باب الهمزة

أـ الاستفهاميّة ـ همزة الاستفهام

أـ حرف نداء ينادى به القريب كقول امرئ القيس :

«أفاطم مهلا بعض هذا التدلّل» وتسري عليه أحكام النداء. (ـ النداء)

آ ـ حرف لنداء البعيد ، وتسري عليه أحكام النداء (ـ النداء)

آض ـ تعمل عمل «كان وأخواتها» لأنّها قد تأتي بمعنى صار. (ـ كان وأخواتها ٢ تعليق)

أبدا ـ ظرف لاستغراق المستقبل ، منصوب منون دائما ، ويستعمل مع النّفي نحو (إِنَّا لَنْ نَدْخُلَها أَبَداً ما دامُوا فِيها)(١) ومع الإثبات نحو (فَإِنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أَبَداً)(٢) ولا يدخل على ماض إلّا إذا كان الماضي ممتدا إلى المستقبل نحو (وَبَدا بَيْنَنا وَبَيْنَكُمُ الْعَداوَةُ وَالْبَغْضاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللهِ وَحْدَهُ)(٣).

ابن ـ

(١) يجوز بالعلم المنادى الموصوف ب «ابن» الضمّ والفتح والمختار الفتح نحو «يا خالد بن الوليد».

(٢) همزة «ابن» همزة وصل تحذف في الوصل وتبقى في الخط ، وقد تحذف لفظا وخطا وذلك : إذا جاء علم بعده «ابن» صفة له ومضاف لعلم هو أب له نحو «محمد ابن عبد الله بن عبد المطلب» إلّا إذا وقع في أول السّطر فتثبت الهمزة خطا.

الابنم ـ هي الابن ، والميم زائدة للمبالغة ، يقول حسان بن ثابت :

«فأكرم بنا خالا وأكرم بنا ابنما» وتتبع النون حركة الميم ، وعلى

__________________

(١) الآية «٢٧» من المائدة (٥).

(٢) الآية «٢٣» الجن (٧٢).

(٣) الآية «٤» الممتحنة (٦٠).


ذلك قالوا : هو معرب من مكانين.

وهمزته للوصل

ابنة ـ همزة الوصل.

أبنية المصادر ـ المصدر وأبنيته وإعماله ٢ و ٣

أبنية اسم الفاعل ـ اسم الفاعل ٢ و ٣ و ٤

أتّخذ ـ من أفعال التّصيير ، تنصب مفعولين أصلهما المبتدأ والخبر نحو (وَاتَّخَذَ اللهُ إِبْراهِيمَ خَلِيلاً)(١) (ـ ظن وأخواتها ٩).

الاثنان ـ ضعف الواحد والمؤنّث «اثنتان وثنتان» (٢) وهمزة «اثنان واثنتان» همزة وصل ، وتعربان إعراب الملحق بالمثنّى ، ويقال : «هو ثاني اثنين» أي هو أحدهما ، ويكون مضافا لا غير (ـ الملحق بالمثنى)

الاثنتان ـ الاثنان

الاثنين ـ إذا أردت به اسم اليوم لا يثنّى ولا يجمع لأنّه على صفة المثنى ، فإن أردت أن تجمعه أو تثنيه قلت : «أيّام الاثنين» أو «يوما الاثنين» وهناك من جمعه على «أثانين» أو «أثناء» ولم يثبت ذلك ، ولا يجمع ما كان على صفة الجمع أو المثنى.

أجدّكما ـ ترد كثيرا في شعر العرب.

وإعرابها : النصب على المصدر من فعل مضمر ، كأنّه قال : أتجدّان جدّكما ، ولا يستعمل إلا مضافا وأصلها : أجدّا منكما.

أجل ـ حرف جواب ، مثل «نعم» ، فيكون تصديقا للمخبر ، وإعلاما للمستخبر ، ووعدا للطّالب ، فتقع بعد نحو «حضر الغائب» ونحو «أزحف الجيش؟» ونحو «أكرم أخاك» وهي بعد الخبر أحسن من نعم ، و «نعم» بعد الاستفهام أحسن منها ، وقيل : تختصّ بالخبر.

أجمع ـ من ألفاظ التّوكيد ، يؤكّد به كلّ ما يصحّ افتراقه حسّا أو حكما تقول : «جاء القوم أجمع» و «جاؤوا بأجمعهم» والباء زائدة وجمعه «أجمعون» ولفظ «أجمع لا يقع في تراكيب الكلام إلا مؤكّدا ، فلا يجيء مبتدأ ولا خبرا ولا فاعلا بخلاف غيره من ألفاظ التوكيد

__________________

(١) الآية «١٢٤» من النساء (٤).

(٢) وهي لغة تميم.


وهو ممنوع من الصّرف بالوزن والصّفة.

الأجوف من الأفعال ـ

١ ـ تعريفه : هو ما كانت عينه حرف علّة ك «قام» و «باع».

٢ ـ حكمه : تحذف عين الأجوف إذا سكّن آخره للجزم أو لبناء الأمر نحو «لم يقم» و «لم يبع» و «لم يخف» و «قم» و «بع» و «خف».

وكذلك تحذف إذا سكّن لاتّصاله بضمير رفع متحرّك ك «قمت» و «خفنا» و «بعتم» و «يقمن» و «يبعن» و «خفن» وتحرّك فاؤه بحركة تجانس العين نحو «قلت» و «بعت»

إلّا في نحو «خاف» (١) فتحرّك بالكسر من جنس حركة العين نحو «خفت» و «نمت»

هذا في المجرد ،

والمزيد مثله في حذف عينه إن سكنت لامه وأعلّت عينه بالقلب ك «أطلت» و» استقمت» و «اخترت» وانقدت» (٢) وإن لم تعلّ العين لم تحذف ك «قاومت» و «قوّمت» (٣)

الأحد ـ من أيام الأسبوع ، وجمعه للقلة «آحاد» تقول : ثلاثة آحاد ، وأصله : وحد ، فاستثقلوا الواو ، فأبدلوا منها الهمزة ، وجمعه للكثرة «أحود».

أحرف الجواب ـ هي : لا ـ نعم ـ بلى ـ إي ـ أجل ـ جلل ـ جير ـ إنّ. (وانظرها في أحرفها).

أخبر ـ تنصب ثلاثة مفاعيل ، (ـ أعلم وأرى وأخواتهما ١ و ٢)

الاختصاص ـ

١ ـ تعريفه : هو اسم ظاهر معمول ل «أخصّ» واجب الحذف.

__________________

(١) من كل واوي مكسور العين ، وأصل خاف :

خوف تحركت الواو وانفتح ما قبلها فقلبت ألفا ، وهذا معنى «الإعلال بالقلب» الآتي ذكره

(٢) ظاهر أن أصلهن : أطال ، واستقام ، واختار ، وانقاد.

(٣) قالوا : وفيهما لم تقلب ألفا لعدم وجود سبب لذلك كما تقدم.


والباعث عليه : إمّا فخر ك «عليّ ـ أيها الكريم ـ يعتمد» ، أو تواضع نحو «إني ـ أيّها الضعيف ـ فقير إلى عفو ربي» ، أو بيان المقصود بالضمير ك «نحن ـ العرب ـ أقرى الناس للضيف».

٢ ـ أنواع المخصوص

المخصوص ـ وهو الاسم الظاهر الواقع بعد ضمير يخصّه أو يشاركه فيه ـ على أربعة أنواع :

(١) «أيّها» أو «أيتها» ويضمّان لفظا كما في المنادى ، وينصبان محلا ، ويوصفان بما فيه «أل» مرفوعا نحو «اللهم اغفر لنا ـ أيّتها العصابة ـ و «أنا أفعل كذا ـ أيها الرجل ـ».

(٢) المعرّف ب «أل» نحو «نحن ـ العرب ـ أشجع الناس».

(٣) المعرّف بالإضافة كالحديث «نحن ـ معاشر الأنبياء ـ لا نورث ، ما تركناه صدقة».

(٤) العلم ، وهو قليل ، ومنه قول رؤبة : «بنا ـ تميما ـ يكشف الضّباب»

٣ ـ يفارق الاختصاص المنادى لفظا في أحكام :

(١) أنّه ليس معه حرف نداء ، لا لفظا ولا تقديرا.

(٢) أنّه لا يقع في أول الكلام ، بل في أثنائه ، كالواقع بعد «نحن» كما في الحديث المتقدم «نحن ـ معاشر الأنبياء ـ» ، أو بعد تمام الكلام كما في مثال «اللهم اغفر لنا ـ أيتها العصابة».

(٣) أنه يشترط فيه أن يكون المقدّم عليه اسما بمعناه ، والغالب كونه ضمير تكلّم ، وقد يكون ضمير خطاب كقول بعضهم «بك الله نرجو الفضل»

(٤) أنه يقلّ كونه علما ،

(٥) أنه ينتصب مع كونه مفردا.

(٦) أن يكون ب «أل» قياسا كقولهم «نحن العرب أقرى الناس للضيف» ويفارق الاختصاص المنادى معنى في أنّ الكلام معه «خبر» ومع النّداء «إنشاء» وأن الغرض منه تخصيص مدلوله من بين أمثاله بما نسب إليه (١).

__________________

(١) زاد عليها بعض النحاة : أنه لا يكون نكرة ، ولا اسم إشارة ، ولا موصولا ، ولا ضميرا ، وأنه لا يستغاث به ، ولا يندب ، ولا يرخم ، وأن العامل المحذوف هنا فعل الاختصاص وفي النداء فعل الدعاء ، وأنه لا يعوض عنه شيء هنا ، ويعوض عنه في النداء حرفه.


أخذ ـ كلمة تدل على معنى الشروع في خبرها ، وهي من النواسخ ، تعمل عمل «كان» ، إلا أنّ خبرها يجب أن يكون جملة فعلية من مضارع رافع لضمير الاسم ، ومجرد من «أن» المصدرية.

ولا تعمل إلّا في حالة المضي نحو «أخذ المعلم يفيد تلاميذه» أي أنشأ وشرع ، وفي «يفيد» ضمير الفاعل وهو يعود على المعلم وهو اسم «أخذ» وهذا معنى : رافع لضمير الاسم

اخلولق ـ كلمة وضعت للدّلالة على رجاء الخبر ، وهي من النّواسخ تعمل عمل «كان» ، إلا أنّ خبرها يجب أن يكون جملة ، فعلية ، مشتملة على مضارع ، رافع لضمير اسمها ، مقترن ب «أن» المصدرية وجوبا ، نحو «اخلولق الشجر أن يثمر» ففي «يثمر» ضمير يعود إلى «الشّجر» وهو اسم اخلولق وهي ملازمة للماضي.

وتختص «اخلولق وعسى وأوشك» بجواز إسنادهن إلى «أن يفعل» ولا تحتاج إلى خبر منصوب ، وتكون تامة نحو «اخلولق أن تتعظ» وينبني على هذا حكمان.

(انظر التفصيل في : أفعال المقاربة)

إذ ـ تأتي ظرفية ، وفجائية ، وتعليليّة

١ ـ الظّرفيّة ـ ولها أربعة أحوال :

(١) أن تكون ظرفا للزّمن الماضي هو أغلب أحوالها ، ويجب إضافتها إلى الجمل (١)

(٢) أن تكون مفعولا به نحو (وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلاً فَكَثَّرَكُمْ)(٢) والغالب على «إذ» المذكورة في أوائل القصص في القرآن الكريم ـ أن تكون مفعولا به بتقدير : واذكر

(٣) أن تكون بدلا من المفعول نحو (وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ)(٣) ف «إذ» بدل اشتمال من مريم.

(٤) أن يكون مضافا إليها اسم زمان صالح للاستغناء عنه نحو «يومئذ وحينئذ» أو غير صالح للاستغناء عنه

__________________

(١) وقد يحذف المضاف إليه وهو الجملة أو الجمل ويعوض عنه التنوين وهذا التنوين هو ما يسمى تنوين العوض مثل حتى (إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ).

(٢) الآية «٨٥» من الأعراف (٧).

(٣) الآية «١٥» من مريم (١٩).


نحو قوله تعالى (بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا)(١) وعند جمهور النحاة لا تقع «إذ» هذه إلّا ظرفا أو مضافا إليها.

٢ ـ الفجائية ـ وهي الواقعة بعد «بينا» أو «بينما «كقول بعض بني عذرة :

استقدر الله خيرا وارضينّ به

فبينما العسر إذ دارت مياسير

٣ ـ التّعليلية ـ وكأنّها بمعنى «لأنّ» نحو (قالَ قَدْ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيداً)(٢)(وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ)(٣) وهل «إذ» هنا بمنزلة لام العلة أو ظرف والتعليل مستفاد من معنى الكلام؟ ، الجمهور لا يثبتون التعليلية ولا يقولون إلّا بظرفيتها.

إذا ـ تكون : تفسيريّة ، وظرفيّة ، وفجائيّة.

إذا التّفسيريّة : ـ تأتي في موضع «أي» التّفسيرية في الجمل ، وتختلف عنها في أنّ الفعل بعد «إذا» للمخاطب ، تقول «استكتمته الحديث إذا سألته كتمانه».

إذا الظّرفيّة ـ تكون غالبا ظرفا للمستقبل مضمّنة معنى الشّرط.

وتختصّ بالدّخول على الجملة الفعليّة ويكون الفعل بعدها ماضيا كثيرا ، ومضارعا دون ذلك وقد اجتمعا في قول أبي ذؤيب :

والنفس راغبة إذا رغّبتها

وإذا تردّ إلى قليل تقنع

وإن دخلت «إذا» الظرفية في الظاهر على الاسم في نحو (إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ)(٤) فإنّما دخلت حقيقة على الفعل لأن السماء فاعل لفعل محذوف يفسره ما بعده.

ولا تعمل «إذا» الجزم إلّا في الشعر للضرورة كقول عبد القيس بن خفاف :

استغن ما أغناك ربّك بالغنى

وإذا تصبك خصاصة فتجمّل (٥)

إذا الفجائية ـ تختص بالجمل الاسميّة ، ولا تحتاج إلى جواب ، ولا تقع في ابتداء الكلام ، ومعناها الحال ، والأرجح أنها حرف نحو قوله تعالى (فَأَلْقاها فَإِذا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعى)(٦)

__________________

(١) الآية «٨» من آل عمران (٣).

(٢) الآية «٧١» من النساء (٤).

(٣) الآية «٣٩» من الزخرف (٤٣).

(٤) الآية «١» الانشقاق (٨٤).

(٥) الخصاصة : الحاجة.

(٦) الآية «٢٠» من طه (٢٠).


إذا ـ حرف جواب وجزاء ، والصحيح أنها بسيطة غير مركبة من إذ وأن ، وهي بنفسها الناصبة للمضارع بشروط :

(١) تصديرها.

(٢) واستقبال المضارع.

(٣) واتصالها به ، أو انفصالها بالقسم ، أو بلا النافية ، يقال : آتيك ، فتقول :

«إذن أكرمك» فلو قلت «أنا إذن» لقلت «أكرمك» بالرفع لفوات التصدير أمّا كتابتها والوقف عليها فالجمهور يكتبونها بالألف ويقفون عليها بالألف ، وهناك من (١) يرى كتابتها بالنون والوقف عليها بالنون.

ويرى البعض (٢) أنها إن عملت كتبت بالألف وإلّا كتبت بالنون أقول : وهذا تفريق جيّد.

وقد تقع «إذن» لغوا وذلك إذا افتقر ما قبلها إلى ما وقع بعدها وذلك كقول الشاعر :

وما أنا بالسّاعي إلى أمّ عاصم

لأضربها إني إذن لجهول

إذ ما ـ أداة شرط تجزم فعلين ، وهي حرف عند أكثر النحاة وعند بعضهم : ظرف ، وعملها في الجزم قليل.

أرى ـ تنصب ثلاثة مفاعيل ـ أعلم وأرى وأخواتهما.

الأربعاء ـ اسم لليوم الرابع من الأسبوع يؤنّث على اللفظ فيقال : «أربعة أربعاوات» ويذكّر على اليوم ، فيقال «أربع أربعاوات» وتجمع أيضا على «أربعاوى».

ارتدّ ـ «تعمل عمل كان» ـ كان وأخواتها ٢ تعليق

أرضون ـ «ملحق بجمع المذكر السالم» ـ جمع المذكر السالم ٨

أست ـ «همزته للوصل» ـ همزة الوصل ٣

الاستثناء ـ المستثنى.

استحال ـ «تعمل عمل كان» ـ كان وأخواتها ٢ تعليق

الاستغاثة

١ ـ تعريف المستغاث :

هو ما طلب إقباله ليخلّص من شدة ، أو يعين على مشقّة.

٢ ـ ما يتعلق به من أحكام

يتعلّق بالمستغاث أحكام هي :

(١) اختصاصه ب «يا» من بين أدوات النّداء ، مذكورة وجوبا.

__________________

(١) المازني والمبرد.

(٢) هو الفراء وتبعه ابن خروف.


(٢) غلبة جره ب «لام» مفتوحة في أوّله ، وإن اقترن ب «أل» وهي لام الجر ، فتحت للفرق بينها وبين لام «المستغاث من أجله» في نحو «يا لله لعلي».

(٣) ذكر مستغاث من أجله بعده جوازا ، إمّا مجرور باللام المكسورة ، سواء أكان منتصرا عليه ، نحو «يا لعليّ لظالم لا يخاف الله» أم منتصرا له نحو «يا لعمر للمسكين» وإمّا مجرور ب «من» نحو :

يا للرجال ذوي الألباب من نفر

لا يبرح السفه المردي لهم دينا

(٤) أنه إذا عطف على المستغاث ، فإن أعيدت «يا» معه فتحت لامه نحو

«يا لقومي ويا لأمثال قومي

لأناس عتوّهم في ازدياد

وإن لم تعد «يا» معه كسرت لامه نحو قول الشاعر :

يبكيك ناء بعيد الدّار مغترب

يا للكهول وللشبان للعجب

(٥) ويجوز أن لا يبتدأ المستغاث باللام ، فالأكثر حينئذ أن يختم بالألف عوضا عن اللام ، ولا يجتمعان ، كقوله :

يا يزيدا لآمل نيل عزّ

وغنى بعد فاقة وهوان (١)

وقد يخلو المستغاث من اللام والألف فيعطى ما يستحقه لو كان منادى غير مستغاث كقول الشاعر :

ألا يا قوم للعجب العجيب

وللغفلات تعرض للأريب (٢)

أمّا مع اللام ، فهو معرب مجرور باللام ، ومع الألف فهو مبني على الضم المقدر لمناسبة الألف في محل نصب.

٣ ـ المتعجب منه

هو المستغاث بعينه أشرب معنى التّعجّب من ذاته أو صفته نحو «يا للحرّ» تعجّبا من شدّته و «يا للدّواهي» عند استعظامها.

٤ ـ هاء السّكت

وفي حال وصله بالألف إذا وقف على كل منهما يجوز أن تلحقه «هاء السكت» نحو «يا زيداه» و «يا دواهياه»

٥ ـ حكم صفة المستغاث

إذا وصفت المستغاث جررت صفته ،

__________________

(١) ف «يزيدا» مستغاث والألف فيه عوض من اللام و «لآمل» مستغاث له وهو اسم فاعل و «نيل» مفعول له.

(٢) «يا قوم» مستغاث مضاف لياء المتكلم المحذوفة اجتزاء بالكسرة ، والأريب : العالم بالأمور.


نحو «يا لأبراهيم الشجاع للمظلوم»

٦ ـ قد يكون المستغاث مستغاثا من أجله

كأن تقول : «يا للقاسم ، للقاسم» أي أدعوك لتنصف من نفسك.

٧ ـ حذف المستغاث

قد يحذف المستغاث فيلي «يا» المستغاث من أجله كقوله :

يا لأناس أبوا إلّا مثابرة

على التّوغل في بغي وعدوان

أي يا لقومي لأناس.

الاستفهام ـ

١ ـ تعريفه :

هو طلب الفهم بالأدوات المخصوصة

٢ ـ حرفا الاستفهام :

للاستفهام حرفان : «هل» و «الهمزة» (ـ في حرفهما)

٣ ـ أسماء الاستفهام :

تسعة وهي : «ما ، ومن ، وأيّ ، وكم ، وكيف ، وأين ، وأنّى ، ومتى ، وأيّان» (ـ في أحرفها).

٤ ـ أدوات الاستفهام من حيث التّصور والتّصديق

جميع أسماء الاستفهام لطلب التصور (١) لا غير. إلّا «هل» فإنها لطلب التصديق (٢) لا غير ، والهمزة مشتركة بينهما.

الاسم ـ

١ ـ تعريفه

هو ما يدل على معنى مستقلّ بالفهم ليس الزمن جزءا منه مثل «عليّ ، طائر ، أمن».

٢ ـ علاماته

يتميّز الاسم عن الفعل والحرف بخمس علامات :

(إحداها) الجر ، والمراد به الكسرة التي يحدثها عامل الجر ، سواء أكان العامل حرفا ، أم إضافة ، أم تبعية ، وقد اجتمعت كلّها في قوله تعالى «بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ».

(الثانية) التّنوين ، وهو نون ساكنة تلحق آخر الاسم لفظا لا خطا ، لغير توكيد. (ـ التنوين)

(الثالثة) النداء ، والمراد به كون الكلمة مناداة ، لا مجرد دخول حرف النداء مثل «يا أيها الناس» و «يا رجل».

__________________

(١) التصور : طلب إدراك المفرد ، فقولك «كيف أنت» استفهام عن مفرد وهو «أنت».

(٢) التصديق : طلب إدراك النسبة فقولك : «هل زيد قادم» تستفهم عن قدوم زيد وهذه هي النسبة ، لا عن زيد وحده.


(الرابعة) : «أل» (١) غير الموصولة كالعاقل والمسجد والفرس وأمّا الموصولة فقد تدخل على المضارع وذلك كقول الفرزدق :

ما أنت بالحكم الترضى حكومته

ولا الأصيل ولا ذي الرأي والجدل

وأراد : ما أنت بالحكم الذي ترضى (الخامسة) «الاسناد» وهو أن تنسب إلى المسند إليه ما تحصل به الفائدة ، وذلك بأن يكون فاعلا ، أو نائب فاعل أو مبتدأ مثل «فهمت» «عنيت» «أنت قرأت» وهذه أشمل علامات الاسم ، إذ بها تعرف اسمية ضمائر الرفع ، و «ما» الموصولة في مثل قوله تعالى (ما عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَما عِنْدَ اللهِ باقٍ)(٢)

اسم ـ هذا اللفظ همزته للوصل ولحركة الهمزة حكم (ـ همزة الوصل ٣ و ٦)

اسم الإشارة ـ

١ ـ تعريفه :

هو ما وضع لمشار إليه.

٢ ـ أسماء الإشارة :

هي : «ذا» للمفرد المذكّر ، و «ذي ، تي ، ذه ، ته (٣) ، ذه ، ته (٤) ، ذه ، ته (٥) ، ذات ، تا» وهذه العشرة للمفرد والمؤنث و «ذان» للمثنّى المذكّر رفعا ، و «تان» للمثنى المؤنث ، رفعا و «ذين تين» لتثنية المذكّر والمؤنّث نصبا وجرّا و «أولاء» (٦) لجمع العاقل مذكّرا أو مؤنّثا ، ويقل مجيئه لغير العاقل وذلك كقول جرير :

ذمّ المنازل بعد منزلة اللّوى

والعيش بعد أولئك الأيّام

(ـ أسماء الإشارة كلّا في حرفه) وتلحق اسم الإشارة «كاف الخطاب» و «لام البعد» (ـ كاف الخطاب ولام البعد كلا في حرفه).

٣ ـ ما يشار به إلى المكان القريب والبعيد :

يشار إلى المكان القريب ب «هنا» من غير «ها» أو «ههنا» مقرونة ب «ها» نحو (إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ)(٧)

__________________

(١) انظر بحثها في «أل».

(٢) الآية «٩٦» من النحل (١٦).

(٣) بإشباع الكسرة فيهما.

(٤) بغير إشباع فيهما.

(٥) بسكون الهاء فيهما.

(٦) وهو ممدود عند الحجازيين ، ومقصور عند تميم وقيس وربيعة وأسد.

(٧) الآية «٢٧» من المائدة (٥).


ويشار للبعيد ب «هناك» من غير «ها» أو «ههناك» مقرونة ب «ها» أو «هنالك» أو «هنّا» أو «هنّا» (١) أو «هنّت» (٢) أو «ثمّ» نحو (وَأَزْلَفْنا ثَمَّ الْآخَرِينَ)(٣)

اسم التّفضيل وعمله ـ

١ ـ تعريفه :

هو اسم مصوغ للدّلالة عل أنّ شيئين اشتركا في صفة ، وزاد أحدهما على الآخر فيها :

٢ ـ قياسه :

قياسه : أفعل» للمذكّر ، نحو «أفضل» و «أكبر» و (فعلى) للمؤنّث نحو «فضلى» و «كبرى» يقال : «عليّ أكبر من أخيه» و «هند فضلى أخواتها».

وقد حذفت همزة «أفعل» من ثلاثة ألفاظ هي «خير وشرّ وحبّ» لكثرة الاستعمال نحو «هو خير منه» و» الظالم شرّ الناس» وقول الشاعر :

منعت شيئا فأكثرت الولوع به

وحبّ شيء إلى الإنسان ما منعا

وقد جاءت «خير وشر» على الأصل فقيل «أخير وأشر» قال رؤبة : «بلال خير الناس وابن الأخير» وقرأ أبو قلابة (سيعلمون غدا من الكذّاب الأشرّ» (٤)

وفي الحديث «أحبّ الأعمال إلى الله أدومها وإن قل»

٣ ـ صياغته :

لا يصاغ اسم التّفضيل إلّا من فعل استوفى شروط فعلي التّعجّب (٥) فلا يبنى من الفعل غير الثّلاثي ، وشذّ قولهم : «هو أعطى منك» ولا من المجهول ، وشذّ قولهم في المثل «العود أحمد» و «هذا الكتاب أخصر من ذاك» مشتق من «يحمد» و «يختصر» مع كون الثاني غير ثلاثي.

ولا من الجامد نحو «عسى» و «ليس»

ولا مما لا يقبل التّفاوت مثل «مات» و «فني» و «طلعت الشّمس» أو

__________________

(١) وكسر الهاء أردأ من فتحها.

(٢) أصلها «هنّا» زيدت عليها التاء الساكنة فحذفت ألفها لالتقاء الساكنين.

(٣) الآية «٦٥» من الشعراء (٢٦).

(٤) الآية «٢٦» من القمر (٥٤).

(٥) انظرها في التعجب.


«غربت الشمس» فلا يقال : «هذا أموت من ذاك» ولا «أفنى منه» ولا «الشمس اليوم أطلع أو أغرب من أمس»

ولا من الناقص مثل «كان وأخواتها» ولا من المنفي ، ولو كان النفي لازما نحو «ما ضرب» و «ما عاج عليّ بالدواء» أي ما انتفع به

ولا ممّا الوصف منه على «أفعل» الذي مؤنثه «فعلاء» وذلك فيما دل على «لون أو عيب أو حلية» لأنّ الصفة المشبهة تبنى من هذه الأفعال على وزن «أفعل» ، فلو بني التّفضيل منها لالتبس بها ، وشذّ قولهم «هو أسود من مقلة الظبي»

ويتوصل إلى تفضيل ما فقد الشروط ب «أشدّ» أو «أكثر» أو مثل ذلك ، كما هو الحال في فعلي التعجب ، غير أنّ المصدر في التّفضيل ينصب على التمييز نحو «خالد أشدّ استنباطا للفوائد» و «هو أكثر حمرة من غيره»

٤ ـ لاسم التّفضيل باعتبار معناه ثلاثة استعمالات :

(أحدها) ما تقدّم في تعريفه ، وهو الأصل والأكثر

(ثانيها) أن يراد به أن شيئا زاد في صفة نفسه على شيء آخر في صفته قال في الكشاف : فمن وجيز كلامهم «الصّيف أحرّ من الشّتاء» (١) و «العسل أحلى من الخل» (٢) وحينئذ لا يكون بينهما وصف مشترك.

(ثالثها) أن يراد به ثبوت الوصف لمحلّه من غير نظر إلى تفضيل كقولهم : «الناقص والأشج أعدلا بني مروان» (٣) أي عادلاهم ، وقوله :

قبّحتم يا آل زيد نفرا

ألأم قوم أصغرا وأكبرا

أي صغيرا وكبيرا ، ومنه قولهم «نصيب أشعر الحبشة» أي شاعرهم ، إذ لا شاعر غيره فيهم ، وفي هذه الحالة تجب المطابقة ، ومن هذا النوع قول أبي نواس :

كأنّ صغرى وكبرى من فقاقعها

حصباء درّ على أرض من الذّهب

وقوله تعالى (وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ)(٤)

__________________

(١) أي : الصيف أبلغ في حره من الشتاء في برده.

(٢) أي : العسل في حلاوته زائد على الخل في حموضته.

(٣) الناقص : يزيد بن عبد الملك بن مروان ، سمي بذلك لنقصه أرزاق الجند ، والأشج : هو عمر ابن عبد العزيز.

(٤) الآية «٢٧» من الروم (٣٠).


(رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ)(١)

٥ ـ لاسم التفضيل من جهة لفظه ثلاث حالات :

(١) أن يكون مجرّدا من «أل» و «الإضافة»

(٢) أن يكون فيه «أل».

(٣) أن يكون مضافا.

فالمجرّد من «أل والإضافة» يجب فيه أمران :

(أحدهما) أن يكون مفردا مذكرا دائما نحو (لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلى أَبِينا مِنَّا)(٢).

(ثانيهما) أن يؤتى بعده ب «من» جارة للمفضول كالآية المارة ، وقد تحذف «من» نحو (وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقى)(٣) وقد جاء إثبات «من» وحذفها في قوله تعالى (أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مالاً وَأَعَزُّ نَفَراً)(٤) أي منك.

وأكثر ما تحذف «من» مع مجرورها إذا كان أفعل خبرا ، كالآية ، ويقل إذا كان حالا كقوله :

دنوت وقد خلناك كالبدر أجملا

فظلّ فؤادي في هواك مضلّلا

أي دنوت أجمل من البدر. أو صفة كقول أحيحة بن الجلاح :

تروّحي أجدر أن تقيلي

غدا بجنبي بارد ظليل (٥)

أي تروّحي وخذي مكانا أجدر من غيره بأن تقيلي فيه.

ويجب تقديم «من» ومجرورها عليه إن كان المجرور بمن استفهاما ، نحو «أنت ممّن أفضل؟» أو مضافا إلى الاستفهام نحو «أنت من غلام من أفضل؟» ، وقد تتقدّم في غير ذلك ضرورة كقول جرير :

إذا سايرت أسماء يوما ظعينة

فأسماء من تلك الظعينة أملح

وما فيه «أل» من اسم التّفضيل يجب فيه أمران :

(أحدهما) أن يكون مطابقا لموصوفه نحو «محمد الأفضل» و «هند الفضلى» و «المحمّدان الأفضلان» و «المحمّدون الأفضلون» و «الهندات الفضليات أو الفضّل»

(ثانيهما) ألّا يؤتى معه ب «من»

__________________

(١) الآية «٥٤» من الإسراء (١٧)

(٢) الآية «٨» من يوسف (١٢)

(٣) الآية «١٧» من الأعلى (٨٧)

(٤) الآية «٣٥» من الكهف (١٨)

(٥) الخطاب : لصغار النخل وهو الفسيل ، وتروح النبت : طال.


وأما قول الأعشى يخاطب علقمة :

ولست بالأكثر منهم حصى

وإنما العزة للكاثر (١)

فخرّج على زيادة «أل» ،

و «المضاف» من اسم التفضيل يلزمه أمران : التذكير ، والتوحيد كما يلزمان المجرد لاستوائهما في التّنكير ، ويلزم في المضاف إليه أن يطابق ، نحو «المحمدان أفضل رجلين» و «المحمّدون أفضل رجال» و «هند أفضل امرأة» فأما قوله تعالى (وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كافِرٍ بِهِ)(٢) فالتقدير على حذف الموصوف ، أي أول فريق كافر به.

وإن كانت الإضافة إلى معرفة جازت المطابقة كقوله تعالى (أَكابِرَ مُجْرِمِيها)(٣)(هُمْ أَراذِلُنا)(٤) وتركها ـ وهو الشّائع في الاستعمال ـ قال تعالى : (وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلى حَياةٍ)(٥) وقد اجتمع الاستعمالان في الحديث «ألا أخبركم بأحبّكم إليّ وأقربكم منى منازل يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا الموطؤون أكنافا الذين يألفون ويؤلفون».

٦ ـ عمل اسم التّفضيل :

يرفع اسم التفضيل الضمير المستتر بكثرة نحو «أبو بكر أفضل» ويرفع الاسم الظاهر ، أو الضمير المنفصل في لغة قليلة نحو «نزلت برجل أكرم منه أبوه» أو «أكرم منه (٦) أنت» ويطّرد أن يرفع «أفعل التفضيل» الاسم الظاهر إذا جاز أن يقع موقعه الفعل الذي بني منه مفيدا فائدته ، وذلك إذا كان «أفعل» صفة لاسم جنس ، وسبقه «نفي أو شبهه» وكان مرفوعه أجنبيا مفضّلا على نفسه باعتبارين نحو «ما رأيت رجلا أحسن

__________________

(١) حصى : عددا ، والكاثر : الغالب في الكثرة ، خرجه ابن جني في الخصائص على أن «من» فيه مثلها في قولك «أنت من الناس حر» فكأنه قال : لست من بينهم الكثير الحصى.

(٢) الآية «٤١» من البقرة (٢) وعلى القاعدة بغير القرآن. يقال : ولا تكونوا أول كافرين به ،.

(٣) الآية «١٢٣» من الأنعام (٦).

(٤) الآية «٢٧» من هود (١١).

(٥) الآية «٩٦» من البقرة (٢).

(٦) قلة هذه اللغة على أساس إعراب «أكرم» صفة لرجل ممنوعة من الصرف ، وبرفع «الأب» و «أنت» على الفاعلية بأكرم ـ وأكثر العرب يوجب رفع «أكرم» في هذين المثالين على أنه خبر مقدم و «أبوه» أو «أنت» مبتدأ مؤخر ، وفاعل أكرم ضمير عائد على المبتدأ ، والجملة من المبتدأ والخبر نعت لرجل.


في عينه الكحل منه في عين زيد» (١) و «لم ألق إنسانا أسرع في يده القلم منه في يد علي» و «لا يكن غيرك أحبّ إليه الخير منه إليك» و «هل في الناس رجل أحقّ به الحمد منه بمحسن لا يمن»

وأما النصب به : فيمتنع منه المفعول به ، والمفعول معه ، والمفعول المطلق ، مطلقا ، ويمتنع التمييز ، إذا لم يكن فاعلا في المعنى فلفظ «حيث» في قوله تعالى (اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ»)(٢) في موضع نصب مفعولا به بفعل مقدر يدل عليه أعلم ؛ أي يعلم الموضع والشخص الذي يصلح للرسالة ، ومنه قوله :

وأضرب منا بالسيوف القوانسا (٣) وأجاز بعضهم : أن يكون «أفعل» هو العامل لتجرده عن معنى التفضيل أمّا عمله الجرّ بالإضافة ، فيجوز إن كان المخفوض كلا ، و «أفعل» بعضه ، وذلك إذا أضيف إلى معرفة ، وعكسه إذا أضيف لنكرة

وكذا بالحرف فإن كان «أفعل» مصوغا من متعد بنفسه ، ودلّ على حب أو بغض عدّي ب «إلى» إلى ما هو فاعل في المعنى وعدّي ب «اللام» إلى ما هو مفعول في المعنى نحو «المؤمن أحبّ لله من نفسه ، وهو أحبّ إلى الله من غيره» أي يحب الله أكتثر من حبّه لنفسه ، ويحبّه الله أكثر من حبّه لغيره ، ونحو «الصالح أبغض للشّرّ من الفاسق. وهو أبغض إليه من غيره» أي يبغض الشر أكثر من بغضه للفاسق ، ويبغضه الفاسق أكثر من بغضه لغيره.

وإن كان من متعد لنفسه دالّ على علم عدّي بالباء نحو «محمد أعرف بي ، وأنا أعلم به» وإن كان غير ذلك عدي باللام نحو «هو أطلب للثار وأنفع للجار» وإن كان من متعدّ بحرف جرّ عدّي به لا بغيره نحو «هو أزهد في الدنيا» وأسرع إلى الخير» و «أبعد من الذنب» و «أحرص على المدح» و «أجدر بالحلم» و «أحيد عن الخنى» (٤) ولفعل

__________________

(١) معنى المثال : أن الكحل ـ باعتبار كونه في عين زيد ـ أحسن من نفسه باعتبار كونه في عين غيره من الرجال ، وهذان هما الاعتباران.

(٢) الآية «١٢٤» من الأنعام (٦).

(٣) القوانس : جمع قونس ، وهو أعلى البيضة (الخوذة).

(٤) الخنى : الفحش.


التعجب من هذا الاستعمال ما لأفعل التفضيل نحو «ما أحب المؤمن لله وما أحبه إلى الله» إلى آخر هذه الأمثلة.

اسم الجمع ـ هو ما ليس له واحد من لفظه ، وليس على وزن خاص بالجموع أو غالب فيها ك «قوم» و «رهط»

أوله واحد لكنه مخالف لأوزان الجموع ك «ركب» بالنسبة ل «راكب» و «صحب» بالنسبة ل «صاحب» أوله واحد موافق لأوزان الجموع لكنّه مساو للواحد في التّذكير ك «غزيّ» (١) اسم جمع «غاز» أو مساو للواحد في النّسب نحو» ركاب» اسم جمع «ركوبة» وقالوا : «ركابي» (٢) في النسب.

اسم الجنس الإفرادي ـ هو ما يصدق على القليل أو الكثير نحو «لبن وماء وعسل».

اسم الجنس الجمعي ـ هو الذي يفرّق بينه وبين واحده بالتاء غالبا ، وذلك بأن يكون الواحد بالتّاء واللفظ الدال على الجمع بغير تاء مثل «كلم ـ كلمة ، وشجر ـ شجرة» وقد يفرّق بينه وبين واحده بالياء نحو «روم ـ رومي» و «زنج ـ زنجي»

اسم الفاعل ـ وأبنيته ـ وعمله

١ ـ تعريف اسم الفاعل :

هو ما دلّ على الحدث والحدوث وفاعله ك «ذاهب» و «مسافر»

٢ ـ أبنية اسم الفاعل :

أبنية اسم الفاعل إمّا أن تأتي من الفعل الثلاثيّ المجرّد ، أو تأتي من غير الثلاثي.

٣ ـ بناء اسم الفاعل من الثلاثيّ المجرد :

إذا كان الفعل ثلاثيّا مجرّدا فاسم الفاعل منه على وزن «فاعل» بكثرة في «فعل» مفتوح العين ، متعديا كان ك «ضربه» فهو «ضارب» و «نصره» فهو «ناصر». أو لازما ك «ذهب» فهو «ذاهب» و «غذا» بمعنى سال فهو «غاذ».

وفي «فعل» بالكسر ، متعدّيا ك «أمنه فهو آمن» و «شربه فهو شارب» ويقل في اللازم ك «سلم فهو سالم» وفي «فعل» ك «فره فهو فاره».

__________________

(١) أما غزى : فهو جمع غاز.

(٢) يقولون : زيت ركابي : منسوب إلى الركاب أي الإبل لأنه يحمل من الشام عليها.


أمّا في «فعل» اللازم فقياس اسم الفاعل فيه «فعل» في الأعراض ك «فرح» و «أشر».

و «أفعل» في الألوان والخلق ك «أخضر وأسود وأكحل» و «أعمى وأعور» و «فعلان» فيما دلّ على الامتلاء ، وحرارة الباطن ك «شبعان وريّان» و «عطشان».

وقياس الوصف من «فعل» ـ بالضم ـ «فعيل» ك «ظريف وشريف» ودونه «فعل» ك «شهم وضخم» ، ودونهما «أفعل» ك «أخطب» إذا كان أحمر إلى الكدرة ، و «فعل» ك «بطل وحسن» و «فعال» ك «جبان» و «فعال» ك «شجاع» و «فعل» ك «جنب» و «فعل» ك «عفر» أي شجاع ماكر وهذه الصّفات كلّها إن قصد بها الحدوث فهي أسماء فاعل وإلا فهي كلّها صفات مشبّهة إن قصد بها الثّبوت والدّوام إلّا وزن «فاعل» (١) فإنه اسم فاعل إلا إذا أضيف إلى مرفوعه ودلّ على الثبوت ك «طاهر القلب» «شاحط الدار».

٤ ـ بناء اسم الفاعل من غير الثّلاثيّ :

صيغة اسم الفاعل من غير الثلاثيّ تكون بلفظ مضارعه بإبدال حرف المضارعة ميما مضمومة. وكسر ما قبل آخره ، سواء أكان مكسورا في المضارع ك «منطلق» و «مستخرج» أو مفتوحا ك «متعلّم» و «متدحرج»

٥ ـ عمل اسم الفاعل :

يعمل اسم الفاعل عمل فعله في التعدي واللزوم وهو قسمان :

(١) ما كان فيه «أل» (٢) الموصولة

(٢) والمجرد من «أل»

وهاك التفصيل :

أمّا ما كان فيه «أل» الموصولة من اسماء الفاعل فيعمل مطلقا ، ماضيا كان أو غيره ، معتمدا (٣) أو غير معتمد لأنه حالّ محلّ الفعل ، والفعل يعمل في جميع الأحوال نحو «حضر

__________________

(١) والفرق بين «فاعل» وغيره من تلك الصفات أن الأصل في «فاعل» قصد الحدوث ، وقصد الثبوت طارئ. أما غير «فاعل» فمشترك في الأصل بين الحدوث والثبوت.

(٢) «أل» في اسم الفاعل والمفعول العاملين : اسم موصول.

(٣) أي معتمدا على نفي أو استفهام الخ كما سيأتي قريبا.


المكرم أخاك أمس أو الآن أو غدا» وأمّا المجرّد من «أل» فيعمل بثلاثة شروط :

أحدها : كونه للحال أو الاستقبال لا للماضي (١)

الثاني : اعتماده على استفهام ، أو نفي ، أو مخبر عنه ، أو موصوف ومنه الحال.

فمثال الأول «أعارف أنت قدر الإنصاف» ومنه قول الشاعر :

«أمنجز أنتم وعدا وثقت به»

والثاني «ما طالب أخوك ضرّ غيره» والثالث «الحقّ قاطع سيفه الباطل» والرابع «اركن إلى علم زائن أثره من تعلّمه»

والخامس «أقبل أخوك مستبشرا وجهه».

والاعتماد على المقدّر منها كالاعتماد على الملفوظ به نحو «معط خالد ضيفه أم مانعه» أي أمعط (٢) ، ونحو قول الأعشى :

كناطح صخرة يوما ليوهنها

فلم يضرها ، وأوهى قرنه الوعل

أي كوعل ناطح

ويجب أن يذكر هنا أنّ شرط الاعتماد ، وعدم المضي ، إنما هو لعمل النّصب ، والاعتماد وحده لعمل الرفع في الظاهر ، أما رفع الضّمير المستتر فجائز بلا شرط.

الثّالث : من شروط إعمال اسم الفاعل المجرّد من «أل» ألّا يكون مصغّرا ولا موصوفا لأنهما يختصان بالاسم فيبعدان الوصف عن الفعلية.

وقيل في المصغّر إن لم يحفظ له مكبّر جاز كما في قوله :

ترقرق في الأيدي كميت عصيرها فقد رفع «عصيرها» بكميت فاعلا له.

وقيل في الموصوف يجوز إعماله قبل الصفة نحو «هذا ضارب زيدا متسلط»

٦ ـ عمل تثنية اسم الفاعل وجمعه :

لتثنية اسم الفاعل وجمعه ما لمفرده من العمل والشروط ، قال الله تعالى (وَالذَّاكِرِينَ اللهَ كَثِيراً)(٣)(هَلْ

__________________

(١) خلافا للكسائي ، ولا حجة له في قوله تعالى ((وَكَلْبُهُمْ باسِطٌ ذِراعَيْهِ بِالْوَصِيدِ)) لأنه على إرادة حكاية الحال الماضية ، والمعنى : يبسط ذراعيه بدليل ونقلبهم ، ولم يقل وقلبناهم.

(٢) بدليل وجود «أم» المتصلة فإنها لا تأتي إلا بسياق النفي.

(٣) الآية «٣٥» من الأحزاب (٣٣)


هُنَّ كاشِفاتُ ضُرِّهِ)(١)(خُشَّعاً أَبْصارُهُمْ)(٢) ومثال التّثنية قول عنترة العبسي :

الشّاتمي عرضي ولم أشتمهما

والنّاذرين إذا لم القهما دمي

٧ ـ معمول اسم الفاعل :

يجوز في الاسم الفضلة الذي يتلو الوصف العامل أن ينصب به ، وأن يخفض بإضافته إليه ، فقد قرئ في السبع (إنّ الله بالغ أمره) (٣) (هل هنّ كاشفات ضرّه) (٤) بالخفض والنصب أمّا ما عدا التّالي للوصف ، وهو المفصول بمضاف إليه ، ك «هذا معطي محمد درهما» أو بغيره نحو (إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً)(٥) فيجب نصبه

أمّا التالي لغير اسم الفاعل العامل فيجب جرّه بالإضافة ، وينصب ما عداه بفعل محذوف نحو «هذا معطي خالد أمس كتابا» (٦)

٨ ـ حكم تابع معمول اسم الفاعل : يجوز في تابع معمول اسم الفاعل المجرور بالإضافة : الجرّ مراعاة للفظ ، والنصب مراعاة للمحل. أو بإضمار وصف منوّن ، أو فعل نحو «العاقل مبتغي دين ودنيا» أي ومبتغ. أو يبتغي دنيا ، ومنه قوله :

هل أنت باعث دينار لحاجتنا

أو عبد ربّ أخا عون بن مخراق

نصب عبد عطفا على محل دينار ، ولو جر «عبد رب» لجاز ، بل هو الأرجح فإن كان الوصف غير عامل تعيّن إضمار فعل للمنصوب نحو قوله تعالى :

(جاعِلِ)(٧) الْمَلائِكَةِ رُسُلاً) (٨)

٩ ـ تقديم معمول اسم الفاعل عليه : يجوز تقديم معمول اسم الفاعل عليه ، نحو «الكتاب أنا قارئ» إلا إذا كان اسم الفاعل مقترنا ب «أل» أو مجرورا بإضافة ، أو بحرف جر غير زائد نحو «قدم المؤلف الكتاب» و «هذا

__________________

(١) الآية «٣٨» من الزمر (٣٩).

(٢) الآية «٧» من القمر (٥٤).

(٣) الآية «٣» من الطلاق (٦٥).

(١) الآية «٣٨» من الزمر (٣٩).

(٤) الآية «٣٠» من البقرة (٢).

(٥) لم يعمل اسم الفاعل «معطي» لأنه للزمن الماضي.

و «كتابا» منصوب ب «أعطى» مقدرة

(٦) إنما لم يعمل «جاعل» في الآية وهو اسم فاعل لأنه بمعنى الماضي و «رسلا» مفعول لجعل مقدرة.

(٧) الآية «١» من فاطر (٣٥).


كتاب معلم الأدب» و «وذهب أخي بمؤدّب ابني»

فإن كان الحرف زائدا جاز التقديم نحو «ليس محمد خليلا بمكرم»

اسم الفعل ـ

١ ـ تعريفه :

هو : ما ناب عن الفعل في العمل ولم يتأثر بالعوامل ك «شتّان» و «صه» و «أوّه» وهو نوعان : مرتجل ومنقول

٢ ـ اسم الفعل المرتجل :

هو : ما وضع من أول الأمر كذلك ك «هيهات» بمعنى بعد ، و «أوّه» بمعنى أتوجّع و «أفّ» بمعنى أتضجّر و «وي» بمعنى أعجب قال تعالى (وَيْكَأَنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكافِرُونَ)(١) أي أعجب لعدم فلاح الكافرين ومثلها واها» و «وا» قال أبو النجم :

واها لسلمى ثمّ واها واها

هي المنى لو أنّنا نلناها

وقال الراجز :

وا بأبي أنت وفوك الأشنب

كأنّما ذرّ عليه الزّرنب (٢)

و «صه» بمعنى اسكت ، و «مه» بمعنى انكفف ، و «هلمّ» بمعنى أقبل و «هيت» و «هيّا» بمعنى اسرع و «إيه» بمعنى امض في حديثك (وانظرها جميعا في حروفها) وورود اسم الفعل بمعنى الأمر كثير ، وبمعنى الماضي والمضارع قليل ،

ولا تتصل باسم الفعل المرتجل علامة للمضمر المرتفع بها فهي للمفرد المذكر وغيره بصيغة واحدة ،

وفائدة وضع أسماء الأفعال قصد المبالغة فكأنّ قائل هيهات» أو «أفّ» أو «صه» يقول : بعد كثيرا ، وأتضجّر كثيرا ، واسكت اسكت.

٣ ـ اسم الفعل المنقول :

هو ما نقل عن غيره ، وهو :

(أ) إما منقول عن : «ظرف» نحو «وراءك» بمعنى تأخّر ، و» أمامك» بمعنى تقدّم ، و «دونك» بمعنى خذ ، و «مكانك» بمعنى اثبت.

(ب) أو منقول عن «جارّ ومجرور» نحو «عليك» بمعنى الزم ، ومنه (عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ)(٣) و «إليك» بمعنى تنحّ ، ولا يقاس على هذه الظروف غيرها ،

__________________

(١) الآية «٨٢» من القصص (٢٨).

(٢) الزّرنب ، ك «جعفر» : نبات طيب الرائحة.

الشنب : ماء ورقة يجري على الثغر.

(٣) الآية «١٠٨» من المائدة (٥).


ولا تستعمل إلا متّصلة بضمير المخاطب ، لا الغائب ، ولا غير الضمير ، وموضع الضمير جرّ بالإضافة مع الظروف ، وجرّ بالحرف مع المنقول من الحروف ، وإذا قلت «عليكم كلّكم أنفسكم» جاز رفع «كل» توكيدا للضمير المستكن ، وجرّه توكيدا للمجرور.

(ج) وإما منقول عن مصدر ، وهو على قسمين :

(الأول) مصدر استعمل فعله ، نحو «رويد بكرا» أي أمهله ، فإنهم قالوا : «أروده إروادا» بمعنى أمهله إمهالا ، ثم صغّروا المصدر بعد حذف زوائده ، وأقاموه مقام فعله ، واستعملوه تارة مضافا إلى مفعوله ، فقالوا «رويد محمد» وتارة منونا ناصبا للمفعول ، فقالوا : رويدا عليّا (١) ، ثم نقلوه من المصدرية وسموا به فعله ، فقالوا : «رويد عليّا» (٢)

(الثاني) مصدر أهمل فعله نحو «بله» فإنه في الأصل مصدر فعل مهمل مرادف ل «دع» و «اترك» يقال «بله عليّ» بالإضافة للمفعول ، كما يقال : «ترك عليّ» ثم نقلوه ، وسمّوا به فعله فقالوا «بله عليّا» بنصب المفعول ، وبناء «بله» على الفتح على أنه اسم فعل.

وتستعمل «بله» بمعنى «كيف» فتكون خبرا مقدّما ، وما بعدها مبتدأ مؤخّر

وقد روي بالأوجه الثلاثة (٣) قول كعب ابن مالك في وقعة الأحزاب :

تذر الجماجم ضاحيا هاماتها

بله الأكفّ كأنّها لم تخلق (٤)

٤ ـ المنوّن وغير المنوّن من أسماء الأفعال : ما نوّن من أسماء الأفعال كان «نكرة» ،

__________________

(١) «رويد» في المثالين : مصدر نائب عن أرود ، وفاعله مستتر وجوبا و «محمد» في المثال الأول مفعول به مجرور بإضافة المصدر إلى مفعوله و «عليا» في المثال الثاني مفعول به منصوب.

(٢) والدليل على أن رويد «اسم فعل» كونه مبنيا بدليل كونه غير منون.

(٣) الإضافة ، والنصب على أنه مفعول به ، والرفع على أنه مبتدأ مؤخر.

(٤) فاعل «تذر» يعود على السيوف في البيت قبله وهو قوله :

نصل السيوف إذا قصرن بخطونا

قدما ونلحقها إذا لم تلحق

والجماجم : جمع جمجمة : وهي عظم الرأس ، وضاحيا من ضحا يضحى : إذا ظهر وبرز والهامة : وسط الرأس ومعظمه.


وما لم ينوّن كان «معرفة» ، وقد التزم التنكير في «واها» ، والتزم التعريف في «نزال» و «تراك» وبابهما

٥ ـ القياس في أسماء الأفعال :

لا ينقاس من أسماء الأفعال إلا موازن «فعال» أمرا من الثّلاثي التام المتصرف ك «نزال» و «أكال» بمعنى انزل وكل ، وما عدا ذلك فالمعوّل فيه على السّماع.

٦ ـ عمل اسم الفعل :

يعمل اسم الفعل عمل مسماه في التّعدّي واللزوم غالبا ، فإن كان مسماه لازما كان اسم فعله كذلك ، تقول «هيهات نجد» كما تقول : بعدت نجد قال جرير :

فهيهات هيهات العقيق ومن به

وهيهات خلّ بالعقيق نواصله

وكذا إن كان متعدّيا تقول «تراك الفاسق» كما تقول «اترك الفاسق» و «حيهلا الثريد» بمعنى إيته ، أو «على الثّريد» بمعنى أقبل عليه ، أو «بالثّريد» بمعنى عجّل به ، ومنه «إذا ذكر الصالحون فحيهلا بعمر» أي اسرعوا بذكره ، ومن غير الغالب «آمين» بمعنى : استجب ، فإنّه لازم ، وفعله متعد.

٧ ـ لا يتقدّم معمول اسم الفعل عليه : فلا يقال عليّا رويد

وأما قوله تعالى (كِتابَ اللهِ عَلَيْكُمْ)(١) وقول جارية من بني مازن :

يا أيّها المائح دلوي دونكا

إني رأيت الناس يحمدونكا

ف «كتاب» منصوب ب «كتب» محذوفة و «دلوي» منصوب بدونك محذوفا ، وليس معمولا لما بعده ، هذا ما عليه أكثر النحاة (٢)

اسم الفعل المرتجل ـ اسم الفعل ٢

اسم الفعل المنقول ـ اسم الفعل ٣

اسم المصدر ـ

١ ـ تعريفه :

«هو ما ساوى المصدر في الدّلالة على معناه ، وخالفه بخلوه ـ لفظا وتقديرا دون عوض ـ من بعض ما في فعله» فخرج نحو «قتال» فإنه خلا من ألف قاتل لفظا لا تقديرا ، ولذلك نطق بها في بعض المواضع ، نحو

__________________

(١) الآية «٢٤» من النساء (٤)

(٢) أقول : وفي هذا تكلف ، وذهب الكوفيون إلى أن «عليك وعندك ودونك» يجوز تقديم معمولاتها كما في الآية والبيت.


«قاتل قيتالا» لكنّها انقلبت ياء لانكسار ما قبلها. وخرج نحو «عدة» فإنّه خلا من واو «وعد» لفظا وتقديرا ولكن عوّض منها التاء. فهذان مصدران لا اسما مصدر.

أمّا مثل «الوضوء ، والكلام» من قولك : توضّأ وضوءا ، وتكلّم كلاما ، فإنّهما اسما مصدر لا مصدران لخلوهما لفظا وتقديرا من بعض ما في فعليهما ، وحقّ المصدر أن يتضمّن حروف فعله بمساواة نحو «توضّأ توضّأ» أو بزيادة نحو «أعلم إعلاما».

٢ ـ ما يعمل من أنواع اسم المصدر :

اسم المصدر على ثلاثة أنواع :

(١) علم نحو «يسار» علم لليسر مقابل العسر و «فجار» علم للفجور و «برّة» علم للبر ، وهذا لا يعمل اتفاقا.

(٢) وذي ميم مزيدة لغير مفاعلة (١) وهو المصدر الميمي كالمضرب والمحمدة وهذا كالمصدر يعمل اتفاقا ، وهو عند كثير من النحاة مصدر ، ومنه قول الحارث بن خالد المخزومي :

أظلوم إن مصابكم رجلا

أهدى السلام تحية ظلم (٢)

(٣) وغير هذين من أسماء المصادر اختلف فيه فمنعه البصريون ، وأجازه الكوفيون والبغداديون والشواهد كثيرة بإعماله ، ومن ذلك قول القطامي :

أكفرا بعد ردّ الموت عني

وبعد عطائك المائة الرّتاعا (٣)

وقول الشاعر :

بعشرتك الكرام تعدّ منهم

فلا ترين لغيرهم الوفاء (٤)

وقوله :

قالوا كلامك هندا وهي مصغية

يشفيك قلت صحيح ذاك لو كانا (٥)

ومن ذلك قول عائشة (رض) «من

__________________

(١) قوله : لغير مفاعلة : احتراز من نحو «مضاربة» فإنها مصدر.

(٢) أظلوم : الهمزة للنداء ورجلا : مفعول مصابكم مع فاعله المضاف إليه ، وهو مصدر ميمي.

(٣) «عطائك» اسم مصدر وفاعله المضاف إليه والمائة مفعوله «الرتاع» جمع راتعة وهي الإبل التي ترتع.

(٤) الشاهد في «بعشرتك الكرام» حيث عمل «العشرة» فنصب المفعول : وهو الكرام وهو اسم مصدر بمعنى المعاشرة.

(٥) الشاهد في «كلامك هندا» حيث عمل «كلامك» فنصب المفعول وهو هندا وهو اسم مصدر بمعنى التكلم.


قبلة الرجل زوجته الوضوء»

فالقبلة اسم مصدر بمعنى التقبيل وعمل في نصب مفعوله وهو «زوجته» ومهما يكن من أمر فإعمال اسم المصدر قليل ، وإن كان قياسيّا ، وقد مرّ بك التفصيل

اسم المفعول ـ وأبنيته ـ وعمله ـ

١ ـ تعريف اسم المفعول :

هو ما دلّ على حدث ومفعوله ك «منصور» و «مكرم».

٢ ـ بناء اسم المفعول :

اسم المفعول : إمّا أن يأتي من الثلاثي المجرّد ، وإمّا أن يأتي من غيره ، أمّا من الثلاثي : فيأتي على زنة مفعول ك «مضروب» و «مقصود» و «مرور به» ومنه «مبيع ومقول ومرميّ» إلا أنها غيرت (١) ومن غير الثلاثي : يأتي من مضارعه المبني للمجهول بإبدال حرف المضارعة ميما مضمومة نحو «مستخرج» و «منطلق به» وقد ينوب «فعيل» عن «مفعول» ك «دهين» و «كحيل» و «جريح و «طريح» ومرجع ذلك إلى السماع ، وقيل : ينقاس فيما ليس له «فعيل» بمعنى «فاعل» ك «قدر ورحم» لقولهم «قدير ورحيم».

٣ ـ عمل اسم المفعول :

يعمل اسم المفعول عمل فعله ، وشروطه كشروط اسم الفاعل ، وخلاصتها : أنه إن كان ب «أل» عمل مطلقا (٢) ، وإن كان مجرّدا منها عمل بشرط كونه للحال أو الاستقبال وبشرط الاعتماد كما مر في اسم الفاعل (٣) تقول : عامر معطى أبوه حقّه الآن أو غدا» كما تقول «عامر يعطى أبوه حقّه».

وتقول «المعطى كفافا يكتفي»

__________________

(١) أصل «مبيع» : مبيوع على وزن : مفعول نقلت حركة الياء إلى الساكن قبلها ثم قلبت الضمة كسرة لتسلم الياء ثم حذفت الواو لالتقاء الساكنين وأصل مقول : مقوول بواوين نقلت حركة الواو الأولى إلى الساكن قبلها ، ثم حذفت الواو الثانية لالتقاء الساكنين ، وأصل مرمي مرموي اجتمعت الواو والياء وسبقت إحداهما بالسكون فقلبت الواو ياء والضمة التي قبلها كسرة وأدغمت الياء في الياء.

(٢) أي سواء أكان للماضي أم للحاضر أم للمستقبل معتمدا على نفي وغيره أم غير معتمد كما ذكر في شروط اسم الفاعل.

(٣) أي على النفي أو الاستفهام أو مخبر عنه أو صفة ومنها الحال.


ف «المعطى» مبتدأ ، ونائب فاعله عائد إلى «أل» ، و «كفافا» مفعول ثان ، و «يكتفى» الجملة خبر.

أسماء الاستفهام ـ الاستفهام

أسماء الأصوات ـ

١ ـ أسماء الأصوات نوعان :

النوع الأول : ما خوطب به ما لا يعقل أو ما في حكمه من صغار الآدميّين ، مما يشبه اسم الفعل ، وذلك :

إمّا زجر نحو «هلا» لزجر الخيل عن البطء. ومنه قول ليلى الأخيلية للنابغة الجعدي :

تعيّرنا داء بأمّك مثله

وأيّ جواد لا يقال له «هلا»

و «عدس» لزجر البغل عن الإبطاء ومنه قوله :

عدس ما لعبّاد عليك إمارة

نجوت وهذا تحملين طليق

و «كخ» لزجر الطّفل ، وفي الحديث «كخ كخ فإنّها من الصدقة» و «هيد» و «هاد» و «ده» و «جه» و «عاه» و «عيه» للإبل و «عاج» و «هيج» و «إس» و «هس» للغنم و «هجا» و «هج» للكلب و «سع» للضأن و «وح» للبقر و «عز» و «عيز» للعنز و «حرّ» للحمار.

وإمّا دعاء ـ أي طلب ـ ك «أو» للفرس و «دوه» للفصيل و «عوه» للجحش ، و «بسّ» للغنم و «جوت» و «حي» للإبل المورودة و «تؤ» و «تأ» للتيس المنزى و «نخ» للبعير المناخ ، و «هدع» لصغار الإبل المراد تسكينها من نفارها و «سأ» و «تشوء» للحمار المورود و «دح» للدّجاج و «قوس» للكلب النوع الثاني : ما حكي به صوت ، نحو «غاق» لحكاية صوت الغراب و «شيب» لشرب الإبل ، و «طيخ» للضحك و «طق» لوقع الحجر على الحجر و «قب» لوقع السيف.

٢ ـ أسماء الأصوات لا ضمير فيها

وهي مبنية :

أسماء الأصوات مبنيّة لمشابهتها الحروف المهملة ، فهي أسماء لا ضمير فيها.

أسماء الجهات وأوّل ودون ـ

أسماء الجهات هي : «يمين ، شمال ، وراء ، أمام ، فوق ، تحت» ومثل


«أمام» «قدّام» ثم «أوّل» و «دون» ولها كلّها أحوال «قبل وبعد» (١) تقول : «وفد الناس وصديقك خلف أو أمام» تريد : خلفهم أو أمامهم ، قال رجل من تميم :

لعن الإله تعلّة بن مسافر

لعنا يشن عليه من قدام

وقال معن بن أوس المزني :

لعمرك ما أدري وإني لأوجل

على أينا تعدو المنية أول

وحكى أبو علي الفارسي : «إبدا بذا من أول» بالضم على نية معنى المضاف إليه ، وبالخفض على نية لفظه وبالفتح على نية تركهما ، ومنعه من الصرف لوزن أفعل والوصف.

الأسماء الخمسة ـ الأسماء الستة

الأسماء الستة ـ

١ ـ هي «ذو» بمعنى صاحب و «فوك» وهو الفم و «أبوك» و «أخوك» و «حموك» و «هنوك».

٢ ـ إعرابها :

ترفع بالواو ، وتنصب بالألف ، وتجرّ بالياء بشروط.

٣ ـ شروط إعرابها بالحروف :

أن تكون :

(١) مفردة لا مثناة ولا مجموعة

(٢) مكبّرة لا مصغّرة

(٣) مضافة لا مقطوعة عن الإضافة

(٤) إضافتها لغير ياء المتكلّم ، من اسم ظاهر ، أو ضمير ، فإن كانت مثناة أعربت كالمثنى نحو «أبوان» رفعا و «أبوين» نصبا وجرّا ، وإن كانت مجموعة جمع تكسير أعربت بالحركات نحو «آباء الحسن» و «أذواء اليمن» ، أو جمع مذكر سالما أعربت بالحروف أي بالواو والنون رفعا وبالياء والنّون نصبا وجرّا ، نحو «أبوون ، أبوين» و «ذوو فضل وذوي فضل» ، وإن صغّرت أعربت بالحركات نحو «أبيّك ، وأخيّك» ، وإن قطعت عن الإضافة تعرب بالحركات نحو «وله أخ» و «إنّ له أبا»

__________________

(١) وهي أربعة أحوال انظرها في حرف «قبل وبعد» وخلاصتها : إما أن تضاف فتنصب على الظرفية أو تجر ب «من» أو تقطع عن الإضافة لفظا ويلاحظ المعنى فتبنى على الضم أو يحذف المضاف إليه وينوى وجوده وحكمه حكم الأول وإما أن يقطع عن الإضافة باللفظ والمعنى فينصب بالفتحة ويجر بمن منونا.


و «بنات الأخ» ، وإذا أضيفت إلى الياء أعربت بحركات مقدّرة على ما قبل الياء نحو «وأخي هرون» ، أما «ذو» فلا حاجة لاشتراط الإضافة فيها لأنها ملازمة للإضافة ، ومثلها «فو» فهي ملازمة للإضافة ، أما «الفم» فتعرب بالحركات.

٤ ـ الأفصح في لفظ «الهن» :

الأفصح في «الهن» (١) إذا استعمل مضافا : النّقص أي حذف الواو منه ، وبذلك يعرب بالحركات الثلاث على النون ومن هذا الحديث «من تعزّى بعزاء الجاهلية فأعضّوه بهن أبيه ولا تكنوا».

٥ ـ النقص في الأب والأخ والحم :

يجوز النقص بضعف في هذه الثلاثة وهو حذف حرف العلة منها وإعرابها بالحركات ، ومن هذا قول رؤبة يمدح عديّ بن حاتم :

بأبه اقتدى عديّ في الكرم

ومن يشابه أبه فما ظلم

وقد تكون الضّرورة في الوزن اضطرّت الشاعر أن يحذف الياء في الأول والألف في الثاني.

٦ ـ خلاصة إعراب الأسماء الستة :

الأسماء الستة على ثلاثة أقسام :

(أولا) : ما فيه لغة واحدة ، وهي الإعراب بالحروف ، وهما «ذو» بمعنى صاحب و «فو» بمعنى الفم.

(ثانيا) : ما فيه لغتان ، وهو «الهن» فإن فيه النقص وهو حذف حرف العلة وإعرابه بالحركات وهو الأفصح ، والإتمام وهو إعرابه بالحروف.

(ثالثا) : ما فيه ثلاث لغات وهو الأب ، والأخ ، والحم ، فإن فيهن «الإتمام» وهو الإعراب بالحروف ، وهذا هو الأشهر والأفصح ، «والقصر» وهو أن تلزمها الألف في جميع أحوالها كالاسم المقصور ، وهذا دون الأول «والنقص» وهو حذف حرف علّتها وإعرابها بالحركات ، وهذا نادر.

أسماء الشّرط ـ جوازم المضارع ٧

أسماء الموصول ـ الموصول الاسمي

الإشارة ـ اسم الإشارة

__________________

(١) الهن بتخفيف النون وتشديدها : كناية عن الشيء لا تذكره باسمه. ا ه نهاية.


الاشتغال ـ

١ ـ حقيقة الاشتغال :

أن يتقدّم اسم ويتأخّر عنه عامل (١) مشتغل عن الاسم المتقدم بعمله في ضميره ، أو في سبب (٢) ضميره ، بواسطة أو بغيرها ، ويكون العامل بحيث لو سلّط على الاسم المتقدّم لنصبه لفظا أو محلا نحو «محمدا كلمته» و «هذا علمته» أي كلمت محمدا كلمته ، وعلمت هذا علمته ، وحينئذ فيضمر للاسم السابق إذا نصب عامل مناسب للعامل الظاهر ، ومناسبته له : إما بكونه مثله كما مر ، أو مرادفه نحو «هاشما مررت به» تقديره جاوزت هاشما ، أو لازمه نحو «عليّا ضربت عدوّه» فيقدر «أكرمت عليّا أو سررت عليّا» لأنه اللازم لضرب العدو

٢ ـ شرط الاسم المتقدم ، وشرط العامل :

شرط الاسم المتقدّم أن يكون قابلا للإضمار ، فلا يقع الاشتغال عن حال ولا تمييز ـ وشرط العامل المشغول أن يصلح للعمل فيما قبله ، فلا يكون صفة مشبّهة ، ولا مصدرا ، ولا اسم فعل ، ولا فعلا جامدا كفعل التعجب ، وألّا يفصل بينه وبين الاسم السابق بأجنبي.

٣ ـ حكم الاسم السابق :

الأصل أن ذلك الاسم يجوز فيه وجهان (أحدهما) راجح وهو الرفع بالابتداء لسلامته من التقدير

(والثاني) مرجوح وهو النصب لاحتياجه إلى تقدير فعل موافق للمذكور ، أو مرادف له أو لازم محذوف وجوبا ، فما بعده لا محل له لأنه مفسّر.

وقد يعرض له ما يوجب نصبه ، أو رفعه ، أو يرجّح أحدهما ، أو يسوّي بينهما فله حينئذ خمس أحوال.

٤ ـ وجوب النّصب :

يجب نصب الاسم المتقدّم إذا وقع بعد «أداة تختصّ بالفعل كأدوات التحضيض» نحو «هلّا أخاك أكرمته» و «أدوات الاستفهام غير الهمزة نحو

__________________

(١) المراد بالعامل هنا : فعل متصرف أو اسم فاعل أو اسم مفعول فقط.

(٢) سبب ضميره : هو الاسم الظاهر المضاف إلى ضمير الاسم السابق نحو «علي أكرمت ابنه» ف «ابنه» هو السبب.


«هل المدينة رأيتها» و «متى عمرا لقيته» و «أدوات الشّرط» نحو «حيثما عليّا تلقه فأكرمه» إلّا أنّ الاشتغال لا يقع بعد أدوات الشّرط والاستفهام إلّا في الشعر ، إلا إذا كانت أداة الشرط «إذا» مطلقا أو «إن» والفعل ماضيا فيقع في النثر والنظم نحو «إذا السائل لقيته أو تلقاه فتصدّق عليه» و «إن المسكين وجدته فارفق بحاله».

٥ ـ وجوب الرفع :

يجب رفع الاسم المتقدم في موضعين (أ) أن يقع الاسم بعد أداة تختصّ بالدّخول على المبتدأ ك «إذا» الفجائية ، نحو «خرجت فإذا الجوّ ملأه الغبار» و «ليت» المقرونة ب «ما» نحو «ليتما بشير زرته» لأن «إذا» المفاجأة و «ليت» المكفوفة لا يليهما فعل ، ولو نصبت ما بعدهما كان على تقدير الفعل.

(ب) أن يقع بعد الاسم المشتغل عنه أداة لا يعمل ما بعدها فيما قبلها نحو «خالد إن علّمته يكافئك» «مدارس العلم هلّا زرتها».

٦ ـ رجحان النّصب :

يرجح نصب الاسم المتقدم في خمسة مواضع :

(أ) أن يقع قبل فعل طلبيّ وهو «الأمر والدعاء» ولو بصيغة الخبر ، والفعل المقرون بأداة الطلب ، نحو «خليلا أرشده» و «محمدا رحمه‌الله» و «خالدا ليكرمه صديقه» و «محمودا لا تهمله».

وإنما وجب الرفع في نحو «محمد أكرم به» لأن الضمير في محل رفع لأنه في حقيقته فاعل

(ب) أن يقع الاسم بعد أداة يغلب دخولها على الأفعال ك «همزة الاستفهام» نحو (أَبَشَراً مِنَّا واحِداً نَتَّبِعُهُ)(١) فإن فصلت الهمزة فالمختار الرفع نحو «أأنت محمد تكلمه» إلا في الفصل بالظرف نحو «أكلّ يوم ولدك تزجره» لأن الفصل به لا يعتدّ به ، ومثل الهمزة النفي ب «ما» أو «لا» أو «إن» نحو «ما عدوّك كلّمته» أو «لا أخاك رأيته» أو «إن زيدا رأيته».

__________________

(١) الآية «٢٤» من القمر (٥٤).


ومنها : «حيث» نحو «حيث زيدا تلقاه فأكرمه» لأنّها تشبه أدوات الشرط فلا يليها في الغالب إلّا فعل ، فإن اقترنت ب «ما» صارت أداة شرط واختصّت بالفعل.

(ج) أن يقع الاسم بعد عاطف مسبوق بجملة فعلية ، وهو غير مفصول ب «أما» نحو «لقيت خليلا ، ومحمدا كلمته» ليكون من عطف الفعل على مثله ، وهو أنسب بخلاف «أصلحت الأرض وأما الشجر فسقيته» لأن «أمّا» تقطع ما بعدها عما قبلها فيختار الرّفع ، و «حتّى ولكن وبل» كالعاطف نحو «حدثت أهل المحفل حتّى الوزير حدّثته» «وما رأيت محمدا ولكن خالدا رأيت أخاه».

(د) أن يجاب به استفهام عن منصوب نحو خالدا استشرته» جوابا لمن سألك «من استشرت؟»

(ه) أن يكون النصب لا الرفع نصّا في المقصود نحو (إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ)(١) إذ لو رفع «كلّ» لأوهم أن جملة خلقناه صفة لشيء ، و «بقدر» خبر عن كل (٢) ، ومن ثمّ وجب الرفع في قوله تعالى (وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ)(٣) وأن الفعل صفة.

٧ ـ استواء الرّفع والنّصب :

يستوي الرفع والنّصب في الاسم المتقدم ، إذا وقع الاسم بعد عاطف تقدّمته جملة ذات وجهين (٤) بشرط أن يكون في الجملة المفسرة ضمير المبتدأ ، أو تكون معطوفة بالفاء نحو «عليّ سافر وخليلا أكرمته في داره» (٥) أو «فخليلا أكرمته» أو «خليل» بالنصب والرفع فيهما لحصول المشاكلة في كلا الوجهين.

٨ ـ رجحان الرفع على النّصب :

يترجّح الرفع على النصب في غير المواضع المتقدمة.

__________________

(١) الآية «٤٩» من القمر (٥٤).

(٢) فيوهم أن الذي يقدر هو الشيء الموصوف بخلق الله ، وأن هناك شيئا ليس مخلوقا له ، وهو خلاف الواقع ، وإنما لم يتوهم ذلك في النصب ، لأن «خلقناه» يتعين أن يكون مفسرا للعامل المحذوف لا صفة لشيء ، لأن الوصف لا يعمل فيما قبله ، فلا يفسر عاملا.

(٣) الآية «٥٢» من القمر (٥٤).

(٤) الجملة ذات الوجهين : هي جملة صدرها اسم ، وعجزها فعل كالأمثلة الواردة.

(٥) الهاء في داره تعود على المبتدأ وهو عليّ.


٩ ـ المشتغل يكون فعلا أو اسما :

كل ما مرّ من الاشتغال يتعلّق بالأفعال المشتغلة فيما بعدها عما قبلها ، أما الاسم فقد يشتغل بشروط ثلاثة :

(١) أن يكون وصفا.

(٢) عاملا.

(٣) صالحا للعمل فيما قبله نحو «الكتاب أنا قارئه الآن أو غدا» فيخرج بالشرط الأول اسم الفعل والمصدر نحو «محمد عليكه وأخوك احتراما إيّاه».

وبالشرط الثاني : الوصف للمضيّ لأنّه لا يعمل نحو «الباب أنا مصلحه أمس ، وبالثالث : الصفة المشبّهة نحو «وجه الأب محمد حسنه (١)».

١٠ ـ رابطة الاشتغال :

لا بدّ في صحة الاشتغال من رابطة بين العامل والاسم السابق. وتحصل «الرابطة» بضميره المتصل بالعامل ، نحو «بكرا أكرمته».

أو بضميره المنفصل من العامل بحرف جر نحو «عليّا مررت به»

أو باسم مضاف نحو «محمدا كلمت أخاه».

أو باسم أجنبيّ أتبع بتابع مشتمل على ضمير الاسم ، بشرط أن يكون التابع نعتا له نحو «خالدا استشرت رجلا يحبه».

أو عطفا بالواو نحو «محمدا علمته عمرا وأخاه».

أو عطف بيان نحو «خالدا كلمت عليّا صديقه» لا بدلا ، لأنه في نية تكرار العامل ، فتخلو الجملة الأولى من الرابط

أصبح ـ

(١) تأتي ناقصة من أخوات «كان» ، وهي تامة التصرّف وتستعمل ماضيا ، ومضارعا ، وأمرا ، ومصدرا ، نحو «أصبح محمد كريم الخلق» ، ولها مع «كان» أحكام أخرى (ـ كان وأخواتها).

__________________

(١) و «وجه» واجب رفعه بالابتداء ، وجملة «محمد حسنه» خبره ، ولا يجوز نصبهما لأن الصفة وهو «حسن» لا تعمل فيما قبلها ، وهذا التركيب وإن مثل به علماء النحو ، فهو بعيد عن فصاحة العربية ، وأصل التركيب : محمد حسن وجه الأب ، فجرب النحاة أن يقدموا معمول الحسن ويعيدوا عليه ضميره ليروا هل لا يزال يعمل فيه لفظ الحسن فقرروا أن الصفة المشبهة لا تعمل فيما قبلها فيتعين أن الاسم المتقدم هو مبتدأ ومن هنا جاء هذا التركيب.


(٢) وتأتي تامة فتكتفى بمرفوعها ، ويكون فاعلا لها ، وذلك حين يكون معنى «أصبح» دخل في الصباح نحو (فَسُبْحانَ اللهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ)(١).

الإضافة ـ

١ ـ تعريفها :

ضم كلمة إلى أخرى بتنزيل الثانية منزلة التنوين من الأولى ، والقصد منها : تعريف السابق باللاحق ، أو تخصيصه به ، أو تخفيفه نحو «كتاب الأستاذ» و «ضوء شمعة» و «معيد الدرس».

٢ ـ ما يحذف بالإضافة :

يحذف ـ بالإضافة ـ من الاسم الأول : التنوين ، ونون مثنى أو جمع مذكر سالم ، وما ألحق بهما ، نحو «دار الخلافة» (تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ)(٢) و «سافر قاصد والحجّ» (وَأُولُوا الْأَرْحامِ)(٣) ولا تحذف النون التي تظهر عليها علامة الإعراب ـ وهي النون الأصلية ـ نحو «بساتين علي» و «شياطين الإنس».

٣ ـ عامل المضاف إليه :

يجر المضاف إليه بالمضاف ، لا بالحرف المنوي ،.

٤ ـ الإضافة بمعنى «اللام» أو «من» أو «في» :

الغالب في الإضافة أن تكون بمعنى «اللّام» ودونها أن تكون بمعنى «من» ويقلّ أن تكون بمعنى «في» وضابط التي بمعنى «في» أن يكون المضاف إليه ظرفا للمضاف نحو (مَكْرُ اللَّيْلِ)(٤) و «يا صاحِبَيِ السِّجْنِ» (٥).

وضابط التي بمعنى «من» أن يكون المضاف بعض المضاف إليه ، مع صحة إطلاق اسمه عليه نحو «خاتم ذهب» و «قميص صوف» فتقديره : خاتم من ذهب ، وقميص من صوف وظاهر أن الخاتم بعض الذهب ، والقميص بعض الصوف ، ويقال : «هذا الخاتم ذهب» و «هذا القميص صوف».

فإذا انتفى الشرطان معا نحو «كتاب أحمد» و «مصباح المسجد» أو الأول فقط ك «يوم الجمعة» أو الثاني

__________________

(١) الآية «١٧» من الروم (٣٠).

(٢) الآية الأولى من المسد (١١١).

(٣) الآية «٧٥» من الأنفال (٨).

(٤) الآية «٣٣» من سبأ (٣٤).

(٥) الآية «٣٩ و ٤١» من يوسف (١٢).


فقط ك «يد الصّانع» فالإضافة بمعنى «لام الملك أو الاختصاص».

٥ ـ التّعريف أو التّخصيص في الإضافة :

الإضافة على نوعين :

(١) نوع يفيد تعرّف المضاف بالمضاف إليه إن كان معرفة ، نحو «رسل الله».

(٢) نوع يفيد تخصيص المضاف ، دون تعرفه ، وهو قسمان : قسم يقبل التّعريف ، ولكن يجب تأويله بنكرة ، وذلك إذا حلّ محل ما لا يكون معرفة نحو «ربّ رجل وأخيه» و «كم ناقة وفصيلها» و «جاء وحده» لأنّ «ربّ وكم» لا يجرّان المعارف ، فهما في تأويل «ربّ رجل وأخ له» و «كم ناقة وفصيل لها» ، وكذا «وحده» فهي في تأويل «منفردا» لأنّها حال ، والحال واجبة التنكير.

وقسم لا يقبل التّعريف أصلا ، وضابطه أن يكون المضاف متوغلا في الإبهام ك «غير» و «مثل» (١) إذا أريد بهما مطلق المغايرة والمماثلة نحو «أبصرت إنسانا غيرك» أو «مثلك» ، لأنّ المغايرة أو المماثلة بين الشّيئين لا تخص وجها بعينه.

٦ ـ الإضافة معنويّة ولفظيّة :

الإضافة التي تفيد تعريفا أو تخصيصا إضافة «معنويّة» ويسمونها محضة ، أي خالصة من تقدير الانفصال وهي المقصودة ، وتقدّمت في النّوعين السّابقين ، وهناك نوع من الإضافة لا يفيد شيئا إلا الخفّة والتّزيين ، ويسمّونها «الإضافة اللّفظية» (وانظرها مفصّلة في : الإضافة اللفظية).

٧ ـ الجمع بين «أل» و «الإضافة» الأصل في الإضافة التّعريف ، فلا يجمع بينها وبين «أل» لما يلزم عليه من وجود معرّفين ، هذا بالنّسبة للإضافة المعنويّة ، أما بالنّسبة للإضافة اللّفظية فيمكن ذلك في خمس مسائل (ـ الإضافة اللفظية)

٨ ـ ما يكتسب المضاف من المضاف إليه :

يكتسب أشياء منها : تأنيثه لتأنيث المضاف إليه ، وبالعكس ، وشرط ذلك في الصّورتين : صلاحيّة المضاف

__________________

(١) وك «مثل» و «غير» شبهك ، وخدنك ، وتربك ، وكذا : حسبك ، وشرعك بمعنى حسبك.


للاستغناء عنه بالمضاف إليه ، فمن الأول «قطعت بعض أصابعه» وقراءة بعضهم (تلتقطه بعض السّيّارة) (١) وقول الأغلب العجلي :

طول اللّيالي أسرعت في نقضي

نقضن كلّي ونقضن بعضي

ولا يجوز «قامت غلام هند» لانتفاء الشرط المذكور وهو إمكان الاستغناء بالمضاف إليه عن المضاف.

ومن الثاني قوله :

إنارة العقل مكسوف بطوع هوى

وعقل عاصي الهوى يزداد تنويرا

ولا يجوز «قام امرأة خالد» لعدم صلاحيّة المضاف للاستغناء عنه بالمضاف إليه.

٩ ـ الإضافة إلى المرادف ، وإلى الصفة وإلى الموصوف :

لا يضاف اسم إلى مرادفه ك «قمح برّ» ولا موصوف إلى صفته ك «رجل عالم» ولا صفة إلى موصوفها ك «عالم رجل».

فإن سمع ما يوهم شيئا من ذلك يؤوّل ، فمن الأول قولهم : «سعيد كرز» (٢) ، وتأويله : أن يراد بالأوّل : المسمّى ، وبالثاني : الاسم.

ومن الثاني قولهم : «حبّة الحمقاء» و «صلاة الأولى» و «مسجد الجامع».

وتأويله : أن يقدر موصوف ، أي حبّة البقلة الحمقاء ، وصلاة الساعة الأولى ، ومسجد المكان الجامع ومن الثالث قولهم : «جرد قطيفة» (٣) و «سحق عمامة» (٤) ، وتأويله : أن يقدّر موصوف أيضا ، ويقدّر إضافة الصفة إلى جنسها ، أي : شيء جرد من جنس القطيفة ، وشيء سحق من جنس العمامة.

١٠ ـ الأسماء بالنّسبة للإضافة :

الأسماء بالنسبة لصلاحيتها للإضافة أو امتناعها أو وجوبها ثلاثة أقسام :

(أ) أن تكون صالحة للإضافة والإفراد ، وذلك هو الغالب ك «ورق وقلم ، وعمل ، وأرض».

(ب) أن تمتنع إضافتها «كالمضمرات

__________________

(١) الآية «١٠» يوسف (١٢)

(٢) الكرز : خرج الراعي ، ويطلق على اللئيم والحاذق.

(٣) الجرد : الخلق. والقطيفة : كساء له خمل.

(٤) السحق : البالي.


و «أسماء الإشارة» و «الموصولات» سوى «أيّ». و «الأعلام» و «أسماء الشرط» و «أسماء الاستفهام» عدا «أيّ» منهما ، فالأربعة الأولى معارف ، والبواقي شبيهة بالحرف.

(ج) أن تجب إضافتها ، وذلك على نوعين :

(١) ما يجب إضافته إلى المفرد (١) ،

(٢) ما يجب إضافته إلى الجمل.

فالأول : قسمان : قسم يجوز لفظا قطعه عن الإضافة وهو «أيّ» و «بعض» و «كل» (٢) بشرط ألّا يكون «كلّ» نعتا ولا توكيدا نحو (كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ)(٣)(تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ)(٤).

والقسم الآخر يلزم الإضافة لفظا وهو ثلاثة أنواع :

(١) ما يضاف إلى الظاهر مرة ، وإلى المضمر أخرى ، وهو «كلا وكلتا» و «عند ولدى» (وانظرها في حروفها) «وقصارى الأمر وحماداه» (٥) و «سوى» (انظرها في حرفها).

(٢) ما يختصّ بالظّاهر ، وهو «أولو ، أولات ، ذو ، ذات» وفروعهما قال الله تعالى : (نَحْنُ أُولُوا قُوَّةٍ)(٦)(وَأُولاتُ الْأَحْمالِ)(٧)(وَذَا النُّونِ)(٨)(ذاتَ بَهْجَةٍ)(٩).

(٣) ما يختصّ بالمضمر ، إمّا مطلقا وهو «وحده» نحو (إِذا دُعِيَ اللهُ وَحْدَهُ)(١٠) وإمّا لخصوص ضمير المخاطب ، وهو مصادر مثنّاة لفظا ، ومعناها : التكثير ، وهي : «لبّيك» و «سعديك» و «حنانيك» و «دواليك» و «هذاذيك» (وانظرها جميعها في حروفها).

وأمّا النّوع الذي يجب إضافته إلى الجمل فهو قسمان :

(أ) ما يضاف إلى الجمل مطلقا وهو

__________________

(١) المراد بالمفرد هنا : ما يقابل الجملة.

(٢) انظر كلا في حرفه.

(٣) الآية «٣٣» الأنبياء (٢١)

(٤) الآية «٢٥٣» البقرة (٢)

(٥) أي الجهد والغاية.

(٦) الآية «٣٣» النمل (٢٧)

(٧) الآية «٤» الطلاق (٦٥)

(٨) الآية «٨٧» الأنبياء (٢١)

(٩) الآية «٦٠» النمل (٢٧)

(١٠) الآية «١٢» غافر (٤٠)


«إذ» و «حيث» نحو (وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ)(١)(وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلاً فَكَثَّرَكُمْ)(٢) «اجلس حيث جلس صاحبك» أو «حيث صديقك جالس» (ـ «إذ وحيث» في حرفيهما).

(ب) ما يختص بالجمل الفعلية ، وهو «لمّا» الحينية عند من جعلها اسما ، نحو «لمّا جاءني عليّ أكرمته و «إذا» وتضاف إلى الجملة الماضوية غالبا ، وقلّ أن تضاف إلى الجملة المضارعيّة ، (انظرهما في حرفيهما) وأمّا قول الفرزدق :

إذا باهليّ عنده حنظليّة

له ولد منها فذاك المذرّع (٣)

فعلى إضمار «كان» أي إذا كان «باهليّ»

١١ ـ إضافة أسماء الزمان المبهمة : كلّ ما كان من أسماء الزّمان بمنزلة «إذ» أو «إذا» في كونه اسم زمان مبهم لما مضى أو لما يأتي ، فإنّه بمنزلتهما فيما يضافان إليه

فلذلك تقول : «جئتك زمن الثمر ناضج» أو «زمن كان الثمر ناضجا» لأنّه بمنزلة «إذ» وتقول : «أزورك زمن يهطل المطر» ويمتنع «زمن هطول المطر» لأنه بمنزلة «إذا» ومثل «زمن» في الإبهام «حين ، ووقت ، ويوم».

وأما قوله تعالى (يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ)(٤) وقول سواد بن قارب : فكن لي شفيعا يوم لاذ وشفاعة بمغن فتيلا (٥) عن سواد بن قارب فمما نزّل المستقبل فيه منزلة الماضي لتحقّق وقوعه.

ويجوز في هذا النوع : الإعراب على الأصل ، والبناء حملا عليهما.

فإن كان ما وليه فعلا مبنيا ، فالبناء أرجح للتناسب كقول النابغة :

على حين عاتبت المشيب على الصبا

وقلت ألمّا أصح والشيب وازع

وقوله :

لأجتذبن منهنّ قلبي تحلّما

على حين يستصبين كلّ حليم

__________________

(١) الآية «٢٦» الأنفال (٨)

(٢) الآية «٨٥» الأعراف (٧)

(٣) المذرع : الذي أمه أشرف من أبيه ، ويسمى مقرفا ، وحنظلة : أكرم قبيلة في تميم.

(٤) الآية «١٣» الذاريات (٥١)

(٥) الفتيل : ما يكون في شق نواة التمر وهو كناية عن الشيء القليل.


وإن كان فعلا معربا ، أو جملة اسميّة ، فالإعراب أرجح ، فمن الإعراب : (هذا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ)(١) وقول بشر بن هذيل :

ألم تعلمي يا عمرك الله أنني

كريم على حين الكرام قليل (٢)

١٢ ـ حذف المضاف والمضاف إليه : يجوز حذف ما علم من المضاف أو المضاف إليه ، فإن كان المحذوف «المضاف» فالغالب أن يخلفه في إعرابه المضاف إليه نحو : (وَجاءَ رَبُّكَ)(٣) أي أمر ربك ونحو (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ)(٤) أي أهل القرية.

وقد يبقى على جرّه ، وشرط ذلك في الغالب أن يكون المحذوف معطوفا على مضاف بمعناه كقولهم «ما مثل عبد الله ولا أخيه يقولان ذلك» أي ولا مثل أخيه ، ومثله قول حارثة ابن الحجّاج :

أكلّ امرئ تحسبين امرءا

ونار توقّد بالليل نارا

أي : وكلّ نار.

ومن غير الغالب قراءة ابن جمّاز

(تريدون عرض الدّنيا والله يريد الآخرة) (٥) أي عمل الآخرة.

وإن كان المحذوف «المضاف إليه» فهو على ثلاثة أقسام :

(١) أن يزال من المضاف ما يستحقه من إعراب وتنوين ، ويبنى على الضّم نحو «أخذت عشرة ليس غير» و «من قبل» و «من بعد» (ـ ليس غير ، قبل ، بعد).

(٢) أن يبقى إعرابه ، ويرد إليه تنوينه ، وهو الغالب نحو (وَكُلًّا ضَرَبْنا لَهُ الْأَمْثالَ)(٦)(أَيًّا ما تَدْعُوا)(٧)

(٣) أن يبقى إعرابه ، ولا ينون ، ولا ترد إليه النون إن كان مثنى أو مجموعا كما كان في الإضافة ، وشرط ذلك في الغالب أن يعطف عليه اسم عامل في مثل المضاف إليه المحذوف ، وهذا العامل ، إما مضاف كقولهم

__________________

(١) الآية «١٢٢» المائدة (٥)

(٢) «يا عمرك» يا حرف نداء. والمنادى محذوف ، تقديره : يا فلانة عمرك الله «عمرك» منصوب على المصدرية ، وفعله «عمر» عاش طويلا.

(٣) الآية «٢٢» الفجر (٨٩)

(٤) الآية «٨٢» يوسف (١٢)

(٥) الآية «٦٧» الأنفال (٨)

(٦) الآية «٣٩» الفرقان (٢٥)

(٧) الآية «١١٠» الإسراء (١٧)


«خذ ربع ونصف ما حصل» والأصل :

خذ ربع ما حصل ونصف ما حصل فحذفوا «ما حصل» من الأول لدلالة الثاني عليه ، ومثله قول الفرزدق :

يا من رأى عارضا أسرّ به

بين ذراعي وجبهة الأسد

أي بين ذراعي الأسد وجبهة الأسد ، ومثل هذا لا يجوز إلّا في الشعر.

وإما غير مضاف وهو عامل في مثل المحذوف كقوله :

علّقت آمالي فعمّت النعم

بمثل أو انفع من وبل الدّيم (١)

فمثل مضاف إلى محذوف دل عليه المذكور ، والأصل : بمثل وبل الديم او انفع من وبل الديم.

ومن غير الغالب «ابدأ بذا من أول» بالخفض من غير تنوين.

١٣ ـ الفصل بين المضاف والمضاف إليه.

عند كثير من النحويين لا يفصل بين المتضايفين إلا في الشعر ، وعند الكوفيين مسائل الفصل سبع : ثلاث جائزة في السعة وهي :

(١) أن يكون المضاف مصدرا ، والمضاف إليه فاعله ، والفاصل : إمّا مفعوله وإمّا ظرفه فالأول كقراءة ابن عامر (وكذلك زيّن لكثير من المشركين قتل أولادهم شركائهم) (٢) ومثله قول الشاعر :

عتوا إذ أجبناهم إلى السلم رأفة

فسقناهم سوق البغاث الأجادل (٣)

والثاني : كقول بعضهم : «ترك يوما نفسك وهواها ، سعي لها في رداها»

(٢) أن يكون المضاف وصفا والمضاف إليه إما مفعوله الأول والفاصل مفعوله الثاني كقراءة بعضهم (فلا تحسبنّ الله مخلف وعده رسله) (٤) وقول الشاعر :

ما زال يوقن من يؤمّك بالغنى

وسواك مانع فضله المحتاج

أو ظرفه كقوله عليه‌السلام (هل أنتم تاركولي صاحبي) وقول الشاعر :

__________________

(١) الوبل : المطر الشديد ، والديم : جمع ديمة : وهي المطر ليس فيه رعد ولا برق.

(٢) الآية «١٣٧» الأنعام (٦)

(٣) البغاث : من الطيور الضعيفة ومنه المثل (إن البغاث بأرضنا يستنسر) والأجادل : جمع أجدل وهو الصقر.

(٤) الآية «٤٧» إبراهيم (١٤).


فرشني بخير لا أكونن ومدحتي

كناحت يوما صخرة بعسيل (١)

(٣) أن يكون الفاصل قسما (٢) نحو : «هذا غلام والله زيد» وحكى أبو عبيدة : «إنّ الشاة لتجتر صوت ـ والله ـ ربّها» (٣) زاد في الكافية الفصل ب «إمّا» كقول تأبط شرا :

هما خطّتا إمّا إسار ومنة

وإما دم والقتل بالحر أجدر (٤)

والمسائل الأربعة الباقية تختص بالشعر :

إحداها : الفصل بالأجنبي ، ونعني «به» معمول غير المضاف ، فاعلا كان كقول الأعشى :

أنجب أيّام والداه به

إذ نجلاه فنعم ما نجلا (٥)

أي أنجب والداه به أيّام إذ نجلاه.

أو مفعولا كقول جرير :

تسقي امتياحا ندى المسواك ريقتها

كما تضمّن ماء المزنة الرصف (٦)

أي تسقي ندى ريقتها المسواك.

أو ظرفا كقول أبي حية النميري :

كما خطّ الكتاب بكف يوما

يهوديّ يقارب أو يزيل (٧)

الثانية : الفصل بفاعل المضاف كقوله :

ما إن وجدنا للهوى من طب

ولا عدمنا قهر وجد صب (٨)

الثالثة : الفصل بنعت المضاف كقول الشاعر :

نجوت وقد بلّ المراديّ سيفه

من ابن أبي ـ شيخ الأباطح ـ طالب (٩)

__________________

(١) قوله : فرشني : أمر من رشت السهم إذا ألزقت عليه الريش ، والمعنى : أصلح حالي بخير ، والعسيل : مكنسة العطار التي يجمع بها العطر ، وهذا كناية عن أن سعيه مما لا فائدة فيه مع التعب والكد.

(٢) كما حكاه الكسائي.

(٣) أي صاحبها.

(٤) هذا على رواية كسر إسار على أنه مضاف إليه وحذف النون على هذا للإضافة ، والرواية الأخرى بالضم وعليه فحذف النون استطالة للاسم وإسار بدل من خطتا.

(٥) فاعل أنجب : والداه. وأيام : متعلق بأنجب وهو مضاف و «اذ» مضاف إليه ، فقد فصل ب «والداه» بين المضاف والمضاف إليه.

(٦) الامتياح هنا : الاستياك وأصله : أخذ الماء من البئر ، وهو حال ، والندى : البلل.

والمزنة : السحاب ، والرصف : جمع رصفة : وهي حجارة مرصوف بعضها إلى بعض ، وماء الرصف أصفى وأرق.

(٧) الشاهد فيه : بكف يوما يهودي ، وظاهر أن الأصل : بكف يهودي يوما.

(٨) أضاف «قهر» إلى مفعوله وهو «صب» وفصل بينهما بفاعل المصدر وهو وجد ، والأصل ما وجدنا للهوى طبا ، ولا عدمنا قهر صب وجد ، والصب العاشق.

(٩) الأباطح : جمع أبطح : وهو مسيل الماء ، والمراد به مكة. والمرادي : هو عبد الرحمن بن ملجم قاتل علي رضي‌الله‌عنه.


أي من ابن أبي طالب شيخ الأباطح.

الرابعة : الفصل بالنداء كقوله :

كأنّ برذون ـ أبا عصام ـ

زيد حمار دقّ باللّجام

أي كأنّ برذون زيد حمار يا أبا عصام ففصل بين المضاف والمضاف إليه بالنّداء.

الإضافة اللّفظيّة ـ

١ ـ ماهيتها :

هناك نوع من الإضافة لا يفيد تعريفا ولا تخصيصا وهو «الإضافة اللفظيّة» أو «غير المحضة» وضابطها : أن يكون المضاف صفة تشبه المضارع في كونها مرادا بها الحال أو الاستقبال وهذه الصّفة واحدة من ثلاث : اسم فاعل ، نحو «مكرمنا» واسم مفعول نحو «مزكوم الأنف» والصفة المشبهة ، نحو «شديد البطش».

والدليل على أنّ هذه الإضافة لا تفيد المضاف تعريفا : وصف النكرة به في قوله تعالى (هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ)(١) ، ووقوعه حالا في نحو (ثانِيَ عِطْفِهِ)(٢) فإنّها حال من فاعل يجادل في الآية قبله ، ومثله قول أبي كبير الهذلي يمدح تأبّط شرّا :

فأتت به حوش الفؤاد مبطّنا

سهدا إذا ما نام ليل الهوجل (٣)

ف «حوش الفؤاد» حال من الضمير في «به» والحال لا تكون إلّا نكرة ، أو مؤوّلة بالنكرة ، ودخول «ربّ» عليه وربّ لا تدخل إلا على النكرات ، من ذلك قول جرير :

يا ربّ غابطنا لو كان يطلبكم

لاقى مباعدة منكم وحرمانا

والدّليل على أنها لا تفيد تخصيصا : أنّ أصل قولك : «هو مساعد صالح» «هو مساعد صالحا» فالاختصاص بالمعمول موجود قبل الإضافة.

ولا تفيد هذه الإضافة إلا التخفيف بحذف التنوين في نحو «مساعد أحمد» أو حذف نون التثنية أو الجمع في نحو «مكرما خالد» أو «مكرمو خالد».

أو تفيد رفع القبح نحو «أعززت الرجل الشريف النسب» فإنّ في رفع «النّسب» (٤) قبح خلوّ الصفة من

__________________

(١) الآية «٩٨» المائدة (٥)

(٢) الآية «٩» الحج (٢٢)

(٣) «حوش الفؤاد» حديده «مبطنا» ضامر البطن «سهدا» قليل النوم «الهوجل» الأحمق.

(٤) على أنها فاعل للصفة المشبهة وهو الشريف.


ضمير يعود على الموصوف ، وفي نصبه : (١) قبح إجراء وصف اللّازم مجرى وصف المتعدي ، وفي الجرّ تخلّص منهما.

وتسمّى هذه الإضافة في هذا التنوع «لفظية» لأنها أفادت أمرا لفظيا وهو حذف التّنوين والنون ، و «غير محضة» لأنها في تقدير الانفصال.

٢ ـ دخول «أل» على المضاف :

الأصل ألّا تدخل «أل» على المضاف لما يلزم عليه من وجود معرّفين ، ولكن بالإضافة اللفظية جائز ذلك في خمس مسائل :

(أ) أن يكون المضاف إليه أيضا مقرونا ب «أل» كقول الفرزدق :

أبأنا بها قتلى وما في دمائها

شفاء ، وهنّ الشافيات الحوائم (٢)

(ب) أن يكون المضاف إليه مضافا لما فيه «أل» كقوله :

لقد ظفر الزّوّار أقفية العدا

بما جاوز الآمال ملأسر والقتل (٣)

(ج) أن يكون المضاف إليه مضافا لضمير ما فيه «أل» كقوله :

ألودّ أنت المستحقة صفوه

منّي وإن لم أرج منك نوالا (٤)

(د) أن يكون الوصف المضاف مثنى كقوله :

إن يغنيا عني المستوطنا عدن

فإنني لست يوما عنهما بغني (٥)

(ه) أن يكون الوصف جمع مذكر سالما ، كقوله :

ليس الأخلاء بالمصغي مسامعهم

إلى الوشاة ولو كانوا ذوي رحم (٦)

أضحى ـ

(١) تأتي ناقصة من أخوات «كان» ،

__________________

(١) على أنه مفعول للصفة المشبهة.

(٢) أبأنا : قتلنا ، والضمير في «ا» و «هن» للسيوف «الحوائم» العطاش التي تحوم حول الماء جمع حائمة.

(٣) ملأسر : أصله من الأسر. حذفت النون على لغة خثعم وزبيد.

(٤) المستحقة : اسم فاعل فيه «أل» أضيف إلى «صفوه» وفي صفوه ضمير يعود إلى ما فيه «أل» وهو «الود».

(٥) يغنيا : مضارع غني بمعنى يستغنيا ، والألف ليست فاعلا ، وإنما هي علامة التثنية ، والفاعل : المستوطنا.

(٦) «بالمصغي» اسم فاعل وهو جمع مذكر سالم وهو مضاف وفيه «أل» وهو الشاهد.


وهي تامة التصرف ، وتستعمل ماضيا ، ومضارعا ، وأمرا ، ومصدرا نحو قول ابن زيدون :

«أضحى التّنائي بديلا من تدانينا» ولها مع «كان» أحكام أخرى (ـ كان وأخواتها)

(٢) وتأتي تامّة ، فتكتفي بمرفوعها ، ويكون فاعلا لها ، وذلك حين يكون معنى «أضحى» دخل في الضّحى نحو «أضحيت وأنا في بلدي».

الإعراب ـ

١ ـ تعريفه :

أثر ظاهر أو مقدّر يجلبه العامل في آخر الكلمة ، فالأثر الظاهر كحركات لفظ «أرض» في قولك «هذه أرض خصبة» و «زرعت أرضا جيّدة» والأثر المقدر : هو ما لا يظهر إعرابه. كلفظ «الفتى» و «النّوى» في قولك «جدّ الفتى» و «ما أصعب النّوى».

٢ ـ المعربات :

(١) كلّ الأسماء معربة إلا ما استقصيناه في المبنيات.

(٢) الفعل المضارع الحالي عن نون الإناث وعن مباشرة نون التوكيد ثقيلة أو خفيفة.

٣ ـ علامات الإعراب الأصلية :

علامات الإعراب الأصليّة : الضمة للرفع ، والفتحة للنصب ، والكسرة للجر ، وحذف الحركة للجزم.

ويشترك في الرفع والنصب الاسم والفعل ، مثل قولك «العاقل يصون شرفه» و «إن العجول لن يتقن عملا» ويختصّ الجرّ بالاسم مثل «في ساحة العلم الخلود» ويختص الجزم بالفعل ، مثل «لم ينل الخير ملول».

٤ ـ تقدير الحركات الثلاث في المقصور والحركتين في المنقوص :

تقدّر الحركات الثلاث في الاسم المعرب الذي آخره ألف لازمة لتعذّر ظهورها ك «الهدى» و «المصطفى» ويسمّى معتلّا مقصورا.

وتقدّر الضّمة والكسرة فقط في الاسم المعرب الذي آخره ياء لازمة مكسور ما قبلها ك «الداعي والمنادي


ويسمى معتلا منقوصا ، أمّا الفتحة فتظهر في المنقوص لخفتها.

٥ ـ علامات الإعراب الفرعيّة :

قد ينوب عن الضمة غير الرفع ، وعن الفتحة غير النّصب ، وعن الكسرة غير الجرّ ، وعن الجزم غير السكون وذلك في سبعة أبواب : الأسماء الستة ، المثنى ، جمع المذكر السّالم ، الجمع بألف وتاء ، الممنوع من الصرف ، الأفعال الخمسة ، المضارع المعتل الآخر. (انظرها جميعا في حروفها) إعراب أسماء الشّرط ـ جوازم المضارع ٨

إعراب المضارع ـ

يعرب المضارع إذا لم تباشره إحدى نوني التّوكيد ، ولم تدخل عليه نون النسوة ، وأنواع إعرابه : رفع ، ونصب ، وجزم (ـ رفع المضارع ، نصب المضارع ، جزم المضارع).

أعطى وأخواتها ـ

١ ـ هي «أعطى ، سأل ، منح ، منع ، كسا ، ألبس».

٢ ـ حكمها :

تنصب مفعولين ليس أصلهما المبتدأ والخبر ، وأحدهما فاعل في المعنى فإذا قلت «كسوت الفقير قميصا» ف «الفقير» مفعول أوّل وهو فاعل في المعنى لأنّ الكساء قام به و «قميصا» مفعول ثان ، وظاهر أن المفعولين ليس أصلهما المبتدأ والخبر ، لأنّه لا يقال : «الفقير قميص».

٣ ـ أحوال مفعولها في التّقديم والتأخير الأصل في هذه المفاعيل تقديم ما كان فاعلا في المعنى ، تقول : «ألبست عليّا معطفا» ويجوز «ألبست معطفا عليّا».

وقد يكون تقديمه واجبا أو ممتنعا.

فالواجب في ثلاثة مواضع :

(أحدها) عند حصول اللّبس ، نحو «أعطيت محمدا خالدا».

(الثاني) أن يكون المفعول الثاني محصورا فيه نحو «ما أعطيت خالدا إلّا درهما».

(الثالث) أن يكون الثاني اسما ظاهرا ، والأول ضميرا متصلا نحو (إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ)(١).

__________________

(١) الآية «١» الكوثر (١٠٨).


والممتنع في ثلاثة مواضع :

(الأوّل) أن يكون الفاعل في المعنى محصورا فيه نحو «ما أعطيت الدرهم إلّا سعيدا».

(الثاني) أن يكون الأول ظاهرا ، والثاني ضميرا متصلا نحو «الدرهم أعطيته سعيدا».

(الثالث) أن يكون مشتملا على ضمير يعود على الثّاني نحو (أعطيت القوس باريها).

أعلم وأرى وأخواتهما ـ

١ ـ تعدادها وحكمها :

هذه الأفعال تنصب ثلاثة مفاعيل وهي «أعلم ، أرى (١) ، نبّأ ، أنبأ ، خبّر ، أخبر ، حدّث» نحو (كَذلِكَ يُرِيهِمُ اللهُ أَعْمالَهُمْ حَسَراتٍ عَلَيْهِمْ)(٢) ، (إِذْ يُرِيكَهُمُ اللهُ فِي مَنامِكَ قَلِيلاً ، وَلَوْ أَراكَهُمْ كَثِيراً لَفَشِلْتُمْ)(٣).

وقول النابغة يهجو زرعة :

نبّئت زرعة ـ والسفاهة كاسمها ـ

يهدي إليّ غرائب الأشعار (٤)

وقول الأعشى ميمون بن قيس :

وأنبئت قيسا ولم أبله

 ـ كما زعموا ـ خير أهل اليمن (٥)

وقول العوّام بن عتبة بن كعب ابن زهير :

وخبرت سوداء الغميم مريضة

فأقبلت من أهلي بمصر أعودها (٦)

وقول رجل من بني كلاب :

وما عليك إذا أخبرتني دنفا

وغاب بعلك يوما أن تعوديني (٧)

وقول الحارث بن خلف اليشكري :

__________________

(١) أصل «أعلم وأرى» علم ورأى المتعديان لاثنين ، وتعديا لثالث بالهمزة ، أما الباقيات فقد ضمن معناهما.

(٢) الآية «١٦٧» البقرة (٢) والمفعول الأول في الآية : الهاء والميم من «يريهم» والثاني «أعمالهم» والثالث : حسرات.

(٣) الآية «٤٤» الأنفال (٨).

(٤) «نبئت» التاء نائب فاعل ، وهي المفعول الأول و «زرعة» المفعول الثاني ، وجملة «يهدي إلي» مفعول ثالث ، وقوله : «والسفاهة كاسمها» جملة معترضة.

(٥) «لم أبله» لم أختبره ، والجملة حال

(٦) الغميم : موضع من بلاد غطفان.

(٧) «أخبرتني» بالبناء للمجهول والتاء لنائب الفاعل هي المفعول الأول والياء مفعول ثان و «دنفا» مفعول ثالث. ومعناه المريض.


أو منعتم ما تسألون فمن

حدّثتموه له علينا الولاء؟ (١)

٢ ـ حذف المفاعيل ل «أعلم وأرى وأخواتهما» :

يجوز حذف المفعول الأول نحو «أعلمت كبشك سمينا» والأصل :

أعلمتك أو أعلمته ، ويجوز الاقتصار عليه ، ك «أعلمت خالدا».

وللمفعول الثاني والثالث من جواز حذف أحدهما اختصارا لدليل ، ومنعه اقتصارا لغير دليل ، ومن الإلغاء والتعليق ـ ما كان لهما قبل النقل (٢) ، فمثال الإلغاء قول بعضهم :

«البركة ـ أعلمنا الله ـ مع الأكابر» (٣)

وقوله :

وأنت ـ أراني الله ـ أمنع عاصم

وأرأف مستكف وأسمح واهب (٤)

ومثال التعليق قوله تعالى (يُنَبِّئُكُمْ إِذا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ)(٥).

وقوله :

حذار فقد نبئت إنك للذي

ستجزى بما تسعى فتسعد أو تشقى (٦)

٣ ـ أرى وأعلم البصريّة والعرفانية :

إذا كانت «أرى وأعلم» منقولتين من «رأى» البصرية ، وعلم العرفانية ، المتعدّي كلّ منهما لواحد ـ تعديا بالهمزة لاثنين نحو (أريت رفيقي الهلال) أي أبصرته إيّاه ، و (أعلمت أخي الخبر) أي عرّفته إياه ، قال الله

__________________

(١) المعنى : أو منعتم ما تسألون من النصفة فيما بيننا وبينكم ، ومن بلغكم أنه اعتلانا أو قهرنا في قديم الدهر فتطمعون في ذلك منا؟ و «ما» موصولة و «من» استفهام بمعنى النفي ، والشاهد : حدثتموه فالنائب الفاعل وهو الواو مفعول أول والهاء مفعول ثاني ، وجملة «له علينا الولاء» مفعول ثالث.

(٢) أي قبل دخول همزة النقل التي جعلت هذه الأفعال متعدية إلى ثلاثة مفاعيل (وانظر ظن وأخواتها)

(٣) «اعلمنا الله» ملغاة ، مبنية للفاعل لتوسطها بين المبتدأ والخبر.

(٤) «أراني الله» ملغاة أيضا لتوسطها مبنية للفاعل بين المبتدأ وخبره.

(٥) الآية «٧» سبأ (٣٤) والكاف والميم من (يُنَبِّئُكُمْ) مفعول أول وجملة («إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ) في محل نصب سدت مسد المفعول الثاني والثالث والفعل معلق عن الجملة باللام.

(٦) التاء من «نبئت» نائب فاعل وهي المفعول الأول ، وجملة «إنك للذي» في موضع نصب سدت مسد المفعولين ، والفعل معلق عنها باللام ولذلك كسرت «إن»


تعالى (وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ما أَراكُمْ ما تُحِبُّونَ)(١)

وحكمهما حكم مفعولي «كسا» في الحذف لهما ، أو لأحدهما لدليل ، وغيره في منع الإلغاء والتّعليق.

أعني التّفسيرية ـ

الفرق بين «أعني» التّفسيرية و «أي» أن «أي» يفسّر بها للإيضاح والبيان و «أعني» لدفع السّؤال ، وإزالة الإبهام.

وإعراب «أعني» إعراب المضارع المجرّد وما بعده مفعول به.

الإغراء ـ

١ ـ تعريفه :

هو تنبيه المخاطب على أمر محمود ليفعله.

٢ ـ حكمه :

حكم الاسم فيه حكم التحذير (٢) الذي لم يذكر فيه «إيّا» فلا يلزم حذف عامله إلّا في عطف أو تكرار كقولك : «العلم والخلق» بتقدير إلزم ، وقول مسكين الدارمي :

أخاك أخاك إنّ من لا أخا له

كساع إلى الهيجا بغير سلاح

ويقال «الصلاة جامعة» فتنصب الصلاة بتقدير «احضروا» و «جامعة» على الحال ، ولو صرّح بالعامل لجاز.

أفعال التّصيير ـ ظنّ وأخواتها ٩

الأفعال الصّحيحة ـ الصحيح من الأفعال

أفعال القلوب ـ ظن وأخواتها ٢

الأفعال المعتلّة ـ المعتلّ من الأفعال

أفّ ـ

الأفّ لغة : الوسخ الذي حول الظّفر ، وقيل : وسخ الأذن ، وبالجملة فهي كلمة تكرّه وتضجّر تقال عند استقذار الشيء ، ثم استعمل عند كلّ شيء يضجر منه ، ويتأذّى به ، وهي اسم فعل مضارع بمعنى أتضجّر ، وهي من النوع المرتجل ، وهي للمفرد المذكر وغيره بصيغة واحدة ، وفائدة وضعها قصد المبالغة ، فقائل «أفّ» كأنه يقول : أتضجر كثيرا ، والتنوين فيها للتنكير. (ـ اسم الفعل).

__________________

(١) الآية «١٥٢» آل عمران (٣) ، فالكاف والميم مفعول أول و (ما تُحِبُّونَ) ما الموصولة :

مفعول ثان.

(٢) انظر «التحذير».


الأفعال الخمسة ـ

١ ـ تعريفها :

هي كلّ فعل مضارع اتصل به ألف اثنين مثل «يفعلان تفعلان» أو واو جمع مثل «يفعلون تفعلون» أو ياء المخاطبة مثل «تفعلين».

٢ ـ إعرابها :

ترفع الأفعال الخمسة بثبوت النون نحو «العلماء يترفّعون عن الدّنايا» وتنصب وتجزم بحذفها نحو قوله تعالى (فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا)(١) فالأول جازم ومجزوم ، والثاني ناصب ومنصوب.

٣ ـ كلمة «يعفون» :

كلمة «يعفون» من قوله تعالى (إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ)(٢) الواو فيها ليست ضمير الجماعة ، وإنما هي لام الكلمة ، والنون ضمير النسوة ، والفعل المضارع مبني على السكون مثل «يتربّصن» بخلاف قولك «الرجال يعفون» فالواو ضمير المذكرين ، والنون علامة الرفع ، فتحذف للناصب والجازم نحو (وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوى)(٣)

أفعال المقاربة ـ

١ ـ أقسامها :

أفعال هذا الباب ثلاثة أنواع :

(أحدها) ما وضع للدّلالة على قرّب الخبر ، وهي ثلاثة «كاد ، كرب ، أوشك».

(الثاني) ما وضع للدّلالة على رجائه وهي ثلاثة أيضا «عسى ، حرى ، اخلولق».

(الثالث) ما وضع للدّلالة على الشروع فيه ، وهو كثير ، منه «أنشأ ، طفق ، جعل ، هبّ ، علق ، هلهل ، أخذ» و (انظرها مفصلة في حروفها).

٢ ـ حكم خاص ب «عسى» و «اخلولق» و «أوشك».

تختصّ «عسى واخلولق وأوشك بجواز إسنادهنّ إلى «أن يفعل» ولا تحتاج إلى خبر منصوب ، فتكون تامّة ، نحو (وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا

__________________

(١) الآية «٢٤» البقرة (٢)

(٢) الآية «٢٣٧» البقرة (٢)

(٢) الآية «٢٣٧» البقرة (٢)


شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ)(١) وينبني على هذا فرعان :

(أحدهما) أنّه إذا تقدّم على إحداهنّ اسم ، هو الفاعل في المعنى ، وتأخر عنها «أن والفعل» مستغنى بهما عن الخبر ، فتكون تامة ، وهذه لغة أهل الحجاز ، وجاز تقديرها رافعة للضمير العائد إلى الاسم المتقدم ، وتكون «أن والفعل» في موضع نصب على الخبر ، فتكون ناقصة ، وهي لغة بني تميم نحو «المعلم عسى أن يحضر» فالمعلم : هو الاسم المتقدم ، وهو فاعل في المعنى و «أن يحضر» استغني بهما عن الخبر ، هذا عند أهل الحجاز ؛ ويجوز أن نعتبر أن اسم «عسى» ضمير يعود على «المعلم» و «أن يحضر» في موضع نصب على الخبر ، فتكون ناقصة على لغة بني تميم ، ويظهر أثر التّقديرين في حال التّأنيث والتثنية والجمع ، فتقول على التقدير الثاني وهو أنها ناقصة عاملة «هند عست أن تفلح» «العمران عسيا أن ينجحا» «الزّيدون عسوا أن يفلحوا» «الفاطمات عسين أن يفلحن».

ونقول على التقدير الأول ـ وهو استغناؤها بالفاعل عن الخبر «عسى» في الأمثلة جميعها من غير أن تتصل بها أداة تأنيث أو تثنية أو جمع ، وهو الأفصح ، وبه جاء التنزيل قال تعالى (لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ ، وَلا نِساءٌ مِنْ نِساءٍ عَسى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ)(٢).

(الفرع الثاني) أنه إذا ولي أحد هذه الأفعال الثّلاثة «أن والفعل» وتأخر عنهما اسم هو الفاعل في المعنى ، نحو.

«عسى أن يجاهد عليّ» جاز في الاسم وهو «علي» في المثال أن يكون فاعلا للفعل المقرون ب «أن» وهو «يجاهد» فتكون «عسى» تامة و «أن والفعل» في تأويل المصدر فاعل لعسى وجاز فيه أن يكون الاسم وهو «علي» الذي بعد «أن والفعل» في اسما ل «عسى» و «أن والفعل» في موضع نصب خبرا لها ، وفاعل الفعل المقترن بأن ضمير يعود على الاسم (٣).

ويظهر أثر الاحتمالين أيضا في التأنيث والتّثنية والجمع فنقول على الثاني وهو

__________________

(١) الآية «٢١٦» البقرة (٢)

(٢) الآية «١١» الحجرات (٤٩)

(٣) وعندئذ يعود الضمير على متأخر لفظا لا رتبة وهذا جائز.


أن يكون الاسم المتأخر اسما ل «عسى» نحو «عسى أن يقوما أخواك» و «عسى أن يقوموا إخوتك» و «عسى أن تقمن نسوتك» و «عسى أن تطلع الشمس» لا غير.

وعلى الوجه الأول ـ وهو : أن يكون الاسم المتأخر فاعلا للفعل المقترن بأن ـ لا نحتاج إلى إلحاق ضمير ما في الفعل المقترن ب «أن» بل نوحّده في الجميع فنقول «يقوم» ونؤنث «تطلع» أو نذكره ، ومثل عسى في هذا : اخلولق ، وأوشك.

أل ـ تأتي : جنسيّة ، وزائدة ، وعهديّة ـ وهذه الثلاثة تصلح أن تكون علامة للاسم ـ ، وموصولة وهاك بيانها :

أل الجنسية ـ

ثلاثة أنواع :

(أ) التي لبيان الحقيقة والماهيّة ، وهي التي لا تخلفها «كل» نحو (وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ)(١) ونحو «الكلمة قول مفرد».

(ب) التي لاستغراق الجنس حقيقة ، فهي لشمول أفراد الجنس نحو (وَخُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً)(٢) ، وعلامتها أن تخلفها «كل» فلو قيل : وخلق كلّ إنسان ضعيفا لكان صحيحا.

(ج) التي لاستغراق الجنس مجازا لشمول صفات الجنس مبالغة نحو «أنت الرجل علما وأدبا» أي أنت جامع لخصائص جميع الرجال وكمالاتهم.

أل الزّائدة ـ

نوعان : لازمة ، وغير لازمة.

فاللّازمة : ثلاثة أنواع :

(أ) التي في علم قارنت وضعه في النّقل ك «اللّات والعزّى» أو في الارتجال ك «السّموأل».

(ب) كالتي في اسم للزّمن الحاضر وهو «الآن» (انظرها في حرفها).

(ج) كالتي في الأسماء الموصولة مثل (الّذي والتي وفروعهما) من التثنية والجمع ، وكانت زائدة في الثلاثة لأنه لا يجتمع على الكلمة الواحدة تعريفان

__________________

(١) الآية «٣٠» الأنبياء (٢١)

(٢) الآية «٢٧» النساء (٤)


وغير اللازمة ـ وهي العارضة ـ نوعان :

(١) واقعة في الشعر للضّرورة ، وفي النثر شذوذا ، فالأولى كقول الرمّاح ابن ميّادة :

رأيت الوليد بن اليزيد مباركا

شديدا بأعباء الخلافة كاهله (١)

وقول اليشكري :

رأيتك لما أن عرفت وجوهنا

صددت وطبت النفس يا قيس عن عمرو (٢)

أما شذوذها في النثر فهي الواقعة في قولك :

«ادخلوا الأوّل فالأوّل» وقولهم «جاؤوا الجماء الغفير» (٣).

(٢) مجوزة للمح الأصل لأنّ العلم المنقول مما يقبل «أل» قد يلاحظ أصله فتدخل عليه «أل» وأكثر وقوع ذلك في المنقول عن صفة ك «حارث ، وقاسم (٤)» و «حسن وحسين» (٥) وقد تقع في المنقول عن مصدر ك «فضل» أو عن اسم عين ك «نعمان» فإنه في الأصل اسم للدم ، والعمدة في الباب على السماع فلا يجوز في نحو «محمد ومعروف»

ولم يسمع دخول «أل» في نحو «يزيد ويشكر» علمين لأنّ أصلهما الفعل وهو لا يقبل «أل».

أل العهديّة ـ

ثلاثة أنواع :

(١) للعهد الذكري ، وهي التي يتقدم لمصحوبها ذكر نحو (كَما أَرْسَلْنا إِلى فِرْعَوْنَ رَسُولاً. فَعَصى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ)(٦)

(٢) للعهد العلمي ، وهو أن يتقدم لمصحوبها علم نحو (إِنَّكَ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً)(٧)(إِذْ هُما فِي الْغارِ)(٨) لأن ذلك معلوم عندهم.

(٣) للعهد الحضوري : وهو أن يكون

__________________

(١) «أل» في الوليد زائدة للمح الأصل ، والشاهد في «اليزيد» ف «أل» فيه للضرورة ، لأنه لم يسمع دخول أل على يزيد ويشكر ، وسهل هذه الضرورة تقدم ذكر الوليد في البيت.

(٢) النفس : تمييز ولا يقبل التعريف لذلك كانت زائدة.

(٣) أي جاؤوا بجماعتهم وانظرها ب (الجماء الغفير)

(٤) من أسماء الفاعلين.

(٥) من الصفات المشبهة.

(٦) الآية «١٥ و ١٦» المزمل (٧٣)

(٧) الآية «١٢» طه (٢٠)

(٨) الآية «٤١» التوبة (٩)


مصحوبها حاضرا نحو (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ)(١) أي اليوم الحاضر وهو يوم عرفة ونحو «افتح الباب للدّاخل».

ومنه صفة اسم الإشارة نحو «إنّ هذا الرجل نبيل» وصفة «أيّ» في النداء نحو «يا أيّها الإنسان».

أل الموصولة ـ

وهي التي بمعنى الذي وفروعه ، وتدخل على أسماء الفاعلين والمفعولين ، ولا تدخل على الصّفات المشبّهة لأنّ الصفة المشبّهة للثّبوت فلا تؤوّل بالفعل.

أل ونيابتها عن الإضافة ـ

قد تكون «أل» بدلا من الإضافة لأنهما جميعا دليلان من دلائل الأسماء قال الله عزوجل (وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى)(٢) معناه عن هواها ، فأقام الألف واللام مقام الإضافة وقال (يُصْهَرُ بِهِ ما فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ)(٣) أراد : وجلودهم.

قال النّابغة :

لهم شيم لم يعطها الله غيرهم

من النّاس والأحلام غير عوازب

معناه وأحلامهم.

ألا الاستفتاحيّة ـ ألا التّنبيهيّة

ألا التّنبيهيّة ـ ترد «ألا» (٤) للتّنبيه وهي الاستفتاحية فتدخل على الجملتين الاسميّة والفعليّة ولا تعمل شيئا ، فالاسميّة نحو (أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اللهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ)(٥) والفعليّة نحو (أَلا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ)(٦)

ألا للعرض والتّحضيض ـ تأتي «ألا» للعرض والتّحضيض (٧) ، فتختصّ بالجملة الفعليّة ، مثال العرض (أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَكُمْ)(٨) ومثال التّحضيض (أَلا تُقاتِلُونَ قَوْماً نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ)(٩)

__________________

(١) الآية «٤» المائدة (٥)

(٢) الآية «٤٠» النازعات (٧٩)

(٣) الآية «٢٠» الحج (٢٢)

(٤) أي فتدل على تحقق ما بعدها وتقويه ، لتركبها في الأصل من همزة الإنكار الإبطالي و «لا» النافية ، ونفي النفي يستلزم الثبوت.

(٥) الآية «٦٢» يونس (١٠)

(٦) الآية «٨» هود (١١)

(٧) «العرض» الطلب برفق ، و «التحضيض الطلب بإزعاج.

(٨) الآية «٢٢» النور (٢٤)

(٩) الآية «١٤» التوبة (٩)


إلّا الاستثنائيّة ـ حرف دون غيرها من أدوات الاستثناء (ـ المستثنى) ولها ثلاث أحوال : وجوب نصب المستثنى بعدها ، جواز نصبه أو إتباعه ، إعراب ما بعدها حسب العوامل وهو المفرغ وهاك التفصيل :

(أ) وجوب نصب ما بعدها : له أحوال ثلاث :

الأولى : أن يكون المستثنى متّصلا (١) مؤخرا والكلام تاما (٢) موجبا (٣) نحو (فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلاً مِنْهُمْ)(٤) الثانية : أن يكون الاستثناء منقطعا سواء أكان موجبا نحو «اشتغل عمّالك إلّا عمّال خالد» أو منفيّا. وسواء أمكن تسلّط العامل عليه ، نحو (ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّباعَ الظَّنِّ)(٥) أم لم يمكن نحو «ما نفع الأحمق إلّا ما ضرّ» إذ لا يقال : نفع الضر الثالثة : أن يتقدّم المستثنى على المستثنى منه سواء أكان الكلام منفيّا كقول الكميت :

وما لي إلّا آل أحمد شيعة

وما لي إلّا مذهب الحقّ مذهب

أم موجبا نحو «ينقص ـ إلّا العلم ـ كلّ شيء بالانفاق.

(ب) جواز النّصب ، والإتباع : وذلك إذا كان الكلام تامّا منفيا متصلا ، مقدّما فيه المستثنى منه (٦) ، والأرجح الإتباع على أنه بدل بعض نحو (ما فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ)(٧)(وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ)(٨) «وما جنيت الثمر إلّا تفاحة».

والنصب على الاستثناء عربيّ جيد قرئ به في الآيتين (٩).

وإذا تعذّر البدل على اللفظ لمانع أبدل على الموضع نحو (لا إِلهَ إِلَّا اللهُ) *) ، ونحو «ما فيها من أحد إلّا خالد» برفعهما فلفظ الجلالة ،

__________________

(١) المتصل : ما كان المستثنى من جنس المستثنى منه ، والمنقطع بخلافه.

(٢) التام : ما ذكر فيه المستثنى منه.

(٣) الموجب : غير المنفي.

(٤) الآية «٢٤٩» البقرة (٢)

(٥) الآية «١٥٦» النساء (٤)

(٦) أي على الأصل.

(٧) الآية «٦٥» النساء (٤)

(٨) الآية «٨١» هود (١١)

(٩) وقراءة الفتح في الآية الثانية أجود وأشهر.


بدل من محلّ «لا» مع اسمها (١) لا على اللفظ ، لأنّ «لا» الجنسية لا تعمل في معرفة ولا في موجب و «خالد» في المثال الثاني بدل على المحل من أحد ، لأن «من» لا تزاد في الإيجاب في المثال الثاني.

(ج) الاستثناء المفرّغ : وهو الذي لم يذكر فيه المستثنى منه ، وحينئذ يكون المستثنى على حسب ما يقتضيه العامل الذي قبله في التركيب ، كما لو كانت «إلّا» غير موجودة ، نحو «لا يقع في السوء إلّا فاعله» «لا أتّبع إلّا الحقّ» و (لا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ)(٢) وشرطه كون الكلام منفيا كما مثّل ، أو واقعا بعد نهي نحو (وَلا تَقُولُوا عَلَى اللهِ إِلَّا الْحَقَّ)(٣) أو الاستفهام الإنكاري نحو (فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفاسِقُونَ)(٤)

حكم «إلّا» إذا تكررت :

إذا تكرّرت «إلّا» فهي على قسمين.

إمّا مؤكّدة ، وإمّا مؤسّسة (٥).

فالأولى حكمها الإلغاء عن العمل.

وذلك إذا كان ما بعد «إلّا» الثانية تابعا لما بعد «إلّا» قبلها وتعرب : بدلا ، أو عطف بيان. أو نسق نحو «جاء الغرباء إلّا محمّدا إلّا أبا عبد الله» ف «أبا عبد الله» بدل كل من محمد و «إلّا» الثانية زائدة لمجرّد التأكيد ، ونحو «حضر القوم إلا سعدا وإلّا سعيدا» ف «سعيدا» عطف على سعد و «إلّا» الثانية لغو ، ومن هذا قول أبي ذؤيب الهذلي :

هل الدهر إلّا ليلة ونهارها

وإلّا طلوع الشمس ثم غيارها (٦)

ونحو «ما قرأ إلّا محمّد إلّا أستاذك» «ما أصلحت إلّا البيت إلّا سقفه» «ما أعجبني إلّا خالد إلا علمه» وقد اجتمع العطف والبدل في قول الراجز :

ما لك من شيخك إلّا عمله

إلّا رسيمه وإلّا رمله (٧)

__________________

(١) وعند أبي حيان : لفظ الجلالة بدل من الضمير المستتر في الخبر المحذوف العائد على اسم «لا» المقدر ب «موجود» ولعل هذا أصوب.

