال أمية :

أنا حفرت للحجيج الجفرا

وجفر الهباءة : اسم بئر بأرض الشّربة قتل بها حذيفة وحمل ابنا بدر الفزاريّان ؛ قال قيس بن زهير وهو قتلهما :

تعلّم أنّ خير الناس ميت

على جفر الهباءة ، لا يريم

وسيذكر في الهباءة بأبسط من هذا إن شاء الله تعالى.

الجُفْرَةُ : بالضم ، آخره هاء ؛ وقد ذكرنا أن الجفرة سعة في الأرض مستديرة ؛ جفرة خالد : موضع بالبصرة ؛ قال أبو الأشهب جعفر بن حيان العطاردي : أنا جفري ، أي ولدت عام الجفرة سنة ٧٠ أو ٧١ وقيل سنة ٦٩ في أيام عبد الملك بن مروان ، وأبو الأشهب ثقة ، روى عن الحسن البصري ؛ ويوم الجفرة وقعة كانت بين خالد بن عبد الله بن خالد بن أسيد ابن أبي العيص بن أمية بن عبد شمس ، وكان من قبل عبد الملك بن مروان وبين أهل البصرة من أصحاب مصعب بن الزبير ، وكان لعبد الملك شيعة بالبصرة منهم مالك بن مسمع الربعي ، فأرسل إليهم عبد الملك خالد بن عبد الله في ألف فارس ، فاجتمع بالجفرة مع شيعته بالبصرة ودامت الحرب بينهم وبين أهل البصرة أربعين يوما ، وكان خليفة مصعب على البصرة عبد الله بن عبيد الله بن معمر التميمي ثم أمدّهم مصعب بألف فارس فانهزم أهل الشام وهرب مالك ابن مسمع إلى ثاج ولحق بنجدة الحروريّ بعد أن فقئت عينه ، فأقام عنده إلى أن قتل مصعب ، وبخالد ابن عبد الله سميت جفرة خالد.

جُفْلُوذُ : بالضم ثم السكون ، وضم اللام ، وسكون الواو ، والذال معجمة ؛ قال الحسن بن يحيى الفقيه مؤلف تاريخ صقلية : قلعة جفلوذ الكبيرة وهي مدينة حصينة بصقلية فوق جبل عال على شاطئ البحر ، وفي هذه المواضع جبال شوامخ وأودية عظيمة ، وفيها عنصر أجناس العود الذي تنشأ منه المراكب ؛ قلت : وقد ذكرها ابن قلاقس الإسكندراني فقال :

أجفلت من جفلوذ إجفال امرئ

بالدّين يطلب ثمّ ، أو بالدّين

مع أنها بلد أشمّ ، يحفّه

روض يشمّ ، فمن منّى ومنون

تجري بأعيننا عيون مياهه ،

محفوفة أبدا بحور عين

وتركتها ، والنوء ينزل راحتي ،

عن مال قارون إلى قارون

جَفْنٌ : بالفتح ثم السكون ، ونون : ناحية بالطائف ؛ قال محمد بن عبد الله النميري ثم الثقفي :

طربت وهاجتك المنازل من جفن ،

ألا ربما يعتادك الشوق بالحزن

جَفِيرٌ : بالفتح ، والكسر ، وياء ساكنة ، وراء : موضع في شعر حجر الملك آكل المرار ؛ قال :


لمن النار أوقدت بجفير ،

لم ينم عنك مصطل مقرور

في أبيات وقصة عجيبة ذكرتها في أخبار امرئ القيس ابن حجر من كتابي في أخبار الشعراء.

الجُفَيرُ : تصغير الجفر : قرية بالبحرين لبني عامر بن عبد القيس.

باب الجيم والكاف وما يليهما

جَكَّانُ : بالفتح ثم التشديد : محلّة على باب مدينة هراة ؛ منها أبو الحسن عليّ بن محمد بن عيسى الهروي الجكاني ، رحل إلى الشام فسمع أبا اليمان ويحيى بن صالح الوحاظي بحمص وآدم بن أبي إياس ومحمد بن أبي السري العسقلاني وزيد بن مبارك وسلّام ابن سليمان المدائني ، روى عنه أحمد بن إسحاق الهروي وأبو الفضل محمد بن عبد الله بن محمد بن حميرويه السّيّاري الكرابيسي وغيرهم ، قال أبو عبد الله الحاكم : سمعت أبا عبد الله بن أبي ذهل يقول سمعت أبا تراب محمد بن إسحاق الموصلي يقول : كنا في مجلس عبد الله بن أحمد بن حنبل ببغداد فحدثنا عن أبيه عن أبي اليمان بحديث وإلى جنبي رجل هرويّ لم يكتب ذلك الحديث ، فقلت له : لم لا تكتب؟ فقال : حدثنا شيخ لنا ثقة مأمون بهراة عن أبي اليمان ، وهو حيّ يقال له عليّ بن محمد بن عيسى الجكاني ، فكان ذلك سبب خروجي إلى خراسان ، فلما دخلت هراة سألت عن منزل عليّ بن محمد الجكاني فدلوني على منزله ، فبقيت أستأذن كل يوم ولا يأذن لي إلى أن قعدت يوما على بابه فأذن لجماعة من جيرانه فدخلت معهم ، فكلموه فلما قاموا التفت إليّ فقال : لم دخلت داري بغير إذني؟ فقلت : قد استأذنت غير مرة فلم يؤذن لي فلما أذن للقوم دخلت معهم ، قال : وكان على فراش وتحته من التراب ما الله به عليم ، فقال : ولم جلست على تكرمتي بغير إذني؟ فمددت يدي وقلبتها على الفراش ونثرت من ذلك التراب عليه وقلت : هذه تكرمة ، فوجد عليّ وأسمعني ، فاستشفعت إليه بأبي الفضل بن أبي سعد فقال : ليس له عندي إلا طبق واحد فليجمع فيه ما شاء من حديثي ، فكتب لي أبو الفضل بخط يده طبقا من حديثه على الورق الجيهاني الكبير جمع فيه كل حديث كبير ، فأتيته به فقال : هه اقرأ ، فكنت أقرأ عليه وهو ينقطع إلى أن قرأته فقال : قم الآن ولا أراك بعدها. ومات علي الجكاني سنة ٢٩٢.

جِكِلُ : بكسرتين ، ولام : بلد بما وراء نهر سيحون من بلاد تركستان قرب طرار ، براءين مهملتين ؛ منها أبو محمد عبد الرحمن بن يحيى بن يونس الجكليّ خطيب سمرقند أيام قدرخان ، روى عن أبي القاسم عبيد الله بن عمر الخطيب ، روى عنه أبو حفص عمر ابن محمد بن أحمد النّسفي ، وتوفي بسمرقند في شعبان سنة ٥١٦.

جُكْرانُ : بالضم ثم السكون ، وراء ، وضبطه بعضهم بالواو مكان الراء ، وضبطته أنا من نسخة أبي سعد بالراء ، وترتيبه في كتابه يدل على الراء لأنه ذكره قبل الجكلي : وهي من قرى سجستان ؛ منها أبو محمد الحسن بن فاخر بن محمد الكرابيسي ، سمع أبا سعيد محمد بن الحسن القاضي السجستاني ، قال أبو سعد : روى لنا عنه أبو جعفر حنبل بن علي بن الحسين السجزي بهراة.

باب الجيم واللام وما يليهما

جُلاباذُ : بالضم ، وبين الألفين باء موحدة ، وآخره ذال معجمة : محلّة كبيرة كانت بنيسابور يقال لها


كلاباذ ؛ منها أبو حامد أحمد بن محمد بن شعيب بن هارون الفقيه الجلاباذي الشعيبي عم أبي أحمد الشاهد ، سمع يحيى بن محمد بن يحيى الذّهلي وغيره ، روى عنه أبو العباس أحمد بن هارون الفقيه وغيره ، توفي في ذي القعدة سنة ٣٣٨.

جُلّابُ : بالضم ، وتشديد اللام : اسم نهر بمدينة حرّان التي بالجزيرة ، مسمى باسم قرية يقال لها جلّاب ، ومخرج هذا النهر من قرية تعرف بدب ، بينها وبين جلاب أربعة أميال ، ومنتهاه إلى البليخ نهر الرّقّة يصب فيه إن فضل منه شيء في الشتاء وأما في غير الشتاء فلا يفي ببعض ما عليه من الأراضي المزدرعة لأنه صغير ؛ وذكر الجهشياري أن إسماعيل بن صبيح الكاتب في أيام الرشيد حفر لأهل حرّان قناة يشربون منها تعرف بجلاب ، بينها وبين حران عشرة أميال ؛ قال أبو نواس :

بنيت بما خنت الإمام سقاية ،

فلا شربوا إلا أمرّ من الصّبر

فما كنت إلا مثل بائعة استها ،

تعود على المرضى به ، طلب الأجر

جُلاجِلُ : بالضم ، وكسر الثانية ، ويروى بفتح الأولى ، ورأيته بخط أبي زكرياء التبريزي بحاءين مهملتين الأولى مضمومة ، وأصله في قولهم غلام جلاجل ، بجيمين ، إذا كان خفيف الروح نشيطا في عمله ، وكذلك غلام جلجل ؛ قال ابن الأعرابي : جلاجل كثير الجلاجل ، وهداهد كثير الهداهد ، والقراقر كثير القراقر ، كأنه يقول إن فعالل من أبنية التكثير والمبالغة ؛ وقال الأزهري : جلاجل جبل من جبال الدهناء ؛ وأنشد لذي الرّمة :

أيا ظبية الوعساء ، بين جلاجل

وبين النقا ، أأنت أم أمّ سالم؟

جَلالاباذُ : اسم قلعة حصينة بقومس.

جَلّالٌ : بالفتح ، وتشديد اللام الأولى : اسم لطريق نجد إلى مكة ، قال نصر : سمي به كما سمي مثقب والقعقاع ؛ كذا قال ولا أعرف معناه ، وخبرنا رجل من ساكني الجبلين أن جلّالا رمل في غربي سلمى وحدّه من جهة القبلة غوطة بني لام ومن الشمال اللّوى ومن الغرب عرفجاء وشرقيّه بقعاء ؛ قال الراعي :

يهيب بأخراها بريمة ، بعد ما

بدا رمل جلّال لها وعوابقه

أي نواحيه. وفي حديث الهرماس بن حبيب عن أبيه عن جده قال : التقطت شبكة على ظهر الجلّال بقلة الحزن فأتيت عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، فقلت : اسقني شبكة على ظهر الجلّال ؛ الحديث ذكره النّضر بن شميل. والشبكة والشبك : الآبار المجتمعة.

الجَلاميدُ : جمع جلمود ، وهو الصخر. ذات الجلاميد : موضع بالحزن حزن بني يربوع من ديار تميم ؛ قال ذكوان بن عمرو الضبي يهجو غالبا أبا الفرزدق في قصة :

زعمتم بني الأقيان أن لم نضرّكم ،

بلى والذي ترجى لديه الرغائب

لقد عضّ سيفي ساق عود قناتكم ،

وخرّ على ذات الجلاميد غالب

الجَلّانِيّةُ : بالفتح ، وتشديد اللام ، وكسر النون ، والياء مشددة : من قلاع الهكّارية من نواحي الموصل.

جَلاوَنْد : بتخفيف اللام ، وفتح الواو ، وسكون النون : من قرى قمّ ؛ نسب إليها بعضهم.


جلاهيدُ : كذا وجدته في شعر الراعي في النسخة المقروءة على أحمد بن يحيى ثعلب ، وهو في قوله :

فأفرعن من وادي جلاهيد ، بعد ما

كسا البيت ساقي الغيضة المتناصر

جُلْباطُ : بالضم : ناحية بجبل اللّكّام بين أنطاكية ومرعش ، كانت بها وقعة لسيف الدولة بن حمدان بالروم ، افتخر بها أبو فراس فيما افتخر فقال :

فأوقع ، في جلباط ، بالروم وقعة

بها العمق واللكام والبرج فاخر

جُلْبُ : وهو في اللغة جمع جلبة ، وهي بقلة ، وجلب الليل : سواده ؛ عن الأزهري ؛ وجلب : اسم واد بتهائم اليمن لبني سعد العشيرة بين الجون وجازان ، وكان يقال له الخصوف.

جِلْبُ : بالكسر ؛ والجلب في اللغة : سحاب رقيق ليس فيه ماء ، وكذلك الجلب ، بالضم ، وجلب الرحل وجلبه أيضا : عيدانه ، وجلب : موضع في بلاد عبس ، وفي حديث نجدة الحروري أنه بعث داود بن الضبيب مصدقا إلى بني ذبيان وعبس فقاتلته بنو جذيمة من عبس بجلب ماء لهم فأصابهم ، فقال في ذلك رجل من بني عبس :

ألم تريا جلبا تغيّر بعدنا ،

وسال دما شرقيّه ومغاربه؟

وكائن ترى ، بين الزّويّة والصفا ،

مجرّ كميّ لا تعفّى مساحبه

فلا ظفرت أيدي جذيمة ، إن نجت

أقيش ، وهم قوّاده ومقانبه

جُلْجُلٌ : بالضم : دارة جلجل ، قال الأصمعي وأبو عبيدة : هي من الحمى ، وقال غيرهما : هي من ديار الضباب بنجد فيما يواجه ديار فزارة ، ذكرها امرؤ القيس ، وقد فسرت الدارة في بابها ، والجلجل أصله الذي يعلق على الدوابّ من صفر فيصوّت ، وفي المثل : جريء يعلق الجلجل ؛ قال أبو النجم :

الا امرؤ يعقد خيط الجلجل

يريد الجريء الذي يخاطر بنفسه ؛ وغلام جلجل وجلاجل : خفيف الروح.

الجَلْحَاء : بالفتح ثم السكون ثم حاء مهملة ، وألف ممدودة ، أصله يقال له بقرة جلحاء ، وهي التي يذهب قرناها أخرا ، وقيل بقرة جلحاء ، وكذلك الشاة ، وهي بمنزلة الجمّاء التي لا قرن لها ، ويقال أكمة جلحاء إذا لم تكن محددة الرأس ، ولعل هذا الموضع سمي بذلك : وهو موضع على ستة أميال من الغوير المعروف بالزّبيدية بين العقبة والقاع ، فيها بركة وقباب خراب ، وفي غربيها بئر قليلة الماء عذبة ، رشاؤها نحو من خمسين قامة ، ومنها إلى القاع ستة أميال.

جَلْحٌ : من مياه كلب ثم لبني تويل منهم.

جَلَخْبَاقَانُ : بفتحتين ، وسكون الخاء المعجمة ، وباء موحدة ، وبين الألفين قاف ، وآخره نون : من قرى مرو.

جُلَخْتُجَانُ : بالضم ثم الفتح ، وسكون الخاء ، وضم التاء ، وجيم أخرى ، وألف ، ونون : قرية من قرى مرو أيضا ، بينهما خمسة فراسخ ؛ خرج منها جماعة قديما وحديثا ، منهم : أبو مالك سعيد بن هبيرة الجلختجاني ، يروي عن حماد بن زيد ، سمع منه القاسم بن محمد الميداني.

جِلْذَانُ : بكسر الجيم ، وسكون اللام ، واختلف في الدال فمنهم من رواها مهملة ومنهم من رواها


معجمة : موضع قرب الطائف بين ليّة وسبل ، يسكنه بنو نصر بن معاوية من هوازن ، قيل سمّي بجلذان بن أزال بن عبيل بن عوص بن إرم بن سام بن نوح ، عليه السلام ، وأزال والد جلذان ، وهو الذي اختطّ صنعاء اليمن ، وقال نصر بن حماد في كتاب الذال المعجمة : أسهل من جلذان حمى قريب من الطائف ليّن مستو كالراحة ، وقال الزمخشري : بطن جلذان ، معجمة الذال ، وقولهم : صرّحت بجلدان ، مهملة ؛ وقال أنشدني حسن بن إبراهيم الشيباني الساكن بالطائف :

وجلدان العريض قطعن سوقا ،

يطرن بأجرعيه قطا سكونا

تخال الشمس ، إن طلعت عليها

لناظرها ، علالي أو حصونا

وقال الميداني في الجامع : قولهم صرّحت بجلذان كذا أورده الجوهري بالذال المعجمة ، ووجدت عن الفراء غير معجمة ، وقال : صرحت بجلذان وبجدّان وبجدّاء إذا تبين لك الأمر وصرّح ، وقال ابن الأعرابي : يقال صرّحت بجدّ وجدّان وجلذان وجدّان وجلذاء ، وأورده حمزة في أمثاله بالذال المعجمة ، وأظن الجوهري نقل عنه ، والتاء في قولهم صرّحت عبارة عن القصة والخطّة ؛ قلت أنا : وقد تأملت كتاب الجوهري فلم أجده ذكر صرّحت بجلذان في موضعه وإنما قال أسهل من جلذان ؛ وقال أمية بن الأسكر :

أصبحت فردا لراعي الضان يلعب بي ،

ما ذا يريبك مني راعي الضان؟

اعجب لغيري ، إني تابع سلفي

أعمام مجد وإخوان وأخدان

وانعق بضأنك في أرض تطيف بها

بين الأصافر ، وأنتجها بجلذان

وقال أبو محمد الأسود : قولهم في المثل صرّحت بجلذان يضرب مثلا للأمر إذا بان ، وجلذان : هضبة سوداء يقال لها تبعة فيها نقب ، كل نقب قدر ساعة ، كانوا يعظّمون ذلك الجبل ؛ وقال خفاف بن ندبة يذكر جلذان :

ألا طرقت أسماء من غير مطرق ،

وأنّى وقد حلّت بنجران نلتقي؟

سرت ، كل واد دون رهوة دافع ،

وجلذان أو كرم بليّة محدق

تجاوزت الأعراض ، حتى توسدت

وسادي لدى باب بجلذان مغلق

الجَلْسَدُ : اسم ضم كان بحضرموت ولم أجد ذكره في كتاب الأصنام لأبي المنذر هشام بن محمد الكلبي ، ولكني قرأت في كتاب أبي أحمد الحسن بن عبد الله العسكري : أخبرنا ابن دريد قال أخبرني عمي الحسين بن دريد قال أخبرني حاتم بن قبيصة المهلّبي عن هشام بن الكلبي عن أبي مسكين قال : كان بحضرموت صنم يسمى الجلسد تعبده كندة وحضرموت ، وكانت سدنته بني شكامة بن شبيب بن السّكون بن أشرس بن ثور بن مرتع وهو كندة ثم أهل بيت منهم يقال لهم بنو علّاق ، وكان الذي يسدنه منهم يسمى الأخزر بن ثابت ، وكان للجلسد حمى ترعاه سوامه وغنمه ، وكانت هوا في الغنم إذا رعت حمى الجلسد حرمت على أربابها ، وكانوا يكلّمون منه ، وكان كجثّة الرجل العظيم ، وهو من صخرة بيضاء لها كرأس أسود ، وإذا تأمّله الناظر رأى فيه كصورة وجه الإنسان ؛ قال الأخزر : فإني ليوما


عند الجلسد وقد ذبح له رجل من بني الامريّ بن مهرة ذبحا إذ سمعنا فيه كهمهمة الرعد ، فأصغينا فإذا قائل يقول : شعار أهل عدم ، انه قضاء حتم ، ان بطش سهم فقد فاز سهم ، فقلنا : ربنا وضاح وضاح! فأعاد الصوت وهو يقول : ناء نجم العراق ، يا أخزر بن علاق ، هل أحسست جمعا عما ، وعددا جما ، يهوي من يمن وشام ، إلى ذات الآجام ، نور أظلّ ، وظلام أفلّ ، وملك انتقل ، من محل إلى محلّ. ثم سكت فلم ندر ما هو ، فقلنا : هذا أمر كائن. فلما كان في العام المقبل وقد راث علينا ما كنا نسمع من كلام الصنم وساءت ظنوننا وقرّبنا قربانا ولطخنا بدمه وكذلك كنا نفعل ، فإذا الصوت قد عاد علينا فتباشرنا وقلنا : عم صباحا ربّنا لا مصدّ عنك ولا محيد ، تشاجرت الشئون ، وساءت الظنون ، فالعياذ من غضبك ، والإياب إلى صفحك! فإذا النّداء من الصنم يقول : قلبت البنات ، وعزّاها واللات ، وعلياها ومناة ، منعت الأفق فلا مصعد ، وحرست فلا مقعد ، وأبهمت فلا متلدد ، وكان قد ناجم نجم ، وهاجم هجم ، وصامت زجم ، وقابل رجم ، وداع نطق ، وحق بسق ، وباطل زهق. ثم سكت. فتحدثت القبائل بهذا في مخاليف اليمن فأنا لعلى افان ذلك إذ أضل رجل من كندة إبلا فأقبل إلى الجلسد فنحر جزورا واستعار ثوبين من ثياب السدنة واكتراهما فلبسهما ، وكذلك كانوا يفعلون ، ثم قال : أنشدك يا رب أبكرا ضخما مدمومة دما مخلوقة بالأفخاذ مخبوطة بالحاذ أضللتها بين جماهير النخرة حيث الشقيقة والضفرة ، فاهد ربّ وأرشد ؛ فلم يجب ، قال الأخزر : فانكسر لذلك ، وقد كان فيما مضى يخبرنا بالأعاجيب ، فلما جن علينا الليل بتّ مبيتي عنده فإذا هاتف يقول : لا شأن للجلسد ولا رثي لهدد ، استقام الأود وعبد الواحد الصمد ، واكفى الحجر الأصلد ، والرأس الأسود ، قال : فنهضت مذعورا فأتيت الصنم فإذا هو منقلب على رأسه وكان لو اجتمع فئام من الناس ما حلحلوه ، فو الذي نفسي بيده ما عرّجت على أهل ولا مال حتى أتيت راحلتي وخرجت حتى أتيت صنعاء فقلت : هل من خابئة خبر؟ فقيل لي : ظهر رجل بمكة يدعو إلى خلع الأوثان ويزعم أنه نبيّ ، فلم أزل أطوف في مخاليف اليمن حتى ظهر الإسلام ، فأتيت النبي ، صلى الله عليه وسلم ، فأسلمت ؛ وفي أشعارهم :

 .................. كما

بيقر من يمشي إلى الجلسد

والبيقرة : مشية يطأطئ الرجل فيها رأسه.

جِلْسُ : بالكسر ، والسكون ، والسين مهملة ؛ والجلس في اللغة والجليس واحد ، وجلس والقنان : جبلان مما يلي علياء أسد وعلياء غطفان ؛ ويروى قول العرجي بكسر الجيم :

بنفسي والنّوى أعدى عدوّ ،

لئن لم يبق لي بالجلس جارا

وما ذا كثرة الجيران تغني

إذا ما بان من أهوى وسارا؟

الجَلْسُ : بالفتح ، وهو الغليظ من الأرض ؛ ومنه جمل جلس وناقة جلس أي وثيق جسيم. والجلس : علم لكل ما ارتفع من الغور في بلاد نجد ، قال ابن السكيت : جلس القوم إذا أتوا نجدا ، وهو الجلس ؛ وأنشد :

شمال من غار به مفرعا ،

وعن يمين الجالس المنجد

وقال الهذلي :

إذا ما جلسنا لا تكاد تزورنا

سليم ، لدى أبياتنا ، وهوازن


أي إذا أتينا نجدا ؛ وورد الفرزدق المدينة مادحا لمروان بن الحكم فأنكر مروان منه شيئا فأمره بالخروج من المدينة عنفا بعد أن كتب له إلى بعض العمال بمال ، فقال الفرزدق :

يا مرو إن مطيّتي محبوسة ،

ترجو الحباء ، وربها لم ييأس

فالتقاه رجل فأنشده هذه الأبيات :

قل للفرزدق والسفاهة كاسمها :

إن كنت تارك ما أمرتك فاجلس

وأتيتني بصحيفة مختومة ،

أخشى عليك بها حباء النّقرس

الق الصحيفة ، يا فرزدق! لا تكن

نكداء مثل صحيفة المتلمّس

قال الطبراني في معجمه الكبير : حدثنا خالد بن النضر القرشي قال : حدثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري ، حدثنا كثير بن عبد الرحمن بن جعفر عن عبد الله ابن كثير بن عمرو بن عوف المزني عن أبيه عن جدّه بلال بن الحارث المزني قال : خرجنا مع رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، في بعض أسفاره فخرج لحاجته ، وكان إذا خرج لحاجته يبعد ، فأتيته بإداوة من ماء فانطلق ، فسمعت عنده خصومة رجال ولغطا لم أسمع مثله فقال : بلال؟ فقلت : بلال! فقال : أمعك ماء؟ قلت : نعم ، قال : أصبت ؛ فأخذه مني وتوضأ ، قلت : يا رسول الله سمعت عندك خصومة رجال ولغطا لم أسمع أحدا من ألسنتهم ، قال : اختصم عندي الجن المسلمون والجن المشركون وسألوني أن أسكنهم فأسكنت المشركين الغور وأسكنت المسلمين الجلس ؛ قال عبد الله بن كثير : قلت لكثير ما الجلس وما الغور؟ قال : الجلس القرى ما بين الجبال والبحر ، قال كثير : ما رأينا أحدا أصيب بالجلس إلا سلم ولا أصيب أحد بالغور إلا ولم يكد يسلم ؛ وقال إبراهيم بن هرمة :

قفا فهريقا الدمع بالمنزل الدّرس ،

ولا تستملا أن يطول به حبسي

ولو أطمعتنا الدار ، أو ساعفت بها ،

نصصنا ذوات النّصّ والعنق الملس

وحثّت إليها كلّ وجناء حرّة

من العيس ، ينبي رحلها موضع الحلس

ليعلم أن البعد لم ينس ذكرها ،

وقد يذهل النّأي الطويل ، وقد ينسي

فإن سكنت بالغور حنّ صبابة

إلى الغور ، أو بالجلس حنّ إلى الجلس

تبدّت ، فقلت : الشمس عند طلوعها ،

بلون غنيّ الجلد عن أثر الورس

فلما ارتجعت الرّوح قلت لصاحبي

على مرية : ما ههنا مطلع الشمس

وتقول : رأيت جلسا أي رجلا طويلا راكبا جلسا أي بعيرا عاليا قد علا جلسا : اسم جبل ؛ يأكل جلسا أي عسلا ، ويشرب جلسا أي خمرا ، يؤمّ جلسا أي نجدا ؛ وأنشد ابن الأعرابي :

وكنت امرأ بالغور مني زمانة ،

وبالجلس أخرى ما تعيد ولا تبدي

فطورا أكرّ الطرف نحو تهامة ،

وطورا أكرّ الطرف شوقا إلى نجد

وأبكي على هند إذا ما تباعدت ،

وأبكي إلى دعد إذا فارقت هند

(١) أقول إلى بمعنى مع كأنه قال : أبكيهما معا.

__________________

(١) في هذا البيت إقواء.


جَلَّصَوْرَى : لفتح ، وتشديد اللام وفتحها ، وفتح الصاد المهملة ، وسكون الواو ، وفتح الراء ، والقصر : اسم قلعة في جبال الهكّارية بأرض الموصل.

الجَلَعْبُ : بفتحتين ، وسكون العين المهملة ؛ والجلعب في الأصل الرجل الجافي الكثير الشرّ ، قال : جلفا جلعبا ذا جلب : وهو جبل بناحية المدينة ، وقد ثنّاه بعضهم في الشعر كعادتهم في أمثاله فقال :

سقى الله ما حلّت به أم مالك

من الأرض ، أو مرّت عليه جمالها

ألا هل أري قومي ، على النأي ، أنني

سررت وأسباني قديما فعالها

فدى لهم ، بالوجه ، أمي وخالتي ،

وليلة معدى سمعها وقتالها

هم طحطحوا عنا منولة حقبة

بضرب ، كأيدي الجرد ذيد نهالها

فما فتئت ضبع الجلعبين تعتري

مصارع قتلى ، في التراب سبالها

جَلْعَدُ : بالفتح ثم السكون ، وهو في اللغة الصلب الشديد : وهو اسم موضع ؛ قال جرير :

أحلّ إذا شئت الإياد وحزنه ؛

وإن شئت أجراع العقيق وجلعدا

جُلَّفار : بالضم ثم الفتح والتشديد ، وفاء ، وآخره راء : بلد بعمان عامر كثير الغنم والجبن والسمن يجلب منها إلى ما يجاورها من البلدان.

جُلْفارُ : بضم أوله ، ويكسر ، واللام ساكنة : قرية من قرى مرو الشاهجان.

جُلْفَرُ : بسقوط الألف من التي قبلها ، وهما واحد ، وأهل مرو يقولون كلفر ؛ ينسب إليها أبو نصر محمد ابن الحسن بن عليّ بن أحمد القزاز الجلفري ، كان فقيها فاضلا ، سافر إلى العراق والشام ولقي الشيوخ وسمع الكثير ، روى عن أبيه أبي العباس وغيره ، وروى عنه أبو محمد الحسين بن مسعود الفراء البغوي ، توفي بعد سنة ٤٦٣.

جَلَفُ والقيْسُ : بلد من نواحي البهنسية من أرض مصر.

جِلِّقُ : بكسرتين وتشديد اللام وقاف ؛ كذا ضبطه الأزهري والجوهري ، وهي لفظة أعجمية ، ومن عرّبها قال : هو من جلّق رأسه إذا حلقه : وهو اسم لكورة الغوطة كلها ، وقيل بل هي دمشق نفسها ، وقيل جلّق موضع بقرية من قرى دمشق ، وقيل صورة امرأة يجري الماء من فيها في قرية من قرى دمشق ، قاله نصر ؛ قال حسان بن ثابت الأنصاري :

لله درّ عصابة نادمتهم

يوما بجلّق في الزمان الأوّل

وقال حسان بن نمير المعروف بعرقلة الدمشقي يذكرها ويصف كثيرا من نواحيها من قصيدة وازن بها قصيدة أبي نواس فقال :

أجارة بيتينا أبوك غيور

مدح بها صلاح الدين يوسف بن أيوب وقصده بها إلى مصر كما فعل أبو نواس في قصيدة الخصيب حيث قال :

عسى من ديار الظاعنين بشير ،

ومن جور أيام الفراق مجير

لقد عيل صبري بعدهم ، وتكاثرت

همومي ولكنّ المحبّ صبور

وكم بين أكناف الثغور متيّم

كثيب ، غزته أعين وثغور


وكم ليلة بالماطرون قطعتها ،

ويوم إلى الميطور ، وهو مطير

سقى الله من سطرا ومقرا منازلا ،

بها للندامى نضرة وسرور

ولا زال ظلّ النّير بين ، فإنه

طويل ويوم المرء فيه قصير

ويا بردى! لا زال ماؤك باردا ،

وماء الحيا من ساحتيك نمير

أبى العيش إلا بين أكناف جلّق ،

وقد لاح فيها أشمس وبدور

وكم بحمى جيرون سرب جآذر

حبائلهنّ المال ، وهو نفور

ولكن سأحويه ، إذا سرت قاصدا

إلى بلد فيه الصلاح أمير

وقال بعض الشعراء وجعلها مثلا في كثرة المياه والخير وغناها عن الأمطار :

الرّزق كالوسميّ ربّتما غدا

روض القطا ، وسقى حدائق جلّق

فإذا سمعت بحوّل متأدّب

متألّه ، فهو الذي لم يرزق

والرزق يخطي باب عاقل قومه ،

ويبيت بوّابا لباب الأحمق

وجلّق أيضا : ناحية بالأندلس بسرقسطة يسقي نهرها عشرين ميلا من باب سرقسطة ، وليس بالأندلس أعذب من مائه ، وهو يجري نحو المشرق ، ويزعمون أن الماء إذا جرى مشرقا كان أعذب وأصحّ من الذي يجري نحو المغرب ، وكان بنو أمية لما تملكوا الأندلس بعد انتقالهم من الشام أيام هربهم من بني العباس سموا عدة مواضع بالأندلس بأسماء مدن الشام ، فسموا إشبيلية حمص وسموا موضعا آخر الرّصافة وموضعا آخر تدمر ، ثم تلاعبت بها ألسنة أهل الأندلس فقالوا تدمير وسموا هذا الموضع جلق ؛ وقال الأديب أبو زيد عبد الرحمن بن مقانا الأشبوني:

دعوت ، فأسمعت بالمرهفا

ت صمّ الأعادي وصمّ الصفا

وشمت سيوفك في جلّق ،

فشامت خراسان منك الحيا

قال ابن بسام الأندلسي بعد إيراده هذا البيت : جلق واد في شرقي الأندلس.

جُلَكُ : بالضم ثم الفتح ، وكاف ، بوزن جرذ ؛ قال أبو سعد : هذه الصورة رأيتها في تاريخ أبي بكر بن مردويه الأصبهاني ، وظني أنها من قرى أصبهان ؛ منها أبو الفضل العباس بن الوليد الجلكي الأصبهاني ، يروي عن أصرم بن جوشب وغيره.

جَلُلْتَا : بالفتح ثم الضم ، وسكون اللام الثانية ، والتاء مثناة من فوقها ، والقصر : قرية مشهورة من قرى النهروان ؛ ينسب إليها أبو طالب المحسن بن عليّ بن شهفيروز الجللتاني من فقهاء أصحاب الشافعي ، روى عن القاضي أبي الفرج المعافى بن زكرياء الجريري وأبي طاهر المخلص وتفقه على أبي حامد الأسفراييني ، وتوفي بجللتا في شهر رمضان سنة ٤٥٦ ؛ قاله السلفي.

الجُلَلُ : بالضم ثم الفتح ، وآخره لام أخرى : ناحية من أعمال صنعاء باليمن.

لجُلّ : بالضم ، وتشديد اللام ، وجلّ الشيء معظمه :وهو قريب من السّلمان ، بينه وبين واقصة ثمانية


أميال ، وقال الحازمي : جلّ موضع بالبادية على جادّة طريق القادسيّة إلى زبالة ، بينه وبين القرعاء ستة عشر ميلا ، وهو بينها وبين الرمانتين ، له ذكر في الشعر.

جُلْمائِرْد : بالضم ثم السكون ، وميم ، وألف ، وياء مهموزة ، وراء ، ودال : قرية كبيرة من قرى أصبهان من ناحية قهاب ، فيها منبر وجامع كبير.

جَلْوَاباذُ : بالفتح ثم السكون ؛ قال أبو سعد : أظنها من قرى همذان ؛ منها عليّ بن إسحاق بن إبراهيم الهمذاني الجلواباذي ، روى عن عثمان بن أبي شيبة وأحمد ابن منيع وإسماعيل بن ثوبة ، روى عنه الحسين بن يزيد الدقيقي وأحمد بن إسحاق الطيبي ، وهو صدوق.

جَلُودُ : بالفتح ثم الضم ، وسكون الواو ، ودال مهملة ، قالوا : هي بلدة بإفريقية ؛ ينسب إليها القائد عيسى ابن يزيد الجلودي ، وكان مع عبد الله بن طاهر ، وولي مصر ، وقال ابن قتيبة في أدب الكاتب : هو الجلودي ، بفتح الجيم ، منسوب إلى جلود ، وأحسبها قرية بإفريقية ، وقال أبو محمد عبد الله بن محمد البطليوسي : كذا قال يعقوب ، وقال علي بن حمزة البصري : سألت أهل إفريقية عن جلود هذه التي ذكرها يعقوب فلم يعرفها أحد من شيوخهم ، وقالوا إنما نعرف كدية الجلود ، وهي كدية من كدى القيروان ، قال : والصحيح أن جلود قرية بالشام معروفة.

جَلُولاء : بالمدّ : طسوج من طساسيج السواد في طريق خراسان ، بينها وبين خانقين سبعة فراسخ ، وهو نهر عظيم يمتد إلى بعقوبا ويجري بين منازل أهل بعقوبا ويحمل السفن إلى باجسرا ، وبها كانت الوقعة المشهورة على الفرس للمسلمين سنة ١٦ ، فاستباحهم المسلمون ، فسمّيت جلولاء الوقيعة لما أوقع بهم المسلمون ؛ وقال سيف : قتل الله ، عز وجل ، من الفرس يوم جلولاء مائة ألف فجلّلت القتلى المجال ما بين يديه وما خلفه ، فسميت جلولاء لما جلّلها من قتلاهم ، فهي جلولاء الوقيعة ؛ قال القعقاع بن عمرو فقصرها مرّة ومدها أخرى :

ونحن قتلنا في جلولا أثابرا

ومهران ، إذ عزّت عليه المذاهب

ويوم جلولاء الوقيعة أفنيت

بنو فارس ، لمّا حوتها الكتائب

والشعر في ذكرها كثير. وجلولاء أيضا : مدينة مشهورة بإفريقية ، بينها وبين القيروان أربعة وعشرون ميلا ، وبها آثار وأبراج من أبنية الأول ، وهي مدينة قديمة أزلية مبنية بالصخر ، وبها عين ثرّة في وسطها ، وهي كثيرة الأنهار والثمار ، وأكثر رياحينها الياسمين ، وبطيب عسلها يضرب المثل لكثرة ياسمينها ، وبها يربّب أهل القيروان السمسم بالياسمين لدهن الزّنبق ، وكان يحمل من فواكهها إلى القيروان في كل وقت ما لا يحصى ؛ وكان فتحها على يدي عبد الملك بن مروان ، وكان مع معاوية بن حديج في جيشه فبعث إلى جلولاء ألف رجل لحصارها ، فلم يصنعوا شيئا ، فعادوا فلم يسيروا إلا قليلا حتى رأى ساقة الناس غبارا شديدا فظنوا أن العدوّ قد تبع الناس ، فكرّ جماعة من المسلمين إلى الغبار ، فإذا مدينة جلولاء قد تهدم سورها ، فدخلها المسلمون ، فانصرف عبد الملك بن مروان إلى معاوية بن حديج بالخبر ، فأجلب الناس الغنيمة ، فكان لكل رجل من المسلمين مائتا درهم ، وحظ الفارس أربعمائة درهم.

جَلُولَتَين : اللام الثانية مفتوحة ، والتاء مفتوحة فوقها نقطتان ، وياء ساكنة ، ونون : قرية من قرى بعلبكّ


قريبة من النهروان ؛ سمع بها أبو سعد من أبي البقاء كرم بن بقاء بن ملاعب الجلولتيني.

جَلْوَةُ : بسكون اللام ، وفتح الواو : من مياه الضباب بالحمى حمى ضرية ، وربما قيل له جلوى بالقصر ، والله أعلم.

الجَلْهَتانِ : وجلهتا الوادي : ناحيتاه وحرفاه ؛ وأكثر العلماء يرون أن لبيدا عنى ذلك بقوله :

وعلا فروع الأيهقان ، وأطفلت

بالجلهتين ظباؤها ونعامها

إلّا أبا زياد الكلابي فإنه قال : الجلهتان مكانان بالحمى حمى ضرية ، وأنشد البيت.

الجُلْهُمَتَانِ : بالضم ثم السكون ، وضم الهاء أيضا ، وفتح الميم ، تثنية الجلهمة ، وهو في حديث أبي سفيان أنه قال للنبي ، صلى الله عليه وسلم : ما كدت تأذن لي حتى تأذن لحجارة الجلهمتين ؛ قال الأزهري : قال شمر لم أسمع الجلهمة إلّا في هذا الحديث ؛ وفي حرف آخر روي عن أبي زيد : هذا جلهم ، والجلهمة : الفأرة الضخمة ، قال : وحيّ من ربيعة يقال لهم الجلاهم ؛ وقال أبو عبيد : أراه أراد الجلهة ، وهي فم الوادي ، فزاد فيه ميما فقال جلهمة ، وهكذا رواه بفتح الجيم والهاء وأنشد :

بجلهمة الوادي قطا نواهض

قال الأزهري : وقد زادت العرب الميم في حروف كثيرة ، منها قولهم : قصمل الشيء إذا كسره في حروف كثيرة عدّدها ؛ قلت أنا : وهذا وإن لم يصح أنه مكان بعينه فإن السامع لهذا الحديث يظنه كذلك فلذلك ذكر.

جِلْيَانَةُ : بالكسر ثم السكون ، وياء ، وألف ، ونون : حصن بالأندلس من أعمال وادي ياش ، حصين كثير الفواكه ، ويقال لها جليانة التّفاح لجلالة تفاحها وطيبه وريحه ، قيل : إذا أكل وجد فيه طعم السكر والمسك ؛ منها عبد المنعم بن عمر بن حسان الشاعر الأديب الطبيب ، كان عجيبا في عمل الأشعار التي تقرأ القطعة الواحدة بعدّة قواف ويستخرج منها الرسائل والكلام الحكميّ مكتوبا في خلال الشعر ، وكان يعمل من ذلك دوائر وأشجارا وصورا ، سكن دمشق ، وكانت معيشته الطب ، يجلس باللّبّادين على دكان بعض العطارين ، كذلك لقيته ووقّفني على أشياء مما ذكرته وأنشدني لنفسه ما لم أضبطه عنه ، ومات بدمشق سنة ٦٠٣ ، وأنشدني السديد عمر بن يوسف القفصي قال : أنشدني عبد المنعم الجلياني لنفسه :

وهل ثمّ نفس لا تميل إلى الهوى؟

محال ، ولكن ثمّ عزم على الصبر

سلالة هذا الخلق من ظهر واحد ،

وللكلّ شرب من قوى ذلك الظهر

جُلَيْجلُ : تصغير جلجل : منزل في طريق البرّيّة من دمشق دون القريتين ، بينه وبين دمشق مرحلتان لمن يقصد الشرق ، به خان رأيته غير مرة.

جِلّيقِيَّةُ : بكسرتين ، واللام مشددة ، وياء ساكنة ، وقاف مكسورة ، وياء مشددة ، وهاء : ناحية قرب ساحل البحر المحيط من ناحية شمالي الأندلس في أقصاه من جهة الغرب ، وصل إليه موسى بن نصير لما فتح الأندلس ، وهي بلاد لا يطيب سكناها لغير أهلها ، وقال ابن ماكولا : الجلّيقي نسبة إلى بلدة من بلاد الروم المتاخمة للأندلس يقال لها جلّيقية ؛ منها عبد الرحمن بن مروان الجلّيقي من الخارجين بالأندلس في أيام بني أميّة ، وقد صنّف في أخباره تاريخ.

الجلِيلُ : بالفتح ثم الكسر ، وياء ساكنة ، ولام أخرى ، جبل الجليل : في ساحل الشام ممتدّ إلى قرب حمص ،


كان معاوية يحبس في موضع منه من يظفر به ممن ينبز بقتل عثمان بن عفان ، رضي الله عنه ؛ منهم محمد بن أبي حذيفة وكريب بن أبرهة ، وهناك قتل عبد الرحمن بن عديس البلوي ، قتله بعض الأعراب لما اعترف عنده بقتل عثمان ؛ كذا قال أبو بكر بن موسى ؛ وقال ابن الفقيه : وكان منزل نوح ، عليه السلام ، في جبل الجليل بالقرب من حمص في قرية تدعى سحر ويقال إن بها فار التّنّور ، قال : وجبل الجليل بالقرب من دمشق أيضا ، يقال إن عيسى ، عليه السلام ، دعا لهذا الجبل أن لا يعدو سبعه ولا يجدب زرعه ، وهو جبل يقبل من الحجاز ، فما كان بفلسطين منه فهو جبل الحمل ، وما كان بالأردن فهو جبل الجليل ، وهو بدمشق لبنان وبحمص سنير ؛ وقال أبو قيس بن الأسلت :

فلو لا ربّنا كنا يهودا ،

وما دين اليهود بذي شكول

ولو لا ربنا كنا نصارى

مع الرهبان في جبل الجليل

ولكنا خلقنا ، إذ خلقنا ،

حنيف ديننا عن كل جيل

وقال الحافظ أبو القاسم الدمشقي : واصل بن جميل أبو بكر السلاماني من بني سلامان الجليلي من جبل الجليل من أعمال صيداء وبيروت من ساحل دمشق ، حدّث عن مجاهد ومكحول وعطاء وطاووس والحسن البصري ، روى عنه الأوزاعي وعمر بن موسى بن وجيه الوجيهي ، وقال يحيى بن معين : واصل بن جميل مستقيم الحديث ، ولما هرب الأوزاعي من عبد الله بن علي بن عبد الله بن العباس اختبأ عنده ، وكان الأوزاعي يحمد ضيافته ويقول : ما تهنّأت بضيافة أحد مثلما تهنأت بضيافتي عنده ، وكان خبأني في هري العدس ، فإذا كان العشاء جاءت الجارية فأخذت من العدس فطبخت ثم جاءتني به ، فكان لا يتكلف ، فتهنأت بضيافته. وذو الجليل : واد قرب مكة ؛ قال بعضهم :

بذي الجليل على مستأنس وحد

وذو الجليل أيضا : واد بقرب أجإ.

جُلَيّةُ : بلفظ تصغير الجليّ ، وهو الواضح ؛ قال نصر : موضع قرب وادي القرى من وراء بدا وشغب.

باب الجيم والميم وما يليهما

الجَمّاءُ : بالفتح ، وتشديد الميم ، والمد ؛ يقال للبنيان الذي لا شرف له أجمّ ولمؤنثه جمّاء ، ومنه شاة جماء لا قرن لها ، والجم في الأصل الكثير من كل شيء ، ومنه جمة الرأس لمجتمع الشعر ، فأما أجم وجماء في البنيان فهو من النقص فيكون هو ، والله أعلم ، نحو قولهم أشكيته إذا أزلت شكواه ، وأعجمت الكتاب إذا أزلت عجمته ، وله نظائر.

والجماء : جبيل من المدينة على ثلاثة أميال من ناحية العقيق إلى الجرف ، وقال أبو القاسم محمود بن عمر : الجماء جبيل بالمدينة ، سمّيت بذلك لأن هناك جبلين هي أقصرهما فكأنها جماء ؛ وفي كتاب أبي الحسن المهلبي : الجماء اسم هضبة سوداء ، قال : وهما جمّاوان يعني هضبتين عن يمين الطريق للخارج من المدينة إلى مكة ؛ قال حسان بن ثابت :

وكان بأكناف العقيق وبيده ،

يحطّ من الحماء ركنا ململما

وفي كتاب أحمد بن محمد الهمذاني : الجمّاوات ثلاث


بالمدينة ، فمنها : جماء تضارع التي تسيل إلى قصر أمّ عاصم وبئر عروة وما والى ذلك ، وفيها يقول أحيحة بن الجلاح :

إنّي والمشعر الحرام ، وما

حجّت قريش له ، وما نحروا

لا آخذ الخطة الدنية ما

دام يرى ، من تضارع ، حجر

ومنه مكيمن الجماء ، وفيه يقول سعيد بن عبد الرحمن ابن حسّان بن ثابت :

عفا مكمن الجماء من أمّ عامر ،

فسلع عفا منها فحرّة واقم

ثم الجماء الثانية جماء أمّ خالد التي تسيل على قصر محمد ابن عيسى الجعفري وما والاه ، وفي أصلها بيوت الأشعث من أهل المدينة وقصر يزيد بن عبد الملك بن المغيرة النّوفلي وفيفاء الخبار من جماء أمّ خالد.

والجماء الثالثة جماء العاقر ، بينها وبين جماء أمّ خالد فسحة ، وهي تسيل على قصور جعفر بن سليمان وما والاها ، وإحدى هذه الجماوات أراد أبو قطيفة بقوله :

القصر فالنخل فالجمّاء بينهما ،

أشهى إلى القلب من أبواب جيرون

إلى البلاط ، فما حازت قرائنه

دور نزحن عن الفحشاء والهون

قد يكتم الناس أسرارا وأعلمها ،

وليس يدرون طول الدهر مكنوني

الجَمَاجِمُ : جمع جمجمة ، وهو قدح من الخشب ، ودير الجماجم : موضع ذكر في الديرة ، قال أبو عبيدة : سمّي بذلك لأنه كان يعمل به الأقداح من خشب ؛ والجمجمة : البئر تحفر في سبخة ، ويجوز أن الموضع سمّي بذلك.

جُمَاجِمُ : بالضم ، وهو من أبنية التكثير والمبالغة ، ذو جماجم : من مياه العمق على مسيرة يوم منه ، وقد يقال فيه بالفتح أيضا.

جَمَاجِمُو : كذا يتلفّظ بها أهل جرجان ويكتبونها جماجم : سكة بجرجان قرب الخندق ؛ ينسب إليها أبو عليّ الحسن بن يحيى بن نصر الجماجمي ، يروي عن العباس بن عيسى العقيلي ، روى عنه أبو نصر محمد ابن يوسف الطوسي ، وله مصنّفات.

الجِمَاحُ : بالكسر ، وآخره حاء مهملة ، مصدر جمح الفرس إذا غلب صاحبه ، جماحا وجموحا : وهو موضع في شعر الأعشى.

جِمَارٌ : بالكسر ، جمع جمرة ، وهي الحصاة : اسم موضع بمنى ، وهو موضع الجمرات الثلاث ، قال ابن الكلبي : سمّيت بذلك حيث رمى إبراهيم الخليل ، عليه السلام ، إبليس فجعل يجمر من مكان إلى مكان أي يثب ؛ وكان ابن الكلبي ينشد هذا البيت :

وإذا حرّكت غرزي أجمرت

وقال الشاعر :

إذا جئتما أعلى الجمار ، فعرّجا

على منزل بالخيف غير ذميم

وقولا سقاك الله عن ذي صبابة

إليك ، على ما قد عهدت ، مقيم

جَمَّازُ : بالفتح ثم التشديد ، وألف ، وزاي ، وهو الكثير الجمز : أي الوثب وهو بلد بحري في جزيرة قريبة من اليمن.

جَمَّاعِيلُ : بالفتح ، وتشديد الميم ، وألف ، وعين مهملة مكسورة ، وياء ساكنة ، ولام : قرية في جبل نابلس من أرض فلسطين ؛ منها كان الحافظ


عبد الغني بن عبد الواحد بن عليّ بن سرور بن نافع ابن حسن بن جعفر المقدسي أبو محمد ، انتسب إلى بيت المقدس لقرب جمّاعيل منها ولأن نابلس وأعمالها جميعا من مضافات البيت المقدس وبينهما مسيرة يوم واحد ، ونشأ بدمشق ورحل في طلب الحديث إلى أصبهان وغيرها ، وكان حريصا كثير الطلب ، ورد بغداد فسمع بها من ابن النقور وغيره في سنة ٥٦٠ ، ثم سافر إلى أصبهان وعاد إليها في سنة ٥٧٨ ، فحدث بها وانتقل إلى الشام ثم إلى مصر فنفّق بها سوقه ، وصار له بها حشد وأصحاب من الحنابلة ، وكان قد جرى له بدمشق أن ادّعي عليه أنه يصرّح بالتجسيم وأخذت عليه خطوط الفقهاء ، فخرج من دمشق إلى مصر لذلك ولم يخل في مصر عن مناكد له في مثل ذلك تكدّرت عليه حياته بذلك ، وصنف كتبا في علم الحديث حسانا مفيدة ، منها كتاب الكمال في معرفة الرجال ، يعني رجال الكتب الستة من أول راو إلى الصحابة ، جوّده جدّا ، ومات في سنة ٦٠٠ بمصر ؛ ومنها أيضا الشيخ الزاهد الفقيه موفّق الدين أبو محمد عبد الله بن أحمد بن أحمد ابن محمد بن قدامة بن مقدام بن نصر الجماعيلي المقدسي المقيم بدمشق ، كان من الصالحين العلماء العاملين ، لم يكن له في زمانه نظير في العلم على مذهب أحمد بن حنبل والزهد ، صنف تصانيف جليلة ، منها كتاب المغني في الفقه على مذهب أحمد بن حنبل والخلاف بين العلماء ، قيل لي إنه في عشرين مجلدا ، وكتاب المقنع وكتاب العهدة ، وله في الحديث كتاب التوّابين وكتاب الرقة وكتاب صفة الفلق وكتاب فضائل الصحابة وكتاب القدر وكتاب الوسواس وكتاب المتحابّين ، وله في علم النسب كتاب التبيين في نسب القرشيين وكتاب الاستبصار في نسب الأنصار ومقدمة في الفرائض ومختصر في غريب الحديث وكتاب في أصول الفقه وغير ذلك ، وكان قد تفقه على الشيخ أبي الفتح بن المني ببغداد ، وسمع أبا الفتح محمد بن عبد الباقي بن سلمان بن البطي وأبا المعالي أحمد ابن عبد الغني بن حنيفة الباجسرائي وأبا زرعة طاهر بن محمد بن طاهر المقدسي وغيرهم كثيرا ، وتصدّر في جامع دمشق مدة طويلة يقرأ في العلم ، أخبرني الحافظ أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الأزهري الصيرفي أنه آخر من قرأ عليه ، وأنه مات بدمشق في أواخر شهر رمضان سنة ٦٢٠ ، وكان مولده في شعبان سنة ٥٤١.

جُمَالُ : بالضم ، والتخفيف : موضع بنجد في شعر حميد بن ثور الهلالي.

جُمَانُ : آخره نون ، والجمان : خرز من فضة ؛ وجمان الصّويّ : من أرض اليمن.

جُمَانَةُ : واحدة الذي قبله ، روي عن عمارة بن عقيل بن بلال بن جرير أنه سمع منشدا ينشد قول جدّه جرير :

امّا لقلبك لا يزال موكلا

بهوى جمانة ، أو بريّا العاقر

فقال له : ما جمانة وما ريّا العاقر؟ فقال : امرأتاه ، فضحك وقال : والله ما هما إلا رملتان عن يمين بيت جرير وشماله.

الجَمَاهرية : حصن قرب جبلة من سواحل الشام ، وجماهر الشيء : معظمه.

جَمَاهِيرُ : بالفتح : موضع في قول امرئ القيس ، وهو بيت فرد :

وقد أقود بأقراب إلى حرض

إلى جماهير ، رحب الجوف صهّالا


الجُمَحُ : بوزن الجرذ : جبل لبني نمير ، وهو مجمع من مجامع لصوصهم.

الجُمْحَةُ : بالضم ثم السكون ، وحاء مهملة : سنّ خارج في البحر بأقصى عمان بينها وبين عدن ، يسمّيه البحريون رأس الجمحة ، له عندهم ذكر كثير ، فإنه مما يستدلّ به راكب البحر إلى الهند والآتي منه.

جُمْدَانُ : بالضم ثم السكون ؛ قال ابن شميل : الجمد قارة ليست بطويلة في السماء ، وهي غليظة تغلظ مرّة وتلين أخرى ، تنبت الشجر ، سمّيت جمدا من جمودها أي يبسها ، والجمد أضعف الآكام ، يكون مستديرا صغيرا ، والقارة مستديرة صغيرة طويلة في السماء لا ينقادان في الأرض ، وكلاهما غليظ الرأس ، ويسميان جميعا أكمة ، وجمدان ههنا كأنه تثنية جمد ، يدلّ عليه قول جرير لما أضافه إلى نعامة أسقط النون فقال :

طربت وهاج الشوق منزلة قفر ،

تراوحها عصر خلا دونه عصر

أقول لعمرو ، يوم جمدي نعامة ،

بك اليوم بأس لا عزاء ولا صبر

هذا إن كان جرير أراد الموضع الذي في الحديث وإلا فمراده أكمتا أو قارتا نعامة فيكون وصفا لا علما ، فأما الذي في الحديث فقد صحّفه يزيد بن هارون فجعل بعد الجيم نونا ، وصحّفه بعض رواة مسلم فقال حمران ، بالحاء والراء ، وهو من منازل أسلم بين قديد وعسفان ؛ قال أبو بكر بن موسى : جمدان جبل بين ينبع والعيص على ليلة من المدينة ، وقيل جمدان واد بين ثنية غزال وبين أمج ، وأمج من أعراض المدينة ؛ وفي الحديث : مرّ رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، على جمدان فقال : هذه جمدان سبق المفرّدون ؛ وقال الأزهري : قال أبو هريرة مرّ النبيّ ، صلى الله عليه وسلم ، في طريق مكة على جبل يقال له بجدان فقال : سيروا هذه بجدان سبق المفردون ، فقالوا : يا رسول الله ومن المفردون؟ فقال : الذاكرون الله كثيرا والذاكرات ؛ هكذا في كتاب الأزهري بالباء الموحدة ثم الجيم ثم الدال ، وغيره يرويه كما ترجم به ؛ قلت أنا : ولا أدري ما الجامع بين سبق المفردين ورواية جمدان ، ومعلوم أن الذاكرين الله كثيرا والذاكرات سابقون وإن لم يروا جمدان ، ولم أر أحدا ممن فسر الحديث ذكر في ذلك شيئا ؛ وقال كثيّر يذكر جمدان ويصف سحابا :

سقى أمّ كلثوم ، على نأي دارها ،

ونسوتها جون الحيا ثم باكر

أحمّ زحوف مستهلّ ربابه ،

له فرق مسحنفرات صوادر

تصعّد ، في الأحناء ، ذو عجرفيّة

أحمّ حبركى مزحف متماطر

أقام على جمدان يوما وليلة ،

فجمدان منه مائل متقاصر

الجُمُدُ : بضمتين ؛ قال أبو عبيدة : هو جبل لبني نصر بنجد ؛ قال زيد بن عمرو العدوي ، وقيل ورقة بن نوفل ، في أبيات أوّلها :

نسبّح الله تسبيحا نجود به ،

وقبلنا سبّح الجوديّ والجمد

لقد نصحت لأقوام وقلت لهم :

أنا النذير فلا يغرركم أحد


لا تعبدنّ إلها غير خالقكم ،

فإن دعوكم فقولوا بيننا حدد

سبحان ذي العرش سبحانا يدوم له ،

وقبلنا سبّح الجوديّ والجمد

مسخّر كلّ ما تحت السماء له ،

لا ينبغي أن يناوي ملكه أحد

لا شيء مما ترى تبقى بشاشته ،

يبقى الإله ويودي المال والولد

لم تغن عن هرمز يوما خزائنه ،

والخلد قد حاولت عاد فما خلدوا

ولا سليمان إذ تجري الرياح به ،

والإنس والجن فيما بيننا ترد

أين الملوك التي كانت لعزّتها ،

من كلّ أوب إليها وافد يفد

حوض هنالك مورود بلا كذب ،

لا بدّ من ورده يوما كما وردوا

وقد ذكر طفيل الغنوي في شعره موضعا بسكون الميم ولعلّه هو الذي ذكرناه ، فإن كل ما جاء على فعل يجوز فيه فعل نحو عسر وعسر ويسر ويسر ؛ قال :

وبالجمد ، إن كان ابن جندع قد ثوى ،

سنبني عليه بالصفائح والحجب

ويجوز أن يكون أراد الأكمة كما ذكرنا في جمدان.

الجَمَدُ : بالتحريك : قرية كبيرة كثيرة البساتين والشجر والمياه من أعمال بغداد من ناحية دجيل قرب أوانا ؛ ينسب إليها أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عبد الله الجمدي ، سمع أبا البدر إبراهيم بن منصور الكرخي وأحمد بن محمد الجرّار وغيرهما ، ومات في شهر رمضان سنة ٥٨٥ ؛ وابنه أحمد ، سمع أبا المعالي أحمد بن علي بن السمين وحدّث.

جُمْرَانُ : بالضم ثم السكون ، كأنه مرتجل ، قيل : هو جبل بحمى ضريّة ؛ قال ربيعة :

أمن آل هند عرفت الرسوما ،

بجمران ، قفرا أبت أن تريما

وقال مالك بن الرّيب المازني :

عليّ دماء البدن ، إن لم تفارقي

أبا حردب يوما وأصحاب حردب

سرت في دجى ليل ، فأصبح دونها

مفاوز جمران الشريف فغرّب

تطالع من وادي الكلاب كأنها ،

وقد أنجدت منه ، فريدة ربرب

وقال نصر : جمران جبل أسود بين اليمامة وفيد من ديار تميم أو نمير بن عامر ، وقال أبو زياد : جمران جبل مرّت به بنو حنيفة منهزمين يوم النّشناش في وقعة كانت بينهم وبين بني عقيل ، فقال شاعرهم :

ولو سئلت عنّا حنيفة أخبرت

بما لقيت منا بجمران صيدها

الجمرَةُ : قد ذكرنا أن الجمرة الحصاة ، والجمرة : موضع رمي الجمار بمنى ، وسميت جمرة العقبة والجمرة الكبرى لأنه يرمى بها يوم النحر ، قال الداودي : وجمرة العقبة في آخر منى مما يلي مكة ، وليست العقبة التي نسبت إليها الجمرة من منى ، والجمرة الأولى والوسطى هما جميعا فوق مسجد الخيف مما يلي مكة ، وقد ذكرت سبب رمي الجمار في الكعبة.

جَمْريسُ : بالفتح ثم السكون ، وكسر الراء ، وياء ساكنة ، وسين مهملة : قرية بالصعيد في غربي النيل


من أرض مصر.

جَمْزٌ : آخره زاي : ماء عند حبوتن بين اليمامة واليمن ، وهو ناحية من نواحي اليمن ؛ قال ابن مقبل :

ظلّت على الشّوذر الأعلى ، وأمكنها

أطواء جمز على الإرواء والعطن

جَمْعٌ : ضدّ التفرق : هو المزدلفة ، وهو قزح ، وهو المشعر ، سمي جمعا لاجتماع الناس به ؛ قال ابن هرمة:

سلا القلب ، إلّا من تذكّر ليلة

بجمع وأخرى أسعفت بالمحصّب

ومجلس أبكار ، كأنّ عيونها

عيون المها أنضين قدّام ربرب

وقال آخر :

تمنّى أن يرى ليلى ، بجمع ،

ليسكن قلبه مما يعاني

فلما أن رآها خوّلته

بعادا ، فتّ في عضد الأماني

إذا سمح الزمان بها وضنّت

عليّ ، فأي ذنب للزمان؟

وجمع أيضا : قلعة بوادي موسى ، عليه السلام ، من جبال الشراة قرب الشّوبك.

جَمَلٌ : بالتحريك ، بلفظ الجمل وهو البعير : بئر جمل في حديث أبي جهم بالمدينة. ولحي جمل ، بفتح اللام وسكون الحاء المهملة : بين المدينة ومكة ، وهو إلى المدينة أقرب ، وهناك احتجم رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، في حجة الوداع. ولحي جمل أيضا : موضع بين المدينة وفيد على طريق الجادّة ، بينه وبين فيد عشرة فراسخ. ولحي جمل أيضا : موضع بين نجران وتثليث على الجادّة من حضرموت إلى مكة. ولحيا جمل ، بالتثنية : جبلان باليمامة في ديار قشير. وعين جمل : ماء قرب الكوفة ، سمي بجمل مات فيه أو نسب إلى رجل اسمه جمل ، والله أعلم. وجمل : موضع في رمل عالج ؛ قال الشّمّاخ :

كأنها لما استقلّ النّسران ،

وضمّها من جمل طمّران

جَمُّ : بالفتح ، والتشديد : مدينة بفارس ، سميت باسم الملك جمشيد بن طهمورث ، والفرس يزعمون أن طهمورث هو آدم أبو البشر.

الجُمنُ : ضمتين ، يجوز أن يكون جمع جمان ، وهو خرز من فضة يتخذ شبه اللّؤلؤ ، وقد توهمه لبيد لؤلؤ الصدف البحريّ فقال :

وتضيء في وجه الظلام منيرة ،

كجمانة البحريّ سلّ نظامها

والجمن : جبل في سوق اليمامة ؛ قال ابن مقبل :

فقلت للقوم قد زالت حمائلهم

فرج الحزيز إلى القرعاء فالجمن

الجَمُومانِ : بالفتح ، تثنية جموم ، وهو الفرس الذي كلّما ذهب منه إحضار جاء إحضار ؛ قال ابن السكيت في شرح قول النابغة :

كتمتك ليلا بالجمومين ساهرا ،

وهمّين همّا مستكنّا وظاهرا

الجموم : ماء بين قباء ومرّان من البصرة على طريق مكة.

الجَمُومُ : واحد الذي قبله ، وقيل هو أرض لبني سليم ، وبها كانت إحدى غزوات النبي ، صلى الله


عليه وسلم ، أرسل إليها زيد بن حارثة غازيا.

الجُمْهُورُ : بالضم ، وجمهور الشيء معظمه ، يقال لحرّة بني سعد الجمهور ، وقيل الجمهور الرملة المشرفة على ما حولها المجتمعة ؛ قال ذو الرمة :

خليليّ عوجا من صدور الرواحل

بجمهور حزوى ، وابكيا في المنازل

الجَميشُ : بالفتح ثم الكسر ، وياء ساكنة ، وشين معجمة : خبت الجميش ، وقد ذكر في خبت ، والجميش : الحليق ، وبذلك سمي لأنه لا نبات فيه.

الجُمَيْعَى : بالضم ثم الفتح ، وياء ساكنة ، والقصر ، على فعيلى : موضع.

جَميلٌ : ضدّ القبيح ، درب جميل : ببغداد ؛ ينسب إليه إبراهيم بن محمد بن عمر بن يحيى بن الحسين أبو طاهر العلوي الجميلي ، نزل درب جميل فنسب إليه ، روى عن أبي الفضل محمد بن عبد الله بن المطّلب الشيباني ، روى عنه أبو بكر الخطيب ، ومات ببغداد في صفر سنة ٤٤٦ ، ومولده ببابل سنة ٣٦٩.

باب الجيم والنون وما يليهما

جَنَاب : بالفتح ، وهو الفناء وما قرب من محلّة القوم ، هكذا وجدته مضبوطا محوقا ، وقيل : هو موضع في أرض كلب في السماوة بين العراق والشام ؛ وكذا ضبطه ابن خالويه في قول ابن دارة :

خليليّ! إن حانت بحمص منيتي ،

فلا تدفناني وارفعاني إلى نجد

ومرّا على أهل الجناب بأعظمي ،

وإن لم يكن أهل الجناب على القصد

فإن أنتما لم ترفعاني ، فسلّما

على صارة فالقور فالأبلق الفرد

لكيما أرى البرق الذي أومضت له

ذرى المزن علويّا ، وما ذا لنا يبدي

الجِنَابُ : بالكسر ؛ يقال فرس طوع الجناب ، بكسر الجيم ، إذا كان سلس القياد ، ويقال لجّ فلان في جناب قبيح إذا لجّ في مجانبة أهله ، والجناب : موضع بعراض خيبر وسلاح ووادي القرى ، وقيل هو من منازل بني مازن ، وقال نصر :الجناب من ديار بني فزارة بين المدينة وفيد ؛ وقال ابن هرمة :

فاضت على إثرهم عيناك دمعهما ،

كما ينابيع يجري اللؤلؤ النسق

فاستبق عينك ، لا بودي البكاء بها ،

واكفف بوادر دمع منك تستبق

ليس الشئون ، وإن جادت ، بباقية ،

ولا الجفون على هذا ولا الحدق

راعوا فؤادك ، إذ بانوا على عجل ،

فاستردفوه كما يستردف النّسق

بانوا بأدماء من وحش الجناب ، لها

أحوى أخينس في أرطاته خرق

وقال أبو قلابة الهذلي :

يئست من الحذيّة ، أمّ عمرو ،

غداة إذ انتحوني بالجناب

كذا ضبطه السكري ؛ وقال سحيم بن وثيل الرياحي :

تذكّرني قيسا أمور كثيرة ،

وما الليل ، ما لم ألق قيسا ، بنائم


تحمّل من وادي الجناب ، فناشني

بأجماد جوّ من وراء الخضارم

قال ابن حبيب في فسره : الجناب من بلاد فزارة ، والخضارم من ناحية اليمامة. وجناب الحنظل : موضع باليمن.

جُنَابِذُ : بالضم ، وبعد الألف باء موحدة مكسورة ، وذال معجمة : ناحية من نواحي نيسابور ، وأكثر الناس يقولون إنها من نواحي قهستان من أعمال نيسابور ، وهي كورة يقال لها كنابذ ، وقيل هي قرية ؛ ينسب إليها خلق من أهل العلم ، منهم : أبو يعقوب إسحاق ابن محمد بن عبد الله الجنابذي النيسابوري ، سمع محمد ابن يحيى الذهلي وأبا الأزهر وغيرهما ، مات سنة ٣١٦ ، روى عنه الحسين بن علي ؛ وعبد الغفار بن محمد ابن الحسين بن علي بن شيرويه بن علي بن الحسين الشيروي الجنابذي أبو بكر النيسابوري ، شيخ معمّر صالح ثقة نبيل عفيف ، كان تاجرا يحمل بضائع الناس ويرتزق عليها الأرباح إلى أن عجز فلزم بيته واشتغل برواية الحديث ، وخرجت له الفوائد وبورك له حتى روى الحديث أربعين سنة ، وسمع منه العلم ، وألحق الأحفاد بالأجداد في الإسناد الأصم ، ولم ير على جزء من أجزاء المشايخ والمستمعين ما كان على أجزائه من الطباق ، ومتع بسمعه وبصره وعقله إلى آخر عمره ، وإن كان بصره ضعف ، سمع بنيسابور أباه أبا الحسن والقاضي أبا بكر محمد بن الحسن الخيري وأبا سعد محمد بن موسى بن الفضل بن شاذان الصيرفي وأبا عبد الله محمد بن إبراهيم بن محمد بن يحيى المزكّي وأبا منصور عبد القاهر بن طاهر البغدادي وغيرهم ، وسمع بأصبهان أبا بكر بن زبدة وغيره ، وسمع منه جماعة من الشيوخ ماتوا قبله ، ولادته سنة ٤١٤ ، ومات في ذي الحجة سنة ٥١٠ ؛ وشيخنا عبد العزيز بن المبارك بن محمود الجنابذي الأصل البغدادي المولد والدار ، يكنى أبا محمد بن أبي نصر بن أبي القاسم ويعرف بابن الأخضر ، يسكن درب القيّار من محالّ نهر المعلّى في شرقي بغداد ، سمع الكثير في صغره بإفادة أبيه وعليّ بن بكتاش وأكثر حتى لم يكن في أقرانه أوفر همة منه ولا أكثر طلبا ، وصحب أبا الفضل بن ناصر ولازمه حتى مات ، وكان أول سماعه بسنة ٥٣٠ ، ولم يكن لأحد من شيوخ بغداد الذين أدركناهم أكثر من سماعه مع ثقة وأمانة وصدق ومعرفة تامة ، وكان حسن الأخلاق مزّاحا له نوادر حلوة ، وصنف مصنفات كثيرة في علم الحديث مفيدة.

وكان متعصبا لمذهب أحمد بن حنبل ، سمعت عليه وأجاز لي ونعم الشيخ ، رحمه الله ، مات في سادس شوّال سنة ٦١١ ، ودفن بباب حرب عن سبع وثمانين سنة ، مولده سنة ٥٢٤.

جَنَّابَةُ : بالفتح ثم التشديد ، وألف ، وباء موحدة : بلدة صغيرة من سواحل فارس ؛ قال المنجمون هي في الإقليم الثالث ، طولها من جهة المغرب سبع وسبعون درجة ، وعرضها من جهة الجنوب ثلاثون درجة ، رأيتها غير مرّة وليست على ساحل البحر الأعظم إنما يدخل إليها في المراكب في خليج من البحر الملح يكون بين المدينة والبحر نحو ثلاثة أميال أو أقل ، وقبالتها في وسط البحر جزيرة خارك ، وفي شمالها من جهة البصرة مهروبان ، ومن جنوبها سينيز ، وهي فرضة ليست بالطويلة ، ترسى فيها مراكب من يريد فارس ، وقد ذكر بعض أهل السير إنما سمّيت بجنّابة بن طهمورث الملك ، وسنذكر ذلك في فارس ، وشرب أهلها من الآبار الملحة ؛ قال الحازمي : جنّابة


ناحية بالبحرين بين مهروبان وسيراف ، وهذا غلط عجيب لأن مهروبان وسيراف من سواحل برّ فارس وكذلك جنّابة ، وأما البحرين فهي في ساحل برّ العرب قبالة برّ فارس من الجانب الغربي ، وكذلك قال الأمير أبو نصر وعنه نقل الحازمي ، وهو غلط منهما معا ، وبين جنّابة وسيراف أربعة وخمسون فرسخا ؛ قرأت في الكتاب المتنازع بين أبي زيد البلخي وأبي إسحاق الإصطخري في صفة البلدان فقال وهو يذكر فارس : ومنها أبو سعيد الحسن الجنّابي القرمطي الذي أظهر مذهب القرامطة ، وكان من جنّابة بلدة بساحل بحر فارس ، وكان دقّاقا فنفي عن جنّابة فخرج إلى البحرين فأقام بها تاجرا وجعل يستميل العرب بها ويدعوهم إلى نحلته حتى استجاب له أهل البحرين وما والاها ، وكان من كسره عساكر السلطان ورعيته وعداوته من أهل عمان وجمع ما يصاقبه من بلدان العرب ما قد انتشر حتى قتل على فراشه وكفى الله أمره ، ثم قام ابنه سليمان بن الحسن فكان من قتله حجّاج بيت الله الحرام ، وانقطاع طريق مكة في أيامه بسببه والتعدّي في الحرم وانتهاب الكعبة ، ونقله الحجر الأسود إلى القطيف والأحساء من أرض البحرين وبقي عندهم إحدى وعشرين سنة ثم رد ببذول بذلت لهم ، وقتله المعتكفين بمكة ما قد اشتهر ذكره ، ولما اعترض الحاجّ وكان منه ما كان أخذ عمه أخو أبي سعيد وقرائبه وحبسوا بشيراز ، وكانوا مخالفين له في الطريقة يرجعون إلى صلاح وسداد ، وشهد لهم بالبراءة من القرامطة فانطلقوا ، آخر كلامه. ومن الملح : أعطى رجل أبا سليمان القاصّ فلسا وقال : ادع الله لا نبي يردّه عليّ ، فقال : وأين ابنك؟ قال : بالصين ، قال : أيردّه من الصين بفلس؟ هذا مما لا يكون ، إنما لو كان بجنّابة أو بسيراف كان نعم ؛ وقد نسبوا إلى جنّابة بعض الرواة ، منهم : محمد بن علي بن عمران الجنّابي ، يروي عن يحيى بن يونس ، روى عنه أبو سعيد بن عبدويه وغيره وأبو عبد الرحمن جعفر بن خداكار الجنابي المقري ، حدث عن علي بن محمد المعين البصري وإبراهيم بن عطية ، قال ابن نقطة : ذكر لي عبد السلام بن جعفر القيسي أنه سمع منه وابنه عبد الرحمن حدث.

الجَنَاحُ : بالفتح : جبل في أرض بني العجلان ؛ قال ابن مقبل :

ويقدمنا سلّاف قوم أعزّة ،

تحلّ جناحا أو تحلّ محجّرا

قال ابن معلّى الأزدي في شرحه : وكان خالد يقول جناح ، بضم الجيم ، وقال نصر : الجناح جبل أسود لبني الأضبط بن كلاب يليه دحيّ وداحية ماءان ، ويلي ذلك المرّان وهما اللذان يقال لهما التّليّان. والجناح أيضا : حصن من أعمال ماردة بالأندلس.

الجَنَادِلُ : جمع جندل ، وهي الحجارة : موضع فوق أسوان بثلاثة أميال في أقصى صعيد مصر قرب بلاد النوبة ، قال أبو بكر الهروي : الجنادل بأسوان وهي حجارة ناتئة في وسط النيل ، فإذا كان وقت زيادته وضعوا على تلك الجنادل سرجا مشعولة ، فإذا زاد النيل وغمرها أرسلوا البشير إلى مصر بوفور النيل ، فينزل في سفينة صغيرة قد أعدّت له فيستبق الماء يبشر الناس بالزيادة.

جِنَارَةُ : بالكسر ، وبعد الألف راء : من قرى طبرستان بين سارية واسترآباذ ؛ كذا قال أبو سعد ؛ ومنها أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الجناري ، روى عن


إبراهيم بن محمد الطّميسي ، روى عنه عثمان بن سعيد ابن أبي سعيد للعيّار الصوفي ؛ كذا قال ، وقرأت في مسموعات أبي الحسن بن محمد الخاوراني بخطه وسمعت مسند أنس بن مالك وكنت ابن أربع سنين وشهرين بسرخس على الواعظ محمد بن منصور السرخسي ، رواه عن أبي المكارم محمد بن عمر بن أبيرجة الأشهبي البلخي عن أبي عثمان سعيد بن أبي سعيد العيّار الصوفي عن إبراهيم بن محمد الجنازي بجنازة ، قرية بين استرآباذ وبين جرجان ، عن إبراهيم ابن محمد الطميسي ؛ كذا ضبطه بضم الجيم وبعد الألف زاي ، والله أعلم.

جَنَاشْك : بالفتح ، والألف والشين المعجمة يلتقي عندهما ساكنان ، وآخره كاف : من قلاع جرجان واسترآباذ مشهورة معروفة بالحصانة والعظمة ، قال الوزير أبو سعد الآبي : وهي مستغنية بشهرتها عن الوصف ، وهي من القلاع التي يقف الغمام دونها وتمطر أفنيتها ولا تمطر ذروتها لفوتها شأو الغمام وعلوّها عن مرتقى السحاب.

جَنَانٌ : بالفتح ، وآخره نون ، أيضا بلفظ الجنان الذي هو روع القلب ؛ يقال : ما يستقر جنانه من الفزع ، وقال شمر : الجنان الأمر الخفي ، وأنشد :

الله يعلم أصحابي وقولهم ،

إذ يركبون جنانا مسهبا وربا

أي يركبون ملتبسا فاسدا ، وجنان المسلمين : جماعتهم ، وجنان : جبل أو واد بنجد ؛ قال ابن مقبل :

أتاهنّ لبّان ببيض نعامة

حواها ، بذي اللّصبين ، فوق جنان

لبّان : اسم رجل ، وكان جنان منزلا من منازل الخضر من محارب ، وكان به منزل كأس صاحبة صخر ابن الجعد الخضري ، وكانت ارتحلت عنه في قومها إلى الشام ، فمرّ به صخر بن الجعد فبكى بكاء مرّا ثم أنشأ يقول :

بليت كما يبلى الرّداء ، ولا أرى

جنانا ، ولا أكناف ذروة تخلق

ألوّي حيازيمي بهنّ صبابة ،

كما يتلوّى الحيّة المتشرّق

جِنَانٌ : بالكسر ، جمع جنة ، وهو البستان ، جنان الورد : بالأندلس من أعمال طليطلة ، يقال إن بها الكهف والرقيم المذكورين في القرآن ، وقد ذكر ذلك في الرقيم ، ويقال طليطلة هي مدينة دقيانوس الملك. وباب الجنان : موضع بالرقّة رقّة الشام.

وباب الجنان أيضا : محلة بحلب. وباب الجنان السورجي : رحبة من رحاب البصرة في جانب بني ربيعة في ظن نصر.

جَنْبَاء : بالفتح ثم السكون ، والباء موحدة ، وألف ممدودة ، جوّ جنباء : موضع في بلاد بني تميم بأرض اليمامة من الوقبى على ليلة ، لهم به وقعة.

جُنَّبُ : بالضم ، وتشديد ثانية وفتحه ، وباء موحدة : ناحية من نواحي البصرة في شرقي دجلة.

جَنْبٌ : بالفتح ثم السكون : ماء لبني العدوية بأرض اليمامة ؛ عن ابن أبي حفصة اليمامي. ومخلاف جنب باليمن ينسب إلى القبيلة ، وهي منبه والحارث والعلي وسنحان وشمران وهفّان ، يقال لهؤلاء الستة جنب ، وهم بنو يزيد بن حرب بن علة بن جلد بن مالك ابن أدد ، وإنما سمّوا جنبا لأنهم جانبوا أخاهم صداء وحالفوا سعد العشيرة وحالفت صداء بني الحارث بن كعب. ونهر الجنب : صقع معروف في سواد


العراق من البطائح.

جُنْبُذ : بضم أوله ، وتسكين ثانيه ، وباء موحدة مضمومة ، وذال معجمة : من قرى نيسابور ، والعجم تقول : كنبد ، بالكاف ، ومعناه عندهم الأزج المدوّر كالقبة ونحوها ؛ ينسب إليها أبو الفضل محمد ابن عمر بن محمد الأشجّ الجنبذي يعرف بأديب كنبد ، تفقّه على الإمام مسعود بن الحسين الكشاني ، وكان يسكن سمرقند ويؤدب الصبيان بها ، سمع منه أبو المظفر السمعاني ؛ وقال أبو منصور : الجنبذ قرية من رستاق بست من نواحي نيسابور ؛ منها أبو عبد الله الغوّاص الجنبذي القائل :

من عذيري من عذولي في قمر؟

قمر القلب هواه فقمر

قمر لم يبق مني حبّه

وهواه غير مقلوب قمر

وجنبذ أيضا : بلد بفارس.

جُنْبُلُ : بالضم ثم السكون ، وضم الباء الموحدة ، ولام : اسم جبل ؛ قال الأفوه الأودي :

بدارات جهد ، أو بصارات جنبل

إلى حيث حلت من كثيب وعزهل

الصارات : منابت في الجبال.

جُنْبُلاءُ : بضمتين ، وثانيه ساكن ، وهو ممدود : كورة وبليد ، وهو منزل بين واسط والكوفة منه إلى قناطر بني دارا إلى واسط.

جِنْثاءُ : بالكسر ثم السكون ، والثاء مثلثة ، وألف ممدودة : صقع بين دمشق وبعلبكّ بالشام.

جَنَّجَانُ : بالفتح ، والتشديد ، وقيل أوله خاء : اسم بلد بفارس.

جَنْجَرُوذُ : بفتح الجيمين ، وضم الراء وسكون الواو ، وذال معجمة : من قرى نيسابور ، وهي كنجروذ المذكور في باب الكاف ؛ واشتهر بهذه النسبة أبو سعيد عمرو بن محمد بن منصور بن مخلّد العدل الجنجروذي الختن ، وإنما قيل له الختن لأنه كان ختن أبي بكر بن خزيمة ، وكان من الأبدال ، كثير السماع بخراسان والعراق والحجاز ، روى عن السري بن خزيمة وغيره ، روى عنه أبو عليّ الحافظ ، وتوفي في شوال سنة ٣٤٣.

جَنْجَرَةُ : مدينة قرب حضرموت كثيرة الخيرات.

جِنْجِيَالُ : بكسر الجيمين ، وبعد الثانية ياء وألف ولام : بلد بالأندلس ؛ ينسب إليه سعيد بن عيسى بن أبي عثمان الجنجيالي أبو عثمان ، سكن طليطلة ، روى عن عبد الرحمن بن عيسى بن مدراج ، وكان حافظا للمسائل عارفا بالوثائق مقدما فهما ؛ عن ابن بشكوال.

جِنْجِيلَةُ : مدينة بالأندلس بين شاطبة وينشته ؛ ينسب إليها محمد بن عيسى بن أبي عثمان بن حياة بن زياد بن عبد الله بن مترب الأموي الجنجيلي أبو عبد الله ، سكن طليطلة وسمع من أبي ميمون وابن مدراج ، وكان متيقّظا صالحا ، وكان مولده يوم عرفة سنة ٣٣٤ ؛ هكذا ذكره والذي قبله ابن بشكوال.

جَنْدٌ : بالفتح ثم السكون ، ودال مهملة : اسم مدينة عظيمة في بلاد تركستان ، بينها وبين خوارزم عشرة أيام تلقاء بلاد الترك مما وراء النهر قريب من نهر سيحون ، وأهلها مسلمون ينتحلون مذهب أبي حنيفة ، وهي الآن بيد التتر ، لعنهم الله ، لا يعرف حالها ؛ وإليها ينسب القاضي الأديب العالم الشاعر المنشئ النحوي يعقوب بن شيرين الجندي ، كان من أجلّ من قرأ على أبي القاسم الزمخشري ، وأقام بخوارزم ،


وقد ذكرته في كتاب النحويين.

الجَنَدُ : بالتحريك ، وكأنه مرتجل ؛ قال أبو سنان اليماني : اليمن فيها ثلاثة وثلاثون منبرا قديمة وأربعون حديثة ، وأعمال اليمن في الإسلام مقسومة على ثلاثة ولاة : فوال على الجند ومخاليفها ، وهو أعظمها ، ووال على صنعاء ومخاليفها ، وهو أوسطها ، ووال على حضرموت ومخاليفها ، وهو أدناها ، والجند مسماة بجند بن شهران بطن من المعافر ؛ قال عمارة : وبالجند مسجد بناه معاذ بن جبل ، رضي الله عنه ، وزاد فيه وحسّن عمارته حسين بن سلامة وزير أبي الجيش بن زياد ، وكان عبدا نوبيّا ، قال : ورأيت الناس يحجّون إليه كما يحجّون إلى البيت الحرام ، ويقول أحدهم لصاحبه : اصبر لينقضي الحجّ ، يراد به حجّ مسجد الجند ؛ وقال ابن الحائك : من المدن النجدية باليمن الجند من أرض السكاسك ، وبين الجند وصنعاء ثمانية وخمسون فرسخا ؛ وقال عليّ بن هوذة بن عليّ الحنفي بعد قتل مسيلمة وسمع الناس يعيّرون بني حنيفة بالردّة فقال يذكر من ارتدّ من العرب غير بني حنيفة :

رمتنا القبائل بالمنكرات ،

وما نحن إلّا كمن قد جحد

ولسنا بأكفر من عامر ،

ولا غطفان ولا من أسد

ولا من سليم وألفافها ،

ولا من تميم وأهل الجند

ولا ذي الخمار ولا قومه ،

ولا أشعث العرب لو لا النّكد

ولا من عرانين من وائل

بسوق النّجير وسوق النّقد

وكنّا أناسا ، على غرّة ،

نرى الغيّ من أمرنا كالرّشد

ندين كما دان كذّابنا ،

فيا ليت والده لم يلد!

وقد نسب إلى الجند البطن والبلد كثير من أهل العلم ، منهم : محمد بن عبد الرحمن الجندي ، روى عن معمر بن راشد ، روى عنه الشافعي محمد بن إدريس وغيره ؛ وطاووس بن كيسان اليماني مولى بحير بن ريسان الحميري ، كان من أبناء فارس نزل الجند ، وهو تابعي مشهور ، سمع ابن عباس وجابر ابن عبد الله وابن عمر وأبا هريرة ، روى عنه مجاهد وعمرو بن دينار وقيس بن سعد وابنه عبد الله وغيرهم ، ومات بمكة سنة خمس أو ست ومائة ؛ وموسى الجندي ، روى عن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، مرسلا قال : ردّ رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، شهادة رجل في كذبة كذبها ، روى عنه معمر بن راشد ؛ وعبد الله بن زينب الجندي ، روى عنه كثيّر بن عطاء الجندي ؛ وزمعة بن صالح الجندي ، روى عن عبد الله بن طاووس وعمرو بن دينار وسلمة ابن هرام وأبي الزبير ، روى عنه عبد الرحمن بن مهدي ووكيع ؛ وعبد الله بن عيسى الجندي ، روى عنه عبد الرزاق الصنعاني ؛ ومحمد بن خالد الجندي ، وعبد الله بن بحير بن ريسان الجندي ، حدث عن محمد بن محمد ، روى حديثه سلمة بن شبيب عن عبد الرزاق بن همّام عن معمر بن راشد ورواه غيره عن عبد الرزاق عن عبد الله بن بحير ولم يذكر بينهما معمرا ، وسلام بن وهب الجندي ، روى عنه زيد ابن المبارك ؛ وعليّ بن أبي حميد الجندي ، حدث عن طاووس بن كيسان ، روى عنه عبد الملك بن جريج ، وكثيّر بن عطاء الجندي ، روى عن


عبد الله بن زينب الجندي ، روى عنه عبد الرزاق ، وقال البخاري : كثير بن سويد يعدّ في أهل اليمن عن عبد الله بن زينب ، روى عنه معمر ، وهو أشبه بالصواب ؛ وصامت بن معاذ الجندي ، يروي عن عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي روّاد ، روى عنه المفضل بن محمد الجندي ، ومحمد بن منصور أبو عبد الله الجندي ، سمع عمرو بن مسلم والوليد بن سليمان ووهب ابن سليمان مراسيل ، سمع منه بشر بن الحكم النيسابوري ؛ قاله البخاري ؛ وأبو قرّة موسى بن طارق الجندي ، روى عن ابن جريج ومالك وخلق كثير ، روى عنه أبو حمّة ؛ وأبو سعيد المفضل بن محمد الجندي الشعبي ، روى عن الحسن بن علي الحلواني وغيره ، روى عنه أبو بكر المقري.

الجُنْدُ : بالضم ثم السكون ، واحد الأجناد ، وأجناد الشام خمسة ، وقد ذكرت في أجناد ، والجند : جبل باليمن ؛ ذكره نصر في قرينة الجند.

جَنْدَعُ : وهو الرجل القصير : اسم موضع.

جُنْدَفَرْج : بالضم ثم السكون ، وفتح الدال المهملة والفاء ، وسكون الراء ، وجيم ، والعجم يقولون بندفرك : قرية من قرى نيسابور على فرسخ منها ؛ ينسب إليها أبو سعيد محمد بن شاذان الأصمّ الجندفرجي النيسابوري الزاهد ، سمع بخراسان والعراق والحجاز ، روى عن قتيبة بن سعيد ومحمد ابن بشار وغيرهما ، توفي سنة ٢٨٦.

جُنْدَفَرْقَانُ : بعد الراء الساكنة قاف ، وألف ، ونون : من قرى مرو ويقال لها جنفرقان ؛ منها أصبغ بن علقمة بن عليّ الحنظلي الجند فرقاني ، سمع عكرمة وعبد الله بن بريدة بن الحصيب.

جَنْدَفُ : بالفتح ثم السكون ، وفتح الدال المهملة ، وفاء : جبل باليمن في ديار خثعم ، وترج واد بين هذا الجبل وبين آخر يقال له البهيم ، واختلف في لفظه ؛ قاله نصر.

جَنْدُويَه : بالفتح ثم السكون ، وضم الدال ، وسكون الواو ، وياء مفتوحة : من قرى طالقان خراسان ، بها كان أول وقعة بين أصحاب أبي مسلم الخراساني وبين أصحاب بني أمية ، وهي وقعة مشهورة لها ذكر.

جَنْدَةُ : ناحية في سواد العراق بين فم النيل والنّعمانية.

جُنْدِيوْخُسْرَه : ويقال وه جنديوخسره : اسم إحدى مدائن كسرى السبع ، وهي المسماة رومية المدائن بنيت على مثال أنطاكية ، وبها قتل المنصور أبا مسلم الخراساني.

جُنْدَيْسابُورُ : بضم أوله ، وتسكين ثانيه ، وفتح الدال ، وياء ساكنة ، وسين مهملة ، وألف ، وباء موحدة مضمومة ، وواو ساكنة ، وراء : مدينة بخوزستان بناها سابور بن أردشير فنسبت إليه وأسكنها سبي الروم وطائفة من جنده ؛ وقال حمزة : جنديسابور تعريب به از انديسافور ، ومعناه خير من أنطاكية ، وقال ابن الفقيه : إنما سمّيت بهذا الاسم لأن أصحاب سابور الملك لما فقدوه كما ذكرته في منارة الحوافر خرج أصحابه يطلبونه فبلغوا نيسابور فلم يجدوه فقالوا : نه سابور أي ليس سابور ، فسمّيت نيسابور ، ثم وقعوا إلى سابور خواست فقيل لهم : ما تصنعون ههنا؟ فقالوا : سابور خواست أي نطلب سابور ، ثم وجدوه بجنديسابور فقالوا : وندي سابور ، فسمّيت بذلك ، وهي مدينة خصبة واسعة الخير بها النخل والزروع والمياه ، نزلها يعقوب ابن الليث الصفّار ، اجتزت بها مرارا ، ولم يبق منها عين ولا أثر إلا ما يدلّ على شيء من آثار بائدة لا


تعرف حقائقها إلا بالأخبار ، فسبحان الله الحيّ الباقي (كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ) ؛ ولما قدم خوزستان يعقوب المذكور مراغما للسلطان سنة ٢٦٢ أو ٢٦٣ لحصانتها واتصالها بالمدن الكثيرة ، فمات بها في سنة ٢٦٥ ، وقبره بها ، وقام أخوه عمرو بن الليث مقامه ؛ وأما فتحها فإن المسلمين افتتحوها سنة فتح نهاوند وهي سنة ١٩ في أيام عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، حاصروها مدة فلم يفجإ المسلمين إلا وأبوابها تفتح وخرج السرح وفتحت الأسواق وانبثّ أهلها ، فأرسل المسلمون أن ما خبركم ، قالوا : إنكم رميتم إلينا بالأمان فقبلناه وأقررنا لكم بالجزاء على أن تمنعونا ، فقالوا : ما فعلنا ، فقالوا : ما كذبنا ، فسأل المسلمون فيما بينهم فإذا عبد يدعى مكنفا كان أصله منها هو الذي كتب لهم الأمان ، فقال المسلمون : إن الذي كتب إليكم عبد ، قالوا : لا نعرف عبدكم من حرّكم فقد جاء الأمان ونحن عليه قد قبلناه ولم نبدّل فإن شئتم فاغدروا ، فأمسكوا عنهم وكتبوا بذلك إلى عمر ، رضي الله عنه ، فأمر بإمضائه ، فانصرفوا عنهم ؛ وقال عاصم بن عمرو في مصداق ذلك :

لعمري لقد كانت قرابة مكنف

قرابة صدق ، ليس فيها تقاطع

أجارهم من بعد ذلّ وقلّة

وخوف شديد ، والبلاد بلاقع

فجاز جوار العبد بعد اختلافنا ؛

وردّ أمورا كان فيها تنازع

إلى الركن والوالي المصيب حكومة ،

فقال بحقّ ليس فيه تخالع

هذا قول سيف ؛ وقال البلاذري بعد ذكره فتح تستر : ثم سار أبو موسى الأشعري إلى جنديسابور وأهلها متخوّفون فطلبوا الأمان فصالحهم على أن لا يقتل منهم أحدا ولا يسبيه ولا يتعرّض لأموالهم سوى السلاح ، ثم إن طائفة من أهلها تجمّعوا بالكلتانية فوجّه إليهم أبو موسى الأشعري الربيع بن زياد فقتلهم وفتح الكلتانية ؛ وخرج منها جماعة من أهل العلم ، منهم : حفص بن عمر القنّاد الجنديسابوري ، روى عن داود بن أبي هند ، روى عنه عبد الله بن رشيد الجنديسابوري.

جُنْدَيْشَاهبُور : هي التي قبلها بعينها جاء ذكرها في الشعر هكذا.

جُنْدِينُ : آخره نون : أظنه من نواحي همذان ؛ ينسب إليها أبو عبد الله الحسين بن عليّ بن محمد بن عبد الله بن المرزبان الخطيب يعرف بالجنديني من أهل همذان ، روى عن ابن أحمد وابن الصباغ وأبي عليّ بن الشيخ ومحمد بن بيّان الصوفي وأبي عليّ بن حماد الأسداباذي وغيرهم ، ومات في ذي القعدة سنة ٤٩٥ ، وكان صدوقا صالحا ؛ عن شيرويه.

جَنْزَرُوذ : بالفتح ثم السكون ، وفتح الزاي ، وضم الراء ، وسكون الواو ، وذال معجمة : قرية من قرى نيسابور ؛ منها محمد بن عبد الرحمن الجنزروذي الأديب ، ذكرته في كتاب الأدباء.

وجنزروذ أيضا : بلدة بكرمان ، بينها وبين السيرجان ثلاثة أيام ، ومثله بينها وبين بردسير ، وهي بينهما على الطريق.

الجُنْزَرَةُ : بالضم ، يوم الجنزرة : من أيام العرب.

جَنْزَةُ : بالفتح : اسم أعظم مدينة بأرّان ، وهي بين شروان وأذربيجان ، وهي التي تسمّيها العامة كنجه ، بينها وبين برذعة ستة عشر فرسخا ؛ خرج منها جماعة من أهل العلم ، منهم : أبو حفص عمر بن عثمان ابن شعيب الجنزي ، أديب فاضل متديّن ، قرأ الأدب


على الأديب أبي المظفر الأبيوردي ببغداد وهمذان ، وسمع الحديث على أبي محمد الدّوني ، وسمع منه الناس بخراسان وغيرها ، وتوفي بمرو سنة ٥٥٠ ، ويقول بعضهم في النسبة إليها جنزوي ، ونسب هكذا أبو الفضل إسماعيل بن علي بن إبراهيم الجنزوي المعدّل الدمشقي ، قدم بغداد في صباه وسمع بها أبا البركات هبة الله بن محمد بن عليّ البخاري وأبا نصر أحمد بن محمد بن عبد القاهر الطوسي وغيرهما ، وتوفي سنة ٥٨٨ ؛ وأحمد بن إبراهيم بن محمد بن أحمد بن إبراهيم بن موسى بن عبد الله الجنزي أبو مسعود من أهل أصبهان ، شيخ صالح من أولاد المحدثين ، أحضره والده مجلس أبي عمرو بن مندويه فسمع منه ومن أبي القاسم إسماعيل بن مسعدة الإسماعيلي ، قال أبو سعد : كتبت عنه ، قال : وأما يزيد بن عمرو بن جنزة الجنزي فنسب إلى جده ، روى عنه عباس الدوري.

جِنِّش : بكسرتين وثانيه مشدد ، والشين معجمة : بلدة من سواحل جزيرة صقلية.

جَنَفَاءُ : بالتحريك ، والمد ؛ وفي كتاب سيبويه : وهو في نوادر الفراء جنفاء بالضم وثانيه مفتوح ، وأحسب أصله من الجنف وهو الميل في الكلام والقصد ، ومنه قوله تعالى : فمن خاف من موص جنفا أو إثما ؛ وهو يمد ويقصر ؛ قال زبان بن سيّار الفزاري :

فإنّ قلائصا طوّحن شهرا

ضلالا ، ما رحلن إلى ضلال

رحلت إليك من جنفاء ، حتى

أنخت حيال بيتك بالمطال

وقد قصره الراجز فقال :

إذا بلغت جنفا ، فنامي

واستكثري ثمّ من الأحلام

وهو موضع في بلاد بني فزارة ، روى موسى بن عقبة عن ابن شهاب قال : كانت بنو فزارة ممن قدم على أهل خيبر ليعينوهم فراسلهم رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، أن لا يعينوهم وسألهم أن يخرجوا عنهم ولكم من خيبر كذا وكذا ، فأبوا ، فلما فتح الله خيبر أتاه من كان هناك من بني فزارة فقالوا : أعطنا حظنا والذي وعدتنا ، فقال لهم رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : حظكم أو قال لكم ذو الرقيبة لجبل من جبال خيبر ، فقالوا : إذا نقاتلك ، فقال : موعدكم جنفاء ، فلما سمعوا ذلك خرجوا هاربين.

والجنفاء : موضع يقال له ضلع الجنفاء بين الرّبذة وضربة من ديار محارب على جادة اليمامة إلى المدينة.

والجنفاء أيضا : موضع بين خيبر وفيد.

جُنْقَانُ : بالضم ثم السكون ، وقاف ، وألف ، ونون : موضع بفارس. وجنقان أخشّه ، بفتح الهمزة والخاء المعجمة وتشديد الشين المعجمة : موضع بخوارزم.

الجَنُوبُ : بلفظ الجنوب من الرياح : موضع في شعر أميّة بن أبي عائذ الهذلي :

وخيامها بليت ، كأنّ حنيّها

أوصال حسرى بالجنوب شواطي

جَنُوجِرْدُ : بالفتح ثم الضم ، وسكون الواو ، وكسر الجيم ، وسكون الراء ، ودال مهملة : من قرى مرو على خمسة فراسخ منها ، بها تنزل القوافل في المرحلة الأولى من مرو للقاصد إلى نيسابور ، والعجم يسمونها كنوكرد ، وعهدي بها كبيرة ذات سوق واسع وعمارات حسنة وجامع فسيح وكروم


وبساتين ، رأيتها في سنة ٦١٤ ؛ وينسب إليها قوم من أهل العلم ، منهم : أبو الحسن سورة بن شدّاد الجنوجردي أدرك التابعين ، روى عن أبي يحيى زرني ابن عبد الله المؤذن صاحب أنس بن مالك والثوري ، روى عنه عبد الرحمن بن الحكم وغيره ، وكان صحيح السماع ؛ وأبو محمد عبدان بن محمد بن عيسى الجنوجردي المروزي اسمه عبد الله وعرف بعبدان ، كان حافظا زاهدا أحد أئمة الدنيا ، وهو الذي أظهر مذهب الشافعي بمرو بعد أحمد بن سيار ، روى كتب الشافعي عن الربيع بن سليمان وغيره من أصحاب الشافعي ، وروى الحديث عن قتيبة بن سعيد وسافر إلى مصر والشام والعراق ، روى عنه أبو العباس الدغولي وغيره ، وكان مولده ليلة عرفة سنة ٢٢٠ ، وتوفي سنة ٢٩٣ ، وصنف كتابا سماه الموطأ.

الجَنُوقَةُ : بالفتح ، وضم النون ، وسكون الواو ، والقاف : من مياه غني بن أعصر قرب الحمى حمى ضرية.

الجُنَيْدُ : تصغير جند ، إسكاف بني الجنيد : بلد من نواحي النهروان ثم من أعمال بغداد ، وهو الآن خراب ، وقد ذكر في إسكاف.

الجُنَينَةُ : تصغير جنة ، وهي الحديقة والبستان ، يقال : إنها روضة نجدية بين ضرية وحزن بني يربوع ؛ وفي شعر مليح الهذلي :

أقيموا بنا الأنضاء ، إن مقيلكم

أن اسرعن غمر بالجنينة ملجف

قال ابن السكري : ملجف أي ذو دحل ، والجنينة : أرض. والجنينة أيضا ، قال الحفصي : صحراء باليمامة.

والجنينة : ثني من التّسرير ، وهو واد من ضرية وأسفله حيث انتهت سيوله يسمّى السرّ وأعلى التسرير ذو بحار ، عن أبي زياد ، وروي عن الأصمعي أنه قال : بلغني أن رجلا من أهل نجد قدم على الوليد ابن عبد الملك فأرسل فرسا له أعرابية فسبق عليها الناس بدمشق ، فقال له الوليد : أعطنيها ، فقال : إن لها حقّا وإنها لقديمة الصحبة ولكني أحملك على مهر لها سبق الناس عام أول وهو رابض ، فعجب الناس من قوله وسألوه معنى كلامه فقال : إن جزمة ، وهو اسم فرسه ، سبقت الخيل عام أول وهو في بطنها ابن عشرة أشهر ؛ قال : ومرض الأعرابي عند الوليد فجاءه الأطباء فقالوا له : ما تشتهي؟ فأنشأ يقول :

قال الأطبّاء : ما يشفيك؟ قلت لهم :

دخان رمث من التسرير يشفيني

مما يجرّ إلى عمران حاطبه ،

من الجنينة ، جزلا غير معنون

قال : فبعث إليه أهله سليخة من رمث أي لم يؤخذ منها شيء ، وقال الجوهري : سليخة الرمث التي ليس فيها مرعى إنما هي خشب. والرمث : شجر ، وجزل أي غليظ ، فألفوه قد مات. والجنينة : قرب وادي القرى ، قرأت بخط العبدري أبي عامر : سار أبو عبيدة من المدينة حتى أتى وادي القرى ثم أخذ عليهم الأقرع والجنينة وتبوك وسروع ثم دخل الشام. والجنينة أيضا : من منازل عقيق المدينة ؛ قال خفاف بن ندبة :

فأبدى ببشر الحجّ منها معاصما

ونحرا متى يحلل به الطيب يشرق

وغرّ الثنايا خنف الظّلم بينها

وسنّة ريم بالجنينة موثق


باب الجيم والواو وما يليهما

الجِوَاءُ : بالكسر ، والتخفيف ثم المد ، والجواء في أصل اللغة الواسع من الأودية ، والجواء الفرجة التي بين محل القوم في وسط البيوت. والجواء : موضع بالصمّان ؛ قال بعضهم :

يمعس بالماء الجواء معسا ،

وغرق الصمّان ماء قلسا

وقال السكري : الجواء من قرقرى من نواحي اليمامة ، وقال نصر : الجواء واد في ديار عبس أو أسد في أسافل عدنة ؛ منها قول عنترة :

وتحلّ عبلة بالجواء ، وأهلها

بعنيزتين ، وأهلنا بالدّيلم

قال امرؤ القيس :

كأنّ مكاكيّ الجواء ، غديّة ،

صبحن سلافا من رحيق مسلسل

وقال أبو زياد : ومن مياه الضباب بالحمى حمى ضريّة الجواء ؛ قال زهير :

عفا من آل فاطمة الجواء ،

فيمن فالقوادم فالحساء

وكانت بالجواء وقعة بين المسلمين وأهل الردة من غطفان وهوازن في أيام أبي بكر فقتلهم خالد بن الوليد شرّ قتلة ؛ وقال أبو شجرة :

ولو سألت جمل غداة لقائنا ،

كما كنت عنها سائلا لو نأيتها

نصبت لها صدري وقدّمت مهرتي

على القوم ، حتى عاد وردا كميتها

إذا هي حالت عن كميّ أريده ،

عدلت إليه صدرها فهديتها

لقيت بني فهر لغبّ لقائنا

غداة الجواء حاجة ، فقضيتها

الجَوَّابَةُ : بفتحتين والثانية مشددة ، وألف ، وباء موحدة : رداه بنجد لها جبال سود صغار ، والرداه جمع ردهة ، وهو ماء مستنقع في الصخر.

جُواثاء : بالضم ، وبين الألفين ثاء مثلثة ، يمدّ ويقصر ، وهو علم مرتجل : حصن لعبد القيس بالبحرين فتحه العلاء بن الحضرمي في أيام أبي بكر الصديق ، رضي الله عنه ، سنة ١٢ عنوة ؛ وقال ابن الأعرابي : جواثا مدينة الخط ، والمشقّر مدينة هجر ؛ وقالت سلمى بنت كعب بن جعيل تهجو أوس بن حجر :

فيشلة ذات جهار وخبر ،

وذات أذنين وقلب وبصر

قد شربت ماء جواثا وهجر

أكوي بها حر امّ أوس بن حجر

ورواه بعضهم جؤاثا ، بالهمزة ، فيكون أصله من جئث الرجل إذا فزع ، فهو مجؤوث أي مذعور ، فكأنهم لما كانوا يرجعون إليه عند الفزع سموه بذلك ، قالوا : وجؤاثا أول موضع جمعت فيه الجمعة بعد المدينة ؛ قال عياض : وبالبحرين أيضا موضع يقال له قصر جواثا ، ويقال : ارتدّت العرب كلها بعد النبي ، صلى الله عليه وسلم ، إلّا أهل جواثا ؛ وقال رجل من المسلمين يقال له عبد الله بن حذف وكان أهل الرّدّة بالبحرين حصروا طائفة من المسلمين بجواثا :

ألا أبلغ أبا بكر رسولا ،

وفتيان المدينة أجمعينا


فهل لكم إلى قوم كرام

قعود ، في جواثا ، محصرينا

كأنّ دماءهم ، في كل فجّ ،

شعاع الشمس يغشى الناظرينا

توكلنا على الرحمن ، إنّا

وجدنا النصر للمتوكلينا

فجاءهم العلاء بن الحضرمي فاستنقذهم وفتح البحرين كلها في قصة ذكرت في غير هذا الموضع ؛ وقال أبو تمّام :

زالت بعينيك الحمول ، كأنها

نخل مواقر من نخيل جواثا

جَوادَةُ : بالفتح ، وبعد الألف دال ، جوّ الجوادة : في ديار طيّء ؛ قال عبدة بن الطبيب :

تأوّب من هند خيال مورّق ،

إذا استيأست من ذكرها النفس تطرق

وأرحلنا بالجوّ جوّ جوادة ،

بحيث يصيد الآبدات العسلّق

العسلّق : الذئب. والآبدات : جمع آبدة وهو المقيم من الطيور والوحش.

الجَوارُ : بالفتح ، وآخره راء ، شعب الجوار : بالحجاز بقرب المدينة في ديار مزينة.

جُوَالى : بالضم ، مقصور : موضع.

الجَوانِبُ : جمع جانب : بلاد في شعر الشماخ حيث قال :

يهدي قلاصا بالقطا القوارب ،

ما بين نجران إلى الجوانب

جواندان : بعد الألفين نونان : من نواحي فارس.

جَوانْكان : النون ساكنة ، وكاف ، وألف ، ونون : من قرى جرجان ؛ منها أبو سعد عبد الرحمن بن الحسين بن إسحاق الجوانكاني الجرجاني ، يروي عن عبد الرحمن بن الوليد ، روى عنه أبو بكر أحمد ابن إبراهيم الإسماعيلي وقال : لم يكن بذاك.

الجَوَّانِيّةُ : بالفتح ، وتشديد ثانيه ، وكسر النون ، وياء مشددة : موضع أو قرية قرب المدينة ؛ إليها ينسب بنو الجوّانيّ العلويون ، منهم : أسعد بن عليّ يعرف بالنحوي ، كان بمصر ؛ وابنه محمد بن أسعد النسابة ، ذكرتهما في أخبار الأدباء.

الجُوءَةُ : بالضم ، وبعد الواو الساكنة همزة ، وهاء : بلد قريب من الجند من أرض اليمن ، خرج على السلطان بجانب منه رجل من السكاسك يقال له عبد الله ابن زيد. والجوأة أيضا : من قرى زبيد باليمن.

جُوبارُ : بالضم ، وسكون الواو ، والباء موحدة ، وألف ، وراء ، وجو بالفارسية النهر الصغير ، وبار كأنه مسيله ، فمعناه على هذا مسيل النهر الصغير ؛ قال أبو الفضل المقدسي : جوبار وقيل جوبارة : محلة بأصبهان ؛ حدثنا من أهلها جماعة ونسب بعضهم إلى المحلة ، منهم : شيخنا أبو بكر محمد بن أحمد بن عليّ بن الحسين السمسار النيلي ، كان أصحابنا يقولون له الجوباري ، سمع محمد بن أبي عبد الله بن دليل الدليلي وحرب بن طاهر وعبد العزيز سبط أحمد بن شعيب الصوفي وغيرهم ، وسمع بالدينور من أبي عبد الله بن فنجويه ، ومات بعد سنة ٤٦٥ ؛ ورئيس البلدة أبو عبد الله القاسم بن الفضل بن أحمد ابن محمود الجوباري ، كان شجاعا مبارزا ظاهر الثروة صاحب ضياع ، سمع من أبي الفرج الربضي وأبي محمد ابن جواة وأبي عبد الله الجرجاني وأبي بكر بن مردويه وأبي محمد الكرخي ، وسمع ببغداد من أبي الفتح هلال الحفّار وأبي الحسين بن الفضل ، وسمع


بمكة من أبي عبد الله بن النظيف الفرّاء ، وسمع بنيسابور من أبي طاهر بن جحمش وابن بالويه ومحمد بن موسى الصيرفي وأبي بكر الحميري وغيرهم من أصحاب الأصمّ ، روى عنه جماعة من أهل أصبهان وغيرهم ، ومولده سنة ٣٩٥ وقيل سنة سبع ، ومات في رجب سنة ٤٨٩ ؛ وأبو منصور محمود بن أحمد بن عبد المنعم ابن ماشاذه الجوباري ، روى عن جماعة من أصحاب أبي عبد الله بن مندة ، روى عنه السمعاني أبو سعد وغيره ، وكانت ولادته سنة ٤٥٣ ، ومات في شهر ربيع الآخر سنة ٥٣٦ ؛ وأبو مسعود عبد الجليل بن محمد بن عبد الواحد بن كوتاه الجوباري الحافظ ، روى عن أصحاب أبي بكر بن مردويه وكان حافظا متقنا ورعا ، روى عنه أبو سعد أيضا وغيره.

وجوبار أيضا : قرية من قرى هراة ؛ منها أحمد بن عبد الله الجوباري الكذاب. قال أبو الفضل : كان ممن يضع الحديث على رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، وقال أبو سعد : جوبار ، وقال في موضع آخر من كتابه جويبار ، بعد الواو الساكنة ياء مفتوحة ثم باء موحدة ، من قرى هراة ؛ منها أبو عليّ أحمد ابن عبد الله التميمي القيسي الكذاب الخبيث ، وقال في موضع آخر : أحمد بن عبد الله الجوباري الهروي الشيباني ، كان كذابا ، روى عن جرير بن عبد الحميد والفضل بن موسى الشيباني أحاديث وضعها عليهما ، وفي الفيصل : جوبار هراة ؛ منها أبو عليّ أحمد بن عبد الله بن خالد بن موسى بن فارس بن مرداس بن نهيك التميمي القيسي الهروي ، روى عن سفيان بن عيينة ووكيع بن الجراح وأبي ضمرة وغيرهم من ثقات أصحاب الحديث ألوفا من الحديث ما حدثوا بشيء منها ، وهو أحد أركان الكذب دجال من الدجاجلة ، لا يحل ذكره إلا على سبيل التعريف والقدح والتحذير منه ، فنسأل الله العصمة من غوائل اللسان. وجوبار أيضا : موضع بجرجان قرية أو محلة ؛ منها طلحة بن أبي طلحة الجوباري الجرجاني ، حدث عن يحيى بن يحيى ، قال أبو بكر الإسماعيلي : كتبت عنه وأنا صغير وهو مغمور عليه.

وجوبار أيضا : من قرى مرو ؛ منها أبو محمد عبد الرحمن بن الجوباري البوينجي المعروف بجوبار بوينك ، روى شرف أصحاب الحديث لأبي بكر الخطيب عن عبد الله بن السمرقندي عن الخطيب ، سمع منه أبو سعد بمرو وجوبار ، وتوفي بعد سنة ٥٣٠.

جُوبَانُ : آخره نون : من قرى مرو ويسمونها كوبان ؛ نسب إليها جماعة ، منهم : أبو عبد الله محمد ابن محمد بن أبي ذرّ الجوباني ، كان شيخا صالحا كثير العبادة مكثرا من الحديث ، سمع السيد أبا القاسم عليّ بن موسى بن إسحاق ونظام الملك وغيرهما ، روى عنه السمعاني أبو سعد وغيره ، وكانت ولادته في حدود سنة ٤٥٠ ، ووفاته في حدود سنة ٥٣٠.

جَوْبٌ : بالفتح ، وآخره باء : موضع ؛ قال عامر :

ألا طرقتك من جوب كنود

جَوْبَرُ : بالراء : قرية بالغوطة من دمشق وقيل نهر بها ؛ قال بعضهم :

إذا افتخر القيسيّ ، فاذكر بلاءه

بزرّاعة الضحّاك شرقيّ جوبرا

وقد نسب إليها جماعة من المحدثين وافرة ، منهم : أبو الحسن عبد الرحمن بن محمد بن يحيى بن ياسر التيمي الجوبري الدمشقي ، قال عبد العزيز الكناني : مات في سنة ٤٢٥ لاثنتي عشرة ليلة خلت من صفر ، ولم يكن يحسن يقرأ ولا يكتب ، وكان أبوه قد


سمّعه وضبط عليه السماع ، وكان يحفظ متون الحديث الذي يحدث به ، حدث عن أبي سنان والزجاج وابن مروان وغيرهم ، ولما مضيت إليه لأسمع منه وجدت له بلاغا في كتاب الجامع الصحيح ووجدت سماعه في جميعه ، فلما صرت إليه قال : قد سمعت الكثير ، سمّعني والدي ، وكان والده محدثا ، ولكن ما أحدثك أو أدري أيش مذهبك؟ قلت له : عن أيّ شيء تسألني من مذهبي؟ قال : ما تقول في معاوية؟ قلت : وما عسى أن أقول في صاحب رسول الله ، صلى الله عليه وسلم! فقال : الآن أحدثك ، وأخرج إليّ كتبا لأبيه كلها وقال : انظر فيها فما وجدت فيه بلاغي في داخله فاسمعه وما كان على ظهره سماع لفلان ، ولم يكن في داخله شيء ، فلا يقرؤه عليّ ، وحدث مدة يسيرة ثم مات كما تقدم ؛ ومحمد بن المبارك بن عبد الرحمن بن يحيى بن سعيد أبو عبد الله القرشي الجوبري يعرف بابن أبي الميمون مولى بني أمية من أهل قرية جوبر ، كتب عنه أبو الحسين الرازي وقال : مات في ذي الحجة سنة ٣٢٧ بغوطة دمشق ؛ وأبو عبد الله عبد الوهاب بن عبد الرحيم بن عبد الوهاب الأشجعي الجوبري الدمشقي ، روى عن سفيان بن عيينة ومروان بن معاوية الفزاري وشعيب بن إسحاق وغيرهم ، روى عنه أبو الدّحداح وأبو داود في سننه وابنه أبو بكر بن أبي داود وأبو الحسن بن جوصا وغيرهم ، ومات في محرم سنة ٢٥٠ ؛ وأحمد بن عبد الواحد بن يزيد أبو عبد الله العقيليّ الجوبري ، روى عن عبد الوهاب بن عبد الرحيم الأشجعي وصفوان بن صالح وعبدة بن عبد الرحيم المروزي وعبد الله بن أحمد بن بشير بن ذكوان ، روى عنه محمد بن سليمان ابن يوسف الربعي وأبو بكر أحمد بن عبد الله بن أبي دجانة وجمح بن القاسم وعبد الله بن عديّ الجرجاني وأبو جعفر محمد بن الحسن اليقطيني وأبو القاسم بن أبي العقب والحسن بن منير التنوخي ، ومات في سلخ شوال سنة ٣٠٥ ؛ قاله الحافظ أبو القاسم ؛ وأحمد بن عتبة بن مكين أبو العباس السلامي الجوبري المطرّز الأطروشي الأحمر ، روى عن أبي العباس أحمد بن غياث الزفتي وابن جوصا وأبي الجهم بن طلّاب وجماعة وافرة ، روى عنه تمام الرازي وأبو الحسن بن السمسار وعليّ بن أبي ذر وعبد الوهاب بن الجبان ، وكان ثقة نبيلا مأمونا ، مات في رمضان سنة ٣٨٢ ؛ عن أبي القاسم.

وجوبر أيضا : من قرى نيسابور ؛ ينسب إليها أبو بكر محمد بن عليّ بن محمد بن إسحاق الجوبري ، روى عن حمزة بن عبد العزيز وغيره ، روى عنه أبو سعد بن أبي طاهر المؤذن ، قال أبو موسى المديني : أخبرنا عنه زاهر بن طاهر الشحّامي. وجوبر أيضا : من سواد بغداد.

جَوْبَرْقانُ : الراء ساكنة ، وقاف ، وألف ، ونون : ناحية من نواحي كورة إصطخر مدينتها مشكان.

جُوبَرَةُ : قد ذكرنا أن المحلة التي بأصبهان يقال له جوبر وجوبرة وبالبصرة الجوبرة ، وهو اسم مركب غيّر لكثرة الاستعمال : وهو نهر معروف بالبصرة دخل في نهر الإجّانة ؛ قال أبو يحيى الساجي ومن خطه نقلت : وأما الجوبرة فقد اختلفوا فيها ، قال أبو عبيدة : إن جوّبرّة بفتح الجيم وتشديد الواو وفتح الباء الموحدة وتشديد الراء وهاء ، وهي برّة بنت زياد ابن أبيه ولا يعرف آل زياد ذلك ، ويقال بل هي برة بنت أبي بكر ، وقيل : برّة امرأة من ثقيف ، وقيل : بل صيد فيه جوبرج فسمي بذلك ، ولا أدري ما جوبرج.


جَوْبَقُ : بالفتح ثم السكون ، وفتح الباء الموحدة : هذا موضع كأنه شبه خان يسكن فيه الناس ؛ ينسب إليه أبو نصر أحمد بن عليّ الجوبقي الأديب الشاعر النسفي ، كان يلقب بأبي حامدات ، رحل إلى العراق وسمع بها وبخراسان وغيرها ودرس الفقه على أبي إسحاق المروزي وعلق عنه شرح مختصر المزني ، توفي بطريق مكة سنة ٣٤٠.

جُوبَق : هذا بضم أوله والذي قبله بفتحه ؛ ضبطهما أبو سعد وقال : هو موضع بمرو يباع فيه الخضر ، يسمى بالفارسية جوبه ، وبنيسابور يسمون الخان الصغير الذي فيه بيوت تكترى جوبه ، والنسبة إليها جوبقي ؛ جوبق مرو ينسب إليه أبو بكر تميم بن محمد بن عليّ البقال الجوبقي ، وكان شيخا صالحا قرأ الأدب في صغره على الأديب كامكار بن عبد الرزاق المحتاج ، وسمع منه الحديث ، سمع منه أبو سعد بمرو وقال : مات يوم الجمعة السابع والعشرين من شهر رمضان سنة ٥٠٥ ؛ ذكره في التحبير ؛ وجوبق نيسابور ينسب إليه أبو حاتم أحمد بن محمد بن أيوب بن سليمان الجوبقي ، سمع أبا نصر عمرو بن أحمد بن نصر ، سمع منه الحاكم أبو عبد الله وقال : مات سنة ٣٥٣ ؛ وجوبق : موضع بنسف ؛ ينسب إليه أبو تراب إسماعيل بن طاهر بن يوسف بن عمرو بن معمر الجوبقي النسفي ، وكان يسرق كتب الناس ويقطع ظهور الأجزاء التي فيها السماع ، ولم ينتفع بعلمه ، مات في شعبان سنة ٤٤٨.

جُوبَه : هو الذي قبله ، وإنما تزاد القاف فيه إذا نسب إليه.

جُوبَةُ صَيْبَا : بفتح الصاد ، وياء ساكنة ، وباء موحدة : من قرى عثّر باليمن.

جُوبِينَاباذ : بالضم ثم السكون ، وباء موحدة مكسورة ، وياء ساكنة ، ونون ، وبين الألفين باء موحدة ، وآخره ذال معجمة : من قرى بلخ ، ويسمونها الآن جوبياباذ وبعضهم يقول بالميم ؛ ينسب إليها أبو عبد الله محمد بن أبي محمد الحسين بن الحسين ابن محمد بن الحسين التميمي الجوبيناباذي ، سمع أبا الحسن محمد بن أحمد بن حمدان بن يوسف السّجزي شيخ لا بأس به ، سمع منه عبد العزيز بن محمد النخشبي.

جَوْثاءُ : بالفتح ثم السكون ، وثاء مثلثة ، وألف ممدودة : موضع.

جَوْجَرُ : بجيمين مفتوحتين ، وراء : بليدة بمصر من جهة دمياط في كورة السّمنّودية. وجوجر ، بضم الجيم الأولى وفتح الثانية : قريتان من قرى عقر الحميديّة ، ينسب إلى إحداهما الرّز الجيد والأخرى دونها بالمسافة والشهرة.

جَوْخاء : بالخاء المعجمة ، والمدّ ، يقال تجوّخت البئر إذا انهارت ، وبئر جوخاء منهارة ، وجاخ السيل الوادي اقتلع أجرافه ؛ قال الشاعر :

فللصخر من جوخ السيول وجيب

وهو موضع بالبادية بين عين صيد وزبالة في ديار بني عجل كان يسلكه حاج واسط ؛ وقد قصره أبو قصاقص لاحق النّصري من بني نصر بن قعين من بني أسد فقال في ذلك :

قفا تعرفا الدار التي قد تأبّدت ،

بحيث التقت غلّان جوخى وتنطح

عفت وخلت حتى كأن رسومها

وحيّ كتاب ، في صحائف ، مصّح


فقلت : كأن الدار لم يك أهلها

بها ، ولهم حوم يراح ويسرح

الحوم : القطيع الضخم من الإبل.

جُوخَا : بالضم ، والقصر ، وقد يفتح : اسم نهر عليه كورة واسعة في سواد بغداد ، بالجانب الشرقي منه الراذانان ، وهو بين خانقين وخوزستان ، قالوا : ولم يكن ببغداد مثل كورة جوخا ، كان خراجها ثمانين ألف ألف درهم حتى صرفت دجلة عنها فخربت وأصابهم بعد ذلك طاعون شيرويه فأتى عليهم ولم يزل السواد وفارس في إدبار منذ كان طاعون شيرويه ؛ وقال زياد بن خليفة الغنوي :

ألا ليت شعري! هل أبيتنّ ليلة

بميثاء لا تؤذي عيالي بقوقها

وهل تأخذنّي ليلة ذات لذّة ،

يد الدهر ، ذاك رعدها وبروقها

من الواسقات الماء حول ضريّة ،

يمجّ الندى ، ليل التمام ، عروقها

هبطنا بلادا ذات حمّى وحصبة

وموم وإخوان ، مبين عقوقها

سوى أن أقواما من الناس وطّشوا

بأشياء لم يذهب ضلالا طريقها

وقالوا : عليكم حبّ جوخا وسوقها ،

وما أنا أم ما حبّ جوخا وسوقها

قال الفراء : وطّش له إذا هيأ له وجه الكلام أو العلم أو الرأي ، يقال : وطّش لي شيئا حتى أذكره أي افتح.

جَوْخَانُ : آخره نون : بليدة قرب الطيب من نواحي الأهواز ؛ ينسب إليها أبو بكر محمد بن عبد الله بن إبراهيم الجوخاني ، سمع أحمد بن الحسن بن عبد الجبار وإسماعيل بن منصور الشيعي وأبا بكر بن دريد وابن الأنباري ، روى عنه أبو الحسن عليّ بن عمر بن بلاد ابن عبدان البصري ؛ وأبو شجاع عبد الله بن عليّ بن إبراهيم بن موسى الجوخاني ، سمع منه أبو طاهر السلفي وذكره في معجم السفر قال : سألته عن مولده فقال سنة ٤٣٣ في المحرم ، روى عن أبي الغنائم الحسن بن عليّ بن حماد المقري قال : وسماعه منه كثير.

الجُودُ : بالضم ثم السكون ، ودال مهملة : قلعة في جبل شطب من أرض اليمن.

جُودَةُ : بزيادة الهاء ، قلت جودة : في واد باليمن.

الجُوديُّ : ياؤه مشددة : هو جبل مطلّ على جزيرة ابن عمر في الجانب الشرقي من دجلة من أعمال الموصل ، عليه استوت سفينة نوح ، عليه السلام ، لما نضب الماء ، وفي التوراة : أمر الله ، عز وجل ، نوحا ، عليه السلام ، أن يعمل سفينة طولها ثلاثمائة ذراع وعرضها خمسون ذراعا وسمكها ثلاثون ذراعا وكانت من خشب الشمشاد مقيّرة بالقار ، وجاء الطوفان في سنة الستمائة من عمر نوح ، عليه السلام ، في الشهر الثاني في اليوم السابع عشر منه ، وأقام المطر أربعين يوما وأربعين ليلة ، وأقام الماء على الأرض مائة وخمسين يوما ، واستقرّت السفينة على الجوديّ في الشهر السابع في اليوم السابع عشر منه ، ولما كان في سنة إحدى وستمائة من عمر نوح في اليوم الأول من الشهر الأول خفّ الماء من الأرض ، وفي الشهر الثاني في اليوم السابع والعشرين منه جفّت الأرض وخرج نوح ومن معه من السفينة وبنى مسجدا ومذبحا لله تعالى وقرّب قربانا ، هذا لفظ تعريب التوراة حرفا حرفا ؛ ومسجد نوح ، عليه السلام ، موجود إلى الآن


بالجودي ، وقرأ الأعمش : واستقرّت على الجودي ، بتخفيف الياء. والجوديّ أيضا : جبل بأجإ أحد جبلي طيّء ؛ وإياه أراد أبو صعترة البولاني بقوله :

فما نطفة من حبّ مزن تقاذفت

به جنبتا الجوديّ ، والليل دامس

فلما أقرّته اللّصاف تنفّست

شمال لأعلى مائه ، فهو قارس

بأطيب من فيها وما ذقت طعمه ،

ولكنّني فيما ترى العين فارس

جُوْذَرْز : بالضم ثم السكون ، والذال معجمة مفتوحة ، والراء ساكنة ، وزاي : قلعة بفارس مسماة بجوذرز صاحب كيخسرو بموضع يسمّى الشريعة من كام فيروز ، وهي منيعة جدّا.

جَوْذَقانُ : بالقاف ، والألف ، والنون : من قرى باخرز من أعمال نيسابور ؛ منها إسماعيل بن أحمد ابن إسماعيل الجوذقاني الباخرزي الرجل الصالح ، وكان مولده سنة ثلاث وثمانين وأربعمائة.

جُوذمَه : بالميم : رستاق من رساتيق أذربيجان في الجبل.

جُورأب : بالراء ، والألف مهموزة ، وباء موحدة : قرية قريبة من الكرج ، بالجيم ، من نواحي الجبل.

جُورَان : آخره نون : قرية على باب همذان ؛ ينسب إليها إبراهيم بن يوسف بن إبراهيم أبو إسحاق الجوراني خطيبها ، روى عن طاهر الإمام كتاب العبادات للعسكري ، قال شيرويه : رأيته وما سمعت منه ، وكان شيخا سديدا.

جُورْبَذ : بسكون الواو والراء ، وفتح الباء الموحدة ، والذال معجمة : من قرى أسفرايين من أعمال نيسابور ؛ منها عبد الله بن محمد بن مسلم أبو بكر الأسفراييني الجوربذي رحّال ، سمع بمصر يونس بن عبد الأعلى وأبا عمران موسى بن عيسى بن حماد زغبة ، وبالشام العباس بن الوليد بن مزيد ، وببيروت حاجب بن سليمان المنبجي ، وبالعراق الحسن بن محمد الزعفراني ومحمد بن إسحاق الصاغاني ، وبالحجاز محمد ابن إسماعيل بن سالم الصائغ ، وبخراسان محمد بن يحيى الذّهلي ، وبالري أبا زرعة الرازي ومحمد بن مسلم بن وارة ، روى عنه أبو بكر أحمد بن عليّ بن الحسين بن شهريار الرازي وأبو عبد الله محمد بن يعقوب وأبو عليّ الحسين بن عليّ الحافظ وأبو محمد المخلدي وأبو أحمد محمد بن محمد بن إسحاق الحافظ وأبو عبد الله الحسين بن محمد بن أحمد بن محمد الماسرجسي وعليّ بن عيسى بن إبراهيم الحيري ، قال الحاكم : وكان من الأثبات المجوّدين الجوّالين في أقطار الأرض ، روى عنه الأئمة الأثبات ، سمعت أبا محمد عبد الله بن محمد بن عليّ المعدّل يقول سمعت عبد الله بن مسلم يقول : ولدت في رجب سنة ٢٣٩ بالقرية بأسفرايين ، قال أبو محمد : وتوفي سنة ٣١٨.

جُورتَان : بعد الراء تاء مثناة ، وألف ، ونون : من قرى أصبهان ؛ منها المصلح محمد بن أحمد بن عليّ الحنبلي الجورتاني الحمّامي الأديب ، مولده سنة خمسمائة ، ومات في شهر ربيع الآخر سنة تسعين وخمسمائة.

جُورجِير : بعد الراء جيم أخرى ، وياء ، وراء : محلّة بأصبهان وبها جامع يعرف بها ، وكان بها جماعة من الأئمة قديما وحديثا ؛ وممن ينسب إليها أبو القاسم طاهر بن محمد بن أحمد بن عبد الله العكلي الجورجيري ، روى عن أبي بكر المقري ، ومات في جمادى الأولى


سنة ٤٣٩ ؛ ومحمد بن عمر بن حفص الجورجيري ، حدث عنه عثمان بن أحمد البرجي الكاتب وغيره.

جُورُ : مدينة بفارس بينها وبين شيراز عشرون فرسخا ، وهي في الإقليم الثالث ، طولها من جهة المغرب ثمان وسبعون درجة ونصف ، وعرضها إحدى وثلاثون درجة ؛ وجور : مدينة نزهة طيبة ، والعجم تسميها كور ، وكور اسم القبر بالفارسية ، وكان عضد الدولة ابن بويه يكثر الخروج إليها للتنزه فيقولون ملك بكور رفت ، معناه الملك ذهب إلى القبر ، فكره عضد الدولة ذلك فسماه فيروزاباذ ومعناه أتم دولته ؛ قال ابن الفقيه : بنى أردشير بن بابك ملك ساسان مدينة جور بفارس وكان موضعها صحراء ، فمرّ بها أردشير فأمر ببناء مدينة هناك وسماها أردشير خرّه ، وسمتها العرب جور ، وهي مبنية على صورة دارابجرد ، ونصب فيها بيت نار ، وبنى غير ذلك من المدن تذكر في مواضعها إن شاء الله تعالى ، وقال الإصطخري : وأما جور فمن بناء أردشير ، ويقال : إن ماءها كان واقفا كالبحيرة فنذر أردشير أن يبني مدينة وبيت نار في المكان الذي يظفر فيه بعدوّ له عيّنه ، فظفر به في موضع جور فاحتال في إزالة مياه ذلك المكان بما فتح له من المجاري وبنى في ذلك المكان مدينة سماها جور ، وهي قريبة في السعة من إصطخر ، ولها سور وأربعة أبواب ، وفي وسط المدينة بناء مثل الدّكّة تسميه العرب الطّربال وتسميه الفرس بإيوان وكياخرّه ، وهو من بناء أردشير ، وكان عاليا جدّا بحيث يشرف الإنسان منه على المدينة جميعها ورساتيقها ، وبنى في أعلاه بيت نار واستنبط بحذائه في جبل ماء حتى أصعد به إلى رأس الطربال ، وأما الآن فقد خرب واستعمل الناس أكثره ، قال : وجور مدينة نزهة جدّا ، يسير الرجل من كل باب نحو فرسخ في بساتين وقصور ، وبين جور وشيراز عشرون فرسخا ، وإليها ينسب الورد الجوري ، وهو أجود أصناف الورد ، وهو الأحمر الصافي ؛ قال السري الرفاء يهجو الخالدي ويدعي عليه أنه سرق شعره :

قد أنسّت العالم غاراته ،

في الشعر ، غارات المغاوير

أثكلني غيد قواف غدت

أبهى من الغيد المعاطير

أطيب ريحا من نسيم الصّبا ،

جاءت بريّا الورد من جور

وأما خبر فتحها فذكر أحمد بن يحيى بن جابر قال : حدثني جماعة من أهل العلم أن جور غزيت عدّة سنين فلم يقدر على فتحها أحد حتى فتحها عبد الله بن عامر ، وكان سبب فتحها أن بعض المسلمين قام ليلة يصلي وإلى جانبه جراب فيه خبز ولحم ، فجاء كلب وجره وعدا به حتى دخل المدينة من مدخل لها خفيّ ، فألظّ المسلمون بذلك المدخل حتى دخلوها منه وفتحوها عنوة ، ولما فتح عبد الله بن عامر جور كرّ إلى إصطخر ففتحها عنوة ، وبعضهم يقول بل فتحت جور بعد إصطخر ؛ وينسب إليها جماعة ، منهم : أبو بكر محمد بن إبراهيم بن عمران بن موسى الجوري الأديب ، كان من الأدباء المتّقين ، علّامة في معرفة الأنساب وفي علوم القرآن ، سمع حمّاد بن مدرك وجعفر بن درستويه الفارسيّين وأبا بكر محمد بن الحسن بن دريد وعبد الله بن محمد العامري وغيرهم ، ومات سنة ٣٥٩ ؛ وأحمد بن الفرج الجشمي الجوري المقري ، حدث عن زكرياء بن يحيى بن عمارة الأنصاري وحفص بن أبي داود الغاضري ، حدّث عنه أبو حنيفة الواسطي ؛ ومحمد بن يزداد الجوري ،


حدث عنه أبو بكر بن عبدان ؛ ومحمد بن الخطاب الجوري ، روى عن عباد بن الوليد العنبري ، روى عنه أبو شاكر عثمان بن محمد بن حجّاج البزاز المعروف بالشافعي ؛ ومحمد بن الحسن بن أحمد الجوري ، سمع سهل بن عبد الله التّستري قراءة ، روى عنه طاهر بن عبد الله الهمذاني. وجور أيضا : محلة بنيسابور ؛ ينسب إليها أبو طاهر أحمد بن محمد بن الحسين الطاهري الجوري ، كان من العبّاد المجتهدين ، سمع بنيسابور أبا عبد الله البوشنجي وأقرانه ، وكان أقام بجرجان الكثير وأكثر بها عن عمران بن موسى والفضل بن عبد الله ، روى عنه محمد بن عبد الله الحافظ وغيره ، ومات سنة ٣٥٣ ؛ ومحمد بن إسكاب ابن خالد أبو عبد الله الجوري النيسابوري ، سمع الحسين بن الوليد القرشي وحفص بن عبد الرحمن ويحيى ابن يحيى وبشر بن القاسم ، سمع منه أبو عمرو المستملي ومحمد بن سليمان بن خالد العبدي ، مات سنة ٢٦٨ ؛ والحسين بن علي بن الحسين الجوري النيسابوري ، سمع أبا زكرياء العنبري وغيره من العلماء وتردّد إلى الصالحين ، مات يوم الخميس السادس من شوّال سنة ٣٩٤ ؛ وأبو سعيد أحمد بن محمد بن جبرائيل الجوري النيسابوري ، ذكره أبو موسى الحافظ ؛ ومحمد بن يزيد الجوري النيسابوري ، حدث عنه أبو سعد الماليني وغيره ؛ ومحمد بن أحمد بن الوليد بن إبراهيم بن عبد الرحمن الأصبهاني الجوري أبو صالح ، نزل نيسابور وسكن محلة جور فنسب إليها ، روى عنه أبو سعد أحمد بن محمد بن إبراهيم الفقيه ، ولد سنة ٣٤١ ؛ قاله يحيى بن مندة ؛ وعمر بن أحمد بن محمد بن موسى ابن منصور الجوري ، روى عن أبي حامد بن الشرقي النيسابوري وأبي الحسن عبد الرحمن بن إبراهيم بن محمد بن يحيى الزاهد ، حدث عنه أبو عبد الرحمن إسماعيل بن أحمد بن عبد الله النيسابوري الخير وأبو صالح أحمد بن عبد الملك المؤذن.

جُوَرُ : بالضم ثم الفتح ، والراء : قرية من قرى أصبهان ؛ قال أبو بكر بن موسى الحافظ : خرج منها رجل يكتب الحديث ولم أثبت اسمه.

جَوْزانُ : بالفتح ثم السكون ، والزاي ، والألف ، والنون : قرية من مخلاف بعدان باليمن.

جُوزْجانان وجُوزجان : هما واحد ، بعد الزاي جيم ، وفي الأولى نونان : وهو اسم كورة واسعة من كور بلخ بخراسان ، وهي بين مرو الروذ وبلخ ، ويقال لقصبتها اليهودية ، ومن مدنها الأنبار وفارياب وكلّار ، وبها قتل يحيى بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه ؛ قال المدائني : أوقع الأحنف بن قيس بالعدوّ بطخارستان فسارت طائفة منهم إلى الجوزجان فوجه الأحنف إليهم الأقرع بن حابس التميمي فاقتتلوا بالجوزجان ، فقتل من المسلمين طائفة ثم انهزم العدوّ وفتح الجوزجان عنوة في سنة ٣٣ ؛ فقال كثير بن الغريزة النّهشلي :

سقى مزن السحاب ، إذا استقلّت ،

مصارع فتية بالجوزجان

إلى القصرين من رستاق خوط ،

أبادهم هناك الأقرعان

وقد نسب إليها جماعة كثيرة ، منهم : إبراهيم بن يعقوب أبو إسحاق السعدي الجوزجاني ذكره أبو القاسم في تاريخ دمشق فقال : سكن دمشق وحدث بها عن يزيد ابن هارون وأبي عاصم النبيل وحسين بن علي الجعفي وحجّاج بن محمد الأعور وعبد الصمد بن عبد الوارث والحسن بن عطية وغيرهم ، روى عنه إبراهيم بن دحيم


وعمرو بن دحيم وأبو زرعة الدمشقي وأبو زرعة وأبو حاتم الرازيّان وأبو جعفر الطبري وجماعة من الأئمة ، قال أبو عبد الرحمن : أبو إسحاق إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني ليس به بأس سكن دمشق ، وقال الدارقطني : أقام الجوزجاني بمكة مدّة وبالبصرة مدّة وبالرملة مدّة ، وكان من الحفّاظ المصنّفين المخرجين الثقات ، لكن كان فيه انحراف عن علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه ؛ قال عبد الله بن أحمد بن عديس : كنا عند إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني فالتمس من يذبح له دجاجة فتعذر عليه فقال : يا قوم يتعذر عليّ من يذبح لي دجاجة وعليّ بن أبي طالب قتل سبعين ألفا في وقت واحد ، أو كما قال ؛ ومات مستهل ذي القعدة سنة ٢٥٩ ؛ ومنها أبو أحمد أحمد بن موسى الجوزجاني مستقيم الحديث ، يروي عن سويد بن عبد العزيز ، روى عنه أهل بلده.

جُوزْدَان : بالضم ثم السكون ، وزاي ، ودال مهملة ، وألف ، ونون : قرية كبيرة على باب أصبهان يقال لها الجوزدانيّة بالنسبة وأهل أصبهان يقولون كوزدان ؛ ينسب إليها جماعة من الرواة ، منهم : أبو بكر محمد بن علي بن أحمد بن الحسين بن بهرام الجوزداني إمام الجامع العتيق بأصبهان في التراويح ، وكان مقرئا ثقة صالحا ، سمع الحافظ أبا بكر بن إبراهيم المقري ، وفي بغداد من أبي طاهر المخلص وأبي حفص عمر بن شاهين ، روى عنه أبو زكرياء بن مندة وغيره ، ومات في سنة ٤٤٢.

جَوْزَرَانُ : بالفتح ، وبعد الزاي المفتوحة راء ، وألف ، ونون : قرية قرب عكبراء من نواحي بغداد ؛ ينسب إليها محمد بن محمد بن علي بن محمد المقري العكبري الجوزراني ، كان ضريرا ، من أهل القرآن والحديث ، سمع أبا الحسن محمد بن أحمد بن رزقويه وغيره ، روى عنه الحافظ أبو محمد الأشعثي وغيره ، ومات في شهر ربيع الآخر سنة ٤٧٣.

الجَوْزُ : بالفتح ثم السكون ، وزاي ؛ وفي كتاب هذيل : جبال الجوز أودية تهامة ؛ قالوا ذلك في تفسير قول معقل بن خويلد الهذلي حيث قال :

لعمرك ما خشيت ، وقد بلغنا

جبال الجوّز من بلد تهامي

وقال عبدة بن حبيب الصاهلي :

كأنّ رواهق المعزاء خلفي

رواهق حنظل بلوى عيوب

فلا والله لا ينجو نجاتي ،

غداة الجوز ، أضخم ذو ندوب

قلت أخبرني من أثق به أن جبال السراة المقاربة للطائف وهي بلاد هذيل يقال لها الجوز ، وإليها تنسب الأبراد الجوزية ، وهي وزرات بيض ذات حواش يأتزرون بها ؛ قال السكري : الجوز جبال ناحيتهم ، ويقال : الجوز الحجاز كله ، ويقال للحجازي جوزيّ ؛ وينسب إلى هذه النسبة الفقيه أبو الحسين أحمد بن محمد بن جعفر الجوزي يعرف بابن مشكار ، يروي عن الحارث بن أبي أسامة وابن أبي الدنيا وغيرهما.

ونهر الجوز : ناحية ذات قرى وبساتين ومياه بين حلب والبيرة التي على الفرات ، وهي من عمل البيرة في هذا الوقت ، وأهل قراها كلهم أرمن.

جُوزُ : بالضم : من مدن كرمان ذات أسواق وأهل كثير.

جَوْزفَلَق : ذكرها حمزة بن يوسف السّهمي الجرجاني وقال : لا أحقّ نقط هذه القرية ولا عجمها ، وهي بقرب أبسكون من بلاد جيلان ؛ منها أبو


إسحاق إبراهيم بن الفرج الجوزفلقي فقيه رحل وكتب.

جُوزَقَانُ :

بفتح الزاي والقاف ، وآخره نون : من قرى همذان ؛ ينسب إليها أبو مسلم عبد الرحمن بن عمر بن أحمد الصوفي الجوزقاني وغيره ؛ ذكره أبو سعد في شيوخه. والجوزقان أيضا : جيل من الأكراد يسكنون أكناف حلوان ؛ ينسب إليهم أبو عبد الله الحسين بن إبراهيم بن الحسين بن جعفر الجوزقاني ، سمع بندار بن فارس وغيره.

جَوْزَقُ : من نواحي نيسابور ؛ منها أبو بكر محمد بن عبد الله بن محمد بن زكرياء الجوزقي صاحب كتاب المتّفق ، وكان من الأئمة الفضلاء الزّهّاد ، سمع أبا العباس الدّغولي وأبا حامد بن الشرقي وإسماعيل بن محمد بن إسماعيل الصّفّار وأبا العباس الأصمّ وغيرهم ، روى عنه أبو بكر أحمد بن منصور بن خلف المغربي وأبو الطيب الطبري وأبو عثمان سعيد بن أبي سعيد العيّار ، ورحل به خاله أبو إسحاق المزكّي ، وله في علوم الحديث تآليف كثيرة ، ومات سنة ٣٨٨ عن اثنتين وثمانين سنة. وجوزق أيضا : من نواحي هراة ؛ منها إسحاق بن أحمد بن محمد بن جعفر بن يعقوب أبو الفضل الجوزقي الهروي الحافظ ؛ ذكره الإدريسي في تاريخ سمرقند ، ومات سنة ٣٥٨.

جُوزَه : بالضم ثم السكون : قرية في جبال الهكّارية الأكراد من نواحي الموصل ؛ ينسب إليها أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبد الله البحري الجوزي ، سمع أبا بكر إسحاق بن الياس الجيلي ، روى عنه أبو القاسم هبة الله بن عبد الوارث الشيرازي الحافظ وذكر أنه سمع منه بجوزه.

جوسف : لم أتحقق ضبطها ووجدتها في بعض الكتب هكذا : وهي ناحية شبيهة بالصحراء من أعمال قهستان وكأنها من نواحي فهلو ، وفهلو هي من نواحي أصبهان وطرفها متصل ببريّة كرمان ، وبعضهم يسمّيها جوزف ، بالزاي.

جَوْسَقَان : بالفتح ثم السكون ، والسين مهملة مفتوحة ، وقاف ، وألف ، ونون : قرية متصلة بأسفرايين حتى كأنها محلة منها ، يسمونها كوسكان ؛ ينسب إليها أبو حامد محمد بن عبد الملك الجوسقاني إمام فاضل ، تفقّه على أبي حامد الغزّالي وسمع الحديث من أبي عبد الله الحميدي وغيره ، كتب عنه أبو سعد وذكر أنه مات بعد سنة ٥٤٠.

الجَوْسَقُ : في عدّة مواضع : منها قرية كبيرة من نواحي دجيل من أعمال بغداد ، بينهما عشرة فراسخ.

والجوسق : من قرى النهروان من أعمال بغداد أيضا ؛ ينسب إليها أبو طاهر الخليل بن علي بن إبراهيم الجوسقي الضرير المقري ، سكن بغداد ، روى عن أبي الخطاب بن البطر وأبي عبد الله المغالي ؛ ذكره أبو سعد في شيوخه ، مات سنة ٥٣٣.

والجوسق أيضا : جوسق بن مهارش بنهر الملك.

والجوسق أيضا : قرية كبيرة عامرة بالحوف الشرقي من أعمال بلبيس من نواحي مصر. والجوسق أيضا : بالقيروان. والجوسق : من قرى الري ، عن الآبي أبي سعد منصور الوزير. والجوسق أيضا : قلعة الفرّخان بناحية الري أيضا ؛ قال شاعر من الأعراب وهو غطمّش الضبّيّ :

لعمري! لجوّ من جواء سويقة

أسافله ميث وأعلاه أجرع

أحبّ إلينا أن نجاور أهله

ويصبح منا وهو مرأى ومسمع


من الجوسق الملعون بالري ، كلما

رأيت به داعي المنيّة يلمع

والجوسق جوسق الخليفة : بالقرب من الري ، أيضا ، من رستاق قصران الداخل.

والجوسق الخرب أيضا : بظاهر الكوفة عند النّخيلة ، وكانت الخوارج قد اختلفت يوم النهروان فاعتزلت طائفة في خمسمائة فارس مع فروة بن نوفل الأشجعي وقالوا : لا نرى قتال عليّ بل نقاتل معاوية ، وانفصلت حتى نزلت بناحية شهرزور ، فلما قدم معاوية من الكوفة بعد قتل عليّ ، رضي الله عنه ، تجمعوا وقالوا : لم يبق عذر في قتال معاوية ، وساروا حتى نزلوا النخيلة بظاهر الكوفة ، فنفذ إليهم معاوية طائفة من جنده فهزمتهم الخوارج ، فقال معاوية لأهل الكوفة : هذا فعلكم ولا أعطيكم الأمان حتى تكفوني أمر هؤلاء ، فخرج إليهم أهل الكوفة فقاتلوهم فقتلوهم ، وكان عند المعركة جوسق خرب ربما ألجأت الخوارج إليه ظهورها ؛ فقال قيس بن الأصمّ الضّبّي يرثي الخوارج :

إني أدين بما دان الشّراة به ،

يوم النّخيلة ، عند الجوسق الخرب

النافرين على منهاج أوّلهم

من الخوارج ، قبل الشكّ والرّيب

قوما ، إذا ذكّروا بالله أو ذكروا

خرّوا ، من الخوف ، للأذقان والرّكب

ساروا إلى الله ، حتى أنزلوا غرفا

من الأرائك في بيت من الذهب

ما كان إلّا قليلا ، ريث وقفتهم ،

من كل أبيض صافى اللون ذي شطب

حتى فنوا ، ورأى الرائي رؤوسهم

تغدو بها قلص مهريّة نجب

فأصبحت عنهم الدنيا قد انقطعت ،

وبلّغوا الغرض الأقصى من الطّلب

جَوّ سُوَيْقَةَ : ذكر في سويقة.

جُوسِيَةُ : بالضم ثم السكون ، وكسر السين المهملة ، وياء خفيفة : قرية من قرى حمص على ستة فراسخ منها من جهة دمشق بين جبل لبنان وحبل سنير ، فيها عيون تسقي أكثر ضياعها سيحا ، وهي كورة من كور حمص ؛ ينسب إليها عثمان بن سعيد بن منهال الجوسي الحمصي ، حدث عن محمد بن جابر اليمامي ، روى عنه ابنه أحمد ؛ ومنهال بن محمد بن منهال الجوسي الحمصي حدث عن أبيه ، قال ذلك ابن مندة ؛ وقال الحازمي : جوشيّة ، بعد الجيم المضمومة واو ساكنة ثم شين معجمة مكسورة بعدها ياء تحتها نقطتان مشدّدة مفتوحة ، موضع بين نجد والشام ، عليها سلك عديّ بن حاتم حين قصد الشام هاربا من خيل رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، لما وطئت بلاد طيء ؛ قاله ابن إسحاق ووجدته مقيدا مضبوطا كذلك بخط أبي الحسن بن الفرات ، وقال البلاذري : جوشيّة حصن من حصون حمص ، آخر ما قاله الحازمي.

وقال عبيد الله المؤلف : أما التي بين نجد والشام فيحتمل أن يكون المراد جوشية المذكورة من أرض حمص ويحتمل أن يكون غيرها ، وأما التي بأرض حمص فهي بالسين المهملة وياء خفيفة لا شكّ فيها ولا ريب.

جَوْشٌ : بالفتح وبعض يرويه بالضم ، والصحيح الفتح ثم السكون ، وشين معجمة ؛ والجوش في اللغة الصدر ، ومضى جوش من الليل أي صدر منه : وهو جبل


في بلاد بلقين بن جسر بين أذرعات والبادية ، قال أبو الطمحان القيني :

ترضّ حصى معزاء جوش وأكمة

بأخفافها رضّ النوى بالمراضح

وقال البعيث :

تجاوزن من جوشين كلّ مفازة ،

وهنّ سوام في الأزمّة كالإجل

قال السكري : أراد جوشا وحددا ، وهما جبلان في بلاد بني القين بن جسر شمالي الجناب نزلها تيم وحمل وغيرهما ؛ قال النابغة :

ساق الرّقيدات من جوش ومن جدد ،

وماش من رهط ربعيّ وحجّار

جدد : أرض لكلب ؛ عن الكلبي ؛ وقال أبو الطيب المتنبّي :

طردت من مصر أيديها بأرجلها ،

حتى مرقن بنا من جوش والعلم

وقيل في تفسير جوش والعلم : موضعان من حسمى على أربع ؛ وقرأت بخطّ ابن خلجان في شعر عدي ابن الرقاع بضم الجيم وذلك في قوله :

فشبحنا قناعا رعت الحياة

أو جوش فهي قعس نواء (١)

جمل ناو أي سمين ، وجمال نواء أي سمان ، وكذلك قرأت في شعر الراعي المقروء على أحمد بن يحيى حيث قال :

فلما حبا من خلفنا رمل عالج ،

وجوش بدت أعناقها ودجوج

جُوش : بالضم : من قرى طوس.

جُوَشُ : بفتح الواو ، بوزن صرد وجرذ : قرية من أعمال نيسابور بأسفرايين.

جَوْشَنُ : بالفتح ثم السكون ، وشين معجمة ، ونون ؛ والجوشن الصدر ، والجوشن الدرع ، وجوشن : جبل مطلّ على حلب في غربيّها ، في سفحه مقابر ومشاهد للشيعة ، وقد أكثر شعراء حلب من ذكره جدّا ؛ فقال منصور بن المسلم بن أبي الخرجين النحوي الحلبي من قصيدة :

عسى مورد من سفح جوشن ناقع ،

فإني إلى تلك الموارد ظمآن

وما كلّ ظنّ ظنّه المرء كائن ،

يحوم عليه للحقيقة برهان

وقرأت في ديوان شعر عبد الله بن محمد بن سعيد بن سنان الخفاجي عند قوله :

يا برق طالع من ثنيّة جوشن

حلبا ، وحيّ كريمة من أهلها

واسأله هل حمل النسيم تحيّة

منها ، فإنّ هبوبه من رسلها

ولقد رأيت ، فهل رأيت كوقفة

للبين يشفع هجرها في وصلها؟

ثم قال : جوشن جبل في غربي حلب ، ومنه كان يحمل النحاس الأحمر وهو معدنه ، ويقال : إنه بطل منذ عبر عليه سبي الحسين بن عليّ ، رضي الله عنه ، ونساؤه ، وكانت زوجة الحسين حاملا فأسقطت هناك فطلبت من الصّنّاع في ذلك الجبل خبزا وماء فشتموها ومنعوها ، فدعت عليهم ، فمن الآن من عمل فيه لا يربح ، وفي قبلي الجبل مشهد يعرف بمشهد السقط ويسمّى مشهد الدّكة ، والسقط يسمى محسن بن الحسين ، رضي الله عنه.

الجَوْشَنيَّةُ : بزيادة ياء النسبة ، والهاء : جبل للضباب قرب ضربة من أرض نجد.

__________________

(١) هذا البيت مختل الوزن وفيه تحريف جعله غامض المعنى.


جَوّ عَبْدُونَ : كورة كبيرة كثيرة النخل من نواحي البصرة على سمت الأهواز.

جُوغانُ : بالضم ثم السكون ، وغين معجمة ، وألف ، ونون ، قال أبو سعد : وأظنها من قرى جرجان ، منها أبو جعفر أحمد بن الحسن بن عليّ الجوغاني الجرجاني ، حدث عن نوح بن حبيب القومسي ، روى عنه أحمد بن الحسن بن سليمان الجرجاني.

الجَوْفاءُ : بالمدّ ، وفتح أوله : ماء لمعاوية وعوف ابني عامر بن ربيعة ، قال أبو عبيدة في تفسير قول غسّان بن ذهل حيث قال :

وقد كان في بقعاء ريّ لشأنكم ،

وقلعة ذي الجوفاء يجري غديرها

هذه مياه وأماكن لبني سليط حوالي اليمامة ، وقال الحفصي : جوفاء بني سدوس باليمامة وهي قلعة عظيمة.

جَوْفَرٌ : يضاف إليه ذو فيقال ذو جوفر : واد لبني محارب بن خصفة ، عن نصر ، وقال الأشعث بن زيد ابن شعيب الفزاري :

ألا ليت شعري! هل أبيتنّ ليلة

بحزن الصّفا تهفو عليّ جنوب

وهل آتينّ الحيّ شطر بيوتهم ،

بذي جوفر ، شيء عليّ عجيب

غداة ربيع أو عشيّة صيّف

لقريانها ، جنح الظّلام ، دبيب

جَوْفٌ : وهو المطمئن من الأرض ، درب الجوف : بالبصرة ، ينسب إليه حيّان الأعرج الجوفي ، حدث عن أبي الشعثاء جابر بن زيد ، روى عنه منصور بن زادان وغيره ، قاله عمرو بن عليّ القلّاس ، وأبو الشعثاء جابر بن زيد الجوفي يروي عن ابن عباس.

والجوف أيضا : أرض لبني سعد ، قال الأحيمر السعدي :

كفى حزنا أنّ الحمار بن جندل

عليّ ، بأكناف السّتار ، أمير

وأنّ ابن موسى بايع البقل بالنوى ،

له بين باب والستار خطير

وأنّي أرى وجه البغاة مقاتلا

أديرة يسدي أمرنا وينير

هنيئا لمحفوظ على ذات بيننا ،

ولابن لزاز مغنم وسرور

أناعيب يحويهنّ بالجرع الغضا ،

جعابيب فيها رثّة ودثور

خلا الجوف من قتّال سعد فما بها ،

لمستصرخ يدعو الثبور ، نصير

وجوف بهدا ، بفتح الباء الموحدة وسكون الهاء ودال مهملة مقصور ، وقد ذكر باليمامة : لبني امرئ القيس بن زيد مناة بن تميم ، عن ابن أبي حفصة.

وجوف طويلع بالتصغير ، وقد ذكر طويلع في موضعه ، قال جرير يذكر يوم الصّمد :

نحن الحماة غداة جوف طويلع ،

والضاربون بطخفة الجبّارا

والجوف : اسم واد في أرض عاد فيه ماء وشجر حماه رجل اسمه حمار بن طويلع كان له بنون فخرجوا يتصيدون فأصابتهم صاعقة فماتوا ، فكفر حمار كفرا عظيما وقال : لا أعبد ربّا فعل بي هذا الفعل! ثم دعا قومه إلى الكفر فمن عصى منهم قتله وقتل من مرّ به من الناس ، فأقبلت نار من أسفل الجوف فأحرقته ومن فيه وغاض ماؤه ، فضربت العرب به المثل وقالوا : أكفر من حمار وواد كجوف


الحمار وكجوف العير وأخرب من جوف حمار وأخلى من جوف حمار ، وقد أكثرت الشعراء من ذكره ، فمن ذلك قول بعضهم :

ولشوم البغي والغشم قديما

ما خلا جوف ولم يبق حمار

قال ذلك ابن الكلبي ، قال : وإنما عدل عند تسميته عن ذكر الحمار إلى ذكر العير في الشعر لأنه أخفّ عليهم وأسهل مخرجا ، وذلك نحو قول امرئ القيس :

وواد كجوف العير قفر قطعته

وقال غير ابن الكلبي : ليس حمار ههنا اسم رجل إنما هو الحمار بعينه ، واحتجّ بقول من يقول : أخلى من جوف الحمار لأن الحمار لا ينتفع بشيء مما في جوفه ولا يؤكل بل يرمى به ، وأنشد ابن الكلبي لفارس ميسان الكندي جاهلي :

ومرّت بجوف العير وهي حثيثة ،

وقد خلّفت بالأمس هجل الفراضم

تخاف من المصلى عدوّا مكاشحا ،

ودون بني المصلى هديد بن ظالم

وما إن بجوف العير من متلذذ ،

مسيرة يوم للمطيّ الرواسم

فهذا يقوّي قول أبي المنذر هشام بن محمد الكلبي ، قلت : ولله دره ما تنازع العلماء في شيء من أمور العرب إلا وكان قوله أقوى حجة وهو مع ذلك مظلوم وبالقوارص مكارم. والجوف أيضا : أرض مطمئنة أو خارجة في البحر في غربي الأندلس مشرفة على البحر المحيط. والجوف أيضا : من إقليم أكشونية من الأندلس. والجوف أيضا : من أرض مراد ، له ذكر في تفسير قوله عز وجل : (إِنَّا أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ) ، رواه الحميدي الجرف ورواه النّسفي الحول ، وهو فاسد ، وهو في أرض سبأ ، وقد ردّد فروة بن مسيك ذكره في شعره فقال :

فلو أن قومي أنطقتني رماحهم

نطقت ، ولكن الرماح أجرّت

شهدنا بأن الجوف كان لأمكم ،

فزال عقار الأم منها فعرّت

سيمنعكم يوم اللقاء فوارس

بطعن ، كأفواه المزاد اسبكرّت

قال أبو زياد : الجوف جوف المحوّرة ببلاد همدان ، ومراد مآبة القوم أيّ مبيت القوم حيث يبيتون ، ولعلّه الذي قبله. والجوف أيضا جوف الحميلة : موضع بأرض عمان فيه أهوت ناقة لسامة بن لؤي إلى عرفجة فانتشلتها وفيها حية فنفختها فرمت بها على ساق سامة فنهشته فمات ، وكان مرّ برجل من الأزد فأضافه فأحبته امرأته ، فأخذ سامة يوما عودا فاستاك به وألقاه ، فأخذته زوجة الأزدي فمصته فضربها زوجها فألقى سمّا في لبن ليقتله ، فلما تناول القدح ليشرب غمزته أن لا يفعل فأراقه ، فقالت امرأة الأزدي تذكر القصة وترثيه :

عين بكّي لسامة بن لؤيّ ،

حملت حتفه إليه الناقة

لا أرى مثل سامة بن لؤيّ ،

علقت ساق سامة العلّاقه

ربّ كأس هرقتها ابن لؤيّ

حذر الموت لم تكن مهراقه

وقيل : اسم الموضع الذي هلك به سامة بن لؤي جوّ.

الجَوْلانُ : بالفتح ثم السكون : قرية وقيل جبل من نواحي دمشق ثم من عمل حوران ، قال ابن دريد : يقال للجبل حارث الجولان ، وقيل : حارث قلّة


فيه ، قال النابغة :

بكى حارث الجولان من فقد ربه ،

وحوران منه موحش متضائل

وقال حسان :

هبلت أمهم ، وقد هبلتهم ،

يوم راحوا لحارث الجولان

وقال الراعي :

كذا حارث الجولان يبرق دونه

دساكر ، في أطرافهن ، بروج

جُوَكانُ : بالضم ثم الفتح ، وكاف ، وألف ، ونون : بليدة بفارس بينها وبين نوبندجان مرحلة ، منها أبو سعد عبد الرحمن بن محمد واسمه مأمون بن عليّ المتولي الفقيه ، وقال محمد بن عبد الملك الهمذاني : هو من أبيورد وتفقه ببخارى وكان مؤيد الملك بن نظام الملك قد ردّ إليه التدريس بمدرسة بغداد بعد أبي إسحاق الشيرازي ولقّبه شرف الأئمة ، وهو من أصحاب القاضي حسين المروزي ، وتمم كتاب الإبانة الذي ألفه الفوراني في عشرة مجلدات فصار أضعاف الإبانة في مجلدين ، ومات المتولي في شوال سنة ٤٧٨ ، وكان مولده سنة ٤٢٧.

جَوْلى : بوزن سكرى : موضع ، عن أبي الحسن المهلبي.

جَوْمَلُ : بالفتح ثم السكون ، وفتح الميم ، ولام : ناحية من نواحي الموصل ، وقنطرة جومل مذكورة في الأخبار.

الجُومَةُ : بالضم : من نواحي حلب. وجومة أيضا : مدينة بفارس ، وينسب بهذه النسبة عمر بن إسحاق ابن حماد الجومي ، سمع عبيد الله بن أحمد بن محمد ابن القاسم الحلبي السّرّاج.

الجَوْنان : تثنية الجون ، وهو الأسود ، والجون الأبيض ، وهو من الأضداد ، والجونان : قاعان أحمران يحقنان الماء ، قال جرير :

أتعرف أم أنكرت أطلال دمنة

بإثبيت فالجونين ، بال جديدها؟

وقيل : الجونان قرية من نواحي البحرين قرب عين محلّم دونها الكثيب الأحمر ، ومن أيام العرب يوم ظاهرة الجونين ، قال خراشة بن عمرو العبسي :

أبى الرسم بالجونين أن يتحولا ،

وقد زاد حولا بعد حول مكمّلا

وبدّل من ليلى بما قد تحلّه

نعاج الفلا ، ترعى الدخول فحوملا

ملمّعة بالشام سفع خدودها ،

كأنّ عليها سابريّا مذيّلا

جَوْنَبُ : آخره باء موحدة : موضع في شعر السيد الحميري.

الجَوْنُ : الذي ذكرنا أنه من الأضداد : جبل وقيل حصن باليمامة من بناء طسم وجديس ، قال المتلمس:

ألم تر أن الجون أصبح راسيا

تطيف به الأيام ما يتأيّس

عصى تبّعا ، أيام أهلكت القرى ،

يطان عليه بالصفيح ويكلس

جَوْنَةُ : بالهاء : اسم قرية بين مكة والطائف يقال لها الجونة ، وهي للأنصار.

جُونِيَةُ : بالضم ثم السكون ، وكسر النون ، وياء مخففة ، قال الحافظ أبو القاسم : جونية من أعمال طرابلس من ساحل دمشق ، حدث بها أحمد بن محمد ابن عبيد السلمي الجوني ، يروي عن إسماعيل بن حصن


ابن حسان القرشي الجبيلي والعباس بن الوليد بن مزيد ابن عمرو بن محمد بن يحيى العثماني بالمدينة والحسن بن سعيد بن مرزوق الحذّاء ، روى عنه الطبراني ومحمد ابن الوليد بن العباس البزاز العكّاوي بمدينة جونية ، قال الحافظ : ومحمد بن أحمد بن عمرو أبو الحسن البغدادي وقيل الواسطي البزاز نزيل جونية وإمامها وخطيبها ، حدث عن الحسن بن عليّ القطان وأبي بكر السراج.

الجَوُّ : بالفتح ، وتشديد الواو ، وهو في اللغة ما اتسع من الأودية ، قال بعضهم : خلا لك الجوّ فبيضي واصفري

وجوّ : اسم لناحية اليمامة ، وإنما سميت اليمامة بعد باليمامة الزرقاء في حديث طسم وجديس ، وقد ذكر في اليمامة ، قال جحدر اللّصّ :

وإنّ امرأ يعدو ، وحجر وراءه ،

وجوّ ولا يغزوهما لضعيف

إذا حلّة أبليتها ابتعت حلّة ،

كسانيها طوع القياد عليف

سعى العبد إثري ، ساعة ، ثم ردّه

تذكّر تنّور له ورغيف

وقال بعضهم :

تجانف عن جوّ اليمامة ناقتي ،

وما عدلت عن أهلها لسواكا

وجو الخضارم : باليمامة ، وجو الجوادة : باليمامة ، وجو سويقة وقد ذكرت فيما أضيف إليه جوّ ، وجوّ أثال ، وجو مرامر يقال لهما الجوّان ، وهما غائطان في بلاد بني عبس أحدهما على جادّة الطريق ، وجوّ : قرية بأجإ لبني ثعلبة بن درماء وزهير ، وفيها يقول شاعرهم :

وأجأ وجوّها فؤادها ،

إذا القنيّ كثر انخضادها ،

وصاح في حافاتها جذاذها (١)

قال : القنيّ جمع قنو ، وهي أعذاق النخل. وجذاذها : صرامها. وجوّ أيضا : أرض لبني ثعل بالجبلين ، قال امرؤ القيس :

تظلّ لبوني بين جوّ ومسطح ،

تراعي الفراخ الدارجات من الحجل

ولعلها التي قبلها. وجوّ برذعة : في طرف اليمامة في جوف الرمل نخل لبني نمير. وجو أوس : لبني نمير أيضا ، قال أبو زياد : وهذه الجواء لبني نمير في جوف الرمل وليس في قعرها رمل إنما الرمل محيط بها ، وربما كان سعة الجوّ فرسخا أو أقل من ذلك. وجوّ الضبيب ، تصغير ضبّ : لبني نمير أيضا فيه نخل ، وهو أوسع مما ذكرت لك وأضخم ومعهم فيه حلفاؤهم بنو وعلة بن جرم بن ربان. وجوّ الملا : موضع في أسفل الملا كان لبني يربوع فحلت عليها فيه بنو جذيمة ابن مالك بن نصر بن قعين بن أسد وذلك في أول الإسلام فانتزعته منهم ، ففي ذلك يقول الخنجر الجذمي :

ومن يتداع الجوّ بعد مناخنا ،

وأرماحنا يوم ابن ألية تجهل

وليس ليربوع ، وإن كلفت به ،

من الجوّ إلا طعم صاب وحنظل

وليس لهم ، بين الجناب مفازة

وزنقب ، إلا كلّ أجرد عنتل

وكلّ ردينيّ ، كأنّ كعوبه

نوى القسب عرّاص المهزّة منجل

__________________

(١) في هذا البيت إكفاء.


فما أصبح المرآن يفترطانه

زبيد ، ولا عمرو بحق مؤثّل

كأنهم ، ما بين ألية غدوة

وناصفة ، الغرّاء هدي محلّل

الغرّاء : جو في رأس ناصفة قويرة ، ثم وقعت الخصومة حتى صار لسعد بن سواءة وجذيمة بن مالك وخنجر من بني عمرو بن جذيمة.

الجَوَّةُ : بزيادة الهاء : من مياه عمرو بن كلاب بنجد ، كذا في كتاب أبي زياد وأخاف أن يكون الخوّة ، بالخاء ، والظاهر الجيم لأن تلك لبني أسد ، والله أعلم.

الجُوَّةُ : بالضم : قرية باليمن معروفة ، ينسب إليها أبو بكر عبد الملك بن محمد بن إبراهيم السكسكي الجوّي ، حدث بها عن أبي محمد القاسم بن محمد بن عبد الله الجمحي ، روى عنه أبو القاسم هبة الله بن عبد الوارث الشيرازي.

جُوهَةُ : بالضم ثم السكون ، وفتح الهاء الأولى : بليدة بالمغرب في أقصى إفريقية ، وهي قصبة كورة مجاورة لبلاد الجريد تسمى ورجلان.

جُوَيبَارُ : بضم الجيم ، وفتح الواو ، وسكون الياء تحتها نقطتان ، وباء موحدة ، وآخره راء ، في عدة مواضع ، منها : جويبار من قرى هراة ، قال أبو سعد : ينسب إليها الكذاب الخبيث أبو عليّ أحمد بن عبد الله بن خالد بن موسى بن فارس بن مرداس التيمي الجويباري الهروي ، يروي عن ابن عيينة ووكيع ، وقد ذكر في جوبار ، وجويبار أيضا : قرية من قرى سمرقند في ظنه ، ينسب إليها أبو عليّ الحسن بن عليّ ابن الحسن الجويباري السمرقندي ، روى عن عثمان ابن الحسن الهروي ، روى عنه داود بن عفان النيسابوري ، وداود متروك الحديث. وسكة جويبار : بمدينة نسف ، منها أبو بكر محمد بن السري يلقب جمّ ، شيخ صالح ، كان يغسل الموتى ، لقي محمد بن إسماعيل البخاري ، روى عن إبراهيم بن معقل وغيره ، سمع منه عبد الله بن أحمد بن محتاج. وجويبار : من قرى مرو ، منها عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي الفضل البوشنجي أبو الفضل الجويباري من قرية جويبار ، وقال أبو سعد : كان شيخا صالحا متميّزا من أهل الخير ، صحب أبا المظفر السمعاني يحضر درسه ، وسمع بقراءته أنا محمد عبد الله بن أحمد السمرقندي ، سمع منه كتاب شرف أصحاب الحديث لأبي بكر الخطيب ، سمع منه أبو سعد السمعاني ، ومولده في حدود سنة ٤٥٠ ، ومات بقرية جويبار في ذي الحجة سنة ٥٢٨.

الجَوِّيثُ : بالفتح ، وكسر الواو وتشديدها ، وياء ساكنة ، وثاء مثلثة : بلدة في شرقي دجلة البصرة العظمى مقابل الأبلّة ، وأهلها فرس ، ويقال لها جوّيث باروبة ، رأيتها غير مرة ، وبها أسواق وحشد كثير ، ينسب إليها أبو القاسم نصر بن بشر بن عليّ العراقي الجوّيثي ، ولي القضاء بها ، وكان فقيها شافعيّا فاضلا محققا مجوّدا مناظرا ، سمع أبا القاسم بن بشران ، روى عنه أبو البركات هبة الله بن المبارك السقطي ، ومات بالبصرة في ذي الحجة سنة ٤٧٧.

الجُوَيْثُ : بتخفيف الواو وفتحها : موضع بين بغداد وأوانا قرب البردان ، قال جحظة :

أسهرت للبرق الذي

باتت لوامعه منيرة

وذكرت إقبال الزما

ن عليك في الحال النضيره


أيّام عينك بالجي

ب وقربه عين قريره

أيام تجدي ، حيث كن

ت ، لعاشق كفّا منيرة

ما بين حانات الجوى

ث إلى المطيرة فالحظيره

فغدوت ، بعد جوارهم ،

متحيّرا في شرّ جيره

من باذل للعرض دو

ن البذل للصّلة اليسيرة

وبمخرق يصف السما

ح ، ونفسه نفس فقيره

ومن الكبائر ذلّ من

أضحت له نفس كبيره

جُوبِخَانُ : بالضم ثم الكسر ، وياء ساكنة ، وخاء معجمة ، وألف ، ونون : من قرى فارس في ظن أبي سعد ، منها أبو محمد الحسن بن عبد الواحد بن محمد الجويخاني الصوفي ، سمع ببغداد أبا الحسين بن بشران ، سمع منه أبو محمد عبد العزيز بن محمد النخشبي بسابور من أرض فارس.

جُوِيكُ : بالضم ، وكسر الواو ، وياء ساكنة ، وكاف : محلّة بنسف ، منها محمد بن حيدر بن الحسن الجويكي ، يروي عن محمد بن طالب وغيره.

جُوَيْمُ : بالضم ثم الفتح ، وياء ساكنة ، وميم : مدينة بفارس يقال لها جويم أبي أحمد ، سعة رستاقها عشرة فراسخ ، تحوطه الجبال ، كله نخيل وبساتين ، شربهم من القنيّ ولهم نهر صغير في جانب السوق ، منها أبو أحمد حجر بن أحمد الجويمي ، كان من أهل الفضل والإفضال ، مدحه أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد ، مات في سنة ٣٢٤ ؛ وأبو سعد محمد بن عبد الجبار المقري المعروف بالجويمي ، قرأ القرآن بالروايات على أبي طاهر بن سوّار ، قرأ عليه محاسن بن محمد بن عبدان المعروف بابن ضجة المقري ، وأبو عبد الله محمد بن إبراهيم الجويمي ، حدث عن أبي الحسن بن جهضم ، روى عنه أبو الحسن عليّ بن مفرّح الصقلي ، وأبو بكر عبد العزيز بن عمر بن عليّ الجويمي ، روى عن بشر بن معروف بن بشر الأصبهاني ، روى عنه أبو الحسن عليّ بن بشر الليثي السجزي ، سمع منه بالنوبندجان.

جُوَيْنُ : اسم كورة جليلة نزهة على طريق القوافل من بسطام إلى نيسابور ، تسميها أهل خراسان كويان فعرّبت فقيل جوين ، حدودها متصلة بحدود بيهق من جهة القبلة وبحدود جاجرم من جهة الشمال ، وقصبتها أزاذوار ، وهي في أول هذه الكورة من جهة الغرب ، رأيتها ، وقال أبو القاسم البيهقي : من قال جوين فإنه اسم بعض أمرائها سميت به ، ومن قال كويان نسبها إلى كوي ، وهي تشتمل على مائة وتسع وثمانين قرية ، وجميع قراها متصلة كلّ واحدة بالأخرى ، وهي كورة مستطيلة بين جبلين في فضاء رحب ، وقد قسم ذلك الفضاء نصفين فبني في نصفه الشمالي القرى واحدة إلى جنب الأخرى آخذة من الشرق إلى الغرب وليس فيها واحدة معترضة ، واستخرج من نصفه الجنوبي قنيّ تسقي القرى التي ذكرنا ، وليس في نصفه هذا ، أعني الجنوبي ، عمارة قط ، وبين هذه الكورة ونيسابور نحو عشرة فراسخ ، وينسب إلى جوين خلق كثير من الأئمة والعلماء ، منهم : موسى بن العباس بن محمد أبو عمران الجويني النيسابوري أجد الرّحالين ، سمع بدمشق أبا بكر محمد بن عبد الرحمن بن الأشعث


وأبا زرعة البصري وغيرهما ، وبمصر سليمان بن أشعث ومحمد بن عزيز ، وبالكوفة أحمد بن حازم ، وبالرملة حميد بن عامر ، وبمكة محمد بن إسماعيل بن سالم وأبا زرعة وأبا حاتم الرازيّين وغير هؤلاء ، روى عنه الحسن ابن سفيان وأبو عليّ وأبو أحمد الحافظان الحاكمان وغير هؤلاء كثير ، قال أبو عبد الله الحاكم وكان يسكن قرية أزاذوار قصبة جوين قال : وهو من أعيان الرحالة في طلب الحديث ، صحب أبا زكرياء الأعرج بمصر والشام وكتب بانتخابه ، وهو حسن الحديث بمرة ، وصنف على كتاب مسلم بن الحجاج ، ومات بجوين سنة ٣٢٣ ، وأبو محمد عبد الله بن يوسف الجويني إمام عصره بنيسابور والد أبي المعالي الجويني ، تفقه على أبي الطيب سهل بن محمد الصعلوكي وقدم مرو قصدا لأبي بكر عبد الله بن أحمد القفال المروزي ، فتفقه به وسمع منه وقرأ الأدب على والده يوسف الأديب بجوين وبرع في الفقه وصنف فيه التصانيف المفيدة وشرح المزني شرحا شافيا ، وكان ورعا دائم العبادة شديد الاحتياط مبالغا فيه ، سمع أستاذيه أبا عبد الرحمن السلمي وأبا محمد ابن بابويه الأصبهاني ، وببغداد أبا الحسن محمد بن الحسين بن الفضل بن نظيف الفراء وغيرهم ، روى عنه سهل بن إبراهيم أبو القاسم السجزي ، ولم يحدث أحد عنه سواه ، والله أعلم ، ومات بنيسابور سنة ٤٣٤ ، وأخوه أبو الحسن عليّ بن يوسف الجويني المعروف بشيخ الحجاز ، وكان صوفيّا لطيفا ظريفا فاضلا مشتغلا بالعلم والحديث ، صنف كتابا في علوم الصوفية مرتبا مبوّبا سماه كتاب السلوة ، سمع شيوخ أخيه ، وسمع أيضا أبا نعيم عبد الملك بن الحسن الأسفراييني بنيسابور ، وبمصر أبا محمد عبد الرحمن بن عمر النحاس ، روى عنه زاهر ورجب ابنا طاهر الشحّاميان ، ومات بنيسابور سنة ٤٦٣ ، والإمام حقّا أبو المعالي عبد الملك بن أبي محمد عبد الله بن يوسف بن عبد الله بن يوسف الجريني إمام الحرمين ، أشهر من علم في رأسه نار ، سمع الحديث من أبي بكر أحمد بن محمد بن الحارث الأصبهاني التميمي ، وكان قليل الرواية معرضا عن الحديث ، وصنف التصانيف المشهورة نحو نهاية المطلب في مذهب الشافعي والشامل في أصول الدين على مذهب الأشعري والإرشاد وغير ذلك ، ومات بنيسابور في شهر ربيع الآخر سنة ٤٧٨ ، وينسب إليها غير هؤلاء.

وجوين أيضا : من قرى سرخس ، منها أبو المعالي محمد بن الحسن بن عبد الله بن الحسن الجويني السرخسي ، إمام فاضل ورع ، تفقّه على أبي بكر محمد بن أحمد وأبي الحسن عليّ بن عبد الله الشّرمقاني وسمع منهما الحديث ، ومن منبّه بن محمد بن أحمد أبي وهب وغيرهم ، ذكره في الفيصل ولم يذكره أبو سعد.

الجُوَيُّ : تصغير الجوّ : موضع من الشباك على ضحوة غربي واقصة وصبيب على ميلين من الجوي ، وفيه شعر يذكر في الحومان ، وقيل : الجوي جبل لأبي بكر بن كلاب ، وقال نصر : الجوي جبيل نجديّ عنده الماءة التي يقال لها الفالق.

باب الجيم والهاء وما يليهما

جِهَارُ : بالكسر ، وآخره راء : اسم صنم كان لهوازن بعكاظ ، وكانت سدنته آل عوف النصريين ، وكانت محارب معهم ، وكان في سفح أطحل ، قال ذلك ابن حبيب.

جِهَار سُوج : يعرف بجهار سوج الهيثم بن معاوية من القوّاد الخراسانية ، وهي كلمة فارسية ، قال ذلك ابن حبيب : وهي من محالّ بغداد في قبلة الحربية ،


خرب ما حولها من المحالّ وبقيت هي والنصريّة والعتّابيّون ودار القزّ متّصلة بعضها ببعض كالمدينة المفردة في آخر خراب بغداد ، يعمل في هذه المحالّ في أيامنا هذه الكاغد.

جَهْرَانُ : من مخاليف اليمن قريب من صنعاء ، وقد ذكر في المخاليف من هذا الكتاب.

جَهْجُوهُ : يجوز أن يكون من قولهم جهجهت بالسبع أي صحت به ليكفّ عنّي ، ويقال : تجهجه عنّي أي انته ، ويوم جهجوه لبني تميم : موضع كانت لهم فيه وقعة.

جَهْرَمُ : بالفتح ثم السكون ، وفتح الراء ، وميم : اسم مدينة بفارس يعمل فيها بسط فاخرة ، قال الزيادي : ويقال للبساط نفسه جهرم ، وأنشد لرؤبة :

بل بلد ملء الفجاج قتمه ،

لا يشترى كتّانه وجهرمه

ويجوز أن يراد بجهرمه في البيت الجنس كروميّ وروم ، والبيت على حذف مضاف ، أي ومنتهى جهرمه ، وبين شيراز وجهرم ثلاثون فرسخا ، ينسب إليها أبو عبيدة عبد الله بن محمد بن زياد الجهرمي ، حدث عن حفص بن عمرو الرّمّاني ، ذكره أبو العباس أحمد بن محمد الطيراني وذكر أنه سمع منه بجهرم.

الجَهْضمية : بالفتح ، والضاد معجمة : من مياه أبي بكر بن كلاب ، عن أبي زياد.

جَهُوذَانَك : بالفتح ثم الضم ، وسكون الواو ، وذال معجمة ، وألف ، ونون ، وكاف ، وهي جهوذان الصغرى ، لأن الكاف في آخر الكلمة عند العجم بمنزلة التصغير : من قرى بلخ ، منها كان أبو شهيد بن الحسين البلخي الورّاق المتكلم ، ولد هو ببلخ لأن أباه انتقل إلى بلخ ، وكان أبو شهيد أديبا شاعرا متكلما له فضائل ، وكان في عصر أبي زياد الكعبي ، وقد ذكرته في الأدباء.

جَهُوذَانُ : ويقال لها جهوذان الكبرى ثم عرفت بميمنة : من قرى بلخ أيضا ، ومعنى جهوذان بالفارسية اليهودية ، ولهذا فيما أحسب عدلوا عن جهوذان وسموها ميمنة.

جَهْوَرُ : موضع في شعر سلمى بن المقعد الهذلي :

ولو لا اتّقاء الله حين ادّخلتم

لكم صرط بين الكحيل وجهور ،

لأرسلت فيكم كلّ سيد سميدع ،

أخي ثقة في كلّ يوم مذكّر

جُهَينَةُ : بلفظ التصغير ، وهو علم مرتجل في اسم أبي قبيلة من قضاعة : وسمي به قرية كبيرة من نواحي الموصل على دجلة ، وهي أول منزل لمن يريد بغداد من الموصل ، وعندها مرج يقال له مرج جهينة ، له ذكر ، ينسب إلى القرية أبو عبد الله الحسين بن نصر ابن محمد بن الحسين بن القاسم بن خميس بن عامر الكعبي المعروف بتاج الإسلام ابن خميس ، شيخ الموصل في زمانه ، ولد بالموصل سنة ٤٦٦ ، وسمع بها الحديث ورحل إلى بغداد وسمع بها من القاضي أبي بكر الشامي وأبي الفوارس بن طراز الزينبي وغيرهما ، وصحب أبا حامد الغزّالي ، وكان فقيها على مذهب الشافعي ، وولّي القضاء برحبة مالك بن طوق مدّة ثم رجع إلى الموصل فمات بها في شهر ربيع الآخر سنة ٥٥٢ ، وقد صنف كتبا ، ومنها أيضا أبو الفرج مجلى بن الفضل بن حصين الجهني التاجر الموصلي ، روى


عن أبي عليّ نصر الله بن أحمد بن عثمان الخشنامي وأبي شجاع محمد بن سعدان المقاريضي الشيرازي وأبي عمر ظفر بن إبراهيم الخلّالي ، قال في الفيصل : حدثونا عنه ، وقال الحافظ أبو القاسم : كتبت عنه وكان يقول شعرا. وجهينة أيضا : قلعة بطبرستان حصينة مكينة عالية في السحاب.

باب الجيم والياء وما يليهما

جِيَادُ : جمع جيّد ، وهي لغة في أجياد المقدّم ذكره ، قال الأديب أبو بكر العبدي :

يا محيّا نور الصباح البادي ،

ونسيم الرياض غبّ الغوادي

حيّ أحبابنا بمكة ما بى

ن نواحي الصفا ، وبين جياد

الجِيَارُ : بالكسر ، وما أظنه إلا مرتجلا : موضع من أرض خيبر ، عن الزمخشري.

جَيَّارُ : بالفتح ثم التشديد ، وهي في اللغة الجصّ والصاروج ، وهي أيضا حرّ في الصدر : وهو موضع بالبحرين كان عنده مقتل الحطم واسمه شريح بن ضبيعة بن شرحبيل بن عمرو بن مرثد بن سعد بن مالك بن ضبيعة بن قيس بن ثعلبة لما ارتدّ بكر بن وائل في أيام أبي بكر ، رضي الله عنه.