(٢) الآية «٤٣» فاطر (٣٥)

(٣) الآية «١٧٠» النساء (٤)

(٤) الآية «٣٥» الأحقاف (٤٦)

(٥) المؤسسة : التي لها معنى أصلي.

(٦) غيارها : من غارت الشمس إذا غربت.

(٧) الرسيم : نوع من السير سريع مؤثر في الأرض ، والرمل : سير فوق المشي ، ودون العدو ، فالرسيم والرمل : تفسير ان ل «عمله».


والثّانية وهي المؤسّسة أي لقصد استثناء بعد استثناء ، وتكون في غير العطف والبدل ، فإن كان العامل الذي قبل «إلّا» مفرّغا شغلت العامل بواحد من المستثنيات ونصبت ما عداه نحو «ما سافر إلّا عليّ إلّا خالدا إلّا بكرا».

وإن كان العامل غير مفرّغ وتقدّمت المستثنيات وجب نصبها في الإيجاب والنفي نحو «نجح إلّا زيدا إلّا عمرا التلاميذ» و «ما فاز في المسابقة إلّا سعيدا إلّا صالحا أحد».

أمّا إذا تأخّرت المستثنيات فإن كان الكلام إيجابا وجب نصبها نحو «أقبل القوم إلّا عصاما إلّا هشاما» وإن كان غير إيجاب جاز في واحد مّا النصب على الاستثناء والإتباع على البدل ووجب نصب ما عداه نحو «ما عمل أحد إلّا أخوك إلّا أباك إلّا ابنك»

إلّا الاسمية بمعنى غير ـ قد تكون إلّا صفة بمنزلة «غير» فيوصف بها وبتاليها جمع منكّر أو شبهه.

فمثال الجمع المنكّر قوله تعالى (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا)(١) فلا يجوز في «إلّا» هذه أن تكون للاستثناء من جهة المعنى إذ التقدير حينئذ : لو كان فيهما آلهة ليس فيهم الله لفسدتا ، وذلك يقتضي : أن لو كان فيهما آلهة فيهم الله لم تفسدا ويستحيل أن يراد ذلك ألبتة ، هذا من جهة المعنى.

ولا يجوز من جهة اللفظ ، لأنّ آلهة جمع منكّر في الإثبات فلا عموم له فلا يصحّ الاستثناء منه فلو قلت «قام رجال إلّا زيدا» لم يصح اتفاقا.

ومثال المعرّف الشّبيه بالمنكّر قول ذي الرّمّة :

أنيخت فألقت بلدة فوق بلدة

قليل بها الأصوات إلّا بغامها (٢)

فإنّ تعريف الأصوات تعريف الجنس ومثال شبه الجمع قول لبيد :

لو كان غيري سليمى الدهر غيّره

وقع الحوادث إلّا الصارم الذكر

ف «إلا الصّارم» صفة لغيري.

ألبس ـ تنصب مفعولين ليس أصلهما المبتدأ والخبر نحو «ألبست عليّا قميصا» (ـ أعطى وأخواتها).

__________________

(١) الآية «٢٢» الأنبياء (٢١)

(٢) بلدة ـ الأولى ـ : صدر الناقة ، وبلدة الثانية.

الأرض ، البغام : صوت الناقة.


إلى ـ حرف جر ، تجرّ الظّاهر والمضمر ، نحو (إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ)(١)(إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ)(٢).

ولها معان كثيرة منها :

انتهاء الغاية مكانيّة أو زمانيّة نحو (مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى)(٣) ونحو (ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ)(٤).

وإن دلّت قرينة على دخول ما بعدها نحو «قرأت القرآن من أوّله إلى آخره» أو على خروجه نحو (ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ)(٥) وإلّا فلا يدخل ما بعدها في الصحيح.

ومنها : المعيّة ، من ذلك قولهم في المثل «الذّود إلى الذّود إبل» (٦) ومنها : أن تأتي بمعنى اللام نحو (وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ)(٧)

ومنها : المبيّنة لفاعليّة مجرورها بعد ما يفيد حبّا أو بغضا من فعل تعجّب أو اسم تفضيل نحو (رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ)(٨)

ومنها موافقة «في» كقول النابغة :

فلا تتركنّي بالوعيد كأنني

إلى الناس مطليّ به لقار أجرب (٩)

ألف التّأنيث المقصورة ـ ألف التّأنيث تختصّ بالأسماء وتنقسم إلى قسمين : مقصورة ، وهي : ألف مفردة لازمة قبلها فتحة نحو «ليلى» و «سعدى» وممدودة ، وهي : ألف قبلها ألف ، فتقلب الثانية همزة ك «أسماء» و «حسناء» (ـ ألف التّأنيث الممدودة).

ولكل منهما أوزان نادرة لا نتعرّض لها ، وأوزان مشهورة ، وهي التي نتكلم عليها.

مشهور أوزان ألف التأنيث المقصورة اثنا عشر وزنا وهي :

(١) «فعلى» ، بضم ففتح ك «أربى»

__________________

(١) الآية «٤» هود (١١)

(٢) الآية «٤» يونس (١٠)

(٣) الآية «١» الإسراء (١٧)

(٤) الآية «١٨٧» البقرة (٢)

(٤) الآية «١٨٧» البقرة (٢)

(٥) معناه : إن القليل مع القليل كثير. والذود : من ثلاثة إلى عشرة من الإبل.

(٦) الآية «٣٢» النمل (٢٧)

(٧) الآية «٣٣» يوسف (١٢)

(٨) الوعيد : التهديد ، والقار هنا : القطران وهو نائب فاعل لمطلي ، ويرى ابن عصفور أن «إلى» هنا على أصلها لأن قوله «مطلي الخ» معناه مكروه مبغض وهو يتعدى بإلى.


للدّاهية و «رحبى وجنفى وشعبى» لمواضع و «أرنى» لحبّ يجبن به اللبن و «جعبى» لكبار النمل.

(٢) «فعلى» بضم فسكون ، اسما ك «بهمى» لنبت ، أو صفة ك «حبلى» و «فضلى» ، أو مصدرا ك «رجعى» و «بشرى».

(٣) «فعلى» بفتحات ، اسما كان ك «بردى» لنهر دمشق ، أو مصدرا ك «مرطى وبشكى وجمزى» (١) أو صفة ك «حيدى» (٢)

(٤) «فعلى» بفتح فسكون بشرط أن يكون إمّا جمعا ك «قتلى وجرحى» أو مصدرا ك «دعوى ونجوى» أو صفة ك «سكرى وكسلى وسيفى» مؤنثات «سكران وكسلان وسيفان» (٣).

فإن كان اسما ك «أرطى» (٤) وعلقى» (٥) فهو صالح لأن تكون ألفه للتأنيث أو للإلحاق ، فمن نون اعتبرها للإلحاق ، ومن لم ينوّن جعلها للتأنيث.

(٥) «فعالى» بضم أوله ، سواء أكان اسما ك «حبارى وسمانى» لطائرين أم جمعا ك «سكارى» أو صفة ، ك «علادى» للشديد من الإبل.

(٦) «فعّلى» بضم الفاء وتشديد العين مفتوحة ك «سمّهى» اسم للباطل.

(٧) «فعلّى» بكسر أوّله وفتح ثانيه ، وتشديد ثالثه مفتوحا ك «سبطرى» و «دفقّى» لنوعين من السّير.

(٨) «فعلى» بكسر فسكون إمّا مصدرا ك «ذكرى» أو جمعا ك «حجلى» جمع حجل اسم لطائر و «ظربى» جمعا لظربان اسم لدويّبة كالهرة رائحتها كريهة ، ولا ثالث لهما في الجموع ، وإذا لم يكن جمعا ولا مصدرا فألفه إمّا أن تكون للتأنيث ، وذلك إذا لم ينوّن نحو (قِسْمَةٌ ضِيزى)(٦) أي جائزة أو للإلحاق إذا نوّن نحو «عزهى» اسم لمن لا يلهو.

__________________

(١) هذه الألفاظ الثلاثة : أنواع من السير يقال : مرطت الناقة مرطى ، وبشكت بشكى وجمزت جمزى : إذا أسرعت.

(٢) حمار حيدى : أي يحيد عن ظله لنشاطه ، قال الجوهري : ولم يجئ في نعوت الذكر على فعلى غيره.

(٣) سيفان : أي طويل.

(٤) أرطى : شجر يدبغ به.

(٥) علقى : نبت.

(٦) الآية «٢٢» النجم (٥٣).


(٩) «فعّيلى» بكسر أوله وثانيه مشددا ، ولم يجئ إلّا مصدرا نحو «حثّيثى» و «خلّيفى» و «خصّيصى و «فخّيرى» وهي أسماء للحث والخلافة والاختصاص والفخر.

(١٠) «فعلّى» بضمّ أوّله وثانيه وتشديد ثالثه نحو «كفرّى» لوعاء الطّلع و «حذرّى» من الحذر و «بذرّى» من التبذير.

(١١) «فعّيلى» بضمّ أوّله ، وفتح ثانيه مشدّدا ك «خلّيطى» للاختلاط ، و «لغّيزى» للغز و «قبّيطى» لنوع من الحلوى يسمّى بالنّاطف.

(١٢) «فعّالى» بضمّ أوّله وتشديد ثانيه نحو «شقّارى» و «خبّازى» لنبتين و «خضّارى» لطائر.

ألف التّأنيث الممدودة ـ مشهور أوزان ألف التأنيث الممدودة سبعة عشر وزنا :

١ ـ «فعلاء» بفتح فسكون اسما

ك «صحراء» أو مصدرا ك «رغباء» أو صفة ك «حسناء» و «ديمة هطلاء».

٢ و ٣ و ٤ ـ «أفعلاء» بفتح الهمزة وتثليث العين ك «يوم الأربعاء» سمع فيه الأوزان الثلاثة.

٥ ـ فعللاء» بفتحتين بينهما سكون

ك «عقرباء» لأنثى العقارب ولموضع.

٦ ـ «فعالاء» بكسر الفاء

ك «قصاصاء» للقصاص.

٧ ـ فعللاء»

بضمّتين بينهما سكون ك «قرفصاء».

٨ ـ «فاعولاء»

كتاسوعاء وعاشوراء.

٩ ـ «فاعلاء»

* ك «قاصعاء» و «نافقاء» لبابي جحر اليربوع.

١٠ ـ فعلياء»

ك «كبرياء».

١١ ـ «مفعولاء»

ك «مشيوخاء» جمع شيخ.

١٢ و ١٣ و ١٤ ـ «فعالاء» بفتح أوله وتثليث ثانيه

ك «براساء» بمعنى النّاس يقال : ما أدري أيّ «البراساء» هو ، و «دبوقاء» للعذرة ، و «قريثاء» اسم لأطيب التمر.

١٥ و ١٦ و ١٧ ـ «فعلاء» مثلث الفاء ومفتوح العين

ك «جنفاء» لموضع و «سيراء» لثوب خزّ مخطّط و «خيلاء» للتكبر والعجب.


ألفى ـ من أخوات «ظنّ» ومن أفعال القلوب ، وتفيد في الخبر يقينا ، تنصب مفعولين أصلهما المبتدأ والخبر نحو (إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آباءَهُمْ ضالِّينَ)(١) وتشترك مع «ظنّ وأخواتها» بأحكام (ـ ظنّ وأخواتها).

إليك ـ اسم فعل أمر بمعنى «تنحّ» وهو منقول عن جارّ ومجرور ، ولا يستعمل إلّا متّصلا بضمير المخاطب ، لا الغائب ولا غير الضمير ، وموضع الكاف في محل جر ب «إلى» (ـ اسم الفعل ٥) وما يستعمله الناس بمعنى خذ فليس من العربية ويستعمل لمعنى «خذ» «دونك».

آمين وأمين ـ كلمة تقال في إثر الدّعاء ، ومعناها : اللهمّ استجب لي ، وفيها لغتان : آمين وأمين بالمد والقصر ، والمدّ أكثر وأشهر ، قال عمر بن أبي ربيعة في لغة المدّ :

يا ربّ لا تسلبنّي حبّها أبدا

ويرحم الله عبدا قال آمينا

وأنشد ابن برى في القصر :

أمين ورد الله ركبا إليهم

بخير ووقاهم حمام المقادر

وإعرابها : اسم فعل أمر أو دعاء بمعنى استجب وكان حقّها من الإعراب الوقف وهو السكون لأنها بمنزلة الأصوات وإنما بنيت على الفتح لالتقاء السّاكنين.

أم العاطفة ـ قسمان : متّصلة ، ومنقطعة.

فالمتّصلة : (٢) هي المسبوقة إمّا «بهمزة التّسوية» (٣) وإمّا «بهمزة» يطلب بها وب «أم» التعيين ، فهمزة التّسوية هي الداخلة على جملة في محل المصدر.

وتكون هي والمعطوفة عليها «فعليّتين نحو (سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ)(٤) أي سواء عليهم الإنذار وعدمه ، أو «اسميّتين» كقوله :

ولست أبالي بعد فقدي مالكا

أموتي ناء أم هو الآن واقع

أو «مختلفتين» نحو (سَواءٌ عَلَيْكُمْ

__________________

(١) الآية «٦٩» الصافات (٣٧)

(٢) إنما سميت متصلة لأن ما قبلها وما بعدها ، لا يستغنى بأحدهما عن الآخر.

(٣) لا يصح العطف ب «أو» بعد همزة التسوية ، سواء أذكرت أم حذفت فقولهم : «سواء كان كذا أو كذا» خطأ كما في المغني ، وأجاز بعضهم العطف ب «أو» عند عدم ذكر الهمزة.

(٤) الآية «٦» البقرة (٢)


أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صامِتُونَ)(١) وأمّا «الهمزة» التي يطلب بها وب «أم» التّعيين (٢) ، فهي التي تقع بين مفردين غالبا ، ويتوسط بينهما ما لا يسأل عنه ، نحو (أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّماءُ بَناها)(٣) أو يتأخر عنهما نحو (وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ ما تُوعَدُونَ)(٤) وتقع بين جملتين فعليّتين كقول زياد بن جمل

فقمت للطّيف مرتاعا فأرّقني

فقلت أهي سرت أم عادني حلم

التقدير : أسرت هي ، أو اسميّتين كقول الأسود بن يعفر التميمي :

لعمرك ما أدري وإن كنت داريا

شعيث ابن سهم أم شعيث ابن منقر

الأصل : أشعيث ، فحذفت الهمزة والتنوين منهما.

والثانية وهي «المنقطعة» لوقوعها بين جملتين مستقلّتين ، ولا يفارقها معنى الإضراب فهي ك «بل».

والأكثر أن تقتضي مع الإضراب استفهاما إمّا «حقيقيّا» نحو «إنّها لإبل أم شاء؟» أي «بل أهي شاء» وإنّما قدّرنا بعدها مبتدأ محذوفا لكونها لا تدخل على المفرد ، وإمّا «إنكاريا» كقوله تعالى (أَمْ لَهُ الْبَناتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ)(٥) أي بل أله البنات.

وقد لا تقتضي معه استفهاما ألبتّة ، نحو (هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُماتُ وَالنُّورُ)(٦) أي بل هل تستوي ، إذ لا يدخل استفهام على استفهام ونحو (لا رَيْبَ

__________________

(١) الآية «١٩٢» الأعراف (٧)

(٢) الفرق بين أم الواقعة بعد همزة التسوية المار ذكرها وبين «أم» والهمزة التي للتعيين من أربعة وجوه : الأول : أن الواقعة بعد همزة التسوية لا تستحق جوابا ، لأن المعنى معها ليس على الاستفهام بخلاف أم للتعيين.

الثاني : أن الكلام مع أم وهمزة التسوية خبر قابل للتصديق والتكذيب بخلاف أم للتعيين.

الثالث والرابع : أن أم الواقعة بعد همزة التسوية لا تقع إلا بين جملتين ، ولا تكون الجملتان معها إلا في تأويل المفردين بخلاف «أم» التي يطلب بها التعيين

(٣) الآية «٢٧» النازعات (٧٩)

(٤) الآية «١٠٩» الأنبياء (٢١)

(٥) الآية «٣٩» الطور (٥٢)

(٦) الآية «١٧» الرعد (١٣)


فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ)(١) وقول عمر بن أبي ربيعة :

فليت سليمى في المنام ضجيعتي

هنالك أم في جنّة أم جهنّم

إذ لا معنى للاستفهام هنا لأنّه للتمني

أما الاستفتاحيّة ـ هي التي تكثر قبل القسم وهي كلمة واحدة ، كقول أبي صخر الهذلي :

أما والذي أبكى وأضحك والذي

أمات وأحيا والذي أمره الأمر

أما بمعنى حقا ـ هما كلمتان : الهمزة للاستفهام و «ما» بمعنى شيء وذلك الشيء «حقّ» فمعنى «أما» : «أحقّا» ، و «أما» هذه تفتح «أنّ» بعدها ، كما تفتح بعد حقّا وإعرابها : الهمزة للاستفهام ، وموضع «ما» النصب على الظّرفية كما انتصب «حقّا» وتقديره عند سيبويه : أفي حقّ.

امرأة ـ همزتها للوصل (ـ همزة الوصل ٣)

أمّا ـ

١ ـ ماهيّتها :

هي حرف فيه معنى الشّرط والتّوكيد دائما ، والتفصيل غالبا ، يدل على الأوّل : لزوم الفاء بعدها نحو (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ ، وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ ما ذا أَرادَ اللهُ بِهذا مَثَلاً)(٢) وهي نائبة عن أداة الشّرط وجملته ، ولهذا تؤوّل ب «مهما يكن من شيء»

ويدلّ على الثاني : أنّك إذا قصدت توكيد «زيد ذاهب» قلت «أمّا زيد فذاهب» أي لا محالة ذاهب.

ويدلّ على التّفصيل استقراء مواقعها نحو (أَمَّا السَّفِينَةُ فَكانَتْ لِمَساكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ ... وَأَمَّا الْغُلامُ ... وَأَمَّا الْجِدارُ)(٣) الآيات ونحو (فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ ، وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ)(٤)

وقد يترك تكرارها استغناء بذكر أحد القسمين عن الآخر ، أو بكلام يذكر بعدها. فالأوّل : كقوله تعالى (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي

__________________

(١) الآية «٣٧ و ٣٨» يونس (١٠)

(٢) الآية «٢٦» البقرة (٢)

(٣) الآية «٨٠ و ٨١ و ٨٣» الكهف (١٨)

(٤) الآية «٩ و ١٠» الضحى (٩٣)


رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ)(١) أي وأمّا الذين كفروا فلهم .. والثاني : نحو (فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ)(٢) أي وأمّا غيرهم فيؤمنون به ويكلون معناه إلى ربّهم.

وقد يتخلّف التّفصيل كقولك «أمّا عليّ فمنطلق».

٢ ـ وجوب وجود الفاء بعدها وقد يجب حذفها.

لا بدّ من «فاء» تالية لتالي «أمّا» ، ولا تحذف إلّا إذا دخلت على «قول» قد طرح استغناء عنه بالمقول فيجب حذفها معه نحو (فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ)(٣) أي فيقال لهم : أكفرتم. ولا تحذف في غير ذلك إلّا في ضرورة كقول الشاعر يهجو بني أسد :

فأمّا القتال لا قتال لديكم

ولكنّ سيرا في عراض المواكب (٤)

٣ ـ ما يفصل بين «الفاء» و «أمّا» يفصل بين «الفاء» و «أمّا» : بالمبتدأ نحو «أمّا محمّد فمسافر» أو بالخبر نحو «أمّا في الدّار فإبراهيم» أو بجملة الشّرط نحو (فَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ فَرَوْحٌ وَرَيْحانٌ)(٥) أو باسم منصوب بالجواب نحو (فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ)(٦) أو باسم معمول لمحذوف يفسّره ما بعد الفاء ، نحو «أمّا من قصدك فأغثه» أو بظرف معمول ل «أمّا» نحو «أمّا اليوم فإني ذاهب».

إمّا الشّرطيّة ـ هي غير «إمّا» التي وضعت لأحد الشّيئين وإنما هي عبارة عن «إن الشّرطيّة و «ما» الزّائدة نحو قوله تعالى (فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً فَقُولِي)(٧) ففعل الشّرط «ترينّ» وجوابه «فقولي» والفاء رابطة للجواب.

إمّا ـ لأحد الشيئين أو الأشياء ويتفرّع عنها خمسة معان :

(أحدها) الشك نحو «سيقدم إمّا زيد وإمّا أحمد».

__________________

(١) الآية «١٧٤» النساء (٤)

(٢) الآية «٧» آل عمران (٣)

(٣) الآية «١٠٦» آل عمران (٣)

(٤) لا قتال : خبر ، والرابط إعادة المبتدأ بلفظه ، وخبر لكن محذوف التقدير : لديكم.

(٥) الآية «٨٨ و ٨٩» الواقعة (٥٦)

(٦) الآية «٩» الضحى (٩٣)

(٧) الآية «٢٥ و ٢٦» مريم (١٩)


(الثاني) الإبهام نحو (وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ)(١).

(الثالث) التّخيير نحو (إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً)(٢).

(الرابع) الإباحة نحو «إقرأ إمّا شعرا وإمّا قصّة».

(الخامس) التّفصيل نحو (إِمَّا شاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً)(٣).

و «إمّا» في هذه المعاني ك «أو» إلّا أن «إمّا» يجب تكرارها و «أو» لا تتكرّر.

وقد يستغنى عن «إمّا» الثانية بذكر ما يغني عنها نحو («إمّا أن تتكلّم بخير وإلّا فاسكت).

أمام ـ من أسماء الجهات وهي ظرف مكان ولها أحكام (ـ أوّل ودون وأسماء الجهات).

أمامك ـ اسم فعل أمر ومعناه : تقدّم (ـ اسم الفعل ٥)

أمثلة مبالغة اسم الفاعل ـ (مبالغة اسم الفاعل ٢)

الأمر ـ

١ ـ تعريفه :

ما يطلب به حصول شيء بعد زمن التّكلم مثل «اقرأ» «تعلّم»

٢ ـ علامته :

أن يقبل نون التّوكيد مع دلالته على الأمر (٤)

٣ ـ حكمه :

الأمر مبنيّ دائما ، وبناؤه على ما يجزم به مضارعه أي إنه :

(أ) يبنى على السكون إذا كان صحيح الآخر نحو «اكتب تعلّم» أو اتصل به نون النّسوة نحو «اكتبن».

(ب) ويبنى على حذف حرف العلّة إن كان معتلّ الآخر نحو «اسع اسم ارتق».

(ج) ويبنى على حذف النون إذا اتّصل به ألف الاثنين أو واو الجماعة أو ياء

__________________

(١) الآية «١٠٧» التوبة (٩)

(٢) الآية «٨٧» الكهف (١٨)

(٣) الآية «٣» الدهر (٧٦)

(٤) فإن قبلت كلمة النون ، ولم تدلّ على الأمر ، فهي فعل مضارع نحو (لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُوناً) من الآية «٣٢» من سورة يوسف ، وإن دلت على الأمر ولم تقبل النون فهي اسم فعل أمر ك «نزال» بمعنى أنزل و «دراك» بمعنى أدرك ، و «آمين» بمعنى استجب.


المخاطبة نحو (اسمعا اسمعوا اسمعي) (د) ويبنى على الفتح إذا اتصل به نون التّوكيد نحو (اكتبنّ).

٤ ـ أخذه من المضارع :

يؤخذ الأمر من المضارع بحذف حرف المضارعة فقط ك «تشارك» فإن كان أوّل الباقي بعد الحذف ساكنا جئت بهمزة الوصل مكسورة ك «اضرب» و «اجلس» و «افهم» إلّا في الفعل الثلاثي المضموم العين في المضارع فتكون مضمومة ك «انصر» و «اكتب» أما الأمر من «أكرم» فإنه مفتوح الهمزة مكسور ما قبل آخره. وذلك لأنها همزة قطع لا وصل فتقول : «أكرم» وتحذف فاء المثال (١) من الأمر حملا على حذفها في المضارع ك «عد» و «زن».

أمسى ـ

تأتي :

(١) ناقصة من أخوات «كان» ، وهي تامّة التصرف ، وتستعمل ماضيا ، ومضارعا ، وأمرا ، ومصدرا نحو «أمسى خالد راضيا مرضيا» و «يمسي الضّيف مكرّما» ولها مع كان أحكام أخرى. (ـ كان وأخواتها) وتأتي :

(٢) تامّة ، فتكتفي بمرفوعها ، ويكون فاعلا لها ، وذلك حين يكون معنى «أمسى» دخل في المساء نحو قوله تعالى (فَسُبْحانَ اللهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ)(٢)

أمس ـ إذا أريد به اليوم قبل يومك بني على الكسر.

وإذا أريد به يوم من الأيّام الماضية ، أو كسّر (٣) أو دخلته «أل» أو أضيف أعرب بإجماع.

أن الزّائدة ـ هي التّالية ل «لمّا» الحينيّة نحو (فَلَمَّا أَنْ جاءَ الْبَشِيرُ)(٤) والواقعة بين الكاف ومجرورها كقول كعب بن أرقم اليشكري :

ويوما توافينا بوجه مقسّم

كأن ظبية تعطو إلى وارق السّلم

أو بين فعل القسم ولو كقول المسيّب ابن علس :

__________________

(١) المثال : ما كان فاؤه حرف علة.

(٢) الآية «١٧» الروم (٣٠)

(٣) كسر : أي جمع جمع تكسير.

(٤) الآية «٩٦» يوسف (١٢)


فأقسم أن لو إلتقينا وأنتم

لكان لكم يوم من الشّرّ مظلم (١)

أن المخففة من الثّقيلة ـ هي الواقعة بعد علم نحو (عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضى)(٢).

أمّا الواقعة بعد الظّنّ فالأرجح أن تكون ناصبة ، لذلك أجمع القراء عليه في قوله تعالى (أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا)(٣) ويجوز اعتبارها مخفّفة كقراءة (وحسبوا ألّا تكون فتنة) (٤) وإذا خفّفت «أن» المفتوحة يبقى العمل وجوبا ، ولكن يجب في اسمها كونه مضمرا محذوفا.

وأمّا قول جنوب أخت عمرو ذي الكلب :

بأنك ربيع وغيث مريع

وأنك هناك تكون الثّمالا

فضرورة.

ويجب في خبرها أن يكون جملة ، فإن كانت اسميّة ، أو فعليّة فعلها جامد ، أو دعاء ، لم تحتج إلى فاصل نحو (وَآخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ)(٥)(وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى)(٦)(وَالْخامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللهِ عَلَيْها)(٧) والقراءة المشهورة : (أَنَّ غَضَبَ اللهِ عَلَيْها).

ويجب الفصل في غيرهنّ ب «قد» نحو (وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنا)(٨) أو «تنفيس» نحو (عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضى)(٩) أو «نفي بلا أو لن أو لم» نحو (وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ)(١٠)(أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ)(١١)(أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ)(١٢) أو «لو» نحو (أَنْ لَوْ نَشاءُ أَصَبْناهُمْ)(١٣)(وَأَنْ لَوِ

__________________

(١) الرواية الصحيحة «وأقسم لو أنا التقينا» ولا شاهد فيه ، ووزنه سليم وهمزة «التقينا» في الشاهد همزة وصل ، ولسلامة الوزن ننطق بها كأنها همزة قطع.

(٢) الآية «٢٠» المزمل (٧٣)

(٣) الآية «٢» العنكبوت (٢٩)

(٤) الآية «٧٤» المائدة (٥)

(٥) الآية «١٠» يونس (١٠)

(٦) الآية «٣٩» النجم (٥٣)

(٧) الآية «٩» النور (٢٤)

(٨) الآية «١١٦» المائدة (٥)

(٢) الآية «٢٠» المزمل (٧٣)

(٤) الآية «٧٤» المائدة (٥)

(٩) الآية «٥» البلد (٩٠)

(١٠) الآية «٧» البلد (٩٠)

(١١) الآية «٩٩» الأعراف (٧)


اسْتَقامُوا)(١) ويندر ترك الفصل بواحد منها كقوله :

علموا أن يؤمّلون فجادوا

قبل أن يسألوا بأعظم سؤل

أن المفسّرة ـ هي المسبوقة بجملة فيها معنى القول دون حروفه ، والمتأخّرة عنها جملة ، ولم تقترن بجارّ ، وهي تفسّر مفعول الفعل الذي قبلها ، ظاهرا كان ، نحو (إِذْ أَوْحَيْنا إِلى أُمِّكَ ما يُوحى ، أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ)(٢) ف «ما يوحى هو عين «اقذفيه».

أو مقدّرا نحو (فَأَوْحَيْنا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ)(٣) أي أوحينا إليه شيئا هو صنع الفلك.

فإن قدّر قبلها الجارّ كانت «مصدرية» لاختصاصه بالأسماء ولو تأويلا ، أي أوحينا إليه بصنع الفلك.

وإن لم يتقدّمها جملة كانت مخففة من الثقيلة ، نحو (وَآخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ)(٤) وإن لم يتأخر عنها جملة امتنعت «أن» المفسرة فلا يقال «أخذت عسجدا أن ذهبا» بل يؤتى ب «أي».

أن المصدريّة ـ هي التي توصل بفعل متصرّف (٥) ماضيا كان أو مضارعا أو أمرا. وهي التي تدخل على المضارع فتنصبه ظاهرة ومضمرة ، وتؤوّل مع ما بعدها بمصدر يعرب حسب موقعه من الكلام.

فالظاهرة تقع في موضعين :

(أحدهما) في الابتداء نحو (وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ)(٦).

و (الثاني) بعد لفظ دال على معنى غير اليقين (٧) ، فيكون موضعها على حسب العوامل نحو (وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ)(٨).

وأمّا المضمرة : فتضمر وجوبا في خمسة مواضع :

بعد «لام الجحود» ، بعد «أو» بمعنى «إلى» أو «إلّا» ، بعد «حتّى» ، بعد «فاء السّببيّة» ، بعد «واو المعيّة» (ـ كلّا في حرفه).

__________________

(١) الآية «١٦» الجن (٧٢)

(٢) الآية «٣٨ و ٣٩» طه (٢٠)

(٣) الآية «٢٧» المؤمنون (٢٣)

(٤) الآية «١٠» يونس (١٠)

(٥) فإن دخلت على فعل جامد كانت مخففة من الثقيلة.

(٦) الآية «١٨٤» البقرة (٢)

(٧) فإن كان يقينا كانت «أن» مخففة من الثقيلة.

(٨) الآية «٨٢» الشعراء (٢٦)


وتضمر جوازا بعد خمسة أيضا :

(١) لام التعليل ، إذا لم يسبقها «كون منفي» ولم يقترن الفعل ب «لا» الزائدة أو النافية ، نحو (وَأُمِرْنا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعالَمِينَ)(١) و (وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ)(٢) فإن سبقت بالكون وجب إضمار «أن» وتكون اللام لام الجحود (٣) ، وإن قرن الفعل ب «لا» النافية ، أو الزّائدة ، وجب إظهارها ، فالأوّل : نحو (لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ)(٤) والثاني : (لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ)(٥) أي ليعلم.

والأربعة الباقية «الواو ، الفاء ، أو ، ثمّ» إذا كان العطف بها على اسم صريح.

فمثال «الواو» قول ميسون زوج معاوية :

ولبس عباءة وتقرّ عيني

أحبّ إليّ من لبس الشّفوف (٦)

ومثال «الفاء» قول الشاعر :

لو لا توقّع معترّ فأرضيه

ما كنت أوثر إترابا على ترب (٧)

ومثال «أو» قوله تعالى (وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً)(٨).

ومثال «ثمّ» قول أنس بن مدركة الخثعمي :

إنّي وقتلي سليكا ثمّ أعقله

كالثّور يضرب لمّا عافت البقر

والنصب ب «أن» مضمرة في غير ما مرّ شاذّ كقولهم في المثل «تسمع بالمعيديّ خير من أن تراه» (٩) وقول الآخر «خذ اللّصّ قبل يأخذك».

إن الزّائدة ـ أكثر ما تزاد «إن» بعد «ما» النافية إذا دخلت على جملة فعليّة نحو قول النّابغة الذّبياني :

__________________

(١) الآية «٧١» الأنعام (٦)

(٢) الآية «١٢» الزمر (٣٩)

(٣) انظرها في حرفها.

(٤) الآية «١٥٠» البقرة (٢)

(٥) الآية «٢٩» الحديد (٥٧)

(٦) وتقر : وتسر. الشفوف : واحدها : شف وهي الثياب الرقيقة.

(٧) التوقع : الانتظار. المعتر : السائل. الإتراب : مصدر أترب إذا استغنى ، والترب : مصدر ترب إذا افتقر.

(٨) الآية «٥١» الشورى (٤٢)

(٩) للمثل روايات منها هذه ، ومنها : سماعك بالمعيدي ، ومنها : أن تسمع بالمعيدي ، ويضرب هذا المثل في الرجل تسمع عنه أكثر مما ترى فيه.


ما إن أتيت بشيء أنت تكرهه

إذن فلا رفعت سوطي إليّ يدي

أو جملة اسمية كقول فروة بن مسيك :

فما إن طبّنا جبن ولكن

منايانا ودولة آخرينا

وفي حالة دخولها على الجملة الاسميّة تكفّ عمل «ما» الحجازيّة وقد تزاد بعد «ما» الموصولة الاسمية كقول جابر بن رألان :

يرجّي المرء ما إن لا يراه

وتعرض دون أدناه الخطوب

وبعد «ما» المصدريّة كقول المعلوط القريعي :

ورجّ الفتى للخير ما إن رأيته

على السّنّ خيرا لا يزال يزيد

وبعد «ألا» الاستفتاحيّة كقول الشّاعر :

ألا إن سرى ليلي فبتّ كئيبا

أحاذر أن تنأى النّوى بغضوبا

إن الشّرطيّة ـ تجزم فعلين : فعل الشرط وجواب الشّرط نحو (وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ)(١) وهي و «إذ ما» حرفان من أدوات الشّرط : وما عداهما أسماء.

وقد تقترن ب «لا» النّافية نحو (إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللهُ)(٢)(إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ)(٣) (ـ جوازم المضارع).

إن المخفّفة من الثّقيلة ـ وتدخل على الجملتين : الفعليّة والاسميّة.

فإن دخلت على الاسميّة جاز إعمالها نحو (وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ)(٤) ويكثر إهمالها وتلزم في حالة إهمالها : «لام الابتداء» وتسمى الفارقة لأنها فارقة بينها وبين «إن» النافية نحو (وَإِنْ كُلُّ ذلِكَ لَمَّا مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا)(٥)(وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنا مُحْضَرُونَ)(٦) وقد يغني عن اللّام قرينة لفظيّة ك «لا» نحو «إن الحقّ لا يخفى على ذي بصيرة» فالقرينة هنا : لا النافية ، لأنّ لام الابتداء لا تدخل على النّفي.

__________________

(١) الآية «١٩» الأنفال (٨)

(٢) الآية «٤١» التوبة (٩)

(٣) الآية «٤٠» التوبة (٩)

(٤) الآية «١١٢» هود (١١) بسكون نون «إن في قراءة الحرميين.

(٥) الآية «٣٥» الزخرف (٤٣)

(٦) الآية «٣٢» يس (٣٦)


وإن دخلت على الفعل أهملت وجوبا ، والأكثر كون الفعل ماضيا ناسخا نحو (وَإِنْ كانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللهُ)(١)(وَإِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ)(٢) ودونه أن يكون مضارعا ناسخا نحو (وَإِنْ يَكادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ)(٣) ويقاس على النّوعين اتفاقا ، ودون هذا أن يكون ماضيا غير ناسخ نحو قول عاتكة بنت زيد ترثي زوجها الزبير بن العوّام :

شلّت يمينك إن قتلت لمسلما

حلّت عليه عقوبة المتعمّد

ودون هذا أن يكون مضارعا غير ناسخ نحو قول بعضهم «إن يزينك لنفسك» ولا يقاس عليه إجماعا.

إن النّافية ـ هي بمعنى «ما» النّافية ، وتدخل على الجملة الاسميّة نحو (إِنِ الْكافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ)(٤) ـ وعلى الجملة الفعليّة نحو (إِنْ أَرَدْنا إِلَّا الْحُسْنى)(٥)(إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِناثاً)(٦) وقد تأتي بعدها «لمّا» بمعنى «إلّا» نحو (إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْها حافِظٌ)(٧) وقد تأتي «إن» النافية بدونهما (٨) نحو (إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطانٍ بِهذا)(٩)(وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ ما تُوعَدُونَ)(١٠).

وقد تعمل (١١) «إن» النّافية عمل ليس إذا دخلت على الجملة الاسمية ، فقد سمع نثرا ونظما ، فمن ذلك قولهم «إن أحد خيرا من أحد إلّا بالعافية» ومن الشعر قوله :

إن هو مستوليا على أحد

إلّا على أضعف المجانين (١٢)

وقوله :

إن المرء ميتا بانقضاء حياته

ولكن بأن يبغى عليه فيخذلا (١٣)

__________________

(١) الآية «١٤٣» البقرة (٢)

(٢) الآية «٧٣» الإسراء (١٧)

(٣) الآية «٥١» القلم (٦٨)

(٤) الآية «٢٠» الملك (٦٧)

(٥) الآية «١٠٨» التوبة (٩)

(٦) الآية «١١٦» النساء (٤)

(٧) الآية «٤» الطارق (٨٦)

(٨) أي بدون «إلا» و «لما».

(٩) الآية «٦٨» يونس (١٠)

(١٠) الآية «١٠٩» الأنبياء (٢١)

(١١) عند أكثر الكوفيين ، وبعض البصريين ، ومنعه جمهور البصريين والصحيح الإعمال.

(١٢) إن نافية عملت عمل ليس «هو» اسمها «مستوليا» خبرها.

(١٣) وظاهر أن المعنى : ليس المرء ميتا ، وفي البيت السابق : ليس هو مستوليا.


وجعل منه ابن جني قراءة سعيد ابن جبير : (إن الّذين تدعون من دون الله عبادا أمثالكم) (١) ولا يشترط في معموليها أن يكونا نكرتين كما في «ما» الحجازيّة.

إنّ وأخواتها ـ هنّ سبعة أحرف : «إنّ ، أنّ ، كأنّ ، ليت ، لعلّ ، عسى ، لا النّافية للجنس» (ـ كلّا في حرفه).

١ ـ حكم هذه الأحرف :

كلّ هذه الأحرف تنصب المبتدأ ـ غير الملازم للتّصدير (٢) ـ ويسمّى اسمها ، وترفع خبره ـ غير الطلبي والإنشائي (٣) ـ ويسمّى خبرها.

٢ ـ تقدّم خبرهنّ عليهنّ :

يمتنع مطلقا تقدم خبرهنّ عليهنّ ولو كان ظرفا أو جارّا ومجرورا.

٣ ـ توسّط خبرهنّ :

فيما عدا «لا» النافية للجنس (٤) ، يجوز توسط الخبر بينها وبين أسمائها ، إن كان الاسم معرفة. والخبر ظرفا أو جارا ومجرورا نحو (إِنَّ إِلَيْنا إِيابَهُمْ)(٥) ويجب إن كان نكرة نحو (إِنَّ لَدَيْنا أَنْكالاً)(٦)(إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً)(٧)

٤ ـ معمول خبرهنّ :

لا يلي هذه الأحرف معمول خبرها إلّا إن كان ظرفا أو مجرورا ، ويجوز توسّطه بين الاسم والخبر مطلقا.

٥ ـ أحوال همزة «إنّ» :

ل «إن» من حيث حركة همزتها ثلاثة أحوال : وجوب الفتح حيث يسدّ المصدر مسدّها ومسدّ معموليها ، ووجوب الكسر حيث لا يجوز أن يسدّ المصدر مسدّها وجواز الوجهين إن صحّ الاعتباران.

٦ ـ مواضع الفتح في همزة «إنّ» :

يجب فتح همزة «أنّ» في ثمانية مواضع : (ـ في «أنّ»).

٧ ـ مواضع كسر همزة «إنّ» :

يجب كسر همزة «إنّ» في عشرة مواضع :

__________________

(١) الآية «١٩٤» الأعراف (٧). والمعنى على هذه القراءة : ليس الأصنام الذين تدعون من دون الله عبادا أمثالكم في الاتصاف بالعقل.

(٢) كأسماء الاستفهام.

(٣) الطلبي : كالأمر والنهي والاستفهام ، والانشائي كالعقود مثل بعت واشتريت.

(٤) مثلها : عسوى بمعنى لعل

(٥) الآية «٢٥» الغاشية (٨٨)

(٦) الآية «١٢» المزمل (٧٣)

(٧) الآية «١٣» آل عمران (٣)


(١) أن تقع في الابتداء حقيقة نحو (إِنَّا أَنْزَلْناهُ)(١) أو حكما نحو (أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اللهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ)(٢)(كَلَّا إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى)(٣).

(٢) أن تقع تالية ل «حيث» نحو «جلست حيث إنّ عليّا جالس».

(٣) أن تتلو «إذ» ك «زرتك إذ إنّ خالدا أمير».

(٤) أن تقع تالية لموصول اسميّ أو حرفيّ نحو (وَآتَيْناهُ مِنَ الْكُنُوزِ ما إِنَّ مَفاتِحَهُ لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ)(٤) ف «ما» موصول اسميّ ووجب كسر همزة «إنّ» بعدها لوقوعها في صدر الصلة بخلاف الواقعة في حشو الصلة نحو «جاء الذي عندي أنه فاضل» وبخلاف قولهم «لا أفعله ما أنّ حراء (٥) مكانه» فتفتح «أنّ» فيهما لوقوعها في حشو الصلة ، إذ التقدير : ما ثبت أنّ حراء مكانه ، فليست «أن» في التقدير تالية للموصول الحرفي ، لأنها فاعل بفعل محذوف والجملة صلة و «ما» الموصول الحرفي.

(٥) أن تقع جوابا لقسم نحو (حم وَالْكِتابِ الْمُبِينِ ، إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ)(٦)

(٦) أن تكون محكيّة بالقول (٧) نحو (قالَ إِنِّي عَبْدُ اللهِ)(٨)

(٧) أن تقع حالا نحو (كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكارِهُونَ)(٩).

(٨) أن تقع صفة نحو «نظرت إلى بلد إنّه كبير».

(٩) أن تقع بعد عامل علّق باللام نحو (وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ)(١٠)

(١٠) أن تقع خبرا عن اسم ذات نحو «محمّد إنه رسول».

(٨) ـ مواضع جواز كسر «إنّ» وفتحها : يجوز كسر همز «إنّ» وفتحها في تسعة مواضع :

(١) أن تقع بعد فاء الجزاء نحو (مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءاً بِجَهالَةٍ ثُمَ

__________________

(١) الآية «١» القدر (٩٧)

(٢) الآية «٦٢» يونس (١٠)

(٣) الآية «٦» العلق (٩٦)

(٤) الآية «٧٦» القصص (٢٨)

(٥) حراء : جبل بمكة ، وفيه الغار الذي كان يتعبد فيه النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

(٦) الآية «٢ و ٣» الدخان (٤٤).

(٧) فان وقعت بعد القول غير محكية فتحت نحو «أخصك بالقول أنك فاضل».

(٨) الآية «٣٠» مريم (١٩).

(٩) الآية «٥» الأنفال (٨).

(١٠) الآية «١» المنافقين (٦٣).


تابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)(١) قرئ بكسر «ان» : وفتحها ، فالكسر على معنى : فهو غفور رحيم ، والفتح على تقدير أنها ومعموليها مفرد خبره محذوف ، أي فالغفران والرّحمة حاصلان.

(٢) أن تقع بعد «إذا» الفجائيّة كقول الشاعر وأنشده سيبويه :

وكنت أرى زيدا كما قيل سيّدا

إذا إنه عبد القفا واللهازم (٢)

(٣) أن تقع في موضع التعليل. نحو (أإنّا كنّا من قبل ندعوه ، إنّه (٣) هو البرّ الرّحيم) (٤) ومثله (وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ)(٥) ومثله «لبّيك إنّ الحمد والنّعمة لك».

(٤) أن تقع بعد فعل قسم ، ولا لام بعدها كقول رؤبة :

أو تحلفي بربّك العليّ

إنّي أبو ذيّالك الصّبيّ

يروى بكسر «إن» وفتحها ، فالكسر على الجواب للقسم (٦) ، والفتح بتقدير «على» و «أن» مؤولة بمصدر عند الكسائي والبغداديين.

(٥) أن تقع خبرا عن قول ، ومخبرا عنها بقول (٧) ، والقائل واحد.

نحو «قولي إني أحمد الله» ولو انتفى القول الأول وجب فتحها نحو «عملي أني أحمد الله» ولو انتفى القول الثاني وجب كسرها نحو «قولي إني مؤمن» ولو اختلف القائل وجب كسرها نحو «قولي إنّ هشاما يسبّح ربّه».

(٦) أن تقع بعد «واو» مسبوقة بمفرد صالح للعطف عليه نحو (إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيها وَلا تَعْرى ، وَأَنَّكَ)(٨) لا تَظْمَؤُا فِيها وَلا تَضْحى) (٩)

__________________

(١) الآية «٥٤» الأنعام (٦).

(٢) «أرى» بضم الهمزة : بمعنى أظن يتعدى إلى اثنين و «اللهازم» جمع لهزمة بكسر اللام : طرف الحلقوم فكسر «إن» على معنى «فإذا هو عبد القفا» والفتح على معنى «فاذا العبودية» أي حاصلة.

(٣) قرأ نافع والكسائي بفتح «أن» على تقدير لام العلة ، وقرأ الباقون بالكسر ، على أنه تعليل مستأنف.

(٤) الآية «٢٨» الطور (٥٢).

(٥) الآية «١٠٤» التوبة (٩).

(٦) والبصريون يوجبونه.

(٧) المراد من القول الأول : لفظ القول والمراد بالثاني : أن اللفظ مما يقال قولا مثل : «إني احمد الله» فانها تقال قولا لا عملا ، بخلاف «إني مؤمن» فالإيمان تصديق بالقلب ، لا قول باللفظ.

(٨) قرأ نافع وأبو بكر بكسر «إن» إما على الاستئناف ، وإما بالعطف على جملة «إن» الأولى ، وقرأ الباقون بالفتح عطفا على «ألا تجوع» والتقدير : إن لك عدم الجوع وعدم الظمأ.

(٩) الآية «١١٩ و ١٢٠» طه (٢٠).


(٧) أن تقع بعد «حتى» فتكسر بعد الابتدائيّة (١) نحو «مرض بكر حتى إنّه لا يرجى برؤه» وتفتح بعد الجارّة والعاطفة نحو «علمت دخيلة أمرك حتّى أنك سليم الطّويّة» (٢).

(٨) أن تقع بعد «أما» (٣) نحو «أما إنّك مؤدّب» فالكسر على أنّها حرف استفتاح بمنزلة «ألا» والفتح على أنها بمعنى «أحقا» وهو قليل.

(٩) أن تقع بعد «لا جرم» (٤) والغالب الفتح نحو (لا جَرَمَ أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ)(٥) فالفتح عل أنّ جرم فعل ماض معناه وجب و «أنّ» وصلتها فاعل ، أي وجب أنّ الله يعلم ، و «لا» زائدة ، وإمّا على أنّ «لا جرم» بمنزلة «لا رجل» ومعناهما «لا بدّ» و «من» بعدهما مقدرة ، والتقدير : لا بدّ من أن الله يعلم ، والكسر على أنها منزّلة منزلة اليمين عند بعض العرب فيقول : «لا جرم إنك ذاهب».

١٠ ـ «ما» الزائدة :

تتّصل «ما» الزائدة وهي الكافّة ب «إنّ وأخواتها» (٦) فتكفّها عن العمل وتهيئها للدخول على الجمل الفعليّة نحو (قُلْ إِنَّما يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ)(٧)(كَأَنَّما يُساقُونَ إِلَى الْمَوْتِ)(٨) وهكذا غيرهما

١١ ـ العطف على أسماء هذه الأحرف

يعطف على أسماء هذه الأحرف بالنصب ، قبل مجيء الخبر وبعده كقول رؤبة :

إنّ الربيع الجود والخريفا

يدا أبي العبّاس والصّيوفا (٩)

ويعطف بالرفع بشرطين

(أ) استكمال الخبر

(ب) كون العامل «إنّ أو أنّ أو لكنّ» نحو (أَنَّ اللهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ)(١٠) وقوله :

__________________

(١) الابتدائية : هي التي تستأنف بها الجمل.

(٢) فتقديرها على العطف : وسلامة طويتك ، وعلى الجر الى سلامة طويتك.

(٣) انظر «أما» في حرفها.

(٤) انظر «لا جرم» في حرفها.

(٥) الآية «٢٣» النحل (١٦).

(٦) إلا «لا» النافية للجنس ، و «عسى» بمعنى لعل

(٧) الآية «١٠٨» الانبياء (٢١).

(٨) الآية «٦» الانفال (٨).

(٩) عطف «الخريف» بالنصب على الربيع قبل مجئ الخبر وهو «يدا أبي العباس» وعطف «الضيوف بالنصب بعد مجيء الخبر. و «الجود» المطر الغزير ، والمراد بأبي العباس : السفاح. وهذا من التشبيه العكسي.

(١٠) الآية «٣ و ٤» التوبة (٩).


فمن يك لم ينجب أبوه وأمّه

فإنّ لنا الأمّ النجيبة والأب (١)

وقوله :

وما قصّرت بي في التّسامي خؤولة

ولكنّ عمّي الطيب الأصل والخال (٢)

والتحقيق أنّ رفع ذلك على أنه مبتدأ حذف خبره ، أو رفعه بالعطف على ضمير الخبر إذا كان بينهما فاصل ، لا بالعطف على محل الاسم مثل «ما جاءني من رجل ولا امرأة» (٣) لأن الرافع في مسألتنا الابتداء ، وقد زال بدخول النّاسخ (٤)

وأمّا قوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ، وَالَّذِينَ هادُوا وَالصَّابِئُونَ ...)(٥) وقول ضابيء البرجمي :

فمن يك أمسى بالمدينة رحله

فإنّي وقيّار بها لغريب

مما ظاهره أنّ فيه عطفا بالرّفع قبل الاستكمال ، فيخرّج على التّقديم والتّأخير فيكون في المثل الأوّل (من آمن) خبر إنّ ، وخبر الصّابئون :

محذوف أي والصّابئون كذلك ، ويكون المعنى : «إنّ الّذين آمنوا والّذين هادوا من آمن بالله واليوم الآخر ، والصّابون والنّصارى من آمن بالله واليوم الآخر».

وهناك تخريج آخر ينبني على تقدير الحذف من الأول لدلالة الثاني عليه ، فيكون «من آمن» خبر «الصابئون» وخبر «إن» محذوف لدلالة خبر المبتدأ عليه. والأول أجود. ويتعين التوجيه الأوّل في المثل الثاني وهو «فإني وقيار بها لغريب» لدخول اللام في الخبر ، والأصل فإني لغريب وقيار كذلك.

أنّ ـ من أخوات «إنّ» وتشترك معها بأحكام (ـ إنّ وأخواتها)

وتختصّ بأنها تؤوّل مع ما بعدها بمصدر وذلك حيث يسدّ المصدر مسدّها ومسدّ معموليها. ومواضع فتح همزتها ثمانية وهي أن تكون :

(١) فاعلة نحو (أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنا)(٦) أي إنزالنا.

(٢) نائبة عن الفاعل نحو (قُلْ أُوحِيَ

__________________

(١) عطف الأب على محل الأم ، بعد استكمال الخبر وهو «لنا». و «ينجب» من أنجب الرجل : إذا ولد ولدا نجيبا.

(٢) فعطف «الخال» على محل «عمي» بعد استكمال الخبر وهو الطيب. و «التسامي» العلو.

(٣) الرافع لمحل «رجل» الفعل وهو «جاءني» وهو باق ، ولا يمنعه عن العمل في محل «رجل» الحرف الزائد ، لأن الزائد وجوده كلا وجود.

(٤) والعامل اللفظي يبطل عمل العامل المعنوي.

(٥) الآية «٧٣» المائدة (٥).

(٦) الآية «٥١» العنكبوت (٢٩).


إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ)(١)

(٣) مفعولة غير محكيّة بالقول نحو (وَلا تَخافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللهِ)(٢).

(٤) مبتدأ نحو (وَمِنْ آياتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خاشِعَةً)(٣) ومنه (فَلَوْ لا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ ، لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ)(٤) والخبر محذوف وجوبا (٥).

(٥) خبرا عن اسم معنى ، غير قول ، ولا صادق عليه خبر «أن» نحو «اعتقادي أنّ محمدا عالم» (٦).

(٦) مجرورة بالحرف نحو (ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ)(٧).

(٧) مجرورة بالإضافة نحو (إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ)(٨) أي مثل نطقكم و «ما» زائدة.

(٨) تابعة لشيء ممّا تقدّم ، إمّا على العطف نحو (اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ)(٩) والمعنى اذكروا نعمتي وتفضّلي ، أو على البدليّة نحو (وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّها لَكُمْ)(١٠) ف «أنّها لكم» بدل اشتمال من إحدى ، والتقدير : إحدى الطائفتين كونها لكم.

ويجوز في «أنّ» الفتح والكسر في تسعة مواضع (ـ إنّ وأخواتها) :

وقد تخفّف «أنّ» فتكون مخفّفة من الثقيلة (ـ أن المخففة من الثقيلة)

أنّ حذف حرف الجرّ قياسا (ـ اللازم ٤) أنّ باعتبارها مصدرية (١ و ٢) (ـ الموصول الحرفي)

أنا ضمير منفصل للمتكلم وحده خاص بالرّفع (ـ الضمير ٥)

أنّى الاستفهاميّة ـ تأتي بمعنى «من أين» نحو («أَنَّى لَكِ هذا)(١١) أي

__________________

(١) الآية «١» الجن (٧٢).

(٢) الآية «٨١» الانعام (٦).

(٣) الآية «٣٩» فصلت (٤١).

(٤) الآية «١٤٣ و ١٤٤» الصافات (٣٧).

(٥) لأنه بعد «لو لا» يقول ابن مالك : «وبعد لو لا غالبا حذف الخبر».

(٦) اعتقادي : اسم معنى غير قول ، ولا يصدق عليه خبر «أن» لان «عالم» لا يصدق على الاعتقاد ، وانما فتحت لسد المصدر مسدها ومسد معموليها ، والتقدير : اعتقادي علمه. بخلاف «قولي» إنه فاضل» فيجب كسرها ، وبخلاف «اعتقاد زيد إنه حق» فيجب كسرها أيضا ، لان خبرها وهو «حق» صادق على الاعتقاد.

(٧) الآية «٦» الحج (٢٢).

(٨) الآية «٢٣» الذاريات (٥١).

(٩) الآية «٤٠» البقرة (٢).

(١٠) الآية «٧» الانفال (٨).

(١١) الآية «٣٧» آل عمران (٣).


من أين لك هذا وتأتي بمعنى «كيف» نحو (أَنَّى شِئْتُمْ)(١) والمعنى : كيف شئتم ومتى شئتم وحيث شئتم فتكون «أنّى» على أربعة معان.

أنّى الشرطيّة ـ هي اسم شرط جازم يجزم فعلين ، وهي ظرف مكان بمعنى «أين» مبني على السكون نحو ، «أنّى تجلس أجلس) (ـ جوازم المضارع ٧).

أنبأ ـ فعل ماض ينصب ثلاثة مفاعيل (ـ أعلم وأرى وأخواتهما ١ و ٢).

أنت ـ وفروعها : أنتما أنتم أنتنّ ضمائر رفع منفصلة (ـ الضمير ٥)

أنشأ ـ فعل ماض يدلّ على الشروع ، وهي من النّواسخ ، تعمل عمل «كان» إلّا أنّ خبرها يجب أن يكون جملة فعليّة مشتملة على فعل مضارع رافع لضمير الاسم ، ومجرّد من «أن» (٢) وهي ملازمة للماضي نحو «أنشأ خالد يبني بيته» فكلمة «يبني» مضارع وفاعلها ضمير يعود على الاسم وهو خالد وهذا معنى رافع لضمير الاسم.

إنّما ـ أصلها «إنّ» ودخلت عليها «ما» الزّائدة فكفّتها عن العمل واختلف معناها ، وهي لتحقيق الشيء على وجه مع نفي غيره عنه. وهذا معنى الحصر.

آه ـ اسم فعل مضارع بمعنى أتوجّع ، وفاعله ضمير مستتر فيه (ـ اسم الفعل)

أها ـ حكاية صوت الضحك ، عن ابن الأعرابي. وأنشد :

أها أها عند زاد القوم ضحكتهم

وأنتم كشف عند الوغى خور

أهلا وسهلا ـ كلمتا ترحيب والأصل فيهما : أصبت أهلا لا غرباء ووطئت سهلا وهما في محل نصب مفعول به لفعل محذوف.

أو ـ

١ ـ تأتي حرف عطف وتكون بعد الطلب «للتّخيير أو الإباحة» نحو «تزوّج هندا أو أختها» و «جالس الفقهاء أو الأدباء» ، والفرق بينهما امتناع الجمع بين المتعاطفين في «التّخيير» وجوازه في «الإباحة».

وبعد الخبر «للشّكّ» نحو (قالُوا

__________________

(١) الآية «٢٢٣» البقرة (٢).

(٢) ذلك لأن أفعال الشروع للحال و «أن» للاستقبال.


لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ)(١).

أو «للإبهام» على المخاطب نحو (وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ)(٢).

أو «للتّفصيل» نحو (وَقالُوا كُونُوا هُوداً أَوْ نَصارى)(٣).

أو «للتّقسيم» نحو «الكلمة : اسم أو فعل أو حرف»

وتكون بمعنى «الواو» عند أمن اللّبس كقول حميد بن ثور الهلالي الصّحابي :

قوم إذا سمعوا الصّريخ رأيتهم

ما بين ملجم مهره أو سافع (٤)

٢ ـ وقد تكون «أو» للإضراب ك «بل» وذلك بشرطين (٥) : تقدّم نفي أو نهي وإعادة العامل نحو «ما غاب علي أو ما غاب محمد» ونحو «لا يقم زيد أو لا يقم عمرو».

وقال قوم (٦) : تأتي للإضراب مطلقا احتجاجا بقول جرير :

ماذا ترى في عيال قد برمت بهم

لم أحص عدّتهم إلّا بعدّاد

كانوا ثمانين أو زادوا ثمانية

لو لا رجاؤك قد قتّلت أولادي

أو ـ الّتي بمعنى «إلى» أو «إلّا» :

تدخل على المضارع فينصب ب «أن» مضمرة بعدها ، مثالها بمعنى «إلى» :

«لأستسهلنّ الصّعب أو أدرك المنى

ومثالها بعد «إلّا» قول زياد الأعجم

وكنت إذا كسرت قناة قوم

كسرت كعوبها أو تستقيما

وتكون بمعنى «إلى» إذا كان ما بعدها غاية ، وبمعنى «إلّا» فيما عدا ذلك.

أوشك ـ

(١) كلمة تدلّ على قرب الخبر ـ وهي فعل ماض من النّواسخ تعمل عمل «كان» إلّا أنّ خبرها يجب أن يكون جملة فعلية مشتملة على مضارع يغلب فيه الاقتران ب «أن» رافعا لضمير الاسم (٧) نحو قول الشاعر :

__________________

(١) الآية «١١٤» المؤمنون (٢٢).

(٢) الآية «٢٤» سبأ (٣٤).

(٣) الآية «١٣٥» البقرة (٢).

(٤) الصريخ : المستغيث ، السافع : الآخذ بناصية فرسه ، «أو» هنا بمعنى الواو ، لأن «بين» لا يعطف فيها إلا بالواو.

(٥) وهذا على رأي سيبويه.

(٦) هم الكوفيون وأبو علي الفارسي.

(٧) أي إن فاعل المضارع يجب أن يعود الى الاسم.


ولو سئل النّاس التراب لأوشكوا

إذا قيل هاتوا أن يملّوا ويمنعوا

ويستعمل لأوشك : الماضي والمضارع وهو أكثر استعمالا من ماضيها ، واستعمل لها اسم فاعل وهو نادر وذلك كقول كثيّر عزّة :

فإنّك موشك ألّا تراها

وتعدودون غاضرة العوادي (١)

وشذّ مجيء خبرها مفردا.

(٢) وقد تأتي (أوشك وعسى واخلولق) تامّات وذلك بجواز إسنادهنّ إلى «أن يفعل» ولا تحتاج إلى خبر منصوب نحو «أوشك أن يحضر المعلم الدرس» وينبني على هذا حكمان (ـ أفعال المقاربة).

أوّل (ـ أسماء الجهات وأوّل ودون).

الأولى ـ مقصورا ـ وقد يمد ـ : اسم موصول لجمع المذكّر العاقل كثيرا ، ولغيره قليلا قال الشاعر :

رأيت بني عمي الأولى يخذلونني

على حدثان الدّهر إذ يتقلّب

ومن وقوعها لغير العاقل قول الشّاعر :

تهيّجني للوصل أيّامنا الأولى

مررن علينا والزّمان وريق

أولات ـ بمعنى صاحبات ملحق بجمع المؤنّث السّالم ويعرب إعرابه (ـ الجمع بألف وتاء مزيدتين ٦ و ٧).

أولو ـ جمع بمعنى ذوو أي أصحاب لا واحد له ، وقيل : اسم جمع واحده «ذو» بمعنى صاحب وهو من حيث إعرابه بالحروف ملحق بجمع المذكّر السالم (ـ جمع المذكّر السالم).

أولاء ـ اسم إشارة لجمع المذكّر العاقل وقد يكون لغير العاقل وقد تسبقه «ها» للتّنبيه إن لم تكن كاف الخطاب.

(ـ اسم الإشارة).

أوليّاء ـ تصغير «أولاء» (ـ التصغير ١٤).

أوليّا ـ تصغير «أولى» (ـ التصغير ١٤)

أوّه ـ اسم فعل مضارع بمعنى أشكو وأتوجّع مثل «أوّه من تساهلك» (ـ اسم الفعل ٣).

إي ـ حرف جواب بمعنى «نعم» ويقال بمعنى «بلى» فيكون جوابا لتصديق المخبر نحو «أقبل عليّ» ولإعلام المستخبر نحو «هل نجح محمّد»؟ ولو عد الطّالب نحو «أكرم خالدا». ولا تقع إلا قبل القسم نحو «إي والله».

__________________

(١) غاضرة : جارية أم البنين بنت عبد العزيز بن مروان. العوادي : عوائق الدهر.


أي ـ حرف تفسير المفردات ، تقول «عندي عسجد أي ذهب» وما بعدها عطف بيان على ما قبلها ، أو بدل ، لا عطف نسق ، وتقع تفسيرا للجمل أيضا كقوله :

وترمينني بالطّرف أي أنت مذنب

وتقلينني لكنّ إيّاك لا أقلي (١)

وإذا وقعت بعد كلمة «تقول» وقبل فعل مسند للضمير حكي الضمير نحو «تقول استكتمته الحديث أي سألته كتمانه» بضم التاء من سألته ولو جئت ب «إذا» التّفسيريّة فتحت التاء فقلت «إذا سألته» لأنّ إذا ظرف لتقول.

أي ـ حرف نداء للبعيد أو للقريب (٢) قال كثيّر :

ألم تسمعي أي عبد في رونق الضّحا

بكاء حمامات لهنّ هدير

أيّ ـ أداة تأتي على خمسة أوجه : (١) الاستفهام (٢) التّعجّب (٣) الشّرط (٤ الكمال (٥) الموصول (٦) النّداء وهاكها مرتّبة على هذا النّسق.

أيّ الاستفهاميّة ـ يستفهم بها عن العاقل وغيره ، ويطلب بها تعيين الشيء ، وتضاف إلى النكرة والمعرفة نحو (أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِها)(٣)(فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللهِ وَآياتِهِ يُؤْمِنُونَ)(٤) وقد تقطع عن الإضافة مع نيّة المضاف إليه ، وحينئذ تنوّن نحو «أيّا من النّاس تصادق؟» و «أيّ» الاستفهاميّة لا يعمل فيها الفعل الذي قبلها ، وإنما يمكن أن يعمل فيها ما بعدها قال الله عزوجل : (لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصى لِما لَبِثُوا أَمَداً)(٥) فأيّ : رفع بالابتداء ، وأحصى هي الخبر ، وقال تعالى : (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ)(٦) ف «أيّ» هنا مفعول مطلق ل «ينقلبون» التقدير ينقلبون انقلابا أيّ انقلاب ، فعمل فيها ما بعدها.

أيّ التّعجّبيّة ـ هي التي يراد بها التّعجّب كقولك : «أيّ رجل خالد»

__________________

(١) لكن : أصلها هنا : لكن أنا على حد قوله تعالى ((لكِنَّا هُوَ اللهُ رَبِّي)) أي لكن أنا.

(٢) هذا ما يقوله أكثر النحاة ، وفي اللسان : وأي :

حرف ينادي به القريب دون البعيد.

(٣) الآية «٣٨» النمل (٢٧).

(٤) الآية «٥» الجاثية (٤٥).

(٥) الآية «١٢» الكهف (١٨).

(٦) الآية «٢٢٧» الشعراء (٢٦).


و «أيّ (١) جارية زينب» ولا يجازى ب «أيّ» التّعجّبيّة.

أيّ الشرطيّة ـ اسم مبهم فيه معنى الشرط ويجزم فعلين ، ويضاف إلى المعرفة والنّكرة نحو (أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلا عُدْوانَ عَلَيَّ)(٢) و «أيّ إنسان جاءك فاخدمه» وقد تقطع عن الإضافة لفظا مع نيّة المضاف إليه وإذ ذاك تنون نحو (أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى)(٣).

ويجوز أن تقترن ب «ما» كما في الآية وتعرب بالحركات الثّلاث على حسب العوامل المؤثّرة فيها.

أيّ الكماليّة ـ وهي الدّالة على معنى الكمال ، فتقع صفة للنكرة نحو «عمر رجل أيّ رجل» أي كامل في صفات الرّجال.

وحالا للمعرفة ك «مررت بعبد الله أيّ رجل».

ولا تضاف إلّا إلى النّكرة لزوما.

أيّ الموصولة ـ تأتي بمعنى «الّذي» وهي معربة تعتريها الحركات الثّلاث ، إلّا في صورة واحدة تكون فيها مبنيّة على الضمّ (٤) ، وذلك إذا أضيفت وحذف صدر صلتها نحو (ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمنِ عِتِيًّا)(٥) والتقدير أيّهم هو أشدّ.

ولا تضاف الموصولة إلّا إلى معرفة وقد تقطع عن الإضافة مع نية المضاف إليه ، وإذ ذاك تنوّن ، ولا تستعمل الموصولة مبتدأ ، ولا يعمل فيها إلّا عامل مستقبل متقدّم عليها كما في الآية.

أيّ النّدائيّة ـ تكون «أيّ» وصلة إلى نداء ما فيه «أل» يقال «يا أيّها الرّجل «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا» ويجوز أن تؤنّث مع المؤنّث فتقول

__________________

(١) من غير تاء التأنيث ، وفي اللسان : إذا أفردوا «أيا» ـ أي لم يضيفوها ـ ثنوها وجمعوها وأنثوها فقالوا : «أية» وأيتان وأيات ، وإذا أضافوها إلى ظاهر أفردوها وذكروها فقالوا : «أي الرجلين» و «أي المرأتين» و «أي الرجال» و «أي النساء» وإذا أضافوا الى المكني ـ أي الضمير ـ المؤنث ذكروا وأنثوا فقالوا : (أيهما وأيتهما).

(٢) الآية «٢٨» القصص (٢٨).

(٣) الآية «١١٠» الاسراء (١٧).

(٤) هذا قول سيبويه ، وعليه أكثر النحاة ، وعند الخليل ويونس والأخفش والزجاج والكوفيين أن «أي» الموصولة معربة مطلقا أضيفت أم لم تضف ، ذكر صدر صلتها أم حذف كالشرطية والاستفهامية.

(٥) الآية «٦٩» مريم (١٩).


«أيّها المرأة» و «أيّتها المرأة».

وإنّما كانت «أيّ» وصلة لأنه لا يقال «يا الرجل» أو «يا الذي» أو «يا المرأة» و «أيّ» هذه : اسم مبهم مبنيّ على الضم لأنّه منادى مفرد ، و «ها» لازمة لأيّ للتنبيه ، وهي عوض من الإضافة في «أي» و «الرجل» صفة لازمة ل «أيّ».

أيا ـ من حروف النّداء ينادى بها القريب والبعيد والأكثر أنها للبعيد (ـ النداء) إيّاك وأن تفعل ـ لا يقال إيّاك أن تفعل بلا واو ، وإنما يقال مثل «إيّاك والغضب» يقال : إيّاك الغضب والعلة في ذلك : أنّ لكل من إيّاك والاسم فعلا ينصبه مقدرا غير فعل صاحبه وهو معطوف عليه بالواو ، فإذا قلنا : «إياك والشّرّ» فالتقدير احفظ نفسك واتق الشّرّ (١).

إيّاك ـ ضمير نصب منفصل تتّصل به ضمائر لتمييز صاحب الضّمير نحو «إيّاك إيّاك إيّاكما إيّاكم إيّاكنّ الخ» وهذه الضمائر الملحقة حروف ، وهنالك من يرى أنّها كلّها ضمير (ـ الضمير ٥)

إيّاك ـ اسم فعل أمر بمعنى احذر (ـ اسم الفعل).

إيّاك ـ من ألفاظ التحذير وتعرب مفعولا به لفعل محذوف (ـ التحذير).

أيّان ـ الجازمة لفعلين ظرف زمان تضمن معنى الشرط نحو «أيّان تقرأ اقرأ» (ـ جوازم المضارع ٧).

أيّان الاستفهامية ـ معناها أيّ حين وهو سؤال عن زمان مثل «متى» قال أبو البقاء : «أيّان» يسأل به عن الزّمان المستقبل ، ولا يستعمل إلّا فيما يراد تضخيم أمره وتعظيم شأنه ، نحو (أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيامَةِ)(٢)

إيّاي وإيّانا ـ ضميرا نصب منفصل (ـ الضمير ٥).

أيضا ـ مصدر «آض» بمعنى عاد ورجع ، ولا يستعمل إلّا مع شيئين بينهما توافق ، ويمكن استغناء كلّ منهما عن الآخر.

فلا يقال : «جاء زيد أيضا» و «جاء بكر ومات أيضا» و «اختصم زيد وعمرو أيضا».

وإعرابه : مفعول مطلق حذف عامله وجوبا سماعا.

__________________

(١) هذا كلام الجواليقي في شرح أدب الكاتب.

(٢) الآية «٦» القيامة (٧٥).


أيم الله ـ أصلها : أيمن الله (١) ، ثم كثر في كلامهم ، وخفّ على ألسنتهم حتى حذفوا النّون ، كما حذفوها من «لم يكن» فقالوا «لم يك» وربما حذفوا منه الياء ، فقالوا : أم الله» ، وربّما أبقوا الميم وحدها مضمومة فقالوا «م الله ليفعلنّ كذا».

وهو اسم وضع للقسم ، وهمزته في الأصل للقطع ، ثم أصبحت بكثرة الاستعمال همزة وصل.

أيمن الله ـ اسم وضع للقسم ، وهو بضم الميم والنّون وألفه ألف وصل ، ولم يجئ في الأسماء ألف وصل مفتوحة غيرها.

وقد تدخل عليه اللام لتأكيد الابتداء تقول «ليمن الله» فتذهب الألف في الوصل قال نصيب :

فقال فريق القوم لمّا نشدتهم

نعم ، وفريق : ليمن الله ما ندري

وهو مرفوع بالابتداء ، وخبره محذوف ، والتقدير : ليمن الله قسمي.

أين الاستفهاميّة ـ اسم استفهام عن مكان ، وهي مغنية عن الكلام الكثير وذلك أنّك إذا قلت «أين بيتك» أغناك عن ذكر الأماكن كلّها ، وهو سؤال عن المكان الّذي حلّ فيه الشيء ، وإذا دخلته «من» كان سؤالا عن مكان بروز

الشيء.

تقول : «من أين قدمت».

وهو مبنيّ على الفتح في الحالات كلّها

أين الشّرطيّة ـ اسم مكان يتضمّن معنى الشّرط. وهي مبنيّة على الفتح في محلّ نصب وتجزم فعلين.

ملحقة ب «ما» أو مجرّدة منها نحو : «أين تقف أقف» و «أينما تذهب أذهب» (ـ جوازم الفعل ٧).

أينما الشّرطيّة (ـ أين الشّرطيّة وجوازم المضارع ٧).

إيه ـ اسم فعل أمر ومعناه : الاستزادة من حديث معهود وإذا نوّننه كان للاستزادة من أيّ حديث كان ، وفي الصحاح : إذا قلت : ايه يا رجل فإنما تأمره بأن يزيدك من الحديث المعهود بينكما ، كأنّك قلت : هات الحديث وإن قلت إيه بالتنوين ، فكأنك قلت : هات حديثا مّا (ـ اسم الفعل).

إيها ـ اسم فعل أمر بمعنى كفّ واسكت يقال : إيها عنا أي كفّ واسكت (ـ اسم الفعل).

أيّها ـ (ـ أيّ الندائية).

__________________

(١) انظر «ايمن الله» بعدها.


باب الباء

الباء ـ من حروف الجر ، وتجر الظاهر والمضمر نحو (آمَنُوا بِاللهِ)(١)(آمَنَّا بِهِ)(٢) ولها أربعة عشر معنى وهي :

(١) الاستعانة ، وهي الداخلة على آلة الفعل نحو «كتبت بالقلم».

(٢) التّعدية ، نحو (ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ)(٣) أي أذهبه.

(٣) التّعويض أو المقابلة نحو بعتك هذا الثوب بهذه الدّنانير».

(٤) الإلصاق ، حقيقة أو مجازا نحو «أمسكت بزيد» ونحو «مررت به» والمعنى : ألصقت مروري بمكان يقرب منه ، وهذا المعنى مجازي.

(٥) التبعيض ، نحو (عَيْناً يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللهِ)(٤) ونحو (وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ)(٥)

(٦) المجاوزة ، نحو (فَسْئَلْ بِهِ خَبِيراً)(٦) أي عنه ، ومثله قول علقمة ابن عبدة :

فإن تسألوني بالنّساء فإنّني

بصير بأدواء النّساء طبيب

(٧) المصاحبة ، نحو (وَقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ)(٧) أي معه.

(٨) الظرفية ، نحو (وَما كُنْتَ بِجانِبِ الْغَرْبِيِّ)(٨) أي فيه ، ونحو (نَجَّيْناهُمْ بِسَحَرٍ)(٩).

(٩) القسم ، وهو أصل أحرفه ، ولذلك خصت بجواز ذكر الفعل معها «أقسم بالله لتفعلن» ودخولها على الضّمير نحو «بك لأفعلنّ» واستعمالها في القسم الاستعطافي نحو (بالله هل قدم أخوك» أي أسألك بالله مستعطفا.

(١٠) البدل ، كقول رافع بن خديج : «ما يسرّني أني شهدت بدرا بالعقبة» أي بدلها.

(١١) الاستعلاء ، نحو (و (مِنْ أَهْلِ

__________________

(١) الآية «٦٢» النور (٢٤).

(٢) الآية «٧» آل عمران (٣)

(٣) الآية «١٧» البقرة (٢).

(٤) الآية «٦» الدهر (٧٦).

(٥) الآية «٧» المائدة (٥).

(٦) الآية «٥٩» الفرقان (٢٥).

(٧) الآية «٦٤» المائدة (٥).

(٨) الآية «٤٤» القصص (٢٨).

(٩) الآية «٣٤» القمر (٥٤).


الْكِتابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطارٍ)(١) أي على قنطار.

(١٢) السببيّة ، نحو (فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ)(٢)

(١٣) الزّائدة ، وهي للتّوكيد ، نحو (كَفى بِاللهِ شَهِيداً)(٣)(وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ)(٤).

(١٤) الغاية ، نحو (وَقَدْ أَحْسَنَ بِي)(٥) أي إلي ، ودخول «ما» الزّائدة عليها لا تكفها عن العمل ، نحو (فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ)(٦) (ـ الجار والمجرور).

الباء المحذوفة ـ قد تحذف الباء ، فينتصب المجرور بعدها على نزع الخافض تشبيها له بالمفعول به نحو قوله تعالى : (أَلا إِنَّ ثَمُودَ كَفَرُوا رَبَّهُمْ)(٧) أي بربهم.

بات ـ ومعناها (٨) : سهر اللّيل كلّه في طاعة أو معصية» وقال الزّجّاج :

كلّ من أدركه اللّيل فقد بات

نام أو لم ينم ، وهي من أخوات

«كان» تامّة التصرّف :

١ ـ وتستعمل ماضيا ومضارعا وأمرا ومصدرا نحو قوله تعالى (وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِياماً)(٩) وتشترك مع كان في أحكام (ـ كان وأخواتها).

٢ ـ وقد تأتي «بات» تامّة فتكتفي بمرفوعها ، وهو فاعل لها. وذلك إذا كانت بمعنى عرّس أي استراح ليلا نحو قول عمر : «أمّا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقد بات بمنى» أي عرّس بها.

وقول امرئ القيس :

وبات وباتت له ليلة

كليلة ذي العائر الأرمد (١٠)

وقالوا «بات بالقوم» أي نزل بهم ليلا.

بادئ بدء ـ ومثله : بادئ ذي بدء (١١) ، أي أول شيء ، وفي اللسان : أي أوّل أوّل ، ف «بادئ» منصوب على الظرفية ، و «بدء» أو «ذي» مجرور بالإضافة ،

وقيل : يصح جعله حالا من الفاعل.

__________________

(١) الآية «٧٥» آل عمران (٣).

(٢) الآية «١٥٤» النساء (٤).

(٣) الآية «٧٨» النساء (٤).

(٤) الآية «١٩٥» البقرة (٢).

(٥) الآية «١٠٠» يوسف (١٢).

(٦) الآية «١٥٩» آل عمران (٣).

(٧) الآية «٦٨» هود (١١).

(٨) كما يقول الفراء.

(٩) الآية «٦٤» الفرقان (٢٥).

(١٠) «بات» الأولى تامة بمعنى عرس ونزل ليلا ، والثانية ناقصة ، بمعنى صار «العائر» اسم فاعل من العور : وهو القذى أو الرمد في العين تدمع له.

(١١) وهناك ألفاظ كثيرة غيرهما انظرها في القاموس.


بئس (ـ نعم وبئس).

بجل ـ

١ ـ بمعنى حسب ، وهي ساكنة أبدا ، يقولون : «بجلك» كما يقولون : «قطك» إلّا أنّهم لا يقولون «بجلني» كما يقولون :

«قطني» ولكن يقولون «بجلي» محركة الجيم و «بجلي» ساكنة الجيم أي حسبي قال لبيد :

فمتى أهلك فلا أحفله

بجلي الآن من العيش بجل

ومنه قول الشاعر في يوم الجمل :

نحن بني ضبّة أصحاب الجمل

ردّوا علينا شيخنا ثمّ بجل

أي ثم حسب ، وهو اسم فعل مضارع بمعنى يكفي.

٢ ـ وقد تأتي «بجل» حرف جواب بمعنى «نعم» هكذا قيل.

بخ ـ اسم فعل مضارع يقال عند المدح والرّضا بالشّيء ، ويكرّر للمبالغة فإن وصلت كسرت ونوّنت فتقول «بخ بخ».

بدأ ـ فعل ماض من أفعال الشّروع يعمل عمل كان نحو «بدأ الجيش يزحف».

البدل ـ

١ ـ تعريفه :

هو تابع ، بلا واسطة عاطف ، مقصود وحده بالحكم ، والمتبوع ذكر توطئة له ، ليكون كالتّفسير بعد الإبهام.

٢ ـ أقسامه :

البدل أربعة أقسام : (أ) بدل كل من كلّ ويسمى المطابق (ب) بدل بعض من كل (ج) بدل الاشتمال (د) البدل المباين ، وهاك بيانها :

(أ) بدل كل من كل أو المطابق.

هو بدل الشيء ممّا يطابق معناه ، نحو (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ)(١) و «أوّل من دخل الإسلام من الرّجال سيدنا أبو بكر».

(ب) بدل بعض من كل :

هو بدل الجزء من كلّه قلّ أو كثر أو ساوى ، ولا بدّ من اتّصاله بضمير يرجع على المبدل منه ، إمّا مذكور نحو «أكلت الرّغيف نصفه» أو مقدر نحو (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ

__________________

(١) الآية «٦» الفاتحة (١).


إِلَيْهِ سَبِيلاً)(١) أي منهم.

(ج) بدل الاشتمال :

هو بدل شيء من شيء يشتمل عامله على معناه إجمالا ، ولا بدّ فيه من ضمير كسابقه ، إمّا مذكور ، نحو «سرّني الحاكم إنصافه» أو مقدر ، نحو (قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ النَّارِ ذاتِ الْوَقُودِ)(٢) أي النّار فيه.

(د) البدل المباين :

هو ثلاثة أقسام ، وتنشأ هذه الأقسام من كون المبدل منه قصد أو لا ، لأنّ البدل لا بدّ أن يكون مقصودا فالمبدل منه إن لم يكن مقصودا ألبتة ، ـ وإنما سبق اللسان إليه ـ فهو «بدل غلط» أي بدل سببه الغلط ، لا أنه نفسه غلط ،

وإن كان مقصودا ، فإن تبيّن بعد ذكره فساد قصده ، ف «بدل نسيان» أي بدل شيء ذكر نسيانا.

وإن كان قصد كلّ واحد من المبدل منه والبدل صحيحا ف «بدل الإضراب» فإذا قلت : «اشتريت بندقيّة مسدّسا» صالح للثلاثة بالقصد ، والأحسن أن يؤتى لهذه الأنواع ب «بل».

٣ ـ توافق البدل والمبدل منه :

لا يجب توافق البدل والمبدل منه تعريفا وتنكيرا ، فتارة يكونان معرفتين ، نحو «جاء أخوك عليّ» وأخرى نكرتين نحو (إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفازاً حَدائِقَ)(٣) أو مختلفين نحو (إِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ ، صِراطِ اللهِ)(٤)(لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ ، ناصِيَةٍ كاذِبَةٍ)(٥).

وأمّا الإفراد والتّذكير وأضدادهما فيجب التوافق فيها إن كان بدل كلّ ، إلّا إن كان أحدهما مصدرا ، أو قصد التّفصيل ، فلا يثنى ولا يجمع نحو (مَفازاً حَدائِقَ)(٦) وقول كثير عزّة :

وكنت كذي رجلين رجل صحيحة

ورجل رمى فيها الزّمان فشلّت

وإن كان غير «بدل كل» لم يجب التّوافق نحو «سرّني العلماء كتابهم» «أكلت التفاحة ثلثيها».

٤ ـ الإبدال من الضّمير :

لا يبدل مضمر من مضمر ، ولا

__________________

(١) الآية «٩٧» البقرة (٢).

(٢) الآية «٤ و ٥» البروج (٨٥).

(٣) الآية «٣١ و ٣٢» النبأ (٧٨).

(٤) الآية «٥٢ و ٥٣» الشورى (٤٢).

(٥) الآية «١٥ و ١٦» العلق (٩٦).

(٣) الآية «٣١ و ٣٢» النبأ (٧٨).


يبدل مضمر من ظاهر ، ويجوز العكس أي ظاهر من مضمر مطلقا إن كان الضمير لغائب نحو (وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا)(١) بشرط أن يكون بدل بعض نحو (لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ)(٢) وقول غويل بن فرج :

أو عدني بالسّجن والأداهم

رجلي ، ورجلي شثنة المناسم (٣)

أو بدل اشتمال كقول النابغة الجعدي :

بلغنا السماء مجدنا وسناؤنا

وإنّا لنرجو فوق ذلك مظهرا (٤)

أو بدل كلّ مفيد للإحاطة والشّمول نحو («تَكُونُ لَنا عِيداً لِأَوَّلِنا وَآخِرِنا)(٥) ويمتنع إن لم يفد الإحاطة.

٥ ـ البدل من مضمّن معنى الاستفهام أو الشّرط :

إذا أبدل من اسم مضمّن معنى «همزة» الاستفهام أو «إن» الشرطية أتي «بالهمزة» للاستفهام وب «إن» للشّرطيّة ، فالاستفهام : نحو «من عندك أسعيد أم عليّ» و «كم مالك أعشرون أم ثلاثون» و «ما صنعت أخيرا أم شرّا» والشرط ، نحو : «من يسافر إن خالد وإن بكر أسافر معه» و «ما تصنع إن خيرا وإن شرّا تجز به».

٦ ـ البدل من الفعل :

كما يبدل الاسم من الاسم يبدل الفعل من الفعل بدل كلّ من كلّ نحو :

متى تأتنا تلمم بنا في ديارنا تجد حطبا جزلا ونارا تأجّجا وبدل اشتمال نحو (وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً ، يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ)(٦) وقوله :

إنّ عليّ الله أن تبايعا

تؤخذ كرها أو تجيء طائعا

ولا يبدل الفعل بدل بعض ، ولا

__________________

(١) الآية «٣» الأنبياء (٢١).

(٢) الآية «٢١» الاحزاب (٣٣).

(٣) الأداهم : جمع أدهم ، وهو القيد : المناسم : جمع منسم : وهو خف البعير ، استعير للانسان وشثنة المناسم : أي غليظتها ، والشاهد فيه قوله : «رجلي» فانه بدل بعض من الياء في أوعدني.

(٤) هذا البيت من قصيدة أنشدها بين يدي النبي (ص) فغضب وقال الى أين المظهر يا أبا ليلى ، فقال : الجنة ، قال : أجل ان شاء الله. الشاهد : قوله «مجدنا» فإنه بدل اشتمال من الضمير المرفوع.

(٥) الآية (١١٧) المائدة (٥).

(٦) الآية «٦٨ و ٦٩» الفرقان (٢٥).


غلط ، وأجازهما جماعة ، ومثلوا للأوّل بقولهم ««إن تصلّ تسجد لله يرحمك» وللثاني بنحو «إن تطعم الفقير تكسه تثب على ذلك» والدليل على أن البدل في الأمثلة هو الفعل وحده ظهور إعراب الأول على الثاني.

٧ ـ بدل الجملة من الجملة ـ والجملة من المفرد :

تبدل الجملة من الجملة إن كانت الثانية أبين من الأولى ، نحو (أَمَدَّكُمْ بِما تَعْلَمُونَ ، أَمَدَّكُمْ بِأَنْعامٍ وَبَنِينَ)(١).

وتبدل الجملة من المفرد كقول الفرزدق :

إلى الله أشكو بالمدينة حاجة

وبالشّام أخرى كيف يلتقيان

أبدل «كيف يلتقيان» من «حاجة وأخرى» أي إلى الله أشكو هاتين الحاجتين تعذّر التقائهما.

٨ ـ افتراق عطف البيان عن البدل (٢)

يفترق عطف البيان عن البدل في أشياء منها :

(١) أن عطف البيان لا يكون مضمرا ولا تابعا لمضمر.

(٢) أنّه يوافق متبوعه تعريفا وتنكيرا.

(٣) أنّه لا يكون فعلا تابعا لفعل.

(٤) أنّه ليس في التّقدير من جملة أخرى.

(٥) لا ينوى إحلاله محلّ الأول بخلاف البدل في جميع ذلك.

بدل الاشتمال (ـ البدل ٢ ج)

بدل بعض من كل (ـ البدل ٢ ب)

بدل كلّ من كل (ـ البدل ٢ أ)

البدل المباين (ـ البدل ٢ د)

بس بس ـ اسم صوت دعاء للغنم والإبل.

البضع ـ ومثله «البضعة» : هو ما بين الثّلاث إلى التّسع وحكمه تأنيثا وتذكيرا في الإفراد والتركيب : حكم «تسع وتسعة» تقول : «بضع سنين» و «بضعة عشر رجلا» و «بضع عشرة امرأة» ولا يستعمل فيما زاد على العشرين وأجازه بعضهم

__________________

(١) الآية «١٣٢ و ١٣٣» الشعراء (٢٦).

(٢) قال الرضي : أنا إلى الآن لم يظهر لي فرق جلي بين «بدل الكل» وعطف البيان ، بل ما أرى عطف البيان الا البدل ، ويؤيد ذلك كلام سيبويه وما قالوه من أن البدل هو المقصود بالذات ـ ـ بخلاف عطف البيان ، فالمقصود هو الأول فغير مسلم ، وإلا لكان ذكره لغوا ينزه عنه كلام الفصحاء.


وروي في الحديث «بضعا وثلاثين ملكا».

بعد (ـ قبل وبعد)

بعد اللّتيّا والّتي ـ اللّتيّا تصغير الّتي على خلاف القياس والمعنى : بعد اللّحظة الصغيرة والكبيرة التي من فظاعة شأنها : كيت وكيت ، حذفت الصلة إيهاما لقصور العبارة عن الإحاطة بوصف الأمر الّذي كنّي بهما عنه ، وفي ذلك من تفخيم الأمر ما لا يخفى.

وإعرابها : بعد ظرف زمان أو مكان «اللّتيّا» اسم موصول تصغير الّتي مضاف إليه و «الّتي» معطوف وصلتهما محذوفة وجوبا لما مرّ.

بعض ـ قال أبو العبّاس أحمد بن يحيى ثعلب : أجمع أهل النّحو على أنّ البعض شيء من أشياء أو شيء من شيء» وقال أبو حاتم السّجستاني : ولا تقول العرب الكلّ ولا البعض وقد استعمله النّاس حتى سيبويه والأخفش في كتبهما لقلّة علمهما بهذا النحو ، فاجتنب ذلك فإنّه ليس من كلام العرب (١).

و «بعض» مذكّر في الوجوه كلها ويعرب حسب موقعه من الكلام ، وقد يضاف إلى مصدر من نوع الفعل فتقول «اقرأ بعض القراءة لا بعض الشيء» ويعرب على أنّه مفعول مطلق.

بغتة ـ منها قوله تعالى : (حَتَّى إِذا جاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً)(٢)(أَخَذْناهُمْ بَغْتَةً)(٣) وإعرابها : مصدر في موضع الحال أي باغتة وقيل : هو مصدر لفعل محذوف أي تبغتهم بغتة.

بكرة ـ تقول : «أتيته بكرة» أي باكرا بالتنوين وهو منصوب على الظرفية الزمانيّة ، فإن أردنا بكرة يوم بعينه قلنا «أتيته بكرة» غير مصروف.

بل الابتدائيّة ـ تأتي حرف ابتداء وهي التي تلاها جملة ، ومعناها : الإضراب ، والإضراب إمّا أن يكون معناه الإبطال نحو (وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً سُبْحانَهُ بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ)(٤) أي بل هم عباد.

وإمّا معناه الانتقال من غرض إلى آخر نحو (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى ،

__________________

(١) قال الأزهري : النحويون أجازوا الألف واللام في «بعض وكل» وإن أباه الأصمعي.

(٢) الآية «٣١» الأنعام (٦).

(٣) الآية «٤٤» الأنعام (٦).

(٤) الآية «٢٦» الأنبياء (٢١).


وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى ، بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا)(١).

بل العاطفة ـ وتأتي حرف عطف وذلك بشرطين : إفراد معطوفها ، وأن تسبق «بإيجاب أو أمر أو نفي أو نهي» ومعناها بعد «الإيجاب والأمر» : سلب الحكم عما قبلها وجعله لما بعدها نحو «قرأ بكر بل عمرو» و «ليكتب صالح بل محمّد».

ومعناها بعد النّفي أو النّهي» تقرير حكم ما قبلها من نفي أو نهي على حاله وجعل ضدّه لما بعدها كما أنّ «لكن» كذلك كقولك «ما كنت في منزل بل بيداء» «لا تقاطع جامعا بل خالدا».

بله ـ يأتي على ثلاثة أوجه :

(أحدها) اسم فعل بمعنى «دع» وفتحه للبناء ، وما بعده منصوب على أنه مفعول به.

(الثاني) مصدر بمعنى «التّرك» وفتحه إعراب ، وما بعده مخفوض على الإضافة.

(الثالث) اسم مرادف ل «كيف» وفتحه للبناء وما بعده مرفوع (ـ اسم الفعل ٥)

بلى ـ حرف جواب ، وتختصّ بالنفي وتفيد إبطاله. سواء أكان مجرّدا نحو (زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ)(٢).

أم مقرونا بالاستفهام ـ حقيقيا كان نحو «أليس عليّ بآت» ـ أو توبيخيا نحو (أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْواهُمْ بَلى)(٣) ـ أو تقريريّا نحو (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا : بَلى)(٤).

والفرق بين «بلى» و «نعم» : أنّ «بلى» لا تأتي إلّا بعد نفي وأن «نعم» تأتي بعد النفي والإثبات.

فإذا قيل : «ما قام زيد» فتصديقه نعم ، وتكذيبه : بلى.

البناء ـ

١ ـ تعريفه :

هو لزوم آخر الكلمة حالة واحدة

٢ ـ المبنيّات :

(أ) الحروف كلّها مبنيّة.

__________________

(١) الآية «١٤ و ١٥ و ١٦» الأعلى (٨٧).

(٢) الآية «٧» التغابن (٦٤).

(٣) الآية «٨٠» الزخرف (٤٣).

(٤) الآية «١٧١» الاعراف (٧).


(ب) الأفعال أيضا مبنية إلّا المضارع الذي ما باشرته إحدى نوني التّوكيد ، ولا اتّصلت به نون الإناث.

(ج) والمبنيّ من الأسماء حصرا : هو الضّمائر ، أسماء الإشارة ، أسماء الموصول ، أسماء الأفعال ، أسماء الأصوات ، أسماء الشّرط ، أسماء الاستفهام ، وبعض الظروف مثل «إذ ، إذا ، الآن ، حيث ، أمس ، وكلّ ذلك يبنى على ما سمع عليه.

ويطرّد البناء على الفتح فيما ركّب من الأعداد والظّروف والأحوال نحو «أرى خمسة عشر رجلا يترددون صباح مساء على جاري بيت بيت».

ويطرّد البناء على الضمّ فيما قطع عن الإضافة لفظا من المبهمات كقبل وبعد ، وحسب ، وأول ، وأسماء الجهات ، نحو (لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ)(١).

والكسر فيما ختم «بويه» كسيبويه ، ووزن فعال علما لأنثى ك «حذام ورقاش» أو سبّا لها ك «يا خباث ويا كذاب» أو اسم فعل ك «نزال وقتال» (٢) (ـ جميعا في حروفها).

٣ ـ أنواع البناء :

أنواع البناء أربعة :

(أحدها) السكون ، وهو الأصل لأنه عدم الحركة ، ولخفّته دخل في الكلم الثلاث : الحرف والفعل والاسم ففي الحرف نحو «هل» وفي الفعل نحو «قم» وفي الاسم نحو «كم».

(الثاني) الفتح وهو أقرب الحركات إلى السكون ، ولهذا دخل أيضا في الكلم الثّلاث : في الحرف نحو «سوف» وفي الفعل نحو «قام» وفي الاسم نحو «أين».

(الثالث) الكسر ، ويدخل في الاسم والحرف نحو «أمس» و «لام الجر».

(الرابع) الضمّ ، ويدخل في الاسم والحرف أيضا نحو «منذ» فهي في لغة من جرّ بها حرف مبني على الضمّ ، وفي لغة من رفع بها اسم مبنيّ على الضم (ـ مذ ومنذ).

البنت ـ الولد الأنثى ، والنسبة إليها :

__________________

(١) الآية (٤) الروم (٣٠).

(٢) يستثنى من الاعداد المركبة «اثنا عشر ، واثنتا عشرة» فإنها تعرب إعراب المثنى. ومن أسماء الشرط والاستفهام والموصولات «أي» فانها تعرب بالحركات ، ويجوز في «أي» الموصولة البناء على الضم إذا اضيفت ، وحذف صدر صلتها نحو «فسلم على أيهم أفضل».


بنتي على لفظه ، وبنويّ على ردّ المحذوف.

بنون ـ ملحق بجمع المذكّر السالم ويعرب إعرابه (ـ جمع المذكّر السالم ٨).

بيت بيت ـ يقال : جاري بيت بيت» أي ملاصقا ، وهو مركّب مبنيّ الجزءين على الفتح في موضع النّصب على الحال.

بيد ـ اسم ملازم للإضافة إلى «أنّ وصلتها» وله معنيان :

(أحدهما): ـ وهو الأكثر ـ أن يأتي بمعنى «غير» إلّا أنّه لا يقع مرفوعا ولا مجرورا ، بل منصوبا ، ولا يقع صفة ولا استثناء متصلا ، وإنما يستثنى به في الانقطاع خاصّة ، ومنه الحديث «نحن الآخرون السابقون يوم القيامة ، بيد أنّهم أوتوا الكتاب من قبلنا».

(الثّاني) أن يكون بمعنى «من أجل» ومنه الحديث «أنا أفصح من نطق بالضّاد بيد أنّي من قريش».

بين ـ ظرف بمعنى وسط ، يضاف إلى أكثر من واحد نحو «جلست بين القوم» أي وسطهم ، وإذا أضيف إلى الواحد عطف عليه بالواو نحو «المنزل بين خالد وبكر».

وتكريرها مع المضمر واجب نحو «الكتب بيني وبينك» وتكريرها مع المظهر لا يقبح خلافا لمن قال ذلك ، لورودها كثيرا في كلام العرب نحو «المال بين خالد وبين عليّ» وإذا أضيفت إلى ظرف زمان كانت ظرف زمان نحو «أزورك بين الظّهر والعصر».

أو إلى ظرف مكان كانت ظرف مكان نحو «منزلي بين دارك ودار زيد».

وإذا أخرجتها عن الظّرفيّة أعربتها كسائر الأسماء نحو (لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ)(١) ف «بينكم» في الآية فاعل تقطّع (٢).

بين بين ـ تقول : «هذا تمر بين بين» أي بين الجيّد والرّديء.

وهو مركّب مزجيّ مبنيّ الجزأين على الفتح ك «خمسة عشر» في موضع الحال.

بينا وبينما ـ أصلهما : بين

__________________

(١) الآية «٩٤» الأنعام (٦).

(٢) وهي قراءة الاكثرين ، وقراءة نافع والكسائي وحفص بالنصب على الظرف على معنى : لقد تقطع وصلكم بينكم.


مضافة إلى أوقات مضافة إلى جملة فحذفت الأوقات ، وعوّض عنها «الألف» أو «ما» وهما منصوبتا المحل ، والعامل فيهما ما تضمّنته «إذ» من معنى المفاجأة ، كقولك : «بينا أنا منطلق إذ جاءني الصديق» أو «إذ الصّديق جاءني» والمعنى أنه جاءني بين أوقات انطلاقي وما بعد «بينا وبينما» إذا كان اسما رفع بالابتداء وما بعده خبر ، وإذا كان فعلا كان عاملهما محذوفا يفسّره الفعل المذكور.

وإعرابهما : على الظرفية الزمانية لأنهما ـ في الأصل ـ مضافان إلى أوقات ، والألف أو «ما» عوض عن المضاف إليه كما تقدّم.


باب التاء

تا ـ اسم إشارة للمفردة المؤنثة وبناؤه على السكون (ـ اسم الإشارة).

تاء التّأنيث ـ تكون في الفعل ساكنة ك «فهمت» ومتحرّكة ك «تفهم» ولا تكون في الاسم إلّا متحرّكة ك «فاهمة».

ولما كانت التّاء» في أصل وضعها في الاسم للفرق بين المذكّر والمؤنّث في الأوصاف المشتقّة المشتركة بينهما ، ك «نبيه ونبيهة» و «أديب وأديبة» فلا تدخل على المختصّ بالنساء ك «طالق ، وحامل ، وطامث ومرضع وفارك (١) وعانس (٢)» ، كما لا تدخل على المختصّ بالرجال ك «أكمر (٣) ، وآدر» (٤).

ولا تدخل على أسماء الأجناس الجامدة ، وشذ : «رجل ورجلة» و» فتى وفتاة» و «غلام وغلامة» و «طفل وطفلة» و «ظبي وظبية» و «إنسان وإنسانة».

ولا تدخل هذه التاء في خمسة أوزان :

(١) «فعيل» بمعنى مفعول إن تبع موصوفه ، نحو «كفّ خضيب» و «ملحفة غسيل» وشذ «ملحفة جديدة».

فإن كان بمعنى فاعل نحو «عتيقة» و «ظريفة» كان مؤنّثه بالهاء وإن كان بمعنى مفعول ولكن لم يذكر الموصوف نحو «رأيت قبيلة بني فلان» كان مؤنثه بالهاء منعا للالتباس بالمذكّر.

(٢) «فعول» بمعنى فاعل نحو «امرأة صبور وشكور وفخور» وقد جاء حرف شاذ قالوا : «هي عدوّة الله (٥)» فإذا كان في تأويل مفعول لحقته التاء نحو الحمولة» و «الرّكوبة» و «الحلوبة» تقول : «هذا الجمل ركوبتهم وأكولتهم».

__________________

(١) الفارك : المبغضة لزوجها.

(٢) العانس : البكر التي فاتها الزواج.

(٣) الأكمر : عظيم الكمرة وهي حشفة القبل.

(٤) الآدر : عظيم الخصية.

(٥) قال سيبويه : شبهوا عدوة بصديقة.


(٣) «مفعال» نحو «مهذار» و «مكسال» و «مبسام».

(٤) «مفعيل» نحو «امرأة معطير» و «مئشير» من الأشر : وهو الكبر و «فرس محضير» كثير الجري.

وشذ حرف قالوا : «امرأة مسكينة» شبهوها بفقيرة.

(٥) «مفعل» كمغشم ومدعس ومهذر (١).

وقد تكون التاء لغير التّأنيث ، فتكون : للتّعريب ، والتّمييز ، والعوض ، والمبالغة ، والنّسب ، (ـ جميعها في تاء التعريب ، وتاء التّمييز .. وهكذا)

تاء التّعريب ـ هي النّاء اللاحقة للاسم الأعجمي إشعارا بتعريبه ك «كيلجة» في «كيلج» اسم لمكيال لأهل العراق.

تاء التّمييز ـ هي التّاء التي تميز الواحد من جنسه كثيرا في اسم الجنس الجمعي ك «تمر» و «تمرة «و «نمل ونملة» ولعكس ذلك قليلا نحو «كمء وكمأة».

تاء العوض ـ هي التاء التي تلحق اسما حذفت فاؤه فعوّضت التاء عنها ك «زنة» أصلها : وزن ، أو حذفت عينه نحو «إقامة» أصلها : إقوام ، أو حذفت لامه ك «سنة» أصلها : سنو أو سنه بدليل جمعها على سنوات أو سنهات.

تاء القسم ـ من حروف الجر وهو مختصّ ب «الله» و «ربّ» مضافا للكعبة أو لياء المتكلّم نحو (تَاللهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنامَكُمْ)(٢) و «تربّ الكعبة» و «تربّي لأذهبنّ» وندر «تالرّحمن».

تاء المبالغة ـ هي التي تؤكد أحيانا وزن الفاعل ك «راوية» و «نابغة» وقد تأتي لتوكيد المبالغة ك «علّامة» و «نسّابة».

تاء المضارعة ـ هي من حروف المضارعة «أنيت» التي لا بدّ للمضارع أن يبدأ بواحدة منها ، وتكون «التّاء» إمّا علامة تأنيث ك «هند تكتب» أو حرف خطاب للمذكّر ك «أنت تعلم».

__________________

(١) المغشم : الذي يركب رأسه لا يثنيه شيء عما يريد ، والمدعس : الطعان. المهذر : الهاذي.

(٢) الآية «٥٧» الانبياء (٢١).


وحركة التاء كحركة أخواتها تضمّ إذا كان ماضي الفعل رباعيّا نحو «أكرم يكرم» و «بذّر يبذّر» وإن كان ثلاثيا أو خماسيا أو سداسيا تفتح التاء وأخواتها نحو «حفظ يحفظ» و «انطلق ينطلق» و «استعجل يستعجل».

تاء النّسب ـ هي التي تلحق صيغة منتهى الجموع للدّلالة على النّسب ك «أشاعرة» جمع أشعري و «قرامطة» جمع قرمطي ، أو للعوض عن «ياء» محذوفة ك «زنادقة» جمع زنديق ، أو للإلحاق بمفرد ك «صيارفة» (١) فإنها ملحقة بكراهية.

تان (ـ اسم الإشارة ٢)

تان وتين ـ اسما إشارة ، فالأول لحالة الرّفع ولكنه مبنيّ على الألف ، والثاني لحالتي النصب والجر ولكنه مبنيّ على الياء ، وقد تدخلهما «ها» للتنبيه فيقال «هاتان» و «هاتين». وقد تلحقهما «كاف الخطاب» فتبعد «ها» التنبيهية فتقول «تانك» و «تينك» وأيضا «تانكما وتانكم وتانكنّ» ومثلها «تينكما وتينكم وتينكنّ».

تأنيث الفعل (ـ الفاعل ٨)

التّأنيث والتّذكير ـ

١ ـ تقسيم الاسم إلى مذكّر ومؤنّث

ينقسم الاسم إلى مذكّر ومؤنّث.

فالمذكّر ـ وهو الأصل ـ ك «رجل» والمؤنّث ك «فاطمة».

٢ ـ المؤنّث حقيقيّ ومجازيّ :

المؤنّث نوعان : حقيقيّ. وهو : ما دلّ على أنثى ك «امرأة» و «فاضلة».

ومجازي ، وهو : ما عاملته العرب معاملة المؤنّثات الحقيقيّة «كالشمس والحرب والنّار» والمدار في هذا على النقل ، ويستدل على ذلك بالضّمير العائد عليه نحو (النَّارُ وَعَدَهَا اللهُ الَّذِينَ كَفَرُوا)(٢)(حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها)(٣).

وبالإشارة إليه نحو (هذِهِ جَهَنَّمُ)(٤) وبثبوت التّاء في تصغيره ، نحو : «عيينة وأذينة» مصغّري عين وأذن.

أو في فعله ، نحو (وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ)(٥)

__________________

(١) جمع صيرف : وهو المحتال في الأمور.

(٢) الآية ٧٢» الحج (٢٢).

(٣) الآية «٤» محمد (٤٧).

(٤) الآية «٦٣» يس (٣٦).

(٥) الآية «٩٤» يوسف (٢).


وبسقوطها من عدده كقول حميد الأرقط يصف قوسا عربيّة :

أرمي عليها وهي فرع أجمع

وهي ثلاث أذرع وإصبع (١)

٣ ـ المؤنّث ثلاثة أقسام :

ينقسم المؤنّث إلى لفظي ، ومعنويّ ولفظيّ معنويّ.

فالمؤنّث اللفظي : ما كان علما لمذكّر وفيه علامة من علامات التّأنيث ك «طرفة» و «كنانة» و «زكرياء».

والمؤنث المعنويّ : ما خلا من العلامة ، وكان علما لمؤنث ك «زينب» ، و «أم كلثوم».

والمؤنّث اللفظيّ المعنويّ : ما كان علما لمؤنث ، وفيه علامة التّأنيث ك «صفيّة» و «سعدى» و «خنساء»

٤ ـ علامتا التّأنيث :

للتأنيث علامتان : «التّاء» و «ألف التّأنيث» (ـ تاء التّأنيث وألف التّأنيث).

تبّا له ـ من تبّ يتبّ كضرب : خاب وخسر ، وهي منصوبة على المصدر بإضمار فعل واجب الحذف.

تجاه ـ تقول «جلست تجاه المسجد» أي مقابله وهي ظرف مكان منصوب.

تحت ـ ظرف مكان ، وهي من أسماء الجهات (ـ أول ودون وأسماء الجهات).

التّحذير ـ

١ ـ تعريفه :

هو تنبيه المخاطب على أمر مكروه ليجتنبه.

٢ ـ قسماه :

(١) ما يكون بلفظ «إيّاك» وفروعه وهذا عامله محذوف وجوبا ، سواء أكان معطوفا عليه أم موصولا ب «من» أو متكرّرا نحو «إيّاك والتّواني» (٢) ونحو «إيّاك من التواني» (٣) وأما نحو قوله :

فإيّاك إيّاك المراء فإنّه

إلى الشّرّ دعّاء وللشّرّ جالب

فعلى تقدير «من» محذوفة للضرورة ،

__________________

(١) يقال : قوس فرع : إذا عملت من طرف الغصن لا من جذعه.

(٢) أصله : احذر تلاقي نفسك والتواني ، فحذف الفعل وفاعله ، ثم المضاف الأول. وهو «تلاقي» وأنيب عنه «نفسك» ، ثم حذف المضاف الثاني ، وهو نفس وأنيب عنه الكاف.

فانتصب وانفصل.

(٣) أصله : باعد نفسك من التواني ، حذف الفعل والفاعل والمضاف ، فانتصب الضمير وانفصل.


أي «من المراء» ولا خلاف في جواز «إيّاك أن تفعل كذا» لصلاحيته لتقدير «من» (١)

ولا تكون «إيّا» في هذا الباب لمتكلم ، وشذ قول عمر (رض) «لتذكّ لكم الأسل والرماح والسّهام ، و «إيّاي» وأن يحذف أحدكم الأرنب».

ولا تكون لغائب ، وشذّ قول بعض العرب : «إذا بلغ الرجل السّتّين فإيّاه وإيّا الشّوابّ».

(ب) أن يذكر «المحذّر» بغير لفظ «إيّا» أو يقتصر على ذكر «المحذر منه» وإنّما يجب الحذف إن كررت أو عطفت ، فالأوّل نحو «نفسك نفسك ، و «الأسد الأسد» ، والثاني نحو (ناقَةَ اللهِ وَسُقْياها)(٢) وفي غير ذلك يجوز إظهار العامل كقول جرير يهجو عمر بن لجأ التميمي :

خلّ الطريق لمن يبني المنار به

وابرز ببرزة حيث اضطرك القدر (٣)

التّحضيض ـ الحثّ على أمر بشدّة وأدواته :

«هلّا ، وألّا ، ولو لا ، وألا» إن دخلت على مضارع ، وإن دخلت على الماضي فهي للتنديم (ـ في أحرفها وأن المصدريّة).

تحوّل ـ تعمل عمل «كان» لأنها بمعنى صار. (ـ كان وأخواتها ٢ تعليق).

تخذ ـ من أخوات «ظنّ» وتشترك معها في أحكام نحو قول جندب ابن مرّة الهذلي :

تخذت غرار إثرهم دليلا

وفرّوا في الحجاز ليعجزوني (٤)

(ـ ظنّ وأخواتها).

التّرخيم ـ ثلاثة أنواع :

(١) ترخيم التّصغير.

(٢) ترخيم الضّرورة.

(٣) ترخيم النداء.

(ـ في أحرفها).

__________________

(١) وخالف في الجواز : الجواليقي في شرح أدب الكاتب انظر (اياك وأن تفعل).

(٢) الآية «١٣» الشمس (٩١).

(٣) المنار : حدود الأرض. البرزة : الأرض ـ ـ الواسعة ، وباء «ببرزة» بمعنى في ، المعنى اترك سبيل الهدى لمن يطلبه ، وابرز منه طريق الضلال إذا اضطرك القدر.

(٤) «غرار» اسم واد وهو المفعول الأول «تخذت» و «دليلا» مفعول ثان.


ترخيم التّصغير ـ

١ ـ حقيقته :

تصغير الاسم بتجريده من الزوائد (١) ، فإن كانت أصوله ثلاثة صغّر على «فعيل» ، وإن كان أربعة صغّر على «فعيعل» فتقول في معطف «عطيف» وفي أزهر : «زهير» وفي حامد ، وحمدان ، ومحمود ، وأحمد «حميد» وتقول في قرطاس وعصفور «قريطس وعصيفر»

٢ ـ المؤنّث وتصغير الترخيم :

إذا كان المصغّر تصغير التّرخيم ثلاثيّ الأصول ، ومسمّاه مؤنّث لحقته التّاء ، فتقول في سوداء ، وحبلى ، وسعاد «سويدة» و «حبيلة» و «سعيدة».

وإذا صغّر تصغير ترخيم الأوصاف الخاصّة بالمؤنّث نحو : حائض وطالق قلت : «حييض» و «طليق».

ترخيم الضّرورة ـ يجوز ترخيم غير المنادى ـ وهو ترخيم الضرورة ـ بثلاثة شروط :

(١) أن يكون ذلك في الضرورة.

(٢) أن يصلح الاسم للنداء ، فلا يجوز في نحو «الغلام» لوجود «أل»

(٣) أن يكون إمّا زائدا على الثلاثة ، أو مختوما بتاء التّأنيث فالأوّل كقول امرئ القيس :

لنعم الفتى تعشو إلى ضوء ناره

طريف بن مال ليلة الجوع والخصر (٢)

أراد ابن مالك. والثاني كقول الأسود ابن يعفر :

وهذا ردائي عنده يستعيره

ليسلبني حقي أمال بن حنظل

أراد ابن حنظلة.

ولا يمتنع الترخيم في الضرورة على لغة من ينتظر بدليل قول جرير :

ألا أضحت حبالكم رماما (٣)

وأضحت منك شاسعة أماما

أراد : أمامة ، وفهم من عدم اشتراط التعريف في ترخيم الضرورة أنه يجيء في النّكرات كقوله :

«ليس حيّ على المنون بخال» أي بخالد.

ترخيم النّداء ـ

١ ـ تعريفه :

__________________

(١) أي الزوائد الصالحة للبقاء في تصغير غير الترخيم ليخرج نحو «متدحرج» و «محرنجم» لامتناع بقاء الزيادة فيهما لإخلاله بالزنة عند تصغير غير الترخيم فلا يسمى تصغيرها على «دحيرج» و «حريجم» تصغير ترخيم.

(٢) الخصر : البرد.

(٣) جمع رمة : وهي القطعة البالية من الحبل.


هو حذف آخر الكلمة حقيقة أو تنزيلا في النّداء ، على وجه مخصوص.

٢ ـ شروطه :

شروط ترخيم النّداء : أن يكون المنادى معرفة ، غير مستغاث ، ولا مندوب ، ولا ذي إضافة ، ولا ذي إسناد ، ولا مختصّ بالنّداء ، فلا ترخّم النكرة غير المقصودة كقول الأعمى «يا رجلا خذ بيدي» ، ولا قولك «يا لخالد» ولا «وا خالداه» ولا «يا أمير البلاد» ولا «يا جاد المولى» ولا «يا فل».

٣ ـ الاسم القابل للترخيم قسمان :

(أ) مختوم «بتاء التّأنيث» التي تقلب عند الوقف هاء.

(ب) مجرّد منها

فالأوّل : وهو المختوم ب «تاء التأنيث» فيرخّم بحذف التاء فقط ، سواء أكان علما أم لا ، ثلاثيّا ، أم زائدا على الثّلاثة ، نحو قول امرئ القيس :

أفاطم مهلا بعض هذا التدلّل

وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

الأصل : أفاطمة. وقول العجّاج يخاطب امرأته :

جاري لا تستنكري عذيري

سيري وإشفاقي على بعيري

الأصل : يا جارية.

والثاني : وهو المجرّد من تاء التّأنيث ، فلا يرخّم إلّا أن يكون : علما ، زائدا على ثلاثة ك «جعفر» و «سعاد» فلا يرخّم غير العلم ، وأمّا قول الشّاعر :

صاح شمّر ولا تزل ذاكر المو

ت فنسيانه ضلال مبين

فضرورة. ولا يرخّم ما لم يزد على ثلاثة ، سواء أكان ساكن الوسط ك «دعد» أم متحرّكه ك «سبأ».

٤ ـ ما يحذف للترخيم :

المحذوف للترخيم إمّا «حرف» أو «حرفان» أو «كلمة» أو «كلمة وحرف» فأمّا الحرف وهو الغالب ، فنحو «يا جعف» و «يا سعا» و «يا مال» ، في ترخيم : جعفر ، وسعاد ، ومالك.

وأما الحرفان ، فذلك إذا كان الذي قبل الآخر حرف علّة ، ساكنا ، زائدا ، مكمّلا أربعة فصاعدا ، مسبوقا بحركة مجانسة ، ظاهرة أو مقدّرة ، تقول مثلا في أسماء «يا أسم» وفي مروان «يا مرو»


وفي منصور «يا منص» وفي شملال «يا شمل» وفي قنديل «يا قند» وفي مصطفون علما «يا مصطف» ومن ذلك قول الفرزدق يخاطب مروان بن عبد الملك :

يا مرو إنّ مطيّتي محبوسة

ترجو الحباء وربّها لم ييأس

وقول لبيد :

يا أسم صبرا على ما كان من حدث

إنّ الحوادث ملقيّ ومنتظر

وأمّا «الكلمة» فذلك في المركّب المزجيّ ، تقول في «معديكرب» يا معدي.

وأمّا «الكلمة والحرف» فذلك في «اثنا عشر» علما تقول إذا رخّمته «يا اثن» لأنّ عشر في موضع النّون ، فنزلت هي والألف منزلة الزيادة في «اثنان» علما.

٥ ـ حركة آخر المرخّم :

الأكثر أن ينوى المحذوف ، فلا تغيّر حركة ما بقي ، لأنّ المحذوف في نيّة الملفوظ ، وتسمّى لغة «من ينتظر» تقول في جعفر «يا جعف» بالفتح ، وفي حارث «يا حار» بالكسر ، وفي منصور «يا منص» بالضم ، وفي هرقل «يا هرق» بالسكون ، وفي ثمود ، وعلاوة ، وكروان أعلاما «يا ثمو» و «يا علا» و «يا كرو».

ويجوز ألّا ينوى المحذوف ، فيجعل آخر الباقي بعد الحذف كأنه آخر الاسم في أصل الوضع ، وتسمّى لغة من لا ينتظر ، فتقول «يا جعف» و «يا جار» و «يا هرق» بالضم فيهنّ ، وكذلك تقول «يا منص» بضمة حادثة للبناء.

وتقول «يا ثمي» ترخيم «يا ثمود» بإبدال «الضّمة» «كسرة» و «الواو» «ياء» إذ ليس في العربيّة اسم معرب آخره واو لازمة مضموم ما قبلها ، وتقول «يا علاء» ترخيم علاوة ـ على لغة من لا ينتظر ـ بإبدال الواو همزة لتطرفها إثر ألف زائدة كما في كساء ، وتقول «يا كرا» ترخيم من لا ينتظر ل «كروان» بإبدال الواو ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها كما في العصا.

٦ ـ اختصاص ما فيه «التاء» بأحكام :

منها :

(١) أنّه لا يشترط لترخيمه علميّة ولا زيادة على الثّلاثة كما مرّ.


(٢) أنه إذا حذفت منه التّاء ، لم يستتبع حذفها حذف حرف قبلها فتقول في «عقنباة» وهي صفة للعقاب ، وهو ذو المخالب الحداد : «يا عقنبا»

(٣) أنّه لا يرخم إلا على نية المحذوف أي لغة من ينتظر خوف الالتباس بالمذكّر الذي لا ترخيم فيه ، تقول في ترخيم «مسلمة» و «حارثة» و «حفصة» ـ «يا مسلم ويا حارث ويا حفص» بالفتح ، فإن لم يخف لبس جازت اللغة الأخرى لغة من لا ينتظر كما في «همزة» و «مسلمة» علم رجل.

(٤) أنّ نداءه مرخّما أكثر من ندائه تامّا كقول امرئ القيس : أفاطم مهلا .. البيت. كما يشاركه في الحكم الأخير «مالك وعامر وحارث» فترخيمهنّ أكثر من تركه لكثرة استعمالهن.

ترك ـ

(١) من أفعال التّصيير ، وهي من أخوات «ظنّ» وتشترك معها في أحكام نحو (وَتَرَكْنا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ)(١).

(٢) وقد تأتي بمعنى فارق فتتعدّى لواحد نحو : «تركت الكاذب» ، (ـ ظنّ وأخواتها).

التّركيب المزجي ـ هو أن يجعل الاسمان اسما واحدا ، لا بإضافة ولا بإسناد ، بل ينزّل عجزه من صدره منزلة تاء التأنيث ك «بعلبكّ» و «بختنصّر» وله أبحاث في (ـ الممنوع من الصرف) و «النّسب» و «التّصغير».

التّصغير ـ

١ ـ تعريفه :

تغيير مخصوص في بنية الكلمة ـ

٢ ـ فوائده ستّ :

(١) تقليل ذات الشّيء نحو «كليب»

(٢) تحقير شأنه نحو «رجيل».

(٣) تقليل كمّيّته نحو «دريهمات»

(٤) تقريب زمانه نحو «قبيل العصر» و «بعيد الظّهر».

(٥) تقريب مسافته نحو «فويق الميل» و «تحيت البريد».

(٦) تقريب منزلته نحو «أخيّ» وزاد بعضهم على ذلك : التعظيم نحو «دويهية» ، والتحبب نحو «بنيّة».

٣ ـ شروطه :

شروطه أربعة :

(أحدها) أن يكون اسما فلا يصغّر الفعل ولا الحرف ، وشذّ تصغير

__________________

(١) الآية «١٠٠» الكهف (١٨).


فعل التعجب نحو «ما أحيسنه».

(الثاني) ألّا يكون متوغّلا في شبه الحرف ، فلا تصغّر المضمرات ، ولا «من وكيف» ونحوهما.

(الثالث) أن يكون خاليا من صيغ التّصغير وشبهها ، فلا يصغّر نحو «كميت «لأنه على صيغة التّصغير.

(الرابع) أن يكون قابلا لصيغة التّصغير ، فلا تصغر الأسماء المعظمة ك «أسماء الله وأنبيائه وملائكته» ولا «جمع الكثرة» و «كل وبعض» ولا «أسماء الشهور» و «الأسبوع» و «المحكي» و «غير» و «سوى» و «البارحة» و «الغد» و «الأسماء العاملة».

٤ ـ علاماته :

علاماته ثلاث : ضمّ أوله ، وفتح ثانيه ، واجتلاب ياء ثالثه.

٥ ـ أبنيته :

أبنيته ثلاثة :

(١) «فعيل» ك «رجيل» لتصغير الثلاثي.

(٢) «فعيعل» ك «جعيفر» لتصغير الرباعي.

(٣) «فعيعيل» (١) ك «دنينير» لتصغير الحماسي وذلك أنه لا بدّ في كلّ تصغير من ثلاثة أعمال : ضم الحرف الأول ، وفتح الثاني (٢) ، واجتلاب ياء ثالثة (٣) كما مرّ.

فإذا كان المصغر ثلاثيا ، اقتصر على ذلك وهي بنية «فعيل» ك «فليس» وإن كان متجاوزا الثلاثة احتيج إلى عمل رابع ، وهو «كسر ما بعد ياء التصغير» ثم إن لم يكن بعد هذا الحرف المكسور حرف لين قبل الآخر في المكبر فبنيته «فعيعل» ك «جعفر وجعيفر».

وإن كان بعده حرف لين قبل الآخر في المكبر فبنيته «فعيعيل».

فإن كان حرف اللين الموجود قبل آخر المكبر «ياء» سلمت في التصغير لمناسبتها للكسرة ك : «قنديل» و «قنيديل».

__________________

(١) الوزن بهذه الصيغ اصطلاح خاص بهذا الباب ـ ـ قصد به حصر الأقسام وليس جاريا على اصطلاح التصريف ، فإن أحيمرا ومكيرما وسفيرجا وزنها التصريفي «أفيعل ومفيعل وفعيلل» وكلها في التصغير «فعيعل».

(٢) فان كان المكبر مضموم الأول مفتوح الثاني ك «صرد» فيقدران في مصغره ك «صريد».

(٣) لذلك لم يكن نحو «زميّل» وهو الجبان الضعيف ، و «لغيّزى» من ألغز في كلامه تصغيرا لأن الحرف الثاني منهما غير مفتوح ، بل ساكن مدغم فيما بعده ، ولأن الياء غير ثالثة بل رابعة.


وإن كان حرف اللين «واوا» أو «ألفا» قلبا «ياءين» لسكونهما وانكسار ما قبلها ك «عصفور» و «عصيفير» و «مصباح» و «مصيبيح».

٦ ـ ألفاظ يحذف بعضها للتّصغير :

هناك ألفاظ جاوزت ثلاثة أحرف ولا يتوصّل بها إلى وزن «فعيعل» أو «فعيعيل» إلّا بما يتوصل به في باب جمع التكسير إلى مثالي «فعالل وفعاليل» (١).

فنقول في تصغير «سفرجل» «سفيرج» (٢) بحذف خامسه ، وفي «فرزدق» «فريزق» أو «فريزد» بحذف خامسه أو رابعه. وفي «مستخرج» «مخيرج» بحذف زيادتيه السين والتاء.

وفي ألندد واليلندد (٣) «أليد ويليد» بحذف النون فقط ، ويتعين إبقاء الفاضل وفي : حيزبون «حزيبين» بحذف الياء وقلب الواو ياء وفي سرندى وعلندا «سريند وعليند» بحذف الألف وإبقاء النون ، أو «سريد وعليد» بحذف النون وقلب الألف ياء لوقوعها بعد كسرة ، ولم تصحّح ويفتح ما قبلها لأنها للإلحاق بسفرجل ويشذ عن جميع ما تقدّم : «مغيربان» تصغير مغرب ، وقياسها «مغيرب» و «عشيان» تصغير عشاء وقياسها :

عشيّة و «أنيسيان» تصغير إنسان ، والقياس : أنيسان و «لييلية» تصغير ليلة ، والقياس : لييلة ، و «رويجل» تصغير رجل : وقياسها : رجيل.

و «أصيبية» تصغير صبية ، وقياسها صبيّة ، و «أغيلمة» تصغير غلمة وقياسها : غليمة و «أبينون» تصغير : بنون وقياسها : بنيّون و «عشيشية» تصغير : عشيّة ، وقياسها : عشيّة.

٧ ـ المستثنى من كسر ما بعد الياء :

تقدّم أنه يجب كسر ما بعد ياء النسب ممّا تجاوز ثلاثة الأحرف ، ويستثنى من هذه القاعدة أربع مسائل يفتح فيها ما بعد ياء النسب.

(إحداها) ما قبل علامة التأنيث ، سواء أكانت تاء أم ألفا ك «شجرة» وحبلى فتقول في تصغيرهما «شجيرة و «حبيلى».

(الثانية) ما قبل ألف التأنيث الممدودة

__________________

(١) أي إن الحذف والقلب الذي يكون في حالة الجمع نحذف ونقلب مثله في حالة التصغير.

(٢) لان جمعها على «سفارج» وهو «فعاليل» وهكذا غيرها.

(٣) معناهما : الألد ، وهو الخصم الشحيح الذي لا يريغ إلى الحق.


ك «حمراء» تقول في تصغيرهما «حميراء»

(الثالثة) ما قبل ألف أفعال ك «أجمال و «أفراس» فتقول في التصغير «أجيمال» و «أفيراس».

(الرابعة) ما قبل ألف فعلان ك «سكران» و «عثمان» فتقول «سكيران» و «عثيمان».

٨ ـ تصغير ما فيه «ألف ونون» زائدتان :

القاعدة في تصغير ما فيه «ألف ونون» زائدتان : أنّ الألف لا تقلب ياء فيما يأتي :

(١) في الصفات مطلقا سواء أكان مؤنّثها خاليا من التاء وهو الأصل أم بالتاء فالأولى نحو «سكران» و «جوعان» والثانية نحو «عريان» و «ندمان» وصميان (للشجاع) وقطوان (للبطيء) تقول في تصغيرها «سكيران» و «جويعان» و «عريّان» و «نديمان» و «صميّان» و «قطيّان».

(٢) في الأعلام المرتجلة نحو «عثمان» و «عمران» و «سعدان» و «غطفان و «سلمان» و «مروان» تقول في تصغيرها «عثيمان» (١) و «عميران» و «سعيدان» (٢) و «غطيفان» و «سليمان» و «مريّان».

(٣) أن تكون الألف رابعة في اسم جنس ، ليس على وزن من الأوزان الآتية : (فعلان ـ فعلان ـ فعلان) ك «ظربان» و «سبعان» يقال في تصغيرهما : «ظريبان وسبيعان.

(٤) أن تكون الألف خامسة في اسم جنس ، أو في حكم الخامسة (٣) نحو «زعفران» و «عقربان» (٤) و «أفعوان» (٥) و» صليّان» (٦) و «عبوثران» (٧)

تقول في تصغيرها : «زعيفران» و «عقيربان» و «أفيعيان» و «صليليان» و «عبيثران».

فإن زادت على ذلك حذفت نحو «قرعبلانة» (٨) تقول في تصغيرها «قريعبة».

وتقلب ياء لكسر ما بعد ياء التصغير فيما إذا كانت رابعة في اسم جنس على

__________________

(١) أما «عثمان» الذي هو اسم جنس لفرخ الحبارى فتصغيره : عثيمين.

(٢) أما «سعدان» لنبت ذي شوك من مراعي الإبل الجيدة ، فتصغيره : سعيدين.

(٣) وذلك بحذف بعض الأحرف التي قبلها.

(٤) ذكر العقارب.

(٥) ذكر الافاعي وهي الحيات.

(٦) صليان : نبت.

(٧) نبات خبيث الرائحة.

(٨) اسم لدويبة عظيمة البطن.


وزن «فعلان أو فعلان أو فعلان» ك «حومان» و «سلطان» و «سرحان» تقول في تصغيرها «حويمين» و «سليطين» و «سريحين» تشبيها لها «بزلزال وقرطاس وسربال» إذ يقال في تصغيرها «زليزيل» وو «قريطيس» و «سريبيل».

وأمّا العلم المنقول فحكمه حكم ما نقل عنه ، فإن نقل عن صفة فحكمه حكم الصّفة ، وإن نقل عن اسم جنس فحكمه حكم اسم الجنس ، تقول في «سلطان» و «سكران» علمين «سليطين» و «سكيرين»

٩ ـ ما يستثنى من الحذف :

يستثنى من الحذف ليتوصّل إلى مثالي «فعيعل وفعيعيل» ثماني مسائل (١) :

(١) ألف التّأنيث الممدودة ك «حمراء» و «قرفصاء» تقول في تصغيرهما «حميراء» و «قريفصاء».

(٢) تاء التّأنيث نحو «حنظلة» وتصغيرها : «حنيظلة».

(٣) ياء النّسب نحو : «عبقري» وتصغيرها «عبيقري».

(٤) عجز المضاف (٢) نحو «عبد شمس» وتصغيرها «عبيد شمس».

(٥) عجز المركب (٣) تركيب مزج نحو «بعلبكّ» وتصغيرها «بعيلبكّ»

(٦) الألف والنون الزائدتان بعد أربعة أحرف فصاعدا نحو : «زعفران» و «عبوثران» وتصغيرهما «زعيفران» و «عبيثران».

(٧) علامة التّثنية نحو «مسلمين» وتصغيرها «مسيلمين» وكذا «مسيلمان».

(٨) علامة جمع التّصحيح نحو : «مسلمين» وتصغيرها «مسيلمين» وكذا «مسيلمون».

١٠ ـ حكم ثاني المصغّر إذا كان لينا :

ثاني الاسم المصغر يردّ إلى أصله إذا كان ليّنا منقلبا عن غيره ، لأنّ التّصغير يردّ الأشياء إلى أصولها ، ويشمل ذلك : ما أصله واو فانقلبت

__________________

(١) أي إن هذه المسائل الثماني لا ينظر إلى الزيادة فيها ، بل تصغير كأن لم تكن.

(٢) وهو المضاف إليه في المركب الاضافي ك «عبد الله» فالتصغير يكون المضاف فقط.

(٣) وهو الكلمة الثانية من هذا المركب فهي أيضا لا يطرأ عليها تغيير والتغيير يتعلق بالكلمة الاولى كما هو واضح.


«ياء» نحو «قيمة» فتقول في تصغيرها «قويمة» أو انقلبت «ألفا» نحو «باب» فتقول فيه «بويب».