جِيَاسَر : بتخفيف ثانيه ، والسين مهملة : من قرى مرو ويقال لها سر يكباره فعرّب فقيل جياسر ، كذا في كتاب أبي سعد ، منها أبو الخليل عبد السلام بن الخليل المروزي الجياسري ، تابعيّ أدرك أنس بن مالك ، روى عنه زيد بن الحباب.

الجِيَاف : بالكسر ، وآخره فاء : ماء على يسار طريق الحاجّ من الكوفة.

جَيّانُ : بالفتح ثم التشديد ، وآخره نون : مدينة لها كورة واسعة بالأندلس تتصل بكورة البيرة مائلة عن البيرة إلى ناحية الجوف في شرقي قرطبة ، بينها وبين قرطبة سبعة عشر فرسخا ، وهي كورة كبيرة تجمع قرى كثيرة وبلدانا تذكر مرتبة في مواضعها من هذا الكتاب ، وكورتها متصلة بكورة تدمير وكورة طليطلة ، وينسب إليها جماعة وافرة ، منهم : الحسين بن محمد بن أحمد الغسّاني ويعرف بالجيّاني وليس منها إنما نزلها أبوه في الفتنة وأصلهم من الزهراء ، روى عن أعيان أهل الأندلس ، وكان رئيس المحدّثين بقرطبة ومن جهابذتهم وكبار المحدثين والعلماء والمسندين ، وله بصر في اللغة والإعراب ومعرفة بالأنساب ، جمع من ذلك ما لم يجمعه أحد ، ورحل الناس إليه ، وجمع كتابا في رجال الصحيحين وسماه تقييد المهمل وتمييز المشكل ؛ وكان إذا رأى أصحاب الحديث قال :

أهلا وسهلا بالذين أحبّهم

وأودّهم في الله ذي الآلاء

أهلا بقوم صالحين ذوي تقى ،

غرّ الوجوه وزين كلّ ملاء

يا طالبي علم النبيّ محمد!

ما أنتم وسواكم بسواء

ولزم بيته قبل موته مدّة لزمانة لحقته ، وكان مولده في محرم سنة ٤٢٧ ، وتوفي لاثنتي عشرة ليلة خلت من شعبان سنة ٤٩٨ ، قال ذلك ابن بشكوال ، ومن المتأخرين أبو الحجاج يوسف بن محمد بن فاروا الجياني الأندلسي ، سمع الكثير ورحل إلى المشرق وبلغ خراسان وأقام ببلخ ، وكان ديّنا خيّرا ، ولد بجيّان سنة ٤٩٩ ، ومات ببلخ سنة ٥٤٥ ، وغيرهما كثير. وجيّان أيضا : من قرى أصبهان ، قال لي


الحافظ أبو عبد الله بن النّجّار : جيّان من قرى أصبهان ثم من كورة قهاب كبيرة ، عندها مشهد مشهور يعرف بمشهد سلمان الفارسي ، رضي الله عنه ، يقصد ويزار ، قال : ودخلتها وزرت المشهد بها ، وذكر هبة الله بن عبد الوارث الشيرازي فيما نقلته أن سلمان الفارسي عاد إلى أصبهان لما فتحت وبنى مسجدا بقريته جيّان وهو معروف إلى الآن ، وينسب إلى جيّان أصبهان أبو الهيثم طلحة بن الأعلم الحنفي الجيّاني ، روى عن الشعبي ، روى عنه الثوري.

الجِيبُ : بالكسر ، وآخره باء موحدة : حصنان يقال لهما الجيب الفوقاني والجيب التحتاني بين بيت المقدس ونابلس من أعمال فلسطين ، وهما متقاربان.

جِيجَلُ : بكسر الجيم الأولى ، وفتح الثانية ، بينهما ياء ساكنة ، وآخره لام : موضع.

جَيْحَانُ : بالفتح ثم السكون ، والحاء مهملة ، وألف ، ونون : نهر بالمصيصة بالثغر الشامي ومخرجه من بلاد الروم ويمرّ حتى يصبّ بمدينة تعرف بكفربيّا بإزاء المصيصة ، وعليه عند المصيصة قنطرة من حجارة روميّة عجيبة قديمة عريضة ، فيدخل منها إلى المصيصة وينفذ منها فيمتدّ أربعة أميال ثم يصب في بحر الشام ، قال أبو الطيب :

سريت إلى جيحان ، من أرض آمد ،

ثلاثا ، لقد أدناك ركض ، وأبعدا

وقال عدي بن الرقاع العاملي :

فبتّ ألهّى في المنام بما أرى ،

وفي الشيب عن بعض البطالة زاجر

بساجية العينين خود يلذّها ،

إذا طرق الليل ، الضّجيع المباشر

كأنّ ثناياها بنات سحابة ،

سقاهنّ شؤبوب من الليل باكر

فهنّ معا أو أقحوان بروضة

تعاوره صوبان : طلّ وماطر

فقلت لها : كيف اهتديت ودوننا

دلوك وأشراف الجبال القواهر

وجيحان جيحان الملوك وآلس

وحزن خزازى والشعوب القواسر

جَيْحُونُ : بالفتح ، وهو اسم أعجميّ ، وقد تعسّف بعضهم فقال : هو من جاحه إذا استأصله ، ومنه الخطوب الجوائح ، سمي بذلك لاجتياحه الأرضين ، قال حمزة : أصل اسم جيحون بالفارسية هرون ، وهو اسم وادي خراسان على وسط مدينة يقال لها جيهان فنسبه الناس إليها وقالوا جيحون على عادتهم في قلب الألفاظ ، وقال ابن الفقيه : يجيء جيحون من موضع يقال له ريوساران ، وهو جبل يتصل بناحية السند والهند وكابل ، ومنه عين تخرج من موضع يقال له عندميس ، وقال الإصطخري : فأما جيحون فإن عموده نهر يعرف بجرياب يخرج من بلاد وخّاب من حدود بذخشان وينضم إليه أنهار في حدود الختل ووخش فيصير من تلك الأنهار هذا النهر العظيم وينضم إليه نهر يلي جرياب يسمى بأخش ، وهو نهر هلبك مدينة الختّل ، ويليه نهر بربان والثالث نهر فارعي والرابع نهر أنديخارع والخامس نهر وخشاب ، وهو أغزر هذه الأنهار ، فتجتمع هذه الأنهار قبل أن تجتمع مع وخشاب وقبل القواديان ثم ترتفع إليه بعد ذلك أنهار البتّم وغيره ، ومنها أنهار الصغانيان وأنهار القواديان فتجتمع كلها وتقع إلى جيحون بقرب القواديان ، وماء وخشاب يخرج من بلاد الترك حتى


يظهر في أرض وخش ويسير في جبل هناك حتى يعبر قنطرة ، ولا يعلم ماء في كثرته يضيق مثل ضيقه في هذا الموضع ، وهذه القنطرة هي الحد بين الختّل وواشجرد ، ثم يجري هذا الوادي في حدود بلخ إلى التّرمذ ثم يمرّ على كألف ثم على زمّ ثم آمل ثم درغان ، وهي أول أرض خوارزم ، ثم الكاث ثم الجرجانية مدينة خوارزم ، ولا ينتفع بهذا النهر من هذه البلاد التي يمرّ بها إلّا خوارزم لأنه يستقبل عنها ، ثم ينحدر من خوارزم حتى ينصب في بحيرة تعرف ببحيرة خوارزم ، وهي بحيرة بينها وبين خوارزم ستة أيام ، وهو في موضع أعرض من دجلة ، وقد شاهدته وركبت فيه ورأيته جامدا ، وكيفية جموده أنه إذا اشتدّ البرد وقوي كلبه جمد أوّلا قطعا ثم تسري تلك القطع على وجه الماء فكلما ماسّت واحدة الأخرى التصقت بها ولا تزال تعظم حتى يعود جيحون كله قطعة واحدة ، ولا يزال ذلك الجامد يثخن حتى يصير ثخنه نحو خمسة أشبار وباقي الماء تحته جار ، فيحفر أهل خوارزم فيه آبارا بالمعاول حتى يخرقوه إلى الماء الجاري ثم يستقوا منه الماء لشربهم ويحملوه في الجرار إلى منازلهم فلا يصل إلى المنزل إلّا وقد جمد نصفه في بواطن الجرّة ، فإذا استحكم جمود هذا النهر عبرت عليه القوافل والعجل بالبقر ، ولا يبقى بينه وبين الأرض فرق حتى رأيت الغبار يتطاير عليه كما يكون في البوادي ، ويبقى على ذلك نحو شهرين فإذا انكسرت سورة البرد تقطّع قطعا كما بدأ في أول مرة إلى أن يعود إلى حالته الأولى ، وتظلّ السفن في مدة جماده ناشبة فيه لا حيلة لهم في اقتلاعها منه إلى أن يذوب ، وأكثر الناس يبادرون برفعها إلى البر قبل الجماد ، وهو يسمى نهر بلخ مجازا لأنه يمر بأعمالها ، فأما مدينة بلخ فإن أقرب موضع منه إليها مسيرة اثني عشر فرسخا.

جِيخَنُ : بالكسر ثم السكون ، وفتح الخاء المعجمة ، ونون : من قرى مرو على أربعة فراسخ منها ؛ ينسب إليها أبو عبد الله محمد بن أحمد بن الحسن المعلم الجيخني الخلّال ، شيخ صالح ، سمع أبا المظفر السمعاني ، سمع منه أبو سعد وأبو القاسم الدمشقي وقال : توفي سنة ٥٣٩.

الجَيْدُورُ : بالفتح ثم السكون ، وضم الدال ، وسكون الواو ، وراء : كورة من نواحي دمشق فيها قرى ، وهي في شمالي حوران ، ويقال : إنها والجولان كورة واحدة.

جَيْدَةُ : موضع بالحجاز ، قال ابن السكيت : وقد رواه بعضهم حيدة ، وهو تصحيف ؛ قال كثيّر :

ومرّ فأروى ينبعا فجنوبه ،

وقد جيد منه جيدة فعباثر

جِيذَا : بالكسر ، والذال معجمة ، مقصور : من قرى واسط ؛ منها إبراهيم بن ثابت الجيذاني ، روى عنه بخشل في تاريخه عن هشام بن حجاج عن عطاء ، وكان يسكن جيذا ، وبها مات سنة ٢٣٣.

جِيرَاخَشْت : بالكسر ثم السكون ، وراء ، وألف ، وخاء معجمة مفتوحة ، وشين معجمة ساكنة ، والتاء فوقها نقطتان : من قرى بخارى ؛ منها أبو مسلم عمر بن علي بن أحمد بن الليث البخاري الليثي الجيراخشتي أحد حفّاظ الحديث ، رحل في طلبه إلى بغداد وغيرها ، سمع أبا عثمان الصابوني وعبد الغافر الفارسي ، روى عنه أبو عبد الله الحسين بن عبد الملك الخلّال وغيره ، وتوفي بكور الأهواز سنة ٤٦٦.

جَيْران : بالفتح ثم السكون ، وراء ، وألف ، ونون : قرية بينها وبين مدينة أصبهان فرسخان ؛ ينسب إليها


محمد بن إبراهيم الجيراني ، روى عن بكر بن بكار ، آخر من حدّث عنه أبو بكر العبّاب الأصبهاني ، وأبو العباس أحمد بن محمد بن سهل بن المبارك المعدّل البزّاز الجيراني ثقة يعرف بممجة ، يروي عن محمد بن سليمان لوين وغيره ، روى عنه محمد بن أحمد بن إبراهيم الأصبهاني ، وتوفي سنة ٣٠٦ ، وغيره.

جِيران : بالكسر ، قال نصر : جيران ، بكسر الجيم ، جزيرة في البحر بين البصرة وسيراف قدرها نصف ميل في مثله ، وقيل : جيران صقع من أعمال سيراف بينها وبين عمان.

جَيّر : بالفتح ، وتشديد ثانيه ، كورة من كور مصر الجنوبية.

جِيرَفْت : بالكسر ثم السكون ، وفتح الراء ، وسكون الفاء ، وتاء فوقها نقطتان : مدينة بكرمان في الإقليم الثالث ، طولها ثمان وثمانون درجة ، وعرضها إحدى وثلاثون درجة ونصف وربع ، وهي مدينة كبيرة جليلة من أعيان مدن كرمان وأنزهها وأوسعها ، بها خيرات ونخل كثير وفواكه ، ولهم نهر يتخلل البلد إلا أن حرّها شديد ؛ قال الإصطخري : ولهم سنّة حسنة لا يرفعون من تمورهم ما أسقطته الريح بل هو للصعاليك ، وربما كثرت الرياح فيصير إلى الفقراء من التمور في التقاطهم إياها أكثر مما يصير إلى الأرباب ، قال : والتمر بها كثير وربما بلغ بها وبجرومها كلّ مائة منّ بدرهم ؛ وفتحت جيرفت في أيام عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، وأمير المسلمين سهيل بن عدي ، وهو القائل في ذلك :

ولم تر عيني مثل يوم رأيته ،

بجيرفت من كرمان ، أدهى وأمقرا

أردّ على الجلّى ، وإن دار دهرهم ،

وأكرم منهم في اللقاء وأصبرا

وقال كعب الأشقري شاعر المهلب في حروب الأزارقة :

نجا قطريّ ، والرماح تنوشه ،

على سابح نهد التّليل مقرّع

يلفّ به السّاقين ركضا ، وقد بدا

لأسناعه يوم من الشرّ أشنع

وأسلم في جيرفت أشراف جنده ،

إذا ما بدا قرن من الباب يقرع

وينسب إليها جماعة من العلماء ، منهم : أبو الحسن أحمد بن عمر بن عليّ بن إبراهيم بن إسحاق الجيرفتي ، حدث بشيراز عن أبي عبيد الله محمد بن علي بن الحسين ابن أحمد الأنماطي ، سمع منه أبو القاسم هبة الله بن عبد الوارث الشيرازي ؛ وقال الرّهني : وبجيرفت ناس من الأزد ثم من المهالبة ، منهم محمد بن هارون النّسّابة أعلم خلق الله تعالى بأنساب الناس وأيامهم ، قال : ورأيته شيخا همّا طاعنا في السن ، وكان أعلم من رأيت بنسب نزار واليمن ، وكان مفرطا في التشيّع ، وكان له ابنان عبد الله وعبد العزيز ، فنظر عبد العزيز في الطب فحسن عمله فيه وألطف النظر من غير تقليد وألّف فيه تآليف.

جِيرَمَزْدانُ : بالكسر ثم السكون ، وفتح الراء والميم ، وسكون الزاي ، ودال مهملة ، وألف ، ونون : من قرى مرو ؛ منها أبو الحسن عليّ بن أحمد ابن يحيى الجيرمزداني ، كان إماما عالما زاهدا ، سمع أحمد بن محمد بن الحسن الزاهد ، روى عنه حفيد ابنته أبو الحسن الصوفي المروزي.


جَيْرَمُ : بالفتح : قيل هو اسم الكهف الذي كان فيه أصحاب الكهف.

جِيرَنج : بالكسر ، وبعد الراء المفتوحة نون ساكنة ، وجيم : بليدة من نواحي مرو على نهرها ذات جانبين ، وعلى نهرها قنطرة عظيمة عليها بعض أسواقها ، ورأيتها في سنة ٦١٦ قبل ورود التتر ، وهي أعمر شيء وأنبله ، فيها الدور العالية والمنازل النفيسة والأسواق الكبيرة العامرة والأهل المزدحمون ، بينها وبين مرو عشرة فراسخ في طريق هراة ومرو الروذ وبنج ده ، ينسب إليها جماعة وافرة من العلماء ، منهم : أبو بكر أحمد بن محمد الجيرنجي ، حدث ببغداد عن عبد الله ابن علي الكرماني ، روى عنه أبو الحسن بن البوّاب.

جِيرْنَخْجير : بعد الراء نون ثم خاء معجمة ساكنة ، وجيم مكسورة ، وياء ساكنة ، وراء : من قرى مرو أيضا إلا أنها خربت منذ زمان قديم ، وأحسبها شيرنخشير المذكورة في بابها.

جَيْرُوتُ : بالفتح ، وآخره تاء فوقها نقطتان : من بلاد مهرة في أقصى أرض قضاعة ، لها ذكر في حديث الرّدّة.

جَيْرُونُ : بالفتح ، قال ابن الفقيه : ومن بنائهم جيرون عند باب دمشق من بناء سليمان بن داود ، عليه السلام ، يقال : إن الشياطين بنته ، وهي سقيفة مستطيلة على عمد وسقائف وحولها مدينة تطيف بها ، قال : واسم الشيطان الذي بناه جيرون فسمّي به ، وقيل : إن أول من بنى دمشق جيرون بن سعد بن عاد بن إرم ابن سام بن نوح ، عليه السلام ، وبه سمّي باب جيرون وسميت المدينة إرم ذات العماد ، وقيل : إن الملك لما تحول إلى ولد عاد نزل جيرون بن عاد في موضع دمشق فبناها ، وبه سمّي باب جيرون ، وقال آخر من أهل السير : إن حصن جيرون بدمشق بناه رجل من الجبابرة يقال له جيرون في الزمن القديم ثم بنته الصابة بعد ذلك وبنت داخله بناء لبعض الكواكب يقال إنه المشتري ، ولباقي الكواكب أبنية عظام في أماكن مختلفة متفرقة بدمشق ، ثم بنت النصارى الجامع ، وقال أبو عبيدة : جيرون عمود عليه صومعة ، هذا قولهم ، والمعروف اليوم أن بابا من أبواب الجامع بدمشق ، وهو بابه الشرقي ، يقال له باب جيرون ، وفيه فوّارة ينزل عليها بدرج كثيرة في حوض من رخام وقبّة خشب يعلو ماؤها نحو الرمح ، وقال قوم : جيرون هي دمشق نفسها ، وقال الغوري : جيرون قرية الجبابرة في أرض كنعان ، وقد أكثر الشعراء القدماء والمحدثون من ذكره ، وقد نسب إليه بعض الرواة ، منهم : هبة الله بن أحمد بن عبد الله بن علي ابن طاووس المقري الجيروني إمام جامع دمشق ، كان ثقة ، رحل إلى العراق وأصبهان في طلب الحديث ، سمع أبا الحسين عاصم بن الحسن العاصمي وأبا القاسم علي بن محمد بن علي المصيصي ، ذكره أبو سعد في شيوخه ، ومات في محرم سنة ٥٣٦ ، ومولده سنة ٤٦٢.

جَيِّرَةُ : بفتح أوله ، وتشديد ثانيه وكسره ، والراء : موضع بالحجاز في ديار كنانة وقيل على ساحل مكة.

جِيزَاباذُ : بالكسر ثم السكون ، وزاي ، وألف ، وباء موحدة ، وألف ، وذال معجمة ، أو راء : أحسبها محلة بنيسابور ، منها أحمد بن إسماعيل بن أبي سعد عبد الحميد بن محمد الجيزاباذي أو الجيراباذي أبو الفضل العطّار الصّيدلاني ، ويقال : أبو عبد الله من أهل نيسابور من بيت الحديث ، سمع أبا بكر أحمد ابن علي بن خلف الشيرازي وأبا محمد الحسن بن أحمد السمرقندي ، ذكره في التحبير.


الجِيزَةُ : بالكسر ، والجيزة في لغة العرب الوادي أو أفضل موضع فيه ، كله عن أبي زياد ، والجيزة : بليدة في غربي فسطاط مصر قبالتها ، ولها كورة كبيرة واسعة ، وهي من أفضل كور مصر ، قال أهل السير : لما ملك عمرو بن العاص الإسكندرية ورجع إلى الفسطاط جعل طائفة من جيشه بالجيزة خوفا من عدوّ يغشاهم في تلك الناحية فجعل بها آل ذي أصبح من حمير وهمدان وآل رعين وطائفة من الأزد بن الحجر وطائفة من الحبشة ، فلما استقر عمرو بالفسطاط وأمن أمرهم بانضمامهم إليه فكرهوا ذلك ، فكتب بخبرهم إلى عمر بن الخطّاب فأمره أن يبني لهم حصنا إن كرهوا الانضمام إليه ، فكرهوا بناء الحصن أيضا وقالوا : حصوننا سيوفنا ، فاختطوا بالجيزة خططا معروفة بهم إلى الآن ، وقد نسب إليها قوم من العلماء ، منهم : الربيع بن سليمان بن داود الجيزي ويكنى أبا محمد ويعرف بالأعرج ، روى عن أسد بن موسى وعبد الله بن عبد الحكم وكان ثقة ، مات في ذي الحجة سنة ٢٥٦ ، وابنه أبو عبد الله محمد بن الربيع بن سليمان ، روى عن أبيه وعن الربيع بن سليمان المرادي ، وكان مقدّما في شهود مصر ، شهد عند أبي عبيد على ابن الحسين بن حرب وغيره ، وأبو يوسف يعقوب بن إسحاق الجيزي ، روى عن مؤمّل ابن إسماعيل وغيره.

جَيْشَانُ : بالفتح ثم السكون ، وشين معجمة ، وألف ، ونون ، مخلاف جيشان : باليمن كان ينزلها جيشان بن غيدان بن حجر بن ذي رعين واسمه يريم بن زيد ابن سهل بن عمرو بن قيس بن معاوية بن جشم بن عبد شمس بن وائل بن الغوث بن قطن بن زهير بن أيمن بن الهميسع بن حمير فسميت به ، وهي مدينة وكورة ينسب إليها الخمر السود ، قال عبيد :

عليهنّ جيشانيّة ذات أعسال

أي خطوط ووشي ، وقال الكلبي : وبها تعمل الأقداح الجيشانيّة ، ينسب إليها إسماعيل بن محمد الجيشاني ، حدث عن إبراهيم بن محمد قاضي الجند ، سمع منه جعفر بن محمد بن موسى النيسابوري بجيشان ، وقالت أمّ صريع الكندية :

هوت أمّهم! ما ذا بهم ، يوم صرّعوا

بجيشان ، من أسباب مجد تصرّما!

أبوا أن يفرّوا والقنا في صدورهم ،

وأن يرتقوا ، من خشية الموت ، سلّما

ولو أنهم فرّوا لكانوا أعزّة ،

ولكن رأوا صبرا على الموت أكرما

وقيل : جيشان ملّاحة باليمن. وجيشان أيضا : خطة بمصر بالفسطاط ، وقال القضاعي : هم جيشان بن خيران بن وائل بن رعين من حمير ، وهذه الخطة اليوم خراب.

جِيشَبُر : بالكسر ثم السكون ، وشين معجمة ، وضم الباء الموحدة ، وراء : من قرى مرو ، منها أبو يحيى محمد بن أبي علوية بن شداد الجيشبري ، كان كثير السماع.

الجَيشُ : بالفتح ثم السكون ، ذات الجيش : جعلها بعضهم من العقيق بالمدينة ، وأنشد لعروة بن أذينة :

كاد الهوى ، يوم ذات الجيش ، يقتلني

لمنزل لم يهج للشوق من صقب

ويقال : إن قبر نزار بن معدّ وقبر ابنه ربيعة بذات الجيش ، وقال بعضهم : أولات الجيش موضع قرب المدينة وهو واد بين ذي الحليفة وبرثان ، وهو أحد منازل رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، إلى بدر وإحدى مراحله عند منصرفه من غزاة بني المصطلق ،


وهناك جيّش رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، في ابتغاء عقد عائشة ونزلت آية التيمّم ، وقال جعفر بن الزبير بن العوّام :

لمن ربع بذات الجى

ش أمى دارسا خلقا

كلفت بهم ، غداة غد ،

ومرّت عيسهم فرقا

تنكّر بعد ساكنه

فأمسى أهله فرقا

علونا ظاهر البيدا

ء ، والمحزون من قلقا

الجِيفَانُ : وهو جمع جائف نحو حائط وحيطان ، وهو جيفان عارض اليمامة : عدّة مواضع يقال لها جائف ، كذا ذكرت في مواضعها وهي جيفان الجبل.

الجِيفة : وهو الجيفة : موضع بين المدينة وتبوك ، بنى النبي ، صلى الله عليه وسلم ، عنده مسجدا في مسيره إلى تبوك.

جيكان : بالكاف : موضع بفارس.

جِيلاباذ : موضع بالري من جهة المشرق ، فيه أبنية عجيبة وإيوانات وعقود شاهقة وبرك ومتنزهات طيبة ، بناها مرداوا بن لاشك.

جِيلانُ : بالكسر : اسم لبلاد كثيرة من وراء بلاد طبرستان ، قال أبو المنذر هشام بن محمد : جيلان وموقان ابنا كاشج بن يافث بن نوح ، عليه السلام ، وليس في جيلان مدينة كبيرة إنما هي قرى في مروج بين جبال ، ينسب إليها جيلانيّ وجيليّ ، والعجم يقولون كيلان ، وقد فرق قوم فقيل إذا نسب إلى البلاد قيل جيلانيّ وإذا نسب إلى رجل منهم قيل جيليّ ، وقد نسب إليها من لا يحصى من أهل العلم في كل فنّ وعلى الخصوص في الفقه ، منهم : أبو علي كوشيار بن لباليروز الجيلي ، حدث عن عثمان بن أحمد بن خرجة النهاوندي ، روى عنه الأمير ابن ماكولا ، وأبو منصور باي بن جعفر بن باي الجيلي فقيه شافعي ، درس الفقه على ابن البيضاوي وسمع الحديث من أبي الحسن الجندي وغيره ، سمع منه أبو بكر الخطيب وأبو نصر بن ماكولا ، وولي القضاء بباب الطاق وصار يكتب اسمه عبد الله بن جعفر ، وتوفي في أول المحرم سنة ٤٥٢.

جَيلانُ : بالفتح ، قال محمد بن المعلّى الأزدي في قول تميم بن أبيّ ومن خطه نقلته :

ثم احتملن أنيّا بعد تضحية ،

مثل المخارف من جيلان أو هجر

طافت به العجم ، حتى بدّ ناهضها

عمّ ، لقحن لقاحا غير منتشر

أنيّ : تصغير إنّي واحد آناء الليل ، قال : وجيلان قوم من أبناء فارس انتقلوا من نواحي إصطخر فنزلوا بطرف من البحرين فغرسوا وزرعوا وحفروا وأقاموا هناك ، فنزل عليهم قوم من بني عجل فدخلوا فيهم ، قال امرؤ القيس :

أطافت به جيلان عند قطافه ،

وردّت عليه الماء حتى تحيّرا

قال : ويدلك على صحة ذلك قول تميم بعده طافت به العجم ، وقال المرقش الأصغر :

وما قهوة صهباء ، كالمسك ريحها ،

تعلّ على الناجود طورا وتقدح

ثوت في سواء الدّنّ ، عشرين حجّة ،

يطان عليها قرمد وتروّح


سباها تجار من يهود تواعدوا

بجيلان ، يدنيها إلى السوق مربح

بأطيب من فيها ، إذا جئت طارقا

من الليل ، بل فوها ألذّ وأنصح

الجِيلُ : بالكسر : هم أهل جيلان المذكورة قبل هذا.

والجيل أيضا : قرية من أعمال بغداد تحت المدائن بعد زرارين يسمونها الكيل ، وقد سماها ابن الحجاج الكال فقال :

لعن الله ليلتي بالكال ،

إنها ليلة تعرّ الليالي

كأنه ظنّ أنها ممالة ، ينسب إليها أبو العز ثابت بن منصور بن المبارك الجيلي المقري ، قرأ القرآن على أبي محمد رزق الله بن عبد الوهّاب التميمي وأبي منصور محمد ابن أحمد الخيّاط وأبي طاهر أحمد بن علي بن سوّار وأبي الفضل أحمد بن حسن بن جيرون وأبي الخطاب ابن الجرّاح وأبي القاسم يحيى بن أحمد بن البيني ، روى عنهم الحديث وحدث عن أبي الحسين عاصم بن الحسن وأبي القاسم المفضل بن أبي حرب الجرجاني وأبي عبد الله البسري وأبي عبد الله النعّال وخلق كثير ، وكتب الكثير وجمع وخرّج ، وكان صلبا في السّنّة ، وكانت له حلقة في جامع القصر يحدث فيها.

جَيْلَةُ : بالفتح : من حصون أبين باليمن.

جِينَانْجَكث : بالكسر ، والألف بين نونين ، الثانية ساكنة ، وجيم مفتوحة ، والكاف ، والثاء مثلثة : من بلاد ما وراء النهر.

جِينينُ : بكسر الجيم ، وسكون ثانيه ، ونون مكسورة أيضا ، وياء أخرى ساكنة أيضا ، ونون أخرى : بليدة حسنة بين نابلس وبيسان من أرض الأردنّ ، بها عيون ومياه ، رأيتها.

جَيْهَانُ : بالفتح ثم السكون ، وهاء ، وألف ، ونون ، قال حمزة الأصبهاني : اسم وادي خراسان هروز ، على شاطئه مدينة تسمّى جيهان فنسبه الناس إليها فقالوا جيحون على عادتهم في قلب الألفاظ ، قال عبيد الله المؤلف : وإليها ينسب الوزير أبو عبد الله محمد ابن أحمد الجيهاني وزير السامانية ببخارى ، وكان أديبا فاضلا شهما جسورا ، وله تآليف ، وقد ذكرته في كتاب أخبار الوزراء.

جَيُّ : بالفتح ثم التشديد : اسم مدينة ناحية أصبهان القديمة ، وهي الآن كالخراب منفردة ، وتسمى الآن عند العجم شهرستان وعند المحدثين المدينة ، وقد نسب إليها المديني عالم من أهل أصبهان ، ومدينة أصبهان منذ زمان طويل وإلى الآن يقال لها اليهودية لما ذكرناه في موضعه ، وبينها وبين جيّ نحو ميلين والخراب بينهما ، وفي جي مشهد الراشد بن المسترشد معروف يزار ، وهي على شاطئ نهر زندروذ ، وأهل أصبهان يوصفون بالبخل ، قال البديع هبة الله ابن الحسين الاصطرلابي :

يا أهل جيّ! أمن سقوط

وخسّة محضة جبلتم؟

ما فيكم واحد كريم ،

في قالب واحد قلبتم

وقال أبو طاهر سهل بن الراعي العديلي الأصبهاني يعرف بالأصيل :

آه من منتشي القوام تولى ،

وقرا آية الصدود عليّا


غادر القلب معدن الحزن ، لما

صمّم العزم أن يفارق جيّا

وإياها أراد الأعرابي بقوله يخاطب أبا عمرو إسحاق بن مرّار الشيباني :

فكان ما جاد لي ، لا جاد عن سعة ،

ثلاثة زائفات ضرب جيّان

وقال أعشى همدان.

ويوما بجيّ تلافيته ،

ولولاك لاصطلم العسكر

جِيُّ : بالكسر : اسم واد عند الرّويثة بين مكة والمدينة ، ويقال له المتعشّي ، وهناك ينتهي طرف ورقان ، وهو في ناحية سفح الجبل الذي سال بأهله وهم نيام فذهبوا ، والله سبحانه وتعالى أعلم.


ح

باب الحاء والألف وما يليهما

حَابِسٌ : بكسر الباء الموحدة : اسم موضع كان فيه يوم من أيامهم لبني تغلب ، قال الأخطل :

ليس يرجون أن يكونوا كقومي ،

قد بلوا يوم حابس والكلاب

وقال :

فأصبح ما بين الكلاب فحابس

قفارا يغنّيها ، مع الليل ، بومها

وقال ذو الرّمّة :

أقول لعجلى يوم فلج وحابس :

أجدّي فقد أقوت عليك الأمالس

عجلى : اسم ناقته.

الحَاتميَّة : قرية ونخل لآل أبي حفصة باليمامة.

حَاجٌ : آخره جيم ، ذات حاج : موضع بين المدينة والشام. وذو حاج : واد لغطفان.

الحاجِرُ : بالجيم ، والراء ، وفي لغة العرب ما يمسك الماء من شفة الوادي ، وكذلك الحاجور ، وهو فاعول:وهو موضع قبل معدن النّقرة ، وقال :

دون فيد حاجر

حَاجَةُ : بالجيم أيضا : موضع في قول لبيد حيث قال :

فذكّرها مناهل آجنات

بحاجة ، لا تنزّح بالدّوالي

الحَاذُ : بالذال المعجمة : موضع بنجد ، قال طرفة بن العبد :

حيث ما قاظوا بنجد وشتوا

حول ذات الحاذ ، من ثنيي وقر

حَاذَةُ : الحاذ نبت ، واحدتها حاذة ، عن أبي عبيد : وهو موضع كثير الأسود ، قال سلمى بن المقعد القرمي :

نرمي ونطعنهم على ما خيّلت ،

ندعو رباحا وسطهم والتّوأما

والأفرمان وعامر ، ما عامر!

كأسود حاذة يبتغين المرزما

حَارِبٌ : يجوز أن يكون فاعلا من الحرب وأن يكون سمي بالأمر من الحراب ثم أعرب : وهو موضع من أعمال دمشق بحوران قرب مرج الصّفّر من ديار


قضاعة ، قال النابغة :

خلفت يمينا غير ذي مثنويّة ،

ولا علم ، إلّا حسن ظنّ بصاحب

لئن كان للقبرين : قبر بجلّق ،

وقبر بصيداء التي عند حارب

وللحارث الجفنيّ ، سيّد قومه ،

ليلتمسن بالجيش دار المحارب

الحارِثُ : والحرث جمع المال وكسبه ، والحارث الكاسب ، ومنه الحديث : أصدق أسمائكم الحارث ، ومنه سمي الأسد أبا الحارث ، والحرث قذف الحب في الأرض للزرع ، والحرث النكاح ، والحارث : قرية من قرى حوران من نواحي دمشق يقال لها حارث الجولان ، وقال الجوهري : الجولان جبل بالشام ، وحارث قلّة من قلله في قول النابغة حيث قال :

بكى حارث الجولان من فقد ربّه ،

وحوران منه موحش متضائل

وقال الراعي :

روين ببحر من أميّة ، دونه

دمشق وأنهار لهنّ عجيج

أنحن بحوّارين في مشمخرّة

نبيت ، ضباب فوقها وثلوج

كذا حارث الجولان يبرق دونه

دساكر ، في أطرافهن بروج

والحارث والحويرث : جبلان بأرمينية فوقهما قبول ملوك أرمينية ومعهم ذخائرهم ، وقيل : إن بليناس الحكيم طلسم عليها لئلا يظفر بها أحد فما يقدر إنسان يصعد الجبل ، وقال المدائني : جبلا الحارث والحويرث اللذان بدبيل سميا بالحويرث بن عقبة والحارث بن عمرو الغنويّين وكانا مع سلمان بن ربيعة بأرمينية ، وهما أول من دخل هذين الجبلين فسميا بهما ، وروى ابن الفقيه أنه كان على نهر الرسّ بأرمينية ألف مدينة فبعث الله إليهم نبيّا يقال له موسى وليس بموسى بن عمران ، فدعاهم إلى الله والإيمان فكذبوه وجحدوه وعصوا أمره ، فدعا عليهم ، فحول الله الحارث والحويرث من الطائف فأرسلهما عليهم ، فيقال : إن أهل الرسّ تحت هذين الجبلين.

حارِمٌ : بكسر الراء : حصن حصين وكورة جليلة تجاه أنطاكية ، وهي الآن من أعمال حلب ، وفيها أشجار كثيرة ومياه ، وهي لذلك وبئة ، وهي فاعل من الحرمان أو من الحريم ، كأنها لحصانتها يحرمها العدوّ وتكون حرما لمن فيها.

حارَةُ : اسم موضع ، قال الأزهري : الحارة كل محلة دنت منازلها فهم أهل حارة.

حازّةُ : بتشديد الزاي ، حازّة بني شهاب : مخلاف باليمن. وحازة بني موفّق : بلد دون زبيد قرب حرض في أوائل أرض اليمن.

حاسُ : بالسين المهملة : في أرض المعرّة ، وقال ابن أبي حصينة من قصيدة :

وزمان لهو بالمعرة ، مونق

بشياتها ، وبجانب هرماسها

أيام قلت لذي المودة : سقّني

من خندريس حناكها أو حاسها

حاسم : بالسين مهملة : موضع بالبادية ، حكاه الحازمي عن صاحب كتاب العين.

حاصُورَا : في كتاب العمراني بالصاد المهملة ، وآخره ألف مقصورة ، وقال : موضع ، وجاء به ابن القطاع


بالضاد المعجمة بغير ألف في آخره وقال : اسم ماء ، ولا أدري أهما موضعان أم أحدهما تصحيف.

الحاضِرُ : بالضاد معجمة : من رمال الدهناء ، والحاضر في الأصل خلاف البادي ، والحاضر الحي العظيم ، يقال حاضر طيّء ، وهو جمع ، كما يقال سامر للسّمّار وحاجّ للحجاج ، وقال حسان :

لنا حاضر فعم وناد ، كأنه

قطين الإله عزة وتكرّما

وفلان حاضر بمكان كذا أي مقيم به ، ويقال : على الماء حاضر ، وفي كتاب الفتوح للبلاذري : كان بقرب حلب حاضر يدعى حاضر حلب بجمع أصنافا من العرب من تنوخ وغيرهم ، جاءه أبو عبيدة بعد فتح قنّسرين فصالح أهله على الجزية ثم أسلموا بعد ذلك ، وكانوا مقيمين وأعقابهم به إلى بعيد وفاة أمير المؤمنين الرشيد ، ثم إن أهل ذلك الحاضر حاربوا أهل مدينة حلب وأرادوا إخراجهم عنها فكتب الهاشميون من أهلها إلى جميع من حولهم من قبائل العرب يستنجدونهم ، فسارعوا إلى إنجادهم وكان أسبقهم إلى ذلك العباس بن زفر الهلالي ، فلم يكن لأهل الحاضر بهم طاقة فأجلوهم عن حاضرهم وخربوه ، وذلك في فتنة محمد الأمين بن الرشيد ، فانتقلوا إلى قنّسرين فتلقاهم أهلها بالأطعمة والكسى ، فلما دخلوا أرادوا التغلب عليها ، فأخرجوهم عنها فتفرقوا في البلاد ، قال : فمنهم قوم بتكريت وقد رأيتهم ، ومنهم قوم بأرمينية وفي بلدان كثيرة متباينة ، آخر ما ذكره البلاذري. والذي شاهدناه نحن من حاضر حلب أنها محلة كبيرة كالمحلة العظيمة بظاهر حلب ، بين بنائها وسور المدينة رمية سهم من جهة القبلة والغرب ، ويقال لها حاضر السليمانية ، ولا نعرف السليمانية ، وأكثر سكانها تركمان مستعربة من أولاد الأجناد ، وبه جامع حسن مفرد تقام فيه الخطبة والجمعة ، والأسواق الكثيرة من كل ما يطلب ، ولها وال يستقل بها حاضر قنسرين. قال أحمد بن يحيى بن جابر : كان حاضر قنسرين لتنوخ منذ أول ما أناخوا بالشام ونزلوه وهم في خيم الشعر ثم ابتنوا به المنازل ، ولما فتح أبو عبيد قنسرين دعا أهل حاضرها إلى الإسلام فأسلم بعضهم وأقام بعضهم على النصرانية فصالحهم على الجزية ، وكان أكثر من أقام على النصرانية بني سليح ابن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة ، وأسلم من أهل ذلك الحاضر جماعة في خلافة المهدي فكتب على أيديهم بالحضرة قنسرين ، وقال عكرشة العبسي يرثي بنيه :

سقى الله أجداثا ورائي تركتها

بحاضر قنسرين ، من سبل القطر

مضوا لا يريدون الرواح ، وغالهم ،

من الدهر ، أسباب جرين على قدر

ولو يستطيعون الرواح تروّحوا

معي ، أو غدوا في المصبحين على ظهر

لعمري! لقد وارت وطمّت قبورهم

أكفّا شداد القبض بالأسل السمر

يذكّرنيهم كل خير رأيته

وشرّ ، فما أنفكّ منهم على ذكر

وينسب إلى أحد هذه الحواضر سليم أبو عامر ، قال الحافظ أبو القاسم الدمشقي : هو من الحاضر من نواحي حلب ، أدرك أبا بكر الصديق ، رضي الله عنه ، وروى عنه وعن عمر وعثمان وعمار بن ياسر وشهد فتح دمشق ، روى عنه ثابت بن عجلان ، وكان ممن سباه خالد بن الوليد من حاضر حلب ، قال :


فلما قدمنا المدينة على أبي بكر ، رضي الله عنه ، جعلني في المكتب فكان المعلم يقول لي : اكتب الميم فإذا لم أحسنها قال دوّرها واجعلها مثل عين البقرة ، قال عبد الله المؤلف : إنما فتحت قنسرين ونواحيها في أيام عمر ، رضي الله عنه ، ولم يطرق خالد نواحي حلب إلّا في أيام عمر ، رضي الله عنه ، وأما نفوذه من العراق إلى الشام في أيام أبي بكر ، رضي الله عنه ، فكان على سماوة كلب ، وقد روي أنه مرّ بتدمر وكان عرّج على الحاضر حاضر طيء ، وكان هذا الرجل قد خرج إلى البادية فصادفه ، والله أعلم به. وحاضر طيء : كانت طيء قد نزلته قديما بعد حرب الفساد الذي كان بينهم حين نزل الجبلين منهم من نزل ، فلما ورد عليهم أبو عبيدة أسلم بعضهم وصالح كثير منهم على الجزية ثم أسلموا بعد ذلك بيسير إلا من شذّ منهم.

الحاضِرَةُ : بزيادة الهاء : قرية بأجإ ذات نخل وطلح.

والحاضرة أيضا : اسم قاعدة ، أي قصبة كورة جيّان من أعمال الأندلس ويقال لها أوربة. والحاضرة أيضا : بليدة من أعمال الجزيرة الخضراء بالأندلس.

حَاطِبٌ : بكسر الطاء : طريق بين المدينة وخيبر ذكره في غزوة خيبر من كتاب الواقدي ، وقصته مذكورة في مرحب.

الحاطمة : من أسماء مكة ، سميت بذلك لأنها تحطم من استهان بها.

حافد : بالفاء : من حصون صنعاء باليمن من حازّة بني شهاب.

حَافِرٌ : بالفاء المكسورة ، والراء : قرية بين بالس وحلب ، وإليها يضاف دير حافر ؛ قال الراعي :

أمن آل وسنى آخر الليل زائر ،

ووادي العوير دوننا والسواجر

تخطّت إلينا ركن هيف وحافر

طروقا ، وأنّى منك هيف وحافر؟

كلها مواضع متقاربة بالشام.

الحَاكَة : بلفظ جمع حائك : واد في بلاد عذرة كانت به وقعة.

الحالُ : آخره لام : بلد باليمن من ديار الأزد ثم لبارق ويشكر منهم ، قال أبو المنهال عيينة بن المنهال : لما جاء الإسلام تسارعت إليه يشكر وأبطأت بارق ، وهم إخوتهم ، واسم يشكر والان ، وفي كتاب الردّة : الحال من مخاليف الطائف ، والحال في اللغة : الطين الأسود ، وله معان أخر.

الحالَةُ : واحدة الحال المذكور قبله : وهو موضع في ديار بلقين بن جسر عند حرّة الرّجلاء بين المدينة والشام.

حامِدٌ : تلّ حامد ، ذكر في تلّ ، وحامد : موضع في جبل حراء المطلّ على مكة ، قال أبو صخر الهذلي:

بأغزر من فيض الأسيديّ خالد ،

ولا مزبد يعلو جلاميد حامد

حامِرٌ : آخره راء : ناحية بين منبج والرّقّة على شط الفرات ، قال الأخطل :

وما مزبد يعلو جلاميد حامر ،

يشقّ إليها خيزرانا وغرقدا

تحرّز منه أهل عانة ، بعد ما

كساسورها الأعلى غثاء منضّدا

بأجود سيبا من يزيد ، إذا بدت

لنا بخته يحملن ملكا وسوددا

وحامر أيضا : واد بالسّماوة من ناحية الشام لبني


زهير بن جناب من كلب وفيه حيّات كثيرة ، قال النابغة :

فأهلي فداء لامرئ ، إن أتيته

تقبّل معروفي وسدّ المفاقرا

سأكعم كلبي أن يريبك نبحه ،

وإن كنت أرعى مسحلان وحامرا

قال ابن السكيت في شرحه : مسحلان وحامر واديان بالشام. وحامر أيضا : واد من وراء يبرين في رمال بني سعد زعموا أنه لا يوصل إليه. وحامر أيضا : موضع في ديار غطفان عند أرل من الشّربة ، ولا أدري أيهما أراد امرؤ القيس بقوله :

أحار ترى برقا أريك وميضه ،

كلمع اليدين في حبيّ مكلّل

قعدت له وصحبتي بين حامر

وبين إكام بعد ما متأمّل

الحامِرَةُ : بزيادة الهاء ، مسجد الحامرة : بالبصرة ، سمي بذلك لأن الحتات المجاشعي مر ثمّ فرأى حميرا وأربابها فقال : ما هذه الحامرة؟ وهذا مثل قولهم : الجنّة تحت البارقة ، يريدون به السيوف والمراد به الحثّ على الغزو ، ومن يخطئ يقول الأبارقة ، قال أبو أحمد : والعامة تقول الأحامرة وهو خطأ.

حاني : بالنون ، بوزن قاضي وغازي : اسم مدينة معروفة بديار بكر ، فيها معدن الحديد ومنها يجلب إلى سائر البلاد ، وينسب إليها أبو صالح عبد الصمد ابن عبد الرحمن بن أحمد بن العباس الحنوي هكذا ينسب إليها ، تفقّه ببغداد على مذهب الشافعي ، وروى الحديث عن أبي الحسن عليّ بن محمد بن الأخضر الأنباري ، ذكره في التحبير ، ومات سنة ٥٤٠ ، وأبو الفرج أحمد بن إبراهيم المرجي الحنوي ، سمع منه السلفي ، روى عن أبي عبد الله الحسين بن عبدان الشهرزوري.

الحامِضَةُ : ماءة تناوح حلوة بين سميراء والحاجر ، وقال أبو زياد : من مياه أبي بكر بن كلاب الحامضة.

الحايرُ : بعد الألف ياء مكسورة ، وراء ، وهو في الأصل حوض يصبّ إليه مسيل الماء من الأمطار ، سمي بذلك لأن الماء يتحير فيه يرجع من أقصاه إلى أدناه ، وقال الأصمعي : يقال للموضع المطمئن الوسط المرتفع الحروف حائر وجمعه حوران ، وأكثر الناس يسمون الحائر الحير كما يقولون لعائشة عيشة.

والحائر : قبر الحسين بن عليّ ، رضي الله عنه ، وقال أبو القاسم عليّ بن حمزة البصري رادّا على ثعلب في الفصيح : قيل الحائر لهذا الذي يسميه العامة حير وجمعه حيران وحوران ، قال أبو القاسم : هو الحائر إلا أنه لا جمع له لأنه اسم لموضع قبر الحسين ابن عليّ ، رضي الله عنه ، فأما الحيران فجمع حائر ، وهو مستنقع ماء يتحير فيه فيجيء ويذهب ، وأما حوران وحيران فجمع حوار ، قال جرير :

بلّغ رسائل عنّا خفى محملها

على قلائص ، لم يحملن حيرانا

قال : أراد الذي تسمّيه العامّة حير الإوزّ فجمعه حيران ، وأما حوران وحيران كما قال ، إلا أنه يلزمه أن يقول حير الإوزّ فإنهم يقولون الحير بلا إضافة إذا عنوا كربلاء. والحائر أيضا : حائر ملهم باليمامة ، وملهم مذكور في موضعه ، قال الأعشى :

فركن مهراس إلى مارد ،

فقاع منفوحة فالحائر

وقال داود بن متمّم بن نويرة في يوم لهم بملهم :


ويوم أبي جزء بملهم لم يكن

ليقطع ، حتى يذهب الذّحل ثائره

لدى جدول البئرين ، حتى تفجّرت

عليه نحور القوم واحمرّ حائرة

وقال أبو أحمد العسكري : يوم حاير ملهم ، الحاء غير معجمة وتحت الياء نقطتان والراء غير معجمة ، وهو اليوم الذي قتل فيه أشيم مأوى الصعاليك من سادات بكر بن وائل وفرسانهم ، قتله حاجب بن زرارة ، وفي ذلك يقول :

فإن تقتلوا منّا كريما ، فإننا

قتلنا به مأوى الصعاليك أشيما

ويوم حاير ملهم أيضا : على حنيفة ويشكر. والحائر أيضا : حائر الحجاج بالبصرة معروف ، يابس لا ماء فيه ، عن الأزهري.

الحائطُ : من نواحي اليمامة ، قال الحفصي : به كان سوق الفقيّ.

حائطُ بني المِدَاشِ : بالشين المعجمة : موضع بوادي القرى أقطعهم إياه رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، فنسب إليهم.

حائطُ العجُوزِ : قال أحمد بن إسحاق الهمذاني : وبمصر حائط العجوز على شاطئ النيل بنته عجوز كانت في أول الدهر ذات مال ، وكان لها ابن واحد فأكله السبع فقالت : لأمنعنّ السباع أن ترد النيل ، فبنت ذلك الحائط حتى منعت السباع أن تصل إلى النيل ، قال : ويقال إن ذلك الحائط كان مطلسما ، وكان فيه تماثيل كلّ إقليم على هيئته ووزنه وزيّه وصور الناس والدوابّ والسلاح التي فيه وطريق كل إقليم إلى مصر ، قال : ويقال إن ذلك الحائط بني ليكون حاجزا بين الصعيد والنوبة لأنهم كانوا يغيرون على أهل الصعيد فلا يشعرون بهم حتى هجموا على بلادهم ، فبني ذلك الحائط لذلك السبب ، وقال بعض أهل العلم : أمر بعض ملوك مصر ببناء الحائط مما يلي البرّ ، طوله ثلاثمائة فرسخ ، وقيل : ثلاثون يوما ما بين الفرما إلى أسوان ، ليكون حاجزا بينهم وبين الحبشة ، وقال القاضي أبو عبد الله القضاعي : حائط العجوز من العريش إلى أسوان يحيط بأرض مصر شرقا وغربا ، وقال آخرون : لما أغرق الله فرعون وقومه بقيت مصر وليس فيها من أشراف أهلها أحد ولم يبق إلا العبيد والأجراء والنساء ، فأعظم أشراف النساء أن يولّين أحدا من العبيد والأجراء وأجمع رأيهنّ أن يولّين امرأة منهنّ يقال لها دلوكة بنت ريّا ، وكان لها عقل ومعرفة وتجارب ، وكانت من أشرف بيت فيهن ، وهي يومئذ ابنة مائة سنة ، فملّكوها فخافت أن يغزوها ملوك الأرض إذا علموا قلّة رجالها ، فجمعت نساء الأشراف وقالت لهن : إن بلادنا لم يكن يطمع فيها أحد وقد هلك أكابرنا ورجالنا وقد ذهب السحرة الذين كنّا نصول بهم وقد رأيت أن أبني حائطا أحدق به جميع بلادنا ، فصوّبن رأيها ، فبنت على النيل بناء أحاطت به على جميع ديار مصر المزارع والمدائن والقرى وجعلت دونه خليجا يجري فيه الماء وجعلت عليه القناطر وجعلت فيه محارس ومسالح على كل ثلاثة أميال مسلحا ومحرسا ، وفيما بين ذلك محارس صغار على كلّ ميل ، وجعلت في كل محرس رجالا وأجرت عليهم الأرزاق وأمرتهم أن لا يغفلوا ومتى رأوا أمرا يخافونه ضرب بعضهم إلى بعض الأجراس ، وإن كان ليلا أشعلوا النيران على الشرف فيأتي الخبر في أسرع وقت ، وكان الفراغ منه في ستة أشهر


لكثرة من كان يعمل فيه ، وقد بقي من هذا الحائط بقية إلى وقتنا هذا بنواحي الصعيد ، ثم إن دلوكة أحضرت تدورة وصنعت البرابي كما ذكرناه في البرابي وملكتهم عشرين سنة ، ثم إن بعض أولاد ملوكهم كبر فملّكوه كما ذكرنا في مصر.

حائل : الحائل في اللغة الناقة التي لم تحمل عامها ذاك ، ورجل حائل اللون إذا كان أسود متغيرا ، قال الحفصي : حائل موضع باليمامة لبني نمير وبني حمّان من بني كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم ، وقال غيره : حائل من أرض اليمامة لبني قشير ، وهو واد أصله من الدهناء ، وقد ذكر في الدهناء ، وقال أبو زياد : حائل موضع بين أرض اليمامة وبلاد باهلة ، أرض واسعة قريبة من سوقة ، وهي قارة هناك معروفة. وحائل أيضا : ماء في بطن المرّوت من أرض يربوع ، قاله أبو عبيدة وأبو زياد ، وأنشد أبو عبيدة :

إذا قطعن حائلا والمرّوت ،

فأبعد الله السويق الملتوت

وقال ابن الكلبي : حائل واد في جبلي طيّء ، قال امرؤ القيس :

أبت أجأ أن تسلم العام جارها ،

فمن شاء فلينهض لها من مقاتل

تبيت لبوني بالقريّة أمنّا ،

وأسرحها غبّا بأكناف حائل

بنو ثعل جيرانها وحماتها ،

وتمنع من رماة سعد ونائل

ودخل بدويّ إلى الحضر فاشتاق إلى بلاده فقال :

لعمري لنور الأقحوان بحائل ،

ونور الخزامى في ألاء وعرفج

أحبّ إلينا ، يا حميد بن مالك ،

من الورد والخيري ودهن البنفسج

وأكل يرابيع وضبّ وأرنب

أحبّ إلينا من سماني وتدرج

ونصّ القلاص الصّهب تدمى أنوفها ،

يجبن بنا ما بين قوّ ومنعج

أحبّ إلينا من سفين بدجلة

ودرب ، متى ما يظلم الليل يرتج

باب الحاء والباء وما يليهما

حَباباءُ : بالفتح ، وبعد الألف باء أخرى ، وألف ممدودة : جبل بنجد من سبعة أجبل تسمى الأكوام مشرفة على بطن الجريب.

الحُبابِيّةُ : بالضم : اسم لقريتين بمصر يقال لإحداهما الحبابية وتسمى أيضا المنستريون من كورة الشرقية ، وتعرف الأخرى بالحبابية مع منزل نعمة من الشرقية أيضا.

الحَباحِبُ : بالفتح ، والألف ، وحاء أخرى ، وباء أخرى ، وهو في اللغة جمع حبحاب ، وهو الصغير الجسم من كل شيء ، قال الحازمي : الحباحب بلد.

حِباران : بالكسر ، والراء ، وآخره نون ، قال العمراني : بلد بالشام.

حُباشَةُ : بالضم ، والشين معجمة ، وأصل الحباشة الجماعة من الناس ليسوا من قبيلة واحدة ، وحبشت له حباشة أي جمعت له شيئا. وحباشة : سوق من أسواق العرب في الجاهلية ، ذكره

في حديث عبد الرزاق عن معمر عن الزهري قال : لما استوى رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، وبلغ أشدّه وليس له كثير مال استأجرته خديجة إلى سوق حباشة ، وهو


سوق بتهامة ، واستأجرت معه رجلا آخر من قريش ، قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، وهو يحدث عنها : ما رأيت من صاحبة أجير خيرا من خديجة ، ما كنا ترجع أنا وصاحبي إلّا وجدنا عندها تحفة من طعام تخبئه لنا ، قال : فلما رجعنا من سوق حباشة ...

وذكر حديث تزوّج النبي ، صلى الله عليه وسلم ، خديجة بطوله ، وقال أبو عبيدة في كتاب المثالب : ولد هاشم بن عبد مناف صيفيّا وأبا صيفي واسمه عمرو أو قيس وأمهما حيّة ، وهي أمة سوداء كانت لمالك أو عمرو بن سلول أخي أبيّ بن سلول والد عبد الله بن أبيّ بن سلول المنافق ، استريت حية من سوق حباشة وهي سوق لقينقاع وأخوهما لأمّهما مخرمة بن المطلب بن عبد مناف بن قصيّ.

خِبالُ : بالكسر ، كأنه جمع حبل : من قرى وادي موسى من جبال السراة قرب الكرك بالشام ، منها يوسف بن إبراهيم بن مرزوق بن حمدان أبو يعقوب الصّهيبي الحبالي ، رحل إلى مرو وتفقه بها وسمع أبا منصور محمد بن علي بن محمود المروزي ، وكان متقشفا ، قال الحافظ أبو القاسم : وسمعت منه وكان شافعيّا ، بلغني أنه قتل بمرو لما دخلها خوارزم شاه اتسز بن محمد بن انوشتكين في سنة ٥٣٠ في ربيع الأول.

خِبَّانُ : لكسر ، والتشديد ، وآخره نون ، كأنه تثنية حبّ ، وهو الحبيب ، والحب القرط من حبّة واحدة ، وسكّة حبّان : من محال نيسابور ، ينسب إليها محمد بن جعفر بن عبد الجبّار الحبّاني.

حَبَّانيَّةُ : منسوبة : من قرى الكوفة ، كانت بها وقعة بين زياد بن خرّاس العجلي من الخوارج وطائفة معه وبين أهل الكوفة ، هزم فيها الكوفيين وقتل منهم جماعة ، وذلك في أيام زياد ابن أبيه.

حَبُّ : بالفتح ، وتشديد ثانيه : قلعة مشهورة بأرض اليمن من نواحي سبإ ولها كورة يقال لها الحبيّة ، وقال ابن أبي الدّمينة : حبّ جبل من جهة حضرموت وباسمه سمّيت القلعة ، وقال صاحب الأترجّة : حبّ جبل بناحية بغداد.

حِبتُونُ : بالكسر ثم السكون ، وضم التاء فوقها نقطتان ، وسكون الواو ، ونون : جبل بنواحي الموصل ، عن الأزهري ، وهو الأعجمي لا أصل له في العربية.

الحُبُجُ : بضمتين وجيم ، والحبج في الإبل انتفاخ بطونها من أكل العرفج ، وإبل حبج ويجوز أن يكون جمع حبج ، وهو مجتمع الحي ومعظمه : وهو موضع من نواحي المدينة ، قال نصيب :

عفا الحبج الأعلى فروض الأجاول

فميث الرّبى من بيض ذات الخمائل

حَبْجَرَى : بالفتح ثم السكون ، وفتح الجيم ، وراء ، وألف مقصورة : ماء بواد يقال له ذو حبجرى لبني عبس فيما والى قطن الشمالي ، وعن نصر : حبجرى ناحية نجدية بأكناف الشّربة ، قال عقبة بن سوداء :

ألا يا لقومي للهموم الطوارق ،

وربع خلا بين السّليل وثادق

وطير جرت ، بين العميم وحبجرى ،

بصدع النّوى والبين غير الموافق

حِبْرَانُ : بالكسر : جبل في قول زيد الخيل يصف ناقته :

غدت من زخيخ ثم راحت عشيّة

بحبران ، إرقال العتيق المجفّر


فقد غادرت للطير ، ليلة خمسها ،

جوارا برمل النّغل لما يسعّر

وقال الراعي :

كأنها ناشط حمّ مدامعه

من وحش حبران ، بين النّقع والظفر

حِبْرٌ : بالكسر ثم السكون ، والحبر الرجل العالم : اسم واد ، قال المرّار الفقعسي يرثي أخاه بدرا :

ألا قاتل الله الأحاديث والمنى ،

وطيرا جرت بين السّعافات والحبر

وقاتل تثريب العيافة ، بعد ما

زجرت ، فما أغنى اعتيافي ولا زجري

وما للقفول ، بعد بدر ، بشاشة ،

ولا الحي يأتيهم ولا أوبة السّفر

تذكرني بدرا زعازع لزبة ،

إذا أعصبت إحدى عشيّاتها الغبر

حِبِرَّ : بكسرتين ، وتشديد الراء ، وما أراه إلّا مرتجلا : جبلان في ديار سليم ، قال ابن مقبل :

سل الدار من جنبي حبرّ فواهب ،

إلى ما ترى هضب القليب المضيّح

وقال عبيد :

فعردة فقفا حبرّ ،

ليس بها منهم عريب

حَبرُونُ : بالفتح ثم السكون ، وضم الراء ، وسكون الواو ، ونون : اسم القرية التي فيها قبر إبراهيم الخليل ، عليه السلام ، بالبيت المقدس ، وقد غلب على اسمها الخليل ، ويقال لها أيضا حبرى ، وروي عن كعب الحبر أن أول من مات ودفن في حبرى سارة زوجة إبراهيم ، عليه السلام ، وأن إبراهيم خرج لما ماتت يطلب موضعا لقبرها فقدم على صفوان وكان على دينه وكان مسكنه ناحية حبرى فاشترى الموضع منه بخمسين درهما ، وكان الدرهم في ذلك العصر خمسة دراهم ، فدفن فيه سارة ثم دفن فيه إبراهيم إلى جنبها ثم توفيت ربقة زوجة إسحاق ، عليه السلام ، فدفنت فيه ثم توفي إسحاق فدفن فيه لزيقها ثم توفي يعقوب ، عليه السلام ، فدفن فيه ثم توفيت زوجته لعيا ويقال إيليا فدفنت فيه إلى أيام سليمان بن داود ، عليهما السلام ، فأوحى الله إليه أن ابن على قبر خليلي حيرا ليكون لزوّاره بعدك ، فخرج سليمان ، عليه السلام ، حتى قدم أرض كنعان وطاف فلم يصبه ، فرجع إلى البيت المقدس ، فأوحى الله إليه : يا سليمان خالفت أمري ، فقال : يا رب لم أعرف الموضع ، فأوحى إليه : امض فإنك ترى نورا من السماء إلى الأرض فهو موضع خليلي ، فخرج فرأى ذلك فأمر أن يبنى على الموضع الذي يقال له الرامة ، وهي قرية على جبل مطلّ على حبرون ، فأوحى إليه : ليس هذا هو الموضع ولكن انظر إلى النور الذي قد التزق بعنان السماء ، فنظر فكان على حبرون فوق المغارة فبنى عليه الحير. قالوا : وفي هذه المغارة قبر آدم ، عليه السلام ، وخلف الحير قبر يوسف الصديق جاء به موسى ، عليه السلام ، من مصر وكان مدفونا في وسط النيل فدفن عند آبائه ، وهذه المغارة تحت الأرض ، قد بني حوله حير محكم البناء حسن بالأعمدة الرخام وغيرها ، وبينها وبين البيت المقدس يوم واحد ، وقدم على النبي ، صلى الله عليه وسلم ، تميم الداريّ في قومه وسأله أن يقطعه حبرون فأجابه وكتب له كتابا نسخته : بسم الله الرحمن الرحيم ـ هذا ما أعطى محمد رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، لتميم الداري وأصحابه. إني أعطيتكم بيت عينون وحبرون والمرطوم وبيت إبراهيم بذمّتهم وجميع ما فيهم


عطية بتّ ونفذت وسلمت ذلك لهم ولأعقابهم بعدهم أبد الآبدين فمن آذاهم فيه آذى الله ، شهد أبو بكر ابن أبي قحافة وعمر وعثمان وعليّ بن أبي طالب.

حِبرَةُ : بالكسر ثم السكون ، هي في اللغة صفرة تركب الأسنان ، وحبرة : أطم من آطام اليهود بالمدينة في دار صالح بن جعفر.

حِبرِيرٌ : بعد الراء ياء ساكنة ، وراء أخرى ، مرتجل : وهو جبل من ناحية البحرين بتؤام.

حُبْسَانُ : ماء في طريق غربي الحاج من الكوفة ، وهو جمع حبيس ، وهو غربي طريق الخيل ، وقالت امرأة من كندة ترثي طائفة من قومها كان قد فتكت بهم بنو زمّان بحبسان :

سقى مستهل الغيث أجداث فتية

بحبسان ، ولّينا نحورهم الدّما

صلوا معمعان الحرب ، حتى تخرّموا ،

مقاحيم إذ هاب الكماة التقحّما

هوت أمّهم! ما ذا بهم ، يوم صرّعوا

بحبسان ، من أسباب مجد تهدّما؟

أبوا أن يفرّوا والقنا في صدورهم ،

فماتوا ولم يرقوا من الموت سلّما

ولو أنهم فرّوا لكانوا أعزّة ،

ولكن رأوا صبرا على الموت أكرما

حُبْسٌ : بالضم ثم السكون ، والسين مهملة ، والحبس ، بالضم ، جمع الحبيس ، يقع على كل شيء وقفه صاحبه وقفا محرما ، قال الزمخشري : الحبس ، بالضم ، جبل لبني قرّة ، وقال غيره : الحبس بين حرّة بني سليم والسوارقية ، وفي حديث عبد الله بن حبشيّ : تخرج نار من حبس سيل ، قال أبو الفتح نصر : حبس سيل ، ورواه بالفتح ، إحدى حرّتي بني سليم ، وهما حرّتان بينهما فضاء كلتاهما أقل من ميلين ، وقال الأصمعي : الحبس جبل مشرف على السلماء لو انقلب لوقع عليهم ، وأنشد :

سقى الحبس وسميّ السحاب ، ولم يزل

عليه روايا المزن والديم الهطل

ولو لا ابنة الوهبي زبدة لم أبل ،

طوال الليالي ، أن يحالفه المحل

الحَبْس : بالكسر ويروى بالفتح ، والحبس بالكسر مثل المصنعة ، وجمعه أحباس ، تجعل للماء ، والحبس الماء المستنقع ، وقيل الحبس حجارة تبنى على مجرى الماء لتحبسه للسارية ، ويسمى الماء حبسا. والحبس :

جبل لبني أسد ، وقال الأصمعي : في بلاد بني أسد الحبس والقنان وإبان الأبيض وإبان الأسود إلى الرّمة والحميان حمى ضرية وحمى الرّبذة والدّوّ والصّمّان والدهناء في شق بني تميم ، قال منظور بن فروة الأسدي :

هل تعرف الدار عفت بالحبس

غير رماد وأثاف غبس ،

كأنها بعد سنين خمس

وريدة (١) تذري حطام اليبس

خطّا كتاب معجم بنقس

حَبَشٌ : بالتحريك ، والشين معجمة ، درب الحبش : بالبصرة في خطة هذيل نسب إلى حبش ، أسكنهم عمر ، رضي الله عنه ، بالبصرة ، ويلي هذا الدرب مسجد أبي بكر الهذلي. وقصر حبش : موضع قرب تكريت فيه مزارع ، شربها من الاسحاقي. وبركة الحبش : مزرعة نزهة في ظهر القرافة بمصر ، ذكرت فى بركة.

__________________

(١) وفي رواية اخرى : وربذة بدل وريدة.


حُبْشِيُّ : بالضم ثم السكون ، والشين معجمة ، والياء مشددة : جبل بأسفل مكة بنعمان الأراك ، يقال:به سميت أحابيش قريش ، وذلك أن بني المصطلق وبني الهون بن خزيمة اجتمعوا عنده وحالفوا قريشا وتحالفوا بالله : إنّا ليد واحدة على غيرنا ما سجا ليل ووضح نهار وما رسا حبشيّ مكانه ، فسموا أحابيش قريش باسم الجبل ، وبينه وبين مكة ستة أميال ، مات عنده عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق فجأة فحمل على رقاب الرجال إلى مكة ، فقدمت عائشة من المدينة وأتت قبره وصلّت عليه وتمثلت :

وكنّا كندماني جذيمة حقبة

من الدهر ، حتى قيل لن يتصدّعا

فلما تفرقنا ، كأني ومالكا ،

لطول اجتماع ، لم نبت ليلة معا

حَبَشى : بفتح أوله وثانيه ، قال أبو عبيد السكوني : حبشي جبل شرقي سميراء يسار منه إلى ماء يقال له خوّة للحارث بن ثعلبة ، وقال غيره : حبشي ، بالتحريك ، جبل في بلاد بني أسد ، وفي كتاب الأصمعي : حبشي جبل يشترك فيه الناس وحوله مياه تحيط به ، منها : الشبكة والخوّة والرجيعة والذّنبة وثلاثان كلها لبني أسد.

الحَبْلُ : الرسن ، والحبل العهد ، والحبل الأمان ، والحبل الرمل المستطيل ، وحبل العاتق عصب ، وحبل الوريد عرق في العنق ، وحبل الذراع في اليد.

وحبل عرفة : عند عرفات ، قال أبو ذؤيب الهذلي :

فروّحها عند المجاز عشية ،

تبادر أولى السابقات إلى الحبل

وقال الحسين بن مطير الأسدي :

خليليّ من عمرو قفا وتعرّفا

لسهمة دارا ، بين لينة فالحبل

تحمّل منها أهلها حين أجدبت ،

وكانوا بها في غير جدب ولا محل

وقد كان ، في الدار التي هاجت الهوى ،

شفاء الجوى لو كان مجتمع الشمل

والحبل أيضا : موضع بالبصرة على شاطئ الفيض ممتد معه.

حُبَلُ : بوزن زفر وجرذ ، ويجوز أن يكون جمع حبلة نحو برقة وبرق ، وهو ثمر العضاه ، ومنه حديث سعد : أتينا النبي ، صلى الله عليه وسلم ، ما لنا طعام إلا حبلة وورق السّمر ، وهو جمع حبلة أيضا ، وهو حلي يجعل في القلائد ، قال :

وقلائد من حبلة وسلوس

ويجوز أن يكون معدولا عن حابل ، وهو الذي ينصب الحبالة للصيد. وحبل : موضع باليمامة ، وفي حديث سراج بن مجّاعة بن مرارة بن سلمى عن أبيه عن جده قال : أتيت النبي ، صلى الله عليه وسلم ، فأقطعني الغورة وغرابة والحبل ، وبين الحبل وحجر خمسة فراسخ ، قال لبيد يصف ناقة :

فإذا حرّكت غرزي أجمزت ،

وقرابي عدو جون قد أبل

بالغرابات فزرّافاتها ،

فبخنزير فأطراف حبل

يسئد السير عليها راكب ،

رابط الجأش على كل وجل

حَبْلةُ : بالفتح ثم السكون ، ولام : قرية من قرى عسقلان ، ينسب إليها حاتم بن سنان بن بشر الحبليّ،


قال ابن نقطة : وجدت بخط عبد الوهاب بن عتيق ابن راذان المصري حدثنا حاتم بن سنان بن بشر الحبلي قال : حدثنا أحمد بن حاتم الأقاشي قال : سئل ربيعة ابن حاتم بن سنان عن نسبه بمصر وأنا أسمع فقال لي : حبلة قرية بالقرب من عسقلان كان لنا بها دار فاستوهبها رجل من أبيه فوهبها له.

حَبَنْجُ : قال أبو زياد وهو يذكر مياه غنيّ بن أعصر فقال : ولهم الحبنج والحنبج والحنيبج ثلاث أمواه فقيل لها الحنابج.

حَبَوْكَرُ : بفتحتين ، وسكون الواو ، وفتح الكاف ، وراء ، من أسماء الدواهي : وهو أيضا اسم رملة كثيرة الرمل.

حَبَوْتَنُ : بفتح أوله ويكسر لغتان ، وثانيه مفتوح ، والواو ساكنة ، والتاء فوقها نقطتان مفتوحة ، ونون : اسم واد باليمامة ، عن ابن القطاع وغيره ، وكذا يروى قول الأعرابي :

سقى رملة بالقاع ، بين حبوتن ،

من الغيث مرزام العشي صدوق

سقاها ، فروّاها وأقصر حولها ،

مذانب شمّا حولها وحديق

من الأثل ، أما ظلها فهو بارد

أثيث ، وأما نبتها فأنيق

حَبَوْننُ : فتحتين ، ونونين : موضع ، عن صاحب الكتاب ، بوزن فعولل ، وقال بعضهم : بكسر الحاء ، وقال ابن القطاع : وهو لغة في الذي قبله ، قال الأجدع بن مالك :

ولحقتهم بالجزع جزع حبونن ،

يطلبن أزوادا لأهل ملاع

وقال وعلة الجرميّ :

ولقد صحبتهم ببطن حبونن ،

وعليّ إن شاء المليك به ثنا

سعي امرئ لم يلهه ، عن نيله ،

بعض المفاقر من معايشه الدنا

حَبَوْنَى : مقصور : موضع ، أنشد ابن يحيى السمهري :

خليليّ لا تستعجلا وتبيّنا

بوادي حبونى : هل لهن زوال؟

ولا تيأسا من رحمة الله واسألا ،

بوادي حبونى ، أن تهبّ شمال

ولا تيأسا أن ترزقا أرحبيّة ،

كعين المها أعناقهن طوال

من الحارثيّين الذين دماؤهم

حرام ، وأما مالهم فحلال

قال أبو عليّ : هذا لا يكون فعولى ولكن يحتمل وجهين من التقدير أحدهما أن يكون سمي بجملة كما جاء :

على أطرقا باليات الخيام

والآخر أن يكون حبونى من حبوت كما أن عفرنى من العفر ، ويحتمل أن يكون حبونن فأبدل من إحدى النونين الألف كراهة التضعيف لانفتاح ما قبلها ، كقولهم : ولا أملاه أي لا أملّه ، ويحتمل أن يكون حرف العلة والنون تعاقبا على الكلمة لمقاربتهما ، كما قالوا : ددن وددا ، فإذا احتملت هذه الوجوه لم يقطع على أنها فعولى ، وقال الفرزدق :

وأهل حبونى من مراد تداركت ،

وجرما بواد خالط البحر ساحله

قال أبو عبيدة في تفسيره : حبونى من أرض مراد ، أراد حبونن فلم يمكنه.


الحُبَيَّا : بالضم ثم الفتح ، وياء مشددة ، مقصورا : موضع بالشام ، قال نصر : وأظن أن بالحجاز موضعا يقال له الحبيّا ، قال : وربما قالوا الحبيا وهم يريدون الحبيّ ، قال بعضهم :

من عن يمين الحبيّا نظرة قبل

وقال آخر :

بمعترك ضنك الحبيّا ترى به ،

من القوم ، محدوسا وآخر حادسا

حَبيبٌ : بالفتح ثم الكسر ، وياء ساكنة ، وباء أخرى : بلد من أعمال حلب يقال له بطنان حبيب ، ذكر في بطنان. ودرب حبيب : ببغداد من نهر معلّى ، ينسب إليه المحدثون هبة الله بن محمد بن الحسن بن أحمد بن طلحة أبا القاسم بن أبي غالب الحبيبي من أولاد المحدثين ، سمع أباه وأبا عبد الله الحسين بن أحمد بن طلحة البغال وأبا الحسن عليّ بن محمد العلاف المقري ، ذكره أبو سعد في معجمه.

حُبيبَةُ : بلفظ تصغير حبّة : ناحية في طفوف البطيحة متصلة بالبادية وتقرب من البصرة.

الحُبيبَةُ : مصغر منسوب : من قرى اليمامة.

حَبِيرٌ : بالفتح ثم الكسر ، وياء ساكنة ، وراء ، قال أبو منصور : الحبير من السحاب ما يرى فيه من التنمير من كثرة الماء ، قال : والحبير من زبد اللّغام إذا صار على رأس البعير ، قال : وهو تصحيف والصواب الخبير ، بالخاء المعجمة ، في زبد اللغام ، قال : وأما الخبير بمعنى السحاب فلا أعرفه فإن كان من قول الهذلي :

تعدّ من جانبيه الخبير ،

لما وهي مزنه فاستبيحا

فهو بالخاء أيضا. والحبير : موضع بالحجاز ، قال الفضل بن العباس اللهبي :

سقى دمن المواثل من حبير

بواكر من رواعد ساريات

ويجوز أن يكون أراد ههنا السحاب ما يرى.

حَبيسٌ : بالفتح ثم الكسر ، وياء ساكنة ، وسين مهملة : موضع بالرقة فيه قبور قوم شهداء ممن شهد صفّين مع عليّ بن أبي طالب ، رضي الله عنه. وذات حبيس : موضع بمكة بقرب الجبل الأسود الذي يقال له أظلم ، قال الراعي :

فلا تصرمي حبل الدهيم جريرة ،

بترك مواليها الأدانين ضيّعا

يسوّقها ترعيّة ذو عباءة ،

بما بين نقب فالحبيس فأفرعا

والحبيس : قلعة بالسواد من أعمال دمشق يقال لها حبيس جلدك.

حُبَيشٌ : بلفظ التصغير ، وآخره شين معجمة : موضع في قول نصر.

حَبيضٌ : بالفتح ثم الكسر ، وياء ساكنة ، وضاد معجمة : جبل بالقرب من معدن بني سليم يمنة الحاج إلى مكة ، عن أبي الفتح.

حُبَّينُ : بالضم ثم الكسر ، والتشديد ، وياء ساكنة ، ونون ، سكّة حبّين : بمرو ، كذا تقولها العامّة وأصلها سكة حبّان بن جبلة ثم غيّروها ، كذا قال أبو سعد ، ينسب إليها أبو منصور عبد الله بن الحسن بن أبي الحسن الحبيني المروزي ، حدث عن عبد الرحمن بن أحمد ابن محمد بن إسحاق الشيرنخشيري وغيره ، سمع منه أبو القاسم

هبة الله بن عبد الوارث الشيرازي.

حُبَيُّ : بالضم ثم الفتح ، وياء مشددة ، بلفظ التصغير : وهو موضع بتهامة كان لبني أسد وكنانة ، قال


مضرّس بن ربعيّ :

لعمرك إنّني ، بلوى حبيّ ،

لأرجي عائنا حذرا أروحا

رأى طيرا تمر ببين سلمى ،

وقيل النفس إلا ان تريحا

حُبَّى : بالضم ، وتشديد الباء ، والقصر : موضع في قول الراعي :

أبت آيات حبّى أن تبينا

لنا خبرا ، فأبكين الحزينا

باب الحاء والتاء وما يليهما

حَتَّى : مقصور ، بلفظ حتّى من الحروف ، من خط ابن مختار من خط الوزير المغربي أنه اسم موضع ، قال نصر : حتّى من جبال عمان أو جبلة.

الحُتَاتُ : بالضم ، وآخره تاء : أيضا قطيعة بالبصرة واسم رجل ، وحتات كلّ شيء : ما تحاتّ منه.

حَتَّاوَةُ : بالفتح ثم التشديد ، وبعد الألف واو مفتوحة ، وهاء : من قرى عسقلان ، ينسب إليها عمرو بن حليف أبو صالح الحتّاوي ، عن روّاد بن الجرّاح وزيد بن أسلم وغيرهما ، روى عنه عبد العزيز العسقلاني ، ذكره ابن عدي في الضّعفاء.

الحُتُّ : بالضم ثم التشديد : موضع بعمان ، ينسب إليه الحتّ من كندة وليس بأمّ لهم ولا أب ، وقال الزمخشري : الحتّ من جبال القبلية لبني عرك من جهينة ، عن عليّ بن أزيد بن شريح بن بحير بن أسعد ابن ثابت بن سبد بن رزام بن مازن بن ثعلبة بن ذبيان بن بغيض في طعنة طعنها آبي اللحم الغفاري في شرّ كان بين ثعلبة بن سعد وبني غفار بن مليك بن ضمرة بن بكر بن عبد مناة بن كنانة :

حميت ذمار ثعلبة بن سعد

بجنب الحتّ ، إذ دعيت نزال

وأدركني ابن آبي اللحم يجري ،

وأجرى الخيل حاجزه التوالي (١)

طعنت مجامع الأحشاء منه

بمفتوق الوقيعة ، كالهلال

فإن يهلك فذلك كان قدري ،

وإن يبرأ فإنّي لا أبالي

وقال الحازمي : الحتّ محلّة من محالّ البصرة خارجة من سورها ، سميت بقبيل من اليمن نزلوها ، قلت : أراهم من كندة المقدم ذكرهم.

حَتْمَةُ : مفتوح ، وهو واحد الحتم ، وهو القضاء : صخرات مشرفات في ربع عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، بمكة ، عن العمراني ، ورواه الحازمي بالثاء المثلثة كما يذكر عقيب هذا.

باب الحاء والثاء وما يليهما

الحَثَا : بالفتح ، والقصر : موضع بالشام في قول عدي ابن الرقاع :

يا من رأى برقا أرقت لضوئه ،

أمسى تلألأ في حواركه العلى

فأصاب أيمنه المزاهر كلها ،

واقتمّ أيسره أثيدة فالحثا

حِثَاثُ : بالكسر ، وفي آخره ثاء أخرى ، كأنه جمع حثيث أي سريع : وهو عرض من أعراض المدينة.

حَثْمَةُ : بالفتح ثم السكون ، وميم ، والحثمة الأكمة الحمراء ، وقال الأزهري : الحثمة ، بالتحريك ، الأكمة ، ولم يذكر الحمراء ، قال : ويجوز تسكين الثاء. وحثمة : موضع بمكة قرب الحزورة من

__________________

(١) قوله : حاجزه التوالي ، هكذا في الأصل.


دار الأرقم ، وقيل : الحثمة صخرات في ربع عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، بمكة ، وفي حديث عمر أنه قال : إني أولى بالشهادة وإن الذي أخرجني من الحثمة لقادر على أن يسوقها اليّ ، وقال مهاجر بن عبد الله المخزومي:

لنساء ، بين الحجون إلى الحث

مة في مظلمات ليل وشرق

قاطنات الحجون ، أشهى إلى النف

س من الساكنات دور دمشق

يتضوّعن أن يضمّخن بالمس

ك ضماخا ، كأنه ريح مرق

حُثُنٌ : بضمتين ، وآخره نون : موضع في بلاد هذيل ، عن الأزهري ، وقال غيره : موضع عند المثلّم بينه وبين مكة يومان ، قال سلمى بن مقعد القرمي :

إنا نزعنا من مجالس نخلة ،

فنجيز من حثن بياض مثلّما

قوله نزعنا أي جئنا ، ونجيز أي نمرّ ، وقال قيس ابن العيزارة الهذلي :

وقال نساء : لو قتلت نساءنا ،

سواكنّ ذو البثّ الذي أنا فاجع

رجال ونسوان بأكناف راية

إلى حثن ، تلك الدموع الدوافع

وقال أيضا :

أرى حثّنا أمسى ذليلا ، كأنه

تراث وخلّاه الصّعاب الصّعاتر

وكاد يوالينا ، ولسنا بأرضهم ،

قبائل من فهم وأفصى وثابر

باب الحاء والجيم وما يليهما

حَجّاجٌ : بالفتح والتشديد ، وآخره جيم : من قرى بيهق من أعمال نيسابور ، منها أبو سعيد إسماعيل بن محمد بن أحمد الحجّاجي الفقيه الحنفي ، كان حسن الطريقة ، روى عن القاضي أبي بكر أحمد بن الحسن الحيري وأبي سعد محمد بن موسى بن شاذان الصّيرفي وأبي القاسم السّرّاج وغيرهم ، وتوفي في حدود سنة ٤٨٠.

الحِجارَةُ : جمع الحجر : كورة بالأندلس يقال لها وادي الحجارة ، ينسب إليها بالحجاري جماعة ، منهم : محمد بن إبراهيم بن حيّون ، وسعيد بن مسعدة الحجاري محدّث ، مات سنة ٤٢٧.

الحِجاز : بالكسر ، وآخره زاي ، قال أبو بكر الأنباري : في الحجاز وجهان : يجوز أن يكون مأخوذا من قول العرب حجز الرجل بعيره يحجزه إذا شدّه شدّا يقيده به ، ويقال للحبل حجاز ، ويجوز أن يكون سمي حجازا لأنه يحتجز بالجبال ، يقال : احتجزت المرأة إذا شدّت ثيابها على وسطها واتّزرت ، ومنه قيل حجزة السراويل ، وقول العامة حزّة السراويل خطأ ، قال عبيد الله المؤلف ، رحمه الله تعالى : ذكر أبو بكر وجهين قصد فيهما الإعراب ولم يذكر حقيقة ما سمي به الحجاز حجازا ، والذي أجمع عليه العلماء أنه من قولهم حجزه يحجزه حجزا أي منعه. والحجاز : جبل ممتدّ حالّ بين الغور غور تهامة ونجد فكأنه منع كلّ واحد منهما أن يختلط بالآخر فهو حاجز بينهما ، وهذه حكاية أقوال العلماء ، قال الخليل : سمي الحجاز حجازا لأنه فصل بين الغور والشام وبين البادية ، وقال عمارة بن


عقيل : ما سال من حرّة بني سليم وحرّة ليلى فهو الغور حتى يقطعه البحر ، وما سال من ذات عرق مغربا فهو الحجاز إلى أن تقطعه تهامة ، وهو حجاز أسود حجز بين نجد وتهامة ، وما سال من ذات عرق مقبلا فهو نجد إلى أن يقطعه العراق ، وقال الأصمعي : ما احتزمت به الحرار حرّة شوران وحرّة ليلى وحرّة واقم وحرّة النار وعامة منازل بني سليم إلى المدينة ، فذلك الشقّ كله حجاز ، وقال الأصمعي أيضا في كتاب جزيرة العرب : الحجاز اثنتا عشرة دارا : المدينة وخيبر وفدك وذو المروة ودار بليّ ودار أشجع ودار مزينة ودار جهينة ونفر من هوازن وجلّ سليم وجلّ هلال وظهر حرّة ليلى ، ومما يلي الشام شغب وبدا ، وقال الأصمعي في موضع آخر من كتابه : الحجاز من تخوم صنعاء من العبلاء وتبالة إلى تخوم الشام ، وإنما سمي حجازا لأنه حجز بين تهامة ونجد ، فمكة تهامية والمدينة حجازية والطائف حجازية ، وقال غيره : حدّ الحجاز من معدن النقرة إلى المدينة ، فنصف المدينة حجازيّ ونصفها تهاميّ ، وبطن نخل حجازي وبحذائه جبل يقال له الأسود نصفه حجازي ونصفه نجديّ ، وذكر ابن أبي شبّة أن المدينة حجازية ، وروي عن أبي المنذر هشام أنه قال : الحجاز ما بين جبلي طيّء إلى طريق العراق لمن يريد مكة ، سمي حجازا لأنه حجز بين تهامة ونجد ، وقيل : لأنه حجز بين الغور والشام وبين السراة ونجد ، وعن إبراهيم الحربي أن تبوك وفلسطين من الحجاز ، وذكر بعض أهل السير أنه لما تبلبلت الألسن ببابل وتفرّقت العرب إلى مواطنها سار طسم بن إرم في ولده وولد ولده يقفو آثار إخوته وقد احتووا على بلدانهم ، فنزل دونهم بالحجاز فسموها حجازا لأنها حجزتهم عن المسير في آثار القوم لطيبها في ذلك الزمان وكثرة خيرها ، وأحسن من هذه الأقوال جميعها وأبلغ وأتقن قول أبي المنذر هشام بن أبي النضر الكلبي ، قال في كتاب افتراق العرب وقد حدّد جزيرة العرب ثم قال : فصارت بلاد العرب من هذه الجزيرة التي نزولها وتوالدوا فيها على خمسة أقسام عند العرب في أشعارهم وأخبارهم : تهامة والحجاز ونجد والعروض واليمن ، وذلك أن جبل السراة ، وهو أعظم جبال العرب وأذكرها ، أقبل من قعرة اليمن حتى بلغ أطراف بوادي الشام فسمّته العرب حجازا لأنه حجز بين الغور ، وهو تهامة ، وهو هابط ، وبين نجد وهو ظاهر ، فصار ما خلف ذلك الجبل في غربيه إلى أسياف البحر من بلاد الأشعريين وعكّ وكنانة وغيرها ، ودونها إلى ذات عرق والجحفة وما صاقبها ، وغار من أرضها الغور غور تهامة ، وتهامة تجمع ذلك كله ، وصار ما دون ذلك الجبل في شرقيه من صحاري نجد إلى أطراف العراق والسماوة وما يليهما نجدا ، ونجد تجمع ذلك كله ، وصار الجبل نفسه ، وهو سراته ، وهو الحجاز وما احتجز به في شرقيه من الجبال وانحاز إلى ناحية فيد والجبلين إلى المدينة ، ومن بلاد مذحج تثليث وما دونها إلى ناحية فيد حجازا ، والعرب تسميه نجدا وجلسا وحجازا ، والحجاز يجمع ذلك كله ، وصارت بلاد اليمامة والبحرين وما والاهما العروض ، وفيها نجد وغور لقربها من البحر وانخفاض مواضع منها ومسائل أودية فيها ، والعروض يجمع ذلك كله ، وصار ما خلف تثليث وما قاربها إلى صنعاء وما والاها من البلاد إلى حضرموت والشّحر وعمان وما بينها اليمن ، وفيها التهايم والنجد ، واليمن تجمع ذلك كله.

قال أبو المنذر : فحدّثنى أبو مسكين محمد بن جعفر


ابن الوليد عن أبيه عن سعيد بن المسيب قال : إنّ الله تعالى لما خلق الأرض مادت فضربها بهذا الجبل ، يعني السراة ، وهو أعظم جبال العرب وأذكرها ، فإنه أقبل من ثغرة اليمن حتى بلغ أطراف بوادي الشام فسمته العرب حجازا لأنه حجز بين الغور وهو هابط ، وبين نجد وهو ظاهر ، ومبدؤه من اليمن حتى بلغ أطراف بوادي الشام فقطعته الأودية حتى بلغ ناحية نخلة ، فكان منها حيض ويسوم ، وهما جبلان بنخلة ، ثم طلعت الجبال بعد منه فكان منها الأبيض جبل العرج وقدس وآرة والأشعر والأجرد ، وأنشد للبيد :

مرّيّة حلّت بفيد وجاورت

أرض الحجاز ، فأين منك مرامها؟

وقد أكثرت شعراء العرب من ذكر الحجاز واقتدى بهم المحدثون ، وسأورد منه قليلا من كثير من الحنين والتشوق ، قال بعض الأعراب :

تطاول ليلي بالعراق ، ولم يكن

عليّ بأكناف الحجاز يطول

فهل لي إلى أرض الحجاز ومن به

بعاقبة ، قبل الفوات ، سبيل؟

إذا لم يكن بيني وبينك مرسل ،

فريح الصّبا منّي إليك رسول

وقال أعرابيّ آخر :

سرى البرق من أرض الحجاز فشاقني ،

وكلّ حجازيّ له البرق شائق

فوا كبدي مما ألاقي من الهوى ،

إذا حنّ إلف أو تألّق بارق!

وقال آخر :

كفى حزنا أني ببغداد نازل ،

وقلبي بأكناف الحجاز رهين

إذا عنّ ذكر للحجاز استفزّني ،

إلى من بأكناف الحجاز ، حنين

فو الله ما فارقتهم قاليا لهم ،

ولكنّ ما يقضى فسوف يكون

وقال الأشجع بن عمرو السّلمي :

بأكناف الحجاز هوى دفين ،

يؤرّقني إذا هدت العيون

أحنّ إلى الحجاز وساكنيه ،

حنين الإلف فارقه القرين

وأبكي حين ترقد كل عين ،

بكاء بين زفرته أنين

أمرّ على طبيب العيس نأي ،

خلوج بالهوى الأدنى ، شطون؟

فإن بعد الهوى وبعدت عنه ،

وفي بعد الهوى تبدو الشجون ،

فأعذر من رأيت على بكاء ،

غريب عن أحبته حزين

يموت الصّبّ والكتمان عنه ،

إذا حسن التذكّر والحنين

الحجَائزُ : كأنه جمع حاجز ، وهو المانع ، بالزاي : من قلات العارض باليمامة.

حَجْبَةُ : بالفتح ثم السكون ، والباء موحدة ، وهاء : من قرى اليمن من بلاد سنحان.

الحِجْرُ : بالكسر ثم السكون ، وراء ، وهو في اللغة ما حجرت عليه أي منعته من أن يوصل إليه ، وكل ما منعت منه فقد حجرت عليه ، والحجر العقل


واللب ، والحجر ، بالكسر والضم ، الحرام ، لغتان معروفتان فيه. والحجر : اسم ديار ثمود بوادي القرى بين المدينة والشام ، قال الإصطخري : الحجر قرية صغيرة قليلة السكان ، وهو من وادي القرى على يوم بين جبال ، وبها كانت منازل ثمود ، قال الله تعالى : (وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً فارِهِينَ) ، قال : ورأيتها بيوتا مثل بيوتنا في أضعاف جبال ، وتسمى تلك الجبال الأثالث ، وهي جبال إذا رآها الرائي من بعد ظنها متّصلة فإذا توسطها رأى كل قطعة منها منفردة بنفسها ، يطوف بكل قطعة منها الطائف وحواليها الرمل لا تكاد ترتقى ، كل قطعة منها قائمة بنفسها ، لا يصعدها أحد إلا بمشقة شديدة ، وبها بئر ثمود التي قال الله فيها وفي الناقة : (لَها شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ) ، قال جميل :

أقول لداعي الحب ، والحجر بيننا

ووادي القرى : لبّيك! لما دعانيا

فما أحدث النأي المفرّق بيننا

سلوّا ، ولا طول اجتماع تقاليا

والحجر أيضا : حجر الكعبة ، وهو ما تركت قريش في بنائها من أساس إبراهيم ، عليه السلام ، وحجرت على الموضع ليعلم أنه من الكعبة ، فسمّي حجرا لذلك ، لكن فيه زيادة على ما فيه البيت حدّة ، وفي الحديث : من نحو سبعة أذرع ، وقد كان ابن الزبير أدخله في الكعبة حين بناها فلما هدم الحجّاج بناءه صرفه عما كان عليه في الجاهلية ، وفي الحجر قبر هاجر أم إسماعيل ، عليه السلام. والحجر أيضا ، قال عرام بن الأصبغ وهو يذكر نواحي المدينة فذكر الرّحضيّة ثم قال : وحذاءها قرية يقال لها الحجر وبها عيون وآبار لبني سليم خاصّة وحذاءها جبل ليس بالشامخ يقال له قنّة الحجر.

حَجْرٌ : بالفتح ، يقال : حجرت عليه حجرا إذا منعته فهو محجور ، والحجر ، بالكسر ، بمعنى واحد.

وحجر : هي مدينة اليمامة وأم قراها ، وبها ينزل الوالي ، وهي شركة إلا أن الأصل لحنيفة ، وهي بمنزلة البصرة والكوفة ، لكل قوم منها خطّة إلا أن العدد فيه لبني عبيد من بني حنيفة ، وقال أبو عبيدة معمر بن المثنّى : خرجت بنو حنيفة بن لجيم ابن صعب بن علي بن بكر بن وائل يتبعون الريف ويرتادون الكلأ حتى قاربوا اليمامة على السّمت الذي كانت عبد القيس سلكته لما قدمت البحرين ، فخرج عبيد بن ثعلبة بن يربوع بن ثعلبة بن الدؤل بن حنيفة منتجعا بأهله وماله يتبع مواقع القطر حتى هجم على اليمامة فنزل موضعا يقال له قارات الحبل ، وهو من حجر على يوم وليلة ، فأقام بها أياما ومعه جار من اليمن من سعد العشيرة ثم من بني زبيد ، فخرج راعي عبيد حتى أتى قاع حجر فرأى القصور والنخل وأرضا عرف أن لها شأنا وهي التي كانت لطسم وجديس فبادوا كما يذكر ، إن شاء الله تعالى ، في اليمامة ، فرجع الراعي حتى أتى عبيدا فقال : والله إني رأيت آطاما طوالا وأشجارا حسانا هذا حملها ، وأتى بالتمر معه مما وجده منتثرا تحت النخل ، فتناول منه عبيد وأكل وقال : هذا والله طعام طيّب! وأصبح فأمر بجزور فنحرت ثم قال لبنيه وغلمانه : اجتزروا حتى آتيكم ، وركب فرسه وأردف الغلام خلفه وأخذ رمحه حتى أتى حجرا فلما رآها لم يحل عنها وعرف أنها أرض لها شأن فوضع رمحه في الأرض ثم دفع الفرس واحتجر ثلاثين قصرا وثلاثين حديقة وسماها حجرا وكانت تسمى اليمامة ، فقال في ذلك :

حللنا بدار كان فيها أنيسها ،

فبادوا وخلّوا ذات شيد حصونها


فصاروا قطينا للفلاة بغربة

رميما ، وصرنا في الديار قطينها

فسوف يليهما بعدنا من يحلها ،

ويسكن عرضا سهلها وحزونها

ثم ركز رمحه في وسطها ورجع إلى أهله فاحتملهم حتى أنزلهم بها ، فلما رأى جاره الزبيدي ذلك قال : يا عبيد الشرك! قال : لا بل الرضا ، فقال : ما بعد الرضا إلا السخط ، فقال عبيد : عليك بتلك القرية فانزلها ، القرية بناحية حجر على نصف فرسخ منها ، فأقام بها الزبيدي أياما ثم غرض فأتى عبيدا فقال له : عوّضني شيئا فإني خارج وتارك ما ههنا ، فأعطاه ثلاثين بكرة ، فخرج ولحق بقومه ، وتسامعت بنو حنيفة ومن كان معهم من بكر بن وائل بما أصاب عبيد بن ثعلبة فأقبلوا فنزلوا قرى اليمامة وأقبل زيد ابن يربوع عمّ عبيد حتى أتى عبيدا فقال : أنزلني معك حجرا ، فقام عبيد وقبض على ذكره وقال : والله لا ينزلها إلا من خرج من هذا ، يعني أولاده ، فلم يسكنها إلا ولده ، وليس بها إلا عبيدي ، وقال لعمه : عليك بتلك القرية التي خرج منها الزبيدي فانزلها ، فنزلها في أخبية الشعر وعبيد وولده في القصور بحجر ، فكان عبيد يمكث الأيام ثم يقول لبنيه : انطلقوا إلى باديتنا ، يريد عمه ، فيمضون يتحدثون هنالك ثم يرجعون ، فمن ثمّ سميت البادية ، وهي منازل زيد وحبيب وقطن ولبيد بني يربوع بن ثعلبة بن الدؤل بن حنيفة ، ثم جعل عبيد يفسل النخل فيغرسها فتخرج ولا تخلف ، ففعل أهل اليمامة كلهم ذلك ، فهذا هو السبب في تسميتها حجرا ، وقد أكثرت الشعراء من ذكرها والتشوق إليها ، فروي عن نفطويه قال : قالت أم موسى الكلابية وكان تزوجها رجل من أهل حجر اليمامة ونقلها إلى هنالك :

قد كنت أكره حجرا أن ألمّ بها ،

وأن أعيش بأرض ذات حيطان

لا حبّذا العرف الأعلى وساكنه ،

وما تضمّن من مال وعيدان

أبيت أرقب نجم الليل قاعدة

حتى الصباح ، وعند الباب علجان

لو لا مخافة ربي أن يعاقبني ،

لقد دعوت على الشيخ ابن حيّان

وكان رجل من بني جشم بن بكر يقال له جحدر يخيف السبيل بأرض اليمن ، وبلغ خبره الحجاج ، فأرسل إلى عامله باليمن يشدد عليه في طلبه ، فلم يزل يجد في أمره حتى ظفر به وحمله إلى الحجاج بواسط ، فقال له : ما حملك على ما صنعت؟ فقال : كلب الزمان وجراءة الجنان ، فأمر بحبسه فحبس ، فحنّ إلى بلاده وقال:

لقد صدع الفؤاد ، وقد شجاني

بكاء حمامتين تجاوبان

تجاوبتا بصوت أعجميّ

على غصنين : من غرب وبان

فأسبلت الدموع بلا احتشام ،

ولم أك باللئيم ولا الجبان

فقلت لصاحبيّ : دعا ملامي ،

وكفّا اللوم عني واعذراني

أليس الله يعلم أن قلبي

يحبك أيها البرق اليماني؟

وأهوى أن أعيد إليك طرفي

على عدواء من شغلي وشاني

أليس الله يجمع أم عمرو

وإيانا ، فذاك بنا تدان؟


بلى! وترى الهلال كما أراه ،

ويعلوها النهار كما علاني

فما بين التفرق غير سبع

بقين من المحرم ، أو ثمان

ألم ترني غذيت أخا حروب ،

إذا لم أجن كنت مجنّ جان؟

أيا أخويّ من جشم بن بكر ،

أقلّا اللّوم إن لا تنفعاني

إذا جاوزتما سعفات حجر

وأودية اليمامة ، فانعياني

لفتيان ، إذا سمعوا بقتلي

بكى شبانهم وبكى الغواني

وقولا : جحدر أمسى رهينا ،

يحاذر وقع مصقول يماني

ستبكي كل غانية عليه ،

وكل مخضّب رخص البنان

وكل فتى له أدب وحلم

معدّيّ كريم ، غير وان

فبلغ شعره هذا الحجاج فأحضره بين يديه وقال له : أيما أحب إليك أن أقتلك بالسيف أو ألقيك للسباع؟فقال له : أعطني سيفا وألقني للسباع! فأعطاه سيفا وألقاه إلى سبع ضار مجوّع فزأر السبع وجاءه فتلقاه بالسيف ففلق هامته ، فأكرمه الحجاج واستنابه وخلع عليه وفرض له في العطاء وجعله من أصحابه ، وأنشد ابن الأعرابي في نوادره لبعض اللصوص :

هل الباب مفروج ، فأنظر نظرة

بعين قلت حجرا وطال احتمامها؟

ألا حبّذا الدهنا وطيب ترابها ،

وأرض فضاء يصدح الليل هامها

وسير المطايا بالعشيات والضحى ،

إلى بقر وحش العيون اكامها

والحجر أيضا حجر الراشدة : موضع في ديار بني عقيل ، وهو مكان ظليل أسفله كالعمود وأعلاه منتشر ، عن أبي عبيد. والحجر أيضا : واد بين بلاد عذرة وغطفان. والحجر أيضا : جبل في بلاد غطفان.

والحجر أيضا حجر بني سليم : قرية لهم.

حُجْرُ : بالضم : قرية باليمن من مخاليف بدر ، كذا قال ابن الفقيه ، وبدر هذه التي باليمن غير بدر صاحبة غزوة بدر ، قال أبو سعد : حجر ، بالضم ، اسم موضع باليمن ، إليه ينسب أحمد بن علي الهذلي الحجري ، ذكره هبة الله بن عبد الوارث الشيرازي فقال : أنشدني أحمد بن علي الهذلي لنفسه بالحجر باليمن :

ذكرت ، والدّمع يوم البين ينسجم ،

وعبرة الوجد في الأحشاء تضطرم ،

مقالة المتنبي عند ما زهقت

نفسي ، وعبرتها تفيض وهي دم

يا من يعزّ علينا أن نفارقهم ،

وجداننا كل شيء بعدكم عدم

وأبرقا حجر : جبلان على طريق حاجّ البصرة بين جديلة وفلجة ، كان حجر أبو امرئ القيس يحلّهما ، وهناك قتله بنو أسد.

الحجَرُ الأَسْوَد : قال عبد الله بن العباس : ليس في الأرض شيء من الجنة إلا الركن الأسود والمقام ، فإنهما جوهرتان من جوهر الجنّة ، ولو لا من مسهما من أهل الشرك ما مسهما ذو عاهة إلا شفاه الله ، وقال عبد الله بن عمرو بن العاص : الركن والمقام ياقوتتان من يواقيت الجنة طمس الله نورهما ، ولو لا ذلك لأضاءا ما بين المشرق والمغرب ، وقال محمد بن علي :


ثلاثة أحجار من الجنة : الحجر الأسود والمقام وحجر بني إسرائيل ، وقال أبو عرارة : الحجر الأسود في الجدار ، وذرع ما بين الحجر الأسود إلى الأرض ذراعان وثلثا ذراع ، وهو في الركن الشمالي ، وقد ذكرت أركان الكعبة في مواضعها ، وقال عياض : الحجر الأسود يقال هو الذي أراده النبي ، صلى الله عليه وسلم ، حين قال : إني لأعرف حجرا كان يسلّم عليّ ، إنه ياقوتة بيضاء أشد بياضا من اللبن فسوّده الله تعالى بخطايا بني آدم ولمس المشركين إياه ، ولم يزل هذا الحجر في الجاهلية والإسلام محترما معظّما مكرّما يتبركون به ويقبّلونه إلى أن دخل القرامطة ، لعنهم الله ، في سنة ٣١٧ إلى مكة عنوة ، فنهبوها وقتلوا الحجّاج وسلبوا البيت وقلعوا الحجر الأسود وحملوه معهم إلى بلادهم بالأحساء من أرض البحرين ، وبذل لهم بجكم التركي الذي استولى على بغداد في أيام الراضي بالله ألوف دنانير على أن يردوه فلم يفعلوا حتى توسط الشريف أبو علي عمر بن يحيى العلوي بين الخليفة المطيع لله في سنة ٣٣٩ وبينهم حتى أجابوا إلى ردّه وجاءوا به إلى الكوفة وعلقوه على الأسطوانة السابعة من أساطين الجامع ثم حملوه وردّوه إلى موضعه واحتجوا وقالوا : أخذناه بأمر ورددناه بأمر ، فكانت مدة غيبته اثنتين وعشرين سنة ، وقرأت في بعض الكتب أن رجلا من القرامطة قال لرجل من أهل العلم بالكوفة ، وقد رآه يتمسّح به وهو معلّق على الأسطوانة السابعة كما ذكرناه : ما يؤمنكم أن نكون غيبنا ذلك الحجر وجئنا بغيره؟ فقال له : إن لنا فيه علامة ، وهو أننا إذا طرحناه في الماء لا يرسب ، ثم جاء بماء فألقوه فيه فطفا على وجه الماء.

وحجر الشّغرى ، الغين والشين معجمتان وراء ، بوزن سكرى ، ورواه العمراني بالزاي ، والأول أكثر ، ولم أجد في كتب اللغة كلمة على شغز إلا ما ذكره الأزهري عن ابن الأعرابي أن الشغيزة المخيط ، يعني المسلّة ، عربية سمعها الأزهري بالبادية ، وأما الراء فيقال : شغر الكلب إذا رفع إحدى رجليه ليبول ، وشغر البلد إذا خلا من الناس ، وفيه غير ذلك ، وهو حجر بالمعرّف ، وقيل مكان ، وقال أبو خراش الهذلي :

فكدت ، وقد خلّفت أصحاب فائد

لدى حجر الشغرى ، من الشدّ أكلم

كذا رواه السكري ، ورواه بعضهم لدى حجر الشّغرى بضمتين. حجر الذّهب : محلّة بدمشق ، أخبرني به الحافظ أبو عبد الله بن النجار عن زين الأمناء أبي البركات الحسن بن محمد بن الحسن بن عبد الله بن عساكر ، وقال الحافظ أبو القاسم الدمشقي : أحمد ابن يحيى من أهل حجر الذهب ، روى عن إسماعيل ابن إبراهيم ، أظنّه أبا معمر ، وأبي نعيم عبيد بن هشام ، روى عنه أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن صالح ابن سنان وأثنى عليه. حجر شغلان ، بضم الشين المعجمة وسكون الغين المعجمة أيضا ، وآخره نون : حصن في جبل اللّكّام قرب أنطاكية مشرف على بحيرة يغرا ، وهو للداوية من الفرنج ، وهم قوم حبسوا أنفسهم على قتال المسلمين ومنعوا أنفسهم النكاح ، فهم بين الرهبان والفرسان.

حَجْرَةُ : بالفتح ثم السكون ، والراء : بلد باليمن.

حِجْرَا : بالكسر ثم السكون ، وراء ، وألف مقصورة : من قرى دمشق ، ينسب إليها غير واحد ، منهم : محمد بن عمرو بن عبد الله بن رافع بن عمرو الطائي الحجراويّ ، حدث عن أبيه عن جده ، روى عنه ابن ابنه يحيى بن عبد الحميد ؛ وعمرو بن عتبة بن


عمارة بن يحيى بن عبد الحميد بن يحيى بن عبد الحميد ابن محمد بن عمرو بن عبد الله بن رافع بن عمرو أبو الحسن الطائي الحجراوي ، روى عن عمّ أبيه السلم بن يحيى ، روى عنه تمام بن محمد الرازي ، قال : حدثنا إملاء في محرم سنة ٣٥٠ بقرية حجرا ، وزعم أن له ١٢٠ سنة.

الحَجْلاءُ : بالفتح ثم السكون ، وهو في اللغة الشاة التي ابيضّت أوظفتها ؛ قال سلمى بن المقعد القرمي الهذلي :

إذا حبس الذّلّان في شر عيشة ،

كبدت بها بالمستسنّ الأراجل

فما إن لقوم في لقائي طرفة ،

بمنخرق الحجلاء ، غير المعابل

الحجلاوان : مثنى في قول حميد بن ثور :

في ظل حجلاوين سيل معتلج

وقال أبو عمرو : هما قلّتان.

حُجُور : بضمتين ، وسكون الواو ، وراء ، قال أبو الفتح نصر : جاء في الشعر أريد به جمع حجر ، وقيل : هو مكان آخر ، وقيل : ذات حجور ، بالفتح.

حَجُور : بالفتح ، يجوز أن يكون فعولا بمعنى فاعل من الحجر ، كأنه مكثر في هذا المكان الحجر أي المنع ، مثل شكور بمعنى شاكر ، وناقة حلوب بمعنى كثيرة الحلب. حجور : موضع في ديار بني سعد بن زيد مناة بن تميم وراء عمان ، قال الفرزدق :

لو كنت تدري ما برمل مقيّد

بقرى عمان ، إلى ذوات حجور

ورواه بعضهم بضم أوله وزعم أنه مكان يقال له حجر فجمعه بما حوله. وحجور أيضا : موضع باليمن سمي بحجور بن أسلم بن عليان بن زيد بن جشم بن حاشد ابن جشم بن خيوان بن نوف بن همدان ، وأخبرني الثقة أن باليمن قرب زبيد موضعا يقال له حجوري اليمن ، وقد نسب هكذا يزيد بن سعيد أبو عثمان الهمداني الحجوري ، روى عنه الوليد بن مسلم.

الحَجونُ : آخره نون ، والحجن الاعوجاج ، ومنه غزوة حجون التي يظهر الغازي الغزو إلى موضع ثم يخالف إلى غيره ، وقيل : هي البعيدة. والحجون : جبل بأعلى مكة عنده مدافن أهلها ، وقال السكري : مكان من البيت على ميل ونصف ، وقال السهيلي : على فرسخ وثلث ، عليه سقيفة آل زياد بن عبيد الله الحارثي ، وكان عاملا على مكة في أيام السّفّاح وبعض أيام المنصور ، وقال الأصمعي : الحجون هو الجبل المشرف الذي بحذاء مسجد البيعة على شعب الجزارين ، وقال مضّاض بن عمرو الجرهمي يتشوّق مكة لما أجلتهم عنها خزاعة :

كأن لم يكن بين الحجون إلى الصفا

أنيس ، ولم يسمر بمكة سامر

بلى! نحن كنا أهلها ، فأبادنا

صروف الليالي والجدود العواثر

فأخرجنا منها المليك بقدرة ،

كذلك ، يا للناس ، تجري المقادر

فصرنا أحاديثا وكنا بغبطة ،

كذلك عضّتنا السنون الغوابر

وبدّلنا كعب بها دار غربة ،

بها الذئب يعوي والعدوّ المكاشر

فسحّت دموع العين تجري لبلدة ،

بها حرم أمن وفيها المشاعر

حَجَّةُ : بالفتح ثم التشديد : جبل باليمن فيه مدينة مسمّاة به.


حَجيّان : بالتحريك : من قرى الجند باليمن.

الحَجيبُ : بالفتح ثم الكسر ، وياء ساكنة ، وباء موحدة : موضع في قول الأفوه الأودي :

فلما أن رأونا في وغاها ،

كآساد الغريفة والحجيب

حَجِيرَا : بالفتح ثم الكسر ، وياء ساكنة ، وراء ، وألف مقصورة : من قرى غوطة دمشق ، بها قبر مدرك بن زياد صحابي ، رضي الله عنه.

الحُجيْوِيَّاتُ : بلفظ التصغير : أكيمات كنّ لرجل من بني سعد يقال له حجير ، هاجر إلى النبي ، صلى الله عليه وسلم ، فأخطّه الحجيريّات وما حولها ، وبه كان منزل أوس بن مغراء الشاعر ، وقال غيره :

لقد غادرت أسياف زمّان غدوة

فتّى ، بالحجيريّات ، حلو الشمائل

الحجيلُ : باللام : ماء بالصّمّان ، قال الأفوه الأودي :

وقد مرّت كماة الحرب ، منّا ،

على ماء الدفينة والحجيل

الحجيلاءُ : تصغير حجلاء ، وقد تقدم : اسم بئر باليمامة ، قال يحيى بن طالب الحنفي :

ألا هل إلى شمّ الخزامى ونظرة

إلى قرقرى ، قبل الممات ، سبيل

فأشرب من ماء الحجيلاء شربة

يداوى بها ، قبل الممات ، عليل؟

أحدث عنك النفس أن لست راجعا

إليك ، فهمّي في الفؤاد دخيل

باب الحاء والدال وما يليهما

حَدَّاءُ : بالفتح ثم التشديد ، وألف ممدودة : واد فيه حصن ونخل بين مكة وجدّة يسمونه اليوم حدّة ، قال أبو جندب الهذلي :

بغيتهم ما بين حدّاء والحشا ،

وأوردتهم ماء الأثيل فعاصما

حِدابٌ : بالكسر ، وآخره باء موحدة ، وهو جمع حدب ، وهي الأكمة ، ومنه قوله تعالى : (وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ) ، وقيل : الحدب حدور في صبب ، ومن ذلك حدب الريح وحدب الرمل وحدب الماء ما ارتفع من أمواجه. وحداب : موضع في حزن بني يربوع كانت فيه وقعة لبكر بن وائل على بني سليط فسبوا نساءهم فأدركتهم بنو رياح وبنو يربوع فاستنقذوا منهم نساءهم وجميع ما كان في أيديهم من السبي ، قال جرير :

لقد جرّدت يوم الحداب نساؤهم ،

فساءت مجاليها وقلّت مهورها

الحَدَّادَةُ : بالفتح ، والتشديد ، وبعد الألف دال أخرى : قرية كبيرة بين دامغان وبسطام من أرض قومس ، بينها وبين الدامغان سبعة فراسخ ، ينزلها الحاجّ ، ينسب إليها محمد بن زياد الحدّادي ويقال له القومسي ، روى عن أحمد بن منيع وغيره ، وعلي بن محمد بن حاتم بن دينار بن عبيد أبو الحسن وقيل أبو الحسين القومسي الحدادي مولى بني هاشم ، سمع ببيروت العباس بن الوليد ، وبحمص أبا عمرو أحمد بن المعمر ، وبعسقلان محمد بن حماد الطّهراني وأبا قرفاصة محمد ابن عبد الوهاب وأحمد بن زيرك الصوفي ، وسمع بقيسارية والرملة ومنبج وأيلة ، وسمع بمصر الربيع بن سليمان المرادي وغيره ، وسمع بمكة وغيرها من البلاد ، وكان صدوقا ، روى عنه أبو بكر الإسماعيلي ووصفه بالصدق ، وقال حمزة بن يوسف السّهمي : مات في شهر رمضان سنة ٣٢٢.


الحَدَّادِيَّةُ : منسوبة : قرية كبيرة بالبطيحة من أعمال واسط ، لها ذكر في الآثار ، رأيتها.

حَدارُّه : بالراء المضمومة المشددة ، وهي أعجمية أندلسية ، انصبّت على ألسنة أهل المشرق ، وبعض أهل الأندلس يقول هدرّه ، بفتح الهاء والدال ، وضم الراء المضمومة المشددة : وهو نهر غرناطة بالأندلس ، ذكر في غرناطة.

الحَدَالى : بفتح أوله ، والقصر ، ويروى الحدال بغير ألف ، وهو اسم شجر بالبادية : موضع بين الشام وبادية كلب المعروفة بالسّماوة ، وهي لكلب ، ذكره المتنبي فقال :

ولله سيري ما أقل تئيّة ،

عشيّة شرقيّ الحدالى وغرّب

وأنشد ثعلب للراعي :

يا أهل! ما بال هذا الليل في صفر

يزداد طولا ، وما يزداد من قصر

في إثر من قطعت مني قرينته ،

يوم الحدالي ، بأسباب من القدر

حَدَّانُ : بالفتح ثم التشديد ، وألف ، ونون ، ذو حدان : موضع.

حُدَّانُ : بالضم : إحدى محالّ البصرة القديمة يقال لها بنو حدان ، سميت باسم قبيلة ، وهو حدان بن شمس بن عمرو بن غنم بن غالب بن عثمان بن نصر بن زهران بن كعب بن الحارث بن كعب بن عبد الله بن مالك بن نصر بن الأزد ، وسكنها جماعة من أهل العلم ونسبوا إليها ، منهم : أبو المغيرة القاسم بن الفضل الحداني ، روى عنه مسلم بن إبراهيم ، وحدث السلفي عن حاتم بن الليث قال : حدثنا عليّ بن عبد الله هو ابن المديني قال : قاسم بن الفضل الحداني لم يكن حدّانيّا وكان ينزل حدان ، وكان رجلا من الأزد ، قال : ومات سنة ١٦٦ ، وقال محمد بن محبوب : سنة ١٦٧ ، وقال يحيى بن معين : سنة ١٦٦ ، نقلته من الفيصل.

الحَدْباءُ : تأنيث الأحدب : اسم لمدينة الموصل ، سميت بذلك لاحتداب في دجلتها واعوجاج في جريانها ، وذكر ذلك في الشعر كثير.

الحَدَثانُ : بالتحريك : وقد ذكرنا في أجإ أن الحدثان أحد إخوة سلمى لحق بموضع الحرة فأقام به فسمي الموضع باسمه ، قال ابن مقبل :

تمنيت أن يلقى فوارس عامر

بصحراء ، بين السود والحدثان

والحدثان في كلام العرب : الفأس ، وجمعه حدثان ، وحدثان الدهر : معروفة.

الحَدَثُ : بالتحريك ، وآخره ثاء مثلثة : قلعة حصينة بين ملطية وسميساط ومرعش من الثغور ، ويقال لها الحمراء لأن تربتها جميعا حمراء ، وقلعتها على جبل يقال له الأحيدب ، وكان الحسن بن قحطبة قد غزا الثغور وأشج العدوّ ، فلما قدم على المهدي أخبره بما في بناء طرسوس والمصيصة من المصلحة للمسلمين ، فأمر ببناء ذلك وأن يكون بالحدث ، وذلك في سنة ١٦٢ ، وفي كتاب أحمد بن يحيى بن جابر : كان حصن الحدث مما فتح في أيام عمر ، رضي الله عنه ، فتحه حبيب بن مسلمة الفهري من قبل عياض بن غنم ، وكان معاوية يتعاهده بعد ذلك ، وكانت بنو أمية يسمون درب الحدث درب السلامة للطيرة ، لأن المسلمين أصيبوا به ، وكان ذلك الحدث الذي سمي به الحدث فيما يقول بعضهم ، وقال آخرون : لقي المسلمين على درب الحدث غلام حدث فقاتلهم في أصحابه قتالا


استظهر فيه ، فسمي الحدث بذلك الحدث ، ولما كان في فتنة مروان بن محمد خرجت الروم فقدمت مدينة الحدث وأجلت عنها أهلها كما فعلت بملطية ، فلما كان سنة ١٦١ خرج ميخائيل إلى عمق مرعش ووجّه المهدي الحسن بن قحطبة فساح في بلاد الروم حتى ثقلت وطأته على أهلها وحتى صوروه في كنائسهم ، وكان دخوله من درب الحدث فنظر إلى موضع مدينتها فأخبر أن ميخائيل خرج منه فارتاد الحسن موضع مدينة هناك ، فلما انصرف كلم المهدي في بنائها وبناء طرسوس فأمر بتقديم بناء مدينة الحدث ، وكان في غزوة الحسن هذه مندل العنزي المحدث ومعتمر ابن سليمان البصري ، فأنشأها عليّ بن سليمان وهو على الجزيرة وقنسرين ، وسميت المحمدية والمهدية بالمهدي أمير المؤمنين ، ومات المهدي مع فراغهم من بنائها ، وكان بناؤها باللبن ، وكانت وفاته سنة ١٦٩ ، واستخلف ابنه موسى الهادي فعزل عليّ بن سليمان وولى الجزيرة وقنسرين محمد بن إبراهيم بن محمد بن عليّ بن عبد الله بن عباس ، وكان فرض عليّ بن سليمان بمدينة الحدث لأربعة آلاف فأسكنهم إياها ونقل إليها من أهل ملطية وسميساط وشمشاط وكيسوم ودلوك ورعبان ألفي رجل ، وفرض لهم في أربعين من العطاء ، قال الواقدي : ولما بنيت مدينة الحدث هجم الشتاء وكثرت الأمطار ولم يكن بناؤها وثيقا فهدم سور المدينة وشعّثها ونزل بها الروم فتفرق عنها من كان نزلها من الجند وغيرهم ، وبلغ الخبر موسى الهادي فقطع بعثا مع المسيب بن زهير وبعثا مع روح بن حاتم وبعثا مع عمرو بن مالك فمات قبل أن ينفذوا ، ثم ولي الخلافة الرشيد فدفع عنها الروم وأعاد عمارتها وأسكنها الجند ، وكانت عمارتها على يد محمد بن إبراهيم ، آخر البلاذري. ثم لم ينته إليّ شيء من خبره إلّا ما كان في أيام سيف الدولة بن حمدان ، وكان له به وقعات ، وخربته الروم في أيامه ، وخرج سيف الدولة في سنة ٣٤٣ لعمارته ، فعمره وأتاه الدمستق في جموعه فردهم سيف الدولة مهزومين ، فقال المتنبي عند ذلك :

هل الحدث الحمراء تعرف لونها ،

وتعلم أيّ الساقيين الغمائم؟

بناها فأعلى ، والقنا يقرع القنا ،

وموج المنايا حولها متلاطم

طريدة دهر ساقها ، فرددتها

على الدين بالخطّيّ ، والأنف راغم

تفيت الليالي كلّ شيء أخذته ،

وهن لما يأخذن منك غوارم

وقال أبو الحسين بن كوجك النحوي وكان ملك الروم عاد لخراب الحدث ثانيا فهزمهم سيف الدولة :

رام هدم الإسلام بالحدث المؤ

ذن بنيانها بهدم الضلال

نكلت عنك منه نفس ضعيف ،

سلبته القوى رؤوس العوالي

فتوقي الحمام بالنفس والما

ل ، وباع المقام بالارتحال

ترك الطير والوحوش سغابا ،

بين تلك السهول والأجبال

ولكم وقعة قريت عفاة ال

طير فيها جماجم الأبطال

وينسب إلى الحدث عمر بن زرارة الحدثي ، روى عن عيسى بن يونس وشريك بن عبد الله ، روى عنه أبو القاسم عبد الله بن محمد البغوي وموسى بن هارون ، وعليّ بن الحسن الحدثي ، روى عن عيسى بن يونس ،


روى عنه أبو جعفر محمد بن عبد الله بن سليمان الحضرمي الكوفي ، وأبو الوليد أحمد بن جناب الحدثي ، روى عن عيسى بن يونس أيضا ، روى عنه فهد بن سليمان ، ذكره في الفيصل.

حَدَثَةُ : بزيادة الهاء : واد أسفله لكنانة والباقي لهذيل ، عن الأصمعي.

حَدَدُ : بالتحريك ، وهو في اللغة المنع : وهو جبل مطلّ على تيماء ، وقال ابن السكيت : حدد أرض لكلب ، عن الكلبي ، قال في شرح قول النابغة :

ساق الرفيدات من جوش ومن حدد ،

وماش من رهط ربعيّ وحجّار(١)

حُدَّرُ : بالضم ثم الفتح والتشديد ، وراء مهملة : من محال البصرة عند خطة مزينة ، وحدّر في اللغة جمع حادر ، وهو المجتمع الخلق من الرجال وغيرهم.

حَدَسُ : بفتحتين ، وسين مهملة ، الحدس الرمي ومنه أخذ الحدس وهو الظن. وحدس : بلد بالشام يسكنه قوم من لخم ، عن نصر.

حُدُسٌ : بضمتين ، يوم ذي حدس ، من أيام العرب ، من خط أبي الحسين بن الفرات.

حُدَمَةُ : بوزن همزة ، والحدم في الأصل شدة إحماء حر الشمس للشيء : وهو موضع.

حَدْواءُ : بالفتح ثم السكون ، وواو ، وألف ممدودة ، وهي في كلامهم الريح الشمال لأنها تحدو السحاب أي تسوقه ، قال :

حدواء جاءت من بلاد الطور

وحدواء : اسم موضع.

حَدَوْداءُ : بفتحتين ، وسكون الواو ، ودال أخرى ، وألف ممدودة : موضع في بلاد عذرة ، ويروى بالقصر.

حَدُورَةُ : أرض لبني الحارث بن كعب ، عن نصر.

الحَدَّةُ : بالفتح ثم التشديد : حصن باليمن من أعمال الحبّيّة ، وهي من أعمال حبّ. وحدّة أيضا : منزل بين جدّة ومكة من أرض تهامة في وسط الطريق ، وهو واد فيه حصن ونخل وماء جار من عين ، وهو موضع نزه طيب ، والقدماء يسمونه حدّاء ، بالمد ، وقد ذكر.

الحُدَيبَاءُ : بلفظ تصغير الحدباء ، بالباء الموحدة : ماء لبني جذيمة بن مالك بن نصر بن قعين بن الحارث بن ثعلبة بن دودان بن أسد فوق غدير الصلب ، وهو جبل محدد ، قال الشاعر :

إن الحديباء شحم ، إن سبقت به

من لم يسامن عليه فهو مسمون

الحُدَيْبِيَةُ : بضم الحاء ، وفتح الدال ، وياء ساكنة ، وباء موحدة مكسورة ، وياء اختلفوا فيها فمنهم من شددها ومنهم من خففها ، فروي عن الشافعي ، رضي الله عنه ، أنه قال : الصواب تشديد الحديبية وتخفيف الجعرانة ، وأخطأ من نصّ على تخفيفها ، وقيل : كلّ صواب ، أهل المدينة يثقلونها وأهل العراق يخففونها : وهي قرية متوسطة ليست بالكبيرة ، سميت ببئر هناك عند مسجد الشجرة التي بايع رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، تحتها ، وقال الخطابي في أماليه : سميت الحديبية بشجرة حدباء كانت في ذلك الموضع ، وبين الحديبية ومكة مرحلة ، وبينها وبين المدينة تسع مراحل ، وفي الحديث : انها بئر ، وبعض الحديبية في الحل وبعضها في الحرم ، وهو أبعد الحل من البيت وليس هو في طول الحرم ولا في عرضه بل هو في مثل زاوية الحرم ، فلذلك صار بينها وبين المسجد أكثر من يوم ، وعند مالك بن أنس أنها

__________________

(١) في ديوان النابغة : عظم بدل حدد.


جميعها من الحرم ، وقال محمد بن موسى الخوارزمي : اعتمر النبي ، صلى الله عليه وسلم ، عمرة الحديبية ووادع المشركين لمضي خمس سنين وعشرة أشهر للهجرة النبوية.

الحَديثَةُ : بفتح أوله ، وكسر ثانيه ، وياء ساكنة ، وثاء مثلثة ، كأنه واحد الحديث أو تأنيثه ضدّ العتيق ، سميت بذلك لما أحدث بناؤها ثم لزمها فصار علما : وهي في عدة مواضع ، ينسب إلى كل واحدة منها حديثيّ وحدثانيّ منها.

حديثة الموصل : وهي بليدة كانت على دجلة بالجانب الشرقي قرب الزاب الأعلى ، وفي بعض الآثار أن حديثة الموصل كانت هي قصبة كورة الموصل الموجودة الآن وإنما أحدثها مروان بن محمد الحمار ، وقال حمزة بن الحميد : الحديثة تعريب نوكرد ، وكانت مدينة قديمة فخربت وبقي آثارها فأعادها مروان بن محمد بن مروان إلى العمارة وسأل عن اسمها فأخبر بمعناه فقال : سموها الحديثة ، وقال ابن الكلبي : أول من مصّر الموصل هرثمة بن عرفجة البارقي في أيام عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، وأسكنها العرب ثم أتى الحديثة ، وكانت قرية فيها بيعتان ، ويقال : إن هرثمة نزل المدينة أولا فمصّرها واختطها قبل الموصل ، وإنها إنما سميت الحديثة حين تحول إليها من تحول من أهل الأنبار لما ولي ابن الرّفيل صاحب النهر ببادوريا أيام الحجاج بن يوسف فعسّفهم ، وكان فيهم قوم من أهل الحديثة التي بالأنبار فبنوا بها مسجدا وسموا المدينة الحديثة ، وينسب إلى هذه الحديثة جماعة ، منهم : أبو الحسن عليّ بن عبد الرحمن ابن محمد بن بابويه السّمنجاني الفقيه ، نزل أصبهان ومات بها ، قال أبو الفضل المقدسي : سمعت أبا المظفر الأبيوردي يقول : سمعته يقول نحن من حديثة الموصل ، وكان إذا روى عنه نسبه الحديثي ، قلت : وسمنجان بلد من أعمال طخارستان من وراء بلخ.

حَدِيثَةُ الفُرَاتِ : وتعرف بحديثة النورة : وهي على فراسخ من الأنبار ، وبها قلعة حصينة في وسط الفرات والماء يحيط بها ، قال أحمد بن يحيى بن جابر : وجّه عمّار بن ياسر أيام ولايته الكوفة من قبل عمر ابن الخطاب ، رضي الله عنه ، جيشا يستقري ما فوق الفرات عليهم أبو مدلاج التميمي فتولى فتحها ، وهو الذي تولى بناء الحديثة التي على الفرات وولده بهيت ، وحكى أبو سعد السمعاني أن أهل الحديثة نصيرية ، وحكى عن شيخه أبي البركات عمر بن إبراهيم العلوي الزيدي النحوي مؤلف شرح اللمع أنه قال : اجتزت بالحديثة عند عودي من الشام فدخلتها فقيل لي : ما اسمك؟ فقلت : عمر ، فأرادوا قتلي لو لم يدركني من عرّفهم أنني علويّ ، وينسب إليها جماعة ، منهم : سويد بن سعيد بن سهل بن شهريار أبو محمد الهروي الحدثاني ، قال أبو بكر الخطيب : سكن الحديثة حديثة النورة على فرسخ من الأنبار فنسب إليها ، سمع مالك بن أنس وسفيان بن عيينة وإبراهيم بن سعد وحفص بن ميسرة وعليّ بن مسهر وشريك بن عبد الله القاضي ويحيى بن زكرياء بن أبي زائدة وغيرهم ، روى عنه يعقوب بن شيبة ومحمد بن عبد الله بن مطير ومسلم ابن الحجاج في صحيحه وأبو الأزهر أحمد بن الأزهر ابن إبراهيم بن هانئ النيسابوري وأبو زرعة وأبو حاتم الرازيّان ، وقال البخاري : فيه نظر كان عمي فتلقّن بما ليس في حديثه ، وقال سعد بن عمرو البرذعي : رأيت أبا زرعة يسيء القول فيه ، وقال : رأيت فيه شيئا لم يعجبني ، فقيل : ما هو؟ فقال : لما قدمت من مصر مررت به فأقمت عنده فقلت له


إن عندي أحاديث ابن وهب عن ضمام ليست عندك ، فقال : ذاكرني بها ، فأخرجت الكتب أذاكره وكنت كلما ذاكرته بشيء قال : حدثنا به ضمام ، وكان يدلّس حديث حريز بن عثمان وحديث ابن مكرّم وحديث عبد الله بن عمرو زر غبّا تزدد حبّا ، فقلت : أبو محمد لم يسمع هذه الثلاثة الأحاديث من هؤلاء ، فغضب ، فقلت لأبي زرعة : فأيش حاله؟ فقال : أما كتبه فصحاح وكنت أتبع أصوله فأكتب منها وأما إذا حدث من حفظه فلا ، مات في شوال سنة ٢٤٠ عن مائة سنة ، وكان ضريرا ، ومنها سعيد بن عبد الله الحدثاني أبو عثمان ، حدث عن سويد ابن سعيد الحديثي ، روى عنه أبو بكر الشافعي وأحمد بن محمد أبزون وذكر الشافعي أنه سمع منه بحديثة النورة ، وعبد الله بن محمد بن الحسين أبو محمد بن أبي طاهر الحديثي ، سمع أبا عبد الله أحمد بن عبد الله بن الحسين بن إسماعيل المحاملي وأبا القاسم بن بشران ، روى عنه أبو القاسم السمرقندي وعبد الوهاب الأنماطي ، ومات في سنة ٤٨٧ ، وهلال بن إبراهيم بن نجّاد بن عليّ بن شريف أبو البدر النميري الخزرجي الشاعر ، قدم دمشق ، قال القاسم بن أبي القاسم الدمشقي فيما كتب في تاريخ والده إملاء على هلال وكتبت من لفظه :

أطعت الهوى لما تملّكني قسرا ،

ولم أدر أن الحبّ يستعبد الحرّا

فأصبحت لا أصغي إلى لوم لائم ،

ولا عاذل بالعذل مستترا مغرى

إذا ما تذكّرت الحديثة والشّرا

وطيب زماني ، بادرت مقلتي تترى

أشرخ شبابي ، بالفرات ، وشرّتي

وميدان لهوي هل لنا عودة أخرى

ومنها أيضا روح بن أحمد بن محمد بن أحمد بن صالح الحديثي أصلا البغدادي مولدا أبو طالب قاضي القضاة ببغداد ، وكان يشهد أوّلا عند قاضي القضاة أبي القاسم عليّ بن الحسين الزّينبي سنة ٥٢٤ في شهر رمضان ، ثم رتب نائبا في الحكم بمدينة السلام وأذن له في القعود والمطالبات والحبس والإطلاق من غير سماع بيّنة ولا اسجال في خامس عشر رجب سنة ٥٦٣ ، وفي ربيع الآخر سنة ٥٦٤ أذن له في سماع البينة وأنشأ قضيته بإذن المستنجد ، وكان على ذلك ينوّب في الحكم إلى أن مات المستنجد بالله وولي المستضيء ، فولّاه قضاء القضاة بعد امتناع منه وإلزام له فيه يوم الجمعة حادي عشر شهر ربيع الآخر سنة ٥٦٦ ، واستناب ولده أبا المعالي عبد الملك على القضاء والحكم بدار الخلافة وما يليهما وغير ذلك من الأعمال ولم يزل على ولايته حتى مات ، وقد سمع الحديث من جماعة ، قال عمر بن عليّ القزويني : سألت روح بن الحديثي عن مولده فقال : سنة ٥٠٢ ، ومات في خامس عشر محرم سنة ٥٧٠ ، وأبو جعفر النفيس بن وهبان الحديثي السلمي ، روى عن أبي عبد الله محمد بن محمد ابن أحمد السّلّال وأبي الفضل محمد بن عمر الأرموي في آخرين ، ومات في ثالث عشر صفر سنة ٥٩٩ ، وابنه صديقنا ورفيقنا الإمام أبو نصر عبد الرحيم بن النفيس بن وهبان ، اصطحبنا مدّة ببغداد ومرو وخوارزم في السماع على المشايخ وكانت بيننا مودّة صادقة ، وكان عارفا بالحديث ورجاله وعلومه عارفا بالأدب قيما باللغة جدّا وخصوصا لغة الحديث ، وكان مع ذلك فقيها مناظرا ، وكان حسن العشرة متودّدا مأمون الصحبة صحيح الخاطر مع دين متين ، خلفته بخوارزم في أول سنة ٦١٧ فقتلته التتر بها شهيدا ، وما روى إلا القليل.


والحَدِيثَةُ : أيضا من قرى غوطة دمشق ويقال لها حديثة جرش ، بالشين المعجمة ، ذكر لي ابن الدّخميسي عن الشريف البهاء الشروطي أنه بالسين المهملة ، سكن الحديثة هذه أحمد بن محمد بن أحمد بن جعفر أبو العباس الأكار النهربيني أخو أبي عبد الله المقري من سواد بغداد ، سمع أبا الحسين بن الطيوري وسكن بهذه القرية من غوطة دمشق ، سمع منه بها الحافظ أبو القاسم وذكره وقال : مات في سنة ٥٢٧ ، ومحمد ابن عنبسة الحديثي ، حدث عن خالد بن سعيد العرضي.

الحُدَيجاء : بلفظ تصغير حدجاء ، ممدودة ، والحدج ، بالتحريك ، في كلام العرب : الحنظل إذا اشتدّ وصلب ، والحدج ، بالكسر : الحمل ومركب النساء. وحديجاء : قرية بالشام ، نسب إليها عدي ابن الرقاع الخمر المقدّيّة فقال :

أميد ، كأني شارب لعبت به

عقار ثوت في دنّها حججا سبعا

مقدّيّة صهباء تثخن شربها ،

إذا ما أرادوا أن يروحوا بها صرعى

عصارة كرم من حديجاء لم يكن

منابتها مستحدثات ، ولا قرعا

الحُدَيْقا : يجوز أن يكون تصغير جمع حديقة ، مقصور ، وهي البستان : وهو موضع في خيشوم حزن الخصا ، له ذكر في أيام العظالى ، وهو والذي بعده واحد ، جمعوه بما حوله على عادتهم في أمثال ذلك.

الحُدَيْقَةُ : كأنه تصغير حدقة : موضع في قلّة الحزن من ديار بني يربوع لبني حمير بن رياح منهم ، وهما حديقتان بهذا المكان.

الحَدِيقَةُ : بالفتح ثم الكسر ، وياء ساكنة ، وقاف ، وهاء ، بلفظ واحدة الحدائق ، وهي البساتين.

والحديقة : بستان كان بقنا حجر من أرض اليمامة لمسيلمة الكذاب ، كانوا يسمّونه حديقة الرحمن ، وعنده قتل مسيلمة فسمّوه حديقة الموت. والحديقة أيضا : قرية من أعراض المدينة في طريق مكة كانت بها وقعة بين الأوس والخزرج قبل الإسلام ، وإياها أراد قيس بن الخطيم بقوله :

أجالدهم يوم الحديقة حاسرا ،

كأنّ يدي بالسيف مخراق لاعب

حُدَيْلاءُ : مصغرة ، يقال رجل أحدل وامرأة حدلاء إذا كانا مائلي الشقّ ، والحدل الميل : وهو موضع ، عن أبي الحسن المهلّبي ، ورواه بعضهم بالذال معجمة.

حُدَيْلَةُ : مصغر أيضا ، واشتقاقه من الذي قبله : وهي مدينة باليمن ، سميت بذي حديلة ، واسم حديلة معاوية بن عمرو بن مالك بن النجار ، عن شباب العصفري ، وقال أبو المنذر : معاوية بن عمرو ابن مالك بن النجار وأمه حديلة بنت مالك بن زيد مناة بن حبيب بن عبد حارثة بن مالك بن غضب بن جشم بن الخزرج بها يعرفون ، ومن بني حديلة أبيّ ابن كعب بن قيس بن عبيد بن معاوية بن عمرو الذي تنسب إليه القراءة ، شهد بدرا ، وأبو حبيب زيد ابن الحباب بن أنس بن زيد بن عبيد بن معاوية بن عمرو ، شهد بدرا ، وقال أبو إسحاق : حديلة هو عمرو بن مالك بن النجار ولهم هناك قصر ، وقال نصر : حديلة محلّة بالمدينة بها دار عبد الملك بن مروان.

باب الحاء والذال وما يليهما

حُذارق : بالضم ، وراء مكسورة ، وقاف ، مرتجل فيما أحسب : ماء بتهامة لبنى كنانة.


الحِذْرِيَةُ : بالكسر ثم السكون ، وكسر الراء ، وياء مفتوحة خفيفة ، ارهاء : وهو اسم إحدى حرّتي بني سليم ، والحذرية في كلامهم الأرض الخشنة ، عن الأصمعي ، وعن أبي نصر : الأرض الغليظة من القفّ الخشنة ، وقال أبو خبرة الأعرابي : أعلى الجبل فإذا كان صلبا غليظا فهو حذرية.

الحُذُنَّةُ : بضمتين ، وتشديد النون ، وهو في اللغة اسم الأذن : وهي اسم أرض لبني عامر بن صعصعة ، وقال نصر : الحذنّة موضع قرب اليمامة مما يلي وادي حائل ، قال محرز بن مكعبر الضّبي :

فدى لقومي ما جمّعت من نشب ،

إذ لفّت الحرب أقواما بأقوام

إذ خبّرت مذحج عنّا ، وقد كذبت ،

أن لن يروّع عن أحسابنا حامي

دارت رحانا قليلا ثم صبّحهم

ضرب ، تصيّح منه حلّة الهام

ظلّت ضباع مجيرات يلذن بهم ،

وألحموهنّ منهم أيّ إلحام

حتى حذنّة لم تترك بها ضبعا ،

إلا لها جزر من شلو مقدام

ظلّت تدوس بني كعب بكلكلها ،

وهمّ يوم بني نهد بإظلام

حِذْيَمُ : بالكسر ثم السكون ، وياء مفتوحة خفيفة ، وميم ، والحذم القطع ، وسيف حذيم قاطع : وهو موضع بنجد لهم فيه يوم.

حِذْيَةُ : بالكسر ثم السكون ، وياء خفيفة مفتوحة : أرض بحضرموت ، عن نصر.

الحَذِيَّةُ : بالفتح ثم الكسر ، وياء مشددة في شعر أبي قلابة الهذلي :

يئست من الحذيّة ، أمّ عمرو ،

غداة إذ انتحوني بالجناب

قال السكري في فسره الحذيّة : اسم هضبة قرب مكة ، قلت أنا : الحذيّة في اللغة العطية ، لو فسر البيت بالعطية كان أحسن.

باب الحاء والراء وما يليهما

حُرَّا : بالضم ثم التشديد ، والقصر : موضع ، قال نصر : أظنه في بادية كلب.

حِراءٌ : بالكسر ، والتخفيف ، والمدّ : جبل من جبال مكة على ثلاثة أميال ، وهو معروف ، ومنهم من يؤنثه فلا يصرفه ، قال جرير :

ألسنا أكرم الثّقلين طرّا

وأعظمهم ، ببطن حراء ، نارا؟

فلا يصرفه لأنه ذهب به إلى البلدة التي حراء بها ، وقال بعضهم : للناس فيه ثلاث لغات يفتحون حاءه وهي مكسورة ويقصرون ألفه وهي ممدودة ويميلونها وهي لا تسوغ فيها الإمالة لأن الراء سبقت الألف ممدودة مفتوحة وهي حرف مكرّر فقامت مقام الحرف المستعلى مثل راشد ورافع فلا تمال ، وكان النبي ، صلى الله عليه وسلم ، قبل أن يأتيه الوحي يتعبد في غار من هذا الجبل ، وفيه أتاه جبرائيل ، عليه السلام ، وقال عرّام بن الأصبغ : ومن جبال مكة ثبير ، وهو جبل شامخ يقابل حراء ، وهو جبل شامخ أرفع من ثبير في أعلاه قلّة شامخة زلوج ، ذكروا أن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، ارتقى ذروته ومعه نفر من أصحابه فتحرّك ، فقال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : اسكن يا حراء فما عليك إلا نبيّ أو


صدّيق أو شهيد ، وليس بهما نبات ولا في جميع جبال مكة إلا شيء يسير من الضّهياء يكون في الجبل الشامخ ، وليس في شيء منها ماء ، ويليهما جبال عرفات ، ويتصل بها جبال الطائف ، وفيها مياه كثيرة.

الحِرَارُ : جمع حرّة ، وهي كثيرة في بلاد العرب ، وكل واحدة مضافة إلى اسم آخر ، تذكّر متفرقة إن شاء الله تعالى.

حُرَارُ : بالضم ، وراءين مهملتين : هضاب بأرض سلول بين الضباب وعمرو بن كلاب وسلول.

حَرَازُ : بالفتح ، وتخفيف الراء ، وآخره زاي : مخلاف باليمن قرب زبيد ، سمّي باسم بطن من حمير ، وهو حراز ، ويكنى أبا مرثد بن عوف بن عدي بن مالك بن زيد بن سهل بن عمرو بن قيس بن معاوية ابن جشم بن عبد شمس بن وائل بن الغوث بن أيمن بن الهميسع بن حمير ، ويقال لقريتهم حرازة ، وبها تعمل الأطباق الحرازيّة.

حُرَاضَان : بالضم ، والضاد معجمة : واد من أودية القبلية ؛ عن الزمخشري عن عليّ بن وهّاس ، يقال : جمل حرضان وناقة حرضان أي ساقطة لا خير فيها.

حُرَاضٌ : فعال من الحرض وهو الهلاك : موضع قرب مكة بين المشاش والغمير ، وهناك كانت العزّى فيما قيل ، قال أبو المنذر : أول من اتخذ العزّى ظالم بن أسعد وكانت بواد من نخلة الشامية يقال له حراض بإزاء الغمير عن يمين المصعد من مكة إلى العراق ، وذلك فوق ذات عرق إلى البستان بتسعة أميال ؛ قال الفضل بن العباس اللهبي :

أتعهد من سليمى ذات نؤي ،

زمان تحللت سلمى المراضا

كأنّ بيوت جيرتهم ، فأبصر ،

على الأزمان نحتل الرياضا

كوقف العاج تحرقه حريق ،

كما نحلت مغربلة رحاضا

وقد كانت وللأيام صرف ،

تدمّن من مرابعها حراضا

حُرَاضَةُ : بالضم : سوق بالكوفة يباع فيها الحرض وهو الأشنان.

حَرَاضَةُ : بالفتح ثم التخفيف ، وقد ذكرنا أن الحرض الهلاك ؛ وحراضة : ماء لجشم بن معاوية من بني عامر قريب من جهة نجد ، وقد روي بالضم ، قال كثيّر عزّة :

فأجمعن بينا عاجلا وتركنني

بفيفا خريم ، واقفا أتلدّد

كما هاج إلفا سانحات عشيّة ،

له ، وهو مصفود اليدين مقيّد

فقد فتنني لما وردن خفيننا ،

وهنّ على ماء الحراضة أبعد

قال ابن السكيت في تفسيره : الحراضة أرض. ومعدن الحراضة : بين الحوراء وبين شغب وبدا ، وينبع قريب من الحوراء.

حَرَامٌ : بلفظ ضدّ الحلال : محلة وخطة كبيرة بالكوفة يقال لهم بنو حرام مسمّاة ببطن تميم ، وهو حرام بن سعد بن مالك بن سعد بن زيد مناة بن تميم ، منهم : عيسى بن المغيرة الحرامي ، روى عن الشعبي وغيره ، روى عنه الثوري ، قال أبو أحمد العسكري : وهم الأحارب ، قال ابن حبيب : ومن بني كعب بن سعد الأحارب وهم حرام وعبد العزّى ومالك وجشم


وعبد شمس والحارث بنو كعب ، سموا بذلك لأنهم أحربوا من حاربوا. وبنو حرام : خطة كبيرة بالبصرة ، تنسب إلى حرام بن سعد بن عدي بن فزارة بن ذبيان ابن بغيض ، ومنهم رؤساء وشعراء وأجواد ، وقد نسب أبو سعد إلى هذه الخطة أبا محمد القاسم بن علي ابن محمد بن عثمان الحريري الحرامي صاحب المقامات والمعروف أنه من أهل المشان من أهل البصرة ، وبنو حرام في البصرة كثير ، وأنا شاكّ في خطة البصرة هل هي منسوبة إلى من ذكرنا أو إلى غيرهم ، وإنما غلب الظن أنها منسوبة إلى هؤلاء لأني وجدت في بعض الكتب أن بني حرام بن سعد بالبصرة.

وحرام أيضا : موضع بالجزيرة وأظنّه جبلا ، وأما المسجد الحرام فيذكر في المساجد إن شاء الله تعالى.

الحَرامِيّةُ : منسوب : ماء لبني زنباع من بني عمرو ابن كلاب ، وهي إلى قبل النسير.

حرَّانُ : تشديد الراء ، وآخره نون ، يجوز أن يكون فعّالا من حرن الفرس إذا لم ينقد ، ويجوز أن يكون فعلان من الحرّ ، يقال : رجل حرّان أي عطشان ، وأصله من الحر ، وامرأة حرّى ، وهو حرّان يرّان ، والنسبة إليها حرناني ، بعد الراء الساكنة نون على غير قياس ، كما قالوا : مناني في النسبة إلى ماني والقياس مانويّ وحرّاني والعامة عليهما ، قال بطليموس : طول حرّان اثنتان وسبعون درجة وثلاثون دقيقة ، وعرضها سبع وعشرون درجة وثلاثون دقيقة ، وهي في الإقليم الرابع ، طالعها القوس ولها شركة في العوّاء تسع درج ولها النسر الواقع كله ولها بنات نعش كلها تحت ثلاث عشرة درجة من السرطان يقابلها مثلها من الجدي ، بيت ملكها مثلها من الحمل بيت عاقبتها مثلها من الميزان ، وقال أبو عون في زيجه : طول حرّان سبع وسبعون درجة ، وعرضها سبع وثلاثون درجة ، وهي مدينة عظيمة مشهورة من جزيرة أقور ، وهي قصبة ديار مضر ، بينها وبين الرّها يوم وبين الرّقّة يومان ، وهي على طريق الموصل والشام والروم ، قيل : سميت بهاران أخي إبراهيم ، عليه السلام ، لأنه أول من بناها فعرّبت فقيل حرّان ، وذكر قوم أنها أول مدينة بنيت على الأرض بعد الطوفان ، وكانت منازل الصابئة وهم الحرانيّون الذين يذكرهم أصحاب كتب الملل والنحل ، وقال المفسرون في قوله تعالى : (إِنِّي مُهاجِرٌ إِلى رَبِّي) ، إنه أراد حرّان ، وقالوا في قوله تعالى : (وَنَجَّيْناهُ وَلُوطاً إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بارَكْنا فِيها لِلْعالَمِينَ) ، هي حرّان ، وقول سديف بن ميمون :

قد كنت أحسبني جلدا ، فضعضعني

قبر بحرّان فيه عصمة الدين

يريد إبراهيم ابن الإمام محمد بن علي بن عبد الله بن عباس ، وكان مروان بن محمد حبسه بحرّان حتى مات بها بعد شهرين في الطاعون ، وقيل : بل قتل ، وذلك في سنة ٢٣٢ ، حدثني أبو الحسن علي بن محمد بن أحمد السرخسي النحوي قال : حدثني ابن النبيه الشاعر المصري قال : مررت مع الملك الأشرف بن العادل ابن أيوب في يوم شديد الحر بظاهر حرّان على مقابرها ولها أهداف طوال على حجارة كأنها الرجال القيام ، وقال لي الأشرف : بأيّ شيء تشبّه هذه؟ فقلت ارتجالا :

هواء حرّانكم غليظ ،

مكدّر مفرط الحرارة

كأنّ أجداثها جحيم ،

وقودها الناس والحجاره


وفتحت في أيام عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، على يد عياض بن غنم نزل عليها قبل الرّها فخرج إليه مقدموها فقالوا له : ليس بنا امتناع عليكم ولكنا نسألكم أن تمضوا إلى الرّها فمهما دخل فيه أهل الرها فعلينا مثله ، فأجابهم عياض إلى ذلك ونزل على الرها وصالحهم ، كما نذكره في الرها ، فصالح أهل حران على مثاله ، وينسب إليها جماعة كثيرة من أهل العلم ، ولها تاريخ ، منهم : أبو الحسن علي بن علّان بن عبد الرحمن الحرّاني الحافظ ، صنف تاريخ الجزيرة ، وروى عن أبي يعلى الموصلي وأبي بكر محمد بن أحمد ابن شيبة البغدادي وأبي بكر محمد بن علي الباغندي ومحمد بن جرير وأبي القاسم البغوي وأبي عروبة الحرّاني وغيرهم كثير ، روى عنه تمّام بن محمد الدمشقي وأبو عبد الله بن مندة وأبو الطبير عبد الرحمن بن عبد العزيز وغيرهم ، وتوفي يوم عيد الأضحى سنة ٣٥٥ ، وكان حافظا ثقة نبيلا ، وأبو عروبة الحسن بن محمد بن أبي معشر الحرّاني الحافظ الإمام صاحب تاريخ الجزيرة ، مات في ذي الحجة سنة ٣١٨ عن ست وتسعين سنة ، وغيرهما كثير. وحرّان أيضا : من قرى حلب. وحرّان الكبرى وحرّان الصغرى : قريتان بالبحرين لبني عامر بن الحارث بن أنمار بن عمرو بن وديعة بن لكيز بن أفصى بن عبد القيس. وحرّان أيضا : قرية بغوطة دمشق.

الحُرَّانِ : بالضم ، تثنية الحرّ : واديان بنجد وواديان بالجزيرة أو على أرض الشام.

حُرَانُ : بالضم ، وتخفيف الراء : سكة معروفة بأصبهان ، ويروى بتشديد الراء أيضا ، نسب إليها قوم ، منهم عبد المنعم بن نصر بن يعقوب بن أحمد بن عليّ المقري أبو المطهر بن أبي أحمد الحراني الجوباري الشامكاني من أهل أصبهان من سكة حران من محلة جوبار ، وشامكان من قرى نيسابور ، وكان شيخا صالحا من المعمرين من أهل الخير ، سمع جده لأمه أبا طاهر أحمد بن محمود الثقفي ، سمع منه أبو سعد ، وكانت ولادته في سنة ٤٥١ ، ومات في رجب سنة ٥٣٥ ، وأبو الشكر حمد بن أبي الفتح بن أبي بكر الحراني الأصبهاني ، شيخ صالح ، سمع أبا العباس أحمد بن محمد بن الحسين الخياط وأبا القاسم عبد الرحمن بن أبي عبد الله بن مندة وأبا المظفر محمود بن جعفر الكوسج وغيرهم ، قال السمعاني : كتبت عنه بأصبهان ، وبها توفي في رجب سنة ٥٤٣.

حَرْبٌ : بالفتح ثم السكون ، وباء موحدة : بلدة بين يبنبم وبيشة على طريق حاجّ صنعاء ، ويقال أيضا بنات حرب. وباب حرب ببغداد : محلة تجاور قبر أحمد بن حنبل ، رضي الله عنه ، ينسب إليها حربيّ ، ذكرت في الحربية بعد هذا.

حُرْبُثُ : بالضم ثم السكون ، وباء موحدة مضمومة ، وثاء مثلثة ، وهو في كلامهم نبت من أطيب المراتع ، يقال : أطيب اللبن ما رعى الحربث والسّعدان.

والحربث : فلاة بين اليمن وعمان.

حَرْبَنَفسَا : بالفتح ثم السكون ، وفتح الباء الموحدة ، وفتح النون ، وسكون الفاء ، وسين مهملة ، مقصور : من قرى حمص ، ذكرها في مقتل النعمان بن بشير كما ذكرناه في بيرين.

حَرْبَنُوشُ : بالفتح ثم السكون ، وفتح الباء ، وضم النون ، وسكون الواو ، وشين معجمة : قرية من قرى الجزر من نواحي حلب ؛ قال حمدان بن عبد الرحيم الجزري :


ألا هل ، إلى حثّ المطايا إليكم

وشم خزامى حربنوش ، سبيل؟

في أبيات ذكرت في الديرة.

حَرْبَةُ : بلفظ الحربة التي يطعن بها ؛ قال نصر : حربة رملة منقطعة قرب وادي واقصة من ناحية القفّ من الرغام ، وقال ثعلب : حربة رملة كثيرة البقر كأنها في بلاد هذيل ، قال أبو ذؤيب الهذلي :

في ربرب يلق حور مدامعها ،

كأنهنّ بجنبي حربة البرد

وقال أميّة بن أبي عائذ الهذلي :

وكأنها ، وسط النساء ، غمامة

فرعت بريّقها نشيء نشاص

أو جأبة ، من وحش حربة ، فردة

من ربرب مرج ألات صياصي

قال السكري : مرج لا يستقرّ في موضع واحد ، والجأبة الغليظة من بقر الوحش ، وقال بشر بن أبي خازم الأسدي :

فدع عنك ليلى ، إن ليلى وشأنها ،

إذا وعدتك الوعد لا يتيسّر

وقد أتناسى الهمّ عند احتضاره

إذا لم يكن عنه لذي اللّبّ معبر

بأدماء من سرّ المهارى ، كأنها ،

بحربة ، موشيّ القوائم مقفر

وخطّة بني حربة بالبصرة : يسرة بني حصن ، وهم حيّ من بني العنبر وهناك بنو مرمض ، وليس في كتاب أبي المنذر حربة في بنى العنبر.

الحَرْبِيَّةُ : منسوبة : محلة كبيرة مشهورة ببغداد عند باب حرب قرب مقبرة بشر الحافي وأحمد بن حنبل وغيرهما ، تنسب إلى حرب بن عبد الله البلخي ويعرف بالراوندي أحد قوّاد أبي جعفر المنصور ، وكان يتولى شرطة بغداد ، وولي شرطة الموصل لجعفر ابن أبي جعفر المنصور وجعفر بالموصل يومئذ ، وقتلت الترك حربا في أيام المنصور سنة ١٤٧ ، وذلك أن اشترخان الخوارزمي خرج في ترك الخزر من الدّربند فأغار على نواحي أرمينية فقتل وسبى خلقا من المسلمين ودخل تفليس فقتل حربا بها ، وخرب جميع ما كان يجاور الحربية من المحالّ وبقيت وحدها كالبلدة المفردة في وسط الصحراء ، فعمل عليها أهلها سورا وجيّروها ، وبها أسواق من كل شيء ، ولها جامع تقام فيه الخطبة والجمعة ، وبينها وبين بغداد اليوم نحو ميلين ، وقال أبو سعد : سمعت القاضي أبا بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري ببغداد يقول : إذا جاوزت جامع المنصور فجميع تلك المحالّ يقال لها الحربية مثل النصرية والشاكرية ودار بطّيخ والعباسيّين وغيرها ، وينسب إليها طائفة من أهل العلم ، منهم : إبراهيم بن إسحاق الحربي الإمام الزاهد العالم النحوي اللغوي الفقيه ، أصله من مرو ، وله تصانيف منها غريب الحديث ، روى عن أحمد بن حنبل وأبي نعيم الفضل ابن دكين وغيرهما ، روى عنه جماعة ، وكانت ولادته سنة ١٩٨ ، ومات في ذي الحجة سنة ٢٨٥.

حَرْبى : مقصور والعامة تتلفّظ به ممالا : بليدة في أقصى دجيل بين بغداد وتكريت مقابل الحظيرة ، تنسج فيها الثياب القطنية الغليظة وتحمل إلى سائر البلاد ، وقد نسب إليها قوم من أهل العلم والنباهة ، منهم : أبو الحسن عليّ بن رشيد بن أحمد بن محمد بن حسين الحربوي ، سمع أبا الوقت السّجزي وشهد بغداد وأقام بها وصار وكيل الناصر لدين الله أبي العباس أحمد بن المستضيء ، وكان حسن الخطّ على طريقة أبي عبد الله بن مقلة ، وكتب الكثير ، وكان


محبّا للكتب ، مات ببغداد في ثامن عشر شوال سنة ٦٠٥ ، وبباب حرب دفن.

حَرْثٌ : بفتح أوله ويضم ، وثانيه ساكن ، وآخره ثاء مثلثة ، فمن فتح كان معناه الزرع وكسب المال ، ومن ضم كان مرتجلا : وهو موضع من نواحي المدينة ، قال قيس بن الخطيم :

فلما هبطنا الحرث قال أميرنا :

حرام علينا الخمر ما لم نضارب

فسامحه منّا رجال أعزّة ،

فما رجعوا حتى أحلّت لشارب

وقال أيضا :

وكأنهم ، بالحرث إذ يعلوهم ،

غنم يعبّطها غواة شروب

حُرَثُ : بوزن عمر وزفر ، يجوز أن يكون معدولا عن حارث وهو الكاسب ، ذكر أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد عن السكن بن سعيد الجرموزي عن محمد بن عبّاد عن هشام بن محمد الكلبي عن أبيه قال : كان ذو حرث الحميري وهو أبو عبد كلال مثوّب ذو حرث ، وكان من أهل بيت الملك ، وهو ذو حرث بن الحارث بن مالك بن غيدان بن حجر بن ذي رعين واسمه يريم بن زيد ابن سهل بن عمرو بن قيس بن معاوية بن جشم بن عبد شمس بن وائل بن الغوث بن جيدان بن قطن بن عريب بن زهير بن أيمن بن الهميسع بن حمير صاحب صيد ، ولم يملك ولم يعل وثابا ولم يلبس مصيرا ، الوثاب : السرير ، والمصير : التاج بلغة حمير ، وكان سيّاحا يطوف في البلاد ومعه ذؤبان من ذؤبان اليمن يغير بهم فيأكل ويؤكل ، فأوغل في بعض أيامه في بلاد اليمن فهجم على بلد أفيح كثير الرياض ذي أوداة ذات نخل وأغيال ، فأمر أصحابه بالنزول وقال : يا قوم إنّ لهذا البلد لشأنا وإنه ليرغب في مثله لما أرى من غياضه ورياضه وانفتاق أطرافه وتقاذف أرجائه ولا أرى أنيسا ولست برائم حتى أعرف لأيّة علّة تحامته الرّوّاد مع هذا الصيد الذي قد تجنبه الطّرّاد ، ونزل وألقى بقاعه وأمر قنّاصه فبثّوا كلابه وصقوره ، وأقبلت الكلاب تتبع الظباء والشاء من الصيران فلا تلبث أن ترجع كاسعة بأذنابها تضيء وتلوذ بأطراف القنّاص وكذلك الصّقور تحوم فإذا كسرت على صيد انثنت راجعة على ما والاها من الشجر فتكتّبت فيه ، فعجب من ذلك وراعه ، فقال له أصحابه : أبيت اللعن ، إننا ممنوعون وإن لهذه الأرض جماعة من غير الإنس فارحل بنا عنها ، فلجّ وأقسم بآلهته لا يريم حتى يعرف شأنها أو يخترم دون ذلك ، فبات على تلك الحال فلما أصبح قال له أصحابه : أبيت اللعن ، إنا قد سمعنا ألوتك وأنفسنا دون نفسك فأذن لنا أن ننفض الأرض لنقف على ما آليت عليه ، فأمرهم فتفرّقوا ثلاثا في رجالهم ، وركب في ذوي النّجدة منهم وأمرهم أن تعشّوا بالإحلال ، فإذا أمسوا شبّوا النار فخرج مشرّقا فآب وقد طفل العشيّ ولم يحسّ ركزا ولا أبّن أثرا ، فلما أصبح في اليوم فعل فعله بالأمس وخرج مغرّبا فسار غير بعيد حتى هجم على عين عظيمة يطيف بها عرين وغاب وتكتنفها ثلاثة أنداد عظام ، والأنداد جمع ندّ ، وهو الأكمة لا تبلغ أن تكون جبلا ، وإذا على شريعتها بيت رضيم بالصخر وحوله من مسوك الوحوش وعظامها كالتلال فهنّ بين رميم وصليب وغريض ، فبينما هو كذلك إذ أبصر شخصا كجماء الفحل المقرم قد تجلل بشعره وذلاذله تنوس على عطفه وبيده سيف كاللجّة


الخضراء ونفصت عنه الخيل وأصرّت بآذانها ونفضت بأبوالها ، قال : ونحن محرنجمون فنادينا وقلنا : من أنت؟ فأقبل يلاحظنا كالقرم الصّؤول ثم وثب كوثبة الفهد على أدنانا إليه فضربه ضربة قطّ عجز فرسه وثنّى بالفارس وجزله جزلتين ، فقال القيل ، يعني الملك : ليلحق فارسان برجالنا فليأتيا منهم بعشرين راميا فإنا مشفقون على فلت من هذا ، فلم يلبث أن أقبلت الرجال ففرّقهم على الأنداد الثلاثة وقال : حشوه بالنبل فإن طلع عليكم فدهدهوا عليه الصخر وتحمل عليه الخيل من ورائه ، ثم نزّقنا خيلنا للحملة عليه وإنها لتشمئز عنه ، وأقبل يدنو ويختل ، وكلما خالطه سهم أمرّ عليه يده فكسره في لحمه ، ثم درأ فارسا آخر فضربه فقطع فخذه بسرجه وما تحت السرج من فرسه ، فصاح القيل بخيله : افترقوا ثلاث فرق واحملوا عليه من أقطاره ، ثم صاح به القيل : من أنت؟ ويلك! فقال بصوت كالرعد : أنا حرث لا أراع ولا أحاث ولا ألاع ولا أكرث ، فمن أنت؟ فقال : أنا مثوّب ، فقال : وإنك لهو! قال : نعم ، فقهقر ثم قال : ام يوم انقضت ام مدة وبلغت نهايتها ام عدّة لك كانت هذه ام سرارة ممنوعة ، هذه لغة لبعض اليمن يبدلون اللام وهو لام التعريف ميما ، يريد اليوم انقضت المدّة وبلغت نهايتها العدّة لك كانت هذه السرارة ممنوعة ، ثم جلس ينزع النبل من بدنه وألقى نفسه ، فقال بعضنا للقيل : قد استسلم ، فقال : كلا ولكنه قد اعترف ، دعوه فإنه ميت ، فقال : عهد عليكم لتحفرنني ، فقال القيل : آكد عهد ، ثم كبا لوجهه فأقبلنا إليه فإذا هو ميت ، فأخذنا السيف فما أطاق أحد منّا أن يحمله على عاتقه ، وأمر مثوّب فحفر له أخدود وألقيناه فيه ، واتخذ مثوّب تلك الأرض منزلا وسماها حرث وهو ذو حرث ، قال هشام : ووجدوا صخرة عظيمة على ندّ من تلك الندود مزبورا فيها بالمسند : باسمك ام لهمّ إله من سلف ومن غبر إنك الملك ام كبّار ام خالق ام جبّار ملكنا هذه ام مدرة وحمى لنا أقطارها وأصبارها وأسرابها وحيطانها وعيونها وصيرانها إلى انتهاء عدّة وانقضاء مدّة ثم يظهر عليها ام غلام ذو ام باع ام رحب وام مضاء ام عضب فيتخذها معمرا أعصرا ثم تجوز كما بدت وكل مرتقب قريب ولا بد من فقدان ام موجود وخراب ام معمور وإلى فناء ممار ام أشياء ، هلك عوار ، وعاد عبد كلال ، وهذا الخبر كما تراه عزوناه إلى من رواه ، والله أعلم بصحته.

حُرْجُ : بالضم ثم السكون ، وجيم ، يجوز أن يكون جمع حرجة مثل بدن وبدنة ، وهو الملتف من السدر والطلح والنبع ، عن أبي عبيد ، وقال غيره : الحرجة كل شجر ملتف ، وأكثرهم يجمعونه على حراج ، وهو غدير في ديار فزارة يقال له ابن حرج ، وابن دريد يرويه بفتح الراء وإسقاط ابن.

الحُرْجُلَّةُ : بضم أوله والجيم ، وتشديد اللام ، وهو من صفات الطويلة : من قرى دمشق ذكرها في حديث أبي العميطر السّفياني الخارج بدمشق في أيام محمد الأمين.

حَرَجَةُ : بالتحريك ، قد ذكرنا أن حرجة الموضع الذي يلتف شجره : وهي كورة صغيرة في شرقي قوص بالصعيد الأعلى كثيرة الخيرات ، حدثني الثقة أن شمس الدولة توران شاه بن أيوب أخا الملك الصالح الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب كان يقول : ما أعرف في الدنيا أرضا طولها شوط فرس في مثله تستغل ثلاثين ألف دينار غير الحرجة. والحرجة أيضا :


من قرى اليمامة ، عن الحفصي ، قال : وهي قريبة من الهجرة مويهة لبني قيس.

حَرْحارُ : بتكرير الحاء وفتحهما : موضع في بلاد جهينة من أرض الحجاز.

حُرْدانُ : بالضم ثم السكون ، والدال مهملة : من قرى دمشق ، نسب إليها غير واحد من المحدّثين ، منهم : أبو القاسم عبد السلام بن عبد الرحمن الحرداني ، روى عن أبيه وشعيب بن شعيب بن إسحاق ، روى عنه يحيى بن عبد الله بن الحارث القرشي وإبراهيم بن محمد بن صالح ، مات سنة ٢٩٠ ، عن أبي القاسم الدمشقي.

حَرْدٌ : بالفتح ثم السكون ، والدال مهملة ، والحرد القصد ، وقال أبو عمر الزاهد في كتاب العشرات : الحرد القصد والحرد المنع والحرد الغضب والحرد المباعد عن الأمعاء ، قال ابن خالويه : فقلت له وقد قيل في قوله عز وجل : (وَغَدَوْا عَلى حَرْدٍ قادِرِينَ) ، قال : اسم للقرية ، فكتبها أبو عمر عني وأملاها في الياقوتة.

حُرْدُفْنَةُ : بالضم ثم السكون ، وضم الدال ، وسكون الفاء ، وفتح النون ، وهاء : من قرى منبج من أرض الشام ، بها كان مولد أبي عبادة الوليد بن عبيد البحتري الشاعر في سنة ٢٠٠ في أول أيام المأمون وهو بخراسان ، ذكر ذلك أبو غالب همام بن الفضل ابن المهذب المعرّي في تاريخ له قال فيه : وحدثني أبو العلاء المعرّي عمن حدثه أن البحتري كان يركب برذونا له وأبوه يمشي قدامه فإذا دخل البحتري على بعض من يقصده وقف أبوه على بابه قابضا عنان دابته إلى أن يخرج فيركب ويمضي ، وقال غير ابن المهذب : ولد البحتري في سنة ٢٠٥ ، ومات سنة ٢٨٤.

حُرْذْفْنينُ : بعد النون المكسورة ياء ساكنة ، ونون أخرى : قرية بينها وبين حلب ثلاثة أميال ، وجدت ذكرها في بعض الأخبار.

حَرْدَةُ : بالفتح : بلد باليمن له ذكر في حديث العنسي ، وكان أهله ممن سارع إلى تصديق العنسي.

حُرُّ : بلفظ ضد العبد : بلدة بالموصل منسوبة إلى الحرّ ابن يوسف الثقفي. والحر أيضا : واد بالجزيرة يقال له ولواد آخر الحرّان. والحر أيضا : واد بنجد.

حَرْزَمُ : بالفتح ثم السكون ، وزاي مفتوحة ، وميم : اسم بليدة في واد ذات نهر جار وبساتين بين ماردين ودنيسر من أعمال الجزيرة ، ينسب إليها الفراند الحرزمية ، وهم يجيدون حبرها ، وأكثر أهلها أرمن نصارى.

حَرَسُ : بالتحريك : قرية في شرقي مصر ، وقال الدار قطني : محلة بمصر ، والحرس في اللغة : حرس السلطان ، وهو اسم جنس ، واحده حرسيّ ، ولا يجوز حارس إلا أن يذهب به إلى معنى الحراسة ، وقال الأزهري : يقال حارس وحرس كما يقال خادم وخدم وعاسّ وعسس ، وقد نسب إلى هذا الموضع جماعة كثيرة مذكورة في تاريخ مصر ، منهم : أبو يحيى زكرياء بن يحيى بن صالح بن يعقوب القضاعي الحرسي كاتب عبد الرحمن بن عبد الله العمري ، يروي عن المفضل بن فضالة وابن وهب ، مات في شعبان سنة ٢٤٢ ، وابنه أبو بكر أحمد حدّث ، ومات في ذي القعدة سنة ٢٥٤ ، وأحمد بن رزق الله ابن أبي الجرّاح الحرسي ، روى عن يونس بن عبد الأعلى ، ومات سنة ٢٤٦ ، وغيرهم.

حَرْسٌ : ثانيه ساكن ، والحرس في اللغة سرقة الشيء من المرعى ، والحرس الدهر ، قال بعضهم :


في نعمة عشنا بذاك حرسا

وهو من مياه بني عقيل بنجد ، عن أبي زياد ، وفيها يقول مزاحم العقيلي الشاعر :

نظرت بمفضي سيل حرسين ، والضحى

يلوح بأطراف المخارم آلها

قال : وهما ماءان اثنان يسمّيان حرسين ، وهناك مياه عدّة تسمّى الحروس ، قال ثعلب في قول الراعي :

رجاؤك أنساني تذكّر إخوتي ،

ومالك أنساني بحرسين ماليا

إنما هو حرس ماء بين بني عامر وغطفان بين بلديهما ، وإنما قال بحرسين لأن الاسمين إذا اجتمعا وكان أحدهما مشهورا غلب المشهور منهما ، كما قالوا العمران والزّهدمان ، وقال ابن السكّيت في قول عروة ابن الورد :

أقيموا بني أمّي صدور ركابكم ،

فكلّ منايا النفس خير من الهزل

فإنكم لن تبلغوا كلّ همتي

ولا أربي ، حتى تروا منبت الأثل

فلو كنت مثلوج الفؤاد ، إذا بدا

بلاد الأعادي ، لا أمرّ ولا أحلي

رجعت على حرسين ، إذ قال مالك :

هلكت ، وهل يلحى على بغية مثلي؟

لعلّ انطلاقي في البلاد وبغيتي ،

وشدّي حيازيم المطيّة بالرحل

سيدفعني يوما إلى ربّ هجمة ،

يدافع عنها بالعقوق وبالبخل

وحرس : واد بنجد فأضاف إليه شيئا آخر فقال حرسين ، وقال لبيد :

وبالصّفح ، من شرقيّ حرس محارب ،

شجاع وذو عقد من القوم مخبر

وقال زهير :

هم ضربوا ، عن فرجها ، بكتيبة ،

كبيضاء حرس ، في طوائفها الرّجل

قال : الحرس جبل ، وقال طفيل الغنوي :

فنحن منعنا يوم حرس نساءكم ،

غداة دعونا دعوة غير موئل

قالوا في تفسيره : حرس ماء لغنيّ.

حَرَسْتَا : بالتحريك ، وسكون السين ، وتاء فوقها نقطتان : قرية كبيرة عامرة وسط بساتين دمشق على طريق حمص ، بينها وبين دمشق أكثر من فرسخ ، منها شيخنا القاضي عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل الأنصاري الحرستاني ، إمام فاضل مدرس على مذهب الشافعي ، ولي القضاء بدمشق في كهولته ثم تركه ثم وليه وقد تجاوز التسعين عاما من عمره بإلزام العادل أبي بكر بن أيوب إياه ، ومات وهو قاضي القضاة بدمشق ، وكان ثقة محتاطا ، وكان فيه عسر وملل في الحديث والحكومة ، ومولده سنة ٥٢٠ ، تكثّر به والده فسمع من علي بن أحمد بن قبيس الغسّاني وعبد الكريم بن حمزة والخضر السّلمي وطاهر بن سهل الأسفراييني وعلي بن المسلم ، وتفرّد بالرواية عن هؤلاء الأربعة زمانا ، وسمع من غيرهم فأكثر ، ومات في خامس ذي الحجة سنة ٦١٤ عن ٩٤ سنة ، وينسب إليها من المتقدّمين حمّاد بن مالك بن بسطام بن درهم أبو مالك الأشجعي الحرستاني ، روى عن الأوزاعي وإسماعيل بن عبد الرحمن بن عبيد بن نفيع وعبد الرحمن بن يزيد بن جابر وسعيد بن بشير وعبد العزيز


ابن حصين وإسماعيل بن عيّاش ، روى عنه أبو حاتم الرازي وأبو زرعة الدمشقي ويزيد بن محمد بن عبد الصمد وهشام بن عمار ويعقوب بن سفيان ومحمد بن عبد الصمد وهشام بن عمار ويعقوب بن سفيان ومحمد بن إسماعيل الترمذي ، ومات سنة ٢٢٨. وحرستا المنظرة : من قرى دمشق أيضا بالغوطة في شرقيها.

وحرستا أيضا : قرية من أعمال رعبان من نواحي حلب ، وفيها حصن ومياه غزيرة.

حُرْشانِ : بالضم ثم السكون ، وشين معجمة ، تثنية حرش ، قال أبو سعد الضرير : يقال دراهم حرش جياد قريبة العهد بالسكة ، وأصله من الحرش وهو الخشن. وحرشان : جبلان ، قال مزاحم العقيلي :

نظرت بمفضي سيل حرشين ، والضحى

يسيل بأطراف المخارم آلها

بمنقبة الأجفان أنفد دمعها

مفارقة الألاف ، ثم زيالها

فلما نهاها اليأس أن تؤنس الحمى ،

حمى النّير ، خلّى عبرة العين جالها

وقد تقدّم هذا الشاهد في حرس بالسين المهملة وقد رواه بعضهم هكذا.

حَرْصٌ : الفتح ثم السكون ، والصاد مهملة ، والحرص في اللّغة الشق. وحرص : جبل بنجد ، وقيل : هو بالسين.

حُرُضُ : بالضم ، وثانيه يضم ويفتح ، والضاد معجمة ، فمن رواه على وزن جرذ بفتح الراء فهو معدول عن حارض أي مريض فاسد ، ومن رواه بالضم فهو الأشنان ، يقال : حرض وحرض ، وهو واد بالمدينة عند أحد له ذكر ، قال حكيم بن عكرمة الدّيلمي يتشوّق المدينة :

لعمرك! للبلاط وجانباه ،

وحرّة واقم ذات المنار ،

فجمّاء العقيق فعرصتاه ،

فمفضي السيل من تلك الحرار ،

إلى أحد فذي حرض فمبنى

قباب الحي ، من كنفي ضرار ،

أحبّ إليّ من فج ببصرى ،

بلا شكّ هناك ولا ائتمار

ومن قريات حمص وبعلبكّ ،

لو انّي كنت أجعل بالخيار

ولما استولى اليهود في الزمن القديم على المدينة وتغلبوا عليها كان لهم ملك يقال له الفطيون ، وقد سنّ فيهم سنّة أن لا تدخل امرأة على زوجها حتى يكون هو الذي يقتضّها قبله ، فبلغ ذلك أبا جبيلة أحد ملوك اليمن فقصد المدينة وأوقع باليهود بذي حرض وقتلهم ، فقالت سارة القرظيّة تذكر ذلك :

بأهلي رمّة لم تغن شيئا ،

بذي حرض تعفّيها الرياح

كهول من قريظة ، أتلفتهم

سيوف الخزرجيّة والرماح

ولو أذنوا بحربهم لحالت

هنالك ، دونهم ، حرب رداح

وقال ابن السكيت في قول كثيّر :

اربع فحيّ معارف الأطلال

بالجزع من حرض ، فهنّ بوال

حرض ههنا : واد من وادي قناة من المدينة على ميلين. وذو حرض أيضا : واد عند النّقرة لبني عبد الله بن غطفان ، بينه وبين معدل النقرة خمسة أميال ، وإياه أراد زهير فقال :


أمن آل سلمى عرفت الطّلولا

بذي حرض ، ماثلات مثولا

بلين ، وتحسب آياتهن ،

عن فرط حولين ، رقّا محيلا

حَرَضُ : بفتحتين ، وهو في اللغة الذي أذابه الحزن : وهو بلد في أوائل اليمن من جهة مكة ، نزله حرض ابن خولان بن عمرو بن مالك بن حمير فسمّي به ، وهو اليوم بين خولان وهمدان.

حُرْفُ : بالضم ثم السكون ، والفاء ، وهو في اللّغة حبّ الرشاد ، والاسم من الحرفة ضد السعادة : وهو رستاق من نواحي الأنبار ، ينسب إليه أبو عمران موسى بن سهل بن كثير بن سيّار الوشّا الحرفي ، حدّث عن إسماعيل بن غلبّة ويزيد بن هارون وغيرهما ، روى عنه ابن السماك أبو بكر الشافعي ، ومات في ذي القعدة سنة ٢٧٨. والحرف أيضا : آرام سود مرتفعات ، قال نصر : أحسبها في منازل بني سليم.

الحُرُقاتُ : بضمتين ، وقاف ، وآخره تاء فوقها نقطتان : موضع.

حَرْقَمُ : بالفتح ثم السكون ، وفتح القاف ، وميم ، وهو في اللغة الصوف الأحمر : موضع.

الحُرَقَةُ : بالضم ثم الفتح ، والقاف : ناحية بعمان ؛ ينسب إليها أبو الشعثاء جابر بن زيد اليحمدي الأزدي الحرقي ، أحد أئمة السّنة من أصحاب عبد الله بن عبّاس ، أصله من الحرقة ، قالوا : ويقال له الجوفي ، بالجيم والواو والفاء ، لأنه نزل البصرة في الأزد في موضع يقال له درب الجوف ، روى عن ابن عباس وابن عمرو ، روى عنه عمرو بن دينار ، وتوفي سنة ٩٣.

حَرْكٌ : بالفتح ثم السكون ، وكاف : موضع ، قال عبيد الله بن قيس الرّقيّات :

إنّ شيبا من عامر بن لؤيّ ،

وفتوّا منهم رقاق النّعال

لم يناموا ، إذ نام قوم عن الوت

ر بحرك ، فعرعر فالسّخال

حَرْلانُ : آخره نون : ناحية بدمشق بالغوطة فيها عدّة قرى ، بها قوم من أشراف بني أميّة.

الحَرْمَلِيّةُ : الحرمل نبت : قرية من قرى أنطاكية.

الحَرَمُ : بفتحتين ، الحرمان : مكة والمدينة ، والنسبة إلى الحرم حرميّ ، بكسر الحاء وسكون الراء ، والأنثى حرميّة على غير قياس ، ويقال : حرميّ ، بالضم ، كأنهم نظروا إلى حرمة البيت ، عن المبرد في الكامل ، وحرميّ ، بالتحريك ، على الأصل أيضا ، وأنشد راوي الكسر :

لا تأوينّ لحرميّ مررت به

يوما ، ولو ألقي الحرميّ في النار

وقال صاحب كتاب العين : إذا نسبوا غير الناس قالوا ثوب حرميّ ، بفتحتين ، فأما ما جاء في الحديث:إن فلانا كان حرميّ رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، فإن أشراف العرب الذين يتحمّسون كان إذا حجّ أحدهم لم يأكل إلا طعام رجل من الحرم ولم يطف إلّا في ثيابه ، فكان لكل شريف من أشراف العرب رجل من قريش ، فكل واحد منهما حرمي صاحبه ، كما يقال كري للمكري والمكتري وخصم للمخاصمين ، والحرم بمعنى الحرام مثل زمن وزمان ، فكأنه حرام انتهاكه وحرام صيده ورفثه وكذا وكذا ، وحرم مكة له حدود مضروبة المنار قديمة ، وهي التي بيّنها خليل الله إبراهيم ، عليه السلام ، وحده نحو


عشرة أميال في مسيرة يوم ، وعلى كله منار مضروب يتميز به عن غيره ، وما زالت قريش تعرفها في الجاهلية والإسلام لكونهم سكان الحرم ، وقد علموا أن ما دون المنار من الحرم وما وراءها ليس منه ، ولما بعث النبي ، صلى الله عليه وسلم ، أقرّ قريشا على ما عرفوه من ذلك وكتب مع زيد بن مربع الأنصاري إلى قريش أن قرّوا قريشا على مشاعركم فإنكم على إرث من إرث إبراهيم ، فما دون المنار فهو حرم لا يحل صيده ولا يقطع شجره ، وما كان وراء المنار فهو حلّ إذا لم يكن صائده محرما ، فإن قال قائل من الملحدة في قول الله عز وجل : (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ) ، كيف يكون حرما آمنا وقد اختلفوا وقتلوا في الحرم؟ فالجواب أنه ، جل وعز ، جعله حرما آمنا أمرا وتعبدا لهم بذلك لا اختيارا ، فمن آمن بذلك كفّ عما نهي عنه اتباعا وانتهاء إلى ما أمر به ، ومن ألحد وأنكر أمر الحرم وحرمته فهو كافر مباح الدم ، ومن أقرّ وركب المنهي وصاد صيد الحرم وقتل فيه فهو فاسق وعليه الكفارة فيما قتل من الصيد ، فإن عاد فإن الله ينتقم منه ، فأما المواقيت التي سهل منها للحج فهي بعيدة من حدود الحرم ، وهي من الحل ، ومن أحرم منها للحج في أشهر الحج فهو محرم مأمور بالانتهاء ما دام محرما عن الرفث وما وراءه من أمر النساء وعن التطيب بالطيب وعن لبس الثوب المخيط وعن صيد الصيد ، وقول الأعشى :

بالأجياد غربيّ الصفا فالمحرم

هو الحرم ، تقول : أحرم الرجل فهو محرم وحرام ، والبيت الحرام والمسجد الحرام والبلد الحرام كله يراد به مكة ، قال البشاري : ويحدق بالحرم أعلام بيض ، وهو من طريق الغرب التنعيم ثلاثة أميال ومن طريق العراق تسعة أميال ومن طريق اليمن سبعة أميال ومن طريق الطائف عشرون ميلا ومن طريق الجادّة عشرة أميال.

وحرم أيضا : واد في عارض اليمامة من وراء أكمة هناك بينها وبين مهب الجنوب ، وقال الحازمي : يروى بكسر الراء أيضا ، وقال غيره : كان أسد ضار انحدر في حرم فحماه على أهله سنة ، وقال الراجز :

تعلّم أنّ الفاتك الغشمشما ،

واحد أمّ لم تلده توأما ،

أضحى ببطن حرم مسوّما

مسوم أي سائم. وحرم رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، المدينة.

حَرِمٌ : بكسر الراء ، بوزن كبد ، وهو في اللغة مصدر حرمه الشيء يحرمه حرما مثال سرقه سرقا ، والحرم أيضا : الحرمان ، قال زهير :

يقول لا غائب مالي ولا حرم

وقال نصر : حرم ، بكسر الراء ، واد باليمامة فيه نخل وزرع ، ويقال بفتح الراء ، وقال أبو زياد : حرم فلج من أفلاج اليمامة ، ورواه ابن المعلى الأزدي حرم وحرم ، بفتح الراء وضمها ، جميع ذلك في موضع باليمامة في قول ابن مقبل :

حيّ دار الحيّ لا دار بها

بأثال ، فسخال فحرم

حِرْمٌ : بالكسر ثم السكون ، وهو في اللغة الحرام ، وقرئ : وحرم على قرية أهلكناها ، قال الكسائي : معناه واجب. والحرم : أحد الحرمين ، وهما واديان ينبتان السدر والسلم يصبان في بطن الليث في أوّل أرض اليمن.


حَرْمَةُ : بالفتح ثم السكون : موضع في جانب حمى ضريّة قريب من النّسار.

حَرْنَقُ : بالفتح ثم السكون ، وفتح النون ، وقاف : من مدن أرمينية.