وما أصله ياء فانقلبت واوا نحو «موقن» تقول في تصغيرها «مييقن» أو انقلبت ألفا نحو «ناب» تقول في تصغيرها «نييب».

وما أصله همزة فانقلبت ياء نحو «ذئب» فتقول في تصغيرها «ذؤيب» وما أصله حرف صحيح غير همزة نحو «دينار» و «قيراط» فإن أصلهما «دنّار» و «قرّاط» والياء فيهما بدل من أول المثلين ، فتقول في تصغيرهما «دنينير» و «قريريط».

فخرج ما ليس بلين نحو «متعد» تقول في تصغيرها «متيعد» بدون رد ، أو حرف لين مبدلا من همزة تلي همزة كألف «آدم» ففيه تقلب واوا تقول في تصغيرها «أويدم» كالألف الزائدة في نحو «شارب» تقول «شويرب» وشذّ في «عيد» «عييد» وقياسه : عويد لأنه من عاد يعود ، فلم يردّوا الياء لئلا يلتبس بتصغير «عود» واحد الأعواد.

١١ ـ تصغير المقلوب :

إذا صغّر اسم مقلوب صغّر على لفظه لا على أصله لعدم الحاجة نحو «جاه» من الوجاهة ، تقول في تصغيره «جويه» لا وجيه.

١٢ ـ تصغير ما حذف أحد أصوله :

إذا صغّر ما حذف أحد أصوله ، فإن بقي على ثلاثة أحرف ك «شاك» و «هار» (١) و «ميت» بالتخفيف لم يردّ إليه شيء فتقول «شويك» و «هوير» و «مييت».

ووجب ردّ المحذوف إن بقي على حرفين ، فالمحذوف الفاء نحو «كل وخذ وعد» ، والعين نحو «مذ وقل وبع» واللام نحو «يد ودم» أو الفاء واللام نحو «قه» أو العين واللام نحو «ره» بشرط أن تكون كلّها أعلاما ، تقول : «أكيل وأخيذ ووعيد» برد الفاء و «منيذ وقويل وبييع» برد العين و «يديّة ودميّ» برد اللام و «وقي ووشيّ» برد الفاء واللام و «روي» برد العين واللام ليمكن بناء فعيل.

وإذا سمي بما وضع ثنائيا فإن كان ثانيه صحيحا نحو «هل وبل» لم يزد عليه شيء حتى يصغّر ، وعندئذ يجب أن يضعّف أو يزاد عليه «ياء» فيقال :

__________________

(١) أصلهما : شاوك ، وهاور ، فحذفت الواو على غير قياس من الشوكة والجرف الهار.


«هليل» أو «هلي» و «بليل» أو «بلي».

وإن كان معتلّا وجب التضعيف قبل التصغير فيقال : «لوّ وكيّ وماء» أعلاما ، وذلك لأنك زدت على الألف ألفا فالتقى ألفان ، فأبدلت الثانية همزة ، فإذا صغّرت أعطيت حكم «دوّ (١) وحيّ» (٢) فتقول «لويّ وكييّ ومويّ» كما تقول «دويّ وحييّ ومويّه» (٣) إلّا أن «مويه» لامه هاء فردّ إليها.

١٣ ـ تصغير المؤنث الثلاثي :

إذا صغّر المؤنث الخالي من علامة التأنيث الثلاثيّ أصلا وحالا ك «دار وسن وأذن وعين» أو أصلا ك «يد» أو مآلا بأن صار بالتصغير ثلاثيا وهو نوعان :

(١) ما صغر ترخيما من نحو «حبلى وسوداء».

(٢) ما كان رباعيّا بمدّة قبل لامه المعتلّة ك «سماء»

كلّ هذا تلحقه التاء إن أمن اللّبس فتقول في القسم الأول : «دويرة وسنينة وأذينة وعيينة» وفي القسم الثاني «بديّة» ، وفي النوع الأول من القسم الثالث «حبيلة وسويدة» وفي النوع الثاني «سميّة» (٤) فلا تلحق التاء نحو «شجر وبقر» لئلا يلتبسا بالمفرد ، وإنما نقول «شجير وبقير».

ولا تلحق التاء نحو «خمس وست» لئلا يلتبسا بالعدد المذكر.

ولا تلحق التاء نحو «زينب وسعاد» لتجاوزها الثلاثة.

وشذ ترك التاء في تصغير «حرب وعرب ودرع ونعل» ونحوهن مع ثلاثيتهن وعدم اللبس.

وشذّ وجود التاء في تصغير «وراء وأمام وقدّام» مع زيادتهن على الثلاثة ، فقد سمع «وريّئة وأميّمة وقد يديمة»

١٤ ـ تصغير الإشارة والموصول :

التّصغير من خواصّ الأسماء المتمكّنة وممّا شذّ عن هذا أربعة : اسم الإشارة واسم الموصول ، وأفعل في التّعجب والمركّب المزجي ولو عدديّا في لغة من بناهما.

__________________

(١) الدو : البادية.

(٢) الحي : القبيلة.

(٣) في الماء المشروب.

(٤) أصله : سميي بثلاث ياءات الأولى : للتصغير ، الثانية بدل المدة ، والثالثة بدل الهمزة المنقلبة عن الواو لانه من سما يسمو ، حذفت منه الثانية لتوالي الأمثال.


فأمّا اسم الإشارة فقد سمع التصغير منه في خمس كلمات وهي «ذا ، وتا ، وذان ، وتان ، وأولاء» وتصغيرهما «ذيّا وتيّا» ومنه :

أو تحلفي بربّك العلي

أنّي أبو ذيّالك الصّبي

و «ذيّان وتيّان» للتثنية و «أوليّاء» تصغير «أولاء» للجمع وقالوا في تصغير «أولى» (١) بالقصر «أوليّا» ولم يصغّروا منها غير ذلك.

وأمّا اسم الموصول فقالوا في تصغير «الذي والتي» «اللّذيّا واللّتيّا» وفي تثنيتهما : «اللّذيّان واللّتيّان» وفي الجمع «اللّذيّون» رفعا و «اللّذيّين جرّا ونصبا ، وفي جمع «اللّتيّا» : «اللّتيّات».

١٥ ـ تصغير اسم الجمع ، وجمع القلة :

يصغّر اسم الجمع لشبهه بالواحد فيقال في ركب «ركيب» وكذلك جموع القلّة كقولك في أجمال أجيمال».

١٦ ـ لا يصغّر جمع الكثرة :

لأن التصغير للقلّة والجمع للكثرة فبينهما منافاة ، فعند إرادة تصغير جمع الكثرة يردّ الجمع إلى مفرده ويصغّر ثم يجمع بالواو والنون إن كان لمذكّر عاقل ، تقول في «غلمان» «غليّمون» وبالألف والتاء إن كان لمؤنّث أو لمذكّر لا يعقل تقول في «جوار» و «دراهم» : «جويريات و «دريهمات» إلّا ما له جمع قلّة ، فيجوز ردّه إليه كقولك في فتيان «فتية».

تصغير اسم الإشارة (ـ التصغير ١٤)

تصغير اسم الجمع (ـ التصغير ١٥)

تصغير اسم الموصول (ـ التصغير ١٤)

تصغير الترخيم (ـ ترخيم التصغير).

تصغير جمع القلة (ـ التصغير ١٥)

تصغير جمع الكثرة (ـ التصغير ١٦)

تصغير ما حذف أحد أصوله (ـ التصغير ١٢)

تصغير ما فيه ألف ونون (ـ التصغير ٨)

تصغير المقلوب (ـ التصغير ١١)

تصغير المؤنث الثلاثي (ـ التصغير ١٣)

التّضمين ـ قد يشربون لفظا معنى لفظ فيعطونه حكمه ويسمّى ذلك تضمينا وفائدته : أن تؤدّي كلمة مؤدّى كلمتين ، قال تعالى (وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ)(٢) أي ولا تضمّوها إليها آكلين.

__________________

(١) بالقصر : لغة بني تميم وهي بمعنى أولاء.

(٢) الآية «٢» النساء (٤).


ومثله : (الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ)(١) أصل الرّفث أن يتعدّى بالباء فلمّا ضمّن معنى الإفضاء عدّي ب «إلى» مثل (وَقَدْ أَفْضى بَعْضُكُمْ إِلى بَعْضٍ)(٢).

التّعجّب ـ

١ ـ تعريفه :

التّعجّب : حالة قلبيّة منشؤها استعظام فعل فاعل ظاهر المزيّة.

٢ ـ صيغ التّعجّب :

للتّعجّب صيغ كثيرة ، منها قوله تعالى (كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللهِ وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ)(٣) وفي الحديث «سبحان الله إنّ المؤمن لا ينجس» ومن كلام العرب «لله درّه فارسا» والمبوّب له في كتب العربيّة صيغتان «ما أفعله ، وأفعل به» لاطرادهما فيه نحو «ما أجمل الصدق» و «أكرم بصاحبه».

٣ ـ الصيغة الأولى «ما أفعله» :

هذه الصيغة مركبة من «ما» و «أفعله» فأما «ما» فهي اسم إجماعا ، لأنّ في «أفعل» ضميرا يعود عليها ، كما أجمعوا على أنها مبتدأ ، لأنها مجرّدة للإسناد إليها.

ثم اختلفوا : فعند سيبويه أنّ «ما» نكرة تامّة بمعنى شيء ، وجاز الابتداء بها لتضمّنها معنى التّعجّب وما بعدها خبر ، فموضعه رفع.

وعند الأخفش : هي معرفة ناقصة بمعنى الذي ، وما بعدها صلة فلا موضع له ، أو نكرة ناقصة وما بعدها صفة ، وعلى هذين فالخبر محذوف وجوبا ، تقديره : شيء عظيم.

وأمّا «أفعل» فالصحيح (٤) : أنها فعل للزومه مع ياء المتكلّم نون الوقاية نحو «ما أفقرني إلى رحمة الله» ففتحته فتحة بناء ، وما بعده مفعول به (٥)

٤ ـ الصيغة الثانية «أفعل به» :

أجمعوا على فعليّة «أفعل» وأكثرهم على أن لفظه لفظ الأمر ومعناه الخبر ، وهو في الأصل ماض على صيغة «أفعل» بمعنى صار ذا كذا ، ثمّ غيّرت الصيغة فقبح إسناد صيغة الأمر إلى الاسم الظاهر ، فزيدت الباء في

__________________

(١) الآية «١٨٧» البقرة (٢).

(٢) الآية «٢٠» النساء (٤).

(٣) الآية «٢٨» البقرة (٢).

(٤) وهو قول سيبوية والكسائي.

(٥) وقال بقية الكوفيين : اسم لمجيئه مصغرا في قوله : «ياما أميلح غزلانا شدنّ لنا» ففتحته فتحة إعراب.


الفاعل ليصير على صورة المفعول به ، ولذلك التزمت (١)

٥ ـ شروط فعلي التّعجّب :

لا يصاغ فعلا التّعجّب إلّا ممّا استكمل ثمانية شروط :

(الأوّل) أن يكون فعلا فلا يقال : ما أحمره : من الحمار ، لأنه ليس بفعل.

(الثاني) أن يكون ثلاثيّا فلا يبنيان من دحرج وضارب واستخرج إلّا «أفعل» فيجوز مطلقا (٢) ، وقيل يمتنع مطلقا ، وقيل يجوز إن كانت الهمزة لغير نقل (٣) نحو «ما أظلم هذا الليل» و «ما أقفر هذا المكان».

(الثالث) أن يكون متصرّفا ، فلا يبنيان من «نعم وبئس».

(الرابع) أن يكون معناه قابلا للتّفاضل ، فلا يبنيان من «فني ومات».

(الخامس) أن يكون تامّا ، فلا يبنيان من نحو «كان وظلّ وبات وصار».

(السادس) أن يكون مثبتا ، فلا يبنيان من منفيّ ، سواء أكان ملازما للنّفي ، نحو «ما عاج بالدواء» أي ما انتفع به ، أم غير ملازم ك «ما قام».

(السابع) أن لا يكون اسم فاعله على «أفعل فعلاء» فلا يبنيان من «عرج وشهل وخضر الزرع» لأنّ اسم الفاعل من عرج «أعرج» ومؤنثه «عرجاء» وهكذا باقي الأمثلة.

(الثامن) أن لا يكون مبنيّا للمفعول فلا يبنيان من نحو «ضرب».

وبعضهم يستثني ما كان ملازما لصيغة «فعل» نحو «عنيت بحاجتك» و «زهي علينا» فيجيز «ما أعناه بحاجتك» و «ما أزهاه علينا».

فإن فقد فعل أحد هذه الشّروط ، استعنّا على التعجب وجوبا ب «أشدّ أو أشدد» أو شبههما ، فتقول في التعجب من الزائد على ثلاثة «ما أشدّ دحرجته» أو «ما أكثر انطلاقه» أو «أشدد أو أعظم بهما» ، وكذا المنفيّ والمبنيّ للمفعول إلّا أنّ

__________________

(١) وقال الفراء والزجاج والزمخشري وغيرهم : لفظه ومعناه الأمر ، وفيه ضمير للمخاطب ، والباء للتعدية ، فمعنى «أجمل بالصدق» اجعل يا مخاطب الصدق جميلا أي صفه بالجمال كيف شئت.

(٢) عند سيبويه.

(٣) المراد بالنقل : نقل الفعل من اللزوم إلى التعدي ، أو من التعدي لواحد إلى التعدي لاثنين ، أو من التعدي لاثنين إلى التعدي لثلاثة وذلك بأن وضع الفعل على همزة.


مصدرهما يكون مؤوّلا لا صريحا نحو «ما أكثر أن لا يقوم» و «وما أعظم ما ضرب» وأشدد بهما.

وأمّا الجامد والذي لا يتفاوت معناه فلا يتعجّب منهما ألبته.

وهناك ألفاظ جاءت عن العرب في صيغ التّعجّب لم تستكمل الشّروط ، فهذه تحفظ ولا يقاس عليها لندرتها ، من ذلك قولهم : «ما أخصره» من اختصر ، وهو خماسيّ مبنيّ للمفعول ، وقولهم «ما أهوجه وما أحمقه وما أرعنه» كأنهم حملوها على «ما أجهله» وقولهم «أقمن به» بنوه من قولهم «هو قمن بكذا» أي حقيق به وقالوا «ما أجنّه وما أولعه» من جنّ وولع وهما مبنيّان للمفعول.

٦ ـ حذف المتعجّب منه :

يجوز حذف المتعجّب منه في مثل «ما أحسنه» إن دلّ عليه دليل كقول الشّاعر :

جزى الله عنّي والجزاء بفضله

ربيعة خيرا ما أعفّ وأكرما

أي ما أعفّها وأكرمها.

وفي مثل «أحسن به» إن كان معطوفا على آخر مذكور معه مثل ذلك المحذوف نحو (أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ)(١) أي بهم أمّا قول عروة بن الورد :

فذلك إن يلق المنيّة يلقها

حميدا وإن يستغن يوما فأجدر

أي «فأجدر به» فشاذّ.

٧ ـ جمود فعلي التّعجّب :

كلّ من فعلي التّعجّب جامد لا يتصرّف نظير «تبارك وعسى» و «هب وتعلّم» ولهذا امتنع أن يتقدّم عليهما معمولهما ، وأن يفصل بينهما بغير ظرف ومجرور ، فلا تقول : ما الصدق أجمل ، ولا به أجمل ، ولا تقول : ما أجمل ـ يا محمّد ـ الصدق ، ولا أحسن ـ لو لا بخله ـ بزيد.

أما الفصل بالظرف والمجرور المتعلقين بالفعل ، فالصحيح الجواز كقولهم «ما أحسن بالرّجل أن يصدق» و «ما أقبح به أن يكذب) ومثله قول أوس بن حجر :

أقيم بدار الحزم ما دام حزمها

وأحر إذا حالت بأن أتحوّلا

فلو تعلّق الظرف والمجرور بمعمول

__________________

(١) الآية «٣٨» مريم (١٩).


فعل التّعجب لم يجز الفصل بهما اتفاقا فلا يجوز نحو «ما أحسن بمعروف آمرا» و «ما أحسن عندك جالسا» ولا «أحسن في الدار عندك بجالس».

٨ ـ شرط المنصوب بعد «أفعل» والمجرور بعد «أفعل» :

شرط المنصوب بعد «أفعل» والمجرور بعد «أفعل» أن يكون مختصّا لتحصل به الفائدة ، فلا يجوز «ما أحسن رجلا» ولا «أحسن برجل».

تعسا ـ مصدر منصوب ، وفعله واجب الحذف تقول «تعسا للخائن» أي ألزمه الله هلاكا.

تعلّم ـ بمعنى اعلم ، من أخوات ظن ، ومن أفعال القلوب ، وتفيد في الخبر يقينا.

تشترك مع «ظنّ» بأحكام (ـ ظنّ وأخواتها).

وهي تنصب مفعولين أصلهما المبتدأ والخبر نحو قول زياد بن سيار :

تعلّم شفاء النّفس قهر عدوّها

فبالغ بلطف في التحيّل والمكر

والأكثر وقوع «تعلّم» على «أنّ» وصلتها فتسدّ مسدّ المفعولين كقول زهير بن أبي سلمى :

فقلت تعلّم أنّ للصّيد غرّة (١)

وإلّا تضيّعها فإنّك قاتله

التّفضيل (ـ اسم التفضيل)

التّمييز ـ

١ ـ تعريفه :

هو اسم نكرة بمعنى «من» مبين لإبهام اسم وهو المفرد ، أو نسبة (٢) وهو الجملة ، وهاك التفصيل.

٢ ـ الاسم المفرد المبهم :

هو أربعة أنواع :

(١) العدد : نحو (أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً)(٣) وفي بحث «العدد» الكلام عليه مفصّلا.

(٢) المقدار : وهو ما يعرف به كمية الأشياء ، وذلك : إمّا «مساحة» ك

__________________

(١) ف «أن» مع اسمها وخبرها سدت مسد مفعولي تعلم وهو الأكثر.

(٢) خرج بقوله «نكرة» المشبه بالمفعول به نحو «زيد حسن وجهه» ، وخرج بقوله : «بمعنى من» الحال ، فإنه بمعنى «في» وخرج بقوله : «مبين لإبهام اسم أو نسبة» اسم «لا» النافية للجنس ، نحو «لا رجل» وثاني مفعولي «استغفر» نحو :

أستغفر الله ذنبا لست محصيه

ربّ العباد إليه الوجه والعمل

فانهما ـ أي رجلا وذنبا ـ وإن كان على معنى «من» لكنها ليست فيهما للبيان ، بل في الأول لاستغراق الجنس ، وفي الثاني للابتداء.

(٣) الآية «٤» يوسف (١٢).


«ذراع أرضا» أو «كيل» ك «مد قمحا» و «صاع تمرا» أو «وزن» ك «رطل سمنا».

(٣) ما يشبه المقدار نحو «ملء الإناء عسلا» ومنه (مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً)(١)(وَلَوْ جِئْنا بِمِثْلِهِ مَدَداً)(٢).

(٤) ما كان فرعا للتّمييز. وضابطه :

كلّ فرع حصل له بالتفريع اسم خاص ، يليه أصله ، بحيث يصحّ إطلاق الأصل عليه نحو «باب حديدا» و «خاتم فضة» وهذا النوع يصحّ أن يعرب حالا.

أمّا النّاصب للتمييز في هذه الأنواع فهو ذلك الاسم المبهم ، وإن كان جامدا لأنّه شبيه باسم الفاعل لطلبه له في المعنى.

وتمييز هذه الأنواع ليس محوّلا عن شيء.

٣ ـ النسبة المبهمة :

نوعان :

(١) نسبة الفعل للفاعل نحو (اشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً)(٣) أصله : اشتعل شيب الرأس.

(٢) نسبة الفعل للمفعول نحو (وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً)(٤) أصله : وفجّرنا عيون الأرض.

ومن مبين النّسبة : التمييز الواقع بعد ما يفيد (التعجب) نحو «أكرم بالشافعي قدوة» و «ما أعلمه رجلا» و «لله درّه إماما».

والواقع بعد (اسم التفضيل) نحو «أنت أطيب من غيرك نفسا» وشرط وجوب نصب التّفضيل للتّمييز كونه فاعلا في المعنى ، وذلك بأن يصلح جعله فاعلا ، بعد تحويل اسم التّفضيل فعلا فتقول : «أنت طابت نفسك».

أما إذا لم يكن فاعلا في المعنى ، فيجب جر التمييز به ، وضابطه : أن يكون اسم التفضيل بعضا من جنس التمييز ، بحيث يصحّ وضع لفظ «بعض» مكانه نحو «أبو حنيفة أفقه رجل» و «هند أحصن امرأة» فيصحّ أن تقول : «أبو حنيفة بعض الرّجال» و «هند بعض النّساء».

وإنما نصب التّمييز في نحو «حاتم أكرم النّاس رجلا» لتعذر إضافة أفعل التّفضيل مرتين والناصب له في هذه الأنواع : ما في الجملة من فعل

__________________

(١) الآية «٧» الزلزلة (٩٩).

(٢) الآية «١١٠» الكهف (١٨).

(٣) الآية «٣» مريم (١٩).

(٤) الآية «١٢» القمر (٥٤).


مقدر كما تقدّم أو شبهه نحو «خالد كريم عنصرا»

٤ ـ التمييز يجوز جره ب «من» :

يجوز جرّ التمييز ب «من» نحو «عندي قنطار من زيت» و «قنطار زيتا» إلّا في ثلاث مسائل :

(١) تمييز العدد ، نحو «له عندي عشرون درهما».

(٢) التمييز المحوّل عن المفعول نحو «زرعت الأرض قمحا» و «ما أحسن العلم ثمرة».

(٣) ما كان فاعلا في المعنى ، سواء أكان محوّلا عن الفاعل في اللفظ ، نحو «كرم عليّ نسبا» أم عن المبتدأ نحو «صالح أكثر صدقا» فأصله : صدق صالح أكثر. بخلاف «لله درك فارسا» فإنه وإن كان فاعلا في المعنى ، إذ المعنى : عظمت فارسا ، إلا أنّه غير محوّل عن الفاعل صناعة ، ولا عن المبتدأ فيجوز دخول «من» عليه فتقول : «لله درّك من فارس»

٥ ـ تمييز الذات والإضافة :

يجوز جرّ تمييز الذات بالإضافة نحو «اشتريت قيراط أرض» إلّا إذا كان الاسم عددا من أحد عشر إلى تسعة وتسعين ك «أربعة عشر قرشا» أو مضافا نحو (وَلَوْ جِئْنا بِمِثْلِهِ مَدَداً)(١) و (مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَباً)(٢)

٦ ـ تقدّم التمييز على عامله :

لا يتقدّم التمييز على عامله في تمييز الذّات ، وكذا النسبة إذا كان العامل فعلا جامدا نحو «ما أحسن عليّا رجلا وندر تقدمه على المتصرّف كقول رجل من طيئ :

أنفسا تطيب بنيل المنى

وداعي المنون ينادي جهارا

٧ ـ اتفاق الحال والتمييز :

يتفق الحال والتمييز في خمسة أمور ، وهي : أنهما اسمان ، نكرتان ، فضلتان ، منصوبتان ، رافعتان للإبهام.

٨ ـ افتراق الحال عن التّمييز :

تفترق الحال عن التّمييز في سبعة أمور :

(١) أن الحال يجيء جملة وظرفا ومجرورا ، والتمييز لا يكون إلّا اسما

(٢) أنّ الحال قد يتوقف معنى الكلام عليه نحو (وَما خَلَقْنَا السَّماءَ

__________________

(١) الآية «١١٠» الكهف (١٨).

(٢) الآية «٩١» آل عمران (٣).


وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما لاعِبِينَ)(١) وليس كذلك التمييز.

(٣) أنّ الحال مبينة للهيئات ، والتمييز مبيّن للذوات أو النسب.

(٤) أنّ الحال تتعدّد بخلاف التمييز.

(٥) أن الحال تتقدّم على عاملها إذا كان فعلا متصرّفا أو وصفا يشبهه ، ولا يجوز ذلك في التمييز على الصحيح.

(٦) حقّ الحال الاشتقاق ، وحقّ التمييز الجمود ، وقد يتعاكسان ، فتأتي الحال جامدة ك «هذا مالك ذهبا» ، ويأتي التمييز مشتقا نحو «لله درّه فارسا»

(٧) الحال تأتي مؤكّدة لعاملها بخلاف التمييز.

التّنازع ـ

١ ـ حقيقته :

التنازع : أن يتقدّم فعلان متصرّفان أو اسمان يشبهانهما في العمل ، أو فعل متصرّف واسم يشبهه ، ويتأخّر عنهما معمول غير سببي مرفوع ، وهو مطلوب لكل منهما من حيث المعنى إما على جهة التّوافق في الفاعليّة لهما أو المفعوليّة لهما ، أو الأوّل على جهة الفاعليّة ، والثاني على جهة المفعولية أو بالعكس ، والعاملان : إمّا فعلان ، أو اسمان أو مختلفان (٢).

مثال الفعلين (آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً)(٣).

ومثال الاسمين قوله :

عهدت مغيثا مغنيا من أجرته

فلم أتّخذ إلّا فناءك موئلا (٤)

__________________

(١) الآية «١٦» الانبياء (٢١).

(٢) وأمثلتها اثنا عشر مثالا : مثال الفعلين في طلب المرفوع «قام وقعد الخطيب» ومثالهما في طلب.

المنصوب «اكرمت واحترمت زيدا» ومثالهما في طلب أحدهما المرفوع والآخر المنصوب «قام وانتظرت زيدا» ومثالهما في طلب العكس «انتظرت وقام زيد» ومثال الاسمين في طلب المرفوع «أقائم وقاعد الخطيبان» ومثالهما في طلب المنصوب «خالد معلم ومكرم عليا» ومثال اختلافهما في الصورتين «محمد جاد ومكرم أبويه» وعكسه «أحمد ذاهب وواقف أبواه» ومثال الاسم والفعل في طلب المرفوع «أقائم أو قعد حسن» ومثالهما في طلب المنصوب «زيد ضارب ويكرم عمرا» ومثال اختلافهما مع تقدم طلب المرفوع «أقائم ويضرب عمرا» وعكسه «ضربت وأ قائم زيد»

(٣) الآية «٩٧» الكهف (١٨) ف «آتوني» يطلب قطرا» على أنه مفعول ثان له ، و «أفرغ» يطلبه على أنه مفعوله ، وأعمل الثاني ، وهو «أفرغ» في «قطرا» وأعمل «آتوني» في ضميره ، وحذفه لأنه فضلة. والأصل أتونيه ، ولو أعمل الأول لقيل «أفرغه».

(٤) ف «مغيثا» من أغاث و «مغنيا» من أغنى ، ـ ـ تنازعا «من» الموصولة فكل منهما يطلبها من جهة المعنى على المفعولية ، وأعمل الثاني لقربه ، وحذف ضمير المفعول من الأول ، والأصل : «مغيثه» و «الموئل» الملجأ.


ومثال المختلفين : (هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ)(١).

٢ ـ تعدد المتنازع والمتنازع فيه :

كما يكون المتنازع عاملين ، يكون أكثر ، والمتنازع فيه كما يكون واحدا يكون أكثر ، ففي الحديث «تسبّحون وتكبّرون وتحمدون ، دبر كلّ صلاة ثلاثا وثلاثين ، فتنازع ثلاثة (٢) في اثنين : ظرف ومصدر (٣).

٣ ـ يمتنع التّنازع في أشياء :

علم أنّ المتنازعين ، لا بدّ أن يكونا فعلين ، أو اسمين ، أو مختلفي الاسميّة والفعليّة ، فلا يقع التّنازع بين حرفين ، ولا بين حرف وغيره ، ولا بين جامدين ، ولا بين جامد وغيره ، ولا في معمول متقدّم نحو «أيّهم كلّمت واستشرت» ولا في متوسط نحو «استقبلت عليّا وأكرمت ولا في سببي مرفوع نحو قول كثيّر عزة :

قضى كلّ ذي دين فوفّى غريمه

وعزّة ممطول معنّى غريمها (٤)

ولا في نحو قول جرير :

فهيهات هيهات العقيق ومن به

وهيهات خلّ بالعقيق نواصله (٥)

ومثله قول الشاعر :

فأين إلى أين النجاة ببغلتي

أتاك أتاك اللاحقون احبس احبس

«فاللّاحقون» فاعل «أتاك» الأول ، و «أتاك» الثاني لمجرّد التّقوية فلا فاعل له ، ولو كان من التنازع لقال أتاك أتوك» على إعمال الأول ، أو «أتوك أتاك» على إعمال الثاني.

٤ ـ يجوز إعمال أحد العاملين :

إذا تنازع العاملان جاز إعمال ما شئت منهما باتفاق ، لكن اختار البصريون الأخير لقربه ، واختار الكوفيون الأول لسبقه.

٥ ـ صور العمل في التنازع :

إذا أعملنا الأول في الظاهر المتنازع فيه

__________________

(١) الآية «١٩» الحاقة (٦٩) ف «ها» اسم فعل أمر بمعنى «خذ» ، والميم للجمع و «اقرؤوا» فعل أمر تنازعا «كتابيه» وأعمل الثاني لقربه.

(٢) الثلاثة هي «تسبحون وتكبرون وتحمدون».

(٣) الظرف : «دبر» والمصدر «ثلاثا» أي تسبيحا ثلاثا.

(٤) ف «غريمها» مبتدأ ثان ، والمبتدأ الأول «عزة» و «ممطول ومعنى» خبر ان للمبتدأ الثاني.

(٥) الطالب للمعمول هنا هي «هيهات» الأولى ، طلبت فاعلها وهو «العقيق» أما الثانية فهي لمجرد التقوية ، فلا فاعل لها.


أعملنا الثاني في ضميره مرفوعا كان أو منصوبا أو مجرورا نحو قام وقعدا أخواك» و «جاء وأكرمته محمّد» و «قام ونظرت إليهما أخواك» وأما قول عاتكة بنت عبد المطّلب :

بعكاظ يعشي النّاظري

ن ـ إذا همو لمحوا ـ شعاعه

فضرورة فقد أعمل الأول وهو يعشي ، فرفعت شعاعه» وعملت «لمحوا» في ضميره وحذفه ، والتقدير : «لمحوه» وإن أعملنا الثاني : فإن احتاج الأول لمرفوع أضمر ، لامتناع حذف العمدة ، ولأنّ الإضمار قبل الذكر قد جاء في غير هذا الباب نحو «ربّه رجلا» (١) و «نعم فتى».

وجاء الإضمار قبل الذكر في التنازع من كلام العرب نثر وشعر ، فالنثر نحو قول بعض العرب «ضربوني وضربت قومك» بنصب «قومك» والشعر كقول الشاعر :

جفوني ، ولم أجف الأخلاء إنني

لغير جميل من خليليّ مهمل (٢)

وإن أعملنا الثاني ، واحتاج الأوّل لمنصوب لفظا ، أو محلّا (٣) وجب حذف المنصوب لأنه فضلة ، وليس من ضرورة فيها أن يعود الضمير على متأخّر لفظا ورتبة ، وأمّا قول الشاعر :

إذا كنت ترضيه ويرضيك صاحب

جهارا فكن في الغيب أحفظ للود

بإعمال الثاني وهو «يرضيك» وإضمار المفعول في الأوّل وهو ترضيه ، فهذا ضرورة عند الجمهور ويستثنى من إعمال الثاني وإضمار الفضلة في الأوّل صور ثلاث وهي : إن أوقع حذف المنصوب في لبس ، أو كان العامل من باب «كان» أو من باب «ظنّ» وجب إضمار المعمول مؤخّرا ، في المسائل الثلاث : فالأوّل نحو «استعنت واستعان عليّ محمّد به» (٤) فلو حذف لفظ «به» لوقع اللبس.

__________________

(١) فرجلا : تمييز ، ورتبة التمييز التأخير والضمير في ربه عائد عليه ، وهو متأخر لفظا ورتبة.

ومثله «نعم فتى» فاعل نعم يعود على «فتى» وفتى : تمييز ، فعاد على متأخر لفظا ورتبة.

(٢) فانت ترى أنه اعمل الثاني ، فنصب الاخلاء ، ـ ـ وعمل الأول في الواو العائدة على الاخلاء ، و «الاخلاء» جمع خليل.

(٣) لفظا : هو ما يصل إليه العامل بنفسه ، ومحلا : هو ما يصل إليه العامل بواسطة حرف جر.

(٤) ف «استعنت» يطلب «محمدا» مجرورا بالباء ، والثاني يطلبه فاعلا : لأنه استوفى معموله المجرور بعلى فأعملنا الثاني وأضمرنا ضمير محمد مجرورا بالباء مؤخرا وقلنا «به» فمعنى المثال في غير التنازع «استعان علي محمد واستعنت به» ولو أضمرناه مقدما قبل استعان ، لقلنا : «استعنت ـ ـ به واستعان علي محمد فيلزم عود الضمير على متأخر لفظا ورتبة ، وهذا لا يتساهل فيه بالتنازع إلا في الفاعل ولو حذفناه أوقع في اللبس فلا يعلم هل «محمد» مستعان به أو عليه.


والثاني : نحو «كنت وكان عليّ صديقا إيّاه» «فكنت» و «كان» تنازعا صديقا على الخبريّة لهما ، فأعملنا الثاني فيه ، وأعملنا الأول في ضميره مؤخرا.

والثالث : نحو «ظنني وظننت خالدا قائما إياه» «فظنّني» يطلب «خالدا قائما» فاعلا ، ومفعولا ثانيا ، و «ظننت» يطلبهما مفعولين ، فأعملنا الثاني ، ونصبنا «خالدا قائما» وبقي الأوّل يحتاج إلى فاعل ، ومفعول ثان ، فأضمرنا الفاعل مقدما مستترا ، وأضمرنا المفعول الثاني مؤخرا ، وقلنا «إيّاه» ولم يحذف المنصوب في المسألة الثانية والثالثة لأنه عمدة في الأصل لأنّه خبر مبتدأ.

التّنوين ـ

١ ـ تعريفه :

هو نون تلحق الآخر لفظا لا خطا لغير توكيد.

٢ ـ أنواعه :

التنوين الذي يصلح أن يكون علامة للاسم ، وينطبق عليه هذا التعريف أربعة أنواع (١) :

(١) تنوين التمكين : وهو اللاحق للأسماء المعربة «كخالد ، ورجل ، وفتى ، وقاض» دلالة على تمكنها في باب الاسمية ، فهي لا تشبه الحرف فتبنى ، ولا الفعل فتمنع من الصرف.

(٢) تنوين التنكير : وهو اللاحق لبعض الأسماء المبنية المختومة بويه ، واسم الفعل ، واسم الصوت (٢) ، دلالة على تنكيرها ، تقول : «إيه» بالتنوين إذا استزدت مخاطبك من حديث غير معين ، وإذا قلت «إيه» بغير تنوين ، إذا استزدته من حديث معين.

(٣) تنوين العوض : وهو على ثلاثة أقسام :

(أ) عوض عن جملة وهو الذي يلحق «إذ» عوضا عن جملة بعدها كقوله

__________________

(١) وهناك ستة أنواع أخرى من التنوين لا علاقة لها بعلامة الاسماء ذكرت في مطولات كتب النحو (انظر حاشية الخضري على ابن عقيل).

(٢) وهي في العلم المختوم بويه قياسي ، وفي اسم الفعل واسم الصوت ، سماعي ، فمما سمع منونا وغير منون «كصه ومه» جاز فيه الأمران ، وما سمع منونا فقط ك «واها» بمعنى أتعجب فلا يجوز تركه ، وما سمع غير منون ك «نزال» فلا يجوز تنوينه.


تعالى (وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ)(١) أي حين إذ بلغت الرّوح الحلقوم ، فأتي بالتنوين عوضا عن هذه الجملة (ب) عوض عن اسم وهو اللّاحق لكلّ وبعض» عوضا عما تضافان إليه نحو «كلّ يموت» أي كلّ حيّ يموت.

(ج) عوض عن حرف ، وهو اللاحق «لجوار وغواش» ونحوهما رفعا وجرّا فتحذف الياء ويؤتى بالتّنوين عوضا عنها.

٤ ـ تنوين المقابلة :

وهو اللاحق لما جمع بألف وتاء نحو «عالمات» جعلوه في مقابلة النون في جمع المذكّر السالم.

ته (ـ اسم الإشارة ٢)

التّوابع ـ

١ ـ تعريف التّابع :

هو المشارك لما قبله في إعرابه الحاصل والمتجدّد.

٢ ـ أنواع التّوابع :

التّوابع خمسة : «نعت ، وتوكيد وعطف بيان ، وعطف نسق ، وبدل» (ـ بحث كل منها في حرفه).

٣ ـ التّوابع وترتيبها إذا اجتمعت :

إذا اجتمعت التّوابع قدّم منها النعت ثم البيان ، ثم التّوكيد ، ثم البدل ، ثم النّسق نحو «أقبل الرجل العالم محمّد نفسه أخوك وإبراهيم».

التّوكيد ـ

١ ـ تعريفه وقسماه :

هو تابع يذكر تقريرا لمتبوعه لرفع احتمال التّجوّز أو السّهو ، وهو قسمان : توكيد لفظي وتوكيد معنوي.

٢ ـ التّوكيد اللفظي :

يكون التّوكيد اللفظيّ بإعادة اللفظ (٢) الأوّل : فعلا كان أو اسما أو حرفا أو جملة فإن كان فعلا كرّر بدون شرط نحو «حضر حضر القاضي» و «يظهر يظهر الحقّ».

وإن كان اسما ظاهرا أو ضميرا منفصلا منصوبا كرّر بدون شرط فمثال التوكيد في الاسم قوله عليه‌السلام «أيّما امرأة نكحت نفسها بغير ولي فنكاحها باطل باطل باطل» (٣)

__________________

(١) الآية «٨٤» الواقعة (٥٦).

(٢) أو اعادة مرادفه كقولك : أنت بالخير حقيق قمن

(٣) هكذا روى النحاة هذا الحديث ومنهم الاشموني شارح الألفية ، وفيه مثال توكيد الاسم الظاهر.

أما الحديث كما رواه الترمذي في سننه فهو كما يلي : «أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها ـ ـ باطل ، فنكاحها باطل ، فنكاحها باطل» وقال الترمذي : حديث حسن. وفيه مثال التوكيد اللفظي باعادة الجملة.


ومثال الضمير قول الشاعر :

فإيّاك إيّاك المراء فإنّه

إلى الشّرّ دعّاء وللشّرّ جالب

وإن كان ضميرا منفصلا مرفوعا جاز أن يؤكّد به كلّ ضمير متّصل نحو «قمت أنت» و «أكرمتك أنت» و «نظرت إليك أنت».

وإن كان ضميرا متصلا وصل بما وصل به المؤكد نحو «عجبت منك منك».

وإن كان حرفا ، فإن كان جوابيا كرّر بدون شرط ، نحو «نعم نعم» ومنه قول جميل بثينة :

لا لا أبوح بحبّ بثنة إنّها

أخذت عليّ مواثقا وعهودا

وإن كان الحرف غير جوابي وجب أمران : أن يفصل بينهما ، وأن يعاد مع التّوكيد ما اتّصل بالمؤكّد إن كان مضمرا نحو (أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُراباً وَعِظاماً أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ)(١) ف «أنكم» الثانية توكيد للأولى ، وقد أعيدت مع اسمها وهو الكاف والميم.

وأن يعاد هو أو ضميره إن كان المؤكّد ظاهرا نحو «إنّ محمّدا إنّ محمّدا فاضل» و «إنّ عليا إنّه أديب» وعود ضميره هو الأولى ، وشذّ اتصال الحرفين في قوله :

إنّ إنّ الكريم يحلم ما لم

يرين من أجاره قد ضيما

٣ ـ التّوكيد المعنوي :

للتّوكيد المعنويّ سبعة ألفاظ :

(الأوّل والثّاني) : «النّفس والعين» ويؤكد بهما لرفع المجاز عن الذّات تقول «جاء الأمير» فيحتمل أن يكون الجائي متاعه أو حشمه ـ فإذا أكّدت «بالنّفس أو بالعين» أو بهما معا بشرط تقديم النّفس ارتفع ذلك الاحتمال ، ويجب اتصالهما بضمير مطابق للمؤكّد في الإفراد والتّذكير وفروعهما نحو : «جاء الأمير نفسه» أو «جاء الأمير عينه» أو «جاء الأمير نفسه عينه» ويجوز جرّهما ب «باء» زائدة ، فتقول : «جاء زيد بنفسه» و «هند بعينها».

يجب جمع «النّفس والعين» على «أفعل» إن أكّدا جمعا تقول : «قام الزيدون أنفسهم أو أعينهم» و «جاء الهندات أنفسهنّ أو أعينهن

__________________

(١) الآية «٣٥» المؤمنون (٢٣).


والأولى مع المثنى أن يجمع على «أفعل» أيضا تقول «حضر المعلمان أنفسهما» و «ذهبت المعلمتان أعينهما» ويجوز إفرادهما وتثنيتهما ، ويترجّح الإفراد.

(والخمسة الباقية) «كلا» للمثنّى المذكّر ، و «كلتا» للمثنى المؤنّث.

و «كلّ وجميع وعامّة» للجمع مطلقا ، وللمفرد بشرط أن يكون له أجزاء ، تقول «جاء الزيدان كلاهما» و «الهندان كلتاهما» و «الرّجال كلّهم أو جميعهم» و «الهندات كلّهنّ أو جميعهنّ» و «الجيش كلّه أو جميعه» و «القبيلة كلّها أو جميعها» وكل هذا يجوز فيه تقدير «البعض» فتقول «جاء بعض الجيش» أو «القبيلة أو الرجال أو الهندات» ويؤتى بالتّوكيد لرفع هذا الاحتمال ، ولا يجوز : «جاءني زيد كلّه ولا جميعه» وكذا لا يجوز «اختصم الزيدان كلاهما» لامتناع تقدير «بعض».

ولا بدّ من اتّصال ضمير المؤكّد بهذه الألفاظ ليحصل الرّبط بين المؤكّد والمؤكّد.

ولا يجوز حذف الضّمير استغناء بنية الإضافة ، ولا حجّة في قوله تعالى (لَوْ أَنْفَقْتَ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً)(١) على أنّ المعنى : جميعه ، بل «جميعا» حال. ولا في قراءة بعضهم «(إنّا كلّا فيها) (٢) لأنّ كلّا بدل من اسم «إنّ».

وقد يستغنى عن الإضافة إلى الضّمير بالإضافة إلى مثل الظّاهر المؤكّد ب «كل».

من ذلك قول كثيّر :

كم قد ذكرتك لو أجزى بذكركم

يا أشبه النّاس كلّ النّاس بالقمر

٤ ـ تتابع المؤكّدات :

إذا أريد تقوية التّوكيد يجوز أن يتبع كلّه ب «أجمع» وكلّها ب «جمعاء» وكلّهم ب «أجمعين» وكلّهنّ ب «جمع» قال الله تعالى (فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ)(٣) وقد يؤكّد بهنّ ، وإن لم يتقدّم «كلّ» نحو : (وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ(٤) ،

__________________

(١) الآية «٦٣» الأنفال (٨).

(٢) الآية «٤٨» غافر (٤٠). والقراءة المشهورة : إنا كلّ فيها.

(٣) الآية «٣٠» الحجر (١٥).

(٤) الآية «٣٩» الحجر (١٥).


وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ)(١) ولا يجوز تثنية «أجمع وجمعاء» استغناء ب «كلا وكلتا».

٥ ـ توكيد النكرة :

لا يجوز باتّفاق توكيد النّكرة إذا لم يفد ، وإن أفاد جاز ، وإنما تحصل الفائدة بأن يكون المؤكّد محدودا ، والتّوكيد من ألفاظ الإحاطة والشمول كقوله :

لكنّه شاقه أن قيل ذا رجب

يا ليت عدّة حول كلّه رجب (٢)

ولا يجوز صمت زمنا كلّه ، ولا شهرا نفسه.

٦ ـ توكيد الضّمير :

إذا أريد توكيد ضمير مرفوع ب «النّفس» أو «العين» وجب توكيده أوّلا بالضّمير المنفصل نحو «قوموا أنتم أنفسكم».

أمّا الظّاهر فيمتنع فيه الضّمير نحو «سافر المحمّدون أنفسهم» وكذا الضمير المنصوب والمجرور نحو «كلّمتهم أنفسهم» و «نظرت إليهم أعينهم».

وإن كان التّوكيد بغير النّفس والعين فالضّمير جائز لا واجب نحو «قاموا كلّهم».

٧ ـ ملاحظات في التّوكيد :

(١) إذا تكرّرت ألفاظ التّوكيد فهي للمؤكّد وليس الثاني تأكيدا للتّأكيد.

(٢) لا يجوز في ألفاظ التّوكيد القطع إلى الرّفع (٣) ولا إلى النّصب.

(٣) لا يجوز عطف بعضها على بعض فلا يقال : نهض محمّد نفسه وعينه

(٤) ألفاظ التوكيد معارف إمّا بالإضافة.

الظّاهرة ، أو المقدّرة ، كما في أجمع وتوابعه.

(٥) لا يحذف المؤكّد ويقام المؤكّد مقامه.

__________________

(١) الآية «٤٣» الحجر (١٥).

(٢) الشاهد فيه ؛ توكيد «حول» ب «كله» وهو نكرة ، وهذا مذهب الكوفيين ، وهو من الشواذ عند البصريين. وصحة السماع تدل على أنه غير شاذ كما قال العيني.

(٣) معنى القطع : قطع الكلمة في الإعراب عن التبعية لما قبلها وهذا جائز في جميع التوابع للرفع والنصب ولا يجوز في التوكيد ، مثال القطع في الصفة للرفع «رأيت خالدا الماهر» الأصل : الماهر ، بالفتح تبعا لخالد ويجوز الرفع على أنها خبر لمبتدأ محذوف ، ويجوز «جاء خالد الماهر» الأصل الماهر بالضم ويجوز الفتح على أنها مفعول به لفعل محذوف التقدير : أريد أو أعني. هذا معني القطع ، وقد ذكر في التوابع : وهي الصفة والبدل والعطف.


(٦) «كلّ» إذا كانت بمعنى كامل نحو «زرت الصّديق كلّ الصّديق تعرب نعتا لا توكيدا ولا يجوز قطعها إلى الرّفع أو النّصب (١) ، ويجب أن تضاف إلى مثل المتبوع لا إلى ضميره.

(٧) يجب ملاحظة المعنى في خبر «كلّ» مضافا إلى نكرة ، فيجب مطابقته للنّكرة المضاف إليها «كل» نحو : (كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ) * (كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ) *) ولا يلزم ذلك في المضافة إلى معرفة ، فتقول «كلّهم ذاهب» أو «ذاهبون».

تي ـ اسم إشارة للمفردة المؤنّثة ، وقد تسبق بحرف التّنبيه «ها» فيقال : هاتي ، وهي إشارة للقريب ، وقد تلحقها «كاف الخطاب» فيقال «تيك» وقد يلحقها لام البعد وكاف الخطاب فيقال «تلك» وهي إشارة للبعيد ك «تيك» (ـ اسم الإشارة).

تيّا ـ تصغير «تا» للإشارة (ـ التّصغير ١٣).

تين (ـ اسم الإشارة ٢)

__________________

(١) أي مع أنها صفة ـ ويجوز في الصفة القطع ـ لا يجوز قطعها لأنها كالتوكيد.


باب الثاء

الثّلاثاء ـ كان حقّه الثالث ، ولكنّه صيغ له هذا البناء ليتفرّد به.

اسم اليوم ، يؤنّث على اللفظ ، ويذكّر على اليوم فيقال : «ثلاثة ثلاثاوات» و «ثلاث ثلاثاوات» ويجمع على ثلاثاوات وأثالث.

ثمّ ـ حرف عطف ، وهي للتشريك في الحكم والترتيب ، والتراخي نحو (فَأَقْبَرَهُ ، ثُمَّ إِذا شاءَ أَنْشَرَهُ)(١) وقد توضع موضع الفاء كقول أبي دؤاد جارية بن الحجّاج :

كهزّ الرّدينيّ تحت العجاج

جرى في الأنابيب ثم اضطرب

إذ الهزّمتى جرى في أنابيب الرّمح يعقبه الاضطراب.

وأمّا «ثمّت» (ـ في حرفها بعد قليل) ثمّ ـ اسم يشار به إلى المكان البعيد نحو (وَأَزْلَفْنا ثَمَّ الْآخَرِينَ)(٢) ، وهو ظرف لا يتصرف ، مبني على الفتح في موضع نصب على الظّرفيّة ولا يتقدّمه حرف تنبيه ، ولا يتأخّر عنه كاف الخطاب ، وقد تجرّ ب «من».

ثماني ـ إذا ركّبت «ثماني» ففيها أربع لغات : فتح الياء ، وسكونها ، وحذفها مع كسر النون وهذا قليل ، وفتحها وفي الإفراد : بالياء الساكنة ، وقد تحذف ياؤها في الإفراد ، ويجعل إعرابها على النون (ـ العدد ٣).

ثمّة ـ مثل «ثمّ» اسم يشار به إلى المكان البعيد ، والتّاء فيها لتأنيث اللفظ فقط

ثمّت ـ هي «ثمّ» العاطفة ، أدخلوا عليها التّاء لتأنيث لفظها فقط كما قال الشاعر :

ولقد مررت على اللّئيم يسبّني

فمضيت ثمّت قلت لا يعنيني

__________________

(١) الآية» ٢٢» عبس (٨٠).

(٢) الآية «٦٥» الشعراء (٢٦).


باب الجيم

لجارّ والمجرور ـ

١ ـ حروف الجرّ :

حروف الجرّ عشرون جمعها ابن مالك في خلاصته فقال :

هاك حروف الجرّ وهي : من إلى

حتّى خلا حاشا عدا في عن على

مذ منذ ربّ اللام كي واو وتا

والكاف والبا ولعلّ ومتى

٢ ـ أحكامها :

لحروف الجرّ أحكام مختلفة تنحصر في سبع فئات :

الأولى : ثلاثة «خلا ، عدا ، حاشا» (ـ كلّا في حرفه)

الثانية : ثلاثة أيضا «كي ، لعلّ ، متى» (ـ كلّا في حرفه)

الثالثة : سبعة وهي «من ، إلى ، عن ، على ، في ، الباء ، اللّام» (ـ كلّا في حرفه).

الرابعة : ثلاثة وهي «حتّى ، الكاف ، الواو» (ـ كلّا في حرفه)

الخامسة : اثنان وهما «مذ ، منذ» (ـ مذ)

السادسة : ربّ (ـ ربّ)

السابعة : التاء (ـ التاء)

٣ ـ نيابة حروف الجر :

حروف الجرّ لا ينوب بعضها عن بعض قياسا ، كما لا تنوب حروف الجزم والنّصب بعضها عن بعض (١)

وما أوهم ذلك فمحمول على تضمين (٢) معنى فعل يتعدّى بذلك الحرف ، أو على شذوذ النيابة في الحرف.

وجوّز الكوفيون نيابة بعضها عن بعض قياسا ، واختاره بعض المتأخرين

٤ ـ حذف حرف الجر وبقاء عمله :

قد يحذف حرف الجر ـ غير ربّ ـ ويبقى عمله ، وهو ضربان : سماعيّ غير مطرّد كقول رؤبة وقد قيل له :

كيف أصبحت؟ قال : خير عافاك الله.

التقدير : على خير ، كقوله :

__________________

(١) وهو مذهب البصريين.

(٢) انظر : التضمين في حرفه.


وكريمة من آل قيس ألفته

حتّى تبذّخ فارتقى الأعلام (١)

أي إلى الأعلام.

(٢) وقياسيّ مطرّد في مواضع أشهرها

(١) لفظ الجلالة في القسم دون عوض نحو «الله لأفعلنّ كذا» أي والله.

(٢) بعد كم الاستفهاميّة إذا دخل عليها حرف جرّ نحو «بكم درهم اشتريت» أي من درهم.

(٣) لام التعليل إذا جرّت «كي» وصلتها نحو «جئت كي تكرمني» إذا قدرت «كي» تعليلية.

(٤) مع «أنّ» و «أن» نحو «عجبت أنّك قادم» و «أن قدمت» أي من أنك قادم ومن أن قدمت.

(٥) المعطوف على خبر «ليس وما الحجازية» الصالح لدخول الجار كقول زهير :

بدا لي أني لست مدرك ما مضى

ولا سابق شيئا إذا كان جائيا

فخفض «سابق» على توهم وجود الباء في مدرك ، ومثاله في «ما الحجازيّة» «ما زيد عالما ولا متعلم» (٢)

٥ ـ متعلّق الجارّ والمجرور والظرف يجب أن يكون للجارّ والظرف متعلّق ، وهو فعل ، أو ما يشبهه ، أو ما يشير إلى معناه ، نحو (أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ)(٣) ونحو (وَهُوَ اللهُ فِي السَّماواتِ وَفِي الْأَرْضِ)(٤) أي وهو المسمّى بهذا الاسم ، ونحو (ما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ)(٥) فبنعمة متعلق ب «ما» لأنها تشير إلى معنى الفعل ـ أي انتفى جنونك بنعمة ربّك.

فإن لم يكن شيء من ذلك قدّر الكون المطلق متعلقا ، ويستثنى من التعليق خمسة أحرف :

(١) الزائد ، ك «الباء ومن» نحو (كَفى بِاللهِ شَهِيداً)(٦)(هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللهِ)(٧)

(٢) لعلّ» في لغة عقيل ، لأنها بمنزلة الزّائد.

(٣) «لو لا» فيمن قال : «لولاي ولولاك».

(٤) «ربّ» في نحو «ربّ رجل صالح

__________________

(١) التاء في كريمة : للمبالغة. ألفته : أعطيته ألفا «تبذّخ» تكبر «الاعلام» الجبال ، والشاهد : كسر الأعلام بحرف جر محذوف وهذا شاذ.

(٢) والغالب في هذا وأمثاله السماع فقط.

(٣) الآية «٦» الفاتحة (١).

(٤) الآية «٣» الأنعام (٦).

(٥) الآية «٢» القلم (٦٨).

(٦) الآية «٧٨» النساء (٤).

(٧) الآية «٣» فاطر (٣٥).


لقيت».

(٥) حروف الاستثناء وهي «خلا ، عدا ، حاشا» إذا خفضن.

الجامد من الأسماء ـ

١ ـ تعريفه :

ما دلّ على ذات أو معنى من غير ملاحظة صفة كأسماء الأجناس المحسوسة «كإنسان وأسد وشجر وبقر» وأسماء الأجناس المعنويّة ك «فهم وشجاعة وعلم».

الجامد من الأفعال ـ

١ ـ تعريفه ونوعاه :

هو ما لازم صورة واحدة وهو نوعان : ملازم للمضي ، ملازم للأمريّة.

(أ) الجامد الملازم للمضي :

خمسة أنواع :

(١) أفعال المدح والذّمّ ك «نعم وبئس وساء وحبّذا ولا حبّذا».

(٢) فعلا التعجب «ما أفعله وأفعل به».

(٣) أفعال الاستثناء ك «خلا وعدا وحاشا».

(٤) ما دام وليس من أخوات كان

(٥) «كرب وعسى وحرى واخلولق وأنشأ وأخذ» من أفعال المقاربة.

(ب) الجامد الملازم للأمريّة :

اثنان فقط : هب (١) وتعلّم ، بمعنى اعلم.

جرم (ـ لا جرم)

جانب ـ

تقول : «سرت جانب النّهر» فجانب منصوب على الظرفية المكانيّة والنهر مضاف إليه.

جزم المضارع ـ

أصل جزم المضارع بالسكون وقد يكون بحذف حرف العلة نحو «لم يعط» وقد يكون بحذف النون في الأفعال الخمسة نحو «لم تكتبوا) وقد يكون الجزم محليا وذلك إذا كان المضارع مبنيا نحو «لا تكسلنّ» (ـ أدوات الجزم في : جوازم المضارع).

جعل ـ

قد تكون من أخوات ظنّ ، وقد تكون من أفعال الشروع وقد تكون بمعنى أوجد.

(١) من أخوات «ظنّ «ولها معنيان :

(أ) أن تفيد الرّجحان نحو (وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ

__________________

(١) هب هذه : هي التي بمعنى ظن ، لا أمر من الهبة ولا الهيبة لأنهما متصرفان.


إِناثاً)(١) فالملائكة : مفعول أوّل وإناثا مفعول ثان.

(ب) أن تفيد التّصيير ـ وهو الانتقال من حالة إلى أخرى ـ نحو (فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً)(٢) فالهاء مفعول أوّل وهباء مفعول ثان.

(٢) من أفعال الشّروع وهذه من النواسخ تعمل عمل «كان» إلّا أنّ خبرها يجب أن يكون جملة فعلية من مضارع رافع لضمير الاسم ، وشذ من شرط المضارع قول ابن عبّاس (فجعل الرّجل إذا لم يستطع أن يخرج أرسل رسولا) إذ جاء الخبر ماضيا.

كما شذّ مجيء الجملة الاسميّة خبرا لجعل في قول الحماسي :

وقد جعلت قلوص بني سهيل

من الأكوار مرتعها قريب

فجملة «مرتعها قريب» خبر لجعلت وهي جملة اسمية وهو شاذّ.

وتستعمل «جعل» في الماضي ، وهو الأصل ، وقد تستعمل في المضارع ، حكى الكسائي : «إنّ البعير ليهرم حتّى يجعل إذا شرب الماء مجّه» وفيه شذوذ وقوع الماضي خبرا.

أما قول أبي حية النميري :

وقد جعلت إذا ما قمت يثقلني

ثوبي فأنهض نهض الشارب الثّمل

ف «ثوبي» بدل اشتمال من اسم جعل ، تقديره : جعل ثوبي يثقلني ، ففاعل يثقلني ضمير مستتر فيه ، هكذا خرّجوه وهو ظاهر التكلّف والبيت دليل على جواز كونه سببيا.

(٣) أما كونها بمعنى أوجد فتتعدّى إلى مفعول واحد مثل (وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ)(٣) المعنى أوجد وخلق لأنها في سياق قوله تعالى (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ)(٤).

جلل ـ

اسم بمعنى عظيم أو بمعنى يسير وهو من الأضداد وقد يكون حرفا (٥) بمعنى «نعم».

الجمّاء الغفير ـ

تقول : «جاؤوا الجماء الغفير» ، وجاؤوا جمّا غفيرا أي بجماعتهم ، قال سيبويه : «الجمّاء الغفير» من

__________________

(١) الآية «١٩» الزخرف (٤٣).

(٢) الآية «٢٣» الفرقان (٢٥).

(٣) الآية «١» الأنعام (٦).

(٣) الآية «١» الأنعام (٦).

(٤) حكاه الزجاج.


الأسماء التي وضعت موضع الحال ، ودخلتها الألف واللّام كما دخلت في «العراك» من قولهم : «أرسلها العراك» أي معتركة وهي حال و «أل» فيهما زائدة شاذة.

جمع الأسماء الخمسة ـ

يقال في المراد به من يعقل من «ابن وأب وأخ وهن وذي» : «بنون وأبون وأخون وهنون وذوو» وكلها ملحقات بجمع المذكر السالم.

وفي «بنت وابنة وأخت وهنت وذات» بنات وأخوات وهنات وهنوات وذوات ، وأمّهات في الأمّ من الناس أكثر من أمّات ، وغيرها بالعكس.

الجمع بألف وتاء مزيدتين ـ

١ ـ هذا الجمع هو الذي يسميه أكثر النّحاة «جمع المؤنّث السّالم» وسمّاه ابن هشام : «الجمع بألف وتاء مزيدتين» ليشمل ما جمع هذا الجمع من مؤنّث ومذكّر ، ما سلم فيه المفرد ، وما تغيّر.

٢ ـ المطّرد في هذا الجمع :

(١) أعلام الإناث من غير تاء ك : «سعاد» و «مريم».

(٢) وما ختم بالتّاء (١) ك «صفيّة» و «جميلة».

(٣) وما ختم بألف التّأنيث المقصورة أو الممدودة ك «سلمى» و «صحراء» (٢)

(٤) ومصغّر غير العاقل ك «جبيل» و «جزيء»

(٥) وصف غير العاقل ك «شامخ» وصف جبل ، ومعدود وصف يوم مثل (أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ)(٣).

(٦) كل خماسيّ لم يسمع له جمع تكسير ك «سرادق» و «إصطبل» و «حمّام».

وما عدا ذلك فهو مقصور على السّماع ك «سموات» و «سجلّات و «أمّهات» و «خودات» (٤).

٣ ـ إعراب المطّرد من هذا الجمع.

يعرب بالضمة رفعا و «بالكسرة» نصبا وجرّا نحو «هذه السّموات» و (خَلَقَ اللهُ السَّماواتِ) *) و «نظرت إلى السّموات» هذا هو الأصل

__________________

(١) يستثنى «امرأة ، وشاة ، وأمة ، وقلة «لعبة للصبيان» وأمّة ، وشفة ، وملة ، لعدم السماع.

(٢) يستثنى فعلاء وفعلى مؤنثي أفعل وفعلان ك «حمراء» و «غضبى» فلا يجمعان ، كما لا يجمع مذكرهما جمع مذكر سالما.

(٣) الآية «١٨٤» البقرة (٢).

(٤) جمع خود : وهى الحسنة الخلق.


والغالب (١) ، وهذا الإعراب فيما كانت الألف والتاء فيه زائدتين ، كما هو أساس هذا الجمع.

فإن كانت التّاء أصليّة والألف زائدة ك «أبيات» جمع «بيت» و «أموات» جمع ميت ، أو كانت الألف أصلية والتّاء زائدة ك «قضاة» جمع قاض و «غزاة» جمع غاز ـ فالنّصب بالفتحة على الأصل نحو «ولّيت قضاة» و «جهّزت غزاة».

٤ ـ كيف يجمع الاسم بألف وتاء :

يسلم في هذا الجمع ما سلم في التثنية (٢) فتقول : في جمع «هند» «هندات» كما تقول : «هندان» إلّا ما ختم «بتاء التّأنيث» فإنّ تاءه تحذف في الجمع لا في التثنية سواء أكانت زائدة ك «مسلمة» أم بدلا من أصل ك «أخت» و «بنت» و «عدة» تقول في الجمع «مسلمات» و «أخوات» و «بنات» و «عدات».

وجمع المقصور والممدود يتغيّر فيه هنا ما تغيّر في الثتّثنية تقول في جمع «سعدى» : «سعديات» بالياء وفي جمع «صحراء» «صحراوات» بالواو.

وإذا كان ما قبل التاء حرف علّة أجريت عليه بعد حذف التاء ما يستحقه لو كان آخرا في أصل الوضع فتقول في «ظبية» «ظبيات» و «غزوة» «غزوات» بسلامة الياء والواو وفي نحو «مصطفاة وفتاة» «مصطفيات وفتيات» بقلب الألف ياء ، وفي نحو «قناة» «قنوات» وفي نحو «قراءة» «قراءات» بالهمز لا غير.

٥ ـ حركة وسط الجمع :

إذا كان الاسم المراد جمعه بالألف والتاء ثلاثيّا ساكن العين غير معتلها ولا مدغمها اختتم بتاء أم لا ـ فإن كانت فاؤه مفتوحة لزم فتح عينه نحو «جفنة ودعد» تقول في جمعها «جفنات ودعدات». قال تعالى : (كَذلِكَ يُرِيهِمُ اللهُ أَعْمالَهُمْ حَسَراتٍ عَلَيْهِمْ)(٣) وقال العرجي :

بالله يا ظبيات القاع قلن لنا

ليلاي منكنّ أم ليلى من البشر

__________________

(١) وربما نصب بالفتحة إن كان محذوف اللام ولم ترد إليه في الجمع ك «سمعت لغاتهم بفتح التاء حكاه الكسائي «ورأيت بناتك» حكاه ابن سيده ، فان ردت اللام في الجمع ك «سنوات» نصب بالكسرة اتفاقا نحو «اعتكفت سنوات».

(٢) انظر المثنى.

(٣) الآية «١٦٧» البقرة (٢).


وإن كان مضموم الفاء نحو «خطوة وجمل» (١) أو مكسورها نحو «كسرة وهند» ـ جاز لنا في عينه الفتح والإسكان مطلقا ، والإتباع لحركة الفاء بشرط ألّا تكون فاء الكلمة مضمومة ولامها ياء ك «دمية وزبية» (٢) فجمعهما «دميات» و «زبيات» ويمتنع ضمّ الميم والباء إتباعا لضمّة الفاء فيهما ولا مكسورة ولامها واو ويمتنع كسر الرّاء في «ذروات» والشين في «رشوات» اتباعا لفائهما.

ويمتنع التّغيير في عين الجمع في خمسة أنواع :

(١) في الوصف نحو «ضخمات وعبلات» وشذ «كهلات» بالفتح

(٢) في الرباعي نحو : «زينبات وسعادات».

(٣) في المحرّك الوسط نحو «شجرات وسمرات ونمرات».

(٤) في المعتلّ العين نحو «جوزات وبيضات» ، قال تعالى (فِي رَوْضاتِ الْجَنَّاتِ)(٣)

(٥) في المدغم العين نحو «حجّات»

٦ ـ الملحق بهذا الجمع :

حمل على هذا الجمع شيئان :

(أحدهما) «أولات» (٤) نحو (وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ)(٥).

(الثّاني) ما سمّي به منه ك «عرفات» و «أذرعات».

٧ ـ إعراب الملحق :

يعرب الأوّل وهو «أولات» إعراب الأصل أي ينصب بالكسرة

أمّا الثاني وهو ما سمّي به ففيه ثلاثة أعاريب : إعرابه كما كان قبل التّسمية على اللغة الفصحى مع تنوينه ، أو ترك تنوينه ، أو إعرابه إعراب ما لا ينصرف ، وقد روي قول امرئ القيس في محبوبته بالأوجه الثلاثة :

تنوّرتها من أذرعات وأهلها

بيثرب أدنى دارها نظر عالي (٦)

__________________

(١) جمل : اسم امرأة.

(٢) الزبية : مصيدة الأسد ، وهي حفرة في هضبة أو في قلة الجبل.

(٣) الآية «٢٢» الشورى (٤٢).

(٤) وهو اسم جمع بمعنى «ذوات» لا واحد له من لفظه ، وواحده في المعنى «ذات».

(٥) الآية «٦» الطلاق (٦٥).

(٦) أذرعات : هي محافظة «حوران» في سورية وهي المعروفة اليوم ب «درعا». والمعنى : نظرت الى نارها بقلبي من أذرعات ، وأهلها بيثرب ، مع أن الأقرب من دارها وهو يثرب يحتاج لنظر عظيم لشدة بعدها عن أذرعات فكيف بمحلها ، والبيت من قصيدة طويلة من الطويل ، وأولها :

ألا عم صباحا أيها الطلل البالي

وهل يعمن من كان في العصر الخالي


جمع التّكسير ـ

١ ـ تعريفه :

هو الاسم الدّالّ على أكثر من اثنين بتغيّر ظاهر ، أو مقدّر.

فالتغيّر الظّاهر ستّة أقسام فهو إمّا :

(١) بزيادة ك «صنو» وجمعه «صنوان» (١).

(٢) أو بنقص ك «تخمة» وجمعها «تخم».

(٣) أو بتبديل شكل ك «أسد» وجمعها أسد».

(٤) أو بزيادة وتبديل شكل ك «رجل وجمعها «رجال».

(٥) أو بنقص وتبديل شكل ك «قضيب» وجمعها «قضب».

(٦) أو بهنّ ك «غلام» وجمعها «غلمان».

والتّغيير المقدّر في نحو «فلك» و «دلاص» (٢) و «هجان» (٣) و «شمال» (٤) و «عفتّان» (٥) وجمعهنّ مثلهنّ وضعا وشكلا (٦) فوزن الواحد ك «قفل» ووزن الجمع ك «بدن» وكذا القول في إخوانه ، وقيل إنها اسم جمع

٢ ـ نوعاه :

(١) جمع التكسير للقلّة.

(٢) جمع التكسير للكثرة (ـ كلّا في بابه).

جمع التّكسير للقلّة ـ

١ ـ مدلوله :

مدلول القلّة : من ثلاثة إلى عشرة بطريق الحقيقة ، ويشاركه في الدّلالة على القلة جمعا التصحيح إلّا إذا اقترن كلّ منها ب «أل» الاستغراقيّة أو أضيف فحينئذ ينصرف إلى الكثرة نحو (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِماتِ)(٧) ونحو «إنّ مسلمي افريقية صالحون».

وقد يستغنى ببعض أبنية القلّة عن بناء الكثرة وضعا ك «أرجل» و «أعناق» و «أفئدة».

وقد يعكس ك «رجال» و «قلوب

__________________

(١) الصنوان : النخلتان أو الثلاثة من أصل واحد.

(٢) الدلاص : البراق من الدروع.

(٣) الهجان : الواحد والجمع من الإبل.

(٤) الشمال : الطبع.

(٥) العفتان : القوي الجافي.

(٦) فيقدر في فلك مثلا : زوال ضمة الواحد ، وتبدلها بضمة مشعرة بالجمع وهكذا الباقي ، ويظهر هذا بسياق الكلام.

(٧) الآية «٣٥» الأحزاب (٣٣).


وهذا ما يسمّى ب «النّيابة وضعا».

وكذلك قد يغني أحدهما عن الآخر استعمالا ك «أقلام» قال تعالى : (مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ)(١) فاستعمل جمع القلّة مع أن المقام للمبالغة والتكثير.

أو بالعكس نحو (ثَلاثَةَ قُرُوءٍ)(٢) فإنّ فعولا من جموع الكثرة ، مع أنّ المراد القلّة ، ويسمّى هذا بالنّيابة استعمالا.

٢ ـ أبنية جموع القلّة :

أبنية جموع القلّة أربعة : «أفعل» «أفعال» «أفعلة» «فعلة» وهاك تفصيلها كلّا على حدة.

٤ ـ الجمع على «أفعل» :

جمع القلّة على «أفعل» بضم العين يطّرد في نوعين :

(أحدهما) «فعل» صحيح العين :

سواء أصحّت لامه أم اعتلّت بالياء أم بالواو ، وليست فاؤه واوا ك «وعد» ولا لامه مماثلة لعينه ك «رقّ» نحو «نجم» وجمعها «أنجم» و «ظبي» وجمعها «أظب» و «جرو» وجمعها «أجر» وأصلهما «أظبي و «أجرو» قلبت ضمتهما كسرة ، وحذفت الياء فيهما ، بعد قلب الواو في الثاني ياء بخلاف «ضخم» فإنه صفة وإنما قالوا «أعبد» لغلبة الاسميّة.

وبخلاف «سوط» و «بيت» لاعتلال العين وشذ قياسا «أعين» قال تعالى (وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ)(٣) وشذّ قياسا وسماعا «أثوب وأسيف» قال معروف بن عبد الرحمن :

لكلّ دهر قد لبست أثوبا

حتى اكتسى الرأس قناعا أشيبا

وقال آخر :

كأنّهم أسيف بيض يمانية

عضب مضاربها باق بها الأثر (٤)

وشذّ «أوجه» جمع وجه ، لأن فاءه واو ، وشذّ «أكفّ» لأنّ لامه» مماثلة لعينه (٥).

__________________

(١) الآية «٢٧» لقمان (٣١).

(٢) الآية «٢٢٨» البقرة (٢).

(٣) الآية «٨٦» المائدة (٥).

(٤) العضب : القاطع. والأثر : أثر الجرح.

(٥) ويحفظ في «أفعل» ثمانية أوزان : «فعل» ك «ذئب» اسما وجمعها «أذؤب» و «جلف» صفة ، وجمعها «أجلف» و «فعلة» اسما ك «نعمة» وأنعم ، وصفة ك «شدة» وأشد.

و «فعل» ك «ضلع» و «أضلع» و «فعل» ك «قفل» و «أقفل» و «فعل» ك «عنق» و «أعنق». و «فعل» ك «جبل» و «أجبل» و «فعلة» ك «أكمة» و «آكم» و «فعل» ـ ـ ك «صنع» و «أصنع» وجمعها كلها لا يقع في الأسماء إلا «فعلا» ك «ذئب» و «أذؤب» و «رجل» و «وأرجل» ومؤنثه ك «نعمة» و «أنعم» فيقع في الأسماء والصفات.


(ثانيهما) الرّباعي المؤنث بلا علامة وقبل آخره مدة ك «عناق» و «ذراع» و «عقاب» و «يمين» فتقول في جمعها : «أعنق» و «أذرع» و «أعقب» و «أيمن».

وشذّ «أفعل» في نحو «مكان» و «شهاب» و «غراب» للمذكر.

٥ ـ الجمع على «أفعال» :

جمع القلّة على «أفعال» يطّرد في اسم ثلاثي لا يستحقّ «أفعل» إمّا لأنّه على «فعل» ولكنّه معتلّ العين نحو «سيف وثوب» (١) أو لأنّه على غير «فعل» نحو «حمل» و «أحمال» و «نمر» و «أنمار» و «عضد» و «أعضاد» و «حمل» و «أحمال» و «عنب» و «أعناب» و «إبل» و «آبال» و «قفل» و «أقفال» و «عنق» و «أعناق».

والغالب في «فعل» أن يجيء على «فعلان» ك «صرد» و «صردان» و «جرذ» و «جرذان»

وأتى على «أفعال» شذوذا «أحمال» و «أفراخ» و «أزناد» وقياسها : «أفعل» ، قال تعالى : (وَأُولاتُ الْأَحْمالِ)(٢) وقال الخطيئة :

ماذا تقول لأفراخ بذي مرخ

زغب الحواصل لا ماء ولا شجر (٣)

وقال الأعشى :

وجدت إذا أصلحوا خيرهم

وزندك أثقب أزنادها (٤)

٦ ـ الجمع على «أفعلة» :

جمع القلة على «أفعلة» هو جمع لاسم مذكّر رباعي بمدّة قبل الآخر نحو «طعام» و «حمار» و «غراب» و «رغيف» و «عمود» فتقول «أطعمة» و «أحمرة» و «أغربة» و «أرغفة» و «أعمدة».

والتزم بناء «أفعلة» في «فعال» بالفتح و «فعال» بالكسر إذا كانا مضعّفي اللّام أو معتلّيها فالأوّل : ك «بتات» و «زمام»

__________________

(١) تقدم قبل قليل أنهما يجمعان شذوذا على أفعل ، وجمعهما على أفعال مطرد.

(٢) الآية «٤» الطلاق (٦٥).

(٣) الأفراخ : أراد بهم الأولاد ، وذو مرخ :

واد كثير شجر المرخ.

(٤) الزند : العود الأعلى الذي يقدح به النار.

والزندة : العود الأسفل و «أثقب» من أثقب النار : أي أوقدها.


فتقول في جمعيهما «أبتّة» و «أزمّة» (١) والثاني : ك «قباء» و «إناء» فتقول في جمعهما «أقبية» و «آنية» (٢).

٧ ـ الجمع على «فعلة» :

جمع القلة على «فعلة» بكسر أوّله وسكون ثانيه لا يطّرد في شيء ، بل سمع في ستة أوزان «فعل» ك «ولد» و «فتى» بفتح أولهما. وثانيهما «فعل» ك «شيخ» و «ثور» بفتح أولهما وسكون ثانيهما ، و «فعل» ك «ثنى» بكسر الثاء المثلثة وفتح النون والقصر و «فعال» ك «غزال» بفتح أوّله و «فعال» ك «غلام» بضم أوّله و «فعيل» ك «صبي» و «خصي» و «جليل» بفتح أوّله وكسر ثانيه ، فتقول في جمعها على «فعلة» «ولدة» و «فتية» و «شيخة» و «ثيرة» و «ثنية» و «غزلة» و «غلمة» و «صبية» و «خصية» و «جلّة».

ولعدم اطّراده قيل (٣) : إنّه اسم جمع لا جمع.

جمع التكسير للكثرة ـ

١ ـ أبنية جمع التكسير للكثرة :

ثلاثة وعشرون بناء : وهي «فعل» و «فعل» و «فعل» و «فعل» و «فعلة» و «فعلة» و «فعلى» و «فعلة» و «فعّل» و «فعّال» و «فعال» و «فعول» و «فعلان» و «فعلان» و «فعلاء» و «أفعلاء» و «فواعل» و «فعائل» و «فعالي» و «فعالى» و «فعاليّ» و «فعالل» و «شبه فعالل» وهاك تفصيلها كلّا على حدة.

٢ ـ الجمع على «فعل» :

«فعل» بضم الفاء وسكون العين لشيئين (أحدهما) «أفعل» الذي مؤنّثه «فعلاء» ك «أحمر» و «أبيض» وجمعهما «حمر» و «بيض» أولا مؤنّث له لمانع خلقي ك «أكمر» و «آدر» وجمعهما «كمر» و «أدر» (٤) (ثانيهما) «فعلاء» التي مذكّرها «أفعل» ك «حمراء» و «بيضاء» ومذكّرهما : أحمر وأبيض ، أولا

__________________

(١) الأصل فيهما : أبتتة وأزممة ، فالتقى مثلان فنقلت حركة أولهما إلى الساكن قبلهما ، ثم أدغم أحد المثلين في الآخر.

(٢) الأصل : أأنية بهمزتين الأولى مفتوحة والثانية ساكنة ، فأبدلت الساكنة ألفا من جنس حركة ما قبلها.

(٣) قاله أبو بكر بن السراج.

(٤) الأكمر : عظيم الكمرة. الآدر : منتفخ الخصية.


مذكّر لها ك «رتقاء» (١) و «عفلاء» (٢) وجمعهما «رتق» و «عفل»

ويجب كسر فاء هذا الجمع فيما عينه ياء نحو «بيض» ويكثر في الشعر ضمّ عينه بشرط أن تصحّ هي واللّام مع عدم التّضعيف نحو قول أبي سعيد المخزومي

طوى الجديدان ما قد كنت أنشره

وأنكرتني ذوات الأعين النّجل (٣)

٣ ـ الجمع على «فعل» :

«فعل» بضمّ الفاء والعين مطرد جمعه في شيئين :

(أحدهما) في وصف على «فعول» بمعنى فاعل ك «صبور» وجمعها «صبر» و «غفور» وجمعها «غفر» فلا يجمع «حلوب» و «ركوب» لأنهما بمعنى مفعول.

(الثاني) في اسم رباعي بمدّة قبل لام غير معتلّة مطلقا ، أو غير مضاعفة إن كانت المدّة ألفا نحو «قذال» وجمعها «قذل» و «أتان» وجمعها أتن» و «حمار» وجمعها «حمر» و «ذراع» وجمعها «ذرع» ومثلها «قضيب» وجمعها «قضب» و «كثيب» وجمعها «كثب» ومثلها «عمود» وجمعها «عمد» و «قلوص» وجمعها «قلص» ومثلها «سرير» وجمعها «سرر» و «ذلول» وجمعها «ذلل».

فخرج نحو «كساء» لاعتلال اللّام ، وخرج نحو «هلال» و «سنان» لتضعيفهما مع الألف. وشذ «عنان» وجمعها «عنن» و «حجاج» (٤) وجمعها «حجج».

ويحفظ «فعل» في «فعل» اسما ك «نمر» وصفة ك «خشن» وفي «فعيل» صفة ك «نذير» وفي «فعيلة» اسما نحو «صحيفة» وصفة نحو «نجيبة» وفي «فعل» نحو «سقف» و «رهن» وفي «فاعل» نحو «نازل» و «شارف» وفي «فعل» بفتحتين نحو «نصف» وفي «فعال» بكسر الفاء وفتحها صفة نحو «كنان» بكسر الكاف و «صناع» بفتح الصّاد أي حاذق وفي «فعلة» بفتح أوله وكسر ثانيه نحو «فرحة» وفي «فعلة»

__________________

(١) الرتق : انسداد الفرج.

(٢) العفل للمرأة كالأدرة للرجل.

(٣) الجديدان : الليل والنهار. والعين النجلاء : الواسعة ، والشاهد فيه : النجل حيث ضم الجيم والأصل فيها السكون.

(٤) الحجاج : العظم المستدير حول العين.


بفتحتين نحو «خشبة» وفي «فعل» بكسر أوّله وسكون ثانيه نحو «ستر» ويجوز تسكين عينه نحو «قذل» و «حمر» ما لم تكن «واوا» فيجب التسكين نحو «سوار» وجمعها «سور» و «سواك» وجمعها «سوك» لكن إن سكّنت الياء وجب كسر ما قبلها نحو «سيل» و «سيل» جمع سيال» (١)

٤ ـ الجمع على «فعل» :

«فعل» بضم الفاء وفتح العين مطرد في شيئين :

(أحدهما) في اسم على وزن «فعلة» ويستوي في ذلك صحيح اللام ومعتلها ومضاعفها ، فالصحيح ك «قربة» وجمعها : «قرب» و «غرفة» وجمعها «غرف» والمعتل ك «مدية» وجمعها «مدى» و «زبية» وجمعها «زبى» والمضاعف اللام نحو «حجّة» وجمعها «حجج» و «مدّة» وجمعها «مدد».

(الثاني) في «الفعلى» انثى «الأفعل» ك «الكبرى» أنثى الأكبر و «الوسطى» أنثى الأوسط و «الصّغرى» أنثى الأصغر.

بخلاف «حبلى» فإنها ليست أنثى أفعل ، لأنها صفة لا مذكّر لها فلا تجمع على حبل.

وشذّ في «فعلة» نحو «بهمة» (٢) لأنه وصف والجمع «بهم» و «فعلى» مصدرا ك «رؤيا» والجمع «رؤى» بالتنوين و «فعلة» نحو «نوبة» والجمع «نوب» ومثلها «قرية» وجمعها «قرى» و «فعلة» صحيح اللّام نحو «بدرة» وجمعها «بدر» ، و «فعلة» معتلا ك «لحية» وجمعها «لحى» و «فعلة» نحو «تخمة» وجمعها «تخم».

٥ ـ جمع الكثرة على «فعل» :

«فعل» بكسر أوله وفتح ثانيه ، وهو جمع لاسم تامّ على «فعلة» ك «حجّة» و «حجج» و «كسرة» وجمعها «كسر» و «فرية» وجمعها «فرى».

فخرجت الصفة نحو «صغرة» و «كبرة» والناقص الفاء ك «عدة» و «زنة».

ويحفظ في نحو «حاجة» «حوج» وفي «ذكرى» «ذكر» وفي «قصعة»

__________________

(١) السيال : شجر شائك.

(٢) البهمة : الشجاع.


«قصع» وفي «ذربة» (١) «ذرب» ومثلها «صمّة» (٢) و «صمم».

٦ ـ الجمع على «فعلة» :

«فعلة» بضم الفاء وفتح العين مطرد في وصف لعاقل على «فاعل» معتل اللام ك «رام» وغاز» و «قاض» تقول في جمعها «رماة» و «غزاة» و «قضاة» (٣).

فخرج بقوله : وصف نحو «واد» وبالتذكير نحو «عادية» وبالعقل نحو «أسد ضار» وبوزن فاعل نحو «ظريف» وبمعتلّ اللام نحو «ضارب» فلا يجمع شيء من ذلك على «فعلة» وشذ في صفة على غير فاعل نحو «كميّ» وجمعها «كماة» وفي فاعل اسما نحو «باز» وجمعها «بزاة».

٧ ـ الجمع على «فعلة» :

«فعلة» بفتحتين مطّرد في وصف لمذكّر عاقل صحيح اللّام ، نحو «كامل» وجمعها «كملة» و «ساحر» وجمعها «سحرة» و «سافر» جمعها «سفرة» و «بارّ» وجمعها «بررة» وفي القرآن الكريم (وَجاءَ السَّحَرَةُ)(٤)(بِأَيْدِي سَفَرَةٍ ، كِرامٍ بَرَرَةٍ)(٥) فخرج بالوصف الاسم نحو «واد» و (باز» وبالتذكير نحو «طالق» و «حائض» وبالعقل نحو «سابق» و «لاحق» صفتي فرسين وبصحة اللّام نحو «قاض» و «غاز» فلا يجمع شيء من ذلك على «فعلة» باطّراد.

وشذّ في غير «فاعل» نحو «سيد» وجمعها «سادة» فوزنها «فعلة».

٨ ـ الجمع على «فعلى» :

(٧) «فعلى» بفتح أوّله وسكون ثانيه مطّرد في وصف على «فعيل» بمعنى مفعول دالّ على هلاك أو توجّع أو تشتّت نحو «قتيل» و «قتلى» و «جريح» و «جرحى» و «أسير» «أسرى».

ويحمل عليه ما أشبهه في المعنى وهو خمسة أوزان :

«فعل» ك «زمن» وجمعها «زمنى» و «فاعل» ك «هالك» وجمعها «هلكى» و «فيعل» ك «ميّت» وجمعها «موتى» و «أفعل» ك :

__________________

(١) الذربة : المرأة الحديدة اللسان.

(٢) الصمة : الرجل الشجاع

(٣) الأصل فيهن : رمية وغزوة وقضية على وزن «فعلة «قلبت الياء والواو ألفين لتحركهما وانفتاح ما قبلهما.

(٤) الآية «١١٢» الأعراف (٧).

(٥) الآية «١٥ و ١٦» عبس» (٨٠).


«أحمق» وجمعها «حمقى» و «فعلان» ك «سكران» وجمعها «سكرى».

ويحفظ في «كيّس» «كيسى» و «جلد» و «جلدى».

٩ ـ الجمع على «فعلة» :

«فعلة» كثير في «فعل» نحو «قرط» والجمع «قرطة» و «درج» والجمع «درجة» ومثل هذا الأجوف نحو «كوز» وجمعها «كوزة» ومثله المضعف نحو «دبّ» وجمعها «دببة» وقليل في اسم على زنة «فعل» بفتح الفاء نحو «غرد» (١) والجمع «غردة» أو على زنة «فعل» بكسر الفاء نحو «قرد» والجمع «قردة».

وقل أيضا في نحو «ذكر» بفتحتين ضد الأنثى و «هادر».

١٠ ـ الجمع على «فعّل» :

«فعّل» بضم أوله وتشديد ثانيه هو جمع لوصف على زنة «فاعل» أو «فاعلة» صحيحي اللّام ، سواء أصحّت عينهما أم اعتلّت ك «ضارب و «صائم» ومؤنثيهما «ضاربة» و «صائمة» فتقول في جمعهما «ضرّب» و «صوّم».

وشمل نحو «حائض» وجمعها «حيّض».

وخرج بقيد الوصف الاسم نحو «حاجب» العين فلا يجمع على «فعل».

وندر نحو «غاز» وجمعها «غزّى» و «عاف» وهو السائل وجمعها «عزّى» و «عاف» وهو السّائل وجمعها «عفّى» لاعتلال لامهما.

كما ندر في نحو «خريدة» وهي المرأة ذات الحياء وجمعها «خرّد» وقالوا «خرائد» على القياس و «نفساء» وجمعها «نفّس» ورجل «أعزل» وجمعها «عزّل».

١١ ـ الجمع على «فعّال» :

«فعّال» بضم أوّله وتشديد ثانيه ، هو جمع لوصف لمذكّر على فاعل ، صحيح اللّام ، سواء أكانت لامه همزة أم لا ك «قائم» وجمعها «قوّام» و «قارئ» وجمعها «قرّاء» وندر في فاعلة كقول القطامي :

أبصارهنّ إلى الشّبّان مائلة

وقد أراهنّ عني غير «صدّاد»

وندر أيضا في «فاعل» المعتل بالواو

__________________

(١) الغرد : نوع من الكمأة وهو عند الفراء بفتح الغين وعند غيره بكسرها.


أو الياء ك «غاز» وجمعها «غزّاء» و «سار» وجمعها «سرّاء» (١).

١٢ ـ الجمع على «فعال» :

«فعال» بكسر أوّله يكون جمعا لثلاثة عشر وزنا مطّردا في ثمانية أوزان ، وشائعا في خمسة ، ولازما في واحد فيطرد في :

(١ و ٢) «فعل وفعلة» اسمين نحو «كعب وكعبة» وجمعهما «كعاب» و «قصعة» وجمعها «قصاع». أو وصفين نحو «صعب» وجمعها «صعاب» و «خدلة» (٢) وجمعها «خدال».

وندر في «فعل وفعلة» يأتيّ الفاء نحو «يعر (٣) ويعرة» وجمعهما «يعار» أو يأتيّ العين نحو «ضيف» وجمعها «ضياف» و «ضيعة» وجمعها «ضياع».

(٣ و ٤) «فعل وفعلة» اسمين غير معتلّي اللام ، ولا مضعّفيها نحو «جبل» و «جمل» وجمعهما «جبال» و «جمال» و «رقبة» و «ثمرة» وجمعهما «رقاب» و «ثمار».

فخرج «فتى وعصى» لاعتلال اللّام و «طلل» للتضعيف و «بطل» للوصفية.

(٥ ـ ٦) «فعل وفعل»

اسمين ليست عين ثانيهما واوا ولامه ياء نحو «قدح» وجمعها «قداح» و «ذئب» وجمعها «ذئاب» و «بئر» وجمعها «بئار» و «رمح» وجمعها «رماح» فخرج الوصف نحو «جلف» و «حلو» وواوي العين ك «حوت» ويائي اللام ك «مدي».

(٧ ـ ٨) «فعيل وفعيلة» بمعنى فاعل وفاعلة بشرط صحة لامهما نحو «ظريف وظريفة» وجمعهما : «ظراف» و «كريم وكريمة» وجمعهما «كرام».

فلا يجمع «جريح وجريحة» لأنهما بمعنى مفعول ، و «قوي وقوية» لاعتلال اللّام.

والتزموا في «فعيل» ومؤنّثه «فعيلة» إذا كانا واويّي العينين ، صحيحي اللّامين ألّا يجمعا إلّا على «فعال»

__________________

(١) الأصل فيهما : غزاو وسراو ، قلبت الواو والياء همزة ، لتطرفها أثر ألف زائدة.

(٢) الخدلة : ممتلئة الساقين.

(٣) اليعر : الجدي يربط في الزبية للأسد ليقع فيما وفي المثل «أذل من يعر»


ك «طويل وطويلة» وجمعهما «طوال» ولم يأت من هذا الباب إلّا ثلاث كلمات «طويل وقويم وصويب» (١) وشاع جمع «فعال» في كلّ وصف على «فعلان» ومؤنثيه «فعلى وفعلانة» نحو «غضبان» و «غضبى» وجمعهما «غضاب» و «ندمان وندمانة» وجمعهما «ندام» أو «فعلان» وأنثاه «فعلانة» نحو «خمصان وخمصانة» وجمعهما «خماص» وعليها الحديث «تغدو خماصا وتروح بطانا» ، ويحفظ في «فعول» ك «خروف» وجمعها «خراف» و «فعلة» ك : «لقحة» وجمعها «لقاح» و «فعل» ك «نمر» وجمعها «نمار» و «فعلة» ك «نمرة» وجمعها «نمار» و «فعالة» ك «عباءة» وجمعها «عباء» وفي وصف على «فاعل» ك «صائم» وجمعها «صيام» أو «فاعلة» ك «صائمة» وجمعها أيضا «صيام» أو «فعلى» ك «أنثى» وجمعها «إناث» أو «فعال» ك «جواد» وجمعها «جياد» أو «فعال» ك «هجان» للمفرد والجمع أو «أفعل» ك «أعجف وجمعها «عجاف» وفي اسم على «فعلة» ك «برمة» وجمعها «برام» أو «فعل» ك «ربع» وجمعها «رباع» أو «فعل» ك «رجل» وجمعها «رجال».

١٣ ـ الجمع على «فعول» :

«فعول» بضم الفاء والعين يطرد في أربعة أشياء :

(أحدها) اسم على «فعل» ك «كبد» و «وعل» و «نمر» تقول في جمعها «كبود» و «وعول» و «نمور» والثلاثة الباقية «فعل وفعل وفعل» فالأوّل نحو «كعب وجمعها «كعوب» والثاني نحو «حمل» وجمعها «حمول والثالث نحو «جند» وجمعها «جنود» فخرج الوصف ك «صعب» و «جلف» و «حلو».

ويشترط ألّا تكون عين المفتوح أو المضموم «واوا» ك «حوض» و «حوت». ولا لام المضموم «ياء» ، وشذّ في «نؤي» (٢) جمعها على «نؤيّ» (٣)

__________________

(١) من قولهم : سهم صويب أي صائب ، كما يقول ابن جني.

(٢) النؤي : حفيرة تجعل حول الخباء لئلا يدخله المطر

(٣) أصل الجمع «نؤوي» على وزن «فعول» اجتمع فيه الواو والياء وسبقت إحداهما بالسكون فقلبت الواو ياء والضمة كسرة لتسلم الياء ، ثم أدغمت إحدى الياءين في الأخرى لماثلهما فصار «نؤيا» ويقال فيه أيضا «نئي» بكسرتين اتباعا لكسرة الهمزة.


ولا مضاعفا ك «خفّ» و «مدّ» ويحفظ في «فعل» ك «أسد وشجن (١) وندب (٢) وذكر» فيقال في جموعهما «أسود وشجون وندوب وذكور»

١٤ ـ الجمع على «فعلان» :

«فعلان» بكسر أوّله وسكون ثانيه يطرد في اسم على «فعال» ك «غلام» و «غراب» وجمعهما «غلمان» و «غربان».

أو على «فعل» ك «صرد» وجمعها «صردان» و «جرذ» وجمعها «جرذان».

أو على «فعل» واويّ العين ك «حوت» وجمعها «حيتان» و «كوز» وجمعها «كيزان» أو على «فعل» ك «تاج» وجمعها «تيجان» و «ساج» وجمعها «سيجان» و «خال» وجمعها «خيلان» و «جار» وجمعها «جيران» و «قاع» وجمعها «قيعان».

وقل في نحو «قنو» وجمعها «قنوان» و «غزال» وجمعها «غزلان» و «خروف» وجمعها «خرفان» و «ظليم» وجمعها «ظلمان» و «حائط» وجمعها «حيطان» و «نسوة» وجمعها «نسوان» و «عبد» وجمعها «عبدان» و «ضيف» و «ضيفان» و «شجاع» و «شجعان» (٣) و «شيخ» و «شيخان» و «أخ» و «إخوان».

١٥ ـ الجمع على «فعلان» :

«فعلان» ـ بضم الفاء وسكون العين ـ مقيس في اسم على «فعل» ك «بطن» وجمعها «بطنان» و «ظهر» وجمعها «ظهران».

أو على «فعل» صحيح العين نحو «ذكر» وجمعها «ذكران» و «جمل» وجمعها «جملان».

أو على «فعيل» ك «قضيب» وجمعها «قضبان» و «رغيف وجمعها» رغفان» ويحفظ في نحو «راكب» وجمعها «ركبان» و «راجل» وجمعها «رجلان» و «أسود» وجمعها «سودان» و «أعمى» وجمعها «عميان» و «زقاق» وجمعها «زقّان».

١٦ ـ الجمع على «فعلاء» :

«فعلاء» ـ بضم أوّله وفتح العين ـ يطّرد في وصف مذكّر عاقل دالّ على سجيّة مدح أو ذمّ على زنة

__________________

(١) الشجن : الحزن.

(٢) الندب : أثر الجرح.

(٣) في القاموس : شجعان بالضم والكسر.


«فعيل» بمعنى فاعل غير مضاعف ولا معتلّ اللّام ك «ظريف» وجمعها «ظرفاء» و «كريم» وجمعها «كرماء» و «بخيل» وجمعها «بخلاء».

أو بمعنى «مفعل» كسميع بمعنى مسمع وجمعها «سمعاء» و «أليم» بمعنى مؤلم وجمعها «ألماء».

أو بمعنى «مفاعل» ك «خليط» بمعنى مخالط ، وجمعها «خلطاء» و «جليس» بمعنى مجالس ، وجمعها «جلساء» وشذّ في «أسير» و «قتيل» «أسراء» و «قتلاء» لأنهما بمعنى مفعول.

وكثر في «فاعل» دالا على معنى كالغريزة ك «عاقل» وجمعها «عقلاء» و «صالح» وجمعها «صلحاء» و «شاعر» وجمعها «شعراء» وشذ في «جبان» وجمعها «جبناء» و «خليفة» وجمعها «خلفاء» و «سمح» «سمحاء» و «ودود» «ودداء» لأنها ليست فعيل ولا فاعل.

١٧ ـ الجمع على «أفعلاء» :

«أفعلاء» ، وهو نائب عن «فعلاء» في فعيل المتقدم بشرط التضعيف نحو «شديد» وجمعه «أشدّاء» وعزيز وجمعه «أعزّاء».

أو اعتلال اللام ك «وليّ» وجمعه «أولياء» و «غني» وجمعه «أغنياء».

وشذّ في غيرهما نحو «نصيب» وجمعه «أنصباء» و «صديق» وجمعه «أصدقاء» و «هيّن» وجمعه «أهوناء».

١٨ ـ الجمع على «فواعل» :

«فواعل» يطرد في سبعة :

(١) في «فاعلة» اسما أو صفة ك (ناصِيَةٍ كاذِبَةٍ خاطِئَةٍ)(١) فجمعها :

«نواص وكواذب وخواطئ».

(٢) في اسم على «فوعل» ك «جوهر وجمعه «جواهر» و «كوثر» وجمعه «كواثر».

(٣) أو «فوعلة» ك «صومعة» وجمعها «صوامع» و «زوبعة» وجمعها «زوابع».

(٤) أو «فاعل» بالفتح ك «خاتم» وجمعه «خواتم» و «قالب» وجمعه «قوالب» و «طابع» وجمعه «طوابع».

(٥) أو «فاعلاء» نحو «قاصعاء» وجمعها «قواصع» و «نافقاء» وجمعها «نوافق».

__________________

(١) الآية «١٦» العلق (٩٦)


(٦) أو «فاعل» ك «جائز» وجمعه «جوائز» و «كاهل» وجمعه «كواهل».

(٧) أو في وصف على فاعل لمؤنّث ك «حائض» وجمعها «حوائض» و «طالق» وجمعها «طوالق» ـ أو لمذكّر غير عاقل ك «صاهل» وجمعه «صواهل» و «شاهق» وجمعه «شواهق».

وشذ في وصف على «فاعل» لمذكّر عاقل نحو : «فارس» وجمعها «فوارس» و «ناكس» وجمعها «نواكس».

١٩ ـ الجمع على «فعائل» :

«فعائل» يطّرد في كلّ رباعيّ مؤنّث ، ثالثه مدّة : ألفا كانت أو واوا أو ياء اسما أو صفة ، وسواء أكان تأنيثه بالتّاء ك «سحابة» وجمعها «سحائب» و «صحيفة» وجمعها «صحائف و «حلوبة» وجمعها «حلائب» و «رسالة» وجمعها «رسائل» و «ذؤابة» (١) وجمعها «ذوائب» و «ظريفة» وجمعها «ظرائف» ـ أم كان تأنيثه بالمعنى ك «شمال» (٢) وجمعها «شمائل» و «عجوز» وجمعها «عجائز» أم تأنيثه بالألف المقصورة ك «حبارى» وجمعها «حبائر» أم بالمدودة ك «جلولاء» (٣) وجمعها «جلائل».

وشذّ في «ضرّة» «ضرائر» و «كنّة» «كنائن» و «حرّة» «حرائر» لأنهنّ ثلاثيّات.

٢٠ ـ الجمع على «فعالي» :

«فعالي» ـ بفتح أوّله وثانيه ـ يطرد في سبعة : «فعلاة» ك «موماة» (٤) وجمعها «موام» ، و «فعلاة» ك : «سعلاة» (٥) وجمعها «سعال» و «فعلية» ك «هبرية» (٦) وجمعها «هبار» و «حذرية» (٧) وجمعها «حذار» و «فعلوة» ك «عرقوة» (٨) وجمعها «عراق» وفيما حذف أول زائديه من نحو «حبنطى» (٩) وجمعها

__________________

(١) الذؤابة : الضفيرة المرسلة من الشعر وطرف العمامة والسوط.

(٢) الشمال : مقابل اليمين.

(٣) جلولاء : قرية بفارس.

(٤) الموماة : الصحراء.

(٥) السعلاة : الغول.

(٦) الهبرية كشرذمة : ما طار من زغب القطن.

(٧) الحذرية : القطعة الغليظة من الأرض.

(٨) العرقوة : الخشبة المعترضة على رأس الدلو.

(٩) حبنطى : معناه الممتلئ غيظا أو بطنة والزائدان فيه : النون والألف ليلحق بسفرجل.


«حباط» و «قلنسوة» وجمعها «قلاس» و «عفرنى» (١) وجمعها «عفار» و «عدولى» (٢) وجمعها «عدال».

٢١ ـ جمع الكثرة على «فعالى» :

«فعالى» ـ بفتح أوله وثانيه ـ يطرد في وصف على «فعلان» نحو «سكران» وجمعها «سكارى» و «غضبان» وجمعها «غضابى» أو «فعلى» نحو «سكرى» وجمعها : «سكارى».

ويحفظ في نحو «حبط» (٣) وجمعها «حباطى» و «يتيم» وجمعها «يتامى» و «أيّم» (٤) وجمعها «أيامى» و «طاهر» وجمعها «طهارى» و «شاة رئيس» (٥) وجمعها «رآسى».

ويترجح «فعالى» بالضم على «فعالى» بالفتح في «فعلان» و «فعلى» المار ذكرهما.

ويلزم «فعالى» بالضم في «قديم» وجمعها «قدامى» و «أسير» وجمعها «أسارى».

ويمتنع في «حبط» وما بعده.

ويشترك «فعالي وفعالى» في أنواع : الأوّل : «فعلاء» اسما ك «صحراء» تقول في جمعها «صحاري» و «صحارى».

الثاني : «فعلى» اسما نحو «علقى» وجمعها «علاق» و «علاقى» والثالث : «فعلى» نحو «ذفرى» وجمعها «ذفار» و «ذفارى».

والرابع : «فعلى» وصفا لا لأنثى أفعل ، نحو «حبلى» وجمعها «حبال» و «حبالى».

الخامس : «فعلاء» وصفا لأنثى غير أفعل نحو «عذراء» وجمعها : «عذار» و «عذارى».

٢٢ ـ الجمع على «فعاليّ» :

«فعاليّ» بالفتح في الفاء والتشديد في الياء يطرد في كل ثلاثي ساكن العين ، آخره ياء مشدّدة زائدة على الثلاثة غير متجدّدة للنّسب ك «بختيّ» و «كرسيّ» و «قمريّ» وجمعها «بخاتيّ» و «كراسيّ» و «قماريّ» بخلاف نحو «عربيّ» و «عجمي»

__________________

(١) الزائدان في «عفرنى» الألف والنون.

و «العفرنى» : الأسد.

(٢) الزائدان في عدولى الواو والألف. و «عدولى» قرية بالبحرين.

(٣) الحبط : البعير المنتفخ لوجع.

(٤) «الأيم» من لا زوجة له ، أو لا زوج لها.

(٥) الشاة الرئيس : التي أصيب رأسها.


لتحرك العين و «مصريّ» و «بصريّ» لتجدد النسب وشذّ «قبطي» وجمعها «قباطي».

وأمّا «أناسي» فجمع «إنسان» لا جمع «إنسي» لأن «إنسيا» آخره ياء النسب ، و «أناسي» أصله : أناسين ، فأبدلوا النون ياء وأدغموا الياءين كما قالوا «ظربان» و «ظرابيّ» وأصلها أيضا «ظرابين».

٢٣ ـ الجمع على «فعالل» :

«فعالل» يطرد في أربعة أنواع :

الرباعي والخماسي مجرّدين ومزيدا فيهما : فالرباعي ك «جعفر» (١) و «برثن» (٢) و «زبرج» (٣) وجمعها ، «جعافر» و «براثن» و «زبارج» وهذا لا يحذف منه شيء. والحماسيّ ك «سفرجل» و «جحمرش» (٤) ويجب حذف خامسه لأن الثقل حصل به ، فتقول في جمعها «سفارج» و «جحامر» ولك حذف الحرف الرابع أو الخامس. إن كان الحرف الرابع من الخماسي مشبها للحروف التي تزاد (٥) إما بكونه بلفظ أحدها ك «خدرنق» (٦) ورابعه نون وهي من حروف الزيادة ، وإن كانت ليست زائدة هنا.

أو بكونه من مخرجه ك «فرزدق» فإن الدال رابعة من مخرج التاء فتقول في جمعهما «خدارق» و «فرازق» أو «خدارن» و «فرازد» وهو الأجود.

أمّا إذا كان الحرف الخامس مشبها للزائد في اللفظ فيتعين حذفه ك :

«قذعمل» (٧) وجمعه «قذاعم».

والمزيد على الرباعي نحو «مدحرج» و «متدحرج» و «كنهور» (٨) و «هبيّخ» (٩) ويجب فيه حذف الزائد ، تقول في الجمع «دحارج» و «كناهر» و «هبايخ».

والمزيد على الخماسي ك «قطربوس» (١٠) و «خندريس» (١١) و «قبعثرى» (١٢)

__________________

(١) جعفر : النهر الصغير.

(٢) البرثن : مخلب الأسد.

(٣) الزبرج : الزينة من وشي أو جوهر.

(٤) الجحمرش : العجوز الكبيرة والمرأة السمجة.

(٥) حروف الزيادة عشرة مجموعة في قولك : «سألتمونيها».

(٦) الخدرنق : العنكبوت.

(٧) القذعمل : الضخم من الإبل.

(٨) الكنهور : الضخم من الرجال ، ومن السحاب : قطع كالجبال.

(٩) الهبيخ : الغلام الممتلئ لحما.

(١٠) القطربوس : الناقة السريعة.

(١١) الخندريس : الخمر.

(١٢) القبعثرى : الجمل العظيم.


ويجب فيه أيضا حذف الزائد مع الخامس تقول في جمعها : «قراطب» و «خنادر» «قباعث».

إلّا إذا كان الزائد لينا رابعا قبل الآخر فيهما فيثبت ، ثم إن كان ياء صحح نحو «قنديل» و «قناديل» فإن كان واوا أو «ألفا» قلبا ياءين نحو «عصفور» و «عصافير» و «سرداح» (١) و «سراديح» و «غرنيق (٢) و «غرانيق» و «فردوس فراديس».

٢٤ ـ الجمع على شبه «فعالل» :

شبه فعالل : هو ما ماثله عددا وهيئة ، وإن خالفه في الوزن ك «مفاعل وفياعل وفواعل» وهو يطرد في مزيد الثلاثي غير ما تقدم من نحو «أحمر وسكران وصائم ورام» و «باب كبرى وسكرى» فإنه تقدم لها جموع تكسير.

ويحذف منه ما يخل بصيغة الجمع من الزوائد فقط ، فلا تحذف زيادته إن كانت واحدة ، سواء أكانت أوّلا أم وسطا أم آخرا لإلحاق أو غيره ك «أفضل ومسجد وجوهر وصيرف وعلقى» وجمعها «أفاضل ومساجد وجواهر وصيارف وعلاق».

ويحذف ما زاد عليها ، فتحذف زيادة واحدة من نحو «منطلق» واثنتان من نحو «مستخرج ومتذكّر».

ويتعين إبقاء ما له مزية لفظية ومعنويّة أو لفظيّة فقط أو ما لا يغني حذفه عن حذف غيره ، فالأوّل كالميم في «منطلق» فتقول في جمعها «مطالق» لا : نطالق ، لأن الميم تفضل النون لدلالتها على الفاعل. وتصديرها واختصاصها بالاسم.

ومثله نقول في جمع «مستدع» و «مداع» بحذف السين والتاء لأن بقاءهما يخل ببنية الجمع ، مع فضل الميم بما تقدّم.

والثاني : كالتاء في «استخراج» علما ، تقول في جمعه «تخاريج» بحذف السين وإبقاء التاء ، لأنّ له نظيرا وهو «تماثيل» ولا تقل «سخاريج» إذ لا وجود ل «سفاعيل».

والثالث : ك «واو» «حيزبون» (٣) تقول في جمعها «حزابين» بحذف الياء ، وقلب الواو ياء. ولا تقل : حيازين بحذف الواو لأنّ حذفها يعني حذف الياء ولا يقع بعد ألف

__________________

(١) السرداح : الناقة الطويلة أو الكريمة.

(٢) الغرنيق : طائر الماء أو هو الكركي.

(٣) الحيزبون : العجوز ، ونونه زائدة عند أكثر اللغويين وأئمة اللغة.


التكسير ثلاثة أحرف أوسطهن ساكن إلّا وهو حرف معتل مثل «مصابيح» فإن لم توجد مزيّة ما فأنت بالخيار مثل نوني «سرندى» (١) و «علندى» (٢) فتقول : «سراند» و «علاند» أو «سراد» و «و «علاد» وزن «جوار».

٢٥ ـ فوائد تتعلق بجمع التكسير :

منها :

(١) يجوز تعويض ياء قبل الطرف مما حذف ، أصلا كان أو زائدا ، فتقول في جمع «سفرجل» و «منطلق» «سفاريج» و «مطاليق»

(٢) أجاز الكوفيون : زيادة الياء في مماثل «مفاعل» وحذفها في مماثل «مفاعيل» فيجيزون في «جعافر» «جعافير» وفي «عصافير» «عصافر» ومن الأوّل قوله تعالى (وَلَوْ أَلْقى مَعاذِيرَهُ)(٣) ومن الثاني (وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ)(٤) أمّا «فواعل» فلا يقال «فواعيل» إلّا شذوذا كقوله «سوابيغ (٥) بيض لا يخرّقها النّبل».

(٣) لا يجمع جمع تكسير ما جرى على الفعل من اسمي الفاعل والمفعول وأوله ميم نحو «مضروب» و «مكرم» و «مختار» لمشابهته الفعل لفظا ومعنى.

بل قياسه جمع التّصحيح ، ويستثنى «مفعل» وصفا للمؤنث نحو «مرضع» وجمعها : «مراضع».

وجاء شذوذا في نحو «ملعون» و «ميمون» و «مشئوم» ويجمع على «ملاعين» و «ميامين» و «مشائيم» قال الأحوص اليربوعي :

مشائيم ليسوا مصلحين عشيرة

ولا ناعب إلّا بشؤم غرابها

كما شذّ في «مفعل» ك «موسر» و «مفطر» فجمع على «مياسير» و «مفاطير» وفي مفعل ك «منكر» «مناكير».

جمع الجمع ـ قد تستدعي الحال «جمع الجمع» كما تستدعي «تثنية الجمع» فكما يقال في جماعتين من «الجمال» «جمالان» يقال في جماعات الجمال «جمالات» ، ومنه (كَأَنَّهُ جِمالَتٌ صُفْرٌ)(٦)

__________________

(١) سرندى : الجريء القوي.

(٢) العلندى : البعير الضخم.

(٣) الآية «١٥» القيامة (٧٥).

(٤) الآية «٥٩» الأنعام (٦).

(٥) سوابيغ : جمع سابغة : وهي الدرع الواسعة.

(٦) الآية «٣٣» المرسلات (٧٧). وقراءة حفص : جمالة.


ويجمعون «رجالا» و «بيوتا» فيقولون «رجالات» قريش و «بيوتات» العرب ولا يطلق على أقلّ من تسعة.

وإذا قصد تكسير مكسّر نظر إلى ما يشاكله من الآحاد ، فيكسّر بمثل تكسيره كقولهم في «أعبد» «أعابد» تشبيها لها (١) ب «أسود» و «أساود» وفي «أسلحة» «أسالح» تشبيها لها ب «أجردة» و «أجارد».

وفي «أقوال» «أقاويل» تشبيها لها ب «أعصار» و «أعاصير» وما كان من الجموع على زنة «مفاعل» أو «مفاعيل» لم يجز تكسيره ، لأنه لا نظير له في الآحاد حتى يحمل عليه ولكنه قد يجمع بالواو والنون كقولهم في «نواكس» «نواكسون» وفي «أيامن» «أيامنون» وبالألف والتاء كقولهم في «خرائد» «خرائدات» وفي «صواحب» «صواحبات» وفي الحديث : «إنّكنّ لأنتنّ صواحبات يوسف».

جمع العلم المنقول من جملة والمركب والجمع ـ

إذا قصدنا جمع علم منقول من جملة نحو «جاد الحق» توصلنا إلى ذلك ب «ذو» مجموعا ، فنقول «ذو وجاد الحق» كما نقول في التثنية «هما ذوا جاد الحق» ومثله المركب فتقول «هؤلاء ذو وسيبويه» والمثنى «هذان ذوا سيبويه» والمثنى والمجموع جمع المذكر السالم المسمى بهما. إذا أردنا تثنيتهما أو جمعهما أتينا لذلك ب «ذو» مثنى أو مجموعا فتقول «هذان ذوا حسنين» و «هؤلاء ذو وخالدين».

جمع ما صدره «ذو» أو «ابن» ـ

من أسماء ما لا يعقل ما صدّر ب «ذو» أو «ابن» وكلاهما يجمع «بألف وتاء» فتقول في جمع «ذي القعدة» «ذوات القعدة» وفي جمع «ابن عرس» «بنات عرس».

جمع المذكّر السّالم ـ

١ ـ تعريفه :

هو ما دلّ على أكثر من اثنين ، وأغنى عن المتعاطفين (٢) ، ولم يتغيّر بناء مفرده.

٢ ـ ما يجمع هذا الجمع :

__________________

(١) في عدد الحروف ومطلق الحركات والسكنات.

(٢) أي إن قولك «محمدون» يغني عن : محمد ومحمد ومحمد الخ.


لا يجمع هذا الجمع إلّا ما كان «اسما» أو «صفة».

فالأوّل ك «زيد» وجمعها «زيدون» والثاني ك «عالم» وجمعها «عالمون».

٣ ـ شروط «الاسم» :

يشترط في الاسم أن يكون علما ، لمذكّر ، عاقل ، خاليا من تاء التّأنيث ، ومن التركيب ، ليس ممّا يعرب بحرفين. فلا يجمع ما كان من الأسماء غير علم ك «إنسان» ، أو علما لمؤنث ك «زينب» أو علما لغير عاقل ك «لاحق» علم لفرس ، أو ما فيه تاء التّأنيث ك «طلحة» أو المركّب المزجي ك «بختنصّر» أو الإسنادي ك «جاد المولى» وما كان معربا بحرفين كالمسمّى به من المثنى والجمع ك «حسنين» و «محمدين» علمين.

٤ ـ شروط الصفة :

يشترط في الصفة أن تكون صفة لمذكّر ، عاقل ، خالية من تاء التّأنيث ، ليست من باب أفعل فعلاء ، ولا فعلان فعلى ، ولا ممّا يستوي في الوصف به المذكّر والمؤنث ؛ فلا تجمع جمع مذكّر سالما الصفات لمؤنث ك «طامث» ، أو لمذكّر غير عاقل ك «سابق» صفة لفرس ، أو التي فيها تاء التّأنيث ك «نسّابة» و «علّامة» ، أو ما كانت من باب «أفعل» الذي مؤنّثة «فعلاء» ك «أسود» و «سوداء» ، أو فعلان الذي مؤنّثه «فعلى» ك «غضبان» و «غضبى». ولا الصّفات التي يستوي فيها المذكر والمؤنّث ك «عانس» لمن لم يتزوّج رجلا كان أو امرأة و «عروس» يقال للرجل والمرأة ما داما في إعراسهما.

٥ ـ إعراب الجمع المذكّر السالم :

يرفع الجمع المذكّر السّالم بالواو المضموم ما قبلها لفظا نحو «أتى الخالدون» أو تقديرا نحو «وأنتم الأعلون».

وينصب ويجر بالياء المكسور ما قبلها لفظا نحو : «رأيت الخالدين» و «نظرت إلى الخالدين». أو تقديرا نحو «رأيت المصطفين» و (وَإِنَّهُمْ عِنْدَنا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ)(١).

٦ ـ إعراب جمع المذكّر السّالم المرفوع إذا أضيف إلى ياء المتكلم :

__________________

(١) الآية «٤٧» ص (٣٨).


تقدر الواو رفعا في جمع المذكّر السالم ، إذا أضيف إلى ياء المتكلم نحو «جاء مسلميّ».

٧ ـ كيف يجمع المذكّر السّالم :

إذا كان المفرد منقوصا حذفت في الجمع ياؤه وكسرتها ويضمّ ما قبل الواو ، ويكسر ما قبل الياء فتقول : «جاء القاضون والداعون» و «رأيت القاضين والدّاعين».

وإذا كان مقصورا تحذف ألفه دون فتحتها فتقول في جمع «موسى» «موسون» وفي التنزيل (وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ)(١)(وَإِنَّهُمْ عِنْدَنا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيارِ)(٢)

وحكم الممدود في الجمع كحكمه في التّثنية (٣) فتقول في «وضّاء» «وضّاؤون» وفي «حمراء» علما «حمراوون» ويجوز الوجهان في «علباء (٤) وكساء» علمين لمذكر ، فتقول : «علباؤون» و «علباوون» ، ومثلها : «كساء»

٨ ـ الملحق بجمع المذكّر السّالم :

حمل النحاة على هذا الجمع أربعة أنواع.

(أحدها) أسماء جموع وهي «أولو» (٥) بمعنى أصحاب ، و «عالمون» (٦) و «عشرون» وبابه إلى «التسعين».

(الثاني) جموع تكسير وهي «بنون» و «حرّون» (٧) و «أرضون» و «سنون» وبابه ، وضابطه : «كلّ ثلاثي حذفت لامه ، وعوّض عنها هاء التّأنيث ولم يكسّر» نحو «عضة» (٨) وعضين» و «عزة (٩) وعزين» و «ثبة وثبين» (١٠) قال الله تعالى (قالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ)(١١) وقال (الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ)(١٢) وقال : (عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ عِزِينَ)(١٣)

__________________

(١) الآية «١٣٩ «آل عمران (٣).

(٢) الآية «٤٧» ص (٣٨).

(٣) انظر : المثنى.

(٤) العلباء : عصبة العنق وهما علباوان.

(٥) اسم جمع ل «ذو» بمعنى صاحب.

(٦) اسم جمع عالم. وهو أصناف الخلق عقلاء أو غيرهم.

(٧) حرون : جمع حرة : وهي أرض ذات حجارة سود.

(٨) عضة : من عضّيته وعضّوته تعضية : أي فرقته أو من العضة وهو البهتان.

(٩) العزة : الفرقة من الناس.

(١٠) الثبة : هي الجماعة.

(١١) الآية «١١٣» المؤمنون (٢٣).

(١٢) الآية «٩١» الحجر (١٥).

(١٣) الآية «٣٧» المعارج (٧٠).


وأصل سنة «سنو» أو «سنه» لقولهم في الجمع «سنوات وسنهات» فحذفت لامه وهي الواو أو الهاء ، وعوض عنها هاء التّأنيث وهي الهاء من «سنة» ولم تكسّر أي ليس لها جمع تكسير فلا تجمع «شجرة وثمرة» لعدم الحذف ، ولا «زنة وعدة» لأن المحذوف منهما الفاء ، وأصلهما «وزن ووعد» ولا «يد ودم» وأصلهما يدي ، ودمي لعدم التعويض من لامهما المحذوفة ، وخالف ذلك «أبون وأخون» لجمعهما مع عدم التعويض ، ولا «اسم وأخت وبنت» لأن العوض غير الهاء ، وشذ «بنون» لأن المعوّض عنه همزة الوصل ولا «شاة وشفة» لأنّهما كسّرا على «شياه وشفاه» (الثالث) جموع تصحيح لم تستوف الشروط ك «أهلون» جمع أهل ، وهم العشيرة ، و «وابلون» جمع وابل وهو المطر الغزير ، لأنّ «أهلا ووابلا» ليسا علمين ولا صفتين ولأنّ «وابلا» لغير العاقل.

(الرّابع) ما سمّي به من هذا الجمع ك «عابدين» ، وما ألحق به ك «علّيّين» قال الله تعالى (إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ ، وَما أَدْراكَ ما عِلِّيُّونَ)(١) فيعربان بالحروف إجراء لهما على ما كانا عليه قبل التّسمية بهما ، ويجوز في هذا النوع أن يجري مجرى «غسلين» في لزوم الياء ، والإعراب بالحركات الثلاثة ظاهرة منونة إن لم يكن أعجميا فتقول «هذا عابدين وعليّيين» و «رأيت عابدينا وعلّيّينا» و «نظرت إلى عابدين وعليّيين.» فإن كان أعجميا امتنع التّنوين ، وأعرب إعراب ما لا ينصرف فنقول «هذه قنّسرين» (٢) و «سكنت قنّسرين» و «مررت بقنّسرين» (٣)

٩ ـ حكم نون الجمع المذكّر وما حمل عليه :

نون الجمع المذكّر السالم وما حمل عليه مفتوحة بعد الواو والياء ، هذا هو الأصل وكسرها جائز في الشعر بعد الياء كقول جرير :

عرفنا جعفرا وبني أبيه

__________________

(١) الآية «١٩ و ٢٠» المطففين (٨٣).

(٢) قنسرين : كورة بالشام منها حلب ، وكانت مدينة عامرة إلى سنة ٣٥١.

(٣) وهناك لغات أخرى دون ما ذكرنا نجدها في المطولات من كتب النحو.


وأنكرنا زعانف آخرين (١)

الجمل لا محلّ لها من الإعراب ـ

الأصل في الجمل أن تكون كلاما مستقلّا غير مرتبط بغيره ، فلا يكون لها محلّ من الإعراب وهي سبع جمل :

(١) الجمل المستأنفة وهي ضربان :

(أحدهما) الجملة التي افتتح بها النطق نحو «المؤمن القويّ خير من المؤمن الضّعيف».

(ثانيهما) الواقعة في أثناء النطق ، وهي مقطوعة عما قبلها نحو قوله تعالى (إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً)(٢) بعد قوله تعالى (وَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ)(٣) وليست مقول القول لفساد المعنى.

(٢) الجملة المعترضة لإفادة تقوية الكلام أو تحسينه ولها مواضع :

(أ) بين الفعل ومرفوعه ، نحو :

وقد أدركتني ـ والحوادث جمة ـ

أسنّة قوم لا ضعاف ولا عزل

(ب) ما بين المبتدأ ـ ولو بحسب الأصل ـ وخبره نحو :

إنّ الثمانين ـ وبلّغتها ـ

قد أحوجت سمعي إلى ترجمان

(ج) بين الشرط وجوابه نحو (فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا ـ وَلَنْ تَفْعَلُوا ـ فَاتَّقُوا النَّارَ)(٤).

(د) بين القسم وجوابه نحو :

لعمري ـ وما عمري عليّ بهيّن ـ

لقد نطقت بطلا عليّ الأقارع

(ه) بين الصفة والموصوف نحو (وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ ـ لَوْ تَعْلَمُونَ ـ عَظِيمٌ)(٥).

(و) بين الصلة والموصول نحو «هذا الذي ـ والله ـ أكرمني».

(ز) بين المتضايفين نحو «هذا كتاب ـ والله ـ أبيك».

(ح) بين الحرف وتوكيده اللفظي نحو :

ليت ـ وهل ينفع شيئا ليت

ليت شبابا بوع فاشتريت

(ط) بين سوف ومدخولها نحو قول زهير :

وما أدري وسوف ـ إخال ـ أدري

أقوم آل حصن أم نساء

(٣) الجملة المفسرة ، وهي الموضّحة لما قبلها ، سواء أكان مفردا أم جملة ، وسواء أكانت مقرونة «بأي» أو «بأن» أو مجرّدة منهما ،

__________________

(١) الرواية بكسر النون من «آخرين» وهو جمع آخر بفتح الخاء بمعنى مغاير ، و «جعفر وبنو أبيه» : أولاد ثعلبة بن يربوع و «الزعانف» جمع زعنفة : وهو القصير ، وأراد به الأدعياء الذين ليس أصلهم واحدا.

(٢) الآية «٦٥» يونس (١٠).

(٢) الآية «٦٥» يونس (١٠).

(٣) الآية «٢٤» البقرة (٢).

(٤) الآية «٧٦» الواقعة (٥٦).


وسواء أكانت خبريّة أم إنشائيّة نحو :

«وترمينني بالطّرف أي أنت مذنب» ونحو (فَأَوْحَيْنا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ)(١)

(٤) الجملة المجاب بها القسم نحو (وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ ، إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ)(٢).

(٥) الجملة المجاب بها شرط غير جازم ، أو جازم ولم تقترن هي بالفاء ولا بإذا الفجائيّة نحو «لو أنفقت لربحت» ونحو «إن تقم أقم».

(٦) الجملة الواقعة صلة لموصول اسمي أو موصول حرفي نحو «الذي يجتهد ينجح» ونحو «يسرّني أن تفرح».

(٧) الجملة التّابعة لواحدة من هذه الستة نحو أقبل خالد ولم يسافر علي».

الجمل لها محلّ من الإعراب ـ

الجمل غير المستقلة لها محل من الإعراب ، وهي التي لو ذكر بدلها مفرد لكان معربا ، وهي تسع جمل :

(١) الواقعة حالا نحو (لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى)(٣) ومحلّها نصب.

(٢) الواقعة مفعولا ومحلّها النصب ، إلّا إن نابت عن فاعلها فمحلّها الرّفع ، وتقع في ثلاثة مواضع :

«أ» في باب الحكاية بالقول ، أو ما يفيد معناه نحو (قالَ إِنِّي عَبْدُ اللهِ)(٤) «ب» في باب ظنّ وعلم.

«ج» في باب التّعليق ، وهو جائز في كلّ فعل قلبي سواء أكان من باب ظنّ أو غيره ، نحو (لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصى)(٥).

(٣) الجملة المضاف إليها ، ومحلّها الجر ، ولا يضاف إلى الجملة إلّا ثمانية :

(أحدها) أسماء الزمان ظروفا كانت أم لا نحو (وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ)(٦) ونحو (هذا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ)(٧).

(ثانيها) «حيث» نحو (اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ)(٨).

__________________

(١) الآية «٢٧» المؤمنون (٢٣).

(٢) الآية «٢» يس (٣٦).

(٣) الآية «٤٢» النساء (٤).

(٤) الآية «٣٠» مريم (١٩).

(٥) الآية «١٢» الكهف (١٨).

(٦) الآية «٣٣» مريم (١٩).

(٧) الآية «٣٥» المرسلات (٧٧).

(٨) الآية «١٢٤» الأنعام (٦).


(ثالثها) «آية» بمعنى علامة ، وتضاف جوازا إلى الجملة الفعلية المتصرّف فعلها مثبتا أو منفيا ب «ما» نحو قوله :

بآية يقدمون الخيل شعثا

كأنّ على سنابكها مداما (١)

(رابعها) «ذو» في قولهم «اذهب بذي تسلم ، أي في وقت صاحب سلامة.

(خامسها) «لدن» نحو :

لزمنا لدن سالمتمونا وفاقكم

فلا يك منكم للخلاف جنوح

(سادسها) «ريث» بمعنى قدر نحو :

خليليّ رفقا ريث أقضي لبانة

من العرصات المذكرات عهودا

(سابعها) لفظ «قول» نحو :

قول : يا للرّجال ينهض منّا

مسرعين الكهول والشّبّانا

(ثامنها) لفظ «قائل» نحو :

وأجبت قائل : كيف أنت بصالح

حتّى مللت وملّني عوّادي

(٤) الجملة الواقعة خبرا وموضعها رفع ، في بابي «المبتدأ ، وإن» نحو «خالد يكتب» و «إن عليّا يلعب» ونصب في بابي «كان وكاد» نحو «كان أخي يجد» و «كاد الجوع يقتل صاحبه».

(٥) الجملة الواقعة بعد «الفاء وإذا» جوابا لشرط جازم نحو (إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللهُ فَلا غالِبَ لَكُمْ)(٢) ونحو (وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذا هُمْ يَقْنَطُونَ)(٣).

(٦) الجملة التّابعة لمفرد ، وهي مثله إعرابا ، وتقع في باب النعت نحو (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ)(٤).

وفي باب عطف النّسق نحو «محمّد مجتهد وأخوه معتن بشأنه».

وفي باب البدل نحو (ما يُقالُ لَكَ إِلَّا ما قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقابٍ أَلِيمٍ)(٥).

(٧) الجملة المستثناة نحو (لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ إِلَّا مَنْ تَوَلَّى

__________________

(١) شبه ما يتصبب من عرقها ودمعها من الجهد والتعب بالمدام.

(٢) الآية «١٦٠» آل عمران» (٣).

(٣) الآية «٣٦» الروم (٣٠).

(٤) الآية (٢٥٤» البقرة (٢).

(٥) الآية «٤٣» فصلت (٤١).


وَكَفَرَ. فَيُعَذِّبُهُ اللهُ)(١) فمن مبتدأ ويعذّبه الله خبر والجملة في موضع نصب على الاستثناء المنقطع.

(٨) الجملة المسند إليها ، نحو (سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ)(٢) ـ إذا أعرب «سواء» خبرا عن أأنذرتهم

(٩) الجملة التّابعة لواحدة من هذه الجمل ، وذلك مختصّ بأبواب النسق والبدل والتّأكيد.

الجمل بعد النكرات وبعد المعارف ـ

١ ـ قسما الجمل :

الجمل إمّا خبريّة ، وإمّا إنشائيّة

١ ـ الجمل الخبريّة :

الجمل الخبريّة أربعة أنواع :

(١) المرتبطة بنكرة محضة ، وتكون صفة لها نحو (حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنا كِتاباً نَقْرَؤُهُ)(٣)(لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللهُ مُهْلِكُهُمْ)(٤).

(٢) المرتبطة بمعرفة محضة ، وتكون حالا نحو (لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى)(٥).

(٣) الواقعة بعد نكرة غير محضة ، وتكون محتملة للوصفيّة والحاليّة ، نحو (وَهذا ذِكْرٌ مُبارَكٌ أَنْزَلْناهُ)(٦).

(٤) المرتبطة بمعرفة غير محضة وتكون محتملة أيضا للوصفيّة والحاليّة نحو :

ولقد أمرّ على اللّئيم يسبّني

٢ ـ الجمل الإنشائيّة :

أمّا الجمل الإنشائيّة الواقعة بعد جمل أخرى فلا تكونان نعتا ولا حالا كقولك «هذه دار بعتكها» و «هذه داري بعتكها» فالجملتان هنا مستأنفتان.

الجملة الواقعة صفة ـ شروطها

(ـ الصّفة ٦ / ٣)

جميع ـ من ألفاظ التّوكيد المعنوي ، فإذا لم يرد بها التّوكيد أعربت بحسب موقعها من الكلام نحو «جميع النّاس بخير» (ـ التوكيد).

جواب الشّرط (ـ جوازم المضارع ٧)

جواب الشّرط والعطف عليه ـ

(ـ جوازم المضارع ١١)

جواب الشّرط المقترن بالفاء ـ

(ـ جوازم المضارع ١٠)

الجوازم لفعلين (ـ جوازم المضارع ٣)

__________________

(١) الآية «٢٢ و ٢٣ و ٢٤» الغاشية (٨٨).

(٢) الآية «٦» البقرة (٢).

(٣) الآية «٩٣» الإسراء (١٧).

(٤) الآية «١٦٣» الأعراف (٧)

(٥) الآية «٤٢» النساء (٤).

(٦) الآية «٥٠» الأنبياء (٢١).


جوازم المضارع ـ

١ ـ متى يجزم المضارع؟

يجزم المضارع إذا سبقه جازم من الجوازم ، والجوازم نوعان :

جازم لفعل واحد ، وجازم لفعلين

٢ ـ الجازم لفعل واحد :

الجازم لفعل واحد أربعة (ـ لم ، لمّا ، لام الأمر ، لا النّاهية».

٣ ـ الجازم لفعلين :

الجازم لفعلين : حرفان وهما : «إن وإذما» وعشرة أسماء وهي : «من ، وما ، ومتى ، وأين ، وأيّان ، وأنّى ، وحيثما ، وكيفما ، ومهما ، وأيّ».

وأمثلتها : (وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ)(١) «إذ ما تتعلّم تتقدّم» (وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً)(٢)(وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللهُ)(٣) «متى تتقن العمل تبلغ الأمل» «أين يذهب العالم يجد مستمعا» «أيّان تحسن سريرتك تحمد سيرتك» «أنّى تمش تصادف رزقا»

حيثما تستقم يقدّر لك الل

 ـ ه نجاحا في غابر الأزمان

«كيفما تكن يكن قرينك» «مهما تبطن تظهره الأيّام» «أيّ كتاب تقرأ تستفد».

وكلّ منها ـ كما رأيت ـ يقتضي فعلين يسمّى أوّلهما شرطا.

والثّاني جوابا وجزاء ، ويكونان مضارعين نحو (وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ)(٤) وماضيين نحو (وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنا)(٥) وماضيا فمضارعا ، نحو (مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ)(٦) ، وعكسه وهو قليل كالحديث «من يقم ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له».

ورفع الجواب المسبوق ب «ماض» أو ب «مضارع منفي بلم» قويّ ، وهو حينئذ على تقدير حذف الفاء كقول زهير يمدح هرم بن سنان :

وإن أتاه خليل يوم مسغبة

يقول لا غائب مالي ولا حرم (٧)

__________________

(١) الآية «١٩» الأنفال (٨).

(٢) الآية «٦٩» الفرقان (٢٥).

(٣) الآية «١٩٧» البقرة (٢).

(١) الآية «١٩» الأنفال (٨).

(٤) الآية «٨» الإسراء (١٧).

(٥) الآية «٢٠» الشورى (٤٢).

(٦) المسغبة : المجاعة. حرم : مصدر كالحرمان بمعنى المنع ، والخليل : الفقير من الخلة بالفتح : وهي الحاجة.


ونحو «إن لم تقم أقوم».

ورفع الجواب في غير ذلك ضعيف كقول أبي ذؤيب :

فقلت تحمّل فوق طوقك إنها

مطبّعة من يأتها لا يضيرها (١)

٥ ـ إعراب أسماء الشّرط :

حاصل إعراب أسماء الشّرط أنّ الأداة إن وقعت بعد حرف جرّ أو مضاف فهي في محلّ جرّ نحو «عمّا تسأل أسأل» و «خادم من تكلّم أكلّم» ـ وإن وقعت على زمان أو مكان ، فهي في محلّ نصب على الظّرفيّة لفعل الشرط إن كان تامّا ، وإن كان ناقصا فلخبره ـ وإن وقعت على حدث فهي مفعول مطلق لفعل الشّرط نحو «أيّ عمل تعمل أعمل» ـ أو على ذات ، فإن كان فعل الشرط لازما ، أو متعدّيا واستوفى معموله ، فهي مبتدأ خبره على الأصحّ جملة الجواب نحو «من ينهض للعلم يسم» و «من يفعل الخير لا يعدم جوازيه».

وإن كان متعدّيا غير مستوف لمفعوله فهي مفعول نحو (وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ)(٢)

٦ ـ أدوات الجزم مع «ما» :

أدوات الجزم مع «ما» ثلاثة أصناف :

صنف لا يجزم إلّا مقترنا ب «ما» وهو «حيث وإذ» وصنف لا تلحقه «ما» وهو «من وما ومهما وأنّى» وصنف يجوز فيه الأمران وهو «إن وأيّ ومتى وأين وأيّان».

٧ ـ اقتران الجواب ب «الفاء» :

كلّ جواب يمتنع جعله شرطا (٣) فإنّ الفاء تجب فيه ، وذلك في مواضع ، نظمها بعضهم في قوله :

__________________

(١) الخطاب للبختي من الإبل ، وضمير إنها للقرية ، ومطبعة : مملوءة طعاما.

(٢) الآية «٢١٥» البقرة (٢).

(٣) يجب في الشرط ستة أمور :

(١) أن يكون فعلا غير ماضي المعنى فلا يجوز إن قام زيد أمس قمت.

(٢) ألا يكون طلبا فلا يجوز : إن قم.

(٣) ألا يكون جامدا فلا يجوز إن عسى.

(٤) ألا يكون مقرونا بحرف تنفيس فلا يجوز ان سوف يقم.

(٥) ألا يكون مقرونا ب «قد» فلا يجوز إن قد قام.

(٦) ألا يكون مقرونا بحرف نفي غير «لم» و «لا» فلا يجوز : إن لما يقم ولا إن لن يقوم.


اسميّة طلبيّة وبجامد

وبما ولن وبقد وبالتّنفيس

فالاسميّة ، نحو (وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)(١) والطّلبيّة ، نحو (إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ)(٢) والتي فعلها جامد ، نحو (إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مالاً وَوَلَداً فَعَسى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْراً مِنْ جَنَّتِكَ)(٣) والمصدّرة ب «ما» ، نحو (فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ)(٤) والمصدرة ب «لن» نحو (وَما يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ)(٥) وب «قد» نحو (قالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ)(٦) وبالتنفيس ، نحو (وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ)(٧).

ويجوز أن تغني «إذا» الفجائيّة عن الفاء» إن كانت الأداة «إن» والجواب جملة اسمية غير طلبيّة نحو (وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذا هُمْ يَقْنَطُونَ)(٨).

٨ ـ العطف على الجواب أو الشّرط :

إذا انقضت جملتا الشرط ثمّ جئت بمضارع مقرون «بالفاء» أو «الواو» فلك «جزمه» بالعطف على لفظ الجواب إن كان مضارعا ، وعلى محلّه إن كان ماضيا أو جملة ، أو «رفعه» على الاستئناف.

وقليل نصبه بأن مضمرة وجوبا لشبه الشّرط بالاستفهام في عدم التحقّق وقد قرئ بهنّ قوله تعالى (وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء) (٩) وكذلك (من يضلل الله فلا هادي له ويذرهم) (١٠)

٩ ـ توسّط «المضارع» المقرون بالفاء أو بالواو بين جملتي الشّرط : إذا توسّط بهذا الشّكل ، فالوجه الجزم ، ويجوز النّصب ، ويمتنع الرّفع إذ لا يصحّ الاستئناف قبل

__________________

(١) الآية «١٧» من الأنعام (٦).

(٢) الآية «٣١» آل عمران (٣).

(٣) الآية «٤١» الكهف (١٨).

(٤) الآية «٧٢» يونس (١٠).

(٥) الآية «١١٥» آل عمران (٣).

(٦) الآية «٧٧» يوسف (١٢).

(٧) الآية «٢٩» التوبة (٩).

(٨) الآية «٣٦» الروم (٣٠).

(٩) الآية «٢٨٤» البقرة (٢).

(١٠) الآية «١٨٥» الأعراف (٧).


تمام الكلام كقوله :

ومن يقترب منّا ويخضع نؤوه

ولا يخش ظلما ما أقام ولا هضما

وإذا خلا الفعل المتوسط من العاطف أعرب «بدلا» إن جزم ، كما في قوله :

متى تأتنا تلمم بنا في ديارنا

تجد حطبا جزلا ونارا تأجّجا

و «حالا» إن رفع كما في قول الحطيئة :

متى تأته تعشو إلى ضوء ناره

تجد خير نار عندها خير موقد

١٠ ـ حذف ما علم من الشّرط والجواب :

يجوز حذف ما علم من شرط إن كانت الأداة «إن» مقرونة ب «لا» كقول الأحوص يخاطب مطرا :

فطلقها فلست لها بكفء

وإلّا يعل مفرقك الحسام

أي : وإن لا تطلقها.

وكذا يغني عن جواب الشّرط : شرط ماض قد علم نحو (فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقاً فِي الْأَرْضِ)(١) أي : فافعل.

ويجب حذف الجواب إن كان الدّالّ عليه ما تقدّم ممّا هو جواب في المعنى نحو (وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ)(٢).

١١ ـ إذا اجتمع شرط وقسم :

إذا اجتمع شرط وقسم استغني بجواب المتقدّم منهما عن جواب المتأخر لشدّة الاعتناء بالمتقدّم.

فمثال تقدّم الشّرط «إن قدم عليّ والله أكرمه» و «إن لم يقدم ـ والله فلن أهتمّ به» ومثال تقدم القسم «والله إن نجح ابني لأحتفلنّ» و «الله إن لم يأت خالد إنّ أحمد ليغضب» ومثله (لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ)(٣).

ويستثنى من ذلك «الشرط الامتناعي» ك «لو» و «لو لا» فيجب الاستغناء بجوابه عن جواب القسم كقول عبد الله بن رواحة :

والله لو لا الله ما اهتدينا

ولا تصدّقنا ولا صلّينا

__________________

(١) الآية «٣٥» الأنعام (٦).

(٢) الآية «١٣٩» آل عمران (٣).

(٣) الآية «٧» إبراهيم (١٤).


١٢ ـ توالي الشّرطين :

إذا توالى شرطان دون عطف ، فالجواب لأوّلهما ، والثاني مقيّد له كالتّقييد بالحال كقوله :

إن تستغيثوا بنا إن تذعروا تجدوا

منّا معاقل عزّ زانها كرم

وإن تواليا بعطف ب «الواو» فالجواب لهما معا نحو «إن تكتب وإن تدرس تتقدّم» وإن تواليا بعطف ب «الفاء» فالجواب للثاني ، والثاني وجوابه جواب الأوّل نحو «إن آتك فإن أحسن إليك أنل الثّواب».

جير بالكسر ـ حرف جواب بمعنى نعم (١) ، لا اسم بمعنى حقّا فتكون مصدرا ، ولا بمعنى أبدا.

__________________

(١) وعند أكثر اللغويين : «جير» يمين بمعنى حقّا وفي التاج : قال ابن الأنباري : «جير» يوضع موضع اليمين ، وفي الصحاح : قولهم : جير لا آتيك : يمين للعرب ومعناها : حقّا.


باب الحاء

حاشا ـ هي فعل ماض ، أو حرف جرّ شبيه بالزائد ، وهي في الحالين أداة استثناء وهي في عملها ك «خلا وعدا» (١) في جواز جرّ المستثنى بها ونصبه ، تقول : «قام القوم حاشا زيد» و «حاشا زيدا» فإذا جرّت كانت حرف جرّ ، وأمّا تعلقها فسيأتي في «خلا» وإذا نصبت كانت فعلا ، وفاعلها ، محلّ الجملة كما في «خلا» (٢) أيضا.

وتختلف «حاشا» عن «خلا وعدا» بأمور منها :

أنّ الجرّ ب «حاشا» هو الكثير الرّاجح (٣) مع جواز النصب وعليه قول الشاعر :

حاشا قريشا فإنّ الله فضّلهم

على البريّة بالإسلام والدّين

وقوله : «اللهمّ اغفرلي ولمن يسمع حاشا الشّيطان وأبا الأصبغ».

وقول المنقذ بن الطّمّاح الأسدي :

حاشا أبا ثوبان إنّ أبا

ثوبان ليس ببكمة فدم (٤)

قال المرزوقي في رواية الضّبي : حاشا أبا ثوبان بالنصب.

ومنها : أنّ «حاشا» لا تصحب «ما» فلا يجوز «قام القوم ما حاشا زيدا» وأمّا قول الأخطل :

رأيت النّاس ما حاشا قريشا

فإنّا نحن أفضلهم فعالا

فشاذ ، ول «حاشا» أحكام في المستثنى والجار والمجرور (ـ المستثنى والجار والمجرور).

حار «تعمل عمل كان» (ـ كان وأخواتها ٢ تعليق)

الحال ـ

١ ـ تعريفه :

هو وصف فضلة يذكر لبيان هيئة الفاعل ، أو المفعول به أو كليهما نحو «أقبل محمد ضاحكا» و «اشرب

__________________

(١) انظرهما في خلا.

(١) انظرهما في خلا.

(٢) لذلك التزم سيبويه وأكثر البصريين حرفيتها ، ولم يجيزوا النصب ، والصحيح جوازه فقد ثبت بنقل أبي زيد وأبي عمرو الشيباني والأخفش وابن خروف ، وأجازه المازني والمبرد والزجاج.

(٣) البكمة : من البكم وهو الخرس ، و «الفدم» العيني الثقيل.


الماء باردا» و «كلمت خالدا ماشيين»

٢ ـ أوصاف الحال :

للحال أربعة أوصاف :

(أ) أن تكون منتقلة ، وهو الأصل والغالب ، نحو «سافر عليّ راكبا» وقد تقع وصفا ثابتا في مسائل ثلاث :

(١) أن تكون مؤكدة لمضمون جملة قبلها ، نحو «أحمد أبوك رحيما» فإنّ الأبوّة من شأنها الرحمة ، أو مؤكّدة لعاملها نحو (وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا)(١) ، والبعث من لازمه الحياة.

(٢) أن يدلّ عاملها على تجدّد صاحبها ـ أي حدوثه بعد أن لم يكن ـ نحو (وَخُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً)(٢) وقول الشاعر (٣) :

فجاءت به سبط العظام كأنّما

عمامته بين الرّجال لواء (٤)

(٣) أن يكون مرجعها السماع ، ولا ضابط لها ، نحو (وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتابَ مُفَصَّلاً)(٥).

(ب) أن تكون مشتقّة لا جامدة ، وذلك أيضا غالب ، وتقع جامدة في عشر مسائل :

(١) أن تدلّ على تشبيه نحو «بدا خالد أسدا» ومنه قوله :

بدت قمرا ومالت خوط بان

وفاحت عنبرا ورنت غزالا (٦)

(٢) أن تدلّ على مفاعلة نحو «بعته يدا بيد» و «كلمته فاه إلى فيّ».

(٣) أن تفيد ترتيبا نحو «ادخلوا رجلا رجلا» و «قرأت الكتاب بابا بابا» ف «رجلا رجلا» و «بابا بابا» مجموعهما هو الحال.

(٤) أن تدلّ على التّسعير نحو «بعه البرّ مدّا بدرهمين» «فمدا» حال جامدة.

وجمهور النحاة يرون أنّ الحال في هذه الصور الأربع مؤولة بالمشتق فيؤوّل الأوّل. مشبها لأسد.

والثاني : متقابضين. والثالث :

مرتّبين. والرابع : مسعّرا.

أمّا الستّة الآتية فهي جامدة لا تؤوّل بمشتق.

__________________

(١) الآية «٣٣» مريم (١٩).

(٢) الآية «٢٧» النساء (٤).

(٣) هو رجل من بني جناب.

(٤) سبط العظام : حسن القد والاستواء. واللواء : دون العلم ، والشاهد : سبط العظام فإنه حال غير منتقلة.

(٥) الآية «١١٤» الأنعام (٦).

(٦) الخوط : الغصن الناعم. «البان» شجر.


(٥) أن تكون موصوفة نحو (إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا)(١).

(٦) أن تدلّ على عدد نحو (فَتَمَّ مِيقاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً)(٢).

(٧) أن يقصد بها تفضيل شيء على نفسه أو غيره باعتبارين نحو «عليّ خلقا أحسن منه علما».

(٨) أن تكون نوعا لصاحبها نحو «هذا مالك ذهبا».

(٩) أن تكون فرعا لصاحبها نحو (وَتَنْحِتُونَ الْجِبالَ بُيُوتاً)(٣).

(١٠) أن تكون أصلا له نحو «هذا خاتمك فضّة» ، (أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً)(٤).

(ج) أن تكون نكرة لا معرفة ، وذلك لازم ، فإن وردت معرفة أوّلت بنكرة نحو «جاء وحده» أي منفردا. و «رجع عوده على بدئه» أي عائدا ، ومنه قول لبيد :

فأرسلها العراك ولم يذدها

ولم يشفق على نغص الدّخال (٥)

(د) أن تكون نفس صاحبها في المعنى ، ولذا جاز «جاء عليّ ضاحكا» ، وامتنع : «جاء عليّ ضحكا» لأنّ المصدر يباين الذات بخلاف الوصف.

وقد جاءت مصادر أحوالا بقلة في المعارف ، نحو (آمنت بالله وحده) و «أرسلها العراك» وبكثرة في النّكرات نحو «طلع بغتة» و «سعى ركضا» و «قتله صبرا».

وذلك كلّه على التّأويل بالوصف : أي مباغتا ، وراكضا. ومصبورا أي محبوسا ، والجمهور على أنّ القياس عليه غير سائغ. وابن مالك قاسه في ثلاثة مواضع :

(الأوّل) المصدر الواقع بعد اسم مقترن ب «أل» الدالة على الكمال ، نحو «أنت الرّجل علما» فيجوز

__________________

(١) الآية «٢» يوسف (١٢).

(٢) الآية «١٤١» الأعراف (٧).

(٣) الآية «٧٣» الإسراء (١٧).

(٤) الآية «٦١» الاسراء (١٧).

(٥) الإرسال : التخلية والإطلاق ، وفاعل أرسلها :حمار الوحش ، وضمير المؤنث لأتنه ، والذود : الطرد. أشفق عليه : إذا رحمه ، والنغص : مصدر يقال : نغص ينغص : إذا لم يتم مراده ، وكذا البعير إذا لم يتم شربه ، والدخال : أن يداخل بعير قد شرب مرة في الإبل التي لم تشرب حتّى يشرب معها. يقول : أورد العير ـ حمار الوحش ـ أتنه الماء دفعة واحدة مزدحمة ولم يشفق على بعضها أن يتنغص عند الشرب ، ولم يذدها لأنه يخاف الصياد ، بخلاف الرعاء الذين يديرون أمر الإبل ، فإنهم إذا أوردوا الإبل جعلوها قطعا قطعا حتى تروى.


«أنت الرّجل أدبا ونبلا» والمعنى :

الكامل في العلم والأدب والنّبل.

(الثاني) أن يقع بعد خبر شبّه به مبتدؤه نحو «أنت ثعلب مراوغة».

(الثالث) كلّ تركيب وقع فيه الحال بعد «أمّا» في مقام قصد فيه الرّدّ على من وصف شخصا بوصفين ، وأنت تعتقد اتصافه بأحدهما دون الآخر نحو «أمّا علما فعالم» والنّاصب لهذه الحال هو فعل الشّرط المحذوف ، وصاحب الحال هو الفاعل ، والتّقدير : مهما يذكره إنسان في حال علم فالمذكور عالم.

٣ ـ صاحب الحال :

الأصل في صاحب الحال : التّعريف ، وقد يقع نكرة في مواضع ، وهي المسوّغات :

منها : أن يتقدّم عليه الحال نحو قول كثيّر عزّة :

لعزّة موحشا طلل

يلوح كأنّه خلل (١)

ومنها : أن يتخصّص إمّا بوصف ، نحو (ولمّا جاءهم كتاب من عند الله مصدّقا) (٢). أو إضافة نحو (فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَواءً لِلسَّائِلِينَ)(٣) أو بمعمول نحو «عجبت من طالب الفحص متكاسلا».

ومنها : أن يسبقه نفي نحو (وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَها كِتابٌ مَعْلُومٌ)(٤). أو نهي كقول قطريّ بن الفجاءة :

لا يركنن أحد إلى الإحجام

يوم الوغى متخوّفا لحمام (٥)

أو استفهام كقوله :

يا صاح هل حمّ عيش باقيا فترى

لنفسك العذر في إبعادها الأملا (٦)

وقد يقع نكرة بغير مسوّغ كقولهم «عليه مائة بيضا» وفي الحديث : «وصلى وراءه رجال قياما».

__________________

(١) أصله : لعزة طلل موحش ، ف «موحش» نعت ل «طلل» فلما تقدم عليه بطل أن يكون صفة لأن الصفة لا تتقدم على الموصوف ، فصار حالا ، والمسوغ له : تقدمه على صاحبه والطلل ما بقي من آثار الدار. والخلل : جمع خلة ، وهي كل جلدة منقوشة.

(٢) القراءة المشهورة : مصدق لما معهم ، وقال القرطبي : ويجوز في غير القرآن نصبه على الحال ، وكذلك هو في مصحف أبي بالنصب فيما روي ا ه والآية هي «٨٩» البقرة (٢).

(٣) الآية «١٠» السجدة (٤١).

(٤) الآية «٤» الحجر (١٥).

(٥) الإحجام : التأخر. الوغى : الحرب ، الحمام : الموت.

(٦) صاح : مرخم صاحب ، وحم : قدر.


٤ ـ الحال مع صاحبها ـ في التقدّم والتأخر لها ثلاث أحوال :

(أ) جواز التأخّر عنه والتّقدّم عليه ، نحو «لا تأكل الطّعام حارّا» ويجوز «لا تأكل حارّا الطعام».

(ب) أن تتأخّر عنه وجوبا وذلك في موضعين :

(١) أن تكون محصورة ، نحو (وَما نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ)(١).

(٢) أن يكون صاحبها مجرورا إمّا بحرف جرّ غير زائد نحو «نظرت إلى السّماء لامعة نجومها» وأمّا قول الشّاعر :

تسلّيت طرّا عنكم بعد بينكم

بذكراكم حتى كأنّكم عندي

بتقديم «طرّا» وهي حال على صاحبها المجرور بعن. فضرورة.

وإمّا بإضافة ، نحو «سرّني عملك مخلصا».

(ج) أن تتقدّم عليه وجوبا كما إذا كان صاحبها محصورا فيه نحو «ما حضر مسرعا إلّا أخوك».

٥ ـ شرط الحال من المضاف إليه :

تأتي الحال من المضاف إليه بشرط أن يكون المضاف عاملا فيه نحو (إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً)(٢)

أو يكون بعضا منه نحو (أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً)(٣) أو كبعضه نحو ، (فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً)(٤) فلو قيل في غير القرآن : اتبع إبراهيم ، لصحّ.

٦ ـ الحال مع عاملها (٥) ـ في التقديم والتّأخير ـ ثلاث حالات :

(أ) جواز التّأخير والتّقديم ، وذلك إذا كان العامل فعلا متصرّفا نحو «دخلت البستان ناضرا». أو صفة تشبه الفعل المتصرّف نحو «خالد مقبل على العمل مسرعا» فيجوز في «ناضرا» و «مسرعا» أن نقدمهما على «دخلت ومقبل» ومنه قوله تعالى (خُشَّعاً أَبْصارُهُمْ يَخْرُجُونَ)(٦) وقول يزيد بن مفرّغ يخاطب بغلته :

__________________

(١) الآية «٤٨» الأنعام (٦).

(٢) الآية «٤» يونس (١٠).

(٣) الآية «١٢» الحجرات (٤٩).

(٤) الآية «٩٥» آل عمران (٣).

(٥) تقدم في رقم ٤ الحال مع صاحبها والفرق ظاهر بين العامل والصاحب.

(٦) الآية «٧» القمر (٥٤).


عدس ما لعبّاد عليك إمارة

أمنت وهذا تحملين طليق (١)

فجملة تحملين في موضع نصب على الحال ، وعاملها طليق ، وهو صفة مشبّهة.

(ب) أن تتقدّم عليه وجوبا ، وذلك إذا كان لها صدر الكلام نحو «كيف تحفظ في النّهار».

(ج) أن تتأخّر عنه وجوبا وذلك في في ست مسائل :

(١) أن يكون العامل فعلا جامدا نحو «ما أجمل الفتى فصيحا».

(٢) أو صفة تشبه الفعل الجامد ، وهي أفعل التفضيل نحو «بكر أفصح النّاس خطيبا».

ويستثنى منه ما كان عاملا في حالين لاسمين متّحدي المعنى ، أو مختلفيه ، وأحدهما مفضّل في حالة على الآخر في حالة أخرى ـ فإنه يجب تقديم الحال الفاضلة على اسم التفضيل نحو «عمرو عبادة أحسن منه معاملة».

(٣) أو مصدرا مقدرا بالفعل وحرف مصدري نحو «سرّني مجيئك سالما» أي أن جئت.

(٤) أو اسم فعل نحو «نزال مسرعا»

(٥) أو لفظا مضمنا معنى الفعل دون حروفه ك «إنّ» وأخواتها والظروف والإشارة ، وحروف التنبيه والاستفهام التعظيمي نحو «ليت عليّا أخوك أميرا» و «كأنّ محمدا أسد قادما» وقول امرئ القيس :

كأنّ قلوب الطّير رطبا ويابسا

لدى وكرها العنّاب والحشف البالي (٢)

(فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خاوِيَةً)(٣) «ها أنت محمّد مسافرا».

ويستثنى من ذلك أن يكون العامل ظرفا أو مجرورا مخبرا بهما فيجوز بقلّة توسّط الحال بين المبتدأ والخبر كقراءة بعضهم (وقالوا ما في بطون هذه الأنعام خالصة لذكورنا) (٤) وقراءة الحسن : (والسّموات مطويّات بيمينه» (٥).

__________________

(١) عدس : اسم صوت لزجر البغل ، وعباد : هو ابن زياد بن أبي سفيان.

(٢) العناب : ثمر الأراك ، والحشف : ردي التمر ، وفي المثل العربي : أحشفا وسوء كيلة.

(٣) الآية «٥٢» النمل (٢٧).

(٤) الآية «١٣٩» الأنعام (٦).

(٥) الآية «٦٧» الزمر (٣٩).


(٦) أن يكون العامل فعلا مع لام الابتداء أو القسم نحو «إني لأستمع واعيا» ونحو «لأقدمنّ ممتثلا» لأنّ التّالي للام الابتداء ولام القسم لا يتقدّم عليهما.

٧ ـ تعدّد الحال :

يجوز أن يتعدّد الحال وصاحبه واحد ، أو متعدّد ، فالأوّل كقوله :

عليّ إذا لاقيت ليلى بخلوة

أن ازدار بيت الله رجلان حافيا (١)

والثاني : إن اتّحد لفظه ومعناه ثني أو جمع نحو (وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دائِبَيْنِ)(٢) الأصل : دائبة ودائبا ونحو (وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّراتٌ)(٣).

وإن اختلف فرق بغير عطف وجعل أول الحالين لثاني الاسمين وثانيهما للأول نحو «لقيت زيدا مصعدا منحدرا» فمصعدا حال من زيد ، ومنحدرا حال من التاء.

وقد تأتي على الترتيب إن أمن اللبس كقولك «لقيت هندا مصعدا منحدرة» وكقول امرئ القيس :

خرجت بها أمشي تجرّ وراءنا

على أثرينا ذيل مرط مرحّل (٤)

٨ ـ الحال مؤسسة أو مؤكدة :

الحال المؤسسة : هي التي لا يستفاد معناها بدونها نحو «أتى عليّ مبشّرا».

والحال المؤكدة : هي التي يستفاد معناها بدونها ، وهي على ثلاثة أنواع :

(١) أن تكون إمّا مؤكدة لعاملها معنى دون لفظ نحو (فَتَبَسَّمَ ضاحِكاً)(٥) أو لفظا ومعنى نحو (وَأَرْسَلْناكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً)(٦).

(٢) أن تكون مؤكّدة لصاحبها نحو (لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً)(٧).

(٣) أن تؤكّد مضمون جملة مركّبة من اسمين معرفتين جامدين ومضمون الجملة إمّا فخر كقول سالم اليربوعي :

__________________

(١) أن ازدار : نقلت حركة ألف المضارعة إلى النون من أن ليستقيم الوزن ومعنى أزدار أزور من ازدار يزدار وأصلها : ازتار. ومعنى رجلان ، ماشيا على رجلي غير راكب.

(٢) الآية «٣٣» إبراهيم (١٤).

(٣) الآية «١٢» النحل (١٦).

(٤) المرط : كساء من خز ، والمرحل : المعلم.

(٥) الآية «١٩» النمل (٢٧).

(٦) الآية «٧٨» النساء (١٤).

(٧) الآية «٩٩» يونس (١٠).


أنا ابن دارة معروفا بها نسبي

وهل بدارة يا للنّاس من عار

أو تعظيم لغيرك نحو «أنت الرجل كاملا» أو تصغير له نحو «هو مسكين مقهورا» أو غير ذلك نحو «هذا أخوك شفيقا» (هذِهِ ناقَةُ اللهِ لَكُمْ آيَةً)(١).

وهذه الحال المؤكّدة واجبة التّأخير عن الجملة المذكورة ، ومعمولة لمحذوف وجوبا تقديره «أحقه أو أعرفه» أو «أحقني أو أعرفني» لتناسب المبتدأ في الغيبة والحضور.

٩ ـ الحال مقارنة أو مقدّرة :

الحال إمّا مقارنة لعاملها كالأمثلة السّابقة ـ وإمّا مقدّرة وهي المستقبلة ، وتسمّى حالا منتظرة نحو (فَادْخُلُوها خالِدِينَ)(٢) أي مقدّرا خلودكم.

١٠ ـ الحال حقيقيّة أو سببيّة :

والحال إما حقيقية كالأمثلة السابقة ، وإمّا سببيّة ـ وهي التي تتعلّق فيما بعدها وفيها ضمير يعود على صاحب الحال ـ نحو «دخلت على الأمير ضاحكا وجهه».

١١ ـ الحال مفرد ، وشبه جملة ، أو جملة :

الأصل في الحال : أن تكون اسما مفردا نحو (وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا)(٣) وقد تجيء ظرفا (٤) نحو «رأيت الهلال بين السّحاب» وجارّا ومجرورا (٥) نحو «رأيت السّبّاح في الماء».

وقد تجيء جملة بثلاثة شروط :

الأوّل : أن تكون خبريّة فليس من الحال قول الشاعر :

اطلب ولا تضجر (٦) من مطلب

فآفة الطالب أن يضجرا

فهذه الواو الداخلة على «لا» النّاهية ليست للحال ، وإنما هي عاطفة مثل قوله تعالى (وَاعْبُدُوا اللهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً)(٧).

الثاني : أن تكون غير مصدّرة بعلامة استقبال ، فليس من الحال : «سيهدين» من قوله تعالى (وَقالَ

__________________

(١) الآية «٧٢» الأعراف (٧).

(٢) الآية «٧٣» الزمر (٣٩).

(٣) الآية «١١» مريم (١٩).

(٤) المراد : متعلق الظرف.

(٥) وأيضا : المراد تعلقه.

(٦) تضجر : مفتوح الراء على نية وجود نون التوكيد الخفيفة ، وهو لهذا مبني على الفتح في محل جزم ب «لا» الناهية.

(٧) الآية «٣٥» النساء (٤).


إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي سَيَهْدِينِ)(١).

الثالث : أن تشتمل على رابط ، وهو إمّا الواو فقط نحو (قالُوا لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ)(٢) أو الضّمير فقط نحو (اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ)(٣) ، أو هما معا نحو (خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ)(٤).

١٢ ـ الواو الرّابطة أو الضّمير بدلها

تجب الواو قبل مضارع مقرون بقد نحو (لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ)(٥).

وتمتنع الواو ويتعيّن الضّمير في سبعة مواضع :

(١) أن تقع الجملة بعد عاطف نحو (فَجاءَها بَأْسُنا بَياتاً أَوْ هُمْ قائِلُونَ)(٦).

(٢) أن تكون الحال مؤكّدة لمضمون الجملة نحو (ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ)(٧).

(٣) الجملة الماضويّة الواقعة بعد «إلّا» نحو (وَما يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ)(٨).

(٤) الجملة الماضويّة المتلوّة ب «أو» نحو «لأصادقنّه غاب أو حضر».

(٥) الجملة المضارعيّة المنفيّة ب «لا» نحو (وَما لَنا لا نُؤْمِنُ بِاللهِ)(٩) ومنه قوله :

ولو أنّ قوما لارتفاع قبيلة

دخلوا السّماء دخلتها لا أحجب

(٦) المضارعيّة المنفيّة ب «ما» كقوله :

عهدتك ما تصبو وفيك شبيبة

فما لك بعد الشّيب صبّا متيّما

(٧) المضارعيّة المثبتة التي لم تقترن ب «قد» نحو (وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ)(١٠) و «قدم الأمير تقاد الجنائب بين يديه» وأمّا قول عنترة :

علّقتها عرضا وأقتل قومها

زعما لعمر أبيك ليس بمزعم

فالواو عاطفة ، والمضارع مؤوّل بالماضي ، أي وقتلت قومها ، أو الواو للحال ، والمضارع خبر لمبتدأ محذوف تقديره ، وأنا أقتل قومها.

__________________

(١) الآية «٩٩» الصافات (٣٧).

(٢) الآية «١٤» يوسف (١٣).

(٣) الآية «٣٦» البقرة (٢).

(٤) الآية «٢٤٣» البقرة (٢).

(٥) الآية «٥» الممتحنة (٦١).

(٦) الآية «٣» الأعراف (٧).

(٧) الآية «٢» البقرة (٢).

(٨) الآية «١١» الحجر (١٥).

(٩) الآية «٨٧» المائدة (٥).

(١٠) الآية «٦» المدثر (٧٤).


١٣ ـ حذف عامل الحال جوازا : قد يحذف عامل الحال جوازا لدليل حاليّ كقولك لقاصد السّفر «راشدا» أي تسافر ، وللقادم من الحجّ «مأجورا» أي رجعت ، أو دليل مقالي ، نحو (فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجالاً أَوْ رُكْباناً)(١) أي صلّوا.

١٤ ـ حذف عامل الحال وجوبا : يحذف العامل وجوبا في أربعة مواضع :

(١) أن تكون الحال سادّة مسدّ الخبر نحو «إكرامي بكرا قادما».

(٢) أن تؤكّد مضمون جملة نحو «عليّ أخوك شفيقا» ف «أخوك» تفيد الشّفقة.

(٣) أن تكون مبيّنة لزيادة أو نقص تدريجيّين نحو «تصدّقت بدرهم فصاعدا» أي فذهب المتصدّق به صاعدا.

(٤) أن تكون مسوقة للتّوبيخ نحو «أمتوانيا وقد جدّ غيرك» و «أعربيّا حينا وأجنبيّا آخر» أي أتكون عربيا حينا ، وتتحوّل أجنبيّا حينا آخر.

١٥ ـ حذف عامل الحال سماعا :

ويحذف العامل ـ في غير ما تقدّم ـ سماعا نحو «هنيئا لك» أي ثبت لك الخير هنيئا.

حبّذا ـ فعل لإنشاء المدح ، ولا حبّذا فعل لإنشاء الذّمّ ، وهما مثل «نعم وبئس» (٢) فيقال في المدح «حبّذا» وفي الذّمّ «لا حبّذا» قال الشاعر :

ألا حبّذا عاذري في الهوى

ولا حبّذا الجاهل العاذل

ف «حبّ» فعل ماض ، والفاعل «ذا» وهي اسم إشارة ولا بغير عن صورته مطلقا لجريانه مجرى الأمثال ، وجملة «حبّذا» من الفعل والفاعل خبر مقدّم ، ومخصوصه وهو «عاذري» مبتدأ مؤخر أو خبر لمبتدأ محذوف.

والحاء من حبّ مع «ذا» مفتوحة وجوبا ، وبدونها تفتح أو تضم.

ومثل حبذا إعراب «لا حبّذا الجاهل» إلّا أنّ فيه زيادة «لا» وهي نافية.

وتفترق «حبّذا» عن نعم وبئس من وجوه :

__________________

(١) الآية «٢٣٩» البقرة (٢).

(٢) انظرهما في : نعم وبئس وما في معناهما.


(أ) أنّ مخصوص «حبّذا» لا يتقدّم بخلاف مخصوص «نعم».

(ب) مخصوصها لا تعمل فيه النّواسخ بخلاف مخصوص «نعم» نحو «نعم رجلا كان عليّا».

(ج) أنه قد يتوسّط بين حبّذا ومخصوصها حال أو تمييز يطابقانه نحو «حبّذا قارئا خالد» و «حبّذا مسافرين خالدان» و «حبّذا رجلا محمّد» بخلاف «نعم».

حتّى الابتدائيّة ـ

هي حرف تبتدئ بعده الجمل فيدخل على الجمل الاسميّة كقول جرير :

فما زالت القتلى تمجّ دماءها

بدجلة حتى ماء دجلة أشكل (١)

وتدخل على الجملة الفعليّة كقول حسّان :

يغشون حتى ما تهرّ كلابهم

لا يسألون عن السّواد المقبل

حتى : التي تضمر «أن» بعدها ـ لا ينتصب المضارع ب «أن» بعد «حتى» إلّا إذا كان مستقبلا ، فإذا كان استقباله بالنظر إلى زمن التّكلّم فالنصب واجب نحو (لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنا مُوسى)(٢).

وإذا كان بالنسبة إلى ما قبلها (٣) خاصّة فيجوز الرفع والنّصب نحو (وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ)(٤) فإنّ قولهم إنما هو مستقبل بالنظر إلى زمن الزّلزال لا بالنّظر إلى زمن قصّ ذلك علينا ولها ثلاثة معان : مرادفة «إلى» نحو (حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنا مُوسى)(٥) ومرادفة «كي» التّعليليّة نحو (وَلا يَزالُونَ يُقاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ)(٦) وقولك «اتّق الله حتّى تدخل الجنّة» وعلى كل فالمضارع بعدها منصوب بأن مضمرة وجوبا وأن وما بعدها في تأويل المصدر في محلّ جرّ بحتّى.

حتى : التي يرتفع المضارع بعدها ـ يرتفع المضارع بعد «حتّى» بثلاثة شروط :

__________________

(١) الأشكل : حمرة مختلطة ببياض ، ورواية اللسان : تمور دماؤها.

(٢) الآية «٩١» طه (٢٠).

(٣) أي قبل حتّى من المعنى والمراد.

(٤) الآية «٢١٤» البقرة (٢).

(٢) الآية «٩١» طه (٢٠).

(٥) الآية «٢١٧» البقرة (٢).


الأوّل : أن يكون حالا (١) أو مؤوّلا بالحال نحو «مرض زيد حتّى لا يرجونه».

الثاني : أن يكون مسببا عما قبلها فلا يجوز «سرت حتّى تطلع الشمس» بضمّ العين من تطلع والنصب واجب.

الثالث : أن يكون فضلة فلا يصحّ الرفع في نحو «سيري حتّى أدخلها» ويصحّ في نحو «سيري أمس حتّى أدخلها».

حتّى «حرف جرّ» :

وهي بمنزلة «إلى» في انتهاء الغاية مكانيّة أو زمانيّة نحو (سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ)(٢) وتنفرد عن «إلى» بأمور ثلاثة :

(أ) أن مجرورها لا يكون إلّا ظاهرا فلا تجرّ المضمر.

(ب) أنّ مجرورها آخر نحو «شربت الكأس حتّى الثمالة» أو متصلا بالآخر نحو (سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ)(٣).

(ج) أنّ كلّا منهما قد ينفرد بمحلّ لا يصلح للآخر ، فانفردت «إلى» بنحو «كتبت إلى زيد» و «أنا إلى عمرو» أي هو غايتي و «سرت من البصرة إلى الكوفة).

وانفردت «حتّى» بمباشرة المضارع منصوبا بعدها ب «أن» مضمرة وقد تقدّمت.

حتّى العاطفة ـ لها ثلاثة شروط :

(١) أن يكون المعطوف ب «حتى» ظاهرا لا مضمرا.

(٢) أن يكون إمّا بعضا من جمع قبلها نحو «قدم النّاس حتى أمراؤهم وإمّا جزءا من كلّ نحو «أكلت السّمكة حتى رأسها» أو كجزء نحو «أعجبني الكتاب حتى جلده» (٣) أن تكون غاية لما قبلها إمّا في زيادة أو نقص نحو «مات النّاس حتّى الأنبياء» ونحو «زارك النّاس حتى الحجّامون».

وقد اجتمعا في قول الشّاعر :

قهرناكم حتى الكماة فأنتم

تهابوننا حتى بنينا الأصاغرا

حتّام ـ هي «حتّى الجارّة و «ما» الاستفهاميّة ، وحذفت ألفها لدخول حرف الجرّ عليها وكتبت حتى بالألف لذلك.

__________________

(١) أي لا مستقبلا.

(٢) الآية «٥» القدر (٩٧).

(٢) الآية «٥» القدر (٩٧).


حجا ـ

(١) من أخوات «ظنّ» ومن أفعال القلوب ، وتفيد في الخبر رجحانا ، وتشترك مع «ظنّ وأخواتها» بأحكام ، وهي تنصب مفعولين أصلهما المبتدأ والخبر نحو قول تميم بن مقبل :

قد كنت أحجو أبا عمرو أخاثقة

حتى ألمّت بنا يوما ملمّات

(ـ ظنّ وأخواتها).

(٢) «حجا» بمعنى قصد لا تتعدّى إلّا إلى مفعول واحد نحو «حجوت بيت الله» أي قصدت إليه.

(٣) «حجا» بمعنى غلب في» المحاجاة تقول : حاجيته ف «حجوته أي غلبته في المحاجاة ، من الأحجيّة وهي لعبة وأغلوطة يتعاطاها النّاس وهذه أيضا لا تتعدّى إلّا إلى مفعول واحد.

حدّث ـ فعل ماض وهو ممّا ينصب ثلاثة مفاعيل من أخوات «أعلم وأرى» نحو «حدّثت أخي جاري مستقيما».

حذاء ـ تقول : «داري حذاء دار أبي» أي إزاءه وتجاهه ، وهي منصوبة على أنها ظرف مكان.

حذار ـ اسم فعل أمر بمعنى احذر وفاعله أنت.

الحرف ـ

١ ـ تعريفه :

هو ما يدلّ على معنى غير مستقل بالفهم مثل «هل ، في ، لم».

٢ ـ علامته :

يعرف الحرف بأنّه لا يحسن فيه شيء من علامات الأسماء والأفعال.

٣ ـ أنواعه :

(١) ما يدخل على الأسماء والأفعال ، وهذا لا يعمل شيئا ك «هل» مثاله (فَهَلْ أَنْتُمْ شاكِرُونَ)(١)(وَهَلْ أَتاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ)(٢) ففي المثال الأوّل دخولها على الاسم ، وفي الثاني دخولها على الفعل.

(٢) ما يختصّ بالأسماء فيعمل فيها ك «في» مثل قوله تعالى (وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُونَ)(٣) (٣) ما يختصّ بالأفعال فيعمل فيها ك «لم» مثل قوله تعالى : (لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ)(٤).

__________________

(١) الآية «٨٠» الأنبياء (٢١).

(٢) الآية «٢١» ص (٣٨).

(٣) الآية «٢٢» الذاريات (٥١).

(٤) الآية «٣» الصمد (١١٢).


حروف الاستفهام (ـ الاستفهام)

حروف الجر (ـ الجار والمجرور وكلّ حرف منها في حرفه).

الحروف المصدرية (ـ الموصول الحرفي)

حرى ـ كلمة وضعت للدّلالة على رجاء الخبر ، وهي من النّواسخ تعمل عمل كان ، إلّا أنّ خبرها يجب أن يكون جملة فعليّة مشتملة على مضارع رافع لضمير اسمها مقترن ب «أن» المصدريّة وجوبا نحو «حرى عليّ أن يتعلّم».

وهي ملازمة للماضي.

حسبك ـ المضاف لمعرفة ولا يفيد تعريفا (ـ الإضافة ٥ تعليق).

حسب ـ ـ من أفعال القلوب :

وتفيد في الخبر الرّجحان واليقين والغالب كونها للرّجحان وتشترك مع «ظنّ وأخواتها» بأحكام وهي تنصب مفعولين أصلهما المبتدأ والخبر. مثالها في الرّجحان قول زفر بن الحارث الكلابي :

وكنّا حسبنا كلّ بيضاء شحمة

ليالي لاقينا جذام وحميرا (١)

وفي اليقين قول لبيد العامريّ :

حسبت التّقى والجود خير تجارة

رباحا إذا ما المرء أصبح ثاقلا (٢)

(ـ ظنّ وأخواتها)

حسب ـ معناها ، وإضافتها ، وإفرادها «حسب» لها استعمالان :

أحدهما إضافتها لفظا فتكون معربة بمعنى : كاف ، فلا تتعرف بالإضافة ، فتارة تعطى حكم المشتقّات ، نظرا لمعناها فتكون وصفا لنكرة ، وحالا من معرفة نحو «مررت برجل حسبك من رجل» أو حالا من معرفة نحو «هذا عبد الله حسبك من رجل» وتستعمل استعمال الأسماء الجامدة فتقع مبتدأ وخبرا وحالا نحو (حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ)(٣)(فَإِنَّ حَسْبَكَ اللهُ)(٤) «بحسبك درهم» (٥).

ودخول العوامل اللفظيّة عليها في هذين المثالين دليل على أنها ليست اسم فعل بمعنى يكفي لأنّ العوامل اللّفظيّة لا تدخل على أسماء الأفعال.

__________________

(١) «جذام وحمير» قبيلتان وكلاهما لا ينصرف.

(٢) ثاقلا : أي ثقيلا من المرض ، وذلك كناية عن الموت.

(٣) الآية «٨» المجادلة (٥٨).

(٤) الآية «٦٣» الأنفال (٨).

(٥) يتعين في «بحسبك درهم» أن «حسبك» مبتدأ والباء زائدة ودرهم خبر لعدم المسوغ بدرهم


والثاني : قطعها عن الإضافة لفظا فتكون بمعنى «لا غير» وتبنى على الضم ، وتلزم الوصفيّة نحو «رأيت رجلا حسب» أو حاليّة نحو «رأيت زيدا حسب» قال الجوهري : كأنك قلت حسبي أو حسبك. فأضمرت ذلك ولم تنوّن ، وتقول في الابتداء «قبضت عشرة فحسب» فالفاء زائدة ، والخبر محذوف : التّقدير فحسبي ذلك.

حسنا ـ مفعول به لفعل محذوف أو صفة لموصوف محذوف التقدير :

فعلت فعلا حسنا أو قلت قولا حسنا

حقّا ـ مصدر لفعل محذوف تقديره :

أحقّ.

الحكاية ـ

١ ـ تعريفها :

«الحكاية» لغة : المماثلة.

واصطلاحا : إيراد اللّفظ المسموع على هيئته ك «من محمّدا؟» إذا قيل : «رأيت محمّدا» أو إيراد صفته نحو «أيّا؟» لمن قال : «رأيت خالدا» وهي قسمان.

(أحدهما) حكاية الجملة الملفوظة ـ أو المكتوبة :

هذا النّوع بقسميه مطّرد ، تقول في حكاية الجملة الملفوظة :

(وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ)(١) ومثله قول ذي الرمّة :

سمعت النّاس ينتجعون غيثا

فقلت لصيدح انتجعي بلالا (٢)

وأمّا حكاية الجملة المكتوبة فنحو قول من قرأ خاتم النّبيّ (ص) : «قرأت على فصّه : محمّد رسول الله» ويجوز في هذا النوع : الحكاية بالمعنى ، فيقال في نحو «محمّد مسافر» قال قائل : «مسافر محمّد» وتتعيّن الحكاية بالمعنى إن كانت الجملة ملحونة مع التّنبيه على اللّحن.

(والآخر) حكاية المفرد ، وتكون بغير أداة ، وتكون بأداة.

__________________

(١) الآية «٣٤» فاطر (٣٥).

(٢) صيدح : اسم ناقته ممنوع من الصرف. وبلال : اسم الممدوح والمعنى : سمعت هذا القول ، وهو : الناس ينتجعون غيثا ، وظاهر من الأمثلة أن الحكاية الملفوظة كما تكون بالقول تكون بلفظ السماع.


أمّا كونها بغير أداة فشاذّ كقول بعض العرب ـ وقد سمع : هاتان تمرتان ـ : «دعنا من تمرتان».

وأمّا كونها بأداة الاستفهام فمخصوصة ب «أيّ» و «من» والمسئول عنه إمّا نكرة أو معرفة.

فإن كان نكرة والسؤال بأحدهما حكي في لفظهما ما ثبت لتلك النّكرة من رفع ونصب وجرّ ، وتذكير وتأنيث ، وإفراد وتثنية وجمع. تقول لمن قال : رأيت رجلا وامرأة وغلامين وجاريتين وبنين وبنات : «أيّا ، وأيّة ، وأيّين ، وأيّتين ، وأيّين ، وأيّات» (١) وكذلك تقول : «منا ومنه ومنين ومنتين ومنين ومنات» (٢).

٢ ـ الفرق بين أيّ ومن في الحكاية :

الفرق بينهما من أربعة أوجه :

(١) أن «أيّا» عامة في السؤال ، فيسأل بها عن العاقل كما مثّل ، وعن غيره كقول القائل : «رأيت حمارا أو حمارين فيقول السّائل : أيّا ، و «من» خاصة بالعاقل.

(٢) أنّ الحكاية في «أيّ» عامّة في الوقف والوصل ، يقال : «جاءني رجلان» فتقول : «أيّان أو «أيّان يا هذا» والحكاية في «من» خاصّة بالوقف تقول لمن قال : جاءني عالمان : «منان» بالوقف والإسكان ، وإن وصلت. قلت «من يا هذا» وبطلت الحكاية ، فأمّا قول شمّر بن الحارث الضبي :

أتوا ناري فقلت منون أنتم

فقالوا الجنّ ، قلت عموا ظلاما (٣)

فنادر في الشعر ولا يقاس عليه.

(٣) أنّ «أيّا» يحكى فيها حركات الإعراب غير مشبعة فتقول «أيّ» و «أيّا» و «أيّ» في أحوال الإعراب.

ويجب في «من» الإشباع تقول لمن

__________________

(١) حركات «أي» وحروفها الزائدة في التثنية والجمع للحكاية ، فهي مرفوعة بضمة مقدرة منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة الحكاية ، وهي مبتدأ والخبر محذوف وقيل : هي حركات إعراب

(٢) منان ومنين ليس اسما معربا ، بل هو من الأسماء المبنية زيد عليها هذه الحروف دلالة على حال المسئول عنه ، فهي في الجميع اسم مبني على السكون المقدر على آخره منع من ظهوره اشتغال المحل بحركة المناسبة في محل رفع ، وهي على صورة المثنى والجمع ، والخبر محذوف.

(٣) هذا البيت يشير إلى ما كان يزعمه العرب من مكالمتهم للجن ، وعموا ظلاما تحية كانت للعرب كقولهم : عموا صباحا ، وهو دعاء بالنعيم.


قال جاءني رجل «منو» ولمن قال : رأيت رجلا «منا» ولمن قال : مررت برجل «مني».

(٤) أن ما قبل تاء التّأنيث أو الحكاية في «أيّ» واجب الفتح ، تقول «أيّة» و «أيّتان» ويجوز الفتح والإسكان في «من» إذا اتصل بها تاء الحكاية تقول «منه» (١) و «منت (٢)» و «منتان و «منتان» ، والأرجح الفتح في المفرد ، والإسكان في التثنية ، وإن كان المسئول عنه علما لمن يعقل غير مقرون بتابع ، وأداة السّؤال «من» غير مقرونة بعاطف ، يجوز حكاية إعرابه ، فيقال لمن قال : كلمت عليّا : «من عليّا؟» بنصب «عليّا» ولمن قال : نظرت إلى خالد «من خالد؟» بجر خالد ، ولمن قال : جاء إبراهيم : «من إبراهيم؟» بضم إبراهيم للحكاية ، وتبطل الحكاية في نحو «ومن عليّ؟» لأجل العاطف ، وفي نحو «من خادم محمّد؟» لانتفاء العلميّة ، وفي نحو «من صالح المؤدّب» لوجود التّابع (٣).

ويستثنى من ذلك أن يكون التّابع «ابنا» مضافا إلى علم ك «رأيت محمّد بن عمرو» أو علما معطوفا ك «رأيت محمّدا وعليّا» فتجوز فيهما الحكاية ، فتقول لمن قال : «رأيت محمّد بن عمرو «من محمّد بن عمرو» بالنصب.

حنانيك ـ معناها : تحنّنا عليّ بعد تحنّن وبعبارة مفصّلة : كلّما كنت في رحمة منك وخير فلا ينقطعنّ وليكن موصولا بآخر من رحمتك قال طرفة :

أبا منذر أفنيت فاستبق بعضنا

حنانيك بعض الشرّ أهون من بعض

ولا يستعمل مثنى إلّا في حدّ الإضافة.

وهو من المصادر المثناة التي لا يظهر فعلها ك «لبّيك وسعديك» وكلّها ملازمة للإضافة.

(ـ الإضافة ١٠ / ج / ٣).

حواليك ـ مثنى «حوال» وحوال جمع «حول» وحول الشيء : جانبه الذي يمكنه أن يحول إليه.

__________________

(١) بفتح النون وقلب التاء هاء.

(٢) بسكون النون وسلامة التاء من القلب هاء لحالة الوقف.

(٣) وهذه الأمثلة التي اختلت شروطها حركاتها إعرابية لا للحكاية.


والعرب يريدون ب «حواليك» الإحاطة من كلّ وجه ، ويقسمون الجهات التي تحيط إلى جهتين كما يقال : أحاطوا به من جانبيه ، ومثله : «حوليك» إلّا أن هذا مثنى لمفرد وذاك مثنى لجمع وهو أبلغ في الدّلالة على الجوانب كلها.

وكلاهما : ظرف مكان أعرب إعراب المثنى.

حيث ـ هي للمكان اتفاقا ، وقد ترد للزّمان ، والغالب كونها في محل نصب على الظّرفيّة ، نحو «اجلس حيث ينتهي بك المجلس» ، أو خفض ب «من» نحو (وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ)(١).

وقد تخفض بالإضافة كقول زهير ابن أبي سلمى :

فشدّ ولم يفزع بيوتا كثيرة

لدى حيث ألقت رحلها أمّ قشعم

وقد تقع مفعولا به نحو (اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ)(٢)

وناصبها : «يعلم» محذوفا مدلولا عليه بأعلم ، لا بأعلم لأنّ أفعل التفضيل لا ينصب المفعول به.

وتلزم «حيث» الإضافة إلى جملة اسميّة كانت أو فعليّة ، وإضافتها للفعليّة أكثر.

وندرت إضافتها إلى المفرد كقول الشاعر :

ونطعنهم تحت الحيا بعد ضربهم

ببيض المواضي حيث ليّ العمائم

ويمكن أن يخرّج عليه قول الفقهاء «من حيث أنّ كذا» وإذا اتّصلت بها «ما» الكافّة ضمّنت معنى الشّرط وجزمت الفعلين (ـ حيثما)

حيثما ـ أصلها : حيث لحقتها «ما» الزائدة الكافة فصارت اسم شرط جازم يجزم فعلين مبني على السكون في محلّ نصب على الظرفيّة المكانيّة ، (ـ جوازم المضارع ٦)

حيص بيص ـ يقال «وقعوا في حيص بيص» أي في اختلاط وشدّة وحيرة لا محيص لهم عنه ، ومنه قول سعيد بن جبير «أثقلتم ظهره ، وجعلتم الأرض عليه حيص بيص» أي ضيّقتم عليه حتى لا مضرب له في الأرض ، وهو تركيب مزجيّ مبني على فتح

__________________

(١) الآية «١٤٩» البقرة (٢).

(٢) الآية «١٢٤» الأنعام (٦).


جزءيه في محلّ جر بفي في المثل الأول وفي قول سعيد بن جبير في محل نصب على الحال ، وفيها لغات أخرى انظرها في القاموس المحيط.

حين ـ ظرف مبهم يصلح لجميع الأزمان طالت أو قصرت المدّة : وجمعها : أحيان ، وجمع الجمع : أحايين وهو مما يضاف إلى الجمل (ـ الإضافة ١١).

حيّ ـ حيّهلا ـ حيّهل : ـ كلها أسماء أفعال للأمر بمعنى : هلمّ أو أقبل وعجّل كقول المؤذّن : «حيّ على الصّلاة حيّ على الفلاح» والمعنى : هلمّوا إليها وتعالوا مسرعين وفي حديث ابن مسعود : «إذا ذكر الصّالحون فحيّ هلا (١) بعمر» أي ابدأ به وعجّل بذكره ، وهما كلمتان جعلتا كلمة واحدة ، ومثلها «حيّهل» ، وأصلهما : حيّ بمعنى اعجل ، وهلا : حثّ واستعجال.

__________________

(١) تكتب الكلمتان مفصولتين ومجموعتين بكلمة واحدة.


باب الخاء

خال ـ من أفعال القلوب.

وتفيد في الخبر الرّجحان واليقين والغالب كونها للرّجحان تنصب مفعولين أصلهما المبتدأ والخبر.

مثالها في الرّجحان قول الشّاعر :

إخالك ـ إن لم تغضض الطرف ـ ذا هوى

يسومك ما لا يستطاع من الوجد

ومثالها في اليقين قول الشّاعر :

ما خلتني زلت بعدكم ضمنا

أشكو إليك حموّة الألم (١)

وتشترك مع «ظنّ وأخواتها» بأحكام (ـ ظنّ وأخواتها).

خبر المبتدأ ـ

١ ـ تعريفه :

هو الجزء الذي حصلت به أو بمتعلّقه الفائدة مع مبتدأ غير الوصف.

٢ ـ أقسام الخبر :

الخبر إمّا مفرد ، وإمّا جملة ، ولكلّ منهما مباحث تخصّه.

٣ ـ الخبر المفرد :

الخبر المفرد : إمّا أن يكون جامدا ، أو مشتقا ، فإن كان جامدا فلا يتحمّل ضمير المبتدأ نحو «هذا قمر» ؛ وإن كان مشتقا فيتحمّل ضميره نحو «عليّ بارع» ومثله «الخالدان شجاعان» و «التّلاميذ مجدّون» في الإفراد والتّثنية والجمع (٢) إلّا إن رفع المشتقّ الاسم الظّاهر (٣) نحو «أحمد طيّب خلقه» أو رفع الضمير البارز نحو «عليّ محسن أنت إليه».

ويجب إبراز الضّمير في الخبر المشتقّ في حالة واحدة ، وهي : إذا

__________________

(١) التقدير في البيت : خلت نفسي ضمنا بعدكم ، ما زلت أشكو شدة الفراق. و «ضمنا» معناه :

الزمن المبتلى وهي المفعول الثاني ل «خلتني» وخبر «ما زلت» جملة أشكو.

(٢) ف «الخبر» في ذلك متحمل لضمير مستتر عائد على المبتدأ ، والألف في «شجاعان» والواو في «مجدون» حرفان دالان على التثنية والجمع.

(٣) فإنه في هذا الحال لا يحمل ضمير المبتدأ لأنه لا يرفع فاعلين.


جرى الوصف الواقع خبرا على غير من هو له ، سواء أحصل لبس أم لا ، مثال ذلك : «محمّد عليّ مكرمه هو» ف «مكرمه» خبر عن «علي» (١) والجملة خبر عن «محمّد» والمقصود : أنّ محمّدا مكرم عليّا ، وعلم ذلك بإبراز الضّمير ، ولو استتر الضّمير لاحتمل المعنى عكس ذلك.

هذا مثال ما حصل فيه اللّبس ، ومثال ما أمن فيه اللّبس «بكر زينب مكرمها هو» فلو لا الضّمير المنفصل «هو» لوضح المعنى وأمن اللّبس ـ ومع ذلك أوجبوا أن يبرز الضّمير لاطّراد القاعدة (٢).

٤ ـ الخبر الجملة :

إذا وقع الخبر جملة فإمّا أن تكون الجملة نفس المبتدأ في المعنى فلا تحتاج لرابط نحو (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ)(٣) ومثله «نطقي : الله حسبي».

وإمّا أن تكون غيره فلا بدّ حينئذ من احتوائها على معنى المبتدأ التي هي مسوقة له ، وهذا هو الرّابط وذلك بأن تشتمل على اسم بمعناه وهذا الاسم :

(١) إمّا ضميره مذكورا نحو «الحقّ علت رايته» أو مقدّرا نحو «السّمن رطل بدينار» أي منه.

(٢) أو إشارة إليه ، نحو (وَلِباسُ التَّقْوى ذلِكَ خَيْرٌ)(٤) إذا قدّر «ذلك» مبتدأ ثانيا ، لا بدلا أو عطف بيان ، وإلّا كان الخبر مفردا.

(٣) أو تشتمل الجملة على اسم بلفظه ومعناه نحو (الْحَاقَّةُ مَا الْحَاقَّةُ)(٥).

(٤) أو تشتمل على اسم أعمّ منه نحو

__________________

(١) وهو قائم بغيره لأن المكرم محمد لا علي وإن كان أنه خبر لعلي ، وهذا معنى قوله : إذا جرى الوصف خبرا على غير من هو له.

(٢) وعند الكوفيين : إن أمن اللبس جاز إبراز الضمير واستتاره ، وإن خيف اللبس وجب الإبراز ، وقد ورد السماع بمذهبهم فمن ذلك قوله :

قومي ذرى المجد بانوها وقد علمت

بكنه ذلك عدنان وقحطان

التقدير : بانوها هم ، فحذف الضمير لأمن اللبس.

(٣) الآية «١» الإخلاص (١١٢).

(٤) الآية «٢٥» الأعراف (٧).

(٥) الآية «١» الحاقة (٦٩).


«أبو بكر نعم الخليفة» ف «أل» في فاعل «نعم» استغراقيّة.

٥ ـ الخبر ظرفا أو مجرورا :

ويقع الخبر ظرفا نحو (وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ)(١) ومجرورا نحو (الْحَمْدُ لِلَّهِ) *) وليس الظّرف أو المجرورهما الخبرين ، بل الخبر في الحقيقة متعلّقهما المحذوف المقدّر بكائن أو مستقر.

٦ ـ خبر المبتدأ وظرف المكان :

ظرف المكان يقع خبرا عن أسماء الذّوات والمعاني نحو «زيد خلفك» و «الخير أمامك».

٧ ـ خبر المبتدأ وظرف الزّمان :

ظرف الزّمان يقع خبرا عن أسماء المعاني غير الدّائمة (٢) فقط منصوبا أو مجرورا بفي نحو «الصّوم اليوم» و «السّفر في غد».

ولا يقع الزّمان خبرا عن أسماء الذّوات فلا يقال : «زيد اللّيلة» إلّا إن حصلت فائدة جاز عند الأكثرين. وذلك في ثلاث حالات : «أ» أن يكون المبتدأ عامّا والزّمان خاصّا إمّا بالإضافة نحو «نحن في شهر ربيع» فنحن ذات وهو عامّ لصلاحيّته لكلّ متكلّم وفي شهر كذا خاص ـ وإمّا بالوصف نحو «نحن في زمان طيّب» مع جرّه ب «في» كما مثّل.

«ب» أن تكون الذّات مشبهة للمعنى في تجدّدها وقتا فوقتا نحو «الهلال الليلة».

«ج» أن يقدّر مضاف نحو قول امرئ القيس «اليوم خمر» أي شرب الخمر و «الليلة الهلال» أي رؤية الهلال.

٨ ـ اسم المكان المخبر به عن الذّات :

اسم المكان المخبر به عن الذّات إمّا متصرّف ، وإمّا غير متصرّف (٣) ، فإن كان متصرّفا فإن كان نكرة فالغالب

__________________

(١) الآية «٤٢» الأنفال (٨).

(٢) فإن كان اسم المعنى دائما امتنع الإخبار بالزمان عنه فلا يقال «طلوع الشمس يوم الجمعة» لعدم الفائدة.

(٣) المتصرف من أسماء الزمان والمكان : ما يستعمل ظرفا وغير ظرف نحو «يوم» و «ليلة» و «ميل» و «فرسخ» إذ يقال «يومك يوم مبارك» وغير المتصرف : ما يلازم الظرفية وشبهها وهو الجر ب «من» نحو «قبل وبعد ولدن وعند».


رفعه نحو «العلماء جانب والجهّال جانب» ويصحّ «جانبا» فيهما.

وإن كان معرفة فبالعكس نحو «الباب يمينك» ويصح «يمينك».

وإن كان غير متصرّف فيجب نصبه نحو «المسجد أمامك».

٩ ـ اسم الزّمان المخبر به :

اسم الزّمان إن كان نكرة واستغرق المعنى جميعه أو أكثره غلب رفعه وقلّ نصبه أو جرّه بفي نحو «الصّوم يوم» و «السّير شهر» وإن كان معرفة ، أو نكرة لم تستغرق ، فبالعكس نحو «الصّوم اليوم» و «الخروج يوما».

١٠ ـ تأخير الخبر وتقديمه :

الأصل في الخبر أن يتأخّر عن المبتدأ ، وقد يتقدّم ، وذلك في حالات ثلاث : وجوب تأخيره ، ووجوب تقديمه ، واستواء الأمرين.

١١ ـ وجوب تأخير الخبر :

يجب تأخير الخبر في أربع مسائل : «إحداها» أن يخشى التباسه بالمبتدأ ، وذلك إذا كانا معرفتين ، أو نكرتين متساويتين في التّخصيص ، ولا قرينة تميّز أحدهما عن الآخر ، فالمعرفتان نحو «أحمد أخوك» أو «صديقك صديقي» والنكرتان نحو «أفضل منك أفضل مني» ، أمّا إذا وجدت القرينة نحو «عمر ابن عبد العزيز عمر بن الخطّاب» جاز تقديم الخبر وهو «عمر بن الخطّاب» لأنّه معلوم أنّ المراد تشبيه ابن عبد العزيز بابن الخطّاب ومنه قوله :

بنونا بنو أبنائنا وبناتنا

بنوهنّ أبناء الرّجال الأباعد

ف «بنونا» خبر مقدّم ، وبنو أبنائنا مبتدأ مؤخّر ، والمراد الحكم على بني أبنائهم بأنّهم كبنيهم.

«الثانية» : أن يخاف التباس المبتدأ بالفاعل نحو «عليّ اجتهد» ونحو «كلّ إنسان لا يبلغ حقيقة الشكر».

«الثالثة» أن يقترن الخبر ب «إلّا» معنى نحو (إِنَّما أَنْتَ نَذِيرٌ)(١) أو لفظا نحو (وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ)(٢) فلا يجوز تقديم الخبر لأنّه محصور فيه

__________________

(١) الآية «١٢» هود (١١) ، و «إنما» فيها معنى «إلا» وهو الحصر.

(٢) الآية «١٤٤» آل عمران (٣).


ب «إلّا» فأمّا قول الكميت بن زيد :

فيا ربّ هل إلّا بك النّصر يرتجى

عليهم وهل إلّا عليك المعوّل

فضرورة لأنه قدّم الخبر المقرون ب «إلّا» لفظا ، والأصل : وهل النّصر إلّا بك ، وهل المعوّل إلّا عليك «الرابعة» أن يكون المبتدأ مستحقّا للتصدير ، والأسماء التي لها الصدارة بنفسها هي : أسماء الاستفهام ، والشّرط ، وما التّعجّبيّة ، وكم الخبريّة ، وضمير الشأن ، وما اقترن بلام الابتداء ، نحو : «من أنت؟» «من يقم أقم معه» «ما أحسن الصدق» «كم فرس لي» «هو الله أحد» «لزيد قائم».

وهناك اسم ليس له الصّدارة ، ولكنه يشبه أحيانا ما يستحقّ التّصدير ، وهو «اسم الموصول» إذا اقترن خبره بالفاء نحو «الذي يدرس فله درهم» فالذي : اسم موصول مبتدأ و «يدرس» صلته ، وجملة «فله درهم» خبره ، وهو واجب التّأخير ، فإنّ المبتدأ هنا ، وهو «الذي» مشبّه باسم الشّرط لعمومه وإبهامه واستقبال الفعل الذي بعده ، وكون الفعل سببا لما بعده ، ولهذا دخلت الفاء في الخبر.

وكلّ ما أضيف من الأسماء إلى ما له الصّدارة ممّا مرّ فله نفس الحكم أي وجوب تأخير الخبر نحو «غلام من أنت» ف «غلام» مبتدأ و «من» اسم استفهام مضاف إليه و «أنت» خبر المبتدأ ، ومثله «مال كم رجل عندك» وهكذا ..

١٢ ـ وجوب تقديم الخبر :

يجب تقديم الخبر في أربع مسائل :

(إحداها) أن يكون المبتدأ نكرة ليس لها مسوغ إلّا تقدّم الخبر ، والخبر ظرف أو جارّ ومجرور أو جملة (١) نحو «عندي كتاب» و «في الدّار شجرة» و «قصدك رسوله أخ» ، فإن كان للنكرة مسوّغ جاز الأمران نحو «رجل عالم عندي» و «عندي رجل عالم».

(الثانية) أن يشتمل المبتدأ على ضمير يعود على بعض الخبر ، نحو (أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها)(٢) فلو أجزنا

__________________

(١) وإنما وجب تقديم الخبر هنا لئلا يتوهم كون المؤخر نعتا ، لأن حاجة النكرة المحضة إلى التخصيص ليفيد الإخبار عنها أقوى من الخبر.

(٢) الآية «٢٤» مجمد (٤٧).


تقديم المبتدأ هنا لعاد الضمير على متأخّر لفظا ورتبة ، ومنه قول الشاعر :

أهابك إجلالا وما بك قدرة

عليّ ، ولكن ملء عين حبيبها (١)

(الثالثة) أن يكون الخبر له صدر الكلام نحو «أين كتابك» (٢) و («مَتى نَصْرُ اللهِ)(٣).

(الرابعة) أن يكون المبتدأ محصورا ب «إلّا» نحو «ما لنا إلّا اتّباع أحمد» أو «إنما» نحو «إنما المقدام من لا يخشى قولة الحق».

١٣ ـ جواز تقديم الخبر وتأخيره :

يجوز تقديم الخبر وتأخيره ، وذلك فيما فقد فيه موجبهما أي فيما عدا ما مرّ من وجوب تقديم الخبر ، ووجوب تأخيره كقولك «زيد قائم» فيترجح تأخيره على الأصل ، ويجوز تقديمه لعدم المانع.

١٤ ـ حذف الخبر :

قد يحذف الخبر إذا دلّ عليه دليل جوازا أو وجوبا.

فيجوز حذف ما علم من خبر نحو «خرجت فإذا صديقي» أي منتظر.

(أُكُلُها دائِمٌ وَظِلُّها)(٤) أي كذلك.

ويجب حذف الخبر في أربعة مواضع :

«أ» أن يكون المبتدأ صريحا في القسم (٥) نحو «لعمرك لأقومنّ» و «أيمن الله لأجاهدنّ» أي لعمرك قسمي ، وأيمن الله يميني ، وإنما وجب حذفه لسدّ جواب القسم مسدّه.

«ب» أن يكون المبتدأ معطوفا عليه اسم بواو هي نصّ في المعية نحو «كلّ رجل وضيعته» (٦) ولو قلت «زيد وعمرو» وأردت الإخبار باقترانهما جاز حذف الخبر اعتمادا على أنّ السامع يفهم من اقتصارك

__________________

(١) ف «حبيبها» مبتدأ مؤخر و «ملء عين» خبر مقدم ، ولا يجوز تأخير الخبر هنا أيضا لئلا يعود الضمير على متأخر لفظا ورتبة.

(٢) ف «كتابك» مبتدأ مؤخر و «أين» اسم استفهام متعلق بمحذوف خبر مقدم ، ولا يجوز : كتابك أين ، لأن لاسم الاستفهام الصدارة.

(٣) الآية «٢١٤» البقرة (٢).

(٤) الآية «٣٧» الرعد (١٣).

(٥) أي لا يستعمل إلا في القسم ، ويفهم منه القسم قبل ذكر المقسم عليه ، فإن قلت : «عهد الله لأكافئك جاز إثبات الخبر لعدم صراحة القسم ، إذ يمكن أن يستعمل في غيره نحو «عهد الله يجب الوفاء به.

(٦) وإعرابها : «كل» مبتدأ «رجل» مضاف إليه و «ضيعته» معطوف بالواو على «كل» والخبر محذوف وجوبا التقدير : مقرونان.


معنى الاقتران ، وجاز ذكر الخبر لعدم التّنصيص على المعيّة قال الفرزدق :

تمنّوا لي الموت الذي يشعب الفتى (١)

وكلّ امرئ والموت يلتقيان

فآثر ذكر الخبر وهو يلتقيان.

«ج» أن يكون الخبر كونا مطلقا (٢) والمبتدأ بعد لو لا نحو «لو لا العلماء لهلك العوام» فالهلاك ممتنع لوجود العلماء ، فالعلماء مبتدأ وخبره محذوف وجوبا ، وإن كان الخبر كونا مقيدا وجب ذكره إن فقد دليله كقوله «لو لا زيد سالمنا ما سلم» (٣) وفي الحديث : «لو لا قومك حديثو عهد بكفر لبنيت الكعبة على قواعد إبراهيم» (٤) ، وجاز الوجهان إن وجد الدّليل نحو «لو لا أنصار زيد حموه ما سلم» ويجوز «لو لا أنصار زيد ما سلم» ، فجملة «حموه» خبر المبتدأ ويجوز حذف الخبر فتقول «لو لا أنصار زيد ما سلم» ، فالمبتدأ دالّ على الحماية إذ من شأن الناصر أن يحمي من ينصره ، ومنه قول أبي العلاء يصف سيفا :

يذيب الرعب منه كلّ عضب

فلو لا الغمد يمسكه لسالا (٥)

وجمهور من النحويين يوجب حذف الخبر بعد «لو لا» مطلقا ، بناء على أنه لا يكون إلّا كونا مطلقا ، وأوجبوا

__________________

(١) يشعب : يفرق.

(٢) وإيضاح الكون المطلق أن يقال : إن كان امتناع الجواب لمجرد وجود المبتدأ فالخبر كون مطلق ، ويقابله الكون المقيد ، كما إذا قيل : «هل زيد محسن إليك» فتقول «لو لا زيد لهلكت» تريد : لو لا إحسان زيد إلي لهلكت ، فإحسان زيد مانع لهلاكي ، فالخبر كون مقيد بالإحسان والأصل في معنى «لو لا» أنها حرف امتناع لوجود ، وهو الوجود المطلق.

(٣) ف «زيد» مبتدأ وجملة «سالمنا» خبره ، وإنما ذكر الخبر هنا ، لأن وجود زيد مقيد بالمسالمة ، ولا دليل ـ إن حذف الخبر ـ على خصوصيتها.

(٤) لفظ الحديث كما روي في صحيح مسلم «لو لا أن قومك حديثو عهد بجاهلية أو قال بكفر لأنفقت كنز الكعبة في سبيل الله ، ولجعلت بابها بالأرض ولأدخلت فيها من الحجر» ورواية الترمذي «لو لا أن قومك حديثو عهد بالجاهلية ..

الحديث» وفي رواية مسلم : «لو لا حدثان قومك بالكفر لفعلت» وكل هذه الروايات الصحيحة لا شاهد فيها على ذكر الخبر بعد لو لا.

(٥) «يمسكه» خبر الغمد ، وهو كون مقيد بالإمساك ، والمبتدأ دال عليه ، إذ من شأن غمد السيف إمساكه ، و «يذيب» نقيض يجمد ، «العضب» السيف القاطع ، «الغمد» غلاف السيف.


جعل الكون الخاص مبتدأ فيقال في «لو لا زيد سالمنا ما سلم» لو لا مسالمة زيد إيانا أي موجودة ، ولحّنوا المعري ، وقالوا : الحديث مرويّ بالمعنى (١).

«د» أن يغني عن الخبر حال لا تصح أن تكون خبرا نحو «مدحي العالم عاملا» (٢) «أقرب ما يكون العبد من ربّه وهو ساجد» «أحسن كلام الرّجل متأنيا» التقدير : مدحي العالم إذ كان (٣) أو إذا كان عاملا ، وكذا الباقي ...

ولا يغني الحال عن الخبر إلّا إذا كان المبتدأ مصدرا مضافا لمعموله كالمثال الأوّل أو أفعل التفضيل مضافا لمصدر مؤوّل كالمثال الثاني ، أو صريح كالمثال الثّالث فلا يجوز : مدحي العالم مفيدا بالنصب لصلاحية الحال للخبرية ، فالرفع هنا واجب وشذّ قولهم «حكمك مسمّطا» (٤).

١٥ ـ تعدّد الخبر :

الأصحّ جواز تعدّد الخبر لفظا ومعنى لمبتدأ واحد نحو «عليّ حافظ شاعر كاتب راوية أديب» ومثله قوله تعالى (وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ)(٥).

والذي يمنع جواز تعدّد الخبر يقدّر «هو» للثاني وللثالث من الأخبار.

وليس من تعدّد الأخبار قول طرفة :

يداك يد خيرها يرتجى

وأخرى لأعدائها غائظه

لأنّ «يداك» في قوّة مبتدأين لكل منهما خبر ، ولا نحو قولهم «الرّمّان حلو حامض» لأنهما بمعنى خبر واحد. تقديره «مزّ» ، ولهذا يمتنع العطف ، وإن توسط المبتدأ بينهما.

__________________

(١) مر قريبا الحديث والتعليق عليه.

(٢) مدحي مبتدأ ، وهو مصدر مضاف إلى فاعله و «العالم» مفعوله و «عاملا» حال من العالم ، وهذه الحال لا تصح خبرا ، إذ لا يقال : مدحي عامل. فالخبر ظرف زمان متعلق بمحذوف والتقدير : حاصل إذ كان عاملا.

(٣) التقدير ب «إذ» عند إرادة المضي وب «إذا» عند إرادة الاستقبال.

(٤) قاله قوم لرجل حكموه عليهم وأجازوا حكمه ، ومعناه : نافذ مثبت والقياس رفعه لصلاحيته للخبرية ولكنه نصب على الحال ، وعلى النصب : الخبر محذوف. التقدير : حكمك لك مثبتا.

(٥) الآية «١٤» البروج (٨٥).


خبّر ـ من أخوات «أعلم وأرى» ينصب ثلاثة مفاعيل نحو «خبّرت زيدا العلم نافعا».

خدنك ـ المضافة إلى معرفة ولا تفيد تعريفا (ـ الإضافة ٥ تعليق).

خلا ـ لها ثلاثة أوجه :

(١) أن تكون فعلا غير متصرف ، متعدّيا ، ناصبا للمستثنى على المفعوليّة وفاعله ضمير مستتر عائد على مصدر الفعل المتقدّم عليها ، فإذا قلنا «حضر القوم خلا عليّا» فالمعنى خلا هو أي حضورهم عليّا.

(٢) أن تكون حرفا جارّا للمستثنى فلك أن تقول «حضر القوم خلا عليّ» بالجر ولا تعلّق لها بما قبلها ، وهي مع معمولها في موضع نصب بتمام الكلام (١).

وإذا استثني بها ضمير المتكلم وقصد الجرّ ، لم يؤت بنون الوقاية ، وإذا قصد النصب أتي بها ، فيقال على الأوّل : خلاي. وعلى الثاني : خلاني.

(٣) أن تدخل «ما» المصدرية عليها ، فتتعين للفعليّة ، ويجب عند ذلك نصب ما بعدها ، وموضع «ما خلا» نصب على الحال فيكون التقدير : حضروا خالين عن علي ، وقيل على الظرف والتقدير : وقت خلوهم عن علي وعلى ذلك قول الشاعر :

ألا كلّ شيء ما خلا الله باطل

وكلّ نعيم لا محالة زائل

ولها حسب أحوالها أحكام ب «المستثنى» و «الجار والمجرور» (فانظرها فيهما) خلال ـ من قوله تعالى : (فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ)(٢) هي ظرف مكان منصوب والمعنى : في خلال الديار.

خلف ـ من أسماء الجهات ، ولها أحكامها ، وهي ظرف مكان منصوب ومعناها : ضد «أمام» (ـ أول ودون وأسماء الجهات).

__________________

(١) أي إنها مثل ما بعد «إلا» فإنه منصوب ولا تعلق له بالعامل ، والعامل فيهما معنوي وهو تمام الكلام وكذا سائر الفضلات. أفاده الدسوقي.

(٢) الآية «٥» الإسراء (١٧).


الخميس ـ يجمع في أدنى العدد على «أخمسة» ك «قفيز وأقفزة» وتجمع على «أخماس».

وجمع الكثرة «الخمس» و «الخمسان» وعلى «أخمساء» كنصيب وأنصباء.

خير وشرّ ـ يأتي هذا اللفظ اسم تفضيل على غير وزن «أفعل» لكثرة الاستعمال نحو «العلم خير من المال» وهذا هو الأكثر وقد يستعمل قليلا على وزن «أفعل» أي «أخير» ومثله «شر» (ـ اسم التفضيل وعمله ٢)


باب الدال

درى ـ

(١) فعل ماض من أخوات «ظنّ» ومعناها : علم واعتقد وهي من أفعال القلوب وتفيد في الخبر يقينا.

تنصب مفعولين أصلهما المبتدأ والخبر نحو قوله :

دريت الوفيّ العهد يا عرو فاغتبط

فإنّ اغتباطا بالوفاء حميد (١)

وتشترك مع ظنّ وأخواتها بأحكام (ـ ظنّ وأخواتها).

(٢) والأكثر في «درى» أن يتعدّى بالباء نحو «دريت بكذا» فإن دخلت عليه همزة النّقل تعدّى إلى واحد بنفسه ، وإلى الآخر بالباء نحو (قُلْ لَوْ شاءَ اللهُ ما تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلا أَدْراكُمْ بِهِ)(٢).

(٣) وقد تأتي «درى» بمعنى ختل أي خدع فتتعدّى لواحد نحو «دريت الصيد» أي ختلته.

دواليك ـ أي : تداولا بعد تداول ، قال عبد بني الحسحاس :

إذا شقّ برد شقّ بالبرد مثله

دواليك حتى ليس للبرد لابس

وهو مأخوذ من تداولوا الأمر بينهم يأخذ هذا دولة وهذا دولة.

وهو منصوب على المصدر المحذوف فعله ، وتجب إضافته (ـ الإضافة ١٠ / ٣).

دون ـ نقيض «فوق» وهو ظرف مكان منصوب ، وله أحكام أسماء الجهات (ـ أول ودون وأسماء الجهات).

دونك ـ اسم فعل أمر بمعنى خذ يقال : «دونك الكتاب» أي خذه ، وفاعله أنت والكتاب مفعوله (ـ اسم الفعل ٥)

__________________

(١) المفعول الأول التاء النائبة عن الفاعل في دريت ، والثاني الوفي ، أما العهد فيصح أن تكون فاعلا بالوفي أو مشبها بالمفعول به أو مضافا إليه.

(٢) الآية «١٦» يونس (١٠).


باب الذال

ذا الإشاريّة ـ (ـ اسم الإشارة ٢)

ذا الموصولة ـ تأتي «ذا» اسم موصول بشروط ثلاثة :

(١) ألّا تكون للإشارة نحو «من ذا القارئ» و «ماذا التّواني».

(٢) ألّا تكون ملغاة ، وذلك على أحد وجهين.

إمّا أن تقدّر رائدة (١) مع «من» و «ما» الاستفهاميتين.

وإمّا أن تجعل مع «من» أو «ما» اسما واحدا مستفهما به. نحو «ماذا صنعت» ، ويظهر أثر ذلك في البدل ، فتقول عند جعلك «ذا» موصولا غير ملغى «ماذا صنعت أخير أم شرّ» برفع «أخير» على البدلية من «ما» لأنها مبتدأ و «ذا» وصلتها خبر ، وتقول «ماذا صنعت أخيرا أم شرّا» بالنصب عند إلغاء «ذا» لأنّ «ماذا» في هذه الحالة كلّها اسم استفهام في محل نصب مفعول مقدم لصنعت ، ومثل ذلك قوله تعالى (يَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ)(٢) برفع العفو على جعل «ذا» موصولة ، وبالنّصب على جعلها ملغاة وهما قراءتان.

(٣) أن يتقدّمها استفهام ب «ما» أو ب «من» كقول لبيد :

ألا تسألان المرء ماذا يحاول

أنحب فيقضى أم ضلال وباطل

والكوفيّ لا يشترط في موصوليّة «ذا» أن يتقدّمها «من» أو «ما» الاستفهاميّتين واحتجّ بقول يزيد ابن مفرّغ الحميري :

عدس ما لعباد عليك إمارة

أمنت وهذا تحملين طليق

فعند الكوفيّين انّ «هذا» اسم موصول مبتدأ ولم يتقدّم عليه «ما» ولا «من» وتحملين صلته والعائد محذوف وطليق خبر ، وتأويله : والذي تحملينه طليق وعند البصريين ان «هذا» اسم إشارة مبتدأ و «طليق» خبره و «تحملين» الجملة حالية من فاعل طليق متقدمة عليها.

__________________

(١) على رأي الكوفيين وابن مالك.

(٢) الآية «٢١٩» البقرة (٢).


ذا ـ بمعنى صاحب (ـ الأسماء الخمسة)

ذات ـ (ـ اسم الإشارة ٢)

ذان وذين ـ (ـ اسم الإشارة ٢)

ذر ـ فعل أمر بمعنى «دع» ترك ماضيه كما ترك ماضي «دع» ولم يستعمل منهما إلّا الأمر والمضارع تقول «يذر» و «يدع» واستعمل بدلا من ماضيهما كلمة «ترك» وبدلا من مصدرهما «الترك».

ذه ـ (ـ اسم الإشارة ٢)

ذو الطّائيّة ـ اسم موصول عند طيّئ خاصّة ، وهي مفردة مذكّرة مبنيّة على سكون الواو في جميع الحالات على المشهور ، وتستعمل للعاقل وغيره كقول سنان بن الفحل الطّائي :

فإنّ الماء ماء أبي وجدّي

وبئري ذو حفرت وذو طويت

وقد تؤنّث وتثنّى وتجمع عند بعض بني طيئ فتقول في المذكّر «ذو» وفي المؤنّث «ذات» وفي مثنى المذكّر «ذوا» وفي مثنّى المؤنّث «ذواتا» وفي جمع المذكّر «ذوو» وفي جمع المؤنث «ذوات» وقد تعرب بالحروف الثّلاثة إعراب «ذو» بمعنى صاحب كقول منظور ابن سحيم الفقعسي :

فإمّا كرام موسرون لقيتهم

فحسبي من ذي عندهم ما كفانيا

فيمن رواه بالياء ، أمّا الرّواية الأصليّة : «فحسبي من ذو» على الأصل في البناء على سكون الواو في حالاتها كلّها.

ذيت ـ (ـ كيت وذيت)

ذي ـ (ـ اسم الإشارة ٢)

ذيّا ـ تصغير «ذا» للإشارة (ـ التصغير ١٣)

ذيّان ـ تصغير «ذان» للتثنية (ـ التصغير ١٣)

ذين ـ (ـ اسم الإشارة ٢)


باب الراء

رأى ـ

(١) فعل ماض ومعناها : علم ، وهي : من أخوات «ظنّ» ومن أفعال القلوب ، وتفيد في الخبر الرّجحان أحيانا واليقين أحيانا أخرى ، والأكثر أنها لليقين ، تنصب مفعولين أصلهما المبتدأ والخبر نحو قوله تعالى (إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً وَنَراهُ)(١) قَرِيباً) (٢) وتشترك مع «ظنّ وأخواتها» بأحكام (ـ ظنّ وأخواتها).

(٢) «رأى» من الرأي وهو المذهب تقول «رأى أبو حنيفة حلّ كذا» أي ذهب أبو حنيفة إلى حلّ كذا وتتعدّى هذه إلى واحد.

(٣) «رأى» بمعنى أبصر تقول «رأيت العصفور على الشّجرة» أي أبصرته ، وتتعدّى هذه إلى واحد

(٤) «رأى» الحلميّة وتتعدّى لاثنين ك «رأى» العلمية كقوله تعالى (إِنِّي أَرانِي أَعْصِرُ خَمْراً)(٣).

راح ـ «تعمل عمل كان» (ـ كان وأخواتها ٢ تعليق)

ربّ ـ حرف جر لا يجرّ إلّا النّكرة وهو في حكم الزّائد ، فلا يتعلّق بشيء ، وقد يدخل على ضمير الغيبة ملازما للإفراد والتّذكير ، والتفسير بتمييز بعده مطابق للمعنى كقول الشّاعر :

ربّه فتية دعوت إلى ما

يورث المجد دائبا فأجابوا

وهذا قليل.

وإذا لحقتها «ما» الزّائدة كفّتها عن العمل فتدخل حينئذ على المعارف وعلى الأفعال فتقول «ربّما عليّ قادم» و «ربّما حضر أخوك وقد تعمل قليلا كقول عديّ الغساني

__________________

(١) يرونه : يظنونه ، ونراه : نعلمه ، فالآية مثال للظن واليقين.

(٢) الآية «٦ و ٧» المعارج (٧٠).

(٣) الآية «٣٦» يوسف (١٢) ، وجملة أعصر مفعول ثان والياء من أراني مفعول أول.


ربّما ضربة بسيف صقيل

بين بصرى وطعنة نجلاء

والغالب على «ربّ» المكفوفة أن تدخل على فعل ماض كقول جذيمة «ربّما أوفيت في علم» ، وقد تدخل على مضارع منزّل منزلة الماضي لتحقق الوقوع نحو (رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا)(١) وندر دخولها على الجملة الاسميّة كقول أبي دؤاد الإيادي :

ربّما الجامل المؤبّل فيهم (٢)

ومعنى «ربّ» التكثير ، وتأتي للتّقليل

فالأوّل كقوله عليه‌السلام : «يا ربّ كاسية في الدّنيا عارية يوم القيامة» والثاني كقول رجل من أزد السّراة :

ألا ربّ مولود وليس له أب

وذي ولد لم يلده أبوان (٣)

وقد تحذف «ربّ» ويبقى عملها بعد الفاء كثيرا كقول امرئ القيس :

فمثلك حبلى قد طرقت ومرضع

فألهيتها عن ذي تمائم محول (٤)

وبعد الواو أكثر كقول امرئ القيس

وليل كموج البحر أرخى سدوله

عليّ بأنواع الهموم ليبتلي (٥)

وبعد «بل» قليلا كقول رؤبة :

بل بلد ملء الفجاج قتمه

لا يشترى كتّانه وجهرمه (٦)

وبدونهن أقل كقول جميل بن معمر :

رسم دار وقفت في طلله

كدت أقضي الحياة من جلله (٧)

ربّة ـ هي «ربّ» لا تختلف عنها معنى وإعرابا مع زيادة تاء التأنيث لتأنيث لفظها فقط.

ربّتما ـ هي «ربة» دخلت عليها «ما» الزائدة فكفتها عن العمل وصارت تدخل على المعارف والأفعال (ـ ربّ)

__________________

(١) الآية «٢» الحجر (١٥).

(٢) الجامل : القطيع من الإبل ، المؤبل : المعد للقنية.

(٣) سكنت اللام من يلده تشبيها بكتف فالتقى ساكنان. حركت الدال بالفتح اتباعا للياء.

(٤) طرق : أتى ليلا ، «التمائم» التعاويذ «محول» أتى عليه حول.

(٥) السدول : الستائر واحدها : سدل ، ليبتلي : ليختبر.

(٦) الفجاج : جمع فج : الطريق الواسع الواضح بين جبلين. «القتم» الغبار «جهرم» أراد جهرميه بياء النسبة وهي بسط شعر تسب إلى قرية بفارس تسمى جهرم.

(٧) الرسم : آثار الدار «الطلل» ما شخص من آثارها «من جلله» من أجله.


ربّما ـ هي ربّ دخلت عليها «ما» فكفتها عن العمل (ـ ربّ).

رجع ـ «تعمل عمل كان» (ـ كان وأخواتهما ٢ تعليق)

ردّ ـ

(١) من أفعال التّصيير ومن أخوات «ظنّ» تنصب مفعوليين أصلهما المبتدأ والخبر نحو (لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمانِكُمْ كُفَّاراً)(١) ونحو قول الشّاعر :

«فردّ شعورهنّ السود بيضا»

وتشترك مع «ظنّ» بأحكام (ـ ظنّ وأخواتها).

(٢) وقد تأتي «ردّ» بمعنى رجع فتنصب مفعولا واحدا نحو «ردّه الله» أي رجعه.

رفع المضارع ـ يرفع المضارع إذا تجرّد من النّاصب والجازم نحو «يلبّي» «يقرأ» و «أنتما تكتبان» و «أنتم تنظرون».

رويد ـ مصدر أرود مصغّرا تصغير ترخيم ، تقول : «رويدا» أي مهلا ، وتقول : «رويدك زيدا» أي أمهله ، فزيدا مفعول به لرويد ، والكاف لتبين المخاطب.

ول «رويد» أربعة أوجه من الإعراب :

اسم فعل أمر نحو «رويد زيدا» أي أمهله.

وصفة نحو «ساروا سيرا رويدا» وحال : نحو «سار القوم رويدا».

ومصدر : نحو «رويد أخيك» بالإضافة.

الرّيث ـ المقدار من الزمان يقال :

«جلس عندنا ريثما أكل» وهو في الأصل مصدر من قولك :

«راث الرّجل يريث ريثا» أبطأ ، وفي المثل «ربّ عجلة أعقبت ريثا» أي إبطاء ثمّ أجروه ظرفا كما أجروا قولهم «مقدم الحجيج» و «خفوق النّجم» وهو من

__________________

(١) الآية «١٠٩» البقرة (٢).


الظّروف المبهمة يرجّح بناؤه على الفتح إذا أضيف إلى جملة صدّرت بمبني ويرجّح إعرابه إذا أضيف إلى جملة صدّرت بمعرب ، تقول بترجيح البناء «انتظرنا ريث لبسنا» وبترجيح الإعراب : «لبث ريث نقرأ الرّسالة».

ريثما ـ هي ريث دخلت عليها «ما» الزائدة.


باب الزاي

زعم ـ

(١) فعل ماض من أخوات «ظنّ» ومن أفعال القلوب وتفيد في الخبر رجحانا ، تنصب مفعولين أصلهما المبتدأ والخبر نحو قول أبي أميّة الحنفي :

زعمتني شيخا ولست بشيخ

إنما الشيخ من يدبّ دبيبا

والأكثر في «زعم» وقوعها على «أن» أو «أنّ» وصلتهما نحو (زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا)(١) وقول كثير :

وقد زعمت أني تغيّرت بعدها

ومن ذا الّذي يا عزّ لا يتغيّر

وتشترك مع «ظنّ» بأحكام (ـ ظنّ وأخواتها).

(٢) تأتي «زعم» بمعنى كفل ، ومنه قوله تعالى (وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ) أي كفيل به ، ولا تتعدّى هذه إلّا بحرف الجر ، تقول «زعم الأخ بأخيه» أي كفل به.

زمان ـ من الظروف الزّمانيّة المبهمة وهو منصوب (ـ الإضافة).

__________________

(١) الآية «٧» التغابن (٦٤).


باب السين

السّالم من الأفعال ـ

١ ـ تعريفه :

هو ما خلت أصوله من الهمز والتّضعيف نحو «فهم».

٢ ـ حكمه إذا أسند للضمائر أو الاسم الظّاهر

لا يتغيّر السّالم إذا أسند للضمائر أو للاسم الظّاهر فتقول في «فهم» عند إسنادها لضمير المتكلم «فهمت» «فهمنا» كما نقول «فهم عليّ»

سأ ـ اسم صوت للحمار يورد به أو يزجر (ـ أسماء الأصوات».

السّبت ـ هو آخر أيّام الأسبوع ، وسمّي سبتا ـ والسّبت القطع ـ لانقطاع الأيّام عنده. ويجمع على : «أسبت وسبوت».

سبحان ـ معنى «سبحان الله» : تنزيها لله عن كلّ ما لا ينبغي له أن يوصف به.

وهو منصوب على المصدر المحذوف الفعل ، والأصل : أسبّح الله تسبيحا.

وإنّما لم ينوّن لأنّه ممنوع من الصّرف والمانع له : كونه اسما علما لمعنى البراءة والتنزيه وفيه زيادة الألف والنون. ويذهب المنع بالإضافة ومثله : سبحانك ، والكاف فيها مضاف إليه.

سحر ـ السّحر : قبيل الصّبح ، فإذا قلت «حفظت سحر» بغير تنوين فهو معرفة ، إذا أردت سحر ليلتك ، ممنوعا من الصرف ، للعلميّة والعدل ، وعدله عن «السّحر» وإن ترد به سحر يوم مّا صرفته كقول الله تعالى (إِلَّا آلَ لُوطٍ نَجَّيْناهُمْ بِسَحَرٍ)(١) ، وتقول «سير على فرسك سحر» فلا ترفعه بالنيابة عن الفاعل لأنه ظرف غير متصرف أي لا يكون إلّا ظرفا.

سحقا ـ يقول تعالى (فَسُحْقاً لِأَصْحابِ السَّعِيرِ)(٢) وإعرابه : منصوب على المصدر من أسحقهم

__________________

(١) الآية «٣٤» القمر (٥٤).

(٢) الآية «١١» الملك (٦٧).


سحقا : أي باعدهم من رحمته مباعدة.

سرّا ـ في قولك : «زيد يعمل سرّا» ف «سرّا» مصدر منصوب في موضع الحال.

سعديك ـ معناه : أسعدك الله إسعادا بعد إسعاد ، وقال ابن الأثير : أي ساعدت طاعتك مساعدة بعد مساعدة ، وإسعادا بعد إسعاد ولهذا ثنّي وهو من المصادر غير المتصرّفة المنصوبة بفعل لا يظهر في الاستعمال وهي ملازمة للإضافة (ـ الإضافة ١٠ / ٣)

سقيا ـ مصدر نائب عن فعله تقول «سقيا لك» والأصل : سقاك الله سقيا.

سمعا وطاعة ـ مصدران منصوبان بتقدير فعل أي سمعت سمعا وأطعت طاعة.

ويجوز «سمع وطاعة» على حذف المبتدأ ، أو التّقدير : أمري سمع وطاعة ، أو على حذف الخبر ، والتّقدير : عندي سمع وطاعة.

سنون وبابه ـ ملحق بجمع المذكر السالم (ـ جمع المذكّر السالم ٨)

سواء ـ

(١) تكون بمعنى مستو ، ويوصف بها المكان بمعنى أنّه نصف بين مكانين والأفصح فيه حينئذ أن يقصر مع الكسر نحو (مَكاناً سُوىً)(١) وهو أحد الصّفات التي جاءت على «فعل» كقولهم : «ماء روى» و «قوم عدى» وقد تمدّ مع الفتح نحو «مررت برجل سواء والعدم».

(٢) وبمعنى الوسط فتمدّ نحو قوله تعالى (فِي سَواءِ الْجَحِيمِ)(٢).

(٣) وبمعنى التّام فتمدّ أيضا كقولك «هذا درهم سواء».

(٤) وبمعنى مكان أو غير على خلاف في ذلك ، فتمد مع الفتح وتقصر مع الضم ويجوز الوجهان مع الكسر ، وتقع هذه صفة واستثناء كما تقع غير (ـ سوى).

هذا ، ويخبر ب «سواء» بمعنى مستو

__________________

(١) الآية «٥٨» طه (٢٠) ، وفي (سوى) قرأ ابن عامر وعاصم وحمزة «سوى» بضم السين والباقون بكسرها.

(٢) الآية «٥٥» الصافات (٣٧).


عن الواحد فما فوقه نحو (لَيْسُوا سَواءً)(١).

(٥) سواء للتّسوية : ويأتي بعدها همزة التّسوية ، ولا بدّ مع همزة التّسوية من «أم» نحو (سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ)(٢) ويؤوّل ما بعد هذه الهمزة بمصدر وتقديره هنا : إنذارك وعدمه سواء عليهم على أنها مبتدأ وسواء خبر مقدّم.

سوى ـ من الظّروف اللّازمة المكانية ولا تخرج عن الظّرفيّة إلّا في الشعر (٣) كقول الفند الزّمّاني :

ولم يبق سوى العدوا

ن دنّاهم كما دانوا (٤)

والشّائع (٥) : أنّ «سوى» «كغير» معنى وإعرابا ، فتخرج عن النصب إلى الرّفع والجرّ.

وقيل : (٦) تستعمل ظرفا غالبا وك «غير» قليلا ـ وهذا القول أعدل (٧).

الفرق بين «سوى» و «غير» :

تفارق «سوى» «غير» في ثلاثة أمور :

(أحدها) إعرابهما على رأي جمهور البصريين.

(الثاني) أن المستثنى ب «غير» قد يحذف إذا فهم المعنى نحو «ليس غير» (٨).

(الثالث) أن «سوى» تقع صلة الموصول في فصيح الكلام بخلاف «غير» نحو «جاء الذي سواك» وهذا دليل الجمهور على أنها من الظروف اللّازمة.

سوف ـ هي حرف استقبال مثل السين (ـ السين) ، أو أوسع منها استقبالا ، وتنفرد عن السين بدخول اللّام عليها نحو (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى)(٩) ويجب أن تلتصق بفعلها وقد تفصل بالفعل الملغى

__________________

(١) الآية «١١٣» آل عمران (٣).

(٢) الآية «٦» البقرة (٢).

(٣) وهذا مذهب الخليل وسيبويه وجمهور البصريين.

(٤) الشاهد : وقوع «سوى» فاعلا ، مثل غير.

(٥) وهو مذهب ابن مالك ومن تبعه.

(٦) هو قول الرماني والعكبري.

(٧) كما يقول الصبان.

(٨) بضم الراء وبفتحها وبالتنوين انظر «ليس غير»

(٩) الآية «٥» الضحى (٩٣).


كقوله :

وما أدري وسوف إخال أدري

أقوم آل حصن أم نساء

سيّ ـ اسم بمنزلة «مثل» وزنا ومعنى ، وتثنيته «سيّان» وتستغني بالتّثنية عن الإضافة بل استغنوا بتثنيته عن تثنية سواء ، فلم يقولوا سواءان إلّا شاذّا كقول الشاعر :

فيا ربّ إن لم تقسم الحبّ بيننا

سواءين فاجعلني على حبّها جلدا

و «سيّ» جزء من «ولا سيما».

سيّما ـ (ـ ولا سيّما).

السين ـ حرف يختصّ بالمضارع ، ويخلّصه للاستقبال ، وهي حرف «تنفيس» ومعناه : التوسيع وأوضح من ذلك قول الزّمخشري بأنها «حرف استقبال».


باب الشين

شبهك ـ المضاف لمعرفة ولا تفيد تعريفا (ـ الإضافة ٥ تعليق).

شتّان ـ اسم فعل ماض مبني على الفتح وقد تكسر النّون بمعنى بعد وافترق تقول : «شتّان ما بينهما» ، «شتّان ما هما» ، «شتّان ما زيد وأخوه» ، «شتّان بينهما» بضم نون بينهما على رفعه فاعلا ، وفتحها على نصبه ظرفا ، والاسم بعدها مرفوع على أنه فاعل بها ، ولا تدخل على فعل.

شذر مذر ـ تقول «تفرّقوا شذر مذر» أي ذهبوا في كلّ وجه ، وهما اسمان مركبان مبنيان على الفتح في محلّ نصب على الحال.

الشّرط ـ (ـ جوازم المضارع).

الشّرط والقسم وجوابهما (ـ جوازم المضارع ١١).

شرعك ـ بمعنى حسبك المضافة لمعرفة ولا تفيد تعريفا ـ (ـ الإضافة ٥ تعليق).

شطر ـ بمعنى نحو أو قصد ومنه (فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ)(١) أي تلقاءه ، وهو منصوب على الظّرفيّة المكانيّة.

شمال ـ من أسماء الجهات ، وهو ظرف مكان مبهم وله أحكام (ـ أول ودون وأسماء الجهات).

__________________

(١) الآية «١٥٠» البقرة (٢).


باب الصاد

صار ـ

(١) تأتي ناقصة بمعنى : رجع وتحوّل وهي : من أخوات «كان» نحو قول المتنبي :

ولمّا صار ودّ النّاس خبّا

جزيت على ابتسام بابتسام

وهي تامّة التّصرّف ، وتستعمل ماضيا ومضارعا وأمرا ومصدرا ، وتشترك مع «كان» بأحكام ـ (كان وأخواتها).

(٢) وقد تكون تامّة فتحتاج إلى فاعل وذلك إذا كانت بمعنى انتقل نحو «صار الأمر إليك» أي انتقل ، أو كانت بمعنى رجع نحو (أَلا إِلَى اللهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ)(١) أي ترجع.

صباح مساء ـ ظرف زمان مبني على فتح الجزءين في محل نصب تقول : «جئته صباح مساء» أي لازمته.

الصحيح من الأفعال ـ

١ ـ تعريفه :

الصّحيح ما خلت أصوله من أحرف العلّة التي هي «الواو والألف والياء».

٢ ـ أقسامه :

الصحيح ثلاثة أقسام :

(١) سالم.

(٢) مضعّف.

(٣) مهموز.

ولكلّ منها تعريف وأحكام (ـ في حروفها).

الصّدارة ـ الأسماء التي لها الصّدارة (ـ خبر المبتدأ ١١).

الصّفة ـ

١ ـ تعريفها :

هي التّابع الذي يكمل متبوعه بدلالته على معنى فيه ، أو فيما له تعلّق به.

٢ ـ أغراض الصّفة :

الأصل في الصّفة أن تكمل متبوعها بتوضيح معرفته ك «حضر الصّانع الماهر» أو «الماهر أبوه» أو تخصيص نكرته ك «جاءني

__________________

(١) الآية «٥٣» الشورى (٤٢).


طالب نجيب» أو «نجيب أخوه» وقد تخرج الصّفة عن معناها الأصلي إلى :

مجرّد المدح ، نحو (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ)(١).

أو الذّمّ ، نحو (فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ)(٢).

أو للتّرحّم ، نحو «اللهمّ أنا عبدك المسكين».

أو للتّوكيد ، نحو «أمس الدّابر لا يعود» (فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ واحِدَةٌ)(٣).

أو للإبهام ، نحو «تصدّقت بصدقة كثيرة».

أو للتّفصيل ، نحو «نظرت إلى رجلين مصريّ وشاميّ».

٣ ـ قسما الصّفة :

الصّفة قسمان : حقيقيّة ، وسببيّة ، وقد أشار إليهما التعريف بقوله : «بدلالته على معنى فيه» وهو الحقيقي ، «أو فيما له تعلّق به» وهو السببي.

ولكل منهما شرط :

فشرط الصّفة الحقيقيّة : أن تتبع موصوفها في أربعة من عشرة :

واحد من التعريف والتنكير.

وواحد من التّذكير والتأنيث.

وواحد من الإفراد والتثنية والجمع.

وواحد من الرّفع والنّصب والجرّ ، تقول «يعجبني الرّجل الشّهم» و «رأيت فتى فصيحا» «تقرّ عين المرأة الصّالحة» «الرّجال الشجعان ذخيرة الوطن» وهكذا الباقي.

إلّا إن كانت الصفة ممّا يستوي فيه المذكّر والمؤنّث ، ك «المصدر» غير الميمي ، وصيغتي «فعول» و «فعيل» و «أفعل» التّفضيل ، فهذه لا تطابق منعوتها في التأنيث والتّثنية والجمع ، بل تلزم الإفراد والتذكير ، تقول «جاءني رجل أو امرأة أو امرأتان أو رجلان أو نساء أو رجال عدل أو صبور أو جريح أو أفضل من كذا».

وكذلك صفة جمع ما لا يعقل ، فإنها تعامل معاملة المؤنّثة المفردة

__________________

(١) الآية «١» الفاتحة (١).

(٢) الآية «٩٨» النحل (١٦).

(٣) الآية «١٣» الحاقة (٦٩).


أو الجمع نحو «إلّا أيّاما معدودة» (١) أو «في أيّام معدودات» (٢).

وشرط الصّفة السّببيّة : أن تتبع موصوفها في اثنين من خمسة :

واحد من الرّفع والنّصب والجرّ.

وواحد من التعريف والتنكير.

وتكون مفردا دائما (٣).

ويراعى في تذكيرها وتأنيثها ما بعدها فهي كالفعل مع الاسم الظاهر. وإن كان موصوفها على خلاف ذلك نحو «أعجبتني عائشة النّيّر عقلها» ، و «رأيت خالدا الثابتة خطواته» .. وهكذا

٤ ـ الأشياء التي ينعت بها :

الأشياء التي ينعت بها أربعة :

(١) المشتقّ وهو : ما دلّ على حدث وصاحبه ك «رام» و «منصور» و «جميل» و «أفضل».

(٢) الجامد المشبه للمشتق في المعنى «كاسم الإشارة» و «ذي» بمعنى صاحب ، و «أسماء النّسب» تقول : «سرّني كتابك هذا» و «صادفت رجلا ذا مروءة» و «حضر رجل دمشقيّ» لأنّ معناها : الحاضر ، وصاحب المروءة ، ومنسوب إلى دمشق.

(٣) الجملة ، وللوصف بها ثلاثة شروط :

واحد في الموصوف ، وهو أن يكون «نكرة» إمّا لفظا ومعنى نحو (وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ)(٤) أو معنى فقط وهو المعرف ب «أل» الجنسيّة ، كقول رجل من بني سلول :

ولقد أمرّ على اللئيم يسبّني

فأعفّ ثم أقول لا يعنيني

وشرطان في الجملة :

(أحدهما) أن تكون مشتملة على ضمير يربطها بالموصوف إما ملفوظ به كما تقدّم في الآية ، أو مقدّر ، كقوله تعالى (وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً)(٥) أي

__________________

(١) الآية «٨٠» البقرة (٢).

(٢) الآية «٢٠٣» البقرة (٢).

(٣) أي ولو كان موصوفهما مثنى أو جمعا ، إلا جمع التكسير ، فيجوز معه جمع الصفة تكسيرا نحو «زرت معلما نشطاء تلاميذه» أو «نشيطا».

(٤) الآية «٢٨١» البقرة (٢).

(٥) الآية «٤٨» البقرة (٢).


لا تجزي فيه ، أو مشتملة على بدل كقول الشنفرى :

كأنّ حفيف النّبل من فوق عجسها

عوازب نحل أخطأ الغار مطنف (١)

أي أخطأ غارها ف «أل» بدل من الضّمير.

(الثاني) أن تكون خبريّة أي محتملة للصدق والكذب ، فلا يجوز : مررت برجل كلّمه ولا «اشتريت فرسا بعتكه» قاصدا إنشاء البيع ، فإن جاء ما ظاهره ذلك يؤوّل على إضمار القول ، كقول العجّاج :

حتى إذا جنّ الظلام واختلط

جاؤوا بمذق هل رأيت الذئب قط

أي جاؤوا بلبن مخلوط بالماء مقول عند رؤيته : هل رأيت الذئب قط ، والمعنى : جاؤوا بلبن لونه كلون الذئب

(٤) المصدر بشرط أن يكون غير ميمي ك «مزار» و «مسير» وأن يكون مصدرا ثلاثيا ، أو بزنة مصدره وألّا يؤنّث ولا يثنى ولا يجمع.

وهو مع كثرته لا يطرد النعت به.

سمع «هذا رجل عدل» و «رضا» و «زور» و «فطر» وذلك على التأويل بالمشتق أي : عادل ومرضي وزائر ومفطر ، أو على تقدير مضاف أي ذو عدل وذو رضا.

٥ ـ تعدّد الصّفات :

إذا تعدّدت الصّفات فإمّا أن تكون لموصوف واحد ، وإمّا أن تكون لموصوفات متعددة.

فإذا تعدّدت لموصوف واحد.

فإن تعيّن مسمّاه بدونها جاز إتباعها ، وقطعها ، والجمع بينهما ، بشرط تقديم المتبع ، كقول خرنق أخت طرفة :

لا يبعدن قومي الذين هم

سمّ العداة وآفة الجزر

النازلون بكلّ معترك

والطّيّبون معاقد الأزر

فيجوز فيه رفع النازلين والطيبين على الاتباع لقومي ، أو على القطع بإضمار «هم» ونصبها بإضمار

__________________

(١) حفيف النبل : دوي ذهاب السهام «العجس» مقبض القوس ، وضمير عجسها : للقوس ، وعوازب : جمع عازبة : من عزبت الإبل : بعدت عن المرعى ، المطنف : هو الذي يعلو الطنف وهو ما نتأ من الجبل ، يشبه دوي السهام بطنين طائفة من النحل ضل دليلها ـ وهو المطنف ـ فلم يهتد إلى الغار.


«أمدح» أو «أذكر» ورفع الأوّل ، ونصب الثاني ، وعكسه على القطع فيهما.

وإن لم يعرف المسمّى أو الموصوف إلّا بمجموعها ، وجب اتباعها كلها لتنزيلها منه منزلة الشيء الواحد ، وذلك كقولك : «سمعت أخبار ابراهيم الكاتب الشاعر الخطيب» إذا كان هذا الموصوف يشاركه في اسمه ثلاثة أحدهم كاتب شاعر ، وثانيهم كاتب خطيب ، وثالثهم شاعر خطيب وإن تعين ببعضها ، جاز فيما عدا ذلك البعض : الأوجه الثلاثة.

فإن كان المنعوت نكرة تعين في الأول من نعوته الإتباع ، وجاز في الباقي القطع ، كقول أبي أمية الهذلي يصف صائدا :

ويأوي إلى نسوة عطّل

وشعثا مراضيع مثل السّعالى (١)

وحقيقة القطع : أن تجعل الصفة خبرا لمبتدأ ، أو مفعولا لفعل ، فإن كانت الصفة المقطوعة لمجرد المدح أو الذّمّ أو الترحّم» وجب حذف المبتدأ والفعل ، كقولهم في المدح «الحمد لله الحميد بالرفع ، بإضمار «هو» وقوله تعالى (وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ) بالنصب بإضمار «أذمّ» وإن كان لغير ذلك جاز ذكره تقول «مررت بأحمد الشّاعر» بالأوجه الثلاثة ، ولك أن تقول : «هو الشاعر» و «أعني الشاعر».

وإذا تعددت الصفات لموصوفات متعدّدة فهي على نوعين :

(الأول) أن يكون المنعوت مثنى أو مجموعا من غير تفريق ، وحينئذ إن اتحد معنى الصفة ولفظها استغني بالتّثنية والجمع عن تفريقه بالعطف نحو «جاءني رجلان فاضلان» و «رجال فضلاء».

وإن اختلف معنى الصفة ولفظها ك «العاقل» و «الكريم» أو لفظه دون معناه ك «الذاهب» و «المنطلق»

__________________

(١) عطل : جمع عاطل أي خال جيدها من القلائد ، وشعثا : جمع شعثاء ، وهي المغبرة الرأس ، منصوب ب «أخص» والمراضيع أصله المراضع ، والسعالى : جمع سعلاة ، وهي أخبث الغيلان ، يصف صائدا للوحش يغيب عن نسائه لأجل الصيد ، ثم يأوي إليهن ، فيجدهن في أسوأ الأحوال.


وجب التفريق فيها بالعطف ب «الواو» خاصة ، كقوله :

بكيت وما بكا رجل حزين

على ربعين مسلوب وبال

وكقولك : «مررت برجال شاعر وكاتب وفقيه».

(الثاني) أن يكون الموصوف مفرّقا ، وتتعدّد الصفات مع اتحاد لفظها ، وحينئذ إن اتحد معنى العامل وعمله جاز الإتباع مطلقا ، أي في جميع أوجه الإعراب ك «جاء عليّ وأتى عمرو الكريمان» و «هذا أحمد وذاك محمود الأديبان». و «رأيت بكرا وأبصرت محمّدا العالمين».

وإن اختلف العامل وعمله في المعنى والعمل ك «سافر محمّد ونظرت حامدا الفاضلين».

أو اختلفا في المعنى فقط ك «جاء زيد ومضى عمرو» الشجاعان.

أو اختلفا في العمل فقط ك «هذا مؤلم عليّ وموجع عمرا» الذكيان ـ وجب القطع.

٦ ـ حذف ما علم من صفة وموصوف :

تحذف الصفة بقلة والموصوف بكثرة وهما معا ، جوازا إذا دلّت قرينة.

فحذف الصفة مثل قوله تعالى (يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً)(١)

أي كلّ سفينة صالحة ، وقول العباس بن مرداس :

وقد كنت في الحرب ذا تدرإ

فلم أعط شيئا ولم أمنع (٢)

أي شيئا طائلا.

وأمّا حذف الموصوف فمشروط بكون الصفة صالحة لمباشرة العامل نحو (أَنِ اعْمَلْ سابِغاتٍ)(٣) أي دروعا سابغات.

أو بكونه بعض اسم مقدّم مخفوض ب «من» أو «في» كقولهم «منّا ظعن ومنّا أقام» أي منّا فريق ظعن ، ومنّا فريق أقام.

وأمّا حذف الصّفة والموصوف معا فنحو قوله تعالى (لا يَمُوتُ فِيها وَلا يَحْيى)(٤) أي حياة نافعة.

__________________

(١) الآية «٨٠» الكهف (١٨).

(٢) التدرأ : القوة والعدة ، وسبب ذلك : أن النبي (صلى‌الله‌عليه‌وسلم) أعطى المؤلفة قلوبهم من نفل حنين مائة مائة ، وأعطاه أباعر فسخطها.

(٣) الآية «١١» سبأ (٣٤).

(٤) الآية «٧٤» طه (٢٠).


٧ ـ فوائد تتعلّق بالصّفة :

(١) إذا صلحت الصفة لمباشرة العامل جاز تقديمه ، وحينئذ يكون الموصوف بدلا منه نحو (صِراطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ اللهِ)(١).

(٢) إذا وصف بمفرد وظرف وجملة فالغالب تأخير الجملة نحو (وَقالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمانَهُ)(٢).

ويقلّ تقديمها ، نحو (فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ)(٣).

(٣) قد يلي الصفة «لا» أو «إمّا» فيجب تكررهما مقرونين ب «الواو» نحو «اشتريت صوفا لا جيّدا ولا رديئا» ونحو «أعطني قطنا إمّا مصريّا وإمّا سوريّا».

(٤) يجوز عطف بعض الصّفات المختلفة المعاني على بعض نحو «لبست ثوبا جميلا ومتين الصّنع».

٨ ـ ما يوصف ، وما يوصف به من الأسماء ، وما ليس كذلك :

من الأسماء : ما يوصف ويوصف به كاسم الإشارة نحو «مررت بزيد هذا» و «بهذا العالم» وصفته مصحوب «أل» خاصة (٤) ، فإن كان جامدا محضا نحو «بهذا الرجل» فهو عطف بيان على الأصح.

ومنها : ما لا يوصف ولا يوصف به كالمضمر مطلقا (٥).

ومنها : ما يوصف ولا يوصف به كالعلم.

ومنها ما يوصف به ولا يوصف ك «أيّ» نحو «مررت بفارس أيّ فارس» ، ولا يقال : «جاءني أيّ فارس».

٩ ـ الصفة بعد المركب الإضافي :

الصفة بعد المركب الإضافي ـ للمضاف لأنه المقصود بالحكم ، وإنما جيء بالمضاف إليه لغرض التخصيص ، فلا تكون الصفة له إلّا بدليل ، ما لم

__________________

(١) الآية «١ و ٢» إبراهيم (١٤).

(٢) الآية «٢٨» المؤمن (٤٠).

(٣) الآية «٥٧» المائدة (٥). قدم الجملة الصفة وهي جملة : يحبهم على المفرد الصفة وهو : أذلة وأعزة وهذا قليل.

(٤) وهذا شامل للموصول ذي «أل» كالذي والتي.

(٥) خلافا للكسائي.


يكن المضاف لفظ «كل» فالصفة للمضاف إليه لا له ، لأن المضاف إنما جيء به لقصد التعميم.

الصّفة المشبّهة (١) ـ وإعمالها ـ

١ ـ تعريفها :

هي الصفة التي استحسن فيها أن تضاف لما هو فاعل في المعنى (٢) ك «طاهر الدخلة» و «حسن الطّويّة».

فخرج اسم الفاعل المتعدّي الذي يقع على الذّوات نحو «محمّد قاتل أبوه» ، فإنّ إضافة الوصف فيه إلى الفاعل ممتنعة لئلّا توهم الإضافة إلى المفعول. وأن الأصل محمد قاتل أباه.

٢ ـ مشاركة الصفة المشبّهة اسم الفاعل :

تشارك الصفة المشبهة اسم الفاعل في الدّلالة على الحدث وفاعله والتذكير والتأنيث والتّثنية والجمع ، وشرط الاعتماد إذا تجرّد من «أل».

(ـ اسم الفاعل)

٣ ـ اختصاص الصّفة المشبّهة عن اسم الفاعل :

تختصّ الصّفة المشبّهة بخمسة أمور :

(١) أنها تصاغ من اللّازم دون المتعدّي ك «حسن» و «جميل» واسم الفاعل يصاغ منهما ك «قائم» و «فاهم».

(٢) أنها للزّمن الماضي المتّصل بالحاضر الدائم ، دون الماضي المنقطع والمستقبل ، واسم الفاعل لأحد الأزمنة الثلاثة.

(٣) أنها تكون مجارية للمضارع في حركاته وسكناته ك «طاهر القلب» و «مستقيم الرّأي» و «معتدل القامة» وتكون غير مجارية له وهو الغالب في المبنيّة من الثّلاثي ك «جميل» و «ضخم»

__________________

(١) إنما سميت صفة مشبهة ، لشبهها باسم الفاعل ، ووجه الشبه أنها تدل على حدث ومن قام به وأنها تؤنث وتجمع مثله ، ولذلك نصب ما بعدها على التشبيه بالمفعول به ، وكان حقها ألا تعمل.

لدلالتها على الثبوت ولكونها مأخوذة من فعل قاصر.

(٢) إنما سمي فاعلا بالمعنى لأن الصفة لا تضاف إليه إلا بعد تحويل الإسناد عنه إلى ضمير الموصوف ، فإذا قلت : «علي طاهر الدخلة» ففاعل طاهر ضمير يعود إلى علي ، وأضيف إلى الدخلة وإن كانت الدخلة في الأصل هي الفاعل فبقي لها أنها فاعل في المعنى ولكنها مضاف إليه في اللفظ.


و «ملآن» ولا يكون اسم الفاعل إلّا مجاريا له.

(٤) أنّ منصوبها لا يتقدّم عليها ، بخلاف منصوب اسم الفاعل.

(٥) أنّه يلزم كون معمولها سببيّا أي اسما ظاهرا متّصلا بضمير موصوفها ، إمّا لفظا نحو «إبراهيم كبير عقله» وإمّا معنى نحو «أحمد حسن العقل» أي منه ، وقيل : إنّ «أل» خلف من المضاف إليه (١)

٤ ـ معمول الصّفة المشبّهة :

لمعمول الصّفة المشبّهة ثلاث حالات :

(أ) الرفع على الفاعليّة ، أو على الإبدال من ضمير مستتر في الصّفة بدل بعض من كلّ.

(ب) الخفض بالإضافة.

(ج) النصب على التشبيه بالمفعول به إن كان معرفة ، وعلى التمييز إن كان نكرة ، والصفة مع كل من الثلاثة إمّا نكرة أو معرفة مقرونة ب «أل».

وكل من هذه الستة للمعمول معه ست حالات ، لأنه إمّا ب «أل» كالوجه ، أو مضاف لما فيه «أل» ك «وجه الأب» ، أو مضاف للضمير ك «وجهه» أو مضاف لمضاف للضمير ك «وجه أبيه» أو مجرد من أل والإضافة ك «وجه» أو مضاف إلى مجرد ك «وجه أب».

فالصّور ستّ وثلاثون ، الممتنع منها أربعة ، وهي أن تكون الصفة ب «أل» والمعمول مجرّدا منها ، ومن الإضافة إلى تاليها ، وهو مخفوض ، ك «الحسن وجهه» أو «وجه أبيه» أو «وجه» أو «وجه أب».

لأنه يلزم عليه إضافة ما فيه «أل» إلى الخالي منها ، ومن الإضافة لتاليها أو لضمير تاليها ، ودونك التفصيل.

٥ ـ الجائز في عمل الصّفة المشبهة : الصّور الجائزة الاستعمال في الصّفة المشبّهة : منها ما هو قبيح ، وما هو ضعيف ، وما هو حسن :

(١) فالقبيح : أن ترفع الصفة مجرّدة ، أو مع «أل» : المعمول المجرّد من الضمير ، والمعمول المضاف إلى المجرد منه ، لما فيه من خلوّ الصفة من ضمير يعود على الموصوف ، وذلك أربع صور : «خالد حسن وجه» و «علي حسن وجه أب» و «بكر

__________________

(١) وهو رأي الكوفيين.


الحسن وجه» و «زيد الحسن وجه أب» (١).

(٢) والضعيف : أن تنصب الصفة المنكّرة : المعارف مطلقا ، وأن تجرها بالإضافة ، سوى المعرّف ب «أل» والمضاف إلى المعرف بها ، وجرّ المقرونة ب «أل» المضاف إلى المقرون بها ، وذلك ست صور وهي : «حسن الوجه» و «حسن وجه الأب» و «حسن وجهه» و «حسن وجه أبيه» بالنصب فيهنّ و «حسن وجهه» و «حسن وجه أبيه» بالجر فيهما ، لأنه من إجراء وصف القاصر مجرى وصف المتعدي وجر الصفة المضاف إلى ضمير الموصوف أو إلى مضاف إلى ضميره.

(٣) والحسن ما عدا ذلك.

٦ ـ اسم الفاعل أو المفعول اللذان يعاملان معاملة الصفة المشبهة :

إذا كان اسم الفاعل غير متعد.

وقصد ثبوت معناه. عومل معاملة الصفة المشبّهة ، وساغت إضافته إلى مرفوعه ، بعد تحويل الإسناد كما ذكر ذلك في : اسم الفاعل.

وكذا إن كان متعديا لواحد ، وأمن اللبس ، فلو قلت : «زيد راحم الأبناء وظالم العبيد» بمعنى : ابناؤه راحمون ، وعبيده ظالمون ، وكان في سياق مدح الأبناء وذم العبيد جازت الإضافة للمرفوع لدلالة الكلام على أنّ الإضافة للفاعل. وإلّا لم يجز.

وإن كان متعديا لأكثر من واحد لم يجز إلحاقه بالصفة المشبّهة لبعد المشابهة حينئذ ، لأن منصوبها لا يزيد على واحد.

ومثله اسم المفعول القاصر ، وهو المصوغ من المتعدّي لواحد عند إرادة الثبوت نحو «الورع محمودة مقاصده» فيحول إلى «الورع محمود المقاصد» بالنصب ، ثم إلى «محمود المقاصد» بالجر ، وإنما يجوز إلحاقه بها إذا بقي على صيغته الأصلية ، ولم

__________________

(١) الصورة الأولى : صفة مشبهة رفعت اسما ظاهرا ليس فيه ضمير ، والثانية : الصفة رفعت اسما ظاهرا مضافا خاليا من الضمير والثالثة : الصفة فيها «أل» رفعت اسما ظاهرا ليس فيه ضمير. والرابعة : الصفة فيها أل رفعت اسما مضافا خاليا من الضمير ، وهذه كلها صور قبيحة.


يحول إلى فعيل ، فلا يقال : «مررت برجل كحيل عينه» ولا «قتيل أبيه».

صلة الموصول ـ (ـ الموصول الاسمي ٥ و ٨).

صه ـ اسم فعل أمر بمعنى اسكت أو بالغ في السكوت وتستعمل للزّجر وهي بلفظ واحد للجميع في المذكّر والمؤنّث فإن لفظت بالتّنوين فمعناها : اسكت سكوتا ما في وقت ما ، وبغير تنوين فمعناها :

اسكت سكوتك.

صياغة اسم التّفضيل ـ (ـ اسم التفضيل وعمله ٣).

صيّر ـ من أفعال التّصيير ، ومن أخوات «ظنّ» تنصب مفعولين أصلهما المبتدأ والخبر ، نحو قول رؤبة بن العجاج :

ولعبت طير بهم أبابيل

فصيّروا مثل كعصف مأكول (١)

وتشترك مع «ظن» بأحكام (ـ ظنّ وأخواتها).

صيغ مبالغة اسم الفاعل ـ (ـ مبالغة اسم الفاعل ٢)

__________________

(١) الواو من صيروا نائب فاعل وهي المفعول الأول «مثل» مفعول ثاني (كعصف) مضاف إليه والكاف زائدة ، والعصف : ما يبس من ورق الشجر أو نبات الأرض.


باب الضاد

الضّحوة والضّحى والضّحاء ـ فالضّحوة : ارتفاع أوّل النّهار ، والضّحى : بالضم والقصر فوقه ، والضّحاء : إذا امتدّ النّهار وقرب أن ينتصف وكلها تعرب مفعولا فيه ظرف زمان تقول : «لقيته ضحوة أو ضحى أو ضحاء».

ضمائر الأفعال لذات واحدة ـ لا يجوز للفعل مطلقا أن يكون فاعله ومفعوله ضميرين لذات واحدة فلا يقال : «أكرمتني» أي أكرمت ذاتي بل يعبّر عن المفعول ب «النّفس» أو ب «الذّات» نحو «أكرمت نفسي».

إلّا «أفعال القلوب» فإنّه يجوز فيها ذلك نحو «ظننتني» أي ظننت ذاتي.

الضّمير ـ

١ ـ تعريفه :

هو ما وضع لمتكلم ، أو مخاطب ، أو غائب ، ك «أنا ، وأنت ، وهو» أو لمخاطب تارة ، ولغائب أخرى وهو «الألف والواو والنّون».

٢ ـ أقسامه :

ينقسم الضمير إلى قسمين :

بارز. ومستتر.

(١) الضمير البارز وقسماه :

الضمير البارز : هو ما له صورة في اللفظ كتاء «قمت» ، وينقسم إلى :

منفصل. ومتّصل.

(أ) فالضمير المنفصل :

هو ما يبتدأ به في النّطق ، ويقع بعد «إلّا» تقول «أنا مؤمن» وتقول : «ما نهض إلّا أنت».

وينقسم المنفصل بحسب مواقع الإعراب إلى قسمين :

(أحدهما) ما يختصّ بالرفع وهو «أنا» للمتكلم و «أنت» للمخاطب و «هو» للغائب وفروعهنّ ،


ففرع أنا «نحن» ، وفرع أنت : «أنت ، أنتما ، أنتم ، أنتنّ» وفرع هو : «هي ، هما ، هم ، هنّ».

(الثاني) ما يختصّ بمحلّ النّصب ، وهي «إيّاي» للمتكلّم و «إيّاك» للمخاطب و «إيّاه» للغائب ، وفروعهنّ ، ففرع إيّاي «إيّانا» وفرع إيّاك «إيّاك ، إيّاكما ، إيّاكم ، إيّاكنّ» وفرع إيّاه «إيّاها ، إيّاهما ، إيّاهم ، إيّاهنّ».

(ب) والضمير المتّصل :

هو ما لا يبتدأ به في النّطق ، ولا يقع بعد «إلّا» كياء «ابني» وكاف «أكرمك» وهاء «سلنيه» ويائه ، أمّا قول الشّاعر :

وما نبالي إذا ما كنت جارتنا

أن لا يجاورنا إلّاك ديّار

فضرورة ، والقياس إلّا إيّاك.

ينقسم المتّصل بحسب مواقع الإعراب إلى ثلاثة أقسام :

(الأول) ما يختصّ بمحل الرّفع فقط وهي خمسة :

(١) «التاء» ك «قمت» بالحركات الثلاث ، أو متّصلة بما ك «قمتما» أو بالميم ك «قمتم» أو النون المشدّدة ك «قمتنّ».

(٢) «الألف» الدالّة على اثنين أو اثنتين ك «قاما» و «قامتا».

(٣) «الواو» لجمع المذكّر ك «قاموا».

(٤) «النون» لجمع النسوة ك «قمن».

(٥) «ياء المخاطبة» ك «قومي».

(الثاني) ما هو مشترك بين محل النّصب والجرّ فقط وهو ثلاثة :

(١) «ياء المتكلم» نحو «ربي أكرمني» فياء ربي في محلّ جر بالإضافة ، وياء أكرمني في محلّ نصب مفعول به.

(٢) «كاف المخاطب» نحو (ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ)(١) فالكاف في ودّعك في محلّ نصب مفعول به والكاف من ربّك في محلّ جر بالإضافة.

(٣) «هاء الغائب» نحو (قالَ لَهُ

__________________

(١) الآية «٣» الضحى (٩٣).


صاحِبُهُ وَهُوَ يُحاوِرُهُ)(١) فالهاء من له في محلّ جر باللام ، والهاء من صاحبه في محلّ جرّ بالإضافة ، والهاء من يحاوره في محلّ نصب على المفعوليّة.