حِرِنّةُ : بكسرتين ، وفتح النون وتشديدها ، ووجدت بخط بعض العلماء بالزاي : قرية باليمامة في وسط العارض لبني عديّ بن حنيفة نخيلات ، قال جرير :

من كل مبسمة العجان ، كأنه

جرف تقصّف من حرنّة جار(١)

حَرَوراءُ : بفتحتين ، وسكون الواو ، وراء أخرى ، وألف ممدودة ، يجوز أن يكون مشتقّا من الريح الحرور ، وهي الحارة ، وهي بالليل كالسموم بالنهار ، كأنه أنّث نظرا إلى أنه بقعة ، قيل : هي قرية بظاهر الكوفة ، وقيل : موضع على ميلين منها نزل به الخوارج الذين خالفوا علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه ، فنسبوا إليها ، وقال ابن الأنباري : حروراء كورة ، وقال أبو منصور : الحرورية منسوبون إلى موضع بظاهر الكوفة نسبت إليه الحرورية من الخوارج ، وبها كان أول تحكيمهم واجتماعهم حين خالفوا عليه ، قال : ورأيت بالدهناء رملة وعثة يقال لها رملة حروراء.

الحَرورِيّةُ : منسوب في قول النابغة الجعدي حيث قال :

أيا دار سلمى بالحروريّة اسلمي

إلى جانب الصمّان ، فالمتثلم

أقامت به البردين ثم تذكّرت

منازلها ، بين الدّخول فجرثم

حَرُوسُ : بالفتح ثم الضم ، والواو ساكنة ، والسين مهمله : موضع ، قال عبيد بن الأبرص :

لمن الديار بصاحة فحروس ،

درست من الاقعار أي دروس؟

ذكر الحرار في ديار العرب

قال صاحب كتاب العين : الحرة أرض ذات حجارة سود نخرة كأنها أحرقت بالنار ، والجمع الحرّات والأحرّون والحرار والحرّون ، وقال الأصمعي : الحرة الأرض التي ألبستها الحجارة السود ، فإن كان فيها نجوة الأحجار فهي الصخرة ، وجمعها صخر ، فإن استقدم منها شيء فهو كراع ، وقال النضر بن شميل : الحرة الأرض مسيرة ليلتين سريعتين أو ثلاث ، فيها حجارة أمثال الإبل البروك كأنها تشطب بالنار ، وما تحتها أرض غليظة من قاع ليس بأسود وإنما سوّدها كثرة حجارتها وتدانيها ، وقال أبو عمرو : تكون الحرة مستديرة فإذا كان فيها شيء مستطيل ليس بواسع فذلك الكراع واللّابة والحرّة بمعنى ، ويقال للطّلمة الكبيرة ، وهي الخبزة التي تنضج بالملّة : حرّة ، والحرة أيضا : البثرة الصغيرة ، والحرة أيضا : العذاب الموجع ، والحرار في بلاد العرب كثيرة ، أكثرها حوالي المدينة إلى الشام ، وأنا أذكرها مرتبة على الحروف التي في أوائل ما أضيفت الحرة إليه.

حَرَّةُ أَوْطَاسَ : قد ذكر أوطاس في موضعه ، ويوم حرة أوطاس : من أيام العرب.

حَرَّةُ تَبوكَ : وهو الموضع الذي غزاه رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، وقد ذكر أيضا.

حرَّةُ تُقْدَةَ : بضم التاء المعجمة باثنتين من فوق ، ويروى بالنون ، وسكون القاف ، والدال مهملة ،

__________________

(١) قوله : مبسمة العجان : هكذا في الأصل ، ولم نجد هذا البيت في ديوان جرير.


قال بعضهم : التّقدة ، بالكسر ، الكزبرة ، والنّقدة ، بكسر النون : الكروياء ، قال الراجز :

لكنّ حيّا نزلوا بذي بين ،

فما حوت تقدة ذات حرّين

حرَّةُ حَقْل : بفتح الحاء ، وسكون القاف بالمنصف ، وقد ذكر حقل في موضعه ، ويوم حرة حقل : من أيام العرب.

حَرَّةُ الحمَارَة : لا أعرف موضعها ، وقد جاءت في أخبارهم.

حرّةُ راجلٍ : بالجيم : في بلاد بني عبس بن بغيض ، عن أحمد بن فارس ، وقال الزمخشري : حرة راجل بين السرّ ومشارف حوران ، قال النابغة :

يؤمّ بربعيّ كأن زهاءه ،

إذا هبط الصحراء ، حرّة راجل

حرَّةُ راهِصٍ : قال الأصمعي : ولبني قريط بن عبد ابن كلاب راهص ، وهي حرّة سوداء ، وهي آكام منقادة متصلة تسمى نعل راهص ، وقيل : هي لفزارة.

الحرَّةُ الرَّجْلاء : قال ابن الأعرابي : الحرّة الرجلاء الصلبة الشديدة ، وقال غيره : هي التي أعلاها أسود وأسفلها أبيض ، وقال الأصمعي : يقال للطريق الخشن رجيل ، ويقال : حرة رجلاء للغليظة الخشنة : وهو علم لحرة في ديار بني القين بن جسر بين المدينة والشام ، وقد ذكرت في الرجلاء ، قال الأخنس بن شهاب :

وكلب لها خبت فرملة عالج

إلى الحرة الرجلاء ، حيث تحارب

وقال الراعي :

يا أهل! ما بال هذا الليل في صفر

يزداد طولا ، وما يزداد من قصر

في إثر من قطعت مني قرينته ،

يوم الحدالى ، بأسباب من القدر

كأنما شقّ قلبي يوم فارقهم

قسمين ، بين أخي نجد ومنحدر

هم الأحبّة أبكي اليوم إثرهم ،

وكنت أطرب نحو الحيرة الشّطر

فقلت ، والحرة الرجلاء دونهم ،

وبطن لجّان لما اعتادني ذكري :

صلّى على عزّة الرحمن وابنتها

ليلى ، وصلى على جاراتها الأخر

هنّ الحرائر لا ربّات أخمرة ،

سود المحاجر لا يقرأن بالسّور

حرَّةُ رُماحٍ : بضم الراء ، والحاء مهملة : بالدهناء ، قالت أعرابية :

سلام الذي قد ظن أن ليس رائيا

رماحا ، ولا من حرّتيه ذرّى خضرا

وقد ذكر في رماح.

حَرَّةُ سُلَيْمٍ : هو سليم بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس بن عيلان ، قال أبو منصور : حرة النار لبني سليم وتسمى أم صبّار ، وفيها معدن الدّهنج ، وهو حجر أخضر يحفر عنه كسائر المعادن ، وقال أبو منصور : حرة ليلى وحرة شوران وحرة بني سليم في عالية نجد ، وأنشد لبشر بن أبي خازم :

معالية لا همّ إلا محجّر ،

وحرة ليلى السهل منها فلوبها

حرَّةُ شَرْجٍ : بفتح الشين ، وسكون الراء ، وجيم : ذكر في موضعه ، قال ابن مقبل :

زارتك من دونها شرج وحرّته ،

وما تجشّمت من دان ولا أون


حرَّةُ شَوْرانَ : بفتح الشين المعجمة ، وسكون الواو ، وراء ، وألف ، ونون : قال عرّام : عير جبلان أحمران من عن يمينك وأنت ببطن العقيق تريد مكة وعن يسارك شوران ، وهو جبل مطل على السّد.

حرةُ ضارِجٍ : بالضاد المعجمة ، والجيم ، ذكره ابن فارس ، وضارج يذكر في موضعه ، وأنشد لبشر بن أبي خازم :

بكلّ فضاء ، بين حره ضارج

وخلّ إلى ماء القصيبة موكب

قال : ويقال إنما هو أثلة ضارج.

حرةُ ضَرْغَدَ : بفتح الضاد والغين المعجمة : في جبال طيّء ، وقال ابن الأنباري : ضرغد في بلاد غطفان ويقال ضرغد مقبرة ، فهو يصرف من الأول ولا يصرف من الثاني ، وأنشد لعامر بن الطفيل :

فلأبغينّكم قنا وعوارضا ،

ولأوردنّ الخيل لابة ضرغد

وقال النابغة في بعض الروايات :

يا عام! لم أعرفك تنكر سنّة ،

بعد الذين تتابعوا بالمرصد

لو عاينتك كماتنا بطوالة ،

بالحزورية ، أو بلابة ضرغد

لثويت في قدّ ، هنالك ، موثقا

في القوم ، أو لثويت غير موسّد

اللابة والحرّة واحد.

حَرَّةُ عَبَّادٍ : حرة : دون المدينة ، قال عبيد الله بن ربيع :

إلى الله أشكو أنّ عثمان جائر

عليّ ، ولم يعلم بذلك خالد

أبيت كأني ، من حذار قضائه

بحرّة عبّاد ، سليم الأساود

تكلّفت أجواز الفيافي وبعدها

إليك ، وعظمي ، خشية الموت ، بارد(١)

حَرَّةُ عُذْرَةَ : وتسمى كرتوم ، ذكرت في موضعها.

حَرةُ عَسْعَسَ : العسعس : اسم الذئب لأنه يعسعس بالليل أي يطوف ، وهي حرة معروفة ، قال الغامدي :

طاف الخيال وصحبتي بالأوعس ،

بين الرّفاق وبين حرة عسعس

حَرةُ غَلَّاسٍ : بفتح الغين المعجمة ، وتشديد اللام ، والسين مهملة ، قال الشاعر :

لدن غدوة ، حتى استغاث شريدهم

بحرّة غلّاس وشلو ممزّق

حَرةُ قُباءَ : قبلي المدينة ، لها ذكر في الحديث.

حَرَّةُ القَوْس : قال عرعرة النميري :

بحرّة القوس وخبتي محفل

بين ذراه ، كالحريق المشعل

حَرَّةُ لُبْنٍ : بضم اللام ، وتسكين الباء الموحدة ، واللّبن جمع اللّبون من النوق ، قال ابن الأعرابي : اللّبن الأكل الكثير والضرب الشديد ، وقد ذكر لبن في موضعه ، قال الشاعر :

بحرّة لبن يبرق جانباها ،

ركود ما تهدّ من الصياح

حَرَّةُ لَفْلَف : قال ابن الأعرابي : لفلف الرجل إذا استقصى في الأكل والعلف ، وقد ذكر لفلف.

حَرَّةُ لَيْلى : لبني مرة بن عوف بن سعد بن ذبيان بن بغيض بن ريث بن غطفان يطؤها الحاج في طريقهم إلى المدينة ، وعن بعضهم أن حرة ليلى من وراء

__________________

(١) في هذا البيت اقواء.


وادي القرى من جهة المدينة ، فيها نخل وعيون ، وقال السكّري : حرة ليلى معروفة في بلاد بني كلاب ، بعث الوليد بن يزيد بن عبد الملك إلى الرّمّاح بن يزيد وقيل ابن أبرد المرّيّ يعرف بابن ميّادة حين استخلف فمدحه فأمره بالمقام عنده ، فأقام ثم اشتاق إلى وطنه فقال :

ألا ليت شعري هل أبيتنّ ليلة

بحرّة ليلى ، حيث ربّتني أهلي

بلاد بها نيطت عليّ تمائمي ،

وقطّعن عني حين أدركني عقلي

وهل أسمعنّ ، الدهر ، أصوات هجمة

تطالع من هجل خصيب إلى هجل

تحنّ ، فأبكي كلما ذرّ شارق ،

وذاك على المشتاق قبل من القبل

فإن كنت عن تلك المواطن حابسي ،

فأفش عليّ الرزق واجمع إذا شملي

فقال الوليد : اشتاق الشيخ إلى وطنه ، فكتب له إلى مصدّق كلب أن يعطيه مائة ناقة دهماء جعداء ، فأتى المصدّق فطلب إليه أن يعفيه من الجعودة ويأخذها دهما ، فكتب الرّمّاح إلى الوليد :

ألم تعلم بأن الحيّ كلبا

أرادوا في عطيتك ارتدادا؟

فكتب الوليد إلى المصدّق أن يعطيه مائة ناقة دهماء جعداء ومائة صهباء ، فأخذ المائتين وذهب بها إلى أهله ، قال : فجعلت تضيء هذه من جانب وتظلم هذه من جانب حتى أوردها حوض البردان ، فجعل يرتجل ويقول :

ظلّت بحوض البردان تغتسل ،

تشرب منه نهلات وتعلّ

وقال بشر بن أبي خازم :

عفت من سليمى رامة فكثيبها ،

وشطّت بها عنك النوى وشعوبها

وغيّرها ما غيّر الناس بعدها ،

فباتت وحاجات النفوس نصيبها

معالية لا همّ إلا محجّر ،

وحرّة ليلى السهل منها فلوبها

أي وباتت معالية أي مرتفعة إلى أرض العالية وليس لها همّ إلا أن تأتي محجّرا بناحية اليمامة.

حَرَّةُ مَعْشَر : والمعشر : كل جماعة أمرهم واحد ، وأنشد ابن دريد :

أناموا منهم ستين صرعى

بحرّة معشر ، ذات القتاد

حَرَّةُ مَيْطانَ : جبل يقابل الشّوران من ناحية المدينة ، قال :

تذكّر قد عفا منها فمطلوب ،

فالسفح من حرّتي ميطان فاللوب

حَرَّةُ النار : بلفظ النار المحرقة : قريبة من حرة ليلى قرب المدينة ، وقيل : هي حرة لبني سليم ، وقيل : هي منازل جذام وبليّ وبلقين وعذرة ، وقال عياض : حرة النار المذكورة في حديث عمر هي من بلاد بني سليم بناحية خيبر ، قال بعضهم :

ما إن لمرّة من سهل تحلّ به ،

ولا من الحزن ، إلا حرّة النار

وفي كتاب نصر : حرة النار بين وادي القرى وتيماء من ديار غطفان ، وسكانها اليوم عنزة ، وبها معدن البورق ، وهي مسيرة أيام ، قال أبو المهنّد بن معاوية الفزاري :


كانت لنا أجبال حسمى فاللّوى ،

وحرة النار ، فهذا المستوي

ومن تميم قد لقينا باللوى ،

يوم النّسار ، وسقيناهم روى

وقال النابغة :

إما عصيت ، فإني غير منفلت

مني اللصاب ، فجنبا حرة النار

تدافع الناس عنا ، حين نركبها ،

من المظالم تدعى أم صبّار

قال : وأم صبار اسم الحرة ، وفي الحديث : أن رجلا أتى عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، فقال له عمر : ما اسمك؟ قال : جمرة ، قال : ابن من؟ قال : ابن شهاب ، قال : ممن أنت؟ قال : من الحرقة ، قال : أين تسكن؟ قال : حرة النار ، قال : أيها؟ قال : بذات اللظى ، قال عمر : أدرك الحيّ لا تحترقوا ، ففي رواية أن الرجل رجع إلى أهله فوجد النار قد أحاطت بهم.

حَرَّةُ واقِمٍ : إحدى حرّتي المدينة ، وهي الشرقية ، سميت برجل من العماليق اسمه واقم ، وكان قد نزلها في الدهر الأول ، وقيل : وأقم اسم أطم من آطام المدينة إليه تضاف الحرة ، وهو من قولهم : وقمت الرجل عن حاجته إذا رددته ، فأنا واقم ؛ وقال المرّار :

بحرّة واقم ، والعيس صعر

ترى للحي جماجمها تبيعا

وفي هذه الحرة كانت وقعة الحرة المشهورة في أيام يزيد بن معاوية في سنة ٦٣ وأمير الجيش من قبل يزيد مسلم بن عقبة المرّي ، وسموه لقبيح صنيعه مسرفا ، قدم المدينة فنزل حرّة واقم وخرج إليه أهل المدينة يحاربونه ، فكسرهم وقتل من الموالي ثلاثة آلاف وخمسمائة رجل ومن الأنصار ألفا وأربعمائة ، وقيل ألفا وسبعمائة ، ومن قريش ألفا وثلاثمائة ، ودخل جنده المدينة فنهبوا الأموال وسبوا الذّرية واستباحوا الفروج ، وحملت منهم ثمانمائة حرّة وولدن ، وكان يقال لأولئك الأولاد أولاد الحرّة ، ثم أحضر الأعيان لمبايعة يزيد بن معاوية فلم يرض إلا أن يبايعوه على أنهم عبيد يزيد بن معاوية ، فمن تلكأ أمر بضرب عنقه ، وجاءوا بعليّ بن عبد الله بن العباس ، فقال الحصين بن نمير : يا معاشر اليمن عليكم ابن أختكم ، فقام معه أربعة آلاف رجل ، فقال لهم مسرف : أخلعتم أيديكم من الطاعة؟ فقالوا : أما فيه فنعم ، فبايعه عليّ على أنه ابن عمّ يزيد بن معاوية ، ثم انصرف نحو مكة وهو مريض مدنف فمات بعد أيام وأوصى إلى الحصين بن نمير ، وفي قصة الحرة طول ، وكانت بعد قتل الحسين ، رضي الله عنه ، ورمي الكعبة بالمنجنيق من أشنع شيء جرى في أيام يزيد ؛ وقال محمد بن بحرة الساعدي :

فإن تقتلونا يوم حرّة واقم ،

فنحن على الإسلام أول من قتل

ونحن تركناكم ببدر أذلّة ،

وأبنا بأسياف لنا منكم نفل

فإن ينج منكم عائذ البيت سالما ،

فما نالنا منكم ، وإن شفّنا ، جلل

عائذ البيت : عبد الله بن الزبير ، وقال عبيد الله بن قيس الرّقيّات :

وقالت : لو أنّا نستطيع لزاركم

طبيبان منا عالمان بدائكا


ولكنّ قومي أحدثوا بعد عهدنا

وعهدك أضعافا ، كلفن نسائكا

تذكّرني قتلى بحرّة واقم

أصبن ، وأرحاما قطعن شوائكا

وقد كان قومي ، قبل ذاك ، وقومها

قروما زوت عودا من المجد نائكا (١)

فقطّع أرحام وقصّت جماعة ،

وعادت روايا الحلم بعد ركائكا

حرَّةُ الوَبرَةِ : بثلاث فتحات مضبوط في كتاب مسلم ، وقد سكّن بعضهم الباء : وهي على ثلاثة أميال من المدينة ، ذكرها في حديث أهبان في أعلام النبوّة.

حَرَّةُ بني هِلالٍ : هو هلال بن عامر بن صعصعة : بالبريك ، والبريك : في طريق اليمن التهامي من دون ضنكان.

حُرّيَاتٌ : بالضم ، وتشديد الراء ، وياء خفيفة : موضع في قول القتّال :

وأقفر منها حريّات ، فما يرى

بها ساكن نبح ولا متنوّر

حُرَيْداء : بلفظ التصغير ، ممدود : رميلة في بلاد أبي بكر بن كلاب ؛ قال :

لياح له بطن الرويل مجنّة ،

ومنه بأبقاء الحريداء مكنس

الحُرَيْرَةُ : براءين مهملتين ، كأنه تصغير حرة : موضع بين الأبواء ومكة قرب نخلة ، وبها كانت الوقعة الرابعة من وقعات الفجار ، قال بعضهم :

أرعى الأراك قلوصي ثم أوردها

ماء الحريرة والمطلى ، فأسقيها

وقال خداش بن زهير :

وقد بلوكم ، فأبلوكم بلاءهم ،

يوم الحريرة ، ضربا غير تكذيب

حَريزٌ : بالفتح ثم الكسر ، وياء ، وزاي ، قال أبو سعد : قرية باليمن ، ورواه الحازمي بزايين ، ونسب إليه كما نذكره في موضعه إن شاء الله تعالى.

الحريشُ : الشين معجمة ، وهو في اللغة دابة لها مخالب كمخالب الأسد ولها قرن واحد في هامتها ، ويسميها الناس كركدنّ ، والحريش الضب المحروش أي المصاد ، وهي قرية من كورة الفرج من أعمال الموصل وأظنها سميت بالقبيلة ، وهو الحريش ، واسمه معاوية ابن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن.

الحرَيْضَةُ : كأنه تصغير حرضة ، بالضاد المعجمة : موضع في بلاد هذيل ، فيه قتل تأبّط شرّا فقامت أمه ترثيه فقالت :

قتيل ما قتيل بني قريم ،

إذا ضنّت جمادى بالقطار

فتى فهم جميعا غادروه

مقيما بالحريضة من نمار

حُرَيْمٌ : تصغير حرم : حصن من أعمال تعزّ باليمن.

الحَريمُ : بالفتح ثم الكسر ، وياء ساكنة ، وميم ، أصله من حريم البئر وغيرها ، وهو ما حولها من حقوقها ومرافقها ، ثم اتسع فقيل لكل ما يتحرّم به ويمنع منه حريم ، وبذلك سمي حريم دار الخلافة ببغداد ، ويكون بمقدار ثلث بغداد ، وهو في وسطها ودور العامة محيطة به ، وله سور يتحيز به ، ابتداؤه من دجلة وانتهاؤه إلى دجلة كهيئة نصف دائرة ، وله عدة أبواب ، وأولها من جهة الغرب باب

__________________

(١) هكذا ورد هذا البيت في الأصل.


الغربة ، وهو قرب دجلة جدّا ، ثم باب سوق التمر ، وهو باب شاهق البناء أغلق في أول أيام الناصر لدين الله بن المستضيء واستمر غلقه إلى هذه الغاية ، ثم باب البدريّة ثم باب النوبي ، وعنده باب العتبة التي تقبّلها الرّسل والملوك إذا قدموا بغداد ، ثم باب العامّة ، وهو باب عمّورية أيضا ، ثم يمتد قرابة ميل ليس فيه باب إلا باب بستان قرب المنظرة التي تنحر تحتها الضحايا ، ثم باب المراتب بينه وبين دجلة نحو غلوتي سهم في شرقي الحريم ، وجميع ما يشتمل عليه هذا السور من دور العامّة ومحالّها وجامع القصر ، وهو الذي تقام فيه الجمعة ببغداد يسمى الحريم ، وبين هذا الحريم المشتمل على منازل الرعية وخاص دار الخلافة الذي لا يشركه فيه أحد سور آخر يشتمل على دور الخلافة وبساتين ومنازل نحو مدينة كبيرة ، وقرأت في كتاب بغداد تصنيف هلال بن المحسن الصابي : حدثني خواشاذه خازن عضد الدولة قال : طفت دار الخلافة عامرها وخرابها وحريمها وما يجاورها ويتاخمها فكان مثل شيراز ، قال : وسمعت هذا القول من جماعة آخرين أولي خبرة.

الحريمُ الطّاهريُّ : بأعلى مدينة السلام بغداد في الجانب الغربي ، منسوب إلى طاهر بن الحسين بن مصعب بن زريق ، وبه كانت منازلهم ، وكان من لجأ إليه أمن ، فلذلك سمّي الحريم ، وكان أول من جعلها حريما عبد الله بن طاهر بن حسين ، وكان عظيما في دولة بني العباس ، ولا أعلم أحدا بلغ مبلغه فيها حديثا ولا قديما ، وكان أديبا شاعرا شجاعا جوادا ممدّحا ، وكانت إليه الشرطة ببغداد وهي أجلّ ما يلي يومئذ ، وكان يلي خراسان وبها نوّابه والجبال وبها نوّابه وطبرستان وبها نوّابه والشام ومصر وبها نوّابه ، ولما أراد عمارة قصره ببغداد وهو الحريم هذا ، وقد كانت العمارات متصلة وهو في وسطها ، وأما الآن فقد خرب جميع ما حوله وبقي كالبلدة المفردة في وسط الخراب ، وهو عامر ، فيه دور وقصر مطلّ متصل به شارع دار الرفيق ، وبعضه عامر ، وفيه أسواق ، وله سور بحيزه ، بصر برجل يستغيث وبيده قصة ، فأمر من أخذها منه ، فقرأها فإذا فيها أن وكيله أخذ داره غصبا وهدمها وأدخلها في قصره ، فأحضر الوكيل وسأله عن القصة فقال : إن تربيع القصر لا يتم إلا بها وقيمتها ثلاثمائة دينار فبذلتها له فامتنع فبلغنا ألف دينار ، فأخبرت قاضي المسلمين خبره فرأى الحجر عليه ونصب أمينا فباع الدار وقبضناه المال ، وهو عنده ، فقال عبد الله : أتعرف موضع الدار؟ قال : نعم ، فإذا هي قد وقعت في شمالي حجرة ، فأمر عبد الله بهدم البنيان ، فلما رأى صاحبها الجدّ منه في الهدم قال : لا حاجة لي في ذلك وقد أذنت في البيع ، فقال : هيهات بعد الشكوى والمطالبة! ولم يزل جالسا والشمس تبلغ إليه وينفتل عنها وينفض التراب عن وجهه وموكبه واقف حتى كشف عن العرصة وجرّد الأساس القديم وأمر بردّ بناء الدار وتأديب الوكيل واستحل الرجل بماله وبقيت الدار طاعنة في داره إلى الآن ترى بروزها من البناء ، ثم رأى يوما دخانا مرتفعا كريه الرائحة فتأذّى به فسأل عنه فقيل له : إن الجيران يخبزون بالبعر والسّرجين ، فقال : إن هذا لمن اللّؤم أن نقيم بمكان يتكلف الجيران شراء الخبز ومعاناته ، اقصدوا الدور واكسروا التنانير واحصوا جميع من بها من رجل وامرأة وصبيّ وأجروا على كل واحد منهم خبزه وجميع ما يحتاج إليه ، فسمّيت أيامه الكفاية. والحريم أيضا : موضع بالحجاز كانت به وقعة بين كنانة وخزاعة. والحريم


أيضا : قرية لبني العنبر باليمامة. والحريم أيضا : واد في ديار بني نمير فيه مياه لهم. والحريم أيضا : موضع في ديار بني تغلب قريب من ذي بهدا.

حُرِّين : بالضم ثم الكسر والتشديد ، وآخره نون : بلد قرب آمد.

حَرِيوَيْنِ : بالفتح ثم الكسر ، وياء ساكنة ، والواو مفتوحة ، وياء أخرى ساكنة ، ونون ، لفظة مثنّى : من حصون جبال صنعاء مما استولى عليه عبد الله بن حزة الزيدي في أيام سيف الإسلام طغتكين بن أيوب.

باب الحاء والزاي وما يليهما

حَزَّاءُ : بالفتح ثم التشديد ، وألف ممدودة : موضع ذكر في الشعر.

حُزازُ : بالضم ، والتخفيف ، آخره زاي أخرى : هضاب بأرض سلول بين الضباب وعمرو بن كلاب.

الحزَّامُونَ : بالفتح ، والتشديد : محلّة في شرقي واسط واسعة كبيرة ، لها ذكر في التواريخ كثير ، كأنها منسوبة إلى الذين يحزمون الأمتعة أي يشدونها ، والله أعلم ، وبالحزّامين مشهد عليه قبّة عالية يزعمون أن بها قبر محمد بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب ، رضي الله عنهم ، وهناك قبر يزعمون أنه قبر عزرة بن هارون بن عمران يزوره المسلمون واليهود.

الحُزانَةُ : بالضم ثم التخفيف ، وألف ، ونون : موضع في قوله :

سقى جدثا بين الحزانة والرّبى

والحزانة في اللغة : عيال الرجل الذين يتحزّن لهم ولأمرهم ، عن الأصمعي.

حَزْرٌ : بالفتح ثم السكون ، وراء ، والحزر في اللغة اللبن الحامض والقول الحدس : وهو جبل أو واد بنجد.

حَزْرَمٌ : بالفتح ثم السكون ، وفتح الراء ، وميم : جبل فوق الهضبة في ديار بني أسد ، قال الأخطل يهجو جريرا :

فلقد تجاريتم على أحسابكم ،

وبعثتم حكما من السلطان

فإذا كليب لا توازن دارما ،

حتى يوازن حزرم بأبان

حَزْرَةُ : بالهاء ، بئر حزرة : موضع وقيل واد ، والحزرة في اللغة : خيار المال ، والحزرة : النبقة المرّة.

الحزُّ : بالفتح ثم التشديد : موضع بالسراة ، قال الأصمعي : من المواضع التي يخلص إليها البرد حزّ السراة ، وهي معادن اللازورد بين تهامة واليمن ، وفي كتاب الأصمعي : أول السّروات سراة ثقيف ثم سراة فهم وعدوان ثم سراة الأزد ثم الحز آخر ذلك ، فما انحدر إلى البحر فهو تهامة ثم اليمن ، وكان بنو الحارث ابن عبد الله بن يشكر بن مبشّر من الأزد غلبوا العماليق على الحزّ فسموا الغطاريف.

حَزِمانُ : بالفتح ثم الكسر : من حصون اليمن قرب الدّملوة.

الحزْمُ : بالفتح ثم السكون ، قال صاحب كتاب العين : الحزم من الأرض ما احتزم من السيل من نجوات الأرض والظهور ، والجمع الحزوم ، وقال النضر بن شميل : الحزم ما غلظ من الأرض وكثرت حجارته وأشرف حتى صار له إقبال ، لا يعلوه الناس والإبل إلا بالجهد يعلونه من قبل قبله ، وهو طين وحجارة ، وحجارته أغلظ وأخشن وأكلب من حجارة الأكمة ، غير أن ظهره طويل عريض ببعاد الفرسخين والثلاثة ودون ذلك ، لا تعلوه الإبل إلا في طريق له قبل


كقبل الجدار ، قال : وقد يكون الحزوم في القفّ لأنه جبل وقف إلا أنه ليس بمستطيل مثل الجبل ، وقال الجوهري : الحزم أرفع من الحزن ، وفي بلاد العرب حزوم كثيرة نذكر منها ما بلغنا مرتبا.

ذكر ما أضيف الحزم إليه على حروف المعجم

الحزْمُ : من غير إضافة : وهو موضع أمام خطم الحجون الذي دون سدرة آل أسيّد يسارا على طريق نخلة والحاجّ العراقي.

حَزْمٌ أبيضُ : في بلاد الضّباب.

حَزْمُ الأَنْعَمَين : قد ذكر الأنعمان في موضعه ، قال المرّار بن سعيد أنشده أبو منصور :

بحزم الأنعمين لهنّ حاد ،

معرّ ساقه غرد بسول

حَزْم حديدَا : مقصور في شعر المرّار حيث قال :

يقول صحابي ، إذ نظرت صبابة

بحزم حديدا : ما بطرفك تسمح

حزْمُ خَزَازَى : يذكر خزازى في موضعه إن شاء الله ، وأنشد الأزهري لابن الرقاع :

فقلت لها : كيف اهتديت ودوننا

دلوك وأشراف الجبال القواهر

وجيحان ، جيحان الجيوش ، وآلس

وحزم خزازى والشعوب القواسر

حَزْمُ الرَّقاشي : والرقش النقش ، وبه سميت الحية رقشاء ، قال الشاعر :

ألا ليت شعري هل ترودنّ ناقتي

بحزم الرّقاشي من مثال هوامل

حَزْمُ شَرْج : قد ذكر في شرج في موضعه ، قال الأصمعي : حزم شرج في ديار أبي بكر بن كلاب ، وهو مكان من الأرض ظاهر أبيض.

حَزْمُ شَعَبعَب : يذكر شعبعب في موضعه ؛ قال امرؤ القيس :

تبصّر خليلي ، هل ترى من ظعائن

سوالك نصّا بين حزمي شعبعب

فريقان منهم جازع بطن نخلة ،

وآخر منهم قاطع حدّ كبكب

حزْمُ الضِّبابِ : وهم ولد عمرو بن معاوية بن كلاب ، سموا بذلك لأن فيهم ضبّا ومضبّا وحسلا وحسيلا.

حَزْمُ عُنَيزَةَ : قال الشاعر :

ليالي ترعى الحزم ، حزم عنيزة ،

إلى الصّلب يندى روضه ، فهو بارح

حَزْمُ بَني عُوَالٍ : بضم العين : جبل بأكناف الحجاز على طريق من أمّ المدينة لغطفان ، ويذكر عوال في موضعه إن شاء الله تعالى.

حَزْمُ عيصان : موضع قرب حزم النّميرة من بلاد الضباب.

حَزْمُ فَيْدَةَ : قال كثيّر :

حزيت لي بحزم فيدة تحدى ،

كاليهوديّ من نطاة الرقال

حزْمُ النُّميْرَةِ : تصغير نمرة ؛ قال الأصمعي : هو حزم قرب ضريّة أبيض ظاهر ، وبه ماءة يقال لها نميرة ، وقال في موضع آخر : حزم النميرة قرية كانت لعمرو بن كلاب ولباهلة.

حزْمُ وَاهِبٍ : في شعر ابن أبي خازم قال :

كأنها ، بعد عهد العاهدين بها

بين الذّنوب وحزمي واهب ، صحف


الحِزْمِرِيَّة : بالكسر : منسوب إلى قوم الحزمرية من أيام العرب.

حَزْنٌ : بالنون ، قال صاحب كتاب العين : الحزن من الأرض والدوابّ ما فيه خشونة ، والفعل حزن يحزن حزونة ، وقال أبو عمرو : الحزن والحزم الغليظ من الأرض ، وقال ابن شميل : الحزن أول حزون الأرض وقفافها وجبالها وقوافيها وخشنها ورضمها ، ولا تعدّ أرض طيبة وإن جلدت حزنا ، وجمعه حزون ، قال : ويقال حزنة وحزن ، وقد أحزن الرجل إذا صار إلى الحزن ، وفي الصحاح : الحزم أرفع من الحزن.

حَزْنٌ : هكذا غير مضاف : طريق بين المدينة وخيبر ، ذكره في مغازي الواقدي في غزوة خيبر وخبره في مرحب.

حَزْنُ بني جَعْدَةَ : قال أبو سعيد الضرير : الحزون في بلاد العرب ثلاثة ، حزن جعدة وهم من ربيعة ، قلت أنا : جعدة القبيلة المشهورة التي ينسب إليها النابغة الجعدي وغيره ، فهم من قيس عيلان ، وهو جعدة ابن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة ، وإن أراد ربيعة جدّ جعدة صح ، ولا يعلم في العرب قبيلة يقال لها جعدة ينسب إليها أحد غير هذه ، قال : وبين حزن جعدة وحزن بني يربوع حزن غاضرة ، وقال الأصمعي في كتاب جزيرة العرب : الحزون في جزيرة العرب ثلاثة : حزن بني يربوع وحزن غاضرة من بني أسد وحزن كلب من قضاعة ، وقال أبو منصور : قال أبو عبيدة حزن زبالة وهو ما بين زبالة فما فوق ذلك مصعّدا إلى بلاد نجد ، وفيه غلظ وارتفاع ، وحزن بني يربوع ، فاتفقوا على حزن بني يربوع واختلفوا في الآخرين.

حَزنُ غاضرَةَ : غاضرة بالغين المعجمة ، والضاد المعجمة ، فاعلة من الغضارة ، وهو الخصب والخير ، وغاضرة ابن مالك بن ثعلبة بن دودان بن أسد بن خزيمة ، وفي صعصعة غاضرة بن صعصعة ، وفي ثقيف غاضرة ، والحزن منسوب إلى غاضرة أسد ، وهو يوالي حزن بني يربوع.

حَزْنُ كَلْبٍ : وهو كلب بن وبرة بن تغلب بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة ، وقد تقدّم ذكرنا عن الأصمعي أنه أحد ثلاثة الحزون في بلاد العرب.

حَزْنُ مُلَيْحَةَ : تصغير ملحة ، وقد ذكرت في موضعا ، قال جرير :

ولو ضاف أحياء ، بحزن مليحة ،

للاقى جوارا صافيا غير أكدرا

فهم ضربوا آل الملوك وعجّلوا

بورد غداة الحوفزان فبكّرا ،

حَزْنُ يَرْبُوع : هو يربوع بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم قبيلة جرير ، وهو قرب فيد ، وهو من جهة الكوفة ، وهو من أجل مرابع العرب ، فيه قيعان ، وكانت العرب تقول : من تربّع الحزن وتشتّى الصّمّان وتقيّظ الشرف فقد أخصب ، وقيل : حزن بني يربوع ما شرع من طريق الحاجّ المصعّد ، وهو يبدو للناظرين ، ولا يطأ الطريق من شيء ، قال جرير :

ساروا إليك من السّهبا ، ودونهم

فيحان فالحزن فالصّمّان فالوكف

وقال القتّال الكلابي أنشده السّكّري :

وما روضة بالحزن قفر مجودة ،

يمجّ الندى ريحانها وصبيبها


بأطيب ، بعد النوم ، من أم طارق ،

ولا طعم عنقود عقار زبيبها

وقال : الحزن بلاد يربوع ، وهي أطيب البادية مرعى ، ثم الصمان ، وقال محمد بن زياد الأعرابي : سئلت بنت الخس أي بلاد أحسن مرعى؟ فقالت : خياشيم الحزن وجواء الصّمّان ، وقال : الخياشيم أول شيء منه ، قيل لها : ثم ما ذا؟ قالت : أراها أجلى أنّى شئت أي متى شئت بعد هذا ، قال : ويقال إن أجلى موضع في طريق البصرة ، والحزن مائل من طريق الكوفة إلى مكة وهو لبني يربوع ، والدّهناء والصّمان لبني حنظلة ، وبيرين لبني سعد ، وحكى الأصمعي خبر بنت الخس في كتابه وفسره فقال : الحزن حزن بني يربوع ، وهو قفّ غليظ مسيرة ثلاث ليال في مثلها ، وخياشيمه أطرافه ، وإنما جعلته امرأ البلاد لبعده من المياه فليس ترعاه الشاء ولا الحمير ولا به دمن ولا أرواث الحمير فهي أغذى وامرأ ، وواحد الجواء جوّ ، وهو المطمئن من الأرض ، وقال ابن الأعرابي : سرق رجل بعيرا فأخذ به وكان في الحزن فجحد سرقته ؛ وقال :

وما لي ذنب إن جنوب تنفّست

بنفحة حزنيّ ، من النبت ، أخضرا

أي ما ذنبي إن شمّ بعيركم حين هاجت الريح الجنوب ريح الحزن فنزع نحوه ، أي لم أسرقه وإنما جاء هو حين شمّ ريح الحزن.

حُزَنٌ : بالضم ثم الفتح ، ونون : موضع ، قال وليعة ، وهو رجل من بني الحارث بن عبد مناة بن كنانة :

قتلت بهم بني ليث بن بكر

بقتلي أهل ذي حزن وعقل

حُزْنَةُ : بالضم ثم السكون ، ونون : جبل في ديار شكر إخوة بارق من الأزد باليمن.

حَزوَاءُ : بالفتح ، والمد ، ويقصر : موضع ، عن ابن دريد ، قيل هو باليمن.

حَزْوَرَةُ : بالفتح ثم السكون ، وفتح الواو ، وراء ، وهاء ، وهو في اللغة الرابية الصغيرة ، وجمعها حزاور ، وقال الدارقطني : كذا صوابه والمحدّثون يفتحون الزاي ويشددون الواو وهو تصحيف ، وكانت الحزورة سوق مكة وقد دخلت في المسجد لما زيد فيه ، وفي الحديث : وقف النبي ، صلى الله عليه وسلم ، بالحزورة فقال : يا بطحاء مكة ما أطيبك من بلدة وأحبّك إليّ ولو لا أن قومي أخرجوني منك ما سكنت غيرك.

حُزْوى : بضم أوله ، وتسكين ثانيه ، مقصور : موضع بنجد في ديار تميم ، وقال الأزهري : جبل من جبال الدّهناء مررت به ، وقال محمد بن إدريس بن أبي حفصة : حزوى باليمامة ، وهي نخل بحذاء قرية بني سدوس ، وقال في موضع آخر : حزوى من رمال الدّهناء ، وأنشد لذي الرّمّة :

خليليّ عوجا من صور الرواحل ،

بجمهور حزوى ، فابكيا في المنازل

لعلّ انحدار الدمع يعقب راحة

إلى القلب ، أو يشفي نجيّ البلابل

وقال أعرابيّ :

مررت على دار لظمياء ، باللّوى ،

ودار لليلى ، إنهنّ قفار

فقلت لها : يا دار غيّرك البلى ،

وعصران : ليل مرّة ونهار

فقالت : نعم أفني القرون التي مضت ،

وأنت ستفنى والشباب معار


لئن طلن أيّام بحزوى ، لقد أنت

عليّ ليال بالعقيق قصار

وقال أعرابيّ آخر :

ألا ليت شعري! هل أبيتنّ ليلة

بجمهور حزوى ، حيث ربتني أهلي؟

لصوت شمال ، زعزعت بعد هجمة

ألاء وأسباطا وأرطى من الحثل

أحبّ إلينا من صياح دجاجة

وديك ، وصوت الريح في سعف النخل

حَزَّةُ : بالفتح ثم التشديد ، وهو الفرض في الشيء : موضع بين نصيبين ورأس عين على الخابور ، وكانت عنده وقعة بين تغلب وقيس. وحزّة أيضا : بليدة قرب إربل من أرض الموصل ، ينسب إليها النصافي الحزّيّة ، وهي ثياب قطن رديئة ، وهي كانت قصبة كورة إربل قبل وكان أول من بناها أردشير بن بابك ، قال الأخطل :

وأقفرت الفراشة والحبيّا ،

وأقفر بعد فاطمة الشفير

تنقّلت الديار بها ، فحلّت

بحزّة حيث ينتسع البعير

قالوا في تفسيره : حزة من أرض الموصل ، قلت : أرى أنه أراد الأولى. وحزّة أيضا : موضع بالحجاز ، قال كثّير عزّة :

غدت من خصوص الطفّ ثم تمرّست

بجنب الرحا من يومها ، وهو عاصف

ومرّت بقاع الرّوضتين ، وطرفها

إلى الشرف الأعلى بها متشارف

فما زال إسآدي على الأين والسّرى

بحزّة ، حتى أسلمتها العجارف

قال ابن السكيت في تفسيره : وحزّة موضع ، قلت : والظاهر أنّ حزّة اسم ناقته.

حَزِيزٌ : بالفتح ثم الكسر ، وياء ساكنة ، وزاي أخرى ، وهو في اللغة المكان الغليظ المنقاد ، وجمعه حزّان وأحزّة ، ومنه قول لبيد :

بأحزّة الثّلبوت يربأ ، فوقها ،

قفر المراقب ، خوفها آرامها

وهو في مواضع كثيرة من بلاد العرب ، منها حزيز الثّلبوت في شعر لبيد ، وقد ذكر ثلبوت في موضعه ، وحزيز محارب ، قيل : هو ماء عن يسار سميراء للمصعد إلى مكة ، وقال أيمن بن الهمّاز العقيلي اللّصّ :

ومن يرني يوم الحزيز وسيرتي ،

يقل رجل نائي العشيرة جانب

دعا ، ويحه الحضريّ حين اختطفتها ،

أجل ، وهو أن الحضر حضر محارب

يقول لي الحضريّ : هل أنت مشتر

أديما؟ نعم ان أستطيع تقارب

ظللت أراعيها بعين بصيرة ،

وظل يراعي الانس عند الكواكب

وقال أعرابيّ آخر :

يا ربّ خال لك بالحزيز ،

خبّ على لقمته جروز ،

مهتضم في ليلة الأزيز ،

كل كثير اللحم جلفزيز ،

بين سميراء وبين توز

حزيز غنيّ : فيما بين جبلة وشرقي الحمى إلى أضاخ أرض واسعة. وحزيز عكل : موضع فيه روضة.


وحزيز تلعة ، قال أبو محمد الأعرابي : أنشد أبو عبد الله بن الأعرابي :

ولقد نظرت فردّ نظرتك الهوى

بحزيز رامة ، والحمول غوادي

وقال أبو محمد الأعرابي : صوابه ههنا بحزيز تلعة ، والبيت للشّمردل بن شريك اليربوعي ، وبعده :

والآل يتّضع الحداب ويعتلي

بزل الجمال ، إذا ترنم حادي

كالزنبريّ تقاذفته لجة ،

ويصدّ عنها بكلكل وهوادي

في موج ذي حدب كأن سفينه ،

دون السماء ، على ذرى أطواد

وقال : والبيت الذي فيه حزيز رامة هو لجرير في ميميته التي يقول فيها :

ولقد نظرت فردّ نظرتك الهوى

بحزيز رامة ، والمطيّ سوام

وحزيز غول ، بالغين معجمة ، وقد ذكر غول في موضعه ، قال جارية بن مشمّت بن حميريّ بن ربيعة ابن زهرة بن مجفر بن كعب بن العنبر بن عمرو بن تميم :

كررت الورد ، يوم حزيز غول ،

أحاذر بالمغيبة أن تلاموا

كأنّ النبل ، بالصفحات منه

وبالليتين ، كرّات تؤام

فلو لا الدّرع ، إذ وارت هنيئا ،

لظلّ عليه أنواح قيام

وحزيز صفيّة : ماءة لبني أسد. وحزيز أضاخ ، بضم الهمزة وإعجام الضاد والخاء : لغنيّ ونمير إلى سواج النّتاءة ، وهو حدّهم ، وهو جبل لغنيّ إلى النّميرة ، وأحسبه الذي تقدم ذكره. وحزيز الحوأب ، ويذكر الحوأب في موضعه ، إن شاء الله تعالى. وحزيز كلب : في بلادهم. وحزيز ضبّة : موضع في ديار بني ضبّة بن أدّ. والحزيز ، غير مضاف : موضع بالبصرة.

حِزْيَزُ : بكسر الحاء ، وسكون الزاي ، وياء مفتوحة ، وزاي أخرى : قرية باليمن ، ينسب إليها يزيد بن مسلم الحزيزي الجرتي ، كان من أهل جرت ثم انتقل إلى حزيز فنسب إلى القريتين ، وقد تقدم ذكره ، وقال أبو سعد : حزيز ، بفتح الحاء وكسر الزاي والياء ساكنة وزاي أخرى ، حزيز محارب باليمن ، ونسب إليه يزيد بن مسلم ، قلت : والصواب هو الأول ، فإن أبا الربيع سليمان الريحاني المكي خبّرني أنه شاهد هذه البلدة باليمن وقال : بينها وبين صنعاء نصف يوم ، وأسمعنيها من لفظه مبتدئا كما ضبطناه ، وكذلك ضبطه الحازمي ونصر.

الحَزينُ : بالفتح ثم الكسر ، وياء ساكنة ، ونون ، وهو ضد المسرور : اسم ماء بنجد.

باب الحاء والسين وما يليهما

الحِساءُ : بكسر أوله ، ومدّ آخره ، وهو لغة ، جمع حسي ، ويجمع على أحساء أيضا ، وقد مرّ تفسيره في الأحساء ، وقال ثعلب : الحساء الماء القليل ، والحساء : مياه لبني فزارة بين الرّبذة ونخل يقال لمكانها ذو حساء ، قال عبد الله بن رواحة الأنصاري :

إذا بلّغتني ، وحملت رحلي

مسيرة أربع بعد الحساء

وحساء ريث ، قال الأصمعي : فوق فرتاج ماء يقال له الحساء حساء ريث ، وذلك حيث تلتقي طيّء وأسد بأرض نجد.


الحَسا : بالفتح ، والقصر ، وهو في اللغة طعام معروف : وهو موضع.

حُساً : بالضم ، والقصر ، كأنه جمع حسوة ، ذو حسا : واد بأرض الشّربة من ديار عبس وغطفان ، قال لبيد :

ويوم أجازت قلّة الحزن منهم

مواكب ، تعلو ذا حسا ، وقنابل

على الصّرصرانيّات ، في كل رحلة ،

وسوق عدال ، ليس فيهن مائل

وقال كنانة بن عبد ياليل :

سقى منزلي سعدى ، بدمخ وذي حسا ،

من الدّلو نوء مستهلّ ورائح

على ما عفا منه الزمان ، وربما

رعينا به الأيام ، والدهر صالح

سقاط العذارى الوحي ، إلا نميمة

من الطرف ، مغلوبا عليه الجوانح

وقال أبو زياد : ولبني عجلان الحسا في جوف جبل يسمّى دفاقا.

حَسَّانُ : بالفتح ، وتشديد السين ، قرية حسّان : بين دير العاقول وواسط ، ويقال لها قرنا أم حسّان أيضا.

الحَسَّانِيَّاتُ : وهو جمع لمياه مضافة إلى حسان ، وهي غربي طريق الحاجّ بقرب من العقبة أو فيد.

الحَسَبَةُ : بالتحريك : واد بينه وبين السّرّين سرى ليلة من جهة اليمن.

حَسَلاتُ : بالتحريك أيضا ، وآخره تاء فوقها نقطتان : وهي جبال بيض إلى جنب رمل الغضا ، كأنه جمع حسلة مثل ضربة وضربات ، وهو الشّوق الشديد ، وقال ابن دريد في كتاب البنين والبنات : الحسلات هضبات في ديار الضباب.

حَسْلَةُ : بسكون السين : وهو الذي قبله يقال له حسلة وحسلات ، قال :

أكلّ الدهر قلبك مستعار ،

تهيج لك المعارف والديار

على أني أرقت وهاج شوقي ،

بحسلة ، موقد ليلا ونار

فلما أن تضجّع موقدوها ،

وريح المندليّ لهم شعار

حُسَمُ : بالضم ثم الفتح ، مثل جرذ وصرد ، كأنه معدول عن حاسم وهو المانع ، ويروى حسم ، بضمتين : وهو اسم موضع في شعر النابغة ، وقال لبيد :

ليبك على النّعمان شرب وقينة

ومختبطات ، كالسّعالي ، أرامل

له الملك في ضاحي معدّ ، وأسلمت

إليه العباد كلّها ما يحاول

فيوما عناة في الحديد يكفّهم ،

ويوما جياد ملجمات قوافل

بذي حسم قد عرّيت ، ويزينها

دماث فليج : رهوها والمحافل

حِسْمَى : بالكسر ثم السكون ، مقصور ، يجوز أن يكون أصله من الحسم وهو المنع : وهو أرض ببادية الشام ، بينها وبين وادي القرى ليلتان ، وأهل تبوك يرون جبل حسمى في غربيّهم وفي شرقيهم شرورى ، وبين وادي القرى والمدينة ست ليال ، قال الراجز :

جاوزن رمل أيلة الدّهّاسا ،

وبطن حسمى بلدا هرماسا

أي واسعا ، وأيلة قريبة من وادي القرى ، وحسمى أرض غليظة وماؤها كذلك لا خير فيها ، تنزلها


جذام ، وقال ابن السكيت : حسمى لجذام جبال وأرض بين أيلة وجانب تيه بني إسرائيل الذي يلي أيلة وبين أرض بني عذرة من ظهر حرّة نهيا ، فذلك كلّه حسمى ، قال كثيّر :

سيأتي أمير المؤمنين ، ودونه

جماهير حسمى : قورها وحزونها

تجاوب أصدائي بكلّ قصيدة ،

من الشعر ، مهداة لمن لا يهينها

ويقال : آخر ماء نضب من ماء الطوفان حسمى فبقيت منه هذه البقية إلى اليوم ، فلذلك هو أخبث ماء ، وفي أخبار المتنبي وحكاية مسيره من مصر إلى العراق قال : حسمى أرض طيبة تؤدّى لين النخلة من لينها وتنبت جميع النبات ، مملوءة جبالا في كبد السماء متناوحة ملس الجوانب ، إذا أراد الناظر النظر إلى قلة أحدها فتل عنقه حتى يراها بشدّة ، ومنها ما لا يقدر أحد أن يراه ولا يصعده ، ولا يكاد القتام يفارقها ، ولهذا قال النابغة :

فأصبح عاقلا بجبال حسمى

دقاق التّرب محتزم القتام

واختلف الناس في تفسيره ولم يعلموه ، ويكون مسيرة ثلاثة أيام في يومين ، يعرفها من رآها من حيث يراها لأنها لا مثل لها في الدنيا ، ومن جبال حسمى جبل يعرف بإرم ، عظيم العلوّ تزعم أهل البادية أن فيه كروما وصنوبرا ، وفي حديث أبي هريرة : تخرجكم الروم منها كفرا كفرا إلى سنبك من الأرض ، قيل له : وما ذلك السنبك؟ قال : حسمى جذام ، وقرأت في بعض الكتب أن بعض العرب قال : إن الله اجتبى ماء إرم والبديعة ونعمان وعللان بعباده المؤمنين ، وهذه المياه كلّها بحسمى ، في كتب السير وأخبار نوح أن حسمى جبل مشرف على حرّان قرب الجودي وأن نوحا نزل منه فبنى حرّان ، وهذا بعيد من جهتين : إحداهما أن الجودي بعيد من حرّان بينهما أكثر من عشرة أيام ، والثانية أنه لا يعرف بالجزيرة جبل اسمه حسمى.

حَسْنَا : بالفتح ثم السكون ، ونون ، وألف مقصورة ، وكتابته بالياء أولى لأنه رباعيّ ، قال ابن حبيب : حسنا جبل قرب ينبع ، قال كثيّر :

عفا ميث كلفا بعدنا فالأجاول

فأثماد حسنا فالبراق القوابل

كأن لم تكن سعدى بأعناء غيقة ،

ولم تر من سعدى لهنّ منازل

وقال أيضا :

عفت غيقة من أهلها فحريمها ،

فبرقة حسنا : قاعها فصريمها

ويروى ههنا حسمى ، وقال الأسلمي : بل حسنا ، وقال : إذا ذكرت غيقة فليس معها إلا حسنا ، وإذا ذكرت طريق الشام فهي حسمى ، قال : وحسنا صحراء بين العذيبة وبين الجار تنبت الجيهل.

حَسَنَاباذ : بفتحتين ، ونون ، وبين الألفين باء موحدة ، وآخره ذال معجمة : من قرى أصبهان ، خرج منها طائفة من أهل العلم ، منهم : أبو مسلم حبيب بن وكيع بن عبد الرزاق بن عبد الكريم بن عبد الواحد ابن محمد بن سليمان الحسناباذي الأصبهاني من بيت الحديث ، سمع أبا بكر محمد بن أحمد بن الحسن بن ماجة الأبهري ، سمع منه أبو سعد السمعاني ، وأبو العلاء سليمان بن عبد الرحيم بن محمد بن عبد الرحمن ابن محمد بن سليمان الرّفاء الحسناباذي ، روى عن أبي عبد الله بن مندة ، وكان فاضلا ، مات في سنة ٤٦٩ ،


وأبو الفتح عبد الرزاق بن عبد الكريم بن عبد الواحد ابن محمد الحسناباذي من بيت التصوّف والحديث ، روى عن أبي بكر بن مردويه ، روى عنه الحافظ إسماعيل بن الفضل ، وكان سمع بالعراق وغيره ، وكان مكثرا ، مات سنة ٤٨٤ ؛ وابنه أبو طاهر عبد الكريم بن عبد الرزاق الحسناباذي ، سمع أباه وأبا بكر الباطرقاني وغيرهما من الأصبهانيين والعراقيين ، روى عنه جماعة كثيرة ، مات بعد سنة ٥٠٠.

وحسناباذ أيضا : بلدة بكرمان بينها وبين السيرجان ثلاثة أيام.

الحَسَنَانِ : تثنية الحسن ضد القبيح : كثيبان معروفان في بلاد بني ضبة ، يقال لأحدهما الحسن وللآخر الحسين ، وقال الكسائي : الحسن شجر ألاء مصطفّا بكثيب رمل ، فالحسن هو الشجر وإنما سمي بذلك لحسنه ونسب الكثيب إليه فقيل نقا الحسن ، وقال عبد الله ابن عنمة الضبي في الحسن :

لأمّ الأرض ويل ما أجنّت ،

بحيث أضرّ بالحسن السبيل

وقال آخر في الحسين :

تركنا ، بالنواصف من حسين ،

نساء الحيّ يلقطن الجمانا

وقال شمعلة بن الأخضر الضبي وجمعهما :

ويوم شقيقة الحسنين لاقت

بنو شيبان أعمارا قصارا

شككنا بالأسنّة ، وهي زور ،

صماخي كبشهم حتى استدارا

وهي زور يعني الخيل.

الحَسَنُ : في ديار ضبّة ، وقد ذكر في الحسنان قبله ، وقيل : الحسن جبل ، وقيل : رملة لبني سعد قتل عندها بسطام بن قيس الشيباني ، قتله عاصم بن خليفة الضبي ، وقال السكري في قول جرير :

أبت عيناك بالحسن الرّقادا ،

وأنكرت الأصادق والبلادا

لعمرك! إنّ نفع سعاد عنّي

لمصروف ، ونفعي عن سعادا

الحسن : نقا في بلاد بني ضبة ، سمّي الحسن لحسن شجره. والحسن أيضا : حصن بالأندلس مشرف على البحر من أعمال ريّة ، وهو حصن مكين جدّا.

حَسَنَةُ : بالهاء : من قرى إصطخر ، ينسب إليها الحسن ابن مكرّم الإصطخري الحسني أحد مشاهير المحدثين ، ومولده ببغداد وأصله من هناك ، مات سنة ٢٧٤.

وحسنة أيضا : جبال بين صعدة وعثّر من أرض اليمن في الطريق ، عن نصر.

حِسْنَةُ : بالكسر ثم السكون : ركن من أركان أجإ أحد الجبلين ، عن نصر ، وأنشد :

وما نطفة من ماء مزن تقاذفت

بها حسن الجوديّ ، والليل دامس

فإن حسن ههنا جمع حسنة ، وهي مجاري الماء.

الحَسَنيَّةُ : منسوب إلى الحسن : بلد في شرق الموصل على يومين ، بينها وبين جزيرة ابن عمر.

الحَسَنِيُّ : بئر على ستة أميال من قرورى قرب معدن النقرة ، وهي لأمّ جعفر زبيدة بنت جعفر بن المنصور. والحسنيّ : قصر في دار الخلافة منسوب إلى الحسن بن سهل ، وهو المعروف اليوم بالتاج ، وبه منازل الخلفاء ببغداد.

الحِسْيانِ : هو تثنية الحسي ، جاء في شعرهم فيجوز أن يكون علما فذكر لذلك ، قال أعرابيّ :


ألا أيّها الحسيان بالجزع لا ونا ،

من الغيث ، مدرار يجود ذراكما

جمومان بالماء الزلال على الحصى ،

قليل على نفح الرياض قذاكما

حُسَيكةُ : تصغير حسكة ، وهو واحد حسك السعدان ، نبت جيّد المرعى له شعب محددة تدخل في الرجل إذا ديس ، وعلى مثاله عملت حسك الحرب : وهو موضع بالمدينة في طرف ذباب ، وذباب جبل في طرف المدينة ، وكان بحسيكة يهود ، ولهم بها منازل ، قاله الواقدي ، وقال الإسكندري : حسيكة موضع بالمدينة بين ذباب ومسجد الفتح في شعر كعب بن مالك.

حُسيلَةُ : بالضم ، تصغير حسيلة ، تصغير ترخيم ، وهو حشف النخل ، والحسيلة ولد البقرة الأنثى ، والذكر حسيل : وهو أجبال للضباب بيض إلى جنب رمل الغضا ، ويقال في الشعر حسيلة وحسلات.

حِسْيُ الغميمِ : بالكسر ، وسكون ثانيه ، والياء معربة ، والغميم ، بفتح الغين المعجمة وكسر الميم ، وقد ذكر معناه في الأحساء وذكر الغميم في موضعه.

حِسْيُ ذي تمنَّي : بفتح التاء فوقها نقطتان والميم ، والنون مشددة مقصورة : نخل لبني العنبر باليمامة.

حِسْيُ المُرَيْرَة : تصغير المرّة ضد الحلوة ، قال بعضهم :

أيا نخلتي حسي المريرة هل لنا

سبيل إلى ظلّيكما ، أو جناكما؟

أيا نخلتي حسي المريرة ليتني

أكون طوال الدهر حيث أراكما!

حِسِيُ كُبابٍ : بضم الكاف ، وباءين موحدتين بينهما ألف ، ويوم حسي كباب : من أيام العرب.

حِسْيُّ المُصَرِّدِ : بضم الميم ، وفتح الصاد ، وكسر الراء ، ودال مهملة ، قال الرّماح بن نهشل الأسدي :

أيا نخلتي حسي المصرّد إنني

لصبّ إلى القارات مما تراكما

سألتكما بالله أن تجعلا الهوى

لغيري ، وأن تنبتّ مني قواكما

باب الحاء والشين وما يليهما

الحَشَا : بالفتح ، والقصر ، بلفظ الحشا الذي تنضم عليه الضلوع ؛ قال عرّام بن الأصبغ : وعن يمين آرة وعن يمين طريق المصعّد وهو جبل الأبواء بواد يقال له البعق ، قال أبو جندب بن مرة الهذلي :

بغيتهم ما بين حدّاء والحشا ،

وأوردتهم ماء الأثيل فعاصما

وقال أبو الفتح الإسكندري : الحشا واد بالحجاز.

والحشا جبل الأبواء بين مكة والمدينة. والحشا : موضع في ديار طيّء.

الحَشَّادُ : بالفتح ثم التشديد ، وآخره دال مهملة ، فعّال من الحشد ، وهو الجمع ، وأرض حشاد ، بالتخفيف : للتي لا تسيل إلّا عن مطر كثير ، ومنه أخذ وشدّد للكثرة : وهو واد بعينه.

الحَشَّارُ : آخره راء ، منسوب إلى الحشر وهو الجمع : موضع بعينه.

حُشَاشُ : بالضم ، أخبرنا عبد المنعم بن كليب إذنا عن ابن نبهان عن أبي الحسن بن الصابي عن الرماني عن السكري قال : قال الجمحي عبد الله بن إبراهيم خرج عمير بن الجعد بن القهد الخزاعي من ذي غلائل بمائة من بني كعب بن عمرو حتى صبّحوا بني لحيان بالحشاش يوم حشاش فوجدوهم غير غافلين ، فقتلتهم بنو لحيان ولم ينج منهم غير عمير بن الجعد فقال :


صدفت أميمة ، لات حين صدوف ،

عني وآذن صحبتي بخفوف

أأميم! هل تدرين أن رب صاحب

فارقت يوم حشاش غير ضعيف

يروى النديم ، إذا تناشى صحبه ،

أمّ الصّبيّ وثوبه مخلوف

الحَشَّاك : بالفتح ، والتشديد ، وآخره كاف ، وهو من حشكت الدّرّة تحشك حشكا ، بالتسكين ، وحشوكا إذا امتلأت ، وهذا فعّال منه لاجتماع المياه فيه : وهو واد أو نهر بأرض الجزيرة بين دجلة والفرات يأخذ من الهرماس نهر نصيبين ويصب في دجلة ، قال الأخطل :

أمست إلى جانب الحشّاك جيفته ،

ورأسه دونه اليحموم والصور

وقال بعضهم : الحشّاك وتلّ عبدة عند الثرثار كانت فيه وقعة لتغلب على قيس.

حِشّانٌ : بكسر أوله ، وتشديد ثانيه ، وآخره نون ، جمع حشّ ، وهو البستان ، مثل ضيف وضيفان : وهو أطم ، وآطام اليهود بالمدينة على يمين الطريق إلى قبور الشهداء.

حَشْرٌ : بالفتح ثم السكون ، والراء : جبيل من ديار بني سليم عند الظّربين اللذين يقال لهما الإشفيان ، عن نصر.

حَشُّ كَوْكَب : بفتح أوله ، وتشديد ثانيه ، ويضم أوله أيضا ، والحشّ في اللغة : البستان ، وبه سمّي المخرج حشّا لأنهم كانوا إذا أرادوا الحاجة خرجوا إلى البساتين ، وكوكب الذي أضيف إليه اسم رجل من الأنصار : وهو عند بقيع الغرقد ، اشتراه عثمان ابن عفان ، رضي الله عنه ، وزاده في البقيع ، ولما قتل ألقي فيه ثم دفن في جنبه. وحشّ طلحة : موضع آخر في المدينة.

باب الحاء والصاد وما يليهما

الحَصَّاءُ : بالفتح ثم التشديد ، ورجل أحصّ وامرأة حصاء : للذين لا شعر في رؤوسهما ، وكذلك أرض حصّاء : لا نبات فيها ، قال السكري : الحصّاء لبني عبد الله بن أبي بكر ، وقال أبو محمد الأسود : الحصّاء جبال مطرحة يرى بعضها من بعض ، وهي لبعض بني أبي بكر بن كلاب ، وفيها يقول معقل بن زيحان :

جلبنا من الحصّاء كل طمرّة

مشذّبة فرجاء ، كالجذع جيدها

وقال أبو زياد : ومن مياه أبي بكر الحصّاء ، وهي من خير مياههم ، أكثرها أهلا وأوسعها ساحة ، وهي التي ذكر أخو عطاء حيث رثى أخاه وهو مولى أبي بكر :

لعمرك إني ، إذ عطاء مجاوري ،

لزار على دنيا مقيم نعيمها

إذا ما المنايا قاسمت بابن مسحل

أخا واحدا لم يعط نصفا قسيمها

وراح بلا شيء ، وراحت بقسمه

إلى قسمها لاقت قسيما يضيمها

أتته على الحصّاء تهوي ، وأمسكت

مصارع حمّى تصرعنه ومومها

فيا حبّذا الحصّاء والبرق والعلا

وريح أتانا ، من هناك ، نسيمها

الحِصابُ : بالكسر ، وهو من الحصب ، وهو رميك الحصباء ، وهو الحصى الصغار ، والحصاب مصدر حاصبته محاصبة وحصابا. والحصاب : موضع رمي الجمار


بمنّى ، قال عمر بن أبي ربيعة :

جرى ناصح بالودّ بيني وبينها

فقرّبني ، يوم الحصاب ، إلى قتلي

وقال كثير بن كثير بن الصّلت :

أسعداني بعبرة أسراب

من جفون كثيرة التسكاب

إن أهل الحصاب قد تركوني

موزعا مولعا بأهل الحصاب

الحَصَّاصَةُ : بالفتح ، وتشديد ثانيه ، هو من الحصّ وهو ذهاب الشعر عن الرأس والنبت عن الأرض : وهي من قرى السواد قرب قصر ابن هبيرة من أعمال الكوفة.

الحَصَانُ : بالفتح ، يقال : امرأة حصان أي عفيفة من الحصانة وهو الامتناع : ماءة في الرمل بين جبلي طيّء وتيماء.

حِصَانُ : بالكسر : جبل من برمة من أعراض المدينة ، وقيل : هي قارة هناك ، ويروى بفتح الحاء وآخره راء ، قال ذلك نصر.

حُصْبَارُ : مرتجل ، بالضم ، والسكون ، وباء موحدة ، وآخره راء : موضع ، عن نصر.

الحَصْحَاصُ : بفتح الحاء وتكريرها ، والصاد وتكريرها ، وذو الحصحاص : جبل مشرف على ذي طوى ، قال :

ألا ليت شعري هل تغيّر بعدنا

ظباء بذي الحصحاص ، نجل عيونها؟

الحُصُّ : بالضم ، وهو في اللغة الورس : موضع بنواحي حمص ، عن الحازمي ، تنسب إليه الخمر ، قال أبو محجن الثقفي :

إذا متّ فادفنّي إلى جنب كرمة

تروّي عظامي ، بعد موتي ، عروقها

ولا تدفننّي بالفلاة ، فإنني

أخاف ، إذا ما متّ ، أن لا أذوقها (١)

ليروى بخمر الحصّ لحدي ، فإنني

أسير لها من بعد ما قد أسوقها

حِصْنَاباذ : بالكسر ثم السكون : قرية بنهر الملك من نواحي بغداد ، بنى بها الناصر بن المستضيء دارا عظيمة ، وكان يكثر الخروج إليها لصيد الطير ورمي البندق.

الحِصنَان : تثنية حصن : وهو موضع بعينه ، قال أبو محمد اليزيدي : قال لي المهدي والكسائي حاضر : كيف نسبوا إلى البحرين فقالوا بحراني؟ قال : وكيف نسبوا إلى الحصنين قالوا حصنيّ؟ قال : ولم لم يقولوا حصناني؟ فقلت : لو نسبوا إلى البحرين فقالوا بحريّ لم يعرف إلى البحرين نسبوا أم إلى البحر وأمنوا اللّبس في الحصنين إذ لم يكن موضع آخر ينسب إليه غير الحصنين فقالوا حصنيّ ، فقال الكسائي : لو سألني الأمير لأجبت بأجود من جوابه ، فقال : قد سألتك ، فقال الكسائي : إنهم لما نسبوا الحصنينيّ كانت فيه نونان فقالوا حصنيّ اجتزاء بإحدى النونين ولم يكن في البحرين إلا نون واحدة فقالوا بحراني ، فقال اليزيدي : فكيف ينسب رجل من بني جنّان ، فإن قلت جنيّ على قياسك فقد سوّيت بينه وبين المنسوب إلى الجنّ فإن قلت جنّاني رجعت عن قياسك وجمعت بين ثلاث نونات؟ قلت أنا : قول اليزيدي أمنوا اللّبس في الحصنين محال ، فإن في بلاد العرب مواضع كثيرة يقال لها الحصن ، غير مثناة يأتي ذكرها عقيب هذا ، فإن نسب إلى الحصنين بما نسب إلى الحصن التبس بما نسب إلى الحصن كما أنهم لو نسبوا إلى البحرين تجري لالتبس بما نسب إلى

__________________

(١) في هذا البيت إقواء.


البحر فبطلت حجة اليزيدي ، وهذا خبر يتداوله العلماء منذ أيام اليزيدي وإلى هذه الغاية لم أر من أنكره ، وهو عجب.

الحِصْنُ : بالكسر ، والحصن مأخوذ من الحصانة وهو المنعة : وهو ثنية بمكة بموضع يقال له المفجر خلف دار يزيد بن منصور ، وقال أبو بكر بن موسى : الحصن ثنية بمكة بينها وبين دار يزيد بن منصور فضاء يقال له المفجر. والحصن أيضا : موضع بين حلب والرّقّة ، ينسب إليه محمد بن حفص الحصني ، يروي عن معمر وأبي حنيفة ، كذا قال أبو سعد. وهناك حصن يقال له حصن عديس كما تذكره في حصن الأكراد. والحصن الأبيض ، وليس بحصن : موضع باليمن من أعمال سنحان. وحصن الأكراد : هو حصن منيع حصين على الجبل الذي يقابل حمص من جهة الغرب ، وهو جبل الجليل المتصل بجبل لبنان ، وهو بين بعلبك وحمص ، وكان بعض أمراء الشام قد بنى في موضعه برجا وجعل فيه قوما من الأكراد طليعة بينه وبين الفرنج وأجرى لهم أرزاقا فتديروها بأهاليهم ثم خافوا على أنفسهم في غارة فجعلوا يحصنونه إلى أن صارت قلعة حصينة منعت الفرنج عن كثير من غاراتهم ، فنازلوه فباعه الأكراد منهم ورجعوا إلى بلادهم وملكه الفرنج ، وهو في أيديهم إلى هذه الغاية ، وبينه وبين حمص يوم ، ولا يستطيع صاحبها انتزاعها من أيديهم ، وقال الحافظ أبو موسى الأصبهاني عن أبي الفضل محمد بن طاهر المقدسي قال : ذكر ابن أبي حاتم محمد بن حفص الحصني وقال : موضع بين الرقة وحلب ، وهذا يقال له حصن الأكراد ، قلت أنا : وقوله وهذا يقال له حصن الأكراد من لبس أبي موسى وهو خطأ لما ذكرنا ، وأما ما ذكره ابن أبي حاتم فخبّرني الوزير القاضي الأكرم أبو الحسن علي بن يوسف الشيباني القفطي ، أدام الله حراسته ، أن بين بالس ومنبج موضعا يقال له حصن عديس ، وهذا بين الرقة ونواحي حلب حصن الدّاويّة ، ويقال : الدّيويّة ، حصن حصين بنواحي الشام ، والديوية الذين ينسب الحصن إليهم قوم من الأفرنج يحبسون أنفسهم لجهاد المسلمين ويمنعون أنفسهم من النكاح وغيره ، ولهم أموال وسلاح ، ويتعاونون القوة ويعالجون السلاح ، ولا طاعة عليهم لأحد.

حصنُ الرَّأس : باليمن من مخلاف صداء من أعمال صنعاء.

حِصْنُ زِيادٍ : بأرض أرمينية ويعرف اليوم بخرتبرت ، وهو بين آمد وملطية ، وهو إلى ملطية أقرب ، وفيه يقول النامي يخاطب ناصر الدولة بن حمدان :

وحصن زياد ، غدوة السّبت ، نافشا

سماما أراك ابن الأراقم أرقما

حِصْنُ سَلْمانَ : ذكر البلاذري أن سلمان بن ربيعة كان في جيش أبي عبيدة مع أبي أمامة الصّديّ بن عجلان صاحب رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، فنزل حصنا بقورس من العواصم فنسب ذلك الحصن إليه وعرف به ، ثم قفل من الشام فيمن أمدّ به سعد بن أبي وقاص إلى العراق ، وقيل : إن سلمان كان غزا الروم بعد فتح العراق وقبل شخوصه إلى أرمينية فعسكر عند هذا الحصن وقد خرج من مرعش فنسب إليه ، وقيل : إن هذا الحصن نسب إلى سلمان بن أبي الفرات بن سلمان.

حصن سنان : في بلاد الروم فتحه عبد الله بن عبد الملك ابن مروان.


حِصْنُ طالِبٍ : قلعة مشهورة قرب حصن كيفا ، فيه كانت أكراد يقال لهم الجوبيّة ، فغلبهم عليه قرا أرسلان بن داود بن سقمان صاحب حصن كيفا بعد سنة ٥٦٠.

حصن عاصم : بأرض اليمامة.

حصن العنب : من نواحي فلسطين بالشام من أرض بيت المقدس.

حِصْنُ العُيُونِ : في بلاد الثغور الرومية ، غزاه سيف الدولة وفتحه ، فقال أبو زهير المهلهل بن نصر بن حمدان :

لقد سخنت عيون الروم لما

فتحنا ، عنوة ، حصن العيون

ودوّخنا بلادهم بجرد

سواهم شزّب قبّ البطون

عليها من ربيعة كلّ قرم

فقيد المثل ، ليس بذي قرين

حِصْنُ ذي الكِلاعِ : من نواحي الثغور الرومية قرب المصيصة ، قال : إنما هو القلاع لأنه مبنيّ على ثلاث قلاع فحرّف اسمه ، وقيل : تفسير اسمه بالرومية الحصن الذي مع الكواكب.

حِصْنُ كَيْفا : ويقال كيبا ، وأظنّها أرمنية : وهي بلدة وقلعة عظيمة مشرفة على دجلة بين آمد وجزيرة ابن عمر من ديار بكر ، وهي كانت ذات جانبين ، وعلى دجلتها قنطرة لم أر في البلاد التي رأيتها أعظم منها ، وهي طاق واحد يكتنفه طاقان صغيران ، وهي لصاحب آمد من ولد داود بن سقمان بن أرتق.

حصن مُحَسّن : من أعمال الجزيرة الخضراء بالأندلس.

حِصْنُ مَسْلَمَةَ : بالجزيرة بين رأس عين والرّقّة ، بناه مسلمة بن عبد الملك بن مروان بن الحكم ، وهو المذكور في قصّة عبد الله بن طاهر القصري ، بينه وبين البليخ ميل ونصف ، وشرب أهله من مصنع فيه ، طوله مائتا ذراع في عرض مثله ، وعمقه نحو عشرين ذراعا ، معقود بالحجارة ، وكان مسلمة قد أصلحه ، والماء يجري فيه من البليخ في نهر مفرد في كل سنة مرة حتى يملأه فيكفي أهله بقية عامهم ، ويسقي هذا النهر بساتين حصن مسلمة ، وفوهته من البليخ على خمسة أميال ، وبين حصن مسلمة وحرّان تسعة فراسخ ، وهو على طريق القاصد للرّقة من حرّان ، وينسب إلى حصن مسلمة إسماعيل بن رجاء الحصني روى عن موسى ابن أعين وعن مالك بن أنس ، روى عن محمد بن الخضر بن علي الرافقي وأهل الجزيرة ، وهو ينكر الحديث ، يأتي عن الثقات بما لا يشبه حديث الأثبات ، قاله أبو حاتم بن حبّان.

حِصْنُ مَقْدِيَةَ : بفتح الميم ، وسكون القاف ، وكسر الدال مهملة خفيفة ، وهكذا ضبطه ابن نقطة ، وقد ذكرته في موضعه ، قال : هو من أعمال أذرعات من أعمال دمشق ، ينسب إليه الأسود بن مروان المقديّ الحصنيّ ، حدث عن سليمان بن عبد الرحمن بن شرحبيل الدمشقي ، حدث عنه سليمان ابن أحمد الطبراني وقال : كان ثقة.

حِصْنُ مَنْصُورٍ : من أعمال ديار مضر لكنه في غربي الفرات قرب سميساط ، وكان مدينة عليها سور وخندق وثلاثة أبواب ، وفي وسطها حصن وقلعة عليها سوران ، ومن حصن منصور إلى زبطرة مرحلة ، وهو منسوب إلى منصور بن جعونة بن الحارث العامري القيسي ، كان تولّى بناء عمارته ومرمّته ، وكان


مقيما به أيام مروان بن محمد ليردّ العدوّ ومعه جند كثيف من أهل الشام والجزيرة وأرمينية ، وكان منصور هذا على أهل الرّها حين امتنعوا في أول الدولة العباسية فحصرهم أبو جعفر المنصور ، وهو عامل أخيه السّفّاح على الجزيرة وأرمينية ، فلما فتحها هرب منصور ثم أمّن فظهر ، فلما خلع عبد الله بن علي أبا جعفر المنصور ولّى منصورا شرطته ، فلما هرب عبد الله إلى البصرة استخفى منصور بن جعونة فدل عليه في سنة ١٤١ ، فأتي به المنصور فقتله بالرّقّة عند منصرفه من البيت المقدس ، وقوم يقولون إن منصور ابن جعونة أعطي الأمان بعد هرب عبد الله بن علي فظهر ثم وجدت له كتب إلى الروم يغشّ المسلمين فيها فقتله المنصور بالرقة ، ثم إن الرشيد بنى حصن منصور وأحكمه وشحنه بالرجال في أيام أبيه المهدي ، وينسب إليه أبو عمرو عبد الجبّار بن نعيم بن إسماعيل الحصني ، قال أبو سعد : يروي عن أبي فروة يزيد بن محمد الرّهاوي ، روى عنه أبو بكر محمد ابن إبراهيم المقري ، سمع منه بحصن منصور ، وقال أبو بكر بن موسى : روى عن أبي رفاعة ، روى عنه ابن المقري وقال ابنا عبد الجبار بن نعيم الحصني بحصن منصور ، قال ابنا أبي رفاعة ، قال : سمعت أبا الوليد يقول أهديت إلى مالك قارورة غالية فقبلها.

حِصْنُ مُنيف ذُبْحَانَ : بضم الميم ، وكسر النون ، والفاء ، وضم الذال المعجمة ، وسكون الباء الموحدة ، والحاء مهملة ، وألف ، ونون : باليمن من أرض الدّملوة على جبل يقال له قوّر ، بضم القاف وكسر الواو المشددة والراء ، قريب من مخلاف المعافر ، وفيه شقّ يقال له جود ، يذكر في جود إن شاء الله تعالى.

حِصْنُ مَهْدِي : بلد من نواحي خوزستان ، قال الإصطخري : ليس بخوزستان أعمر وأزكى من نهر المسرقان ، ومياه خوزستان من الأهواز والدّورق وغير ذلك ، تنحدر فيه حتى ينتهي إلى حصن مهدي فيصير هناك نهرا كبيرا ذا عرض وعمق ، ثم يصبّ من حصن مهدي إلى البحر.

الحُصُوصُ : بالضم ، والصادان مهملتان : مدينة قرب المصّيصة في شرقي جيحان ، بناها هشام بن عبد الملك وخندق عليها.

الحُصَيْبُ : مصغّر ، وهو اسم الوادي الذي منه زبيد باليمن ، وقال ابن أبي الدمينة الهمذاني : الحصيب قرية زبيد ، وهي للأشعريّين ، وقد خالطهم بأخرة بنو وافد من ثقيف ، وقال الجمحي في الأترجّة وفي نزول عيسى بن محمد بن يعفر الحوّالي بزبيد يقول عبد الخالق بن أبي طلحة :

رام عيسى ما لا يرام ، فأضحى

ثاويا بالحصيب نائي المزار

قال الجمحي : والحصيب اسم مدينة زبيد ، وزبيد : اسم الوادي.

الحُصَيْداتُ : بالضم ، بلفظ التصغير : جبل في شعر عدي ابن الرقاع :

فلما تجاوزن الحصيدات كلها ،

وخلّفن منها كل رعن ومخرم

تخطّين بطن السّرّ ، حتى جعلنه

يلي الغرب سيل المنتوى المتيمم

الحَصِيدُ : بالفتح ثم الكسر ، وياء ساكنة ، ودال مهملة : موضع في أطراف العراق من جهة الجزيرة ، وقال نصر : حصيد ، مصغّر ، واد بين الكوفة والشام ، أوقع به القعقاع بن عمرو في سنة ١٣


بالأعاجم ومن تجمّع إليها من تغلب وربيعة وقعة منكرة ، فقتل في المعركة روزمهر وروزبه مقدماهم ، فقال القعقاع بن عمرو :

ألا أبلغا أسماء أنّ خليلها

قضى وطرا من روزمهر الأعاجم

غداة صبحنا ، في حصيد ، جموعهم

بهنديّة تفري فراخ الجماجم

حَصيرٌ : بالفتح ثم الكسر ، وياء ساكنة ، وراء ، والحصير في اللغة البخيل ، والحصير الباريّة ، والحصير الجنب ، والحصير الملك ، والحصير المحبس في قوله تعالى : (وَجَعَلْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ حَصِيراً) ، وحصير : حصن باليمن من أبنية ملوكهم القدماء. وحصير : جبل أيضا في بلاد غطفان ، وقال مزاحم العقيلي :

خليليّ عوجابي على الربع نسأل :

متى عهده بالظاعن المتحمل؟

ولا تعجلاني بانصراف أهجكما

على عبرة ، أو ترقئا عين معول

وما هاجه من دمنة بان أهلها ،

فأمست قوى بين الحصير ومحيل

وفي كتاب الأصمعي : ومن مياه نملي ترعى والحصير ، وهو جبل ، وأنشد :

تطاللت كي يبدو الحصير ، فما بدا

لعيني ، ويا ليت الحصير بدا ليا!

الحُصَيْصُ : تصغير الحص ، وهو الورس : ماء لبني عقيل بنجد ، وفيه شركة لعجلان وقشير ، والغالب عليه عقيل ، قال ذلك الأصمعي.

الحُصَبْليَّةُ : مصغر منسوب : بئر طرحت فيها طيّء عاملا لبني أمية كان قد أساء معاملتهم يقال له المجالد ، حملوه ليلا فألقوه فيها ، فقال شاعرهم :

سلوا الحصيليّة عن مجالد ،

نحن طرحناه بلا وسائد

بجمّة البئر ورغم القائد

الحُصَينُ : مصغر : بليدة على نهر الخابور ، قال السلفي : سمعت أبا الوليد هاشم بن شعبان بن محمود الحصيني بالحصين على نهر الخابور يقول : سمعت أبا سهل خلف ابن ثابت الحصيني يقول : سمعت عمرو بن جناح الحصيني يقول : اشتهينا ليلة سمكا فقال الشيخ أبو بكر بن القعقاع : قم يا عمرو وخذ البكرة وعلق عليها لقمة من الطعام وانزل إلى الماء وسمّ الله تعالى ، ففعلت ما أمر فإذا أنا بسمكة كبيرة بخلاف العادة فشويناها ، قال هاشم : كان الشيخ أبو بكر من أهل الولاية والكرامة وعلم بذلك كلّ من في الخابور ، وقبره الآن بظاهر الحصين يزار ويتبرك به ، قال هاشم : هذا ضرير وهو خطيب بلدته.

باب الحاء والضاد وما يليهما

حَضارِ : مبنيّ على الكسر : جبل بين البصرة واليمامة ، وهو إلى اليمامة أقرب.

حَضارم : جمع حضرمة ، وهو اللحن في الكلام : وهو اسم بلد بحضرموت.

حَضّارَةُ : بتشديد الضاد : بلد باليمن من نواحي سنحان.

حَضَرُ : بالتحريك : موضع في شعر الأعشى أعشى باهلة :

وأقبل الخيل من تثليث مصغية ،

أو ضمّ أعينها رغوان أو حضر

الحَضْرُ : بالفتح ثم السكون ، وراء ، والحضر في اللغة التطفل ، وأما الحضر الذي هو ضد البدو فهو بالتحريك. والحضر : اسم مدينة بإزاء تكريت في


البرّيّة بينها وبين الموصل والفرات ، وهي مبنية بالحجارة المهندمة بيوتها وسقوفها وأبوابها ، ويقال كان فيها ستون برجا كبارا ، وبين البرج والبرج تسعة أبراج صغار ، بإزاء كل برج قصر وإلى جانبه حمام ، ومر بها نهر الثرثار ، وكان نهرا عظيما عليه قرى وجنان ، ومادته من الهرماس نهر نصيبين ، ونصب فيه أودية كثيرة ، ويقال إن السفن كانت تجري فيه ، فأما في هذا الزمان فلم يبق من الحضر إلا رسم السور وآثار تدل على عظم وجلالة ، وأخبرني بعض أهل تكريت أنه خرج يتصيد فانتهى إليه فرأى فيه آثارا وصورا في بقايا حيطان ، وكان يقال لملك الحضر الساطرون ، وفيه يقول عديّ بن زيد :

وأرى الموت قد تدلى من الحض

ر على رب ملكه الساطرون

وقال الشرقي بن القطامي : لما افترقت قضاعة سارت فرقة منهم إلى أرض الجزيرة وعليهم ملك يقال له الضيزن بن جلهمة أحد الأحلاف ، وقال غيره : الضّيزن بن معاوية بن عبيد بن الاحرام بن عمرو بن النخع بن سليح بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة ، وكان فيما زعموا ملك الجزيرة كلها إلى الشام ، فنزل مدينة الحضر ، وكانت قد بنيت وتطلسمت أن لا يقدر على فتحها ولا هدمها إلا بدم حمامة ورقاء مع دم حيض امرأة زرقاء ، فأقام فيه الضيزن مدة ملكا يغير على بلاد الفرس وما يقرب منها ، وكان يخرج كل امرأة زرقاء عارك من المدينة ، والعارك : الحائض ، إلى موضع قد جعله لذلك في بعض جوانبها خوفا مما ذكرناه ، ثم إنه أغار على السواد فأخذ ماه أخت سابور الجنود بن أردشير الجامع وليس بذي الأكتاف ، لأن سابور ذا الأكتاف هو سابور بن هرمز بن نرسي ابن بهرام بن بهرام بن بهرام بن هرمز بن سابور البطل ، وهو سابور الجنود صاحب هذه القصة ، وإنما ذكرت ذلك لأن بعضهم يغلط ويروي أنه ذو الأكتاف ، فقال الجديّ بن الدّلهاث بن عشم بن حلوان القضاعي في وقعة أوقعها الضيزن بشهرزور :

دلفنا للأعادي ، من بعيد ،

بجيش ذي التهاب كالسعير

فلاقت فارس منا نكالا ،

وقتّلنا هرابذ شهرزور

لقيناهم بخيل من علاف ،

وبالدّهم الصلادمة الذكور

علاف اسمه ربان بن حلوان بن الحاف بن قضاعة ، وإليه تنسب الخيل العلافية ، فلما انتهى ضيغم بسابور الجنود قصد الحضر غيظا على صاحبه لاستجرائه على أسر أخته ، فنزل عليه بجنوده سنتين لا يظفر بشيء منه حتى عركت النضيرة بنت الضيزن ، أي حاضت ، فأخرجها أبوها إلى الموضع الذي جعل لذلك كما ذكرنا وكان إلى جنب السور ، وكان سابور قد همّ بالرحيل فنظرت ذات يوم إليه ونظر إليها فعشق كل واحد منهما صاحبه ، فوجهت إليه تخبره بحالها ثم قالت : ما لي عندك إن دللتك على فتح هذه المدينة؟ فقال : أجعلك فوق نسائي وأتخذك لنفسي ، قالت : فاعمد إلى حيض امرأة زرقاء واخلط به دم حمامة ورقاء واكتب به واشدده في عنق ورشان فأرسله فإنه يقع على السور فيتداعى ويتهدم ، ففعل ذلك فكان كما قالت ، فدخل المدينة وقتل من قضاعة نحو مائة ألف رجل وأفنى قبائل كثيرة بادت إلى يومنا هذا ، وفي ذلك يقول الجديّ بن الدّلهاث :

ألم يحزنك ، والأنباء تنمي ،

بما لاقت سراة بني العبيد


ومقتل ضيزن وبني أبيه ،

وإخلاء القبائل من تزيد

أتاهم ، بالفيول مجلّلات

وبالأبطال ، سابور الجنود

فهدّم من بروج الحضر صخرا

كأن ثقاله زبر الحديد

الثقال : الحجارة كالأفهار ، ثم سار سابور منها إلى عين التمر فعرّس بالنضيرة هناك فلم تنم تلك الليلة تململا على فراشها ، فقال لها سابور : أيّ شيء أمرك؟ قالت : لم أنم قط على فراش أخشن من فراشك ، فقال : ويلك! وهل نام الملوك على أنعم من فراشي؟ فنظر فإذا في الفراش ورقة آس قد لصقت بين عكنتين من عكنها ، فقال لها : بم كان أبوك يغذوك؟ قالت : بشهد الأبكار من النحل ولباب البرّ ومخ الثنيات ، فقال سابور : أنت ما وفيت لأبيك مع حسن هذا الصنيع فكيف تفين لي أنا! ثم أمر ببناء عال فبني وأصعدها إليه وقال لها : ألم أرفعك فوق نسائي؟ قالت : بلى ، فأمر بفرسين جموحين فربطت ذوائبها في ذنبيهما ثم استحضرا فقطّعاها ، فضربت العرب في ذلك مثلا ، وقال عديّ بن زيد في ذلك :

والحضر صبّت عليه داهية

شديدة ، أيّد مناكبها (١)

ربيبة لم توقّ والدها

لحبّها ، إذ أضاع راقبها

فكان حظ العروس ، إذ جشر ال

صبح ، دماء تجري سبائبها

السبائب : جمع سبيبة ، وهو شقّة كتّان ، وقال الأعشى :

ألم تر للحضر ، إذ أهله

بنعمى ، وهل خالد من سلم

أقام به ساهبور الجنو

د حولين ، تضرب فيه القدم

ويقال : إن الحضر بناه الساطرون بن أسطيرون الجرمقي ، وإنه غزا بني إسرائيل في أربعمائة ألف فدعا عليه أرميا النبي ، عليه السلام ، فهلك هو وجميع أصحابه ، ويقال : إنه وجد في جبل طور عبدين معصرة وفيها ساقية من الرصاص تجري تحت الأرض فتتبعت إلى أن كان مصبها في بيت من صفر بالحضر ، فيقال إن ملكه كان تعصر له الخمر في طور وتصب في هذه الساقية فتخرج إلى الحضر ، وقد قيل : إن هذا كان بسنجار ، وقال عديّ بن زيد :

وأخو الحضر ، إذ بناه ، وإذ دج

لة تجبى إليه والخابور

شاده مرمرا وجلله كل

سا ، فللطير في ذراه وكور

لم يهبه ريب المنون فباد ال

ملك عنه ، فبابه مهجور

حَضْرَمَوْت :

بالفتح ثم السكون ، وفتح الراء والميم : اسمان مركبان ، طولها إحدى وسبعون درجة ، وعرضها اثنتا عشرة درجة ، فأما إعرابها فإن شئت بنيت الاسم الأول على الفتح وأعربت الثاني بإعراب ما لا ينصرف فقلت : هذا حضرموت ، وإن شئت رفعت الأول في حال الرفع وجررته ونصبته على حسب العوامل وأضفته على الثاني فقلت : هذا حضرموت ، أعربت حضرا وخفضت موتا ، ولك أن تعرب الأول وتخير في الثاني بين الصرف وتركه ، ومنهم من يضم ميمه فيخرجه مخرج عنكبوت ،

__________________

(١) في رواية اخرى : صابت بدل صبت ، ومن فوقه بدل شديدة.


وكذلك القول في سرّ من رأى ورامهرمز ، والنسبة إليه حضرميّ ، والتصغير حضيرموت تصغير الصدر منهما ، وكذلك الجمع ، يقال : فلان من الحضارمة مثل المهالبة ، وقيل : سميت بحاضر ميّت وهو أول من نزلها ، ثم خفف بإسقاط الألف ، قال ابن الكلبي : اسم حضرموت في التوراة حاضر ميت ، وقيل : سميت بحضرموت بن يقطن بن عامر بن شالخ ، وقيل : اسم حضرموت عمرو بن قيس بن معاوية بن جشم بن عبد شمس بن وائلة بن الغوث بن قطن بن عريب ابن زهير بن أيمن بن الهميسع بن حمير بن سبأ ، وقيل : حضرموت اسمه عامر بن قحطان وإنما سمي حضرموت لأنه كان إذا حضر حربا أكثر فيها من القتل فلقب بذلك ، ثم سكّنت الضاد للتخفيف ، وقال أبو عبيدة : حضرموت بن قحطان نزل هذا المكان فسمي به ، فهو اسم موضع واسم قبيلة. وحضرموت : ناحية واسعة في شرقي عدن بقرب البحر ، وحولها رمال كثيرة تعرف بالأحقاف ، وبها قبر هود ، عليه السلام ، ويقربها بئر برهوت المذكورة فيما تقدم ، ولها مدينتان يقال لإحداهما تريم وللأخرى شبام ، وعندها قلاع وقرى ، وقال ابن الفقيه : حضرموت مخلاف من اليمن بينه وبين البحر رمال ، وبينه وبين مخلاف صداء ثلاثون فرسخا ، وبين حضرموت وصنعاء اثنان وسبعون فرسخا ، وقيل : مسيرة أحد عشر يوما ، وقال الإصطخري : بين حضرموت وعدن مسيرة شهر ، وقال عمرو بن معدي كرب :

والأشعث الكنديّ ، حين إذ سما لنا

من حضرموت ، مجنّب الذكران

قاد الجياد ، علىّ وجاها أشريا ،

قبّ البطون نواحل الأبدان

وقال عليّ بن محمد الصليحي الخارج باليمن :

وألذّ من قرع المثاني عنده ،

في الحرب ، ألجم يا غلام وأسرج

خيل بأقصى حضرموت أسدها ،

وزئيرها بين العراق ومنبج

وأما فتحها : فإن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، كان قد راس أهلها فيمن راسل فدخلوا في طاعته وقدم عليه الأشعث بن قيس في بضعة عشر راكبا مسلما ، فأكرمه رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، فلما أراد الانصراف سأل رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، أن يولي عليهم رجلا منهم ، فولى عليهم زياد ابن لبيد البياضي الأنصاري وضم إليه كندة ، فبقي على ذلك إلى أن مات رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، فارتدّت بنو وليعة بن شرحبيل بن معاوية ، وكان من حديثه أن أبا بكر ، رضي الله عنه ، كتب إلى زياد بن لبيد يخبره بوفاة النبي ، صلى الله عليه وسلم ، ويأمره بأخذ البيعة على من قبله من أهل حضرموت ، فقام فيهم زياد خطيبا وعرّفهم موت النبي ، صلى الله عليه وسلم ، ودعاهم إلى بيعة أبي بكر ، فامتنع الأشعث بن قيس من البيعة واعتزل في كثير من كندة وبايع زيادا خلق آخرون وانصرف إلى منزله وبكر لأخذ الصدقة كما كان يفعل ، فأخذ فيما أخذ قلوصا من فتى من كندة ، فصيّح الفتى وضجّ واستغاث بحارثة بن سراقة بن معدي كرب بن وليعة ابن شرحبيل بن معاوية بن حجر القرد بن الحارث : الولّادة يا أبا معدي كرب! عقلت ابنة المهرة ، فأتى حارثة إلى زياد فقال : أطلق للغلام بكرته ، فأبى وقال : قد عقلتها ووسمتها بميسم السلطان ، فقال حارثة : أطلقها أيها الرجل طائعا قبل أن تطلقها وأنت كاره! فقال زياد : لا والله لا أطلقها ولا نعمة عين! فقام حارثة فحلّ عقالها وضرب على جنبها


فخرجت القلوص تعدو إلى ألّافها ، فجعل حارثة يقول :

يمنعها شيخ بخدّيه الشيب

ملمّع كما يلمّع الثوب

ماض على الرّيب إذا كان الريب

فنهض زياد وصاح بأصحابه المسلمين ودعاهم إلى نصرة الله وكتابه ، فانحازت طائفة من المسلمين إلى زياد وجعل من ارتدّ ينحاز إلى حارثة ، فجعل حارثة يقول :

أطعنا رسول الله ما دام بيننا ،

فيا قوم ما شأني وشأن أبي بكر؟

أيورثها بكرا ، إذا مات ، بعده ،

فتلك ، لعمر الله ، قاصمة الظهر!

فكان زياد يقاتلهم نهارا إلى الليل ، وجاءه عبد له فأخبره أن ملوكهم الأربعة ، وهم : مخوس ومشرح وجمد وأبضعة وأختهم العمرّدة بنو معدي كرب ابن وليعة في محجرهم قد ثملوا من الشراب ، فكبسهم وأخذهم وذبحهم ذبحا ، وقال زياد :

نحن قتلنا الأملاك الأربعة :

جمدا ومخوسا ومشرحا وأبضعه

وسمّوا ملوكا لأنه كان لكلّ واحد منهم واد يملكه ، قال : وأقبل زياد بالسبي والأموال فمرّ على الأشعث بن قيس وقومه فصرخ النساء والصبيان ، فحمي الأشعث أنفا وخرج في جماعة من قومه فعرض لزياد ومن معه وأصيب ناس من المسلمين وانهزموا ، فاجتمعت عظماء كندة على الأشعث فلما رأى ذلك زياد كتب إلى أبي بكر يستمدّه ، فكتب أبو بكر إلى المهاجر بن أبي أمية ، وكان واليا على صنعاء قبل قتل الأسود العنسي ، فأمره بإنجاده ، فلقيا الأشعث ففضّا جموعه وقتلا منهم مقتلة كبيرة ، فلجؤوا إلى النّجير حصن لهم ، فحصرهم المسلمون حتى أجهدوا ، فطلب الأشعث الأمان لعدّة منهم معلومة هو أحدهم ، فلقيه الجفشيش الكندي واسمه معدان بن الأسود بن معدي كرب ، فأخذ بحقوه وقال : اجعلني من العدّة ، فأدخله وأخرج نفسه ونزل إلى زياد بن لبيد والمهاجر فقبضا عليه وبعثا به إلى أبي بكر ، رضي الله عنه ، أسيرا في سنة ١٢ ، فجعل يكلم أبا بكر وأبو بكر يقول له : فعلت وفعلت ، فقال الأشعث : استبقني لحربك فو الله ما كفرت بعد إسلامي ولكني شححت على مالي فأطلقني وزوّجني أختك أمّ فروة فإني قد تبت مما صنعت ورجعت منه من منعي الصدقة ، فمنّ عليه أبو بكر ، رضي الله عنه ، وزوّجه أخته أمّ فروة ، ولما تزوّجها دخل السوق فلم يمرّ به جزور إلا كشف عن عرقوبها وأعطى ثمنها وأطعم الناس ، وولدت له أمّ فروة محمدا وإسحاق وأمّ قريبة وحبّانة ، ولم يزل بالمدينة إلى أن سار إلى العراق غازيا ، ومات بالكوفة ، وصلّى عليه الحسن بعد صلح معاوية.

حِضْرةُ : بالكسر ثم السكون : موضع بتهامة كان فيه يوم بين بني دوس بن عدثان وبني الحارث بن كعب ، وكان الغلب والظفر لدوس.

الحَضَنان : بالتحريك ، والتثنية : جبلان يسميان الحضنين في بلاد بني سلول بن صعصعة.

حَضَنٌ : بالتحريك ، وهو في اللغة العاج : وهو جبل بأعلى نجد ، وهو أول حدود نجد ، وفي المثل : أنجد من رأى حضنا أي من شاهد هذا الجبل فقد صار في أرض نجد ، وقال السكري في قول جرير :

لو أن جمعهم ، غداة مخاشن ،

يرمى به حضن لكاد يزول


حضن : جبل بالعالية ، ومخاشن : جبل بالجزيرة ، وقال يزيد بن حداق في أخبار المفضل :

أقيموا بني النّعمان عنّا صدوركم ،

وإن لا تقيموا صاغرين رؤوسا

أكلّ لئيم منكم ومعلهج

يعدّ علينا غارة فجبوسا؟

أكابن المعلّى خلتنا وحسبتنا ،

صراري نعطي الماكسين مكوسا؟

فإن تبعثوا عينا تمنّى لقاءنا

يوم حضنا ، أو من شمام ضبيسا

وقال نصر : حضن جبل مشرف على السّيّ إلى جانب ديار سليم ، وهو أشهر جبال نجد ، وقيل : جبل ضخم بناحية نجد ، بينه وبين تهامة مرحلة ، تبيض فيه النّسور ، يسكنه بنو جشم بن بكر ، وقال أبو المنذر في كتاب الافراق : وظعنت قضاعة كلّها من غور تهامة بعد ما كان من حرب بني نزار لهم وإجلائهم إياهم وساروا منجدين فمالت كلب بن وبرة بن تغلب بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة إلى حضن والسّيّ وما صاقبه من البلاد غير شكم اللات بن رفيدة بن ثور بن كلب فإنهم انضموا إلى فهم بن تيم اللات بن أسد بن وبرة بن تغلب وصاروا معهم ، ولحقت بهم عصيمة بن اللّبو بن أمر مناة بن فتيئة ابن النّمر بن وبرة فانضمت إليهم ، ولحقت بهم قبائل من جرم بن ربّان فثبتوا معهم بحصن فأقاموا هنالك وانتشرت قبائل قضاعة في البلاد. وحضن أيضا : من جبال سلمى ، عن نصر.

حَضُوْرُ : بالفتح ثم الضم ، وسكون الواو ، وراء : بلدة باليمن من أعمال زبيد ، سمّيت بحضور بن عدي ابن مالك بن زيد بن سدد بن حمير بن سبأ ، قال غامد :

تغمّدت شرّا كان بين عشيرتي ،

فأسماني القيل الحضوريّ غامدا

وقال السّهيلي : لما قصد بخت نصّر بلاد العرب ودوّخها وخرّب المعمور استأصل أهل حضوراء ، هكذا رواه بالألف الممدودة ، وهم الذين ذكرهم في قوله : وكم قسمنا من قرية ، وذلك لقتلهم شعيب بن عيقي ، ويقال ابن ضيفون.

حَضَوْضَى : بفتح أوله والضادين ، وسكون الواو ، مقصور ، مثال قرورى : جبل في الغرب ، كانت العرب في الجاهلية تنفي إليه خلعاءها ، وقال الحازمي : حضوض ، بغير ألف ، جزيرة في البحر.

الحُضُوضُ : بغير ألف : نهر كان بين الحيرة والقادسية.

حِضْوَةُ : بالكسر ثم السكون ، وفتح الواو ، وهاء ، يقال : حضوت النار حضوة إذا أسعرتها : وهو موضع قرب المدينة ، قيل : على ثلاث مراحل من المدينة ، وكان اسمها عفوة فسماها النبيّ ، صلى الله عليه وسلم ، حضوة ، وفي الحديث : شكا قوم من أهل حضوة إلى عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، وباء أرضهم فقال : لو تركتموها! فقالوا : معاشنا ومعاش إبلنا ووطننا ، فقال عمر للحارث بن كلدة : ما عندك في هذا؟ فقال الحارث : البلاد الوبئة ذات الأدغال والبعوض وهو عشّ الوباء ، ولكن ليخرج أهلها إلى ما يقاربها من الأرض العذية إلى تربيع النّجم وليأكلوا البصل والكرّات ويباكروا السمن العربي فليشربوه وليمسكوا الطيب ولا يمشوا حفاة ولا يناموا بالنهار فإني أرجو أن يسلموا ، فأمرهم عمر بذلك.

حُضَيَّان : بالضم ، والفتح ، وياء مشددة ، وألف ، ونون : حصن وسوق لبني نمير فيه مزارع ، كذا قال


الزمخشري.

حَضِيرٌ : بالفتح ثم الكسر : قاع فيه آبار ومزارع يفيض عليها سيل النّقيع ، بالنون ، ثم ينتهي إلى مزج ، وبين النقيع والمدينة عشرون فرسخا ، وقيل : عشرون ميلا ، ويجوز أن يكون أصله من الحضر وهو العدو ، وأنشد أبو زياد يقول :

ألم تر أنّي والهزبر وعامرا

وثورة عشنا في لحوم الصّرائد

يقولون لما أقلع الغيث عنهم :

ألا هل ليال بالحضير عوائد؟(١)

الحَضِيرِيَّةُ : قال أبو سعد : هي محلّة بشرقي بغداد ، قلت : لا أعرف هذه المحلّة ببغداد ولكن على شاطئ دجلة مواضع يباع فيها الحطب يقال لكلّ موضع منها حضيرة ويجمعونها على الحضائر ، فإن كان سماها فإنما سميت بذلك للحطب الذي فيها لا لأنه علم لموضع ، لكن ببغداد محلة يقال لها الخضيريّة ، بالخاء المعجمة والتصغير ، قال أبو سعد : منها أبو بكر محمد بن الطيب بن سعيد بن موسى الصباغ الحضيري ، يروي عن أبي بكر بن سلمان النجار وأبي بكر الشافعي وغيرهما ، روى عنه أبو بكر الخطيب وقال : كان صدوقا ، توفي سنة ٤٢٣.

باب الحاء والطاء وما يليهما

الحُطَمِيَّةُ : بالضم ثم الفتح ، وكسر الميم ، وياء مشددة ، والحطم في اللغة : الرجل القليل الرحمة ، وهو من الحطم وهو الكسر ، قال شمر : الحطميّة من الدروع الثقيلة العريضة ، قال : لأنها تكسر السيوف ، وكان لعليّ بن أبي طالب ، رضي الله عنه ، درع يقال له الحطمية. والحطميّة : قرية على فرسخ من بغداد من الجانب الشرقي من نواحي الخالص ، منسوبة إلى السّريّ بن الحطم أحد القوّاد.

الحَطِيمُ : بالفتح ثم الكسر : بمكة ، قال مالك بن أنس : هو ما بين المقام إلى الباب ، وقال ابن جريج : هو ما بين الركن والمقام وزمزم والحجر ، وقال ابن حبيب : هو ما بين الركن الأسود إلى الباب إلى المقام حيث يتحطم الناس للدعاء ، وقال ابن دريد : كانت الجاهلية تتحالف هناك يتحطّمون بالأيمان ، فكلّ من دعا على ظالم وحلف إثما عجّلت عقوبته ، وقال ابن عباس : الحطيم الجدر بمعنى جدار الكعبة ، وقال أبو منصور : حجر مكة يقال له الحطيم مما يلي الميزاب ، وقال النضر : الحطيم الذي فيه الميزاب ، وإنما سمّي حطيما لأن البيت ربّع وترك محطوما.

حِطِّينٌ : بكسر أوله وثانيه ، وياء ساكنة ، ونون : قرية بين أرسوف وقيسارية ، وبها قبر شعيب ، عليه السلام ، كذا قال الحافظان أبو القاسم الدمشقي وأبو سعد المروزي ، ونسبا إليها أبا محمد هيّاج بن محمد بن عبيد بن حسين الحطّيني الزاهد نزيل مكة ، سمع أبا الحسن عليّ بن موسى بن الحسين السمسار وأبا عبد الله محمد بن عبد السلام بن عبد الرحمن بن معدان الدمشقي وأبا القاسم عبد الرحمن بن عبد العزيز السّرّاج وأبا الحسن عليّ بن محمد بن إبراهيم الحنّائي بدمشق ، وأبا أحمد محمد بن أحمد بن سهل القيسراني بقيسارية ، وأبا العباس إسماعيل بن عمر النحاس ، وأبا الفرج النحوي المقدسي وغيرهم ، وسمع منه جماعة من الحفّاظ ، منهم محمد بن طاهر المقدسي ، وأبو القاسم هبة الله بن عبد الوارث الشيرازي ، وأبو جعفر محمد بن أبي عليّ وغيرهم ، وكان زاهدا فقيها مدرّسا ، يفطر كل ثلاثة أيام ويعتمر كل يوم ثلاث عمر ، ويلقي على المستفيدين كل

__________________

(١) في هذا البيت إقواء.


يوم عدّة دروس ، ولم يكن يدّخر شيئا ، وكان يزور رسول الله ، عليه الصلاة والسلام ، كل سنة حافيا ويزور ابن عباس بالطائف ، وكان يأكل بمكة أكلة وبالطائف أخرى ، واستشهد بمكة في وقعة وقعت بين أهل السّنّة والرافضة ، فحمله أميرها محمد بن أبي هاشم فضربه ضربا شديدا على كبر السنّ ، ثم حمل إلى منزله فعاش بعد الضرب أياما ثم مات في سنة ٤٧٢ وقد جاوز الثمانين. قال المؤلف ، رحمة الله عليه : كان صلاح الدين يوسف بن أيوب قد أوقع بالأفرنج في منتصف ربيع الآخر سنة ٥٨٣ وقعة عظيمة منكرة ظفر فيها بملوك الأفرنج ظفرا كان سببا لافتتاحه بلاد الساحل ، وقتل فرعونهم ارباط صاحب الكرك والشوبك ، وذلك في موضع يقال له حطّين بين طبرية وعكّا ، بينه وبين طبرية نحو فرسخين ، بالقرب منها قرية يقال لها خيارة ، بها قبر شعيب ، عليه السلام ، وهذا صحيح لا شك فيه وإن كان الحافظان ضبطا أن حطّين بين أرسوف وقيسارية ضبطا صحيحا ، فهو غير الذي عند طبرية وإلا فهو غلط منهما. وحطّين أيضا : موضع بين الفرما وتنّيس من أرض مصر ، وهو بحيرة يصاد منها السمك يعرف بالحطّينيّ ، وهو سمك فاضل ، إذا شقّ عن جوفه لا يوجد فيه غير الشحم فيملّح ويحمل إلى النواحي ، أخبرني بذلك رجل اتّجر في هذا السمك لقيته بقطية موضع قرب الفرما.

باب الحاء والظاء وما يليهما

الحَظَائرُ : جمع الحظيرة ، وهو موضع يعمل للإبل من شجر ليقيها البرد والريح ، ومنه قوله تعالى : (كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ) ، وهو موضع باليمامة فيه نخل ، عن الحفصي.

حُظَيّان : بالضم ثم الفتح ، وياء مشددة ، أصله من الحظوة والحظة وهو الحظّ والمنزلة ، يقال : حظيت المرأة عند زوجها إذا أحبّها وأكرمها : وهو اسم سوق لبني نمير فيه مزارع برّ وشعير ، ذكره العمراني بالظاء والزمخشري بالضاد ، وقد تقدم.

الحَظِيرَةُ : بالفتح ، وقد تقدّم اشتقاقها : وهي قرية كبيرة من أعمال بغداد من جهة تكريت من ناحية دجيل ، ينسج فيها الثياب الكرباس الصفيق ويحملها التجار إلى البلاد.

باب الحاء والفاء وما يليهما

حِفاءٌ : بالكسر ، والمدّ : موضع ، وقيل جبل ، قال الكسائي : رجل حاف بيّن الحفوة والحفيّة والحفاية والحفاء ، بالمدّ ، وقد حفي يحفى ، وهو الذي يمشي بلا خفّ ولا نعل ، فأما الذي حفي من كثرة المشي أي رقّت قدمه فإنه حف بيّن الحفا ، مقصور.

حُفَارُ : بالضم ، وآخره راء : موضع بين اليمن وتهامة ، عن نصر ، أو موضع باليمن.

حُفاشُ : آخره شين معجمة : جبل باليمن في بلاد حلوان ابن عمران بن الحاف بن قضاعة.

حِفافٌ : آخره فاء ، قال السكري في قول جرير :

فما أبصر النار التي وضحت له

وراء جفاف الطير إلا تماريا

رواه بالجيم كما ذكرناه في موضعه ثم قال : وكان عمارة يقول : وراء حفاف الطير ، قال : هذه أماكن تسمّى الأحفّة فاختار منها مكانا فسماه حفافا ، وقال نصر : حفاف ، بكسر الحاء ، موضع ، جمع حفّة.

حِفَانُ : بالكسر ، وآخره نون ، والفاء مخفّفة ، قال ابن الأعرابي : بلد ، وقال الأخطل :


فآليت لا آتي نصيبين طائعا ،

ولا السجن ، حتى يمضي الحرمان

ليالي لا يهدي القطا لفراخه ،

بذي أبهر ، ماء ، ولا بحفان

الحفَائرُ : جمع حفيرة : ماء لبني قريط على يسار الحاجّ من الكوفة ، قال الشاعر :

ألمّا على وحش الحفائر ، فانظرا

إليها ، وإن لم يمكن الوحش راميا

ولا تعجلانا أن نسلّم نحوها ،

ونسقي ، ملتاحا ، من الماء ، صاديا

من المشرب المأمول ، أو من قرارة

أسال بها الله الذّهاب الغواديا

أقام بها الوسميّ ، حتى كأنه

بها نشر البزّاز عصبا يمانيا

قال الأصمعي : ولبني قريط ماء يقال له الحفائر ببطن واد يقال له المهزول إلى أصل علم يقال له ينوف.

حُفَائلُ : بالضم ، ويروى بالفتح : موضع ، قال أبو ذؤيب :

تأبّط نعليه وشقّ مريرة ،

وقال : أليس الناس دون حفائل؟

حَفْرٌ : بالفتح ثم السكون ، وراء ، حفر البطاح : موضع ، قال الشاعر :

وحفر البطاح فوق أرجائه الدم

ووادي حفر : موضع آخر. وحفر : بئر لبني تيم ابن مرّة بمكة ، ورواه الحازمي بالجيم. والحفر : من مياه نملي ببطن واد يقال له مهزول.

حَفَرُ : بفتحتين ، وهو في اللغة التراب الذي يستخرج من الحفرة ، وهو مثل الهدم ، وقيل : الحفر المكان الذي حفر كخندق أو بئر ، وينشد :

قالوا انتهينا وهذا الخندق الحفر

والبئر إذا وسّعت فوق قدرها سميت حفيرا وحفرا وحفيرة. حفر أبي موسى الأشعري ، قال أبو منصور : الأحفار المعروفة في بلاد العرب ثلاثة : حفر أبي موسى ، وهي ركايا أحفرها أبو موسى الأشعري على جادة البصرة إلى مكة ، وقد نزلت بها واستقيت من ركاياها ، وهي بين ماوية والمنجشانيّة ، بعيدة الأرشية ، يستقى منها بالسانية ، وماؤها عذب ، وركايا الحفر مستوية ، ثم ذكر حفر سعد ، وقال أبو عبيد السكوني : حفر أبي موسى مياه عذبة على طريق البصرة من النباج بعد الرّقمتين وبعده الشّجي لمن يقصد البصرة ، وبين الحفر والشجي عشرة فراسخ ، ولما أراد أبو موسى الأشعري حفر ركايا الحفر قال : دلّوني على موضع بئر يقطع بها هذه الفلاة ، قالوا : هوبجة تنبت الأرطى بين فلج وفليج ، فحفر الحفر ، وهو حفر أبي موسى ، بينه وبين البصرة خمس ليال ، قال النّضر : والهوبجة أن تحفر في مناقع الماء ثمادا يسيلون الماء إليها فتمتلئ فيشربون منها.

حفَرُ الرِّبابِ : ماء بالدّهناء من منازل تيم بن مرّة ، والحفر ، غير مضاف إلى شيء علمته : من منازل أبي بكر بن كلاب ، عن أبي زياد.

حَفَرُ السَّبِيعِ : بفتح السين ، وكسر الباء الموحدة ، والسبيع : قبيلة ، وهو السبيع بن صعب بن معاوية بن كثير بن مالك بن جشم بن حاشد بن خيوان بن نوف ابن همدان ، ولهم بالكوفة خطّة معروفة ، قال محمد ابن سعد : حفر السبيع موضع بالكوفة ، ينسب إليه أبو داود الحفري ، يروي عن الثوري ، روى عنه أبو بكر بن أبي شيبة ، مات سنة ٢٠٣ وقيل ٢٠٦.


حَفَرُ سَعْدٍ : منسوب إلى سعد بن زيد مناة بن تميم :

وهو بحذاء العرمة ووراء الدّهناء ، يستقى منه بالسانية ، عند جبل من جبال الدّهناء يقال له الحاضر ، عن الأزهري.

حفرُ السُّوبانِ : بضم السين المهملة ، وسكون الواو ، والباء موحدة ، يذكر في موضعه ، إن شاء الله تعالى ، قال :

أفي حفر السّوبان أصبح قومنا

علينا غضابا ، كلهم يتحرّق؟

حَفَرُ السَّيدانِ : بالكسر ، يذكر في موضعه ، إن شاء الله تعالى ، قال السمهري اللّصّ عن السكري :

بكيت ، وما يبكيك من رسم منزل

على حفر السيدان أصبح خاليا؟

خلا للرياح الراسيات ، تغيرت

معارفه ، إلا ثلاثا رواسيا

حَفَرُ ضَبّة : وهو ضبة بن أدّ بن طابخة بن إلياس ابن مضر : وهي ركايا بنواحي الشواجن بعيدة القعر عذبة المياه.

الحُفْرَةُ : بالضم ثم السكون ، واحدة الحفر : موضع بالقيروان يعرف بحفرة أيوب ، ينسب إليه يحيى بن سليمان الحفري المقري ، يروي عن الفضيل بن عياض وأبي معمر عبّاد بن عبد الصمد ، روى عنه ابنه عبيد الله.

حَفْصَاباذ : بالفتح ثم السكون ، والصاد مهملة ، وبين الألفين باء موحدة ، وآخره ذال معجمة ، ومعناه بالفارسية عمارة حفص : من قرى سرخس ، منها أبو عمر وعثمان بن أبي نصر الحفص آباذي ، كان شيخا صالحا حسن السيرة ، سمع أبا منصور محمد بن عبد الملك بن علي المظفري ، وسمع منه أبو سعد وقال : كانت ولادته نحو سنة ٤٦٠ ، ومات نحو سنة ٥٣٠. وحفصاباذ ، قال أبو سعد : وبمرو قرية كبيرة يقال لها حفصاباذ ، ينسب إليها النهر الكبير المعروف بكوال.

حَفْنَا : بالنون ، مقصور : من قرى مصر ، ينسب إليها قوم من المحدثين ، منهم : أبو محمد عبيد الله بن معاوية بن حكيم الحفناوي ، روى عن أصبغ ، وكان فقيها عابدا ، توفي سنة ٢٥٠.

حَفْن : بلا ألف : من قرى الصعيد ، وقيل : ناحية من نواحي مصر ، وفي الحديث : أهدى المقوقس إلى النبي ، صلى الله عليه وسلم ، مارية من حفن من رستاق أنصنا وكلّم الحسن بن عليّ ، رضي الله عنه ، معاوية لأهل حفن فوضع عنهم خراج الأرض.

الحَفَّة : بالفتح ، والتشديد : كورة في غربي حلب فيها عدة قرى ، وقيل : إن الثياب الحفّيّة إليها تنسب ، والذي أعرفه أن الحفّ شيء من أداة الحاكة تعمل به هذه الثياب ، وليس يستعمل في جميع الثياب.

حَفْياءُ : بالفتح ثم السكون ، وياء ، وألف ممدودة : موضع قرب المدينة أجرى منه رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، الخيل في السباق ، قال الحازمي : ورواه غيره بالفتح والقصر ، وقال البخاري : قال سفيان بين الحفيا إلى الثنية خمسة أميال أو ستة ، وقال ابن عقبة : ستة أو سبعة ، وقد ضبطه بعضهم بالضم والقصر ، وهو خطأ ، كذا قال عياض.

حَفَيْتن : بفتحتين ، وياء ساكنة ، وتاء فوقها نقطتان ، ونون ، قال ثعلب : هو اسم أرض ، ومن رواه حفيتل ، باللام ، فقد أخطأ.

حَفِيرٌ : بالفتح ثم الكسر ، وهو القبر في اللغة : وهو موضع بين مكة والمدينة ، قال :

لسلّامة دار الحفير ، كبا

قي الخلق السحق ، قفار


وقيل : الحفير والحفر موضعان بين مكة والمدينة ، وعن ابن دريد : بين مكة والبصرة ، وأنشد :

قد علم الصّهب المهاري والعيس

النافخات في البرى المداعيس

أن ليس بين الحفرين تعريس

وحفير أيضا : نهر بالأردن بالشام من منازل بني القين ابن جسر ، نزل عنده النعمان بن بشير ، قاله ابن حبيب ، وقال النعمان :

إن قينيّة تحلّ محبّا

فحفيرا فجنّتي ترفلان

وحفير أيضا : موضع بنجد. وحفير أيضا : ماء لغطفان كثير الضياع. وحفير أيضا : أول منزل من البصرة لمن يريد مكة ، وقيل : هو بضم الحاء وفتح الفاء مصغّر. والحفير أيضا : ماء بالدهناء لبني سعد بن زيد مناة عليه نخيلات لهم. وحفير العلجان ، والعلجان ، بالتحريك ، نبت بالبادية : ماء لبني جعفر ابن كلاب. وحفير أيضا ، قال أبو منصور : حفير وحفيرة موضعان ذكرهما الشعراء القدماء في أشعارهم.

وحفير أيضا : بئر بمكة ، قال أبو عبيدة : وحفرت بنو تميم الحفير ، فقال بعضهم :

قد سخّر الله لنا الحفيرا

بحرا ، يجيش ماؤه غزيرا

والحفير أيضا : ماء لبني الهجيم بن عمرو بن تميم ، كانت عنده وقعة حفير. وحفير زياد : على خمس ليال من البصرة ، قال البرج بن خنزير التميمي ، وكان الحجاج قد ألزمه البعث إلى المهلب لقتال الأزارقة فهرب منه إلى الشام وقال :

إن تنصفونا آل مروان نقترب

إليكم ، وإلا فأذنوا ببعاد

فإن لنا عنكم مزاحا ومزحلا

بعيس ، إلى ريح الفلاة ، صواد

مخيّسة بزل ، تخايل في البرى ،

سوار على طول الفلاة غواد

وفي الأرض ، عن ذي الجور ، منأى ومذهب ،

وكل بلاد أوطنت كبلادي

وما ذا عسى الحجاج يبلغ جهده ،

إذا نحن خلّفنا حفير زياد؟

فلو لا بنو مروان كان ابن يوسف

كما كان عبدا من عبيد إياد

الحُفَيرُ : بلفظ التصغير : منزل بين ذي الحليفة وملل يسلكه الحاج. والحفير أيضا : ماء لباهلة ، بينه وبين البصرة أربعة أميال ، يبرز الحاج من البصرة ، بينه وبين المنجشانية ثلاثون ميلا ، وقال الحفصي : إذا خرجت من البصرة تريد مكة فتأخذ بطن فلج فأول ماء ترد الحفير ، قال بعضهم :

ولقد ذهبت مراغما

أرجو السلامة بالحفير

فرجعت منه سالما ،

ومع السلامة كل خير

والحفير أيضا : ماء بأجإ ، يقول فيه شاعرهم :

إن الحفير ماؤه زلال ،

أبحره تراوح الرجال

يعني تراوحهم في حفره ، وقيل : هو لبني فرير من طيّء ، وبين الحفير والنّخيلة والمعنيّة ثلاثة أميال.

الحَفِيرةُ : بالفتح ثم الكسر ، غير مضاف : ماءة لبني موجّن الضبابي ، ولها جبل يقال له العمود ، ينسب إليها فيقال عمود الحفيرة. والحفيرة أيضا : موضع


على طريق اليمامة ، وهما قريتان على يمين الطريق ويساره. وحفيرة الأغرّ ، بالغين معجمة والراء مشددة : ماءة لبني كعب بن أبي بكر. وحفيرة خالد : وهي أيضا ماءة لبني كعب بن أبي بكر منسوبة إلى خالد ابن سليمان مولى لهم بقرب جبل شعري تلي الشّطون.

وحفيرة العباس : من أسماء زمزم. وحفيرة عكل : باليمامة. وحفيرة بني نقب : من مياه أبي بكر بن كلاب.

باب الحاء والقاف وما يليهما

حِقاءٌ : بالكسر ، والمد ، وهو في اللغة جمع حقو ، وهو ما ارتفع من الأرض عن النّجوة : وهو موضع ، عن ابن دريد.

الحِقابُ : بالكسر ، جمع حقب : وهو ثمانون سنة ، نحو قفّ وقفاف : وهو اسم جبل ، قال الشاعر يصف كلبة طلبت وعلا مسنّا في الجبل :

قد قلت لما جدّت العقاب ،

وضمّها والبدن الحقاب :

جدّي ، لكل عامل ثواب ،

الرأس والأكرع والإهاب

العقاب : اسم الكلبة ، والبدن : الوعل المسنّ ، والحقاب : موضع بنعمان من منازل بني هذيل ، قال سراقة بن خثعم :

تبغّين الحقاب وبطن برم ،

وقنّع ، من عجاجتهن ، صار

حِقالٌ : بالكسر ، وآخره لام ، والقاف خفيفة كما ضبطه الزمخشري ، وضبطه العمراني حقّال ، بالفتح وتشديد القاف ، قال : هو موضع في حسبان ابن دريد بالتخفيف جمع حقل ، وهو القراح الطيب والمزرعة ، ومن شدّده فهو نسبة كعطار.

حَقْلاء : بالمد والقصر : قرية من نواحي حلب.

حَقْلٌ : بالفتح ثم السكون ، وهو المزرعة كما ذكرنا : واد كثير العشب من منازل بني سليم ، قال العباس ابن مرداس :

وما روضة من روض حقل تمتعت

عرارا وطبّاقا ونخلا توائما

التوائم : المضاعف من روض حقل ، وقوله عرارا أي تمتع عرارها كقولهم حسن وجها أي حسن وجهه ، وقال عرّام : يقال لوادي آرة وهو جبل حقل.

وحقل الرّخامى : موضع آخر ، قال الشماخ :

أمن دمنتين عرّج الرّكب فيهما

بحقل الرّخامى قد عفا طللاهما

أقامت على ربعيهما جارتا صفا ،

كميتا الأعالي جونتا مصطلاهما

وحقل أيضا : مكان دون أيلة بستة عشر ميلا ، كان لعزة صاحبة كثيّر ، فيها بستان ، فقال :

سقى دمنتين ، لم نجد لهما أهلا ،

بحقل لكم يا عزّ قد زانتا حقلا

نجاء الثّريّا ، كل آخر ليلة ،

تجودهما جودا وتردفه وبلا

وقال ابن الكلبي : حقل ساحل تيماء ، وقال أبو سعد : حقل قرية بجنب أيلة على البحر ، ونسب إليها أبو محمد عبد الله بن عبد الحكم بن أعين الحقلي مولى نافع مولى عثمان بن عفان ، رضي الله عنه ، كان إماما فقيها فاضلا ، توفي في شهر رمضان سنة ٢٢٤ ، ومولده سنة ١٥٤. والحقل أيضا ، مخلاف الحقل : باليمن ، ويقال له حقل جهران ، وقال ابن الحائك : الحقل من بلاد خولان من نواحي صعدة ، كانت


خولان قتلت فيه أخا للعباس بن مرداس السّلمي ، فقال :

فمن مبلغ عوف بن عمرو رسالة ،

ويعلى بن سعد من ثئور يراسله

بأني سأرمي الحقل يوما بغارة ،

لها منكب حان تدوّي زلازله

أقام بدار الغور في شر منزل ،

وخلى بياض الحقل تزهى خمائله

قلت : هذا الشعر يري أن الحقل في البيت الثاني هو حقل صعدة الذي قتل أخوه فيه ، فهو يتوعد أهله بالغارة ، والحقل في البيت الأخير هو حقل بني سليم المقدم ذكره لأنه يتأسف لأخيه إذ أقام بالغور ، يعني قتل هناك وترك الحقل الذي هو بلاده وخمائله وهي رياض زاهية ، والله أعلم ، وقال إبراهيم بن كنيف النبهاني :

ملكنا حقل صعدة بالعوالي ،

ملكنا السهل منها والحزونا

وفي كتاب أبي المنذر هشام بن محمد : الحقل اسم رجل سمّي به هذا الموضع ، وهو ذو قباب بن مالك ابن زيد بن سهل بن عمرو بن قيس بن معاوية بن جشم ابن عبد شمس بن وائل بن الغوث بن أيمن بن الهميسع ابن حمير. وحقل أيضا : قرية لبني درماء من طيّء في أجإ. وحقل أيضا : قرية بالخرج ، وهو واد باليمامة.

الحِقلة : بالكسر : رمل بنواحي اليمامة.

الحَقْوُ : بالفتح ثم السكون : ماء على اثني عشر ميلا من واقصة بينها وبين العقبة ، فيه بئر رشاؤها خمسون قامة ، وماؤه قليل غليظ خبيث له رائحة الكبريت ، وفيه حوض وقصر خراب ، والحقو في اللغة : الإزار ، وثلاثة أحق وأصله أحقو على أفعل ، فحذف لأنه ليس في الأسماء اسم آخره حرف علّة وقبلها ضمة ، فإذا أدّى قياس إلى ذلك رفض فأبدلت الضمة كسرة فصارت الأخيرة ياء مكسورا ما قبلها فصار بمنزلة القاضي والغازي في سقوط الياء لاجتماع الساكنين والكسر مجفي ، وهو فعول قلبت الواو الأولى ياء لتدغم في التي بعدها ، والحقو أيضا : الخصر ومشدّ الإزار.

الحَقيبة : بالفتح ثم الكسر : حصن في جبل وصاب من أعمال زبيد باليمن.

حِقّين : بالنون : منهل ببطن الخال من أنوف مخارم ، جفاف لطهيّة نسبوا إليها.

حَقِيلٌ : باللام ، قال نصر : واد في ديار بني عكل بين جبال من الحلّة ، والحلة : قفّ ، قال الراعي :

جمعوا قوى ، مما تضمّ رحالهم ،

شتى النّجار ، ترى بهنّ وصولا

فسقوا صوادي يسمعون عشيّة ،

للماء ، في أجوافهنّ صليلا

حتى إذا برد السّجال لهاتها ،

وجعلن خلف عروضهن ثميلا

وأفضن بعد كظومهن بحرّة

من ذي الأبارق ، إذ رعين حقيلا

قال ثعلب : سألني محمد بن عبد الله بن طاهر عن البيت الأخير من هذه الأبيات فقلت : ذو الأبارق وحقيل موضع واحد ، فأراد من ذي الأبارق إذ رعينه ، وأفضن : دفعن ، والكظم : إمساك الفم ، يقول : كنّ أي الإبل كظوما من العطش ، فلما ابتلّ ما في بطونها أفضن بحرّة ، والكاظم من الإبل : المطرق الذي لا يجترّ ، وذو الأبارق من حقيل وهما واحد ،


والمعنى أنها إذا رعت حقيلا أفاضت بذي الأبارق ، ولو لا ذلك لكان الكلام محالا ، ومثال ذلك كما تقول : خرجت من بغداد من نهر المعلّى ومن بغداد من الكرخ ودخلت بغداد فابتعت كذا من الكرخ من بغداد ، ولو لا ذلك لم يكن للكلام معنى ، وكانت بنو فزارة قد أغاروا ورئيسهم عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر ومالك

بن حمار الشمخي متساندين هذا من بني عدي بن فزارة وهذا من بني شمخ بن فزارة على الرّباب فغنموهم وسبوا نساءهم ، فزعمت بنو يربوع أن عيينة بن الحارث بن شهاب وبني يربوع أدركوهم بحقيل فاستنقذوهم ، فقال جرير يفخر بذلك على تيم الرباب :

تداركنا عيينة وابن شمخ ،

وقد مرّا بهنّ على حقيل

فردّوا ، المردفات بنات تيم

ليربوع ، فوارس غير ميل

وحقيل أيضا : موضع في بلاد بني أسد ، قتلت فيه بنو أسد الحارث بن مويلك ، فقال طفيل :

وكان هريم من سنان خليفة

وحصن ، ومن أسماء لما تغيّبوا

ومن قيس الثّاوي برمّان بيته ،

ويوم حقيل فاد آخر معجب

وحقيل أيضا : حصن باليمن لرجل يقال له الجذع.

باب الحاء والكاف وما يليهما

الحَكّامِيّةُ : بالفتح ، وتشديد الكاف : نخل باليمامة لبني حكّام قوم من بني عبيد بن ثعلبة من حنيفة ، عن الحفصي.

الحُكْرَةُ : بالضم ، وسكون الكاف : من مخاليف الطائف.

الحُكَكاتُ : بالضم ، وفتح الكافين ، وآخره تاء فوقها نقطتان : موضع ذو حجارة بيض رقيقة ، عن نصر.

حَكَمَانُ : بالتحريك ، مثنى : اسم لضياع بالبصرة ، سمّيت بالحكم بن أبي العاص الثقفي ، وهذا اصطلاح لأهل البصرة إذا سموا ضيعة باسم زادوا عليه ألفا ونونا حتى سموا عبد اللان في قرية سميت بعبد الله ، وكانت هذه الضيعة لبني عبد الوهاب الثقفيّين موالي جنان صاحبة أبي نواس ، وقد أكثر من ذكرها في شعره ، فمن ذلك :

أسأل القادمين من حكمان :

كيف خلّفتما أبا عثمان؟

فيقولان لي : جنان كما

سرّك في حالها ، فسل عن جنان

ما لهم لا يبارك الله فيهم

كيف لم يخف عنهم كتماني؟

حَكَمٌ : بالتحريك : مخلاف باليمن ، سمّي بالحكم بن سعد العشيرة بن مالك بن أدد.

باب الحاء واللام وما يليهما

حُلاحِلُ : بضم الحاء الأولى ، وكسر الثانية : موضع يروى في بيت ذي الرّمة :

هيا ظبية الوعساء ، بين حلاحل

وبين النّقا ، أأنت أم أمّ سالم؟

بالجيم والحاء ، وقد تقدّم ذكره ، والحلاحل : السيد الركين ، والجمع الحلاحل ، بالفتح.

حَلالٌ : بالفتح ، بلفظ ضد الحرام : اسم صنم لبني فزارة. والحلال أيضا : جبل في طريق مصر من الشام دون العريش إلى الشام ، وكان من منازل بني


راشدة ، فلما قصد عمرو بن العاص فتح مصر نفرت منه بنو راشدة من جبل الحلال.

حِلالٌ : بالكسر ، وتخفيف اللام : من نواحي اليمن ، والحلال : جماعة بيوت الناس ، واحدتها حلّة ، وهي حلال أي كثيرة ، والحلال : متاع الرجل.

حُلامات : بالضم ، قال أبو محمد الأعرابي ونزل باللعين المنقري ابن أرض المرّيّ فذبح له كلبا ، فقال :

دعاني ابن أرض يبتغي الزاد بعد ما

ترامى حلامات به وأجارد

ومن ذات أصفاء سهوب كأنها

مزاحف هزلى ، بيتها متباعد (١)

رأى ضوء نار من بعيد فأمّها ،

تلوح كما لاحت نجوم الفراقد

فقلت لعبديّ : اقتلا داء بطنه

وأعفاجه العظمى ذوات الزوائد

فجاءا بخرشاوي شعير ، عليهما

كراديس من أوصال أكدر سافد

فما نام حتى نازع الشحم أنفه ،

وبتنا نعلّي استه بالوسائد

فبات بشرّ غير ضرّ ، وبطنه

يعجّ عجيج المعصرات الرواعد

الحَلاوَةُ : بلفظ ضد الحموضة : موضع ، عن ابن دريد.

الحِلاءَةُ : بالكسر ويروى بالفتح ، وبعد الألف همزة ، يجوز أن يكون من حلأت الأديم إذا قشرته ، قال الأزهري والخارزنجي : الحلاءة موضع شديد البرد ، وأنشدا لصخر الغي الهذلي :

كأني أراه بالحلاءة شاتيا ،

تقشّر أعلى أنفه أمّ مرزم

وأمّ مرزم : الريح الباردة بلغة هذيل ، فأجابه أبو المثلّم :

أعيّرتني قرّ الحلاءة شاتيا ،

وأنت بأرض قرّها غير منجم؟

وقال عرّام : يقابل ميطان من جبال المدينة جبل يقال له السّنّ وجبال كبار شواهق يقال لها الحلاءة ، واحدها حلاء ، لا تنبت شيئا ولا ينتفع بها إلا ما يقطع للأرحاء ويحمل إلى المدينة وما حواليها ، وأنشد الزمخشري لعديّ بن الرقاع :

كانت تحلّ ، إذا ما الغيث أصبحها ،

بطن الحلاءة فالأمرار فالسّررا

كذا أنشده بفتح الحاء ، وقال طفيل الغنوي :

ولو سئلت عنا فزارة نبّأت

بطعن لنا ، يوم الحلاءة ، صائب

الحَلَّاءة : بتشديد اللام والفتح : موضع ، عن ابن دريد.

الحَلائِقُ : كأنه جمع حليقة أو حالق : في غزاة ذي العشيرة ، قال ابن إسحاق : ثم ارتحل رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، عن بطحاء ابن أزهر فنزل الحلائق يسارا ، ورواه بعضهم الخلائق ، بالخاء المعجمة ، وهي آبار معلومة ، وفسرها من رواها بالخاء المعجمة أنها جمع خليقة ، وهي البئر التي لا ماء فيها.

حَلَبَانُ : بالتحريك : موضع باليمن قرب نجران ، قال جرير :

لله درّ يزيد يوم دعاكم ،

والخيل محلبة على حلبان

والمحلب ، بالحاء المهملة : الناصر ، قال : لا يأتيه للنصر محلب ، وقال زياد : من مياه بني قشير حلبان ، وفيه مثل من أمثال العرب وهو قولهم :

__________________

(١) هذان البيتان مرفوعا الرويّ وما بقي من القصيدة مجرورة.


تروّ فإنك وارد حلبان ، وذلك أن حلبان قليل الماء خبيثة ، وهو لبني معاوية بن قشير.

حَلَبُ : بالتحريك : مدينة عظيمة واسعة كثيرة الخيرات طيبة الهواء صحيحة الأديم والماء ، وهي قصبة جند قنّسرين في أيامنا هذه ، والحلب في اللغة : مصدر قولك حلبت أحلب حلبا وهربت هربا وطربت طربا ، والحلب أيضا : اللبن الحليب ، يقال : حلبنا وشربنا لبنا حليبا وحلبا ، والحلب من الجباية مثل الصدقة ونحوها ، قال الزّجّاجي : سمّيت حلب لأن إبراهيم ، عليه السلام ، كان يحلب فيها غنمه في الجمعات ويتصدّق به فيقول الفقراء حلب حلب ، فسمي به ، قلت أنا : وهذا فيه نظر لأن إبراهيم ، عليه السلام ، وأهل الشام في أيامه لم يكونوا عربا إنما العربية في ولد ابنه إسماعيل ، عليه السلام ، وقحطان ، على أن إبراهيم في قلعة حلب مقامين يزاران إلى الآن ، فإن كان لهذه اللفظة ، أعني حلب ، أصل في العبرانية أو السريانية لجاز ذلك لأن كثيرا من كلامهم يشبه كلام العرب لا يفارقه إلا بعجمة يسيرة كقولهم كهنّم في جهنم ، وقال قوم : إن حلب وحمص وبرذعة كانوا إخوة من بني عمليق فبنى كلّ واحد منهم مدينة فسمّيت به ، وهم بنو مهر بن حيص بن جان بن مكنّف ، وقال الشرقي : عمليق بن يلمع بن عائذ ابن اسليخ بن لوذ بن سام ، وقال غيره : عمليق بن لوذ بن سام ، وكانت العرب تسميه غريبا وتقول في مثل : من يطع غريبا يمس غريبا ، يعنون عمليق ابن لوذ ، ويقال : إن لهم بقية في العرب لأنهم كانوا قد اختلطوا بهم ، ومنهم الزّبّاء ، فعلى هذا يصحّ أن يكون أهل هذه المدينة كانوا يتكلمون بالعربية فيقولون حلب إذا حلب إبراهيم ، عليه السلام.

قال بطليموس : طول مدينة حلب تسع وستون درجة وثلاثون دقيقة ، وعرضها خمس وثلاثون درجة وخمس وعشرون دقيقة ، داخلة في الإقليم الرابع ، طالعها العقرب ، وبيت حياتها إحدى وعشرون درجة من القوس ، لها شركة في النسر الطائر تحت إحدى عشرة درجة من السرطان ، وخمس وثلاثون دقيقة ، يقابلها مثلها من الجدي ، بيت ملكها مثلها من الحمل ، عاقبتها مثلها من الميزان ، قال أبو عون في زيجه : طول حلب ثلاث وستون درجة ، وعرضها أربع وثلاثون درجة وثلث ، وهي في الإقليم الرابع ، وذكر أبو نصر يحيى بن جرير الطبيب التكريتي النصراني في كتاب ألّفه أن سلوقوس الموصلي ملك خمسا وأربعين سنة ، وأول ملكه كان في سنة ثلاثة آلاف وتسعمائة وتسع وخمسين لآدم ، عليه السلام ، قال : وفي سنة تسع وخمسين من مملكته ، وهي سنة أربعة آلاف وثماني عشرة لآدم ، ملك طوسا المسمّاة سميرم مع أبيها وهو الذي بنى حلب بعد دولة الإسكندر وموته باثنتي عشرة سنة ، وقال في موضع آخر : كان الملك على سوريا وبابل والبلاد العليا سلوقوس نيقطور ، وهو سريانيّ ، وملك في السنة الثالثة عشرة لبطليموس بن لاغوس بعد ممات الإسكندر ، وفي السنة الثالثة عشرة من مملكته بنى سلوقوس اللاذقية وسلوقية وأفامية وباروّا وهي حلب واداسا وهي الرّها وكمل بناء أنطاكية ، وكان بناها قبله ، يعني أنطاكية ، انطيقوس في السنة السادسة من موت الإسكندر ، وذكر آخرون في سبب عمارة حلب أن العماليق لما استولوا على البلاد الشامية وتقاسموها بينهم استوطن ملوكهم مدينة عمّان ومدينة أريحا الغور ودعاهم الناس الجبارين ، وكانت قنّسرين مدينة عامرة ولم يكن يومئذ اسمها قنّسرين وإنما كان اسمها صوبا ، وكان هذا الجبل المعروف الآن بسمعان


يعرف بجبل بني صنم ، وبنو صنم كانوا يعبدونه في موضع يعرف اليوم بكفرنبو ، والعمائر الموجودة في هذا الجبل إلى اليوم هي آثار المقيمين في جوار هذا الصنم ، وقيل : إن بلعام بن باعور البالسي إنما بعثه الله إلى عبّاد هذا الصنم لينهاهم عن عبادته ، وقد جاء ذكر هذا الصنم في بعض كتب بني إسرائيل ، وأمر الله بعض أنبيائهم بكسره ، ولما ملك بلقورس الأثوري الموصل وقصبتها يومئذ نينوى كان المستولي على خطّة قنسرين حلب بن المهر أحد بني الجان بن مكنّف من العماليق ، فاختط مدينة سمّيت به ، وكان ذلك على مضي ثلاثة آلاف وتسعمائة وتسعين سنة لآدم ، وكانت مدة ملك بلقورس هذا ثلاثين عاما ، وكان بناها بعد ورود إبراهيم ، عليه السلام ، إلى الديار الشامية بخمسمائة وتسع وأربعين سنة لأن إبراهيم ابتلي بما ابتلي به من نمرود زمانه ، واسمه راميس ، وهو الرابع من ملوك أثورا ، ومدة ملكه تسع وثلاثون سنة ، ومدة ما بينه وبين آدم ، عليه السلام ، ثلاثة آلاف وأربعمائة وثلاث عشرة سنة ، وفي السنة الرابعة والعشرين من ملكه ابتلي به إبراهيم فهرب منه مع عشيرته إلى ناحية حرّان ثم انتقل إلى جبل البيت المقدس ، وكانت عمارتها بعد خروج موسى ، عليه السلام ، من مصر ببني إسرائيل إلى التيه وغرق فرعون بمائة وعشرة أعوام ، وكان أكبر الأسباب في عمارتها ما حل بالعماليق في البلاد الشامية من خلفاء موسى ، وذلك أن يوشع بن نون ، عليه السلام ، لما خلف موسى قاتل أريحا الغور وافتتحها وسبى وأحرق وأخرب ثم افتتح بعد ذلك مدينة عمّان ، وارتفع العماليق عن تلك الديار إلى أرض صوبا ، وهي قنّسرين ، وبنوا حلب وجعلوها حصنا لأنفسهم وأموالهم ثم اختطوا بعد ذلك العواصم ، ولم يزل الجبارون مستولين عليها متحصّنين بعواصمها إلى أن بعث الله داود ، عليه السلام ، فانتزعهم عنها.

وقرأت في رسالة كتبها ابن بطلان المتطبّب إلى هلال بن المحسن بن إبراهيم الصابي في نحو سنة ٤٤٠ في دولة بني مرداس فقال : دخلنا من الرّصافة إلى حلب في أربع مراحل ، وحلب بلد مسوّر بحجر أبيض وفيه ستة أبواب وفي جانب السور قلعة في أعلاها مسجد وكنيستان وفي إحداهما كان المذبح الذي قرّب عليه إبراهيم ، عليه السلام ، وفي أسفل القلعة مغارة كان يخبئ بها غنمه ، وكان إذا حلبها أضاف الناس بلبنها ، فكانوا يقولون حلب أم لا؟ ويسأل بعضهم بعضا عن ذلك ، فسميت لذلك حلبا ، وفي البلد جامع وست بيع وبيمارستان صغير ، والفقهاء يفتون على مذهب الإمامية ، وشرب أهل البلد من صهاريج فيه مملوءة بماء المطر ، وعلى بابه نهر يعرف بقويق يمد في الشتاء وينضب في الصيف ، وفي وسط البلد دار علوة صاحبة البحتري ، وهو بلد قليل الفواكه والبقول والنبيذ إلا ما يأتيه من بلاد الروم ، وفيها من الشعراء جماعة ، منهم : شاعر يعرف بأبي الفتح بن أبي حصينة ، ومن جملة شعره قوله :

ولما التقينا للوداع ، ودمعها

ودمعي يفيضان الصبابة والوجدا

بكت لؤلؤا رطبا ، ففاضت مدامعي

عقيقا ، فصار الكل في نحرها عقدا

وفيها كاتب نصراني له في قطعة في الخمر أظنه صاعد بن شمّامة :

خافت صوارم أيدي المازجين لها ،

فألبست جسمها درعا من الحبب


وفيها حدث يعرف بأبي محمد بن سنان قد ناهز العشرين وعلا في الشعر طبقة المحنّكين ، فمن قوله :

إذا هجوتكم لم أخش صولتكم ،

وإن مدحت فكيف الريّ باللهب

فحين لم ألق لا خوفا ولا طمعا

رغبت في الهجو ، إشفاقا من الكذب

وفيها شاعر يعرف بأبي العباس يكنى بأبي المشكور ، مليح الشعر سريع الجواب حلو الشمائل ، له في المجون بضاعة قوية وفي الخلاعة يد باسطة ، وله أبيات إلى والده :

يا أبا العباس والفضل!

أبا العباس تكنى

أنت مع أمّي ، بلا شكّ ،

تحاكي الكركدّنا

أنبتت ، في كل مجرى

شعرة في الرأس ، قرنا

فأجابه أبوه :

أنت أولى بأبي المذمو

م بين الناس تكنى

ليت لي بنتا ، ولا أنت ،

ولو بنت يحنّا

بنت يحنّا : مغنية بأنطاكية تحنّ إلى القرباء وتضيف الغرباء مشهورة بالعهر ، قال : ومن عجائب حلب أن في قيسارية البزّ عشرين. دكانا للوكلاء يبيعون فيها كل يوم متاعا قدره عشرون ألف دينار مستمرّ ذلك منذ عشرين سنة وإلى الآن ، وما في حلب موضع خراب أصلا ، وخرجنا من حلب طالبين أنطاكية ، وبينها وبين حلب يوم وليلة ، آخر ما ذكر ابن بطلان.

وقلعة حلب مقام إبراهيم الخليل ، وفيه صندوق به قطعة من رأس يحيى بن زكرياء ، عليه السلام ، ظهرت سنة ٤٣٥ ، وعند باب الجنان مشهد علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه ، رؤي فيه في النوم ، وداخل باب العراق مسجد غوث فيه حجر عليه كتابة زعموا أنه خطّ علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه ، وفي غربي البلد في سفح جبل جوشن قبر المحسن بن الحسين يزعمون أنه سقط لما جيء بالسّبي من العراق ليحمل إلى دمشق أو طفل كان معهم بحلب فدفن هنالك ، وبالقرب منه مشهد مليح العمارة تعصّب الحلبيّون وبنوه أحكم بناء وأنفقوا عليه أموالا ، يزعمون أنهم رأوا عليّا ، رضي الله عنه ، في المنام في ذلك المكان ، وفي قبلي الجبل جبّانة واحدة يسمونها المقام ، بها مقام لإبراهيم ، عليه السلام ، وبظاهر باب اليهود حجر على الطريق ينذر له ويصبّ عليه ماء الورد والطيب ويشترك المسلمون واليهود والنصارى في زيارته ، يقال إن تحته قبر بعض الأنبياء.

وأما المسافات فمنها إلى قنّسرين يوم وإلى المعرّة يومان وإلى أنطاكية ثلاثة أيام وإلى الرّقّة أربعة أيام وإلى الأثارب يوم وإلى توزين يوم وإلى منبج يومان وإلى بالس يومان وإلى خناصرة يومان وإلى حماة ثلاثة أيام وإلى حمص أربعة أيام وإلى حرّان خمسة أيام وإلى اللاذقية ثلاثة أيام وإلى جبلة ثلاثة أيام وإلى طرابلس أربعة أيام وإلى دمشق تسعة أيام ، قال المؤلف ، رحمة الله عليه : وشاهدت من حلب وأعمالها ما استدللت به على أن الله تعالى خصّها بالبركة وفضّلها على جميع البلاد ، فمن ذلك أنه يزرع في أراضيها القطن والسمسم والبطيخ والخيار والدخن والكروم والذرة والمشمش والتين والتفاح عذيا لا يسقى إلا بماء المطر ويجيء مع ذلك رخصا


غضّا رويّا يفوق ما يسقى بالمياه والسيح في جميع البلاد ، وهذا لم أره فيما طوّفت من البلاد في غير أرضها ، ومن ذلك أن مسافة ما بيد مالكها في أيامنا هذه ، وهو الملك العزيز محمد بن الملك الظاهر غازي ابن الملك الناصر يوسف بن أيوب ومدبّر دولته والقائم بجميع أموره شهاب الدين طغرل ، وهو خادم روميّ زاهد متعبّد ، حسن العدل والرأفة برعيته ، لا نظير له في أيامه في جميع أقطار الأرض ، حاشا الإمام المستنصر بالله أبي جعفر المنصور بن الظاهر ابن الناصر لدين الله ، فإن كرمه وعدله ورأفته قد تجاوزت الحدّ فالله بكرمه يرحم رعيتهما بطول بقائمها ، من المشرق إلى المغرب مسيرة خمسة أيام ، ومن الجنوب إلى الشمال مثل ذلك ، وفيها ثمانمائة ونيف وعشرون قرية ملك لأهلها ليس للسلطان فيها إلا مقاطعات يسيرة ، ونحو مائتين ونيف قرية مشتركة بين الرعية والسلطان ، وقفني الوزير الصاحب القاضي الأكرم جمال الدين أبو الحسن علي بن يوسف بن إبراهيم الشيباني القفطي ، أدام الله تعالى أيامه وختم بالصالحات أعماله ، وهو يومئذ وزير صاحبها ومدبر دواوينها ، على الجريدة بذلك وأسماء القرى وأسماء ملّاكها ، وهي بعد ذلك تقوم برزق خمسة آلاف فارس مراخي الغلة موسع عليهم ، قال لي الوزير الأكرم ، أدام الله تعالى علوّه : لو لم يقع إسراف في خواصّ الأمراء وجماعة من أعيان المفاريد لقامت بأرزاق سبعة آلاف فارس لأن فيها من الطواشية المفاريد ما يزيد على ألف فارس يحصل للواحد منهم في العام من عشرة آلاف درهم إلى خمسة عشر ألف درهم ، ويمكن أن يستخدم من فضلات خواصّ الأمراء ألف فارس ، وفي أعمالها إحدى وعشرون قلعة ، يقام بذخائرها وأرزاق مستحفظيها خارجا عن جميع ما ذكرناه ، وهو جملة أخرى كثيرة ، ثم يرتفع بعد ذلك كله من فضلات الإقطاعات الخاصة بالسلطان من سائر الجبايات إلى قلعتها عنبا وحبوبا ما يقارب في كل يوم عشرة آلاف درهم ، وقد ارتفع إليها في العام الماضي ، وهو سنة ٦٢٥ ، من جهة واحدة ، وهي دار الزكاة التي يجبى فيها العشور من الأفرنج والزكاة من المسلمين وحق البيع ، سبعمائة ألف درهم ، وهذا مع العدل الكامل والرفق الشامل بحيث لا يرى فيها متظلّم ولا متهضّم ولا مهتضم ، وهذا من بركة العدل وحسن النية.

وأما فتحها فذكر البلاذري أن أبا عبيدة رحل إلى حلب وعلى مقدمته عياض بن غنم الفهري ، وكان أبوه يسمّى عبد غنم ، فلما أسلم عياض كره أن يقال له ابن عبد غنم فقال : أنا عياض بن غنم ، فوجد أهلها قد تحصنوا ، فنزل عليها فلم يلبثوا أن طلبوا الصلح والأمان على أنفسهم وأولادهم وسور مدينتهم وكنائسهم ومنازلهم والحصن الذي بها ، فأعطوا ذلك واستثنى عليهم موضع المسجد ، وكان الذي صالحهم عياض ، فأنفذ أبو عبيدة صلحه ، وقيل : بل صالحوا على حقن دمائهم وأن يقاسموا أنصاف منازلهم وكنائسهم ، وقيل : إن أبا عبيدة لم يصادف بحلب أحدا لأن أهلها انتقلوا إلى أنطاكية وأنهم إنما صالحوا على مدينتهم بها ثم رجعوا إليها.

وأما قلعتها فبها يضرب المثل في الحسن والحصانة لأن مدينة حلب في وطاء من الأرض وفي وسط ذلك الوطإ جبل عال مدوّر صحيح التدوير مهندم بتراب صح به تدويره ، والقلعة مبنيّة في رأسه ، ولها خندق عظيم وصل بحفره إلى الماء ، وفي وسط هذه القلعة مصانع تصل إلى الماء المعين ، وفيها جامع وميدان وبساتين ودور كثيرة ، وكان الملك الظاهر غازي بن


صلاح الدين يوسف بن أيوب قد اعتنى بها بهمّته العالية فعمّرها بعمارة عادية وحفر خندقها وبنى رصيفها بالحجارة المهندمة فجاءت عجبا للناظرين إليها ، لكن المنية حالت بينه وبين تتمّتها ، ولها في أيامنا هذه سبعة أبواب : باب الأربعين ، وباب اليهود ، وكان الملك الظاهر قد جدّد عمارته وسمّاه باب النصر ، وباب الجنان ، وباب أنطاكية ، وباب قنّسرين ، وباب العراق ، وباب السرّ ، وما زال فيها على قديم الزمان وحديثه أدباء وشعراء ، ولأهلها عناية بإصلاح أنفسهم وتثمير الأموال ، فقلّ ما ترى من نشئها من لم يتقيل أخلاق آبائه في مثل ذلك ، فلذلك فيها بيوتات قديمة معروفة بالثّروة ويتوارثونها ويحافظون على حفظ قديمهم بخلاف سائر البلدان ، وقد أكثر الشعراء من ذكرها ووصفها والحنين إليها ، وأنا أقتنع من ذلك بقصيدة لأبي بكر محمد بن الحسن بن مرّار الصّنوبري وقد أجاد فيها ووصف متنزهاتها وقراها القريبة منها فقال :

احبسا العيس احبساها ،

وسلا الدار سلاها

واسألا أين ظباء ال

دّار أم أين مهاها

أين قطّان محاهم

ريب دهر ومحاها

صمّت الدار عن السا

ئل ، لا صمّ صداها

بليت بعدهم الدا

ر ، وأبلاني بلاها

آية شطّت نوى الإظ

عان ، لا شطّت نواها

من بدور من دجاها ،

وشموس من ضحاها

ليس ينهى النفس ناه

ما أطاعت من عصاها

بأبي من عرسها وسخ

طي ، ومن عرسي رضاها

دمية إن جلّيت كا

نت حلى الحسن حلاها

دمية ألقت إليها

راية الحسن دماها

دمية تسقيك عينا

ها ، كما تسقي مداها

أعطيت لونا من الور

د ، وزيدت وجنتاها

حبّذا الباءات باءت ،

وقويق ورباها

بانقوساها بها با

هي المباهي ، حين باهى

وبباصفرا وبابل

لا ربا مثلي وتاها

لا قلى صحراء نافر

قلّ شوقي ، لا قلاها (١)

لا سلا أجبال باسل

لين قلبي ، لا سلاها

وبباسلّين فليب

غ ركابي من بغاها

وإلى باشقلّيشا

ذو التناهي يتناهى

__________________

(١) قوله : نافر ، بسكون الراء ، هكذا في الأصل.


وبعاذين ، فواها

لبعاذين ، وواها

بين نهر وقناة

قد تلته وتلاها

ومجاري برك ، يجلو

همومي مجتلاها

ورياض تلتقي آ

مالنا في ملتقاها

زاد أعلاها علوّا

جوشنا لمّا علاها

وازدهت برج أبي الحا

رث حسنا وازدهاها

واطّبت مستشرف الحص

ن ، اشتياقا ، واطّباها

وأرى المنية فازت

كلّ نفس بمناها

إذ هواي العوجان السا

لب النفس هواها

ومقيلي بركة التّل

ل وسيبات رحاها

بركة تربتها الكا

فوز ، والدّرّ حصاها

كم غراني طربي حي

تانها لما غراها

إذ تلى مطبّخ الحي

تان منها مشتواها

بمروج اللهو ألقت

عير لذّاتي عصاها

وبمغنى الكامليّ اس

تكملت نفسي مناها

وغرت ذا الجوهريّ ال

مزن غيثا ، وغراها

كلأ الراموسة الحس

ناء ربي ، وكلاها

وجزى الجنّات بالسّع

دى بنعمى ، وجزاها

وفدى البستان من فا

رس صبّ وفداها

وغرت ذا الجوهريّ ال

مزن ، محلولا عراها

واذكرا دار السّليما

نيّة اليوم ، اذكراها

حيث عجنا نحوها العي

س تبارى في براها

وصفا العافية المو

سومة الوصف صفاها

فهي في معنى اسمها حذ

وبحذو ، وكفاها

وصلا سطحي وأحوا

ضي ، خليليّ ، صلاها

وردا ساحة صهري

جي على سوق رداها

وامزجا الراح بماء

منه ، أو لا تمزجاها

حلب بدر دجّى ، أن

جمها الزّهر قراها


حبّذا جامعها الجا

مع للنفس تقاها

موطن مرسي دور ألب

رّ بمرساة حباها (١)

شهوات الطرف فيه ،

فوق ما كان اشتهاها

قبلة كرّمها الل

ه بنور ، وحباها

ورآها ذهبا في

لازورد من رآها

ومراقي منبر ، أع

ظم شيء مرتقاها

وذرى مئذنة ، طا

لت ذرى النجم ذراها

والنّواريّة ما لا

ترياه لسواها

قصعة ما عدت الكع

ب ، ولا الكعب عداها

أبدا ، يستقبل السّح

ب بسحب من حشاها

فهي تسقي الغيث إن لم

يسقها ، أو إن سقاها

كنفتها قبّة يض

حك عنها كنفاها

قبّة أبدع بانى

ها بناء ، إذ بناها

ضاهت الوشي نقوشا ،

فحكته وحكاها

لو رآها مبتني قب

بة كسرى ما ابتناها

فبذا الجامع سرو

يتباهى من تباهي

جنّبا السارية الخض

راء منه ، جنّباها

قبلة المستشرف الأع

لى ، إذا قابلتماها

حيث يأتي خلفه الآ

داب منها من أتاها

من رجالات حبّى لم

يحلل الجهل حباها

من رآهم من سفيه

باع بالعلم السفاها

وعلى ذاك سرور ال

نفس منّي وأساها

شجو نفسي باب قنّس

رين ، وهنا ، وشجاها

حدث أبكي التي في

ه ، ومثلي من بكاها

أنا أحمي حلبا دا

را ، وأحمي من حماها

أيّ حسن ما حوته

حلب ، أو ما حواها

سروها الداني ، كما تد

نو فتاة من فتاها

آسها الثاني القدود ال

هيف ، لمّا أن ثناها

__________________

(١) هذا البيت مختل الوزن ولعل فيه تصحيفا.


نخلها زيتونها ، أو

لا فأرطاها عصاها

قبجها درّاجها ، أو

فحباراها قطاها

ضحكت دبسيّتاها ،

وبكت قمريّتاها

بين أفنان ، تناجي

طائريها طائراها

تدرجاها حبرجاها

صلصلاها بلبلاها

ربّ ملقي الرّحل منها ،

حيث تلقى بيعتاها

طيّرت عنه الكرى طا

ئرة ، طار كراها

ودّ ، إذ فاه بشجو ،

أنه قبّل فاها

صبّة تندب صبّا ،

قد شجته وشجاها

زيّنت ، حتى انتهت

في زينة في منتهاها

فهي مرجان شواها ،

لازورد دفّتاها

وهي تبر منتهاها ،

فضّة قرطمتاها

قلّدت بالجزع ، لمّا

قلّدت ، سالفتاها

حلب أكرم مأوى ،

وكريم من أواها

بسط الغيث عليها

بسط نور ، ما طواها

وكساها حللا ، أب

دع فيها إذ كساها

حللا لحمتها السّو

سن ، والورد سداها

إجن خيرياتها بال

لحظ ، لا تحرم جناها

وعيون النرجس المن

هلّ ، كالدمع نداها

وخدودا من شقيق ،

كاللظى الحمر لظاها

وثنايا أقحوانا

ت ، سنا الدّرّ سناها

ضاع آذريونها ، إذ

ضاء ، من تبر ، ثراها

وطلى الطّلّ خزاما

ها بمسك ، إذ طلاها

وانتشى النّيلوفر الشّو

ق قلوبا ، واقتضاها

بحواش قد حشاها

كلّ طيب ، إذ حشاها

وبأوساط على حذ

والزنابير حذاها

فاخري ، يا حلب ، المد

ن يزد جاهك جاها

إنه إن لم تك المد

ن رخاخا ، كنت شاها


وقال كشاجم :

أرتك ندى الغيث آثارها ،

وأخرجت الأرض أزهارها

وما أمتعت جارها بلدة

كما أمتعت حلب جارها

هي الخلد يجمع ما تشتهي ،

فزرها ، فطوبى لمن زارها!

وكفر حلب : من قرى حلب. وحلب الساجور : في نواحي حلب ، ذكرها في نواحي الفتوح ، قال : وأتى أبو عبيدة بن الجرّاح ، رضي الله عنه ، حلب الساجور بعد فتح حلب وقدم عياض بن غنم إلى منبج.

وحلب أيضا : محلّة كبيرة في شارع القاهرة بينها وبين الفسطاط ، رأيتها غير مرّة.

حُلْبَةُ : حصن في جبل برع من أعمال زبيد باليمن.

حَلْبَةُ : بالفتح ، وهي في أصل اللغة الخيل تجتمع للسباق من كل أوب ، وحلبة : واد بتهامة أعلاه لهذيل وأسفله لكنانة ، كذا ضبطه الحازمي ، وهو سهو وغلط إنما هو حلية ، بالياء تحتها نقطتان ، وقد ذكر في موضعه. والحلبة : محلة كبيرة واسعة في شرقي بغداد عند باب الأزج وفي مواضع أخر.

حَلْحَلُ : بفتح الحاءين ، وسكون اللام : جبل من جبال عمان ، وهو في شعر الأخطل مصغّر ، قال :

قبح الإله من اليهود عصابة

بالجزع بين حليحل وصحار

حَلْحُولُ : بالفتح ثم السكون ، وضم الحاء الثانية ، وسكون الواو ، ولام : قرية بين البيت المقدس وقبر إبراهيم الخليل ، وبها قبر يونس بن متى ، عليهما السلام ، وإليها ينسب عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن الحلحولي الجعدي ، محدث زاهد ، ولد بحلب ونشأ بها وسار إلى الآفاق وكان آخر أمره أنه انقطع بمسجد في ظاهر دمشق ، ففي سنة ٥٤٣ نزل الأفرنج على دمشق محاصرين فخرج هذا الشيخ في جماعة فقتل ، رحمه الله وإيانا.

حَلِفٌ : بالفتح ثم الكسر ، والفاء ، وهو اليمين : موضع ، قال أبو وجزة :

فذي حلف فالروض روض فلاجة

فأجزاعه من كلّ عيص وغيطل

وقد ألحق ابن هرمة الهاء فقال :

عوجا نقضّ الدموع بالوقفة

على رسوم ، كالبرد ، منتسفة

بادت ، كما باد منزل خلق ،

بين ربى أريم فذي الحلفة

حلْفَبَلْتا : من قرى دمشق ، وبالقرب منها قبر كنّاز أحد الصحابة ، وهو أبو مرثد بن الحصين ، وقيل مات بالمدينة.

الحَلَمَتان : بالتحريك ، والتثنية : موضع كانت به وقعة للعرب.

حُلْوانُ : بالضم ثم السكون ، والحلوان في اللغة الهبة ، يقال : حلوت فلانا كذا مالا أحلوه حلوا وحلوانا إذا وهبت له شيئا على شيء يفعله غير الأجر ، وفي الحديث : نهي عن حلوان الكاهن ، والحلوان : أن يأخذ الرجل من مهر ابنته لنفسه. وحلوان في عدة مواضع : حلوان العراق ، وهي في آخر حدود السواد مما يلي الجبال من بغداد ، وقيل : إنها سميت بحلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة كان بعض الملوك أقطعه إياها فسميت به.

وفي كتاب الملحمة المنسوب إلى بطليموس : حلوان


طولها إحدى وسبعون درجة وخمس وأربعون دقيقة ، وعرضها أربع وثلاثون درجة ، بيت حياتها أول درجة من الأسد ، طالعها الذراع اليماني تحت عشر درج من السرطان ، يقابلها مثلها من الجدي ، بيت ملكها من الحمل ، عاقبتها مثلها من الميزان ، وهي في الإقليم الرابع ، وكانت مدينة كبيرة عامرة ، قال أبو زيد : أما حلوان فإنها مدينة عامرة ليس بأرض العراق بعد الكوفة والبصرة وواسط وبغداد وسرّ من رأى أكبر منها ، وأكثر ثمارها التين ، وهي بقرب الجبل ، وليس للعراق مدينة بقرب الجبل غيرها ، وربما يسقط بها الثلج ، وأما أعلى جبلها فإن الثلج يسقط به دائما ، وهي وبئة ردية الماء وكبريتيته ، ينبت الدفلى على مياهها ، وبها رمان ليس في الدنيا مثله وتين في غاية من الجودة ويسمونه لجودته شاه انجير أي ملك التين ، وحواليها عدة عيون كبريتية ينتفع بها من عدة أدواء.

وأما فتحها فإن المسلمين لما فرغوا من جلولاء ضمّ هاشم بن عتبة بن أبي وقاص وكان عمه سعد قد سيّره على مقدمته إلى جرير بن عبد الله في خيل ورتبه بجلولاء ، فنهض إلى حلوان فهرب يزدجرد إلى أصبهان وفتح جرير حلوان صلحا على أن كفّ عنهم وآمنهم على ديارهم وأموالهم ثم مضى نحو الدينور فلم يفتحها وفتح قرميسين على مثل ما فتح عليه حلوان وعاد إلى حلوان فأقام بها واليا إلى أن قدم عمار بن ياسر ، فكتب إليه من الكوفة أن عمر قد أمره أن يمد به أبا موسى الأشعري بالأهواز ، فسار حتى لحق بأبي موسى في سنة ١٩ ، قال الواقدي : بحلوان عقب لجرير بن عبد الله البجلي ، وكان قد فتح حلوان في سنة ١٩ ، وفي كتاب سيف : في سنة ١٦ ، وقال القعقاع بن عمرو التميمي :

وهل تذكرون ، إذ نزلنا وأنتم

منازل كسرى ، والأمور حوائل

فصرنا لكم ردءا بحلوان بعد ما

نزلنا جميعا ، والجميع نوازل

فنحن الأولى فزنا بحلوان بعد ما

أرنّت ، على كسرى ، الإما والحلائل

وقال بعض المتأخرين يذم أهل حلوان :

ما إن رأيت جواميسا مقرّنة ،

إلا ذكرت ثناء عند حلوان

قوم ، إذا ما أتى الأضياف دارهم

لم ينزلوهم ودلوهم على الخان

وينسب إلى حلوان هذه خلق كثير من أهل العلم ، منهم : أبو محمد الحسن بن عليّ الخلّال الحلواني ، يروي عن يزيد بن هرون وعبد الرزاق وغيرهما ، روى عنه البخاري ومسلم في صحيحيهما ، توفي سنة ٢٤٢ ، وقال أعرابيّ :

تلفّتّ من حلوان ، والدمع غالب ،

إلى روض نجد ، أين حلوان من نجد؟

لحصباء نجد ، حين يضربها الندى ،

ألذّ وأشفى للعليل من الورد

ألا ليت شعري! هل أناس بكيتهم

لفقدهم هل يبكينّهم فقدي؟

أداوي ببرد الماء حرّ صبابة ،

وما للحشا والقلب غيرك من برد

وأما نخلتا حلوان فأول من ذكرهما في شعره فيما علمنا مطيع بن إياس الليثي ، وكان من أهل فلسطين من أصحاب الحجاج بن يوسف ، ذكر أبو الفرج عن أبي الحسن الأسدي حدثنا حماد بن إسحاق عن أبيه


عن سعيد بن سلم قال : أخبرني مطيع بن إياس أنه كان مع سلم بن قتيبة بالرّيّ ، فلما خرج إبراهيم بن الحسن كتب إليه المنصور يأمره باستخلاف رجل على عمله والقدوم عليه في خاصته على البريد ، قال مطيع ابن إياس : وكانت لي جارية يقال لها جوذابة كنت أحبّها ، فأمرني سلم بالخروج معه فاضطررت إلى بيع الجارية فبعتها وندمت على ذلك بعد خروجي وتتبعتها نفسي ، فنزلنا حلوان فجلست على العقبة أنتظر ثقلي وعنان دابتي في يدي وأنا مستند إلى نخلة على العقبة وإلى جانبها نخلة أخرى فتذكرت الجارية واشتقت إليها فأنشدت أقول :

أسعداني يا نخلتي حلوان ،

وابكياني من ريب هذا الزمان

واعلما أن ريبه لم يزل يف

رق بين الألّاف والجيران

ولعمري ، لو ذقتما ألم الفر

قة أبكاكما الذي أبكاني

أسعداني ، وأيقنا أن نحسا

سوف يأتيكما فتفترقان

كم رمتني صروف هذي الليالي

بفراق الأحباب والخلّان

غير أني لم تلق نفسي كما لا

قيت من فرقة ابنة الدهقان

جارة لي بالريّ تذهب همّي ،

ويسلّي دنوّها أحزاني

فجعتني الأيام ، أغبط ما كن

ت ، بصدع للبين غير مدان

وبزعمي أن أصبحت لا تراها ال

عين مني ، وأصبحت لا تراني

وعن سعيد بن سلم عن مطيع قال : كانت لي بالرّيّ ، جارية أيام مقامي بها مع سلم بن قتيبة ، فكنت أتستر بها وأتعشق امرأة من بنات الدهاقين ، وكنت نازلا إلى جنبها في دار لها ، فلما خرجنا بعت الجارية وبقيت في نفسي علاقة من المرأة ، فلما نزلنا بعقبة حلوان جلست مستندا إلى إحدى النخلتين اللتين على العقبة وقلت ، وذكر الأبيات ، فقال لي سلم : فيمن هذه الأبيات ، أفي جاريتك؟ فاستحييت أن أصدقه فقلت : نعم ، فكتب من وقته إلى خليفته أن يبتاعها لي ، فلم يلبث أن ورد كتابه بأني قد وجدتها وقد تداولها الرجال وقد بلغت خمسة آلاف درهم فإن أمرت أن أشتريها ، فأخبرني بذلك سلم وقال : أيما أحب إليك هي أم خمسة آلاف درهم؟ فقلت : أما إن كانت قد تداولها الرجال فقد عزفت نفسي عنها ، فأمر لي بخمسة آلاف درهم ، فقلت : والله ما كان في نفسي منها شيء ولو كنت أحبها لم أبال إذا رجعت إلي بمن تداولها ولا أبالي لو ناكها أهل منى كلهم ، وذكر المدائني أن المنصور اجتاز بنخلتي حلوان وكانت إحداهما على الطريق وكانت تضيّقه وتزدحم الأثقال عليه فأمر بقطعها ، فأنشد قول مطيع :

واعلما إن بقيتما أن نحسا

سوف يلقاكما فتفترقان

فقال : لا والله لا كنت ذلك النحس الذي يفرق بينهما! فانصرف وتركهما ، وذكر أحمد بن إبراهيم عن أبيه عن جده إسماعيل بن داود أن المهدي قال : أكثر الشعراء في ذكر نخلتي حلوان ولهممت بقطعهما فبلغ قولي المنصور فكتب إليّ : بلغني أنك هممت بقطع نخلتي حلوان ولا فائدة لك في قطعهما ولا ضرر عليك في بقائهما وأنا أعيذك بالله أن تكون


النحس الذي يلقاهما فيفرق بينهما ، يريد بيت مطيع ، وعن أبي نمير عبد الله بن أيوب قال : لما خرج المهدي فصار بعقبة حلوان استطاب الموضع فتغدّى به ودعا بحسنة فقال لها : ما ترين طيب هذا الموضع! غنيني بحياتي حتى أشرب ههنا أقداحا ، فأخذت محكّة كانت في يده فأوقعت على فخذه وغنته فقالت:

أيا نخلتي وادي بوانة حبّذا ،

إذا نام حرّاس النخيل ، جناكما

فقال : أحسنت! لقد هممت بقطع هاتين النخلتين ، يعني نخلتي حلوان ، فمنعني منهما هذا الصوت ، فقالت له حسنة : أعيذك بالله أن تكون النحس المفرق بينهما! وأنشدته بيت مطيع ، فقال : أحسنت والله فيما فعلت إذ نبّهتني على هذا ، والله لا أقطعهما أبدا ولأوكلن بهما من يحفظهما ويسقيهما أينما حييت! ثم أمر بأن يفعل ذلك ، فلم تزالا في حياته على ما رسمه إلى أن مات ، وذكر أحمد بن أبي طاهر عن عبد الله ابن أبي سعد عن محمد بن المفضل الهاشمي عن سلام الأبرش قال : لما خرج الرشيد إلى طوس هاج به الدم بحلوان فأشار عليه الطبيب بأكل جمّار ، فأحضر دهقان حلوان وطلب منه ، فأعلمه أن بلادهم ليس بها نخل ولكن على العقبة نخلتان ، فأمر بقطع إحداهما ، فلما نظر إلى النخلتين بعد أن انتهى إليهما فوجد إحداهما مقطوعة والأخرى قائمة وعلى القائمة مكتوب ، وذكر البيت ، فأعلم الرشيد وقال : لقد عز عليّ أن كنت نحسكما ولو كنت سمعت هذا البيت ما قطعت هذه النخلة ولو قتلني الدم ، ومما قيل في نخلتي حلوان من الشعر قول حمّاد عجرد :

جعل الله سدرتي قصر شي

رين فداء لنخلتي حلوان

جئت مستسعدا فلم تسع داني ،

ومطيع بكت له النخلتان

وروى حماد عن أبيه لبعض الشعراء في نخلتي حلوان :

أيها العاذلان لا تعذلاني ،

ودعاني من الملام دعاني

وابكيا لي ، فإنني مستحقّ

منكما بالبكاء أن تسعداني

إنني منكما بذلك أولى

من مطيع بنخلتي حلوان

فهما تجهلان ما كان يشكو

من هواه ، وأنتما تعلمان

وقال فيهما أحمد بن إبراهيم الكاتب من قصيدة :

وكذاك الزمان ليس ، وإن أل

لف ، يبقى عليه مؤتلفان

سلبت كفّه العزيز أخاه ،

ثم ثنّى بنخلتي حلوان

فكأنّ العزيز مذ كان فردا ،

وكأن لم تجاور النخلتان

وحلوان أَيضاً : قرية من أعمال مصر ، بينها وبين الفسطاط نحو فرسخين من جهة الصعيد مشرفة على النيل ، وبها دير ذكر في الديرة ، وكان أول من اختطها عبد العزيز بن مروان لما ولي مصر ، وضرب بها الدنانير ، وكان له كل يوم ألف جفنة للناس حول داره ، ولذلك قال الشاعر :

كلّ يوم كأنه عيد أضحى

عند عبد العزيز ، أو يوم فطر

وله ألف جفنة مترعات ،

كلّ يوم ، يمدّها ألف قدر


وكان قد وقع بمصر طاعون في سنة ٧٠ وواليها عبد العزيز فخرج هاربا من مصر ، فلما وصل حلوان هذه استحسن موضعها فبنى بها دورا وقصورا واستوطنها وزرع بها بساتين وغرس كروما ونخلا ، فلذلك يقول عبيد الله بن قيس الرّقيّات :

سقيا لحلوان ذي الكروم ، وما

صنّف من تينه ومن عنبه

نخل مواقير بالقناء من ال

برنيّ ، يهتز ثم في سربه

أسود ، سكانه الحمام ، فما

تنفكّ غربانه على رطبه

وقال سعد بن شريح مولى نجيب يهجو حفص بن الوليد الحضرمي والي مصر ويمدح زبّان بن عبد العزيز ابن مروان :

يا باعث الخيل ، تردي في أعنّتها ،

من المقطّم في أكناف حلوان

لا زال بغضي ينمّى في صدوركم ،

إن كان ذلك من حيّ لزبّان

وحلوان أيضا : بليدة بقوهستان نيسابور ، وهي آخر حدود خراسان مما يلي أصبهان.

حُلْوَة : بالضم ثم السكون ، وفتح الواو : ماء بأسفل الثلبوت لبني نعامة ، وذلك حيث يدفع الثلبوت في الرّمّة على الطريق. وحلوة أيضا : بئر بين سميراء والحاجر على سبعة أميال من العباسية ، عذبة الماء ، ورشاؤها عشرة أذرع ، ثم الحاجر والحامضة تناوحها.

وعين حلوة : بوادي الستار ، عن الأزهري.

وحلوة أيضا : موضع بمصر نزل فيه عمرو بن العاص أيام الفتوح.

الحِلَّةُ : بالكسر ثم التشديد ، وهو في اللغة القوم النزول وفيهم كثرة ، قال الأعشى :

لقد كان في شيبان ، لو كنت عالما ،

قباب وحيّ حلّة وذراهم

والحلة أيضا : شجرة شاكة أصغر من العوسج ، قال :

يأكل من خصب سيال وسلم

وحلّة لمّا يوطّئها النعم

والحلة : علم لعدة مواضع ، وأشهرها حلة بني مزيد : مدينة كبيرة بين الكوفة وبغداد كانت تسمّى الجامعين ، طولها سبع وستون درجة وسدس ، وعرضها اثنتان وثلاثون درجة ، تعديل نهارها خمس عشرة درجة ، وأطول نهارها أربع عشرة ساعة وربع ، وكان أول من عمرها ونزلها سيف الدولة صدقة بن منصور بن دبيس بن علي بن مزيد الأسدي ، وكانت منازل آبائه الدور من النيل ، فلما قوي أمره واشتد أزره وكثرت أمواله لاشتغال الملوك السلجوقية بركياروق ومحمد وسنجر أولاد ملك شاه بن ألب أرسلان بما تواتر بينهم من الحروب انتقل إلى الجامعين موضع في غربي الفرات ليبعد عن الطالب ، وذلك في محرم سنة ٤٩٥ ، وكانت أجمة تأوي إليها السباع فنزل بها بأهله وعساكره وبنى بها المساكن الجليلة والدور الفاخرة وتأنق أصحابه في مثل ذلك فصارت ملجأ ، وقد قصدها التجار فصارت أفخر بلاد العراق وأحسنها مدة حياة سيف الدولة ، فلما قتل بقيت على عمارتها ، فهي اليوم قصبة تلك الكورة ، وللشعراء فيها أشعار كثيرة ، منها قول إبراهيم بن عثمان الغزّيّ وكان قدمها فلم يحمدها:

أنا في الحلة ، الغداة ، كأني

علويّ في قبضة الحجّاج


بين عرب لا يعرفون كلاما ،

طبعهم خارج عن المنهاج

وصدور لا يشرحون صدورا ،

شغلتهم عنها صدور الدّجاج

والمليك الذي يخاطبه النا

س بسيف ماض وفخر وتاج

ما له ناصح ، ولا يعلم الغي

ب ، وقد طال في مقامي لجاجي

قصة ما وجدت غير ابن فخر ال

دين طبّا لها لطيف العلاج

وإذا سلّطت صروف الليالي

كسرت صخر تدمر كالزجاج

والحلّة أيضا : حلّة بني قيلة بشارع ميسان بين واسط والبصرة. والحلة أيضا : حلة بني دبيس بن عفيف الأسدي قرب الحويزة من ميسان بين واسط والبصرة ، والأهواز في موضع آخر.

الحَلَّةُ : بالفتح ، وهو في اللغة المرة الواحدة من الحلول : وهو اسم قفّ من الشّريف بناحية أضاخ بين ضرية واليمامة ، وفي شعر عويف القوافي حلة الشّوك. والحلة أيضا : قرية مشهورة في طرف دجيل بغداد من ناحية البرّية ، بينها وبين بغداد ثلاثة فراسخ ، تنزلها القفول.

حِلّيتُ : بالكسر ، وتشديد ثانيه وكسره أيضا ، وياء ساكنة ، وتاء فوقها نقطتان ، يجوز أن يكون من حلتّ الصوف عن الشاة إذا أنزلته ، وهذا من أبنية الملازمة للتكثير نحو سكّير وشرّيب وخمّير لتكثير السّكر والشرب ومدمن الخمر ، قال الأصمعي : حلّيت بوزن خرّيت معدن وقرية ، وقال نصر : حلّيت جبال من أخيلة حمى ضرية عظيمة كثيرة القنان ، كان فيه معدن ذهب ، وهو من ديار بني كلاب ، وقال أبو زياد : حلّيت ماء بالحمى للضباب ، وبحليت معدن حليت ، كذا في كتابه ، وقال الراعي :

بحلّيت أقوت منهم وتبدّلت

ويروى : بحلية.

حُلَيْتٌ : بالتصغير ، والحلت : لزوم ظهر الخيل ، قال الأصمعي في قول أبي ضبّ الهذلي :

هل لا علمت أبا إياس مشهدي

أيام أنت إلى الموالي تصخد

وأخذت بزّي واتّبعت عدوّكم ،

والقوم دونهم الحليت فأرثد

قال : لا يقال الحليت إلّا بالتصغير.

الحُلَيْسية : بالتصغير : ماء لبني الحليس قوم من بجيلة يجاورون بني سلول.

الحُلَيْفَات : بالتصغير : موضع ، عن عليّ بن عيسى بن حمزة بن وهّاس الحسني العلوي.

الحُلَيف : تصغير الحلف : موضع بنجد ، قال أبو زياد : يخرج عامل بني كلاب من المدينة فأول منزل يصدق عليه الأريكة ثم العناقة ثم مدعا ثم المصلوق ثم الرّنية ثم يرد الحليف لبني أبي بكر بن كلاب ثم الدّخول ثم الحصّاء ثم يرد الحوأب ثم سجى ثم الجديلة ثم ينصرف إلى المدينة ، ويصدق على الحليف بطونا من بطون أبي بكر بن عبد الله بن كلاب وسلول وعمرو ابن كلاب.

الحُلَيْفَةُ : بالتصغير أيضا ، والفاء ، ذو الحليفة : قرية بينها وبين المدينة ستة أميال أو سبعة ، ومنها ميقات أهل المدينة ، وهو من مياه جشم بينهم وبين بني


خفاجة من عقيل. وهو الحليفة أيضا الذي في حديث رافع بن خديج قال : كنا مع رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، بذي الحليفة من تهامة فأصبنا نهب غنم ، فهو موضع بين حاذة وذات عرق من أرض تهامة وليس بالمهد الذي قرب المدينة.

الحُلَيْقَةُ : مثل الذي قبله إلّا أنه بالقاف ، كأنه تصغير حلقة : موضع عند مدفع الملحاء ، وقال أبو زياد:من مياه بني العجلان الحليقة يردها طريق اليمامة إلى مكة وعليها نخل ، وهي من أرض القعاقع المذكورة في موضعها ، وقرأت بخط الأزدي بن المعلّى في شعر تميم بن أبي بن مقبل العجلاني وصيغته وجمعه :

إنّ الحليفة ماء لست قاربه

مع الثناء الذي خبّرت ياتيها

لا ليّن الله للمعروف حاضرها ،

ولا يزل مفلسا ما عاش باديها

قال : الحليفة ماء لا أقربه ولا أغتر بالثناء عليه ، فكتب في الموضعين بالفاء.

الحُلَيْلُ : تصغير حلّ : موضع في ديار بني سليم لهم فيه وقائع ، ذكره في أيام العرب.