(الثالث) ما هو مشترك بين الرّفع والنّصب والجرّ وهو «نا» خاصة نحو (رَبَّنا إِنَّنا سَمِعْنا)(٢) فنا في «ربّنا» في محلّ جرّ ، وفي «إنّنا» في محلّ نصب وفي «سمعنا» في محلّ رفع.

(٢) الضّمير المستتر وقسماه :

الضّمير المستتر : هو ما ليس له صورة في اللفظ ويختصّ بضمير الرّفع وينقسم إلى قسمين :

(الأوّل) «المستتر وجوبا» وهو ما لا يخلفه ظاهر ، ولا ضمير منفصل ، ومواضعه :

(١) «مرفوع أمر الواحد» ك «قم ، وافهم ، واستخرج».

(٢) «مرفوع المضارع المبدوء بتاء خطاب الواحد» نحو «أنت تفهم وتستخرج» أو «المبدوء بهمزة المتكلم» ك «أذهب» أو «المبدوء بالنون» ك «نسافر».

(٣) «مرفوع فعل الاستثناء» ك «خلا ، وعدا ، وليس ، ولا يكون» في نحو قولك «فاز القوم ما عدا خالدا أو ما خلاه» أو «نجحوا ليس بكرا» أو «لا يكون زيدا».

(٤) «مرفوع أفعل في التعجّب» كقولك «ما أحسن الصدق».

(٥) «مرفوع أفعل في التّفضيل» نحو (هُمْ أَحْسَنُ أَثاثاً)(٣).

(٦) «مرفوع اسم الفعل غير الماضي» ك «أوّه» بمعنى أتوجّع و «نزال» بمعنى انزل.

(٧) «مرفوع المصدر النائب عن فعله نحو (فَضَرْبَ الرِّقابِ)(٤).

(الثاني) «المستتر جوازا» وهو ما يخلفه الظاهر ، أو الضمير المنفصل ، ومواضعه :

(١) مرفوع فعل الغائب ك «عليّ

__________________

(١) الآية «٣٨» الكهف (١٨).

(٢) الآية «١٩٣» آل عمران (٣).

(٣) الآية «٧٤» مريم (١٩).

(٤) الآية «٤» محمد (٤٧).


اجتهد» أو الغائبة ك «فاطمة فهمت».

(٢) مرفوع الصفات المحضة ك «بكر فاهم» و «الكتاب مفهوم».

(٣) مرفوع اسم الفعل الماضي ك «شتّان وهيهات».

ويرى بعضهم أنّ التقسيم القويم في وجوب الاستتار أو جوازه أن يقال : العامل إمّا أن يرفع الضمير المستتر فقط ك «أقوم» وهذا هو واجب الاستتار ، وإمّا أن يرفعه ويرفع الظّاهر ، وهذا هو جائز الاستتار ك «قام وهيهات»

٣ ـ إذا تأتّى أن يجيء المتّصل لا يعدل إلى المنفصل :

متى تأتّى اتصال الضمير لا يعدل إلى انفصاله فنحو «قمت» و «أكرمتك» لا يقال فيهما : «قام أنا ، ولا أكرمت إيّاك» فأمّا قول زياد بن حمل التميمي :

وما أصاحب من قوم فأذكرهم

إلّا يزيدهم حبّا إليّ هم (١)

وقول الفرزدق :

بالباعث الوارث الأموات قد ضمنت

إياهم الأرض في دهر الدهارير (٢)

فضرورة فيهما.

ويستثنى من هذه القاعدة مسألتان ، يجوز فيهما الانفصال مع إمكان الاتصال (إحداهما) أن يكون عامل الضمير عاملا في ضمير آخر أعرف (٣) منه مقدّما عليه ، وليس المقدّم مرفوعا ، فيجوز حينئذ في الضمير الثاني الاتصال والانفصال.

ثمّ إن كان العامل في الضّميرين فعلا غير ناسخ كباب «أعطى» فالوصل أرجح كقولك «الكتاب أعطنيه ، أو سلنيه» ف «أعطنيه» فعل غير ناسخ عامل في ضميرين «الياء والهاء» والياء أعرف من الهاء. فجاز في مثل

__________________

(١) معنى البيت : ما صحبت قوما بعد قومي فذكرت لهم قومي إلا بالغوا في الثناء عليهم حتى يزيدوا قومي حبّا إلي ، وإعراب هم الأولى مفعول أول ليزيد وحبّا مفعوله الثاني ، وهم الثانية آخر البيت فاعل يزيد ، والأصل يزيدون ، فعدل عن الواو إلى هم للضرورة.

(٢) قوله : بالباعث متعلقة بحلفت في بيت قبله ، والباعث : هو الذي يبعث الأموات ، والوارث هو الذي ترجع إليه الأملاك ، وضمنت : اشتملت ، والدهر : الزمن ، والدهارير : الشدائد ، والشاهد هنا قوله : «ضمنت إياهم» فإياهم مفعول ضمنت ، والأصل أن يقول : ضمنتهم.

(٣) ضمير المتكلم أعرف من ضمير المخاطب وضمير المخاطب أعرف من ضمير الغائب.


هذا وصل الضّمير الثاني وفصله ، تقول «سلنيه» و «سلني إيّاه» فمن الوصل قوله تعالى (فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللهُ)(١)(أَنُلْزِمُكُمُوها)(٢).

ومن الفصل قول النبيّ (ص) «إنّ الله ملّككم إيّاهم» ولو وصل لقال «ملّككموهم» ولكنّه فرّ من الثّقل الحاصل من اجتماع الواو مع ثلاث ضمّات.

وإن كان العامل فعلا ناسخا من باب ظنّ نحو «خلتنيه» فالأرجح الفصل (٣) كقول الشاعر :

أخي (٤) حسبتك إيّاه وقد ملئت

أرجاء صدرك بالأضغان والإحن

وإن كان العامل في الضّميرين اسما ، وكان أوّل الضّميرين مجرورا فالفصل أرجح نحو «عجبت من حبي إيّاه» فحبّ مصدر مضاف إلى فاعله وهو ياء المتكلم ، وإيّاه مفعوله ، ومن الوصل قول الحماسيّ :

لئن كان حبّك لي كاذبا

لقد كان حبيك حقّا يقينا

فإن كان الضّمير الأوّل غير أعرف ، وجب الفصل نحو «الكتاب أعطاه إيّاك أو إيّاي».

ومن ثمّ وجب الفصل إذا اتّحدت رتبة الضّميرين نحو قول الأسير لمن أطلقه «ملّكتني إيّاي» وقول السيد لعبده «ملّكتك إيّاك» وإذا أخبر «ملّكته إيّاه».

وقد يباح الوصل إن كان الاتحاد في ضميري الغيبة ، واختلف لفظ الضميرين كقوله :

لوجهك في الإحسان بسط وبهجة

أنا لهماه قفو أكرم والد

وشرطنا في أوّل هذه المسألة : ألّا يكون المقدّم مرفوعا ، فإن كان الضّمير المقدّم مرفوعا وجب الوصل نحو أكرمتك.

(المسألة الثانية) أن يكون الضّمير منصوبا بكان أو إحدى أخواتها ،

__________________

(١) الآية «١٣٧» البقرة (٢).

(٢) الآية «٢٨» هود (١١).

(٣) وعند ابن مالك والرماني وابن الطراوة : الوصل أرجح ، وجاء على هذا المذهب قوله تعالى : ((إِذْ يُرِيكَهُمُ اللهُ)).

(٤) أخي : مفعول بفعل محذوف يفسره حسبتك ، أو مبتدأ وما بعده خبره على الوجهين في الاشتغال ، لا منادى سقط منه حرف النداء كما أعربه العيني لفساد المعنى.


سواء أكان قبله ضمير أم لا (١) نحو «الصديق كنته أو كانه زيد» فيجوز في الهاء الاتصال والانفصال (٢) ، وكلاهما ورد ، فمن الوصل : الحديث «إن يكنه فلن تسلّط عليه» ومن الفصل قول عمر بن أبي ربيعة :

لئن كان إيّاه لقد حال بعدنا

عن العهد والإنسان لا يتغيّر

٤ ـ متى يجب انفصال الضّمير :

يجب انفصال الضمير في مواضع كثيرة أشهرها :

(أ) عند إرادة الحصر كما إذا تقدّم الضّمير على عامله نحو (إِيَّاكَ نَعْبُدُ)(٣) أو تأخّر ووقع بعد إلّا نحو (أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ)(٤) أو وقع بعد إنّما ، ومنه قول الفرزدق :

أنا الذّائد الحامي الذّمار وإنما

يدافع عن أحسابهم أنا أو مثلي (٥)

(ب) أن يكون عامله محذوفا كما في التحذير نحو «إيّاك والكذب».

(ج) أن يكون عامله معنويّا نحو «أنا مؤمن».

(د) أن يكون عامله حرف نفي نحو (ما هُنَّ أُمَّهاتِهِمْ)(٦).

(ه) أن يفصل من عامله بمتبوع له نحو (يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ)(٧).

(و) أن يضاف المصدر إلى مفعوله ، ويرفع الضمير نحو قوله :

«بنصركم نحن كنتم ظافرين» سواء كان مفعوله المضاف إليه ضميرا كما مثّل أو اسما ظاهرا نحو «عجبت من ضرب زيد أنت».

(ز) أن يضاف المصدر إلى فاعله ، وينصب الضمير نحو «سرّني إكرام الأمير إيّاك».

ضمير الفصل الذي لا محلّ له من الإعراب ـ

قد يقع الضّمير المنفصل المرفوع في موقع لا يقصد به إلّا الفصل

__________________

(١) وبذلك فارقت المسألة الأولى.

(٢) والأرجح عند الجمهور الفصل ، وعند ابن مالك والرماني وابن الطراوة الوصل كما هو الخلاف في أفعال الظن.

(٣) الآية «٤» الفاتحة (١).

(٤) الآية «٤٠» يوسف (١٢).

(٥) المعنى : ما يدافع عن أحسابهم إلا أنا. والذائد : ما يدفع ، والذمار ، ما لزم الشخص حفظه.

(٦) الآية «٢» المجادلة (٥٨).

(٧) الآية «١» الممتحنة (٦٠).


بين ما هو خبر وما هو تابع. ولا محلّ له من الإعراب ويقع فصلا بين المبتدأ والخبر ، أو ما أصله مبتدأ وخبر نحو (إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ)(١) و (كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ)(٢)(وَكُنَّا نَحْنُ الْوارِثِينَ)(٣) ف «هو» و «أنت» و «نحن» ضمائر فصل لا محلّ لها من الإعراب و «الحقّ» في المثل الأول خبر «كان» وفي الثاني «الرّقيب» خبر «كنت» وفي الثالث «الوارثين» خبر «وكنّا» ومثله (تَجِدُوهُ عِنْدَ اللهِ هُوَ خَيْراً)(٤) فهو ضمير فصل لا محلّ له من الإعراب ، و «خيرا» : مفعول ثان لتجدوه.

الضّمير البارز ـ (ـ الضّمير ٢ / ١)

الضّمير المتّصل ـ (ـ الضمير ٢ ب)

الضّمير المستتر ـ (ـ الضّمير ٢ / ٢)

الضّمير المنفصل ـ (ـ الضّمير ٢ أ)

الضّمير وعوده على متأخّر لفظا ورتبة ـ الأصل ألّا يعود الضّمير على متأخّر لفظا (٥) ورتبة (٦) ، وقد يعود ، وذلك إذا كان الضمير مبهما محتاجا إلى تفسير وذلك :

(١) ببدله نحو «أكرمته ضيفي».

(٢) بتمييزه وذلك في باب «نعم رجلا» (٧) و «ربّه رجلا».

(٣) بخبره المفرد نحو (إِنْ هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا)(٨)

(٤) بخبره الجملة وهو ضمير الشّأن والقصّة ، ويجوز فيه التأنيث والتذكير ، ويكون مستترا في باب «كاد» نحو (مِنْ بَعْدِ ما كادَ يَزِيغُ قُلُوبُ

__________________

(١) الآية «٣٢» الأنفال (٨).

(٢) الآية «١٢٠» المائدة (٥).

(٣) الآية «٥٨» القصص (٢٨).

(٤) الآية «٢٠» المزمل (٧٣).

(٥) أما أن يعود على متأخر لفظا فقط فجائز في جميع الأحوال نحو «في داره زيد» فالهاء تعود على زيد في اللفظ لا في الرتبة ، فرتبة زيد التقديم لأنه مبتدأ.

(٦) «الرتبة» هي : أن الأصل في الفاعل مثلا التقدم على المفعول به ، والمبتدأ مقدم على الخبر ومثل ذلك اسم «ان» و «كان» وهكذا.

(٧) ففي نعم ضمير مستتر هو الفاعل ويعود على «رجلا» والتقدير : نعم الرجل رجلا ، ورجلا هو التمييز.

(٨) الآية «٢٩» الأنعام (٦).


فَرِيقٍ مِنْهُمْ)(١) وبارزا متصلا في باب «إنّ» نحو (إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ)(٢) وبارزا منفصلا إذا كان عامله معنويّا نحو (هُوَ اللهُ أَحَدٌ)(٣) ويجب حذفه مع «أن» المفتوحة المخفّفة نحو (وَآخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ)(٤) أي إنه ، وأمّا المتّصل بالفاعل المتقدّم المفسر بالمفعول المتأخّر ، فالصّحيح قصره على السماع نحو :

كسا حلمه ذا الحلم أثواب سؤدد

ورقّى نداه ذا النّدى في ذرى المجد

__________________

(١) الآية «١١٨» التوبة (٩).

(٢) الآية «٩٠» يوسف (١٢).

(٣) الآية «١» الإخلاص (١١٢).

(٤) الآية «١٠» يونس (١٠).


باب الطاء

طالما ـ مركّبة من «طال» الفعل الماضي ومعناه : امتدّ و «ما» الكافّة فكفّتها عن طلب فاعل ، ظاهر أو مضمر وأمكن دخولها على الفعل مباشرة ، و «ما» عوض عن الفاعل نحو «طالما بحثت عن صديق».

طرّا ـ يقولون «جاؤوا طرّا» أي جميعا وهو منصوب على المصدر أو الحال ، وقال سيبويه : ولا تستعمل إلّا حالا.

طفق ـ ك «علم وضرب» من أفعال الشروع في خبرها ، وهي من النواسخ تعمل عمل كان إلّا أنّ خبرها يجب أن يكون جملة فعليّة من مضارع رافع لضمير الاسم ، ومجرّد من «أن» المصدريّة.

ولا يكون خبرها مفردا ، وأمّا قوله تعالى (فَطَفِقَ مَسْحاً)(١) فالخبر محذوف لدلالة مصدره عليه «مسحا» مفعول مطلق لا خبر ، أي فطفق يمسح مسحا.

وتعمل ماضيا ومضارعا فالماضي كما مثل والمضارع نحو : «يطفق الحجيج يعود إلى بلاده».

واستعمل مصدرها : حكى الأخفش :

«طفق طفوقا» بفتح الفاء في الماضي ومن كسر الفاء في الماضي قال : «طفق طفقا».

طق ـ اسم صوت لحكاية سقوط الحجر (ـ أسماء الأصوات).

__________________

(١) الآية «٣٣» ص (٣٨).


باب الظاء

ظبون ـ ملحق بجمع المذكّر السّالم ، أي يرفع بالواو وينصب ويجرّ بالياء ومفرده : ظبة وهو حد السيف.

ظرف الزّمان ـ (ـ المفعول فيه)

ظرف المكان ـ (ـ المفعول فيه)

ظلّ ـ «ظلّ يفعل كذا» إذا فعله بالنّهار وهو :

(١) من أخوات «كان» نحو قول عمرو بن معديكرب :

ظللت كأني للرّماح دريّة

ويقال مع ضمير الرّفع المتحرك : «ظللت ، وظلت وظلت».

وهي تامّة التّصرّف ، وتستعمل ماضيا ومضارعا وأمرا ومصدرا وتشترك مع «كان» بأحكام (ـ كان وأخواتها).

(٢) قد تستعمل «ظلّ» تامّة فتحتاج إلى فاعل وذلك إذا كانت «ظلّ» بمعنى دام واستمرّ نحو «ظلّ اليوم» أي دام ظلّه.

ظنّ ـ

(١) من أفعال القلوب. وتفيد في الخبر الرّجحان واليقين والغالب كونها للرّجحان.

ولها مع أخواتها أحكام (ـ ظنّ وأخواتها).

تنصب مفعولين أصلهما المبتدأ والخبر. مثالها في الرّجحان قول الشاعر :

ظننتك إن شبّت لظى الحرب صاليا

فعرّدت فيمن كان عنها معرّدا (١)

ومثالها في اليقين قوله تعالى (يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ)(٢).

(٢) «ظنّ» بمعنى اتّهم وتنصب مفعولا واحدا تقول «ظننت فلانا» أي اتهمته ومنه قوله تعالى في قراءة (وما هو على الغيب بظنين) (٣)

__________________

(١) «صاليا» هي المفعول الثاني ، ومعنى «عردت» انهزمت وجبنت.

(٢) الآية «٤٦» البقرة (٢).

(٣) الآية «٢٤» التكوير (٨١).


أي بمتّهم ، وقراءة حفص : بضنين أي ببخيل ، ولا شاهد فيها.

ظنّ وأخواتها ـ

١ ـ عملها :

ظنّ وأخواتها من النواسخ التي تنصب مفعولين أصلهما المبتدأ والخبر.

وهن نوعان : أفعال القلوب ، وأفعال التّصيير.

(النوع الأول) أفعال القلوب :

سمّيت أفعال القلوب لأنّ معانيها قائمة بالقلب. ومقصودنا من أفعال القلوب هنا ما يتعدّى لاثنين.

وهو أربعة أقسام :

(١) ما يفيد في الخبر يقينا.

(٢) ما يفيد في الخبر رجحانا.

(٣) ما يرد بالوجهين ، والغالب كونه لليقين.

(٤) ما يرد بالوجهين والغالب كونه للرجحان.

أمّا ما يفيد في الخبر يقينا : فأربعة أفعال «وجد ، ألفى ، تعلّم بمعنى اعلم ، درى».

وما يفيد في الخبر الرّجحان :

خمسة : «جعل ، حجا ، عدّ.

هب ، زعم».

وما يرد بالوجهين : الرجحان واليقين.

والغالب اليقين : اثنان : «رأى.

علم».

وما يرد بالوجهين والغالب الرجحان ثلاثة : «ظنّ ، حسب ، خال» (النوع الثاني) أفعال التّصيير :

أفعال التّصيير (١) هي : «جعل.

ردّ ، ترك ، اتّخذ ، تخذ ، صيّر ، وهب». (ـ جميع الأفعال المارّة كلّا في حرفه).

٢ ـ أحكام هذه الأفعال من جهة الإعمال أو الإلغاء أو التّعليق :

لهذه الأفعال ثلاثة أحكام :

(أحدها) الإعمال وهو الأصل.

ويكون في الجميع.

(الثاني) (٢) الإلغاء : وهو إبطال العمل لفظا ومحلّا ، لضعف العامل بتوسّطه بين المبتدأ والخبر ، نحو «بكر ظننت مسافر» أو تأخره عنهما نحو «البلد

__________________

(١) إنما قيل لها ذلك لدلالتها على التحويل والانتقال من حالة إلى أخرى.

(٢) يختص الحكم الثاني والثالث بالقلبي المتصرف.


كبير خلت» ومن المتوسط قول منازل ابن ربيعة المنقري يهجو رؤبة :

أبالأراجيز يا ابن اللؤم توعدني

وفي الأراجيز خلت اللؤم والخور (١)

ومن التأخر قول أبي أسيدة الدّبيري :

هما سيّدانا يزعمان وإنما

يسوداننا إن أيسرت غنماهما (٢)

وإلغاء المتأخر عن المبتدأ والخبر أقوى من إعماله ، وإعمال المتوسط أقوى من إهماله ـ وقيل هما في المتوسّط سواء.

(الثالث) التعليق (٣) : وهو إبطال العمل لفظا لا محلّا لمجيء ما له صدر الكلام ، وذلك في عدة أشياء.

(١) لام الابتداء نحو (وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَراهُ ما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ)(٤).

(٢) لام القسم كقول لبيد :

ولقد علمت لتأتينّ منيّتي

إنّ المنايا لا تطيش سهامها

(٣) «ما» النافية نحو (لَقَدْ عَلِمْتَ ما هؤُلاءِ يَنْطِقُونَ)(٥).

(٤ ، ٥) «لا» و «إن» النافيتان الواقعتان في جواب قسم ملفوظ به ، أو مقدّر نحو «علمت والله لا عمرو في المدينة ولا خالد» و «علمت إن بكر مثابر على العلم».

(٦) الاستفهام وله صورتان :

(إحداهما) أن يعترض حرف الاستفهام بين العامل والجملة نحو (وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ ما تُوعَدُونَ)(٦)

(الثانية) أن يكون في الجملة اسم استفهام عمدة ك «أيّ» نحو (لِنَعْلَمَ

__________________

(١) «الأراجيز» القصائد من الرجز «الخور» الضعف.

(٢) «أيسرت غنماهما» كثرت ألبانها ونسلها ، والمعنى : إنما يسوداننا إذا أجريا علينا من أرزاقهما وقبل البيت قوله :

وإن لنا شيخين لا ينفعاننا

غنيين لا يجري علينا غناهما

(٣) إنما سمي تعليقا لأنه إبطال في اللفظ مع تعلق العامل في المحل وتقدير إعماله.

(٤) الآية «١٠٢» البقرة (٢) ، والجملة من المبتدأ وهو «من اشتراه» والخبر وهو «ما له في الآخرة من خلاق» في محل نصب.

(٥) الآية «٦٥» الأنبياء (٢١).

(٦) الآية «١٠٩» الأنبياء (٢١).


أَيُ)(١) الْحِزْبَيْنِ أَحْصى) أو فضلة نحو (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَ)(٢) مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ) (٣).

ولا يدخل الإلغاء ولا التعليق في شيء من أفعال التّصيير ، ولا في قلبيّ جامد وهو اثنان «هب وتعلّم» فإنهما يلزمان الأمر ، وما عداهما من أفعال الباب متصرف إلّا «وهب» فإنه ملازم للمضيّ.

٣ ـ الفرق بين التّعليق والإلغاء وما يننبني على ذلك :

قد استبان ممّا تقدّم أنّ الفرق بين التعليق والإلغاء من وجهين :

(الأوّل) أنّ العامل الملغى لا عمل له ألبتّة (٤) ، والعامل المعلّق له عمل في المحل لا في اللفظ ، فيجوز على اعتبار المحل «علمت ما علي مستقيم ولا بكرا» بالنصب عطفا على المحل ، ومن هذا قول كثير عزة :

وما كنت أدري قبل عزّة ما البكا

ولا موجعات القلب حتى تولّت (٥)

(الثاني) أنّ سبب التّعليق موجب للإهمال لفظا ، فلا يجوز معه الإعمال فلا يقال «ظننت ما زيدا قائما».

وسبب الإلغاء مجوز للإعمال والإهمال ، فيجوز «المغرور أرى جاهلا» ، و «المتكبر ممقوتا تعلمون» بالنصب في المثالين.

ولا يجوز إلغاء العامل المتقدم ، أمّا قول بعض بني فزارة :

كذاك أدبت حتى صار من خلقي

أني وجدت ملاك الشيمة الأدب (٦)

__________________

(١) الآية «١٢» الإسراء (١٨). «أيّ» اسم استفهام مبتدأ و «أحصى» خبره ، وهو فعل ماض ، وقيل اسم تفضيل ، والمراد من قولهم : عمدة : أن يكون أحد طرفي جملة مسندا أو مسندا إليه.

(٢) «أي» مفعول مطلق نصب ب «ينقلبون» والأصل ينقلبون أي انقلاب ، وجملة ينقلبون معلق عنها العامل فهي في محل نصب.

(٣) الآية «٢٢٧» الشعراء (٢٦).

(٤) لا في اللفظ ولا في المحل.

(٥) عطف «موجعات» بالنصب بالكسر على محل قوله : «ما البكا» وقد علق عن العمل فيه من قوله «أدرى» وما كنت «أدري».

(٦) هكذا يرويه النحاة ورواية البيت الصحيحة بالنصب على الإعمال كما في الحماسة :

«إني وجدت ملاك الشيمة الأدبا»


وقول كعب بن زهير :

أرجو وآمل أن تدنو مودّتها

وما إخال لدينا منك تنويل (١)

فيخرّج إما على التعليق بلام ابتداء مقدّرة : والأصل «لملاك» و «للدينا» أو على الإعمال ، وأن المفعول الأول ضمير شأن محذوف ، والأصل : «وجدته وإخاله».

٤ ـ تصاريف هذه الأفعال في الإعمال والإلغاء والتعليق :

لتصاريف هذه الأفعال ما للأفعال نفسها من الإعمال والإلغاء والتّعليق ، تقول في الإعمال للمضارع «أظنّ الوقت قريبا» ولاسم الفاعل «أظانّ أخوك المعلم مسافرا» وتقول في الإلغاء للمضارع مع التوسّط : «جهدك أظنّ مثمر» ومع التأخر «جهدك مثمر أظنّ» ومع التوسّط لاسم الفاعل «خالد أنا ظانّ مسافر».

وتقول في التّعليق ب «ما» «أظنّ ما عمرو مسافر» و «أنا ظانّ ما زيد عائد» وقس على ذلك بقية التّصاريف

٥ ـ حذف المفعولين لدليل :

يجوز بالإجماع حذف المفعولين لأفعال القلوب أو أحدهما اختصارا ، أي لدليل يدلّ عليهما.

فمن الأوّل قوله تعالى : (أَيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ) *)(٢) وقول الكميت يمدح آل البيت :

بأيّ كتاب أم بأية سنّة

ترى حبّهم عارا عليّ وتحسب

فتقديره في الآية «تزعمونهم شركاء» وفي البيت «تحسبهم عارا عليّ.

ومن الثاني قول عنترة :

ولقد نزلت فلا تظني غيره

مني بمنزلة المحبّ المكرم

التّقدير : فلا تظني غيره واقعا.

أمّا حذفهما اختصارا لغير دليل ، فيجوز عند الأكثرين ، كقوله تعالى (وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ)(٣)

__________________

(١) برفع «تنويل» على الابتدائية ، وخبره المجرور قبله مع تقدم «إخال» والقياس فتحها واستدل به ، وبالبيت قبله الكوفيون والأخفش على جواز الإلغاء مع التقدم.

(٢) الآية «٢٢» الأنعام (٦).

(٣) الآية «٦٦» آل عمران (٣).


وتقديره : يعلم الأشياء كائنة ، وقوله تعالى (أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرى)(١) أي يعلم ، وتقديره : يرى ما نعتقده حقا ، وقوله تعالى : (وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ)(٢) ، وقولهم في المثل «من يسمع يخل» أي من يسمع خبرا يظنّ مسموعه صادقا ، ويمتنع حذف أحدهما اقتصارا لغير دليل بالإجماع.

٦ ـ القول يعمل عمل «ظنّ» بشروط :

قد يكون «القول» بمعنى «الظّنّ» ويعمل عمله ، ولكن له شروط عند الجمهور (٣) :

(١) كونه مضارعا.

(٢) مسندا للمخاطب.

(٣) مسبوقا باستفهام حرفا كان أو اسما ، سمع الكسائي «أتقول للعميان عقلا» (٤) ، وقال عمرو ابن معديكرب الزبيدي :

علام تقول الرمح يثقل عاتقي

إذا أنا لم أطعن إذا الخيل كرّت (٥)

(٤) ألّا يفصل بين الاستفهام والفعل فاصل ، واغنفر الفصل بظرف ، أو مجرور ، أو معمول الفعل ، فالفصل بالظرف كقوله :

أبعد بعد تقول الدار جامعة

شملي بهم أم تقول البعد محتوما (٦)

__________________

(١) الآية «٣٥» النجم (٥٣).

(٢) الآية «١٢» الفتح (٤٨). «ظن السوء» مفعول مطلق ، مفيد للنوع.

(٣) أما بنو سليم فيعملونه في الجملة الاسمية مطلقا ، وعليه يروى قول امرئ القيس :

إذا ما جرى شأوين وابتل عطفه

تقول هزيز الريح مرت بأثأب

بنصب «هزيز» مفعول أول لتقول ، وجملة «مرت بأثأب» مفعول ثان و «الشأوين» تثنية شأو ، وهو الشوط و «العطف» الجانب «هزيز الريح» دويها و «أثأب» واحده : أثأبة : نوع من الشجر.

(٤) «عقلا» : مفعول أول و «للعميان» مفعول ثان على التقديم والتأخير.

(٥) يقول المرزوقي في شرح الحماسة : وقوله «تقول الرمح» يروى بفتح الحاء وضمها ، فإذا نصبت فلأنك جعلت : «تقول» في معنى تظن ، وهم ـ عند الخطاب والكلام استفهام ـ يحملون القول على الظن ، على ذلك قوله :

فمتى تقول الدار تجمعنا

أي متى تظن ذلك ، فجعل القول يدل على الظن ، لما كان القول ترجمة عن الظن ، والخطاب والاستفهام يحتملان ما لا يحتمل غيرهما ، وإذا رفعت فالقول متروك على بابه.

(٦) فصل بين الاستفهام وهو الهمزة في أول البيت بالظرف وهو «بعد» ومعه مضاف إليه وهو «بعد» و «الدار» مفعول أول لتقول و «جامعة» مفعوله الثاني و «شملي» مفعول جامعة ومثله «أم تقول البعد محتوما»


والفصل بالمجرور مثل «أفي الدار تقول زيدا جالسا» ، والفصل بالمعمول كقول الكميت الأسدي :

أجهّالا تقول بني لؤيّ

لعمر أبيك أم متجاهلينا (١)

هذا وتجوز الحكاية مع اسنيفاء الشروط نحو (أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْراهِيمَ)(٢) الآية وكما روي في البيت «علام تقول الرمح» بالرفع.

والأصل : انّ الجملة الفعلية وكذا الاسميّة تحكى بعد القول ، ويستثنى ما تقدّم.

__________________

(١) فصل هنا بين الاستفهام والمضارع بمفعوله الثاني ، والأصل : أتقول بني لؤي جهالا.

(٢) الآية «١٤٠» البقرة (٢).


باب العين

عاد تعمل عمل كان ـ (ـ كان وأخواتها ٢ تعليق).

العائد في الموصول ـ (ـ الموصول الاسمي ٥ و ٨).

عالمون ـ ملحق بجمع المذكر السالم ويعرب إعرابه (ـ جمع المذكر السالم)

عامّة ـ قد تأتي تأكيدا للجمع ، وذلك إذا لحقها ضمير المؤكّد وتكون تابعة في إعرابها له تقول «حضر الطلّاب عامّتهم».

وقد تأتي حالا وذلك إذا نكرت وأتت بعد جمع نحو «جاء القوم عامّة».

وبغير هذين الموضعين تكون حسب موقعها من الكلام تقول «عامّة النّاس صائمون».

العتمة ـ هي ثلث الليل الأول تقول : «آتيك عنمة اللّيل» أو عتمة ، وهي مفعول فيه ظرف زمان منصوب عدا ـ لها ثلاثة أوجه :

(١) أن تكون فعلا ، غير منصرّف ، متعدّيا ناصبا للمستثنى على المفعوليّة وفاعلها : ضمير مستتر وجوبا يعود على مصدر الفعل المتقدّم عليها ، فإذا قلنا «سافر القوم عدا خالدا» فالمراد : عدا سفرهم خالدا.

(٢) أن تدخل «ما» المصدريّة عليها ويجب عند ذلك نصب ما بعدها ، لأنّ «ما» المصدريّة تعيّنها للفعليّة نحو قول الشّاعر :

تملّ النّدامى ما عداني فإنّني

بكلّ الذي يهوى نديمي مولع

و «ما» مع ما بعدها في تأويل المصدر : في محلّ نصب بالاتفاق ، قيل على الحال ، وقيل على الظّرف ، فإذا قلنا : «حضر القوم ما عدا عليّا» فالمعنى على الأول : حضروا مجاوزين عليّا ، وعلى الثاني : حضروا وقت مجاوزتهم عليّا.

(٣) أن تكون حرفا جارّا للمستثنى وذلك إذا خلت من «ما» المصدرية فيجوز اعتبارها فعلا فتنصب ما بعدها


على أنه مفعول به أو حرفا فتجره ، ولا تعلق لها بما قبلها ، وهي مع معمولها ـ بحالة الجر ـ في موضع نصب بتمام الكلام وهو الصواب.

ولها أحكام «بالمستثنى والجار والمجرور» (ـ المستثنى والجار والمجرور).

العدد ـ

١ ـ أصل أسمائه :

أصل أسمائه اثنتا عشرة كلمة ، وهي :

«واحد إلى عشرة» و «مائة» و «ألف» وما عداها فروع إمّا بتثنية ك «مائتين» و «ألفين» أو بإلحاق علامة جمع ك «عشرين» إلى «تسعين» أو بعطف ك «أحد ومائة» و «مائة وألف» و «أحد وعشرين» إلى «تسعة وتسعين» و «أحد عشر» إلى «تسعة عشر» لأنّ أصلها العطف ، أو بإضافة ك «ثلاثمائة وعشرة آلاف» ، وهاك تفصيلها :

٢ ـ الواحد والاثنان :

للواحد والاثنان حكمان يخالفان الثلاثة والعشرة وما بينهما.

(أحدهما) : أنهما يذكّران مع المذكّر ، فتقول : «واحد» و «اثنان» ويؤنّثان مع المؤنّث فتقول «واحدة واثنتان» على لغة الحجازيين و «ثنتان» على لغة بني تميم.

(الثاني) أنه لا يجمع بينهما وبين المعدود ، فلا تقول «واحد رجل» ولا «اثنا رجلين» لأنّ قولك «رجل» يفيد الجنسيّة والوحدة ، وقولك «رجلان» يفيد الجنسيّة ، وشفع الواحد ، فلا حاجة إلى الجمع بينهما.

٣ ـ من الثلاثة إلى العشرة وما بينهما إفرادا وتركيبا :

لها ثلاثة أحوال :

(الأوّل) أن يقصد بها العدد المطلق ، وحينئذ تقترن ب «التاء» في جميع أحوالها نحو «ثلاثة ، نصف ، ستّة» ولا تنصرف لأنها أعلام مؤنّثة.

(الثاني) أن يقصد بها معدود ولا يذكر ، فالصّحيح أن تقترن بالتاء للمذكّر وبحذفها للمؤنّث كما لو ذكر المعدود ـ على أصل القاعدة


كما سيأتي ـ فتقول : «صمت خمسة» تريد أيّاما و «سهرت خمسا» تريد ليالي ، ويجوز أن تحذف التاء في المذكّر كالحديث «ثمّ أتبعه بست من شوّال».

(الثالث) أن يقصد بها معدود ويذكر ، وهذا هو الأصل ، فلا تستفاد العدّة والجنس إلّا من العدد والمعدود جميعا ، وذلك لأنّ قولك «ثلاثة» يفيد العدّة دون الجنس ، وقولك «رجال» يفيد الجنس دون العدّة ، فإذا قصدت الإفادتين جمعت بين الكلمتين.

وحكمها : وجوب اقترانها بالتاء في المذكر ، وعدمه في المؤنّث تقول «ثلاثة رجال» بالتاء و «تسع نسوة» بتركها. قال تعالى (سَخَّرَها عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيالٍ وَثَمانِيَةَ أَيَّامٍ)(١) هذا في الإفراد ـ أمّا في حال التركيب ـ فيما فوق العشرة ودون العشرين ف «بالثلاثة والتسعة وما بينهما» يبقى لها حكم التّذكير والتّأنيث كما كان لها قبل التركيب أي مخالفة القياس ، وما دون ذلك ـ وهو الأحد والاثنان ـ على القياس ، إلّا أنّك تأتي ب «أحد» و «إحدى» مكان : واحد وواحدة أمّا «العشرة» ففي التركيب توافق في التّذكير والتّأنيث على مقتضى القياس وتسكّن شينها إذا كانت بالتاء وأمّا «ثماني» فلك في التركيب فتح الياء وإسكانها ، ويقلّ حذفها مع بقاء كسر النّون ومع فتحها ، وتبنى الكلمتان ـ في حالة التركيب ـ على الفتح إلّا «اثنين واثنتين» فتعربهما فإذا جاوزت «التسعة عشر» في التذكير ، و «تسع عشرة» في التأنيث ، استوى لفظ المذكّر والمؤنّث فتقول : «عشرون عبدا ، وثلاثون أمة».

٤ ـ ألفاظ العدد ـ أربعة أنواع :

(١) مفرد ، وهو عشرة ألفاظ : «واحد واثنان وعشرون وتسعون وما بينهما» من العقود.

(٢) مركّب وهو تسعة ألفاظ : «أحد عشر وتسعة عشر وما بينهما».

(٣) معطوف وهو : «أحد وعشرون وتسعة وتسعون وما بينهما».

(٤) مضاف وهو أيضا عشرة ألفاظ :

__________________

(١) الآية (٧) الحاقة (٦٩).


«مائة ، وألف ، وثلاثة ، وعشرة وما بينهما».

٥ ـ تمييز العقود ، والمركّب ، والمعطوف من العدد :

تمييز «العشرين والتسعين وما بينهما» من العقود ، و «الأحد عشر والتسعة عشر وما بينهما» من المركّب ، و «الأحد والعشرين والتسعة والتسعين وما بينهما». من المعطوف ، تمييزها جميعا مفرد منصوب نحو (وَواعَدْنا مُوسى ثَلاثِينَ لَيْلَةً)(١) وَأَتْمَمْناها بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً) (٢)(إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً)(٣)(إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً)(٤)(إِنَّ هذا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً)(٥).

٦ ـ تمييز المضاف من العدد :

أمّا تمييز «المائة والألف» فمفرد مجرور بالإضافة نحو «مائة رجل» و «ألف امرأة».

وأمّا مميز «الثلاثة والعشرة وما بينهما» فإن كان اسم جنس «كشجر وتمر» أو اسم جمع ك «قوم» و «رهط» : خفض ب «من» تقول : «ثلاثة من الشّجر غرستها» و «عشرة من القوم لقيتهم» قال تعالى (فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ)(٦) وقد يخفض مميّزها بإضافة العدد إليه ، نحو (وَكانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ) وقول الحطيئة :

ثلاثة أنفس وثلاث ذود (٧)

لقد جار الزّمان على عيالي

وإن كان جمعا خفض بإضافة العدد إليه نحو «ثلاثة رجال» و «ثلاث نسوة».

٧ ـ اعتبار التّذكير والتّأنيث مع اسمي الجمع والجنس ـ ومع الجمع : يعتبر التّذكير والتّأنيث مع اسمي

__________________

(١) لا يجوز فصل هذا التمييز عن المميز إلا في الضرورة كقوله :

على أنني بعد ما قد مضى

ثلاثون للهجر حولا كميلا

(٢) الآية «١٤١» الأعراف (٧).

(٣) الآية «٤» يوسف (١٢).

(٤) الآية «٣٧» التوبة (٩).

(٥) الآية «٢٣» ص (٣٨).

(٦) الآية «٢٦٠» البقرة (٢).

(٧) الذود من الإبل : ما بين الثلاث إلى العشر.


الجمع والجنس ، بحسب حالهما ، فيعطى العدد عكس ما يستحقّه ضميرهما ، فتقول : «ثلاثة من الغنم عندي» بالتاء لأنك تقول : غنم كثير بالتّذكير و «ثلاث من البط» بترك التاء لأنك تقول : بطّ كثيرة بالتّأنيث و «ثلاثة من البقر» أو «ثلاث» لأنّ في البقر لغتين التذكير والتّأنيث ، قال تعالى (إِنَّ الْبَقَرَ تَشابَهَ عَلَيْنا)(١) وقرئ : تشابهت.

أمّا مع الجمع فيعتبر التّذكير والتّأنيث بحال مفردة ، فينظر إلى ما يستحقه بالنّسبة إلى ضميره ، فيعكس حكمه في العدد ، ولذلك تقول «ثلاثة حمّامات» و «ثلاثة طلحات» و «ثلاثة أشخص» لأنك تقول : «الحمّام دخلته» و «طلحة حضر» وتقول «اشتريت ثلاث إماء» بترك التاء لأنك تقول : «هذه أمة نشيطة».

وإذا كان المعدود صفة فالمعتبر حال الموصوف المنوي لا حالها قال تعالى : (فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها)(٢) أي عشر حسنات أمثالها. ولو لا ذلك لقيل عشرة ، لأنّ المثل مذكّر وتقول «عندي ثلاث ربعات» (٣) بالتّاء إن قدرت رجالا. وبتركها إن قدّرت نساء ، ولهذا يقولون «ثلاثة دوابّ» بالتاء إذا قصدوا ذكورا لأنّ الدّابّة صفة في الأصل ، فكأنهم قالوا : ثلاثة أحمرة دوّاب ، وسمع ثلاث دوابّ ذكور بترك التاء لأنهم أجروا الدّابّة مجرى الجامد ، فلا يجرونها على موصوف.

٨ ـ حكم العدد المميّز بشيئين :

في حالة التركيب يعتبر حال المذكّر تقدّم أو تأخّر إن كان لعاقل ، نحو «عندي خمسة عشر رجلا وامرأة» أو «امرأة ورجلا».

وإن كان لغير عاقل فللسابق بشرط الاتصال نحو «عندي خمسة عشر جملا وناقة» و «خمس عشرة ناقة وجملا» ومع الانفصال فالعبرة

__________________

(١) الآية «٧٠» البقرة (٢).

(٢) الآية «١٦٠» الأنعام (٦).

(٣) ربعات : جمع ربعة ، وهو : ما بين الطويل والقصير يطلق على المذكر والمؤنث.


للمؤنّث نحو «عندي ستّ عشرة ما بين ناقة وجمل» أو «ما بين جمل وناقة».

وفي حال الإضافة فالعبرة لسابقهما مطلقا ، نحو «عندي ثمانية رجال ونساء» و «ثمان نساء ورجال».

٩ ـ الأعداد التي تضاف للمعدود : تقدّم أنّ الأعداد التي تضاف للمعدود عشرة : وهي نوعان :

«أ» الثلاثة والعشرة وما بينهما.

«ب» المائة والألف.

١٠ ـ حق الإضافة في الثلاثة والعشرة وما بينهما :

حقّ ما تضاف إليه أن يكون جمعا مكسّرا من أبنية القلّة نحو «ثلاثة أظرف» و «أربعة أعبد» و «سبعة أبحر».

وقد يتخلّف كلّ واحد من هذه الأمور الثلاثة فتضاف للمفرد ، وذلك إذا كان مئة نحو «ثلاثمائة» و «تسعمائة» وشذ في الضرورة قول الفرزدق :

ثلاث مئين للملوك وفى بها

ردائي وجلّت عن وجوه الأهاتم (١)

ويضاف لجمع التصحيح في مسألتين :

(١) أن يهمل تكسير (٢) الكلمة نحو «سبع سموات» و «خمس صلوات» و (سَبْعِ بَقَراتٍ)(٣)

(٢) أن يجاور ما أهل تكسيره نحو (سَبْعِ سُنْبُلاتٍ)(٤) فإنه في التنزيل مجاور ل (سَبْعِ بَقَراتٍ) المهمل تكسيره (٥).

وتضاف لبناء الكثرة في مسألتين :

(أحداهما) أن يهمل بناء القلّة ، نحو «ثلاث جوار» و «أربعة رجال» و «خمسة دراهم».

(الثانية) أن يكون له بناء قلّة ، ولكنه شاذّ قياسا أو سماعا ، فينزل لذلك منزلة المعدوم ،

فالأوّل : نحو (ثَلاثَةَ قُرُوءٍ)(٦) فإنّ

__________________

(١) يفخر بأن رداءه وفى بديات ملوك ثلاثة قتلوا في المعركة وكانوا ثلاثمائة بعير حين رهنه بها ، ووجوه الأهاتم : أعيانهم ، وهم بنو سنان الأهتم.

(٢) تكسيرها أي جمعها جمع تكسير.

(٣) الآية «٤٦» يوسف (١٢).

(٣) الآية «٤٦» يوسف (١٢).

(٤) تكسير سنبلة : سنابل ولكن أهمل تكسيرها لمجاورتها لبقرات.

(٥) الآية «٢٢٨» البقرة (٢).


جمع «قرء» بالفتح على «أقراء» شاذّ.

والثاني : نحو «ثلاثة شسوع» فإنّ «أشساعا» قليل الاستعمال.

١١ ـ حقّ الإضافة في «المائة والألف» : «المائة والألف» حقّهما أن يضافا إلى «مفرد» نحو (مِائَةَ جَلْدَةٍ)(١) و (أَلْفَ سَنَةٍ)(٢) وقد تضاف المائة إلى جمع كقراءة حمزة والكسائي (ثلاثمائة سنين) (٣).

وقد تميز بمفرد منصوب كقول الربيع بن ضبيع الفزاري :

إذا عاش الفتى مائتين عاما

فقد ذهب المسرّة والفتاء

١٢ ـ إضافة العدد المركّب :

يجوز في العدد المركّب ـ غير عشر واثنتي عشرة ـ أن يضاف إلى مستحقّ المعدود فيستغني عن التّمييز نحو «هذه أحد عشر خالد» ويجب عند الجمهور بقاء البناء في الجزأين كما كان مع التمييز.

١٣ ـ وزن «فاعل» من أعداد «اثنين وعشرة وما بينهما» : يجوز أن تصوغ من اثنين وعشرة وما بينهما اسم فاعل ، فتقول «ثان وثالث ورابع ... إلى عاشر» أمّا «الواحد» فقد وضع أصلا على وزن فاعل ، فقيل «واحد وواحدة» ولنا في اسم الفاعل المذكور أن نستعمله في حدود سبعة أوجه :

(١) أن نستعمله مفردا ليفيد الاتصاف بمعناه مجردا فتقول : ثالث ورابع قال النّابغة الذبياني :

توهّمت آيات لها فعرفتها

لستّة أعوام وذا العام سابع

(٢) أن تستعمله مع أصله الذي صيغ منه ليفيد أنّ الموصوف به بعض تلك العدة المعينة لا غير فتقول «خامس خمسة» أي بعض جماعة منحصرة في خمسة وحينئذ تجب إضافته إلى أصله كما يجب إضافة البعض إلى كله ، قال الله تعالى (إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثانِيَ اثْنَيْنِ)(٤)(لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ)(٥).

__________________

(١) الآية «٢» النور (٢٤).

(٢) الآية «٩٦» البقرة (٢).

(٣) الآية «٢٥» الكهف (١٨).

(٤) الآية «٤١» التوبة (٩).

(٥) الآية «٧٦» المائدة (٥).


(٣) أن تستعمله مع ما دون أصله ليفيد معنى التّصيير ، فتقول «هذا رابع ثلاثة» أي جاعل الثلاثة أربعة ، قال الله تعالى (ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سادِسُهُمْ)(١) ويجوز حينئذ إضافته ، وإعماله بالشّروط الواردة في إعمال اسم الفاعل ، كما يجوز الوجهان في «جاعل ومصيّر» ونحوهما.

ولا يستعمل بهذا الاستعمال «ثان» فلا يقال «ثاني واحد» ولا «ثان واحدا» وإنما عمل عمل فاعل لأنّ له فعلا كما أنّ جاعل كذلك ، يقال «كان القوم تسعة وعشرين فثلثنتهم (٢) أي صيرتهم ثلاثين ، وهكذا إلى تسعة وثمانين فتسعنتهم أي صيّرتهم تسعين.

(٤) أن تستعمله مع العشرة ليفيد الاتصاف بمعناه مقيّدا بمصاحبة العشرة فتقول : «حادي عشر» بتذكيرهما ، و «حادية عشرة» بتأنيثهما وكذا نصنع في البواقي : تذكّر اللفظين مع المذكّر ، وتؤنثهما مع المؤنث وحين تستعمل «الواحد» أو «الواحدة» مع العشرة ، أو ما فوقها كالعشرين فإنّك تقلب فاءهما إلى موطن لامهما ، وتصير الواو ياء ، فتقول : «حاد وحادية»

(٥) أن تستعمله مع العشرة ، ليفيد معنى «ثاني اثنين» وهو انحصار العدّة فيما ذكر ، ولك في هذه الحالة ثلاثة أوجه :

(أحدها) وهو الأصل أن تأتي بأربعة ألفاظ ، أولها : الوصف مركّبا مع العشرة ، وهذان لفظان ، واللفظ الثالث : ما اشتق منه الوصف مركّبا مع العشرة أيضا ، وتضيف جملة التركيب الأوّل إلى جملة التركيب الثاني ، فنقول «هذا ثالث عشر ثلاثة عشر» و «هذه ثالثة عشرة ثلاث عشرة» وهذه الألفاظ الأربعة مبنيّة على الفتح.

(الثاني) أن تحذف عشر من التركيب الأول استغناء به في الثاني ، وتعرب الأوّل لزوال التركيب ، وتضيفه إلى التركيب الثاني ، فتقول «هذا ثالث

__________________

(١) الآية «٧» المجادلة (٥٨).

(٢) قال بعض أهل اللغة «عشرن وثلثن» : إذا صار له عشرون أو ثلاثون ، وكذلك إلى التسعين واسم الفاعل من هذا معشرن ومتسعن.


ثلاثة عشر» و «هذه ثالثة ثلاث عشرة» وهذا الوجه أكثر استعمالا.

(الثالث) أن تحذف العشرة من التركيب الأول ، والنّيّف (١) من الثاني ، وحينئذ تعربهما لزوال مقتضى البناء فيهما ، فتجري الأوّل على حسب العوامل ، وتجر الثاني بالإضافة ، فتقول : «جاءني ثالث عشر» و «رأيت ثالث عشر» و «نظرت إلى ثالث عشر».

(٦) أن تستعمله مع العشرة لإفادة معنى «رابع ثلاثة» فتأتي أيضا بأربعة ألفاظ ولكن يكون الثالث منها دون ما اشتقّ منه الوصف ، فتقول : «رابع عشر ثلاثة عشر» في المذكّر و «رابعة عشرة ثلاث عشرة» في المؤنث ويجب أن يكون التركيب الثاني في موضع جر.

ولك أن تحذف العشرة من الأوّل ، دون أن تحذف النّيف من الثاني للإلباس (٢).

(٧) أن تستعمله مع العشرين وأخواتها ، فتقدمه وتعطف عليه العقد بالواو خاصة فتقول : «حاد وعشرون» و «حادية وعشرون».

١٤ ـ تعريف العدد والمركّب والمعطوف

إذا أريد تعريف العدد ب «أل» فإن كان مركّبا عرّف صدره ك «الخمسة عشر» وإن كان مضافا عرّف عجزه ك «خمسة الرّجال» و «ستة آلاف الدرهم» هذا هو الفصيح ، وبعضهم يعرف الجزأين ، فيقول : «الخمسة الرجال» و «الثلاثة الأشهر».

وإن كان معطوفا عرّف جزآه معا ك «الأربعة والأربعين» ونظم ذلك الأجهوري فقال :

وعددا تريد أن تعرّفا

فأل بجزأيه صلن إن عطفا

وإن يكن مركّبا فالأوّل

وفي مضاف عكس هذا يفعل

وخالف الكوفيّ في هذين

ففيهما قد عرّف الجزأين

١٥ ـ العدد في التّاريخ :

إذا أرادوا التاريخ قالوا للعشر وما دونها خلون وبقين ، فقالوا : «لتسع ليال بقين» و «ثمان ليال خلون» لأنهم بينوه بجمع وقالوا لما فوق العشرة

__________________

(١) النيف : كل ما زاد على العقد الثاني.

(٢) أجاز ذلك سيبويه ، ومنعه الكوفيون ، وأكثر البصريين.


«خلت» و «بقيت» لأنهم بينوه بمفرد ، فقالوا ل «إحدى عشرة ليلة خلت» و «ثلاث عشرة ليلة (١) بقيت». ويقال في التاريخ أول الشهر «كتب لأوّل ليلة منه» أو «لغرّته» أو «مهلّه» أو «مستهلّه». ويؤرخ آخرا فيقال «لآخر ليلة بقيت منه» أو «سراره» أو «سرره» أو «سلخه» أو «انسلاخه».

عدّ ـ

(١) فعل ماض من إخوات «ظنّ» ومن أفعال القلوب ، وتفيد في الخبر رجحانا ، وهي تامّة التصريف ، وتستعمل بكل تصريفها ، تنصب مفعولين أصلهما المبتدأ والخبر نحو قول النعمان بن بشير :

فلا تعدد المولى شريكك في الغنى

ولكنّما المولى شريكك في العدم

وتشترك مع «ظنّ» بأحكام (ـ ظنّ وأخواتها).

(٢) «عدّ» بمعنى حسب وأحصى نحو «عددت المال» ولا تتعدّى هذه إلّا إلى واحد.

العرض ـ الطلب بلين ورفق ، وحرفاه : ألا ، أما (ـ فاء السببيّة).

عزون ـ مفرده عزة وهي العصبة من النّاس ، وعزون : جماعات يأتون متفرقين ، وهو ملحق بجمع المذكر السالم ويعرب إعرابه (ـ جمع المذكّر السّالم ٨).

عسى ـ

(١) النّاقصة كلمة وضعت للدّلالة على رجاء الخبر ، وهي من النواسخ ، تعمل عمل «كان» إلّا أنّ خبرها يجب أن يكون جملة مشتملة على مضارع رافع لضمير الاسم ، ويجوز في عسى خاصّة دون أخواتها أن ترفع السببيّ ـ وهو الاسم الظّاهر المضاف إلى ضمير يعود على اسمها ـ كقول الفرزدق حين هرب من الحجّاج لمّا توعّده بالقتل :

وماذا عسى الحجّاج يبلغ جهده

إذا نحن جاوزنا حفير زياد (٢)

وشذّ مجيء خبر «عسى» مفردا

__________________

(١) وإنما أرخ بالليالي دون الأيام ، لأن الليلة أول الشهر فلو أرخ باليوم دون الليلة ، لذهب من الشهر ليله.

(٢) يروى بنصب «جهده» على المفعولية ب «يبلغ» ، وبرفعه على الفاعلية وفيه الشاهد فإن «جهده» متصل بضمير يعود على الحجاج الذي هو اسم «عسى».


كقولهم في المثل «عسى الغوير أبؤسا» (١) ، والغالب اقتران الخبر ب «أن» بعد عسى.

(٢) وتختصّ «عسى واخلولق وأوشك» بجواز إسنادهنّ إلى «أن يفعل» ولا تحتاج إلى خبر منصوب فتكون تامّة نحو (وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً)(٢).

وينبني على هذا حكمان (ـ أفعال المقاربة).

ويجوز في «عسى» كسر سينها بشرط أن تسند إلى «التاء أو النون أو نا» نحو (قالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ)(٣) قرئ بالكسر والفتح والمختار الفتح.

(٣) تأتي «عسى» في لغيّة بمعنى لعلّ وعملها ، أي أنها تنصب الاسم وترفع الخبر ك «إنّ وأخواتها» وهي بهذه الحال حرف وشرط اسمها أن يكون ضميرا (٤) كقول صخر الحصري :

فقلت عساها نار كأس وعلّها

تشكّى فآتي نحوها فأعودها (٥)

ولا يتوسّط خبرها أي بينها وبين اسمها بخلاف «إنّ وأخواتها» (ـ إنّ وأخواتها).

العشرة ـ (ـ العدد ٣).

عشرون ـ إلى التسعين ملحق بجمع المذكّر السالم (ـ جمع المذكّر السّالم ٨).

عضون ـ مفردها «عضة» وهي القطعة من الشيء ، ملحق بجمع المذكّر السّالم ويعرب إعرابه (ـ جمع المذكّر السّالم ٨).

__________________

(١) الغوير : تصغير غار ، وهو ماء لقبيلة كلب «أبؤسا» جمع بؤس وهو العذاب والشدة ، ومعناه : لعل الشر يأتيكم من قبل الغوير ، قالت هذا المثل : الزباء. ويضرب للرجل يتوقع الشر من جهة بعينها ، والشاهد فيه «أبؤسا» فقد أتى خبرا لعسى وهو مفرد ، وهو شاذ ، ويرى ابن هشام في «المغني» : أن الصواب انه مما حذف فيه كان أي يكون أبؤسا ، لأن في ذلك إبقاء لها على الاستعمال الأصلي.

(٢) الآية «٢١٦» البقرة (٢).

(٣) الآية «٢٤٦» البقرة (٢).

(٤) لغائب أو متكلم أو مخاطب.

(٥) كأس : اسم محبوبته و «علها» أصله : لعلها و «تشكى» أصله تتشكى المعنى : يرجو مرض محبوبته ليكون ذلك وسيلة إلى عيادته إياها.

والشاهد فيه قوله «عساها نار كأس» ها : اسم عسى ونار خبرها.


العطف ـ العطف قسمان : عطف بيان ، وعطف نسق (ـ كلّا منهما في حرفه).

عطف البيان ـ (١)

١ ـ تعريفه :

هو التّابع الجامد المشبه للصّفة في إيضاح متبوعه إن كان معرفة ، وتخصيصه إن كان نكرة بنفسه ، لا بمعنى في متبوعه ، ولا في سببه.

وبهذا خرج النعت ، ولا يجب فيه أن يكون أوضح من متبوعه ، بل يجوز أن يكون مساويا أو أقل ، والتوضيح حينئذ باجتماعهما ، نحو «قال أبو بكر عتيق».

٢ ـ مواضعه :

(١) اللقب بعد الاسم نحو «عليّ زين العابدين».

(٢) الاسم بعد الكنية نحو «أقسم بالله أبو حفص عمر».

(٣) الظّاهر المحلّى ب «أل» بعد اسم الإشارة نحو «هذا الكتاب».

(٤) الموصوف بعد الصفة نحو «الكليم موسى».

(٥) التفسير بعد المفسّر. نحو «العسجد أي الذّهب».

٣ ـ تبعيّته لما قبله :

يتبع «عطف البيان» المعطوف عليه في أربعة من عشرة كالصفة الحقيقيّة : واحد من أوجه الإعراب الثلاثة ، وواحد من الإفراد والتثنية والجمع ، وواحد من التذكير والتأنيث وواحد من التّعريف والتنكير فيكونان معرفتين كما تقدّم ، ونكرتين ، ك «لبست ثوبا معطفا» ومنه قوله تعالى (أَوْ كَفَّارَةٌ طَعامُ مَساكِينَ)(٢) فيمن نون كفّارة.

٤ ـ مفارقة «عطف البيان» للبدل.

كل ما صلح أن يكون «عطف بيان» صلح أن يكون «بدل كل» إلّا في مسألتين :

«أ» ما لا يستغني التركيب عنه ، ومن صور ذلك ، قولك «هند قام زيد أخوها» ف «أخوها» يتعين أن يكون «عطف بيان» على زيد ،

__________________

(١) من النحاة من لم يثبت عطف البيان ، بل جعله من البدل المطابق.

(٢) الآية «٩٨» المائدة (٥).


ولا يجوز أن يكون «بدلا» منه لأنه لا يصح الاستغناء عنه : لاشتماله على ضمير رابط للجملة الواقعة خبرا ل «هند» ، فوجب أن يعرب «أخوها» «عطف بيان» لا «بدلا» لأنّ البدل على نية تكرار العامل ، فكأنه من جملة أخرى ، فتخلو الجملة المخبر بها عن رابط.

(ب) ما لا يصلح حلوله محلّ الأوّل ، ومن صوره أن يكون «عطف البيان» مفردا معرفة معربا والمتبوع منادى ومنه قول طالب بن أبي طالب :

أيا أخوينا عبد شمس ونوفلا

أعيذكما بالله أن تحدثا حربا (١)

أو يكون «عطف البيان» ب «أل» و «المتبوع» منادى خاليا منها نحو «يا محمد المهدي» أو يكون «عطف البيان» خاليا من أل و «المتبوع» ب «أل» قد أضيف إليه صفة ب «أل» نحو «أنا النّاصح الرجل محمد» ومنه قول المرار الأسدي :

أنا ابن التّارك البكريّ بشر

عليه الطير ترقبه وقوعا (٢)

لأنّ الصفة المقرونة بأل ك «النّاصح» و «التّارك» لا تضاف إلّا لما فيه «أل» ، أو يضاف اسم التّفضيل إلى عامّ أتبع بقسميه نحو «محمّد أفضل النّاس الرّجال والنّساء» فاسم التّفضيل بعض ما يضاف اليه ، فيلزم على البدل كون محمّد بعض النّساء.

عطف النّسق ـ

١ ـ تعريفه :

هو تابع يتوسّط بينه وبين متبوعه أحد حروف العطف الآتي ذكرها.

٢ ـ حروف العطف :

هي «الواو ، الفاء ، ثمّ ، حتّى ، أم ، أو ، لكن ، بل ، لا ، ليس» ، (ـ كلّا في حرفه).

__________________

(١) «عبد شمس ونوفلا» يتعين كونهما معطوفين عطف بيان على أخوينا ، ويمتنع فيهما البدلية لأنهما ـ على تقدير البدلية ـ يحلان محل «أخوينا» فيكون التقدير «يا عبد شمس ونوفلا بالنصب ، وذلك لا يجوز لأن المنادى إذا عطف عليه اسم مجرد من «أل» وجب أن يعطى ما يستحقه لو كان منادى ، و «نوفل» لو كان منادى لقيل «يا نوفل» بالضم ، لا «يا نوفلا» بالنصب.

(٢) أراد ببشر : بشر بن عمرو. المعنى : أنا ابن الذي ترك بشرا مثخنا بالجراح ، يعالج طلوع الروح فالطير واقفة ترقب موته لتأكل منه لأنها لا تقع عليه ما دام حيّا.


٣ ـ حروف العطف نوعان :

(أ) ما يقتضي التشريك في اللفظ والمعنى مطلقا ، وهو أربعة : «الواو ، الفاء ، ثمّ ، حتّى» أو مقيّدا بشرط ، وهو اثنان «أو ، أم» وشرطهما ألّا يقتضيا إضرابا.

(ب) ما يقتضي التّشريك في اللّفظ دون المعنى ، إمّا لكونه يثبت لما بعده ما انتفى عمّا قبله ، وهو «بل ولكن» ، وإمّا لكونه بالعكس وهو «لا» و «ليس».

٤ ـ أحكام تشترك فيها الواو والفاء : تشترك الواو والفاء بأحكام منها : جواز حذفهما مع معطوفهما لدليل مثاله في الواو قول النّابغة الذّبياني :

فما كان بين الخير لو جاء سالما

أبو حجر إلّا ليال قلائل

أي بين الخير وبيني.

ومثاله في الفاء (أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ فَانْبَجَسَتْ)(١) أي فضرب فانبجست.

وجواز حذف المعطوف عليه بهما ، فمثال الواو قول بعضهم : «وبك وأهلا وسهلا» جوابا لمن قال له : مرحبا بك ، والتقدير : ومرحبا بك وأهلا وسهلا ، ومثال الفاء نحو (أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً)(٢) أي أنهملكم فنضرب عنكم ، ونحو (أَفَلَمْ يَرَوْا إِلى ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ)(٣) أي أعموا فلم يروا.

٥ ـ العطف على الضّمير :

يعطف على الضّمير المنفصل مرفوعا أو منصوبا ، وعلى الضّمير المتّصل المنصوب بغير شرط ، نحو «أنت وزيد تسرعان» و «إيّاك والكذب» (٤)(جَمَعْناكُمْ وَالْأَوَّلِينَ)(٥) ولا يحسن العطف على الضّمير المتّصل المرفوع بارزا كان أو مستترا ، إلّا بعد توكيده بضمير منفصل

__________________

(١) الآية «١٥٩» الأعراف (٧).

(٢) الآية «٥» الشورى (٤٣).

(٣) الآية «٩» سبأ (٣٤).

(٤) هذا على رأي من عطف الكذب على إياك ، والصحيح أن هذا من قبيل عطف الجمل انظر (إياك وأن تفعل) والأحسن أن نمثل له بقولنا «ما أدعو إلا إياك وخالدا».

(٥) الآية «٣٨» المرسلات (٧٧).


نحو (لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ)(١) ، (اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ)(٢).

أو بوجود فاصل ما ، نحو (جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها وَمَنْ صَلَحَ)(٣) فمن معطوفة على الواو في يدخلونها أو وجود فصل ب «لا» نحو (ما أَشْرَكْنا وَلا آباؤُنا)(٤).

ويضعف العطف بدون ذلك ، نحو «مررت برجل سواء والعدم» بالرّفع عطفا على الضّمير المستتر في سواء لأنّه بتأويل مستو هو والعدم ، وهو في الشّعر كثير كقول جرير يهجو الأخطل :

ورجا الأخيطل من سفاهة رأيه

ما لم يكن وأب له لينالا

عطف «أب» على الضّمير في «يكن» من غير توكيد ولا فصل.

ولا يكثر العطف على الضّمير المخفوض إلّا بإعادة الخافض حرفا كان أو اسما نحو (فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ)(٥) ، (قالُوا نَعْبُدُ إِلهَكَ وَإِلهَ آبائِكَ)(٦).

وهناك قراءة ابن عبّاس (تساءلون به والأرحام) (٧) بالخفض من غير إعادة الخافض ، وحكاية قطرب عن العرب «ما فيها غيره وفرسه) بالخفض عطفا على الهاء من غيره.

٦ ـ عطف الفعل :

يعطف الفعل على الفعل بشرط اتحاد زمنيهما ، سواء اتّحد نوعاهما نحو (لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً وَنُسْقِيَهُ)(٨) ، (وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلا يَسْئَلْكُمْ أَمْوالَكُمْ)(٩) أم اختلفا نحو (يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ)(١٠) ، (تَبارَكَ الَّذِي إِنْ شاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِنْ ذلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُوراً)(١١).

__________________

(١) الآية «٥٤» الأنبياء (٢١).

(٢) الآية «٤١» البقرة (٢).

(٣) الآية «٢٥» الرعد (١٣).

(٤) الآية «١٤٨» الأنعام (٦).

(٥) الآية «١١» السجدة (٤١).

(٦) الآية «١٣٣» البقرة (٢).

(٧) الآية «١» النساء (٤).

(٨) الآية «٤٩» الفرقان (٢٥).

(٩) الآية «٣٦» محمد (٤٧).

(١٠) الآية «٩٩» هود (١١).

(١١) الآية «١٠» الفرقان (٢٥).


ويعطف الفعل على الاسم المشبه له في المعنى نحو (فَالْمُغِيراتِ صُبْحاً ، فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً)(١) ، (صافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ)(٢) فالمغيرات في تأويل : واللّاتي أغرن «صافّات» في معنى : يصففن.

ويجوز العكس كقوله :

يا ربّ بيضاء من العواهج

أمّ صبيّ قد حبا أو دارج (٣)

ومنه (يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ)(٤)

٧ ـ جواز حذف العاطف وحده :

يجوز بقلّة حذف العاطف وحده نحو :

كيف أصبحت كيف أمسيت ممّا

يغرس الودّ في فؤاد الكريم

أي : وكيف أمسيت ، وفي الحديث :

تصدّق رجل من ديناره ، من درهمه ، أي : ومن درهمه.

علامات الاسم ـ (ـ الاسم).

علامات الفعل ـ (ـ الفعل).

على ـ

(١) من حروف الجر ، وتجرّ الظّاهر والمضمر ، نحو (وَعَلَيْها وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ)(٥) ولها نحو تسعة معان أشهرها :

الاستعلاء ، وهو الأصل فيها نحو (وَعَلَيْها وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ)(٦) الظّرفيّة ، نحو : (وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلى حِينِ غَفْلَةٍ)(٧) أي في حين غفلة.

المجاوزة : ك «عن» كقول القحيف العقيلي :

إذا رضيت عليّ بنو قشير

لعمر الله أعجبني رضاها

أي رضيت عني.

المصاحبة نحو (وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلى ظُلْمِهِمْ)(٨) أي مع ظلمهم.

__________________

(١) الآية «٤ و ٥» العاديات (١٠٠).

(٢) الآية «١٩» الملك (٦٧).

(٣) العواهج : جمع عوهج ، وهو في الأصل : الطويلة العنق من الظباء ، وأراد بها المرأة ، وحبا : زحف. ودرج الصبي : قارب بين خطاه.

(٤) الآية «٩٥» الأنعام (٦).

(٥) الآية «٢٢» المؤمنون (٢٣).

(٥) الآية «٢٢» المؤمنون (٢٣).

(٦) الآية «١٥» القصص (٢٨).

(٧) الآية «٧» الرعد (١٣).


موافقة «من» نحو (إِذَا اكْتالُوا عَلَى النَّاسِ)(١).

الاستدراك كقولك «فلان أطاع الشّيطان على أنّه لا نيأس من إصلاحه».

(٢) يمكن أن تكون «على» اسما إذا دخلت عليها «من» كقول مزاحم العقيلي يصف القطا :

غدت من عليه بعد ما تمّ ظمؤها

تصلّ وعن قيض بزيزاء مجهل (٢)

عل ـ معناها وإعرابها :

توافق «فوق» في معناها ، وفي بنائها على الضّم إذا كانت معرفة كقول الفرزدق يهجو جريرا :

ولقد سددت عليك كلّ ثنيّة (٣)

وأتيت نحو بني كليب من عل

أي من فوقهم. وفي إعرابها إذا كانت نكرة كقول امرئ القيس يصف فرسا :

مكرّ مفرّ مقبل مدبر معا

كجلمود صخر حطّه السّيل من عل

أي من مكان عال.

وتخالفها في أمرين :

(١) أنها لا تستعمل إلّا مجرورة ب «من».

(٢) أنّها لا تضاف ، فلا يقال : أخذته من عل السّطح ، كما يقال : من علوّه ومن فوقه.

علّ ـ لغة في «لعلّ» بل يقال : إنها أصلها قال الأضبط بن قريع :

لا تهين الفقير علّك أن

تركع يوما والدّهر قد رفعه

وهي هنا بمعنى عسى ، وتعمل عمل «إنّ» ك «لعلّ».

علق ـ كلمة تدلّ على الشروع في خبرها وهي من النواسخ ، تعمل عمل كان ، إلّا أنّ خبرها يجب أن يكون جملة فعليّة من مضارع رافع لضمير الاسم ، ومجرّد من «أن» المصدريّة ولا تعمل إلّا في حالة المضيّ نحو «علق زيد يتعلم» أي أنشأ وشرع ، (ـ أفعال المقاربة).

__________________

(١) الآية «٢» المطففين (٨٣).

(٢) «غدت» من أخوات «كان» واسمها يعود إلى القطا «الظمء» ما بين الشربين للإبل و «تصل» تصوت أحشاؤها «القيض» قشر البيض الأعلى ، وأراد به الفرخ و «زيزاء» الغليظ من الأرض «المجهل» القفر لا علامة فيه.

(٣) الثنية : الطريق في الجبل.


علم ـ

(١) من أخوات «ظنّ» ومن أفعال القلوب وتفيد في الخبر اليقين ، وقد تفيد الرّجحان تنصب مفعولين أصلهما المبتدأ والخبر نحو قوله تعالى (فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍ)(١) ، وتشترك مع «ظنّ» بأحكام (ـ ظنّ وأخواتها).

(٢) «علم» بمعنى عرف وتتعدّى إلى مفعول واحد ، نحو قوله تعالى (وَاللهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً)(٢).

العلم ـ

١ ـ العلم نوعان :

علم جنسيّ ـ وسيأتي ـ وعلم شخصيّ.

٢ ـ العلم الشّخصي :

هو اسم يعيّن مسمّاه تعيينا مطلقا أي من غير قيد المعارف الأخرى.

٣ ـ مسمّى العلم الشخصي ، نوعان :

أحدهما : أولو العلم من المذكّرين ك «جعفر» والمؤنثات ك «زينب» ، الثاني : ما يؤلف كالقبائل ك «قريش» والبلاد ك «دمشق». والخيل ك «لاحق» والإبل ك «شدقم» والبقر ك «عرار» والغنم ك «هيلة» والكلاب ك «واشق».

٤ ـ العلم الشخصى قسمان : «مرتجل» و «منقول».

٥ ـ العلم المرتجل :

هو ما استعمل من أوّل الأمر علما ك «أدد» علما لرجل و «سعاد» علما لامرأة.

٦ ـ العلم المنقول :

هو ما استعمل قبل العلميّة لغيرها ـ وهذا هو الغالب ـ ونقله إمّا من اسم جامد لحدث أي مصدر ك «فضل» و «زيد» ، أو من اسم جامد لعين ك «أسد» إذا سمينا به إنسانا ، وإمّا أن ينقل من وصف لفاعل ك «حارث» أصله : اسم فاعل من حرث يحرث و «حسن» في الأصل صفة مشبهة من حسن ، أو من وصف لمفعول ك «منصور» أصله اسم مفعول من نصر و «محمّد»

__________________

(١) الآية «١٠» الممتحنة (٦٠).

(٢) الآية «٧٨» النحل (١٦).


أصله اسم مفعول من حمّد بتشديد الميم ، وإمّا من فعل ماض ك «شمّر» (١) أو مضارع ك «يشكر» ، وإمّا من جملة فعليّة ك «جاد الحق».

٧ ـ تقسيم العلم إلى مفرد ومركّب : ينقسم العلم باعتبار اللفظ إلى قسمين :

(١) مفرد ك «علي» و «فاطمة».

(٢) مركب.

٨ ـ العلم المركّب :

العلم المركّب ثلاثة أنواع :

(١) مركّب إسنادي.

(٢) مركّب مزجي.

(٣) مركّب إضافي.

وهاك تفصيلها وأحكامها :

٩ ـ المركّب الإسنادي وحكمه : المركّب الإسنادي : هو كلّ كلمتين أسندت إحداهما إلى الأخرى ووضعتا علما ك «تأبّط شرّا» و «برق نحره». وحكمه الحكاية على ما كان عليه قبل التّسمية به. وعلى هذا قول الشّاعر :

كذبتم وبيت الله لا تنكحونها

بنى شاب قرناها تصرّ وتحلب

١٠ ـ المركّب المزجيّ وحكمه :المركّب المزجي : كلّ كلمتين نزّلت ثانيتهما منزلة التّاء ممّا قبلها (٢) ، وحكم الأول أن يفتح آخره ك «بختنصّر» و «حضر موت» إلّا إن كان ياء فيسكّن ك «معديكرب» و «قالي قلا» اسم مكان.

وحكم الجزء الثّاني أن يعرب إعراب ما لا ينصرف ، إلّا إن كان الجزء الثّاني كلمة «ويه» فيبنى على الكسر ك «سيبويه».

١١ ـ المركّب الإضافي وحكمه :المركّب الإضافي : هو كلّ اسمين نزّل ثانيهما منزلة التّنوين ممّا قبله ك «عبد الله» و «أبي بكر» وهذا هو الغالب في الأعلام المركّبة.

وحكمه أن يعرب الجزء الأوّل بحسب العوامل رفعا ونصبا وجرّا ، ويجرّ الثّاني بالإضافة دائما

١٢ ـ العلم اسم وكنية ولقب ـ وترتيبها : وينقسم العلم أيضا إلى اسم وكنية ولقب ، فالكنية : كلّ مركّب إضافيّ صدّر ب «أب». أو «أمّ»

__________________

(١) شمر : اسم فرس.

(٢) في أن ما قبل تاء التأنيث مفتوح الآخر.


ك «أبي بكر» و «أمّ كلثوم» ، واللّقب : كلّ ما أشعر برفعة المسمّى أو ضعته ك «الرّشيد» و «الجاحظ». والاسم : ما عداهما وهو الغالب ك «هشام» و «شام» وإذا اجتمع الاسم واللقب ، يؤخّر اللّقب عن الاسم ك «عليّ زين العابدين».

ولا ترتيب بين الكنية وغيرها ، فيجوز تقديم الكنية على الاسم واللّقب وتأخيرهما عنهما. قال أعرابي : «أقسم بالله أبو حفص عمر» فهنا قدّم الكنية ، وقال حسّان بن ثابت :

وما اهتزّ عرش الله من أجل هالك

سمعنا به إلّا لسعد أبي عمرو

وهنا قدّم الاسم على الكنية.

١٣ ـ إعراب اللّقب والكنية :

اللّقب إمّا أن يكون هو والاسم قبله مضافين ك «عبد الله زين العابدين أو يكون الاسم مفردا واللّقب بعده مضافا ك «علي زين العابدين» ، أو يكونا بالعكس ك «عبد العزيز المهديّ».

في هذه الأحوال الثّلاثة أتبعت الثاني الأوّل في إعرابه بدلا أو عطف بيان ، وإن شئت قطعته عن التّبعيّة إمّا برفعه خبرا لمبتدأ محذوف ، أو بنصبه مفعولا به لفعل محذوف.

وإن كان اللقب والاسم الذي قبله مفردين ك عمرو الجاحظ» جاز في إعرابه ما تقدّم وجاز إضافة الأوّل إلى الثّاني على تأويل الأوّل بالمسمّى والثّاني بالاسم ، وجمهور البصريين يوجبون الإضافة.

وحكم الكنية وما قبلها من الاسم واللّقب اتباعا وقطعا ، إلّا أنّ الكنية لا تكون إلّا مضافة.

١٤ ـ العلم الجنسي :

هو اسم يعين مسمّاه ، بغير قيد ، تعيين ذي الأداة الجنسيّة أو الحضوريّة ، فإذا قلت «أسامة أجرأ من ثعالة» فهو بمنزلة قولك «الأسد أجرأ من الثّعلب» وأل في الأسد والثعلب للجنس ، وإذا قلت : «هذا أسامة مقبلا» فهو بمنزلة قولك «هذا الأسد مقبلا» وأل في «الأسد» هذا لتعريف الحضور.


١٥ ـ أحكامه :

هذا العلم يشبه علم الشّخص من جهة الأحكام اللّفظيّة ، فإنه يمتنع من «أل» فلا يقال «الأسامة» كما لا يقال «العمر» ويمتنع من «الإضافة» فلا يقال «أسامتكم» ويمتنع من الصرف ، إن كان ذا سبب آخر. كالتأنيث في «أسامة وثعالة» وكوزن الفعل في «بنات أوبر» (١) و «ابن آوى» (٢) ، ويبتدأ به ، ويأتي الحال منه بلا مسوّغ فيهما ، ويمتنع وصفه بالنكرة ، فلا يقال : أسامة مفترس ، بل المفترس.

أما من جهة المعنى فإنه يشبه النكرة لأنه شائع في أمته ، لا يختصّ به واحد دون آخر.

١٦ ـ مسمّى علم الجنس :

مسمّى علم الجنس ثلاثة أنواع :

«أ» أعيان لا تؤلّف أي سماعية وهو الغالب ك «أسامة» للأسد و «أم عريط» للعقرب و «أبي جعدة» للذئب.

«ب» أعيان تؤلف ك «هيّان بن بيّان» للمجهول العين والنّسب ومثله «طامر ابن طامر» وك «أبي المضاء» للفرس و «أبي الدغفاء» للأحمق.

«ج» أمور معنوية ك «سبحان» علما للتسبيح و «كيسان» (٣) للغدر و «يسار» (٤) للميسرة و «فجار» للفجرة و «برة» (٥) للمبرة.

العلم الجنسي ـ (ـ العلم ١٤ و ١٥ و ١٦).

العلم الشّخصي ـ (ـ العلم ٢ و ٣)

العلم المرتجل ـ (ـ العلم ٥).

العلم المنقول ـ (ـ العلم ٦)

العلم المركّب الإسنادي ـ (ـ العلم ٩)

العلم المركّب المزجي ـ (ـ العلم ١٠)

العلم المركّب الإضافي ـ (ـ العلم ١١)

عليك ـ اسم فعل أمر ويفيد الإغراء ، وهو

__________________

(١) علم على نوع من الكمأة.

(٢) حيوان فوق الثعلب ودون الكلب.

(٣) وقيل في ذلك :

إذا ما دعوا «كيسان» كانت كهولهم

إلى الغدر أسعى من شبابهم المرد

(٤) وقيل في ذلك :

وقلت امكثي حتى «يسار» لعلنا

نحج معا. قالت أعاما وقابله

(٥) اجتمعت «فجار» و «برة» في قول النابغة :

إنا اقتسمنا خطتينا بيننا

فحملت «برة» واحتملت «فجار»


منقول من الجارّ. والمجرور تقول : «عليك زيدا» أي الزمه وخذه ، ومثله «عليك بزيد» ومنه قوله تعالى (عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ)(١) و «عليك بالعروة الوثقى» أي استمسك بها (ـ اسم الفعل).

عم صباحا ـ

كلمة تحيّة ، كأنه محذوف من نعم ينعم بالكسر ، كما تقول : كل من أكل يأكل ، فحذف من «عم» الألف والنون استخفافا ، و «صباحا» ظرف زمان مفعول فيه أي انعم في صباحك.

عمرك ـ

هذا اللفظ يرد كثيرا في أقسام العرب ، أو تأكيداتها وأصله قسم بالعمر أو دعاء بطول العمر ، وهاك التفصيل من ناحيّتي اللغة والإعراب.

اللغة : العمر والعمر والعمر : الحياة ، يقال : طال عمره وعمره لغتان فصيحتان ، وفي القسم : الفتح لا غير : يقال : لعمري ، لعمرك.

وقال الجوهري : معنى «لعمر الله» «وعمر الله» : أحلف ببقاء الله ودوامه ، وإذا قلت : «عمرك الله» فكأنك قلت : بتعميرك الله ، أي بإقرارك له بالبقاء ، وقول عمر بن أبي ربيعة :

«عمرك الله» كيف يجتمعان يريد سألت الله أن يطيل عمرك ، لأنه لم يرد القسم بذلك (٢).

أمّا الناحية الإعرابية فقولهم : «لعمري ولعمرك» يرفعونه بالابتداء ، ويضمرون الخبر ، كأنهم يقولون : لعمرك قسمي أو يميني (٣).

وقال الأزهري : وتدخل اللام في «لعمرك» فإذا أدخلتها رفعت بها بالابتداء. فإذا قلت «لعمر أبيك الخير» نصبت «الخير» أو خفضته ، فمن نصب أراد أنّ أباك عمر الخير يعمره عمرا وعمارة. فنصب الخير بوقوع العمر عليه ، ومن خفض «الخير» جعله نعتا لأبيك.

__________________

(١) الآية «١٠٨» المائدة (٥).

(٢) نكتفي من اللغة بهذا المقدار وهو ملخص من لسان العرب ، ومن أراد التوسع فليرجع إليه.

(٣) وتقدم هذا في الخبر وبالخصوص في حذف الخبر.


وقالوا : «عمرك الله افعل كذا» أو «عمرك الله إلّا فعلت كذا» أو «إلّا ما فعلت كذا» على زيادة «ما» بنصب «عمرك» وهو من الأسماء الموضوعة موضع المصادر المنصوبة على إضمار الفعل المتروك إظهاره ، وأصله من : عمّرتك الله تعميرا فحذفت زيادته ، وقال المبرد : في قوله : «عمرك الله» إن شئت جعلت نصبه بفعل أضمرته ، وإن شئت نصبته بواو حذفته (١). وإن شئت كان على قولك عمرتك الله تعميرا ، ونشدتك الله نشيدا ، ثمّ وضعت «عمرك» موضع التّعمير.

عمّ ـ مركبة من «عن» حرف الجر «ما» الاستفهاميّة وحذفت ألفها لدخول الجار.

عمّا ـ مركبة من «عن» الجارة و «ما» الزائدة ، ولا تكفها عن العمل (ـ عن)

عمل اسم التّفضيل ـ (ـ اسم التّفضيل ٦).

عمل اسم الفاعل ـ (ـ اسم الفاعل وأبنيته وعمله ٦ و ٧ و ٨).

عمل اسم الفعل ـ (ـ اسم الفعل ٦).

عمل اسم المصدر ـ (ـ اسم المصدر ٢)

عمل اسم المفعول ـ (ـ اسم المفعول وأبنيته وعمله ٣).

عمل تثنية اسم الفاعل وجمعه ـ (ـ اسم الفاعل وأبنيته وعمله ٦)

عمل المصدر ـ (ـ اسم المصدر ٢)

عمل المصدر الميمي ـ (ـ اسم المصدر ٢ / ٢).

عن ـ

(١) من حروف الجر ، وتجرّ الظاهر والمضمر ، نحو (لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ)(٢)(رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ)(٣) وزيادة «ما» بعدها لا تكفّها عن العمل نحو «عمّا قليل» ولها نحو من تسعة معان :

منها : المجاوزة (٤) نحو «سرت عن

__________________

(١) أي النصب بنزع الخافض.

(٢) الآية «١٩» الانشقاق (٨٤).

(٣) الآية «٩» البينة (٩٨).

(٤) ولم يذكر البصريون غيرها.


البلد» و «رغبت عن مجالسة اللّئيم».

ومنها : البعديّة نحو (لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ)(١) أي حالا بعد حال.

ومنها : الاستعلاء كقوله تعالى (وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّما يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ)(٢) أي على نفسه.

ومنها : التعليل ، نحو (وَما نَحْنُ بِتارِكِي آلِهَتِنا عَنْ قَوْلِكَ)(٣) أي لأجله.

(٢) قد تكون «عن» اسما إذا دخلت عليها «من» وتكون «عن» بمعنى جانب كقول قطريّ بن الفجاءة :

فلقد أراني للرّماح دريئة

من عن يميني مرّة وأمامي (٤)

عند ـ بكسر العين. ويجوز ضمها وفتحها والكسر أكثر وأشهر ، وهي اسم لمكان الحضور حقيقة نحو (فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ)(٥) أو مجازا نحو (قالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ)(٦).

ولا تقع إلّا ظرفا أو مجرورة ب «من كما مثّل ونحو «خرجت من عنده» وتقع ظرفا للمكان كما مثّل ، وظرفا للزّمان كقولك «جئتك عند مغيب الشّمس». وتلزم الإضافة ، فلا تستعمل بغير إضافة إطلاقا ، وقول العامة «ذهبت إلى عنده» لحن والصواب : ذهبت إليه.

عندك ـ اسم فعل أمر بمعنى خذ تقول : «عندك الطعام» أي خذه.

عندما ـ مركّبة من «عند» الظّرفيّة الزمانيّة و «ما» المصدريّة ، نحو «عندما تطرق الباب يؤذن لك» أي عند طرقك الباب.

عوض ـ هو لاستغراق المستقبل مثل «أبدا» إلّا أنه مختصّ بالنفي نحو «لا أفارقك عوض» فإن أضيف أعرب نحو «لا أدعك عوض الدّهر».

__________________

(١) الآية «١٩» الانشقاق (٨٤).

(٢) الآية «٣٨» محمد (٤٧).

(٣) الآية «٥٣» هود (١١).

(٤) الدريئة : حلقة يتعلم فيها الطعن والرمي.

(٥) الآية «٤٠» النمل (٢٧).

(٥) الآية «٤٠» النمل (٢٧).


باب الغين

غالبا ـ

يقال مثلا في غير اليقين : «عاد خالد من السفر غالبا» وإعرابها : النصب على نزع الخافض.

غدا ـ «تعمل عمل كان» (ـ كان وأخواتها ٣ تعليق).

غدا ـ الغد : اليوم الذي يأتي بعد يومك على أثر ، ثمّ توسعوا فيه حتى أطلق على البعيد المترقب ، وهو منصوب على الظرفية الزّمانية.

غداة وغدوة ـ هما ما بين طلوع الفجر وطلوع الشمس يقال : «أتيته غداة وغدوة» غير مصروفة لأنها معرفة مثل «سحر».

غديّة ـ تصغير الغداة.

غير ـ الأصل في «غير» ألّا يوصف بها إلّا نكرة لأنها متوغلة في الإبهام والتنكير ولا تفيدها إضافتها للمعرفة تعريفا نحو (إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ)(١) أو معرفة كالنكرة ، نحو (صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ)(٢) «فالذين» موصوفها جنس ، لا قوم بأعيانهم.

ولما ضمنت «غير» معنى «إلّا» حملت عليها في الاستثناء ، فتعرب «غير» إعراب ما بعد «إلّا» على التفصيل (٣) : من تعيّن النّصب ، وجوازه مع الإتباع ، والإعراب على حسب العوامل نحو «أقبل الأهل غير أحمد» و «ما ذهب الأصحاب إلى النزهة غير علي» و «ما تعلّم غير المجدّ» ، وغير ذلك من الأحكام التي تقدمت ب «إلا» أما حكم الاسم بعدها ـ وهو المستثنى

__________________

(١) الآية «٤٦» هود (١١).

(٢) الآية «٧» الفاتحة (١).

(٣) انظر «إلا» في حرفها.


بها ـ فيجر بالإضافة ، وناب عنه في أحكام المستثنى لفظ «غير» وأما حكم تابع المستثنى ب «غير» فيجوز فيه مراعاة اللفظ ، ومراعاة المعنى ، تقول : «قام القوم غير زيد وخالد» و «خالدا» فالجرّ على اللفظ ، والنصب على المعنى ، لأن معنى غير زيد إلّا زيدا ، وتقول : «ما قام أحد غير زيد وعمرو» بالجر ، وبالرفع على معنى : إلّا زيد.

غير بعد ليس ـ (ـ ليس غير).


باب الفاء

الفاء بجواب الشّرط ـ (ـ جوازم المضارع ٧).

الفاء الزّائدة ـ هي نوعان :

أحدهما : الفاء الداخلة على خبر المبتدأ إذا تضمن معنى الشرط نحو «الذي يأتي فله درهم» وإنما كانت زائدة لأنّ الخبر مستغن عن رابط يربطه بالمبتدأ.

الثاني : التي دخولها في الكلام كخروجها قاله الأخفش واحتجّ بقول الشاعر :

وقائلة : خولان فانكح فتاتهم

وأكرومة الحيّين خلوكما هيا

الفاء السّببيّة ـ هي الفاء العاطفة التي يقع المضارع بعدها منصوبا بأن مضمرة.

ولا تدعى السّببيّة إلّا أن يكون ما قبلها سببا لما بعدها وما بعدها مسبّبا عما قبلها وإلّا أن يتقدّم عليها نفي أو طلب محضين (١) وذلك بأحد الأمور التسعة وهي : (الأمر والدّعاء والنّهي والاستفهام والعرض والتّحضيض والتّمني والتّرجّي والنّفي) فالأمر نحو قول أبي النّجم :

يا ناق سيري عنقا فسيحا

إلى سليمان فنستريحا

والدّعاء نحو قول الشّاعر :

ربّ وفّقني فلا أعدل عن

سنن السّاعين في خير سنن

والنّهي نحو قوله تعالى : (وَلا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي)(٢).

والاستفهام نحو قوله تعالى (فَهَلْ

__________________

(١) وإنما قيد الطلب والنفي بالمحضين لإخراج النفي التالي تقريرا ، والمتلو بنفي ، والمنتقض ب «إلا» نحو «ألم تأتني فأحسن إليك» إذا لم ترد استفهاما حقيقيا ، والثاني : «ما تزال تأتينا فتحدثنا» ، والثالث : نحو «ما تأتينا إلا وتحدثنا» وبالطلب المحض ، يخرج الطلب باسم الفعل نحو «نزال فنكرمك» وبما لفظه لفظ الخبر نحو «حسبك حديث فينام الناس».

(٢) الآية «٨١» طه (٢٠).


لَنا مِنْ شُفَعاءَ فَيَشْفَعُوا لَنا)(١)).

والعرض نحو قول الشّاعر :

يا ابن الكرام ألا تدنو فتبصر ما

قد حدّثوك فما راء كمن سمعا

والتّحضيض نحو قوله تعالى (لَوْ لا أَخَّرْتَنِي إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ)(٢) والتمني نحو قوله تعالى (يا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً)(٣) والتّرجّي نحو قوله تعالى (لَعَلَّهُ يَزَّكَّى أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرى)(٤) والنّفي نحو قوله تعالى (لا يُقْضى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا)(٥).

الفاء العاطفة ـ وتفيد أمورا ثلاثة : أحدها : الترتيب ، وهو نوعان : معنويّ كما في «دخل محمّد فعليّ».

وذكريّ : وهو عطف مفصّل على مجمل نحو (فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطانُ عَنْها فَأَخْرَجَهُما مِمَّا كانا فِيهِ)(٦) ونحو (فَقَدْ سَأَلُوا مُوسى أَكْبَرَ مِنْ ذلِكَ فَقالُوا أَرِنَا اللهَ جَهْرَةً)(٧).

ولا ينافي إفادتها التّرتيب قوله تعالى (أَهْلَكْناها فَجاءَها بَأْسُنا)(٨) لأنّ التّقدير : أردنا إهلاكها فجاءها بأسنا.

الثاني : التّعقيب ، وهو في كلّ شيء بحسبه ، فإذا قلنا «تزوّج خالد فولد له» فالتّعقيب هنا بعدم فترة بين التزوج والولادة سوى الحمل :

الثالث : السّببيّة وذلك غالب في العاطفة جملة أو صفة ، فالجملة نحو (فَوَكَزَهُ مُوسى فَقَضى عَلَيْهِ)(٩) والصفة نحو (لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ. فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ. فَشارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ)(١٠).

وقد تأتي في الجملة والصّفة لمجرّد الترتيب نحو (فَراغَ إِلى أَهْلِهِ

__________________

(١) الآية «٥٢» الأعراف (٧).

(٢) الآية «١٠» المنافقون (٦٣).

(٣) الآية «٧٢» النساء (٤).

(٤) الآية «٣ و ٤» عبس (٨).

(٥) الآية «٣٦» فاطر (٣٥).

(٦) الآية «٣٦» البقرة (٢).

(٧) الآية «١٥٢» النساء (٤).

(٨) الآية «٣» الأعراف (٧).

(٩) الآية «١٥» القصص (٢٨).

(١٠) الآية «٥١ و ٥٢ و ٥٣» الواقعة (٥٦).


فَجاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ. فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ)(١) ونحو (فَالزَّاجِراتِ زَجْراً. فَالتَّالِياتِ ذِكْراً)(٢).

الفاء الفصيحة ـ هي التي يحذف فيها المعطوف عليه مع كونه سببا للمعطوف من غير تقدير حرف شرط.

وقيل : سميت فصيحة لأنها تفصح عن المحذوف وتفيد بيان سببيته قال الشاعر :

قالوا خراسان أقصى ما يراد بنا

ثمّ القفول فقد جئنا خراسانا

ومنه قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذابُ جَهَنَّمَ)(٣).

الفاعل ـ

١ ـ تعريفه :

هو اسم (٤) ، أو ما في تأويله ، أسند إليه فعل تام (٥) أو ما في تأويله ، مقدم عليه (٦) ، أصليّ المحل (٧) والصيغة (٨).

فالاسم نحو (تَبارَكَ اللهُ) *) و «تباركت يا الله» ومثله «أقوم» و «قم» إلّا أن الاسم ضمير مستتر ، والمؤوّل به نحو (أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنا)(٩)(أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ)(١٠) والفعل كما مثل ، ولا فرق بين المتصرّف ك «أتى» والجامد ك «نعم» ، والمؤوّل به ما يعمل عمله ويشمل الصفة (١١) والمصدر واسم الفعل والظرف وشبهه نحو (مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ) *) و «أحمد مستنير قلبه» و «هيهات العقيق».

٢ ـ أحكامه :

للفاعل سبعة أحكام :

(١) الرفع.

(٢) وقوعه بعد فعله أو ما في تأويله.

(٣) أنّه عمدة لا بدّ منه.

(٤) حذف فعله.

(٥) توحيد فعله مع تثنية الفاعل أو جمعه.

(٦) تأنيث فعله وجوبا ، وجوازا ، وامتناع تأنيثه.

__________________

(١) الآية «٢٦ و ٢٧» الذاريات (٥١).

(٢) الآية «٢ و ٣» الصافات (٣٧).

(٣) الآية «١٠» البروج (٨٥).

(٤) صريح ظاهر ، أو مضمر بارز أو مستتر.

(٥) متصرف أو جامد.

(٦) ليخرج نحو «محمد قام».

(٧) ليخرج «فاهم علي» فإن المسند وهو فاهم أصله التأخير.

(٨) ليخرج الفعل المبني للمجهول.

(٩) الآية «٥١» العنكبوت (٢٩).

(١٠) الآية «١٦» الحديد (٥٧).

(١١) والصفة : تشمل اسم الفاعل ، وأمثلة المبالغة ، والصفة المشبهة ، واسم التفضيل.


(٧) اتصاله بفعله وانفصاله.

وهاك فيما يلي تفصيلها :

(١) رفع الفاعل :

الأصل في الفاعل الرفع ، وقد يجر لفظا بإضافة المصدر نحو (وَلَوْ لا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ)(١) أو بإضافة اسم المصدر نحو قول عائشة (رض) : «من قبلة الرّجل ـ امرأته الوضوء» (٢) أو يجر ب «من» أو «الباء» أو «اللام» الزوائد ، نحو (أَنْ تَقُولُوا ما جاءَنا مِنْ بَشِيرٍ)(٣) أي ما جاءنا بشير (وَكَفى بِاللهِ شَهِيداً)(٤) أي كفى الله (هَيْهاتَ هَيْهاتَ لِما تُوعَدُونَ)(٥) أي هيهات ما توعدون.

(٢) وقوعه بعد فعله أو ما في تأويله : يجب أن يقع الفاعل بعد فعله ، أو ما في تأويل فعله (٦) ، فإن وجد ما ظاهره أنه فاعل تقدّم على المسند ، وجب تقدير الفاعل ضميرا مستترا ، والمقدّم إمّا مبتدأ في نحو «الثّمر نضج» (٧) ، وإمّا فاعل لفعل محذوف في نحو (وَإِنْ أَحَدٌ)(٨) مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ) (٩) لأنّ أداة الشّرط مختصّة بالجمل الفعليّة ، وجاز الابتداء والفاعليّة في (أَبَشَرٌ يَهْدُونَنا)(١٠) وفي (أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ)(١١) والأرجح الفاعليّة لفعل محذوف.

وعند الكوفيين يجوز تقديم الفاعل تمسكا بنحو قول الزّباء :

ما للجمال مشيها وئيدا

أجندلا يحملن أم حديدا

برفع «مشيها» على أنه فاعل ل «وئيدا» وهو ـ عند البصريين ـ ضرورة ، أو

__________________

(١) الآية «٢٥١» البقرة (٢).

(٢) القبلة : اسم مصدر قبل و «الرجل» فاعله وهو مجرور لفظا بالإضافة و «امرأته» مفعول به «الوضوء» مبتدأ مؤخر وخبره «من قبلة الرجل»

(٣) الآية «٢١» المائدة (٥).

(٤) الآية «٧٨» النساء (٤).

(٥) الآية «٣٦» المؤمنون (٢٣).

(٦) وهو المشتق الذي يطلب فاعلا أو نائبا عن الفاعل.

(٧) في «نضج» ضمير مستتر مرفوع على الفاعلية يعود على الثمر و «الثمر» مبتدأ

(٨) «أحد» فاعل فعل محذوف يفسره المذكور ، التقدير : وإن استجارك أحد استجارك.

(٩) الآية «٧» التوبة (٩).

(١٠) الآية «٦» التغابن (٦٤) و «بشر» يجوز أن يكون مبتدأ ، وسوغ الابتداء ، تقدم الاستفهام ويجوز أن يكون فاعلا بفعل محذوف يفسره يهدوننا.

(١١) الآية «٥٩» الواقعة (٥٦) ، و «أنتم» يجوز أن يكون مبتدأ ، ويجوز أن يكون فاعل فعل محذوف يفسره المذكور.


«مشيها» مبتدأ حذف خبره ، لسد الحال مسدّه ، أي : يظهر وئيدا.

(٣) الفاعل عمدة :

لا يستغني فعل عن فاعل ، فإن ظهر في اللفظ نحو «دخل المعلم» وإلّا فهو ضمير مستتر راجع إمّا إلى مذكور نحو «ابراهيم نجح» أو راجع لما دلّ عليه الفعل كالحديث «لا يزني الزّاني حين يزني وهو مؤمن ، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن» ففي «يشرب» ضمير مستتر مرفوع على الفاعليّة راجع إلى الشّارب الدّالّ عليه يشرب.

أو راجع لما دلّ عليه الكلام نحو (كَلَّا إِذا بَلَغَتِ التَّراقِيَ)(١) ففاعل «بلغت» ضمير راجع إلى الروح الدّال عليها سياق الكلام.

(٤) حذف فعله :

يجوز حذف فعل الفاعل ، إن أجيب به نفي كقولك «بلى عليّ» جوابا لمن قال «ما نجح أحد» ومنه قوله :

تجلّدت حتى قيل لم يعر قلبه

من الوجد شيء قلت بل أعظم الوجد (٢)

أو أجيب به استفهام محقّق. نحو «نعم خالد» جوابا لمن قال هل جاءك أحد؟» ومنه (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللهُ)(٣) أو مقدّر كقول ضرار بن نهشل يرثي أخاه يزيد :

ليبك يزيد ضارع لخصومة

ومختبط مما تطيح الطّوائح (٤)

ويجب حذف فعله إذا فسّر بعد الحروف المختصة بالفعل نحو (إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ)(٥).

(٥) توحيد فعله مع تثنية الفاعل وجمعه : يوحّد الفعل مع تثنية الفاعل وجمعه

__________________

(١) الآية «٢٦» القيامة (٧٥).

(٢) ف «أعظم الوجد» فاعل فعل محذوف دل عليه مدخول النفي ، والتقدير بل عراه أعظم الوجد ، و «تجلدت» من التجلد ، وهو التصبر ، «لم يعر» من عراه إذا غشيه.

(٣) الآية «٨٧» الزخرف (٤٣) ، فلفظ الجلالة فاعل بفعل محذوف دل عليه مدخول الاستفهام ، والتقدير : خلقنا الله.

(٤) ف «ضارع» فاعل فعل محذوف دل عليه مدخول الاستفهام المقدر ، كأنه قيل من يبكيه؟ فقيل : ضارع أي يبكيه ضارع ، هذا على رواية ليبك مجهولا ، ورواه الأصمعي بنصب يزيد ، وليبك معلوما ، فعلى هذا لا شاهد فيه ، وهذه الرواية أقرب إلى الصحيح.

(٥) الآية «١» الانشقاق (٨٤).


كما يوحّد مع إفراده نحو «زحف الجيش» و «تصالح الأخوان» و «فاز السّابقون» و «تعلّم بناتك» ومثله «أزاحف الجيش» «أفائز السّابقون» ، «أمتعلّم بناتك» ، ولغة توحيد الفعل هي الفصحى وبها جاء التنزيل ، قال تعالى (قالَ رَجُلانِ)(١)(وَقالَ الظَّالِمُونَ)(٢)(وَقالَ نِسْوَةٌ)(٣).

ولغة طيّئ وأزدشنوءة (٤) : موافقة الفعل لمرفوعه بالإفراد والتّثنية والجمع نحو «ضربوني قومك» و «ضربنني نسوتك» و «ضرباني أخواك» وقال أميّة :

يلومونني في اشتراء النّخي

ل أهلي فكلّهم ألوم (٥)

وقال أبو فراس الحمداني :

نتج الرّبيع محاسنا

ألقحنها غرّ السّحائب (٦)

والصحيح أنّ الألف والواو والنون في ذلك أحرف دلّوا بها على التّثنية والجمع تذكيرا وتأنيثا ، لا أنها ضمائر الفاعلين ، وما بعدها مبتدأ على التقديم والتأخير أو ما بعدها تابع على الإبدال من الضمير ، بدل كل من كلّ.

والصحيح أن هذه اللغة لا تمنع مع المفردين ، أو المفردات المتعاطفة بغير «أو» (٧).

(٦) تأنيث فعله وجوبا ، وجوازا ، وامتناع تأنيثه :

إن كان الفاعل مؤنّثا أنّث فعله بتاء ساكنة في آخر الماضي (٨) ، وبتاء المضارعة في أول المضارع.

ويجب هذا التّأنيث في ثلاث مسائل :

(إحداها) أن يكون الفاعل ضميرا متصلا لغائبة ، حقيقيّة التّأنيث أو مجازيّته (٩) ، فالحقيقية ك «فاطمة

__________________

(١) الآية «٢٥» المائدة (٥).

(٢) الآية «٨» الفرقان (٢٥).

(٣) الآية «٣٠» يوسف (١٢).

(٤) وهي المشهورة بلغة (أكلوني البراغيث).

(٥) «أهلي» فاعل يلومونني ، فألحق الفعل علامة الجمع مع أنه مسند إلى الظاهر.

(٦) غر جمع «غراء» مؤنث أغر بمعنى أبيض ، وهي فاعل «ألقحنها» وألحق به علامة جمع المؤنث وهي النون.

(٧) وذلك كقول عبد الله عبد الله بن قيس الرقيات يرثي مصعب بن الزبير :

تولى قتال المارقين بنفسه

وقد أسلماه مبعد وحميم

(٨) جامدا كان الفعل أو متصرفا ، تامّا أو ناقصا.

(٩) المراد بحقيقي التأنيث ما له آلة التأنيث والمجازي بخلافه.


تعلّمت أو تتعلّم» ، والمجازيّة نحو «الشّجرة أثمرت أو تثمر» (١).

ويجوز ترك تاء التّأنيث في الشّعر مع اتصال الضّمير إن كان التّأنيث مجازيّا كقول عامر الطائي :

فلا مزنة ودقت ودقها

ولا أرض أبقل إبقالها (٢)

ومثله قول الأعشى :

فإمّا تريني ولي لمّة

فإنّ الحوادث أودى بها (٣)

(الثانية) أن يكون الفاعل ظاهرا متّصلا ، حقيقيّ التّأنيث (٤) نحو (إِذْ قالَتِ امْرَأَتُ عِمْرانَ)(٥) ، وإنما جاز في فصيح الكلام نحو نعم المرأة» و «بئس المرأة» لأنّ المراد بالمرأة فيهما الجنس ، وسيأتي أن الجنس يجوز فيه الوجهان.

(الثّالثة) أن يكون ضمير جميع تكسير لمذكّر غير عاقل؟؟؟

بك ابتهجت ، أو ابتهجن أو ضمير جمع؟؟؟

لمؤنّث نحو؟؟؟

فرحت أو فرحن.

ويجوز التّأنيث في أربعة مواضع :

(أحدها) أن يكون الفاعل اسما ظاهرا مجازيّ التأنيث نحوا والشجرة أو أثمرت الشّجرة» ومثل (وجمع الشّمس والقمر). أو حقيقي التأنيث. وفصل من عدمية بعير إلّا نحو «سافر أو سافرت اليوم فاطمة ومنه قول الشّاعر :

إنّ امرءا غرّه منكنّ واحدة

بعدي وبعدك في الدنيا المغرور

ومنه قول العرب «حضر القاضي اليوم امرأة» والتّأنيث أكثر.

(الثاني) أن يكون جمع تكسير (٦)

__________________

(١) بخلاف الضمير المنفصل نحو «ما قام إلا هي» و «شجرة اللوز ما أثمر إلا هي» فتذكير الفعل واجب في النثر وجائز في الشعر وسيأتي في امتناع التأنيث.

(٢) القياس : أبقلت ، لأن الفاعل ضمير مؤنث متصل ، ولكنه حذف التاء للضرورة ، يصف الشاعر : سحابة وأرضا نافعتين ، و «المزنة» السحابة البيضاء و «ودق المطر» قطر و «أبقلت الأرض» خرج بقلها.

(٣) القياس : أودت لأن الفاعل ضمير متصل ، لكنه حذف التاء ضرورة و «اللمة» الشعر الذي يجاوز شحمة الأذن «أودى بها» أهلكها.

(٤) مفردا أو مثنى أو جمع مؤنث سالما.

(٥) الآية «٣٥» آل عمران (٣).

(٦) يعامل معاملة هذا الجمع : اسم الجمع ك «قوم» و «نساء» واسم الجنس ك «شجر» و «بقر».


لمؤنّث أو لمذكّر نحو «جاءت أو جاء الغلمان أو الجواري».

(الثالث) أن يكون ضمير جمع مكسّر عاقل نحو «الكتيبة حضرت أو حضروا».

(الرّابع) أن يكون الفعل من باب «نعم» نحو «نعم أو نعمت الفتاة هند» والتّأنيث أجود ـ هذا فيما علم مذكّره من مؤنّثه ، أما في غيره فيراعى اللفظ لعدم معرفة حال المعنى ك «برغوث ونملة» وكل ذلك في المؤنث الحقيقي.

أما المجازيّ فذو التاء مؤنّث جوازا ، والمجرّد مذكّر وجوبا إلّا إن سمع تأنيثه «كشمس وأرض وسماء».

ويمتنع التّأنيث في ثلاث صور :

(إحداها) أن يكون الفاعل مفصولا ب «إلّا» نحو «ما أقبل إلّا فاطمة» والتّأنيث خاصّ بالشعر كقوله :

ما برئت من ريبة وذمّ

في حربنا إلّا بنات العمّ

(ثانيها) أن يكون مذكّرا معنى فقط ، أو معنى ولفظا ، ظاهرا أو ضميرا ، نحو «اجتهد طلحة وعليّ ساعده».

(ثالثها) أن يكون جمع سلامة لمذكّر نحو (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ)(١).

(٧) اتصاله بفعله وانفصاله :

الأصل في الفاعل أن يتصل بفعله ، لأنّه كالجزء منه ، ثم يجيء المفعول ، وقد يعكس فيتقدّم المفعول ، وكلّ من ذلك جائز وواجب.

فأمّا جواز الأصل فنحو (وَوَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ)(٢).

وأمّا وجوب تقديم الفاعل ففي ثلاث مسائل :

«أ» أن يخشى اللّبس بأن يكون إعرابهما تقديريّا (٣) ، ولا قرينة ، نحو «أكرم موسى عيسى» و «كلّم هذا ذاك» فإن وجدت قرينة جاز نحو «أكل الكمّثرى موسى».

«ب» أن يكون الفاعل ضميرا غير محصور ، والمفعول ظاهرا أو ضميرا

__________________

(١) الآية «١» المؤمنون (٢٣).

(٢) الآية «١٦» النمل (٢٧).

(٣) ويشمل ذلك أن يكون الفاعل والمفعول مقصورين ، أو منقوصين أو إشارتين ، أو موصولين ، أو مضافين لياء المتكلم.


نحو «كلّمت عليّا» و «فهمته المسألة».

«ج» أن يحصر المفعول ب «إنما» نحو «إنما زرع زيد قمحا» أو ب «إلّا» (١) نحو «ما علّم عليّ إلّا أخاه» ، وأجاز الأكثرون (٢) تقديمه على الفاعل عند الحصر ب «إلّا» مستندين في ذلك إلى قول دعبل الخزاعي :

ولمّا أبى إلّا جماحا فؤاده

ولم يسل عن ليلى بمال ولا أهل (٣)

وإلى قول مجنون بني عامر :

تزوّدت من ليلى بتكليم ساعة

فما زاد إلّا ضعف ما بي كلامها (٤)

وأمّا جواز توسّط المفعول بين الفعل والفاعل فنحو (وَلَقَدْ جاءَ آلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ)(٥).

وأمّا وجوب التّوسط ففي ثلاث مسائل :

(إحداها) أن يتصل بالفاعل ضمير المفعول نحو (وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ)(٦)(يَوْمَ لا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ)(٧) ويجوز في الشّعر فقط تأخير المفعول نحو قول حسّان بن ثابت يمدح مطعم بن عدي :

ولو أنّ مجدا أخلد الدهر واحدا

من الناس أبقى مجده الدهر مطعما (٨)

(الثانية) أن يكون المفعول ضميرا ، والفاعل اسما ظاهرا ، نحو «أنقذني صديقي».

(الثّالثة) أن يكون الفاعل محصورا فيه ب «إنما» نحو (إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ)(٩) أو ب «إلّا» نحو «لا يزيد المحبّة إلّا المعروف».

أمّا تقديم المفعول على الفعل جوازا فنحو (فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ)(١٠).

__________________

(١) وهنا عند الكوفيين.

(٢) البصريون والكسائي والفراء.

(٣) فقدم المفعول المحصور ب «إلا» وهو «جماحا» على الفاعل وهو «فؤاده» والجماح هنا : الإسراع ، وجواب «لما» في البيت بعده : تسلى بأخرى.

(٤) قدم أيضا المفعول المحصور ب «إلا» وهو «ضعف» على الفاعل وهو «كلامها».

(٥) الآية «٤١» القمر (٥٤).

(٦) الآية «١٢٤» البقرة (٢).

(٧) الآية «٥٢» المؤمن (٤٠) ، وإنما وجب تقديم المفعول فيهما لئلا يعود الضمير على المفعول وهو متأخر لفظا ورتبة.

(٨) قدم الفاعل وهو «مجده» وفيه ضمير يعود على «مطعما» وهو مفعوله ، وعاد الضمير على متأخر لفظا ورتبة ، وهذا في الشعر جائز.

(٩) الآية «٢٨» فاطر (٣٥).

(١٠) الآية «٨٧» البقرة (٢).


وأمّا تقديم المفعول وجوبا ففي مسألتين :

(إحداهما) أن يكون له الصّدارة كأن يكون اسم استفهام نحو (فَأَيَّ آياتِ اللهِ تُنْكِرُونَ)(١).

(الثانية) أن يقع عامله بعد الفاء.

وليس له منصوب غيره مقدّم نحو (وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ)(٢)(فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ)(٣).

فصاعدا ـ تقول «لا أعترف عليه بدرهم فصاعدا» فالفاء لتزيين اللفظ.

وصاعدا حال

فضلا ـ من قولهم : «فلان لا يملك درهما فضلا عن دينار» ومعناه : لا يملك درهما ولا دينارا. وإنّ عدم ملكه للدينار أولى من عدم ملكه للدّرهم. وكأنه قال : لا يملك درهما فكيف يملك دينارا.

وإعرابها على وجهين :

أحدهما : أن يكون مصدرا بفعل محذوف وذلك الفعل نعت للنكرة.

الثاني : أن يكون حالا من معمول الفعل المذكور وهو «درهما» وإنما ساغ مجيء الحال منه مع كونه نكرة للمسوّغ وهو وقوع النكرة في سياق النفي ، ومثله «زيد لا يحفظ مسألة فضلا عن القدرة على التدريس».

فعال ـ هذا الوزن المبنيّ على الكسر والمفتوح الفاء نوعان :

(الأوّل) : أن يكون بمعنى الأمر وهو اسم فعل نحو «نزال» و «طلاع» أي انزل واطلع.

(الثاني) : أن يكون صفة سبّ للمؤنّث ويلزمه النّداء ولا يجوز تأنيثه نحو «يا فساق» و «يا فجار» أي يا فاسقة ويا فاجرة.

الفعل ـ

١ ـ تعريفه :

هو ما يدلّ على معنى مستقل بالفهم. والزّمن جزء منه.

٢ ـ علاماته :

ينجلي الفعل بأربع علامات :

إحداها : تاء الفاعل ، متكلّما كان ك «فهمت» أو مخاطبا نحو «تباركت» الثانية : تاء التّأنيث السّاكنة (٤)

__________________

(١) الآية «٨١» المؤمن (٤٠).

(٢) الآية «٣» المدثر (٧٤).

(٣) الآية «٩» الضحى (٩٣).

(٤) أما المتحركة حركة إعراب فتختص بالاسم ، والمتحركة حركة بناء فتدخل على الحرف في «لات» و «ربت» و «ثمة» وتكون في الاسم أيضا نحو «لا قوة».


ك «قامت وقعدت» (١).

الثالثة : ياء المخاطبة ك «قومي ، هاتي ، تعالي».

الرابعة : نون التوكيد ثقيلة أو خفيفة نحو (لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُوناً)(٢).

٣ ـ أنواعه :

أنواع الفعل ثلاثة : الماضي ، المضارع ، الأمر (ـ في حروفها).

فعل الشّرط وجوابه ـ (ـ جوازم المضارع ٣).

الفعل المبني للمجهول ـ (ـ النّائب عن الفاعل).

فوق ـ (ـ أوّل ودون وأسماء الجهات)

في ـ من حروف الجرّ ، وتجرّ الظّاهر والمضمر نحو (وَفِي الْأَرْضِ آياتٌ)(٣)(وَفِيها ما تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ)(٤) ولها عشرة معان أشهرها :

(١) الظّرفيّة الحقيقيّة ، مكانيّة كانت ، أو زمانيّة نحو (غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ)(٥). والمجازيّة نحو (وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ)(٦).

(٢) السّببيّة نحو (لَمَسَّكُمْ فِيما أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذابٌ عَظِيمٌ)(٧) أي بسبب ما خضتم فيه.

(٣) المصاحبة نحو (قالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ)(٨).

(٤) الاستعلاء نحو (وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ)(٩).

(٥) المقايسة ، وهي الواقعة بين مفضول سابق ، وفاضل لاحق.

نحو (فَما مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ)(١٠) أي بالقياس للآخرة.

(٦) أن تكون بمعنى الباء كقول زيد الخيل :

ويركب يوم الرّوع منّا فوارس

بصيرون في طعن الأباهر والكلى

الفينة ـ السّاعة والحين ، تقول «ألقاه الفينة بعد الفينة» و «فينة بعد فينة» وهي ـ كما ترى ـ ظرف زمان.

__________________

(١) بهاتين العلامتين ثبتت فعلية «ليس وعسى» خلافا لمن زعم حرفيتهما.

(٢) الآية «٣٢» يوسف (١٢).

(٣) الآية «٢٠» الذاريات (٥١).

(٤) الآية «٧١» الزخرف (٤٣).

(٥) الآية «٢ و ٣ و ٤» الروم (٣٠).

(٦) الآية «١٧٩» البقرة (٢).

(٧) الآية «١٤» النور (٢٤).

(٨) الآية «٣٧» الأعراف (٧).

(٩) الآية «٧١» طه (٢٠).

(١٠) الآية «٣٩» التوبة (٩).


باب القاف

قاطبة ـ قولهم «جاء القوم قاطبة» أي جميعا ، لا تستعمل إلّا حالا.

قبل وبعد ـ إعرابهما وبناؤهما : يجب إعراب «قبل وبعد» نصبا على الظّرفيّة أو خفضا ب «من» في ثلاث صور :

(١) أن يصرّح بالمضاف إليه نحو «زرتك قبل الغداء» و «بعد الفجر» و «جئتك من قبل الظّهر» و «من بعده».

(٢) أن يحذف المضاف إليه ، وينوى ثبوت لفظه فيبقى الإعراب وترك التّنوين كما لو ذكر المضاف إليه كقوله :

ومن قبل نادى كلّ مولى قرابة

فما عطفت مولى عليه العواطف

أي : ومن قبل ذلك ، وهما في هذين الوجهين معرفتان.

(٣) أن يحذف المضاف إليه ، ولا ينوى شيء ، فيبقى الإعراب ، ويرجع التنوين لزوال ما يعارضه في اللّفظ كقول عبد الله بن يعرب :

فساغ لي الشراب وكنت قبلا

أكاد أغصّ بالماء الفرات

وقوله :

ونحن قتلنا الأسد أسد خفيّة

فما شربوا بعدا على لذّة خمرا

وهما في هذه الحالة نكرتان لعدم الإضافة لفظا وتقديرا ، ولذلك نوّنا.

ويبنيان على الضم في حالة واحدة ، وهي ما إذا نوي معنى (١) المضاف إليه دون لفظه نحو (لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ)(٢) في القراءات السبع.

قد اسم الفعل ـ هي مرادفة ليكفي ، يقال : «قد خالدا درهم» و «قدني درهم» كما يقال «يكفي خالدا درهم».

قد الاسميّة ـ هي مرادفة ل «حسب» وهي على الأكثر مبنيّة على السّكون

__________________

(١) المراد بنية المعنى : أن نلاحظ المضاف إليه معبرا عنه بأي عبارة دون الالتفات إلى لفظ بعينه فإنه يلحظ المضاف إليه بعينه.

(٢) الآية «٤» الروم (٣٠).


يقال «قد زيد درهم» «وقدني درهم» بنون الوقاية حرصا على بقاء السّكون ، وقليلا ما تكون معربة يقال «قد زيد درهم» بالرفع كما يقال : «حسبه درهم» بغير نون ، كما يقال : حسبي.

قد الحرفيّة ـ تختص بالفعل المتصرف الخبري ، المثبت ، المجرّد من ناصب ، وجازم ، وحرف تنفيس ، وهي معه كالجزء ، فلا تفصل منه بشيء إلّا بالقسم كقول الشاعر :

أخالد قد ـ والله ـ أوطأت عشوة

وما العاشق المسكين فينا بسارق

وسمع : «قد ـ والله ـ أحسنت» ول «قد» خمسة معان :

(١) التوقّع وهو مع المضارع كقولك : «قد يقدم الغائب اليوم» وأمّا مع الماضي فتدخل منه على ماض متوقّع من ذلك قول المؤذّن «قد قامت الصّلاة» لأنّ الجماعة منتظرون ذلك.

(٢) تقريب الماضي من الحال تقول «أقبل العالم» فيحتمل الماضي القريب والبعيد ، فإذا قلت : «قد أقبل» اختصّ بالقريب ويبنى على إفادتها ذلك : أنها لا تدخل على «ليس وعسى ونعم وبئس» لأنّهنّ للحال.

(٣) التقليل ، نحو «قد يصدق الكذوب» وقد يكون التّقليل لمتعلّقه نحو قوله تعالى (قَدْ يَعْلَمُ ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ)(١) أي ما هم عليه هو أقل معلوماته سبحانه.

(٤) التّكثير كقول الهذلي :

قد أترك القرن مصفرّا أنامله

كأنّ أثوابه مجّت بفرصاد (٢)

من ذلك قوله تعالى (قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ)(٣).

(٥) التّحقيق ، نحو (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها)(٤) ومنه (قَدْ يَعْلَمُ ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ)(٥).

قرب ـ تقول «سكنت قرب المسجد» ف «قرب» مفعول فيه ظرف مكان منصوب.

__________________

(١) الآية «٦٤» النور (٢٤).

(٢) القرن : هو المقابل في الشجاعة ، الفرصاد : التوت.

(٣) الآية «١٤٤» البقرة (٢).

(٤) الآية «٩» الشمس (٩١).

(١) الآية «٦٤» النور (٢٤).


القسم ـ هو اليمين ، وله ثلاثة أحرف : الباء ، والواو ، والتاء (ـ في أحرفها)

قط ـ

(١) تأتي بمعنى «حسب» تقول «قط» زيد درهم» و «قطي» و «قطك» كما يقال «حسب زيد درهم» و «حسبي» و «حسبك» إلّا أنها مبنيّة لأنها موضوعة على حرفين ، وحسب معربة ، وقد تدخل عليه الفاء تزيينا للفظ فيقال «فقط» كأنّه جواب شرط محذوف.

(٢) وتأتي اسم فعل بمعنى يكفي يقال «قطني» كما يقال : يكفيني.

قطّ ـ بفتح القاف وتشديد الدّال مضمومة وتأتي ظرف زمان لاستغراق الزّمن الماضي وتختصّ بالنّفي ، يقال : «ما رأيته قطّ» وما يجري على الألسنة من قولهم : «لا أفعله قطّ» ـ لحن لأنها لا تستعمل في المستقبل.

قعد ـ «تعمل عمل كان» (ـ كان وأخواتها ٣ تعليق).

قلّما ـ مركّبة من «قلّ» الفعل الماضي و «ما» الكافّة الزائدة فكفّتها عن طلب فاعل ظاهر أو مضمر وأمكن دخولها على الفعل مباشرة ، و «ما» عوض عن الفاعل وقد تأتي «قلّ» و «قلّما» بمعنى النّفي والعدم.

القول ـ هو اللّفظ الدّالّ على معنى ، فهو أعمّ من الكلام والكلم والكلمة.

القول بمعنى الظّنّ ـ (ـ ظنّ وأخواتها)


باب الكاف

كائنا ما كان ـ كائنا اسم فاعل من كان التّامّة بمعنى حصل أو وجد و «ما» مصدريّة و «كان» تامّة أيضا ، و «ما» وما بعدها في تأويل المصدر في محلّ رفع فاعل بكائن.

وقيل : كائنا وكان ناقصتين و «ما» موصولة استعملت فيمن يعقل ، وفي «كائنا» ضمير هو اسمها و «ما» خبرها ، وفي «كان» ضمير يعود إلى «ما» وهو اسمها ، وخبرها محذوف ، التقدير : كائنا الشخص الذي هو إيّاه.

كاد ـ كلمة تدلّ على قرب الخبر ، وهي من النّواسخ تعمل عمل «كان» إلّا أنّ خبرها يجب أن يكون جملة فعليّة مشتملة على فعل مضارع رافع لضمير الاسم ويغلب في كاد أن تجرّد من «أن» نحو قوله تعالى (وَما كادُوا يَفْعَلُونَ)(١) وشذّ مجيء الخبر مفردا بعدها وذلك كقول تأبّط شرّا :

فأبت إلى فهم وما كدت آئبا

وكم مثلها فارقتها وهي تصفر (٢)

ويعمل منها الماضي والمضارع واسم الفاعل ، وعليه قول كثيّر عزّة :

أموت أسى يوم الرّجام وإنّني

يقينا لرهن بالذي أنا كائد (٣)

واستعمل مصدرها أيضا ، وقالوا في مصادرها «كاد كودا ومكادا ومكادة وكيدا».

__________________

(١) الآية «٧١» البقرة (٢) ، وجملة يفعلون خبر «كادوا» وهي جملة فعلية فيها مضارع ، فاعله واو الجماعة ، وهو ضمير الاسم الذي هو الواو من كاد.

(٢) خبر «كاد» «آئبا» وهي اسم فاعل من آب إذا رجع «فهم» اسم قبيلة الشاعر «تصفر» من صفر الطائر ، وأراد تتلهف على أخباري.

(٣) كائد اسم فاعل من كاد و «الرجام» اسم موضع ، وقيل الصواب : كابد بالباء الموحدة ولا شاهد فيه.


كاف الجرّ ـ

(١) وتختصّ بالظّاهر المطلق ، ولها أربعة معان :

الأوّل : التّشبيه ، وهو الأصل نحو «يوسف كالبدر».

الثاني : التّعليل نحو (وَاذْكُرُوهُ كَما هَداكُمْ)(١).

الثالث : التّوكيد ، وهي الزّائدة نحو (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ)(٢).

الرابع : الاستعلاء وهو قليل كقول رؤبة ، وقد سئل : كيف أصبحت؟ فقال : كخير أي على خير.

وقد تزاد «ما» بعد الكاف فيبقى عملها قليلا ، وذلك كقول عمرو بن برّاقة الهمداني :

وننصر مولانا ونعلم أنّه

كما الناس مجروم عليه وجارم

والأكثر أن تكفها «ما» عن العمل.

(٢) وقد تستعمل الكاف الجارّة اسما ، والصحيح أنّ اسميتها مخصوصة بالضرورة كقول العجاج :

بيض ثلاث كنعاج جمّ

يضحكن عن كالبرد المنهمّ (٣)

وأجازه كثيرون (٤) في الاختيار.

كاف الخطاب ـ هي حرف معنى لا محلّ له ، ومعناه الخطاب.

وتلحق اسم الإشارة للبعيد ، وتتصرّف تصرّف كاف الضّمير الاسميّة غالبا ، فتفتح للمخاطب وتكسر للمخاطبة ، وتتّصل بها علامة التّثنية والجمع فتقول : ذاك ، ذاك ، ذاكما ، ذاكم ، ذاكنّ.

وتلحق أيضا : الضمير المنفصل المنصوب في قولهم : «إيّاك ، إيّاك ، إيّاكما ، إيّاكم ، إيّاكنّ» (٥).

وتلحق أيضا : بعض أسماء الأفعال نحو «حيهلك» و «رويدك».

وتلحق : أرأيت بمعنى أخبرني نحو (أَرَأَيْتَكَ هذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ)(٦)

__________________

(١) الآية «١٩٨» البقرة (٢).

(٢) الآية «١١» الشورى (٤٢).

(٣) النعاج : بقر الوحش «الجم» جمع جمّاء ، وهي التي لا قرن لها ، «البرد» المطر المنجمد ، «المنهم» الذائب ، فالشاهد فيه : الكاف في «كالبرد» اسم بدليل دخول عن عليها.

(٤) منهم الفارسي وابن مالك.

(٥) رأى كثير من النحاة أن «إيا» هي الضمير والكاف حرف خطاب وهناك رأي أن «إياك» كلها ضمير وهو رأي جيد.

(٦) الآية «٦٢» الإسراء (١٧).


كاف الضّمير ـ هي من الضّمائر البارزة المتّصلة.

وتأتي في محلّ نصب ومحلّ جرّ ، فالأوّل إذا اتّصلت بالفعل أو بأحد أخوات «إنّ».

والثّاني إذا اتّصلت باسم فتكون في محلّ جرّ بالإضافة.

كافّة ـ يقال «جاء النّاس كافّة» أي كلّهم ولا يدخلها «أل» ولا تضاف ، ولا تكون إلّا منصوبة على الحال نصبا لازما نحو قوله تعالى (وَقاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَما يُقاتِلُونَكُمْ كَافَّةً)(١) ونحو (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً)(٢).

ويقول النّووي (٣) : وأمّا ما يقع في كثير من كتب المصنّفين من استعمالها مضافة ، وبالتعريف كقولهم : «هذا قول كافّة العلماء» ، و «مذهب الكافّة» فهو خطأ معدود في لحن العوامّ وتحريفهم.

كان الزّائدة ـ (ـ كان وأخواتها ١٢)

كان وأخواتها ـ

١ ـ تعريفها :

هي أفعال ناقصة لا يتمّ بها مع مرفوعها كلام.

٢ ـ حكمها :

ترفع المبتدأ غير الّلازم للتّصدير (٤) تشبيها بالفاعل ويسمّى اسمها.

وتنصب خبره (٥) تشبيها بالمفعول ويسمّى خبرها.

٣ ـ أقسامها : ثلاثة :

(أحدها) ما يعمل هذا العمل مطلقا وهي ثمانية «كان ، أمسى ، أصبح ، أضحى ، ظلّ ، بات ، صار (٦) ،

ليس (ـ كل كلمة في حرفها).

__________________

(١) الآية «٣٧» التوبة (٩).

(٢) الآية «٢٨» سبأ (٣٤).

(٣) شرح مسلم ح ١٣ / ١٤٢.

(٤) كأسماء الاستفهام إلا ضمير الشأن.

(٥) غير الطلبي والإنشائي.

(٦) ومثل «صار» في العمل ما وافقها في المعنى من الأفعال ، وذلك عشرة ، وهي : آض ، رجع ، عاد ، استحال ، قعد ، حار ، ارتد ، تحول ، غدا ، راح. ففي الحديث «لا ترجعوا بعدي كفارا» وفي القرآن الكريم ((فَارْتَدَّ بَصِيراً)) وقول الشاعر :

وكان مضلي من هديت برشده

فلله مقو عاد بالرشد آمرا

وفي الحديث : «فاستحالت غربا» أي دلو ـ ـ عظيمة ، ومن كلام العرب «أرهف شفرته حتى قعدت كأنها حربة» ، ويرى ابن الحاجب أنه لا يطرد عمل «قعد» هذا العمل إلا إذا كان الخبر مصدرا ب «كأن» ، وقال تعالى ((أَلْقاهُ عَلى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيراً)) وقال امرؤ القيس :

وبدلت قرحا داميا بعد صحة

فيا لك من نعمى تحولن أبؤسا

وفي الحديث «لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا وتروح بطانا».

هذا وقد استعمل كان وظل وأضحى وأصبح وأمسى بمعنى «صار» كثيرا نحو (وَفُتِحَتِ السَّماءُ فَكانَتْ أَبْواباً وَسُيِّرَتِ الْجِبالُ فَكانَتْ سَراباً) ، ونحو (ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ) وقوله :

ثم أضحوا كأنهم ورق جف

ف فألوت به الصّبا والدّبور


(الثاني) ما يعمل عمل كان بشرط أن يتقدّمه نفي ، أو نهي ، أو دعاء ، وهو أربعة : «زال وبرح وفتئ وانفكّ» (ـ أحرفها).

(الثالث) ما يعمل هذا العمل بشرط تقدّم «ما» المصدرية الظّرفيّة وهو «دام» خاصة (ـ ما دام).

٤ ـ تصرّفها وعدمه :

هذه الأفعال الناقصة في التصرّف وعدمه ثلاثة أقسام :

(الأوّل) ما لا يتصرف بحال وهو «ليس ودام» (١).

(الثاني) ما يتصرّف تصرّفا ناقصا وهو «زال ، وفتئ ، وبرح ، وانفكّ» فإنها لا يستعمل منها أمر ، ولا مصدر.

(الثّالث) ما يتصرّف تصرّفا تامّا وهو الباقي.

وللتّصاريف في هذين القسمين المتصرف تصرّفا تامّا ، وناقصا ما للماضي من العمل فالمضارع نحو (وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا)(٢) والأمر نحو (قُلْ كُونُوا حِجارَةً)(٣) والمصدر كقوله :

ببذل وحلم ساد في قومه الفتى

وكونك إيّاه عليك يسير (٤)

واسم الفاعل كقوله :

__________________

(١) أما يدوم ودم ودائم ودوام فمن تصرفات التامة ، وهذا عند الفراء وكثير من المتأخرين ، أما الأقدمون فقد أثبتوا لها مضارعا.

(٢) الآية «١٩» مريم (١٩).

(٣) الآية «٥٠» الإسراء (١٧).

(٤) «كونك» مبتدأ وهو مصدر مضاف إلى اسمه وهو كاف الضمير للمخاطب و «إياه» خبره من جهة نقصانه و «عليك» متعلق بيسير وجملة «يسير» خبره من جهة أنه مبتدأ.


وما كلّ من يبدي البشاشة كائنا

أخاك إذا لم تلفه لك منجدا (١)

٥ ـ توسّط أخبارهنّ :

وتوسّط أخبار ـ كان وأخواتها ـ بينهنّ وبين أسمائهنّ جائز ، قال الله تعالى (وَكانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ)(٢)(لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ)(٣) وقال الشّاعر :

لا طيب للعيش ما دامت منغّصة

لذّاته بادّكار الموت والهرم (٤)

وقال الآخر :

ما دام حافظ سرّي من وثقت به

فهو الذي لست عنه راغبا أبدا

إلّا أن يمنع من جواز التّوسّط مانع كحصر الخبر ، نحو (وما كان صلاتهم عند البيت إلّا مكاء) وكخفاء إعرابهما نحو «كان موسى فتاك».

وقد يكون التّوسّط واجبا نحو «كان في الدّار ساكنها» ولو لم يتقدّم الخبر على الاسم هنا لعاد الضمير على متأخر لفظا ورتبة.

فتحصّل أنّ للتّوسّط ثلاثة أقسام : قسم يجوز ، وقسم يمتنع ، وقسم يجب.

٦ ـ تقديم أخبارهنّ عليهنّ :

يجوز تقديم أخبار ـ كان وأخواتها ـ عليهنّ ، إلّا ما وجب في عمله تقدم نفي أو شبهه ك «زال ، برح ، فتئ ، انفكّ» وإلّا «دام وليس» تقول : «برّا كان عليّ» و «صائما أصبح خالد» ، ولا تقول : «صائما ما زال عليّ» ولا «قائما» ليس محمّد».

٧ ـ جواز توسّط الخبر بين «ما» والمنفي بها :

إذا نفي الفعل ب «ما» النّافية جاز توسّط الخبر بين «ما» والمنفي بها مطلقا أي سواء كان النّفي شرطا في العمل أم لا نحو «ما مقصّرا كان صديقك» ونحو «وما صائما زال عليّ».

__________________

(١) «كائنا» خبر «ما» الحجازية واسمه مستتر فيه و «أخاك» خبره.

(٢) الآية «٤٧» الروم (٣٠).

(٣) الآية «١٧٧» البقرة (٢).

(٤) «منغصة» خبر دام مقدم ، و «لذاته» ، اسمها مؤخر ، ويجوز أن يقال : «لذاته» نائب عن الفاعل بمنغصة ، واسم دام مستتر فيها على طريق التنازع في السببي المرفوع.


٨ ـ امتناع تقديم أخبار الجميع على «ما» :

يمتنع تقديم أخبار الجميع على «ما» (١) سواء أكانت لازمة كما في «دام وزال» وأخواتها ، أم جائزة فلا تقول : «صائما ما أصبح عليّ» ولا «زائرا لك ما زلت» و «أزورك مخلصا ما دمت» و «قائما ما كان علي».

٩ ـ امتناع أن يلي هذه الأفعال معمول خبرها إلّا الظرف والجارّ والمجرور :

لا يجوز أن يلي الأفعال النّاقصة معمول خبرها إلّا إذا كان ظرفا أو جارا ومجرورا سواء أتقدّم الخبر على الاسم أم لا (٢) ، فلا تقول : «كان إيّاك علي مكرما» ولا «كان إيّاك مكرما علي» وتقول باتفاق النحاة «كان عندك علي جالسا» و «كان في البيت أخوك نائما».

١٠ ـ زيادة الباء في الخبر :

تزاد الباء بكثرة في خبر «ليس» نحو (أَلَيْسَ اللهُ بِكافٍ عَبْدَهُ)(٣).

وقد تزاد بقلة بخبر كلّ ناسخ منفيّ كقول الشّنفرى :

وإن مدّت الأيدي إلى الزّاد لم أكن

بأعجلهم إذ أجشع القوم أعجل

١١ ـ استعمال هذه الأفعال تامّة : قد تستعمل هذه الأفعال النّاقصة

__________________

(١) يفهم من هذا انه إذا كان النفي بغير «ما» يجوز التقديم نحو «دارسا لم يزل بكر» و «كسولا لم يكن عمرو».

(٢) جمهور البصريين يمنعون مطلقا إلا في الظرف والمجرور لما في ذلك من الفصل بينها وبين اسمها بأجنبي منها ، والكوفيون يجيزون مطلقا ، لأن معمول معمولها في معنى معمولها. وفصل ابن السراج والفارسي البصريان فأجازه إن تقدم الخبر معه ، نحو «كان طعامك آكلا زيد» لأن المعمول من كمال الخبر ، ومنعوه إن تقدم ـ ـ وحده نحو «كان طعامك زيد آكلا» إذ لا يفصل بين الفعل ومرفوعه بأجنبي ، واحتج الكوفيون بنحو قول الفرزدق :

قنافذ هداجون حول بيوتهم

بما كان إياهم عطية عودا

ووجه الحجة أن «إياهم» معمول عود ، وعود خبر كان ، فقد ولي «كان» معمول خبرها وليس ظرفا ولا جارا ومجرورا. و «هداجون» من الهدجان وهي مشية الشيخ و «عطية» أبو جرير. وخرج هذا البيت على زيادة «كان» أو أن اسمها ضمير الشأن ، و «عطية» مبتدأ و «عود» الجملة خبر.

(٣) الآية «٣٦» الزمر (٣٩).


تامّة فتكتفي بمرفوعها (١) عن منصوبها نحو (وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ)(٢) أي وإن وجد أو إن حصل ذو عسرة ومثلها أخواتها (ـ في حروفها)

١٢ ـ زيادة «كان» :

ل «كان» أمور تختصّ بها ، منها جواز زيادتها بشرطين :

(أحدهما) كونها بلفظ الماضي وشذّ قول أمّ عقيل بن أبي طالب وهي ترقصه :

أنت تكون ماجد نبيل

إذا تهبّ شمأل بليل (٣)

(الثاني) كونها بين شيئين متلازمين ، ليسا جارّا ومجرورا (٤).

نحو «ما كان أحسن زيدا» ، فزاد «كان» بين «ما» التّعجّبيّة وفعلها ، وقول بعضهم «لم يوجد كان مثلهم» فزاد «كان» بين الفعل ونائب الفاعل تأكيدا للمضي وشذّ زيادتها بين الجارّ والمجرور في قول الشّاعر :

جياد بني أبي بكر تسامى

على كان المسوّمة العراب (٥)

وليس من زيادتها قول الفرزدق يمدح هشام بن عبد الملك :

فكيف إذا مررت بدار قوم

وجيران لنا كانوا كرام (٦)

لرفعها الضمير وهو الواو ، والزّائد

__________________

(١) اكتفاء «كان وأخواتها» بمرفوعها جعلها تامة ، وعدم اكتفائها بمرفوعها جعلها ناقصة ، هذا هو رأي ابن مالك ، وتبعه ابن هشام في توضيحه ، أما مذهب سيبويه وأكثر البصريين فإن معنى تمامها دلالتها على الحدث والزمان ، ومعنى نقصانها : عدم دلالتها على الحدث ، وتجردها للدلالة على الزمان.

(٢) الآية «٢٨٠» البقرة (٢).

(٣) «أنت» مبتدأ و «ماجد» خبره و «تكون» زائدة بين المبتدأ والخبر.

(٤) ليس المراد بزيادة «كان» أنها لا تدل على معنى ألبته ، بل أنها لم يؤت بها للاسناد ، وإلا فهي دالة على المضي ، ولذلك كثر زيادتها بين «ما» التعجبية وفعل التعجب لكونه سلب الدلالة على المضي.

(٥) أنشده الفراء فزاد «كان» بين الجار والمجرور وهما كالشيء الواحد.

(٦) «كانوا» هنا ليست زائدة بل هي ناقصة ، والواو اسمها ، و «لنا» خبرها ، والجملة في موضع الصفة لجيران ، و «كرام» صفة بعد صفة.


لا يعمل شيئا ، خلافا لمن ذهب (١) إلى زيادتها في البيت.

١٣ ـ حذف «كان» :

قد تحذف «كان» وذلك على أربعة أوجه : «أحدها» أن تحذف مع اسمها ويبقى الخبر ، وكثر ذلك بعد «إن ولو» الشّرطيتين ، فمثال «إن» «سر مسرعا إن راكبا وإن ماشيا» التّقدير : إن كنت راكبا ، وإن كنت ماشيا ، وقول ليلى الأخيلية :

لا تقربنّ الدهر آل مطرّف

إن ظالما أبدا وإن مظلوما

أي إن كنت ظالما ، وإن كنت مظلوما ، ومثله قولهم «النّاس مجزيّون بأعمالهم إن خيرا فخير ، وإن شرّا فشر» (٢) أي إن كان عملهم خيرا فجزاؤهم خير.

ومثال «لو» قوله «صلى‌الله‌عليه‌وسلم» «التمس ولو خاتما من حديد» أي التمس شيئا ، ولو كان الملتمس خاتما من حديد ، وقول الشاعر :

لا يأمن الدهر ذو بغي ولو ملكا

جنوده ضاق عنها السهل والجبل

أي ولو كان صاحب البغي ملكا ذا جنود كثيرة ، وتقول «ألا طعام ولو تمرا» (٣).

ويقلّ الحذف المذكور بدون «إن ولو» أنشد سيبويه :

من لد شولا فإلى إتلائها (٤)

(الثاني) أن تحذف «كان» مع خبرها ويبقى الاسم وهو ضعيف ، ولهذا ضعّف «ولو خاتم» و «إن خير» في المثالين المتقدمين.

__________________

(١) وهما سيبويه والخليل.

(٢) ويجوز : «إن خير فخيرا» بتقدير : إن كان في عملهم خير ، فيجزون خيرا ، ويجوز نصبهما معا بتقدير : إن كان عملهم خيرا ، فيجزون خيرا ، ورفعهما معا بتقدير : إن كان في عملهم خير فجزاؤهم خير ، والوجه الأرجح الأول ـ حذف كان مع اسمها ، والثاني ـ رفع الأول ونصب الثاني ـ أضعفها ، والأخيران متوسطان.

(٣) فيما إذا كان ما بعد «لو» مندرجا فيما قبلها ، فالطعام هنا أعم من التمر ، وجوز سيبويه في مثل هذا الرفع بتقدير : ولو يكون عندنا تمر.

(٤) هذا من الرجز المشطور ، وهو مثل المثل بين العرب ، وقوله «من لد» أصله من لدن «شولا» قيل هي مصدر شالت الناقة بذنبها أي رفعته فهي شائل والجمع شوّل كركع ، والتقدير من لدن شالت شولا ، وقال سيبويه : التقدير من لدن أن كانت شولا ، الشاهد فيه : حذف كان بعد لدن ، وهو قليل.


(الثالث) أن تحذف وحدها ، وكثر ذلك بعد «أن المصدريّة» الواقعة في موضع المفعول لأجله ، في كلّ موضع أريد به تعليل فعل بفعل في مثل قولهم «أمّا أنت منطلقا انطلقت» أصله «انطلقت لأن كنت منطلقا» ثمّ قدّمت اللّام التّعليليّة وما بعدها على «انطلقت» للاختصاص ، أو للاهتمام بالفعل فصار «لأن كنت منطلقا انطلقت» ، ثمّ حذفت اللّام الجارّة اختصارا ، ثمّ حذفت «كان» لذلك فانفصل الضّمير الذي هو اسم كان فصار «أن أنت منطلقا» ثمّ زيدت «ما» للتعويض من «كان» وأدغمت النون من «أن» في الميم من «ما» فصار «أما أنت» وعلى ذلك قول العباس بن مرداس :

أبا خراشة أمّا أنت ذا نفر

فإنّ قومي لم تأكلهم الضّبع (١)

أي : لأن كنت ذا نفر فخرت ، وهو متعلّق الجار.

وقلّ حذف «كان» وحدها بدون «أن» المصدريّة كقول الرّاعي :

أزمان قومي والجماعة كالذي

لزم الرّحالة أن تميل مميلا

قال سيبويه : أراد أزمان كان قومي مع الجماعة.

(الرابع) أن تحذف مع معموليها.

وذلك بعد «إن» الشرطية نحو «ساعد أخاك إما لا» أي إن كنت لا تساعد غيره ، ف «ما» عوض عن «كان واسمها» وأدغمت نون «إن» فيها ، و «لا» هي النافية للخبر.

١٤ ـ حذف نون «يكون» :

يجوز حذف نون المضارع من «كان» بشرط كونه مجزوما بالسّكون ، غير متّصل بضمير نصب ، ولا بساكن نحو (وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضاعِفْها)(٢) فلا تحذف في نحو (مَنْ تَكُونُ لَهُ

__________________

(١) «أبا خراشة» منادى ، وهي كنية شاعر اسمه «خفاف بن ندبة» ، «النفر» هنا الرهط ، «الضبع» السنين المجدبة ، وفي قوله «الضبع» تورية. وذهب الكوفيون إلى أن «أن» المفتوحة هنا شرطية ، ولذلك دخلت الفاء في جوابها ، ومعنى المثال المذكور عندهم : «إن كنت منطلقا انطلقت معك».

(٢) الآية «٣٩» النساء (٤) و «تك» أصلها «تكون» بالرفع ، حذفت الضمة للجازم ، والواو لالتقاء الساكنين والنون للتخفيف ، ووقع ذلك في التنزيل في ثمانية عشر موضعا.


عاقِبَةُ الدَّارِ)(١)(وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِياءُ فِي الْأَرْضِ)(٢) لانتفاء الجزم ، لأنّ الأوّل مرفوع والثّاني منصوب ، ولا في نحو (وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْماً صالِحِينَ)(٣) لأنّ جزمه بحذف النون ، ولا في نحو «إن يكنه فلن تسلّط عليه» لاتصاله بالضّمير (٤) المنصوب ، ولا في نحو «لم يكن الله ليغفر لهم» لاتصاله بالساكن ، وشذّ قول الخنجر بن صخر الأسدي :

فإن لم تك المرآة أبدت وسامة

فقد أبدت المرآة جبهة ضيغم (٥)

كأنّ ـ هي للتّشبيه المؤكّد (٦) ، وهي من أخوات «إنّ» وأحكامها كأحكامها.

وقد تدخل عليها «ما» الزائدة فتكفّها عن العمل وتهيّئها للدّخول على الجمل الفعليّة نحو :

(كَأَنَّما يُساقُونَ إِلَى الْمَوْتِ)(٧).

(ـ إنّ وأخواتها).

كأن ـ مخفّفة من «كأنّ» ولا يختلف عملها عن المشدّدة ويجوز إثبات اسمها ، وإفراد خبرها كقول رؤبة :

كأن وريديه رشاء خلّب (٨)

وكقول باغث بن صريم اليشكري :

ويوما توافينا بوجه مقسّم

كأن ظبية تعطو إلى وارق السّلم (٩)

ويجوز حذف اسمها ، وإذا حذف الاسم وكان الخبر جملة اسميّة لم

__________________

(١) الآية «١٣٥» الأنعام (٦).

(٢) الآية «٧٨» يونس (١٠).

(٣) الآية «٩» يوسف (١٢).

(٤) لأن الضمائر ترد الأشياء إلى أصولها.

(٥) حذف النون مع ملاقاة الساكن ، وهذا الشرط خالف فيه يونس بن حبيب فأجاز الحذف معه متمسكا بهذا البيت ونحوه ، والجمهور حملوا هذا البيت وغيره على الضرورة و «الوسامة» الحسن والجمال ، فكأنه نظر وجهه في المرآة فلما لم يره حسنا تسلى بأنه يشبه «الضيغم» وهو الأسد.

(٦) لأنها مركبة من الكاف المفيدة للتشبيه وأن الدالة على التوكيد.

(٧) الآية «٦» الأنفال (٨).

(٨) الوريدان : عرقان في الرقبة وهو اسم «كأن» والرشاء : الحبل وهو خبرها. الخلب : الليف ، ورواية هذا الشطر باللسان هكذا «كأن وريداه رشاءا خلب» قال : ويروى : وريديه على إعمال «كأن».

(٩) يروى برفع ظبية على حذف الاسم أي كأنها وبالنصب على حذف الخبر ، أي كأن مكانها ظبية ، وبالجر على الأصل «كظبية» وزيدت «إن» بينهما.


يحتج إلى فاصل كقول الشّاعر :

ووجه مشرق اللّون

كأن ثدياه حقّان (١)

وإن كان جملة فعليّة فصلت ب «لم» أو «قد» نحو (فَجَعَلْناها حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ)(٢) ونحو قول الشّاعر :

لا يهولنّك اصطلاء لظى الحر

ب فمحذورها كأن قد ألمّا (٣)

كأيّ ـ اسم مركّب من كاف التّشبيه و «أيّ» المنونة وجاز الوقف عليها بالنّون ولهذا رسم في المصحف بالنون وهي بمعنى «كم» وتوافقها في خمسة أمور : الإبهام ، والافتقار إلى التمييز ، والبناء ، ولزوم التّصدير ، وإفادة التكثير وهو الغالب نحو (وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ)(٤) وتخالفها في خمسة أمور :

أحدها : أنّها مركّبة ، وكم بسيطة.

الثاني : أنّ مميّزها مجرور ب «من» غالبا (٥) كما مرّ في الآية.

ومثلها (وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا)(٦).

الثالث : أنها لا تقع استفهاميّة عند الجمهور (٧).

الرابع : أنها لا تقع مجرورة.

الخامس : أنّ خبرها لا يقع مفردا بل جملة كما مرّ في الآيات.

كثيرا ـ من قوله تعالى (وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيراً)(٨) : إمّا أنها صفة لموصوف محذوف ، أو نائبة عن المصدر فتعرب إعرابه.

كخ كخ ـ تكسر الكاف وتفتح ، وتسكّن الخاء وتكسر ، بتنوين وغير تنوين

__________________

(١) «ثدياه حقان» مبتدأ وخبر في موضع رفع خبر «كأن» واسمها ضمير الشأن محذوف.

(٢) الآية «٢٤» يونس (١٠).

(٣) الهول : الفزع. لظى الحرب : نارها ، «اصطلاؤها» لذعها. ألم : نزل.

(٤) الآية «١٤٦» آل عمران (٣).

(٥) وقد ينصب تمييزها كقول الشاعر :

اطرد اليأس بالرجاء فكائن

آلما حم يسره بعد عسر

فكائن هنا مثل كأي.

(٦) الآية «٦٠» العنكبوت (٢٩).

(٧) وأثبت بعضهم ورودها للاستفهام وهو نادر ولم يثبته إلا ابن قتيبة وابن عصفور وابن مالك واستدل عليه بقول أبي بن كعب لابن مسعود رضي‌الله‌عنهما «كأي تقرأ سورة الأحزاب آية؟».

فقال : ثلاثا وسبعين.

(٨) الآية «١٠» الجمعة (٦٢).


وهي اسم صوت لزجر الصّبيّ وردعه ، ويقال عند التقذّر أيضا ، ففي الحديث «أكل الحسن أو الحسين تمرة من تمر الصّدقة فقال له النّبيّ عليه الصلاة والسّلام : كخ كخ.

كذا وكذا ـ

١ ـ كنايتها عن العدد :

يكنى ب «كذا» عن العدد المبهم قليله وكثيره.

٢ ـ توافقها مع «كأين» وتخالفها :

توافق «كذا» «كأين» في التركيب ، فإنها مركّبة من كاف التّشبيه و «ذا» الإشاريّة ، والبناء ، والإبهام ، والافتقار إلى التمييز بمفرد.

وتخالفها في أنّه يجب في تمييزها النصب ، وأنها ليس لها الصدر ، فلذلك تقول : «قبضت كذا وكذا درهما» وأنها لا تستعمل غالبا إلّا معطوفا عليها كقوله :

عد النّفس نعمى بعد بؤساك ذاكرا

كذا وكذا لطفا به نسي الجهد (١)

كرب ـ كلمة تدلّ على قرب الخير ، وتعمل عمل كان ، إلّا أنّ خبرها يجب أن يكون جملة فعليّة مشتملة على فعل مضارع رافع لضمير الاسم ويغلب فيه أن يتجرّد من «أن» كقول الشّاعر :

كرب القلب من جواه يذوب

حين قال الوشاة هند غضوب

ويعمل من «كرب» الماضي واسم الفاعل كقول عبد قيس بن خفاف البرجمي :

أبنيّ إنّ أباك كارب يومه

فإذا دعيت إلى المكارم فاعجل (٢)

(ـ أفعال المقاربة).

كرين ـ مفردها «كرة» وهي كل مستدير ، وكرين : ملحق بجمع المذكر السالم ، يعرب بالواو والنون أو الياء والنون ، يقول عمرو بن كلثوم :

يدهدين الرّؤوس كما يدهدي

حزاورة بأيديها الكرينا (٣)

__________________

(١) النعمى : النعمة ، البؤسى : الشدة ، الجهد : بالفتح الطاقة ، وبالضم. المشقة.

(٢) «كارب» اسم فاعل من «كرب» واسمه مستتر فيه وخبره محذوف ، وجزم الجوهري في الصحاح : أن كاربا في البيت اسم فاعل كرب التامة من نحو قولهم «كرب الشتاء» إذا قرب.

(٣) يدهدين : ماضيها : دهدى يقال : دهدى الحجر : دحرجه ، الحزاورة : مفردها : حزوّر : وهو الغلام القوي.


كسا ـ فعل ماض ينصب مفعولين ليس أصلهما المبتدأ والخبر (ـ أعطى وأخواتها).

كلّ ـ

١ ـ تعريفها :

اسم وضع لاستغراق الأفراد أو أجزاء الأفراد ، منكّرة نحو (كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ)(١) أو معرّفة نحو (وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَرْداً)(٢) ومثال أجزاء الأفراد «كلّ خالد مبارك» و «أكلت كلّ الرّغيف»

٢ ـ أوجه إعرابها :

لإعرابها ثلاثة أوجه :

(أحدها) أن تكون توكيدا لمعرفة أو نكرة ، وفائدتها في ذلك العموم ، وتجب في هذه الحال إضافتها إلى اسم مضمر راجع إلى المؤكّد ، نحو (فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ)(٣) وقد يخلف الضّمير الظاهر (٤) كقول عمر بن أبي ربيعة :

كم قد ذكرتك لو أجزى بذكركم

يا أشبه النّاس كلّ الناس بالقمر

ومن توكيد النكرة ب «كل» قول العرجي :

نلبث حولا كاملا كلّه

لا نلتقي إلّا على منهج

(الثاني) أن يكون نعتا لنكرة أو معرفة فتدلّ على كماله ، وتجب إضافتها إلى اسم ظاهر يماثله لفظا ومعنى نحو قول الأشهب بن زميلة :

وإنّ الّذي حانت (٥) بفلج دماؤهم

هم القوم كلّ القوم يا أمّ خالد

(الثالث) أن تكون تالية للعوامل ولو كانت معنوية فتكون مضافة إلى الظّاهر نحو (كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ)(٦) وغير مضافة نحو (وَكُلًّا ضَرَبْنا لَهُ الْأَمْثالَ)(٧) وَكُلًّا تَبَّرْنا تَتْبِيراً) (٨) ، ومن هذا : نيابتها عن المصدر ، فتكون منصوبة على أنها

__________________

(١) الآية «١٨٥» آل عمران (٣).

(٢) الآية «٩٦» مريم (١٩).

(٣) الآية «٣٠» الحجر (١٥).

(٤) كما يقول ابن مالك.

(٥) حانت من الحين وهو الهلاك.

(٦) الآية «٣٨» المدثر (٧٤).

(٧) ف «كلا» مفعول به لفعل محذوف يدل عليه ضربنا أي أرشدنا كلا أو وعظنا.

(٨) الآية «٣٩» الفرقان (٢٥).


مفعول مطلق نحو (فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ)(١) ، ومنه : إضافتها إلى الظرف فتنصب على أنها مفعول فيه نحو «سرت كلّ اللّيل».

٣ ـ أوجه الإضافة فيها :

هي ثلاثة أيضا :

(الأوّل) أن تضاف إلى الظّاهر ، وحكمها : أن يعمل فيها جميع العوامل نحو «أكرمت كلّ أهل البلد».

(الثاني) أن تضاف إلى ضمير محذوف وحكمها كالتي قبلها ، وكلاهما يمتنع التّأكيد به كالآية قبلها (وَكُلًّا ضَرَبْنا لَهُ الْأَمْثالَ) ، والتّقدير : وكل إنسان لأنّ التنوين فيها عوض عن المضاف إليه.

(الثالث) أن تضاف إلى ضمير ملفوظ به ، وحكمها أن تكون مؤكّدة ، فإن خرجت عن التّوكيد فالغالب أن لا يعمل فيها إلّا الابتداء نحو (وكلهم آتيه).

٤ ـ لفظ كل :

لفظ «كل» حكمه الإفراد والتّذكير ، ومعناه بحسب ما يضاف إليه ، فإن كانت مضافا إلى منكّر وجب مراعاة معناه (٢) ، فلذلك جاء الضّمير مفردا مذكرا في نحو (وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ)(٣) ، وفي نحو قول كعب بن زهير :

كلّ ابن أنثى وإن طالت سلامته

يوما على آلة حدباء محمول

وجاء مفردا مؤنثا في قوله تعالى

__________________

(١) الآية «١٢٨» النساء (٤).

(٢) يقول ابن هشام : وهذا نص عليه ابن مالك ورواه أبو حيان يقول عنترة :

جادت عليه كل عين ثرة

فتركن كل حديقة كالدرهم

فقال : «تركن» ولم يقل : تركت ، فدل على جواز «كل رجل قائم ، وقائمون».

يقول ابن هشام : والذي يظهر لي خلاف قولهما ، وأن المضاف إلى المفرد إن أريد نسبة الحكم إلى كل واحد وجب الإفراد نحو «كل رجل يشبعه رغيف» أو إلى المجموع وجب الجمع كبيت عنترة فإن المراد أن كل فرد من الأعين جاد ، وأن مجموع الأعين تركن.

والثرة : الغزيرة ، وأراد بالحديقة : دائرة الماء تبقى في الأرض بعد المطر.

(٣) الآية «٥٢» القمر (٥٤).


(كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ)(١)(كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ)(٢) ، وجاء مثنى في قول الفرزدق :

وكلّ رفيقي كلّ رحل ـ وإن هما

تعاطى القنا قوماهما ـ أخوان (٣)

وجاء مجموعا مذكّرا في قوله تعالى (كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ)(٤) وقول لبيد :

وكلّ أناس سوف تدخل بينهم

دويهية تصفرّ منها الأنامل

وإن كانت «كلّ» مضافة إلى معرفة فالصّحيح أنه يراعى لفظها فلا يعود الضّمير إليها من خبرها إلّا مفردا مذكّرا على لفظها نحو (وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَرْداً)(٥) ، وفي الحديث القدسي وغيره (يا عبادي كلّكم جائع إلّا من أطعمته) ، «كلّكم راع وكلّكم مسؤول عن رعيّته» و «كلّنا لك عبد».

فإن قطعت عن الإضافة لفظا فالصّواب أن المقدّر يكون مفردا نكرة وعندها يجب الإفراد كما لو صرّح بالمفرد ، ويكون جمعا معرّفا وعندها يجب الجمع ، وإن كانت المعرفة لو ذكرت لوجب الإفراد ، ولكن فعل ذلك تنبيها على حال المحذوف فيهما فالأوّل نحو (كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ)(٦)(كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ)(٧) إذ التقدير : كلّ أحد.

والثّاني نحو (كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ)(٨)(كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ)(٩).

كلا وكلتا ـ اسمان يعربان توكيدا للمثنّى ، وقد يعربان على حسب مواقع الكلام ، ويلحقان بالمثنى ويعربان إعرابه إن أضيفا إلى الضّمير ، وإن أضيفا إلى الظّاهر أعربا إعراب المقصور ، وهما مفردان لفظا ، مثنّيان معنى مضافان أبدا لفظا ومعنى إلى كلمة واحدة معرفة دالّة

__________________

(١) الآية «٣٨» المدثر (٧٤).

(٢) الآية «١٨٥» آل عمران (٣).

(٣) كل في «كل رحل» زائدة كما يقول ابن هشام.

(٤) الآية «٥٤» المؤمنون (٢٣).

(٥) الآية «٩٦» مريم (١٩).

(٦) الآية «٨٤» الإسراء (١٧).

(٧) الآية «٢٨٥» البقرة (٢).

(٨) الآية «١١٧» البقرة (٢).

(٩) الآية «٣٣» الأنبياء (٢١).


على اثنين (وانظرهما في «الإضافة» و «التوكيد» و «المثنّى»).

كلّا ـ عند الأكثرين (١) : حرف معناه الرّدع والزّجر ، لا معنى لها عندهم غير ذلك ، حتى إنهم يجيزون أبدا الوقوف عليها ، والابتداء بما بعدها ، وهناك من يرى أنها قد تأتي لغير الرّدع والزّجر فتكون بمعنى حقّا نحو (كَلَّا إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ)(٢).

وبعضهم يرى أنها قد تأتي بمعنى «ألا» الاستفتاحية.

الكلام ـ عبارة عمّا اجتمع فيه أمران : اللفظ والإفادة والمراد بالإفادة : ما يدلّ على معنى يحسن السّكوت عليه ، وأقل ما يتألّف الكلام من اسمين نحو «العلم نور» أو من فعل واسم نحو (ظهر الحقّ) ومنه «استقم» فإنّه مركّب من فعل الأمر المنطوق به ، ومن الفاعل الضمير المخاطب المقدر بأنت.

الكلمة ـ

١ ـ تعريفها :

قول مفرد (٣).

٢ ـ أقسامها :

ثلاثة : اسم ، وفعل ، وحرف (ـ في أحرفها).

الكلم ـ هو اسم جنس جمعي ، ولا يكون أقلّ من ثلاث كلمات أفاد أم لم يفد.

كلّما ـ هي «كل» دخلت عليها «ما» المصدريّة الظّرفيّة وقيل «ما» نكرة موصوفة بمعنى وقت فأفادت التكرار نحو (كُلَّما رُزِقُوا مِنْها مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقاً قالُوا)(٤) ولا تدخل إلّا على الفعل الماضي ، وهي مبنيّة على الفتح في محلّ نصب على الظّرفيّة والعامل فيها جوابها ، وهو فعل ماض أيضا.

كم ـ

١ ـ أقسامها :

«كم» من كنايات العدد ، وهي :

__________________

(١) أكثر البصريين وسيبويه والخليل.

(٢) الآية «١٨» المطففين (٨٣).

(٣) وقد تطلق «الكلمة» لغة ويراد بها الكلام ، مثل قوله تعالى ((كَلَّا إِنَّها كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها)) إشارة إلى قوله تعالى حكاية عن الإنسان ((رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ)) من الآيتين «٩٩ و ١٠٠» من المؤمنين.

(٤) الآية «٢٥» البقرة (٢).


على قسمين :

(١) استفهاميّة بمعنى : أيّ عدد.

(٢) خبريّة بمعنى : عدد كثير.

٢ ـ تشترك «كم» الاستفهاميّة مع الخبريّة في ستّة أمور :

(١) كونهما كنايتين عن عدد مجهول الجنس والمقدار.

(٢) كونهما مبنيتين على السكون.

(٣) الافتقار إلى التمييز.

(٤) جواز حذف التّمييز إذا دلّ عليه دليل.

(٥) لزوم تصدّرهما ، فلا يعمل فيهما ما قبلهما إلّا المضاف وحرف الجر.

(٦) اتحادهما في وجوه الإعراب من جر ونصب ورفع.

٣ ـ تفترقان في خمسة أمور :

(١) أنّ «كم» الاستفهاميّة تميز بمفرد منصوب نحو «كم بيتا حفظت»؟ ويجوز جر تمييزها ب «من» مضمرة جوازا إن جرت «كم» بحرف ، نحو «بكم قرش اشتريت عباءتك»؟

أمّا «كم» الخبريّة فتميّز بمجرور مفرد ، أو مجموع نحو «كم مصاعب اقتحمتها» و «كم فارس غلبت» والإفراد أكثر وأبلغ.

(٢) أنّ الخبرية تختصّ بالماضي ك «ربّ» فلا يجوز «كم دور لي سأبنيها» ويجوز «كم شجرة ستغرس»؟

على الاستفهام.

(٣) أن المتكلم بالخبريّة لا يستدعي جوابا من مخاطبة بخلاف الاستفهاميّة

(٤) أن المتكلم بالخبريّة يتوجّه إليه التّكذيب والتّصديق.

(٥) أن المبدل من الخبريّة لا يقترن بهمزة الاستفهام ، تقول : «كم رجال في الدار عشرون بل ثلاثون» ، ويقال في الاستفهام «كم ما لك أعشرون ألفا أم ثلاثون»؟

كما ـ مركّبة من كلمتين : «كاف» التشبيه أو التّعليل و «ما» الاسميّة أو الحرفيّة ، فالاسميّة : إمّا موصولة أو نكرة موصوفة نحو «ما عندي كما عند أخي» أي : كالذي عند أخي ، أو كشيء عند أخي ، فالمثال يحتمل الموصولة والموصوفة و «ما» الحرفيّة


ثلاثة أقسام : مصدريّة ، وكافّة ، وزائدة ملغاة ، فالمصدريّة نحو «كتبت كما كتبت» أي ككتابتك ، والكافّة كقول زياد الأعجم :

وأعلم أنّني وأبا حميد

كما النّشوان والرّجل الحليم

أريد هجاءه وأخاف ربّي

وأعرف أنّه رجل لئيم

و «ما» الزّائدة الملغاة كقول عمرو ابن برّاقة الهمداني :

وننصر مولانا ، ونعلم أنّه

كما النّاس مجروم عليه وجارم

بجر «النّاس» أي كالنّاس و «ما» زائدة.

الكنية ـ كلّ ما صدّر بأب أو أمّ ك «أبي القاسم» و «أمّ البنين» (ـ العلم ١٢ و ١٣).

كي التّعليليّة ـ حرف جرّ يجرّ ثلاثة أشياء : أن المصدريّة المضمرة وصلتها ، ما الاستفهاميّة ، ما المصدرية فالأوّل نحو «جئت كي أكرم أخي» إذا لم نقدر اللّام بكي ف «أكرم» منصوب بأن مضمرة بعد كي لا بكي نفسها ، وأن المضمرة وصلتها في تأويل المصدر في محل جر بكي.

وتتعين أن تكون «كي» للتعليل إن تأخّرت عنها «اللّام» أو ظهرت «أن» ف «اللّام» كقول قيس الرّقيّات :

كي لتقضيني رقيّة ما

وعدتني غير مختلس

و «أن» كقول جميل :

فقالت أكلّ الناس أصبحت مانحا

لسانك كيما أن تغرّ وتخدعا

والثاني جرّها ب «ما» الاستفهاميّة فإنّه يستفهم بها عن علة الشيء نحو «كيمه» بمعنى : لمه.

والثالث : جرها «ما» المصدريّة مع صلتها كقول النّابغة :

إذا أنت لم تنفع فضرّ فإنّما

يرجّى الفتى كيما يضرّ وينفع

أي للضر والنّفع ، وقيل «ما» كافّة

كي المصدريّة الناصبة ـ وهي التي ينصب بها المضارع ويؤوّل بالمصدر ، وهذه تكون لسببيّة ما قبلها فيما بعدها نحو «علّمتك كي ترقى» وشرطها لتكون مصدريّة أن يسبقها «لام التّعليل» لفظا نحو (لِكَيْلا


تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ)(١) أو تقديرا كالمثال السّابق فإنّ تقديره «علمتك لكي ترقى» ف «كي» وما بعدها في تأويل المصدر في محلّ جر باللّام الظاهرة في (لِكَيْلا تَأْسَوْا) وفي محل جر باللّام المقدرة في «علمتك كي ترقى».

فإن لم نقدر اللّام فهي تعليليّة (ـ كي التّعليليّة).

كيت وذيت ـ اسمان يكني بهما وب «ذيت وذيت» عن الحديث والقصّة ، ولا بدّ من تكريرهما ، وهما بفتح التاء وكسرها ، وهما اسمان مبنيّان لنيابتهما عن الجمل تقول : «كان من الأمر كيت وكيت» (٢) و «قالوا ذيت وذيت».

كيف الاستفهاميّة ـ

١ ـ هي اسم يستفهم به عن حالة الشّيء مبنيّ على الفتح.

والاستفهام بها إمّا حقيقيّ نحو «كيف زيد؟» ، أو غير حقيقيّ نحو (كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللهِ)(٣) فإنّه أخرج مخرج التّعجّب

٢ ـ إعرابها :

تقع «كيف» «خبرا» مقدما قبل ما لا يستغني ، إمّا عن مبتدأ نحو «كيف أنت» أو خبرا مقدّما ل «كان» نحو «كيف كنت.

أو مفعولا ثانيا مقدّما ل «ظنّ وأخواتها نحو «كيف ظننت أخاك» أو مفعولا ثالثا ل «أعلم» وأخواتها نحو «كيف أعلمت فرسك» لأنّ ثاني مفعول ظنّ وثالث مفعولات أعلم خبران في الأصل ، وقد تدخل على «الباء» من حروف الجر فتكون حرف جر زائد تقول «كيف بخالد» ف «كيف» في محل رفع خبر مقدّم و «بخالد» الباء زائدة «خالد» مبتدأ منع من ظهور الضمة فيه حركة حرف الجر الزائد ، وقد تكون في محل نصب مفعولا مطلقا ، وذلك في قوله تعالى (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحابِ الْفِيلِ)(٤) وفعله «فعل

__________________

(١) الآية «٢٣» الحديد (٥٧).

(٢) كان : شأنية ، اسمها ضمير الشأن ، وخبرها : كيت وكيت. ومن الأمر : بيان يتعلق بأعني مقدرا.

(٣) الآية «٢٨» البقرة (٢).

(٤) الآية «١» الفيل (١٠٥).


ربّك» لا «ألم تر». وتقع «حالا» قبل ما يستغني ويتم به الكلام نحو «كيف مضى أخوك» أي على أيّ حال مضى أخوك.

كيف الشّرطيّة ـ تقتضي فعلين متّفقي اللّفظ والمعنى غير مجزومين نحو «كيف تصنع أصنع» ولا يجوز «كيف تجلس أذهب» باتّفاق ، ولا «كيف تجلس أجلس» بالجزم.

كيفما ـ اسم مبهم فيه معنى الشّرط يجزم فعلين : فعل الشرط وجوابه (ـ جوازم المضارع).


باب اللام

لا الحجازيّة ـ

١ ـ عملها :

تعمل «لا» عمل ليس قليلا عند الحجازيين ولا تعمل عند التميميين (١).

٢ ـ شروط إعمالها :

يشترط في إعمال «لا» الشروط في إعمال «ما» الحجازيّة (٢) ما عدا الشرط الأوّل ـ وهو ألّا يقترن اسمها ب «إن» الزائدة ـ فإنّ «إن» لا تزاد بعد «لا» أصلا ، ويزيد على ذلك أن يكون المعمولان نكرتين (٣) نحو «لا أحد أفضل منك».

والغالب في «لا» أن يكون خبرها محذوفا ـ حتى قيل بلزوم ذلك ـ كقول سعد بن مالك جدّ طرفة ابن العبد :

من صدّ عن نيرانها

فأنا ابن قيس لا براح (٤)

ف «براح» اسم لا ، وخبرها محذوف ، التقدير : لا براح لي ، والصحيح جواز ذكر الخبر كقول الشاعر :

تعزّ فلا شيء على الأرض باقيا

ولا وزر ممّا قضى الله واقيا (٥)

٣ ـ زيادة الباء في خبرها :

تزاد الباء بقلّة في خبر «لا» كقول سواد بن قارب يخاطب النّبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم :

__________________

(١) وإليه ذهب سيبويه وطائفة من البصريين.

(٢) انظر «ما» الحجازية.

(٣) أما قول النابغة الجعدي :

«وحلت سواد القلب لا أنا باغيا

سواها ولا عن حبها متراخيا»

وقول المتنبي :

«فلا الحمد مكسوبا ولا المال باقيا»

حيث جعل اسم «لا» «أنا» في الأول ، وهو معرفة ، وفي الثاني «الحمد والمال» اسمان ل «لا» وهما معرفة أيضا ، فذلك نادر من الأول ، ولحن من الثاني.

(٤) «من صد» من شرطية والضمير في «نيرانها» يرجع إلى الحرب.

(٥) «لا» في الموضعين بمعنى ليس وعملت في الموضعين في الاسم والخبر. و «الوزر» الملجأ و «الواقي» الحافظ.


وكن لي شفيعا يوم لا ذو شفاعة

بمغن فتيلا عن سواد بن قارب

أدخل الباء في «مغن» وهو خبر لا.

لا حرف جواب ـ أي تنفي الجواب وهذه تحذف الجمل بعدها كثيرا يقال «أجاءك زيد» فتقول : «لا» والأصل : لا ، لم يجئ.

لا العاطفة ـ يعطف ب «لا» بثلاثة شروط :

(أ) إفراد معطوفها.

(ب) أن تسبق بإيجاب ، أو أمر أو نداء.

(ج) ألّا يصدق أحد معطوفيها على الآخر نحو «هذا بلد خصب لاجدب» «إلبس القميص الأبيض لا الأزرق» «يا ابن أخي لا ابن عمّي» «اشتريت ضيعة لا دارا» ولا يجوز نحو «اشتريت ضيعة لا أرضا» لأنّ الأرض تصدق على الضّيعة ، والضّيعة تصدق على الأرض.

لا عليك ـ «لا» نافية للجنس ، واسمها محذوف التّقدير : لا بأس ، و «عليك» متعلق بمحذوف خبر ، وحذف اسم «لا» الجنسية نادر (ـ لا النافية للجنس ٨).

لا النّافية ـ تنفي الماضي والمستقبل ، فإن نفت الماضي وجب تكرارها ، نحو «لا أكلت ولا شربت» وإن نفت المستقبل جاز تكرارها ، نحو «لا أعبأ بحديث هذا» و «زيد لا يقرأ ولا يكتب».

وهي لنفي الاستقبال على الأكثر ، وقد تكون لنفي الحال ، وقد تعترض بين الخافض والمخفوض نحو «حضر بلا كتاب» وهي بمعنى «غير» مجرورة بالباء وما بعدها مضاف إليه (١) أو زائدة ولكنها تفيد النفي (٢) وهو الأصح.

لا النافية للجنس ـ (٣)

١ ـ شروط عملها :

تعمل عمل «إنّ» بستة شروط :

(أ) أن تكون نافية.

(ب) أن يكون المنفيّ بها الجنس (٤).

__________________

(١) وهذا عند الكوفيين.

(٢) وهذا عند البصريين.

(٣) وتسمى «لا» التبرئة.

(٤) ولو كانت لنفي الوحدة عملت عمل «ليس» نحو «لا رجل قائما بل رجلان».


(ج) أن يكون نفيه نصّا (١).

(د) ألّا يدخل عليها جارّ (٢).

(ه) أن يكون اسمها نكرة متّصلا بها (٣).

(و) أن يكون خبرها أيضا نكرة.

٢ ـ عملها :

«لا» النافية للجنس تعمل عمل «إنّ» ولكن تارة يكون اسمها مبنيّا على الفتح في محلّ نصب وتارة يكون معربا منصوبا.

فإذا كان اسمها «مفردا» أي غير مضاف ، ولا شبيه بالمضاف ، (٤) أو كان «جمع تكسير» بنيا على الفتح نحو «لا طالب مقصر» و «لا طلاب في المدرسة».

فإذا كان «جمع مؤنث سالما» يبنى على الفتح ، أو على الكسر ، وقد روي بهما قول سلامة بن جندل :

أودى الشباب الذي مجد عواقبه

فيه نلذّ ولا لذات للشيب (٥)

ويبنى على الياء إن كان مثنى ، أو مجموعا جمع سلامة لمذكر كقوله :

تعزّ فلا إلفين بالعيش متّعا

ولكن لورّاد المنون تتابع (٦)

وقوله :

يحشر النّاس لا بنين ولا آ

باء إلا وقد عنتهم شؤون (٧)

وعلّة البناء تضمّن معنى «من» الاستغراقيّة ، بدليل ظهورها في قوله :

__________________

(١) وهو الذي يراد به النفي العام ، وقدر فيه «من» الاستغراقية ، فإذا قلنا «لا رجل في الدار» وأنت تريد نفي الجنس لم يصح إلا بتقدير «من» فكأن سائلا سأل : هل من رجل في الدار؟ فيقال : «لا رجل».

(٢) وإن دخل عليها الخافض لم تعمل شيئا ، وخفضت النكرة بعدها نحو «غضبت من لا شيء» وشذ «جئت بلا شيء» بالفتح.

(٣) وإن كان اسمها معرفة ، أو نكرة منفصلا منها أهملت ووجب تكرارها نحو «لا محمود في الدار ولا هاشم» ونحو (لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون) وإنما لم تتكرر مع المعرفة في قولهم (لا نولك أن تفعل) من النوال والتنويل وهو العطية ، وهو مبتدأ ، وأن تفعل سد مسد خبره لتأول «لا نولك» بلا ينبغي لك أن تفعل.

(٤) سيأتي قريبا تعريفه.

(٥) «أودى» ذهب «مجد» خبر مقدم عن «عواقبه» وصح الإخبار به عن الجمع لأنه مصدر.

(٦) «تعز» تصبر «إلفين» صاحبين ، «الورّاد» جمع وارد.

(٧) «عنتهم» أهمتهم «شؤون» جمع شأن : وهي الشواغل.


فقام يذود النّاس عنها بسيفه

وقال ألا لا من سبيل إلى هند

وإذا كان اسم «لا» مضافا أو شبيها بالمضاف (١) فيعربان اتفاقا ، فالمضاف : نحو «لا ناصر حق مخذول» والشبيه بالمضاف نحو «لا كريما أصله سفيه» «لا حافظا عهده منسيّ» «لا واثق بالله مخذول» ف «لا» في الجميع نافية للجنس ، وما بعدها اسمها وهو منصوب بها ، والمتأخّر خبرها.

٣ ـ تكرار «لا» :

إذا تكررت «لا» بدون فصل نحو «لا حول ولا قوّة إلّا بالله» فلك في مثل هذا التركيب خمسة أوجه :

(أحدها) فتح ما بعدهما (٢) ، وهو الأصل نحو (لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ)(٣) بفتحهما بقراءة ابن كثير وأبي عمرو.

(الثاني) رفع ما بعدهما (٤) ، كالآية المتقدّمة في قراءة الباقين (لا بيع فيه ولا خلّة) وقول عبيد الراعي :

وما هجرتك حتى قلت معلنة

لا ناقة لي في هذا ولا جمل (٥)

(الثالث) فتح الأوّل ورفع الثّاني (٦) كقول هنيّ بن أحمر الكناني :

هذا لعمركم الصّغار بعينه

لا أمّ لي إن كان ذاك ولا أب

__________________

(١) الشبيه بالمضاف : هو ما اتصل به شيء من تمام معناه ، وهذا يصدق على المشتقات مع معمولاتها في الرفع والنصب والجر كقولك «محمود فعله» «طالع جبلا» «خبير بما تعملون». وأما قولهم «لا أبالك» فاللام زائدة لتأكيد معنى الإضافة.

(٢) ووجهه أن تجعل «لا» فيهما عاملة كما لو انفردت ، ويقدر بعدهما خبر لهما معا أي لا حول ولا قوة لنا ويجوز أن يقدر لكل منهما خبر.

(٣) الآية «٢٥٤» البقرة (٢).

(٤) ووجهه أن تجعل «لا» الأولى ملغاة لتكررها ، وما بعدها مرفوع بالابتداء ، أو على إعمال «لا» عمل ليس ، وعلى الوجهين ف «لنا» خبر عن الاسمين ، إن قدرت «لا» الثانية تكرارا للأولى ، وما بعدها معطوف ، فإن قدرت الأولى مهملة ، والثانية عاملة عمل ليس أو بالعكس ف «لنا» خبر عن إحداهما ، وخبر الأخرى محذوف.

(٥) برفع ناقة وجمل. والمعنى : ما تركتك حتى تبرأت مني وقوله : «لا ناقة لي ولا جمل» مثل ضربه لبراءتها منه.

(٦) ووجهه أن «لا» الأولى عاملة عمل «إن» و «لا» الثانية زائدة ، وما بعدها معطوف على محل «لا» الأولى مع اسمها ، ويجوز عند سيبويه أن يقدر لهما خبر واحد ، وعند غيره : لا بد لكل واحد من خبر.


وقول جرير يهجو نمير بن عامر :

بأي بلاء يا نمير بن عامر

وأنتم ذنابى لا يدين ولا صدر (١)

(الرابع) رفع الأول وفتح الثاني (٢) كقول أميّة بن أبي الصّلت :

فلا لغو ولا تأثيم فيها

وما فاهوا به أبدا مقيم (٣)

(الخامس) فتح الأوّل ونصب الثاني (٤) كقول أنيس بن العباس السلمي :

لا نسب اليوم ولا خلّة

اتّسع الخرق على الرّاقع (٥)

وهو أضعف تلك الأوجه.

٤ ـ العطف على اسم «لا» من غير تكرارها :

إذا لم تتكرّر «لا» وعطفت على اسمها ، وجب فتح الأول وجاز في الثاني النصب عطفا على المحل ، والرفع عطفا على محل «لا» مع اسمها ، وامتنع الفتح لعدم ذكر «لا» كقول رجل من بني عبد مناة يمدح مروان وابنه عبد الملك :

فلا أب وابنا مثل مروان وابنه

إذا هو بالمجد ارتدى وتأزّرا (٦)

٥ ـ وصف النكرة المبنية بمفرد :

إذا وصفت النّكرة المبنيّة بمفرد متّصل جاز فتحه على أنّه مركّب مع النكرة قبل مجيء «لا» شبيه ب «خمسة عشر».

وجاز نصبه مراعاة لمحل النكرة.

وجاز رفعه مراعاة لمحلّها مع «لا» (٧)

__________________

(١) «بأي» متعلق بمحذوف تقديره : بأي بلاء تفتخرون ، وأراد «بالذنابى» الأتباع ، والمعنى لستم برؤوس بل أتباع ، لا يدين لكم ولا صدر.

(٢) ووجهه أن «لا» الأولى ملغاة ، أو عملها عمل ليس ، و «لا» الثانية عاملة عمل «إن» وتقدير الخبر في هذا الوجه كالذي قبله سواء على المذهبين.

(٣) اللغو : الباطل. «التأثيم» من أثمته : إذا قلت له أثمت ، والمعنى : ليس في الجنة قول باطل ولا تأثيم أحد لأحد.

(٤) ووجهه أن «لا» الأولى عاملة عمل «إن» و «لا» الثانية زائدة ، وما بعدها منصوب منون بالعطف على محل اسم «لا» الأولى.

(٥) «الخلة» الصداقة «الخرق» الفتق.

(٦) يروى : «وابنا» بالنصب ، ويجوز «وابن» بالرفع. ومعنى «ارتدى» لبس الرداء و «تأزر» لبس الإزار.

(٧) لأنهما في محل رفع بالابتداء ، وإنما حكموا على محلهما بالرفع لصيرورتهما بالتركيب كالشيء الواحد.


نحو «لا سيف ماضي أقطع من الحقّ» (١) فإن فقدت الصفة الإفراد (٢) نحو «لا رجل قبيحا فعله محمود» أو فقدت الاتصال نحو «لا رجل في الدّار ظريف» امتنع الفتح ، وجاز النصب والرّفع كما تقدّم في المعطوف بدون تكرار «لا». وكما في البدل الصالح لعمل «لا» فالعطف نحو «لا رجل وامرأة فيها» بنصب امرأة ورفعها ، والبدل الصالح لعمل «لا» (٣) نحو «لا أحد رجلا وامرأة فيها» بنصب رجل وامرأة ورفعهما (٤).

فإن لم يصلح البدل لعمل «لا» وجب الرفع نحو «لا أحد زيد وخالد فيها» (٥) وكذا في المعطوف الذي لا يصلح لعمل «لا» نحو «لا امرأة فيها ولا زيد».

٦ ـ دخول همزة الاستفهام على «لا» :

إذا دخلت همزة الاستفهام على «لا» لم يتغيّر الحكم ، ثمّ تارة يكون الحرفان باقيين على معناهما وهو قليل ، كقول قيس بن الملوّح :

ألا اصطبار لسلمى أم لها جلد

إذا ألاقي الذي لاقاه أمثالي (٦)

وتارة يراد بهما التّوبيخ أو الإنكار وهو الغالب كقوله :

ألا ارعواء لمن ولّت شبيبته

وآذنت بمشيب بعده هرم (٧)

وتارة يراد بها التمني وهو كثير كقوله :

__________________

(١) فقوله : «ماضي» يجوز فيه «ماضي» بالفتح و «ماضيا» بالنصب و «ماض» بالرفع و «اقطع» خبر «لا».

(٢) بأن كانت شبيهة بالمضاف.

(٣) وهو الذي تتوفر فيه شروط اسم «لا» فالبدل من اسم «لا» كاسمها ، والبدل دائما يكون على نية تكرير العامل.

(٤) ولا يجوز الفتح في المعطوف والبدل لوجود الفاصل في العطف بحرفه ، وفي البدل بعامله ، لأن البدل على نية تكرار العامل.

(٥) ذلك لأن «لا» الجنسية لا تعمل في معرفة.

(٦) «ألا» هو مجرد الاستفهام عن النفي ، والحرفان باقيان على معناهما وهو قليل «لسلمى» متعلق بخبر محذوف تقديره : حاصل ، المعنى : إذا لاقيت ما لاقاه أمثالي من الموت ، هل عدم الاصطبار ثابت لسلمى أم لها تجلد وتثبت ، وأدخل «إذا» الظرفية على المضارع بدل الماضي وهو قليل.

(٧) «ألا» الهمزة للاستفهام و «لا» لنفي الجنس قصد بها التوبيخ والإنكار «ارعواء» اسمها والخبر محذوف ، ومعناه : الانكفاف عن القبيح.


ألا عمر ولىّ مستطاع رجوعه

فيرأب ما أثأت يد الغفلات (١)

فعند سيبويه والخليل أن «ألا» هذه بمنزلة «أتمنى» فلا خبر لها ، وبمنزلة «ليت» فلا يجوز مراعاة محلّها مع اسمها ، ولا إلغاؤها إذا تكررت ، وخالفهما المازني والمبرد فجعلاها كالمجرّدة من همزة الاستفهام.

وهذه الأقسام الثلاثة مختصة بالدّخول على الجملة الاسميّة.

٧ ـ حذف خبر «لا» :

يكثر حذف خبر «لا» إن دلت عليه قرينة نحو (قالُوا : لا ضَيْرَ)(٢) أي علينا ، ونحو «لا بأس» أي عليك ، وحذف الخبر المعلوم يلتزمه التّميميّون والطائيون ،

ويجب ذكر الخبر إذا جهل نحو «لا أحد أغير من الله عزوجل».

٨ ـ حذف اسم «لا» :

ندر من هذا الباب حذف الاسم وإبقاء الخبر ، من ذلك قولهم «لا عليك» يريدون : لا بأس عليك (ـ لا عليك).

٩ ـ الخبر أو النّعت أو الحال إذا اتصل ب «لا» :

إذا اتصل ب «لا» خبر أو نعت أو حال وجب تكرارها فالخبر نحو (لا فِيها غَوْلٌ وَلا هُمْ عَنْها يُنْزَفُونَ)(٣) والنعت نحو (يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ)(٤) والحال نحو «جاء محمّد لا خائفا ولا آسفا».

لا النّافية للوحدة ـ تقابل «لا» النّافية للجنس ، فالنّافية للجنس تعمل عمل «إنّ» والنّافية للوحدة تعمل عمل كان ، والنّافية للجنس للتبرئة فإذا قلت «لا رجل في الدار» فقد نفيت جنس الرّجال ويصح أن نقول بل امرأة ، وإذا قلت : «لا رجل في الدار» فالمراد لا رجل واحد بل رجلان أو أكثر.

لا النّاهية ـ هي «لا» الطّلبيّة نهيا

__________________

(١) «ألا» كلمة واحدة للتمني ، وقيل الهمزة للاستفهام دخلت على «لا» التي لنفي الجنس ولكن أريد به التمني «عمر» اسمها مبني على الفتح وجملة «ولى» صفة له ، وكذا جملة «مستطاع رجوعه» صفة أخرى وقوله «فيرأب» بالنصب جواب التمني من رأبت الإناء إذا أصلحته ، ومعنى «أثأت» أفسدت.

(٢) الآية «٥١» الشعراء (٢٦).

(٣) الآية «٤٧» الصافات (٣٧).

(٤) الآية «٣٥» النور (٢٤).


كانت نحو قوله تعالى (يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللهِ)(١) أو دعاء نحو (رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا)(٢).

وجزمها المضارع المبدوء بالهمزة أو النّون مبنيّين للفاعل نادر ، كقول النابغة :

لا أعرفن ربربا حورا مدامعها

مردّفات على أعقاب أكوار (٣)

وقول الوليد بن عقبة :

إذا ما خرجنا من دمشق فلا نعد

لها أبدا ما دام فيها الجراضم (٤)

ويكثر جزمهما مبنيين للمفعول نحو «لا أخرج» و «لا نخرج» لأنّ المنهيّ غير المتكلم.

الآن ـ ظرف مبنيّ على الفتح في محلّ نصب ، رغم أنّه لا يجيء إلّا بالألف والّلام ، وسبب بنائه أنه وقع في أوّل أحواله بالألف والّلام ، وهو اسم للزّمان الحاضر. وعند بعضهم : هو الزّمان الذي هو آخر ما مضى وأوّل ما يأتي من الأزمنة.

الّلائي ـ (ـ الّلاتي والّلائي).

لا بدّ ـ أصل معنى لا بدّ : لا مفارقة ، لأنّ أصله في الإثبات : بدّ الأمر : فرّق وتبدّد ، فإذا نفي التّفرّق بين شيئين حصل تلازم بينهما فصار أحدهما واجبا للآخر ، ومن ثمّ فسّروه بوجب.

وإعرابها : لا نافية للجنس.

وبدّ : اسمها مبنيّ على الفتح ، والخبر محذوف ، التّقدير : لنا.

لات ـ

١ ـ أصلها وعملها :

أصل «لات» لا النّافية ، ثمّ زيدت عليها التّاء ، لتأنيث اللفظ أو للمبالغة ، وتعمل عمل ليس.

٢ ـ شرطان لعملها :

عمل «لات» واجب بشرطين :

«أ» كون معموليها اسمي زمان.

«ب» حذف أحدهما ، والغالب كونه اسمها. نحو (وَلاتَ حِينَ

__________________

(١) الآية «١٣» لقمان (٣١).

(٢) الآية «٢٨٦» البقرة (٢).

(٣) الربرب : القطيع من بقر الوحش. حور :

جمع حوراء ، من الحور : وهو شدة بياض بياض العين مع شدة سواد سوادها. والأكوار :

جمع كور وهو الرحل ، شبه النساء ببقر الوحش.

(٤) الجراضم : الأكول الواسع البطن.


مَناصٍ)(١) أي ليس الحين حين فرار فحذف الاسم المرفوع ، وذكر الخبر ، ومثله قول المنذر بن حرملة :

طلبوا صلحنا ولات أوان

فأجبنا أن ليس حين بقاء (٢)

وأمّا قول شمردل اللّيثي :

لهفي عليك للهفة من خائف

يبغي جوارك حين لات مجير

فارتفاع «مجير» على الابتداء أو الفاعلية ، أي لات يحصل مجير ، أو لات له مجير ، و «لات» مهملة لعدم دخولها على الزّمان.

ومن القليل حذف الخبر كقراءة بعضهم شذوذا (ولات حين مناص) (٣) برفع «حين» على أنه اسمها ، والخبر محذوف ، والتقدير : ولات حين مناص كائنا لهم.

الّلاتي والّلائي ـ اسما موصول بإثبات الياء فيهما ، وقد تحذف ياؤهما ، وهما لجمع المؤنث ، وقد يتعارض الأولى واللائي ، فيقع كل منهما ـ نزرا ـ موقع الآخر. قال مجنون ليلى :

محا حبّها حبّ الألى كنّ قبلها

وحلّت مكانا لم يكن حلّ من قبل

فأوقع الألى مكان اللّائي أو اللّاتي بدليل عود ضمير المؤنّث عليها ، وقال رجل من بني سليم :

فما آباؤنا بأمنّ منه

علينا الّلاء قد مهدوا الحجورا

أي الذين فأوقع الّلائي مكان الألى بدليل عود ضمير جمع الذكور عليها.

لا جرم ـ أي لا بدّ ولا محالة ، وقيل معناها حقّا ، قال سيبويه : فأمّا قوله تعالى : (لا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ)(٤) ، فإنّ جرم عملت لأنها فعل ومعناها : لقد حقّ أنّ لهم النار ، وقول المفسرين : معناها : حقّا أنّ لهم النار ف «جرم» عملت بعد في «أنّ» وإذا قالوا «لا جرم لآتينّك» فهي بمنزلة اليمين.

وأصلها من «جرمت» أي كسبت الذّنب.

__________________

(١) الآية «٣» ص (٣٨).

(٢) أي ليس الأوان أوان صلح ، والشاهد فيه قوله «ولات أوان» حيث وقع خبره لفظة «أوان» كالحين.

(٣) الآية «٦٢» النحل (١٦).


لا حبّذا ـ (ـ نعم وبئس).

لا سيّما ـ (ـ ولا سيّما).

الّلازم ـ

١ ـ تعريفه :

هو ما لا ينصب المفعول به ك «خرج» و «فرح» و «بطر».

٢ ـ علاماته :

للازم اثنتا عشرة علامة :

(الأولى) ألّا يتّصل به هاء ضمير غير المصدر (١) ك «خرج» لا يقال : زيد خرجه عمرو.

(الثانية) ألّا يبنى منه اسم مفعول تامّ ، فلا يقال «مخروج» من دون «به» وهذا هو نقصه.

(الثالثة) أن يدلّ على سجيّة (وهي كلّ وصف ملازم للذات وليس حركة جسم) نحو «جبن وشجع».

(الرابعة) أن يدلّ على عرض «وهو كلّ وصف غير ثابت وليس حركة جسم» نحو «مرض وكسل».

(الخامسة) أن يدلّ على نظافة ك «نظف وطهر ووضوء».

(السادسة) أن يدلّ على دنس نحو «نجس وقذر».

(السابعة) أن يدلّ على مطاوعة (٢) فاعله ، لفاعل متعدّ لواحد (٣) نحو «كسرت الإناء فانكسر».

(الثامنة) أن يكون موازنا ل «افعللّ بفتح اللّام الأولى وتشديد الثانية ك «اقشعرّ واشمأزّ».

(التاسعة) أن يكون موازنا ل «افوعلّ» (٤) ك «اكوهدّ الفرخ» إذا ارتعد.

(العاشرة) أن يكون موازنا ل «افعنلل» ك «احرنجم» (٥).

(الحادية عشرة) أن يكون موازنا ل «افعنلل» بزيادة أحد اللّامين ك «اقعنسس» الجمل : إذا أبى أن ينقاد.

__________________

(١) وذلك لأن ضمير المصدر يتصل بكل من اللازم والمتعدي فيقال «العلم علمه خالد» و «الجلوس جلسه علي».

(٢) المطاوعة : قبول الأثر.

(٣) فلو طاوع ما يتعدى فعله لاثنين ، تعدى المطاوع لواحد ك «علمته الحساب فتعلمه».

(٤) وهو ملحق ب «افعلل».

(٥) احرنجم : اجتمع ، والنون زائدة ، واحرنجم اجتمع بعضهم إلى بعض ، ومثله وزنا ومعنى : اعرنزم واقرنبع.


(الثاني عشرة) أن يكون موازنا ل «افعنلى» بفتح العين وسكون النون ك «احرنبى» الديك ، إذا انتفش للقتال.

٣ ـ حكمه :

حكم الّلازم أن يتعدّى بالجارّ ، ويختلف الجارّ باختلاف المعنى ك «عجبت منه» و «مررت به» و «غضبت عليه».

وقد يحذف الجارّ فيتعدّى الفعل بنفسه ، وينصب المجرور ، وهو ثلاثة أقسام :

(أحدها) سماعي جائز في الكلام المنثور نحو «نصحته وشكرته وكلته ووزنته» والأكثر ذكر الّلام الجارّة نحو (وَنَصَحْتُ لَكُمْ)(١)(أَنِ اشْكُرْ لِي)(٢).

(الثّاني) سماعي خاصّ بضرورة الشعر كقول ساعدة بن جؤيّة :

لدن بهزّ الكفّ يعسل متنه

فيه كما عسل الطّريق الثّعلب (٣)

قوله «كما عسل الطريق» أي في الطريق.

ومثله قول المتلمّس جرير بن عبد المسيح :

آليت حبّ العراق الدّهر أطعمه

والحبّ يأكله في القرية السّوس (٤)

أي آليت على حب العراق.

(الثالث) قياسي وذلك في «أنّ وأن وكي» نحو (شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ)(٥) أي بأنّه لا إله إلّا هو (أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جاءَكُمْ)(٦) أي من أن جاءكم (كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً)(٧) أي لكيلا إذا قدرت «كي» مصدريّة.

لكن ـ

(١) تكون حرف عطف بثلاثة شروط : إفراد معطوفها ، وأن تسبق «بنفي» أو «نهي» ، وألّا تقترن ب «الواو»

__________________

(١) الآية «٧٨» الأعراف (٧).

(٢) الآية «١٤» لقمان (٣١).

(٣) «لدن» ناعم لين «يعسل متنه» من العسلان وهو اهتزاز الرمح «كما عسل» الكاف للتشبيه و «ما» مصدرية أي كعسلان الثعلب في الطريق.

(٤) آليت : حلفت ، والمعنى : حلفت على حب العراق أني لا أطعمه الدهر ، مع أن الحب متيسر يأكله السوس ، وقوله «أطعمه» أي لا أطعمه.

(٥) الآية «١٨» آل عمران (٣).

(٦) الآية «٦٢» الأعراف (٧).

(٧) الآية «٧» الحشر (٥٩).


نحو «ما أكلت لحما لكن ثريدا» ونحو «لا يقم خالد لكن أحمد».

(٢) وقد تكون «لكن» حرف ابتداء لمجرد إفادة الاستدراك ، وذلك إن تلتها «جملة» كقول زهير بن أبي سلمى

إنّ ابن ورقاء لا تخشى بوادره

لكن وقائعه في الحرب تنتظر

أو تلت «واوا» نحو (ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ وَلكِنْ رَسُولَ اللهِ)(١) أي ولكن كان رسول الله.

أو سبقت «بإيجاب» نحو «قام عليّ لكن محمّد لم يقم».

لكنّ ـ معناها الاستدراك (٢) وهي من أخوات «إنّ» وأحكامها كأحكامها وإذا خفّفت تهمل وجوبا وتهمل أيضا إذا اتّصلت بها «ما» الزائدة وهي الكافّة نحو قول امرئ القيس :

ولكنّما أسعى لمجد مؤثّل

وقد يدرك المجد المؤثّل أمثالي

(ـ إنّ وأخواتها).

الّلام ـ كثيرة المعاني والأقسام ، وترجع إلى قسمين : عاملة ، وغير عاملة.

والعاملة قسمان : جارّة ، وجازمة.

وغير العاملة ثمانية : لام الابتداء ، ولام البعد ، ولام التّعجّب ، ولام الجواب ، ولام زائدة ، ولام فارقة ، ولام مزحلقة ، ولام موطّئة للقسم ، وسيأتيك تفصيلها على ترتيب حروفها.

لام الأمر ـ هي الّلام الجازمة للمضارع وموضوعة للطلب ، وحركتها الكسر (٣) ، نحو (لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ)(٤) وإسكانها بعد الفاء والواو أكثر من تحريكها نحو (فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي)(٥) وقد تسكّن بعد «ثمّ» نحو (ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ)(٦).

والفعل المبنيّ للمجهول ، لا طريق

__________________

(١) الآية «٤٠» الأحزاب (٣٣).

(٢) الاستدراك : تعقيب الكلام بنفي ما يتوهم ثبوته أو بإثبات ما يتوهم نفيه ، فمثال الأول : قولك «علي شجاع لكنه بخيل» دفعت ب «لكن» توهم أنه كريم لملازمة الكرم للشجاعة.

(٣) وسليم تفتحها وهي قبيلة عربية مشهورة.

(٤) الآية «٧» الطلاق (٦٥).

(٥) الآية «١٨٦» البقرة (٢).

(٦) الآية «٢٩» الحج (٢٢) ، والتفث : التنظيف من الوسخ. وفي التفسير : أنه أخذ من الشارب والأظفار ... الخ.


للأمر فيه ، إلّا بالّلام ، سواء أكان للمتكلّم نحو «لأعن بحاجتك» أم للمخاطب نحو «لتعن بحاجتي» أم للغائب نحو «ليعن زيد بالأمر».

وجزمها المضارع المبدوء بالهمزة أو المبدوء بالنون قليل كالحديث «قوموا فلأصلّ لكم» وقوله تعالى (وَلْنَحْمِلْ خَطاياكُمْ)(١) ، وأقلّ منه جزمها فعل الفاعل المخاطب نحو (فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا)(٢) في قراءة ، وفي الحديث «لتأخذوا مصافّكم» والأكثر الاستغناء عن هذا بفعل الأمر ، نحو «افرحوا» و «خذوا» لأنّ أمر المخاطب أكثر فاختصار الصيغة فيه أولى.

لام الابتداء ـ هي الّلام التي تفيد توكيد مضمون الجملة ، وتخليص المضارع للحال ، ولا تدخل إلّا على الاسم نحو (لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً)(٣) والفعل المضارع نحو قولك «ليحبّ الله المحسنين» (٤) وتدخل على الفعل الذي لا يتصرّف نحو (لَبِئْسَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ)(٥).

ومن لام الابتداء الّلام المزحلقة (ـ الّلام المزحلقة).

لام البعد ـ يزاد قبل كاف الخطاب في اسم الإشارة «لام» هي لام البعد مبالغة في الدّلالة على البعد.

ولا تلحق من أسماء الإشارة : المثنى ، ولا «أولئك» للجمع ، في لغة من مدّه (٦) ، ولا فيما سبقته «ها» التنبيهية ، والأصل في الّلام السكون كما في «تلك» ، وكسرت في «ذلك» لالتقاء السّاكنين.

__________________

(١) الآية «١٢» العنكبوت (٢٩).

(٢) الآية «٥٨» يونس (١٠) ، والقراءة المشهورة : فليفرحوا بالياء.

(٣) الآية «١٣» الحشر (٥٩).

(٤) مثل له ابن مالك.

(٥) الآية «٦٥» المائدة (٥).

(٦) أما من قصر أداة الجمع فقال «اولا» نمدل «أولاء» وهم قيس وربيعة وأسد فإنهم يأتون باللام قال شاعرهم :

أو لا لك قومي لم يكونوا أشابة

وهل يعظ الضليل إلا أو لا لكا

فأداة الجمع في أول البيت وآخره «أولا» وأدخل عليها لام البعد وكاف الخطاب ، ومعنى الأشابة : أخلاط الناس وجمعها أشائب وبنو تميم ـ وهم ممن يقصرون ـ لا يأتون باللام مطلقا.


لام التّعجّب ـ هي لام التعجّب غير الجارّة نحو «لظرف نعيمان» و «لكرم حاتم» بمعنى ما أظرفه وما أكرمه ولعلّ هذه الّلام هي لام الابتداء دخلت على الماضي لشبهه بالاسم لجموده.

الّلام الجارّة ـ وتجرّ الظاهر والمضمر ، وهي مكسورة مع كلّ ظاهر ، إلّا مع المستغاث المباشر ل «يا» نحو «يا لله» ، وأمّا مع المضمر فتفتح أيضا إذا كان للمخاطب أو للغائب وإذا كان مع ياء المتكلم فتكسر للمناسبة.

ولهذه الّلام نحو من ثلاثين معنى (١) وهاك بعضها :

(١) الملك ، نحو (لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ)(٢).

(٢) شبه الملك ، ويعبّر عنه بالاختصاص نحو «السّرج للفرس».

«ما أحبّ محمّدا لبكر».

(٤) التعليل نحو :

وإنّي لتعروني لذكراك هزّة

كما انتفض العصفور بلّله القطر

(٥) الزّائدة ، وهي لمجرّد التّوكيد كقول ابن ميّادة :

وملكت ما بين العراق ويثرب

ملكا أجار لمسلم ومعاهد

(٦) تقوية العامل الذي ضعف ، إمّا بكونه فرعا في العمل نحو (مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ)(٣) ، (فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ)(٤) وإمّا بتأخّر العامل عن المعمول نحو (إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّءْيا تَعْبُرُونَ)(٥).

(٧) لانتهاء الغاية نحو (كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى)(٦).

(٨) القسم نحو «لله لا يؤخّر الأجل» أي تالله.

(٩) التّعجّب نحو «لله درّك» و «لله أنت».

(١٠) الصيرورة ، وتسمى لام العاقبة نحو :

لدوا للموت وابنوا للخراب

فكلّكم يصير إلى الذّهاب

__________________

(١) ومن أراد استقصاءها فليرجع إلى كتاب «الجنى الداني» ففيه ثلاثون معنى وفي «مغني اللبيب» عشرون.

(٢) الآية «٢٨٤» البقرة (٢).

(٣) الآية «٤١» البقرة (٢).

(٤) الآية «١٠٨» هود (١١).

(٥) الآية «٤٣» يوسف (١٢).

(٦) الآية «٢» الرعد (١٣).


(١١) البعديّة ، نحو (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ)(١) أي بعده.

(١٢) الاستعلاء نحو (يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ)(٢) أي عليها.

لام الجحود ـ معنى الجحود النّفي ، وسمّيت لام الجحود لاختصاصها بالنّفي ، وهي الواقعة زائدة بعد «كون منفيّ» (٣) فيه معنى الماضي لفظا ، نحو (وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ)(٤) أو معنى ، نحو (لَمْ يَكُنِ اللهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ)(٥).

وهذه الّلام حرف جرّ ، وأن المضمرة والفعل بعدها المنصوب بها في تأويل المصدر في محلّ جرّ وهو متعلق بمحذوف هو خبر كان فتقدير «ما كان زيد ليفعل» ما كان زيد مريدا للفعل.

لام الجواب ـ وهي ثلاثة : جواب «لو» نحو (لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا)(٦) ، وجواب «لو لا» نحو (وَلَوْ لا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ)(٧) وجواب القسم نحو (تَاللهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللهُ عَلَيْنا)(٨).

الّلام الزّائدة ـ وهي الدّاخلة في نحو قول رؤبة :

أمّ الحليس لعجوز شهربه

ترضى من اللّحم بعظم الرّقبه

وفي خبر «لكنّ» كقول الشاعر :

يلومونني في حبّ ليلى عواذلي

ولكنّني من حبّها لعميد

والدّاخلة في خبر «أنّ» المفتوحة كقراءة سعيد بن جبير (الّا أنّهم ليأكلون الطّعام) (٩).

الّلام الفارقة ـ هي الّتي تلزم «إن» المخفّفة من الثّقيلة إذا أهملت وتقع بعدها ، وسمّيت فارقة فرقا

__________________

(١) الآية «٧٨» الإسراء (١٧).

(٢) الآية «١٠٧» الإسراء (١٧).

(٣) المراد من الكون المنفي : كان ويكون مع سبق نفي عليها ، والنفي : هنا هو «ما» و «لم» و «لا» و «إن» النافية.

(٤) الآية «٣٣» الأنفال (٨).

(٥) الآية «١٣٧» النساء (٤).

(٦) الآية «٢٥» الفتح (٤٨).

(٧) الآية «٢٥١» البقرة (٢).

(٨) الآية «٩١» يوسف (١٢).

(٩) الآية «٢٠» الفرقان (٢٥) ، والقراءة المشهورة : (إلا إنهم).


بينها وبين «إن» النّافية ، نحو (وَإِنْ كانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللهُ)(١).

الّلام المزحلقة ـ هي لام الابتداء بعد «إنّ» المكسورة ، وسمّيت مزحلقة لأنهم زحلقوها عن صدر الجملة كراهية ابتداء الكلام بمؤكّدين ولها أربعة مواضع :

(١) خبر «إنّ» بثلاثة شروط :

كونه مؤخرا ، مثبتا ، غير ماض ، نحو (إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعاءِ)(٢) ، (وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ ما نُرِيدُ)(٣) ، (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ)(٤) فإن قرن الماضي ب «قد» جاز دخول الّلام عليه نحو «إنّ الغائب لقد حضر».

وأجاز بعضهم (٥) دخولها على الماضي الجامد لشبهه بالاسم نحو «إنّ إبراهيم لنعم الرّجل».

(٢) معمول الخبر وذلك بثلاثة شروط أيضا : تقدّمه على الخبر ، وكونه غير حال ، وكون الخبر صالحا لللام نحو «إنّ زيدا لطعامك آكل».

(٣) الاسم إذا تأخّر : عن الخبر نحو (إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً)(٦) أو عن معمول الخبر إذا كان ظرفا نحو «إنّ عندك لخالدا مقيم» أو جارّا ومجرورا نحو «إنّ في الدّار لزيدا جالس».

(٤) ضمير الفصل بدون شرط نحو (إِنَّ هذا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ)(٧) ويحكم على هذه الّلام بالزيادة في غير هذه المواضع.

الّلام الموطئة للقسم ـ وهي الدّاخلة على أداة الشّرط «إن» غالبا (٨) إيذانا بأنّ الجواب بعدها مبنيّ على قسم قبلها لا على الشّرط نحو (لَئِنْ

__________________

(١) الآية «١٤٣» البقرة (٢).

(٢) الآية «٣٩» إبراهيم (١٤).

(٣) الآية «٧٩» هود (١١).

(٤) الآية «٤» القلم (٦٨).

(٥) الأخفش والفراء وتبعهما ابن مالك.

(٦) الآية «١٣» آل عمران (٣).

(٧) الآية «٦٢» آل عمران (٣).

(٨) وقد تدخل على غيرها من أدوات الشرط ، من ذلك قراءة غير حمزة (لما أتيتكم من كتاب وحكمة) وقول الشاعر :

لمتى صلحت ليقضين لك صالح

ولتجزينّ إذا جزيت جميلا


أُخْرِجُوا لا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ ، وَلَئِنْ قُوتِلُوا لا يَنْصُرُونَهُمْ)(١).

ثمّ إن كان القسم مذكورا لم تلزم مثل «والله إن أكرمتني لأكرمنّك» وإن كان القسم محذوفا لزمت غالبا.

وقد تحذف ، والقسم محذوف.

نحو (وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ)(٢) ، (وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَتَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ)(٣) وقيل هي منويّة في نحو ذلك.

لئلّا ـ كلمة مركّبة من لام التّعليل و «أن» النّاصبة و «لا» النّافية ، ولذلك تدخل على المضارع فتنصبه نحو قوله تعالى (وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ)(٤).

لا يكون ـ من أدوات المستثنى ، والمستثنى بها واجب النصب ، لأنّه خبرها ، واسمها مستتر يعود على اسم الفاعل المفهوم من الفعل السابق ، فإذا قلت «قاموا لا يكون زيدا» فالتقدير : لا يكون هو أي لا يكون القائم.

ويلاحظ ب «لا يكون» في الاستثناء أنها لا تستعمل مع غير «لا» من أدوات النفي ، وجملة «لا يكون» في موضع نصب على الحال من المستثنى منه ، ويمكن أن تكون الجملة مستأنفة لا محلّ لها.

لبّيك ـ من لبّ بالمكان لبّا ، وألبّ : أقام به ولزمه ، فمعنى قولهم : «لبّيك» لزوما لطاعتك ، أو أنا مقيم على طاعتك إقامة بعد إقامة.

وإنما كان على هيئة المثنى ليفيد معنى التّكرار ، ومعناه على هذا : إجابة لك بعد إجابة.

وإعرابه : النصب على المصدر كقولك : حمدا لله وشكرا ، وهو ملازم للإضافة للمخاطب في الأكثر ، وشذّ إضافته إلى ضمير الغائب في قول الرّاجز :

__________________

(١) الآية «١٢» الحشر (٥٩).

(٢) الآية «٧٦» المائدة (٥).

(٣) الآية «٢٢» الأعراف (٧).

(٤) الآية «١٥٠» البقرة (٢).


إنّك لو دعوتني ودوني

زوراء ذات منزع بيون (١)

لقلت «لبّيه» لمن يدعوني كما شذّ إضافته إلى الظاهر في قول أعرابيّ من بني أسد :

دعوت ـ لما نابني ـ مسورا

فلبّى فلبّي يدي مسور (٢)

اللّتان ـ اسم موصول لتثنية «التي» بالألف رفعا ، و «اللّتين» بالياء المفتوح ما قبلها جرّا ونصبا.

وتميم وقيس تشدّدان النّون فيه للتعويض من المحذوف ، أو للتأكيد فرقا بينه وبين المعرب في التثنية ، ولا يختصّ ذلك بحالة الرفع فيقولون «اللّتانّ» و «اللّتينّ «وبلحارث ابن كعب ، وبعض ربيعة ، يحذفون نون اللّتان قال الأخطل :

هما اللّتا لو ولدت تميم

لقيل فخر لهم صميم

الّتي ـ اسم موصول ، للمفردة المؤنّثة عاقلة كانت نحو (قَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها)(٣) أو غير عاقلة نحو (ما وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كانُوا عَلَيْها)(٤) (ـ اسم الموصول).

اللّتيّا ـ تصغير «الّتي» (ـ التصغير ١٣)

اللّتيّات ـ جمع «اللّتيّا» تصغير «الّتي» (ـ التّصغير ١٣)

اللّتيّان ـ مثنى «اللّتيّا» مصغر «الّتي» (ـ التصغير ١٣)

لدى ـ اسم جامد لا حظّ له من الاشتقاق والتصريف ، وتقلب ألفه ياء مع الضمير ، كما تقلب ألف «إلى» و «على» يقال : «لديّ» و «لديه» كما يقال «إليّ» و «إليه» و «عليّ» و «عليه» وهي مثل «عند» مطلقا إلّا أنّ جرّها بحرف الجرّ ممتنع ، وأيضا «عند» أمكن منها من وجهين :

__________________

(١) الزوراء : الأرض البعيدة. المنزع : الفراغ الذي في البئر. البيون : الواسعة. وفي البيت التفات من الخطاب إلى الغيبة في قوله : لبيه ، بعد قوله : إنك.

(٢) نابني : أصابني ، فلبى : قال : لبيك وهو فعل ماض (فلبي يدي مسور) أي أجبته إجابة بعد إجابة إذا سألني في أمر ينوبه جزاء غرمه الدية التي لزمتني.

(٣) الآية «١» المجادلة (٥٨).

(٤) الآية «١٤٢» البقرة (٢).


الأوّل : أنها تكون ظرفا للأعيان والمعاني. تقول «هذا القول عندي صواب» و «عند فلان علم به» ويمتنع ذلك في «لدى» (١).

الثاني : أنّك تقول «عندي مال» وإن كان غائبا عنك ، ولا تقول : لديّ مال إلّا إذا كان حاضرا (٢) ، وتختلف «لدى» عن «لدن» بأمور (ـ لدن).

لدن ـ

١ ـ هي ظرف مكاني وزماني معناها وإضافتها

ك «عند» إلّا أنّها أقرب مكانا من عند وأخصّ منها ، وتجرّ ما بعدها بالإضافة لفظا إن كان معربا ، ومحلّا إن كان مبنيّا أو جملة ، فالأوّل نحو (مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ)(٣) ، والثاني نحو (وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً)(٤) ، والثالث كقول القطامي :

صريع غوان راقهنّ ورقنه

لدن شبّ حتى شاب سود الذوائب

وإذا اتصل ب «لدن» ياء المتكلم اتصلت بها «نون الوقاية» يقال «لدنّى» بتشديد النون ، ويقلّ تجريدها منها ، فيقال «لدني» بتخفيف النون.

٢ ـ «لدن» تفارق «عند» بستة أمور :

(١) أنّها ملازمة لمبدأ الغايات ، فمن ثمّ يتعاقبان ففي التنزيل (آتَيْناهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً)(٥) بخلاف «جلست عنده» فلا يجوز : جلست لدنه ، لعدم معنى الابتداء هنا.

(٢) أنّ الغالب استعمالها مجرورة ب «من».

(٣) أنها مبنيّة إلّا في لغة قيس ، وبلغتهم قرئ (من لدنه) (٦).

(٤) جواز إضافتها إلى الجمل كما تقدّم.

(٥) جواز إفرادها (٧) قبل «غدوة» وتنصب بها «غدوة» إمّا على التّمييز ،

__________________

(١) قاله ابن الشجري في أماليه.

(٢) قاله الحريري وأبو هلال العسكري وابن الشجري

(٣) الآية «١» هود (١١).

(٤) الآية «٦٦» الكهف (١٨).

(٤) الآية «٦٦» الكهف (١٨).

(٥) وهي عندهم مضمومة الدال إلا أن هذا السكون عارض للتخفيف.

(٦) أي قطعها عن الإضافة لفظا ومعنى.


وإمّا على التّشبيه بالمفعول به ، أو خبرا «لكان» محذوفة مع اسمها ، ومنه قوله :

وما زال مهري مزجر الكلب منهم

لدن غدوة حتّى دنت لغروب

(٦) أنها لا تقع إلّا فضلة تقول : «السّفر من عند دمشق» ولا تقول : من لدن دمشق.

٣ ـ لدن تفارق «لدى» بخمسة أمور :

«أ» أنّ «لدن» تحلّ محلّ ابتداء غاية ، نحو «جئت من لدنه» وهذا لا يصح في «لدى».

«ب» أنّ «لدن» لا يصح وقوعها عمدة في الكلام ، فلا تكون خبرا للمبتدأ وما شاكل ذلك ، بخلاف «لدى» فإنه يصح ذلك فيها نحو «لدينا كنز».

«ج» أنّ «لدن» كثيرا ما تجرّ ب «من» كما مرّ بخلاف «لدى».

«د» أنّ «لدن» تضاف إلى الجملة نحو «لدن سافرت» وهذا ممتنع في «لدى».

«ه» إن وقعت «لدن» قبل «غدوة» جاز جر «غدوة» بالإضافة ، ونصبها على التمييز ، ورفعها على تقدير :

«لدن كانت غدوة» و «لدى» ليس فيها إلّا الإضافة فقط.

الّذي ـ اسم موصول للمفرد المذكّر ، عاقلا كان نحو (وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ)(١) أو غير عاقل نحو (هذا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ)(٢).

الّذي المصدريّة ـ (ـ الموصول الحرفي ٢ ـ ٦).

الّذين ـ اسم موصول وهو بالياء في الرفع والنّصب والجر لجمع المذكّر العاقل أيضا ، وعند هذيل وعقيل بالواو رفعا ، وبالياء نصبا وجرّا ، قال رجل من بني عقيل :

نحن اللّذون صبّحوا الصّباحا

يوم النخيل غارة ملحاحا

وهل هو حينئذ معرب ، أو مبني جيء به على صورة المعرب؟ قولان عند النحاة ، الصحيح الثاني.

__________________

(١) الآية «٧٤» الزمر (٣٩).

(٢) الآية «١٠٣» الأنبياء (٢١).


للّذان (١) ـ اسم موصول تثنية «الذي» بالألف رفعا و «اللّذين» بالياء المفتوح ما قبلها جرّا ونصبا.

وتميم وقيس تشددان النون فيه تعويضا من المحذوف ، أو تأكيدا ، للفرق بينه وبين المعرب في التّثنية ، ولا يختص ذلك بحالة الرّفع ، لأنه قد قرئ في السبع (ربّنا أرنا اللّذينّ) (٢) ، كما قرئ في حالة الرفع (وَالَّذانِ يَأْتِيانِها مِنْكُمْ)(٣) وبلحرث بن كعب وبعض ربيعة يحذفون نون اللّذان قال الأخطل :

ابني كليب إنّ عمّيّ اللّذا

قتلا الملوك وفكّكا الأغلالا

اللّذيّا ـ تصغير «الّذي» (ـ التّصغير ١٤)

اللّذيّان ـ تثنية «اللّذيّا» مصغّر «الذي» (ـ التصغير ١٤).

اللّذيّون ـ للرّفع جمع «اللّذيّا» مصغّر «الّذي» (ـ التصغير ١٤)

اللّذيّين ـ للنّصب والجر جمع «اللذيّا» مصغر «الذي» ـ (ـ التصغير ١٤)

لعلّ العاملة عمل «إنّ» ـ لعلّ معناها : الترجّي ، وهو توقّع أمر ممكن ، إمّا محبّة له نحو (لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)(٤) أو إشفاقا وخوفا نحو (لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ)(٥).

وقد تأتي للتّعليل نحو «انته من عملك لعلّنا نتغدّى» ومنه (لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى)(٦) ، التقدير : لنتغدّى ، وليتذكّر ، كما قد تأتي للاستفهام (٧) ، نحو (وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى)(٨) تقديره : وما يدريك أيزّكّى.

__________________

(١) القياس في تثنية الذي والتي أن يقال : اللذيان واللتيان ، وفي تثنية ذا وتا الإشارتين ذيان وتيان كما يقال : القاضيان بإثبات الياء ، وفتيان بقلب الألف ياء ، ولكنهم فرقوا بين تثنية المبني والمعرب ، فحذفوا الآخر من المبني ، كما فرقوا في التصغير ، إذ قالوا في تصغير «الذي والتي وذا وتا» «اللذيا واللتيا وذيا وتيا» فأبقوا الحرف الأول على فتحه ، وزادوا ألفا في الآخر عوضا عن ضمة التصغير.

(٢) الآية «٢٩» فصلت (٤١).

(٣) الآية «١٥» النساء (٤).

(٤) الآية «١٨٩» البقرة (٢).

(٥) الآية «١٧» شورى (٤٢).

(٦) الآية «٤٤» طه (٢٠).

(٧) أثبته الكوفيون.

(٨) الآية «٣» عبس (٨٠).


وهي من أخوات «إنّ» وأحكامها كأحكامها.

وقد تتصل ب «لعلّ» «ما» الكافّة ، فتكفها عن العمل ، لزوال اختصاصها بالأسماء ، ومنه قول الفرزدق :

أعد نظرا يا عبد قيس لعلّما

أضاءت لك النّار الحمار المقيّدا (١)

وفي «لعلّ» لغات عشر ، أفصحها وأصحّها «لعلّ» (ـ إنّ وأخواتها)

لعلّ في لغة عقيل ـ تأتي في لغة عقيل حرف جر ومنه قول شاعرهم :

لعلّ الله فضّلكم علينا

بشيء أنّ أمّكم شريم (٢)

اللّفظ ـ

١ ـ تعريفه :

صوت مشتمل على بعض الحروف تحقيقا ك «علم» أو تقديرا كالضمير المستتر في قولك «استقم» الذي هو فاعله.

اللّفيف من الأفعال ـ

١ ـ قسماه :

اللفيف (١) مفروق (٢) ومقرون.

(١) فالمفروق : هو الذي فاؤه ولامه من حروف العلّة نحو «وقى» و «وفى».

وحكمه : باعتبار أوله كالمثال (ـ المثال من الأفعال)

وباعتبار آخره كالنّاقص (ـ الناقص من الأفعال) تقول في المضارع «يقي» و «يفي». وفي الأمر «قه» و «فه» بحذف فائه تبعا لحذفها في المضارع ، مع حذف لامه لبنائه على الحذف تقول : «قه يا زيد» «قيا يا زيدان» «قوا يا زيدون» «قي يا هند» «قين يا نسوة».

(٢) و «المقرون» : هو ما عينه ولامه حرفا علّة نحو «طوى» و «نوى» وحكمه كالنّاقص في جميع تصرّفاته. (ـ الناقص من الأفعال).

اللّقب ـ (ـ العلم ١٢ و ١٣).

لم ـ أداة للنّفي والجزم والقلب للمضي ، ويجوز دخول همزة

__________________

(١) وهناك رواية صحيحة : فربما بدل لعلما ولا شاهد فيه.

(٢) «لعل» حرف جر شبيه بالزائد (الله) مبتدأ رفع بحركة مقدرة لاشتغال المحل بحركة حرف الجر الشبيه بالزائد.


الاستفهام عليها نحو (لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ)(١) ونحو (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ)(٢).

وتنفرد «لم» عن «لمّا» الجازمة بمصاحبة «لم» لأداة الشرط نحو (وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ)(٣) وجواز انقطاع نفي منفيّا عن الحال ، ولذلك جاز :

(لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً)(٤) أي ثمّ كان ، وتنفرد «لمّا» عن «لم» بأمور (ـ لمّا).

لمّا ـ تأتي : استثنائية ، وجازمة ، وظرفيّة بمعنى حين.

لمّا الاستثنائيّة – قد تكون «لمّا» حرف استثناء بمعنى «إلّا» فتدخل على الجملة الاسميّة نحو (إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْها حافِظٌ)(٥) ، وعلى الماضي لفظا لا معنى نحو «أنشدك الله لمّا فعلت» أي ما أسألك إلّا فعلك.

لمّا الجازمة ـ تختصّ بالمضارع فتجزمه وتشترك مع «لم» بالحرفيّة والنّفي والجزم والقلب للمضيّ ؛ وجواز دخول همزة الاستفهام عليهما ، وتنفرد «لما» الجازمة بخمسة أمور :

«أ» جواز حذف مجزومها والوقف عليها في الاختيار نحو «قرب خالد من المدينة ولمّا» أي ولمّا يدخلها بعد.

«ب» جواز توقّع ثبوت مجزومها نحو (بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذابِ)(٦) أي إلى الآن ما ذاقوه ، وسوف يذوقونه ، ومن ثمّ امتنع أن يقال : «لمّا يجتمع الضّدّان».

«ج» وجوب اتصال نفي منفيّها بحال النطق كقول الممزّق العبدي :

فإن كنت مأكولا فكن خير آكل

وإلّا فأدركني ولمّا أمزّق

«د» أنّها لا تقترن بأداة الشّرط لا يقال : «إن لمّا تقم» ويقال : «إن لم» وفي القرآن الكريم (وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ)(٧).

__________________

(١) الآية «٣» الإخلاص (١١٢).

(٢) الآية «١» الانشراح (٩٤).

(٣) الآية «٧٠» المائدة (٥).

(٤) الآية «١» الدهر (٧٦).

(٥) الآية «٤» الطارق (٨٦).

(٦) الآية «٨» ص (٣٨).

(٧) الآية «٧٠» المائدة (٥).


لمّا الحينيّة (١) ـ وهي الظرفيّة ، وتختص بالماضي ، ويكون جوابها فعلا ماضيا ، نحو (فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ)(٢) أو جملة اسميّة مقرونة ب «إذا» الفجائيّة نحو (فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذا هُمْ يُشْرِكُونَ)(٣) أو بالفاء نحو (فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ)(٤) أو فعلا مضارعا عند بعضهم نحو (فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْراهِيمَ الرَّوْعُ وَجاءَتْهُ الْبُشْرى يُجادِلُنا)(٥) ، وهو مؤوّل بجادلنا.

لن ـ هي حرف نفي ونصب واستقبال ، ولا تقتضي تأبيد النفي ولا توكيده (٦) نحو قوله تعالى (فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا)(٧).

وقد تأتي للدّعاء نحو قول الأعشى :

لن تزالوا كذلكم ثمّ لا زل

ت لكم خالدا خلود الجبال

وتلقّي القسم بها نادر جدّا كقول أبي طالب :

والله لن يصلوا إليك بجمعهم

حتى أوسّد في التراب دفينا

اللهمّ ـ أصلها : يا الله حذف منها حرف النّداء ، وعوّض عنه الميم المشدّدة.

وقد يجمع بين الميم المشدّدة وحرف النداء كقول أبي خراش الهذلي :

إنّي إذا ما حدث ألمّا

دعوت يا اللهمّ يا اللهمّا

(ـ النداء)

اللهمّ إلّا أن يكون كذا ـ الشائع استعمال «اللهمّ» في الدّعاء ، والميم فيها عوض عن حرف النّداء ، تعظيما وتفخيما ، كما مرّ قريبا ، ولذلك لا يوصف ، ثمّ إنهم قد يأتون ب «اللهم» قبل الاستثناء ، إذا كان الاستثناء نادرا غريبا ، كأنهم لندوره استظهروا بالله في إثبات وجوده ، وهو كثير في كلام الفصحاء.

والغرض أنّ المستثنى مستعان بالله تعالى في تحقيقه تنبيها على ندرته

__________________

(١) ومن النحاة من جعل الظرفية أو الحينية هذه حرف وجود لوجود وتعصب لهذا الرأي ابن هشام في كثير من كتبه ودلل عليه في كتابه «شرح قطر الندى».

(٢) الآية «٦٧» الإسراء (١٧).

(٣) الآية «٦٥» العنكبوت (٢٩).

(٤) الآية «٣٢» لقمان (٣١).

(٥) الآية «٧٤» هود (١١).

(٦) بخلاف قول الزمخشري.

(٧) الآية «٢٦» مريم (١٩).


وأنّه لم يأت بالاستثناء إلّا بعد التفويض لله تعالى.

لو ـ تأتي «لو» على خمسة أقسام :

(١) التّقليل.

(٢) التّمني.

(٣) الشرطية.

(٤) العرض.

(٥) المصدريّة.

لو للتّقليل ـ مثال التّقليل في «لو» : «تصدّقوا ولو بظلف محرق» وهي حينئذ حرف تقليل لا جواب له.

لو للتّمني ـ مثالها : «لو تحضر فتسرّنا» ومنه قوله تعالى (لو (أَنَّ لَنا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ)(١) ولهذا نصب (فنكون) في جوابها ، ولا تحتاج إلى جواب كجواب الشّرط ، ولكن قد يؤتى لها بجواب منصوب كجواب «ليت» (٢).

لو الشّرطيّة (٣) ـ

١ ـ هي قسمان :

(الأوّل) أن تكون للتعليق في المستقبل فترادف «إن» الشّرطيّة كقول أبي صخر الهذلي :

ولو تلتقي أصداؤنا بعد موتنا

ومن دون رمسينا من الأرض سبسب

لظلّ صدى صوتي وإن كنت رمّة

لصوت صدى ليلى يهشّ ويطرب (٤)

وإذا وليها ماض أوّل بالمستقبل ، نحو (وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعافاً خافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللهَ)(٥). أو مضارع تخلّص للاستقبال ، كما في «إن» الشرطيّة نحو :

لا يلفك (٦) الراجوك إلّا مظهرا

خلق الكرام ولو تكون عديما

(الثاني) أن تكون للتعليق في الماضي ، وهو أكثر استعمالاتها ، وتقتضي لزوم امتناع شرطها لامتناع جوابها إن لم يكن له سبب غير الشرط نحو

__________________

(١) الآية «١٦٧» البقرة (٢).

(٢) أي بمضارع منصوب بأن مضمرة بعد فاء السببية لتقدم التمني بحرف «لو» كما هي الحال ب «ليت».

(٣) «لو» هذه هي التي شهرت بأنها حرف امتناع لامتناع.

(٤) الصدى : ترجيع الصوت من الجبل ونحوه.

والرمس : القبر أو ترابه. والسبسب : المفازة والرمة : العظام البالية ، ويهش : يرتاح.

(٥) الآية «٨» النساء (٤).

(٦) حذفت ياء يلفيك للضرورة ، أو إن «لا» هي الناهية.


(وَلَوْ شِئْنا لَرَفَعْناهُ بِها)(١) «لو كانت الشّمس طالعة كان النهار موجودا» وإن كان له سبب غير الشرط لم يلزم امتناعه ولا ثبوته نحو «لو كانت الشّمس طالعة كان الضوء موجودا» ومنه الأثر المروي عن عمر «نعم العبد صهيب لو لم يخف الله لم يعصه» (٢) وإذا وليها مضارع أوّل بالمضي ، نحو (لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ)(٣).

٢ ـ اختصاص «لو» الشرطية بالفعل :

تختصّ «لو» مطلقا بالفعل ، ويجوز أن يليها قليلا : اسم معمول لفعل محذوف وجوبا يفسّره ما بعده إمّا مرفوع كقول الغطمّش الضّبي :

أخلّاي لو غير الحمام أصابكم

عتبت ولكن ما على الدهر معتب

وقولهم في المثل : «لو غير ذات سوار لطمتني» (٤).

أو منصوب نحو «لو محمّدا رأيته أكرمته. أو خبر ل «كان» محذوفة مع اسمها نحو «التمس ولو خاتما من حديد».

ويليها كثيرا «أنّ» وصلتها ، نحو (وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا)(٥) والمصدر المؤوّل فاعل ب «ثبت» مقدر ، ومثله قول تميم بن أبيّ بن مقبل :

ما أنعم العيش لو أنّ الفتى حجر

تنبو الحوادث عنه وهو ملموم

٣ ـ جواب «لو» الشرطيّة :

جواب «لو» إمّا ماض معنى ، نحو «لو لم يخف الله لم يعصه» أو وضعا ، وهو : إما مثبت فاقترانه بالّلام أكثر نحو (لَوْ نَشاءُ لَجَعَلْناهُ حُطاماً)(٦) ومن القليل : (لَوْ نَشاءُ جَعَلْناهُ أُجاجاً)(٧).

__________________

(١) الآية «١٧٥» الأعراف (٧).

(٢) المراد : أن صهيبا لو قدر خلوه من الخوف لم تقع منه معصية ، فكيف والخوف حاصل منه ، لأن انتفاء العصيان له سببان : خوف العقاب ، والإجلال والإعظام لله ، ويلاحظ مثل ذلك صهيب.

(٣) الآية «٧» الحجرات (٤٩).

(٤) قاله حاتم الطائي ، وكان قد أسر فلطمته جارية من جواري الحي. الذي أسر فيه ، ويضرب للوضيع يهين الشريف.

(٥) الآية «٥» الحجرات (٤٩).

(٦) الآية «٦٥» الواقعة (٥٦).

(٧) الآية «٧٠» الواقعة (٥٦).


وإمّا منفي ب «ما» فالأمر بالعكس نحو (وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ ما فَعَلُوهُ)(١) وقول الشاعر :

ولو نعطى الخيار لما افترقنا

ولكن لا خيار مع اللّيالي

لو للعرض ـ مثالها : «لو تنزل عندنا فتصيب خيرا» ولا جواب له والفاء بعدها فاء السببيّة لأنّ العرض من الطلب.

لو المصدريّة ـ ترادف «أن» وأكثر وقوعها بعد «ودّ» نحو (وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ)(٢) أو «يودّ» نحو (يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ)(٣) وتقديره : الإدهان والتعمير.

ومن القليل قول قتيلة أخت النّضر ابن الحارث الأسدية :

ما كان ضرّك لو مننت وربّما

منّ الفتى وهو المغيظ المحنق

وإذا وليها الماضي بقي على مضيّه ، أو المضارع تخلّص للاستقبال كما أن «أن» المصدريّة كذلك.

لو لا ولو ما ـ لهذين الحرفين استعمالان.

أحدهما :

أن يدّلا على امتناع جوابهما لوجود تاليهما فيختصّان بالجمل الاسميّة ، نحو (لَوْ لا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ)(٤) وقول الشاعر :

لو ما الإصاخة للوشاة لكان لي

من بعد سخطك في الرّضاء رجاء

الثاني : أن يدلّا على التّحضيض فيختصّان بالفعليّة نحو (فلو لا نزّل علينا الملائكة) (٥)(لَوْ ما تَأْتِينا بِالْمَلائِكَةِ)(٦).

ويساويهما في التّحضيض والاختصاص بالأفعال «هلّا وألّا وألا».

وقد يلي حرف التّحضيض اسم معمول لفعل : إمّا مضمر كالحديث «فهلّا بكرا تلاعبها وتلاعبك» أي فهلّا تزوّجت بكرا.

وإمّا مظهر مؤخّر نحو (وَلَوْ لا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ)(٧) أي هلّا قلتم إذ سمعتموه.

__________________

(١) الآية «١١٢» الأنعام (٦).

(٢) الآية «٩» القلم (٦٨).

(٣) الآية «٩٦» البقرة (٢).

(٤) الآية «٣١» سبأ (٣٤).

(٥) الآية «٢١» الفرقان (٢٥).

(٦) الآية «٧» الحجر (١٥).

(٧) الآية «١٦» النور (٢٤).


ما ذكرناه هو أشهر استعمالات هذه الأدوات.

وقد تستعمل في غير ذلك للتوبيخ والتنديم فتختص بالماضي أو ما في تأويله ظاهرا أو مضمرا نحو (لَوْ لا جاؤُ عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ)(١) ونحو قوله :

أتيت بعبد الله في القدّ موثقا

فهلّا سعيدا ذا الخيانة والغدر (٢)

أي فهلّا أسرت سعيدا.

كما أنه قد يقع بعد حرف التّحضيض مبتدأ وخبر ، فيقدر المضمر «كان» الشأنية كقوله :

ونبّئت ليلى أرسلت بشفاعة

إليّ فهلّا نفس ليلى شفيعها

أي فهلّا كان الشأن نفس ليلى شفيعها.

لو ما ـ (ـ لو لا ولو ما)

ليت ـ هي للتّمني وهو طلب ما لا طمع فيه ، أو ما فيه عسر ، وهي من أخوات «إنّ» وأحكامها كأحكامها ، وإذا دخلت «ما» الزائدة ـ وهي الكافّة ـ عليها تبقى على اختصاصها بالجمل الاسميّة ، ويجوز إعمالها وإهمالها وقد روي بهما قول النّابغة الذبياني :

قالت ألا ليتما هذا الحمام لنا

إلى حمامتنا أو نصفه فقد (٣)

ليس ـ فعل جامد معناه النّفي وتأتي في ثلاثة أغراض :

(١) تعمل عمل كان ، وأحكامها كأحكامها إلّا في أشياء منها : أنّه لا يجوز أن يتقدّم خبرها عليها ومنها : زيادة الباء في خبرها بكثرة نحو (أَلَيْسَ اللهُ بِكافٍ عَبْدَهُ)(٤) (ـ كان وأخواتها).

(٢) تأتي أداة للاستثناء ، والمستثنى بها واجب النّصب ، لأنه خبرها ، واسمها ضمير مستتر وجوبا يعود على اسم الفاعل المفهوم من فعله السابق ، فإذا قلنا «قام القوم ليس بكرا» يكون التقدير ليس القائم بكرا.

__________________

(١) الآية «١٣» النور (٢٤).

(٢) القد : سير من جلد غير مدبوغ.

(٣) يروى برفع الحمام ونصبه ، فالرفع على الإهمال ، والنصب على الإعمال ، والنابغة قال هذا البيت في زرقاء اليمامة ، وكانت مشهورة بحدة النظر فمر بها سرب من القطا فحدثت أنه إذا ضم إليه نصفه وحمامتها كل مائة ، و «قد» هنا بمعنى حسب ، والفاء لتزيين اللفظ.

(٤) الآية «٣٦» الزمر (٣٩).


(٣) تأتي عاطفة (١) وتقتضي التشريك باللّفظ دون المعنى لأنّ المعنى ينفي فيها لما بعدها ما ثبت لما قبلها وعلى ذلك قول لبيد بن ربيعة العامري يحثّ على المكافأة :

وإذا أقرضت قرضا فاجزه

إنما يجزي الفتى ليس الجمل (٢)

ليس غير ـ «غير» اسم دالّ على مخالفة ما قبله لحقيقة ما بعده.

وإذا وقع بعد «ليس» «غير» وعلم المضاف إليه جاز ذكره ، نحو «أخذت عشرة كتب ليس غيرها» (٣) ، وجاز حذفه لفظا ، فيضم بغير تنوين فتقول : «دعوت ثلاثة ليس غير» (٤) على أنها ضمة بناء لأنها ك «قبل» في الإبهام ، فهي اسم ليس أو خبرها. أو إعراب لأنها اسم ك «كل وبعض» لا ظرف فهي اسم لا خبر.

ويجوز الفتح قليلا مع التنوين ودونه ، فهي خبر ، والحركة إعراب باتفاق كالضم مع التنوين

__________________

(١) وهذا عند البغداديين ، وعند غيرهم وهم أكثر النحاة : ليست حرف عطف.

(٢) والجمل في البيت اسم ليس ، وخبرها محذوف ، أي ليس الجمل جازيا.

(٣) برفع غيرها اسما والخبر محذوف أي ليس غيرها مأخوذا ، أو بالنصب على حذف الاسم أي ليس المأخوذ غيرها.

(٤) الجمهور على أنه لا يجوز الحذف بعد ألفاظ الجحد إلا «ليس» فلا يقال «أنفقت مائة لا غير» ـ ولكن السماع خلافه ، ففي القاموس : قيل : وقولهم «لا غير ، لحن» وهو غير جيد ، لأنه مسموع قال الشاعر :

جوابا به تنجو اعتمد فوربنا

لعن عمل أسلفت لا غير تسأل


باب الميم

ما الاستفهاميّة ـ

١ ـ معناها :

معناها : أي شيء نحو (ما هِيَ؟)(١)(ما لَوْنُها؟)(٢)(وَما تِلْكَ بِيَمِينِكَ)(٣)

٢ ـ حذف ألفها :

يجب حذف ألف «ما» الاستفهاميّة إذا جرّت وإبقاء الفتحة دليلا عليها نحو «فيم» و «إلام» و «علام» و «بم» و «عمّ» نحو (فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْراها)(٤)(فَناظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ)(٥)(لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ)(٦).

٣ ـ تركيبها مع «ذا» :

تأتي في ذلك على أربعة أوجه :

أحدها : أن تكون مع «ذا» للإشارة نحو «ماذا التّقصير».

الثاني : أن تكون مع «ذا» الموصولة (ـ الموصول الاسمي).

الثالث : أن يكون «ماذا» كلّه استفهاما على التركيب كقول جرير :

يا خزر تغلب ما ذا بال نسوتكم

لا يستفقن إلى الدّيرين تحنانا (٧)

الرابع : أن يكون «ماذا» كلّه اسم جنس بمعنى شيء أو موصولا بمعنى الذي على خلاف في تخريج قول المثقّب العبدي :

دعي ماذا علمت سأتّقيه

ولكن بالمغيّب نبّئيني

فالجمهور على أنّ «ماذا» كلّه مفعول «دعي» في البيت ، ثمّ اختلفوا فقال بعضهم : موصول بمعنى الذي.

وقال آخرون : نكرة بمعنى شيء.

ما التّعجّبيّة ـ (ـ التعجّب ٣)

ما الجازمة لفعلين ـ (ـ جوازم المضارع ٣)

__________________

(١) الآية «٦٨» البقرة (٢).

(٢) الآية «٦٩» البقرة (٢).

(٣) الآية «١٧» طه (٢٠).

(٤) الآية «٤٣» النازعات (٧٩).

(٥) الآية «٣٥» النمل (٢٧).

(٦) الآية «٢» الصف (٦١).

(٧) الخزر : جمع «أخزر» وهو صغير العينيين.


ما الحجازيّة ـ

١ ـ التّعريف بها وتسميتها :

«ما» الحجازية هي من المشبّهات ب «ليس» في النّفي ، لذلك تعمل عملها بشروط ، وسميت حجازيّة لأنّ الحجازيين أعملوها ، في النكرة والمعرفة ، وبلغتهم جاء التنزيل قال تعالى (ما هذا بَشَراً)(١)(ما هُنَّ أُمَّهاتِهِمْ)(٢).

٢ ـ شروط إعمالها :

تعمل «ما» الحجازية بأربعة شروط :

(أحدها) ألّا يقترن اسمها ب «إن» الزّائدة وإلّا بطل عملها كقوله :

بني غدانة ما إن أنتم ذهب

ولا صريف ولكن أنتم خزف (٣)

(الثاني) ألّا ينتقض نفي خبرها ب «إلّا» ولذلك وجب الرفع في قوله تعالى (وَما أَمْرُنا إِلَّا واحِدَةٌ)(٤)(وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ)(٥) فأما قوله :

وما الدّهر إلا منجنونا بأهله

وما صاحب الحاجات إلا معذّبا (٦)

فمن باب المفعول المطلق المحذوف عامله ، على حدّ قولك «ما محمّد إلّا سيرا» أي يسير سيرا والتقدير في البيت : ما الدّهر إلا يدور دوران منجنون بأهله ، وما صاحب الحاجات إلا يعذّب تعذيبا ، وأجاز يونس النصب بعد الإيجاب مطلقا ، وهذا البيت يشهد له (٧).

ولأجل هذا الشّرط وجب الرفع بعد «بل ولكن» في نحو «ما هشام مسافرا بل مقيم» أو «لكن مقيم» على أنه خبر لمبتدأ محذوف ، ولم يجز نصبه بالعطف لأنّه موجب.

(الثالث) ألا يتقدّم الخبر على الاسم

__________________

(١) الآية «٣١» يوسف (١٢).

(٢) الآية «٢» المجادلة (٥٨).

(٣) برفع «ذهب» على الإهمال ، ورواية ابن السكيت «ذهبا» بالنصب ، وتخرّج على أن «إن» نافية مؤكدة ل «ما» لا زائدة ، و «غدانة» حي من يربوع ، «الصريف» الفضة الخالصة «الخزف» كل ما عمل من طين وشوي بالنار حتى يكون فخارا.

(٤) الآية «٥٠» القمر (٥٤).

(٥) الآية «١٤٤» آل عمران (٣).

(٦) «المنجنون» الدولاب التي يستقى بها الماء.

والمعنى : وما الزمان بأهله إلا كالدولاب تارة يرفع وتارة يضع وما صاحب الحاجات إلا معذبا في تحصيلها.

(٧) وعند الفراء يجوز النصب بعد الإيجاب إذا كان الخبر وصفا.


كقولهم «ما مسيء من أعتب» (١) وقول الشاعر :

وما خذّل قومي فأخضع للعدى

ولكن إذا أدعوهم فهم هم (٢)

فأمّا قول الفرزدق يمدح عمر بن عبد العزيز :

فأصبحوا قد أعاد الله نعمتهم

إذ هم قريش وإذ ما مثلهم بشر

بنصب «مثلهم» مع تقدمه ، فقال سيبويه شاذ.

(الرابع) ألّا يتقدّم معمول خبرها على اسمها ، فإن تقدّم بطل عملها كقول مزاحم العقيلي :

وقالوا تعرّفها المنازل من منى

وما كلّ من وافى منى أنا عارف (٣)

إلا إن كان المعمول ظرفا أو مجرورا فيجوز عملها كقول الشاعر :

بأهبة حزم لذ وإن كنت آمنا

فما كلّ حين من توالي مواليا (٤)

والأصل : فما من توالي مواليا كل حين.

٣ ـ زيادة الباء في خبرها :

تزاد الباء في خبر «ما» بكثرة وذلك نحو قوله تعالى (وَمَا اللهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ)(٥)

ما المصدريّة والمصدريّة الظّرفيّة ـ (ـ الموصول الحرفي ٢ و ٣)

ما الموصولة ـ وتستعمل فيما لا يعقل وحده نحو (ما عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ)(٦) وقد تكون له مع العاقل نحو (سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ)(٧) وتكون لأنواع من يعقل نحو

__________________

(١) ف «مسيء» خبر مقدم و «من» مبتدأ مؤخر ، وحكى الجرمي «ما مسيئا من أعتب» على الإعمال وقال : إنه لغة ، والمعتب : الذي عاد إلى مسرتك بعد ما ساءك.

(٢) «خذل» جمع خاذل : خبر مقدم و «قومي» مبتدأ مؤخر.

(٣) «تعرفها» يقال : تعرفت ما عند فلان : أي تطلبت حتى عرفت «المنازل» مفعول فيه ، أو منصوب بنزع الخافض ، و «كل» مفعول «عارف». فبطل عمل «ما» لتقدم معمول الخبر على الاسم ف «أنا عارف» مبتدأ وخبره.

(٤) ف «ما» نافية حجازية «من توالي» اسم موصول اسمها «مواليا» خبرها منصوب «كل حين» ظرف زمان منصوب ب «مواليا» :

(٥) الآية «٩٩» آل عمران (٣).

(٦) الآية «٩٦» النحل (١٦).

(٧) الآية «١» الصف (٦١).


(فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ)(١) وتكون للمبهم أمره ، كقولك حين ترى شبحا من بعد «انظر إلى ما ظهر».

ما النّافية ـ تنفي الماضي والحاضر ، وهي لنفي المعارف كثيرا والنكرات قليلا.

وإذا دخلت على المضارع كانت لنفي الحال.

ما الواقعة بعد نعم ـ (ـ نعم وبئس ٢ تعليق).

ما انفكّ ـ أصل معنى «انفكّ» زال ، فلمّا دخلت «ما» صارت بمعنى ما زال.

(١) وهي من أخوات كان ، وأحكامها كأحكامها (ـ كان وأخواتها).

وهي ناقصة التصرف فلا يستعمل منها أمر ولا مصدر ولا تعمل إلّا بشرط أن يتقدّم عليها «نفي أو نهي أو دعاء».

فمثالها بعد النّفي بالاسم الموضوع للنفي قوله :

غير منفكّ أسير هوى

كلّ وان ليس يعتبر (٢)

ومثالها بعد النّفي بالفعل الموضوع للنّفي قوله :

ليس ينفكّ ذا غنى واعتزاز

كلّ ذي عفّة مقلّ قنوع (٣)

ولا يجوز تقديم خبرها عليها بخلاف «كان» ومعظم أخواتها.

(٢) قد تأتي ـ انفكّ ـ تامّة بمعنى «انفصل» تقول «انفكّ الخاتم» أي انفصل ومثلها «ما انفكّ الخاتم» أي لم ينفصل.

ما برح ـ

(١) أصل معنى «برح» من «برح المكان» زال عنه ، فلما جاءت «ما» النافية أفادت معنى : بقي.

وهي من أخوات «كان» وأحكامها كأحكامها وهي ناقصة التّصرّف ، فلا يستعمل منها أمر ولا مصدر ،

__________________

(١) الآية «٣» النساء (٤).

(٢) «منفك» اسم فاعل «انفك» واعتمد على النفي الاسمي وهو «غير» «أسير» خبر مقدم ل «منفك» و «كل» اسم منفك.

(٣) «كل» يتنازعه «ليس وينفك» فهو اسم ينفك أو يعود عليه اسم ينفك «ذا غنى» خبر ينفك.


ولا تعمل إلّا بشرط أن يتقدّم عليها : «نفي أو نهي أو دعاء» مثالها بعد النّفي بالحرف (لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عاكِفِينَ)(١) ومنه قول امرئ القيس :

فقلت يمين الله أبرح (٢) قاعدا

ولو قطعوا رأسي لديك وأوصالي

ومثالها بعد النّفي بالفعل قوله :

قلّما (٣) يبرح اللّبيب إلى ما

يورث الحمد داعيا أو مجيبا

وتنفرد «ما برح» عن كان : بأنها لا يجوز تقديم خبرها عليها.

(٢) وقد تأتي تامّة بمعنى ذهب نحو (وَإِذْ قالَ مُوسى لِفَتاهُ لا أَبْرَحُ)(٤) أي لا أذهب (ـ كان وأخواتها)

ما دام ـ

(١) من أخوات «كان».

وأصلها : «دام بمعنى استمرّ ودخلت عليها «ما» المصدريّة الظّرفيّة.

وهي الوحيدة من أخوات كان التي يجب أن يتقدّمها «ما» المصدريّة نحو (وَأَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ ما دُمْتُ حَيًّا)(٥) أي مدّة دوامي حيّا.

و «ما» هذه مصدريّة لأنها تقدر بالمصدر وهو الدّوام وهي «ظرفيّة» لنيابتها عن الظّرف وهو «المدّة» ولا يجوز تقديم خبرها عليها بخلاف «كان» والكثير من أخواتها.

(٢) قد تستعمل «ما دام» تامّة إذا كانت بمعنى «بقي» نحو (خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ)(٦) (ـ كان وأخواتها)

ماذا ـ (ـ «ما» الاستفهاميّة ٣ ، والموصول الاسمي ١٦).

ما زال ـ زال ماضي يزال (٧) ، وهي من أخوات «كان».

__________________

(١) الآية «٩١» طه (٢٠).

(٢) الأصل في البيت «لا أبرح» وانظر التعليق على «ما فتئ».

(٣) «قلما» هنا خلع منه معنى التقليل ، وصير بمعنى «ما» النافية.

(٤) الآية «٦١» الكهف (١٨).

(٥) الآية «٣١» مريم (١٩).

(٦) الآية «١٠٨» هود (١١).

(٧) إنما قيدت بماضي يزال احترازا من «زال يزيل» بمعنى ماز ومصدره «الزيل» ويتعدى إلى مفعول واحد ، واحترازا من «زال يزول» فإنه فعل تام لازم ، ومعناه الانتقال ومصدره الزوال.


وهي ناقصة التصرف ، فلا يستعمل منها أمر ولا مصدر ، ويمكن أن يعمل فيها اسم الفاعل نحو قول الشّاعر :

قضى الله يا أسماء أن لست زائلا

أحبّك حتى يغمض العين مغمض (١)

ولا تعمل إلّا بشرط أن يتقدّم عليها : «نفي ، أو نهي ، أو دعاء» مثال النفي (وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ)(٢) ومثال النّهي قول الشاعر :

صاح شمّر ولا تزل ذاكر المو

ت فنسيانه ضلال مبين (٣)

ومثال الدّعاء قول ذي الرّمّة :

ألا يا اسلمي يا دارميّ على البلى

ولا زال منهلّا بجرعائك القطر (٤)

وتنفرد عن «كان» بأنها لا يجوز تقديم خبرها عليها ، فلا يجوز «صائما ما زال علي» ـ أمّا تقدّمه على «زال» وبعد «ما» فجائز نحو «ما صائما زال علي» وبأنها ألزمت النقص فلا يأتي منها فعل تامّ (ـ كان وأخواتها)

الماضي ـ

١ ـ تعريفه :

ما يدل على حدوث شيء مضى قبل زمن التكلّم مثل «قرأ».

٢ ـ علامته :

يتميز الماضي بقبول تاء الفاعل (٥) ك «تبارك وعسى وليس».

أو تاء التّأنيث السّاكنة ك «نعم وبئس وعسى وليس».

٣ ـ حكمه :

الماضي مبنيّ دائما ويبنى :

(أ) على الفتح ك «سمع».

(ب) وعلى الضّمّ إذا اتصل به واو الجماعة ك «سمعوا».

(ج) وعلى السكون إذا اتصل به

__________________

(١) «زائلا» اسم فاعل زال الناقصة ، وسبقه نفي بالفعل ، فاسمه مستتر فيه تقديره «أنا» وجملة «أحبك» خبره.

(٢) الآية «١١٩» هود (١١).

(٣) صاح : مرخم صاحب على غير قياس.

(٤) «القطر» وهو المطر : اسم زال مؤخرا و «منهلا» خبر مقدم و «ألا» حرف استفتاح «يا» حرف نداء والمنادى محذوف أي يا هذه أو حرف تنبيه «الجرعاء» تأنيث الأجرع : رملة مستوية لا تنبت شيئا.

(٥) ومتى دلت كلمة على معنى الماضي ، ولم تقبل إحدى الناءين ، فهي اسم فعل ماض ك «هيهات» بمعنى بعد. و «شتان» بمعنى افترق.


ضمير رفع متحرك ك «سمعت ، سمعنا» (١).

ما فتئ ـ أصل معنى «فتئ» نسيه وانكفّ عنه فلمّا دخلت «ما» أفادت الاستمرار والبقاء.

وهي من أخوات «كان» وأحكامها كأحكامها ، وهي ناقصة التّصرف فلا يستعمل منها أمر ولا مصدر ولا تعمل إلّا بشرط أن يتقدّم عليها «نفي أو نهي أو دعاء» نحو (تَاللهِ تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ)(٢).

ولا يجوز تقديم خبرها عليها بخلاف كان وكثير من أخواتها ولا ترد إلّا ناقصة (ـ كان وأخواتها).

مبالغة اسم الفاعل وصيغها العاملة ـ

١ ـ تعريفها ومعناها :

صيغ المبالغة هي أسماء فاعل ولكنها تحوّلت إلى صيغ المبالغة لقصد المبالغة والتكثير.

٢ ـ أمثلة المبالغة وعملها :

أمثلة المبالغة هي : «فعّال ، مفعال ، فعول» بكثرة و «فعيل ، فعل» بقلّة ، وهذه الأمثلة لا تبنى من غير الثلاثي إلّا ما ندر ، مثل «درّاك» و «سأرّ» من أدرك وأسأر ، و «معطاء» و «مهوان» من أعطى وأهان ، و «سميع» و «نذير» من أسمع وأنذر ، و «زهوق» من أزهق ، فما أتى على هذه الصّيغ يعمل عمل اسم الفاعل بشروطه المذكورة في بحثه كقول القلاخ بن حزن في فعّال :

أخا الحرب لبّاسا إليها جلالها

وليس بولّاج الخوالف أعقلا (٣)

وحكى سيبويه في مفعال : «إنّه لمنحار بوائكها» (٤).

__________________

(١) وعند حذاق النحاة : لا يبنى الماضي إلا على الفتح ، فإذا اتصلت به الواو فالضمة عارضة لمناسبتها ، وإذا اتصل به ضمير رفع متحرك فالسكون عارض أوجبه كراهيتهم توالي أربع متحركات.

(٢) الآية «٨٥» يوسف (١٢) ، والأصل في الآية : لا تفتأ ، ولا ينقاس حذف النافي إلا بثلاثة شروط : الأول : كون الفعل مضارعا ، الثاني : كونه جواب قسم ، الثالث : كون النافي «لا». ومثلها تبرح

(٣) أخا الحرب ، ولباسا : حالان صاحبهما في البيت قبله. والجلال : أراد به ما يلبس من الدروع. والولاج : مبالغة والج. والخوالف : جمع خالفة : وهي عماد البيت وأراد بها البيت.

(٤) البوائك : جمع بائكة وهي الناقة الحسنة.


وكقول أبي طالب في فعول :

ضروب بنصل السّيف سوق سمانها

إذا عدموا زادا فإنّك عاقر

وكقول عبد الله بن قيس الرّقيّات في «فعيل» :

فتاتان أمّا منهما فشبيهة

هلالا والاخرى منهما تشبه البدرا (١)

وكقول زيد الخيل في «فعل» :

أتاني أنهم مزقون عرضي

جحاش الكرملين لها فديد (٢)

٣ ـ عمل تثنيتها وجمعها :

لا يختلف تثنية مبالغة اسم الفاعل وجمعها في العمل عن المفرد إذا توفّرت شروط العمل ، فمن عمل الجمع قول طرفة بن العبد :

ثمّ زادوا أنهم في قومهم

غفر ذنبهم غير فخر

ف «غفر» جمع غفور ، وقد سبق قريبا الاستشهاد على الجمع في قول زيد الخيل «مزقون عرضي».

المبتدأ ـ

١ ـ تعريفه :

المبتدأ اسم صريح ، أو بمنزلته ، مجرد عن العوامل اللّفظيّة ، أو بمنزلته ، مخبر عنه ، أو وصف ، رافع لمكتف به.

فالاسم الصريح نحو «الله ربّنا» ، والذي بمنزلته نحو قوله تعالى (وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ)(٣) فأن تصوموا في تأويل صومكم ، وخبره «خير لكم» (٤).

والمجرّد عن العوامل اللفظيّة كما مثلنا ،

__________________

(١) قوله : أما منهما : أي واحدة منهما ، وهو خبر لمبتدأ محذوف.

(٢) عرض الرجل : جانبه الذي يصونه من حسبه ونفسه ويحامي عنه. «الكرملين» اسم ماء في جبل طيء ، والفديد : الصياح. المعنى : أني لا أعبأ بذلك ، ولا أصغي إليه ، كما لا يعبأ بصوت الجحاش عند الماء.

(٣) الآية «١٨٤» البقرة (٢).

(٤) ومثله : المثل المشهور (تسمع بالمعيدي خير من أن تراه) فتسمع مبتدأ وهو في تأويل : سماعك ، وقبله أن مقدرة ، والذي حسن حذف «أن» من تسمع ثبوتها في «أن تراه» والفرق بين هذا وقوله تعالى (وَأَنْ تَصُومُوا) أن السبك في المثل شاذ ، وفي الآية وأمثالها مطرد. ومثله في التأويل بمصدر قوله تعالى ((سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ) *) «فأنذرتهم» مبتدأ وهو في تأويل «إنذارك» ، و «أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ» معطوف عليه و «سواء» خبر مقدم ، والتقدير : إنذارك وعدمه سواء عليهم.


والذي بمنزلته نحو قوله تعالى (هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللهِ)(١). ونحو «بحسبك درهم» «فخالق» في الآية و «بحسبك» مبتدآن ، وإن كان ظاهرهما مجرورا ب «من» و «الباء» الزائدتين ، لأنّ وجود الزائد كلا وجود ومنه عند سيبويه قوله تعالى (بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ)(٢) «فأيّكم» مبتدأ والباء زائدة فيه ، و «المفتون» خبره.

والوصف (٣) الرافع لمكتف به نحو «أسار الرجلان».

ولا بدّ للوصف المذكور من تقدّم نفي أو استفهام نحو قوله :

خليليّ ما واف بعهدي أنتما

إذا لم تكونا لي على من أقاطع

وقوله :

أقاطن قوم سلمى أم نووا ظعنا

إن يظعنوا فعجيب عيش من قطنا

والكوفيّ لا يلتزم هذا الشّرط محتجا بقول بعض الطّائيين :

خبير بنو لهب فلا تك ملغيا

مقالة لهبيّ إذا الطير مرّت (٤)

٢ ـ أحوال المبتدأ الوصف المعتمد على نفي أو استفهام :

إذا رفع الوصف ما بعده فله ثلاثة أحوال :

«أ» وجوب أن يكون الوصف مبتدأ وذلك إذا لم يطابق ما بعده بالتثنية والجمع نحو «أجادّ أخواك أو إخوتك» ف «جادّ» مبتدأ و «أخواك» فاعله سدّ مسدّ خبره (٥).