حُلَيماتٌ : تصغير جمع حلمة الثدي : وهي أكمات ببطن فلج ، قال الزمخشري : حليمات أنقاء بالدّهناء ، وأنشد :

دعاني ابن أرض يبتغي الزاد ، بعد ما

ترامي حليمات به وأجارد

ومن ذات أصفاء سهوب كأنها

مزاحف هزلى ، بيتها متباعد

ويروى حلامات ، وقد تقدم ، وأنشد ابن الأعرابي يقول :

كأنّ أعناق الجمال البزل ،

بين حليمات وبين الجبل ،

من آخر الليل ، جذوع النخل

حَلِيمَةُ : بالفتح ثم الكسر ، قال العمراني : وهو موضع كانت فيه وقعة ، ومنه : ما يوم حليمة بسرّ ، وهذا غلط إنما حليمة اسم امرأة بنت الحارث الغساني نائب قيصر بدمشق ، وهو يوم سار فيه المنذر بن المنذر بعرب العراق إلى الحارث الأعرج الغسّاني وهو الأكبر ، وسار الحارث في عرب الشام فالتقوا بعين أباغ ، وهو من أشهر أيام العرب ، فيقال : إن الغبار يوم حليمة سدّ عين الشمس فظهرت الكواكب المتباعدة من مطلع الشمس ، وقيل : بل كان الضجاعمة وهم عرب من قضاعة عمّالا للروم بالشام ، فلما خرجت غسان من مأرب ، كما ذكرناه في مأرب ، نزلت الشام ، وكانت الضجاعمة يأخذون من كل رجل دينارا ، فأتى العامل جذعا ، وهو رجل من غسان ، وطالبه بدينار فاستمهله فلم يفعل فقتله ، فثارت الحرب بين غسّان والضجاعم ، فضربت العرب جذعا مثلا وقالوا : خذ من جذع ما أعطاك ، وكان لرئيس غسّان ابنة جميلة يقال لها حليمة فأعطاها تورا فيه خلوق وقال لها : خلّقي به قومك ، فلما خلّقتهم تناوحوا وأجلوا الضجاعم وملكوا الشام ، فقالوا : ما يوم حليمة بسرّ ، وقيل : إن يوم حليمة هو اليوم الذي قتل فيه الحارث بن أبي شمر الغساني المنذر بن ماء السماء ، وجعلت حليمة بنت الحارث تخلّق قومها وتحرضهم على القتال فمرّ بها شابّ فلما خلّقته تناولها وقبلها فصاحت وشكت ذلك إلى أبويها فقالا لها : اسكتي فما في القوم أجلد منه حين اجترأ وفعل هذا بك ، فإما إن يبل غدا بلاء حسنا فأنت امرأته ، وإما إن يقتل فتنالي الذي تريدين منه ، فأبلى الفتى بلاء عظيما ورجع سالما فزوجوه حليمة ،


وقال النابغة :

تخيّرن من أزمان يوم حليمة

إلى اليوم قد جرّبن كلّ التجارب

حَلْيَة : بالفتح ثم السكون ، وياء خفيفة ، وهاء : مأسدة بناحية اليمن ، قال بعضهم :

كأنهم يخشون منك مدرّبا

بحلية ، مشبوح الذراعين مهزعا

وقيل : حلية واد بين أعيار وعليب يفرغ في السّرّين ، وقيل : هو من أرض اليمن ، وقيل : حلية موضع بنواحي الطائف ، وقال الزمخشري :

حلية واد بتهامة أعلاه لهذيل وأسفله لكنانة ، وقال أبو المنذر : ظعنت بجيلة وخثعم إلى جبال السراة فنزلوها وسكنوا فيها فنزلت قسر بن عبقر بن أنمار ابن أراش جبال حلية وأسالم وما صاقبها ، وأهلها يومئذ من العاربة الأولى يقال لهم بنو ثابر ، فأجلوهم عنها وحلّوا مساكنهم ثم قاتلوهم فغلبوهم على السراة ونفوهم وقاتلوا بعد ذلك خثعم فنفوهم عن بلادهم ، فقال سويد بن جدعة أحد بني أفصى بن نذير بن قسر :

ونحن أزحنا ثابرا عن بلادهم

بحلية أغناما ، ونحن أسودها

إذا سنة طالت وطال طوالها

وأقحط عنها القطر وابيضّ عودها

وجدنا سراة لا يحوّل ضيفنا ،

إذا خطّة تعيا بقوم نكيدها

ونحن نفينا خثعما عن بلادهم

تقتّل ، حتى عاد مولى سنيدها

فريقين : فرق باليمامة منهم ،

وفرق يخيف الخيل تترى حدودها

وحلية أيضا : حصن من حصون تعزّ في جبل صبر من أرض اليمن أيضا.

حُلَيَّةُ : بالضم ثم الفتح ، وياء مشددة : ماء بضريّة لغنيّ ، وعندها كان اجتماع غنيّ للخصومة في عين نفي ، قال أمية بن أبي عائذ الهذلي :

وكأنها ، وسط النساء ، غمامة

فرعت بريّقها نشيء نشاص

أو مغزل بالخلّ ، أو بحليّة ،

تقر والسلام بشادن مخماص

وأنشد أبو عمرو الشيباني في نوادره :

فقلت اسقياني من حليّة شربة

بحسي سقته ، حين سال سجالها

وسلّم على الأظبي الأوالف بطنها ،

وعبريها أجنى لهنّ وضالها

أجنى أي أثمر ، والعبريّ : العظام من السّدر.

حَلْيٌ : بالفتح ثم السكون ، بوزن ظبي ، قال عمارة اليمني : حلي مدينة باليمن على ساحل البحر ، بينها وبين السّرين يوم واحد ، وبينها وبين مكة ثمانية أيام ، وهي حلية المقدّم ذكرها ، قال أعرابيّ :

خليليّ حبّي سدر حلية موردي

حياض المنايا ، أو مقيدي الأعاديا

خليليّ ، إن أسعدتما ، فهممتما

بأنّى ظلال السّدر فاستتبعانيا

فو الله ما أحببت سدرا ببلدة

من الأرض ، حتى سدر حلي اليمانيا

باب الحاء والميم وما يليهما

الحما : مقصور ، ذكر في آخر هذا الباب لأنه يكتب بالياء.


حَماتا : بالفتح ، وبين الألفين تاء فوقها نقطتان : موضع في قول النابغة :

كأنّ التاج معقود عليه

بأغنام ، أخذن بذي أبان

وأعيار صوادر عن حماتا

لبين الكفر ، والبرق الدواني

الحَماتان : موضع بنواحي المدينة ، قال كثيّر :

وقد حال من حزم الحماتين دونهم ،

وأعرض من وادي بليد شجون

الحَمَادَةُ : بالفتح ، والدال : ناحية باليمامة لبني عدي ابن عبد مناة ، عن محمد بن إدريس بن أبي حفصة.

حِمارُ : بلفظ الحمار من الدوابّ : واد باليمن.

حَمَّار : بالفتح ، وتشديد الميم ، بوزن عطّار : موضع بالجزيرة.

الحِمَارَةُ : تأنيث الحمار من الدوابّ : حرّة في بلادهم.

حَماساء : بالفتح ، والمد : موضع ، واشتقاقه بعده.

حِماسُ : بالكسر ، جمع حميس ، وهو المكان الصّلب : وهو موضع.

حَماطانُ : بالفتح : جبل من الرمل من جبال الدّهناء ، قال :

يا دار سلمى في حماطان أسلمي

وحماطان : موضع فيما قيل.

حَماطُ : بالفتح ، وهو في اللغة شجر غليظ على البادية ، قال :

كأمثال العصيّ من الحماط

قال أبو منصور : حماط موضع ذكره ذو الرّمة فقال :

فلما لحقنا بالحمول ، وقد علت

حماط ، وحرباء الضّحى متشاوس

وفي كتاب هذيل : خرجت غازية من بني قريم من هذيل يريدون فهما حتى أصبحوا على ماء يقال له ذو حماط من صدر اللّيث ، وخرجت غازية من فهم يريدون بني صاهلة حتى طلعوا بذي حماط ، فالتقاهم بنو قريم وهم رهط تأبّط شرّا بنو عدي فقتلتهم بنو قريم فلم يبق منهم غير رجل واحد أعجز عريانا ، فقال سلمى بن المقعد القرمي :

فأفلت منّا العلقميّ تزحّفا ،

وقد خفقت بالظهر واللّمّة اليد

جريضا ، وقد ألقى الرّداء وراءه ،

وقد ندر السيف الذي يتقلّد

بطعن وضرب واعتناق ، كأنما

يلفّهم بين الحمائط أبرد

الحماط : شجر ، وجمعه حمائط.

حَماكُ : بالفتح ، والتخفيف ، وآخره كاف : حصن لبني زبيد باليمن.

حَمَّالُ : بالفتح ، وتشديد الميم ، وألف ، ولام : جبل في ديار بني كلاب من يناصيب.

حُمام : بالضم ، والتخفيف ، والحمام في اللغة حمّى الإبل ، قال نصر : ذات الحمام موضع بين مكة والمدينة. والحمام أيضا : ماء في ديار قشير قرب اليمامة. والحمام : ماء جاهليّ بضريّة. وغميس الحمام مضاف إلى الحمام الطير المعروف : وهو من مرّ بين ملل وصخيرات اليمام ، اجتاز به رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، يوم بدر. وحمام : موضع بالبحرين قطعه ثور بن عزرة القشيري. والحمام :


صنم في بني هند بن حرام بن ضنّة بن عبد بن كبير ابن عذرة ، سمع منه صوت بظهور الإسلام.

حَمامٌ : بالفتح ، وتخفيف الميم : موضع في قول جرير :

عفا ذو حمام بعدنا وحفير ،

وبالسرّ مبدّى منهم ومصير

حَمَّامُ أعْيَنَ : بتشديد الميم : بالكوفة ، ذكره في الأخبار مشهور ، منسوب إلى أعين مولى سعد ابن أبي وقاص.

حَمَّامُ بَلْج : بفتح الباء الموحدة ، وسكون اللام ، وجيم : بالبصرة ، مرّ ذكره في بلج.

حَمَّامُ سَعد : موضع في طريق الحاجّ بالكوفة.

حَمَّامُ عليٍّ : باصطلاح أهل الموصل : وهي بين الموصل وجهينة قرب عين القار غربي دجلة ، وهي عين ماؤها حارّ كبريتيّ ، يقول أهل الموصل إن بها منافع ، والله أعلم.

حَمَّام فِيلٍ : بكسر الفاء ، وياء ساكنة ، ولام : بالبصرة ، نسب إلى فيل مولى زياد ابن أبيه وكان حاجبه ، وكان أهل البصرة يضربون المثل بحمّامه ، وركب فيل يوما ومعه أبو الأسود الدؤلي وكان فيل على برذون هملاج ، فقال :

لعمر أبيك ما حمّام كسرى

على الثّلثين من حمّام فيل

فقال أبو الأسود :

ولا إرقاصنا ، خلف الموالي ،

بسنّتنا على عهد الرسول

وقال يزيد بن مفرّغ لطلحة الطلحات :

تمنّيني ، طليحة ، ألف ألف ،

لقد منّيتني أملا بعيدا

فلست لماجد حرّ ، ولكن

لسمراء التي تلد العبيدا

ولو أدخلت في حمّام فيل ،

وألبست المطارف والبرودا

حَمَّام مِنْجاب : بكسر الميم : بالبصرة ، ينسب إلى منجاب بن راشد الضبي ، قرأت بخط ابن برد الخيّار الصولي قال ابن سيرين : مرّت امرأة برجل فقالت : يا رجل كيف الطريق إلى حمّام منجاب؟ فقال : ههنا ، وأرشدها إلى خربة ثم قام في أثرها وراودها عن نفسها فأبت ، فلم يلبث الرجل أن حضرته الوفاة فقيل له : قل لا إله إلّا الله ، فأنشأ يقول :

يا ربّ قائلة يوما وقد لغبت :

كيف الطريق إلى حمّام منجاب؟

ذاتُ الحَمَّام : بلد بين الإسكندرية وإفريقية ، له ذكر في الفتوح ، وهو إلى إفريقية أقرب.

حَمامَةُ : بالفتح ، واحد الحمام من الطيور : ماء لبني سليم من جانب اللعباء القبلي ، قال ابن السكيت ذلك في تفسير قول كثير عزّة :

مولّية أيسارها قطر الحمى ،

تواعدن شربا من حمامة معلما

وإيّاه عنى فيما أحسب حاجب بن ذبيان المازني مازن ابن عمرو بن تميم بقوله :

هل رام نهي حمامتين مكانه ،

أم هل تغيّر بعدنا الأحفار؟

يا ليت شعري غير منية باطل ،

والدهر فيه عواطف أطوار

هل ترسمنّ بي المطيّة بعد ما

يحدي القطين ، وترفع الأخدار؟


وقيل : حمامة ماء لبني سعد بن زيد مناة بن تميم بالعرمة ، وينشد قول جرير :

أمّا الفؤاد ، فلا يزال موكلا

بهوى حمامة ، أو بريّا العاقر

والمشهور بهوى جمانة ، وقد تقدم.

حِمَّانُ : بالكسر ، وتشديد الميم ، وألف ، ونون : محلّة بالبصرة سميت بالقبيلة ، وهم بنو حمّان بن سعد بن زيد مناة بن تميم ، واسم حمّان عبد العزّى ، وقد سكن هذه المحلّة من نسب إليها وإن لم يكن من القبيلة.

حَماةُ : بالفتح ، بلفظ حماة المرأة ، وهي أمّ زوجها لا لغة فيه غير هذه ، وكلّ شيء من قبل الزوج نحو الأب والأخ فهم الأحماء ، واحدهم حما ، وفيه أربع لغات : حما مثل قفا ، وحمو مثل أبو ، وحمء ، ساكنة الميم بعدها همزة ، وحم ، بغير همزة. وحماة أيضا : عصبة الساق. وحماة : مدينة كبيرة عظيمة كثيرة الخيرات رخيصة الأسعار واسعة الرّقعة حفلة الأسواق ، يحيط بها سور محكم ، وبظاهر السور حاضر كبير جدّا ، فيه أسواق كثيرة وجامع مفرد مشرف على نهرها المعروف بالعاصي ، عليه عدة نواعير تستقي الماء من العاصي فتسقي بساتينها وتصبّ إلى بركة جامعها ، ويقال لهذا الحاضر السوق الأسفل لأنه منحط عن المدينة ، ويسمون المسوّر السوق الأعلى ، وفي طرف المدينة قلعة عظيمة عجيبة في حصنها وإتقان عمارتها وحفر خندقها نحو مائة ذراع وأكثر للملك المنصور محمد بن تقي الدين عمر بن شاهنشاه بن أيوب ، وهي مدينة قديمة جاهلية ، ذكرها امرؤ القيس في شعره فقال :

تقطّع أسباب اللّبانة والهوى ،

عشيّة جاوزنا حماة وشيزرا

بسير يضجّ العود منه ، يمنّه

أخو الجهد ، لا يلوي على من تعذّرا

إلا أنها لم تكن قديما مثل ما هي اليوم من العظم بسلطان مفرد بل كانت من عمل حمص ، قال أحمد ابن الطيب فيما ذكره من البقاع التي شاهدها في مسيره من بغداد مع المعتضد إلى الطواحين فقال بعد ذكره حمص : وحماة قرية عليها سور حجارة وفيها بناء بالحجارة واسع والعاصي يجري أمامها ويسقي بساتينها ويدير نواعيرها ، وكان قوله هذا في سنة ٢٧١ فسماها قرية ، وقال المنجمون : طول حماة اثنتان وستون درجة وثلثان ، وعرضها خمس وثلاثون درجة وثلثان وربع ، وقال أحمد بن يحيى بن جابر : ولما افتتح أبو عبيدة حمص وفرغ في سنة ١٧ خلّف بها عبادة بن الصامت ومضى نحو حماة فتلقاه أهلها مذعنين فصالحهم على الجزية في رؤوسهم والخراج على أرضهم ومضى إلى شيزر ، فكان حالها حال حماة ، وقال عبد الرحمن بن المستخف يهجو الملك المنصور محمد بن تقي الدين صاحب حماة :

ما كان يصلح أن يكون محمد

بسوى حماة ، لقلّة في دينه

قد أشبهت منه الصفات : فهرّها

من جنسه ، وقرونها كقرونه

قرون حماة : قلّتان متقابلتان ، جبل يشرف عليها ونهرها العاصي ، وبين كلّ واحد من حماة وحمص والمعرّة وسلمية وبين صاحبه يوم ، وبينها وبين شيزر نصف يوم ، وبينها وبين دمشق خمسة أيام للقوافل ، وبينها وبين حلب أربعة أيام ، وقد نسب إليها جماعة من العلماء ، منهم : قاضي القضاة ببغداد أبو بكر محمد بن المظفّر بن بكران بن


عبد الصمد بن سلمان الحموي المعروف بالشامي ، وكان من صالحي القضاة ، تفقّه على القاضي أبي الطيب الطبري ، وكان لا يخاف في الله لومة لائم ، روى عن أبي القاسم بن بشران وأبي طالب بن غيلان وغيرهما ، روى عنه عبد الواحد بن المبارك وغيره ، ومولده بحماة سنة ٤٠٠ ، ومات ببغداد في شعبان سنة ٤٨٨.

الحَمائرُ : جمع حمار ، نحو شمال وشمائل وإفال وأفائل ، وهي حجارة تجعل حول الحوض تردّ الماء إذا طغى ، وأنشد ابن الأعرابي :

كأنما الشحط ، في أعلى حمائره ،

سبائب القرّ من ريط وكتّان

وهو علم لموضع ، كذا قيل.

الحَمَائمُ : قال الحفصي : ومن قلات العارض ، يعني عارض اليمامة المشهورة ، الحمائم والحجائز.

حَمَّتَا الثُّوَير والمُنتَضَى : تثنية الحمّة ، وستفسّر معانيها بعد هذا إن شاء الله ، والثّوير ، تصغير الثّور : وهما جبلان ، والثوير : أبيرق أبيض ، وهما لبني كعب بن عبد الله بن أبي بكر.

حَمْدَانُ : فعلان من الحمد ، قال العمراني : مدينة حواليها مائة وعشرون قرية.

حَمْرَاءُ الأَسد : الأسد أحد الأسد ، بالمد والإضافة : وهو موضع على ثمانية أميال من المدينة ، إليه انتهى رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، يوم أحد في طلب المشركين. والحمراء : اسم لمدينة لبلة بالأندلس ، وهي مدينة قديمة فيها آثار عجيبة ، وهي على نهر طنتس ، وبها عين الشّبّ وعين الزّاج. والحمراء أيضا : حصن من نواحي بيت المقدس. والحمراء أيضا : موضع بفسطاط مضر. والحمراء أيضا : من قرى مصر ، وتعرف بحمراء السّنبلّاوين ، بكسر السين المهملة ، وسكون النون ، وكسر الباء الموحدة ، وفتح الواو ، وياء ساكنة ، وكسر النون ، بلفظ التثنية : من كورة الشرقية. والحمراء أيضا ، وتعرف بالحمراء الشرقية وبحمراء شروين : من كورة الغربية.

والحمراء أيضا ، وتعرف بالحمراء الغربية : من كورة الغربية ، وإلى إحدى هذه ينسب إلياس بن الفرج بن ميمون الحمراوي ، روى عن يونس بن عبد الأعلى ، ومات سنة ٣٠٧. والحمراء أيضا : من قرى سنحان باليمن.

حُمْرَانْدِز : بالضم ثم السكون ، وراء ، وألف ونون ساكنين ، وكسر الدال المهملة ، وزاي ، معناه بالفارسية قلعة حمران : وهي بخراسان ، وذكرها في الفتوح ، فتحها عبد الله بن عامر بن كريز في سنة ٣١ عنوة.

حُمْرَانُ : بالضم أيضا ، قصر حمران : في البادية بين العقبة والقاع بقرب الجادّة ، يطؤه الحاج متياسرا قليلا ، قال ربيعة بن مقروم الضبي :

أمن آل هند عرفت الرّسوما ،

بحمران قصرا ، أبت أن تريما

تخال معارفها ، بعد ما

أتت سنتان عليها ، الوشوما

وقصر حمران أيضا : قرية قرب المعشوق في غربي سامرّاء ، بينها وبين تكريت مرحلة.

وحمران أيضا : ماء في ديار الرّباب ، كان مالك ابن الريب المازني ورفيق له يقال له أبو حردب يلصّان ويقطعان الطريق ، فاستعمل رجل من الأنصار عليهم فأخذ مالكا وأبا حردب ، وتخلّف مالك مع الأنصاري فأمر غلاما له فجعل يسوق مالكا ، فتغفّل مالك غلام الأنصاري فانتزع منه سيفه فقتله به ثم


شدّ على الأنصاري فقتله ثم هرب إلى البحرين ومنها إلى فارس فلم يزل مقيما بها إلى أن قدم سعيد بن عثمان ابن عفّان واليا على خراسان فاستصحبه ، وقال مالك :

سرت في دجى ليل ، فأصبح دونها

مفاوز حمران الشريف وغرّب

تطالع من وادي الكلاب كأنها ،

وقد أنجدت منه ، فريدة ربرب

عليّ دماء البدن ، إن لم تفارقي

أبا حردب يوما وأصحاب حردب

وحمران أيضا : موضع بالرّقة.

حِمِرٌّ : بكسرتين ، وتشديد الراء ، بوزن حبرّ وفلزّ : موضع بالبادية.

حِمِزَّانُ : بكسرتين ، وتشديد الزاي ، وألف ، ونون : قرية بنجران اليمن.

حَمْزَةُ : بالفتح ثم السكون ، وزاي : مدينة بالمغرب ، قال البكري : الطريق من أشير إلى مرسى الدجاج ، تخرج من مدينة أشير إلى شعبة ، وهي قرية ، ومنها إلى مضيق بين جبلين ثم تفضي إلى فحص أفيح ، تجمع فيه عروق العاقر قرحا ومن هذا الموضع تحمل إلى الآفاق ، وهناك مدينة تسمّى حمزة نزلها وبناها حمزة بن الحسن بن سليمان بن الحسين بن عليّ بن الحسن ابن عليّ بن أبي طالب وأبوه الحسن بن سليمان هو الذي دخل المغرب ، وكان له من البنين حمزة هذا وعبد الله وإبراهيم وأحمد ومحمد والقاسم وكلّهم أعقب هناك ، وتسير من حمزة إلى بلياس ، وهي في جبل عظيم ، ومن بلياس إلى مرسى الدجاج ، ينسب إليها أبو القاسم عبد الملك بن عبد الله بن داود الحمزي المغربي ، كان فقيها صالحا ، سمع ببغداد أبا نصر الزّينبي ، وبالبصرة أبا عليّ التّستري ، روى عنه أبو القاسم الدمشقي وقال : توفي سنة ٥٢٧. وسوق حمزة : بلد آخر بالمغرب ، وهي مدينة عليها سور ينزلها صنهاجة ، منسوبة أيضا إلى حمزة بن حسن بن سليمان ، وهي أقرب من الأولى.

حِمْصُ : بالكسر ثم السكون ، والصاد مهملة : بلد مشهور قديم كبير مسوّر ، وفي طرفه القبلي قلعة حصينة على تلّ عال كبيرة ، وهي بين دمشق وحلب في نصف الطريق ، يذكر ويؤنث ، بناه رجل يقال له حمص بن المهر بن جان بن مكنف ، وقيل : حمص بن مكنف العمليقي ، وقال أهل الاشتقاق : حمص الجرح يحمص حموصا وانحمص ينحمص انحماصا إذا ذهب ورمه ، وقال أبو عون في زيجه : طول حمص إحدى وستون درجة ، وعرضها ثلاث وثلاثون درجة وثلثان ، وهي في الإقليم الرابع ، وفي كتاب الملحمة : مدينة حمص طولها تسع وستون درجة ، وعرضها أربع وثلاثون درجة وخمس وأربعون دقيقة ، من الإقليم الرابع ، ارتفاعها ثمان وسبعون درجة ، تحت ثماني درج من السرطان ، يقابلها مثلها من الجدي ، بيت ملكها مثلها من الحمل ، بيت عاقبتها مثلها من الميزان ، قال أهل السير : حمص بناها اليونانيون وزيتون فلسطين من غرسهم.

وأما فتحها فذكر أبو المنذر عن أبي مخنف أن أبا عبيدة ابن الجرّاح لما فرغ من دمشق قدم أمامه خالد بن الوليد وملحان بن زيّار الطائي ثم اتبعهما فلما توافوا بحمص قاتلهم أهلها ثم لجؤوا إلى المدينة وطلبوا الأمان والصلح ، فصالحوه على مائة ألف وسبعين ألف دينار ، وقال الواقدي وغيره : بينما المسلمون على أبواب دمشق إذ أقبلت خيل للعدوّ كثيفة فخرج إليهم جماعة من المسلمين فلقوهم بين بيت لهيا والثنيّة فولّوا منهزمين


نحو حمص على طريق قارا حتى وافوا حمص وكانوا متخوفين لهرب هرقل عنهم فأعطوا ما بأيديهم وطلبوا الأمان ، فأمنهم المسلمون فأخرجوا لهم النّزل فأقاموا على الأرنط ، وهو النهر المسمى بالعاصي ، وكان على المسلمين السّمط بن الأسود الكندي ، فلما فرغ أبو عبيدة من أمر دمشق استخلف عليها يزيد بن أبي سفيان ثم قدم حمص على طريق بعلبكّ فنزل بباب الرّستن فصالحه أهل حمص على أن أمنهم على أنفسهم وأموالهم وسور مدينتهم وكنائسهم وأرحائهم واستثنى عليهم ربع كنيسة يوحنا للمسجد واشترط الخراج على من أقام منهم ، وقيل : بل السمط صالحهم فلما قدم أبو عبيدة أمضى الصلح ، وإن السمط قسم حمص خططا بين المسلمين وسكنوها في كل موضع جلا أهله أو ساحة متروكة ، وقال أبو مخنف : أول راية وافت للعرب حمص ونزلت حول مدينتها راية ميسرة بن مسرور العبسي ، وأول مولود ولد في الإسلام بحمص أدهم بن محرز ، وكان أدهم يقول : إن أمّه شهدت صفين وقاتلت مع معاوية وطلبت دم عثمان ، رضي الله عنه ، وما أحبّ أن لي بذلك حمر النّعم ، قالوا : ومن عجائب حمص صورة على باب مسجدها إلى جانب البيعة على حجر أبيض أعلاه صورة إنسان وأسفله صورة العقرب ، إذ أخذ من طين أرضها وختم على تلك الصورة نفع من لدغ العقرب منفعة بينة ، وهو أن يشرب الملسوع منه بماء فيبرأ لوقته ، وقال عبد الرحمن :

خليليّ ، إن حانت بحمص منيّتي ،

فلا تدفناني وارفعاني إلى نجد

ومرّا على أهل الجناب بأعظمي ،

وإن لم يكن أهل الجناب على القصد

وإن أنتما لم ترفعاني ، فسلّما

على صارة فالقور فالأبلق الفرد

لكيما أرى البرق الذي أومضت له

ذرى المزن ، علويّا ، وما ذا لنا يبدي

وبحمص من المزارات والمشاهد مشهد علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه ، فيه عمود فيه موضع إصبعه ، رآه بعضهم في المنام ، وبها دار خالد بن الوليد ، رضي الله عنه ، وقبره فيما يقال ، وبعضهم يقول إنه مات بالمدينة ودفن بها وهو الأصحّ ، وعند قبر خالد قبر عياض بن غنم القرشي ، رضي الله عنه ، الذي فتح بلاد الجزيرة ، وفيه قبر زوجة خالد بن الوليد وقبر ابنه عبد الرحمن ، وقيل : بها قبر عبيد الله بن عمر بن الخطاب ، والصحيح أن عبيد الله قتل بصفين ، فإن كان نقلت جثته إلى حمص فالله أعلم ، ويقال : إن خالد بن الوليد مات بقرية على نحو ميل من حمص ، وإن هذا الذي يزار بحمص إنما هو قبر خالد بن يزيد ابن معاوية ، وهو الذي بنى القصر بحمص ، وآثار هذا القصر في غربي الطريق باقية ، وبحمص قبر سفينة مولى رسول الله ، واسم سفينة مهران ، وبها قبر قنبر مولى عليّ بن أبي طالب ، رضي الله عنه ، ويقال : إن قنبر قتله الحجاج وقتل ابنه وقتل ميثما التّمّار بالكوفة ، وبها قبور لأولاد جعفر بن أبي طالب ، وهو جعفر الطّيّار ، وبها مقام كعب الأحبار ومشهد لأبي الدّرداء وأبي ذرّ ، وبها قبر يونان والحارث بن عطيف الكندي وخالد الأزرق الغاضري والحجاج بن عامر وكعب وغيرهم ، وينسب إليها جماعة من العلماء ، ومن أعيانهم : محمد بن عوف ابن سفيان أبو جعفر الطائي الحمصي الحافظ ، قال الإمام أبو القاسم الدمشقي : قدم دمشق فى سنة ٢١٧ وروى


عن أبيه وعن محمد بن يوسف القبرياني وأحمد بن يونس وآدم بن أبي إياس وأبي المغيرة الحمصي وعبد السلام ابن عبد الحميد السّكوني وعليّ بن قادم وخلق كثير من هذه الطبقة ، وروى عنه أبو زرعة وأبو حاتم الرزاياني وأبو داود السجستاني وابنه أبو بكر وعبد الرحمن بن أبي حاتم ويحيى بن محمد بن صاعد وأبو زرعة الدمشقي وخلق كثير من هذه الطبقة ، قال عبد الصمد بن سعيد القاضي : سمعت محمد بن عوف بن سفيان يقول : كنت ألعب في الكنيسة بالكرة وأنا حدث فدخلت الكرة المسجد حتى وقعت بالقرب من المعافى بن عمران فدخلت لآخذها فقال لي : يا فتى ابن من أنت؟ قلت : أنا ابن عوف ، قال : ابن سفيان؟ قلت : نعم ، فقال : أما إنّ أباك كان من إخواننا وكان ممن يكتب معنا الحديث والعلم والذي يشبهك أن تتبع ما كان عليه والدك ، فصرت إلى أمي فأخبرتها فقالت : صدق يا بنيّ هو صديق لأبيك ، فألبستني ثوبا من ثيابه وإزارا من أزره ثم جئت إلى المعافى ابن عمران ومعي محبرة وورق فقال لي : اكتب حدثنا إسماعيل بن عبد ربه بن سليمان ، قال : كتبت إليّ أم الدرداء في لوحي فيما تعلمني اطلبوا العلم صغارا تعلموه كبارا ، قال : فإن لكل حاصد ما زرع خيرا كان أو شرّا ، فكان أول حديث سمعته ، وذكر عند يحيى بن معين حديث من حديث الشام فردّه وقال : ليس هو كذا ، قال : فقال له رجل في الحلقة : يا أبا زكرياء إن ابن عوف يذكره كما ذكرناه ، قال : فإن كان ابن عوف ذكره فإن ابن عوف أعرف بحديث بلده ، وذكر ابن عوف عند عبد الله بن أحمد بن حنبل في سنة ٢٧٣ فقال : ما كان بالشام منذ أربعين سنة مثل محمد بن عوف ، ذكر ابن قانع أنه توفي سنة ٢٦٩ ، وقال ابن المنادي : مات في وسط سنة ٢٧٢ ، ومحمد بن عبيد الله بن الفضل يعرف بابن أبي الفضل أبو الحسن الكلاعي الحمصي ، حدث عن مصيفي وجماعة كثيرة من طبقته ، وروى عنه القاضي أبو بكر الميانجي وأبو حاتم محمد ابن حبّان البستي وجماعة كثيرة من طبقتهما ، وكان من الزّهاد ، ومات في أول يوم رمضان سنة ٣٠٩ ، ومات ابنه أبو علي الحسن لعشر خلون من شهر ربيع الأول سنة ٣٥١.

ومن عجيب ما تأمّلته من أمر حمص فساد هوائها وتربتها اللذين يفسدان العقل حتى يضرب بحماقتهم المثل ، إنّ أشدّ الناس على علي ، رضي الله عنه ، بصفين مع معاوية كان أهل حمص وأكثرهم تحريضا عليه وجدّا في حربه ، فلما انقضت تلك الحروب ومضى ذلك الزمان صاروا من غلاة الشيعة حتى إن في أهلها كثيرا ممن رأى مذهب النّصيرية وأصلهم الإمامية الذين يسبون السلف ، فقد التزموا الضلال أولا وأخيرا فليس لهم زمان كانوا فيه على الصواب.

وحِمْصُ أَيضاً : بالأندلس ، وهم يسمون مدينة إشبيلية حمص ، وذلك أن بني أمية لما حصلوا بالأندلس وملكوها سمّوا عدة مدن بها بأسماء مدن الشام ، وقال ابن بسّام : دخل جند من جنود حمص إلى الأندلس فسكنوا إشبيلية فسمّيت بهم ، وقال محمد بن عبدون يذكرها :

هل تذكر العهد الذي لم أنسه ،

ومودة مخدومة بصفاء

ومبيتنا في أرض حمص ، والحجى

قد حلّ عقد حباه بالصهباء

ودموع طلّ الليل تخلق أعينا

ترنو إلينا من عيون الماء


حِمِّصٌ : بكسرتين وتشديد الميم ، والصاد مهملة أيضا ، دار الحمّص : بمصر عند المربغة ، ينسب إليها عبد الله بن منير الحمّصيّ المصري ، ذكره ابن يونس في تاريخ مصر وقال : كان يسكن دار الحمص التي عند المربغة فنسب إليها ، وهو مولى لبعض آل أبي غشيم مولى مسلمة بن مخلد الأنصاري ، كان موثقا عند القضاة.

حَمِصُ : بالفتح ثم الكسر والتخفيف ، والصاد مهملة : قرية قرب خلخال من أعمال الشار في طرف أذربيجان من جهة قزوين.

حَمْضٌ : بالفتح ثم السكون ، والضاد معجمة ، وهو في اللغة كل نبت فيه ملوحة ترعاه الإبل ، وادي حمض : قريب من اليمامة ، له ذكر في شعرهم.

حَمَضٌ : بفتحتين ، حمض وعريق بالتصغير : موضعان بين البصرة والبحرين ، وقال نصر : حمض منزل بين البصرة والبحرين في شرقي الدهناء ، وقيل : هو بين الدّوّ وسودة ، وهو منهل وقرية عليها نخيلات لبني مالك بن سعد ، قال الراجز :

يا ربّ بيضاء ، لها زوج حرض ،

حلّالة بين عريق وحمض ،

ترميك بالطرف كما ترمي الغرض

حَمِضة : بالفتح ثم الكسر : من قرى عثّر من أرض اليمن من جهة قبلتها.

حَمَضَى : بثلاث فتحات ، مقصور ، بوزن جمزى ، يوم حمضى : من أيام العرب ، وهو يوم قراقر.

الحَمْقَتان : قال سيف : عقد أبو بكر ، رضي الله عنه ، لخالد بن سعيد بن العاص وكان قدم من اليمن وترك عمله وبعثه إلى الحمقتين من مشارف الشام.

حُمْلانُ : موضع باليمن من أرض قدم المغرب ، قال الصّليحي يذكر خيلا :

حتى استوت رأس حملان عوائرها ،

يحملن ، من يعرب العرباء ، آسادا

حَمُلُ : بفتح أوله ، وضم ثانيه ، ولام : من قرى اليمن ثم من حازّة بني شهاب.

حَمَلٌ : بفتحتين ، بلفظ الحمل من الشاء ، قال أبو منصور : هو اسم جبل فيه جبلان يقال لهما طمرّان ، وأنشد للراجز :

كأنهما ، وقد تدلّى نسران ،

ضمّهما من حمل طمرّان

صعبان من شمائل وأيمان

وقال غيره : حمل في أرض بلقين بن جسر بالشام ، يذكر مع أعفر فيقال : حمل وأعفر ، وقال العمراني : حمل بالشام في شعر امرئ القيس ، ورواه السكري عن الكلبي بالجيم فقال :

تذكّرت أهلي الصالحين ، وقد أتت

على جمل منا الركاب وأعفرا(١)

وحمل أيضا : جبل قرب مكة عند نخلة اليمانية.

وحمل أيضا : اسم نقا من رمل عالج.

حُمُّ : بالضم ، الحمم في اللغة مصدر الأحمّ ، والجمع الحم ، وهو الأسود من كل شيء ، وبه سمّي هذا الموضع : وهي أجبل سود بنجد في ديار بني كلاب ، قال رجل منهم :

هل تعرف الدار عفت بالحم

قفرا كخط النقش بالقلم

لم يبق غير نؤيها الأثلم

حِمُّ : بالكسر : اسم واد في بلاد طيّء.

__________________

(١) في ديوان امرئ القيس : على خملى


حُمَمُ : بالضم ثم الفتح ، يوم ذي حمم : من أيام العرب.

حَمْنان : بالفتح ثم السكون ، ونونان بينهما ألف : موضع باليمن ، والحمنان : صقعان يمانيان ، ولا أدري حمنان الذي تقدم أحدهما أم غيره ، وواحد الحمنين حمن لا حمنا ، هكذا قال نصر.

حَمُّورِيَةُ : بالفتح ، وتشديد الميم وضمها : قرية بالغوطة من دمشق ، قال ابن منير :

سقاها ، وروّى من النّيربين

إلى الغيضتين وحمّوريه ،

إلى بيت لهيا إلى برزة ،

دلاح مكفكفة الأوعية

حَمَّةُ : بالفتح ثم التشديد ، قال ابن شميل : الحمّة حجارة سوداء تراها لازقة بالأرض ، تغور في الليلة والليلتين والثلاث ، والأرض تحت الحجارة تكون جلدا وسهولة ، والحجارة تكون متدانية ومتفرقة وتكون ملساء مثل الجمع ورؤوس الرجال ، والجمع الحمام ، وحجارتها منقلعة ولازمة بالأرض تنبت نبتا لذلك ليس بالقليل ولا الكثير ، والحمّة أيضا ما يبقى من الألية بعد الذّوب ، والحمّة العين الحارة يستشفي بها الأعلّاء والمرضى ، وفي الحديث : العالم كالحمّة تأتيها البعداء ويتركها القرباء ، فبينما هي كذلك إذ غار ماؤها وقد انتفع بها قوم وبقي أقوام يتفكنون أي يتندمون ، وفي بلاد العرب حمّات كثيرة ، منها : حمّة أكيمة في بلاد كلاب ، وحمّتا الثّوير لبني كلاب أيضا ، وحمّة البرقة ، وحمّة خنزر ، وحمة المنتضى ، وحمة الهودرى ، هذه الست في بلاد كلاب ، فأما حمة المنتضى فهي حمة فاردة ليس بقربها جبل ، قال الأصمعي : هي جبل صغير كأنه قطع من حرّة لبني كعب بن عبد الله بن أبي بكر بن كلاب ، وحمة الثّوير أبيرق ، وهذا كله في مصادر المضارعة ، وقال عبد العزيز بن زرارة بن جنّ بن عوف بن كعب بن أبي بكر بن كلاب :

ورحنا من الوعساء ، وعساء حمّة ،

لأجرد كنا قبله بنعيم

والحمة أيضا : جبل بين توز وسميراء عن يسار الطريق ، به قباب ومسجد. وحمة ماكسين : في ديار ربيعة ، قال نفيع بن صفّار :

فحمّة ماكسين ، إذا التقينا ،

وقد حمّ التوعّد والزّئير

والحمة أيضا : قرية في صعيد مصر. والحمة : مدينة بإفريقية من عمل قسطيلية من نواحي بلاد الجريد.

والحمة أيضا : قرية من أودية العلاة من أرض اليمامة.

والحمة أيضا : عين حارة بين إسعرت وجزيرة ابن عمر على دجلة ، تقصد من النواحي البعيدة يستشفى بمائها ، ولها موسم ، والحمة : الأسود من كل شيء ، والحمة : المنيّة ، وقال نصر : الحمة جبل أو واد بالحجاز.

حُمَّيَّان : بالضم ، وتشديد الميم وفتحها ، وياء مشدّدة : جبل من جبال سلمى على حافة وادي ركّ.

الحُمَيرَاءُ : تصغير حمراء : موضع من نواحي المدينة ذو نخل ، قال ابن هرمة :

ألا إنّ سلمى اليوم جذت قوى الحبل ،

وأرضت بنا الأعداء من غير ما دخل

كأن لم تجاورنا بأكناف مثعر

وأخزم ، أو خيف الحميراء ذي النخل

حِمْيَرُ : بالكسر ثم السكون ، وياء مفتوحة ، وراء ، قال ابن أبي الدمنة الهمذاني : حمير بن الغوث بن سعد


ابن عوف بن عدي بن مالك بن زيد بن سدد بن حمير بن سبأ الأصغر بن لهيعة بن حمير بن سبأ بن يشجب ، وهو حمير الأكبر ، وحمير الغوث هو حمير الأدنى ، ومنازلهم باليمن بموضع يقال له حمير غربيّ صنعاء ، وهم أهل غتمة ولكنة في الكلام الحميري ، قال : ولذلك يقول أهل صنعاء إذا أرادوا غتميّا من أغتام بادية صنعاء هو حميريّ ، يريدون من حمير بن الغوث ولا يريدون حمير الأكبر ولا حمير بن سبأ الأصغر ، وهم يعلمون أنّ فيهم الفصاحة والشعر ، وإلى حمير بن الغوث هذا ينسب أكثر هذه اللغة الحميرية.

الحِميَريُّونَ : محلة بظاهر دمشق على القنوات ، لها ذكر في خبر شبيب العقيلي الذي ذكره المتنبي في مدحه لكافور ، وقال الحافظ أبو القاسم الدّمشقي : جنادة بن قضاعة الضّبّي من أهل قرية الحميريّين ، حدّث عن سليمان بن داود الخولاني الدّاراني ، روى عنه عمرو بن أبي سلمة الدمشقي ، نزل تنّيس.

حَمْيضُ : بالفتح ثم السكون ، وياء ، والضاد معجمة : ماء لعائذة بن مالك بقاعة بني سعد.

حُمَيِّطٌ : بالضم ثم الفتح ، وياء مشددة مكسورة ، وهو تصغير الحماط ، وهو شجر كبار ينبت في بلادهم تألفه الحيّات ، قال :

كأمثال العصيّ من الحماط

وهو رملة بالدهناء ، قال ذو الرّمّة :

إلى مستوى الوعساء بين حميّط

وبين جبال الأشيمين الحوادر

أي المكتنزات ، وقد ذكر ذو الرّمة في شعره حماط لعله هذا وقد صغّره ، وقد مرّ.

الحُميْلِيَّةُ : مصغر منسوب : قرية من قرى نهر الملك من نواحي بغداد ، ينسب إليها منصور بن أحمد بن أبي العزّ بن سعد المقري الضرير الحميلي ، سمع دعوان ابن علي بن حمّاد الجبّائي وعلي بن عبد العزيز بن السّمّاك ، سمع منه ابن نقطة وقال : مات سنة ٦١٢.

الحُميْمَةُ : بلفظ تصغير الحمّة ، وقد مرّ تفسيرها : بلد من أرض الشراة من أعمال عمّان في أطراف الشام كان منزل بني العباس ، وأيضا قرية ببطن مرّ من نواحي مكة بين سروعة والبريراء فيها عين ونخل ، وفيها يقول محمد بن إبراهيم بن قربة العثري شاعر عصري أنشدني أبو الربيع سليمان بن عبد الله المكي المعروف بابن الريحاني بمصر قال : أنشدني محمد بن قربة لنفسه :

مرتعي ، من بلاد نخلة ، في الصي

ف بأكناف سولة والزّيمه

وإذا ما نجعت وادي مرّ

لربيع وردت ماء الحميمه

ربّ ليل سريت يمطرنا الما

ورد ، والنّدّ فيه يعقد غيمه

بين شمّ الأنوف زرّت عليهم

جالبات السرور أطناب خيمه

الحِمَى : بالكسر ، والقصر ، وأصله في اللغة الموضع فيه كلأ يحمى من الناس أن يرعوه أي يمنعونهم ، يقال : حميت الموضع إذا منعت منه ، وأحميته إذا جعلته حمى لا يقرب ، والحمى يمدّ ويقصر ، فمن مدّه جعله من حامى يحامي محاماة وحماء ، وقال الأصمعي : الحمى من حمى ثوبه ، وحجة من مده قولهم : نفسي لك الفداء والحماء ، ويكتب المقصور منه بالياء


والألف لأنه قد حكي في تثنيته حموان وهو شاذ ، وقال الأصمعي : الحمى حميان حمى ضريّة وحمى الرّبذة ، قال المؤلف : ووجدت أنا حمى فيد وحمى النير وحمى ذي الشرى وحمى النقيع ، فأما حمى ضرية فهو أشهرها وأسيرها ذكرا ، وهو كان حمى كليب بن وائل فيما زعم لي بعض أهل بادية طيّء ، قال : ذلك مشهور عندنا بالبادية يرويه كابرنا عن كابر ، قال : وفي ناحية منه قبر كليب معروف أيضا إلى اليوم ، وهو سهل الموطئ كثير الخلّة ، وأرضه صلبة ونباته مسمنة ، وبه كانت ترعى إبل الملوك ، وحمى الربذة أيضا أراده رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، بقوله : لنعم المنزل الحمى ، لو لا كثرة حيّاته ، وهو غليظ الموطئ كثير الحموض ، تطول عنه الأوبار وتنفتق الخواصر ويرهل اللحم ، وحمى فيد ، قال ثعلب : الحمى حمى فيد إذا كان في أشعار أسد وطئ ، فأما في أشعار كلب فهو حمى بلادهم قريب من المدينة بينها وبين عرب ، قال أعرابيّ :

سقى الله حيّا بين صارة والحمى ،

حمى فيد ، صوب المدجنات المواطر

أمين ، وردّ الله من كان منهم

إليهم ، ووقّاهم صروف المقادر

كأني طريف العين ، يوم تطالعت

بنا الرّمل سلّاف القلاص الضوامر

أقول لفقّام بن زيد : أما ترى

سنا البرق يبدو للعيون النواظر؟

فإن تبك للوجد الذي هيّج الجوى

أعنك ، وإن تصبر فلست بصابر

وحمى النّير ، بكسر النون ، وقد ذكر في موضعه ، قال الخطيم العكلي :

وهل أرين بين الحفيرة والحمى ،

حمى النير ، يوما ، أو بأكثبة الشعر

جميع بني عمرو الكرام وإخوتي ،

وذلك عصر قد مضى قبل ذا العصر

ويروى حمى بن عوى ، وكلاهما بالدّهناء. حمى الشّرى ذكر في الشرى. حمى النقيع ، بالنون ، ذكر في النقيع ، قال الشافعي ، رضي الله عنه ، في تفسير قول النبي ، صلى الله عليه وسلم : لا حمى إلا لله ولرسوله ، كان الشريف من العرب في الجاهلية إذا نزل بلدا في عشيرته استعوى كلبا لخاصّة به مدى عوائه فلم يرعه معه أحد وكان شريكا في سائر المرابع حوله ، قال : فنهى أن يحمى على الناس حمى كما كان في الجاهلية ، وقوله : إلا لله ولرسوله يقول إلا لخيل المرسلين وركابهم المرصدة للجهاد كما حمى عمر النقيع لنعم الصدقة والخيل المعدّة في سبيل الله ، وللعرب في الحمى أشعار كثيرة ما يعنون بها إلّا حمى ضرية ، قال أعرابيّ :

ومن كان لم يغرض ، فإني وناقتي

بنجد إلى أرض الحمى غرضان

أليفا هوى ، مثلان في سرّ بيننا ،

ولكننا في الجهر مختلفان

تحنّ فتبدي ما بها من صبابة ،

وأخفي الذي لو لا الأسى لقضاني

وقال أعرابيّ آخر :

ألا تسألان الله أن يسقي الحمى؟

بلى فسقى الله الحمى والمطاليا

فإني لأستسقي لثنتين بالحمى ،

ولو تملكان البحر ما سقتانيا


وأسأل من لاقيت : هل مطر الحمى؟

وهل يسألن أهل الحمى كيف حاليا؟

وقال أعرابيّ آخر :

خليليّ! ما في العيش عيب لو اننا

وجدنا لأيام الحمى من يعيدها

ليالي أثواب الصبا جدد لنا ،

فقد أنهجت هذي عليها جديدها

باب الحاء والنون وما يليهما

الحِنَّاءَتانِ : بالكسر ، وتشديد النون ، وألف ، وهمزة ، وتاء فوقها نقطتان ، وألف ، ونون ، تثنية الحنّاءة ، وهو الذي يختضب به ، يقال : حناء ، والحنّاءة أخص منه : وهما نقوان أحمران من رمل عالج شبها بالحناءة لحمرتهما.

الحِنَّاءَةُ : واحدة الذي قبله ، قال زياد بن منقذ :

يا ليت شعري عن جنبي مكشّحة ،

وحيث تبنى من الحنّاءة الأطم

عن الأشاءة ، هل زالت مخارمها ،

وهل تغيّر من آرامها إرم؟

ويروى الحماءة.

الحَنَابِجُ : بالفتح ، وبعد الألف باء موحدة ، وجيم ، قال أبو زياد وهو يذكر مياه غني بن أعصر فقال : ولهم الحبنج والحنبج والحنيبج ثلاثة أمواه ويقال لها الحنابج.

الحَناجِرُ : جمع حنجرة ، وهو الحلقوم ، قال الله تعالى : (إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَناجِرِ كاظِمِينَ) ، وهو بلد ، قال الشاعر :

ومدفع قفّ من جنوب الحناجر

حِناذِي الشَّرَى : بالكسر ، ويقال حمى ذي الشرى ، وذو الشرى : صنم لدوس وحماه حمى حموه ، وقد بسط القول فيه في ذكر الشرى.

الحناظِلُ : بالفتح ، والظاء معجمة ، كأنه مرتجل ، ذات الحناظل : موضع.

الحِناك : بالكسر ، وآخره كاف : من قرى ذمار باليمن.

حُناكُ : بالضم ، وآخره كاف أيضا : حصن كان بمعرّة النّعمان ، وكان حصنا مكينا خرّبه عبد الله بن طاهر في سنة ٢٠٩ فيما خرّب من حصون الشام لما عصى نصر بن شبث ، فلما ظفر به خرّب الحصون لئلا يطمع غيره في مثل فعله ، وشعراء المعرّة ، يكثرون من ذكره في غزلهم ، قال ابن أبي حصينة المعرّي :

وزمان لهو بالمعرّة مونق

بسيابها وبجانبي هرماسها

أيام قلت لذي المودّة : سقّني

من خندريس حناكها أو حاسها

وقال أبو المجد محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله ابن سليمان ، ومحمد بن عبد الله بن سليمان هو أخو أبي العلاء المعرّي :

يا مغاني الصّبا بباب حناك ،

لا بباب الغضا ووادي الأراك

لا تخطّتك غاديات الثّريّا ،

إن تعدّتك رائحات السّماك

أسلفتك الأيّام فيك سرورا ،

فاستردّ السرور ما قد عراك

وعزيز عليّ ان حكم الده

ر ، على رغم ناظري ، ببلاك


بك وجدي ، إذا النجوم استقلّت ،

لهمومي في كثرة واشتباك

الحَنانُ : بالفتح والتخفيف ، والحنان في اللغة الرحمة ، قال الزمخشري : الحنان كثيب كبير كالجبل ، وقال نصر : الحنّان ، بتشديد النون مع فتح أوله ، رمل بين مكة والمدينة قرب بدر ، وهو كثيب عظيم كالجبل ، قال ابن إسحاق في مسير النبي ، صلى الله عليه وسلم ، إلى بدر : فسلك على ثنايا يقال لها الأصافر ثم انحطّ منها إلى بلد يقال له الدّبّة وترك الحنّان يمينا ، وهو كثيب عظيم كالجبل ، ثم نزل قريبا من بدر ، فمعنى الحنّان ، بالتشديد ، إذا ذو الرحمة ، ويقال أيضا : طريق حنّان أي واضح ، وأبرق الحنّان ذكر في موضعه.

الحَنَّانَةُ : تأنيث المشدد قبله : هي ناحية من غربي الموصل ، فتحها عتبة بن فرقد صلحا.

حِنِّبا : بكسرتين وتشديد الثانية ، وباء موحدة ، مقصور ، عجمية : ناحية من نواحي راذان من سواد العراق في شرقي دجلة.

حَنْبَلُ : بالفتح ثم السكون ، وباء موحدة مفتوحة ، ولام ، وهو في اللغة الرجل القصير الضخم البطن ، والحنبل أيضا الفرو ، وحنبل : اسم روضة في بلاد بني تميم ، قال الفرزدق :

أعرفت بين رويّتين وحنبل

دمنا ، تلوح كأنها أسطار

لعب الرياح بكل منزلة لها ،

وملثّة غيثاتها مدرار

الحَنْبليُّ : منسوب ، قال الحفصي : عن يسار السّمينة لمن يريد مكة من البصرة الحنبليّ ، وهو منهل ، وأنشد :

قلت لصحبي والمطيّ رائح :

بالحنبليّ نسوة ملائح ،

بيض الوجوه خرّد صحائح

حَنْجَرٌ : بفتح الجيم : موضع بالجزيرة ، قال تميم بن الحباب أخو عمير بن الحباب السّلمي :

جزى الله خيرا قومنا من عشيرة ،

بني عامر ، لما استهلّوا بحنجر

هم خير من تحت السماء ، إذا بدت

خدام النّسا مسّته لم يتغير

في أبيات ذكرت في لبّى ، وفي كتاب نصر : حنجرة أرض بالجزيرة من أرض بني عامر ، وهي من الشام ثم من قنسرين ، سميت بذلك لتجمع القبائل واختصاصها بها ، ويقال بالخاء ، كذا قال بالجزيرة ثم قال بالشام.

حُنْدُرَةُ : بالضم ثم السكون ، وضم الدال المهملة ، وراء ، فالحندرة والحنديرة والحندورة كله الحدقة : وهي من قرى عسقلان ، ينسب إليها سلامة بن جعفر الرملي الحندري ، روى عن عبد الله بن هانئ النيسابوري ، روى عنه أبو القاسم الطبراني وأبو بكر محمد بن أحمد ، سمع محمد بن الحسين بن الترجمان.

حَنْدُوثا : بالفتح ثم السكون ، ودال مهملة مضمومة ، وواو ساكنة ، وثاء مثلثة ، مقصور : من قرى معرة النعمان ، ينسب إليها أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن أبي جعفر الحندوثاني ، قرأ على ابن خالويه كتاب الجمهرة لابن دريد ، ومحمد بن إسماعيل الحندوثاني أحد وجوه المعرة وأعيانها ، قبض عليه سيف الدولة ابن حمدان فيمن قبض عليه ممن عصى عليه من مقدمي المعرّة مع ابن الأهوازي فقال له : من أنت؟ فقال له : أنا عبدك محمد بن إسماعيل الحندوثاني ، فقال له


سيف الدولة : بلغا بلغا :

ذئب تراه مصليا ،

فإذا تمثل لي ركع

يدعو ، وجلّ دعائه :

ما للفريسة لا تقع؟

وذلك في قصة فيها طول.

الحُنْدورَةُ : بالضم ثم السكون ، وهي الحدقة في اللغة : وهي من مياه بني عقيل بنجد ، عن أبي زياد الكلابي.

حَنَذُ : بالتحريك ، والذال معجمة ، قال نصر : حنذ ماء لبني سليم ومزينة ، وهو المنصف بينهما بالحجاز ، وحنذ أيضا : قرية لأحيحة بن الجلاح من أعراض المدينة فيها نخل ، وأنشد ابن السكيت لأحيحة بن الجلاح يصف النخل فإنه بحذاء حنذ وإنه يتأبر منها دون أن يؤبر ، فقال :

تأبّري يا خيرة الفسيل ،

تأبّري من حنذ وشولي ،

إذ ضن أهل النخل بالفحول

حَنَشُ : بالتحريك ، والشين معجمة ، والحنش في اللغة ما أشبه رؤوسه رؤوس الحيات من الحرابيّ وسوامّ أبرص ونحوها ، وقيل الحنش الحية ، وقيل الأفعى ، وقيل الحنش دوابّ الأرض من الحيات وغيرها ، وقيل الحنش كل ما يصطاد من الطير والهوامّ ، يقال : حنشت الصيد أحنشه وأحنشه إذا صدته. وحنش : موضع.

حُنُصُ : بضمتين ، وصاد مهملة : من نواحي ذمار باليمن.

حَنْظَلةُ : واحدة الحنظل ، وقال أبو الفضل بن طاهر : درب حنظلة بالريّ ، ينسب إليه أبو حاتم محمد بن إدريس بن المنذر الحنظلي ، وابنه عبد الرحمن بن أبي حاتم ، وداره ومسجده في هذا الدرب رأيته ودخلته ، ثم ذكر بإسناد له ، قال عبد الرحمن بن أبي حاتم قال أبي : نحن من موالي تميم بن حنظلة بن غطفان ، قال المؤلف : وهذا وهم ولعله أراد حنظلة بن تميم ، وأما غطفان فإنه لا شك في أنه غلط لأن حنظلة هو حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم وليس في ولده من اسمه تميم ولا في ولد غطفان ابن سعد بن قيس بن عيلان من اسمه تميم بن حنظلة البتة على ما أجمع عليه النسابون إلا حنظلة بن رواحة ابن ربيعة بن مازن بن الحارث بن قطيعة بن عنس بن بغيض بن ريث بن غطفان ، وليس له ولد غير غطفان وليس في ولد غطفان من اسمه تميم ، والله أعلم ، وقد ذكرت خبر عبد الرحمن بن أبي حاتم ووفاته في الريّ.

الحَنْفاءُ : بالفتح ثم السكون ، والفاء ، والمد ، والحنف : ميل في صدر القدم ، والرّجل أحنف والقدم حنفاء : وهو ماء لبني معاوية بن عامر بن ربيعة ، قال الضحاك بن أبي عقيل :

أيا سدرتي وادي نخيل عليكما ،

وإن لم تزارا ، نضرة وسلام

يفيء حمام الواديين إليكما ،

وإن كان من سدر أعمّ ركام

وإني لأهوى ، من هوى بعض أهله ،

براما وأجراعا بهن برام

وأن أرد الماء الذي نضبت به

بسمراء ، من حرّ المقيظ ، صيام

ألمّا نسلّم أو نزر أرض واسط ،

فكيف بتسليم وأنت حرام؟


ألا حبّذا الحنفاء والحاضر الذي

به محضر ، من أهلها ، ومقام

أقام به قلبي ، وراحت مطيّتي

بأشلاء جسم ناعم ، وعظام

الحِنْوُ : بالكسر ثم السكون ، والواو معرّبة ، وهو في اللغة كل شيء فيه اعوجاج ، والجمع أحناء ، تقول : حنو الحجاج وحنو الأضلاع ، وكذلك في الأكاف والقتب والسّرج والجبال والأودية وكل منعرج فهو حنو. ويوم الحنو : من أيام العرب.

وحنو ذي قار وحنو قراقر واحد ، قال الأعشى يفتخر بيوم ذي قار :

فدى لبني ذهل بن شيبان ناقتي

وراكبها يوم اللقاء ، وقلّت

كفوا ، إذ أتى الهامرز يخفق فوقه

كظل العقاب إذ هوت فتدلت

أذاقوهم كأسا من الموت مرّة ،

وقد بذخت فرسانهم وأدلّت

فصبّحهم بالحنو ، حنو قراقر ،

وذي قارها منها الجنود ، ففلّت

على كل محبوك السراة كأنه

عقاب سرت من مرقب ، إذ تدلت

فجادت على الهامرز ، وسط بيوتهم ،

شآبيب موت أسبلت فاستهلّت

تناهت بنو الأحزاب ، إذ صبرت لهم

فوارس من شيبان غلب ، فولت

الحُنيبجُ : مصغر ، وآخره جيم : ماء لغني بن يعصر ، قال أبو منصور : الحنيبج الضخم الممتلئ من كل شيء ، ورمل حنيبج : سفح عظيم.

حَنِيذٌ : بالفتح ثم الكسر ، وياء ساكنة ، وذال معجمة ، قال ابن حمدويه : الحنيذ الماء المسخن ، وأنشد لابن ميادة :

إذا باكرته بالحنيذ غواسله

قال : والحنيذ من الشاء النضيج ، وهو أن تدسّه في النار ، وقال أبو منصور : وقد رأيت بوادي الستار من ديار بني سعد عين ماء عليه نخل زين عامر وقصور من قصور مياه العرب يقال لذلك الماء الحنيذ ، وكنا نشيله حارّا فإذا حقن في السقاء وعلّق في الهواء حتى تضربه الريح عذب وطاب.

الحُنيْظِلةُ : تصغير حنظلة : ماءة لبني سلول يردها حاج اليمامة ، وإياها عنى ابن أبي حفصة ، وكان نعت ما كان بين اليمامة ومكة ماء السلوليين ذات الحمات ، وفي كتاب الأصمعي : الحنيظلة في الطريق يأخذ عليها ، وهي لربيعة بن عبد الملك.

حَنيفٌ : بالفتح ثم الكسر ، قال أبو عمرو : الحنف الميل من خير إلى شر ، ومنه أخذ الحنيف ، وقال أبو زيد : الحنيف المستقيم. وحنيف : اسم واد.

حَنِينَاء : بالفتح ثم الكسر ، وياء ساكنة ، ونون أخرى ، وألف ممدودة ، قال ابن القطاع في كتاب الأبنية : موضع ، وقال غيره : دير حنيناء من أعمال دمشق ، وقال نصر : حنيناء ، ممدود ، من قرى قنسرين ، وقال أبو تمام حبيب بن أوس الطائي يمدح خالد بن يزيد بن مزيد وهو بقنسرين :

يقول أناس في حنيناء عاينوا

عمارة رحلي من طريف وتالد :

أصادفت كنزا أم صبحت بغارة

ذوي غرّة ، حاميهم غير شاهد؟


فقلت لهم : لا ذا ولا ذاك ديدني ،

ولكنني أقبلت من عند خالد

جذبت نداه ، ليلة السبت ، جذبة ،

فخرّ صريعا بين أيدي القصائد

حُنَينٌ : يجوز أن يكون تصغير الحنان ، وهو الرحمة ، تصغير ترخيم ، ويجوز أن يكون تصغير الحنّ ، وهو حيّ من الجن ، وقال السّهيلي : سمي بحنين بن قانية بن مهلائيل ، قال : وأظنه من العماليق ، حكاه عن أبي عبيد البكري ، وهو اليوم الذي ذكره جلّ وعز في كتابه الكريم : وهو قريب من مكة ، وقيل : هو واد قبل الطائف ، وقيل : واد بجنب ذي المجاز ، وقال الواقدي : بينه وبين مكة ثلاث ليال ، وقيل : بينه وبين مكة بضعة عشر ميلا ، وهو يذكر ويؤنث ، فإن قصدت به البلد ذكّرته وصرفته كقوله عزّ وجل : (وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ) ، وإن قصدت به البلدة والبقعة أنّثته ولم تصرفه كقول الشاعر :

نصروا نبيّهم وشدوا أزره

بحنين ، يوم تواكل الأبطال

وقال خديج بن العوجاء النصري :

ولما دنونا من حنين ومائه

رأينا سوادا منكر اللون أخصفا

بملمومة عمياء لو قذفوا بها

شماريخ من عروى ، إذا عاد صفصفا

ولو أنّ قومي طاوعتني سراتهم ،

إذا ما لقينا العارض المتكشّفا

إذا ما لقينا جند آل محمد

ثمانين ألفا ، واستمدوا بخندفا

كأنه تصغير حنّ عليه إذا أشفق ، وهي لغة في أحنى ، موضع عند مكة يذكر مع الولج ، وقال بشر بن أبي خازم :

لعمرك ما طلابك أمّ عمرو ،

ولا ذكراكها إلّا ولوع

أليس طلاب ما قد فات جهلا ،

وذكر المرء ما لا يستطيع؟

أجدّك ما تزال تحنّ همّا ،

وصحبي بين أرحلهم هجوع

وسائدهم مرافق يعملات ،

عليها دون أرجلها قطوع

الحَنِيُّ : بالفتح ثم الكسر ، وتشديد الياء : من الأماكن النجدية ، عن نصر ذكره مقترنا مع الذي بعده.

الحِنْيُ : بالكسر ثم السكون ، وياء معربة : موضع بين العراق والشام بالسماوة.

باب الحاء والواو وما يليهما

حَوَّاءُ : بلفظ حوّاء أمّ البشر ، والحوّة : حمرة تضرب إلى السواد ، والحوّة : سمرة الشّفة ، رجل أحوى وامرأة حوّاء ، ويقال لصاحب الحيات حواء عند من يقول إن اشتقاق الحية من حوّيت لأنها تتحوّى أي تتلوّى ، ومن قال أصله حيوة فيقول حائي على مثل فاعل ، ومنهم من يقول حاو على مثل فاعل أيضا ، قال أبو منصور : كل ذلك تقول العرب.

وحواء : ماء من نواحي اليمامة في جهة المغرب من الوشم ، وقيل : لضبة وعكل ، وقيل : حواء ماء ببطن السرّ قرب الشّريف بين اليمامة وضريّة ، ويقال لأضاخ حواء الذهاب ، قال عوف بن الجزع :

نقود الجياد بأرسانها ،

يضعن بوادي الرّشاء المهارا


تشقّ الأحزّة سلّافنا ،

كما شقّق الهاجريّ الديارا

شر بن بحوّاء من ناجر ،

وسرن ثلاثا ، فأين الجفارا (١)

وجلّلن دمخا دماغ العرو

س أدنت على حاجبيها الخمارا

فكادت فزارة تصلى بنا ،

فأولى فزارة أولى فزارا

الحَوْأَبُ : بالفتح ثم السكون ، وهمزة مفتوحة ، وباء موحدة ، وأصله في اللغة ، يقال : حافر حوأب وأب صعب ، والحوأبة : العلبة الضخمة ، والحوأب : الوادي الوسيع في هذه. والحوأب : موضع في طريق البصرة محاذي البقرة ماءة أيضا من مياههم ، قال أبو زياد : ومن مياه أبي بكر بن كلاب الحوأب ، وهو من المياه الأعداد وقديم جاهليّ ، وقال نصر : الحوأب من مياه العرب على طريق البصرة ، والحوأب والعناب والحزيز : جبال سود أظنها في ديار عوف ابن عبد بن أبي بكر بن كلاب أخي قريط بن عبد ، وقيل : سمي الحوأب بالحوأب بنت كلب بن وبرة ، وهي أم تميم وبكر المعروف بالشعيراء والغوث وهو الربيط ، وهو صوفة وثعلبة ، وهو ظاعنة وغيرهم من ولد مرّ بن أد بن طابخة ، وبالحوأب حصن لعبد العزيز بن زرارة الكلبي ، وقال أبو منصور : الحوأب موضع بئر نبحت كلابه على عائشة أم المؤمنين عند مقبلها إلى البصرة ، ثم أنشد :

ما هي إلّا شربة بالحوأب ،

فصعّدي من بعدها أو صوّبي

وفي الحديث : أن عائشة لما أرادت المضي إلى البصرة في وقعة الجمل مرّت بهذا الموضع فسمعت نباح الكلاب فقالت : ما هذا الموضع؟ فقيل لها : هذا موضع يقال له الحوأب ، فقالت : إنا لله ما أراني إلا صاحبة لقصة ، فقيل لها : وأيّ قصة؟ قالت : سمعت رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، يقول وعنده نساؤه : ليت شعري أيّتكنّ تنبحها كلاب الحوأب سائرة إلى الشرق في كتيبة! وهمّت بالرجوع فغالطوها وحلفوا لها أنه ليس بالحوأب ، وفي كتاب سيف : أن فلال يوم بزاخة الذين كانوا مع طليحة المتنبي أجمعت إلى ظفر وبها أم زمل سلمى بنت مالك ابن حذيفة بن بدر الفزارية ، وكانت عزيزة في أهلها مثل أمّها أم قرفة ، فنزلوا إليها فذمرتهم وأقرّتهم بالحرب ، وكانت أم زمل قد سبيت أيام أمّ قرفة فوهبت لعائشة فأعتقتها ، فكانت تكون عندها ، وقد كان النبي ، صلى الله عليه وسلم ، دخل عليهن فقال : إن إحداكن تستنبح كلاب أهل الحوأب ، ثم رجعت سلمى إلى قومها وارتدّت فيمن ارتدّ ، فلما رجع إليها الفلال طلبت بذلك الثأر فسيّرت ما بين ظفر والحوأب حتى تجمع لها خلق كثير من غطفان وهوازن وسليم وأسد وطئ ، فبلغ ذلك خالدا ، فسار إليها واقتتل الفريقان قتالا شديدا وهي راكبة على جمل أمها حتى اجتمع على الجمل أناس من المسلمين فعقروه وقتلوها وقتلوا حولها مائة رجل ، فكانوا يروون أنها التي عناها النبي ، صلى الله عليه وسلم.

والحوأب في أخبار الردّة : مخلاف بالطائف. والحوأب أيضا : جبل أسود تقدم ذكره.

حُوَارُ : الضم والكسر ، وتخفيف الواو ، وهو بالضم ولد الناقة ، ولا يزال حوارا حتى يفصل عن أمه ، فإذا فصل فهو الفصيل ، والحوار فيمن كسره المحاورة ، وهو مراجعة الكلام. وحوار : ناحية

__________________

(١) قوله : فأين الجفارا ، هكذا في الأصل.


من نواحي هجر ، ويقال لها حوارين أيضا كما نذكره بعد.

حَوَّارُ : بالفتح ، وتشديد الواو : كورة بحلب بين عزاز والجومة. وحوّار أيضا : من قرى منبج.

حُوَّارُ : بالضم ، وتشديد الواو ، وهو الأبيض ، ومنه الخبز الحوّارى. والحوّار والبشر : موضعان بالجزيرة ، عن أبي منصور ، وأنشد لابن أحمر :

لعبت بها هوج يمانية

فترى معارفها ، ولا تدري

إن تغد من عدن فأبنية ،

فمقيلها الحوّار والبشر

وذكر أحمد بن الطيب في رحلة المعتضد إلى الطواحين : حوّار جبل في غربي جيحان من ثغور الشام ، قال : سمّي بذلك لبياض تربتها ، وبذلك سمّي الدقيق الحوّارى ، وأخبرني من أثق به من أهل حلب أن الحوّار كورة كبيرة مدينتها البلاط ، وهي الآن خراب ، ويقولونه حوّار ، بفتح الحاء.

حَوَارَةُ : بالفتح ، وتخفيف الواو ، وراء ، وهاء : أرض في شعر الراعي رواية ثعلب مقروءة عليه :

سما لك من أسماء همّ مؤرّق ،

ومن أين ينتاب الخيال فيطرق؟

وأرحلها بالجوّ عند حوارة ،

بحيث يلاقي الآبدات العسلّق

العسلّق : الظليم.

حِوارِين : بضم أوله ويكسر ، وتخفيف الواو ، وكسر الراء ، وياء ساكنة ، ونون : بلدة بالبحرين افتتحها زياد فكان يقال له زياد حوارين ، وهو زياد ابن عمرو بن المنذر بن عصر وأخوه خلاس بن عمرو ، وكان فقيها من أصحاب عليّ ، رضي الله عنه ، قاله السمعاني ، وقال الحفصي : حوارين ، بلفظ التثنية وكسر أوله ، والجيّار قريتان بالبحرين ، كأنه ضم الجيّار إلى حوار وسماهما حوارين نحو قولهم القمران ، قال عمارة بن عقيل :

واسأل حوار غداة قتل محلّم ،

فليخبرنّك ، إن سألت ، حوار

عن عامر وبني جذيمة ، إذ هوى

للحين حدّ جذيمة العشّار

واختلفوا في قول الحارث بن حلّزة :

وهو الربّ والشهيد على يو

م الحوارين والبلاء بلاء

فروى ابن الأعرابي الحوارين بلفظ التثنية وكسر الحاء وروى غيره الحيارين بالياء ، قال : هما بلدان ، وقال آخرون : الحيارين ، بكسر الحاء والراء ، وهو يوم من أيام العرب مشهور.

حُوَّاريْن : بالضم ، وتشديد الواو ، ويختلف في الراء فمنهم من يكسرها ومنهم من يفتحها ، وياء ساكنة ، ونون ، وحوّارين : من قرى حلب معروفة ، وحوّارين : حصن من ناحية حمص ، قال بعضهم :

يا ليلة لي بحوّارين ساهرة ،

حتى تكلّم في الصبح العصافير

وقال أحمد بن جابر : مرّ خالد بن الوليد في مسيره من العراق إلى الشام بتدمر والقريتين ثم أتى حوّارين من سنير فأغار على مواشي أهلها ، فقاتلوه وقد جاءهم مدد من أهل بعلبكّ ، ثم أتى مرج راهط ، وفي كتاب الفتوح لأبي حذيفة إسحاق بن


بشير : وسار خالد بن الوليد من تدمر حتى مرّ بالقريتين ، وهي التي تدعى حوّارين ، وهي من تدمر على مرحلتين ، وبها مات يزيد بن معاوية في سنة ٦٤ ، وقال زفر بن الحارث يهجو عمرو بن الوليد بن عقبة بن أبي معيط وكان أشار على عبد الملك بقتل زفر :

نبّئت عمرو بن الوليد يسبني ،

وعمرو استها للصالحين سبوب (١)

وكل معيطيّ ، إذا بات ليلة ،

إلى شربة بالرّقمتين طروب

عليك بحوّارين ناسب نبيطها ،

فما لك في أهل الحجاز نسيب

وقال الراعي :

أنحن بحوّارين في مشمخرّة

يبيت ضباب فوقها وثلوج

حُوَاطب : بالضم : موضع.

الحَوَاطب : جمع حاطبة : جبال باليمامة ، عن الحفصي.

حُوَاقُ : والحوق الكنس ، والحواقة الكناسة : موضع.

الحَوَامض : جمع حامض : مياه ملحة.

حُوَّانُ : بالضم ، وتشديد الواو ، كأنه جمع أحوى نحو أسود وسودان ، وهو لون تخالطه الكمتة : وهو اسم جبل.

حَوَايا : جمع حويّة ، وهو كساء محشوّ حول سنام البعير ، والحوايا الأمعاء : وهو ماء من نواحي اليمامة لضبّة وعكل ، وقيل الحاء فيه مكسورة ، قاله الحازمي ، وقال نصر : حوايا موضع من دون الثعلبية بقرب أود ، وهو بناء بالصخر يمسك الماء كهيئة البركة في مسيل الأرض.

حُوَايَةُ : بالضم ، يوم حواية : من أيام العرب.

حَوْتَنَانانِ : بالفتح ثم السكون ، وتاء فوقها نقطتان ، وثلاث نونات بينها ألفان : واديان في بلاد قيس ، كل واحد منهما يقال له حوتنان ، قال تميم بن أبيّ ابن مقبل :

ثم استغاثوا بماء لا رشاء له ،

من حوتنانين ، لا ملح ولا رنق

ويروى : لا ملح ولا دمن ، ويروى : ولا زمن أي لا ضيق ولا قليل.

حوْراءُ : بالفتح ، والمدّ ، يقال : امرأة حوراء إذا اشتد بياض العين مع شدة سوادها ، وقال الأصمعي : لا أدري ما الحور في العين ، وقال أبو عمرو : الحور أن تسودّ العين كلّها مثل أعين الظباء والبقر ، قال : وليس في بني آدم حور. والحوراء ، قال القضاعي : كورة من كور مصر القبلية في آخر حدودها من جهة الحجاز ، وهو على البحر في شرقي القلزم ، وقيل : الحوراء منهل ، وقيل : الحوراء مرفأ سفن مصر إلى المدينة ، وقد خبرني من رآها في سنة ٦٢٦ وقد ذكر أنها ماءة ملحة ، وبها أثر قصر مبني بعظام الجمال ، وليس بها أحد ولا زرع ولا ضرع. والحوراء في قول الأصمعي : ماء لبني نبهان من طيء قرب ماء يقال له القلب لبني ربيعة من بني نمير.

حَوْدُ حُوِّرَ : ويقال : حيد عوّر ، ويقال : حود قوّر ، بفتح الحاء من حود ، وسكون الواو ، ودال مهملة ، وضم الحاء من حوّر ، وكسر الواو في الثلاث الروايات وتشديدها ، والراء ، والرواية الثانية : عين مهملة ، والثالثة : قاف ، وهما مضمومان كالأولى : جبل بين حضرموت وعمان ، فيه كهف

__________________

(١) قوله : وعمرو استها إلخ ، هكذا في الأصل.


يقال إن على بابه رجلا أعور إذا أراد إنسان أن يتعلم السحر مضى إلى ذلك الكهف وخاطب ذلك الأعور في ذلك فيقول : إنه لا يمكن ذلك حتى تكفر بمحمد ، فإذا كفر أدخله الغار ، وفي الغار جماعة ، وفي صدر الغار كرسي عليه شيخ ، فيقول الشيخ : أي طريقة تحب من السحر؟ ولا يعلمه إلا طريقة واحدة ولا يجاوزه إلى غيرها ، ذكر ذلك عثمان البلطي النحوي نزيل مصر وقال : حدثني به حسين اليمني وأسعد بن سالم اليمني ، قال المؤلف : وقد حدثني القاضي المفضّل ابن أبي الحجاج العارض بمصر قال : حدثني أحمد بن يحيى بن الورد باليمن لثلاث عشرة ليلة بقيت من ذي الحجة سنة ٦١٣ وكان يلي حصن منيف ذيحان من أعمال الدّملوة على جبل يسمّى قورشق يقال له حود قوّر ليس غوره ببعيد ، طوله مقدار خمسة أرماح وعرضه قليل ، وقد بنيت فيه دكّة ، فمن أراد أن يتعلم شيئا من السحر عمد إلى ماعز أسود وليس فيه شعرة بيضاء فذبحه وسلخه وقسمه سبعة أجزاء ينزلها إلى الغار ثم يأخذ الكرش فيشقّها ويطّلي بما فيها ويلبس جلد الماعز مقلوبا ويدخل الغار ليلا ، ومن شرطه أن لا يكون له أب ولا أمّ حيّين ، فإذا دخل الغار لم ير أحدا فينام ، فإذا أصبح ووجد بدنه نقيّا مما كان عليه مغسولا دلّ على القبول ، ويضمر عند دخوله مهما أراد ، وإن أصبح بحاله دلّ على أنه لم يقبل ، وإذا خرج من الغار بعد القبول لم يحدّث أحدا من الناس ثلاثة أيام بل يبقى صامتا ساكتا تلك المدة ثم يصير ساحرا ، قال : وحدثني أنه استدعى رجلا من المعافر من أهل وادي أديم يعرف بسليمان ابن يحيى الأحدوثي وله شهرة في السحر واستحلفه على أن يصدقه عن حديث السحر ، فحلف له يمينا مغلّظة أنهم لا يقدرون على نقل الماء من بئر إلى بئر ولا على نقل اللبن من ضرع إلى ضرع ولا على نقل صورة الإنسان إلى غيرها بل يقدرون على تفريق السحاب وعلى المحبة وتأليف القلوب وعلى البغضاء وعلى إيلام أعضاء الناس مثل الصّداع والرّمد وإيجاع القلب.

حَوْرانُ : بالفتح ، يجوز أن يكون من حار يحور حررا ، ونعوذ بالله من الحور بعد الكور أي من النّقصان بعد الزيادة ، وحوران : كورة واسعة من أعمال دمشق من جهة القبلة ، ذات قرى كثيرة ومزارع وحرار ، وما زالت منازل العرب ، وذكرها في أشعارهم كثير ، وقصبتها بصرى ، قال امرؤ القيس :

ولما بدت حوران والآل دونها ،

نظرت فلم تنظر بعينيك منظرا

وقال جرير :

هبّت شمالا ، فذكرى ما ذكرتكم

عند الصفاة التي شرقيّ حورانا

هل يرجعنّ ، وليس الدهر مرتجعا ،

عيش بها طال ما احلولى وما لانا؟

وكان عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، قد ولّى علقمة بن علاثة حوران ، فقصده الحطيئة الشاعر فوصل إليه وقد انصرفوا عن قبره ، فقال عند ذلك

لعمري! لنعم المرء من آل جعفر

بحوران أمسى أقصدته الحبائل!

لقد أقصدت جودا ومجدا وسؤددا

وحلما أصيلا ، خالفته المجاهل

وما كان بيني ، لو لقيتك سالما ،

وبين الغنى إلّا ليال قلائل

فإن تحي لم أملل حياتي ، وإن تمت

فما في حياتي بعد موتك طائل


وقال ثعلب في قول الحطيئة :

ألا طرقت هند الهنود وصحبتي ،

بحوران حوران الجنود ، هجود

قال : أهل الشام يسمون كل كورة جندا ، وقال : حوران الجنود أي بها جنود ، ويقال : أنا من أبعدها جنودا أي بلدا ، وفتحت حوران قبل دمشق ، وكان اجتمع المسلمون عند قدوم خالد على بصرى ففتحوها صلحا وانبثوا إلى أرض حوران جميعا وجاءهم صاحب أذرعات فطلب الصلح على مثل ما صولح عليه أهل بصرى ، وقد نسب إلى حوران قوم من أهل العلم ، منهم : إبراهيم بن أيوب الشامي الحوراني الزاهد ، وكان من الصالحين ، روى عن الوليد بن مسلم ومضاء ابن عيسى وغيرهما. وحوران أيضا : ماء بنجد ، قال نصر : أظنّه بين اليمامة ومكة.

حَوَرُ : بالتحريك ، وقد مرّ تفسيره : وهو ماء بالبادية ، قال عديّ بن الرقاع :

بشبيكة الحور التي غربيّها

فقدت رسوم حياضها ورّادها

حَوْرَةُ : بالفتح ثم السكون ، وراء : قرية بين الرّقّة وبالس ، نسب إليها صالح الحوريّ جد الحوريّين ، حدّث عن أبي المهاجر سالم بن عبد الله الرّقّي الكلابي ، روى عنه عمرو بن عثمان الكلابي ، ذكره محمد بن سعيد في تاريخ الرّقّة. وحورة أيضا فيما ذكره العمراني : واد من أودية القبلية ، عن جار الله عن عليّ العلويّ.

حَوْرَى : قرية من قرى دجيل ببغداد ، ينسب إليها سليم بن عيسى بن عبد الله الحوريّ الزاهد صاحب أبي الحسن القزويني الحربي ، حكى عنه ، وكان من الصالحين صاحب كرامات ، قال هبة الله بن المحلّي : حدثني سليم بن عيسى الحوري ولم أر مثله في معناه ، يعني في الزهد والعبادة ، وأبو علي الحسن بن مسلم بن الحسن بن أبي الجود الفارسي ثم الحوري من هذه القرية وانتقل إلى قرية من قرى نهر عيسى يقال لها الفارسية ، وكان من الزّهاد ، وذكر في الفارسية.

حَوْزَانُ : بالفتح ثم السكون ، وبالزاي ، والنون : ناحية من نواحي مرو الروذ من نواحي خراسان ، ينسب إليها الرحالة الحوزانية ، عن الحازمي.

الحَوْزُ : بالفتح ثم السكون ، وزاي ، من حزت الشيء حوزا إذا حصلته : وهي قرية من شرقي مدينة واسط قبالتها متصلة بالحزّامين ، وهي محلة تقابل واسطا من الجانب الشرقي ويقال له حوز برقة ، ينسب إليها الأديب أبو الكرم خميس بن علي الحوزي ، حدث عن أبي القاسم عبد العزيز بن علي الأنماطي وأبي منصور محمد النديم العكبري وأبي القاسم علي بن أحمد البسري وغيرهم من البغداديّين والواسطيين ، قال أبو طاهر السلفي : كان خميس من حفّاظ الحديث المحققين بمعرفة رجاله ومن أهل الأدب البارع ، وله من الشعر الغاية في الجودة ، وفي شيوخه كثرة ، وقد علقت عنه فوائد وسألته عن رجال من الرواة فأجاب بما أثبتّه في جزء ضخم وهو عندي ، وقد أملى عليّ نسبه ، وهو : خميس بن علي بن أحمد ابن علي بن إبراهيم بن الحسن بن سلامويه الحوزي ، ومولده سنة ٤٤٧ ، وكان إتقانه مما يعول عليه ، وفي كتاب ابن نقطة : مولده سنة ٤٤٢ في شعبان ، ومات في شعبان أيضا سنة ٥١٠ بواسط. والحوز أيضا : موضع بالكوفة ، ينسب إليه أبو علي الحسن بن علي ابن زيد بن الهيثم الحوزي ، حدث عن محمد بن الحسن النحاس ، حدث عنه أبيّ النّرسي ومحمد بن علي بن


ميمون ، وابنه أبو محمد يحيى بن الحسن بن علي بن زيد الحوزي ، حدث عن محمد بن عبد الله بن هشام التيملي ، حدث عنه أبيّ. والجوز أيضا : محلة بأعلى بعقوبا ، ينسب إليها أبو محمد عبد الحق بن محمود بن أبي طاهر الفرّاش ، سمع من أبي الفتح عبيد الله بن عبد الله بن مثاقيل ، سمع منه ابن نقطة وذكره وقال : كان فقيها صالحا فاضلا.

حَوْزَةُ : كأنه مصدر حاز يحوز حوزة واحدة ، وحوزة الملك بيضته ، والحوزة الناحية : وهو واد بالحجاز كانت عنده وقعة لعمرو بن معدي كرب مع بني سليم ، وقال الفضل بن العباس بن عتبة بن أبي لهب :

وإذ هي كالمهاة غدت تباري

بحوزة في جواز آمنات

جواز ، بالزاي ، اجتزت بالرّطب عن المياه.

حَوْشَبُ : بفتح الشين المعجمة ، والباء الموحدة ، والحوشب في اللغة : موصل الوظيف في رسغ الدّابة ، قال الأصمعي : الحوشب عظيم كالسّلامى صغير في طرف الوظيف ومستقر الحافر يدخل في الجبّة.

وحوشب : من مخاليف اليمن.

الحُوشُ : بالضم ، رمال الحوش : من وراء رمال يبرين لبني سعد ، ويقال : إن الإبل الحوشية منسوبة إلى الحوش ، وهي فحول جنّ تزعم العرب أنها ضربت في نعم بعضهم فنسبت إليها. والحوش : بلاد الجن من وراء يبرين لا يسكنها أحد من الناس ، قال مالك بن الريب :

من الرمل ، رمل الحوش ، أو غاف راسب

وعهدي برمل الحوش ، وهو بعيد

الحَوْشُ : بالفتح ، حشت الصيد أحوشه حوشا إذا حبسته من حواليه لتصرفه إلى الحبالة ، وقال ابو سعد:حوش قرية من أعمال أسفرايين من نواحي نيسابور ، ينسب إليها بدل بن محمد بن أحمد الحوشي ، سمع أباه وإسحاق بن راهويه ، روى عنه أبو عوانة الأسفراييني.

حُوشِيٌّ : بالضم ، منسوب ، والحوشيّ من كل شيء : وحشيّه من الكلام والناس وغيرهما ، وقال السيرافي : حوشيّ رمل بالدّهناء ، وأنشد للعجّاج :

حتى إذا ما قصّر العشيّ

عنه ، وقد قابله حوشيّ

حَوْصاءُ : بالفتح ، والمد ، والحوص : ضيق في مؤخر العين ، والرجل أحوص والمرأة حوصاء : موضع بين وادي القرى وتبوك ، نزله رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، حين سار إلى تبوك ، وهناك مسجد في مكان مصلاه في ذنب حوصاء ومسجد آخر بذي الجيفة من صدر حوصاء ، وقال ابن إسحاق : اسم الموضع حوضا ، بالضاد المعجمة والقصر ، كذلك وجدته مضبوطا بخط ابن الفرات ، وقال : بنى به مسجدا ، قاله الحازمي.

حَوْصَلاءُ : قال الزبيدي في شرح الأبنية : هو حوصلة الطائر. وحوصلاء : موضع.

حَوْضاءُ : بالضاد معجمة ، والمدّ : جبل في ديار بني كلاب يقال له حوضاء الماء ، وهناك آخر يقال له حوضاء الظّمء لطهمان بن عمرو بن سلمة بن سكن بن قريط بن عبد بن أبي بكر بن كلاب ، وقيل : حوضاء اسم ماء لهم يضيفون إليه الهضب.

حَوْضُ الثَّعْلَبِ : والحوض معروف ، وهو من التحويض ، يقال : أنا أحوّض هذا الأمر أي أدور حوله ، وأحوّض وأحوّط بمعنى واحد. وحوض


الثعلب : مكان خلف عمان ، ويوم الحوض : من أيام العرب من معدن البياض ، قال ابن الأعرابي : وكان الأصمعي يقول : خوض الثعلب ، بالخاء المعجمة ، وما سمعت قط إلا حوض ، وأنشد لبعض اللّصوص :

إذا أخذت إبلا من تغلب ،

فلا تشرّق بي ولكن غرّب ،

وبع بقرحى أو بحوض الثعلب

حَوْضُ حِمَارٍ : حمار : اسم رجل ، لم يبلغني أنه علم ولكن قد جاء في قول الشاعر :

لو كان حوض حمار ما شربت به

إلا بإذن حمار ، آخر الأبد

لكنه حوض من أودى بإخوته

ريب الزمان ، فأضحى بيضة البلد

قيل : حمار اسم رجل ضعيف ، وكانوا يتمثلون بضعفه ، وقيل : بل أراد الحمار بنفسه ، يقول : لو كان حوضي حوض حمار ما شربت منه إلا بإذن الحمار لضعفك وذلّك وقلّتك ولكان الحمار أعزّ منك ، ولكنك وجدت حوضي حوض رجل أهلك الدهر قومه ونظراءه فطمعت فيه ، فليس ما فعلته دليلا على عزّك ولكنه دليل على ضعفي ، كأنه يحرّض قومه بذلك.

حَوْضُ داوُدَ : محلّة كانت ببغداد قرب سوق العطش في شرقي بغداد إلى جنب الرّصافة ، خربت الآن ، وهذا الحوض منسوب إلى داود بن المهدي بن المنصور ، وقيل : هو منسوب إلى داود مولى المهدي ، وقيل : إن داود مولى نصير ونصير مولى المهدي ، ولداود هذا قطيعة من سوق العطش.

حوْضُ رِزام : بمرو ، يذكر في رزام إن شاء الله.

حوْضُ عمرو : بالمدينة ، قال مصعب بن الزبير : هو منسوب إلى عمرو بن الزبير بن العوّام. والحوض : موضع بالبصرة فيما يقال ، ينسب إليه أبو عمر حفص ابن عمر بن الحارث بن سحيرة الحوضي ، حدّث عن شعبة وهشام بن أبي عبد الله الدّستواني وهمام ، روى عنه البخاري في صحيحه وأحمد بن محمد الخزاعي الأصبهاني.

حَوْضُ هَيْلانَةَ : هيلانة ، بفتح الهاء ، وياء ساكنة ، وبعد الألف نون : وهو اسم قهرمانة المنصور أمير المؤمنين ، وكانت ذات منزلة كبيرة عنده ، وقيل : إنها سمّيت هيلانة لأنها كانت تكثر من قول هي الآن إذا استعجلت أحدا في شيء تأمره به ، وسمّيت هيلانة لذلك ، وحفرت هذا الحوض بالجانب الشرقي وسبّلته فنسب إليها ، وبباب المحوّل من الجانب الشرقي أقطاع لهيلانة أقطعها إياها المنصور ، وذكر بعضهم أن هيلانة هذه كانت من حظايا الرشيد وأنها حين ماتت حزن عليها كلّ الحزن حتى امتنع من الأكل والشرب ، فدخل عليه بعض النّدماء وجعل يسلّيه عنها وهو لا يزداد إلّا غمّا ، فقال له : يا أمير المؤمنين وما قدر هذه الجارية حتى تحزن عليها هذا الحزن العظيم والنساء كلّهنّ إماؤك ، فقال : ويحك! إنني قد أصبت ببليّة لم يصب بها أحد ، ما أحببت أحدا إلّا ومات ، فقال : يا أمير المؤمنين هذا اتفاق وإلّا فأحبّني لأريك أن قياسك غير مطّرد ، فقال : ويحك! إن المحبّة لا تكون بالاختيار ، قال : فقل قد أحببتك ، فقال : اذهب فقد أحببتك ، فلم تمض أيام حتى مات ، فعجب الناس من هذا الاتفاق ، وفيها يقول الرشيد ويرثيها :

أفّ للدّنيا وللزى

نة فيها والأثاث

إذ حثى الترب على هي

لانة في الحفر حاث


وقال الرشيد للعباس بن الأحنف : قل شيئا على موت هيلانة وضياء ، فقال :

أيهدي ضياء ، بعد هيلانة ، البلى؟

أراك ملقّى من فراق الحبائب

ولما رأيت الموت ، لا بدّ واقعا ،

تذكّرت قول المبتلى بالمصائب

لعمرك ما تعفو كلوم مصيبة

على صاحب ، إلّا فجعت بصاحب

حَوْضَى : بالفتح ثم السكون ، مقصور ، بوزن سكرى ، فهو لا ينصرف معرفة ولا نكرة للتأنيث ولزومه : هو اسم ماء لبني طهمان بن عمرو بن سلمة بن سكن ابن قريط بن عبد بن أبي بكر بن كلاب إلى جنب جبل في ناحية الرمل ، وقد تقدّم أنه حوضاء ممدود ، والله أعلم ، وقد أكثرت شعراء هذيل من ذكر هذا في شعرهم فإن لم يكن في بلادهم فهو قريب منها ، قال أبو خراش :

فأقسمت لا أنسى قتيلا رزئته

بجانب حوضي ، ما مشيت على الأرض

وقال أبو ذؤيب :

من وحش حوضي يراعي الصّيد منتقلا ،

كأنه كوكب في الجوّ منفرد

ويروى منجرد ، وقرأت في نوادر أبي زياد : حوضي نجد من منازل بني عقيل ، وفيه حجارة صلبة ليس بنجد حجارة أصلب منها ، قال ذو الرّمة :

إذا ما بدت حوضي وأعرض حارك

من الرمل ، تمشي حوله العين ، أعفر

والحارك : المرتفع ، وقرأت في بعض الكتب : توفي زوج أعرابيّة فخطبها ابن عمّ لها ، فأطرقت وجعلت تنكت الأرض بإصبعها حتى خدّت فيها حفيرا ، وملأته من دموعها ، وكانت لهم مقبرة يقال لها حوضي وقد دفن فيها زوجها ، فقالت :

فإن تسألاني عن هواي ، فإنه

مقيم بحوضى أيها الرجلان

وإن تسألاني عن هواي ، فإنه

رهين له بالبثّ يا فتيان

وإنّي لأستحييه ، والترب بيننا ،

كما كنت أستحييه وهو يراني

أهابك إجلالا ، وإن كنت في الثرى ،

وأكره حقّا أن يسؤك مكاني

فقام الفتى وأيس منها ، ثم رآها بعد في المقابر في أحسن زيّ ، فقال لرجل معه : أما ترى فلانة في أحسن زيّ هي خرجت متعرّضة للرجال؟ فلما دنت من قبر زوجها التزمته وأنشأت تقول :

يا صاحب القبر ، يا من كان ينعم بي

عيشا ، ويكثر في الدنيا مواتاتي

لمّا علمتك تهوى أن تراني في

حلي ، وتهواه من ترجيع أصواتي

فمن رآني رأى حيرى مفجّعة ،

بشهرة الزّي أبكي بين أمواتي

ثم شهقت شهقة فارقت معها الدنيا ، فدفنت إلى جنب زوجها ، وقال القتال الكلابي :

وما أنس م الأشياء لا أنس نسوة

طوالع من حوضي ، وقد جنح العصر

ولا موقفي بالعرج ، حتى أجنّها

عليّ من العرجين أسترة حمر

طوالع من حوضي الرّداة كأنها

نواعم من مرّان ، أوقرها النّسر


بشرقيّ حوضي أخّرتني منازل

قفار ، جلا لي عن معارفها القطر

تنير وتسدي الريح في عرصاتها ،

كما نمنم القرطاس بالقلم الحبر

وخيط نعامى الرّبد فيها كأنها

أباعر ضلّال ، بآباطها نشر

حَوْطٌ : بالفتح ، من حاطه يحوطه حوطة وحيطة وحياطة أي كلأه ورعاه ، قال أبو سعد : هي قرية بحمص أو بجبلة من ساحل الشام في طيّء ، ونسب إليها أبو عبد الله أحمد بن عبد الوهاب بن نجدة الحوطي من أهل جبلة ، حدث عن جنادة بن مروان الحمصي وأبي اليمان الحكم بن نافع وغيرهما ، حدث عنه سليمان بن أحمد الطبراني ، ومات بعد سنة ٢٧٧.

الحَوْفُ : بالفتح ، وسكون الواو ، والفاء ، والحوف : القربة في بعض اللغات ، كذا أظنّه ، والذي ضبطته من خط أبي منصور الأزهري : الحوف القربة ، بكسر القاف والباء موحدة ، والجمع الأحواف ، والحوف لغة أهل الشّحر كالهودج وليس به ، والحوف : إزار من أدم يلبسه الصبيان ، وجمعه أحواف ، قال البخاري : الحوف بناحية عمان.

والحوف بمصر حوفان : الشرقي والغربي ، وهما متصلان ، أول الشرقي من جهة الشام وآخر الغربي قرب دمياط ، يشتملان على بلدان وقرى كثيرة ، وقد ينسب إليها قسيم بن أحمد بن مطير الحوفي المقري ، وأبو الحسن عليّ بن إبراهيم بن سعيد بن يوسف الحوفي النحوي ، روى عن ابن رشيق والأدفوي وغيرهما ، وروي من طريقه عدّة كتب من تصانيف النحاس ، وقال السّكّري : أخبرني أبو محكم قال : أنشدني أبو مطهّر لعبيد بن عيّاش البكري أحد بني قوالة وطرد هو وعارم إبلا لرجل نصرانيّ من حوف مصر حتى أوردها حجر اليمامة فقال :

سرت من قصور الحوف ليلا ، فأصبحت

بدجلة ، ما يرجو المقام حسيرها

نباطيّة ، لم تدر ما الكور قبلها ،

ولا السير بالموماة مذ دقّ نورها

يدور عليها حادياها إذا ونت ،

وأنت على كأس الصليب تديرها

سلوا أهل تيماء اليهود ممرّها ،

صبيحة خمس ، وهي تجري صفورها

ألا لا يبالي عارم ما تجشّمت ،

إذا واجهته سوق حجر ودورها

وحوف رمسيس : موضع آخر بمصر. وجوف مراد وجوف همدان ، بالجيم : مخلافان باليمن ، ورواه بعضهم بالحاء ، وإنما ذكرناه ليجتنب.

حُوقٌ : بالضم ثم السكون ، والقاف : اسم موضع ، ومنه يوم قارات حوق ، والحوق في اللغة : ما أحاط بالكمرة من حروفها.

حَوْلانُ : بالحاء مهملة ولا تظنّه بالخاء معجمة ، ذو حولان : من قرى اليمن.

حَوْلايا : بفتح الحاء ، وسكون الواو ، وبعد الياء ألف : قرية كانت بنواحي النهروان خربت الآن ، لها ذكر في أخبار عبيد الله بن الحرّ ، وقال يذكرها :

ويوم بحولايا فضضت جموعهم ،

وأفنيت ذاك الجيش بالقتل والأسر

فقتّلتهم ، حتى شفيت بقتلهم

حرارة نفس لا تذلّ على القسر


ومن شيعة المختار قبل شفيتها

بضرب على هاماتهم ، مبطل السحر

وقال محمد بن طوس القصري : سألت أبا عليّ عن وزن حولايا فقال : فيه أربعة أحرف من حروف الزيادة ، أما الألف الأخيرة فإنها ألف تأنيث كألف حبلى ، يدلّك على ذلك قول أبي العباس إنها بمنزلة هاء سقاية وقول سيبويه إنها بمنزلة هاء درحاية ، وأما الألف الأولى فزائدة ، فبقي الواو والياء فلا يجوز أن تكونا زائدتين لأنه يبقى الاسم على حرفين فثبت أن إحداهما زائدة ، فإن كانت الواو زائدة فهو فوعال وليس ذلك في الأسماء ، وإن كانت الياء زائدة فهو فعلايا وليس في كلامهم ، وهذا يدل على أنه ليس باسم عربيّ ولو أنه عربيّ كان في أمثلتهم مثله ، إلا أنه إذا أشكل الزائد من الحرفين حكمت بأن الآخر هو الزائد إذ كان الطرف أحمل للتغيير ، والزيادة تغيير ، ويؤكد زيادة الياء في حولايا قولهم بردايا.

الحُولَةُ : بالضم ثم السكون : اسم لناحيتين بالشام ، إحداهما من أعمال حمص ثم من أعمال بارين بين حمص وطرابلس ، والأخرى كورة بين بانياس وصور من أعمال دمشق ذات قرى كثيرة ، من إحداهما كان الحارث الكذاب الذي ادعى النبوة أيام عبد الملك بن مروان ، قال أحمد بن أبي خيثمة زهير بن حرب : حدثنا عبد الوهاب بن نجدة حدثنا محمد بن مبارك حدثنا الوليد بن مسلمة عن عبد الرحمن بن حسان قال : كان الحارث الكذاب من أهل دمشق وكان مولى لابن الجلاس وكان له أب بالحولة ، فعرض له إبليس ، وكان رجلا متعبدا زاهدا لو لبس جبة من ذهب لرأيت عليه زهادة ، قال : وكان إذا أخذ في التحميد لم يستمع السامعون إلى كلام أحسن من كلامه ، قال : فكتب إلى أبيه وهو بالحولة : يا أبتاه اعجل عليّ فإني رأيت أشياء أتخوف أن يكون الشيطان عرض لي ، قال : فزاره أبوه غبّا وكتب إليه : يا بنيّ أقبل على ما أمرت به فإن الله تعالى يقول : (عَلى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّياطِينُ تَنَزَّلُ عَلى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ) ، ولست بأفاك ولا أثيم فامض لما أمرت به ، وكان يجيء إلى أهل المسجد رجلا رجلا فيذاكرهم أمره ويأخذ عليهم العهد والميثاق إن هو رأى ما يرضى قبل وإلا كتم عليه ، قال : وكان يريهم الأعاجيب ، كان يأتي رخامة في المسجد فينقرها بيده فتسبّح ، وكان يطعمهم فواكه الصيف في الشتاء ، وكان يقول لهم اخرجوا حتى أريكم الليلة فيخرجهم إلى دير مرّان فيريهم رجالا على خيل ، فتبعه بشر كثير وفشا الأمر في المسجد وكثر أصحابه حتى وصل الأمر إلى القاسم بن مخيمرة ، فعرض على القاسم وأخذ عليه العهد والميثاق إن رضي أمرا قبله وإن كره كتم عليه ، فقال له : إني نبيّ ، فقال له القاسم : كذبت يا عدوّ الله ما أنت نبي ولا لك عهد ولا ميثاق! فقال له أبو إدريس : ما صنعت شيئا إذ لم يبين حتى نأخذه الآن يفر ، قال : وقام من مجلسه حتى دخل على عبد الملك فأعلمه بأمر حادث من الحارث ، فأمر عبد الملك بطلبه فلم يقدر عليه ، وخرج عبد الملك فنزل الصّبيرة ، قال : واتهم عامة عسكره ، يعني بالحارث ، أن يكونوا يرون رأيه ، وخرج الحارث حتى أتى بيت المقدس فاختفى فيه ، وكان أصحابه يخرجون فيلتمسون الرجال فيدخلونهم عليه ، وكان رجل من أهل البصرة قد أتى بيت المقدس فأتاه رجل من أصحاب الحارث فقال له : ههنا رجل يتكلم فهل لك أن تسمع من كلامه؟ قال : نعم ، فانطلق معه حتى دخل على الحارث فأخذ في التحميد ، فسمع البصريّ كلاما حسنا ، قال : ثم أخبره


بأمره وأنه نبي مبعوث مرسل ، فقال له : إن كلامك لحسن ولكن في هذا نظر فانظر ، فخرج البصري ثم عاد إليه فرد كلامه فقال : إن كلامك لحسن وقد وقع في قلبي وقد آمنت بك وهذا الدين المستقيم ، قال : فأمر أن لا يحجب ، قال : فأقبل البصري يتردد ويعرف مداخله ومخارجه وأين يذهب وأين يهرب حتى صار من أخص الناس به ، ثم قال له : ائذن لي ، فقال : إلى أين؟ فقال : إلى البصرة أكون أول داعية لك بها ، قال : فأذن له فخرج البصري مسرعا إلى عبد الملك وهو بالصّبيرة ، فلما دنا من سرادقه صاح النصيحة النصيحة! فقال أهل العسكر : وما نصيحتك؟ قال : هي نصيحة لأمير المؤمنين ، قال : فأمر عبد الملك أن يأذنوا له فدخل وعنده أصحابه ، قال : فصاح النصيحة النصيحة! فقال : وما نصيحتك؟ قال : اخلني لا يكن عندك أحد ، قال : فأخرج من كان عنده ، وكان عبد الملك قد اتهم أهل عسكره أن يكون هواهم معه ، ثم قال له : ادنني ، فأدناه وعبد الملك على السرير ، فقال : ما عندك؟ فقال : عندي أخبار الحارث ، فلما سمع عبد الملك بذكر الحارث طرد نفسه من السرير ثم قال : أين هو؟ قال : يا أمير المؤمنين هو بالبيت المقدس وقد عرفت مداخله ، وقص عليه قصته وكيف صنع به ، فقال له : أنت صاحبه وأنت أمير بيت المقدس وأميرها ههنا فمرني بما شئت ، فقال : ابعث معي قوما لا يفقهون الكلام ، فأمر أربعين رجلا من أهل فرغانة وقال لهم : انطلقوا مع هذا فما أمركم به من شيء فأطيعوه ، قال : وكتب إلى صاحب بيت المقدس إن فلانا لأمير عليك حتى تخرج فأطعه فيما يأمرك به ، فلما قدم البيت المقدس أعطاه الكتاب فقال له : مرني بما شئت ، فقال له : اجمع لي إن قدرت كل شمعة تقدر عليها ببيت المقدس وادفع كل شمعة إلى رجل ورتبهم على أزقة بيت المقدس فإذا قلت أسرجوا فليسرجوا جميعا ، قال : فرتبهم في أزقة بيت المقدس وفي زواياها بالشمع ، فأقبل البصري وحده إلى منزل الحارث فأتى الباب وقال للحاجب : استأذن لي على نبي الله ، قال : في هذه الساعة ما يؤذن عليه حتى تصبح! قال : أعلمه إنما رجعت شوقا إليه قبل أن أصل ، قال : فدخل عليه فأعلمه كلامه ففتح الباب ثم صاح البصري أسرجوا فأسرجت الشموع حتى كان بيت المقدس كأنه نهار ، ثم قال : كل من مرّ بكم فاضبطوه ، قال : ودخل هو إلى الموضع الذي يعرفه فنظره فلم يجده فقال أصحابه : هيهات تريدون أن تقتلوا نبي الله وقد رفعه الله إلى السماء! قال : فطلبه في شقّ كان هيأه سربا فأدخل البصري يده في ذلك السرب فإذا بثوبه فاجتره فأخرجه إلى خارج ثم قال للفرغانيين : اربطوه فربطوه ، فبينما هم كذلك يسيرون به على البريد إذ قال : أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله؟ فقال أهل فرغانة أولئك العجم : هذا كراننا فهات كرانك أنت ، فسار به حتى أتى عبد الملك ، فلما سمع به أمر بخشبة فنصبت فصلبه وأمر بحربة وأمر رجلا فطعنه فأصاب ضلعا من أضلاعه فكاعت الحربة ، فجعل الناس يصيحون : الأنبياء لا يجوز فيهم السلاح! فلما رأى ذلك رجل من المسلمين تناول الحربة ثم مشى بها إليه ثم أقبل يتجسس حتى وافى بين ضلعين فطعنه بها فأنفذها فقتله ، فقال الوليد : ولقد بلغني أن خالد بن يزيد بن معاوية دخل على عبد الملك فقال : لو حضرتك ما أمرتك بقتله! قال : ولم؟ قال : إنما كان به المذهب فلو جوعته لذهب عنه ذلك ، والمذهب الوسوسة ، ومنه المذهب وهو وسوسة الوضوء ونحوه. قال القاضي عبد الصمد بن سعيد في تاريخ حمص : كان


العرباض بن سارية السّلمي يسكن حولة حمص.

الحَوْمانُ : بالفتح ، كأنه فعلان من الحوم وهو الدّوران ، يقال : حام يحوم حوما ، والحوم القطيع الضخم من الإبل : وهو موضع في بلاد بني عامر بن صعصعة ، قال لبيد :

وأضحى يقتري الحومان فردا ،

كنصل السيف حودث بالصّقال

وقد ذكره عامر بن الطفيل ، وقال بعض الأعراب :

ألا ليت شعري! هل تغيّر بعدنا

صرائم جنبي مخيط وجنائبه

وهل ترك الحومان بعدي مكانه ،

وهل زال من بطن الجويّ تناضبه؟

فو الله ما أدري : أيغلبني الهوى

إلى أهل تلك الدار أم أنا غالبه

فإن أستطع أغلب ، وإن يغلب الهوى

فمثل الذي لاقيت يغلب صاحبه

حَومانَةُ الدَّرَّاج : قال الأصمعي : الحومانة ، وجمعها حوامين ، أماكن غلاظ منقادة ، وقال أبو منصور : لا أدري حومان فعلان من حام أو فوعال من حمن ، وقال أبو ضرّة : الحومان واحدتها حومانة ، وهي شقائق بين الجبال ، وهي أطيب الحزونة ، وهي جلد ليس فيها آكام ولا أبارق ، وقال أبو عمرو : الحومان ما كان فوق الرمل ودونه حين تصعده أو تهبطه. وحومانة الدّرّاج : ماءة قريبة من القيصومة في طريق البصرة إلى مكة قريبة من الوقباء الذي ذكره جعفر بن علبة ، وقال أبو منصور : وردت ركيّة واسعة في جوّ واسع يلي طرفا من أطراف الدّوّ يقال له الحومانة ، وقال خرشيّ بن عبد الخالق بن رقيبة بن مشيّب بن عقبة ابن كعب بن زهير : إن حومانة الدراج في منقطع رمل الثعلبية متصلة بالحزن من بلاد بني أسد عن يسار من خرج يريد مكة ، وهذه الأقوال وإن اختلفت عباراتها فهي متقاربة ، وقال زهير بن أبي سلمى :

أمن أمّ أوفى دمنة لم تكلّم

بحومانة الدّرّاج فالمتثلّم؟

حَوْمَلُ : بالفتح ، كأنه فوعل من الحمل لما كثر التحميل من هذا الوضع كما كان النّوفل من النفل وهو العطية لما كثر التنفيل ، وقال السكري في شعر امرئ القيس : حومل والدّخول والمقراة وتوضح مواضع ما بين إمّرة وأسود العين ، قال الأصمعي : لا يجوز بين الدّخول فحومل إنما هو بين الدخول وحومل لأنك لا تقول بين زيد فعمرو دراهم ولكنك تقول بالواو ، وقال الفراء : أخطأ الأصمعي إنما أراد امرؤ القيس منزلها بين الدخول فحومل إنما هو بين الدخول وحومل لأنك لا تقول إلى ، كقولك مطرنا ما بين الكوفة فالقادسية ، أراد منزلها ما بين الدخول إلى حومل ، وكذلك مطرنا ما بين الكوفة إلى القادسية ، قال : ولا يصلح الفاء مكان الواو فيما لا يصلح فيه إلى ، وقال أبو جعفر المصري : لا يجوز أن تقول زيد بين عمرو فخالد لأن بين إنما تقع معها الواو لأنها للاجتماع ، فإذا قلت المال بين زيد وعمرو فقد احتويا عليه ، وهذا موضع الواو لأنه اجتماع فإن جئت بالفاء وقع التفرق ، وعلى هذا كان يرويه الأصمعي بين الدخول وحومل ، قال : فأما الاحتجاج لمن رواه بالفاء فلأن هذا ليس بمنزلة قولك المال بين زيد وعمرو لأن الدخول موضع يشتمل على مواضع ، فلو قلت عبد الله بين الدخول وأنت تريد بين مواضع الدخول لتمّ الكلام ، كما تقول دربنا بين مصر تريد بين أهل


مصر ، فعلى هذا قوله بين الدخول ثم عطف بالفاء وأراد بين مواضع الدخول وبين مواضع حومل ولم يرد موضعا بين الدخول وبين حومل.

حَوْمى : بالفتح ثم السكون ، وفتح الميم ، مقصور في شعر مليح الهذلي ، قال :

وقام خراعب كالموز هزّت

ذرائبه يمانية زخور

لهن خدود جنّة بطن حومى ،

والرمل الروادف والخصور

الحُوَّة : بالضم ، وتشديد الواو ، وقيل : الحوّة حمرة تضرب إلى السواد ، والحوة في الشفاه سمرة فيها : وهو موضع ببلاد كلب ، قال عديّ بن الرقاع :

أو ظبية من ظباء الحوّة انتقلت

منابتا ، فجرت نبتا وحجرانا

الحُوَيَّاءُ : بالضم ثم الفتح ، وياء مشددة ، وألف ممدودة ، قال أبو محمد الهمداني : وادي الحويّاء واد في رمل عبد الله بن كلاب. والحوياء : ماءة في حقف رملة لعبد الله بن كلاب ، قال أعرابيّ :

قلت ناقتي ماء الحويّاء ، واغتدت

كثيرا إلى ماء النقيب حنينها

ولو لا عداة الناس أن يشمتوا بنا ،

إذا لرأتني في الحنين أعينها

حُوَيْذَانُ : بالضم ثم الفتح ، وياء ساكنة ، وذال معجمة ، وألف ، ونون : صقع يمان ، عن نصر.

الحُوَيْزَةُ : صغير الحوزة ، وأصله من حازه يحوزه حوزا إذا حصله ، والمرّة الواحدة حوزة : وهو موضع حازه دبيس بن عفيف الأسدي في أيام الطائع لله ونزل فيه بحلّته وبنى فيه أبنية وليس بدبيس بن مزيد الذي بنى الحلّة بالجامعين ولكنه من بني أسد أيضا ، وهذا الموضع بين واسط والبصرة وخوزستان في وسط البطائح ، وهذه رسالة كتبها أبو الوفاء زاد ابن خودكام إلى أبي سعد شهريار بن خسرو يصف في أولها الحويزة وأتبعها بوصف بقرة له أكلها السبع ذكرت منها وصف الحويزة ، وأولها :

لو شاب طرف شاب أسود ناظري

من طول ما أنا في الحوادث ناظر

فهذا كتابي أيها الأخ متّعك الله بالإخوان ، وجنّبك حبائل الشيطان ، وغوائل السلطان ، وكفاك شرّ حوادث الزمان ، وطوارق الحدثان ، من الحويزة وما أدراك ما الحويزة دار الهوان ، ومظنة الحرمان ، ومحطّ رحل الخسران ، على كل ذي زمان وضمان ، ثم ما أدراك ما الحويزة أرضها رغام ، وسماؤها قتام ، وسحابها جهام ، وسمومها سهام ، ومياهها سمام ، وطعامها حرام ، وأهلها لئام ، وخواصّها عوام ، وعوامّها طعام ، لا يؤوى ربعها ، ولا يرجى نفعها ، ولا يمرى ضرعها ، ولا يرأب صدعها ، وقد صدق الله تبارك وتعالى قوله فيها ، وأنفذ حكمه في أهاليها : (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَراتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ) ، وأنا منها بين هواء رديء ، وماء وبيء ، ومن أهاليها بين شيخ غويّ ، وشاب غبيّ ، يؤذونك إن حضرت شغبا ، ويشنعونك إن غبت كذبا ، يتخذون الغمز أدبا ، والزور إلى أرزاقهم سببا ، يأكلون الدنيا سلبا ، ويعدّون الدين لهوا ولعبا ، لو اطّلعت عليهم لولّيت منهم فرارا ولملئت منهم رعبا :

إذا سقى الله أرضا صوب غادية ،

فلا سقاها سوى النيران تضطرم


ثم شكا زمانه ووصف القرية بما ليس من شرط كتابنا ، وقد نسب إليها قوم ، منهم : عبد الله بن حسن بن إدريس الحويزي ، حدّث عن أحمد بن الجبير بن نصر الحلبي ، حدّث عنه محمد بن الحسن بن أحمد الأهوازي وغيره ، وأحمد بن محمد بن سليمان العباسي أبو العباس الحويزي ، كان ذا فضل وتمييز ، ولّي في أيام المقتفي عدّة ولايات ، منها النظر بديوان واسط ، وآخر ما تولاه النظر بنهر الملك ، وكان الجور والظلم والعسف غالبا على طبائعه مع إظهار الزّهد والتقشف والتسبيح الدائم والصلاة الكثيرة ، وكان إذا عزل لزم بيته واشتغل بالنظر إلى الدفاتر ، فهجاه أبو الحكم عبد الله بن المظفر الباهلي الأندلسي فقال :

رأيت الحويزيّ يهوى الخمول ،

ويلزم زاوية المنزل

لعمري! لقد صار حلسا له

كما كان في الزمن الأوّل

يدافع بالشعر أوقاته ،

وإن جاع طالع في المجمل

وكان الحويزي ناظرا بنهر الملك في شعبان سنة ٥٥٠ ، وكان نائما في السطح فصعد إليه قوم فوجؤوه بالسكاكين وتركوه وبه رمق ، فحمل إلى بغداد فمات بعد أيام.

حُوَيٌّ : بضم أوله ، وفتح ثانيه ، وياء مشددة ، بخط ابن نباتة مصغر : موضع في بلاد بني عامر ، وقال نصر : حويّ جبل في ديار بني خثعم ، وقال لبيد :

إني امرؤ منعت أرومة عامر

ضيمي ، وقد حنقت عليّ خصوم

منها حويّ والذّهاب ، وقبله

يوم ببرقة رحرحان كريم

حَوِيٌّ : بالفتح ثم الكسر : من مياه بلقين بن جسر ، عن نصر.

باب الحاء والياء وما يليهما

حَياءُ : بالفتح ، والمد ، من الاستحياء : واد في أقصى بلاد بني قشير.

الحِيارُ : كأنه جمع حير ، وهو شبه الحظيرة أو الحمى ، حيار بني القعقاع : صقع من برّية قنّسرين كان الوليد بن عبد الملك أقطعه القعقاع بن خليد ، بينه وبين حلب يومان ، قال المتنبّي في مدح سيف الدولة :

وكنت السيف قائمة إليهم ،

وفي الأعداء حدّك والغرار

فأمست بالبديّة شفرتاه ،

وأمسى خلف قائمه الحيار

حَيَّانُ : بالفتح ، كأنه مسمى برجل اسمه حيان : موضع في شعر ابن مقبل :

تحمّلن من حيّان بعد إقامة

وبعد عناء من فؤادك عان

على كلّ وخّاد اليدين مشمّر

كأنّ ملاطيه ثقيف أران

الحَيّانِيّةُ : بالفتح أيضا ، منسوب : كورة بالسواد من أرض دمشق ، وهي كورة جبل حرش قرب الغور.

حِيَاوَةُ : بكسر أوله ، وفتح الواو : من حصون مشارق ذمار باليمن.


حَيْدَثُ : بالفتح ثم السكون ، وفتح الدال المهملة ، والثاء مثلثة : موضع باليمن.

حَيْدَةُ : بالهاء : موضع ، قال أنس بن مدرك الخثعمي يخاطب لبيد بن ربيعة :

وخيل ، وشيخ اللحيتين قرونها ،

فريقان منهم حاسر وملأم

فتلك مخاضي بين أيك وحيدة ،

لها نهر ، فخوضه متغمغم

ترى هدب الطرفاء بين متونها ،

وورق الحمام فوقها تترنم

وقال كثير يصف غيثا :

ومرّ ، فأروى ينبعا وجنوبه ،

وقد جيد منه حيدة فعبائر

الحِيدَينِ : بلفظ التثنية ، وكسر أوله : اسم مقبرة بإخميم يقال لها الحيدين ، قال ميمون بن حبارة الإخميمي : كان معنا رجل فقدمنا فسطاط مصر فتزوّج امرأة وأصدقها مقبرة بإخميم يقال لها الحيدين فكان في ظن المرأة أنها ضيعة له.

حَيْرُ الزَّجّالي : بفتح الحاء ، وياء ساكنة ، وراء ، وفتح الزاي ، وتشديد الجيم ، واللام مكسورة : موضع بباب اليهود بقرطبة من جزيرة الأندلس ، قال أبو بكر بن القبطرنة :

اذكر لهم زمنا يهبّ نسيمه

أصلا ، كنفث الراقيات عليلا

بالحير ، لا غشيت هناك غمامة

الا تضاحك إذخرا وجليلا

حِيرانُ : كأنه جمع حير ، وهو مجتمع الماء : واسم ماء بين سلمية والمؤتفكة ، ذكره أبو الطّيّب المتنبي في مدحه :

فليتك ترعاني وحيران معرض ،

فتعلم أنّي من حسامك حدّه

الحيرتان : تثنية الحيرة والكوفة كقولهم القمران والعمران.

الحَيرُ : بالفتح ، كأنه منقوص من الحائر ، وقد تقدم تفسيره : اسم قصر كان بسامرّاء ، أنفق على عمارته المتوكل أربعة آلاف ألف درهم ثم وهب المستعين أنقاضه لوزيره أحمد بن الخصيب فيما وهبه له.

حَيَّرةُ : بفتح أوله ، وياء مشددة ، وراء ، وهاء : بلدة في جبال هذيل ثم في جبال سطاع.

الحِيرَةُ : بالكسر ثم السكون ، وراء : مدينة كانت على ثلاثة أميال من الكوفة على موضع يقال له النّجف زعموا أن بحر فارس كان يتّصل به ، وبالحيرة الخورنق بقرب منها مما يلي الشرق على نحو ميل ، والسدير في وسط البرّيّة التي بينها وبين الشام ، كانت مسكن ملوك العرب في الجاهلية من زمن نصر ثم من لخم النعمان وآبائه ، والنسبة إليها حاريّ على غير قياس كما نسبوا إلى النمر نمريّ ، قال عمرو بن معدي كرب :

كأن الإثمد الحاريّ منها

يسفّ بحيث تبتدر الدموع

وحيريّ أيضا على القياس ، كلّ قد جاء عنهم ، ويقال لها الحيرة الرّوحاء ، قال عاصم بن عمرو :

صبحنا الحيرة الروحاء خيلا

ورجلا ، فوق أثباج الركاب

حضرنا في نواحيها قصورا

مشرّفة كأضراس الكلاب

وأما وصفهم إياها بالبياض فإنما أرادوا حسن العمارة ،


وقيل : سمّيت الحيرة لأن تبّعا الأكبر لما قصد خراسان خلّف ضعفة جنده بذلك الموضع وقال لهم حيّروا به أي أقيموا به ، وقال الزّجاجي : كان أول من نزل بها مالك بن زهير بن عمرو بن فهم بن تيم الله بن أسد بن وبرة بن تغلب بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة ، فلما نزلها جعلها حيرا وأقطعه قومه فسمّيت الحيرة بذلك ، وفي بعض أخبار أهل السير : سار أردشير إلى الاردوان ملك النبط وقد اختلفوا عليه وشاغبه ملك من ملوك النبط يقال له بابا فاستعان كلّ واحد منهما بمن يليه من العرب ليقاتل بهم الآخر ، فبنى الاردوان حيرا فأنزله من أعانه من العرب فسمّي ذلك الحير الحيرة كما تسمّى القيعة من القاع ، وأنزل بابا من أعانه من الأعراب الأنبار وخندق عليهم خندقا ، وكان بخت نصر حيث نادى العرب قد جمع من كان في بلاده من العرب بها فسمّتها النبط أنبار العرب كما تسمى أنبار الطعام إذا جمع إليه الطعام ، وفي كتاب أحمد بن محمد الهمذاني : إنما سميت الحيرة لأن تبّعا لما أقبل بجيوشه فبلغ موضع الحيرة ضلّ دليله وتحيّر فسميت الحيرة.

وقال أبو المنذر هشام بن محمد : كان بدو نزول العرب أرض العراق وثبوتهم بها واتخاذهم الحيرة والأنبار منزلا أنّ الله عزّ وجل أوحى إلى يوحنا بن اختيار بن زربابل ابن شلثيل من ولد يهوذا بن يعقوب أن ائت بخت نصّر فمره أن يغزو العرب الذين لا أغلاق لبيوتهم ولا أبواب وأن يطأ بلادهم بالجنود فيقتل مقاتليهم ويستبيح أموالهم وأعلمهم كفرهم بي واتخاذهم آلهة دوني وتكذيبهم أنبيائي ورسلي ، فأقبل يوحنا من نجران حتى قدم على بخت نصر وهو ببابل فأخبره بما أوحي إليه وذلك في زمن معدّ بن عدنان ، قال : فوثب بخت نصر على من كان في بلاده من تجار العرب فجمع من ظفر به منهم وبنى لهم حيرا على النجف وحصّنه ثم جعلهم فيه ووكل بهم حرسا وحفظة ثم نادى في الناس بالغزو فتأهبوا لذلك وانتشر الخبر فيمن يليهم من العرب فخرجت إليه طوائف منهم مسالمين مستأمنين ، فاستشار بخت نصر فيهم يوحنا فقال : خروجهم إليك من بلدهم قبل نهوضهم إليك رجوع منهم عما كانوا عليه فاقبل منهم وأحسن إليهم ، فأنزلهم السواد على شاطئ الفرات وابتنوا موضع عسكرهم فسموه الأنبار ، وخلّى عن أهل الحير فابتنوا في موضعه وسموها الحيرة لأنه كان حيرا مبنيّا ، وما زالوا كذلك مدة حياة بخت نصر ، فلما مات انضموا إلى أهل الأنبار وبقي الحير خرابا زمانا طويلا لا تطلع عليه طالعة من بلاد العرب وأهل الأنبار ومن انضمّ إليهم من أهل الحيرة من قبائل العرب بمكانهم ، وكان بنو معدّ نزولا بتهامة وما والاها من البلاد ففرقتهم حروب وقعت بينهم فخرجوا يطلبون المتّسع والريف فيما يليهم من بلاد اليمن ومشارف أرض الشام ، وأقبلت منهم قبائل حتى نزلوا البحرين ، وبها قبائل من الأزد كانوا نزلوها من زمان عمرو بن عامر بن ماء السماء بن الحارث الغطريف بن ثعلبة بن امرئ القيس بن ثعلبة بن مازن بن الأزد ، ومازن هو جمّاع غسان ، وغسان ماء شرب منه بنو مازن فسموا غسان ولم تشرب منه خزاعة ولا أسلم ولا بارق ولا أزد عمان فلا يقال لواحد من هذه القبائل غسان وإن كانوا من أولاد مازن ، فتخلّفوا بها ، فكان الذين أقبلوا من تهامة من العرب مالك وعمرو ابنا فهم بن تيم الله بن أسد بن وبرة بن تغلب بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة ومالك بن الزمير ابن عمرو بن فهم بن تيم الله بن أسد بن وبرة في جماعة


من قومهم والحيقان بن الحيوة بن عمير بن قنص بن معدّ بن عدنان في قنص كلها ، ثم لحق به غطفان بن عمرو بن طمثان بن عوذ مناة بن يقدم بن أفصى ابن دعمي بن إياد فاجتمعوا بالبحرين وتحالفوا على التّنوخ ، وهو المقام ، وتعاقدوا على التناصر والتوازر فصاروا يدا على الناس وضمهم اسم التّنوخ ، وكانوا بذلك الاسم كأنهم عمارة من العمائر وقبيلة من القبائل ، قال : ودعا مالك بن زهير بن عمرو بن فهم جذيمة الأبرش بن مالك بن فهم بن غنم بن دوس بن عدنان ابن عبد الله بن زهران بن كعب بن الحارث بن كعب ابن عبد الله بن مالك بن نصر بن الأزد إلى التنوخ معه وزوّجه أخته لميس بنت زهير ، فتنّخ جذيمة بن مالك وجماعة من كان بها من الأزد فصارت كلمتهم واحدة ، وكان من اجتماع القبائل بالبحرين وتحالفهم وتعاقدهم أزمان ملوك الطوائف الذين ملّكهم الإسكندر وفرق البلدان عند قتله دارا إلى أن ظهر أردشير على ملوك الطوائف وهزّمهم ودان له الناس وضبط الملك ، فتطلّعت أنفس من كان في البحرين من العرب إلى ريف العراق وطمعوا في غلبة الأعاجم مما يلي بلاد العرب ومشاركتهم فيه واغتنموا ما وقع بين ملوك الطوائف من الاختلاف ، فأجمع رؤساؤهم على المسير إلى العراق ووطّن جماعة ممن كان معهم أنفسهم على ذلك ، فكان أول من طلع منهم على العجم حيقان في جماعة من قومه وأخلاط من الناس فوجدوا الأرمنيّين الذين بناحية الموصل وما يليهما يقاتلون الأردوانيّين ، وهم ملوك الطوائف ، وهم ما بين نفر ، قرية من سواد العراق ، إلى الأبلّة وأطراف البادية ، فاجتمعوا عليهم ودفعوهم عن بلادهم إلى سواد العراق فصاروا بعد أشلاء في عرب الأنبار وعرب الحيرة ، فهم أشلاء قنص بن معدّ ، منهم كان عمرو بن عدي بن نصر بن ربيعة بن عمرو بن الحارث ابن مالك بن عمم بن نمارة بن لخم ، ومن ولده النّعمان بن المنذر ، ثم قدمت قبائل تنوخ على الأردوانيين فأنزلوهم الحيرة التي كان قد بناها بخت نصر والأنبار ، وأقاموا يدينون للعجم إلى أن قدمها تبّع أبو كرب فخلّف بها من لم تكن له نهضة ، فانضموا إلى الحيرة واختلطوا بهم ، وفي ذلك يقول كعب بن جعيل :

وغزانا تبّع من حمير ،

نازل الحيرة من أرض عدن

فصار في الحيرة من جميع القبائل من مذحج وحمير وطيّء وكلب وتميم ، ونزل كثير من تنوخ الأنبار والحيرة إلى طفّ الفرات وغربيه إلا أنهم كانوا بادية يسكنون المظالّ وخيم الشعر ولا ينزلون بيوت المدر ، وكانت منازلهم فيما بين الأنبار والحيرة ، فكانوا يسمّون عرب الضاحية ، فكان أول من ملك منهم في زمن ملوك الطوائف مالك بن فهم أبو جذيمة الأبرش ، وكان منزله مما يلي الأنبار ، ثم مات فملك ابنه جذيمة الأبرش بن مالك بن فهم ، وكان جذيمة من أفضل ملوك العرب رأيا وأبعدهم مغارا وأشدهم نكاية وأظهرهم حزما ، وهو أول من اجتمع له الملك بأرض العرب وغزا بالجيوش ، وكان به برص وكانت العرب لا تنسبه إليه إعظاما له وإجلالا فكانوا يقولون جذيمة الوضّاح وجذيمة الأبرش ، وكانت دار مملكته الحيرة والأنبار وبقّة وهيت وعين التمر وأطراف البر إلى الغمير إلى القطقطانة وما وراء ذلك ، تجبى إليه من هذه الأعمال الأموال وتفد عليه الوفود ، وهو صاحب الزّبّاء وقصير ، والقصة طويلة ليس ههنا موضعها ، إلا أنه لما هلك صار ملكه إلى ابن أخته عمرو بن عدي بن نصر اللخمي ، وهو أول من اتخذ الحيرة منزلا


من الملوك ، وهو أول ملوك هذا البيت من آل نصر ، ولذلك يقول ابن رومانس الكلبي وهو أخو النعمان لأمه أمهما رومانس :

ما فلاحي بعد الألى عمروا ال

حيرة ما ان أرى لهم من باق

ولهم كان كل من ضرب العي

ر بنجد إلى تخوم العراق

فأقام ملكا مدة ثم مات عن مائة وعشرين سنة مطاع الأمر نافذ الحكم لا يدين لملوك الطوائف ولا يدينون له ، إلى أن قدم أردشير بن بابك يريد الاستبداد بالملك وقهر ملوك الطوائف فكره كثير من تنوخ المقام بالعراق وأن يدينوا لأردشير فلحقوا بالشام وانضموا إلى من هناك من قضاعة ، وجعل كل من أحدث من العرب حدثا خرج إلى ريف العراق ونزل الحيرة ، فصار ذلك على أكثرهم هجنة ، فأهل الحيرة ثلاثة أصناف : فثلث تنوخ ، وهم كانوا أصحاب المظال وبيوت الشعر ينزلون غربي الفرات فيما بين الحيرة والأنبار فما فوقها ، والثلث الثاني العبّاد ، وهم الذين سكنوا الحيرة وابتنوا فيها ، وهم قبائل شتى تعبدوا لملوكها وأقاموا هناك ، وثلث الأحلاف ، وهم الذين لحقوا بأهل الحيرة ونزلوا فيها فمن لم يكن من تنوخ الوبر ولا من العباد دانوا لأردشير ، فكان أول عمارة الحيرة في زمن بخت نصر ثم خربت الحيرة بعد موت بخت نصر وعمرت الأنبار خمسمائة سنة وخمسين سنة ثم عمرت الحيرة في زمن عمرو بن عدي باتخاذه إياها مسكنا فعمرت الحيرة خمسمائة سنة وبضعا وثلاثين سنة إلى أن عمرت الكوفة ونزلها المسلمون.

وينسب إلى الحيرة كعب بن عدي الحيري ، له صحبة ، روى حديثه عمرو بن الحارث عن ناعم بن أجيل بن كعب بن عدي الحيري. والحيرة أيضا : محلة كبيرة مشهورة بنيسابور ، ينسب إليها كثير من المحدثين ، منهم : أبو بكر أحمد بن الحسن الحيري صاحب حاجب بن أحمد وأبي العباس الأموي ، قال أبو موسى محمد بن عمر الحافظ الأصبهاني : أما أبو بكر الحيري فقد ذكر سبطه أبو البركات مسعود بن عبد الرحيم بن أبي بكر الحيري أن أجداده كانوا من حيرة الكوفة وجاءوا إلى نيسابور فاستوطنوها ، قال : فعلى هذا يحتمل أن يكونوا توطنوا محلة بنيسابور فنسبت المحلة إليهم كما ينسب بالكوفة والبصرة كل محلة إلى قبيلة نزلوها ، والله أعلم. والحيرة أيضا : قرية بأرض فارس فيما زعموا.

حِيزَانُ : بكسر أوله ، وسكون ثانيه ، وزاي ، وألف ، ونون ، يجوز أن يكون جمع الحوز ، وهو الشيء يحوزه ويحصله ، نحو رأل ورئلان : وهو بلد فيه شجر وبساتين كثيرة ومياه غزيرة ، وهي قرب إسعرت من ديار بكر ، فيها الشاه بلوط والبندق ، وليس الشاه بلوط في شيء من بلاد العراق والجزيرة والشام إلّا فيها ، وقال نصر : إنّ حيزان ، بفتح الحاء ، من مدن أرمينية قريبة من شروان ، فطول حيزان اثنتان وسبعون درجة وربع ، وعرضها أربع وثلاثون درجة ، من فتوح سلمان بن ربيعة ، ينسب إليها أبو الحسن حمدون بن علي الحيزاني ، روى عن سليم بن أيوب الفقيه الشافعي ، وروى عنه أبو بكر الشاشي الفقيه ، قلت : والصواب الأول.

الحَيْزُ : بالفتح ، والحيز ما انضمّ إلى الدار من مرافقها ، وكل ناحية حيز وحيّز نحو هين وهيّن ، وأصله من الواو : وهو موضع في قول لبيد :


وضحت ، بالحيز والدريم

جابية كالثّعب المزلوم

أي المملوء.

حَيْسٌ : بالسين المهملة ، والحيس طعام يصطنعه العرب من التمر والأقط : وهو بلد وكورة من نواحي زبيد باليمن ، بينها وبين زبيد نحو يوم للمجدّ ، وهو كورة واسعة ، وهي للراكب من الأشعرين ، قال المسلم بن نعيم المالكي :

أما ديار بني عوف فمنجدة ،

والعز قومي بحيس دارها الشّعف

من بعد آطام عزّ ، كان يسكنها

منا ملوك وسادات لهم شرف

حَيْضٌ : بالضاد المعجمة : شعب بتهامة لهذيل سحّ من السراة ، وقيل : حيض ويسوم جبلان بنجد ، وقد سماه عمر بن أبي ربيعة خيشا لأنه كان كثير المخاطبة للنساء ، فقال :

تركوا خيشا على أيمانهم ،

ويسوما عن يسار المنجد

حَيْطوبُ : كأنه فيعول من الحطب : اسم موضع في بلادهم.

حَيْفَاءُ : كأنه تأنيث ، والحيف الذي يعبّر به عن الجور : وهو موضع بالمدينة ، منه أجرى النبي ، صلى الله عليه وسلم ، الخيل في المسابقة ، ويقال منه الحيفاء ، وقد ذكر فيما مر. وحيفا ، غير ممدود : حصن على ساحل بحر الشام قرب يافا ، ولم يزل في أيدي المسلمين إلى أن تغلّب عليه كندفرى الذي ملك بيت المقدس في سنة ٤٩٤ ، وبقي في أيديهم إلى أن فتحه صلاح الدين يوسف بن أيوب في سنة ٥٧٣ وخرّبه ، وفي تاريخ دمشق : إبراهيم بن محمد بن عبد الرّزّاق أبو طاهر الحافظ الحيفيّ من أهل قصر حيفة ، سمع بأطرابلس أبا يوسف عبد السلام بن محمد بن يوسف القزويني وأبا الوفاء سعد بن علي بن محمد بن أحمد النّسوي ، وحدث بصور سنة ٤٨٦ ، سمع منه غيث ابن علي وأبو الفضل أحمد بن الحسين بن نبت الكاملي ، هكذا في كتابه قصر حيفة ، بالهاء ، وأنا أحسبه المذكور قبله.

الحَيْقُ : بالفتح ثم السكون ، والقاف : بلد باليمن ، وقيل جبل ، وقيل ساحل عدن ، وقيل جبل محيط بالدنيا ، كله عن نصر ، قال عمرو بن معدي كرب :

وأود ناصري وبنو زبيد ،

ومن بالحيق من حكم بن سعد

وقال أبو عبيدة في قول الفرزدق :

ترى أمواجه كجبال لبنى

وطود الحيق ، إذ ركب الجنابا

الحيق : جبل قاف الحائق بالدنيا الذي قد حاق بها أي قد أحاط بها ، والجناب بمعنى الجانبين.

حَيْلانُ : بالفتح : من قرى حلب ، تخرج منها عين فوّارة كثيرة الماء تسيح إلى حلب وتدخل إليها في قناة وتتفرّق إلى الجامع وإلى جميع مدينة حلب.

الحَيْلُ : بمعنى القوة : موضع بين المدينة وخيبر ، كانت به لقاح رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، فأجدبت فقرّبوها إلى الغابة فأغار عليها عيينة بن حصن بن حذيفة ابن بدر الفزاري ، ويوم الحيل : من أيام العرب.

حَيْلَةُ : بزيادة الهاء : بلدة بالسراة ، كان يسكنها بنو ثابر حيّ من العاربة الأولى ، أجلتهم عنه قسر بن عبقر ابن أنمار بن أراش.


الحيْمَة : بالميم : من قرى الجند باليمن بيد أحمد بن عبد الوهاب.

حِيني : بالكسر ، والنون مكسورة أيضا : بلد في ديار بكر فيه معدن الحديد يحمل منه إلى البلاد ، ويقال له حاني أيضا ، وقد ذكر في أول هذا الباب.

حيّةُ : بلفظ الحية من الحشرات : من مخاليف اليمن ، وقال نصر : حيّة من جبال طيّء.


خ

باب الخاء والألف وما يليهما

خابَرَانُ : بعد الألف باء ثم راء ، وآخره نون : ناحية ومدينة فيها عدة قرى بين سرخس وأبيورد من خراسان ، ومن قراها ميهنة ، وكانت مدينة كبيرة خرب أكثرها. والخابران : كورة بالأهواز.

خابُوراءُ : بعد الألف باء موحدة بوزن عاشوراء : موضع ، قاله ابن الأعرابي ، وقال ابن دريد : أخبرني بذلك حامد ولا أدري ما هو ، ولعلّه لغة في الخابور.

الخابُورُ : بعد الألف باء موحدة ، وآخره راء ، وهو فاعول من أرض خبرة وخبراء ، وهو القاع الذي ينبت السدر ، أو من الخبار ، وهو الأرض الرّخوة ذات الحجارة ، وقيل : فاعول من خابرت الأرض إذا حرثتها ، وقال ابن بزرج : لم يسمع اسم على فاعولاء إلا أحرفا : الضاروراء الضّرّ والساروراء السرّ والدالولاء الدّلّ وعاشوراء اسم لليوم العاشر من المحرم ، قال ابن الأعرابي : والخابوراء اسم موضع ، قلت أنا : ولا أدري أهو اسم لهذا النهر أم غيره ، فأما الخابور : فهو اسم لنهر كبير بين رأس عين والفرات من أرض الجزيرة ولاية واسعة وبلدان جمة غلب عليها اسمه فنسبت إليه من البلاد قرقيسياء وماكسين والمجدل وعربان ، وأصل هذا النهر من العيون التي برأس عين ، وينضاف إليه فاضل الهرماس ومدّ ، وهو نهر نصيبين ، فيصير نهرا كبيرا ، ويمتد فيسقي هذه البلاد ثم ينتهي إلى قرقيسياء فيصب عندها في الفرات ، وفيه من أبيات أخت الوليد بن طريف ترثي أخاها :

أيا شجر الخابور ما لك مورقا؟

كأنك لم تجزع على ابن طريف

فتى لا يحبّ الزاد إلا من التقى ،

ولا المال إلا من قنا وسيوف

وقال الأخطل :

أراعتك بالخابور نوق وأجمال

ورسم عفته الريح بعدي بأذيال؟ (١)

وقال الربيع بن أبي الحقيق اليهودي من بني قريظة :

__________________

(١) في هذا البيت إقواء فأجمال مرفوعة وأذيال مجرورة ، إلا إذا كان الرويّ ساكنا ، ولم نعثر عليه في ديوان الأخطل.


دور عفت بقرى الخابور غيّرها ،

بعد الأنيس ، سوافي الريح والمطر

إن تمس دارك ممن كان يسكنها

وحشا ، فذاك صروف الدهر والغير

حلّت بها كل مبيضّ ترائبها

كأنها ، بين كثبان النقا ، البقر

وأنشد ابن الأعرابي :

رأت ناقتي ماء الفرات وطيبه

أمرّ من الدّفلى الذعاف وأمقرا

وحنّت إلى الخابور لما رأت به

صياح النبيط والسفين المقيّرا

فقلت لها : بعض الحنين فإن بي

كوجدك إلا أنني كنت أصبرا

والخابور ، خابور الحسنيّة : من أعمال الموصل في شرقي دجلة ، وهو نهر من الجبال عليه عمل واسع وقرّى في شمالي الموصل في الجبال ، له نهر عظيم يسقي عمله ثم يصبّ في دجلة ، ومخرجه من أرض الزّوزان ، وقال المسعودي : مخرجه من أرض أرمينية ومصبّه في دجلة بين بلاد باسورين وفيسابور من بلاد قردى من أرض الموصل.

خاجر : بعد الألف جيم ، قال العمراني : موضع.

خاخٌ : بعد الالف خاء معجمة أيضا : موضع بين الحرمين ، ويقال له روضة خاخ ، بقرب حمراء الأسد من المدينة ، وذكر في أحماء المدينة جمع حمى ، والأحماء التي حماها النبيّ ، صلى الله عليه وسلم ، والخلفاء الراشدون بعده خاخ ، وروي عن عليّ ، رضي الله عنه ، أنه قال : بعثني رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، والزبير والمقداد فقال : انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ ، فإن بها ظعينة معها كتاب فخذوه فاتوني به ، قالوا : وخاخ مشترك فيه منازل لمحمد بن جعفر بن محمد وعلي بن موسى الرضا وغيرهم من الناس ، وقد أكثرت الشعراء من ذكره ، قال مصعب الزبيري : حدثني عبد الرحمن بن عبد الله بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، قال لما قال الأحوص :

يا موقد النار بالعلياء من إضم!

أوقد ، فقد هجت شوقا غير مضطرم

يا موقد النار أوقدها ، فإنّ لها

سنا يهيج فؤاد العاشق السدم

نار يضيء سناها ، إذ تشبّ لنا

سعديّة ، وبها نشفى من السقم

وما طربت بشجو أنت نائله ،

ولا تنوّرت تلك النار من إضم

ليست لياليك من خاخ بعائدة

كما عهدت ، ولا أيام ذي سلم

غنّى فيه معبد وشاع الشعر بالمدينة فأنشدت سكينة ، وقيل عائشة بنت أبي وقّاص ، قول الشاعر في خاخ فقالت : قد أكثرت الشعراء في خاخ ووصفه ، لا والله ما أنتهي حتى أنظر إليه ، فبعثت إلى غلامها فند فجعلته على بغلة وألبسته ثياب خزّ من ثيابها وقالت : امض بنا نقف على خاخ ، فمضى بها فلما رأته قالت : ما هو إلّا ما قال ، ما هو إلّا هذا! فقالت : لا والله لا أريم حتى أوتى بمن يهجوه ، فجعلوا يتذاكرون شاعرا قريبا منهم يرسلون إليه إلى أن قال فند : والله أنا أهجوه ، قالت : أنت! قال : أنا ، قالت : قل ، فقال : خاخ خاخ أخ بقو ، ثم تفل عليه كأنه تنخّع ، فقالت : هجوته وربّ الكعبة! لك البغلة وما عليها من الثياب ، روى أبو عوانة عن البخاري


خاج ، بالجيم في آخره ، وعهدته على البخاري ، وحكى العصائدي أنه موضع قريب من مكة ، والأول أصحّ ، وكانت المرأة التي أدركها عليّ والزبير ، رضي الله عنهما ، وأخذا منها الكتاب الذي كتبه حاطب بن أبي بلتعة إنما أدركاها بروضة خاخ ، وذكره ابن الفقيه في حدود العقيق وقال : هو بين الشّوطى والناصفة ، وأنشد للأحوص بن محمد يقول :

طربت ، وكيف تطرب أم تصابى ،

ورأسك قد توشّح بالقتير؟

لغانية تحلّ هضاب خاخ

فأسقف فالدّوافع من حضير

خاخَسْر : بفتح الخاء الثانية ، وسين مهملة ، وراء : قرية من قرى درغم على فرسخين من سمرقند ، ينسب إليها أبو القاسم سعد بن سعيد الخاخسري خادم أبي عليّ اليوناني الفقيه ، يروي عن عبد الله بن عبد الرحمن السمرقندي ، وعتيق بن عبد العزيز بن عبد الكريم بن هارون بن عطاء بن يحيى الدّرغمي الخاسري السمرقندي أبو بكر النيسابوري الأديب ، كان والده من خاخسر إحدى قرى سمرقند ، سكن نيسابور وولد عتيق بها ، وكان أديبا شاعرا حسن النظم يحفظ الكتب في اللغة ، سمع أبا بكر الشيروي وأبا بكر الحسين بن يعقوب الأديب ، كتب عنه أبو سعد بخوارزم ، وكانت ولادته في رابع عشر رجب سنة ٤٧٧ ، ومات بخوارزم سنة ٥٦٠.

خَار : آخره راء : موضع بالري ، منه أبو إسماعيل إبراهيم ابن المختار الخاري الرازي ، سمع محمد بن إسحاق ابن بشّار وشعبة بن الحجاج ، روى عنه محمد بن سعيد الأصبهاني ومحمد بن حميد الرازي ، قاله الحاكم أبو أحمد.

خاربان : من نواحي بلخ ، منها أحمد بن محمد الخارباني ، حدث عن محمد بن عبد الملك المروزي ، قاله ابن مندة حكاه عن عليّ بن خلف.

خارِجَةُ : بعد الألف راء مكسورة ، وجيم : قرية بإفريقية من نواحي تونس ، ينسب إليها أبو القاسم بن محمد بن أبي القاسم الخارجي الفقيه على مذهب مالك ابن أنس ، مات قبل الستمائة ، وأخوه عبد الله بن محمد ، كان رئيسا مقدّما في دولة عبد المؤمن ذا كرم ورياسة ، توفي سنة ٦٠٣.

الخارفُ : من قرى اليمن من أعمال صنعاء من مخلاف صداء.

خارْزَنْج : بعد الألف راء ثم زاي ثم نون ثم جيم : ناحية من نواحي نيسابور من عمل بشت ، بالشين المعجمة ، والعجم يقولون خارزنك ، بالكاف ، وقد نسبوا إليه على هذه النسبة أبا بكر محمد بن إبراهيم ابن عبد الله النيسابوري ، سمع محمد بن يحيى الذهلي ، روى عنه أبو أحمد محمد بن الفضل الكرابيسي ، ويجوز أن يقال : إن أصله مركب من خار أي ضعف وزنج أي هذا الصنف من السودان ، وقد خرج من هذه الناحية جماعة من أهل العلم والأدب ، منهم : أحمد بن محمد صاحب كتاب التكملة في اللغة ، ويوسف بن الحسن بن يوسف بن محمد بن إبراهيم بن إسماعيل الخارزنجي ، كان أحد الفضلاء ، أخذ الكلام وأصول الفقه من أصحاب أبي عبد الله ثم اختلف إلى درس الجويني أبي المعالي وعلّق عنه الكثير ، ثم مضى إلى مرو واشتغل بها على أبي المظفّر السمعاني وأبي محمد عبد الله بن عليّ الصّفّار وعاد إلى نيسابور وصنّف في عشرين نوعا من العلم ، وقصد بغداد ، وسمع الشيخ أبا إسحاق الشيرازي ، وكان مولده سنة ٤٤٥.


خارَكُ : بعد الألف راء ، وآخره كاف : جزيرة في وسط البحر الفارسي ، وهي جبل عال في وسط البحر ، إذا خرجت المراكب من عبّادان تريد عمان وطابت بها الريح وصلت إليها في يوم وليلة ، وهي من أعمال فارس ، يقابلها في البرّ جنّابة ومهروبان ، تنظر هذه من هذه للجيّد النظر ، فأمّا جبال البرّ فإنها ظاهرة جدّا ، وقد جئتها غير مرّة ووجدت أيضا قبرا يزار وينذر له يزعم أهل الجزيرة أنه قبر محمد بن الحنفية ، رضي الله عنه ، والتواريخ تأبى ذلك ، قال أبو عبيدة : وكان أبو صفرة والد المهلب فارسيّا من أهل خارك فقطع إلى عمان ، وكان يقال له بسخره فعرّب فقيل أبو صفرة ، وكان بها حائكا ، ثم قدم البصرة فكان بها سائسا لعثمان بن أبي العاصي الثقفي ، فلما هاجرت الأزد إلى البصرة كان معهم في الحروب فوجدوه نجدا في الحروب فاستلاطوه ، وكان ممن استلاطت العرب كذلك كثير ، فقال كعب الأشقري يذكرهم :

أنتم بشاش وبهبوذان مختبرا ،

وبسخره وبنوس ، حشوها القلف

لم يركبوا الخيل ، إلّا بعد ما كبروا ، فهم ثقال على أكتافها عنف وقال الفرزدق :

وكائن لابن صفرة من نسيب ،

ترى بلبانه أثر الزيار

بخارك لم يقد فرسا ، ولكن

يقود السّفن بالمرس المغار

صراريّون ، ينضح في لحاهم

نفيّ الماء من خشب وقار

ولو ردّ ابن صفرة حيث ضمّت ،

عليه الغاف ، أرض أبي صفار

وقد نسب إليها قوم ، منهم : الخاركي الشاعر في أيام المأمون وما يقاربها ، وهو القائل :

من كلّ شيء قضت نفسي مآربها ،

إلا من الطعن بالبتّار بالتين

لا أغرس الزّهر إلا في مسرقنة ،

والغرس أجود ما يأتي بسرقين

وأبو همّام الصّلت بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي المغيرة البصري ثم الخاركي ، يروي عن سفيان بن عيينة وحماد بن زيد ، روى عنه أبو إسحاق يعقوب ابن إسحاق القلوسي ومحمد بن إسماعيل البخاري ، وأبو العباس أحمد بن عبد الرحمن الخاركي البصري ، روى عنه أبو بكر محمد بن أحمد بن عليّ الأتروني القاضي.

خَازِرُ : بعد الألف زاي مكسورة ، كذا رواه الأزهري وغيره ، ثم راء ، وقد حكي عن الأزهري أنه رواه بفتح الزاي ، ولم أجده أنا كذلك بخطه ، كأنه مأخوذ من خزر العين وهو انقلاب الحدقة نحو اللّحاظ : وهو نهر بين إربل والموصل ثم بين الزاب الأعلى والموصل ، وعليه كورة يقال لها نخلا ، وأهل نخلا يسمون الخازر برّيشوا ، مبدأه من قرية يقال لها أربون من ناحية نخلا ويخرج من بين جبل خلبتا والعمرانية وينحدر إلى كورة المرج من أعمال قلعة شوش والعقر إلى أن يصب في دجلة ، وهو موضع كانت عنده وقعة بين عبيد الله بن زياد وإبراهيم ابن مالك الأشتر النخعي في أيام المختار ، ويومئذ قتل ابن زياد الفاسق ، وذلك في سنة ٦٦ للهجرة.


خاسْت : بسين مهملة ، وتاء مثناة ، وفيه جمع بين ثلاث سواكن ، لفظ عجميّ ، قال أبو سعد : هي بليدة من نواحي بلخ قرب أندراب ، ينسب إليها أبو صالح الحكم بن المبارك الخاستي ، روى عن مالك ابن أنس ، رضي الله عنه ، روى عنه عبد الله بن عبد الرحمن السمرقندي ، مات سنة ٢١٣.

خاشْت : مثل الذي قبله إلا أن شينه معجمة ، قال أبو سعد : هي بليدة من نواحي بلخ أيضا ويقال لها خوشت أيضا ، ينسب إليها بهذا اللفظ أبو صالح الحكم بن المبارك الخاشتي البلخي ، حافظ ، حدث عن مالك وحمّاد بن زيد ، وكان ثقة ، ومات بالري سنة ٢١٣ ، كذا ذكره السمعاني ، وهو الذي قبله ، ولعلّه وهم.

خاشْتي : قال العمراني : هو اسم موضع ، ولعله الذي قبله.

خاشَك : مدينة مشهورة من مدن مكران ، وفيها مسجد يزعمون أنه لعبد الله بن عمر.

خاصٌ : قال ابن إسحاق : وكان واديا خيبر وادي السّرير ووادي خاص ، وهما اللذان قسمت عليهما خيبر ، ووادي الكتيبة الذي خرج في خمس الله ورسوله وذوي القربى وغيرهم.

الخافِقَيْنِ : بلفظ الخافقين ، وهو هواءان محيطان بجانبي الأرض جميعا ، قال الأصمعي : الخافقان طرف السماء والأرض ، وقيل : الخافقان المشرق والمغرب لأن المغرب يقال له الخافق لأن الخافق هو الغائب ، فغلّبوا المغرب على المشرق فقالوا الخافقان كما قالوا المغربان وكما قالوا الأبوان. والخافقان : موضع معروف.

خاكسَارانُ : بعد الكاف سين مهملة ، وبعد الألف راء ، وآخره نون : موضع.

خاكَةُ : واد من بلاد عذرة كانت به وقعة ، عن نصر عن العمراني.

خالَبَرْزَن : بفتح اللام والباء الموحدة ثم راء ساكنة ، وآخره نون : من قرى سرخس ، عن أبي سعد ، منها جعفر بن عبد الوهاب خال عمر بن عليّ المحدث ، يروي عن يونس بن بكير وغيره.

خالِدآباذ : من قرى سرخس أيضا منسوبة إلى خالد ، وهذه اياذ معناه عمارة خالد ، والمشهور منها إمام الدّنيا في عصره أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الخالدآباذي المروزي ، صنّف الأصول وشرح المختصر للمزني ، وقصده الناس من البلاد ، وانتشر عنه علم الفقه ، وخرج من عنده سبعون من مشاهير العلماء ، وكان يدرّس ببغداد ثم انتقل عنها إلى مصر فأجلس مجلس الشافعي في حلقته واجتمع الناس عليه ، ومات بمصر سنة ٣٤٠. وخالدآباذ : من قرى الري مشهورة.

الخالِدِيَّةُ : قرية من أعمال الموصل ، ينسب إليها أبو عثمان سعيد وأبو بكر محمد ابنا هاشم بن وعلة بن عرام بن يزيد بن عبد الله بن عبد منبّه بن يثربي بن عبد السلام بن خالد بن عبد منبّه الخالديّان الشاعران المشهوران ، كذا نسبهما السريّ الرفاء في شعره :

ولقد حميت الشعر ، وهو بمعشر

رقم سوى الأسماء والألقاب

وضربت عنه المدّعين ، وإنما

عن جودة الآداب كان ضرابي

فغدت نبيط الخالدية تدّعي

شعري ، وترفل في حبير ثيابي

وقال أيضا :


ومن عجب أن الغنيّين أبرقا ،

مغيرين في أقطار شعري ، وأرعدا

فقد نقلاه عن بياض مناسبي

إلى نسب في الخالدية أسودا

وقد نسب بهذه النسبة أبو الحسن محمد بن أحمد الخالدي الشاهد منسوب إلى سكة خالد بنيسابور سمع أبا بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة ولم يقتصر عليه فخلط به غيره فضعّفه الحاكم.

خالِدٌ : سكة خالد : بنيسابور ، ينسب إليها أبو الحسن محمد بن أحمد الخالدي الشاهد ، سمع أبا بكر محمد ابن خزيمة ولم يقتصر عليه فحدث عن شيوخ أخيه.

الخالِصُ : اسم كورة عظيمة من شرقي بغداد إلى سو بغداد ، وهذا اسم محدث لم أجده في كتب الأوائل ولا تصنيف ، وإنما هو اليوم مشهور ، ولعلّي أكشف عن سببه إن شاء الله تعالى ، ووجدت في كتاب الديرة أن نهر الخالص هو نهر المهدي.

الخالِصَةُ : قال أبو عبيد السكوني : بركة خالصة بين الأجفر والخزيمية بطريق مكة من الكوفة على ميلين من الأغرّ ، وبينها وبين الأجفر أحد عشر ميلا وأظنّ خالصة التي نسبت هذه البركة إليها هي الجارية السوداء التي كان بعض الخلفاء يكرمها ويلبّسها الحلي الفاخر ، فقال بعض الشعراء :

لقد ضاع شعري على بابكم

كما ضاع درّ على خالصه

فبلغ الخليفة ذلك فأمر بإحضاره وأنكر عليه بما بلغه منه ، فقال : يا أمير المؤمنين كذبوا ، إنما قلت :

لقد ضاء شعري على بابكم

كما ضاء درّ على خالصه

فاستحسن الخليفة تخلّصه منه وأمر له بجائزة حسنة بعد أن أراد أن يفتك به ، وبلغني أن هذه الحكاية حوضر بها في مجلس القاضي أبي علي عبد الرحيم النيسابوري فقال : هذا بيت قلعت عينه فأبصر ، وهذا من لطيف الاختراع. وخالصة : مدينة بصقلية ذات سور من حجارة يسكنها السلطان وأجناده ، وليس بها سوق ولا فنادق ، وهي على نحر البحر ، ولها أربعة أبواب ، ذكر ذلك ابن حوقل ، وحدثني أبو الحسن عليّ بن باديس أنها اليوم محلّة في وسط بلرم وبلرم محيط بها.

الخالُ : الخال في لغتهم ينصرف إلى معان كثيرة تفوت الحصر ، والخال : اسم جبل تلقاء الدّثينة لبني سليم ، وقيل : في أرض غطفان ، وأنشد :

أهاجك بالخال الحمول الدوافع ،

فأنت لمهواها من الأرض نازع؟

والخال أيضا : موضع في شق اليمن. وذات الخال : موضع آخر ، قال عمرو بن معدي كرب :

وهم قتلوا بذات الخال قيسا

وأشعث ، سلسلوا في غير عهد

فكتب ما في أخبار أبي الطيب من أسماء الخال.

خالَةُ : هو مؤنث الذي قبله : وهو ماء لكلب بن وبرة في بادية الشام ، قال النابغة :

بخالة أو ماء الذّنابة أو سوى

مظنّة كلب أو مياه المواطر

وتروى بالحاء المهملة ، وكل هذه مواضع ، قال أبو عمرو : استسقى عديّ بن الرقاع بني بحر من بني زهير بن جناب الكلبيين وهم على ماء لهم يقال له خالة وفيه جفر يقال له القنينيّ كانت بنو تغلب قد رعت فيه فوقع قعب في القنيني وزعم أنه وجد القعب في التراب ، فاقتتلت في ذلك الجفر بنو تغلب حتى كادت


تنفانى ثم اصطلحوا على ملئه حجارة وقتادا واحتفروا ما حوله ، فموضع القنيني من خالة معروف ويقال لما حوله القنينيّات ، قال عديّ بن الرقاع :

غابت سراة بني بحر ، ولو شهدوا

يوما لأعطيت ما أبغي وأطّلب

حتى وردنا القنينيات ضاحية ،

في ساعة من نهار الصيف تلتهب

فجاء بالبارد العذب الزّلال لنا ،

ما دام يمسك عودا ذاويا كرب

من ماء خالة جيّاش بذمته ،

مما توارثه الأوحاد والعتب

الأوحاد : عوف بن سعد وكعب بن سعد من بني تغلب ، والعتب : عتبة بن سعد وعتاب بن سعد وعتبان بن سعد.

خَامِرٌ : جبل بالحجاز بأرض عكّ ، قال الطاهر بن أبي هالة :

قتلناهم ما بين قنّة خامر

إلى القيعة الحمراء ذات العثاعث

خَانُ أُمّ حكيم : موضع قريب من الكسوة من أعمال حوران قريب من دمشق ، ينسب إلى أمّ حكيم بنت أبي جهل بن هشام.

خَانْجَاه : لا أدري أين هو إلّا أنّ شيرويه قال : قال محمد بن عبد الله بن عبدان الصوفي : أبو بكر يعرف بالحافظ الخانجاهي ، روى عن ابن هلال وابن تركان وغيرهما ، ما أدركته لصغر سنّي ، وحدثني عنه عبدوس ، وكان صدوقا أحد مشايخ الصوفية في وقته ، ذكره في الطبقة الحادية عشرة من أهل همذان ، فالظاهر أنه محلّة بهمذان أو قرية من قراها ، والله أعلم.

خَانِسَار : بكسر النون ، والسين مهملة : قرية من قرى جرباذقان ، ينسب إليها أحمد بن الحسن بن أحمد بن علي بن الخصيب أبو سعد الخوانساري ، سمع من أبي طاهر محمد بن أحمد بن عبد الرحيم وغيره ، قاله يحيى بن مندة.

خَانِقُ : قال أبو المنذر : يقال إنّ إياد بن نزار لم تزل مع إخوتها بتهامة وما والاها حتى وقعت بينهم حرب فتظاهرت مضر وربيعة ابنا نزار على إياد فالتقوا بناحية من بلادهم يقال لها خانق ، وهي اليوم من بلاد كنانة بن خزيمة ، فهزمت إياد وظهروا عليهم فخرجوا من تهامة ، فقال أحد بني خصفة بن قيس بن عيلان في ذمّ إياد :

إيادا ، يوم خانق ، قد وطئنا

بخيل مضمرات قد برينا

ترادى بالفوارس ، كلّ يوم ،

غضاب الحرب تحمي المحجرينا

فأبنا بالنّهاب وبالسبايا ،

وأضحوا في الديار مجدّلينا

الخانِقَانُ : موضع بالمدينة ، وهو مجمع مياه أوديتها الكبار الثلاثة : بطحان والعقيق وقناة.

الخانِقَةُ : بعد الألف نون مكسورة ، وقاف ، تأنيث الخانق : وهو متعبّد للكرّامية بالبيت المقدس ، عن العمراني.

خانِقِين : بلدة من نواحي السواد في طريق همذان من بغداد ، بينها وبين قصر شيرين ستّة فراسخ لمن يريد الجبال ، ومن قصر شيرين إلى حلوان ستة فراسخ ، قال مسهر بن مهلهل : وبخانقين عين للنفط عظيمة كثيرة الدخل ، وبها قنطرة عظيمة على واديها تكون أربعة وعشرين طاقا ، كل طاق يكون عشرين ذراعا ،


عليها جادّة خراسان إلى بغداد وتنتهي إلى قصر شيرين ، قال عتبة بن الوعل التغلبي :

كأنك يا ابن الوعل لم تر غارة

كورد القطا النّهي المعيف المكدّرا

على كل محبوك السراة مفزّع

كميت الأديم ، يستخفّ الخروّرا

ويوم بباجسرى كيوم مقيلة ،

إذا ما اشتهى الغازي الشراب وهجّرا

ويوم بأعلى خانقين شربته ،

وحلوان حلوان الجبال وتسترا

ولله يوم بالمدينة صالح

على لذة منه ، إذا ما تيسرا

وقال البشّاري : وخانقين أيضا بلدة بالكوفة ، والله أعلم.

خَانُ لَنْجَانَ : بفتح اللام : موضع بفارس ، قال أبو سعد : موضع بأصبهان ، وهي مدينة حسنة ذات سوق وعمارة ، خرج منها طائفة من العلماء ، بينها وبين أصبهان يومان ، وينسب إليها الخانيّ ، منها : محمد بن أحمد بن محمد بن محمد بن يحيى بن حمدان المعروف بالعجلي أبو عبد الله الخاني ، سكن خان لنجان ، حدث عن الطبراني وأبي الشيخ وطبقتهما ، ومات سنة ٤٢٣ ، وكان بها قلعة قديمة حصينة ملكها الباطنيّة وخرّبها السلطان محمد في سنة ٥٧٠.

الخانوقَةُ : بعد الألف نون ، وبعد الواو قاف : مدينة على الفرات قرب الرّقّة ، وإليها ، والله أعلم ، ينسب أبو عبد الله محمد بن محمد الخانوقي ، حدث عن أبي الحسين المبارك بن عبد الجبار الصرد المعروف بابن الطيوري ، سمع منه ابنه محمد.

خَانُ وَرْدَانَ : شرقي بغداد منسوب إلى وردان بن سنان أحد قوّاد المنصور ، كان عظيم اللحية جدّا ، قال : وكتب ابن عيّاش المنتوف إلى المنصور في حوائج وقال في آخرها : ويهب لي أمير المؤمنين لحية وردان أتدفّأ بها في هذا الشتاء ، فوقّع المنصور بقضاء حوائجه وتحت لحية وردان كتب : لا كرامة ولا عزازة.

خان : موضع بأصبهان ، وهي عجمية في الأصل ، وهي المنازل التي يسكنها التجار ، ينسب إليها أبو أحمد محمد بن عبد كويه الخاني الأصبهاني ، ينسب إلى خان لنجان فنسب إلى شطر هذا الاسم ، وهي مدينة هذا القطر كما ذكرنا قبل ، وكان رجلا صالحا من وجوه هذه البلدة ، ورد أصبهان وحدث بها عن البغداديين والأصبهانيين ، ومات سنة ٤٠٦.

خَانِيجَار : بعد الألف نون ثم ياء مثناة من تحت ، وجيم ، وآخره راء : بليدة بين بغداد وإربل قرب دقوقاء عجميّ ، فتحه هاشم بن عتبة بن أبي وقاص ، أنفذه إليه عمه سعد بن أبي وقاص.

خَاوَر : أكبر مدينة كورة كاوار جنوبي فزّان ، افتتحها عقبة بن عامر سنة سبع وأربعين بعد ممانعة وقتل أهلها وسباهم.

خاوَرَانُ : قرية من نواحي خلاط ، وقد نسب بهذه النسبة أبو الحسن محمد بن محمد الخاوراني ، وجدت له مسموعات بخط ولده في آخرها ، وكتب أبو محمد ابن أبي الحسن بن محمد بن محمد الخاوراني حفيد نظام الملك ووجدته قد ذكر أنه لقي جماعة من الأئمة المشهورة ، وفيه أنه سمع بنيسابور من شيخ الدين أبي محمد عبد الجبار بن محمد البيهقي الخواري عن الواحدي وأبي سعيد عبد الصمد المقري وأبي القاسم


زاهر بن طاهر الشّحّامي وأبي محمد العباس بن محمد ابن أبي منصور الطوسي يعرف بعبّاسة ، وروى عنه أبو الحسن عبد الغفار الفارسي وأبو عبد الله محمد بن الفضل الفراوي وأبو الفضل أحمد بن محمد الميداني وابنه سعيد ، قال : وأدركت أبا حامد الغزّالي وأنا ابن أربع سنين ، ولقي أبا القاسم محمود بن عمر الزمخشري ، قال : وسمع منه الكشاف والمفصّل ، أجاز لأبي بكر محمد بن يوسف بن أبي بكر الإربلي أيام الملك الناصر صلاح الدين ولابني أخيه محمد ويوسف ابني أردشير بن يوسف في سلخ ربيع الآخر سنة ٥٧١ ، وذكر أن له من التصانيف كتاب التلويح في شرح المصابيح وكتاب الشرح والبيان والأربعين المنسوب إلى ابن ودعان وكتاب شرح حصار الإيمان وكتاب سير الملوك وكتاب بيان قصة إبليس مع النبي ، صلى الله عليه وسلم ، وكتاب النقاوة في الفرائض وكتاب النّخب والنّكت في الفرائض وكتاب القواعد والفوائد في النحو وكتاب نخبة الأعراب وكتاب الأدوات وكتاب التصريف وغيرها ، ومنها صديقنا أديب تبريز أحمد بن أبي بكر ابن أبي محمد ، مات شابّا في سنة ٦٢٠.

خاوس : بفتح الأول ، وسين مهملة : بليدة من ما وراء النهر من بلاد أشروسنة ، خرج منها طائفة من العلماء والزهاد ، وربما عوّض بدل السين صاد ، ينسب إليها أبو بكر محمد بن أبي بكر بن عبد الرحمن الخاوصي الخطيب ، روى بسمرقند عن أبي الحسن علي بن سعيد المطهّري ، روى عنه أبو حفص عمر بن محمد بن أحمد النّسفي.

الخائعُ : بعد الألف ياء مهموزة ، وهو اسم فاعل من الخوع ، وهو الجبل الأبيض ، قال رؤبة :

كما يلوح الخوع بين الأجبل

والخوع أيضا : منعرج الوادي ، وهو اسم جبل يقابله آخر اسمه تائع ، ذكرهما أبو وجزة السعدي في قوله :

والخائع الجون آت عن شمائلهم ،

ونائع النّعف عن أيمانهم يقع

والجون في كلامهم من الأضداد يقال للأبيض والأسود ، عن إسماعيل بن حماد ، ويقع : يرتفع.

الخائعانِ : تثنية الخائع ، قال يعقوب : الخائعان شعبتان تدفع واحدة في غيقة والأخرى في يليل ، وهو وادي الصفراء ، قال كثيّر :

عرفت الدار كالحلل البوالي ،

بفيف الخائعين إلى بعال

ديار من عزيزة ، قد عفاها

تقادم سالف الحقب الخوالي

باب الخاء والباء وما يليهما

خَبءٌ : بسكون الباء ، والهمزة : واد بالمدينة إلى جنب قباء ، وقيل : خبء ، بالضم ، واد منحدر من الكاثب ثم يأخذ ظهر حرّة كشب ثم يصير إلى قاع الجموح أسفل من قباء. وخبء أيضا : موضع نجديّ.

الخَبَارُ : بفتح أوله ، وآخره راء : موضع قريب من المدينة ، وكان عليه طريق رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، حين خرج يريد قريشا قبل وقعة بدر ، والخبار في كلامهم الأرض الرخوة ذات الحجارة ، وهو فيف الخبار ، ويقال : فيفاء الخبار ، ذكره ابن الفقيه في نواحي العقيق بالمدينة ، وقال ابن شهاب : كان قد قدم على رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ،


نفر من عرينة كانوا مجهودين مضرورين فأنزلهم عنده وسألوه أن ينجيهم من المدينة فأخرجهم رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، إلى لقاح له بفيف الخبار وراء الحمى ، قال ابن إسحاق : وفي جمادى الأولى غزا رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، قريشا فسلك على نقب بني دينار من بني النجار ثم على فيفاء الخيّار ، قال الحازمي : كذا وجدته مضبوطا بخط أبي الحسن ابن الفرات بالحاء المهملة والياء المشددة ، والمشهور هو الأول.

خَبائِرُ : من أعمال ذي جبلة باليمن.

خَباش : نخل لبني يشكر باليمامة.

خَباقُ : بفتح أوله ، وآخره قاف : من قرى مرو ، وهي قرب جيرنج ، نسب إليها أبو الحسن عليّ بن عبد الله الخباقي الصوفي ، كان عابدا ، سمع الحديث بالشام والعراق ، روى عن أبي سعيد إسماعيل بن عبد القاهر الجرجاني وأبي الحسين الطيوري ، ذكره أبو سعد في شيوخه ، ومات سنة ٥١٩.

خُبّانُ : بضم أوله ، وتشديد ثانيه ويخفف ، وآخره نون ، ويجوز أن يكون فعلان من الخبّ : وهي قرية باليمن في واد يقال له وادي خبان قرب نجران ، وهي قرية الأسود الكذاب ، وفي كتاب الفتوح : كان أول ما خرج الأسود العنسي واسمه عبهلة بن كعب أن خرج من كهف خبان ، وهي كانت داره وبها ولد ونشأ.

خَبّانُ : بالفتح ثم التشديد ، قال نصر : خبان جبل بين معدن النّقرة وفدك ، وقيل : حبان وحيان.

الخِبُّ : بكسر أوله ، والخب الرجل الخدّاع ، يقال : خببت يا رجل تخبّ خبّا ، وقد يروى بفتح الخاء ، وهما لغتان فيه ، وقد بسطت شرحه في الخبيب فيما بعد : اسم موضع ذكره أسماء بن خارجة :

عيش الخيام ليالي الخبّ

وفي شعر أبي دواد : الخب اسم موضع ، ولا أدري أهو المقدم ذكره أم غيره ، قال :

أقفر الخبّ من منازل أسما

ء ، فجنبا مقلّص فظليم

وقال نصر : الخب ماء لبني غني قرب الكوفة.

خَبْتٌ : بفتح أوله ، وتسكين ثانيه ، وآخره تاء مثناة ، وهو في الأصل المطمئن من الأرض فيه رمل ، وقال أبو عمرو : الخبت سهل في الحرّة ، وقال غيره : هو الوادي العميق الوطيء ينبت ضروب العضاه ، وقيل : الخبت ما تطامن من الأرض وغمض ، فإذا خرجت منه أفضيت إلى سعة ، والجمع الخبوت ، وهو علم لصحراء بين مكة والمدينة يقال له خبت الجميش. وخبت أيضا : ماء لكلب. وخبت البزواء : بين مكة والمدينة. وخبت : من قرى زبيد باليمن.

خُبْتَعٌ : بضم أوله ، وتسكين ثانيه ثم تاء منقطة باثنتين من فوقها ، وآخره عين مهملة ، هكذا ضبطه العمراني وقال : هو بوزن طحلب : اسم موضع ، ولا أدري ما أصله.

خَبْجَبَةُ : بفتح أوله ، وسكون ثانيه ثم جيم مفتوحة ثم باء أخرى ، بقيع الخبجبة : موضع جاء ذكره في سنن أبي داود ، والخبجبة : شجر يعرف بها.

خُبَجُ : بوزن زفر : قرية من أعمال ذمار باليمن.

خَبْراء العِذَقِ : والخبراء : القاع الذي ينبت السدر والعضاه ، وقال صاحب كتاب العين : الخبراء شجر في بطن روضة يبقى الماء فيها إلى القيظ ، وفيها ينبت الخبر ، وهو شجر السدر والأراك ، وحولها عشب


كثير ، وتسمى الخبرة أيضا ، والجمع الخبر ، هكذا وصف أهل اللغة الخبراء ، فأما عرب هذا العصر فإن الخبراء عندهم الماء المحتقن كالغدير يردون إليه ، ولا أصل له عند العرب ، وقال ابن الأعرابي : عذق الشحير وهو نبات إذا طال نبته وثمرته عذقه. وخبراء العذق : معروفة بناحية الصمان ، عن أبي منصور.

ويوم الخبراء : من أيام العرب ، وخبراء صائف : بين مكة والمدينة ، قال معن بن أوس :

ففدفد عبّود فخبراء صائف

فذو الجفر أقوى منهم فقدافده

خَبْرٌ : بفتح أوله ، وتسكين ثانيه ، وآخره راء ، والخبر في لغة العرب السدر والأراك ، وأنشدوا :

فجادتك أنواء الربيع ، فهلّلت

عليك رياض من سلام ومن خبر

والخبر : موضع على ستة أميال من مسجد سعد بن أبي وقاص ، فيها بركة للخلفاء وبركة لأم جعفر وبئران رشاؤهما خمسون ذراعا وهما قليلتا الماء عذبتان ، وفيها قصور على طريق الحاج ، وكان الخبر من مناقع المياه ما خبّر المسيل في الرءوس فيخوض الناس إليه ، كذا قال أبو منصور. وخبر : علم لبليدة قرب شيراز من أرض فارس ، بها قبر السعيد أخي الحسن ابن أبي الحسن البصري ، ينسب إليها جماعة من أهل العلم ، منهم : الفضل بن حماد الخبري صاحب المسند الكبير ، حدث عن سعيد بن أبي مريم وسعيد بن عفير وغيرهما ، وأبو العباس الفضل بن يحيى بن إبراهيم الخبري ابن بنت الفضل بن حماد أبو حكيم ، وله كتاب في الفرائض كبير سماه التلخيص ، وله تصنيف مثله ، قال ابن طاهر : فأما الحسن بن الحسين بن عليّ ابن محمد الخبري فلقب بذلك وهو شيرازيّ ، وعبد الله بن إبراهيم الخبري الفرضي الأديب جد محمد بن ناصر السلّامي لأمه.

خَبِرَةُ : بفتح أوله ، وكسر ثانيه ، وراء مهملة ، وهو لغة في الخبراء ، يقال خبراء وخبرة للأرض التي تنبت السدر : وهو علم لماء بني ثعلبة بن سعد من حمى الرّبذة ، وعنده قليب لأشجع ، وأول أخيلة هذا الحمى من ناحية المدينة الخبرة.

خَبْرِينُ : بفتح أوله ، وتسكين ثانيه ، وراء بعدها ياء مثناة من تحتها ، ونون : قرية من أعمال بست ، بالسين ، ينسب إليها أبو عليّ الحسين بن الليث بن مدرك الخبريني البستي ، توفّي حاجّا سنة ٣٧٧.

خُبزَةُ : بضم أوله ، وتسكين ثانيه ، وزاي : حصن من أعمال ينبع من أرض تهامة قرب مكة.

الخَبَطُ : بفتح أوله وثانيه ، وآخره طاء مهملة ، وهو اسم لما يخبط من شجر بالعصا وغيره ويجمع فيعلف الدوابّ مثل النّفض من النّفض : وهو علم لموضع في أرض جهينة بالقبلية ، وبينها وبين المدينة خمسة أيام ، وهي بناحية ساحل البحر.

خَبْقٌ : قال الرّهني وذكر خبيصا من نواحي كرمان ثم قال : وفي ناحيتها خبق وببق.

خَبَنْك : بفتح أوله وثانيه ، وسكون النون : قرية من قرى بلخ يقال لها الخورنق ، ذكرت في الخورنق.

خَبُوشانُ : بفتح أوله ، وضم ثانيه ، وبعد الواو الساكنة شين معجمة ، وآخره نون : بليدة بناحية نيسابور ، وهي قصبة كورة أستوا ، منها أبو الحارث محمد بن عبد الرحيم بن الحسن بن سليمان الخبوشاني الحافظ الاستوائي ، رحل وسمع الكثير من أبي عليّ زاهر بن أحمد السرخسي وأبي الهيثم محمد بن مكي الكشميهني وغيرهما ، روى عنه أبو إسماعيل بن عبد


الله الجرجاني ، مات سنة نيف وثلاثين وأربعمائة.

الخبيءُ : بوزن فعيل ، بفتح أوله ، من خبأت الشيء خبأ : وهو موضع قريب من ذي قار كمنت فيه بنو بكر بن وائل للأعاجم في وقعة ذي قار كأنهم اختبؤوا فيه.

خُبَّةُ : أرض ذات رمل بنجد ، عن نصر ، قال الأخطل :

فتنهنهت عنه ، وولّى يقتري

رملا بخبّة تارة ويصوم

خُبَيْبٌ : تصغير خبّة أو خبّ ، فأما خبّة ، بالكسر ، فقال ابن شميل : طريقة لينة منبات ليست بحزنة ولا سهلة وهو إلى السهولة أدنى ، وأنكره أبو الرقيش ، وقال الأصمعي : الخبّة طرائق من رمل وسحاب ، قال أبو عمرو : الخبّ ، بالفتح ، سهل بين حزنين تكون فيه الكمأة ، وأنشد قول عديّ بن زيد :

تجني لك الكمأة ربعيّة ،

بالخبّ ، تندى في أصول القصيص

وقيل غير ذلك ، وهو علم لموضع بعينه ، وأنشدوا :

أتجزع أنّ اطلال حنّت ، وشاقها

تفرّقنا يوم الخبيب على ظهر؟

وقال نصر : خبيب موضع بمصر ، قال كثيّر :

إليك ، ابن ليلى ، تمتطي العيس صحبتي ،

ترامى بنا من مبركين المناقل

تخلّل أحواز الخبيب كأنها

قطا قارب أعداد حلوان ناهل

رواه أبو عمرو الخبيت ، قال ابن السكّيت : هو تصحيف إنما هو الخبيب ، بالباء الموحدة ، وهو أسفل سيل ينبع حيث واجه البحر ، وحلوان بمصر.

خُبَيتٌ : تصغير خبت ، آخره تاء ، وقد تقدم تفسيره : وهو ماء بالعالية يشترك فيه أشجع وعبس ، وفي شعر نابغة بني ذبيان :

إلى ذبيان حتى صبّحتهم ،

ودونهم الربائع والخبيت

وقال أبو عبيدة : هما ماءان لبني عبس وأشجع ، قال كثير :

وفي اليأس عن سلمى ، وفي الكبر الذي

أصابك شغل للمحبّ المطالب

فدع عنك سلمى ، إذ أتى النأي دونها ،

وحلّت بأكناف الخبيت فغالب

الخَبِيرَاتُ : قال ابن الأعرابي : هي خبراوات بالصلعاء صلعاء ماويّة ، وإنما سمّين خبيرات لأنهن خبرن في الأرض بمعنى انخفضن واطمأننّ فيها ، وأنشد للجهيمي :

ليست من اللاتي تلهّى بالطّنب ،

ولا الخبيرات مع الشاء المغبّ

حيث ترى إبل بني زيد بن ضبّ ،

ترعى نصيّا كثعابين الخرب

أحماه أيام الثريّا ، فعذب ،

شمس صموح وحرور كاللهب

الخبيصُ : بلفظ الخبيص المأكول ، بفتح أوله ، وبكسر ثانيه : مدينة بكرمان وحصن ذات تمور ، وماؤها من القنيّ ، قال حمزة : خبيص تعريب هبيج ، وذكر ابن الفقيه أنه لم يمطر داخلها قط وإنما تكون الأمطار حواليها ، قال : وربما أخرج الرجل يده من السور فيصيبها ولا يصيب بقية بدنه ، وهذا من العجب الخارج عن العادات ، والعهدة في هذه الحكاية عليه ، وقال الرّهني : ويكتنف جانبي كرمان عرضان القفص من جانب البحر وخبيص من جانب البرّ ،


وخبيص طرف بلاد فهلو ، وقد مسخ الله لسانهم وغيّر بلادهم ، وبناحيتها خبق وببق.

خَبيٌّ : بفتح أوله ، وكسر ثانيه ، وتشديد يائه : موضع بين الكوفة والشام. وخبي الوالج وخبي معتور : خبراوان في الملتقى بين جراد والمرّوت لبني حنظلة من تميم. والخبي أيضا : موضع قريب من ذي قار ، عن نصر كله.

باب الخاء والتاء وما يليهما

خُتَّا : بضم أوله ، وتشديد ثانيه ، مقصور : مدينة بالدّربند وهو باب الأبواب.

خَتٌّ : بفتح أوله ، وتشديد ثانيه : مدينة من نواحي جبال عمان ، والختّ عند العرب : الطعن والاستحياء والشيء الخسيس كأنه لغة في خسّ.

خَنْرَبُ : بفتح أوله ، وتسكين ثانيه ، وراء مفتوحة ثم باء : موضع ، عن العمراني.

خَتْلانُ : بفتح أوله ، وتسكين ثانيه ، وآخره نون : بلاد مجتمعة وراء النهر قرب سمرقند ، وبعضهم يقوله بضم أوله وثانيه مشدد ، والصواب هو الأول ، وإنما الختّل قرية في طريق خراسان إذا خرجت من بغداد بنواحي الدّسكرة ؛ قاله السمعاني ، وفيه نظر لما يأتي وينسب إليها السمعاني نصر بن محمد الختلي الفقيه الحنفي شارح كتاب القدوري على مذهب أبي حنيفة ، كان من قرية يقال لها قراسو من محلة خم ميانه من قرى ختلان ، قال : كذا كتبه لي بعض الفقهاء الحنفية وكان من ختلان وذكر أن النسبة إليها الختلي.

الخُتَّلُ : بضم أوله ، وتشديد ثانيه وفتحه ، قال البشاري : كورة واسعة كثيرة المدن ، منهم من ينسبها إلى بلخ وذاك خطأ لأنها خلف جيحون وإضافتها إلى هيطل ، وهو ما وراء النهر ، أوجب ، وهي أجل من صغانيان وأوسع خطة وأكبر مدنا وأكثر خيرا ، وهي على تخوم السند يقال لقصبتها هلبك ، ولها من المدن قرية بنجاراع وهلاورد ولاوكند وكاوند وتمليات وإسكندره ومنك ، وقال الإصطخري : أول كورة على جيحون من وراء النهر الختّل والوخش وهما كورتان غير أنهما مجموعتان في عمل واحد ، وهما بين جرياب ووخشاب ، وقال المرادي في الختل وصاحبها :

أيها السائلي عن الحارث النذ

ل ، وعن أهل ودّه الأرجاس

عدّ من ختّل ، فختّل أرض

عرفت بالدوابّ لا بالناس

وقد نسب إليها قوم من أهل العلم ، منهم : عباد بن موسى الختّلي وابنه إسحاق بن عباد وعمران بن الحسن ابن يوسف أبو الفرج الختّلي الخفّاف ، سمع أبا الطيب أحمد بن إبراهيم بن عبد الوهاب بن عبدون وأبا بكر أحمد بن سليمان بن زيّان وأبا الحسن عليّ بن داود ابن أحمد الورثاني ومحمد بن بكّار بن يزيد السكسكي وجماعة كثيرة ، روى عنه عليّ بن محمد الحنّائي وأبو العباس أحمد بن محمد بن يوسف بن فروة الأصبهاني وعليّ بن الحسن الربعي ورشا بن نظيف والحسن بن عليّ الأهوازي وغيرهم ، ومات في سنة أربعمائة ، كله عن الحافظ أبي نعيم ، وقال أيضا : إسحاق بن عباد بن موسى أبو يعقوب المعروف بالختّلي البغدادي ، حدث عن هوذة بن خليفة وهاشم بن القاسم بن محمد ابن إسماعيل الخشوعي وحفص بن سعيد الدمشقي وعباد بن مسلم ويعقوب بن محمد الزهري ، روى عنه


إبراهيم بن عبد الرحمن وأبو الحسن بن جوصا وأبو الدّحداح وأحمد بن أنس بن مالك ، ومات سنة ٢٥١.

خُتَنُ : بضم أوله ، وفتح ثانيه ، وآخره نون : بلد وولاية دون كاشغر ووراء يوزكند ، وهي معدودة من بلاد تركستان ، وهي في واد بين جبال في وسط بلاد الترك ، وبعض يقوله بتشديد التاء ، وينسب إليه سليمان بن داود بن سليمان أبو داود المعروف بحجاج الختني ، سمع أبا عليّ الحسين بن عليّ بن سليمان المرغيناني ، ذكره أبو حفص عمر بن أحمد النسفي وقال : قصدني سنة ٥٢٣.

خُتَّى : بضم أوله ، وتشديد ثانيه ، والقصر : من مدن باب الأبواب ، والله أعلم.

باب الخاء والثاء وما يليهما

الخَثْماءُ : موضع من نواحي اليمامة ، عن ابن أبي حفصة ، قال عمارة بن عقيل :

ولا تخل ذات السرّ ما دام منهم

شريد ، ولا الخثماء ذات المخارم(١)

باب الخاء والجيم وما يليهما

خُجادَةُ : بضم أوله ، قال العمراني : قرية ببخارى ، وذكر غيره بتقديم الجيم ، ينسب إليها أبو عليّ محمد ابن عليّ بن إسماعيل الخجادي ، كان ثقة حافظا ، روى عن أحمد بن عليّ الأستاذ وغيره ، روى عنه أبو محمد عبد العزيز بن محمد النّخشبي ، ولد سنة ٤١٧.

خُجُستانُ : من جبال هراة ، منها كان أحمد بن عبد الله الخجستاني الخارج بنيسابور ، مات سنة ٢٦٤ ، قال الإصطخري : خجستان من أعمال باذغيس وأهل باذغيس أهل جماعة إلا خجستان قرية أحمد بن عبد الله فإن أهلها شراة.

خُجَنْدَةُ : بضم أوله ، وفتح ثانيه ، ونون ثم دال مهملة ، في الإقليم الرابع ، طولها اثنتان وتسعون درجة ونصف ، وعرضها سبع وثلاثون درجة وسدس : وهي بلدة مشهورة بما وراء النهر على شاطئ سيحون ، بينها وبين سمرقند عشرة أيام مشرقا ، وهي مدينة نزهة ليس بذلك الصّقع أنزه منها ولا أحسن فواكه ، وفي وسطها نهر جار ، والجبل متصل بها ، وأنشد ابن الفقيه لرجل من أهلها :

ولم أر بلدة بإزاء شرق ،

ولا غرب ، بأنزه من خجنده

هي الغرّاء تعجب من رآها ،

وهي بالفارسية دل مزنده

وكان سلم بن زياد لما ورد خراسان ليزيد بن معاوية ابن أبي سفيان أنفذ جيشا وهو نازل بالصغد إلى خجندة وفيهم أعشى همدان فهزموا ، فقال الأعشى :

ليت خيلي يوم الخجندة لم ته

زم ، وغودرت في المكرّ سليبا

وقال الإصطخري : خجندة متاخمة لفرغانة وقد جعلناها في جملة فرغانة وإن كانت مفردة في الأعمال عنها ، وهي في غربي نهر الشاش ، وطولها أكثر من عرضها ، تمتد أكثر من فرسخ ، كلها دور وبساتين ، وليس في عملها مدينة غير كند ، وهي بساتين ودور مفترشة ، ولها قرى يسيرة ومدينة وقهندز ، وهي مدينة نزهة فيها فواكه تفضل على فواكه سائر النواحي ، وفي أهلها جمال ومروءة ، وهو بلد يضيق عما يمونهم من الزروع فيجلب إليها من سائر النواحي من فرغانة وأشر وسنة أكثر من سنة ما يقيم أودهم ، تنحدر السفن إليهم في نهر الشاش ، وهو نهر يعظم من أنهار تجتمع إليه من حدود الترك والإسلام ،

__________________

(١) وفي رواية اخرى : وان لا تحلّوا السرّ إلخ بدل ولا تخل إلخ.


وعموده نهر يخرج من بلاد الترك في حد أوزكند ثم يجتمع إليه نهر خوشاب ونهر أوش وغير ذلك فيعظم ويمتد إلى أخسيكث ثم على خجندة ثم على بنكث ثم على بيسكند فيجري إلى فاراب فإذا جاوز صبران جرى في بريّة تكون على جانبيه الأتراك الغزية فيمتد على الأتراك الغزية الحديثة حتى يقع في بحيرة خوارزم ، وينسب إليها جماعة وافرة من أهل العلم ، منهم : أبو عمران موسى بن عبد الله المؤدب الخجندي ، كان أديبا فاضلا صاحب حكم وأمثال مدونة مروية ، حدث عن أبي النضر محمد بن الحكم البزاز السمرقندي وغيره.

باب الخاء والدال وما يليهما

خَدَا : بفتح أوله ، والقصر ، قال العمراني : هو موضع ، وفي كتاب الجمهرة : خدّاء ، بتشديد الدال والمد ، موضع ، ولعلهما واحد.

خُدَاباذ : بضم أوله : من قرى بخارى على خمسة فراسخ منها على طرف البرّية ، وهي من أمهات القرى ، كان منها جماعة من أهل العلم ، منهم : أبو إسحاق إبراهيم بن حمزة بن ينكى بن محمد بن علي الخدآباذي ، كان إماما فاضلا صالحا عالما عاملا بعلمه ، خرج إلى مكة وعاد إلى المدينة وتوفي بها سنة ٥٠١ ، وكان معه ابنه أبو المكارم حمزة فعاد إلى خراسان وتفقه على الإمام إبراهيم بن أحمد المروروذي الشافعي ، وسمع الحديث من أبي القاسم علي بن أحمد بن إسماعيل الكلاباذي وغيره ، وذكره أبو سعد في شيوخه وقال : كان مولده سنة ٤٨٦ ببخارى.

خِدَاد : بكسر أوله ويروى بفتحها ، لعلّه من الخدّ وهو الشق في الأرض ، قال أبو دؤاد يصف حمولا :

ترقى ، ويرفعها السراب كأنها

من عمّ موثب ، أو ضناك خداد

خِدار : قلعة بينها وبين صنعاء يوم ، ويقال لها ذو الخدار ، وذو الجدار غيرها.

خَدَدُ : حصن في مخلاف جعفر باليمن.

خُدَدُ : بضم أوله ، وفتح ثانيه ، كأنه جمع خدّة وهو الشق في الأرض : وهو موضع في ديار بني سليم.

وخدد أيضا : عين بهجر.

خَدُّ العَذْراء : في كتاب الساجي : كانوا يسمّون الكوفة خدّ العذراء لنزاهتها وطيبها وكثرة أشجارها وأنهارها.

خَدْعَة : بفتح أوله ، واحدة الخدع ، وطريق خدوع إذا كان يبين مرّة ويخفى أخرى. وخدعة : ماء لغنيّ ثم لبني عتريف بن سعد بن حلّان بن غنم بن غنيّ.

خُدْفَرَانُ : بضم أوله ، وسكون ثانيه ، وفتح الفاء ثم راء ، وآخره نون : من قرى صغد سمرقند بما وراء النهر ، منها الدّهقان الإمام الحجاج محمد بن أبي بكر بن أبي صادق الخدفراني ، كان فقيها مدرّسا ، يزوي بالاجازة عن جده لأمه أبي بكر محمد بن محمد ابن المفتي القطواني ، ولد في شوّال سنة ٤٨٣.

الخُدُودُ : مخلاف من مخاليف الطائف ، وعن نصر : الخدود صقع تجديّ قرب الطائف.

خَدوراءُ : موضع في بلاد بني الحارث بن كعب ، قال جعفر بن علبة الحارثي وهو في السجن :

فلا تحسبي أني تخشّعت بعدكم

(الأبيات) وبعدها :

ألا هل إلى ظلّ النضارات ، بالضحى ،

سبيل ، وتغريد الحمام المطوّق


وشربة ماء من خدوراء بارد ،

جرى تحت أفنان الأراك المسوّق

وسيري مع الفتيان ، كل عشيّة ،

أباري مطاياهم بأدماء سملق

خُدِيسَرُ : بضم أوله ، وكسر ثانيه ، وياء مثناة من تحت ساكنة ، وسين مهملة ، وراء : بلد بما وراء النهر من ثغر أشروسنة ، منها أبو القاسم حمد بن حميد الخديسري ، روى عن عبد بن حميد ، روى عنه أبو يحيى أحمد بن يحيى الفقيه السمرقندي.

خُديمَنْكَنُ : بضم أوله ، وكسر ثانيه ، وياء مثناة ساكنة وبعد الميم المفتوحة نون ساكنة ، وكاف مفتوحة ، وآخره نون : من قرى كرمينية من نواحي سمرقند تختصّ بأصحاب الحديث ، وبها جامع ومنبر ، ومنها الخطيب أبو نصر أحمد بن أبي بكر محمد بن أبي عبيد أحمد بن عروة الخديمنكني ، سمع أبا أحمد محمد بن أحمد بن محفوظ عن الفربري صحيح البخاري ، روى عنه عبد العزيز بن محمد النّخشبي.

باب الخاء والذال وما يليهما

خُذَابانُ : بضم أوله ، وبعد الألف باء موحدة ، وآخره نون : من نواحي هراة.

خُذَارِقُ : بضم أوله ، وبعد الألف راء ، وقاف ، رجل مخذرق أي سلّاح : وهو ماءة بتهامة ملحة ، سميت بذلك لأنها تسلّح شاربها حتى يخذرق أي يسلح عنه ، وقال الأصمعي : ولكنانة بالحجاز ماء يقال له خذارق وهو لجماعة كنانة.

خِذَامُ : بكسر الخاء ، سكة خذام : بنيسابور ، ينسب إليها إبراهيم بن محمد بن إبراهيم الفقيه النيسابوري أبو إسحاق الخذامي حنفيّ المذهب ، وأخوه أبو بشر الخذامي ، سمع الكثير بالعراق وخراسان ، روى عنه أحمد بن شعيب بن هارون الشعبي. وخذام أيضا : واد في ديار همدان. وخذام أيضا : ماء في ديار بني أسد بنجد.

خُذانْد : بضم أوله ، وبعد الألف نون : قرية على فرسخ ونصف من سمرقند ، منها أحمد بن محمد المطّوّعي الخذاندي ، وقيل : محمد بن أحمد ، يروي عن عتيق بن إبراهيم بن شمّاس السمرقندي ، روى عنه أبو محمد الباهلي ، وكان الباهلي كذّابا وضّاعا.

خَذْقَدُونَةُ : ويقال خلقدونة : وهو الثغر الذي منه المصيصة وطرسوس وأذنة وعين زربة ، وفيه يقول يزيد بن معاوية :

وما أبالي بما لاقى جموعهم

بالخذقدونة من حمّى ومن موم

إذا اتكأت على الأنماط ، مرتفقا ،

في دير مرّان عندي أمّ كلثوم

وكان بلغه عن المسلمين أنهم في غزاتهم الصائفة قد لاقوا جهدا ، فلما بلغ هذان البيتان إلى معاوية قال : لا جرم والله ليلحقنّ بهم راغما ، ثم جهّزه إليهم ، وقد روي بالغذقدونة أيضا ، بالغين المعجمة.

الخَذَوَاتُ : بفتح أوله وثانيه ، وآخره تاء مثناة من فوقها ، أتان خذواء : رخوة الأذن منكسرتها : موضع جاء ذكره في الأخبار.

خَذِيفَةُ : بفتح أوله ، وكسر ثانيه ، وبعد الياء المثناة من تحت فاء ، ووجدتها في كتاب نصر بالقاف : ماء لكعب بن عبد بن أبي بكر بن كلاب ثم ماء يقال له لحيظ وهو ثميد إزاء الخذيفة ، وهي ملحة في وسط حمض ، فإذا شرب إنسان منها سلح عنها ، قاله الحازمي ونصر ، والخذف : رميك بحصاة أو


نواة تأخذها بين سبّابتيك أو تجعل مخذفة من خشب ترمي به من السبّابة والإبهام ، وقد نهى عنه رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، وكأنه فعيلة منه بالسلح.

باب الخاء والراء وما يليهما

خَرَابٌ : بلفظ ضد العمارة ، خراب المعتصم : موضع كان ببغداد ، ينسب إليه أبو بكر محمد بن الفرج البغدادي يعرف بالخرابي ، حدث عن محمد بن إسحاق المسيّبي وغيره ، وحدّث عنه أبو بكر بن مجاهد وأبو الحسين بن المنادي.

خَرَاجَرَى : هو على قبح اسمه : قرية من فراوز العليا على فرسخ من بخارى ، اسم أعجميّ ، ينسب إليها جماعة من الفقهاء من أصحاب أبي حفص الكبير.

خَرَادين : بفتح أوله ، وكسر داله ، وصورة الجمع : من قرى بخارى ، اسم أعجمي ، ينسب إليها أبو موسى هارون بن أحمد بن هارون الرازي الحافظ الخراديني ، روى عن محمد بن أيوب الرازي ، مات في ربيع الأول سنة ٣٤٣ ببخارى.

الخَرَّارُ : الخرير صوت الماء ، والماء خرّار ، بفتح أوله وتشديد ثانيه : وهو موضع بالحجاز يقال هو قرب الجحفة ، وقيل : واد من أودية المدينة ، وقيل : ماء بالمدينة ، وقيل : موضع بخيبر ، وفي حديث السرايا قال ابن إسحاق : وفي سنة إحدى ، وقيل سنة اثنتين ، بعث رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، سعد بن أبي وقّاص في ثمانية رهط من المهاجرين فخرج حتى بلغ الخرّار من أرض الحجاز ثم رجع ولم يلق كيدا.

الخرَّارَةُ : تأنيث الذي قبله : موضع قرب السّيلحون من نواحي الكوفة ، له ذكر في الفتوح.

خُراسَانُ : بلاد واسعة ، أول حدودها مما يلي العراق أزاذوار قصبة جوين وبيهق ، وآخر حدودها مما يلي الهند طخارستان وغزنة وسجستان وكرمان ، وليس ذلك منها إنما هو أطراف حدودها ، وتشتمل على أمّهات من البلاد منها نيسابور وهراة ومرو ، وهي كانت قصبتها ، وبلخ وطالقان ونسا وأبيورد وسرخس وما يتخلل ذلك من المدن التي دون نهر جيحون ، ومن الناس من يدخل أعمال خوارزم فيها ويعدّ ما وراء النهر منها وليس الأمر كذلك ، وقد فتحت أكثر هذه البلاد عنوة وصلحا ، ونذكر ما يعرف من ذلك في مواضعها ، وذلك في سنة ٣١ في أيام عثمان ، رضي الله عنه ، بإمارة عبد الله بن عامر ابن كريز ، وقد اختلف في تسميتها بذلك فقال دغفل النسابة : خرج خراسان وهيطل ابنا عالم بن سام بن نوح ، عليهما السلام ، لما تبلبلت الألسن ببابل فنزل كل واحد منهما في البلد المنسوب إليه ، يريد أن هيطل نزل في البلد المعروف بالهياطلة ، وهو ما وراء نهر جيحون ، ونزل خراسان في هذه البلاد التي ذكرناها دون النهر فسمّيت كل بقعة بالذي نزلها ، وقيل : خر اسم للشمس بالفارسية الدّريّة وأسان كأنه أصل الشيء ومكانه ، وقيل : معناه كل سهلا لأن معنى خر كل وأسان سهل ، والله أعلم ، وأما النسبة إليها ففيها لغات ، في كتاب العين : الخرسي منسوب إلى خراسان ، ومثله الخراسي والخراساني ويجمع على الخراسين بتخفيف ياء النسبة كقولك الأشعرين ، وأنشد :

لا تكرمن من بعدها خرسيّا

ويقال : هم خرسان كما يقال سودان وبيضان ، ومنه قول بشار في البيت :

من خرسان لا تعاب


يعني بناته ، وقال البلاذري : خراسان أربعة أرباع ، فالربع الأول إيران شهر وهي نيسابور وقهستان والطّبسان وهراة ويوشنج وباذغيس وطوس واسمها طابران ، والربع الثاني مرو الشاهجان وسرخس ونسا وأبيورد ومرو الروذ والطالقان وخوارزم وآمل وهما على نهر جيحون ، والربع الثالث ، وهو غربي النهر وبينه وبين النهر ثمانية فراسخ ، الفارياب والجوزجان وطخارستان العليا وخست واندرابة والباميان وبغلان ووالج ، وهي مدينة مزاحم بن بسطام ، ورستاق بيل وبذخشان ، وهو مدخل الناس إلى تبّت ، ومن اندرابة مدخل الناس إلى كابل ، والترمذ ، وهو في شرقي بلخ ، والصغانيان وطخارستان السّفلى وخلم وسمنجان ، والربع الرابع ما وراء النهر بخارى والشاش والطّراربند والصّغد ، وهو كسّ ، ونسف والروبستان وأشروسنة وسنام ، قلعة المقنع ، وفرغانة وسمرقند ، قال المؤلف : فالصحيح في تحديد خراسان ما ذهبنا إليه أوّلا وإنما ذكر البلاذري هذا لأن جميع ما ذكره من البلاد كان مضموما إلى والي خراسان وكان اسم خراسان يجمعها ، فأما ما وراء النهر فهي بلاد الهياطلة ولاية برأسها وكذلك سجستان ولاية برأسها ذات نخيل ، لا عمل بينها وبين خراسان ، وقد روي عن شريك بن عبد الله أنه قال : خراسان كنانة الله إذا غضب على قوم رماهم بهم ، وفي حديث آخر : ما خرجت من خراسان راية في جاهلية وإسلام فردّت حتى تبلغ منتهاها ، وقال ابن قتيبة : أهل خراسان أهل الدعوة وأنصار الدولة ولم يزالوا في أكثر ملك العجم لقاحا لا يؤدّون إلى أحد إتاوة ولا خراجا ، وكانت ملوك العجم قبل ملوك الطوائف تنزل بلخ حتى نزلوا بابل ثم نزل أردشير بن بابك فارس فصارت دار ملكهم وصار بخراسان ملوك الهياطلة ، وهم الذين قتلوا فيروز بن يزدجرد بن بهرام ملك فارس ، وكان غزاهم فكادوه بمكيدة في طريقه حتى سلك سبيلا معطشة يعني مهلكة ، ثم خرجوا إليه فأسروه وأكثر أصحابه معه ، فسألهم أن يمنّوا عليه وعلى من أسر معه من أصحابه وأعطاهم موثقا من الله وعهدا مؤكّدا لا يغزوهم أبدا ولا يجوز حدودهم ، ونصب حجرا بينه وبينهم صيره الحدّ الذي حلف عليه وأشهد الله عز وجل على ذلك ومن حضره من أهله وخاصة أساورته ، فمنّوا عليه وأطلقوه ومن أراد ممن أسر معه ، فلما عاد إلى مملكته دخلته الأنفة والحميّة مما أصابه وعاد لغزوهم ناكثا لأيمانه غادرا بذمته وجعل الحجر الذي كان نصبه وجعله الحدّ الذي حلف أنه لا يجوزه محمولا أمامه في مسيره يتأول به أنه لا يتقدّمه ولا يجوزه ، فلما صار إلى بلدهم ناشدوه الله وأذكروه به فأبى إلا لجاجا ونكثا فواقعوه وقتلوه وحماته وكماته واستباحوا أكثرهم فلم يفلت منهم إلّا الشريد ، وهم قتلوا كسرى بن قباذ ، ثم أتى الإسلام فكانوا فيه أحسن الأمم رغبة وأشدّهم إليه مسارعة منّا من الله عليهم وتفضّلا لهم ، فأسلموا طوعا ودخلوا فيه سلما وصالحوا عن بلادهم صلحا ، فخفّ خراجهم وقلّت نوائبهم ولم يجر عليهم سباء ولم تسفك فيما بينهم دماء ، وبقوا على ذلك طول أيام بني أميّة إلى أن أساعوا السيرة واشتغلوا باللّذات عن الواجبات ، فانبعث عليهم جنود من أهل خراسان مع أبي مسلم الخراساني ونزع عن قلوبهم الرحمة وباعد عنهم الرأفة حتى أزالوا ملكهم عن آخرهم رأيا وأحنكهم سنّا وأطولهم باعا فسلّموه إلى بني العباس ، وأنفذ عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، الأحنف بن


قيس في سنة ١٨ فدخلها وتملّك مدنها فبدأ بالطّبسين ثم هراة ومرو الشاهجان ونيسابور في مدّة يسيرة ، وهرب منه يزدجرد بن شهريار ملك الفرس إلى خاقان ملك الترك بما وراء النهر ، فقال ربعي بن عامر في ذلك :

ونحن وردنا ، من هراة ، مناهلا

رواء من المروين ، إن كنت جاهلا

وبلخ ونيسابور قد شقيت بنا ،

وطوس ومرو قد أزرنا القنابلا

أنخنا عليها ، كورة بعد كورة ،

نفضّهم حتى احتوينا المناهلا

فلله عينا من رأى مثلنا معا ،

غداة أزرنا الخيل تركا وكابلا

وبقي المسلمون على ذلك إلى أن مات عمر ، رضي الله عنه ، وولي عثمان ، فلما كان لسنتين من ولايته ثرا بنو كنازا ، وهم أخوال كسرى ، بنيسابور وألجئوا عبد الرحمن بن سمرة وعمّاله إلى مرو الروذ وثنّى أهل مرو الشاهجان وثلّث نيزك التركي فاستولى على بلخ وألجأ من بها من المسلمين إلى مرو الروذ وعليها عبد الرحمن بن سمرة ، فكتب ابن سمرة إلى عثمان بخلع أهل خراسان ؛ فقال أسيد بن المتشمّس المرّيّ :

ألا أبلغا عثمان عني رسالة ،

فقد لقيت عنّا خراسان بالغدر

فأذك ، هداك الله ، حربا مقيمة

بمروي خراسان العريضة في الدّهر

ولا تفترز عنّا ، فإن عدوّنا

لآل كنازاء الممدّين بالجسر

فأرسل إلى ابن عامر عبد الله بن بشر في جند أهل البصرة ، فخرج ابن عامر في الجنود حتى تولّج خراسان من جهة يزد والطّبسين وبثّ الجنود في كورها وساروا نحو هراة فافتتح البلاد في مدّة يسيرة وأعاد عمال المسلمين عليها ، وقال أسيد بن المتشمّس بعد استرداد خراسان :

ألا أبلغا عثمان عنّي رسالة ،

لقد لقيت منّا خراسان ناطحا

رميناهم بالخيل من كلّ جانب ،

فولّوا سراعا واستقادوا النوائحا

غداة رأوا خيل العراب مغيرة ،

تقرّب منهم أسدهنّ الكوالحا

تنادوا إلينا واستجاروا بعهدنا ،

وعادوا كلابا في الديار نوابحا

وكان محمد بن عليّ بن عبد الله بن العباس قال لدعاته حين أراد توجيههم إلى الأمصار : أما الكوفة وسوادها فهناك شيعة عليّ وولده والبصرة وسوادها فعثمانية تدين بالكفّ ، وأما الجزيرة فحرورية مارقة وأعراب كأعلاج ومسلمون أخلاقهم كأخلاق النصارى ، وأما الشام فليس يعرفون إلا آل أبي سفيان ، وطاعة بني مروان عداوة راسخة وجهل متراكم ، وأما مكة والمدينة فغلب عليهما أبو بكر وعمر ، ولكن عليكم بأهل خراسان فإن هناك العدد الكثير والجلد الظاهر وهناك صدور سليمة وقلوب فارغة لم تتقسّمها الأهواء ولم تتوزعها النّحل ولم يقدم عليهم فساد ، وهم جند لهم أبدان وأجسام ومناكب وكواهل وهامات ولحى وشوارب وأصوات هائلة ولغات فخمة تخرج من أجواف منكرة ، فلما بلغ الله إرادته من بني أمية وبني العباس أقام أهل خراسان مع خلفائهم على أحسن حال وهم أشدّ طاعة وأكثر تعظيما للسلطان وهو أحمد سيرة في رعيته


يتزين عندهم بالجميل ويستتر منهم بالقبيح إلى أن كان ما كان من قضاء الله ورأي الخلفاء الراشدين في الاستبدال بهم وتصيير التدبير لغيرهم فاختلّت الدولة وكان من أمرها ما هو مشهور من قبل الخلفاء في زمن المتوكل وهلمّ جرّا ما جرى من أمر الديلم والسلجوقية وغير ذلك ، وقال قحطبة بن شبيب لأهل خراسان : قال لي محمد ابن عليّ بن عبد الله أبى الله أن تكون شيعتنا إلا أهل خراسان لا ننصر إلا بهم ولا ينصرون إلّا بنا ، إنه يخرج من خراسان سبعون ألف سيف مشهور ، قلوبهم كزبر الحديد ، أسماؤهم الكنى وأنسابهم القرى ، يطيلون شعورهم كالغيلان ، جعابهم تضرب كعابهم ، يطوون ملك بني أمية طيّا ويزفّون الملك إلينا زفّا ، وأنشد لعصابة الجرجاني :

الدار داران : إيوان وغمدان ،

والملك ملكان : ساسان وقحطان

والناس فارس والإقليم بابل وال

إسلام مكة والدنيا خراسان

والجانبان العلندان ، اللذا خشنا

منها ، بخارى وبلخ الشاه داران

قد ميز الناس أفواجا ورتّبهم ،

فمرزبان وبطريق ودهقان

وقال العباس بن الأحنف :

قالوا خراسان أدنى ما يراد بكم

ثم القفول ، فها جئنا خراسانا

ما أقدر الله أن يدني على شحط

سكان دجلة من سكان سيحانا

عين الزمان أصابتنا ، فلا نظرت ،

وعذّبت بفنون الهجر ألوانا

وقال مالك بن الرّيب بعد ما ذكرناه في ابرشهر :

لعمري لئن غالت خراسان هامتي ،

لقد كنت عن بابي خراسان نائيا

ألا ليت شعري! هل أبيتنّ ليلة

بجنب الغضا أزجي القلاص النّواجيا؟

فليت الغضا لم يقطع الركب عرضه ،

وليت الغضا ماشى الركاب لياليا

ألم ترني بعت الضلالة بالهدى ،

وأصبحت في جيش ابن عفّان غازيا؟

وما بعد هذه الأبيات في الطّبسين قال عكرمة وقد خرج من خراسان : الحمد لله الذي أخرجنا منها ليطوي خراسان طيّ الأديم حتى يقوّم الحمار الذي كان فيها بخمسة دراهم بخمسين بل بخمسمائة.

وروي عن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : إن الدّجّال يخرج من المشرق من أرض يقال لها خراسان يتبعه قوم كأنّ وجوههم المجان المطرقة ، وقد طعن قوم في أهل خراسان وزعموا أنهم بخلاء ، وهو بهت لهم ومن أين لغيرهم مثل البرامكة والقحاطبة والطاهرية والسامانية وعلي بن هشام وغيرهم ممن لا نظير لهم في جميع الأمم ، وقد نذكر عنهم شيئا مما ادعي عليهم والردّ في ترجمة مرو الشاهجان إن شاء الله. فأما العلم فهم فرسانه وساداته وأعيانه ، ومن أين لغيرهم مثل محمد بن إسماعيل البخاري ومثل مسلم بن الحجاج القشيري وأبي عيسى الترمذي وإسحاق ابن راهويه وأحمد بن حنبل وأبي حامد الغزّالي والجويني إمام الحرمين والحاكم أبي عبد الله النيسابوري وغيرهم من أهل الحديث والفقه ، ومثل الأزهري والجوهري وعبد الله بن المبارك ، وكان يعدّ من أجواد الزّهاد والأدباء ، والفارابي صاحب ديوان


الأدب والهروي وعبد القاهر الجرجاني وأبي القاسم الزمخشري ، هؤلاء من أهل الأدب والنظم والنثر الذين يفوت حصرهم ويعجز البليغ عن عدّهم ، وممن ينسب إلى خراسان عطاء الخراساني ، وهو عطاء بن أبي مسلم ، واسم أبي مسلم ميسرة ، ويقال عبد الله ابن أيوب أبو ذؤيب ، ويقال أبو عثمان ، ويقال أبو محمد ، ويقال أبو صالح من أهل سمرقند ، ويقال من أهل بلخ مولى المهلّب بن أبي صفرة الأزدي ، سكن الشام ، وروى عن ابن عمر وابن عباس وعبد الله بن مسعود وكعب بن عجرة ومعاذ بن جبل مرسلا ، وروى عن أنس وسعيد بن المسيّب وسعيد بن جبير وأبي مسلم الخولاني وعكرمة مولى ابن عباس وأبي إدريس الخولاني ونافع مولى ابن عمر وعروة بن الزبير وسعيد العقبري والزّهري ونعيم بن سلامة الفلسطيني وعطاء بن أبي رباح وأبي نصرة المنذر بن مالك العبدي وجماعة يطول ذكرهم ، روى عنه ابنه عثمان والضحاك بن مزاحم الهلالي وعبد الرحمن بن يزيد بن جابر والأوزاعي ومالك بن أنس ومعمر وشعبة وحماد بن سلمة وسفيان الثوري والوضين وكثير غير هؤلاء ، وقال ابنه عثمان : ولد أبي سنة خمسين من التاريخ ، قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : لما مات العبادلة : عبد الله بن عباس وعبد الله ابن الزبير وعبد الله بن عمرو بن العاص صار الفقه في جميع البلدان إلى الموالي ، فصار فقيه أهل مكة عطاء بن أبي رباح وفقيه أهل اليمن طاووس وفقيه أهل اليمامة يحيى بن أبي كثير وفقيه أهل البصرة الحسن البصري وفقيه أهل الكوفة النخعي وفقيه أهل الشام مكحول وفقيه أهل خراسان عطاء الخراساني إلا المدينة فإن الله تعالى خصها بقرشيّ ، فكان فقيه أهل المدينة غير مدافع سعيد بن المسيّب ، وقال أحمد ابن حنبل : عطاء الخراساني ثقة ، وقال يعقوب بن شيبة : عطاء الخراساني مشهور ، له فضل وعلم ، معروف بالفتوى والجهاد ، روى عنه مالك بن أنس ، وكان مالك ممن ينتقي الرجال ، وابن جريج وحماد ابن سلمة والمشيخة ، وهو ثقة ثبت.

خَرَاسَكانُ : بفتح أوله ، وبعد الألف سين ، وآخره نون : من قرى أصبهان ، منها أبو جعفر أحمد بن المفضّل المؤدّب الخراسكاني الأصبهاني ، روى عن حبّان بن بشير ، روى عنه أبو بكر محمد بن إبراهيم المقري الأصبهاني.

خِراص : بكسر أوله ، يجوز أن يكون من الخرص وهو الكذب : اسم موضع.

خَرَانْدِيز : قال ابن الفرات : توفي أبو العباس محمد ابن صالح الخرانديزي في شعبان سنة ٢٩٥ ، قلت : أظنه قرية بخراسان.

الخَرانِق : كأنه جمع خرنق ، وهو الأنثى من الثعالب : بين الملا وأجإ جلد من الأرض يسمّى الخرانق ، وأنشد ابن الأعرابي في نوادره للفرزدق :

أنيخت إلى باب النّميري ناقتي

نميلة ترجو بعض ما لم يوافق

فقلت ، ولم أملك : أمال بن حنظل!

متى كان مشبور أمير الخرانق؟

وقال ابن الأعرابي : مشبور اسم أبي نميلة ، والخرانق ماء لبني العنبر.

خَرِبٌ : بفتح أوله ، وكسر ثانيه ، وآخره باء موحدة : موضع بين فيد وجبل السعد على طريق يسلك إلى المدينة. وخرب أيضا : جبل قرب تعار في قبلي أبلى في ديار سليم لا ينبت شيئا ، قاله الكندي ،


وأنشد لبعضهم :

وما الخرب الداني كأنّ قلاله

بخات ، عليهنّ الأجلّة هجّد

وخرب أيضا : اسم للأرض العريضة بين هيت والشام.

ودور الخرب : من نواحي سرّ من رأى ، يقال : خرب الموضع فهو خرب.

خَرَبٌ : بالتحريك ، وآخره باء أيضا ، والخرب في اللغة ذكر الحبارى ، والخرب أيضا مصدر الأخرب ، وهو الذي فيه شقّ أو ثقب مستدير ، وهو خرب العقاب : أبرق بين السّجا والثّعل في ديار بني كلاب.

خَرْبا : موضع كان ينزله عمرو بن الجموح.

خَرِبْتا : هكذا ضبط في كتاب ابن عبد الحكم وقد ضبطه الحازمي خرنبا بالنون ثم الباء ، وهو خطأ ، قال القضاعي : وهو يعدّ كور مصر ثم كور الحوف الغربي ، وهو حوالي الإسكندرية : وخربتا سألت عنه كتّاب مصر فمنهم من قال بفتح الخاء ومنهم من قال بكسرها ، وله ذكر في حديث محمد ابن أبي بكر الصديق ، رضي الله عنه ، ومحمد بن أبي حذيفة بن عتبة بن ربيعة المتغلّب على مصر المملوك لعثمان ومعاوية وحديج ، وهو الآن خراب لا يعرف.

الخَرَبَةُ : بالتحريك ، هو من الذي قبله ، قال أبو عبيدة : لما سار الحارث بن ظالم فلحق بالشام بملوك غسّان وطلبت امرأته منه الشحم فأخذ ناقة الملك ، يعني النعمان بن الأسود ، فأدخلها بطن واد من الخربة ، قال أبو عبيدة : والخربة أرض مما يلي ضرية به معدن يقال له معدن خربة ، قال أبو المنذر : سمّي بذلك لأن خربة بنت قنص بن معدّ بن عدنان أم بكر بنت ربيعة بن نزار نزلته فسمّي بها.

الخُرْبَة : قال الحفصي : إذا خرجت من حجر وطئت السّليّ ، فأول ما تطأ هو موضع يقال له الخربة ، وهو جبل فيه خرق نافذ بالنبك ، قال نصر : خربة ، بالضم ، ماء في ديار بني سعد بن ذبيان بن بغيض ، بينه وبين ضرية ستة أميال ، وقيل فيه خربة.

الخَرِبَةُ : بفتح أوله ، وكسر ثانيه ، تأنيث الخرب ، قال الأصمعي : وفوق الغرقدة ماء يقال له الخربة ، وهي لنفر من بني غنم بن دودان يقال لهم بنو الكذاب ، وفوقها ماءة يقال لها القليب.

خَرِبَةُ الملكِ : مال أحمد بن واضح : إن معدن الزّمرّد في خربة الملك على ست مراحل من قفط ، وهي مدينة على شرقي النيل ، وإن هناك جبلين يقال لأحدهما العروس وللآخر الخصوم ، وإن فيهما معادن الزمرد ، وزعم أن هناك معادن لهذا الجوهر تسمى بكوم الصاوي وكوم مهران وبكابو وشقيد ، كلّها معادن الزمرد ، وليس على وجه الأرض معدن الزمرد إلا هناك ، وربما وقعت فيه القطعة التي تساوي ألف دينار.

خَرْتَبِرْتُ : بالفتح ثم السكون ، وفتح التاء المثناة ، وباء موحدة مكسورة ، وراء ساكنة ، وتاء مثناة من فوقها ، هو اسم أرمنيّ : وهو الحصن المعروف بحصن زياد الذي يجيء في أخبار بني حمدان في أقصى ديار بكر من بلاد الروم ، بينه وبين ملطية مسيرة يومين ، وبينهما الفرات ، وذكره أسامة بن منقذ في شعر له لكنه أسقط التاء ضرورة فقال :

بيوت الدّور في خربرت سود ،

كستها النار أثواب الحداد

فلا تعجب ، إذا ارتفعت علينا ،

فللحظّ اعتناء بالسواد


بياض العين يكسوها جمالا ،

وليس النّور إلا في السواد

ونور الشّعر مكروه ، ويهوى

سواد الشعر أصناف العباد

وطرس الخط ليس يفيد علما ،

وكلّ العلم في وشي المداد

خَرْتَنْكُ : بفتح أوله ، وتسكين ثانيه ، وفتح التاء المثناة من فوق ، ونون ساكنة ، وكاف : قرية بينها وبين سمرقند ثلاثة فراسخ ، بها قبر إمام أهل الحديث محمد بن إسماعيل البخاري ، ينسب إليها أبو منصور غالب بن جبرائيل الخرتنكي ، وهو الذي نزل عليه البخاري ومات في داره ، حكى عن البخاري حكايات.

خَرَّتِيرُ : بفتح أوله ، وتشديد ثانيه وفتحه ، ثم تاء مثناة من فوقها مكسورة ، وياء مثناة من تحتها ساكنة ، وآخره راء : من قرى دهستان ، ينسب إليها أبو زيد حمدون بن منصور الخرّتيري الدهستاني ، روى عن أحمد بن جرير الباباني ، روى عنه إبراهيم ابن سليمان القومسي.

الخَرْجاءُ : بفتح أوله ، وتسكين ثانيه ، وجيم ، وألف ممدودة : ماءة احتفرها جعفر بن سليمان قريبا من الشجي بين البصرة وحفر أبي موسى في طريق الحاج من البصرة ، وبين الأخاديد وبينها مرحلة ، سميت بذلك لأنها أرض تركبها حجارة بيض وسود ، وأصله من الشاة الخرجاء ، وهي التي ابيضت رجلاها مع الخاصرتين ، عن أبي زيد. وخرجاء عبس : موضع آخر ، قال الحكم الخضري :

لو ان الشّمّ من ورقان زالت ،

وجدت مودّتي بك لا تزول

فقل لحمامة الخرجاء : سقيا

لظلّك حيث أدركك المقيل

وقال ابن المقبل :

يذكّرني حبّي حنيف كليهما

حمام ترادى ، في الركيّ ، المعوّرا

وما لي لا أبكي الديار وأهلها

وقد رادها روّاد عكّ وحميرا؟

وإن بني الفتيان أصبح سربهم

بخرجاء عبس آمنا أن ينفّرا

خَرْجانُ : بفتح أوله وقد يضم ، وتسكين ثانيه ثم جيم ، وآخره نون : محلّة من محالّ أصبهان ، وقال الحافظ أبو القاسم إسماعيل بن محمد بن الفضل الأصبهاني الإمام : خرجان من قرى أصبهان ، وهو أعرف ببلده وأتقن لما يقول ، وقد نسب إليها قوم من رواة الحديث ، منهم : أبو محمد عبد الله بن إسحاق ابن يوسف الخرجاني ، يحدث عن أبيه عن حفص بن عمر العدني ، روى عنه أبو عبد الله محمد بن أحمد بن إبراهيم الأصبهاني وغيره ، ومحمد بن عمر بن محمد بن عبد الرحمن الخرجاني المقري أبو نصر يعرف بابن تانه ، شيخ ثقة صالح ، سمع ببغداد أبا علي بن شاذان وأقرانه ، وبأصبهان أبا بكر بن مردويه وطبقته ، وكان له مجلس إملاء بأصبهان ، وقال أبو سعد : روى لنا عنه إسماعيل بن محمد بن الفضل وأبو نصر أحمد بن محمد الغازي ، ومات ابن تانه في رابع رجب سنة ٤٧٥ بأصبهان ، وأبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن الحسين الخرجاني ، محدّث ابن محدّث ، حدّث عن القاضي أحمد بن محمود خرزاد وله رحلة ، روى عنه أبو الحسن أحمد بن محمد بن المعلّم الصوفي.


الخُرْجَانِ : تثنية خرج : من نواحي المدينة ، قال بعضهم :

بروضة الخرجين من مهجور

تربّعت في عازب نضير

مهجور : ماء قرب المدينة.

الخَرْجُ : بفتح أوله ، وتسكين ثانيه ، وآخره جيم : واد فيه قرى من أرض اليمامة لبني قيس بن ثعلبة بن عكابة من بكر بن وائل في طريق مكة من البصرة ، وهو من خير واد باليمامة ، أرضه أرض زرع ونخل قليل ، قال ذو الرّمة :

بنفحة من خزامى الخرج هيّجها

وقال جرير :

آلوا عليها يمينا لا تكلّمنا ،

من غير سوء ولا من ريبة حلفوا

يا حبّذا الخرج ، بين الدام والأدمى ،

فالرّمث من برقة الرّوحان فالغرف

وقال غيره :

يضربن بالأحقاف قاع الخرج ،

وهنّ في أمنيّة وهرج

الخُرْجُ : بلفظ الخرج وعاء المسافر ، بضم أوله ، قال الحازمي : واد في ديار بني تميم لبني كعب بن العنبر بأسافل الصّمّان ، وقيل : في ديار عدي من الرّباب ، وقيل : هو عند يلبن ، قال كثيّر :

أأطلال دار من سعاد بيلبن ،

وقفت بها وحشا كأن لم تدمّن

إلى تلعات الخرج ، غيّر رسمها

همائم هطّال من الدّلو مدجن

وخرج هجين : موضع آخر ، أنشد ابن الأعرابي عن أبي المكارم الزبيري قال :

تبصّر خليلي! هل ترى من ظعائن

بروض القطا يشعفن كل حزين؟

جعلن يمينا ذا العشيرة كله ،

وذات الشمال الخرج خرج هجين

خَرْجِرْدُ : بفتح أوله ، وتسكين ثانيه ثم جيم مكسورة ، وراء ساكنة ، ودال : بلد قرب بوشنج هراة ، ينسب إليها أحمد بن محمد بن إسماعيل بن محمد بن إبراهيم بن مسلم بن بشّار أبو بكر البوشنجي الخرجردي البشّاري ، سكن نيسابور ، وكان إماما ورعا فاضلا متفنّنا ، تفقّه أولا على أبي بكر الشاشي بهراة ثم تلمذ لأبي المظفّر السمعاني وعلق عليه الخلاف والأصول وكتب تصانيفه بخطّه ، ومن المذهب على الإمام أبي الفرج عبد الرحمن بن أحمد الزاز السرخسي بمرو ، ثم عاد إلى نيسابور واشتغل بالعبادة وأعرض عن الخلق ، سمع بهراة أبا بكر محمد بن علي بن حامد الشاشي وأبا عبد الله محمد بن علي العميري ، وبمرو أبا المظفر السمعاني وأبا نصر إسماعيل بن الحسين بن إسماعيل المحمودي وأبا الفرج عبد الرحمن بن أحمد ابن محمد السرخسي وأبا القاسم إسماعيل بن محمد بن أحمد الزاهري الزندقاني ، وبسرخس أبا العباس زاهر بن محمد بن الفقيه الزاهري ، وبنيسابور أبا تراب عبد الباقي بن يوسف المراغي وأبا الحسن المبارك ومحمد بن عبد الله الواسطي وأبا الحسن علي بن أحمد ابن محمد المديني وأبا العباس المفضّل بن عبد الواحد التاجر ، وبجرجان أبا الغيث المغيرة بن محمد الثقفي وأبا عمرو ظفر بن إبراهيم بن عثمان الخلالي وأبا عمرو عبد القادر بن عبد القاهر بن عبد الرحمن النحوي وجماعة كثيرة سواهم ، ذكره أبو سعد في التحبير ،


وكانت ولادته في سنة ٤٦٣ ، ومات بنيسابور في سابع شهر رمضان سنة ٥٤٣ ، وأبو نصر عبد الرحمن ابن محمد بن أحمد بن منصور بن حرمل الخطيب ، سكن مرو ، وكان فاضلا عارفا بالتواريخ والأخبار ، فقيها فاضلا ، علق المذهب على أبي إسحاق إبراهيم بن أحمد المرورّوذي ، وسمع الحديث على أبي نصر عبد الكريم بن عبد الرحيم القشيري وأمثاله ، ولما وردت الغزّ صعد في جماعة إلى المنارة فأضرم الغزّ فيها النار فاحترق أبو نصر الخرجردي وابنه عبد الرزاق ، وذلك في ثاني عشر شهر رجب سنة ٥٤٨.

خَرْجُوشُ : بفتح أوله ، وبعد الراء جيم ، وآخره شين معجمة ، والخراسانيون يقولونه بالكاف : وهي سكة بنيسابور ، نسب إليها أبو سعد الخرجوشي ، قال ابن طاهر المقدسي : فأما أبو الفرج محمد بن عبد الله ابن محمد بن عبيد الله بن جعفر بن أحمد بن خرجوش ابن عطية بن معن بن بكر بن شيبان الشيرازي الخرجوشي سكن بغداد وحدّث بها ، حكى عنه الخطيب ووثّقه ، فهو منسوب إلى الجدّ لا إلى هذه البقعة.

خَرَجَةُ : بالتحريك ، والجيم ، قال العمراني : اسم ماء ، عن الفرّاء ذكره في باب الخاء.

خُرْخَانُ : بفتح أوله ، وتسكين ثانيه ثم خاء أيضا معجمة ، وآخره نون ، كذا ضبطه السمعاني ، وقال الحازمي : بضم أوله ، قالا : وهي قرية من قرى قومس ، ينسب إليها أبو جعفر محمد بن إبراهيم بن الحسين الفرائضي الخرخاني ، كان من فقهاء الشافعية ، روى بخرخان عن أبي القاسم البغوي وغيره ، روى عنه أبو نصر الإسماعيلي.

خُرٌّ : بضم أوله ، وتشديد ثانيه : ماء في ديار بني كلب ابن وبرة بالشام قريب من عاسم ماء آخر لكلب ، وقال ابن العدّاء الأجداري ثم الكلبي :

وقد يكون لنا بالخرّ مرتبع ،

والروض حيث تناهى مرتع البقر

وفي طريق ديار مصر في الرمال منزل يقال له الخرّ دون الأعراس ، وبعده أبو عروق ثم الخشبيّ ثم العباسية ثم بلبيس ثم القاهرة ، وأصل الخرّ الموصل الذي تلقي فيه الحنطة بيدك في الرحى.

خُرَّزاد أَرْدَشِير : مدينة بنواحي الموصل.

خَرْزَةُ : بفتح أوله ، وتسكين ثانيه ، ثم زاي ، كذا ضبطه الحازمي ، ولعله المرّة الواحدة من الخرز ، فأما الخرزة ، بالتحريك ، فهو صنف من الحمض ، فإن كان قد خفف منه جاز : وهو ماء لفزارة بين أرضهم وأرض بني أسد ، وذكر الحفصي الخرزة ، بالتحريك ، من نواحي نجد أو اليمامة ، ولا أدري أهي الأولى أم غيرها.

خِرْسُ : بكسر أوله ، وتسكين ثانيه ، وسين مهملة : حصن بأرمينية على البحر متصلة بشروان ، كان مروان بن محمد قد صالح عليه أهله.

خُرُسْتَاباذ : بضم الخاء والراء ، وسكون السين المهملة ، والتاء فوقها نقطتان : قرية في شرقي دجلة من أعمال نينوى ، ذات مياه وكروم كثيرة ، شربها من فضل مياه رأس الناعور المسمّى بالزّرّاعة ، وإلى جانبها مدينة يقال لها صرعون خراب.

الخُرْسِيُّ : بضم أوله ، وتسكين ثانيه ، وبعد السين المهملة ياء النسبة ، مربّعة الخرسيّ : محلة ببغداد نسبت إلى الخرسي صاحب شرطة بغداد في أيام المنصور ، ذكرت في مربّعة.


خِرْشافُ : بكسر أوله ، وتسكين ثانيه ، وشين معجمة ، وآخره فاء : موضع بالبيضاء من بلاد بني جذيمة بسيف البحرين في رمال وعثة تحتها أحساء عذبة الماء عليها نخل بعل.

خَرْشانُ : بفتح أوله ، وبعد الزاء الساكنة شين معجمة : موضع.

خَرَشْكَتْ : بفتح أوله وثانيه ، وشين معجمة ساكنة ، وكاف مفتوحة ، وتاء مثناة من فوقها : من بلاد الشاش شرقي سمرقند بما وراء النهر ، خرج منها جماعة من العلماء ، منهم أبو سعيد سعد بن عبد الرحمن بن حميد الخرشكتي ، روى عن يوسف بن يعقوب القاضي ومحمد بن عبد الله الحضرمي ، روى عنه أبو سعد الحسن بن محمد بن سهل الفارسي ، ومات سنة ٣٤٠.

خَرْشَنُون : بفتح أوله ، وتسكين ثانيه ، وشين معجمة ، ونون ثم واو ثم نون : كورة ببلاد الروم منها خرشنة.

خَرْشَنَةُ : بفتح أوله ، وتسكين ثانيه ، وشين معجمة ، ونون : بلد قرب ملطية من بلاد الروم ، غزاه سيف الدولة بن حمدان ، وذكره المتنبي وغيره في شعره ، وقالوا : سمي خرشنة باسم عامرة ، وهو خرشنة بن الروم بن اليقن بن سام بن نوح ، عليه السلام ، قال أبو فراس :

إن زرت خرشنة أسيرا ،

فلكم حللت بها مغيرا

وقد نسبت إليها عبيد الله بن عبد الرحمن الخرشني ، روى عن مصعب بن ماها صاحب الثّوري ، روى عنه محمد بن الحسن بن الهيثم الهمذاني بحرّان ، وعبد الله ابن بسيل أبو القاسم الخرشني ، حدث عن عبد الله بن محمد البزاز فردان ، حدث عنه عمر بن نوح البجلي.

خُرْشِيد : بليدة بسواحل فارس يدخل إليها في خليج من البحر نحو فرسخ في المراكب ، وهي كبيرة ذات سوق ، رأيتها ، وهي بين سينيز وسيراف.

الخِرْصانُ : جمع خرص ، وهو الرمح اللطيف : قرية بالبحرين سميت لبيع الرماح ، كما سميت الرماح الخطية بالخط ، وهو موضع بالبحرين أيضا.

خَرْطَط : بفتح أوله ، وتسكين ثانيه ، وطاءان مهملتان : من قرى مرو على ستة فراسخ منها في الرمل ، ويقولون لها خرطة ، ينسب إليها حبيب بن أبي حبيب الخرططي المروذي ، روى عن أبي حمزة محمد بن ميمون السكري وابن المبارك ، روى عنه أهل مرو ، وكان يضع الحديث على الثقات ، لا يحلّ كتب حديثه والرواية عنه إلا على سبيل القدح فيه.

خَرْعونُ : بفتح أوله ، وتسكين ثانيه ، وعين مهملة ، وآخره نون : من قرى سمرقند من ناحية أبغر ، منها أبو عبد الله محمد بن حامد بن حميد الخرعوني ، يروي عن عليّ بن إسحاق الحنظلي وقتيبة بن سعيد ، روى عنه جماعة ، منهم حافده إسماعيل بن عمر بن محمد بن حامد الخرعوني تكلموا فيه ، توفي سنة ٣٠١.

خَرْغانْكَث : بفتح أوله ، وتسكين ثانيه ، وغين معجمة ، وبعد الألف نون ، وبعد الكاف المفتوحة ثاء مثلثة : موضع بما وراء النهر ، وذكرها السمعاني بالعين المهملة وقال : هي قرية من بخارى.

وخرغانكث : بحذاء كرمينية على فرسخ من وراء الوادي ، منها أبو بكر محمد بن الخضر بن شاهويه الخرغانكثي ، سمع عبد الله بن محمد بن البغوي ، روى عنه الحافظ أبو عبد الله محمد بن أحمد الغنجار ، توفي في رجب سنة ٣٥٧.


الخَرْفاءُ : بفتح أوله ، وتسكين ثانيه ثم قاف ، وألف ممدودة ، وأصلها المرأة التي لا تحسن شيئا ، وهي ضد الرفيقة ، قال أبو سهم الهذلي :

غداة الرّعن والخرقاء تدعو ،

وصرّح باطن الكف الكذوب

قال السكري : الخرقاء والرعن موضعان.

خَرَقانُ

بالتحريك ، وبعد الراء قاف ، وآخره نون : قرية من قرى بسطام على طريق استرآباذ ، بها قبر أبي الحسن عليّ بن أحمد ، له كرامات ، وقد مات يوم عاشوراء سنة ٤٢٥ عن ٧٣ سنة ، وقال السمعاني : خرقان اسم قرية رأيتها ، وهي في سفح جبل ، ذات أشجار ومياه جارية وفواكه حسنة ، وقال الحازمي : هو خرّقان ، بالتشديد.

خَرْقانُ : بفتح أوله ، وتسكين ثانيه ، وقاف ، وآخره نون ، قال السمعاني : هي من قرى سمرقند على ثمانية فراسخ منها ، وينسب إليها الأديب أبو الفتح أحمد ابن الحسين بن عبد الرحمن بن عبد الرزاق العبسي الشاشي الخرقاني الفرابي ، كان والده من الشاش وولد هو بخرقان وسكن قرية فراب في جبال سمرقند ، قرأ عليه السمعاني بسمرقند كتبا من تصانيف السيد أبي الحسن محمد بن محمد العلوي الحافظ البغدادي بالإجازة عنه ، ومات في سنة ٥٠٥ ، ومولده في سنة ٤٦٩.

خَرْقانُ : بفتح أوله ، وتشديد ثانيه وفتحه ، وقاف ، وآخره نون : قرية من قرى همذان ثم أضيفت إلى قزوين. وخرّقان : مدينة قرب تبريز بأذربيجان ، وأصلها ده نخيرجان ، وكان نخيرجان صاحب بيت مال كسرى.

خَرَقانَةُ : بالتحريك ، وباقيه مثل الأول : موضع ، عن العمراني.

خَرَق : بالتحريك ، ويقال خره بلفظ العجم : قرية كبيرة عامرة شجيرة بمرو ، إذا نسبوا إليها زادوا قافا ، أخرجت جماعة من أهل العلم ، وممن ينسب إليها أبو بكر محمد بن أحمد بن بشر الخرقي ، كان فقيها فاضلا متكلما يعرف الأصول ، أقام مدة بنيسابور فسمع أحمد بن خلف الشيرازي ، ذكره أبو سعد في معجم شيوخه وقال توفي سنة نيف وثلاثين وخمسمائة ، وزهير بن محمد أبو المنذر التميمي العنبري الخراساني المروذي الخرقي ، ويقال : إنه هرويّ ، ويقال : نيسابوريّ ، سكن مكة والشام ، وحدث عن يحيى بن سعيد الأنصاري وأبي محمد عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم وزيد بن أسلم وعبد الله بن محمد بن عقيل وهشام بن عروة وأبي حازم الأعرج ومحمد بن المنكدر وجعفر بن محمد الصادق وأبي إسحاق السبيعي وحميد الطويل وجماعة من المشهورين ، روى عنه ابن مهدي وعبد الله بن عمرو العقدي وأبو داود الطيالسي وجماعة كثيرة سواهم.

خَرْقٌ : بفتح أوله ، وتسكين ثانيه ، وآخره قاف : قرية من أعمال نيسابور.

خَرْكَن : بفتح أوله ، وتسكين ثانيه ، وفتح الكاف ، وآخره نون : قرية من قرى نيسابور في ظنّ أبي سعد ، منها أبو عبد الله محمد بن حمويه الخركني النيسابوري ، حدث عن محمد بن صالح الأشجّ ، روى عنه أبو سعيد بن أبي بكر بن عثمان الخيري.

خَرْكُوشُ : بفتح أوله ، وتسكين ثانيه ، وآخره شين ، وتفسيرها بالفارسية أذن الحمار : وهي سكة كبيرة بنيسابور ، نسب إليها طائفة من أهل العلم ، منهم : أبو سعد عبد الملك بن أبي عثمان محمد بن إبراهيم


الخركوشي الزاهد الواعظ الفقيه الشافعي المعروف بأعمال البرّ والخير والزهد في الدنيا ، وكان عالما فاضلا ، رحل إلى العراق والحجاز ومصر وجالس العلماء وصنّف التصانيف المفيدة في علوم الشريعة ودلائل النبوة وسير العبّاد والزهّاد وغيرها ، روى عن أبي عمر ونجيد السّلمي وأبي سهل بشر بن أحمد الأسفراييني ، روى عنه الحاكم أبو عنبسة وأبو محمد الخلّال وغيرهما ، وتفقّه على أبي الحسن الماسرجسي : وجاور بمكة عدّة سنين وعاد إلى نيسابور وبذل بها نفسه وماله للغرباء والفقراء ، وبنى بيمارستان ووقف عليه الوقوف الكثيرة ، وتوفي سنة ٤٠٦ بنيسابور ، وقد ذكرناه في الخرجوش ، وقال أبو سعد : وقبره بسكة خركوش بنيسابور ، ولا أدري أنسب هذا إلى هذه السكة أم نسبت السكة إليه.

الخَرْماءُ : تأنيث الأخرم ، وهو المشقوق الشفة : موضع عربي ، والخرماء رابية تنهبط في وهدة ، وهو الأخرم أيضا ، قال ابن السكيت : الخرماء عين بالصّفراء لحكم بن نضلة الغفاري ، قال كثيّر :

كأنّ حمولهم لما تولّت

بيليل ، والنّوى ذات انتقال ،

شوارع في ثرى الخرماء ليست

بجاذية الجذوع ، ولا رقال

وقال أبو محمد الأسود : الخرماء أرض لبني عبس بن ناج من عدوان ، وأنشد أبو الشعشاع الناجي العبسي :

يا ربّ وجناء حلال عنس ،

ومجمر الخفّ جلال جلس ،

منيته ، قبل طلوع الشمس ،

أجبال رمل وجبال طلس

حتى ترى الخرماء أرض عبس ،

أهل الملاء البيض والقلنس

وقال ابن مقبل :

كأنّ سخالها ، بلوى سمار

إلى الخرماء ، أولاد السّمال

خُرَّماباذ : بضم أوله ، وتشديد ثانيه ، وبعد الألف باء ، وآخره ذال : قرية من قرى بلخ ، منها أبو الليث نصر بن سيّار الخرّم آباذي الفقيه العابد ، سافر إلى العراق والحجاز وديار مصر وحدث بها.

وخرّماباذ أيضا : من قرى الري ، ينسب إليها أبو حفص عمر بن الحسين الخرّم آباذي خطيب جامع أصحاب الحديث بالري ، روى عنه السلفي وقال : سألته عن مولده فقال : سنة ٤٤٢ تخمينا ، وقد سمع الحديث ورواه.

خُرْمارُوذ : بضم الخاء المعجمة ، والراءين المهملتين ، وآخره ذال معجمة : عقبة ونهر في طريق ما بين بسطام وجرجان ، رأيتها.

خُرْمانُ : بضم أوله ، وتسكين ثانيه ، وآخره نون ، وهو جمع خرم ، وهو ما خرم السيل أو طريق في قفّ أو رأس جبل ، واسم ذلك الموضع إذا اتسع مخرم ، والخرم : أنف الجبل. وخرمان : جبل على ثمانية أميال من العمرة التي يحرم منها أكثر حاجّ العراق ، وعليه علم ومنظرة كان يوقد عليها لهداية المسافرين ، ومنها يعدل أهل البصرة عن طريق أهل الكوفة.

خُرْمانُ : كذا ضبطه الحازمي وقال : حائط خرمان بمكة عند السباب.

الخُرْمُقُ : بضم أوله ، وتسكين ثانيه ، وضم الميم ، وآخره قاف : موضع بفارس.


خَرْمَلاءُ : بفتح أوله ، وتسكين ثانيه ، والمدّ ، بوزن كربلاء ، يقال امرأة خرمل أي حمقاء ، وقيل عجوز متهدّمة : اسم موضع في البلاد الغربية.

خُرْمٌ : بضم أوله ، وتسكين ثانيه ، والخرم أنف الجبل ، وجمعه خرم مثل سقف وسقف ، وقال أبو منصور : الخرم بكاظمة جبيلات وأنوف جبال.

خُرَّمُ : بضم أوله ، وتشديد ثانيه ، وتفسيره بالفارسية المسرور : وهو رستاق بأردبيل ، قال نصر : وأظنّ الخرّميّة الذين كان منهم بابك الخرّمي نسبوا إليه ، وقيل : الخرّمية فارسيّ معناه الذين يتّبعون الشهوات ويستبيحونها.

خُرَّمَةُ : قال نصر : ناحية من نواحي فارس قرب إصطخر.

خَرْمَيْثَن : بفتح أوله ، وتسكين ثانيه ، وفتح ميمه ، وتسكين الياء المثناة من تحت ، وثاء مثلثة مفتوحة ، وآخره نون : من قرى بخارى وقد نسب إليها قوم من الرّواة ، منهم : أبو الفضل داود بن جعفر بن الحسن الخرميثني البخاري ، روى عن أحمد بن الجنيد الحنظلي ، روى عنه أبو نصر أحمد بن سهل البخاري.

خَرَنْباءُ : قال نصر : موضع من أرض مصر ، لأهلها حديث في قصّة عليّ ومحمد بن أبي بكر ، وهو خطأ ، وقد سألت عنه أهل مصر فلم يعرفوا إلا خربتا ، وقد ذكرت ، وقال نصر : وخرنباء أيضا صقع في الطريق بين حلب والروم.

خَرَّنُ : بفتح أوله ، وتشديد ثانيه وفتحه ويقال بتخفيفه ، وآخره نون : من قرى همذان ، ينسب إليها أبو إسحاق إبراهيم بن محمود بن طاهر الخرّني ، سمع منه أبو عبد الله الدبيثي بواسط الأربعين للسلفي سنة ٥٨٧.

خِرْنِق : بكسر أوله ، وتسكين ثانيه ، وكسر نونه ، وآخره قاف ، وهو ولد الأرنب ، وأنشدوا :

ليّنة المسّ كمسّ الخرنق

قال أبو منصور : الخرنق اسم حمّة ، وأنشد :

بين عنيزات وبين الخرنق

وقال غيره : الخرنق موضع بين مكة والبصرة به قتل بشر بن عمرو بن مرثد.

خَرُّوبُ : بفتح أوله ، وتشديد ثانيه ، وآخره باء موحدة ، وهي شجرة الينبوت : وهو اسم موضع ، قال الجميح :

أمست أمامة صمتي ما تكلّمني ،

مجنونة أم أحسّت أهل خرّوب؟

مرّت براكب سلهوب فقال لها :

ضرّي الجميح ومسّيه بتعذيب

ولو أصابت لقالت وهي صادقة :

إنّ الرياضة لا تنضيك كالشيب

الخرُّوبَةُ : مثل الذي قبلها ، وهي واحدته : حصن بسواحل بحر الشام مشرف على عكا.

خَرْوُ الجبل : قرية كبيرة بين خابران وطوس ، ينسب إليها محمد بن محمد بن الحسين بن إسحاق بن طاهر الحاكمي الخروي الجبلي أبو جعفر ، شيخ صالح من أهل العلم ، خطيب قريته وفقيهها ، سمع أبا بكر أحمد بن عليّ الشيرازي وأبا محمد الحسن بن أحمد السمرقندي ، سمع منه السمعاني بقريته ، وكانت ولادته سنة ٤٥١ ، ومات في رمضان سنة ٥٣٢.

خَرُورُ : بفتح أوله ، وراءان بينهما واو ، إن كان عربيّا فهو الماء الخرور أي المصوّت : وهي من قرى


خوارزم من نواحي ساوكان ، ينسب إليها أبو طاهر محمد بن الحسين الخروري الخوارزمي شاعر ، روى عنه الخطيب عن عاصم هذين البيتين :

هذا هلال الفطر ، حالي حاله ،

والناس في ملهّى لديه وملعب

هو في الهواء شبيه جسمي في الهوى ،

ولهم به كمسرّة الواشين بي

خَرُورَنْج : مثل الذي قبله ، وزيادة نون ساكنة ، وجيم : من قرى خلم من نواحي بلخ في ظنّ السمعاني ، وقد نسب إليها بعض الرّواة ، منهم : أبو جعفر محمد بن عبد الوارث بن الحارث بن عبد الملك الخرورنجي ، روى عن أبي أيوب أحمد بن عبد الصمد بن عليّ الأنصاري النهرواني ، روى عنه أبو عبد الله محمد بن جعفر الورّاق ، وتوفي في شهر ربيع الآخر سنة ٢٩٧.

خَرُونُ : ناحية من خراسان ، بها مات المهلّب.

وخرون أيضا : ناحية بدارابجرد ، بها صارت وقعة للخوارج.

الخُرَيبَةُ : بلفظ تصغير خربة : موضع بالبصرة ، وسميت بذلك فيما ذكره الزّجاجي لأن المرزبان كان قد ابتنى به قصرا وخرب بعده ، فلما نزل المسلمون البصرة ابتنوا عنده وفيه أبنية وسموها الخريبة ، وقال حمزة : بنيت البصرة سنة ١٤ من الهجرة على طرف البرّ إلى جانب مدينة عتيقة من مدن الفرس كانت تسمى وهشتاباذ أردشير فخرّبها المثنّى بن حارثة الشيباني بشنّ الغارات عليها ، فلما قدمت العرب البصرة سموها الخريبة ، وعندها كانت وقعة الجمل بين عليّ وعائشة ، ولذلك قال بعضهم :

إني أدين بما دان الوصيّ به ،

يوم الخريبة ، من قتل المحلّينا

وقال العمراني : سمعته من شيخنا ، يعني الزمخشري ، بالراء ، قال : وقال الغوري خزيبة ، بالزاي ، موضع بالبصرة تسمّى بصيرة الصّغرى ، وهذا وهم لا ريب فيه لأن الموضع إلى الآن معروف بالبصرة ، بالراء المهملة ، وقد نسب إليها قوم من الرّواة ، منهم : عبد الله بن داود بن عامر بن الربيع أبو عبد الرحمن الهمداني ثم الشعبي المعروف بالخريبي ، كوفي الأصل سكن الخريبة بالبصرة ، وسمع بالشام وغيره سعيد بن عبد العزيز والأوزاعي وعاصم بن رجاء بن حيوة وطلحة بن يحيى وبدر بن عثمان وجعفر بن برقان وفضيل بن غزوان الأعمش وإسماعيل بن خالد وهشام ابن عروة وعثمان بن الأسود وسلمة بن نبيط وفطر ابن خليفة وهشام بن سعد وإسرائيل بن يونس وشريك ابن عبد الله القاضي ويحيى بن أبي الهيثم وعاصم بن قدامة ، روى عنه سفيان بن عيينة والحسن بن صالح ابن حيّ ، وهما أسنّ منه ، ومسدّد بن مسرهد ونصر بن عليّ الجهضمي وعمرو بن عليّ القلّاس والقواريري وزيد بن أخرم وإبراهيم بن محمد بن عرعرة ومحمد بن يحيى بن عبد الكريم الأزدي وعليّ ابن حرب الطائي وفضل بن سهل ومحمد بن يونس الكديمي والقاسم بن عبّاد المهلبي ومحمد بن أبي بكر المقدسي وعليّ بن نصر بن عليّ الجهضمي ومحمد بن عبد الله بن عمّار الموصلي ، وعن عباس بن عبد العظيم العنبري سمعت الخريبي يقول : ولدت سنة ١٢٦ ، وقال عثمان بن سعيد الدارمي : قلت ليحيى بن معين : فعبد الله بن داود الخريبي؟ فقال : ثقة مأمون ، قلت : وأبو عاصم النبيل؟ فقال : ثقة ، فقلت : أيّهما أحبّ إليك؟ فقال أبو سعد : الخريبى أعلى ،


وعن أبي جعفر الطحاوي قال : سمعت أحمد بن أبي عمران يقول : كان يحيى بن أكثم وهو يتولى القضاء بين أهل البصرة يختلف إلى عبد الله بن داود الخريبي يسمع منه ، فقدم رجلان إلى يحيى بن أكثم في خصومة فتربّع أحدهما فأمر به أن يقوم من تربّعه ويجلس جاثيا بين يديه ، فبلغ ذلك عبد الله بن داود فلما جاء يحيى إليه ليحدّثه كما كان يجيء إليه لذلك من قبل قال له عبد الله بن داود : متعت بك ، وكانت كلمة تعرف منه ، لو أن رجلا صلى متربّعا؟ فقال يحيى : لا بأس بذلك ، فقال له عبد الله بن داود : فحال يكون عليها بين يدي الله لا يكرهها منه فتكرهها أنت أن يكون الخصم بين يديك على مثلها! ثم ولى ظهره وقال : عزم لي أن لا أحدّثك ، فقام يحيى ومضى ، ومات الخريبي سنة ٢١١. وخريبة الغار : حصن بساحل بحر الشام. وخريبة : ماء قرب القادسية نزلها بعض جيوش سعد أيام القوادس.

الخُرَيجَةُ : من مياه عمرو بن كلاب ، عن أبي زياد ، وقال في موضع آخر من كتابه : ولبني العجلان الخريجة.

خَريرٌ : بفتح أوله ، وكسر ثانيه ثم ياء مثناة من تحت ، من خرير الماء وهو صوته : موضع من نواحي الوشم باليمامة.

الخُرَيرِيُّ : براءين وضم أوله : بئر في وادي الحسنين وهو من مناهل أجإ العظام ، عن نصر.

الخُرَيْزَةُ : تصغير الخرزة ، آخره زاي : ماءة بين الحمض والعزاة.

خريشيم : قال الحفصي : وبالصمّان دحل يقال له دحل خريشيم.

خَرِيقٌ : بفتح أوله ، وكسر ثانيه : واد عند الجار متصل بينبع ، قال كثيّر :

أمن أمّ عمرو بالخريق ديار ،

نعم دارسات قد عفون قفار

وأخرى بذي المشروح من بطن بيشة ،

بها لمطافيل النعاج جوار

تراها وقد خفّ الأنيس كأنها

بمندفع الخرطومتين إزار

فأقسمت لا أنساك ما عشت ليلة ،

وإن شحطت دار وشطّ مزار

خُرَيْمٌ : بلفظ تصغير خرم ، وقد ذكر في خرمان : وهو ثنية بين جبلين بين الجار والمدينة ، وقيل : بين المدينة والرّوحاء ، كان عليها طريق رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، عند منصرفه من بدر ، قال كثيّر :

فأجمعن بينا عاجلا ، وتركنني

بفيفا خريم قائما أتبلّد

قال نصر : خريم ماء قرب القادسية.

باب الخاء والزاي وما يليهما

خُزارُ : بضم أوله ، وآخره راء مهملة : موضع بقرب وخش من نواحي بلخ ، وقال أبو يوسف : خزار موضع بقرب نسف بما وراء النهر ، إن كان عربيّا فهو من الخزر وهو ضيق العين وصغرها ، ونسب إليها جماعة من أهل العلم ، منهم : أبو هارون موسى ابن جعفر بن نوح بن محمد الخزاري ، رحل إلى العراق والحجاز وسمع من محمد بن يزيد ، وروى عنه حماد بن شاكر.

خَزاز وخَزَازَى : هما لغتان ، كلاهما بفتح أوله وزاءين معجمتين ، قال أبو منصور : وخزازى شكل


في النحو وأحسنه أن يقال هو جمع سمّي به كعراعر ولا واحد له كأبابيل ، وقال الحارث بن حلّزة :

فتنوّرت نارها من بعيد

بخزازى ، هيهات منك الصلاء!

واختلفت العبارات في موضعه ، فقال بعضهم : هو جبل بين منعج وعاقل بإزاء حمى ضرية ، قال :

ومصعدهم كي يقطعوا بطن منعج ،

فضاق بهم ذرعا خزاز وعاقل

وقال النميري : هو رجل من بني ظالم يقال له الدهقان فقال :

أنشد الدار ، بعطفي منعج

وخزاز ، نشدة الباغي المضل

قد مضى حولان مذ عهدي بها ،

واستهلّت نصف حول مقتبل

فهي خرساء ، إذا كلّمتها ،

ويشوق العين عرفان الطّلل

وقال أبو عبيدة : كان يوم خزاز بعقب السّلّان ، وخزاز وكير ومتالع أجبال ثلاثة بطخفة ما بين البصرة إلى مكة ، فمتالع عن يمين الطريق للذاهب إلى مكة وكير عن شماله وخزاز بنحر الطريق ، إلا أنها لا يمر الناس عليها ثلاثتها ، وقيل : خزاز جبل لبني غاضرة خاصة ، وقال أبو زياد : هما خزازان وهما هضبتان طويلتان بين أبانين جبل بني أسد وبين مهبّ الجنوب على مسيرة يومين بواد يقال له منعج ، وهما بين بلاد بني عامر وبلاد بني أسد ، وغلط فيه الجوهري غلطا عجيبا فإنه قال : خزاز جبل كانت العرب توقد عليه غداة الغارة ، فجعل الإيقاد وصفا لازما له وهو غلط ، إنما كان ذلك مرّة في وقعة لهم ، قال القتّال الكلابي :

وسفع كدور الهاجريّ بجعجع

تحفّر ، في أعقارهنّ ، الهجارس

موائل ، ما دامت خزاز مكانها

بجبّانة كانت إليها المجالس

تمشّى بها ربد النّعام كأنها

رجال القرى تمشي ، عليها الطيالس

وهذا ذكر يوم خزاز بطوله مختصر الألفاظ دون المعاني عن أبي زياد الكلابي ، قال : اجتمعت مضر وربيعة على أن يجعلوا منهم ملكا يقضي بينهم ، فكلّ أراد أن يكون منهم ، ثم تراضوا أن يكون من ربيعة ملك ومن مضر ملك ، ثم أراد كلّ بطن من ربيعة ومن مضر أن الملك منهم ، ثم اتفقوا على أن يتخذوا ملكا من اليمن ، فطلبوا ذلك إلى بني آكل المرار من كندة ، فملّكت بنو عامر شراحيل ابن الحارث الملك بن عمرو المقصور بن حجر آكل المرار وملّكت بنو تميم وضبّة محرّق بن الحارث وملّكت وائل شرحبيل بن الحارث ، وقال ابن الكلبي : كان ملك بني تغلب وبكر بن وائل سلمة ابن الحارث ، وملّكت بقية قيس غلفاء ، وهو معدي كرب بن الحارث ، وملّكت بنو أسد وكنانة حجر بن الحارث أبا امرئ القيس ، فقتلت بنو أسد حجرا ، ولذلك قصة ، ثم قصص امرئ القيس في الطلب بثأر أبيه ، ونهضت بنو عامر على شراحيل فقتلوه ، وولي قتله بنو جعدة بن كعب بن ربيعة بن صعصعة ، فقال في ذلك النابغة الجعدي :

أرحنا معدّا من شراحيل بعد ما

أراهم مع الصّبح الكواكب ، مصحرا

وقتلت بنو تميم محرّقا وقتلت وائل شرحبيل ، فكان حديث يوم الكلاب ولم يبق من بني آكل المرار


غير سلمة ، فجمع جموع اليمن وسار ليقتل نزارا ، وبلغ ذلك نزارا فاجتمع منهم بنو عامر بن صعصعة وبنو وائل تغلب وبكر ، وقال غير أبي زياد : وبلغ الخبر إلى كليب وائل فجمع ربيعة وقدّم على مقدّمته السّفّاح التغلبي واسمه سلمة بن خالد وأمره أن يعلو خزازى فيوقد بها النار ليهتدي الجيش بناره وقال له : إن غشيك العدوّ فأوقد نارين ، وبلغ سلمة اجتماع ربيعة ومسيرها فأقبل ومعه قبائل مذحج وكلما مرّ بقبيلة استفزّها ، وهجمت مذحج على خزازى ليلا فرفع السّفّاح نارين ، فأقبل كليب في جموع ربيعة إليهم فصبّحهم فالتقوا بخزازى فاقتتلوا قتالا شديدا فانهزمت جموع اليمن ، فلذلك يقول السفاح التغلبي :

وليل ، بتّ أوقد في خزازى ،

هديت كتائبا متحيّرات

ضللن من السهاد ، وكنّ لولا

سهاد القوم ، أحسب ، هاديات

وقال أبو زياد الكلابي : أخبرنا من أدركناه من مضر وربيعة أن الأحوص بن جعفر بن كلاب كان على نزار كلها يوم خزاز ، قال : وهو الذي أوقد النار على خزاز ، قال : ويوم خزاز أعظم يوم التقته العرب في الجاهلية ، قال : وأخبرنا أهل العلم منا الذين أدركنا أنه على نزار الأحوص ابن جعفر ، ثم ذكرت ربيعة ههنا أخيرا من الدهر أن كليبا كان على نزار ، وقال بعضهم : كان كليب على ربيعة والأحوص على مضر ، قال ولم أسمع في يوم خزاز بشعر إلا قول عمرو بن كلثوم التغلبي :

ونحن ، غداة أوقد في خزازى ،

رفدنا فوق رفد الرافدينا

برأس من بني جشم بن بكر

ندقّ به السّهولة والحزونا

تهدّدنا وتوعدنا ، رويدا!

متى كنا لأمّك مقتوينا؟

قال : وما سمعناه سمّى رئيسا كان على الناس ، قلت : هذه غفلة عجيبة من أبي زياد بعد إنشاده :

برأس من بني جشم بن بكر

وكليب اسمه وائل بن ربيعة بن زهير بن جشم بن بكر بن حبيب بن عمرو بن غنم بن تغلب بن وائل ، وهل شيء أوضح من هذا؟ قال أبو زياد : وحدثنا من أدركنا ممن كنا نثق به بالبادية أن نزارا لم تكن تستنصف من اليمن ولم تزل اليمن قاهرة لها في كل شيء حتى كان يوم خزاز فلم تزل نزار ممتنعة قاهرة لليمن في يوم يلتقونه بعد خزاز حتى جاء الإسلام ، وقال عمرو بن زيد : لا أعرفه لكن ابن الحائك كذا قال في يوم خزاز ، وفيه دليل على أن كليبا كان رئيس معدّ :

كانت لنا بخزازى وقعة عجب ،

لما التقينا ، وحادي الموت يحديها

ملنا على وائل في وسط بلدتها ،

وذو الفخار كليب العزّ يحميها

قد فوّضوه وساروا تحت رايته ،

سارت إليه معدّ من أقاصيها

وحمير قومنا صارت مقاولها ،

ومذحج الغرّ صارت في تعانيها

وهي طويلة ، وقال في آخرها : وكثير من الناس بذكر أن خزاز هي المهجم من أسفل وادي سردد.

خَزّازُ : بفتح أوله ، وتشديد ثانيه ، وآخره زاي أيضا : نهر كبير بالبطيحة بين البصرة وواسط.


خُزَاقٌ : بضم أوله ، وآخره قاف ، والخازق : السهم النافذ ، وخزاق : اسم موضع بعينه في بلاد العرب ، قال الشاعر :

برمل خزاق أسلمه الصريم

ويروى لقسّ بن ساعدة الإيادي من قطعة يذكر فيها راوند لرواية فيها :

ألم تعلما ما لي براوند كلها ،

ولا بخزاق من صديق سواكما؟

خَزَالى : بوزن سكارى : اسم موضع ، والخزل من الانخزال في المشي كأن الشوك شاك قدمه ، قال الأعشى :

إذا تقوم يكاد الخصر ينخزل

والأخزل : الذي في وسط ظهره كسر كأنه سرج.

الخَزّامِين : بفتح أوله ، وتشديد ثانيه ، وهو جمع خزّام ، وتركوا إعرابه ولزموا طريقة واحدة فيه لكثرة الاستعمال ، والخزم شجر يتخذ من لحائه الحبال ، والسوق منسوب إلى عمله : وهو سوق بالمدينة مشهور.

خُزَامٌ : بضم أوله ، والخزامى بقلة ، وهذا مخفف منه : وهو واد بنجد.

خُزَانْد : بضم أوله ، وبعد الألف نون التقى فيها ساكنان على لغة العجم ، وآخره دال مهملة : قرية بينها وبين سمرقند فرسخان ، منها أبو بكر محمد بن أحمد الخزاندي ، روى عن سعيد بن منصور ، روى عنه عصمة بن مسعود التميمي السمرقندي.

خَزَبُ : جبل أسود قريب من الخزبة التي بعده.

خَزَباتُ دَوٍّ : هو الذي بعده ، خزبة بالتحريك ، وبعد الزاي باء موحدة ، والخزب في لغتهم شيء يظهر في الجلد كالورم من غير ألم : وهو موضع في أرض اليمامة لبني عقيل ، وقال الحازمي : خزبة معدن لبني عبادة بن عقيل بين عمايتين والعقيق من ناحية اليمامة ، وبها أمير هو منبر ، ويقال فيه خزبات دوّ.

خَزْبَةُ : بفتح أوله ، وسكون ثانيه ، وباء موحدة : معدن ، وأظنه الذي قبله.

خَزَرُ : بالتحريك ، وآخره راء ، وهو انقلاب في الحدقة نحو اللّحاظ ، وهو أقبح الحال : وهي بلاد الترك خلف باب الأبواب المعروف بالدّربند قريب من سدّ ذي القرنين ، ويقولون : هو مسمى بالخزر ابن يافث بن نوح ، عليه السلام ، وقال في كتاب العين : الخزر جيل خزر العيون ، وقال دعبل بن عليّ يمدح آل عليّ ، رضي الله عنه :

وليس حيّ من الأحياء نعرفه

من ذي يمان ، ولا بكر ، ولا مضر

إلا وهم شركاء في دمائهم ،

كما تشارك أيسار على جزر

قتل وأسر وتحريق ومنهبة ،

فعل الغزاة بأهل الروم والخزر

وقال أحمد بن فضلان رسول المقتدر إلى الصقالبة في رسالة له ذكر فيها ما شاهده بتلك البلاد فقال : الخزر اسم إقليم من قصبة تسمّى إتل ، وإتل اسم لنهر يجري إلى الخزر من الروس وبلغار ، وإتل مدينة ، والخزر اسم المملكة لا اسم مدينة ، والإتل قطعتان : قطعة على غربي هذا النهر المسمّى إتل وهي أكبرهما ، وقطعة على شرقيّه ، والملك يسكن الغربي منهما ، ويسمى الملك بلسانهم ويلك ويسمّى أيضا باك ، وهذه القطعة الغربية مقدارها في الطول نحو فرسخ ويحيط بها سور إلّا أنه مفترش البناء ، وأبنيتهم خركاهات


لبود إلّا شيء يسير بني من طين ، ولهم أسواق وحمّامات ، وفيها خلق كثير من المسلمين يقال إنهم يزيدون على عشرة آلاف مسلم ولهم نحو ثلاثين مسجدا ، وقصر الملك بعيد من شطّ النهر ، وقصره من آجر وليس لأحد بناء من آجر غيره ، ولا يمكّن الملك أن يبنى بالآجر غيره ، ولهذا السور أربعة أبواب : أحدها يلي النهر وآخرها يلي الصحراء على ظهر هذه المدينة ، وملكهم يهوديّ ، ويقال : إنّ له من الحاشية

نحو أربعة آلاف رجل ، والخزر مسلمون ونصارى وفيهم عبدة الأوثان ، وأقل الفرق هناك اليهود على أن الملك منهم ، وأكثرهم المسلمون والنصارى إلّا أنّ الملك وخاصته يهود ، والغالب على أخلاقهم أخلاق أهل الأوثان ، يسجد بعضهم لبعض عند التعظيم ، وأحكام مصرهم على رسوم مخالفة للمسلمين واليهود والنصارى ، وجريدة جيش الملك اثنا عشر ألف رجل ، فإذا مات منهم رجل أقيم غيره مقامه ، فلا تنقص هذه العدة أبدا ، وليست لهم جراية دائرة إلّا شيء نزر يسير يصل إليهم في المدة البعيدة إذا كان لهم حرب أو حزبهم أمر عظيم يجمعون له ، وأما أبواب أموال صلات الخزر فمن الأرصاد وعشور التجارات على رسوم لهم من كل طريق وبحر ونهر ، ولهم وظائف على أهل المحالّ والنواحي من كل صنف مما يحتاج إليه من طعام وشراب وغير ذلك ، وللملك تسعة من الحكام من اليهود والنصارى والمسلمين وأهل الأوثان ، إذا عرض للناس حكومة قضى فيها هؤلاء ، ولا يصل أهل الحوائج إلى الملك نفسه وإنما يصل إليه هؤلاء الحكام ، وبين هؤلاء الحكام وبين الملك يوم القضاء سفير يراسلونه فيما يجري من الأمور ينهون إليه ويردّ عليهم أمره ويمضونه.

وليس لهذه المدينة قرى إلّا أن مزارعهم مفترشة ، يخرجون في الصيف إلى المزارع نحوا من عشرين فرسخا فيزرعون ويجمعونه إذا أدرك بعضه إلى النهر وبعضه إلى الصحاري فيحملونه على العجل والنهر ، والغالب على قوتهم الأرز والسمك وما عدا ذلك مما يوجد عندهم يحمل إليهم من الروس وبلغار وكويابه ، والنصف الشرقي من مدينة الخزر فيه معظم التجار والمسلمون والمتاجر ، ولسان الخزر غير لسان الترك والفارسية ولا يشاركه لسان فريق من الأمم ، والخزر لا يشبهون الأتراك ، وهم سود الشعور ، وهم صنفان : صنف يسمون قراخزر ، وهم سمر يضربون لشدة السمرة إلى السواد كأنهم صنف من الهند ، وصنف بيض ظاهر والجمال والحسن ، والذي يقع من رقيق الخزر وهم أهل الأوثان الذين يستجيزون بيع أولادهم واسترقاق بعضهم لبعض ، فأما اليهود والنصارى فإنهم يدينون بتحريم استرقاق بعضهم بعضا مثل المسلمين.

وبلد الخزر لا يجلب منه إلى البلاد شيء ، وكل ما يرتفع منه إنما هو مجلوب إليه مثل الدقيق والعسل والشمع والخز والأوبار. وأما ملك الخزر فاسمه خاقان ، وإنه لا يظهر إلّا في كلّ أربعة أشهر متنزها ، ويقال له خاقان الكبير ويقال لخليفته خاقان به ، وهو الذي يقود الجيوش ويسوسها ويدبر أمر المملكة ويقوم بها ويظهر ويغزو وله تذعن الملوك الذين يصاقبونه ، ويدخل في كل يوم إلى خاقان الأكبر متواضعا يظهر الإخبات والسكينة ولا يدخل عليه إلّا حافيا وبيده حطب ، فإذا سلم عليه أوقد بين يديه ذلك الحطب ، فإذا فرغ من الوقود جلس مع الملك على سريره عن يمينه ، ويخلفه رجل يقال له كندر خاقان ويخلف هذا أيضا رجل يقال له جاويشغر ، ورسم الملك الأكبر أن لا يجلس للناس ولا يكلمهم ولا يدخل عليه أحد


غير من ذكرنا ، والولايات في الحل والعقد والعقوبات وتدبير المملكة على خليفته خاقان به ، ورسم الملك الأكبر إذا مات أن يبنى له دار كبيرة فيها عشرون بيتا ويحفر له في كل بيت منها قبر وتكسر الحجارة حتى تصير مثل الكحل وتفرش فيه وتطرح النورة فوق ذلك ، وتحت الدار والنهر نهر كبير يجري ، ويجعلون النهر فوق ذلك القبر ويقولون حتى لا يصل إليه شيطان ولا إنسان ولا دود ولا هوام ، وإذا دفن ضربت أعناق الذين يدفنونه حتى لا يدرى أين قبره من تلك البيوت ، ويسمى قبره الجنّة ، ويقولون : قد دخل الجنة ، وتفرش البيوت كلها بالديباج المنسوج بالذهب.

ورسم ملك الخزر أن يكون له خمس وعشرون امرأة ، كل امرأة منهن ابنة ملك من الملوك الذين يحاذونه يأخذها طوعا أو كرها ، وله من الجواري السراري لفراشه ستون ، ما منهن إلا فائقة الجمال ، وكل واحدة من الحرائر والسراري في قصر مفرد لها قبة مغشاة بالساج ، وحول كل قبة مضرب ، ولكل واحدة منهن خادم يحجبها ، فإذا أراد أن يطأ بعضهن بعث إلى الخادم الذي يحجبها فيوافي بها في أسرع من لمح البصر حتى يجعلها في فراشه ويقف الخادم على باب قبة الملك ، فإذا وطئها أخذ بيدها وانصرف ولم يتركها بعد ذلك لحظة واحدة. وإذا ركب هذا الملك الكبير ركب سائر الجيوش لركوبه ، ويكون بينه وبين المواكب ميل ، فلا يراه أحد من رعيته إلّا خرّ لوجهه ساجدا له لا يرفع رأسه حتى يجوزه.

ومدة ملكهم أربعون سنة ، إذا جاوزها يوما واحدا قتلته الرعية وخاصته وقالوا : هذا قد نقص عقله واضطرب رأيه. وإذا بعث سرية لم تولّ الدّبر بوجه ولا بسبب ، فإن انهزمت قتل كل من ينصرف إليه منها ، فأما القواد وخليفته فمتى انهزموا أحضرهم وأحضر نساءهم وأولادهم فوهبهم بحضرتهم لغيرهم وهم ينظرون وكذلك دوابهم ومتاعهم وسلاحهم ودورهم ، وربما قطع كل واحد منهم قطعتين وصلبهم ، وربما علقهم بأعناقهم في الشجر ، وربما جعلهم إذا أحسن إليهم ساسة.

ولملك الخزر مدينة عظيمة على نهر إتل ، وهي جانبان : في أحد الجانبين المسلمون وفي الجانب الآخر الملك وأصحابه ، وعلى المسلمين رجل من غلمان الملك يقال له خز ، وهو مسلم ، وأحكام المسلمين المقيمين في بلد الخزر والمختلفين إليهم في التجارات مردودة إلى ذلك الغلام المسلم ، لا ينظر في أمورهم ولا يقضي بينهم غيره ، وللمسلمين في هذه المدينة مسجد جامع يصلون فيه الصلاة ويحضرون فيه أيام الجمع ، وفيه منارة عالية وعدة مؤذنين ، فلما اتصل بملك الخزر في سنة ٣١٠ أن المسلمين هدموا الكنيسة التي كانت في دار البابونج أمر بالمنارة فهدمت وقتل المؤذنين وقال : لو لا أني أخاف أن لا يبقى في بلاد الإسلام كنيسة إلا هدمت لهدمت المسجد. والخزر وملكهم كلهم يهود ، وكان الصقالبة وكل من يجاورهم في طاعته ، ويخاطبهم بالعبودية ويدينون له بالطاعة ، وقد ذهب بعضهم إلى أن يأجوج ومأجوج هم الخزر.

الخزَفُ : بالتحريك ، بلفظ الخزف من الجرار ، ساباط الخزف : ببغداد ، نزله أبو الحسن محمد بن الفضل بن عليّ بن العباس بن الوليد بن الناقد فنسب إليه ، حدث عن البغوي وابن صاعد ، روى عنه أبو القاسم الأزهري ، وكان ثقة ، مات سنة ٣٠٢.

خُزْمانُ : أمّ خزمان : موضع ، والخزمان في لغتهم الكذب ، قال العمراني : وسمعته عن الزمخشري بالراء.


خَزْوانُ : بفتح أوله ، وتسكين ثانيه ، وآخره نون : من قرى بخارى ، ينسب إليها أبو العلاء محمد بن محمد ابن أحمد بن الحسين الخزواني البخاري ، سمع أبا طاهر إبراهيم بن أحمد بن سعيد المستملي وغيره ، روى عنه أبو عمرو عثمان بن عليّ البيكندي ، توفي سنة ٤٨٠.

خَزَوْزَى : بفتح أوله وثانيه ، وبعد الواو زاي أخرى ، مقصور : موضع ، عن ابن دريد.

خُزَيبَةُ : اسم معدن ، أنشد الفراء في أماليه :

لقد نزلت خزيبة كل وغد

يمشّى كل خاتام وطاق

قال : خزيبة معدن ، ولم يزد.

الخُزَيميَّة : بضم أوله ، وفتح ثانيه ، تصغير خزيمة ، منسوبة إلى خزيمة بن خازم فيما أحسب : وهو منزل من منازل الحاج بعد الثعلبية من الكوفة وقبل الأجفر ، وقال قوم : بينه وبين الثعلبية اثنان وثلاثون ميلا ، وقيل : إنه الحزيمية بالحاء المهملة.

باب الخاء والسين وما يليهما

خُسافُ : بضم أوله ، وتخفيف ثانيه ، وآخره فاء ، قال العمراني : مفازة بين الحجاز والشام ، قلت أنا : والصواب أنها برية بين بالس وحلب ، مشهورة عند أهل حلب وبالس ، وكان بها قرى وأثر عمارة ، وهي تمتد خمسة عشر ميلا ، قال الأعشى :

من ديار بالهضب هضب القليب

فاض ماء الشئون فيض الغروب

أخلفتني به قتيلة ميعا

دي وكانت للوعد غير كذوب

ظبية من ظباء بطن خساف

أمّ طفل بالجوّ غير ربيب

كنت أوصيتها بألّا تطيعي

فيّ قول الوشاة والتخبيب

خسْت : بفتح أوله ، وتسكين ثانيه ، وآخره تاء مثناة من فوق : ناحية من بلاد فارس قريبة من البحر.

خُسْراباذ : من قرى مرو على فرسخين منها.

خُسرَاهاباذ : من مشاهير قرى الريّ كبيرة كالمدينة.

خُسْراوِيَةُ : بضم أوله ، وتسكين ثانيه : قرية من قرى واسط ، قال ابن بسام يهجو حامدا :

نعم ولأرجعنه صاغرا

إلى بيع رمان خسراويه

وهي خسروسابور.

خُسْرُوجِرْدُ : بضم أوله ، وجرد بالجيم المكسورة ، والراء الساكنة ، والدال ، وجيمه معرّبة عن كاف ، ومعناه عمل خسرو لأن كرد بمعنى عمل : مدينة كانت قصبة بيهق من أعمال نيسابور بينها وبين قومس ، فالآن قصبة بيهق سابزوار ، قال العمراني : خسروجرد من أعمال أسفرايين ، خرج منها جماعة من الأئمة عامتهم منسوبون إلى بيهق ، منهم : الإمام أبو بكر أحمد بن الحسين وتلميذه الحسين بن أحمد ابن فطيمة قاضي خسروجرد ، وقد ذكرتهما في بيهق ، وأبو سليمان داود بن الحسين بن عقيل بن سعيد الخسروجردي البيهقي وكان مكثرا ، سمع بخراسان والعراق والحجاز ومصر والشام من إسحاق بن راهويه ونصر بن عليّ الجهضمي وغيرهما ، روى عنه أبو حامد بن الشرقي وأبو يوسف يعقوب بن أحمد بن محمد الأزهري الخسروجردي وغيرهما ، توفي في خسروجرد سنة ٢٩٩ ، وقيل سنة ٣٠٠ ، وكان مولده سنة ٢٠٠.


خُسْرُوسابور : والعامة تقول خسّابور : قرية معروفة قرب واسط ، بينهما خمسة فراسخ ، معروفة بجودة الرمان ، ينسب إليها من المتأخرين أحمد بن مبشر بن يزيد بن عليّ المقري أبو العباس الواسطي ، صحب صدقة بن الحسين بن وزير الواسطي وقدم معه إلى بغداد واستوطنها إلى أن توفي بها ، سمع بالبصرة أبا إسحاق إبراهيم بن عطية المقري وأبا الحسن بن المعين الصوفي ، وبواسط من أبي الفرج بن السوادي وأبي الحسين عليّ بن المبارك الشاهد ، وببغداد من أبي الوقت عبد الأوّل السجزي والنقيب أبي جعفر المكي ، وبالكوفة من أبي الحسن بن غبرة الحارثي وغيرهم وحدث عنهم ، سمع منه الدبيثي وغيره ، ومولده في سنة ٥٢٥ ، ومات في بغداد في جمادى الآخرة سنة ٦٠٩ ، وأحمد بن أبي الهياج بن عليّ أبو العباس الواسطي الخسروسابوري ، قدم أيضا مع شيخه صدقة بن وزير إلى بغداد في سنة ٥٥٣ ، وسمع بها من المشايخ الذين قبله ، وقرأ الأدب على ابن الخشاب وابن العطار وإسماعيل بن الجواليقي ، وتولى خدمة الفقراء برباط صدقة بعد وفاته ، وكان صالحا ، ومات في ذي القعدة سنة ٥٧٩ ، ودفن بالرباط مع شيخه صدقة.

خُسْرُوشاذ فيرُوز : كورة حلوان ، وهي خمسة طساسيج ، ويقال لها استان خسروشاذ فيروز.

خُسْرُوشاذ قُباذ : منسوب إلى قباذ بن فيروز الملك : وهي كورة بسواد العراق ستة طساسيج بالجانب الشرقي.

خُسْرُوشاذ هُرْمُز : منسوب أيضا إلى ملك من ملوك الفرس : وهي كورة أيضا من أعمال السواد ، بالجانب الشرقي منها جلولاء وهي قصبتها.

خُسْرُوشاه : قرية بينها وبين مرو فرسخان ، ينسب إليها أبو سعد محمد بن أحمد بن عليّ بن مجاهد الخسروشاهي ، كان شيخا صالحا ، سمع أبا المظفر السمعاني ، وذكره أبو سعد في شيوخه وقال : ولد سنة ٤٧٢. وخسروشاه أيضا : بليدة بينها وبين تبريز ستة فراسخ ، فيها سوق وعمارة.

خِسْفين : بكسر أوله ، وفاء مكسورة ، وياء مثناة من تحت ، ونون : قرية من أعمال حوران بعد نوى في طريق مصر بين نوى والأردن ، وبينها وبين دمشق خمسة عشر فرسخا.

الخمسة : من قرى اليمن من مخلاف صداء من أعمال صنعاء ، والله أعلم بالصواب.

باب الخاء والشين وما يليهما

خَشَا : بفتح أوله ، مقصور : موضع ينسب إليه النخل ، وقيل جبل في ديار محارب ، قال ابن الأعرابي : الخشا الزرع الذي قد اسودّ من البرد ، عن أبي منصور ، والخشو : الحشف من التمر ، يقال : خشت النخلة إذا أحشفت.

خُشَابُ : من قرى الري ، معناه بالفارسية الماء الطيب ، ينسب إليها حجّاج بن حمزة الخشابي العجلي الرازي ، روى عنه عبد الرحمن بن أبي حاتم ، روى عن جماعة ، وقال أبو سعد الخشّابي وذكر حجّاجا : وما أراه إلّا غلطا منه.

خُشّاب : قرية من قرى الري ، وعرف بها حجاج بن حمزة الخشابي الرازي ، حدث عنه محمد بن إسماعيل ابن أبي فديك ، روى عنه صالح بن محمد الرسي.

خَشَاخِش : قد وصف في ترجمة الدّهناء إلى الحفر ثم يقع في معبّر والحماطان وجبل السّرسر وجرعاء العكن من جبال الدهناء.


الخُشَارِمُ : موضع في قول قيس بن العيزارة الهذلي :

أحار بن قيس! إن قومك أصبحوا

مقيمين بين السّرو حتى الخشارم

خَشَاشُ : بفتح أوله ، وتكرير الشين : موضع ، وأصله أن الخشاش حيّة الجبل ، والأفعى حية السهل ، وقال ابن شميل : الخشاش من دواب الأرض والطير ما لا دماغ له ، فالحية والكروان والنّعام والحبارى لا دماغ لهنّ ، والخشاشان : جبلان قريبان من الفرع من أراضي المدينة قرب العمق ، وله شاهد في العمق.

الخَشَاشَة : بفتح أوله ، وتكرير الشين ، وقد تقدم معناه : وهو موضع ، قال بعضهم :

تحنّ قلوصي ، بعد ما كمل السّرى ،

بنخلة ، والصّهب الحراجيج ضمّر

تحنّ إلى ورد الخشاشة ، بعد ما

ترامى بنا خرق من الأرض أغبر

وباتت تجوب البيد ، والليل ما ثنى

يديه لتعريس ، تحنّ وأزفر

وبي مثل ما تلقى من الشوق والهوى ،

على أنني أخفي الذي بي وتظهر

وقلت لها لما رأيت الذي بها :

كلانا إلى ورد الخشاشة أصور

خشاغر : من قرى بخارى فيما أحسب ، منها أبو إسحاق إبراهيم بن زيد بن أحمد الخشاغري ، روى عنه محمد ابن علي بن محمد أبو بكر النوجاباذي.

الخَشّالُ : باللام : اسم موضع ، كذا قال العمراني ، فهو على هذا غير الحشّاك ، بالحاء المهملة والكاف ، الذي ذكره الأخطل في شعره ، والله أعلم ، والخشل : المقل ، واحدته خشلة.

خُشَاوِرَةُ : بضم أوله ، وبعد الألف واو مكسورة بعدها راء : سكة بنيسابور ، عن أبي سعد ، نسب إليها إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم القاري الخشاوري ، كان ينزل برأس سكة خشاورة من أهل نيسابور ويعرف بإبراهيمك ، سمع أبا زكرياء يحيى بن محمد ابن يحيى ، ومات في شهر ربيع الآخر سنة ٣٣٨ عن ثلاث وتسعين سنة ، وقد احدودب كثيرا.

الخَشْباءُ : بفتح أوله ، وسكون ثانيه ، وباء موحدة ، والمدّ : جبل على غربي طريق الحاج قرب الحاجر ودون المعدن ، يقال : أرض خشباء للتي كانت حجارتها منثورة متدانية ، قال رؤبة :

بكلّ خشباء وكلّ سفح

خُشْبانُ : في كتاب نصر : بضم الخاء المعجمة ، وبعده شين معجمة ثم باء موحدة : موضع بخط ابن الكوفي صاحب أبي العباس ، أحكم ضبط الاسم في قوله :

هوت أمّهم! ما ذا بهم يوم صرّعوا

بخشبان من أسباب مجد تصرّما؟

خُشُبٌ : بضم أوله وثانيه ، وآخره باء موحدة : واد على مسيرة ليلة من المدينة ، له ذكر كثير في الحديث والمغازي ، قال كثيّر :

وذا خشب من آخر الليل قلّبت ،

وتبغي به ليلى على غير موعد

وقال قوم : خشب جبل ، والخشب : من أودية العالية باليمامة ، وهو جمع أخشب ، وهو الخشن الغليظ من الجبال ، ويقال : هو الذي لا يرتقى فيه ، وقال شاعر :

أبت عيني بذي خشب تنام ،

وأبكتها المنازل والخيام


وأرّقني حمام بات يدعو

على فنن ، يجاوبه حمام

ألا يا صاحبيّ دعا ملامي ،

فإنّ القلب يغريه الملام

وعوجا تخبرا عن آل ليلى ،

ألا إني بليلى مستهام

خَشَبٌ : بالتحريك ، ذو خشب : من مخاليف اليمن.

خِشب : بالكسر : جبل بأرضهم.

الخَشَبيُّ : بينه وبين الفسطاط ثلاث مراحل ، فيه خان ، وهو أول الجفار من ناحية مصر وآخرها من ناحية الشام ، قال أبو العزّ مظفّر بن إبراهيم بن جماعة بن علي الضرير العيلاني معتذرا عن تأخّره لتلقّي الوزير الصاحب صفيّ الدين بن شكر وكان قد تلقي إلى هذا الموضع :

قالوا : إلى الخشبيّ سرنا على لهف ،

نلقى الوزير جموعا من ذوي الرتب

ولم تسر ، قلت : والمولى ونعمته ،

ما خفت من تعب ألقى ولا نصب

وإنما النار في قلبي لغيبته ،

فخفت أجمع بين النار والخشب

الخَشَبيّةُ : بلفظ النسبة إلى الخشب : جبل قرب المصّيصة بالثغور ، كان به مصلحة للمسلمين ، وهي مسلحة الثغور ، كذا نقلته من خط ابن كوجك عن أحمد بن الطيّب.

الخُشْرَبُ : بوزن الطّحلب ، آخره باء موحدة : موضع ، عن العمراني.

خُشُرْتي : بضم أوله وثانيه ، وراء ساكنة ، وتاء مكسورة ، قال ابن ماكولا : قرية ببخارى.

الخَشْرَمَةُ : واد قرب ينبع يصب في البحر.

خُشُّ : بضم أوله ، وتشديد ثانيه : من قرى أسفرايين من أعمال نيسابور ، ويقال لها أيضا خوش ، ينسب إليها أبو عبد الله محمد بن أسد النيسابوري ، سمع ابن عيينة والفضيل بن عياض والوليد بن مسلم وابن المبارك وغيرهم ، روى عنه علي بن الحسن الهلالي ومحمد بن عبد الوهّاب العبدي ومحمد بن إسحاق الصغاني ، وكان ثقة ، وقال نصر : خشّ ناحية بأذربيجان.

خشعان : من قرى اليمن.

خُشْكِرد : بضم أوله ، وسكون ثانيه ، وكسر كافه ، وسكون رائه ، وآخره دال : موضع.

خُشْكروذ : بضم أوله ، وسكون ثانيه ، وآخره ذال معجمة ، ومعناه بالفارسية نهر يابس : موضع بغزنة.

خُشْك : بضم أوله ، وسكون ثانيه ، وكاف : باب من أبواب هراة يقال له در خشك ، كان أول من دخله من المسلمين أيام فتحها رجل يقال له عطاء بن السائب مولى بني ليث فسمّي عطاء الخشك إلى الآن ، ومعناه اليابس بلسانهم وليس الأمر كذلك الآن فإن عند هذا الباب عدّة أنهر.

خُشَّك : بضم أوله ، وتشديد ثانيه ، وآخره كاف : اسم بلدة من نواحي كابل قرب طخارستان ، والله أعلم.

خُشْمِنْجَكَث : بضم أوله ، وتسكين ثانيه ، وكسر ميمه ، ونون ، وجيم مفتوحة ، وكاف مفتوحة ، وآخره ثاء : قرية من قرى كسّ بما وراء النهر ، ينسب إليها يحيى بن هارون بن أحمد بن ميكال بن جعفر الميكالي الخشمنجكثي الصّرّام ، سمع من أبي عبد الله محمد وأبي الحسن أحمد ابني عبد الله بن إدريس الأسترآباذي وغيرهما ، روى عنه أبو العباس المستغفري ، وهو من شيوخه ، وتوفي سنة ٤٢٠.


خُشْمِيثَن : بضم أوله ، وسكون ثانيه ، وكسر ميمه ثم ياء مثناة من تحتها ساكنة ، وثاء مثلثة مفتوحة ، وآخره نون ، قال العمراني : موضع ، ولم يفصح ، وأنا أظنه من أعمال خوارزم.

خُشَنُ : على وزن زفر : موضع بإفريقية.

خَشُوبُ : بفتح أوله ، وآخره باء موحدة : جبل في ديار مزينة ، وقد ذكر معناه في خشب.

خُشُوفَغَن : بضم أوله وثانيه ، وبعد الواو فاء مفتوحة ، وغين معجمة مفتوحة ، ونون : من قرى الصّغد بما وراء النهر بين إشتيخن وكشانية ، كثيرة الخير ، تعرف الآن برأس القنطرة ، منها الإمام أبو حفص عمر بن محمد بن بحير بن خازم البحيري الخشوفغني مصنف كتاب الصحيح ، توفي سنة ٣١١ ، وحفيده أبو العباس أحمد بن أبي الحسن محمد بن أبي حفص عمر الصّغدي الخشوفغني ، سمع من جده كتاب الصحيح من تصنيفه ، وسمع منه خلق كثير ، وتوفي سنة ٣٧٢.

خَشُونَنْجَكَث : بفتح أوله ، وبعد الواو الساكنة نونان الأولى مفتوحة والثانية ساكنة ، وجيم مفتوحة ، وكان مفتوحة وآخره ثاء مثلثة : من قرى كسّ متصلة بقرى سمرقند وكانت من أعمال سمرقند ، منها أبو أحمد الخشوننجكثي لا يعرف اسمه ، روى عن أبي الحكم البجلي ، روى عنه أبو أحمد حاضر بن الحسن بن زياد السمرقندي.

خُشَيْبَةُ : بالتصغير : أرض قريبة من اليمامة ، كانت بها وقعة بين تميم وحنيفة.

خَشِينَانُ : بفتح أوله ، وكسر ثانيه ثم ياء مثناة من تحت ، ونون ، وبعد الألف نون أخرى : محلة بأصبهان وقد يزيدون لها واوا فيقولون خوشينان ، ينسب إليها أبو يحيى غالب بن فرقد الخشيناني ، يروي عن مبارك بن فضالة ، روى عنه عقيل بن يحيى وإسماعيل ابن يزيد.

خَشْيَنْدِيزَه : بفتح أوله ، وسكون ثانيه ثم ياء آخر الحروف ، ونون ساكنة ، ودال ، وياء مثناة من تحتها أخرى ، وزاي مفتوحة ، وهاء : من قرى نسف بما وراء النهر ، منها إسماعيل بن مهران الخشينديزي ، ختن أبي الحسن العامري ، سمع أحمد ابن حامد بن طاهر المقري.

خُشَينٌ : تصغير خشن : جبل ، وفي المثل : إن خشينا من أخشن ، وهما جبلان أحدهما أصغر من الآخر ، كما قيل : العصا من العصيّة ، قال ابن إسحاق ، وعدّد غزوات النبي ، صلى الله عليه وسلم : وغزوة زيد بن حارثة جذام من أرض خشين ، قال ابن هشام : من أرض حسمى.

باب الخاء والصاد وما يليهما

خُصَا : بالضم ، والتخفيف : موضع في ديار يربوع بن حنظلة بين أفاق وأفيق من أرض نجد.

خُصَّا : بضم أوله ، وتشديد ثانيه ، مقصور : قرية كبيرة في طرف دجيل بنواحي بغداد بين حربى وتكريت ، وقد ذكرها الشعراء الخلعاء والمحدثون ، فمن ذلك :

خصّا بخصّا سلامي كل مخمور ،

بين الدّنان طريحا والمعاصير

قوم ، إذا نفخ الناي الطويل لهم ،

قاموا كما قامت الأجداث للصّور

ينسب إليها الشيخ محمد بن عليّ بن محمد بن المهنّد السّقّاء الحريمي الخصّي ، ولد بخصّا ثم انتقل عنها إلى


الحريم فسكنها ، حدث عن أبي القاسم بن الحصين ، وابنه أبو الحسن عليّ بن محمد المقري ، حدث عن أحمد بن الأشقر الدّلّال والمبارك بن أحمد الكندي وغيرهما ، توفي سنة ٦١٨ بحربى. وخصّا أيضا : قرية شرقي الموصل كبيرة ، فيها جمّالون يسافرون إلى خراسان.

الخَصاصةُ : بلفظ التي تذكر في قوله تعالى : ولو كان بهم خصاصة : بليد في ديار بني زبيد وبني الحارث ابن كعب بين الحجاز وتهامة ، فتح في أيام أبي بكر الصدّيق ، رضي الله عنه ، سنة ١٢ للهجرة على يدي عكرمة بن أبي جهل ، وأما الخصاصة في لغة العرب والآية فقالوا هي الخلّة والحاجة ، وذو الخصاصة ذو الفقر ، وأصله من الخصاص ، وهو كل خلل أو خرق يكون في منخل أو باب أو سحاب أو برقع ، والواحدة خصاصة ، وبعض يجعل الخصاص للضيّق والواسع ، حتى قالوا لخروق المصفاة خصاص.

الخِصافَةُ : بكسر أوله ، وبعد الألف فاء : ماء للضّباب عليه نخل كثير ، وقال الأصمعي : قال العامري غول والخصافة جميعا للضّباب ، عليه نخل كثير ، وكلاهما واد ، والخصاف في اللغة : جلال التمر تعمل من الخوص ، وهو جمع خصفة ، وهو الحصير يعمل من الخوص أيضا.

خَصْرٌ : بفتح أوله ، وتسكين ثانيه ، وآخره راء : جبل خلف شابة ، وهما بين السليلة والرّبذة ، ويروى الحضر ، بالحاء المهملة والضاد المعجمة ، قال عامر الخناعي :

ألم تسل عن ليلى وقد نفد العمر

وقد أوحشت منها الموازج والحضر

والخصر : وسط الإنسان ما بين الحرقفة والقصيرى.

وخصر الرّجل : أخمصها.

الخُصُّ : قرية قرب القادسية ، قال عدي بن زيد الطائي :

تأكل ما شئت ، وتعتلّها

خمرا من الخصّ كلون الفصوص

خَصَفى : بالتحريك ، مقصور : موضع ، مثل جفلى ، من الخصف وهو خرز النعل وخياطته وترك بعضه على بعض ، ويجوز أن يكون من قولهم نعجة خصفاء إذا ابيضّت خاصرتاها ، يعني أن فيه سوادا وبياضا.

خُصْلَةُ : بضم أوله ، بلفظ الخصلة من الشعر وغيره : ماء لبني أبي الحجّاج بن منقذ بن طريف من بني أسد ، وقال الأصمعي : من مياه ثادق النّميلة ، وخصلة ، وبخصلة معدن حذاءها كان به ذهب ، قال : وخصلة لبني أعيار رهط حماس.

الخُصُوصُ : بضم أوله ، وصادين مهملتين : موضع قريب من الكوفة ، تنسب إليه الدّنان فيقال : دنّ خصّيّ ، وهو مما غيّر في النسب ، وكذا رواه الزمخشري والحازمي بضم أوله كأنه جمع الخصيص.

والخصوص ، بالضم أيضا : قرية من أعمال صعيد مصر شرقي النيل ، كلّ من فيها نصارى ، وقال ابن الكلبي : اجتمعت قسر على عرينة فأخرجوهم من ديارهم وذلك في الإسلام ، فقال عوف بن مالك بن ذبيان القسري وبلغه أمرهم :

أتاني ، ولم أعلم به حين جاءني ،

حديث بصحراء الخصوص عجيب

تصاممته لما أتاني يقينه ،

وأفرع منهم مخطئ ومصيب

وحدّثت قومي أحدث الدهر بينهم ،

وعهدهم بالنائبات قريب


فقيرهم مبدي الغنى ، وغنيّهم

له ورق للسائلين رطيب

وحدّثت قوما يفرحون بهلكهم

سيأتيهم ، م المنديات ، نصيب

هكذا رواه ابن الكلبي في أوراق العرب ، وفي الحماسة : إنه لجزء بن ضرار أخي الشماخ ، وقال :

حديث بأعلى القنّتين عجيب

وقال عدي بن زيد :

أبلغ خليلي عند هند ، فلا

زلت قريبا من سواد الخصوص

الخَصوفُ : موضع باليمن قرب صعدة ، قال ابن الحائك : الخصوف قرية تحكم على وادي جلب باليمن ، وبها أشراف بني حكم بن سعد العشيرة.

الخُصيتانِ : تثنية خصية : أكمتان صغيرتان في مدفع شعبة من شعاب نهي بني كعب عن يسار الحاجّ إلى مكة من طريق البصرة.

خُصَيْلٌ : بالتصغير : موضع بالشام.

الخَصِيّ : بلفظ الخصيّ الخادم : موضع في أرض بني يربوع بين أفاق وأفيق.

باب الخاء والضاد وما يليهما

خُضابُ : بضم أوله ، وآخره باء موحدة : موضع باليمن.

الخَضارِمُ : بفتح أوله ، وكسر رائه : واد بأرض اليمامة أكثر أهله بنو عجل ، وهم أخلاط من حنيفة وتميم ، ويقال له جوّ الخضارم ، قال ابن الفقيه : حجر مصر اليمامة ثم جوّ وهي الخضرمة ، وهي من حجر على يوم وليلة ، وبها بنو سحيم وبنو ثمامة من حنيفة ، والخضارم جمع خضرم ، وهو الرجل الكثير العطية ، مشبّه بالبحر الخضرم وهو الكثير الماء ، وأنكر الأصمعي الخضرم في وصف البحر ، وكلّ شيء واسع كثير خضرم ، وقال طهمان :

يدي ، يا أمير المؤمنين ، أعيذها

بحقويك ان تلقى بملقى يهينها

ولا خير في الدنيا ، وكانت حبيبة ،

إذا ما شمال زايلتها يمينها

وقد جمعتني وابن مروان حرّة

كلابيّة ، فرع كرام غصونها

ولو قد أتى الأنباء قومي لقلّصت

إليك المطايا ، وهي خوص عيونها

وإنّ بحجر والخضارم عصبة

حروريّة ، حبنا عليك بطونها

إذا شبّ منهم ناشئ شبّ لاعنا

لمروان ، والملعون منهم لعينها

لعِينٌ : بمعنى لاعن ، وكان قد وجب عليه قطع فأعفاه ، ولها قصّة وقد رويت لغير طهمان.

خَضْراءُ : موضع باليمامة ، وهي نخيلات وأرض لبني عطارد ، قال الشاعر :

إلى الله أشكو ما ألاقي من الهوى ،

عشيّة بانت زينب ورميم

فبانوا من الخضراء شزرا فودّعوا ،

وأمّا نقا الخضراء فهو مقيم

والخضراء واليابس : حصن باليمن في جبل وصاب من عمل زبيد. والجزيرة الخضراء : بالأندلس ، ذكرت في الجزيرة. والمدينة الخضراء : بلدة بينها وبين مليانة يوم واحد ، وهي مدينة جليلة كثيرة البساتين على شاطئ نهر من أخصب مدن إفريقية.


الخَضْرُ : بفتح أوله ، وتسكين ثانيه ، قال الشاعر :

أتعرف أطلالا بوهبين فالخضر

ويروى بالصاد غير المنقوطة.

خِضْرِمَةُ : بكسر أوله ، وسكون ثانيه ، وكسر رائه ، الخضرمة ومخضوراء : ماءتان لبني سلول.

والخضرمة : بلد بأرض اليمامة لربيعة ، وقال الحازمي : جوّ اليمامة قصبة اليمامة ، ويقال لبلدها خضرمة ، بكسر الخاء والراء ، وينسب إليها نفر ، منهم : خصيف بن عبد الرحمن الخضرمي وأخوه خصّاف ، وفي كتاب دمشق : خصيف بن عبد الرحمن ويقال ابن يزيد أبو عون الجزري الحرّاني الخضرمي مولى بني أمية أخوه خصّاف ، وكانا توأمين ، وخصيف أكبرهما ، حدّث عن أنس بن مالك وسعيد بن جبير ومجاهد وأبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود ومقسم بن عكرمة مولى ابن عباس وعمر بن عبد العزيز ، روى عنه عبد الله بن أبي نجيح المكي ومحمد بن إسحاق صاحب المغازي وابن جريج وإسرائيل بن يونس وسفيان الثوري وعتاب بن بشير ومعمر بن سليمان الرّقّي ومروان بن حيّان الرقي وشريك بن عبد الله القاضي ومحمد بن فضيل وابن غزوان وغير هؤلاء كثير ، وقدم على عمر بن عبد العزيز ، وقال يحيى ابن معين : خصيف ثقة ، وقال أحمد بن حنبل : خصيف ليس بحجة في الحديث ، وعباس بن الحسن الخضرمي ، يروي عن الزهري ، حدث عنه ابن جريج ، قال أبو بكر المقري الأصبهاني ، وهو محمد بن إبراهيم العاصمي : سألت أبا عروبة عن العباس بن الحسن الخضرمي فقال : كان لا شيء ، وفي رجله خيط ، والله أعلم.

خَضِرة : بفتح أوله ، وكسر ثانيه : أرض لمحارب بنجد ، وقيل : هي بتهامة من أعمال المدينة.

خَضِلاتُ : بفتح أوله ، وكسر ثانيه : نخيلات لبني عبد الله بن الدؤل باليمامة ، عن الحفصي.

الخَضِمَاتُ : بفتح أوله ، وكسر ثانيه ، جمع خضمة ، وهي المرأة التي تخضم بأقصى أضراسها ما تأكله : نقيع الخضمات ، وقال السّهيلي : معنى الخضمات من الخضم وهو الأكل بالفم كله والقضم بأطراف الأسنان ، ويقال : هو أكل اليابس ، والخضم : أكل الرطب ، فكأنه جمع خضمة ، وهي الماشية التي تخضم ، فكأنه سمي بذلك للخصب فيه.

خُضُمّانِ : بضم أوله وثانيه ، وتشديد الميم ، بلفظ التثنية : موضع ، عن ابن دريد ، والخضمّ : معظم كلّ أمر في اللغة.

خَضَّمُ : بفتح أوله ، وتشديد ثانيه وفتحه : اسم موضع ، قال الراجز :

لو لا الإله ما سكنّا خضّما

ولا ظللنا بالمشائي قيّما

يقال : أخذوا مشائيهم ، واحدتها مشآة وهي كالزبيل ، وقيل : هي ماءات ، ولم يجيء على هذا البناء إلّا خضّم وعثّر اسم ماء وبقّم وشمّر اسم فرس وشلّم موضع بالشام وبذّر اسم ماء من مياههم. وخضّم أيضا اسم للعنبر بن عمرو بن تميم ، وبالفعل سمي أكثر ذلك ، وهو من الخضم وهو المضغ ، وخوّد أيضا اسم موضع وخمّر اسم موضع من أراضي المدينة.

خَضُوراءُ : اسم ماء.

الخُضَيرِيّةُ : بلفظ تصغير خضرة ، منسوب : محلة كانت ببغداد تنسب إلى خضير مولى صالح صاحب الموصل ، وكانت بالجانب الشرقي ، وفيها كان سوق


الجرار ، سكنها محمد بن الطيب بن سعد الصباغ فنسب إليها فقيل الخضيري ، كان ثقة ، حدث عن أحمد بن سلمان النجار وأبي بكر الشافعي وأحمد بن يوسف بن خلّاد وغيرهم.

باب الخاء والطاء وما يليهما

خُطَى : بضم أوله ، والقصر ، جمع خطوة : موضع بين الكوفة والشام.

الخَطّابَةُ : موضع في ديار كريب من ديار تميم.

الخطامة : من قرى اليمامة ، روي عن الحفصي.

الخَطَائِمُ : قال أبو زياد الكلابي : ومن الأفلاج باليمامة الخطائم ، وهو كثير الزرع والأطواء ليس فيه نخل.

خُطَرْنِيَةُ : بالضم ثم الفتح ، وبعد الراء الساكنة نون مكسورة ، وياء آخر الحروف مخففة : ناحية من نواحي بابل العراق.

الخَطُّ : بفتح أوله ، وتشديد الطاء ، في كتاب العين : الخط أرض تنسب إليها الرماح الخطّيّة ، فإذا جعلت النسبة اسما لازما قلت خطيّة ولم تذكر الرماح ، وهو خط عمان ، وقال أبو منصور : وذلك السّيف كله يسمى الخط ، ومن قرى الخط القطيف والعقير وقطر ، قلت أنا : وجميع هذا في سيف البحرين وعمان ، وهي مواضع كانت تجلب إليها الرماح القنا من الهند فتقوّم فيه وتباع على العرب ، وينسب إليها عيسى بن فاتك الخطي أحد بني تيم الله بن ثعلبة ، كان من الخوارج الذين كانوا مع أبي بلال مرداس بن أديّة ، وهو القائل :

أألفا مسلم فيما زعمتم ،

ويهزمهم بآسك أربعونا؟

الخُطُّ : بضم الخاء ، وتشديد الطاء : جبل بمكة ، وهو أحد الأخشبين في رواية عليّ العلوي ، قال : هو الأخشب الغربي ، وقالوا في تفسير قول الأعشى :

فإن تمنعوا منا المشقّر والصفا ،

فإنّا وجدنا الخطّ جمّا نخيلها

الخطّ : خطّ عبد القيس بالبحرين ، وهو كثير النخل.

الخطط : موضع فيه نخل باليمامة ، عن الحفصي.

خَطُّ الاستواءِ : الذي يعتمد عليه المنجمون ، قال أبو الريحان : إنه يبتدئ من المشرق في جنوب بحر الصين والهند ويمر ببعض الجزائر التي فيه حتى إذا جاوز حدود الزنج الذهبية من الأرض يمر على جزيرة كله ، وهي فرضة على منتصف ما بين عمان والصين ، ويمر على جزيرة سربزه في البحر الأخضر في المشرق ، ويمر على جنوب جزيرة سرنديب وجزائر الديبجات ويجتاز على شمال الزنوج وشمال جبال القمر ، وقيل : الخط إحدى مدينتي البحرين والأخرى هجر ، وقيل : الخط سيف للبحرين وعمان ، وقيل : جزيرة ترفأ إليها السفن التي فيها الرماح الهندية فتثقف بها ، ويمتد على براري سودان المغرب الذين منهم الخدم وينتهي إلى البحر المحيط بالمغرب ، فمن سكن هذا الخط لم يختلف عليه الليل والنهار واستويا أبدا ، وكان قطب الكلّ على أفقه فقامت المدارات وسطوحها عليه ولم تمل واجتازت الشمس على سمت رأسه في السنة مرّتين عند كون الشمس في رأس الحمل والميزان ثم مالت منه نحو الشمال ونحو الجنوب بمقدار واحد ، ويسمى خط الاستواء والاعتدال بسبب تساوي النهار والليل فقط ، فأما ما يسبق في أوهام بعض الناس منه أنه معتدل المزاج فباطل ، يشهد بخلافه احتراق أهله ومن قرب منهم لونا وشعرا وخلقا وعقلا ، وأين يعتدل


مزاج موضع تغلي الشمس أدمغة أهله بالمسامتة حتى إذا مال عنها في الوقتين اللذين نعرفهما بالشتاء والصيف تروّحوا يسيرا واستروحوا قليلا ، وقال غيره : خط الاستواء من المشرق إلى المغرب وهو أطول خط في كرة الأرض كما أن منطقة البروج أطول خط في الفلك.

خَطْمٌ : بفتح أوله ، وتسكين ثانيه : موضع دون سدرة آل أسيّد. وخطم الحجون أيضا : موضع يقال له الخطم ، وليس الذي عناه الشاعر بقوله :

أقوى من آل ظليمة الحزم ،

فالعيرتان ، فأوحش الخطم

إنما عنى به الخطم الذي دون سدرة آل أسيّد ، كذا قال العمراني نقلا ، وقال أبو خراش :

غداة دعا بني جشع وولى

يؤمّ الخطم لا يدعو مجيبا

خَطْمَةُ : بفتح أوله ، وتسكين ثانيه : موضع في أعلى المدينة ، والخطام : حبل يجعل في طرفه حلقة ثم يقلد البعير ثم يثنى على مخطمه ، وقد خطمت البعير خطما ، والمرة خطمة ، قال طهمان :

ما صبّ بكريّا على كعبيّة

تحتلّ خطمة ، أو تحلّ قفالا

إلّا المقادر ، فاستهيم فؤاده

من أن رأى ذهبا يزين غزالا

رئما أغنّ يصيد حسن دلاله

قلب الحليم ، ويطّبي الجهّالا

نظرت إليك ، غداة أنت على حمّى ،

نظر الدوى ذكر الوصاة فمالا

وخَطْمةُ : جبل يصب رأسه في وادي أوعال ووادي القرى ، كذا قال ابن الحائك.

الخِطْمِيّ : ذات الخطميّ : موضع فيه مسجد لرسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، بناه في مسيره إلى تبوك من المدينة ، والله الموفق للصواب.

باب الخاء والظاء وما يليهما

الخِظَا : بالكسر : ثنية أو أرض بالسراة ، عن نصر.

باب الخاء والفاء وما يليهما

خُفَافٌ : بضم أوله ، وفاءين : من مياه عمرو بن كلاب بحمى ضرية ، وهو يسرة وضح الحمى ، وهو في اللغة : الخفيف القلب المتوقّد ، ينعت به الرجل كأنه أخف من الخفيف ، قال الراعي :

رعت من خفاف حيث نقّ عبابه ،

وحلّ الروايا كل أسحم ماطر

خَفّانُ : بفتح أوله ، وتشديد ثانيه ، وآخره نون : موضع قرب الكوفة يسلكه الحاج أحيانا ، وهو مأسدة ، قيل هو فوق القادسية ، قال أبو عبيدة السكوني : خفّان من وراء النّسوخ على ميلين أو ثلاثة عين عليها قرية لولد عيسى بن موسى الهاشمي تعرف بخفان ، وهما قريتان من قرى السواد من طفّ الحجاز ، فمن خرج منها يريد واسطا في الطّفّ خرج إلى نجران ثم إلى عبدينيا وجنبلاء ثم قناطر بني دارا وتل فخار ثم إلى واسط ، وقال السكري : خفّان وخفيّة أجمتان قريبتان من مسجد سعد بن أبي وقاص بالكوفة ، وأنشد :

من المحميات الغيل غيل خفيّة ،

ترى تحت لحييه الفريس المعفّرا

خُفْتِيَانُ : بالضم ثم السكون ، والتاء مثناة من فوقها ، وياء مثناة من تحتها ، وآخره نون : قلعتان عظيمتان


من أعمال إربل ، إحداهما على طريق مراغة يقال لها خفتيان الزّرزاري على رأس جبل من تحتها نهر عظيم جار وسوق وواد عظيم ، والأخرى خفتيان سرخاب بن بدر في طريق شهرزور من إربل ، وهي أعظم من تلك وأفخم ، ويكتب في الكتب خفتيذكان.

خُفُتِيذْكان : بضم أوله ، وسكون ثانيه ، وتاء مثناة من فوقها ، وياء مثناة من تحتها ، وذال معجمة ، وكاف ، وآخره نون : وهو الصحيح في اسم القلعتين المذكورتين قبل.

خَفَدَانُ : بالتحريك : اسم موضع ، يقال : أخفدت الناقة فهي مخفد إذا أظهرت أن بها حملا ولم يكن بها.

خَفَينَن : بفتح أوله وثانيه ثم ياء آخر الحروف ساكنة ، ونونان الأولى مفتوحة : وهو واد بين ينبع والمدينة ، قال كثير :

وهاج الهوى أظعان عزّة غدوة ،

وقد جعلت أقرانهنّ تبين

فلما استقلّت من مناخ جمالها ،

وأشرفن بالأحمال قلت : سفين

تأطّرن بالميثاء ثم تركنه ،

وقد لاح من أثقالهنّ شجون

فأتبعتهم عينيّ ، حتى تلاحمت

عليها قنان من خفينن جون

وقيل : خفينن قرية بين ينبع والمدينة ، وهما شعبتان : واحدة تدفع في ينبع والأخرى تدفع في الخشرمة والخشرمة تدفع في البحر.

خَفِيَّةُ : بفتح أوله ، وكسر ثانيه ، وياء مشددة : أجمة في سواد الكوفة ، بينها وبين الرّحبة بضعة عشر ميلا ، ينسب إليها الأسود فيقال أسود خفية ، وهي غربي الرحبة ، ومنها إلى عين الرّهيمة مغربا ، وقيل عين خفيّة ، وقال ابن الفقيه : في أرض العقيق بالمدينة خفية ، وأنشد :

وينزل من خفية كل واد ،

إذا ضاقت بمنزله النعيم

وذكر محمد بن إدريس بن أبي حفصة في نواحي اليمامة خفيّة.

باب الخاء والكاف وما يليهما

خَكَنْجَه : بفتح أوله وثانيه ، ونون ساكنة ، وجيم مفتوحة : من قرى بخارى.

باب الخاء واللام وما يليهما

خُلادُ : بالضم ، وتخفيف اللام ، ودال مهملة : أرض في بلاد طيّء عند الجبلين لبني سنبس ، كانت بئرا ثم غرست هناك نخل وحفرت آبار فسمّيت الأقيلبة.

خُلّارُ : بضم أوله ، وتشديد ثانيه ، وآخره راء : موضع بفارس يجلب منه العسل ، ومنه حديث الحجّاج حين كتب إلى عامله بفارس : ابعث إليّ من عسل خلّار من النحل الأبكار من الدستفشار الذي لم تمسه النار.

خلاطا : موضع يشرف على الجمرة بمكة.

خِلاطُ : بكسر أوله ، وآخره طاء مهملة : البلدة العامرة المشهورة ذات الخيرات الواسعة والثمار اليانعة ، طولها أربع وستون درجة ونصف وثلث ، وعرضها تسع وثلاثون درجة وثلثان ، في الإقليم الخامس ، وهي من فتوح عياض بن غنم ، سار من الجزيرة


إليها فصالحه بطريقها على الجزية ومال يؤدّيه ورجع عياض إلى الجزيرة ، وهي قصبة أرمينية الوسطى ، فيها الفواكه الكثيرة والمياه الغزيرة ، وببردها في الشتاء يضرب المثل ، ولها البحيرة التي ليس لها في الدنيا نظير ، يجلب منها السمك المعروف بالطّرّيخ إلى سائر البلاد ، ولقد رأيت منه ببلخ ، وبلغني أنه يكون بغزنة ، وبين الموضعين مسيرة أربعة أشهر ، وهي من عجائب الدنيا ، قال ابن الكلبي : من عجائب الدنيا بحيرة خلاط فإنها عشرة أشهر لا يكون فيها ضفدع ولا سرطان ولا سمكة ثم يظهر بها السمك مدة شهرين في كل سنة ، ويقال : إن قباذ الأكبر لما طلسم آفاق بلاده وجّه بليناس صاحب الطلسمات إلى أرمينية فلما صار إلى بحيرة خلاط فطلسمها فهي عشرة أشهر على ما ذكرناه.

الخِلاقَى : من مياه الجبلين ، قال زيد الخيل :

نزلنا ، بين فتك والخلاقى ،

بحيّ ذي مدارأة شديد

خِلالُ : بكسر أوله ، بلفظ الخلال الذي يستخرج به قذى الأسنان : موضع بحمى ضرية في ديار بني نفاثة ابن عدي من كنانة.

الخَلائقُ : قال أبو منصور : رأيت بذروة الصمّان قلاتا تمسك ماء السماء في صفاة خلقها الله تعالى فيها تسمّيها العرب الخلائق ، الواحدة خليقة ، قال صخر ابن الجعد الخضري :

كفى حزنا ، لو يعلم الناس أنني

أدافع كأسا عند أبواب طارق

أتنسين أيّاما لنا بسويقة ،

وأيامنا بالجزع جزع الخلائق

ليالي لا نخشى انصداعا من الهوى ،

وأيام جرم عندنا غير لائق

جرم : رجل كان يعاديه ويشي به ، وكان لعبد الله ابن أحمد بن جحش أرض يقال لها الخلائق بنواحي المدينة ، فقال فيها الحزين الدّؤلي :

لا تزرعن من الخلائق جدولا ،

هيهات إن ربعت وإن لم تربع

أما إذا جاد الربيع لبئرها

نزحت ، وإلا فهي قاع بلقع

هذي الخلائق قد أطرت شرارها ،

فلئن سلمت لأفزعنّ لينبع

خُلائلُ : بالضم : موضع بنواحي المدينة ، قال ابن هرمة :

احبس على طلل ورسم منازل

أقوين ، بين شواحط وخلائل

خِلِبتَا : بكسر الخاء ، واللام مكسورة أيضا خفيفة ، والباء موحدة ساكنة ، وتاء فوقها نقطتان : قرية كبيرة في شرقي الموصل من نواحي المرج على سفح جبل ، طيبة الهواء صحيحة التربة ، وبها جامع حسن وفيها عين فوّارة باردة ، وبساتينها عشرية ، وهي تتاخم الشّوش.

خَلْج : بفتح أوله ، وتسكين ثانيه ، وآخره جيم : موضع قرب غزنة من نواحي زابلستان.

خلْخَالُ : بلفظ واحد خلاخيل النسوان : مدينة وكورة في طرف أذربيجان متاخمة لجيلان في وسط الجبال ، وأكثر قراهم ومزارعهم في جبال شاهقة ، بينها وبين قزوين سبعة أيام وبين أردبيل يومان ، وفي هذه الولاية قلاع حصينة ، وردتها عند انهزامي


من التتر بخراسان في سنة ٦١٧.

الخُلْدُ : بضم أوله ، وتسكين ثانيه : قصر بناه المنصور أمير المؤمنين ببغداد بعد فراغه من مدينته على شاطئ دجلة في سنة ١٥٩ ، وكان موضع البيمارستان العضديّ اليوم أو جنوبيه ، وبنيت حواليه منازل فصارت محلة كبيرة عرفت بالخلد ، والأصل فيها القصر المذكور ، وكان موضع الخلد قديما ديرا فيه راهب ، وإنما اختار المنصور نزوله وبنى قصره فيه لعلة البقّ ، وكان عذبا طيب الهواء لأنه أشرف المواضع التي ببغداد كلها ، ومرّ بالخلد عليّ بن أبي هاشم الكوفي فنظر إليه فقال :

بنوا وقالوا : لا نموت ،

وللخراب بنى المبنّي

ما عاقل ، فيما رأيت ،

إلى الخراب بمطمئنّ

وقد نسب إلى هذه المحلّة جماعة من أهل العلم والزهّاد ، منهم : جعفر الخلدي الزاهد ، وقد روى بعض الصوفيّة أن جعفر بن محمد بن نصير بن القاسم أبا الخوّاص المعروف بجعفر الخلدي لم يسكن الخلد قط ، وكان السبب في تسميته بذلك أنه سافر الكثير ولقي المشايخ الكبراء من الصوفية والمحدثين ثم عاد إلى بغداد واستوطنها فحضر عند الجنيد وعنده جماعة من أصحابه ، فسئل الجنيد عن مسألة فقال : يا أبا محمد أجبهم ، فقالوا : أين نطلب الرزق؟ فقال : إن علمتم أيّ موضع هو فاطلبوه ، فقالوا : نسأل الله ذلك؟ فقال : إن علمتم أنه نسيكم فذكّروه ، فقالوا : ندخل البيت ونتوكل ، فقال : أتختبرون ربكم بالتوكل؟ هذا شك! فقالوا : كيف الحيلة؟ فقال : ترك الحيلة ، فقال الجنيد : يا خلديّ من أين لك هذه الأجوبة؟ فجرى اسم الخلدي عليه ، قال : والله ما سكنت الخلد ولا سكنه أحد من آبائي! ومات الخلدي في شهر رمضان سنة ٣٤٨ ، وقال ابن طاهر : الخلدي لقب لجعفر بن نصير وليس بنسبة إلى هذا الموضع ، ومن المنسوبين إليه صبيح بن سعيد النجاشي الخلدي المرّاق ، كان يضع الأحاديث ، قال يحيى بن معين : كان كذابا خبيثا ، وكان ينزل الخلد ، وكان المبرّد محمد بن يزيد النحوي ينزله فكان ثعلب يسميه الخلدي لذلك ، وسماه المنصور بذلك تشبيها له بالخلد اسم من أسماء الجنة ، وأصله من الخلود وهو البقاء في دار لا يخرج منها. والخلد أيضا : ضرب من الفيران خلقه الله أعمى لا يرى الدنيا قط ولا يكون إلا في البراري المقفرة.

الخَلْصَاء : بفتح أوله ، وتسكين ثانيه ، والصاد مهملة ، والمدّ ، قال أبو منصور : بلد بالدّهناء معروف ، وقال غيره : الخلصاء أرض بالبادية فيها عين ، وقال الأصمعي : الخلصاء ماء لعبادة بالحجاز ، والصحيح ما ذهب إليه الأزهري لأنه رأى تلك المواضع ، وقد ذكره ذو الرّمة والدهناء منازله فقال :

ولم يبق بالخلصاء مما عنت به

من الرّطب ، إلا يبسها وهشيمها

وقال أيضا :

أشبهن من بقر الخلصاء أعينها ،

وهن أحسن من صيرانها صورا

خَلْصٌ : موضع بآرة بين مكة والمدينة واد فيه قرى ونخل ، قال الشاعر :

فإنّ بخلص فالبريراء فالحشا

فوكد إلى النّهيين من وبعان


جواري من حيّ عداء كأنها

مها الرمل ذي الأزواج ، غير عوان

جننّ جنونا من بعول كأنها

قرود تنادي في رباط يمان

وقال ابن هرمة :

كأنك لم تسر بجنوب خلص ،

ولم تربع على الطلل المحيل

ولم تطلب ظعائن راقصات

على أحداجهن مها الدبيل

والخلص عند العرب : نبت له عرف.

خُلْصٌ : بضم أوله ، وسكون ثانيه ، هكذا وجدته مضبوطا في النقائض ، قال جرير حيث خاطب الراعي فزجره جندل ابنه جاء ابن بروع برواحله من أهله بخلص وهبّود يكسبهم عليهن : أما والله لأوقرنهنّ له ولأهله خزيا ... بروع : اسم ناقة الراعي نسبه إليها. وخلص وهبّود : ماءان لأهل بيت الراعي ، عن أبي عبيدة.

الخَلَصَةُ : مضاف إليها ذو ، بفتح أوله وثانيه ، ويروى بضم أوله وثانيه ، والأول أصح ، والخلصة في اللغة : نبت طيب الريح يتعلّق بالشجر له حبّ كعنب الثعلب ، وجمع الخلصة خلص : وهو بيت أصنام كان لدوس وخثعم وبجيلة ومن كان ببلادهم من العرب بتبالة ، وهو صنم لهم فأحرقه جرير بن عبد الله البجلي حين بعثه النبي ، صلى الله عليه وسلم ، وقيل : كان لعمرو بن لحيّ بن قمعة نصبه ، أعني الصنم ، بأسفل مكة حين نصب الأصنام في مواضع شتّى ، فكانوا يلبسونه القلائد ويعلّقون عليه بيض النعام ويذبحون عنده ، وكان معناهم في تسميتهم له بذلك أن عبّاده والطائفين به خلصة ، وقيل : هو الكعبة اليمانية التي بناها أبرهة بن الصباح الحميري ، وكان فيه صنم يدعى الخلصة فهدم ، وقيل : كان ذو الخلصة يسمّى الكعبة اليمانية ، والبيت الحرام الكعبة الشامية ، وقال أبو القاسم الزمخشري : في قول من زعم أن ذا الخلصة بيت كان فيه صنم نظر لأن ذو لا يضاف إلا إلى أسماء الأجناس ، وقال ابن حبيب في مخبره : كان ذو الخلصة بيتا تعبده بجيلة وخثعم والحارث بن كعب وجرم وزبيد والغوث بن مرّ بن أدّ وبنو هلال ابن عامر ، وكانوا سدنته بين مكة واليمن بالعبلاء على أربع مراحل من مكة ، وهو اليوم بيت قصّار فيما أخبرت ، وقال المبرّد : موضعه اليوم مسجد جامع لبلدة يقال لها العبلات من أرض خثعم ، وقال أبو المنذر : ومن أصنام العرب ذو الخلصة ، وكانت مروة بيضاء منقوشة عليها كهيئة التاج ، وكانت بتبالة بين مكة واليمن على مسير سبع ليال من مكة ، وكان سدنتها بني أمامة من باهلة بن أعصر ، وكانت تعظّمها وتهدي لها خثعم وبجيلة وأزد السراة ومن قاربهم من بطون العرب ومن هوازن ، ففيها يقول خداش بن زهير العامري لعثعث بن وحشيّ الخثعمي في عهد كان بينهم فغدر بهم :

وذكّرته بالله بيني وبينه ،

وما بيننا من مدّة لو تذكّرا

وبالمروة البيضاء ثم تبالة

ومجلسة النعمان حيث تنصّرا

فلما فتح رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، مكة وأسلمت العرب ووفدت عليه وفودها قدم عليه جرير بن عبد الله مسلما ، فقال له : يا جرير ألا تكفيني ذا الخلصة؟ فقال : بلى ، فوجّهه إليه فخرج حتى أتى بني أحمس من بجيلة فسار بهم إليه ، فقاتلته


خثعم وقتل مائتين من بني قحافة بن عامر بن خثعم وظفر بهم وهزمهم وهدم بنيان ذي الخلصة وأضرم فيه النار فاحترق ، فقالت امرأة من خثعم :

وبنو أمامة بالوليّة صرّعوا

شملا ، يعالج كلّهم أنبوبا

جاءوا لبيضتهم ، فلاقوا دونها

أسدا يقبّ لدى السيوف قبيبا

قسم المذلّة ، بين نسوة خثعم ،

فتيان أحمس قسمة تشعيبا

قال : وذو الخلصة اليوم عتبة باب مسجد تبالة ، قال : وبلغنا أن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، قال : لا تذهب الدنيا حتى تصطكّ أليات نساء بني دوس على ذي الخلصة يعبدونه كما كانوا يعبدونه.

والخلصة : من قرى مكة بوادي مرّ الظهران ، وقال القاضي عياض المغربي : ذو الخلصة بالتحريك وربما روي بضمها والأول أكثر ، وقد رواه بعضهم بسكون اللام ، وكذا قاله ابن دريد ، وهو بيت صنم في ديار دوس ، وهو اسم صنم لا اسم بنية ، وكذا جاء في الحديث تفسيره ، وفي أخبار امرئ القيس : لما قتلت بنو أسد أباه حجرا وخرج يستنجد بمن يعينه على الأخذ بثأره حتى أتى حمير فالتجأ إلى قيل منهم يقال له مرثد الخير بن ذي جدن الحميري ، فاستمدّه على بني أسد ، فأمدّه بخمسمائة رجل من حمير مع رجل يقال له قرمل ومعه شذّاذ من العرب ، واستأجر من قبائل اليمن رجالا فسار بهم يطلب بني أسد ، ومرّ بتبالة وبها صنم للعرب تعظمه يقال له ذو الخلصة فاستقسم عنده بقداحه ، وهي ثلاثة : الآمر والناهي والمتربّص ، فأجالها فخرج الناهي ، ثم أجالها فخرج الناهي ، ثم أجالها فخرج الناهي ، فجمعها وكسرها وضرب بها وجه الصنم وقال : مصصت بظر أمك لو قتل أبوك ما نهيتني! فقال عند ذلك :

لو كنت يا ذا الخلص الموتورا

مثلي ، وكان شيخك المقبورا ،

لم تنه عن قتل العداة زورا

ثم خرج فظفر ببني أسد وقتل عليّا قاتل أبيه وأهل بيته وألبسهم الدروع البيض محماة وكحلهم بالنار ، وقال في ذلك :

يا دار سلمى ، دارسا نؤيها ،

بالرمل والجبتين من عاقل

وهي قصيدة ، فيقال : إنه ما استقسم عند ذي الخلصة بعدها أحد بقدح حتى جاء الإسلام وهدمه جرير بن عبد الله البجلي ، وفي الحديث : أن ذا الخلصة سيعبد في آخر الزمان ، قال : لن تقوم الساعة حتى تصطفق أليات نساء بني دوس وخثعم حول ذي الخلصة.

الخَلْقَدُونة : ويروى الخذقدونة : هو الصقع الذي منه المصّيصة وطرسوس ، وقد ذكر في موضع قبل هذا ، وهو في الإقليم السادس ، طوله خمسون درجة ، وعرضه سبع وأربعون درجة.

الخَلُّ : بلفظ الخلّ الحامض الذي يؤتدم به ، والخلّ أيضا : الرجل القليل اللحم ، وقد خلّ جسمه خلّا ، وخللت الكساء أخلّه خلّا ، والخلّ : الطريق في الرمل ، قال الشاعر :

يعدو الجواد بها في خلّ خيدبة

كما يشقّ إلى هدّابه السّرق

والخلّ ههنا : يرحل حاجّ واسط من لينة اليوم الرابع فيدخلون في رمال الخلّ إلى الثعلبية ، وهو أن تعارض الطريق إلى الثعلبية ، ولينة أقرب إلى


الثعلبية. والخلّ : موضع آخر بين مكة والمدينة قرب مرجح ، قال المكشوح المرادي :

نحن قتلنا الكبش ، إذ ثرنا به

بالخلّ من مرجح ، إذ قمنا به

وقال القتّال الكلابي :

لكاظمة الملاحة ، فاتركيها

وذمّيها إلى خلّ الخلال

ولاقي من نفاثة كل خرق

أشمّ سميدع مثل الهلال

كأن سلاحه في جذع نخل ،

تقاصر دونه أيدي الرجال

والخلّ : موضع باليمن في وادي رمع ، قال أبو دهبل يمدح ابن الأزرق :

أين الذي ينعش المولى ، ويحتمل ال

جلّى ، ومن جاره بالخير منفوح

كأنني ، حين جاز الخلّ من رمع ،

نشوان أغرقه الساقون ، مصبوح

وقال أيضا :

ما ذا رزئنا ، غداة الخلّ من رمع

عند التفرّق ، من خيم ومن كرم

والخلّ : ماء ونخل لبني العنبر باليمامة. وخلّ الملح : موضع آخر في شعر يزيد بن الطّثريّة ، قال :

لو انك شاهدت الصبا ، يا ابن بوزل ،

بجزع الغضا ، إذ واجهتني غياطله

بأسفل خلّ الملح ، إذ دين ذي الهوى

مؤدّى ، وإذ خير القضاء أوائله

لشاهدت يوما ، بعد شحط من النّوى

وبعد تنائي الدار ، حلوا شمائله

خُلْمُ : بضم أوله ، وتسكين ثانيه ، إن كان عربيّا فهو أن الخلم شحوم ثرب الشاة ، والخلم الأصدقاء ، فأما الموضع فخلم : بلدة بنواحي بلخ ، على عشرة فراسخ من بلخ ، وهي بلاد للعرب نزلها الأسد وبنو تميم وقيس أيام الفتوح ، وهي مدينة صغيرة ذات قرى وبساتين ورساتيق وشعاب ، وزروعها كثيرة ، وليس تكاد الريح تسكن بها ليلا ولا نهارا في الصيف ، ينسب إليها أبو العوجاء سعيد ابن سعيد الخلمي المعروف بسعيدان ، يروي عن سليمان التيمي ، روى عنه إبراهيم بن رجاء بن نوح وجماعة سواه نسبوا إلى هذا المكان ، وعثمان بن محمد بن أحمد الخليلي الخلمي أبو عمرو إمام فاضل فقيه مفت مناظر ، ولي الخطابة ببلخ وصار شيخ الإسلام بها ، تفقّه على الإمام أبي بكر محمد بن أحمد ابن عليّ القزّاز وسمع منه الحديث ومن القاضي أبي سعيد الخليل بن أحمد السجزي وأبي بكر محمد بن عبد الملك الماسكاني الخطيب وأبي المظفر منصور بن أحمد بن محمد البسطامي ، أجاز لأبي سعد في ذي القعدة سنة ٥٢٩.

خَلَّةُ : بفتح الخاء ، وتشديد اللام : قرية باليمن قرب عدن أبين عند سبا صهيب لبني مسيلمة ، ينسب إليها نحويّ بمصر يخدم الملك الكامل ابن الملك العادل بن أيوب يقال له الخلّي ، والله أعلم.

خِلّيبٌ : بكسر أوله ، وتشديد ثانيه ، وياء مثناة من تحت ساكنة ، وآخره باء موحدة ، على مثال سكّير وخمّير من الخلب ، وهو مزق الجلد بالناب : موضع ، عن ابن دريد.

خِلّيتٌ : بكسر أوله وثانيه ، بوزن الذي قبله إلا أن آخره تاء مثناة ، وهو اسم للأبلق الفرد الذي بتيماء:


بلد بأطراف الشام.

الخَلِيجُ : بفتح أوله ، وكسر ثانيه ، وآخره جيم : بحر دون قسطنطينية ، وجبل خليج : أحد جبال مكة. وخليج أمير المؤمنين بمصر ، قال القضاعي :أمر عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، عمرو بن العاص عام الرّمّادة بحفر الخليج الذي في حاشية الفسطاط فساقه من النيل إلى بحر القلزم فلم يأت عليه الحول حتى سارت فيه السفن وحمل فيه ما أراد من الطعام إلى مكة والمدينة فنفع الله بذلك أهل الحرمين فسمي خليج أمير المؤمنين ، وذكر الكندي أنه حفر في سنة ٢٣ وفرغ منه في ستة أشهر وجرت فيه السفن ووصلت إلى الحجاز في الشهر السابع ، قال : ولم يزل تحمل فيه الولاة إلى أن حمل فيه عمر بن عبد العزيز ، رضي الله عنه ، ثم أضاعته الولاة بعد ذلك وسفت عليه الرمال فانقطع وصار منتهاه إلى ذنب التمساح من ناحية بطحاء القلزم ، وقال ابن قديد : أمر أبو جعفر المنصور بسدّ الخليج حين خرج عليه محمد بن عبد الله ابن حسن بن الحسن بن عليّ بن أبي طالب ، رضي الله عنه ، بالمدينة ليقطع عنه الميرة فسدّ إلى الآن ، قلت أنا : وأثر هذا الخليج إلى الآن باق عند الخشبيّ منزل في طريق مصر من الشام ، وهذا الخليج أراد أبو الحسن عليّ بن محمد بن عليّ بن الساعاتي بقوله :

قف بالخليج ، فإنه

أشهى بقاع الأرض ربعا

رقصت له الأغصان ، إذ

أثنى الحمام عليه سجعا

متعطف كالأيم ذع

را ، حين خيف فضاق ذرعا

وإذا تمرّ به الصّبا ،

فاطرب بسيف صار درعا

متساويات سفنه

خفضا ، براكبها ، ورفعا

مثل العقارب أقبلت

فوق الأراقم ، وهي تسعى

وقال أيضا :

نزلنا بمصر ، وهي أحسن كاعب ،

فقيدة مثل زانها كرم البعل

فلم أر أمضى من حسام خليجها

يموج ، على إفرندها ، صدأ الطّلّ

إذا سال ، لا بل سلّ في متهالك

من الأرض جدب ، طلّ فيه دم المحل

غداة جلا تبر الشعاع متونه ،

ولا شك أن الماء والنار في النصل

ولا شك أعطاف الغصون كأنها

شمائل معشوق تثنّى من الدّلّ

ينظم تعويذا لها سبج الدجى ،

وينثر إعجابا بها لؤلؤ الطلّ

وخليج بنات نائلة ، قال مصعب الزبيري : منسوب إلى ولد نائلة بنت الفرافصة الكلبية امرأة عثمان بن عفان ، رضي الله عنه ، وكان عثمان اتخذ هذا الخليج وساقه إلى أرض استخرجها واعتملها بالعرصة.

الخُلَيْصَاءُ : تصغير الخلصاء : موضع ، قال عبد الله ابن أحمد بن الحارث شاعر بني عبّاد :

لا تستقرّ بأرض ، أو تسير إلى

أخرى بشخص قريب عزمه نائي

يوم بحزوى ، ويوم بالعقيق ، ويو

م بالعذيب ، ويوم بالخليصاء

وتارة تنتحي نجدا ، وآونة

شعب العقيق ، وطورا قصر تيماء


خُلَيْصٌ : حصن بين مكة والمدينة.

الخَلِيفُ : بفتح أوله ، وكسر ثانيه : شعب في جبلة الجبل الذي كانت به الوقعة المشهورة ، قال أبو عبيد:لما دخلت بنو عامر ومن معهم من عبس وغيرهم جبل جبلة من خوفهم من الملك النعمان وعساكر كسرى اقتسموا شعوبه بالقداح فولجت بارق وبنو نمير الخليف ، والخليف : الطريق الذي بين الشعبين يشبه الزقاق ، لأن سهمهم تخلّف ، وفي ذلك يقول معقّر بن أوس ابن حمار البارقي :

ونحن الأيمنون بنو نمير

يسيل بنا أمامهم الخليف

وقال الحفصي : خليف صماخ قرية ، وصماخ : جبل.

وخليف عشيرة : وهو نخل ، ومحارث وعشيرة : أكمة لبني عدي التيم ، قال عبد الله بن جعفر العامري :

فكأنما قتلوا بجار أخيهم ،

وسط الملوك على الخليف ، غزالا

خليفَةُ : بفتح أوله ، وكسر ثانيه ، بلفظ الخليفة أمير المؤمنين : جبل بمكة يشرف على أجياد الكبير.

خَلِيقَةُ : مثل الذي قبله إلّا أنه بالقاف : منزل على اثني عشر ميلا من المدينة بينها وبين ديار سليم.

والخليقة أيضا : ماءة على الجادّة بين اليمامة ومكة لبني العجلان ، وهو عبد الله بن كعب بن ربيعة بن عقيل ، والخليقة في اللغة : لغة في الخلق ، وجمعها الخلائق.

خَلِيقى : قال أبو زياد : هضبة في بلاد بني عقيل ، يقول : يفعت خليقى ، بعد ما امتدت الضحى ، بمرتقب عالي المكان رفيع

الخَليلُ : اسم موضع وبلدة فيها حصن وعمارة وسوق بقرب البيت المقدس ، بينهما مسيرة يوم ، فيه قبر الخليل إبراهيم ، عليه السلام ، في مغارة تحت الأرض ، وهناك مشهد وزوّار وقوّام في الموضع وضيافة للزوّار ، وبالخليل سمّي الموضع واسمه الأصلي حبرون ، وقيل حبرى ، وفي التوراة : أن الخليل اشترى من عفرون بن صوحار الحيثي موضعا بأربعمائة درهم فضة ودفن فيه سارة ، وقد نسب إليه قوم من أصحاب الحديث ، وهو موضع طيب نزه روح ، أثر البركة ظاهر عليه ، ويقال : إن حصنه من عمارة سليمان بن داود ، عليه السلام ، وقال الهروي : دخلت القدس في سنة ٥٦٧ واجتمعت فيه وفي مدينة الخليل بمشايخ حدثوني أن في سنة ٥١٣ في أيام الملك بردويل انخسف موضع في مغارة الخليل فدخل إليها جماعة من الفرنج بإذن الملك فوجدوا فيها إبراهيم وإسحاق ويعقوب ، عليهم السلام ، وقد بليت أكفانهم وهم مستندون إلى حائط وعلى رؤوسهم قناديل ورؤوسهم مكشوفة ، فجدد الملك أكفانهم ثم سد الموضع ، قال : وقرأت على السلفي أن رجلا يقال له الأرمني قصد زيارة الخليل وأهدى لقيّم الموضع هدايا جمّة وسأله أن يمكنه من النزول إلى جثة إبراهيم ، عليه السلام ، فقال له : أما الآن فلا يمكن لكن إذا أقمت إلى أن ينقطع الجثل وينقطع الزوّار فعلت ، فلما انقطعوا قلع بلاطة هناك وأخذ معه مصباحا ونزلا في نحو سبعين درجة إلى مغارة واسعة والهواء يجري فيها وبها دكة عليها إبراهيم ، عليه السلام ، ملقّى وعليه ثوب أخضر والهواء يلعب بشيبته وإلى جانبه إسحاق ويعقوب ، ثم أتى به إلى حائط المغارة فقال له : إن سارة خلف هذا الحائط ، فهمّ أن ينظر إلى ما وراء الحائط فإذا بصوت يقول : إياك والحرم! قال : فعدوت من حيث نزلت.

والخليل أيضا : موضع من الشق اليماني ، نسب إليه


أحد الأذواء ، عن نصر.

الخُلَيْل : تصغير الخلّ : موضع ، قال أبو أحمد :

ألست بفارس يوم الخليل ،

غداة فقدناك من فارس؟

باب الخاء والميم وما يليهما

خَمّاءُ : بفتح أوله ، وتشديد ثانيه : موضع جاء في أشعار بني كلب بن وبرة.

خِمَارٌ : بكسر أوله ، وآخره راء مهملة : موضع بتهامة ، ذكره حميد بن ثور فقال :

وقد قالتا : هذا حميد ، وأن يرى

بعلياء أو ذات الخمار عجيب

ويجوز أن يكون من الخمر وهو ما واراك من شجر أو غيره من واد أو جبل ، وفي كتاب أبي زياد : ذات الخمار ، بكسر الخاء ، وأنشد لحميد بن ثور :

وقائلة : زور مغبّ ، وأن يرى

بحلية أو ذات الخمار عجيب

زور : يعني نفسه ، مغبّ : لا عهد له بالزيارة.

خَمَاسَاءُ : بفتح أوله ، وبعد الألف سين مهملة ، ممدود ، بوزن براكاء : اسم موضع ، كأنه من التخمّس من القتال أي يصيرون خميسا خميسا كما أن البراكاء من البروك في القتال.

خُمَاصَةُ : بضم أوله ، وبعد الألف صاد مهملة : موضع في قول ابن مقبل :

فقلت ، وقد جاوزن بطن خماصة :

جرت دون بطحاء الظباء البوارح

خَمّانُ : بفتح أوله ، وتشديد ثانيه : من نواحي البثنية من أرض الشام ، يجوز أن يكون فعلان من خمّ الشيء إذا تغير عن أصله لنداوة نالته أو حرّ لم يبلغ أن يجيف.

خِمَانُ : بكسر أوله ، وآخره نون ، وتخفيف ثانيه : جبال في بلاد قضاعة على طريق الشام ، كذا قاله العمراني ، وأخاف أن يكون الذي قبله وقد صحّفه على أنه ذكرهما جميعا.

خُمَايْجانُ : بضم أوله ، وبعد الألف ياء ثم جيم ، وآخره نون : قرية من قرى كارزين من بلاد فارس ، منها أبو عبد الله محمد بن الحسن بن أحمد بن إبراهيم بن الحسن بن علي بن سفيان الخمايجاني الفقيه ، حدث عن الحسن بن علي بن الحسن بن حمّاد المقري ، سمع منه ابن عبد الوارث الشيرازي الحافظ.

خُمْخَيْسَرَة : بضم أوله ، وتسكين ثانيه ، وفتح الخاء المعجمة أيضا ، وتسكين الياء المثناة من تحت ، وسين مهملة ، وراء : قرية من قرى بخارى ، منها الفقيه أبو سهل أحمد بن محمد بن الحسين بن نهي بن النضر الخمخيسري ، يروي عن أبي عبد الله وأبي بكر الرّازيّين ، سمع منه أبو كامل البصيري.

خَمْرا : باخمرا المذكورة في بابها.

خُمْرَانُ : بضم أوله ، وتسكين ثانيه ، وراء ، وآخره نون : من بلاد خراسان تذكر مع نيسابور وطوس وأبيورد ونسا وخمران في الفتوح ، وهذه البلاد فتحها عبد الله بن عامر بن كريز عنوة حتى انتهى إلى سرخس ، ويقال : إنه فتح بعض هذه البلاد صلحا ، وذلك في سنة ٣١ للهجرة.

خَمَّرُ : شعب من أعراض المدينة ، وهو ملحق بوزن بقّم وشلّم وخضّم وبذّر.

خَمْرَبرت : بلد من نواحي خلاط غير خرتبرت.


خُمْرَك : بضم أوله ، وتسكين ثانيه : بليد بأرض الشاش من نواحي ما وراء النهر ، ينسب إليها أبو الرجاء المؤمّل بن مسرور الشاشي الخمركي ، روى عن أبي المظفر السمعاني ، سمع منه خلق كثير ، وتوفي بمرو سنة ٥١٦.

خمْطَةُ : موضع بنجد ، والله أعلم.

خَمِقْاباذ : أوله مفتوح وروي بكسره ، وبعد الميم قاف : قرية من قرى مرو ويقال لها خنقاباذ على طرف كوال حفصاباذ ، منها إسحاق بن إبراهيم بن الزّبرقان الخمقاباذي ، شيخ لا بأس به.

خَمْقُرَى : بالفتح ثم السكون ، وضم القاف ، وراء ، وألف مقصورة ، اسم مركب معناه خمس قرى : يراد به پنجده التي بخراسان ، ينسب إليها هكذا أبو المحاسن عبد الله بن سعيد بن محمد بن موسى بن سهل الخمقري ، كان من المشهورين بالفضل ، سمع هبة الله بن عبد الوارث الشيرازي ، ذكره أبو سعد في شيوخه ، مات سنة ٥٤٥.

خمْليخ : مدينة ببلاد الخزر ، قال البحتري يمدح إسحاق بن كنداجيق :

لم تنكر الخزرات إلف ذؤابة

يحتلّ ، في الخزر ، الذوائب والذّرى

شرف تزيّد في العراق إلى الذي

عهدوه في خمليخ ، أو ببلنجرى

خُمٌّ : اسم موضع غدير خمّ ، خمّ في اللغة : قفص الدجاج ، فإن كان منقولا من الفعل فيجوز أن يكون مما لم يسمّ فاعله من قولهم خمّ الشيء إذا ترك في الخمّ ، وهو حبس الدجاج ، وخمّ إذا نطف ، كله عن الزهري ، قال السّهيلي عن ابن إسحاق : وخمّ بئر كلاب بن مرّة ، من خممت البيت إذا كنسته ، ويقال : فلان مخموم القلب أي نقيّه ، فكأنها سميت بذلك لنقائها ، قال الزمخشري : خمّ اسم رجل صبّاغ أضيف إليه الغدير الذي هو بين مكة والمدينة بالجحفة ، وقيل : هو على ثلاثة أميال من الجحفة ، وذكر صاحب المشارق أن خمّا اسم غيضة هناك وبها غدير نسب إليها ، قال : وخمّ موضع تصب فيه عين بين الغدير والعين ، وبينهما مسجد رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، وقال عرّام : ودون الجحفة على ميل غدير خمّ وواديه يصب في البحر ، لا نبت فيه غير المرخ والثّمام والأراك والعشر ، وغدير خمّ هذا من نحو مطلع الشمس لا يفارقه ماء المطر أبدا ، وبه أناس من خزاعة وكنانة غير كثير ، وقال معن بن أوس المزني :

عفا ، وخلا ممن عهدت به خمّ ،

وشاقك بالمسحاء من شرف رسم

عفا حقبا ، من بعد ما خفّ أهله ،

وحنّت به الأرواح والهطّل السّجم

وقال الحازمي : خمّ واد بين مكة والمدينة عند الجحفة به غدير ، عنده خطب رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، وهذا الوادي موصوف بكثرة الوخامة.

وخمّ أيضا ورمّ : بئران حفرهما عبد شمس بن عبد مناف ، وقال :

حفرت خمّا ، وحفرت رمّا ،

حتى ترى المجد لنا قد تمّا

وهما بمكة ، وقال محمد بن إسحاق الفاكهي في كتاب مكة : بئر خمّ قريبة من الميثب حفرها مرّة بن كعب بن لؤيّ ، قال : وكان الناس يأتون خمّا في الجاهلية والإسلام في الدهر الأول يتنزهون به


ويكونون فيه ، حدثنا محمد بن منصور حدثنا سفيان عن عمرو بن دينار قال : سمعت عبد الله بن عمر وهو بخمّ يقول : بكاء الحيّ على الميت عذاب للميت ، وقال :

لا نستقي إلا بخمّ والحفر

خَمّة : بفتح أوله ، وتشديد ثانيه : ماء بالصمان لبني عبد الله بن دارم ، ويقال : ليس لهم بالبادية إلا هذه ، والقرعاء هي بين الدّوّ والصّمّان.

خُمِيثَن : بضم أوله ، وكسر ثانيه ، وبعد الياء المثناة من تحت ثاء مثلثة ، وآخره نون : قرية من قرى سمرقند ، منها أبو يعقوب يوسف بن حيدر الخميثني السمرقندي ، كان إماما فاضلا في الفرائض وغيرها ، سمع أبا الفضل عبد السلام بن عبد الصمد البزّاز وغيره ، روى عنه ابنه محمد بن يوسف.

خُمَيْرٌ : بلفظ تصغير خمر : ماء فويق صعدة لبني ربيعة بن عبد الله ، وذكر في صعدة.

خَمِيلٌ : موضع في قول جرير :

ألا حيّ الديار ، وإن تعفّت ،

وقد ذكّرن عهدك بالخميل

وكم لك بالمجيمر من محلّ ،

وبالعزّاف من طلل محيل

باب الخاء والنون وما يليهما

خَنَّابُ : بالفتح ، وتشديد النون : ناحية بكرمان لها رستاق وقرّى.

خَناثا : موضع بنجد ، عن نصر.

خُناجِنُ : بضم أوله ، وبعد الألف جيم بعدها نون ، قال السمعاني : من قرى المعافر باليمن ، منها أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عبد الله بن أبي الصّقر الدوري الخناجني ، حدث عن أبي العباس أحمد بن إبراهيم ، روى عنه أبو القاسم الشيرازي.

خُناسُ : بضم أوله : من مخاليف اليمن.

خُناصِرَةُ : بليدة من أعمال حلب تحاذي قنّسرين نحو البادية ، وهي قصبة كورة الأحصّ التي ذكرها الجعدي فقال :

فقال تجاوزت الأحصّ وماءه

وقد ذكرها عدي بن الرقاع فقال :

وإذا الربيع تتابعت أنواؤه ،

فسقى خناصرة الأحصّ وزادها

قيل : بناها خناصرة بن عمرو بن الحارث بن كعب ابن عمرو بن عبد ودّ بن عوف بن كنانة ملك الشام ، كذا ذكره ابن الكلبي ، وقال غيره : عمرها الخناصر ابن عمرو خليفة الأشرم صاحب الفيل ، وينسب إليها أبو يزيد بن خالد بن محمد بن هاني الخناصري الأسدي ، حدث بحلب عن المسيّب بن واضح ، روى عنه أبو بكر محمد بن الحسين بن صالح السبيعي نزيل حلب ، وذكرها المتنبي فقال :

أحبّ حمصا إلى خناصرة ،

وكلّ نفس تحبّ محياها

حيث التقى خدّها وتفّاح لب

نان وثغري على حميّاها

وصفت فيها مصيف بادية

شتوت بالحصحصان مشتاها

إن أعشبت روضة رعيناها ،

أو ذكرت حلّة غزوناها

وقال جران العود وجعلها خناصرات كأنه جعل


كل موضع منها خناصرة فقال :

نظرت وصحبتي بخناصرات

ضحيّا ، بعد ما متع النهار

إلى ظعن لأخت بني نمير

بكابة ، حيث زاحمها العقار

العقار : الرمل.

الخَنافِسُ : أرض للعرب في طرف العراق قرب الأنبار من ناحية البردان ، تقام فيه سوق للعرب ، أوقع عندها بالمسلمين في أيام أبي بكر ، رضي الله عنه ، وأميرهم من قبل خالد بن الوليد ، رضي الله عنه ، أبو ليلى بن فدكي فقال :

وقالوا : ما تريد؟ فقلت : أرمي

جموعا بالخنافس بالخيول

فدونكم الخيول ، فألجموها

إلى قوم بأسفل ذي أثول

فلما أن أحسّوا ما تولوا ،

ولم يغررهم ضبح الفيول

وفينا بالخنافس باقيات

لمهبوذان في جنح الأصيل

ثم كانت بها وقعة أخرى في أيام عمر ، رضي الله عنه ، وإمارة المثنّى بن حارثة كبسهم يوم سوقهم وقتلهم وأخذ أموالهم ، فقال المثنّى في ذلك :

صبحنا بالخنافس جمع بكر ،

وحيّا من قضاعة غير ميل

بفتيان الوغى من كلّ حيّ

تباري ، في الحوادث ، كلّ جيل

نسفنا سوقهم ، والخيل رود

من التّطواف والشرب البخيل

خُنامَتَى : بضم أوله ، وبعد الميم تاء مثناة من فوق : من قرى بخارى ، ينسب إليها أبو صالح الطيب بن مقاتل بن سليمان بن حمّاد الخنامتيّ البخاري ، يروي عن إبراهيم بن الأشعث ، روى عنه أبو الطيب طاهر بن محمد بن حموية البخاري.

خُنانُ : بضم أوله ، وبعد الألف نون أخرى : مدينة من بلاد جرزان من فتوح حبيب بن مسلمة ، قال الإصطخري : خنان قلعة تعرف بقلعة التراب لأنها على تلّ عظيم.

خَنْبُونُ : بفتح أوله ، وبعد النون الساكنة باء موحدة ، وآخره نون : من قرى بخارى بما وراء النهر ، بينها وبين بخارى أربعة فراسخ على طريق خراسان ، ينسب إليها أبو القاسم واصل بن حمزة بن عليّ بن نصر الصوفي الخنبوني أحد الرّحّالين في طلب الحديث ، وكان ثقة صالحا ، سمع ببخارى أبا سهل عبد الكريم ابن عبد الرحمن الكلاباذي ، وبأصبهان أبا بكر بن زبدة الضّبي ، وبغيرهما من البلاد ، سمع منه أبو بكر الخطيب وقاضي المارستان محمد بن عبد الباقي.

خَنْثَلُ : بفتح أوله ، وتسكين ثانيه ، وثاء مثلثة مفتوحة : برث من الأرض في ديار بني كلاب أبيض مستو بإزاء حزيز الحوأب ، قال الأسود الأعرابي : كان سعد بن صبيح النهشلي نزل بمربع بن وعوعة بن ثمامة بن الحارث بن سعد بن قرط بن عبد بن أبي بكر ابن كلاب ، فمرض سعد وخرج مربع يأتي أهله بماء ، فوثب سعد على امرأة مربع فاستغاثت ، فجاء مربع فضربه بالسيف حتى قتله ، فقال عند ذلك :

فزعت إلى سيفي ، فنازعت غمده ،

حساما به أثر قديم مسلسل

فغادرت سعدا ، والسباع تنوبه ،

كما ابتدر الورّاد جمّة منهل


دعا نهشلا ، إذ حازه الموت ، دعوة ،

وأجلين عنه كالحوار المجدّل

فإنك قد أوعدتني غضب الحصى ،

وأنت بذات الرّمث من بطن خنثل

ولكنّما أوعدتني ببسيطة ال

عراق الذي بين المضلّ وحومل

وقلت لأصحابي : النجاء فإنما

مع الصبح ، إن لم تسبقوا جمع نهشل

فأصبحن يركضن المحاجن ، بعد ما

تجلّى من الظّلماء ما هو منجلي

فاستعدت بنو تميم على مربع عند عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، فأحلفه خمسين يمينا أنه ما قتله فحلف ، فخلّى سبيله ، فقال الفرزدق :

بني نهشل! هلّا أصابت رماحكم ،

على خنثل فيما يصادفن ، مربعا

وجدتم زمانا كان أضعف ناصرا ،

وأقرب من دار الهوان وأضرعا

قتلتم به ثول الضباع ، فغادرت

مناصلكم منه خصيلا مرصّعا

فكيف ينام ابنا صبيح ، ومربع

على خنثل يسقى الحليب المقنّعا؟

وقال جرير :

زعم الفرزدق أن سيقتل مربعا ،

أبشر بطول سلامة يا مربع!

خَنْجَرَةُ : بلفظ تأنيث الخنجر ، وهو السكّين : ماء من مياه نملي ، وقال نصر : خنجرة ناحية من بلاد الروم.

خُنْداذ : بالضم ثم السكون ، وآخره ذال معجمة : قرية بين همذان ونهاوند.

خَنْدَرُوذ : بالفتح ثم السكون ، وفتح الدال ، وراء ، وآخره ذال معجمة : موضع بفارس.

الخَنْدق : بلفظ الخندق المحفور حول المدينة : محلّة كبيرة بجرجان ، وقد نسب إليها قوم ، منهم : أبو تميم كامل بن إبراهيم الخندقي الجرجاني ، سمع منه زاهر ابن أحمد الحليمي وأبو عبد الله النيلي وغيرهما.

والخندق : قرية كبيرة في ظاهر القاهرة بمصر يقال هي ثنيّة الأصبغ بن عبد العزيز بن مروان ، ينسب إليها أبو عمران موسى بن عبد الرحمن الخندقي ثم الرّميسي لسكناه ببركة رميس من الفسطاط ، روى عن أبي عبد الله محمد بن إبراهيم المقري المعروف بالكيراني ، روى عنه جماعة ، وأقرأ القرآن مدّة ، سمع الإمام الزكيّ أبا محمد عبد العظيم بن عبد القوي ابن عبد الله المنذري عن أصحابه. وخندق سابور : في برية الكوفة ، حفره سابور بينه وبين العرب خوفا من شرّهم ، قالوا : كانت هيت وعانات مضافة إلى طسوج الأنبار ، فلما ملك أنوشروان بلغه أن طوائف من الأعراب يغيرون على ما قرب من السواد إلى البادية فأمر بتجديد سور مدينة تعرف بالنّسر كان سابور ذو الأكتاف بناها وجعلها مسلحة تحفظ ما قرب من البادية وأمر بحفر خندق من هيت يشقّ طفّ البادية إلى كاظمة مما يلي البصرة وينفذ إلى البحر ، وبنى عليه المناظر والجواسق ونظمه بالمسالح ليكون ذلك مانعا لأهل البادية من السواد ، فخرجت هيت وعانات بسبب ذلك الخندق من طسوج شاه فيروز لأن عانات كانت قرى مضمومة إلى هيت.

خَندَمَةُ : بفتح أوله : جبل بمكة ، كان لما ورد النبي ، صلى الله عليه وسلم ، عام الفتح جمع صفوان بن أميّة وعكرمة بن أبي جهل وسهيل بن عمرو جمعا


بالخندمة ليقاتلوه ، وكان حماس بن قيس بن خالد أحد بني بكر قد أعدّ سلاحا ، فقالت له زوجته : ما تصنع بهذا السلاح؟ فقال : أقاتل به محمدا وأصحابه ، فقالت : والله ما أرى أن أحدا يقوم لمحمد وأصحابه! فقال : والله إني لأرجو أن أخدمك بعضهم! وخرج فقاتل مع من بالخندمة من المشركين فمال عليهم خالد ابن الوليد فقتل بعضهم وانهزم الباقون وعاد حماس منهزما وقال لامرأته : أغلقي عليّ بابي ، فقالت : أين ما كنت تقول؟ فقال :

إنّك لو شهدت يوم الخندمة ،

إذ فرّ صفوان وفرّ عكرمه ،

وحيث زيد قائم كالمؤتمه ،

واستقبلتنا بالسيوف المسلمه

يقطعن كلّ ساعد وجمجمة

ضربا ، فلا تسمع إلا غمغمه ،

لم تنطقي باللّوم أدنى كلمه

وقال بديل بن عبد مناة بن أمّ أصرم يخاطب أنس بن زنيم الديلي :

بكى أنس رزنا ، فأعوله البكا ،

فالّا عديّا إذ تطلّ وتبعد

أصابهم يوم الخنادم فتية

كرام ، فسل ، منهم نفيل ومعبد

هنالك ، إن تسفح دموعك ، لا تلم ،

عليهم ، وإن لم تدمع العين تكمد

ومنها حجارة بنيان مكة ومنها شعب ابن عامر ، وجبال مكة الخندمة وجبال أبي قبيس.

خُنْزُبُ : بضم أوله وزايه ، وآخره باء : موضع.

الخَنزَةُ : بالفتح ، والزاي : هضبة في ديار بني عبد الله بن كلاب.

خَنزَجُ : بفتح أوله ، وتسكين ثانيه ، وزاي مفتوحة ، وآخره جيم ، وروي بالباء : موضع.

خَنزَرُ : بفتح أوله ، وسكون ثانيه ، وفتح الزاي ، وراء : موضع ذكره الجعدي في قوله :

ألمّ خيال من أميمة موهنا

طروقا ، وأصحابي بدارة خنزر

وقد ذكر في الدارات ، قال السّكّري : خنزر هضبة في ديار بني كلاب ، قال عبد الله بن نوالة :

أيمنعني التقوى ، إذا ما أردتها ،

سديف بجنبي خنزير فجباجب؟

الجباجب : شيء يصنع من الجلد.

خَنزَرَةُ : مثل الذي قبله وزيادة الهاء ، يقال : خنزر الرجل خنزرة إذا نظر بمؤخر عينه ، وهو فنعل من الأخزر : وهو هضبة طويلة عظيمة في ديار الضّباب ، عن أبي زياد ، وهو غير خنزر الذي قبله ، قال الأعور بن براء الكلبي يهجو أمّ زاجر وهما عبدان :

أنعت عيرا من حمير حنزره ،

في كلّ عير مائتان كمره

لاقين أمّ زاجر بالمزدره ،

وكمنها مقبلة ومدبره

كذا وجدته بالحاء المهملة.

خِنزِيرُ : بلفظ واحد الخنازير : ناحية باليمامة ، وقيل : جبل بأرض اليمامة ذكره لبيد ، وقال الأعشى :

فالسفح يجري فخنزير فبرقته ،

حتى تدافع منه السّهل والجبل

وأنف خنزير : هو أنف جبل بأرض اليمامة ، عن الحفصي.


خَنْعَسُ : جبل قرب ضرية من ديار غنيّ بن أعصر.

خَنْفَرُ : قال ابن الحائك : أبين بها مدينة حنفر والرواع وبها بنو عامر بن كندة قبيلة عرنين.

الخَنْفَسُ : يوم الخنفس : من أيام العرب ، قال : وهو ماء لهم ، بخط أبي الحسن بن الفرات.

خَنفَسُ : قال نصر : ناحية من أعمال اليمامة قريبة من خزالا ومريفق بين جراد وذي طلوح ، بينها وبين حجر سبعة أيام أو ثمانية ، كذا قيل.

خُنْلِيق : بضم أوله ، وتسكين ثانيه ، وكسر لامه ، وياء مثناة من تحت ، وآخره قاف : بلد بدربند خزران عند باب الأبواب ، ينسب إليها حكيم بن إبراهيم بن حكيم اللّكزي الخنليقي الدربندي ، كان فقيها شافعيّا فاضلا ثقة ، تفقّه ببغداد على الغزّالي وسمع الحديث الكثير وسكن بخارى إلى أن توفي بها في شعبان سنة ٥٣٨.

الخَنَقُ : بالتحريك : أرض من جبال بين الفلج ونجران ، يسكنها أخلاط من همدان ونهد بن زيد وغيرهم من اليمانية.

خَنُّور : ذكر في أمّ خنّور.

خَنُوقاءُ : في نوادر الفرّاء : خنوقاء أرض ، ولا يحدّد.

الخَنُوقةُ : واد لبني عقيل ، قال القحيف العقيلي :

تحمّلن من بطن الخنوقة ، بعد ما

جرى للثريّا ، بالأعاصير ، بارح

خُنَيسٌ : تصغير الخنس ، وهو انقباض قصبة أرنبة الأنف كالتّرك ، ورحبة خنيس : بالكوفة ، تذكر في الرحبة.

الخُنَيْفغان : بضم أوله ، وفتح ثانيه ، وياء مثناة من تحت ، وفاء ، وغين معجمة ، وآخره نون : رستاق بفارس.

خِنْيَةُ : بكسر أوله ، وسكون ثانيه ، وياء مثناة من تحت : من نواحي قسطنطينية.

باب الخاء والواو وما يليهما

خُوارُ : بضم أوله ، وآخره راء : مدينة كبيرة من أعمال الريّ بينها وبين سمنان للقاصد إلى خراسان على رأس الطريق تجوز القوافل في وسطها ، بينها وبين الريّ نحو عشرين فرسخا ، جئتها في شوال سنة ٦١٣ ، وقد غلب عليها الخراب ، وقد نسب إليها قوم من أهل العلم ، منهم : أبو يحيى زكرياء بن مسعود الأشقر الخواري ، حدث عن عليّ بن حرب الموصلي.

وخوار أيضا : قرية من أعمال بيهق من نواحي نيسابور ، وقد نسب إليها قوم من أهل العلم ، منهم : أبو محمد عبد الجبار بن محمد بن أحمد الخواري البيهقي ، إمام مسجد الجامع بنيسابور أحد الأئمة المشهورين ، حدث عن الإمامين أبي بكر أحمد بن الحسين بن عليّ البيهقي وأبي الحسن عليّ بن أحمد الواحدي بقطعة من تصانيفهما ، روى عنه جماعة من الأئمة ، آخرهم شيخنا المؤيد بن محمد بن عليّ الطوسي وغيره ، فإنه حدث عنه بالوسيط وغيره ، ومات في تاسع عشر شعبان سنة ٥٣٦ ، وأخوه عبد الحميد بن محمد الخواري ، حدث عن الحافظ أبي بكر البيهقي ، حدث عنه أبو القاسم بن عساكر. وخوار أيضا : قرية من نواحي فارس. والخوار : قرية في وادي ستارة من نواحي مكة قرب بزرة ، فيها مياه ونخيل.

الخَوَّارُ : بتشديد الواو في شعر كثيّر :

ونحن منعنا ، من تهامة كلها ،

جنوب نقا الخوّار فالدّمث السّهلا


بكل كميت مجفر الدّفّ سابح ،

وكل مزاق وردة تعلك النّكلا

خَوارِجُ : بلفظ جمع الخارجي ، قال السكري : اسم قلّتين باليمامة بين وادي العرض ووادي قرّان ، قال جرير :

ولقد جنبنا الخيل ، وهي شوازب ،

متسربلين مضاعفا مسرودا

ورد القطا زمرا يبادر منعجا ،

أو من خوارج حائرا مورودا

وقال أيضا :

قومي الألى ضربوا الخميس وأوقدوا ،

فوق المنيفة من خوارج ، نارا

قال : خوارج مأواة لبني سدوس باليمامة ، قال : وهذا يوم مثلهم.