__________________

(١) الآية «٣» فاطر (٣٥).

(٢) الآية «٦» القلم (٦٨).

(٣) يتناول الوصف : اسم الفاعل نحو «أفاهم هذان» واسم المفعول نحو «ما مأخوذ البريئان» والصفة المشبهة نحو «أحسنة العينان» واسم التفضيل نحو «هل أحسن في عين زيد الكحل منه في عين غيره» والمنسوب نحو «أدمشقي أبوك» ويخرج بقوله : رافع لمكتف به نحو «أقائم أبواه علي» فالمرفوع بالوصف غير مكتف به وإعرابه : «علي» مبتدأ مؤخر و «قائم» خبره ، و «أبواه» فاعله.

(٤) فعند الكوفي : «خبير» مبتدأ ، «بنو» فاعل أغنى عن الخبر. وعند البصري الذي يشترط أن يتقدم الوصف نفي أو استفهام : «خبير» خبر مقدم و «بنو» مبتدأ مؤخر ، وإنما صح الإخبار ب «خبير» مع كونه مفردا عن الجمع وهو «بنو لهب» على حد قوله تعالى ((وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ)). وبنو لهب : حي من الأزد مشهورون بزجر الطير وعيافته.

(٥) وإنما تعين أن يكون الوصف مبتدأ هنا ولم يصح أن يكون خبرا مقدما لأنه لا يخبر عن المثنى بالمفرد.


«ب» وجوب أن يكون الوصف خبرا وذلك إذا طابق ما بعده تثنية وجمعا نحو «أناجحان أخواك؟» و «أمتعلّمون أبناؤك؟» ف «أناجحان» و «أمتعلّمون» خبران مقدّمان ، والمرفوع بعدهما مبتدأ مؤخّر (١).

«ج» جواز الأمرين ، وذلك إذا طابق الوصف ما بعده إفرادا فقط نحو «أحاذق أخوك» و «أفاضلة أختك» فيجوز أن يجعل الوصف مبتدأ وما بعده فاعلا سدّ مسدّ الخبر ، ويجوز أن يجعل الوصف خبرا مقدّما ، والمرفوع بعده مبتدأ مؤخّرا.

٣ ـ الرافع للمبتدأ :

ارتفع المبتدأ بالابتداء ، وهو التجرّد عن العوامل اللّفظيّة للإسناد ، والخبر يرتفع بالمبتدأ (٢).

٤ ـ مسوّغات الابتداء بالنّكرة :

الأصل في المبتدأ أن يكون معرفة ، ولا يكون نكرة إلّا إذا حصلت فائدة ، وتحصل الفائدة بأحد أمور يسمّونها المسوّغات ، وقد أنهاها بعض النّحاة إلى نيّف وثلاثين مسوّغا وترجع كلها إلى «العموم والخصوص» ونذكر هنا معظمها :

(١) أن يتقدّم الخبر عليها ـ وهو ظرف أو جارّ ومجرور ـ نحو «في الدّار رجل» و «عندك كتاب»

(٢) أن يتقدّم على النّكرة استفهام نحو «هل شجاع فيكم» ونحو (أَإِلهٌ مَعَ اللهِ)(٣).

(٣) أن يتقدّم عليها نفي نحو «ما خلّ لنا».

(٤) أن توصف نحو «رجل عالم زارنا» ونحو (وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ)(٤).

وقد تحذف الصفة وتقدّر نحو (وطائفة قد أهمّتهم أنفسهم أي طائفة من غيركم بدليل (يَغْشى طائِفَةً مِنْكُمْ)(٥).

__________________

(١) وإنما وجب أن يكون الوصف خبرا مقدما ولم يجز أن يكون مبتدأ والمرفوع فاعلا سد مسد الخبر لأن الوصف إذا رفع ظاهرا كان حكمه حكم الفعل في لزوم الإفراد.

(٢) وعند الكوفيين : يرفع كل منهما الآخر.

(٣) الآية «٦٠ ـ ٦٥» النمل (٢٧).

(٤) الآية «٢٢١» البقرة (٢).

(٥) الآية «١٥٤» آل عمران (٣).


(٥) أن تكون النكرة عاملة نحو «رغبة في الخير خير».

(٦) أن تكون مضافة نحو «عمل برّ يزين».

(٧) أن تكون شرطا نحو «من يسع في المعروف يحبّه النّاس».

(٨) أن تكون جوابا نحو أن يقال : «من عندك؟» ، فتقول : «رجل» التّقدير عندي رجل.

(٩) أن تكون عامّة نحو «كلّ يموت».

(١٠) أن يقصد بها التنويع أو التقسيم كقول امرئ القيس :

فأقبلت زحفا على الرّكبتين

فثوب لبست (١) وثوب أجرّ

فثوب مبتدأ ، ولبست خبره.

(١١) أن تكون دعاء نحو (سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ)(٢) أو نحو (وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ)(٣).

(١٢) أن يكون فيها معنى التعجّب نحو «ما أحكم الشّرع» أو نحو «عجب لزيد».

(١٣) أن تكون خلفا عن موصوف نحو «متعلّم خير من جاهل» وأصلها : رجل متعلم.

(١٤) أن تكون مصغّرة نحو «رجيل في دارك» لأنّ في التصغير معنى الوصف فكأنك قلت : رجل ضئيل أو حقير في دارك.

(١٥) أن يقع قبلها واو الحال (٤) كقول الشاعر :

سرينا ونجم قد أضاء فمذ بدا

محيّاك أخفى ضوؤه كلّ شارق

(١٦) أن تكون معطوفة على معرفة نحو «عمر ورجل يتحاوران».

(١٧) أن يعطف عليها موصوف نحو «رجل وامرأة عجوز في الدّار».

(١٨) أن تكون مبهمة أي قصد إلى إبهامها كقول امرئ القيس :

__________________

(١) الذي في المغني : نسيت بدل لبست.

(٢) الآية «١٣٠» الصافات (٣٧).

(٣) الآية «١» المطففين (٨٣).

(٤) المعول على وقوعها في بدء الحال ، وإن لم يكن بواو كقول الشاعر :

تركت ضأني تود الذئب راعيها

وأنها لا تراني آخر الأبد

الذئب يطرقها في الدهر واحدة

وكل يوم تراني مدية بيدي

ف «مدية» مبتدأ سوغه كونه بدء جملة حالية من ياء تراني ، ولم ترتبط بالواو ، بل ارتبطت بالياء من يدي.


مرسّعة بين أرساغه

به عسم يبتغي أرنبا (١)

(١٩) أن تقع بعد لو لا كقول الشّاعر :

لو لا اصطبار لأودى كلّ ذي مقة

لمّا استقلّت مطاياهنّ للظّعن (٢)

وهناك مسوّغات أخرى ترجع إلى ما ذكر.

٥ ـ حذف المبتدأ :

قد يحذف المبتدأ إذا دلّ عليه دليل جوازا أو وجوبا.

فيجوز حذف ما علم من مبتدأ نحو (مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ)(٣) التقدير : فعمله لنفسه ، ويسأل سائل : كيف زيد؟ فتقول : معافى.

التقدير : فهو معافى ، وإن شئت صرّحت بالمبتدأ.

وأمّا حذف المبتدأ وجوبا ففي أربعة مواضع :

«أ» أن يخبر عن المبتدأ بمخصوص «نعم» (٤) أو «بئس» (٥) مؤخر عنهما نحو «نعم العبد صهيب» و «بئس الصاحب عمرو» إذا قدّرا خبرين لمبتدأين محذوفين (٦) وجوبا ، كأن سامعا سمع «نعم العبد» أو «بئس الصاحب» فسأل عن المخصوص بالمدح أو المخصوص

__________________

(١) مرسعة : على زنة اسم المفعول : تميمة تعلق مخافة العطب على الرسغ. والعسم : يبس في مفصل الرسغ تعوج منه اليد ، وإنما طلب الأرنب لزعمهم أن الجن تجتنبها لحيضها فمن علق كعبها لم يصبه جن ولا سحر والشاهد في «مرسعة» حيث قصد إبهامها تحقيرا للموصوف حيث يحتمي بأدنى تميمة و «بين أرساغه» خبرها. ورواية اللسان : بفتح التاء مرسعة.

(٢) أودى : هلك. المقة : كعدة من ومقه يمقه كوعده يعده إذا أحبه. استقلت : مضت.

الظعن : السير. الشاهد فيه : «اصطبار» فهي مبتدأ ، وسوغها للابتداء وهي نكرة وقوعها بعد لو لا ، وخبر المبتدأ محذوف وجوبا تقديره موجود.

(٣) الآية «٤٦» فصلت (٤١).

(٤) يزاد على ذلك ما بعد «لا سيما» نحو «ولا سيما يوم» أي هو يوم ، وما بعد المصدر النائب عن فعله المبين فاعله أو مفعوله بحرف جر نحو «سقيا لك ، ورعيا لك» فلك : خبر لمبتدأ محذوف وجوبا ، وأصل ذلك : اسق يا الله ، هذا الدعاء لك يا قاسم مثلا ، فالكلام جملتان.

وما قبل «من» المبينة للمعارف نحو (وَما بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ) أي هو من نعمة.

(٥) وما في معناها في إفادة المدح.

(٦) وما في معناها في إفادة الذم.

(٧) أما إذا قدرا مبتدأين وخبرهما الجملة قبلهما ، فليسا من هذا الباب.


بالذّمّ من هو؟ فقيل له : هو صهيب ، أو عمرو.

«ب» أن يخبر عن المبتدأ بنعت مقطوع لمجرد (١) مدح نحو «الحمد لله الحميد» أو ذمّ نحو «أعوذ بالله من إبليس عدوّ المؤمنين» أو ترحّم نحو «مررت بعبدك المسكين» (٢).

«ج» أن يخبر عن المبتدأ بمصدر نائب عن فعله (٣) نحو «سمع وطاعة» وقول الشّاعر :

فقالت : حنان ما أتى بك ههنا؟

أذو نسب أم أنت بالحي عارف (٤)

ف «سمع» و «حنان» خبران لمبتدأين محذوفين وجوبا ، والتقدير : أمري سمع وطاعة ، وأمري حنان.

«د» أن يخبر عن المبتدأ بما يشعر بالقسم نحو «في ذمّتي لأقاتلنّ» «وفي عنقي لأذهبنّ» أي في ذمّتي عهد ، وفي عنقي ميثاق.

المبني ـ (ـ البناء ١ و ٢).

المبنيّات ـ (ـ البناء ٢).

المبني للمجهول (ـ نائب الفاعل).

المبني للمعلوم ـ ينقسم الفعل إلى مبنيّ للمعلوم وهو ما ذكر معه فاعله ك «قرأ خالد الكتاب» و «يأتي عليّ» ، ومبنيّ للمجهول (ـ نائب الفاعل).

المبني من الأسماء (ـ البناء ٢ ج).

متى ـ لها أربعة أحوال :

(١) اسم استفهام ، يستفهم بها عن

__________________

(١) واحترز بقوله لمجرد مدح الخ من أن يكون النعت للإيضاح أو التخصيص ، فإنه إذا قطع إلى الرفع جاز ذكر المبتدأ وحذفه ، وما هنا فواجب حذف المبتدأ.

(٢) برفع الحميد بالمثال الأول ، والعدو بالمثال الثاني ، والمسكين بالمثال الثالث على أنها أخبار لمبتدءات محذوفة وجوبا ، والتقدير : هو الحميد ، هو عدو المؤمنين ، هو المسكين ، وإنما وجب حذفه لأنهم قصدوا إنشاء المدح أو الذم أو الترحم.

(٣) أصل هذه المصادر النصب بفعل محذوف وجوبا لأنها من المصادر التي جيء بها بدلا من اللفظ بأفعالها ، ولكنهم قصدوا الثبوت والدوام فرفعوها وجعلوها أخبارا عن مبتدءات محذوفة وجوبا حملا للرفع على النصب.

(٤) فاعل قالت يعود على المرأة المعهودة ، والمعنى أني أحن عليك ، أي شيء جاء بك ههنا؟ ألك قرابة أم معرفة بالحي؟ وإنما قالت له ذلك خوفا من إنكار أهل الحي عليه فيقتلونه.


الزّمان نحو (مَتى نَصْرُ اللهِ)(١).

(٢) اسم شرط جازم (ـ جوازم المضارع) نحو قول سحيم بن وثيل :

أنا ابن جلا وطلّاع الثّنايا

متى أضع العمامة تعرفوني

(٣) حرف جر في لغة هذيل ، وهي بمعنى «من» الابتدائية ، سمع من كلامهم : «أخرجها متى كمّه» أي من كمّه ، قال أبو ذؤيب الهذلي يصف سحابا :

شربن بماء البحر ثمّ ترفّعت

متى لجج خضر لهنّ نئيج (٢)

(٤) اسم مرادف للوسط أو معنى «في» سمع أيضا «وضعتها متى كمّي» قال ابن سيده : بمعنى «في» وقال غيره : بمعنى وسط.

المتصرّف ـ

١ ـ تعريفه :

هو ما لا يلازم صورة واحدة.

٢ ـ نوعاه :

المتصرف نوعان :

(١) تامّ التصرف ، وهو الذي تأتي منه الأفعال الثلاثة ، وهذا كثير لا يحصر نحو «حفظ وانطلق ولحق».

(٢) ناقص التّصرّف وهو ما ليس كذلك ، ومنه : أفعال الاستمرار ، وهي «ما زال وأخواتها» و «كاد وأوشك» وكلمتا «يدع (٣) ويذر» لأنّ ماضيهما قد ترك وأميت.

المتعدّي ـ

١ ـ تعريفه :

هو ما تجاوز حدثه الفاعل إلى المفعول به ك «قرأ محمّد درسه وفهمه».

٢ ـ علامتاه :

للمتعدّي علامتان :

(الأولى) أن يتّصل به ضمير يعود

__________________

(١) الآية «٢١٤» البقرة (٢).

(٢) النون في «شربن» تعود إلى السحب ، وضمن «شربن» معنى روين فعداه بالباء «متى لجج» المعنى من لجج أو وسط لجج ، وهي بيان لماء البحر وجملة «لهن نئيج» صفة لجج ، ومعنى نئيج : مر سريع مع صوت ، يصف سحبا شربن ماء البحر ، ثم تصعدن فأمطرن وروّين.

(٣) قرئ في الشواذ (ما ودعك ربك) ماضي يدع ومنه قول أنيس بن زنيم في عبيد الله بن زياد :

سل أميري ما الذي غيّره

عن وصالي اليوم حتى ودعه


على غير المصدر (١) ك «فهم» فتقول «الدرس فهمته».

(الثانية) أن يبنى منه اسم مفعول تامّ أي غير مقترن بظرف أو حرف جر ك «قتل» و «نصر» إذ يقال «مقتول ومنصور».

٣ ـ حكمه :

حكمه أنه ينصب المفعول به واحدا أو أكثر.

٤ ـ أقسامه :

المتعدّي أربعة أقسام :

(١) ما ينصب مفعولا واحدا ، وهو كثير ك «كتب الدرس» و «فهم المسألة».

(٢) ما ينصب مفعولين أصلهما المبتدأ والخبر وهي «ظنّ وأخواتها» (ـ في بابها).

(٣) ما ينصب ثلاثة مفاعيل ، أصل الثاني والثالث المبتدأ والخبر وهي «أرى وأعلم وأخواتهما» (ـ في بابها).

(٤) ما ينصب مفعولين ليس أصلهما المبتدأ والخبر وهي «أعطى وأخواتها» (ـ في بابها).

المثال من الأفعال ـ

١ ـ تعريفه :

هو ما كانت فاؤه حرف علّة نحو «وعد ويسر».

٢ ـ حكمه :

المثال الواويّ تحذف فاؤه في المضارع والأمر إذا كان مكسور العين في المضارع نحو : وعد «يعد» ووزن «يزن».

وإذا كان مضموم العين في المضارع أو مفتوحها فلا يحذف منه شيء ، مثال مضموم العين في المضارع نحو «وجه يوجه» و «وضوء يوضؤ» و «وبل يوبل» (٢) ومثال مفتوح العين «وجل يوجل» و «ولع يولع».

أما مصدر الواوي فيجوز فيه الحذف وعدمه فتقول : «وعد يعد عدة ووعدا» «ووزن يزن زنة ووزنا».

والمثال اليائي لا تحذف ياؤه ك «يفع

__________________

(١) وإنما قال : يعود على غير المصدر ، لأن ضمير المصدر يتصل بكل من اللازم والمتعدي فيقال «الفهم فهمه علي» و «الجلوس جلسه بكر».

(٢) وبل المكان : ثقل.


الغلام ييفع» (١) وك «ينع الثّمر يينع» و «يمن الرّجل ييمن» و «يقن الأمر ييقن».

وشذّ «يدع ويذر ، ويضع ، ويقع ، ويلغ ، ويهب».

مثل ـ

المضافة لمعرفة ولا تفيد تعريفا (ـ الإضافة ٥).

المثنّى ـ

١ ـ تعريفه :

ما وضع لاثنين ، وأغنى عن المتعاطفين.

٢ ـ شروطه :

يشترط في كلّ ما يثنّى ثمانية شروط :

(أحدها) الإفراد ، فلا يثنّى المثنى ، ولا يثنّى جمع المذكّر السّالم أو أو جمع المؤنّث ، واسم الجنس ، واسم الجمع.

(الثاني) الإعراب ، فلا يثنّى ـ على الأصح ـ المبني ، وأمّا نحو «ذان» و «اللذان» فصيغ موضوعة للمثنى ، وليست مثنّاة حقيقة (٢).

(الثالث) عدم التركيب فلا يثنى المركب تركيب إسناد اتفاقا ، كقولهم «شاب قرناها» علم ، ولا تركيب مزج على الأصح مثل «بعلبكّ» ، أمّا المركب الإضافي فيستغنى بتثنية المضاف عن تثنية المضاف إليه مثل «عبد الرحمن» يقال في تثنيتها «عبد الرحمن».

(الرابع) التنكير فلا يثنى العلم إلّا بعد قصد تنكيره بأن يراد به واحد مّا مسمّى به.

(الخامس) اتفاق اللفظ فلا يثنّى «كتاب وقلم» ولا «خالد وعمر» وأمّا نحو «الأبوان» للأب والأم فمن باب التغليب.

(السادس) اتفاق المعنى فلا يثنى المشترك ك «العين» إذا أريد بها الباصرة ، وعين الماء ، ولا الحقيقة والمجاز ، وأمّا قولهم «القلم أحد اللسانين» فشاذ.

(السابع) أن لا يستغنى بتثنية غيره عن تثنيته فلا يثنى «سواء» لأنهم استغنوا بتثنية «سيّ» عن تثنيته فقالوا «سيّان» ، ولم يقولوا سواءان ،

__________________

(١) الفصيح فيها : أيفع ، فهو يافع على غير قياس وغالب الظن أنه ليس في اللغة : يفع ، ولكن مثل به النحاة.

(٢) عند جمهور البصريين.


وأن لا يستغنى بملحق المثنى عن تثنيته ، فلا يثنى أجمع وجمعاء استغناء بكلا وكلتا.

(الثامن) أن يكون له ثان في الوجود ، فلا يثنى «الشمس ولا القمر» ، وأمّا قولهم «القمران» للشمس والقمر ، فمن باب التغليب.

٣ ـ إعرابه :

ما استوفى الشروط الثمانية فهو مثنى حقيقة ، ويعرب بالألف رفعا ، وبالياء ـ المفتوح ما قبلها المكسور ما بعدها ـ جرّا ونصبا ، هذه هي اللّغة المشهور الفصيحة ، تقول «اصطلح الخصمان» و «أصلحت الخصمين».

ومن العرب من يلزم المثنى الألف في الأحوال الثلاثة ، ويعربه بحركات مقدرة على الألف.

٤ ـ كيف يثنى المفرد المستوفي للشروط : الأسماء القابلة للتثنية على خمسة أنواع ، ثلاثة منها يجب ألّا تغيّر عن حالها عند التّثنية ، وهي :

(١) الصحيح ، ك «أسد» و «حمامة» تقول فيهما : «أسدان» و «حمامتان».

(٢) المنزّل منزلة الصحيح ك «ظبي» و «دلو» تقول فيهما : «ظبيان» و «دلوان».

(٣) النّاقص ، ك «القاضي» و «الساعي» تقول فيهما «القاضيان» و «الساعيان» وإذا كان المنقوص محذوف الياء فتردّ إليه ك «داع» وتثنيتها : «داعيان».

أمّا الاثنان الباقيان فلكل منهما أحوال تخصّه :

أحدهما : المقصور ، والثاني :

الممدود.

٥ ـ كيف يثنى المقصور؟

المقصور نوعان :

أحدهما : ما يجب قلب ألفه ياء في التّثنية.

الثاني : ما يجب قلب ألفه واوا.

أمّا الأوّل ففي ثلاث مسائل :

(١) أن تتجاوز ألفه ثلاثة أحرف ك «ملهى» و «مصطفى» و «مستشفى» تقول فيها «ملهيان» و «مصطفيان» و «مستشفيان» وشذّ «قهقرى» (١) و «خوزلى» (٢) فتثنيتهما : «قهقران» و «خوزلان».

__________________

(١) القهقري : الرجوع إلى خلف.

(٢) الخوزلى : مشية فيها تبختر.


(٢) أن تكون ألفه ثالثة مبدلة من «ياء» ك «فتى» و «رحى» قال تعالى : (وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيانِ)(١) و «هاتان رحيان» وشذّ في : «حمى» (٢) «حموان».

(٣) أن تكون غير مبدلة ، وهي الأصلية ، وتكون في حرف أو شبهه.

والمجهولة الأصل ، وهي التي في اسم لا يعلم أصله ، فالأولى ك «متى» و «بلى» إذا سميت بهما (٣) فإنك تقول في مثناهما : «متيان» و «بليان والثانية : نحو «الدّدا» (٤) بوزن الفتى ومن ذلك : الأسماء الأعجميّة ك «موسى» فإنّه لا يدرى أألفه زائدة كألف «حبلى» أم أصليّة أم منقلبة ، فالمشهور في الاثنتين أن يعتبر حالهما بالإمالة (٥) فإن أميلا ثنيّا بالياء. وإن لم يمالا ثنيّا بالواو (٦).

النوع الثاني : ما يجب قلب ألفه واوا وذلك في مسألتين :

(الأولى) أن تكون مبدلة من الواو نحو «عصا وقفا ومنا» فتقول فيها : «عصوان وقفوان ومنوان» قال الشاعر :

وقد أعددت للعذّال عندي

عصا في رأسها منوا (٧) حديد

وشذّ قولهم في «رضا» «رضيان» مع أنّه من الرّضوان.

(الثانية) أن تكون غير مبدلة ولم تمل (٨) نحو «لدى» و «ألا» الاستفتاحيّة و «إذا» ، تقول إذا سميت بهن : «لدوان» و «ألوان» و «إذوان».

٦ ـ كيف يثنى الممدود :

الممدود أربعة أنواع :

(١) ما همزته أصليّة فيجب سلامة همزته ك «قرّاء» و «وضّاء» تقول في تثنيتهما : «قرّاءان» و «وضّاءان».

(٢) ما همزته بدل من ألف التّأنيث فيجب قلب همزته «واوا» نحو «حمراء وصحراء وغرّاء»

__________________

(١) الآية «٣٦» يوسف (١٢).

(٢) من حميت المكان : حماية.

(٣) لأنه قبل العلمية لا يثنى ولا يوصف بالقصر لبنائه.

(٤) الددا : اللهو واللعب.

(٥) الإمالة : تحصل بإمالة الألف نحو الياء.

(٦) وهناك أقوال ثلاثة أخرى انظرها في الأشموني والصبان.

(٧) منوا : تثنية منا وهو لغة في المن الذي يوزن به.

(٥) الإمالة : تحصل بإمالة الألف نحو الياء.


تقول : «حمراوان وصحراوان وغرّاوان» ، وشذّ «حمرايان» بقلب الهمزة ياء. و «قرفصان وخنفسان وعاشوران وقاصعان» بحذف الألف والهمزة معا مثنى قرفصاء وخنفساء وعاشوراء وقاصعاء (١).

(٣) ما همزته بدل من أصل ، نحو «كساء وحياء» أصلهما «كساو» و «حياي» وهذا يترجح فيه التصحيح ـ وهو إقرار الهمزة على حالها ـ على الإعلال ـ وهو قلب الهمزة واوا.

(٤) ما همزته بدل من حرف الإلحاق ك «علباء» (٢) و «قوباء» (٣) أصلهما «علباي» و «قوباي» بياء زائدة فيهما. وهذا يترجّح فيه الإعلال على التصحيح.

٧ ـ الملحق بالمثنى :

ألحق بالمثنى في الإعراب بالحروف أربعة ألفاظ «اثنين واثنتين» في لغة الحجازيّين ، و «ثنتين» في لغة التّميميّين ، مطلقا ، أفردا ، أو ركبا مع العشرة ، أو أضيفا إلى ظاهر أو مضمر.

ويمتنع إضافتهما إلى ضمير تثنية ، فلا يقال «جاء الرجلان اثناهما» و «المرأتان اثنتاهما».

و «كلا وكلتا» بشرط أن يضافا إلى مضمر تقول :

«أعجبني التّلميذان كلاهما» و «التّلميذتان كلتاهما» و «رأيت المعلّمين كليهما» و «المعلمتين كلتيهما» و «نظرت في الكتابين كليهما» و «ذهبت إلى المدرستين كلتيهما» فإن أضيفا إلى ظاهر أعربا بالحركات المقدّرة على الألف إعراب المقصور ، تقول : «أتى كلا الأستاذين» و «كلتا المعلمتين» و «رأيت كلا الأستاذين» و «كلتا المعلمتين» و «استمعت إلى كلا الأستاذين» و «إلى كلا» المعلمتين ويلحق بالمثنى أيضا ما سمّي به منه ك «زيدان» إذا كان هذا اللفظ علما ، فيرفع بالألف وينصب ويجر بالياء كالمثنى ، ويجوز في هذا النوع أن يجري مجرى سلمان فيعرب إعراب ما لا ينصرف للعلمية

__________________

(١) والجيد الجاري على القياس : قرفصاوان ، وخنفساوان ، وعاشوراوان ، وقاصعاوان.

(٢) العلباء : عصبة في العنق.

(٣) القوباء : من تقلع عن جلده الجرب.


وزيادة الألف والنون ، وإذا دخل عليه «أل» جرّ بالكسرة.

٨ ـ حكم حركة نون المثنّى وما ألحق به :

نون المثنى ، وما حمل عليه مكسورة بعد الألف والياء ، على أصل التقاء السّاكنين ، هذا هو الصحيح ، وضمها بعد الألف ـ لا بعد الياء ـ لغة. كقوله :

يا أبتا أرّقني القذّان

فالنّوم لا تألفه العينان (١)

بضم النون ، وفتحها بعد الياء لغة لبني أسد حكاها الفرّاء كقول حميد ابن ثور يصف قطاة :

على أحوذيّين استقلّت عشيّة

فما هي إلّا لمحة وتغيب (٢)

وقيل لا يختصّ فتح النّون بالياء ، بل يكون بعدها ، وبعد الألف في لغة من يلزم المثنى الألف في كلّ حال (٣) ، وذلك كقول الشاعر :

أعرف منها الجيد والعينانا

ومنخرين أشبها ظبيانا (٤)

المجاورة ـ قد تعطى الكلمة حركة الكلمة المجاورة كقول بعضهم : «هذا جحر ضبّ خرب» بجرّ «خرب» والأصل فيه الضمّ لأنّه صفة لجحر فبمجاورته ل «ضب» وهو مجرور بالإضافة ـ جرّ خرب مثله ولم يخرج عن كونه صفة لجحر ولكن منع من ظهور الضمّة حركة المجاورة ، ومن ذلك قوله تعالى : (وَحُورٌ عِينٌ)(٥) فيمن جرّهما والأصل أن «وحور» معطوف على «ولدان» لا على (أكواب وأباريق) (٦).

__________________

(١) القذان : البراغيث ، واحدتها قذّة وقذذ.

(٢) الرواية بفتح النون من «أحوذيين» تثنية أحوذي : وهو الخفيف في المشي لحذقه ، وأراد بالأحوذيين هنا جناحي قطاة يصفهما بالخفة وفاعل استقلت ضمير القطاة ، والمعنى أن القطاة ارتفعت في الجو عنه على جناحين ، فما يشاهدها الرائي إلا لمحة وتغيب عنه.

(٣) قاله ابن عصفور.

(٤) أنشد البيت ابن عصفور والسيرافي وغيرهما بفتح النون في «العينانا» تثنية عين و «ظبيان» اسم رجل بعينه ، لا تثنية ظبي. وقيل البيت مصنوع لا دليل فيه.

(٥) الآية «١٧ ـ ٢٣» الواقعة (٥٦) والآيات هي (يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ. بِأَكْوابٍ وَأَبارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ. لا يُصَدَّعُونَ عَنْها وَلا يُنْزِفُونَ. وَفاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ. وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ. وَحُورٌ عِينٌ. كَأَمْثالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ).


مذ ومنذ ـ

١ ـ هما حرفان من حروف الجرّ يختصّان بالزّمان ، ويشترط في هذا الزّمان أن يكون معيّنا لا مبهما ، ماضيا أو حاضرا لا مستقبلا ، تقول «ما رأيته مذ يوم الجمعة» أو «مذ يومنا» ولا تقول : مذ يوم ، ولا أراه مذ غد ، ومثل مذ منذ ، فأمّا قولهم «ما رأيته منذ أنّ الله خلقه» فعلى تقدير : منذ زمن خلق الله إيّاه.

ومعناهما : ابتداء الغاية مثل «من» إن كان الزّمان ماضيا كقول زهير ابن أبي سلمى :

لمن الدّيار بقنّة الحجر

أقوين مذحجج ومذ دهر (١)

أي من حجج ومن دهر ، وكقول امرئ القيس في «منذ» :

قفانبك من ذكرى حبيب وعرفان

وربع عفت آثاره منذ أزمان

وإن كان الزّمان حاضرا فمعناهما «الظرفية» نحو «ما رأيته منذ يومنا» وإن كان الزّمان معدودا فمعناهما «ابتداء الغاية وانتهاؤها معا» أي بمعنى «من وإلى» نحو «ما رأيته مذ يومين».

٢ ـ وقد يكونا اسمين ، وذلك في موضعين :

(أحدهما) : أن يدخلا على اسم مرفوع ، نحو «ما رأيته مذ يومان أو «منذ يوم الجمعة» وهما حينئذ مبتدآن ، وما بعدهما خبر ، والتقدير : أمد انقطاع الرؤية يومان وأوّل انقطاع الرؤية يوم الجمعة ، وقيل ظرفان ، وما بعدهما فاعل ب «كان» التّامّة محذوفة تقديره : مذ كان أو مذ مضى يومان.

(الثاني) : أن يدخلا على الجملة فعلية كانت وهو الغالب كقول الفرزدق يرثي يزيد بن المهلّب :

ما زال مذ عقدت يداه إزاره

فسما فأدرك خمسة الأشبار (٢)

أو اسمية كقول الأعشى :

__________________

(١) القنة : أعلى الجبل ، والحجر : منازل ثمود.

أقوين : خلون. الحجج : جمع حجة : وهي السنة.

(٢) «سما» ارتفع «أدرك» لحق والمراد ب «خمسة أشبار» ارتفاع قامته ، وخبر «ما زال» قوله في البيت بعده : «يدني كتائب من كتائب تلتقي»


وما زلت أبغي الخير مذ أنا يافع

وليدا وكهلا حين شبت وأمردا (١)

مرء وامرؤ ـ

(الأوّل) بغير همزة وصل ، والأكثر فيه : فتح الميم ، والإعراب على همزته فقط ، وهذا هو القياس ، وبهذا أنزل القرآن ، قال الله تعالى : (يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ)(٢)(يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ)(٣).

ومنهم من أعربه من مكانين : أي إنّه أتبع حركة الميم بحركة الهمزة فقال «قام مرؤ» و «ضربت مرءا» و «مررت بمرء».

(الثاني) وهو «امرؤ» بهمزة وصل ، فالأكثر فيه أن تتبع حركة الراء حركة الهمزة ، وحركة الهمزة وفق موقعها من الأعراب ، والمراد أنه يعرب من مكانين ، تقول : «هذا امرؤ» و «رأيت امرءا» و «نظرت إلى امرئ» وعلى هذا نزل القرآن قال تعالى (إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ)(٤).

ومن العرب من يفتح الراء على كل حال فيقول : «هذا امرؤ» و «رأيت امرءا» و «نظرت إلى امرإ» ومنهم من يضم الراء على كل حال.

المستثنى ـ

١ ـ تعريفه :

هو اسم يذكر بعد «إلّا» أو إحدى أخواتها مخالفا في الحكم لما قبلها نفيا وإثباتا.

٢ ـ أدوات المستثنى :

أدوات المستثنى هي : «إلّا ، غير ، سوى (٥) ، ليس ، لا يكون ، خلا ، عدا ، حاشا».

٣ ـ أنواعها :

هذه الأدوات أربعة أنواع :

(١) حرف فقط وهو «إلا».

(٢) اسم فقط ، وهو : «غير وسوى.

(٢) فعل فقط ، وهو «ليس ، ولا يكون».

(٤) متردّد بين الفعليّة والحرفية

__________________

(١) اليافع : الغلام الذي زاد على العشرين.

(٢) الآية «٢٤» الأنفال (٨).

(٣) الآية «٣٤» عبس (٨٠).

(٤) الآية «١٧٥» النساء (٤).

(٥) وفيها لغات : سوى كرضى ، وسوى : كهدى ، وسواء : كسماء.


وهو «خلا ، عدا ، حاشا» (ـ بحث كلّ أداة في حرفها).

٤ ـ أقسام المستثنى :

المستثنى قسمان : متّصل : وهو ما كان بعضا من المستثنى منه ، محكوما عليه بنقيض ما قبله نحو «كلّ التلاميذ مجدّون إلّا بكرا» ، ومنقطع : وهو بخلافه ، إمّا لأنه ليس بعضا نحو «جاء بنوك إلّا ابن خالد» أو لأنه فقد المخالفة في الحكم لما قبله نحو (لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولى)(١) و (لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً)(٢).

وكلّ من المتّصل والمنقطع إمّا مقدّم على المستثنى منه أو مؤخّر عنه في نفي أو إثبات ، ويسمّى تامّا. أمّا إذا لم يذكر المستثنى منه فإنّه يسمّى مفرّغا ، وكلّ أحكام المستثنى مطبقة ب «إلّا» (ـ إلّا الاستثنائية).

٥ ـ المستثنيات المتكررة بالنظر إلى المعنى نوعان :

النوع الأوّل : ما لا يمكن استثناء بعضه من بعض ك «محمد» و «خالد» وحكمه : أنه يثبت لباقي المستثنيات حكم الأول من الدخول إذا كان مستثنى من غير موجب ، أو الخروج إذا كان مستثنى من موجب.

النوع الثاني : ما يمكن فيه الاستثناء نحو «لخالد عليّ عشرة دراهم إلّا أربعة إلّا اثنين إلّا واحدا» فالصحيح في هذا أنّ كلّ عدد تال ، مستثنى من متلوّه ، فيكون بهذا المثال مقرّا بسبعة ، إذا أسقطت آخر الأعداد ممّا قبله.

مسوّغات الابتداء بالنّكرة ـ (ـ المبتدأ ٤)

المشتقّ ـ

١ ـ تعريفه :

ما دلّ على ذات مع ملاحظة صفة ك «كاتب وأديب» ولا يكون الاشتقاق إلّا من اسم المعنى.

وندر من أسماء الأجناس المحسوسة ك «نرجست الدّواء» و «فلفلت الطّعام».

__________________

(١) الآية «٥٦» الدخان (٤٤).

(٢) الآية «٢٨» النساء (٤).


المصدر وأبنيته وعمله ـ

١ ـ تعريف المصدر :

هو الاسم الدّالّ على مجرّد الحدث :

٢ ـ أبنية مصادر الثلاثي :

للفعل الثّلاثي ثلاثة أوزان :

(١) (فعل) بفتح العين ، ويكون متعديا ك «ضربه» وقاصرا ك «قعد»

(٢) (فعل) بكسر العين ، ويكون قاصرا ك «سلم» ومتعدّيا ك «فهمه».

(٣) (فعل) بضم العين ، ولا يكون إلّا قاصرا.

فأمّا «فعل وفعل» المتعدّيان ، فقياس مصدرهما (الفعل) بفتح الفاء وسكون العين ،

فالأوّل : ك «الأكل» و «الضّرب» و «الردّ».

والثاني : ك «الفهم» و «اللّثم» و «الأمن».

وأمّا «فعل» القاصر ، فقياس مصدره «الفعل» ك «الفرح» و «الأشر» و «الجوى» و «الشّلل».

إلّا إن دلّ على لون فإنّ مصدره يكون على «فعلة» ك «سمرة وحمرة وصفرة وخضرة وأدمة».

وأمّا «فعل» القاصر ، فقياس مصدره «الفعول» ك «القعود والجلوس والخروج».

إلّا إن دلّ على امتناع ، فقياس مصدره «الفعال» ك «الإباء والنّفار والجماح والإباق».

أو دلّ على تقلب واضطراب وحركة فقياس مصدره «الفعلان» ك «الجولان والغليان».

أو على داء فقياسه «الفعال» ك «صداع» و «دوار» و «سعال».

أو على سير فقياسه «الفعيل» ك «الرّحيل» و «الذّميل».

أو عل صوت فقياسه «الفعال» أو «الفعيل» ك «الصّراخ» و «العواء» و «الصّهيل والنّهيق والزئير» وقد يجتمعان ك «نعب الغراب نعابا ونعيبا».

أو على حرفة أو ولاية فقياسه «الفعالة» ك «تجر تجارة» و «خاط خياطة» و «سفر بينهم سفارة» إذا أصلح.

وأمّا «فعل» فقياس مصدره «الفعولة» ك «الصّعوبة والسهولة والعذوبة والملوحة» و «الفعالة»


«كالبلاغة والفصاحة والصّراحة» وما جاء مخالفا لما ذكر فبابه النقل كقولهم في «فعل» المتعدي «جحده جحودا» و «جحدا» على القياس و «شكره شكورا وشكرانا».

وكقولهم في «فعل» القاصر «مات موتا» و «فاز فوزا» و «حكم حكما» و «شاخ شيخوخة» و «نم نميمة» و «ذهب ذهابا».

وكقولهم في «فعل» القاصر «رغب رغوبة» و «رضي رضا» و «بخل بخلا» و «سخط سخطا» أمّا «البخل والسّخط» بفتحتين فعلى القياس «كالرّغب».

وكقولهم في «فعل» «حسن حسنا» و «قبح قبحا».

٣ ـ مصادر غير الثلاثي :

لا بدّ لكل فعل غير ثلاثي من مصدر مقيس.

فقياس «فعّل» بالتشديد إذا كان صحيح الّلام «التّفعيل» ك «التسليم» و «التكليم» و «التّطهير».

ومعتلّها كذلك ، ولكن تحذف ياء التّفعيل ، وتعوض منها «التاء» فيصير وزنه «تفعلة» ك «التّوصية والتّسمية والتزكية».

وقياس «أفعل» إذا كان صحيح العين «الإفعال» ك «الإكرام والإحسان» ومعتلها كذلك ، ولكن تنقل حركتها إلى الفاء ، فتقلب ألفا ، ثمّ تحذف الألف الثانية ، وتعوض عنها التاء ، ك «أقام إقامة وأعان إعانة». وقد تحذف التاء نحو (وَإِقامَ الصَّلاةِ)(١) وقياس ما أوّله همزة وصل أن تكسر ثالثه ، وتزيد قبل آخره ألفا فينقلب مصدرا نحو «اقتدر اقتدارا» و «اصطفى اصطفاء» و «انطلق انطلاقا» و «استخرج استخراجا».

فإن كان استفعل معتلّ العين

__________________

(١) الآية «٧٣» الأنبياء (٢١) ، واعلم أن حذف التاء على ضربين : كثير فصيح ، وقليل غير فصيح ؛ فأما الكثير الفصيح ففيما إذا أضيف المصدر ، لأن المضاف إليه يقوم مقام التاء ، وذلك كما في الآية الكريمة ، وكما في الحديث «كاستنار البدر» والأصل : وإقامة الصلاة وكاستنارة البدر ، وأما القليل غير الفصيح ففيما إذا لم يضف المصدر ، وذلك كما حكاه الأخفش من قولهم : «أجاب إجابا».


عمل فيه ما عمل في مصدر أفعل المعتلّ العين فتقول «استقام استقامة» و «استعاذ استعاذة» (١).

وقياس مصدر «تفعلل» وما كان على وزنه أن يضمّ رابعه فيصير مصدرا ك «تدحرج تدحرجا» و «تجمّل تجمّلا» و «تشيطن تشيطنا» و «تمسكن تمسكنا».

ويجب إبدال الضمّة كسرة إن كانت الّلام ياء نحو «التّواني والتّداني».

وقياس مصدر «فعلل» وما ألحق به «فعللة» ك «دحرج دحرجة» و «زلزل زلزلة» و «بيطر بيطرة» و «حوقل حوقلة».

و «فعلالا» إن كان مضاعفا ك «زلزال ووسواس».

وهو في غير المضاعف سماعيّ ك «سرهف سرهافا» (٢) ويجوز فتح أول المضاعف ، والأكثر أن يعنى بالمفتوح اسم الفاعل نحو (مِنْ شَرِّ الْوَسْواسِ)(٣) أي الموسوس ، ومن مجيء المفتوح مصدرا قول الأعشى :

تسمع للحلي وسواسا إذا انصرفت

كما استعان بريح عشرق زجل (٤)

وقياس «فاعل» ك «ضارب وخاصم وقاتل» «الفعال والمفاعلة».

ويمتنع «الفعال» فيما فاؤه ياء نحو «ياسر ويامن» وإنما مصدرهما «مياسرة وميامنة» وشذّ «ياومه يواما».

وما خرج عمّا ذكر فشاذ كقولهم «كذّب كذّابا» والقياس تكذيبا.

وقوله :

وهي تنزّي دلوها تنزيّا

كما تنزّي شهلة صبيّا (٥)

والقياس : تنزية.

وقولهم : «تحمل تحمّالا» و «ترامى القوم رميّا» و «حوقل حيقالا»

__________________

(١) وقد جاء على زنة مصدر الصحيح : «استحوذ استحواذا» و «أغيمت السماء إغياما».

(٢) سر هفت الصبي : إذا أحسنت غذاءه.

(٣) الآية «٤» الناس (١١٤).

(٤) الوسواس : صوت الحلي ، العشرق : شجر ينفرش على الأرض عريض الورق ، وليس له شوك. زجل : صوت فيه الريح.

(٥) المعنى : يصف الراجز امرأة تحرك دلوها حركة ضعيفة عند الاستقاء كتحريك امرأة نصف صبيها عند ترقبصها إياه.


و «اقشعرّ قشعريرة» والقياس : تحملا ، وتراميا ، وحوقلة ، واقشعرارا.

٤ ـ عمل المصدر ـ وشروطه :

يعمل المصدر عمل فعله المشتقّ منه ، تعدّيا ولزوما ، فإن كان فعله المشتقّ منه لازما فهو لازم ، وإن كان متعدّيا فهو متعدّ إلى ما يتعدّى إليه بنفسه أو بحرف الجر (١) ولهذا الإعمال شروط :

(١) أن يحل محلّه فعل مع «أن» المصدريّة ، والزّمان ماض أو مستقبل نحو «عجبت من كلامك محمّدا أمس» فتقديره : أن كلمته أمس.

و «يسرّني صنعك الخير غدا» أي أن تصنع الخير غدا.

أو فعل مع «ما» المصدريّة ، والزمان حال ، نحو «يبهجني إطعامك اليتيم الآن» أي ما تطعمه.

(٢) ألّا يكون مصغّرا ، فلا يجوز «أعجبني كليمك عليّا الآن».

(٣) ألّا يكون مضمرا ، فلا يصح «مروري بزيد حسن وهو بعمرو قبيح».

(٤) ألّا يكون محدودا بتاء الوحدة ، فلا يجوز «ساءتني ضربتك أخاك».

(٥) ألّا يكون موصوفا قبل العمل ، فلا يجوز «سرّني كلامك الجيّد ابنك».

(٦) ألّا يكون مفصولا من معموله بأجنبي فلا يقال «أعجبني اكرامك مرتين أخاك» (٢).

(٧) وجوب تقدّم المصدر على معموله فلا يجوز «أعجبني زيدا اكرام خالد» إلّا إذا كان المعمول ظرفا أو جارا ومجرورا نحو «أعجبني في الدّار إكرام خالد» أو «أعجبني ليلا إكرام خالد».

٥ ـ أقسام المصدر العامل :

المصدر العامل أقسام ثلاثة :

__________________

(١) ولا يخالف المصدر فعله إلا في أمرين. الأول : أن في رفعه الذنب عن الفاعل خلاف ومذهب البصريين جوازه. الثاني. أن فاعل المصدر يجوز حذفه بخلاف فاعل الفعل.

(٢) أما قوله تعالى ((يَوْمَ تُبْلَى السَّرائِرُ)) بعد قوله ((إِنَّهُ عَلى رَجْعِهِ لَقادِرٌ)) ف «يوم» ليست معمولة لرجعه ، كما يتوهم ، لأنه قد فصل بينهما بخبر «إن» ، بل تتعلق بمحذوف أي يرجعه يوم تبلى السرائر.


(أ) مضاف.

(ب) مقرون بأل.

(ج) مجرّد منهما.

(أ) المصدر العامل المضاف :

عمل المصدر المضاف أكثر وهو على خمسة أحوال :

(١) أن يضاف إلى فاعله ثمّ يأتي مفعوله نحو (وَلَوْ لا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ)(١).

(٢) أن يضاف إلى مفعوله ثمّ يأتي فاعله ، وهو قليل ، ومنه قول الأقيشر الأسدي :

أفنى تلادي وما جمّعت من نشب

قرع القواقيز أفواه الأباريق (٢)

ولا يختصّ ذلك بضرورة الشعر ، بدليل الحديث (حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً).

(٣) أن يضاف إلى الفاعل ، ثمّ لا يذكر المفعول نحو (وَما كانَ اسْتِغْفارُ إِبْراهِيمَ)(٣) أي ربّه.

(٤) عكسه أي أن يضاف إلى المفعول ، ولا يذكر الفاعل نحو (لا يَسْأَمُ الْإِنْسانُ مِنْ دُعاءِ الْخَيْرِ)(٤) أي من دعائه الخير.

(٥) أن يضاف إلى الظّرف فيرفع وينصب كالمنوّن نحو «سرّني انتظار يوم الجمعة الناس علماءهم».

(ب) المصدر العامل المقرون بأل :

عمل المصدر المقرون ب «أل» قليل في السماع ، ضعيف في القياس ، لبعده من مشابهة الفعل بدخول «أل» عليه نحو قوله :

ضعيف النّكاية أعداءه

يخال الفرار يراخي الأجل

(ج) المصدر العامل المجرّد (٥) وهو المنون :

عمل المصدر المجرّد من «أل»

و «الإضافة» أقيس من عمله

مضافا ، لأنه يشبه الفعل بالتنكير

__________________

(١) الآية «٢٥١» البقرة (٢).

(٢) التلاد : المال القديم. النشب : المال الثابت ، والقواقيز : واحدها : قاقوزة ، وهي أقداح يشرب بها الخمر.

(٣) الآية «١١٥» التوبة (٩).

(٤) الآية «٤٩» فصلت (٤١).

(٥) ومنع الكوفيون : إعمال المصدر المنون. وحملوا ما بعده من مرفوع أو منصوب على إضمار فعل.


نحو (أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ يَتِيماً)(١).

٦ ـ تابع معمول المصدر :

المضاف إليه المصدر العامل ، إن كان فاعلا فمحله الرفع وإن كان مفعولا فمحلّه النّصب ، لذلك يجوز في التابع «الجر» مراعاة للفظ المتبوع ، و «الرفع» إن كان المضاف إليه فاعلا ، ونصبه إن كان مفعولا إتباعا لمحله نحو «عجبت من ضرب زيد الظريف» بجرّ الظريف ورفعه ، ومن الرّفع قول لبيد العامري :

حتى تهجّر في الرّواح وهاجها

طلب المعقّب حقّه المظلوم (٢)

فرفع «المظلوم» على الإتباع لمحل المعقّب.

وتقول «سررت من أكل الخبز واللحم» فالجر على اللفظ والنصب على المحل ، ومثله قول زياد العنبري :

قد كنت داينت بها حسّانا

مخافة الإفلاس واللّيّانا (٣)

نصب «الليان» عطفا على موضع الإفلاس لأنّه مفعول في المعنى.

مصدر المرّة ـ يدلّ على المرّة من مصدر الفعل الثّلاثي ب «فعلة» بالفتح ، ك «جلس جلسة» و «لبس لبسة».

إلّا إن كان بناء المصدر العام على فعلة ، فيدلّ على المرة منه بالوصف ك «رحم رحمة واحدة».

والمرة من غير الثلاثي بزيادة التاء على مصدره القياسي ك «انطلاقة واستخراجة» فإن كان بناء المصدر العام على التاء ، دلّ على المرّة منه بالوصف ك «أقمت إقامة واحدة» و «استقامة واحدة».

مصدر الهيئة ـ يدلّ على الهيئة ب «فعلة» بكسر الفاء كالجلسة والرّكبة والقتلة إلّا إن كان بناء المصدر العامّ عليها ، فيدلّ على الهيئة بالصفة ونحوها ك «نشدت ضالّتي نشدة عظيمة».

__________________

(١) الآية «١٤» البلد (٩٠).

(٢) تهجر : سار في وقت الحر والضمير لحمار الوحش ، الرواح : بين الزوال والليل ، هاجها الضمير للأتان : أثارها ، وطلب المعقب : مفعول مطلق لهاج مضاف لفاعله. المعنى : يصف الحمار وأنثاه بالإسراع إلى كل نجد يطلبان الكلأ والورد.

(٣) أي مخافتي الإفلاس ، والليان : المطل بالدين ، وأراد بقوله «بها» القينة : أي أخذتها في دين لي على حسان.


ولا يبنى من غير الثّلاثي مصدر للهيئة إلّا ما شذّ من قولهم «اختمرت خمرة» و «انتقبت نقبة» و «تعمّم عمّة» و «تقمّص قمصة».

المضارع ـ

١ ـ تعريفه :

ما يدلّ على حدوث شيء في زمن التّكلّم أو بعده ، فهو صالح للحال والاستقبال.

ويعيّنه للحال لام التّوكيد وما النّافية نحو (إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ)(١)(وَما تَدْرِي نَفْسٌ ما ذا تَكْسِبُ غَداً)(٢).

ويعيّنه للاستقبال السين وسوف ولن وأن وإن نحو : (سَيَصْلى ناراً)(٣)(سَوْفَ يُرى)(٤)(لَنْ تَرانِي)(٥)(وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ)(٦)(وَإِنْ يَتَفَرَّقا يُغْنِ اللهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ)(٧).

٢ ـ علامته :

أن يصلح لأن يلي «لم» نحو «لم يقم» (٨).

٣ ـ شرطه :

لا بدّ في كلّ مضارع أن يبدأ بحرف من أحرف «أنيت» ، فالهمزة للمتكلم الواحد أو المتكلّمة ، والنّون للمتكلّم مع غيره أو المتكلمة مع غيرها ، والياء للغائب المذكّر ، وجمع الغائبة ، والتاء للمخاطب مطلقا ومفرد الغائبة ومثناها.

٤ ـ حكمه :

المضارع معرب إذا سلم من مباشرة إحدى نوني التّوكيد أو سلم من نون الإناث ، وإلّا فهو مبنيّ على السّكون مع الإناث مثل قوله تعالى (وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ)(٩) ومبنيّ على

__________________

(١) الآية «١٣» يوسف (١٢).

(٢) الآية «٣٤» لقمان (٣١).

(٣) الآية «٣» اللهب (١١١).

(٤) الآية «٤٠» النجم (٥٣).

(٥) الآية «١٤٢» الأعراف (٧).

(٦) الآية «١٨٤» البقرة (٢).

(٧) الآية «١٢٩» النساء (٤).

(٨) ومتى دلت كلمة على معنى المضارع ، ولم تقبل «لم» فهي اسم فعل مضارع ك «أوه» بمعنى أتوجع و «أف» بمعنى أتضجر.

(٩) الآية «٢٢٨» البقرة (٢).


الفتح مع نون التوكيد المباشرة (١) نحو (لَيُنْبَذَنَّ).

٥ ـ أخذه من الماضي وحركة حرف المضارعة :

يؤخذ المضارع من الماضي بزيادة حرف من حروف «أنيت» مضموما في الرّباعي سواء أكان أصليّا ك «يدحرج» أم زائدا نحو «يكرم».

مفتوحا في غير الرّباعي من ثلاثي ، أو خماسيّ أو سداسي ك «يكتب وينطلق ويستغفر».

٦ ـ التّغيّرات الطّارئة على الماضي ليصير مضارعا :

إن كان الماضي ثلاثيا تسكّن فاؤه ، وتحرّك عينه بما ينص عليه في اللغة من فتح ك «يذهب» أو ضم ك «ينصر» أو كسر ك «يجلس» وتحذف فاؤه في المضارع المكسور العين إن كان مثالا واويّ الفاء ك «يعد» من وعدو «يرث» من ورث.

وإن كان غير ثلاثيّ أبقي على حاله إن كان مبدوءا بتاء زائدة ك «يتشارك ويتعلّم».

وإن لم يبدأ بتاء زائدة كسر ما قبل آخره.

وتحذف الهمزة من المضارع إن كانت في الماضي ك «يستغفر» للاستغناء عنها. و «أكرم» لثقل اجتماع همزتين في المبدوء بهمزة المتكلم ، وحمل عليه غيره.

المضارع المجزوم بجواب الطّلب ـ إذا سقطت فاء السّببيّة بعد الطلب ، وقصد معنى الجزاء (٢) جزم الفعل جوابا لشرط مقدّر ، نحو (قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ)(٣).

وشرط الجزم بعد «النهي» صحة وقوع «إن لا» في موضعه ، ولهذا صحّ «لا تكذبوا تحترموا» بالجزم ، ووجب الرفع في قولك «لا تكذبوا

__________________

(١) أما غير المباشرة ، فإن المضارع معها معرب تقديرا نحو (لَتُبْلَوُنَّ) (فَإِمَّا تَرَيِنَّ) (وَلا تَتَّبِعانِّ).

(٢) فإن لم يقصد معنى الجزاء ، لا يجزم ، بل يرفع إما مقصودا به الوصف نحو «ليت لي مالا أنفق منه» أو الحال نحو (ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ).

(٣) الآية «١٥١» الأنعام (٦).


تهانون» فإنّ الشخص لا يهان على عدم الكذب.

وشرطه بعد «غير النهي» أن يصحّ المعنى بحلول «إن» محلّه ، نحو «اجتهد ترما يسرّك ، ومثله إذا سقطت الفاء بعد «اسم الفعل» الدّالّ على الطلب نحو قول عمرو ابن الإطنابة :

وقولي كلّما جشأت وجاشت

مكانك تحمدي أو تستريحي

أو بعد الخبر المراد به الطلب نحو قوله «اتّقى الله امرؤ فعل خيرا يثب عليه» أي ليتّق الله وليفعل.

المضارع المعتلّ الآخر ـ

١ ـ تعريفه :

هو ما آخره حرف علّة «ألف» ك «يخشى» أو «واو» ك «يدعو» أو «ياء» ك «يرمي».

٢ ـ إعرابه :

يرفع المضارع بضمّة مقدرة على الواو والياء للثقل ، وعلى الألف للتعذر ، نحو «العالم يسمو ويرتقي» ونحو «المجدّ يسعى للفوز» ، وينصب بفتحة ظاهرة على «الواو والياء» لخفّتها ، نحو «لن يسمو ولن يرتقي الكسول» ، أمّا على الألف فالنّصب بفتحة مقدّرة للتعذّر ، نحو «يسّرني أن يسعى المتخلف» ، ويجزم بحذف حرف العلّة من آخره نحو «لم يخش» «لم يدع» «لم يرم».

فأمّا قول قيس بن زهير :

ألم يأتيك والأنباء تنمى

بما لاقت لبون بني زياد

فضرورة.

٣ ـ حرف العلة إذا كان مبدلا من همزة :

يحذف في الأصل حرف العلّة للجازم إذا كان أصليا ، أمّا إذا كان حرف العلة بدلا من همزة ك «يقرأ» مضارع قرأ و «يقرئ» مضارع أقرأ و «يوضؤ» مضارع وضؤ بمعنى حسن ـ فإن كان الإبدال للهمزة بعد دخول الجازم على المضارع ، فهو إبدال قياسي لسكون الهمزة ، وإبدال الهمز الساكن من جنس حركة ما قبله قياسي ، وحينئذ يمتنع حذف حرف العلّة لاستيفاء الجازم مقتضاه


وإن كان الإبدال قبل دخول الجازم فهو إبدال شاذ ، لأن الهمزة المتحركة تمتنع عن الإبدال ، وإبدال الهمزة المتحركة من جنس حركة ما قبلها شاذّ ، ويجوز حينئذ مع الجازم الإثبات للحرف المبدل ، والحذف

المضاف ـ (ـ الإضافة).

المضاف إليه ـ (ـ الإضافة).

المضاف إلى الجمل ـ (ـ الجمل التي لا محلّ لها من الإعراب)

المضاف إلى معرفة ـ من المعارف المضاف إلى أحد المعارف الخمس : الضمير ، العلم ، اسم الموصول ، اسم الإشارة ، ما فيه أل ، إلّا إذا كان مشتقّا مضافا إلى معموله فيبقى نكرة وإضافته لفظية (١).

ودرجة المضاف إلى معرفة في التعريف كدرجة ما أضيف إليه ، إلّا المضاف إلى الضّمير فإنّه بدرجة العلم ، واعرف المعارف : الضمير ، ثمّ العلم ، ثمّ الموصول ، ثمّ الإشارة ، ثم المحلى ب «أل».

المضاف إلى ياء المتكلّم ـ

١ ـ حكمه ، وحكم ياء المتكلّم : يجب كسر آخر «المضاف لياء المتكلم» لمناسبة الياء ، أمّا الياء فيجوز إسكانها وفتحها نحو «هذا كتابي» أو «كتابي».

ويكون هذا في أربعة أشياء : المفرد الصحيح ، كما مثّلنا ، والمعتلّ الجاري مجراه ك «ظبيي» و «دلوي» وجمع التكسير نحو «أولادي» والجمع بالألف والتاء ك «مسلماتي».

٢ ـ ما يستثنى من هذين الحكمين : يستثنى من هذين الحكمين أربع مسائل يجب فيها سكون آخر المضاف وفتح الياء ، وهي :

(١) ما كان آخره ألفا سواء أكان مقصورا ك «هدى» و «عصا» تقول فيهما «هداي» و «عصاي» والمشهور في هذا بقاء ألفه والنطق بها كما مثّلنا ، وعند هذيل انقلابها ياء حسن نحو «عصيّ» ومنه قول أبي ذؤيب :

سبقوا هويّ وأعنقوا لهواهم

فتخرّموا ولكل جنب مصرع

أو كانت ألفه للتثنية نحو «يداي»

__________________

(١) انظر الإضافة اللفظية.


أو للمحمول على التثنية نحو «ثنتاي» وهذه الألف لا تنقلب «ياء» بالاتفاق.

(٢) الاسم المنقوص ك «رام» و «قاض» وتدغم «ياء» المنقوص في «ياء» الإضافة ، وتفتح ياء الإضافة فتقول «جاء راميّ» و «رأيت قاضيّ».

(٣) المثنّى في حالتي النّصب والجر ، وتدغم أيضا «ياء» المثنى في «ياء» المتكلّم ، تقول : «قرأت كتابيّ» و «نظرت إلى ابنيّ».

(٤) المجموع المذكّر السّالم ، فإن كان في حالة الرفع وقبل الواو ضمّ ، قلبت الضمّة كسرة نحو قوله عليه الصلاة والسلام «أو مخرجيّ هم» وقول الشاعر :

أودى بنيّ وأعقبوني حسرة

عند الرّقاد وعبرة لا تقلع

وإن كان قبل الواو فتح ك «مصطفون» بقي الفتح فتقول «جاء مصطفيّ».

٣ ـ ألف «على ولدى» في حالة الإضافة : المتفق عليه عند الجميع على قلب الألف ياء في «على ولدى» ولا يختص ذلك بياء المتكلم ، بل هو عامّ في كل ضمير نحو «لديه وعليه» و «لدينا وعلينا».

٤ ـ إعراب المضاف إلى ياء المتكلم : يعرب المضاف إلى ياء المتكلم بحركات مقدّرة على ما قبل الياء في الأحوال الثلاثة عند الجمهور ، وقيل في الجر خاصة : بكسرة ظاهرة.

المضعّف من الأفعال ـ

١ ـ تعريفه :

هو ـ من الثلاثي ـ : ما كانت عينه ولامه من جنس واحد نحو «مدّ» ومثله المزيد على الثلاثي ك «امتدّ» و «استمدّ».

ومن الرباعي : ما كانت فاؤه ولامه الأولى من جنس ، وعينه ولامه الثانية من جنس آخر نحو «زلزل» ومثله المزيد على الرّباعي نحو «تزلزل»

٢ ـ حكمه :

أما الثلاثي والمزيد عليه ، فإن كان ماضيا وجب فيه الإدغام ـ وهو إدخال أحد الحرفين المتماثلين في الآخر ك «مدّ» و «استمدّ» و «مدّوا» و «استمدّوا» إلّا إذا


اتصل به ضمير رفع متحرك وجب الفكّ لسكون آخر الفعل عندئذ نحو «مددت» و «النسوة مددن» و «استمددت» و «النسوة استمددن» ، أمّا المضارع فيجب فيه الإدغام أيضا إذا كان مرفوعا أو منصوبا ك «يردّ» و «يستردّ» و «لن يردّ» و «لن يستردّ» أو كان منصوبا أو مجزوما بحذف النون نحو «لم يردّا» و «لن يردّا» و «لم يستردّوا» و «لن يستردّوا» وهكذا ..

أمّا إذا جزم بالسّكون فيجوز الإدغام والفكّ نحو «لم يردّ» و «لم يردد» و «لم يستردّ» و «لم يستردد».

ولا يجب في المضارع الفكّ إلّا إذا اتّصل به «نون النسوة» لسكون ما قبلها نحو «النّسوة يرددن» و «يسترددن» والمضارع في هذا مبنيّ على السكون ، والأمر كالمضارع المجزوم في جميع ما تقدّم نحو «ردّ» ، و «اردد» ، و «ردّا ، واستردّا ، وردّوا ، واستردّوا ، وردي ، واستردي ، واستردّ ، واستردد ، واسترددن يا نسوة».

مع ـ اسم لمكان الاجتماع ، معرب ، إلّا في لغة ربيعة فيبنى على السّكون كقول جرير :

فريشي منكم وهواي معكم

وإن كانت زيارتكم لماما (١)

فإذا لقي مع الساكنة ساكن جاز كسرها وفتحها نحو «مع القوم».

وقد تفرد «مع» عن الإضافة ، فتخرج عن الظرفيّة ، وتنصب على الحال بمعنى : جميعا ، وتستعمل للجمع ، كما تستعمل للاثنين كقول متمم بن نويرة يرثي أخاه مالكا :

فلمّا تفرّقنا كأني ومالكا

لطول اجتماع لم نبت ليلة معا

وقول الخنساء :

وأفنى رجالي فبادوا معا

فأصبح قلبي بهم مستفزّا (٢)

__________________

(١) وقال سيبويه : تسكين العين ضرورة والصحيح أنها لغة ربيعة وغنم كما في الأشموني.

(٢) ضمير أفنى يعود إلى الدهر أو الموت. مستفزا : من استفزه بمعنى أزعجه.


معاذ الله ـ المعنى : أعوذ بالله معاذا ، وهو مفعول مطلق عامله محذوف ك «سبحان الله».

المعتلّ من الأفعال ـ

١ ـ تعريفه :

هو ما في حروفه الأصليّة أحد حروف العلة التي هي «الواو والألف والياء».

٢ ـ أقسامه :

المعتلّ أربعة أقسام : (١) المثال.

(٢) الأجوف. (٣) النّاقص.

(٤) اللّفيف.

ولكلّ منها تعريف وأحكام (ـ في أحرفها).

المعرب – (ـ الإعراب ١ و ٢)

المعرفة ـ

١ ـ تعريفها :

هي ما يفهم منه معيّن.

٢ ـ أقسامها :

سبعة : (١) الضّمير.

(٢) العلم. (٣) اسم الإشارة.

(٤) اسم الموصول. (٥) المحلّى بأل.

(٦) المضاف لواحد ممّا ذكر.

(٧) المنادى (ـ تفصيلها في أحرفها)

المفعول به ـ

١ ـ تعريفه :

هو اسم دلّ على ما وقع عليه فعل الفاعل ، ولم يتغيّر لأجله صورة الفعل ، نحو «يحبّ الله المتقن عمله» ويكون ظاهرا كما مثّل ، وضميرا متصلا نحو «أرشدني الأستاذ» ومنفصلا نحو (إِيَّاكَ نَعْبُدُ)(١).

٢ ـ ذكر عامل المفعول به وحذفه :

الأصل في عامل المفعول به أن يذكر ، وقد يحذف إمّا جوازا ، وذلك إذا دلّت عليه قرينة نحو «صديقك» في جواب «من أكرمت؟».

وإمّا وجوبا وذلك في سبعة أنواع :

(١) الأمثال ونحوها ممّا اشتهر بحذف العامل نحو قولك للقادم عليك «أهلا وسهلا» أي جئت أهلا ، ونزلت مكانا سهلا ، وفي المثل «أمر مبكياتك لا أمر مضحكاتك» (٢) تقديره : اقبلي أمر مبكياتك ،

__________________

(١) الآية «٤» الفاتحة (١).

(٢) مثل يضرب لاستماع النصيحة.


وفي المثل «الكلاب على البقر» (١) أي أرسل.

(٢) النعوت المقطوعة الى النصب نحو «الحمد لله الحميد».

(٣) الاسم المشتغل عنه نحو «محمّدا سامحه».

(٤) الاختصاص نحو «نحن العرب أسخى من بذل».

(٥) التّحذير بشرط العطف أو التكرار بغير «إيّا» نحو «رأسك والسيف» ونحو «الكسل الكسل» ونحو «إيّاك والكذب».

(٦) الإغراء بشرط العطف أو التكرار أيضا نحو «المروءة والنجدة» و «المثابرة المثابرة على العمل».

(٧) المنادى نحو «يا سيّد القوم» (٢).

٣ ـ حذف المفعول به :

الأصل في المفعول به أن يذكر ، وقد يحذف جوازا لغرض لفظي : كتناسب الفواصل ، نحو (ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى)(٣) أي وما قلاك أو الإيجاز نحو (فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا)(٤).

أو غرض معنوي : كاحتقاره نحو (كَتَبَ اللهُ لَأَغْلِبَنَّ)(٥) أي الكافرين ، أو استهجانه كقول عائشة «ما رأى مني ، ولا رأيت منه» أي العورة.

ويحذف وجوبا في باب التنازع (ـ التنازع» إن أعمل الثاني ، نحو «قصدت وعلّمني أستاذي».

ويمتنع حذفه في مواضع أشهرها : المفعول المسئول عنه نحو «عليّا» في جواب «من أكرمت؟» والمحصور فيه نحو «ما أدّبت إلّا إبراهيم».

المفعول فيه (الظرف) ـ

١ ـ تعريفه :

هو اسم زمان أو مكان ، أو اسم عرضت دلالته على أحدهما ، أو جرى مجرى الزّمان ، وضمّن

__________________

(١) مثل ، معناه : خل الناس خيرهم وشرهم واغتنم طريق السلامة.

(٢) الأصل في نصب المنادى ب «أدعو» المقدرة ، فإذا قلت : «يا سيد القوم» فكأنك قلت : أدعو سيد القوم.

(٣) الآية «٣» الضحى (٩٣).

(٤) الآية «٢٤» البقرة (٢).

(٥) الآية «٢١» المجادلة (٥٨).


معنى «في» باطّراد ، فاسم الزّمان والمكان نحو «سافر ليلا» و «مشى ميلا».

والذي عرضت دلالته على أحدهما أربعة أشياء :

(١) أسماء العدد المميّزة بالزمان أو المكان نحو «سرت عشرين يوما ستين ميلا».

(٢) ما أفيد به كلية الزمان أو المكان ، أو جزئيتهما نحو «سرت جميع النهار كلّ الفرسخ» أو «بعض اليوم نصف ميل».

(٣) ما كان صفة لأحدهما نحو «جلست طويلا من اليوم عندك» والمعنى : جلست زمنا طويلا.

(٤) ما كان مخفوضا بإضافة أحدهما ، ثمّ أنيب عنه بعد حذفه ، والغالب في النّائب أن يكون مصدرا ، وفي المنوب عنه أن يكون زمانا معيّنا لوقت أو لمقدار نحو «جئتك صلاة العصر» و «انتظرتك جلسة خطيب» وقد يكون النائب اسم عين نحو «لا أكلمه القارظين» (١) أي مدّة غيبة القارظين وقد يكون المنوب عنه مكانا ، نحو «جلست قرب محمّد» أي مكان قربه.

وأمّا الاسم الجاري مجرى الزمان : فهو ألفاظ مسموعة ، توسعوا فيها فنصبوها على تضمين معنى «في» نحو «أحقّا أنّك ذاهب» والأصل : أفي حقّ.

وقد نطقوا بالجر «بفي» قال قائد بن المنذر :

أفي الحق أني مغرم بك هائم

وأنّك لا خلّ هواك ولا خمر

ومثله «غير شك» أو «جهد رأيي» أو «ظنّا مني أنّك عالم».

٢ ـ ما لا ينطبق عليه التعريف :

تبين من تفصيلات التعريف أنه ليس من المفعول فيه نحو (وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ)(٢) إذا قدر (بفي) فإنّ النكاح ليس بواحد ممّا

__________________

(١) القارظان : تثنية قارظ ، وهو الذي يجني القرظ ـ وهو ثمر السلم ـ يدبغ به ، وهما : شخصان خرجا في طلبه ، فلم يرجعا ، فضرب برجوعهما المثل لما لا يكون أبدا.

(٢) الآية «١٢٦» النساء (٤).


ذكر ، ولا نحو (يَخافُونَ يَوْماً)(١) لأنّه ليس على معنى «في» فهو مفعول به ، ونحو «دخلت الدّار» و «سكنت البيت» لأنّه لا يطّرد تعدّي الأفعال إلى الدّار والبيت على معنى «في» فلا تقول : «صليت الدار» ، ولا : «نمت البيت» ، لأنه مكان مختص ، والمكان لا ينصب إلّا مبهما فنصبهما إنما هو على التّوسّع بإسقاط الخافض.

٣ ـ حكم المفعول فيه :

حكم المفعول فيه النّصب ، وناصبه اللفظ الدالّ على المعنى الواقع فيه.

ولهذا اللفظ ثلاث حالات :

(إحداها) أن يذكر نحو «سرت بين الصّفين ساعة» وهو الأصل.

(الثانية) أن يحذف جوازا كقولك «ميلا» أو «ليلا» جوابا لمن قال : كم سرت؟ ومتى سافرت؟

(الثالثة) أن يحذف وجوبا وذلك في ست مسائل :

أن يقع :

(١) صفة نحو «رأيت طائرا فوق غصن».

(٢) صلة ، نحو «جاءني الذي عندك».

(٣) خبرا نحو «الكتاب أمامك».

(٤) حالا نحو «التمع البرق بين السّحب».

(٥) مشتغلا عنه نحو «يوم الخميس سافرت فيه».

(٦) أن يسمع بالحذف لا غير ، كقولهم في المثل لمن ذكر أمرا تقادم عهده «حينئذ الآن» (٢) أي كان ذلك حينئذ ، واسمع الآن.

٤ ـ ما ينصب وما لا ينصب من أسماء الزمان والمكان :

أسماء الزمان كلّها صالحة للنصب على الظّرفيّة ، سواء في ذلك مبهمها ك «حين» و «مدّة» أو مختصّها ك «يوم الخميس» و «شهر رمضان» أم معدودها ك «يومين» و «أسبوعين» أمّا أسماء المكان فلا ينصب منها إلّا نوعان.

(أحدهما) : المبهم : هو ما افتقر إلى غيره في بيان معناه كأسماء الجهات الست ، وهي : «فوق ، تحت ، يمين ، شمال ، أمام ، وراء» وشبهها في الشيوع ك «ناحية ، وجانب ،

__________________

(١) الآية «٣٧» النور (٢٤).

(٢) يقصد من المثل : نهي المتكلم عن ذكر ما يقوله ، وأمره بسماع ما يقال له.


ومكان وبدل» وأسماء المقادير نحو «ميل ، وفرسخ ، وبريد».

(الثاني) ما اتحدت مادته ، ومادة عامله ، نحو «رميت مرمى سليمان» و «جلست مجلس القاضي» ومنه قوله تعالى (وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْها مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ). (١)

وعلى هذا فلا ينصب المختصّ من اسم المكان ، وهو : ما له حدود معيّنة ك «الدّار» و «المدرسة» بل يجر ب «في».

٥ ـ الظرف نوعان : متصرّف ، وغير متصرف :

فالمتصرف : ما يفارق الظّرفيّة إلى حالة لا تشبهها ، كأن يقع مبتدأ ، أو خبرا ، أو فاعلا ، أو مفعولا ، أو مضافا إليه ، ك «اليوم ، والميل ، والفرسخ» تقول : «اليوم يوم مبارك» و «أحببت يوم قدومك» و «الميل ثلث الفرسخ».

وغير المتصرف : وهو نوعان : ما لا يفارق الظّرفيّة أصلا ك «قط» و «عوض» (٢) و «بينا أو بينما» (٣) تقول : «ما هجرته قط» و «لا أفارقه عوض» و «بينا أو بينما أنا ذاهب حضر الغائب» ومن هذا : الظروف المركّبة ك «صباح مساء» و «بين بين».

وما لا يخرج عنها إلّا إلى حالة تشبهها ، وهي دخول الجارّ نحو «قبل وبعد ولدن وعند» (٤) فتدخل عليهنّ «من».

٦ ـ متعلّق المفعول فيه :

يجب أن يكون للمفعول فيه متعلّق سواء أكان زمانيّا أم مكانيّا ، وشروط تعلّقه كشروط تعلّق «الجار والمجرور» (ـ الجار والمجرور رقم ٢٨).

المفعول لأجله ـ

١ ـ تعريفه :

هو اسم يذكر لبيان سبب الفعل ، نحو (وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ)(٥).

٢ ـ شروطه :

يشترط لجواز نصبه خمسة شروط :

كونه مصدرا ، قلبيّا (٦) ، مفيدا

__________________

(١) الآية «٩» الجن (٧٢).

(٢) انظرهما في حرفهما.

(٢) انظرهما في حرفهما.

(٣) انظرها في حروفها.

(٤) الآية «٣١» الإسراء (١٧).

(٥) القلبي : هو الذي يكون معناه عقليا غير مادي.


للتعليل ، متّحدا مع المعلّل به في الوقت ، متّحدا معه في الفاعل.

فإن فقد شرط من هذه الشروط : وجب جرّه بحرف الجرّ ، نحو (وَالْأَرْضَ وَضَعَها لِلْأَنامِ)(١) لفقد المصدرية. ونحو (وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ)(٢) لفقد القلبية ونحو «أحسنت إليك لإحسانك» لأنّ الشيء لا يعلّل بنفسه ونحو «جئتك اليوم للإكرام غدا» لعدم اتحاد الوقت ، ومنه قول امرئ القيس

فجئت وقد نضّت لنوم ثيابها

لدى السّتر إلّا لبسة المتفضّل (٣)

ومن فقد الاتحاد في الفاعل قول أبي صخر الهذلي :

وإني لتعروني لذكراك هزّة

كما انتفض العصفور بلّله القطر (٤)

وقد انتفى الاتحاد في الزّمن والفاعل في قوله تعالى (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ)(٥) لأنّ زمن الإقامة متأخّر عن زمن الدّلوك ، وفاعل الإقامة المخاطب ، وفاعل الدلوك الشمس.

٣ ـ أنواع المفعول لأجله المستوفي الشروط :

والمفعول لأجله (١) إمّا أن يكون مجردا من «أل والإضافة» (٢) أو مقرونا ب «أل» (٣) أو «مضافا».

فإن كان الأول : فالأكثر نصبه ، نحو «زيّنت المدينة إكراما للقادم» ويجرّ على قلة كقول الراجز :

من أمّكم لرغبة فيكم جبر

ومن تكونوا ناصريه ينتصر (٦)

وإن كان الثاني : فالأكثر جرّه بالحرف ، نحو «أصفح عنه للشفقة عليه». ينصب على قلّة ، كقول الرّاجز :

__________________

(١) الآية «١٠» الرحمن (٥٥).

(٢) الآية «١٥١» الأنعام (٦).

(٣) نضت : خلعت. المتفضل : من بقي في ثوب واحد. وظاهر أن مجيئه وخلع ثيابها لم يتحدا زمنا

(٤) تعروني : تغشاني. والشاهد : اختلاف الفاعل في «تعروني ، وذكراك» ففاعل تعروني : الهزة.

وفاعل «لذكراك» المتكلم ، لذلك وجب جر «لذكراك» بلام التعليل.

(٥) الآية «٧٨» الإسراء (١٧).

(٦) المعنى : من قصدكم رغبة في إحسانكم فقد ظفر ، الشاهد في «لرغبة» إذ برزت فيه اللام ، والأرجح نصبه.


لا أقعد الجبن عن الهيجاء

ولو توالت زمر الأعداء (١)

إن كان الثالث : جاز فيه الأمران على السّواء نحو (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ)(٢)(وَإِنَّ مِنْها لَما يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ)(٣).

المفعول المطلق ـ

١ ـ تعريفه :

هو اسم يؤكد عامله ، أو يبيّن نوعه أو عدده ، وليس خبرا ولا حالا (٤) ، نحو «اسع للمعروف سعيا» و «سر سير الفضلاء» و «افعل الخير كلّ يوم مرّة أو مرّتين».

٢ ـ كونه مصدرا ، وغير مصدر.

أكثر ما يكون المفعول المطلق مصدرا ، والمصدر : اسم الحدث الجاري على الفعل ، وليس قولك «اغتسل غسلا» و «أعطى عطاء» مصدرين فإنهما من أسماء المصادر ، لأنها لم تجر على أفعالها لنقص حروفها عنها ، وقد يكون غير مصدر ، وسيأتي تفصيل ذلك رقم (٤).

٣ ـ عامله :

عامل المفعول المطلق إمّا مصدر مثله لفظا ومعنى نحو (فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزاؤُكُمْ جَزاءً مَوْفُوراً)(٥) ، أو ما اشتقّ منه من فعل نحو (وَكَلَّمَ اللهُ مُوسى تَكْلِيماً)(٦) أو وصف (٧) ، نحو (وَالصَّافَّاتِ صَفًّا)(٨) ونحو «اللحم مأكول أكلا» لاسم المفعول ، ونحو «زيد ضرّاب ضربا» لمبالغة اسم الفاعل.

٤ ـ ما ينوب عن المصدر :

قد ينوب عن المصدر في الانتصاب

__________________

(١) الهيجاء : الحرب ، والشاهد في «الجبن» حيث نصبه ، والأرجح ، جره باللام.

(٢) الآية «٢٠٧» البقرة (٢).

(٣) الآية «٧٤» البقرة (٢).

(٤) بخلاف نحو قولك «فضلك فضلان» و «علمك علم نافع» فإنه وإن بين العدد في الأول والنوع في الثاني ، فهو خبر عن «فضلك» في الأول ، وخبر عن «علمك» في الثاني. وبخلاف نحو «ولى مدبرا» فإنه وإن كان توكيدا لعامله ، فهو حال من الضمير المستتر في «ولى».

(٥) الآية «٦٣» الإسراء (١٧).

(٦) الآية «١٦٣» النساء (٤).

(٧) المراد من الوصف : اسم الفاعل ، أو اسم المفعول ، أو المبالغة ، دون اسم التفضيل ، والصفة المشبهة.

(٨) الآية «١» الصافات (٣٧).


على المفعول المطلق ، ما دلّ على المصدر ، وذلك ستّة عشر شيئا : ثلاثة عشر للنّوع ، وثلاثة للمؤكّد.

أمّا الثّلاثة عشر للنوع فهي :

(١) كليته نحو (فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ)(١).

(٢) بعضيّته نحو «أكرمته بعض الإكرام».

(٣) نوعه ، نحو «رجع القهقرى» و «قعد القرفصاء».

(٤) صفته نحو «سرت أحسن السّير».

(٥) هيئته نحو «يموت الجاحد ميتة سوء».

(٦) مرادفه نحو «نهضت وقوفا».

(٧) ضميره نحو «أحمد أظنه عاقلا» (٢).

ومنه (لا أُعَذِّبُهُ أَحَداً مِنَ الْعالَمِينَ)(٣)

(٨) المشار إليه نحو «لمته ذلك اللوم».

(٩) وقته كقول الأعشى :

ألم تغتمض عيناك ليلة أرمدا

وعاد كما عاد السّليم مسهّدا (٤)

أي اغتماض ليلة أرمد.

(١٠) «ما» الاستفهاميّة ، نحو «ما تضرب الفاجر؟ (٥)».

(١١) «ما» الشرطية ، نحو «ما شئت فاجلس» (٦).

(١٢) آلته ، نحو «ضربته سوطا» وهو يطّرد في آلة الفعل دون غيرها ، فلا يجوز ضربته خشبة.

(١٣) العدد ، نحو (فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً)(٧).

أمّا الثلاثة للمؤكّد فهي :

(١) مرادفه نحو «فرحت جذلا» و «ومقته حبّا».

(٢) ملاقيه في الاشتقاق ، نحو (وَاللهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً)(٨)(وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً)(٩) والأصل «إنباتا» و «تبتلا».

__________________

(١) الآية «١٢٨» النساء (٤).

(٢) الهاء من أظنه : ضمير للظن المفهوم من «أظن» وهو نائب المفعول المطلق ، وأحمد : مفعول أول. وعاقلا : مفعول ثان.

(٣) الآية «١١٨» المائدة (٥).

(٤) البيت للأعشى ميمون بن قيس من قصيدة في مدح النبي (ص) و «السليم» الملدوغ ، والشاهد فيه «ليلة أرمدا» حيث نصب «ليلة» بالنيابة عن المصدر ، والتقدير : اغتماضا مثل اغتماض ليلة أرمد ، وليس انتصابها على الظرف.

(٥) أي أيّ ضرب تضربه.

(٦) أي أي جلوس شئته فاجلس.

(٧) الآية «٤» النور (٢٤).

(٨) الآية «١٧» نوح (٧١).

(٩) الآية «٨» المزمل (٧٣).


(٣) اسم المصدر ، نحو : «توضّأ وضوءا» و «أعطى عطاءا».

٥ ـ حكم المصدر من حيث إفراده أو جمعه :

المصدر المؤكّد لا يثنّى ولا يجمع ، فلا يقال : «أكلت أكلين ، ولا أكولا مرادا التأكيد لأنّ المقصود به الجنس من حيث هو.

وأمّا المصدر العددي فيثنّى ويجمع باتفاق ، نحو «ضربته ضربة ، وضربتين ، وضربات».

وأمّا المصدر النّوعي فالمشهور جواز تثنيته وجمعه (١) ، ودليل ذلك قوله تعالى : (وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَا)(٢).

٦ ـ ذكر العامل ، وحذفه :

الأصل في عامل المصدر أن يذكر ، وقد يحذف جوازا لقرينة لفظيّة أو معنويّة ، فاللفظيّة : كأن يقال : ما جلست ، فتقول «بلى ، جلوسا طويلا» أو بلى «جلستين» ، والمعنوية : نحو : «حجّا مبرورا ، وسعيا مشكورا ، أي حججت ، وسعيت وقد يجب حذف العامل ، عند إقامة المصدر مقام فعله ، وهو نوعان :

«أ» ما لا فعل له من لفظه نحو «ويل (٣) أبي لهب» و «ويح (٤) عبد المطلب» و «بله (٥) الأكف» فيقدر : أهلكه الله ، ورحمه‌الله ، واترك ذكر الأكف.

«ب» ما له فعل من لفظه ، ويحذف عامله في ستة مواضع :

(١) المصدر النائب عن فعله ، كالواقع أمرا ، أو نهيا ، أو دعاء ، أو مقرونا باستفهام توبيخي نحو «اجتهادا لا توانيا» «سقيا لنا يا ربنا» «أتوانيا وقد جدّ قرناؤك».

ومن الحذف في الأمر قول أعشى همدان :

على حين ألهى الناس جلّ أمورهم

فندلا زريق المال ندل الثعالب (٦)

__________________

(١) وظاهر مذهب سيبويه المنع.

(٢) الآية «١٠» الأحزاب (٣٣).

(٣) انظرها في حروفها.

(٣) انظرها في حروفها.

(٣) انظرها في حروفها.

(٤) قبله :

يمرون بالدّهنا خفافا عيابهم

ويخرجن من دارين بجر الحقائب

والشاعر يهجو لصوصا ، و «الدهنا» موضع ببلاد تميم ، و «دارين» موضع بالبحرين و «بجر» أي ممتلئة ، والشاهد في البيت قوله «فندلا» حيث جاء بدلا عن فعله ، إذ التقدير :

اندل يا زريق ندلا ، والندل : النقل والاختطاف و «زريق» اسم قبيلة ، و «المال» منصوب بالمقدر ، وهو اندل ، وندل الثعالب : منصوب بنزع الخافض.


(٢) المصادر المسموعة الدالّ على عاملها قرينة ، مع كثرة استعمالها ، كقولهم عند تذكر النعمة «حمدا وشكرا ، لا كفرا» وعند تذكّر الشّدّة «صبرا ، لا جزعا» وعند الامتثال «سمعا وطاعة» وعند الدّعاء بالطرد والبعد «سحقا له وبعدا» أي سحقه الله وأبعده.

(٣) المصدر الواقع تفصيلا لمجمل قبله ، طلبا كان أو خبرا ، فالأوّل نحو (فَشُدُّوا الْوَثاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً)(١).

والثاني : كقول الشّاعر :

لأجهدنّ فإمّا درء واقعة

تخشى وإمّا بلوغ السؤل والأمل

فدرء وبلوغ : ذكرا تفصيلا لعاقبة الجهد. أي إمّا أدرأ ، وإمّا أبلغ.

(٤) المصدر الواقع فعله خبرا عن اسم عين ، بشرط أن يكون مكرّرا نحو «أنت فهما فهما» أو محصورا فيه ، نحو «ما أنت إلّا أدبا» و «إنما أنت تربية الأشرف». أو مستفهما عنه ، نحو «أأنت سفرا» أو معطوفا عليه نحو «أنت قياما وقعودا.

فإن لم يكن المخبر عنه اسم عين ، بل اسم معنى وجب رفعه على الخبريّة نحو «أمرك عجب عجب».

وإن لم يكرّر ، أو يحصر ، جاز الإظهار والإضمار.

(٥) أن يكون مؤكّدا لنفسه أو لغيره :

(فالأوّل) : هو الواقع بعد جملة هي نصّ في معناه ، نحو «له عندي يد إقرارا» (٢).

و (الثاني) : الواقع بعد جملة تحتمل فتصير به نصّا : نحو «ابني أنت حقّا صرفا» فحقّا رفع ما احتمله «أنت ابني» من إرادة المجاز.

(٦) المصدر الواقع بعد جملة لغرض التشبيه بشروط :

كونه مشعرا بالحدوث ، وكون الجملة مشتملة على فاعله وعلى معناه ، وليس فيها ما يصلح للعمل نحو «لي سعي سعي المخلصين».

فإن لم يستوف هذه الشّروط بأن لم يكن مصدرا نحو «له يد يد أسد» أو لم يقصد به التشبيه نحو «له صوت ،

__________________

(١) الآية «٤» محمد (٤٧).

(٢) اليد : النعمة والصنيعة والمعروف ، وكلمة : إقرارا تأكيد لما استفيد من الإقرار الأول.


صوت حسن» أو لم يشعر بالحدوث نحو «له ذكاء ذكاء الحكماء» لأنّ الذكاء من الملكات الراسخة ، أو لم تشتمل الجملة على فاعله نحو «عليه نوح نوح الحمام» لأنّ ضمير عليه للمنوح عليه لا للنائح ـ يجب ـ في هذه الحال ـ الرفع على البدليّة ، في جميع هذه الأمثلة.

وإن كان في الجملة ما يصلح للعمل فيه ، تعين نصبه بالعامل المذكور نحو «علي يأكل أكل الجشع».

المفعول معه ـ

١ ـ تعريفه :

هو : اسم فضلة مسبوق بواو بمعنى «مع» تالية لجملة ذات فعل ، أو اسم فيه معنى الفعل وحروفه ، مذكور لبيان ما فعل الفعل بمقارنته نحو «دع الظالم والأيّام» و «أنا سائر وساحل البحر».

ولا يجوز تقدّمه على عامله ، فلا تقول «وضفة النهر سرت» ولا على مصحوب عامله نحو «أقبل والجيش الأمير».

٢ ـ نصب المفعول معه بعد «ما» و «كيف» :

وقد يكون منصوبا بفعل مضمر وجوبا من الكون ونحوه ، وذلك بعد «ما» أو «كيف» الاستفهاميتين نحو «ما أنت وصديقك» و «كيف أنت والشعر» (١).

ومنه قول مسكين الدارمي :

فما لك والتلدّد حول نجد

وقد غصّت تهامة بالرجال (٢)

٣ ـ حالات الاسم الواقع بعد «الواو» للاسم الواقع بعد الواو خمس حالات : رجحان العطف ، رجحان المفعول معه ، امتناع العطف ، امتناع النصب على المعيّة ، امتناع الاثنين وهاك تفصيلها :

(الأولى) أن يكون العطف ممكنا بدون ضعف لا من جهة المعنى ، ولا من جهة اللفظ وحينئذ فالعطف أرجح من النّصب لأصالته نحو «أقبل الأستاذ والتلميذ» و «جئت

__________________

(١) «ما وكيف» خبران لتكون المحذوفة ، والضمير المنفصل بعد الحذف اسمها ، وكثير من النحويين يرفع ما بعد الواو عطفا على الضمير ، وهو الأرجح.

(٢) ومنه قول زهير الهذلى :

يا قوم ما لى وأبا ذويب

كنت إذا أتيته من غيب

رج لسان العرب ج ١ ص ٤٤٣.


أنا وأخي» ومنه قوله تعالى (اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ)(١).

(الثانية) أن يكون في العطف ضعف إمّا من جهة المعنى نحو قوله :

فكونوا أنتم وبني أبيكم

مكان الكليتين من الطحال (٢)

أو من جهة اللفظ نحو «اذهب وصديقك إليه» لضعف العطف على ضمير الرفع بلا فصل فالنّصب راجح فيهما.

(الثالثة) أن يمتنع العطف ، ويتعين النصب ، إمّا لمانع لفظي نحو «ما شأنك وعليّا» لعدم صحّة العطف على الضّمير المجرور بدون إعادة الجار.

وإمّا لمانع معنوي نحو «حضر أحمد وطلوع الشّمس» لعدم مشاركة الطّلوع لأحمد في الحضور.

(الرّابعة) أن يمتنع النصب على المعيّة ويتعين العطف ، وذلك في نحو «كلّ صانع وصنعته» ممّا لم يسبق الواو فيه جملة ، ونحو «تخاصم عليّ وإبراهيم» ممّا لا يقع إلّا من متعدد ، ونحو «جاء محمّد وإبراهيم قبله» ممّا اشتمل على ما ينافي المعيّة.

(الخامسة) أن يمتنع العطف والنّصب على المعيّة نحو قول الراعي :

إذا ما الغانيات برزن يوما

وزجّجن الحواجب والعيونا

وقوله :

علفتها تبنا وماء باردا

حتى شتت همّالة عيناها

أمّا امتناع العطف فلانتفاء مشاركة العيون للحواجب في التزجيج ، والماء للتبن في العلف ، وأمّا امتناع النصب على المعيّة ، فلانتفاء فائدة الإخبار بمصاحبتها في الأوّل ، وانتفاء المعيّة في الثاني ، وحينئذ فإمّا أن يضمّن العامل فيهما معنى فعل آخر ، فيضمن «زجّجن» معنى : زيّنّ ، و «علفتها» معنى : أنلتها ، وإمّا أن يقدّر فعل يناسبهما نحو : كحلن ، وسقيتها.

المفيد ـ هو ما دلّ على معنى يحسن السّكوت عليه.

المقصور وإعرابه ـ (ـ الإعراب ٤)

مكانك ـ اسم فعل أمر بمعنى اثبت (ـ اسم الفعل ٣).

__________________

(١) الآية «٣٥» البقرة (٢).

(٢) وجه الضعف في العطف اقتضاء كون بني الأب مأمورين ، والمقصود أمر المخاطبين بأن يكونوا معهم متوائمين متحابين.


الملحق بالمثنّى ـ (ـ المثنى ٤)

الملحق بجمع المؤنث السّالم ـ (ـ الجمع بألف وتاء ٦ و ٧).

الملحق بجمع المذكّر السّالم ـ (ـ جمع المذكّر السالم ٨)

الممنوع من الصرف ـ

١ ـ تعريفه :

«الصّرف» : هو التنوين الدالّ على أمكنيّة الاسم في باب الاسميّة.

و «الممنوع من الصرف» هو الاسم المعرب الفاقد لهذا التنوين لمشابهته الفعل.

٢ ـ الممنوع من الصّرف نوعان :

ما يمنع من الصرف لعلة واحدة ، وما يمنع من الصرف لعلّتين.

(أ) الممنوع من الصرف لعلة واحدة شيئان :

(أحدهما) ألف التّأنيث مقصورة كانت أو ممدودة ، ويمتنع صرف مصحوبها كيفما وقع «نكرة» ك «ذكرى» بالقصر و «صحراء» بالمد ، أو «معرفة» ك «رضوى» اسم جبل بالمدينة و «زكريّاء» بالمد علم.

وسواء أوقع «مفردا» كما تقدّم في الأمثلة ، أم «جمعا» ك «جرحى» بالقصر جمع جريح ، و «أصدقاء» بالمد جمع صديق.

وسواء وقع الممنوع من الصرف «اسما» كما تقدّم تمثيله أو «صفة» ك «حبلى» بالقصر ، و «حمراء» بالمد.

(والآخر) الجمع الموازن ل «مفاعل ومفاعيل» بفتح الحرف الأوّل ، وثالثه ألف يليها كسر ملفوظ به أو مقدّر.

فالأوّل ك «دراهم» و «مساجد» بكسر ما بعد الألف لفظا و «دوابّ» و «مدارى» بكسر ما بعد الألف تقديرا إذ أصلهما «دوابب ومداري».

والثاني ك «مصابيح ودنانير وتواريخ» فيما ثالثه ألف ، بعدها ثلاثة أحرف ، أوسطها ساكن.

وإذا كان «مفاعل» منقوصا فقد تبدل كسرته فتحة فتنقلب ياؤه ألفا ، فلا ينون بحال اتفاقا ، ويقدر إعرابه في الألف ك «عذارى» جمع عذراء و «مدارى» جمع مدرى (١).

__________________

(١) المدرى : المشط والقرن.


والغالب أن تبقى كسرته ، فإذا خلا من «أل والإضافة» أجري في حالتي الرفع والجر مجرى «قاض وسار» من المنقوص المنصرف ، في حذف يائه ، وثبوت تنوينه ، مثل «جوار وغواش» قال تعالى (وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَواشٍ)(١) وقال (وَالْفَجْرِ وَلَيالٍ)(٢) أمّا في النصب فيجري مجرى «دراهم» في ظهور الفتحة على الياء في آخره من غير تنوين نحو «رأيت جواري» قال الله تعالى (سِيرُوا فِيها لَيالِيَ)(٣) وما كان على وزن «مفاعل أو مفاعيل» مفردا ك «سراويل» و «شراحيل» ومثله «كشاجم» (٤) فممنوع من الصرف أيضا.

(ب) الممنوع من الصرف لعلّتين : الممنوع من الصرف لعلّتين نوعان :

(أحدهما) ما يمتنع صرفه نكرة ومعرفة وهو ما وضع «صفة».

(والثاني) ما يمنع من الصرف معرفة ، ويصرف نكرة وهو ما وضع «علما»

٣ ـ الصّفة وما يصحبها من علل :

تصحب الصّفة إحدى ثلاث علل : «زيادة ألف ونون في آخره» أو «موازن لأفعل» أو «معدول» وهاك تفصيلها :

(١) الصفة وزيادة الألف والنون :

يشترط في هذه الصّفة المزيدة بألف ونون : ألّا يقبل مؤنثها التاء الدّالّة على التأنيث إمّا لأنّ مؤنّثه على وزن «فعلى» ك «سكران وغضبان وعطشان» فإنّ مؤنّثاتها «سكرى ، وغضبى ، وعطشى» أو لكونه لا مؤنّث له أصلا ك «لحيان» لكبير اللحية ، أمّا ما أتى على «فعلان» الذي مؤنّثه «فعلانة» ك «ندمان» (٥) ومؤنثه «ندمانة» فلا يمنع من الصرف.

(٢) الصفة ووزن أفعل :

يشترط في الصفة على «أفعل» أن

__________________

(١) الآية «٤٠» الأعراف (٧).

(٢) الآية «١ و ٢» الفجر (٨٩).

(٣) الآية «١٨» سبأ (٣٤).

(٤) من كل لفظ مرتجل للعلمية بوزن «مفاعل أو مفاعيل».

(٥) الندمان : هو النديم لا النادم. هذا وقد أحصى ابن مالك نظما ما جاء على فعلان ومؤنثه فعلانة في اثني عشر اسما ، وزاد آخر اسمين. انظر ذلك في شرح الأشموني وحاشيته في باب «ما لا ينصرف».


لا يقبل التّاء إمّا لأنّ مؤنثه فعلاء ، ك «أحمر» و «حمراء» أو «فعلى» ك «أفضل» و «فضلى» ، أو لكونه لا مؤنث له مثل «آدر» للمنتفخ الخصية.

أمّا إن كان وزن «أفعل» مما يقبل التاء فلا يمنع من الصرف كرجل «أرمل» وامرأة «أرملة». ولفظ «أربع» في نحو قولك «مررت بنسوة أربع» لا يمنع من الصرف مع أنّه صفة لنسوة ، وفيه وزن الفعل ، لأنّه وضع اسما للعدد ، والوصف طارئ عليه ، وأيضا فإنّه قابل للتّاء في نحو «مررت برجال أربعة».

وألفاظ «أبطح وأجرع وأبرق وأدهم وأسود وأرقم» (١) تمنع من الصرف ، مع أنها أسماء لأنها في الأصل وضعت صفات ، والاسميّة طارئة عليها.

أمّا ألفاظ «أجدل» اسم للصّقر و «أخيل» لطائر ذي خيلان (٢) و «أفعى» فهي مصروفة في لغة الأكثر ، لأنها أسماء في الأصل والحال.

(٣) الصّفة والعدل (٣) :

الوصف ذو العدل نوعان :

(أحدهما) موازن «فعال» و «مفعل» من الواحد إلى العشرة ، وهي معدولة عن ألفاظ العدد الأصول مكررة ، فأصل «جاء القوم أحاد» جاؤوا واحدا واحدا ، فعدل عن «واحدا واحدا» إلى «أحاد» اختصارا وتخفيفا ، وكذا الباقي.

ولا تستعمل هذه الألفاظ إلّا نعوتا نحو (أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ)(٤).

أو أحوالا نحو (فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ)(٥).

__________________

(١) الأبطح : المنبطح من الوادي ، الأجرع : المكان المستوي. الأبرق : المكان الذي فيه لونان. الأدهم : القيد. الأسود : الحية السوداء. الأرقم : الحية التي فيها نقط سود وبيض.

(٢) خيلان : بكسر الخاء المعجمة جمع خال : وهو النقط المخالفة لبقية البدن ، والعرب تتشاءم بأخيل تقول : «هو أشأم من أخيل ، ويجمع على «أخايل».

(٣) العدل : هو تحويل اللفظ من هيئة إلى أخرى لغير قلب أو تخفيف أو إلحاق.

(٤) الآية «١» فاطر (٣٥).

(٥) الآية «٣» النساء (٤).


أو أخبارا نحو «صلاة اللّيل مثنى مثنى» والتكرار هنا لقصد التّوكيد ، لا لإفادة التّكرير ، إذ لو اقتصر على واحد لوفّى بالمقصود.

(النوع الثاني) لفظ «أخر» في نحو «مررت بنسوة أخر» فهي جمع «لأخرى» أنثى آخر ، بمعنى مغاير ، وقياس «آخر» من باب اسم التفضيل أن يكون مفردا مذكّرا مطلقا ، في حال تجرّده من أل والإضافة (١) ، فكان القياس أن يقال : «مررت بامرأة آخر» و «بنساء آخر» و «برجال آخر» و «برجلين آخر» ، ولكنهم قالوا : «أخرى» و «أخر» و «آخرون» و «آخران» ففي التنزيل (فَتُذَكِّرَ إِحْداهُمَا الْأُخْرى)(٢)(فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ)(٣)(وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ)(٤)(فَآخَرانِ يَقُومانِ مَقامَهُما)(٥) فكلّ من هذه الأمثلة صفة ومعدولة عن آخر.

وإنما خصّ النحاة «أخر» بالذكر ، لأنّ «آخرون» و «آخران» تعربان بالحروف وأمّا «آخر» فلا عدل فيه وامتنع من الصرف للوصف والوزن وأمّا «أخرى» ففيها ألف التّأنيث فبها منعت من الصّرف.

فإن كانت «أخرى» بمعنى آخرة ، وهي المقابلة للأولى نحو (قالَتْ أُولاهُمْ لِأُخْراهُمْ)(٦) جمعت على «أخر» مصروفا ، لأنّه غير معدول ، ولأنّ مذكّرها «آخر» بكسر الخاء مقابل أوّل بدليل قوله تعالى (وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الْأُخْرى)(٧) أي الآخرة بدليل (ثُمَّ اللهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ)(٨) فليست «أخرى» بمعنى آخرة من باب اسم التّفضيل.

٤ ـ ما سمّي به من الوصف :

وإذا سمّي بشيء من هذه الأنواع الثلاثة : الوصف المزيد بألف ونون ، والوصف الموازن للفعل ، والوصف

__________________

(١) انظر اسم التفضيل.

(٢) الآية «٢٨٢» البقرة (٢).

(٣) الآية «١٨٤» البقرة (٢).

(٤) الآية «١٠٣» التوبة (٩).

(٥) الآية «١١٠» المائدة (٥).

(٦) الآية «٣٨» الأعراف (٧).

(٧) الآية «٤٧» النجم (٥٣).

(٨) الآية «٢٠» العنكبوت (٢٩).


المعدول ، بقي على منع الصرف ، لأنّ الصفة لما ذهبت بالتسمية خلفتها العلميّة.

٥ ـ العلم وما يصحبه من علل :

النوع الثاني لا ينصرف معرفة وينصرف نكرة وهو سبعة :

(١) العلم المركّب تركيب المزج.

(٢) العلم ذو الزيادتين.

(٣) العلم المؤنّث.

(٤) العلم الأعجمي.

(٥) العلم الموازن للفعل.

(٦) العلم المختوم بألف الإلحاق.

(٧) المعرفة المعدولة. ودونك تفصيلها :

(١) العلم المركّب تركيب مزج ك «أزدشير» و «قاضيخان» و «بعلبكّ» و «حضر موت» الأصل فيه أن يعرب إعراب ما لا ينصرف.

وقد يضاف أوّل جزئيه إلى ثانيهما تشبيها ب «عبد الله» فيعرب الأوّل بحسب العوامل ، ويجرّ الثاني بالإضافة وقد يبنى الجزآن على الفتح تشبيها ب «خمسة عشر».

وإن كان آخر الجزء الأوّل معتّلا ك «معدي كرب» و «قالي قلا» وجب سكونه مطلقا ، وتقدّر فيه الحركات الثلاث ، ولا تظهر فيه الفتحة.

(٢) العلم ذو الزيادتين :

العلم ذو الزّيادتين : هو العلم المختوم «بألف ونون» مزيدتين نحو «حسّان» و «غطفان» و «أصبهان» و «رمضان» فهذه الألفاظ وأشباهها ممنوعة من الصرف اتّفاقا لأنّ الألف والنون فيها زيدتا معا.

فإن كانتا أصليتين صرف العلم كما إذا سمّيت ب «طحّان» أو ب «سمّان» من الطّحن والسّمن.

وما احتملت النون فيه الزيادة والأصالة ففيه وجهان الصرف وعدمه ك «حسّان» فإن أخذته من «الحسّ» كانت النون زائدة ، فمنع من الصرف ، وإن أخذته من «الحسن» كانت النون أصلية فصرف

و «أبان» علما الأكثر أنه ممنوع من الصرف.


ونحو «أصيلال» مسمى به ، ممنوع من الصرف ، وأصله «أصيلان» تصغير أصيل على غير قياس.

(٣) العلم المؤنث :

يتحتّم ـ في العلم المؤنّث ـ منعه من الصرف :

(١) إذا كان بالتّاء مطلقا ك «فاطمة» و «طلحة».

(٢) أو زائدا على الثلاث ك «زينب» و «سعاد».

(٣) أو ثلاثيّا محرّك الوسط ك «سقر» و «لظى».

(٤) أو أعجميّا ساكن الوسط ك «ماه وجور» علم بلدتين.

(٥) أو ثلاثيّا منقولا من المذكّر إلى المؤنّث ك «بكر» اسم امرأة.

ويجوز في نحو «هند ودعد» من الثّلاثي الساكن الوسط إذا لم يكن أعجميّا ، ولا مذكّر الأصل :

الصرف ، ومنعه ، وهو أولى لتحقق السببين العلميّة والتّأنيث.

(٤) العلم الأعجمي :

يمنع «العلم الأعجمي» (١) من الصرف إن كانت علميته في اللغة الأعجميّة ، وزاد على ثلاثة ك «إبراهيم وإسماعيل وبطليموس» وما أشبهها من كلّ اسم غير عربيّ فإن كان ثلاثيّا صرف نحو «نوح ولوط» (٢) بخلاف الأعجمي المؤنّث كما مرّ ، وإذا سمّي بنحو «لجام ، وفرند» صرف وإن كان أعجميّ الأصل لحدوث علميته.

__________________

(١) الأعجمي : تعرف عجمة الاسم بوجوه :أحدها : نقل الأئمة.

الثاني : خروجه عن أوزان الأسماء العربية ك «إبراهيم».

الثالث : أن يعرى عن حروف «الذلاقة» وهو خماسي أو رباعي ، وحروف الذلاقة يجمعها قولك «مر بنفل».

الرابع : أن يجتمع فيه من الحروف ما لا يجتمع في كلام العرب ك «الجيم والقاف» بغير فاصل نحو «قج» بمعنى اهرب و «الصاد والجيم» نحو «الصولجان» و «الكاف والجيم» نحو «السكرجة».

(٢) اسماء الأنبياء ممنوعة من الصرف للعلمية والعجمة إلا ستة «محمد وشعيب وصالح وهود ونوح ولوط» وأسماء الملائكة كذلك إلا أربعة «رضوان ومالك ومنكر ونكير».


(٥) العلم الموازن للفعل :

المعتبر في العلم الموازن للفعل أنواع :

(أحدها) الوزن الذي يخصّ الفعل ك «خضّم» (١) علم لمكان و «شمّر» علم لفرس و «دئل» (٢) اسم لقبيلة ، وك «انطلق واستخرج وتقاتل» (٣) إذا سمّيت بها.

(الثاني) الوزن الذي الفعل به أولى لكونه غالبا فيه ك «إثمد» بكسر الهمزة والميم ، حجر الكحل و «إصبع» واحدة الأصابع و «أبلم» سعف المقل ، إذا كانت أعلاما ف «إثمد» على وزن «اجلس» فعل الأمر من جلس و «إصبع» على وزن «إذهب» و «أبلم» على وزن «اكتب» فهذه الموازن في الفعل أكثر.

(الثالث) الوزن الذي به الفعل أولى لكونه مبدوءا بزيادة تدلّ على معنى في الفعل ، ولا تدلّ على معنى في الاسم نحو «أفكل» وهي الرّعدة و «أكلب» جمع كلب ، فالهمزة فيهما لا تدلّ على معنى ، وهي في موازنهما من الفعل دالّة على المتكلّم في نحو «أذهب» و «أكتب» فالمفتتح بالهمزة من الأفعال أصل للمفتتح بها من الأسماء.

ثمّ لا بدّ من كون الوزن «لازما ، باقيا ، غير مخالف لطريقة الفعل» (٤).

ولا يؤثّر وزن هو بالاسم أولى ك «فاعل نحو «كاهل» علما فإنه وإن وجد في

__________________

(١) يقول ياقوت في معجم البلدان : ولم يجئ على هذا البناء إلا «خضّم وعثّر» اسم ماء و «بقّم وشمّر» اسم فرس و «شلّم» موضع بالشام و «بذّر» اسم ماء و «خوّد» اسم موضع و «خمّر» اسم موضع من أراضي المدينة.

(٢) ودئل أيضا : اسم لدويبة ، وما كان على صيغة الماضي المبني للمفعول فهو نادر.

(٣) هذه أمثلة لما لا يوجد في غير الفعل : صيغة الماضي المفتتح بهمزة وصل أو تاء المطاوعة وحكم همزة الوصل في الفعل المسمى به : القطع ، بخلاف همزة الوصل المنقولة من اسم ، فإنها تبقى على وصلها ك «اقتدار».

(* ١) فخرج باللزوم نحو «امرئ» علما فإنه في النصب نظير اذهب ، وفي الجر نظير اضرب ، وفي الرفع نظير اكتب ، فلم يبق على حالة واحدة ففارق الفعل بكون حركة عينه تتبع حركة لامه ، والفعل لا إتباع فيه ، وخرج بكونه «باقيا» نحو «ردّ وقيل وبيع» بالبناء للمفعول ، فإنها لم تبق على حالتها الأصلية ، فإن أصلها «فعل» بضم الفاء وكسر العين ثم دخلها الإدغام


الفعل ك «ضارب» أمرا من الضرب ، إلا أنّه في الاسم أولى لكونه فيه أكثر ، ولا يؤثر وزن هو فيهما على السواء نحو «فعل» مثل «شجر» و «ضرب» و «فعلل» مثل «جعفر ودحرج».

٦ ـ العلم المختوم بألف الإلحاق :

كل ما كان ك «علقى» و «أرطى» (١) علمين يمنع من الصّرف ، والمانع لهما من الصرف العلمية وشبه ألف الإلحاق بألف التأنيث ، وإنهما ملحقان «بجعفر».

٧ ـ المعرفة المعدولة :

المعرفة المعدولة خمسة أنواع :

(أحدها) «فعل» في التوكيد وهي «جمع وكتع وبصع وتبع» (٢) فإنها على الصحيح معارف بنيّة الإضافة إلى ضمير المؤكّد ، فشابهت بذلك العلم ، وهي ـ أي فعل ـ معدولة عن فعلاوات ، فإن مفرداتها «جمعاء وكتعاء وبصعاء وتبعاء» وقياس «فعلاء» إذا كان اسما أن يجمع على «فعلاوات» كصحراء وصحراوات.

(الثاني) «سحر» إذا أريد به سحر يوم بعينه ، واستعمل ظرفا مجرّدا من أل والإضافة ك «جئت يوم الجمعة سحر» فإنّه معرفة معدولة عن السّحر.

(الثالث) «فعل» علما لمذكر إذا سمع ممنوعا للصرف ، وليس فيه علّة ظاهرة غير العلمية ك «زفر وعمر» (٣) فإنهم قدّروه معدولا

__________________

والإعلال ، فالإدغام في «ردّ» والإعلال بالنقل والقلب في «قيل» وبالنقل فقط في بيع» وصارت صيغة «ردّ» بمنزلة صيغة «قفل» و «قيل وبيع» بمنزلة صيغة «ديك» فوجب صرفها لذلك. وخرج بكونه غير مخالف لطريقة الفعل نحو «ألبب» علما جمع لب ، وهو جمع قليل ، وهذا ينصرف أيضا ، لأنه قد باين الفعل بالفك ، وصرفه مذهب الأخفش ، وعند سيبويه يمنع من الصرف لوجود الموازنة ك «اكتب» ولأن الفلك رجوع إلى الأصل متروك.

(١) العلقى : نبت. والأرطى : شجر.

(٢) «كتع» من تكتع الجلد : إذا اجتمع. و «بصع» من البصع : وهو العرق المجتمع. و «بقع» من البقع : وهو طول العنق ، وهذه الأسماء ممنوعة من الصرف للتعريف والعدل.

(٣) ورد في اللغة خمسة عشر علما على وزن فعل غير منونة وهي «عمر وزفر وزحل ومضر وبعل وهبل وجشم وقثم وجمع وقزح ودلف وبلغ وجحى وعصم وهذل. فعمر معدول عن عامر وزفر معدول عن زافر. وكذا الباقي.


عن فاعل غالبا ، لأنّ العلمية لا تستقل بمنع الصّرف ، مع أنّ صيغة فعل كثر فيها العدل ك «غدر» و «فسق» معدولان عن غادر وفاسق ، وك «جمع وكتع» معدولان عن جمعاوات وكتعاوات.

أمّا ما ورد غير علم من فعل» جمعا ك «غرف» و «قرب» أو اسم جنس ك «صرد» أو صفة ك «حطم» أو مصدرا ك «هدى» فهي مصروفة اتفاقا.

(الرابع) «فعال» علما لمؤنّث ك «حذام» و «قطام» في لغة تميم للعلمية والعدل عن «فاعلة» فإن ختم بالراء ك «سقار» اسما لماء و «وبار» اسما لقبيلة ، بنوه على الكسر.

وأهل الحجاز يبنون الباب كلّه على الكسر تشبيها له ب «نزال» في التعريف والعدل والتّأنيث والوزن كقول لجيم بن صعب في امرأته حذام

إذا قالت حذام فصدّقوها

فإنّ القول ما قالت حذام

(الخامس) أمس مرادا به اليوم الذي يليه يومك ، ولم يضف ، ولم يقترن بالألف واللام ، ولم يقع ظرفا.

فإن بعض بني تميم يمنع صرفه في أحوال الإعراب الثلاثة. لأنه معدول عن «الأمس» فيقولون «مضى أمس» بالرفع من غير تنوين و «شاهدت أمس» و «ما رأيت خالدا مذ أمس» بالفتح فيهما ومنه قول الشاعر :

لقد رأيت عجبا مذ أمسا

عجائزا مثل السّعالي خمسا

وجمهور بني تميم يخص حالة الرفع بالمنع من الصرف ، كقوله :

اعتصم بالرجاء إن عنّ يأس

وتناس الذي تضمّن أمس

ويبنيه على الكسر في حالتي النصب والجر.

والحجازيّون يبنونه على الكسر مطلقا في الرفع والنصب والجر. متضمّنا معنى الّلام المعرفة قال أسقفّ نّجران :

اليوم أعلم ما يجيء به

ومضى بفصل قضائه أمس

«فأمس» فاعل مضى ، وهو مكسور.

وإن أردت ب «أمس» يوما من الأيام الماضية مبهما ، أو عرّفته بالإضافة أو بأل ، فهو معرب إجماعا ، وإن استعملت «أمس» المجرد ـ المراد به معين ـ ظرفا ، فهو مبنيّ إجماعا.


٨ ـ صرف الممنوع من الصرف :

قد يعرض الصرف للممنوع من الصرف لأحد أربعة أسباب :

(١) أن يكون أحد سببيه العلميّة ثم ينكر فتزول منه العلمية ، تقول «ربّ فاطمة ، وعمران ، وعمر ، ويزيد ، وإبراهيم ، ومعدي كرب ، وأرطى ، لقيتهم» بالجر والتنوين.

(٢) التّصغير المزيل لأحد السّببين ك «حميد وعمير» في تصغيري «أحمد وعمر» فإنّ الوزن والعدل زالا بالتصغير ، فيصرفان لزوال أحد السببين. وعكس ذلك نحو «تحلئ» علما ، وهو القشر الذي على وجه الأديم ممّا يلي منبت الشّعر ، فإنه ينصرف مكبّرا ، ويمنع من الصرف مصغّرا لاستكمال العلتين بالتصغير ، وهما العلمية والوزن ، فإنه يقال في تصغيره «تحيلئ» فهو على زنة «تدحرج».

(٣) إرادة التناسب كقراءة نافع والكسائي (سلاسلا) (١) (لمناسبة (أَغْلالاً)(٢) و (قَوارِيرَا) لمناسبة رؤوس الآي ، وقراءة الأعمش (ولا يغوثا) و (يعوقا) (٣) لتناسب (وَدًّا وَلا سُواعاً)(٤).

(٤) الضّرورة إمّا بالكسرة كقول النّابغة :

إذا ما غزا بالجيش حلّق فوقهم

عصائب طير تهتدي بعصائب.

أو بالتنوين كقول امرئ القيس :

ويوم دخلت الخدر خدر «عنيزة»

فقالت لك الويلات إنك مرجلي

٩ ـ المنقوص الذي نظيره من الصحيح ممنوع من الصرف :

كلّ منقوص كان نظيره من الصحيح الآخر ممنوعا من الصرف ، سواء أكانت إحدى علتيه العلمية أم الوصفية ، يعامل معاملة «جوار» في أنه ينون في الرفع والجرّ تنوين العوض وينصب بفتحة من غير تنوين ، فالأول نحو «قاض» علم امرأة ، فإنّ نظيره من الصحيح «كامل» علم امرأة ، وهو ممنوع للعلمية والتأنيث ، فقاض كذلك ، والثاني : نحو «أعيم» وصفا تصغير أعمى ، فإنه غير منصرف للوصف

__________________

(١) الآية «٤» الدهر (٧٦).

(٢) الآية «٢٣ ـ ٢٤» نوح (٧١).


والوزن ، إذ هو على وزن «أدحرج» فتقول : «هذا أعيم» و «رأيت أعيمى» والتنوين فيه عوض عن الياء المحذوفة.

١٠ ـ إعراب الممنوع من الصرف :

كلّ ما مرّ من أنواع الممنوع من الصّرف يرفع بالضمّة من غير تنوين ، وينصب بالفتحة من غير تنوين ، ويجر بالفتحة أيضا نيابة عن الكسرة من غير تنوين ، إلّا إن أضيف نحو (فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ)(١) أو دخلته «أل» معرفة كانت نحو (وَأَنْتُمْ عاكِفُونَ فِي الْمَساجِدِ)(٢) أو موصولة كأل في «وهنّ الشّافيات الحوائم» أو زائدة كقول ابن ميّادة يمدح الوليد بن يزيد :

رأيت الوليد بن «اليزيد» مباركا

شديدا بأعباء الخلافة كاهله

بخفض اليزيد لدخول «أل» الزّائدة عليه ـ فإنه يعرب بالضمّة رفعا وبالفتحة نصبا وبالكسرة جرّا.

من الاستفهاميّة ـ نحو (مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا)(٣).

وإذا قيل : «من يفعل هذا إلّا زيد» فهي «من» الاستفهاميّة أشربت معنى النّفي ، ومنه (وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللهُ)(٤).

وأمّا «من» مع «ذا» (ـ ذا).

من الجازمة لفعلين ـ (ـ جوازم المضارع ٧).

من الموصولة ـ وهي في الأصل للعاقل نحو (وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ)(٥) وقد تكون لغير العاقل في ثلاث مسائل :

(إحداها) أن ينزّل غير العاقل منزلة العاقل نحو قوله تعالى (وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ)(٦) وقول امرئ القيس :

ألا عم صباحا أيها الطّلل البالي

وهل يعمن من كان في العصر الخالي

فأوقع «من» على الطلل وهو غير

__________________

(١) الآية «٤» التين (٩٥).

(٢) الآية «١٨٧» البقرة (٢).

(٣) الآية «٥٢» يس (٣٦).

(٤) الآية «١٣٥» آل عمران (٣).

(٥) الآية «٤٥» الرعد (١٣).

(٦) الآية «٥» الأحقاف (٤٦).


عاقل ، فدعاء الأصنام في الآية ، ونداء الطّلل سوّغ استعمال «من» إذ لا يدعى ولا ينادى إلّا العاقل.

(الثانية) أن يجتمع مع العاقل فيما وقعت عليه «من» نحو قوله تعالى (أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ)(١) لشموله الآدميّين والملائكة والأصنام ونحو قوله تعالى (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ)(٢).

(الثالثة) أن يقترن بالعاقل في عموم فصل ب «من» الموصولة ، نحو (وَاللهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ ماءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى أَرْبَعٍ)(٣) فأوقع «من» على غير العاقل لما اختلط بالعاقل.

من النّكرة الموصوفة ـ وتدخل عليها «ربّ» دليلا على أنها نكرة وذلك في قول الشّاعر :

ربّ من أنضجت غيظا قلبه

قد تمنى لي موتا لم يطع

كما أنها وصفت بالنّكرة في نحو قولهم «مررت بمن معجب لك».

ومثالها قول الفرزدق :

إني وإيّاك إذ حلّت بأرحلنا

كمن بواديه بعد المحل ممطور

أي كشخص ممطور بواديه.

من الجارّة ـ وهي من حروف الجرّ ، وتجرّ الظّاهر والمضمر نحو (وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ)(٤) ، وزيادة «ما» بعدها لا تكفّها عن العمل ، نحو (مِمَّا خَطِيئاتِهِمْ أُغْرِقُوا)(٥) ، ولها خمسة عشر معنى نجتزئ منها بسبع :

(١) التبعيض ، نحو (حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ)(٦).

(٢) بيان الجنس نحو (يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ)(٧).

(٣) ابتداء الغاية المكانيّة» نحو (سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ)(٨) ،

__________________

(١) الآية «١٧» النحل (١٦).

(٢) الآية «١٨» الحج (٢٢).

(٣) الآية «٤٥» النور (٢٤).

(٤) الآية «٧» الأحزاب (٣٣).

(٥) الآية «٢٥» نوح (٧١).

(٦) الآية «٩٢» آل عمران (٣).

(٧) الآية «٣١» الكهف (١٨).

(٨) الآية «١» الإسراء (١٧).


و «الزّمانيّة» نحو (مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ)(١) وقول النّابغة يصف السّيوف :

تخيّرن من أزمان يوم حليمة

إلى اليوم قد جرّبن كلّ التجارب (٢)

(٤) الزّائدة ، وفائدتها : التّنصيص على العموم ، أو تأكيد التنصيص عليه ، ولا تكون زائدة إلّا بشروط ثلاثة :

(١) أن يسبقها نفي ، أو نهي ، أو استفهام بهل.

(٢) أن يكون مجرورها نكرة.

(٣) أن يكون إمّا فاعلا نحو (ما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ)(٣) أو مفعولا نحو (هل تجسّ منهم من أحد) (٤) أو مبتدأ نحو (هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللهِ)(٥).

(٥) البدل ، نحو (أَرَضِيتُمْ بِالْحَياةِ الدُّنْيا مِنَ الْآخِرَةِ)(٦).

(٦) الظّرفيّة نحو (ما ذا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ)(٧) ، (إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ)(٨).

(٧) التّعليل نحو (مِمَّا خَطِيئاتِهِمْ أُغْرِقُوا)(٩).

من ثمّ ـ «ثمّ» في الأصل موضوعة ظرفا للمكان البعيد ، أمّا هذا التعبير فمعناه : من أجل ذلك ، والظّرفيّة المكانيّة هنا مراد بها المكان المجازي ولا تغيّر في إعرابها ف «ثمّ» ظرف مكان مبنيّ على الفتح في محلّ جر ب «من».

من ذا ـ (ـ ذا).

المنادى ـ (ـ النداء).

منح ـ من أخوات أعطى وهي تنصب مفعولين ليس أصلهما المبتدأ والخبر نحو «منحت محمّدا دارا» (ـ أعطى وأخواتها).

المنقوص وإعرابه ـ (ـ الإعراب ٤)

__________________

(١) الآية «١٠٩» التوبة (٩).

(٢) الضمير في «تخيرن وجرين» للسيوف ، و «يوم حليمة» بين الغساسنة والمناذرة ، وحليمة هي بنت الحارث بن أبي شمر الغساني ، وحليمة هذه طيبت الفرسان تفاؤلا بالنصر ، فسمي اليوم باسمها وقيل فيه المثل «ما يوم حليمة بسر».

(٣) الآية «٢» الأنبياء (٢١).

(٤) الآية «٩٩» مريم (١٩).

(٥) الآية «٣» فاطر (٣٥).

(٦) الآية «٣٩» التوبة (٩).

(٧) الآية «٤٠» فاطر (٣٥).

(٨) الآية «٩» الجمعة (٦٢).

(٩) الآية «٢٥» نوح (٧١).


مه ـ اسم فعل أمر مبنيّ على السّكون ، ومعناه انكفف عمّا أنت فيه ، وإذا نوّنته فمعناه انكفف انكفافا مّا في وقت ما.

مهما الجازمة لفعلين ـ (ـ جوازم المضارع ٦).

المهموز من الأفعال ـ

١ ـ تعريفه :

هو ما كان أحد حروفه الأصليّة همزة نحو «أخذ» و «سأل» و «قرأ».

٢ ـ حكمه :

المهموز كالسّالم (ـ السالم من الأفعال) إلّا أنّ الأمر من «أخذ» و «أكل» : «خذ» و «كل». فتحذف همزته مطلقا.

وكذا الأمر من «أمر وسأل» فتحذف همزته في الابتداء فتقول : «مر بالمعروف» و (سَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ)(١).

ويجوز الحذف وعدمه إذا سبقا بشيء نحو «قلت له : مر أو أمر» و «قلت له : سل أو اسأل».

وأمّا المضارع والأمر من «رآى» فتحذف العين منهما تقول في المضارع «يرى» وفي الأمر «ره» بإلحاق هاء السّكت لبقائه على حرف واحد.

وإذا توالى في أوّله همزتان وسكّنت ثانيتهما تقلب الثّانية مدّا من جنس حركة الأولى نحو «آمنت أو من».

الموصول ـ ضربان :

(١) موصول اسمي

(٢) موصول حرفي (ـ في حرفهما)

الموصول الاسمي ـ

١ ـ تعريفه :

كلّ اسم افتقر إلى الوصل بجملة خبريّة أو ظرف أو جارّ ومجرور تامّين ، أو وصف صريح ، وإلى عائد أو خلفه.

٢ ـ الموصول الاسميّ ضربان :

(١) نصّ في معناه (٢) ومشترك (١) الموصول النص في معناه ثمانية : وهي «الّذي ، الّتي ، اللّذان ، اللّتان ، الألى ، الّذين ، الّلاتي ، الّلائي» ولكل منها كلام يخصه (ـ في أحرفها)

__________________

(١) الآية «٢١١» البقرة (٢).


(٢) الموصول الاسمي المشترك ستّة : وهي «من ، ما ، أيّ ، أل ، ذو ، ذا» ولكل منها كلام يخصه (ـ في أحرفها).

٣ ـ صلة الموصول والعائد :

كلّ الموصولات تفتقر إلى صلة متأخّرة عنها ، مشتملة على ضمير مطابق (١) لها إفرادا وتثنية وجمعا وتذكيرا وتأنيثا ، والأكثر مراعاة الخبر في الغيبة والحضور فتقول : «أنا الّذي فعل» لا فعلت.

٤ ـ صلة الموصول :

تكون صلة الموصول :

(١) إمّا جملة (٢) وإمّا شبه جملة

(أ) أمّا الجملة فشرطها أن تكون «خبريّة» فلا تكون أمرا ولا نهيا ، و «غير تعجّبيّة» فلا يصحّ جاء الذي ما أفهمه ، و «غير مفتقرة إلى كلام قبلها» فلا يصحّ : جاء الّذي لكنّه قائم ، «ومعهودة للمخاطب» إلّا في مقام التهويل والتفخيم فيحسن إبهامها نحو قوله تعالى (فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ ما أَوْحى)(٢).

(ب) وأمّا شبه الجملة فهو ثلاثة :

(١) الظرف المكانيّ نحو «جاء الّذي عندك» ويتعلّق باستقرّ محذوفة.

(٢) الجارّ والمجرور نحو «جاء الّذي في المدرسة» ويتعلّق أيضا باستقرّ محذوفة.

(٣) الصفة الصريحة أي الخالصة للوصفيّة ، وتختصّ بالألف والّلام نحو «جاء المسافر» و «هذا المغلوب على أمره» بخلاف ما غلبت عليه

__________________

(١) إنما تلزم المطابقة فيما يطابق لفظه معناه من الموصولات كالذي وأخواته ، أما «من وما» إذا قصد بهما غير المفرد المذكر فيجوز فيهما حينئذ وجهان : مراعاة اللفظ وهو الأكثر نحو (وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ) ومراعاة المعنى نحو (وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ) ، ويجري الوجهان في كل ما خالف لفظه معناه كأسماء الشرط والاستفهام ، إلا أل الموصولة فيراعى معناها فقط لخفاء موصوليتها ـ هذا إذا لم يحصل لبس ، وإلا وجبت المطابقة نحو «تصدق على من سألتك» ولا تقل من سألك ، أو قبح ك «جاء من هي بيضاء» ولا تقل : هو لتأنيث الخبر ، ويترجح إن عضده سابق كقول جران العود :

وإن من النسوان من هي روضة

تهيج الرياض قبلها وتصوّح

(٢) الآية «١٠» النجم (٥٣).


الاسميّة ك «أجرع (١) وأبطح (٢) وصاحب» (٣).

وقد توصل «أل» بمضارع للضرورة كقول الفرزدق يهجو رجلا من بني عذرة :

ما أنت بالحكم التّرضى حكومته

ولا الأصيل ولا ذي الرأي والجدل

٥ ـ حذف الصلة :

يجوز حذف الصلة إذا دلّ عليها دليل ، أو قصد الإبهام ولم تكن صلة «أل» كقول عبيد بن الأبرص يخاطب امرأ القيس :

نحن الألى فاجمع جمو

عك ثمّ وجّههم إلينا

أي نحن الألى عرفوا بالشّجاعة ، والثاني كقولهم «بعد اللّتيّا والّتي» أي بعد الخطّة التي من فظاعة شأنها كيت وكيت ، وإنما حذفوا ليوهموا أنها بلغت من الشّدّة مبلغا تقاصرت العبارة عن كنهه.

٦ ـ حذف العائد :

يحذف العائد بشرط عام ، وشروط خاصة ، فالشّرط العامّ : ألّا يصح الباقي بعد الحذف لأن يكون صلة ، وإلّا امتنع حذف العائد ، سواء أكان ضمير رفع أم نصب أم جرّ مثل قوله تعالى (وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ)(٤) الآتي قريبا.

والشروط الخاصة : إمّا أن تكون خاصة بضمير الرفع ، أو خاصّة بضمير النّصب ، أو خاصة بضمير الجر.

(١) فالخاصة بضمير الرفع أن يكون مبتدأ خبره مفرد نحو (وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ)(٥) أي هو إله في السّماء أي معبود ، فلا يحذف في نحو «جاء اللّذان سافرا أمس» لأنّه غير مبتدأ ، ولا في نحو «يسرني الذي هو يصدق في قوله» أو «هو في الدّار» لأنّ الخبر فيهما غير مفرد ، فإذا

__________________

(١) الأجرع : في الأصل وصف لكل مكان مستو ، فسمي به الأرض المستوية من الرمل.

(٢) الأبطح في الأصل : وصف لكل مكان منبطح من الوادي ، ثم غلب على الأرض المتسعة.

(٣) الصاحب : في الأصل وصف للفاعل ثم غلب على صاحب الملك.

(٤) الآية «٨٤» الزخرف (٤٣) ف «إله» خبر مبتدأ محذوف ، تقديره : هو إله ، وذلك المبتدأ هو العائد و «في السماء» متعلق بإله لأنه بمعنى معبود.

(٤) الآية «٨٤» الزخرف (٤٣) ف «إله» خبر مبتدأ محذوف ، تقديره : هو إله ، وذلك المبتدأ هو العائد و «في السماء» متعلق بإله لأنه بمعنى معبود.


حذف الضّمير لم يدلّ دليل على حذفه ، إذ الباقي بعد الحذف صالح لأن يكون صلة.

ولا يكثر الحذف للضّمير المرفوع في صلة غير «أي» إلّا إن طالت الصلة (١) مثل الآية (وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ)(٢) وشذّ قول الشّاعر :

من يعن بالحمد لم ينطق بماسفه

ولا يحد عن سبيل الحلم والكرم (٣)

وتقديره «بالّذي هو سفه» ، وشذّت أيضا قراءة يحيى بن يعمر (تماما على الّذي أحسن) (٤) بضم النون أي على الذي هو أحسن.

(٢) والخاصّ بضمير النصب أن يكون ضميرا متّصلا منصوبا بفعل تامّ ، أو وصف غير صلة «أل» ، فالأوّل نحو قوله تعالى (يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ)(٥) أي ما يسرّونه وما يعلنونه ، والثاني نحو قول الشّاعر :

ما الله موليك فضل فاحمدنه به

فما لدى غيره نفع ولا ضرر

التقدير : الذي الله موليك فضل ، فالموصول مبتدأ ، وفضل خبر ، والصلة : الله موليك ، فلا يحذف العائد في نحو قولك «جاء الّذي إيّاه أكرمت» لأنّ ضمير النّصب منفصل ولا في نحو «جاء الّذي إنّه فاضل» أو «كأنّه أسد» لعدم الفعليّة في الصلة فيهما ، ولا في نحو «رأيت الذي أنا الضّاربه» لكونه صلة أل ، وشذّ قول الشاعر :

ما المستفزّ الهوى محمود عاقبة

ولو أتيح له صفو بلا كدر (٦)

لأنّه حذف عائده مع أنّه وصف صلة ل «أل» ، والتقدير : المستفزّه.

(٣) والخاصّ بالمجرور ، إن كان جرّه بالإضافة اشترط أن يكون

__________________

(١) إما بمعمول الخبر ، أو بغيره .. ويستثنى من اشتراط الطول «ولا سيما زيد» فإنهم جوزوا في زيد إذا رفع أن تكون «ما» موصولة ، وزيد خبر مبتدأ محذوف وجوبا والتقدير : ولا سي الذي هو زيد ، فحذف العائد وجوبا ، ولم تطل الصلة (ـ ولا سيما).

(٢) الآية «٨٤» الزخرف (٤٣).

(٣) المعنى : من يرغب في حمد الناس له لا ينطق بالسفه ، ولا يحد .. الخ.

(٤) الآية «١٥٤» الأنعام (٦) ، والقراءة المشهورة : أحسن بفتح النون.

(٥) الآية «٧٧» البقرة (٢).

(٦) المعنى : الذي يستخفه الهوى لا تحمد عاقبته.


الحارّ اسم فاعل متعديا بمعنى الحال أو الاستقبال ، أو اسم مفعول متعدّيا لاثنين نحو (فَاقْضِ ما أَنْتَ قاضٍ)(١) أي قاضيه ، ونحو «خذ الذي أنت معطى» أي معطاه. بخلاف «حضر الذي سافر أخوه» و «أنا أمس مودّعه» لأنّ الأوّل في كلمة «أخوه» ليس اسم فاعل ولا مفعول ، والثاني مودّعه» ليس للحال أو المستقبل.

وإن كان جرّه بالحرف اشترط جر الموصول ، أو الموصوف بالموصول ، حرف مثل ذلك الحرف لفظا ومعنى ، ومعنى فقط ، واتفاقهما متعلّقا نحو قوله تعالى (وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ)(٢) أي منه. حذف العائد مع حرف جرّه وهو «من» وقول كعب بن زهير :

لا تركننّ إلى الأمر الذي ركنت

أبناء يعصر حين اضطرّها القدر (٣)

أي الّذي ركنت إليه.

وظاهر استيفاء الشرط بالمثالين فقد حذف العائد مع حرفه الّذي هو مثل الحرف الدّاخل على الموصول والفعلان متّفقان لفظا ومعنى : يشرب وتشربون ، وتركننّ وركنت ومتعلّق الجارّين واحد.

الموصول الحرفي ـ

١ ـ تعريفه :

هو كلّ حرف أوّل مع صلته بمصدر ، ولم يحتج إلى عائد.

٢ ـ حروفه ستة :

(١) «أن» ، وتوصل بالفعل المتصرف ماضيا كان أو مضارعا أو أمرا نحو (وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ)(٤) (ـ أن).

(٢) «أنّ» وتؤوّل بمصدر خبرها مضافا لاسمها إن كان مشتقا وتؤوّل ب «الكون» إن كان جامدا أو ظرفا نحو «أيسرّك أني أتيتك» وتقول «بلغني أنّ هذا عليّ» التقدير : بلغني كونه عليّا (ـ أنّ).

(٣) «ما» سواء أكانت مصدريّة ظرفيّة أم غير ظرفيّة ، وتوصل بالماضي والمضارع المتصرّفين ، وبالجملة الاسميّة ، ويقلّ وصلها

__________________

(١) الآية «٧٢» طه (٢٠).

(٢) الآية «٣٣» المؤمنون (٢٣).

(٣) الأمر هنا : هو فرارهم من القتال ، ويعصر : أبو قبيلة من باهلة.

(٤) الآية «١٨٤» البقرة (٢).


بالجامد ، ويمتنع بالأمر نحو (بِما نَسُوا يَوْمَ الْحِسابِ)(١) أي بنسيانهم (ـ ما المصدريّة).

(٤) «كي» وتوصل بالمضارع فقط بشرط أن تدخل عليها الّلام لفظا أو تقديرا نحو (لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ)(٢) التقدير :

لعدم كون حرج على المؤمنين (ـ كي).

(٥) «لو» ولا تقع غالبا إلّا بعد ما يفيد التّمني نحو ودّ وحبّ ، وتوصل بالماضي والمضارع المتصرفين نحو (يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ)(٣) التقدير : يودّ تعمير ألف سنة (ـ لو).

(٦) «الذي» وهي أكثر ما تكون موصولا اسميّا ، وقد تكون موصولا حرفيّا نحو قوله تعالى (وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خاضُوا)(٤) التقدير : وخضتم كخوضهم (ـ الّذي).

وقد يسمّى الموصول الحرفي :

التّأويل بالمصدر ، وحروفه :

الحروف المصدريّة.

__________________

(١) الآية «٢٦» ص (٣٨).

(٢) الآية «٣٧» الأحزاب (٣٣).

(٣) الآية «٩٦» البقرة (٢).

(٤) الآية «٧٠» التوبة (٩).


باب النون

نا ـ ضمير متّصل ، وهو للمتكلم مع غيره ، مبنيّ على السّكون ، يصلح لمحل الرّفع والنّصب والجرّ ، فإن اتصل بالفعل الماضي فإن كان ما قبله ساكنا فهو في محلّ رفع فاعل ، أو نائب للفاعل ، أو اسم كان ، أو كاد وأخواتهما ، ك «قمنا» و «أكرمنا» و «كنّا» و «كدنا» وإن كان ما قبل الماضي متحركا ، كان في محل نصب مفعول به ولا يكون في المضارع إلّا في محلّ نصب مفعول به ويكون في محل نصب أيضا إن اتصل ب «إنّ» أو أحد أخواتها نحو «إنّا ، إنّنا ، لعلّنا الخ» ويكون في محلّ جرّ إذا اتصل إمّا بحرف جر نحو «بنا ، عنّا» أو أضيف إلى اسم قبله نحو «هذا كتابنا» ويجمع أحوالها قوله تعالى (رَبَّنا إِنَّنا سَمِعْنا)(١).

نائب الفاعل ـ

١ ـ تعريفه :

هو اسم تقدّمه فعل مبنيّ للمجهول أو شبهه (٢) ، وحلّ محلّ الفاعل بعد حذفه نحو «أكرم الرجل المحمود فعله».

٢ ـ أغراض حذف الفاعل :

يحذف الفاعل ، وينوب عنه نائبه إمّا لغرض لفظيّ كالإيجاز نحو (وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ ،)(٣) ، وكإصلاح السجع نحو «من طابت سريرته حمدت سيرته» أو تصحيح نظم كقول الأعشى :

علّقتها عرضا وعلّقت رجلا

غيري ، وعلّق أخرى غيرها الرجل (٤)

__________________

(١) الآية «١٩٣» آل عمران (٣).

(٢) وهو اسم المفعول والاسم المنسوب.

(٣) الآية «١٢٦» النحل (١٦).

(٤) التعليق : المحبة ، والهاء من علقتها تعود على هريرة في بيت قبله ودع هريرة ، ولو لا استعمال المجهول لم يستقم الوزن.


وإمّا لغرض معنوي كأن لا يتعلّق بذكر الفاعل غرض نحو (فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ)(١) ، (إِذا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجالِسِ)(٢) ف «أحصرتم» و «قيل» لا غرض من ذكر فاعلهما.

٣ ـ أحكامه :

أحكام نائب الفاعل هي أحكام الفاعل في رفعه ، ووجوب التأخير عن فعله ، وتأنيث الفعل لتأنيثه ، وغير ذلك من الأحكام (ـ الفاعل ٢).

٤ ـ ما ينوب عن الفاعل :

ينوب عنه واحد من أربعة :

(١) المفعول به ، نحو (وَغِيضَ الْماءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ)(٣).

(٢) المجرور سواء أكان الفعل لازما للبناء للمفعول نحو (وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ)(٤) أو لا نحو «نظر في الأمر».

(٣) المصدر المتصرف (٥) المختص (٦) نحو (فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ واحِدَةٌ)(٧).

ويمتنع مثل «يسار سير» لعدم الفائدة.

(٤) الظّرف المتصرّف المختصّ نحو «صيم رمضان» و «سهرت اللّيلة» و «جلس أمام الأمير» ، فإن لم يتصرف نحو «عندك» و «معك» أو لم يكن مختصّا نحو «مكانا وزمانا» امتنعت نيابته.

وقد لا يظهر نائب الفاعل ، أو أنّ نائب الفاعل فيه ضمير مصدر مبهم نحو قول امرئ القيس :

وقال متى يبخل عليك ويعتلل

يسؤك وإن يكشف غرامك تدرب

وقول الفرزدق :

يغضي حياء ويغضى من مهابته

فما يكلّم إلّا حين يبتسم

فيخرّج على أنّ نائب الفاعل ضمير مصدر مختص بلام العهد ، والمعنى في

__________________

(١) الآية «١٩٦» البقرة (٢).

(٢) الآية «١١» المجادلة (٥٨).

(٣) الآية «٤٤» هود (١١).

(٤) الآية «١٤٨» الأعراف (٧).

(٥) المتصرف : ما لا يلزم النصب على المصدرية ك «نفخة» في الآية ، وغير المتصرف ك «سبحان»

(٦) المختص : ما يقيد بوصف أو إضافة أو عدد.

(٧) الآية «١٣» الحاقة (٦٩).


بيت امرئ القيس : ويعتلل الاعتلال المعهود ، وفي بيت الفرزدق : ويغضى الإغضاء المعروف بمثل هذه الحال ، أو يخرّج على أن الفاعل ضمير مصدر مختصّ بصفة محذوفة كأن تقول في الأوّل : ويعتلل اعتلال عليك ، وفي الثاني : ويغضى إغضاء من مهابته ف «عليك» و «من مهابته» كل منهما صفة محذوفة مقدرة تخصصه.

٥ ـ لا يكون إلّا نائب واحد :

كما لا يكون الفاعل إلّا واحدا ، فكذلك نائب الفاعل ، فلو كان للفعل المجهول معمولان فأكثر أقمت واحدا منها نائبا للفاعل ونصبت الباقي أو جررته إن كان فيه حرف جرّ نحو «منح الخادم دينارا أمامك» (فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ واحِدَةٌ)(١).

٦ ـ نائب فاعل لباب «أعطى» و «ظنّ» و «أرى» :

«أعطى» وبابه : هو كلّ فعل نصب مفعولين ليس أصلهما المبتدأ والخبر فإقامة أوّل المفعولين «نائب فاعل» جائز باتفاق ، أمّا إقامة المفعول الثاني نائب فاعل ، فإن أمن اللّبس جاز نحو «كسي خالدا قميص» وإن لم يؤمن اللّبس امتنع ، تقول «أعطي محمّد عليّا» ولا تقول «أعطي محمدا عليّ» لالتباس الآخذ بالمأخوذ.

أمّا إن كان من باب «ظنّ» وهو كل فعل نصب مفعولين أصلهما المبتدأ والخبر أو من باب «أرى» وهو كلّ فعل نصب ثلاثة مفاعيل الثاني والثالث أصلهما المبتدأ والخبر ، فيمتنع إقامة غير الأول نائبا عن الفاعل تقول «ظنّ أخوك جائعا» و «أعلم بكر أباه مسافرا».

٧ ـ الفعل المبني للمجهول :

نائب الفاعل لا بدّ أن يسبقه فعل مبنيّ للمجهول ، فكيف يبنى الفعل للمجهول؟ يجب أن تغير صورة الفعل عند البناء للمجهول ، فإن كان ماضيا كسر ما قبل آخره وضمّ كل متحرك قبله نحو «قبل التّلميذ» و «تعلّم النّحو» و «استحسن العمل».

__________________

(١) الآية «١٣» الحاقة (٦٩).


وإن كان مضارعا ضمّ أوّله ، وفتح ما قبل آخره نحو «يقطف الثّمر» و «يتعلّم الحساب» و «يستحسن الجدّ».

وإن كان قبل آخره مدّ ك «يقول» و «يبيع» قلب ألفا ك «يقال» و «يباع».

وإذا اعتلّت عين الماضي وهو ثلاثيّ ك «قال وباع» أو غير الثلاثيّ ك «اختار وانقاد» فلك كسر ما قبلها نحو «قيل الصدق» و «بيع المتاع» و «اختير المدرس» و «انقيد للمدير» ولك أيضا الضمّ فتقلب «واوا» كما في قول رؤبة :

ليت وهل ينفع شيئا ليت

ليت شبابا بوع فاشتريت

٨ ـ أفعال يلتبس معلومها بمجهولها :

هناك أفعال معتّلات العين لا يدرى معلومها من مجهولها إلّا بقرينة. فمنها ما ألبس من كسر ك «خفت» من خاف يخاف و «بعت» من باع يبيع وما ألبس من ضم ك «سمت» من سام يسوم و «عقت» من عاقه عن الأمر يعوقه ، ورأي سيبويه في مثل ذلك أن يبقى على حاله ، ولم يلتفت للإلباس لحصوله في مثل «مختار» لأنّ لفظ اسم الفاعل والمفعول واحد و «تضارّ» لأنّ معلومها ومجهولها واحد أيضا.

ويرى ابن مالك أنّ مثل «خفت» و «بعت» مما أوله مكسور في المعلوم أن يضم أوله في المجهول. ومثل «سمت» و «عقت» مما أوله مضموم في المعلوم أن يكسر أوّله في المجهول وأقول : وهو رأي جيد إن أيّده النّقل.

٩ ـ بناء الفعل الثلاثي المضعّف على المجهول :

أوجب جمهور العلماء ضمّ فاء الثّلاثي المضعّف نحو «عدّ وردّ» ويرى الكوفيّون جواز الكسر ومنه قراءة علقمة (هذه بضاعتنا ردّت إلينا) (١) ، (وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ)(٢) بالكسر فيهما.

١٠ ـ الفعل الّلازم :

لا يبنى للمجهول الفعل اللّازم

__________________

(١) الآية «٦٥» يوسف (١٣).

(٢) الآية «٢٨» الأنعام (٦).


إلّا إذا كان نائب الفاعل مصدرا متصرفا مختصّا ، أو ظرفا مختصّا كذلك ، أو مجرورا نحو «احتفل احتفال حسن» و «ذهب أمام الأمير» و «فرح بقدومه».

١١ ـ أفعال مبنيّة للمجهول وضعا :

هناك بعض الأفعال جاءت مبنيّة للمجهول ، ولا معلوم لها مثل «حمّ» و «أغمي عليه الخير» خفي و «انتقع لونه» تغيّر و «جنّ» ذهب عقله و «عني» بالأمر صرف له عنايته وهناك ألفاظ كثيرة غيرها ، جمعها بعض العلماء (١) في رسالة.

وأعربها الفيروزابادي صاحب القاموس : كأنها مبنيّة للفاعل ، والاسم بعدها : فاعل وهناك من يعربها إعرابها الأصلي أي فعل مبنيّ للمجهول ، والاسم بعده نائب فاعله.

النّاقص من الأفعال ـ

١ ـ تعريفه وسبب تسميته :

هو ما كانت لامه حرف علّة ، نحو «دعا» و «سعى» وهو من الأفعال المعتلّة ، وسمّي «ناقصا» لنقصانه بحذف آخره أحيانا ك «غزوا».

٢ ـ حكمه :

إذا كان النّاقص ماضيا ، فإمّا أن يكون آخره ـ وهو لامه ـ «ألفا» أو «واوا» أو «ياءا» ، فإن كان «ألفا» وأسند ل «واو الجماعة» أو لحقته «تاء التّأنيث» حذفت الألف ، وبقي فتح ما قبلها للدّلالة عليه نحو «غزوا» أو «غزت» ، وإذا أسند لغير واو الجماعة من الضمائر البارزة ك «تاء الفاعل» و «نا» و «ألف الاثنين» و «نون النسوة» لم تحذف ألفه وإنما تقلب «واوا» أو «ياء» تبعا لأصلها إن كانت ثالثة ، تقول «غزوت» و «غزونا» و «غزوا» و «غزون» و «رميت» و «رمينا» و «رميا» و «رمين» فإن كانت الألف رابعة فأكثر قلبت ياء مطلقا تقول «استعطيت» و «استغزيت».

وإن كان آخره «واوا أو ياءا» وأسند لواو الجماعة ، حذفتا وضمّ ما قبلهما لمناسبة الواو ،

__________________

(١) وهو محمد علي بن علان الصديقي في رسالة سماها : إتحاف الفاضل : الفعل المبني لغير الفاعل.


نحو «سروا» (١) و «رضوا» ومفردهما سرو ، ورضي.

وإذا أسند لغير «الواو» أو لحقته «تاء التأنيث» لم يحذف منه شيء ، بل يبقى على أصله نحو «سروت» و «سروتا» و «سروا» و «سرون» و «سروت» و «رضيت» و «رضينا» و «رضيتا» و «رضيتنّ» و «رضيت» وإن كان مضارعا فإمّا أن تكون لامه «ألفا» أو «واوا» أو «ياء».

فإن كانت لامه «ألفا» وأسند لواو الجماعة أو ياء المخاطبة حذفت وبقي فتح ما قبلها كالماضي نحو «العلماء يخشون» و «أنت يا هند تخشين».

وإذا أسند لألف الاثنين أو نون الإناث أو لحقته نون التّوكيد قلبت ألفه ياء نحو «الرّجلان يخشيان» و «النّساء يخشين» و «لتخشينّ يا علي».

وإن كانت لامه «واوا» أو «ياء» وأسند لواو الجماعة أو ياء المخاطبة حذفتا وضمّ ما قبل واو الجماعة وكسر ما قبل ياء المخاطبة نحو «الرجال يغزون ويرمون» و «أنت يا فاطمة تغزين وترمين» وإذا أسند لألف الاثنين أو نون الإناث لم يحذف منه شيء فتقول «النّساء يغزون (٢) ويرمين». و «الزّيدان يغزوان ويرميان».

والأمر نظير المضارع في كلّ ما مرّ فتقول «اسع يا محمّد» و «اسعي يا دعد» و «اسعيا يا خالدان» أو «يا هندان» و «اسعوا يا محمّدون» و «اسعين يا نسوة» وتقول «ارمي يا هند» و «ادعي» و «ارميا يا محمّدان أو يا هندان» و «ادعوا وارموا يا قوم» و «ارمين يا نسوة وادعون».

ناهيك ـ يقال «ناهيك بكذا» أي حسبك وكافيك بكذا وتقول : «ناهيك بقول الله دليلا» وهو

__________________

(١) سروا من سرو ـ بمعنى شرف ـ لا من سرى ، إذ يقال فيها «سروا» بفتح الراء ، ومثل سرو : نهو وذكو.

(٢) المضارع هنا مبني لاتصاله بنون النسوة والواو لام الفعل ، بخلاف قولك «الرجال يغزون» فإنه معرب من الأفعال الخمسة والواو للجماعة ولام الفعل محذوفة.


اسم فاعل من النهي ، كأنه ينهاك عن أن تطلب دليلا سواه يقال «زيد ناهيك من رجل» أي هو ينهاك عن غيره بجدّه وغنائه.

فالباء في «بقول الله» زائدة في الفاعل و «دليلا» نصب على التمييز.

نبّأ ـ تنصب ثلاثة مفاعيل وهي من أخوات «أعلم وأرى» (ـ أعلم وأرى).

نحن ـ ضمير رفع منفصل (ـ الضمير ٢ / ١ / أ).

النّداء ـ

١ ـ تعريفه :

هو طلب الإقبال من المخاطب بحرف من أدواته.

٢ ـ أدواته :

أدواته ثمانية : «يا ، وأيا ، وهيا ، وأي ، وآ» وكلّها للبعد حقيقة أو تنزيلا (١) ، و «الهمزة» وهي للقريب ، و «وا» للنّدبة ، وهو المتفجّع عليه ، أو المتوجّع منه.

٣ ـ ما يحذف من أدوات النّداء :

لا يحذف من أدوات النّداء إلّا «يا» وتحذف بكثرة نحو (يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هذا)(٢) ، (سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلانِ)(٣) إلّا في ثمان مسائل :

(١) المندوب نحو «يا عمرا» في قول جرير يندب عمر بن عبد العزيز :

حمّلت أمرا عظيما فاصطبرت له

وقمت فيه بأمر الله يا عمرا

(٢) المستغاث نحو «يا لله للفقير».

(٣) المنادى البعيد لأنّ المراد إطالة الصوت والحذف ينافيه.

(٤) اسم الجنس غير المعيّن ، نحو «يا عجولا تبصّر في العواقب».

(٥) المضمر بشرط أن يكون لمخاطب ، ونداؤه شاذ ، ويأتي على صيغتي المنصوب والمرفوع كقول بعضهم : «يا إيّاك قد كفيتك»

__________________

(١) أي تنزل منزلة البعيد وإن لم تكن بعيدة كنوم أو سهو أو ارتفاع محل أو انخفاضه ، فهذه للبعد تنزيلا أو مجازا.

(٢) الآية «٢٩» يوسف (١٢).

(٣) الآية «٣١» الرحمن (٥٥).


وقول الأحوص :

يا أبجر بن أبجر يا أنتا

أنت الّذي طلّقت عام جعتا

وقولك : «يا أنا» لحن.

(٦) اسم الله تعالى إذا لم يعوّض في آخره الميم المشدّدة ، وأجازه بعضهم وعليه قول أميّة بن أبي الصّلت :

رضيت بك اللهمّ ربّا فلن أرى

أدين إلها غيرك «الله» راضيا

أي «يا ألله».

(٧) اسم الإشارة نحو «يا هذا» وأمّا قول ذي الرمّة :

إذا هملت عيني لها قال صاحبي

بمثلك «هذا» لوعة وغرام

بتقدير «يا هذا» فضرورة.

(٨) اسم الجنس لمعيّن نحو «يا رجل» وأمّا قولهم في الأمثال «أطرق كرا إن النعام في القرى» و «افتد مخنوق» و «أصبح ليل» بتقدير : يا كروان ، ويا مخنوق ويا ليل فشاذ.

٤ ـ أقسام المنادى :

المنادى على أربعة أقسام :

(١) ما يجب فيه البناء على الضم.

(٢) ما يجب فيه النّصب.

(٣) ما يجوز ضمّه على الأصل وفتحه على الاتباع.

(٤) ما يجوز ضمّه ونصبه. وهاك التفصيل :

(أ) ما يجب فيه البناء على الضم من المنادى :

يجب البناء في اثنين :

(الأول) العلم المفرد ، ونعني به ما ليس مضافا ولا شبيها به وإن كان مثنّى أو مجموعا.

(الثاني) النكرة المقصودة المفردة ، وهي التي أريد بها معيّن ولم تكن أيضا مضافة أو شبيهة بالمضاف.

ويبنى هاذان ، على ما يرفعان به لو كانا معربين ، فيدخل في هذا : المركب المزجيّ ، والمثنّى ، والمجموع مطلقا ، نحو «يا خالد» و «يا بختنصّر و «يا سيّدان» و «يا منصفون» و «يا رجال» و «يا مسلمات».

وما كان مبنيّا قبل النداء ك «سيبويه» و «هؤلاء» و «حذام» أو محكيّا ك «جاد المولى» قدّرت فيه الضّمّة ، ويظهر أثر ذلك في تابعه تقول يا سيبويه الفاضل» برفع الفاضل


مراعاة للضم المقدر ، ونصبه مراعاة للمحل ، و «يا جاد المولى» اللوذعيّ بالرفع أو النصب ، كما تفعل في تابع ما تجدد بناؤه نحو «يا خالد المقدام».

(ب) ما يجب نصبه من المنادى :

هو ثلاثة أنواع :

(١) النكرة غير المقصودة كقول الأعمى لغير معيّن «يا رجلا خذ بيدي».

(٢) المضاف سواء أكانت الإضافة محضة ، نحو (رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا)(١) أم غير محضة نحو «يا مالك يوم الدين».

(٣) الشبيه بالمضاف ، وهو ما اتصل به شيء من تمام معناه ، معمولا له ، نحو «يا ضاحكا وجهه» و «يا سامعا دعاء المظلوم».

(ج) ما يجوز ضمّه وفتحه : ما يجوز ضمّه على الأصل ، وفتحه على الإتباع ، نوعان :

(١) أن يكون علما مفردا موصوفا بابن متّصل به ، مضاف إلى علم نحو «يا خالد ابن الوليد» والمختار الفتح لخفّته ، ومنه قول رؤبة :

يا حكم بن المنذر بن الجارود

سرادق المجد عليك ممدود

فإن انتفى شرط ممّا ذكر تعين الضمّ كما إذا قلت «يا رجل بن علي» و «يا أحمد ابن عمي» لانتفاء علمية المنادى في الأولى ، وعلمية المضاف إليه في الثانية ، وفي نحو «يا خالد الشجاع ابن الوليد» لوجود الفصل ، ونحو «يا عليّ الفاضل» لأن الصفة غير ابن.

والوصف ب «ابنة» كالوصف بابن نحو «يا عائشة ابنة صالح».

(٢) أن يكون مكررا مضافا نحو قوله :

فيا سعد سعد الأوس كن أنت ناصرا

ويا سعد سعد الخزرجين الغطارف

وقول جرير يهجو عمر بن لجأ وقومه :

يا تيم تيم عديّ لا أبا لكم

لا يلقينّكم في سوءة عمر

فالثاني : واجب النّصب ، والوجهان في الأول ، فإن ضممته وهو الأكثر فالثاني : عطف بيان ، أو بدل أو بإضمار «يا» أو «أعني» وإن فتحته

__________________

(١) الآية «١٤٧» آل عمران (٣).


فهو مضاف لما بعد الثاني ، والثاني زائد بينهما.

(د) ما يجوز ضمّه ونصبه :

وهو المنادى المستحقّ للضم إذا اضطر الشاعر إلى تنوينه كقول الأحوص :

سلام الله يا مطر عليها

وليس عليك يا مطر السلام

فنون «مطر» مع بقاء الضم ، وقول جرير يهجو العباس بن يزيد الكندي :

أعبدا حل في شعبى غريبا

ألؤما لا أبا لك واغترابا (١)

بتنوين «عبدا» مع نصبه على الإعراب

٥ ـ الجمع بين «يا» و «أل» : لا يدخل في السعة حرف النّداء على ما فيه أل إلّا في أربع صور :

(أ) اسم الجلالة تقول «يا الله» بإثبات الألفين و «يلله» بحذفهما و «يا لله» بحذف الثانية فقط.

والأكثر أن يحذف حرف النّداء ، وتعوّض عنه الميم المشدّدة ، فتقول : «اللهمّ» وقد يجمع بينهما في الضرورة النّادرة كقول أبي خراش الهذلي :

إني إذا ما حدث ألمّا

دعوت يا اللهمّ يا اللهمّا

(ب) الجمل المحكيّة ، وما سمّي به من موصول ب «أل» نحو «يا المنطلق محمّد» فيمن سمي بذلك و «يا الّذي جاء» و «يا الّتي قامت».

(ج) اسم الجنس المشبّه به كقوله «يا الأسد شجاعة» و «يا الثّعلب مكرا» إذ التقدير : يا مثل الأسد ، ويا مثل الثعلب.

(د) ضرورة الشعر كقوله :

عبّاس يا الملك المتوج والّذي

عرفت له بيت العلا عدنان

٦ ـ أقسام تابع المنادى المبني ، أربعة :

(١) ما يجب نصبه مراعاة لمحلّ المنادى.

(٢) ما يجب رفعه مراعاة للفظ المنادى

(٣) ما يجوز رفعه ونصبه.

(٤) ما يعطى ما يستحقّه إذا كان منادى.

__________________

(١) أعبدا : منادى بالهمزة ، وشعبى : موضع ، وألؤما واغترابا : مفعولان مطلقان ، وهو توبيخ لغائب في حكم حاضر.


(١) ما يجب نصبه مراعاة لمحلّ المنادى المبني :

وهو «المضاف المجرّد من أل» نعتا كان ، أو بيانا ، أو توكيدا معنويّا ، نحو «يا أحمد ذا الكرم» و «يا عليّ أبا عبد الله» و «يا عرب كلّكم» بالخطاب لكونهم مخاطبين بالنّداء ، وكلّهم بالغيبة لكون المنادى اسما ظاهرا.

(٢) ما يجب رفعه مراعاة للفظ المنادى المبني :

وهو نعت «أيّ وأيّة» ونعت «اسم الإشارة» إذا كان اسم الإشارة وصلة لندائه (١). نحو (يا أَيُّهَا النَّاسُ) * (يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ)(٢) «يا هذا الرّجل» ولا يوصف «أيّ وأيّة» إلا بما فيه «أل» سواء أكان معرفا بها نحو «يا أيّها الرّجل» (٣) و «يا أيّتها المرأة» أم موصولا نحو (يا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ)(٤) أو باسم الإشارة نحو «يا أيّهذا الرّجل» وكقوله :

ألا أيّهذا الباخع الوجد نفسه

لشيء نحته عن يديه المقادر (٥)

(٣) ما يجوز رفعه ونصبه في تابع المنادى المبني :

وذلك في النّعت المضاف المقرون ب «أل» نحو «يا عليّ المحكم الرّأي» والمفرد (٦) من نعت نحو «يا محمّد الظّريف أو الظّريف».

والمفرد من بيان نحو «يا غلام بشر أو «بشرا».

والمفرد من توكيد نحو «يا قريش أجمعون» أو «أجمعين».

والمعطوف المقرون ب «أل» نحو «يا أحمد والقاسم والقاسم» قال تعالى (يا جِبالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ)(٧)

__________________

(١) بأن قصد نداء ما بعدها كقولك لعالم بين جهلاء «يا ذا العالم» فإن قصد نداء اسم الإشارة وحده ، وقدر الوقف عليه ، بأن عرفه المخاطب بدون وصف كوضع اليد عليه ، فلا يلزم وصفه ، ولا رفع وصفه.

(٢) الآية «٢٧» الفجر (٨٩).

(٣) أي منادى نكرة مقصودة مبني على الضم ، و «الرجل» صفة لأي ويجب رفعه تبعا للفظ.

(٤) الآية «٦» الحجر (١٥).

(٥) الباخع : المهلك. الوجد : فاعل بالباخع.

نحته : أبعدته ، المقادر : المقادير.

(٦) وظاهر أن المراد من المفرد ما ليس مضافا ولا شبيها به.

(٧) الآية «١٠» سبأ (٣٤).


أو (والطّير) قرئ بهما ، وكذا المنادى المبني قبل النّداء ، فيتبع فيه حركة النّداء المقدّرة ، أو المحل ، ولا يجوز إتباع لفظه نحو «يا سيبويه العالم» رفعا ونصبا لا جرّا.

(٤) ما يعطى تابعا ما يستحقّه إذا كان منادى مستقلّا.

وهو : البدل ، وعطف النّسق المجرّد من «أل» وذلك لأنّ البدل في نيّة تكرار العامل ، والعاطف كالنائب عن العامل تقول «يا محمّد بشر» بالضم للبناء و «يا محمّد وخليل» وتقول «يا خالد أبا الوليد» و «يا محمد أبا القاسم» وكذلك حكمها مع المنادى المنصوب ، نحو «يا أبا عبد الله خليل» و «يا أبا عبد الله وخليل»

٧ ـ المنادى المضاف لياء المتكلم :

هو أربعة أقسام :

(١) ما فيه لغة واحدة.

(٢) ما فيه لغتان.

(٣) ما فيه ستّ لغات.

(٤) ما فيه عشر لغات.

وهاك التفصيل :

(١) ما فيه لغة واحدة من المنادى المضاف لياء المتكلم :

وهو المعتلّ ، فإنّ ياءه وفتحها واجبا الثّبوت نحو «يا فتاي» و «يا قاضيّ».

(٢) ما فيه لغتان :

وهو الوصف المشبه للفعل ، فإنّ ياءه ثابتة لا غير ، وهي إمّا مفتوحة أو ساكنة نحو «يا مكرمي» و «يا حاسدي).

(٣) ما فيه ستّ لغات :

هو ما عدا ما مرّ ، وليس «أبا ولا أمّا» نحو «يا غلامي» وهذه هي اللغات الست :

حذف الياء والاكتفاء بالكسرة وهو الأكثر نحو (يا عِبادِ فَاتَّقُونِ)(١).

وثبوتها ساكنة نحو (يا عِبادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ)(٢).

وثبوتها مفتوحة نحو (قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا)(٣).

ثمّ قلب الكسرة فتحة والياء ألفا نحو (يا حَسْرَتى)(٤).

__________________

(١) الآية «١٦» الزمر (٣٩).

(٢) الآية «٦٨» الزخرف (٤٣).

(٣) الآية «٥٣» الزمر (٣٩).

(٤) الآية «٥٦» الزمر (٣٩).


ثمّ حذف الألف ، والاجتزاء بالفتحة كقوله :

ولست براجع ما فات مني

بلهف ولا بليت ولا لوانّي

أصله بقولي : «يا لهف».

أو ضم الآخر بنية الإضافة كما تضم المفردات : وإنما يكثر ذلك فيما يغلب فيه ألّا ينادى إلّا مضافا ك «الأب والابن والأمّ والرّبّ» حكى يونس : «يا أمّ (١) لا تفعلي» وقرأ بعضهم : (ربّ السّجن أحبّ إليّ) (٢) بالرفع.

(٤) ما فيه عشر لغات :

وهو «الأب والأمّ» ففيهما مع اللغات الست المتقدمة ، أربع أخر ، وهي : أن تعوّض «تاء التّأنيث» من ياء المتكلّم وتكسر ـ وهو الأكثر ـ أو تفتح أو تضم وهو شاذّ ، وقد قرئ بهنّ في نحو (يا أبت إني رأيت أحد عشر كوكبا) (٣).

العاشرة : الجمع بين التّاء والألف المبدلة من الياء على قلة ، فقيل «يا أبتا» و «يا أمّتا» وهو جمع بين العوض والمعوّض ، وسبيل ذلك في الشعر.

٨ ـ تعويض «تاء التأنيث» عن «ياء المتكلم» :

لا تعوض «تاء التأنيث» عن ياء المتكلم إلّا في النّداء. وهذه التاء عوض عن الياء والدّليل على أنّ «التاء» فيهما عوض من «الياء» أنّهما لا يكادان يجتمعان.

والدّليل على أنها «للتّأنيث» أنّه يجوز إبدالها في الوقف هاء.

٩ ـ المنادى المضاف إلى مضاف إلى الياء : إذا كان المنادى مضافا إلى مضاف إلى ياء المتكلم نحو «يا ابن أخي» فالياء ثابتة لا غير ، إلّا إذا كان : «ابن أمّ» أو «ابن عمّ» فالأكثر الاجتزاء بالكسرة عن الياء أو أن يفتحا للتركيب المزجي ، وقد قرئ (قالَ ابْنَ أُمَّ)(٤) بالوجهين ، ولا يكادون يثبتون «الياء ولا الألف»

__________________

(١) يا أم : منادى مضاف منصوب بفتحة مقدرة على ما قبل الياء المحذوفة منع من ظهورها الحركة المجلوبة لمشاكلة المفرد المبني على الضم.

(٢) الآية «٣٣» يوسف (١٢).

(٣) الآية «٤» يوسف (١٢).

(٤) الآية «٩٤» طه (٢٠).


إلّا في الضرورة كقول أبي زبيد الطائي في مرثية أخيه :

يا ابن أمي ويا شقيّق نفسي

أنت خلّفتني لدهر شديد

وقول أبي النّجم العجلي :

يا ابنة عمّا لا تلومي واهجعي

لا يخرق اللوم حجاب مسمعي

١٠ ـ أسماء لازمت النّداء :

منها «فل» و «فلة» بمعنى : رجل وامرأة ، لا بمعنى «محمد وسعدى» ونحوهما لأنّ كناية الأعلام هي «فلان وفلانة».

ومنها «لؤمان» بضم اللام بمعنى كثير اللؤم ، و «نومان» بفتح النون بمعنى كثير النّوم.

ومنها «فعل» معدول عن «فاعل» ك «غدر» و «فسق» سبّا للمذكر بمعنى : يا غادر ويا فاسق وهو سماعيّ ، ومنها «فعال» معدول عن فاعلة أو فعيلة ك «فساق» و «خباث» سبّا للمؤنّث بمعنى يا فاسقة ويا خبيثة ، وأمّا قول أبي الغريب النّصري يهجو امرأته : وقيل للحطيئة :

أطوّف ما أطوّف ثمّ آوي

إلى بيت قعيدته لكاع

باستعمال «لكاع» خبرا لقعيدته ـ فضرورة وينقاس «فعال» هنا و «فعال» بمعنى الأمر ك «نزال» من كل فعل ثلاثيّ تامّ متصرّف نحو «كسل ولعب» بخلاف نحو «دحرج» وكان ونعم وبئس.

١١ ـ نداء المجهول الاسم ، أو مجهولته :

يقال في نداء المجهول الاسم ، أو المجهولته «يا هن» و «يا هنت» وفي التثنية «يا هنان ويا هنتان» وفي الجمع «يا هنون» و «يا هنات».

النّدبة ـ

١ ـ المندوب ـ تعريفه :

هو المتفجّع عليه لفقده حقيقة كقول جرير يندب عمر بن عبد العزيز :

«وقمت فيه بأمر الله يا عمرا»

أو تنزيلا كقول عمر بن الخطّاب ، وقد أخبر بجدب أصاب بعض العرب «وا عمراه وا عمراه» (١)

__________________

(١) وا عمراه : وا : حرف ندبة ، عمر منادى مندوب مبني على الضم المقدر منع من ظهوره الفتحة المناسبة للألف في محل نصب ، والألف للندبة ، والهاء للسكت.


أو المتوجّع له كقول قيس العامري :

فوا كبدا من حبّ من لا يحبّني

ومن عبرات ما لهنّ فناء

أو المتوجّع منه ، نحو «وا مصيبتاه»

٢ ـ أحكام المندوب :

للمندوب أحكام :

(أحدها) أنّه كالمنادى غير المندوب ، فيبنى على الضم في نحو «وا محمّداه» وينصب في نحو «وا خليفة رسول الله» وإذا اضطرّ إلى تنوينه في الشّعر جاز ضمّه ونصبه ، نحو :

«وا فقعسا وأين منّي فقعس»

(الثاني) أنّه يختصّ من بين الأدوات ب «وا» مطلقا وب «يا» إن أمن اللبس كما في قول جرير المتقدّم «يا عمرا».

(الثالث) أنّه لا يندب إلّا العلم المشهور ونحوه ، كالمضاف إضافة توضح المندوب توضيح العلم ، والموصول الذي اشتهر بصلة تعيّنه نحو «وا حسيناه» «وا دين محمّداه» «وا من هاجر إلى مديناه».

فلا يندب العلم غير المشهور ، ولا النّكرة ك «رجل» ولا المبهم ك «أي ، واسم الإشارة ، والموصول غير المشتهر بالصلة.

والغالب أن يختم بالألف الزائدة وهاء السكت ، ويحذف لها ما قبلها من ألف في آخر الاسم نحو «وا موساه» أو من تنوين في صلة نحو «وا من فتح قلباه» أو تنوين في مضاف إليه ، نحو «وا غلام محمّداه». أو ضمّة نحو «وا محمّداه» أو كسرة نحو «وا حاجب الملكاه» فإن أوقع حذف الضّمّة ، أو الكسرة في لبس أبقيتا ، وجعلت الألف واوا بعد الضّمة ، نحو «وا غلامهمو» أو «وا غلامكمو» (١) وياء بعد الكسرة نحو «وا غلامكي» (٢)

٣ ـ المندوب المضاف للياء :

إذا ندب المضاف للياء الجائز فيه

__________________

(١) فلو قيل : وا غلامها ، أو وا غلامكما التبس المذكر بالمؤنث في الأولى ، والجمع بالمثنى في الثانية.

(٢) فلو قيل «وا غلامكا التبس بالمذكر».


اللغات الست (١) ، فعلى لغة من قال «يا غلام» بالكسر ، أو «يا غلام» بالضم أو «يا غلاما» بالألف ، أو «يا غلامي» بالإسكان يقال : «وا غلاما» وعلى لغة من قال : «يا غلامي» بالفتح ، أو «يا غلامي» بالإسكان بإبقاء الفتح على الأوّل : وباجتلابه على الثاني (٢).

وإذا قيل «يا غلام غلامي» لم يجز في الندبة حذف الياء ، لأنّ المضاف إلى الياء غير منادى ، ولمّا لم يحذف في النداء لم يحذف في النّدبة.

ندّك ـ المضافة لمعرفة ولا تفيد تعريفا» (ـ الإضافة ٥ تعليق)

النّسب ـ

١ ـ تعريفه :

هو إلحاق ياء مشدّدة في آخر الاسم لتدلّ على نسبته.

٢ ـ تغييراته :

يحدث بالنّسب ثلاث تغييرات : الأول : لفظي ، وهو ثلاثة أشياء : إلحاق ياء مشدّدة آخر المنسوب ، وكسر ما قبلها ، ونقل إعرابه إليها.

الثاني : معنويّ ، وهو صيرورته اسما للمنسوب بعد أن كان اسما للمنسوب إليه.

الثالث : حكمي ، وهو معاملته معاملة الصفة المشبّهة في رفعه المضمر والظّاهر باطّراد.

٣ ـ ما يحذف لياء النّسب :

يحذف لياء النّسب ستة أشياء :

(١) الياء المشدّدة بعد ثلاثة أحرف فصاعدا سواء أكانت ياءين زائدتين نحو «كرسيّ وشافعيّ» فتقول «كرسيّ وشافعيّ» باتحاد لفظ المنسوب والمنسوب إليه ولكن يختلف التّقدير (٣).

أم كانت إحداهما زائدة والأخرى أصلية نحو «مرميّ» أصله «مرموي» (٤) فإذا نسبت إليه قلت «مرميّ».

__________________

(١) انظر هذه اللغات الست في مبحث «النداء» رقم (٧ / ٣).

(٢) قد استبان أن لمن سكن الياء أن يحذفها أو يفتحها.

(٣) ثمرة هذا تظهر في نحو «بخاتي» (وهو نوع من الإبل) علما لرجل فإنه غير منصرف؟؟

منتهى الجموع ، فإذا نسب إليه انصرف؟؟

صيغة الجمع بياء النسب.

(٤) اجتمعت الواو والياء وسبقت إحداهما بالسكون فقلبت الواو ياء ، وأدغمت الياء في الياء وكسر ما قبلها.


وبعض العرب يقول : مرمويّ يحذف الأولى لزيادتها ، ويبقي الثانية لأصالتها ويقلبها ألفا ، ثمّ يقلب الألف واوا ، فإذا وقعت الياء المشدّدة بعد حرفين حذفت الأولى فقط ، وقلبت الثانية ألفا ، ثمّ الألف واوا فتقول في أميّة «أموي» وفي عدي وقصي «عدوي» و «قصويّ» وإذا وقعت الياء المشدّدة بعد حرف لم تحذف واحدة منهما ، بل تفتح الأولى ، وتردّ إلى الواو إن كان أصلها الواو ، وتقلب الثانية واوا فتقول في طيّ وحيّ «طوويّ وحيويّ».

(٢) تاء التّأنيث تقول في مكّة «مكيّ» والقاهرة «قاهري» وفاطمة «فاطمي».

(٣) الألف إن كانت متجاوزة الأربعة أو كانت رابعة في اسم ثانيه متحرّك ، فالأوّل : في ألف التأنيث ك «حبارى» وفي ألف الإلحاق ك «حبركى» (١) فإنّه ملحق «بسفرجل» وفي الألف المنقلبة عن أصل ك «مصطفى» تقول في نسبها : «حباريّ وحبركيّ ومصطفيّ».

والثاني : لا يقع إلّا في ألف التّأنيث ك «جمزى» (٢) تقول في نسبها «جمزيّ».

أمّا الألف الرابعة في اسم ساكن ثانيه فيجوز فيها القلب والحذف ، والأرجح الحذف ، في التي للتأنيث ك «حبلى».

تقول في نسبها «حبلي أو حبلوي» والأرجح القلب في التي للإلحاق ك «علقى» والمنقلبة عن أصل ك «ملهى» ، تقول في نسب «علقى» «علقويّ» و «علقيّ» وفي «ملهى» : «ملهيّ» و «ملهويّ» ويجوز زيادة ألف بين الّلام والواو نحو «حبلاويّ».

(٤) ياء المنقوص المتجاوزة أربعة : خامسة ك «معتد» أو سادسة ك «مستعل»

فأمّا الرّابعة فكألف المقصور الرابعة يجوز حذفها وقلبها واوا تقول

__________________

(١) الحبركى : القراد والطويل الظهر القصير الرجلين.

(٢) الجمزى : الحمار السريع.


«ملهيّ» و «ملهويّ» كما تقول «قاضيّ أو قاضوي» والحذف أرجح.

أمّا في الثالث من ألف المقصور ك «فتى» و «عصى» وياء المنقوص ك «عم وشج» فليس إلا القلب واوا فقط وحيث قلبنا الياء واوا فلا بدّ من فتح ما قبلها فتقول «فتويّ وعصويّ» و «عمويّ وشجويّ».

(٥ و ٦) علامتا التثنية وجمع المذكّر فتقول في «حسنين» و «عابدين» علمين معربين بالحروف «حسني» و «عابدي».

ومن أجرى المثنى علما مجرى «سلمان» في المنع من الصرف للعلمية وزيادة الألف والنون قال : «حسناني».

ومن أجرى الجمع مجرى «غسلين» في لزوم الياء والإعراب على النون منونة قال «عابديني».

ومن جعله ك «هارون» في المنع من الصرف للعلميّة وشبه العجمة مع لزوم الواو. أو ك «عربون» في لزومها منوّنة ، يقول في الجمع المسمّى «عابدوني».

أمّا جمع المؤنّث علما فمن حكى إعرابه نسب إليه على لفظه مفتوحا بعد حذف الألف والتّاء معا نحو «مسلمات» تقول في نسبها «مسلمي» ومن منع صرفه نزّل تاءه منزلة تاء «مكّة» وألفه منزلة ألف جمزى فحذفهما فيقول فيمن اسمه «تمرات» «تمرى» بالفتح.

وأمّا نحو «ضخمات وهندات» من كلّ ما كان ساكن الثّاني وألفه رابعة ، فألفه كألف «حبلى» ففيها القلب والحذف تقول : «ضخمي» أو «ضخموي» و «هندي» أو «هندوي».

ويجب الحذف في ألف هذا الجمع خامسة فصاعدا سواء أكان من الجموع القياسيّة ك «مسلمات» أو الشاذة ك «سرادقات» تقول فيهما «مسلمي» و «سرادقي».

٤ ـ ما يحذف لياء النّسب ممّا يتّصل بالآخر :

يحذف لياء النّسب ممّا يتّصل بالآخر ستّة أيضا :

(١) الياء المكسورة المدغمة فيها ياء أخرى ك «طيّب وهيّن» تقول


في نسبها «طيبيّ» و «هيني» بحذف الياء الثّانية.

وكان القياس أن يقال في النّسب إلى «طيّبئ» «طييّ» ولكنّهم بعد الحذف قلبوا الياء الأولى ألفا على غير قياس ، فقالوا «طائي».

(٢) ياء فعلية بشرط صحّة العين ، وانتفاء التّضعيف ك «حنيفة ومدينة وصحيفة» تقول في النّسب إليها «حنفي ومدني وصحفي» وشذّ قولهم في «سليقة» (١) «سليقي» كما قال :

ولست بنحويّ يلوك لسانه

ولكن سليقيّ أقول فأعرب

كما شذّ في عميرة كلب وسليمة الأزد (٢) «عميريّ وسليميّ» فلا حذف في «طويلة» لاعتلال العين ولا في «حليلة» للتّضعيف لئلّا يلتقي المثلان فيحصل ثقل.

(٣) ياء «فعيلة» غير مضعّف العين ك «جهينة» و «قريظة» تقول في نسبها «جهني» و «قرظي» بحذف التاء ثمّ الياء ، كما تقول في «عيينة» «عينيّ» وشذّ «ردينيّ» في «ردينة» ولا حذف في «قليلة» للتّضعيف.

(٤) واو «فعولة» ك «شنوءة» (٣) صحيحة العين غير مضعّفتها تقول في نسبها «شنئي» بحذف التاء ثمّ الواو ، ثمّ قلب الضّمّة فتحة ، ولا يجوز ذلك في «قؤولة» لاعتلال العين ، ولا في ملولة للتّضعيف.

(٥) ياء «فعيل» المعتلّ الّلام ياء كانت أو واوا ، نحو «غنيّ عليّ» تقول في نسبها «غنويّ» و «علويّ» بحذف الياء الأولى ثمّ قلب الكسرة فتحة ، ثمّ قلب الياء الثّانية ألفا (٤) ، وقلب الألف واوا (٥).

(٦) ياء «فعيل» المعتلّ الّلام ك «قصي» تقول في نسبها «قصوي» بحذف الياء الأولى ، وقلب الثّانية ألفا (٦) ، وقلب الألف واوا (٧)

__________________

(١) السليقة : الطبيعة.

(٢) إنما شذت «عميرة كلب وسليمة الأزد» للفرق بينها وبين غيرها ، أما عميرة غير كلب وسليمة غير الأزد فعلى القياس.

(٣) شنوءة : حي من اليمن.

(٤) لتحركها وانفتاح ما قبلها.

(٥) كراهة اجتماع الياءات مع الكسرتين.

(٤) لتحركها وانفتاح ما قبلها.

(٥) كراهة اجتماع الياءات مع الكسرتين.


فإن صحّت لام «فعيل» و «فعيل» لم يحذف منهما شيء نحو «عقيل» و «عقيل» تقول في الأولى «عقيلي» وفي الثانية «عقيلي» وشذّ قولهم في «ثقيف وقريش» «ثقفي وقرشي».

٥ ـ حكم همزة المدود في النّسب :

حكمها إن كانت للتّأنيث قلبت واوا ك «صحراء» تقول فيها «صحراوي» و «سوداء» تقول فيها «سوداوي».

وإن كانت أصلا سلمت ك «قراء» تقول فيها «قرّائي».

وإن كانت بدلا من أصل نحو «كساء» أو للإلحاق نحو «علباء» (١) فالوجهان : تقول : «كسائي» و «كساوي» و «علبائي» و «علباوي».

٦ ـ النّسب إلى المركّب :

إن كان التركيب إسناديّا ك «جاد المولى» و «برق نحره» أو مزجيّا ك «بختنصّر» و «حضر موت» ينسب فيهما إلى الصّدر (٢) ، تقول في الإسنادي «جاديّ» و «برقي» وتقول في المزجي «بختيّ» و «حضريّ» وإن كان إضافيّا نسبنا أيضا إلى الصدر ، تقول في «امرئ القيس» «امرئي» أو «مرئي» كما قال ذو الرمة :

إذا المرئي شبّ له بنات

عقدن برأسه إبة (٣) وعارا

إلّا إن كان كنية ك «أبي بكر» و «أم كلثوم» أو كان علما بالغلبة ك «ابن عمر» و «ابن الزّبير» فإنّك تنسب إلى عجزه فتقول «بكريّ» و «كلثوميّ» و «عمريّ» و «زبيري» ومثل ذلك : ما خيف

__________________

(١) العلباء : عصب العنق ، والهمزة فيه منقلبة عن ياء زيدت للإلحاق بقرطاس.

(٢) وقيل في المزجي ينسب إلى عجزه فتقول في «بختنصر» «نصري» وقيل إليهما مزالا منهما التركيب وعليه قول الشاعر في النسب إلى «رام هرمز» :

تزوجتها «رامية هرمزية»

بفضلة ما أعطى الأمير من الرزق

وقيل ينسب إليهما مع التركيب فتقول : «بختنصري» و «حضر موتي» والمشهور في النسبة إلى «حضر موت» «حضرمي» على غير قياس كما في معجم البلدان ومثله «أذربي» نسبة إلى «أذربيجان».

(٣) «الإبة» ك «عدة» : الخزي والعار.


فيه اللّبس ك «عبد مناف» و «عبد الدّار» فتقول : «منافي» و «داري» (١) وشذّ المنتحت من المركب الإضافي فصار على بناء «فعلل» مثل «عبدري» نسبة إلى «عبد الدار» و «عبشمي» (٢) نسبة إلى «عبد شمس».

٧ ـ النّسب إلى محذوف الّلام :

إذا نسب إلى ما حذفت لامه ردّت وجوبا في مسألتين :

(إحداهما) أن تكون العين معتلّة ك «شاة» أصلها «شوهة» بدليل قولهم : «شياه» فتقول في نسبها «شاهي» (٣).

(الثانية) أن تكون الّلام المحذوفة قد ردّت في تثنية ك «أب» و «أبوان» أو في جمع تصحيح ك «سنة» وجمعها «سنوات» أو «سنهات» فتقول «أبويّ» و «سنوي» أو «سنهي».

وتقول في «ذو» و «ذات» «ذووي» لاعتلال العين ورد الّلام في تثنية «ذات» نحو («ذَواتا أَفْنانٍ)(٤) وتقول في النّسب إلى «أخت» «أخوي» وفي «بنت» «بنويّ» لأنهم ردّوها في الجمع فقالوا «أخوات» و «بنات» (٥) بعد حذف التاء.

ويجوز ردّ الّلام وتركها فيما عدا ذلك نحو «يد ودم وشفة» تقول : «يدويّ أو يديّ» «دمويّ أو دميّ» «شفيّ أو شفهيّ» وفي «ابن» و «اسم» «ابنيّ واسميّ» فإن رددنا الّلام أسقطنا الهمزة فقلنا «بنويّ وسمويّ» بإسقاط الهمزة.

__________________

(١) والخلاصة : أن المركب الإضافي ينسب إلى عجزه في ثلاثة مواضع : أحدها : ما كان كنية.

الثاني : ما تعرف صدره بعجزه. الثالث : ما يخاف اللبس من حذف عجزه ، وما سوى هذه المواضع ينسب فيه إلى الصدر.

(٢) والمحفوظ «تيملي» و «عبدري» و «مرقسي» و «عبقسي» و «عبشمي» في النسب إلى «تيم اللات» و «عبد الدار» و «امرئ القيس» و «عبد القيس» و «عبد شمس».

(٣) سيبويه لا يرد الكلمة بعد رد محذوفها إلى سكونها الأصلي ، بل يبقي العين مفتوحة أي «شوهي» ثم يقلبها ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها والأخفش يقول «شوهي» بالرد فيمتنع القلب.

(٤) الآية «٤٨» الرحمن (٥٥).

(٥) إذ أصلها : بنوات ، لكن لما تحركت الواو وانفتح ما قبلها قلبت ألفا فالتقى ساكنان ، حذفت هذه الألف ، ولم يفعل مثل ذلك مع أخوات لأن بنات أكثر استعمالا فخففوه بالحذف.


٨ ـ النّسب إلى ما حذفت فاؤه أو عينه :

إذا نسب إلى ما حذفت فاؤه أو عينه ردّت وجوبا إذا كانت الّلام معتلّة ك «شية» أصلها «وشية» و «يرى» علما أصله «يرأى» فتقول في «شية» «وشويّ» لأننا لمّا رددنا الواو صارت الواو والشّين مكسورتين فقلبت الثانية فتحة كما نفعل في «إبل» و «إبلى» وقلبنا الياء ألفا ثمّ الألف واوا.

وتقول في «يرى» علما «يرئيّ» بفتحتين فكسرة ، بناء على إبقاء الحركة بعد الراء لأنه يصير «يرأى» بوزن جمزى ، فيجب حينئذ حذف الألف.

وعن أبي الحسن «يرئيّ» أو «يرأويّ» كما تقول «ملهيّ» أو «ملهويّ».

ويمتنع الرّدّ في غير ذلك فتقول في «سه» أصلها «سته» مما حذفت عينه «سهيّ» لا «ستهيّ».

وتقول في «عدة» أصلها «وعدة» «عديّ» لا «وعديّ» لأنّ لامهما صحيحة.

٩ ـ النّسب إلى ثنائي الوضع معتل الثاني :

ويسمّى بثنائي الوضع معتل الثاني ضعّف قبل النسب فتقول في «لو وكي» علمين «لوّ وكيّ» بالتشديد فيهما. وتقول في «لا» علما «لا» بالمد ، فإذا نسبت إليهنّ. قلت «لوّيّ» و «كيويّ» و «لائيّ» أو «لاويّ» كما تقول في النّسب إلى «الدوّ» و «الحىّ» والكساء «دوّيّ» و «حيويّ» و «كسائيّ أو «كساويّ.

١٠ ـ النّسب إلى كلمة تدلّ على جماعة أو جمع أو مثنّى :

ينسب إلى الكلمة الدّالّة على جماعة على لفظها إن أشبهت الواحد لكونها اسم جمع ك «قوميّ» و «رهطيّ» واسم جنس ك «شجريّ» أو جمع تكسير لا واحد له ك «أبابيليّ» أو جاريا مجرى العلم ك «أنصاريّ» إلى غير ذلك يردّ المكسّر إلى مفرده. ثم ينسب إليه فتقرب في النسب؟؟؟

١١ ـ النسب إلى جموع :

ينسب إلى جموع الصحيح لمذكره أو مؤنثه بالرجوع إلى مفرده.


١٢ ـ النّسب إلى فعل وفعل وفعل :

يجب قلب الكسرة فتحة عند النّسب في «فعل» ك «ملك» تقول في نسبها «ملكيّ» وفي «فعل» ك «دئل» «دؤلي» وفي «فعل» ك «إبل» «إبلي».

١٣ ـ المنسوب على وزن «فعّال» أو «فاعل» أو «فعل» أو «مفعال» :

قد يستغنى عن ياء النّسب بصوغ اسم من المنسوب إليه على وزن «فعّال» ك «نجّار» و «خبّاز» وهذا غالب في الحرف وشذّ قول امرئ القيس :

وليس بذي رمح فيطعنني به

وليس بذي سيف وليس بنبّال

ونبّال : أي ذو نبل وهو ليس بحرفة.

وتأتي على وزن فاعل ك «تامر» و «لابن» و «كاس» والمقصود : صاحب تمر ولبن وكسوة.

أو على «فعل» ك «طعم» و «لبن» أي ذي طعام ولبن.

وندر صوغها على «مفعال» ك «معطار» أي ذي عطر و «مفعيل» ك «فرس محضير» أي ذي حضر (١).

وما خرج عن هذا الباب فشاذّ كقولهم «أمويّ» (٢) بالفتح في «أميّة» و «بصري» بالكسر في البصرة و «دهري» بالضم في الدّهر ، و «مروزي» في مرو ، و «بدوي» بحذف الألف في البادية ، و «حروريّ» و «جلوليّ» بحذف الألف والهمزة في «جلولاء» و «حروراء» و «رقباني» و «شعراني» و «لحياني» لعظيم الرقبة والشعر واللحية.

النّعت ـ (ـ الصّفة).

نعم وبئس وما في معناهما ـ

١ ـ تعريفها :

هي أفعال لإنشاء المدح والذّمّ على سبيل المبالغة.

٢ ـ فاعلهما :

فاعلهما نوعان :

(أحدهما) اسم ظاهر معرّف ب «أل» الجنسيّة نحو (نِعْمَ الْعَبْدُ)(٣) و (بِئْسَ الشَّرابُ)(٤) أو معرّف

__________________

(١) الحضر : الجري.

(٢) والقياس «أموي» بضم الهمزة وقد مر.

(٣) الآية «٤٤» ص (٣٨).

(٤) الآية «٢٩» الكهف (١٨).


بالإضافة إلى ما قارنها نحو (وَلَنِعْمَ دارُ الْمُتَّقِينَ)(١)(فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ)(٢) أو بالإضافة إلى المضاف لما قارنها كقول أبي طالب :

فنعم ابن أخت القوم غير مكذّب

زهير حسام مفرد من حمائل

(الثاني) ضمير مستتر وجوبا مميّز إمّا بلفظ «ما» (٣) بمعنى شيء أو «من» بمعنى شخص نحو (فَنِعِمَّا هِيَ)(٤) أي نعم شيئا هي ، وقوله : «ونعم من هو في سرّ وإعلان» أي شخصا ، وإمّا مميّز بنكرة عامّة واجبة الذّكر والتّأخير عن الفعل ، والتّقديم على المخصوص ، قابلة ل «أل» مطابقة للمخصوص نحو «نعم رجلا عليّ» «نعم امرأتين الهندان» ومنه قوله :

نعم امرأ هرم لم تعر نائبة

إلّا وكان لمرتاع بها وزرا

وقوله :

نعم امرأين حاتم وكعب

كلاهما غيث وسيف عضب

وإذا كان فاعل هذا الباب اسما ظاهرا فلا يؤتى بالتّمييز غالبا لأنّه لرفع الإبهام ، ولا إبهام مع الظاهر ، وقد يؤتى به لمجرّد التّوكيد كقوله :

نعم الفتاة فتاة هند لو بذلت

ردّ التّحيّة نطقا أو بإيماء

فقد جاء التّمييز حيث لا إبهام لمجرّد التّوكيد كما جاء في غير هذا الباب كقول أبي طالب :

ولقد علمت بأنّ دين محمّد

من خير أديان البريّة دينا

٣ ـ المخصوص بالذّمّ أو المدح :

يذكر المخصوص المقصود بالمدح

__________________

(١) الآية «٣٠» النحل (١٦).

(٢) الآية «٢٩» النحل (١٦).

(٣) «ما» الواقعة بعد «نعم» على ثلاثة أقسام :

«أ» مفردة أي غير متلوة بشيء ، نحو دققته دقا نعما ، وهي معرفة تامة فاعل. والمخصوص محذوف ، أي نعم الشيء الدق.

«ب» متلوة بمفرد نحو «فنعما هي» «وبئسما تزويج ولا مهر» وهي معرفة تامة فاعل ، وما بعدها هو المخصوص ، أي نعم الشيء هو ، وبئس هذا الشيء تزويج ولا مهر.

«ج» متلوة بجملة فعلية نحو (نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ) و (بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ) ف «ما» نكرة في موضع نصب على التمييز موصوفة بالفعل بعدها ، والمخصوص محذوف أي نعم شيئا يعظكم به ذلك القول.

(٤) الآية «٢٧١» البقرة (٢).


أو الذّمّ بعد فاعل «نعم وبئس» فيقال «نعم الخليفة عثمان» و «بئس الرّجل أبو جهل» وهذا المخصوص مبتدأ ، والجملة قبله خبر ، ويجوز أن يكون خبرا لمبتدأ واجب الحذف ، أي : الممدوح :

عثمان ، والمذموم : أبو جهل ، وقد يتقدّم المخصوص على الفعل فيتعيّن كونه مبتدأ. وما بعده خبر ، نحو «العلم نعم الذّخر».

وقد يحذف إذا دلّ عليه دليل ممّا تقدّمه نحو (إِنَّا وَجَدْناهُ صابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ)(١) أي أيّوب. وجواز حذف المخصوص أو تقديمه إنما هو في مخصوص الفاعل الظّاهر ، دون مخصوص الضّمير.

٤ ـ استعمال وزن «فعل» استعمال نعم وبئس» :

كلّ فعل ثلاثيّ صالح للتّعجّب منه (٢) يجوز استعماله على «فعل» بضم العين ، إمّا بالأصالة ك «صرف وشرف» أو بالتحويل ك «فهم» و «ضرب» لإفادة المدح أو الذّمّ ، فيجري حينئذ مجرى «نعم وبئس» في حكم الفاعل والمخصوص ، تقول في المدح «فهم الرجل عليّ» وفي الذّمّ «خبث الرجل عمرو» فإن كان الفعل معتلّ العين بقيت على قلبها ألفا مع تقدير تحويله إلى «فعل» بالضم نحو «قال الرّجل عليّ» «باع رجلا عمرو» (ساءَتْ مُرْتَفَقاً)(٣) أي ما أقوله وأبيعه وأسوأها أي النّار.

وإن كان معتلّ الّلام ردّت الواو إلى أصلها إن كان واويّا. وقلبت الياء واوا إن كان يائيا فتقول في غزا ورمى : غزو ورمو.

وهذه الأفعال المحولة تخالف نعم وبئس في ستة أشياء :

اثنان في معناها : وهما إفادتها التّعجّب ، وكونها للمدح الخاص واثنان في فاعلها المضمر. وهما جواز عوده. ومطابقته لما قبله بخلاف نعم فإنّه يتعيّن في فاعلها المضمر عوده على التمييز بعده.

__________________

(١) الآية «٤٤» ص (٣٨)

(٢)؟؟؟

(٣) الآية «٣٠» الكهف (١٨).


ولزومه حالة واحدة ، فنحو «محمّد كرم رجلا» يجوز فيه عود ضمير «كرم» إلى محمّد ، وإلى رجل ، فعلى الأوّل تقول : «المحمّدون كرموا رجالا ، وعلى الثّاني «المحمّدون كرم رجالا.

واثنان في فاعلها الظاهر ، وهما جواز خلوّه من «أل» نحو (وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً)(١) وكثرة جرّه بالباء الزّائدة ، تشبيها ب «أسمع بهم» نحو :

حبّ بالزّور الذي لا يرى

منه إلّا صفحة أو لمام (٢)

نعم ـ حرف جواب للتصديق ، والوعد ، والإعلام.

فالأول : بعد الخبر ك «قدم خالد» أو «لم يأت عليّ».

والثاني : بعد «افعل» و «لا تفعل» وما في معناهما نحو «هلّا تفعل» و «هلّا لم تفعل».

والثالث : بعد الاستفهام في نحو (فَهَلْ وَجَدْتُمْ ما وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قالُوا : نَعَمْ)(٣).

النّكرة ـ

١ ـ الاسم ضربان : نكرة.

ومعرفة (ـ المعرفة).

٢ ـ تعريف النّكرة :

النّكرة : هي ما لا يفهم منه معيّن ك «إنسان وقلم».

٣ ـ النّكرة نوعان :

(١) ما يقبل «أل» المفيدة للتعريف ك «رجل وفرس وكتاب».

(٢) ما يقع موقع ما يقبل «أن المؤثرة للتعريف نحو «ذي» بمعنى صاحب ، و «من» بمعنى إنسان و «ما» بمعنى شيء ، في قولك «اشكر لذي مال عطاءه» «لا يسرني من معجب بنفسه» و «نظرت إلى ما معجب لك» «فذو ومن وما» نكرات ، وهي لا تقبل «أل» ولكنها واقعة موقع ما يقبلها ، «فذو» واقعة موقع «صاحب» وهو يقبل أل و «من» نكرة موصوفة واقعة

__________________

(١) الآية «٦٨» النساء (٤).

(٢) الزور : الزائر ، ويكون للواحد والجمع مذكرا أو مؤنثا. وصفحة : جانب ، واللمام : جمع لمة ، وهو الشعر يجاوز شحمة الأذن ، المعنى : ما أجمل الزائر سريع الترحل.

(٣) الآية «٤٣» الأعراف (٧).


موقع «إنسان» وإنسان يقبل أل و «ما» نكرة موصوفة أيضا ، واقعة موقع «شيء» وشيء يقبل أل ، وكذا اسم الفعل نحو «صه» منونا ، فإنه يحل محلّ قولك «سكوتا» وسكوتا تدخل عليه أل.

نواسخ المبتدأ والخبر ـ

١ ـ أقسامها :

النواسخ ثلاثة أقسام :

(أ) أفعال ترفع المبتدأ وتنصب الخبر ويلتحق بها بعض حروف وهي «كان وأخواتها ، وأفعال المقاربة».

(ب) أفعال تنصب الجزأين على أنهما مفعولان لها وهي «ظنّ وأخواتها».

(ج) حروف تنصب أولهما وترفع ثانيهما وهي «إنّ وأخواتها». (ـ كلّا في بابه).

نواصب المضارع ـ ينصب المضارع إذا تقدّمه أحد النواصب الأربعة وهي «أن ، لن ، كي ، إذن» ، (ـ في أحرفها).

نونا التّوكيد ـ

١ ـ نونا التّوكيد :

هما «نون التّوكيد» الثّقيلة ، و «نون التّوكيد» الخفيفة وقد اجتمعا في قوله تعالى (لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُوناً)(١).

٢ ـ ما يؤكّدان من الأفعال وما لا يؤكّدان :

يؤكّدان الأمر مطلقا نحو «أكرمنّ جارك» ومثله الدّعاء كقوله :

«فأنزلن سكينة علينا» ولا يؤكّدان الماضي مطلقا (٢).

أمّا المضارع فله ـ بالنسبة لتوكيديهما ـ ستّ حالات :

(الأولى) أن يكون توكيده بهما واجبا ، وذلك : إذا كان مثبتا مستقبلا ، جوابا لقسم غير مفصول من لامه بفاصل ، نحو «والله لأجاهدنّ غدا».

(الثانية) أن يكون توكيده بهما قريبا من الواجب ، وذلك إذا كان شرطا ل «إن» المؤكّدة ب «ما» الزّائدة ، نحو (وَإِمَّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً)(٣)

__________________

(١) الآية «٣٢» يوسف (١٢).

(٢) لأنهما يخلصان مدخولهما للاستقبال ، وذلك ينافي الماضي.

(٣) الآية «٥٩» الأنفال (٨).


(فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ)(١)(فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً)(٢).

وترك التّوكيد ـ في هذه الحالة ـ قليل في النثر ، وورد في الشعر كقوله :

يا صاح إمّا تجدني غير ذي جدة

فما التّخلّي عن الخلّان من شيمي

(الثالثة) أن يكون توكيده بهما كثيرا ، وذلك إذا وقع بعد أداة طلب : نهي ، أو دعاء ، أو عرض ، أو تمنّ ، أو استفهام ، فالأوّل : كقوله تعالى (وَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ غافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ)(٣) والثاني : كقول الخرنق بنت هفّان :

لا يبعدن قومي الّذين هم

سمّ العداة وآفة الجزر

والثالث : كقول الشّاعر يخاطب امرأة :

هلّا تمنّن (٤) بوعد غير مخلفة

كما عهدتك في أيّام ذي سلم

والرابع : كقول آخر يخاطب امرأة :

فليتك يوم الملتقى ترينّني

لكي تعلمي أني امرؤ بك هائم

والخامس : نحو قوله :

«أفبعد كندة تمدحنّ قبيلا»

(الرابعة) أن يكون توكيده بهما قليلا ، وذلك بعد «لا» النّافية أو «ما» الزائدة التي لم تسبق ب «إن» الشّرطيّة ، فالأوّل كقوله تعالى : (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً)(٥) فأكّد الفعل بعد «لا» النّافية تشبيها لها بالنّاهية صورة ، والثاني كقوله :

إذا مات منهم سيّد سرق ابنه

ومن عضة ما ينبتنّ شكيرها (٦)

وقول حاتم الطّائي :

قليلا به ما يحمدنّك وارث

إذا نال ممّا كنت تجمع مغنما

(الخامسة) أن يكون التّوكيد بهما أقلّ ، وذلك بعد «لم» وبعد «أداة

__________________

(١) الآية «٤١» الزخرف (٤٢).

(٢) الآية «٢٥» مريم (١٩).

(٣) الآية «٤٢» إبراهيم (١٤).

(٤) أصلها «تمنينن» بنون التوكيد الخفيفة ، حذفت نون الرفع لتوالي النونات حملا على حذفها مع الثقيلة ، ثم حذفت الياء لالتقاء الساكنين.

(٥) الآية «٢٥» الأنفال (٨).

(٦) العضة : شجرة. وشكيرها : ما ينبت في أصلها من الفروع ، والشطر الثاني : مثل يضرب لمن نشأ كأصله. المعنى : إذا مات الأب أشبهه ابنه في جميع صفاته ، فمن رأى هذا ظنه هذا ، فكأنه مسروق.


جزاء» غير «إما» فالأوّل كقول أبي حيّان الفقعسي يصف وطب لبن :

يحسبه الجاهل ما لم يعلما

شيخا على كرسيّه معمّما

أراد الذي لم «يعلمن» بنون التوكيد الخفيفة المقلوبة في الوقف ألفا ، والثاني كقوله :

من تثقفن منهم فليس بآئب

أبدا وقتل بني قتيبة شافي

وتوكيد الشرط بهما كثير. أما الجواب فقد توكّد بهما على قلّة كقول الكميت بن ثعلبة الفقعسي :

فمهما تشأ منه فزارة تعطكم

ومهما تشأ منه فزارة تمنعا (١)

أي : تمنعن ، ولا يؤكّد بإحدى النّونين في غير ذلك إلّا ضرورة كقوله :

ربّما أوفيت في علم

ترفعن ثوبي شمالات (٢)

(السادسة) امتناع توكيده بهما ، إذا كان منفيّا لفظا أو تقديرا نحو «والله لا أقوم» (تَاللهِ تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ)(٣) إذ التقدير : لا تفتأ. أو كان المضارع للحال كقراءة ابن كثير : (لأقسم بيوم القيامة) (٤) وقول الشاعر :

يمينا لأبغض كلّ امرئ

يزخرف قولا ولا يفعل

أو كان مفصولا من الّلام بمعموله نحو (وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللهِ تُحْشَرُونَ)(٥) ، أو بحرف تنفيس نحو (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى)(٦).

٣ ـ حكم آخر الفعل المؤكّد بهما : إذا أكّد الفعل بأحد النّونين ، فإن كان مسندا إلى اسم ظاهر أو إلى ضمير الواحد المذكّر ، فتح آخره لمباشرة النون له ، ولم يحذف منه شيء سواء أكان صحيحا أم معتلا نحو (وَلَيَنْصُرَنَّ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ)(٧) و (ليخشينّ وليدعونّ وليرمينّ» برد لام الفعل إلى أصلها المعتلّ.

وكذلك الحكم في المسند إلى ألف

__________________

(١) الضمير في «منه» يعود إلى العقل وهو الدية.

(٢) أوفيت : نزلت. العلم : الجبل. وشمالات : ريح الشمال.

(٣) الآية «٨٥» يوسف (١٢).

(٤) الآية «١» القيامة (٧٥).

(٥) الآية «١٥٨» آل عمران (٣).

(٦) الآية «٥» الضحى (٩٣).

(٧) الآية «٤٠» الحج (٢٢).


الاثنين ، غير أنّ نون الرّفع تحذف للجازم أو للنّاصب ، أو لتوالي الأمثال ، وتكسر نون التّوكيد تشبيها بنون الرّفع ، نحو «لتنصرانّ ولتدعوانّ ولتسعيانّ ولترميانّ».

وإذا أسند الفعل المؤكّد لنون الإناث زيد «ألف» بينهما وبين نون التوكيد نحو «لتنصرنانّ يا نسوة» و «لترمينانّ ولتسعينانّ» بكسر «نون التّوكيد» فيها لوقوعها بعد الألف.

وإذا أسند الفعل المؤكّد إلى «واو الجماعة» أو «ياء لمخاطبة» فإمّا أن يكون صحيحا أو معتلا.

فإن كان صحيحا حذفت نون الرفع للنّاصب أو الجازم أو لتوالي الأمثال ، وحذفت «واو الجماعة» أو «ياء المخاطبة» لالتقاء السّاكنين نحو «لتنصرنّ يا قوم» و «لتجلسنّ يا هند».

وإن كان ناقصا ، وكانت عين المضارع مضمومة أو مكسورة حذفت لام الفعل زيادة على ما تقدّم ، وحرّك ما قبل النّون بحركة تدلّ على المحذوف نحو «لترمنّ يا قوم» و «لتدعنّ» و «لترمنّ يا دعد» و «لتدعنّ».

أمّا إذا كانت عينه مفتوحة فتحذف لام الفعل فقط ، ويبقى ما قبلها مفتوحا ، وتحرّك «واو الجماعة» بالضّمّة ، و «ياء المخاطبة» بالكسرة نحو «لتبلونّ» و «لتسعونّ» و «لتبلينّ» و «لتسعينّ».

والأمر كالمضارع في جميع ما تقدّم ، نحو «انصرنّ يا محمّد» و «ادعونّ» و «اسعينّ» ونحو «انصرانّ يا محمّدان» و «ارميانّ» و «ادعوانّ» و «اسعيانّ» ونحو «انصرنّ يا قوم» و «ارمنّ» و «ادعنّ» ونحو «اخشونّ» و «اسعونّ».

وهذه الأحكام عامّة في الخفيفة والثّقيلة.

٤ ـ تنفرد الخفيفة عن الثقيلة بأحكام أربعة :

(أحدها) أنها لا تقع بعد «الألف الفارقة» بينها وبين نون الإناث لالتقاء السّاكنين على غير حدّه ، فلا تقول «اسعينان» أمّا الثقيلة فتقع بعد الألف اتفاقا.


(الثاني) أنها لا تقع بعد «ألف الاثنين» لالتقاء السّاكنين أيضا.

(الثالث) أنها تحذف إذا وليها ساكن كقول الأضبط بن قريع :

لا تهين (١) الفقير علّك أن

تركع يوما والدّهر قد رفعه

(الرابع) أنّها تعطى في الوقف حكم التّنوين ، فإن وقعت بعد فتحة قلبت ألفا نحو (لَنَسْفَعاً)(٢) و (لَيَكُوناً)(٣) وقول الأعشى :

وإيّاك والميتات لا تقربنّها

ولا تعبد الشيطان والله فاعبدا

والأصل فيهنّ : لنسفعن ، وليكونن ، فاعبدن.

وإن وقعت بعد ضمّة أو كسرة حذفت وردّ ما حذف في الوصل من واو أو ياء لأجلها. تقول في الوصل : «انصرن يا قوم» و «انصرن يا دعد» والأصل : «انصرون» و «انصرين» بسكون النون فيهما ، فإذا وقفت عليها حذفت النون لشبهها بالتّنوين ، فترجع الواو والياء لزوال التقاء السّاكنين فتقول «انصروا» و «انصري»

نون جمع المذكّر ـ (ـ جمع المذكّر السّالم ٩)

نون المثنّى (ـ المثنى ٧).

نون الوقاية ـ

(١) نون الوقاية لا تصحب من الضّمائر إلّا ياء المتكلم ، وياء المتكلّم من الضّمائر المشتركة بين محلّي النّصب والجر ، فتنصب بواحد من ثلاثة :

فعل ، واسم فعل ، وحرف. وتخفض بواحد من اثنين : حرف ، واسم.

وهذه العوامل على قسمين : (١) ما تمتنع معه نون الوقاية. (٢) وما تلحقه.

فالذي تلحقه نون الوقاية على أربعة أحوال : وجوب ، وجواز بتساو ، ورجحان الثبوت ، ورجحان الترك.

(٢) وجوب نون الوقاية :

تجب نون الوقاية قبل ياء المتكلم ، إذا نصبها «فعل ، أو اسم فعل ، أو ليت» فأمّا الفعل فنحو «دعاني»

__________________

(١) أصلها : لا تهينن بنونين. فحذفت النون الخفيفة ، وبقيت الفتحة دليلا عليها.

(٢) الآية «١٥» العلق (٩٦).

(٣) الآية «٣٢» يوسف (١٢).


في الماضي و «يكرمني» في المضارع و «اهدني» في الأمر ، وتقول : «ذهب القوم ما خلاني ، أو ما عداني ، أو ما حاشاني» بنون الوقاية ، إن دّرتهنّ أفعالا (١) ، فإن قدّرتهنّ أحرف جرّ ، و «ما» زائدة أسقطت النون ، وتقدير الفعلية هو الرّاجح فتثبت النون ، قال الشاعر :

تملّ النّدامى ما عداني فإنّني

بكلّ الذي يهوى نديمي مولع

وتقول : «ما أفقرني إلى عفو الله» «وما أحسنني إن اتّقيت الله» وهذان المثالان لفعل التّعجّب ، والأصحّ أنه فعل ، وتقول «عليه رجلا ليسني» (٢) أي ليلزم رجلا غيري والأصحّ في ليس أنها فعل ، وأمّا قول رؤبة :

عددت قومي كعديد الطّيس

إذ ذهب القوم الكرام ليسي (٣)

فضرورة.

وأمّا نحو (تَأْمُرُونِّي)(٤).

(أَتُحاجُّونِّي)(٥) بتخفيف النون في قراءة نافع ، فالمحذوف نون الرّفع ، وقيل نون الوقاية (٦).

وأمّا اسم الفعل فنحو «دراكني» بمعنى أدركني و «تراكني» بمعنى اتركني و «عليكني» بمعنى الزمني وأمّا «ليت» فقد وجبت فيها نون الوقاية أيضا لقوّة شبهها بالفعل ، نحو (يَقُولُ يا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَياتِي)(٧) وشذّ قول ورقة بن نوفل :

فيا ليتي إذا ما كان ذاكم

ولجت وكنت أوّلهم ولوجا

بإسقاط النون من «ليتي» وهو ضرورة عند سيبويه ، وأجاز الفرّاء اختيارا «ليتني وليتي».

وممّا تجب به نون الوقاية حرفا الجر «من وعن» إذا جرّا ياء المتكلم إلا في الضرورة كقول الشاعر :

أيّها السّائل عنهم وعني

لست من قيس ولا قيس مني

__________________

(١) هذا الشرط ظاهر في «حاشا» دون «ما خلاني» و «ما عداني» إذ أن «ما» فيهما مصدرية لا زائدة و «ما» المصدرية لا يليها إلا الفعل.

(٢) حكاه سيبويه عن بعض العرب. وفي قوله «عليه» إغراء الغائب وهو شاذ ، فأسماء الأفعال لا تكون نائبة عن فعل مقرون بحرف الأمر.

(٣) «العديد» : العدد. الطيس : الرمل الكثير.

(٤) الآية «٦٤» الزمر (٣٩).

(٥) الآية «٨٠» الأنعام (٦).

(٦) وهو مذهب الأخفش والمبرد وأكثر المتأخرين.

(٧) الآية «٢٤» الفجر (٨٩).


وإن كان غير هذين الحرفين امتنعت النون نحو «لي» (١) و «فيّ» (٢) و «خلاي وعداي وحاشاي» (٣) قال الأقيشر الأسدي :

في فتية جعلوا الصّليب إلههم

حاشاي إني مسلم معذور (٤)

(٣) جواز نون الوقاية بتساو :

يجوز إثبات نون الوقاية وحذفها فيما عدا «ليت ولعلّ» من أخوات إنّ وهي «إنّ ، وأنّ ، ولكنّ ، وكأنّ» كقول قيس بن الملوّح :

وإني على ليلى لزار وإنّني

على ذاك فيما بيننا مستديمها

(٤) رجحان ثبوت نون الوقاية :

الغالب إثبات نون الوقاية إذا كانت ياء المتكلّم مضافة إلى «لدن أو قط أو قد» (٥) ، ويجوز حذف النّون فيه قليلا ، ولا يختصّ بالضرورة خلافا لسيبويه ، مثال الحذف والإثبات قوله تعالى (قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْراً)(٦) قرأ أكثر السبعة بتشديد النّون من «لدنّي» وقرأ نافع وأبو بكر بتخفيف النّون. وحديث البخاري في صفة النّار «قطني قطني» و «قطي قطي» بنون الوقاية وحذفها ، والنون أشهر.

وقال حميد بن مالك الأرقط :

قدني من نصر الخبيبين قدي

ليس الإمام بالشّحيح الملحد (٧)

بإثبات نون الوقاية في الأوّل ، وحذفها في الثاني ، وقد لا يكون في الثاني شاهد على ترك النون ، ويكون أصله «قد» بإسكان الدال ، ثمّ ألحق ياء القافية لا ياء الإضافة ، وإن كان المضاف غير ما ذكر امتنعت النون نحو «أبي وأخي».

__________________

(١) مما هو على حرف واحد.

(٢) بتشديد الياء مما هو على حرفين.

(٣) مما هو على ثلاثة أحرف فأكثر.

(٤) معذور بعين مهملة مقطوع العذرة أي القلفة وهو المختون.

(٥) لدن : بمعنى عند. وقط وقد : بمعنى حسب.

(٦) الآية «٧٧» الكهف (١٨).

(٧) الخبيبين : تثنية خبيب ، وأراد بهما : عبد الله ابن الزبير المكنى بأبي خبيب وأخاه مصعبا على التغليب.


(٥) رجحان ترك نون الوقاية :

في «لعلّ» إذا نصبت ياء المتكلم ، فحذف نون الوقاية أكثر نحو (لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبابَ)(١) وشاهد إثباتها قول عديّ بن حاتم يخاطب امرأته وقد عذلته على إنفاق ماله :

أريني جوادا مات هزلا لعلّني

أرى ما ترين أو بخيلا مخلّدا

النّيّف ـ من الواحد إلى الثلاثة ، فإذا جاوز ذلك إلى التسع فهو البضع.

ولا يقال : نيّف إلّا بعد عقد يقال : «عشرة ونيّف ، ومائة ونيّف ، وألف ونيّف».

__________________

(١) الآية «٣٦» المؤمن (٤٠).


باب الهاء

ها ـ اسم فعل بمعنى خذ نحو «ها كتابا» أي خذه ، ويجوز مدّ ألفها ، وتستعمل ممدودة ومقصورة بكاف الخطاب وبدونها ، ويجوز في الممدودة أن تستغني عن الكاف بتصريف همزتها تصاريف الكاف ، فيقال : «هاء» للمذكر و «هاء» للمؤنث و «هاؤما» و «هاؤم» و «هاؤنّ» ومنه قوله تعالى (هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ)(١)

ها ـ حرف تنبيه وتدخل على ثلاثة :

(أحدها) الإشارة لغير البعيد نحو «هذا».

(الثاني) ضمير الرّفع المخبر عنه باسم الإشارة نحو (ها أَنْتُمْ أُولاءِ)(٢).

(الثالث) «أيّ» في النداء نحو «يا أيّها الرّجل» وهي في هذا واجبة للتنبيه على أنه المقصود بالنداء.

ها أنا ذا وفروعه ـ كثر استعمال «ها» للتنبيه مع ضمير رفع منفصل بشرط أن يكون مرفوعا بالابتداء ، وأن يكون خبره اسم إشارة نحو (ها أَنْتُمْ أُولاءِ)(٣) فلا يجوز دخولها على الضّمير من قولك «ما قام إلّا أنا» ولا من قولك «أنت قائم».

تقول «ها أنا ذا» و «ها نحن ذان» و «ها نحن أولاء» و «ها أنت ذي» و «ها أنتما تان» و «ها أنتنّ أولاء» وهكذا.

هاء السّكت ـ من خصائص الوقف اجتلاب هاء السّكت ، ولها ثلاثة مواضع :

(أحدها) : الفعل المعلّ بحذف آخره ، سواء أكان الحذف للجزم نحو «لم يغزه» و «لم يرمه» و «لم يخشه» ومنه (لَمْ يَتَسَنَّهْ)(٤) أو لأجل البناء نحو «اغزه» و «اخشه» و «ارمه» ومنه (فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ)(٥)

__________________

(١) الآية «١٩» الحاقة (٦٩).

(٢) الآية «١١٩» آل عمران (٣).

(٢) الآية «١١٩» آل عمران (٣).

(٣) الآية «٢٥٩» البقرة (٢) ومعنى : لم يتسنه : لم تغيره السنون.

(٤) الآية «٩٠» الأنعام (٦).


والهاء في هذا كلّه جائزة ، وقد تجب إذا بقي الفعل على حرف واحد كالأمر من وعى يعي ، فإنّك تقول «عه».

«ثانيها) : «ما» الاستفهاميّة المجردة ، فإنّه يجب حذف ألفها إذا جرّت في نحو «عمّ ، وفيم» مجرورتين بالحرف و «مجيء م جئت» (١) مجرورة بالمضاف. فرقا بينها وبين «ما» الموصوليّة والشرطيّة.

فإذا وقفت عليها ألحقت بها الهاء حفظا للفتحة الدّالّة على الألف المحذوفة ، وتجب الهاء إن كان الخافض ل «ما» الاستفهاميّة اسما كالمثال المتقدّم : «مجيء» وتترجّح إن كان الخافض بها حرفا نحو (عَمَ)(٢) يَتَساءَلُونَ) (٣).

(ثالثها) : كلّ مبنيّ على حركة بناء دائما. ولم يشبه المعرب كياء المتكلم ك «هي» و «هو» وفي القرآن الكريم (مالِيَهْ)(٤) و (سُلْطانِيَهْ)(٥) و (ما هِيَهْ)(٦) وقال حسّان :

إذا ما ترعرع فينا الغلام

فما إن يقال له من هوه

هب ـ من أخوات «ظنّ» ومن أفعال القلوب وتفيد في الخبر رجحانا (٧) وهي كلمة وضعت للأمر فقط ، وهي تنصب مفعولين أصلهما المبتدأ والخبر نحو قول عبد الله بن همّام السّلولي :

فقلت أجرني أيّا خالد

وإلّا فهبني مرءا هالكا

ويقال هبني فعلت ذلك» أي احسبني وعددني ، ولا يقال : هب أني فعلت» (ـ ظنّ وأخواتها)

هبّ ـ كلمة تدلّ على الشّروع في خبرها. وهي من النّواسخ تعمل عمل كان ، إلّا أنّ خبرها يجب أن يكون جملة فعليّة من مضارع رافع لضمير الاسم ومجرد من «أن» المصدريّة ، ولا تعمل إلّا في حالة المضي.

هذاذيك بمعنى كفّ ـ هو مصدر مثنّى لفظا ويراد به التكثير. وتجب إضافته. ومعناه : إسراعا بعد إسراع.

__________________

(١) الأصل : جئت مجيء م لا وهذا سؤال عن صفة الضبيء. أي على أي صفة جئت ثم أخر الفعل لأن الاستفهام له صدر الكلام ، ولم يمكن تأخير المضاف.

(٢) وبها السكت قرأ الذي.

(٣) الآية «١» النبأ (٧٨).

(٤) الآية «٢٨» الحاقة (٦٩).

(٥) الآية «٢٩» الحاقة (٦٩).

(٦)؟؟؟ (١٠١).

(٧)؟؟؟ فلان يفعل كذا كما تقول :؟؟؟


أو قطعا بعد قطع ، ويعرب مفعولا مطلقا لفعل محذوف تقديره أسرع ، وإنما لم يقدّر فعل من جنسه لأنّه ليس له فعل من جنسه مثل : لبّيك ، قال العجّاج يمدح الحجّاج :

ضربا هذاذيك وطعنا وخضا

يمضي إلى عاصي العروق النّحضا (١)

هل ـ

١ ـ ماهيّتها :

حرف استفهام موضوع لطلب التّصديق (٢) الإيجابي ، دون التصوّر (٣) ، ودون التصديق السّلبي ، فيمتنع نحو «هل زيد قائم أم عمرو» إذا أزيد ب «أم» المتصلة (٤) لأنه تصور ، ويمتنع نحو «هل لم يقم زيد» لأنّه تصديق سلبي.

٢ ـ تفترق «هل» من الهمزة من عشرة أوجه :

(أحدها) اختصاصها بالتصديق.

(الثاني) اختصاصها بالإيجاب ، تقول «هل زيد قائم» ويمتنع «هل لم يقم».

(الثالث) تخصيصها المضارع بالاستقبال

(الرابع) أنها لا تدخل على الشّرط بخلاف الهمزة نحو («أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ)(٥).

(الخامس) أنها لا تدخل على «إنّ» بخلاف الهمزة نحو (أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ)(٦).

(السادس) أنها لا تدخل على اسم بعده فعل في الاختيار بخلاف الهمزة نحو «أزيدا أكرمت».

(السابع) أنها تقع بعد عاطف نحو (فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفاسِقُونَ)(٧)

(الثامن) أنها تأتي بعد «أم» نحو

__________________

(١) هذاذيك أي هذّا بعد هذّ يعني قطعا بعد قطع ، والوخض : المشرع للقتل ، والعاصي : العرق لا يرقأ دمه ، والنحض : اللحم المكتنز وهو منصوب على نزع الخافض وهو «في».

(٢) التصديق : إدراك النسبة ، وهل : موضوع لإدراك النسبة الإيجابية ، فإذا قلت : «هل قدم أخوك» فأنت تسأل عن قدوم أخيه وهذا هو التصديق ، وإذا قلت «أزيد قدم أم بكر» فأنت تسأل عن أحدهما أي عن المفرد وهذا هو التصور ، والمراد بالإيجابي غير المنفي كما هو معلوم ، والسلبي : المنفي.

(٢) التصديق : إدراك النسبة ، وهل : موضوع لإدراك النسبة الإيجابية ، فإذا قلت : «هل قدم أخوك» فأنت تسأل عن قدوم أخيه وهذا هو التصديق ، وإذا قلت «أزيد قدم أم بكر» فأنت تسأل عن أحدهما أي عن المفرد وهذا هو التصور ، والمراد بالإيجابي غير المنفي كما هو معلوم ، والسلبي : المنفي.

(٣) وأما المنقطعة فهي بمعنى «بل» فلا تمنع التصديق.

(٤) الآية «٣٤» الأنبياء (٢١).

(٥) الآية «٩٠» يوسف (١٢).

(٦) الآية «٣٥» الأحقاف (٤٦).


(قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُماتُ وَالنُّورُ)(١)

(التاسع) أنها قد يراد بالاستفهام بها النّفي ، ولذلك دخلت على الخبر بعدها «إلّا» في نحو (هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ)(٢) و «الباء» في قوله :

ألا هل أخو عيش لذيذ بدائم

وصحّ العطف في قوله :

وإنّ شفائي عبرة مهراقة

وهل عند رسم دارس من معوّل

إذ لا يعطف الإنشاء على الخبر.

(العاشر) أنها تأتي بمعنى «قد» نحو (هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ)(٣).

هلمّ ـ كلمة يراد بها الدّعاء إلى الشيء ك «تعال» فتكون لازمة وقد تستعمل متعدية نحو (هَلُمَّ شُهَداءَكُمُ)(٤) أي أحضروهم وهي عند الحجازيّين من أسماء الأفعال يستوي فيها الواحد والجمع والتذكير والتّأنيث.

وعند أهل نجد فعل أمر ويلحقون بها الضّمائر ، فيقولون في المثنى «هلمّا» وفي المؤنث «هلمّي» وفي جمع المذكّر «هلمّوا» وللنساء «هلممن» والأوّل أفصح وبه جاء التنزيل (قُلْ هَلُمَّ شُهَداءَكُمُ)(٥) (ـ اسم الفعل ٢).

هلمّ جرّا ـ الجرّ : مصدر ، ومعناه الجذب تقول «نزل الغيث من أوّل السّنة وهلمّ جرّا إلى اليوم» أي امتدّ ذلك إلى اليوم ، ونصب جرّا على المصدر أو الحال.

هلهل ـ كلمة تدلّ على معنى الشّروع في خبرها ، وهي من النّواسخ تعمل عمل كان ، إلّا أنّ خبرها يجب أن يكون جملة فعليّة من مضارع رافع لضمير الاسم ، ومجرّد من «أن» المصدريّة ولا تعمل إلّا في حالة الماضي نحو «هلهل الشّتاء يقبل» أي شرع وأنشأ.

__________________

(١) الآية «١٧» الرعد (١٣).

(٢) الآية «٦٠» الرحمن (٥٥).

(٣) الآية «١» الدهر (٧٦).

(٤) الآية «١٥٠» الأنعام (٦).

(٤) الآية «١٥٠» الأنعام (٦).


همزة الاستفهام ـ

١ ـ هي أصل أدوات الاستفهام ، ولهذا خصّت بأحكام :

(أحدها) جواز حذفها سواء تقدّمت على «أم» كقول ابن أبي ربيعة :

فو الله ما أدري وإن كنت داريا

بسبع رمين الجمر أم بثمان؟

أراد : أبسبع.

أم لم تتقدّمها كقول الكميت :

طربت وما شوقا إلى البيض أطرب

ولا لعبا مني ، وذو الشّيب يلعب؟ (١)

(الثاني) أنها ترد لطلب التصوّر نحو «أخالد مقبل أم عبيدة».

ولطلب التّصديق نحو «أمحمّد قادم» وبقيّة أدوات الاستفهام مختصّة بطلب التصوّر (٢) إلّا «هل» فهي مختصّة بطلب التصديق.

(الثالث) أنها تدخل على الإثبات كما تقدّم ، وعلى النّفي نحو (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ)(٣).

(الرابع) تمام التصدير ، وذلك أنها أوّلا : لا تذكر بعد «أم» التي للإضراب كما يذكر غيرها ، لا تقول : «أقرأ خالد أم أكتب» وتقول «أم هل كتب».

وثانيا : أنها إذا كانت في جملة معطوفة ب «الواو» أو ب «الفاء» أو «ثمّ» قدّمت على العاطف تنبيها على أصالتها في التّصدير نحو (أَوَلَمْ يَنْظُرُوا)(٤)(أَفَلَمْ يَسِيرُوا)(٥)(أَثُمَّ إِذا ما وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ)(٦) وأخواتها تتأخّر عن حروف العطف ، نحو (وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ)(٧)(فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ)(٨)(فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ)(٩)(فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفاسِقُونَ)(١٠)

__________________

(١) يريد : أو ذو الشيب يلعب ، فحذف همزة الاستفهام ، مع وجود معنى الاستفهام.

(٢) انظر في «هل» التعليق على معنى التصديق والتصور.

(٣) الآية «١» الانشراح (٩٤).

(٤) الآية «١٨٤» الأعراف (٧).

(٥) الآية «١٠٩» يوسف (١٢).

(٦) الآية «٥١» يونس (١٠).

(٧) الآية «١٠١» آل عمران (٣).

(٨) الآية «٢٦» التكوير (٨١).

(٩) الآية «٩٥» الأنعام (٦).

(١٠) الآية «٣٥» الأحقاف (٤٦).


(فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ)(١)(فَما لَكُمْ فِي الْمُنافِقِينَ فِئَتَيْنِ)(٢).

٢ ـ خروج الهمزة عن الاستفهام الحقيقي :

قد تخرج «الهمزة» عن الاستفهام الحقيقي فترد لثمانية معان :

(١) التسوية : وهي التي تقع بعد كلمة «سواء» أو «ما أبالي» أو «ما أدري» و «ليت شعري» ونحوهن.

والضّابط : أنها الهمزة الداخلة على جملة يصحّ حلول المصدر محلها نحو (سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ)(٣).

(٢) الإنكار الإبطالي : وهذه تقتضي أنّ ما بعدها ـ إذا أزيل الاستفهام ـ غير واقع ، وأنّ مدّ عيه كاذب نحو (أَفَأَصْفاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلائِكَةِ إِناثاً)(٤)(أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ)(٥)(أَفَعَيِينا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ)(٦).

ومنه (أَلَيْسَ اللهُ بِكافٍ عَبْدَهُ)(٧)(أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ)(٨) ومنه قول جرير في عبد الملك :

ألستم خير من ركب المطايا

وأندى العالمين بطون راح؟

(٣) الإنكار التوبيخي : وهذه تقتضي أنّ ما بعدها واقع وأنّ فاعله ملوم نحو (أَتَعْبُدُونَ ما تَنْحِتُونَ)(٩)(أَغَيْرَ اللهِ تَدْعُونَ)(١٠)

(٤) التقرير : ومعناه حملك المخاطب على الإقرار والاعتراف بأمر قد استقرّ عنده ثبوته أو نفيه ، ويجب أن يليها الشيء الذي تقرّره به ، تقول في التّقرير بالفعل «أنصرت بكرا» وبالفاعل «أأنت نصرت بكرا» وبالمفعول «أبكرا نصرت».

__________________

(١) الآية «٨١» الأنعام (٦).

(٢) الآية «٨٧» النساء (٤).

(٣) الآية «٦» المنافقون (٦٣).

(٤) الآية «٤٠» الإسراء (١٧).

(٥) الآية «١٩» الزخرف (٤٣).

(٦) الآية «١٥» ق (٥٠).

(٧) الآية «٣٦» الزمر (٣٩).

(٨) الآية «١» الانشراح (٩٤).

(٩) الآية «٩٥» الصافات (٣٧).

(١٠) الآية «٤٠» الأنعام (٦).


(٥) التّهكّم : نحو (قالُوا يا شُعَيْبُ أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ ما يَعْبُدُ آباؤُنا)(١).

(٦) الأمر :نحو (أَأَسْلَمْتُمْ)(٢) أي أسلموا.

(٧) التّعجّب : نحو (أَلَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ)(٣).

(٨) الاستبطاء : نحو (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ)(٤).

همزة الوصل ـ

١ ـ تعريفها :

هي : همزة سابقة موجودة في الابتداء مفقودة في الدّرج.

٢ ـ مواضعها :

قد تأتي في بعض الأسماء ، وبعض الأفعال ، وبعض الحروف.

٣ ـ مجيؤها في بعض الأسماء :

لا تجيء من الأسماء إلّا في مصادر «الخماسي» و «السداسي» ك «انطلاق» و «استنفار» وإلّا في اثني عشر اسما وهي : «اسم ، واست (٥) ، وابن ، وابنم ، وابنة ، وامرؤ ، وامرأة ، واثنان ، واثنتان ، وايمن المخصوص بالقسم ، وايم لغة فيه ، وأل الموصولة» (ـ في حروفها)

٤ ـ مجيؤها في بعض الأفعال :

لا تأتي همزة الوصل من الأفعال إلّا في الفعل «الخماسي» ك «انطلق» و «اقتدر» والفعل «السداسي» ك «استخرج».

ولا تجيء همزة الوصل في ماض ثلاثيّ مجرّد ك «أمر وأخذ» ، ولا تحذف لفظا ولا خطّا همزة ثلاثيّ مزيد بحرف ك «أكرم وأعطى» فالهمزة فيهما همزة قطع.

٥ ـ مجيؤها في بعض الحروف :

لا تأتي همزة الوصل من الحروف إلّا بحرف واحد هو «أل».

٦ ـ حركتها :

لهمزة الوصل بالنسبة إلى حركتها سبع حالات :

__________________

(١) الآية «٨٧» هود (١١).

(٢) الآية «٢٠» آل عمران (٣).

(٣) الآية «٤٥» الفرقان (٢٥).

(٤) الآية «١٦» الحديد (٥٧).

(٥) الاست : الدبر.


(١) وجوب الفتح في المبدوء بها مثل «أل».

(٢) وجوب الضمّ في مثل «أنطلق» و «أستخرج» مبنيين للمجهول ، وفي أمر الثلاثي المضموم العين أصالة (١) نحو «أنصر» و «أقتل».

(٣) رجحان الضّمّ على الكسر ، وذلك : إذا زالت الضّمّة الّلازمة قبل الآخر لاتصال محلها ب «ياء المؤنّثة» نحو «أغزي» والكسر هو المرجوح.

(٤) رجحان الفتح على الكسر في «أيمن» و «أيم».

(٥) رجحان الكسر على الضم في في كلمة «اسم».

(٦) جواز الكسر والضمّ والإشمام في نحو «اختار» و «انقاد» مبنيّين للمجهول ، فالضم في «أختور وانقود» والكسر والإشمام في «اختير وانقيد»

(٧) وجوب الكسر فيما بقي من الأسماء العشرة (٢) ، وفي المصادر والأفعال ، والكسر هو الأصل.

٧ ـ حذف همزة الوصل أو عدم حذفها :

تحذف همزة الوصل المكسورة أو المضمومة إذا وقعت بعد همزة استفهام فالأولى نحو (أَتَّخَذْناهُمْ سِخْرِيًّا)(٣)(أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ)(٤) «أبنك هذا؟» والثانية نحو «أضطرّ الرّجل؟» (٥)

وإن كانت همزة الوصل مفتوحة لا تحذف لئلا يلتبس الاستفهام بالخبر لكن يترجّح أن تبدل ألفا تقول «آلحسن عندك» «آيمن الله» وقد تسهّل همزة الاستفهام بين الألف والهمزة مع القصر وهذا مرجوح ، ومن التسهيل قول عمر بن أبي ربيعة :

أالحقّ أن دار الرّباب تباعدت

أو انبتّ حبل أنّ قلبك طائر

__________________

(١) بخلاف : «امشوا» ومثلها «اقضوا» فقد ضما لمناسبة الواو ، والأصل فيهما : امشيوا واقضيوا ، اسكنت الياء للاستثقال ، ثم حذفت لالتقاء الساكنين ، وضمت العين لمجانسة الواو.

(٢) المار ذكرها في رقم (٣).

(٣) الآية «٦٣» ص (٣٨) وأصلها : أإتخذناهم.

(٤) الآية «٦» المنافقون (٦٣).

(٥) وأصلها : أأضطر.


٨ ـ همزة الوصل لا تثبت في الدّرج إلّا في الضرورة :

لا تثبت همزة الوصل في الدّرج إلّا في الضرورة كقول قيس بن الخطيم الأنصاري :

إذا جاوز الإثنين سرّ فإنّه

بنثّ وتكثير الوشاة قمين (١)

٩ ـ لا تحذف همزة الوصل خطا إلّا في مواضع :

تحذف همزة الوصل لفظا ، لا خطا إن سبقت بكلام نحو «جاء الحقّ» و «قل الصدق».

وقد تحذف لفظا وخطا في «ابن» مسبوق بعلم وهو صفة له بعده علم هو أب له ، ما لم يقع في أوّل السطر.

وكذا في «بسم الله الرّحمن الرّحيم» بشرط أن تذكر كلّها ، وألّا يذكر معها متعلّق.

وكذا همزة «أل» إن جررت اسمها بالّلام كقولك «للرّجل».

هو ـ ضمير رفع منفصل (ـ الضمير ٢ / أ/ ١)

هيا ـ لغة في «أيا» وهي أداة لنداء البعيد نحو قول الحطيئة :

فقال : هيا ربّاه ضيف ولا قرى

بحقّك لا تحرمه تا اللّيلة اللحما

هيّا ـ اسم فعل أمر. ومعناه أسرع (ـ اسم الفعل).

هيهات ـ مثلّثة الآخر : اسم فعل ماض معناه بعد ومثلها «أيهات وهيهان وأيهان وهايهات ، وهايهان وأيهات وأيهان» كلها مثلثات و «هيهاه» ساكنة الآخر في نحو خمسين لغة ، نحو (هَيْهاتَ هَيْهاتَ لِما تُوعَدُونَ)(٢) وهيهات أكثرها استعمالا.

هيت لك ـ مثلثة الآخر ، وقد يكسر أوّله ، أي هلمّ وتعال ، يستوي فيه الواحد والجمع والمؤنّث ، إلّا أنّ ما بعد الّلام يتصرّف بالضّمائر تقول : هيت لك ولكما ولكم ولكنّ وهي اسم فعل أمر.

__________________

(١) النثّ : الإفشاء والإذاعة. الوشاة : النمامون.

قمين : جدير.

(٢) الآية «٣٦» المؤمنون (٢٣).


باب الواو

وا ـ تأتي على وجهين :

(الأول (أن تكون اسم فعل لأعجب أو تأتي للزجر كقول الشاعر :

وا بأبي أنت وفوك الأشنب

كأنما ذرّ عليه الزّرنب

(ـ اسم الفعل).

(الثاني) أن تأتي حرف نداء مختصّا بالنّدبة نحو وا زيداه وا قلباه (ـ الندبة).

واه وواها ـ كلمتان وضعتا للتلهّف أو الاستطابة قال أبو النجم :

واها لريّا ثمّ واها واها

يا ليت عيناها لنا وفاها

بثمن نرضي به أباها

فاضت دموع العين من جرّاها

هي المنى لو أننا نلناها

قال ابن جني : إذا نوّنت فكأنّك قلت : استطابة ، وإذا لم تنون فكأنك قلت : الاستطابة ، فصار التنوين علم التنكير ، وتركه علم التعريف. أقول :

وهذا سار في أكثر أسماء الأفعال وخصوصا ما ختم منها بهاء ك «صه» و «مه» و «إيه».

وقد تأتيان للتعجب تقول «واها لهذا ما أحسنه» ويقال في التفجيع : «واها وواه» ، وهي بجميع معانيها : اسم فعل مضارع.

واو الاستئناف ـ وهي نحو (لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحامِ ما نَشاءُ)(١) ولو كانت واو العطف لانتصب «نقرّ» وصريح في ذلك قول أبي اللحام التّغلبي :

على الحكم المأتيّ يوما إذا قضى

قضيّته أن لا يجور ويقصد (٢)

وهذا متعين للاستئناف ، لأنّ العطف يجعله شريكا في النفي فيلزم التناقض.

واو الحال ـ وتدخل على الجملة الاسميّة نحو «أقبل خالد وهو غضبان» وعلى الجملة الفعليّة نحو قول الفرزدق :

__________________

(١) الآية «٥» الحج (٢٢).

(٢) يقصد : يعدل.


بأيدي رجال لم يشيموا سيوفهم

ولم تكثر القتلى بها حين سلّت

ولو قدّرت العطف بالواو في «ولم تكثر» لانقلب المدح ذمّا.

واو العطف ـ

١ ـ هي لمطلق الجمع ، فتعطف متأخرا في الحكم ، ومتقدّما ، ومصاحبا ، فالأوّل نحو (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً وَإِبْراهِيمَ)(١) والثّاني نحو (كَذلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ)(٢) والثالث نحو (فَأَنْجَيْناهُ وَأَصْحابَ السَّفِينَةِ)(٣)

٢ ـ اختصاص الواو العاطفة : تختصّ الواو من بين سائر حروف العطف بواحد وعشرين حكما :

(١) أنها تعطف اسما على اسم لا يكتفي الكلام به ك «اختصم عمرو وخالد» و «اصطفّ بكر وعليّ» و «جلست بين أخي وصديقي» لأنّ الاختصام والاصطفاف والبينيّة من المعاني التي لا تقوم إلّا باثنين فصاعدا.

(٢) عطف سببيّ على أجنبيّ في الاشتغال ونحوه ، نحو «زيدا أكرمت خالدا وأخاه» (٤).

(٣) عطف ما تضمّنه الأوّل إذا كان المعطوف ذا مزيّة نحو (حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى)(٥).

(٤) عطف الشيء على مرادفه نحو (شِرْعَةً وَمِنْهاجاً)(٦).

(٥) عطف عامل قد حذف وبقي معموله نحو (وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَالْإِيمانَ)(٧).

(٦) جواز فصلها من معطوفها بظرف أو عديله ، نحو (وَجَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا)(٨).

__________________

(١) الآية «٢٦» الحديد (٥٧).

(٢) الآية «٢» الشورى (٤٢).

(٣) الآية «١٥» العنكبوت (٢٩).

(٤) الأجنبي هو «خالدا» والسببي هو «أخاه».

(٥) الآية «٢٣٨» البقرة (٢).

(٦) الآية «٥١» المائدة (٥).

(٧) الآية «٩» الحشر (٥٩). وكلمة «الإيمان» في الآية وإن كانت في الظاهر معطوفة على الدار ولكن فعل «تبوموا» لا يصلح للإيمان ، لأن التبوأ في الأماكن ، فلا بد لها من تقدير فعل يناسبها مثل : «اعتقدوا» وهذا هو العامل المحذوف على نحو قول الشاعر :

علفتها تبنا وماء باردا

المعنى : وسقيتها ماء باردا.

(٨) الآية «٩» يس (٣٦).


(٧) جواز تقديمها وتقديم معطوفها في الضّرورة نحو قوله :

جمعت وفحشا غيبة ونميمة

خصالا ثلاثا لست عنها بمرعوي

(٨) جواز العطف على الجوار في الجرّ خاصة نحو (وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ)(١) في قراءة أبي عمرو وأبي بكر وابن كثير وحمزة :

(٩) جواز حذفها إن أمن اللّبس كقوله «كيف أصبحت كيف أمسيت».

(١٠) إيلاؤها «لا» إذا عطفت مفردا بعد نهي نحو (لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلائِدَ)(٢) ، أو نفي نحو (فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ)(٣).

(١١) إيلاؤها «إمّا» مسبوقة بمثلها غالبا إذا عطفت مفردا نحو (إِمَّا الْعَذابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ)(٤).

(١٢) عطف العقد على النّيّف نحو «أحد وعشرين».

(١٣) عطف النعوت المفرّقة مع اجتماع منعوتها كقوله :

على ربعين مسلوب وبالي

(١٤) عطف ما حقّه التثنية والجمع كقول الفرزدق :

إنّ الرّزيّة لا رزيّة مثلها

فقدان مثل محمّد ومحمّد

(١٥) عطف العام على الخاصّ نحو (رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ)(٥).

(١٦) اقترانها ب «لكن» نحو (وَلكِنْ رَسُولَ اللهِ)(٦).

(١٧) امتناع الحكاية معها (٧) ، فلا يقال : «ومن زيدا؟» حكاية لمن قال : رأيت زيدا.

(١٨) العطف التّلقيني نحو قوله تعالى (مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ قالَ وَمَنْ كَفَرَ)(٨).

__________________

(١) الآية «٧» المائدة (٥).

(٢) الآية «٣» المائدة (٥). وظاهر أن النهي ب (لا تحلوا) وإيلاؤها «لا» ب((وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلائِدَ)).

(٣) الآية «١٩٧» البقرة (٢).

(٤) الآية «٧٦» مريم (١٩).

(٥) الآية «٢٨» نوح (٧١).

(٦) الآية «٤٠» الأحزاب (٣٣).

(٧) الحق ان اقتران العاطف مطلقا يبطل الحكاية لا الواو وحدها.

(٨) الآية «١٣٦» البقرة (٢).


(١٩) العطف في التحذير والإغراء نحو (ناقَةَ اللهِ وَسُقْياها)(١) ونحو «المروءة والنجدة».

(٢٠) عطف السّابق على الّلاحق نحو (كَذلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللهُ)(٢).

(٢١) عطف «أي» على مثلها نحو «أيي وأيّك فارس الأحزاب»

واو القسم ـ من حروف الجرّ ، ولا تجرّ إلّا الظّاهر ، ولا تتعلّق إلّا بمحذوف نحو (وَالْعادِياتِ ضَبْحاً)(٣) فإن تلتها واو أخرى نحو (وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ)(٤) فالتالية واو عطف ، وإلّا لاحتاج كلّ من الاسمين إلى جواب.

الواو المسبوقة باسم صريح ـ وهي الداخلة على المضارع المنصوب بأن مضمرة لعطفه على اسم صريح ، وذلك كقول ميسون بنت بحدل زوج معاوية :

ولبس عباءة وتقرّ عيني

أحبّ إليّ من لبس الشّفوف

واو المعيّة ـ وهي التي تدخل على المضارع فينصب ب «أن» مضمرة بعدها وشرطها أن يتقدّم عليها ما يتقدّم على فاء السّببيّة (ـ فاء السببيّة) ، ولكن لم يسمع النّصب مع واو المعيّة إلّا في خمسة وهي : «الأمر ، والنهي ، والنّفي ، والتّمني ، والاستفهام» ، مثال الأمر قول الأعشى :

فقلت ادعي وأدعو إنّ أندى

لصوت أن ينادي داعيان

والنّهي نحو قول أبي الأسود :

لا تنه عن خلق وتأتي مثله

عار عليك إذا فعلت عظيم

والنّفي نحو «لم يأمر بالصدق ويكذب» والتّمني نحو «ليت خالدا يقول ويعمل فيما يقول» ، والاستفهام نحو قول الشاعر :

أتبيت ريّان الجفون من الكرى

وأبيت منك بليلة الملسوع

والحق أن هذه الواو واو العطف.

واو المفعول معه ـ (ـ المفعول معه)

وجد ـ

١ ـ من أخوات «ظنّ» وهي من أفعال القلوب وتفيد في الخبر

__________________

(١) الآية «١٣» الشمس (٩١).

(٢) الآية «٢» الشورى (٤٢).

(٣) «١» العاديات (١٠٠).

(٤) الآية «١» التين (٩٥).


يقينا وحكمها كحكم «ظنّ» تنصب مفعولين أصلهما المبتدأ والخبر نحو (تَجِدُوهُ عِنْدَ اللهِ هُوَ خَيْراً)(١) (ـ ظنّ وأخواتها).

٢ ـ «وجد» بمعنى أصاب نحو «وجدت ضالّتي» أي أصبتها ، فتتعدّى هذه لمفعول واحد.

٣ ـ «وجد» بمعنى حزن أو حقد فلا تتعدّى بل هي لازمة.

وراء ـ ظرف مكان (ـ أوّل ودون وأسماء الجهات).

وقت ـ ظرف مبهم (ـ الإضافة)

الوقف ـ

١ ـ تعريفه :

هو قطع النّطق عند آخر الكلمة ، والمراد به هنا الوقف الاختياري (٢).

٢ ـ تغييرات الوقف :

للوقف تغييرات تنحصر في أحد عشر نوعا ، ونجتزئ منها بسبعة جمعها بعضهم بقوله :

نقل وحذف وإسكان ويتبعها

التّضعيف والرّوم والإشمام والبدل

٣ ـ الوقف على منوّن :

أرجح اللغات وأكثرها (٣) أن يحذف تنوينه بعد الضمّة والكسرة كقولك «هذا علي» و «نظرت إلى علي».

أمّا بعد الفتحة ـ إعرابيّة كانت أو بنائيّة ـ فتبدل التنوين ألفا مثال الإعرابيّة (عُرُباً أَتْراباً)(٤) ومثال البنائية «إيها» اسم فعل بمعنى انكفف و «ويها» اسم فعل مضارع بمعنى أعجب. و «إذا» شبّهوها بالمنوّن المنصوب ، فأبدلوا تنوينها في الوقف ألفا (٥).

٤ ـ الوقف على هاء الضّمير :

إذا وقفنا على هاء الضّمير ، فإن كانت مفتوحة ثبتت ألفها

__________________

(١) الآية «٢٠» المزمل (٧٣).

(٢) وهناك أوقاف أخرى غير مقصودة هنا ، وهي : الاختباري بالموحدة والإنكاري والتذكري والترنمي والاستثباتي ، انظرها في حاشية الأشموني في الوقف.

(٣) وهناك لغتان أخريان : لغة ربيعة : وهي حذف التنوين مطلقا والوقف بالسكون ، ولغة الأزد وهي : إبدال التنوين ألفا بعد الفتحة وواوا بعد الضمة وياء بعد الكسرة.

(٤) الآية «٣٧» الواقعة (٥٦).

(٥) واختار بعضهم الوقف عليها بالنون.


ك «رأيتها» و «مررت بها» وإن كانت مضمومة أو مكسورة حذفت صلتها وهي الواو للضمّة والياء للكسرة ك «رأيته» و «مررت به» إلّا في ضرورة الشعر فيجوز إثباتها كقول رؤبة :

ومهمه مغبّرة أرجاؤه

كأنّ لون أرضه سماؤه (١)

٥ ـ الوقف على المنقوص :

المنقوص المختوم بياء فإذا وقفنا عليه وجب إثبات يائه في ثلاث مسائل :

(١) أن يكون محذوف الفاء أي أوّل الكلمة كما إذا سمّيت بمضارع «وفى» وهو «يفي» لأنّ أصلها «يوفى» حذفت فاؤه فلو حذفت لامه لكان إجحافا.

(٢) أن يكون محذوف العين أي وسط الكلمة نحو «مر» اسم فاعل من «أرى» أصله «مرئي» نقلت حركة عينه وهي الهمزة إلى الرّاء ، ثمّ حذفت للتّخفيف ، وأعلّ إعلال قاض (٢) فلا يجوز حذف الياء في الوقف.

(٣) أن يكون منصوبا منوّنا كان نحو (رَبَّنا إِنَّنا سَمِعْنا مُنادِياً)(٣) ، أو غير منوّن نحو (كَلَّا إِذا بَلَغَتِ التَّراقِيَ)(٤) ، فإن كان مرفوعا أو مجرورا جاز إثبات يائه وحذفها ، ولكنّ الأرجح في المنوّن الحذف نحو «هذا ناد» و «نظرت إلى ناد» ويجوز الإثبات (٥) وبذلك قرئ (ولكلّ قوم هادي) (٦) (وما لهم من دونه من والي) (٧). والأرجح في غير المنوّن الإثبات ك «هذا الدّاعي» و «مررت بالرّاعي» وقرأ الجمهور (الْكَبِيرُ الْمُتَعالِ)(٨) بالحذف.

__________________

(١) المهمه : المفازة ، وأرجاؤه : نواحيه ، والتشبيه مقلوب أي كأن لون سمائه من الغبرة لون أرضه.

(٢) قاض : أصلها قاضي بياء ساكنة وتنوين ساكن فحذفنا الياء الساكنة للتخلص من التقاء الساكنين.

(٣) الآية «١٩٣» آل عمران (٣).

(٤) الآية «٢٦» القيامة (٧٥).

(٥) ورجحه يونس.

(٦) الآية «٨» الرعد (١٣).

(٧) الآية «١٢» الرعد (١٣).

(٨) الآية «١٠» الرعد (١٣).


٦ ـ الوقف على المحرّك :

لك في الوقف على المحرّك الذي ليس ياء التأنيث خمسة أوجه :

(١) السّكون وهو الأصل ، ويتعين ذلك في الوقف على تاء التأنيث ك «ربّت وثمّت».

(٢) أن تقف بالرّوم ، وهو إخفاء الصّوت بالحركة ويجوز في الحركات كلّها.

(٣) أن تقف بالإشمام ويختصّ بالمضموم ، وحقيقته الإشارة بالشّفتين إلى الحركة بعد الإسكان من غير تصويت.

(٤) أن تقف بتضعيف الحرف الموقوف عليه نحو «هذا خالدّ» وشرطه : ألّا يكون الموقوف عليه همزة ك «خطأ» و «رشا» ولا ياء كالقاضي ولا واوا كيدعو ولا ألفا ك «يخشى» ولا تاليا لسكون ك «عمر وبكر».

(٥) أن تقف بنقل حركة الحرف الأخير إلى ما قبله كقراءة بعضهم (وتواصوا بالصّبر) (١) وشرطه أن يكون ما قبل الآخر ساكنا لا يتعذّر تحريكه ولا يستثقل ، وألّا تكون الحركة فتحة وألّا يؤدّي النقل إلى عدم النّظير (٢).

٧ ـ الوقف على تاء التّأنيث :

يوقف عليها بالتاء إن كانت متصلة بحرف ك «ثمّت» و «ربّت» أو بفعل ك «قامت» أو باسم وقبلها ساكن صحيح ك «أخت» و «بنت».

وجاز إبقاؤها وإبدالها هاء إن كان قبلها حركة (٣) نحو «ثمرة» و «شجرة» أو ساكن معتلّ نحو «صلاة» و «زكاة» و «مسلمات» و «أولات» لكنّ الأرجح في جمع التصحيح ك «مسلمات» وفيما أشبهه وهو اسم الجمع ك «أولات» وما سمّي

__________________

(١) الآية «٣» العصر (١٠٣).

(٢) فلا يجوز الوقف بنقل حركة الحرف الأخير في نحو (هذا جعفر) لتحرك ما قبله ، ولا في (إنسان) ويشدّ لأن الألف والمدغم يتعذر تحريكهما ، ولا في نحو (يقول ويبيع) لأن الواو المضموم ما قبلها والياء المكسور ما قبلها تستثقل الحركة عليهما ، ولا في نحو «سمعت العلم» لأن الحركة فتحة ولا في نحو «هذا علم» لأنه ليس في العربية فعل.

(٣) ولا تكون الحركة إلا فتحة.


به من الجمع تحقيقا ك «عرفات» و «أذرعات» أو تقديرا ك «هيهات» (١) الوقف بالتّاء.

والأرجح في غيرهما الوقف بإبدال التّاء هاء.

ولا سيّما ـ

١ ـ تركيبها ومعناها :

تتركّب «ولا سيّما» من الواو الاعتراضيّة و «لا» النّافية للجنس و «سيّ» بمعنى مثل و «ما» الزائدة ، أو الموصولة ، أو النّكرة الموصوفة ، وبالجملة : فتشديد يائها ودخول «لا» عليها ، ودخول الواو على «لا» واجب ، قال ثعلب : «من استعمله على خلاف ما جاء في قوله ـ أي امرئ القيس ـ «ولا سيما يوم» فهو مخطئ. وذكر غيره : أنها قد تخفّف ، وقد تحذف الواو.

وتقدير معنى «ولا سيما يوم» ولا مثل الذي هو يوم ، أو لا مثل شيء هو يوم ، أو لا مثل يوم موجود.

٢ ـ إعراب «ولا سيما يوم» :

الواو : اعتراضيّة و «لا» نافية للجنس «سيّما» سيّ : اسمها منصوب بها لأنّه مضاف و «ما» زائدة و «يوم» مضاف إليه ، وهو الأرجح ، وخبرها محذوف أي موجود أو تكون «ما» موصولة ، أو نكرة موصوفة ، مضاف إليه و «يوم» خبر لمبتدأ محذوف التقدير : هو يوم.

أو تكون «ما» كافة عن الإضافة و «يوما» تمييز ، كما يقع التمييز بعد مثل ، وعندئذ ففتحة سيّ على البناء.

هذا إذا كان ما بعد «سيّما» نكرة ، أمّا إذا كان معرفة فمنع الجمهور نصبه نحو «ولا سيّما زيد».

وهب ـ قد تأتي من أفعال التصيير ومن أخوات ظنّ وهو قليل.

وأحكامها كأحكامها ، وهي ملازمة للماضي حكى ابن الأعرابيّ عن العرب «وهبني الله فداءك) أي جعلني فداك ، ويقال «وهبت فداك» أي جعلت فداك (ـ ظنّ وأخواتها).

وي ـ كلمة تعجّب ، وقيل : زجر ، تقول : «وي لبكر» أي أعجب به

__________________

(١) فإنها في التقدير : جمع هيهية ثم سمي بها الفعل.


وتقول «ويك استمع». كأنّه زجر أو بمعنى ويل.

وتدخل على «كأن» المخففة أو «كأنّ» المشددة يقول تعالى : («وَيْكَأَنَّ اللهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ)(١)(وَيْكَأَنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكافِرُونَ)(٢) وقد يليها كاف الخطاب كقول عنترة :

ولقد شفى نفسي وأبرأ سقمها

قول الفوارس ويك عنتر أقدم

وهي اسم فعل أمر بمعنى اعجب.

ويح ـ كلمة ترحّم ، فإذا أضيفت بغير الّلام تنصب ويكون العامل فيها فعلا مضمرا ، كأنّه قال : ألزمه الله ويحا ، وإذا دخلت الّلام كأن تقول : «ويح للعاثر» فويح مبتدأ والمسوغ له ما فيه من معنى الدعاء وللعاثر متعلّق بمحذوف خبر.

ويل ـ كلمة عذاب ، يقال «ويله وويلك وويلي» وفي الندبة : «ويلاه» وإذا أضيفت بغير الّلام ، فالوجه فيها النصب على أنها مفعول به لفعل محذوف ، تقول «ويل الظّالمين» أي ألزم الله الظّالمين ويلا.

وإذا أضيفت بالّلام قيل (وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ)(٣) وحكمه أن يرفع بالابتداء ، والجارّ والمجرور في محلّ رفع خبر ، التقدير : الويل ثابت للمطفّفين ، وابتدئ بها وهي نكرة لأنّ فيها معنى الدّعاء ، قال الأعشى :

قالت هريرة لمّا جئت زائرها

ويلي عليك وويلي منك يا رجل

ويلمّه ـ يقال : رجل ويلمّه وويلمّه يريدون ويل أمّه كما يقولون «لا أب لك» فركّبوه وجعلوه كالشيء الواحد ، وأرادوا به التعجب ، قال ابن جني : هذا خارج عن الحكاية أي يقال للرجل من دهائه «ويلمّه» وفي الحديث في قوله عليه‌السلام لأبي بصير : «ويلمّه مسعر حرب».

ويه ـ كلمة إغراء ، ومنهم من ينوّن فيقول : ويها الواحد والاثنان والجمع والمذكّر والمؤنّث في ذلك سواء.

__________________

(١) الآية «٨٢» القصص (٢٨).

(١) الآية «٨٢» القصص (٢٨).

(٢) الآية «١» المطففين (٨٣).


وإذا أغريته بالشيء قلت : «ويها يا فلان» وهو تحريض كما يقال : دونك يا فلان قال الكميت :

وجاءت حوادث في مثلها

يقال لمثلي : ويها فل (١)

ومثله قول حاتم :

ويها فدى لكم أمي وما ولدت

حاموا على مجدكم واكفوا من اتّكلا

__________________

(١) يريد : يا فلان حذف على الترخيم.


باب الياء

يا ـ حرف نداء (ـ النداء ٢ و ٣)

يا أيّها ـ (ـ النداء ١١)

يا له من رجل ـ ومثله : يا له رجلا ، وكلا التعبيرين يراد بهما التعجب ، كأنّك تقول في المعنى : ما أعظمه رجلا أو من رجل.

إعرابه : «يا» حرف نداء والمنادى محذوف ، والتقدير : يا عجبا له ، أو إنها : حرف تنبيه ، و «له» الّلام للتّعجب وهي حرف جر والهاء من «له» تعود على كلام سابق كأن تقول «جاءني رجل ويا له من رجل ، وهو متعلق بمحذوف تقديره عجبا «من رجل» جار ومجرور ومعناه التمييز متعلق أيضا بمحذوف تقديره عجبا.

أمّا إعراب «يا له رجلا» فمثلها إلّا أن «رجلا» تمييز.

يا هذا ـ (ـ النداء ٣ / (٧))

يا هناه ـ هذه اللفظة من ألفاظ لا تستعمل إلّا في النداء ، فلا يقال هذا هناه ، ولا مررت بهناه ، وإنما يكنّون بهذه الكلمة عن اسم نكرة ، كما يكنون بفلان عن الاسم العلم ، وهي مع ذلك كلمة ذم قال امرؤ القيس :

وقد رابني قولها يا هنا

ه ويحك ألحقت شرّا بشر

فمعنى قولها : يا هناه يا رجل سوء.

يمين ـ (ـ أوّل ودون وأسماء الجهات)

يوم ـ ظرف مبهم (ـ الإضافة ١١)

معجم النحو

المؤلف:
الصفحات: 439