خُوارِزْم : أوله بين الضمة والفتحة ، والألف مسترقة مختلسة ليست بألف صحيحة ، هكذا يتلفظون به ، هكذا ينشد قول اللحّام فيه :

ما أهل خوارزم سلالة آدم ،

ما هم ، وحقّ الله ، غير بهائم

أبصرت مثل خفافهم ورؤوسهم

وثيابهم وكلامهم في العالم

إن كان يرضاهم أبونا آدم ،

فالكلب خير من أبينا آدم

قال ابن الكلبي : ولد إسحاق بن إبراهيم الخليل الخزر والبزر والبرسل وخوارزم وفيل ، قال بطليموس في كتاب الملحمة : خوارزم طولها مائة وسبع عشرة درجة وثلاثون دقيقة ، وعرضها خمس وأربعون درجة ، وهي في الإقليم السادس ، طالعها السماك ويجمعها الذراع ، بيت حياتها العقرب ، مشرقة في قبة الفلك تحت ثلاث وعشرين درجة من السرطان ، يقابلها مثلها من الجدي ، بيت ملكها مثلها من الحمل ، بيت عاقبتها مثلها من الميزان ، وقال أبو عون في زيجه : هي في آخر الإقليم الخامس ، وطولها إحدى وتسعون درجة وخمسون دقيقة ، وعرضها أربع وأربعون درجة وعشر دقائق ، وخوارزم ليس اسما للمدينة إنما هو اسم للناحية بجملتها ، فأما القصبة العظمى فقد يقال لها اليوم الجرجانية ، وقد ذكرت في موضعها ، وأهلها يسمونها كركانج ، وقد ذكروا في سبب تسميتها بهذا الاسم أن أحد الملوك القدماء غضب على أربعمائة من أهل مملكته وخاصة حاشيته فأمر بنفيهم إلى موضع منقطع عن العمارات بحيث يكون بينهم وبين العمائر مائة فرسخ ، فلم يجدوا على هذه الصفة إلا موضع مدينة كاث ، وهي إحدى مدن خوارزم ، فجاؤوا بهم إلى هذا الموضع وتركوهم وذهبوا ، فلما كان بعد مدة جرى ذكرهم على بال الملك فأمر قوما بكشف خبرهم ، فجاؤوا فوجدوهم قد بنوا أكواخا ووجدوهم يصيدون السمك وبه يتقوّتون وإذا حولهم حطب كثير ، فقالوا لهم : كيف حالكم؟ فقالوا : عندنا هذا اللحم ، وأشاروا إلى السمك ، وعندنا هذا الحطب فنحن نشوي هذا بهذا ونتقوّت به ، فرجعوا إلى الملك وأخبروه بذلك فسمى ذلك الموضع خوارزم لأن اللحم بلغة الخوارزمية خوار والحطب رزم ، فصار خوارزم فخفف وقيل خوارزم استثقالا لتكرير الراء ، وقد جاء به بعض العرب على الأصل ، فقال الأسدي :

أتاني ، عن أبي أنس ، وعيد ،

فسلّ تغيّظ الضحّاك جسمي

ولم أعص الأمير ، ولم أربه ،

ولم أسبق أبا أنس بوغم


ولكنّ البعوث جرت علينا ،

فصرنا بين تطويح وغرم

وخافت من رمال السّغد نفسي ،

وخافت من رمال خوارزم

فقارعت البعوث وقارعتني ،

ففاز بضجعة في الحيّ سهمي

وأعطيت الجعالة ، مستميتا ،

خفيف الحاذ من فتيان جرم

وأقرّ أولئك الذين نفاهم بذلك المكان وأقطعهم إياه وأرسل إليهم أربعمائة جارية تركية وأمدهم بطعام من الحنطة والشعير وأمرهم بالزرع والمقام هناك ، فلذلك في وجوههم أثر الترك وفي طباعهم أخلاق الترك وفيهم جلد وقوة ، وأحوجهم مقتضى القضية للصبر على الشقاء ، فعمّروا هناك دورا وقصورا وكثروا وتنافسوا في البقاع فبنوا قرى ومدنا وتسامع بهم من يقاربهم من مدن خراسان فجاؤوا وساكنوهم فكثروا وعزّوا فصارت ولاية حسنة عامرة ، وكنت قد جئتها في سنة ٦١٦ ، فما رأيت ولاية قط أعمر منها ، فإنها على ما هي عليه من رداءة أرضها وكونها سبخة كثيرة النزوز متصلة العمارة متقاربة القرى كثيرة البيوت المفردة والقصور في صحاريها ، قلّ ما يقع نظرك في رساتيقها على موضع لا عمارة فيه ، هذا مع كثرة الشجر بها ، والغالب عليه شجر التوت والخلاف لاحتياجهم إليه لعمائرهم وطعم دود الإبريسم ، ولا فرق بين المارّ في رساتيقها كلها والمارّ في الأسواق ، وما ظننت أن في الدنيا بقعة سعتها سعة خوارزم وأكثر من أهلها مع أنهم قد مرنوا على ضيق العيش والقناعة بالشيء اليسير ، وأكثر ضياع خوارزم مدن ذات أسواق وخيرات ودكاكين ، وفي النادر أن يكون قرية لا سوق فيها مع أمن شامل وطمأنينة تامة.

والشتاء عندهم شديد جدّا بحيث أني رأيت جيحون نهرهم وعرضه ميل وهو جامد ، والقوافل والعجل الموقرة ذاهبة وآتية عليه ، وذلك أن أحدهم يعمد إلى رطل واحد من أرز أو ما شاء ويكثر من الجزر والسلجم فيه ويضعه في قدر كبيرة تسع قربة ماء ويوقد تحتها إلى أن ينضج ويترك عليه أوقية دهنا ثم يأخذ المغرفة ويغرف من تلك القدر في زبدية أو زبديتين فيقنع به بقية يومه ، فإن ثرد فيه رغيفا لطيفا خبزا فهو الغاية ، هذا في الغالب عليهم ، على أن فيهم أغنياء مترفهين إلّا أن عيش أغنيائهم قريب من هذا ليس فيه ما في عيش غيرهم من سعة النفقة وإن كان النزر من بلادهم تكون قيمته قيمة الكثير من بلاد غيرهم ، وأقبح شيء عندهم وأوحشه أنهم يدوسون حشوشهم بأقدامهم ويدخلون إلى مساجدهم على تلك الحالة لا يمكنهم التحاشي من ذلك لأن حشوشهم ظاهرة على وجه الأرض ، وذلك لأنهم إذا حفروا في الأرض مقدار ذراع واحد نبع الماء عليهم ، فدروبهم وسطوحهم ملأى من القذر ، وبلدهم كنيف جائف منتن ، وليس لأبنيتهم أساسات إنما يقيمون أخشابا مقفصة ثم يسدونها باللبن ، هذا غالب أبنيتهم ، والغالب على خلق أهلها الطول والضخامة ، وكلامهم كأنه أصوات الزرازير ، وفي رؤوسهم عرض ، ولهم جبهات واسعة ، وقيل لأحدهم : لم رؤوسكم تخالف رؤوس الناس؟ فقال : إن قدماءنا كانوا يغزون الترك فيأسرونهم وفيهم شية من الترك فما كانوا يعرفون ، فربما وقعوا إلى الإسلام فبيعوا في الرقيق ، فأمروا النساء إذا ولدن أن يربطن أكياس الرمل على رؤوس الصبيان من الجانبين حتى ينبسط الرأس ، فبعد ذلك


لم يسترقّوا وردّ من وقع منهم إليهم إلى الكوفة ، قال عبد الله الفقير إليه : وهذا من أحاديث العامة لا أصل له ، هب أنهم فعلوا ذلك فيما مضى فالآن ما بالهم؟ فإن كانت الطبيعة ورثته وولدته على الأصل الذي صنعه بهم أمهاتهم كان يجب أن الأعور الذي قلعت عينه أن يلد أعور وكذلك الأحدب وغير ذلك ، وإنما ذكرت ما ذكر الناس.

قال البشاري : ومثل خوارزم في إقليم الشرق كسجلماسة في الغرب ، وطباع أهل خوارزم مثل طبع البربر ، وهي ثمانون فرسخا في ثمانين فرسخا ، آخر كلامه ، قلت : ويحيط بها رمال سيّالة يسكنها قوم من الأتراك والتركمان بمواشيهم ، وهذه الرمال تنبت الغضا شبه الرمال التي دون ديار مصر ، وكانت قصبتها قديما تسمى المنصورة ، وكانت على الجانب الشرقي فأخذ الماء أكثر أرضها فانتقل أهلها إلى مقابلها من الغربي ، وهي الجرجانية ، وأهلها يسمونها كركانج ، وحوّطوا على جيحون بالحطب الجزل والطرفاء يمنعونه من خراب منازلهم يستجدّونه في كل عام ويرمّون ما تشعث منه ، وقرأت في كتاب ألفه أبو الريحان البيروني في أخبار خوارزم ذكر فيه أنّ خوارزم كانت تدعى قديما فيل ، وذكر لذلك قصة نسيتها فإن وجدها واحد وسهل عليه أن يلحقها بهذا الموضع فعل مأذونا له في ذلك عنّي ، قال محمد بن نصر بن عنين الدمشقي :

خوارزم عندي خير البلاد ،

فلا أقلعت سحبها المغدقه

فطوبى لوجه امرئ صبّحت

ه ، أوجه فتيانها المشرقة

وما ان نقمت بها حالة ،

سوى أن أقامت بها مقلقه

وكان المؤذّن يقوم في سحرة من الليل يقارب نصفه فلا يزال يزعق إلى الفجر قامت ، وقال الخطيب أبو المؤيد الموفّق بن أحمد المكي ثم الخوارزمي يتشوّقها :

أأبكاك لمّا أن بكى في ربى نجد

سحاب ضحوك البرق منتحب الرعد

له قطرات كاللآلئ في الثرى ،

ولي عبرات كالعقيق على خدّي

تلفّتّ منها نحو خوارزم والها

حزينا ، ولكن أين خوارزم من نجد؟

وقرأت في الرسالة التي كتبها أحمد بن فضلان بن العباس بن راشد بن حمّاد مولى محمد بن سليمان رسول المقتدر بالله إلى ملك الصقالبة ذكر فيها ما شاهده منذ خرج من بغداد إلى أن عاد إليها فقال بعد وصوله إلى بخارى ، قال : وانفصلنا من بخارى إلى خوارزم وانحدرنا من خوارزم إلى الجرجانية ، وبينها وبين خوارزم في الماء خمسون فرسخا ، قلت : هكذا قال ولا أدري أي شيء عنى بخوارزم لأن خوارزم هو اسم الإقليم بلا شك ، ورأيت دراهم بخوارزم مزيفة ورصاصا وزيوفا وصفرا ، ويسمون الدرهم طازجه ، ووزنه أربعة دوانق ونصف ، والصيرفي منهم يبيع الكعاب والدوامات والدراهم ، وهم أوحش الناس كلاما وطبعا ، وكلامهم أشبه بنقيق الضفادع ، وهم يتبرؤون من أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه ، في دبر كل صلاة ، فأقمنا بالجرجانية أياما وجمد جيحون من أوله إلى آخره ، وكان سمك الجمد تسعة عشر شبرا ، قال عبد الله الفقير : وهذا كذب منه ، فإنّ أكثر ما يجمد خمسة أشبار وهذا يكون نادرا ، فأما العادة فهو شبران أو ثلاثة ، شاهدته وسألت عنه أهل تلك البلاد ، ولعله


ظنّ أنّ النهر يجمد كلّه وليس الأمر كذلك ، إنما يجمد أعلاه وأسفله جار ، ويحفر أهل خوارزم في الجليد ويستخرجون منه الماء لشربهم ، لا يتعدّى الثلاثة أشبار إلّا نادرا ، قال : وكانت الخيل والبغال والحمير والعجل تجتاز عليه كما تجتاز على الطريق ، وهو ثابت لا يتحلحل ، فأقام على ذلك ثلاثة أشهر فرأينا بلدا ما ظننا إلّا أنّ بابا من الزمهرير فتح علينا منه ، ولا يسقط فيه الثلج إلّا ومعه ريح عاصف شديدة ، قلت : وهذا أيضا كذب فإنه لو لا ركود الهواء في الشتاء في بلادهم لما عاش فيها أحد ، قال : وإذا أتحف الرجل من أهله صاحبه وأراد بره قال : تعال إليّ حتى نتحدّث فإن عندي نارا طيبة ، هذا إذا بلغ في برّه وصلته ، إلّا أنّ الله عز وجلّ قد لطف بهم في الحطب وأرخصه عليهم ، حمل عجلة من حطب الطاغ وهو الغضا بدرهمين يكون وزنها ثلاثة آلاف رطل ، قلت : وهذا أيضا كذب لأن العجلة أكثر ما تجرّ على ما اختبرته ، وحملت قماشا لي عليها ، ألف رطل لأن عجلتهم جميعها لا يجرها إلّا رأس واحد إما بقر أو حمار أو فرس ، وأما رخص الحطب فيحتمل ان كان في زمانه بذلك الرخص ، فأما وقت كوني بها فإن مائة منّ كان بثلث دينار ركنيّ ، قال : ورسم سؤالهم أن لا يقف السائل على الباب بل يدخل إلى دار الواحد منهم فيقعد ساعة عند ناره يصطلي ثم يقول : پكند ، وهو الخبز ، فإن أعطوه شيئا وإلّا خرج ، قلت أنا : وهذا من رسمهم صحيح إلّا أنه في الرستاق دون المدينة شاهدت ذلك ، ثم وصف شدة بردهم الذي أنا شاهدته من بردها أنّ طرقها تجمد في الوحول ثم يمشى عليها فيطير الغبار منها ، فإن تغيّمت الدنيا ودفئت قليلا عادت وحولا تغوص فيها الدواب إلى ركبها ، وقد كنت اجتهدت أن أكتب شيئا بها فما كان يمكنني لجمود الدواة حتى أقرّبها من النار وأذيبها ، وكنت إذا وضعت الشربة على شفتي التصقت بها لجمودها على شفتي ولم تقاوم حرارة النفس الجماد ، ومع هذا فهي لعمري بلاد طيبة وأهلها علماء فقهاء أذكياء أغنياء ، والمعيشة بينهم موجودة وأسباب الرزق عندهم غير مفقودة ، وأما الآن فقد بلغني أن التتر صنف من الترك وردوها سنة ٦١٨ وخرّبوها وقتلوا أهلها وتركوها تلولا ، وما أظنّ أنه كان في الدنيا لمدينة خوارزم نظير في كثرة الخير وكبر المدينة وسعة الأهل والقرب من الخير وملازمة أسباب الشرائع والدين ، فإنا لله وإنا إليه راجعون.

والذين ينسبون إليها من الأعلام والعلماء لا يحصون ، منهم : داود بن رشيد أبو الفضل الخوارزمي ، رحل فسمع بدمشق الوليد بن مسلم وأبا الزرقاء عبد الله بن محمد الصغاني ، وسمع بغيرها خلقا ، منهم بقية بن الوليد وصالح بن عمرو وحسان بن إبراهيم الكرماني وأبو حفص عمر بن عبد الرحمن الأمار وغيرهم ، روى عنه مسلم بن الحجاج وأبو زرعة وأبو حاتم الرازيان وصالح بن محمد جزرة ، روى البخاري عن محمد بن عبد الرحيم في كفّارات الأيمان ، وقال البخاري : مات في سنة ٢٣٩ ، وآخر من روى عنه أبو القاسم البغوي.

خُوَاشُ : مدينة بسجستان ، وأهلها يقولون خاش ، على يسار الذاهب إلى بست ، بينها وبين سجستان مرحلة ، وبها نخل وأشجار وقنيّ ومياه.

خُواشْت : بضم أوله ويفتح ، وبعد الألف الساكنة شين معجمة ساكنة أيضا : من قرى بلخ ، ينسب إليها أبو بكر أحمد بن محمد بن عبد الله بن علي الخواشتي ، فقيه محدث ، روى عن علي بن عبد العزيز البغوي وعبد الصمد بن المفضّل.


خَوافُ : بفتح أوله ، وآخره فاء : قصبة كبيرة من أعمال نيسابور بخراسان ، يتصل أحد جانبيها ببوشنج من أعمال هراة والآخر بزوزن ، يشتمل على مائتي قرية ، وفيها ثلاث مدن : سنجان وسيراوند وخرجرد ، ينسب إليها جماعة من أهل العلم والأدب ، منهم : أبو المظفر أحمد بن محمد بن المظفر الخوافي الفقيه الشافعي من أصحاب الإمام أبي المعالي الجويني ، كان أنظر أهل زمانه وأعرفهم بالجدل وكان الجويني معجبا به ، وولي قضاء طوس ونواحيها في آخر أيامه وبقي مدة ثم عزل عنها من غير تقصير بل قصد وحسد ، ومات بطوس سنة ٥٠٠ ودفن بها ، قال عبد الغافر : ولم يخلف مثله ، وأبو الحسن علي بن القاسم بن علي الخوافي الأديب الشاعر ، سمع محمد بن يحيى الذّهلي وأقرانه ، روى عنه أبو الطيب أحمد الذهلي ، وله مختصر كتاب العين.

خُوَاقَنْد : بضم أوله ، وبعد الألف قاف مفتوحة ثم نون ساكنة ، وآخره دال : بلد بفرغانة ، منها الأديب المقري أبو الطيب طاهر بن محمد بن جعفر ابن الخير المخزومي الخواقندي ، سمع عبد الرحمن ابن خالد بن الوليد ، سكن سمرقند ، روى عنه ابنه محمد بن طاهر ، وتوفي في صفر سنة ٥٠١.

الخَوَّانِ : تثنية خوّ ، والخوّ : الجوع ، وكل واد واسع في جو سهل فهو خوّ وخويّ ، والخوّان : واديان معروفان في بلاد بني تميم ، وقال نصر : الخوان غائطان بين الدّهناء والرّغام وليسا بالخوّ الذي نحن نذكره بعد ، قال رافع بن هزيم :

ونحن أخذنا ثار عمّك بعد ما

سقى القوم ، بالخوّين ، عمّك حنظلا

الخوَانِقُ : موضع في قول قيس بن العيزارة :

أبا عامر ما للخوانق أوحشت

إلى بطن ذي ينجا ، وفيهنّ أمرع؟

قال نصر : الخوانق موضع عند طرف أجإ ملتقى الرمل والجلد.

خُوَايَة : بضم أوله ، وبعد الألف ياء مثناة من تحت : من أعمال الري على ثمانية فراسخ ، عن الزمخشري.

خُوبَذانُ : بضم أوله ، وبعد الواو الساكنة باء موحدة ، وذال معجمة ، وآخره نون : موضع بين أرّجان والنوبندجان من أرض فارس ، وهناك قنطرة عجيبة الصنع عظيمة القدر ، عن نصر.

خُوجانُ : بضم أوله ، وبعد الواو جيم ، وآخره نون : قصبة كورة أستوا من نواحي نيسابور ، وأهلها يسمونها خبوشان ، بالشين ، ينسب إليها جماعة وافرة من العلماء ، ومن المتأخرين : الأمير أبو الفضل أحمد بن محمد بن أحمد بن أبي الفراتي الخوجاني أخو الأمير سعيد من أهل خوجان نيسابور من أولاد العلماء ، وكان فاضلا ، ولي القضاء بقصبة خوجان وحمدوا سيرته ، وذكره أبو سعد في التحبير وقال : ولد في سنة ٤٦٥ ، ومات بقرية زاذيك من نواحي استوا في شوال سنة ٥٤٤. وخوجان أيضا : قرية بالمغرب.

خُوَجّان : مثل الذي قبله غير أن جيمه مشددة : من قرى مرو ، وأهلها يقولون خجّان ، ينسب إليها أبو الحارث أسد بن محمد بن يحيى الخوجّاني ، سمع ابن المقري ، وكان عالما فاضلا ، ومن خوجّان محمد بن علي بن منصور بن عبد الله بن أحمد بن أبي العباس بن إسماعيل أبو الفضل السنجيّ ثم الخوجّاني أخو المقري عقيق الأكبر ، كان يسكن قرية خوجان من قرى مرو ، شيخ صدوق ثقة ، سمع الحديث ونسخ بخطه


وطلب بنفسه الحديث ، وله رحلة إلى نيسابور ، سمع بمرو أبا المظفر السمعاني وأبا القاسم إسماعيل بن محمد الزاهري وأبا عبد الله محمد بن جعفر الكتبي ، وبنيسابور أبا بكر أحمد بن سهل بن محمد السّرّاج وأبا الحسن علي بن أحمد المديني وغيرهما ، قرأ عليه أبو سعد ، وكانت ولادته ليلة نصف شعبان سنة ٤٦٩ بمرو ، ومات سنة ٥٣٨.

خَوخَةُ الأَشْقَر : موضع بمصر ، كان لأبي ناعمة مالك ابن ناعمة الصّدفي فرس أشقر لا يجارى ، وكان يقال له أشقر الصدف ، فلما مات الفرس دفنه صاحبه بذلك الموضع فسمّي به.

خَوَّدُ : بفتح أوله ، وتشديد ثانيه ، وآخره دال ، بوزن شمّر : اسم موضع في قول ذي الرّمّة :

وأعين العين ، بأعلى خوّدا ،

ألفن ضالا ناعما وغرقدا

خَوْرٌ : بفتح أوله ، وتسكين ثانيه ، وآخره راء مهملة ، وهو عند عرب السواحل كالخليج يندّ من البحر ، قال حمزة : وأصله هور فعرّب فقيل خور ثم جمع على الأخوار مثل ثوب وأثواب ، وقد أضيف إلى عدة مواضع ، منها : خور سيف ، وهو موضع دون سيراف إلى البصرة ، وهي مدينة فيها سويق يتزوّد منه مسافر البحر ، فهذا علم لهذا الموضع ، وكلّ ما على ساحل البحر من ذلك فهو خور إلا أنها ليست بأعلام : كخور جنّابة وخور نابند وغيرهما ، ومما لم أشاهده خور الدّيبل من ناحية السند ، والدّيبل : مدينة على ساحل بحر الهند ، ووجّه إليه عثمان بن أبي العاصي أخاه الحكم ففتحه. وخور فوفل : موضع في بلاد الهند يجلب مه القنا السّباط والسيوف الهندية الفائقة في الجودة ، وليس في الهند أجود من سيوف هذا الخور ، وفيه عقّار يسمى الفوفل ، والموضع إليه ينسب. وخور فكّان : بليد على ساحل عمان ، يحول بينه وبين البحر الأعظم جبل ، وبه نخل وعيون عذبة. وخور بروص ، وبروص : أجود بلاد تلك الناحية ، منها يجلب النيل الفائق ، وإليها يسافر أكثر التجار ، وهي على ما حكي لي طيبة.

وفي بلاد العرب أيضا موضع يقال له الخور بأرض نجد من ديار بني كلاب ، وفي شعر حميد بن ثور :

رعى السّدرة المحلال ، ما بين زابن

إلى الخور ، وسمّي البقول المديّما

قال الأودي : الخور واد ، وزابن جبل. والخور : ساحل حرض باليمن ، بينه وبين زبيد خمسة أيام.

خُورٌ : بضم أوله ، وآخره راء أيضا : قرية من قرى بلخ ، ينسب إليها أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن عبد الحكم الخوري ، يروي عن علي بن خشرم ، روى عنه أبو عبد الله محمد بن جعفر الورّاق ، مات سنة ٣٠٥.

خُورُ سَفَلْقَ : بفتح السين والفاء ، وآخره قاف : قرية من قرى أستراباذ في ظنّ أبي سعد ، منها أبو سعيد محمد بن أحمد الخورسفلقي الأستراباذي ، روى عن أبي عبيدة أحمد بن جوّاس ، روى عنه أبو نعيم عبد الملك بن محمد الأستراباذي. وخور التي في الحديث يراد بها أرض فارس كلّها.

خُورَزْن : جبل بباب همذان ، منه قطع الأسد الذي يزعم أهل همذان أنه طلسم لهم من الآفات ، وقد ذكرته في همذان.

خَوْرَمُ : هكذا هو في كتاب نصر فقال : ينبغي أن يكون موضعا ذكره في كتاب محارب بن خصفة.


الخَوَرْنَقُ : بفتح أوله وثانيه ، وراء ساكنة ، ونون مفتوحة ، وآخره قاف : بلد بالمغرب ، قرأت في كتاب النوادر الممتعة لأبي الفتح بن جنّي : أخبرنا أبو صالح السليل بن أحمد عن أبي عبد الله محمد بن العباس اليزيدي قال : قال الأصمعي سألت الخليل ابن أحمد عن الخورنق فقال ينبغي أن يكون مشتقّا من الخرنق الصغير من الأرانب ، قال الأصمعي : ولم يصنع شيئا إنما هو من الخورنقاه ، بضم الخاء وسكون الواو وفتح الراء وسكون النون والقاف ، يعني موضع الأكل والشرب بالفارسية ، فعرّبته العرب فقالت الخورنق ردّته إلى وزن السّفرجل ، قال ابن جنّي : ولم يؤت الخليل من قبل الصنعة لأنه أجاب على أن الخورنق كلمة عربية ، ولو كان عربيّا لوجب أن تكون الواو فيه زائدة كما ذكر لأن الواو لا تجيء أصلا في ذوات الخمسة على هذا الحدّ فجرى مجرى الواو كذلك ، وإنما أتي من قبل السماع ، ولو تحقق ما تحققه الأصمعي لما صرف الكلمة ، أنّى وسيبويه إحدى حسناته؟ والخورنق أيضا : قرية على نصف فرسخ من بلخ ، يقال لها خبنك ، وهو فارسيّ معرب من خرنكاه ، تفسيره موضع الشرب ، ينسب إليها أبو الفتح محمد ابن محمد بن عبد الله بن محمد البسطامي الخورنقي ، وهو أخو عمر البسطامي الخورنقي ، كان يسكن الخورنق فنسب إليها ، سمع أباه أبا الحسن بن أبي محمد وأبا هريرة عبد الرحمن بن عبد الملك بن يحيى ابن أحمد القلانسي وأبا حامد أحمد بن محمد الشجاعي السرخسي وأبا القاسم أحمد بن محمد الخليلي وأبا إسحاق إبراهيم بن محمد بن إبراهيم الأصبهاني التاجر ، وكانت له إجازة من أبي علي السرخسي ، كتب عنه أبو سعد ، وكانت ولادته في العشر الأخير من شهر رمضان سنة ٤٦٨ ببلخ ، ووفاته بالخورنق في السابع عشر من رمضان سنة ٥٥١ ، وأما الخورنق الذي ذكرته العرب في أشعارها وضربت به الأمثال في أخبارها فليس بأحد هذين إنما هو موضع بالكوفة ، قال أبو منصور : هو نهر ، وأنشد :

وتجبى إليه السّيلحون ودونها

صريفون في أنهارها والخورنق

قال : وهكذا قال ابن السكّيت في الخورنق ، والذي عليه أهل الأثر والأخبار أن الخورنق قصر كان بظهر الحيرة ، وقد اختلفوا في بانيه فقال الهيثم بن عدي : الذي أمر ببناء الخورنق النعمان بن امرئ القيس بن عمرو بن عدي بن نصر بن الحارث بن عمرو بن لخم ابن عدي بن مرّة بن أدد بن زيد بن كهلان بن سبأ ابن يعرب بن قحطان ، ملك ثمانين سنة وبنى الخورنق في ستين سنة ، بناه له رجل من الروم يقال له سنمّار ، فكان يبني السنتين والثلاث ويغيث الخمس سنين وأكثر من ذلك وأقل ، فيطلب فلا يوجد ، ثم يأتي فيحتجّ ، فلم يزل يفعل هذا الفعل ستين سنة حتى فرغ من بنائه ، فصعد النعمان على رأسه ونظر إلى البحر تجاهه والبرّ خلفه فرأى الحوت والضبّ والضبّي والنخل فقال : ما رأيت مثل هذا البناء قط! فقال له سنمّار : إني أعلم موضع آجرّة لو زالت لسقط القصر كله ، فقال النعمان : أيعرفها أحد غيرك؟ قال : لا ، قال : لا جرم لأدعنّها وما يعرفها أحد! ثم أمر به فقذف من أعلى القصر إلى أسفله فتقطع ، فضربت العرب به المثل ، فقال شاعر :

جزاني ، جزاه الله شرّ جزائه ،

جزاء سنمّار ، وما كان ذا ذنب

سوى رمّه البنيان ، ستين حجّة ،

يعلّ عليه بالقراميد والسكب


فلما رأى البنيان ثمّ سحوقه ،

وآض كمثل الطّود والشامخ الصّعب

فظنّ سنمّار به كلّ حبوة ،

وفاز لديه بالمودّة والقرب

فقال : اقذفوا بالعلج من فوق رأسه!

فهذا ، لعمر الله ، من أعجب الخطب

وقد ذكرها كثير منهم وضربوا سنمّار مثلا ، وكان النعمان هذا قد غزا الشام مرارا وكان من أشدّ الملوك بأسا ، فبينما هو ذات يوم جالس في مجلسه في الخورنق فأشرف على النّجف وما يليه من البساتين والنخل والجنان والأنهار مما يلي المغرب وعلى الفرات مما يلي المشرق والخورنق مقابل الفرات يدور عليه على عاقول كالخندق فأعجبه ما رأى من الحضرة والنور والأنهار فقال لوزيره : أرأيت مثل هذا المنظر وحسنه؟ فقال : لا والله أيها الملك ما رأيت مثله لو كان يدوم! قال : فما الذي يدوم؟ قال : ما عند الله في الآخرة ، قال : فبم ينال ذلك؟ قال : بترك هذه الدنيا وعبادة الله والتماس ما عنده ، فترك ملكه في ليلته ولبس المسوح وخرج مختفيا هاربا ، ولا يعلم به أحد ولم يقف الناس على خبره إلى الآن ، فجاؤوا بابه بالغداة على رسمهم فلم يؤذن لهم عليه كما جرت العادة ، فلما أبطأ الإذن أنكروا ذلك وسألوا عن الأمر فأشكل الأمر عليهم أياما ثم ظهر تخلّيه من الملك ولحاقه بالنّسك في الجبال والفلوات ، فما رؤي بعد ذلك ، ويقال : إن وزيره صحبه ومضى معه ، وفي ذلك يقول عدي بن زيد :

وتبيّن ربّ الخورنق ، إذ

أشرف يوما ، وللهدى تفكير

سرّه ما رأى وكثرة ما يم

لك والبحر ، معرضا ، والسدير

فارعوى قلبه وقال : فما غب

طة حيّ إلى الممات يصير!

ثم بعد الفلاح والملك والإم

مة وارتهم هناك القبور

ثم صاروا كأنهم ورق جف

ف ، فألوت به الصّبا والدّبور

وقال عبد المسيح بن عمرو بن بقيلة عند غلبة خالد ابن الوليد على الحيرة في خلافة أبي بكر ، رضي الله عنه :

أبعد المنذرين أرى سواما

تروّح بالخورنق والسدير

تحاماه فوارس كلّ حيّ ،

مخافة ضيغم عالي الزّئير

فصرنا ، بعد هلك أبي قبيس ،

كمثل الشاء في اليوم المطير

تقسّمنا القبائل من معدّ

كأنّا بعض أجزاء الجزور

وقال ابن الكلبي : صاحب الخورنق والذي أمر ببنائه بهرام جور بن يزدجرد بن سابور ذي الأكتاف ، وذلك أن يزدجرد كان لا يبقى له ولد وكان قد لحق ابنه بهرام جور في صغره علّة تشبه الاستسقاء فسأل عن منزل مريء صحيح من الأدواء والأسقام ليبعث بهرام إليه خوفا عليه من العلّة ، فأشار عليه أطبّاؤه أن يخرجه من بلده إلى أرض العرب ويسقى أبوال الإبل وألبانها ، فأنفذه إلى النعمان وأمره أن يبني له قصرا مثّله على شكل بناء الخورنق ، فبناه له وأنزله إياه وعالجه حتى برأ من مرضه ، ثم استأذن أباه في


المقام عند النعمان فأذن له ، فلم يزل عنده نازلا قصره الخورنق حتى صار رجلا ومات أبوه فكان من أمره في طلب الملك حتى ظفر به ما هو متعارف مشهور ، وقال الهيثم بن عدي : لم يقدم أحد من الولاة الكوفة إلا وأحدث في قصرها المعروف بالخورنق شيئا من الأبنية ، فلما قدم الضّحّاك بن قيس بني فيه مواضع وبيّضه وتفقّده ، فدخل إليه شريح القاضي فقال : يا أبا أميّة أرأيت بناء أحسن من هذا؟ قال : نعم ، السماء وما بناها! قال : ما سألتك عن السماء ، أقسم لتسبّن أبا تراب ، قال : لا أفعل ، قال : ولم؟ قال : لأنا نعظم أحياء قريش ولا نسب موتاهم ، قال : جزاك الله خيرا! وقال علي بن محمد العلوي الكوفي المعروف بالحمّاني :

سقيا لمنزلة وطيب ،

بين الخورنق والكثيب

بمدافع الجرعات من

أكناف قصر أبي الخصيب

دار تخيّرها الملو

ك ، فهتّكت رأي اللبيب

أيام كنت ، من الغواني ،

في السواد من القلوب

لو يستطعن خبأنني

بين المخانق والجيوب

أيام كنت ، وكنّ لا

متحرّجين من الذنوب

غرّين يشتكيان ما

يجدان بالدمع السّروب

لم يعرفا نكدا سوى

صدّ الحبيب عن الحبيب

وقال علي بن محمد الكوفي أيضا :

كم وقفة لك بالخور

نق ما توازى بالمواقف

بين الغدير إلى السدي

ر إلى ديارات الأساقف

فمدارج الرهبان في

أطمار خائفة وخائف

دمن كأن رياضها

يكسين أعلام المطارف

وكأنما غدرانها

فيها عشور في مصاحف

وكأنما أغصانها

تهتزّ بالريح العواصف

طرر الوصائف يلتقين

بها إلى طرر المصاحف

تلقى أواخرها أوا

ئلها بألوان الرّفارف

بحريّة شتواتها ،

برّيّة منها المصائف

درّيّة الصهباء كا

فوريّة منها المشارف

خُوزانُ : بضم أوله ، وبعد الواو زاي ، وآخره نون : قرية من نواحي هراة. وخوزان أيضا : قرية من نواحي پنج ده كثيرة الخير والخضرة ، وهاتان من نواحي خراسان ، قال الحازمي : وخوزان من قرى أصبهان ورأيتها ، قال : وقال لي أبو موسى الحافظ وينسب إليها أحمد بن محمد الخوزاني شاعر متأخر ، روى عنه أبو رجاء هبة الله بن محمد بن عليّ الشيرازي ، قال : أنشدني أحمد بن محمد الخوزاني لنفسه :


خذ في الشباب من الهوى بنصيب ،

إنّ المشيب إليه غير حبيب

ودع اغترارك بالخضاب وعاره ،

فالشيب أحسن من سواد خضيب

وفي التحبير : محمد بن عليّ بن محمد المعلّم أبو سحمة الصوفي الخوزاني من أهل مرو ، وكان شيخا فقيرا صالحا ، سمع أبا الفتح عبد الرزاق بن حسان المنيعي ، وسمع منه أبو سعد بالدرق ، وكانت ولادته في حدود سنة ٤٧٠ ، ومات في سنة ٥٣٢ أو ٥٣٣.

خُوزُ : بضم أوله ، وتسكين ثانيه ، وآخره زاي : بلاد خوزستان يقال لها الخوز ، وأهل تلك البلاد يقال لهم الخوز وينسب إليه ، ومنهم : سليمان بن الخوزي ، روى عن خالد الحذّاء وأبي هاشم الرّماني ، حدث عنه عبد الله بن موسى ، وعمرو بن سعيد الخوزي ، حدث عنه عباد بن صهيب. والخوز أيضا ، شعب الخوز : بمكة ، قال الفاكهي محمد بن إسحاق : إنما سمّي شعب الخوز لأن نافع بن الخوزي مولى عبد الرحمن بن نافع بن عبد الحارث الخزاعي نزله وكان أول من بنى فيه ، ويقال شعب المصطلق ، وعنده صلّي على أبي جعفر المنصور ، ينسب إليه أبو إسماعيل إبراهيم بن يزيد الخوزي المكي مولى عمر ابن عبد العزيز ، حدّث عن عمرو بن دينار وأبي الزبير وغيرهما بمناكير كثيرة وكان ضعيفا ، روى عنه المعتمر بن سليمان والمعافى بن عمران الموصلي ، وقال التّوزّي : الأهواز تسمّى بالفارسية هرمشير وإنما كان اسمها الأخواز فعرّبها الناس فقالوا الأهواز ، وأنشد لأعرابي :

لا ترجعنّ إلى الأخواز ثانية ،

فعيقعان الذي في جانب السوق

ونهر بطّ الذي أمسى يؤرّقني

فيه البعوض بلسب غير تشفيق

والخوز الأمّ الناس وأسقطهم نفسا ، قال ابن الفقيه قال الأصمعي : الخوز هم الفعلة وهم الذين بنوا الصّرح واسمهم مشتقّ من الخنزير ، ذهب أن اسمه بالفارسية خوه فجعله العرب خوز ، زادوه زايا كما زادوها في رازي ومروزي وتوزي ، وقال قوم : معنى قولهم خوزيّ أي زيّهم زيّ الخنزير ، وهذا كالأول ، وروي أن كسرى كتب إلى بعض عمّاله : ابعث إليّ بشرّ طعام على شرّ الدوابّ مع شرّ الناس ، فبعث إليه برأس سمكة مالحة على حمار مع خوزيّ ، وروى أبو خيرة عن عليّ بن أبي طالب ، رضي الله عنه ، أنه قال : ليس في ولد آدم شرّ من الخوز ولم يكن منهم نجيب ، والخوز : هم أهل خوزستان ونواحي الأهواز بين فارس والبصرة وواسط وجبال اللور المجاورة لأصبهان.

والخوزيّون : محلّة بأصبهان نزلها قوم من الخوز فنسبت إليهم فيقال لها درخوزيان ، نسب إليها أبو العباس أحمد بن الحسن بن أحمد الخوزي يعرف بابن نجوكه ، سمع أبا نعيم الحافظ ، وقيل إنه آخر من حدّث عنه السمعاني منه إجازة ، ومات في سنة ٥١٧ أو ٥١٨ ، وأحمد بن محمد بن أبي القاسم بن فليزة أبو نصر الأمين الخوزي الأصبهاني ، سكن سكة الخوزيين ، بها سمع أبا عمرو بن مندة وأبا العلاء سليمان بن عبد الرحيم الحسناباذي ، مات يوم الأربعاء ثالث عشر شوّال سنة ٥٣١ ، ذكره في التحبير.

خُوزِسْتانُ : بضم أوله ، وبعد الواو الساكنة زاي ، وسين مهملة ، وتاء مثناة من فوق ، وآخره نون : وهو اسم لجميع بلاد الخوز المذكورة قبل هذا ،


واستان كالنسبة في كلام الفرس ، قال شاعر يهجوهم :

بخوزستان أقوام

عطاياهم مواعيد

دنانيرهم بيض

وأعراضهم سود

وقال المضرّجي بن كلاب السعدي أحد بني الحارث بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم شهدوا وقائع المهلّب بن أبي صفرة للخوارج فقال :

ألا يا من لقلب مستجنّ

بخوزستان قد ملّ المزونا

لهان على المهلّب ما ألاقي ،

إذا ما راح مسرورا بطينا

ألا ليت الرياح مسخّرات

لحاجتنا ، يرحن ويغتدينا

قال أبو زيد : وليس بخوزستان جبال ولا رمال إلا شيء يسير يتاخم نواحي تستر وجنديسابور وناحية إيذج وأصبهان ، وأما أرض خوزستان فأشبه شيء بأرض العراق وهوائها وصحتها ، فإن مياهها طيبة جارية ولا أعرف بجميع خوزستان بلدا ماؤهم من الآبار لكثرة المياه الجارية بها ، وأما تربتها فإن ما بعد عن دجلة إلى ناحية الشمال أيبس وأصحّ ، وما كان قريبا من دجلة فهو من جنس أرض البصرة في السّبخ وكذلك في الصحة ، قال : وليس بخوزستان موضع يجمد فيه الماء ويروح فيه الثلج ، ولا تخلو ناحية من نواحيها المنسوب إليها من النخل ، وهي وخمة والعلل بها كثيرة خصوصا في الغرباء المتردّدين إليها ، وأما ثمارهم وزروعهم فإن الغالب على نواحي خوزستان النخل ولهم عامة الحبوب من الحنطة والشعير والأرز فيخبزونه وهو لهم قوت كرستاق كسكر من واسط ، وفي جميع نواحيها أيضا قصب السكر إلا أن أكثره بالمسرقان ويرفع جميعه إلى عسكر مكرم ، وليس في قصبة عسكر مكرم شيء كثير من قصب السكر وكذلك بتستر والسوس وإنما يحمل إليها القصب من نواح أخر ، والذي في هذه الثلاثة بلاد إنما يكون بحسب الأكل لا أن يستعصر منه سكر ، وعندهم عامّة الثمار إلّا الجوز وما لا يكون إلا ببلاد الصّرود.

وأما لسانهم فإن عامتهم يتكلمون بالفارسية والعربية ، غير أن لهم لسانا آخر خوزيّا ليس بعبراني ولا سرياني ولا عربي ولا فارسي ، والغالب على أخلاق أهلها سوء الخلق والبخل المفرط والمنافسة فيما بينهم في النزر الحقير ، والغالب على ألوانهم الصّفرة والنّحافة وخفّة اللحى ووفور الشعر ، والضخامة فيهم قليل ، وهذه صفة لعامّة بلاد الجروم ، والغالب عليهم الاعتزال ، وفي كورهم جميع الملل ، وتتصل زاوية خوزستان هذه بالبحر فيكون له هور ، والهور كالنهر يندّ من البحر ضاربا في الأرض تدخله سفن البحر إذا انتهت إليه ، فإنه يعرض وتجتمع مياه خوزستان بحصن مهدي وتنفصل منه إلى البحر فتتصل به ويعرض هناك حتى ينتهي في طرفه المدّ والجزر ثم يتسع حتى لا يرى طرفاه ، قالوا : وغزا سابور ذو الأكتاف الجزيرة وآمد وغير ذلك من المدن الرومية فنقل خلقا من أهلها فأسكنهم نواحي خوزستان فتناسلوا وقطنوا بتلك الديار ، فمن ذلك الوقت صار نقل الديباج التّستري وغيره من أنواع الحرير بتستر والخزّ بالسوس والسّتور والفرش ببلاد بصنا ومتّوث إلى هذه الغاية ، والله أعلم.

خُوزِيَانُ : بعد الزاي المكسورة ياء مثناة من تحتها ، وآخره نون : قصر من نواحي نسف بما وراء النهر ، ينسب إليه أبو العباس المهدي بن سفيان بن حامد


الزاهد الخوزياني ، مات ثالث شعبان سنة ٣٩٨.

خَوْسْت : بفتح أوله ، والتقاء الساكنين الواو والسين المهملة ، وآخره تاء مثناة من فوق ، وربما قالوا خست : ناحية من نواحي أندرابة بطخارستان من أعمال بلخ ، وهي قصبة تفضي إلى أربع شعاب نزهة كثيرة الشجر ، ينسب إليها أبو عليّ الحسن بن أبي عليّ بن الحسين الخوستي الطخارستاني ، سكن سمرقند ، روى عن السيد أبي الحسن محمد بن محمد بن زيد الحسيني العلوي ، روى عنه أبو حفص عمر بن محمد بن أحمد النّسفي ، وتوفي سنة ٥١٨.

خَوْسَرُ : بفتح أوله ، وسكون ثانيه ، وسين مهملة ، وراء : واد في شرقي الموصل يفرغ ماؤه بدجلة ، كان مجراه من باجبّارة القرية المعروفة مقابل الموصل تحت قناطر فيه إلى الآن ، وعلى تلك القناطر جامعها والمنارة إلى الآن.

خُوش : بضم أوله ، وشين معجمة : قرية من نواحي أسفرايين ، ينسب إليها أبو عبد الله محمد بن أسد النيسابوري الخوشي ، سمع ابن عيينة والمبارك والفضيل بن عياض وغيرهم.

خَوْشَب : من قلاع ناحية الزّوزان.

خَوْصاءُ : تأنيث الأخوص ، وهو ضيق العين وغؤورها : موضع عربيّ أظنّه بالبحرين.

خَوْضُ الثَّعْلب : بفتح أوله ، وسكون ثانيه ، وضاد معجمة : موضع وراء هجر ، قال مقاتل بن رياح الدّبيري ، وكان سرق إبلا أيام حطمة المهدي حتى باعها بهجر فقال عند ذلك :

إذا أخذت إبلا من تغلب ،

فلا تشرّق بي ولكن غرّب ،

وبع بقرحى أو بخوض الثّعلب

وإن نسبت ، فانتسب ثم أكذب ،

ولا ألومنّك في التّنقّب

وقال ابن مقبل :

أجبت بني غيلان ، والخوض دونهم ،

بأضبط جهم الوجه مختلف الشّحر

كان الأصمعي وأبو عمرو يقولان في هذا البيت له معنى الخوض خوض الحرب ، وقال خالد بن كلثوم : الخوض بلد.

خُوطُ : بضم أوله ، وسكون ثانيه ، وطاؤه مهملة ، وقد يقال له قوط : من قرى بلخ ، والخوط في لغة العرب : الغصن الناعم.

خَوْعٌ : بفتح أوله : جبل أو موضع قرب خيبر معروف ، والخوع في لغتهم جبل ، قال رؤبة يصف ثورا :

كما يلوح الخوع بين الأجبل

والخوع : منعرج الوادي ، ويقال : جاء السيل فخوّع الوادي أي كسر جانبيه ، وقال حميد ابن ثور :

ألثّت عليه كلّ سحّاء وابل ،

فللجزع من خوع السيول قسيب

وقال أبو أحمد : يوم الخوع ، الخاء معجمة والواو ساكنة والعين غير معجمة ، وفي هذا اليوم أسر شيبان ابن شهاب وهو فارس مودون ، ومودون اسم فرسه ، وهو سيّدهم في زمانه ، وسمّاه ذو الرّمّة شيخ وائل وافتخر به فقال :

أنا ابن الذين استنزلوا شيخ وائل

وعمرو بن هند ، والقنا يتكسّر

أسره ربعيّ بن ثعلبة التميمي ، وفي ذلك يقول شاعرهم :


ونحن ، غداة بطن الخوع ، أبنا

بمودون وفارسه جهارا

خَوْلانُ : بفتح أوله ، وتسكين ثانيه ، وآخره نون : مخلاف من مخاليف اليمن منسوب إلى خولان بن عمرو ابن الحاف بن قضاعة بن مالك بن عمرو بن مرّة بن زيد بن مالك بن حمير بن سبأ ، فتح هذا المخلاف في سنة ثلاث أو أربع عشرة في أيام عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، وأميره يعلى بن منية وقتل وسبى ، وفي خولان كانت النار التي تعبدها اليمن ، ويجوز أن يكون فعلان من الخول وهم الأتباع. وخولان : قرية كانت بقرب دمشق خربت ، بها قبر أبي مسلم الخولاني وبها آثار باقية.

خُولَنْجَانُ : بضم الخاء ، وسكون ثانيه ، وبعد اللام المفتوحة نون ثم جيم ، وآخره نون : اسم موضع ، وهو في الأصل اسم عقّار هنديّ.

خُومِينُ : بضم أوله ، وسكون ثانيه ، وكسر ميمه ، وآخره نون : من قرى الري ، منها أبو الطيب عبد الباقي ابن أحمد بن عبد الله الخوميني الرازي ، سمع أبا بكر الخطيب بن ثابت وكان صدوقا.

خُونَا : بضم أوله ، وبعد الواو الساكنة نون ، مقصور ، والصواب في تسميتها وذكرها في الكتابة خونج : بلد من أعمال أذربيجان بين مراغة وزنجان في طريق الري ، وهو آخر ولاية أذربيجان تسمّى الآن كاغدكنان أي صنّاع الكاغد ، وأهل هذه المدينة يكرهون تسميتها بخونا لقرينة قبيحة تقرن بهذا الاسم ، رأيتها وهي بلدة صغيرة خراب فيها سوق حسن.

خُوْنْت : بضم أوله ، وسكون ثانيه ، وسكون النون أيضا ، يلتقي فيه ساكنان ، وتاء مثناة : صقع قرب أرزن الروم فيه جبال معدودة في أعمال أرمينية.

خُونَج : وهو خونا الذي قدمنا ذكره ، غيّره عامة العجم وهو الصواب ، بينها وبين زنجان يومان.

خُونَجَانُ : بضم أوله ، وبعد الواو الساكنة نون مفتوحة بعدها جيم ، وآخره نون : قرية من قرى أصبهان ، منها أبو محمد بن أبي نصر بن الحسن بن إبراهيم الخونجاني ، شابّ فاضل ، سمع الحافظ أبا القاسم إسماعيل بن محمد بن الفضل الأصبهاني وغيره.

خُونِيَانُ : قلعة حسنة قريبة من نخشب بما وراء النهر ، يسكنها قوم يقال لهم علجة من الأراذل.

خَوٌّ : بفتح أوله ، وتشديد ثانيه ، كل واد واسع في جوّ سهل يقال له خوّ وخويّ ، ويوم خوّ : من أيام العرب كان لبني أسد على بني يربوع قتل فيه ذؤاب بن ربيعة عتيبة بن الحارث بن شهاب اليربوعي ، وقيل : خوّ واد بين التينين ، قال مالك بن نويرة :

وهوّن وجدي ، إذ أصابت رماحنا ،

عشيّة خوّ ، رهط قيس بن جابر

عميد بني كوز وأفناء مالك

وخير بني نصر وخير الغواضر

وقيل : خوّ كثيب معروف بنجد ، وقال الحازمي :

خوّ واد في ديار بني أسد يفرغ ماؤه في ذي العشيرة ، وقال يعثر بن لقيط الفقعسي :

ألا حيّ لي من ليلة القبر إنّه

مآب ، وإن أكرهته أنا آئبه

وتارك خوّ ينسج الريح متنه ،

إذا اطّردت قريانه ومذانبه

إذا أفأمت فيه الجنوب كأنما

يدقّ به قرف القرنفل ناجبه


إذا نوّرت غرّاؤه ودماثه ،

وزين بقلح الأيهقان أخا شبه

كأنّ به عيرا من المسك حلّها

دهاقين ملك تجتني ومرازبه

وتارك ريعان الشباب لأهله

تروح له أصحابه وصواحبه

وقال الأسود : خوّ واد لبني أسد ثمّ قتل عتيبة بن الحارث بن شهاب ، وقال الراجز :

وبين خوّين زقاق واسع ،

زقاق بين التين والربائع

الربائع : أكناف من بلاد بني أسد ، وفي كتاب الأصمعي : ما والى قطن الشمالي بين حبجرى وجانب قطن الشمالي جبلان تسمّيهما الناس التينين لبني فقعس وبينهما واد يقال له خوّ ، قال الشاعر :

وهوّن وجدي إذ أصابت رماحنا ،

عشية خوّ ، رهط قيس بن جابر

وخوّ : واد يصبّ في ذي العشيرة بن نخل من ديار بني أسد. وخوّ أيضا : لبني أبي بكر بن كلاب ، والله أعلم.

الخَوَّةُ : بلفظ واحدة التي قبله أو تأنيثه : ماء لبني أسد في شرقي سميراء والنبهانية من شرقي سميراء ، بينها وبين الخوّة يومان ، وبين المرة والخوّة يوم.

خُوَيْثٌ : آخره ثاء مثلثة ، وهو بلفظ تصغير الخوث ، وهو عظم البطن : بلد في ديار بكر.

خُوَيْلَفَة : موضع بنواحي فلسطين.

الخُوَيْلاءُ : بلفظ التصغير : موضع.

خُوَيٌّ : بلفظ تصغير خوّ ، وقد تقدم تفسيره : يوم من أيامهم في هذا الموضع ، ويقال : هو واد من وراء نهر أبي موسى ، قال وائل بن شرحبيل :

وغادرنا يزيد لدى خويّ ،

فليس بآئب أخرى الليالي

وقال أبو أحمد العسكري (١) : يوم خويّ يوم بين تميم وبكر بن وائل وهو اليوم الذي قتل فيه يزيد بن القحارية فارس بني تميم ، قتله شيبان بن شهاب المسمعي ، قال عامر بن الطّفيل :

هلّا سألت ، إذا اللّقاح تراوحت ،

هدج الرئال ، ولم تبلّ صرارا

إنا لنعجل بالعبيط لضيفنا ،

قبل العيال ، ونطلب الأوتارا

ونعدّ أياما لنا ومآثرا

قدما تبذّ البدو والأمصارا

منها خويّ والذّهاب ، وبالصفا

يوم تمهّد مجد ذاك فسارا

وفي كتاب نصر : خويّ واد يفرغ من فلج من وراء حفر أبي موسى. وخويّ أيضا : بلد مشهور من أعمال أذربيجان حصن كثير الخير والفواكه ، ينسب إليها الثياب الخوية ، وينسب إليها أيضا أبو معاد عبدان الطبيب الخويّ ، يروي عن الجاحظ ، روى عنه أبو عليّ القالي ويوسف بن طاهر بن يوسف ابن الحسن الخويّ الأديب أبو يعقوب من أهل خوي ، أديب فاضل وفقيه بارع ، حسن السيرة رقيق الطبع مليح الشعر مستحسن النظم ، كتب لأبي سعد الإجازة وقد كان سكن نوقان طوس وولي نيابة القضاء بها وحمدت سيرته في ذلك ، وله تصانيف ، من جملتها رسالة تنزيه القرآن الشريف عن وصمة اللحن والتحريف ، وقال أبو سعد : وظني أنه قتل في وقعة العرب بطوس سنة ٥٤٩ أو قبلها بيسير ،

__________________

(١) وفي رواية : أبو حامد العسكري.


وينسب إليها أيضا أبو بكر محمد بن يحيى بن مسلم الخوي ، حدث عن جعفر بن إبراهيم المؤذّن ، روى عنه أبو القاسم عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن إدريس الشافعي وغيره.

خَوِيٌّ : بفتح أوله ، وكسر ثانيه ، وتشديد يائه : واد بناحية الحمى ، قال نصر : خوي ماؤه المعين رداه في جبال وهضب المعا وهي جبال حلّيت من ضريّة ، قال كثيّر :

طالعات الغميس من عبّود ،

سالكات الخويّ من إملال

والخوّ والخويّ بمعنى واحد ، وقد شرح آنفا ، وقال العمراني : الخوي بطن واد ، وأنشد :

كأنّ الآل يرفع ، بين حزوى

ورايته الخويّ ، بهم سيالا

شبه الأظعان بهذا الشجر.

باب الخاء والياء وما يليهما

خَيَابِرُ : جمع خيبر ، كأنها جمعت بما حولها ، ويذكر معناه عنده ، قال ابن قيس الرقيّات :

أتاني رسول من رقيّة فاضح

بأنّ قطين الحيّ بعدك سيّرا

أقول لمن يحدى بهم حين جاوزوا

بها فلج الوادي وأجبال خيبرا :

قفوا لي أنظر نحو قومي نظرة ،

ولم يقف الحادي بهم وتغشمرا

خَياذانُ : بالذال المعجمة ، وآخره نون ، قال ابن مندة في تاريخ أصبهان : محمد بن علي بن جعفر بن محمد ابن نجبة بن واصل بن فضالة التميمي الخياذاني أبو بكر ، وخياذان : قرية من قرى المدينة ، كتب عنه جماعة من أهل البلد ، قلت : يريد بالمدينة شهرستان أصبهان ، والله أعلم.

خِيازَجُ : بكسر الخاء ثم ياء ، وفتح الزاي ، وجيم : من قرى قزوين ، ينسب إليها إسكندر بن حاجي بن أحمد بن علي بن أحمد الخيازجي أبو المحاسن ، ذكره أبو زكرياء بن مندة ، قال : قدم أصبهان وحدث عن هبة الله بن زاذان وغيره ، سمع منه كهول بلدنا.

خِيَارَةُ : قرية قرب طبريّة من جهة عكّا قرب حطّين بها قبر شعيب النبي ، عليه السلام ، عن الكمال بن العجمي.

الخَيَالُ : بلفظ الخيال الشخص والطيف : أرض لبني تغلب ، قال الشاعر :

لمن طلل تضمّنه أثال ،

فسرحة فالمرانة فالخيال؟

خِيام : بلفظ جمع خيمة ، يوم ذات خيام : من أيام العرب.

خَيبرُ : الموضع المذكور في غزاة النبي ، صلى الله عليه وسلم ، وهي ناحية على ثمانية برد من المدينة لمن يريد الشام ، يطلق هذا الاسم على الولاية وتشتمل هذه الولاية على سبعة حصون ومزارع ونخل كثير ، وأسماء حصونها : حصن ناعم وعنده قتل مسعود بن مسلمة ألقيت عليه رحى ، والقموص حصن أبي الحقيق ، وحصن الشّقّ ، وحصن النّطاة ، وحصن السّلالم ، وحصن الوطيح ، وحصن الكتيبة ، وأما لفظ خيبر فهو بلسان اليهود الحصن ، ولكون هذه البقعة تشتمل على هذه الحصون سمّيت خيابر ، وقد فتحها النبي ، صلى الله عليه وسلم ، كلها في سنة سبع للهجرة وقيل سنة ثمان ، وقال محمد بن موسى الخوارزمي : غزاها النبي صلى الله عليه وسلم ، حين


مضى ست سنين وثلاثة أشهر وأحد وعشرون يوما للهجرة ، وقال أحمد بن جابر : فتحت خيبر في سنة سبع عنوة ، نازلهم رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، قريبا من شهر ثم صالحوه على حقن دمائهم وترك الذرّية على أن يخلّوا بين المسلمين وبين الأرض والصفراء والبيضاء والبزّة إلا ما كان منها على الأجساد وأن لا يكتموه شيئا ثم قالوا : يا رسول الله إن لنا بالعمارة والقيام على النخل علما فأقرّنا ، فأقرّهم وعاملهم على الشطر من التمر والحب ، وقال : أقرّكم ما أقرّكم الله ، فلما كانت خلافة عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، ظهر فيهم الزنا وتعبّثوا بالمسلمين فأجلاهم إلى الشام وقسم خيبر بين من كان له فيها سهم من المسلمين وجعل لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم ، فيها نصيبا وقال : أيّتكنّ شاءت أخذت الثمرة وأيتكن شاءت أخذت الضيعة فكانت لها ولعقبها ، وإنما فعل عمر ، رضي الله عنه ، ذلك لأنه سمع أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، قال : لا يجتمع دينان في جزيرة العرب ، فأجلاهم ، وقسم النبي ، صلى الله عليه وسلم ، خيبر لما فتحها على ستة وثلاثين سهما وجعل كل سهم مائة سهم فعزل نصفها لنوائبه وما ينزل به وقسم الباقي بين المسلمين ، فكان سهم رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، مما قسم الشق والنطاة وما حيز معهما ، وكان فيما وقف على المسلمين الكتيبة وسلالم ، وهي حصون خيبر ، ودفعها إلى اليهود على النصف مما أخرجت فلم تزل على ذلك حياة رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، وأبي بكر ، رضي الله عنه ، فلما كان عمر ، رضي الله عنه ، وكثر المال في أيدي المسلمين وقووا على عمارة الأرض وسمع أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، قال في مرض موته : لا يجتمع دينان في جزيرة العرب ، فأجلى اليهود إلى الشام وقسم الأموال بين المسلمين ، وكان رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، بعث عبد الله بن رواحة إلى أهل خيبر ليخرص عليهم فقال : إن شئتم خرصت وخيّرتكم وإن شئتم خرصتم وخيرتموني ، فأعجبهم ذلك وقالوا : هذا هو العدل ، هذا هو القسط وبه قامت السماوات والأرض ، وذكر أبو القاسم الزجاجي أنها سمّيت بخيبر بن قانية بن مهلائيل بن إرم بن عبل ، وعبيل أخو عاد بن عوض بن إرم بن سام بن نوح ، عليه السلام ، وهو عم الرّبذة وزرود والشّقرة بنات يثرب وكان أول من نزل هذا الموضع ، وخيبر موصوفة بالحمّى ، قال شاعر :

كأنّ به ، إذ جئته ، خيبريّة

يعود عليه وردها وملالها

وقدم أعرابيّ خيبر بعياله فقال :

قلت لحمّى خيبر : استعدّي!

هاك عيالي فاجهدي وجدّي

وباكري بصالب وورد ،

أعانك الله على ذا الجند

فحمّ ومات وبقي عياله ، واشتهر بالنسبة إليها جماعة ، منهم : ابن القاهر الخيبري اللخمي الدمشقي ، ولا أدري أهو اسم جده أم نسبه إلى هذا الموضع ، روى عنه أبو القاسم الطبراني ، ومات بعد سنة ٥٥٩ ، وقال الأخنس بن شهاب :

فلابنة حطّان بن قيس منازل

كما نمّق العنوان في الرّقّ كاتب

ظللت بها أعرى وأشعر سخنة

كما اعتاد محموما بخيبر صالب

وهي أيضا موصوفة بكثرة النخل والتمر ، قال حسان ابن ثابت :


أتفخر بالكتّان لمّا لبسته ،

وقد تلبس الأنباط ريطا مقصّرا

فلا تك كالعاوي ، فأقبل نحره ،

ولم تخشه سهما من النّبل مضمرا

فإنّا ، ومن يهدي القصائد نحونا ،

كمستبضع تمرا إلى أرض خيبرا

خِيت : بكسر أوله ، وآخره تاء مثناة ، ويقال خيط بالطاء : اسم قرية ببلخ.

خَيْدَبٌ : بفتح أوله ، وبعد الدال المهملة باء موحدة : موضع في رمال بني سعد ، والخيدب في كلامهم : الطريق الواضح ، قال :

يعدو الجواد بها في خلّ خيدبة

كما يشقّ إلى هدّابه السّرق

والخلّ : الطريق في الرمل ، وقال نصر : خيدب جبل نجديّ.

خَيْدَشتَر : بفتح أوله ، شك السمعاني في ثانيه أهو نون أم ياء وههنا ذكره : من قرى إشتيخن من نواحي الصغد ، قال : ذكر هذه الصورة أبو سعد الإدريسي ، ينسب إليها أبو بكر بلال بن رميار ابن ربابة الإشتيخني الخيدشتري ، روى عن الحسين ابن عبد الله البرسخي ، روى عنه عبد الله بن محمد بن الفضل السرخسي ، وليست روايته بالقوية.

خَيْرٌ : ضدّ الشرّ ، خطة بني خير : بالبصرة منسوبة إلى فخذ من اليمن يلي بلعم.

خَيْرانٌ : بالفتح : من قرى البيت المقدس ، نسب إليها بعضهم يقال لها بيت خيران ، قال أبو سعد : وما عرفت هذه النسبة إلا في تاريخ الخطيب في ترجمة أحمد بن عبد الباقي بن الحسن بن محمد بن عبد الله بن طوق الربعي الخيراني الموصلي. وخيران : حصن باليمن أظنه من أعمال صنعاء.

خِير : بكسر أوله ، وسكون ثانيه ، وآخره راء ، وهو في اللغة عبارة عن الكرم : موضع.

خَيْرَةُ : بفتح أوله ، وسكون ثانيه ، وراء : جبلان ، خيرة الأصفر وخيرة الممدرة من جبال مكة ، ما أقبل منهما على مرّ الظهران حلّ ، وما أقبل على المديرا حرم ، والخيرة : المرأة الفاضلة ، وكذلك من كل شيء.

خَيْرَجٌ : بفتح أوله ، وبعد الراء المهملة جيم : موضع.

خِيرَةُ : بكسر الخاء ، وفتح الياء : من ضياع الجند بمكة.

خَيرِين : بفتح أوله ، وسكون ثانيه ، وكسر الراء ، وسكون الياء الثانية ، وآخره نون : قرية من أعمال نينوى من أعمال الموصل تسمى قصور خيرين.

خَيزَاخُزَا : بفتح أوله ، وبعد الألف خاء مضمومة ، وزايان : قرية بينها وبين بخارى خمسة فراسخ بقرب الزّندنى ، ينسب إليها أبو محمد عبد الله بن الفضل الخيزاخزي ، كان مفتي بخارى ، يروي عن أبي بكر أحمد بن محمد من بني جنب وأبي بكر بن مجاهد القطّان البجلي وغيرهما ، روى عنه ابنه أبو نصر أحمد بن عبد الله.

خَيزَارُ : بالفتح ثم السكون ، وزاي ، وآخره راء : من نواحي أرمينية لها ذكر في الفتوح.

الخَيزُرَان : قرية ينسب إليها ، ذكرها في مجموع النسب.

الخِيس : بالكسر : من نواحي اليمامة.

خَيسُ : بفتح أوله ويكسر ، وسكون ثانيه ، وسين مهملة : من كور الحوف الغربي بمصر من فتوح


خارجة بن حذافة ، وكان أهلها ممن أعان على عمرو ابن العاص فسباهم ثم أمر عمر بردهم إلى بلادهم على الجزية أسوة بالقبط ، وإليها ينسب البقر الخيسية ، فإن كانت عربية فهي مصدر خاست الجيفة خيسا إذا أروحت ، ومنه قيل : خاس البيع والطعام كأنه كسد حتى فسد.

خَيْسارُ : بفتح الخاء ، وسكون الياء ، وسين مهملة ، وآخره راء : من مدن الثغور التي بين غزنة وهراة ، أخبرني بعض أهل الغور.

خَيْسَقٌ : بفتح أوله ، وسكون ثانيه ، وسين مهملة ، وآخره قاف : اسم لابة أي حرّة معروفة ، وبئر خيسق : بعيدة القعر ، وفي كتاب العين : ناقة خسوق سيئة الخلق تخسق الأرض بمناسمها إذا مشت انقلب منسمها فخدّ في الأرض.

خَيْشٌ : هو الجبل المسمى حيضا ، وقد ذكر ، سماه عمر بن أبي ربيعة خيشا في قوله :

تركوا خيشا على أيمانهم ،

ويسوما عن يسار المنجد

وهو من جبال السراة ، وقال نصر : خيش جبل بنخلة قرب مكة يذكر مع يسوم.

خَيْشَانُ : بفتح أوله ، وسكون ثانيه ، وشين معجمة ، وآخره نون ، قال الحازمي : موضع أظنه في سمرقند ، وقد نسب إليه أبو الحسن الخيشاني السمرقندي ، روى جامع الترمذي عن أبي بكر أحمد بن إسماعيل بن عامر السمرقندي.

خَيْصَلٌ : بالفتح ثم السكون ، وفتح الصاد المهملة ، ولام : موضع في جبال هذيل عند ماء قيلهم ، عن نصر.

خَيْفٌ : بفتح أوله ، وسكون ثانيه ، وآخره فاء ، والخيف : ما انحدر من غلظ الجبل وارتفع عن مسيل الماء ، ومنه سمي مسجد الخيف من منى ، وقال ابن جنّي : أصل الخيف الاختلاف ، وذلك أنه ما انحدر من الجبل فليس شرفا ولا حضيضا فهو مخالف لهما ، ومنه : الناس أخياف أي مختلفون ، قال :

الناس أخياف وشتّى في الشّيم ،

وكلهم يجمعهم بيت الأدم

وقال نصيب ، وقيل للمجنون :

ولم أر ليلى ، بعد موقف ساعة ،

بخيف منى ترمي جمار المحصّب

ويبدي الحصى منها ، إذا قذفت به ،

من البرد أطراف البنان المخضّب

وأصبحت من ليلى ، الغداة ، كناظر

من الصبح في أعقاب نجم مغرّب

ألا إنما غادرت ، يا أم مالك ،

صدى أينما تذهب به الريح يذهب

وقال القاضي عياض : خيف بني كنانة هو المحصّب ، كذا فسر في حديث عبد الرزاق ، وهو بطحاء مكة ، وقيل : مبتدأ الأبطح ، وهو الحقيقة فيه لأن أصله ما انحدر من الجبل وارتفع عن المسيل ، وقال الزهري : الخيف الوادي ، وقال الحازمي : خيف بني كنانة بمنى نزله رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، والخيف : ما كان مجنبا عن طريق الماء يمينا وشمالا متسعا. وخيف سلّام : بلد بقرب عسفان على طريق المدينة فيه منبر وناس كثير من خزاعة ، ومياهها قني وباديتها قليلة من جشم وخزاعة. وخيف الحميراء : في أرض الحجاز ، قال ابن هرمة :


كأن لم تجاورنا بنعف رواوة

وأخزم ، أو خيف الحميراء ذي النّخل

وقيل : إنما سماه خيف سلام ، بالتخفيف ، الرشيد كما ذكرناه في لويّة. وخيف الخيل : موضع آخر جاء في شعر سويد بن جدعة القسري ، فقال :

ونحن نفينا خثعما عن بلادها

تقتّل ، حتى عاد مولى سنيدها

فريقين : فرق باليمامة منهم ،

وفرق بخيف الخيل تبرى حدودها

وخيف ذي القبر : أسفل من خيف سلام ، وليس به منبر وإن كان آهلا ، وبه نخيل كثير وموز ورمان ، وسكانه بنو مسروح وسعد كنانة وتجار الفاق ، وماؤه من القنيّ وعيون تخرج من ضفتي الوادي ، وبقبر أحمد بن الرضا سمي خيف ذي القبر وهو مشهور به ، وسلّام هذا كان من أغنياء هذا البلد من الأنصار ، بتشديد اللام ، قاله أبو الأشعث الكندي ، وقال : أسفل منه خيف النّعم به منبر وأهله غاضرة وخزاعة وتجار بعد ذلك وناس ، وبه نخيل ومزارع ، وهو إلى عسفان ، ومياهه خرّارة كثيرة.

خَيْفَقٌ : بفتح أوله ، وبعد الياء المثناة من تحت فاء ثم قاف : يوم العصا وخيفق لا أدري أهو موضع أم غير موضع.

خَيْقَمانُ : بفتح أوله ، وسكون ثانيه ، وفتح قافه ، وآخره نون ، قال أبو منصور : خيقم حكاية صوت ، ومنه قوله يدعو خيقما خيقما ، قال : ورأيت في بلاد بني تميم ركية عادية تسمى خيقمان ، وأنشدني بعضهم ونحن نستقي منها :

كأنما نطفة خيقمان

صبيب حنّاء وزعفران

وكان ماء هذه الركية شديد الصفرة.

خَيْلامُ : بفتح أوله ، وسكون ثانيه : بلدة بما وراء النهر من أعمال فرغانة ، ينسب إليها الشريف حمزة ابن عليّ بن المحسن بن محمد بن جعفر بن موسى الخيلامي من ولد أبي بكر الصديق ، رضي الله عنه ، كان فقيها فاضلا ، روى عن القاضي أبي نصر أحمد بن عبد الرحمن بن إسحاق الرّيغذموني ، روى عنه عمر بن محمد ابن أحمد النسفي ، مات بسمرقند في ذي الحجة سنة ٥٢٣.

خَيْلَعٌ : بفتح أوله ، وسكون ثانيه ، وفتح اللام ، وآخره عين مهملة : اسم موضع ، قال أبو عمرو : الخيعل قميص لا كمّي له ، وقال غيره : وقد يقلب فيقال له الخيلع ، وربما كان غير منصوح الفرجين.

خَيْلٌ : بلفظ الخيل التي تركب : كورة وبليدة بين الري وقزوين محسوبة من أعمال الري ، وهي إلى قزوين أقرب ، بينها وبين قزوين عشرة فراسخ ، ولها عدة قرى ومنبر وأسواق ، وقال نصر : بقيع الخيل موضع بالمدينة عند دار زيد بن ثابت دفن به عامة قتلى أحد ، قال نصر : وأظنه بقيع الغرقد ، وأيضا جبل الخيل : قرب المدينة بين محنّب وصرار له ذكر في المغازي. وروضة الخيل : نجدية.

خِيَمَاءُ : بكسر أوله ، وفتح ثانيه ، والمد : ماء لبني أسد ، ويروى بالقصر.

خِيَمٌ : بكسر أوله ، وفتح ثانيه ، جمع خيمة ، قال العمراني : خيم بوزن قيم اسم جبل بعمايتين ، وأنشد لابن مقبل :

حتى تنوّر بالزّوراء من خيم

وقال نصر : خيم جبل من عماية على يسار الطريق إلى اليمن وجبالها حمر وسود كثيرة يضل الناس فيها.


وخيم : موضع بالجزيرة يذكر مع عرعر يشرفان على القبلة من حماس. ويوم ذي خيم : من أيام العرب ، قال المرقّش الأكبر :

هل تعرف الدار بجنبي خيم

غيّرها بعدك صوب الديم؟

خَيمٌ : بوزن غيم : جبل ، عن الغوري ، قال : ويقال إن ذا خيم موضع آخر ، وقال الحازمي : ذات خيم موضع بين المدينة وديار غطفان.

خِيمٌ : بكسر أوله ، وتسكين ثانيه ، بلفظ الخيم الذي هو الشيمة : جبل في بلادهم ، عن صاحب كتاب الجامع. وذات الخيم : من بلاد مهرة بأقصى اليمن.

خَيْمَرٌ : من بلاد غطفان ، قال عوف بن مالك القسري يخاطب عيينة بن حصن بن حذيفة الفزاري وقد أعاد الحلف بين طيّء وغطفان في أيام طليحة :

أبا مالك! إن كان ساءك ما ترى ،

أبا مالك! فانطح برأسك كوثرا

وإني لحام بين شوط وحيّة

كما قد حميت الخيمتين وخيمرا

وبرّكت حولي للأصمّ فوارسا ،

وللغوث قوما دارعين وحسّرا

الخَيْماتُ : قال أبو زياد : ولبني سلول ببطن بيشة الخيمات نخل وقد يزرع في بعضها الحب ، قال : وما حدثت أن لقوم نخلا ببلد من البلدان أفضل من الخيمات.

الخَيْمَةُ : بلفظ واحدة الخيام ، قال الأصمعي : وفيما بين الرّمّة من وسطها فوق أبانين بينها وبين الشمال أكمة يقال لها الخيمة بها ماءة يقال لها الغبارة لبني عبس ، وقال بعض الأعراب :

خير الليالي ، إن سألت بليلة ،

ليل بخيمة بين بيش وعثّر

بضجيع آنسة ، كأنّ حديثها

شهد يشاب بمزجه من عنبر

وضجيج لاهية ألاعب مثلها ،

بيضاء واضحة كظيظ المئزر

ولأنت مثلهما ، وخير منهما

بعد الرّقاد ، وقبل أن لم تسحري

والخيمة : من مخاليف الطائف.

خَيْمَة أُمِّ مَعْبَدٍ : ويقال بئر أمّ معبد : بين مكة والمدينة ، نزله رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، في هجرته ومعه أبو بكر ، رضي الله عنه ، وقصته مشهورة ، قالوا : لما هاجر رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، لم يزل مساحلا حتى انتهى إلى قديد فانتهى إلى خيمة منتبذة ، وذكروا الحديث ، وسمع هاتف ينشد :

جزى الله خيرا ، والجزاء بكفه ،

رفيقين قالا خيمتي أمّ معبد

هما نزلا بالهدي ثم تروّحا ،

فأفلح من أمسى رفيق محمد

ليهنأ بني كعب مكان فتاتهم

ومقعدها ، للمؤمنين ، بمرصد

وخيمة أم معبد ، ويقال لها بئر أم معبد أيضا ، كان علي بن محمد بن علي الصّليحي الذي استولى على اليمن في سنة ٤٧٣ عزم على التوجه إلى مكة في ألفي فارس حتى إذا كان بالمهجم ونزل بظاهر مصنع يقال له أمّ الدهيم وبئر أم معبد وخيّمت عساكره والملوك الذين كانوا معه من حوله فكبسه الأحول بن نجاح صاحب زبيد ، فقال عبد الله بن محمد أخو الصليحي :


إن الأحول قد دهمنا ، فقال : لا تخف فإني لا أموت إلا بالدّهيم وبئر أم معبد ، معتقدا أنها أمّ معبد التي نزل بها رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، حين هاجر ومعه أبو بكر ، رضي الله عنه ، فقال له مشعل بن فلان العكّي : قاتل عن نفسك ، فهذه والله بئر الدهيم بن عنس وهذا المسجد موضع خيمة أمّ معبد بنت الحارث العنسي ، وقتل الصليحي يومئذ.

خَيْنَفٌ : بفتح أوله ، وسكون ثانيه ، ونون مفتوحة وبعدها فاء : واد بالجزيرة ، قال الأخطل :

هل تعرف اليوم من ماويّة الطّللا؟

تحمّلت إنسه عنه ، وما احتملا

ببطن خينف من أم الوليد ، وقد

تامت فؤادك ، أو كانت له خبلا

خِينٌ : بكسر أوله ، وسكون ثانيه ، وآخره نون : بلدة من نواحي طوس ، ينسب إليها أبو الفضل المظفّر ابن منصور الخيني ، ذكره الإدريسي في تاريخ سمرقند ، ثم فارقها إلى طبرستان فمات بها ، وكان أديبا شاعرا.

خَيْوَانُ : بفتح أوله ، وتسكين ثانيه ، وآخره نون : مخلاف باليمن ومدينة بها ، قال أبو علي الفارسي : خيوان فيعال منسوب إلى قبيلة من اليمن ، وقال ابن الكلبي : كان يعوق الصنم بقرية يقال لها خيوان من صنعاء على ليلتين مما يلي مكة.

خَيْوَق : بفتح أوله وقد يكسر ، وسكون ثانيه ، وفتح الواو ، وآخره قاف : بلد من نواحي خوارزم وحصن ، بينهما نحو خمسة عشر فرسخا ، وأهل خوارزم يقولون خيوه وينسبون إليه الخيوقي ، وأهلها شافعية دون جميع بلاد خوارزم فإنهم حنفية ، وهو من شذوذ الكلام لأن الواو صحت فيه وقبلها ياء ساكنة والأصل أن تقلب وتدغم ، ومثله في الشذوذ حيوة اسم رجل ، والله أعلم.


د

باب الدال والألف وما يليهما

دَءّاثٌ : بفتح أوله ، وهمز ثانيه وتشديده ، وبعده ألف ساكنة ، وآخره ثاء مثلثة ، بوزن الدّعّاث : اسم موضع ، قال :

أصدرها عن طثرة الدّءّاث

وهو فعّال من دأثت الطعام دأثا إذا أكلته ، والأدآث : الأثقال. وفي كتاب الجزيرة للأصمعي : وفوق متالع صحراء يقال لها المنتهبة فيما بينه وبين المغرب ، وبغربيّها واد يقال له الدّءّاث به مياه لبني أسد ، وفوق الدّءّاث مما يلي الغرب حزيز يقال له صفيّة ، وفي كتاب نصر : الدّءّاث ماءة للضباب.

دَآثُ : مثل الذي قبله إلا أنه بالتخفيف : موضع بتهامة ، قال كثيّر :

إذا حلّ أهلي بالأبرقي

ن أبرق ذي جدد ، أو دآثا

الدَّآلُ :

بوزن الدعال كالذي قبله : موضع ، وهو فعال من دأل يدأل إذا قارب المشي وهو الدّألان.

دَاءةُ : بوزن داعة : اسم للجبل الذي يحجز بين نخلتين الشامية واليمانية من نواحي مكة ، قال حذيفة بن أنس الهذلي :

هلمّ إلى أكناف داءة دونكم

وما أغدرت من خسلهن الحناظب

والدّأيات : خرز العنق.

دَابِقٌ : بكسر الباء وقد روي بفتحها ، وآخره قاف : قرية قرب حلب من أعمال عزاز ، بينها وبين حلب أربعة فراسخ ، عندها مرج معشب نزه كان ينزله بنو مروان إذا غزا الصائفة إلى ثغر مصيصة ، وبه قبر سليمان بن عبد الملك بن مروان ، وكان سليمان قد عسكر بدابق وعزم أن لا يرجع حتى يفتح القسطنطينية أو تؤدي الجزية ، فشتى بدابق شتاء بعد شتاء إذ ركب ذات عشيّة من يوم جمعة فمرّ بالتل الذي يقال له تلّ سليمان اليوم ، فرأى عليه قبرا فقال : من صاحب هذا القبر؟ قالوا : هذا قبر عبد الله بن مسافع بن عبد الله الأكبر بن شيبة بن عثمان بن أبي طلحة عبد الله بن عبد العزّى بن عثمان بن عبد الدار بن قصيّ بن كلاب القرشي الحجبي فمات هناك ،


فقال سليمان : يا ويحه لقد أمسى قبره بدار غربة! قال : ومرض سليمان في أثر ذلك ومات ودفن إلى جانب قبر عبد الله بن مسافع في الجمعة التي تليه أو الثانية ، وبقربها قرية أخرى يقال لها دويبق بالتصغير ، وقال الجوهري : دابق اسم بلد والأغلب عليه التذكير والصرف لأنه في الأصل اسم نهر وقد يؤنث ، وقد ذكره الشعراء فقال عيسى بن سعدان عصريّ حلبيّ :

ناجوك من أقصى الحجاز ، وليتهم

ناجوك ما بين الأحصّ ودابق

أمفارقي حلب وطيب نسيمها ،

يهنيكم أنّ الرّقاد مفارقي

والله ما خفق النسيم بأرضكم ،

إلا طربت إلى النسيم الخافق

وإذا الجنوب تخطّرت أنفاسها

من سفح جوشن كنت أول ناشق

وأنشد ابن الأعرابي :

لقد خاب قوم قلّدوك أمورهم

بدابق ، إذ قيل العدوّ قريب

رأوا رجلا ضخما ، فقالوا مقاتل ،

ولم يعلموا أن الفؤاد نجيب

وقال الحارث بن الدؤلي :

أقول : وما شأني وسعد بن نوفل ،

وشأن بكائي نوفل بن مساحق

ألا إنما كانت سوابق عبرة

على نوفل من كاذب غير صادق

فهلّا على قبر الوليد وبقعه

وقبر سليمان الذي عند دابق

وقبر أبي عمرو وقبر أخيهما

بكيت لحزن في الجوانح لاصق

داثِر : بعد الألف ثاء مثلثة مكسورة ، وآخره راء : ماء لبني فزارة.

داثِن : بعد الثاء المثلثة المكسورة نون : ناحية قرب غزّة بأعمال فلسطين بالشام ، وبها أوقع المسلمون بالروم وهي أول حرب بينهم ، قال أحمد بن جابر : لما فرغ أبو بكر ، رضي الله عنه ، من أهل الرّدة عقد ثلاثة ألوية بالترتيب : أبي سفيان وشرحبيل بن حسنة وعمرو بن العاص ، فساروا إلى الشام ، فأول وقعة كانت بين المسلمين وعدوّهم بقرية من قرى غزّة يقال لها دائن ، فقاتلهم الكفار ثم أظفر الله المسلمين ، وذلك في سنة اثنتي عشرة.

دَاجُونُ : بالجيم ، وآخره نون : قرية من قرى الرملة بالشام ، ينسب إليها أبو بكر محمد بن أحمد بن عمر ابن أحمد بن سليمان الداجوني الرملي المقري ، وذكر في إيضاح الأهوازي ، روى عن أبي بكر أحمد بن عثمان بن شبيب الرازي ، روى عنه أبو القاسم زيد ابن علي الكوفي ، قال الحافظ أبو القاسم : محمد بن أحمد بن عمر بن أحمد بن سليمان الرملي الداجوني المقري المكفوف قرأ القرآن على عليّ بن محمد بن موسى ابن عبد الرحمن المقري الدمشقي صاحب ابن ذكوان وأبي محمد عبد الله بن جبير الهاشمي بحرف ابن كثير وعلى عبد الله بن أحمد بن سليمان بن سلكويه والعباس بن الفضل بن شاذان الرازي وعبد الرّزّاق ابن الحسن وعلي بن أبي بكر محمد بن أحمد بن عثمان ابن شبيب الرازي ، روى عنه هارون بن موسى الأخفش وأبو نعيم محمد بن أحمد بن محمد الشيباني وأبو الحسن محمد بن ماهويه القزّاز ، وحدث عن أبي بكر أحمد بن محمد بن عثمان الرازي ومحمد بن يونس بن هارون القزويني والعباس بن الفضل بن


شاذان ، قرأ عليه أبو القاسم زيد بن علي بن أحمد بن بلال العجلي الكوفي ، قدم الكوفة سنة ٣٠٦ ، وأبو بكر عبد الله بن محمد بن فورك القيّاف وأبو العباس أحمد بن محمد بن عبد الله العجلي ، روى عنه أبو محمد ابن عبد الله بن علي بن محمد الصيدلاني والحسن بن رشيق العسكري وأبو بكر بن مجاهد ولم يصرح باسمه ، وكان مقرئا حافظا ثقة ، حكى أبو عمرو عثمان بن سعيد المقري عن فارس بن أحمد قال : قدم الداجوني بغداد وقصد حلقة ابن مجاهد فرفعه ابن مجاهد وقال لأصحابه : هذا الداجوني اقرءوا عليه.

داحية : ذكر مع دحيّ بعد.

دَادِمٌ : من ثغور الروم ، غزاها سيف الدولة فقال شاعره أبو العباس الصّفري :

في دادم ، لما أقمت بدادم ،

حصبت ذويه من عذاب واصب

داذُوما : بعد الألف ذال معجمة ثم واو ساكنة : من قرى قوم لوط ، ولعلها داروما.

داراءُ : بعد الألف راء وألف ممدودة ، وربما قيل دار بغير ألف ممدودة في آخره : موضع مشهور ومنزل للعرب معمور ، جاء ذكره في وفد عبد القيس على النبي ، صلى الله عليه وسلم ، وهو من نواحي البحرين يقال له جوف داراء ، وإياه أراد الشاعر بقوله :

لعمرك! ما ميعاد عينيك والبكا

بداراء ، إلّا أن تهبّ جنوب

أعاشر في داراء من لا أودّه ،

وبالرمل مهجور إليّ حبيب

إذا هبّ علويّ الرياح وجدتني

كأنّي ، لعلويّ الرياح ، نسيب

وهذا موضع استصعب علينا معرفته وكثر تفتيشنا إياه وظنّه شارحو الحماسة دارا التي ببلاد الجزيرة فغلطوا حتى وجده الوزير الصاحب القاضي الأكرم جمال الدين أبو الحسن علي بن يوسف الشيباني القفطي ، أطال الله بقاءه ، بخط أبي عبد الله المرزباني فيما كتبه عن الحسن بن عليل العنزي فأفادناه فأحسن الله جزاءه ، وقال الأجدع بن الأيهم البلوي :

خرجن لهم من شقّ داراء بعد ما

ترفّع قرن الشمس عن كل نائم

فأصبحن بالأجزاع ، أجزاع يرثم ،

يقلّبن هاما في عيون سواهم

دَارَا : مثل الذي قبله إلّا أنه مقصور : وهي بلدة في لحف جبل بين نصيبين وماردين ، قالوا : طول بلد دارا سبع وخمسون درجة ونصف وثلث ، وعرضها ست وثلاثون درجة ونصف ، وإنها من بلاد الجزيرة ذات بساتين ومياه جارية ، ومن أعمالها يجلب المحلب الذي تتطيّب به الأعراب ، وعندها كان معسكر دارا بن دارا الملك ابن قباذ الملك لما لقي الإسكندر ابن فيلفوس المقدوني فقتله الإسكندر وتزوّج ابنته وبنى في موضع معسكره هذه المدينة وسمّاها باسمه ، وإياها أراد الشاعر بقوله أنشده أبو الندى اللغوي :

ولقد قلت لرجلي

بين حرّان ودارا :

اصبري يا رجل ، حتى

يرزق الله حمارا

ودارا أيضا : قلعة حصينة في جبال طبرستان.

ودارا : واد في ديار بني عامر ، قال حميد بن ثور :

وقائلة ، زور مغبّ وأن يرى

بحلية ، أو ذات الخمار عجيب


بلى! فاذكرا عام انتجعنا وأهلنا

مدافع دارا ، والجناب خصيب

ليالي أبصار الغواني وسمعها

إليّ ، وإذ ريحي لهنّ جنوب

وإذ ما يقول الناس شيء مهوّن

علينا ، وإذ غصن الشباب رطيب

زور : يريد نفسه ، مغبّ : لا عهد له بالزيارة.

دارابْجِرْد : بعد الألف الثانية باء موحدة ثم جيم ثم راء ، ودال مهملة : ولاية بفارس ، ينسب إليها كثير من العلماء ، منهم : أبو علي الحسن بن محمد بن يوسف الدارابجردي الخطيب. ودارابجرد : قرية من كورة إصطخر ، وبها معدن الزيبق. ودارابجرد أيضا : موضع بنيسابور ، ينسب إليه أبو الحسن علي ابن الحسن بن موسى بن ميسرة الدارابجردي ، ويقال دارابجرد ، ويذكر هناك إن شاء الله تعالى.

دَارُ البطِّيخِ : محلّة كانت ببغداد كان يباع فيها الفواكه ، قال الهيثم بن فراس : قبل أن تنقل إلى الكرخ في درب يعرف بدرب الأساكفة وإلى جانبه درب يعرف بدرب الخير فنقلت من هذا الموضع إلى مكانها بالكرخ في أيام المهدي ، وإياها أراد محمد ابن محمد بن لنكك البصري :

أنت ابن كل البرايا لكن اقتصروا

على اسم حمزة وصفا ، غير تشميخ

كدار بطّيخ تحوي كلّ فاكهة ،

وما اسمها الدهر إلّا دار بطّيخ

دَارَتانِ : اسم لموضع بعينه ، قال ميدان بن صخر :

ويل لعينك ، يا ابن دارة ، كلّما

يوما عرفت بدارتين خيالا

دَارُ البُنُود : دار السلاح بمصر للذين كانوا يزعمون أنهم خلفاء علويّون ، وكان يحبس فيها من يراد قتله ، وحبس فيها علي بن محمد التهامي ، فقال وهو محبوس فيها :

طرقت خيالا بعد طول صدودها ،

وفرت إليه السجن ليلة عيدها

أنّى اهتدت ، لا التّيه منشأها ولا

سفح المقطّم من مجرّ برودها؟

أسرت إليه من وراء تهامة ،

وجفاه داني الدار غير بعيدها

مستوطنا دار البنود ، وقلبه

للرعب يخفق مثل خفق بنودها

دار تحطّ بها المنون سنانها ،

فتروح ، والمهجات جلّ صيودها

دار جين : قال العمراني : اسم موضع ، وفيه نظر.

دَارُ الحَكِيمِ : محلّة بالكوفة مشهورة منسوبة إلى الحكيم بن سعد بن ثور البكّائي من بني البكّاء بن عامر ابن ربيعة بن عامر بن صعصعة.

دارُ الخَيل : من دور الخلافة المعظمة ببغداد ، كانت دارا عظيمة الأرجاء عادية البناء لها صحن عظيم ألف ذراع في ألف ذراع ، كان يوقّف فيها في الأعياد وعند ورود الرسل من البلاد ، في كلّ جانب منها خمسمائة فرس بالمراكب الذهب والفضة ، كلّ فرس منها على يد شاكريّ.

دارُ دِينار : محلّتان ببغداد يقال لإحداهما الكبرى وللأخرى دار دينار الصغرى ، وهي في الجانب الشرقي قرب سوق الثلاثاء بينه وبين دجلة ، منسوبة إلى دينار ابن عبد الله من موالي الرشيد ، وكان عظيما في أيام المأمون ، وعاضد الحسن بن سهل على حروب الفتنة لإبراهيم بن المهدي وغيره ، وإيّاها عنى المؤيد الآلوسي :


نهر المعلّى الشاطي دار دينار ،

مجامع العيس أوطاني وأوطاري

حيث الصّبا ناعم والدار دانية ،

والدهر يأتي على وقفي وإيثاري

والليل بين الدّمى والغيد مختصر ،

قصير ما بين روحاتي وإبكاري

وقد تطاول ، حتى ما تخيل لي

أن الزمان لياليه بإسحاري

وكان دينار من أجلّ القوّاد في زمن المأمون ، وكان ولي كور الجبل وغيره ثم سخط عليه المأمون فاقتصر به على ماه الكوفة ، فأراد أن يمتنع من قبوله ذلك ، ثم عرض له أن شاور المؤيد فقال له المؤيد : إن الحركة من دلائل الحياة والسكون من دلائل الموت ، وإن تتحرك حركة ضعيفة تؤمل أن تقوى أحبّ إليّ من أن تسكن ، فقبل العمل وأحمد الرأي فيه ، وكان لدينار أخ اسمه يحيى ، وفيهما يقول دعبل بن عليّ :

ما زال عصياننا لله يرذلنا ،

حتى دفعنا إلى يحيى ودينار

إلى عليجين لم يقطع ثمارهما ،

قد طال ما سجدا للشمس والنار

وفيه وفي رجاء بن أبي الضحّاك وابنيه والحسن بن سهل يقول دعبل :

ألا فاشتروا منّي ملوك المخرّم

أبع حسنا وابني رجاء بدرهم

وأعط رجاء فوق ذاك زيادة ،

وأسمح بدينار بغير تندّم

فإن ردّ من عيب عليّ جميعهم ،

فليس يردّ العيب يحيى بن أكثم

دارُ الرَّقيقِ : محلّة كانت ببغداد متصلة بالحريم الطاهري من الجانب الغربي ، ينسب إليها الرقيقيّ ويقال لها شارع دار الرقيق أيضا ، وقال بعض الظرفاء من أبيات كتبها على حصن أبي جعفر المنصور فقال :

إني بليت بظبي

من الظباء رشيق

رأيته يتثنّى

بقرب دار الرقيق

فقلت : مولاي زرني

فقد شرقت بريقي

فقال لي : رمت أمرا

أعلى من العيّوق

دارُ الرَّيحانيينَ : وهي دار في دار الخلافة ببغداد مشرفة على سوق الرّيحان ، استجدّها المستظهر بالله ابن المقتدي ، نقض دار خاتون التي بباب الغربة ودار السيدة بنت المقتدي وكان بالريحانيين سوق للسّفطيين فأخربه وأضافه إليها ، وكان اثنان وعشرون دكانا وهناك خان يعرف بخان عاصم وثلاثة وعشرون دكانا من ورائه وسوق للعطارين فيه ثلاثة وأربعون دكانا وستة عشر دكانا كان فيها مدّاد الذهب وعدّة آدر من دار الحرم وعمل الجميع دارا واحدة ذات وجوه أربعة متقابلة ، وسعة صحنها ستمائة ذراع ، وفي وسطها بستان ، وفيها ما يزيد على ستين حجرة ينتهي آخرها إلى الباب المعروف بدركاه خاتون من باب الحرم قرب باب النوبى ، وابتدئ بعملها في سنة ٥٠٣ وفرغ منها في سنة ٥٠٧.

الدَّار : علم لموضع بين البصرة والبحرين. ودار : موضع في شعر نهشل بن حرّيّ :


ونحن منعنا الحيّ أن يتقسّموا

بدار ، وقالوا : ما لمن فرّ مقعد

قال ابن دريد في الملاحم : دار موضع بالبحرين معروف ، وإليه ينسب الداريّ العطار.

دار رزين : من نواحي سجستان ، وقال الرّهني : من نواحي كرمان.

دارَزَنْج : بعد الراء المفتوحة زاي مفتوحة أيضا بعدها نون ، وآخره جيم : من قرى الصغانيان ، منها أبو شعيب صالح بن منصور بن نصر بن الجرّاح الدارزنجي الصغاني ، يروي عن قتيبة بن سعيد ، روى عنه عبيد الله بن محمد بن يعقوب بن البخاري وغيره ، ومات قبل سنة ٣٠٠ أو حدودها ، والله أعلم.

دارُ السلام : ومدينة السلام : هي بغداد ، وسيذكر سبب تسميتها بذلك في مدينة السلام إن شاء الله تعالى ، ودار السلام : الجنة ، ولعلّ بغداد سميت بذلك على التشبيه.

دارُ سُوقِ التمرِ : وهي الدار التي قرب باب الغربة من مشرعة الإبريّين ذات الباب العالي جدّا ، وهو الآن مسدود ، وتعرف بالدار القطنية.

دارُ الشجرة : دار بالدار المعظمة الخليفية ببغداد من أبنية المقتدر بالله ، وكانت دارا فسيحة ذات بساتين مونقة ، وإنما سميت بذلك لشجرة كانت هناك من الذهب والفضة في وسط بركة كبيرة مدوّرة أمام إيوانها وبين شجر بستانها ، ولها من الذهب والفضة ثمانية عشر غصنا ، لكل غصن منها فروع كثيرة مكلّلة بأنواع الجواهر على شكل الثمار وعلى أغصانها أنواع الطيور من الذهب والفضة ، إذا مرّ الهواء عليها أبانت عن عجائب من أنواع الصفير والهدير ، وفي جانب الدار عن يمين البركة تمثال خمسة عشر فارسا على خمسة عشر فرسا ، ومثله عن يسار البركة ، قد ألبسوا أنواع الحرير المدبّج مقلّدين بالسيوف وفي أيديهم المطارد يتحرّكون على خطّ واحد فيظنّ أن كلّ واحد منهم إلى صاحبه قاصد.

دارُ شِرشِير : بكسر الشين ، وراءين مهملتين : محلّة كانت ببغداد لا تعرف اليوم ، ذكرها جحظة البرمكي في أشعاره ، ولعله كان ينزلها ، فقال :

سلام على تلك الطلول الدواثر ،

وإن أقفرت بعد الأنيس المجاور

غرائر ، ما فتّرن في صيد غافل

بألحاظهنّ الساجيات الفواتر

سقى الله أيامي برحبة هاشم

إلى دار شرشير محلّ الجآذر

سحائب يسحبن الذيول على الثّرى ،

ويضحي بهنّ الزّهر رطب المحاجر

منازل لذّاتي ، ودار صبابتي

ولهوي بأمثال النجوم الزواهر

رمتنا يد المقدور عن قوس فرقة ،

فلم يخطنا للحين سهم المقادر

ألا هل إلى فيء الجزيرة بالضحى

وطيب نسيم الروض بعد الظهائر ،

وأفنانها ، والطير تندب سجوها

بأشجارها بين المياه الزواخر ،

ورقّة ثوب الجوّ ، والريح لدنة

تساق بمبسوط الجناحين ماطر ،

سبيل وقد ضاقت بي السبل حيرة

وشوقا إلى أفيائها بالهواجر؟


دارُ الطَّواوِيسِ : بدار الخلافة المعظمة ببغداد من بناء المطيع لله.

دارُ عُمارةَ : في موضعين ببغداد ، إحداهما في شارع المخرّم من الجانب الشرقي منسوبة إلى عمارة بن أبي الخصيب مولى روح بن حاتم ، وقيل مولى المنصور ، وكان أبو الخصيب أحد حجّاب المنصور ، ودار عمارة أيضا بالجانب الغربي منسوبة إلى عمارة بن حمزة مولى المنصور وهو من ولد أبي لبابة مولى النبي ، صلى الله عليه وسلم ، إقطاع من المنصور ، وكانت من قبل أن تبنى بغداد بستانا لبعض ملوك الفرس ويتصل بها ربض أبي حنيفة ثم ربض عثمان بن نهيك ، وهو ما بين دار عمارة ومقابر قريش.

دارُ العَجَلَة : قال أحمد بن جابر : حدثني العباس ابن هشام الكلبي قال : كتب بعض الكنديين إلى أبي يسأله عن دار العجلة بمكة إلى من تنسب ، فكتب : دار العجلة هي دار سعيد بن سعد بن سهم وبنو سعد يدّعون أنها بنيت قبل دار الندوة ويقولون هي أول دار بنت قريش بمكة.

دارُ علقمة : بمكة تنسب إلى طارق بن المعقّل ، وهو علقمة بن عريج بن جذيمة بن مالك بن سعد بن عوف بن الحارث بن عبد مناة بن كنانة.

دارُ فرَج : محلّة كانت ببغداد بالجانب الشرقي فوق سوق يحيى ، وكان فرج مملوكا لحمدونة بنت غضيض أم ولد الرشيد ثم صار ولاؤه للرشيد وداره إقطاع من الرشيد ، ولم يكن على شاطئ دجلة أحكم بناء من داره ، ثم هدمت فيما هدم من منازل ابنه عمر بن فرج لما قبضت.

دارُ القَزّ : محلّة كبيرة ببغداد في طرف الصحراء ، بين البلد وبينها اليوم نحو فرسخ ، وكلّ ما حولها قد خرب ولم يبق إلا أربع محالّ متصلة : دار القزّ والعتّابيّين والنصرية وشهارسوك ، والباقي تلول قائمة ، وفيها يعمل اليوم الكاغد ، ينسب إليها أبو حفص عمر بن محمد بن المعمر بن أحمد بن يحيى ابن حسان بن طبرزد المؤدّب الدّارقزّي ، سمع الكثير بإفادة أخيه أبي البقاء محمد بن محمد بن طبرزد وعمّر حتى روى ما سمعه ، وطلبه الناس ، وحمل إلى دمشق بالقصد إلى السماع عليه ، حمله الملك المحسّن أحمد بن الملك الناصر من بغداد فسمع عليه هو وخلق كثير من أهل دمشق ، وكان قد انفرد بكثير من الكتب ، ولم يكن يعرف شيئا من أبي الحصين ومن أبي المواهب وأبي الحسن الزاغوني وغيرهم وعاد إلى بغداد ، وكان مولده في ذي الحجة سنة ٥١٦ ، ومات في تاسع رجب سنة ٦٠٧ ، ودفن بباب حرب ببغداد.

دارُ القضاء : هي دار مروان بن الحكم بالمدينة وكانت لعمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، فبيعت في قضاء دينه بعد موته ، وقد زعم بعضهم أنها دار الإمارة بالمدينة ، وهو محتمل لأنها صارت لأمير المدينة.

دارُ القُطْنِ : محلّة كانت ببغداد من نهر طابق بالجانب الغربي بين الكرخ ونهر عيسى بن عليّ ، ينسب إليها الحافظ الإمام أبو الحسن عليّ الدّارقطني ، رحمه الله ، وغيره الحافظ المشهور ، روى عن أبي القاسم البغوي وأبي بكر بن أبي داود وخلق لا يحصون ، وكان أديبا يحفظ عدّة من الدواوين ، منها ديوان السيد الحميري فنسب إلى التشيّع ، وتفقّه على مذهب الشافعي ، رضي الله عنه ، وأخذ الفقه عن أبي سعيد الإصطخري ، وقيل عن صاحب أبي سعيد ، ومولده في ذي القعدة سنة ٣٠٦ ، ومات في ذي القعدة سنة ٣٨٥ ، ودفن قريبا من معروف الكرخي.


دارُ قُمَامَ : بالكوفة منسوبة إلى قمَام بنت الحارث ابن هانئ الكندي عند دار الأشعث بن قيس ، والله أعلم.

دَارُ القَوارير : قال أحمد بن جابر : حدثني العباس بن هشام الكلبي قال : كتب بعض الكنديّين إلى أبي يسأله عن مواضع منها دار القوارير بمكة ، فكتب : فأما دار القوارير فكانت لعتبة بن ربيعة بن عبد شمس ابن عبد مناف ثم صارت للعباس بن عتبة بن أبي لهب بن عبد المطلب ثم صارت لأم جعفر زبيدة بنت أبي الفضل بن المنصور فاستعملت في بنائها القوارير فنسبت إليها ، وكان حماد البربري بناها قريبا من خلافة الرشيد وأدخل بئر جبير بن مطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف إليها.

دَارَكان : بعد الراء كاف ، وآخره نون : قرية من قرى مرو ، بينها وبين مرو فرسخ واحد ، خرج منها طائفة من أهل العلم ، منهم : عليّ بن إبراهيم السلمي أبو الحسن المروزي الداركاني ، صحب عبد الله بن المبارك ، وحدث ببغداد عن أبي حمزة السكري وعبد الله بن المبارك والنصر بن محمد الشيباني ، روى عنه أحمد بن حنبل وعباس الدوري وأحمد بن الخليل البرجلاني وغيرهم ، وكان ثقة ، مات سنة ٢١٣.

دَارَك : بعد الراء كاف : من قرى أصبهان ، نسب إليها قوم من أهل العلم ، منهم : أبو القاسم عبد العزيز ابن عبد الله بن محمد بن عبد العزيز الداركي من كبار الفقهاء الشافعية ، سكن بغداد ودرّس بها وكان أبوه محدث أصبهان في وقته ، وتوفي أبو القاسم ببغداد سنة ٣٧٥.

دَارُ المُثَمَّنَة : بدار الخلافة ، وهي من عمارة المطيع لله تعالى.

دَارُ المُرَبَّعَة : بدار الخلافة ببغداد ، وهي من بناء المطيع لله أيضا.

دَارُ النّدْوَة : بمكة أحدثها قصيّ بن كلاب بن مرة لما تملك مكة ، وهي دار كانوا يجتمعون فيها للمشاورة ، وجعلها بعد وفاته لابنه عبد الدار بن قصيّ ، ولفظه مأخوذ من لفظ النديّ والنادي والمنتدى ، وهو مجلس القوم الذين يندون حوله أي يذهبون قريبا منه ثم يرجعون ، والنادية في الجمال : أن تصرف عن الورد إلى المرعى قريبا ثم تعاد إلى الشرب وهو المندّى ، صارت هذه الدار إلى حكيم بن حزام بن خويلد ابن أسد بن عبد العزّى بن قصيّ فباعها من معاوية بمائة ألف درهم ، فلامه معاوية على ذلك وقال : بعت مكرمة آبائك وشرفهم ، فقال حكيم : ذهبت المكارم إلا التقوى ، والله لقد اشتريتها في الجاهلية بزقّ خمر وقد بعتها بمائة ألف درهم وأشهدكم أن ثمنها في سبيل الله تعالى ، فأيّنا المغبون؟ وقال ابن الكلبي : دار الندوة أول دار بنت قريش بمكة وانتقلت بعد موت قصيّ إلى ولده الأكبر عبد الدار ثم لم تزل في أيدي بنيه حتى باعها عكرمة بن عامر ابن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار من معاوية بن أبي سفيان فجعلها دار الإمارة.

دار المقَطِّعِ : بالكوفة ، تنسب إلى المقطّع الكلبي ، وله يقول عديّ بن الرقاع :

على ذي منار ، تعرف العين متنه

كما تعرف الأضياف دار المقطّع

دارُ نخلة : مضافة إلى واحد النخل ، جاء ذكرها في الحديث : وهو موضع سوق المدينة.

دارُ واشكيذان : بعد الواو والألف شين معجمة ، وآخره نون : قرية من قرى هراة ، ينسب إليها


داريّ ، وفيها يقول الشاعر :

يا قرية الدار هل لي فيك من دار

دَارُوما : إحدى مدن قوم لوط بفلسطين ، ولعلها الداروم المذكورة بعد هذه.

الدَّارُومُ : قال ابن الكلبي : قال الشرقي نزل بنو حام مجرى الجنوب والدّبور ويقال لتلك الناحية الداروم فجعل الله فيهم السواد والأدمة وأعمر بلادهم وسماءهم وجرت الشمس والنجوم من فوقهم ورفع عنهم الطاعون. والداروم : قلعة بعد غزة للقاصد إلى مصر الواقف فيها يرى البحر إلا أن بينها وبين البحر مقدار فرسخ ، خربها صلاح الدين لما ملك الساحل في سنة ٥٨٤ ، ينسب إليها الخمر ، قال إسماعيل بن يسار :

يا ربع رامة بالعلياء من ريم ،

هل ترجعنّ ، إذا حيّيت ، تسليمي؟

ما بال حيّ غدت بزل المطيّ بهم

تحدى لفرقتهم سيرا بتقحيم

كأنني يوم ساروا شارب شملت

فؤاده قهوة من خمر داروم

إني وجدّك ما عودي بذي خور ،

عند الحفاظ ، ولا حوضي بمهدوم

وغزاها المسلمون في سنة ثلاث عشرة وملكوها ، فقال زياد بن حنظلة :

ولقد شفى نفسي وأبرأ سقمها

شدّ الخيول على جموع الروم

يضربن سيّدهم ولم يمهلنهم ،

وقتلن فلّهم إلى داروم

ويقال لها الدارون أيضا ، وينسب إليها على هذا اللفظ أبو بكر الداروني ، روى عن عبد العزيز العطار عن شقيق البلخي ، روى عنه أبو بكر الدينوري بالبيت المقدس سنة ثمان وثلاثمائة.

الدَّارَةُ : بعد الألف راء كالذي قبله : مدينة من أعمال الخابور قرب قرقيسياء.

دارَاتُ العرَب : وهي تنيّف على ستين دارة استخرجتها من كتب العلماء المتقنة وأشعار العرب المحكمة وأفواه المشايخ الثقات واستدللت عليها بالأشعار حسب جهدي وطاقتي ، والله الموفق ، ولم أر أحدا من الأئمة القدماء زاد على العشرين دارة إلا ما كان من أبي الحسين بن فارس ، فإنه أفرد له كتابا فذكر نحو الأربعين فزدت أنا عليه بحول الله وقوته نحوها ، فأقول : الدارة في أصل كلام العرب كل جوبة بين جبال في حزن كان ذلك أو سهل ، وقال أبو منصور حكاية عن الأصمعي : الدارة رمل مستدير في وسطه فجوة وهي الدورة ، وتجمع الدارة دارأت كما قال زهير :

تربّص ، فإن تقو المرورات منهم

وداراتها ، لا تقو منهم إذا نخل

قال ابن الأعرابي : الدير الدارات في الرمل ، والدارة أيضا دارة القمر ، وكل موضع يدار به شيء يحجره فاسمه دارة ، نحو الدارات التي تتخذ في المباطخ ونحوها ويجعل فيها الخمر ، وأنشد :

ترى الإوزّين في أكناف دارتها

فوضى ، وبين يديها التبر منثور

ويقال لمسكن الرجل دارة ودار ، قال أمية بن أبي الصلت يمدح عبد الله بن جدعان :

له داع بمكة مشمعل ،

وآخر فوق دارته ينادي


إلى ردح من الشّيزى ملاء

لباب البرّ يلبك بالشّهاد

قال ابن دريد وقد ذكر اثنتي عشرة دارة لم يزد عليهن ، ثم قال : وجميع هذه الدارات بروث بيض تنبت النصيّ والصّلّيان وأفواه العشب ولا يكاد ينبت فيها من حرية النبت شيء ، وحرية النبت : البقل والقرّاص والمكنان ، والبرث : الأرض السهلة اللينة.

دَارَةُ : جاءت في شعر الطّرمّاح غير مضافة ، فقال :

ألا ليت شعري! هل بصحراء دارة

إلى واردات الأريمين ربوع

دَارَةُ أُجُد : عن ابن السكيت ، ولم أظفر لها بشاهد.

دَارَةُ الأَرْآم : أرآم جمع رئم : الظّبي الأبيض الخالص البياض ، قال برج بن خنزير المازني مازن بن تميم وكان الحجاج ألزمه الخروج إلى المهلب لقتال الأزارقة :

أيوعدني الحجاج ، إن لم أقم له

بسولاف حولا في قتال الأزارق

وإن لم أرد أرزاقه وعطاءه ،

وكنت امرأ صبّا بأهل الخرانق

فأبرق وأرعد لي ، إذ العيس خلّفت

بنا دارة الأرآم ذات الشقائق

وحلّف على اسمي بعد أخذك منكبي ،

وحبّس عريفي الدردقيّ المنافق

دَارَةُ الأَسوَاط : الأسواط : بظهر الأبرق بالمضجع تناوحه جمة ، وهي برقة بيضاء لبني قيس بن جزء بن كعب بن أبي بكر ، والأسواط : مناقع المياه.

دَارَةُ الأَكوار : في ملتقى دار ربيعة بن عقيل ودار نهيك ، والأكوار : جبال.

دَارَةُ أَهوَى : من أرض هجر ، قال الجعدي :

تدارك عمران بن مرّة سعيهم

بدارة أهوى ، والخوالج تخلج

عن ثعلب : أهوى بفتح الهمزة وكسرها في قول الراعي :

تهانفت ، واستبكاك رسم المنازل

بدارة أهوى ، أو بسوقة حائل

وقال : أهوى ماء لبني قتيبة الباهليين.

دَارَةُ باسِلٍ : عن ابن السكيت ، ولم أظفر لها بشاهد وما أظنّها إلا دارة مأسل ، وقد ذكرت بعد هذا.

دارَةُ بُحتر : وسط أجإ أحد جبلي طيّء قرب جوّ ، وبحتر بن عتود بن عنين بن سلامان بن ثعل بن عمرو ابن الغوث بن جلهمة وهو طيّء.

دَارَةُ بَدوتين : لربيعة بن عقيل ، وبدوتان : هضبتان ، وهما هضبتان بينهما ماء.

دَارَةُ البيضاءِ : تذكر مع دارة الجثوم.

دَارَةُ تَيْل : ذكرت في تيل.

دارَةُ الجأبِ : الجأب : المغرة ، والجأب : الحمار الغليظ ، دارة الجأب : لبني تميم ، قال جرير :

ما حاجة لك في الظّعن التي بكرت

من دارة الجأب كالنخل المواقير

كاد التذكر يوم البين يشعفني ،

إن الحليم بهذا غير معذور

ما ذا أردت إلى ربع وقفت به ،

هل غير شوق وأحزان وتذكير؟

هل في الغواني لمن قتّلن من قود ،

أو من ديات لقتلى الأعين الحور؟

يجمعن خلفا وموعودا بخلن به

إلى جمال وإدلال وتصوير


وقال جرير :

أصاح! أليس اليوم منتظري صحبي ،

نحيّي ديار الحيّ من دارة الجأب؟

وقال أيضا :

إنّ الخليط أجدّ البين يوم غدوا

من دارة الجأب ، إذ أحداجهم زمر

لما ترفّع من هيج الجنوب لهم ،

ردّوا الجمال لإصعاد وما انحدروا

دَارَةُ الجُثوم : لبني الأضبط بن كلاب ، والجثوم : ماء لهم يصدر في دارة البيضاء.

دارَةُ جُدَّى : قال الأفوه الأودي :

بدارات جدّى أو بصارات جنبل

إلى حيث حلّت من كثيب وعزهل

دَارة جُلْجُل : قال ابن السكيت في تفسير قول امرئ القيس :

ألا ربّ يوم لك منهنّ صالح ،

ولا سيّما يوم بدارة جلجل

قال : دارة جلجل بالحمى ويقال بغمر ذي كندة ، وقال عمرو بن الخثارم البجلي :

وكنّا كأنّا يوم دارة جلجل

مدلّ على أشباله يتهمهم

وقال ابن دريد في كتاب البنين والبنات : دارة جلجل بين شعبى وبين حسلات وبين وادي المياه وبين البردان ، وهي دار الضباب ممّا يواجه نخيل بني فزارة ، وفي كتاب جزيرة العرب للأصمعي : دارة جلجل من منازل حجر الكندي بنجد.

دَارَةُ الجُمْد : قال الفراء : الجماد الحجارة ، واحدها جمد ، قال عمارة :

ألا يا ديار الحيّ من دارة الجمد ،

سلمت على ما كان من قدم العهد

دَارَةُ جُهْدٍ : كذا وجدته في شعر الأفوه الأودي حيث قال :

فردّ عليهم ، والجياد كأنها

قطا سارب يهوي هويّ المحجّل

بدارات جهد ، أو بصارات جنبل

إلى حيث حلّت من كثيب وعزهل

دارةُ جَوْداتٍ : قال الجميح :

إذا حللت بجودات ودارتها ،

وحال دوني من حواء عرنين ،

عرفتم أن حقي غير منتزع ،

وأن سلمكم سلم لها حين

دارةُ الخَوْجِ : والخرج خلاف الدخل ، وهو لغة في الخراج ، ومنه : اجعل لنا خرجا ، ذكر في الخرج ، قال المخبّل :

محبّسة في دارة الخرج لم تذق

بلالا ، ولم يسمح لها بنجيل

دارة الخَلاءة : وهو الحران في الناقة كما يقال في غيرها حرن.

دارة الخنَازيرِ : ولا أبعد أن تكون التي بعدها إلّا أنّ العجير هكذا جاء بها فقال :

ويوما بدارات الخنازير لم يئل

من الغطفانيّين إلا المشرّد

دَارة خِنزَرٍ : ويقال خنزر ، بالفتح والكسر ، قال الجعدي :

ألمّ خيال من أميمة موهنا

طروقا ، وأصحابي بدارة خنزر


وقال الحطيئة :

إنّ الرّزيّة ، لا أبا لك ، هالك

بين الدّماخ وبين دارة خنزر

ورواه ثعلب دارة منزر ، وقال العجير :

ويوم ادّركنا ، يوم دارة خنزر

وحمّاتها ، ضرب رحاب مسايره

دارةُ الخَنْزَرَيْن : من مياه حمل بن الضباب في الأرطاة ، ويقال دارة الخنزيرتين ، وقال ابن دريد : الخنزرتين وربما قالوا في الشعر دارة الخنزر ، وهي لبني حمل من الضباب ، والأرطاة تصدر فيها ، وهي ماءة للضباب.

دارة داثِرٍ : في أرض فزارة ، وداثر ماء لهم ، قال حجر بن عقبة الفزاري :

رأيت المطيّ ، دون دارة داثر ،

جنوحا أذاقته الهوان خزائمه

دارةُ دَمُّون : قال الشاعر :

إلى دارة الدّمون من آل مالك

دارة الدُّورِ : وضبطها الهنائي في كتاب المنضّد بتشديد الواو ، ورأيتها بخط يده ، وما أراه صنع شيئا ، وكان بين حجر بن عقبة وبين أخيه شيء فأراد أن ينتقل فأتى أخاه يسلم عليه ، فخرج إليه في السلاح ، فقال له : ليس لهذا جئت ، فبكى أخوه ، فقال حجر :

ألم يأت قيسا كلها أنّ عزّها ،

غداة غد ، من دارة الدّور ظاعن

هنالك جادت بالدموع موانع ال

عيون ، وشلّت للفراق الظعائن

دارَة الذئب : بنجد في ديار بني كلاب ، والله أعلم بالصواب.

دارة الذُّؤيْب : لبني الأضبط ، وهما دارتان.

دارة الرَّدْم : في أرض بني كلاب ، قال بعضهم :

لعن سخطة من خالقي ، أو لشقوة ،

تبدّلت قرقيساء من دارة الردم

دارة رُمْح : في ديار بني كلاب لبني عمرو بن ربيعة ابن عبد الله بن أبي بكر وعنده البتيلة ماء لهم باليمامة ، قال جران العود :

وأقبلن يمشين الهوينا تهاديا ،

قصار الخطى ، منهن راب ومزحف

كأنّ النّميريّ ، الذي يتّبعنه

بدارة رمح ، ظالع الرجل أحنف

يطفن بغطريف كأنّ حبيبه

بدارة رمح ، آخر الليل ، مصحف

ويروى دارة رمخ عن أبي زياد.

دارة رَفرَفٍ : بالفتح ويروى بالضم والتكرير ، وله عدة معان : الرفرف كسر الخباء وخرقة تخاط في أسفل الفسطاط ، والرفرف الذي في التنزيل قيل : هو رياض الجنة ، وقيل المجالس ، وقيل الفرش والبسط ، وقيل الوسائد ، والرفرف في هذا : الرفّ تجعل عليه طرائف البيت ، والرفرف : الرّوشن ، والرفرف : ضرب من السمك ، والرفرف : شجر مسترسل ينبت باليمن ، قال الراعي :

فدع عنك هندا والمنى ، إنما المنى

ولوع ، وهل ينهى لك الزجر مولعا؟

رأى ما أرته ، يوم دارة رفرف ،

لتصرعه يوما هنيدة مصرعا

قال ثعلب : رواية ابن الأعرابي رفرف ، بالضم ، وغيره رفرف ، بالفتح.


دارة الرِّمْرِم : قال الغامدي :

أعد نظرا ، هل ترى ظعنهم ،

وقد جاوزت دارة الرّمرم؟

دارةُ الرُّها : قال المرّار الأسدي :

برئت من المنازل ، غير شوق

إلى الدار التي بلوى أبان

ومن وادي القنان ، وأين منّي

بدارات الرّها وادي القنان؟

دارة رَهبَى : قال جرير :

بها كلّ ذيّال الأصيل كأنه ،

بدارة رهبى ، ذو سوارين رامح

دارة سَعْرٍ : وقيل سعر بالكسر ، قال ابن دريد : دارأت الحمى ثلاث : دارة عوارم ودارة وسط ، وقد ذكرتا ، ودارة سعر ، وهي لبني وقّاص من بني أبي بكر ، بها الشّطون بئر زوراء يستسقى منها بشطنين أي بحبلين.

دارة السَّلَم : قال البكّاء بن كعب بن عامر الفزاري ، وسمّي البكّاء بقوله هذا :

ما كنت أوّل من تفرّق شمله ،

ورأى الغداة من الفراق يقينا

وبدارة السّلم التي شرقيّها

دمن ، يظلّ حمامها يبكينا

دارة شُبيْث : تصغير شبث ، وهي دويبّة كثيرة الأرجل : وهي دارة لبني الأضبط ببطن الجريب ، والله أعلم.

دارة صَارَةَ : من بلاد غطفان ، قال ميدان ابن صخر :

عقلت شبيبا يوم دارة صارة ،

ويوم نضاد النّير أنت جنيب

دَارة الصفائح : بناحية الصّمّان ، قال الأفوه :

فسائل جمعنا عنّا وعنهم ،

غداة السيل بالأسل الطويل

ألم نترك سراتهم عيامى

جثوما ، تحت أرجاء الذّيول

تبكّيها الأرامل بالمآلي

بدارات الصفائح والنصيل

دارة صُلْصُلٍ : لعمرو بن كلاب وهي بأعلى دارها ، وصلصل ذكر في موضعه ، قال أبو ثمامة الصّبّاحي :

هم منعوا ما بين دارة صلصل

إلى الهضبات من نضاد وحائل

وقال جرير :

إذا ما حلّ أهلك ، يا سليمى ،

بدارة صلصل شحطوا المزارا

أبيت الليل أرقب كلّ نجم

تعرّض ثم أنجد ثم غارا

يحنّ فؤاده ، والعين تلقي

من العبرات حولا وانحدارا

دارة عَسْعَسٍ : لبني جعفر ، وعسعس : جبل طويل أحمر على فرسخ من وراء ضرية لبني جعفر ، وقد ذكر عسعس في موضعه ، وقال جهم بن سبل الكلابي :

تهدّدني وأوعدني مريد

بنخوته ، وأفرده الضّجاج

فلما أن رأى البزرى جميعا ،

بدارة عسعس ، سكت النباج

بمرهفة ترى السّفراء فيها

كأنّ وجوههم عصب نضاج


حلفت ، لأنتجنّ نساء سلمى

نتاجا كان أكثره الخداج

دَارَةُ عَوَارِمَ : قال ابن دريد : دارأت الحمى ثلاث إحداهنّ دارة عوارم ، وعوارم : هضب وماء للضباب ولبني جعفر.

دَارَةُ عُوَيْج : تصغير عوج أو عاج ، وكله معروف.

دَارَةُ غُبيْر : بالغين معجمة ، وهو تصغير غبرة أو غبار أو غابر ، وهو الماضي والباقي ، تصغير الترخيم في الجميع : وهو لبني الأضبط ، ولهم بها ماء يقال له غبير.

دَارَةُ الغُزَيِّل : تصغير الغزال : لبني الحارث بن ربيعة بن أبي بكر بن كلاب.

دَارَةُ فَرْوَع : موضع في بلاد هذيل ، قال :

رأيت الألى يلحون في جنب مالك

قعودا لدينا ، يوم دارة فروع

ويروى راحة فروع ، وقد ذكر بقية هذه الأبيات في راحة فروع.

دارَةُ القَدَّاح : بالفتح ، وتشديد الدال : موضع في ديار بني تميم ، عن الحازمي ، ووجدته عن غيره دارة القداح ، بكسر أوله وتخفيف الدال ، كأنه جمع قدح ، عن ابن السكّيت.

دَارَةُ قُرْح : بوادي القرى ، وأنشد أبو عمرو :

حبسن ، في قرح وفي داراتها ،

سبع ليال غير معلوماتها

وقرح : هو الوادي الذي هلك فيه قوم عاد قرب وادي القرى.

دَارَةُ القَلْتَين : في ديار نمير من وراء ثهلان ، قال بشر بن أبي خازم :

ألمّ خيالها بلوى حبيّ ،

وصحبي بين أرحلهم هجوع

فهل تقضي لبانتها إلينا ،

بحيث انتابنا منها سريع

سمعت بدارة القلتين صوتا

لحنتمة ، الفؤاد به مضوع

دَارَةُ كَبد : لبني أبي بكر بن كلاب ، وكبد : هضبة حمراء بالمضجع.

دَارَةُ الكَبَشات : بالتحريك : للضباب وبني جعفر ، وكبشات : أجبل في ديار بني ذؤيبة بهنّ هراميت ، وهي ماء لهم ، وبها البكرة ، والله أعلم بالصواب.

دَارَة الكَور : بفتح الكاف في شعر الراعي ، قال :

خبّرت أن الفتى مروان يوعدني ،

فاستبق بعض وعيدي أيها الرجل

وفي تدوم إذ اغبرّت مناكبه ،

أو دارة الكور عن مروان معتزل

رواه ابن الأعرابي بفتح الكاف وغيره بضمها.

دَارَة ماسَل : في ديار بني عقيل ، ومأسل : نخل وماء لعقيل ، قال عمرو بن لجإ :

لا تهج ضبّة ، يا جرير ، فإنهم

قتلوا من الرؤساء ما لم يقتل

قتلوا شتيرا بابن غول وابنه

وابني هشيم ، يوم دارة مأسل

وقال ذو الرّمّة :

هجائن من ضرب العصافير ضربها ،

أخذنا أباها يوم دارة مأسل

العصافير : إبل كانت للنعمان بن المنذر ، ويقال كانت أولا لقيس.


دَارَةُ مِحْصَرٍ : ويقال محصن : في ديار بني نمير في طرف ثهلان الأقصى ، وقد ذكر اشتقاق محصن في موضعه.

دَارَةُ المَرْدَمَة : لبني مالك بن ربيعة بن عبد الله بن أبي بكر ، ويصدر فيها مريخة ، ومريخة ماء لهم عذب ، والمردمة : جبل لبني مالك ، وهو أسود عظيم يناوحه سواج.

دَارَةُ المَرَوراتِ : قال زهير :

تربّص فإن تقو المرورات منهم

وداراتها لا تقو منهم إذا نخل

دَارَةُ مَعْرُوف : بالحمى.

دَارَةُ المكامن : لبني نمير في ديار بني ظالم.

دَارَةُ مَكْمِنٍ : في بلاد قيس ، وقد ذكر مكمن في موضعه ، فيها يقول الراعي :

عرفت بها منازل آل حبّي ،

فلم تملك من الطّرب العيونا

بدارة مكمن ، ساقت إليها

رياح الصيف أرآما وعينا

دَارَةُ مَلْحُوبٍ : قال الشاعر :

إن تقتلوا ابن أبي بكر ، فقد قتلت

حجرا ، بدارة ملحوب ، بنو أسد

دارَةُ مَنزَرٍ : في قول الحطيئة :

إن الرّزيّة لا رزيّة مثلها ،

فاقني حياءك ، لا أبا لك ، واصبري

إن الرزية لا ، أبا لك ، هالك

بين الدّماخ وبين دارة منزر

دَارَةُ مواضيع : هكذا ضبطه العمراني ، ولم يذكر موضعها.

دَارَةُ مَوْضوع : قال الحصين بن الحمام المرّي :

جزى الله أفناء العشيرة كلّها ،

بدارة موضوع ، عقوقا ومأثما

بني عمنا الأدنين منهم ورهطنا

فزارة ، إذ أرمت من الأمر معظما

فلما رأيت الودّ ليس بنافعي ،

وإن كان يوما ذا كواكب مظلما

صبرنا ، وكان الصبر منا سجيّة

بأسيافنا يقطعن كفّا ومعصما

يفلّقن هاما من رجال أعزّة

علينا ، وهم كانوا أعقّ وأظلما

دَارَةُ النّصاب : قال الأفوه :

تركنا الأزد يبرق عارضاها

على ثجر ، فدارات النصاب

دَارةُ واسِط : قال بعضهم :

بما قد أرى الدارات ، دارأت واسط ،

فما قابلت ذات الصليل فجلجل

وقال أعرابيّ وقتل ذئبا :

أقول له ، والنبل تكوي إهابه

إلى جانب المعزاء : يا آل ثارات

قلائص أصحابي وغيري ، فلم أكن ،

إذا ما كبا ، الرّعديد ذا كبوات

فأنقذت منه أهل دارة واسط ،

وأنصله ينصلن منحدرات

دَارَةُ وَسط : وقد تحرك السين وتسكن ، قال ابن دريد : دارأت الحمى ثلاث ، إحداهن دارة عوارم ، وقد ذكرت ، ودارة وسط : وهو جبل عظيم طويل على أربعة أميال من وراء ضرية لبني جعفر ، ويقال


دارة وسط ، بالتحريك ، وقال :

دعوت الله ، إذ شقيت عيالي

ليرزقني لدى وسط طعاما

فأعطاني ضريّة ، خير أرض ،

تمجّ الماء والحبّ التّؤاما

دارَةُ وشْجى : بفتح الواو وقد تضم ، قال المرّار :

حيّ المنازل! هل من أهلها خبر

بدور وشجى ، سقى داراتها المطر

وقال سماعة أو هذيل ابنه :

لعمرك! إني ، يوم أسفل عاقل

ودارة وشجيّ الهوى ، لتبوع

دَارَةُ هَضْبٍ : ويقال لها دارة هضب القليب ، قال جميل :

أشاقك عالج فإلى الكثيب

إلى الدارات من هضب القليب

وقال الأفوه الأودي :

ونحن الموردون شبا العوالي

حياض الموت بالعدد المثاب

تركنا الأزد يبرق عارضاها

على ثجر ، فدارات الهضاب

وثجر : بأرض اليمن قرب نجران لبني الحارث بن كعب.

دَارَةُ اليَعْضيدِ : قال بعضهم :

أو ما ترى أظعانهم مجرورة

بين الدّخول ، فدارة اليعضيد؟

وقال آخر :

واحتثّها الحادي بهيد هيد ،

كذا لقرب قسقس كؤود

فصبّحت من دارة اليعضيد ،

قبل هتاف الطائر الغرّيد

دارَةُ يَمْعونَ : بالنون وقد يروى بالزاي ، وهو جيّد ، قال :

بدارة يمعون إلى جنب خشرم

داريّا : قرية كبيرة مشهورة من قرى دمشق بالغوطة ، والنسبة إليها داراني على غير قياس ، وبها قبر أبي سليمان الداراني وهو عبد الرحمن بن أحمد بن عطيّة الزاهد ، ويقال أصله من واسط ، روى عن الربيع ابن صبيح وأهل العراق ، روى عنه صاحبه أحمد بن أبي الحواري والقاسم الجوعي وغيرهما ، وتوفي بداريّا سنة ٢٣٥ ، وقبره بها معروف يزار ، وابنه سليمان من العبّاد والزهاد أيضا ، مات بعد أبيه بسنتين وشهر في سنة ٢٣٧ ، قال أحمد بن أبي الحواري : اجتمعت أنا وأبو سليمان الداراني ومضينا في المسجد فتذاكرنا الشّهوات من أصابها عوقب ومن تركها أثيب ، قال : وسليمان بن أبي سليمان ساكت ، ثم قال لنا : لقد أكثرتم منذ العشية ذكر الشهوات أما أنا فأزعم أن من لم يكن في قلبه من الآخرة ما يشغله عن الشهوات لم يغن عنه تركها ، وأيضا من داريّا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر أبو عتبة الأزدي الداراني ، روى عن أبي الأشعث الصنعاني وأبي كبشة السلولي والزهري ومكحول وغيرهم كثير ، روى عنه ابنه عبد الله بن عبد الرحمن وعبد الله بن المبارك والوليد بن مسلم وعبد الله بن كثير العاقل الطويل وخلق كثير سواهم ، وكان يعدّ في الطبقة الثانية من فقهاء الشام من الصحابة ، وكان من الأعيان المشهورين ، وسليمان بن حبيب أبو بكر ، وقيل أبو ثابت ، وقيل أبو أيوب المحاربي الداراني قاضي دمشق


لعمر بن عبد العزيز ويزيد وهشام ابني عبد الملك قضى لهم ثلاثين سنة ، روى عن أنس بن مالك وأبي هريرة ومعاوية بن أبي سفيان وأبي أسامة الباهلي وغيرهم ، روى عنه عمر بن عبد العزيز ، وهو من رواة الأوزاعي ، وبرد بن سنان وعثمان بن أبي العاتكة وغيرهم ، وكان ثقة مأمونا ، ومن داريّا عبد الجبار بن عبد الله بن محمد بن عبد الرحيم ، ويقال عبد الرحمن بن داود أبو علي الخولاني الداراني يعرف بابن مهنّا ، له تاريخ داريّا ، روى عن الحسن بن حبيب وأحمد ابن سليمان بن جزلة ومحمد بن جعفر الخرائطي وأحمد ابن عمير بن جوصا وأبي الجهم بن طلّاب وغيرهم ، روى عنه أبو الحسن علي بن محمد بن طوق الطبراني وتمام بن محمد وأبو نصر المبارك وغيرهم ولم يذكر وفاته.

دارِينُ : فرضة بالبحرين يجلب إليها المسك من الهند ، والنسبة إليها داريّ ، قال الفرزدق :

كأنّ تريكة من ماء مزن

وداريّ الذكيّ من المدام

وفي كتاب سيف : أن المسلمين اقتحموا إلى دارين البحر مع العلاء بن الحضرمي فأجازوا ذلك الخليج بإذن الله جميعا يمشون على مثل رملة ميثاء فوقها ماء يغمر أخفاف الإبل ، وإن ما بين الساحل ودارين مسيرة يوم وليلة لسفر البحر في بعض الحالات ، فالتقوا وقتلوا وسبوا فبلغ منهم الفارس ستة آلاف والراجل ألفين ، فقال في ذلك عفيف بن المنذر :

ألم تر أن الله ذلّل بحره ،

وأنزل بالكفّار إحدى الجلائل؟

دعونا الذي شق البحار ، فجاءنا

بأعجب من فلق البحار الأوائل

قلت أنا : وهذه صفة أوال أشهر مدن البحرين اليوم ، ولعل اسمها أوال ودارين ، والله أعلم ، فتحت في أيام أبي بكر ، رضي الله عنه ، سنة ١٢ ، وقال محمد ابن حبيب : هي الداروم ، وهي بليدة بينها وبين غزة أربعة فراسخ ، فتكون غير التي بالبحرين.

الدَّارَين : هو ربض الدارين بحلب ، ذكر في ربض الدارين ، وقد ذكره عيسى بن سعدان الحلبي في مواضع من شعره فقال :

يا سرحة الدارين! أيّة سرحة

مالت ذوائبها عليّ تحنّنا

أرسى بواديك الغمام ، ولا غدا

نفس الخزامى الحارثيّ وحوشنا

أمنفّرين الوحش من أبياتكم

حبّا لظبيكم أسا ، أو أحسنا

أشتاقه ، والأعوجيّة دونه ،

ويصدّني عنه الصوارم والقنا

وقال الأعشى :

وكأس كعين الديك باكرت خدرها

بفتيان صدق ، والنواقيس تضرب

سلاف كأن الزعفران وعند ما

يصفّق في ناجودها ثم يقطب

لها أرج في البيت عال كأنه

ألمّ به من بحر دارين أركب

دَاسِرُ : مدينة بينها ، بين زبيد اليمن ليلة ، كان بها عليّ بن مهدي الحميري الخارجي على زبيد والمتملّك لها وهي بخولان.

دَاسِنُ : بالنون : اسم جبل عظيم في شمالي الموصل من جانب دجلة الشرقي ، فيه خلق كثير من طوائف الأكراد يقال لهم الداسنية.


داشيلوا : قرية بينها وبين الريّ اثنا عشر فرسخا ، بها كان مقتل تاج الدولة تتش بن ألب أرسلان في صفر سنة ٤٨٨ ، والله أعلم.

داعِيَةُ : في كتاب دمشق : عثمان بن عنبسة بن أبي محمد ابن عبد الله بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان الأموي كان من ساكني كفر بطنا من إقليم داعية ، ذكره ابن أبي العجائز فيمن كان يسكن الغوطة من بني أمية.

الدّالِيَةُ : واحدة الدوالي التي يستقى بها الماء للزرع : مدينة على شاطئ الفرات في غربيه بين عانة والرحبة صغيرة ، بها قبض على صاحب الخال القرمطي الخارجي بالشام ، لعنه الله.

دَامانُ : قرية قرب الرافقة بينهما خمسة فراسخ ، وهي بإزاء فوهة نهر النّهيا ، وإليها ينسب التفّاح الداماني الذي يضرب بحمرته المثل ، يكون ببغداد ، قال الصريع :

وحياتي ما آلف الداماني ،

لا ولا كان في قديم الزمان

ينسب إليها أحمد بن فهر بن بشير الداماني مولى بني سليم يقال له فهر الرّقّي ، روى عن جعفر بن رفال ، روى عنه أيوب الوزّان وأهل الجزيرة ، وتوفي بعد المائتين.

دَامَغانُ : بلد كبير بين الريّ ونيسابور ، وهو قصبة قومس ، قال مسعر بن مهلهل : الدامغان مدينة كثيرة الفواكه وفاكهتها نهاية ، والرياح لا تنقطع بها ليلا ولا نهارا ، وبها مقسم للماء كسرويّ عجيب ، يخرج ماؤه من مغارة في الجبل ثم ينقسم إذا انحدر عنه على مائة وعشرين قسما لمائة وعشرين رستاقا لا يزيد قسم على صاحبه ، ولا يمكن تأليفه على غير هذه القسمة ، وهو مستطرف جدّا ما رأيت في سائر البلدان مثله ولا شاهدت أحسن منه ، قال : وهناك قرية تعرف بقرية الجمّالين فيها عين تنبع دما لا يشك فيه لأنه جامع لأوصاف الدم كلها ، إذا ألقي فيه الزيبق صار لوقته حجرا يابسا صلبا متفننا ، وتعرف هذه القرية أيضا بغنجان وبالدامغان ، فيها تفاح يقال له القومسي ، جيد حسن أحمر يحمل إلى العراق ، وبها معادن زاجات وأملاح ولا كباريت فيها ، وفيها معادن الذهب الصالح ، وبينها وبين بسطام مرحلتان ، قلت أنا : جئت إلى هذه المدينة في سنة ٦١٣ مجتازا بها إلى خراسان ، ولم أر فيها شيئا مما ذكره لأني لم أقم بها ، وبينها وبين كردكوه قلعة الملاحدة يوم واحد ، والواقف بالدامغان يراها في وسط الجبال ، وقد نسب إلى الدامغان جماعة وافرة من أهل العلم ، منهم : إبراهيم ابن إسحاق الزّرّاد الدامغاني ، روى عن ابن عيينة ، روى عنه أحمد بن سيار ، وقاضي القضاة أبو عبد الله محمد بن عليّ بن محمد بن الدامغاني حنفيّ المذهب ، تفقه على أبي عبد الله الضميري ببغداد وسمع الحديث من أبي عبد الله محمد بن عليّ الصوريّ ، روى عنه عبد الله الأنماطي وغيره ، وكانت ولادته بالدامغان سنة ٤٠٠ ، وقد ولي قضاء القضاة ببغداد غير واحد من ولده.

الدَّامُ : والأدمى والرّوحان : من بلاد بني سعد ، قاله السكري في شرح قول جرير :

يا حبذا الخرج ، بين الدام والأدمى ،

فالرّمث من برقة الرّوحان فالغرف

وقال أيضا :

قد غيّر الرّبع بعد الحيّ إقفار ،

كأنه مصحف يتلوه أحبار

ما كنت جرّبت من صدق ولا صلة

للغانيات ، ولا عنهنّ إقصار


أسقى المنازل ، بين الدام والأدمى ،

عين تحلّب بالسعدين مدرار

قال الحفصي : الدام والأدمى من نواحي اليمامة.

دَاموس : بلد بالمغرب من بلاد البربر من البرّ الأعظم قرب جزائر بني مزغنّاي ، منه أبو عمران موسى بن سليمان اللخمي الداموسي ، سكن المريّة وكان من القراء ، قرأ على أبي جعفر أحمد بن سليمان الكاتب المعروف بابن الربيع.

دَانَا : قرية قرب حلب بالعواصم في لحف جبل لبنان قديمة ، وفي طرفها دكّة عظيمة سعتها سعة ميدان منحوتة في طرف الجبل على تربيع مستقيم وتسطيح مستو ، وفي وسط ذلك التسطيح قبة فيها قبر عاديّ لا يدرى من فيه.

دانيث : بلد من أعمال حلب بين حلب وكفر طاب.

دانِيةُ : بعد الألف نون مكسورة بعدها ياء مثناة من تحت مفتوحة : مدينة بالأندلس من أعمال بلنسية على ضفة البحر شرقا مرساها عجيب يسمى السّمّان ، ولها رساتيق واسعة كثيرة التين والعنب واللوز ، وكانت قاعدة ملك أبي الجيش مجاهد العامري ، وأهلها أقرأ أهل الأندلس لأن مجاهدا كان يستجلب القراء ويفضل عليهم وينفق عليهم الأموال ، فكانوا يقصدونه ويقيمون عنده فكثروا في بلاده ، ومنها شيخ القراء أبو عمرو

عثمان بن سعيد الداني صاحب التصانيف في القراءات والقرآن ، قال عليّ بن عبد الغني الحصري يرثي ولديه :

أستودع الله لي ، بدانية

وسيّة ، فلذتين من كبدي

خير ثواب ذخرته لهما

توكّلي فيهما على الصّمد

داوَرُ : وأهل تلك الناحية يسمونها زمنداور ومعناه أرض الداور : وهي ولاية واسعة ذات بلدان وقرى مجاورة لولاية رخّج وبست والغور ، قال الإصطخري : الداور اسم إقليم خصيب وهو ثغر الغور من ناحية سجستان ومدينة الداورتل ودرغور ، وهما على نهر هندمند ، ولما غلب عبد الرحمن بن سمرة بن حبيب على ناحية سجستان في أيام عثمان سار إلى الداور على طريق الرّخّج فحصرهم في جبل الزّون ثم صالحهم على أن عدة من معه من المسلمين ثمانية آلاف ، ودخل على الزّون وهو صنم من ذهب عيناه ياقوتتان فقطع يديه وأخذ الياقوتتين ، ثم قال للمرزبان : دونكم الذهب والجواهر وإنما أردت أن أعلمك أنه لا ينفع ولا يضرّ ، وينسب إليه عبد الله بن محمد الداوري ، سمع أبا بكر الحسين بن عليّ بن أحمد بن محمد بن عبد الملك بن الزيات ، وأبو المعالي الحسن بن عليّ بن الحسن الداوري ، له كتاب سماه منهاج العابدين ، وكان كبيرا في المذهب فصيحا له شعر مليح ، فأخذه من لا يخاف الله ونسبه إلى أبي حامد الغزّالي فكثر في أيدي الناس لرغبتهم في كلامه ، وليس للغزّالي في شيء من تصانيفه شعر ، وهذا من أدل الدليل على أنه كتاب من تصنيف غيره ، وما حكي في المصنف عن عبد الله بن كرّام فقد أسقط منه لئلا يظهر للمتصفح كتبه في سنة ٤٤٥ بالقدس ، قال ذلك السلفي.

داوردَانُ : بفتح الواو ، وسكون الراء ، وآخره نون : من نواحي شرقي واسط بينهما فرسخ ، قال ابن عباس في قوله عز وجل : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ) ، قال : كانت قرية يقال لها داوردان وقع بها الطاعون فهرب عامة أهلها فنزلوا ناحية منها فهلك بعض من أقام في


القرية وسلم الآخرون ، فلما ارتفع الطاعون رجعوا سالمين ، فقال من بقي ولم يمت في القرية : أصحابنا هؤلاء كانوا أحزم منا ، لو صنعنا كما صنعوا سلمنا ولئن وقع الطاعون ثانية لنخرجن ، فوقع الطاعون فيها قابلا فهربوا وهم بضعة وثلاثون ألفا حتى نزلوا ذلك المكان ، وهو واد أفيح ، فناداهم ملك من أسفل الوادي وآخر من أعلاه أن موتوا فماتوا ، فأحياهم الله تعالى بحزقيل في ثيابهم التي ماتوا فيها ، فرجعوا إلى قومهم أحياء يعرفون أنهم كانوا موتى حتى ماتوا بآجالهم التي كتبت عليهم ، وبني في ذلك الموضع الذي حيوا فيه دير يعرف بدير هزقل ، وإنما هو حزقيل ، وينسب إلى داوردان من المتأخرين أحمد بن محمد ابن عليّ بن الحسين الطائي أبو العباس يعرف بابن طلامي ، شيخ صالح من أهل القرآن ، قدم بغداد وسمع بها من أبي القاسم إسماعيل بن أحمد السمرقندي وغيره ، ورجع إلى بلده فأقام به مشتغلا بالرياضة والمجاهدة ، مات في سابع شهر رمضان سنة ٥٥٤ ، وحضر جنازته أكثر أهل واسط.

داوُودَان : بلدة من نواحي البصرة ، يكثر فيها هذا الوزن كزيادان وعبد اللان بأن ينسبوا إليها بالألف والنون ، منها محمد بن عبد العزيز الداووداني ، روى عن عيسى بن يونس الرملي ، روى عنه أبو عبد الله محمد بن عبد الله الرّصافي.

الدَّاهِرِيّة : قرية ببغداد يضرب بها المثل في الخصب والرّيع ، لأن عامة بغداد كثيرا ما يقول بعضهم لبعض إذا بالغ : لو أن لك عندي الداهرية ما زاد! وأيش لك عندي خراج الداهرية! وما ناسب ذلك القول ، وهي ما بين المحوّل والسندية من أعمال بادوريا ، قال ابن الصابي في كتاب بغداد : كنت أعرف مما بين المحوّل والسندية والمسافة خمسة فراسخ أكثر من عشرة آلاف رأس نخلا ، منها بالداهرية وحدها ألفان وثمانمائة ، ولم يبق الآن إلا شيء يسير متفرق متبدد لا يجمع منه مائتا رأس ، وقد نسب إليها من المتأخرين عبد السلام بن عبد الله بن أحمد بن بكران الداهري ، روى عن سعيد بن البنّاء وأبي بكر الزاغوني وأبي الوقت وهو حيّ في وقتنا هذا سنة ٦٢٠ ، وأبوه عبد الله يروي أيضا عن أبي محمد عبد الله بن عليّ المقري المعروف بابن بنت الشيخ وغيره ، ومات في محرم سنة ٥٧٥.

دَايانُ : حصن من أعمال صنعاء باليمن.

باب الدال والباء وما يليهما

دَبا : بفتح أوله ، والقصر ، والدّبا : الجراد قبل أن يطير ، قال الأصمعي : سوق من أسواق العرب بعمان وهي غير دما ، ودما أيضا من أسواق العرب ، كلاهما عن الأصمعي ، وبعمان مدينة قديمة مشهورة لها ذكر في أيام العرب وأخبارها وأشعارها ، وكانت قديما قصبة عمان ، ولعلّ هذه السوق المذكورة فتحها المسلمون في أيام أبي بكر الصديق ، رضي الله عنه ، عنوة سنة ١١ وأميرهم حذيفة بن محصن فقتل وسبى ، قال الواقدي : قدم وفد الأزد من دبا مقرّين بالإسلام على رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، فبعث عليهم مصدقا منهم يقال له حذيفة بن محصن البارقي ثم الأزدي من أهل دبا ، فكان يأخذ صدقات أغنيائهم ويردها إلى فقرائهم ، وبعث إلى النبي ، صلى الله عليه وسلم ، بفرائض لم يجد لها موضعا ، فلما مات رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، ارتدّوا فدعاهم إلى النزوع فأبوا وأسمعوه شتما لرسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، وأبي بكر ، فكتب حذيفة بذلك إلى أبي بكر ، رضي الله عنه ، فكتب أبو بكر إلى


عكرمة بن أبي جهل وكان النبي ، صلى الله عليه وسلم ، استعمله على صدقات عامر ، فلما مات النبي ، صلى الله عليه وسلم ، انحاز عكرمة إلى تبالة أن سر فيمن قبلك من المسلمين ، وكان رئيس أهل الردّة لقيط بن مالك الأزدي ، فجهز لقيط إليهم جيشا فالتقوا فهزمهم الله وقتل منهم نحو مائة حتى دخلوا مدينة دبا فتحصنوا بها وحاصرهم المسلمون شهرا أو نحوه ولم يكونوا استعدوا للحصار ، فأرسلوا إلى حذيفة يسألونه الصلح ، فقال : لا أصالح إلا على حكمي ، فاضطروا إلى النزول على حكمه ، فقال : اخرجوا من مدينتكم عزلا لا سلاح معكم ، فدخل المسلمون حصنهم ، فقال : إني قد حكمت فيكم أن أقتل أشرافكم وأسبي ذراريكم ، فقتل من أشرافهم مائة رجل وسبى ذراريهم وقدم بسبيهم المدينة فاختلف المسلمون فيهم ، وكان فيهم أبو صفرة أبو المهلّب غلام لم يبلغ ، فأراد أبو بكر ، رضي الله عنه ، قتل من بقي من المقاتلة ، فقال عمر ، رضي الله عنه : يا خليفة رسول الله هم مسلمون إنما شحّوا بأموالهم والقوم يقولون ما رجعنا عن الإسلام ، فلم يزالوا موقوفين حتى توفي أبو بكر فأطلقهم عمر ، رضي الله عنه ، فرجع بعضهم إلى بلاده وخرج أبو المهلّب حتى نزل البصرة وأقام عكرمة بدبا عاملا لأبي بكر ، رضي الله عنه.

دُبَّا : بضم أوله ، وتشديد ثانيه : من نواحي البصرة فيها أنهار وقرى ، ونهرها الأعظم الذي يأخذ من دجلة حفره الرشيد ، والدّبّاء : القثّاء ، ممدود ، وبالقصر : الشاة تحبس في البيت للّبن.

دَبابُ : بفتح أوله ، وتخفيف ثانيه ، وآخره باء موحدة أيضا : جبل في ديار طيّء لبني شيعة بن عوف بن ثعلبة بن سلامان بن ثعل ، وفيهم المثل : عمل عمل شيعة. ودباب أيضا : ماء بأجإ ، والدّبّة : الكثيب من الرمل ، ولعله منه.

دِبابٌ : بكسر أوله ، وبعد الألف باء موحدة : موضع بالحجاز كثير الرمل ، والدّبّة : الكثيب من الرمل ، والدّباب جمعه فيما أحسب ، قال أبو محمد الأعرابي في قول الرّاجز :

يا عمرو! قارب بينها تقرّب ،

وارفع لها صوت قويّ صلّب

واعص عليها بالقطيع تغضب ،

ألا ترى ما حال دون المقرب

من نعف فلّا فدباب المعتب

قال : فلّا من دون الشام ، والمعتب واد دون مآب بالشام ، ومآب كورة من كور الشام ، ودباب ثنايا يأخذها الطريق ، والله أعلم.

دَبَّابُ : بالتشديد في شعر الراعي : موضع ، عن نصر.

دَبالَةُ : بفتح أوله : موضع بالحجاز ، قال الحازمي : وقد يختلف في لفظه.

دَباوَنْد : بفتح أوله ويضم ، وبعد الواو المفتوحة نون ساكنة ، وآخره دال ، ويقال دنباوند أيضا بنون قبل الباء ، ويقال دماوند بالميم أيضا : كورة من كور الري بينها وبين طبرستان ، فيها فواكه وبساتين وعدّة قرى عامرة وعيون كثيرة ، وهي بين الجبال ، وفي وسط هذه الكورة جبل عال جدّا مستدير كأنه قبة ، رأيته ولم أر في الدنيا كلها جبلا أعلى منه يشرف على الجبال التي حوله كإشراف الجبال العالية على الوطاء ، يظهر للناظر إليه من مسيرة عدّة أيام ، والثلج عليه ملتبس في الصيف والشتاء كأنه البيضة ، وللفرس فيه خرافات عجيبة وحكايات غريبة ، هممت بسطر شيء منها ههنا فتحاشيت من القدح في


رأيي فتركتها ، وجملتها أنهم يزعمون أن أفريدون الملك لما قبض على بيوراسف الجبار سجنه في السلاسل على صفة عجيبة وأنه حبسه في هذا الجبل وقيده وأنه إلى الآن حيّ موجود فيه لا يقدر أحد أن يصعد إلى الجبل فيراه وأنه يصعد من ذلك الجبل دخان يضرب إلى عنان السماء وأنه أنفاس بيوراسف وأنه رتب عليه حرّاسا يضربون حوله بالمطارق على السنادين إلى الآن وأشياء من هذا الجنس ما أوردته بأسره وتركت الباقي تحاشيا ، وسنذكر شيئا من خبره في دنباوند ، وقال : ولد بها تابعيّ مشهور رأى أنس بن مالك ولم يسمع منه وسمع من التابعين الكبار.

دَبَاها : قرية من نواحي بغداد من طسّوج نهر الملك ، لها ذكر في أخبار الخوارج ، قال الشاعر :

إن القباع سار سيرا ملسا ،

بين دبيرا ودباها خمسا

دِبْثَا : بكسر أوله ، وسكون ثانيه ، وثاء مثلثة ، مقصور : قرب واسط ، يقال دبيثا أيضا ، نسبوا إليها أبا بكر محمد بن يحيى بن محمد بن روزبهان يعرف بابن الدّبثاني ، سمع أبا بكر القطيعي وغيره ، روى عنه الحافظ أبو بكر الخطيب ، ومات في صفر سنة ٤٣٢ ، ومولده في محرم سنة ٣٤٨.

الدَّبْرُ : بفتح أوله ، وسكون ثانيه ، وراء ، ذات الدّبر : ثنية ، قال ابن الأعرابي : وصحّفه الأصمعي فقال ذات الدّير بنقطتين من تحت. ودبر أيضا : جبل جاء ذكره في الحديث ، قال السكوني : هو بين تيماء وجبلي طيّء.

دَبَرُ : بفتح أوله وثانيه : قرية من نواحي صنعاء باليمن ، عن الجوهري ، ينسب إليها أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم بن عبّاد الدّبري الصنعاني ، حدث عن عبد الرزاق بن همام ، روى عنه أبو بكر بن المنذر والطبراني وجماعة.

دُبْزَنُ : بضم أوله ، وسكون ثانيه ثم زاي مفتوحة ، وآخره نون ، والصحيح دبزند : من قرى مرو عند كمسان على خمسة فراسخ من البلد ، ينسب إليها أبو عثمان قريش بن محمّد الدّبزني ، كان أديبا فاضلا ، حدث عن عمّار بن مجاهد الكمساني ، وتوفي سنة ٢٤٨.

دُبزَنْدُ : مثل الذي قبلها بزيادة دال : وهي القرية التي قبلها بعينها من أعمال مرو.

دَبْقا : من قرى مصر قرب تنّيس ، تنسب إليها الثياب الدّبيقية على غير قياس ، كذا ذكره حمزة الأصبهاني ، وسألت المصريّين عنها فقالوا : ديبق بلد قرب تنّيس بينها وبين الفرما خرب الآن.

دُبُّلُ : بضم أوله ، وتشديد ثانيه : موضع في شعر العجّاج.

دَبُوبُ : آخره مثل ثانيه ، وأوله مفتوح : موضع في جبال هذيل ، قال ساعدة بن جؤيّة الهذلي :

وما ضرب بيضاء يسقي دبوبها

دفاق فعروان الكراث فضيمها

ويروى دبورها جمع دبر وهو النحل ، رواهما السكّري.

دَبُّورِيَةُ : بليد قرب طبرية من أعمال الأردنّ ، قال أحمد بن منير :

لئن كنت في حلب ثاويا ،

فنجني الغبير بدبّوريه

دَبُوسِيَةُ : بليد من أعمال الصّغد من ما وراء النهر ، منها أبو زيد الدّبوسي ، وهو عبيد الله بن عمر بن عيسى صاحب كتاب الأسرار وتقويم الأدلة ، وكان من كبار فقهاء أبي حنيفة وممن يضرب به المثل ،


مات ببخارى سنة ٤٠٣ ، ومنها أبو الفتح ميمون بن محمد بن عبد الله بن بكر مجّ الدّبوسي ، سكن مرو ، كان شيخا صالحا من فقهاء الشافعية ، تفقه على أبي المظفر السمعاني ، وتوفي سنة نيف وثلاثين وخمسمائة بمرو ، وابنه أبو القاسم محمود بن ميمون ، تفقه هو وأبو زيد السمعاني مشتركين في الدرس ، وسمع الحديث من أبي عبد الله الفراوي وأبي المظفر عبد المنعم بن أبي القاسم القشيري ، ومنها أبو القاسم علي ابن أبي يعلى بن زيد بن حمزة بن محمد بن عبد الله الحسيني العلوي الدبوسي الفقيه الشافعي ، ولي التدريس بالمدرسة النظامية ببغداد ، وكان إماما في الفقه والأصول والأدب ، وكان من فحول المناظرين ، سمع أبا عمرو القنطري وأبا سهل أحمد بن علي الأبيوردي وغيرهما ، روى عنه أبو الفضل محمد بن أبي الفضل المسعودي وعبد الوهاب الأنماطي وغيرهما ، توفي ببغداد سنة ٤٣٢ ، وأما أحمد بن عمر بن نصير ابن حامد بن أحيد بن دبوسة الدّبوسي فمنسوب إلى جده ، أسلم دبوسة على يد قتيبة بن مسلم الباهلي سنة ٩٣.

الدَّبَةُ : بفتح أوله ، وتخفيف ثانيه : بلد بين الأصافر وبدر ، وعليه سلك النبي ، صلى الله عليه وسلم ، لما سار إلى بدر ، قاله ابن إسحاق وضبطه ابن الفرات في غير موضع ، وقال قوم : الدّبة بين الرّوحاء والصفراء ، وقال نصر : كذا يقوله أصحاب الحديث ، والصواب الدّبّة لأن معناه مجتمع الرمل ، وقد جاء دباب ودبّاب في أسماء مواضع ، قلت أنا : قال الجوهري الدّبّة التي يحط فيها الدّهن ، والدّبّة أيضا الكثيب من الرمل ، والدّبّة ، بالضم ، الطريق.

دَبَيثا : بفتح أوله وثانيه ، وياء مثناة من تحت ساكنة ، وثاء مثلثة ، مقصور : من قرى النهروان قرب باكسايا ، خرج منها جماعة من أهل العلم ، ينسب إليها دبيثاي ودبيثي ، وربما ضمّ أوله.

دَبيرا : قرية من سواد بغداد ، قال بعضهم :

إن القباع سار سيرا ملسا ،

بين دبيرا ودباها خمسا

دَبِيرٌ : بفتح أوله ، وكسر ثانيه ، وياء مثناة من تحت ، وراء : قرية بينها وبين نيسابور فرسخ ، ينسب إليها أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن يوسف ابن خرشيد الدبيري ، سمع قتيبة بن سعيد ومحمد بن أبان وإسحاق بن راهويه وجماعة ، روى عنه أبو حامد والشيوخ ، توفي سنة ٣٠٧.

الدَّبيرة : قرية بالبحرين لبني عامر بن الحارث بن عبد القيس.

دبيق : بليدة كانت بين الفرما وتنّيس من أعمال مصر ، تنسب إليها الثياب الدبيقية ، والله أعلم.

الدَّبِيقيَّة : بالفتح ثم الكسر ، وياء مثناة من تحتها ساكنة ، وقاف ، وياء نسبة : من قرى بغداد من نواحي نهر عيسى ، ينسب إليها أبو العباس أحمد بن يحيى بن بركة بن محفوظ الدّبيقي البزّاز البغدادي من دار القزّ ، كان كثير السماع والرواية ، سمع قاضي المارستان محمد بن عبد الباقي وغيره ، ومات في شهر ربيع الآخر سنة ٦١٢ ، تكلموا فيه أنه كان يثبت اسمه فيما لم يسمع مع كثرة مسموعاته.

دَبِيلٌ : بفتح أوله ، وكسر ثانيه ، بوزن زبيل ، قال أبو زياد الكلابي : وفي الرمل الدّبيل وهو ما قابلك من أطول شيء يكون من الرمل إذا واجه الصّحراء التي ليس فيها رمل فذلك الدّبيل ، وجمعها الدّبل ، وهو الكثيب الذي يقال له كثيب الرمل ، قال الشاعر :

وفحل ، لا يديّثه برحل

أخو الجعدات كالأجم الطويل


ضربت مجامع الأنساء منه ،

فخرّ الساق آدم ذا فضول

كأنّ سنامه ، إذ جرّدوه ،

نقا العزّاف قاد له دبيل

موضع يتاخم أعراض اليمامة ، قال مروان بن أبي حفصة يمدح معن بن زائدة وكان قد قصده من اليمامة إلى اليمن :

لولا رجاؤك ما تخطّت ناقتي

عرض الدبيل ، ولا قرى نجران

وقيل : هو رمل بين اليمامة واليمن ، وقال أبو الشليل النّفاثي :

كأنّ سنامه ، إذ جرّدوه

نقا العزّاف قاد له دبيل

قال السكري : العزّاف رمل معروف يسمع فيه عزيف الجن ، والنّقا : جبيل من الرمل أبيض.

ودبيل : اسم رمل معروف يقال اتصل هذا بهذا.

ودبيل أيضا : مدينة بأرمينية تتاخم أرّان ، كان ثغرا فتحه حبيب بن مسلمة في أيام عثمان بن عفان ، رضي الله عنه ، في إمارة معاوية على الشام ففتح ما مرّ به إلى أن وصل إلى دبيل فغلب عليها وعلى قراها وصالح أهلها وكتب لهم كتابا ، نسخته : هذا كتاب من حبيب بن مسلمة الفهري لنصارى أهل دبيل ومجوسها ويهودها شاهدهم وغائبهم. إني أمنتكم على أنفسكم وأموالكم وكنائسكم وبيعكم وسور مدينتكم فأنتم آمنون وعلينا الوفاء لكم بالعهد ما وفيتم وأديتم الجزية والخراج ، شهد الله (وَكَفى بِاللهِ شَهِيداً) ، وختم حبيب بن مسلمة ، قال الشاعر :

سيصبح فوقي أقتم الريش كاسرا

بقاليقلا ، أو من وراء دبيل

ينسب إليها عبد الرحمن بن يحيى الدبيلي ، يروي عن الصبّاح بن محارب وجدار بن بكر الدبيلي ، روى عن جده ، روى عنه أبو بكر محمد بن جعفر الكناني البغدادي ، وقال أبو يعقوب الخريمي يذكرها :

شقّت عليك بواكر الأظعان ،

لا بل شجاك تشتّت الجيران

وهم الألى كانوا هواك ، فأصبحوا

قطعوا ببينهم قوى الأقران

ورأيت ، يوم دبيل ، أمرا مفظعا

لا يستطيع حواره الشفتان

ودبيل من قرى الرملة ، ينسب إليها أبو القاسم شعيب ابن محمد بن أحمد بن شعيب بن بزيع بن سنان ، ويقال له ابن سوّار العبدي البزّاز الدبيلي الفقيه المعروف بابن أبي قطران ، روى عن أبي زهير أزهر بن المرزبان المقري ، حدث بدمشق ومصر عن عبد الرحمن بن يحيى الأرمني صاحب سفيان بن عيينة وسهل بن سفيان الخلاطي وأبي زكرياء يحيى بن عثمان بن صالح السهمي المصري ، روى عنه أبو سعيد عبد الرحمن بن أحمد ابن يونس بن عبد الأعلى الحافظ ومحمد بن علي الذهبي وأبو هاشم المؤدّب والزبير بن عبد الواحد الأسداباذي ومحمد بن جعفر بن يوسف الأصبهاني وأبو أحمد محمد ابن أحمد بن إبراهيم الغسّاني وأسد بن سليمان بن حبيب الطهراني والحسن بن رشيق العسكري وأبو بكر محمد ابن أحمد المفيد.

باب الدال والثاء وما يليهما

دَثَرُ : بالتحريك : من حصون مشارق ذمار باليمن.

دَثِينٌ : بفتح أوله ، وكسر ثانيه ، وياء مثناة من تحت ، وآخره نون : اسم جبل ، يقال : دثّن الطائر تدثينا


إذا طار وأسرع السقوط في مواضع متقاربة ، قال القتال الكلابي :

سقى الله ما بين الشّطون وغمرة

وبئر دريرات وهضب دثين

الدَّثِينَة : بفتح أوله ، وكسر ثانيه ، وياء مثناة من تحت ، ونون : ناحية بين الجند وعدن ، وفي حديث أبي سبرة النخعي قال : أقبل رجل من اليمن فلما كان ببعض الطريق نفق حماره فقام وتوضأ ثم صلى ركعتين ثم قال : اللهم إني جئت من الدثينة مجاهدا في سبيلك وابتغاء مرضاتك وأنا أشهد أنك تحيي الموتى وتبعث من في القبور ، لا تجعل اليوم لأحد عليّ منّة ، أطلب إليك اليوم أن تحيي لي حماري ، قال : فقام الحمار ينفض أذنيه ، وقال الزمخشري : الدثينة والدفينة منزل لبني سليم ، وقال أبو عبيد السكوني : الدثينة منزل بعد فلجة من البصرة إلى مكة ، وهي لبني سليم ثم وجرة ثم نخلة ثم بستان ابن عامر ثم مكة ، وقال الجوهري : الدثينة ماء لبني سيار بن عمرو ، وأنشد للنابغة :

وعلى الرّميثة من سكين حاضر ،

وعلى الدثينة من بني سيار

قال : ويقال كانت تسمّى في الجاهلية الدفينة فتطيروا منها فسموها الدثينة ، وذكرها ابن الفقيه في أعمال المدينة ، وقد نسبوا إليها عروة بن غزيّة الدثيني ، روى عن الضحاك بن فيروز.

الدُّثَينَةُ : بالتصغير ، هكذا ذكره الحازمي وجعله غير الذي قبله وقال : الدثينة ماء لبعض بني فزارة ، وأنشد بيت النابغة :

وعلى الدثينة من بني سيار

قال : هكذا هو في رواية الأصمعي ، وفي رواية أبي عبيدة الرميثة ، قال : هي ماء لبني سيار بن عمرو بن جابر من بني مازن بني فزارة ، والله أعلم بالصواب.

باب الدال والجيم وما يليهما

دُجاكَنُ : بضم أوله ، وفتح الكاف : من قرى نسف بما وراء النهر ، منها إسماعيل بن يعقوب المقري الدجاكني النسفي ، روى عن القاضي أبي نصر أحمد ابن محمد بن حبيب الكشاني ، توفي بنسف في شعبان سنة ٤٨٢.

دَجِرْجَا : بفتح أوله ، وكسر ثانيه ، وبعد الراء الساكنة جيم أخرى ، مقصور : بليدة بالصعيد الأدنى عليها سور ، وهي في غربي النيل ، قد خرج منها شاعر متأخر يعرفه المصريون يقال له المشرف ، وله شعر جيد ، منه :

قاض ، إذا انفصل الخصمان ردّهما ،

إلى الخصام ، بحكم غير منفصل

يبدي الزهادة في الدنيا وزخرفها

جهرا ، ويقبل سرّا بعرة الجمل

دِجْلَةُ : نهر بغداد ، لا تدخله الألف واللام ، قال حمزة : دجلة معرّبة على ديلد ، ولها اسمان آخران وهما : آرنك روذ وكودك دريا أي البحر الصغير ، أخبرنا الشيخ مسمار بن عمر بن محمد أبو بكر المقري البغدادي بالموصل أنبأنا الشيخ الحافظ أبو الفضل محمد ابن ناصر بن محمد بن عليّ السّلامي أنبأنا الشيخ العالم أبو محمد جعفر بن أبي طالب أحمد بن الحسين السّرّاج القارئ أنبأنا القاضي أبو الحسين أحمد بن عليّ بن الحسين التّوّزي في شهر ربيع الآخر سنة ٤٤٠ ، قال أبو عبد الله محمد بن عمران بن موسى المرزباني قال : دفع إليّ أبو الحسن عليّ بن هارون ورقة ذكر أنها بخط


عليّ بن مهدي الكسروي ، ووجدت فيها أول مخرج دجلة من موضع يقال له عين دجلة على مسيرة يومين ونصف من آمد من موضع يعرف بهلورس من كهف مظلم ، وأول نهر ينصبّ إلى دجلة يخرج من فوق شمشاط بأرض الروم يقال له نهر الكلاب ، ثم أول واد ينصبّ إليه سوى السواقي والرواضع والأنهار التي ليست بعظيمة وادي صلب ، وهو واد بين ميّا فارقين وآمد ، قيل : إنه يخرج من هلورس ، وهلورس الموضع الذي استشهد فيه عليّ الأرمني ، ثم ينصبّ إليه وادي ساتيدما وهو خارج من درب الكلاب بعد أن ينصبّ إلى وادي ساتيدما وادي الزور الآخذ من الكلك ، وهو موضع ابن بقراط البطريق من ظاهر أرمينية ، وينصبّ أيضا من وادي ساتيدما نهر ميّافارقين ثم ينصب إليه وادي السّربط ، وهو الآخذ من ظهر أبيات أرزن ، وهو يخرج من خوويت وجبالها من أرض أرمينية ، ثم توافي دجلة موضعا يعرف بتلّ فافان فينصب إليها وادي الرّزم ، وهو الوادي الذي يكثر فيه ماء دجلة ، وهذا الوادي مخرجه من أرض أرمينية من الناحية التي يتولّاها موشاليق البطريق وما والى تلك النواحي ، وفي وادي الرّزم ينصب الوادي المشتق لبدليس ، وهو خارج من ناحية خلاط ، ثم تنقاد دجلة كهيئتها حتى توافي الجبال المعروفة بجبال الجزيرة فينصب إليها نهر عظيم يعرف بيرنى يخرج من دون أرمينية في تخومها ثم ينصب إليها نهر عظيم يعرف بنهر باعيناثا ثم توافي أكناف الجزيرة المعروفة بجزيرة ابن عمر فينصب إليها واد مخرجه من ظاهر أرمينية يعرف بالبويار ثم توافي ما بين باسورين والجزيرة فينصب إليها الوادي المعروف بدوشا ، ودوشا يخرج من الزوزان فيما بين أرمينية وأذربيجان ، ثم ينصب إليها وادي الخابور ، وهو أيضا خارج من الموضع المعروف بالزّوزان وهو الموضع الذي يكون فيه البطريق المعروف بجرجيز ، ثم تستقيم على حالها إلى بلد والموصل فينصب إليها ببلد من غربيها نهر ربما منع الراجل من خوضه ، ثم لا يقع فيها قطرة حتى توافي الزاب الأعظم مستنبطه من جبال أذربيجان يأخذ على زركون وبابغيش فتكون ممازجته إياها فوق الحديثة بفرسخ ، ثم تأتي السّنّ فيعترضها الزاب الأسفل مستنبطه من أرض شهرزور ، ثم توافي سرّ من رأى ، إلى هنا عن الكسروي. وقيل : إن أصل مخرجه من جبل بقرب آمد عند حصن يعرف بحصن ذي القرنين من تحته تخرج عين دجلة ، وهي هناك ساقية ، ثم كلما امتدّت انضمّ إليها مياه جبال ديار بكر حتى تصير بقرب البحر مدّ البصر ، ورأيته بآمد وهو يخاض بالدواب ، ثم يمتدّ إلى ميّافارقين ثم إلى حصن كيفا ثم إلى جزيرة ابن عمر ، وهو يحيط بها ، ثم إلى بلد والموصل ثم إلى تكريت ، وقيل : بتكريت ينصب فيه الزابان : الزاب الأعلى من موضع يقال له تلّ فافان والزاب الصغير عند السنّ ، ومنها يعظم ، ثم بغداد ثم واسط ثم البصرة ثم عبّادان ثم ينصب في بحر الهند ، فإذا انفصل عن واسط انقسم إلى خمسة أنهر عظام تحمل السّفن ، منها : نهر سياسي ونهر الغرّاف ونهر دقلة ونهر جعفر ونهر ميسان ، ثم تجتمع هذه الأنهار أيضا وما ينضاف إليها من الفرات كلها قرب مطارة ، قرية بينها وبين البصرة يوم واحد.

وروي عن ابن عباس ، رضي الله عنه ، أنه قال : أوحى الله تعالى إلى دانيال ، عليه السلام ، وهو دانيال الأكبر ، أن احفر لعبادي نهرين واجعل مفيضهما البحر فقد أمرت الأرض أن تطيعك ، فأخذ خشبة وجعل يجرها في الأرض والماء يتبعه وكلما مرّ بأرض يتيم أو


أرملة أو شيخ كبير ناشدوه الله فيحيد عنهم ، فعواقيل دجلة والفرات من ذلك ، قال في هذه الرواية : ومبتدأ دجلة من أرمينية.

ودجلة العوراء : اسم لدجلة البصرة علم لها ، وقد أسقط بعض الشعراء الهاء منه ضرورة ، قال بعض الشعراء :

روّاد أعلى دجل يهدج دونها

قربا يواصله بخمس كامل

وقال أبو العلاء المعرّي :

سقيا لدجلة ، والدنيا مفرّقة ،

حتى يعود اجتماع النجم تشتيتا

وبعدها لا أحبّ الشرب من نهر

كأنما أنا من أصحاب طالوتا

ذمّ الوليد ، ولم أذمم بلادكم ،

إذ قال ما أنصفت بغداد حوشيتا

وقال أبو القاسم عليّ بن محمد التنوخي القاضي :

أحسن بدجلة والدّجى متصوّب ،

والبدر في أفق السماء مغرّب

فكأنها فيه بساط أزرق ،

وكأنه فيها طراز مذهب

ولابن التمّار الواسطي يصف ضوء القمر على دجلة :

قم فاعتصم من صروف الدهر والنّوب ،

واجمع بكأسك شمل اللهو والطرب

أما ترى الليل قد ولّت عساكره

مهزومة ، وجيوش الصبح في الطلب

والبدر في الأفق الغربيّ تحسبه

قد مدّ جسرا ، على الشطّين ، من ذهب

ودجلة : موضع في ديار العرب بالبادية ، قال يزيد ابن الطّثرية :

خلا الفيض ممن حله فالخمائل

فدجلة ذي الأرطى فقرن الهوامل

وقد كان محتلّا ، وفي العيش غرّة ،

لأسماء مفضى ذي سليل وعاقل

فأصبح منها ذاك قفرا وسامحت

لك النفس ، فانظر ما الذي أنت فاعل

الدَّجنتَين : موضع في بلاد تيم ثم بلاد الرباب منهم.

الدَّجْنِيَّتان : قال نصر : ماءتان عظيمتان عن يسار تعشار ، وهو أعظم ماء لضبة ليس بينهما ميل ، إحداهما لبكر بن سعد بن ضبّة والأخرى لثعلبة بن سعد ، إحداهما دجنيّة والأخرى القيصومة تسميان الدجنيّتين كل واحدة أكثر من مائة ركية ، بينهما حجبة إذا علوتها رأيتهما وتعشار فوقهما أو مثلهما ، وهو ماء لبني ثعلبة بن سعد في ناحية الوشم ، والدجنيتان وراء الدهناء قريب ، هذا لفظه إلا أن الوشم موضع باليمامة في وسطها والدهناء في وسط نجد فكيف يتفق؟ دَجُوجٌ : رمل متصل بعلم السعد : جبلان من دومة على يوم. ودجوج : رمل مسيرة يومين إلى دون تيماء بيوم يخرج إلى الصحراء بينه وبين تيماء ، وهو في شعر هذيل ، قال أبو ذؤيب :

صبا قلبه بل لجّ وهو لجوج ،

ولاحت له بالأنعمين حدوج

كما زال نخل بالعراق مكمّم

أمدّ له ، من ذي الفرات ، خليج

كأنك عمري أيّ نظرة ناظر

نظرت ، وقدس دونها ودجوج

وقال الراعي :


إلى ظعن كالدّوم ، فيها تزايل ،

وهزة أجمال لهن وسيج

فلما حبا ، من خلفها ، رمل عالج

وجوش بدت أعناقها ودجوج

وقال الغوري : هو رمل في بلاد كلب ، وليلة دجوج مظلمة ، قال الراجز :

أقربها البقّار من دجوجا ،

يومين ، لا نوم ولا تعريجا

وقال الأسود : دجوج رمل ، وجرع ومناة حمص بفلاة من أرض كلب.

دُجْوَةُ : بضم أوله ، وسكون ثانيه : قرية بمصر على شط النيل الشرقي على بحر رشيد ، بينها وبين الفسطاط ستة فراسخ من كورة الشرقية ، وبعضهم يقولها بكسر الدال.

دُجَيْل : اسم نهر في موضعين أحدهما مخرجه من أعلى بغداد بين تكريت وبينها مقابل القادسية دون سامرّا فيسقي كورة واسعة وبلادا كثيرة ، منها : أوانا وعكبرا والحظيرة وصريفين وغير ذلك ، ثم تصب فضلته في دجلة أيضا ، ومن دجيل هذا مسكن التي كانت عندها حرب مصعب ومقتله ، وإياها عنى علي ابن الجهم السامي بقوله ، وكان قدم الشام فلما قرب حلب خرجت عليه اللصوص وجرّحوه وأخذوا ما معه وتركوه على الطريق فقال :

أسال بالليل سيل

أم زيد في الليل ليل؟

يا إخوتي بدجيل ،

وأين مني دجيل!

وينسب إليه أبو العباس أحمد بن الفرج بن راشد بن محمد المدني الدجيلي الورّاق من أهل النصرية محلة ببغداد ، ولي القضاء بدجيل وسمع القاضي أبا بكر محمد بن عبد الباقي ، ذكره أبو سعد في شيوخه ، وإياه عنى البحتري بقوله :

ولولاك ما أسخطت عمّى وروضها

ونهر دجيل للذي رضي الثغر

ودجيل الآخر : نهر بالأهواز حفره أردشير بن بابك أحد ملوك الفرس ، وقال حمزة : كان اسمه في أيام الفرس ديلدا كودك ومعناه دجلة الصغيرة فعرّب على دجيل ، ومخرجه من أرض أصبهان ومصبه في بحر فارس قرب عبّادان ، وكانت عند دجيل هذا وقائع للخوارج ، وفيه غرق شبيب الخارجي.

باب الدال والحاء وما يليهما

الدَّحادح : حصن من أعمال صنعاء اليمن.

الدَّحائلُ : قال أبو منصور : رأيت بالخلصاء ونواحي الدّهناء دحلانا كثيرة وقد دخلت غير دحل منها ، وهي خلائق خلقها الله عز وجلّ تحت الأرض يذهب الدحل منها سكّا في الأرض قامة أو قامتين أو أكثر من ذلك ثم يتلجّف يمينا وشمالا ، فمرة يضيق ومرة يتسع في صفاة ملساء ، ولا تحيك فيها المعاول المحدودة لصلابتها ، وقد دخلت منها دحلا فلما انتهيت إلى الماء إذا جوّ من الماء الراكد فيه لم أقف على سعته وعمقه وكثرته لإظلام الدحل تحت الأرض ، فاستقيت أنا مع أصحابي من مائه فإذا هو عذب زلال لأنه من ماء السماء يسيل إليه من فوق ويجتمع فيه ، قال : وأخبرني جماعة من الأعراب أن دحلان الخلصاء لا تخلو من الماء ولا يستقى منها إلا للشفاء من الخبل لتعذر الاستسقاء منها وبعد الماء فيها من فوهة الدحل ، وسمعتهم يقولون دحل فلان الدحل ، بالحاء ، إذا دخله ، والدحائل جمع الجمع ، وهو موضع فيما


أحسب بعينه ، قال الشاعر :

ألا يا سيالات الدحائل باللوى!

عليكنّ من بين السيال سلام

ولا زال منهلّ الربيع ، إذا جرى

عليكنّ منه وابل ورهام

أرى العيس آحادا إليكنّ بالضحى ،

لهنّ إلى أطلالكنّ بغام

وإني لمجلوب لي الشوق كلما

ترنم ، في أفنانكنّ ، حمام

الدُّحْرُضُ : بضم أوله ، وسكون ثانيه ، وراء مضمومة ، وآخره ضاد معجمة : ماء بالقرب منه ماء يقال له وسيع فيجمع بينهما فيقال الدّحرضان كما يقال القمران للشمس والقمر والعمران لأبي بكر وعمر ، وهذان الماءان بين سعد وقشير ، وقال نصر : دحرض ووسيع ماءان عظيمان وراء الدهناء لبني مالك بن سعد يثنى الدحرضين ، ثم قال على أثر ذلك : ودحرض ماء لآل الزبرقان بن بدر بن بهدلة بن عوف بن كعب ابن سعد ، ووسيع لبني أنف الناقة واسمه قريع بن عوف بن كعب بن سعد ، فهذا كلام مختل ولكنه لو كان قال في الأول الدحرضان ماءان لبني كعب بن سعد لاستقام الكلام ، والله أعلم ، وأما مالك بن سعد فهو محل الإشكال ، وقال أبو عمرو : الدحرضان بلد ، وإياهما عنى عنترة العبسي بقوله :

شربت بماء الدحرضين ، فأصبحت

زوراء تنفر عن حياض الدّيلم

وقال الأفوه الأودي :

لنا بالدحرضين محل مجد ،

وأحساب مؤثلة طماح

دَحْلٌ : بفتح أوله ، وسكون ثانيه ، ولام ، قد ذكر تفسيره في الدحائل : وهو موضع قريب من حزن بني يربوع ، عن نصر. ودحل : ماء نجدي أظنه لغطفان ، وقال الأصمعي : الدّحل موضع ، قال لبيد :

فبيّت زرقا من سرار بسحرة ،

ومن دحل لا نخشى بهنّ الحبائلا

وقال أيضا :

حتى تهجّر بالرواح وهاجها ،

طلب المعقّب حقه المظلوم

فتصيّفا ماء بدحل ساكنا ،

يستنّ ، فوق سراته ، العلجوم

دُحْلٌ : بضم أوله ، وسكون ثانيه ، جمع للذي قبله ، وقد ذكر تفسيره : وهي جزيرة بين اليمن وبلاد البجة بين الصعيد وتهامة ، تغزى البجة من هذه الناحية.

دَحْنَا : بفتح أوله ، وسكون ثانيه ، ونون ، وألفه يروى فيها القصر والمد : وهي أرض خلق الله تعالى منها آدم ، قال ابن إسحاق : ثم خرج رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، حين انصرف عن الطائف إلى دحنا حتى نزل الجعرانة فيمن معه من الناس فقسم الفيء واعتمر ثم رجع إلى المدينة ، وهي من مخاليف الطائف ، والدحن في اللغة : السمين العظيم البطن ، ودحنا مؤنثة.

دَحُوضٌ : بفتح أوله ، وآخره ضاد معجمة : موضع بالحجاز ، قال سلمى بن المقعد الهذلي :

فيوما بأذناب الدحوض ، ومرة

أنسّئها في رهوة والسوائل

وقال السكري : الدحوض موضع ، وأذنابه : مآخيره ، وأنسّئها : أسوقها ، وأصل الدّحض في كلامهم الزّلق ، والدّحوض الموضع الكثير الزلق.


الدَّحُولُ : بفتح أوله : ماء بنجد في ديار بني العجلان من قيس بن عيلان ، ذكره نصر وقرنه بالدّخول هكذا ، ولم أجد لغيره ، والله أعلم بصحّته.

دَحِيضَةُ : بفتح أوله ، وكسر ثانيه ، وياء مثناة من تحت ، وضاد معجمة ، قال أبو منصور : ماء لبني تميم ، وقد جاء في شعر الأعشى دحيضة مصغرا ، قال :

أترحل من ليلى ولمّا تزوّد ،

وكنت كمن قضّى اللّبانة من دد

أرى سفها بالمرء تعليق قلبه

بغانية خود متى تدن تبعد

أتنسين أياما لنا بدحيضة ،

وأيامنا بذي البديّ وثهمد؟

دُحَيٌّ : وداحية : ماءان بين الجناح جبل لبني الأضبط ابن كلاب والمرّان ، وهما اللذان يقال لهما التّليّان ، والله أعلم بالصواب.

باب الدال والخاء وما يليهما

دَخْفَنْدُون : بفتح أوله ، وسكون ثانيه ، وفاء مفتوحة بعدها نون ساكنة ، ودال مهملة ، ونون : من قرى بخارى ، منها أبو إبراهيم عبد الله بن جنجه الدخفندوني ولقبه حمول ، سمّته أمه حمول وسماه أبوه عبد الله ، روى عن محمد بن سلّام وأبي جعفر السندي ، روى عنه محمد بن صابر وغيره ، ومات سنة ٢٧٣.

دَخْكَث : بفتح أوله ، وسكون ثانيه ، وفتح كافه ، وثاؤه مثلثة : من قرى إيلاق.

دُخَّلُ : بضم أوله ، وتشديد ثانيه وفتحه : موضع قرب المدينة بين ظلم وملحتين.

دَخْلَةُ : بفتح أوله ، وسكون ثانيه : قرية توصف بكثرة التمر أظنها بالبحرين.

دَخْميسُ : من قرى مصر في ناحية الغربية ، ينسب إليها أبو العباس أحمد بن أبي الفضل بن أبي المجد بن أبي المعالي ابن وهب الدخميسي ، مولده في إحدى الجماديين من سنة ٦٠٢ بحماة ، مات والده بحماة وهو وزير صاحبها الملك المنصور أبي المعالي محمد بن الملك المظفر ، توفي في سابع وعشرين من شهر رمضان سنة ٦١٧.

الدَّخُول : بفتح أوله في شعر امرئ القيس : اسم واد من أودية العليّة بأرض اليمامة ، وقال الخارزنجي : الدّخول بئر نميرة كثيرة المياه ، وحكى نصر أن الدخول موضع في ديار بني أبي بكر بن كلاب ، وقال أبو سعيد في شرح امرئ القيس : الدخول وحومل والمقراة وتوضح مواضع ما بين إمّرة وأسود العين ، وقال : الدخول من مياه عمرو بن كلاب ، وقال أبو زياد : إذا خرج عامل بني كلاب مصدّقا من المدينة فأول منزل ينزل عليه ويصدّق عليه أريكة ثم العناقة ثم مدعى ثم المصلوق ثم الرّنية ثم الحليف ثم يرد الدخول لبني عمرو بن كلاب فيصدّق عليه بطونا من عمرو بن كلاب وحلفائهم بني دوفن ، قال أبو زياد : ومن مياه بني العجلان الدخول ، وفي شعر حذيفة بن أنس الهذلي :

فلو أسمع القوم الصّراخ لقوربت

مصارعهم بين الدخول وعرعرا

عرعر : موضع بنعمان الأراك فهو غير الأول. وذات الدخول : هضبة في ديار بني سليم ، وقال جحدر اللّصّ :

يا صاحبيّ ، وباب السجن دونكما ،

هل تونسان بصحراء اللّوى نارا؟


لوى الدّخول إلى الجرعاء موقدها ،

والنار تبدي لذي الحاجات أذكارا

لو يتبع الحقّ فيما قد منيت به ،

أو يتبع العدل ما عمّرت دوّارا

إذا تحرّك باب السجن قام له

قوم يمدّون أعناقا وأبصارا

باب الدال والدال وما يليهما

دَدٌ : واد بعينه في شعر طرفة بن العبد :

كأنّ حدوج المالكية ، غدوة ،

خلايا سفين بالنواصف من دد

دَدَنُ : موضع في قول ابن مقبل :

يثنين أعناق أدم يختلين بها

حبّ الأراك وحبّ الضال من ددن

ويروى من دنن ، والله أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب.

باب الدال والراء وما يليهما

دَرابْجِرْد : كورة بفارس نفيسة عمّرها دراب بن فارس ، معناه دراب كرد ، دراب : اسم رجل ، وكرد : معناه عمل ، فعرّب بنقل الكاف إلى الجيم ، قال الإصطخري : ومن مدن كورة درابجرد فسا ، وهي أكبر من درابجرد وأعمر غير أن الكورة منسوبة إلى دار الملك ومدينته التي ابتناها لهذه الكورة درابجرد فلذلك تنسب الكورة إليها ، وبها كان المصر في القديم وكان ينزلها الملوك ، قال الزجاجي : النسبة إليها على غير قياس ، يقال في النسبة إلى درابجرد دراوردي ، وقال أبو البهاء الإيادي إياد الأزد وكان من أصحاب المهلّب في قتال الخوارج :

نقاتل عن قصور درابجرد ،

ونحمي للمغيرة والرّقاد

المغيرة بن المهلّب ، والرقاد بن عبيد العلي صاحب شرطة المهلب ، وكان من أعيان الفرس ، وهي كثيرة المعادن جليلة الخصائص طيبة الهواء قصبتها على اسمها ، ومن مدنها طمستان والكردبان كرم يزد خواست إيك ، ومن شيراز إلى دارابجرد قال الإصطخري : خمسون فرسخا ، وقال البشاري والإصطخري : بها قنّة الموميا وعليها باب حديد وقد وكل به رجل يحفظه ، فإذا كان شهر تير ماه صعد العامل والقاضي وصاحب البريد والعدول وأحضرت المفاتيح وفتح الباب ثم يدخل رجل عريان فيجمع ما ترقّى في تلك السنة ، ولا يبلغ رطلا على ما سمعته من بعض العدول ، ثم يجعل في شيء ويختم عليه ويبعث مع عدّة من المشايخ إلى شيراز ثم يغسل الموضع ، فكل ما يرى في أيدي الناس إنما هو معجون بذلك الماء ، ولا يوجد الخالص إلا في خزائن الملك ، وذكر ابن الفقيه أن هذا الكهف بأرّجان ، وقد ذكرته هناك ، وقال الإصطخري : وبناحية درابجرد جبال من الملح الأبيض والأسود والأخضر والأصفر والأحمر ، ينحت من هذه الجبال موائد وصحون وزبادي وغير ذلك وتهدى إلى سائر البلدان ، والملح الذي في سائر البلدان إنما هو باطن الأرض وماء يجمد وهذا جبل ملح ظاهر ، وقد نسب إلى درابجرد هذه جماعة من العلماء.

ودرابجرد أيضا : محلة من محالّ نيسابور بالصحراء من أعلى البلد ، منها علي بن الحسن بن موسى بن ميسرة النيسابوري الدرابجردي ، روى عن سفيان بن عيينة ، روى عنه أبو حامد الشرقي ومن ولده الحسن بن علي ابن أبي عيسى المحدث ابن المحدث ابن المحدّث.


الدَّرّاجُ : بفتح الدال ، وتشديد الراء ، وآخره جيم : موضع في قصيدة زهير.

الدَّرّاجيّة : رج الدّرّاجيّة : على باب توما من أبواب دمشق ، كان لعبد الرحمن ويقال لعبد الله بن درّاج مولى معاوية بن أبي سفيان وكاتبه على الرسائل في خلافته.

دَرَادِرُ : في أخبار هذيل وفهم : فسلكوا في شعب من ظهر الفرع يقال له درادر حتى تذرّوا ذنب كراث موضع ، فسلكوا ذا السمرة حتى قدموا الدار من بني قديم بالسّرو.

دَرْإِسْفِيد : ومعناه بالفارسية باب أبيض ، قال حمزة : هو اسم مدينة البيضاء التي بفارس في أيام الفرس ، وقد ذكرت في البيضاء مشبعة.

دَرَاوَرْد : قال أبو سعد : قولهم في نسب عبد العزيز ابن محمد بن عبيد بن أبي عبيد من أهل المدينة الدّراوردي فأصله درابجرد فاستثقلوه فقلبوه إلى هذا ، وقيل : إنه نسب إلى اندرابة ، وقيل : إنه أقام بالمدينة فكانوا يقولون للرجل إذا أراد أن يدخل إليه أندرون فقلب إلى هذا ، يروي عن يحيى بن سعيد الأنصاري وعمرو بن أبي عمرو ، روى عنه أحمد ابن حنبل وابن معين ، ومات في صفر سنة ١٨٦ ، وقال أبو بكر أحمد بن علي بن محمد بن إبراهيم الأصبهاني يعرف بابن فنجويه في كتاب شيوخ مسلمة من تصنيفه يقال : إن دراورد قرية بخراسان ، ويقال هي درابجرد ، ويقال : دراورد موضع بفارس.

دُرُبَّا : بضم أوله وثانيه ، وتشديد الباء الموحدة : ناحية في سواد العراق شرقي بغداد قريبة منها ، عن نصر ذكرها في قرينة درتا ودرنا.

دَرْباشيا : ويقال ترباسيا : قرية جليلة من قرى النهروان ببغداد.

الدَّرْبُ : بالفتح ، والدرب : الطريق الذي يسلك : موضع ببغداد ، نسب إليه عمر بن أحمد بن علي القطّان الدّربي ، حدث عن الحسن بن عرفة ومحمد ابن عثمان بن كرامة ، روى عنه الدارقطني. والدّرب أيضا : موضع بنهاوند ، نسب إليه أبو الفتح منصور ابن المظفّر المقري النهاوندي ، حدّث عنه ، وإذا أطلقت لفظ الدرب أردت به ما بين طرسوس وبلاد الروم لأنه مضيق كالدّرب ، وإياه عنى امرؤ القيس بقوله :

بكى صاحبي لما رأى الدّرب دونه ،

وأيقن أنّا لاحقان بقيصرا

فقلت له : لا تبك عينك ، إنما

نحاول ملكا أو نموت فنعذرا

والدرب : قرية باليمن أظنها من قرى ذمار.

دَرْبُ دَرَّاجٍ : محلة كبيرة في وسط مدينة الموصل يسكنها الخالديّان الشاعران ، وقد قال فيه أحدهما يصف دير معبد :

وقولتي والتقاني عند منصرفي ،

والشوق يزعج قلبي أيّ إزعاج ،

يا دير! يا ليت داري في فنائك ذا ،

أو ليت أنك لي في درب درّاج

دَرْبٌ : بفتح أوله ، وسكون ثانيه ، وآخره باء موحدة : موضع كان ببغداد ، ينسب إليه أحمد بن علي بن إسماعيل القطّان الدّربي ، حدّث عن محمد ابن يحيى بن أبي عمرو العدني ، روى عنه الطبراني وعبد الصمد بن علي الطستي. والدّرب أيضا : موضع آخر بنهاوند ، ينسب إليه أبو الفتح منصور بن المظفر المقري الدربي.


دَرْبُ الزَّعْفران : بكرخ بغداد ، كان يسكنه التجار وأرباب الأموال وربما يسكنه بعض الفقهاء ، قال القاضي أبو الحسن عليّ بن الحسن بن علي الميانجي الفقيه الشافعي ، وكان رفيقا لأبي إسحاق الشيرازي في القراءة على أبي الطيب الطبري ، يذكر هذا الدرب ويصف ماوشان همذان فقال :

إذا ذكر الحسان من الجنان ،

فحيّ هلا بوادي الماوشان

تجد شعبا تشعّب كلّ همّ ،

وملهى ملهيا عن كلّ شان

ومغنى مغنيا عن كلّ ظبي ،

وغانية تدلّ على الغواني

بروض مؤنق وخرير ماء

ألذّ من المثالث والمثاني

وتغريد الهزار على ثمار

تراها كالعقيق وكالجمان

فيا لك منزلا ، لولا اشتياقي

أصيحابي بدرب الزعفران

أنشدت هذه الأبيات بين يدي أبي إسحاق الشافعي وكان متّكئا ، فلما بلغ إلى البيت الأخير جلس مستويا وقال : المراد بأصيحاب درب الزعفران أنا ، ما أحسن عمده اشتاق إلينا من الجنّة.

دربُ السِّلْق : ببغداد ، ينسب إليه السّلقيّ.

دَرْبُ سُليمانَ : درب كان ببغداد كان يقابل الجسر في أيام المهدي والهادي والرشيد وأيام كون بغداد عامرة ، وهو درب سليمان بن جعفر بن أبي جعفر المنصور ، وفيه كانت داره ، ومات سليمان هذا سنة ١٩٩.

دَرْبُ القُلَّةِ : بضم القاف ، وتشديد اللام : أظنه في بلاد الروم ، ذكره المتنبي فقال :

لقيت بدرب القلّة ، الفجر ، لقية

شفت كمدي ، والليل فيه قتيل

دَرْبُ الكلابِ : عند جبل ساتيدما بديار بكر قرب ميّا فارقين ، سمّي بذلك لأن قيصر انهزم من أنوشروان بحيلة عملها عليه فاتبعه إياس بن قبيصة بن أبي غفر الطائي فأدركهم بساتيدما مرعوبين مفلولين من غير قتال ، فقتلوا قتل الكلاب ونجا قيصر في خواصّ من أصحابه ، فسمي ذلك الموضع بدرب الكلاب لذلك.

دَرْبُ المُجيزِينَ : قال الفرزدق وقد هرب من الحجاج :

هل الناس ، إن فارقت هندا وشفّني

فراقي هندا ، تاركيّ لما بيا؟

إذا جاوزت درب المجيزين ناقتي ،

فكاست ، أبى الحجاج إلّا تنائيا

أترجو بنو مروان سمعي وطاعتي ،

وخلفي تميم والفلاة أماميا؟

دَرْبُ المُفَضَّل : محلّة كانت بشرقي بغداد منسوبة إلى المفضل بن زمام مولى المهدي.

دَرْبُ مُنيرَةَ : محلّة بشرقي بغداد في أواخر السوق المعروف بسوق السلطان مما يلي نهر المعلّى ، وهو عامر إلى الآن منسوب إلى منيرة مولاة لمحمد بن عليّ ابن عبد الله بن عباس.

درْبُ النّهرِ : ببغداد في موضعين : أحدهما بنهر المعلّى بالجانب الشرقي ، والثاني بالكرخ ، ولد فيه أبو الحسن عليّ بن المبارك النهري فنسب إليه ، وكان فقيها حنبليّا ، مات في سنة ٤٨٧.


دَرْبَند : هو باب الأبواب ، وقد ذكر ، ينسب إليه الحسن بن محمد بن عليّ بن محمد الصوفي البلخي أبو الوليد المعروف بالدّربندي ، وكان قديما يكنى بأبي قتادة ، وكان ممن رحل في طلب الحديث وبالغ في جمعه وأكثر غاية الإكثار ، وكانت رحلته من ما وراء النهر إلى الإسكندرية ، وأكثر عنه أبو بكر أحمد بن عليّ الخطيب في التاريخ مرة يصرّح بذكره ومرة يدلّس ويقول : أخبرنا الحسن بن أبي بكر الأشقر ، وكان قرأ عليه تاريخ أبي عبد الله غنجار ، ولم يكن له كثير معرفة بالحديث غير أنه كان مكثرا رحّالا ، لم يذكره الخطيب في تاريخه وذكره أبو سعد ، سمع ببخارى أبا عبد الله محمد بن أحمد بن محمد الحافظ غنجار ومن في طبقته في سائر البلاد ، قال أبو سعد : وروى عنه أبو عبد الله محمد بن الفضل الفزاري وأبو القاسم زاهر بن طاهر الشّحّامي ، قال أبو سعد : وذكر بعضهم أنّ أبا الوليد الدربندي توفي في شهر رمضان سنة ٤٥٦.

دُرْبِيقَانُ : بضم أوله ، وسكون ثانيه ، وكسر الباء الموحدة ، وياء مثناة من تحت ساكنة ، وقاف ، وآخره نون : من قرى مرو على خمسة فراسخ منها ، ينسب إليها حريب الدربيقاني ، سمع أبا غانم يونس ابن نافع المروزي ، روى عنه محمد بن عبيدة النافقاني ، مات قبل الثلاثمائة.

دُرْتا : بضم أوله ، وسكون ثانيه ، وتاء مثناة من فوق : موضع قرب مدينة السلام بغداد مما يلي قطربّل ، وهناك دير للنصارى نذكره في الديرة إن شاء الله تعالى ، قال الشاعر :

ألا هل إلى أكناف درتا وسكره ،

بحانة درتا ، من سبيل لنازح؟

وهل يلهينّي ، بالمعرّج ، فتية

نشاوى على عجم المثاني الفصائح

فأهتك من ستر الضمير كعادتي ،

وأمزج كأسي بالدموع السوافح

وهل أشرفن بالجوسق الفرد ناظرا

إلى الأفق ، هل ذرّ الشروق لصابح؟

وقال آخر :

يا سقى الله منزلا بين درتا

وأوانا ، وبين تلك المروج

قد عزمنا على الخروج إليه ،

إنّ ترك الخروج عين الخروج

وذكر الصابي في كتاب بغداد حدودها من أعلى الجانب الغربي فقال : من موضع بيعة درتا التي هي أوّله وأعلاه ، نقلته من خطه بالتاء ، وقول عميرة ابن طارق :

رسالة من لو طاوعوه لأصبحوا

كساة نشاوى بين درتا وبابل

قال الحازمي : وجدته في أكثر النسخ بالنون ، والله أعلم ، وقال هلال بن المحسن ، ومن خطه نقلته وضبطه في كتاب بغداد من تصنيفه ، قال : ومن نواحي الكوفة ناحية درتا ، وكان فيها من الناس الأعداد المتوافرة ومن النخل أكثر من مائة وعشرين ألف رأس ومن الشجر المختلف إليها الأصناف الجربان العظيمة ، وها هي اليوم ما بها نخلة قائمة ولا شجرة ثابتة ولا زرع ولا ضرع ولا أهل أكثر من عدد قليل من المكارية ، وينسب إليها أبو الحسن عليّ بن المبارك بن عليّ بن أحمد الدرتائي ، وبعض المحدثين يقول الدّردائي ، كان رئيسا متموّلا ، سمع أبا القاسم بن البسري البندار وغيره ، روى عنه ١ ٢٩ ـ ٢ معجم البلدان دار صادر


أبو المعمّر الأنصاري وأبو القاسم الدمشقي الحافظ وغيرهما ، وتوفي قبل سنة ٥٣٠ ، والله أعلم.

دُرْبيشِيَةُ : بضم أوله ، وسكون الراء ، وباء موحدة مكسورة ، وياء ساكنة ، وشين معجمة ، وياء خفيفة:قرية تحت بغداد ، ينسب إليها هلال بن أبي الهيجان ابن أبي الفضل أبو النجم المقري ، قرأ على أبي العز القلانسي وأقرأ عنه ، روى عنه أبو بكر بن نصر قاضي حرّان.

دَرْخُشْك : بفتح أوله ، وسكون ثانيه ، وضم الخاء المعجمة ، والشين المعجمة ، وآخره كاف : باب من أبواب مدينة هراة تنسب إليه محلّة ، ومعناه الباب اليابس ، وهو بضدّ ذلك لأن أمامه نهرين جاريين ، رأيته بهذه الصفة.

دَرْخيد : موضع أظنه بما وراء النهر ، والله أعلم.

دَرْدَشْت : محلة بأصبهان ، كأنه يريد باب دشت ، ينسب إليها أبو مسلم عبد الرحمن بن محمد بن أحمد ابن سياه الدّشتي المذكور ، سمع إبراهيم بن زهير الجلودي ، روى عنه أبو بكر بن مردويه الحافظ ، توفي سنة ٣٤٦.

دَرُّ : بفتح الدال ، وتشديد الراء : غدير في ديار بني سليم يبقى ماؤه الربيع كله ، وهو بأعلى النقيع ، وهو كثير السّلم بأسفل حرّة بني سليم ، قال كثيّر :

فأروى جنوب الدّونكين ، فضاجع

فدرّ فأبلى ، صادق الرّعد أسحما

دُرْدؤرُ : موضع في سواحل بحر عمان مضيق بين جبلين يسلكه الصغار من السّفن.

دِرِزْدَه : بكسر أوله وثانيه ثم زاي ساكنة ، ودال مفتوحة ، والنسبة إليه درزدهيّ : من قرى نسف بما وراء النهر ، منها أبو عليّ الحسين بن الحسن بن عليّ ابن الحسن بن مطاع الفقيه الدرزدهي ، سمع أبا عمرو محمد بن إسحاق بن عامر العصفري وأبا سلمة محمد بن بكر الفقيه وعليه درس الفقه ، سمع منه إبراهيم بن عليّ بن أحمد النسفي.

الدُّرْزَبينيَّةُ : من قرى نهر عيسى من أعمال بغداد ، ينسب إليها الحسن بن عليّ بن محمد أبو عليّ المقري الضرير الدّرزبيني ، سكن بغداد وقرأ القرآن على أبي الحسن عليّ بن عساكر بن مرحب البطائحي ، وكان حسن القراءة والتلاوة ، يدخل دار الخلافة ويقرأ بها ويؤمّ بمسجد الحدّادين ، وسمع الحديث ، ومات في منتصف شهر رمضان سنة ٥٩٧ ، ودفن بباب حرب.

دَرْزِيجانُ : بفتح أوله ، وسكون ثانيه ، وزاي مكسورة ، وياء مثناة من تحت ، وجيم ، وآخره نون : قرية كبيرة تحت بغداد على دجلة بالجانب الغربي ، منها كان والد أبي بكر أحمد بن ثابت الخطيب البغدادي ، وكان أبوه يخطب بها ، ورأيتها أنا ، وقال حمزة : كانت درزيجان إحدى المدائن السبع التي كانت للأكاسرة ، وبها سميت المدائن المدائن ، وأصلها درزيندان فعرّبت على درزيجان.

دَرْزِيو : بوزن الذي قبله إلى الواو : قرية على ثلاثة فراسخ من سمرقند ، وقد ينسبون إليها درزبوني بالنون ، ينسب إليها أبو الفضل العباس بن نصر بن جري الدرزيوني ، يروي عن نعيم بن ناعم السمرقندي ، روى عنه محمد بن أحمد بن إبراهيم السمرقندي.

دَرْسِينانُ : بفتح أوله ، وسكون ثانيه ، وسين مهملة مكسورة ، وياء ساكنة ، ونون ، وفي آخره نون


أخرى : قرية بينها وبين مرو أربعة فراسخ بأعلى البلد ، ينسب إليها عبدان بن سنان الدرسيناني.

دَرْعَةُ : مدينة صغيرة بالمغرب من جنوب الغرب ، بينها وبين سجلماسة أربعة فراسخ ، ودرعة غربيّها ، أكثر تجارها اليهود ، وأكثر ثمرتها القصب اليابس جدّا ، ينسحق إذا دقّ ، ينسب إليها أبو زيد نصر ابن عليّ بن محمد الدّرعي ، سمع سعد بن عليّ بن محمد الزنجاني بمكة ، ومنها أيضا أبو الحسن الدرعي الفقيه.

دَرْغانُ : بفتح أوله ، وسكون ثانيه ، وغين معجمة ، وآخره نون : مدينة على شاطئ جيحون ، وهي أول حدود خوارزم من ناحية أعلى جيحون دون آمل وعلى طريق مرو أيضا ، وهي مدينة على جرف عال ، وذلك الجرف على سنّ جبل ، بناحية البرّ منها رمال ، وبينها وبين جيحون مزارع وبساتين لأهلها ، وبينها وبين نهر جيحون نحو ميلين ، رأيتها في رمضان سنة ٦١٦ عند قصدي لخوارزم من مرو ، منها أبو بكر محمد بن أبي سعيد بن محمد الدّرغاني ، روى عن المظفّر السمعاني ، حدثنا عنه أبو المظفر عبد الرّحيم بن أبي سعد.

دَرْغَمُ : بفتح أوله ، وسكون ثانيه ، وغين معجمة مفتوحة : بلدة وكورة من أعمال سمرقند تشتمل على عدّة قرى متصلة بأعمال ما يمرغ سمرقند ، وقال خالد بن الربيع المالكي :

بوادي درغم شقيت كرام ،

أريق دماؤهم بيد اللّئام

بكيت لهم ، وحقّ لهم بكائي ،

بأجفان مؤرّقة دوام

فتحسبها ، وقطر الدمع فيها ،

غداة المزن ، أذيال الخيام

ينسب إليها الواعظ صابر بن أحمد بن محمد بن أحمد بن علي بن إسماعيل الدّرغمي ، روى عن أبي نصر أحمد ابن الفضل بن يحيى البخاري ، روى عنه أبو حفص عمر بن محمد بن أحمد النّسفي ، توفي سنة ٥١٨.

دَرْغُوز : بالفتح ثم السكون ، وغين معجمة ، وآخره زاي : مدينة بسجستان.

دَرْغِينَةُ : بفتح أوله ، وسكون ثانيه ، وكسر الغين المعجمة ، وياء باثنتين من تحتها ، ونون : ما ذكر أي شيء هو.

دَرَق : بلدة قرب سمرقند ، وهي درق السفلى والعليا.

دَرْقيط : نهر درقيط : كورة ببغداد من جهة الكوفة.

دَرْكَجين : بالجيم : من قرى همذان ، وما أحسبها إلا دركزين المذكورة بعدها ، نسب إليها شيرويه ابن شهردار قاسم بن أحمد بن القاسم بن محمد بن إسحاق الدركجيني أبا أحمد الأديب وقال : دركجين من قرى همذان ، سمع من أبي منصور القومساني وروى عن أبي حميد ، سمعت منه وكنت في مكتبه ، والله أعلم.

دَرْكَزين : بفتح أوله ، وسكون ثانيه ، وفتح الكاف ، وزاي مكسورة ، وياء ، ونون ، قال أنوشروان بن خالد الوزير : هي بليدة من إقليم الأعلم ، ينسب إليها أبو القاسم ناصر بن علي الدركزيني وزير السلطان محمود ابن السلطان محمد السلجوقي ثم وزير أخيه طغرل ، وهو قتله في سنة ٥٢١ ، وأصله من قرية من هذا الإقليم يقال لها أنساباذ فنسب نفسه إلى دركزين لأنها أكبر قرى تلك الناحية ، قال : وأهل هذا الإقليم كلهم مزدكيّة ملاحدة ، قلت أنا : رأيت رجلا من أهل دركزين وسألته عن


هذه الناحية فذكر لي أنها من نواحي همذان وأنها بينها وبين زنجان ، قال : وهو رستاق المر ، تلفّظ لي به بالراء في آخره بغير عين.

الدَّرَكُ : بالتحريك ، وآخره كاف ، ويوم الدّرك : بين الأوس والخزرج ، وقال أبو أحمد العسكري : الدّرك ، بسكون الراء ، يوم كان بين الأوس والخزرج في الجاهلية. ودرك : قلعة من نواحي طوس أو قهستان. ودرك : مدينة بمكران ، بينها وبين قنزبور ثلاث مراحل وبينها وبين رأسك ثلاث مراحل.

دَرْكُوش : حصن قرب أنطاكية من أعمال العواصم.

دُرْنا : بلفظ حكاية لفظ الجمع من دار يدور : من نواحي اليمامة ، عن الحازمي فيما أحسب ، قال الأعشى :

حلّ أهلي ما بين درنا فبادو

لي ، وحلّت علويّة بالسّخال

هكذا قال الجوهري ، والصواب درتا لأن درتا وبادولي موضعان بسواد بغداد ، وبالنون روي قول عميرة بن طارق اليربوعي حيث قال :

ألا أبلغا أبا حمار رسالة ،

وأخبرا أني عنكما غير غافل

رسالة من لو طاوعوه لأصبحوا

كساة نشاوى بين درنا وبابل

وهذا يدلّ على أنها من نواحي العراق ، وقال أبو عبيدة في قول الأعشى :

فقلت للشّرب في درنا ، وقد ثملوا :

شيموا ، وكيف يشيم الشارب الثّمل!

هكذا روي بالنون ، وقيل : درنا كانت بابا من أبواب فارس ، وهي دون الحيرة بمراحل ، وكان فيها أبو ثبيت الذي قال القصيدة فيها ، وقال غيره : درنا باليمامة ، هكذا في شرح هذا البيت ، والصحيح أن درتا ، بالتاء ، في أرض بابل ودرنا ، بالنون ، باليمامة ، ومما يدل على أن درنا باليمامة قول الأعشى أيضا :

فإن تمنعوا منا المشقّر والصفا ،

فإنا وجدنا الخطّ جمّا نخيلها

وإنّ لنا درنا ، فكلّ عشيّة

يحطّ إلينا خمرها وخميلها

الخميل : كل ما كان له خمل من النبات ، وكانت منازل الأعشى اليمامة لا العراق ، وقال مالك بن نويرة:

فما شكر من أدّى إليكم نساءكم

مع القوم قد يمّمن درنا وبارقا

وقال الحفصي : درنا نخيلات لبني قيس بن ثعلبة بها قبر الأعشى ، وذكر الهمداني أن أثافت التي باليمن كان يقال لها في الجاهلية درنا ، وقد ذكر في أثافت ، ومنه قول الآخر :

أإن طحنت درنيّة لعيالها

تطبطب ثدياها ، فطار طحينها

دَرَنُ : بالتحريك : جبل من جبال البربر بالمغرب فيه عدة قبائل وبلدان وقرى.

دَرْنَةُ : موضع بالمغرب قرب انطابلس ، قتل فيه زهير بن قيس البلوي وجماعة من المسلمين وقبورهم هناك معروفة ، وذلك في سنة ٧٦ ، وهي من عمل باجة بينها وبين طبرقة.

دَرْوَازَق : بفتح أوله ، وسكون ثانيه ، وبعد الألف زاي ، وآخره قاف ، وأصله دروازه ماسرجستان ، ودروازه بلسانهم يراد به باب المدينة : قرية على فرسخ من مرو عند الدّيوقان ، وهي قرية قديمة نزل بها المسلمون لما قدموا مرو لفتحها ، منها أبو المثيّب


عيسى بن عبيد بن أبي عبيد الكندي الدّروازقي ، حدث عن عكرمة القرشي مولاهم والفرزدق بن جوّاس وغيرهما ، روى عنه الفضل بن موسى الشيباني.

دَرْوَتُ سَرَبام : بفتح أوله ، وسكون ثانيه ، وفتح الواو ، وتاء ، وسين مهملة ، وباء موحدة : قرية كثيرة البساتين والنخل ، أنشأ فيها الشريف بن ثعلب جامعا على فم المنهي. ودروت : من الصعيد بمصر.

دَرْوَذُ : آخره ذال معجمة ، وباقيه مثل الذي قبله : واد لبني سليم ، ويقال ذو دروذ ، قال أبو تمام :

فهم لدروذ والظلام موالي

عن العمراني ، وشعر أبي تمام يدل على أنه موضع في ثغر أذربيجان لأنه يمدح أبا سعيد الثغري فقال :

وبالهضب من أبرشتويم ودروذ

علت بك أطراف القنا ، فاعل وازدد

وأبرشتويم هناك ، والقصيدة يذكر فيها حربه مع بابك الخرّمي ، وقال في قصيدة أخرى يمدح المعتصم :

وبهضبتي أبرشتويم ودروذ

لقحت لقاح النّصر بعد حيال

يوم أضاء به الزمان ، وفتّحت

فيه الأسنّة زهرة الآمال

لولا الظلام وقلّة علقوا بها

باتت رقابهم بغير قلال

فليشكروا جنح الظلام ودروذا ،

فهم لدروذ والظلام موالي

الدَّرَوْقَرَةُ : بلد كان بالعراق خرّبه الحجاج ونقل آلته إلى عمل واسط.

دَرَوْقَةُ : بفتح أوله وثانيه ، وسكون الواو ، وقاف : بلدة أو قرية بالأندلس ، ينسب إليها أبو زكرياء يحيى بن عبد الله بن خيرة الدروقي المقري ، قال السلفي : قدم علينا الإسكندرية سنة ٥٢٩ ، وسألته عن مولده فقال : سنة ٤٦٤ بدروقة ، وقرأت القرآن على أبي الحسين يحيى بن إبراهيم البسار القرطبي بمرسية وسمعت الحديث على أبي محمد عبد الله بن محمد بن إسماعيل القاضي بسرقسطة ، ومات بقفط من الصعيد سنة ٥٣٠.

دَرَولِيَّةُ : بفتح أوله وثانيه ، وسكون الواو ، وكسر اللام ، وتشدّد ياؤه وتخفف : مدينة في أرض الروم ، عن الأزهري ، قال أبو تمّام :

ثم ألقى على دروليّة البر

ك محلّا باليمن والتوفيق

فحوى سوقها ، وغادر فيها

سوق مزن مرت على كل سوق

دَرَه : بلد بين هراة وسجستان ، وهي آخر عمل هراة ، ومن هراة إلى أسفزار ثلاث مراحل ، ومن أسفزار إلى دره مرحلتان ، ومن دره إلى سجستان سبعة أيام.

الدَّرْهَمَةُ : أرض باليمامة ، عن ابن أبي حفصة.

دُرَيْجَةُ : تصغير درجة في شعر كثيّر :

ولقد لقيت ، على الدريجة ، ليلة

كانت عليك أيامنا وسعودا

دَرِيجَه : بفتح أوله ، وكسر ثانيه ، وياء مثناة من تحت ، وجيم : قرية كبيرة ، بينها وبين مرو ميلان أو أقل ، والنسبة إليها دريجقي بزيادة القاف ، نزل بها عبد العزيز بن حبيب الأسدي الدريجقي فنسب إليها ، وكان من التابعين ، روى عن ابن عباس وابن عمرو وأبي سعيد الخدري وغيرهم.


دُرَيْراتُ : موضع في قول القتّال الكلابي :

سقى الله ما بين الشّطون وغمرة

وبئر دريرات وهضب دثين

الدُّرَيْعَاءُ : قرية من قرى زبيد باليمن ، والله أعلم.

باب الدال والزاي وما يليهما

دِزاه : من مشاهير قرى الري كالمدينة كبرا ، وهما دزاه قصران ودزاه ورامين.

دزباز : ربما كانت دزبار : قرية خارجة من نيسابور على طريق هراة.

دزبز : اسم قلعة مدينة سابور خواست دزبز ، ومنها أخذ فخر الملك أبو غالب أموال بدر بن حسنويه المشهورة.

دِزَقُ : أصله دزه يزيدون فيه القاف إذا أرادوا النسبة : وهي قرى في عدة مواضع ، منها : دزق حفص بمرو ، ينسب إليها علي بن خشرم ، ودزق شيرازاد : بمرو أيضا ، ودزق باران ، ودزق مسكين ، كل هذه بمرو الشاهجان ، ودزق العليا : من قرى مرو الروذ ، وإلى هذه ينسب أبو المعالي الحسن بن محمد ابن أبي جعفر البلخي الدزقي القاضي بها ، ذكره أبو سعد في التحبير ، ومات في سنة ٥٤٨ ، ودزق السفلى : من قرى پنج ده ، ودزق أيضا : قرية كبيرة على طريق الشاش بما وراء النهر بين زامين وسمرقند ، يقال لها دزق وساباط ، نسب إليها جماعة ، منهم : أبو بكر أحمد بن خلف الدزقي يعرف بابن أبي شعيب.

دِزَّمار : بكسر أوله ، وتشديد ثانيه : قلعة حصينة من نواحي أذربيجان قرب تبريز.

باب الدال والسين وما يليهما

دسبندس : من قرى مصر القديمة ، لها ذكر في الفتوح.

دَسْتَبى : بفتح أوله ، وسكون ثانيه ، وفتح التاء المثناة من فوق والباء الموحدة المقصورة ، وقد ذكرت لما سميت دستبى في دنباوند : كورة كبيرة كانت مقسومة بين الري وهمذان ، فقسم منها يسمّى دستبى الرازي وهو يقارب التسعين قرية ، وقسم منها يسمى دستبى همذان وهو عدة قرى ، وربما أضيف إلى قزوين في بعض الأوقات لاتصاله بعملها ، قال ابن الفقيه : ولم تزل دستبى على قسميها بعضها للري وبعضها لهمذان إلى أن سعى رجل من سكان قزوين من بني تميم يقال له حنظلة بن خالد ويكنى أبا مالك في أمرها حتى صيرت كلها إلى قزوين ، فسمعه رجل من أهل بلده يقول : كوّرتها وأنا أبو مالك ، فقال : بل أتلفتها وأنت أبو هالك.

دَسْتَجِرْد : بفتح أوله ، وسكون ثانيه ، وفتح التاء المثناة من فوق ثم جيم مكسورة بعدها راء ساكنة ، ودال مهملة ، قال السمعاني : عدة قرى في أماكن شتى ، منها : بمرو قريتان وبطوس قريتان وبسرخس دستجرد لقمان وببلخ دستجرد جموكيان ، قال أبو موسى الحافظ : دستجرد جموكيان ببلخ ، منها أبو بكر محمد بن الحسن الدستجردي ، حدث عنه أبو إسحاق المستملي ، قال أبو إسحاق المستملي أيضا : سمعت أبا عمرو محمد ابن حامد الدستجردي ، قال أبو موسى : وبأصبهان عدة قرى تسمى كل واحدة دستجرد ، رأينا غير واحد منهم يطلبون العلم والسماع ، قال البشاري : دستجرد مدينة بالصغانيان ، وقال مسعر : نسير من قنطرة النعمان قرب نهاوند إلى قرية تعرف بدستجرد كسرويّة ، فيها أبنية عجيبة من جواسق وإيوانات كلها من الصخر المهندم ، لا يشك الناظر إليها أنها من صخرة واحدة منقورة ، وينسب إلى دستجرد مرو أبو محمد سعد بن محمد بن أبي عبيد الدستجردي ، قرية


عند الرمل من نواحي مرو ، روى الحديث وسمعه ، ومات بدستجرد في شهر رمضان سنة ٥٥٢ ، ومولده سنة ٤٧٧ ، كان صوفيّا فقيها صالحا ، ولي الخطابة والوعظ بقريته ، سمع أبا الفتح عبد الله بن محمد بن أردشير الهشامي وأبا منصور محمد بن إسماعيل اليعقوبي وأبا منصور محمد بن عليّ بن محمود الكراعي ، سمع منه أبو سعد.

دَستُمِيسَانُ : بفتح الدال ، وسين مهملة ساكنة ، وتاء مثناة من فوقها ، وميم مكسورة ، وياء مثناة من تحت ، وسين أخرى مهملة ، وآخره نون : كورة جليلة بين واسط والبصرة والأهواز وهي إلى الأهواز أقرب ، قصبتها بسامتى ، وليست ميسان لكنها متصلة بها ، وقيل : دستيمسان كورة قصبتها الأبلّة فتكون البصرة من هذه الكورة.

دَسْتَوَا : بفتح أوله ، وسكون ثانيه ، وتاء مثناة من فوق : بلدة بفارس ، عن العمراني ، وقال حمزة : المنسوب إلى دستبى دستفائي ويعرّب على الدستوائي ، وفي أخبار نافع بن الأزرق لما خرج إليه مسلم بن عبيس : نزل نافع رستقباذ من أرض دستوا من نواحي الأهواز ، وقال السمعاني : بلدة بالأهواز ، وقد نسب إليها قوما من العلماء ، وإليها تنسب الثياب الدّستوائية ، منها أبو إسحاق إبراهيم بن سعيد بن الحسن الدستوائي الحافظ ، سكن تستر ، روى عن الحسن بن عليّ بن عثمان ، روى عنه أبو بكر بن المقري الأصبهاني ، وأما أبو بكر هشام بن أبي عبد الله الدستوائي البصري البكري فهو بصريّ ، كان يبيع الثياب الدستوائية فنسب إليها ، روى عن قتادة ، روى عنه يحيى القطّان ، ومات سنة ١٥٢.

الدَّسْكَرَةُ : بفتح أوله ، وسكون ثانيه ، وفتح كافه : قرية كبيرة ذات منبر بنواحي نهر الملك من غربي بغداد ، ينسب إليها أبو منصور منصور بن أحمد بن الحسين بن منصور الدسكري أحد الرؤساء ، روى عنه أبو سعد شيئا من الشعر. والدّسكرة أيضا : قرية في طريق خراسان قريبة من شهرابان ، وهي دسكرة الملك ، كان هرمز بن سابور بن أردشير ابن بابك يكثر المقام بها فسميت بذلك ، ينسب إليها الحافظ النّشتبري ثم الدسكري ، وذكر في بابه ، والحافظ لقب له وليس لحفظه الحديث ، وينسب إليها أبو العباس أحمد بن بكرون بن عبد الله العطار الدسكري ، سمع أبا طاهر المخلص ، روى عنه الحافظ أبو بكر الخطيب ، وتوفي سنة ٤٣١.

والدسكرة : قرية مقابل جبّل ، منها كان أبان بن أبي حمزة جدّ محمد بن عبد الملك بن أبان بن أبي حمزة ابن الزيات الوزير ، وفي أخبار نافع بن الأزرق أنه من نواحي الأهواز. والدسكرة أيضا : قرية بخوزستان ، عن البشاري ، والدسكرة في اللغة : الأرض المستوية.

دُسْمانُ : بضم أوله ، وسكون ثانيه ، وآخره نون : موضع.

دَسْمٌ : بفتح أوله ثم السكون : موضع قرب مكة به قبر ابن سريج المغني ، قال فيه عبد الله بن سعيد ابن عبد الملك بن مروان وهو يرثيه :

وقفنا على قبر بدسم فهاجنا ،

وذكّرنا بالعيش ، إذ هو مصحب

فجالت بأرجاء الجفون سوافح

من الدمع ، تستتلي التي تتعقّب

إذا أبطأت عن ساحة الخدّ ساقها

دم بعد دمع إثره يتصبب

فإن تسعدا نندب عبيدا بعولة ،

وقلّ له منّا البكا والتحوّب


باب الدال والشين وما يليهما

الدَّشْتُ : بفتح أوله ، وسكون ثانيه ، وآخره تاء مثناة من فوق : قرية من قرى أصبهان ، منها القاضي أبو بكر محمد بن الحسين بن الحسن بن جرير بن سويد الدشتي ، روى عن أبي بكر عبد الرحيم وغيره.

والدشت أيضا : بليدة في وسط الجبال بين إربل وتبريز ، رأيتها عامرة كثيرة الخير ، أهلها كلهم أكراد. ودردشت : محلة بأصبهان ، ينسب إليها أبو مسلم عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن سياه الدشتي المذكّر ، روى عنه أبو بكر بن مردويه ، مات سنة ٣٧٦ ، وأما أبو بكر محمد بن أحمد بن شعيب الدشتي الكرابيسي النيسابوري فإنما نسب بهذه النسبة لسكناه خان الدشت ، سمع أبا بكر بن خزيمة ، سمع منه الحاكم أبو عبد الله وقال : توفي في محرم سنة ٣٤٩.

دَشْتُ الأَرْزَن : بأرض فارس ، ذكره المتنبي في قوله :

سقيا لدشت الأرزن الطّوال

وهو قريب من شيراز فيه هذه العصيّ الأرزن التي تعمل نصبا للدبابيس ، كان عضد الدولة خرج إليه يتصيد وأمر المتنبي أن يقول فيه شعرا فقال هذه القصيدة.

دَشْتُ بارِين : مدينة من أعمال فارس لها رستاق ، ولكن ليس بها بساتين ولا نهر ، شربهم من مياه رديئة ، قال البشاري : وكان فيه وقعة للمهلب بالأزارقة ، وذكر كعب الأشقري فقال :

بدشت بارين يوم الشعب ، إذ لحقت

أسد بسفك دماء الناس قد دبروا

لاقوا فوارس ما يخلون ثغرهم ،

فيهم على من يقاسي حربهم صعر

المقدمين ، إذا ما خيلهم وردت ،

والطاعنين ، إذا ما ضيّع الدّبر

وقال النعمان بن عقبة العتكي :

وبدشت بارين شددنا شدة

مذكورة كانت تسمّى الفيصلا

إذ لا ترى إلّا صريع كتيبة

لا يتقي قصد القنا والجندلا

دَشْتَك : مثل الذي قبله وزيادة كاف ، قال ابن طاهر : قرية من قرى أصبهان ، منها أحمد بن جعفر بن محمد المدني مدينة أصبهان يعرف بالدّشتكي ، روى عنه أبو بكر بن مردويه ، قال أبو موسى الحافظ الأصبهاني رادّا على المقدسي : لا يعرف دشتك في قرى أصبهان وإنما هو الدشتي المذكور آنفا ، وقال الحازمي : قال البخاري دشتك قرية بالريّ ، ينسب إليها أبو عبد الرحمن عبد الله بن سعيد الدشتكي الرازي الأصل ، روى عن مقاتل بن حيّان وغيره ، يروي عنه محمد ابن حميد الرازي. ودشتك أيضا : محلة بأستراباذ ، منها زكرياء بن ريحان الدشتكي ، يروي عن يحيى بن عبد الحميد الحمّاني وينزل محلة دشتك.

دَشْتِيه : بعد الشين الساكنة تاء فوقها نقطتان ، وياء ساكنة ، وهاء : من قرى أصبهان ، كذا قرأته بخط يحيى بن مندة.

دِشِنْتَة : بكسر أوله وثانيه ، ونون ساكنة ، وتاء : حصن بالأندلس من أعمال شنتمرية.

دِشْنى : بكسر أوله ، وسكون ثانيه ، ونون مفتوحة ، مقصور : بلد بصعيد مصر بشرقي النيل ذو بساتين ومعاصر للسكر ، ودشنى بلغة القفط : معناها المبقلة.


باب الدال والعين وما يليهما

دَعانُ : بالفتح ، قال يعقوب : دعان واد به عين للعثمانيين بين المدينة وينبع على ليلة ، قال كثيّر عزّة :

ثم احتملن غديّة وصرمنه ،

والقلب رهن ، عند عزّة ، عان

ولقد شأتك حمولها ، يوم استوت

بالفرع بين حفيتن ودعان

فالقلب أصور عندهن كأنما

يجذبنه بنوازع الأشطان

دَعانيم : ماء لبني الحليس من خثعم ، وهم جيران لبني سلول بن صعصعة بالحجاز.

دَعْتب : بفتح أوله ، وسكون ثانيه ، وتاء مثناة من فوق ، وباء موحدة : موضع في قوله :

حلّت بدعتب أم بكر

أنشده عثمان.

الدَّعجاءُ : من قولهم عين دعجاء أي سوداء : هضبة في بلادهم.

دُعمانُ : موضع في قول الشاعر ، أنشده اللحياني :

هيهات مسكنها من حيث مسكننا ،

إذا تضمّنها دعمان فالدور

دُعْمَةُ : ماء بأجإ أحد جبلي طيّء ، وهو ملح ، بين مليحة والعبد.

دَعْنَجُ : ساحل من سواحل بحر اليمن ، جاء في حديث عبد الله بن مروان الحمار لما هرب من عبد الله بن عليّ ، قرأته بخط السكري مضبوطا كذا مفسرا ، والله أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب.

باب الدال والغين وما يليهما

دَغانين : هضبات من بلاد عمرو بن كلاب ، وقيل : أبي بكر بن كلاب ، وقال الأصمعي : دغانين في طرف البتر ، وفيه جبال كثيرة ، وهي بلاد بني عمرو بن كلاب.

دَغْنانُ : بنونين : جبيل بحمى ضرية لبني وقّاص من بني أبي بكر بن كلاب ، وهناك هضبات يقال لها دغانين المذكورة قبل ، قال سرية الفزاري ، وقيل ابن ميّادة :

يا صاحب الرّحل توطّأ واكتفل ،

واحذر بدغنان مجانين الإبل

كلّ مطار طامح الطرف رهل

ألزمه الراعي صرارا لا يحلّ

أي غرزها حتى سمنت ، وقال أبو زياد : ومن ثهلان ركن يسمى دغنان وركن يسمى مخمّرا الذي يقول فيه القائل يذكر عنزا من الأروى رماها :

من الأعنز اللائي رعين مخمّرا

ودغنان لم يقدر عليهنّ قانص

دَغُوثُ : بلد بنواحي الشحر من أرض عمان ، والله أعلم بالصواب.

باب الدال والفاء وما يليهما

دُفاقٌ : موضع قرب مكة ، قال الفضل اللهبي :

ألم يأت سلمى نأينا ومقامنا

ببطن دفاق في ظلال سلالم؟

فدلّ على أنه بخيبر لأن سلالم من حصونها المشهورة كان ، ولعله موضعان لأن ساعدة بن جؤية الهذلي يقول :


وما ضرب بيضاء يسقي دبوبها

دفاق فعروان الكراث فضيمها

وقال السكري : هذه أودية كلها.

دَفَا : بلد باليمن من بلاد خولان ، قال بعضهم :

ويسنم رأس العزّ من ذمّتي دفا

إلى أسفل العشّار فرع الدعائم

الدُّفُّ : بلفظ الدُّفّ الذي ينقر به : موضع في جمدان من نواحي المدينة من ناحية عسفان.

الدَّفَنُ : قال السمعاني في قولهم فلان الدفني : منسوب إلى موضع بالشام ، منها محارف بن عبد الرحمن الشامي الدّفني ، كان ينزل هذا الموضع ، وقيل : هو منسوب إلى الدفينة وهي المذكورة بعده ، روى عن حبّان بن جزي ، روى عنه أبو سلمة موسى بن إسماعيل.

الدَّفِينُ : موضع في قول عبيد بن الأبرص :

تغيّرت الديار بذي الدفين ،

فأودية اللّوى فرمال لين

وقال أيضا :

ليس رسم من الدفين ببالي ،

فلوى ذروة فجنبي ذيال

دفون : موضع ، عن الحازمي.

الدَّفينَةُ : بفتح أوله ، وكسر ثانيه ، وياء مثناة من تحت ، ونون : مكان لبني سليم ، ويروى بالقاف ، قال السكري في قول جرير :

ورّعت ركبي بالدفينة بعد ما

ناقلن ، من وسط الكراع ، نقيلا

من كل يعملة النّجاء تكلّفت

جوز الفلاة تأوّها وذميلا

قال : الدفينة ، بالفاء ، ماء لبني سليم على خمس مراحل من مكة إلى البصرة ، نقلته من خط ابن أخي الشافعي ، وكان فيه يوم من أيامهم ، وقال أنس ابن عباس الرّعلي في يوم الدفينة وكان لبني مازن بن عمرو بن تميم على بني سليم :

أغرّك مني أن رأيت فوارسي

ثوى منهم ، أعلى الدفينة ، حاضر

أتاني برجل فوق أخرى يعدّنا

عديد الحصى ما إن يزال يكاثر

وأمّكم تزجي التّؤام لبعلها ،

وأمّ أبيكم كزّة الرحم عاقر

باب الدال والقاف وما يليهما

دُقاتِش : بالضم ، وبعد القاف ألف ، وتاء مثناة من فوقها ، وآخره شين معجمة : موضع بصعيد مصر من كورة البهنسا ، كان فيه وقعة بين معاوية بن حديج وأصحاب محمد بن أبي حذيفة في مقتل عثمان ، رضي الله عنه.

دَقَانِيَةُ : من قرى دمشق ، قال أبو القاسم بن عساكر : يحيى بن عبد الرحمن بن عمارة بن معلّى بن زكرياء الهمداني الدّقاني من أهل قرية دقانية من قرى دمشق ، حدث عن محمد بن إسحاق الأشعري الصيني وإسماعيل ابن حصن الجبيلي وشعيب بن شعيب بن إسحاق بن أسلم بن يحيى الجخراوي خال شعيب بن عمر البزّاز والحصين بن نصر بن المبارك ومحمد بن عبد الرحمن بن الحسن الجعفي والعباس بن الوليد بن مزيد وإبراهيم بن يعقوب الجوزجاني ، روى عنه أبو بكر محمد بن سليمان ابن يوسف الربعي ، مات في شعبان سنة ٣١٥.

دَقَدُوس : بوزن قربوس : بليدة من نواحي مصر في كورة الشرقية.


دَقْرانُ : بفتح أوله ، وآخره نون : واد بالصفراء ، وقيل : شعب ببدر ، والدّقرة : الروضة ، وتفسيرها في دقرى بأتمّ من هذا ، والدّقران ، بالضم : الخشب التي تنصب في الأرض تعرش عليها الكروم.

دَقَرَى : بفتح أوله وثانيه والراء المهملة ، والقصر : اسم روضة بعينها ، قال أبو منصور : قال ابن الأعرابي الدّقر الروضة الحسناء وهي الدّقرى :

وكأنها دقرى تخيّل نبتها

أنف يغمّ الضال نبت بحارها

وقيل : هي روضة بعينها ، وقوله تخيّل أي تلوّن أي تربّل ألوانا ، وقال أبو عمرو : هي الدّقرى والدّقرة والدقيرة الروضة ، وفعلى بناء يختص بالمؤنث ، وقد ذكر في أجلى.

دَقَلَةُ : اسم موضع فيه نخل لبني غبر باليمامة ، عن الحفصي.

دَقَهْلةُ : بلدة بمصر على شعبة من النيل ، بينها وبين دمياط أربعة فراسخ ، وبينها وبين دميرة ستة فراسخ ، ذات سوق وعمارة ، ويضاف إليها كورة فيقال كورة الدقهلية.

دَقُوقاءُ : بفتح أوله ، وضم ثانيه ، وبعد الواو قاف أخرى ، وألف ممدودة ومقصورة : مدينة بين إربل وبغداد معروفة ، لها ذكر في الأخبار والفتوح ، كان بها وقعة للخوارج فقال الجعدي بن أبي صمام الذهلي يرثيهم :

شباب أطاعوا الله حتى أحبّهم ،

وكلهم شار يخاف ويطمع

فلما تبوّوا من دقوقا بمنزل

لميعاد إخوان تداعوا فأجمعوا

دعوا خصمهم بالمحكمات وبيّنوا

ضلالتهم ، والله ذو العرش يسمع

بنفسي قتلى في دقوقاء غودرت ،

وقد قطعت منها رؤوس وأذرع

لتبك نساء المسلمين عليهم ،

وفي دون ما لاقين مبكّى ومجزع

باب الدال والكاف وما يليهما

دَكّالَةُ : بفتح أوله ، وتشديد ثانيه : بلد بالمغرب يسكنه البربر.

الدُّكّان : قرية قرب همذان ، ذكرت في قرية أخرى يقال لها با أيوب فيما تقدم.

دَكْمَةُ : بفتح أوله ، وسكون ثانيه : بلدة بالمغرب من أعمال بني حمّاد.

الدَّكَّةُ : موضع بظاهر دمشق في الغوطة ، والله أعلم بالصواب.

باب الدال واللام وما يليهما

دَلاصُ : بفتح أوله ، وآخره صاد مهملة : كورة بصعيد مصر على غربي النيل أخذت من البر تشتمل على قرى وولاية واسعة ، ودلاص مدينتها معدودة في كورة البهنسا ، منها أبو القاسم حسان بن غالب بن نجيح الدلاصي ، يروي عن مالك بن أنس والليث بن سعد ، وكان ثقة ، توفي بدلاص سنة ٢٢٣.

أَبو دُلامَةَ : بضم أوله : جبل مطلّ على الحجون بمكة ، والأدلم من الرجال : الطويل الأسود ، ومن الجبال كذلك في ملوسة الصخر غير حدّ السواد ، وأبو دلامة : اسم شاعر.

دلاميس : ماء باليمامة في ناحية البياض.


دَلانُ وذَمُورانُ : قريتان قرب ذمار من أرض اليمن يقال إنه ليس في أرض اليمن أحسن وجوها من نسائهما ، والزنا بهما كثير ، يقصدهما الناس من الأماكن البعيدة للفجور ، ويقال : إن دلان وذموران كانا ملكين وكانا أخوين وكل واحد منهما في القرية المسماة به ، وكانا يختاران النساء وينافسان في الجمال ويستحضرانهن من البلاد البعيدة ، فمن هناك أتاهنّ الجمال.

دلايَةُ : بلد قريب من المرية من سواحل بحر الأندلس ، ينسب إليها أبو العباس أحمد بن عمر بن أنس بن دلهاث بن أنس بن فلهدان بن عمران بن منيب بن زغبة ابن قطبة العذري المري ، وزغبة هو الداخل إلى الأندلس وأحد من قام بدعوة اليمانية أيام العصبية ، وعمران أحد القائمين على الحكم بالربض من قرطبة سنة ٢٠٢ ، رحل مع أبويه إلى المشرق سنة ٤٠٧ فوصل إلى مكة في رمضان سنة ثمان وجاور بمكة إلى سنة ٤١٦ ، فسمع بالحجاز سماعا كثيرا من أبي العباس الرازي وأبي الحسن بن جهضم وأبي بكر بن نوح الأصبهاني وجماعة من أهل العراق وخراسان والشام الواردين مكة ، وصحب الشيخ أبا ذرّ ، ولم يكن له بمصر سماع ، وعاد إلى الأندلس ، وكان له من الأندلسيين سماع من ابن عبد البرّ وغيره ، وكان شيخا ثقة واسع الرواية عالي السند عنده غرائب وفوائد ، سمع منه الناس بالأندلس قديما وحديثا وطال عمره حتى شارك الأصاغر فيه الأكابر ، وتدبج مع بعض من سمع منه أبو عمر بن عبد البرّ الحافظ ، وحدّث عنه في كتاب الصحابة وغيره من تصانيفه وأبو محمد ابن حزم الطاهري ، وقد سمع هو منهما ، وسمع منه أبو عبد الله الحميدي وأبو عبيد البكري وجماعة من الأعيان ، وألّف كتابه المسمّى بأعلام النبوة ونظام المرجان في المسالك والممالك ، كان مولده فيما ذكر الحيّاني في ذي القعدة سنة ٣٩٣ ، ومات فيما قال القاضي أبو علي الحسين بن محمد بن فيره الصدفي سنة ٤٧٨.

دَلْجَةُ : بفتح أوله ، وسكون ثانيه ، وجيم : قرية بصعيد مصر من غربي النيل في الجبل بعيدة عن الشاطئ.

دَلْغاطانُ : بفتح أوله ، وسكون ثانيه ، وغين معجمة ، وطاء مهملة ، وآخره نون : قرية من قرى مرو ، ويقال دلغاتان ، على أربعة فراسخ من البلد ، ينسب إليها الزاهد أبو بكر محمد بن الفضل بن أحمد الدلغاطاني ، ويسمى أيضا أحمد ، روى عن أبيه أبي العباس الفضل ، روى عنه جماعة ، منهم : أبو المظفر محمد بن أحمد الصابري الواعظ بهراة ، مات بقريته سنة ٤٨٨ ، وفضل الله بن محمد بن إبراهيم بن أحمد بن أبي عبد الله أبو بكر الدلغاطاني ، كان فقيها فاضلا عارفا بالأدب والحساب ، حسن السيرة متابعا في الاحتياط حريصا على جمع العلوم من الحديث والتفسير والفقه ، كانت له إجازة من أبي عمرو عثمان بن إبراهيم ابن الفضل وأبي بكر محمد بن علي الزّرنجري ، سمع منه أبو سعد ، وكانت ولادته بدلغاطان في سنة ٤٨٥ ، ومات بمرو في الحادي والعشرين من محرم سنة ٥٥٧.

دُلُوثُ : قال سيف عن رجل من عبد القيس يدعى صحارا قال : قدمت على هرم بن حيّان أيام حرب الهرمزان بنواحي الأهواز ، وهو فيما بين دلوث ودجيل بخلال من تمر ، وذكر خبرا ، وسماها في موضع آخر دلث ، وقال الحصين بن نيار الحنظلي :

ألا هل أتاها أن أهل مناذر

شفوا غللا لو كان للنفس زاجر


أصابوا لنا ، فوق الدّلوث ، بفيلق

له زجل ترتدّ منه النظائر

دُلُوكُ : بضم أوله ، وآخره كاف : بليدة من نواحي حلب بالعواصم ، كانت بها وقعة لأبي فراس بن حمدان مع الروم ، وقال بعضهم يذكرها :

وإني إن نزلت على دلوك

تركتك غير متصل النظام

وقال عدي بن الرقاع :

أهمّ سرى أم غار للغيث غائر ،

أم انتابنا من آخر الليل زائر

ونحن بأرض قلّ ما يجشم السّرى ،

بها العربيات الحسان الحرائر

كثير بها الأعداء ، يحصر دونها

بريد الإمام المستحثّ المثابر

فقلت لها : كيف اهتديت ودوننا

دلوك وأشراف الجبال القواهر

وجيحان ، جيحان الجيوش ، وآلس

وحزم خزازى والشعوب القواسر

دُلَيْجانُ : بضم أوله ، وفتح ثانيه : بليدة بنواحي أصبهان ، ويقال دليكان ، ينسب إليها جماعة ، منهم: أبو العباس أحمد بن الحسين بن المطهر الدليجاني يعرف بالخطيب وبناته أمّ الوليد ولامعة وضوء الصباح ، سمعن الحديث وروينه.

باب الدال والميم وما يليهما

دَمَا : بفتح أوله ، وتخفيف ثانيه : بلدة من نواحي عمان ، وقيل : مدينة تذكر مع دبا ، كانت من أسواق العرب المشهورة ، منها أبو شداد ، قال : جاءنا كتاب رسول الله ، صلى الله عليه وسلّم ، في قطعة من أديم إلى عمان ، روى عنه عبد العزيز بن زياد الخبطي.

دُمَّا : بضم أوله ، وتشديد الميم ممالة : موضع تحت بغداد أسفل من كلواذا وناحية أخرى تحت جرجرايا.

الدِّماج : بكسر أوله ، وآخره جيم ، قال العمراني : موضع ذكره الحطيئة فيه نظر.

دُماحُ : موضع في قول جرير :

تقول العاذلات : علاك شيب ،

أهذا الشيب يمنعني مراحي؟

يكلّفني فؤادي ، من هواه ،

ظعائن يجتزعن على دماح (١)

ظعائن لم يدنّ مع النصارى ،

ولا يدرين ما سمك القراح

الدِّماخُ : بكسر أوله ، وآخره خاء معجمة : جبال بنجد ، ويقال أثقل من دمخ الدماخ ، قيل : هو جبل من جبال ضخام في حمى ضريّة ، فالدماخ اسم لتلك الجبال ، ودمخ مضاف إليها ، وقال الأصمعي في قول النابغة :

وأبلغ بني ذبيان أن لا أخا لهم

بعبس ، إذا حلّوا الدماخ فأظلما

يجمع كلون الأعبل الجون لونه ،

ترى في نواحيه زهيرا وحذيما

هم يردون الموت عند لقائه ،

إذا كان ورد الموت لا بدّ أكرما

وروى ثعلب قول الحطيئة :

إن الرّزية ، لا أبا لك ، هالك

بين الدّماخ وبين دارة منزر

__________________

(١) في ديوان جرير : على رماح


دماخ ، بضم الدال والخاء معجمة ، وقال أبو زياد : دماخ جبال أعظمها دمخ وهي أوطان عمرو بن كلاب ، لم يدخل مع عمرو بن كلاب في دماخ أحد إلا حلفاؤهم من عادية بجبيلة ، قال : وهي دماخ أوشال ، منها وشلان لا يؤبيان كلاهما يسقى به النّعم ، وأوشال سوى ذلك لا يسقي بها الناس شاءهم ولا يقدر عليها النعم ، أما الذي يمنع النعم منها فصعوبة الجبل ، وأما الذي يمنع الشاء فالأباء لأنها تشرب بها الأروى وإذا شربت منه النعم في مشارب الأروى وشمّت أبعارها أخذها داء الأباء فقتلها وإنما يضرّ بالمعزى ، وأما الضأن فلا يكاد يضرّها. ودمخ : جبل فنسب إليه بما حوله ، وقال أبو عبيدة : الدماخ وأظلم جبلان ، قال أبو منصور : قال ثعلب عن ابن الأعرابي الدّمخ الشّدخ ، قال : ولم أسمعه لغيره.

دُماطُ : قرية بمصر من كورة الغربية.

دَمامِين : بفتح أوله ، وبعد الألف ميم أخرى مكسورة ، وياء تحتها نقطتان ، ونون : قرية كبيرة بالصعيد شرقي النيل على شاطئه فوق قوص ، وعليها بساتين ونخل كثير.

دُمانِس : مدينة من نواحي تفليس بأرمينية يجلب منها الإبريسم ، قال أبو القاسم : أخبرني به رجل منها.

دُماوَنْد : لغة في دنباوند ودباوند : جبل قرب الري وكورة.

دَمْحٌ : بفتح أوله ، وسكون ثانيه ، وآخره حاء مهملة : جبل في ديار عمرو بن كلاب ، قال طهمان :

كفى حزنا أني تطاللت كي أرى

ذرى قلّتي دمح كما تريان

ويوم دمح : من أيام العرب ، هكذا رواه الحازمي بالحاء المهملة وما أراه إلا خطأ ، وصوابه بالخاء المعجمة ، كذا ذكره الأزهري والجوهري والسكّري وغيرهم ، ويقال : دمّح ودبّح إذا طأطأ رأسه ، وليس فيه غيرها.

دَمْخٌ : بفتح أوله ، وسكون ثانيه ، وآخره خاء معجمة : اسم جبل كان لأهل الرّسّ مصعده في السماء ميل ، وقيل : جبل لبني نفيل بن عمرو بن كلاب فيه أوشال كثيرة لا تكاد تؤتى من أن يكون فيها ماء ، قال : بركنه أركان دمخ لا تقر وقد ذكرت لغته في الدماخ ، وقال طهمان بن عمرو الدارمي :

ألا يا أسلما بالبئر من أمّ واصل ،

ومن أمّ جبر أيها الطّللان!

وهل يسلم الرّبعان يأتي عليهما ،

صباح مساء ، نائب الحدثان؟

ألا هزئت مني بنجران ، إذ رأت

عثاري ، في الكبلين ، أمّ أبان

كأن لم تر قبلي أسيرا مكبّلا ،

ولا رجلا يرمي به الرّجوان

عذرتك يا عيني الصحيحة والبكا ،

فما لك يا عوراء والهملان؟

كفى حزنا أني تطاللت كي أرى

ذرى قلّتي دمخ كما تريان

كأنهما ، والآل يجري عليهما

من البعد ، عينا برقع خلقان

ألا حبّذا ، والله لو تعلمانه ،

ظلالكما يا أيها العلمان

وماؤكما العذب الذي لو وردته ،

وبي نافض حمّى ، إذا لشفاني


وإنّي والعبسيّ ، في أرض مذحج ،

غريبان شتّى الدار مختلفان

غريبان مجفوّان ، أكثر همّنا

وجيف مطايانا بكل مكان

فمن ير ممسانا وملقى ركابنا ،

من الناس ، يعلم أننا سبعان

خليليّ ليس الرأي في صدر واحد ،

أشيرا عليّ اليوم ما تريان؟

أأركب صعب الأمر ، إنّ ذلوله

بنجران لا يرجى لحين أوان

وما كان غضّ الطرف منا سجيّة ،

ولكننا في مذحج غربان

وقال آخر :

أمغتربا أصبحت في رامهرمز؟

نعم كلّ نجديّ هناك غريب

فيا ليت شعري! هل أسيرنّ مصعدا ،

ودمخ لأعضاد المطيّ جنيب

دَمْدَمُ : بدالين على وزن زمزم بزايين في شعر أميّة حيث قال :

ولطت حجاب البيت من دون أهلها ،

تغيّب عنهم في صحاريّ دمدم

قال الحازمي : نقلته من خط السيرافي ، قال : لطت سترت ، ودمدم : موضع.

دُمَّرٌ : عقبة دمّر مشرفة على غوطة دمشق ، لها ذكر في حديث الإسكندر وغيره ، وهي من جهة الشمال في طريق بعلبكّ.

دَمْسيس : بالفتح ثم السكون ، وسينين مهملتين بينهما ياء مثناة : قرية من قرى مصر ، بينها وبين سمنّود أربعة فراسخ ، وبينها وبين برا فرسخان ، يضاف إليها كورة فيقال كورة دمسيس ومنوف.

دِمَشْقُ الشّام : بكسر أوله ، وفتح ثانيه ، هكذا رواه الجمهور ، والكسر لغة فيه ، وشين معجمة ، وآخره قاف : البلدة المشهورة قصبة الشام ، وهي جنة الأرض بلا خلاف لحسن عمارة ونضارة بقعة وكثرة فاكهة ونزاهة رقعة وكثرة مياه ووجود مآرب ، قيل : سميت بذلك لأنهم دمشقوا في بنائها أي أسرعوا ، وناقة دمشق ، بفتح الدال وسكون الميم : سريعة ، وناقة دمشقة اللحم : خفيفة ، قال الزّفيان :

وصاحبي ذات هباب دمشق

قال صاحب الزيج : دمشق طولها ستون درجة ، وعرضها ثلاث وثلاثون درجة ونصف ، وهي في الإقليم الثالث ، وقال أهل السير : سمّيت دمشق بدماشق بن قاني بن مالك بن أرفخشد بن سام بن نوح ، عليه السلام ، فهذا قول ابن الكلبي ، وقال في موضع آخر : ولد يقطان بن عامر سالف وهم السلف وهو الذي بنى قصبة دمشق ، وقيل : أول من بناها بيوراسف ، وقيل : بنيت دمشق على رأس ثلاثة آلاف ومائة وخمس وأربعين سنة من جملة الدهر الذي يقولون إنه سبعة آلاف سنة ، وولد إبراهيم الخليل ، عليه السلام ، بعد بنائها بخمس سنين ، وقيل : إن الذي بنى دمشق جيرون بن سعد بن عاد بن إرم ابن سام بن نوح ، عليه السلام ، وسماها إرم ذات العماد ، وقيل : إن هودا ، عليه السلام ، نزل دمشق وأسس الحائط الذي في قبلي جامعها ، وقيل : إن العازر غلام إبراهيم ، عليه السلام ، بنى دمشق وكان حبشيّا وهبه له نمرود بن كنعان حين خرج إبراهيم من النار ، وكان يسمّى الغلام دمشق فسماها باسمه ،


وكان إبراهيم ، عليه السلام ، قد جعله على كلّ شيء له ، وسكنها الروم بعد ذلك ، وقال غير هؤلاء : سميت بدماشق بن نمرود بن كنعان وهو الذي بناها ، وكان معه إبراهيم ، كان دفعه إليه نمرود بعد أن نجّى الله تعالى إبراهيم من النار ، وقال آخرون : سميت بدمشق بن إرم بن سام بن نوح ، عليه السلام ، وهو أخو فلسطين وأيلياء وحمص والأردنّ ، وبنى كلّ واحد موضعا فسمي به ، وقال أهل الثقة من أهل السير : إن آدم ، عليه السلام ، تكان ينزل في موضع يعرف الآن ببيت انات وحوّاء في بيت لهيا وهابيل في مقرى ، وكان صاحب غنم ، وقابيل في قنينة ، وكان صاحب زرع ، وهذه المواضع حول دمشق ، وكان في الموضع الذي يعرف الآن بباب الساعات عند الجامع صخرة عظيمة يوضع عليها القربان فما يقبل منه تنزل نار تحرقه وما لا يقبل بقي على حاله ، فكان هابيل قد جاء بكبش سمين من غنمه فوضعه على الصخرة فنزلت النار فأحرقته ، وجاء قابيل بحنطة من غلّته فوضعها على الصخرة فبقيت على حالها ، فحسد قابيل أخاه وتبعه إلى الجبل المعروف بقاسيون المشرف على بقعة دمشق وأراد قتله ، فلم يدر كيف يصنع فأتاه إبليس فأخذ حجرا وجعل يضرب به رأسه فلما رآه أخذ حجرا فضرب به رأس أخيه فقتله على جبل قاسيون ، وأنا رأيت هناك حجرا عليه شيء كالدم يزعم أهل الشام أنه الحجر الذي قتله به ، وأن ذلك الاحمرار الذي عليه أثر دم هابيل ، وبين يديه مغارة تزار حسنة يقال لها مغارة الدم ، لذلك رأيتها في لحف الجبل الذي يعرف بجبل قاسيون.

وقد روى بعض الأوائل أن مكان دمشق كان دارا لنوح ، عليه السلام ، ومنشأ خشب السفينة من جبل لبنان وأنّ ركوبه في السفينة كان من عين الجرّ من ناحية البقاع ، وقد روي عن كعب الأحبار : أن أوّل حائط وضع في الأرض بعد الطوفان حائط دمشق وحرّان ، وفي الأخبار القديمة عن شيوخ دمشق الأوائل : أن دار شدّاد بن عاد بدمشق في سوق التين يفتح بابها شأما إلى الطريق وأنه كان يزرع له الريحان والورد وغير ذلك فوق الأعمدة بين القنطرتين قنطرة دار بطّيخ وقنطرة سوق التين ، وكانت يومئذ سقيفة فوق العمد ، وقال أحمد بن الطيب السرخسي : بين بغداد ودمشق مائتان وثلاثون فرسخا.

وقالوا في قول الله عز وجل : (وَآوَيْناهُما إِلى رَبْوَةٍ ذاتِ قَرارٍ وَمَعِينٍ) ، قال : هي دمشق ذات قرار وذات رخاء من العيش وسعة ومعين كثيرة الماء ، وقال قتادة في قول الله عز وجل والتين قال : الجبل الذي عليه دمشق ، والزيتون : الجبل الذي عليه بيت المقدس ، وطور سينين : شعب حسن ، وهذا البلد الأمين : مكة ، وقيل : إرم ذات العماد دمشق ، وقال الأصمعي : جنان الدنيا ثلاث : غوطة دمشق ونهر بلخ ونهر الأبلّة ، وحشوش الدنيا ثلاثة : الأبلّة وسيراف وعمان ، وقال أبو بكر محمد بن العباس الخوارزمي الشاعر الأديب : جنان الدنيا أربع : غوطة دمشق وصغد سمرقند وشعب بوّان وجزيرة الأبلّة ، وقد رأيتها كلها وأفضلها دمشق ، وفي الأخبار : أنّ إبراهيم ، عليه السلام ، ولد في غوطة دمشق في قرية يقال لها برزة في جبل قاسيون ، وعن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : إنّ عيسى ، عليه السلام ، ينزل عند المنارة البيضاء من شرقي دمشق ، ويقال : إنّ المواضع الشريفة بدمشق التي يستجاب فيها الدعاء مغارة الدم في جبل قاسيون ،


ويقال : إنها كانت مأوى الأنبياء ومصلّاهم ، والمغارة التي في جبل النّيرب يقال : إنها كانت مأوى عيسى ، عليه السلام ، ومسجدا إبراهيم ، عليه السلام ، أحدهما في الأشعريّين والآخر في برزة ، ومسجد القديم عند القطيعة ، ويقال : إن هنا قبر موسى ، عليه السلام ، ومسجد باب الشرقي الذي قال النبي ، صلى الله عليه وسلّم : إن عيسى ، عليه السلام ، ينزل فيه ، والمسجد الصغير الذي خلف جيرون يقال إنّ يحيى بن زكرياء ، عليه السلام ، قتل هناك ، والحائط القبلي من الجامع يقال إنه بناه هود ، عليه السلام ، وبها من قبور الصحابة ودورهم المشهورة بهم ما ليس في غيره من البلدان ، وهي معروفة إلى الآن.

قال المؤلف : ومن خصائص دمشق التي لم أر في بلد آخر مثلها كثرة الأنهار بها وجريان الماء في قنواتها ، فقلّ أن تمرّ بحائط إلّا والماء يخرج منه في أنبوب إلى حوض يشرب منه ويستقي الوارد والصادر ، وما رأيت بها مسجدا ولا مدرسة ولا خانقاها إلّا والماء يجري في بركة في صحن هذا المكان ويسحّ في ميضأة ، والمساكن بها عزيزة لكثرة أهلها والساكنين بها وضيق بقعتها ، ولها ربض دون السور محيط بأكثر البلد يكون في مقدار البلد نفسه ، وهي في أرض مستوية تحيط بها من جميع جهاتها الجبال الشاهقة ، وبها جبل قاسيون ليس في موضع من المواضع أكثر من العبّاد الذين فيه ، وبها مغاور كثيرة وكهوف وآثار للأنبياء والصالحين لا توجد في غيرها ، وبها فواكه جيدة فائقة طيبة تحمل إلى جميع ما حولها من البلاد من مصر إلى حرّان وما يقارب ذلك فتعمّ الكل ، وقد وصفها الشعراء فأكثروا ، وأنا أذكر من ذلك نبذة يسيرة ، وأما جامعها فهو الذي يضرب به المثل في حسنه ، وجملة الأمر أنه لم توصف الجنة بشيء إلا وفي دمشق مثله ، ومن المحال أن يطلب بها شيء من جليل أعراض الدنيا ودقيقها إلا وهو فيها أوجد من جميع البلاد ، وفتحها المسلمون في رجب سنة ١٤ بعد حصار ومنازلة ، وكان قد نزل على كلّ باب من أبوابها أمير من المسلمين فصدمهم خالد بن الوليد من الباب الشرقي حتى افتتحها عنوة ، فأسرع أهل البلد إلى أبي عبيدة بن الجرّاح ويزيد بن أبي سفيان وشرحبيل ابن حسنة ، وكان كل واحد منهم على ربع من الجيش ، فسألوهم الأمان فأمنوهم وفتحوا لهم الباب ، فدخل هؤلاء من ثلاثة أبواب بالأمان ، ودخل خالد من الباب الشرقي بالقهر ، وملكوهم وكتبوا إلى عمر ابن الخطاب ، رضي الله عنه ، بالخبر وكيف جرى الفتح ، فأجراها كلها صلحا.

وأما جامعها فقد وصفه بعض أهل دمشق فقال : هو جامع المحاسن كامل الغرائب معدود إحدى العجائب ، قد زوّر بعض فرشه بالرخام وألّف على أحسن تركيب ونظام ، وفوق ذلك فصّ أقداره متفقة وصنعته مؤتلفة ، بساطه يكاد يقطر ذهبا ويشتعل لهبا ، وهو منزه عن صور الحيوان إلى صنوف النبات وفنون الأغصان لكنها لا تجنى إلا بالأبصار ولا يدخل عليها الفساد كما يدخل على الأشجار والثمار بل باقية على طول الزمان مدركة بالعيان في كلّ أوان ، لا يمسها عطش مع فقدان القطر ولا يعتريها ذبول مع تصاريف الدهر ، وقالوا : عجائب الدنيا أربع : قنطرة سنجة ومنارة الإسكندرية وكنيسة الرّها ومسجد دمشق ، وكان قد بناه الوليد بن عبد الملك بن مروان ، وكان ذا همّة في عمارة المساجد ، وكان الابتداء بعمارته في سنة ٨٧ ، وقيل سنة ٨٨ ، ولما أراد بناءه جمع نصارى دمشق وقال لهم : إنّا نريد أن نزيد في مسجدنا كنيستكم ، يعني كنيسة يوحنا ، ونعطيكم


كنيسة حيث شئتم وإن شئتم أضعفنا لكم الثمن ، فأبوا وجاءوا بكتاب خالد بن الوليد والعهد وقالوا : إنّا نجد في كتبنا أنه لا يهدمها أحد إلا خنق ، فقال لهم الوليد : فأنا أول من يهدمها ، فقام وعليه قباء أصفر فهدم وهدم الناس ثم زاد في المسجد ما أراده واحتفل في بنائه بغاية ما أمكنه وسهل عليه إخراج الأموال وعمل له أربعة أبواب : في شرقيه باب جيرون وفي غربيه باب البريد وفي القبلة باب الزيادة وباب الناطفانيين مقابله وباب الفراديس في دبر القبلة ، وذكر غيث بن علي الأرمنازي في كتاب دمشق على ما حدثني به الصاحب جمال الدين الأكرم أبو الحسن علي بن يوسف الشيباني ، أدام الله أيامه : أن الوليد أمر أن يستقصى في حفر أساس حيطان الجامع ، فبينما هم يحفرون إذ وجدوا حائطا مبنيّا على سمت الحفر سواء فأخبروا الوليد بذلك وعرّفوه إحكام الحائط واستأذنوه في البنيان فوقه ، فقال : لا أحب إلا الإحكام واليقين فيه ولست أثق بإحكام هذا الحائط حتى تحفروا في وجهه إلى أن تدركوا الماء فإن كان محكما مرضيّا فابنوا عليه وإلا استأنفوه ، فحفروا في وجه الحائط فوجدوا بابا وعليه بلاطة من حجر مانع وعليها منقور كتابة ، فاجتهدوا في قراءتها حتى ظفروا بمن عرّفهم أنه من خط اليونان وأن معنى تلك الكتابة ما صورته : لما كان العالم محدثا لاتصال أمارات الحدوث به وجب أن يكون له محدث لهؤلاء كما قال ذو السنين وذو اللحيين فوجدت عبادة خالق المخلوقات حينئذ أمر بعمارة هذا الهيكل من صلب ماله محبّ الخير على مضي سبعة آلاف وتسعمائة عام لأهل الأسطوان فإن رأى الداخل إليه ذكر بانيه بخير فعل والسلام ، وأهل الأسطوان : قوم من الحكماء الأول كانوا ببعلبك ، حكى ذلك أحمد بن الطيب السرخسي الفيلسوف ، ويقال : إن الوليد أنفق على عمارته خراج المملكة سبع سنين وحملت إليه الحسبانات بما أنفق عليه على ثمانية عشر بعيرا فأمر بإحراقها ولم ينظر فيها وقال : هو شيء أخرجناه لله فلم نتبعه ، ومن عجائبه أنه لو عاش الإنسان مائة سنة وكان يتأمله كل يوم لرأى فيه كل يوم ما لم يره في سائر الأيام من حسن صنائعه واختلافها ، وحكي أنه بلغ ثمن البقل الذي أكله الصنّاع فيه ستة آلاف دينار ، وضج الناس استعظاما لما أنفق فيه وقالوا : أخذ بيوت أموال المسلمين وأنفقها فيما لا فائدة لهم فيه ، قال : فخاطبهم وقال بلغني أنكم تقولون وتقولون وفي بيت مالكم عطاء ثماني عشرة سنة إذا لم تدخل لكم فيها حبة قمح ، فسكت الناس ، وقيل : إنه عمل في تسع سنين ، وكان فيه عشرة آلاف رجل في كل يوم يقطعون الرخام ، وكان فيه ستمائة سلسلة ذهب ، فلما فرغ أمر الوليد أن يسقّف بالرصاص فطلب من كل البلاد وبقيت قطعة منه لم يوجد لها رصاص إلا عند امرأة وأبت أن تبيعه إلا بوزنه ذهبا فقال : اشتروه منها ولو بوزنه مرتين ، ففعلوا فلما قبضت الثمن قالت : إني ظننت أن صاحبكم ظالم في بنائه هذا ، فلما رأيت إنصافه فأشهدكم أنه لله! وردّت الثمن ، فلما بلغ ذلك إلى الوليد أمر أن يكتب على صفائح المرأة لله ولم يدخله فيما كتب عليه اسمه ، وأنفق على الكرمة التي في قبلته سبعين ألف دينار ، وقال موسى بن حمّاد البربري : رأيت في مسجد دمشق كتابة بالذهب في الزجاج محفورا سورة : (أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ) إلى آخرها ، ورأيت جوهرة حمراء ملصقة في القاف التي في قوله تعالى : (حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقابِرَ) ، فسألت عن ذلك : فقيل لي إنه كانت للوليد بنت وكانت هذه الجوهرة لها فماتت فأمرت أمها أن تدفن


هذه الجوهرة معها في قبرها ، فأمر الوليد بها فصيرت في قاف المقابر من : (أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقابِرَ) ، ثم حلف لأمها أنه قد أودعها المقابر فسكتت.

وحكى الجاحظ في كتاب البلدان قال : قال بعض السلف ما يجوز أن يكون أحد أشدّ شوقا إلى الجنة من أهل دمشق لما يرونه من حسن مسجدهم ، وهو مبنيّ على الأعمدة الرخام طبقتين ، الطبقة التحتانية أعمدة كبار والتي فوقها صغار في خلال ذلك صورة كلّ مدينة وشجرة في الدنيا بالفسيفساء الذهب والأخضر والأصفر ، وفي قبليّه القبّة المعروفة بقبة النسر ، ليس في دمشق شيء أعلى ولا أبهى منظرا منها ، ولها ثلاث منائر إحداها ، وهي الكبرى ، كانت ديدبانا للروم وأقرت على ما كانت عليه وصيّرت منارة ، ويقال في الأخبار : إن عيسى ، عليه السلام ، ينزل من السماء عليها ، ولم يزل جامع دمشق على تلك الصورة يبهر بالحسن والتنميق إلى أن وقع فيه حريق في سنة ٤٦١ فأذهب بعض بهجته ، وهذا ما كان في صفته ، قال أبو المطاع بن حمدان في وصف دمشق :

سقى الله أرض الغوطتين وأهلها ،

فلي بجنوب الغوطتين شجون

وما ذقت طعم الماء إلّا استخفني

إلى بردى والنّيربين حنين

وقد كان شكّي في الفراق يروعني ،

فكيف أكون اليوم وهو يقين؟

فو الله ما فارقتكم قاليا لكم ،

ولكنّ ما يقضى فسوف يكون

وقال الصّنوبري :

صفت دنيا دمشق لقاطنيها ،

فلست ترى بغير دمشق دنيا

تفيض جداول البلّور فيها

خلال حدائق ينبتن وشيا

مكللة فواكههنّ أبهى ال

مناظر في مناظرنا وأهيا

فمن تفاحة لم تعد خدّا ،

ومن أترجّة لم تعد ثديا

وقال البحتري :

أمّا دمشق فقد أبدت محاسنها ،

وقد وفى لك مطريها بما وعدا

إذا أردت ملأت العين من بلد

مستحسن وزمان يشبه البلدا

يمسي السحاب على أجبالها فرقا ،

ويصبح النبت في صحرائها بددا

فلست تبصر إلا واكفا خضلا ،

أو يانعا خضرا أو طائرا غردا

كأنما القيظ ولّى بعد جيئته ،

أو الربيع دنا من بعد ما بعدا

وقال أبو محمد عبد الله بن أحمد بن الحسين بن النّقّار يمدح دمشق :

سقى الله ما تحوي دمشق وحيّاها ،

فما أطيب اللذات فيها وأهناها!

نزلنا بها واستوقفتنا محاسن

يحنّ إليها كلّ قلب ويهواها

لبسنا بها عيشا رقيقا رداؤه ،

ونلنا بها من صفوة اللهو أعلاها

وكم ليلة نادمت بدر تمامها

تقضّت ، وما أبقت لنا غير ذكراها

فآها على ذاك الزمان وطيبه ،

وقلّ له من بعده قولتي واها!


فيا صاحبي إمّا حملت رسالة

إلى دار أحباب لها طاب مغناها

وقل ذلك الوجد المبرِّح ثابت ،

وحرمة أيام الصّبا ما أضعناها

فإن كانت الأيام أنست عهودنا ،

فلسنا على طول المدى نتناساها

سلام على تلك المعاهد ، إنها

محطّ صبابات النفوس ومثواها

رعى الله أياما تقضّت بقربها ،

فما كان أحلاها لديها وأمراها!

وقال آخر في ذمّ دمشق :

إذا فاخروا قالوا مياه غزيرة

عذاب ، وللظامي سلاف مورّق

سلاف ولكن السراجين مزجها ،

فشاربها منها الخرا يتنشق

وقد قال قوم جنة الجلد جلّق ،

وقد كذبوا في ذا المقال ومخرقوا

فما هي إلا بلدة جاهليّة ،

بها تكسد الخيرات والفسق ينفق

فحسبهم جيرون فخرا وزينة ،

ورأس ابن بنت المصطفى فيه علّقوا

قال : ولما ولي عمر بن عبد العزيز ، رضي الله عنه ، قال : إني أرى في أموال مسجد دمشق كثرة قد أنفقت في غير حقها فأنا مستدرك ما استدركت منها فردت إلى بيت المال ، أنزع هذا الرخام والفسيفساء وأنزع هذه السلاسل وأصيّر بدلها حبالا ، فاشتدّ ذلك على أهل دمشق حتى وردت عشرة رجال من ملك الروم إلى دمشق فسألوا أن يؤذن لهم في دخول المسجد ، فأذن لهم أن يدخلوا من باب البريد ، فوكل بهم رجلا يعرف لغتهم ويستمع كلامهم وينهي قولهم إلى عمر من حيث لا يعلمون ، فمروا في الصحن حتى استقبلوا القبلة فرفعوا رؤوسهم إلى المسجد فنكس رئيسهم رأسه واصفرّ لونه ، فقالوا له في ذلك فقال : إنّا كنّا معاشر أهل رومية نتحدث أن بقاء العرب قليل فلما رأيت ما بنوا علمت أن لهم مدّة لا بدّ أن يبلغوها ، فلما أخبر عمر بن عبد العزيز بذلك قال : إني أرى مسجدكم هذا غيظا على الكفار ، وترك ما همّ به ، وقد كان رصّع محرابه بالجواهر الثمينة وعلّق عليه قناديل الذهب والفضة.

وبدمشق من الصحابة والتابعين وأهل الخير والصلاح الذين يزارون في ميدان الحصى ، وفي قبلي دمشق قبر يزعمون أنه قبر أمّ عاتكة أخت عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، وعنده قبر يروون أنه قبر صهيب الرومي وأخيه ، والمأثور أن صهيبا بالمدينة ، وأيضا بها مشهد التاريخ في قبلته قبر مسقوف بنصفين وله خبر مع عليّ بن أبي طالب ، رضي الله عنه ، وفي قبلي الباب الصغير قبر بلال بن حمامة وكعب الأحبار وثلاث من أزواج النبي ، صلى الله عليه وسلّم ، وقبر فضّة جارية فاطمة ، رضي الله عنها ، وأبي الدرداء وأمّ الدرداء وفضالة بن عبيد وسهل بن الحنظليّة وواثلة ابن الأسقع وأوس بن أوس الثقفي وأمّ الحسن بنت جعفر الصادق ، رضي الله عنه ، وعليّ بن عبد الله بن العباس وسلمان بن عليّ بن عبد الله بن العباس وزوجته أم الحسن بنت عليّ بن أبي طالب ، رضي الله عنه ، وخديجة بنت زين العابدين وسكينة بنت الحسين ، والصحيح أنها بالمدينة ، ومحمد بن عمر بن عليّ بن أبي طالب ، وبالجابية قبر أويس القرني ، وقد زرناه بالرّقّة ، وله مشهد بالإسكندرية وبديار بكر


والأشهر الأعرف أنه بالرقة لأنه قتل فيما يزعمون مع عليّ بصفّين ، ومن شرقي البلد قبر عبد الله بن مسعود وأبيّ بن كعب ، وهذه القبور هكذا يزعمون فيها ، والأصحّ الأعرف الذي دلّت عليه الأخبار أن أكثر هؤلاء بالمدينة مشهورة قبورهم هناك ، وكان بها من الصحابة والتابعين جماعة غير هؤلاء ، قيل إن قبورهم حرثت وزرعت في أول دولة بني العباس نحو مائة سنة فدرست قبورهم فادّعى هؤلاء عوضا عما درس ، وفي باب الفراديس مشهد الحسين بن عليّ ، رضي الله عنهما ، وبظاهر المدينة عند مشهد الخضر قبر محمد بن عبد الله بن الحسين بن أحمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق ، رضي الله عنه ، وبدمشق عمود العسر في العليين يزعمون أنهم قد خرّبوه وعمود آخر عند الباب الصغير في مسجد يزار وينذر له ، وبالجامع من شرقيه مسجد عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، ومشهد عليّ بن أبي طالب ، رضي الله عنه ، ومشهد الحسين وزين العابدين ، وبالجامع مقصورة الصحابة وزاوية الخضر ، وبالجامع رأس يحيى بن زكرياء ، عليه السلام ، ومصحف عثمان بن عفان ، رضي الله عنه ، قالوا إنه خطه بيده ، ويقولون إن قبر هود ، عليه السلام ، في الحائط القبلي ، والمأثور أنه بحضرموت ، وتحت قبة النسر عمودان مجزّعان زعموا أنهما من عرش بلقيس ، والله أعلم ، والمنارة الغربية بالجامع هي التي تعبّد فيها أبو حامد الغزّالي وابن تومرت ملك الغرب ، قيل إنها كانت هيكل النار وإن ذؤابة النار تطلع منها ، وسجد لها أهل حوران ، والمنارة الشرقية يقال لها المنارة البيضاء التي ورد أن عيسى بن مريم ، عليه السلام ، ينزل عليها ، وبها حجر يزعمون أنه قطعة من الحجر الذي ضربه موسى بن عمران ، عليه السلام ، فانبجست منه اثنتا عشرة عينا ، ويقال إن المنارة التي ينزل عندها عيسى ، عليه السلام ، هي التي عند كنيسة مريم بدمشق ، وبالجامع قبة بيت المال الغربية يقال إن فيها قبر عائشة ، رضي الله عنها ، والصحيح أن قبرها بالبقيع ، وعلى باب الجامع المعروف بباب الزيادة قطعة رمح معلّقة يزعمون أنها من رمح خالد ابن الوليد ، رضي الله عنه ، وبدمشق قبر العبد الصالح محمود بن زنكي ملك الشام وكذلك قبر صلاح الدين يوسف بن أيوب بالكلاسة في الجامع.

وأما المسافات بين دمشق وما يجاورها فمنها إلى بعلبكّ يومان وإلى طرابلس ثلاثة أيام وإلى بيروت ثلاثة أيام وإلى صيدا ثلاثة أيام وإلى أذرعات أربعة أيام وإلى أقصى الغوطة يوم واحد وإلى حوران والبثنيّة يومان وإلى حمص خمسة أيام وإلى حماة ستة أيام وإلى القدس ستة أيام وإلى مصر ثمانية عشر يوما وإلى غزّة ثمانية أيام وإلى عكا أربعة أيام وإلى صور أربعة أيام وإلى حلب عشرة أيام ، وممن ينسب إليها من أعيان المحدّثين عبد العزيز بن أحمد ابن محمد بن سلمان بن إبراهيم بن عبد العزيز أبو محمد التميمي الدمشقي الكناني الصوفي الحافظ ، سمع الكثير وكتب الكثير ورحل في طلب الحديث ، وسمع بدمشق أبا القاسم صدقة بن محمد بن محمد القرشي وتمّام بن محمد وأبا محمد بن أبي نصر وأبا نصر محمد بن أحمد بن هارون الجندي وعبد الوهاب ابن عبد الله بن عمر المرّي وأبا الحسين عبد الوهاب ابن جعفر الميداني وغيرهم ، ورحل إلى العراق فسمع محمد بن مخلّد وأبا عليّ بن شاذان وخلقا سواهم ، ونسخ بالموصل ونصيبين ومنبج كثيرا ، وجمع جموعا ، وروى عنه أبو بكر الخطيب وأبو نصر الحميدي وأبو القاسم النسيب وأبو محمد الأكفاني


وأبو القاسم بن السمرقندي وغيرهم ، وكان ثقة صدوقا ، قال ابن الأكفاني : ولد شيخنا عبد العزيز بن الكناني في رجب سنة ٣٨٩ ، وبدأ بسماع الحديث في سنة ٤٠٧ ، ومات في سنة ٤٦٦ ، وقد خرّج عنه الخطيب في عامّة مصنفاته ، وهو يقول : حدثني عبد العزيز بن أبي طاهر الصوفي ، وأبو زرعة عبد الرحمن ابن عمرو بن عبد الله بن صفوان بن عمرو البصري الدمشقي الحافظ المشهور شيخ الشام في وقته ، رحل وروى عن أبي نعيم وعفان ويحيى بن معين وخلق لا يحصون ، وروى عنه من الأئمة أبو داود السجستاني وابنه أبو بكر بن أبي داود وأبو القاسم بن أبي العقب الدمشقي وعبدان الأوزاعي ويعقوب بن سفيان الفسوي ، ومات سنة ٢٨١ ، وينسب إليها من لا يحصى من المسلمين ، وألّف لها الحافظ ابن عساكر تاريخا مشهورا في ثمانين مجلدة ، وممن اشتهر بذلك فلا يعرف إلا بالدمشقي ، يوسف بن رمضان بن بندار أبو المحاسن الدمشقي الفقيه الشافعي ، كان أبوه قرقوبيّا من أهل مراغة ، وولد يوسف بدمشق وخرج منها بعد البلوغ إلى بغداد ، وصحب أسعد الميهني وأعاد له بعض دروسه ، ثم ولي تدريس النظامية ببغداد مدّة وبنيت له مدرسة بباب الأزج ، وكان يذكر فيها الدرس ، ومدرسة أخرى عند الطّيوريّين ورحبة الجامع ، وانتهت إليه رياسة أصحاب الشافعي ببغداد في وقته ، وحدث بشيء يسير عن أبي البركات هبة الله بن أحمد البخاري وأبي سعد إسماعيل بن أبي صالح ، وعقد مجلس التذكير ببغداد ، وأرسله المستنجد إلى شملة أمير الأشتر من قهستان ، فأدركته وفاته وهو في الرسالة في السادس والعشرين من شوال سنة ٥٦٣.

دِمَشْقِين : مثل جمع دمشق جمع تصحيح : من قرى مصر في الفيوم ، بها بصل كالبطيخ لا حرافة فيه ، وحدثني من دخلها أنه شقّ بصلة وأخرج وسطها فكانت كالصّحفة فأخذ فيها لبنا وأكله بها.

الدِّمْعَانَةُ : بكسر أوله ، وسكون ثانيه ، والعين مهملة ، وبعد الألف نون : ماء لبني بحر من بني زهير بن جنّاب الكلبيّين بالشام.

دِمَقْرَاتُ : بكسر أوله ، وفتح ثانيه ، وسكون القاف ، وراء مهملة ، وآخره تاء : قرية كبيرة مشهورة في الصعيد الأعلى قرب إسنا ، وقد ذكرت ، وهي على غربي النيل ، وجميع أهلها نصارى ، وفيها نخل وكروم كثيرة.

دِمَقْشُ : بوزن دمشق ، إلّا أن القاف مقدّم على الشين : من قرى مصر في الغربية.

دُمْقُلةُ : بضم أوله ، وسكون ثانيه ، وضم قافه ، ويروى بفتح أوله وثالثه أيضا : مدينة كبيرة في بلاد النوبة ، وإذا استقبلت الغرب كانت على يسارك في الجنوب ، وهي منزلة ملك النوبة على شاطئ النيل ، ولها أسوار عالية لا ترام مبنية بالحجارة ، وطول بلادها على النيل مسيرة ثمانين ليلة ، غزاها عبد الله بن سعد بن أبي سرح في سنة ٣١ في خلافة عثمان بن عفان ، رضي الله عنه ، وأصيبت يومئذ عين معاوية بن حديج ، وقاتلهم قتالا شديدا ثم سألوه الهدنة فهادنهم الهدنة الباقية إلى الآن ، وقال شاعر المسلمين :

لم تر عيني مثل يوم دمقله

والخيل تعدو بالدروع مثقلة

وقال يزيد بن أبي حبيب : ليس من أهل مصر والأساود عهد إنما هو أمان بعضنا من بعض نعطيهم شيئا من قمح وعدس ويعطوننا دقيقا ، قال ابن لهيعة : وسمعت يزيد بن أبي حبيب يقول كان أبي من


سبي دمقلة ، والله أعلم.

الدُّمْلُوَةُ : بضم أوله ، وسكون ثانيه ، وضم اللام ، وفتح الواو : حصن عظيم باليمن كان يسكنه آل زريع المتغلبون على تلك النواحي ، قال ابن الدمينة : جبل الصّلو جبل أبي المعلّس ، فيه قلعة أبي المعلّس التي تسمى الدملوة ، تطلع بسلمين ، في السلّم الأسفل منهما أربعة عشر ضلعا والثاني فوق ذلك أربعة عشر ضلعا ، بينهما المطبق ، وبيت الحرس على المطبق بينهما ، ورأس القلعة يكون أربعمائة ذراع في مثلها ، فيه المنازل والدور وفيه شجرة تدعى الكهملة تظلل مائة رجل ، وهي أشبه الشجر بالشّمار ، وفيها مسجد جامع فيه منبر ، وهذه القلعة بثنية من جبل الصلو ، يكون سمكها وحدها من ناحية الجبل الذي هو منفرد منه مائة ذراع عن جنوبيها وهي عن شرقيها من حدره إلى رأس القلعة مسير سدس يوم ساعتين ، وكذلك هي من شمالها مما يلي وادي الجنّات وسوق الجرّة ، ومن غربيها بالضعف مما هي في يمانيها في السمك ، مربط خيل صاحبها وحصنه في الجبل هي منفردة منه ، أعني الصلو ، بينهما غلوة سهم ، ومنهلها الذي يشرب منه أهل القلعة مع السّلّم الأسفل عين ماء عذب خفيف غذي لا يعدوه وفيه كفايتهم ، وباب القلعة في شمالها ، وفي رأس القلعة بركة لطيفة ، ومياه هذه القلعة تهبط إلى وادي الجنات من شماليها ، وقال محمد بن زياد المازني يمدح أبا السعود بن زريع :

يا ناظري قل لي تراه كما هوه ،

إني لأحسبه تقمّص لؤلؤه

ما إن نظرت بزاخر في شامخ ،

حتى رأيتك جالسا في الدّملوه

دَمٌ : مضاف إليه ذو في شعر كثيّر حيث قال :

أقول وقد جاوزن أعلام ذي دم

وذي وجمى ، أو دونهن الدّوانك

دِمِمَّا : بكسر أوله وثانيه : قرية كبيرة على الفرات قرب بغداد عند الفلوجة ، ينسب إليها جماعة من أهل الحديث وغيرهم ، منهم : أبو البركات محمد بن محمد ابن رضوان الدممي صاحب محمد التميمي ، سمع أبا عليّ شاذان ، روى عنه أبو القاسم بن السمرقندي ، توفي سنة ٤٩٣ في رجب.

دَمِنْدانُ : مدينة كبيرة بكرمان واسعة ، وبها أكثر المعادن معدن الحديد والنحاس والذهب والفضة والنوشاذر والتوتيا ، ومعدنه بجبل يقال له دنباوند شاهق ، ارتفاعه ثلاثة فراسخ ، بالقرب من مدينة يقال لها جواشير على سبعة فراسخ منها ، وفي هذا الجبل كهف عظيم مظلّ يسمع من داخله دويّ خرير من خرير الماء ، ويرتفع منه بخار مثل الدخان فيلصق حواليه ، فإذا كثف وكثر خرج إليه أهل المدينة وما قاربها فيقلع في كل شهر أو شهرين ، وقد وكل السلطان به قوما حتى إذا اجتمع كله أخذ السلطان الخمس وأخذ أهل البلد باقيه فاقتسموه بينهم على سهام قد تراضوا بها ، فهو النوشاذر الذي يحمل إلى الآفاق ، هذا كله منقول من كتاب ابن الفقيه.

دَمَنْش : كذا وجدت صورة ما ينسب إليه : الحسين ابن عليّ أبو عليّ المقري المعروف بابن الدّمنشي ، ذكره الحافظ أبو القاسم في تاريخ دمشق وقال : سمع أبا الحسن بن أبي الحديد ، قال : وبلغني أنه كان رافضيّا ، وهو الذي سعى بأبي بكر الخطيب إلى أمير الجيوش ، وقال : هو ناصبيّ يروي أخبار الصحابة وخلفاء بني العباس في الجامع ، وكان ذلك


سبب إخراج أبي بكر الخطيب من دمشق.

دَمُنَّش : بتشديد النون : من مدن صقلية على البحر.

دَمَنْهورُ : بفتح أوله وثانيه ثم نون ساكنة ، وهاء ، وواو ساكنة ، وآخره راء مهملة : بلدة بينها وبين الإسكندرية يوم واحد في طريق مصر متوسطة في الصغر والكبر ، رأيتها ، وقد ذكرها أبو هريرة أحمد بن عبد الله المصري في قوله :

شربنا بدمنهور

شراب المزر ممزور

إذا ما صبّ في الكأس

رأيت النور في النور

ويكسو شارب الشا

رب تغليفا بكافور

وقال معلّى الطائي يخاطب عبيد بن السري بن الحكم وقد واقع خالد بن يزيد بن مزيد بدمنهور فهزمه :

فيا من رأى جيشا ملا الأرض فيضه

أطلّ عليهم بالهزيمة واحد

تبوّا دمنهور فدمّر جيشه ،

وعرّد تحت الليل ، والليل راكد

ودمنهور أيضا : قرية يقال لها دمنهور الشهيد ، بينها وبين الفسطاط أميال.

دِمْنُو : بكسر أوله ، وسكون ثانيه : قرية بالصعيد من غربي النيل ، فيها كنيسة عظيمة عند النصارى يجتمعون بها للزيارة.

دَمُّونُ : بفتح أوله ، وتشديد ثانيه ، قال امرؤ القيس :

تطاول الليل علينا دمّون

دمّون إنّا معشر يمانون

وإننا لأهلنا محبّون

قال ابن الحائك : عندل وخودون ودمّون مدن للصدف ، وقال في موضع آخر : وساكن خودون الصدف وساكن دمّون هو الحارث بن عمرو بن حجر آكل المرار ، قال : وكان امرؤ القيس بن حجر قد زاد الصدف إليها ، وفيها يقول :

كأني لم أسمر يدمّون مرة ،

ولم أشهد الغارات يوما بعندل

دَمِيرَةُ : بفتح أوله ، وكسر ثانيه ، وياء مثناة من تحت ساكنة ، وراء مهملة : قرية كبيرة بمصر قرب دمياط ، ينسب إليها أبو تراب عبد الوهاب بن خلف ابن عمرو بن يزيد بن خلف الدميري المعروف بالخفّ ، مات بدميرة سنة ٢٧٠ ، وهما دميرتان إحداهما تقابل الأخرى على شاطئ النيل في طريق من يريد دمياط ، وإليها ينسب الوزير الجليل القدر صفي الدين عبد الله ابن علي بن شكر ، وشكر عمه ، نسب إليه ، كان وزير العادل أبي بكر بن أيوب ملك مصر والشام والجزيرة ثم وزير ولده الملك الكامل ، مات بعد أن أضرّ وهو على ولايته في سنة ٦٢٢ ، ونسب إلى دميرة أيضا أبو غسان مالك بن يحيى بن مالك الدميري ، يروي عن يزيد بن هارون ، روى عنه أبو الحسين محمد ابن علي بن جعفر بن خلّاد بن يزيد التميمي الجوهري ، وأبو العباس محمد بن إسماعيل بن المهلّب الدميري القاضي ، يروي عن جيرون بن عيسى البلوي ، روى عنه أبو الحسن بن جهضم الصوفي.

دِمْيَاطُ : مدينة قديمة بين تنّيس ومصر على زاوية بين بحر الروم الملح والنيل ، مخصوصة بالهواء الطيب وعمل ثياب الشرب الفائق ، وهي ثغر من ثغور الإسلام ، جاء في الحديث عن عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، أنه قال : قال رسول الله ، صلى الله


عليه وسلم : يا عمر إنه سيفتح على يديك بمصر ثغران الإسكندرية ودمياط ، فأما الإسكندرية فخرابها من البربر ، وأما دمياط فهم صفوة من شهداء من رابطها ليلة كان معي في حظيرة القدس مع النبيّين والشهداء ، ومن شمالي دمياط يصبّ ماء النيل إلى البحر الملح في موضع يقال له الأشتوم ، عرض النيل هناك نحو مائة ذراع ، وعليه من جانبيه برجان بينهما سلسلة حديد عليها حرس لا يخرج مركب إلى البحر الملح ولا يدخل إلّا بإذن ، ومن قبلها خليج يأخذ من بحرها سمت القبلة إلى تنّيس ، وعلى سورها محارس ورباطات ، قال الحسن بن محمد المهلبي : ومن طريف أمر دمياط وتنيس أنّ الحاكة بها الذين يعملون هذه الثياب الرفيعة قبط من سفلة الناس وأوضعهم وأخسهم مطعما ومشربا ، وأكثر أكلهم السمك المملوح والطريّ والصّير المنتن ، وأكثرهم يأكل ولا يغسّل يده ثم يعود إلى تلك الثياب الرفيعة الجليلة القدر فيبطش بها ويعمل في غزولها ثم ينقطع الثوب فلا يشك مقلّبه للابتياع أنه قد بخر بالندّ ، قال : ومن طريف أمر دمياط في قبليّها على الخليج مستعمل فيه غرف تعرف بالمعامل ، يستأجرها الحاكة لعمل ثياب الشرب فلا تكاد تنجب إلّا بها ، فإن عمل بها ثوب وبقي منه شبر ونقل إلى غير هذه المعامل علم بذلك السمسار المبتاع للثوب فينقص من ثمنه لاختلاف جوهر الثوب عليه ، وقال ابن زولاق : يعمل بدمياط القصب البلخي من كل فنّ ، والشرب لا يشارك تنيس في شيء من عملها ، وبينهما مسيرة نصف نهار ، ويبلغ الثوب الأبيض بدمياط وليس فيه ذهب ثلاثمائة دينار ، ولا يعمل بدمياط مصبوغ ولا بتنيس أبيض ، وهما حاضرتا البحر ، وبهما من صيد السمك والطير والحيتان ما ليس في بلد ، وأخبرني بعض وجوه التجار وثقاتهم أنه بيع في سنة ٣٩٨ حلّتان دمياطيتان بثلاثة آلاف دينار ، وهذا مما لم يسمع بمثله في بلد ، وبها الفرش القلموني من كل لون المعلم والمطرّز ومناشف الأبدان والأرجل ، وتتحف لجميع ملوك الأرض ، وفي أيام المتوكل سنة ٢٣٨ وولاية عنبسة بن إسحاق الضبي على مصر تهجّم الروم على دمياط في يوم عرفة فملكوها وما فيها وقتلوا بها جمعا كثيرا من المسلمين وسبوا النساء والأطفال وأهل الذمة فنفر إليهم عنبسة بن إسحاق عشية يوم النحر في جيشه ومعه نفر كثير من الناس فلم يدركوهم ومضى الروم إلى تنيس فأقاموا بأشتومها فلم يتبعهم عنبسة ، فقال يحيى بن الفضيل للمتوكل :

أترضى بأن يوطأ حريمك عنوة ،

وأن يستباح المسلمون ويحربوا؟

حمار أتى دمياط ، والروم رتّب

بتنيس ، منه رأي عين وأقرب

مقيمون بالأشتوم يبغون مثل ما

أصابوه من دمياط ، والحرب ترتب

فما رام من دمياط سيرا ، ولا درى

من العجز ما يأتي وما يتجنّب

فلا تنسنا ، إنا بدار مضيعة

بمصر ، وإن الدين قد كاد يذهب

فأمر المتوكل ببناء حصن دمياط ، ولم يزل بعد في أيدي المسلمين إلى أن كان شهر ذي القعدة سنة ٦١٤ فإن الأفرنج قدموا من وراء البحر وأوقعوا بالملك العادل أبي بكر بن أيوب وهو نازل على بيسان فانهزم منهم إلى خسفين ، فعاد الأفرنج إلى عكا فأقاموا بها أياما وخرجوا إلى الطور فحاصروه ، وكان قد عمّر فيه الملك المعظم ابن الملك العادل قلعة


حصينة غرم فيها مالا وافرا ، فحاصروه مدة فقتل عليه أمير من أمراء المسلمين يعرف ببدر الدين محمد ابن أبي القاسم الهكّاري وقتل كند من أكناد الأفرنج كبير مشهور فيهم ، فتشاءموا بالمقام على الطور ورجعوا إلى عكا واختلفوا هناك ، فقال ملك الهنكر : الرأي أنا نمضي إلى دمشق ونحاصرها فإذا أخذناها فقد ملكنا الشام ، فقال الملك النّوّام ، قالوا : إنما سمي بذلك لأنه كان إذا نازل حصنا نام عليه حتى يأخذه أي أنه كان صبورا على حصار القلاع ، واسمه دستريج ومعناه المعلم بالريش لأن أعلامه كانت الريش ، فقال : نمضي إلى مصر فإن العساكر مجتمعة عند العادل ومصر خالية ، فأدّى هذا الاختلاف إلى انصراف ملك الهنكر مغاضبا إلى بلده ، فتوجه باقي عساكرهم إلى دمياط فوصلوها في أيام من صفر سنة ٦١٥ والعادل نازل على خربة اللّصوص بالشام وقد وجه بعض عساكره إلى مصر ، وكان ابنه الملك الأشرف موسى بن العادل نازلا على مجمع المروج بين سلمية وحمص خوفا من عادية تكون منهم من هذه الجهة ، واتفق خروج ملك الروم ابن قليج ارسلان إلى نواحي حلب وأخذ منها ثلاثة حصون عظيمة : رعبان وتل باشر وبرج الرّصاص ، كلها في ربيع الأول من السنة ، وبلغ عسكره إلى حدود بزاعة ، وانتهى ذلك إلى الملك الأشرف فجاء فيمن انضم إليه من عساكر حلب فواقعه بين منبج وبزاعة فكسره وأسر أعيان عسكره ثم منّ عليهم وذلك في ربيع الآخر ، وبلغ خبر ذلك إلى ملك الروم وهو قيقاوس بن قليج أرسلان وهو نازل على منبج فقلق لذلك حتى قال من شاهده إنه رآه يختلج كالمحموم ثم تقيّأ شيئا شبيها بالدم ورحل من فوره راجعا إلى بلده والعساكر تتبعه ، وكان انفصاله في الحادي عشر من جمادى الأولى سنة ٦١٥ ، وقد استكمل شهرين بوروده ، واستعبد على الفور تل باشر ورعبان وبرج اللصوص ، ورجع إليه أصحابه الذين كانوا مقيمين بهذه الحصون الثلاثة وكانوا قد سلموها بالأمان ، جمع منهم متقدما وتركهم في بيت من بيوت ربض ترتوش وأضرم فيه النار فاحترقوا ، وكان فيهم ولد إبراهيم خوانسلار صاحب مرعش ، فرجع إلى بلده وأقام يسيرا ومات واستولى على ملكه أخوه وكان في حبسه ، ولما استرجع الملك الأشرف من هذه الحصون الثلاثة ورجع قاصدا إلى حلب ودخل في حدها ورد عليه الخبر بوفاة أبيه الملك العادل أبي بكر بن أيوب ، وكانت وفاته بمنزلة على خربة اللصوص وإنما كانت في يوم الأحد السابع من جمادى الأولى سنة ٦١٥ ، فكتم ذلك ولم يظهره إلى أن نزل بظاهر حلب وخرج الناس للعزاء ثلاثة أيام ، وأما الأفرنج فإنهم نزلوا على دمياط في صفر سنة ١٥ وأقاموا عليها إلى السابع والعشرين من شعبان سنة ١٦ وملكوها بعد جوع وبلاء كان في أهلها وسبوهم ، فحينئذ أنفذ الملك المعظم وخرّب بيت المقدس وبيع ما كان فيها من الحليّ وجلا أهلها ، وبلغ ذلك الملك الأشرف فمضى إلى الموصل لإصلاح خلل كان فيه بين لؤلؤ ومظفّر الدين بن زين الدين ، فلما صلح ما بينهما توجه إليها وكان أخوه الملك الكامل بإزاء الأفرنج في هذه المدة ، فقدمها الملك الأشرف وانتزعها من أيديهم في رجب سنة ١٨ ومنّوا على الأفرنج بعد حصولهم في أيديهم ، وكان قد وصل في هذا الوقت كند من وراء البحر وحصل في دمياط وخافوا إن لم يمنّوا على الأفرنج أن يتخذوا بحصول ذلك الكند الواصل شغل قلب فصانعوهم بنفوسهم عن دمياط فعادت إلى المسلمين.


وطول دمياط ثلاث وخمسون درجة ونصف وربع ، وعرضها إحدى وثلاثون درجة وربع وسدس ، وينسب إلى دمياط جماعة ، منهم : بكر بن سهل ابن إسماعيل بن نافع أبو محمد الدمياطي مولى بني هاشم ، سمع بدمشق صفوان بن صالح ، وببيروت سليمان بن أبي كريمة البيروتي ، وبمصر أبا صالح عبد الله ابن صالح كاتب الليث وعبد الله بن يوسف التنيسي وغيرهم ، وروى عنه أبو العباس الأصمّ وأبو جعفر الطحاوي الطبراني وجماعة سواهم ، قال أبو سليمان ابن زبر : مات بدمياط في ربيع الأول سنة ٢٨٩ ، وذكر غير ابن زبر أنه توفي بالرملة بعد عوده من الحجّ ، وأن مولده سنة ١٩٦.

دِمْيانَةُ : بكسر أوله ، وسكون ثانيه ، وياء مثناة من تحت ، وبعد الألف نون : من أقاليم أكشونية بالأندلس.

دُمَيْنَةُ : تصغير دمنة ، وهو ما سوّد من آثار القوم : جبل للعرب.

دُمَيْنِكَةُ : قرية من قرى مصر غربي النيل ، والله أعلم بالصواب.

باب الدال والنون وما يليهما

دَنا : بلفظ ماضي يدنو : موضع بالبادية ، وقيل : في ديار بني تميم بين البصرة واليمامة ، قال النابغة :

أمن ظلّامة الدّمن البوالي

بمرفضّ الحبيّ إلى وعال

فأمواه الدّنا فعويرضات

دوارس ، بعد أحياء حلال

ذكره المتنبي بما يدلّ على أنه قرب الكوفة فقال :

وغادي الأضارع ثم الدّنا

والأضارع : من منازل الحاجّ.

الدِّناحُ : بكسر أوله ، وآخره حاء مهملة : موضع ذكر شاهده في الثعلبية فقال :

إذا ما سماء بالدناح تخايلت ،

فإني على ماء الزّبير أشيمها

الدَّنَّانُ : جبلان كأنه تثنية دنّ.

دُنْباوَنْد : بضم أوله ، وسكون ثانيه ، وبعده باء موحدة ، وبعد الألف واو ثم نون ساكنة ، وآخره دال ، لغة في دباوند : وهو جبل من نواحي الرّيّ ، وقد ذكر في دباوند ، ودنباوند في الإقليم الرابع ، طولها خمس وسبعون درجة ونصف ، وعرضها سبع وثلاثون درجة وربع. ودنباوند أيضا : جبل بكرمان ذكرته في بلد يقال له دمندان ، فأما الذي في الريّ فقال ابن الكلبي : إنما سمي دنباوند لأن أفريدون بن اثفيان الأصبهاني لما أخذ الضحّاك بيوراسف قال لأرمائيل وكان نبطيّا من أهل الزاب اتخذه الضحاك على مطابخه فكان يذبح غلاما ويستحيي غلاما ويسم على عنقه ثم يأمره فيأتي المغارة فيما بين قصران وخويّ ويذبح كبشا فيخلطه بلحم الغلام ، فلما أراد أفريدون قتله قال : أيها الملك إن لي عذرا ، وأتى به المغارة وأراه صنيعه فاستحسن أفريدون ذلك منه وأراد قتله بحجة فقال : اجعل لي غذاء لا تجعل لي فيه بقلا ولا لحما ، فجعل فيه أذناب الضأن وأحضر له وهو بدنباوند لحبس الضحّاك به ، فاستحسن أفريدون ذلك منه وقال له : دنباوندى أي وجدت الأذناب فتخلّصت بها مني ، ثم قال أفريدون : يا أرمائيل قد أقطعتك صداء الخيل ووهبت لك هؤلاء الذين وسمت ، فأنت وسمان ، وسمى الأرض التي وجد


فيها القوم دشت پي أي سمة وعقب ، فسميت دست پي الكورة المعروفة بين الري وهمذان وقزوين ، وقرأت في رسالة ألّفها مسعر بن مهلهل الشاعر ووصف فيها ما عاينه في أسفاره فقال : دنباوند جبل عال مشرف شاهق شامخ لا يفارق أعلاه الثلج شتاء ولا صيفا ولا يقدر أحد من الناس أن يعلو ذروته ولا يقاربها ، ويعرف بجبل البيوراسف ، يراه الناس من مرج القلعة ومن عقبة همذان ، والناظر إليه من الرّيّ يظن أنه مشرف عليه ، وأن المسافة بينهما ثلاثة فراسخ أو اثنان ، وزعم العامّة أن سليمان بن داود ، عليه السلام ، حبس فيه ماردا من مردة الشياطين يقال له صخر المارد ، وزعم آخرون أن أفريدون الملك حبس فيه البيوراسف ، وأن دخانا يخرج من كهف في الجبل يقول العامة إنه نفسه ، ولذلك أيضا يرون نارا في ذلك الكهف يقولون إنها عيناه وإن همهمته تسمع من ذلك الكهف ، فاعتبرت ذلك وارتصدته وصعدت في ذلك الجبل حتى وصلت إلى نصفه بمشقّة شديدة ومخاطرة بالنفس وما أظن أن أحدا تجاوز الموضع الذي بلغت إليه بل ما وصل إنسان إليه فيما أظن ، وتأملت الحال فرأيت عينا كبريتية وحولها كبريت مستحجر ، فإذا طلعت عليه الشمس والتهبت ظهرت فيه نار ، وإلى جانبه مجرى يمر تحت الجبل تخترقه رياح مختلفة فتحدث بينها أصوات متضادّة على إيقاعات متناسبة فمرّة مثل صهيل الخيل ومرّة مثل نهيق الحمير ومرّة مثل كلام الناس ، ويظهر للمصغي إليه مثل الكلام الجمهوريّ دون المفهوم وفوق المجهول يتخيل إلى السامع أنه كلام بدويّ ولغة إنسيّ ، وذلك الدخان الذي يزعمون أنه نفسه بخار تلك العين الكبريتية ، وهذه حال تحتمل على ظاهر صورة ما تدعيه العامة ، ووجدت في بعض شعاب هذا الجبل آثار بناء قديم ، وحولها مشاهد تدل على أنها مصايف بعض الأكاسرة ، وإذا نظر أهل هذه الناحية إلى النّمل يدّخر الحبّ ويكثر من ذلك علموا أنها سنة قحط وجدب ، وإذا دامت عليهم الأمطار وتأذّوا بها وأرادوا قطعها صبّوا لبن المعز على النار فانقطعت ، وقد امتحنت هذا من دعواهم دفعات فوجدتهم فيه صادقين ، وما رأى أحد رأس هذا الجبل في وقت من الأوقات منحسرا عن الثلج إلّا وقعت الفتنة وهريقت الدماء من الجانب الذي يرى منحسرا ، وهذه العلامة أيضا صحيحة بإجماع أهل البلد ، وبالقرب من هذا الجبل معدن الكحل الرازي والمرتك والأسرب والزاج ، هذا كله قول مسعر ، وقد حكي قريبا من هذا علي بن زين كاتب المازيار الطبري ، كان حكيما محصّلا وله تصانيف في فنون عدّة ، قريبا من حكاية مسعر قال : وجّهنا جماعة من أهل طبرستان إلى جبل دنباوند وهو جبل عظيم شاهق في الهواء يرى من مائة فرسخ وعلى رأسه أبدا مثل السحاب المتراكم لا ينحسر في الصيف ولا في الشتاء ويخرج من أسفله نهر ماؤه أصفر كبريتي زعم جهال العجم أنه بول البيوراسف ، فذكر الذين وجهناهم أنهم صعدوا إلى رأسه في خمسة أيام وخمس ليال فوجدوا نفس قلّته نحو مائة جريب مساحة ، على أن الناظر ينظر إليها من أسفل الجبل مثل رأس القبة المخروطة ، قالوا : ووجدنا عليها رملا تغيب فيه الأقدام ، وإنهم لم يروا عليها دابة ولا أثر شيء من الحيوان ، وإنّ جميع ما يطير في الجوّ لا يبلغها ، وإنّ البرد فيها شديد والريح عظيمة الهبوب والعصوف ، وإنهم عدّوا في كوّاتها سبعين كوّة يخرج منها الدخان الكبريتي ، وإنه كان معهم رجل من أهل تلك الناحية فعرّفهم أنّ ذلك الدخان تنفس البيوراسف ، ورأوا


حول كل نقب من تلك الكوى كبريتا أصفر كأنه الذهب ، وحملوا منه شيئا معهم حتى نظرنا إليه ، وزعموا أنهم رأوا الجبال حوله مثل التلال وأنهم رأوا البحر مثل النهر الصغير ، وبين البحر وبين هذا الجبل نحو عشرين فرسخا.

ودنباوند من فتوح سعيد بن العاصي في أيام عثمان لما ولي الكوفة سار إليها فافتتحها وافتتح الرّويان ، وذلك في سنة ٢٩ أو ٣٠ للهجرة ، وبلغ عثمان بن عفّان ، رضي الله عنه ، أنّ ابن ذي الحبكة النّهدي يعالج تبريحا فأرسل إلى الوليد بن عقبة وهو وال على الكوفة ليسأله عن ذلك فإن أقرّ به فأوجعه ضربا وغرّبه إلى دنباوند ، ففعل الوليد ذلك فأقرّ فغرّبه إلى دنباوند ، فلما ولي سعيد ردّه وأكرمه فكان من رؤوس أهل الفتن في قتل عثمان ، فقال ابن ذي الحبكة :

لعمري! إن أطردتني ، ما إلى الذي

طمعت به من سقطتيّ سبيل

رجوت رجوعي يا ابن أروى ، ورجعتي

إلى الحق دهرا ، غال حلمك غول

وإنّ اغترابي في البلاد وجفوتي

وشتمي في ذات الإله قليل

وإن دعائي ، كلّ يوم وليلة ،

عليك بدنباوند كم لطويل

وقال البحتري يمدح المعتزّ بالله :

فما زلت حتى أذعن الشّرق عنوة ،

ودانت على ضغن أعالي المغارب

جيوش ملأن الأرض ، حتى تركنها

وما في أقاصيها مفرّ لهارب

مددن وراء الكوكبيّ عجاجة

أرته ، نهارا ، طالعات الكواكب

وزعزعن دنباوند من كل وجهة ،

وكان وقورا مطمئنّ الجوانب

دَنْجُويَةُ : قرية بمصر كبيرة معروفة من جهة دمياط يضاف إليها كورة يقال لها الدّنجاوية.

دَنْدَانَقَانُ : بفتح أوله ، وسكون ثانيه ، ودال أخرى ، ونون مفتوحة ، وقاف ، وآخره نون أيضا : بلدة من نواحي مرو الشاهجان على عشرة فراسخ منها في الرمل ، وهي الآن خراب لم يبق منها إلّا رباط ومنارة ، وهي بين سرخس ومرو ، رأيتها وليس بها ذو مرأى غير حيطان قائمة وآثار حسنة تدلّ على أنها كانت مدينة سفا عليها الرمل فخرّبها وأجلى أهلها ، وقال السمعاني في كتاب التحبير : أبو القاسم أحمد بن أحمد بن إسحاق بن موسى الدندانقاني الصوفي ، ودندانقان : بليدة على عشرة فراسخ من مرو خربها الأتراك ، المعروفة بالغزّيّة ، في شوال سنة ٥٥٣ ، وقتلوا بعض أهلها وتفرق عنها الباقون لأنّ عسكر خراسان كان قد دخلها وتحصن بها ، وينسب إليها فضل الله بن محمد بن إسماعيل بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن الحسن بن روح الخطيبي أبو محمد الدندانقاني ، سكن بلخ وكان فقيها فاضلا مناظرا حسن الكلام في الوعظ والفقه ، وسافر إلى بخارى وأقام بها مدة يتفقه على البرهان ثم انتقل إلى بلخ وسكنها إلى أن مات ، سمع بمرو أبا بكر السمعاني وجدّه أبا القاسم إسماعيل ابن محمد الخطيب ، كتب عنه السمعاني أبو سعد في بلخ ، وكانت ولادته بدندانقان في سنة ٤٨٨ تقديرا ، ومات ببلخ في رمضان سنة ٥٥٢.

دَنْدَرَةُ : بفتح أوله ، وسكون ثانيه ، ودال أخرى مفتوحة ، ويقال لها أيضا أندرا : بليد على غربي


النيل من نواحي الصعيد دون قوص ، وهي بليدة طيبة ذات بساتين ونخل كثيرة وكروم ، وفيها برابي كثيرة ، منها بربا فيه مائة وثمانون كوة تدخل الشمس كل يوم من كوة واحدة بعد واحدة حتى تنتهي إلى آخرها ثم تكرّ راجعة إلى الموضع الذي بدأت منه ، وتضاف إلى دندرة كورة جليلة ، حدثني السديد محمد ابن عليّ الموصلي الفاضل قال : حدثني القاضي أبو المعالي محمد قاضي دندرة قال : كان عمّي القاضي الأسعد حسن قد لحقه قولنج فوصف له الطبيب حقنة فهيئت له فأخذ بعض الحاضرين آلة الحقنة يتأملها وضحك فأحدث في ثيابه ، فقلت أو قال فقال عمّي :

إنّ قاض بدندرا

قال بيتين سطّرا :

مخرج البول والخرا

حيّرا كل من يرى

وهما آفة الورى ،

عسرا أو تيسّرا

دَنْدَنَةُ : بدالين مفتوحتين ، ونونين الأول منهما ساكن : قرية من نواحي واسط ، والدندنة : صوت لا يفهم.

دَنديل : من قرى مصر في كورة البوصيرية.

دُنْقُلةُ : هي دمقلة ، وقد ذكرت ، وبخط السكري دنكلة مضبوط موجود.

دَنّ : بلفظ الدّنّ الذي يعمل فيه الخلّ ، نهر دن : من أعمال بغداد بقرب إيوان كسرى ، كان احتفره أنوشروان العادل. والدّنان : جبلان يقال لكل واحد منهما دن في البادية.

دَنَنُ : بفتحتين ، ونونين : اسم بلد بعينه ، قال ابن مقبل يعنيه :

يثنين أعناق أدم يفتلين بها

حبّ الأراك وحبّ الضال من دنن

ويروى ددن. والدنن : قصر في يد الفرس ، قال أبو زياد الكلابي : دنن ماء قرب نجران ، وأنشد :

يا دننا يا شرّ ما باليمن

قد عاد لي تقاعسي عن دنن

وما وردت دننا مذ زمن

دَنْوَةُ : بفتح أوله ، وسكون ثانيه : من قرى حمص بها قبر عوف بن مالك الأشجعي من الصحابة ، رضي الله عنه ، فيما يقال ، والله أعلم ، وقال القاضي عبد الصمد بن سعيد الحمصي في تاريخ حمص : كان أبو أمامة الباهلي قد نزل حمص فسلس بوله فاستأذن الوالي في المسير إلى دنوة فأذن له ، فسار إليها ، ومات في سنة ٨١ ، وخلّف ابنا يقال له المعلّس طويل اللحية قتلته المبيضة بقرية يقال لها كفرنغد ، وخلّف بنتين يقال لهما صليحة ومعيّة فأعقبت إحداهما وهم بنو أبي الربيع ولم تعقب الأخرى.

دُنَيْسِرُ : بضم أوله : بلدة عظيمة مشهورة من نواحي الجزيرة قرب ماردين بينهما فرسخان ، ولها اسم آخر يقال لها قوج حصار ، رأيتها وأنا صبيّ وقد صارت قرية ، ثم رأيتها بعد ذلك بنحو ثلاثين سنة وقد صارت مصرا لا نظير لها كبرا وكثرة أهل وعظم أسواق ، وليس بها نهر جار إنما شربهم من آبار عذبة طيبة مرية ، وأرضها حرّة ، وهواؤها صحيح ، والله الموفق للصواب.

باب الدال والواو وما يليهما

دَوَّارُ : بفتح أوله ، وتشديد ثانيه ، وآخره راء : سجن باليمامة ، قال أبو أحمد العسكري : قال جحدر


وكان إبراهيم بن عربي قد حبسه بدوار :

إني دعوتك يا إله محمد

دعوى ، فأولها لي استغفار

لتجيرني من شرّ ما أنا خائف ،

ربّ البريّة! ليس مثلك جار

تقضي ولا يقضى عليك ، وإنما ،

ربي ، بعلمك تنزل الأقدار

كانت منازلنا التي كنا بها

شتى ، وألّف بيننا دوّار

سجن يلاقي أهله من خوفه

أزلا ، ويمنع منهم الزوار

يغشون مقطرة كأنّ عمودها

عنق يعرّق لحمها الجزّار

وقال جحدر أيضا :

يا ربّ دوّار أنقذ أهله عجلا ،

وانقض مرائره من بعد إبرام

ربّ ارمه بخراب ، وارم بانيه

بصولة من أبي شبلين ضرغام

وقال عطارد اللصّ :

ليست كليلة دوّار يؤرّقني

فيها تأوّه عان من بني السيّد

ونحن من عصبة عضّ الحديد بهم ،

من مشتك كبله فيهم ومصفود

كأنما أهل حجر ينظرون متى

يرونني جارحا طيرا أباديد(١)

دُوَّارُ : بضم أوله ، وتشديد ثانيه ، وآخره راء : اسم واد ، وقيل جبل ، قال النابغة الذبياني :

لا أعرفن ربربا حورا مدامعها

كأنهن نعاج حول دوّار

وقال أبو عبيدة في شرح هذا البيت : دوّار موضع في الرمل ، بالضم ، ودوّار ، بالفتح : سجن ، وقال جرير :

أزمان ، أهلك في الجميع تربّعوا

ذا البيض ثم تصيّفوا دوّارا

كذا ضبطه ابن أخي الشافعي ، وكذا هو بخط الأزدي في شعر ابن مقبل :

أإحدى بني عبس ذكرت ، ودونها

سنيح ومن رمل البعوضة منكب

وكتمى ودوّار كأنّ ذراهما ،

وقد خفيا إلا الغوارب ، ربرب

وهذا يدل على أنه جبل.

الدُّوَاعُ : بضم أوله ، وآخره عين مهملة : موضع كانت فيه وقعة للعرب ، ومنه يوم الدواع.

دُوَافٌ : بضم أوله ، وآخره فاء : موضع في قول ابن مقبل :

فلبّده مسّ القطار ورخّه

نعاج دواف قبل أن يتشددا

رخّه : وطئه ، وهو فعال من الدوف وهو السحق ، وقيل البل.

الدَّوانِكُ : موضع في قول متمم بن نويرة :

وقالوا : أتبكي كل قبر رأيته

لقبر ثوى بين اللّوى فالدوانك؟

فقلت لهم : إن الشجا يبعث الشجا ،

دعوني فهذا كله قبر مالك

وقال الحطيئة :

أدار سليمى بالدوانك فالعرف!

أقامت على الأرواح فالديم الوطف

__________________

(١) ـ في هذا البيت إقواء.


وقفت بها واستنزفت ماء عبرتي

من العين ، إلا ما كففت به طرفي

دَوَّانُ : بفتح أوله ، وتشديد ثانيه ، وآخره نون : ناحية من أرض فارس توصف بجودة الخمر.

دُوَانُ : بضم أوله ، وتخفيف ثانيه : ناحية بعمان على ساحل البحر.

دُوبانُ : بالضم ثم السكون ، وباء موحدة ، وآخره نون : قرية بجبل عاملة بالشام قرب صور ، ينسب إليها أبو عبد الله محمد بن سالم بن عبد الله الدوباني ، يروي عنه الحافظ السلفي في تعاليقه.

الدُّودَاءُ : بالمد : موضع قرب المدينة.

دُودَانُ : بدالين مهملتين الأولى مضمومة : واد في شعر حميد ، وقد ذكر في جمال. ودودان : قبيلة من بني أسد ، وهو دودان بن أسد بن خزيمة.

دَورَانُ : ذو دوران ، بفتح أوله ، وبعد الواو راء مهملة ، وآخره نون : موضع بين قديد والجحفة.

وذو دوران : واد يأتي من شمنصير وذروة ، وبه بئران يقال لإحداهما رحبة وللأخرى سكوبة ، وهو لخزاعة ، قال الأصمعي ونصران : غزت بنو كعب بن عمير من خزاعة بني لحيان بأسفل من ذي دوران فامتنعت منهم بنو لحيان ، فقال مالك بن خالد الخناعي الهذلي يفتخر بذلك ، ورواها ابن حبيب لحذيفة بن أنس الهذلي :

فدّى لبني لحيان أمي وخالتي

بما ماصعوا بالجزع ركب بني كعب

ولما رأوا نقرى تسيل إكامها

بأرعن جرّار وحامية غلب

تنادوا فقالوا : يال لحيان ماصعوا

عن المجد حتى تثخنوا القوم بالضرب

فضاربهم قوم كرام أعزّة

بكل خفاف النصل ذي ربد عضب

أقاموا لهم خيلا تزاور بالقنا ،

وخيلا جنوحا ، أو تعارض بالرّكب

فما ذرّ قرن الشمس ، حتى كأنهم

بذات اللظى خشب تجرّ إلى خشب

كأن بذي دوران ، والجزع حوله

إلى طرف المقراة ، راغية السّقب

وقال أيضا :

أباح زهير بن الأغرّ ورهطه

حماة اللواء والصفيح القواضب

أتى مالك يمشي إليه كما مشى

إلى خيسه سيّد بخفّان قاطب

فزال بذي دوران منكم جماجم

وهام ، إذا ما جنّه الليل صاخب

وقال أيضا :

وجاوزن ذا دوران في غيطل الضحى ،

وذو الظل مثل الظل ما زاد إصبعا

وقال عمر بن أبي ربيعة :

وليلة ذي دوران جشّمتني السّرى ،

وقد يجشم الهول المحبّ المغرّر

وقال ابن قيس الرقيّات :

نادتك ، والعيس سراع بنا

مهبط ذي دوران فالقاع

دُورَانُ : بضم أوله ، وباقيه كالذي قبله : موضع خلف جسر الكوفة كان به قصر لإسماعيل القسري أخي خالد بن عبد الله القسري أمير الكوفة. وذو دوران : بأرض ملهم من أرض اليمامة كانت به وقعة في أيام أبي بكر ، رضي الله عنه ، بين ثمامة بن


أثال ومسيلمة الكذاب ، كانت لمسيلمة على المسلمين ، فقال رجل من بني حنيفة :

ألم ترنا على عهد أتانا

بملهم ، والخطوب لها انتهاء

فشلّ الجمع ، جمع أبي فضيل ،

بذي دوران إذ كره اللقاء

أبو فضيل : يريد به أبا بكر ، رضي الله عنه ، فأجابه عمر بن أبي ربيعة السّلمي :

أبا حنفيّ! لا تفخر بقرء

أتانا بغتة ، ولنا العلاء

فما نلتم ، ولا نلنا كبيرا

بذي دوران ، إذ جدّ النّجاء

دَوَّرانُ : بتشديد الواو ، وفتح الراء : من قرى فم الصلح من نواحي واسط ، ينسب إليها الشيخ مصدّق ابن شبيب بن الحسين الواسطي النحوي ، مات ببغداد سنة خمس وستمائة.

الدُّورُ : بضم أوله ، وسكون ثانيه : سبعة مواضع بأرض العراق من نواحي بغداد ، أحدها دور تكريت وهو بين سامرّا وتكريت ، والثاني بين سامرّا وتكريت أيضا يعرف بدور عربايا ، وفي عمل الدّجيل قرية تعرف بدور بني أوقر وهي المعروفة بدور الوزير عون الدين يحيى بن هبيرة وفيها جامع ومنبر ، وبنو أوقر كانوا مشايخها وأرباب ثروتها ، وبنى الوزير بها جامعا ومنارة ، وآثار الوزير حسنة ، وبينها وبين بغداد خمسة فراسخ ، قال هبة الله بن الحسين الأصطرلابي يهجو ابن هبيرة :

قصوى أمانيك الرجو

ع إلى المساحي والنيّر

متربّعا وسط المزا

بل ، وسط دور بني أقر

أو قائدا جمل الزبي

ديّ اللعين إلى سقر

والدّور أيضا : قرية قرب سميساط. والدّور أيضا : محلّة بنيسابور ، وقد نسب إلى كل واحد منها قوم من الرّواة ، فأما دور سامرّا فمنها : محمد بن فرّوخان بن روزبه أبو الطيب الدوري ، حدث عن أبي خليفة وغيره أحاديث منكرة ، روى عن الجنيد حكايات في التصوّف ، وأما دور بغداد فينسب إليها : أبو عبد الله محمد بن مخلد الدوري والهيثم بن محمد الدوري ، قال ابن المقري : حدثنا هيثم ببغداد في الدور ، وبالقرب منها قرية أخرى تسمّى دور حبيب من عمل دجيل أيضا ، وفي طرف بغداد قرب دير الروم محلة يقال لها الدور ، خربت الآن ، وأما دور نيسابور فينسب إليها : أبو عبد الله الدوري ، له ذكر في حكاية أحمد بن سلمة. ودور الراسبي : قرية من الأهواز بلد مشهور ، ينسب إلى دور بغداد : محمد بن عبد الباقي بن أبي الفرج محمد ابن أبي اليسري بن عبد العزيز بن إبراهيم بن إسحاق بن نجيب الدوري البغدادي أبو عبد الله ، حدث عن أبي بكر محمد بن عبد الملك بن بكران وأبي محمد الحسن ابن عليّ الجوهري ومحمد بن الفتح العشاري ، قال ابن شافع : وكان شيخا صالحا خيّرا مولده في شعبان سنة ٤٣٤ ، توفي سحرة يوم الأربعاء سابع عشر محرّم سنة ٥١٣ ، وقد خالف أبو سعد السمعاني ابن شافع في غير موضع من نسبه ، والأظهر قول ابن شافع لأنه أعرف بأهل بلده.

دُورُ الرَّاسِبيِّ :

كأنه منسوب إلى بني راسب بن ميدعان بن مالك بن نصر بن الأزد بن الغوث : بين


الطيب وجنديسابور من أرض خوزستان ، منه كان أبو الحسين عليّ بن أحمد الراسبي ، ولست أدري هل الدور منسوب إليه أو هو منسوب إلى الدور ، وكان من عظماء العمّال وأفراد الرجال ، توفي ليلة الأربعاء لليلة بقيت من شهر ربيع الآخر سنة ٣٠١ في أيام المقتدر ووزارة عليّ بن عيسى ، ودفن بداره بدور الراسبي ، وخلّف ابنة لابنة كانت له وأخا ، وكان يتقلد من حدّ واسط إلى حدّ شهرزور وكورتين من كور الأهواز جنديسابور والسوس وبادرايا وباكسايا ، وكان مبلغ ضمانه ألف ألف وأربعمائة ألف دينار في كل سنة ، ولم يكن للسلطان معه عامل غير صاحب البريد فقط ، لأن الحرث والخراج والضياع والشجر وسائر الأعمال كان داخلا في ضمانه ، فكان ضابطا لأعماله شديد الحماية لها من الأكراد والأعراب واللصوص ، وخلّف مالا عظيما ، وورد الخبر إلى بغداد من حامد بن العباس بمنازعة وقعت بين أخي الراسبي وبين أبي عدنان زوج ابنته ، وأنّ كل واحد منهما طلب الرياسة لنفسه وصار مع كلّ واحد منهما طائفة من أصحاب الراسبي من غلمانه ، فتحاربا وقتل بينهما جماعة من أصحابهما وانهزم أخو الراسبي وهرب وحمل معه مالا جليلا ، وأنّ رجلا اجتاز بحامد بن العباس من قبل أبي عدنان ختن الراسبي ومعه كتاب إلى المعروف بأخي أبي صخرة وأنفذ إليه عشرين ألف دينار ليصلح بها أمره عند السلطان ، وأنّ حامدا أنفذ جماعة من الفرسان والرّجالة لحفظ ما خلّفه الراسبي إلى أن يوافي رسول السلطان ، فأمر المقتدر بالله مؤنسا الخادم بالخروج لحفظ تركته وتدبير أمره ، فشخص من بغداد وأصلح بين أبي عدنان وأخي الراسبي وحمل من تركته ما هذه نسخته : العين أربعمائة ألف وخمسة وأربعون ألفا وخمسمائة وسبعة وأربعون دينارا ، الورق ثلاثمائة ألف وعشرون ألفا ومائتان وسبعة وثلاثون درهما ، وزن الأواني الذهبية ثلاثة وأربعون ألفا وتسعمائة وسبعون مثقالا ، آنية الفضة ألف وتسعمائة وخمسة وسبعون رطلا ، ومما وزن بالشاهين من آنية الفضة ثلاثة عشر ألفا وستمائة وخمسة وخمسون درهما ، ومن الندّ المعمول سبعة آلاف وأربعمائة وعشرون مثقالا ، ومن العود المطرّى أربعة آلاف وأربعمائة وعشرون مثقالا ، ومن العنبر خمسة آلاف وعشرون مثقالا ، ومن نوافج المسك ثمانمائة وستون نافجة ، ومن المسك المنثور ألف وستمائة مثقال ، ومن السّكّ ألفا ألف وستة وأربعون مثقالا ، ومن الغالية ثلاثمائة وستة وستون مثقالا ، ومن الثياب المنسوجة بالذهب ثمانية عشر ثوبا قيمة كل واحد ثلاثمائة دينار ، ومن السروج ثلاثة عشر سرجا ، ومن الجواهر حجرا ياقوت ، ومن الخواتيم الياقوتية خمسة عشر خاتما ، خاتم فصّه زبرجد ، ومن حبّ اللؤلؤ سبعون حبّة وزنها تسعة عشر مثقالا ونصف ، ومن الخيل الفحول والإناث مائة وخمسة وسبعون رأسا ، ومن الخدم السودان مائة وأربعة عشر خادما ، ومن الغلمان البيض مائة وثمانية وعشرون غلاما ، ومن خدم الصقالبة والروم تسعة عشر خادما ، ومن الغلمان الأكابر أربعون غلاما بآلاتهم وسلاحهم ودوابهم ، ومن أصناف الكسوة ما قيمته عشرون ألف دينار ، ومن أصناف الفرش ما قيمته عشرة آلاف دينا ، ومن الدواب المهارى والبغال مائة وثمانية وعشرون رأسا ، ومن الجمّاز والجمّازات تسعة وتسعون رأسا ، ومن الحمير النقالة الكبار تسعون رأسا ، ومن قباب الخيام الكبار مائة وخمس وعشرون خيمة ، ومن الهوادج السروج أربعة عشر هودجا ،


ومن الغضائر الصيني والزجاج المحكم الفاخر أربعة عشر صندوقا.

دَوْرَقُ : بفتح أوله ، وسكون ثانيه ، وراء بعدها قاف : بلد بخوزستان ، وهي قصبة كورة سرّق يقال لها دورق الفرس ، قال مسعر بن المهلهل في رسالته : ومن رامهرمز إلى دورق تمرّ على بيوت نار في مفازة مقفرة فيها أبنية عجيبة ، والمعادن في أعمالها كثيرة ، وبدورق آثار قديمة لقباذ بن دارا ، وبها صيد كثير إلّا أنه يتجنب الرعي في أماكن منها لا يدخلها بوجه ولا بسبب ، ويقال إنّ خاصية ذلك من طلسم عملته أمّ قباذ لأنه كان لهجا بالصيد في تلك الأماكن ، فربما أخلّ بالنظر في أمور المملكة مدة فعملت هذا الطلسم ليتجنب تلك الأماكن ، وفيها هوامّ قتالة لا يبرأ سليمها ، وبها الكبريت الأصفر البحري ، وهو يجري الليل كله ، ولا يوجد هذا الكبريت في غيرها ، وإن حمل منها إلى غيرها لا يسرج ، وإذا أتي بالنار من غير دورق واشتعلت في ذلك الكبريت أحرقته أصلا ، وأما نارها فإنها لا تحرقه ، وهذا من طريق الأشياء وعجيبها لا يوقف على علّته ، وفي أهلها سماحة ليست في غيرهم من أهل الأهواز ، وأكثر نسائها لا يرددن كفّ لامس ، وأهلها قليلو الغيرة ، وهي مدينة وكورة واسعة ، وقد نسب إليها قوم من الرّواة ، منهم : أبو عقيل الدورقي الأزدي التاجي واسمه بشير بن عقبة يعدّ في البصريين ، سمع الحسن وقتادة وغيرهما ، روى عنه مسلمة بن إبراهيم الفراهيدي وهشيم ويحيى بن سعيد القطان وغيرهم ، وأبو الفضل الدورقي ، سمع سهل بن عمارة وغيره ، وهو أخو أبي عليّ الدورقي ، وكان أبو عليّ أكبر منه ، ومحمد بن شيرويه التاجي الدورقي أبو مسلم ، روى عنه أبو بكر بن مردويه الحافظ الأصبهاني ، وقد نسب قوم إلى لبس القلانس الدّورقيّة ، منهم : أحمد بن إبراهيم بن كثير بن زيد بن أفلح أبو عبد الله الدورقي أخو يعقوب ، وكان الأصغر ، وقيل : إن الإنسان كان إذا نسك في ذلك الوقت قيل له دورقيّ ، وكان أبوهما قد نسك فقيل له دورقيّ فنسب ابناه إليه ، وقيل : بل كان أصله من دورق ، روى أحمد عن إسماعيل بن عليّة ويزيد بن هارون ووكيع وأقرانهم ، روى عنه أبو يعلى الموصلي وعبد الله بن محمد البغوي ، توفي في شعبان سنة ٢٤٦.

والدورق : مكيال للشراب ، وهو فارسيّ معرّب ، وقال الأحيمر السعدي ، وكان قد أتى العراق فقطع الطريق وطلبه سليمان بن عليّ وكان أميرا على البصرة فأهدر دمه ، فهرب وذكر حنينه إلى وطنه فقال :

لئن طال ليلي بالعراق لربما

أتى لي ليل ، بالشآم ، قصير

معي فتية بيض الوجوه كأنهم

على الرحل ، فوق الناعجات ، بدور

أيا نخلات الكرم! لا زال رائحا

عليكنّ منهلّ الغمام مطير

سقيتنّ ، ما دامت بكرمان نخلة ،

عوامر تجري بينهنّ بحور

وما زالت الأيام ، حتى رأيتني

بدورق ملقى بينهنّ أدور

تذكّرني أطلالكنّ ، إذا دجت

عليّ ظلال الدّوم ، وهي هجير

وقد كنت رمليّا ، فأصبحت ثاويا

بدورق ملقى بينهنّ أدور

عوى الذئب ، فاستأنست بالذئب إذ عوى ،

وصوّت إنسان فكدت أطير


رأى الله أني للأنيس لشانئ ،

وتبغضهم لي مقلة وضمير

دَوْرَقِستان : هذه بليدة رأيتها أنا ترفأ إليها سفن البحر التي تقدم من ناحية الهند ، وهي على ضفة نهر عسكر مكرم تتصل بالبحر ، لا طريق للمراكب الواردة من كيش إلا إليها ، فأما المنفصلة عن البصرة إلى كيش فتمضي على طريق أخرى وهي طريق عبّادان ، وإذا أرادوا الرجوع لا يهتدون لتلك الطريق بسبب يطول ذكره فيقصدون طريق خوزستان لأن هورها متصل بالبرّ فهو أيسر عليهم.

دورقة : مدينة من بطن سرقسطة بالأندلس ، ينسب إليها جماعة ، منهم : أبو محمد عبد الله بن حوش الدورقي المقري النحوي ، كان آية في النحو وتعليل القراءات وله شعر حسن ، وسكن شاطبة وبها توفي سنة ٥١٢ ، وأبو الأصبغ عبد العزيز بن محمد بن سعيد ابن معاوية بن داود الأنصاري الدورقي الأطروشي ، سمع الخولاني بإشبيلية وابن عتّاب بقرطبة وابن عطية بغرناطة وابن الخيّاط القروي بالمرية وابن سكّرة السرقسطي بمرسية وآخرين من شيوخ الأندلس ، وكان من أهل المعرفة بالحديث والحفظ والمذاكرة به والرحلة فيه ، روى عنه أبو الوليد الدبّاغ اللّخمي وغيره ، ومات سنة ٥٢٤ بقرطبة ، وله تآليف من جملتها شرح الشهاب ، وكان عسرا ميّء الأخلاق قلّ ما يصبر على خدمة أحد ، وله ولد من أهل الفقه والمعرفة يقال له محمد بن عبد العزيز الدورقي ، مات قبل أبيه ، وأبو زكرياء يحيى بن عبد الله بن خيرة الدّورقي المقري ، بلغ الإسكندرية وحضر عند السلفي وكتب عنه.

دُورْيَسْت : بضم الدال ، وسكون الواو والراء أيضا يلتقي فيه ساكنان ثم ياء مفتوحة ، وسين مهملة ساكنة ، وتاء مثناة من فوقها : من قرى الرّي ، ينسب إليها عبد الله بن جعفر بن محمد بن موسى بن جعفر أبو محمد الدوريستي ، وكان يزعم أنه من ولد حذيفة بن اليمان صاحب رسول الله ، صلى الله عليه وسلّم ، أحد فقهاء الشيعة الإمامية ، قدم بغداد سنة ٥٦٦ وأقام بها مدة وحدث بها عن جده محمد بن موسى بشيء من أخبار الأئمة من ولد عليّ ، رضي الله عنه ، وعاد إلى بلده ، وبلغنا أنه مات بعد سنة ٦٠٠ بيسير.

دَوْسَرُ : بفتح أوله ، وسكون ثانيه ، وسين مهملة ، وراء : قرية قرب صفّين على الفرات ، وذكر لي من أعتمد على رأيه أنها قلعة جعبر نفسها أو ربضها ، والدّوسر في لغة العرب : الجمل الضخم ، والأنثى دوسرة. ودوسر أيضا : كتيبة كانت للنعمان بن المنذر ، قال المرّار بن منقذ العدوي :

ضربت دوسر فيهم ضربة

أثبتت أوتاد ملك فاستقرّ

دُوسَرْكان : من قرى جوزجان من أرض بلخ ، لها ذكر في مصنف يحيى بن زيد ، وتعرف بقرية غزوة السعود.

دَوْعَنُ : موضع بحضرموت ، قال ابن الحائك : وأما موضع الإمام الذي تأمّر في الإمامية بناحية حضرموت ففي مدينة دوعن.

دَوْغانُ : قرية كبيرة بين رأس عين ونصيبين ، كانت سوقا لأهل الجزيرة يجتمع إليها أهلها في كل شهر مرة ، وقد رأيتها أنا غير مرة ولم أر بها سوقا.

دَوْقَرَةُ : مدينة كانت قرب واسط خربت بعمارة واسط للحجاج.


دَوْقَةُ : بأرض اليمن لغامد ، وقال نصر : دوقة واد على طريق الحاج من صنعاء إذا سلكوا تهامة ، بينه وبين يلملم ثلاثة أيام ، قال زهير الغامدي :

أعاذل منا المصلتون خلالهم

كأنّا ، وإياهم ، بدوقة لاعب

أتيناهم من أرضنا وسمائنا ،

وأنّى أتى للحجر أهل الأخاشب؟

الحجر بن الهنو بن الأزد.

دَوْلابُ : بفتح أوله ، وآخره باء موحدة ، وأكثر المحدثين يروونه بالضم وقد روي بالفتح ، وهو في عدة مواضع منها : دولاب مبارك في شرقي بغداد ، ينسب إليه أبو جعفر محمد بن الصّبّاح البزاز الدولابي ، سمع إبراهيم بن سعد وإسماعيل بن جعفر وشريكا وغيرهم ، روى عنه أحمد بن حنبل وابنه عبد الله وإبراهيم الحربي وأصله من هراة مولى لمزينة ، سكن بغداد إلى أن مات ، وابنه أحمد بن محمد بن الصباح الدولابي ، حدث عن أبيه وغيره. ودولاب : من قرى الري ، ينسب إليها قاسم الرازي من قدماء مشايخ الري ، قدم مكة ومات بها ، وحدث محمد ابن منصور الطوسي قال : جئت مرة إلى معروف الكرخي فعضّ أنامله وقال : هاه لو لحقت أبا إسحاق الدولابي كان ههنا الساعة أتى يسلم عليّ ، فذهبت أقوم فقال لي : اجلس لعله قد بلغ منزله باري ، قال : وكان أبو إسحاق الرازي من جملة الأبدال ، ذكر ذلك أبو بكر الخطيب في تاريخه. ودولاب الخازن : موضع ، نسب أبو سعد السمعاني إليه أبا محمد أحمد بن محمد بن الحسن الخرقي يعرف بأحمد جنبه الدولابي ، قال : وتوفي بهذا الدولاب في جمادى الأخرى سنة ٥٤٦ ، قال : وسمعت عليه مجلسا سمعه من أبي عبد الله الدقّاق ، قال أبو سعد في ترجمة الثابتي : أبو الفتح محمد بن عبد الرحمن بن أحمد الثابتي الصوفي سمع الحديث الكثير ، قتله الغز سنة ٥٤٨ بدولاب الخازن على وادي مرو. ودولاب أيضا : قرية بينها وبين الأهواز أربعة فراسخ ، كانت بها وقعة بين أهل البصرة وأميرهم مسلم بن عبيس بن كريز بن حبيب ابن عبد شمس وبين الخوارج ، قتل فيها نافع بن الأزرق رئيس الخوارج وخلق منهم وقتل مسلم بن عبيس ، فولوا عليهم ربيعة بن الأجذم وولى الخوارج عبد الله ابن الماخور فقتلا أيضا ، وولى أهل البصرة الحجاج بن ثابت وولى الخوارج عثمان بن الماخور ثم التقوا فقتل الأميران ، فاستعمل أهل البصرة حارثة بن بدر الغداني واستعمل الخوارج عبيد الله بن الماخور ، فلما لم يقدم بهم حارثة قال لأصحابه : كرنبوا ودولبوا وحيث شئتم فاذهبوا ، وكرنبا : موضع بالأهواز أيضا ، وذلك في سنة ٦٥ ، فقال عمرو القنّاء :

إذا قلت يسلو القلب ، أو ينتهي المنى

أبى القلب إلّا حبّ أمّ حكيم

وأول القطعة يروى لقطريّ أيضا رواها المبرّد :

لعمرك إني في الحياة لزاهد ،

وفي العيش ما لم ألق أم حكيم

من الخفرات البيض لم ير مثلها

شفاء لذي داء ، ولا لسقيم

لعمرك! إني ، يوم ألطم وجهها

على نائبات الدهر ، جدّ لئيم

إذا قلت يسلو القلب ، أو ينتهي المنى

أبى القلب إلّا حبّ أم حكيم

منعّمة صفراء حلو دلالها ،

أبيت بها بعد الهدوّ أهيم

قطوف الخطى مخطوطة المتن زانها ،

مع الحسن ، خلق في الجمال عميم


ولو شاهدتني يوم دولاب أبصرت

طعان فتى ، في الحرب ، غير ذميم

قال صاحب الأغاني : هذه الثلاثة الأبيات ليست من هذه القطعة.

غداة طفت ع الماء بكر بن وائل ،

وعجنا صدور الخيل نحو تميم

فكان لعبد القيس أوّل حدّنا ،

وولّت شيوخ الأزد ، وهي تعوم (١)

وكان لعبد القيس أوّل حدّها

وأحلافها من يحصب وسليم

وظلّت شيوخ الأزد في حومة الوغى

تعوم ، وظلنا في الجلاد نعوم (٢)

فلم أر يوما كان أكثر مقعصا

يمج دما من فائظ وكليم

وضاربة خدّا كريما على فتى

أغرّ نجيب الأمهات كريم

أصيب بدولاب ، ولم تك موطنا

له أرض دولاب ودير حميم

فلو شهدتنا يوم ذاك وخيلنا

تبيح من الكفار كل حريم

رأت فتية باعوا الإله نفوسهم

بجنات عدن عنده ونعيم

قال المبرّد : ولو شهدتنا يوم دولاب لم يصرف وإنما ذاك لأنه أراد البلد ودولاب أعجميّ معرّب ، وكل ما كان من الأسماء الأعجمية نكرة بغير ألف ولام فإذا دخلته الألف واللام فقد صار معرّبا وصار على قياس الأسماء العربية لا يمنعه من الصرف إلا ما يمنع العربي ، فدولاب فوعال مثل طومار وسولاف ، وكل شيء لا يخص واحدا من الجنس من دون غيره فهو نكرة نحو رجل ، لأن هذا الاسم يلحق كل ما كان على بنيته وكذلك جمل وجبل وما أشبهه ، فإن وقع الاسم في كلام العجم معرفة فلا سبيل إلى إدخال الألف واللام عليه لأنه معرفة ، ولا فائدة في إدخال تعريف آخر فيه فذلك غير منصرف نحو فرعون وهارون وإبراهيم وإسحاق.

دُولانُ : بضم أوله ، وآخره نون : موضع ، عن العمراني.

دَوْلَتَاباذ : موضع ظاهر شيراز قرية أو غير ذلك ، تسير إليه العساكر إذا أرادوا الأهواز.

الدَّوْلَعِيَّةُ : بفتح أوله ، وبعد الواو الساكنة لام مفتوحة ، وعين مهملة : قرية كبيرة بينها وبين الموصل يوم واحد على سير القوافل في طريق نصيبين ، منها خطيب دمشق وهو أبو القاسم عبد الملك بن زيد ابن ياسين الدّولعي ، ولد بالدولعية سنة ٥٠٧ وتفقه على أبي سعد بن أبي عصرون وسمع الحديث بالموصل من تاج الإسلام الحسين بن نصر بن خميس ، وببغداد من عبد الخالق بن يوسف والمبارك بن الشّهرزوري والكروخي ، وكان زاهدا ورعا ، وكان للناس فيه اعتقاد حسن ، مات بدمشق وهو خطيبها في ثاني عشر شهر ربيع الأول سنة ٥٩٨.

دُومَا : بالكوفة والنجف محلة منها ، ويقال : اسمها دومة لأن عمر لما أجلى أكيدر صاحب دومة الجندل قدم الحيرة فبنى بها حصنا وسماه دومة أيضا.

دُومانُ : بضم أوله ، وآخره نون : موضع ، عن العمراني.

دُومَةُ : بالضم : من قرى غوطة دمشق غير دومة الجندل ، كذا حدثني المحب عن الدمشقيين ، منها عبد الله بن هلال بن الفرات أبو عبد الله الرّبعي الدومي

__________________

(١) في هذين البيتين إقواء.

(٢) في هذين البيتين إقواء.


الدمشقي ، سكن بيروت وكان أحد الزهاد ، حدث عن إبراهيم بن أيوب الحوراني وأحمد بن عاصم الأنطاكي وأحمد بن أبي الحوارى وهشام بن عمار ، روى عنه أبو حاتم الرازي وأبو العباس الأصم ومحمد ابن المنذر شكّر الهروي وأبو نعيم الأستراباذي وعبد الرحمن بن داود بن منصور ، ذكره أبو القاسم ، وينسب إلى دومة جماعة من رواة الحديث ، منهم : شجاع بن بكر بن محمد أبو محمد التميمي الدومي ، حدث عن أبي محمد هشام بن محمد الكوفي ، روى عنه عبد العزيز الكناني.

دَوْمَ الإيادِ : بفتح أوله ، والإياد بالياء المثناة من تحت وكسر الهمزة ، والدّوم عند العرب : شجر المقل ، والدوم أيضا الظل الدائم : وهو موضع في شعر ابن مقبل :

قوم محاضرهم شتى ، ومجمعهم

دوم الإياد وفاثور ، إذا اجتمعوا

دُومَةُ الجندَل : بضم أوله وفتحه ، وقد أنكر ابن دريد الفتح وعدّه من أغلاط المحدّثين ، وقد جاء في حديث الواقدي دوماء الجندل ، وعدّها ابن الفقيه من أعمال المدينة ، سمّيت بدوم بن إسماعيل بن إبراهيم ، وقال الزّجاجي : دومان بن إسماعيل ، وقيل : كان لإسماعيل ولد اسمه دما ولعله مغير منه ، وقال ابن الكلبي : دوماء بن إسماعيل ، قال : ولما كثر ولد إسماعيل ، عليه السلام ، بتهامة خرج دوماء بن إسماعيل حتى نزل موضع دومة وبنى به حصنا فقيل دوماء ونسب الحصن إليه ، وهي على سبع مراحل من دمشق بينها وبين مدينة الرسول ، صلى الله عليه وسلّم ، وقال أبو سعد : دومة الجندل في غائط من الأرض خمسة فراسخ ، قال : ومن قبل مغربه عين تثجّ فتسقي ما به من النخل والزرع ، وحصنها مارد ، وسميت دومة الجندل لأن حصنها مبنيّ بالجندل ، وقال أبو عبيد السكوني : دومة الجندل حصن وقرى بين الشام والمدينة قرب جبلي طيّء كانت به بنو كنانة من كلب ، قال : ودومة من القريات ، من وادي القرى إلى تيماء أربع ليال ، والقريات : دومة وسكاكة وذو القارة ، فأما دومة فعليها سور يتحصن به ، وفي داخل السور حصن منيع يقال له مارد ، وهو حصن أكيدر الملك بن عبد الملك بن عبد الحيّ بن أعيا بن الحارث بن معاوية بن خلاوة بن أبامة بن سلمة بن شكامة بن شبيب بن السكون بن أشرس بن ثور بن عفير وهو كندة السكوني الكندي ، وكان النبي ، صلى الله عليه وسلّم ، وجّه إليه خالد بن الوليد من تبوك وقال له ستلقاه يصيد الوحش ، وجاءت بقرة وحشية فحكّكت قرونها بحصنه فنزل إليها ليلا ليصيدها فهجم عليه خالد فأسره وقتل أخاه حسان بن عبد الملك وافتتحها خالد عنوة ، وذلك في سنة تسع للهجرة ، ثم إن النبي ، صلى الله عليه وسلّم ، صالح أكيدر على دومة وآمنه وقرّر عليه وعلى أهله الجزية ، وكان نصرانيّا فأسلم أخوه حريث فأقرّه النبي ، صلى الله عليه وسلّم ، على ما في يده ونقض أكيدر الصلح بعد النبي ، صلى الله عليه وسلم ، فأجلاه عمر ، رضي الله عنه ، من دومة فيمن أجلى من مخالفي دين الإسلام إلى الحيرة فنزل في موضع منها قرب عين التمر وبنى به منازل وسمّاها دومة ، وقيل : دوماء باسم حصنه بوادي القرى ، فهو قائم يعرف إلا أنه خراب ، قال : وفي إجلاء عمر ، رضي الله عنه ، أكيدر يقول الشاعر :

يا من رأى ظعنا تحمّل غدوة

من ال أكدر ، شجوه يعنيني


قد بدّلت ظعنا بدار إقامة ،

والسير من حصن أشمّ حصين

وأهل كتب الفتوح مجمعون على أن خالد بن الوليد ، رضي الله عنه ، غزا دومة أيام أبي بكر ، رضي الله عنه ، عند كونه بالعراق في سنة ١٢ ، وقتل أكيدر لأنه كان نقض وارتدّ ، وعلى هذا لا يصح أن عمر ، رضي الله عنه ، أجلاه وقد غزي وقتل في أيام أبي بكر ، رضي الله عنه ، وأحسن ما ورد في ذلك ما ذكره أحمد بن جابر في كتاب الفتوح له وأنا حاك جميع ما قاله على الوجه ، قال : بعث رسول الله ، صلى الله عليه وسلّم ، خالد بن الوليد ، رضي الله عنه ، سنة تسع إلى أكيدر بن عبد الملك بدومة الجندل فأخذه أسيرا وقتل أخاه وقدم بأكيدر على النبي ، صلى الله عليه وسلّم ، وعليه قباء ديباج بالذهب ، فأسلم أكيدر وصالح النبي ، صلى الله عليه وسلّم ، على أرضه وكتب له ولأهل دومة كتابا ، وهو : بسم الله الرحمن الرحيم. هذا كتاب محمد رسول الله لأكيدر حين أجاب إلى الإسلام وخلع الأنداد والأصنام ، ولأهل دومة. إن لنا الضاحية من الضّحل والبور والمعامي وأغفال الأرض والحلقة والسلاح والحافر والحصن ، ولكم الضامنة من النخل والمعين من المعمور لا تعدل سارحتكم ولا تعدّ فاردتكم ولا يحظر النبات ، تقيمون الصلاة لوقتها وتؤتون الزكاة لحقها ، عليكم بذلك عهد الله والميثاق ولكم به الصدق والوفاء ، شهد الله ومن حضر من المسلمين ، قيل : الضاحي البارز ، والضّحل الماء القليل ، والبور الأرض التي لم تستخرج ، والمعامي الأرض المجهولة ، والأغفال التي لا آثار فيها ، والحلقة الدروع ، والحافر الخيل والبراذين والبغال والحمير ، والحصن دومة الجندل ، والضامنة النخل الذي معهم في الحصن ، والمعين الظاهر من الماء الدائم ، وقوله : لا تعدل سارحتكم أي لا يصدّقها المصدّق إلا في مراعيها ومواضعها ولا يحشرها ، وقوله : لا تعد فاردتكم أي لا تضم الفاردة إلى غيرها ثم يصدق الجميع فيجمع بين متفرّق الصدقة ، ثم عاد أكيدر إلى دومة ، فلما مات رسول الله ، صلى الله عليه وسلّم ، منع أكيدر الصدقة وخرج من دومة الجندل ولحق بنواحي الحيرة وابتنى قرب عين التمر بناء وسماه دومة ، وأسلم حريث بن عبد الملك أخوه على ما في يده فسلم له ذلك ، فقال سويد بن الكلبي :

فلا يأمنن قوم زوال جدودهم

كما زال عن خبث ظعائن أكدرا

وتزوّج يزيد بن معاوية ابنة حريث ، وقيل إن خالدا لما انصرف من العراق إلى الشام مرّ بدومة الجندل التي غزاها أولا بعينها وفتحها وقتل أكيدر ، قال : وقد روي أن أكيدر كان منزله أولا بدومة الحيرة ، وهي كانت منازله ، وكان يزورون أخوالهم من كلب ، وإنه لمعهم وقد خرجوا للصيد إذ رفعت لهم مدينة متهدّمة لم يبق إلا حيطانها وهي مبنية بالجندل فأعادوا بناءها وغرسوا فيها الزيتون وغيره وسموها دومة الجندل تفرقة بينها وبين دومة الحيرة ، وكان أكيدر يتردد بينها وبين دومة الحيرة ، فهذا يزيل الاختلاف ، وقد ذهب بعض الرواة إلى أن التحكيم بين عليّ ومعاوية كان بدومة الجندل ، وأكثر الرواة على أنه كان بأذرح ، وقد أكثر الشعراء في ذكر أذرح وأن التحكيم كان بها ، ولم يبلغني شيء من الشعر في دومة إلا قول الأعور الشنّيّ وإن كان الوزن يستقيم بأذرح ، وهو هذا :

رضينا بحكم الله في كل موطن ،

وعمرو وعبد الله مختلفان


وليس بهادي أمّة من ضلالة ،

بدومة ، شيخا فتنة عميان

بكت عين من يبكى ابن عفّان ، بعد ما

نفا ورق الفرقان كلّ مكان

ثوى تاركا للحقّ متّبع الهوى ،

وأورث حزنا لاحقا بطعان

كلا الفتنتين كان حيّا وميّتا ،

يكادان لو لا القتل يشتبهان

وقال أعشى بني ضور من عنزة :

أباح لنا ، ما بين بصرى ودومة ،

كتائب منا يلبسون السّنورا

إذا هو سامانا ، من الناس ، واحد

له الملك خلّا ملكه وتفطّرا

نفت مضر الحمراء عنا سيوفنا ،

كما طرد الليل النهار فأدبرا

وقال ضرار بن الأزور يذكر أهل الرّدة :

عصيتم ذوي ألبابكم وأطعتم

ضجيما ، وأمر ابن اللّقيطة أشأم

وقد يمّموا جيشا إلى أرض دومة ،

فقبّح من وفد وما قد تيمّموا

وقرأت في كتاب الخوارج : قال حدثنا محمد بن قلامة بن إسماعيل عن محمد بن زياد قال حدثنا محمد ابن عون قال حدثنا عبد الله بن عيسى بن عبد الرحمن ابن أبي ليلى قال مررت مع أبي موسى بدومة الجندل فقال : حدثني حبيبي أنه حكم في بني إسرائيل في هذا الموضع حكمان بالجور وأنه يحكم في أمتي في هذا المكان حكمان بالجور ، قال : فما ذهبت إلا أيام حتى حكم هو وعمرو بن العاص بما حكما ، قال : فلقيته فقلت له يا أبا موسى قد حدثتني عن رسول الله ، صلى الله عليه وسلّم ، بما حدثتني ، فقال : والله المستعان.

دُومَةُ خَبْتٍ : موضع آخر ، قال الأخطل :

ألا يا أسلما على التقادم والبلى

بدومة خبت ، أيها الطّلان!

فلو كنت محصوبا ، بدومة ، مدنفا

أداوى بريق من سعاد شفاني

دَوْمَرِيّةُ : بفتح أوله ، وبعد الميم راء مهملة وياء النسبة : جزيرة في وسط نيل مصر ، فيها قرية غنّاء شجراء تلقاء الصعيد ، والله أعلم.

دوميس : ناحية بأرّان بين برذعة ودبيل.

دَوْمين : بصيغة الجمع وقد روي بصيغة التثنية ، وقع في قصر الصلاة من حديث مسلم : وهي قرية على ستة فراسخ من حمص ، عن القاضي عياض.

دَوْنَقُ : بفتح أوله ، وسكون ثانيه ، ونون مفتوحة : قرية بنهاوند ذات بساتين ، بينها وبين نهاوند ميلان ، منها عمير بن مرداس الدّونقي ، حدث عن عبد الله ابن نافع صاحب مالك بن أنس ، روى عنه أبو عبد الله محمد بن عيسى بن ديزك البروجردي وغيره ، وبدونق رباط للصوفية بناه أبو القاسم نصر بن منصور بن الحسن الدونقي ، لقيه السلفي ، وهو صاحب عبد الله بن علي ابن موسى الحنفي الزّزّي ، وكان بمصر من أبناء النعم والحال الواسعة.

الدَّوْنَكان : بفتح أوله ، وسكون ثانيه ، وآخره نون : بلدان من وراء فلج ، ذكرهما ابن مقبل في قوله :

يكادان ، بين الدّونكين وألوة

وذات القتاد الخضر ، يعتلجان

قال ابن السكّيت : الدونكان واديان في بلاد بني سليم ، وقال الأزدي : الدونكان اسم لموضع واحد.


دُونُ : بضم أوله ، وآخره نون : قرية من أعمال دينور ، ينسب إليها أبو محمد عبد الرحمن بن محمد ابن الحسن بن عبد الرحمن بن علي بن أحمد بن إسحاق ابن وشية الدوني الصوفي رواية كتب أبي بكر السنّي الدينوري ، حدث عنه أبو طاهر بن سلفة وقال : سألته عن مولده فقال سنة ٤٢٧ في رمضان ، وهو آخر من حدث في الدنيا بكتاب أبي عبد الرحمن النسوي بجلّق ، وإليه كان الرحلة ، قال : وقرأته أنا عليه سنة ٥٠٠ بالدون ، وتوفي في رجب سنة ٥٠١.

دُونَة : بضم أوله ، وبعد الواو الساكنة نون : قرية من قرى نهاوند ، وقد نسب إليها بعض الصالحين ، ذكره والذي قبله الحازمي كما كتبناه سواء. ودونة أيضا : بهمذان قرية والنسبة إليها دونيّ ، وقد نسب إلى التي بنهاوند دونقي كما ذكرنا قبل ، وقال أبو زكرياء بن مندة : دونة قرية بين همذان ودينور على عشرة فراسخ من همذان ، وقيل : على خمسة عشر فرسخا ، ومنها إلى الدينور عشرة فراسخ ، وقيل : هي من رستاق همذان ، وقال شيرويه : أحمد بن الحسين بن عبد الرحمن الصوفي أبو الفرج الدوني قدم علينا في رجب سنة ٤٥٩ ، روى عن أبي السكار من كتب أبي بكر السنّي ، لم أزرق منه السماع ، وكان صدوقا فاضلا ، وعمر بن الحسين بن عيسى بن إبراهيم أبو حفص الدوني الصوفي ، سكن صور وسمع أبا محمد الحسن بن محمد بن أحمد بن جميع بصيداء وأبا الفرج عبد الوهاب بن الحسين بن برهان العرّاف بصور ، حدث عنه غيث بن علي ، وسئل عن مولده فقال في سنة ٤٠٠ ، ومات سنة ٤٨١ ، وكان يذهب مذهب سفيان ، ومنها أبو محمد عبد الرحمن بن محمد بن الحسين بن عبد الرحمن بن علي ابن أحمد بن إسحاق الدوني الصوفي الزاهد ، قال أبو زكرياء : وكان من بيت الزهد والستر والعبادة ، مولده في سنة ٤٢٧ ، ومات سنة ٥٠١ ، وروى الكثير وسمع كتبا كثيرة.

الدَّوُّ : بفتح أوله ، وتشديد ثانيه : أرض ملساء بين مكة والبصرة على الجادّة مسيرة أربع ليال ، ليس فيها جبل ولا رمل ولا شيء ، هكذا قال نصر ، وأنا أرى أنه صفة وليس بعلم ، فإنّ الدّوّ فيما حكاه الأزهري عن الأصمعي الأرض المستوية وإليها تنسب الدّوّيّة ، فإنما سميت دوية لدويّ الصوت أي يسمع فيها ، وقال الأزهري عن بعضهم : الدّوّ أرض مسيرة أربع ليال شبه ترس خاوية يسار فيها بالنّجوم ويخاف فيها الضلال ، وهي على طريق البصرة إذا أصعدت إلى مكة تياسرت ، وإنما سميت الدّوّ لأنّ الفرس كانت لطائمهم تجوز فيها فكانوا إذا سلكوها تحاضّوا فيها الجد فقالوا بالفارسية دو دو أي أسرع ، قال : وقد قطعت الدّوّ مع القرامطة ، أبادهم الله ، وكانت مطرقهم قافلين من الهبير فسقوا ظهرهم بحفر أبي موسى فاستقوا وفوّزوا بالدّوّ ووردوا صبيحة خامسة ماء يقال له ثبرة ، وعطب فيها نجب كثيرة من نجب الحاجّ.

دَوَّة : بفتح أوله ، وتشديد ثانيه : موضع من وراء الجحفة بستة أميال ، قال كثير :

إلى ابن أبي العاصي بدوّة أرقلت ،

وبالسّفح من ذات الرّبى فوق مظعن

الدُّويرَةُ : بضم أوله ، وكسر ثانيه ، وياء مثناة من تحت : اسم قرية على فرسخين من نيسابور ، ينسب إليها أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن يوسف بن خرشيد الدويري النيسابوري ، حدث عن إسحاق بن راهويه وقتيبة بن سعيد ومحمد بن رافع ، روى عنه


أبو عمرو بن حمدان النيسابوري ، ومات سنة ٣٠٧.

الدُّوَيرَةُ : بلفظ تصغير دار : محلة ببغداد ، نسب إليها قوم من أهل العلم ، منهم : أبو محمد حماد بن محمد بن عبد الله الفراوي الأزرق الدويري أصله من الكوفة ، سكن الدويرة ببغداد ، حدث عن محمد بن طلحة ومقاتل بن سليمان ، روى عنه صالح جزرة وعباس الدويري وغيرهما ، مات سنة ٢٣٠.

الدُّوَيسُ : بلفظ التصغير : من قرى بيهق ، ينسب إليها جعفر بن محمد بن أحمد بن العباس الفقيه أبو عبد الله الدّويسي ، حدث عن محمد بن بكران عن المحاملي ، سئل عن مولده فقال في سنة ٣٨٠.

الدومية : من قرى عثّر من جهة القبلة.

دَوِينُ : بفتح أوله ، وكسر ثانيه ، وياء مثناة من تحت ساكنة ، وآخره نون : بلدة من نواحي أرّان في آخر حدود أذربيجان بقرب من تفليس ، منها ملوك الشام بنو أيوب ، ينسب إليها أبو الفتوح نصر الله بن منصور بن سهل الدّويني الجيزي ، كان فقيها شافعي المذهب ، تفقه ببغداد على أبي حامد الغزّالي وسافر إلى خراسان وأقام بنيسابور مدة ثم انتقل إلى بلخ ، وسمع الحديث على أبي سعد عبد الواحد بن عبد الكريم القصري وعبد الرزاق بن حسان المنيعي وغيرهما ، ذكره أبو سعد في شيوخه فقال : مات ببلخ في سنة ٥٤٦. ودوين أيضا : من قرى أستوا من أعمال نيسابور ، قال أبو الحسن محمد بن محمد الخاوراني : سمعت بقرية دوين من ناحية أستوا من الفقيه محمد الجويني جزءا يشتمل على ما ورد من الأخبار في الصلاة على رسول الله ، صلى الله عليه وسلّم.

باب الدال والهاء وما يليهما

الدَّهَاسَةُ : بفتح أوله ، وتخفيف ثانيه ، وبعد الألف سين مهملة : ماءة في طريق الحاج عن يسار سميراء للمصعد إلى مكة ، والدهس : لون كلون الرمل ، والدّهاس : ما كان من الرمل لا ينبت شيئا وتغيب فيه القوائم ، وقال الأصمعي : الدهاس كل ليّن لا يبلغ أن يكون رملا وليس بتراب ولا طين.

الدَّهالِكُ : موضع في شعر كثير : قرية بالدهناء ، فقال :

كأنّ عدوليّا زهاء حمولها ،

غدت ترتمي الدّهنا بها والدهالك

ده بالا : قرية بماسبذان بناحية الجبل قرب البندنيجين ، بها قبر أمير المؤمنين المهدي بن المنصور ، وبه مشهد و

عليه قوّام يقال لهم الجراية ، وزاده المستند في سنة ٥٦٤ وفرق على سكانه أموالا جمة.

الدَّهْثَمُونُ : قرية بالحوف الشرقي بمصر.

دِهْجِيَةُ : بكسر أوله ، وسكون ثانيه ، وجيم مكسورة ، وياء مثناة من تحت مخففة : قرية على باب أصبهان ، منها أبو صالح محمد بن حامد الدهجي ، روى عن أبي علي الثقفي.

دِهْدايَه : بكسر أوله ، وسكون ثانيه ، ودال مهملة أخرى ، وياء مثناة من تحت خفيفة ، ومعناه بالفارسية قرية الداية : وهي قرية بينها وبين الدامغان مرحلة خفيفة مما يلي الغرب ، وهي منزل القوافل ، وهي للملاحدة مقابل قلعتهم المشهورة المعروفة بكردكوه ، وبها يمسكون الحاج والقوافل فيأخذون من كل جمل ثمن دينار ويتبعونه بما يستمدّون ويؤذون.

دَهْوانُ : فتح أوله ، وسكون ثانيه ، وآخره نون : من قرى اليمن ، ينسب إليها محمد بن أحمد بن محمد أبو


يحيى الدهراني المقري ، سمع أبا عبد الله محمد بن جعفر ، سمع منه أبو القاسم هبة الله بن عبد الوارث الشيرازي.

دَهْرٌ : واد دون حضرموت.

دَهْرُوطُ : بفتح أوله ، وسكون ثانيه ، وآخره طاء مهملة : بليد على شاطئ غربي النيل من ناحية الصعيد قرب البهنساء.

دِهِسْتَانُ : بكسر أوله وثانيه : بلد مشهور في طرف مازندران قرب خوارزم وجرجان ، بناها عبد الله ابن طاهر في خلافة المهدي ، كذا ذكر وليس بصحيح لأن عبد الله بن طاهر لم يكن في أيام المهدي ، ينسب إليها عمر بن عبد الكريم بن سعدويه أبو الفتيان ، ويقال أبو حفص بن أبي الحسن الروّامي الدهستاني الحافظ ، قدم دمشق فسمع بها عبد الدائم بن الحسن وأبا محمد الكناني وأبا الحسن بن أبي الحديد وأبا نصر ابن طلّاب ، وببغداد جابر بن ياسين وأبا الغنائم بن المأمون ، وبمرو وهراة ونيسابور ، وبصور أبا بكر الخطيب ، وحدث بدمشق وصور وغير ذلك ، وقال البشاري : دهستان مدينة بكرمان. ودهستان : ناحية بجرجان ، وهي المذكورة آنفا. ودهستان : ناحية بباذغيس من أعمال هراة ، منها محمد بن أحمد ابن أبي الحجاج الدهستاني الهروي.

دَهْشُور : قرية كبيرة من أعمال مصر في غربي النيل من أعمال الجيزة ، منها أبو الليث عبد الله بن محمد بن الحجاج بن عبد الله بن مهاجر الرّعيني الدّهشوري ، روى عن يونس بن عبد الأعلى ، وتوفي في ربيع الأول سنة ٣٢٢.

دِهْقانُ : بكسر أوله ، وبعد الهاء قاف ، وآخره نون ، وهو بالفارسية التاجر صاحب الضياع : اسم موضع في شعر الأعشى ، وقال ابن الأعرابي : هي رملة في قول الراعي :

فظلّ يعلو لوى الدّهقان معترضا

في الرمل أظلافه صفر من الزهر

دَهَكُ : بفتح أوله وثانيه : قرية بالريّ ، ينسب إليها قوم من الرواة ، منهم : عليّ بن إبراهيم الدهكي ، والسندي بن عبدويه الدهكي ، يروي عن أبي أويس وأهل المدينة والعراق ، روى عنه محمد بن حماد الطهراني ، كذا ذكره السمعاني ووجدته بخط عبد السلام البصري الدّهكي ، بكسر أوله وفتح ثانيه.

دَهْلَك : بفتح أوله ، وسكون ثانيه ، ولام مفتوحة ، وآخره كاف ، اسم أعجمي معرب ، ويقال له دهيك أيضا : وهي جزيرة في بحر اليمن ، وهو مرسى بين بلاد اليمن والحبشة ، بلدة ضيّقة حرجة حارة كان بنو أمية إذا سخطوا على أحد نفوه إليها ، وقال أبو المقدام :

ولو أصبحت بنت القطاميّ ، دونها

جبال بها الأكراد صمّ صخورها

لباشرت ثوب الخوف ، حتى أزورها

بنفسي ، إذا كانت بأرض تزورها

ولو أصبحت خلف الثريّا لزرتها

بنفسي ، ولو كانت بدهلك دورها

وقال أبو الفتح نصر الله بن عبد الله بن قلاقس الإسكندري يذكر دهلك وصاحبه مالك بن الشدّاد :

وأقبح بدهلك من بلدة ،

فكلّ امرئ حلّها هالك

كفاك دليلا على أنها

جحيم وخازنها مالك

دَهْماءُ مَرْضوض : موضع في بلاد مزينة من نواحي المدينة ، قال معن بن أوس المزني :


تأبّد لأي منهم فعتائده ،

فذو سلم أنشاجه فسواعده

فذات الحماط خرجها فطلولها ،

فبطن البقيع قاعه فمرابده

فدهماء مرضوض كأنّ عراضها

بها نضو محذوف جميل محافده

الدَّهنَاءُ : بفتح أوله ، وسكون ثانيه ، ونون ، وألف تمد وتقصر ، وبخط الوزير المغربي : الدهناء عند البصريين مقصور وعند الكوفيين يقصر ويمد ، والدّهان : الأمطار اللينة ، واحدها دهن ، وأرض دهناء مثل الحسن والحسناء ، والدهان : الأديم الأحمر ، قالوا في قوله تعالى : (فَكانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهانِ) ، قالوا : شبهها في اختلاف ألوانها من الفزع الأكبر بالدهن واختلاف ألوانه أو الأديم واختلاف ألوانه ، ولعل الدهناء سميت بذلك لاختلاف النبت والأزهار في عراضها ، قال الساجي : ومن خط ابن الفرات نقلت : بنى عتبة بن غزوان دار الإمارة بالبصرة في موضع حوض حماد وهو حوض سليمان بن عليّ في رحبة دعلج ، وهي رحبة بني هاشم ، وكانت الدار تسمى الدهناء ، قال أبو منصور : الدهناء من ديار بني تميم معروفة ، تقصر وتمدّ ، والنسبة إليها دهناويّ ، قال ذو الرّمة :

أقول لدهناويّة ...

قال : وهي سبعة أجبل من الرمل في عرضها ، بين كل جبلين شقيقة ، وطولها من حزن ينسوعة إلى رمل يبرين ، وهي من أكثر بلاد الله كلأ مع قلة أعذاء ومياه ، وإذا أخصبت الدهناء ربّعت العرب جمعا لسعتها وكثرة شجرها ، وهي عذاة مكرمة نزهة ، من سكنها لا يعرف الحمّى لطيب تربتها وهوائها ، آخر كلامه ، وقال غيره : إذا كان المصعد بالينسوعة ، وهو منزل بطريق مكة من البصرة ، صبحت به أقماع الدهناء من جانبه الأيسر واتصلت أقماعها بعجمتها وتفرعت جبالها من عجمتها ، وقد جعلوا رمل الدهناء بمنزلة بعير وجعلوا أقماعها التي شخصت من عجمتها نحو الينسوعة ثفنا كثفن البعير ، وهي خمسة أجبل على عدد الثفنات : فالجبل الأعلى منها الأدنى إلى حفر بني سعد واسمه خشاخش لكثرة ما يسمع من خشخشة أموالهم فيه ، والجبل الثاني يسمى حماطان ، والثالث جبل الرمث ، والرابع معبّر ، والخامس جبل حزوى ، وقال الهيثم بن عديّ :الوادي الذي في بلاد بني تميم ببادية البصرة في أرض بني سعد يسمونه الدّهناء ، يمر في بلاد بني أسد فيسمونه منعج ثم في غطفان فيسمونه الرّمّة ، وهو بطن الرمة الذي في طريق فيد إلى المدينة ، وهو وادي الحاجر ، ثم يمر في بلاد طيّء فيسمونه حائل ، ثم يمر في بلاد كلب فيسمونه قراقر ، ثم يمر في بلاد تغلب فيسمونه سوى ، وإذا انتهى إليهم عطف إلى بلاد كلب فيصير إلى النيل ، ولا يمر في بلاد قوم إلا انصبّ إليهم كلها ، هذا قول الهيثم ، وقد أكثر الشعراء من ذكر الدهناء وعلى الخصوص ذو الرمة فقال أعرابي حبس بحجر اليمامة :

هل الباب مفروج ، فأنظر نظرة

بعين قلت حجرا فطال احتمامها؟

ألا حبذا الدّهنا وطيب ترابها ،

وأرض خلاء يصدح الليل هامها

ونصّ المهارى بالعشيات والضحى

إلى بقر ، وحي العيون كلامها

وقالت العيوف بنت مسعود أخي ذي الرّمّة :

خليليّ قوما فارفعا الطرف وانظرا

لصاحب شوق منظرا متراخيا


عسى أن نرى ، والله ما شاء فاعل ،

بأكثبة الدّهنا من الحيّ باديا

وإن حال عرض الرمل والبعد دونهم ،

فقد يطلب الإنسان ما ليس رائيا

يرى الله أن القلب أضحى ضميره

لما قابل الروحاء والعرج قاليا

دُهُنَّا : بضم أوله وثانيه ، وتشديد نونه ، مقصور : ناحية من السواد قرب المدائن.

دِهْنَخِيرْجان : مدينة كبيرة بأذربيجان ، بينها وبين تبريز يومان وبينها وبين مراغة يومان ، وبعضهم يسميها حرّقان ، والذي ترجم ههنا معناه قرية النخيرجان ، والنخيرجان كان خازن كسرى ، وهذه البلدة مضافة إليه.

الدُّهَيمُ : تصغير ترخيم أدهم : أظنه موضعا كان فيه يوم للعرب.

باب الدال والياء وما يليهما

ديارُ بَكْرٍ : هي بلاد كبيرة واسعة تنسب إلى بكر ابن وائل بن قاسط بن هنب بن أفصى بن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار بن معدّ بن عدنان ، وحدّها ما غرّب من دجلة إلى بلاد الجبل المطلّ على نصيبين إلى دجلة ، ومنه حصن كيفا وآمد وميّافارقين ، وقد يتجاوز دجلة إلى سعرت وحيزان وحيني وما تخلل ذلك من البلاد ولا يتجاوز السهل ، وقال أبو الفرج عبد الواحد بن محمد المخزومي الببغاء يمدح سيف الدولة في ضمن رسالة ، وكان سيف الدولة قد انصرف من بعض غزواته إليها ، فقال :

وكيف يقهر من لله ينصر من

دون الورى ، وبعزّ الله يعتصم

إن سار سار لواء الحمد يقدمه ،

أو حلّ حلّ به الإقبال والكرم

يلقى العدى بجيوش لا يقاومها

كثر العساكر ، إلّا أنها همم

لما سقى البيض ريّا ، وهي ظامئة

من الدماء ، وحكم الموت يحتكم

سقت سحائب كفيه بصيّبها

ديار بكر ، فهانت عندها الدّيم

ينسب إليها من المحدثين عمر بن علي بن الحسن الدياربكري ، سمع الجبّائي بحلب.

دِيارُ رَبيعَةَ : بين الموصل إلى رأس عين نحو بقعاء الموصل ونصيبين ورأس عين ودنيسر والخابور جميعه وما بين ذلك من المدن والقرى ، وربما جمع بين ديار بكر وديار ربيعة وسميت كلها ديار ربيعة لأنهم كلهم ربيعة ، وهذا اسم لهذه البلاد قديم ، كانت العرب تحله قبل الإسلام في بواديه ، واسم الجزيرة يشمل الكلّ.

ديار مُضَرَ : ومضر ، بالضاد المعجمة : وهي ما كان في السهل بقرب من شرقي الفرات نحو حرّان والرّقّة وشمشاط وسروج وتلّ موزن.

دِيافُ : بكسر أوله ، وآخره فاء ، قال ابن حبيب : دياف من قرى الشام ، وقيل : من قرى الجزيرة ، وأهلها نبط الشام ، تنسب إليها الإبل والسيوف ، وإذا عرضوا برجل أنه نبطيّ نسبوه إليها ، قال الفرزدق :

ولكن ديافيّ ، أبوه وأمه

بحوران يعصرن السليط أقاربه

وقال الأخطل :

كأنّ بنات الماء ، في حجراته ،

أباريق أهدتها دياف بصرخدا


فهذا يدل على أنها بالشام لأنّ حوران وصرخد من رساتيق دمشق ، وقال جرير :

إنّ سليطا كاسمه سليط ،

لولا بنو عمرو وعمرو عيط ،

قلت : ديافيّون أو نبيط

قال ابن حبيب : دياف قرية بالشام ، والعيط : الضخام ، واحدهم أعيط ، يقول : هم نبيط الشام أو نبيط العراق ، قال ابن الإطنابة أو سحيم :

كأن الوحوش به عسقلان

صادف في قرن حجّ ديافا

يريد أهل عسقلان صادفوا أهل دياف فتناشروا ألوان الثياب.

دَيَالَةُ : موضع بالحجاز.

دَيَالى : بفتح أوله ، وإمالة اللام : نهر كبير بقرب بغداد ، وهو نهر بعقوبا الأعظم يجري في جنبها ، وهو الحدّ بين طريق خراسان والخالص ، وهو نهر تامرّا بعينه.

الدِّيبَجات : في أقصى بحر الهند جزائر متصلة نحو ألف جزيرة يقال لها الدّيبجات ، عامرة كلها ، من الجزيرة إلى الجزيرة الميلان والثلاثة أميال وأكثر من ذلك.

الدَّيبُلُ : بفتح أوله ، وسكون ثانيه ، وباء موحدة مضمومة ، ولام : مدينة مشهورة على ساحل بحر الهند ، والدّيبل في الإقليم الثاني ، طولها من جهة المغرب اثنتان وتسعون درجة وعشرون دقيقة ، وعرضها من جهة الجنوب أربع وعشرون درجة وثلاثون دقيقة ، وهي فرضة ، وإليها تفضي مياه لهور ومولتان فتصب في البحر الملح ، وقد نسب إليها قوم من الرواة ، منهم : أبو جعفر محمد بن إبراهيم الديبلي ، جاور مكة ، روى عن أبي عبد الله سعيد ابن عبد الرحمن المخزومي وحسين بن حسن المروزي وابنه إبراهيم بن محمد الديبلي ، يروي عن موسى ابن هارون.

دَيبُورُ : بفتح أوله ، وسكون ثانيه ، وباء موحدة ، وآخره راء : ناحية من عمل جزيرة ابن عمر.

الدّيْدَان : مدينة حسنة كانت في طريق البلقاء من ناحية الحجاز خربت.

الدّيْرتَان : روضتان لبني أسيّد بمفجر وادي الرّمّة من التنعيم عن يسار طريق الحاجّ المصعد.

القول في ذكر الدَّيرة

الدّير : بيت يتعبد فيه الرهبان ولا يكاد يكون في المصر الأعظم إنما يكون في الصحاري ورؤوس الجبال ، فإن كان في المصر كانت كنيسة أو بيعة ، وربما فرّق بينهما فجعلوا الكنيسة لليهود والبيعة للنصارى ، قال الجوهري : ودير النصارى أصله الدار ، والجمع أديار ، والديرانيّ صاحب الدير ، وقال أبو منصور : صاحبه الذي يسكنه ويعمره ديرانيّ وديّار ، وقال أيضا أبو منصور : قال سلمة عن الفرّاء يقال دار وديار ودور ، وفي الجمع القليل أدور وأدور وديران ، ويقال آدر على القلب ، ويقال دير وديرة وأديار وديران ودارة ودارأت وأديرة ودير ودور ودوران وأدوار ودوار وأدورة ، هكذا ذكره على نسق ، وهذا يشعر بأن الدير من اللغات في الدار ولعله بعد تسمية الدار به خصص الموضع الذي تسكنه الرهبان به وصار علما له ، والله أعلم ، ولما كان استيعاب ذكر جميع الديرة متعذرا ههنا ذكرنا ما هو منها مشهور وفي كتب اللغة وأهل الأدب مسطور.

دَيْرُ أَبَان : من قرى غوطة دمشق ، قال ابن عساكر في تاريخه : عثمان بن أبان بن عثمان بن حرب بن عبد


الرحمن بن الحكم بن أبي العاصي بن أمية كان يسكن دير أبان عند قرحتاء ، وهو منسوب إلى أبيه أبان ، ذكره ابن أبي العجائز.

دَير أَبْشِيَا : بفتح أوله ، وباء موحدة ساكنة ، وشين معجمة مكسورة ، وياء مثناة من تحت : دير بنواحي الصعيد ثم بأسيوط من ديار مصر ، والله أعلم.

دَيْرُ الأَبْلَق : بفتح أوله ، وباء موحدة ساكنة ، ولام ، وقاف : دير بالأهواز ثم بكوار من ناحية أردشير خرّه ، وفيه يقول حارثة بن بدر الغداني :

ألم تر أن حارثة بن بدر

أقام بدير أبلق من كوارا

مقيما يشرب الصهباء صرفا ،

إذا ما قلت تصرعه استدارا

دَير أبي مينا : قرية معروفة بمصر.

دَيرأَبُّونَ : ويقال أبيون وهو الصحيح : بقردى بين جزيرة ابن عمر وقرية ثمانين قرب باسورين ، وهو دير جليل عندهم فيه رهبان كثيرة ، ويزعمون أن به قبر نوح ، عليه السلام ، تحت أزج عظيم لاطئ بالأرض يشهد لنفسه بالقدم ، وفي جوفه قبر عظيم في صخر زعموا أنه لنوح ، عليه السلام ، وفيه يقول بعضهم يذكر محبوبة له كردية عشقها بقربه :

فيا ظبية الوعساء! هل فيك مطمع

لصاد إلى تقبيل خدّيك ظمآن؟

وإنّي الى الثرثار والحضر حلّتي

ودارك دير أبّون أو برزمهران

سقى الله ذاك الدير غيثا لأهله ،

وما قد حواه من قلال ورهبان

دَير ابنِ بَرّاقِ : بظاهر الحيرة ، قال الثرواني :

يا دير حنّة عند القائم الساقي

إلى الخورنق من دير ابن برّاق

وقد ذكر في دير حنة.

دَير ابن عامر : لا أعرف موضعه إلا أنه جاء في شعر عياش الضّبّي اللّص ، وقيل التّيّحان العكلي :

ألم ترني بالدير ، دير ابن عامر ،

زللت ، وزلّات الرجال كثير

فلو لا خليل خانني وأمنته ،

وجدّك ، لم يقدر عليّ أمير

فإني قد وطّنت نفسي لما ترى ،

وقلبك يا ابن الطّيلسان يطير

كفى حزنا في الصدر أن عوائدي

حجبن ، وأني في الحديد أسير

فأجابه ابن الطيلسان بأبيات ، منها :

وأحموقة وطّنت نفسك خاليا

لها ، وحماقات الرجال كثير

دَيرُ ابنِ وضَّاح : بنواحي الحيرة ، وفيه يقول بكر ابن خارجة :

إلى الدّساكر فالدّير المقابلها ،

إلى الأكيراح أو دير ابن وضّاح

دَير أبي بخُوم : بضم الباء الموحدة ، وخاء معجمة ، وواو ساكنة ، وميم : دير بصعيد مصر بقرية يقال لها فاو ، بالفاء والواو ، وهو دير أزليّ له حرمة عندهم.

دَير أَبي سَويِرِس : بفتح السين المهملة ، وكسر الواو ، وسكون الياء المثناة من تحت ، وراء مكسورة ، وآخره سين مهملة : على شاطئ النيل بمصر شرقيه من جهة الصعيد. ودير سويرس أيضا : بأسيوط منسوب إلى رجل.


دَير أَبي هُور : ذكر الشّابشتي أنه بسرياقوس من أعمال مصر ، وهي بيعة عامرة كثيرة الرهبان فيها أعجوبة ، وهو أنّ من كانت له خنازير قصد هذا الموضع للتعالج أخذه رئيس الموضع وأضجعه وجاءه بخنزير وأرسله على موضع العلة فيختلس الخنزير موضع الوجع ويأكل الخنازير التي فيه ولا يتعدّى إلى موضع الصحيح ، فإذا تنظف الموضع ذرّ عليه رماد خنزير فعل مثل هذا الفعل من قبل ومن زيت قنديل البيعة فيبرأ ، ثم يؤخذ ذلك الخنزير ويذبح ويحرق ويعد رماده لمثل هذا العلاج.

دَيرُ أَبي يُوسُف : فوق الموصل ودون بلد ، بينه وبين بلد فرسخ واحد ، وهو دير كبير فيه رهبان ذوو جدة ، وهو على شاطئ دجلة في ممر القوافل.

دَيرُ الأَبيض : في موضعين : أحدهما في جبل مطلّ على الرّها فإذا ضرب ناقوسه سمع بالرها وهو يشرف على بقعة حرّان ، والآخر بالصعيد يقال له أيضا دير الأبيض.

دَيرُ أَتْريبَ : بأرض مصر ، ويعرف بمارت مريم ، وله عيد في الحادي والعشرين من بؤونه ، يذكرون أنّ حمامة بيضاء تجيئهم ولا يرونها إلّا يوم مثله وتدخل المذبح ولا يدرون من أين جاءت.

دَيرُ أَحوِيشَا : وأحويشا بالسريانية الحبيس : وهو بإسعرت مدينة بديار بكر قرب أرزن الروم وحيزان ، وهو مطل على أرزن ، وهو كبير جدّا فيه أربعمائة راهب في قلال وحوله البساتين والكروم ، وهو في نهاية العمارة ، ويحمل خمره إلى ما حوله من البلدان لجودته ، وإلى جنبه نهر يعرف بنهر الروم ، وفيه يقول أبو بكر محمد بن طنّاب اللّبّادي لأنه كان يلبس لبدا أحمر :

وفتيان كهمل من أناس

خفاف في الغدوّ ، وفي الرّواح

نهضت بهم ، وستر الليل ملقى ،

وضوء الصبح مقصوص الجناح

نؤم ، بدير أحويشا ، غزالا

غريب الحسن كالقمر اللّياح

وكابدنا السّرى شوقا إليه ،

فوافينا الصّباح مع الصّباح

نزلنا منزلا حسنا أنيقا

بما نهواه ، معمور النواحي

قسمنا الوقت فيه لاغتباق

على الوجه المليح ، ولاصطباح

وظلنا بين ريحان وراح

وأوتار تساعدنا فصاح

وساعفنا الزمان بما أردنا ،

فأبنا بالفلاح وبالنجاح

دَيرُ أَرْوَى : لم أجده إلّا في شعر لجرير ، وهو قوله :

هل رام جوّ سويقتين مكانه ،

أو حلّ ، بعد محلّنا ، البردان؟

هل تونسان ، ودير أروى بيننا ،

بالأعزلين بواكر الأظعان؟

دَير أَروى : ذكره جرير في شعره ، وأظنه بالبادية ، فقال :

سألناها الشفاء فما شفتنا ،

ومنّتنا المواعد والخلابا

لشتّان المجاور دير أروى ،

ومن سكن السليلة والجنابا

أسيلة معقد السّمطين منها ،

وريّا حيث تعتقد الحقابا


دِيارَاتُ الأَسَاقِفِ : الديارات جمع دير ، والأساقف جمع أسقف ، وهم رؤساء النصارى : وهذه الديارات بالنجف ظاهر الكوفة وهو أول الحيرة ، وهي قباب وقصور بحضرتها نهر يعرف بالغدير ، عن يمينه قصر أبي الخصيب وعن شماله السّدير ، وفيه يقول علي بن محمد ابن جعفر العلوي الحمّاني :

كم وقفة لك بالخور

نق ما توازى بالمواقف

بين الغدير إلى السّدي

ر إلى ديارات الأساقف

فمدارج الرهبان في

أطمار خائفة وخائف

دمن كأنّ رياضها

يكسين أعلام المطارف

وكأنما غدرانها

فيها عشور في مصاحف

بحريّة شتواتها ،

برّيّة فيها المصائف

دَيرُ إِسحاقَ : بين حمص وسلمية في أحسن موضع وأنزهه ، وبقربه ضيعة كبيرة يقال لها جدر التي ذكرها الأخطل فقال :

كأنّني شارب ، يوم استبدّ بهم ،

من قرقف ضمّنتها حمص أو جدر

ولأهل القصف والشعراء فيه أشعار كثيرة.

دَير الأَسْكُون : بفتح الهمزة ، وسكون السين المهملة ، وكاف مضمومة ، وآخره نون : وهو بالحيرة راكب على النجف ، وفيه قلالي وهياكل ، وفيه رهبان يضيّفون من ورد عليهم ، وعليه سور عال حصين ، وعليه باب حديد ، ومنه يهبط الهابط إلى غدير بالحيرة ، أرضه ورضراض ورمل أبيض ، وله مشرعة تقابل الحيرة لها ماء إذا انقطع النهر كان منها شرب أهل الحيرة ، قلت : هكذا وصف مصنفو الديارات هذا الدير ، ورأيت أنا في طريق واسط قرب دير العاقول موضعا يقال له الأسكون ، فإن كان الذي بالحيرة غيره وإلا فالصواب أنه في طريق واسط.

دَيرُ أَشمُوني : وأشموني امرأة بني الدير على اسمها ودفنت فيه ، وهو بقطربّل ، وكان من أجلّ متنزهات بغداد ، وفيه يقول الثّرواني :

اشرب ، على قرع النواقيس ،

في دير أشموني بتفليس

لا تخل كأس الشرب والليل

في حدّ نعمى ، لا ولا بوس (١)

إلا على قرع النواقي

س ، أو صوت قسّان وتشميس

وهكذا فاشرب ، وإلا فكن

مجاورا بعض النواويس

وعيد أشموني ببغداد معروف ، وهو في اليوم الثالث من تشرين الأول.

دَير الأَعلى : بالموصل في أعلاها على جبل مطلّ على دجلة ، يضرب به المثل في رقة الهواء وحسن المستشرف ، ويقال إنه ليس للنصارى دير مثله لما فيه من أناجيلهم ومتعبداتهم ، وظهر تحته في سنة ٣٠١ عدة معادن كبريتية ومرقشيثا وقلقطار ، ويزعم أهل الموصل أنها تبرئ من الجرب والحكة والبثور وتنفع المقعدين والزّمنى ، وإلى جانب هذا الدير مشهد عمرو بن الحمق الخزاعي صحابيّ ، وتضمّنه قوم من السلطان فصانع الديرانيون عنه حتى أبطل ، وفيه يقول أبو الحسين بن أبي البغل الشاعر وقد اجتاز

__________________

(١) قوله : والليل ، هكذا في الأصل ، بالوقوف على الحركة.


به يريد الشام :

أنظر إليّ بأعلى الدير مشترفا ،

لا يبلغ الطرف من أرجائه طرفا

كأنما غريت غرّ السحاب به ،

فجاء مختلفا يلقاك مؤتلفا

فلست تبصر إلا جدولا سربا ،

أو جنّة سدفا ، أو روضة أنفا

كما التقت فرق الأحباب من حرق

من الوشاء ، فأبدى الكلّ ما عرفا

باحوا بما أضمروا ، فاخضرّ ذا حسدا ،

واحمرّ ذا خجلا ، واصفرّ ذا أسفا

هذي الجنان ، فإن جاءوا بآخرة ،

فلست أترك وجها ضاحكا ثقفا

وفيه يقول الخالدي :

قمر بدير الموصل الأعلى ،

أنا عبده وهواه لي مولى

لثم الصليب فقلت من حسد :

قبل الحبيب فمي بها أولى

جد لي بإحداهنّ تحويها ،

قلبي محبّته على المقلى

فاحمرّ من خجل ، وكم قطفت

عيني شقائق وجنة خجلى

وثكلت صبري عند فرقته ،

فعرفت كيف مصيبة الثكلى

دَيرُ الأَعْوَرِ : هو بظاهر الكوفة بناه رجل من إياد يقال له الأعور من بني حذافة بن زهر بن إياد.

دَيرُ أكْمُنَ : بالفتح ثم السكون ، وضم الميم ، وآخره نون ، وقيل باللام عوضا عن النون : على رأس جبل بالقرب من الجوديّ ، ينسب إليه الخمر الموصوف فهو النهاية في الجودة ، وقيل إنه لا يورث الخمار ، وحوله من المياه والشجر والبساتين كثير جدّا.

دَيرُ أيَّا : بفتح أوله ، والياء المثناة من تحت ، قال الواقدي : مات أبو قلابة الجرمي بالشام بدير أيّا في سنة ١٠٤.

دَير أَيُّوبَ : قرية بحوران من نواحي دمشق ، بها كان أيوب ، عليه السلام ، وبها ابتلاه الله ، وبها العين التي ركضها برجله والصخرة التي كانت عليها ، وبها قبره.

دَيرباثاوَا : بالباء الموحدة ، وبعد الألف ثاء مثلثة ، وواو : بالقرب من جزيرة ابن عمر ، بينهما ثلاثة فراسخ.

دير بَاشَهْرا : قال الشابشتي : على شاطئ دجلة بين سامرّا وبغداد ، وأنشد فيه لأبي العيناء ، فإن صحّ فهو غريب لأنّ أبا العيناء قليل الشعر جدّا لم يصحّ عندي له شيء من الشعر البتّة :

نزلنا دير باشهر

ا على قسّيسه ظهرا

على دين يشوعيّ ،

فما أسنى وما أمرا

فأولى من جميل الفع

ل ما يستعبد الحرّا

وسقّانا وروّانا

من الصافية العذرا

فطاب الوقت في الدي

ر ، ورابطنا به عشرا

دَير باعَرْبَا : هو بين الموصل والحديثة على شاطئ دجلة ، والحديثة بين تكريت والموصل ، والنصارى يعظمونه جدّا ، وله حائط مرتفع نحو مائة ذراع في السماء ، وفيه رهبان كثيرون وفلاحون ، وله مزارع ، وفيه بيت ضيافة ينزله المجتازون فيضافون فيه.

دَير البَاعِقَى : قبليّ بصرى من أرض حوران ، وهو دير بحيرا الراهب صاحب القصّة مع رسول الله ، صلى الله عليه وسلّم.


دير باعنتل : من جوسية على أقل من ميل ، وجوسية من أعمال حمص على مرحلة منها من طريق دمشق ، وهو على يسار القاصد لدمشق ، وفيه عجائب ، منها : آزج أبواب فيها صور الأنبياء محفورة منقوشة فيها ، وهيكل مفروش بالمرمر لا تستقرّ عليه القدم ، وصورة مريم في حائط منتصبة كلما ملت إلى ناحية كانت عينها إليك.

دير بَاغُوث : دير كبير كثير الرهبان على شاطئ دجلة بين الموصل وجزيرة ابن عمر.

دير بَاطَا : بالسنّ بين الموصل وتكريت وهيت ، وهو دير نزه في أيام الربيع ، ويسمّى أيضا دير الحمار ، بينه وبين دجلة بعد ، وله باب حجر ، يذكر النصارى أن هذا الباب يفتحه الواحد والاثنان ، فإن تجاوزوا السبعة لم يقدروا على فتحه البتّة ، وفيه بئر تنفع من البهق ، وفيه كرسيّ الأسقف.

دير بانخايال : في أعلى الموصل ، وله ثلاثة أسام : المذكور ودير مار نخايال ، وسأذكره ، ودير ميخائيل ، وسأذكره أيضا.

دير البتُول : وهو دير كبير مشهور بصعيد مصر قرب أنصنا يقولون إنّ مريم ، عليها السلام ، وردته.

دَير البُخْتِ : على فرسخين من دمشق ، كان يسمّى دير ميخائيل ، وكان عبد الملك بن مروان قد ارتبط عنده بختا ، وهي

جمال الترك ، فغلب عليها ، وكان لعليّ بن عبد الله بن عباس ، رضي الله عنه ، عنده جنينة وكان يتنزه فيها.

دَيْرُ بَرْصُومَا : هو الدير الذي ينادى له بطلب نذره في نواحي الشام والجزيرة وديار بكر وبلاد الروم ، وهو قرب ملطية على رأس جبل يشبه القلعة ، وعنده متنزّه ، وفيه رهبان كثيرة يؤدّون في كل عام إلى ملك الروم للمسلمين من نذوره عشرة آلاف دينار على ما بلغني ، حدثني العفيف مرجّا الواسطي التاجر قال : اجتزت به قاصدا إلى بلاد الروم فلما قربت منه أخبرت بفضله وكثرة ما ينذر له وأنّ الذين ينذرون له قلّ ما يخالف مطلوبهم وأنّ برصوما الذي فيه أحد الحواريّين ، فألقى الله على لساني أن قلت إنّ هذا القماش الذي معي مشتراه بخمسة آلاف درهم فإن بعته بسبعة آلاف درهم فلبرصوما من خالص مالي خمسون درهما ، فدخلت ملطية وبعته بسبعة آلاف درهم سواء ، فعجبت فلما رجعت سلمت إلى رهبانه خمسين درهما وسألتهم عن الحواريّ الذي فيه ، فزعموا أنه مسجّى فيه على سرير وهو ظاهر لهم يرونه وأنّ أظافيره تطول في كل عام وأنهم يقلّمونها بالمقصّ ويحملونها إلى صاحب الروم مع ماله عليهم من القطيعة ، والله أعلم بصحته ، فإن صحّ فلا شيء أعجب منه.

دَيْرُ بَسّاك : بفتح الباء الموحدة ، وتشديد السين المهملة ، وآخره كاف : هو حصن وليس بدير ، تسكنه النصارى ، قرب أنطاكية ، وهو من أعمال حلب ، وأظنّه مركّبا.

دَيْرُ بِشْرٍ : عند حجيرا بغوطة دمشق ، ينسب إلى بشر بن مروان بن الحكم بن أبي العاصي بن أميّة أمير المؤمنين من قبل أخيه عبد الله بن مروان.

دَيْرُ بُصْرَى : بضم أوله ، وسكون الصاد المهملة ، والقصر ، بصرى : بليدة بحوران ، وهي قصبة الكورة من أعمال دمشق ، وبه كان بحيرا الراهب الذي بشّر بالنبي ، صلى الله عليه وسلّم ، وقصته مشهورة. وحكى المازني أنه قال : دخلت دير بصرى فرأيت في رهبانه فصاحة ، وهم عرب متنصّرة من بني الصادر ، وهم أفصح من رأيت ، فقلت : ما لي لا أرى فيكم شاعرا


مع فصاحتكم؟ فقالوا : والله ما فيه أحد ينطق بالشعر إلا أمة لنا كبيرة السنّ ، فقلت : جيئوني بها ، فجاءت فاستنشدتها فأنشدتني لنفسها :

أيا رفقة من دير بصرى تحمّلت

تؤمّ الحمى ، ألقيت من رفقة رشدا

إذا ما بلغتم سالمين ، فبلّغوا

تحية من قد ظنّ أن لا يرى نجدا

وقولوا : تركنا الصادريّ مكبّلا

بكل هوى من حبكم مضمرا وجدا

فيا ليت شعري! هل أرى جانب الحمى ،

وقد أنبتت أجراعه بقلا جعدا؟

وهل أردنّ الدهر يوما وقيعه

كأنّ الصّبا تسدى ، على متنه ، بردا

دَيرُ البَلَّاص : بالصاد المهملة : بالصعيد قرب دمياط ، والله أعلم.

دَيرُ بلاض : بالضاد المعجمة : من أعمال حلب مشرف على عمّ ، فيه رهبان لهم مزارع ، وهو دير قديم مشهور.

دَيْرُ البَلُّوط : قرية من أعمال الرملة ، ينسب إليها عبد الله بن محمد بن الفرج بن القاسم أبو الحسن اللّخمي الدّير بلّوطي المقري الضرير ، قدم دمشق وحدث بها عن أبي زكرياء عبد الرحيم بن أحمد بن نصر البخاري سمعه ببيت المقدس ، سمع منه أبو محمد بن صابر وذكر أنه سأله عن مولده فقال : في دير بلّوط ضيعة من ضياع الرملة.

دَيْرُ بني مَرِينا : بظاهر الحيرة ، وكان من حديثه أن قيس بن سلمة بن الحارث بن عمرو بن حجر آكل المرار أغار على ذي القرنين المنذر بن النعمان ابن امرئ القيس بن عمرو بن عدي فهزمه حتى أدخله الخورنق ومعه ابناه قابوس وعمرو ولم يكن ولد له يومئذ المنذر بن المنذر ، فجعل إذا غشيه قيس بن سلمة يقول : يا ليت هندا ولدت ثالثا! وهند عمّة قيس وهي أمّ ولد المنذر ، فمكث ذو القرنين حولا ثم أغار عليهم بذات الشّقوق فأصاب منهم اثني عشر شابّا من بني حجر بن عمرو كانوا يتصيّدون وأفلت امرؤ القيس على فرس شقراء فطلبه القوم كلّهم فلم يقدروا عليه ، وقدم المنذر الحيرة بالفتية فحبسهم بالقصر الأبيض شهرين ثم أرسل إليهم أن يؤتى بهم فخشي أن لا يؤتى بهم حتى يؤخذوا من رسله ، فأرسل إليهم أن اضربوا أعناقهم حيث ما أتاكم الرسول ، فأتاهم الرسول وهم عند الجفر فضربوا أعناقهم به ، فسمي جفر الأملاك ، وهو موضع دير بني مرينا ، فلذلك قال امرؤ القيس يرثيهم :

ألا يا عين بكّي لي شنينا ،

وبكّي لي الملوك الذاهبينا

ملوك من بني حجر بن عمرو

يساقون العشيّة يقتلونا

فلو في يوم معركة أصيبوا ،

ولكن في ديار بني مرينا

فلم تغسل جماجمهم بسدر ،

ولكن بالدماء مرمّلينا

تظلّ الطير عاكفة عليهم ،

وتنتزع الحواجب والعيونا

دَيرُ بَوْلس : بنواحي الرملة نزله الفضل بن إسماعيل ابن صالح بن عليّ بن عبد الله بن علي بن العباس وقال فيه شعرا لم يسمّه فيه ، أوّله :

عليك سلام الله يا دير من فتى

بمهجته شوق إليك طويل


ولا زال من جوّ السّماكين وابل

عليك ، لكي تروي ثراك ، هطول

دَيرُ بَوَنَّا : بفتح أوله وثانيه ، وتشديد النون ، مقصور : بجانب غوطة دمشق في أنزه مكان ، وهو من أقدم أبنية النصارى ، يقال إنه بني على عهد المسيح ، عليه السلام ، أو بعده بقليل ، وهو صغير ورهبانه قليلون ، اجتاز به الوليد بن يزيد فرأى حسنه فأقام به يوما في لهو ومجون وشرب ، وقال فيه :

حبّذا ليلتي بدير بونّا ،

حيث نسقي شرابنا ونغنّى

كيف ما دارت الزجاجة درنا ،

يحسب الجاهلون أنّا جننّا

ومررنا بنسوة عطرات ،

وغناء وقهوة ، فنزلنا

وجعلنا خليفة الله فطرو

س مجونا ، والمستشار يحنّا

فأخذنا قربانهم ثم كفّر

نا لصلبان ديرهم ، فكفرنا

واشتهرنا للناس حيث يقولو

ن ، إذا خبّروا بما قد فعلنا

وفيه يقول أبو صالح عبد الملك بن سعيد الدمشقي :

تملّيت طيب العيش في دير باونّا ،

بندمان صدق كمّلوا الظّرف والحسنا

خطبت إلى قسّ به بنت كرمة

معتّقة قد صيّروا خدرها دنّا

ديرُ التجلّي : على الطور ، زعموا أن عيسى ، عليه السلام ، علا عليهم فيه ، وقد ذكر في الطور.

دَيرُ تِنادَةَ : بتاء مكسورة ، ونون : دير مشهور بالصعيد في أرض أسيوط وتحته قرى ومتنزّه حسن وفيه رهبان كثيرون.

دَيرُ توما : قال فيه المرّار الفقعسي :

أحقّا يا حريز الرّهن منكم ،

فلا إصعاد منك ولا قفولا

تصيح ، إذا هجعت ، بدير توما

حمامات يزدن الليل طولا

إذا ما صحن قلت : أحسّ صبحا ،

وقد غادرن لي ليلا ثقيلا

خليليّ اقعدا لي علّلاني ،

وصدّا لي وسادي أن يميلا

دَيرُ الثعالِبِ : دير مشهور ، بينه وبين بغداد ميلان أو أقلّ في كورة نهر عيسى على طريق صرصر ، رأيته أنا ، وبالقرب منه قرية تسمى الحارثية ، وذكر الخالدي أنه الدير الذي يلاصق قبر معروف الكرخي بغربي بغداد ، وقال : هو عند باب الحديد وباب بنبرى ، وهذان البابان لم يعرفا اليوم ، والمشهور والمتعارف اليوم ما ذكرناه ، وبين قبر معروف ودير الثعالب أكثر من ميل ، وإلى جانب قبر معروف دير آخر لا أعرف اسمه ، وبهذا الدير سميت المقبرة مقبرة باب الدير ، وقال فيه ابن الدهقان وهو أبو جعفر محمد بن عمر من ولد إبراهيم بن محمد بن عليّ ابن عبد الله بن عباس :

دير الثعالب مألف الضّلّال ،

ومحلّ كل غزالة وغزال

كم ليلة أحييتها ، ومنادمي

فيها أبحّ مقطّع الأوصال

سمح يجود بروحه ، فإذا مضى

وقضى سمحت له وجدت بمالي


ومنعّم دين ابن مريم دينه ،

غنج يشوب مجونه بدلال

فسقيته وشربت فضلة كاسه ،

فرويت من عذب المذاق زلال

ديرُ جابيلَ : ضبطته هكذا من خط الساجي في تاريخ البصرة ، وقال أبو اليقظان : كان أهل البصرة يشربون قبل حفر الفيض من خليج يأتي من دير جابيل إلى موضع نهر نافذ.

دَيرُ الجاثَلِيقِ : دير قديم البناء رحب الفناء من طسّوج مسكن قرب بغداد في غربي دجلة في عرض حربي ، وهو في رأس الحدّ بين السواد وأرض تكريت ، وعنده كانت الحرب بين عبد الملك بن مروان ومصعب بن الزبير ، وكان الجيشان على شاطئ دجلة وإلى ذلك الموضع في العرض ، وعنده قتل مصعب بن الزبير ، فقال عبيد الله بن قيس الرّقيّات يرثيه :

لقد أورث المصرين حزنا وذلة

قتيل ، بدير الجاثليق ، مقيم

فما قاتلت في الله بكر بن وائل ،

ولا صدقت عند اللقاء تميم

فلو كان في قيس تعطّف حوله

كتائب يعلى حميها ويدوم

ولكنه ضاع الزمان ، ولم يكن

بها مضريّ ، يوم ذاك ، كريم

جزى الله كوفيّا بذاك ملامة

وبصريّهم ، إن الكريم كريم

وقال الشابشتي : دير الجاثليق عند باب الحديد قرب دير الثعالب في وسط العمارة بغربي بغداد ، وأنشد لمحمد بن أبي أميّة فيه :

تذكّرت دير الجاثليق وفتية

بهم تمّ لي فيه السرور وأسعفا

بهم طابت الدنيا وأدركني المنى ،

وسالمني صرف الزمان وأتحفا

ألا ربّ يوم قد نعمت بظلّه

أبادر من لذّات عيشي ما صفا

أغازل فيه أدعج الطرف أغيدا ،

وأسقى به مسكيّة الريح قرقفا

فسقيا لأيام مضت لي بقربهم!

لقد أوسعتني رأفة وتعطّفا

وتسعا لأيام رمتني ببينهم ،

ودهر تقاضاني الذي كان أسلفا!

دَيرُ الجُبّ : دير في شرقي الموصل بينها وبين إربل مشهور ، يقصده الناس لأجل الصرع فيبرأ منه بذلك كثير.

دَير الجَرَعَة : بالتحريك ، قال أبو منصور : قال ابن السكّيت الجرع جمع جرعة ، وهي دعص من الرمل لا ينبت شيئا ، قال : والذي سمعت من العرب أن الجرعة الرملة العذاة الطيبة المنبت التي لا وعوثة فيها ، والجرعة ههنا : موضع بعينه ، والدير مضاف إليه ، وهو بالحيرة ، وهو دير عبد المسيح فيما أحسب ، وقد ذكرته في موضعه ، قال عبد المسيح بن بقيلة :

كم تجرّعت بدير الجرعة

غصصا كبدي بها منصدعه

من بدور فوق أغصان على

كثب زرن ، احتسابا ، بيعه

دَيرُ الجماجم : بظاهر الكوفة على سبعة فراسخ منها على طرف البر للسالك إلى البصرة ، قال أبو عبيدة:الجمجمة القدح من الخشب ، وبذلك سمي دير


الجماجم لأنه كان يعمل فيه الأقداح من الخشب ، والجمجمة أيضا : البئر تحفر في سبخة ، فيجوز أن يكون الموضع سمي بذلك ، قال ابن الكلبي : إنما سمي دير الجماجم لأنّ بني تميم وذبيان لما واقعت بني عامر وانتصرت بنو عامر وكثر القتلى في بني تميم بنوا بجماجمهم هذا الدير شكرا على ظفرهم ، وهذا عندي بعيد من الصواب ، وهو مقول على ابن الكلبي وليس يصح عنه فإنه كان أهدى إلى الصواب من غيره في هذا الباب ، لأن وقعة بني عامر وبني تميم وذبيان كانت بشعب جبلة وهو بأرض نجد وليس بالكوفة ، ولعل الصواب ما حكاه البلاذري عن ابن الكلبي أنّ بلادا الرّمّاح ، وبعضهم يقول بلال الرّمّاح وهو أثبت ، ابن محرز الإيادي قتل قوما من الفرس ونصب رؤوسهم عند الدير فسمي دير الجماجم ، وقرأت في كتاب أنساب المواضع لابن الكلبي قال : كان كسرى قد قتل إيادا ونفاهم إلى الشام فأقبل ألف فارس منهم حتى نزلوا السواد ، فجاء رجل منهم وأخبر كسرى بخبرهم ، فأنفذ إليهم مقدار ألف وأربعمائة فارس ليقتلوهم ، فقال لهم ذلك الرجل الواشي : انزلوا قريبا حتى أعلم لكم علمهم ، فرجع إلى قومه وأخبرهم فأقبلوا حتى وقعوا بالأساورة فقتلوهم عن آخرهم وجعلوا جماجمهم قبة ، وبلغ كسرى خبرهم فخرج في أهليهم يبكون ، فلما رآهم اغتمّ لهم وأمر أن يبنى عليهم دير وسمي دير الجماجم ، وقال غيره : إنه وقعت بين إياد وبين بني نهد حرب في مكانه فقتل فيها خلق من إياد وقضاعة ودفنوا قتلاهم هناك ، فكان الناس إذا حفروا استخرجوا جماجمهم فسمي بذلك ، وإياد كانت تنزل الريف معروف ذلك عند أهل هذا الشأن ، وعند هذا الموضع كانت الوقعة بين الحجاج بن يوسف الثقفي وعبد الرحمن بن محمد بن الأشعث التي كسر فيها ابن الأشعث وقتل القرّاء ، وفي ذلك يقول جرير :

ولم تشهد الجونين والشّعب ذا الصّفا ،

وشدّات قيس يوم دير الجماجم

تحرّض ، يا ابن القين ، قيسا ليجعلوا

لقومك يوما مثل يوم الأراقم

ديْر الجودِيّ : والجودي : هو الجبل الذي استقرّت عليه سفينة نوح ، عليه السلام ، وبين هذا الجبل وجزيرة ابن عمر سبعة فراسخ ، وهذا الدير مبنيّ على قلة الجبل ، ويقال إنه مبنيّ منذ أيام نوح ، عليه السلام ، ولم يتجدد بناؤه إلى هذا الوقت ، ويقال إن سطحه يشبر فيكون عشرين شبرا ثم يشبر فيكون ثمانية عشر شبرا ثم يشبر فيكون اثنين وعشرين شبرا ، وكلما شبر اختلف شبره.

دَيرُ حافِرٍ : قرية بين حلب وبالس ، ذكرها أبو عبد الله محمد بن نصر بن صغير القيسراني في قوله يمدح عليّ بن مالك بن سالم العقيلي صاحب قلعة جعبر :

ألا كم ترامت بالس بمسافر ،

وكم حافر أدميت يا دير حافر

وبين قباب المنجبين مجبة

أبت أن تطأ إلّا بأجفان ساهر

وعند الفرات من يمين ابن مالك

فرات ندّى لا تختطى بالمعابر

إذا أوجه الفتيان غارت مياهها ،

فوجه عليّ ماؤه غير غائر

دَيرُ حبيبٍ : لا أعرف موضعه إلّا أنه جاء في شعر عربي ، وهو قول ورد بن الورد الجعدي :

ألا حبذا الإصعاد لو تستطيعه ،

ولكن أجل لا ما أقام عسيب


وإن مرّ ركب مصعدين ، فقلبه

مع الرائحين المصعدين جنيب

سل الريح ، إن هبّت شمالا ضعيفة :

متى عهدها بالدير دير حبيب (١)

متى عهدها بالنّوفليّات ، حبّذا

شواكل ذاك العيش حين يطيب!

دَيرُ حَرَجَةَ : بالتحريك ، والحرجة في الأصل : الموضع الكثير الشجر الذي لا تصل إليه الراعية ، ومنه حرج الصدر أي ضيقه : وهو دير بالصعيد في شرقي قوص بني على اسم مار جرجس ، والحرجة : كورة هناك ذكرت في موضعها ، وعنده قرية تسمى العباسية ربما أضيف هذا الدير إليها.

دَيرُ الحرِيقِ : سمي بذلك لأنه أحرق في موضعه قوم ثم دفن فيه قوم من أهل من احرق هناك وعمل ذرى ، وهو بالحيرة قديم ، ووجدته بخط ابن حمدون بالخاء المعجمة في الشعر والترجمة ، فيه يقول الثرواني :

دير الحريق ، فبيعة المزعوق ،

بين الغدير ، فقبّة السنّيق

أشهى إليّ من الصّراة ودورها ،

عند الصباح ، ومن رحى البطريق

فاغدوا نباكر من ذخائر عتبة ال

خمّار من صافي الدّنان رحيق

يا صاح واجتنب الملام ، أما ترى

سمجا ملامك لي ، وأنت صديقي؟

دَيرُ حِزقِيَالَ : قال أبو الفرج : حدثني جعفر بن قدامة قال : حدثني شريح الخزاعي قال : اجتزت بدير حزقيال فبينما أنا أدور به إذا بسطرين مكتوبين على أسطوانة منه فقرأته ، فإذا هو :

ربّ ليل أمدّ من نفس العا

شق طولا قطعته بانتحاب

ونعيم كوصل من كنت أهوى

قد تبدلته ببؤس العتاب

نسبوني إلى الجنون ليخفوا

ما بقلبي من صبوة واكتئاب

ليت بي ما ادّعوه من فقد عقلي ،

فهو خير من طول هذا العذاب

وتحته مكتوب : هويت فمنعت ، وشردت وطردت ، وفرّق بيني وبين الوطن ، وحجبت عن الإلف والسكن ، وحبست في هذا الدير ظلما وعدوانا ، وصفّدت في الحديد زمانا.

وإني ، على ما نابني وأصابني ،

لذو مرّة باق على الحدثان

فإن تعقب الأيام أظفر بحاجتي ،

وإن أبق مرميّا بي الرّجوان

فكم ميّت همّا بغيظ وحسرة ،

صبور بما يأتي به الملوان

هو الحبّ أفنى كلّ خلق بجوره

قديما ، ويفتي بعدي الثقلان

قال : فدعوت برقعة وكتبت ذلك أجمع وسألت عن صاحب القضية فقالوا : رجل هوى ابنة عمه فحبسه عمه في هذا الدير وعزم على حمله إلى السلطان خوفا من أن تفتضح ابنته ، فمات عمه فورثه هو وابنته ، فجاء أهله وأخرجوا الفتى من الدير وزوّجوه ابنة عمه.

دَير حَشْيان : بالحاء المهملة ، والشين المعجمة الساكنة ، وياء مثناة من تحت ، وآخره نون : بنواحي حلب من العواصم ، ذكره حمدان بن عبد الرحيم فقال :

__________________

(١) ـ في هذا البيت إقواء.


يا لهف نفسي مما أكابده ،

إن لاح برق من دير حشيان

وإن بدت نفحة من الجانب ال

غربيّ فاضت غروب أجفاني

وما سمعت الحمام في فنن

إلا وخلت الحمام فاجاني

ما اعتضت مذ غبت عنكم بدلا ،

حاشا وكلّا! ما الغدر من شاني

كيف سلوّي أرضا نعمت بها ،

أم كيف أنسى أهلي وجيراني؟

لا خلق رقن لي معالمها ،

ولا اطّبتني أنهار بطنان

ولا ازدهتني في منبج فرص

راقت لغيري من آل حمدان

لكن زماني بالجزر أذكرني

طيب زماني به فأبكاني

دَيرُ حَميمٍ : من قولهم ماء حميم أي حارّ : موضع بالأهواز جاء في شعر قطريّ :

أصيب بدولاب ، ولم يك موطنا

له أرض دولاب ودير حميم

وقد ذكرت القطعة بتمامها في دولاب.

دَير حَنْظَلَة : بالقرب من شاطئ الفرات من الجانب الشرقي بين الدالية والبهسنة أسفل من رحبة مالك بن طوق معدود من نواحي الجزيرة ، منسوب إلى حنظلة بن أبي غفر بن النعمان بن حية بن سعنة ابن الحارث بن الحويرث بن ربيعة بن مالك بن سفر بن هنيّ بن عمرو بن الغوث بن طيّء ، وحنظلة هو عم إياس بن قبيصة بن أبي غفر الذي كان ملك الحيرة ومن رهطه أبو زبيد الطائي الشاعر ، وحنظلة هذا هو القائل ، وكان قد نسك في الجاهلية وتنصّر وبنى هذا الدير فعرف به إلى الآن :

ومهما يكن من ريب دهر ، فإنني

أرى قمر الليل المعذب كالفتى

يهلّ صغيرا ثم يعظم ضوؤه

وصورته ، حتى إذا ما هو استوى

وقرّب يخبو ضوؤه وشعاعه ،

ويمصح حتى يستسرّ فما يرى

كذلك زيد الأمر ثم انتقاصه ،

وتكراره في إثره بعد ما مضى

تصبّح فتح الدار والدار زينة ،

وتؤتى الجبال من شماريخها العلى

فلا ذا غنى يرجين من فضل ماله ،

وإن قال أخّرني وخذ رشوة أبى

ولا عن فقير يأتجرن لفقره ،

فتنفعه الشكوى إليهن إن شكا

وفي هذا الدير يقول عبد الله بن محمد الأمين بن الرشيد وقد نزل به فاستطابه :

ألا يا دير حنظلة المفدّى ،

لقد أورثتني سقما وكدّا

أزفّ من الفرات إليك دنّا ،

وأجعل حوله الورد المندّى

وأبدأ بالصّبوح أمام صحبي ،

ومن ينشط لها فهو المفدّى

ألا يا دير جادتك الغوادي

سحابا حمّلت برقا ورعدا

يزيد بناءك النامي نماء ،

ويكسو الروض حسنا مستجدّا


دَير حَنْظَلَة : آخر وهو بالحيرة منسوب إلى حنظلة بن عبد المسيح بن علقمة بن مالك بن ربى بن نمارة بن لخم بن عديّ بن الحارث بن مرة بن أدد ، وفيه يقول الشاعر :

بساحة الحيرة دير حنظله ،

عليه أذيال السرور مسبله

أحييت فيه ليلة مقتبله ،

وكأسنا بين الندامى معمله

والراح فيها مثل نار مشعله ،

وكلنا منتقد ما خوّله

فما يزال عاصيا من عذله ،

مبادرا قبل تلاقي آجله

دَيرُ حَنَّة : هو دير قديم بالحيرة منذ أيام بني المنذر لقوم من تنوخ يقال لهم بنو ساطع تقابله منارة عالية كالمرقب تسمى القائم لبني أوس بن عمرو بن عامر ، وفيه يقول الثرواني :

يا دير حنّة ، عند القائم الساقي ،

إلى الخورنق من دير ابن برّاق

ليس السلوّ ، وإن أصبحت ممتنعا ،

من بغيتي ، فيك من شكلي وأخلاقي

سقيا لعافيك من عاف معالمه

قفر ، وما فيك مثل الوشم من باق

ودير حنّة بالأكيراح الذي قيل فيه :

يا دير حنّة من ذات الأكيراح

هذا أيضا بظاهر الكوفة والحيرة ، لا أدري أهو هذ المذكور هنا أم غيره ، وقد ذكر شاهده في الأكيراح.

دَيرُ خُناصِرَةَ : قد ذكرنا خناصرة في موضعها وهي بلد في قبلي حلب ، وأما هذا الدير فوجدت ذكره في شعر بني مازن في قول حاجب بن ذبيان المازني مازن بني تميم من عمرو بن تميم لعبد الملك بن مروان في جدب أصاب العرب فقال :

وما أنا يوم دير خناصرات

بمرتدّ الهموم ، ولا مليم

ولكني ألمت بحال قومي

كما ألم الجريح من الكلوم

بكوا لعيالهم من جهد عام

خريق الريح ، منجرد الغيوم

أصابت وائلا والحيّ قيسا ،

وحلّت بركها ببني تميم

أقاموا في منازلهم ، وسيقت

إليهم كلّ داهية عقيم

سواء من يقيم لهم بأرض ،

ومن يلقى اللّطاة من المقيم

أعنّي من جداك على عيال

وأموال تساوك كالهشيم

أصدّت ، لا تسيم لها حوارا

عقيلة كلّ مرباع رؤوم؟

دَيرُ خالِدٍ : وهو دير صليبا بدمشق مقابل باب الفراديس ، نسب إلى خالد بن الوليد ، رضي الله عنه ، لنزوله فيه عند حصاره دمشق ، وقال ابن الكلبي : هو على ميل من الباب الشرقي.

الدَّيرُ الخَصِيبُ : بفتح الخاء المعجمة ، وكسر الصاد المهملة ، والباء الموحدة : قرب بابل عند بزيقيا وهو حصن.

دَيرُ الخِصْيانِ : هو بغور البلقاء بين دمشق والبيت المقدس ، ويعرف أيضا بدير الغور ، وسمّي بدير


الخصيان لأن سليمان بن عبد الملك نزل فيه فسمع رجلا يشبّب بجارية له في قصة فيها طول فخصاه هناك فسمّي الدير بذلك.

دَيرُ خِندِفَ : في نواحي خوزستان ، وخندف : أمّ ولد إلياس بن مضر بن نزار بن معدّ بن عدنان واسمها ليلى بنت حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة ، والخندف : ضرب من المشي ، وبه سميت ، وما هذا موضع بسط ذلك.

دَيرُ الخَلّ : موضع قرب اليرموك نزله عساكر المشركين يوم وقعة اليرموك.

دَيرُ الخَواتِ : جمع أخت : بعكبرا ، وأكثر أهله نساء ، ولعله دير العذارى أو غيره ، وهو في وسط البساتين نزه جدّا ، وعيده الأحد الأول من الصوم ، يجتمع إليه كل من قرب من النصارى ، قال الشابشتي : وفي هذا العيد ليلة الماشوش ، وهي ليلة يختلط فيها الرجال والنساء فلا يردّ أحد يده عن شيء ، وفيه يقول أبو عثمان الناجم :

آح قلبي من الصبابة ، آح

من جوار مزيّنات ملاح

أهل دير الخوات بالله ربي ،

هل على عاشق قضى من جناح؟

وفتاة كأنها غصن بان

ذات وجه كمثل نور الصّباح

دَيْرُ الخنافِسِ : قال الخالدي : هذا الدير بغربي دجلة على قلّة جبل شامخ ، وهو دير صغير لا يسكنه أكثر من راهبين فقط ، وهو نزه لعلوّه على الضياع وإشرافه على أنهار نينوى والمرج ، وله عيد يقصده أهل الضياع في كل عام مرّة ، وفيه طلسم ظريف ، وهو أن في كلّ سنة ثلاثة أيام تسودّ حيطانه وسقوفه من الخنافس الصغار اللواتي كالنمل ، فإذا انقضت تلك الأيام لا يوجد في تلك الأرض من تلك الخنافس واحدة البتّة ، فإذا علم الرهبان بمجيء تلك الأيام الثلاثة أخرجوا جميع ما لهم فيه من فرش وطعام وأثاث وغير ذلك هربا من الخنافس ، فإذا انقضت الأيام عادوا ، قلت أنا : وهذا شيء رأيت من لا أحصي يذكره ، ولم أر له منكرا في تلك الديار ، والله أعلم.

دَيْرُ دُرْتا : في غربي بغداد ، وقد تقدّم ذكر درتا ، وهو دير يحاذي باب الشّمّاسيّة راكب على دجلة حسن العمارة كثير الرهبان ، وله هيكل في نهاية العلوّ ، قال فيه أبو الحسين أحمد بن عبيد الله البديهي :

قد أدرنا بدير درتا ، وقدّس

نا مجونا ، إذا قدّست رهبانه

وسقانا فيه المدامة ظبي

بابليّ ، ألحاظه أعوانه

ماس منه عليّ غصن من البا

ن يضاهي تفاحه رمّانه

وقال أبو علي محمد بن الحسين بن الشبل النحوي يذكر دير درتا في قطعة طويلة ذكرتها بجملتها استحسانا لها وكان محسنا فيما يقول :

بنا إلى الدير من درتا صبابات ،

فلا تلمني فما تغني الملامات

يا حبّذا السّحر الأعلى ، وقد نشرت

نسيمه الغضّ روضات وجنّات

وأظهر الصبح رايات مخلّقة

زرقا ، وولّت من الظلماء رايات

لا تبعدنّ ، وإن طال الغرام بها ،

أيام لهو عهدناها وليلات


فكم قضيت لبانات الشباب بها

غنما ، وكم بقيت عندي لبانات

ما أمكنت دولة الأفراح مقبلة ،

فأنعم ولذّ فإن العيش تارات

قبل ارتجاع الليالي كلّ عارية ،

فإنما لذّة الدنيا إعارات

قم فاجل في حلل الألاء شمس ضحى ،

بروجها الزهر كاسات وطاسات

لعلّنا ، إن دعا داعي الحمام بنا ،

نمضي وأنفسنا منها رويّات

فما التعلل لولا الكأس في زمن ،

أحياؤه باعتياد الهمّ أموات

دارت تحيّي ، فقابلنا تحيتها ،

وفي حشاها لقرع المزج روعات

عذراء أخفى كرور العصر صورتها ،

لم يبق من روحها إلا حشاشات

مدّت سرادق برق من أبارقها ،

على مقابلها منها ملاءات

فلاح في أذرع الساقين أسورة

تبر ، وفوق نحور الشّرب حانات

قد وقّع الدهر سطرا في صحيفتها :

لا فارقت شارب الراح المسرّات

خذ ما تعجّل واترك ما وعدت به ،

فعل الأديب ، وفي التأخير آفات

دَيْرُ دَرْمالِسَ : قال الشابشتي : هذا الدير في رقة باب الشمّاسيّة ببغداد قرب الدار المعزّيّة ، وهو نزه كثير الأشجار والبساتين ، بقربه أجمة قصب ، وهو كبير آهل معمور بالقصف والتنزه والشرب ، وأعياد النصارى ببغداد مقسومة على ديارات معروفة ، منها : أعياد الصوم الأحد الأول في دير العاصية ، والثاني في دير الزّريقية ، والثالث دير الزّندورد ، والرابع دير درمالس هذا يجتمع إليه النصارى والمتفرجون ، وفيه يقول أبو عبد الله أحمد بن حمدون النديم :

يا دير درمالس ما أحسنك ،

ويا غزال الدير ما أفتنك!

لئن سكنت الدير يا سيدي ،

فإن في جوف الحشا مسكنك

ويحك يا قلب! أما تنتهي

عن شدة الوجد لمن أحزنك؟

ارفق به بالله يا سيدي ،

فإنه من حتفه مكّنك

دَيْرُ الدِّهْدَارِ : بنواحي البصرة في طريق القاصد لها من واسط ، وإليه ينسب نهر الدير ، وقد ذكرته في موضعه ، وهو دير قديم أزليّ كثير الرّهبان معظم عند النصارى ، وبناؤه من قبل الإسلام ، وفيه يقول محمد بن أحمد المعنوي البصري الشاعر :

كم بدير الدهدار لي من صبوح

وغبوق ، في غدوة ورواح

وإليه ينسب مجاشع الدّيري البصري ، وكان عبدا صالحا ، حكى عن أبي حبيب محمد العابدي ، روى عنه العباس بن الفضل الأزرق ، والله أعلم.

دَيْرُ دينار : ناحية بجزيرة أقور لا أدري أين موقعه منها ، قال ابن مقبل :

يا صاحبيّ انظراني ، لا عدمتكما ،

هل تؤنسان بذي ريمان من نار؟

نار الأحبّة شطّت بعد ما اقتربت ،

هيهات أهل الصفا من دير دينار!


دَيرُ الرُّصافَة : هو في رصافة هشام بن عبد الملك التي بينها وبين الرقّة مرحلة للحمالين ، وسنذكرها في بابها ، وأما هذا الدير فأنا رأيته ، وهو من عجائب الدنيا حسنا وعمارة ، وأظن أنّ هشاما بنى عنده مدينته وأنه قبلها ، وفيه رهبان ومعابد ، وهو في وسط البلد ، وقد ذكر صاحب كتاب الديرة أنه بدمشق ما أرى إلّا أنه غلط منه ، وبين الرصافة هذه ودمشق ثمانية أيام ، وقد اجتاز أبو نواس بهذا الدير وقال فيه :

ليس كالدير بالرّصافة دير ،

فيه ما تشتهي النفوس وتهوى

بتّه ليلة ، فقضّيت أوطا

را ، ويوما ملأت قطريه لهوا

وكان المتوكل على الله في اجتيازه إلى دمشق قد وجد في حائط من حيطان الدير رقعة ملصقة مكتوب فيها هذه الأبيات :

أيا منزلا بالدير أصبح خاليا ،

تلاعب فيه شمأل ودبور

كأنك لم تسكنك بيض أوانس ،

ولم تتبختر في فنائك حور

وأبناء أملاك غياشم سادة ،

صغيرهم عند الأنام كبير

إذا لبسوا أدراعهم فعنابس ،

وإن لبسوا تيجانهم فبدور

على أنهم يوم اللقاء ضراغم ،

وأنهم يوم النّوال بحور

ولم يشهد الصهريج ، والخيل حوله ،

عليه فساطيط لهم وخدور

هذا شاهد على أنّ هذا الدير ليس بدمشق لأن دمشق أكثر بلاد الله أمواها ، فأي حاجة بهم إلى الصهريج وإنما الصهريج في الرصافة التي قرب الرّقة ، شاهدت بها عدة صهاريج عادية محكمة البناء ، ويشرب أهل البلد والدير منها ، وهي في وسط السور.

وحولك رايات لهم وعساكر ،

وخيل لها بعد الصهيل شخير

ليالي هشام بالرصافة قاطن ،

وفيك ابنه ، يا دير ، وهو أمير

إذا العيش غضّ والخلافة لدنة ،

وأنت طرير والزمان غرير

وروضك مرتاض ، ونورك نيّر ،

وعيش بني مروان فيك نضير

بلى! فسقاك الله صوب سحائب ،

عليك بها بعد الرواح بكور

تذكّرت قومي بينها فبكيتهم

بشجو ، ومثلي بالبكاء جدير

لعلّ زمانا جار يوما عليهم

لهم بالذي تهوى النفوس يدور

فيفرح محزون وينعم بائس ،

ويطلق من ضيق الوثاق أسير

رويدك! إنّ اليوم يتبعه غد ،

وإن صروف الدائرات تدور

فارتاع المتوكل عند قراءتها واستدعى الديرانيّ وسأله عنها ، فأنكر أن يكون علم من كتبها ، فهمّ بقتله فسأله الندماء فيه وقالوا : ليس ممن يتّهم بميل إلى دولة دون دولة ، فتركه ، ثم بان أنّ الأبيات من شعر رجل من ولد روح بن زنباع الجذامي من أخوال ولد هشام بن عبد الملك.


دَيْرُ الرُّمَّان : مدينة كبيرة ذات أسواق للبادية بين الرّقّة والخابور تنزلها القوافل القاصدة من العراق إلى الشام.

دَيْرُ الرُّمَّانِينَ : جمع رمّان ، بلفظ جمع السلامة ، يعرف أيضا بدير السابان : وهو بين حلب وأنطاكية مطلّ على بقعة تعرف بسرمد ، وهو دير حسن كبير ، وهو الآن خراب وآثاره باقية ، وفيه يقول الشاعر :

ألف المقام بدير رمّانينا

للروض إلفا والمدام خدينا

والكاس والإبريق يعمل دهره ،

وتراه يجني الآس والنسرينا

ديْرُ الرومِ : وهو بيعة كبيرة حسنة البناء محكمة الصنعة للنسطورية خاصة ، وهي ببغداد في الجانب الشرقي منها ، وللجاثليق قلّاية إلى جانبها ، وبينه وبينها باب يخرج منه إليها في أوقات صلاتهم وقربانهم ، وتجاور هذه البيعة بيعة لليعقوبية مفردة لهم حسنة المنظر عجيبة البناء مقصودة لما فيها من عجائب الصور وحسن العمل ، والأصل في هذا الاسم أن أسرى من الروم قدم بهم إلى المهدي وأسكنوا دارا في هذا الموضع فسميت بهم وبنيت البيعة هناك وبقي الاسم عليها ، ولمدرك بن علي الشيباني وكان يطرق هذه البيعة في الآحاد والأعياد للنظر إلى من فيها من المردان والوجوه الحسان من الشمامسة والرّهبان في خلق ممن يقصد الموضع لهذا الشأن فقال :

وجوه بدير الروم قد سلبت عقلي ،

فأصبحت في خبل شديد من الخبل

فكم من غزال قد سبى العقل لحظه ،

ومن ظبية رامت بألحاظها قتلي

وكم قدّ من قلب بقدّ ، وكم بكت

عيون لما تلقى من الأعين النّجل

بدور وأغصان غنينا بحسنها

عن البدر في الإشراق ، والغصن في الشكل

فلم تر عيني منظرا قطّ مثلهم ،

ولم تر عين مستهاما بهم مثلي

إذا رمت أن أسلو أبى الشوق والهوى ،

كذاك الهوى يغري المحبّ ولا يسلي

وقال أيضا :

رئم بدير الروم رام قتلي

بمقلة كحلاء لا عن كحل

وطرّة بها استطار عقلي ،

وحسن دلّ وقبيح فعل

دَيْرُ الزُّرنُوق : بالزاي ثم الراء الساكنة ، ونون ، وآخره قاف : في جبل مطلّ على دجلة ، بينه وبين جزيرة ابن عمر فرسخان ، وهو معمور إلى الآن ، وهو ذو بساتين وخمر كثير ويعرف بعمر الزرنوق ، وإلى جانبه دير آخر يعرف بالعمر الصغير ، كثير الرهبان والمتنزهات ، قال الشابشتي : كان هذا الدير يسمّى باسم دير بطيزناباذ بين الكوفة والقادسية على وجه الطريق ، بينه وبين القادسية ميل.

دَيْرُ الزَّعْفَرَان : ويسمّى عمر الزّعفران : قرب جزيرة ابن عمر تحت قلعة أردمشت ، هو في لحف جبل والقلعة مطلّة عليه ، وبه نزل المعتضد لما حاصر هذه القلعة حتى فتحها ، ولأهله ثروة وفيهم كثرة ، ودير الزّعفران أيضا : بقربه على الجبل المحاذي لنصيبين كان يزرع فيه الزعفران ، وهو دير نزه فرح لأهل اللهو به مشاهد ، ولهم فيه أشعار ، وفي جبل نصيبين عدّة أديرة أخر ، ولمصعب الكاتب في


دير الزعفران :

عمرت بقاع عمر الزعفران

بفتيان غطارفة هجان

بكلّ فتًى يحنّ إلى التصابي ،

ويهوى شرب عاتقة الدّنان

ظللنا نعمل الكاسات فيه

على روض كنقش الخسروان

وأغصان تميل بها ثمار

قريبات من الجاني دوان

وغزلان مراتعها فؤادي ،

شجاني منهم ما قد شجاني

وينجوهم ويوحنّا .....

ذوا الإحسان والصّور الحسان

رضيت بهم من الدنيا نصيبا ،

غنيت بهم عن البيض الغواني

أقبّل ذا وألثم خدّ هذا ،

وهذا مسعد سلس العنان

فهذا العيش لا حوض ونؤي ،

ولا وصف المعالم والمغاني

دَيْرُ زَكَّى : بفتح أوله ، وتشديد الكاف ، مقصور : هو دير بالرّها بإزائه تلّ يقال له تل زفر بن الحارث الكلابي ، وفيه ضيعة يقال لها الصالحية اختطها عبد الملك بن صالح الهاشمي ، كذا قال الأصبهاني ، وقال الخالدي : هو بالرّقة قريب من الفرات ، قال الشابشتي : هو بالرقة وعلى جنبيه نهر البليخ ، وأنشد للصّنوبري :

أراق سجاله ، بالرّقّتين ،

جنوبيّ صحوب الجانبين

ولا اعتزلت عزاليه المصلّى ،

بلى خرّت على الخرّارتين

وأهدى للرضيف رضيف مزن ،

يعاوده طرير الطّرّتين

معاهد بل مآلف باقيات

بأكرم معهدين ومألفين

يضاحكها الفرات بكلّ فنّ ،

فتضحك عن نضار أو لجين

كأن الأرض من حمر وصفر

عروس تجتلى في حلّتين

كأن عناق نهري دير زكّى ،

إذا اعتنقا ، عناق متيّمين

وقت ذاك البليخ يد الليالي ،

وذاك النيل من متجاورين

أقاما كالشّواريز استدارت

على كتفيه ، أو كالدّملجين

أيا متنزّهي في دير زكّى ،

ألم تك نزهتي بك نزهتين؟

أردّد بين ورد نداك طرفا

تردّد بين ورد الوجنتين

ومبتسم كنظمي أقحوان

جلاه الطلّ بين شقيقتين

ويا سفن الفرات بحيث تهوي

هويّ الطير بين الجلهتين

تطارد مقبلات مدبرات

على عجل تطارد عسكرين

ترانا واصليك كما عهدنا

بوصل لا ننغّصه ببين

ألا يا صاحبيّ خذا عناني

هواي ، سلمتما من صاحبين


لقد غصبتني الخمسون فتكي

وقامت بين لذّاتي وبيني

كأن اللهو عندي كابن أمّي ،

فصرنا بعد ذاك كعلّتين

وفي هذا الدير يقول الرشيد أمير المؤمنين :

سلام على النازح المغترب

تحية صبّ به مكتئب

غزال مراتعه بالبليخ

إلى دير زكّى فجسر الخشب

أيا من أعان على نفسه

بتخليفه طائعا من أحبّ

سأستر ، والستر من شيمتي ،

هوى من أحبّ لمن لا أحبّ

ودير زكّى : قرية بغوطة دمشق معروفة ، وقد مرّ بهذا الدير عبد الله بن طاهر ومعه أخ له فشربا فيه وخرجا إلى مصر فمات أخوه بها وعاد عبد الله بن طاهر فنزل في ذلك الموضع فتشوّق أخاه فقال :

أيا سروتي بستان زكى سلمتما ،

وغال ابن أمي نائب الحدثان

ويا سروتي بستان زكى سلمتا ،

ومن لكما أن تسلما بضمان

دَيرُ الزَّنْدَوَرْد : قال الشابشتي : هو في الجانب الشرقي من بغداد ، وحدّها من باب الأزج إلى السفيعي ، وأرضها كلها فواكه وأترج وأعناب وهي من أجود الأعناب التي تعصر ببغداد ، وفيها يقول أبو نواس :

فسقّني من كروم الزّندورد ضحى

ماء العناقيد في ظلّ العناقيد

قلت أنا : والمعروف المشهور أن الزندورد مدينة كانت إلى جنب واسط في عمل كسكر ، ذكره ابن الفقيه وغيره ، وقد ذكر في بابه ، قال : فقد قال جحظة في دير الزندورد :

سقيا ورعيا لدير الزندورد وما

يحوي ويجمع من راح وغزلان

دير تدور به الأقداح مترعة

بكفّ ساق مريض الطرف وسنان

والعود يتبعه ناي بواقعه ،

والشّدو يحكمه غصن من البان

والقوم فوضى فضا ، هذا يقبّل ذا ،

وذاك إنسان سوء فوق إنسان

دَيرُ زُور : بتقديم الزاي ، وسكون الواو ، وراء ، مضبوط بخط ابن الفرات ، هكذا قال الساجي ، وقال المدائني عن أشياخه : بعث عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، في سنة ١٤ شريح بن عامر أخا سعد ابن بكر إلى البصرة وقال له : كن ردءا للمسلمين ، فسار إلى الأهواز فقتل بدير زور.

دَيرُ سابا : قرية بالموصل.

دَيرُ السَّابان : وهو دير رمّانين ، وقد ذكر ، قالوا : وتفسيره بالسريانية دير الشيخ.

دَيرُ سابُر : قرب بغداد بين قرية يقال لها المزرفة وأخرى يقال لها الصالحية ، وفي الجانب الغربي من دجلة قرية يقال لها بزوغى ، وهي قرية عامرة نزهة كثيرة البساتين ، وقد ذكر هذا الدير الحسين بن الضحاك الخليع فقال:

وعواتق باشرت بين حدائق

ففضضتهنّ وقد عنين محاحا

أتبعت وخزة تلك وخزة هذه

حتى شربت دماءهنّ جراحا


أبرزتهنّ من الخدور حواسرا ،

وتركت صون حريمهنّ مباحا

في دير سابر والصباح يلوح لي ،

فجمعت بدرا والصباح وراحا

ومنعّم نازعت فضل وشاحه

وكسوته من ساعديّ وشاحا

ترك الغيور يعضّ جلدة زنده ،

وأمال أعطافا عليّ ملاحا

ففعلت ما فعل المشوق بليلة

عادت لذاذتها عليّ صباحا

فاذهب بظنك كيف شئت وكلّه

مما اقترفت تغطرسا وجماحا

ودير سابر : من نواحي دمشق ، سكنها عمر بن محمد ابن عبد الله بن زيد بن معاوية بن أبي سفيان الأموي ، سماه ابن أبي الفجار وذكر أنه كان يسكن دير سابر من إقليم خولان ، ذكره في تاريخ دمشق وذكره أيضا عتبة بن معاوية بن عثمان بن زيد بن معاوية بن أبي سفيان الأموي.

دَيْرُ سَرْجِس وبكُّس : وهو منسوب إلى راهبين بنجران ، وفيهما يقول الشاعر :

أيا راهبي نجران ما فعلت هند ،

أقامت على عهدي فإنّي لها عبد

إذا بعد المشتاق رثّت حباله ،

وما كلّ مشتاق يغيّره البعد

وقال الشابشتي : كان هذا الدير بطيزناباذ بين الكوفة والقادسية على وجه الأرض ، بينه وبين القادسية ميل ، وكان محفوفا بالكروم والأشجار والحانات ، وقد خرب وبطل ولم يبق منه إلّا خرابات على ظهر الطريق يسميها الناس قباب أبي نواس ، وفيه يقول الحسين ابن الصمّان :

أخويّ حيّ على الصّبوح صباحا ،

هبا ولا بعد النديم صباحا

هذا الشميط كأنه متحيّر

في الأفق سدّ طريقه فألاحا

مهما أقام على الصّبوح مساعد

وعلى الغبوق فلن أريد براحا

عودا لعادتنا صبيحة أمسنا ،

فالعود أحمد مغتدى ومراحا

هل تعذران بدير سرجس صاحبا

بالصحو أو تريان ذاك جناحا؟

إنّي أعيذكما بعشرة بيننا

أن تشربا بقرى الفرات قراحا

عجّت قوافزنا وقدّس قسّنا

هزجا وأصبح ذا الدّجاج صياحا

للجاشريّة فضلها فتعجّلا

إن كنتما تريان ذاك صلاحا

يا ربّ ملتمس الجنون بنومة

نبّهته بالراح حين أراحا

فكأن ريّا الكأس حين ندبته

للكأس أنهض في حشاه جناحا

فأجاب يعثر في فضول ردائه

عجلان يخلط بالعثار مراحا

ما زال يضحك بي ويضحكني به

ما يستفيق دعابة ومزاحا

فهتكت ستر مجونه بتهتّك

في كل ملهية وبحت وباحا

دَيْرُ سعد : بين بلاد غطفان والشام ، عن الحازمي ، قال أبو الفرج عليّ بن الحسين : أخبرنا الحرمي بن


أبي العلاء قال : حدثنا الزبير بن بكار قال : حدثني محمد بن الضحاك عن أبيه قال : وجدت في كتاب بخط الضحاك قال : خرج عقيل بن علفّة وجثّامة وابنته الجرباء حتى أتوا بنتا له ناكحا في بني مروان بالشامات ، ثم إنهم قفلوا حتى إذا كانوا ببعض الطريق قال عقيل بن علّفة :

قضت وطرا من دير سعد وطالما

على عرض ناطحنه بالجماجم

إذا هبطت أرضا يموت غرابها

بها عطشا أعطينهم بالخزائم

ثم قال : أنفذ يا جثّامة ، فقال جثّامة :

فأصبحن بالموماة يحملن فتية

نشاوى من الإدلاج ميل العمائم

إذا علم غادرنه بتنوفة

تذارعن بالأيدي لآخر طاسم

ثم قال : أنفذي يا جرباء ، فقالت :

كأنّ الكرى سقّاهم صرخديّة

عقارا تمطّى في المطا والقوائم

فقال عقيل : شربتها ورب الكعبة! لولا الأمان لضربت بالسيف تحت قرطك! أما وجدت من الكلام غير هذا؟ فقال جثّامة : وهل أساءت؟ إنما أجادت وليس غيري وغيرك! فرماه عقيل بسهم فأصاب ساقه وأنفذ السهم ساقه والرجل ثم شدّ على الجرباء فعقر ناقتها ثم حملها على ناقة جثّامة وتركه عقيرا مع ناقة الجرباء ثم قال : لولا أن تسبّني بنو مرّة لما عشت ، ثم خرج متوجها إلى أهله وقال : لئن أخبرت أهلك بشأن جثامة أو قلت لهم إنه أصابه غير الطاعون لأقتلنك! فلما قدموا على أهل أبير ، وهم بنو القين ، ندم عقيل على فعله بجثامة فقال لهم : هل لكم في جزور انكسرت؟ قالوا : نعم ، قال : فالزموا أثر هذه الراحلة حتى تجدوا الجزور ، فخرج القوم حتى انتهوا إلى جثّامة فوجدوه قد أنزفه الدم ، فاحتملوه وتقسموا الجزور وأنزلوه عليهم وعالجوه حتى برأ وألحقوه بقومه ، فلما كان قريبا منهم تغنّى :

أيعذر لا حينا ويلحين في الصّبا

وما هنّ والفتيان إلّا شقائق

فقال له القوم : إنما أفلتّ من الجراحة التي جرحك أبوك آنفا وقد عاودت ما يكرهه فأمسك عن هذا ونحوه إذا لقيته لا يلحقك منه شرّ وعرّ ، فقال : إنما هي خطرة خطرت والراكب إذا سار تغنّى.

دير سعيد : بغربي الموصل قريب من دجلة حسن البناء واسع الفناء وحوله قلالي كثيرة للرهبان ، وهو إلى جانب تلّ يقال له تلّ بادع يكتسي أيام الربيع طرائف الزهر ، وكانت عنده وقعة بين مونس الخادم وبين بني حمدان ، وفيها قتل داود بن حمدان سنة ٣٢٠ ، وهو منسوب إلى سعيد بن عبد الملك بن مروان ، وكان يتقلد إمارة الموصل في أيام أبيه فاعتلّ وكان له طبيب يقال له سعيد أيضا نصرانيّ ، فلما برأ قال له : اختر ما شئت ، فقال : أحب أن أبتني ديرا بظاهر الموصل وتهب لي أرضه ، فأجابه إلى ذلك فبنى ، وقال الخالدي : هذا محال ، والصحيح أنّ ثلاثة من رهبان النصارى اجتازوا بالموصل قبل الإسلام بأكثر من مائة سنة فاستطابوا أرضها فبنى كل واحد منهم ديرا نسب إليه ، وهم : سعيد وقنّسرين وميخائيل ، وهذه الثلاثة معروفة ، وكل واحد منها متقارب من الآخر ، وقد قال النصارى : ولتراب دير سعيد هذا خاصية في دفع أذى العقارب وإذا


رشّ بترابه بيت قتل عقاربه.

دَير سُلَيمانَ : بالثغر قرب دلوك مطلّ على مرج العين ، وهو غاية في النزاهة ، قال أبو الفرج : أخبرني جعفر بن قدامة قال : ولي إبراهيم بن المدبر عقيب نكبته وزوالها عنه الثغور الجزريّة وكان أكثر مقامه بمنبج ، فخرج في بعض ولايته إلى نواحي دلوك برعبان وخلّف بمنبج جارية كان يتحظاها يقال لها غادر فنزل بدلوك على جبل من جبالها بدير يعرف بدير سليمان من أحسن بلاد الله وأنزهها ودعا بطعام خفيف فأكل وشرب ثم دعا بدواة وقرطاس فكتب :

أيا ساقيينا وسط دير سليمان

أديرا الكؤوس فانهلاني وعلّاني

وخصّا بصافيها أبا جعفر أخي ،

فذا ثقتي دون الأنام وخلصاني

وميلا بها نحو ابن سلّام الذي

أودّ وعودا بعد ذاك لنعمان

وعمّا بها النعمان والصحب ، إنني

تنكّرت عيشي بعد صحبي وإخواني

ولا تتركا نفسي تمت بسقامها

لذكرى حبيب قد سقاني وغنّاني

ترحّلت عنه عن صدود وهجرة ،

فأقبل نحوي وهو باك فأبكاني

وفارقته ، والله يجمع شملنا ،

بلوعة محزون وغلّة حرّان

وليلة عين المرج زار خياله

فهيّج لي شوقا وجدّد أحزاني

فأشرفت أعلى الدير أنظر طامحا

بألمح آماق وأنظر إنسان

لعلِّي أرى أبيات منبج رؤية

تسكّن من وجدي وتكشف أشجاني

فقصّر طرفي واستهلّ بعبرة ،

وفدّيت من لو كان يدري لفدّاني

ومثّله شوقي إليه مقابلي ،

وناجاه عني بالضمير وناجاني

دَير سَمالُو : في رقة الشّمّاسية ببغداد مما يلي البردان ، وينجز بين يديه نهر الخالص وهو نهر المهدي ، ذكر البلاذري في كتاب الفتوح أن الرشيد غزا في سنة ١٦٣ أهل صمالو ، فسألوا الأمان لعشرة أبيات فيهم القومس وأن لا يفرق بينهم ، فأجابهم إلى ذلك ، فأنزلوا بغداد على باب الشّمّاسية فسمّوا موضعهم سمالو ، غيّروا الصاد بالسين ، وبنوا هناك ديرا ، وهو دير مشيد البناء كثير الرهبان وبين يديه أجمة قصب يرمي فيها الطير ، قال أحمد بن عبيد الله البديهي يذكره :

هل لك في الرّقّة والدير ،

دير سمالو مسقط الطير

وقال أيضا فيه :

الدير دير سمالو للهوى وطر ،

بكّر فإن نجاح الحاجة البكر

أما ترى الغيم ممدودا سرادقه

على الرياض ودمع المزن ينتثر

والدير في لبس شتى مناكبه ،

كأنما نشرت في أفقه الحبر

تألّفت حوله الغدران لامعة

كما تألّف في أفنائه الزهر

أما ترى الهيكل المعمور في صور

من الدّمى بينها من إنسه صور


دير سِمْعان : يقال بكسر السين وفتحها : وهو دير بنواحي دمشق في موضع نزه وبساتين محدقة به وعنده قصور ودور وعنده قبر عمر بن عبد العزيز ، رضي الله عنه ، وقال فيه بعض الشعراء يرثيه :

قد قلت إذ أودعوه الترب وانصرفوا :

لا يبعدنّ قوام العدل والدين

قد غيّبوا في ضريح الترب منفردا

بدير سمعان قسطاس الموازين

من لم يكن همه عينا يفجّرها

ولا النخيل ولا ركض البراذين

وروي أن صاحب الدير دخل على عمر بن عبد العزيز في مرضه الذي مات فيه بفاكهة أهداها له فأعطاه ثمنها ، فأبى الدّيراني أخذه فلم يزل به حتى قبض ثمنها ، ثم قال : يا ديراني إني بلغني أن هذا الموضع ملككم ، فقال : نعم ، فقال : إني أحب أن تبيعني منه موضع قبر سنة فإذا حال الحول فانتفع به ، فبكى الديرانيّ وحزن وباعه فدفن به ، فهو الآن لا يعرف ، وقال كثيّر :

سقى ربّنا من دير سمعان حفرة

بها عمر الخيرات رهنا دفينها

صوابح من مزن ثقال غواديا

دوالح دهما ما خضات دجونها

وقال الشريف الرضي الموسوي :

يا ابن عبد العزيز لو بكت العي

ن فتى من أميّة لبكيتك

أنت أنقذتنا من السبّ والشت

م ، فلو أمكن الجزا لجزيتك

دير سمعان لا عدتك الغوادي!

خير ميت من آل مروان ميتك

وفيه يقول أبو فراس بن أبي الفرج البزاعي وقد مرّ به فرآه خرابا فغمّه :

يا دير سمعان قل لي أين سمعان ،

وأين بانوك خبّرني متى بانوا؟

وأين سكّانك اليوم الألى سلفوا ،

قد أصبحوا وهم في الترب سكان

أصبحت قفرا خرابا مثل ما خربوا

بالموت ثم انقضى عمرو وعمران

وقفت أسأله جهلا ليخبرني ،

هيهات من صامت بالنطق تبيان

أجابني بلسان الحال : إنهم

كانوا ، ويكفيك قولي إنهم كانوا

وأما الذي في جبل لبنان فمختلف فيه ، وسمعان هذا الذي ينسب الدير إليه أحد أكابر النصارى ويقولون إنه شمعون الصّفا ، والله أعلم ، وله عدة ديرة ، منها هذا المقدّم ذكره وآخر بنواحي أنطاكية على البحر ، وقال ابن بطلان في رسالته : وبظاهر أنطاكية دير سمعان وهو مثل نصف دار الخلافة ببغداد يضاف به المجتازون وله من الارتفاع كلّ سنة عدة قناطير من الذهب والفضة ، وقيل إن دخله في السنة أربعمائة ألف دينار ، ومنه يصعد إلى جبل اللّكّام ، وقال يزيد بن معاوية :

بدير سمعان عندي أمّ كلثوم

هذه رواية قوم ، والصحيح أن يزيد إنما قال بدير مرّان ، وقد ذكر في موضعه. ودير سمعان أيضا : بنواحي حلب بين جبل بني عليم والجبل الأعلى.

دَيْرُ السَّوَا : بظاهر الحيرة ، ومعناه دير العدل لأنهم كانوا يتحالفون عنده فيتناصفون ، وقال الكلبي : هو منسوب إلى رجل من إياد ، وقيل : هو منسوب إلى


بني حذافة ، وقيل : السوا امرأة منهم ، وقيل : السوا أرض نسب الدير إليها ، وذكر في شعر أبي دواد الإيادي حيث قال :

بل تأمّل ، وأنت أبصر مني ،

قصد دير السّوا بعين جليّه

لمن الظّعن بالضحى واردات

جدول الماء ثم رحن عشيه

مظهرات رقما تهال له العي

ن وعقلا وعقمة فارسيه

دَيرُ السوسِيِّ : قال البلاذري : هو دير مريم بناه رجل من أهل السوس وسكنه هو ورهبان معه فسمي به ، وهو بنواحي سرّ من رأى بالجانب الغربي ، ذكره عبد الله بن المعتز فقال :

يا لياليّ بالمطيرة فالكر

خ ودير السوسيّ بالله عودي

كنت عندي أنموذجات من الج

نة لكنها بغير خلود

أشرب الراح وهي تشرب عقلي ،

وعلى ذاك كان قتل الوليد

دَيرُ الشاءِ : بأرض الكوفة على رأس فرسخ وميل من النخيلة ، والله أعلم.

دَيرُ الشَّمَع : دير قديم معظّم عند النصارى بنواحي الجيزة من مصر ، بينه وبين الفسطاط ثلاثة فراسخ مصعدا على النيل ، وبه كرسي البطريك بمصر وبه مستقرّه ما دام بمصر.

دَيرُ الشياطينِ : بين مدينة بلد والموصل ، وهو بين جبلين في فم الوادي بالقرب من أوسل مشرف على دجلة في موضع حسن الهواء والرواء ، وفيه يقول السري الرفاء :

عصى الرشاد وقد ناداه مذ حين ،

وراكض الغيّ في تلك الميادين

ما حنّ شيطانه الآتي إلى بلد

إلا ليقرب من دير الشياطين

وفتية زهَّر الآداب بينهم

أبهى وأنضر من زهر البساتين

مشوا إلى الراح مشي الرّخّ وانصرفوا ،

والراح تمشي بهم مشي الفرازين

تفرّغوا بين أعطان الهياكل في

تلك الجنان وأقمار الدواوين

حتى إذا أنطق الناقوس بينهم

مزنّر الخصر روميّ القرابين

يرى المدامة دينا ، حبّذا رجل

يعتدّ لذة دنياه من الدين

وقال فيه الخباز البلدي :

رهبان دير سقوني الخمر صافية

مثل الشياطين في دير الشياطين

غدوا سراعا كأمثال السهام بدت

من القسيّ وراحوا كالعراجين

دَيرُ شيخٍ : وهو دير تل عزاز ، وعزاز : مدينة لطيفة من أعمال حلب ، بينها وبين حلب خمسة فراسخ ، وفيه يقول إسحاق الموصلي :

وظبي فاتن في دير شيخ

سحور الطرف ذي وجه مليح

وفيه يقول أيضا :

إن قلبي بالتل تل عزاز

عند ظبي من الظباء الجوازي

دَيرُ صباعى : في شرقي تكريت مقابل لها مشرف على دجلة ، وهو نزه مليح عامر وفيه مقصد لأهل الخلاعة ،


وفيه يقول بعضهم :

حنّ الفؤاد إلى دير بتكريت

إلى صباعى وقسّ الدير عفريت

دَيرُ صَلوبَا : من قرى الموصل ، والله أعلم.

دَيرُ صَلِيبا : بنواحي دمشق مقابل باب الفراديس ويعرف بدير خالد أيضا لأن خالد بن الوليد ، رضي الله عنه ، لما نزل محاصرا لدمشق كان نزوله به ، وفيه يقول أبو الفتح محمد بن علي المعروف بأبي اللقاء :

جنة لقّبت بدير صليبا ،

مبدعا حسنه كمالا وطيبا

جئته للمقام يوما فظلنا

فيه شهرا ، وكان أمرا عجيبا

شجر محدق به ومياه

جاريات والروض يبدو ضروبا

من بديع الألوان يضحي به الثا

كل مما يرى لديه طروبا

كم رأينا بدرا به فوق غصن

مائس قد علا بشكل كثيبا

وشربنا به الحياة مداما

تطلع الشمس في الكؤوس غروبا

فكأن الظلام فيها نهار

لسناها تسرّ منّا القلوبا

لست أنسى ما مرّ فيه ولا أج

عل مدحي إلا لدير صليبا

دَيرُ طَمْوَيه : وطمويه : قرية بالمغرب من النيل بمصر بإزاء موضع يقال له حلوان ، والدير راكب النيل وقد أحدقت به الأشجار والنخيل والكروم ، وهو دير نزه عامر آهل ، وهو أحد متنزهات مصر ، وقد قال فيه ابن عاصم المصري :

أقصرا عن ملامي اليوم ، إني

غير ذي سلوة ولا إقصار

فسقى الله دير طمويه غيثا

بغواد موصولة بسوار

وله أيضا :

واشرب بطمويه من صهباء صافية ،

تزري بخمر قرى هيت وعانات

على رياض من النّوّار زاهرة ،

تجري الجداول منها بين جنات

كأن نبت الشقيق العصفريّ بها

كاسات خمر بدت في إثر كاسات

كأن نرجسها من حسنه حدق

في خفية يتناجى بالإشارات

كأنما النيل في مرّ النسيم به

مستلئم في دروع سابريات

منازلا كنت مفتونا بها يفعا ،

وكنّ قدما مواخيري وحاناتي

إذ لا أزال ملحّا بالصّبوح على

ضرب النواقيس صبّا في الديارات

دَيرُ الطوَاوِيسِ : جمع طاووس هذا الطير المنمق الألوان : وهو بسامراء متصل بكرخ جدّان يشرف عند حدود آخر الكرخ على بطن يعرف بالنبيّ ، فيه مزدرع يتصل بالدور وبنيانها ، وهي الدور المعروفة بدور عربايا ، وهو قديم كان منظرة لذي القرنين ويقال لبعض الأكاسرة فاتخذه النصارى ديرا في أيام الفرس.

دَيرُ الطُّورِ : الطور في الأصل : الجبل المشرف ، وقد ذكرته في بابه ، وأما الطور المذكور ههنا :


فهو جبل مستدير واسع الأسفل مستدير الرأس لا يتعلق به شيء من الجبال وليس له إلا طريق واحد ، وهو ما بين طبرية واللّجون مشرف على الغور ومرج اللّجون ، وفيه عين تنبع بماء غزير كثير ، والدير في نفس القبلة مبنيّ بالحجر وحوله كروم يعتصرونها ، فالشراب عندهم كثير ، ويعرف أيضا بدير التّجلي لأن المسيح ، عليه السلام ، على زعمهم تجلى فيه لتلامذته بعد أن رفع حتى أراهم نفسه وعرفوه ، والناس يقصدونه من كل موضع فيقيمون به ويشربون فيه ، وموضعه حسن يشرف على طبرية والبحيرة وما والاها وعلى اللجون ، وفيه يقول مهلهل بن عريف المزرع :

نهضت إلى الطور في فتية

سراع النهوض إلى ما أحبّ

كرام الجدود حسان الوجوه ،

كهول العقول شباب اللعب

فأيّ زمان بهم لم يسرّ ،

وأيّ مكان بهم لم يطب؟

أنخت الركاب على ديره ،

وقضّيت من حقه ما يجب

دَيْرُ طورِ سِينا : ويقال كنيسة الطور : وهو في قلّة طور سينا وهو الجبل الذي تجلى فيه النور لموسى ، عليه السلام ، وفيه صعق ، وهو في أعلى الجبل مبنيّ بحجر أسود ، عرض حصنه سبعة أذرع ، وله ثلاثة أبواب حديد ، وفي غربيه باب لطيف وقدّامه حجر إذا أرادوا رفعه رفعوه وإذا قصدهم قاصد أرسلوه فانطبق على الموضع فلم يعرف مكان الباب ، وداخلها عين ماء وخارجها عين أخرى ، وزعم النصارى أنّ بها نارا من أنواع النار الجديدة التي كانت ببيت المقدس يوقدون منها في كلّ عشية ، وهي بيضاء ضعيفة الحرّ لا تحرق ثم تقوى إذا أوقد منها السرج ، وهو عامر بالرهبان والناس يقصدونه ، وقال فيه ابن عاصم :

يا راهب الدير ما ذا الضوء والنور ،

فقد أضاء بما في ديرك الطور

هل حلّت الشمس فيه دون أبرجها ،

أم غيّب البدر عنه فهو مستور؟

فقال : ما حلّه شمس ولا قمر ،

لكنما قرّبت فيه القوارير

دَيرُ الطِّينِ : بأرض مصر على شاطئ نيل مصر في طريق الصعيد قرب الفسطاط متصل ببركة الحبش عند العدوية.

دَيرُ الطَّيْرِ : بنواحي إخميم دير عامر يقصدونه من كل موضع ، وهو بقرب الجبل المعروف بجبل الكهف ، وفي موضع من الجبل شقّ فإذا كان يوم عيد هذا الدير لم يبق بوقير ، وهو صنف من الطيور ، في البلد إلّا ويجيء إلى الموضع فيكون أمرا عظيما بكثرتها واجتماعها وصياحها عند الشقّ ، ثم لا يزال الواحد بعد الواحد يدخل رأسه في ذلك الشقّ ويصيح ويخرج ويجيء غيره إلى أن ينشب رأس أحدها في الشقّ فيضطرب حتى يموت وتنصرف البقيّة ولا يبقى منها طائر ، ذكره الشابشتي كما ذكرته سواء.

دَيْرُ العَاقُولِ : بين مدائن كسرى والنّعمانية ، بينه وبين بغداد خمسة عشر فرسخا على شاطئ دجلة كان ، فأمّا الآن فبينه وبين دجلة مقدار ميل ، وكان عنده بلد عامر وأسواق أيام كان النهروان عامرا ، فأمّا الآن فهو بمفرده في

وسط البريّة وبالقرب منه دير قنّى ، وفيه يقول الشاعر :


فيك دير العاقول ضيّعت أيّا

مي بلهو وحثّ شرب وطرف

ونداماي كلّ حرّ كريم

حسن دلّه بشكل وظرف

بعد ما قد نعمت في دير قنّى

معهم قاصفين أحسن قصف

بين ذين الدّيرين جنّة دنيا

وصفها زائد على كلّ وصف

وينسب إلى دير العاقول الذي بنواحي بغداد جماعة ، منهم : أبو يحيى عبد الكريم بن الهيثم بن زياد بن عمران القطّان الدير عاقولي ، روى عن أبي اليمان الحمصي والفضل بن دكين ومسدّد وغيرهم ، روى عنه أبو إسماعيل الترمذي وعبد الله البغوي وغيرهما ، وكان ثقة ، مات سنة ٢٧٨. ودير العاقول : موضع بالمغرب ، منه أبو الحسن عليّ بن إبراهيم بن خلف الدير عاقولي المغربي ، روى الحديث بمكة ، حدثني بذلك المحب أبو عبد الله محمد بن محمود النجار قال : وجدته بخط الحافظ محمد بن عبد الواحد الدّقاق الأصبهاني وقد كتب على الحاشية بخطه : سئل الشيخ عن دير العاقول هذا فقال موضع بالمغرب ، قال : وقد ذكرته في كتابي هذا المتّفق خطّا وضبطا وذيّلت به على ابن طاهر المقدسي بأكثر من هذا الشرح.

دَيْرُ عَبْدِ المَسيح : بن عمرو بن بقيلة الغساني ، وسمّي بقيلة لأنه خرج على قومه في حلّتين خضراوين فقالوا : ما هذا إلّا بقيلة ، وكان أحد المعمرين ، يقال إنه عمّر ثلاثمائة وخمسين سنة : وهذا الدير بظاهر الحيرة بموضع يقال له الجرعة ، وعبد المسيح هو الذي لقي خالد بن الوليد ، رضي الله عنه ، لما غزا الحيرة وقاتل الفرس فرموه من حصونهم الثلاثة حصون آل بقيلة بالخزف المدوّر ، وكان يخرج قدّام الخيل فتنفر منه فقال له ضرار بن الأزور : هذا من كيدهم ، فبعث خالد رجلا يستدعي رجلا منهم عاقلا ، فجاءه عبد المسيح بن عمرو وجرى له معه ما هو مذكور مشهور ، قال : وبقي عبد المسيح في ذلك الدير بعد ما صالح المسلمين على مائة ألف حتى في ذلك الدير بعد ما صالح المسلمين على مائة ألف حتى مات وخرب الدير بعد مدّة فظهر فيه أزج معقود من حجارة فظنوه كنزا ففتحوه فإذا فيه سرير رخام عليه رجل ميت وعند رأسه لوح فيه مكتوب : أنا عبد المسيح بن عمرو بن بقيلة :

حلبت الدهر أشطره حياتي ،

ونلت من المنى فوق المزيد

فكافحت الأمور وكافحتني ،

فلم أخضع لمعضلة كؤود

وكدت أنال في الشرف الثّريّا ،

ولكن لا سبيل إلى الخلود

دَيْرُ عَبْدُون : هو بسرّمن رأى إلى جنب المطيرة ، وسمي بدير عبدون لأنّ عبدون أخا صاعد بن مخلد كان كثير الإلمام به والمقام فيه فنسب إليه ، وكان عبدون نصرانيّا وأسلم أخوه صاعد على يد الموفّق واستوزره ، وفي هذا الدير يقول ابن المعتزّ الشاعر :

سقى المطيرة ذات الظلّ والشجر

ودير عبدون هطّال من المطر

يا طالما نبّهتني للصّبوح به

في ظلمة الليل والعصفور لم يطر

أصوات رهبان دير في صلاتهم

سود المدارع نعّارين في السّحر


مزنّرين على الأوساط قد جعلوا

على الرّءوس أكاليلا من الشّعر

كم فيهم من مليح الوجه مكتحل

بالسحر يطبق جفنيه على حور

لاحظته بالهوى حتى استقاد له

طوعا وأسلفني الميعاد بالنظر

وجاءني في ظلام الليل مستترا ،

يستعجل الخطو من خوف ومن حذر

فقمت أفرش خدّي في التراب له

ذلّا وأسحب أذيالي على الأثر

فكان ما كان مما لست أذكره ،

فظنّ خيرا ولا تسأل عن الخبر

ودير عبدون أيضا : قرب جزيرة ابن عمر وبينهما دجلة ، وقد خرب الآن وكان من أحسن مستنزهاتها.

دَيْرُ العَجَّاج : بين تكريت وهيت ، وفي ظاهره عين ماء وبركة فيها سمك ، وحوله مزارع وحصن.

دَيْر العَذَارى : قال أبو الفرج الأصبهاني : هو بين أرض الموصل وبين أرض باجرمى من أعمال الرّقة ، وهو دير عظيم قديم ، وبه نساء عذارى قد ترهَّبن وأقمن به للعبادة فسمي به لذلك ، وكان قد بلغ بعض الملوك أنّ فيه نساء ذوات جمال ، فأمر بحملهنّ إليه ليختار منهنّ على عينه من يريد ، وبلغهنّ ذلك فقمن ليلتهنّ يصلّين ويستكفين شرّه ، فطرق ذلك الملك طارق فأتلفه من ليلته فأصبحن صياما ، فلذلك يصوم النصارى الصوم المعروف بصوم العذارى إلى الآن ، هكذا ذكر ، والشعر المنقول في دير العذارى يدلّ على أنه بنواحي دجيل ولعلّ هذا غير ذلك ، وقال الشابشتي : دير العذارى بين سرّ من رأى والحظيرة ، وقال الخالدي : وشاهدته وبه نسوة عذارى وحانات خمر ، وإنّ دجلة أتت عليه بمدودها فأذهبته حتى لم يبق منه أثر ، وذكر أنه اجتاز به في سنة ٣٢٠ وهو عامر ، وأنشد أبو الفرج ، والخالدي لجحظة فيه :

ألا هل إلى دير العذارى ونظرة

إلى الخير من قبل الممات سبيل؟

وهل لي بسوق القادسية سكرة

تعلّل نفسي والنسيم عليل؟

وهل لي بحانات المطيرة وقفة

أراعي خروج الزّقّ وهو حميل

إلى فتية ما شتّت العزل شملهم ،

شعارهم عند الصباح شمول

وقد نطق الناقوس بعد سكوته ،

وشمعل قسّيس ولاح فتيل

يريد انتصابا للمقام بزعمه ،

ويرعشه الإدمان فهو يميل

يغنّي وأسباب الصواب تمدّه ،

وليس له فيما يقول عديل

ألا هل إلى شمّ الخزامى ونظرة

إلى قرقرى قبل الممات سبيل؟

وثنّى يغنّي وهو يلمس كأسه ،

وأدمعه في وجنتيه تسيل

سيعرض عن ذكري وينسى مودّتي ،

ويحدث بعدي للخليل خليل

سقى الله عيشا لم يكن فيه علقة

لهمّ ولم ينكر عليه عذول

لعمرك ما استحملت صبرا لفقده ،

وكلّ اصطبار عن سواه جميل

وقال أبو الفرج : ودير العذارى بسرّمن رأى إلى


الآن موجود يسكنه الرواهب فجعلهما اثنين ، وحدّث الجاحظ في كتاب المعلّمين قال : حدثني ابن فرج الثعلبي أن فتيانا من بني ملّاص من ثعلبة أرادوا القطع على مال يمرّ بهم قرب دير العذارى فجاءهم من خبّرهم أن السلطان قد علم بهم وأن الخيل قد أقبلت تريدهم فاستخفوا في دير العذارى فلما حصلوا فيه سمعوا أصوات حوافر الخيل التي تطلبهم وهي راجعة من الطلب فأمنوا فقال بعضهم لبعض : ما الذي يمنعكم أن تأخذوا القسّ وتشدّوه وثاقا ثم يخلو كل واحد منكم بواحدة من هذه الأبكار فإذا طلع الفجر تفرّقنا في البلاد وكنا جماعة بعدد الأبكار اللواتي كنّ أبكارا في حسابنا ، ففعلنا ما اجتمعنا عليه فوجدنا كلّهنّ ثيّبات قد فرغ منهنّ القسّ قبلنا ، فقال بعضنا :

ودير العذارى فضوح لهنّ ،

وعند القسوس حديث عجيب

خلونا بعشرين صوفيّة ،

ونيك الرواهب أمر غريب

إذا هنّ يرهزن رهز الظراف ،

وباب المدينة فجّ رحيب

لقد بات بالدير ليل التّمام

أيور صلاب وجمع مهيب

سباع تموج وزاقولة

لها في البطالة حظّ رغيب

وللقسّ حزن يهيض القلوب ،

ووجد يدلّ عليه النحيب

وقد كان عيرا لدى عانة ،

فصبّ على العير ليث هيوب

وقال الشابشتي : دير العذارى أسفل الحظيرة على شاطئ دجلة ، وهو دير حسن حوله بساتين ، قال : وببغداد أيضا دير يقال له دير العذارى في قطعة النصارى على نهر الدّجاج ، وسمّي بذلك لأن لهم صوم ثلاثة أيام قبل الصوم الكبير يسمى صوم العذارى فإذا انقضى الصوم اجتمعوا على الدير فتقرّبوا فيه أيضا ، وهو مليح طيب ، قال : وبالحيرة أيضا دير العذارى. ودير العذارى أيضا : موضع بظاهر حلب في بساتينها ولا دير فيه ، ولعلّه كان قديما.

دَير العَسَل : على غربي شاطئ نيل مصر من نواحي الصعيد ، وهو دير مليح عجيب نزه عامر بالرهبان.

دَير العَلّثِ : زعم قوم أنه دير العذارى بعينه ، وقال الشابشتي : العلث قرية على شاطئ دجلة من الجانب الشرقي في قرب الحظيرة دون سامرّا ، وهذا الدير راكب دجلة وهو من أنزه الديارات وأحسنها ، وكان لا يخلو من أهل القصف ، وفيه يقول جحظة البرمكي :

يا طول شوقي إلى دير ومسطاح ،

والسكر ما بين خمّار وملّاح

والريح طيبة الأنفاس فاغمة ،

مخلوطة بنسيم الورد والراح

سقيا ورعيا لدير العلث من وطن ،

لا دير حنّة من ذات الأكيراح

أيّام أيّام لا أصغي لعاذلة ،

ولا تردّ عناني جذبة اللاحي

وفيه دليل على أنه دير العذارى لأن الشعر في ذكر النساء ، وقال أيضا :

أيها الجاذفان بالله جدّا ،

وأصلحا لي الشّراع والسكّانا


بلّغاني ، هديتما ، البردانا ،

وانزلا لي من الدّنان دنانا

واعدلا بي إلى القبيصة الزّه

راء حتى أفرج الأحزانا

فإذا ما تممت حولا تماما

فاعدلا بي إلى كروم أوانا

واحططا لي الشراع بالدير بالعل

ث لعلّي أعاشر الرهبانا

وظباء يتلون سفرا من الإن

جيل باكرن سحرة قربانا

لابسات من المسوح ثيابا

جعل الله تحتها أغصانا

خفرات ، حتى إذا دارت الكأ

س كشفن النّحور والصّلبانا

دَيرُ عَلْقَمَةَ : بالحيرة ، منسوب إلى علقمة بن عدي ابن الرميك بن ثوب بن أسس بن ربّى بن نمارة بن لخم ، وفيه يقول عدي بن زيد العبادي :

نادمت في الدير بني علقما ،

عاطيتهم مشمولة عندما

كأنّ ريح المسك من كأسها

إذا مزجناها بماء السما

علقم ما بالك لم تأتنا ،

أما اشتهيت اليوم أن تنعما؟

من سرّه العيش ولذّاته

فليجعل الراح له سلّما

دَيْرُ عَمَانَ : بنواحي حلب ، وتفسيره بالسريانية دير الجماعة ، قال فيه حمدان بن عبد الرحيم الحلبي :

دير عمان ودير سابان

هجن غرامي وزدن أشجاني

إذا تذكّرت منهما زمنا

قضّيته في عرام ريعاني

ومرّ به أبو فراس بن أبي الفرج البزاعي فقال ارتجالا :

قد مررنا بالدير دير عمانا ،

ووجدناه دائرا فشجانا

ورأينا منازلا وطلولا

دارسات ولم نر السّكّانا

وأرتنا الآثار من كان فيها

قبل تفنيهم الخطوب عيانا

فبكينا فيه ، وكان علينا

لا عليه لمّا بكينا بكانا

لست أنسى يا دير وقفتنا في

ك وإن أورثتني النسيانا

من أناس حلّوك دهرا فخلّو

ك وأمسوا قد عطّلوك الآنا

فرّقتهم يد الخطوب فأصبح

ت خرابا من بعدهم أسيانا

وكذا شيمة الليالي ، تميت ال

حيّ منا وتهدم البنيانا

حربا ما الذي لقينا من الده

ر وما ذا من خطبها قد دهانا؟

نحن في غفلة بها وغرور ،

وورانا من الردى ما ورانا

دَير عَمرِو : جبال في طيّء قرب قرية لهم يقال لها جوّ ، قال زهير :

لئن حللت بجوّ في بني أسد

في دير عمرو وحالت بيننا فدك

ليأتينّك مني منطق قذع

باق كما دنّس القبطيّة الودك


دَير الغادِرِ : بالقرب من حلوان العراق على رأس جبل ، وسمّي بهذا الاسم لأن قوما يزعمون أن أبا نواس خرج من العراق يريد خراسان فوصل إلى هذا الدير وكان فيه راهب مسلف حسن الوجه ظريف الهيئة فأضاف أبا نواس وقراه ولم يبق في أمره غاية ، فلما شربا دعاه أبو نواس إلى البدال فأجابه ، فلما قضى حاجته من أبي نواس غدر به وامتنع عليه ، فقتله أبو نواس وانصرف ولم يكن بعده راهب بها لكنه مركز طوّاف حلوان يشربون فيها لهذه العلة ولأن موضعها طيب نزه ، وعليها مكتوب بخط يزعمون أنه خط أبي نواس هذا البيت :

لم ينصف الراهب من نفسه ،

إذ ينكح الناس ولا ينكح

دَير الغَرْس : بالغين معجمة ، وآخره سين بينهما راء مهملة : قريب من جزيرة ابن عمر بينهما ثلاثة عشر فرسخا على رأس جبل عال كثير الرهبان.

دَير فاخُور : بالأردنّ وهو الموضع الذي تعمّد فيه المسيح من يوحنا المعداني كعب بن مرة البهري ومعاذ بن جبل ، وقيل غير ذلك ، والله أعلم.

ديرُ الفَأرِ : دير بأرض مصر على شاطئ النيل شاهق البناء إلى جانب دير الكلب ، وهو حسن نزه كثير النخل والشجر إلّا أنه كثير الفأر جدّا مشهور بذلك قديما.

دير فَثيونَ : أوله فاء ثم ثاء مثلثة ، وياء مثناة من تحت ، وآخره نون : وهو دير بسرّمن رأى حسن نزه مقصود لطيبه وحسن موقعه ، يقول فيه بعض الكتّاب :

يا ربّ دير عمرته زمنا

ثالث قسّيسه وشمّاسه

لا أعدم الكاس من يدي رشإ

يزري على المسك طيب أنفاسه

كأنه البدر لاح في ظلم اللي

ل إذا حلّ بين جلّاسه

كأنّ طيب الحياة واللهو وال

لذّات طرّا جمعن في كاسه

في دير فثيون ليلة الفص

ح والليل بهيم ناء بحرّاسه

دَير فَطْرُس ودير بَوْلُس : قال أبو الفرج : هذان الديران بظاهر دمشق بنواحي بني حنيفة في ناحية الغوطة ، والموضع حسن عجيب كثير البساتين والأشجار والمياه ، قال جرير :

لما تذكّرت بالدّيرين أرّقني

صوت الدجاج وضرب بالنواقيس

فقلت للركب إذ جدّ الرحيل بنا :

يا بعد يبرين من باب الفراديس!

وفيه يقول أيضا يرثي ابنه :

أودى سوادة يبدي مقلتي لحم

باز يصرصر فوق المرقب العالي

إلّا تكن لك بالديرين باكية ،

فربّ باكية بالرمل معوال

قالوا : نصيبك من أجر ، فقلت لهم :

كيف القرار وقد فارقت أشبالي؟

دَير فِيقٍ : هو في ظهر عقبة فيق ، بكسر الفاء ، وياء مثناة من تحت ، وآخره قاف : وهي عقبة تنحدر إلى الغور من أرض الأردنّ ومن أعلاها تبين طبرية وبحيرتها ، وهذا الدير فيما بين العقبة وبين البحيرة في لحف الجبل يتصل بالعقبة منقور في الحجر ، وكان عامرا بمن فيه من الرّهبان ومن يطرقه من السّيّار ،


والنصارى يعظمونه ، واجتاز به أبو نواس وفيه غلام نصرانيّ فقال فيه قصيدة ، منها :

بحجّك قاصدا ما سرجسانا

فدير النوبهان فدير فيق

وبالمطران إذ يتلو زبورا

يعظّمه ويبكي بالشهيق

دَير قانون : من نواحي دمشق ، قال ابن منير يذكر متنزهات الغوطة :

فالماطرون فداريا فجارتها

فآبل فمغاني دير قانون

دير القائم الأقصى : على شاطئ الفرات من الجانب الغربي في طريق الرّقة من بغداد ، قال أبو الفرج : وقد رأيته وإنما قيل له القائم لأنّ عنده مرقبا عاليا كان بين الروم والفرس يرقب عليه على طرف الحدّ بين المملكتين شبه تل عقرقوف ببغداد وإصبع خفّان بظهر الكوفة ، وعنده دير هو الآن خراب ، وفيه يقول عبد الله بن مالك المغنّي ، وقال الخالدي : هو لإسحاق الموصلي :

بدير القائم الأقصى

غزال شادن أحوى

برى حبي له جسمي ،

ولا يدري بما ألقى

وأكتم حبه جهدي ،

ولا والله ما يخفى

دير القِبابِ : من نواحي بغداد ، قال ابن حجاج :

يا خليليّ صرّفا لي شرابي

بين درتا والدير دير القباب

أسفر الصبح فاسقياني وقد كا

ن من الليل وجهه في نقاب

وانظرا اليوم كيف قد ضحك الزه

ر إلى الروض من بكاء السحاب

إن صحوي ، وماء دجلة يجري

تحت غيم يصوب ، غير صواب

أتركاني ممن يعيّر بالشي

ب وينعى إليّ عهد الشباب

فبياض البازيّ أحسن لونا ،

إن تأملت ، من سواد الغراب

ولعمر الشباب ما كان عنّي

أول الراحلين من أحبابي

دير قُرَّة : دير بإزاء دير الجماجم ، وفيه نزل الحجّاج لما نزل ابن الأشعث بدير الجماجم ، وقرّة الذي نسب إليه رجل من لخم بناه على طرف من البر في أيام المنذر بن ماء السماء وهو ملاصق لطرف البرّ ودير الجماجم مما يلي الكوفة ، وقال ابن الكلبي : هو منسوب إلى قرّة ، وهو رجل من بني حذافة بن زهر بن إياد ، وكان ابن الأشعث احتاز دير الجماجم لتأتيه الميرة من الكوفة ، ولما نزل الحجاج بدير قرّة قال : ما اسم هذا الموضع الذي نزل فيه ابن الأشعث؟ قيل له : دير الجماجم ، فقال : تكثر فيه جماجمهم ، وما هذا الذي نزلناه؟ قيل : دير قرّة ، قال : يستقرّ فيه أمرنا وتقرّ فيه أعيننا ، فكان الأمر كما قال.

دير القُصَير : في ديار مصر في طريق الصعيد بقرب موضع هناك يقال له حلوان ، وهو على رأس جبل مشرف على النيل في غاية النزاهة والحسن ، وفيه صورة مريم وفي حجرها المسيح في غاية إتقان الصنعة ، وكان خمارويه بن أحمد بن طولون يكثر غشيانه وتعجبه تلك الصورة ويشرب عليها ، وبنى لنفسه في أعلاه قبة ذات أربع طاقات هي مشهورة به ، وأهل مصر ينتابونه ويتنزهون فيه لقربه من الفسطاط ، وقد ذكره الخالدي في أديرة العراق فغلط لكون كشاجم


ذكره ونسبه إلى حلوان فظنّ أنه ليس في الدنيا موضع يقال له حلوان إلا التي في العراق ، وفيما بلغني ثلاث وقد ذكرناها في موضعها ، ومما يحقق كونه بمصر بعد أن ذكره الشابشتي في ديرة مصر قول كشاجم :

سلام على دير القصير وسفحه

فجنات حلوان إلى النّخلات

منازل كانت لي بهنّ مآرب ،

وكنّ مواخيري ومنتزهاتي

إذا جئتها كان الجياد مراكبي ،

ومنصرفي في السفن منحدرات

ولحمان مما أمسكته كلابنا

علينا ومما صيد بالشبكات

وأين الصيد بالشبك والانحدار في السفن من حلوان إلى العراق؟ ولمحمد بن عاصم المصري فيه :

إن دير القصير هاج ادّكاري

لهو أيامنا الحسان القصار

وزمانا مضى حميدا سريعا ،

وشبابا مثل الرداء المعار

ولو ان الديار تشكو اشتياقا

لشكت جفوتي وبعد مزاري

ولكادت تسير نحوي لما قد

كنت فيها سيّرت من أشعاري

وكأني إذ زرته بعد هجر

لم يكن من منازلي ودياري

إذ صعودي على الجياد إليه ،

وانحداري في المعتقات الجواري

بصقور إلى الدماء صواد ،

وكلاب على الوحوش ضوار

منزلا لست محصيا ما لقلبي

ولنفسي فيه من الأوطار

منزلا من علوّه كسماء ،

والمصابيح حوله كالدراري

وكأنّ الرهبان في الشعر الأس

ود سود الغربان في الأوكار

كم شربنا على التصاوير فيه

بصغار محثوثة وكبار

صورة في مصوّر فيه ظلّت

فتنة للقلوب والأبصار

أطربتنا بغير شدو فأغنت

عن سماع العيدان والمزمار

لا وحسن العينين والشفة اللم

ياء منها وخدها الجلّنار

لا تخلّفت عن مزاري دهرا

هي منه ولو نأى بي مزاري

وقال كشاجم فيه أيضا :

ويوم على دير القصير تجاوبت

نواقيسه لما تداعت أساقفه

جعلت ضحاه للطّراد وظهره

بمجلس لهو معلنات معازفه

وأغيد معتمّ العذار بجمّة

أخالسه أثمارها وأخاطفه

أما تريان الروض كيف بكى الحيا

عليه فأضحت ضاحكات زخارفه

تسربل موشيّ البرود وأعلمت

حواشيه من نوّاره ومطارفه

وناسب محمرّ الخدود بورده ،

وللصبّ منه منظر هو شاعفه


وقد نثر الوسميّ بالطلّ فوقه

لآلئ كالدمع الذي أنا ذارفه

وأعرس فيه بالشقيق نهاره ،

فأشبع من صبغ العذارى ملاحفه

ولاحظه بالنرجس الغضّ أعين

فواتر إيماض الجفون ضعائفه

يغار على الصّفر التي هي شكله ،

وللحمرة الفضل الذي هو عارفة

دَيرُ القَلَمُون : بأرض مصر ثم بأرض الفيوم مشهور عندهم معروف.

دَيرُ قُنَّى : بضم أوله ، وتشديد ثانيه ، مقصور ، ويعرف بدير مرماري السليخ ، قال الشابشتي : هو على ستة عشر فرسخا من بغداد منحدرا بين النّعمانية ، وهو في الجانب الشرقي معدود في أعمال النهروان ، وبينه وبين دجلة ميل ، وعلى دجلة مقابله مدينة صغيرة يقال لها الصافية وقد خربت ، ويقال له دير الأسكون أيضا ، وبالقرب منه دير العاقول ، وهو دير عظيم شبيه بالحصن المنيع وعليه سور عظيم عال محكم البناء وفيه مائة قلّاية لرهبانه وهم يتبايعون هذه القلالي بينهم من ألف دينار إلى مائتي دينار ، وحول كل قلاية بستان فيه من جميع الثمار ، وتباع غلة البستان منها من مائتي دينار إلى خمسين دينارا ، وفي وسطه نهر جار ، هذه صفته قديما ، وأما الآن فلم يبق من ذلك غير سوره وفيه رهبان صعاليك كأنه خرب بخراب النهروان ، وقد نسب إليه جماعة من جلة الكتّاب ، منهم : فلان القنّائي ، قرأت بخط أبي بكر محمد بن عبد الملك التاريخي حدثني محمد بن إسحاق البغوي قال : حدثني أبي قال : كان مالك بن شاهي يقرأ ذات يوم على يحيى بن خالد كتابا فجعل يعرب وجعفر بن يحيى حاضر فقال لابنه : ألا ترى إلى مالك كيف يعرب وهو من أهل دير قنّى؟ فقال مالك : أيما أقرب إلى البادية دير قنى أو بلخ؟ يريد أن البرامكة من بلخ وبسببهم كانت عمارته وهم الذين كانوا يتنافسون به ، والمنحدر في دجلة يرى نوره من بعد ، وقد وصفته الشعراء فقال ابن جمهور وهو أبو عليّ محمد بن الحسن القمّي وهو صاحب النوادر مع زادمهر جارية المنصور :

يا منزل اللهو بدير قنّى

قلبي إلى تلك الربى قد حنّا

سقيا لأيامك لما كنا

نمتار منك لذة وحسنا

أيام لا أنعم عيش منا

إذا انتشينا وصحونا عدنا

وإن فنى دنّ نزلنا دنّا

حتى يظن أننا جننّا

ومسعد في كل ما أردنا

يحكي لنا الغصن الرطيب اللّدنا

أحسن خلق الله إذ تحنّا

وجسّ زير عوده وغنّى

بالله يا قسيس يا با قنّا

متى رأيت الرشأ الأغنّا

متى رأيت فتنتي تجنّا

آه إذا ما ماس أو تثنى

أسأت إذ أحسنت فيك الظنّا

وله أيضا :

وكم وقفة في دير قنّى وقفتها

أغازل ظبيا فاتر الطرف أحورا

وكم فتكة لي فيه لم أنس طيبها ،

أمتّ به حقّا وأحييت منكرا


أغازل فيه شادنا أو غزالة ،

وأشرب فيه مشرق اللون أحمرا

دَيرُ قِنِّسْري : على شاطئ الفرات من الجانب الشرقي في نواحي الجزيرة وديار مضر مقابل جرباس ، وجرباس شامية ، وبين هذا الدير ومنبج أربعة فراسخ ، وبينه وبين سروج سبعة فراسخ ، فهو دير كبير كان فيه أيام عمارته ثلاثمائة وسبعون راهبا ، ووجد في هيكله مكتوبا :

أيا دير قنسري كفى بك نزهة

لمن كان بالدنيا يلذّ ويطرب

فلا زلت معمورا ولا زلت آهلا ،

ولا زلت مخضرّا تزار وتعجب

دَيرُ قوطَا : بالبردان من نواحي بغداد على شاطئ دجلة بين البردان وبغداد ، وهو نزه كثير البساتين والمزارع ، وفيه يقول عبد الله بن العباس بن الفضل ابن الربيع :

يا دير قوطا لقد هيّجت لي طربا

أزاح عن قلبي الأحزان والكربا

كم ليلة فيك واصلت السرور بها

لما وصلت به الأدوار والنّخبا

في فتية بذلوا في القصف ما ملكوا

وأنفقوا في التصابي العرض والنّشبا

وشادن ما رأت عيني له شبها

في الناس لا عجما منهم ولا عربا

إذا بدا مقبلا ناديت وا طربا ،

وإن مضى معرضا ناديت وا حربا

أقمت بالدير حتى صار لي وطنا

من أجله ولبست المسح والصّلبا

وصار شمّاسه لي صاحبا وأخا ،

وصار قسيسه لي والدا وأبا

دَير القَيَّارَة : وهو لليعقوبية على أربعة فراسخ من الموصل في الجانب الغربي من أعمال الحديثة مشرف على دجلة وتحته عين القار ، وهي عين تفور بماء حارّ وتصب في دجلة ، وقد ذكرناها سابقا في الحمامات ، ويخرج معه القار ، فما دام القير في مائه فهو لين ممتدّ ، فإذا فارق الماء وبرد جفّ ، وهناك قوم يجمعون هذا القير ويغرفونه من مائه بالقفاف ويطرحونه على الأرض ، ولهم قدور حديد مركبة على مستوقدات فيطرح القير في القدور وينحلّ له ويطرح عليه بمقدار يعرفونه ويوقد تحته حتى يذوب ويختلط بالرمل ، وهم يحركونه تحريكا فإذا بلغ حدّ استحكامه صبّ على وجه الأرض ، ويقصدون هذا الموضع للتنزه والشرب ، ويستحمون من ذلك الماء الذي يخرج مع القار لأنه يقوم مقام الحمامات في قلع البثور وغيرها من الأدواء ، وله قائم ، وكل دير لليعقوبية والملكانية فعنده قائم ، وديارات النسطورية لا قائم لها.

دَيرُ كاذي : بحرّان.

دَيرُ قَيس : في كتاب الشام : خالد بن سعيد بن محمد ابن أبي عبد الله بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان الأموي ذكره وأباه ابن أبي العجائز في تسمية من كان بالغوطة من بني أمية وأنهما كانا يسكنان دير قيس من خولان.

دَير كَرْدَشيرَ : هو في المفازة التي بين الريّ وقمّ ، ذكره مسعر في رسالته ، وهو حصن عظيم عاديّ هائل البناء له أبرجة مفرطة الكبر والعلوّ وسوره عال مبنيّ بالآجرّ الكبار وداخله أبنية وآزاج وعقود ، ويكون تقدير صحنه جريبين مساحة وأكثر ، وعلى بعض أساطينه مكتوب : تقوّم الآجرّة من آجرّ هذا


بدرهم وثلاثة أرطال خبز ودانق توابل وقنينة خمر صاف فمن صدّق بذلك وإلا فلينطح رأسه بأي أركانه شاء ، وحوله صهاريج منقورة في الحجارة واسعة.

دَيرُ الكلب : هو بنواحي الموصل بينها وبين جزيرة ابن عمر من ناحية باعذرا من أعمال الموصل ، له قلالي ورهبان كثير ، فمن عضه الكلب الكلب وبودر بالحمل إليه وعالجه رهبانه برئ ، وإن تجاوز الأربعين يوما فلا حيلة لهم فيه ، وله رستاق ومزارع ، وفيه يقول السفاح :

سقى ورعى الله دير الكلا

ب ومن فيه من راهب ذي أدب

دَيرُ كومَ : بضم الكاف ، وسكون الواو : قريب من العمادية من بلاد الهكّارية من أعمال الموصل بالقرب منه قرية يقال لها كوم نسب إليها الدير ، وهو عامر إلى الآن.

دَيرُ لُبَّى : بضم اللام ، ورواه ابن المعلّى الأزدي بالكسر وتشديد الباء الموحدة والقصر ، ذكره أبو الفرج ، ويروى لبنى بالنون ، قال : وهو دير قديم على جانب الفرات بالجانب الشرقي منها ، وهو من منازل بني تغلب ، ذكره الأخطل فقال :

عفا دير لبّى من أميمة فالحفر ،

وأقفر إلّا أن يلمّ به ركب

قضين من الديرين همّا طلبنه ،

فهنّ إلى لهو وجارتها سرب

وهناك كانت وقائع بين بني تغلب وبني شيبان ومغالبة على تلك البلاد ، قال ابن مقبل :

كأنّ الخيل إذ صبّحن كلبا

يرين وراءهم ما يبتغينا

سخطن فلا يزينهم بواء ،

فلا ينزعن حتى يعتدينا

ولو كحلت حواجب آل قيس

بتغلب بعد كلب ما قرينا

فما تسلم لكم أفراس قيس ،

ولا ترجو البنات ولا البنينا

أثرن عجاجة في دير لبّى ،

وبالحضرين شيّبن القرونا

دَيرُ اللُّجّ : هو بالحيرة بناه النعمان بن المنذر أبو قابوس في أيام مملكته ولم يكن في ديارات الحيرة أحسن بناء منه ولا أنزه موضعا ، وفيه قيل :

سقى الله دير اللجّ غيثا ، فإنه ،

على بعده مني ، إليّ حبيب

قريب إلى قلبي ، بعيد محله ،

وكم من بعيد الدار وهو قريب

يهيّج ذكراه غزال يحلّه

أغنّ سحور المقلتين ربيب

إذا رجّع الإنجيل واهتزّ مائدا

تذكّر محزون وحنّ غريب

وهاج لقلبي عند ترجيع صوته

بلابل أسقام به ووجيب

وفيه يقول إسماعيل بن عمّار الأسدي :

ما أنس سعدة والزّرقاء يومهما

باللّجّ شرقيّه فوق الدكاكين

وذكر جرير فقال : نقلته من خط ابن أخي الشافعي ، وقال : هو بظاهر الحيرة :

يا ربّ عائذة بالغور لو شهدت

عزّت عليها بدير اللّجّ شكوانا


إنّ العيون التي في طرفها حور

قتلننا ثم لا يحيين قتلانا

يصرعن ذا اللّبّ حتى لا حراك به ،

وهنّ أضعف خلق الله أركانا

يا ربّ غابطنا لو كان يطلبكم

لاقى مباعدة منكم وحرمانا

دَير مارْت مَرُوثا : هذا دير كان في سفح جبل جوشن مطلّ على مدينة حلب مطلّ على العوجان ، وقال الخالدي : هو صغير وفيه مسكنان أحدهما للنساء والآخر للرجال ولذلك سمّي بالبيعتين ، وقلّ ما مرّ به سيف الدولة إلّا نزل به ، وكان يقول : كانت والدتي محسنة إلى أهله وتوصيني به ، وفيه بساتين قليلة وزعفران ، وفيه يقول الحسين بن علي التميمي :

يا دير مارت مروثا ،

سقيت غيثا مغيثا

فأنت جنة حسن ،

قد حزت روضا أثيثا

قال عبد الله الفقير إليه : ذهب ذلك الدير ولا أثر له الآن وقد استجد في موضعه الآن مشهد زعم الحلبيون أنهم رأوا الحسين بن علي ، رضي الله عنهما ، يصلي فيه فجمع له المتشيعون بينهم مالا وعمروه أحسن عمارة وأحكمها ، وفيه أيضا يقول بعض الشاميّين :

بدير مارت مروثا ال

شريف ذي البيعتين

والرّاهب المتحلّي

والقسّ ذي الطّمرين

إلّا رثيت لصبّ

مشارف للحسين

قد شفّه منك هجر

من بعد لوعة بين

دَير مارت مَرْيَمَ : دير قديم من بناء آل المنذر بنواحي الحيرة بين الخورنق والسدير وبين قصر أبي الخصيب مشرف على النجف ، وفيه يقول الثرواني :

بمارت مريم الكبرى

وظلّ فنائها فقف

فقصر أبي الخصيب المش

رف الموفي على النجف

فأكناف الخورنق وال

سدير ملاعب السلف

إلى النخل المكمم وال

حمائم فوقه الهتف

وبنواحي الشام دير آخر يقال له مارت مريم ، وفيه يقول الشاعر :

نعم المحلّ لمن يسعى للذّته

دير لمريم فوق الظهر معمور

ظلّ ظليل وماء غير ذي أسن ،

وقاصرات كأمثال الدّمى حور

قال الخالدي : وبالشام دير آخر يقال له مارت مريم ، وهو من قديم الديرة ، ونزله الرشيد ، وفيه يقول بعض شعراء الشام :

بدير مارت مريم

ظبي مليح المبسم

قال الشابشتي : ودير أتريب بمصر يقال له دير مارت مريم.

دير مارْفايثون : بالحيرة أسفل النجف ، شاهده قد ذكر في دير ابن المزعوق.

دير مانَخايال : وهو دير بانخايال : وهو بأعلى الموصل على ميل منها مشرف على دجلة ذو كروم ونزه حسن ، وهو دير ميخائيل أيضا ، وله ثلاثة أسام ، وقد قال فيه الخالدي :

بمانخايال إن حاولتما طلبي

فأنتما تجداني ثمّ مطروحا

يا صاحبيّ هو العمر الذي جمعت

فيه المنى فاغدوا بالدير أو روحا

دير ماسَرْجَبيس : قال أبو الفرج والخالدي : هو بالمطيرة قرب سامرّا ، وفيه يقول عبد الله بن العباس


ابن الفضل :

ربّ صهباء من شراب المجوس

قهوة بابلية خندريس

وغزال مكحّل ذي دلال

ساحر الطرف بابليّ عروس

قد خلونا بظبية نجتليه ،

يوم سبت إلى صباح الخميس

بين آس وبين ورد جنيّ

وسط دير القسيس ما سرجبيس

يتثنّى بحسن جيد غزال

وصليب مفضض آبنوس

كم لثمت الصليب في الجيد منه

كهلال مكلّل بشموس

وقال الشابشتي : دير ماسرجبيس بعانة ، وعانة : مدينة على الفرات عامرة والدير فيها ، وهو دير حسن نزه كثير الرهبان ، والناس يقصدونه من هيت وغيرها للنزهة ، ثم أنشد الأبيات التي أولها :

ربّ صهباء من شراب المجوس

وزعم أنها لأبي طالب الواسطي المكفوف ، قال : وبهذا الموضع قبر أمّ الفضل بن يحيى بن برمك وكانت أرضعت الرشيد بلبن الفضل وكان يحبها ويكرمها ، وكانت قد صحبته في نفوذه إلى الرقّة فماتت بهذا الموضع فاشترى لها عشرة أجربة عند وادي القناطر على شاطئ الفرات ودفنت هناك وبنى عليها قبة فهي تعرف بقبة البرمكية.

دير الماطِرُونِ : قد ذكرنا الماطرون في موضعه ، وقال أبو محمد حمزة بن القاسم : قرأت على حائط من بستان الماطرون هذه الأبيات :

أرقت بدير الماطرون كأنني

لساري النجوم آخر الليل حارس

وأعرضت الشّعرى العبور كأنها

معلّق قنديل عليها الكنائس

ولاح سهيل عن يميني كأنه

شهاب نجاة وجهه الريح قابس

وهذه أبيات قديمة تروى لأرطأة بن سهيّة.

دير مَتَّى : بشرقي الموصل على جبل شامخ يقال له جبل متّى ، من استشرفه نظر إلى رستاق نينوى والمرج ، وهو حسن البناء وأكثر بيوته منقورة في الصخر ، وفيه نحو مائة راهب لا يأكلون الطعام إلا جميعا في بيت الشتاء أو بيت الصيف ، وهما منقوران في صخرة كل بيت منهما يسع جميع الرهبان ، وفي كلّ بيت عشرون مائدة منقورة من الصخر ، وفي ظهر كل واحدة منهنّ قبالة برفوف وباب يغلق عليها ، وفي كل قبالة آلة المائدة التي تقابلها من غضارة وطوفريّة وسكرّجة لا تختلط آلة هذه بآلة هذه ، ولرأس ديرهم مائدة لطيفة على دكان لطيف في صدر البيت يجلس عليها وحده وجميعها حجر ملصق بالأرض ، وهذا عجيب أن يكون بيت واحد يسع مائة رجل وهو وموائده حجر واحد ، وإذا جلس رجل في صحن هذا الدير نظر إلى مدينة الموصل ، وبينهما سبعة فراسخ ، ووجد على حائط دهليزه مكتوبا :

يا دير متّى سقت أطلالك الدّيم ،

وانهلّ فيك على سكانك الرّهم

فما شفى غلّتي ماء على ظمإ

كما شفى حرّ قلبي ماؤك الشبم

ديرُ المُحَرَّقِ : في غربي النيل بمصر على رأس جبل من الصعيد الأدنى مليح نزه حسن العمارة لم ير


أحسن منه ولا أحكم عمارة ، والنصارى يعظمونه ويزعمون أن المسيح ، عليه السلام ، لما ورد مصر كان نزوله به ومستقرّه فيه.

دير محمد : من نواحي دمشق ، قال الحافظ أبو القاسم : محمد بن الوليد بن عبد الله بن مروان بن الحكم بن أبي العاصي بن أميّة الأموي أمّه أمّ البنين بنت عبد العزيز بن مروان كان عمر بن عبد العزيز ، رضي الله عنه ، يراه أهلا للخلافة ، وإليه تنسب المحمديات التي فوق الأرزة ودير محمد الذي عند المنيحة من إقليم بيت الآبار ، وتزوّج محمد هذا ابنة عمه يزيد بن عبد الملك.

دير المُحَلّى : بساحل جيحان من الثغر قرب المصّيصة حسن مشرف على رياض وأزهار وأثمار ، وقد قيل فيه أشعار ، قال ابن أبي زرعة الدمشقي الشاعر :

دير محلّى محلّة الطرب ،

وصحنه صحن روضة الأدب

والماء والخمر فيه قد سكبا

للضيف من فضة ومن ذهب

دير مخراق : من أعمال خوزستان.

دير مِدْيانَ : على نهر كرخايا قرب بغداد ، وكرخايا : نهر يشق من المحوّل الكبير ويمرّ على العباسية ويشق الكرخ ويصب في دجلة ، وكان قديما عامرا وكان الماء فيه جاريا ثم انقطعت جريته بالبثوق التي انفتحت في الفرات ، وقد ذكر في بابه ، وهو دير حسن نزه يقصده أهل اللهو ، وفيه يقول الحسين الخليع :

حثّ المدام فإن الكأس مترعة

بما يهيج دواعي الشوق أحيانا

إني طربت لرهبان مجاوبة ،

بالقدس بعد هدوّ الليل ، رهبانا

فاستنفرت شجنا مني ذكرت به

كرخ العراق وأحزانا وأشجانا

فقلت ، والدمع من عينيّ منحدر ،

والشوق يقدح في الأحشاء نيرانا :

يا دير مديان لا عرّيت من سكن

ما هجت من سقم يا دير مديانا

هل عند قسك من علم فيخبرني

أن كيف يسعد وجه الصبر من بانا

سقيا ورعيا لكرخايا وساكنه

بين الجنينة والروحاء من كانا

وروى غير الشابشتي هذا الشعر في دير مرّان وأنشده كذا ، والصواب ما كتب لتقارب هذه الأمكنة المذكورة بعضها من بعض ، والله أعلم.

دير مُرَّان : بضم أوله ، بلفظ تثنية المرّ ، والذي بالحجاز مرّان ، بالفتح ، قال الخالدي : هذا الدير بالقرب من دمشق على تل مشرف على مزارع الزّعفران ورياض حسنة ، وبناؤه بالجصّ وأكثر فرشه بالبلاط الملوّن ، وهو دير كبير وفيه رهبان كثيرة ، وفي هيكله صورة عجيبة دقيقة المعاني ، والأشجار محيطة به ، وفيه قال أبو بكر الصّنوبري :

أمرّ بدير مرّان فأحيا ،

وأجعل بيت لهوي بيت لهيا

ويبرد غلّتي بردى فسقيا

لأيام على بردى ورعيا

ولي في باب جيرون ظباء

أعاطيها الهوى ظبيا فظبيا

ونعم الدار داريّا ، ففيها

حلالي العيش حتى صار أريا


سقت دنيا دمشق لنصطفيها ،

وليس نريد غير دمشق دنيا

تفيض جداول البلور فيها

خلال حدائق ينبتن وشيا

مظللة فواكهها بأبهى ال

مناظر في نواضرها وأهيا

فمن تفاحة لم تعد خدّا ،

ومن رمانة لم تخط ثديا

وله فيه :

متى الأرحل محطوطه

وعير الشوق مربوطه

بأعلى دير مرّان

فداريّا إلى الغوطة

فشطّي بردى في جن

ب بسط الروض مبسوطه

رباع تهبط الأنها

ر منها خير مهبوطه

وروض أحسنت تكتي

به المزن وتنقيطه

ومدّ الورد والآس

لنا فيه فساطيطه

ووالى طيره ترجي

عه فيه وتمطيطه

محلّ لا ونت فيه

مزاد المزن معطوطه

قال الطبراني : حدثنا أبو زرعة الدمشقي قال : سمعت أبا مسهر يقول : كان يزيد بن معاوية بدير مرّان فأصاب المسلمين سباء وقتل بأرض الروم فقال يزيد :

وما أبالي بما لاقت جموعهم

بالغذقدونة من حمّى ومن موم

إذا اتكأت على الأنماط مرتفقا

بدير مرّان عندي أمّ كلثوم

وأم كلثوم هي بنت عبد الله بن عامر بن كريز زوجته ، فبلغ معاوية ذلك فقال : لا جرم ليلحقنّ بهم ويصيبه ما أصابهم وإلا خلعته ، فتهيّأ للرحيل وكتب إليه :

تجنّى لا تزال تعدّ ذنبا

لتقطع حبل وصلك من حبالي

فيوشك أن يريحك من بلائي

نزولي في المهالك وارتحالي

ودير مرّان أيضا : على الجبل المشرف على كفر طاب قرب المعرّة يزعمون أن فيه قبر عمر بن عبد العزيز ، رضي الله عنه ، وهو مشهور بذلك يزار إلى الآن.

دَيْرُ مَرتُومَا : هذا الدير بميّافارقين على فرسخين منها على جبل عال له عيد يجتمع الناس إليه ، وهو مقصود لذلك وتنذر له النذور وتحمل إليه من كل موضع ويقصده أهل البطالة والخلاعة ، وتحته برك يجتمع فيها ماء الأمطار ، ومرتوما شاهد فيه تزعم النصارى أن له ألف سنة وزيادة ، وأنه شاهد المسيح ، عليه السلام ، وهو في خزانة خشب له أبواب تفتح أيام أعيادهم فيظهر منه نصفه الأعلى ، وهو ظاهر قائم وأنفه وشفته مقطوعان ، وذلك أن امرأة احتالت به حتى قطعت أنفه وشفته ومضت بهما فبنت عليهما دارا في البريّة في طريق تكريت ، قاله الشابشتي.

دَيْرُ مَرْجُرْجِسَ : بالمزرفة ، بينه وبين بغداد أربعة فراسخ مصعدا ، والمزرفة : قرية كبيرة


وكانت قديما ذات بساتين عجيبة وفواكه غريبة ، وكان هذا الدير من متنزهات بغداد لقربه وطيبه ، وفيه يقول أبو جفنة القرشي :

ترنّم الطير بعد عجمته ،

وانحسر البرد في أزمّته

وأقبل الورد والبهار إلى

زمان قصف يمشي برمّته

ما أطيب الوصل إن نجوت ولم

يلسعني هجره بحمّته

ومثل لون النجيع صافية

تذهب بالمرء فوق همته

نازعته من سداه لي أبدا

في العشق والعشق مثل لحمته

في دير مرجرجس وقد نفح ال

فجر علينا أرواح زهرته

وفى بميعاده وزورته

وكنت أوفي له بذمته

دَير مَرْجُرجِيس : فوق بلد بينها وبين جزيرة ابن عمر على ثلاثة فراسخ وأزيد من بلد على جبل عال يبصره المتأمل من فراسخ كثيرة ، وعلى بابه شجرة لا يدرى ما هي ، ثمرها شبه اللوز طيب الطعم ، وبها زرازير كثيرة لا تفارقه شتاء ولا صيفا ، ولا يقدر أحد من الصيادين على صيد شيء من طيره نهارا ، وأما الليل ففي جبله أفاع لا يستطيع أحد أن يسير فيه ليلا من أجلها ، قاله الخالدي.

دَيْرُ مَرْحَنَّا : بمصر على شاطئ بركة الحبش بينه وبين الفسطاط قريب من النيل ، وإلى جانبه بساتين ومجلس على عمد رخام مليح البناء جيد الصنعة أنشأه تميم بن المعزّ ، وبقرب الدير بئر تعرف ببئر مماتي عليها شجرة جمّيز يجتمع إليها الناس ويتنزهون عندها ، وهو نزه طيب خصوصا إذا زاد النيل وامتلأت البركة فهو أحسن متنزه بمصر ، وفيه يقول ابن عاصم :

عرّج بجمّيزة العرجا مطيّاتي

وسفح حلوان والمم بالتّويثات

والمم بقصر ابن بسطام فربّتما

سعدت فيه بأيامي وليلاتي

واقرأ على دير مرحنّا السلام ، فقد

أبدى تذكره مني صباباتي

وبركة الحبش اللاتي ببهجتها

أدركت ما شئت من لهوي ولذّاتي

كأنّ أجبالها من حولها سحب

تقشّعت بعد قطر عن سماوات

كأن أذناب ما قد صيد فيه لنا

من ابرميس ورأي بالشّبيكات

أسنّة خضبت أطرافها بدم ،

أو راشح نزعوه من جراحات

منازلا كنت أغشيها وأطرقها ،

وكنّ قدما مواخيري وحاناتي

وقال أميّة بن أبي الصلت المغربي يذكر دير مرحنّا :

يا دير مرحنّا لنا ليلة

لو شريت بالنفس لم تبخس

بتنا به في فتية أعربت

آدابهم عن شرف الأنفس

والليل في شملة ظلمائه

كأنه الراهب في البرنس

نشربها صهباء مشمولة

تغني عن المصباح في الحندس


وهي إذا نفّس عن دنّها

أذكى من الرّيحان في المجلس

يسعى بها أهيف طاوي الحشا ،

يرفل في ثوب من السندس

تجنيك خدّاه وألحاظه

نوعين من ورد ومن نرجس

قد عقد المئزر من خصره

على قضيب البانة الأملس

يفعل في الشّرب بألحاظه

أضعاف ما يفعل بالأكؤس

دَيْر مَرْقُس : من نواحي الجزر من نواحي حلب ، قال حمدان بن عبد الرحيم يذكره :

ألا هل إلى حثّ المطايا إليكم

وشمّ خزامى حربنوش سبيل؟

وهل غفلات الدهر في دير مرقس

تعود وظلّ اللهو فيه ظليل؟

إذا ذكرت لذّاتها النفس عندكم

تلاقى عليها وجدة وعويل

بلاد بها أمسى الهوى ، غير أنني

أميل مع الأقدار حيث تميل

دَيرُ مَرْعَبْدَا : بذات الأكيراح من نواحي الحيرة ، منسوب إلى مرعبدا بن حنيف بن وضّاح اللحياني كان مع ملوك الحيرة ، وهو دير ابن وضّاح.

دَيرُ مَرْمَاجُرْجُس : دير بنواحي المطيرة ، قال فيه أبو الطيب القاسم بن محمد النّميري صديق ابن المعتزّ وذكره الشابشتي مع دير مرجرجس ولعله هو هو :

نزلت بمرماجرجس خير منزل ،

ذكرت به أيام لهو مضين لي

تكنّفنا فيه السرور وحفّنا ،

فمن أسفل يأتي السرور ومن عل

وسالمت الأيام فيه وساعدت

وصارت صروف الحادثات بمعزل

يدير علينا الكأس فيه مقرطق

يحثّ به كاساته ليس يأتلي

فيا عيش ما أصفى ويا لهو دم لنا ،

ويا وافد اللذات حيّيت فانزل

دَيرُ مَرْمَاري : من نواحي سامرّا عند قنطرة وصيف ، وكان عامرا كثير الرهبان ، ولأهل اللهو به إلمام ، وفيه يقول الفضل بن العباس بن المأمون :

أنضيت في سرّ من را خيل لذّاتي ،

ونلت منها هوى نفسي وحاجاتي

عمّرت فيها بقاع اللهو منغمسا

في القصف ما بين أنهار وجنّات

بدير مرمار إذ نحيي الصّبوح به ،

ونعمل الكاس فيه بالعشيّات

بين النواقيس والتقديس آونة ،

وتارة بين عيدان ونايات

وكم به من غزال أغيد غزل

يصيدنا باللحاظ البابليّات

قال الشابشتي : ودير قنّى يقال له دير مرماري.

ديرُ مَرْماعُوث : على شاطئ الفرات من الجانب الغربي في موضع نزه إلا أن العمارة حوله قليلة ، وللعرب عليه خفارة ، وفيه جماعة من الرهبان لهم حوله مزارع ومباقل ، وفي صدره صورة حسنة عجيبة ، وفيه يقول الشاعر الكندي المنبجي :

يا طيب ليلة دير مرماعوث ،

فسقاه ربّ الناس صوب غيوث


وسقى حمامات هناك صوادحا

أبدا على سدر هناك وتوث

ومورّد الوجنات من رهبانه ،

هو بينهم كالظبي بين ليوث

ذي لثغة فتانة فيسمّي الط

اووس حين يقول بالطاووث

حاولت منه قبلة فأجابني :

لا والمثيح وحرمة الناقوث

أتراك ما تخشى عقوبة خالق

تعثيه بين شمامث وقثوث

حتى إذا ما الراح سهّل حثّها

منه العسير برطلة المحثوث

نلت الرّضا وبلغت قاصية المنى

منه برغم رقيبه الدّيّوث

ولقد سلكت مع النصارى كلّ ما

سلكوه غير القول بالثالوث

بتناول القربان والتكفير للص

لبان والتمسيح بالطّيبوث

ورجوت عفو الله متكلا على

خير الأنام نبيّه المبعوث

دَيرُ مَرْيُحنَّا : إلى جانب تكريت على دجلة ، وهو كبير عامر كثير القلّايات والرهبان مطروق مقصود وينزل به المجتازون ولهم فيه ضيافة ، وله غلّات ومزارع ، وهو للنسطورية ، وعلى بابه صومعة عبدون الراهب رجل من الملكانية بنى الصومعة ونزلها فصارت تعرف به ، وفيه يقول عمر بن عبد الملك الورّاق العنزي :

أرى قلبي قد حنّا

إلى دير مريحنّا

إلى غيطانه الفسخ

إلى بركته الغنّا

إلى ظبي من الإنس

يصيد الإنس والجنّا

إلى غصن من الآس

به قلبي قد حنّا

إلى أحسن خلق الله

إن قدّس أو غنّى

فلما انبلج الصبح

نزلنا بيننا دنّا

ولما دارت الكاس

أدرنا بيننا لحنا

ولما هجع السّمّا

رنمنا وتعانقنا

دَيْرمَرْيونانَ : ويقال عمر ماريونان : بالأنبار على الفرات كبير وعليه سور محكم والجامع ملاصقه ، وفيه يقول الحسين بن الضحاك :

آذنك الناقوس بالفجر ،

وغرّد الراهب في العمر

واطّردت عيناك في روضة

تضحك عن حمر وعن صفر

وحنّ مخمور إلى خمره ،

وجاءت الكاس على قدر

فارغب عن النّوم إلى شربها

ترغب عن الموت إلى النشر

دَيْرُ المَزْعُوق : ويقال دير ابن المزعوق : وهو قديم بظاهر الحيرة ، قال محمد بن عبد الرحمن الثّرواني :

قلت له والنجوم طالعة

في ليلة الفصح أول السحر :

هل لك في مارفايثون وفي

دير ابن مزعوق غير مقتصر

يقتصّ منه النسيم عن طرق الش

ام وريح النّدى عن المدر

ونسأل الأرض عن بشاشتها

وعهدها بالربيع والمطر

في شرب خمر وصدع محسنة

تلهيك بين اللسان والوتر


دَيْرُ مسحل : بين حمص وبعلبكّ ، ذكر في الفتوح.

دَيْرُ المُغان : بحمص في خربة بني السّمط تحت تلهّم ، وهو دير عظيم الشأن عندهم كبير القدر فيه رهبان كثيرة ، وترابه يختم عليه للعقارب ويهدى إلى البلاد قاطبة ، وتتنافس النصارى في موضع مقبرته.

دَيْرُ ميخائيلَ : في موضعين : بالموصل وبدمشق ، وله غير أسماء : اسم الذي في الموصل يقال له دير مار نخايال ، وفي دمشق يقال له دير البخت ، وقد ذكر.

دَيرُ مَلْكِيسَاوَا : بالفتح ثم السكون ، وكسر الكاف ، وياء مثناة من تحتها ، وسين مهملة : مطلّ على دجلة فوق الموصل بينهما نحو فرسخ ونصف ، وهو دير صغير.

دَيرُ مَنْصور : في شرقي الموصل مطلّ على نهر الخابور ، وهو دير كبير عامر في أيامنا هذه.

دَيرُ مِيمَاسَ : بين دمشق وحمص على نهر يقال له ميماس ، وإليه نسب ، وهو في موضع نزه ، وبه شاهد على زعمهم من حواريّي عيسى ، عليه السلام ، زعم رهبانه أنه يشفي المرضى ، وكان البطين الشاعر قد مرض فجاؤوا به إليه يستشفي فيه فقيل إنّ أهله غفلوا عنه فبال قدّام قبر الشاهد ، واتفق أن مات عقيب ذلك ، فشاع بين أهل حمص أنّ الشاهد قتله وقصدوا الدير ليهدموه وقالوا : نصرانيّ يقتل مسلما لا نرضى! أو تسلموا إلينا عظام الشاهد حتى نحرقها ، فرشا النصارى أمير حمص حتى رفع عنهم العامة ، فقال شاعر يذكر ذلك :

يا رحمتا لبطين الشعر إذ لعبت

به شياطينه في دير ميماس

وافاه وهو عليل يرتجي فرجا ،

فردّه ذاك في ظلمات أرماس

وقيل شاهد هذا الدير أتلفه

حقّا مقالة وسواس وخنّاس

أأعظم باليات ذات مقدرة

على مضرّة ذي بطش وذي باس!

لكنهم أهل حمص لا عقول لهم ،

بهائم غير معدودين في الناس

دَيرُ نجْرَانَ : في موضعين : أحدهما باليمن لآل عبد المدان بن الدّيّان من بني الحارث بن كعب ومنه جاء القوم الذين أرادوا مباهلة النبي ، صلى الله عليه وسلّم ، وكان بنو عبد المدان بن الدّيّان بنوه مربّعا مستوي الأضلاع والأقطار مرتفعا من الأرض يصعد إليه بدرجة على مثال بناء الكعبة ، فكانوا يحجونه هم وطوائف من العرب ممن يحلّ الأشهر الحرم ولا يحج الكعبة ويحجه خثعم قاطبة ، وكان أهل ثلاثة بيوتات يتبارون في البيع وربها أهل المنذر بالحيرة وغسان بالشام وبنو الحارث بن كعب بنجران ، وبنوا دياراتهم في المواضع النزهة الكثيرة الشجر والرياض والغدران ويجعلون في حيطانها الفسافس وفي سقوفها الذهب والصّور ، وكان بنو الحارث بن كعب على ذلك إلى أن جاء الإسلام فجاء إلى النبي ، صلى الله عليه وسلّم ، العاقب والسيد وإيليا أسقف نجران للمباهلة ثم استعفوه منها من قبل أن تتم ، وكانوا يركبون إليها في كل يوم أحد وفي أيام أعيادهم في الديباج المذهب والزنانير المحلاة بالذهب وبعد ما يقضون صلاتهم ينصرفون إلى نزههم ويقصدهم الوفود والشعراء فيشربون ويستمعون الغناء ويهنون ويسكرون ، وفي ذلك يقول الأعشى :

وكعبة نجران حتم علي

ك حتى تناخي بأبوابها

تزور يزيدا وعبد المسيح

وقيسا هم خير أربابها


إذا الحبرات تلوّت بهم

وجرّوا أسافل هدّابها

وشاهدنا الجلّ والياسمي

ن والمسمعات بقصّابها

وبربطنا معمل دائم ،

فأي الثلاثة أزرى بها؟

ودير نجران أيضا : بأرض دمشق من نواحي حوران ببصرى ، وإليه ورد النبي ، صلى الله عليه وسلّم ، وعرفه الراهب بحيرا في القصة المشهورة في أخبار معجزات النبي ، صلى الله عليه وسلّم ، وهو دير عظيم عجيب العمارة ، ولهذا الدير ينادى في البلاد من نذر نذرا لنجران المبارك ، والمنادي راكب فرس يطوف عامة نهاره ، في كل مدينة مناد ، وللسلطان على الدير قطيعة يأخذها من النذور التي تهدى إليه ، وأما نجران فأذكرها في بابها وأصفها.

دَيرُ نُعْمٍ : أظنه قرب رحبة مالك بن طوق لأن هناك موضعا هكذا اسمه ، قال :

قضت وطرا من دير نعم وطالما

دَيرُ النَّقِيرَةِ : في جبل قرب المعرة يقال به قبر عمر ابن عبد العزيز ، رضي الله عنه ، والصحيح أنه في دير سمعان كما ذكرناه ، وبهذا الموضع قبر الشيخ أبي زكرياء يحيى المغربي ، وكان من الصالحين يزار في أيامنا عن قرب نحو سنة ٦٠٠.

دَيرُ النمل : بالقرب من مدينة بلد شماليّا بينهما نحو فرسخ.

دَيرُ نَهيَا : ونهيا بالجيزة من أرض مصر ، وديرها هذا من أحسن الديارات بمصر وأنزهها وأطيبها موضعا وأجلّها موقعا ، عامر برهبانه وسكانه ، وله في النيل منظر عجيب لأن الماء يحيط به من جميع جهاته فإذا انصرف الماء وزرع أظهرت أراضيه أنواع الأزهار ، وله خليج يجتمع فيه أنواع الطيور فهو متصيّد أيضا ، ولابن البصري فيه يذكره :

يا من إذا سكر النديم بكأسه

غريت لواحظه بسكر الفيّق

طلع الصباح فأسقني تلك التي

ظلمت فشبّه لونها بالزيبق

والق الصّبوح بنور وجهك ، إنه

لا يلتقي الفرحان حتى يلتقي

قلبي الذي لم يبق فيه هواكم

إلا صبابة نار شوق قد بقي

أو ما ترى وجه الربيع وقد زهت

أزهاره ببهاره المتألق

وتجاوبت أطياره وتبسمت

أشجاره عن ثغر دهر مونق

والبدر في وسط السماء كأنه

وجه منير في قباء أزرق

يا للديارات الملاح وما بها

من طيب يوم مرّ لي متشوق

أيام كنت وكان لي شغل بها ،

وأسير شوق صبابتي لم يطلق

يا دير نهيا ما ذكرتك ساعة

إلا تذكرت السواد بمفرقي

والدهر غضّ والزمان مساعد ،

ومقامنا ومبيتنا بالجوسق

يا دير نهيا إن ذكرت فإنني

أسعى إليك على الخيول السّبق

وإذا سئلت عن الطيور وصيدها

وجنوسها فاصدق وإن لم تصدق


فالغرّ فالكروان فالفارور إذ

يشجيك في طيرانه المتحلق

أشهدت حرب الطير في غيطانه

لما تجوّق منه كلّ مجوّق

والزمج والغضبان في رهط له

ينحطّ بين مرعّد ومبرّق

ورأيت للبازيّ سطوة موسر ،

ولغيره ذلّ الفقير المملق

كم قد صبوت بغرّني في شرّتي ،

وقطعت أيامي برمي البندق

وخلعت في طلب المجون حبائلي

حتى نسبت إلى فعال الأخرق

ومهاجر ومنافر ومكابر

قلق الفواد به وإن لم يقلق

لو عاين التّفاح حمرة خده

لصبا إلى ديباج ذاك الرّونق

يا حامل السيف الغداة وطرفه

أمضى من السيف الحسام المطلق

لا تقطعنّ يد الجفاء حبائلي

قطع الغلام العود بالإستبرق

ديرُ الوليدِ : بالشام لا أدري أين هو ، إلا أن مفسري قول جرير قالوا : إياه أراد بقوله :

لما تذكرت بالديرين أرّقني

صوت الدجاج وضرب بالنواقيس

ديرُ وَنَا : قال العمراني : هو موضع بمصر.

دَيرُ هُرْمِسَ : بكسر ويضم : بمنف من أرض مصر وعنده هرم قيل إن فيه مدفونا رجلا كان يعدّ بألف فارس على ما ذكروه ، وهو غربي الأهرام المشهورة ، وذكرته في الأهرام.

دَيرُ هِزْقِلَ : بكسر أوله ، وزاي معجمة ساكنة ، وقاف مكسورة ، وأصله حزقيل ثم نقل إلى هزقل ، وفي هذا الموضع كان قصة الذين قال الله عز وجل فيهم : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقالَ لَهُمُ اللهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْياهُمْ) ، لحزقيل في هذا الموضع ، وقد ذكرت المواضع بتمامها في داوردان وفي البطائح فأغنت عن الإعادة : وهو دير مشهور بين البصرة وعسكر مكرم ، ويقال إنه المراد بقوله تعالى : (أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها قالَ أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللهُ بَعْدَ مَوْتِها) ، ذكره بعض المفسرين قال : وعندها أحيا الله حمار عزير ، عليه السلام ، حدث أبو بكر الصولي عن الحسين بن يحيى الكاتب قال : غضب أبو عباد ثابت ابن يحيى كاتب المأمون يوما على بعض كتّابه فرماه بدواة كانت بين يديه ، فلما رأى الدم يسيل ندم وقال : صدق الله عز وجل والذين إذا ما غضبوا هم يتجاوزون ، فبلغ ذلك المأمون فانتبه وعتب عليه وقال : ويحك أنت أحد أعضاد المملكة وكتّاب الخليفة ما تحسن تقرأ آية من كتاب الله؟ فقال : بلى يا أمير المؤمنين إني لأقرأ من سورة واحدة ألف آية وأكثر ، فضحك المأمون وقال : من أي سورة؟قال : من أيها شئت ، فازداد ضحكه وقال : قد شئتت من سورة الكوثر ، وأمر بإخراجه من ديوان الكتابة ، فبلغ ذلك دعبلا الشاعر فقال :

أولى الأمور بضيعة وفساد

أمر يدبره أبو عبّاد

خرق على جلسائه فكأنّهم

خضروا لملحمة ويوم جلاد

فكأنه من دير هزقل مفلت

حرد بجرّ سلاسل الأقياد


وقيل يوما للمأمون : إن دعبلا هجاك ، فقال : من جسر أن يهجو أبا عباد مع عجلته وسرعة انتقامه جسر أن يهجوني أنا مع أناني وعفوي ، وبهذا الدير كانت قصة المبرد ، وهي رواية الخالدي ، قال المبرد : اجتزت بدير هزقل فقلت لأصحابي أحبّ النظر إليه فاصعدوا بنا ، فدخلنا فرأينا منظرا حسنا وإذا في بعض بيوته كهل مشدود حسن الوجه عليه أثر النعمة فدنونا منه وسلمنا عليه فرد علينا السلام وقال : من أين أنتم؟ قلنا : من البصرة ، قال : فما أقدمكم هذا البلد الغليظ هواؤه الثقيل ماؤه الجفاة أهله؟ قلنا : طلب الحديث والأدب ، قال : حبذا! تنشدوني أو أنشدكم؟ فقلنا : أنشدنا ، فقال :

الله يعلم أنني كمد ،

لا أستطيع أبثّ ما أجد

روحان لي ، روح تضمّنها

بلد ، وأخرى حازها بلد

وأرى المقيمة ليس ينفعها

صبر وليس يضرها جلد

وأظن غائبتي كشاهدتي

بمكانها تجد الذي أجد

ثم أغمي عليه فتركناه وانصرفنا ، فأفاق وصاح بنا فعدنا إليه وقال : تنشدوني أو أنشدكم؟ قلنا : أنت أنشدنا ، فقال :

لما أناخوا ، قبيل الصبح ، عيسهم ،

وثوّروها فثارت بالهوى الإبل

وأبرزت من خلال السّجف ناظرها

ترنو إليّ ودمع العين ينهمل

وودّعت ببنان خلته عنما ،

فقلت : لا حملت رجلاك يا جمل

ويلي من البين ما ذا حلّ بي وبها

من نازح الوجد حلّ البين فارتحلوا

إني على العهد لم أنقض مودّتكم ،

يا ليت شعري بطول العهد ما فعلوا؟

فقال له فتى من المجّان كان معنا : فماتوا! قال له : أفأموت أنا؟ قال : مت راشدا ، فتمطّى وتمدّد ومات ، فما برحنا حتى دفنّاه ، وبهذا الدير كانت قصة أبي الهذيل العلّاف.

ديرُ هِندٍ الصُّغْرَى : بالحيرة يقارب خطة بني عبد الله ابن دارم بالكوفة مما يلي الخندق في موضع نزه ، وهو دير هند الصغرى بنت النعمان بن المنذر المعروفة بالحرقة ، قال هشام الكلبي : كان كسرى قد غضب على النعمان بن المنذر فحبسه فأعطت بنته هند عهدا لله إن ردّه الله إلى ملكه أن تبني ديرا تسكنه حتى تموت ، فخلّى كسرى عن أبيها النعمان فبنت الدير وأقامت به إلى أن ماتت ودفنت فيه ، وهي التي دخل عليها خالد بن الوليد ، رضي الله عنه ، لما فتح الحيرة فسلمت عليه فقال لها لما عرفها : أسلمي حتى أزوجك رجلا شريفا مسلما ، فقالت له : أما الدين فلا رغبة لي فيه غير دين آبائي ، واما التزويج فلو كانت في بقية لما رغبت فيه فكيف وأنا عجوز هرمة أترقّب المنيّة بين اليوم وغد! فقال : سليني حاجة ، فقالت : هؤلاء النصارى الذين في ذمتكم تحفظونهم ، قال : هذا فرض علينا أوصانا به نبينا محمد ، صلى الله عليه وسلّم ، قالت : ما لي حاجة غير هذا فإني ساكنة في هذا الدير الذي بنيته ملاصقا لهذه الأعظم البالية من أهلي حتى ألحق بهم ، قال : فأمر لها بمعونة ومال وكسوة ، قالت : أنا في غنى عنه ، لي عبدان يزرعان مزرعة لي أتقوّت بما


يخرج منها ويمسك الرمق وقد اعتددت بقولك فعلا وبعرضك نقدا ، فقال لها : أخبريني بشيء أدركت ، قالت : ما طلعت الشمس بين الخورنق والسدير إلا على ما هو تحت حكمنا فما أمسى المساء حتى صرنا حولا لغيرنا ، ثم أنشأت نقول :

فبينا نسوس الناس والأمر أمرنا ،

إذا نحن فيهم سوقة نتنصّف

فتبا لدنيا لا يدوم نعيمها

تقلّب تارات بنا وتصرّف

ثم قالت : اسمع منّي دعاء كنا ندعو به لأملاكنا : شكرتك يد افتقرت بعد غنى ولا ملكتك يد استغنت بعد فقر ، وأصاب الله بمعروفك مواضعه ولا أزال عن كريم نعمة إلا جعلك سببا لردّها إليه ولا جعل لك إلى لئيم حاجة ، قال : فتركها وخرج ، فجاءها النصارى وقالوا : ما صنع بك الأمير؟ فقالت :

صان لي ذمتي وأكرم وجهي ،

إنما يكرم الكريم الكريم

وقد أكثر الشعراء من ذكر هذا الدير ، فقال فيه معن بن زائدة الشيباني الأمير وكان منزله قريبا منه :

ألا ليت شعري هل أبيتنّ ليلة

لدى دير هند والحبيب قريب

فتقضي لبانات ونلقى أحبّة ،

ويورق غصن للسرور رطيب

وهند هذه صاحبة القصة مع المغيرة بن شعبة.

دَيْرُ هَنْدٍ الكُبرى : وهو أيضا بالحيرة بنته هند أمّ عمرو بن هند ، وهي هند بنت الحارث بن عمرو بن حجر آكل المرار الكندي ، وكان في صدره مكتوب : بنت هذه البيعة هند بنت الحارث بن عمرو بن حجر الملكة بنت الأملاك وأمّ الملك عمرو ابن المنذر أمة المسيح وأمّ عبده وبنت عبيده في ملك ملك الأملاك خسرو أنوشروان في زمن مار افريم الأسقف ، فالإله الذي بنت له هذا الدير يغفر خطيئتها ويترحم عليها وعلى ولدها ، ويقبل بها وبقومها إلى إقامة الحق ويكون الله معها ومع ولدها الدهر الداهر ، حدث عبد الله بن مالك الخزاعي قال : دخلت مع يحيى بن خالد لما خرجنا مع الرشيد إلى الحيرة وقد قصدناها لنتنزه بها ونرى آثار المنذر فدخل دير هند الصغرى فرأى آثار قبر النعمان وقبرها إلى جنبه ثم خرج إلى دير هند الكبرى وهو على طرف النجف فرأى في جانب حائطه شيئا مكتوبا ، فدعا بسلّم وأمر بقراءته ، وكان فيه مكتوب :

إنّ بني المنذر عام انقضوا

بحيث شاد البيعة الراهب

تنفح بالمسك ذفاريهم

وعنبر يقطبه القاطب

والقزّ والكتّان أثوابهم

لم يجب الصوف لهم جائب

والعزّ والملك لهم راهن ،

وقهوة ناجودها ساكب

أضحوا وما يرجوهم طالب

خيرا ولا يرهبهم راهب

كأنهم كانوا بها لعبة

سار إلى أين بها الراكب

فأصبحوا في طبقات الثرى

بعد نعيم لهم راتب

شرّ البقايا من بقي بعدهم

قلّ وذلّ جدّه خائب


قال : فبكى حتى جرت دموعه على لحيته وقال : نعم هذا سبيل الدنيا وأهلها.

دَيْرُ هِنْدٍ : من قرى دمشق ، قال ابن أبي العجائز وهو يذكر من كان من بني أمية بدمشق : عبد الكريم بن أبي معاوية بن أبي محمد بن عبد الله بن يزيد ابن معاوية بن أبي سفيان كان يسكن بدير هند من إقليم بيت الآبار.

دَيْرُ يُحَنّس : قال الشابشتي : هذا الدير بسمنود من أعمال حوف مصر ، إذا كان يوم عيده أخرج شاهده في تابوت فيسير التابوت على وجه الأرض لا يقدر أحد أن يمسكه ولا يحبسه حتى يرد البحر فيغطس ثم يرجع إلى مكانه ، قلت أنا : وهذا من تهاويل النصارى ولا أصل له ، والله أعلم.

دَيْرُ يونُسَ : ينسب إلى يونس بن متّى ، عليه السلام ، وهو في جانب دجلة الشرقي مقابل الموصل ، وبينه وبين دجلة فرسخان وأقلّ ، وموضعه يعرف بنينوى ، ونينوى هي مدينة يونس ، عليه السلام ، وتحت الدير عين تعرف بعين يونس يقصدها الناس للاغتسال منها ، ولأبي شأس فيه :

يا دير يونس جادت سفحك الدّيم

حتى يرى ناضر بالروض يبتسم

لم يشف في ناجر ماء على ظمأ

كما شفى حرّ قلبي ماؤك الشّبم

ولن يحلّك محزون به سقم

إلا تحلّل عنه ذلك السّقم

أستغفر الله من فتكي بذي غنج

جرى عليّ به في ربعك القلم

الدِّيَرَةُ البيضُ : بالصعيد من غربي النيل ، وهما ديران نزهان فيهما رهبان كثيرة.

دِيزَك : بكسر أوله ، وسكون ثانيه ، وزاي ، وآخره كاف : من قرى سمرقند ، قال الإصطخري : ديزك من مدن أشر وسنة بها مرابط أهل سمرقند ودور ورباطات للسّبل ، بها رباط حسن بناه بدر قشير ، ولها نهر جار ، ينسب إليها عبد العزيز بن محمد الديزكي ، ويقال الديزقيّ ، الواعظ السمرقندي ، سمع أبا بكر محمد بن سعيد البخاري ، مات في طريق مكة قبل ٣٠٨.

دِيْسان : بكسر أوله ، وسكون ثانيه ، وسين مهملة وآخره نون : من قرى هراة.

دَيْسَقَةُ : بفتح أوله ، وسكون ثانيه ، وسين مهملة مفتوحة ، وقاف : اسم موضع كانت به وقعة ، قال النابغة الجعدي :

نحن الفوارس يوم ديسقة ال

مغشي الكماة غوارب الأكم

والدّيسق في لغتهم : الصحراء الواسعة والسّراب والحوض الملآن.

ديشان : بالشين معجمة ، وآخره نون : من قرى مرو.

ديصا : بليدة قديمة بأرض مصر تضاف إليها كورة من كور أسفل الأرض.

الدِّيكْدانُ : بلفظ الديكدان الذي يطبخ عليه ، وهو فارسي ، معناه موضع القدر : قلعة عظيمة على سيف البحر قريبة من جزيرة هرمز المقابلة لجزيرة قيس بني عميرة تعرف بقلعة بني عمارة وتنسب إلى الجلندى ، ولا يقدر أحد أن يرتقي إليها بنفسه إلّا أن يرتقي في شيء من المحامل ، ولم تفتح قط عنوة ، وهي مرصد لآل عمارة في البحر يعشرون فيها المراكب ، قال الإصطخري وذكر بيوتات فارس فقال : منهم آل عمارة يعرفون بآل الجلندى ، ولهم


مملكة عريضة وضياع كثيرة على سيف البحر بفارس متاخمة لحدّ كرمان ، ويزعمون أن ملكهم هناك قبل موسى بن عمران ، عليه السلام ، وأن الذي قال الله تبارك وتعالى : وكان وراءهم ملك يأخذ كلّ سفينة غصبا ، هو الجلندي ، وهم قوم من أزد اليمن ، ولهم إلى يومنا هذا منعة وحدّ وبأس وعدد لا يستطيع السلطان قهرهم ، وإليهم أرصاد البحر وعشور السّفن ، وقد كان عمرو بن الليث ناصب حمدان بن عبد الله بن الحارث الحرب نحو سنتين فما قدر عليه حتى استعان عليه بابن عمه العباس بن أحمد ابن الحسن الذي نسب إليه رمّ الكاريان ، وهو من آل الجلندى ، وفيهم منعة إلى يومنا هذا.

دَيْلَمَان : كأنه نسبة إلى الدّيلم أو جمعه بلغة الفرس : من قرى أصبهان بناحية خرجان ، ينسب إليها أبو محمد عبد الله بن إسحاق بن يوسف الدّيلماني ، روى عن أبيه ، روى عنه أبو عمرو بن حكيم المدني.

دَيْلَمِستَان : قرية قرب شهرزور بينهما تسعة فراسخ ، كان الديلم في أيام الأكاسرة إذا خرجوا للغارة عسكروا بها وخلّفوا سوادهم لديها وانتشروا في الأرض غائبين ، فإذا فرغوا من غاراتهم عادوا إليها ورحلوا إلى مستقرّهم.

دَيْلَمِيٌّ : قال الأصمعي وهو يذكر جبال مكة : جبل شيبة متصل بجبل ديلميّ وهو المشرف على المروة.

دَيْلَمٌ : الديلم : الموت ، والديلم : الأعداء ، والديلم : النمل الأسود ، والديلم : جيل سمّوا بأرضهم في قول بعض أهل الأثر وليس باسم لأب لهم ، قال المنجمون : الديلم في الإقليم الرابع ، طولها خمس وسبعون درجة ، وعرضها ست وثلاثون درجة وعشر دقائق. وديلم : اسم ماء لبني عبس ، فقال عنترة :

زوراء تنفر من حياض الديلم

وقال الحفصي : في العرمة من أرض اليمامة ماء يقال له الديلم وثم الدّحرضان ، وهما ماءان لبني حدّان ابن قريع ، وأنشد قول عنترة ، وفي كتاب التصحيف والتحريف لحمزة : حدثني ابن الأنباري قال : حدثني أحمد بن يحيى ثعلب قال : لقيني أبو محلم على باب أحمد بن سعيد ومعه أعرابيّ فقال : جئتكم بهذا الأعرابي لتعرفوا كذب الأصمعي ، أليس يقول في عنترة :

زوراء تنفر من حياض الديلم

إن الديلم الأعداء فسلوا هذا الأعرابي ، فسألناه فقال : هي حياض بالغور قد أوردتها إبلي غير مرّة.

دِيماسُ : بكسر أوله ، وآخره سين مهملة : سجن كان للحجاج بواسط ، قال جحدر اللّص وقد حبس فيه :

إنّ الليالي نجت بي فهي محسنة

لا شكّ فيه من الديماس والأسد

وأطلقتني من الأصفاد مخرجة

من هول سجن شديد الباس ذي رصد

كأنّ ساكنه حيّا حشاشته

ميت تردّد منه السّمّ في الجسد

والدّيماس : موضع في وسط عسقلان عال يطلع إليه وفيه عمد بقرب الجامع ، ينسب إليه أبو الحسن محمد بن عمر بن عبد العزيز الديماسي ، روى عن أبي عثمان سعد ابن عمرو الحمصي وغيره من أصحاب بقية بن الوليد ، روى عنه أبو أيوب محمد بن عبد الله بن أحمد بن


مطرّف المديني بعسقلان.

دِيمَرْتِيان : كذا وجدته بخط يحيى بن مندة في تاريخ أصبهان : فقال محمد بن صالح بن محمد بن عيسى بن موسى الديمرتياني حدث عن الطبراني كتب عنه سعيد البقّال وسمع منه أحمد بن محمد البيّع ، قلت : ما أظنها إلا قرية من قرى أصبهان.

دَيْمَرْت : بكسر أوله وفتحه ، وسكون ثانيه ، وفتح ميمه ، وسكون الراء ، وآخره تاء مثناة من فوق : من نواحي أصبهان ، قال الصاحب أبو القاسم إسماعيل ابن عبّاد :

يا أصبهان سقيت الغيث من بلد ،

فأنت مجمع أوطاري وأوطاني

ذكرت ديمرت إذ طال الثواء بها ،

وأين ديمرت من أكناف جرجان

ينسب إليها أبو محمد القاسم بن محمد الديمرتي الأديب ، روى عنه إبراهيم بن متّونه.

دِيمَس : بكسر أوله ، وسكون ثانيه ، وآخره سين مهملة : من قرى بخارى ، منها الحاكم أبو طاهر محمد بن يعقوب الديسمي البخاري ، يروي عن أبي بكر محمد بن عليّ الأبيوردي ، روى عنه أبو الحسن عليّ بن محمد بن الحسين بن جذام البخاري الجذامي ، مات في حدود سنة ٤٣٠.

دِيناراباذ : بلفظ الدينار الذي هو المثقال مضاف إليه آباذ : من قرى همذان قرب أسدآباذ ، خرج منها جماعة من أصحاب الحديث ينسبون الديناريّ ، قال شيرويه : الحسن بن الحسين بن جعفر أبو عليّ الخطيب الديناراباذي قدم همذان مرّات ، وآخرها في جمادى الأولى سنة ٤٨٣ ، روى عن القاضي أبي محمد عبد الله ابن محمد التميمي الأصبهاني وغيره ، قال شيرويه : سمعت منه بهمذان وبدينارآباذ ، وكان شيخا ثقة صدوقا فاضلا متديّنا ، توفي في شعبان سنة ٤٨٥.

دِينار : سكّة دينار : بالرّيّ ، منها الحسين بن عليّ الديناري الرازي ، ذكره ابن أبي حاتم. ودرب دينار : ببغداد ، نسب إليها أبو سعد شابّا كان يسمع الحديث معه على أبي عبد الله الفراوي وغيره.

الدَّينَباذ : بفتح أوله وكسره ، وسكون ثانيه ، وبعد النون باء موحدة ، وآخره ذال معجمة : من قرى مرو عند ريكنج عبدان ، منها القاسم بن إبراهيم.

دِينَوَرُ : مدينة من أعمال الجبل قرب قرميسين ، ينسب إليها خلق كثير ، وبين الدينور وهمذان نيف وعشرون فرسخا ، ومن الدينور إلى شهرزور أربع مراحل ، والدينور بمقدار ثلثي همذان ، وهي كثيرة الثمار والزروع ولها مياه ومستشرف ، وأهلها أجود طبعا من أهل همذان ، وينسب إلى الدينور جماعة كثيرة من أهل الأدب والحديث ، منهم : عبد الله بن محمد بن وهب بن بشر بن صالح بن حمدان أبو محمد الدينوري الحافظ ، سمع عباس بن الوليد بن مزيد البيروتي وعبد الله بن محمد الفريابي ببيت المقدس وأبا عمير عيسى بن محمد بن النحاس وأبا زرعة وأبا حاتم الرازيّين وأبا سعيد الأشجّ ويعقوب الدّورقي ومحمد بن الوليد البسري ويونس بن عبد الأعلى وغيرهم ، روى عنه جعفر بن محمد الفريابي الحافظ ، وهذا أكبر منه ، وأبو عليّ الحسين بن عليّ وأبو بكر ابن الجعابي وعتّاب بن محمد بن عتّاب الوراميني الحافظ ويوسف بن القاسم الميانجي وعبيد الله بن سعيد البروجردي ، وهذا آخر من حدث عنه ، قال أبو عبد الله الحاكم : سألت أبا عليّ الحافظ عن عبد الله بن محمد بن وهب الدينوري قال : كان صاحب حديث


حافظا ، قال أبو عليّ : بلغني أن أبا زرعة كان يعجز عن مذاكرته ، وقال أبو عبد الله السّلمي : سألت الدار قطني عن عبد الله بن وهب الدينوري فقال : يضع الحديث ، وقال الحاكم أبو عبد الله : سمعت أبا عبد الله الزبير بن عبد الواحد الحافظ بأسداباذ يقول : ما رأيت لأبي عليّ زلّة قط إلا روايته عن عبد الله بن وهب الدينوري وأحمد بن عمير بن جوصا.

دِينَه مَزْدَان : بكسر أوله ، وسكون ثانيه ، ونون ، وثاني الكلمة الثانية زاي ، ودال ، وآخره نون : قرية من قرى مرو عند ريكنج عبدان ، منها القاسم ابن إبراهيم الدينمزداني الزاهد ، روى عنه عبد الله بن محمود السعدي.

دِيوَانْجَه : بكسر أوله ، وبعد الألف نون ، وجيم : قرية بهراة ، والنسبة إليها ديوقاني وديوانجي ، نسب إليها أبو سعد أبا عبد الله رحمة الله بن عبد الرحمن بن الموفّق بن أبي الفضل الحنفي الديوقاني ، سمع أبا نصر محمد بن مضر بن بسطام الشامي وقال :مات بالديوقان من قرى هراة في ذي القعدة سنة ٥٠٥.

ديوان : بلفظ الديوان الذي للجيش وغيره : وهي سكّة بمرو ، والديوان أصله دوّان فعوّض من إحدى الواوين ياء لأنه يجمع على دواوين ، ولو كانت الياء أصليّة لقالوا دياوين ، وقد دوّنت الدواوين.

دِيْوَرَة : بكسر أوله ، وسكون ثانيه ، وبعد الواو راء : من نواحي نيسابور ، ينسب إليها أبو عليّ أحمد ابن حمدويه بن مسلم البيهقي الديوري ، كان من العلماء الفضلاء ، رحل لطلب الحديث مع إسحاق بن راهويه وطبقته ، روى عنه المؤمّل بن الحسن بن عيسى ، مات سنة ٢٨٩.

دِيوَقان : بالكسر ، وبعد الواو المفتوحة قاف ، وآخره نون : قرية بهراة ، وهي التي قبلها بعينها ، كذا ذكره السمعاني ، ونسب إليها عبد الرحمن بن الموفّق بن أبي الفضل الحنفي أبا الفضل الديوقاني ، سمع أبا عطاء عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الرحمن الجوهري وأبا القاسم أحمد بن محمد العاصمي ، سمع منه أبو سعد آداب المسافر لأبي عمر النّوقاتي بروايته عن العاصمي عن أبي الحسين أحمد بن محمد بن منصور الخطيب عن المصنف ، وهذا ما ذكره السمعاني انتهى.

انتهى المجلد الثاني ـ حرف التاء والثاء والجيم والحاء والخاء والدال


فهرست المجلد الثان

حرف التاء

حرف الثاء

باب التاء والألف وما يليهما

٣

باب الثاء والألف وما يليهما

٧٠

التاء والباء وما يليهما

٩

الثاء والباء وما يليهما

٧٢

التاء والتاء وما يليهما

١٥

الثاء والتاء وما يليهما

٧٤

التاء والثاء وما يليهما

١٥

الثاء والجيم وما يليهما

٧٤

التاء والجيم وما يليهما

١٦

الثاء والخاء وما يليهما

٧٥

التاء والخاء وما يليهما

١٦

الثاء والدال وما يليهما

٧٥

التاء والدال وما يليهما

١٧

الثاء والراء وما يليهما

٧٥

التاء والذال وما يليهما

٢٠

الثاء والعين وما يليهما

٧٨

التاء والراء وما يليهما

٢٠

الثاء والغين وما يليهما

٧٩

التاء والزاي وما يليهما

٢٩

الثاء والقاف وما يليهما

٨١

التاء والسين وما يليهما

٢٩

الثاء والكاف وما يليهما

٨١

التاء والشين وما يليهما

٣٢

الثاء واللام وما يليهما

٨٢

التاء والصاد وما يليهما

٣٢

الثاء والميم وما يليهما

٨٣

التاء والضاد وما يليهما

٣٢

الثاء والنون وما يليهما

٨٥

التاء والطاء وما يليهما

٣٣

الثاء والواو وما يليهما

٨٦

التاء والعين وما يليهما

٣٣

الثاء والهاء وما يليهما

٨٨

التاء والغين وما يليهما

٣٥

الثاء والياء وما يليهما

٨٩

التاء والغاء وما يليهما

٣٥

التاء والقاف وما يليهما

٣٥

التاء والكاف وما يليهما

٣٧

التاء واللام وما يليهما

٣٩

التاء والميم وما يليهما

٤٥

التاء والنون وما يليهما

٤٦

التاء والواو وما يليهما

٥٤

التاء والهاء وما يليهما

٦٣

التاء والياء وما يليهما

٦٤


حرف الجيم

حرف الحاء

باب الجيم والألف وما يليهما

٩٠

باب الحاء والألف وما يليهما

٢٠٤

الجيم والباء وما يليهما

٩٦

الحاء والباء وما يليهما

٢١٠

الجيم والتاء وما يليهما

١١٠

الحاء والتاء وما يليهما

٢١٧

الجيم والجيم وما يليهما

١١٠

الحاء والجيم وما يليهما

٢١٨

الحيم والحاء وما يليهما

١١٠

الحاء والجيم وما يليهما

٢١٨

الجيم والخاء وما يليهما

١١١

الحاء والدال وما يليهما

٢٢٦

الجيم والدال وما يليهما

١١٢

الحاء والذال وما يليهما

٢٢٦

الجيم والذال وما يليهما

١١٦

الحاء والراء وما يليهما

٢٣٣

الجيم والراء وما يليهما

١١٦

الحاء والزاي وما يليهما

٢٥٢

الجيم والزاي وما يليهما

١٣٢

الحاء والسين وما يليهما

٢٥٢

الجيم والسين وما يليهما

١٤٠

الحاء والشين وما يليهما

٢٦١

الجيم والشين وما يليهما

١٤١

الحاء والصاد وما يليهما

٢٦٢

الجيم والصاد وما يليهما

١٤١

الحاء والضاد وما يليهما

٢٦٧

الجيم والطاء وما يليهما

١٤١

الحاء والطاء وما يليهما

٢٧٣

الجيم والعين وما يليهما

١٤١

الحاء والظاء وما يليهما

٢٧٤

الجيم والغين وما يليهما

١٤٤

الحاء والفاء وما يليهما

٢٧٤

الجيم والفاء وما يليهما

١٤٤

الحاء والقاف وما يليهما

٢٧٨

الجيم والكاف وما يليهما

١٤٨

الحاء والكاف وما يليهما

٢٨٠

الجيم واللام وما يليها

١٤٨

الحاء واللام وما يليهما

٢٨٠

الجيم والميم وما يليهما

١٥٨

الحاء واللام وما يليهما

٢٨٠

الجيم والنون وما يليهما

١٦٤

الحاء والميم وما يليهما

٢٩٧

الجيم والواو وما يليهما

١٧٤

الحاء والنون وما يليهما

٣٠٩

الجيم والهاء وما يليهما

١٩٣

الحاء والواو وما يليهما

٣١٣

الجيم والياء وما يليهما

١٩٥

الحاء والياء وما يليهما

٣٢٧


حرف الخاء

حرف الدال

باب الخاء والألف وما يليهما

٣٣٤

باب الدال والألف وما يليهما

٤١٦

الخاء والباء وما يليهما

٣٤٢

الدال والباء وما يليهما

٤٣٥

الخاء والتاء وما يليهما

٣٤٦

الدال والثاء وما يليهما

٤٣٩

الخاء والثاء وما يليهما

٣٤٧

الدال والجيم وما يليهما

٤٤٠

الخاء والجيم وما يليهما

٣٤٧

الدال والحاء وما يليهما

٤٤٣

الخاء والدال وما يليهما

٣٤٨

الدال والخاء وما يليهما

٤٤٥

الخاء والذال وما يليهما

٣٤٩

الدال والدال وما يليهما

٤٤٦

الخاء والراء وما يليهما

٣٥٠

الدال والراء وما يليهما

٤٤٦

الخاء والزاي وما يليهما

٣٤٦

الدال والزاي وما يليهما

٤٥٤

الخاء والسين وما يليهما

٣٧٠

الدال والسين وما يليهما

٤٥٤

الخاء والشين وما يليهما

٣٧١

الدال والشين وما يليهما

٤٥٦

الخاء والصاد وما يليهما

٣٧٤

الدال والعين وما يليهما

٤٥٧

الخاء والضاد وما يليهما

٣٧٦

الدال والفاء وما يليهما

٤٥٧

الخاء والطاء وما يليهما

٣٧٨

الدال والقاف وما يليهما

٤٥٨

الخاء والفاء وما يليهما

٣٧٩

الدال والكاف وما يليهما

٤٥٩

الخاء والكاف وما يليهما

٣٨٠

الدال واللام وما يليهما

٤٥٩

الخاء واللام وما يليهما

٣٨٠

الدال والميم وما يليهما

٤٦١

الخاء والميم وما يليهما

٣٨٠

الدال والنون وما يليهما

٤٧٥

الخاء والنون وما يليهما

٣٩٠

الدال والواو وما يليهما

٤٧٨

الخاء والواو وما يليهما

٣٩٤

الدال والهاء وما يليهما

٤٩١

الخاء والياء وما يليهما

٤٠٩

الدال والياء وما يليهما

٤٩٤

معجم البلدان - ٢

المؤلف:
الصفحات: 549